مُسنَد نهج البلاغة

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الحسیني الجلالي، محمّدحسین، 1321 -

عنوان واسم المؤلف:مسند نهج البلاغة/ مؤلف: محمّدحسین الحسیني الجلالي؛ بحث: محمّدجواد الحسیني الجلالي.

تفاصيل المنشور:قم: مکتبة العلامة المجلسي، 13 -

خصائص المظهر:ج.

الصقيع:الی التراث الشیعي، 1

ISBN:دوره 978-964-95663-3-7 : ؛ ج. 3 978-964-95663-2-0 :

لسان:العربية.

ملحوظة:الفهرسة على أساس المجلد الثالث، 1431 ق.= 1389.

ملحوظة:ج. 3 (چاپ اول: 1431 ق.= 1389).

ملحوظة:فهرس.

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)،أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40 ه_ .ق - خطب

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)، أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40ق. -- الأمثال

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)،أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40ق. -- حروف

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)، أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40ق . نهج البلاغة - النقد والتعليق

المعرف المضاف:حسیني جلالي، محمدجواد، 1331 -

المعرف المضاف:مکتبة العلامة المجلسي (قم)3

ترتيب الكونجرس:BP38/02 /ح5 1300ی

تصنيف ديوي:297/9515

رقم الببليوغرافيا الوطنية:2 1 9 7 4 3 1

ص: 1

المجلد 1

اشارة

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ »

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

مُسْند

نَهج البلَاغة

تاليف

العلّامة الخبير السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي

المجلد الأول

مسند نهج البلاغه (ج 1)

تحقيق :السيّد محمّد جواد الحسيني الجلالي

منشورات : مكتبة العلّامة المجلسي

ص: 6

الطبعة الأولى 1431ه-.

طبع في 1500 نسخة

المطبعة : عمران

ردمك: 6 - 0 - 195663 - 978964 : ISBN دوره: 37 95663-964 - 978

العنوان : قم - شارع فاطمي ( دورشهر) - زقاق 18 ، فرع 6 ، رقم 48

هاتف : 7746611 - فکس : 982517836587

WWW.almajiesilib.com

مركز التوزيع :

info@almajlesilib.com

(1) قم شارع المعلم، ساحة روح الله، رقم 65. دليل ما الهاتف 7733413 - (98251) 7744988

(2) طهران، شارع إنقلاب، شارع فخر رازي، رقم 61 ، دليل ما ، الهاتف 66464141(9821)

(3) مشهد ، شارع الشهداء ، حديقة النادري زقاق خوراکیان بناية گنجینه كتاب دليل ما ، الهاتف - - 2237113(98511)

(4) النجف الأشرف، سوق الحويش، مقابل جامع الهندي ، مكتبة الإمام باقر العلوم ، الهاتف (964)7801553289

(5) كربلاء المقدسة شارع قبلة الإمام الحسين ال فرع مقابل ابن فهد الحلي الله ، دار الناشر الحسيني

الهاتف 7706001185( 1964 )- (964)7807851985

سرشناسه :حسيني جلالي محمّد حسین، 1321 -

عنوان و نام پدیدآور : مسند نهج البلاغة (ج) (1) / تأليف: السيد محمّد حسين الحسيني الجلالي تحقيق

محمّد جواد الحسيني الجلالي . - قم : مكتبة العلامة المجلسي ، 1431 ق . - 1389.

مشخصات نشر : قم : مكتبة العلامة المجلسي ، 1389

مشخصات ظاهری : 526 ص .

شابک: 978 - 964 - 95663 - 1 - 3.Y 978-964 - 95663 - 0 - 6.1

978 - 964 - 95663-37. 978-964 95663 - 2 - 0.Y

وضعیت فهرست نویسی : فیپا

یادداشت : عربي

موضوع : کتابنامه : ج. 1. ص. [651] 654؛ همچنین به صورت زیرنویس

موضوع : 1. على بن ابي طالب ، امام اول 23 قبل از هجرت - 0 ق . نهج البلاغة مأخذ . 3. على بن ابي طالب ، امام اول 23 قبل از هجرت - 40 ق . - نقد و تفسير

شناسه افزوده : الف. حسيني جلالي، محمّد جواد 1331

شناسه افزوده : محقق ب عنوان .

رده بندی کنگره :25 5 / 38/08 1389 BP

رده بندی دیویی :297/9515

شماره کتابخانه ملی: 2979015

ص: 7

كلمة المكتبة ..

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله والصلاة على رسول الله وآله آل الله

استكمالاً لمشروعنا الضخم في إحياء التراث الشيعي ونوادر مخطوطاته ، وبعد أن وفّقت مكتبتناء مكتبة العلّامة المجلسي رحمه الله للتقدّم بخطوات حثيثة . ثاتبة، حيث أصدرنا كوكبة متلألئة من . مصادر بحار الأنوار. وما زلنا على هذا الطريق المَهيَع حيث تعجّ وتضبّح مكتبات العالم بنتاجات أفكار أتباع أهل البيت عليهم السّلام وما زالت بحورهم زاخرة متلاطمة بالموسوعات والدورات والأسفار والكتب والدرر التي تنتظر من ينتشلها من الضياع والدثور. استكمالاً لكلّ ذلك بدأت مكتبتنا مشروعاً عظيماً جديداً لإحياء العيون من التراث الشيعي بمختلف مايضم من العلوم والمعارف وما أنتجته مزابر علمائنا الأبرار والتي ظلّ كثير منها طيّ النسيان طيلة قرون وأعوام. فها نحن اليوم قد شمّرنا عن ساعد الجدّ لتحقيق ما نصبو إليه من تراثنا الذي ينتظر أن يرى أشعّة النور، كما ونستقبل جهود الآخرين التي يبذلونها في تحقيق المصادر والمراجع والدراسات الحديثة لطبعها ونشرها لتكون حلقة من حلقات هذه السلسلة الفريدة ..

ونسأل الله التوفيق لجميع العاملين لإحياء معارف محمد وآله الطاهرين ..

كتبه السيّد حسن الموسوى البروجردي - عفي عنه -

مكتبة العلّامة المجلسي

قم المقدّسة

ص: 8

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدّمة المحقّق

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على الحبيب

المصطفى من الكائنات محمّد بن عبد الله صلی الله علیه و آله وسلم، و على أهل بيته الطيّبين الطاهرين ،

لاسيّما ابن عمه ووصيّه الناطق بالحكمة وفصل الخطاب، علي بن أبي طالب علیه السلام . وبعد، فإنَّ من التحف التي أهداها العالم التحرير الفقيه المتتبّع سماحة العلامة المجاهد السيد محمّد حسين الجلالي الى المكتبة الاسلامية، هو

مسند نهج البلاغة».

وقد تفضّل سماحته بإرسال نسخة الكتاب منه منذ عدّة أعوام، وقد طبع قسم منه في مقدمة «ارشاد المؤمنين»، وها نحن نقدم على تحقيق الكتاب بأكمله، نسأل الله أن يتقبل منا ومن أخينا العلامة السيد محمّد حسين الجلالي دام الله ظله الوارف، وأن يجعل ذلك ذخراً لنا ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم ، انه سميع قريب .

قم المقدّسة : محمّد جواد الحسيني الجلالي

ص: 9

الاهداء:

إلى من يهمّه معرفة أسانيد نهج البلاغة.

فإن كانت الأسانيد لا تعنيك فإنّ هذه الدراسة لا تغنيك، فكفَّ

عنها وأرح نفسك منها .

وإن كنت طالب الأسانيد فأنت تعلم ما يبذل في سبيله الأساتيد من الجهد المضني لمعرفة رواة تحصّنوا بنكران الذات، ولا يُعرف عنهم سوى الأسماء والصفات، وأهملتهم المصادر العامة لمخالفتهم في المعتقدات والسياسات . فكادوا

أن يكونوا منسيّين للغاية لولا وقوعهم في سلسلة الرواية. فإليك هذه الدراسة المتواضعة، عسى أن تكون خطوة في سبيل إحياء التراث الإسلامي الأصيل.

محمّد حسين الحسيني الجلالي

ص: 10

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

مقدّمة المؤلف

اشارة

وبعد، فيقول محمّد حسين بن محسن الحسيني الجلالي بصّره الله عيوب نفسه وجعل مستقبله خيراً من أمسه إنّه ما بلغ كتاب في البلاغة ما بلغه نهج البلاغة من الشهرة في الآفاق، حيث مدّت إليه الأعناق من مختلف أصحاب الملل وأرباب النحل ؛ لما وجدوا فيه نهجاً علوياً سديداً ، ولجامعه أسلوباً رشيداً. وقد ارتأى جامع النهج أن يقتصر فيه على المتون من الخطب والرسائل والحكم المنتقاة، مجرّدة من أسانيد الروايات حيث انَّ لكل منها طريق خاص.

وقد غفل عن هذا التصرف الرشيد والاسلوب السديد جمع - عن حسن ظن أو غيره - وحاولوا أن يعتبروه نقصاً يؤخذ عليه، كما حاول بعض المتأخرين سدّ هذه الثغرة في مؤلفات خاصة. وقد أنصف امتياز علي عرشي الحنفي( ت/1405ه-) في كتابه: « استناد نهج البلاغة ، حيث قال: «إنَّ معظم محتويات نهج البلاغة توجد في كتب المتقدمين وإن لم يذكرها الشريف الرضي ، ولو لم يعر

ص: 11

بغداد ما عراها من الدمار على يد التتر ، ولو بقيت خزانة الكتب الثمينة التي أحرقها الجهلاء ، لعثرنا على مرجع كلّ مقولة مندرجة في نهج البلاغة »(1)، ولعله يشير إلى ما ذكره الحموي (ت / 622) بقوله : « بين السّورَين - تثنية سور المدينة - اسم المحلّة كبيرة كانت بكرخ بغداد وكانت من أحسن محالّها وأعمرها، وبها كانت خزانة الكتُب التي أوقفها الوزير أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة، ولم يكن في الدنيا أحسن كُتباً منها، كانت كلّها بخطوط الأئمة المعتبرة وأُصولهم المحرّرة، واحترقت فيما أحرق من محالّ الكرخ عند ورود طغرل بك أوّل ملوك السلجوقية إلى بغداد سنة 447» (2).

ومواقف أصحابنا بالنسبة إلى نهج البلاغة مختلفة بين من يرى تواتر الكتاب

ومن لا يرى ذلك.

قال السيّد الخميني ( ت 1410ه-) في حديث له عن اعتبار بعض النصوص ما

/ نصه وتلقّي أصحابنا إيّاها بالقبول كتلقُيهم نهج البلاغة به - لو ثبت في الفقه

أيضاً - إنّما هو على نحو الاجمال، وهو غير ثابت في جميع الفقرات» (3).

ومما قال محمّد هاشم الموسوي الخوئي ( ت 1358ه-) : لا خلاف بين الإمامية في أنّ كتاب نهج البلاغة من مؤلفات السيد رضي الدين، وهو طاب ثراه عالم ،أديب، وفقيه ثقة، عدل جليل، حبر خبير، جلالته أشهر من أنّ يحتاج إلى التحرير، وأكثر من أنّ يحيطه البيان والتقرير ، ومرسلاته - كمسنداته - حجّة عند الأصحاب، على أن خطب النهج لاريب في صدورها من مولانا أمير المؤمنين علیه السلام، ولم يسمع من أحد التردد في صدورها عنه، وعلّق عليها جماعة من

ص: 12


1- استناد نهج البلاغة : 20.
2- معجم البلدان 1 :530 .
3- المكاسب المحرمة 1: 320

فضلاء العامة والخاصة، ومتونها أقوى القرائن عند أهل البلاغة لصدورها عنه وصحّة سندها، وبالجملة : لاريب في صحة سندها، بل هو منقول عنه علیهم السلام

بالاستفاضة ان لم نقل بكونها متواترة » (1).

قال الجلالي : والتحقيق انّ هنا مقامان :

الأوّل: السند إلى الشريف الرضي جامع النهج .

والثاني : تواتر النهج من الرضي إلى الامام علیه السلام.

أمّا السند إلى الشريف الرضي، فيمكن دعوى التواتر فيه، كما ستعرف من أسانيد مشايخ الإجازات إليه، وتصريح الشريف الرضي وكلّ من تأخّر عنه بذلك، يثبت نسبة الكتاب وتواتره إلى المؤلّف.

وأمّا تواتر النهج من الرضيّ إلى الإمام ، فهذا يتوقّف على تواتر مصادر الرضي ، وهذا ما لم يدّعه الرضي نفسه، بل يكفي في ذلك الاستفاضة، شأن كلّ المرويات عن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم والصحابة وغيرهم فلا سبيل إلى ادّعاء التواتر في جميعها، بل يتبع ذلك المصادر التي اعتمد عليها ، ونحن وإن كنّا لا نعلم من مصادر الرضي سوى القليل منها - وسيأتي ذكر وشرح ذلك . ولكن تكفينا حجية الرضي راوياً فقيها.

وعلى النقيض من ذلك ما ذهب إليه المقبلي ( ت1108 ه-) (2) بقوله : «نهج البلاغة، الذي صار عند الشيعة عديل كتاب الله بمجرّد الهوى الذي أصاب كلّ

ص: 13


1- شرح الأربعين : 136.
2- هو صالح بن مهدي المقبلي (1047 - 1108ه) من قرية المقبل من أعمال كوكبان - اليمن ، خالف الزيود في معتقدهم وحكمهم ، وكتب العلم الشامخ في تفضيل الحق على الآباء والمشايخ » المطبوع سنة 1328ه-، ونظر إلى الحياة بعين الحقد، وإلى آثارهم بعين الغضب كرد فعل لسياستهم، كما يظهر من كتابه ، ولأجل ذلك ارتحل إلى مكة ومات بها سنة 1108ه-، عن 61 عاماً .

عرق منهم ومفصل ، وليتهم سلكوا مسلك جلاميد الناس ، وأوصلوا ذلك إلى علي برواية يسوغ عند الناس، وجادلوا عن رواتها، ولكن لم يبلغوا بها مصنّفها، حتى لقد سألت في الزيدية إمامهم الأعظم وغيره، فلم يبلغوا بها الرضي الرافضي، ولو بلغوه لم ينفعهم ؛ فإن مذهب الإمامية تكفير من لم يكن على مذهبهم كفراً صريحاً لا تأويلاً (1).

قال الجلالي: بل هذه الدعوى ليس لها دليل سوى الهوى والتضليل وهي

تكشف عن جهل بالتاريخ والروايات والأسانيد ، وذلك :

أولاً: إنّ قوله بأن نهج البلاغة صار عند الشيعة عديل كتاب الله، كذب صراح؛ فليس في الإمامية ولا غيرهم من يذهب إلى ذلك. نعوذ بالله، كيف ؟ والقرآن وحي الله المنزل على قلب النبي المرسل، وما هذا شأنه لايقاس به كلام البشر.

ثانياً : إنّ انكار رواية موصولة إلى الإمام علي علیه السلام جهل بالروايات عامة وبروايات أهل البيت علیهم السلام خاصة - كما ستعرف - ولا أدري ماذا يعني ب- «الناس» ؟

أليس أصحاب المصادر الأوليّة للفكر العربي الإسلامي من الناس ؟

ثالثاً : إنّهم الشيعة بأنّهم لم يبلغوا بها مصنّفها»، وهذا جهل بأسانيد مذهب أهل البيت ، وستعرف في القسم الأول من هذه الدراسة أن لهم أسانيد متّصلة

متعدّدة من عصرنا الحاضر إلى المؤلف الشريف الرضي.

رابعاً : إنّ قوله: «لقد سألت في الزيدية إمامهم الأعظم وغيره فلم يبلغوا بها الرضي» سوء فهم يعرّفنا بموقف الرجل وجهله بأسانيد الزيدية. وإن كنتُ لا أدري من يعني بالإمام الأعظم ؟ ولعله معاصره المتوكّل على الله إسماعيل بن

ص: 14


1- العلم الشامخ : 452.

القاسم ( ت / 1087ه-) ولعل مسؤولياته الإدارية حالت دون تتبع إسناده ؛ فإنَّ العلماء الزيود أسانيدهم إلى نهج البلاغة كثيرة، وأقدمهم عمرو بن جميل النهدي

ت 606 ه-) كما ذكره المسوري (ت /1049ه-) في إجازته.

خامساً : إنّ دعواه بأنّ من مذهب الإمامية تكفير من لم يكن على مذهبهم كفراً صريحاً لا تأويلاً جهل بفقه أهل البيت علیهم السلام وبالتاريخ، وليس في تاريخ مذهب أهل البيت فتوى من أحد من علمائهم بتكفير من ينطق بالشهادتين بالرغم من الحروب الشرسة التي شنها الاعداء عليهم في العراق وسوريا، بل الأمر بالعكس، وفتوى ابن نوح ومن سار على خطاه ليس منسياً في التاريخ (1).

ونِعْمَ ما قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) : « والشريف إن لم يكن من أفضل الرواة وأوثقهم ، فهو ليس دون غيره في جميع الصفات المعتبرة في الرواية، كما أنه يذعن بذلك كلّ خبير ترجم السيد وعارف بحاله... ولا أدري لأيّ سبب يقع الريب فيما يرويه الشريف المذكور على جلالة قدره وعظيم منزلته وثقته وورعه دون مرويات الجاحظ وابن جرير وأمثالهما من العلماء والرواة، فيؤخذ بما يرويه هؤلاء بدون تردد وشك ولا مطالبة مصدر لذلك أو مستند ؟ وعلى أي حال فلا يهمّنا البحث» (2).

وقال أيضاً : «إنّ تهمة أمثال السيد من علماء الرواة بغير حجّة ولا برهان بذلك ،

ص: 15


1- بل ولا يزال جهلاء الوهابية ممن يدعى العلم سيرون على نهج أسلافهم الظلمة في كيل التهم والافتراء والتكفير للشيعة بل واصدار الفتاوى بجواز قتل الشيعة واباحة أموالهم واعراضهم. وتحريض السفهاء بتفجير أنفسهم بين الشيعة تقربا الى النبي بذلك ، وما يجري اليوم في العراق من سيول الدماء من أكبر الشواهد على هذا التصرف الأرعن ، والله يحكم بينهم يوم القيامة بما كانوا يفترون.
2- مدارك نهج البلاغة : 236.

ظلم للحقيقة، وخروج عن الطريقة، وفتح باب لهدم أصول الشريعة والدين وزوال الثقة بما في الجوامع الصحيحة» (1).

وهذه دراسة متواضعة استغرقت العطلة الصيفية في النجف الأشرف عام 1385ه- جعلتها مقدمة لكتاب مسند نهج البلاغة بتحقيق أسانيد أهل البيت علیهم السلام مع الموافقات» (2) ، وقد ظهر - بحمد الله طائفة جليلة من الكتب في الموضوع نفسه لها قيمتها من مؤلّفين قديرين مما دعاني إلى إسدال الستار على هذا الكتاب آنذاك .

وقد دعاني الى اظهار هذه الدراسة الآن ما وجدته في أكثر الطبعات شيوعاً وإناقة في التشكيل والإخراج الفني والفهارس وهي طبعة الدكتور صبحي الصالح - بيروت سنة 1387 ه- = 1967م. من تصحيف وتحريف، وعلى سبيل المثال: ما ورد في الحكمة رقم 190 من النص التالي : « أنّه قال : وَأَعَجَباه ! أتكُونُ الخِلَافَةُ بالصَّحَابَةِ والقَرَابَةِ ؟

قال الرضي: وروي له شعر في هذا المعنى:

فإن كُنتَ بِالشورى ملكتْ أُمورهم ***فكيف بهذا والمُشِيرُونَ غُيَّبُ ؟

وإن كُنتَ بالقُرْبَى حَجَجَتَ خَصِيمَهُم ***فغيركَ أوْلَى بالنبي وأَقَرْبُ (3)».

والجملة الاستفهامية المذكورة تعني أن الخلافة لا تكون بالصحابة ولا بالقرابة،

وعليه لايكون الشعر المزبور في هذا المعنى المذكور.

هذا، ولكن جاءت العبارة في النسخة المؤرخة سنة 494 ه- كالآتي :

ص: 16


1- مدارك نهج البلاغة : 198 .
2- جاء ذكر الكتاب في معجم رجال الفكر والأدب في النجف تأليف الشيخ محمد هادي الأميني ط / النجف 1385 ، بعنوان (مستند) ، والصحيح: (مسند)
3- نهج البلاغة : 502ط / صبحي الصالح .

واعجبا ! أتكون الخلافة بالصحابة ، ولا تكون بالصحابة والقرابة (!)(1)

وعليه يكون الشعر المذكور في هذا المعنى بالذات كما صرّح به الشريف

الرضي، ويكون النص والشعر منسجمين. ورأيت أن ما وقفت عليه من هذه البحوث قد أُغفلت بتقديم النص كما يرويه أسانيد أهل البيت علیهم السلام، فلعل هذا الكتاب يكون مساهمة متواضعة في إحياء تراث طائفة من المسلمين حاربها الحكام بالتقتيل والتشريد، وحاربتها الأقلام

بالتشكيك والتفنيد ، ولم تزدها ذلك إلا صموداً في اعتزاز.

منهجية الدراسة:

اشارة

ويمكن حصر هذه الدراسة في البحث عن ثلاث جهات: 1- الاسناد 2

التعقيبات 3 - الموافقات.

1-الاسناد:

يشتمل هذا المسند على أسانيد روايات نهج البلاغة في كتب أخرى من روايات أهل البيت علیهم السلام مرتبة على ترتيبها الوارد في نهج البلاغة من الخطب والرسائل، مع المحافظة على صفة الأسانيد كما وردت في المصادر أو زيادة

تقتضيها الضرورة.

2- التعقيبات :

وعقبتها بما روي عن أئمة أهل البيت بعد الإمام عليّ علیه السلام الذين اعتزّوا بآثاره وحافظوا على سيرته ومن هنا قد تنسب إليهم؛ لأنهم رواة لها، خصوصاً وأنّ الإمام جعفر الصادق علیه السلام نفسه صرّح بتسلسل الاسناد بالآباء في حديث رواه

ص: 17


1- نهج البلاغة : 278، ط/ طهران بالاو فسيت .

أهل البيت علیهم السلام ، فقد روى جماعة منهم : هشام بن سالم الجواليقي الكوفي ، عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام قوله : «حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جديّ حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم (1).

فقد حافظ على تراث أمير المؤمنين على علیه السلام أولاده علیهم السلام محافظة الأبناء على تراث الآباء، وكذا أولياؤهم الصالحون من بعدهم، وإنّ بعض الرواة نسب شيئاً من تراث الإمام علیه السلام إلى من بعده الأئمة علیهم السلام لسماعه منهم، ظاناً أنّها لهم، مع أنّهم

رواة لتراث الإمام علیه السلام .

3- الموافقات :

ثم عقظببتها بالموافقات من المصادر من غير أهل البيت علیهم السلام، واكتفيت فيها

بالاشارة إلى المصدر الذي وقفت عليه.

ومن روايات أهل البيت علیهم السلام التي رواها العامة في كتبهم؛ فان عموم» الناس « في الحديث يشمل حجّية كلّ ما رووه بطرقهم؛ فإنّ فيهم من يميّز بين الحصى ،والجوهر، والفضل ما شهدت به الأعداء.

وقد رتّبته على قسمين:

الأول : في دراسة النهج وإلمامة بحياة الشريف الرضي ، وشبهات وحلول حول

جامع النهج والنص، مع الأسانيد إلى الجامع، والعناية بالنهج منذ عصر التأليف حتى العصر الحاضر، وشرح الخطبة. الثاني: ما وقفت عليه من أسانيد روايات النهج والخطب والرسائل والحكم.

ص: 18


1- الكافي 1 : 53 ، باب فضل العلم.

وختاماً :فهذا جهد فردي، قيّدت فيه ما تيسّر الوقوف عليه من أسانيد روايات

نهج البلاغة التي رويت في كتب أخرى كلاً أو بعضاً، وكذا ما ورد ذكره مرسلاً، وليس الغرض شرح كل مادة أو فقرة منها ؛ فإن لذلك مقاما آخر تكفّل بعضها القدماء والمحدثون.

وعسى أن تكون هذه الدراسة خطوة متواضعة في سبيل إحياء التراث

الإسلامي الأصيل.

محمّد حسين الحسيني الجلالي

ص: 19

ص: 20

ما هو نهج البلاغة ؟

اشارة

التعريف بكتاب نهج البلاغة لا يختلف اليوم عن الأمس؛ لأنه بلغ في سماء البلاغة محل الشمس عشت عنها عيون، وحييت بأشعّتها معارف وفنون عبر القرون، فإنّه الكتاب الوحيد الذي جمع بأسلوب فريد روايات منتقاة من خطب ورسائل وحكم الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام.

وقد رافقت شهرة نهج البلاغة شهرة جامعه الشريف الرضي، والمروي عنه

الإمام علي علیه السلام.

وجامع نهج البلاغة هو الشريف الرضي محمد بن الحسين بن موسى بن محمّد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم ( 359 - 406 ه- ) ، وينتهي نسبه إلى الإمام علي ب- 12 واسطة.

جمعه خلال (17) عاماً تقريباً، من سنة 383 ه- إلى سنة 400 للهجرة. 383ه- ويحتوي نهج البلاغة على 242 خطبة وكلاماً ، و 78 كتاباً ورسالة و 498

حكمة مفردة .

وقد حظى نهج البلاغة عبر القرون من الاهتمام بالنسخ والشرح والتعليق والإجازة بعناية بالغة من قبل أعلام البلاغة والأدب، وتداوله علماء أهل البيت جيلاً بعد جيل.

ص: 21

ومنذ صدور الكتاب ظهرت محاولات التشكيك في النسبة والجامع بسبب الصراع المذهبي، ولا يزال صداها ترنّ بين فترة وأخرى بالرغم من أن الشريف الرضي شرح أسلوبه في الجمع وأحال إليه في كتبه الأخرى، ورواه عنه طائفة من علماء أهل البيت علیهم السلام وغيرهم بأسانيدهم المتصلة ، ودراساتهم الممتعة ، كما ينبيء عن ذلك نظرة عابرة إلى الأعمال حول نهج البلاغة عبر القرون.

جدول الأعمال حول نهج البلاغة عبر القرون .

الاهتمام القرون 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14

النسخ 4 17 33 25 16 8 46 19 5 1

الشروح والتعليقات 2 7 8 7 3 3 15 20 12 28

الترجمات 5 34 5

الطبعات 4 12

الاجازات 5 11 6 7 1 2 7 1 2 4

المجموع 11 35 47 39 20 18 72 40 26 50

المجموع الكلى = 358

تكشف من هذا الجدول نقاطا، هي:

1 - الاهتمام بنهج البلاغة منذ عصر الشريف حسب متطلّبات كل عصر حتى

العصر الحاضر. 2

- أول ترجمة لنهج البلاغة حصلت في القرن العاشر إلى الفارسية، ثم

التركية ، ثم الأوردوية ، ثم الانجليزية ، ثم الألمانية.

3 - الحاجة إلى الاستنساخ انعدمت في القرن الحاضر؛ لكثرة المطابع،

ص: 22

وللتفصيل يراجع فصل : الاهتمام بنهج البلاغة عبر القرون».

قال الأميني ( ت / 1390ه- ) : نهج البلاغة كان يهتم بحفظه حملة العلم والحديث في العصور المتقدمة حتى اليوم، ويتبرّكون بذلك كحفظ القرآن الشريف - وعدّ من حفظته في قرب عهد المؤلف - القاضي جمال الدين محمّد بن الحسين بن محمّد القاساني، فإنّه كان يكتب نهج البلاغة من حفظه كما ذكره الشيخ منتجب الدين في فهرسته ، ومن حُفاظه في القرون المتقادمة الخطيب أبو عبدالله محمّد الفارقي المتوفى سنة 564 ، كما ذكره ابن كثير في تاريخه ج 12، 260 ، وابن الجوزي في المنتظم ج 10، ص 229. ومن حفظته المتأخرين: العلامة الورع السيد محمّد اليماني المكي الحائري، المتوفى في الحائر المقدس

سنة 1280 ، في ربيع الأوّل، ومنهم : العالم المؤرخ الشاعر الشيخ محمّد

حسین مروّة الحافظ العاملي»(1)

ثم ذكر للنهج 81 شرحاً ، في الصفحات 186 - 193، وعشرين اجازة في

الصفحات 186 - 194.

ومن هنا قيل في وصف نهج البلاغة: إنّه دون كلام الخالق وفوق

كلام المخلوقين (2).

عنوان نهج البلاغة:

لقد قارن عنوان ( نهج البلاغة ) اسم الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام إلى درجة أنّه قد يغفل عن اسم جامعه الشريف الرضي ، وأصبح - أو كاد - أن يكون اسماً علماً للبليغ المأثور عن الإمام علیه السلام فقط دون غيره من المأثورات عنه.

ص: 23


1- الغدير 186:4 - 194 ، ط / بيروت
2- راجع البيان : 91 ؛ لسيدنا الاستاذ الخوني

هذا وذكر شيخنا العلامة ( ت /1389ه- ) إنّ الشريف الرضي وهو جامع النهج اول من شرح نهج البلاغة ، وقال عن اول شرح له : هو تعليقاته على كثير من الخطب وغيرها ، فهو أول الشارحين له كما أشرنا إليه (1).

وهذا سهو منه ؛ فإنّ تعليقاته على الخطب جزء من كتابه نهج البلاغة، ولا يمكن عدها شرحاً للنهج البلاغة إلّا على التجوّز ، وحصل مثل هذا لتغري بردي ( ت / 874ه-) في وفيات سنة 374، حيث قال ما لفظه : « وفيها توفي عبد الرحيم بن محمّد إسماعيل بن نباتة الخطيب الفارقي .... وكان مولده بميافارقين في سنة 335، وكان بارعاً في الأدب وكان يحفظ نهج البلاغة وعامة خطبه بألفاظها ومعانيها ومات بميافارقين عن تسع وثلاثين سنة (2). وترجم ابن خلكان ( ت /681ه- ) الخطيب ابن نباتة ( ت /374ه-) وقال : وهذا الخطيب لم أرَ أحداً من المؤرخين ذكر تاريخه في المولد والوفاة سوى ابن

الأزرق الفارقي في تاريخه، فإنّه قال: ولد في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة وتوفي في سنة أربع وسبعين وثلاثمائة بميافارقين ، ودفن بها

(3)

بيان ذلك : أنّ الشريف الرضي جمع نهج البلاغة بين العامين (383) و (400)

خلال 17 عاماً، والخطيب ابن نباتة توفي سنة 374 ، أي أنّه توفي قبل جمعه ب- 9 أعوام، إلّا أن يكون غلط في تاريخ الوفاة الذي لم يؤرخه سوى ابن الازرق ، كما قال ابن خلكان، أو أن ابن تغري بردي ( ت /874 ) عنى بنهج البلاغة : المأثور عن الإمام علي من البليغ، وهذا يدل على شهرة هذا العنوان في عصره .

ص: 24


1- الذريعة 146:14 .
2- النجوم الزاهرة 4 : 146 ، ط/ القاهرة سنة 1352ه- = 1933 م.
3- وفيات الأعيان 3: 156 .

شجرة الأسرة:

ينتهي نسب الشريف الرضي إلى الإمام علي ب- 12 ،واسطة فهو محمّد بن : الحسين ابن موسى الأبرش بن محمّد بن موسى بن ابراهيم المرتضى بن الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن السجاد بن الحسين الشهيد

ابن علي بن أبي طالب علیه السلام.

ص: 25

موسى الأبرش

( استوطن البصرة )

أبو عبدالله احمد (ت /ه-1381) الحسين (أبو احمد ، ت / 396ه-) أبو طالب المحسن( له عقب بالبصرة)

علي (الشريف المرتضى، ت / 436ه) زينب خديجة محمّد( الشريف الرضي . ت /406ه)

سوسية

الحسن

ولد سنة 309 ، وحجّ

أبوه بالناس من العراق

كما في النجوم الزاهرة 56:4

أبو جعفر محمّد النقيبة (بنت)

علی موسی الحسن

(له عقب بالبصرة) ( له عقب) ( له عقب) علی

( ذكرهم ابن عنبة في الصفحة 211 من عمدة الطالب ، ط / النجف 1380ه- محمّد

الحسن الرضى عدنان (ت / 400 ه)

في الروضات : انقرض

عقب الرضي بموته)

أبو القاسم علي النسابة = [علي المرتضى ، له « ديوان النسب »

ينقل عنه ابن طاوس (ت/664ها في

أحمد (درج) فرج المهموم : 35]

قال ابن عنبة : « وانقرض علي المرتضى النسابة وانقرض بانقراضه الشريف

المرتضى علم الهدى»(1).

ص: 26


1- عمدة الطالب : 207 .

الشريف الرضى ( 359 - 406 ه- )

اشارة

أقدم مصدرين في ترجمة الشريف الرضي أبو العباس النجاشي ( ت / 450 ه- ) والثعالبي (ت /429ه- ) ، وقد أشارا بإيجاز إلى نسبته وشهرته و 12 كتاباً من مؤلفاته، ونظرة خاطفة إلى مؤلفاته تنبيء عن مدى اهتمامه بالأدب العربي شعراً ونثراً في القرآن الكريم والروايات والآثار النبوية والعلوية وغيرها، بل تجاوز ذوقه الأدبي أن يختار من أدب أبي اسحاق الصابي على ما بينهما من خلاف في العقيدة، وما ذلك إلا لتحرّره من عقدة العصبية في ذوقه الأدبي. وتكاد تطبق المصادر المتأخرة عنه أن الرضي كان أشعر ،قريش، وقد تعاطى هذا الفن منذ صغره، قال النجاشي مانصه : محمّد بن الحسين بن موسی بن محمّد بن موسی

بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ، أبو الحسن الرضي نقيب العلويين ببغداد، أخو المرتضى ، كان شاعراً مبرزاً ، له كتب منها : كتاب حقائق التنزيل ، كتاب مجاز القرآن كتاب خصائص الأئمة ، كتاب نهج البلاغة، كتاب الزيادات في شعر أبي تمام كتاب تعليق خلاف الفقهاء ، كتاب مجازات الآثار النبوية كتاب تعليقة في الايضاح لأبي علي كتاب الجيّد من شعر ابن الحجاج، كتاب الزيادات في شعر ابن الحجاج، كتاب

ص: 27

مختار شعر أبي اسحاق الصّابي، كتاب ما دار بينه وبين أبي اسحاق من الرسائل شعر، توفي في السادس من المحرم سنة ست وأربعمائة » (1)

وقال أبو منصور الثعالبي في اليتيمة في ترجمته: «ابتدأ يقول الشعر بعد أن

جاوز عشر سنين بقليل، وهو اليوم أبدع أبناء الزبمان، وأنجب سادة العراق يتحلّى مع محتده الشريف ومفخره المنيف بأدب ظاهر، وحظّ من جميع المحاسن وافر ، ثمّ هو أشعر جميع الطالبييّن من مضى منهم ومن غبرَ ، على كثرة شعرائهم المفلّقين ؛ ولو قلت : إنّه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق، وسيشهد بما أجريه من ذكره، شاهد عدل من شعره العالي القدح، الممتنع عن القدح، الذي يجمع إلى السّلاسة متانة ، وإلى السّهولة رصانة، ويشتمل على معان يقرب جناها، ويبعد مداها ، وكان أبوه يتولّى نقابة نقباء الطالبيين ويحكم فيهم أجمعين ، وكان له النظر في المظالم والحج بالناس ، ثمّ رُدَّت هذه الأعمال كلّها إلى ولده الرضيّ المذكور فى سنة ثمانين وثلاثماءة وأبوه حتى ، ومن غرر شعره : ما كتبه إلى الإمام

، القادر بالله أبي العباس أحمد بن المقتدر من جملة قصيدة:

عطفاً أمير المؤمنين فإنَّنا ***في دوحة العلياء لانتفرّقُ

مابيننا يوم الفخار تفاوت*** أبداً، كلانا في المعالي مُعرق

إلا الخلافة ميزتك فإنني ***أنا عاطل منها ، وأنت مُطوَّق (2)

قال ابن عنبة ( ت / 828ه-) : « الملقب بالرضي ذو الحسبين، يكنى أبا الحسن نقيب النقباء، وهو ذو الفضائل الشائعة والمكارم الذائعة، كانت له هيبة وجلالة ، وفيه ورع وعفّة وتقشّف ومراعاة للأهل والعشيرة ، ولي نقابة الطالبيين مراراً، وكانت إليه أمارة الحاج والمظالم ، كان يتولّى ذلك نيابة عن أبيه ذي المناقب، ثم

ص: 28


1- رجال النجاشي : 398 ط جماعة المدرسين بقم ، سنة 1407ه-.
2- دیوان الشريف الرضي 42:2

تولّى ذلك بعد وفاته مستقلاً وحجّ بالناس مرّات، وهو أول طالبيّ جعل عليه السواد، وكان أحد علماء عصره، قرأ على أجلاء الأفاضل ؛ وله من التصانيف: كتاب المتشابه في القرآن وكتاب مجازات الآثار النبوية، وكتاب نهج البلاغة، وكتاب تلخيص البيان في مجازات القرآن، وكتاب الخصائص، وكتاب سيرة والده الطاهر ، وكتاب انتخاب شعر ابن الحجاج، سمّاه الحسن من شعر الحسين وكتاب أخبار قضاة بغداد وكتاب رسائله ثلاث مجلدات، وكتاب ديوان شعره، وهو مشهور. قال الشيخ أبو الحسن العمري شاهدت مجلداً من تفسير القرآن

؛ منسوباً إليه مليحاً حسناً يكون بالقياس في كبر تفسير أبي جعفر الطبري أو أكبر، وشعره مشهور وهو أشعر (قريش» (1)

ولعل أصدق التراجم ما قال عن نفسه قوله :

حذفت فضول العيش حتى رددتها*** إلى دون ما يرضى به المتعفف

وأملتُ أن أجري خفيفاً إلى العلى*** إذا شئتم أن تلحقوا فتخففوا

حلفت بربّ البدن تدمى نحورها ***وبالنفر الأطوار لبواً وعرفوا

لأبتذلنَّ النفس حتى أصونها **وغيري في قيد من الذل يرسف

فقد طالما ضيعت في العيش فرصة*** وهل ينفع الملهوف ما يتلهف

وإن قوافي الشعر ما لم أكن لها*** مسفسفة فيها عتيق ومقرف

أنا الفارس الوقاب في صهواتها*** وكل مجيد جاء بعدي مردف (2)

ولقد صدق رحمه الله وعاش عيشة العصامييّن من العظماء، حاملاً رسالته الأدبية بأحسن وجه فرضي من العيش ما يكون في أداء هذه الرسالة وخدمة القرآن الكريم والسنة النبويّة والبلاغة العلوية في سلسلة مترابطة من البحوث التي أنارت

ص: 29


1- عمدة الطالب : 207.
2- ديوان الشريف الرضي 2: 21

الطريق للأجيال، فكان الفارس الوتاب الذي صان نفسه وجرى خفيّاً إلى العلى

بخطوات سريعة.

ومواقفه في قول الحق والالتزام بالمبادىء صريحة، ففي غاية الإختصار: «انّ القادر بالله العباسي كان في بلاده كاسمه وكان قد ولّى الشريف نقابة النقباء، وولّى أباه أمارة الحج ، ومع ذلك لمّا عمل المحضر المشهور لإنكار نسب الملوك الفاطميين بمصر وكلّف الحاضرين بالتوقيع امتنع الشريف الرضي مستعظماً انکار نسب ثابت ولم يخش بطش الخليفة فيه .(1)

ويظهر انّ هذه الألقاب والمناصب التي قلّدته قيادة الخلافة العباسية كانت بدوافع سياسية لاحتواء الشريف الرضي من أن يوالي الخلافة الفاطمية التي كانت تناهض الخلافة العباسية من مقرّها بمصر، وكان لذلك الأثر على نشاط الشريف وكان الشريف على وعي كامل للاهداف فلم ينزلق عن مسيرته ، فرفض الهدايا والصلات بأدب ، ولم يشارك في إنكار نسب ثابت ، غير متأثّر بالدعاية العباسية، بل أنشد من شعره ما يغيض الموقف العباسي. وقد عاش الشريف الرضي في خلافة ثلاثة من العباسيين ، هم : المطيع والطائع والقادر ، وقضى طفولته في عهد المطيع وعهد الطائع من سنة 363 إلى سنة 381، ووقف على نقاط القوة والضعف في الحكم والحكام، مما دعاه إلى أن يخاطب القادر العباسي في قصيدة منها :

عطفاً أمير المؤمنين فاننا*** في دوحة العلياء لا نتفرّق

ما بيننا يوم الفخار تفاوت*** أبداً ، كلانا في المعالي معرق

إلّا الخلافة ميزتك فإنني ***أنا عاطل عنها وأنت مطوَّق (2)

ص: 30


1- غاية الاختصار : 59 .
2- ديوان الشريف الرضي 42:2

فقال له القادر على رغم أنف الشريف، وانقطع عنه بعد ذلك.

لقد عرّف الشريف الرضي شعره ، بل اتفق النقاد والعلماء على أنّ الرضي أشعر الطالبيين من مضى منهم ومن غير على كثرة شعرائهم المفلّقين، بل لو قيل : إنّه أشعر قريش لم يجاوز ذلك الصدق؛ لان قريشاً كان فيها من يجيد القول، أما الشعر فقلّ في قريش مجيدوه، فأما المجيد المكثر فليس إلا الشريف الرضي.

ولكن الشريف الرضي لم ير الشعر إلّا ذريعة لرسالة يحملها في الدفاع عن

آل البيت علیهم السلام، وقد صرّح بذلك في قوله:

وما قولي الأشعار إلا ذريعة ***إلى أمل قد آن قود جنيبه

وإنّي إذا ما بلّغ الله منيتي ***ضمنت له هجر القريض وحُوبه (1)

وقال:

وما الشعر فخري، ولكنّه***ه أطول به همة الفاخر

ومنها:

وإني وإن كنت من أهله*** لتستكرني حرفة الشاعر(2)

ويكشف عن فكره الحر ما قاله في عمر بن عبد العزيز الأموي وهو في عهد الخلافة العباسية حيث لم يمدح فيه أموياً، فجعله مما يعبر متحديّاً صارخاً

بقول الحق :

يا ابن عبد العزيز لو بكت الع- ***سين فتئ من أميّة لبكيتك

غير أني أقول: إنك قد طب*** ست وإن لم يطب ولم يزك بيتك

ص: 31


1- ديوان الشريف الرضي 1: 135 ، والحوب : الاثم.
2- ديوان الشريف الرضي 1 432

ولو أني رأيت قبرك لاستحي*** يت من أن أرى وما حيبتك

أنت نزهتنا من السبّ والقذ ***ف ولو أمكن الجزاءُ جزيتك(1)

من تواريخ حياته :

اشارة

سنة 359 ه- مولده ببغداد في أسرة علوية عريقة في العلم والأدب، فأبوه

المتقدم، وأمّه فاطمة بنت أحمد بن الحسن الإمام الناصر الاطروش الزيدي صاحب دولة الديلم بطبرستان ابن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وينتهي نسبها إلى الإمام علي علیه السلام

به وسائط .

سنة 369 ه صادر عضد الدولة أموال ابيه أبي أحمد الموسوي، وأمر بسجنه في

فارس، وكان لذلك أشد الأثر على نفس الرضي أبرزها في قصائد . سنة 379 ه- أفرج عن والده، فهنّا ولده الرضي بقصيدة مطلعها :

طلوعٌ هداه إلينا المغيب*** ويوم تمزّق عنه الخطوب (2)

سنة 380 ه- فى العاشر من رمضان تولى النقابة والنظر فى أمور المساجد خلفاً

لوالده، وفي ذلك يقول :

فأفيضت الخلع السوا ***د عليَّ ترشفها العيون

وخرجت أسحبها ولي*** فوق العلى والنجم دونُ

جدلاً وللحساد من*** أسف زفير وأتين (3)

سنة 384ه- استعفى من النقابة أو أعفى هو وأبوه وأخوه، ولعل السبب في ذلك

ص: 32


1- ديوان الشريف الرضي 1 : 215
2- ديوان الشريف الرضي 1 75
3- ديوان الشريف الرضي 3: 526 - 527 .

قصائده الثائرة التي منها :

ما مقامي على الهوان وعندي*** مقول صارم وأنف حميّ

ألبس الذلّ في ديار الأعادي*** وبمصر الخليفة العلويّ

من أبوه أبي ومولاه مولا ***ي إذا ضامني البعيد القصي

لف عٍرقي بعرقه سيدأ النا ***س جميعاً محمّد وعليّ

إن ذلّي بذلك الجوّ عزّ ***وأوامي بذلك النقع ريّ (1)

سنة 385ه- ماتت أمه وهكذا فقد أصحابه وأقرباءه فيها.

سنة 388ه- اعطاه بهاء الدولة نيابة الخلافة ببغداد وتولى ديوان المظالم.

سنة 388ه- لقّبه بهاء الدولة بالشريف الأجل والشريف الجليل.

سنة 392ه- لقب بذي المنقبتين.

سنة 397 ه- ولاه أبوه على النقابة وأمارة الحج

سنة 398 ه- وفيها لقبه بهاء الدولة بالرضي ذي الحسبين

سنة 399 ه- جاء المصري إلى العراق واجتمع به ببغداد.

سنة 400 ه- في جمادى الأُولى توفي ابوه عن سبعة وتسعين عاماً.

سنة 400 ه في رجب انتهى الشريف الرضي من جمع نهج البلاغة.

سنة 402 ه- كتب في ديوان الخلافة محضراً في الطعن في نسب الفاطميين وأنهم ( أدعياء خوارج لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب ولا يتعلّقون منه بسبب، وأنهم ملحدون زنادقة معطّلون، وللاسلام جاحدون، ولمذهب الثنوية والمجوسية معتقدون (2)

ورفض الشريف المشاركة فيها، وادرج اسم الرضي فيه من دون رٍضاه.

ص: 33


1- ديوان الشريف الرضي 2 576 .
2- المنتظم 7 255

سنة 403 ه- تولّى نقابة الطالبيين في 16 محرم على كره منه.

سنة 406 ه- في 6 محرم توفي الشريف الرضي وحضر جنازته فخر الملك والأشراف والقضاة والأعيان ، ولم يطق أخوه المرتضى النظر الى تابوته فذهب إلى

مقابر قريش ورثاء بقصيدة.

وهذه النقاط البارزة في تاريخ حياة الشريف الرضي تكشف عن موقف ثابت في حقيقة الشريف الرضي تلقّاه من مدرسته الأولى مدرسة الأسرة، وإليك

لمحة عنها.

والده

أبو أحمد الحسين الملقب بالطاهر الأوحد ( 340 - 400 ه-)، كان زعيماً مطاعاً، جاء في وصفه: «كان قويّ المنّة، شديد العصبة، يتلاعب بالدول، ويتجرأ على الأمور»(1).

كان يخص بالتكريم من الناس بلقب «الطاهر» و «الأوحد» و نقيب

الطالبيين» و «أمير الحاج».

سنة 354 ه- ولي النقابة للعلويين بأسرهم، وكان له دور فعال في الاصلاح

وإخماد الفتن

سنة 356 ه- وخطب بمكة لبختيار الملك البويهي.

سنة 357ه- خطب لعضد الدولة البويهي. سنة 359 ه- أصلح بين الحمدانييّن وآل تغلب .

سنة 366 ه- أصلح بين البويهي بختيار وعضد الدولة (2).

ص: 34


1- عمدة الطالب : 203 .
2- المنتظم 7: 83

سنة 369 ه- أبعد من العراق إلى شيراز بأمر عضد الدولة البويهي، وكان بها حتى

سنة .373

سنة 373 ه- اطلق سراحه شرف الدولة كما في المنتظم :7 226 373 سنة 400 ه- توفي ببغداد ليلة السبت لخمس بقين من جمادى الاولى، بعد أن

أضرّ في آخر عمره.

وجاء في تجارب الأمم انه اعتقل الوزير العباس بن الحسين - وزير بختيار - أباه في قلعة ،فارس، على أثر حريق الكرخ الذي دام اكثر من أسبوع، وعاقب والد السيد في ذلك، وفي سنة 363 دارت رحى الحرب بين عضد الدولة وبختيار وآل الأمر إلى قتل بختيار وافرج عن الموسوي، وبعد عام واحد ألقي القبض عليه من قبل عضد الدولة وعلى أخيه أبي عبد الله وصودرت أملاكهما، وكان عضد الدولة سياسياً ،داهية، وكانت محنته على الأمة عظيمة، ولما مات سنة 372 خلفه ابنه صمصام الدولة ، وبعد فترة أفرج عنه ابنه الآخر شرف الدولة واسترجع ما صودر من أملاكه في سنة 386 وتوفي سنة 396(1).

وقد مدح الشريف الرضي أباه بقصائد، منها قصيدة مطلعها:

شيمي لحاظك عنا ظيبة الخمر ***ليس الصبا اليوم من شأني ولا وطري(2)

ورثاه بقصيدة أخرى مطلعها:

وسمتك حالية الربيع المرهم ***وسقتك ساقية الغمام المرزم(3)

ص: 35


1- تجارب الأمم : 873
2- ديوان الشريف الرضى 1 : 458.
3- ديوان الشريف الرضي 2 290

وأروعها ما قال في أبيه مستعرضاً ملامح من حياته :

وهذا أبي الأدنى الذي تعرفونه ***مقدّم مجد أوّل ومخلف

مؤلّف ما بين الملوك إذا هفوا ***وأشفوا على حزّ الرقاب وأشرفوا

إذا قال : ردّوا غارب الحلم راجعوا ***وإن قال : مهلاً بعض ذا الجد وقّفوا

وبالأمس لما صال قادر ملكهم ***وأعرض منه الجانب المتخوَّف

تلاقاه حتى سامح الضّغن قلبه ***وأسمح لمّا قيل لا يتألّف

وكسان ولي العقد والعهد بينه ***وبسين بهاء الملك يسعى ويلطف

ولما التقى نجوى عقيل لنبوة*** ومدّ لهم حبلاً من الغدر محصف(1)

لوى ع- طفه ليّ القنيّ رقابهم*** ولو لسواه استعطفوا ما تعطّفوا

وسل مضراً لما سما لديارها ***فهب ونام العاجز المتضعف

تولجها كالسيل صلحاً وعنوة*** فأبقى وردّ البيض ظمأى تلهّف

له وقفات بالحجيج شهودها*** إلى عقب الدنيا منيّ والمخيف

ومن مأثرات غير هاتيك لم تزل*** لها عنق عال على الناس مشرف

حمي فاه عن بُسط الملوك وقد كبت*** عليها جباه من رجال وانف

زمام علاً لو غیره رام جرّه ***الساق به حاد من الذل معنّف

جرى ماجرى قبلي وها أنا خلفه إلى*** الأمد الأقصى أغذّ وأوجف (2)

عمّه :

أبو عبد الله أحمد بن موسى الأبرش (ت / 381ه-) وكان عمه هذا قد انتقل مع

ابنه من البصرة إلى بغداد واستوطناه، وكان الشريف الرضي على صداقة متينة مع ابن عمه هذا - كما سيأتي - وقد توفي العم في شهر ربيع الآخر عام 381 ورثاه

ص: 36


1- محصف اي .مفتول
2- ديوان الشريف الرضى 21:2

الشريف الرضي بقصيدة يعزي ،والده، وقد خرج إلى واسط يلتقي بهاء الدولة يقول فيها:

سلا ظاهر الأنفاس عن باطن الوجد*** فإنّ الذي أخفي نظير الذي أبدي

زفيراً تهاداه الجوانح كلّمّا ***تمطّى بقلبي ضاق عن مره جلدي

وكيف يردّ الدمع يا عين بعدما ***تعسف أجفاني وجار على خدّي

وإنّي إن أنضح جواي بعيرة ***یکنّ کخبي النار يُقدح بالزند

فهذي جفوني من دموعي في حيا*** وهذا جناني من غليلي في وقد

حلفت بما وارى الستار وما هوت ***إليه رقاب العيس ترقل أو تخدي

لقد ذهب العيش الرقيق بذاهب ***هو الغارب المجزول من ذروة المجد

وألمح فيها إلى شجاعته وجوده وسائر صفاته بقوله:

حسام جلا عنه الزمان فصمّمت*** مضاربه حيناً وعاد إلى الغمد

ستان تحدّته الدروع بزغفها ***فبدّد أعيان المضاعف والسرد

جواد جرئ حتى استبدّ بغاية ***تُقطع أنفاس الجياد من الجهد

سحاب علا حتى تصوّب مزنه*** وأقلع لما عم بالعيشة الرغد

ربيع تجلّى وانجلى ووراءه*** ثناء كما يثني على زمن الورد

نعضّ على الموت الأنامل حسرة*** وان كان لا يغني غناء ولا يجدي(1)

أمّه :

أم الرضي والمرتضى معاً هي فاطمة بنت الحسين بن الحسن الثاني الأصمّ (الأطروش ) صاحب الديلم، الذي ملك الديلم ولقّب ب- «الناصر للحق ، وتوفي

بطبرستان سنة 304ه-.

ص: 37


1- ديوان الشريف الرضي 1: 378-377 .

ذلك ظهر ممّن لم يدرس مؤلفات الشريف الرضي أنه كان زيدي

ومن العقيدة، وغفل عن ان الزيدية كانت تمثّل الجناح العسكري لمذهب أهل البيت ولم تكن في بدء أمرها خطّاً معارضاً للمذهب ، كيف ؟ وكتب الشريف الرضي طافحة بالولاء وأشعاره تنبيء عن اعتقاده بالائمة الاثنى عشرعلیهم السلام ، وهذا ما لا تؤمن به الزيدية اليوم، ونكتفي في إثبات معتقده بقصيدته المشهورة التي مطلعها:

کربلا لازلت كرباً و بلا مالقى عندك آل المصطفى

إلى قوله:

معشر منهم رسول الله وال- ***كاشف الكرب إذا الكرب عرا

صهره الباذل عنه نفسه ***وحسام الله في يوم الوغى

أوّل الناس إلى الداعي الذي*** لم يقدّم غيره لما دعا

ثم سبطاه الشهيدان فذا ***بحسا السم وهذا بالظُّبى

وعلي وأبنه الباقر والص-*** ادق القول وموسى والرضا

وعليّ وأبوه وأبد وابسته ***والذي ينتظر القوم غدا(1)

وكان لوفاة هذه الأم المثالية أكبر الأثر على قلب الشريف الرضي ، وقد رثاها

بقصيدة وجدانية، منها قوله :

أبكيك لو نقع الغليل بكائي*** وأقول لو ذهب المقال بدائي

وأعوذ بالصبر الجميل تعزّيا*** لو كان بالصبر الجميل عزائي

طورا تكاثرني الدموع وتارة ***آوي إلى أكر ومتي وحيائي

كم عبرة موّهتها بأناملي*** وسترتها متجمّلاً بردائي

أبدي التجلّد للعدو ولو درى*** بستململي لقد اشتفى أعدائي

ماكنت أذخر في فداك رغيبة*** لو كان يرجع ميّت بفداء

ص: 38


1- ديوان الشريف الرضي 47:1.

لو كان يدفع ذا الحمام بقوةِ*** لتكدّست عصب وراء لوائي (1)

ويصفها - كما شاهدها عياناً - أمّاً غمرت حياتها العفة والزهادة بالصلاة والقيام :

أنضيت عيشك عقة وزهادة ***وطرحت مثقلة من الأعباء

بصيام يوم القيظ تلهب شمسه*** وقيام طول الليلة الليلاء

ما كان يوما بالغبين من اشترى ***رغد الجنان بعيشة خشتاء

لو كان مثلك كل أمّ برّة*** غني البنون بها عن الآباء

كيف السلق، وكل موقع لحظة ***أثر لفضلك خالد بإزائي

فعلات معروف تقرّ نواظري*** فتكون أجلب جالب لبكائي

ويتألُم تألّم كلّ من فقد أُمّاً صالحة تضحي من أجل أولادها الغالي والرخيص

ويصوّرها بأروع صورة حياتية، فيقول:

فبأي كفٌّ أستجنّ وأتقي*** صرف النوائب أم بأيّ دعاء

ومَنْ المموّل لي إذا ضاقت يدي*** ومن المعلّل لي من الأدواء

ومن الذي ان ساورتني نكبة ***كان الموقّى لي من الأسواء

أم من يلطّ عليَّ ستر دعائه*** حَرَماً من البأساء والضراء

رزآن يزدادان طول تجدّد ***أبد الزمان فناؤها وبقائي

ويشير إلى طيبة أرومتها وإلى المدرسة الأولى التي تخرّجت منها بقوله :

آباؤك الغرّ الذين تفجرّت*** هم ينابيعُ من النعماء

من ناصر للحق أو داع إلى*** سبل الهدى أو كاشف الغمّاء

نزلوا بعرعرة السنام من العلى*** وعلوا على الأثباج والأمطاء

من كلِّ مستبق اليدين إلى الندى ***مسدّد الأقوال والآراء

ص: 39


1- ديوان الشريف الرضي 1: 63

ولا يجد من فقد أماً صالحة عزاء سوى أعمالها الصالحة التي تؤنسها في

الوحشة والوحدة، فيختم رثاءه بقوله:

معروفُك السامي أنيسك كلّما*** ورد الظلام بوحشة الغبراء

وضياء ما قدّمٍتٍه من صالح ٍ***لك في الدجى بدلٌ من الأضواء

إنّ الذي أرضاه فعلك لم يزل*** ترضيك رحمته صباح مساء

صلّى عليك، وما فقدت صلاته ***قبل الرّدى وجزاك أيّ جزاء

لو كان يبلغك الصفيح رسائلي*** أو كان يسمعك التراب ندائي

لسمعت طول تأوّهي وتفجّعي*** وعلمت حسن رعايتي ووفائي

كان ارتكاضي في حشاك مسبباً*** ركض الغليل عليك في أحشائي (1)

ولعل أروع ما فيها قوله :

لو كان مثلك كلّ أم برّة ***غَنِيَ البنون بها عن الآباء

خاله :

الشريف الناصر أبو القاسم الملقب بريقا ، وأُمّه : فاطمة بنت الناصر الصغير أبي محمّد الحسن الحسين بن أبي الحسين بن أحمد بن أبي محمّد الحسين

] صاحب الديلم ابن أبي الحسن العسكري بن أبي محمّد الحسن بن علي الأصغر

المحدّث بن عمر الأشرف.

ومدح خاله بقصيدة مطلعها:

لك السوابق والأوضاح والغرر*** وناظر ما انطوى عن لحظه أثر

وعاطفات من البقيا إذا جعلت*** محقرات من الأضغان تبتدر

ص: 40


1- ديوان الشريف الرضي 26:1 - 30.

إطراقةٌ كقبوع الصل يتبعها ***عزم يسور فلا يبقي ولا يذر

والليث لا ترهب الأقران طلعته*** حتى يصمّم منه الناب والظفر

أنت المؤدَّب أخلاق السحاب إذا ***ضنت بدرّتها العراصة الهمر

من بعد ما أصطفقت فيها صواعقها*** وشاغب البرق في أطرفها المطر

والبالغ الأمر جالت دون مبلغه ***القنا وأمرت دونه المسرر(1)

ورثاه بقصيدة مطلعها:

التحضير

لنا كلّ يوم رنّة خلف ذاهب*** ومستهلك بين النّوى والنّوادب

ومنها:

أفي كل يوم يحرق الده-ر أعظمي*** وينهس لحمي جانبا بعد جانب

فيوماً رزايا ف-ي ص-ديق مصادق*** ويوماً رزايا في قريب مقارب

فكم فلّ منّي ساعداً بعد ساعد*** وكم جب منّي غارباً بعد غارب

وفادحة يُستهزم الصبر باسمها ***وتُظمى إلى ماء الدموع السواكب

صبرنا لها صبر المناكب حسبة ***إذا اضطرب الناس اضطراب الذوائب

تعاصي أنابيب الحلوم جلادة ***و تهفو يراعات العقول العوازب

كظوماً على مثل الجوائف أتعبت*** نطاسيّها من قارف بعد جالب

تحلّ الرزايا بالرجال وتنجلي ***وربّ مصاب ينجلي عن مصائب

من اليوم يستدعي منازلك البكا*** إذا ما طوى الأبواب مرّ المواكب

وتضحك عنك الأرض أنساً وغبطة ***وتبكيك أخدان العلى والمناقب

سقاك الحيا إن كان يرضى لك الحيا*** بغرّ الأعالي مظلمات الجوانب

تمدّ بأرداف ثقال وترتمي ***على عجرفيّات الصبا والجنايب

كان لواء ي- زدحمن وراءه ***إذا اختلج البرق ازدحام المقاني

ص: 41


1- ديوان الشريف الرضي 1: 461.

بودق كأخلاق العشار استفاضها*** تداعي رغاء من مبسّ وحالب

يقرّ بعيني أن تطيل مواقفاً ***عليك مجرّ المدجنات الهواضب

وأن ترقم الانواء تربك بعدها*** بكلّ جديد النور رقم الكواكب

ذكرتكم والعين غير محيلة ***فأنبطتّ غدران الدموع السواكب

وما جالت الالحاظ الا بقاطر*** ولا امتدت الانفاس إلّا بحاصب

وهل نافعي ذكر الأخلّاء بعده ***جرى بيننا مور النقا والسباسب (1)

أخوه - الشريف المرتضى (ت/436) :

للشريف الرضي شقيق واحد هو الشريف المرتضى وعلم الهدى، ترجمه النجاشي ( ت 450 ه- ) بقوله : « أبو القاسم المرتضى، حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد في زمانه وسمع من الحديث، فأكثر، وكان متكلّماً ، شاعراً ، أديباً ، عظيم المنزلة في العلم والدّين والدّنيا. صنف كتباً - ثم ذكر كتبه بتفصيل وقال مات رضي الله عنه لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وأربع مائة ، وصلى عليه ابنه في داره ودفن فيها وتولّيت غسله ومعي الشريف أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري، وسلّار بن عبد العزيز) (2).

فيكون المرتضى المولود سنة 355ه- أكبر من الشريف الرضي بأربع سنوات، وأنّه كان - كما ينبيء عنه قائمة مؤلفاته والموجود من آثاره - أكثر اهتماماً بمسائل العقيدة والفقه والأصول وان كانا معاً بدران في سماء البلاغة والشعر، وبحكم العلاقة الاسرية كانا يتشاركان في أمور والدهما من النقابة وأمارة الحج وغيرها. كما شاءت الأقدار أن يعمر بعد أخيه ويناط إليه نقابة الطالبيين كما في

ص: 42


1- ديوان الشريف الرضي 146:1-151 .
2- رجال النجاشي : 270 - 271

المنتظم (1)حتى وفاته سنة 436 ، اي بعد ثلاثين عاماً من وفاة أخيه الرضي. وفي ديوان الشريف الرضي طائفة من القصائد في مدح أخيه المرتضى مختلفة، من ميلاد أو عتاب أخوي ممّا يؤكّد على أواصر القربى العريقة في

الأسرة، فمدح أخاه مهنئاً بمولودة جاءته، بقصيدة مطلعها:

جرى النسيم على ماء العناقيد ***وعلّلي بالأماني كلّ معمود (2)

وأيضاً بقصيدة مطلعها:

ليست الوغى قبل ثوب الغيار*** وقارعت بالنصل قبل الغرار(3)

وأيضاً مهنئاً بمولود ذكر عام 374 بقصيدة مطلعها:

لأغنتك عن وصلي الهجوم القواطع وعن مشرع الذلّ الرماح الشوارع (4)

ونقل المجلسي من خط الشهيد - وقد نقلها عنه الشيخ محمّد بن عليّ الجبعي المذكور أيضاً - قال : « دخل أبو الحسن الحذّاء وكيل الرضي والمرتضى يوماً على المرتضى فسمع منه هذه الأبيات فكتبها وهي:

سری طيف سعدي طارقاً فاستفزَّني*** شحيراً وصحبي بالفلاة رقود

فلما انتبهنا للخيال الذي سرى*** إذا الدار قفر والمزار بعيد

فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي*** لعلَّ خيالا طارقاً سيعود

ثمَّ دخل أبو الحسن الحذاء على الرضي وهي في يده، فاستعرضها بما معه فعرضها عليه، وقال الرضي: أين أخي من هذه الأبيات وترك منه بيتين وأخذ

ص: 43


1- المنتظم 7 :276 .
2- ديوان الشريف الرضي 1:
3- ديوان الشريف الرضي 1: 313
4- ديوان الشريف الرضي 1 : 610 .

القلم وكتب تحتها :

فردبت جواباً والدموع برادر*** وقد آن للشمل المشتّ ورود

فهيهات من ذكرى حبيب تعرّضت*** لنا دون لُقياه مهامه بید

مات وقضى

ثمَّ عاد إلى المرتضى فشرح له القصة وعرض عليه القرطاس الّذي فيه

الأبيات فعجب فقال: عزَّ عليَّ يا أخي قتله الذكا، ثمَّ بعد ذلك بيوم نحبه تغمدهما الله برحمته مع أئمتهما بمحمّد وآله صلوات الله وسلامه عليه

وعليهم أجمعين . (1)

شقيقتاه :

كان للشريف الرضي شقيقتان زينب وخديجة، لا يعرف أيهما كانت الكبرى. الأولى - ويظهر أنها الصغرى - توفيت في حياته، ورثاها بقصيدة تعبّر عن أروع آيات الولاء الأسري في العاطفة الصادقة، وإن كنّا لانعرف بالضبط من هذه الشقيقة وما هي اسمها، وكم كان عمرها ، ولكن الرابطة الأسرية تجلّت بأسمى معانيها، وكلّما نعرف أنها توفيت ودفنت في مشهد الحسين علیه السلام ، وأنه رثاها

بقصيدة طويلة مطلعها:

یا دین قلبك من با ***رق ينير ويخبو

ومنها :

شقيقتي إن ّخطبا ***عدا عليك لخطب

وإن رزءاً رمانی ب-*** البعد عنك لصعب

سهم أصابك منه ***للقدر فوق وغرب

ص: 44


1- بحار الأنوار 20:107_21

لا النصل منه بناب*** يوما ولا الريش لغب

يبيت بعدك في مض*** جعي الجوى والكرب

كما يبيت رميض ***عد السنامَ الأُجب

أنى على قضض اله*** م يطمئن الجنب

لو ردّ عنك المنايا الع*** جال طعن وضرب

الخاض فيها سنان*** ماض وطبَّق عضب

وقام دون الردى غ*** لظ السواعد غلب

وناقلت بالعوالي ذوب*** ان ليل تخبّ

قضيت نحباً قضى بع***د ده من المجد نحب

ولم يكن لك إلّا ***من المقادير خطب

ودون كل حجاب*** من العقاقة حجب

وقبرك الصون من قب***ل أن يضمّك ترب

كأنني كلّ يوم*** قلى إليك أصبُّ

وكلّما اندمل الق*** رح عاد قلبي ندب

ومنها:

جاورت جاراً تلق*** اك منه بَروُر حب

شٍعب غدا وهو لل***ه والملائك شعب

ياتومةٌ ثمّ منها*** إلى الجنان المهب

إن كان للشخص بعد*** أغُ- العلائق قرب

به وبرغمي*** إن الزيارة غبٌ

لئن خلا منك طرف*** لقد مُلي منك قلب

وإن غربت فللطا ***لعات شرقُ وغرب

-لاك ذمّ، وذمّ*** للدهر فيك وقصب

ص: 45

ولم يزل بعد يومي*** منّي على الدهر عتب

فكم أبيتُ وعندي*** لذي المقادير ذنب (1)

والشقيقة الثانية كانت قد أسنّت، فبلغت من العمر نيفاً وتسعين سنة، وتوفيت

أواخر شعبان 419، وقد رثاها أخوها المرتضى بقصيدة، مطلعها:

صمت العواذل في أساك وسلّموا*** لما رأوا أن العزاء محرّم (2)

ولدهُ :

للشريف الرضي ولد واحد هو أبو أحمد عدنان المولود سنة 309 ه-، وهو

الملقب بالطاهر ذي المناقب، تولّى نقابة الطالبيين ببغداد. قال ابن عنبة ( ت /828ه-) : فولد الرضى أبو الحسن محمّد أبا أحمد عدنان

): يلقب الطاهر ذا المناقب، لقب جده أبي أحمد الحسين بن موسى؛ تولى نقابة الطالبيين ببغداد على قاعدة جدّه وأبيه وعمه ، قال أبو الحسن العمري هو الشريف العفيف المتميّز في سداده وصونه؛ رأيته يعرف علم العروض، وأظنه يأخذ ديوان أبيه؛ ووجدته يحسن الاستماع ويتصور ما ينبذ إليه. هذا كلامه وانقرض بانقراضه وانقراض أخيه عقب أبي أحمد الموسوي (3).

مشایخه :

تلمّذ الرضي على جماعة كبيرة من أعلام عصره، وكتبه تكشف عن ذلك، واليك ثبت من روى عنهم في كتبه، ولعل الاستقصاء يكشف لنا أكثر

ص: 46


1- ديوان الشريف الرضي 1: 159 - 164
2- ديوان السيد المرتضى 3: 186 - 190 . طبعة القاهرة 1958
3- عمدة الطالب : 211 : 11

من هذا العدد :

1 - أبو إسحاق ابراهيم بن أحمد بن محمّد الطبري، الفقيه المالكي

(ت/ 399) ، ذكره ابن الجوزي في تذكرة الخواص، ص 393(1)

- أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي ( ت /377ه-)، عزّاه الرضي بولد توفي

له في ديوانه (2).

3 - أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن مرزبان السيرافي (ت/368ه- )(3)

4 - سهل بن أحمد بن عبد الله بن سهل الديباجي (ت/385ه-) (4)

5 - قاضي القضاة أبي الحسن عبد الجبار بن أحمد الهمداني البغدادي الشافعي المعتزلي ، كان شيخ المعتزلة في عصره، قرأ عليه الشريف كتابيه : تقريب الأصول وشرح الأصول الخمسة(5)

6 - أبو اليمن عبد الرحيم بن محمد بن نباتة، صاحب ديوان الخطب

( ت / 394ه- ) (6)

7 - القاضي أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد الله الأسدي، ابن الأكفاني

الحنفي (ت / 405ه- ) (7).

سس

8 - أبو الفتح عثمان بن جنّي الرومي الموصلي (ت 392 ه-) (8)، وقال فيه

ص: 47


1- الغدير 183:4.
2- ديوان الشريف الرضي 2 488 ، وانظر المجازات النبوية والفهرست لابن النديم : 95
3- حقائق التأويل : 87 ، الفهرست ؛ لابن النديم : 93
4- المجازات النبوية : 241 و 217.
5- حقائق التأويل : 204 و 234 ، تلخیص البيان : 99، 127، المجازات النبوية 28 ، 29 و 114 و 233.
6- الدرجات الرفيعة : 456 ، روضات الجنات : 376.
7- حقائق التأويل : 346.
8- تلخيص البيان : 26 ، 77، 107 ، المجازات النبوية : 250 ، حقائق التأويل 321:140

الرضي قصيدة ، منها :

فدى لأبي الفتح الأفاضل إنّه يبرّ عليهم إن ارم وقالا (1)

9- أبو الحسن علي بن عيسى الرماني الربعي البغدادي النحوي (ت/420ه-) (2)

10 - أبو حفص يحيى بن إبراهيم الكتاني (ت/ 390ه- )(3).

11 - أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح (ت/291ه-)(4).

12- أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزبانی (ت / 384ه- ) (5)

13 - أبو بكر محمد بن موسى بن محمد الخوارزمي الحنفي (ت/403ه-)(6).

قال في المنتظم (15 : 97) : « وكان من تلامذته الرضي».

14 - الشيخ المفيد محمّد بن محمّد النعمان (ت / 413ه-)(7)

15- الفقيه أبو عبد الله محمّد بن يحيى بن مهدي الجرجاني ( ت /398ه-).

16 - أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني (ت/390ه-)(8)

17 - أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبرى (ت /385ه- ) (9).

18- أبو عبد الله بن الإمام المنصوري اللغوي (ت (391ه- )(10) .

ص: 48


1- ديوان الشريف الرضي 3: 167 .
2- حقائق التأويل : 87 ، تلخيص البيان: 250.
3- المجازات النبوية : 155 .
4- المجازات النبوية : 143.
5- المجازات النبوية : 137.
6- المجازات النبوية 145 ، وتلخيص البيان : 162.
7- روضات الجنات : 547 ، المستدرك : 514 ، شرح لنهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد 13:1
8- تلخيص البيان : 102
9- حقائق التأويل : 24 ، 33، 41 ، 43 ، 81،48.
10- ذكره محمّد عبد الغني حسن في كتابه الشريف الرضي: 30.

وما أصدق محمّد عبد الغني المصري حيث قال : ومن هذا الثبت نعرف أن الشريف الرضي كان واسع العقل، رحب الصدر، حرّ الفكر، فلم يتعصب لرجال

مذهب على رجال مذهب آخر، لقد كان من شيوخه ، لقد كان من شيوخه الشيعي، والسني والمعتزلي والرافضي والشافعي ،والحنفي، والمالكي، فلم يتحرّج أن يأخذ العلم من أي مصدر. وقد رأينا أن أبا إسحاق الطبري الذي منحه داره ليقيم فيها، كان فقيهاً سنياً على مذهب الإمام مالك (1).

وصدق الدكتور زكي مبارك في قوله : « والواقع أنّ الشريف كان قليل الرعاية للعصبية المذهبية، والظاهر أنّه كان حرّ العقل إلى حدّ بعيد فقد كان يدرس جميع المذاهب الإسلامية ليمدّ عقله بالأنوار التي يُرسلها اختلاف الفقهاء (2).

مؤلفاته :

ذكرت المصادر له طائفة من المؤلفات، وقد أشار الشريف الرضى نفسه إلى

بعض مؤلفاته الموجودة، وهي:

1 - أخبار قضاة بغداد(3).

2 - تلخيص البيان عن مجازات القرآن (4).طبع لأول مرة على مصوّرة من القرن الخامس ،ناقصة باهتمام السيّد محمّد المشكاة بطهران عام 1369ه-، وتلته طبعات أخرى، ثم طبع طبعة حروفية بتحقيق محمّد عبد الغني حسن بالقاهرة سنة 1955م.

3 - تعليق خلاف الفقهاء (5).

ص: 49


1- الشريف الرضي : 30.
2- عبقرية الشريف الرضي 125:1
3- عمدة الطالب : 208
4- ذكرها النجاشي : 398.
5- رجال النجاشي : 398 ، والدرجات الرفيعة : 467.

4 - تعليقة على الإيضاح ؛ لأبي علي الفارسي (1)

- الحسن من شعر الحسين والحسين هو أبو عبد الله بن الحجاج

(ت/391ه-) وهو شاعر عرف بالمجون، فاختار الشريف الحسن من شعره(2)

- حقائق التأويل، أشار إليه الرضي في مقدمة تلخيص البيان ص 2 ، وقد طبع منه الجزء الخامس فقط في النجف الأشرف عام 1936 بتحقيق الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء عن نسخة مؤرخة ،532 ، ولعله المراد بمعاني القرآن الذي ذكره ابن شهراشوب في المعالم، وذكره الحاجي خليفة في كشف الظنون في عنوان نهج البلاغة (3) ، وخير ما يقال فيه :

ا

في سيرة غرّاء تستضوي بها الد*** نيا ويلبسها الزمان الأطول

ملئت بفضلك فالولي مكثر*** ماشاع عنها والعدو مقلّل(4)

7 - خصائص الأئمة علیهم السلام، أشار إليه الرضي في مقدمة نهج البلاغة وقد طبع قسم منه في النجف سنة 1369ه-، ولشيخنا العلامة فيه كلام، فراجع الذريعة :

164 ، منه نسخة عليها قراءة فضل الله الراوندي في الهند، صورتها.

8 - ديوان شعر، وقد ذاع صيته في الشعر ( راجع الدرجات الرفيعة تاريخ بغداد؛ للخطيب، وشرح ابن أبي الحديد)، وقد جمعه أبو حكيم الحبري (ت 4767ه- ) بعد وفاة الشريف ، وقد أرسل الصاحب إلى بغداد من ينسخ ديوان فمدحه الشريف سنة 385 بقصيدة منها :

بيني وبينك حرمتان تلاقنا ***نثري الذي بك يقتدي وقصيدي

ص: 50


1- رجال النجاشي : 398
2- رجال النجاشي: 398، وعمدة الطالب : 208 ، والدرجات الرفيعة : 208
3- کشف الظنون 2 : 1991
4- ديوان الشريف الرضي 2 : 159 .

ومنها:

إن أهد أشعاري إليك فانه*** کالسرد أعرضه على داود(1)

وهكذا طلبت تقية بنت سيف الدولة نسخة من ديوانه ، وكانت من أفاضل النساء. وابن جنّي شرح مرثية الشريف لابي طاهر إبراهيم بن ناصر الدولة، وهي:

ألقى السلاح ربيعة بن نزار ***اودى الردى بقريعك المغوار

(2)

ذكر الديوان النجاشي وابن عنبة في عمدة الطالب(2)، وهو مطبوع بالهند سنة

1306 ه- وبيروت سنة 1307 ه- في مجلدين.

9 - الرسائل، ويظهر أنها مجموعة مختلفة المواضيع والمناسبات، وصرح ابن عنبة انها رسائله في ثلاث مجلدات (3) ، ونقل ابن معصوم بعضها في الدرجات الرفيعة ص 475 - 478 ، وقد طبع قسم منها بعنوان: «رسائل الصابي والشريف الرضي بتحقيق محمّد يوسف نجم في الكويت سنة 1961م، ضمن سلسلة التراث العربي. 10

- الزيادات، ولا يعرف بالضبط طبيعة هذه الزيادات، وهل هي من إنشاء الشريف الرضي أو ما يراه الشريف زيادات على الأصل، وذكر النجاشي عنوانين :

أ - الزيادات في شعر أبي تمام ص 283.

ب - الزيادات في شعر ابن الحجاج، ولم تقف يد التتبع عليهما بعد.

11 - سيرة والده الطاهر (المتوفى سنة 400 ه-) ألفه في حياة والده، وقبل 21 سنة من وفاته، ذكر في عمدة الطالب (4) والدرجات الرفيعة (5) ، وهو أول

ص: 51


1- ديوان الشريف الرضي 1 : 285 - 290 .
2- رجال النجاشي : 398، عمدة الطالب : 308
3- عمدة الطالب : 208.
4- عمدة الطالب : 207.
5- الدرجات الرفيعة : 467.

مؤلفات الشريف الرضي ، كتبه عام 379 وهو ابن عشرين سنة. 12

12- مختار اشعار أبي إسحاق الصابي ورد ذكره في رجال النجاشي

والدرجات الرفيعة (1).

13 - المجازات النبوية : أحال إليه الشريف الرضي في نهج البلاغة وتلخيص البيان ص 167 ، وذكره النجاشي وابن عنبة في عمدة الطالب ، وقد طبع أولاً ببغداد سنة ،1338 ، ثم في القاهرة سنة 1356 و 1387 ، ويدرس فيها الشريف الرضي 361 أحاديث نبوية، شارحاً وجوه المجاز فيها (2).

14 - نهج البلاغة، أحال اليه في حقائق التأويل ص 167 و 283 ، وابن

شهراشوب ص 327 والمجازات النبوية كما سيأتي.

وهو أشهر ما قام به، وقد رافقت شهرة الكتاب شهرة جامعه الشريف الرضي

واقترنت بشهرة المروي عنه الإمام على

وفاته :

توفي الشريف الرضي يوم الأحد 6 محرم سنة 406 ه-. ورثاه جمع من

الشعراء، ولعل أولهم : أخوه الأكبر الشريف المرتضى، حيث قال:

يا للرجال لفجعة جذمت يدي*** ووددت لو ذهبت عليَّ برأسي

مازلت أحذر وقعها حتّى أنت ***فحسوتها في بعض ما أنا حاسي

ومطلتها زمناً فلما صمّمت*** لم يجدني مطلي وطول مكاسي

لا تنكروا من فيض دمعي عبرةً*** فالدمع غير مساعد ومُواسي

الله عمرك من قصير طاهر*** ولربّ عمر طال بالأدناسٍ(3)

ص: 52


1- رجال النجاشي: 398 ، الدرجات الرفيعة : 467.
2- تلخيص البيان: 167 ، رجال النجاشي : 398 ، عمدة الطالب : 107
3- ديوان السيّد المرتضى 1903

ويستظهر منها أن وفاة أخيه كانت غير طبيعيّة وغير متوقعة، والله العالم. وكذلك رثاه تلميذه مهيار الديلمي، المتوفى سنة 428 ، بقصيدة طويلة مطلعها:

من جب غارب هاشم و سنامها ***ولوى لؤيّا فاستزل مقامها(1)

قال ابن عنبة: « وتوفي يوم الأحد السادس من المحرم سنة ست وأربعماءة؛

ودفن في داره؛ ثم نقل إلى مشهد الحسين علیه السلام بكربلاء، فدفن عند أبيه، وقبره ظاهر معروف؛ ولما توفي جزع أخوه المرتضى جزعاً شديداً ، بلغ منه أنه لم

يتمكن من الصلاة عليه ، ورثاه هو وغيره من شعراء زمانه (2)

وفي زهر الرياض: نقل جسده [ الرضي ] إلى مشهد جدّه الحسين ونبش قبره في سنة 942 بإغراء بعض قضاة الأورام، فوجد كما هو لم تغيّر الأرض منه شيئاً، والظاهر ان قبر السيد وقبر أخيه وأبيه في المحل المعروف بابراهيم المجاب، وكان إبراهيم هذا هو جدّ المرتضى وابن الإمام موسى (3)، وقبر إبراهيم المجاب الحائري معروف مشهور.

من مصادر الترجمة :

تاریخ بغداد :2 264 رجال النجاشي : 283 ، عمدة الطالب: 170 ، الدرجات الرفيعة : 466 ، شذرات الذهب :3 182 ، لؤلؤة البحرين : 332، يتيمة الدهر 3: 136.

ص: 53


1- دیوان مهيار الديلمي 3: 366 - 370
2- عمدة الطالب : 211
3- يراجع الفوائد الرجالية .3 : 111

ص: 54

من هو جامع نهج البلاغة ؟

اشارة

قال ابن خلكان ( ت / 661ه-) : ( اختلف الناس فيه ، هل أنّ الشريف أبي القاسم

علي بن طاهر المرتضى المتوفى سنة 436 جمعه من كلام علي بن أبي طالبعلیه السلام أم جمعه أخوه الشريف الرضي البغدادي، وقد قيل: إنه ليس من كلام علىعلیه السلام (1). وكثر ممن جاء بعد ابن خلكان (ت 681ه-) تبعيته في ترديد ،دعواه، راجع

ميزان الاعتدال للذهبي ( ت 748ه- 3 124. ومرآة الجنان لليافعي ت /768 ) : 55 والبداية والنهاية ؛ لابن كثير ( ت / 774ه-)(12 3 و 53 ولسان ) :الميزان لابن حجر ( ت /852ه- 5 : 141 )، كما تبعه في ذلك بعض المتأخرين منهم: فريد وجدي في دائرة المعارف 4 260. وليس لهذا الاختلاف أثر في مصادر أهل البيت، فقد أطبقت المصادر والأسانيد على أن الجامع هو الشريف الرضي ؛ فإنّ أقرب مصدر للترجمة إلى زمان الشريف للنهج هو فهرستا الطوسي والنجاشي، وكلاههما ترجما المرتضى ولم يذكرا نهج البلاغة من تأليفه، بل ذكر النجاشي (ت 450ه-) أنه من تأليف

الشريف الرضي، وهو أقدم من ابن خلكان ( ت/1ه-) وأعرف، وغير خفي

ص: 55


1- وفيات الأعيان 1: 471

على المتتبع أنّ السبب في هذه التهمة هو الصراع المذهبي، كما يظهر جلياً من

ترجمة الشريفين الرضي والمرتضى ممن لا يوافقهما في العقيدة والمذهب. قال الذهبي ( ت /748ه-) في تاريخ الإسلام في حوادث سنة 436 في ترجمة الشريف المرتضى: قلت: وقد اختلف في كتاب نهج البلاغة المكذوب على عليّ علیه السلام ، هل هو من وضعه أو وضع أخيه الرضي. وقد حكى عنه ابن برهان النحوي أنّه سمعه ووجهه إلى الحائط يُعاتب نفسه ويقول أبو بكر وعمر وليا فعدلا، واسترحما فرحما أفأنا أقول: ارتدا؟! قلت: وفي تصانيفه سب

،

الصحابة وتكفيرهم) (1). وقال الذهبي أيضاً : «هو جامعُ كتاب نهج البلاغة المنسوبة ألفاظه إلى الإمام

علي علیه السلام ، ولا أسانيد لذلك، وبعضها باطل، وفيه حقٌّ، ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها، ولكن أين المُنصِف ؟! وقيل: بل جَمْعُ أخيه الشريف الرضى (2).

وقال أيضاً في الميزان : ( هو المتهم بوضع كتاب نهج البلاغة ، وله مشاركة قوية في العلوم، ومن طالع كتابه نهج البلاغة جزم بأنّه مكذوب على أمير المؤمنين علیه السلام، ففيه السبب الصراح والحط على السيدين أبي بكر وعمر، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنفس القرشيين الصحابة وينفس غيرهم من بعدهم من المتأخرين جزم بأن أكثره باطل (3)

)

وقد يرى البغضاء من قلمه والكذب في قوله : في تصانيفه [= المرتضى ]

سب الصحابة وتكفيرهم فإنه ليس لذلك في تصانيفه عين ولا أثر.

ص: 56


1- راجع تاريخ الاسلام وفيات عام 436
2- سير أعلام النبلاء 17: 589
3- میزان الاعتدال 3 124

وقوله : «لا أسانيد لذلك يدل على جهله بأسانيد المرويات عن عليّ علیه السلام - كما ستعرف في هذا الكتاب - ومن إتهامه الشريف المرتضى بالوضع، وهذا ما لم يتهمه منصف في حياته وبعد وفاته ، ولا أدري هل هو أعرف بنفس القرشيين ، أم أهل البيت الذين اعترفوا من زلال علوم النبي الأطهر صلی الله علیه و آله وسلم وعاصروا الصحابة الأخيار وحافظوا على تراث الإسلام

ولعل أقرب الأقوال ما ذكره زكي مبارك في كتابه «النثر الفني»، حيث قال: وقد أراد المسيو ديمومبين ( Demombynes) أنّ يغض من قيمة ما نسب إلى علي بن أبي طالب من خطب ورسائل، استناداً إلى ما شاع منذ أزمان من أن الشريف الرضي هو واضع كتاب نهج البلاغة، أما نحن فنتحفّظ في هذه المسألة كل التحفظ ؛ لأن الجاحظ يحدثنا : إن خطب علي وعمر وعثمان كانت محفوظة في مجموعات. ومعنى هذا أنّ خطب علي كانت معروفة قبل الشريف الرضي. والذين نسبوا نهج البلاغة إلى الرضى يحتجون بأنه وضعها لأغراض شيعية ، فلم لا نقول من جانبنا بأن تهمة الوضع جاءت لتأييد خصوم الحملات الشيعية ؟ (1)

ونحن نقول: إن تهمة الرضي بالانتحال ساقطة لأمرين: أولاً : إن شخصية الرضي معروفة بالأمانة، كما ذكرته مصادر الأدب والتأريخ. ثانياً : إن الذهبي استند في هذه التهمة إلى اجتهاده الخاص بأن الرضي نقل ما لا يوافق معتقد الذهبي، وهذه دعوى يجب أن تخضع للدراسة والنقد، ومن الثابت في قواعد الجرح والتعديل أن ذلك مما لا يعبأ به، وأنها حقاً تهمة ظالمة

لرجل وصفته المصادر بالورع والشرف والصراحة في تطبيق حكم ونكتفي بما نقله ابن عنبة ( ت /828ه-) من حادثتين تكشف عن مدى أمانة الشريف الرضي ننقلهما من لفظه من دون تعليق ليحكم القارىء الكريم بنفسه

ص: 57


1- النثر الفنّي 69:1.

على هذه الاتهامات:

نقل ابن عنبة عن أبي اسحاق الصابي عن الوزير أبي محمد المهدي في الشريف الرضي قال : ( وأما أخوه الرضي، فبلغني ذات يوم أنه ولد له غلام فأرسلت إليه بطبق فيه ألف دينار، فرده وقال : قد علم الوزير أني لا أقبل من

أحد شيئاً. فرددته إليه وقلت: إني إنما أرسلته للقوابل.

فرده الثانية وقال : قد علم الوزير أنه لا تقبل نساءنا غريبة.

فرددته اليه وقلت : يفرّقه الشريف على ملازميه من طلاب العلم. فلما جاءه الطبق وحوله طلاب العلم قال هاهم حضور فليأخذ كل أحد ما يريد. فقام رجل وأخذ ديناراً، فقرض من جانبه قطعة وأمسكها، ورد الدينار إلى الطبق، فسأله الشريف عن ذلك فقال: احتجت إلى دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضراً فاقترضت من فلان البقال دهناً ، فأخذت هذه القطعة لأدفعها إليه عوض دهنه ، وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضي في دار قد اتخذها لهم

، سماها ( دار العلم ) وعيّن لهم جميع ما يحتاجون إليه ، فلما سمع الرضي ذلك أمر في الحال بأن يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد الطلبة ويدفع إلى كلّ منهم مفتاحا ليأخذ يحتاج إليه ولا ينتظر خازناً يعطيه، وردّ الطبق على هذه الصورة، فكيف لا

أعظم من هذا حاله ؟ (1).

ما

وكان الرضي ينسب إلى الإفراط في عقاب الجاني من أهله وله في ذلك حكايات ، ومنها : ( أنّ امرأة علوية شكت إليه زوجها وأنه يقامر بما يتحصل له من حرفة يعانيها، وأن له أطفالاً وهو ذو عيلة وحاجة ، وشهد لها من حضر بالصدق فيما ذكرت فاستحضره الشريف وأمر به فبطح وأمر بضربه فضرب والإمرأة

ص: 58


1- عمدة الطالب : 209 - 210 .

تنتظر أن يكف، والأمر يزيد حتى جاوز ضربه مائة خشبة، فصاحت الإمرأة وايتم أولادي، كيف تكون صورتنا إذا مات هذا؟ فكلّمها الشريف بكلام فظّ فقال : ظننت أنك تشكينه إلى المعلّم(1).

ويكفي الشريف فخراً أنَّه لم يدنّس ثوبه بمغريات الحياة الزائلة حتى قال فيه

تلميذه الوفي مهيار الديلمي

أبكيك للدنيا التي طلقتها*** وقد أصطفتك شبابها وعرامها

ورميت غادتها بفضلة مُعرض*** زهداً وقد ألقت إليك زمامها(2)

تعقیب :

استساغ للذهبي أن يتّهم الشريف الرضي بمجرّد الهوى ومخالفة العقيدة والمذهب ولا أدري كيف استساغ كارل بروكلمان الألماني لنفسه ان يقول بصورة قاطعة : « وينسب إلى الشريف الرضي أيضاً كتاب نهج البلاغة، والصحيح أنه من جمع أخيه الشريف المرتضى (3)

ولعله قلّد في ذلك ادوارد فانديك، وقد التمس شيخنا العلامة الشهرستاني عذراً لهذه الدعوى وقال : « ونسبة (ادوارد فانديك) في اكتفاء القنوع كتاب نهج البلاغة إلى الشريف المرتضى أخي الرضي، خطأ؛ منشأه أنّ الشريف الرضي كان يلقب بالمرتضى أحياناً؛ لأن جدّه إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى بن جعفر ، كما أن أخاه المرتضى كان يلقّّب بذلك، ثم بقي هذا اللقب على هذا، ولقب الأول

ص: 59


1- عمدة الطالب : 210
2- دیوان مهيار الديلمي 3: 369
3- راجع تاريخ الأدب العربي 2 64 ، ترجمة د. عبد الحليم النميار ، ط/3 دار المعارف القاهرة سنة 1974م.

بالرضي يوم رضوا به نقيباً على نقباء العلويين ليتميز عن بقية آل المرتضى(1). ومن تقوّلات إدوارد فانديك في اكتفاء القنوع: انه ينسب نهج البلاغة إلى الرازي ( ت /406ه-) ، ولعل السبب أنه ليس من أبناء الضاد، وقادته عجمته إلى تبديل الضاد بالزاي ، فهو تصحيف.

أدلة خمسة :

هذا وقد استدل إمتياز علي العرشي على أن المؤلف هو الرضي بأدلّة خمسة،

ملخصها :

أوّلاً : ان المؤلف أشار في مقدمة النهج إلى كتابه خصائص الأئمة، ويوجد من هذا الكتاب نسخة في مكتبة رامپور - الهند مؤرخة سنة 553 وعليها إجازات ، فإذا ثبت أن مؤلّف الخصائص هو الشريف الرضي ثبت أنه كذلك مؤلّف نهج البلاغة. ثانياً : ذكر النجاشي وغيره أن له حقائق التنزيل، وقد طبع المجلد الأول في

: النجف سنة 355؛ وقد جاء في ص 167 إحالة إلى كتابه الآخر ( نهج البلاغة ). ثالثاً : لا خلاف في أن كتاب «مجازات الآثار النبوية ) للشريف الرضي، وقد طبع ، وفيه يحيل الشريف إلى كتاب « نهج البلاغة» في وص ،41 ، كما ويشير

ص 22 وص في النهج 3: 263 إليه، ويقوّي ذلك كلّه ما نجد بين عبارتيهما في هذا المحل من تماثل وتقارب مما لا يدع لنا مجالاً لتخيل أن الكتابين لمؤلّفين، بل لمؤلّف واحد. رابعاً : نجد في بعض نسخ نهج البلاغة أن النسخ تبدأ باسم الرضي ، وأهم هذه النسخ ما طبعها محمد الدين عبد الحميد ، الاستاذ بجامع الأزهر، ولا يكاد

محيي يظن أنّ المصحح هو الذي أضاف هذه الجمل في المتن.

ص: 60


1- ما هو نهج البلاغة : 18

خامساً :بلغ عدد شروح نهج البلاغة بالعربية والفارسية ما ينيف على أربعة

وأجمع الشراح على أن الكتاب من تأليف الرضي ، ثم ذكر سبعة شروح (1).

قال الجلالي: ويزيد ذلك حجة:

سادساً: سلاسل الإجازات الموصولة إلى الشريف الرضي بطرق عديدة

ستأتي في أسانيد المؤلف.

سابعاً : العناية بالنهج عبر القرون بالنسخ والمقابلة والقراءة والاجازة وغيرها

كما سيأتي.

إرجاعات الجامع :

وقد أحال الشريف الرضي إلى نهج البلاغة في كتبه الأخرى في مناسبات

مختلفة بما يدل بكل وضوح على أنه هو الجامع للكتاب، دون أخيه المرتضى

كما يدل على اهتمامه واعتزازه بكتاب نهج البلاغة، وإليك كلامه في مواضع قال في المجازات النبوية في مواضع منها قوله ومن ذلك قوله عليه الصلاة

( والسلام : ( أَغْبَطُ النَّاسِ عِنْدِي مُؤْمِنٌ خَفِيفٌ الحادِ ذُو حظ من صَلَاةٌ». وفي هذا القول استعارة، لأن الحاذ على الحقيقة اسم لما وقع عليه الذَّنَب - إلى أن قال: - لأن الدنيا بمنزلة المضمار، والناس فيها بمنزلة الخيل المجراة، والغاية هي الآخرة. فكلما كان الواحد منهم أخف نهضاً وامتراقاً ، كان أسرع بلوغاً ولحاقاً ، ويبين ذلك قول أمير المؤمنين علي علیه السلام في كلام له : « تخففّوا تلحَقوا»، وقد ذكرنا لك في كتابنا الموسوم بنهج البلاغة الذي أوردنا فيه مختار جميع كلامه صلى الله عليه وسلم وعلى الطاهرين من أولاده (2)

ص: 61


1- استناد نهج البلاغة : 5-13.
2- المجازات النبوية : 40 ، ويراجع نهج البلاغة 97:2،541 مسند نهج البلاغة البلاغة / ج 1

ومنها: ( ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام لأزواجه: «أَسْرَعُكُنَّ لحاقاً أَطْوَلُكُن يدأ (1) - إلى أن قال: - ومثل ذلك قول أمير المؤمنين علي علیه السلام : ( من يُعْطِ باليد القصيرة يُغطّ باليد الطويلة»، ومعنى هذا القول أنّ من يَبذُل خير الدنيا يجزه الله خير الآخرة ، وكنّى عما يبذل من نفع الدنيا باليد القصيرة لقلته في جنب نفع الآخرة ؛ لأن ذلك زائل ماض وهذا مقيم باق. وقد ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم بنهج البلاغة ) (2).

ومنها: ( ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في خطبة له : «ألا وإنَّ الدُّنْيَا قَد اَرتَحَلَتْ مُدْبِرَة ، وإِنَّ الآخرة قد ارتَحَلَتْ مُقْبلَةً» وهذه استعارة؛ لأنه عليه الصلاة والسلام جعل الدنيا بمنزلة - إلى أن قال : - ويروى هذا الكلام على تغيير في ألفاظه لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه الصلاة والسلام، وقد أوردناه في كتابنا المسوم بنهج البلاغة، وهو المشتمل على مختار كلامه له في جميع المعاني والأغراض والأجناس والأعراض(3).

ومنها : ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : مانَزَلَ من القرآن آية إلا ولها

( ظَهْرٌ وبَطن، ولكلِّ حَرفٍ حَدُّ ، ولكلِّ حَدٌ مَقطَع»، وفي هذا الكلام استعارتان أحدهما قوله عليه الصلاة والسلام مانزل من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن».

: ( وقد قيل في ذلك أقوال منها أن يكون المراد أن القرآن يتقلب وجوهاً، ويحتمل من التأويلات ضروباً كما وصفه أمير المؤمنين علي في كلام له ، فقال : « القرآن حَمَّالُ ذو وجوه»، أي يحتمل التصريف على التأويلات، والحمل على الوجوه المختلفات. وقد ذكرنا هذا الكلام في كتابنا الموسوم بنهج البلاغة ، ومن ذلك قول

ص: 62


1- نهج البلاغة : 204:3.
2- المجازات النبوية : 67.
3- المجازات النبوية : 199 نهج البلاغة 1 - 89566 من هو جامع نهج البلاغة ؟

ר

القائل: قلّبت أمري ظهراً لبطن(1)

ومنها: (ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : ( القُلُوبُ أَوْعِيَةُ بَعْضُهَا أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، وهذه استعارة. والمراد تشبيه من حيث حَفٍظَ ووَعَى، كالوعاء من حيث جمع ،وأوعى، وربما نسب هذه الكلام إلى أمير المؤمنين على علیه السلام خلاف في لفظه ، وقد ذكرناه في جملة كلامه لكُميل بن زياد النَّخَعِي في كتاب نهج البلاغة )(2)

وقال الشريف الرضي في حقائق التأويل ما لفظه : « إنه لو كان كلام يلحق بغباره، أو يجري في مضماره - بعد كلام الرسول صلی الله علیه و آله وسلم - لكان ذلك كلام أمير

- المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام ؛ إذ كان منفرداً بطريق الفصاحة، لا تزاحمة عليها المناكب ، ولا يلحق بعقوه فيها الكادح الجاهد ؛ ومن أراد أن يعلم برهان ما أشرنا اليه من ذلك ، فلينعم النظر في كتابنا الذي ألفناه ووسمناه بنهج البلاغة، البلاغة، وجعل

يشتمل على مختار جميع الواقع إلينا من كلام أمير المؤمنين علیه السلام في جميع والأغراض والأجناس والأنواع من خطب وكتب ومواعظ وحكم، وبؤبناه أبواباً ثلاثة، ليشتمل على هذه الأقسام مميّزة مفصلة، وقد عظم الانتفاع به ، وكثر الطالبون له لعظيم قدر ما ضمنه من عجائب الفصاحة وبدائعها، وشرائف الكلم ونفائسها ، وجواهر الفقر وفرائدها (3).

الأنحاء

وأظن في ذلك كفاية لمن انصف بأن الشريف الرضي جمع في كتاب نهج البلاغة ما وجد من الروايات عن جدّه علي بن أبي طالب علیه السلام ، ولا يد له فيها سوى الجمع والانتقاء بالاسلوب الذي اختاره وشرحه في خطبة الكتاب.

ص: 63


1- المجازات النبوية : 251 ، وراجع نهج البلاغة 3 150
2- المجازات النبوية : 291 ، وراجع نهج البلاغة 3: 186.
3- حقائق التأويل : 287 ط / النجف ، سنة 1355.

في تراث أهل البيت علیهم السلام:

وقد صرّحت مصادر أهل البيت علیهم السلام في الكتب والإجازات والتراث بأنّ جامع نهج البلاغة هو الشريف الرضي، دون غيره - كما سيأتي - ونكتفي هنا بذكر

عشرة منها :

1 - أبو العباس النجاشي ( ت / 450) في رجال النجاشي.

2 - أبو الحسن الفنجكردي (ت/513) في أشعاره

3 - فضل الله الرواندي ( ت 5467 ) في منهاج البراعة.

4 - قطب الدين الكيدري ( ت / 657) في حدائق الحقائق.

5 - أبي الحسن ابن فندق البيهقي ( ت / 565) في معارج نهج البلاغة.

6 - ابن شهر اشوب محمد بن علي السروي ( ت /588 ) في معالم العلماء.

7 - الحسن بن داود الحلي ( ت /647ح ) في رجاله.

-8- ابن ميثم البحراني ( ت / 697) في مصباح السالكين. (ت

9 - الحسن بن يوسف العلامة الحلي ( ت /726) في خلاصة الأقوال.

10 - احمد بن عنبة ( ت /728) في عمدة الطالب.

وللتفصيل يراجع فصل الاهتمام بنهج البلاغة عبر القرون.

.

وقد صدق الأميني (ت/1390) حيث قال: فما تورّط به بعض الكتبة من نسبة الكتاب إلى أخيه علم الهدى، وإتهامه بوضعه أو وضع بعض ما فيه على لسان أمير المؤمنين علیه السلام ، والدَّعوى المجرَّدة ببطلان أكثر ما فيه، وعزو ذلك إلى سيدّنا الشريف الرضي الذي عرفت موقفه العظيم من الثقة والعلم والجلالة، أو الترديد فيمن وضعه وجمعه بينهما، ممّا لا يقام له في سوق الحقائق ،وزن، وليس له مناخٌ إلا حيث تربض فيه العصبية العمياء، ويكشف عن جهل أولئك المؤلفين برجال الشيعة ،وتأليفهم، وأعجب ما رأيت كلمة الذهبي في طبقاته ج 3 ص 289

ص: 64

حيث قال: ( وفيها [ يعني سنة 436] تُوفي شيخ الحنفية العلامة المحدث أبو عبد الله الحسين بن موسى الحسيني الشريف الرضي واضع كتاب نهج البلاغة (1). قال الجلالي : ما تعجب منه الشيخ الأميني أمور كلها مخالفة للواقع التاريخي 1 - أن الرضى ليس حنفياً ولا شيخاً للحنفية.

2 - أنّ اسم الرضي ليس (الحسين) ، بل (محمّد)، والحسين والده. 3 - أن الرضي ليس واضعاً، بل جامعاً.

4 - أنّ الرضي لم يتوفّ سنة 436 ، بل توفي في سنة 406، والله أعلم بما اعتراه حين كتابة هذين السطرين، وإن كانت العصبية دعته إلى الاتهام الأخير، فما هو المخرج من الثلاثة الأول ؟ والعصمة لأهلها.

والأقرب إلى الانصاف ما قال الدكتور زكي مبارك في مواجهة الذهبي ومن سار على طريقته ، وهو : «إن هذا الحكم القاسي لا يطوّق به عنق الشريف إلّا إن ثبت ان مجموعة نهج البلاغة تعرض بعد وفاته للزيادات والاضافات التي توجبها النزعة المذهبية في عصور وصل فيها الكفاح السياسي إلى أبعد حدود القسوة والعنف، فإن ثبت بعد البحث انها سلمت من الزيادات فهي شاهد على أنّ الشريف كان يعوزه التدقيق في بعض الأحايين ، أمّا اتهامه بالكذب على أمير المؤمنين في سبيل النزعة المذهبية ، فهو اتهام مردود ، ولا يقبله إلا من يجهل أخلاق الشريف (2).

شبهات وحلول :

اشارة

تنص المصادر التاريخية على شهرة المأثور عن الإمام علي علیه السلام، قال اليعقوب

ص: 65


1- الغدير : 4 - 195، میزان الاعتدال 2 223 ، ودائرة المعارف ؛ للبستاني 459:10 ، و تاریخ آداب اللغة :2 : 288 ، ولسان الميزان 4 223 ، وتاريخ ابن خلكان :1 ،365 ، مرآة الجنان ؛ لليافعي 3: 55
2- عبقرية الشريف الرضي 1: 223.

(ت / 284) عن الإمام علي علیه السلام : والذي حفظ الناس عنه من خطبه في سائر :مقاماته : أربعمائة ونيف وثمانون خطبة يوردها على البديهة، تداول الناس ذلك عنه قولاً وعملاً (1).

وقال ابن عبد البر : وخطبه ومواعظه ووصاياه لعمّاله ، إذ كان يخرجهم إلى أعمال كثيرة مشهورة، لم أر التعرض لذكرها ؛ لئلا يطول الكتاب، وهي حسان كلّها»(2)وقال أيضاً: «الذي يرجع إلى أقضية علي وخطبه ووصاياه يرى أنه قد وهب

عقلاً ناضجاً وبصيرة نافذة وحظاً وافراً من العلم وقوة البيان (3).

ولا غرابة في ذلك، فإنّ لمحة عن تواريخ حياة الإمام علي تكشف سرّ المؤهلات التي تجعله في المستوى المطلوب؛ فإن كل حادثة مرت بحياته تقتضي قولاً فصلاً من رجل مثله كان في قمّة المسؤولية الملقاة على عاتقه.

ففي سنة 23 قبل الهجرة ولد الإمام علي علیه السلام في 13 رجب.

وفى سنة 10 قبل الهجرة كان أول من اعتنق الإسلام وآمن بنبوة رسول الله علیه السلام وفي سنة 1 هبات في فراش النبي علیه السلام حفاظاً على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة. وفي سنة 2 ه- تزوّج بسيدة النساء فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وساهم في وقعة

بدر الكبرى.

وفي سنة 3 ه- ساهم في معركة أحد.

وفي سنة 4 ه- ساهم في معركة الخندق وخيبر والحديبية. وفي سنة 10 ه- ساهم في فتح مكة، وأوفده النبي علیه السلام إلى اليمن.

ص: 66


1- مروج الذهب 2 : 36 ، و 2 431
2- الاستيعاب 3: 1111 ، تحقيق علي محمد البجاوي.
3- أسد الغابة 16:4.

وفي سنة 11 ه- كانت وفاة النبي علیه السلام ، وواجه أحداث السقيفة، ولم يشارك فيها لأنه كان مشتغلاً بتجهيز النبي علیه السلام ، ودفنه ، وفي نفس السنة توفيت السيدة فاطمة

الزهراء علیها السلام.

وفي سنة 23 ه- كان مستشاراً لعمر بن الخطاب بعد خلافته. وعاش في سنة 35 ه- ثورة المصريين على عثمان وبعد مقتله

علي علیه السلام بالخلافة.

وواجه في سنة 36 ه- وقعة الجمل بالبصرة.

وفي سنة 37 ه- وقعة صفين.

وفى سنة 38 ه- حادثة التحكيم ووقعة النهروان

بويع الامام

وأخيراً في سنة 40 ه- اغتيل الإمام في مسجد الكوفة في 19 رمضان وهو يؤدى

صلاة الفجر، وتوفي في 21 رمضان ودفن في النجف.

وقد حكم الإمام عليّ في خلافته أربع سنين وستة أشهر، فإذا جمعنا خطبه علیه السلام في كل جمعة وعيدي الأضحى والفطر. لبلغ (220) خطبة، هذا عدا ما باشرها الإمام من حروب الجمل وصفين والخوارج، وما يستلزم ذلك من خطب حماسية في الاستنهاض والدفاع والحرب، فلا غرابة في المأثور عن شخصية قيادية كعلي بن أبي طالب الذي قضى 63 عاماً مرافقاً قضايا الإسلام الكبرى ومساهماً فيها مساهمة فعّالة فيما تقتضيه المصلحة الإسلامية العليا لما فيه من مؤهلات العلم والتجربة ، فلا يستنكر منه شيء من خطب ورسائل وحكم رویت في نهج البلاغة، كما لا يستبعد فيمن جرّد السيف في حكمه العادل وحركاته التصحيحية، انّ يكون هدفاً للنقد. وان يستخدم مختلف الوسائل في التشكيك في نهجه قولاً وعملاً، وكما لا نشك في ان هذه التعرضات سوف تستمر ما كان هنّاك غشاء على الأبصار ورين على القلوب، فإننا واثقون بأنّها سوف تنقشع بأنوار

ص: 67

ساطعة من حقائق التاريخ وتظهر بالاعتراف من زلال ينابيع المعرفة. هذا ، إلى جانب أنّ الاعتماد على الذاكرة والحفظ كانت ولاتزال عادة سائدة في المجتمع ، وخصوصاً في المجتمعات الابتدائية حيث لا يكون الاتكال على الكتابة والقراءة، على العكس من المجتمع الحضاري، وبما أن المجتمع العربي في العصور المتقدمة كانت أمّية على الغالب فقد استخدمت وسيلة الحفظ حتى القرن الثاني والثالث، بل حفظ تراث اي انسان يستمر بين عارفي فضله ، وقد حصل هذا بالنسبة إلى نهج البلاغة حتى العصر الحاضر.

والحفظ بالنسبة إلى نهج البلاغة شائع في عصرنا ، بل حفظه كله جماعة ، منهم :

1 - السيد محمّد اليماني المكي الحائري (ت/ 1280).

2 - الشاعر محمّد حسين مروّة الحافظ العاملي (1).

3- السيّد علم الهدى النقوي الكابلي البصير نزيل ملاير (2).

هذا فلا يبقى مجال لاستبعاد ذلك، ولا زال خطباء المنبر الحسيني في عصرنا

ومع يلقون من خطبه ورسائله وحكمه حفظاً عن ظهر القلب من على رؤوس المنابر ، وطبيعي أنّ من يؤمن بإمامة علي علیه السلام يحافظ على تراثه بكل وسيلة تيسرت له.

أمّا الشبهات :

فقد ذكر أحمد زكي صفوت باشا في كتابه علي بن أبي طالب ص 122 وجوهاً .

ستة للشك في نهج البلاغة، وتكلّم عنها بتفصيل ، قال : « ومبعث هذه الشكوك :

1 - خلق الكتب الأدبية والتاريخية التي ظهرت قبل الشريف الرضي من كثير

مما في نهج البلاغة.

ص: 68


1- الغدير 4 :186
2- أجازة المرعشي : 162 .

2 - ما ورد فيه من الأفكار السامية والحكم الدقيقة مما لا يصح نسبته إلى

عصر الإمام.

3 - إطالة الكلام وإشباع القول في بعض الخطب والكتب كما في عهد الأشتر النخعي المسهب المطنب المشتمل على كثير من الحيطة والحذر والتوكيدات والمواثيق، فضلاً عن أن فيه من النظرات السياسية والقواعد العمرانية ما لم يكن معروفاً في عصر الإمام.

4 - ما ورد في بعض خطبه من التعريض ببعض الصحابة وذمّهم كما في

الخطبة الشقشقية، مما لا ينتظر أن يقع من مثل عليّ في عقله ودينه وعلمه. 5

- ظهور الروح الصوفي الفلسفي في كثير من خطبه مما لم يفش في

المسلمين إلا في القرن الرابع الهجري (اي في عصر الرضي.

6 - الوصف الدقيق والسجع وتنميق الكلام مما لم يعهد في صدر الإسلام(1). وقد حاول الاستاذ أحمد زكي تحليل هذه النقاط الست بتفصيل استغرق الصفحات (122 - 161) من كتابه ، ناقلاً نصوص الخطب والرسائل ومعلقاً عليها مدافعاً عنها أحياناً ومؤاخذاً عليها اخرى وهنا اكتفى بخلاصة منها :

الشبهة الأولى - خلق الكتب الأدبية :

ولقد انصف في الشبهة الأولى بقوله : وها نحن - أوّلاً - ندلي إليك برأينا في

هذه الشكوك :

أمّا ما ورد في الكتب الأدبية والتاريخية المؤلفة قبل ظهور نهج البلاغة من كلام الإمام، فلعله لم يرد إلا على سبيل التمثيل والاستشهاد، لا على سبيل الاستقراء والاستقصاء؛ إذ لم تؤلف من أجل ذلك الغرض خاصة. ولعلّ تلك المثل كانت

ص: 69


1- راجع علي بن أبي طالب :(122 - 161) ، طبعة مطبعة العلوم ، سنة 1332ه-.

هي المتداول المشهور من كلامه، فلا ينافي أن يكون له غيرها. وفي مروج الذهب للمسعودي المتوفى سنة 346ه- أي قبل مولد الشريف الرضي بثلاث عشرة سنة ، ما نصه : والذي حفظ الناس عنه من خطبه في سائر مقاماته أربعماءة خطبة ونيف وثمانون خطبة، يوردها على البديهة، تداول الناس ذلك عنه قولاً وعملاً»(1).

الشبهة الثانية - ما ورد فيه من الأفكار السامية :

داحضة،

قال أحمد زكي في الجواب هذه الشبهة ما يلي: «أما الشبهة الثانية، فباطلة واننا قبل ان نتعرض لادحاضها نتساءل: هل في فكر الإمام وحكمه نظريات فلسفية يعتاص على الباحث فهمها ويفتقر في درسها إلى كدّ ذهن وكدح خاطر. اللهم لا ، إنّها حكم سائغة مرسلة تمتزج بالروح من أقرب طريق وتدبّ الى القلب دون تعمّل أو عناء، وليس أحد يماري في أنّ إيراد العرب للحكمة البالغة وضربهم الأمثال الرائعة فطري فيهم ، معروف عنهم منذ جاهليتهم، لما أوتوه من صفاء الذهن واتقاد القريحة وسرعة الخاطر ، وقد اشتهر كثير منهم بذلك قبل الإسلام، أفتستكثر الحكمة السامية على عليّ، وهو - من علمت - سليل قريش الذين كانوا أفصح العرب لساناً وأعذبها بياناً وأرقها لفظاً وأصفاها مزاجاً وألطفها ذوقاً، وقد قدمنا لك أنّه ربي في بيت النبيصلی الله علیه و آله وسلم منذ حداثته فنشأ وشب في بيت النبوة ومهد الحكمة وينبوعها ولازم الرسول حتى مماته، وقد قال علي في بعض

، خطبه كنت اتبعه اتباع الفصيل اثر أمّه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به، وكان من كبار كتاب وحيه ، وحفظ القرآن كله حفظاً جيّداً، الحديث الشريف ووعاه وتفقه في الدين حتى كان اماماً هادياً وعالماً

وسمع عيلما، وفوق ذلك فأنت تعلم ان الشدائد ثقاف الاذهان وصقال العقول تفتُق عن

ص: 70


1- ترجمة علي بن أبي طالب : 123 وانظر مروج الذهب 3: 33

مکنون الحكمة وتستخرج عصيها ، وقد مرّ بالإمام حين من عمره حافل بالشدائد ملىء بالعظائم والأهوال ، وحسبه ان يحمل مع ابن عمه صلی الله علیه و آله وسلمأعباء أمره، ويبيت في فراشه ليلة هجرته متعرّضاً لأذى المشركين الراصدين للرسول، وأن يخوض

بويع

غمار الحرب في كلّ غزواته - إلا واحدة - ثم هو يقضي طوال خلافته مذ إلى ان قتل أربع سنين وتسعة أشهر ) في شجار ونضال وجلاد وكفاح، تارة مع عائشة ومناصريها، وأخرى مع معاوية وأشياعه، ثم يبتلى بخلاف أصحابه عليه، ويعاني من اختلاف مشاربهم، وتباين أهوائهم، وغريب شذوذهم، وتحكمهم، واعتسافهم، ما يضيق عنه صدر الحليم، ويندّ معه معه صبر الصبور كل أولئك التجارب والظروف قد حنكته ، وصفت من جوهر عقله، وثقفت من حديد ،ذهنه، وأمدته بفيض زاخر من الحكم الثاقبة والآراء الناضجة، وما العقل إلا

التجربة والاختبار. وأضاف: «وأخالك تذكر ما قدمناه لك آنفاً من أنه كان معروفاً بين الصحابة بأصالة الرأي وسداد الفكر ، فكان بعض الخلفاء يفزع إلى مشورته إذا حزبه أمر فيجيد الحز ويطبق المفصل . ولم يكن رضي الله عنه بالرجل الحامل العمر، بل كان من سادة القوم ،وعليتهم، فكان كل ما يجري من الشئون السياسية في عهد الرسولصلی الله علیه و آله وسلم وعهد الخلفاء الثلاثة السابقين له بمرأى منه ومسمع، بل كان له في بعضها ضلع قوية وشأن خطير. هذا المران السياسي الطويل العهد - وهو خمس وثلاثون سنة من بدء الهجرة، عدا ما تقدمها - أفاده شحذاً في الذهن وثقوباً في الفكر. فليس بمستنكر على مثل على أن يكون حكيماً (1).

وكلامه بطوله يغني عن التعليق؛ فإنه قوي الحجة وواضح البرهان.

ص: 71


1- ترجمة علي بن أبي طالب : 128

الشبهة الثالثة - طول بعض الخطب :

وملخّص الشبهة : الشك في انتسابها إلى الإمام علیه السلام من جهة طول بعض الخطب، وقد خص الاستاذ أحمد زكي منها بالذكر عهد الأشتر وخطبة القاصعة ، والكلام عن كلّ منهما ينبغي ان يكون في الشرح، إلّا أن الشبهة في ذاتها يمكن تقريرها كبروياً ، قال ما لفظه : « أما الشبهة الثالثة : فإنّا يخالج نفوسنا الشك في عهد الأشتر ، لا من حيث ما ورد فيه من النظريات السياسية والقواعد العمرانية؛ لأنا لا نستبعد صدور مثلها من الإمام. وقد أسهبنا القول في بيان خبرته وحنكته السياسية آنفاً، وما أفاد من تجربة واسعة على عهد أسلافه وهو يشرف على الحكم عن كتب، على أن تلك النظريات والقواعد الواردة فيه ليست مما يعسر تناوله، أو لا يبلغ شأوه، وفي مقدور من هو دون الإمام فكراً ورأياً وتدبيراً أن يصوغ مثل حلاها، وهل عَزب عنك أن العرب قبل خلافة الإمام فتحوا ممالك الأكاسرة والقياصرة وأدانوها لحكمهم، وهي ممالك ذات حضارة ومدنيّة ؟ إذن كان طبيعياً أن يتناول الخليفة في كلامه المسائل العمرانية والاجتماعية. وأنت إذا تأملت نصيحته للأشتر فى هذا العهد فيما يختص بالجنود والعمال والقضاة والكتاب والخراج والتجار وذوي الصناعات.. الخ، لم تلف فيه معنى ملتاثاً ، ولا قاعدة يشقّ تفهمها ، بل هي نصائح حكيمة بعيدة عن الالتواء الفلسفي والتعقد النظري

وإنما يخالجنا الشك فيه من حيث طوله وإسهابه لاعتبارات نوردها لك : أ - ان الخلفاء قبله عهدوا إلى ولاتهم، فلم يؤثر عنهم ذلك الاسهاب في عهودهم. ب - ان الإمام نفسه ولى محمّد بن أبي بكر الصديق على مصر قبل الأشتر النخعي، وولّى قيس بن سعد بن عبادة عليها قبل ابن أبي بكر، وولى غير هؤلاء على الأمصار ، فلم يعهد إليهم بمثل هذه العهد، بل إنّ عهده لابن أبي بكر عشرة أسطر.

ص: 72

ج - إنّ مالك بن الحارث الأشتر الذي كتب له ذلك العهد، كان عضد الإمام وساعده في صفين، وقد قدمنا أنه كان قائد الميمنة، وقد أبلى في الحرب بلاءً حسناً، وكان يستحث من همة الجيش كلما آنس منهم مللاً وسآمة. وفحوى ذلك أنه كان موضع ثقة تامة من الإمام، ومن كان كذلك فليس بحاجة إلى ذلك القدر من الإسهاب في الحيطة والحذر وتأكيد المواثيق وكيف يسهب هذا الاسهاب(1) فيكتب له عهداً فى مائتين وخمسة وسبعين (سطراً )) ونعم ما أجاب عن قوله سید مشايخنا الشهرستاني بقوله : «إنّها ليست بأعجب من رواية المعلقات السبع والقصائد الأخرى من الأوائل، ومن الخطب والمأثورات الضافية التي رويت عن النبي المصطفى صلی الله علیه و آله وسلموعن غيره ممن تقدم عليه زمانه أو تأخر، في حين أن العناية بالحفظ والكتابة كانت في زمن الراشدين أهم وأعظم مما قبله ، ونعتوا ابن عباس بأنّه كان يحفظ القصائد الطوال لأول مرة من سماعها ، وكان مثله في عامة العرب كثيراً ولا يزال حتى اليوم ؛ والاعتناء بحفظ خطب الإمام كان أكثر (2)

الشبهة الرابعة - التعريض ببعض الصحابة :

وقد أصاب سيد مشايخنا الشهرستاني (ت /1386) بعنوانها: (سر نهج البلاغة ، وهي الخطبة الشقشقية التي فيها تعريض ببعض الصحابة. وقد حرّر الاستاذ أحمد زكي حول هذه الشبهة بقوله : قبل أن نتعرّض للشك الرابع نورد لك ماذكره ابن أبي الحديد بشأن الخطبة الشقشقية، قال عقب شرحها حدثني شيخي أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي في سنة ثلاث وستمائة،

ص: 73


1- ترجمة علي بن أبي طالب : 229 - 231
2- ما هو نهج البلاغة : 52

قال : قرأت على الشيخ ابن الخشاب هذه الخطبة فقلت له: أتقول إنها منحولة ؟ فقال : لا والله ، إني لأعلم أنها كلامه كما أعلم انك مصدق. قال : فقلت له : إن كثيراً من الناس يقولون إنها من كلام الرضي رحمه الله ، فقال أنّى للرضي ولغير الرضي هذا النَّفَس وهذا الأسلوب ؟ قد وقفنا على رسائل الرضي وعرفنا طريقته وفنّه في الكلام المنثور وما يقع مع هذا الكلام في خل ولا خمر. ثم قال: والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صُنفت قبل ان يخلق الرضي بمائتي سنة. ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها وأعرف خطوط من هو من العلماء وأهل الأدب قبل ان يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي . قلت : وقد وجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة وكان في دولة المقتدر قبل ان يخلق الرضي بمدة طويلة. ووجدت أيضاً كثيراً منها في كتاب أبي جعفر بن قبة أحد متكلّمي الأمامية. وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب الانصاف. وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي ومات في ذلك العصر قبل ان يكون الرضي رحمه الله موجوداً».

من ذلك يتبيّن لك أن الشقشقية كانت معروفة قبل مولد الرضي من أكثر من طريق. فلا تبعة إذن عليه ، ولا سبيل إلى اتهامه بانتحالها. ولكنا مع ما نرى فيها من جزالة اللفظ وروعة الأسلوب التي تغرينا ان ننظمها مع كلام علي في سلك. نتراجع حين يبدو لنا شبح الشك ماثلا فيها. أجل يستوقفنا منها - ثم ذكر مؤاخذات الامام على بعض الصحابة وعدّدها، ونحن نكتفى بالأوّل منها، وللتفصيل يراجع الشرح - قال : وقد عرّض العمر بقوله : ( فمني الناس - لعمر الله - بخبط وشماس وتلوّن واعتراض فما كان عمراً البتة خابطاً ولا متلوّناً ولا جانحاً الطريق السويّ، وما عرف عنه من ذلك قليل ولا كثير » (1)

ص: 74


1- ترجمة علي بن أبي طالب : 134 - 135 وانظر شرح ابن الحديد 206:1 .

وأقلّ مايقال في كلامه : إنه تغافل عن أحداث التاريخ الاسلامي في عصر

الرسالة منذ وفاة النبيصلی الله علیه و آله وسلم وما رافق ذلك في السقيفة من مشاهدات ان لم تكشف

عن خبط في الموقف، وشماس أي نفارٍ في الحديث، وتلوّن في العمل واعتراض عن أوامر نبوية، فعمًا تكشف إذاً؟ وكتب التاريخ كفيلة بإيضاح هذه الأحداث، ولكننا نكتفي بموقف الخليفة الثاني عمر بن الخطاب في آخر لحظة من حياة الرسول القائد صلی الله علیه و آله وسلموهو طالب التفصيل يراجع تراجم الصحابة ومواقفهم آنذك، ومنها ما روى البخاري وغيره : « لما حضر رسول صلى الله عليه وسلم ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : هلم أكتب لكم كتاباً لاتضلّوا بعده». فقال

( عمر: إن النبي صلی الله علیه و آله وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله ! فاختلف أهل البيت، فاختصموا منهم من يقول: قرّبوا يكتب لكم النبي صلی الله علیه و آله وسلم كتاباً لن تضلوا بعدها ومنهم من يقول ما قاله ،عمر ، فلما كثر اللغو والاختلاف عند النبي صلی الله علیه و آله وسلم، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : قوموا !) قال عبد الله بن مسعود : فكان ابن عبّاس يقول : إن الرزية كلّ الرزيّة ما حال بين رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم .» (1).

وأيضاً: «اشتد برسول الله ، وجعه، فقال: «آتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا

بعده أبداً. فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبيّ التنازع ، فقالوا: هجر رسول الله (2) فإذا لم يكن الاختلاف واللغط على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم خبطاً، فما هو الخبط إذاً ؟ إذ لو كان القرآن وحده كافياً لما هم النبي أن يكتب كتاباً لاتضل الأمة بعده، ومهما برّرنا موقف الخليفة الثاني عمر المعارض لطلب النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم، فإنّه موقف شماس وجدل واعتراض فى السير لا على ما أمر به النبي ّصلی الله علیه و آله وسلم ، ولو حصل موقف

ص: 75


1- صحيح البخاري :7 9 ، 8: 161 ، مسلم ،5 : 75 ، مسند أحمد 4 356، ح 2992 : 9
2- صحيح البخاري : 9، 8: 161 ، مسلم ،5 : 75، مسند أحمد 356:4، ح 2992

كهذا من شخصية اخرى غير الخليفة الثاني كان وسيلة للتهمة في شخصية الرسول، والإمام علیه السلام لم يوجّه قط اتهاماً كهذا لأحدٍ ، بل اعتبره خبطاً في الرؤية

وجدالاً في الرأي واعتراضاً في الطريق النبوي.

الشبهة الخامسة - ظهور الروح الصوفي الفلسفي :

وقد حرّرها الاستاذ أحمد زكي بقوله : «أما الشك الخامس، فإنّا مع اعتقادنا الكامل بأن الإمام كان خير قدوة في الزهد والورع وأعلى مثال في التقوى والاعراض عن زخرف الدنيا وزينتها ، نرى أن ما عزي إليه في هذا الباب لا يخلو من دخيل منتحل فهاك اقرأ خطبته التي يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وانظر قوله فيها : « أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحیده و کمال توحیده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه ؛ الشهادة كلّ صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كلّ موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثنَّاه فقد جزاه ، ومن جزاه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حدّه، ومن حدّه فقد عدّه، ومن قال: فيم؟ فقد ضمنّه ، ومن قال : علام؟ فقد أخلى منه ، كائن لاعن حدث موجود لا عن عدم ، مع كلّ شيء لابمقارنة، وغير كلّ شيء لا بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة.. الخ » ترى أن هذا الأسلوب قصيُّ عن نهج الإمام

) ومسلكه ؛ فإنّ الفقر الأولى مفرغة في قالب مقدّمات منطقية تفضي إلى نتيجة هي نفي الصفات عن الله تعالى والفقر التالية لها مقدّمات أخرى تنتج أن من يثبت له الصفات فقد عده من الحوادث، وهذا الأسلوب المنطقي لم يعهد في كلام العرب، ولم يستعمله العلماء إلّا بعد ترجمة المنطق والعلوم الدخيلة، وذلك العصر لم يدركه الإمام. وفوق هذا، فإنّ تلك المباحث من مباحث علم الكلام، وإثبات صفات المعاني

ص: 76

لله تعالى أو نفيها عنه ، وكون الصفة عين الموصوف أو مغايرة له، موضع جدل شديد بين الأشعرية والصفاتية والمعتزلة ، ونشأة ذلك العلم وتلك الفرق متأخرة عن علي في الوجود، ولا تخلنّ من ذلك أنّا نرمي الإمام بجهله بعلم التوحيد لا ، ولكنا نقول: إنّ التوحيد بالمعنى العلمي المعهود ومباحثه المعروفة لم تكن وجدت في ذلك الحين ) (1).

قال الجلالي: غريب جداً أن يستنكر من مفكّر عربي صدور مثل هذا الكلام فإن المنطق ليس شيئاً ما وراء حياة الناس، وليس في الخطبة شيئاً من المصطلحات المنطقية المتأخرة، وانّما هي بيان حقائق تشير إلى حقائق أخر، والقضية المنطقية تحتاج إلى مقدمتين كبرى وصغرى يجمعهما الحد الأوسط وباسقاطه تثبت النتيجة، وليس في الخطبة شيء من ذلك. فقول الكاتب بأنّها : ( في قالب مقدّمات منطقية تفضي إلى نتيجة إمّا هو جهل بقواعد المنطق أو تغافل عن حقائق متسلسلة يشرحها الإمام ليصل إلى نتيجة

وصل إليها بفكره الخاص، وليس ذلك بمستنكر من شخصية اسلامية مثله. ومن هنا يظهر ما في كلام الاستاذ زكي من : أن تلك المباحث من مباحث علم

الكلام»؛ فإنّ علم الكلام علم قائم بذاته متأخّر طبعاً عن عصر الرسالة والإمام ولكن استعمال هذه المباحث في نصوص القرآن وأحاديث الرسول وكلام الإمام وغيره من المفكرين المسلمين لا يعني أنّهم استعلموا المصطلحات، بل انما استخدموا الألفاظ بمعانيها اللغوية وفى العصر المتأخر أصبح مصطلحاً كلامياً، واستخدام كلمة «ثَنّاه لا تعني في الاستعمال القرآني والحديثي سوى معناها اللغوي، وان بنى عليها المتأخرون المعاني الاصطلاحية ، بل ان المعنى المصطلح

لا يتحقق إلا بعد تحقق الّاستعمال اللغوي.

ص: 77


1- ترجمة علي بن أبي طالب : 143 - 145

ونعم ما أجاب عن ذلك السيد الشهرستاني بقوله: «إنّ المتأخّر أخذ عن المتقدم، لأن المتأخر نسب إلى المتقدم، وبيان ذلك : انّ علماء الإسلام المتأخّرين إنما توسعوا في علومهم بعدما تعمقوا في آيات التوحيد والمعارف القرآنية، وما وصل إليهم من خطب علي وكلماته في أبواب التوحيد وشؤون العالم الربوبي، حتى أن الحجاج ألقى على علماء التابعين يوماً شبهة الجبر، فردّه كل منهم بكلام خاص انفرد به ؛ فلما سألهم عن المأخذ قال كل منهم: إنّه أخذ ذلك عن علي بن أبي طالب علیه السلام ، فقال الحجاج لقد جئتموها من عين صافية.

H

ولقد كان ابن عم رسول الله يفيض على أبناء عصره ومصره بعلوم النبوّة ومعارف الدين العالية ، إلّا أن أكثرهم لم يكونوا ليفهموها ، بل كانوا يحملون هاتيك الكلم

الجامعة إلى من ولدوا بعدهم كما قيل: رب حامل فقه إلى من هو أفقه. ونظير هذا آيات التوحيد والرؤية والكلام والعدل، تلك الآيات التي تدبر فيها حكماء الإسلام في القرون المتأخّرة وأظهروا معارفها العالية التي لم تخطر ببال أحد في عصر الصحابة.

وأوضح برهان لنا في المقام وجود جمل في خطب نهج البلاغة تنطق بحركة الأرض، وتنطبق على أصول الهيئة الجديدة ومسائلها التي حدثت بعد الألف الهجري ؛ كقوله علیه السلام في صفة الأرض : فسكنت على حركتها من أن تميد بأهلها أو تسيخ بحملها وقوله علیه السلام : وعدل حركتها بالراسيات من جلاميدها وكلنا نعلم أن الرأي القائل بتحرّك الأرض مع سكونها الظاهر مستحدث من بعد ( غاليلة الايطالي ) و (كوبرنيك الألماني) و (نيوتن الانجليزي)، ورأى ثبوت الحركات العشر للأرض متأخر عنهم جداً. وكل هذه الآراء حادثة بعد انتشار شروح نهج البلاغة، فضلاً عن النهج الذي اشتهر أمره من قبلها ، فهل يسوغ لامرىء ان يشك في تأليف نهج البلاغة وشروحه بحجة أنها مشتملة على مسائل الهيئة المتأخرة

ص: 78

عن الألف الهجري ؟ (1).

وإلى ذلك يشير إبن أبي الحديد بقوله: «انّّ التوحيد والعدل والمباحث الشريفة الالهية، ما عرفت إلا بكلام هذا الرجل [ = الامام علي ] وان كلام غيره من أكابر الصحابة لم يتضمّن شيئاً من ذلك أصلاً، ولا كانوا يتصوّرنه، ولو تصوّروه ،لذكروه، وهذه الفضيلة عندي من أعظم فضائله (2).

الشبهة السادسة - الوصف الدقيق :

قال الأستاذ زكى ما لفظه من بواعث الشك فيه الوصف الدقيق، وأجل مظهر له خطبته في وصف الخفاش ووصف الطاووس ووصف النملة، ونحن لا نكاد نفقه للشك في ذلك معنى هاك وصف الخفاش وعدته أحد وعشرون سطراً ، تأمله تجده مفتتحاً بديباجة في حمد الله الذي ينحسر الوصف عن كنه ،معرفته، ولا تبلغ العقول غاية ملكوته، وأنه خلق الخلق على غير تمثيل ولا معونة معين... الخ، وهذه استغرقت ستة أسطر ، ثم عرج على وصف الخفاش - وننبهك إلى أن وصف الخفاش أو غيره ليس مقصوداً لذاته وانما هو لبيان حكمة القدير العليم وكمال مقدرته - وبتأمله ترى تسعة أسطر منه ونصف سطر تدور معانيها على محور ،واحد خلاصته أنها تسدل جفونها بالنهار على أحداقها وتجعل الليل سراجاً تستدل به في التماس أرزاقها، وتعجب من أن تعشى أعينها عن أن تستمد من الشمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها ثم أربعة أسطر ونصف سطر في أن الله جعل لها أجنحة رقيقة من لحمها غير ذوات ريش ولا قصب تطير بها وأنها تطير وولدها لاصق بها لاجيء إليها لا يفارقها حتى تشتد أركانه ، ثم السطر

ص: 79


1- ما هو نهج البلاغة : 59
2- شرح ابن أبي الحديد 2: 120

الختامي في تسبيح الباري الخالق لكل شيء على غير مثال.

هذا وصفه للخفاش - وقد تعمدنا أن نسوق لك العبارات السالفة مقتبسة منه بنصها - فهل ترى بعد هذا الوصف دقيقاً، وهل تجد فيه من النظر الفلسفي والتشريح الطبي ما يبعث على تصوّر الدقة فيه، وهل فيه دقائق من المعاني والأفكار التي لا يرتقي إليها إلا العقول السامية ؟

وقد ذكر مثل ذلك في النملة، وممّا قال: إنّها تنقل الحب إلى جحرها وتجمع في حرّها البردها، وإنها لا يغفلها المنان ولو في الصفا اليابس والحجر الجامس، وإنك لو فكّرت في مجاري أكلها وما في الجوف من شراسيف بطنها، وما في

يرمي

الرأس من عينها وأذنها لقضيت من خلقتها عجباً ولقيت من وصفها تعباً». وقد أنصف الاستاذ زكي حيث قال في ردّ هذه الشبهة ما لفظه : «وأخالك بعد إجالة النظر في هذا الوصف تحكم أنه لا أثر للدقة فيه، وإنما هو في الواقع مقال وعظي تذكيري وليس من الوصف العلمي في شيء ، وكأني بهم يعنون بالدقة ما ورد فيه من قوله : ( وما في الجوف من شراسيف بطنها ونحن نقول : إنّه بذلك أنك إذا قستها بغيرها من الحيوان الذي تتبين أجزاء أجهزته المكوّنة لجسمه فى وضوح وتميّز عجبت كيف احتواها جسمها الضئيل الدقيق، وهو

أن يخلص من ذلك إلى إعظام خالقها اللطيف القدير. أما ماورد في كلامه من السجع، فليس ببدع أن يسجع علي، وقد جاء فيه سجع مقبول متسق لا يستوحش منه ، وأنت إذا تأملت خطب الجاهلية ألفيت كثيراً منها مسجوعاً ، ولو أننا جارينا القائلين بأن مقداراً وافراً منها سيك في صدر الإسلام لكان ذلك حجة ، على أن الكتاب كانوا - قبل عصر الشريف الرضي - ينزعون إلى التسجيع ، والقرآن الكريم - وان كان نثره خارجاً عن أن يوصف بسجع أو إرسال - لا يخلو في الواقع من هذه الحلية، وقد تبنى آيات وفيرة العدد

يروم

ص: 80

بل سورة طويلة كاملة على قافية واحدة - انظر سورة مريم والقمر والرحمن والدهر وكذلك ورد السجع في كلام الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم على أني أخالك تسلّم معي بأنّ الخطب المسجوعة - سجعاً غير متنافر - لها رنين في قرارة النفس يهزّ الأفئدة ويأخذ بمجامع الألباب، وأن لها نصف تأثير الشعر - إذ توافر فيها أحد شرطيه - وعلي في خطبه يبغي

i

أن يلين القناة الجامدة ويجمع الأهواء الشاردة ويستهوي الافئدة المستعصية. على أننا مع هذا كله لاتطمئن إلى جميع ما ورد في النهج من كلام مسجّع ، ولا نرتاح إلى الثقة به ثقة مطلقة )(1) ثم ذكر موارد السجّع في الخطبة الغراء وغيرها. وغريب جداً ما في ذيل كلامه ، فإذا كان الكتاب قبل عصر الشريف الرضي ينزعون إلى السجع وأن القرآن الكريم لا يخلو في الواقع من هذه الحلية في آيات وفيرة العدد - كما صرح - بأن سورة طويلة كاملة على قافية واحدة - إذاً لماذا لانطمئنّ إلى الكلام المسجّع في النهج ؟ وهل يمكن القول بهذا - نعوذ بالله - في القرآن الكريم مع أن منابع الثقافة والفكر للإمام علي وغيره من الصحابة كان هو

!

القرآن الكريم، وماذا بعد وجود الحجة إلا المنطق الذي لا يسانده حجة. ثم قال الاستاذ زكي: « ولا يسبقن إلى ذهنك من دفعنا بعض هذه الشبه أنا نروم أن نثبت للامام كلّ ما ورد في نهج البلاغة بحذافيره ونقطع بصحة اسناده إلي-ه

قطعاً، لا بل أننا نعتقد أنه لا يخلو من الدخيل كما بينا لك ) (2).

وزاد قائلاً: « واننا نسوّغ لأنفسنا أن نقول : من الجائز أن يكون بعض غلاة

: الشيعة قبل الشريف الرضي قد دسوّا على الإمام بعض الخطب أو زادوا فيها ما ليس، وقد كان العراق عشّاً للشيعة )(3).

ص: 81


1- ترجمة علي بن أبي طالب : 150 - 152.
2- مشيراً إلى الشبهات: 3-6 ، وانظر ترجمة علي بن أبي طالب : 156
3- ترجمة علي بن أبي طالب : 158.

وغريب جداً هذا النوع من الاستدلال بالشك والتهمة واعتبارهما حجّة ؛ إذ أنّ للقاريء المنصف أنّ يسوّغ لنفسه ذلك ويقول: من الجائز أن لا يكون الرواة قد دسوا على الإمام في شيء من الخطب، وأن لم يزيدوا فيها شيئاً، وقد كان العراق عشاً للشيعة حيث عاش الإمام فيهم وهم أعرف به وبخطبه من غيرهم، ومن هنا انفردوا بالرواية عنه ،والإكثار ، دون غيرهم ممن لم يعش مع الإمام في حياته العامة، ولم يشارك في حروبه ولم يؤيده في موافقه ومن لم يسر على خطاه بعد وفاته، ولم يعن بتراثه كمثل أعلى في حياته.

فالشبهات في نفسها لا تقوم حجة، وقد عرفت أنّ مبعث الشكوك إنّما هو الاختلاف في العقيدة والمذهب ، أو احتمالات مجرّدة عن الدليل، وليس شيء من الأمرين حجة لمن انصف في البحث.

الشبهة السابعة - الإخبار بالغيب:

وبعد الاستاذ أحمد زكي، كرّر هذه الشبهات كلّها أو بعضها كثير من الكتاب

وإليك بعض ما انفرد به بعض من تأخر عنه.

قال عبّاس محمود العقّاد في العبقريات الإسلامية ما نصه: «ومن المحقق الذي لاخلجة فيه من الشك عندنا أن النبوءات التي جاءت في نهج البلاغة عن الحجاج بن يوسف وفتنة الزنج وغارات التتار وما إليها، هي من مدخول الكلام عليه، ومما أضافه النسّاخ إلى الكتاب بعد وقوع تلك الحوادث بزمن قصير أو طويل.

ولا نجزم مثل هذا الجزم في أمر المقامات التي خلت من بعض الحروف ؛ لأنّ العقل لا يمنعها قطعاً، كما يمنع استطلاع الغيب المفصل من أزياج النجوم، ولكنا نستبعد جداً أن تكون هذه المقامات من كلام الإمام ؛ لاختلاف الأسلوب

ص: 82

واختلاف الزمن وحاجة النسبة هنا إلى سند أقوى من السند الميسر لنا بكثير (1). وقد أشار إليها وأجاب عنها سيدنا الشهرستاني، ونكتفي بقوله حيث أتى بالحق الواضح، فقال: «إنّ المجموع من خطبه يتضمن أنباء غيبية وأخبار الملاحم والفتن مما يختص علمه بالله وحده والجواب عنها: أن الغيب يختص علمه بالله سبحانه ومن ارتضاهم من انبيائه وأوليائه، وكم حوت السنة النبوية أنباء غيبية وأخباراً عن الملاحم والفتن، وما ذلك عن النبي الكريم إلّا بوحي من ربه العليم الخبير ، كذلك لا ينطق ابن عمّه وربيب حجره وصاحب سره في الملاحم والخفايا إلا بخبر عن رسول الله له له له ولقد قيل له لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب؟ فأجاب : ليس هو بعلم غيب، وإنما تعلّم من ذي علم». ولا غرو فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه انه قال: «أنا مدينة العلم وعلي بابها وقول عليّ : لقد علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف باب من العلم، ينفتح من كل باب ألف باب».

فمن اختص من مهبط الوحي ومدينة العلم بمثل هذا الاختصاص لا يستغرب منه أن يملأ الكتب من أسرار الكائنات وكامنات الحوادث، ولنعتزل عن خطبه المروية في النهج ونسلك آثاره المتواترة في التاريخ، فقد روى عنه المؤرخون كالمسعودي في مروج الذهب وابن أبي الحديد في شرح النهج وابن بطة في الإبانة وأبي داود في السنن وغيرهم في غيرها إنّه تنبأ بمصير الخوارج حينما أخبره الناس بأنهم عبروا النهر ، قال علیه السلام: لا يفلت منهم عشرة ، ولا يقتل منا عشرة فكان الأمر كذلك. واستفاض عنه الخبر بمقتله وإنه سوف يخضب أشقاها هذه من هذه - وأشار بيده إلى لحيته وجبهته - وكان إذا رأى ابن ملجم قال :

أرُيد حياته ويريد قتلي ***عذيرك من خليلك من مراد

ص: 83


1- العبقريات الإسلامية : 752 .

واستفاضت أنباؤه في توسّع ملك بني أمية وبني العباس وخبره بمقتل

الحسين في كربلاء (1).

الشبهة الثامنة - العلاقة بين الإنشاء والقلم:

قال :احسان عباس ومن قرأ الخطب التي ثبتت نسبتها للإمام عليّ، استطاع

أن يميّزها بأسلوب قائم على الإيجاز الشديد والقوة المتدافعة والحدّة المنفعلة، ووجد فيها استئنافاً كثيراً، وتقطعاً لا يطول معه أمد النَّفَس ، وتلويحاً يلحق كثيراً من أقواله بالأمثال الموجزة ، بينما يجد في نوع آخر من الخطب تسلسلاً منطقياً قائماً على العلاقة بين الإنشاء والقلم، وترابطاً بين أجزاء الجملة وإكثاراً من الاستعارات، وطولاً في الكلّ والجزء لا يتلاءم وطبيعة الرواية الشفوية، مما

يجعلنا نخالف ابن أبي الحديد في أن النهج نسق واحد ونفس واحد (2).

ونقف معه في نقطتين:

أوّلاً : في فهمه كلام ابن أبي الحديد، فقد مثل ابن أبي الحديد نظم النهج في منبعه ومنهجه وأسلوبه بالقرآن الذي أوّله كأوسطه وأوسطه كآخره، وهذا لا يعني توافق الأول والأوسط بالطول والقصر والإيجاز والتفصيل وماشابه ، فإنّ السور القصار تختلف عن السور الطوال في كل ذلك، ولكنه تنظير بوحدة القرآن منبعاً ومنهجاً وأسلوباً وغاية. ثانياً : ان الخطب - ككلّ المحاورات البشرية - تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة وحالات المتكلّم ، وكذلك حالات المخاطبين، فكل حالة تقتضي

ص: 84


1- ما هو نهج البلاغة : 55 ، وراجع ص 208 من المجلد الأول من شرح ابن أبي الحديد على النهج، ففيه جمهرة من الروايات في إخباره 7 عن المغيبات ، وكذا ص 425 منه .
2- الشريف الرضي : 57.

أسلوباً خاصاً، فلا يمكن أن يكون اسلوب الخطبة في صلاة الجمعة نفس الأسلوب في التعبئة العامة للحرب، وحتى في الحرب، فانّ الخطب لمقدمات الحرب تختلف في الأسلوب عن الخطب عند المواجهة العسكرية، وهذه . الحالات كلّها تختلف عن خطبه بين الأصحاب حيث لا حرب ولا ضراب، فمن الطبيعي أن نجد الايجاز الشديد في بعضها والتسلسل المنطقي في آخر، وإنّي لأرى أنّه لو كانت الخطب على نسق واحد لكانت مبعثاً للشك والتصنّع دون ما هي عليه الحال.

ونظرة عابرة إلى الفترات الزمنية لهذه الخطب تكشف عن اختلاف الحالات

النفسية فيها :

1 - المناسبات الدينية كالعيد والجمعة والاستفساء 4 2217:3، 2448

2 - المناسبات السياسية في الشورى 1 162 و 184 و 197، 34:3

3 - التعبئة للحرب في معركة الجمل :3 113

4 - ساحة الحرب في صفين 3 150

5 - ساحة الحرب في النهروان 2: 265 ، 3: 172 3

الشبهة التاسعة - الأعداد والتقاسيم المتوازية :

وذهب فؤاد أفرام البستاني إلى الشك من جهة طريقة الأعداد والتقاسم المتوازية، وقال ما لفظه : لا بيد أنا نرى سبباً جديداً يدفعنا إلى الشك في بعض

مقاطع حكمية وتفسيرية من التي تدخل فيها الأعداد والتقاسيم المتوازية المتشعبة ، المتفقة عدداً كقوله: «الاستغفار على ستة معانٍ) و الايمان على أربع دعائم على الصبر واليقين والعدل والجهاد والصبر منها على أربع شعب... الخ ) بتقسيم كل دعامة إلى أربع شعب، وكذلك الكفر وتقسيمه إلى اربع دعائم والشك إلى أربع شعب ؛ وغير ذلك. فإنّ استعمال الطريقة العددية في الشروح،

ص: 85

وتقسيم الفضائل أو الرذائل على اسلوبها ، لانراه في الآداب الجاهلية ، بل لانكاد نعرفه في الأدب الإسلامي إلّا بعد ظهور كتاب كليلة ودمنة المعرَّب، وإذا علمنا أنّ إدخال الأعداد في الحكمة الاخلاقية ، وفي ترتيب المجردات والمعقولات، له الدور المهم في المذاهب المتشعبة عن الطريقة الفيثاغورية أو الافلاطونية الحديثة؛ وإذا علمنا ان العرب لم يعرفوا هذه الفلسفة إلا بترجمة كتب اليونان في العصر العباسي الأول ؛ وإذا علمنا أنّ الشريف الرضي كان من الحكماء الأجلاء، والعلماء المعروفين، وأنه عاش في العصر العباسي الثالث ، ساغ لنا هذا الشك » (1).

وهذه الشبهة تقوم على خلط أمرين:

الأول: اختصاص طريقة الاعداد بشعب من الشعوب دون آخر. الثاني : كليّة طريقة الاعداد في بعض الشعوب دون بعض، فدعوى الاختصاص يستلزم حصر التفكير في طائفة من البشر وسلبها عن غيرهم، ولا نظن أحداً يقول بذلك. وأما غلبة اتباع طريقة خاصة وأُسلوب خاص في التفكير والعبارات فأمر واقع.

وطريقة الاعداد المستعملة في نهج البلاغة ليست غالبة، بل هي في موارد

لاتتعدى رؤوس الأصابع. وقد حصلت بالفعل هذه الطريقة في الحضارات الأخرى كالهند والفرس، وكليلة ودمنة خير شاهد لذلك ، وكذلك في الاحاديث النبوية، بل لكل مفكر يريد أن ن يسرد الأسباب والنتائج ان ينظمها في تفكيره مترتبة بالاعداد وإن لم يذكرها بالأرقام، فإن التفكير في إطار الأرقام ليس حصراً على أمة خاصة، بل يعم كل

المفكرين من البشر.

وقد جاء الاهتمام بالعدد في القرآن الكريم في قصة ميعاد موسى بثلاثين ليلة

ص: 86


1- الروائع ، لفؤاد افرام البستاني

واتمامها ( بِعَشْرِ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً )(1).

كما جاءت المواعظ النبوية معتمدة على التقسيم العددي من الآحاد

والعشرات، وخاصة الأربعين حديثاً (2).

وقد جمع الأحاديث العددية الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي الصدوق (ت/ 381ه-) في تأليف مفرد بعنوان «الخصال طبع في النجف الأشرف

سنة 1391ه-.

كما جمع السيّد محمّد بن محمّد بن الحسن الحسيني العينائي ( ت / 1068 ح) الأحاديث العددية من الأحاد والعشرات عن النبي والأئمة وغيرهم في كتاب الاثنى عشرية في المواعظ العددية وطبع في سنة 1322 ه-. ثم جاء المتأخرون من المحدثين وتجاوزوا التقسيم العددي إلى المئات والألوف، واقتبس ذلك العلماء وكتبوا الألفية في النحو والفقه، منها: الألفية في النحو؛ لمحمّد بن مالك الحياني، والألفية في الفقه لمحمّد بن مكي

الشهيد الأول.

ومن ذلك يظهر بوضوح أن الاهتمام بالنظام العددي - بصورة بدائية - كان في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، ثم تطوّر حسب تطوّر الثقافة حتى العصور

المتأخرة، ككل الأفكار الانسانية التي تتطور بتطور الحاجة والضرورة. ولا يمكن للمنصف أن ينكر توافق الآراء في شيء أو اسلوب، ولا يمكن القول بالاقتباس إلا فيما إذا كثر ذلك في الاسلوب المتأخر، وليس الأمر كذلك في النهج ، فان التقسيم العددي قليل بالنسبة إلى غيره من الأساليب، مع أن المواعظ

العددية في تراث النبي صلی الله علیه و آله وسلم كثيرة.

ص: 87


1- الأعراف: 142.
2- راجع الذريعة 409:1 - 436 ، طبعة النجف سنة 1355ه-.

الشبهة العاشرة - طابع الصنعة :

وممن نقل عنه التشكيك في نهج البلاغة طه حسين، فقد نقل عنه سكرتيره د. محمد الدسوقي ما لفظه : « رأيه في كتاب « نهج البلاغة ويرى العميد أن كتاب نهج البلاغة ليس كله للإمام علي كرم الله وجهه ، فالنصوص المنسوبة للإمام علي في هذا الكتاب يغلب عليها طابع الصنعة، وما كان الإمام يخطب الأمر بخلا [ هنا تصحيف ، والصحيح : مرتجلاً] كعادة العرب جميعاً ، ويقول العميد : ان في بعض كتب التاريخ مثل الطبري والبلاذري خطبا للإمام على ، وهذه يمكن قبولها وصحة نسبتها إليه، ثم أليس من الغريب ان تكون الأحاديث قد رويت بالمعنى والمسلمون أحرص عليها من أي كلام آخر، ويقال بعد ذلك: إن هذه الخطب المنمّقة للإمام عليّ، فضلاً عن شيوع كلمات في هذا الكتاب لم تظهر إلا في زمن المتكلمين ، والذي أرجحه أنّ نهج البلاغة من تأليف الشريف الرضي، والمغفل هو ابن أبي الحديد، لأنه يعتقد أن ما يشرحه خطب للامام علي، ولذلك يتكلّف في شرحه ويستطرد استطرادات لا معنى لها(1)

وأقل مايقال في هذا القول: التسرّع إلى الحكم من دون نظرة فاحصة إلى أسلوب الرضي في جمع نهج البلاغة ، ولو كان صادراً عن متعصب لكان التعصب عذراً ،له دون من رجل علماني يتخذ الموضوعية في البحث شعاراً، ويمكن تلخيص كلامه في النقاط التالية:

1 - ان ما رواه مثل الطبري والبلاذري يمكن قبوله والقول بصحة نسبته إليه.

2 - ان الأحاديث قد رويت بالمعنى والمسلمون أحرص عليها من اي كلام آخر.

ص: 88


1- نقل ذلك د. سلمان هادي طعمة في مقاله : « تأثير نهج البلاغة ( المنشور في مجلة العرفان 523 نقلاً عن مجلة العربي الكويتية ، العدد 207 ، في مقال بعنوان «تعليقات وأقوال مأثورة ؛ لطه حسين ) بقلم د. دسوقي ، العدد 207 صفر (1396 شباط (1979).

3 - شیوع كلمات في هذا الكتاب لم تظهر إلا في زمن المتكلمين. والتعليق على هذه النقاط باختصار:

1 - ان مثل الطبري والبلاذري يمثلان محرّرا أخبار فى العهد الأموي والحكم العباسي، ولا يمثلان وجهة النظر الشيعية التي كانت تعتبر أقلية، فكيف يعتمد

عليهما في هذا المجال، وكيف يعتبر الحكم القائم ممثلاً للأقلّية المحكومة !! 2 - ان الأحاديث فيها ما رويت بالمعنى، وهي الأكثر، وفيها ما رويت بالنص وخاصة الخطب والرسائل والحكم ، فإنّها انما تعمل لأجل أن تنقل من الحاضر للغائب، والحرص على النص فيها أكثر من غيرها.

عصر

3 - ان شيوع كلمات بمعانيها الاصطلاحية في متأخّر لا يستلزم عدم استعمالها في عصر متقدم بمعانيها اللغوية، بل ان المصطلحات لا تتحقق إلا مع سبق استعمالها في اللغة.

4 - أضف إلى ذلك ان كلّ مؤلف يأخذ القلم بيده ليكتب لابد وان ينظر إلى :

غاية تأليفه، وقد صرّح الرضي أن غايته هي جمع المختار من بليغ آثار الإمام علیه السلام من خطب ورسائل وحكم، فلم يكن هدفه الاسناد ولا بيان حال الرواة، بل دفعه إلى هذا الهدف ما اختص به من ذوق أدبي ساد عصره ومحفله، وبالمقارنة إلى ما تيسر من مصادره نجد أنه قد اقتطع مقاطع من خطبة طويلة ارتجلها الإمام واقتصر على ما رآه بليغا، ولم يذكر الخطبة بكاملها ؛ لأنه لم يجد في غيرها من المقاطع التي اختارها الوصف الذي أراد. وهذا الأسلوب قد خفي على كثير من النقاد والمشككين.

وسيأتي في أسلوب الجمع في شرح الخطبة : أن الشريف الرضي كان يلتقط من كلام أمير المؤمنين خصوص الجمل والمقاطع التي يراها جديرة بأن تكون نهجاً للبلاغة، دون غيرها من الجمل والمقاطع، فراجع.

هستند

ص: 89

والجهل باسلوب الرضي هذا أدّى إلى هذه الشبهة، فراجع.

واكتفي بهذه الشبه وحلولها لمن أنصف.

وبالجملة : فانه لم يستند هؤلاء في نقد نهج البلاغة على غير الظن والتخمين وهذا لا يغني عن الحق شيئاً ، وكأن موارد الخلاف في العقيدة اصبحت شبهة حول نهج البلاغة ، وقد أنصف ابن أبي الحديد المعتزلي بقوله: «كثير من أرباب الهوى يقولون : إنّ كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث ، صنعه قوم من فصحاء الشيعة ، وربما عزوا بعضه إلى الرضي أبي الحسن ،وغيره، وهؤلاء قوم أعمت العصبية أعينهم، فضلوا عن النهج الواضح وركبوا بينات الطريق، ضلالة وقلة معرفة بأساليب الكلام - وبعد تفصيل قال : - لأنا متى فتحنا هذا الباب، وسلطنا الشكوك على أنفسنا في هذا النحو ، لم نثق بصحة كلام منقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً ، وساغ لطاعن أنّ يطعن ويقول: هذا الخبر منحول ، وهذا الكلام ،مصنوع ، وكذلك ما نقل عن أبي بكر وعمر من الكلام والخطب والمواعظ والأدب وغير ذلك، وكلّ أمر جعله هذا الطاعن مستنداً له فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة الراشدين

والصحابة والتابعين والشعراء والمترسلين ، والخطباء ، فلناصري أمير المؤمنين علیه السلام انّ يستندوا إلى مثله فيما يروونه عنه من نهج البلاغة وغيره، وهذا واضح (1). وقد استنتج إمتياز علي عرشي من كلام ابن أبي الحديد المتقدم استنتاجاً غريباً ، حيث عقّبه بقوله: ( ويظهر مما سبق أنّ كثيراً من علماء القرن السادس الهجري كانوا يزعمون ان معظم ما في نهج البلاغة لا يصح اسناده إلى علي بن أبي طالب علیه السلام، وإنّما ألّفه قوم من فصحاء الشيعة منهم السيد الرضي ) (2).

قال الجلالي : وهو استنتاج غريب، ويظهر أن الاستاذ فهم أن كلمة ( ارباب

ص: 90


1- شرح نهج البلاغة : 10: 128 - 129
2- استناد نهج البلاغة : 3.

الهوى ) ترادف كلمة ( العلماء ) ، وهل يصح أن يقال بأن كل العلماء أربابُ الهوى، كلّا، إنّ ما ينقله ابن أبي الحديد إنما هو عن كثير من أرباب الهوى ) لا كلّهم ، ثمّ

( إنّه ليس جميع العلماء أرباب الهوى، فيصح أن يخص استنتاج الاستاد العرشي ( انّ كثيراً من علماء القرن السادس ويكون الصحيح ان يقول: «انّ قليلاً من علماء القرن ... الخ . وقد أنصف حديثاً الدكتور زكي مبارك في نهج البلاغة» وفي عبقرية الشريف الرضي » بعد أن ذكر كلامه بطوله، راعى جانب الحق ودرس الموضوع

في منأى من العصبية المذهبية ، فقال : ( عندنا في هذا المقام مشكلتان : الأولى : عبقرية علي بن أبي طالب، عبقريته الخطابية والانشائية.

والثانية: ضمير الشريف الرضي

وكان

وتحدّث في كتاب عبقرية الشريف الرضي عن المشكلتين، فقال: «فقد كان معروفاً أنّ ابن أبي طالب له مجموعة من الخطب تحدّث عنها الجاحظ في مطلع القرن الثالث ، وهل يعقل أن تضيع آثار ابن أبي طالب ضياعاً مطلقاً، في زمانه وبشهادة خصومه من أفصح الخطباء، فأين ذهبت آثاره في الخطابة والإنشاء ؟ وهل يعقل أن تضيع آثاره وحوله أشياع يحفظون كلّ ما ينسب إليه ؟ هل يعقل أن يحفظ الناس أشعار العابثين والماجنين من أهل العصر الأموي وينسوا آثار خطيب قتل بسيفه الوف من أبطال الحروب ؟ ومن الذي يتصوّر أن الذاكرة العربية تحفظ أشعار النصارى واليهود وتنسى خطب الرجل الذي غسل بدمه في يوم من أيام الفتن العمياء ؟ وإذا جاز أن يحفظ الناس ما دسه المغرضون على أمير المؤمنين، فكيف يجوز ان ينسوا ما نسب إليه على وجه صحيح ؟ - إلى ان قال : أما ضمير الشريف الرضي فهو عندي فوق الشبهات وهو خدم التشيع بالصدق لا بالافتراء، فإن كان جمع آثار علي بن أبي طالب خدمة سياسية لمذهب

ص: 91

التشيع فهو ذلك، ولكنها خدمة أديب باسلوب مقبول، هو إبراز آثار أمير المؤمنين، ولا يعاب على الرجل أن يخدم مذهبه السياسي بجميع الوسائل والأساليب ما دام في حدود العقل والذوق(1).

أما اعلام الشيعة فقد أوضحوا موقفهم تجاه نهج البلاغة بما لا يختلف عن الروايات التي تحفظ بها كتب الحديث والتأريخ والأدب. قال شيخنا الشهرستاني : الخطب والكتب والكلم المرويات في نهج البلاغة حالها كحال الخطب المروية عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم التي بعضها متواتر قطعي الصدور، وبعضها غير متواتر فهو ظني السند لانحكم عليه بالانتحال والافتعال إلّا بعد قيام الدليل العلمي على كذبه ، كما اننا لانحكم بصحته جزماً إلا بعد قيام الدليل، ومن أسند غير هذا إلينا فقد

افترى علينا (2)

وقال الهادي كاشف الغطاء: « والخلاصة أن اعتقادنا في كتاب نهج البلاغة أن جميع ما فيه من الخطب والكتب والوصايا والحكم والآداب حاله كحال ما روي عن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وعن أهل بيته في جوامع الأخبار الصحيحة وفي الكتب الدينية المعتمدة، وان منه ما هو قطعي الصدور، ومنه ما يدخله أقسام الحديث المعروفة (3).

الاسناد إلى جامع نهج البلاغة الشريف الرضي

اشارة

للاسناد إلى جامع نهج البلاغة طرق كثيرة ، فصلت عنها في إجازة الحديث ، وأنقاها ما عن سيّد المشايخ السيّد هبة الدين الشهرستاني (ت/1281) في الإجازة العلوية، وأوفاها عمن انتهت إليه مشيخة الإسناد في العصر الحاضر السيد

ص: 92


1- عبقرية الشريف الرضي 1: 221
2- ما هو نهج البلاغة : 51
3- مدارك نهج البلاغة : 197.

شهاب الدين المرعشي ( ت /1411ه-) في الإجازة الكبيرة ، وأعلاها سنداً - واكتفى بذكره هنا - ما عن شيخي العلامة شيخ المحدثين في القرن الرابع عشر الشيخ محمّد محسن بن علي بن محمّد رضا بن محسن الرازي النجفي، الملقب بآقا بزرك الطهراني، المتوفى في 18 ذي الحجة 1389ه-.

2 - عن شيخه المحدّث الميرزا حسين النوري (ت 1320).

3 - عن الميرزا هاشم الخوانساري (ت / 1317).

4 - عن السيّد صدر الدين العاملي (ت / 1263).

-5 - عن محمّد مهدي بحر العلوم (ت/ 1212).

6 - عن محمّد باقر الوحيد البهبهاني (ت / 1206). 7

- عن والده محمّد أكمل.

-8- عن المولى محمّد باقر المجلسی (ت/ 1111)

بأسانيده.

9 - عن والده محمّد تقي المجلسي (ت/ 1070). 10

10 - عن بهاء الدين محمّد العاملي (ت/ 1031).

11 - عن والده الحسين بن عبد الصمد (ت/ 984) .

12 - عن زين الدين الشهيد الثاني (ت/ 966).

13 - عن نور الدين علي بن عبد العال الميسي (ت 940).

14 - عن محمّد بن المؤذن الجزيني.

15 - عن ضياء الدين علي.

16 - عن والده محمّد بن مكي الشهيد الأول (ت / 786).

17 - عن السيد علي بن محمّد بن زهرة الحلبي.

18 - عن كمال الدين بن محمّد بن زهرة

19 - عن شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح.

ص: 93

20 - عن أبيه أحمد بن صالح.

21 - عن راشد بن إبراهيم البحراني.

22 -عن القاضي علي بن عبد الجبار.

23 - عن قطب الدين الراوندي، أبي الحسين سعيد بن هبة الله ( ت / 573 ).

24 - عن السيّدين المرتضى والمجتبى، ابني الداعي الحسني.

25 - عن أبي جعفر الدوريستي.

26 - عن الشريف الرضي.

وبالاسناد عن القطب الراوندي (ت /573) :

24 - عن عبد الرحيم المعروف بابن الأخوة.

25 - عن أبي الفضل محمّد بن يحيى النائلي (الناقلي - خ ل ).

26 - عن أبي نصر عبد الكريم بن محمّد سبط بشر الحافي.

27 - عن الشريف الرضي.

وبالاسناد عن القطب الراوندي (ت /573) :

24 - عن أبي نصر الغازي.

25 - عن أبي منصور العكبري

26 - عن الشريف الرضي.

وبالاسناد عن القطب الراوندي (ت /573)

24 - عن عبد الرحيم المعروف بابن الاخوة.

25 - عن السيدة النقيبة بنت المرتضى.

26 - عن عمّها الشريف الرضي.

ص: 94

وبالاسناد عن الشهيد الأول (ت/786) :

17- عن السيّد تاج الدين محمّد بن قاسم بن معية الديباجي.

18 - عن السيّد علي بن عبد الكريم بن طاووس.

19 - عن السيّد غياث الدين عبد الكريم بن طاووس (ت/664).

20 - عن عبد الله بن محمّد بن بلدجي.

21 - عن كمال الدين حيدر بن زيد الحسني.

22 - عن رشيد الدين محمد بن علي بن شهراشوب المازندراني (ت 58).

23 - عن المنتهى بن أبي زيد بن كيا الجرجاني.

24 - عن أبيه أبي زيد كيا الجرجاني.

25 - عن الشريف الرضي

وبالاسناد عن ابن شهر اشوب (ت/588)

23 - عن السيّد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسيني المروزي.

24 - عن أبي عبد الله محمّد بن علي الحلواني.

25 - عن الشريف الرضي.

ونكتفي بهذه الأسانيد هنا، وسنتعرض لها بتفصيل في القسم الثاني من هذا

الكتاب، فطالب التفصيل يرجع اليه.

مع رواة نهج البلاغة

اشارة

إن سلسلة روايات نهج البلاغة من المؤلف الشريف الرضي مباشرة تبلغ ثمانية

رواة حسب الأسانيد المتسلسلة، وهم:

1 - أحمد بن على بن قدامة (ت/ 486).

ص: 95

2 - أبو عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي (ت/ 401).

3 - عبد الكريم سبط بشر الحافي (ت / 227). 4

- محمّد بن الحسن الطوسى حسن الطوسى (ت/ 460).

5 - محمّد بن على الحلواني (ت 520 ح)

6 - محمّد بن محمد العكبري (ت (472)

7 - أبو زيد الكيابكي.

8- النقيبة بنت السيد المرتضى.

1- أحمد بن علي بن قدامة( 555 - 486)

قال الذهبي في تاريخ الاسلام في حوادث سنة 486 في ترجمة أحمد بن علي بن قدامة، ما نصه : «القاضي أبو المعالي الحنفي ، من بني حنيفة ، البغدادي، الكرْخي، الشيعي، من أجلاد الرافضة وعلمائهم وصلحائهم له خبرة بالكلام والجدل والفقه قرأ على الشريف المرتضى، وعلى أخيه الشريف الرضي. روى عنه : الحسن بن محمّد الاسترابادي ،الفقيه وأحمد بن محمّد العطاردي الكرخي. ذكره ابن السمعاني في الذيل، وتوفي في شوال (1).

وقال شيخنا العلامة : كان قاضي الأنبار، ومن تلاميذ المفيد، وقد قرأ عليه الارشاد إلى معرفة حجج الله على العباد في سنة 411، ويرويه عنه السيد الأجل أبو الفتح يحيى بن محمّد بن نصر بن علي بن حبا في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة على ما هو في أول بعض نسخ الارشاد. أقول ويروي أيضاً عن الشريفين الرّضي والمرتضى. وفي نزهة الأدباء ؛ لعبد الرحمن بن محمّد الأنباري، تلميذ أبي السعادات ابن الشجري: أنه توفي سنة 486 في خلافة المقتدي ، وكان

ص: 96


1- تاريخ الاسلام، وفيات 486 ص 168 .

له معرفة بالفقه والشعر، وكان أدبياً، انتهى. ويروي عنه القاضي عماد الدين الحسن بن محمّد بن أحمد الأسترابادي، قاضي الري ، كما في المناقب ؛ لابن شهراشوب. وعنه أيضاً نجم الدين حمزة بن أبي الأغر الحسيني أستاذ الإمام ضياء

الدين فضل الله الراوندي (1).

والاسناد إليه اثنان :

الأوّل: أحمد بن محمّد الموسوي.

عن العلامة الحلي في اجازته لبنى زهرة (2).

عن شاذان بن جبرئيل القمي.

عن فخار بن معد بن فخار الموسوي (ت / 630).

عن المحقق الحلي جعفر بن حسن بن سعيد ( ت /676). الثاني: القاضي أبي المعالي ابن قدامة ( ت /486).

عن أبي السعادات أحمد الماصوري العطاردي. عن الشيخ الحسن بن علي بن عبيدة.

عن الشيخ علي بن نصر بن هارون المعروف جده بالكال الحلي. عن الشيخ علي بن يحيى الخياط.

عن نجيب الدين محمّد بن جعفر بن محمّد بن نما الحلي ( ت /645) .

عن والده الشيخ جعفر بن نما الحلي

(3)

2- جعفر الدوريستي (000 - 401 ح)

قال منتجب الدين: «الشيخ الجليل أبو عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي

ص: 97


1- النايس : 21
2- البحار 107: 71 و 110: 47 والوسائل 56:20
3- البحار 47:109

النعمان

ثقة ، عين ، عدل، قرأ على شيخنا المفيد أبى عبد الله محمّد بن محمّد بن

بن الحارثي البغدادي المعروف بابن المعلّم، وعلى الأجل المرتضى علم الهدى أبو القاسم علي قدس الله أرواحهم، وله تصانيف منها كتاب الكفاية في العبادات ، وكتاب عمل يوم وليلة وكتاب الاعتقاد أخبرنا به الشيخ الإمام أبو الفتح الحسين ابن علي الخزاعي عن الشيخ المفيد عبد الجبار المقريء الرازي عنه رحمهم الله) (1)

عدل

وقال شيخنا العلامة: «جعفر بن محمد الدوريستي أبو عبد الله ، ثقة عين المفيد ابن المعلم والشريف المرتضى علم الهدى له الكفاية و عمل

قرأ على

هر

اليوم والليلة وكتاب الاعتقاد يرويها عنه المفيد عبد الجبار المقري الرازي الذي هو من مشايخ أبي الفتوح الرازي كما ذكره منتجب الدين بن بابويه أقول: الشيخ الجليل أبو عبد الله جعفر بن أبي جعفر محمد بن أحمد بن العباس بن الفاخر الدوريستي ، الذي يروي والده أبو جعفر محمد عن سميه أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه الصدوق القمي كما ذكره في بعض أسانيد منية الداعي وغيره ويروي صاحب الترجمة عن والده وعن المفيد والمرتضى وشيخ الطائفة وأبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن حسن بن عياش ابن إبراهيم بن أيوب الجوهري صاحب مقتضب الأثر المتوفى .401. ويروي عنه محمّد ابن أحمد بن شهريار - ثم ذكر جمعاً من الرواة عنه ، ثم قال : - ويروي عن صاحب الترجمة أيضاً : الحسن بن يعقوب بن أحمد القارىء الذي قرأ عليه في سنة 516 ، والشيخ الإمام أبو الحسن البيهقي بن أبي القاسم فرید خراسان و شارح نهج البلاغة. وهكذا يروي عن صاحب الترجمة: والد فريد خراسان وهو أبو القاسم زيد بن محمّد البيهقي كما صرح به في أوّل شرح النهج، ويروي عن صاحب

ص: 98


1- فهرست منتجب الدين : 37 ، الترجمة 67

الترجمة أيضاً المفيد عبد الجبار بن عبد الله ابن علي الرازي ويروي عنه أيضاً حفيده محمّد بن موسى بن جعفر الذي هو جدّ عبد الله بن جعفر بن محمّد بن موسى بن جعفر الدوريستي ، ويروي عبد الله هذا - عن جده محمّد بن موسى عن جده جعفر بن محمّد صاحب الترجمة. ويروي عنه أيضاً: أبو منصور علي بن عبد الواحد ( الله - خ ل ) الزيادي كما في بعض أسانيد جامع الأخبار. وبقي صاحب الترجمة إلى سنة 473 كما يظهر من كتاب ثاقب المناقب، على ما أورد عنه صاحب الروضات في ص 597 وهي حكاية أبي عبد الله المحدّث أملاها المفيد على صاحب الترجمة في سنة 401 بالعربية ، ثم ترجمها صاحب الترجمة بالفارسية بخطه في 473 ، ثم عرب الفارسيّة صاحب ثاقب المناقب وأدرجه في

كتابه المذكور سنة 560 كما فصلناه في الذريعة ج 5 ص 5 (1). وأسانيد أبو جعفر الدوريستي في النسخ التي وقفت عليها كالآتي :

الأول - أبو الحسن محمّد بن أبي محمّد الحسن بن إبراهيم: عن أمين الدين أبي القاسم المرزبان بن الحسين المدعو «ابن كميج. عن محمّد بن أبي نصر محمّد بن علي ( ت /587) (2) عن يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد، كاتب الإجازة (ت/659).

عن قراءة الحسن بن علي بن محمّد بن علي المعروف الحسني

الثاني - السيدان المجتبى والمرتضى إبنا الداعي الحسني الحلبي : عن قطب الدين أبي الحسن الراوندي.

عن

(3)

الفقيه عز الدين أبي الحرث محمّد بن الحسن بن علي الحسني البغدادي.

ص: 99


1- النابس : 44.
2- كما في نسخة مكتبة محفوظ برقم 1059
3- كما في نسخة مكتبة المرعشي برقم 5690.

عن السيد محيي الحسيني الحلبي.

العرب أبي حامد محمّد بن علي بن عبد الله بن زهرة

عن قراءة نجم الدين أبو عبد الله الحسين بن أردشير بن محمّد الطوس

عام 1677(1)1677

الثالث - ضياء الدين علم الهدى

عن أبي نصر علي بن أبي سعد بن الحسن المتطبب كاتب النسخة في

سنة (581)(2)

الرابع - أبو القاسم زيد بن محمّد البيهقي :

عن فريد خراسان أبو الحسن البيهقي (3).

الخامس - الشيخ جعفر الدوريستي الفقيه [ = عبد الله جعفر بن محمّد ]

عن الإمام الزاهد الحسن بن يعقوب بن أحمد القارى في سنة 516 عن الإمام أبو الحسن علي بن زيد البيهقي المعروف بابن فندق وفريد

خراسان شارح نهج البلاغة ( ت / 565) (4).

قال ياقوت في معجم البلدان ط / 1695: دوریست بضم الدال وسكون الواو والراء أيضاً، يلتقي فيه ساكنان، ثم ياء مفتوحة، وسين مهملة ساكنة، وتاء مثناة من فوقها من قرى الرّي، ينسب إليها عبد الله بن جعفر بن محمّد بن موسى بن جعفر أبو محمّد الدوريستي، وكان يزعم أنه من ولد حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، واحد فقهاء الشيعة الإمامية، قدم بغداد سنة 566 ، و بغداد سنة 566 ، وأقام بها مدّة

ص: 100


1- مكتبة الحكيم: 66 .
2- نسخة م / محفوظ بتاريخ 1059
3- شرح النهج للبيهقي نسخة مكتبة الامام بتاريخ 552
4- ترجمة ياقوت :13: 319 ، الذريعة 14 138 ، نسخة شرح نهج البلاغة المؤرخة بسنة : 552 في مكتبة الامام ، المستدرك 3: 493 ، الذريعة 139:14

وحدّث بها عن جده محمّد بن موسى بشيء من أخبار الأئمة من ولد عليّ علیه السلام وعاد إلى بلده، وبلغنا أنه مات بعد سنة 600 بيسير (1)

3- سبط بشر الحافي (000 - 227)

ترجم الميرزا باقر الخوانساري (ت/1313) في روضات الجنات بشر الحافي بن الحارث بن عبد الرحمان، ومما قال: ( ومن أسباطه الشيخ أبو نصر عبد الكريم بن محمّد الهاروني الديباجي المعروف بسبط بشر الحافي، وكان من علماء الإمامية كما في الرياض (2).

و ترجمه ابن خلكان (ت/681) ، ومما قال: «أبو نصر بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال بن ماهان بن عبد الله ، وكان اسم عبد الله بعبور، وأسلم على يد علي بن أبي طالب علیه السلام، المروزي المعروف بالحافي، أحد رجال الطريقة رضي الله عنهم؛ كان من كبار الصالحين، وأعيان الأتقياء المتورّعين ، أصله من مَرْوَ، من قرية من قراها يقال لها : ما برسام، وسكن بغداد وكان من أولاد الرؤساء والكتاب.

وكان مولده سنة خمسين ومائة وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة ست وعشرين، وقيل: سبع وعشرين ومائتين وقيل : يوم الأربعاء عاشر المحرم ،

وقيل: في رمضان بمدينة بغداد ، وقيل : بمرو، رحمه الله تعالى. وكان لبشر ثلاث أخوات ، وهنَّ مُضغة، ومُخة، وزُبدة، وكن زاهدات عابدات وَرِعات، وأكبرهنّ ،مضغة ماتت قبل موت أخيها بشر، فحزن عليها بشر حزناً شديداً، وبكى بكاء كثيراً، فقيل له في ذلك، فقال: قرأت في بعض الكتب

ص: 101


1- معجم البلدان 2 : 484.
2- روضات الجنات 2: 129

أن العبد إذا قصّر في خدمة ربه سلبه أنيسه ، وهذه أُختي مضغة كانت أنيستي

في الدنيا (1)

ولا يعلم انه مَنْ مِنَ الأخوات هي أم أبي نصر عبد الكريم.

قال الافندي في الرياض ما نصه : الشيخ أبو بصير عبد الكريم بن محمّد الديباجي المعروف بسبط أبي الحجام كان من مشائخ أصحابنا، وهو تلميذ الشريف، كذا حكاه بعض تلامذة الشيخ علي الكركي في رسالته المعمولة في أسامي المشائخ ، وكان في النسخة سقم وتصحيف فلاحظ ولعل مراده بالشريف هو السيد المرتضى، فلاحظ » (2)

ويظهر موارد التصحيف في كلمات ابو بصير) و (أبي الحجام) وكذا في

تحديد المراد من الشريف ؛ فإن الاسناد المتقدم ينفي هذه الوجوه. والأسانيد إلى أبي نصر عبد الكريم بن محمّد الهروي الديباجي المعروف

بسبط بشر الحافي كالآتي:

الأول - أبو الفضل محمد بن يحيى النائلي:

- مكي بن أحمد المخلطي.

فضل الله بن علي الحسني الراوندي.

- عبد الله بن حمزة بن عبد الله الطوسي في سنة 596 (كاتب الإجازة ).

تاج الإسلام محمّد بن الحسين بن الحسن الكيدري البيهقي (3)

الثاني - الشيخ ابو الفضل محمّد بن يحيى النائلي :

عبد الرحيم بن أحمد بن محمّد بن محمّد بن إبراهيم بن خالد الشيباني،

ص: 102


1- وفيات الأعيان 1 : 276 ، ط/1968.
2- رياض العلماء 3 : 182 ، ط / 1401 .
3- حدائق الحقائق ، نسخة مؤرخة 645م / دانشگاه

أبو الفضل بن الاخوة البغدادي بتاريخ 546 ، بقاشان (كاتب الإجازة). قراءة الشيخ الإمام رشيد الدين أبو الحسن علي بن محمّد بن علي الشعيري.

- سماع الشيخ الإمام السعيد سديد الدين فخر الأئمة محمّد بن علي بن محمّد

الطوسي بتاريخ 546(1).

علي بن فضل الله الحسني الراوندي (ت 587) ا

قراءة وسماع جمال الدين علي بن محمّد بن الحسن المتطبب (2).

4- محمّد بن الحسن الطوسي (385 - 460)

قال شيخنا العلامة محمد بن الحسن بن علي بن الحسن أبو جعفر

، الطوسي، شيخ الطائفة، ولد بخرسان في رمضان 385 ، أي بعد أربع سنين من وفاة الصدوق (ت/381) ، وفي سنة وفاة هارون بن موسى التلعكبرى، وقدم العراق في 408 وله ثلاث وعشرون سنة، وتتلمذ على المفيد (ت/513) خمس سنين، وعلى ابن الغضائري (ت/411) ثلاث سنين ، وابن الحاشر البزاز وابن أبي جيد وابن الصلت الذين توفوا بعد ،408 وشارك النجاشي ( 372 - 450) في 408 ،

بعض مشايخه، وهو الثالث من الاثني عشر الذين ذكرهم شيخنا النوري في خاتمة المستدرك ، وعاصر السيد المرتضى ( ت 437) 28 سنة، ولم يدرك الشريف الرضي ( ت 4067) - إلى أن قال: - بقي الشيخ في مشهد الغري [ = النجف اليوم ] مدة اثنتي عشرة سنة، وتوفي في ليلة الاثنين 22 محرم 460، وتولى غسله ودفنه تلاميذه حسن بن مهدي السليفي، والحسن بن عبد الواحد العين زربي، وأبو الحسن اللؤلؤي. ودفن في داره فتحولت الدار مسجداً، وهو اليوم

ص: 103


1- أعيان الشيعة 7: 128 ، ط 2 ، وانظر نسخة مكتبة المرعشي ، رقم 5690 .1.04
2- نسخة مكتبة محفوظ ، بتاريخ .1059

أشهر مساجد النجف، قريب من الباب الشمالي للصحن والمعروف بباب

من

الطوسي أيضاً (1)

قال الجلالي: وهذا ظاهراً لا يصح؛ حيث ذكرت المصادر أن الطوسي حل بغداد عام 408 اي بعد وفاة الشريف الرضى بعامين إلا أن تكون الرواية بالمكاتبة

بينهما وهذا شائع في عرف المحدّثين.

والاسناد إلى أبي جعفر الطوسي كالآتي:

ابن معبد الحسيني.

والد فضل الله الراوندي.

علي بن فضل الله الحسني ( ت / 589 ) (كاتب الإجازة).

قراءة وسماع جمال الدين علي بن محمد بن الحسن المتطبب (2).

5- محمّد بن علي الحلواني (000 - 520 ح)

قال شيخنا العلامة: «محمّد بن علي الحلواني ، أبو عبد الله الله، من تلاميذ الشريفين الرضي والمرتضى، ويروي عنه أبو الصمصام ذو الفقار بن معبد الحسيني المتوفى قريباً من 520 ، كما صرح بذلك ابن شهراشوب في أوّل المناقب، والقطب الراوندي في أوّل منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (3). والأسانيد إلى أبي عبد الله محمّد بن علي الحلواني بطرق ثلاثة ، كالآتي(4) الأول - السيّد أبو الصمصام ذو الفقار بن معبد الحسيني المروزي

أبو جعفر محمّد بن شهراشوب المازندراني.

ص: 104


1- النابس : 162.
2- نسخة مكتبة محفوظ بتاريخ 1059
3- النابس : 173.
4- يراجع البحار 107: 191 و 110 : 115 ، الوسائل 20 : 560 . 1.0

السيد محيي الحلبي.

الدين أبي حامد محمّد بن علي بن عبد الله بن زهرة الحسيني

الثاني - يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي بالحلة (ت/677) : محمّد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي (ت 730) قراءة السيد المرتضى نجم الدين أبو عبد الله الحسين بن أردشير بن محمّد

الطبري (ت /677)(1)

الثالث - يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد (كاتب الإجازة في 652): قراءة السيد الأجل عز الدين الحسن بن علي بن محمّد علي المعروف بابن

الأبزر الحسيني

(2)

6- أبو منصور العُكْبَرِي (382 - 472)

قال الذهبي في تاريخ الاسلام محمّد بن

محمّد أحمد بن بن الحسين بن عبد العزيز، أبو منصور العُكْبَرِي الإخباري النديم ، فارسي الأصل، كان راوية للأخبار والحكايات مليح النادرة، حادّ الخاطر، طيب العشرة، من أولاد المحدّثين. وُلد سنة اثنتين وثمانين وثلاثماءة. وسمع بالكوفة من : محمّد بن عبد الله الجعفي، ويبغداد من هلال الحفّار، وابن رزقُويْه، وأبي الحسن بن بشران. روى عنه : عبد الله النحوي، والحسين سبط الخياط، ويحيى بن الطرّاح، وإسماعيل بن السَّمَرْقَندي. وقال الخطيب : كتبتُ عنه ، وكان صدوقاً. وقال عبد الله

بن علي سبط الخياط : كان يتشيّع. وقال ابن خَيْرُون: إنه خلط في غير شيء، وسمّع لنفسه فيه. وتُوفّي في رمضان. قال أبو سعد السَّمعاني: قول ابن خَيْرُون

ص: 105


1- كما في نسخة مكتبة السيد الحكيم برقم : 661 .
2- كما في نسخة مكتبة المرعشي برقم 5690 ، ويراجع البحار 107: 198 والوسائل 56:20.

لا يقدح فيه، لأن عُمدة قدحه كونه استعار منه جزءاً ، فنقل فيه سماعه وردّه، وما زالت الطَلبَة يفعلون ذلك. قلت: وقع لنا المَجْتَبى ؛ لابن دريد بعلو من طريقه، سمعناه من أبي حفص ابن القوّاس عن الكندي إجازة: أنا سبط الخياط، أنّ- أبو منصور النديم، أنا أبو الطيب محمّد بن أحمد بن خلف بن خاقان العُكْبَرِي، أنا أبو بكر بن دريد(1). والنديم أيضاً يروي عن ابن ايوب الشافعي عن

ابن يحيى عنه. وقال شيخنا العلامة : « هو القاضي أبو منصور محمّد بن أبي نصر محمّد أحمد بن الحسين بن عبد العزيز العكبري، المعدّل الراوي عن أبي المفضّل بن

الشيباني والرضي والمرتضى ، ويروي عنه أبو نصر الغازي شيخ السيد والقطب الراونديين، ويروي عنه أيضاً السعيد أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن، كما في صدر الصحيفة الكاملة السجادية، وهو معاصر لأبي على الحسن بن

محمّد بن إسماعيل بن محمّد بن أشناس البزاز الراوي عن أبي المفضّل الشيباني (2).

والاسناد إليه كالآتي: أبو منصور العكبري، عن أبي نصر الغازي ، عن القطب الراوندي (3).

7-أبو زيد الكيابكي

جاء في أمل الآمل في ترجمة ولده: «السيد الجليل المنتهى بن أبي زيد بن

كيابكي الكجّي، عالم فقيه». کیا

وقال علي بن طاووس في المهج : « وحدث - أيضاً - الشيخ السعيد السيد العالم

ص: 106


1- تاريخ الاسلام 76 - 77 ، الرقم 57 ، حوادث سنة 473 .
2- النابس : 184.
3- كما في نسخة مكتبة المرعشي ، رقم 5690

التقي نجم الدين كمال الشرف ذو الحسين أبو الفضل المنتهى بن أبي زيد ابن كيابكي الحسيني في داره بجرجان في ذي الحجّة من سنة ثلاث وخمسمائة (1). قال الجلالي وعليه يكون والده من القرن الخامس الذي روى عن

الشريف الرضي والاسناد إلى أبي زيد بن كيابكي الجرجاني كالآتي : السيد المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني الجرجاني.

- محمّد بن علي شهراشوب السروي.

السيدّ العالم كمال الدين حيدر بن محمّد بن زيد بن محمّد محمّد بن عبد الله الحسيني.

الشيخ العالم مجد الدين أبي الفضل عبد الله بن أبي الثناء محمود بن مودود

بن محمود بن بلدجي.

الشيخ العالم كمال الدين ميثم بن علي البحراني الأوالي. محمّد حمد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي.

جمال الدين بن أحمد بن أبي المعالي الموسوي(2).

قال الافندي: «السيد أبو زيد عبد الله بن علي الكيابكي بن عبد الله بن عيسى بن زيد بن علي الكحي الحسيني الجرجاني الفقيه الجليل الفاضل العالم المعروف بالسيد أبي زيد الكيابكي، يروي عن السيد المرتضى والسيد الرضي ويروي عنه ولده السيّد المنتهى بن أبي زيد ويروي ابن شهر اشوب عن ولده السيد المنتهى المذكور. وسيجيء بعض ما يتعلق بترجمته في ترجمة ولده المشار إليه. وقد مرّ السيّد زين الدين عبد الله بن علي في كلام الشيخ منتجب الدين ،

ص: 107


1- أمل الآمل 2: 326 - 1006 ، مهج الدعوات : 217.
2- يراجع البحار 109: 45 ، المستدرك 3 491

ونحن أومأنا إلى احتمال اتحاده مع هذا السيد ، فلاحظ (1).

وكلّ من تأخّر عن الأفندي اعتمد على كلامه في تعيين شخصية أبي زيد منهم النوري في المستدرك (2)، وشيخنا العلامة في النابس(3)، وشيخنا المرعشي في الإجازة الكبيرة (4) ، وكذلك شيخنا الشهرستاني في الإجازة العلوية (5)

وفي ما ذكره الافندي مواقع للنظر

الأول: ان ضبط ( الكحّي ) بالحاء المهملة تصحيف، بل الكلمة بالجيم المعجمة نسبة إلى (كجّة)، وهي كما قال ياقوت: «كجة - بالفتح ثم التشديد - مدينة يقال لها كلار، بطبرستان ، وقيل : ولاية رويان(6).

الثاني: ان كلمة ( الكيابكي ) تخفيف لعلمين مع ياء النسبة وأصلها (كيابكاي) ،

وقد صرح بأن (كيابكا) بالفارسية تعني ( من بيده الأمور ).

قال الأفندي في ترجمة السيد حسن كيا بن القاسم بن محمّد الحسيني ما لفظه : وكيا - على المشهور - لغة فارسية، بمعنى الكبير والرئيس، وفي بعض تفاسير كتاب المثنوي للمولوي أن كيا بمعنى بزرگوار بالفارسية، وظني أنه من لغات أهل جيلان وطبرستان ومن في جوارهم من أهل البلاد، وذلك كما يقال بينهم من الاسامي کارکیا ، بزرگ اميد ويؤيد كونه من لغة الفرس: أنه يقال في عرف الفرس: ان فلانا كيابكا لفلان، يعني أن بيده أموره. ولعله الكها - ويقال : الكيا بالياء المثناة التحتانية - أيضاً كما هو المتداول بين أهل الروم الآن، وقد عربّه

ص: 108


1- رياض العلماء ،3 ،229 ، طبعة سنة 1401ه-.
2- مستدرك الوسائل 91:21 ، ط / سنة 1416ه-
3- النابس : 108.
4- الاجازة الكبيرة : 396.
5- الإجازة العلوية: 94 .
6- معجم البلدان 4 : 438

أعراب هذا العصر بالكي ، هو أيضاً بهذا المعنى، بل هو هذا اللفظ بعينه، ولكن قد بدل الياء بالهاء من غلط عوام الناس. فتأمل (1)

الثالث : ان الافندي ترجم ابن المترجم بما لفظه: «السيد المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني الكجي الجرجاني، عالم فقيه، يروي عن أبيه عن السيد المرتضى والرضي ، ويروي عن الشيخ الطوسي. أقول: يروي عن الطوسي سماعاً وقراءة ومناولة وإجازة أكثر كتبه ورواياته على ما يحتمله عبارة المناقب، وصرّح أيضاً فيه بأنه يروي عن أبيه أبي زيد عن المرتضى والرضي. وكان سلسلته من أعاظم العلماء، فقد مضى ترجمة ولده السيد كمال الدين المرتضى بن المنتهى، وسيجيء ترجمة سبطه السيد تاج الدين المنتهى بن السيد كمال الدين المرتضى وسبق ترجمة سبط سبطه، وهو السيد ناصر الدین محمّد بن الحسين بن السيد تاج الدين المنتهى بن السيد كمال الدين المرتضى الحسيني المرعشي ويروي عنه ابن شهر اشوب على ما يظهر من المناقب(2)

وماذكره الافندي إنّما هو تلخيص لكلام منتجب الدين. قال منتجب الدين ما لفظه : « [371] السيد الزاهد المنتهى بن الحسين بن علي الحسيني المرعشي

عالم .ورع. [32] ابنه السيد كمال الدين المرتضى عالم مناظر ، واعظ، وله شرح كتاب

،الذريعة، التعليق، شاهدته، ولي عنه رواية.

[373] سبطه السيد تاج الدين المرتضى فاضل مبرز ،مناظر وله مسائل أصولية جرت بينه وبين الشيخ الإمام سديد الدين محمود الحمصي رحمهما الله.

[374] سبطه السيد ناصر الدين محمّد بن الحسين بن المنتهى الحسيني

ص: 109


1- رياض العلماء 1: 301
2- رياض العلماء 5: 218

صالح ، عالم، واعظ، قاضی قم(1)

وهذه السلسلة من الأعاظم كلهم من السادة المرعشية كما صرح الدین، نسبة إلى علي المرعشي بن عبد الله بن محمّد بن حسن بن الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين علیه السلام ، وهذا النسب يختلف تماماً عما ذكر في ترجمة أبي زيد المتقدمة، فالأمر يدور بين قولين:

الأول : أنهما أسرتان تلتقيان في الإمام السجاد، أحدهما من ولده الحسين

الأصغر ، والأخرى من ولده زيد فزل قلمه الشريف.

الثاني : انهما جميعاً من أسرة واحدة مرعشية، فزل قلمه الشريف في سلسلة النسب. ويؤيد الثاني : وصف ابن زيد بالداعي، وهي صفة مهدت لحكم أعقابه في طبرستان، أولهم مير قوام الدين مير بزرك ( 760 - 787) بن عبد الله بن محمّد بن صادق بن عبد الله بن حسين بن علي المرعشي بن عبد الله بن محمّد بن حسن بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن السجاد. ولم يحكم بنفسه بل جعل الحكم بين اولاده وانتخبوا أوسطهم كمال الدين ( ت (763) حاكماً على آمل (2).

والحاصل : ان الافندي ذكر في نسب أبي زيد سلسلتين، هما:

أوّلاً: عبد الله على - عبد الله عيسى - زيد

ثانياً : علي المرعشي - عبد الله محمّد - حسن - الحسين الأصغر.

فقد أخطأ رحمه الله في أحدهما ، ولعلّه أخطأ فيهما معاً ، فلعل ابو زيد هذا هو أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين الأصغر بن الإمام

أبو زيد بن حسين بن زين العابدين علیه السلام ، وأبو زيد هذا جدا آل كيا ،الحسينيون الذين حكموا جرجان

ص: 110


1- فهرست منتجب الدين : 159 - 160.
2- راجع تاریخ طبرستان رویان و مازندران ؛ للسيد ظهير الدين المرعشي : 166 - 177 ، ومقدمة محمد جواد مشكور طا سنة 1344

وماولاها من سنة 769 إلى سنة 1000ه-، وكان اولهم: السيد علي كيا بن الأمير كيا بن حسين بن حسن بن علي بن أحمد بن علي الغزنوي بن محمّد بن أبي زيد المذكور، وقد حكم من سنة 769 إلى 791 ،

وآخرهم خان أحمد خان بن كيا ، الذي حكم من عام 85 إلى 1000 كما

يظهر من التواريخ (1).

8-النقيبة بنت المرتضى

قال الأفندي: كانت فاضلة جليلة، وتروي عن عمّها السيد الرضي كتاب نهج البلاغة ويروي عنها الشيخ عبد الرحيم البغدادي المعروف بابن الاخوة، على ما أورده القطب الراوندي في آخر شرحه على نهج البلاغة، على ما سبق في ترجمتي القطب الراوندي والشيخ زين الدين أبي جعفر محمّد بن عبد الحميد بن محمّد (2).

) وقال كحالة : بنت الشريف المرتضى : عالمة فاضلة ، روت كتاب نهج البلاغة عن عمّها السيّد الشريف الرضي، وعنها ابن الاخوة البغدادي المتوفى سنة 548ه-(3).

قال الجلالي : ولعلها هي التي هنا الشريف أباها بمولدها بقصيدة مطلعها:

لبست الوغى قبل ثوب الغبار*** وقارعتُ بالنصل قبل الغرار

إذا ما رعت في ربی جوده ***هزال الأماني غدت كالشبار

وکم نديت من نداء المنى ***تدى سمره بالنجيع المسمار

ومن كنّ يهرين خلف الرجاء ***فأمسين من جوده في قرار

كما قرّ قليك يا ابن الحسين ***من شوقه وعيون الفخار

ص: 111


1- ويراجع تاریخ گیلان و دیلمستان ؛ المیر ظهير الدين المرعشي : 14
2- رياض العلماء 5: 409 ، ط /قم ، سنة 1401
3- اعلام النساء :2 ،295 ، ط دمشق سنة 1377 ه- = 1958م.

بمولد غرّاء أُعطيتها ***بدوّ الأهلة بعد السرار

أغارت على الحسن أسبابها*** فأسبابه عندها في إسار

ولا عجبٌ أن ترى مثلها*** وزندك في كرم العرق واري

نثرن عليها سواد القلوب*** وكان الهنا في خلال النثار

ولو أنصف الدهر لم نقتنع ***بغير قلوب النجوم الدراري

هتاك بها الله ما غرّدت ***صدور القنا القنا في أعالي نزار

وأحيا بها لك ميت العلى*** وأردى بها كلّ عاب وعار

وذلّت عمائم قوم بها***كما أنّها شرف للخمار

فحسبك فخر بهذا المديح*** وإن غاض في المدح ماء افتخاري

يزورك بين قلوب العداة ***فيقطعها في اتصال المزار

غدت كفّ مجدك من مدحتي *** تسجول معاصمها في سوار (1)

والإسناد إليها ،واحد فانه يروي نهج البلاغة عنها : عبد الرحيم المعروف

بابن الاخوة. - وعنه القطب الراوندي ، كما في نسخة م / المرعشي رقم 5690. قال البيهقي : « والرواية الصحيحة من هذا الكتاب رواية أبو الأغر محمّد بن

همام البغدادي تلميذ الرضي (2)

نصوص الإجازات

اشارة

وإليك بعض نصوص الإجازات التي منها استخرجت الأسانيد المتقدّمة مبدوّة

بتاريخ الإجازة ، ثم المجيز والمجاز ، ثم النص والمصدر.

ص: 112


1- ديوان الشريف الرضي 1 : 465 - 467 .
2- شرح نهج البلاغة ؛ للبيهقي ، نسخة مؤرخة 552 في مصورات المكتبة الرضوية ، ولم أقف على ترجمته.

السند الأول - إجازة فريد خراسان ابن فندق (ت/516):

ونصّ الإجازة قال الشيخ الإمام السيّد حجة الدين فريد خراسان أبو الحسن بن الإمام أبي القاسم بن الإمام محمّد بن الإمام أبي علي بن الإمام أبي سليمان بن الإمام أيّوب بن الإمام الحسن، والإمام الحسن بن أحمد بن عبد الله الرحمن كان مقيماً بسيواري وناحية بالشتال من نواحي بست، وهو الإمام الحسن بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عمر بن الحسن بن عثمان بن أيوب بن خزيمة بن محمّد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرف بأبي الحسن بن أبي القاسم البيهقي المقيم بنيسابور حماها الله : قرأت کتاب نهج البلاغة على الإمام الزاهد الحسن بن يعقوب بن محمّد القارىء، وهو وأبوه في ملك الأدب قمران، وفي حدائق الورع ثمران ، في شهور سنة 516 (ستة عشر وخمسماءة وخطه شاهد لي بذلك، والكتاب سماع له عن الشيخ جعفر

) الدوريستي المحدّث [2 / الف ] الفقيه، والكتاب بأسره سماع لي عن و -ن والدي الإمام أبي القاسم زيد بن محمّد البيهقي، وله إجازة عن الشيخ جعفر الدوريستي وخط الشيخ جعفر شاهد عدل بذلك، وبعض الكتاب أيضاً سماع لي عن رجال لي رحمة الله عليهم، والرواية الصحيحة من هذا الكتاب - رواية أبي الأغر محمّد ابن همام البغدادي تلميذ الرضي وكان عالماً بأخبار أمير المؤمنين علیه السلام(1)

السند الثاني - إجازة الشعيري (ت /546) :

أوردها صاحب الرياض في ترجمة المجيز، وهذه صورتها: «قرأ علىٌ هذا الكتاب بأسره الشيخ الإمام رشيد الدين أبو الحسن علي بن محمّد بن علي

ص: 113


1- شرح نهج البلاغة ؛ للبيهقي ، نسخة مؤرخة سنة 552 من مصورات المكتبة الرضوية، ويراجع الذريعة 139:14

الشعيري أدام الله سعادته، قراءة صحيحة وقف فيها على معانيه، وبحث عن أقصى مقصوده وأدانيه، وسمع بقراءته الشيخ الإمام السعيد سديد الدين فخر الأئمة محمّد بن علي بن محمّد الطوسي، وصحّ لهما ذلك، ورويته لهما عن

رضي

الله عنه،

الشيخ أبي الفضل محمّد بن يحيى النائلي، عن أبي نصر عبد الكريم بن محمّد الهروي الديباجي المعروف بسبط بشر الحافي، عن مصنفه وأجزت لهما رواية هذا الكتاب عني وكذلك رواية جميع ما لي أن أرويه عن شيوخي رحمهم الله من مسموع لي منهم ومجاز وغير ذلك من معقول ومنقول. وكتب عبد الرحيم بن أحمد بن محمّد بن محمّد بن إبراهيم بن خالد الشيباني أبو الفضل بن الاخوة البغدادي، في شهر جمادى الأولى من شهور سنة 546 بقاشان، ولله الحمد وصلواته على محمّد وآله (1)

وجاء على ظهر النسخة المرقمة 5690 في مكتبة المرعشي ما نصّه : « يقول أبو الحسين الراوندي: أخبرنا السيّد أبو محمّد الحسني ... أبو عبد الله الحلواني عن الرضي هذا الكتاب، وعن ابن الاخوة البغدادي، عن أبي الفضل محمّد بن يحيى الناقلي، عن أبي نضر عبد الكريم بن محمّد الديباجي، عن الرضي. وللشيخ العالم

زين الدين - هذا - أن يروي الكتاب كلّه بهذا الاسناد ؛ فإنّه أهل لذلك» (2). ورد في الصفحة الاخيرة من شرح القطب الراوندي ما يلي: «محدّث راوندي در آخر شرح خود بر نهج البلاغة انشا و نقل نمود از طريق عامة .... وأخبرنا به أبو نصر الغازي عن أبي منصور العكبري عن الرضي وأخبرنا أيضاً الشيخ عبد الرحيم البغدادي المعروف بابن الاخوة عن السيدة النقيبة بنت المرتضى عن عمّها الرضي. وأخبرنا ابن الاخوة أيضاً عن الشيخ أبي الفضل محمّد

ص: 114


1- أعيان الشيعة 468:7
2- (1 - 4) راجع الصفحات الأخيرة من نسخة نهج البلاغة رقم 5690 ، في مكتبة السيد المرعشي بقم.

ابن يحيى الناقلي عن أبي نضر عبد الكريم بن محمّد الديباجي المعروف بسبط بشر الحافي ، قال : قرأ على الشيخ الرضي هذا الكتاب(1).

وأيضاً: قرأ علىّ كتاب نهج البلاغة من أوله إلى آخره الشيخ الإمام العالم زين

الدين أبو جعفر محمّد بن عبد الحميد بن محمّد المدعو ابن عقدة قراءة إتقان ...

هبة الدين بن الحسن حامداً مصلياً(2)

وأيضاً: «قرأ علىّ الشيخ الإمام عبد الكريم عماد الدين جمال الحاج والحرمين علي بن يوسف بن الحسن دام توفيقه. وإلى كل ... هذا المجلد قراءة محقق مدقق، وأجزت له روايته عني عن جماعة عن المؤلف رضي الله عنه ... [كلمات لا نقرأ ] القطب الرواندي ..

السند الثالث : إجازة علي بن فضل الله بن علي بن عبيد الله بن علي الراوندي ( ت / 589 ح ):

قال شيخنا العلامة في ترجمته: وممن قرأ على صاحب الترجمة كتاب نهج البلاغة هو جمال الدين أبو نصر علي بن محمّد بن الحسن المتطبّب بقم، قرأه عليه في 589 بعدما قرأه في 587 على شيخه الآخر الإمام زين الدين محمد بن أبي نصر القمي، فكتب صاحب الترجمة على النسخة بخطه ما لفظه : قرأ وسمع عليّ كتاب نهج البلاغة الأجل الإمام العالم الولد الأخص الأفضل جمال الدين زين الإسلام شرف الأئمة علي بن الحسن المتطبب أدام الله حمايته - إلى قوله : - عند ذكر روايته - عن المولى السعيد والدي سقاه الله صوب الرضوان، عن ابن معبد الحسيني، عن الإمام أبي جعفر الطوسي - إلى قوله : - ورويت عن الشيخ

ص: 115


1- راجع الصفحات الأخيرة من نسخة نهج البلاغة رقم 5690 ، في مكتبة السيّد المرعشي بقم.
2- (1 - 2) راجع الصفحات الأخيرة من نسخة نهج البلاغة رقم 5690، في مكتبة السيد المرعشي بقم.

الإمام عبد الرحمن كذا ] بن الاخوة البغدادي ، عن الشيخ أبي الفضل محمّد بن يحيى النائلي، عن أبي نصر عبد الكريم بن محمّد سبط بشر الديباجي، عن السيد الرضي، ورواه لي والدي عن الشيخ الإمام أبي جعفر محمّد بن علي ابن الحسن المقرىء النيسابوري عن الحسن بن يعقوب الأديب، عمّن سمعه عن الرضي. كتبه علي بن فضل الله الحسني حامداً مصلياً في رجب سنة تسع

وثمانين وخمسمائة ).

وكتب الشيخ جمال الدين أبو نصر القمّي ما نصه بخطه : « يقول العبد الضعيف أبو نصر علي بن أبي سعد الطبيب أجازني السيد الكبير ضياء الدين علم الهدى بن الحسن بن أبي سعد كتاب ( نهج البلاغة ) عن السيّد المرتضى الداعي الحسني ، عن الشيخ أبي عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي ، و ( الغريبين ) عن الشيخ زاهر النيسابوري المستملي، عن أبي عثمان الصابوني، عن أبي عبد الله الهروي المؤدّب مصنّفه و غرر الفوائد ودرر القلائد) عن السيّد حمزة بن أبي

، الأغر نقيب مشهد الحسين علیه السلام ، عن ابن قدامة، عن علم الهدى ، و ( غريب الحديث ؛ لأبي عبيد القاسم بن سلام)، عن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد عن أبي نعيم الحافظ، عن سليمان الطبراني الشامي، عن علي بن عبد العزيز البغوي، عن أبي عبيد. وكتب في رجب سبع وثمانين وخمسمائة (1). ثم قال شيخنا العلامة: «أقول : مراده من السيّد الكبير ضياء الدين علم الهدى هو أبو الرضا فضل الله الراوندي الذي كان حياً سنة 548 ، وكأنه أجاز المتطبب في أواخر عمره وأوائل عمر المتطبب رواية هذه الكتب عنه بأسانيدها، ثم قرأ المتطبب ( النهج ) على عزّ الدين علي بن ضياء الدين فضل الله الراوندي، بعد مدة في قم سنة 589 ، وقد بقي المتطبب إلى 601 حيث كتب في هذا التاريخ على ظهر

ص: 116


1- الثقات والعيون : 198 - 199.

نسخة النهج انه قرأه على أبي نصر القمي في 587 ثم عرضه على نسخة الراوندي، ثم قرأه في 589 على ابن الراوندي، ويظهر من دعائه لهما في سنة 601 وفاتهما قبل ذلك. فذكرنا الاستاذين في السادسة والتلميذ في السابعة، ونسخة نهج البلاغة هذه رأيتها عند الشيخ حيدر قلي خان سردار الكابلي بكرمانشاه قبيل وفاته فيها 1372

هذا، وممن يروي عن صاحب الترجمة هو أبو عبد الله محمّد بن مسلم أبي

الفوارس الرازي صاحب الأربعين، الذي نقل عنه ابن طاووس في اليقين (1)

إجازة أبي نصر الطبيب :

ونصّ الإجازة في نسخة في مكتبة محفوظ كالآتي: « وكان في ظهر النسخة التي قوبلت نسختي بها مكتوباً : يقول العبد الضعيف أبو نصر علي بن أبي سعد بن الحسن الطبيب أسعده الله في الدارين بحق النبي محمّد سيد الثقلين عليه وعلى أهل بيته أفضل الصلوات وآلاف التحيات أجازني السيد الكبير ضياء الدين علم الهدى كتاب نهج البلاغة للسيّد الإمام الرضي ذي الحسبين أبي الحسن محمّد بن الحسين بن موسى بن الإمام محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام ، عن السيد المرتضى بن الداعي الحسني عن الشيخ أبي عبيد الله جعفر بن محمّد الدوريستي عنه رضي الله عنه. والغريبين، عن الشيخ زاهر بن طاهر النيسابوري المستملي ، عن أبي عثمان الصابوني، عن أبي عبيد الهروي المؤدب مصنفه . وغرر الفوائد ودرر القلائد عن السيد حمزة بن أبي الأغر نقيب مشهد الحسين صلوات الله عليه، عن أبي قدامة، عن علم الهدى رضي الله عنه وغريب

ص: 117


1- الثقات والعيون: 200

الحديث؛ لأبي عبيد القاسم بن سلام البغدادي، عن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن ،الحداد عن أبي نعيم الحافظ، عن سليمان الطبراني الشامي، عن علي بن عبد العزيز البغوي ، عن أبي عبيد رحمهم الله ، وكذلك أجاز لي رواية جميع ما له روايته من منقول أو معقول. وكتب في رجب سنة 581 ( سبع وثمانين وخمسمائة هجرية حامداً الله تعالى مصلياً على سيدنا محمّد وآله الطاهرين وهو

(حسبي ونعم الحسيب)

(1)

وجاء في نسخة الدكتور محفوظ المؤرخة 1059 أيضاً: «كان مكتوباً في ظهر 59 النسخة المنتسخ منها نسختي : يقول العبد الضعيف المسيء إلى نفسه في يومه وأمسه أبو نصر علي بن أبي سعد محمّد بن الحسن بن أبي سعد الطبيب أسعده الله في الدارين بمحمّد سيد الثقلين وآله مصابيح الملوين عليه وعليهم أفضل الصلوات وأمثل التحيات عرض هذه النسخة بعد القراءة على الإمام الكبير العلامة التحرير زين العابدين سيد الأئمة فريد العصر ابن أبي نصر سقاه الله شآبيب رضوانه و کساه جلابيب غفرانه على نسخة السيد الإمام الكبير السعيد ضياء الدين علم الهدى تغمده الله برحمته وتوّج معرقه بتيجان مغفرته، وصححّتها غاية التصحيح ، ثم بعد ذلك قرأته على أبيه السيد الإمام الكبير عز الدين المرتضى رضي الله عنه وأرضاه، وسمعتها عليه قراءة استبحثت عن معانيه ، وسماعاً استكشفت عن مبانيه - إلى ان كتب: - وذلك في شهر ربيع الأول سنة 601

إحدى وستماءة هجرية، ولله الحمد والمنّة (2).

وكان مكتوباً في ظهر المنتسخ منها هذه النسخة: «قرأ على ولدي الأعز الأنجب جمال الدين أبو نصر علي بن محمّد بن الحسين المتطبب أبقاه الله طويلاً وآتاه من [لدنه ] فضلاً جزيلاً، كتاب نهج البلاغة نسخته هذه من أولها إلى

ص: 118


1- نهج البلاغة ، نسخة مكتبة محفوظ المؤرخة بسنة 1059ه-.
2- نهج البلاغة ، نسخة مكتبة محفوظ المؤرخة بسنة 1059

آخرها، وأجزت له روايته عنّى عن السيّد الإمام العالم العارف ضياء الدين تاج الإسلام علم الهدى أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبد الله الحسني الراوندي حباه الله في جواره جنانه وثقل بالحسنات ميزانه، قراءة عليه عن ابن معيّة عن أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي عن الرضي الموسوي رضي الله عنه ،وعني عن الاستاد السعيد أمين الدين [كذا ] أبي القاسم المرزبان بن الحسين المدعو ابن كميج وعن خاله ... الأديب أبي الحسن محمّد بن أبي محمّد الحسن

بن إبراهيم عن الشيخ جعفر الدوريستي [ظ ] عن الرضي رضي الله عنه وعنهم وعنا جميعاً. وكتب محمد بن أبي نصر محمّد بن علي سلخ شهر الله المرجب سنة 587 ( سبع وثمانين وخمسماءة) هجرية نبوية، حامداً ومصلياً ومسلّماً على نبيه محمّد و عترته... (1)

وكان في ظهر النسخة التي عورضت نسختي بها: «قرأ وسمع علي كتاب نهج البلاغة الأجل الامام العالم الوالد الأحظى كذا] الأفضل جمال الدين زين الإسلام شرف الأئمة علي بن محمّد بن الحسن المتطبب أدام الله جماله وبلّغه فى الدارين ،آماله، قراءة وسماعاً يقتضيهما ،فضله، وأجزت له أن يرويه عنّي عن المولى السعيد والدي سقاه الله صوب الرضوان، عن ابن معبد الحسيني عن الإمام أبي جعفر الطوسي، عن السيد الرضي لو اور روايته عن الشيخ الإمام عبد الرحيم بن الأخوة البغدادي عن الشيخ أبي الفضل محمد بن يحيى الناقلي، عن أبي نصر عبد الكريم بن محمّد سبط بشر الديباجي، عن السيّد الرضي . ورواه لي أبي قدس الله روحه عن الشيخ الإمام أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسن المقرئ النيسابوري، عن الحسن بن يعقوب الأديب، عمّن سمعه من الرضي رضی الله عنه. كتبه علي بن فضل الله الحسني حامداً مصلياً في رجب سنة 589

ص: 119


1- نهج البلاغة ، نسخة مكتبة محفوظ المؤرخة بسنة 1059

( تسع وثمانين وخمسماءة) (1)

وكتب شيخنا العلامة بخطه عن نسخة سردار كابلي ما لفظه : [ نهج البلاغة ]

) عليه صورة إجازة السيد علي بن فضل الله الحسني في رجب سنة 589 للشيخ علي بن محمّد بن الحسن المتطبب ، عن الشيخ الإمام عبد الرحمن [كذا ] بن الاخوة البغدادي عن الشيخ أبي الفضل محمد بن يحيى الناتلي، عن أبي نصر عبد الكريم بن محمّد سبط بشر الديباجي عن السيد الرضي، وطرق أُخرى (2).

إجازة عبد الله بن حمزة الطوسي :

اجازة رواية نهج البلاغة مع سائر كتب الأصحاب من المجيز عبد الله بن حمزة

العلماء

بن عبد الله الطوسي في شهر رمضان سنة 596 للمجاز تاج الإسلام مفتي مرجع الأفاضل محمد بن الحسين بن الحسن الكيدري البيهقي على ما جاء في الإجازة ] عن السيدّ الشريف السعيد الأجل أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني الراوندي عن مكي بن أحمد المخلطي عن أبي الفضل محمّد بن يحيى الناقلي عن أبي منصور عبد الكريم بن محمد الديباجي المعروف بسبط بشر الحافي ، عن السيّد الشريف الرضي رضی الله عنه ، وعن غير هؤلاء مشايخي .

توجد صورة الإجازة هذه في ذيل كتاب حدائق الحقائق النسخة المصوّرة

الموجودة في مكتبة دانشگاه طهران، والمؤرخة سنة 645ه-.

إجازة يحيى بن سعيد

الحمد الله وصلواته على محمّد وآله قرأ على كتاب نهج البلاغة من أوله إلى

ص: 120


1- نهج البلاغة ، نسخة مكتبة محفوظ، المؤرخة بسنة 1059.
2- الثقات والعيون : 199.

آخره السيد الأجل الأوحد العابد الصالح العالم عزّ الدين الحسن بن علي بن محمّد بن علي المعروف بابن الأبزر الحسيني أعظم الله ثوابه وأعاد بركته قراءة صحيحة مهذبّة تؤذن بعلمه وتقضى بفهمه وأجزتُ له روايته عني عن السيد محيي الدين أبي حامد محمّد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي رحمة الله عليه، عن الفقيه محمّد بن عليّ بن شهراشوب المازندراني ، عن أبي الصمصام عن الحلواني، عن المصنف.

وعن السيد المذكور عن السيد عزّ الدين أبي الحرث محمّد بن الحسن بن علي الحسيني، عن القطب الراوندي، عن السيّدين المرتضى والمجتبى ابني الداعي الحلبي ، عن أبي جعفر الدوريستي ، عن السيّد مصنفه رضي الله عنهم أجمعين، فليروه متى شاء بشرط تجنّب التخليط والتصحيف، وكتب يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد في سابع عشر من... سنة خمس وخمسين وستمائة(1).

إجازة على بن الحسن بن سعيد الهذلي

وفي نسخة نهج البلاغة في مكتبة آية الله الحكيم بقلم السيّد نجم الدين الحسيني الطوسي هذه القراءة على كاتب القراءة يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي بالحلة سنة 677 ه-: «قرأ عليّ السيّد الأجل الأوحد الفقيه العالم الفاضل المرتضى نجم الدين أبو عبد الله الحسين بن أردشير بن محمّد الطبري أصلح الله أعماله وبلّغه آماله ، كّل هذا الكتاب من أوّله إلى آخره فكمل له الكتاب كلّه، وشرحت له مشكله وأبرزت له كثيراً من معانيه، وأذنت له في روايته عني عن السيّد الفقيه العالم المقرىء المتكلّم مجد الدين أبي حامد محمّد بن علي بن عبد الله بن زهرة الحسيني الحلبي ، عن الشيخ فقيه الدين أبي جعفر محمّد بن

ص: 121


1- نهج البلاغة ، نسخة م المرعشي رقم 5690 .

شهر اشوب المازندراني ، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسيني المروزي ، عن أبي عبد الله محمّد بن علي الحلواني، عن السيد الرضي أبي الحسن محمّد بن الحسين بن موسى بن محمّد الموسوي، وعنه عن الفقيه عزّ الدين أبي الحرث محمّد بن الحسن بن علي الحسيني البغدادي، عن قطب الدين أبي الحسين الراوندي، عن السيّدين المجتبى والمرتضى ابني الداعي الحسيني الحلبي ، عن أبي جعفر الدوريستي ، عن السيّد الرضي ، فليرو متى شاء [بياض ]

سنة 677 »

وقال العلامة الحلي ( ت 7267ه-) في اجازته لبني زهرة ما لفظه ومن مصنفات السيد الشريف المرتضى أبي الحسن بن عليّ بن الحسين بن موسى الموسوي قدس الله روحه وجميع رواياته وإجازته بالاسناد المقدّم عن شاذان بن جبرئيل القمي، عن أحمد بن محمّد الموسوي، عن ابن قدامة، عن

الشريف المرتضى.

وبهذا الاستاد جميع مصنفات السيّد الرضي - أخي المرتضى - ورواياته

وديوان شعره ونهج البلاغة وغيره عن ابن قدامة عن السيّد الرضي(1).

إجازة محمّد بن الحسن بن محمّد العلوي:

صورة اجازة محمّد بن الحسن بن محمد العلوي المؤرخة سنة 730ه-، للسيد محمد شمس الدين الموسوي ونصها : الله الحمد قرأ على السيّد الولد الأعزّ الفقيه العالم الفاضل شمس الدين جمال الإسلام مفخر السادة زين العلماء محمد بن السيد الأجل الأوحد الكبير الحسيب النسيب جمال الدين بن أحمد بن أبي المعالي الموسوي أدام الله أيّام شرفه ووفقه لوطء آثار سلفه بمنّه ولطفه، كتاب

ص: 122


1- البحار 107 : 171

نهج البلاغة من كلام سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله

عليه من أوله إلى آخره قراءة كاشف عن معانيه باحث عن أسرار مطاويه. وأجزت له روايته عنّي، عن الشيخ السعيد نجيب الدين يحيى بن سعيد ، عن السيّد الشريف محيي الدين بن محمّد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي، عن الفقيه رشيد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن شهر اشوب المازندراني ، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسيني المروزي أبي عبد الله محمّد بن علي الحلواني، عن السيد الرضي. وعن السيد المذكور عن الفقيه الشريف قطب الدين أبي الحسين سعيد ابن هبة الله الراوندي، عن السيّدين المرتضى والمجتبى ابني الداعي الحسيني، عن أبي جعفر الدوريستي عن السيّد الرضي.

عن

وأجزت له الرواية أيضاً عنّي عن الشيخ العالم السعيد كمال الدين ميثم بن علي البحراني الأوالي عن الشيخ العالم فقيه السلف مجد الدين أبي الفضل عبد الله بن أبي الثناء محمود بن مودود بن محمود بن بلدجيّ عن السيد العالم كمال الدين حيدر بن محمّد بن زيد بن محمّد بن محمّد بن عبيد الله الحسيني عن شيخه رشيد الدين أبي جعفر محمّد بن عليّ بن شهر اشوب السروي عن السيّد المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسينيى الجرجاني، عن أبيه أبي زيد، عن المؤلف السيّد الرضي. وبحق رواية ابن شهراشوب أيضاً عن السيّد أبي الرضا فضل الله بن عليّ بن

عبيد الله الحسني الراوندي، عن المفيد أبي الوفاء عبد الجبار المقريء الرازي عن الشيخ الحافظ أبي علي بن أبي جعفر الطوسي، عن المؤلّف، فليرو ذلك متى شاء موفقاً نفعه الله. وكتب محمّد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي في صفر ختم بخير

ص: 123

لسنة ثلاثين وسبعماءة (1).

إجازة الشهيد الأوّل (734-786)

ونصّ إجازة الشهيد المؤرخة ،770 للشيخ شمس الدين بن نجدة ما يلي وأما مصنفات الإمام العلامة السعيد ملك الأدباء علامة الفضلاء أبي الحسين محمّد الرضي جامع كتاب نهج البلاغة من كلام الإمام الربّاني وارث علم رسول الله وخليفته أبي الحسن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، فإنّي أرويها عن جماعة كثيرة ، منهم من تقدّم إلى ابن شهراشوب عن السيّد الإمام أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسيني المروزي عن السيّد الرضي بواسطة أبي عبد الله

الله (2)

محمّد بن علي الحلواني رحمهم وقال الشهيد الأول في إجازته المؤرخة سنة 784 لابن الخازن الحائري

ورويت» كتاب نهج البلاغة الذي هو معجز الإمام المفترض الإمام المفترض الطاعة أمير المؤمنين علیه السلام عن جماعة كثيرة ، منهم الشيخ رضي الدين المزيدي عن شيخه الإمام فخر الدين البوقي بسنده المشهور (3)

إجازة العلامة البياضي:

إجازة العلّامة البياضي المؤرخة 852ه- للشيخ ناصر البويهي: وأجزت له رواية كتاب نهج البلاغة بالطريق المذكور عن السيّد الرضي، وأجزت له رواية شرح نهج البلاغة لميثم البحراني عن والدي إجازة، عن المصنّف إجازة، فليرو

ص: 124


1- بحار الأنوار 107: 179 - 180 .
2- بحار الأنوار 107 198
3- بحار الأنوار 107: 189 .

ذلك كله لمن شاء وأحب فهو أهل لذلك (1).

إجازات المحقق الكركي (868 - 940)

1 - إجازة الشيخ علي بن عبد العالي الكركي المؤرخة 907 ه- للاسترابادي: وأجزت له جميع مصنّفات السيّد الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى الموسوي قدّس الله روحه ورواياته وإجازاته بالاسناد المتقدّم ، عن الشيخ شاذان بن جبرئيل القمي، عن أحمد بن محمّد الموسوي عن ابن قدامة عن السيّد الشريف المرتضى. وبهذا الاسناد كتب السيّد الرضي - أخي المرتضى - ورواياته وديوان شعره ونهج البلاغة عن ابن قدامة، عن السيّد الرضى قدس الله روحه(2).

- إجازة الشيخ علي بن عبد العالي الكركي، المؤرخة 934 للميسي: «ومنه مصنّفات السيّد الشريف الإمام العلامة ملك الأدباء علامة العلماء أبي الحسن محمّد بن الحسين الموسوي الملّقب بالرضي جامع كتاب نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين وسيّد الوصييّن وقائد الغر المحجلين أبي الحسن علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات بالاسناد المتقدم إلى الشيخ السعيد محمّد بن شهراشوب ، عن السيّد الإمام أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسيني المروزي، عن الشيخ أبي عبد الله محمّد بن علي الحلواني، عن السيّد أبي الحسن

الرضي قدّس الله روحه الطاهرة ورضي الله عنه وعنهم أجمعين (3).

3 - إجازة الشيخ علي بن عبد العالي الكركي المؤرخة 937 للقاضي

ص: 125


1- بحار الأنوار 225:107.
2- بحار الأنوار 52:108
3- بحار الأنوار 46:108

صفي الدين: « ومما أرويه بخصوصه كتاب نهج البلاغة من كلام مولى الثقلين أمير المؤمنين وإمام المتّقين وسيّد الوصيين أبي الحسن المرتضى علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه وآله جمع السيّد الأجل الأوحد السعيد الطاهر رضي الدين أبي الحسن محمّد بن الحسين الموسوي قدس الله روحه الطاهرة، وكتاب الصحيفة الكاملة للإمام الهمام السجّاد زين العابدين ذي الثفنات علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين(1).

إجازة الشهيد الثاني زين الدين (911 - 965)

إجازة الشيخ الشهيد الثاني المؤرخة 941 للحسين بن عبد الصمد العاملي: وعن الشيخ أبي جعفر مصنّفات ومرويات السيد المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي، ومصنفات ومرويات أخيه السيد الرضي، التي من جملتها كتاب نهج البلاغة (2)

إجازة الشيخ حسن بن الشهيد الثاني (959 - 1011)

إجازة الشيخ حسن بن زين الدين الشهيد الثاني الكبيرة ، قال : ومن ذلك ما ذكره العلامة أيضاً من أنّه يروي بالطريق السابق عن الشيخ شاذان القمي، عن أحمد بن محمّد الموسوي، عن ابن قدامة عن السيّدين الأجلّين المرتضى والرضي جميع مصنّفاتهما ورواياتهما وديوان شعر السيّد الرضي ونهج البلاغة

من جمعه.

وذكر السيّد غياث الدين بن طاووس في إجازته التي أشرنا إليها سابقاً أنه

ص: 126


1- بحار الأنوار 108: 77
2- بحار الانوار 108 : 159

يروي جميع كتب السيّد المرتضى عن الوزير العلامة السعيد نصير الدين محمّد ابن محمّد بن الحسن الطوسي، عن والده عن السيّد فضل الله الراوندي الحسني عن مكّي بن أحمد المخلطي ، عن أبي عليّ بن أبي غانم العصمي عنه، وأنه يروي نهج البلاغة بحق سماعه على القاضي عبد الله بن محمود بن بلدجي سنة سبعين وستّ مائة ببغداد بدرب السلسلة، بقراءة العلّامة شمس الدين الكيشي قال: وأجاز لي روايته عن السيدّ كمال الدين حيدر بن محمّد بن زيد الحسيني عن محمّد بن علي بن شهراشوب، عن المنتهى ابن أبي زيد، عن أبيه، عمن السيّد الرضي.

وذكر الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد أنّه يروي عن السيّد محيي

ا الدین بن زهرة عن الشيخ رشيد الدين محمد بن علي بن شهر اشوب المازندراني ، عن السيّد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسيني وأبي عبد الله محمّد بن عليّ الحلواني ، عن السيّد المرتضى جميع تصانيفه.

ويروي عن السيّد محيي الدين، عن ابن شهر اشوب ، عن أبي الصمصام عن

الحلواني، عن السيّد الرضي جميع تصانيفه، ويرويها أيضاً عن السيّد محيي الدين، قال: أخبرني بها إجازة الشريف الفقيه عز الدين أبو الحارث محمّد بن الحسن بن علي الحسيني البغدادي عن الفقيه قطب الدين أبي الحسين الراوندي، عن السيدين المرتضى والمجتبى ابني الداعي، عن أبي جعفر الدوريستي ، عن السيد الرضي. وقال أيضاً: وذكر الشيخ نجم الدين جعفر بن نما أنه يروي جميع كتب السيّدين عن والده عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي، عن الشيخ محمد بن عليّ بن شهر اشوب ، عن السيّد المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسني الكجي الجرجاني، عن أبيه أبي زيد عن السيّد المرتضى وأخيه الرضي.

وذكر أنه يروي كتاب غرر الفوائد ودرر القلائد للسيّد المرتضى عن والده، عن

ص: 127

محمّد بن جعفر، عن عبدالله جعفر الدوريستي ، عن جدّه عن جدّه ، عن

بن المصنّف. ويروي أيضاً الجزء الأوّل منه عن والده عن الشيخ أبي الحسن عليّ بن الخياط، عن السيّد الأجل الشريف شرفشاه بن محمّد بن الحسين بن زيارة الأفطسي ، عن شيخه الفقيه جمال الدين أبي الفتوح الحسين بن علي الخزاعي،

يحيى

عن القاضي الفاضل حسن الاسترآبادي، عن ابن قدامة، عن السيّد المرتضى. ويروي جميع كتب المرتضى أيضاً عن والده عن الشيخ علي بن قطب الدين الراوندي، عن شيخه واستاذه الإمام أبي الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن الاخوة البغدادي، عن الشيخ أبي غانم العصمي الهروي الشيعي الإمامي عنه - إلى أن قال: ويروي نهج البلاغة عن والده عن الشيخ عليّ بن يحيى الخيّاط، عن الشيخ علي بن نصر بن هارون المعروف جدّه بالكال الحلّي، عن شيخه الحسن بن عليّ ابن عبيدة، عن أبي السعادات أحمد بن الماصوري العطارديّ، عن القاضي أبي المعالي بن قدامة، عن السيّد الرضي (1). »وفي هامش بحار الأنوار ورد ما يلي: وجدت بخط شيخنا الشهيد الأوّل رحمه الله ما صورته أخبرني شيخنا عميد الدين قدس الله سره أنه يروي عن الشيخ العالم مجد الدين أبي الفضل عبد الله ابن أبي الثنا محمود بن مودود بن محمود بن بلدجي أو بعض آل بلدجي - شاك في ذلك - بسبب إجازة استجازها له من جده فخر الدين بعد أن استجاز لنفسه منه. ويروي هذا القاضي النهج عن كمال الدين حيدر بن زيد بن محمّد بن زيد العلوي الحسيني، عن رشيد الدين ابن شهراشوب، عن السيّد المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني الجرجاني، عن

أبيه :

أبي زيد، منه. ، منه. كذا في الهامش(2)

ص: 128


1- بحار الأنوار 46:109-47.
2- هامش بحار الأنوار 109 45

إجازة العلامة المجلسي (ت 1111ه):

وهذه صورة إجازة العلامة المجلسي للمولى محمّد مؤمن الرازي: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أنهاة المولى الأولى الفاضل الكامل الزكي الرضي البهي المدقق المحقق جامع الفضائل النفسانية مولا محمّد مؤمن الرازي أيده الله تعالى سماعاً وتصحيحاً وتدقيقاً في مجالس عديدة، آخرها ثامن شهر رجب الاصب من شهور سنة اثنين وسبعين بعد الألف الهجرية، فأجزت له دام توفيقه أن يرويه عني مع سائر ما أخذه مني بأسانيدي المتصلة إلى أرباب العصمة صلوات الله عليهم أجمعين، وكتب بيمناه الوازرة الدائرة أفقر العباد إلى عفو ربه الغني: محمّد باقر بن محمّد تقي على الله عن جرائمهما حامداً مصلياً مسلّماً » (1)

إجازة الشيخ الحر العاملي، صاحب الوسائل (1033 - 1104) :

اجازة الشيخ الحر العاملي المؤرخة 1085 للفاضل المشهدي : « وأجزت له أن يروي عنّي كتاب نهج البلاغة وكتاب المجازات النبوية وكتاب مجاز القرآن وحقائق التنزيل وخصائص الأئمة وخلاف الفقهاء وغير ذلك من مؤلّفات السيّد الرضي محمّد بن الحسين الموسوي بالسند السابق عن شاذان بن جبرائيل القمي، عن أحمد بن محمّد الموسوي، عن ابن قدامة عن السيّد الرضي. وبالسند السابق عن محمّد بن علي بن شهر اشوب عن ذي الفقار بن معبد

الحسيني ، عن محمّد بن عليّ الخلواني، عن السيد الرضي(2)

وقال الحر العاملي صاحب الوسائل (ت/ 1104) : « ونروي كتاب نهج البلاغة والمجازات النبوية بالاسناد السابق، عن شاذان بن جبرائيل القمي، عن أحمد بن

ص: 129


1- نسخة مكتبة گوهر شاد ، رقم 104.
2- بحار الأنوار 110 : 115

محمّد الموسوي، عن ابن قدامة عن السيّد الرضي.

وبالاسناد السابق، عن محمدّ بن علي بن شهر اشوب، عن أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسيني ، عن محمّد بن عليّ الحلواني ، عن السيّد الرضي محمّد ابن الحسين الموسوي (1).

إجازة السيّد أبي محمّد الحسن صدر الدين الموسوي (ت / 1354) :

إجازة السيد الصدر الموسوي بتاريخ 1339 ه- للسيّد شهاب الدين المرعشي بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، بعد الحمد والصلاة ، فقد استجاز عني الولد الصالح

الّذي أحرز من العلم الطارف والتليد، وأخذ بمجامع الفضل بطريق سديد الشريف السند النسابة ، لازال - كاسمه - لظلمة معضلات الدين شهابة شمس السيادة والإفادة ،والإقبال وعزّة سيماء النقابة والنجابة والكمال، سلالة العترة الطاهرة ونقاوة الأنجم الزاهرة، يم العلم الذي يفيد ويفيض ، وجم الفضل الذي لا يغيض الجامع بين مكارم الأخلاق وطيب الأعراق، الحاوي صفات الذّات وجميل الصفات العالم العامل والمهذّب الصّفي الكامل، أبو المعالي السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي المشتهر بالنجفي عامله الله بلطفه الجلي

والخفي، في رواية كتاب نهج البلاغة في خطب مولانا أمير المؤمنين والصحيفة الكاملة السجادية المعروفة بزبور أهل البيت ، وان كانا متواترين إلى منشئهما سلام الله عليهما، إلّا أنّ الإنسلاك في سلسلة الرواة عنهم ممّا يرغب فيه ويندب إليه، فأقول مستعيناً بالله : إن لنا إلى ذينك الكتابين طرقاً، منها ما أرويه عن الشريف العلامة الأجل السيّد مهدي الحسيني القزويني الحلي، عن جماعة منهم عمّه العلامة الزاهد السيّد باقر، عن جماعة منهم : سيّدنا آية الله بحر العلوم

ص: 130


1- وسائل الشيعة 56:20-57 .

المهدي الطباطبائي النجفي، عن جماعة ، منهم : العلاّمة المير عبد الباقي الحسيني الخاتون ابادي إمام الجمعة باصبهان ، عن جماعة منهم والده العلامة المير محمّد حسين سبط مولانا المجلسي ، عن جماعة، منهم: العلّامة فخر الشيعة السيّد علي خان الحسيني المدني شارح الصحيفة، بطرقه المعروفة التي ذكرها في الشرح .وغيره فلجناب السيّد دام علاه وزاد الله في علمه وتقاه أن يروي عنّي بتلك الطرق المسلسلة المعنعنة مراعياً لشروط الرّواية، وأشترط عليه أن لا يترك سلوك سبيل الإحتياط في أمر دينه ودنياه ؛ فإنّه سبيل النجاة، عصمنا الله وإيّاه من الزلّل ،آمين وقد حرّرتها في مشهد جدي الإمام أبي إبراهيم موسى بن جعفر تجاه الضريح الشريف في شهر جمادى الثانية 1339 حامداً مصلّياً مسلّماً. الأقل حسن بن المرحوم السيّد هادي الموسوي » (1).

مشجرة السيّد أبي القاسم الطباطبائي التبريزي (ت/1362):

وسند نهج البلاغة في مشجرة السيد أبي القاسم التبريزي هكذا: «السيد أبو القاسم الطباطبائي التبريزي بإسناده عن الشهيد الأوّل، عن السيّد عليّ بن محمّد زهرة ، عن الشيخ كمال الدين بن محمّد بن زهرة عن الشيخ شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح، عن السيد رضي الدين محمّد، عن أبيه محمّد، عن أبيه

أ

محمّد، عن أبيه زين الدين، عن أبيه الداعي الحسيني، عن الرضي (2)قال الجلالي : وقد أجزت جمعاً ممن قرأ علي الخطبة الشقشقية من نهج البلاغة بما صورته: قرأ على الخطبة الشقشقية من كتاب نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين جمع الشريف الرضي محمّد بن الحسين الموسوي (ت / 406)

ص: 131


1- ترجمة الصحيفة السجادية : 23 ، حسين عماد زاده، ط / طهران سنة 1374 .
2- مشجرة علماء الإمامية ؛ للسيد أبي القاسم الطباطبائي، طبعة طهران سنة 1378 .

وقد نزلت عند رغبته ولبيت طلبه عملا بهدى القرآن المبين وسنّة النبي الأمين وسيرة الأئمة الطاهرين من رعاية حقوق المسلمين المسؤول عنها يوم الدين. فأجزته روايتها عنى بأسانيدي التي ذكرتها في مسند نهج البلاغة، وأكتفى هنا برواية واحدة واسناد واحد قد رواها الشيخ الصدوق محمّد بن علي بن الحسين

، بن بابويه (ت/381) المتوفى قبل الشريف الرضي ب- 25 سنة ، قال : حدثنا محمّد بن علي ماجيلوية، عن عمه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان تغلب عن عكرمة عن ابن عباس - ثم أورد الخطبة وعقّبها بشرح بعض مفرداتها في كتابه علل الشرائع الباب 22 ( باب العلّة التى من أجلها ترك أمير المؤمنين مجاهدة أهل الخلاف الصفحة 150 طبعة المكتبة الحيدرية في النجف الأشرف سنة 1385ه- ، وأكتفي بسند واحد عالياً عن شيخي المعمّر الشيخ محمّد محسن الرازي المتوفى 13 ذي الحجة 1389 في النجف الأشرف، عن شيخه الميرزا حسين النوري، المتوفى ،1320 ، عن السيّد ميرزا هاشم الخوانساري (ت /1317) ، عن السيّد صدر الدين العاملي ( ت 1263) ، عن السيّد محمّد مهدي بحر العلوم (ت ت 1212) ، عن محمّد باقر الوحيد البهبهاني ( ت / 1206)، عن والده محمّد أكمل، عن المولى محمّد باقر المجلسي (ت / 1111)، عن والده محمّد تقي المجلسي (ت / 1070)، عن بهاء الدين محمّد العاملي (ت/1031)، عن والده الحسين بن عبد الصمد (ت/984) ، عن زين الدين الشهيد الثاني ( ت 9667) ، عن نور الدين علي بن عبد العالي الميسي ( ت 940) ، عن شمس الدين محمّد / ابن المؤذن الجزيني، عن ضياء الدين علي العاملي، عن والده شمس الدين محمّد بن مكي الشهيد الأوّل (ت/786) ، عن فخر المحققين أبي طالب محمّد الحلي ( ت /771) عن والده الحسن بن يوسف العلامة الحلي ( ت /726) ، عن

ص: 132

السيّد علي بن طاووس ( ت / 664) ، عن نجيب الدين علي السوراوي عن حسين بن هبة الله بن رطبة ( ت 560 ح ) ، عن أبي علي بن محمّد بن الحسن الطوسي (ت / 515 ح ) ، عن والده الشيخ الطوسي محمّد بن الحسن (ت/ 460)، عن الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان (ت /413) ، عن الشيخ الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه المتوفى 381ه- باسناده المتقدم. وأما سائر أسانيدي إلى الشريف الرضي فأحيله إلى كتابي «إجازة الحديث» المطبوع بدار المنار بالقاهرة عام 1402 باهتمام الاستاذ سعيد أيوب، وخاصة الإجازة العلوية وحلقة الرضيين الصفحة 92 وما بعدها، وقد فصلت أسانيدي في معجم الأحاديث وأشرت إليها في مصادر الحديث » طبعة القاهرة سنة 1395 ، و شرح الأربعين النبويّة ) طبعة بيروت سنة 1394 ، وأشترط عليه دام فضله العناية بتراث أهل بيت النبيّ الأطهر صلى الله عليه وسلمالذي تكالب عليه أعداء الاسلام، وذلك بحفظه ودراسته وصيانته من التحريف ،والتصحيف ، وكذلك اشترط عليه أيده الله ما اشترط علي المشايخ من مراعاة جادة الاحتياط التي هي طريق النجاة في الحياة والممات ، وأن يهتم بأمور المسلمين وتوحيد كلمتهم باتباع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة من أحيى سنته الله وخطى خطوته والتزم بوتيرته دون من تجنّب طريقته، وأرجو من مكارمه أن لا ينسى المشايخ الأعلام من خالص دعواته في مظان الإجابة، وأسال ربّ العزة والجلال أن يوفقه للخير والكمال ، ويسدد خطاه بالنبيّ والآل. قاله بفمه ورقمه بقلمه الفقير الى الله الغني : محمّد حسين بن محسن الحسيني الجلالي أحسن الله إليه .

تبصرة:

اشارة

لقد تعسف المقبلي (1) أشد التعسف في نكران الاسناد إلى نهج البلاغة، مع أن

ص: 133


1- راجع هامش الصفحة 4 من هذا الكتاب

في مشايخ الاسناد من له اسناد متصل إليه ممّن هو ليس بشيعي ولا زيدي - ومن هو زيدي غير رافضي حسب تعبيره ولكن العصبية تعمي العيون نعوذ بالله منها: اسناد الشوكاني أبو عليّ محمّد بن علي الشوكاني المتوفى 1255 في كتاب إتحاف الأكابر بأسناد (الدفاتر » ص 114 المطبوع بحيدر آباد الهند، سنة 1328، قال: «نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه في الجنة، للشريف المرتضى ، أرويه بالإسناد المتقدم في أوّل هذا المختصر إلى الفقيه أحمد بن محمّد الأكوع المعروف بشعلة، عن السيّد المرتضى ب-ن س-راه-نك الوافد إلى ،اليمن، عن أحمد بن زيد الحاجي عن الشريف يحيى بن اسماعيل، عن الحسين بن علي الجويني، عن المؤلف رحمه الله تعالى. وسنده إلى الأكوع الذي ذكره في مفتتح الكتاب ص 3 هو : ( عن شيخي السيّد الإمام عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن الناصر بن عبد الرب بن عليّ بن شمس الدين ابن الإمام شرف الدين عن شيخه السيّد العلامة أحمد بن عبد الرحمن الشامي، عن السيّد العلامة الحسين بن أحمد زبارة، عن شيخه القاضي أحمد بن

عمّه محدّث .»

صالح بن أبى الرجال عن الإمام أحمد بن الحسين، عن شيخه شعلة الأكوع .....

قال الجلالي وأروي اتحاف الاكابر وغيره من كتب الشوكاني عن صنعاء اليمن شيخنا العلامة الشيخ حمود بن عباس المؤيد أيده الله، عن شيخه عبد الواسع اليماني ( ت /1397)، عن شيخه المتوكل على الله يحيى، عن أحمد ابن عبد الله الجنداري عن السيّد عبد الكريم بن عبد الله أبو طالب، عن عبد الله ابن محسن الحيمي، عن المؤلف محمد الشوكاني بأسانيده.

إجازة عمرو بن جميل النهدي الزيدي (ت /606 ح):

عمرو بن جميل النهدي الزيدي ( ت /606) هو مجمع الاسناد للائمة الزيدية إلى نهج البلاغة، وجاء في مجموعة اجازات المسوري ما نصه : ومنها كتاب

ص: 134

نهج البلاغة وكذلك كتاب خطبة الوداع ، ومات ولم يكتب السماع ، فكان أمر هو المطاع، وكان سماعه هذين الكتابين أيضاً ببلدة ساذباخ بنيسابور في مدرسة الصدر بن المقدم [ وفي الهامش: يعني علي بن اسماعيل ] والده.... الشريف... ست وستماءة بقراءة الإمام الأجل الاعلم الأفضل معين الدين تاج الإسلام... الأفاضل والأماثل في العالمين أحمد بن زيد بن علي الحاجي البيهقي... العالم العامل الفاضل البارع منتجب الدين تاج الإسلام والمسلمين سيد النحاة والقرّاء ابن أحمد بن سالم البغدادي والشيخ الإمام العالم منتجب الدين جمال الإسلام وافتخار التجار الحنيف [كذا ] بن محمد الواسطي وجماعة غيرهم وفقهم الله وإيانا (1).

ووصف المجيز عمرو بن جميل بن ناصر النهدي في إجازته المؤرخة سنة 606 في سنده كتاب جلاء الأبصار في تأويل «الأخبار»؛ للحاكم بن سعد بن تاج الشرف بما يأتي، قال رحمه الله له ما نصه : قال عمرو بن جميل : قد قرأته بتمامه ببلدة شاذباخ نيسابور على استاذي وشيخي السيد الإمام مفخر الأنام، الصدر الكبير العامل العالم، مجد الملة والدين، افتخار طه وياسين، ملك الطالبيين، شمس آل رسول الله استاذ جميع الطوائف الموافق منهم والمخالف، قبلة الفرق، تاج الشرف علي بن اسماعيل بن عليّ الحسيني برد الله مضجعه ونوّر مهجعه قال: أخبرنا به عمّي السيد الإمام الزاهد الحسن بن علي العلوي قال : أخبرنا به الشيخ الإمام علي بن أحمد المغيثي رحمه الله عن مصنفه في أوائل جمادى الأولى سنة سبع

وتسعين وخمسماءة».

وفي الهامش ما يلي: هو يحيى بن اسماعيل بن علي بن أحمد بن علي بن

ص: 135


1- إجازة عمرو بن جميل النهدي المؤرخة 606 ، وهي آخر اجازات المسوري اليمني ، عن مخطوطة المؤلف ؛ ومحل النقط كلمات لا تقرأ.

محمّد بن عليّ بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن

الأفطس بن علي بن علي زين العابدين بن الحسين بن الوصي أمير المؤمنين علیه السلام. هذا السيد العلامة يحيى بن إسماعيل هو الذي بلّغ دعوة الإمام الاعظم

المنصور بالله عبد الله بن حمزة سلام الله عليه إلى ملك خوارزم علاء الدين وأجازه علاء الدين اجازة عظيمة على تبليغها إليه ، وكان هذا الملك وأهل بلده من المحققين في العدل والتوحيد ومن أهل البيت علیهم السلام ويعادون الجبرية والحشوية

أشار إلى معنى هذا العلامة حميد الشهيد رحمة الله عليه في الحدائق » (1). ويظهر أن السيّد المرتضى بن سراهنك كان أوّل من نشر نهج البلاغة في اليمن فى حدود سنة 614 ه-، وعنه روى أولاد المنصور بالله وشيعته هذا الكتاب كما جاء في ترجمة نقل منها شيخنا السيّد مجد الدين المؤيدي حفظه الله ما نصه فقال: «قال مولانا الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم في ذكر نهج البلاغة : وأجلّ أخذ عنه هذا الكتاب باليمن السيد المرتضى بن سراهنك الواصل من بلاد العجم مهاجراً إلى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة متجرداً للجهاد بين يديه، فوافي ديار اليمن، وقد كان الإمام ،قبض، فأخذ عنه أولاد المنصور بالله وشيعته هذا الكتاب، وتوفي هذا الشريف المذكور بظفار - دار هجرته - بعد أن خلطه أولاد المنصور بالله بأنفسهم، وزوجوه بنتاً للمنصور بالله، وقبره في جانب الجامع المقدس بحصن ظفار (2).

من

والمنصور بالله هو عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة اليمني ( 561 - 614 ه- ) من أئمة الزيدية باليمن ، وفي معجم المؤلفين ولد في ربيع الأول ، وبويع له سنة 592ه-، واستولى على صنعاء وذمار، وتوفي بكوكبان سنة 614 ، ونقل إلى بريم

ص: 136


1- جلاء الأبصار في تأويل الأخبار (سند الكتاب).
2- لوامع الأنوار 1: 454

ثم إلى ظفار، وأشهر تصانيفه الشافي في أصول الدين(1).

عن

قال الجلالي: أرى أن كلمة ( أجل ) في كلام شيخنا مجد الدين مصحفة كلمة ( أول ) . والأسانيد الزيدية تشير إلى أنّ القراءات للكتاب قبل وفاة المنصور (ت/614) كانت في نيسابور ؛ فإن كلا من المنصور وصاحبه أحمد بن زيد بن علي الحاجي سمعا نهج البلاغة ببلدة نيسابور سنة 598(2).

وذكر المنصور بالله عبد الله بن حمزة في إجازته عدة كتب ، منها : تنزيه الأنبياء ،

ثم قال : ( وهذه الكتب يرويها الفقيه بدر الدين محمد بن حسين اليحيوي [ظ] عن والده عن الشيخ محيي الدين أحمد بن أحمد [ظ ] بن الوليد القرشي. قال : نا الفقيه حسين، وكذلك أروي عن والدي محمّد بن محمّد نهج البلاغة وجميع مصنفاته في العربية واللغة». والإجازة كتبها القاضي العلامة أحمد بن سعد الدين المسوري في ذي الحجة 1061 من نسخة بخط يوسف بن أحمد بن محمّد بن عثمان مؤرخة شهر شعبان

سنة 809ه-.

ولعل الإجازة من الإمام الأعظم المنصور بالله عبد الله بن حمزة ؛ فإن الخط

لا يقرأ وسقيم جداً. ونهج البلاغة قد أشار إليها المسوري في الإجازة فقال ما نصه: (وأنا أروي كتاب نهج البلاغة سماعاً عن شيخي الفقيه الإمام الأكمل والبحر الزاخر الأفضل جمال الدين أحمد بن حميد بن سعيد، وهذه نسخة سماعه رحمه الله تعالى والسند بيتين [كذا ] من إجازة الشيخ إبراهيم بن محمّد بن علي بن براز [كذا ] ساعد نقلها [الإجازة ] أحمد بن سعد الدين المسوري في

للفقيه أحمد أحمد بن

ص: 137


1- معجم المؤلفين 6: 50 .
2- لوامع الأنوار 1 : 455 .

ضحوة الأحد السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وألف».

قال الجلالي: وأروى نهج البلاغة بأسانيد هؤلاء بحق روايتي إجازة عن:

1 - مجد الدين المؤيدي.

2 - عن والده محمّد بن منصور

3 - عن محمّد بن القاسم الحوثي.

4 - عن محمّد بن عبد الله الوزير.

5 - عن ثلاثة هم:

يحيى بن عبد الله الوزير.

ب - وأحمد بن زيد الكلبي.

ج - أحمد بن يوسف بن الحسين زيارة.

6 - وهؤلاء الثلاثة عن الحسين بن يوسف زيارة.

- عن أبيه يوسف بن الحسين.

- عن أبيه الحسين بن أحمد.

9 - عن عامر بن عبد الله.

10 - عن المؤيد بالله محمد

11 - عن أبيه المنصور بالله القاسم بن محمّد.

12 - عن اثنين، هما:

أ - أمير المؤمنين بن عبد الله الهروي.

ب - ابراهيم بن المهدي القاسمي الجحافي.

13 - وهذان يرويان عن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن صارم الدين.

14 - عن المتوكلّ يحيى شرف الدين عن المنصور محمّد بن علي السراجي

الوشلي، عن الهادي عز الدين بن الحسن عن المتوكل المطهر بن محمّد بن

ص: 138

سليمان الخمري عن المهدي أحمد بن يحيى المرتضى، عن أخيه الهادي بن يحيى، عن القاسم بن أحمد بن حميد ، عن أبيه، عن جده حسام الدين الشهيد حميد بن أحمد المجلي عن المنصور عبد الله بن حمزة (المتقدم ذكره آنفاً).

15 - وعن صارم الدين إبراهيم بن محمّد بن عبد الله الوزير.

16 - عن صلاح الدين عبد الله.

17 - عن أبيه يحيى بن المهدي بن القاسم الزيدي.

18 - عن الواثق المطهر .

19 - عن أبيه المهدي محمّد

20 - عن أبيه المتوكل المطهر بن يحيى. 21

- عن محمّد بن أحمد بن أبي الرجال.

22 - عن المهدي أحمد بن الحسين.

23

- عن أحمد بن محمد بن القاسم الأكوع ، المعروف بشعلة.

24 - عن عبد الله بن حمزة (ت/614) [سمع في نيسابور 598ه- ](1).

25 - عن شيخه عمرو بن جميل [النهدي ].

26 - عن السيد الإمام يحيى بن إسماعيل.

27 - عن عمّه الحسين بن علي.

28 - عن الشريف الرضي مؤلّف كتاب نهج البلاغة (2).

مسسنة

ص: 139


1- الجامعة المهمة : 24.
2- وقد ذكرت هذه الأسانيد في لوامع الأنوار 455:1 ، والجامعة المهمة ص: 45

ص: 140

مصادر المسند:

اشارة

نقلت أسانيد روايات نهج البلاغة والروايات المشابهة لها نصا أو معنىّ من

المصادر المتداولة لأعلام مذهب أهل البيت ، وهم:

1 - سليم بن قيس الهلالي (ت 767) صاحب كتاب السقيفة، بأسانيده.

2- أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي (ت 158) بأسانيده.

-3- - محمّد بن خالد البرقي (ت 202 ح) بأسانيده.

4 - نصر بن مزاحم المنقري (ت/ 212) بأسانيده.

-5 - إبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال الثقفي (ت/ 283) بأسانيده.

6 - عبد الله بن جعفر الحميري ( ت /29 ح) بأسانيده.

7-محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار (ت (290) بأسانيده.

-8 - الحسين بن سعيد الأهوازي (ت /300 ح ) بأسانيده. /

9 - محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي (ت/300ح) بأسانيده.

10 - محمّد بن جرير بن رستم الطبري الأملي الإمامي (ت/310 ح ) بأسانيده.

11 - علي بن إبراهيم بن هاشم القمي ( ت /304 ح ) بأسانيده. :

(ت/304ح)

12 - محمّد بن يعقوب الكليني (ت/ 329) بأسانيده.

ص: 141

13 - محمّد بن مسعود العياشي ( ت /329 ح ) بأسانيده. (ت/329

14 - محمّد بن إبراهيم النعماني ( ت / 324 ح ) بأسانيده.

15 - أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه الصدوق (ت/381) بأسانيده.

16 - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي ( ت /368 ح ) بأسانيده.

17 - محمّد بن محمّد بن النعمان الشيخ المفيد (ت/ 413) بأسانيده.

18 - أبو جعفر محمّد بن الحسن الشيخ الطوسي (ت / 460) باسانيده.

19 - الفضل بن الحسن الطبرسي ( ت /502 ح ) بأسانيده.

20 - محمّد بن علي بن شهراشوب المازندراني (ت/ 588 ) بأسانيده.

21 - محمّد محسن ، الفيض الكاشاني (ت/ 1091) بأسانيده.

22 - محمّد بن الحسن الحر العاملي (ت/1104) بأسانيده.

23 - محمّد باقر المجلسي (ت / 1111) بأسانيده.

وأروي المصادر المتقدمة وكافّة مصادر تراث أهل البيت علیهم السلام عن مشايخي الأعلام، وقد فصلت تراجمهم وطرقهم في إجازة الحديث، طبعة القاهرة 1411 ، واكتفي هنا بسند واحد شامل، فبالاسناد المتقدم في الإسناد إلى جامع نهج البلاغة (1):

8-عن المولى محمّد باقر المجلسي ( ت / 1110) بأسانيده المذكورة في آخر كتابه بحار الأنوار، وبالاسناد عن المجلسي عن محمّد بن الحسن الحر العاملي (ت/1104) بأسانيده ، وبالاسناد عن المجلسي (2) عن محمّد محسن الفيض الكاشاني (ت 1091) بأسانيد /

ص: 142


1- تقدم الاسناد إلى جامع نهج البلاغة قبل صفحات في إجازة السيد العلامة الجلالي لجمع ممن قرأ عليه الخطبة الشقشقية فراجع (المحقق).
2- راجع الاسناد إلى العلامة المجلسي في أوّل الباب ( الاسناد إلى جامع نهج البلاغة » المحقق).

9 - عن والده محمّد تقي المجلسي (ت/ 1070).

10 - عن بهاء الدين محمّد العاملي (ت / 1031).

11 - عن والده الحسين بن عبد الصمد (ت / 984) .

12 - عن زين الدين الشهيد الثاني (ت / 966).

13 - عن نور الدين علي بن عبد العالي الميسي (ت 940).

14 - عن محمّد بن المؤذن الجزيني.

15 - عن ضياء الدين علي.

16 - عن والده محمّد بن مكي ، الشهيد الأول ( ت / 786).

17 - عن السيد مهنّا بن السنان المدني.

18 - عن الحسن بن يوسف العلامة الحلّي (ت / 726).

19 - عن جعفر بن الحسن ، المحقق الحلي (ت / 676).

20 - عن رشيد الدين محمّد بن علي بن شهر اشوب (ت / 588) .

21 - عن الفضل بن الحسن الطبرسي (ت (502) بأسانيده.

وبالاسناد عن العلامة الحلي (ت / 726) :

18 - عن السيّد رضي الدين بن طاووس ( ت / 664).

19 - عن نجيب الدين علي السوراوي.

20 - عن الحسين بن هبة الله بن رطبة ( ت / 560 ح ).

21 - عن أبي علي المفيد الثاني الطوسي (ت / 515 ح ).

22 - عن والده أبي جعفر محمّد بن الحسن الشيخ الطوسي (ت / 460) بأسانيده.

وبالاسناد عن ابن شهراشوب (ت / 588)

21 - عن السيّد أبي الصمصام ذي الفقار.

ص: 143

22 - عن الشيخ النجاشي أحمد بن علي ( ت / 451).

ة / ج 1

23 - عن الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن مد بن النعمان (ت / 413) .

24 - عن الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه، (ت/ 381).

وبالاسناد عن أحمد بن علي النجاشي (ت / 450) :

23 - عن أحمد بن علي بن نوح السيرافي.

24 - عن جعفر بن محمد

25 - عن أبي عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي ( ت /368 ح ).

وبالاسناد عن أحمد بن علي النجاشي (ت / 450) أيضاً :

23 - عن محمّد بن علي الشحامي

24 - عن محمّد بن إبراهيم النعماني، صاحب كتاب الغيبة ( ت / 342 ح ).

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381):

25 - عن مظفر بن جعفر بن مظفر العلوي السمرقندي.

26 - عن جعفر بن محمّد بن مسعود بن مسعود العياشي.

27 - عن محمّد بن مسعود العياشي (ت/329 ح ) بأسانيده.

وبالاسناد عن الشيخ الطوسى (ت / 460) :

23 - عن الحسين بن عبيد الله الغضائري (ت / 412) .

24 - عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراري ( ت / 368) .

25 - عن محمّد بن يعقوب الكليني (ت / 329) بأسانيده.

مصادر المسند

ص: 144

وبالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 329) :

26 - عن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي ( ت / 304 ح ) بأسانيده.

وبالاسناد عن أحمد بن علي النجاشي (ت/ 450):

23 - عن أحمد بن علي بن نوح السيرافي.

24 - عن الشريف الحسن بن حمزة الطبري (ت / 358).

25 - عن محمّد بن جرير بن رستم الطبري الأملي الإمامي (ت / 310 ح ).

وبالاسناد عن أحمد بن علي النجاشي (ت / 450) :

23 - عن الحسين بن عبيد الله الغضائري.

24 - عن سهل بن أحمد.

25 - عن محمّد بن محمّد بن الاشعث الكوفي (ت/ 300 ح ).

و بالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت 460) :

23 - عن ابن أبي جيد القمي.

24 - عن محمّد بن الحسن بن الوليد.

25 - عن الحسين بن الحسن بن أبان

26 - عن الحسين بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران الأهوازي (ت / 300 ح ) .

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460):

23 - عن علي بن أحمد بن محمّد بن أبي الجيد القمي.

24 - عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد الخزاز (ت / 343).

ص: 145

25 - عن محمّد بن الحسن الصفار ( ت (290) بجميع كتبه ورواياته. أما كتاب تفسير فرات الكوفي ( ت / 286ح ) فليس لأصحابنا إليه إسناد، والنسخة الموجودة منه تبتديء بمايلي: «أخبرنا أبو الخير مقداد بن علي الحجازي المدني قال : حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن العلوي الحسني (أو) الحسيني قال: حدّثنا الشيخ الفاضل استاذ المحدثين في زمانه فرات بن ابراهيم

) الكوفي رحمة الله عليه قال: حدثني محمّد بن سعيد بن رحيم الهمداني ومحمد بن عيسى بن زكريا قالا : [...] حدثنا عبد الرحمن بن سراج قال : حدثنا حماد بن أعين عن الحسن بن عبد الرحمن عن الاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليّ علیه السلام (1)

وقال المجلسي (ت (1111): « أخباره موافقة لما وصل الينا من الاحاديث

المعتبرة، وحسن الضبط في نقلها مما يعطي الوثوق بمؤلفه وحسن الظن به (2) والعلوي المذكور هو أحد أعلام الزيدية المولود سنة 367 ، والمتوفى سنة 445، وتاريخ وفاة العلوي يقتضي تأخره عن تاريخ وفاة شيخه فرات، وان ينقل عنه بواسطة واحدة ، والله العالم.

وبالاسناد عن أحمد أحمد بن علي النجاشي (ت / 450) :

23 - عن أحمد بن عبد الواحد بن عبدون.

23 -عن علي بن أحمد محمّد القرشي.

25 - عن عبد الرحمن بن إبراهيم المستملي.

26 - عن أبي إسحاق ابراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال الثقفي ( ت / 283).

ص: 146


1- راجع النسخة المطبوعة من تفسير قرات: 4645 .
2- بحار الأنوار 1 : 37 .

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460) :

23 - عن الشيخ محمّد بن النعمان المفيد.

24 - عن الشيخ أبي جعفر الشيخ الصدوق.

25 - عن أبيه.

26 - عن عبد الله بن جعفر الحميري صاحب قرب الاسناد (29 ح).

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت 460) :

23 - عن ابن أبي جيد.

24 - عن ابن الوليد.

25 - عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي.

26 - عن أبيه.

27 - عن محمّد بن الحسن الصيرفي.

28 - عن نصر بن مزاحم المنقري (ت (212)

وبالاسناد عن أحمد بن علي النجاشي (ت /450) :

23 - عن أحمد بن علي نوح السيرافي.

24 - عن الحسن بن حمزة الطبري. 25 - عن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن

26 - عن أحمد بن محمّد بن خالد محمّد بن خالد البرقي.

27 - عن أبيه محمّد بن خالد البرقي ( ت / 202 ح ).

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت 460) :

23 - عن أحمد بن عبدون.

ص: 147

24 - عن أبي بكر الدوري.

25 - عن القاضي أبي بكر أحمد بن كامل.

26 - عن محمّد بن موسى بن حماد

27 - عن ابن أبي السري محمد.

28 - عن هشام بن محمّد الكلبي.

29 - عن أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي (ت/158).

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت 460) :

23 - عن ابن أبي جيد.

24 - عن محمّد بن الحسن بن الوليد.

25 - عن محمّد بن القاسم الملقب بماجيلويه.

36 - عن محمد بن علي الصيرفي.

27 - عن حماد بن عيسى.

28 - عن أبان ابن أبي عياش.

29 - عن سليم بن قيس الهلالي (ت/76).

الاهتمام بنهج البلاغة عبر القرون

اشارة

من الطرق التي أشرت إليها في الصيانة في توثيق الكتاب هو الإهتمام بالكتاب جيلاً بعد جيل بالنسخ والشرح والتعليق والرواية بالقراءة وبالسماع، وغير ذلك من الأنحاء الثمانية للتحمّل المشروحة في علم الدراية.

ونهج البلاغة قد اهتم المشايخ به وتحمّلوه بالأنحاء المشروحة في علم الدراية، وحينئذ يمكن القول بتواتر نسبة الكتاب إلى مؤلّفه ، وهذا هو الحاصل

ص: 148

بالنسبة إلى نص القرآن الكريم؛ إذ لا معنى إلى الإسناد فيه لتواتره بين المسلمين شرقاً وغرباً جيلاً بعد جيل، وهكذا هو الحال بالنسبة إلى نهج البلاغة سواء عند من يعتني بتراث أهل البيت علیهم السلام أم غيرهم من مختلف الطوائف والملل والنحل وما أصدق كلام شيخنا العلامة أعلى الله مقامه في النهج: «قد طبقت معروفيته الشرق والغرب، ونشر خبره في أسماع ،الخافقين، وتنوّر من تعليمات النهج جميع أفراد نوع البشر لصدوره عن معدن الوحي الإلهي ، فهو أخ القرآن الكريم في التبليغ والتعليم، وفيه دواء كل عليل وسقيم، ودستور للعمل بموجبات سعادة الدنيا وسيادة دار النعيم، غير أن القرآن أنزله حامل الوحي الإلهي على قلب النبيّ الأمين صلی الله علیه و آله وسلم ، والنهج أنشأه باب مدينة علم النبي وحامل وحيه، سيّد الموحدّين وإمام المتقين، علي أمير المؤمنين عليه السلام من رب العالمين (1) وقد ذكر السيّد إعجاز حسين الكنتوري (ت (1281) في كتابه كشف الحجب (11) شرحاً لنهج البلاغة، ولم يذكر من الحواشي والترجمات شيئاً، واستقصى

شيخنا العلامة (151) شرحاً ذكرها في الذريعة ج 14 ص 357 - 359. وإليك جرداً ببعض ما ذكرته في المعجم الموحد لنفائس المخطوطات مما وقفت عليه في الفهارس والمصادر المتيّسرة، والتي تدلُّ على أنواع الإهتمام بالكتاب في كل عصر ومصر عبر القرون، وأهملت النسخ غير المؤرخة وما أكثرها. .

ملاحظة : الرقم على اليمين يشير إلى التاريخ ولو تقريباً، والكلمة في ما بين المعقوفين تشير إلى المصدر أو المكتبة، والرقم على اليسار إلى رقم النسخة

أو الصفحة.

ص: 149


1- الذريعة 1:14

عصر الشريف الرضي

نسخة الأصل:

نسخة الأصل كانت عند إبن أبي الحديد ( ت (655) وابن میثم (ت/679) ،

كما يظهر من اشارتهما إليها.

قال السيّد الشهرستاني : ( ونسبة الكتاب إليه مشهورة، وأسانيد شيوخنا في إجازاتهم ،متواترة ونسخة عصر الشريف موجودة، والتي نسخت بخطه الشريف مشهورة (1) .

ولم يذكر قدس سرّه مكان تلك النسخة، نعم توجد نسخة قديمة من القرن الخامس ذكر كاتبها انه نقلها عن نسخة المصنف، وفيها اضافات لا توجد في النسخ الأخرى، توجد في مكتبة سپهسالار برقم 3083

ورأيت نسخة منه في مكتبة السيد مهدي اللاجوردي بقم غير مؤرّخة عليها عدة إجازات من الدوريستي والمتطبب ، وفي آخرها ما يلي: «كلّ ما هو بالحمرة على حواشي هذا الكتاب وفي متنه فهو نسخة السيّد الرضي رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ،ومثواه، وبحمد الله وحسن توفيقه وجزيل نعمائه وشمول عنايته نقلت ما على المنتسخ منه من الحواشي في نسختي على الهيئة التي فيه سواداً وحمرة بعدما كتبت أصلها منه ، مراعياً ما كتب فيه بالحمرة كذلك متناً كما راعيته حاشية، وبذلت جهدي في مطابقة نسختي لتلك النسخة متناً وحاشية في أثناء كتابتي، وأنا أقل الأقلين ابن بابا جان الشيرازي غفر الله له ولوالديه

بعلي وبنيه . وعلى النسخة أيضاً ما يلي: عرضت نسختي هذه متنا عليها وتركت في آخر

ص: 150


1- ما هو نهج البلاغة : 13.

كل كراس... وصحّح وقرىء بالحمرة والسواد كما كتبته هنا إشارة إلى أنها

عورضت على نسخة [ظ ] السيّد بعد تصحيحها بنسخة غيره...».

ومن جملة المنقولات عن النسخة الاصلية: أنشدني المولى دام ظله قال : أنشدني السيّد الامام السعيد ضياء الدين قدس الله روحه الشريف، قال: كتب

الاستاذ أبو يوسف يعقوب بن أحمد على ظهر نسخته هذه الأبيات:

نهج البلاغة نهج مهيّع جدد ***لمن يريد علوّاً [ما] له أمد

يا عادلاً عنه تبغي بالهوى رشداً ***إعدل إليه ففيه الخير والرشد

والله والله إنّ التاركين عموا*** عن شافيات خطاب كلّها سدد

كأنها العقد منظوماً جواهرها ***صلّى على ناظمها ربناّ الصمد

ما حالهم دونها ان كنت تنصفني*** إلا العنود وإلا البغي والحسد

قال الجلالي: أبو يوسف المذكور هو يعقوب بن أحمد النيسابوري المتوفى

474ه-.

قال السمعاني (ت 562 في التحبير في ترجمة ولده الحسن ما لفظه / ووالده الأديب صاحب التصانيف الحسنة». وفي الهامش عن بغية الوعاة: توفي في رمضان سنة 474(1).

ومن عصر الشريف الرضي: شرح علي بن ناصر الحسيني السرخسي بعنوان أعلام نهج البلاغة ، وصفه في مطلع البدور ، بقوله : ( الشريف المرتضى حسيب الأبوين ، أكرم من تحت الخافقين ملك السادة والنقباء علي بن ناصر الحسيني السرخسي مؤلّف أعلام نهج البلاغة (2)

واعتبر السيّد إعجاز حسين الكنتوري هذا أول شرح الكتاب وقال: « وهو أقدم

ص: 151


1- التحبير 1 : 220 ، وبغية الوعاة 2 : 341.
2- مطلع البدور 70:1

الشروح والحواشي التي علقت عليه وأوثقها وأتقنها وأخصرها» (1) ومنه نسخة غير مؤرخة في مكتبة رامپور - الهند برقم 1199 مصنفه المولى ،

علي بن ناصر المعاصر للسيد الرضي(2).

جا

ونسخة مؤرخة 1066 في م / BUHAP برقم 413، وبتاريخ سنة 483 من

{

السيّد علىّ اتش - يزد عليه ما نصه: عارضه بنسختين صاحبه الفقيه

السديد سهل بن امير الدقاق وصحّحه بجهده والله تعالى يمتعه به وبغيره، وهذا خط الحسن بن يعقوب بن أحمد في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وأربعماءة حامداً لله عزّ اسمه ومصلياً على نبيه وعترته الطاهرة (3).

ومن سنة 494 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط فضل الله بن طاهر بن المطهر الحسيني، طبعت، بالاوفسيت بمناسبة الذكرى الألفية لتأليف نهج البلاغة، مع

تقديم الشيخ حسن السعيد بطهران سنة 1402ه- ، ط / مكتبة چهل ستون ومن سنة 497 ه- إجازة الشيخ أبي عبد الله الحسين [المؤدب - ظ ] رواية نهج

البلاغة للشيخ محمّد بن علي بن أحمد بن بندار سنة (4)497

قال شيخنا العلامة: «إجازة الشيخ أبي عبد الله الحسين [المؤدب - ظ ] رواية كتاب نهج البلاغة للشيخ محمّد بن عليّ بن أحمد بن بندار، كتبه المجاز بخطه في جمادى الثانية سنة 499 على النهج ، حكاها في الرياض في ترجمة المجاز، وهي في غاية الاختصار، صورتها: (قرأ علي هذا الجزء شيخي الفقيه الأصلح أبو عبد الله الحسين رعاه الله، وكتب محمّد بن علي بن أحمد بن بندار بخطه في

ص: 152


1- کشف الحجب : 53
2- يراجع تعليقة امتياز علي العرشي في هامش استناد نهج البلاغة ص 11
3- فهرست نسخه ها : 7
4- إحياء الدائر : 147 .

جمادى الآخرة سنة 499 عظم الله يمنها بمنّه(1)

ومن سنة 499 نسخة نهج البلاغة ؛ عليها قراءة سنة 499 بخط الحسين بن الحسن بن الحسين المؤدب في مكتبة المرعشي برقم 3827 ، وقد طبعت هذه النسخة بتقديم السيد محمود المرعشي بمناسبة الذكرى الألفية للشريف الرضي بقم سنة 1406 ه- وهي طبعة رائعة، وفيها بين الصفحات ( 322 - 323) سقط كثير لم ينتبه إليه الناشر الكريم، والنسخة في 330 صفحة.

في القرن السادس :

سنة 512 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ لدى السيد محمّد المحيط الطباطبائي (2) سنة 513 ه- نسخة نهج البلاغة؛ عليها وصف الكتاب، لأبي الحسن علي بن

احمد الفنجكردي (ت/513) شعراً بقوله:

نهج البلاغة من كلام المرتضى*** جمع الرضي الموسوي السيّ

د بهر العقول بحسنه وبهائه ***كالدر فصل نظمه بزبرجد

--اظه باظه علوية لكنّها ***علوية حلت محل الفرقد

فيه لأرباب البلاغة مقنع ***من يعن باستظهاره يستسعد

وترى العيون إليه صوراً ان قرأ*** منه كتاباً رائعاً في مشهد

أعجب به كلماته قد ناسبت*** کلمات خير الناس طرّاً أحمد

نعم المعين على الخطابة للفتى*** وبه إلى طرق الكتابة يهتدي

وأجد يعقوب بن أحمد ذكره ***لعلو همته وطيب المولد

ودعا إليه محرّضاً أصحابه ***فعل الحنيفيّ الكريم المرشد

ص: 153


1- الذريعة 1:179
2- الذريعة 413:24

وردد ذلك في نسخة نهج البلاغة مؤرخة سنة 565 في مكتبة المتحف العراقي -

بغداد، رقم 356 .

وقد ترجم السمعاني في التحبير ترجمة وافية للشاعر، وذكر من مشايخه أبا

يوسف يعقوب بن أحمد الأديب، ووفاته في سنة 513 ه-(1). سنة 516 ه- قرأ نهج البلاغة في سنة 516 الشيخ الإمام أبو الحسن البيهقي أبو

القاسم فرید خراسان على الحسن بن يعقوب بن أحمد الأديب (2). سنة 525 ه- نسخة نهج البلاغة لدى محسن الكشميري الكتبي في بغداد (3).

سنة 529 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة السيد المرعشي برقم سنة 538- ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بقلم علي بن أبي القاسم بن علي الحاج في

منتصف شعبان سنة 538 في مكتبة أبو الكلام آزاد - الهند. جاء في صحيفة المكتبة ، الصفحة 46 ضمن التعريف بمخطوطات مكتبة أبي الكلام آزاد ما لفظه : «نهج البلاغة... في جزئين، جاء في خاتمة الجزء الثاني ما نصه : من تحرير الفقير إلى رحمة الله تعالى العبد المذنب علي بن أبي القاسم بن علي الحاج في المنتصف من شعبان من شهور سنة 538 (4)

واعتمد عليها محمّد أبو الفضل إبراهيم في تحقيق شرح ابن أبي الحديد (5) والنسخة في مكتبة ليتون المحفوظة بجامعة عليكرة الإسلامية بالهند، وتقع في جزءين الأول في 91 ورقة ، والثاني في 82 ورقة، ومسطرتها 15 سطراً، كتبت بخط نسخ واضح مشكول شكلاً دقيقاً .

ص: 154


1- التحبير 1: 563 .
2- فهرست نسخه ها 43:5
3- ) الذريعة 413:24.
4- راجع صحيفة المكتبة ؛ لمكتبة أمير المؤمنين 7 في النجف الأشرف : 107
5- راجع مقدمة نهج البلاغة : 1 - 10 تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم.

-سنة 542 ه- إجازة الشيخ حسين بن فادار بن الحسين للشيخ الرشيد أبي الحسين عليّ بن محمّد بن عليّ القاشاني، نقلها في الرياض في ترجمة المجاز له خط المجيز على ظهر نهج البلاغة قال وخطه رديء. أقول : المظنون أن المجاز له هو الشيخ رشيد الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي الشعر أو الشعيري، الذي كتب له الشيخ عبد الرحيم بن أحمد المشهور بأبي الفضل بن اخوة البغدادي إجازتين مختصة ومشتركة في كاشان في سنة 542 ، والمجيز هو الشيخ أفضل الدين الحسن بن القمي إمام اللغة ووالد الشيخ سديد الدين أبي محمد بن الحسن فادار القمي المذكورين في فهرس الشيخ منتجب الدين (1). سنة 544ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة مدرسة نواب بمشهد ، برقم 230 بن أحمد النقيب في قصبة سانزولة في صفر سنة 544 ،

بخط محمّد بن محمّد بن

فيلمها في مكتبة دانشگاه برقم 2134(2). قال الجلالي: وقفت على النسخة وصوّرتها وهي ناقصة الأول، تبتدىء بقوله : ان ذلك يتضمن من عجائب البلاغة وغرائب الفصاحة وجواهر العربية،

وثواقب الكلم الدينية والدنياوية، وعليه ختم نصه : از سیصد و شصت و سه مجلد است که نواب فاضلخان وقف مدرسه خود نمود». وجاء في آخره صادف الفراغ من كتبه صاحبه محمّد بن محمّد بن أحمد النقيب بقصبة السانزولة في صفر سنة 544 ( أربع وأربعين وخمسمائة) حامداً لله ومصلياً على نبيه محمد وآله الطاهرين الأخيار . وفي آخر الكتاب: «نقوش خواتم أمير المؤمنين على فضّ العقيق، وهو خاتم الصلاة : ( لا إله إلا الله عدّة للقاء الله). وعلى فص الفيروزج، وهو للحرب:

ص: 155


1- الذريعة 187:1
2- فهرست ميكروفيلمها : 396.

) نصرٌ من الله و فتح قريب ). وعلى فض الياقوت، وهو لقضائه : ( الله الملك وعلى عبده). وعلىٌ فص الحديد العين، وهو لختمه: (لا إله إلا الله محمّد رسول الله ...

سنة 546 ه- نهج البلاغة؛ للسيد ضياء الدين فضل الله بن علي بن هبة الله

الحسيني الراوندي (ت / 546)(1).

قال شيخنا العلامة : إجازته لرشيد الدين المذكور وللشيخ الإمام السيد سديد

« الدین محمّد بن عليّ بن محمّد الطوسي، نقلها في الرياض عن خط المجيز على ظهر نهج البلاغة ، كتبها لهما بقاسان في جمادى الأولى سنة 546 ، يرويه عن الشيخ أبي الفضل محمّد بن يحيى الناقلي ( النائلي ) عن أبي نصر عبد الكريم بن مصنفه (2)محمد الهروي الديباجي المعروف بسبط بشر الحافي عن

حمد بن

سنة 546 ه إجازة عبد الرحيم بن أحمد محمّد الشيباني المعروف بابن الاخوة في جمادى الأولى سنة 546 ، وأشار شيخنا إلى هذه الإجازة في الطبقات :6: 203 والذريعة :1 201، وجاء التاريخ في ج 1 187 خط ، يراجع أعيان

الشيعة 7 468

سنة 552 ه- شرح نهج البلاغة بعنوان : معارج نهج البلاغة»؛ للبيهقي فريد خراسان أبي الحسن علي بن زيد المعروف بابن فندق (ت 565) ، فرغ من الشرح في 24 جمادى الأولى سنة 552 ، وهو في 219 ورقة (3).

سنة 553 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط عبد الجبار بن الحسين بن أبي القاسم الحاج، نسخها عن نسخة السيّد ضياء الدين تاج الاسلام أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسيني في 19 جمادى الأولى سنة 553 ه-.

ص: 156


1- الذريعة 143:14
2- الذريعة 1 202
3- الذريعة 14 137 طبع هذا الشرح ضمن منشورات مكتبة المرعشي بقم سنة 1409ه- (المحقق).

وعليها قراءة الكتاب على السيّد تاج الاسلام سنة 554 ، وفيها : أن الكاتب مدة كتابة الكتاب كان ملازماً للسيّد تاج الإسلام. وفي آخر النسخة: « زيادة عن نسخة كتبت على عهد المصنف (1)

سنة 556 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد بن الحسن بن محمّد القمي، في

3784

مكتبة المتحف العراقي - بغداد، برقم 3784 .

سنة 565 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد بن سعيد بن الحسين العامري وهي نسخة ناقصة، وأظن أن التاريخ للمستنسخ عنها شعبان سنة 565، توجد في مكتبة المتحف العراقي برقم 5356 ، وبعده ينقل عن علي بن أحمد الفنجكردي ويراجع رقم 629 و 1663 و 356 ص 510 ، صورتها اليونسكو كما في فهرسها 356ص ص 267 رقم 10 وصفها گورگیس عوّاد بقوله: «نسخة نفيسة قديمة مكتوبة

بخط نسخي واضح ذات غلاف مزخرف، كتبها محمّد بن سعيد بن الحسين العامري وفرغ منها في 12 شعبان سنة 565 ه- = 1170م(2). سنة 565 ه- شرح أحمد بن محمّد الوبري ( ت / 565 ح) وهو من مصادر

معارج نهج البلاغة ؛ للبيهقى (ت/ 565)(3)

سنة 566 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط حسين بن مقصود بن محمّد بن قرابك البدري ( جزء منه ) بتاريخ 11 شوال سنة 566. نسخة منه في مكتبة ملك برقم ،874 ، راجع مجلة المعهد 69:4 رقم 874 ، مصور في المعهد برقم 33186 . سنة 567 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط رئيس الكتاب في مكتبة ملك برقم 943

في 161 ورقة.

ص: 157


1- استناد نهج البلاغة : 10 .
2- توجد في مكتبة المتحف العراقي ببغداد ، كما جاء في مجلة ( سومر ) ، المجلد 14 ، سنة 1958م.
3- الذريعة 14: 115

سنة 572 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ مؤرخة في سنة 572 في مكتبة دانشگاه

طهران برقم 4876 .

سنة 573 ه- شرح القطب الراوندي، أول من شرح النهج سنة 573. قال ابن أبي الحديد: «لم يشرح هذا قبلي فيما أعلمه إلا واحد هو سعيد بن هبة الله ابن الحسن الفقيه المعروف بالقطب الراوندي وهو من فقهاء الإمامية». واعتبر المحدث النوري شرحه هذا أول شرح على النهج (1).

سنة 573 ه- شرح لقطب الدين سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي بعنوان منهاج البراعة ، نسخة منه من الجزء الثاني في 285 ورقة ، مسطرتها 30 × 19/8 سم ، بخط محمّد بن أبي الفتح بن أبي الحسن بن أبي العباس بتاريخ سنة 603 في مكتبة جيستر بتي ، برق 3059 تربتي

سنة 576 ه- شرح نهج البلاغة ؛ بعنوان : حدائق الحقائق في تفسير كلام : افصح الخلائق تأليف قطب الدين أبي الحسن بن محّمد بن الحسين الكيدري البيهقي ، ألّفه سنة 576 ، نسخة منه مؤرخة سنة 739 ه- فيها تاريخ الفراغ ع-ن

التأليف سنة 576 ، في مكتبة ابراهيم الألوسي ببغداد (2)

سنة 581 ه- إجازة أبي نصر علي بن أبي سعد بن الحسن الطبيب، كما نسخة

مكتبة محفوظ المؤرخة 1099

سنة 585 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لأفضل الدين الحسن بن علي بن أحمد الماه

آبادي، شيخ منتجب الدين سنة (3)585

سنة 587 ه- إجازة الشيخ زين الدين محمّد بن أبي نصر القمي، قال شيخنا

ص: 158


1- راجع المستدرك 3 363 شرح ابن أبي الحديد 1:2 - 4، الذريعة 126:14
2- هامش تلخيص مجمع الآداب 81:4
3- أمل الآمل 2 :69

العلامة: أديب فاضل طبيب أقول : هو الشيخ زين الدين محمّد بن أبي نصر بن

محمّد بن علي كما سرد نسبه كذلك في آخر اجازته لتمليذه القاري عليه نهج

البلاغة في سلخ رجب سنة 587 ، وتلميذه هو الشيخ أبو نصر علي بن أبي بن محمّد بن الحسن (الحسين بن أبي بن أبي سعد الطبيب ) (1).

سنة 588 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط أحمد بن المؤيد بن عبد الجليل بن

محمد سنة 588 ه- ، في مكتبة جيستربتي ، برقم 5451 - FOLL169 سنة 588 معارج نهج البلاغة للفقيه المتكلّم أبي الحسن علي البيهقي النيسابوري نسخة من فريد خراسان ( 449 - 565ه-) شيخ ابن شهر اشوب (ت/588 )في القطيف عند الشيخ محمّد صالح بن الشيخ أحمد آل الطعان القطيفي

البحراني(2).

- سنة 589 ه- قراءة محمّد بن الحسن المتطبب على علي بن فضل الله

الراوندي، ونصّ الإجازة في نسخة في مكتبة محفوظ بتاريخ 1059

سنة 596 ه- إجازة على شرح نهج البلاغة؛ للكيدري(3)

سنة 598 ه- سماع كل من الشيخ الإمام عبد الله بن حمزة وأحمد بن زيد بن علي الحاجي ، وكلاهما من أئمة الزيود سمعا على الشيخ عمرو بن جميل النهدي

ببلدة نيسابور سنة (4)598

في القرن السابع :

سنة 601 ه- إجازة محمّد بن أبي نصر لعلي بن أبي سعد محمّد بن الحسن بن

ص: 159


1- الطبقات 6 : 244.
2- الذريعة 14 115
3- الطبقات 6: 163
4- لوامع الأنوار 1 : 455.

أبي سعد في ربيع الأول سنة 601 ، « ذكره الشيخ آغا بزرك في إجازات الرواية والوراثة وتوجد على ظهر نسخة في مكتبة محفوظ، وفيها كتب أنّه «روي ان السيد الرضي ولد في بغداد - سنة 359 وتوفي في سادس المحرم سنة 640 ، وروى القاضي أبو منصور محمّد بن محمّد بن أحمد العسكري قال: سمعنا المرتضى علم الهدى يقول : ولدت سنة 355 وتوفي في ربيع الأول سنة 436، وله يوم توفي ثمانين سنة وثمانية أشهر وأيام (1)

سنة 606 ه- إجازة عمرو بن جميل النهدي، وجاء في مطلع البدور، مصورة المعهد ما لفظه : ( الشيخ الأكرم معين الدين أحمد بن زيد الحاجي البيهقي المروي كذا ] ،الزيدي ، ذكره الشريف المرتضى بن سراهنك وأثنى عليه وقال وهو من تلاميذ الشريف المرتضى الأبوين، أكرم من تحت الخافقين ، ملك السادة والنقباء علي بن ناصر الحسيني السرخسي، مؤلّف أعلام نهج البلاغة، وأحمد بن زيد المذكور اجتمع به عمرو بن جميل النهدي العازم إلى قطائر المجيز للإمام المنصور بالله وابن الوليد ، وكانت الإجازة ضحوة نهار يوم الاثنين الثالث من شهر ربيع الآخر سنة 606 ست وستمائة ) وكان اجتماعهما شاء [كذا ] بها في نيسابور في مدرسة الصدر يحيى بن إسماعيل الحسيني في الصفة الشرقية في شهر رمضان سنة ستماءة، وحضر معهما تاج الإسلام سالم بن أحمد بن سالم البغدادي والشيخ العالم افتخار التجار أحمد بن محمّد الواسطي وقرءا جميعاً نهج البلاغة على الشريف يحيى بن اسماعيل، والمملى هو الشيخ معين الدين أحمد بن زيد صاحب الترجمة ويحيى بن اسماعيل هو الإمام الفاضل المبلغ دعوة الإمام المنصور بالله عبد الله حمزة إلى ملك خوارزم وهو علاء الدين ، وسيأتي ذكره

ص: 160


1- إجازات الرواية والوراثة.

فانه من مفاخر الزيدية، انتهى (1).

وجاء في مجموعة إجازات المسوري ما نصه: ( ومنها كتاب نهج البلاغة وكذلك كتاب خطبة الوداع ومات ولم يكتب لي السماع، فكان أمر الله هو

له المطاع، وكان سماعه هذين الكتابين أيضاً ببلدة ساذباخ بنيسابور في مدرسة الصدر بن المقدّم [ وفي الهامش: يعني علي بن اسماعيل ] والده... الشريف [سنة ] ستين وستماءة بقراءة الإمام الأجل الأعلم الأفضل معين الدين تاج الإسلام ... الأفاضل والأماثل فى العالمين أحمد بن زيد بن علي الحاجي البيهقي... العالم العامل الفاضل البارع منتجب الدين تاج الاسلام والمسلمين سيّد النحاة والقراء أحمد بن سالم البغدادي والشيخ الإمام العالم منتجب الدين جمال الاسلام وافتخار التجار الحنيف [كذا ] بن محمّد الواسطي وجماعة غيرهم وفقهم الله وايانا (2). - سنة 606ه- شرح الفخر الرازي المتوفى سنة 606 ، جاء في مقدمة تفسيره 9 ما نصه: ( وان الكتب التي بدأ الامام الفخر الرازي في تأليفها ولم

الكبير ص

يتمها، منها: كتاب شرح نهج البلاغة (3) - سنة 608 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط علي بن طاهر بن أبي سعد سعد بتأريخ 7 صفر سنة 608 ه- عن خط الاديب الشاعر أبو يوسف يعقوب بن أحمد بن محمّد الكردي النيسابوري سنة 474ه-.

سنة 608 ه- نسخة نهج البلاغة في مكتبة دانشگاه برقم 1782، توجد صفحة

مصورة منه في فهرس المكتبة :8 335

ص: 161


1- مطلع البدور 70:1.
2- إجازة عمرو بن جميل النهدي المؤرخة سنة 606 ، وهي آخر اجازات المسوري عن مخطوطة المؤلف .
3- الذريعة 14: 160 ، التفسير الكبير ،9:1 ، طبعة القاهرة سنة 1994م ، وراجع تاريخ الحكماء للقفطي : 192.

سنة 610 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ قراءة الأشرف بن الأغر بن هاشم المعروف

بتاج العلى العلوي الحسني على يحيى بن أبي الطي(1).

سنة 613ه- نسخة نهج البلاغة بتاريخ 613 في مكتبة المجلس برقم (200)(2)- سنة 630 ه- شرح أبي الفضل يحيى بن أبي الطي حميد بن ظاهر الحلي

ت / 630)(3).

سنة 630 ه- نسخة نهج البلاغة؛ بخط الحسن بن محمّد بن عبد الله بن علي

الجعفري عند صاحب المستدرك (4).

سنة 649 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ مؤرخة سنة 649 بخط أبي اسحاق اسماعيل بن يعقوب الجندي، المدعو بين أقرانه بقوام الاسلام جعل الله التقوى رفيقه.... الجمعة أوائل ذي القعدة سنة تسع واربعين وستماءة أيام سكونته

يوم لتحصيل العلم بقربة ( بكدخو)، وهي من توابع خوارزم.... وهي في مكتبة آية الله المرعشي - قم برقم 55

ظهير

سنة 655 ه- إجازة يحيى بن أحمد بن سعيد للحسن بن علي بن محمّد بن

علي ابن الابرز نسخته في مكتبة السيد المرعشي بقم برقم 569 . سنة 656 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد المعتزلي (ت/ 656).

حنه بحث عنه مفصلاً شيخنا في طبقات اعلام الشيعة 7: 88، ونسخته مطبوعة متداولة ، وله نسخة نادرة بتاريخ سنة 989 مع صورة إجازة الشارح في سنة 654 لابن العلقمي الوزير بخط داود الشيباني الداني [ظ ] في مكتبة نواب بمشهد

ص: 162


1- الطبقات 7 :19
2- فهرس مكتبة المجلس : 34 .
3- الذريعة 153:14.
4- مستدرك الوسائل 3 :494

برقم 29 ، وفيلمها في مكتبة دانشگاه برقم .2121

سنة 660 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة المجلس برقم 3045 ( من الكتب

غير المفهرسة).

سنة 664 ه- شرح نهج البلاغة؛ لرضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن

جعفر الطاووس (ت/664)(1).

سنة 665 ه- نسخة بخط نجم الدین حسین بن اردشير طبري سنة 667 ، وقوبل سنة 726 وعليه قراءة كاتب النسخة علي يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي بالحلة سنة 677 ، نسخته في مكتبة السيّد الحكيم في النجف الاشرف ( وهو من الكتب غير المفهرسة ) .

(وهو)

سنة 667 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط نجم الدين الطبري(2).

سنة 670 ه- نهج البلاغة ؛ نسخة في مكتبة كوبرلي برقم 1457 ، عليها تملك سنة 670 وسنة 686 وسنة 690 ، وكتب عليها قوبل بنسخة صحيحة معتمدة بقدر الإمكان ليلة الجمعة في التاسع من شهر الله الاصم رجب سنة خمس ثلاثين وسبعمائة بيد حسب أشبلي [كذا] أعلى الله شأنه وعلى هوامشها تصحيحات وتعليقات، وهي في 240 ورقة. سنة 670ه- سماع القاضي عبد الله بن محمود بن بلدجي على الشيخ حسن ت /1011) كما في الإجازة الكبيرة في البحار :109 45 ، وذكر السيد غياث الدين بن طاووس ... انه روى نهج البلاغة بحق سماعه على القاضي عبد الله بن محمود بن بلدجي - سنة سبعين وستماءة ببغداد بدرب السلسلة، بقراءة العلامة شمس الدين الكيشي قال: واجاز لي روايته عن السيّد كمال الدين حيدر بن

ص: 163


1- كما في كشف الحجب : 359 ، والذريعة 14: 140.
2- الطبقات :398

محمّد بن زيد الحسيني بن محمد بن علي بن شهر اشوب عن المنتهى بن أبي زيد عن ابيه عن السيد الرضي.

سنة 671 ه- نسخة نهج البلاغة، في مكتبة ملّي بتبريز برقم 3624. سنة 673 ه- نسخة النهج في مكتبة المتحف البريطاني برقم 23472-ADD - سنة 674 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد بن الحسين المعروف ببرهان نظامي سنة 674 في المكتبة الناصرية بلكنهو بالهند في مجلد واحد وتقع في (135) ورقة ، ومسطرتها 21 سطراً ، كتبت بخط واضح مشكول (1).

سنة 675 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط حسن بن إسماعيل بن إبراهيم بن علي ابن أبي سعيد الطبري في سنة 675 في مكتبة كتابخانه اعتماد الدولة - همدان(2). سنة 675 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة حاج حسين نخجواني في كتابخانه

ملّي بتبريز. سنة 675 ه- نهج البلاغة ؛ بخط اسماعيل بن يوسف بن علي بن محمّد بن الدين تاريخه 2 صفر سنة 675 ، عن نسخة بخط أبي السعود حيدرة بن الحسن ابن أحمد بن محمّد بن أحمد بن الكاتب في المكتبة الرضوية برقم 395 - أخبار (1862) ، جاء في آخرها ما لفظه ووافق الفراغ من نسخه العبد الفقير المحتاج : « إلى مغفرة الله تعالى وأحوجهم إلى رضوانه اسماعيل بن يوسف بن علي بن محمّد بن ؟؟ الدين ، وذلك آخر نهار الخميس ثاني صفر سنة خمس وسبعين و ستمئة ، والحمد الله أولاً وآخراً وباطناً وظاهراً وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمّد وآله النبي الأمي وسلّم تسليماً». ويليه نسخة من المناجاة أولها : ( الهي أنا عبدك ابن عبدك ابن امتك معترف لك

ص: 164


1- مقدمة نهج البلاغة 10:1 تحقيق محمّد ابو الفضل ابراهيم.
2- نسخههای خطی (دفتر پنجم) 346:5

بالعبودية، مقرّ بأنك أنت الله خالقي لا إله لي غيرك». سنة 676 ه- نسخة نهج البلاغة؛ بخط علي بن سليمان بن أبي الحسن بن أبي

الفرج ابن أبي البركات في مكتبة ملك برقم 153(1).

- سنة 677 ه- نسخة نهج البلاغة برقم 661 في مكتبة السيّد الحكيم في النجف ، في آخرها: « تمّ الكتاب بعون الله وحسن توفيقه والحمد لله ربّ العالمين والصلاة على خير خلقه محمّد وآله أجمعين يوم السبت أواخر سنة تسع وسبعين وستمائة، فرغ من نقله الحسين بن أردشير «الطبري.

وجاء فيه أيضاً: «بلغت المقابلة بنسخة ( صحيحة - ظ ) بالحضرة الغروية

(ص)

صلوات الله على مشرّفها في رمضان سنة ست وعشرين وسبعماءة». وجاء أيضاً النص الآتى مخروماً ومكملاً بخط حديث، وهو : « أنهاه أحسن الله توفيقه قراءة وشرحاً لمشكله وغريبه نفعه الله من هنا بخط السماوي ] وإياّنا بمحمّد وآله وكتب يحيى بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي بالحلة حماها الله في صفر من سنة سبع وسبعين وستمائة كملته من رياض العلماء المنقولة صورته . محمّد السماوي عفي عنه. سنة 677 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط يحيى بن سعيد، سنة 677 [كذا ] ه- في مكتبة آية الله الحكيم، صفحتان منه مصورة في آخر الفهرس - النوادر ، الصفحة 88 والصفحة .89 ويظهر أنها كانت في مكتبة السماوي، يراجع مجلد المعهد 4: 216 ، وقد صورتها هيئة اليونسكو كما في فهرسها.

قال شيخنا العلامة: إجازة السيد شمس الدین محمّد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي البغدادي، مختصرة، كتبها بخطه لبعض تلاميذه على ظهر نهج البلاغة الذي كتبه السيّد نجم الدين الحسين بن اردشير بن محمّد الطبري سنة

ص: 165


1- راجع مجلة المعهد 6: 67

677 ه-، بالحلة السيفية، ويبعد كون الإجازة لابن اردشير لأنّه معاصر لابن أبي الرضا وكلاهما من تلاميذ يحيى بن سعيد (1).

سنة- 679- ه- شرح نهج البلاغة ؛ لكمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني

(ت ت / 679) مطبوع متداول ، وله ثلاثة شروح كبير ومتوسط وصغير، ونسخة

بخط المؤلف في 6 رمضان 677 ه- = 1279م في مكتبة جيستر بتي برقم 3169 عدد الأوراق 183 ، مسطرتها سم 16/5 24/7(2).

سنة 679 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لابن ميثم البحراني باسم (مصباح السالكين). رأيت منه نسخة كتبت في بلدة الحلّة سنة 716 أي بعد وفاة المؤلف ب- 37 سنة، ورأيت نسخة أخرى في مكتبة نواب بمشهد جاء فيها: «أنهاه أدام الله توفيقه وتسديده في عدة مجالس آخرها... ثالث عشر شعبان المبارك من سنة ست عشرة وسبعمائة. ونسخة أخرى من مصباح السالكين كتبها محمّد بن أحمد بن أبي المعالي العلوي سنة 765 وعليها ما نصه : «وجدت في آخر نسخة صحيحة للشيخ أبو القاسم المعروف هكذا قال السيّد رحمه الله : وهذا حين انتهاء الغاية إلى قطع المختار من كلام أمير المؤمنين صلی الله علیه و آله وسلم، فرغ من اختصاره أضعف عباد الله ميثم بن علي بن ميثم البحراني في آخر شوال سنة إحدى وثمانين وستمائة» في مكتبة السيّد عليّ

أتشى - يزد

سنة 682- ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط حسين بن محمّد الحسين في النجف

الأشرف - سنة 682 ه-، عدد الأوراق 421(3).

كتبت برسم خزانة غياث الدين طلعت ،باشا بدار الكتب المصرية برقم 4840 ،

ص: 166


1- الذريعة 1: 234
2- الذريعة 14: 149 .
3- مجلة معهد المخطوطات 3: 218

اعتمد عليها محمّد أبو الفضل إبراهيم في تحقيق شرح نهج البلاغة.

برقم

- سنة 682 ه- نسخة نهج البلاغة؛ بخط محمّد بن عليّ بن الحسن السرا شاهد (1). سنة- 683- ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في المتحف العراقي بتاريخ 683 ه- = 1284م(2). - سنة 684 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة أمين الكتاب باستانبول - تركيا

221/943.

سنة 687 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد بن عبد الكريم الابرقوئي بتاريخ 5 ربيع الأول سنة 687 ه- في مكتبة ملك برقم 1176(3)، وعنها صوّرت

اليونسكو برقم 140.

في القرن الثامن :

سنة 701 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بتاريخ علي بن الناصر قطب الدين القاشاني

في 701ه- في مكتبة كاشف الغطاء في النجف برقم 848.

سنة 701 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط ياقوت المستعصمي (4)- سنة 703 ه- نسخة بخط أحمد بن محمّد بن جعفر الريان في مكتبة السيد

المرعشي برقم 3741

- سنة 704 ه- نسخة قديمة كاملة مشكولة ، كتبها بندار بن محمّد بن بندار الوراميني سنة 704ه- = 1340 م كما في المخطوطات العربية في المتحف العراقي

ببغداد بقلم گورگیس عوّاد برقم 1662(5).

ص: 167


1- الطبقات 8: 188
2- فهرس مخطوطات المتحف العراقي : 642.
3- مجلة معهد :706
4- الطبقات 7: 203 ، نقلت مؤخرا الى ايران ومصورتها في مكتبة العلامة المجلسي في قم.
5- مجلة سومر ، المجلد الرابع عشر سنة 1958 المجلد 1 و 2.

-سنة- 706 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة كاشف الغطاء بتاريخ سنة 706ه-

وبرقم 848 بخط علي بن عمران الصحاف

- سنة 706 ه- نهج البلاغة ؛ في إحدى مكتبات النجف، اشار إليها الهادي

كاشف الغطاء(1)

سنة 707 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة السيد المرعشي بقم برقم 4460 . سنة 708 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بتاريخ سنة 708 في مكتبة السيد المرعشي ،

برقم 4556 .

سنة 709 ه- نسخة نهج البلاغة مزخرفة ، وهي مؤرخة في سنة 709 في مكتبة

أحمد الثالث برقم 2586(2). سنة 716ه- شرح اختيار مصباح السالكين شرح نهج البلاغة ؛ في مكتبة

مشايخي الخاصة في مشهد.

- سنة 716 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط حسين بن محمّد الجرجاني، وعليه

قراءة بتاريخ 9 شعبان سنة 716.

سنة 718 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ صححها محمّد بن علي بن أبي علي البلخي

المهدوي ، المتوفى ،718 ، في مكتبة المجلس بر المجلس برقم 8156. سنة 723 ه- إجازة الشيخ أبو الفتح أحمد بن بنكو الآوي ، المجاز من العلامة

بخطه على نهج البلاغة عن نسخة فضل الله الراوندي في سنة 723 عند السيّد شهاب الدين المرعشي بقم(3).

سنة 723 ه- اجازة العلامة الحلي (ت /726) لبني زهرة المؤرخة سنة (4)723.

ص: 168


1- مدارك نهج البلاغة : 219
2- مجلة معهد المخطوطات 3 :218
3- الطبقات: 58
4- البحار 107 : 71 .

سنة 726ه- شرح نهج البلاغة؛ للعلامة الحلي ( ت/ 726) نسخة منه في

مكتبة الدكتور أصغر المهدوي برقم 795 فيلمها في مكتبة دانشگاه برقم 1545 كما في فهرست میکروفیلمها (1)348

سنة- 726ه- نسخة نهج البلاغة؛ مؤرخة سنة 726 في مكتبة دانشکده ادبيات طهران، برقم 63 كرمان مجموعة إمام جمعة، فيلمها في مكتبة دانشگاه برقم 2786 ، عليها تملك محمّد بن محمّد بن علي بن أبي الفوارس التاجر، كما في فهرست ميكروفيلمها : 296

- سنة 728 شرح نهج البلاغة ؛ بخط ياقوت المستعصي كذا ] نسخته في

مكتبة المجلس (2).

سنة 729 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمد بن محمد بن الحسن بن طويل

الصفار نسخته فى المكتبة الرضوية (3).

- سنة 732 ه- إجازة السيد محمّد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي، شمس

الدين بتاريخ سنة 732.

سنة 731 ه- قراءة على محمّد بن شمس الدين روبال المؤيدي (4).

سنة 731 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط بدر الدين الناوندي(5). سنة- 735 ه- نسخة نهج البلاغة؛ بخط عبد الرحيم بن أحمد المشهدي

بتاريخ يوم الاثنين 7 صفر 735 ، في مكتبة باريس برقم 2423

ص: 169


1- يراجع أمل الآمل 2: 45 وكشف الحجب : 96 والذريعة .
2- راجع سنة 701
3- الطبقات8: 199
4- الطبقات8: 188
5- الطبقات :248

- سنة 736 ه- نسخة نهج البلاغة في المكتبة الرضوية من كتب مدرسة ؛

صدر اصفهان(1)

- سنة 749 شرح يحيى بن حمزة بن علي المؤيد الزيدي ( 669 - 749). بعنوان الديباج الوضي (2). ونسخة بتاريخ سنة 1073 في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، رقم 306 - أدب.

-

سنة 750 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة بايزيد العمومية في استانبول، برقم 5572 ، عليه تملك السيّد حسن سامان زاده نقيب الاشراف بالديار المصرية. بخط النسخ الجيّد، مؤرّخة في نهاية الجزء الاول الورقة 55 / وجه : « اتفق الفراغ منه في شهور - سنة 750 على يد أحقر عباد الله تعالى الفقير إلى رحمة ربه أحمد بن حسن بن حسين بن مسعود الحلي.

سنة 759ه- منتخب نهج البلاغة لبعض العامة من السادة الأدباء، ألّفه بالتماس ولده نظام الدین مطهر ، أوله : «الحمد لله الذي جعل قلوب صفوة عبادة خزائن المعارف) وتاريخ فراغ الكاتب في رجب سنة 759، وهو في 82 ورقة

يُوجد في مكتبة استان قدس برقم 303 - اخبار، ويعد من النفائس . سنة 760 ه- نسخة نهج البلاغة قديمة الخط تاريخ قراءتها على السيّد العلامة

يوسف الأصفهانى سنة 760ه- (3).

سنة 767 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة المتحف العراقي برقم 1661 ، بخط

محمّد ابن غريب بن محمّد البخارائي.

سنة 780 ه- شرح نهج البلاغة؛ لكمال الدين عبد الرحمن بن محمّد بن

ص: 170


1- نشرية 314:5
2- راجع الذريعة 152:14 ، الطبقات : 238
3- انظر الهيئة والاسلام 1 : 15 ، ومجلة المعهد 4: 253 .

إبراهيم العتائقي الحلي ، فرغ منه سنة ،780 ، في خزانة مكتبة الامام أمير المؤمنين علیه السلام علمي في النجف ، وفي فهرس مكتبة سپهسالار ما يلي: «يقول ابو يوسف: إنّ لديه نسخة منه وإنّ فيها مادة تاريخ الشرح بالسنة 777 ه و 786 ه- »(1). وفيلمه في 777 مكتبة ،دانشگاه برقم 6278 سنة 784 ه- شرح نهج البلاغة ، عليه إجازة عليه الشهيد الأوّل لابن الخازن

المؤرخة - سنة 784 ه كما في البحار (2).

سنة 785 ه- نسخة نهج البلاغة؛ بخط أبي الحسن حيدر بن محمّد حسين في

المكتبة الرضوية ، برقم 766 .

سنة 785 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في المكتبة الرضوية برقم 2182. سنة 786 ه- إجازة الشيخ كمال الدين بن عبد الرحمن بن محمّد بن إبراهيم العتائقي الحلّي لتلميذه الذي قرأ عليه المجلد الثالث من شرحه على نهج البلاغة سنة 786 ، وله شرح نهج البلاغة كما في الذريعة (3).

سنة- 789 ه- نسخة نهج البلاغة؛ بخط أحمد بن ساعد الحسيني بخطه في صفر سنة 789 ( تسع وثمانين وسبعمائة ) بمدينة دار... قال المسوري وأنا أروي كتاب نهج البلاغة سماعاً عن شيخنا الفقيه الإمام الأكمل... الأفضل جمال الدين أحمد بن حميد بن سعيد، وهذه النسخة سماعه (4)

- سنة 791 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط علي بن الحسين بن محمّد العامر سنة

791 ه- في مكتبة المجلس، برقم 7943 - جديد.

ص: 171


1- فهرس مكتبة سپهسالار 1272
2- البحار 107 :189
3- الذريعة 14: 131 و 1: 201 .
4- اجازة المسوري وإجازات الأئمة (مخطوط) : 125

سنة 791 ه- قال مسعود التفتازاني ( ت / 791ه-) ، في شرح المقاصد ما لفظه :

وهو [ أي الإمام عليّ علیه السلام ] أفصحهم لسانا على ما يشهد به نهج البلاغة (1). سنة 796 ه- سماع السيد الإمام داود بن يحيى بن الحسين (ت / 796ه-) ، عليه الهادي بن إبراهيم الوزير الكبير نهج البلاغة ، ثم قال بعد السماع: «ما

سمع كان في نهج البلاغة فهو صحيح، قال السيّد داود بن يحيى انعقد اجماع العترة على علیه السلام أن نهج البلاغة كلام على (2).

في القرن التاسع :

1853.

- سنة 800 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة بتنه برقم - سنة 803 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة ملّي بطهران، رقم 3083 (مصوّر

كما في مجلة المعهد 6 329).

سنة 816 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في المكتبة الرضوية برقم 2185. - سنة 816 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في المكتبة الرضوية برقم 767 - أخبار. - سنة- 818 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة گوهر شاد برقم 1 / 104 بخط

محمّد بن علي حسن حسني موسوي

سنة 818 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة گوهر شاد برقم 104 ، ومعها ديوان الإمام عليّ علیه السلام . والنهج والديوان مترجمان بالحمرة إلى الفارسية بخط واحد وقطع واحد والديوان غير مؤرّخ ، ولكن في آخر النهج ما يلي: «تيسر الفراغ من كتابة هذا الكتاب الكريم بتوفيق الله العميم ولطفه ومنّه ، ظهر الخميس الثامن عشر من شهر جمادى الأولى سنة ثمان عشر وثمانمائة هجرية نبويّة، على يدي

ص: 172


1- شرح المقاصد : 301 ،ط / عبد الحميد خان .
2- لوامع الأنوار 1 : 458.

الضعيف المذنب المتكل بفضل الله الغني محمّد بن علي الحسن الحسيني الموسوي، بإشارة الناقد الذي مَنْ إشارته غنم وطاعته حتم وتحفة الكيا الأعظم منجاة ملاذ الأمم أعدل الأمراء في العالم مشهور جهان سيف الله (المعالي - ظ ) أدامها علوية في الآفاق». [وقد محي الاسم وجعل مكانه محمّد علي ] صاحبه ومالكه العبد الضعيف حسن بن علي بن رضا استرآبادي عفي عنهما»، وفي آخره

اجازة الشيخ محمّد باقر المجلسي لمحمّد مؤمن الرازي في سنة 1072). سنة 830 ه- شرح صائن الدين علي بن محمّد بن أفضل الدين محمد تركة

(ت / 830)(1)

- سنة 837 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط ابراهيم بن محمد ، والخط نسخ جيد بتاريخ شهر ذي الحجة سنة 837ه- ، في 205 ورقة ، مسطرتها 19 سطراً ، 26 × 17 سم في الصفحات (48 - 254) ، نسخ بالمداد الأحمر ، والعناوين الداخلية وأوائل الفقرات بالمداد الأحمر أيضاً، يسبقه كتاب في المواعظ والتذكير بدون ذكر المؤلف وبدون عنوان ، وهو في الصفحات (2 - 47 ) في المكتبة الغربية بصنعاء اليمن برقم 145 - أدب

- سنة 852ه- مختصر نهج البلاغة ؛ لابن ميثم البحراني بتاريخ 852 في مكتبة

852

الدكتور محفوظ الخاصة في الكاظمية. سنة 858 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بهذا التاريخ، صوّر صفحة منها د. صفاء خلوصي

The Islamic Reviav 38 v . no 10 England Od. 1950

- سنة 871 ه- نهج البلاغة ؛ بخط علاء بن حسين بن عليّ الحافظ السبزواري

في مكتبة الآستانة بقم. سنة 875 ه- نسخة نهج البلاغة كتبها صالح بن إبراهيم الأنصاري سنة 875 ه-،

ص: 173


1- الذريعة 14: 140

في مكتبة المتحف العراقي برقم 1893 .

- سنة 877 ه- إجازة العلامة علي بن محمّد بن يونس البياضي البقاعي

ت 877 ه-) للشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي الحساوي (ت / 852 ه- ) (1)

+

سنة 881 ه- شرح التحفة العلية في شرح نهج البلاغة الحيدرية؛ للسيد أفصح

الدين محمد بن حبيب الله بن أحمد الحسيني ، فرغ منه سنة 881، توجد نسخة

منه في مكتبة السيد علي الهمداني الخاصة في النجف.

سنة 882 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط حمزة بن بير بن هلال بن کجهش بن هلال الحسيني في نهار يوم السادس من صفر 882 في مكتبة الوزيري - يزد برقم

5021 ، وهي في 308 صفحة فيلمها في مكتبة دانشگاه برقم 2424 .

سنة 883 ه- نسخة نهج البلاغة جيدة الخط، تعود إلى القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي ) عليها تملك محمّد بن نظام الدين بن هلال الروبان سنة 883 ه- = 1478م ، الصفحة الأولى ساقطة، توجد في مكتبة المتحف العراقي بالرقم 7216

- سنة 885 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط الشيخ عبد الحسين بن عبد العزيز

الرازي في مكتبة مدرسة نواب بمشهد ، برقم 69 - أخبار. - سنة 891 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد بن سلطان الحافظ سنة 891ه-

في مكتبة السيد المرعشي في قم ، برقم 826. سنة- 892 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة متحف الأوقاف ببغداد برقم

2074 - T ( مصور 544/1 ) .

سنة 897 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بتاريخ سنة 897 في مكتبة المجلس.

ص: 174


1- يراجع البحار 107 : 225
في القرن العاشر :

- سنة 900 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة كاشف الغطاء في النجف كما

في فهرسها (1).

- سنة 905 ه- شرح جلال الدين حسن بن خواجة شريف الدين عبد الحق

(2)

الاردبيلي الألهي سنة 905 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة أسعد باشا في اسلامبول باسم

منهج

الفصاحة (3).

سنة 906 ه- شرح نظام الدين الأمير علي شير بن گنجينه الجغتائي الهروي

(ت /906) (4)

سنة 907 ه- إجازة الشيخ علي الكركي للمولى شمس الدين محمّد الاسترابادي المؤرخة سنة 907 ، وفيها: « وبهذا الاسناد كتب السيد الرضي أخي المرتضى

رواياته وديوان شعره ونهج البلاغة ؛ عن ابن قدامة عن السيد الرضى (5) سنة 917 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لقوام الدين يوسف قاضي بغداد المارديني

(ت / 917) (6)

سنة 918 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في المكتبة الظاهرية بدمشق برقم 775

231

سنة 923 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة السيّد المرعشي برقم 2310

ص: 175


1- فهرس مكتبة كاشف الغطاء : 878
2- الذريعة 14: 125 .
3- الذريعة 14 : 125 ، و دانشمندان : 48 .
4- الذريعة 14 : 141
5- البحار 108 : 52
6- شذرات الذهب 8 :85

سنة 920 ه- شرح للمولى كمال الدين حسين بن عبد الحسن الاردبيلي

(ت / 930 ) (1)

- سنة 937 ه- إجازة الشيخ علي الكركي للقاضي صفي الدين في سنة 937(2). سنة- 944 ه- شرح نهج البلاغة؛ لعز الدين الآملي (ت 940 ح ) شريك المحقق الكركي في الدروس ، ذكره في الرياض نقلاً عن مجالس القاضي ونسخة شرح نهج البلاغة بالفارسية عند الحاج ملا علي الخياباني في تبريز، ونسخة منه في مدرسة سپهسالار في 29 ذي القعدة رقم 3093 (3).

الزواري،

سنة 947 ه- شرح نهج البلاغة ؛ بعنوان روضة الأبرار لعلي بن الحسن ، ألّفه - سنة 947 ، نسخة منه بخط هداية الله بن أبي الحسن الشيرازي في الأول سنة 1056 في مكتبة ملّى بطهران برقم 2994 ، ويوجد فيلم منه في

مكتبة دانشگاه طهران برقم 1932(4).

سنة 948 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في المكتبة الرضوية برقم 292 - أخبار. سنة 948 ه- ترجمة نهج البلاغة بالفارسية، مجهول المترجم، وتاريخ الترجمة آخر شوال 948. نسخة منه بتاريخ سنة 1065 في مكتبة ملي بطهران برقم

2994/1243

سنة 950 ه- شرح نهج البلاغة ، باسم نهج الفصاحة بالفارسية؛ لجلال الدين الحسين بن شريف الدين عبد الحسن المعروف بالألهي (ت 950)، توجد نسخة منه في المكتبة الرضوية برقم 757 أخبار - ونسخة في مكتبة المجلس

ص: 176


1- الذريعة 7:5
2- البحار 76:108
3- الطبقات 10 : 138 .
4- الذريعة 14 : 136 ، وفهرس ميكروفيلمها : 133

بطهران برقم (5783(1)

- سنة 972ه- ترجمة نهج البلاغة بالفارسية للشيخ عز الدين بن جعفر بن شمس الدين الأملي ، أولها: « غرض علم الإنسان نهج البلاغة و...) وآخرها : « وقد انتهى الفراغ من كتبه ظهيرة يوم الثلاثاء شهر جمادى الأولى سنة 972 على يد مترجمه العبد الفقير الراجي عبد الموالى عز الدين بن جعفر بن شمس الدين الآملي ، كتبه العبد الحقير المحتاج إبراهيم بن زكريا جمارودي زرگر بدل الله سيئاتهم حسنات. وآخر خطبة: «فاسألوني قبل أن تفقدوني». توجد في مكتبة الآستانة بقم برقم 16362 .

سنة 972 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في المكتبة الرضوية برقم 2180 - أخبار. سنة 973 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في المكتبة الرضوية برقم 768 - أخبار . سنة 978 ه- شرح تنبيه الغافلين وتذكرة العارفين؛ لفتح الله بن شكر الله الشريف الكاشاني، المتوفى سنة 978 في كشمير ، وله شرح فارسي لنهج البلاغة مؤرخ سنة 955 في مكتبة مسجد جامع عتيق، في شيراز (2)

- سنة 989 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة تقوي بطهران، نقل عنه القزويني في يادداشتها ( 121:9) ما نصه : هذا كتاب نهج البلاغة بخط الياقوت الثاني شيخ - ظ ] زاده ،السهرودي، كان في سلسلتنا انتهى إلى أخي السيد السعيد

ظ ] الشهيد نور الهدى طيب الله تعالى ثراه، فلما انتقل إلى رحمة الله سبحانه أرسلته والدتي صانها الله سبحانه عن كيود الظالمين المبدعين إلي ، فوصل الحق إلى ذي الحقِّ ، فلما رأيته [ متهرئاً - ظ ] وكنت متوجهاً من بغداد إلى القسطنطينية المحروستين استعجلت بترميمه وإصلاحه، فلذا لم يصلح كما كان يليق بشأنه،

ص: 177


1- نسخه های خطی لمهدوي، دفتر 2 : 1037_1077
2- نسخه های خطى؛ لمهدوي، الدفتر ، وفي م ملي برقم 2057/1527

وظنّي أن أمثاله غني عن الاصلاح من يعرف قدره لا يفتقر إلى تهذيبه ومن لا يعرفه فهو مطروح من نظر الذكي، نمقه ابن سيّد شريف الحسني ميرزا مخدوم الشريفي القاضي ببغداد والمشهدين والمفتي بالعراقين [سابقاً - ظ ] في يوم الخميس 15 شهر ربيع الآخر سنة 989

- سنة 994 ه- نسخة منه بخط حسن بن عليّ بن حسن بن علي بن شدقم في مكتبة مشكاة برقم 87 ، وفي آخره: وكان اعتمادي حال الكتابة على ثلاث نسخ ،

« بل أربع نسخ 1 - نسخة شرح نهج البلاغة؛ للعلامة عبد الحميد بن أبي الحديد بخط ...

وهي نهاية في الضبط والتصحيح.

2 - نسخة مقروءة على الشيخ سديد الدين يوسف بن مطهر ، وعليها له

تعاليق بخطه وآخر تعاليقه عند قوله : وأرديت جيلا من الناس كثيراً، وتاريخ

النسخة سنة 588 .

3 - نسخة عليها آثار الصحة وتاريخها سنة أربعماءة. 4 - نسخة وهي [ أقدم - ظ ] نسخه شرح الشيخ الفاضل ميثم البح- البحراني

وصلى الله .... وله ثلاثة شروح» (1) سنة 996 ه- شرح نهج البلاغة ؛ أوّله : «أمّا بعد فإنك ممن استظهر به على إقامة الدین فاجمع ..... وقال المفهرس : العله ليوسف بن حسن الشهير بقاضي بغداد قوام الدين»(2) نسخة منه بتاريخ 996 في مكتبة أحمد الثالث بتونس ، برقم 4669 و أخرى برقم 2586.

ص: 178


1- راجع الذريعة 14 : 145 ، وفهرس مشكاة ، المجلد الثاني ؛ لعلي منزوي ، ط/سنة 1332 ه-.
2- راجع كشف الظنون 2 :1991
في القرن الحادي عشر :

سنة 1003 ه- نسخة السيّد محمّد شاهي بن محمّد باقر ، في مكتبة المجلس

بطهران برقم 64535

سنة 1004ه- شرح نهج البلاغة، ترجمة فارسية لحكيم علي صوفي بتاريخ

(1004)(1)

سنة 1010 ه- نسخة بخط محمّد بن صالح بن محمّد سعيد الأشرف في مكتبة

الكونجرس الأمريكي في واشنطن برقم 150

سنة 1013 ه- شرح شمس بن محمّد بن مراد كتبه في (1013(2) سنة 1018ه- نسخة نهج البلاغة ؛ حسنة الخط كاملة ، يتخلل سطور نصفها الأول ترجمة فارسية مكتوبة بالحمرة ، كتبها شهاب الدين بن قطب الدين الكرماني في 22 شوال سنة 1018 في مكتبة المتحف العراقي برقم (3)10211 سنة 1021 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في المكتبة الرضوية برقم 1861 - أخبار. سنة 1027 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في المكتبة الرضوية برقم 769 - أخبار. سنة 1028 ه- ترجمة نهج البلاغة ؛ لنور محمّد بن قاضي عبد العزيز المحلي،

في مكتبة سپهسالار برقم 7059 سنة- 1030 ه-. شرح محمّد بن نصار الحويزي المجاز من الشيخ البهائي

ت / 1030 ) (4)

سنة- 1032 ه- نسخة مؤرخة سنة 1032 جاء وصفها في فهرس نسخه ها: 70،

المفتاح رقم 133.

ص: 179


1- فهرست نسخه ها 7 مفتاح رقم 1120، وفهرس مكتبة المشكاة ، لعلى منزوي : المجلد الثاني.
2- الذريعة 14 : 127.
3- مجلة سومر العراقية . العدد 14 سنة 1958
4- الذريعة 147:14 .

سنة 1036ه- شرح نظام الدين الكيلاني ( ت /1036) باسم أنوار الفصاحة

وأسرار البلاغة (1).

سنة 1037 ه- نسخة نفيسة بخط نسخي جميل وورق جيد، وفيص 246 منها إشارة إلى أنها كتبت سنة 1037ه- = 1627م ، في مكتبة المتحف العراقي - بغداد برقم 1624(2).

سنة 1039ه- شرح نهج البلاغة باسم منهاج الولاية ؛ لمير عبد الباقي التبريزي

الخطاط ( ت / 1039) (3)

سنة 1042 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط عزّ الدين دريب مقابلة في سنة 1042

ه في مكتبة المتحف البريطاني برقم 220 - D.

سنة 1042 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة المتحف البريطاني برقم 311 - D. - سنة 1048 ه- إجازة أمير المؤمنين محمد بن أمير المؤمنين المنصور بالله القاسم بن محمد في سنة 11 ربيع الآخر 1048 لاحمد بن محمّد [ المشهد - ظ ] ونصها: «أجزته أن يروي عني كتاب نهج البلاغة؛ لأمير المؤمنين كرم الله وجهه كما بلغنا ذلك بقراءة الشيخ أبي صالح به إلى السيد العالم بن المرتضى بن سراهنك المرعشى الواصل من «الري».

وفي الهامش ما يلي: قال السيد المرتضى بن سراهنك وأنا أروي متن نهج البلاغة عن الشيخ الأجل العالم معين الدين محمّد بن زيد الحاجي البيهقي الرازي... الراوي عن السيد الإمام مجد الدين يحيى بن اسماعيل

الحسيني الحوالي »(4).

ص: 180


1- الذريعة 136:14
2- الذريعة 14 : 130 مجلة سومر العراقية ، العدد 14: 21958 . 21958
3- الذريعة 14 : 130.
4- إجازات الأئمة، للمسوري (مخطوط).

سنة 1049 ه- إجازة الشيخ ابراهيم بن محمّد بن علي بن براز، أشار إليها المسوري، وجاء في الإجازة ما نصه: ( وأنا أروي كتاب نهج البلاغة سماعاً عن شيخي الفقيه الإمام الأكمل والبحر الزاخر الأفضل جمال الدين أحمد بن حميد بن سعيد وهو نسخة سماعه رحمه الله تعالى والسند بيتين كذا ] ، من إجازة الشيخ ابراهيم بن محمّد ابن علي بن براز للفقيه أحمد بن ساعد نقلها [الإجازة] أحمد بن سعد الدين المسوري في ضحوة الأحد السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وألف (1).

سنة 1055 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط عبد الرضا بن محمّد بتاريخ سنة 1055 ه- في مكتبة الهيات مشهد ، برقم 659. ( وهي من الكتب غير المفهرسة). سنة 1058 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط قوام الدين حسن الحسيني الأنجوي

في بلدة دار الأمان (لامرد) صينت عن شر الأشرار، يوم الخميس ثاني شهر

ذيحجة الحرام سنة 1058 ه-، في مكتبة نواب في مشهد وهي غير مرقمة. سنة 1059 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ مؤرخة سنة 1059 ه- بخط محمّد رضا بن محمّد الشوشتري في مكتبة الدكتور محفوظ في الكاظمية، جاء في آخرها

ما يلي:

كتبت هذه النسخة عن عن نسخة كان في آخرها مكتوب بخط أبي نصر... فرغت من قراءته على مولاي وسندي وكهفي وسيدي الإمام الكبير العالم التحرير زين الدين جمال الاسلام فريد العصر محمّد بن أبي نصر أدام الله ظله وكثّر في أهل الأول من شهور سنة سبع وثمانين

شهر ربيع

الإسلام والفضل مثله في شهر وخمسماءة ( 587) هجرية، وبعد القراءة عرضت هذه النسخة على النسخة ا المقروة علىّ السيّد الإمام الكبير العلامة ضياء الدين علم الهدى قدس الله روحه

ص: 181


1- إجازات الأئمة، للمسوري (مخطوط).

ونوّر ضريحه، ونقلت إليها ما وجدته فيها من النكت الغريبة والنتف العجيبة وصححتها غاية التصحيح فصحت إلّا ما زلّ عن النظر وتهافت عن ادراك البصر، ولله الحمد .

- سنة 1059 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ مؤرخة بسنة 1059 ه- عليها علامات نسخة الرضي وعدة قراءات، وعليها - أيضا - تملك محمّد هاشم الخوانساري في سنة 1276ه- وتملّك حيدر قلي خان الكابلي سنة 1321 ه-.

سنة 1061 ه- إجازة المنصور بالله عبد الله بن حمزة في إجازته عدة كتب منها تنزية الأنبياء، ثم قال ما نصه: ( وهذه الكتب يرويها الفقيه بدر الدين محمّد بن حسين اليحيوي عن والده عن الشيخ محيي الدين أحمد بن أحمد بن الوليد القرشي قال نا الفقيه حسين وكذلك أروي عن والدي محمّد بن محمّد نهج البلاغة وجميع مصنفاته في العربية واللغة سنة 1061 ه- إجازة كتبها القاضي أحمد بن سعد الدين المسوري في ذي الحجة 1061 في نسخة بخط يوسف بن أحمد بن محمّد بن عثمان المؤرخة شهر شعبان 809ه- ولعل الإجازة من الإمام الأعظم المنصور بالله عبد الله

حمزة الهادوي.

- سنة 1062 ه- إجازة المولى محمّد تقي المجلسي للميرزا إبراهيم اليزدي

في 1062ه-

- سنة 1064 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد بن يحيى الواقدي، الملقب بنور، بخط نسخي جيّد، وعليها تاريخ يوم الخميس 10 جمادى الآخرة سنة

1064 ه- في المكتبة الغربية بصنعاء - اليمن ، الرقم 146 - أدب..

سنة 1069 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في المكتبة الرضوية برقم 1867. سنة- 1071 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط نسخي متوسط قديم بتاريخ يوم

ص: 182

صفر - سنة 1071 ه-، وهي في 125 ،ورقة، مسطرتها 29 سطراً، 30*20 وفي آخرها فوائد متفرقة في 12 صفحة في المكتبة الغربية بصنعاء - اليمن الرقم 142 _ أدب.

سنة 1070 ه- شرح المولى محمّد تقي المجلسي (ت/1070ه-) الخطبة

الاستسقاء (1).

سنة 1070 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة غرب همدان

سنة 1070 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة الفاتيكان برقم 983 -سنة- 1072 أنشأ الشاعر أبو محمّد بن شيخ صنعان الذي كتب نسخة من نهج البلاغة في سنة 1072 الموجودة في مكتبة سپهسالار برقم 3085 أبياتاً في وصف 3 الكتاب على تلك النسخة، ونصها :

سنظار

نهج البلاغة روضة ممطورة ***بالنور من سبحات وجه الباري

أو حكمة قدسية جليت بها*** مرآة ذات الله للنظّار

أو نور عرفان تلألأ هادياً*** للعالمين فهي تموج بالأنوار

خطب روت ألفاظها عن لؤلؤ*** من ن مائه بحر المعارف جاري

وتهللت كلماتها عن جنّة*** حُقَّت من التوحيد بالأنوار

وكأنّها عين اليقين تفجرت*** من فوق عرش الله بالأنهار

حكم كأمثال النجوم تبلجت*** من ضوء ما ضمنت من الأسرار

كشف الغطاء بيانها فكأنهالل*** سامعين بصائر الأبصار

وتؤمن الكلم الصغار جوامعاً ***تغنيك عن سفرٍ من الأسفار

لفظ تمدّ من الفؤاد سواده ***والقلب منه بياض وجه نهار

وجلى عن المعنى السواد كانّه***صبح تبلج صادق الإسفار

ص: 183


1- الذريعة .14: 118

من كلّ عاقلة الكمال عقيلة ***تشتاق فوق مدارك الأفكار

عن مثلها عجز البليغ واعجزت*** ببلاغة هي حجة الإقرار

وإذا تأمّلت الكلام رأيته*** نطقت به کلمات علم الباری

ورأيت نهراً بالحقائق طاميا ***من موجه سفن العلوم جواري

ورأيت أنّ هناك برّاً شاملاً ***وسع الأنام كريمة مدرار

ورأيت أنّ هناك عفو سماحة*** في قدرة تعلو على الأقدار

ورأيت أنّ هناك قدراً ناشياً ***عن كبرياء الواحد القهار

قدر الذي بصفاته وسماته*** مسموس ذات الله في الآثار

مصباح نور الله مشكوة الهدى*** فتاح باب خزائن الأسرار

صنو الرسول وكان أول مؤمن*** عبد الإله كصنوه المختار

أقام الله دين نبیّه***يه وأتم نعمته على الأخيار

سنة 1072 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة گوهرشاد برقم 149 سنة 1076ه- شرح نهج البلاغة للشيخ حسين بن شهاب الدین محمد بن

حسين الكركي العاملي الشامي (ت 1077) ترجمته في البحار 109 :119(1)

1077 - سنة 1077 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط غضنفر علي بن مظفر علي التبريزي

في مكتبة الامام أمير المؤمنين في النجف برقم 2917 .

1077 سنة 1077 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة مشكوة برقم 1141 . سنة 1077 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط قوام الدين حسين الحسيني الحسني

الانحوي في مكتبة سلطنتي برقم 497 .

سنة 1079 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمد هادي بن محمّد تقي بن حيدر

ابن حسن بن إبراهيم بن فياض السهروري المشهور بالشولستاني بتاريخ سنة

ص: 184


1- أمل الآمل (1 70 ، طبعة النجف ، سنة 1385ه-.

1079 ، وعليه إجازة له من الشيخ صالح بن عبد الكريم البحراني سنة 1080 في مكتبة نصيري (1).

سنة- 1079 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة دانشگاه طهران برقم 1856 . سنة 1080 ه- شرح فخر الدين عبد الله بن المؤيد بالله، بعنوان العقد الفريد

نسخة منه في مكتبة المجلس بتاريخ 1080(2).

سنة 1080 ه- نسخة نهج البلاغة في المكتبة الرضوية في مشهد برقم سنة 1081 ه- شرح نهج البلاغة ؛ للسلطان بن محمود بن غلام علي طبسي

مشهدي، في مكتبة السيّد المرعشي برقم 4822 .

(3)

سنة- 1082 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط عبد الرحيم شريف بن نصر الله بهبهاني بتاريخ 1082 وترجمة فتح الله بن شكر الله الكاشاني (ق (10) في م سلطنتي برقم 61. - سنة 1083 ه- روضة الأبرار ترجمة نهج البلاغة، استظهر منها المفهرس أن المترجم علي بن الحسن الزواري، بتاريخ سنة 1083 في المكتبة الرضوية برقم 123 - أخبار.

سنة 1083 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في المكتبة الرضوية ؛ برقم 1866 . سنة 1084 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في المكتبة الرضوية ؛ برقم 1863 . سنة 1084 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة المهدوي برقم

(4)723

سنة 1085 ه- إجازة الشيخ الحر العاملي للشيخ محمّد المشهدي بتاريخ 085 411085

ص: 185


1- مجلة المعهد ، العدد 373
2- الذريعة 14 : 134
3- فهرس نسخه ها ، المجلد : 2.
4- البحار 110 : 115

سنة 1086 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد باقر بن أبي الفتوح الحسيني

86

الموسوي الشهرستاني بتاريخ محرم 1086 ، في مكتبة سنا برقم 202. سنة 1088 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمحمّد صالح الروغني ، الفه سنة 1088

بالفارسية

سنة 1089 ه- ترجمة نهج البلاغة ؛ بخط نظام الدين محمّد سنة 1089 عن

ترجمة علي بن حسن الشروادي سنة 947 في كتابخانه سلطنتي برقم 62 .

سنة 1090 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة الكونجرس الامريكي

(1)

- سنة 1090 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بقلم المؤيد بالله محمّد بن اسماعيل في

مكتبة محمّد بن يحيى الذماري الخاصة في اليمن.

سنة 1091 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة فرهاد ميرزا برقم(2)

سنة 1092 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ عليها انهاء المجلسي في سنة 1092 في 1092

مكتبة السيد المرعشي برقم 401 . سنة 1092 ه نسخة نهج البلاغة في مكتبة دانشكده الهیات طهران برقم 89ج. 1092 م سنة 1093 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد باقر بن محمّد تقي في مكتبة

المتحف البريطاني برقم 18401 - Add.

عمر

سنة 1093 ه- شرح ما وقع في شرح الرضي من نهج البلاغة لعبد القادر بن البغدادي (ت /1093) .

والنسخة بخط ابن المؤلف محمّد ، بتاريخ 1104(3)

سنة 1094 ه- شرح محمّد صالح بن محمّد باقر القزويني الروغني لعهد مالك الأشتر بالفارسية بخط محمّد رضا الحسيني، مؤرخة بسنة 1094 وهي في

ص: 186


1- جولة في دور الكتب الامريكية ، لعوّاد : 9.
2- فهرست نسخه ها ، المجلد 3
3- المصدر 1: 389

362 صفحة في مكتبة الامام أمير المؤمنين علیه السلام في النجف برقم (1)926. سنة 1095 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد جعفر اللاهيجاني في م /سنا

برقم .203

سنة 1095 ه- نسخة نهج البلاغة بخط محمّد رضا بن محمّد باقر الصوفي ؛

الهمداني، في مكتبة دانشگاه برقم 2739

- سنة 1096 ه- نسخة نهج البلاغة في مكتبة المتحف العراقي برقم 1625

ونسخة أخرى في مكتبة المجلس بطهران، برقم 154 سنة 1097 ه- شرح نهج البلاغة؛ للشيخ محمّد مهدي بن أبي تراب المشهدي

الكحجي بالفارسية، ألّفه سنة 1097(2).

- سنة 1097ه- شرح نهج البلاغة ؛ سلطان بن محمود بن غلام علي الطبسي

المشهدي القاضي بها ( ت /1097ح)(3)

سنة 1099ه- شرح نهج البلاغة ؛ بخط حسن بن حيدر الشيرازي بتاريخ سنة 1099 عن نسخة ياقوت المستعصمي بتاريخ عاشر ذي القعدة سنة 601 ، عن نسخة الشريف الرضي، في مكتبة السيّد المرعشي برقم 774 . سنة- 1099 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط عيسى بن عياش بن عبدي في مكتبة

دانشكده الهيات بطهران برقم 327

في القرن الثاني عشر :

- سنة 1102 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ مؤرخة بسنة 1102 في المكتبة الرضوية

برقم 1868/2.

ص: 187


1- الذريعة 129:14
2- الذريعة 14: 148
3- الذريعة 127:14

سنة- 1103 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة المتحف العراقي برقم 531 .

سنة 1103 ه- شرح يحيى بن إبراهيم الجحاف ( ت /1103ه-) طقم بتحقيق

شقيقي السيّد محمّد جواد الجلالي.

- سنة 1103 ه- نسخة نفيسة مكتوبة بخط نسخ واضح على ورق ترمذي

كتبها أحمد بن ابراهيم الطباطبائي (ت / 1103 = 1691م). في مكتبة

المتحف العراقي(1).

سنة 1104 ه- إجازة السيّد عبد الله الموسوي الجزائري (ت / 1104 ح )(2). سنة 1105 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة الإمام أمير المؤمنين علیه السلام، وهي في

264 صفحة برقم 1687 . سنة 1106 ه- شرح السيّد ماجد بن محمّد البحراني ، وله شرح العهد كتبه

باسم الشاه سليمان (ت/1106) (3).

سنة 1107 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط السيّد مرتضى بن نور الله الكازروني من نسخة صححها محمّد بن أبي نصر( ت / 587 ه-)، نسخة منها في مكتبة سپهسالار برقم (4)384. سنة 1107ح شرح نهج البلاغة؛ لأبي الحسن الشريف العاملي بن محمّد طاهر الفتوني المجاز من العلامة المجلسي في سنة 1107 ه- ، شرح فيه عهد مالك

الأشتر وسماه « نصائح الملوك (5).

- سنة 1107 ه- شرح نهج البلاغة لمحمّد كاظم بن محمّد فاضل المشهدي 11314:

ص: 188


1- مجلة سومرج 14 : 1958م.
2- الإجازة الكبيرة : 64.
3- الذريعة 14 : 145
4- مجلة المعهد 3: 67 .
5- الذريعة 14: 113

عليه تملك بتاريخ 1107(1)

سنة 1110 ه- شرح نهج البلاغة؛ لحسن بن مظهر بن حسين الجرموزي

اليمني سنة 1110ه-(2).

سنة- 1110 ه- شرح نهج البلاغة تأليف لعلاء الدین محمّد گلستانه

(ت 1110ه-) باسم حدائق الحقائق في شرح كلمات كلام الله الناطق (3). سنة 1111 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محب علي كازروني في مكتبة ملك

برقم 2216

سنة 1111 ه- شرح نهج البلاغة ، لمحمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

(ت/ 1111ه-)(4).

سنة 1112 ه- شرح نهج البلاغة؛ للسيد نعمة الله الجزائري (ت/ 1112)

بعنوان الحواشي الصافية(5).

سنة 1114 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في المكتبة الرضوية برقم 2184 .

1121

سنة 1121 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة المجلس برقم 66604. - سنة 1122 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط حسين بن محمّد بن طربية

العتريس العليكي. - سنة 1124 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ مقروءة على الشهيد الأول (6)

سنة 1124 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لسلطان محمود بن غلام علي الطبسي

ص: 189


1- الذريعة 144:14
2- الذريعة 6: 124:14
3- الذريعة 6: 284
4- الذريعة 116:14
5- الذريعة 14: 151
6- مجلة المعهد 4: 211

القاضي المشهدي سنة 1124 في مكتبة ملك برقم 2178.

سنة- 1132 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمرتضى بن محمّد هادي الحسيني الخاتون

آبادي بتاريخ سنة 1132 ه- في مكتبة دانشگاه برقم 2196

196

سنة 1132 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد صادق اليزدي سنة 1132 في

مكتبة السيّد المرعشي برقم 273

- سنة 1132 ه- نسخة نهج البلاغة؛ بخط محمّد تقي الطبسي في كتابخانه

.294

سلطنتي برقم سنة 1134 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لعبد الكريم بن محمّد يحيى القزويني (ح

(1134) بالفارسية لخطبة القاصعة (1).

سنة 1137 شرح نهج البلاغة ؛ للشريف الميرآصف القزويني (ت /

1137 ح) (2).

سنة 1138 ه- نسخة نهج البلاغة بتاريخ سنة 1138 كما في فهرست نسخه ها. سنة 1149 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة دار الكتب الأمريكية كما في

فهرسها ص 6. سنة 1160 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمحمد رفيع الجيلاني (ت/ 1160) (3).

سنة 1167 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة ملك برقم 5989 سنة 1670 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة الحكيم، طبع في سنة 1339

بدون ذكر الناسخ.

سنة 1172 ه- شرح نهج البلاغة؛ للميرزا محمود بن محمّد تقي المشهدي

ص: 190


1- الذريعة 14: 133
2- الذريعة 14: 113.
3- الذريعة 12 : 126

عالمگیر بتاریخ 1172(1)

سنة 1173 ه- شرح للكلمات القصار في نهج البلاغة؛ للمولى اسماعيل بن

محّمد حسين المازندراني الخاجوئي ، المتوفى 11 شعبان (1173)(2). سنة 1178 ه- شرح خطبة أمير المؤمنين باسم ( رياض المحبين) تأليف عبد الرشيد بن نور الدين الشوشتري بتاريخ سنة 1178 في مكتبه چهل ستون بطهران برقم 36

سنة- 1181 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمحمّد علي بن أبي طالب الشهير بالحزين

الزاهدي الجيلاني (ت/1181ه- )(3)

سنة 1182 ه- جاء في ذيل أجود المسلسلات: 341، شرح منظومة التحف

العلوية لمحمّد بن اسماعيل الأمير الحسني الصنعاني (ت/ 1182ه-):

حكم اليونان والفرس معاً ***ماتدانى منه لفظاً علوياً

ان رقى المنبر يوماً خاطباً ***عاد سحبان لديه باقليا

والبلاغات إليه تنتهي*** نهجه فيها يري النهج السويا

سنة 1183 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمحمّد علي بن الشيخ بشارة الخيقاني آل

موحى في حدود سنة (4)1183.

سنة 1198 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في المكتبة الخديوية برقم 126 - أدب. سنة 1186 ه- إجازة الشيخ يوسف البحراني ( ت / 1186ه-)(5)

ص: 191


1- الذريعة 14: 147 .
2- الذريعة 116:14.
3- الذريعة 14 : 135.
4- الذريعة 136:14.
5- لؤلؤة البحرين: 325.
في القرن الثالث عشر :

سنة 1203 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لعبد النبي بن شرف الدين محمّد الطسوج

(ت (1203)(1)

سنة 1226 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمحمّد باقر اللاهيجي، ألّفه سنة 1226 في

مكتبة نوّاب بمشهد.

سنة 1229 ه- ترجمة فارسية للميرزا محمّد باقر النواب اللاهيجي ، أتم الجزء

الاول - سنة- 1229((2)

- سنة 1232 ه- شرح نهج البلاغة؛ للسيّد عبد الله بن محمّد رضا الحسيني

الكاظمي (ت / 1232) بعنوان نخبة الشرحين (3).

سنة- 1242- ه- شرح نهج البلاغة ؛ للسيد عبد الله شبر (ت/1242ه-).

سنة 1345 ه- شرح نهج البلاغة ؛ في مكتبة السيّد المرعشي برقم 4966.

سنة 1346 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة المرعشي برقم -

سنة 1347 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمحمد كاظم بن عبد العلي النيريزي في

مكتبة دانشگاه برقم 2206 سنة 1255 ه- إجازة محمّد بن علي الشوكاني الشافعي (ت/ 1252) في

اتحاف الاكابر ص: 114 .

سنة 1247 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ عن نسخة 769 في مكتبة دانشگاه برقم 1726.

سنة 1256ه- شرح نهج البلاغة ؛ للسيّد صدر الدين بن محمّد باقر الموسوي

الدزفولي (ت 12567)(4)

ص: 192


1- الذريعة 134:14
2- الذريعة 145:4
3- الذريعة 134:14
4- الذريعة 14: 129

سنة 1363 ه- شرح نهج البلاغة؛ للمير سيّد محمّد مهدي امام جمعه طهران

سنة 1263ه-.

سنة 1363 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمحمّد مهدي بن مرتضى بن محمّد مهدي

الخواتون آبادي (ت/1263)(1).

سنة 1267 ه- طبعة حجرية لنهج البلاغة؛ في تبريز سنة 1267 بالقطع

الرحلي على خط محمّد جعفر قراجه داغي في 307 ص . ط دار التبليغ في

المكتبة الرضوية برقم 983 - أخبار چاپي

سنة- 1270 ه- ترجمة نهج البلاغة بالفارسية للسيد محمّد تقي بن الأمير مؤمن

القزويني في سنة 1270(2).

- سنة 1271 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ بخط محمّد حسن بن عوض علي

1904

الموسوي في مكتبة الامام أمير المؤمنين علیه السلام في النجف، برقم 1959 في

278 صفحة.

- سنة 1272 ه- شرح نهج البلاغة؛ للسيد أبي القاسم بن محمّد حسن

البختياري الاصفهاني (ت (1272) (3)

سنة 1280 ه- شرح نهج البلاغة؛ للسيّد محمّد تقي بن أمير مؤمن القزويني

في سنة 1280.

سنة 1280 ه- تعليقات على نهج البلاغة ؛ للميرزا محمد الرئيس الملقب

بصديق الملك كتب في 1280(4).

ص: 193


1- الذريعة 14: 148
2- الذريعة 4 : 145 ، و 19:14.
3- الذريعة 114:14
4- الذريعة 147:14

سنة- 1280 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في المكتبة الرضوية برقم .2191 . - سنة 1283 ح ترجمة گجراتية لنهج البلاغة ؛ للحاج غلام علي بن اسماعيل

النهاونگري (1).

سنة 1288 ه- طبعة نهج البلاغة في تبريز، سنة 1288ه- بالقطع الرحلي ، على

خط محمّد بن علي تبريزي باهتمام آخوند ملا محمّد تربتي بايكي سنة- 1291 ه- نسخة نهج البلاغة؛ في مكتبة المرعشي برقم 4419 .

سنة 1291 ه- نسخة نهج البلاغة في مكتبة ملك برقم 128 .

سنة- 1292 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ طبع في تبريز 1292 . سنة 1295 ه- شرح نهج البلاغة؛ للمولى نصر الله تراب بن فتح علي لطف)

علي الدزفولي ، فرغ منه سنة 1295(2)

سنة 1297 ه- شرح نهج البلاغة؛ للميرزا محمّد تقي الكاشاني ( ت /1297)(3).

سنة- 1298 ه- شرح نهج البلاغة ؛ للميرزا أحمد بن محمد شفيع المشهور

بوقار ( ت /1298) نظماً بالفارسية بعنوان رموز الإمارة » (4).

سنة- 1299 ه- شرح نهج البلاغة؛ للميرزا أحمد ابراهيم بن محمّد مهدي

النواب المتوفى سنة 1315.

سنة- 1299 شرح خطبة همام مفصلاً ، لمحمّد تقي بن حسين علي الهروي

الحائري ( ت /1299ه- ) (5)

ص: 194


1- لذريعة 146:4
2- الذريعة 14: 150.
3- الذريعة 14: 119.
4- الذريعة 14 : 152.
5- الذريعة 14: 120
في القرن الرابع عشر :

سنة 1300 ه- نسخة نهج البلاغة ؛ في مكتبة السيد المرعشي برقم 414

سنة 1300 ح شرح الكلمات القصار لمحمّد بن الحاج قنبر علي المدني

الكاظمي ( ت / 1300 ح ) بعنوان الفاظ الدرر النخب (1).

سنة 1304 ترجمة بالتركية منظومة لعهد مالك الأشتر؛ لمحمّد جلال الدين

طبعة اسلامبول 1304(2)

سنة 1306 شرح المفتي

محمّد عباس بن علي اكبر التستري اللكنهوي ت / 1306) للخطبة الشقشقية، بالفارسية (3).

سنة 1306 طبعة حجرية بطهران، 1302 بالقطع الرحلي ، طبعة شيخ رضا.

سنة 1307 طبعة حروفية لنهج البلاغة؛ في بيروت سنة 1307 بالقطع

1307

الوزيري مع حواشي الشيخ محمّد عبده. - سنة 1308 شرح الميرزا محمّد حسين بن علي نقي الهمداني للعهد، ألّفه

سنة 1308 بعنوان ( هدايات الحسام(4)

سنة- 1309 ه- شرح نهج البلاغة ؛ للمير عبد الباقي التبريزي في سنة 1309ه-. سنة 1310 ه- شرح نهج البلاغة؛ للمولى أحمد بن علي أكبر المراغي

التبريزي (ت / 1310)(5).

سنة 1310 ه- طبعة حجرية لنهج البلاغة ؛ بطهران سنة 1310 بالقطع الرحلي،

ص: 195


1- الذريعة 146:14
2- الذريعة 146:14
3- الذريعة 14: 130.
4- الذريعة 25 :162
5- الذريعة 14: 115

علی خط محمّد باقر گلپايگاني في 287 ص.

سنة- 1312 ه- شرح نهج البلاغة ؛ للسيّد علي محمّد بن سلطان العلماء محمّد

دلدار علي النصير آبادي (ت/1312) (1).

- سنة 1315 ه- شرح نهج البلاغة؛ للميرزا أبي المعالي بن محمّد ابراهيم

الکلباسی (ت/1315) (2)

سنة 1312 ه- نهج البلاغة ؛ طبعة طهران سنة 1312 بالقطع الرحلي على خط

محمّد ابن مهدي خوراني في 311 ص.

- سنة 1320ه- إجازة الميرزا محمّد حسين النوري (ت/ 1320) في مواقع

النجوم) (اواخر الاجازات ) .

سنة- 1323 ه- شرح نهج البلاغة ؛ للشيخ محمّد عبده بن حسن خير الله ، مفتي

الديار المصرية (ت/ 1323) الطبعة الأولى سنة 1885م في بيروت. سنة 1324 ه- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ؛ للميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي ( 1261 ح - 1324ه-)(3) ، طبع بتحقيق السيد ابراهيم الميانجي في المطبعة الاسلامية بطهران سنة 1386 في 21 مجلداً.

سنة 1325 ه- شرح لعهد مالك ؛ لمحمّد حسين بن آقا مهدي الارباب

الاصفهاني ( ت (1325) بالفارسية ، طبع في تبريز سنة 1358(4)

سنة 1325 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمحمّد جواد بن محمّد عليّ بن الشيخ

جعفر التستري (ت 1325) باسم تنبيه العباد(5).

ص: 196


1- الذريعة 14: 143
2- الذريعة 114:14
3- الذريعة 14: 123
4- الذريعة 14 : 125
5- الذريعة 31:14.

سنة 1325 ه- ترجمة فارسية باسم شرح الاحتشام على نهج بلاغة الامام

للشيخ محمّد جواد بن محرم علي الطارمي الزنجاني (ت/ 1325)(1)

سنة 1325 ه- شرح نهج البلاغة ؛ باسم الدرّة النجفية شرح نهج البلاغة

الحيدرية للميرزا إبراهيم بن حسين الدنبلي الخوئي (ت (1325).

سنة 1327 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمحمد صادق الغازي بن محمّد علي بن علي محمّد اللهوبردي التبريزي بالفارسية بعنوان «هدية الأمم » ، ألفه سنة

1327(2)

سنة 1328 ه- شرح نهج البلاغة ؛ للمرصفي محمّد حسن نائل المصري، طبع

مع النهج بمصر سنة (1328)(3)

سنة- 1328 ه- شرح نهج البلاغة؛ لجهانگیزخان قشقائي (ت/1328) (4).

سنة 1329 ه- شرح نهج البلاغة؛ للمولى محمّد كاظم بن الحسين الخراساني

صاحب الكفاية (ت / 1329 )(5).

سنة- 1331 ه- ترجمة نهج البلاغة بالفارسية ؛ لمحمّد علي الانصاري القمي ؛

طبع في - سنة -سنة- 1331 بطهران.

سنة 1334 ه- شرح نهج البلاغة؛ للسيد محمّد علي بن ميرزا أحمد الحسيني

الشاه عبد العظيمي ( ت / 1334 )(6) .

سنة- 1338 ه- ترجمة لنهج البلاغة ؛ بالاردوية باسم «الإشاعة»؛ للسيّد أولاد

ص: 197


1- الذريعة 4: 145
2- الذريعة 206:25
3- الذريعة 14: 158
4- الذريعة 14 : 122
5- الذريعة 14 :144
6- الذريعة 14: 140

حسن بن محمّد حسن الأمروهوي (ت / 1338) (1).

- سنة 1340 ه- كشف كلمات نهج البلاغة؛ للشيخ علي النوري المتوفى سنة

1340 ،بخطه موجود عند أحفاده(2).

سنة- 1341 ه- شرح نهج البلاغة ؛ للسيد علي أكبر بن محمد سلطان العلماء

اللكنهوي ( ت / 1341ه-) بعنوان ( التوضيحات الحقيقية)(3).

سنة 1351 ه- نهج البلاغة ؛ طبعة حجرية في تبريز سنة 1351ه-.

سنة 1350 ه- شرح لنهج البلاغة ؛ للمولى اعجاز حسين بن جعفر البدايوني

ت / 1350)(4)

- سنة 1352 ه- طبعة حروفية لنهج البلاغة ؛ بالقطع الوزيري مع شرح الشيخ

سنة 1352 محمّد عبده في مصر سنة 1352 ه- ترجمة لنهج البلاغة بالاردوية للسيّد على أظهر اللكنهوي ،

(ت /1352)(5)

سنة 1352 ه- ترجمة الكلمات من نهج البلاغة ؛ بالفارسية والفرنسية ؛ للميرزا

محمّد أحمد علي سپهر طبع بطهران طبعة حجرية (6).

سنة 1353 ه- شرح نهج البلاغة؛ لجهانكير ناظم الملك الاذربايجاني

( ت / 1352) للوصايا الثلاث مع نظمها الفارسية، طبع باسلامبول سنة 1329(7)

ص: 198


1- الذريعة 144:14
2- النقباء 4 : 1365.
3- الذريعة 14 : 141 .
4- الذريعة 14 : 116.
5- الذريعة 144:14
6- الذريعة 4 130 .
7- الذريعة 14 : 122

سنة 1352 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لسبط الحسن بن وراث حسين اللكنهوي

ت / 1352ه-) بعنوان « تقييم الأود (1).

سنة 1353 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لمحمد بن اسماعيل بن عبد العظيم

الكجوري ( ت/1353) للعهد بعنوان «أساس السياسة » (2).

سنة 1355 ه- طبع نهج البلاغة ؛ طبعة حجرية بالقطع الرحلي، على خط أبو القاسم خوشنویس الاصفهاني، بتصحيح السيّد هاشم الروضاتي في مطبعة سيّد سعيد، في 412 ،ص، مع ترجمة بين السطور لحسين بن شرف الدين الاردبيلي.

سنة 1355 ه- طبعة حجرية لنهج البلاغة ؛ في اصفهان سنة 1355 ، في مطبعة

(

گلبهار علی خط محمّد خوشنويس الاصفهاني، وتوجد طبعة حجرية باصفهان سنة 1355 في المكتبة الرضوية برقم 990 - چاپي سنة 1356 ه- شرح نهج البلاغة؛ للشيخ احمد الكاشاني ( ت /1356ح)(3).

سنة 1360 ه- شرح وترجمة نهج البلاغة ؛ للسيد ابراهيم بن محمّد حسين

البروجردي طبع بطهران سنة 1360(4)

- سنة 1362 ه- إجازة السيّد أبي القاسم الطباطبائي (ت/1362) في مشجرة

علماء الإمامية ، طبعة طهران سنة 1378ه-.

سنة- 1366 ه- شرح عهد الامام على أبي مالك الأشتر ؛ للهادي بن حسين بن محسن بن عبد الله بن محسن البيرجندي (ت 1366) بالفارسية، طبع بطهران

سنة 1355 (5).

ص: 199


1- الذريعة 126:14
2- الذريعة 146:14
3- الذريعة 114:14
4- الذريعة 113:14.
5- الذريعة 152:14.

سنة 1367 ه- شرح نهج البلاغة للسيّد علي نقي بن محمّد الحسيني السدهي ؛ الاصفهاني الملقب بفيض الاسلام طبع في طهران 1367 رأيت المصنف في طهران وهو منقطع إلى التجارة في سراي أميد لأجل تكميل كتابه وانقطعت

أخباره عني

سنة 1367 ه- شرح نهج البلاغة ؛ للمولوي غلام علي بن اسماعيل البهاونگري

ت / 1367ح) باللغة الكجراتية (1).

علي

سنة 1368 ه- نهج البلاغة ؛ المنظوم بالفارسية في 10 مجلدات؛ للشيخ محمّد

الأنصاري.

سنة 1372 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لحيدر قلي خان بن نور محمّد خان الكابلي

(ت / 1372)(2)

سنة 1372 ه- شرح نهج البلاغة ؛ لميرزا حسين الشفيعي بالفارسية لخطبة همام، باسم نور اليقين في شرح خطبة صفات المتقين»، طبع بايران سنة 1372(3).

سنة- 1372 ه- شرح السيّد عبد الله بن أبي القاسم بن علم الهدى عبد الله البلادي البهبهاني البوشهري ( ت /1372) للمختار من الكلمات القصار بالفارسية بعنوان (محفظة الانوار ) طبع سنة 1343(4).

411343)

- سنة 1387 ه- نهج البلاغة ؛ بتحقيق الدكتور صبحي الصالح في بيروت سنة

1387ه-

1387ه- = 1967م.

سنة 1391 ه- إجازة الشيخ محمّد صالح السمناني ( ت / 1391) في آخر

ص: 200


1- الذريعة 142:14
2- الذريعة 14: 125
3- الذريعة 124:14
4- الذريعة 134:14

الصحيفة السجادية طبعة عماد زاده لنهج البلاغة ؛ المطبوع بطهران سنة 1374ه-.

في القرن الحاضر :

لقد ساهم أعلام المعاصرين في مكتبة نهج البلاغة؛ بكتب ومقالات ظهرت إلى عالم الطباعة، واليك قائمة بما وفقت عليه من آثار الكتاب المعاصرين حسب حروف الهجاء

ولنعم ما قال الشاعر محمد جواد الصافي (المولود سنة 1348 ه- ) :

نهج البلاغة فيض من أشعته*** مازال يدفع عنا الشكّ والريبا

قد حيّرت كلّ عقل عبقريته ***وأعجزت كل قد قال أو كتبا

من متى رفعنا حجاباً عن سريرته ***كأنمّا قد سدلنا فوقها حجبا (1)

ومن المعاصرين : الشيخ حسن علي المحمّدي البجنوردي (المولود سنة

(1345 كان من حفّاظ القرآن الكريم ونهج البلاغة (2). وجاء على ظهر كتاب بيان القناعة للشيخ محمّد حسن القبيسي (المولود سنة 1330)

الابيات التالية :

نهج البلاغة نهج العلم والعمل*** فاسلکه یا صاح تبلغ غاية الأمل

كم فيه من حٍكَم بالحق محكمة ***تحيى القلوب من حكم ومن مثل

ألفاظه درر أغنت بحليتها*** أهل الفضائل عن حلي وعن حلل

ومن معانيه أنوار الهدى سطعت*** فانجاب عنها ظلام الزيغ والزلل

وكيف لا وهو نهج طاب منهجه ***أهدى إليه أمير المؤمنين عليّ

نهج البلاغة يهدي السالكين إلى*** مواطن الحق من قول ومن عمل

ص: 201


1- شعراء الغري 7 471 ط 1375.
2- الذريعة 14: 123

فاسلكه تهدى إلى دار السلام غدا ***وتحظى فيه بما ترجوه من أمل

کتاب كأنّ الله رضّع لفظه ***بجوهر آيات الكتاب المنزل

حوي حكما كالدر ينطق صادقاً ***فلا فرق إلّا أنّه غير منزل

إجازة السيد حسن الصدر الدين الموسوي ( ت / 1354) للسيد شهاب الدين المرعشي ( ت / 1411ه-) في مقدمة الصحيفة السجادية، ترجمة حسين عماد زاده طبعة طهران ،1374ه- ، والإجازة الكبيرة /قم سنة 1414ه-، وقد تقدم نصّها في اواخر فصل نصوص الإجازات فراجع. استناد نهج البلاغة ؛ لامتياز علي عرشي تعريب عامر الأنصاري ط / رامپور -

الهند سنة 1957م. اعلام نهج البلاغة؛ للدكتور محمد هادي الأميني، ط/ مؤسسة نهج البلاغة ؛

سنة 1401 ه- = 1980م. الاغراض الاجتماعية في نهج البلاغة للسيد محسن الأمين المهرجان الألفي

النهج البلاغة ؛ في طهران سنة 1400 ه- = 1980م.

الهيات در نهج البلاغة ؛ (الإلهيّات في نهج البلاغة ) ؛ للشيخ لطف الله

الصافي الگلپايگاني، ط / مطبعة سهامي عام طهران 1361ه-. امامت از دیدگاه نهج البلاغة ؛ (الإمامة في نهج البلاغة؛ ) ؛ لعباس علي عميد

زنجاني ط طهران 1362ه-.

1401

الامثال في نهج البلاغة ؛ لمحمّد الغروي، ط/ انتشارات فيروزابادي - قم انسان کامل از دیدگاه نهج البلاغة؛ لحسن حسن زاده آملي طبعة ثانية /

سهامي عام 1400ه- 1400ه- = 1361 ش، بنياد نهج البلاغة .

بحوث وآراء ( نهج البلاغة ؛ في معارفه وفنونه)؛ لمحمّد الكرمي في ستة

أجزاء ط طبعة العلمية - قم سنة 1387 ه-.

ص: 202

بررسی أسناد ومدارك نهج البلاغة. للدكتور سيد جواد المصطفوي ط /

انتشارات حكمت، سنة 1375 ه- = 1335 ش.

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة؛ للشيخ محمّد تقي التستري في 14 مجلداً. بيان القناعة في شرح نهج البلاغة ؛ الجزء 21 من موسوعته المسماة: ماذا في التاريخ ؟ ، تأليف الشيخ محمّد حسن القبيسي ، المولود سنة 1330 ، طبعة بيروت

سنة 1400ه-.

پژوهشي در اسناد و مدارك نهج البلاغة ؛ (بالفارسية ) ؛ للسيد محمّد مهدي جعفري، ط دفتر فرهنگ اسلامي بطهران سنة 1397ه- = 1356 ش، انتشارات قم. / پژوهشی پیرامون نهج البلاغة ؛ (بالفارسية ) ؛ لعلي موحدي ساوجي، طبع

بنياد نهج البلاغة ؛ سنة 1396ه-- ترجمة نهج البلاغة؛ للدكتور اسد الله مبشّري، مطبعة درخشان - طهران

1375 ه- = 1335 ش.

ترجمة نهج البلاغة بالفارسية لجواد فاضل باهتمام حسن سادات ناصري

ط مؤسسة مطبوعاتي علمي طهران سنة 1340ه-.

ترجمة نهج البلاغة ، بالفارسية، لمحمّد علي الأنصاري القمي، بخط حسن

هريسي، طبعة طهران سنة 1331 ش، انتشارات نوین

ترجمة وشرح نهج البلاغة؛ بالفارسية لمحمود حسینی، چابخانه آرمان 1336

ش = 1376ه-.

أشهر ترجمات وشروح نهج البلاغة؛ في هذا القرن

اشارة

ترجمة للسيد محمود الطالقاني، طبع في طهران سنة 1400. قامت بطبعه

اتحادیه انجمنهای اسلامي دانشجويان في أروبا - امريكا - كندا، سنة 1375ه-.

ص: 203

ترجمة نهج البلاغة بالاردوية؛ للمفتي جعفر حسين ، ط/ لاهور - باكستان

سنة .1375

جستجوئی در نهج البلاغة ؛ ترجمة كتاب ( دراسات في نهج البلاغة ) للشيخ محمّد مهدي شمس الدين ؛ ترجمة محمود عابدي ط / بنياد نهج البلاغة ؛

ط / طهران سنة 1361ش.

الحكم والادارة في نهج الامام عليّ علیه السلام؛ لعلي صلاح ، ط / دار البصائر سنة

1405ه-.

حكمت نظري وعملي در نهج البلاغة للشيخ جوادي آملي، ط/ دفتر

انتشارات اسلامي 1407ه- = 1362ش.

دائرة المعارف العلوية؛ لجواد ،تارا ، ط / المطبعة العلمية - قم ، بدون تاريخ دراسات في نهج البلاغة لمحمّد مهدي شمس الدين ، ط / الدار الاسلامية -

1981م.

بيروت 1402 ه- = 1981م.

درسهائی از نهج البلاغة ؛ للشيخ حسين علي منتظري، ط / 1405 ه- = 1359ش. الراعي والرعية ( شرح عهد الامام عليّ علیه السلام) ؛ لتوفيق الفكيكي، ط/ مؤسسة

نهج البلاغة - طهران، 1402ه- = 1361ش، بالاوفسيت.

روش تحقیق در اسناد و مدارك نهج البلاغة لمحمّد دشتي ط نشر الامام علي

بقم سنة 1367ش. رؤى الحياة في نهج البلاغة ، لحسن موسى الصفار، ط/ مؤسسة الأعلمي -

بيروت سنة 1401ه- = 1981م. 1981م.

السلم وقضايا الحرب عند الإمام عليّ علیه السلام ( دراسة في نهج البلاغة ) ، لمحمّد

مهدي شمس الدين ط بيروت سنة 1401 ه- = = 1981م.

سيري در نهج البلاغة ، لمرتضى مطهري، ط / دار التلبيغ الاسلامي - قم

ص: 204

سنة 1395 ه- = 1354 ش .

علوم الطبيعة في نهج البلاغة؛ لبيب بيضون، المهرجان الالفى لنهج البلاغة -

طهران سنة 1400ه- = 1980

فهارس شرح ابن أبي الحديد، أسد الله اسماعليان، طبع الجزء الأوّل منه .

في رحاب نهج البلاغة؛ لمرتضى المطهري، ترجمة هادي اليوسفي ط منظمة

/ الإعلام الاسلامي قسم العلاقات الدولية - طهران سنة 1403ه-.

الكاشف عن الفاظ نهج البلاغة؛ جواد المصطفوي الخراساني ، ط دار الكتب

الاسلامية - طهران، د.ت.

مائة شاهد وشاهد في شعر أبي الطيب المتنبيء؛ في معاني كلام الامام

عليّ علیه السلام العبد الزهراء الخطيب، ط / مؤسسة نهج البلاغة - طهران 1403ه-.

ما هو نهج البلاغة ؛ ، السيّد هبة الدين الشهرستاني ( ت /1386ه-) ، ط / النجف

سنة 1380ه-.

مدارك نهج البلاغة؛ ودفع الشبهات عنه ؛ الشيخ هادي كاشف الغطاء (ت / 1361) ، ط/ مطبعة الراعي - النجف، سنة 1354 ه- = = 1936م طبع مع مستدرك نهج البلاغة . بحثی کوتاه پیرامون مدارك نهج البلاغة ؛ للشيخ رضا استادى، ط / دار التلبيغ

اسلامي - قم سنة 1396ه-. مستدرك نهج البلاغة الموسوم بمصباح البلاغة ؛ للسيّد حسين ميرجهاني

طباطبائي ، طبعة طهران سنة 1388 ه-.

مصادر نهج البلاغة وأسانيده ؛ لعبد الزهراء الخطيب، طبعة الأعلمي - بيروت،

سنة 1395ه- في أربعة أجزاء. مصادر نهج البلاغة؛ لعبد الله نعمة طبعة دار الهدى - بيروت سنة 1392 ه- =

1972م.

ص: 205

مع الإمام عليّ في عهده لمالك الأشتر ؛ لمحمّد باقر الناصري. ط / دار الصادق

- بيروت ، سنة 1393 ه- = 1973

منتخب نهج البلاغة ؛ ترجمة فارسية لأحمد علي بابائي ، طبعة انتشارات امير

- طهران- سنة 1392ه- = 1351ش.

منتخب نهج البلاغة للسيّد حسين عرب باغي، ط / افتاب باهتمام حاج

مختار معين

نهج البلاغة ؛ توثيقه ونسبته إلى الإمام علي علیه السلام. حامد حفني داود، قامت

بطبعه المهرجان الالفي لنهج البلاغة - طهران، سنة 1400ه- = 1980م.

ام نهج البلاغة ونسخه هاي خطي ؛ للشيخ كاظم مدیر شانه جي ط نشریه دانشکده

إلهيات ومعارف اسلامي في مشهد برقم (12) سنة 1373 ه- = 1353ش. 1373 ترجمة نهج البلاغة بالاردوية؛ لسيّد رئيس أحمد جعفري، ترتيب مولانا مرتضى حسين فاضل لكنهوي 1375 ه- = 1956م ط / علمي ، لاهور - باكستان. نهج البلاغة لمن ؟ ؛ للشيخ محمّد حسن آل ياسين ، ط / المكتب العالمي -

بيروت ، سنة 1398 ه- = 1978م.

نهج البلاغة يادائرة المعارف علوي ؛ لميرزا خليل الكمره اي، رتب فيه نهج البلاغة حسب الموضوعات ، ثم ترجمه بالفارسية مع الشرح ، طبع في طهران سنة

1326 ش.

نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ؛ لمحمّد باقر المحمودي ط / النجف

سنة 1385ه- في سبعة أجزاء.

الوصية الخالدة ؛ شرح وصية الامام لولده الامام الحسن علیه السلام السيّد عباس علي

الموسوي، ط / دار الأضواء - بيروت سنة 1405 ه- = 1985م.

13

یادنامه کنکره هزاره نهج البلاغة ( 1401 ه- = 1360 ش) بنياد نهج البلاغة .

ص: 206

من اللغات العالمية :

1 - An Intraduction to the Nahjul - Balaghah, Imam Ali, 1405 2 - A Tribute To

Imam Ali and Nahjul Balaghah.

in Echo of Islam V. 6 N. 3 Joy 86, 1406.

2 - Etude sar Nahj al - Balaghah. by Jamil Sultan - paris 1940.

3 - Nehj ̈uL - Belaga by Abdul Baki Golpenarli [Imam Ali min HutebedLeri). Yayin Layan: M. Huseyin Tutya Cagaloglu Istanbul - 1972 = 1392.

4 - Introduction to Nahjul Balagha. by Sh. Mohammed Abdoh. Trans. Syed Abdul Qauder Hashimi. Publih. A. I. Najul Balagah Sciety - Hayder Abad India N.D. Nahjul Balaghah publication No : 11.

5 - Lessons From the Nahjul - Balaghah. By Seyed Ali Khamenei.

Trans. Hossein Vahid Dastjerdi.

Tehran Islamic Propagation Organization 1984 = 1404.

6 - Subject index to Nahjul - Balaghah.

By Dr. S. Mehdi Jaffari. Canada 1397 - 1977.

7 - Parts From Nahjul Balaghah.

Trans. Nawab Mir Mahmmood Ali Khan Tyro. 1976 = 1396 Nahjul Balaghah Soaiety 47.Hayderabad India.

8 - Untersuchungen Zum Bild Ali Nahg al-Balahah les.

earif ar - Radivon Hans Jugen Kornrumpf.

Hamburg Der IsLam Berlin 1969.

9 - Nahgel - Balaghah.

Gedanke und Wort Imam Alis.

Ausspruchs Des Imam Ali Ubersetgt von: Yusuf Amin Anton Dierol, Aachen, Mohamed Atiat, Achen. Heraunseber: chehal sotun Tehran, n.d.

10 - Nahjul Balaghah

Sermons, Letters and sayings of Ali.

Trans. Syed Mohammed Askari Jafrey First. India 1960.

Snded N. Y. Qrvan Tarike - TarsiL -e- Quran 1981.

11 - Nahjul Balaghah )1-3).

Urdu Trans. Mufti Jafar Husain. 1954 n.p.

12 - Nahjul Balaghah, Tran, into Eghish by S.Ali Raza T.K.

Pakistan karachi 1972 1392 H. and Qum 1395

ص: 207

المشاريع العلمية حول نهج البلاغة :

كان شيخنا العلامة يهتم بنهج البلاغة اهتماماً بالغاً فقد قال: «لم يبرز في الوجود بعد انقطاع الوحي الإلهي كتاب امن به مما دوّن في نهج البلاغة، نهج العلم والعمل الذي عليه مسحة من العلم الإلهي، وفيه عبقة من الكلام النبوي وهو صدف لآلي الحكم وسقط يواقيت الكلم المواعظ البالغة في طي خطبه وكتبه تأخذ بمجامع القلوب، وقصار كلماته كافلة لسعادة الدنيا والآخرة، ترشد طلاب الحقائق بمشاهدة ضالتهم، وتهدي أرباب الكياسة لطريق سياستهم وسيادتهم، وما هذا شأنه حقيق أن يعتكف بفنائه العارفون وينقّبه البحاثون وحري أن تكتب حوله كتب ورسائل كثيرة حتى يشرح فيها مطالبه كلاً أو بعضاً، ويترجم إلى لغات أخر ليغترف أهل كل لسان من بحاره غرفة(1). وقد شاء القدر أن تتحقق أمنيته هذه بعد وفاته حيث تأسست مؤسسة نهج البلاغة سنة 1396 في طهران بريادة الشيخ مرتضى المطهري، وكثر نشاطها في سنة 1399 بعد انتصار الثورة الاسلامية، وقد نشرت - كما في فهرس موضوعاتها الكثير من الكتب والرسائل في المواضيع المختلفة حول نهج البلاغة باللغات المختلفة، ومنها العربية منها والتي تتجاوز الماءة. كما نشرت مقالات خاصة حول مخطوطات نهج البلاغة، أهمها:

1 - نهج البلاغة ونسخه المخطوطة النفيسة، بقلم كاظم مدیر شانه چی ط

دانشكدة إلهيات بمشهد سنة 1395 ه- = 1353 ش.

2 - المتبقى من مخطوطات نهج البلاغة حتى نهاية القرن الثامن للسيد عبدالعزيز الطباطبائي ( ت / 1416ه-) نشرت في مجلة تراثنا ( عدد خاص بمناسبة الذكرى

ص: 208


1- الذريعة 4 : 144

الالفية لوفاة الشريف الرضي ، العدد ( 5 ) سنة 1406ه-، الصفحات ( 24 - 102 ) .

3 - النسخ القديمة والجديدة لنهج البلاغة؛ للسيّد محمود المرعشي النجفي نشرت في مجلة شهاب ( عدد خاص بمناسبة وفاة السيد المرعشي النجفي )

العدد الأول السنة الرابعة، رقم (11) سنة 1377 ، الصفحات (77 - 92).

وأهم ما نشر بهذه المناسبة من نهج البلاغة ، طبعتان لنهج البلاغة بالاوفسيت

على الأصل المخطوط:

الأولى : عن نسخة مؤرخة 494 ه- مع تقديم حسن السعيد، نشر مدرسة چهل ستون في 323 صفحة ، بمناسبة المهرجان الألفي لتأليف نهج البلاغة ( عام 1402 ه- . والنسخة تبدأ بالخطبة رقم 32 ص 6 وتنتهي بالصفحة 315، وقد جاء فيها ما نصه: فرغ من كتابته فضل الله بن طاهر بن المطهر الحسيني في الرابع من رجب سنة أربع وتسعين وأربع مائة».

وقد ألحق الناشر صفحات بأول النسخة لتكميل النقص معتمداً على نسخة

مخطوطة اخرى عرّفها فى المقدمة ص 13.

الثانية: طبعة مصورة عن نسخة مؤرخة 449ه- ، باعداد وتقديم السيد محمود المرعشي ، نشر مكتبة آية العظمى النجفي المرعشي - قم بمناسبة الذكرى الألفية لتأليف نهج البلاغة عام 1406 ، وهي نسخة نادرة وقد طبعت طباعة فاخرة، وفيها من النقص مالم ينتبه إليه المحقق الكريم، منها الصفحات بين الصفحتين المرقمين 322 و 323 وهي مقدار (52) صفحة تقريباً. وجاء في آخرها ما نصه: ( وقد فرغ من نقله من أوله إلى هذا الموضع الحسين بن الحسن بن الحسين المؤدب في شهر ذي القعدة سنة تسع وتسعين وأربعماءة هجرية والحمد لله رب العالمين وصلواته على نبيّنا محمّد وآله

الطاهرين وسلّم تسليماً، وحسبنا الله ونعم الوكيل».

ص: 209

وجاء في مجلة كيهان فرهنگی ، العدد 7 عام 3 سنة 1365ش تقريراً وافياً عن7

مؤسسة ( بنياد) نهج البلاغة ) بقلم كريم زماني ، ومما جاء فيه:

أن في عام 1353 ش تأسست المؤسسة، ومن أهدافها:

1 - تدوين المعارف الالهية في نهج البلاغة.

2 - اعداد بطاقات الموضوعات.

3 - اعداد تفسير موضوعي لنهج البلاغة .

4 - تدريس النهج.

5 - تأسيس مركز المكاتبة.

6 - طبع متن النهج.

7 - ترجمة النهج إلى الفارسية.

8- ترجمة النهج الى اللغات العالمية الحية.

9 - نشر الترجمات القديمة للنهج.

10 - تحقيق شروح نهج البلاغة غير المطبوعة.

11 - تأسيس مكتبة خاصة بنهج البلاغة.

12 - اعداد أفلام النسخ والشروح والتراجم في ايران والعالم.

13 - التعاون مع المجامع الاسلامية والعالمية في ايران للتعريف بالنهج.

وهذه أهداف مقدسة نرجوا ان تتحقق.

وجاء في مجلة ( نشر دانش الفارسية في عدد خرداد سنة 1402 ه- = 1360ش قائمة بمنشورات بنياد نهج البلاغة مع ذكر الأسعار، وقد حذفت

اش الأسعار، ونظّمت القائمة حسب اسماء المؤلفين على الهجاء وعنوان الدار.

والقائمة تتكون من (35) كتاباً كالآتي:

1 - ابن أبي الحديد عبد الحميد بن هبّة الله . علي علیه السلام چهره درخشان اسلام

ص: 210

نوشته ابن أبي الحديد معتزلي در مقدمۀ شرح نهج البلاغة ، ترجمه علي دوّاني. .تهران بنياد نهج البلاغة ، 1359 ، 30 ص .

2- استادی، رضا کتابنامه نهج البلاغة، طهران، بنياد نهج البلاغة، 1359،

68ص.

3 - الأمين العاملي، محسن، الاغراض الاجتماعية في نهج البلاغة، طهران،

مؤسسة نهج البلاغة (د. ت) ، 47 ص .

4 - الأميني النجفي، محمّد هادي، أعلام نهج البلاغة، تهران، مؤسسة نهج

البلاغة ، 1401 ،ق، 59 ص.

5 - الأميني النجفي، محمد هادي، مصادر ترجمة الشريف الرضي طهران

مؤسسة نهج البلاغة ، 1401 ق ، 47 ص .

6 - الاميني النجفي محمّد هادي نهج البلاغة وأثره على الادب العربي

طهران، مؤسسة نهج البلاغة 1401 ق ، 47 ص .

7 - اميني،

محمّد هادي شناختی از کسانیکه در نهج البلاغة ياد شده اند،

ترجمه ابو القاسم امامي طهران - مؤسسة نهج البلاغة، 1359، 51 ص.

8 - البهبودي ، محمّد باقر أصول الدين على ضوء نهج البلاغة، طهران

مؤسسة نهج البلاغة ، د.ت ، 40 ص .

9 - تستري، محمّد تقي، دونامه در پیرامون نهج البلاغة، طهران دائرة

انتشارات کنگره هزاره نهج البلاغة.

10 - جعفري، محمّد تقي خدا وجهان و انسان از دیدگاه علي بن أبي ، طالب ونهج البلاغة ، طهران، دائرة انتشارات کنگره هزاره نهج البلاغة 1359ش، 19 ص.

11 - حامد حفني داود نهج البلاغة توثيق و درستی نسبت آن به امام

ص: 211

عليّ علیه السلام ، ترجمه ابو القاسم امامي طهران انتشارات کنگره هزارۀ نهج البلاغة

(د. ت) 8 ص.

12 - حامد حنفي ،داود نهج البلاغة توثيقه ونسبته إلى الإمام عليّ علیه السلام ،

طهران، مؤسسۀ نهج البلاغة، 1401 ق ، 12ص.

13 - حسن زاده املی حسن انسان کامل از دیدگاه نهج البلاغة ، طهران،

مؤسسة نهج البلاغة، د.ت 96 ص.

14 - حسن زاده آملی، حسن. انسان کامل از دیدگاه نهج البلاغة طهران، دائرة

انتشارات کنگره هزاره نهج البلاغة ، 1359ش، 10ص.

15 - دواني، علي سيّد رضي مؤلف نهج البلاغة ، طهران، مؤسسة نهج

البلاغة ، 1359ش، 132 ص.

16 - دواني ،علي، نگاهی کوتاه به زندگی پر افتخار سیّد رضي مؤلّف نهج

البلاغة ، طهران، دائرة انتشارات کنگره هزارۀ نهج البلاغة، د. ت ، 16 ص.

17 - دین پرور، جمال الدین جهان بینی الهی در نهج البلاغة ، طهران، دائرة

انتشارات کنگره هزارۀ نهج البلاغة 1359ش، 7 ص.

18 - سبحاني، جعفر نهج البلاغة، و آگاهی از غیب، طهران، دائرة انتشارات

کنگرۀ هزارۀ نهج البلاغة 1359ش، 9 ص.

19 - سپهر خراساني، أحمد، إمام عليّ علیه السلام بزرگترین خطیب ،تاریخ طهران

دائرة انتشارات کنگره هزارۀ نهج البلاغة ، 1359ش، 21 ص.

20 - شهرستاني هبة ،الدین در پیرامون نهج البلاغة ، ترجمه سيّد عباس

ميرزاده ،أهري الطبعة الثالثة طهران، بنياد نهج البلاغة ، 1359 ،ش، 75 ص.

21 - شهيدي ،جعفر، بهره ادبیات از سخنان علیّ علیه السلام طهران، دائرة انتشارات

کنگره هزاره نهج البلاغة ، د. ت، 19 ص.

ص: 212

22 - صدر، حسن سياست أمير المؤمنين عليّ علیه السلام، طهران، دائرة انتشارات

کنگره هزاره نهج البلاغة 10 ص.

23 - طباطبائي. عبد العزيز، دستنویسهای بدست آمده از نهج البلاغة تا پایان

سده دهم هجري طهران دائرة انتشارات کنگره هزاره نهج البلاغة، د. ت

22 صر

24 - عطاردي عزيز ،الله گردآورندگان سخنان إمام أمير المؤمنين علیه السلام قبل از علامه شريف رضي - مؤلف نهج البلاغة ، طهران، دائرة انتشارات کنگرۀ نهج البلاغة، د.ت، 15ص.

100 ص. اص.

25 - علي بن أبي طالب علیه السلام، فرمان مالك اشتر ، ترجمۀ حسين علوي آوي مع

مقدمة محمّد تقي دانش ،پژوه طهران بنیاد نهج البلاغة ، 1359 ش، 26

- عميد زنجاني، عباس علي إمامت از دیدگاه نهج البلاغة، طهران دائرة

انتشارت کنگره هزارۀ نهج البلاغة، د. ت ، 37 ص.

27 - فلسفي ، محمّد تقی عزّت و ذلّت از دیدگاه نهج البلاغة، طهران، دائرة

انتشارات کنگره هزارۀ نهج البلاغة ، 1359ش، 19 ص.

28 - قرباني زين العابدین، حقوق از دیدگاه نهج البلاغة ، طهران - دائرة

انتشارات کنگرۀ هزارۀ نهج البلاغة ، 1359 ، 20 ص.

29 - لبيب بيضون، علوم الطبيعة في نهج البلاغة ، طهران - مؤسسة نهج

البلاغة ، 1401ه-، 26 ص.

30 - مبشري، اسد الله جهاندارى إمام عليّ علیه السلام ، طهران، دائرة انتشارات

کنگره هزارۀ نهج البلاغة، د.ت، 27 ص.

31 - مصطفوي، جواد رابطه قرآن با نهج البلاغة، طهران، بنياد نهج البلاغة،

1359ش، 186ص.

ص: 213

32 - مکارم شيرازي ناصر نهج البلاغة چرا اینهمه جاذبه دارد؟ طهران، دائرة

انتشارات کنگرۀ هزارۀ نهج البلاغة ، د.ت ، 7 ص. صر

33 - نصاريان علي، قانون اساسی حکومت امام عليّ علیه السلام، طهران، بنياد نهج

البلاغة ، 1359ش، 61 ص.

34 - نفيسي، ابو تراب بررسی طب و طبابت در نهج البلاغة طهران دائرة

انتشارات کنگره هزاره نهج البلاغة ، 1359ش، 36 ص.

35 - هیئت تحریریه بنیاد نهج البلاغة ، با نهج البلاغة آشنا شويم. طهران، بنياد بانه-

نهج البلاغة ، د. ت ، 63 ص. وللتفصيل راجع مجلة نشر دانش نشر مرکز دانشگاهي»، التابعة لبنياد انقلاب فرهنگي في طهران شارع نجات اللهی، رقم 170 خرداد سنة ، 1360 ش = 1402ه-.

هذا بعض ما وقفت عليه من المصادر المتيسرة من نسخ نهج البلاغة وشروحها وترجماتها وخصوصيات المؤرخ منها ، ونظرة خاطفة إلى نهج البلاغة القرون، توقفنا على مدى إهتمام الذين يهتمون بتراث أهل البيت علیهم السلام من مختلف المذاهب والأمصار ، وكيف كثرت العناية بها بالطرق المتيسرة المعروفة

عبر

في كل عصر ومصر بالكتابة والإجازة والشرح والترجمة والتعليق.

وفي مطلع القرن الثالث عشر كثرت طبعات نهج البلاغة الحجرية والحروفيه

في ايران وغيرها وترجمتها الفارسية والأوردية.

وفي القرن الرابع عشر ترجمت إلى اللغات العالمية الحية.

وسبحان الله ! هل يتمتع كتاب بعد كتاب الله سبحانه - بهذه العناية المتسلسلة

جيلاً بعد جيل منذ عصر التأليف حتى اليوم.

ص: 214

شرح خطبة نهج البلاغة

المقطع الأول: في براعة الاستهلال

« بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، أما بعد حمد الله الذي جعل الحمد ثمناً

لنعمائه، ومعاذاً من بلائه، ووسيلاً إلى جنانه، وسبباً لزيادة إحسانه والصلاة على رسوله نبيّ الرحمة وإمام الأئمة، وسراج الأمة، المنتجب من طينة الكرم وسلالة المسجد الأقدم، ومغرس الفخار المعرق، وفرع العلاء المنير المُورق، وعلى أهل بيته مصابيح الظلم، وعصم الأمم ومنار الدين الواضحة، ومثاقيل الفضل الراجحة صلّى الله عليهم أجمعين صلاةً تكون إزاءً لفضلهم ومكافاة لعملهم، وكفاء

لطيب فرعهم وأصلهم ما أثار فجر ساطع وخوى نجمّ طالعُ».

في المقطع الأول من الخطبة يستهل الشريف الرضي نهج البلاغة بالحمد والصلاة

على الرسول وآله، شأن علماء عصره، ولكنه ينفرد بسرد أسباب لكل منها : الأول : الحمد لله ، وله أربعة أسباب يستدل على كل ذلك بالآيات القرآنية

والسنة النبوية المطهرة.

ص: 215

فالحمد لله يجب بسب عقد اجتماعي بين الانسان وخالقه، فإنّ نعماء الله تعالى في الأنفس والآفاق التي لا تعدّ ، والتي تؤثر في حياة الانسان بصورة مباشرة أو غير مباشرة لابد له من ثمن، ولا يمكن أن يعادله أي شيء سوى الحمد وإن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا ﴾ (1).

والحمد لله سبب لعصمة الإنسان من البلاء والمكروه، ومن لا يكون شاكراً

حامداً يعيش في دوامة نفسيّة ( أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (2). والحمد لله وسيلة يتوصل بها الفرد إلى ما وعده الله سبحانه من الجنان بالعمل

الصالح في الدنيا الفانية.

والحمد بصفة عامة يكون سبباً لزيادة الاحسان؛ إذ الانسان عبد الاحسان

و هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ )(3).

الثاني : الصلاة على رسول صلی الله علیه و آله وسلم له، ويذكر له سبعة أسباب مستقاة من الروايات. فرسول صلی الله علیه و آله وسلم نبي الرحمة ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ (4)فرحمته عامة ول

للبشرية، حيث جاء بشريعة ضمنت العدالة في المجتمع. والرسول صلى الله عليه وسلم إمام الأئمة، فهو خاتم الأنبياء والمرسلين بشّر بالاسلام هدى

ورحمةً، وبعث بمكارم الاخلاق وكمال الدين ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (5). والرسول صلی الله علیه و آله وسلم سراج الأمة، والأمة بدون سنة الرسول تكون في ظلمة لا تهتدي

إلى مسيرها ولا تعرف مصيرها، فهو السراج الوهاج.

والرسول صلی الله علیه و آله وسلم انحدر من سلالة الكرم ، فهو المصطفى من خلقه لتحمّل الرسالة.

ص: 216


1- ابراهیم : 34
2- الرعد : 28
3- الرّحمان: 60.
4- الأنبياء : 107.
5- المائدة : 3.

والرسول صلی الله علیه و آله وسلمسلالة المجد الأقدم ، وهو المنحدر من أصل كريم ووارث المجد

من أبيه ابراهيم . والرسول صلی الله علیه و آله وسلم مغرس الفخار المعرق، فكما أن الرسول صلی الله علیه و آله وسلم ورث المجد فإنه

أورثه بغرس ذلك الفخر الأصيل في الاجيال القادمة.

والرسول صلی الله علیه و آله وسلم فرع العلاء المثمر المورق، فهو في سلسلة البنون فرع الآباء والحنفاء، وعطاؤه لم يتوقف على مقطع زمني خاص، بل هو العلاء والعطاء المستمر في الثمر والمورق أبد الدهر.

الثالث : الصلاة على أهل بيت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، ويذكر لذلك أربعة أساب: فأهل بيت النبي مصابيح الظلم ، لأنهم ورثوا النور من جدهم الذي كان

سراجاً وهاجاً ، فورثوا نوره الذي جعلهم مصابيح للهداية في الظلمات. وأهل بيت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم عصام الأمم ، وكل أمة - على اختلاف مشاربها - لها عبرة

بأهل بيت النبي في ما يعتصم به من الانحراف والتسمك بالحق. وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم منار الدين الواضحة؛ لأنهم - بحكم وراثتهم لتراث

النبي الله - أعلام تنير الطريق إلى سنة الرسول صلی الله علیه و آله وسلم . وأهل بيت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم مثاقيل الفضل الراجحة ؛ لأن بهم يقاس الفضل ، حيث أنّهم يجسدون الرسول صلی الله علیه و آله وسلم في حياتهم، فيهم يكون المقياس للتفصيل بين الحق والباطل. ثم عقب الشريف الرضي الصلاة على النبي الله وأهل بيته علیهم السلام اجمعين ثلاثة

اسباب للصلاة عليهم هي :

1 - إزاء لفضلهم؛ فإنّ من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق والفضل

والعطاء المعنوي الذي قدمه أهل البيت في حياتهم لابد وأن يعادل بالفضل

وليس هناك فضل يعادل ذلك سوى الصلاة عليهم.

2 - مكافأة لعملهم؛ فإن دور أهل البيت علیهم السلام في المحافظة على تراث النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم

ص: 217

الصلاة عليهم.

وسنته بالرواية، والعمل على طريقته في ظروف معاكسة سياسياً واجتماعياً، والتضحية بالنفس والنفيس لا يكافئه شيء سوى 3 - كفاء لطيب فرعهم وأصلهم؛ فإنّهم فرع النبوّة ، وأصلهم النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وهذا لا يمكن أن يقدر بثمن أو يعوّض بأي شيء، بل هو جمال معنوي يفرض الاذعان بأنّ الأصل هو النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الهلال و الفرع هم أهل بيته الوارثون لتراثه والمحيون سنته يستحقّون الصلاة الأبدية، كلّما أنار فجر ساطع في النهار وخوى نجم طالع في

الليل على مدى الدهور.

المقطع الثاني: في تأليف خصائص الأئمة علیه السلام

وعن سبب هذا الاختيار قال: «فإنّي كنت في عنفوان شبابي وغضاضة الغصن ابتدأتُ بتأليف كتاب في خصائص الأئمة: يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم صلوات الله عليهم، حداني عليه غرض ذكرته في صدر الكتاب ، وجعلته أمام الكلام وفرغت من الخصائص التي تخص أمير المؤمنين علياً علیه السلام، وعاقت عن إتمام بقية الكتاب محاجزات الأيّام ومماطلات الزمان، وكنتُ قد بوّبت ما خرج من ذلك أبواباً، وفصلته فصولاً، فجاء في آخرها فصل يتضمّن محاسن ما تقل عنه علیه السلام من الكلام القصير في المواعظ والحِكَم والأمثال والآداب، دون الخطب الطويلة والكتب المبسوطة».

في هذا المقطع يصرّح الشريف الرضي بأمور:

1 - انه ألف كتاب خصائص الأئمة ولم يتم منه سوى ما يخص الامام علي

ابن أبي طالب علیه السلام فقط.

2 - التأليف كان في عنفوان شبابه. -

ص: 218

3 - كان في آخر الكتاب فصل يتضمّن محاسن ما نقل عن الإمام أمير

المؤمنين علیه السلام من الكلام القصير فقط.

4 - إنّه ألف خصائص الأئمة في تاريخ 383، كما صرح به في مقدمة الخصائص. ه - إنّه جمع نهج البلاغة بعد الخصائص.

ومن تاريخ ميلاد الشريف 359 وإتمامه نهج البلاغة عام 400 ، ووفاته عام ،

406 يمكن أن نستلخص عدة حقائق تاريخية، هي:

1383

إن الشريف الرضي رضی الله عنه ألف كتاب الخصائص وقد بلغ من العمر 24 عاماً وهو عنفوان الشباب - وعلى الأقل من وجهة نظره - وأنه جمع نهج البلاغة خلال 17 عاماً تقريباً، بين 383 إلى 400 ، وأنه عاش 47 عاماً ) 359 - 406 ) . خطبة كتاب خصائص الأئمة تكشف عن أنّ الشريف الرضي عدل عن إتمام كتابه الخصائص، ورأى التوسع في الفصل الأخير من الكتاب تلبية لطلب جمع من الأصدقاء، ومن حسن الحظ أن الدهر احتفظ بنسخة قديمة من هذا الكتاب عليها قراءة بخط فضل الله بن علي الحسين أبي الرضا الراوندي بتاريخ 555 في م رامپور - الهند صورتها (1) ، ونصها : قرأت الخصائص على الشيخ الرئيس / الولد وجيه الدين فخر العلماء أبو علي عبد الجبار بن الحسين بن أبي القاسم دامت نعمه، ورويتها له عن شيخي أبي الفتح اسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الاخشيد السراج عن أبي المظفر عبد الله بن سپيد [ظ ] عن أبي الفضل الخزاعي عن الرضي رضی الله عنه. وكتب فضل بن علي بن الحسين بن الرضا الراوندي في ذي القعدة في سنة خمس وخمسين وخمسمائة حامداً الله تعالى ومصلياً على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين وأصحابه الراشدين [ظ ]». واليك نص الخطبة في مقدمة خصائص أمير المؤمنين علیه السلام- على طولها - لأنّها

ص: 219


1- وقد طبع الكتاب في النجف الأشرف سنة 1368ه-.

تلقي الضوء على التواريخ المتقدمة:

قال الشريف الرضي رضی الله عنه : كنت - حفظ الله عليك دينك وقوّى في ولاء العترة الطاهرة يقينك - سألتني أن أصنف لك كتاباً ، يشتمل على خصائص أخبار الأئمة الاثنى عشر صلوات الله عليهم وبركاته وتحياته، على ترتيب أيامهم وتدريج طبقاتهم، ذاكراً أوقات مواليدهم ومدد أعمارهم، وتواريخ وفاياتهم كذا] ومواضع قبورهم وأسامي أمهاتهم ، ومختصراً من فضل زياراتهم، ثم مورداً طرفاً من جوابات المسائل التي سئلوا عنها ، واستخرجت أقاويلهم فيها، ولمعاً من أسرار أحاديثهم وظواهر وبواطن أعلامهم، ونبذاً من الاحتجاج في النص عليهم جليّة البرهان في الاشارة إليهم، موضحاً من ذلك ما يزيد به الولي المخلص إخلاصاً في موالاتهم، وصفاء عقد في محبتهم، ويصدع عن عين عدوهم ا العمى، ويكشف عن قلبه الغمى، حتى تشّع أنوارهم فيشعوا إليها، ويستوضح أعلامهم فيتتبعها ويقتفيها ؛ سالكاً في جميع ذلك طريق الاختصار ومائلاً عن جانب الإكثار ، لأن مناقب موالينا الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين لا تحصى بالعدد ولا تقف عند حد ولا يجرى بها إلى أمد ، فإنّي أعتقد أن جميع أعداء هؤلاء الغرر - الذين هم قواعد الاسلام ومصابيح الظلام، والذين حطّ الله الخلق عن منازلهم، وقصر الألسن والأيدي عن تناولهم وميّز العالم بينهم ، وأماط العيب والعار عنهم - بین مغموس القلب في الجهالة، ومطروف العين بالضلالة، لا يفيق من سكرة الهوى فيتبيّن الطريقة المثلى، وبين عالم بفضلهم خابر بطيب فرعهم وأصلهم يكتم معرفته معاندة ويغالط نفسه مكايدة؛ ترجيباً لغرس قد غرسه، وتوطيداً لبناء قد أسسه، وتنفيقاً لسوق قد قامت له واستجراراً لجماعة قد التفّت عليه، وكلّ ذلك طلب لحطام هذه الدنيا، الوبيل ،مرتعها الممرّ مشربها ، المنغص نعيمها وسرورها، المظلم ضياؤها ونورها الطائرة بأهلها إلى أخشن المصارع بعد ألين

ص: 220

المضاجع ، والنازل الى أفزع المنازل بعد أمن المعاقل، على قرب من المعاد وعدم من الزاد ، ثم تنقلّب لهم إلى حيث ( تجِدُ كُلّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِن خَيْرٍ محضراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سَوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أمَدَا بَعيداً ) (1) فعاقني عن إجابتك إلى ملتمسك ما لا يزال يعوق من نوائب الزمان ومعارضات الأيام، إلى أن أنهضني إلى ذلك اتفاق اتفق لي فاستثار حميني وقوى نيتي، واستخرج نشاطي، وقدح زنادي، وذلك أن بعض الرؤساء ممن غرضه القدح في صفاتي والغمز لقناتي والتغطية على مناقبي، والدلالة على مثلبة إن كانت لي لقيني وأنا متوجه عشية عرفة (2) من سنة ثلاث وثمانين هجرية إلى مشهد مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر وأبي جعفر محمّد بن علي ابن موسى علیهما السلام للتشرّف هناك، فسألني عن متوجهي فذكرت له إلى أين قصدي . فقال لي : متى كان ذلك ؟! يعني أن جمهور الموسويين جارون على منهاج واحد في القول بالوقف والبراءة ممن قال بالقطع، وهو عارف بأن الإمامة مذهبي وعليها عقدي ومعتقدي وإنما أراد التنكيت لي والطعن على ديني، فأجبته في الحال بما اقتضاه كلامه واستدعاه خطابه، وعدت وقد قوى عزمي على عمل هذا الكتاب إعلاناً لمذهبي وكشفاً عن مغيبي ، ورداً على العدوّ الذي يتطلّب عيبي ويروم ذمّي وقصبي

، وأنا بعون الله مبتدىء بما ذكرت على الترتيب الذي شرطت والله المنقذ من

الضلال والهادي إلى سبيل الرشاد، وهو تعالى حسبنا ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير(3).

واسلوب الشريف الرضي في خصائص الأئمة أن يشير إلى الأسانيد بقوله:

ص: 221


1- ال عمران: 30
2- ويظهر ان العادة كانت في بغداد زيارة مرقد الامامين الكاظمين 8 بهذه المناسبة.
3- خصائص أمير المؤمنين 7 1 - 4.

باسناد مرفوع ثم يذكر الامام المسند عنه الحديث، وبذلك يتحاشى عن تضخيم الكتاب وان صرّح أحياناً بالأسانيد العوالي القصار بالعدد الثلاثيات كما في الصفحة 14 حيث نقل عن الحميري - ويظهر أنّه من قرب الاسناد له - قال ما لفظه : الحميري عن أحمد بن محمّد عن جعفر بن محمد بن عبيد الله ، عن عبد الله ميمون، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه ، عن ابائه علیهم السلام قال : مرّ أمير المؤمنين في ناس من أصحابه بكربلاء ، فلما مرّ بها اغرورقت عيناه بالدموع من البكاء ، ثم قال : هذا مناخ ركابهم ، وهذا ملقى رحالهم، وها هنا تراق دماؤهم، طوبى لكِ من تربة عليها تراق دماء الأحبّة (1).

وقد خصّ القسم الأخير من كتاب الخصائص بعنوان: «المنتخب من قضاياه [ = اي الامام عليّ علیه السلام ] وجوابات المسائل سئل عنها وهي من ص 55 إلى ص 95 وهو آخر الكتاب ، وقد حدّد شيخنا العلامة هذا القسم الأخير بأنّه ثلث الكتاب (2).

المقطع الثالث: في سبب الجمع

اشارة

قال ف:استحسن جماعة من الأصدقاء ما اشتمل عليه الفصل المقدّم ذكره، معجبين ببدائعه ومتعجّبين من نواصعه، وسألوني عند ذلك أن ابتدأ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام أمير المؤمنين علیه السلام في جميع فنونه ومتشعبات غصونه، من خطب وكتب ومواعظ وأدب ؛ علماً أنّ ذلك يتضمن من عجائب البلاغة وغرائب الفصاحة وجواهر العربية ونوائب الكلم الدينية والدنياوية ما لا يوجد مجتمعاً في كلام

ولا مجموع الأطراف في كتاب».

ص: 222


1- خصائص أمير المؤمنين 7 : 14.
2- راجع الذريعة 7: 164 .

ويلاحظ في كلام الشريف الرضي نقاطاً :

الاولى : أنّ السبب في قيام الشريف الرضي بهذا الجمع هو طلب (جماعة من الاصدقاء) ونحن وان كنا لانعرفهم بالأسماء ولكن نعرف انهم جماعة استحسنوا ما نقله الشريف الرضي عن الامام من المواعظ والحكم والامثال في كتابه خصائص الأئمة علیهم السلام، وكانوا معجبين ببدائعه، فسألوه التوسع في الموضوع بتأليف جامع لا يقتصر على الحكم خاصة، بل يشمل الخطب والرسائل البلغية

لاية للامام، وقد استجاب الشريف الرضي للطلب بعد أن وجد المكتبة الإسلامية شاغرة من ذلك .

ثانياً : انه استهدف جمع البليغ من كلام الامام من الخطب والرسائل والحكم ولم يجمع كلّ ما صدر منه علیه السلام من محاوراته العادية، شأن كل الناس في حياتهم الاجتماعية، وبهذا امتاز عمل الشريف الرضي عمّن تقدمه ممّن جمع خطب الامام علىّ علیه السلام من الرواة والمحدثين، حيث إنهم لم يركزوا على هذا الهدف بل كان هدفهم الجمع فقط دون الانتقاء.

أمّا

عن السؤال عن أنّه علیه السلام لمن استجاب ؟ فإنّ الشريف الرضي لا ينص على الذين استجاب لطلبهم في جمع نهج البلاغة ، وقد اختار جمعاً للصداقة ممن يجمعهم إياه ذوق الشعر وحلاوة الأدب متجاوزاً عن الفوارق الطائفية والاجتماعية، وفيهم من لا يعتقد ما يعتقده ومن لا يلتزم بآداب اجتماعية يعيشها ولعل المراد أعضاء ( لجنة نظام العقد ).

لجنة نظام العقد :

ذكر الشريف الرضي لجنة سداسية - كان هو أحدهم - كان يعتزّ بها ويراها (نظام) العقد ودّاً وألفةٌ)، ومن الطبيعي أن الاصدقاء المعني بهم في خطبة

ص: 223

نهج البلاغة هؤلاء أو بعضهم ، حيث قال قدس سره له في الديوان في اجتماع اصدقائه عنده :

نظمنا نظام العقد وُدّاً وألفة*** وكان لنا البتيّ سلك نظام

اخي وابن عمي وابن حمد فإنّه*** تباريح قلبي خاليا وغرامی

وسادسنا الأزدي ما شئت من أب*** جواد و ن جد أغرّ همام

أحاديث تستدعي الوقور إلى الصبا*** وتكسو حليم القوم ثوب عرام

فنضحي لها طربى بغير ترنّم ***ونمسي لها سكرى بغير مدام

تعالوا نول اللائمين تصامماً ***نعص على الأيام كلّ ملام

و نغتنم الأوقات إن بقاءها*** کمر غمام أو كحلم منام

من الله استبقى صفاءً يضمنّا*** وطاعة أيام ودار مقام

تصرف الأعداء عنّا فإننا ***مذ اليوم أغراض لكل مرام (1)

وهؤلاء هم:

1 - البتيّ: وهو أبو الحسن بن أحمد بن علي الكاتب البتّي (ت/405) الذي

رثاه الرضي بقصيدة مطلعها:

ما للهموم كانها نار على قلبي تشب(2)

ولعل هذه آخر قصيدة للرضي حيث توفي رحمه الله بعده بسنة أي في سنة 406ه-.

2 - أخوه المرتضى على بن الحسين (ت (436) .

3 - ابن عمه ؟

4 - ابن محمّد وهو أبو علي الحسن بن محمّد بن أبى الريان الوزير ( ت / 428) .

وقد مدحه بقصيدة مطلعها:

اشكو إليك مدامعاً تكف بعد النوى وجوانحا تجف(3)

ص: 224


1- ديوان الشريف الرضي :3: 275 - 176 .
2- ديوان الشريف الرضى 1 : 170.
3- دیوان 21:2 - 24

5 - الأزدي ؟

وللشريف ابناء عمّ، وقد رثى عمه أبا عبدالله أحمد بن موسى (ت/381)

بقصيدة مطلعها:

سلا ظاهر الأنفاس عن باطن الوجد *** فإنّ الذي أخفي نظيرُ الذي أبدي(1)

ويفهم من ابن عنبة ( ت /828) في عمدة الطالب ص :211: أن عمه أحمد موسى أعقب من ثلاث هم 1 - علي بالبصرة ، 2 - أبو الحسن موسى ، 3 - وأبو

محمّد الحسن ولا يعلم بالضبط أي واحد منهم هو المراد ، وان كان يستبعد الأول لكونه في البصرة ، وقد يكون المراد أحد أقارب ابن عمه مجازا.

ولم أهتد أيضاً إلى الأزدي ، ولعله عبد الصمد بن الحسين بن يوسف بن

يعقوب بن اسماعيل بن حماد بن زید بن درهم بن درهم، أبو الحسن الأزدي، المولود 294 ببغداد في 294 و المتوفى 353، قال عنه الخطيب البغدادي: «انتقل إلى مصر فسكنها وحدّث بها عن أبي عمر محمّد بن جعفر القتات الكوفي، سمع منه أبو الفتح بن مسرور البلخي، وذكر - فيما قرأت بخطه - بأنه توفي بمصر لليلة بقيت من جمادى الأولى سنة 353 ، قال : وكان ثقة » (2). ويمكن ان يكون من طلب ذلك منه أحد الأعلام الذين صحبهم ورثاهم بتفجع. منهم : أبا علي الفارسي (ت (377)، الذي رثاه بقصيدة مطلعها:

أبا علي للألدّ إنّ سطا ***وللخصوم إن أطالوا اللغطا (3)

ومنهم : الصاحب بن عبّاد( ت / 385) ، الذي رثاه بقصيدة في 112 بيتاً مطلعها:

ص: 225


1- ديوان الشريف الرضي 1 : 377
2- تاريخ بغداد ؛ للخطيب 42:11
3- ديوان الشريف الرضي 1: 588 - 586

أكذا المنون تقنطر الأبطالا ***أكذا الزمان يضعضع الأج-ب-الا ؟(1)

ومنهم : ابراهيم الصابي ( ت /384) ، الذي رثاه بقصيدة مطلعها:

أعلمت من حملوا على الأعواد*** أرايت كيف خبا ضياء النادي(2)

ومنهم : أبا منصور المرزبان الشيرازي (ت (383) ، الذي رثاه بقصيدة مطلعها:

أيّ دموع عليك لم تصب*** وأي قلب عليك لم يجب (3)

ومنهم الشيخ يوسف بن الحسن بن عبد الله السيرافي النحوي (ت/385)

الذي رثاه بقصيدة مطلعها:

يايوسف ابن أبي سعيد دعوةٌ*** أوحى إليك بها ضمير موجع (4)

ومنهم الحسين بن أحمد بن الحجّاج (ت/391)، الذي رثاه على البديهة بقوله :

نعوه على ظنّ قلبي به*** فلله ماذا نعى الناعيان(5)

ومنهم شيخه عثمان بن جنّي (ت/392) ، الذي رثاه بقصيدة مطلعها :

ألا يا لقومي للخطوب الطوارق ***والعظم يُرمي كلّ يوم بعارق (6)

ويظهر أنّ أكثر هؤلاء صداقة الصابي، من أعلام الكتاب الذي توثقت صداقته

الشريف، وتبادلت القصائد بينهما على أساس المودّة للأدب العربي الأصيل

مع المستمد من همومهما وآمالهما، ولعل أصدق وصف عن وفاء الرضي ما ذكره في

ص: 226


1- ديوان الشريف الرضي 2012 - 209
2- ديوان الشريف الرضي 1:381-386
3- ديوان الشريف الرضي 1 : 151 - 154
4- ديوان الشريف الرضي 644:1-645 .
5- ديوان الشريف الرضي 2: 441 - 442.
6- ديوان الشريف الرضي 3: 63- 67.

آخر قصيدة الصابي التي نظمها قبل 12 يوماً من وفاته، منها:

من مبلغ له أبا اسحاق مالكة ***عن حنو قلب سالم السر والعلن

جرى الوداد له منّي وإن بعدت*** منا العلائق مجرى الماء في الغصن

مسوّد قصب الأقلام نال بها ***نيل المحمّر أطراف القنا اللدن

تلوا وراءك حتى قال قائلهم ***ماذا الضلال وذا يجري على السنن

ماقدر فضلك ما أصبحت ترزقه*** ليس الحظوظ على الأقدار والمهن

إن يدن قوم إلى داري فألفهم ***وتنأ عني فأنت الروح في البدن

فالمرء يسرح في الآفاق مضطرباً*** ونفسه أبداً تهفو إلى وطن

والبعد عنك بلائي باستكانهم*** إن الغريب لمضطرّ إلى السكن

أنت الكرى مؤنساً طرفي وبعضهم***مثل القذى مانع عيني من الوسن

كم من قريب يرى أنّّي كلفت به*** يمسي شجاي وتضحي دونه شجني

أشتاقكم ودواعي الشوق تنهضني*** إليكم وعوادي الدهر تقعدني

وأعرض الودّ أحياناً فيؤنسي*** وأذكر البعد أطواراً فيوحشني

هذا ودجلة ما بيني وبيتكم ***وجانب العبر غير الجانب الخشن (1)

المقطع الرابع: منابع فكر الإمام

قال الرضي: «إذ كان أمير المؤمنين علیه السلام مشرع الفصاحة وموردها ومنشأ البلاغة ومولدها، ومنه علیه السلام ظهر مكنونها، وعنه أخذت قوانينها، وعلى أمثلته حذا كلّ قائل خطيب وبكلامه استعان كلّ واعظ بليغ، ومع ذلك فقد سبق وقصروا، وتقدم وتأخروا، لأنّ كلامه علیه السلام من الكلام الذي عليه مسحة من الكلام الإلهي، وفيه عبقة من الكلام النبوي ».

ص: 227


1- عبقرية الشريف الرضي : 49.

وفي هذا المقطع يشير الشريف الرضي إلى مصادر فكر الإمام عليّ علیه السلام ، ويشير إلى شيئين هما القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، وأنّ الإمام علیه السلام صاغ هذين

المصدرين باسلوبه الخاص الذي أصبح مثالاً للأجيال بعده من الخطباء والوعاظ، ومصادر السيرة النبوية والتراجم والتاريخ غني بمنابع الفكر لدى الامام عليّ علیه السلام ليل لاستناده إلى هذين المصدرين في حياته الفكرية والاجتماعية والسياسية التي مهدتها له مؤهلاته الشخصية والأسرية. قال البدر العيني في شرح البخاري: «هو عليّ بن أبي طالب علیه السلام الهاشمي المكي المدني ، أخو رسول صلی الله علیه و آله وسلم له بالمؤاخاة ؛ قال له : أنت أخي في الدنيا والآخرة»، وأبو السبطين ربْحَانَتي الرسول، وأوّلُ هاشمي

وُلِدَ بين هاشميين، وأول خليفة من بني هاشم، وأحد العشرة المبشرة بالجنّة وأحد السنة من أصحاب الشورى الذين توفي رسول صلی الله علیه و آله وسلم وهو عنهم راضي، وأحد الخلفاء الراشدين، وأحد العلماء الربانيين ، وأحد الشجعان المشهورين والزهاد المذكورين، وأحد السابقين إلى الاسلام، وأحد الثابتين يوم أحد شهد مع الرسول الهلال المشاهد كلها إلا تبوك استخلفه فيها الرسول على المدينة، وأصابته أحد ستّ عشرة ضربة ، وأعطاه الرسول صلی الله علیه و آله وسلم الراية يوم خبير وأخبر أن الفتح يكون على يديه، ومناقبه جَمَّةٌ ، وأحواله في الشجاعة مشهورة، وأما علمه فكان من العلوم بالمحل الأعلى (1).

المقطع الخامس: في بلاغة الامام علیه السلام

قال الرضي: «فأجبتهم إلى الابتداء بذلك، عالماً بما فيه من عظيم النفع ، ومنشور الذكر ومذخور الأجر. واعتمدت به ان أبين عن عظيم قدر أمير المؤمنين علیه السلام في هذه الفضيلة مضافة الى المحاسن الدثرة،

ص: 228


1- سجع الحمام : 10 .

والفضائل الجمّة، وأنّه علیه السلام انفرد ببلوغ غايتها عن جميع السلف الأوّلين الذين إنّما يُوثر عنهم منها القليل النادِرُ ، والشاذّ الشارد ، فأمّا كلامه علیه السلام فهو البحر الذي لا يساجل ، والجم الذي لا يحافل، وأردتُ ان يسوغ لي التمثيل في الافتخار به صلوات الله عليه بقول الفرزدق : أولئك آبائي فجئتي بمثلهم إذا جمعتنا ياجرير المجامع ويشير الرضي في هذا المقطع إلى أنّ الامام هو المقدّم في البلاغة ، ولعلى من

العبث الإطالة في بلاغة ،الإمام والمأثور عنها خير دليل على أنه إمام الكلام وكذا مساهمته في الأدب والشعر العربي شأنه شأن أسرته الرفيعة والمجتمع الاسلامي الأوّل، قال ابن عبد ربه (ت/328) : كان أبو بكر شاعراً وعمر شاعراً، وعلي أشعر الثلاثة (1)

وهذا طبيعي لمن تربى في مهد الشعر والأدب، فقد كان جدّه عبد المطلب شاعراً ، وأبو طالب ،شاعراً ، فبلاغة الإمام طبيعية رافقت الأحداث الاسلامية كلها منذ فجر الدعوة الاسلامية حتى شهادته، كما لا يخفى على من ألمّ بتاريخ الإسلام هنا قال الشيخ محمّد عبده : « فقد أوفى لي حكم القدر بالاطلاع على كتاب نهج البلاغة مصادفة بلا تعمل ، أصبته على تغيّر حال وتبلبل بال وتزاحم أشغال وعطلة من أعمال فحسبته تسلية وحيلة للتخلية، فتصفّحت بعض صفحاته وتأملت جملاً من عباراته من مواضع مختلفات وموضوعات متفرقات فكان يخيل لي في كل مقام أن حروباً شبت وغارات شنت ، وأن للبلاغة دولة وللفصاحة

، صولة، وأنّ للأوهام عرامة وللريب دعارة. فما أنّا إلّا والحق منتصر والباطل منكسر ، ومرج الشكر في خمود وهرج الريب في ركود، وأنّ مدير تلك الدولة

ص: 229


1- العقد الفريد 3 :88

وباسل تلك الصولة هو حامل لوائها الغالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام (1).

المقطع السادس : في تبويب الكتاب

قال الرضي: ورأيت كلامه علیه السلام يدور على أقطاب ثلاثة، أوّلها: الخطب والأوامر، وثانيها : الكتب والرسائل، وثالثها: الحكم والمواعظ ، فأجمعت بتوفيق الله جل جلاله على الابتداء باختيار محاسن الخطب ، ثم محاسن الكتب، ثم محاسن الحكم والأدب،

مفرداً لكل صنف من ذلك باباً».

وفي هذا المقطع يشير الشريف الرضي إلى تبويب الكتاب في ثلاثة أبواب

رئيسية لم يرقمها بالعدد، وهي:

1 - الخطب والأوامر، وعددها (239).

2 - الكتب والرسائل، وعددها (79) .

3 - الحكم والمواعظ، وعددها (478).

كما أضاف الشريف الرضي فصلاً قصيراً ، لم يذكره في الخطبة ، بل ذكره في

باب الحكم والمواعظ بعنوان: «فصل نذكر فيه شيئاً في اختيار غريب كلامه المحتاج إلى التفسير وقد بلغت تسعة أحاديث، والمظنون أنّ زيادة غريب كلامه إنما كانت بعد أن طالع غريب الحديث لابي عبيد ، فجاراه وأفرد باباً له. كما يدل على ذلك قوله: «هذا معنى ماذكره أبو عبيد القاسم بن سلام»(2) ، فقد أورد أبو عبيد القاسم بن سلام (ت /224) في غريبه بعضها، وأيضاً ابن قتيبة عبد الله بن

ص: 230


1- مقدمة نهج البلاغة : 9 ، والاعمال الكاملة للامام محمّد عبده؛ جمع محمّد عمارة ط / 1974 نشر المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت في ستة اجزاء .
2- نهج البلاغة 3 :212

مسلم المروزي ( ت / 257) في غريب الحديث، وقال: ابن أبي الحديد في آخر شرحه: « وأنا الآن أذكر من كلامه علیه السلام الغريب ما لم يورده أبو عبيد ولا ابن قتيبة في

كلامهما، وأشرحه أيضاً». وسيأتي الكلام عن ذلك في موضعه.

المقطع السابع في الاستدراك

قال الرضي: «ومفضلاً فيه أوراقاً لتكون لاستدراك ما عساه يشد

عني عاجلاً ويقع إليّ ،آجلا، وإذا جاء شيء من كلامه الخارج في أثناء حوارٍ أو جواب سؤال أو غرض من الأغراض في غير الأنحاء التي ذكرتها، وقررت القاعدة عليها، نسبته إلى أليق الأبواب به

وأشدّها ملامحة لغرضه».

إن طبيعة أي عمل يتوقُف على التتبع في المصادر يستلزم الاستدراك، وقد أعدّ الشريف الرضي - نفسه - المجال لهذا الاستدراك، وترك مواضع من الأوراق البياض للاستدراك كما صرّح به في هذا المقطع

كما صرّح في آخر نهج البلاغة بقوله : ( وقرّ العزم - كما شرطنا أولاً - على تفضيل أوراق من البياض فى آخر كلّ باب من الأبواب ليكون لاقتناص الشارد واستلحاق الوارد ، وما عسى أن يظهر لنا بعد الغموض، ويقع الينا بعد الشذوذ» (1) وهناك مستدرك على نهج البلاغة لأحمد بن يحيى بن أحمد بن نافعة في كتابه

ملحق نهج البلاغة، مجموع تلك الخطب والملحقات كلّها بخط محمّد بن بن محمّد ابن الحسن بن طويل الصفار الحلي نزيل واسط، وقد فرغ من كتابتها

سنة 729 (2)

ص: 231


1- نهج البلاغة 4: 529 - 530 ، طبعة دار الرشاد الحديثة في أربعة أجزاء.
2- الذريعة 7 199.

كما أنّ ابن أبي الحديد (ت656) استدرك على القسم الثالث : الحكم التي رويت عنه، ممّا لم ترد في النهج، وقد وصفت بالألف المختارة، وقال في المقدمة : ) ونحن الآن ذاكرون ما لم يذكره الرضي ُّمما نسبه قوم إليه ، فبعضه مشهور عنه، وبعضه ليس بذلك المشهور ، لكنه قد روي عنه وعُزٍِي إليه ؛ وبعضه من كلام غيره من الحكماء ؛ ولكنّه كالنظير لكلامه والمضارع الحكمته، ولمّا كان ذلك متضمناً فنوناً من الحكمة نافعةً؛ رأينا ألا نخلي الكتاب عنه، لأنه كالتكملة والتتمة لكتاب نهج البلاغة)(1). واستدرك على الحٍكَم - أيضاً - علي الجندي وآخرون في سجع الحمام في حكم الامام ) وذكر الجندي في سجع الحمام ، ص 6 ، طبعة بيروت سنة 1368ه-، ما يلى: « ولكن بقى كثير من كلامه ل متفرّقاً في كثير من كتب الأدب

: والتاريخ ؛ لا يقل روعةً ونفاسة، وصدقاً وبلاغة عما ورد في هذه الكتب ؛ على أنّ كثيراً مما جاء فيها يعوزه الضبط والشرح ، ويشيع فيه التحريف والإبهام، فرأينا أن

عندنا أنّه

نجمع شتات هذه الحكم في عقد يضمّ منها ما تفرّق ونختار ما رجح من كلام الامام، ومن نبع إلهامه وشرعة بيانه ؛ ثم رتبنا هذه الحكم ترتبياً معجمياً ؛ ليسهل الرجوع إليها ، والتهدّي إلى مواضعها، ووضعنا لهذه الحكم شرحاً توخينا فيه تفسير الغريب، وكشف النقاب عن المعاني، مع إيراد أقوال الشعراء الذين وقعت لهم هذه الحكم، فأودعوها قوافيهم وأخيلتهم؛ ليكون هذا الكتاب - كما يقول أبو العباس المبرد في وصفه كتابه الكامل - بنفسه مكتفياً، وعن أن يُرجع إلى أحد في تفسيره مستغنياً. وقد ذيلنا كل حكمة بمرجعها؛ ووضعنا لها من الرموز ما يلائمها، على النحو الآتي:

1 - الألف المختارة لابن أبي الحديد، ورمزها ح.

ص: 232


1- شرح نهج البلاغة 20 : 251

شرح خطبة نهج البلاغة / المقطع السابع : في الاستدراك

2 - الحكم القصيرة الواردة في كتاب نهج البلاغة ورمزها ر.

3 - الحكم القصيرة الواردة في كتاب دستور معالم الحكم، ورمزها .ق.

4 - الحكم الواردة في كتاب البيان والتبيين ؛ للجاحظ، ورمزها: ب.

5 - الحكم الواردة في كتاب عيون الاخبار لابن قتيبة ورمزها: ع. ؛ 6

- الحكم الواردة في كتاب الكامل للمبرد ورمزها: ك

7 - الحكم الواردة في كتاب الإعجاز والإيجاز؛ للثعالبي ورمزها ز

8 - الحكم الواردة في كتاب التمثيل والمحاضرة للثعالبي، ورمزها ت»

9 - الحكم الواردة في كتاب أسرار البلاغة للعاملي، ورمزها: (س)(1)

وظهرت كتب عرفت بمستدرك نهج البلاغة لم يتقيّد مؤلّفوها باسلوب الرضي، ولم يستهدفوا ما استهدف بل كانت غايتهم جمع ما ليس في نهج البلاغة ، وهذا هدف نبيل أقرب إلى المسانيد من انتقاء البليغ من كلامه علیه السلام، ومنها:

1 - مستدرك نهج البلاغة ، الموسوم بمصباح البلاغة ؛ للسيد حسن مير جهاني

الطباطبائي طهران في مجلدين سنة 1388ه-.

2 - نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ؛ للشيخ باقر المحمودي ، ط/ النجف سبعة أجزاء، سنة 1385ه-.

3 - نهج البلاغة الثاني ( مالم يذكر في نهج البلاغة ) ؛ للشيخ جعفر الحائري،

مؤسسة دار الهجرة بقم سنة 1410ه-.

وكان الأولى من الاستدراك مراجعة النسخ المختلفة، وقد اخفقت يد واحدة في هذا السبيل وأقدمها نسخة في مكتبة سپهسالار ، لم يسمح لي بتصويرها ولا النقل عنها إلّا ما يأتي وهي نسخة كاملة قديمة من القرن الخامس ظاهراً برقم 3083 و 3056 ، جاء فيها بعد انتهاء الحكم ما نصه : « وهذا آخر انتهاء الغاية بنا إلى

ص: 233


1- سجع الحمام : 6- 7 .

قطع المختار من كلام أمير المؤمنين علیه السلام إلى قوله : وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا

وهو حسبنا ونعم الوكيل .

ثم كتب بالحمرة ] « زيادة كتبت من نسخة كتبت على عهد المصنف ، وقال علیه السلام [ وبالسواد ما يأتي ]: الدنيا خلقت لغيرها، ولم تخلق لنفسها. إنّ لبني أمية مروداً يجرون فيه، ولو قد اختلفوا فيما بينهم ثم كادتهم الضباع لغلبتهم. والمرود هاهنا - مفعل من الإرواد وهو الإمهال والانظار ، وهذا من أفصح الكلام وأغربه فكأنه شبه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلى الغاية، فإذا بلغوا منقطعها انتقض نظامهم بعدها ، وقال علیه السلام انتهى. وعسى أن يتيسّر لغيري تحقيق

هذا الأمل.

المقطع الثامن : في اسلوب الانتقاء

قال الرضي رحکه الله : « وربّما جاء فيما أختاره من ذلك فصول غير متسقة،

ومحاسن كلم غير منتظمةٍ ؛ لأنّي أورد النكت واللمع، ولا أقصد

التتالي والنسق».

إنّ نظرة خاطفة إلى مؤلفات الرضي تكشف عن اهتماماته الأدبية بالتراث الإسلامي؛ فانه قد كتب في مجاز القرآن والمجازات النبوية، وبلاغة الامام علي بن أبي طالب سلسلة مترابطة دفعته إلى ذلك مواهبه التراثية من الأدب العربي وتقدّمه فى حلبة الشعر، وقد عالج الميادين الثلاثة باسلوبه الخاص، ومن مزايا هذه الشخصية الواعية أنه قد شرح اسلوبه في مقدمة كل كتاب ألفه، معلنا من البدء أن ما يستهدف إليه : البلاغة بما فيها من المجاز والاستعارة. وهذا اسلوبه في جمع نهج البلاغة ، كما لا يخفى على المتتبع المنصف. وقد تنبه إلى هذا الاسلوب جمع ممّن درس النهج، ولعل أولهم ابن أبي الحديد

ص: 234

في شرح نهج البلاغة حيث قال قال ما لفظه: ولكن الرضي رحمح الله يلتقط كلام أمير المؤمنين علیه السلام التقاطاً، ولا يقف مع الكلام المتوالي ؛ لأن غرضه ذكر فصاحته ،

ولو اتى بخطبه كلّها على وجهها لكانت أضعاف كتابه الذي جمعه ) (انتهى) (1)وأوضح اسلوبه ذلك الشيخ هادي كاشف الغطاء بتفصيل ، قال : «مؤلف النهج لا يروي إلا ما يختاره ويصطفيه، فيختار الأبلغ فالأبلغ والأفصح فالأفصح بحسب ذوقه ومعرفته، فربما اختار من الخطبة فقرات معدودة ويترك الباقي، وربما جمع خطبة واحدة من خطب شتى أو من كلمات متفرّقة في مواضع متباينة ، وقد صرّح بذلك كله في خطبة كتابه ، فما كان في النهج من هذا القبيل لا يوقف له على مصدر مطابق ، نعم يمكن للمتتبع ان يقف على فقرات غير متتابعة ولا متتالية كما اتفق لنا الوقوف على ذلك في بعض المواضع من النهج (2).

وقال أيضاً: «ثم إنّ هاهنا ملاحظة يجب ان يستلفت النظر إليها وبها تندفع الشكوك التي يستثيرها الإسهاب في عهد أو خطبة، وهي أن السيّد الشريف ربما لفق الخطبة من خطب يختار فصولها وفقرات يضم بعضها إلى بعض ، وربما

كان ذلك من خطب شتى وكلمات مشتتة ، فيجمع ما يختاره ويجعله كخطبة واحدة، وقد ألمحنا إلى ذلك فيما سلف ووجدت شراح النهج : الشارح الفاضل والشارح العلامة والاستاذ محمّد عبده نبهوا على ذلك في شرح قوله : ( فقمت بالأمر حين فشلوا ). قال الشيخ محمّد عبده في شرحه ص :55 هذا كلامه ساقه الرضي كأنه قطعة واحدة لغرض واحد ، وليس كذلك، بل هو قطع غير متجاورة، كل قطعة منها في معنى غير ما للأخرى، وهو أربعة فصول... إلى آخر ما قال.

بعسير

ص: 235


1- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد ومعناه في 2: 284
2- مدارك نهج البلاغة : 206 .

وأقول : هذا الأمر ربما يستفاد من خطبة كتاب النهج ؛ فإنّه رحمه الله قد نبّه على ذلك

فيها وبيّن ،عذره فلا اعتراض عليه (1) .

قال عبد العزيز الدهلوي (ت / 1239) في التحفة الاثنى عشرية : في كلام له: الزموا السواد الأعظم ، فإنّ يد الله على كذا ] الجماعة ، وإياكم والفرقة؛ فإن الشاذ

من الناس للشيطان كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب». ثم قال ما ترجمته .... شرح نهج البلاغة من يضيف ما جاء ممّا صح عن أمير المؤمنين علیه السلامأنه كتب إلى معاوية: «ألّا إن للناس جماعة يد الله عليها، ولعنة الله على من خالفها قبل حلول الغضب»، وقد أورد الرضي بعض هذا الكتاب ، وأسقط عنه شطراً ، لكونه مخالفاً لمذهبه المبتني على الفرقة من آخره وهو قوله: (وائق الله فيما لديك وانظر في حقه عليك)(2) .

قال الجلالي: وهذا جهل منه بأسلوب التأليف والتاريخ؛ فإنّ الجماعة كانت على خلافة علىّ علیه السلام ، والفرقة حصلت من معاوية، فهو الشاذ عن جمهور المسلمين في عصره، فصدر الخطبة لا يخالف مذهب الرضي، وإنما لم يذكره لأن أسلوبه في الجمع هو التركيز على الكلام البليغ ، ففي رواية: «اتق الله فيما لديك وانظر في حقه عليك من السجع والبلاغة ما ليس في ما ذكره ، ومن فقد هذا الذوق لا ينفع معه النطق.

وحصل مثل ذلك من عمر فروخ حيث قال : ( إن الشريف الرضي لم يستطع إثبات جميع رسائل الإمام عليّ علیه السلام وخطبه ؛ لأن بعضها كان قد ضاع بتطاول الزمن عليه قبل عصره، حتى أن كثيراً من الخطب التي وصل إليها الشريف الرضي لم يصل إليها كاملة. ولذلك تجد أكثر الخطب المثبتة في نهج البلاغة مسبوقة بقول

ص: 236


1- مدارك نهج البلاغة : 227 ، وانظر شرح محمد عبده : 141 ، طبعة قم سنة 1411ه-.
2- التحفة الاثنى عشرية : 195

الشريف الرضي نفسه : ومن خطبة له ، مما يدل على ان هذه الخطب لم تصل إليه كاملة (1).

فإنّ أسلوب الشريف هو الانتقاء من الخطب، وليس إيراد الخطب كاملة، فقد اختط الشريف فى جمعه أسلوباً واحداً هو أسلوب الانتقاء مما يرى فيه قيمة أدبية

كما يتطلبه اختصاصه وذوقه الأدبي، وهو الحال في أصحاب الأدب. هذا، وقد أعرض أيضاً عن أسلوب المحدثين في ذكر الأسانيد، وليس هذا انتقاص للبحوث الأخرى التي تتعلق بهذه الروايات، فإن ذلك ليس من نبع

اهتمامه ، وظ ، وظني أنه لو كان يعلم أن ذلك ستكون شبهة لذكرها. وقد استخدم هذا الأسلوب بالنسبة إلى بلاغة القرآن وبلاغة الحديث النبوي

وكان من الطبيعي أن يتبعهما ببلاغة الكلام العلوي.

ومن تقرير اسلوب الشريف فى خطبة الكتاب وكتبه الأخرى الطافحة بالولاء لأهل البيت والدفاع عنهم والاعتزاز بتراثهم لانشك في انه اعتمد بالدرجة الأولى على روايات أهل البيت في جمع النهج، وإذا ذكر غيرهم فإنما هو من باب القاء الحجة على الخصم بسرد الموافقات، ومن ذلك يظهر ما في كلام الدكتور احسان عباس في كتابه الشريف الرضي » حيث قال : « لا أستبعد أنه لم يكن يهتم كثيراً بتحقيق نسبة الكلام الذي يجمعه، وهو نفسه قد أقر أن روايات ك-لام سيدنا على تختلف اختلافاً شديداً (2)، وكانت غايته الكبرى هي تفضيل » الأفصح والأبلغ ، وفي سبيل هذه الغاية توسع في الطلب فلم يتوقف حين تشتبه نسبة شيء إلى الامام علي، ولم يرفض ما هو مشترك النسبة، ذلك هو الذي يفسر حقيقة الكتاب اعني طريقة الشريف في الجمع والاختيار. فهناك خطبة

ص: 237


1- نهج البلاغة دراسة قصيرة ؛ تأليف عمر فروخ : 2.
2- الشريف الرضي : 52.

أوردها الجاحظ في البيان لمعاوية وشككّ الجاحظ نفسه فيها وقال: «إنّها بكلام عليّ أشبه ) ، فأدرجها الرضي في النهج اعتماداً على تشكيك الجاحظ، وهو

في رأيه ناقد بصير، غير أن الجاحظ أورد في البيان خطبة أخرى لقطرى بن الفجاءة وجعلها الشريف في النهج لعلي ، ولم يثق هذه المرّة في رواية من سمّاه ناقداً بصيراً (1).

فإنّ الشريف الرضي رحمه الله اعتمد على روايات أهل البيت علیهم السلام في خطبة الإمام، وإنما أورد كلام الجاحظ تأييداً وانتصاراً ؛ لأن الجاحظ ليس بشيعي حتى يتهم في قوله الموافق لمذهب أهل البيت علیهم السلام، ولم يذكر ما لم يوافقه عليه ، وكون الجاحظ ناقداً بصيراً لا يستلزم ان يكون كذلك في كل رواية وفي كلّ حالة.

المقطع التاسع: في شخصية الإمام

قال الرضي رحمه الله : ومن عجائبه علیه السلام التي انفرد بها ، وأمن المشاركة فيها ؛ أنّ كلامه علیه السلام الوارد في الزهد والمواعظ والتذكير والزواجر، إذا تأمّله المتأمل، وفكّر فيه المفكّر، وخلع من قليه أنّه كلام مثله ممن عظم قدره ونفذ أمرُه، وأحاط بالرّقاب ملكه ، لم يعترضه الشك

في أنّه من كلام من لاحظ له في غير الزهادة، ولا شغل له العبادة، قد قبع في كسر بيت أو انقطع في سفح جبل لا يسمع إلّا حشه ، ولا يرى إلّا نفسه، ولا يكاد يؤمن بأنّه كلام من ينغمس في الحرب ، مصلتاً سيفه فيقط الرقاب، ويجدّل الأبطال، ويعود به ينطف

دماً .

ويقطر مهجاً، وهو مع تلك الحالِ زاهد الزهاد، وبدل الأبدال

وهذه من فضائله العجيبة وخصائصه اللطيفة التي جمعَ بها بين

ص: 238


1- نهج البلاغة : 76.

الأضداد، وألّف ، وألّف بين الأشتات وكثيراً ما أذاكر الإخوان بها، واستخرج

عجبهم منها، وهي موضع للعبرة بها والفكرة فيها».

لقد درس

الكثير حياة الامام علىّ علیه السلام من جوانب مختلفة من خلال ما ورد عن الإمام من الخطب والرسائل والحكم، ومكتبة نهج البلاغة غنية بذلك، وفي هذا الصدد قولان ممّن لا يعتقد بالامام عليّ علیه السلام إماماً دينياً، ذات دلالة عميقة، فتساءل ابن أبي الحديد المعتزلي قائلاً: « وماذا أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جَحْدُ مناقبه ولا كتمان فضله ! فقد اجتهد بنو أمية في إطفاء نوره ولعنوه على جميع المنابر ، وحَبَسوا مادِحيه وقتلوهم ومنعوا من رواية كل حديث يتضمّن له فضيلة، أو يرفع له ذكراً ، حتى حظروا أن يُسمّى أحدٌ باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعةٌ وسموّاً، وكان كالمسك كلّما سُيْرَ انتشر عُرْفَه ، وتضوّع نَشره، وكالشمس لاتُسْتَر بالرَّاح، وكضوء النهار إن حُجب عن عينٍ واحدة، أدركته عيون كثيرة. وماذا أقول في رجل تُعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كلُّ فِرْقةً، وتتجاذ به كل طائفة !(1)وقال أيضاً« وماذا أقول في رجل سبق الناس إلى الهدى، وآمن بالله وعبده وكلُّ من على الأرض يَعْبد الحجر ، ويَجحَدُ الخالق، لم يسبقه أحد إلى التوحيد إلا السابق إلى كلّ خير : محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم(2). وقال جبران خليل جبران المسيحي : مات علي بن أبي طالب شهيد عظمته مات والصلاة على شفتيه مات وفي قلبه الشوق إلى ربه ولم يعرف العرب حقيقة مقامه ومقداره حتى قام من جيرانهم الفرس أناس يدركون الفارق بين الجواهر والحصى، مات قبل أن يبلغ العالم رسالته كاملة وافية، مات وشأنه شأن جميع

ص: 239


1- شرح ابن أبي الحديد 1: 17 ، ط دار احياء الكتب بمصر ، 1378 ه-.
2- شرح ابن أبي الحديد 1 ،30 ، ط دار احياء الكتب بمصر ، 1378 ه-.

الأنبياء الناصحين الذين يأتون إلى بلد ليس ببلدهم وإلى قوم ليس بقومهم ، وفي

زمن ليس بزمنهم ، ولكن لربك شأن في ذلك وهو أعلم ) (1)

وهذه صفات عالية يتعذر اجتماعها في شخصية واحدة، وقد احسن شاعر

أهل البيت علیهم السلام السيّد صفي الدين الحلي ( ت /752 ه-) بقوله :

جمعت في صفاتك الأضداد*** فلهذا عزّت لك الأنداد

زاهد حاكم حليم شجاع ***ناسك فاتك فقير جواد

شیم ما جمعن في بشر قط*** ولا حاز مثلهنّ العباد(2)

المقطع العاشر: في اختلاف الروايات

قال الرضي رحمه الله : وربما جاء في أثناء هذا الاختيار اللفظ المردّدُ والمعنى المكرر ، والعذر في ذلك أن روايات كلامه علیه السلام تختلف اختلافاً شديداً ، فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجهه ، ثم وجد بعد ذلك في روايةٍ أخرى موضوعاً غير وضعه الأول، إما بزيادة مختارة أو لفظ أحسن عبارة تقتضي الحال أن يعاد استظهاراً للاختيار، وغيرةً على عقائل الكلام. وربما بَعُدَ العهد أيضاً

بما اختير أولاً ، فأعيد بعضه سهواً أو نسياناً، لا قصداً واعتماداً».

إنّ اختلاف الروايات حقيقة يواجهه كلّ من له أدنى صلة بالروايات، سواءً النبوية أو العلوية أو التاريخية ؛ فإنّ كان ترجيح لاحداها فالضرورة ترجحها، وما

ص: 240


1- علي والقومية العربية : 123 .
2- ديوان صفيّ الدين الحلي : 88 89 ، وفي آخر القصيدة : إنما الله عنكم اذهب الرجس*** فردت بغيضها الاحتداد ذاك مدح الاله فيكم ان فهت ***بمدح فذاك قول معاد

عدى ذلك يكون الخيار أمران: إما إهمالهما معاً أو ذكرهما معاً، وهذا الأخير هو الحل الذي اختاره الشريف الرضي رحمه الله، وهو على صواب في ذلك؛ فإن إهمال إحداهما من دون سبب إهمال للتراث.

قال الشريف الرضي وهو يذكر الروايات المختلفة: «قد مضى هذا الكلام فيما

تقدم، إلا أننا كرّرناه هاهنا لما في الروايتين من الاختلاف(1)

ويقول: وقد مضى بعض هذا الكلام فيما تقدم من الخطب، إلا أن فيه هاهنا

زيادة أو جبت تكريره (2).

ويقول في موضع آخر: « وقد تقدم مختار هذه الخطبة ، إلّا أنّي وجدتها في هذه

الرواية على خلاف ما سبق من زيادة ،ونقصان فأوجبت الحال إثباتها ثانية (3).

وقال ابن أبي الحديد: « واعلم ان هذه الخطبة قد ذكرها نصر بن مزاحم في كتاب صفين على وجه يقتضي أن ما ذكره الرضي هنا قد ضم إليه بعض خطبة

أخرى، وهذه عادته ؛ لأن غرضه التقاط الصحيح والبليغ من كلامه (4).

ونرى مثالاً لهذا التكرار فى الخطبة التي خطبها بذي قار، فقد اقتطف منها مقتطفات ، فذكر بعضها في الخطبة رقم 10 ، وبعضها الأخير في الخطبة رقم 21 ، وبعضها الآخر أيضاً برقم 132 . وسنشير إليها في مواضعها.

المقطع الحادي عشر: في مصادر الكتاب

اشارة

قال الشريف الرضي : ولا أدّعي مع ذلك أنني أُحيط بأقطار جميع

« كلامه علیه السلام حتى لا يشدّ عنّي منه شاذّ، ولا يند ناد، بل لا أبعد أن

ص: 241


1- نهج البلاغة 204:1 ، الخطبة 13.
2- نهج البلاغة :3 25 ، الخطبة 100 ، وانظر الخطبة 33
3- نهج البلاغة 1 : 199.
4- شرح نهج البلاغة 3: 412

يكون القاصر عنّي فوق الواقع إليَّ، والحاصل في ربقتي دونَ الخارج من يدي ؛ وما عليّ إلّا بذل الجهد وبلاغة الوسع ، وعلى الله

سبحانه نهج السبيل وإرشاد الدليل إن شاء الله تعالى».

واجه الشريف الرضي ما يواجهه كلّ متتبع للروايات من مشكلة الاستقصاء والشذوذ في الروايات، ومهما أوتيت اليد الواحدة من قدرة فإنها تكون عاجزة عن الاستقصاء. وهذه حكمة الله على كل البشر وليس المطلوب سوى استفراغ الوسع في سبيل الهدف، وهذا ما قام به الشريف الرضي بكل إخلاص.

ولم يذكر الشريف الرضي في نهج البلاغة سوى تسعة كتب، وهذا على خلاف عادته وأسلوبه في كتبه الأخرى، مما يدعو إلى التساؤل عن السبب في ذكره هذه التسعة خاصة، وهو وإن لم يصرّح بمصادره في كتبه غالباً لكنّه أعطى فكرة عامة عنها، فمثلاً في كتاب المجازات النبوية » ذكر في المقدمة - بعدما أشار إلى كتبه تلخيص البيان عن مجازات القرآن، وحقائق التأويل في متشابه التنزيل - قال: والذي اعتمد عليه في استخراج ما يتضمن الغرض الذي أنحو نحوه، وأقصد قصدة ، كتب غريب الحديث المعروفة وأخبار المغازي المشهورة، ومسانيد المحدثين ،الصحيحة، مضيفاً إلى ذلك ما يليق بهذا المعنى من جملة كلامه عليه الصلاة والسلام الموجز الذي لم يسبق إلى لفظه، ولم يُفترع من قبله ، وجميع ذلك مما أتقنا بعضه رواية، وحصلنا بعضه إجازة، وخرجنا بعضه تصفّحاً وقراءة، مستمدين في ذلك، وفي سائر الأنحاء والمرامي والمطالب والمغازي توفيق الله سبحانه الذي يهوّن الشديد ويقرب البعيد، ويذلّل الصعب إذا أبى، ويقوم المعوج إذا التوى، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلنا وإليه ننيب (1).

ص: 242


1- تلخيص البيان : 12، الطبعة الثانية منشورات مكتبة بصيرتي - قم .

وعليه فمصادر جمع الشريف الرضي هي:

1 - كتب غريب الحديث المعروفة .

2 - أخبار المغازي المشهورة.

3 - مسانيد المحدثين الصحيحة.

وقد حصل على هذه بعض المصادر بالطرق السائدة في عصره وهي:

1 - الرواية ، 2 - الإجازة، 3 - المراجعة ، 4 - القراءة.

وصرّح الشريف الرضي بثمانية مصادر في نهج البلاغة هي :

1 - اصلاح المنطق؛ لأبي يوسف يعقوب بن اسحاق بن السكيت (ت 224)

الخطبة ،3، ص 37

2 - البيان والتبيين؛ لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت/225)، الخطبة

.04

32، ص 59.

3 - التاريخ ؛ لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبري (ت/310)، الحكمة 371

ص 414

4 - الجمل ؛ لأبي عبد الله محمّد بن عمر الواقدي (ت /207) ، الكتاب 75 / ،

363

-5 - غريب الحديث؛ لأبي عبيد الهروي القاسم بن سلام (ت (224) ، ولم يذكر الرضي اسم الكتاب بل قال : «هذا ممّا ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام»، في الغريب ،4 ص 430 ، ومن الواضح انه أراد الكتاب المذكور.

6 - المغازي ؛ لسعيد بن يحيى الأموي (ت / 249) ، الكتاب ،78 ، ص 364 7

- المقامات في مناقب أمير المؤمنين علیه السلام؛ لأبي جعفر محمّد بن عبد الله

الاسكافي (ت / 240) ، الكتاب 54 ، ص 348 و 364.

-8 - المقتضب؛ لأبي العباس محمّد بن يزيد المبرد (ت/286) ، الحكمة 464 ،

ص 426.

ص: 243

ولم يصرح بمصدر آخر في نهج البلاغة، سوى هذه الثمانية، وقد نقل عن

خط أبي المنذر هشام بن محمّد الكلبي ( ت / 204) الكتاب 74، ص 362.

وقد يكون من إحدى كتبه ، فهو كثير التأليف فى الأخبار .

وعن السبب في ذكره هذه المصادر دون غيرها قال الهادي كاشف الغطاء: والظاهر أن الوجه في تخصيص ذلك البعض بذكر المصدر دون غيره من مندرجات الكتاب هو أن ذلك البعض مما لم يتحقق عند المؤلّف نسبته إلى أمير المؤمنين علیه السلام، بخلاف غيره، فإنّه على ثقة منه ، ويقين ، فلا يحتاج إلى ذكر مصدر له، لكون العهدة عليه في النقل والنسبة وهذه عادة القدماء من اهل التأليف... وقد يكون الوجه في ذلك وقوع الخلاف في النسبة أو وجود النسبة الى الغير، فيذكر المصدر نسبته إلى

الإمام ا كما يظهر ذلك من نقله عن الجاحظ في كتاب البيان والتبيين (1). وهذا رأي مصيب؛ اذ أنا نجد هذه المصادر ليست من مصادر روايات أهل البيت علیهم السلام الذي اعتز بها الشريف الرضي ، بل مصادر عامة راجعها ونقل عنها من دون رواية وإجازة ،وقراءة ، كما هي الحال في عصرنا ، ومن هنا وجب التنبيه على ذلك بذكر هذه المصادر دون َغيرها. كما أن الشريف الرضي صرّح في سبعة موارد بأسماء الرواة للمأثورات عن الإمام علي دون غيرها من الخطب والرسائل والحكم بعنوان «روي» و

حكي)) وما شابه ذلك ، وهي كالآتي:

1 - أحمد بن يحيى المعروف بثعلب (ت (291) ونصه « ما حكاه ثعلب» في

الحكمة 440ج 20 ص (2)80 .

ص: 244


1- مدارك نهج البلاغة : 235
2- (ملاحظة) : أعدنا ترقيم الموارد حسب طبعة شرح ابن أبي الحديد الحديثة ؛ لكونها أسهل تناولاً (المحقق).

شرح خطبة نهج البلاغة / المقطع الحادي عشر : في مصادر الكتاب

245

2 - ذعلب اليماني ، ونصه : روى ذعلب» في الكلام 29 ج 13 ص 18 .

3 - ضرار بن حمزة الضبابي، ونصه : ومن خبر ضرار في الحكمة 75

ج 18 ص 275.

4 - كميل بن زياد النخعي ( ت (82) ونصه : « قال كميل في الحكمة 43

ح 1 ص 346.

5 - الإمام محمّد بن علي الباقر علیه السلام (ت/114) ، ونصه : وحكى عنه أبو جعفر

محمد بن علي الباقر علیه السلام ( في الحكمة 85ج 18 ص 240 .

6 - نوف البكالي ( ت / 100 ح ) ونصه : روي عن نوف البكالي في الخطبة 100ح

1830 ج 10 ص 76 .

7 - وهب بن عبد الله السوائي (ت (74) ، ونصه وروى أبو جحيفة في الحكمة 381 ، ج 19 ص

312.

8 - محمّد ابن جرير الطبري (ت / 310) ونصّه: «وروى ابن جرير الطبري في

تاريخه في الحكمة 379 ج 19 ص 305.

وظني ان الشريف الرضي إنما خص اسماء هؤلاء الرواة دون غيرهم لاختلاف الروايات، فاختار ما رآه أنسب مشيراً إلى الراوي، مع أن هؤلاء إنما يدخلون في اعلام نهج البلاغة فيما لو عمل فهرس للاعلام فان لكميل ذكر في نهج البلاغة في ثلاثة موارد في الكتاب 61 والحكمة 143 و 254 ، ولم يعنونه بعنوان الراوي إلا في الحكمة 143 ، لأن المحادثة قد حصلت بينه وبين الإمام علیه السلام ممّا أوجب

ذكر اسمه.

مصادر أخرى:

من الطبيعي أن الكتب التي ألفت في عهد الرضي وما قبله والتي كانت ميسرة

ص: 245

له ، كلّها تكون من مصادر نهج البلاغة، وأن مصادر أهل البيت التي ألفت في عصر

الرضي ينص على كثير منها.

ونكتفي بعرض سريع لما ذكره أبو العباس النجاشي (ت 450) وأبو جعفر الطوسي (ت 460) في فهرستيهما في خصوص ما يتعلق بالامام عل-ى م-ا / ينبي عناوينها، دون المصادر العامة.

1 - خطب علي؛ لأبي اسحاق ابراهيم بن الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي

المفسر ( ذكره النجاشي ) (1)

2 - كتاب الخطب ؛ لأبي اسحاق ابراهيم بن سليمان بن عبد الله بن خالد النهمي نسبة إلى منهم بطن من همدان الكوفي الخزاز، وله مقتل أمير المؤمنين علیه السلام ( ذكره

النجاشي والطوسي )(2).

3 - كتاب رسائل علي وحروبه؛ لأبي اسحاق ابراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي الكوفي (ت / 283) ، وله كتاب كلام علي في الشورى، وله كتاب بيعة أمير المؤمنين، وله كتاب مقتل أمير المؤمنين علیه السلام( ذكرها الطوسي)(3).

4 - خطب أمير المؤمنين ؛ لأبي يعقوب اسماعيل بن مهران بن محمّد السكوني

الكوفي ، المتوفى بعد سنة 148ه- ( ذكره النجاشي والطوسي (4).

5 - خطب أمير المؤمنين علىّ علیه السلام المنابر في الجُمَع والأعياد وغيرها؛ لزيد بن

وهب الجهني الكوفي، المتوفى سنة 96 ه- ( ذكرها الطوسى)(5).

ص: 246


1- رجال النجاشی : 15 ، الفهرست : 35
2- رجال النجاشى : 18 ، الفهرست : 38 .
3- الفهرست: 36
4- رجال النجاشي : 26 ، الفهرست : 46 و 52 .
5- الفهرست :130 .

6 - خطب أمير المؤمنين ؛ لأبي الخير صالح بن أبي حماد الرازي، المتوفى بعد

سنة 214ه-، من أصحاب الإمام العسكري علیه السلام (1) ( ذكره النجاشي )(2).

7 - خطب عليّ ؛ لأبي احمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي الازدي البصري المتوفى سنة 332 ه- ، وله كتاب شعر علي ، وله كتاب ذكر كلام ي، عليّ في الملاحم، وله كتاب قول علي في الشورى، وله كتاب ما كان بين علي وعثمان من الكلام وله كتاب الأدب عن علي ، وكتب أخرى فيها آثار الإمام علیه السلام: رسائل علي، ومواعظ علي، وخطب عليّ ( ذكرها النجاشي ) (3).

8 - خطب أمير المؤمنين علیه السلام؛ لأبي بشر (أبي محمّد مسعدة الكوفي ، الراوي عن الامام الكاظم ، المتوفى سنة 183 ( ذكره النجاشي ) (4). 183 .

9 - خطب وكتب أمير المؤمنين عليّ علیه السلام ؛ لأبي المفضل نصر بن مزاحم

بن صدقة العبدي

المنقري الكوفي العطار، المتوفى سنة 212ه-، ( ذكره النجاشي )(5)

10 - خطب عليّ ؛ لأبي منذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي، المتوفى سنة 206ه-، كان والده محمّد من أصحاب الامام الباقر والصادق ، وله تفسير القرآن، توفي سنة 146ه- (ت 146)، وجده السائب، وأخواه عبيد وعبد الرحمن،

وأبوهم بشر شهد الجمل وصفين مع أمير المؤمنين ( ذكره النجاشي )(6). وقد أنصف الاستاذ علي العرشي الحنفي في استناد نهج البلاغة بقوله: «ليس بخافٍ على أبناء العلم والمولعين به أنّ معظم محتويات نهج البلاغة توجد في

ص: 247


1- رجال النجاشي : 198.
2- رجال النجاشي : 198 .
3- وجال النجاشي : 240 - 242 .
4- رجال النجاشي : 415 .
5- رجال النجاشي : 428 .
6- ذكره النجاشي : 434 - 435 ، وابن النديم : 1406.

كتب المتقدّمين ولو لم يذكرها الشريف الرضي ، ولو لم يعر بغداد ما عراها من الدماء على يد التتر ولو بقيت خزانة الكتب الثمينة التي أحرقها الجهلاء لعثرنا على

مرجع كل مقولة مندرجة في نهج البلاغة (1).

المقطع الثاني عشر: في تسمية الكتاب

قال الرضي: ورأيت من بعدُ تسمية هذا الكتاب بنهج البلاغة؛ إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها ويقرب عليه طلابها، وفيه حاجة العالم والمتعلم، وبغية البليغ والزاهد ويمضي في أثنائه من عجيب الكلام في التوحيد والعدل، وتنزيه الله سبحانه عن شبه الخلق، ما هو بلال كلّ غلّة، وشفاء كلّ علّة، وجلاء كلّ شبهةٍ، ومن الله تعالى أستمدّ التوفيق والعصمة، وأتنجز التسديد والمعونة، واستعيذه من خطأ الجنان قبل خطأ ،اللسان، ومن زلّة الكلم قبل زَلّة القَدَم، وهو حسبي

ونعم الوكيل».

وكلامه علیه السلام واضح صريح في تسمية الكتاب والسبب الذي من أجله جمع

المأثورات عنه من الخطب والرسائل والحكم، وما أصدق الشيخ محمّد عبده رحمه الله في قوله : ( ولا أعلم إسماً أليق بالدلالة على معناه منه، وليس في وسعي أن أصف هذا الكتاب بأزيد ممّا وقفت عليها ، وظني انه اقتبس ذلك مما دلّ عليه إسمه ، ولا

أن آتي بشيء في بيان مزيّته فوق ما أتى به صاحب الاختيار كما ستراه (2). ولكن في معجم المطبوعات أنّه سمّاه : نهج البلاغة ومشرع الفصاحة (3)

ص: 248


1- استناد نهج البلاغة : 20.
2- مقدمة شرح محمّد عبده.
3- معجم المطبوعات: 1124 .

ولكن لم تعرف هذه الزيادة في مصدر من المصادر التي بايدينا، ولعله أخذه من وصف الشريف الرضي الامام عليّ علیه السلام بقوله : هو مشرع الفصاحة ومنشأ البلاغة في خطبة الكتاب.

وكتاب نهج البلاغة ككلّ كتب التراث - فيه اختلاف النسخ التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، قال شيخنا العلامة : وهناك اختلافات طفيفة في ترتيب خطبها في

النسخ القديمة ؛ فمثلاً:

1 - ترتيب الخطب في نسخة ابن أبي الحديد التي رتّب عليها شرحه يطابق

ترتیب نسخه سپهسالار (3083) ونسخة جامعة طهران (176).

2 - وترتيب نسخة ابن ميثم التي عليها شرحه يختلف عن ذلك. 3 - وهناك في نسختي الرضوية ( 292 - (293) إضافات لا توجد في النسخ المطبوعة ، وقد فصلّت هذه الاختلافات في فهرس مخطوطات جامعة طهران ج 2 ص 295 - 322 ، وقد رقم هناك خطب الباب الأول 239 خطبة، وكتب الباب الثاني 79 كتاباً ، وذلك في الصفحات (312 - 322) من الفهرس ، وإليها نشير عندما نذكر رقماً لخطبة أو كتاب من نهج البلاغة (1). وقد أشار ابن أبي الحديد في شرحه إلى وجود اختلاف في نسخ نهج البلاغة

وفى نسخة خط المؤلف عنده(2)

و

كما يظهر من ابن أبي الحديد أن النسخة التي اعتمدها كانت أتم نسخة، وأنها كانت مشتملة على زيادات تخلو عنها أكثر النسخ (3). وسنشير إليها

في مواضعها.

ص: 249


1- الذريعة 24: 413
2- انظر شرح نهج البلاغة 506:4 .
3- انظر شرح نهج البلاغة 2 :574 .

نموذج من اختلاف النسخ:

في مكتبة سپهسالار بطهران نسخة برقم 3052 وهي من الموقوفات في سنة 1297 على مدرسة مروي في 330 ،ورقة، لم يسمح لي بتصويرها وفي الفرصة المتاحة دوّنت ما يأتي:

في نهاية باب الخطب جاء بعنوان الزيادات مقاطع خمس متتالية من كلام الامام عليّ علیه السلام وقد جاءت في مطبوعة دار الشعب في مواضع مختلفة في الترتيب وبأرقام مختلفة، واليك مقارنة بينهما مع الاشارة الى الفروق بخط افقي تحت

المادة المختلفة في النسختين

نص المخطوطة رقم 3052

[1] و من كلام له علیه السلام قاله لعبد الله بن

العباس، وقد جاءه برسالة من عثمان وهو محصور

يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع ليقل هتف الناس باسمه للخلافة بعد أن كان سأله مثل ذلك من

قبل ، فقال : يابن عباس، ما يريد قبل ، فقال علیه السلام: يا ابن عباس ، ما يريد عثمان إلا أن يجعلني جملاً ناضحاً بالغرب ، أقبل وأدبر ! بعث إلي أن اخرج ، ثم بعث إلي أن اقدم يبعث ثم هو الآن يبعث إلى أن اخرج

او . والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن

أكون آثماً». [ص 283]

النص في مطبوعة دار الشعب في القاهرة

238 - ومن كلام له علیه السلام قاله لعبد الله

بن عباس، وقد جاءه برسالة من عثمان

بن عفان وهو محصور يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع ، ليقل هتف

الناس باسمه للخلافة بعد أن كان سأله

مثل ذلك من قبل ، فقال علیه السلام: يا ابن عثمان إلّا أن يجعلني جملاً ناضحاً بالغرب ،

أقبل وأدبر ! بعث إلي أن أقدم ، ثم هو الآن بعث إلي أن اخرج ،

والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن

حتى خشيتُ أُن أكون أيماً»

ص: 250

[2] ومن كلام له علیه السلام لا يحث فيه أصحابه على الجهاد: «والله مستأديكُمْ شكره ومورثكُمْ أمره، ومُمهلكم مضمَارِ ممدود لتتنازَعُوا سَبَقَهُ ، فَشُدّوا عُقد المآزر ، واطووا فضول الخواصر ،

لا تجتمع عزيمة ووليمة.

ما أنقض النَّوم لِعَزائم اليوم، وأَمْحَى

الظلم لتذاكير الهمم !

239 - ومن كلام له علیه السلام يحث فيه أصحابه على الجهاد : « والله مستأديكُمْ

شكره ، ومورثكم أمره ، ومُمْهلكم في مضمار ممدود لتتنازَعُوا سَبَقَهُ، فَشُدّوا

عُقد المآزر ، واطووا فضُول الخواصِرِ، لا تجتمع عزيمة ووليمة.

ما أنقض النوم لعزائم اليوم، وأمْحَى

الظلم لتذاكير الهمم ! [ ص 384]

[3] و من كلام له علیه السلام: اقتص فيه ذكر ما كان منه بعد هجرة النبيّ الا الله .

لحاقه به :

فجعلت أتبع مأخَذَ رَسُول الله صلی الله علیه و آله وسلم،

فأطأ ذكره حتى انتهيت الى العرج في كلام طويل

قال الرضي علیه السلام: قوله : «فأطأ ذكره »

الذي رمى به إلى غايتي الايجاز أغطي خبره ، من بدء خروجي إلى والفصاحة ، وأراد : إني كنتُ

أغطي خبرة صلی الله علیه و آله وسلم من بدو خروجي إلى أن انتهيت

إلى هذا الموضع، فكنى عن

ذلك بهذه الكناية العجيبة.

234- ومن كلام له علیه السلام: اقتص فيه

ما كان منه بعد هجرة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم، ثم ذكر

لحاقه به :

فجعلت أتبع مأخَذَ رَسُول الله .

فأطأ ذكره حتى انتهيت الى العزج

[منزل في طريق مكة ينسب إلى ... . الشاعر عبد الله بن عمر... ]

من الكلام الذي رُمي به إلى غايتي قوله علیه السلام: «فأطاً ذكره من الكلام الايجاز والفصاحة ، أراد : أني كنتُ أغطي خبرة صلی الله علیه و آله وسلم أن انتهيت ، فكنّى عن ، إلى هذا الموضع، فكنى عن

ذلك بهذه الكناية العجيبة. . [281]

ص: 251

[4] -ومن خطبة له علیه السلام: « فاعملوا وَأَنْتُمْ فى نَفس البقاء ، وَالصَّحُفُ

المَلائِكَةُ. مَنشورة ، والتَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ ، والمدير والمُسِيءُ يُرْجَى ، قَبْلَ أَنْ يَحْمَد ُیدْعَى

العَمَلُ ، وَيَنْقَطِعَ المَهَلُ ، وينقضي المدة وَيُسَدَّ بَابُ التَّوْبَةِ، وَتَصْعَدَ

المَلائِكَةُ.َأَخَذَ فَأَخَذَ امْرُو مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَمِنْ مِن حَيَّ لِمَيتَ ، وَمَنْ فَانٍ لباق ،

وَهُوَ ذَاهِبٍ لِدَائِمِ، امْرُؤٌ خَافَ الله وَهُوَ مُعَمَّرٌ إلى أجَلِهِ، وَمَنْظُور إلَى عَمَلِهِ،

امْرُو الْجَمَ نَفْسَهُ بِلِجَامِها ، وَزمها بزمامها،فأمسكها بلجامها عن معاصي الله ،

، وَقَادَهَا بِزِ مَامِهَا إِلى طَاعَةِ الله ...

235 - ومن خطبة له علیه السلام: « فاعملوا : وَأَنْتُمْ فى نَفس البقاء ، وَالصَّحُفُ

منشورة، والتَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ، والمذيرُ يُدْعَى، والمُسِيءُ يُرْجَى قَبْلَ أَنْ يَجمد، العَمَلُ، وَيَنْقَطِعَ المَهْلُ ، وتنقضي المدة، وَيُسَدَّ بَابُ التَّوْبَةِ، وَتَصْعَدَ الأجل،

فَأَخَذَ امْرُو مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، و، وَأَخَذَ مِن حَيَّ لِميت ، وَمَنْ فَان لباقِ، وَمِنْ ذَاهِبٍ لِدَائِمِ امْرُؤٌ خَافَ اللهَ،

وَهُوَ ، مُعَمَّرٌ إلى أجَلِهِ ، وَمَنْظُور إلَى عَمَلِهِ ،امْرُو الْجَمَ نَفْسَهُ بِلِجَامِها ، وزمها وأمسكها بلجامها عن معاصي بزمامها، وَقَادَهَا بِزِمَامِهَا إلى طاعة الله ..[ ص: 281]

[5] -ومن خطبة له علیه السلام في شأن الحكمين، وذم أهل الشام :«جُفاةٌ

طعام، عبيد أقزام ، جمعوا من كل أوب

وتُلفّطُوا من كُلُّ شوبٍ، ممّن ينبغي أن يُفَقِّه ويُؤَدَّب ، ويعلم ويدرب ، ويُولّى عليه، ويؤخذ على يديه، ليسوا من المهاجرين والأنصار ، ولا من الذين تبوء

236 - ومن خطبة له علیه السلام في شأن الحكمين ، وذمّ أهل الشام :«جفاةٌ

طعام، عبيد أقزام جمعوا من كل أوب، وتُلقطُوا من كُلِّ ،شوب، ممّن ينبغي أن يُفَقَّه ويُؤَدَّب ، ويعلم ويدرّب، ويُولّى عليه، ويؤخذ على يديه، ليسوا من المهاجرين والأنصار ، ولا من الذين

ص: 252

الدّار. أَلّا وإنّ القومَ اختارُ وا لأنفسهم أقرب القوْم مما يكرهون، وإنما عهدكم بعبد الله بن قيس بالأمس يقول: «إنها فتنة فقطعوا أو تاركم، وشيموا سيوفكم ، فإن كان صادقاً فقد أخطأ بمسيره غير مستكره ، وإن كان كاذباً فقد ، لَزِمتهُ التهمة فادفعوا في صدر عمرو بن ، وإلى العاص يعبد الله ابن عباس، وخذوا صفاتكم[ صخرة ملساء ] تُرْمَى؟» مَهَلَ الأيام، وحوطوا قواصي الإسلام

انتهت الزيادة بحمد الله ألا ترون إلى بلادكم تُغزى،

تبوأوا الدار والإيمان . ألا وإن القوم اختاروا لأنفسهم أقرب القوم مما يُحبون ، وإنكم اخترتم لأنفسكم أقرب القوم مما تكرهون، وإنما عهدكم بعبد

الله بن قيس بالأمس يقول: «إنها فتنة فقطعوا أو تاركم وشيمُوا سيوفكم».فإن كان صادقاً فقد أخطأ بمسيره غير مستكره، وإن كان كاذباً فقد لزمته التهمة. فادفعوا في صدر عمرو بن العاص بعبد الله بن عباس، وخذوا مَهَلَ الأيام، وحوطوا قواصي الإسلام ألا ترون إلى بلادكم تُغزى

وإلى

صفاتكم تُرْمَى» . [ ص: 382]

ص: 253

هذه النسخة

وقد اعتمدت في تقويم النص وتنقيح المتن على النسخ الآتية:

نهج البلاغة : النسخة المؤرخة 4 رجب 494 ه-، بخط فضل الله بن طاهر بن

المطهر الحسيني ط / طهران سنة 1402 بتقديم حسن السعيد.

نهج البلاغة : النسخة المؤرخة 499 في مكتبة السيّد المرعشي برقم 3827.

نهج البلاغة : النسخة المؤرخة 494 م / نصيري ، قامت بنشره م چهل ستون

نهج البلاغة : النسخة المؤرخة 698 في مكتبة السيد المرعشي برقم 698.

نهج البلاغة: شرح الشيخ محمّد عبده ت / 1905م) ط بتحقيق محمد احمد

عاشور ومحمّد البنا دار مطابع الشعب القاهرة.

نهج البلاغة: تحقيق د. صبحي الصالح ، ط بيروت سنة 1387ه- = 1967م.

نهج البلاغة شرح ابن أبي الحديد ( ت /656) / بتحقيق محمّد أبو الفضل ط ابراهيم ( ت / 1401) طبعة عيسى البابي الحلبي - القاهرة، سنة 1378 ه- = 1953م. وهذا خلاصة جهد فردي في دراسة أروع أثر خالد في الأدب العربي كان منذ جمعه موضع الدراسة والتحليل من مختلف المذاهب والمشارب لما يمثله نهج البلاغة، في بلاغة اللفظ وسمو المعنى المأثور من إمام البلاغة الإمام علي علیه السلام، والمنتقى من اشعر قريش الشريف الرضي.

عسى أن تكون خطوة متواضعة في سبيل إحياء هذا التراث الخالد. إلى هنا انتهى القسم الأوّل من مسند نهج البلاغة في الدراسة حول الكتاب

والمؤلف، ويتلوه القسم الثاني في أسانيد الخطب والرسائل والحكم.

ص: 254

مُسْنَدْ

نهج البلاغة

ص: 255

ص: 256

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تمهید

اشارة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمّد الأمين خاتم النبيين

محمّد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين.

وبعد، فيقول الفقير الى الله محمّد حسين الحسيني الجلالي أحسن الله اليه وغفر لوالديه : ان هذا هو القسم الثاني من كتابي مسند نهج البلاغة يتضمّن اسانيد روايات النهج. وينبغي تمهيد مقدمات خمس في :

1 - اسلوب الرضي.

2 - هذا المسند.

3- الأسانيد العامة 4

- الأسانيد الخاصة. 4-

5 - تسلسل المحتوى.

ما هي البلاغة؟

تعتني كل امة على اختلاف قومياتها بآدابها الموروثة أباً عن جدّ، ويحافظ على

ص: 257

البليغ منها بالحفظ والدراسة والشرح فما هي البلاغة التي من اجلها تدوّن

الصحف والكتب والموسوعات؟ نقل الجاحظ ( ت / 255ه-) في تحديدها في الأمم في عصره مايلي: «خبَّرني أبو الزبير كاتب محمّد بن حسان، وحدثني محمّد بن ابان ولا أدرى كاتب مَن كان - :قالا

قيل للفارسي : ما البلاغة ؟ قال: معرفة الفصل من الوصل.

وقيل لليوناني : ما البلاغة ؟ قال : تصحيح الأقسام، واختيار الكلام وقيل للرومي : ما البلاغة ؟ قال : حسن الاقتضاب عند البداهة والغزارة

يوم الإطالة.

وقيل للهندي : ما البلاغة ؟ قال : وضوح الدلالة وانتهاز الفرصة وحسن الإشارة. وقال بعض أهل الهند: جماع البلاغة البصر بالحجة، والمعرفة بمواضع الفرصة. ثم قال: ومن البصر بالحجة والمعرفة بمواضع الفرصة، أن تدع الإفصاح بها إلى الكناية عنها ، إذا كان الإفصاح أوعر طريقة. وربما كان الإضراب عنها صفحاً أبلغ في الدرك، وأحق بالظفر.

قال: وقال مرّة: جماع البلاغة التماس حسن الموقع والمعرفة بساعات القول وقلة الخرق بما التبس من المعانى أو غمض ، وبما شرد عليك من اللفظ أو تعذّر. ثم قال : وزين ذلك كلّه وبهاؤه وحلاوته وسناوه أن تكون الشمائل موزونة والألفاظ معدّلة، واللهجة نقيّة. فإن جامع ذلك السنّ والسمت والجمال وطول الصمت، فقد تمّ كلّ التمام، وكمل كلّ الكمال » .(1)

وتطوّر تحديد البلاغة في الكلام عند المتأخرين من علماء العربية بأنها الكلام الفصيح المطابق لمقتضى الحال الداعي الى التكلّم على وجه مخصوص ، فالبلاغة

لا تكون في المفردات، بل تستلزم فصاحة المفردات.

ص: 258


1- البيان والتبيين 2: 89، ط / 1388

وكان علي بن أبي طالب علیه السلام( ت / 40 ه-) قد تربى في بيت العلم والادب والشعر وقد كان أبو طالب شاعراً ، والإمام علي ايضاً قد تخرج من مدرسة النبوة يافعاً، وساهم في ارساء الثوابت الاسلامية كهلاً وشيخاً حتى لقى ربه شهيداً ، فلا عجب ان ينحدر بليغ الكلام من لسان ممن تخرج على نبي الاسلام يافعاً، وكان نصيره على الدوام، وأصبح صوته المدوي على مدى السنين والاعوام. كما لا عجب في ان يروي عنه بنوه وشيعته الذين اعتبروا تراثه نبراساً ينير لهم الطريق في متاهات الحياة، كما لا عجب في ان يهتم بهذا البليغ من الكلام من سلالته من تربى في مدرسة الادب والشعر حتى قيل فيه: انه أشعر قريش وهو الشريف الرضي ( ت / 406 ه-).

اسلوب الرضي:

يواجه دارس نهج البلاغة فراغاً ملموساً في ناحيتين، هما:

اوّلاً : خلوه من الأسانيد للنصوص.

ثانياً : خلوّه من الخلفيّة التاريخية للنصوص المختارة، وان كان الجامع يشير

اشارات عابرة اليها احياناً.

وليس في ذلك مؤاخذة على الجامع، والعياذ بالله ؛ لأنه قد شرح منهجيته في الجمع وقد تقدم تفصيل ذلك في القسم الأول فان الرضي استهدف على التركيز على انتقاء البليغ من خطب الإمام ورسائله وحكمه، وهذا الهدف يستلزم نقاطاً ثلاث، هي: اوّلاً - اهمال الأسانيد ؛ لأنّها خارجة عن النص المروي.

وثانياً - انتقاء المرويات مبتدأ بقوله: (ومنها ، واهمال ما لم يره بليغاً لان مقتضيات الاحوال مختلفة حسب ما يتوقعه المخاطب من المتكلم، وخاصة

ص: 259

في الكلام والحديث اليومي العادي، وحالات المتكلم الشخصية من موقع

التعليم وغيره.

وثالثاً - تنظيم النصوص حسب اهميتها في البلاغة.

وكان الرضي موفّقاً في هذه النقاط الثلاث في الخطب العامة والرسائل ، لانها تعتبر دروساً يتوجه اليها النقاد من الجانبين، دون المحاورات العادية، واليك توضيح النقاط الثلاث:

اهمال الأسانيد:

والرضي - كأغلب أدباء عصره - لم يهتم بالاسانيد ؛ للتركيز على النص الذي هو موضع الدراسة الأدبية. فإن اسلوب الرضي هي نفس أسلوب الادباء العرب قبل الرضي، وهو اهمال الأسانيد كما لا يخفى لمن راجع المصادر الأدبية.

انتخاب المرويات

فان الشريف الرضي اتبع منهجاً خاصاً في جمع نهج البلاغة تبتني على الانتخاب من المأثورات عن الإمام علي علیه السلام، وصدّر كل ما انتخبه بقوله: «من خطبة له أو من كلام له» أو من كتاب له ومرجع الضمائر هو المختار لبلاغته، وحذف ما ليس كذلك فى اختياره، لذلك لا يمكن الوقوف على سند

متصل للمقطع المنتخب وان امكن الوقوف على مصادر تلك المقاطع وأول من انتبه الى اسلوب الرضي في جمع نهج البلاغة هو الشارح ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) في الخطبة 37 حيث قال بعد نقله مقطع الأصل ما نصه: «هذه فصول أربعة ، لا يمتزج بعضها ببعض، وكل كلام منها ينحو ب-ه أمير المؤمنين علیه السلام نحوا غير ما ينحوه بالآخر، وإنما الرضي رحمه الله التقطها من كلام

تمهيد / تنظيم النصو

ص: 260

لامير المؤمنين علیه السلام طويل منتشر ، قاله بعد وقعة النهروان ذكر فيه حاله منذ توفي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم(1)والى آخر وقت ، فجعل الرضي رحمه الله ما التقطه منه ما التقطه منه سردا، وصار عند السامع كأنه يقصد به مقصدا واحدا».(2) ثم شرح هذه الفصول الأربعة، فهو وان لم يصب في بعضها ولكنه أصاب الحقيقة في ان ما ذكره الرضي متصلاً ليس في الحقيقة كلاماً متصلاً، وذلك لان اهتمام الرضي انما هو بالتقاط الكلام البليغ المتخلل بين كلمات الإمام على علیه السلام

وخطبه ورسائله وكتبه.

والمقارنة بين هذه النصوص الواردة في النهج وما رواه الرواة منها كالمنقري في وقعة صفين يكشف عن شي كثير من ذلك، كما أشرت الى ذلك في موارده، ومن أجل ذلك أوردت النصوص على ما في بعضها من الطول لالقاء الضوء على هذه الحقيقة المغفول عنها غالباً.

تنظيم النصوص:

يظهر ان الرضي حاول تربيع كتابه على الخطب لانها عامة، ثم الكلام لانها الجماعة خاصة ، ثم الرسائل ، ثم الحكم. حيث انه ذكر طائفة كثيرة من الخطب أولاً ثم الكلام ، كما يظهر انه عدل عن ذلك وربما لاختلاف البليغ من الكلام لا يفرق فيه بين ان يكون من الخطب أو الكلام وان كان الغالب في الخطب ان تكون مصحوبة بالبلاغة لانها تلقى على الملأ العام دون المحاورات الشخصية، وقد نبه على ذلك بقوله : « يجري مجرى الخطبة ».

وقد جاء في طبعة نهج البلاغة بشرح محمّد عبده (ت / 1323 ه- ) انّ الكتاب ه-

ص: 261


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 :284
2- شرح نهج البلاغة 2: 285 ، ط / 1378 ه-.

في اربعة اجزاء الأول - الخطب الى الرقم 121

الثاني - الكلام ، الى الرقم 328.

الثالث - الكتب والرسائل والعهود والوصايا ( 239 - 317).

الرابع - الحكم والمواعظ واجوبة المسائل والكلام القصير ( 1 - 474). (1)وهذا التنظيم ترتيب طبيعي موفّق ، فان طبيعة الكلام والحديث في موضوع يترسل من دون استعداد مسبق في الكلام العادي، وطبيعة الخطبة التهيؤ لها غالباً للمناسبة الداعية اليها من عامل الزمن كالجمعة والعيد أو الحدث كالاستسقاء من أجل الجدب، وكذلك الكتب والحكم، واختلاف اسبابها وازمانها تؤثر في استفادة المعلومات منها ، ولو علمنا الاسباب والازمان فيها جميعاً لفتح ذلك لنا مجالاً واسعاً للعلم والمعرفة، ولكن ذلك لم يحصل الا في قليل منها.

والمهم انها جميعاً تنبع من فكر الانسان القائل لها، فمن الطبيعي أيضاً ان تتكرر الفكرة في كل منها حينما تدعوا الحاجة، فتكرر مقاطع منها في الخطب والكلام والرسائل والحكم كما هو الحال في مختلف الروايات.

وطبيعة الخطب : هي الاعلان العام للجمهور من المسلمين، وتكشف الخطبة عن سياسة الإمام المفتوحة حيث تتمكن المعارضة من إبداء رأيها بالنقد بكل حرّية، كما يكشف عن وعي الإمام بان هذه السياسة المفتوحة افضل من سياسة قمع الحريات، حيث يؤدي الى العمل السري ، وبالنتيجة لا يمكن للرأي العام ابداء النظر في موقف الجانبين.

كما وانه يكشف عن حقيقة المعارض وانه يؤاخذ بدوافع المعارضة فقط .

ص: 262


1- راجع نهج البلاغة ؛ شرح محمّد عبده ، ط / الأعلمي - سنة 1413ه-.

ولو كان موالياً لسأل بأدب عن السبب لا كالامر المعلن للمعارضة كما في عبارة

هذه عليك لالك بدل السؤال : ماذا يقال فيمن يعترض بكذا؟ مثلاً. وطبيعة الرسائل ان تكون وثائق يرجع اليها للاحتجاج، وطبيعي ان تكون العناية بها اكثر مما في المحاورات العادية، وقد تتكرر وتكثر للاعلان عن المبادي العامة.

وطبيعة الحٍكَم التركيز على الاهداف للحفظ ، وابداء رؤوس اقلام لمن اراد

الاهتداء بها في الحياة. فهذا الترتيب الذي اختاره الرضي لنهج البلاغة ترتيب طبيعي مقبول ومعقول.

نقض الاسلوب

اشارة

ولكن الرضى قد نقض الاسلوب الذي اختاره في بعض الجوانب، هي:

اولاً - التكرار في الخطب

فان الخطبتين (33) و (104) روايتان لخطبة واحدة، كما صرح الرضي في الاخيرة في ذكر سبب التكرار بقوله : « وقد تقدَّم مختار هذه الخطبة؛ إلّا أنني وجدتها في هذه الرواية على خلاف ما سبق من زيادة ونقصان ؛ فأوجبت الحال

إثباتها ثانية.

وهو رحمه الله يشير الى الخطبة (33) ، ولاندري لماذا أخّر الرضي رحمه الله هذه الرواية الى هذا الموضع ، وكان من الاجدر ان يعقب الخطبة (33) مباشرة

بهذه الرواية.

مع ان هذا لا ينحصر في هاتين الخطبتين.

واليك مقارنة بين الخطبتين (33) و (104)

ص: 263

[33] ومن خطبة له علیه السلام عند خروجه لقتال

أهل البصرة: قال: عبد الله بن العباس : دخلت على أمير المؤمنين علیه السلام بذي قار وهو يخصف نعله فقال : لي : ما قيمة هذا النعل ؟ فقلت : لاقيمة لها، فقال علیه السلام: والله لَهِيَ أحبُّ إليَّ من إمْرَتكم ، إلا أن أقيم حقاً ، أو أدفع باطلا، ثم ُ، خرج فخطب الناس، فقال : إنَّ اللهَ سُبْحانَهُبَعَثَ مُحمَّداً صلی الله علیه و آله وسلم ولَيْسَ أَحَدٌ مَنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ

: كِتاباً، وَلاَ يَدَّعِي نُبُوَّةٌ، فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بوأهم محلتهُمْ، وَبَلْغَهُمْ مَنْجاتهُمْ، فَاسْتَقامَتْ

قَناتُهُمْ، واطمانتْ صَفَاتُهُمْ.

أما واللهِ إنْ كُنْتُ لَفِي ساقتِها حَتَّى تَوَلَّتْ بَحْذَا

فيرها، ما عَجَزْتُ وَلَا جَبْتُ ، وَإِنَّ مَسِيري

، هَذَا لِمِثْلِها فَلانْقِينَّ الْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْحَقِّ

مِنْ جَنْبِه.

مالِي وَلَقُرَيْش ! وَاللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ و ولأقاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ، وإنّي لَصَاحِبُهُمْ بالأمس ، كَمَا أَنا صَاحِبُهُمُ الْيَوْمَ وَاللهِ مَا تَنْقِمُ مناً قريش إلا أَنَّ اللهَ اخْتارَنَا عَلَيْهِمْ،

: فَادْ خَلْناهُمْ في حَيْزناً ، فَكَانُوا كَماً قال الأول:

أدَمْتَ لَعَمْرِي شَرْبَك المخض صابحاً

وأكلك بِالرِّيدِ المُعَشَرَةَ الْبُجْرَا

ونَحْنُ وَهَبْنَاكَ الْعَلاءَ وَلم تَكُنْ

عَلِيّاً وحُطنا حَوْلَك الْجُرْدَ وَالسُّمْرَا

و من خطبة له : وقد تقدم مختارها بخلاف

هذه الرواية : أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعالى بَعَثَ محمداً صلی الله علیه و آله وسلم، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً.وَلَا يَدَّعِي نُبُوَّةٌ وَلَا وَحْياً ، فَقَاتَلَ بِمَنْ أَطَاعَهُ

مَنْ عَصَاهُ؛ يَسُوقُهُمْ إِلَى مَنْجَاتِهِمْ ، وَيُبَادِرُ بهِمُ السَّاعَةَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ يَحْسِرُ الحَسِير وَيَقِفُ الْكَسِيرُ : فَيُقِيمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُلحِقَهُ

غَايَتَهُ إِلَّا هَالِكاً لاَ خَيْرَ فيهِ، حَتَّى أَرَاهُمْ مَنْجَاتَهُمْ، وَبَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ، فَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمْ، وَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ، وَايْمُ اللهِ لَقَدْ كُنتُ مِنْ سَاقَتِهَا حَتَّى تَوَلَّتْ بِعَذَافِيرِهَا ، وَاسْتَوْسَقَتْ في قِيَادِهَا : مَا ضَعُفْتُ وَلَا جَبْتُ، وَلَا خُنْتُ وَلَا وَهَنْتُ ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَأَبْقُرَنَّ الْبَاطِل حَتَّى أُخْرِجَ الْحَقُّ مِنْ خَاصِرَتِهِ !

قال الرضي رحمه الله تعالى :

قد تقدَّم مختار هذه الخطبة؛ إلّا أنني وجدتها في هذه الرواية على خلاف ما سبق من زيادة ونقصان ؛ فأوجبت الحال إثباتها ثانية.

ص: 264

ثانياً - التكرار في الكتب

التكرار في الخطبة (149) والكتاب (23) قال الشريف في آخر الكتاب ما نصه : اقول و قد مضى بعض هذا الكلام فيما تقدم من الخطب ، إلا ان فيه هاهنا زيادة او جبت تكريره ولاندري لماذا لم يعقب هذه الرواية بعد الخطبة مباشرة، مع أن الأجدر ان

يكونا معاً في موضع واحد اما في الخطب أو في الكتب.

مقارنة الكتاب (33) مع الخطبة (149):

[الكتاب 23]

ومن كلام له قبل موته وم عَلى سَبِيلِ

الوَصِيَّة لَمّا ضَرَبَهُ ابْنُ مُلجَم لَعَنَهُ اللهُ وَصِيُّي لَكُمْ: أَنْ لا تُشْرِكُوا بِالله شَيْئاً.

وَمُحَمَّدٌ ، فَلا تُضَيْعُوا سُنَّتَهُ، أَقِيمُوا هَذَيْنِ العَمُودَيْنِ، وَأَوْقِدُوا هَذَيْنِ المِصْبَاحَيْنِ.

وَخَلاكُمْ ذَمُّ أنا بالأمس صاحِبُكُمْ، وَاليَوْمَ عِيرَةٌ لكم،

وغداً مُفارِقُكُمْ، إِنْ أَيْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي، وَإِنْ أفنَ فَالفناء ميعادِي، وَإِنْ أَعْفُ فَالعَلو لي

قُرْبَةٌ، وَهُوَ لَكُمْ حَسَنَةٌ، فَاعْفُوا ( أَلَا تُحِبُّونَ

أَن يَغْفِرَ الله لَكُمْ ؟ وَالله ما فَجَأَنِي مِنَ الْمَوْتِ وارِدُ كَرِهْتُهُ وَلا طَالِحٌ أَنْكَرْتُهُ، وَمَا كُنْتُ إِلَّا كَفَارِبٍوَرَدَ، وَطَالِبٍ وَجَدَ وَما عِنْدَ الله خَيْرٌ

لأبرار ) (انتهى)

[ الكلام 149]

ن كلام لَهُ * قَالَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أيُّها النَّاسُ كل أخرى لاقِ مَا يَفِرُّ مِنْهُ في قِرَارِه والأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْس ، والْهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُه كَمْ أطْرَدْتُ الأَيَّامَ أَبْحَتُها عَنْ مَكْتُونِ هذَا الأَمْرِ ، فَأَبَى الله

إلَّا إخْفَاءَهُ. هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ.

أَمَّا وَصِيَّتي : فالله لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، ومُحَمَّد صلى الله عَليْهِ وآلِهِ فَلا تُضَيَّعُوا سُنته، أقيمُوا هَذَيْنِ العُمُودَيْنِ

وأوْقِدُوا هَدَيْنِ المِصْباحينِ ، وخَلاكُمْ ذَمُّ مَا لَمْ تَشْرُدُوا .

حُمَّل كلُّ أَمْرِي مِنْكُمْ مَجْهُودَهُ، وخَفت عنِ الجَهْلةِ. رَبِّ رَحِيم، ودين قويم ، وإمَام عَليمٌ. أنا بِالأمْسِ صَاحِبُكُمْ، وأنا الْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ، وغداً

مُفَارِقُكُمْ، غَفَرَ اللهُ لِي ولَكُمْ!

إنْ ثَبَتَتِ الْوَطأة في هذهِ المَزَلة فَذَاكَ، وإنْ تَدْخضِ القدم فإنَّا كُنَّا في أَفْيَاءِ أَغْصَانٍ، وَمَهَبُ رِيَاحٍ، وَتَحْتَ

ظلٍّ غَمَامِ إضْتَحَلَّ في الجو مُلفتها ، وعَنا فِي الْأَرْضِ

مَخَطها، وإنَّما كُنتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً، وسَتَقِبُونَ مِنِّي جُنةٌ خَلاء، ساكِنَةٌ بَعْدَ حَرَاكٍ، وَصَامِنَةٌ بَعْدَ تُطوقٍ.لمعظكُمْ هُدوي وخُفُوتُ إِطْرَاقِي، وسُكُون أَطرَاقِي. فإِنَّهُ أوْعَظُ لِلمُعتبِرِينَ منَ المَنْطِقِ البليغ والقَوْل الْمَسْمُوع ودَاعِيكُمْ وَدَاعُ امْرِى:

مُرْصِدٍ لِلخلافِي غَداً

تَرَوْنَ أَيَّامِي، ويُكْشَفُ لَكُمْ عَنْ سَرَائِرِي، وَتَعْرِفُونَتي

بَعْدَ خُلُو مكاني وقِيَام غيري مقامي (انتهى)

ص: 265

ثالثاً - التكرار في الحكم

وذلك في مواضع ، منها : الحكمتان (23) و (389)، قال الرضي ما نصّه:

فقد تكررت الحكمة، وفي الروية الأخرى حكمة زائدة، وكان ينبغي ان

يرقمها ترقيماً مستقلاً.

[الحكمة 23]

وقال : عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ أبْطَاً بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ حَسَبُهُ

ومنها الحکمتان (91) و (197) ، والنص فيهما ،واحد ، ولافرق بينهما سوى الأفراد والجمع في كلمتي (الحكمة) و (الحكم ، وكان الأجدر الاكتفاء باحدهما

والاشارة الى الاخرى.

[الحكمة 91]

وقال : عَلَيْهِ السَّلام:

إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَمَل كَما تَمَل

الأَبْدانُ، فَابْتَغُوا لَها طَرائِفَ الْحِكْمَةِ.

[ الحكمة 389]

وقال : عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ أبْطَاً بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبه

وفي رواية أخرى من فاته حسب

نفسه لم ينفعه حسب آياته.

[الحكمة 197]

وقال : عَلَيْهِ السَّلام:

إِنَّ هَذِهِ القُلُوبَ تَمَل كَما تَمَل الأَبْدانُ فَابْتَغُوا لَها طَرائِفَ الْحِكْمَةِ.

تمهيد / نقض الاسلوب

ص: 266

ومنها الحكمة (198) المستقاة من الكلام رقم ( 40 ) ونصهما (40)

الحكمة 198]

وقال علیه السلام لما سمع قول :الخوارج

لا حكم إلا الله» :

كلمة حق يراد بها باطل.

[ الكلام 40]

ومن كلام له علیه السلام في الخوارج لم-ا سمع قولهم: «لا حكم إلا لله» قال : كَلِمَةُ حَقٌّ يُرَادُ بها باطل. نَعَمْ، إِنَّهُ لحكم إلا لِلّهِ ، وَلَكِنَّ هَوْلا يَقُولُونَ : لا إمرة. وإنّه لابد للنَّاسِ مِنْ أمِيرٍ بَر أو فأَجِرٍ، يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِن، ويَسْتَمْتع فيها الكافِرِ، ويُبلغ الله فيها الأجل، ويُجْمَعُ بِهِ الْفَيْء، ويُقاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ وتَأْمَنُ بِهِ السّبُل ، ويُؤخَذُ بِهِ لِلضَّعِيف مِنَ الْقَوِيّ، حَتَّى يَسْتَرِيحَ

بَر، ويُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ.

وفي رواية أخرى أنه لما سمع

تحكيمهم قال :

حكم الله أَنتظرُ فِيكُمْ.

وقال :

أمّا الإمْرَةُ البَرَّةُ فَيَعْمَلُ فِيها التَّقِيُّ ،

وأمّا الإمْرَةُ الْفاجِرَةُ فَيَتَمَتَّعُ فِيها

الشَّقِيُّ ، إلى أَنْ تَنْقَطِعَ مُدْتُه ،

وتُدْرِكَهُ مَنيه

ومنها الحكمتان (348) و (477)، حيث لا فرق بينهما سوى كلمتي « استهان »

و استخف ، فهما روايتان لحكمة واحدة.

ص: 267

[الحكمة 348]

وَقَالَ: عَلَيْهِ السَّلام:

أشَدُّ الذُّنُوبِ ما اسْتَهانَ بِهِ صاحِبُهُ.

[ الحكمة 477]

وقال : عَلَيْهِ السَّلام:

أشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صاحِبُهُ .

وأخيراً - الحكم الطويلة

منها : الحكمة رقم (131) و (147) و (155) و (252) فان الأجدر ان تذكر في القسم الأول من الخطب والكلام دون القسم الثاني من الحكم؛ فان منها ما ليس بقصير وإلحاقها بالخطب الجدير ، كالحكمة رقم (31) في الايمان وأقسامه وكأن الرضي رحمه الله اعتبر كل فصل منه حكمة ، ولو كان كذلك لكانت فصول كل خطبة له ولرسائله علیه السلام حكم ، والله أعلم.

غريب الكلام

ومن الغريب ان الرضي الله أقحم فصلاً من غريب كلامه علیه السلام له بين الحكم، وهو باب رابع ، وكان الأجدر ان يعقد له بابا خاصاً في آخر الكتاب، مع ان الباب لا ينضمن اكثر من مواد تسع تفتقر الى الاستدراك. وما أكثر الغريب من مفردات كلامه علیه السلام الذي يقتضي شرحاً وتفسيراً، مما يظهر انه رحمه الله حين وصوله الى هذا الموضع وقف على كتاب الغريب ؛ لابي عبيدة القاسم بن سلام الهروي ( ت / 224ه-) فعقد المصنف عزمه على اقحام هذا الباب، والله اعلم بالصواب

ص: 268

مصادر النهج

لا يمكن للباحث المنصف ان يقف على مصادر النهج متأكداً بان الرضي استخدمها في جمعه سوى ما أشار اليه في الكتاب، وهي سبعة كتب بعناوينها وأسماء مؤلفيها. واما غيرها من المصادر المؤلفة وغيرها مما أُلّف قبل تاريخ جمع الرضي النهج في سنة 400 ه-، فتبقى في دائرة الاحتمال والظن دون اليقين والعلم، وقد حظيت بعضها بالسلامة من أتون الحروب والاهمال في عصور الظلام من التاريخ الاسلامي العام.

والمتيّسر من المراجع في عصرنا الحاضر على طائفتين :

الأولى : ما لا يهتم فيها بالاسناد، وهو الشأن في الكتب التاريخية والأدبية. الثانية: ما يشار فيها الى الأسانيد، وهي كتب الحديث.

ويبدو ان الشريف الرضي استخدم الطائفتين في تأليف نهج البلاغة، وعليه لا يحق تسمية شئ مما ذكر في هذا المسند بعنوان المصدر، سوى ما أشار اليه الرضي صريحاً ، ونذكرها هنا حسب عناوينها التي ذكرها ، مع المقارنة ان كانت

متيسرة في عصرنا، وهي:

1 - البيان والتبيين؛ للجاحظ.

ص: 269

2 - تاريخ الطبري

3 - الجمل ؛ للواقدي.

4 - المغازي؛ السعيد بن يحيى الأموي.

5 -المقامات؛ لأبي جعفر الاسكافي -

6 - المجازات النبوية ؛ للجامع.

7 - المقتضب ؛ للمبرد.

المصدر الاول

البيان والتبيين؛ لابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ

(105 - 255ه-)

واورد الشريف الرضى ( ت / 404 ه-) الخطبة رقم (32) ثم قال: «وهذه الْخُطبَةُ رُبَّما نسبها من لا عِلْمَ له إلى معاوية، وهي من كلام أمير المؤمنين علیه السلام الَّذِي لا يُشك فيه. وأين الذهب من الرَّغام والعذبُ من الأجاج ! وقد دَلَّ على ذلك الدَّليلُ

! الخِرّيت، ونقده النّاقِدُ البَصْيرُ عَمْرُو بن بحر الجاحظ، فإنه ذكر هذه الخطبة في كتاب البيان والتبيين » (1)وذكرَ من نَسَبها إلى مُعاوية. ثمَّ [ تكلّم من بعدها بكلام في معناها،

ص: 270


1- البيان والتبيين :2: 6159 ، عن شعيب بن صفوان وقال: وزاد فيها البقطري وغيره وقال لما حضرت معاوية الوفاة :قال لمولى له من بالباب؟ قال: نفر من قريش يتباشرون بموتك، فقال: ويحك ولم؟ قال: لا أدرى ، قال : فوالله ما لهم بعدى إلا الذي يسوءهم، وأذن للناس، فدخلوا » ثم أورد الخطبة بروايته، وقال: في آخرها: « وفي هذه الخطبة أبقاك الله ضروب من العجب، منها: أن الكلام لا يشبه السبب الذي من أجلهم دعاهم معاوية. ومنها: أن هذا المذهب في تصنيف الناس، وفي الإخبار عماهم عليه من القهر والإذلال، ومن النقية والخوف أشبه بكلام علي رضي الله عنه الله ومعانيه وحاله منه بحال ،معاوية، ومنها: أنا لم نجد معاوية في حال من الحالات يسلك في كلامه

جملته أنه قال : وهذا الكلام (1) بكلام علىّ علیه السلام أشبه ، وبمذهبه في تصنيف الناس وفي ] الاخبار (2) عمّا هم عليه من القهر والاذلال ومن التقية والخوف أليق ، قال : ومتى وجدنا معاوية حال من الأحوال يسلك في كلامه مسلك الزهّاد ومذهب(3) العُبّاد.

مفاد التعليق

اشارة

ومن التعليق الأخير للرضي يظهر انه لم يعتمد على كتاب التبيين والبيان كمصدر ، بل على نقد الجاحظ فقط، وان مصدر الرضي في ايراد الخطبه كتاباً

آخر لم يذكره.

واليك مقارنة الخطبة رقم 32 بما اورده الجاحظ في البيان والتبيين.

مسلك الزهاد، ويذهب مذاهب العباد، وإنما نكتب لكم ونخبر بما سمعناه، والله أعلم بأصحاب

الأخبار، وبكثير منهم .

ص: 271


1- كذا في بوط، وفي ص وأ: ثم قال : هي بكلام عليّ أشبه
2- في د: وبالاخبار.
3- في أوب وط ودوه. ص : ومذاهب.

[نسخة الرضي ]

أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا فِي دَهْرٍ عَنُود، وزَمَنٍ شَدِيدٍ، يُعَدُّ فِيهِ الْمُحْسِنُ مُسِيئاً. ويَزْدَادُ الظالم فِيهِ عُتُواً، لا نَنْتَفَعُ بِما ، وَلَا نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا، وَلا تَتَخَوَّفُ قارِعَةً حَتَّى تَحُلَّ بِنا والنَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ

أَصْنافِ : م مِنْهُمْ: مَنْ لا يَمْنَعُهُ الْفَساد في الأرض إلا مَهانَةٌ نَفْسِهِ، وَكَلالَةٌ حَدِّهِ،

ونَضِيضُ وَفْرِه. ومِنْهُم: الْمُصْلِتُ بِسَيْفِهِ، الْمُعْلِنُ بِسره، والمجْلِبُ بِخَيْلِهِ ورَجِلِهِ، قَدْ أَشْترط نَفْسَهُ وأَوْبَقَ دِينَهُ لِحُطام يَنْتَهِرُهُ، أو مِقْتَبٍ يَقُودُهُ، أَو مِنْبَرٍ يَفْرَعُه وَلَبِشسَ المتجرُ أَنْ تَرَى الدُّنْيا لِنَفْسِك ثَمَناً ، ومَمَّا لك عِنْدَ اللهِ عرَضاً . ومِنْهُمْ : مَنْ يَطلُبُ الدُّنْيا بِعَمَلِ الآخِرَةِ، ولا يَطلُبُ الآخِرَةَ بَعَمَلِ الدُّنْيَا، قَدْ طَامَنَ َ مِنْ شَخْصِهِ، وقارَبَ مِنْ خَطْوِهِ، وشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ، وزَخْرَفٌ مِنْ نَفْسِهِ لِلأمانة. وَاتَّخَذَ سِتْرَ اللهِ ذَرِيعَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ.

[نسخة الجاحظ ]

أَيُّها النّاسُ ، إِنَّا قَدْ أَصْبَحْنا في دَهْرٍ عَنُود، وزَمَنٍ سديدٍ، يُعَدُّ فِيهِ الْمُحْسِنُ مُسِيئاً،ويَزْدَادُ فيه الظالم عُتُواً، لا تنتفع بما عَلِمْناً

عَلِمْناهُ، وَلَا نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْناهُ، عَلِمْناهُ، وَلَا نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْناهُ، وَلا نَتَخَوَّفُ قارِعَةً حَتَّى تَحْلَّ بِنا، فالنَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ :

مِنْهُمْ: مَنْ لا يَمْنَعُهُ الْفَسَادَ في الأَرضِ ونَضِيضُ وَفْرِه.

ومِنْهُم : الْمُصْلِتُ بِسَيْفِهِ، وَالْمُعْلِنُ بِسرِّهِ، والمجْلِبُ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ ، قَدْ أَشْرَط لنفسه وأَوْبَقَ دِينَهُ لِحُطامٍ يَنْتَهِرُهُ، أو مِقْنَبٍ يَقُودُه أَو مِنْبَرٍ يَفْرَعُه وَلَبِسَ الْمَجَرُ أَنْ تَرَى الدُّنْيا لِنَفْسِك ثَمَناً ، ومَمّا

لَكَ عِنْدَ اللهِ عِوَضاً .

ومِنْهُمْ: مَنْ يَطْلُبُ الدُّنْيا بِعَمَلِ الآخِرَةِ، ولا يَطلُبُ الآخِرَةَ بَعَمَلِ الدُّنْيَا، قَدْ طَامَنَ مِنْ شَخْصِهِ، وقارَبَ مِنْ خَطوِهِ، وشَمَّر مِنْ ثَوْبِهِ، وَزَخْرُفَ نَفْسه للأمانةِ، وَاتَّخَذَ سِتْرَ اللهِ ذَريعَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ.

ص: 272

[نسخة الرضي]

ومِنْهُمْ: مَنْ أبْعَدَهُ عَنْ طَلب المُلك فَقَصَرَتْهُ ضئولَة نَفْسِهِ، وانْقِطاع من سَبَبِهِ. الْحَالُ عَلَى حالِهِ، فَتَحَلّى بِاسْمِ الْقَناعَةِ ، وتَزَيَّنَ بِلباسِ أهْلِ الزَّهادَةِ، وَلَيْسَ مِنْ في مَرَاحٍ ولا مَغْدًى. مِنْ ذَلِكَ وبَقِيَ رِجالٌ غَضٌ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِع وأَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ المَحْشَر ، فَهُمْ بَيْنَ شَرَيدٍ ناد، وخايف منقمع وساكِتٍ مَكْعُومٍ، وَدَاعٍ مُخْلِص ، وتَكَلانَ مُوجَع، مُوجَع، قَدْ أَخْمَلَتْهُمْ التَّقِيَّة، وشَمَلَتْهُم في بَحْرٍ أجاج، أفْواهُهُمْ ضَامِرَةَ وقُلُوبُهُمْ الذَّلَّةٌ، فَهُمْ فَرِحَة قَدْ وَعَظُوا حَتَّى مَلوا، وتُهرُوا حتى ملوا، وتُهرُوا حَتَّى ذلوا، وقُتِلُوا

حَتّى قَلُوا. فَلْتَكنِ الدُّنْيا في أَعْيُتِكُمْ أَصْغَرَ مِنْ حُالَةِ القَرَةِ، وقُرَاضَةِ الْجَلَمين، وَاتَّعِظُوا بِمَنْ ْ كانَ قَبْلَكُم، قَبْلَ أَنْ يَتَّعِظُ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، فَارْقُضُوها ذَمِيمةً، فَإِنَّها قَدْ رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِهَا مِنْكُم.

[نسخة الجاحظ ]

ومِنْهُمْ: مَنْ أقعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمُلْك ضلُّولَة نَفْسِهِ، وَانْقِطَاعُ سَبَبِهِ، فَقَصَرَتْ به الْحَالُ عَن أمَلِهِ ، فَتَحَلّى بِاسْمِ الْقَناعَةِ، وتَزَيَّنَ بِلِياسِ الزَّهادَةِ، وَلَيْسَ من ذلِك في مَرَاحٍ ولا مَغْدًى.وبَقِي رِجالٌ غَضَ أَبْصارَهُمْ ذِكْرُ المَرْجع وأَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ المَحْشَر ، فَهُمْ بَيْنَ شَريدٍ ،ناه، وخايف مَقْمُوع، وساكت مَكْفُومٍ ، وَداع مُخْلِص ، وموجع تَكْلاَنَ قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِيَّة، وشَمَلَتْهُمُ الذُّلَّةُ، فَهُمْ

فِي بَحْرٍ أجاج، أَفْواهُهُمْ ضامِزَةً وقُلُوبُهُمْ فَرِحَة قَدْ وَعَظُوا حَتَّى ذَلُوا . وقُتِلُوا حَتَّى قَلُوا.

فَلْتَكْنِ الدُّنْيا فِي أَعْيُكُمْ أَصْغَرَ مِنْ حُثالة القَرَظِ، وقُرَاضَةِ الْجَلَم. وَاتَّعِظُوا بِمَنْ كانَ قَبْلَكُم، قَبْلَ أَنْ يَتَّعِظُ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَارْفُضُوا نَمِيمةً، فَإِنَّها قَد

رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِها مِنْكُم.

قال العرشي في التخريج ما نصه: وقد ذكرناها في بداية المقال عند ذكر

1، ص ی 172 وابن قتيبة

مصادر الكتاب، ورواها الجاحظ في البيان والتبيين ،ج

ص: 273

في عيون الاخبار، ج 2، ص 237 وابن عبد ربه في العقد الفريد ج 2، ص172 ورواها الباقلاني في اعجاز القرآن، ج 1، ص 197 عن شعيب بن صفوان،

عن معاوية رض».

ص ، ج 1،

وقال حفظه الله في المقدمة : « والخطبة موجودة في البيان والتبيين، 172. مع نقد الجاحظ كما أشار اليه جامع نهج البلاغة ، والجاحظ شخصية

شهيرة في الادب العربي، واسمه ابو عثمان عمرو بن بحر المعتزلي، وتوفي في

شهر محرم

255ه-(1)

لخص عمر كحالة في معجم المؤلفين ترجمة الجاحظ بقوله : «عمرو الجاحظ ( 150 - 255 ه- = 767 - 869م) ، عمرو بن بحر بن محبوب الكناني، البصري، المعتزلي، المعروف بالجاحظ، أبو عثمان عالم اديب، مشارك في انواع من العلوم. ولد بالبصرة)، وسمع من أبي عبيدة والاصمعي وأبي زيد الانصاري واخذ النحو عن الاخفش أبي الحسن واخذ الكلام عن النظام، وتلقف الفصاحة من العرب شفاها بالمربد وتنسب إليه الفرقة الجاحظية واقام مدة ببغداد من

تصانيفه الكثيرة : الحيوان في سبعة اجزاء، البيان والتبيين، الطبائع النبي

والمتنبئ ، وسلوة الحريف بمناظرة الربيع والخريف (2) واليك نص كلام الجاحظ، قال ما لفظه : خطبة لمعاوية بن أبي سفيان رحمه الله ، رواها شعيب بن صفوان وزاد فيها البقطري وغيره، قالوا: لما حضرته الوفاة قال

المولى له من بالباب؟ قال: نفر من قريش يتباشرون بموتك ! فقال : ويحك ، ولم ؟

ص: 274


1- استناد نهج البلاغة : 14 ، ط/1957م
2- معجم الأدباء . وفي وفيات الاعيان : توفي سنة 255 . د وقد نيف على التسعين . وفي مروج الذهب : توفي 255 ه- وقيل : 256ه-. وفي تذكرة الحفاظ : توفي 250مد . معجم المؤلفين ؛ العمر كحالة 7:8

:قال : لا أدري قال فو الله ما لهم بعدي إلّا الذي يسوؤهم، وأذن للناس فدخلوا، فحمد الله وأثنى عليه وأوجز ، ثم قال : أيها الناس إنا قد أصبحنا في دهر عنود وزمن شديد، يعدّ فيه المحسن مسيئا ، ويزداد الظالم فيه عنوا، ولا نتفع بما علمناه، ولا نسأل عما جهلناه ، ولا نتخوف قارعة حتى تحلّ بنا، فالناس على أربعة أصناف:

منهم من لا يمنعه من الفساد في الارض إلا مهانة نفسه، وكلال حده

ونضيض وفره.

:

ومنهم المصلت لسيفه والمجلب بخيله ورجله، والمعلن بسره، قد أشرط لذلك نفسه، وأوبق دينه لحطام ينتهزه، أو مقنب يقوده، أو منبر يفرعه، ولبشس المتجر أن تراها لنفسك ثمنا، ومما لك عند الله عوضا.

ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة، ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا، قد طامن من شخصه، وقارب من خطوه وشمّر من ثوبه ، وزخرف نفسه للامانة، واتخذ

ستر الله ذريعة إلى المعصية.

ومنهم من

الحال

أقعده عن

الملك ضؤولة نفسه، وانقطاع من سببه، فقصرت به عن أمله فتحلى باسم القناعة وتزين بلباس الزهاد، وليس من ذلك في

مراح ولا مغدى

وبقي رجال غض أبصارهم ذكر المرجع ، وأراق دموعهم خوف المحشر، فهم

تكلان

بین شرید ،ناد وخائف منقمع ، وساكت مكعوم، وداع مخلص ، وموجع ث- قد أخملتهم التقية، وشملتهم الذلة، في بحر أجاج، أفواههم ضامرة، وقلوبهم قرحة، قد وعظوا حتى ملوا، وقهروا حتى ذلوا، وقتلوا حتى قلوا. فلتكن الدنيا في عيونكم أقل من حثالة القرظ ، وقراضة الجلمين، واتعظوا بمن كان قبلكم، قبل أن يتعظ بكم من بعدكم، فارفضوها ذميمة، فإنها قد رفضت من كان أشغف بها منكم.

ص: 275

وفي هذه الخطبة - أبقاك الله - ضروب من العجب

منها : أن الكلام لا يشبه السبب الذي من أجله دعاهم معاوية.

ومنها أن هذا المذهب في تصنيف الناس ، وفي الاخبار عمّا هم عليه من القهر

والاذلال، ومن التقية والخوف ، أشبه بكلام علي علیه السلام ومعانيه وحاله ، منه بحال معاوية. ومنها : أنا لم نجد معاوية في حال من الحالات يسلك في كلامه مسلك الزهاد،

(1)

ولا يذهب مذاهب العباد. وإنما نكتب لكم ونخبر بما سمعناه، والله أعلم بأصحاب الاخبار وبكثير منهم. والمؤاخذات الثلاث التي أوردها الجاحظ ( ت / 255ه-) كلّها واردة ، ونقل الجاحظ في باب الخطب للامام علي خطباً ، كما يكشف عن ذلك مصادرها في هذا المسند أطراف للخطب بالارقام (16) - 27 - 28 - (29)، واليك نص ما ذكره الجاحظ من الخطب وقارنها بما في المسند.

الخطبة الأولى فى البيان والتبيين ]

قال الجاحظ : خطبة لعلي علیه السلام، قال أبو عبيدة معمر بن المثنى أوّل خطبة

خطبها علىّ علیه السلام انه قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه علیه السلام: أما بعد ، فلا يرعين مرع إلا على نفسه. فإن من أرعى على غير نفسه شغل عن الجنة والنار أمامه. ساع مجتهد ينجو ، وطالب يرجو، ومقصر في النار، ثلاثة . واثنان : ملك طار بجناحيه، ونبي أخذ الله بيده لا سادس. هلك من ادعى وردى من اقتحم.

ص: 276


1- البيان والتبيين :2 59 - 61 ، ط / 1388 ه- إعجاز القرآن ؛ للباقلاني : 149147 ، وقمع الرجل في بيته وانقمع دخله مستخفيا ، وحثالة القرظ : نفايته ، ومنه قول معاوية في خطبته : فأنا في مثل حثالة القرظ. يعني الزمان وأهله ، والقراضة : ما سقط بالقرض وقراضات الثوب : الفضالة التي يقطعها الخياط وينفيها الجلم والجلم : المقص ، وعقب الرضى على هذه الخطبة بقوله : إنها من كلام على علیه السلام الذي لا يشك فيه ، وانظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 17

فإنّ اليمين والشمال مضلة ، والوسطى الجادة، منهج عليه باقي الكتاب والسنة، وآثار النبوة. إن الله داوى هذه الامة بدواءين : السوط والسيف فلا هوادة عند الإمام فيهما. استتروا ببيوتكم، وأصلحوا فيما بينكم، والتوبة من ورائكم. من أبدى صفحته للحق هلك. قد كانت لكم أمور ملتم علي فيها ميلة لم تكونوا عندي فيها بمحمودين ولا مصيبين، أما إني لو أشاء لقلت: عفا الله عما سلف. سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب همته بطنه، ياويحه ، لو قص جناحاه، وقطع رأسه لكان خير له ! انظروا فإن أنكرتم فأنكروا ، وإن عرفتم فآزروا حق وباطل، ولكل أهل ولئن أمر الباطل لقديما فعل، ولئن قل الحق لربما ولعل وقلما أدبر شي

. فأقبل . ولئن رجعت إليكم أموركم إنكم لسعداء ، وإني لأخشى أن تكونوا في فترة، وما علينا إلا الاجتهاد (1)

الخطبة الثانية في البيان والتبيين ]

قال : ومن خطب علي أيضاً رضی الله عنه؛ قالوا أغار سفيان بن عوف الازدي ثم

الغامدي على الأنبار، زمان علي بن أبي طالب ، وعليها حسان - أو ابن حسان البكري فقتله وأزال تلك الخيل عن مسالحها ، فخرج علي بن أبي طالب حتى

جلس على باب السدة فحمد الله واثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال : أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فمن تركه رغبة عنه البسه الله ثوب الذل وشمله البلاء. ولزمه الصغار ، وسيم الخسف (2)، ومنع النصف. ألا وإني قد

(3)

ص: 277


1- البيان والتبيين 2 : 50 - 51 ، ط / 1388ه- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 275 ؛
2- دیث، مبني للمفعول، من ديثه ، أي ذلله، وقمو الرجل ككرم قمأة وقماءة ، أي ذل وصغر.
3- أديل الحق منه أي صارت الدولة للحق بدله ، وسيم سف أي أولى الخسف وكلفه والخسف

دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا وسرا ،وإعلانا، وقلت لكم اغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا (1) فتواكلتم وتخاذلتم وثقل عليكم قولي واتخذتموه وراءكم ظهرياً حتى شنت عليكم الغارات هذا أخو غامد قد وردت خيله الانبار (2) وقتل حسان - أو ابن حسان - البكري وأزال خيلكم عن مسالحها (3) وقتل منكم رجالاً صالحين، ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المسلمة والأخرى المعاهدة فينزع حجلها وقلبها ورعاتها (4) ثم انصرفوا وافرين (5) ماكلم رجل منهم كلماً. فلو أن امرءاً مسلما مات من بعد هذا ، أسفا، ما كان عندي به ملوما بل كان به عندي جديرا فيا عجبا من

، جد هؤلاء القوم في باطلهم وفشلكم عن حقكم ، فقبحا لكم وترحا (6) حين

الذل والمشقة أيضا والنصف بالكسر العدل ، ومنع مجهول أي حرم العدل بأن يسلط الله عليه من يغلبه على أمره فيظلمه .

ص: 278


1- عقر الدار بالضم وسطها وأصلها وتواكلتم وكل كل منكم الامر إلى صاحبه أي لم يتوله أحد منكم بل أحاله كل على الآخر ومنه يوصف الرجل بالوكل أي العاجز لانه يكل أمره إلى غيره . وشنت الغارات فرقت عليكم من كل جانب كما يشن الماء متفرقا دفعة بعد دفعة وما كان إرسالا غير متفرق يقال : فيه سن بالمهملة.
2- أخو غامد هو سفيان ابن عوف من بني غامد قبيلة من اليمن من أزد شنوءة بعثه معاوية لشن الغارات على أطراف العراق تهويلا على أهله. والانبار بلدة على الشاطئ الشرقي للفرات ويقابلها على الجانب الغربي هيت.
3- جمع مسلحة .
4- المعاهدة : الذمية . والحجل بالكسر : خلخالها والقلب بالضم سوارها . والرعاث : جمع رعنة بالفتح ،ويحرك ، بمعنى القرط ، ويروى : رعتها بضم الراء والعين، جمع رعات ، وجمع : رعثة.
5- وافرین تامین علی كثرتهم لم ينقص عددهم، والكلم بالفتح : الجرح .
6- ترحا بالتحريك ، أي : هما وحزنا ، أو فقرا والغرض : ما ينصب ليرمى بالسهام ونحوها، فقد صاروا بمنزلة الهدف يرميهم الرامون وهم نصب لا يدفعون ، وقوله : ( ويعصى الله ) يشير إلى مأ

صرتم هدفاً يرمى وفيئاً ينتهب يغار عليكم ولا تغيرون وتُغزون ولا تَغزون

ويعصي ، الله وترضون، فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر :قلتم حمارة القيظ(1) أمهلنا ينسلخ عنا الحر (2). وإذا أمرتكم بالسير إليهم في البرد، قلتم : أمهلنا ينسلخ عنا القرّ ، كل ذلك فرارا من الحر والقر ، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فأنتم والله من السيف أفر. يا أشباه الرجال ولا رجال. ويا أحلام الاطفال وعقول ربات الحجال (3). وددت أن الله قد أخرجني من بين ظهرانيكم، وقبضني الى رحمته من بينكم والله لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة - والله - جرّت ندما قد وريتم صدري غيظا وجرعتموني الموت أنفاسا (4). وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان ، حتى قالت قريش: ابن أبي طالب شجاع ولكن لا علم له بالحرب الله أبوهم، وهل أحد منهم أشد لها مراسا أو أطول لها تجربة منّى (5)؟ لقد مارستها وما بلغت العشرين، فها أنا ذا قد نيفت على الستين (6). ولكن لا رأي

wt

لمن لا يطاع. قال: فقام رجل من الازد يقال له : فلان بن عفيف ، ثم أخذ بيد ابن أخ له فقال :

أ

كان يفعله فواد جيش معاوية من السلب والنهب والقتل في المسلمين والمعاهدين، ثم أهل العراق راضون بذلك إذ لو غضبوا لهموا بالمدافعة

ص: 279


1- حمارة القيظ شدة الحر.
2- التسبيخ بالخاء المعجمة التخفيف والتسكين.
3- حجال جمع حجلة وهي القبة وموضع يزين بالستور والثياب للعروس . وريات الحجال النساء.
4- النغب جمع نغبة كجرعة وجرع لفظا ومعنى، والتهمام بالفتح الهم وكل تفعال فهو بالفتح إلا التبيان والتلقاء فإنهما بالكسر. وأنفاسا أي جرعة بعد جرعة.
5- مراسا مصدر مارسه ممارسة ومراسا : أي عالجه وزاوله وعاناه :
6- ذرفت على الستين: زدت عليها، ويروى نيفت ، بمعناه. وفي الخطبة روايات أخرى لا تختلف عن رواية الشريف في المعنى وإن اختلفت عنها في بعض الألفاظ . (انظر الكامل للمبرد.

ها أنذا يا امير المؤمنين لا أملك إلا نفسي وابن أخي ، فأمرنا بأمرك، فوالله لنمضين

له ولو حال دون امرك شوك الهراس وجمر الغضى. فقال لهما على : واين تبلغان ممّا أريد، رحمكما الله (1)

[الخطبة الثالثة في البيان والتبيين ]

قال الجاحظ وخطبة لعلي بن أبي طالب علیه السلام أما بعد : أيها الناس، فإن الدنيا قد أدبرت وأذنت بوداع، وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع ، وإن المضمار اليوم والسباق غداً ، ألا وإنكم في أيام أمل من ورائه أجل، فمن أخلص في أيام أمله قبل حضور أجله فقد نفعه عمله ولم يضرره أمله، ومن قصر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله وضره أمله ألا فاعملوا الله في الرغبة كما تعملون له في الرهبة، ألا وإني لم أر كالجنة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها . ألا وإنه من لم ينفعه الحق يضره الباطل، ومن لم يستقم به الهدى بَجُرَ بِهِ الضلال. ألا وإنكم قد أمرتم ،بالظعن، وذللتم على الزاد، وإن أخوف ما أخاف عليكم : اتباع الهوى وطول الامل (2)

[ الخطبة الرابعة في البيان والتبيين ]

قال الجاحظ ومن خطبه له اخرى بهذا الاسناد في شبيه بهذا المعنى. قام فيهم خطيباً فقال: أيها الناس المجتمعة أبدانهم المختلفة أهواؤكم كلامكم يوهي

. الصم الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم عدوّكم . تقولون في المجالس : كيت وكيت. فإذا جاء القتال قلتم : حيدي حياد. ما عزّت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من

ص: 280


1- البيان والتبيين :2 53 - 55، 5 / 1388ه-.
2- البيان والتبيين :2 53 - 55، 5 / 1388ه-.

قاساكم. أعاليل بأضاليل. سألتموني التأخير دفاع ذي الدين المطول، هيهات لا يمنع الضيم الذليل . ولا يدرك الحق إلا بالجد. أي دار بعد داركم تمنعون ؟ أم مع أي إمام بعدي تقاتلون ؟ المغرور والله من غررتموه. ومن فاز بكم فاز بالسهم الأخيب. أصبحت والله لا أصدق قولكم. ولا أطمع في نصركم، فرّق الله بيني

وبينكم ، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم لوددت ان لي بكل عشرة منكم رجلاً

من بني فراس بن غنم صرف الدينار بالدرهم (1)

الخطبة الخامسة في البيان والتبيين

قال الجاحظ : قال ابو عبيدة، وروى فيها جعفر بن محمّد : ألا إن أبرار عترتي وأطايب أرومتي ، أحلم الناس صغارا، وأعلم الناس كبارا، ألا وإنا أهل بيت من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا ، ومن قول صادق سمعنا ، وإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا ، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا، معنا راية الحق، من تبعها لحق، ومن تأخّر عنها ،غرق، ألا وان بنا تردّ ديرة كلّ مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذل من أعناقكم وبنا غُنم وبنا فتح الله لا بكم وبنا يُختم لا بكم.(2) وليس شيء من اطراف هذه الأخيرة في النهج، وجاء بالمعنى رقم (97) قوله: انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم واقتفوا اثرهم، وايضاً بالمعنى في الخطبة (120): « وعندنا اهل البيت ابواب الحكم وضياء الامر»، كما جاء من الحكم التي ذكرها الرضي مطابقة لما ذكرها الجاحظ ، ولا نعلم اعتماده على الماءة كلمة له.

اما الروايات المسندة فنذكرها في مواضعها ، فراجع.

والحكم المتطابقة هي :

ص: 281


1- البيان والتبيين 2 : 55 - 56 ، ط / 1388ه-.
2- الارشاد ؛للشیخ المفید 240:1.

فواتح الكتب

رواية الجاحظ في الماءة كلمة النص رواية الرضى في نهج البلاغة

قيمة كل امرى: الحكمة 81

5 المرؤ مخبوء تحت لسانه الحكمة 148

7 الشفيع جناح الحكمة 63

29 المسؤول حُر حتى يعد الحكمة 63

43 القلب مصحف البصر الحكمة 193

59 الحكمة ضالة المؤمن الحكمة 80

65 الطامع في وثاق الذل الحكمة 226

84 احذروا نفار النعم الحكمة 246

85 اكثر مصارع العقول الحكمة 214

86 قلب الأحمق في فيهالحكمة 41

90+ نسان العاقل وراء قلبة الحكمة + 41

91 من جرى في عنان الحكمة 819

92 إذا وَصَلَتْ إِلَيْكُمْ أَطْرافُ النِّعَمِ فَلَا تُنَفُرُوا أَقْصاها بِقِلَّةِ الشُکرِ الحكمة 13

93 إِذا قَدَرْتَ عَلى عَدُوكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ الحكمة 11

94 ما أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلَّا ظَهَرَ في فَلَتَاتٍ لِسَانِهِ وَصَفَحاتِ وَجْهِهِ الخطية 78

95 اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزَاتِ الْأَلْحَاظِ ، وَسَقَطَاتِ الْأَلْفَاظِ ،

وَسَهَوَاتِ الْجَنَانِ، وَهَفَوَاتِ اللَّسَانِ الخطبة 78

99 مَنْ أَطالَ الْأَمَل أَساءَ الْعَمَل الحكمة 36

ويلاحظ وحدة الحكمة ( 90 ) في الماءة كلمة ؛ للجاحظ، حيث سقط حرف العطف من طرفي الحكمة ، فقد قال الرضي في الحكمة رقم (40) ما نّصه : « وقال

ص: 282

عَلَيْهِ السَّلامُ لِسانُ الْعَاقِلِ وَراءَ قَلْبِهِ، وَقَلْبُ الْأَحْمَقِ وَراءَ لِسانِهِ.

قال الرضيُّ رَحمهُ الله تعالى(1): وهذا مِنَ الْمَعانِي الْعَجِيبَةِ الشَّرِيفَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْعاقِلَ لا يُطْلِقُ لِسانَهُ إِلَّابَعْدَ مُشاوَرَةِ الرَّوِيَّةِ وَمُؤامَرَةِ (2) الْفِكْرَةِ، وَالْأَحْمَقُ تَسْبِقُ حَذَفات (3)لِسانِهِ وَفَلَتاتُ كَلامِهِ مُراجَعَةً فِكْرِهِ، وَمُمَاخَضَةً(4) رَأْيِهِ ، فَكَأَنَّ لِسَانَ الْعَاقِلِ تابع لِقَلْبِهِ، وَكَأَنَّ قَلْبَ الْأَحْمَقِ تابع للسانِهِ.

وبرقم (41) جاء ما يلى : وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ هذَا المَعْنى بِلَفْظ آخَرَ وَهُوَ

قَوْلُهُ: « قَلْبُ الْأَحْمَقِ فِي فِيهِ، وَلِسانُ الْعَاقِلِ فِي قَلْبِهِ»: وَمَعْنَاهُما وَاحِدٌ.

كما يظهر اختلاف المصدر لكل من الجاحظ والرضي، حيث أورد الجاحظ الحكمة رقم (96) كالآتي : « والبخيل مستعجل للفقر ، يعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الاغنياء » انتهى . وهذه هي من أطراف الحكمة رقم (129) في رواية الرضي ونصها : « وقال: عَلَيْهِ السَّلامُ: عَجِبْتُ لِلْيَخِيلِ يَسْتَعْجِلُ الفَقْرَ الَّذِي مِنْهُ هَرَبَ (5)، وَيَقُوتُهُ الغِنَى الَّذِي إيَّاهُ طَلَبَ (6) ، فَيَعِيشُ في الدُّنْيا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ، وَيُحاسَبُ فِي الْآخِرَةِ حِسَابَ الْأَغْنِياءِ.

وَعَجِبْتُ لِلْمُتَكَبرِ الَّذِي كانَ بِالْأَمْسِ نُطْفَةٌ وَيَكُونُ غَداً جِيفَةٌ.

وَعَجِبْتُ لِمَنْ شَك في الله وَهُوَ يَرَى خَلْقَ اللَّهِ. وَعَجِبْتُ لِمَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ وَهُوَ يَرى المَوْتَى (7).

ص: 283


1- لم ترد « قال الرضي؛» في أب صد.
2- في ه-. ب: المؤامرة : المشاورة أيضاً.
3- في ه-. ب: الخلاف : القذف والهذيان.
4- في :ه-. ب أي مماخضته ، ويروى : « مماحضة » : أي مخالطة
5- في ه-. ص : وذلك لأن طلبه المال وحفظه له من خوف الفقر في زعمه ، فلما لم ينتفع به كان حاله حال الفقراء الذي فرّ منه.
6- في ه. ص : وانما فاته الغنى، لأن طلبه المال لينتفع به انتفاع الأغنياء فلم ينتفع به.
7- في ب وص: من يموت.

وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الأُخْرى وَهُوَ يَرَى النَّشْأَةَ الأُولى.

وَعَجِبْتُ لِعَامِرٍ دَارَ (1) أَلْفَناءِ وَتَارِك دَارَ (2) الْبَقَاءِ.

وبالجملة : فلا يظهر ان الرضي اعتمد في رواية النهج على الجاحظ وان استشهد بكلامه، لما فيه من وضوح الرؤية والانصاف في تعليقته على بعض

الخطب والله العالم.

المصدر الثاني

اشارة

عبدالله

كتاب الجمل، لابي عبد الله محمد بن عمر الواقدي

(130 - 207ه-)

قال الشريف الرضي في الخطبة ( 75) مانصه : ( وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ إِلَى مُعَاوِيَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ في أَوَّلِ ما يُويِعَ لَهُ بِالْخِلافَةِ ، ذَكَرَهُ الْواقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْجَمَلِ : مِنْ عَبْدِ الله عَلِيٌّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيانَ أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ عَلِمْتَ إِعْذَارِي فِيكُمْ، وَإِعْرَاضِي عَنْكُمْ، حَتَّى كَانَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا دَفْعَ لَهُ، وَالْحَدِيثُ طَوِيلٌ ، وَالكَلامُ كَبِيرٌ، وَقَدْ أَدْبَرَ مَا

أَدْبَرَ ، وَأَقْبَلَ مَا أَقْبَلَ ، فَبَايِعْ مَنْ قِبَلَكَ ، وَأَقْبِلْ إِلَيَّ فِي وَفْدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ. وَالسَّلَامُ. قال العرشي حفظه الله في المقدمة : « والواقدي هو ابو عبدالله محمد بن عمر واقد الاسلمي المدني، توفي في ذي الحجة 207ه- [ 823م ] وقال ابن النديم في

[823م] الفهرست : 144 ان من مؤلفاته كتاب الجمل ، وهذا الكتاب ربما عفى عليه الدهر الا ان نسخاً منها كانت متداولة في عصر ابن النديم الذي عاصر جامع نهج البلاغة. (3) قال الجلالي وليس الكتاب متيسراً في عصرنا وعسى ان تقف عليه يد التتبع،

ص: 284


1- في ه-. أ: دارٍ ودار معاً وفي ه-. ص : في نسخة : الدار .
2- في ه-. أ: دار ودار معاً وفي ه-. ص : في نسخة : لدار.
3- استناد نهج البلاغة : 15 ، ط / 1957

المصدر الثالث /

المغازي، لأبي عثمان سعيد بن سعيد بن يحيى الاموي

وقد جاء في ترجمته انه كان من موالي بني هاشم وقيل : مولى بني سهم، ولم يسلم من آثاره سوى كتابه المغازي.

ولخّص عمر كحالة ترجمته في معجم المؤلفين قائلاً: محمّد الواقدي (130 - 20 ه- = 747 - 823 م )محمّد بن عمر بن واقد السهمي ، الاسلمي ) ،بالولاء المدني، الواقدي، أبو عبد الله ، محدث، حافظ، مؤرخ، ادیب، فقیه ،مفسر ولد بالمدينة، وتاجر فيها بالحنطة ، وضاعت ثروته، وسمع من مالك بن انس وسفيان الثوري، وروى عن ثور بن يزيد وابن جريج وطبقتهما، وحدّث عن أبيه ، وانتقل إلى العراق، فقدم بغداد في أيام الرشيد، واتصل بيحيى بن خالد البرمكي ، فأفاض عليه عطاياه وقربه من الخليفة فولي قضاء الجانب الشرقي من ،بغداد، وكان المأمون يكرم جانبه ، ويبالغ في رعايته، وتوفي ببغداد في ذي الحجة ودفن في مقابر الخيزران من تصانيفه الكثيرة : تاريخ الفقهاء، السنة والجماعة، ذم الهوى وترك الخوارج في الفتن الاختلاف يحتوي على اختلاف اهل المدينة والكوفة في الشفعة والصدقة والحدود والشهادات ، وغيرها، وتفسير القرآن(1)

المصدر الثالث

المغازي، لأبي عثمان سعيد بن سعيد بن يحيى الاموي

(ت / 429ه- )

قال الشريف الرضي في الكتاب رقم (78) ما لفظه : « وَمِنْ كِتابٍ لَهُ أَجَابَ بِهِ أَبا مُوسَى الْأَشْعَرِي عَنْ كِتاب كتبه إِلَيْهِ مِنَ الْمَكانِ الَّذِي أُقْعِدُوا (2)فِيهِ لِلْحُكُومَةِ وَذَكَرَ هذا الكِتابَ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ في كِتابِ الْمَغازِي: فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ تَغَيَّرَ كَثِيرُ مِنْهُمْ

ص: 285


1- معجم المؤلفين ؛العمر كحالة 9695:11
2- في ص : اقعدوا ، وفي ه-. ب : أي قعدوا

عَنْ كَثِيرٍ مِنْ حَظْهِمْ، فَمَالُوا مَعَ الدُّنْيا وَنَطَقُوا بِالْهَوى؛ وَإِنِّي نَزَلْتُ مِنْ هَذَا الأَمْرِ مَنْزِلاً مُعْجِباً : اجْتَمَعَ بِهِ أَقْوَامٌ أَعْجَبَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ، فَإِنِّي أَدَاوِي مِنْهُمْ قَرْحاً أَخَافُ أَنْ يَعُودَ عَلَقَاً، وَلَيْسَ رَجُلٌ فَاعْلَمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى جَمَاعَةِ أُمَّةٍ مُحَمَّدٍ وَأُلْفَتِها مِنِّي ، أَبْتَغِي بِذَلِك حُسْنَ الثَّوَابِ، وَكَرَمَ الْمَآبِ.

وَسَأَفِي بِالَّذِي وَأَيْتُ عَلى نَفْسِي ، وَإِنْ تَغَيَّرْتَ عَنْ صالح ما فارَقْتَنِي عَلَيْهِ، فَإِنَّ

الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ نَفْعَ مَا أُوتِيَ مِنَ الْعَقْلِ وَالتَّجْرِبَةِ، وَإِنِّي لَأَعْبَدُ (1)أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ بِباطِلٍ،

وَأَنْ أَفْسِدَ أَمْراً قَدْ أَصْلَحَهُ اللهُ ، فَدَعْ ما لَا تَعْرِفُ فَإِنَّ شِرَارَ النَّاسِ طَائِرُونَ إِلَيْكَ

بِأَقاوِيلِ السُّوءِ، وَالسَّلَامُ. قال العرشي حفظه الله في المقدمة : وقال الجامع انه أخذ هذا الكتاب من كتاب المغازي لسعيد بن يحيى الأموي، وذكر صاحب كشف الظنون هذا الكتاب مما يدل على ان نسخاً منه لا زالت موجودة الى القرن الحادي عشر من الهجرة، وسعيد بن العاص بن الأحيحة القرشي الاموي البغدادي، وتوفي 249 ه- [ 863م ] (2) قال الجلالي : والغريب انه لم يذكر ترجمته عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين.

المصدر الرابع

كتاب المقامات لابي جعفر محمد بن عبد الله الاسكافي

المعتزلي (ت / 240ه-)

ذكر الشريف الرضي في الكتاب رقم (54) ما نصه: « وَمِنْ كِتَابٍ لَه ُ علیه السلام إِلى

ص: 286


1- في ب : لا أعبد ، وفي ه-. د : لا عبدش في ه-. ب : أي لا استنكف ، وفي ه-. ص : لا أعبد أي أنف عبد بالكسر أي أنف بقول : إني أنف أن يقول غيري قولاً باطلاً فكيف لا أنف من ذلك لنفسي انتهى من الشرح.
2- استناد نهج البلاغة : ص 17 ، ط / 1975 .م.

طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ مَعَ عِمْرانَ بْنِ الْحُصَيْنِ الخَزاعِيِّ، ذَكَرَ هذا الكتاب أَبُو جَعْفَرٍ الإِسْكانِيُّ كِتابِ الْمَقاماتِ : أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ عَلِمْتُما - وَإِن كَتَمْتُما - أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي ، وَلَمْ أَبَايِعُهُمْ حَتَّى بَايَعُونِي ؛ وَإِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِي وَبَايَعَنِي، وَإِنَّ العَامَّةَ لَمْ تُبَايِعْنِي لِسُلْطَانٍ عَاصِبٍ ، وَلَا لِعَرَضٍ حَاضِرٍ ، فَإِنْ كُنتُمَا بَايَعْتُمَانِي طَائِعَيْنِ فَارْجِعَا وَتُوبَا إِلَى الله مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ كُنتُمَا بَايَعْتُمَانِي كَارِهَيْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا لِي عَلَيْكُمَا السَّبِيلَ بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ وَإِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِيَةَ.

وَلَعَمْرِي مَا كُنتُما بِأَحَقِّ الْمُهَاجِرِينَ بِالتَّقِيَّةِ وَالْكِثْمَانِ، وَإِنَّ دَفْعَكُمَا هَذَا الْأَمْرَ قَبْلَ أَنْ

تَدْخُلَا فِيهِ كَانَ أَوْسَعَ عَلَيْكُمَا مِنْ خُرُوحِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ. وَقَدْ زَعَمْتُما أَنِّي قَتَلْتُ عُثمانَ، فَبَيْنِي وَبَيْنَكُما مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَعَنكُمَا مِنْ أَهْلِ

زَ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ أَمْرِي بِقَدْرِ مَا أَحْتَمَلَ. فَارْجِعَا أَيُّهَا الشَّيْخَانِ عَنْ رَأْيِكُمَا، فَإِنَّ الآنَ أَعْظَمُ أَمْرِكُمَا الْعَارُ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمَعَ

الْعَارُ وَالنَّارُ، وَالسَّلام. والاسكافي هو ابو جعفر المعتزلي (ت / 240ه-) من معتزلة سكان حارة الاسكاف ببغداد ، كان إمام المعتزلة ومؤسس الفرقة الاسكافية ، له ردّ على كتاب العثمانية، ولخص عمر رضا كحالة حفظه الله ترجمته بقوله: (محمد) الاسكافي عبدالله الاسكافي البغدادي المعتزلي ابو جعفر ) متكلم له تصانيف .

محمّد بن عبدالله-

المصدر الخامس

المقتضب، لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد

(ت / 285 ه- )

قال الشريف الرضي عند ايراده الحكمة رقم (466) وهي : وقال : عَلَيْهِ

السَّلامُ : العَيْنُ وكاءُ الله.

ص: 287

قال الرَّضِيُّ رَحمهُ الله تعالى : وهَذِهِ مِنَ الاسْتِعارَاتِ الْعَجِيبَةِ ، كَأَنَّهُ شَبَّهَ السَّه بالوعاء، والْعَيْنَ بالوِكاءِ ، فَإِذَا أَطْلِقَ الوِكَاءُ يَنْضَبِطَ الوِعاءُ وهَذَا الْقَوْلُ فِي الْأَشْهَرِ الْأَظهَرِ مِنْ كَلامِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَليهِ وآلِهِ، وقَدْ رَوَاهُ قَوْمٌ لأمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ؛ وذَكَرَ ذَلِكَ المبرِّدُ في الكتابِ المُقْتَضَبِ فِي بَاب اللَّفْظِ بِالْحُرُوفِ.

وقَدْ تَكَلَّمْنا على هَذِهِ الاسْتعارَةِ في كتابنا المَوْسُومِ بِمَجازات الآثارِ النبوِيَّةِ». قال العرشي حفظه الله في المقدمة : ( والمبرد هو أبو العباس محمّد بن يزيد الأزدي النحوي المتوفى 285 ه- [ 898 م ] ولا يوجد كتابه المقتضب إلا أن ابن النديم ذكره الفهرست [88] والحاج خليفة في كشف الظنون [ ج 2 ص 1793] . وقال أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري [ المتوفى سنة 276ه- 889 م ] في كتابه تأويل مختلف الحديث ( 65) أنه من أقوال النبي صلی الله علیه و آله وسلم كما كتبه أبو عبيد أحمد بن محمّد الهروي المتوفى 401 ه- [ 1010م ] في كتاب الغريبين ونصه : وفي الحديث العين وكاء السه. قال أبو عبيد وهو حلقة الدبر [الورق 134 ب]. وأبو عبيد هذا هو أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي البغدادي المتقدم ذكره. وورد القول المذكور في كتابه غريب الحديث ضمن أحاديث النبي صلی الله علیه و آله وسلم الورق 138 / ب، نسخة رامبور ](1) ولخصّ عمر كحالة ترجمته في معجم المؤلفين قائلاً : محمّد المبرد ( 210 - 1285 ه- = 825 - 898 (م ) (2) ابن يزيد بن عبد الاكبر بن عمير بن حسان الازدي، المعروف بالمبرد ( أبو العباس) اديب، نحوي، لغوي اخباري نسابة. ولد

ص: 288


1- استناد نهج البلاغة 19 ، ط / 1957 م
2- تاریخ بغداد فهرست ابن النديم ، معجم البلدان ، المنتظم لابن الجوزي ، ريحانة الالباء وفي وفيات الاعيان : ولد 210 ه- وقبل : 207 ، وتوفي 286 ه- ، وقيل : 285ه-. وفي النجوم الزاهرة ولد 206 ،ه- ، وقيل : 210 هو توفي 285. د. وفي المختصر للزبيدي : ولد في آخر سنة 220ه-، وتوفي آخر سنة 280 ه-.

بالبصرة، واخذ عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني وتصدر للاشتغال ببغداد، واخذ عنه نفطويه وغيره، وتوفي ببغداد في ذي الحجة من تصانيفه الكثيرة : المقتضب في النحو الاشتقاق، احتجاج القراء، واعراب القرآن المقصور والممدود ، ونسب عدنان و قحطان». (1)

ونصّ كلام أبي العباس محمّد بن يزيد المبرد في المقتضب ما يلي : هذا باب اللفظ بالحروف: قال سيبويه : خرج الخليل يوماً على أصحابه فقال : كيف تلفظون بالباء من اضرب والدال من قد» وما أشبه ذلك من السواكن ؟ فقالوا : با ،دال فقال: إنّما سمّيتم باسم الحرف، ولم تلفظوا به. فرجعوا في ذلك إليه، فقال: أرى إذا أردتُ اللفظ به : أن أزيد ألف الوصل فأقول: «إب»، «إد»؛ لأن العرب إذا أرادت الابتداء بساكن، زادت ألف الوصل ، فقالت: «اضرب»، «أقتل» إذا لم يكن سبيل إلى أن تبتدىء بساكن.

وقال كيف تلفظون بالباء من «ضرب والضاد من ضحى ) ؟

: فأجابوه كنحو جوابهم في الأول ، فقال : أرى - إذا لفظ بالمتحرّك - أن زاد هاء لبيان الحركة كما قالوا: «ارمه» (وَ مَا أَدْرَاكَ مَا هيه ( فأقول: «به»، «ضه» وكذلك

كل متحرك . وهذا ما لا يجوز في القياس غيره .

فإن سميت بحرف من كلمة فإن في ذلك اختلافاً .

فإن سمّيت بالباء من ضرب»، فإن بعض النحويّين كان يزيد ألف الوصل فيقول: هذا إب فاعلم. وهذا خطا فاحش ؛ ذلك أن ألف الوصل لا يدخل على شيء متحرّك، ولا نصيب لها في الكلام ؛ إنما تدخل ليوصل بها إلى الساكن الذي بعدها ؛ لأنك لا تقدر أن تبتدىء بساكن . فإن كان قبلها كلام، سقطت. و قال غيره: أرى أن أقول: «رب»، فاعلم ، فأرد موضع العين من (ضرب)

ص: 289


1- معجم المؤلفين ؛ لعمر كحالة 12 : 114 .

فقيل له: أرأيت ما تثبت عينه ولامه، وفاؤه محذوفة من غير المصادر التي فاؤها

ولو نحو «عدة»، و « زنة» ؟

فاعتل بما قد وُجد من غيرها، وذلك قولهم : «ناس»، المحذوف موضع الفاء ولا نعلم غيره. وبدلك على ذلك الإتمام إذا قلت: أناس». فإنما هو «فعال» على

وزن غراب» وإنّه مشتق من «أنس»، و«إنسان» «فعلان» وهذا واضح جداً. قال أبو الحسن: «ضب كما ترى ، فيحذف موضع العين كما فعل في «مد» ؛

لأن المحذوف في (منذ ) موضع العين. وكذلك «سه » إنما المحذوف التاء من «استاه»، قال الشاعر [ من الرجز ]:

7- ادع أحيحاً باسمه لا تنسه*** إن أُحَيحاً هي صبانُ اله

وقال امير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: العين وكاه الله .

« والقول الأول لأبي عثمان المازني : ثم رأى بعد إذا سمي بالباء من «ضرب» أن

: يرد الكلام كله، فيقول: «ضرب كما ترى، ولا يحذف؛ لأنه إذا آثر أن يرد رد على غير علة.

ولو سمّيت رجلاً « ذو القلت: هذا ذوا» فاعلم ؛ لأن أصله كان «فعلا» يدلك

على ذلك : « ذواتا»، وقولك: «هما ذوَا مال». (1)

المصدر السادس

تاريخ الرسل والملوك، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري

ت / 310ه-)

قال الشريف الرضي في الحكمة رقم (373) ما لفظه: «وَرَوَى ابْنُ جريرٍ

ص: 290


1- المقتضب .

الطَّبَرِيُّ تَارِيخِهِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهِ - وَكَان مِمَّنْ خَرَجَ لِقِتَالَ الْحَجَّاجَ مع ابْن الْأَشْعَثِ أَنَّهُ قال : فِيمَا كَانَ يَحُضُ (1) به النَّاسَ عَلَى الْجِهَادِ : إِنِّي سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ (2) يَوْمَ لَقِينَا أَهْلَ الشَّامِ(3) :

أَيُّهَا المُؤمِنُونَ إِنَّهُ مَنْ رَأَى عُدْوَاناً يُعْمَلُ بِهِ، وَمُنْكَراً يُدعى إِلَيْهِ، فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ بَرِئَ وسَلِمَ (4) ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ أُجِرَ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ . وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِالسَّيْفِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا وَكَلِمَةُ الظَّالِمِينَ هِيَ السُّفْلَى، فَذَلِكَ الَّذِي أَصَابَ سَبِيل الهُدَى، وَقَامَ عَلَى الطَّرِيقِ، وَنَوَّرَ في قَلْبِهِ اليَقِينَ (انتهى)

فقد قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ( ت / 310ه-) ما نصه: «ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين ذكر الأحداث التي كانت فيها ، فما كان فيها من ذلك هزيمة عبد الرحمن بن محمّد حمد بن الاشعث بدير الجماجم ذكر الخبر عن سبب انهزامه : ذكر هشام بن محمّد عن أبي مخنف، قال: حدثني أبو الزبير الهمداني قال: كنت في خيل جبلة بن زحل، فلما حمل عليه أهل الشام مرة بعد مرة نادانا عبد الرحمن ابن أبي ليلى الفقيه فقال : يا معشر القراء إن الفرار ليس بأحد من الناس بأقبح منه بكم إني سمعت عليا - رفع الله درجته في الصالحين وأثابه أحسن ثواب الشهداء والصديقين - يقول يوم لقينا أهل الشام : أيها المؤمنون، إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه ، فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكر بلسانه فقد أجر، وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكر بالسيف لتكون كلمة الله العليا وكلمة الظالمين ،السفلى، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى، ونوّر في قلبه باليقين، فقاتلوا

ص: 291


1- فى ص: يحضض.
2- في ص العبارة هكذا عليّاً رفع الله درجته في الصالحين وأثابه ثواب الشهداء والصديقين يقول.
3- العبارة من وروى ابن جرير ... الى هنا لم ترد في أ، وفي ه. د : العبارة ساقطة من فان
4- في أود فقد سلم وبرى

هؤلاء المحلّين المحدثين المبتدعين الذين قد جهلوا الحق فلا يعرفونه، وعملوا

بالعدوان فليس ينكرونه (1)

قال الجلالي ويظهر ان الرضي لم يعتبر الجملة الأخيرة في رواية الطبري من كلام الإمام علیه السلام، وهي : « فقاتلوا هؤلاء المحلّين المحدثين المبتدعين، الذين قد جهلوا الحق فلا يعرفونه ، وعملوا بالعدوان فليس ينكرونه». وربما تركها حيث لم

يجد فيها البلاغة المطلوبة، والله العالم.

المصدر السابع

کتاب «الغريب»، لأبي عبيدة القاسم بن سلام الهروي

(ت / 224 ه- )

ففى الغريب من كلام الإمام رقم (4) أشار الرضى الى ما ذكره ابو عبيدة القاسم بن سلام الهروي، فقال ما نصه : « وفي حَدِيثِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ : إِذا بَلَغَ النِّسَاءُ نَصَّ

مانص-

الْحَقَائِقِ فَالْعَصَبَةُ أَوْلى.

قال : وَيُرْوى : « نَصُّ الْحِقَاقِ»، وَالنَّص : مُنتَهَى الْأَشْياءِ وَمَبْلَغُ أَقْصاهَا كَالنَّصَّ السَّيْرِ لأَنَّهُ أَقصى ما تَقْدِرُ عَلَيْهِ الدَّابَّةُ ؛ ويقال : نَصَصْتُ الرَّجُلَ عَنِ الْأَمْرِ، إِذَا أَسْتَقْصَيْتَ مَسْأَلَتَهُ عَنْهُ لِتَسْتَخْرِجَ مَا عِنْدَهُ فِيهِ ، فَنَصُّ الْحِقائقِ يُرِيدُ بِهِ الْإِدْراكَ لأَنَّهُ مُنتَهَى الصَّغَرِ وَالْوَقْتُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الصَّغِيرُ إِلى حَدَّ الكبر ، وَهُوَ مِنْ أَفْصَحَ الْكِتَايَاتِ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ وَأَغْرَبها؛ يَقُولُ: فَإِذا بَلَغَ النِّسَاءُ ذلِكَ فَالْعَصَبَةُ أَوْلى بِالْمَرْأَةِ مِنْ أُمَّهَا إِذا كَانُوا مَحْرَماً مِثلَ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ، وَبِتَزْوِيجِها إِنْ أَرَادُوا ذلِكَ، وَالْحِقَاقُ مُحاقَّةُ الأُمِّ لِلْعَصَبَةِ فِي الْمَرْأَةِ وَهُوَ الجِدالُ وَالْخُصُومَةُ وَقَوْلُ كُلّ واحِدٍ مِنهُما لِلآخَرِ : أَنَا أَحَقُّ مِنْكَ بِهذا، يُقال : مِنْهُ:

ص: 292


1- تاريخ الطبري 6 : 357 ، ط / القاهرة ، 1968م.

حاققته حقاقاً مِثْلَ جادَلْتُهُ جدالاً ، قال : وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ نَصَّ الحقاقِ بُلُوغُ العَقْلِ، وَهُوَ

قَفْتُهُ الإِدْراكَ، لأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ إِنَّما أَرادَ مُنتَهَى الْأَمْرِ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْحُقُوقُ وَالْأَحْكام. قال : وَمَنْ رَواهُ نَصَّ الحَقَائِقِ فَإِنَّما أَرادَ جَمْعَ حَقِيقَةٍ، هذا مَعْنى ما ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ

الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ.

قال : وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْمُرادَ بِنَيِّ الْحِقَاقِ هاهنا بُلُوغُ الْمَرْأَةِ إِلَى الْحَدِّ الَّذِي يَجُوز فِيهِ تَزْويجها وَتَصَرُّفها في حُقُوقِها، تشبيهاً بِالْحِقاقِ مِنَ الْإِبِلِ ، وَهِيَ جَمْعُ حِنَّةٍ وَحِقٌّ وَهُوَ الَّذِي أَسْتَكْمَلَ ثَلاثَ سِنِينَ وَدَخَلَ في الرّابِعَةِ ؛ وَعِنْدَ ذلِك يَبْلُغُ إِلَى الْحَدِّ الَّذِي يُمكِنُ فِيهِ مِنْ رُكُوبِ ظَهْرِهِ وَتَصْهِ في سَيْرِهِ، وَالْحَقَائِقُ أَيْضاً جَمْعُ حِقَّةٍ، فَالرِّوايَتَانِ جَمِيعاً تَرْجِعانِ إِلى مَعْنى واحدٍ ، وهذا أَشْبَهُ بِطَرِيقَةِ الْعَرَبِ مِنَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ أَوَّلاً. (انتهى)

ولخّص ترجمة القاسم بن سلام ، عمر كحالة في معجم المؤلفين بقوله:

القاسم بن سلام ( 150 - 222 ه- = 767 - 837 م ) القاسم بن سلام (أبو عبيد )

- محدث ، حافظ ، فقیه، مقرئ عالم بعلوم القرآن ولد بهراة، واخذ عن أبي زيد الانصاري وأبي عبيدة معمر بن المثنى والاصمعي وأبي محمد اليزيدي وغيرهم من البصريين ، واخذ عن ابن الاعرابي وأبي زياد الكلابي ويحيى بن سعيد الاموي وأبي عمر الشيباني والفراء والكسائي من الكوفيين، وروى الناس من كتبه المصنفة نيفا وعشرين كتابا في القرآن والفقه واللغة والحديث، وتوفي بمكة من تصانيفه : غريب المصنف ، الامثال السائرة ، الناسخ والمنسوخ ، القراءات، والايمان والنذور (1) الثالث : ثعلب الشيباني ( ت / 291 ه- ) قال الشريف في الحكمة رقم ( 434)

مانصه : وقال : عَلَيْهِ السَّلامُ : أَخْبُرْ تَقْلِهِ.

وقال الرَّضِيّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى : ومِنْ النَّاسِ مَنْ يَرْوِي هذا لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَمِمَّا يُقَوِّي أَنَّهُ مِن كلام أمير المؤمنين علیه السلام ما حَكَاهُ تَعْلَبُ قال : حدثنا

ص: 293


1- معجم المؤلفين ؛ لعمر كحالة 1018 - 102

ابْنُ الأعرابي قال: قال المأمون : لولا أنّ عَليّاً عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ: أَخْبُرُ تَقْلَه، لَقُلْتُ

أنَا إِقْلِه تَخْبُرُ.

ومن مصادر الشريف الرضي كتابه

مجازات الآثار النبوية

وقد أرجع اليه في الحكمة رقم (466) والنص في المجازات ما لفظه : ومن الناس من ينسب هذا الكلام الى امير المؤمنين علیه السلام، وقد ذكر محمد بن يزيد المبرد في الكتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف، والاظهر الأشهر انه للنبي عليه

الصلاة والسلام وقد بسطت ترجمة الرضي في القسم الأول من هذا الكتاب فراجع.

ومن مصادر الشريف الرضي

كتاب «الحلف؟»، تأليف هشام الكلبي

ت / 204ه-)

هناك مصادر لم يذكرها الرضي بعناوينها ، بل بالاشارة إلى أصحابها، و

كالآتي حسب تواريخ وفياتهم.

وهي

الأول : الكتاب رقم ( 74) ، نقلها من خط هشام الكلبي ( ت / 204ه-) قال الشريف ما لفظه : « وَمِنْ حِلْفٍ كَتَبَهُ بَيْنَ الْيَمَنِ وَرَبِيعَةَ، وَنُقِلَ مِنْ خَطٌ هِشَامِ ابْنِ الكلبي :

هَذَا مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْيَمَنِ حَاضِرُهَا وَبَادِيهَا ، وَرَبِيعَةُ حَاضِرُهَا وَبَادِيهَا ، أَنَّهُمْ عَلَى كِتَابِ الله يَدْعُونَ إِلَيْهِ ، وَيَأْمُرُونَ بِهِ وَيُجِيبُونَ مَنْ دَعَا إِلَيْهِ وَأَمَرَ بِهِ، لَا يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً، وَلَا يَرْضَوْنَ بِهِ بَدَلاً، وَأَنَّهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَ ذَلِك وَتَرَكَهُ، وَأَنَّهُمْ أَنْصار

ص: 294

مصادر اخر

اشارة

بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، دَعْوَتُهُمْ وَاحِدَةٌ، لَا يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ لِمَعْتَبَةِ عَاتِبٍ ، وَلَا لِغَضَبٍ غَاضِبٍ، وَلَا لِاسْتِذْلَالِ قَوْمٍ قَوْماً، وَلَا لِمَسَبَّةِ قَوْمٍ قَوْماً ، عَلَى ذَلِكَ شَاهِدُهُمْ وَغَائِبُهُمْ، وَسَفِيهُهُمْ وَعَالِمُهُمْ، وَحَلِيمُهُمْ وَجَاهِلُهُمْ

ثُمَّ إِنَّ عَلَيْهِمْ بِذَلِك عَهْدَ الله وَمِيثَاقَهُ، إِنَّ عَهْدَ الله كَانَ مَسْئُولاً.

وَكَتَبَ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

قال العرشي في المقدمة ما لفظه : قال الجامع انه نقل من خط هشام ابن

: الكلبي : الكلبي هو أبو المنذر هشام بن محمد السائب الكلبي المتوفى سنة 204ه- [819م] وألف ما ينيف على مائة وخمسين كتاباً ، ذكر منها ابن النديم 144 ، وأما الكتاب الذي نقل منه الجامع هذا بعهد فلاندري ولا يخفى ما في البحث عنه من صعوبة وربما وجده الجامع في كتاب الكلبي المسمى بما « الحلف » الذي وصلت نسخة منه الى الجامع مكتوبة بيد المؤلف .(1) ولخص عمر كحالة ترجمة الكلبي في ( معجم المؤلفين» بقوله : «هشام الكلبي

ت / 204 ه- = (819 م ) هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن عمرو الكلبي الكوفي (أبو المنذر) نسابة اخباري. روى عن ابيه وعن مجاهد بن سعيد وغيرهما، وتوفي بالكوفة من تصانيفه الكثيرة جمهرة الانساب، حلف عبد المطلب وخزاعة الاصنام المثالب واسواق العرب . (2)

مصادر اخر

قال كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) :

المصادر المذكورة في كتاب النهج

1 - كتاب البيان والتبيين لعمرو بن بحر الجاحظ.

ص: 295


1- اسناد نهج البلاغة : 16 - 17 ، ط / 1957
2- معجم المؤلفين ؛ العمر كحالة 13: 150149

2 - كتاب المقتضب للمبرد في باب اللفظ بالحروف

3 - كتاب المغازي لسيد بن يحيى

4 - كتاب الجمل للواقدي.

الأموي.

-5 - كتاب كتاب المقامات في مناقب أمير المؤمنين لابى جعفر الاسكافي

6 - تاريخ ابن جرير الطبري.

7 - رواية اليماني عن ابن قتيبة.

8 - حكاية أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام

9 - ما وجد بخط هشام بن الكلبي.

10 - رواية أبي حجيفة.

11 - خبر ضرار بن حمزة الضبابي.

12 - حكاية ثعلب ، عن ابن الأعرابي (1)

(1)

وقد لخصّ ترجمته عمر كحالة في معجم المؤلفين وقال: «احمد ثعلب ( 200 - 291 ه- = 816 - 904م ابن يحيى الشيباني مولاهم، الكوفي، المعروف بثعلب (أبو العباس ) نحوي لغوي. توفي ببغداد في جمادى الأولى له من الكتب المصون النحو، اختلاف النحويين، معاني القرآن معاني الشعر، وكتاب ما ينصرف وما لا ينصرف . (2)

وقال كحالة في ترجمة محمد بن الأعرابي في معجم المؤلفين » : « محمد بن الأعرابي ) 150 - 231ه- = 767 - 846م محمد بن زياد، المعروف بابن الاعرابي - ) الكوفي ( أبو عبد الله ) لغوي، نحوي، راوية لأشعار القبائل، نسابة. ولد بالكوفة، وسمع من المفضل الضبي الدواوين وصححها، وأخذ عن الكسائي

ص: 296


1- مدارك نهج البلاغة 66 ص .1354
2- معجم المؤلفين ؛ العمر كحالة 203:2

وابن السكيت وأبي العباس احمد بن يحيى ثعلب وغيرهم، واخذ عن الاصمعي وتوفي بسر من رأى من آثاره النوادر تاريخ القبائل معاني الشعر، تفسير الامثال ، وصفة الزرع (1)

قال الجلالي: وكلام كاشف الغطاء لا يخلو من تأمل ونظر؛ فان لما ذكره بالارقام من الاول الى السادس مضافاً الى التاسع لاشك في أنها من مصادر الجامع، لتصريحه بذلك، وقد تقدم تفصيله اما غيرها، وهي الأرقم (7) الى (12) ما عدا التاسع، فليست من المصادر في شي ، بل هي مجرد رواية كما تكرر من الجامع ذلك في مواضع.

بیان ذلك : إن الرضي اعتمد على مصادر مختلفة تتضمن روايات النهج ولم يذكر مصادره جميعاً ، على غرار الأسلوب السائد في عصره، ونقل الروايات عن احد الرواة الذين ورد ذكرهم في المصدر، فلا يكون الراوي هو المصدر بل هو المروي عنه المصدر.

ولنوضح ذلك بذكر النصوص من النهج، والتي أشار اليها كاشف الغطاء، قال الرضي في الحكمة رقم (88) ما نصه: وحكى عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٌّ الْباقِر علیهما السلامِ أَنَّهُ علیه السلام((2)قالَ: كانَ في الأَرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللهِ (3)سُبْحانَهُ وَقَدْ رُفِعَ (4) أَحَدُهُما فَدُونَكُمْ الآخَرَ (5) فَتَمَسَّكُوا بِهِ : أَمَّا الأمانُ الَّذِي رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ (6) الله صلى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ؛ وَأَمَّا

ص: 297


1- معجم المؤلفين : العمر كحالة 11:10
2- في ب: صلى الله عليه. ه. د لم ترد هذه الزيادة في صب.
3- في أوب وص :ود زيادة سبحانه ، وفي ه-. د وص:ود
4- في بوص: فرفع ، وفي ه-. ص : في نسخة : وقد رفع. وفي ه-. د فرفع ش.
5- في ه. ب : أي الزموا الآخر.
6- في أوص: فرسول

الأمان الباقي فالاستغفار، قال الله تعالى :(1)وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ

الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (2)

قال الرّضي رحمه الله تعالى (3): وهذا مِنْ مَحاسِنِ الاسْتِخْراج ولطائف وَلَطَائِفِ

الاستنباط (انتهى).

وفي الحكمة رقم ( 234) ومن كلام له قال الرضي: روى ذعلب اليماني (4)، عن أحمد بن قتيبة، عن عبد الله بن يزيد عن مالك بن دخية (5) ، قال : كنا عند أمير المؤمنين ، فقال : وقد ذكر عنده اختلاف الناس (6) : إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمْ مبَادِى (7)، وذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِلْقَةٌ (8)مِنْ سَبَحْ أَرْضِ وَعَذْبِهَا ، وَحَزْنِ تُرْيَةٍ (9) وَسَهْلِهَا ، فَهِمْ عَلَى حَسَبِ قُرْبِ أَرْضِهِمْ يَتَقَارَبُونَ : وَعَلَى قَدْرِ اخْتِلافِها يَتَفَاوَتُونَ ، فَتَامُ الرُّوَاءِ ((10) ناقِصُ الْعَقْل، ومادُّ الْقَامَةِ (11) قَصِيرُ الْهِئَةِ. وَزَايِي الْعَمَلِ (12) قَبِيحُ المَنْظَرِ ، وَقَرِيبُ الْقَعْرِ (13) بِعِيدُ

ص: 298


1- في أ: عز من قائل ، وفي ب : عزوجل ، وفي ص: جل من قائل.
2- الأنفال . 33.
3- لم نرد قال الرضي رحمه الله تعالى ، في أب صد.
4- في ب : روى الثمالي، وفي ط ذوى ذعلب اليمامي، وفي :هد روى اليماني - ش ، وفي ه- ص : الذعلب والذعلبة : الناقة السريعة فسمي به وهو من رجال الشيعة ومحدثيهم ، ذكره الشرح.
5- في ب : دحنة .
6- في د: وقد ذكر عنده اختلاف الناس فقال.
7- في ه-. ب في نسخة طينتهم ، أي ابتداء أصلهم
8- في ه-. ب: قطعه .
9- .ه-. د: وحزون تربة ش.
10- في ه. ب: أي تمام المنظر ، وفي ه-. ص : الرواء بالمد والهمز المنظر الحسن
11- في .ه-. ص : أي طويلها.
12- في ه-. د زاكي العقل - م ، وفي الهامش العمل، وفي ه-. ص: يريد بزكاء أعماله : سدادها وصلوحها
13- في ه-. ص : يريد قصير القامة.

السَّبْر (1) ، ومعْرُوفُ الضَّرِيبَةِ (2) مُنْكَرُ الْجَلِيبَةِ (3)، وتَائِهُ القَلْبِ مُتَفَرِّقُ اللُّب . وَطَلِيق اللسانِ حَدِيدُ الجَنانِ.

وفي الحكمة رقم (77) قال الرضي: وَمِنْ خَبَرِ ضِرارِ بْنِ ضَمْرَةَ الصَّبَابِي عِنْدَ دخولِهِ عَلى مُعاوِيَةَ وَمَسْتَلَتِهِ لَهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ: فَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ في بَعْضٍ مَواقِفِهِ (4) وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ(5) وَهُوَ قائِمٌ في مِحْرابِهِ ، قابِضُ عَلى لِحْيَتِهِ. يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ (6)، وَبَيْكي بُكاءَ الْحَزِينِ ، وَيَقُولُ (7):

يا دُنْيا (8) إِلَيْكَ عَنِّي (9) أَبِي تَعَرَّضَتِ ؟ أَمْ إِلَيَّ تَسَوَّقْتِ (10) لا حان (11) حِينُكَ. (8) هَيْهاتَ غُرِّي غَيْرِي، لاحاجَةً لِي فِيكِ ، قَدْ طَلَّقْتُك ثَلاثاً لا رَجْعَةً فِيهَا، فَعَيْشُك قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ (12) يَسِيرُ، وَأَمَلُك حَقِيرٌ. او مِن قِلَّةِ الزَّادِ، وَطُولِ الطَّرِيقِ، وَيُعْدِ

ص: 299


1- في ه-. ص : أي هو داهية لا يوقف على سرّه.
2- في ه. ب : الخلق والطبيعة ، وفي ه- ص الضريبة هي الخليقة الأصلية، والجليبة : الخلق الذي يتكلفه الانسان ويتحيله، مثل أن يكون جباناً بالطبع فيتكلف الشجاعة، وشحيحاً بالطبع فيتكلف الجود.
3- في ه-. ب: الجليبة : ما يفعله الانسان على خلاف طبعه .
4- في ه-. ب : منازله.
5- في ه-. ب: ذيله، وفي ه-. ص : السدول جمع سديل، وهو ما أسدل على الهودج ، ويجوز جمعه أيضاً - أسدال وشدل ، وهو هاهنا استعارة ، انتهى من الشرح.
6- في ه-. ب : يضطرب، من ضربته الحية ، وفي ه-. ص : هو الملدوغ ، يسمى سليماً تفاؤلاً له بالعافية.
7- في أوب وصود ويقول
8- فى أوب وصود ويقول.
9- في ه-. ب : أي أبعدي.
10- في ب تشوقت ، وفي ه. ب : في نسخة تشوقت ، والتشوق : التزين، وفي ه-. ص: يروى بالفاء أي تطلعت، وبالقاف من الشوق.
11- في هب هذا دعاء، وفي ه-. ص: أي لاكنت ولا حملت (12) في ه-. ب: أمرك.

السَّفَرِ، وَعَظِيمِ الْمَوْرِدِ.

و في الحكمة رقم (375) ، قال الرضي: (وَعَنْ أبي جُحَيْفَة ) قال : سَمِعْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ يَقُولُ : إِنَّ (1) أَوَّلَ مَا تُغْلَبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْجِهَادِ بِأَيْدِيكُمْ، ثُمَّ بِأَلْسِنَتِكُمْ، ثُمَّ بِقُلُوبِكُمْ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِف بِقَلْبِهِ مَعْرُوفاً وَلَمْ يُنْكِرُ مُنْكَرًا، قُلِبَ فَجُعِلَ أَعْلاهُ أَسْفَلَهُ،

وَأَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ (2).

وفى الحكمة ( 434) قال الرضي: ما حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي ولو سلم ان هذه الروايات تعتبر مصادر، فاذاً لابد من عدّ أمثالها المذكورة في النهج أيضاً من المصادر وهذا ما لم يلتزم به هو رحمه الله، ولا يلتزم به أحد من المؤلفين، واليك أمثلة:

منها : الخطبة رقم (91) ، حيث قال الرضي: « ومن خطبة له تعرف بخطبة

الأشباح (3)، وهي من جلائل خطبه (0) روی روى مَسعَدَةُ بنُ صَدَقَةَ عن الصادقِ جعفر بن محمد ، أنه قال: خطب أمير المؤمنين بهذه الخطبة على منبر الكوفة ؛ وذلك أن رجلاً أتاه فقال يا أمير المؤمنين صف لنا ربنا (4) ، لنزداد له حباً، وبه معرفة ؛ فغضبَ ونادَى : الصلاة جامعة، فاجتمع إليه الناس حتى غَص (5) المسجد بأهلهِ؛ فصعد المنبر وهو مغضَبٌ (6) متغيّرُ اللَّوْنِ، فحمد الله وأثنى عليه،

فى طوروى أبو جحيفة.

ص: 300


1- في ه. د : لم ترد « ان » في ب.
2- لم ترد « وأسفله أعلاه ، في أ.
3- في ه- ص الأشباح الأشخاص ؛ لأنه ذكر فيها أشخاص العالم من الملائكة وغيرهم. (5) في أود زيادة : وكأن سائل سأله أن يصف الله حتى كأنه يراه عياناً ، فغضب لذلك.
4- فى ط زيادة مثل ما نراه عياناً.
5- في ه- ص وب : بفتح العين : إمتلأ
6- في هامش الأصل : أي قد اغضب ، أي قد فعل معه ما يوجب الغضب.

وصلّى على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم، ثم قال :(1) الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا يَفِرُه (2) المَنْعُ (3). فأورد الخطبة. ولا يعني ذلك بحال ان من مصادر الجامع مسعدة بن صدقة ، بل

مصدره كتاب روى رواية مسعدة، ولم يذكر الجامع عنوان هذا المصدر، وهذا واضح كما لا يخفى.

ومنها : الحكمة رقم ( 104 ) حيث قال الرضي رحمه الله :

وَعَنْ نَوْفٍ أَلْبِكالِيُّ (4)، قَالَ : رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ خَرَجَ

مِنْ فِراشِهِ فَنَظَرَ إِلَى النُّجُومِ (5)، فَقَالَ: يا نَوْفُ ، أَراقِدُ أَنْتَ أَمْ رامِق (6)؟ فَقُلْتُ : بَلْ رامِقٌ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (7)؛ قالَ: يا نَوْفُ

طُوبى لِلزَّاهِدِينَ في الدُّنْيَا.

فإن نوف ليس المصدر، بل المصدر هو الكتاب الذي نقل رواية نوف.

ص: 301


1- لم يرد وروى مسعدة... الى ثمّ قال في أ.
2- في ه-ب : لا يعره، وفي ه-. د: لا يعره ك، وفي ه- ص : لا يفره، أي لا يزيد في ملكه، وفي ه-ب وفرته : إذا تركت ماله موفوراً عليه، والوفور : المال الكثير ، وقولهم: نوفر وتحمل ، وقولهم وفرته جرعة ماله ، يضرب هذا المثل للرجل يخصك بشيء فترده عليه من غير سخط
3- في طود زيادة والجمود
4- في ط: البكائي ، وقيل : البكالي باللام وهو الأصح ، وفي ه-. ص : قال في الصحاح : ن-وف البكالي كان صاحب علي 7 ، وقال : ثعلب : هو منسوب إلى قبيلة تدعى بكالة ، ولم يذكر من أي العرب هي ، والظاهر أنّها من اليمن ، انتهى من الشرح. وفي ه-. ص : قال : في الشرح قال : الصحاح : نوف البكالي بفتح الباء كان صاحب علي 7 ، ثم قال : وقال : ثعلب هو منسوب إلى بكاله ، والرواية صحيحة بالكسر ، لأن نوف بن فضالة بكالي بالكسر من حمير، منهم هذا الشخص وهو نوفا بن فضالة صاحب علي 7 وقد ذكر الكلبي نسب بني بكال الحميريين ، انتهى. وفي ه. ب : بكال: حتي من همدان من اليمن ، ويقال لهم : بكيل أيضاً ، وهذا أكثر ، وقال ثعلب : البكالي ، بكسر الباء
5- في ه-. د : في النجوم ب.
6- في ه-. ب : أي ناظر ، وفي ه-. ص : أي مستيقظ ينظر الى السماء والنجوم.
7- في ه-. د لم ترد « يا أمير المؤمنين ، في ب.

ومنها الحكمة رقم ( 147) قال الرضي: «وَمِنْ كَلامِ لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِكُمَيْلِ بْنِ زِيادٍ النَّخَعِي رحمه الله (1): قال كُمَيْلُ بْنُ زِيادٍ : أَخَذَ بِيَدِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ (1) أبي طالب صلوات الله عَليهِ (2) فَأَخْرَجَنِي إِلَى الْجَبَّانِ(3)، فَلَمّا أَصْحَرَ (4) تَنَفْسَ الصَّعَداء (5) ، ثُمَّ قال: يا كُمَيْلُ بْنَ زِيادٍ إِنَّ هَذِهِ القُلُوبَ أَوْعِيَةُ (6) فَخَيْرُها أَوْعَاهَا (7) ، ، فَاحْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ.

فان الجامع لم يذكر مصدره لكلام كميل، وليس كميل هو المصدر.

لماذا لم يذكر المصادر الاخرى؟

ويبقى السؤال: لماذا ذكر الرضى هذه المصادر دون غيرها؟ ونعم ما قال كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في ذلك : بان الظاهر ان الوجه في تخصيص ذلك البعض يذكر المصدر دون غيره من مندرجات الكتاب هو أن ذلك البعض مما لم تتحقق عند المؤلف نسبته الى اميرالمؤمنين علیه السلامبخلاف غيره فانه على ثقة منه

ص: 302


1- لم ترد (رحمه الله) في ط. وفي ه-. ص : بن نهيك بن هيثم بن سعد بن مالك بن الحارث بن صهبان بن سعد بن مالك بن النخع بن عمرو بن علة علة بن خالد بن مالك بن أدد. كان من أصحاب علي وشيعته وخاصته ، وقتله الحجاج على المذهب فيمن قتله من الشيعة ، وكان كميل بن زياد عامل علي على هيت وكان ضعيفاً تمر به سرايا معاوية تنتهب أطراف العراق فلا يردها ، ويحاول ان يجبر ما عنده من الضعف بأن يغير على أطراف معاوية مثل قرقيسيا وما يجري مجراها من القرى التي على الفرات ، فأنكر أمير المؤمنين ذلك من فعله ، انتهى من الشرح
2- في ط عليه السلام.
3- في ه-. ص : هو الجبانة ، صحراء البلد.
4- في ه-. ص : بلغ الصحراء، وصار ذا صحراء.
5- في ه-. ص : هو نفس بمد طويل مرفوع.
6- في ه-. ص للعلم.
7- هذا حثّ له على التحفظ

ويقين فلا يحتاج الى ذكر مصدره تكون العهدة عليه في النقل والنسبة و هذه عادة القدماء من أهل التأليف والنقل فان ما يثتون يصدوره من شخص ينسبونه اليه ولا يذكرون الواسطة بخلاف ما لم يثقوا بصدوره وقد يكون الوجه في ذلك وقوع الخلاف في النسبة أو وجود النسبة إلى الغير فيذكر المصدر مؤيداً لما يراه المؤلف كما يظهر ذلك من نقله عن الجاحظ في كتاب البيان والتبيين (1).

ص: 303


1- مدارك نهج البلاغة 66ط / 1354ه-.

ص: 304

مقارنة المصادر

قد أشرنا في القسم الأول ان تحديد مصادر نهج البلاغة لا يمكن بسبب الاختيار الذي قام به الشريف من المصادر المنقولة عنها حيث اكتفى بما وجد فيه البلاغة مشيراً الى ذلك بقوله : « ومنها». ونورد هنا مثالاً واحداً للمقارنة بين ما اورده الشريف في النهج وما وجدناه في مراجع عصره الذي هو على أغلب الظن مصدره في النقل مع خط افقي تحت النص المنقول، وتكتفي هنا بمثال واحد للخطب والرسائل والحكم حيث لا تسع اليد الواحدة لأكثر من ذلك وعسى ان يتمكن من يجد في نفسه القدرة والكفاءة في المقارنة بغيرها مما يتضمنه هذا المسند أو غيره من المراجع والله الموفق.

مقارنة الخطب

ونكتفي بمقارنة الخطبة الثالثة وهي المعروفة بالخطبة الشقشقية، وهي الخطبة الأكثر جدلاً لما تحتويه من النقد في الفكر السياسي والاداري بن الصحابة (رض) مع ان الصحابة (رض) كانوا ينتقدون بعضهم البعض في حياة الرسول صلی الله علیه و آله وسلمفي مواقف، بل انتقد بعضهم الرسول الاعظم صلی الله علیه و آله وسلم حينما أراد الوصية عند وفاته بقوله:

ص: 305

ايتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً، فتنازعوا - كما في رواية البخاري - ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا: هجر رسول الله »(1)وليس الخطبة التي تعبر عن رأي شخصي للامام بأعظم من ذلك كله، وهو الشخصية التي عاصر الاحداث في حياة الرسول صلى الله عليه و آله سلم وشاهد برأي العين سنة الرسول صلى الله عليه و آله سلم واتخذ ونكتفي هنا بالمقارنة بين رواية الرضي وروايه واحدة من روايتي الصدوق، وطالب التفصيل يراجع موضعه في المسند

ونص رواية الشيخ الصدوق ( ت / 380ه-) في معاني الأخبار ، قال في باب معاني خطبة الأمير المؤمنين علیه السلام: حدثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضی الله عنه قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي ، قال : حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عمار بن خالد ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا عیسی بن راشد عن علي بن خزيمة، عن عكرمة عن ابن عباس، وحدثنا محمد بن علي ماجليويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام فقال :

ص: 306


1- يراجع : صحيح البخاري 4 : 85 ، ط / اليونينية 1313ه-

أمَا وَاللهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فلان، وإنَّهُ لَيَعْلَمُ أنَّ مَحَلّي مِنْهَا مَحَلٌّ القُطبِ مِنَ الرَّحَاء يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، ولا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ، فَسَدَلْتُ دُونَهَا تَوْباً، وطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً و طَفِقْتُ أَرْتَنِي بَيْنَ أَنْ أَصُول بِيدٍ جَذَاءَ، أَو أَصْبِرَ عَلَى طَغْيَةٍ عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فِيهَا الكَبِيرُ ، ويُشيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ ، ويَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ، فَرَأَيْتُ أنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَانَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَدَى، وَفِي الْحَلْقِ شَجاً، أَرَى تُرَائِي نَهْباً، حَتَّى مَضَى ا الأولُ لِسَبِيلِهِ، فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فلان

بَعْدَه، ثم تمثل بقول الأعشى :

شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا

ويَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ

فَيَا عَجَبًا بَيْنَا هُو يَسْتَقِيلُهَا في حَيَاتِهِ، إِذْ

عَقَدَهَا لآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ - لشَدَّ مَا

تَشَطَرَ اصَرْعَيْها - فَصَيَّرَهَا في حَوْزَةٍ

خَشْتَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا، وَيَخْشُنُ مَسُّهَا.

ويكثرُ العِثار فيها والاعْتِذَارُ مِنْهَا.

فَصَاحِبُها كَرَاكِب الصَّعْبَةِ ،إنْ أشْنَقَ لَها

خَرَمَ، وإِنَّ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحُمَ.

والله لقد تقمصها أخو تيم وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى يتحدر عنه السيل، ولا يرتقي إليه الطير، فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتشي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية ،عمياء يشيب فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى الله [ ربه] فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق ،شجى، أرى تراثي نهبا، حتى إذ

مضى الأول لسبيله عقدها لاخي عدي بعده، فيا عجبا بينا هو يستقيلها في

حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته فصيرها والله في حوزة خشناء، يخشن

مسها ويغلظ كلمها، ويكثر العشار والاعتذار[ منها ] فصاحبها كراكب الصعبة إن عنف بها حرن (1)، وإن سلس

بها غسق فمني الناس بتلوّن واعتراض وبلواً مع هن وهني.

ص: 307


1- بفتح المهملتين ، أي وقف

فَمُني النّاسُ نَعَمْرُ الله بَحَبْطٍ وَشِمَاسِ،

طُوْلِ

وتلون واعتراض، فَصَبَرْتُ على طول

المُدّةِ وشدّة المحنة، حَتَّى إذا مَضَى لِسَبِيْلِهِ جَعَلَها في جماعة زَعَمَ أنّي أحَدُهُمْ، فَيَالله والشورى، مَتَى اعْتَرَضَ الرّيْبُ في مَعَ الأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ ؟!، لَكِنِّي اسْفَفْتُ، وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا ، فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُم لِضِعْنِهِ، وَمَالَ الاخر لِصِهْرهِ، مَعَ هَنٍ وهَنِ، إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْم ، نافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَشِيلِهِ ومُعْتَلَفِهِ، وقامَ مَعَهُ بَنُوأَبِيهِ، يَخْضِمُونَ مَالَ اللَّهِ خَصْمة الابل نِبْتَةَ الرَّبِيعِ، إلى أن انْتَكَثَ عليه فَتْلُهُ،

وأجْهَزَ عَلِيْهِ عَمَلُهُ، وكَبَتْ بِهِ بطنته، فَما رَاعَنِي إلا والنَّاسُ كَعُرْفِ الصّبحِ إلى يَنْتَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبِ، حَتّى لَقَدْ

وُطِيءَ الْحَسَنَانِ، وَشُقَ عِطْفَايَ،

مُجْتَمِعينَ حَوْلِي كَرَيِيضَةِ الْغَنَمِ، فَلَمَّا نَهَضَتُ بِالأمْرِ نَكَقَتْ طَائِفَةٌ ، ومَرَقَتْ أُخْرَى ، وَقَسَطَ آخَرُونَ كَأَنَّهُمْ

لم يَسْمَعُوا الله سبحانه يَقُولُ:

فصبرت على طول المدة وشدّة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها جماعة زعم أني منهم، فيا لله لهم وللشورى ، متى

اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت اقرن بهذه النظائر ؟ فمال رجل بضبعه (1) ، وأصغى آخر لصهره، وقام ثالث القوم نافجا حضينه بين نثيله إذ أسفوا ومعتلفه، وقام معه بنو أمية يخضمون

مال الله خضم الابل نبتة الربيع حتى أجهز عليه عمله، فما راعني إلا والناس إليَّ كعرف الضبع، قد انثالوا علي من كل جانب، حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطافي، حتى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة وفسقت أخرى ومرق آخرون، كأنهم لم يسمعوا قول الله

تبارك وتعالى:

ص: 308


1- كذا ، وفي النهج والعلل : لضغنه ، أي الحقده وحسده ، وهذا إشارة إلى سعد بن أبي وقاص في رواية : بضلعه

وتِلْك الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذينَ لا يُريدُونَ عُلُوا في الأرْضِ وَلاَ فَساداً والْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ(1) سَمِعُوها ووَعَوْها وَلَكنَّهُمْ حَلِيَتْ الدُّنْيَا أَعْيُنهِمْ، وَرَاقَهُمْ زِبْرِ جُهَا، أَمَا وَالّذي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأ النسمة ، لوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِر ، وقِيَامُ الحُجَّةِ بوجود على النّاصِرِ ، وَمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاء ألا يُقَارُوا عَلى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلا سَغَبٍ مَظْلُومٍ لألقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخرها بكأس أولِهَا، وَلأَلْقَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَرْهَد عِنْدِي مِنْ عَفطَةِ عَنْرٍ. قالُوا : وقامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ عِنْدَ بُلُوغِهِ إلى هذا المَوْضِع مِنْ خُطْبَتِهِ ، فَنَاوَلَهُ كِتَاباً [ قيل: ان فيه مسائل كان يريد الاجابه عنها]، فأقبل يَنْظُرُ فِيه، فلما فرغ من قراءته قال لَهُ ابْنُ عَبّاس : يَا أمير المؤمِنِينَ، لَو

اطرَدْت خطبتك مِنْ حَيثُ أَفْضَيْتَ ؟ فقال : هَيْهَاتَ يَا بُنَ عَبّاسٍ، تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ.

قال ابنُ عَبّاسِ : فَوَاللهِ مَا أَسِفْتُ عَلَى كلام قط كأسَفِي عَلى هذا الكلام، أنْ لا يكونَ

أمير المؤمِنِينَ بَلَغَ مِنْهُ حَيثُ أَرَادَ.

تِلْكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذينَ لا يُريدُونَ عُلُوا في الأرْضِ وَلَا فَساداً والْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (2). بَلَى وَالله لَقَدْ بلى والله لقد

سمعوا، ولكن احلولت الدنيا في أعينهم، وراقهم ،زبرجها، والذي فلق الحبة وبرأ لنسمة لولا حضور الناصر وقيام الحجة، وما أخذ الله تعالى

على العلماء أن لا يقروا على كظة ظالم ولاسغب مظلوم لأ لقيت حبلها غاربها ولسقيت آخرها بكاس أولها ولا لفيتم دنياكم أزهد عندي من

عفطة عنز قال: وناوله رجل من أهل السواد كتابا فقطع كلامه وتناول الكتاب فقلت يا أمير المؤمنين علیه السلام لو اطردت مقالتك إلى

حيث بلغت. فقال: ههیات یا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرّت.

فما أسفت على كلام قط كأسفى على كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذ

لم يبلغ حيث أراد . (3)

ص: 309


1- القصص : 83
2- القصص : 83
3- معاني الاخبار؛ للشيخ الصدوق: 360-362

مقارنة الكتب

ونكتفي من مقارنة الكتب بالكتاب رقم (41) في روايتي الكشّي (ت /328ه-)

والرضي ( ت / 406ه-) قال الرضي: وَمِنْ كِتابٍ لَه ُعلیه السلام إِلى بَعْضٍ عُمّالِهِ :

وقال الكشي ( ت / 328ه-) : روى علي بن يزداد الصائغ الجرجاني، عن عبد العزيز بن محمّد بن عبد الأعلى الجزري، عن خلف المخزومي البغدادي، عن سفيان بن سعيد ، عن الزهري، قال: سمعت الحارث يقول : استعمل علي صلوات الله عليه على البصرة عبد الله بن عباس، فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وترك عليا ، وكان مبلغه ألفي ألف درهم. فصعد عليّ علیه السلام المنبر حين بلغه ذلك فبكى فقال: هذا ابن عم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يفعل مثل هذا، فكيف يؤمن من كان دونه؟ اللهم إنّي قد مللتهم فأرحني منهم واقبضني اليك غير عاجز ولا ملول.

علمه وقدره

قال الكشي: قال شيخ من أهل اليمامة ، يذكر عن معلى بن هلال، عن الشعبي، :قال : لما احتمل عبد الله بن عباس بيت مال البصرة وذهب به إلى الحجاز . كتب إليه علي بن أبي طالب:

ص: 310

أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي كُنْتُ أَشْرَكْتُكَ فِي أَمَانَتِي وَجَعَلْتُكَ شِعَارِي وَبِطَانَتِي، وَلَمْ يَكُنْ رجل من أَهْلِي أَوْثَقَ مِنْكَ في نَفْسِي لِمُوَاسَاتِي وَمُوَازَرَنِي، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ إلَيَّ : فَلَمَّا رَأَيْتَ الزَّمَانَ عَلَى ابْنِ عَمِّك قَدْ كَلِبَ، وَالْعَدُوَّ قَدْ حَرِبَ، وَأَمَانَةَ النَّاسِ قَدْ خَزِيَتْ، وَهَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ فَنَكَتْ وَشَغَرَتْ ، قَلَبْتَ لابْنِ عَمِّك ظَهْرَ المجن، فَفَارَقْتَهُ مَعَ الْمُفَارِقِينَ، وَخَذَلتَهُ مَعَ الْخاذِلِينَ، وَخُنْتَهُ مَعَ الْخَائِنِينَ، فَلَا أَبْنَ عمك آسَيْتَ، وَلَا الأَمَانَةَ أَدَّيْتَ. وَكَأَنَّكَ لَمْ تَكُن الله تُرِيدُ بِجِهَادِكَ، وَكَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ، وَكَأَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تَكِيدُ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَن دُنْيَاهُمْ، وَتَنْوِي غِرَّتَهُمْ عَنْ فَيْنِهِمْ، فَلَمَّا أمكنتك السُّدَّة في خِيَانَةِ الأُمَّةِ أَسْرَعْتَ

الكَرَّةَ، وَعَاجَلتَ الرتبة، وَاخْتَطَفت ما

الوَثْبَةَ،

قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمُ المَصُونَةِ لِأَرَامِلِهِمْ وَأَيْتَامِهِم، أُخْتِطَافَ الذُّنْبِ ،

اَلْأَزَلُ دَامِيَةَ الْمِعْرَى الْكَسِيرَةَ، فَحَمَلْتَهُ إلى الحِجازِ رَحِيبَ الصَّدْرِ بِحَمْلِهِ، غَيْرَ متَألّم مِنْ أَخْذِهِ، كَأَنَّكَ لَا أَبَا لِغَيْرِك حَدَرْتَ إِلَى أَهْلِكَ تُرَانَكَ مِنْ أَبِيكَ وَأُمِّكَ. من عبد الله علي بن أبي طالب إلى عبد

الله بن عباس، أما بعد: فاني قد كنت أشركتك في أمانتي، ولم يكن أحد من أهل بيتي في نفسي أوثق منك المواساتي وموازرتي وأداء الامانة اليّ، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدوّ عليه قد حرب، وأمانة الناس قد غزّت، وهذه الأمور قد ،فشت قلبت لابن عمك ظهر المجن،وفارقته مع المفارقين وخذلته أسوء خذلان الخاذلين. فكأنك لم تكن تريد الله بجهادك، وكأنك لم تكن على بيّنة

من ربك، وكأنك انما كنت تكيد أمة محمد علی ،دنیاهم، وتنوي ،غرتهم، فلما أمكنتك الشدة في خيانة أمة محمد أسرعت الوثبة وعجلت العدوة فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف

الذئب الازل دامية المعزي الكسيرة كأنك - لا أباً لك - انما جررت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك

ص: 311

فَسُبْحانَ اللَّهِ أَمَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ أَوَ ما

تَخافُ نِقاشَ الْحِسَابِ أَيُّهَا الْمَعْدُودُ كَانَ

عِندَنا - مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ كَيْفَ تُسِيعُ

شَرَاباً وَطَعاماً، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ تَأكُلُ

حَرَاماً، وَتَشْرَبُ حَرَاماً، وَتَبْتاعُ الإماءَ

وَتَنْكِحُ النِّسَاءَ مِنْ اموال اليتامى وَالمَساكِينِ وَالْمُؤْمِنِينَ المجاهِدِينَ،

الَّذِينَ أَفاءَ اللهُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الأَمْوَالَ،

وَأَخْرَزَ بِهِمْ هَذِهِ الْبِلَادَ !

فَاتَّقِ اللهَ وَأَرْدُدْ إِلَى هَوْلاءِ الْقَوْمِ أَمْوَالَهُمْ:

فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْكَ. لَأُعْذِرَنَّ إِلَى اللهِ فِيكَ، وَلَأَضْرِبَنَّكَ بِسَيْفِي قال الَّذِي مَا ضَرَبْتُ بِهِ أَحَداً إِلَّا دَخَلَ النَّارَ. ب و وَاللهِ لَوْ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَعَلَا مِثْلَ

الَّذِي فَعَلْتَ، ما كانَتْ لَهُما عِنْدِي هَوَادَةٌ،وَلا ظَفِرَا مِنِّي بِإِرَادَةٍ، حَتَّى أخُذَ الحَقَّ

مِنْهُما ، وَأُرِيحَ الْباطِلَ عَنْ مَظلَمَتِهما. وَأُقْسِمُ بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ما يَسُرُّنِي أَنَّ ما أَخَذْتَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَلَالٌ لِي، أَتْرُكُهُ

ميراثاً لِمَنْ بَعْدِي، فَضَحٌ رُوَيْد أَفَكَأَنَّكَ قَدْ وريك

بَلَغْتَ الْمَدَى، وَدُفِنْتَ تَحْتَ الثَّرَى ، وَعُرِضَتْ عَلَيْك أَعْمَالُك بالمحل الذي

يُنَادِي الظَّالِمُ فِيهِ بِالْحَسْرَةِ، وَيَتَمَنَّى

الْمُضَيِّعُ فِيهِ الرَّجْعَةَ ، وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ !

سبحان الله، أما تؤمن بالمعاد ؟ أو ما تخاف من سوء الحساب؟ أو ما يكبر عليك أن تشتري الاماء وتنكح النساء بأموال الارامل والمهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد؟ اردد إلى القوم أموالهم، فوالله لئن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لا عذرنّ الله فيك، فوالله لو أن حسنا وحسينا فعلا مثل ما فعلت لما كانت لهما عندي في ذلك ،هوادة ولا لواحد منهما عندي فيه رخصة حتى آخذ الحق وازيح الجور عن مظلومها، والسلام

قال : فكتب إليه عبد الله بن عباس، أما بعد ، فقد أتاني كتابك ، تعظم علي اصابة المال الذي أخذته من بيت مال البصرة، ولعمري أن لي في

بيت مال الله أكثر مما أخذت، والسلام. : فكتب إليه علي بن أبي طالب : اما بعد ، فالعجب كل العجب من تزيين نفسك، أن لك في يت مال الله أكثر مما أخذت وأكثر مما لرجل من المسلمين، فقد أفلحت ان كان تمنيّك الباطل، وأدعاؤك ما لا يكون ينجيك من الاثم .ويحل لك ما حرم الله عليك، عمرك الله ، أنك لانت العبد المهتدي إذا. فقد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا وضربت بها عطنا تشتري مولدات مكة والطائف، تختارهن على عينك، وتعطي فيهن مال غيرك، وأني لاقسم بالله ربي ربّک ربّ العزة، ما يسرني أن ما أخذت من أموالهم لی حلال أدعه لعقبي ميراثا فلا غرو أشد باغتباطك تأكله رويدا رويدا، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت على ربك المحل الذي تتمنى

الرجعة، والمضيّع للتوبة ذلك وما ذلك ولات حين مناص والسلام.

ص: 312

وأضاف الكشي ( ت / 328ه-) : «قال : فكتب إليه عبد الله بن عباس : اما بعد، فقد أكثرت علىٌ فوالله لئن ألقى الله بجميع ما في الارض من ذهبها وعقيانها(1) أحب إلي أن القي الله بدم رجل مسلم. ويلاحظ أن الرضي لم يصرح باسم المرسل إليه واكتفى بالقول: « الى بعض عماله وهذا يكشف عن موقف حذر من سطوات الحكام المتطرفين وهو يعيش في دولة العباسيين بينما رواية الكشي تصرح بذلك، ولعل مصدر الرضي كان كتاباً آخر لم يكن فيه التصريح بالاسم، والله العالم.

مقارنة الحكم

ونكتفي في مقارنة الحكم بالارقام ( 42) و( 43) بروايتي المنقري ( ت / 212ه-)

والرضي ( ت / 406 ه- قال الرضي في الحكم (42) و (43) ما نصه :

42 - وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي عِلَّةٍ أَعْتَلُّها :

جَعَلَ الله ما كانَ مِنْ شَكواك حَطَّاً لِسَيَّاتِكَ، فَإِنَّ الْمَرّضَ لا أَجْرَ فِيهِ، وَلكِنَّهُ يَحُطُّ السَّيِّئاتِ وَيَحْتُها حَتَّ الْأَوْراقِ ، وَإِنَّمَا الْأَجْرُ فِي الْقَوْلِ بِالنِّسانِ وَالْعَمَلِ بِالْأَيْدِي وَالْأَقْدامِ، وَإِنَّ الله سُبْحانَهُ يُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَالسَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبادِه الجنّةَ.

قال الرضي رحمه الله تعالى : وأَقُولُ: صَدَقَ عَلَيْهِ السَّلام، إِنَّ الْمَرْضَ لا أَجْرَ فِيهِ. لأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ ما يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْعِوَضُ : لَأَنَّ الْعِوَض يُسْتَحَقُّ عَلَى مَا كَانَ في مُقابَلَةِ فِعْلِ الله تعالى بِالعَبْدِ مِنَ الآلامِ وَالْأَمْراضِ وَما يَجْرِي مَجْرى ذلِكَ، وَالْأَجْرُ وَالتَّوابُ يُسْتَحقَّانِ عَلى ما كانَ في مُقابَلَةِ فِعْلِ الْعَبْدِ ، فَبَيْنَهُما فَرْقٌ قَدْ بَيَّنَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ كَمَا يَقْتَضِيهِ عِلْمُهُ الثَّاقِبُ، وَرَأْيُهُ الصّانِبُ.

ص: 313


1- اختيار معرفة الرجال ؛ للشيخ الطوسي 1: 279

43 - وقال عَلَيْهِ السَّلامُ في ذِكْرِ خَبّابِ بْنِ الأَرَتْ رحمه الله : يَرْحَمُ الله خَبَاباً ! فَلَقَدْ أَسْلَمَ راغباً ، وَهاجَرَ طائعاً ، وَعاشَ مُجاهِداً.

طُوبى لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعادَ ، وَعَمِلَ لِلْحِسابِ ، وَقَنعَ بِالْكَفَافِ، وَرَضِيَ عَن الله. وقد جاءت الحكم الثلاث في رواية المنقري ( ت / 212 ه-) ونصها في وقعة صفين، في فصل بعنوان مقدم علي من صفين إلى الكوفة»: نصر، عن عمر عن عبد الرحمن بن جندب قال : لما أقبل على من صفين أقبلنا معه، فأخذ طريقا غير طريقنا الذى أقبلنا فيه فقال على آئبون عائدون، لربنا حامدون. اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة (1) فخرج الأنماريون بنو سعيد بن حزيم (2) واستقبلوا عليا فعرضوا عليه النزول فلم يقبل فبات بها، ثم غدا وأقبلنا معه حتى جزنا النخيلة ورأينا بيوت الكوفة، فإذا نحن بشيخ جالس في ظل بيت على وجهه أثر المرض، فأقبل إليه عليّ ونحن معه حتى سلم عليه وسلمنا عليه . قال : فرد ردا حسنا ظننا أن قد عرفه فقال له علي ما لي أرى وجهك منكفتا (3) ، أمن مرض ؟ قال : نعم. قال: فلعلك كرهته فقال: ما أحب أنه بغيري قال: أليس احتسابا للخير فيما أصابك منه ؟ قال بلى قال : أبشر برحمة ربك وغفران ذنبك، من أنت يا عبد الله ؟ قال : بلى.

قال : أنا صالح بن سليم قال : ممن من أنت ؟ قال : أما الأصل فمن سلامان بن طي وأما الجوار والدعوة فمن بني سليم بن منصور . قال: سبحان الله، ما أحسن

ص: 314


1- صندوداء ، ضبطت في معجم ياقوت بفتح الصاد وسكون النون وفتح الدل مع المد. وهي بلدة في الطريق ما بين الشام والعراق.
2- كذا. وفي الطبري (33: 6) : « الأنصاريون بنو سعد بن حرام».
3- الطبري: (منكفنا) ، وهما بمعنى ، أي متغيرا.

اسمك واسم أبيك ادعيائك (1) واسم من اعتزيت إليه، هل شهدت معنا غزاتنا هذه ؟ قال : لا والله ما شهدتها، ولقد أردتها، ولكن ما ترى بي من لحب الحمّى (2) خذلني عنها، قال علي : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورُ رَحِيمُ (3)أخبرني ما يقول الناس فيما كان بيننا وبين أهل الشام؟ قال: منهم المسرور فيما كان بينك وبينهم، وأولئك أغشاء الناس، ومنهم المكبوت الآسف لما كان من ذلك، وأولئك نصحاء الناس لك. فذهب لينصرف فقال: صدقت ، جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه ولكن لا يدع

، للعبد ذنبا إلا حطّه . إنما الأجر في القول باللسان، والعمل باليد والرجل، وإن ّالله

عز وجل يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة عالما جما من عباده الجنة . ثم مضى غير بعيد فلقيه عبد الله بن وديعة الأنصاري، فدنا منه وسأله فقال: ما

عت الناس يقولون في أمرنا هذا؟ قال: منهم المعجب به، ومنهم الكاره له والناس كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ (4) . فقال له: فما يقول ذوو الرأي ؟ قال : يقولون إن عليا كان له جمع عظيم ففرّقه، وحصن حصين فهدمه، فحتى متى يبني مثل ما قد هدم ، وحتى متى يجمع مثل ما قد فرّق . فلو أنّه كان مضى بمن أطاعه إذا عصاه من عصاه، فقاتل حتى يظهره الله أو يهلك ، إذن كان ذلك هو الحزم. فقال علي: أنا هدمت أم هم هدموا أم أنا فرّقت أم هم فرّقوا؟ وأما قولهم لو أنه مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل حتى يظفر أو

ص: 315


1- أصل الدعى المنسوب إلى غير أبيه ، وأراد بالأدعياء الأحلاف ، من الدعوة وهى الحلف. يقال : دعوة فلان في بنى فلان وفي الأصل: (أعدادك) صوابه من الطبري .
2- لحب الحمى : إنحالها الجسم ، ويقال : الحب الرجل ، بالكسر ، إذا أنحله الكبر
3- التوبة : 91.
4- هود : 118.

يهلك ، إذن كان ذلك هو الحزم - فو الله ما غبي عني ذلك الرأي (1) ، وإن كنت السخيا بنفسي عن الدنيا (2) ، طيب النفس بالموت. ولقد هممت بالإقدام على القوم، فنظرت إلى هذين قد ابتدراني - يعني الحسن والحسين - ونظرت إلى هذين قد استقدماني - يعني عبد الله بن جعفر ومحمّد بن علي - فعلمت أن هذين إن هلكا انقطع نسل محمّد من هذه الأمة، فكرهت ذلك. وأشفقت على هذين أن يهلكا، وقد علمت أن لولا مكاني لم يستقدما - يعني محمد بن علي وعبد الله بن جعفر -

وايم الله لئن لقيتهم بعد يومي لألقينهم وليس هما معي في عسكر ولا دار. قال : ثم مضى حتى جزنا دور بني عوف، فإذا نحن عن أيماننا بقبور سبعة أو ثمانية ، فقال أمير المؤمنين : ما هذه القبور ؟ فقال له قدامة بن عجلان الأزدي يا أمير المؤمنين، إن خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك، فأوصى أن يدفن في الظهر، وكان الناس إنما يدفنون في دورهم وأفنيتهم، فدفن الناس إلى جنبه . فقال علي: رحم الله خبابا، قد أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا وابتلي في جسده أحوالا ، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا فجاء حتى وقف عليهم ثم قال عليكم السلام يا أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وأنتم لنا سلف وفرط ونحن لكم تبع، وبكم عما قليل لاحقون اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز عنا وعنهم ثم قال: الحمد لله الذي جعل الأرض كفاتا، أحياء وأمواتا، الحمد لله الذي جعل منها خلقنا وفيها يعيدنا، وعليها يحشرنا . طوبى لمن ذكر المعاد

وعمل للحساب، وقنع بالكفاف، ورضى عن الله بذلك، ثم أقبل حتى دخل سكة

ص: 316


1- غبى عنه : لم يفطن له . وفي الأصل : ما غنى عن ذلك الرأي) وفي الطبري (غبي عن رأبي ذلك) ووجههما ما أثبت.
2- في الأصل: السخي النفس بالدنيا) صوابه من الطبري .

الثوريين فقال: خشوا بين هذه الأبيات(1)

ولنعم ما قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في عنوان كتاب النهج مصدر لا يحتاج الى مصدر ان كتاب يرويه ثقة عدل بصير ثبت ثم تمر عليه قرون وعصور تتداوله الناس وتتناقله الايدي وتتلقاه العلماء بالقبول ويبلغ من الاعتبار والعناية أن تعلق عليه شروح جمة من الافاضل والاعلام الجدير بان يكون أعظم مصدر واكبر مرجع :

وليس يصح في الافهام شيٌ*** إذا احتاج النهار إلى دليل

ذاك كتاب نهج البلاغة وما أدراك ما نهج البلاغة ؟ كتاب دونه أكثر المصادر شأناً وأوثق المراجع منزلة، واستعرضته الافكار ونخبتة الآراء، وقد اظهره الشريف لذلك الملأ وفي ذلك القرن الذي ازدهرت فيه الآداب ومحصت الاثار ونبغ النوابغ، وأنتج للامة العربية أعظم ثروة علمية، لا يخفى على رجاله دين ولا ،وضع، ولا يفوتهم رد ولا نقد، والعهد قريب والأسانيد عالية، والمصادر بالايدي، أظهره الشريف بصراحة وجلاه على منصف (2) ان النهج مصدر قائم بذاته، شأنه شان كل مصادر الآداب العربية في القرن الخامس، وقد ركز الرضي على هدف واحد هو اختيار البليغ من نص ما روي عن الإمام، كما هو شأن الادباء، ولم يركز على تاريخ النصوص ؛ لأنه من شأن المؤرخين، كما لم يركز على شرح المرويات؛ لان ذلك من شأن الشراح، وترك ذكر الأسانيد؛ لان ذلك من شأن المحدثين، وأصبح لسد الفراغ الملموس مجال واسع لمن رغب في ذلك.

ص: 317


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 530528
2- مدارك نهج البلاغة : 4 : 64 ، ط / 1354 ه-.

ص: 318

أسانيد نهج البلاغة

اشارة

والأسانيد لما يحتويه نهج البلاغة على ثلاثة أصناف:

الصنف الاول: ما رواه بأسانيد علم الى الإمام علي علیه السلام، وهذا يتكفله هذا وهو الصنف الغالب من الأسانيد، يراجع النصوص في الخطب والكتب

المسند

والحكم بأرقامها.

الصنف الثاني : ما رواه ابناء الإمام علي علیه السلام وسلالته من ائمة اهل البيت علیهم السلام الذين احتفظوا بتراث جدهم علي بن أبي طالب، واستشهدوا بها في مواضع الحاجة، فهي رواية الأبناء عن الآباء على علیه السلام ما هو مشروح في دراية الحديث فَحَذف الاسناد منهم الى جدهم لوضوحه عندهم، كما شرحته في دراية الحديث، فليراجع.

وقد صرح بذلك سادس ائمة اهل البيت جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام(ت / 148 ه- )فيما رواه الشيخ الكليني في ( الكافي ) باسناده عن علي بن محمّد،( 148ه-) عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز، عن هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وغيره قالوا: سمعنا أبا عبد الله علیه السلاميقول: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث

ص: 319

الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين علیه السلام وحديث أمير

المؤمنين حديث رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و حدیث رسول الله قول الله عز وجل » .(1)وهذا النوع من الرواية تفتقر الى ذكر الأسانيد، ويكتفى عادة بالقول فيها : ( عن آبائه » أو « مرفوعاً » تجنّبا عن الاطالة بذكر الاسماء المعروفة في سلسلة الاسناد. وهذا النوع من الاسناد كثير في أسانيد اهل البيت ومغفول عنه - عادة - في أحاديث غيرهم، وقد أوردتها في المسند بعنوان : المتابعات، وما روي عن طريق غيرهم بعنوان: الموافقات

مقارنة بين المتابعات والموافقات

مقارنة بين المتابعات والموافقات والمقارنة بين الحكمة ( 289) من رواية الرضي، والمتابعات من رواية أبي محمّد الحسن بن شعبة الحراني

( ت / 336 - ح ) في تحف العقول

ص: 320


1- الكافي 53:1 .

رواية الرضى

وقال عَلَيْهِ السَّلام: كَانَ لِي فِيمَا مَضى أَخٌ في اللهِ، وَكانَ يُعَلِّمُهُ في عَيْنِي صِغَرُ الدُّنْيا

في عَيْنِهِ، وَكانَ خارجاً مِنْ سُلْطَانٍ بَطْنِهِ، فَلا

يَشْتَهِي ما لا يَجِدُ وَلا يُكْثِرُ إِذا وَجَدَ، وَكَانَ

أَكْثَرَ دَهْرِه صامتاً، فإن قال : بَد القائِلِينَ

وَنَقَعَ غَلِيلَ السّائِلِينَ ، وَكانَ ضَعِيفاً مُسْتَضْعَفاً ،

فإن جاءَ الجِد فَهُوَ لَيْتُ غاب وصل وادٍ.

لا يدلي بحجةٍ حَتَّى يَأْتِيَ قاضياً ، وَكانَ

فَإِنْ لا يَلُومُ أَحَداً على ما لا يَجِدُ الْعُذْرَ في مِثْلِهِ

حتى يَسْمَع أَعْتِدَارَهُ، وَكانَ لا يشكُو وَجعاً إِلَّا

عِنْدَ بُرْلِهِ، وَكانَ يَقُولُ ما يَفْعَلُ وَلا يَقُولُ ما

لا يَفْعَلُ. وَكانَ إذا غُلِبَ عَلَى الكَلامِ لَمْ يُغْلَبْ عَلَى السُّكُوتِ، وَكَانَ عَلى أَنْ يَسْمَعَ أَحْرَصَ

مِنْهُ عَلى أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَكَانَ إِذَا بَدَهَهُ أَمْرانِ

يَنظُرُ أَيُّهُما أَقْرَبُ إِلَى الْهَوى فَيَخَالَفَهُ. فَعَلَيْكُمْ بِهذِهِ الْخَلائِقِ فَالْزَمُوها وَتَنافَسُوا فيها ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوهَا فَاعْلَمُوا أَنَّ أَخَذَ القَلِيلِ خَيْرٌ مِنْ تَرْك الكَثِيرِ.

رواية تحف العقول

وقال علیه السلام في وصف أخ كان له صالح (1) :

كان من أعظم الناس في عيني. وكان راس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه كان

خارجا من سلطان الجهالة، فلا يمد يداً الّا على ثقة لمنفعة ، كان لا يشتكي ولا يتسخط ولا يتبرم ، كان أكثر دهره صامتا فإذا قال:

يدّ القائلين. كان ضعيفا مستضعفا، فإذا جاء الجد فهو الليث عاديا ، كان إذا جامع العلماء على أن يستمع أحرص منه على أن يقول ، كان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت كان لا يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول كان إذا عرض له أمران لا يدري أيهما أقرب إلى ربّه نظر أقربهما من هواه ،فخالفه، كان لا يلوم أحدا على ما قد يقع

العذر في مثله (2)

ص: 321


1- رواه الكليني ؛ في الكافي عن الحسن بن علي 80 بنحو أبسط وأورده الرضي افي النهج عن أمير المؤمنين 7 هكذا وقال : كان لى فيما مضى اخ في الله . قال ابن میثم ذكر هذا الفصل ابن المقفع في أدبه ونسبه إلى الحسن بن علي 8 والمشار إليه قيل : أبو ذر الغفاري وقيل : هو عثمان : بن مظعون انتهى . ولا يبعد أن يكون المراد به أباء 7 عبر هكذا المصلحة.
2- تحف العقول ؛ لاين شعبة : 234

ومن الموافقات رواية الخطيب البغدادي ( ت / 463 ه-) في تاريخ بغداد برقم ( 6757) عن عثيم الزاهد، قال: أخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، حدثنا محمّد بن الحسين بن حميد اللخمي، حدثني خضر بن أبان بن عبيدة الواعظ، حدثني عثيم البغدادي الزاهد، حدثني محمد بن كيسان - أبو بكر الاصم قال : قال الحسن بن علي ذات يوم لاصحابه : اني أخبركم عن أخ لي وكان من أعظم الناس في عيني وكان رأس ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه كان خارجا من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد ، ولا يكثر إذا وجد ، وكان خارجا من سلطان فرجه فلا يستخف له عقله ولا رأيه، وكان خارجا

من بدأ سلطان الجهلة فلا يمد يداً الا على ثقة المنفعة، كان لا يسخط ولا يتبرم، يتبرم ، كان

إذا جامع العلماء يكون على ان يسمع أحرص منه على أن يتكلم، كان إذا غلب على الكلام لم يغلب على الصمت، كان أكثر دهره صامتا فإذا قال بذ القائلين ، كان لا يشارك في دعوى ولا يدخل في مراء ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا، كان يقول ما يفعل ويفعل ما لا يقول تفضّلا وتكرّما ، كان لا يغفل عن إخوانه ولا يختص بشي دونهم، كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله ، كان إذا ابتداء امران

لا يدري أيهما أقرب إلى الحق نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه (1)

الصنف الثالث : ما ذكرت بعض المراجع بعض النصوص مسندة عر عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم برواية بعض الصحابة، ويكون عليا قد استشهد بها ، فوجدها الرضي في مصدر الرواية موقوفاً عليه، ومن اجل ذلك أوردها منسوبة اليه، وقد صرّح الرضي بذلك في موارد :

1 - الحكمة (122) ونصها : وقال عَلَيْهِ السَّلامُ وَقَدْ تَبِعَ جِنازَةٌ فَسَمِعَ رَجُلاً

ص: 322


1- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي .12 : 311

يَضْحَكُ، فَقَالَ: عَلَيْهِ السّلامُ: كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيها عَلَى غَيْرِنا كُتِبَ، وَكَأَنَّ الْحَقِّ فِيها عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ ، وَكَأَنَّ الَّذِي نَرى مِنَ الْأَمْواتِ سَفْرُ عَمَّا قَليلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ، نُبَوِّتُوهُمْ أَجْدَاتَهُمْ، وَنَأْكُلُ تُراقَهُمْ ، كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ ، قَدْ نَسِينا كُلُّ واعِظٍ وَواعِظَةٍ، وَرُمِينا بِكُلِّ فادح جائِحَةٍ.

2 - الحكمة (133) - وقال عليه السلام : طُوبى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَطابَ كَسْبُهُ، وَصَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ، وَحَسُنَتْ خَلِيفَتُهُ، وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مالِهِ، وَأَمْسَكَ الفَضْلَ مِنْ لِسانِهِ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَلَمْ يُنسَبْ إِلى البِدْعَةٍ. قال الرّضي رَحِمَهُ الله تعالى: أَقُولُ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَنْسُبُ هَذَا الكَلامَ إِلى رَسُولِ

الله ، صلى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ. 3 - الحكمة ( 476) - وقال : عَلَيْهِ السَّلامُ لزيادِ بْنِ أَبيه - وقد استخلفه لعبد الله - ابن العباس على فارِسَ وأعْمالِها، في كلام طويل كانَ بَيْنَهُما نَهَاهُ فيه عن تَقْدِيم الخَرَاج - : أَسْتَعْمِلِ الْعَدْلَ ، واحْذَرِ الْعَشفَ والحَيْف ؛ فإِنَّ الْعَشفَ يَعُودُ بالجَلاءِ، والحيف يَدْعُو إلى السَّيْفِ.

4 - الحكمة ( 477) - وقال : عَلَيْهِ السَّلامُ : أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.

5 - الحكمة ( 478) - وقال : عَلَيْهِ السَّلامُ : مَا أَخَذَ اللَّه عَلَى أَهْلِ الجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا

حتّى أخَذَ عَلَى أهْل العِلم أن يُعَلِّمُوا .

6 - الحكمة ( 479) - وقال : عَلَيْهِ السَّلامُ: شَرُّ الإِخْوَانِ مَنْ تُكَلَّفَ لَهُ. قال الرضي: لان التكليف مستلزم للمشقة ، وهو هو شر لازم عن الاخ المتكلف له

فهو شر الاخوان.

7 - المحكمة ( 480) - وقال : عَلَيْهِ السَّلامُ في كلام له : إذَا اخْتَشَمَ المُؤْمِنُ أَخاهُ

فَقَدْ فَارَقَهُ.

قال الرضي : يقال حشمه وأحشمه: إذا أغضبه، وقيل: أخجله، واحتشمه : طلب ذلك

منه، وهو مظنة مفارقته.

ص: 323

وليس ذلك بغريب على من تربى على يدي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له صغيراً، واتبعه اتباع الفصيل اثر امه يافعاً ، وخصه بالصهر شاباً ، وسار على سيرته الطاهرة شيخاً، ومن

ذلك يظهر ان الشريف الرضي وجدها مسندة الى علي علیه السلام في المصادر التي وقف عليها فاوردها في النهج، فيكون من رواه عن علي لم يثبته على أنه استشهاد منه علیه السلام بالكلام رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له كما يستشهد بالنصوص القرآنية وموارد الاقتباس

رسول لا تخفى على اللبيب في الادب العربي، ومما يوضح ذلك رواية ابن عساكر ت / 571 ه-) في « تاريخ مدينة دمشق » ، حيث قال: أخبرنا أبو الفتح المختار بن عبد الحميد بن المنتصر، وأبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق ، وأبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين، وأبو عبد الله محمِد بن العمركي بن نصر، قالوا : أنا عبد الرحمن بن محمّد بن المظفر ، أنا عبد الله بن أحمد بن حيوية، أنا إبراهيم بن ،خزیم نا عبد بن حمید نا محمّد بن عبيد نا المختار بن نافع عن أبي مطر :قال خرجت في المسجد، فإذا رجل ينادي من خلفي: ارفع إزارك فإنه أنقى لثوبك وأنقى لك ، وخذ من رأسك إن كنت مسلما، فمشيت خلفه وهو بين يدي مؤتزر بإزار مرتدي برداء ومعه الدرة كأنه أعرابي بدوي ، فقلت : من هذا ؟ فقال لي رجل : أراك غريبا بهذا البلد ؟ فقلت: أجل، رجل من أهل البصرة ، فقال : هذا علي أمير المؤمنين. حتى انتهى إلى دار بني أبي معيط وهو يسوق الإبل فقال: بيعوا ولا تحلفوا فإن اليمين تنفق السلعة وتمحق البركة ، ثم أتى أصحاب التمر فإذا خادم

تبكي، ، فقال : ما يبكيك؟ فقالت : باعني هذا الرجل تمرا بدرهم فرده مولاي فأبى

ما

أن يقبله، فقال له على خذ تمرك وأعطها درهمها فإنها ليس لها ،أمر فدفعه فقلت: أتدري من هذا ؟ فقال : لا ، فقلت هذا على أمير المؤمنين علیه السلام، فصب تمره

وأعطاها درهمها، قال: أحب أن ترضى عني يا أمير المؤمنين قال: ما أرضاني عنك إذا أوفيتهم حقوقهم.

ص: 324

ثم مرّ مجتازا بأصحاب التمر فقال : يا أصحاب التمر أطعموا المساكين

يرب كسبكم .

ثم مر مجتازا ومعه المسلمون حتى انتهى إلى أصحاب السمك ، فقال : لا يباع

في سوقنا طافي. ثم أتى دار فرات - وهي سوق الكرابيس - فأتى شيخا فقال : يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم ، فلما عرفه لم يشتر منه شيئا ، ثم أتى آخر فلما عرفه لم يشتر منه شيئا ، فأتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ولبسه ما بين الرصعين إلى الكعبين يقول في لبسه : الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما

، أتجمل به فى الناس وأواري به عورتي فقيل له: يا أمير المؤمنين ، هذا شي ترويه عن نفسك أو شي سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا، بل شي سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله عند الكسوة، فجاء أب الغلام صاحب الثوب فقيل له: يا فلان قد باع ابنك اليوم من أمير المؤمنين وهو جالس مع المسلمين على باب الرحبة، فقال: أمسك هذا الدرهم فقال: ما شأن هذا الدرهم ؟ فقال : كان قميصا ثمن در همین قال: باعني رضاي وأخذ رضاه. (1)

ص: 325


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 : 485

ص: 326

هذا المسند

اشارة

ان أهم مشكلة يعانيه الباحث هو اختلاف الروايات نصاً واسناداً وطولاً وقصراً، مما يظهر ان الرواة قد اقتطعوا من الخطبة ما رأوه مناسباً لزمن الرواية والموضوع،

ولم يكن همّهم الرواية للنصّ كاملاً ، فاكتفوا بالأطراف والمقاطع خاصة. واختلاف الروايات نصاً هو الذي دعى الجامع الشريف الرضي إلى ان يكرر بعضها كما تقدم، ومهما كانت الاسباب في اختلاف الروايات، فان ذلك يكشف عن اصل صادر من الإمام علي علیه السلام في مناسبات مختلفة ضبطها كل من الرواة حسب ما تلقاه منه في الخطب تارة، والرسائل اخرى، أو هما معاً.

ان اهتمام الرواة بالمادة المروية هو الذي أوجب كثرة الرواية في بعض المرويات دون غيرها، فالرواة الشاميون نقلوا ما فيه قدح اهل العراق والرواة من غيرهم نقلوا ما يهمهم وللمثال راجع الخطبة (25) و (29). واختلاف الروايات ترافق اهتمامات خاصة للرواة، وذلك يلازم تعدد

الأسانيد، ومن أجل ذلك لابد من دراسة الأسانيد.

وقد تسالم اصحاب الفكر على المصادر المتوارثة جيلاً بعد جيل، ومنها

نهج البلاغة، شأنه شأن كل المصادر الفكرية والآداب العربية.

ص: 327

وفي مواجهة الشبهات حول نهج البلاغة ألف جمهور من الاعلام كتباً في

الموضوع وتناولوا مناقشة الشبهات ( راجع القسم الأول).

وقد تعرض لهذا الموضوع أيضاً سيدنا الاستاد زعيم الحوزة العلمية في النجف السيد ابو القاسم الخوئي دام ظله الوارف في درسه في الاصول ليلاً في مسجد الخضراء بتاريخ شهر رجب سنة 1380 ، حيث تعرض في البحث لعهد مالك الاشتر وأفاد دام ظله : «ان هذا العهد لم يثبت سنده، وان كانت كلماته ظاهراً تشبه كلام الامير سلام الله عليه، ولكن هذه المشابهة بحسب الظهور انما تفيد في سائر الجهات ولا تفيد الاطمئنان بالصدور في الفقه والافتاء». انتهى كلامه، ولم يفصل المراد من سائر الجهات، ومع ان التفصيل بينها وبين الصفة تحكم محض ؛ فان كلامه دام ظله وان كان حقاً في الجملة ؛ لخلق النهج من الأسانيد كما هو واضح ، إلا ان هناك جمهرة من الأسانيد كالعهد وكغيره من النصوص كاملة أو الأطرافها مما اكتفى الرواة بما يهمهم من النصوص لحاجة ماسة له، ومن ذلك بحث الافتاء، حيث استند الفقهاء إلى قوله : اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك على اعتبار الأعلمية في القاضي دون غيره من أطراف العهد، وراجع أسانيده في الكتاب رقم (53) وانما اهمل الرضي الأسانيد لكونها ليست في عرض أهدافه.

ومن أجل ذلك ابتدأت بتأليف هذا المسند في جوار حامي الجار أبي الأحرار حيدر الكرار، فوجدت انه قد اهتم بالبحث في ذلك باحثان علمان كل تحت عنوان مستقل وهما شيخان جليلان تجمعهما رابطة الأدب وان اختلفا في المذهب والمشرب والعنوانان هما

الاول - مدارك نهج البلاغة : وهو للشيخ الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في كتاب مفرد بهذا العنوان ، طبع بمطبعة الراعي في النجف الاشرف ، عام 1354ه-.

ص: 328

وقد احسن كاشف الغطاء في اختيار عنوان مدارك دون «مصادر»؛ فانها حسب اجتهاده - مدارك للنص، ولا سبيل الى دعوى انها المصادر التي اعتمد عليها الرضي، وخاصة بالنسبة الى ما تأخر عن عصر الشريف الرضي كما هو واضح وكلما كان أبعد كان أشكل ، وقد اجاد فيما افاد وان لم يرقم المواد ترقيما متسلسلاً.

الثاني - استناد نهج البلاغة : لامتياز علي العرشي، فقد بذل حفظه الله جهداً مشكوراً في سرد مصادر نهج البلاغة التي تمكن من الوقوف عليها، وذكرها متسلسلة فبلغ المجموع 220 ، فمن الخطب والكلام (104) ومن الكتب والرسائل (37) ومن الحكم (79) ، وأما ما لم يذكره فيها من الخطب فهي (137)

(42) ومن الكتب ( 42 ) ومن الحكم ( 390 ) . والملاحظ ان الارقام مختلفة من حيث

(39)

الترقيم في مختلف الطبعات .

ولم يشر دام فضله الى ارقام الحكم في الأصل، بل رقمها متسلسلاً، لذلك فنحن نشير الى ترقيمه في هذا الباب، ونطلق ما لم يذكره ، هذا وقد رقم العرشي مصادر الحكم التي وقف عليها بالتسلسل هي من (1) الى (79) ، وقد أوردنا کلامه في مواردها حسب تسلسل الطبعة المعتمدة.

وبالرغم من الجهد القدير الذي بذله كل واحد منهما ، فان المصادر التاريخية والموسوعات الادبية - على الأغلب - نقلت ما نقلت من النصوص المذكورة عن الإمام على علیه السلام مرسلة لها ارسال المسلّمات من دون تركيز على الاسناد، وذلك لتركيزهم على المحتوى المنقول حسب الحاجة الذي هو مادة التاريخ أو مادة الادب كل حسب منهجه في التأليف الذي استخدمه في كتابه.

أسانيد نهج البلاغة:

اشارة

وحذوت حذوهما وسرت على خطاهما، مستدركاً ما لم يذكراه، مقتصراً على

ص: 329

ما لي سند اليه، سواءاً ذكراه أو لم يذكراه، دون سواه. وقد قصدت تدوين الأسانيد التي وقفت عليها في ما رواه الشريف الرضي ت / 406 ه-) في النهج كلا أو بعض الاطراف مما يكشف عن تعدد الروايات المسندة كلاً أو بعضاً حسب ما رأى الرواة نقلها، حسب مقتضيات الاحوال ، كما ركز الرضي على انتقاء البليغ منها حسب المنهج الذي اتّبعه.

وبالوقوف على النصوص والاطراف المتناثرة في الروايات المختلفة، يقف الباحث على الجهد الكبير ، الجدير بكل تقدير، على ما قام به الشريف الرضي في

جمعه و تنسيقه ونضده وترتيبه

منهج التأليف: تقدمت الاشارة الى انه من المستحيل الوقوف على المصدر الذي استخدمه الرضي بالذات، سوى النزر اليسير الذي اشار الى اختلاف الروايات فيه على ما أشرنا اليه في مقارنة تلك المصادر من الخطب والكتب والحكم ، فليس القصد في هذا المسند ذلك ، وعسى ان يستهل الله سبحانه مراجع

اخرى مما يمكن ان تكون مصادر للشريف الرضي، أو ما تحتوي على اسانيد محتوى النهج، وغير خاف أنه ليس الغرض مقارنة النصوص المختلفة المروية باختلاف الروايات فان ذلك يقتضي دراسة مستقلة تقصر عنها اليد الواحدة كما

وانه ليس القصد ترجمة الرواة، فان ذلك بحث جدير بالاهتمام، وعسى ان يكون هذا المسند خطوة نحوها. وبها يكون تقويم الأسانيد حسب الطبقات بما ذكرته

في دراية الحديث، فليراجع.

والمنهج الذي اتبعته فى هذا الكتاب أمور

الاول - الاسناد اوردت اسنادي الموصول الى المصدر الذي يتضمن مقاطع مما نهج البلاغة مع ايراد النص الكامل بالرواية المتضمنة لتلك المقاطع، وبذلك ...

ص: 330

يظهر وحدة السياق، والمقارنة بين مستوى البلاغة بين ما انتقي وما لم ينتخب، ان كانت الرواية نفس المصدر الذي اعتمد عليه. والا فيكون المصدر المسند معززاً

الرواية النهج.

وذكرت في مقدمة الكتاب بعض اسانيدي الموصولة المتصلة. والتعقيبات والموافقات لجماعة تعرف قدرها - وما أقلها - عسى ان تكون صلة الأسانيد في سلسلة الأسانيد لما اختاره الرضي من المأثور عن الوصي، سواء في ذلك الأسانيد العامة أو الأسانيد الخاصة. وما تضمنه هذا المسند هو الأسانيد الى الاطراف التي وردت في نهج البلاغة ؛ فان الروايات المسندة لها ، تعضد ما في النهج ، ان لم تكن من مصادر الجامع، وأن كان الظن الغالب مما تقدمت روايته تاريخيا على وفاة الرضي ان تكون من مصادره، ولكن هذا الظن لا يرتقي الى درجة العلم. ولم اذكر ما لم يسنده المتأخرون عن الرضي؛ لاحتمال ان يكون النهج مصدرهم دون ما تقدم عليه ، فان نقلهم المأثور من دون اسناد يكشف عن شهرة المأثور في عصر الناقل كما لا يخفى على المتدبر، ومن هنا لم يهتم ارباب الادب بالاسانيد لشهرة المأثورات بين الأسانيد.

الثاني - النصوص الكاملة : واورد النصوص بكاملها ، لما في القرائن المحفوفة بالكلمة المنقولة مما يوضح المعنى المراد، الذي كان ذلك واضحاً للجامع. وحيث ان الرضي اقتطع منها ما رآه مختاراً بليغاً، وخفيت تلك القرآئن علينا في عصرنا جمعت النصوص كذلك مقدمةً لتوحيدها على اصول التحقيق المتداولة ،عصرنا، بعد مقارنتها مقارنة دقيقة، وحيث يصعب على اليد الواحدة مقارنة الروايات المختلفة، أوردتها كما هي عسى ان تقوم بذلك لجنة ذات قدرة وكفاءة تستخرج من الروايات المختلفة نصاً موحداً، مستخدمة العلامات الواضحة لكل

ص: 331

رواية منها ، من المعقوفتين والهلالين والقوسين والشارحتين وما شابه، والله نعم

الموفق والمعين.

الثالث - التخريجات ذكرت كلما ذكره كل من الشيخ هادي كاشف الغطاء

(ت / 1361ه-) وامتياز على عرشي حفظه الله في تخريجيهما. واوردت نص كلاميهما تقديراً لسبقهما، وندرة اثرهما في الاسواق، وأن كانا بمكان من الاغلاق ، وذكرت ما ذكراه في التخريج ان كان لهما منه شي ، ثم عقبت ذلك بما وقفت عليه من الاطراف والشواهد الواردة في الروايات المتطابقة بالاسناد. الرابع - النسخة المعتمدة : استعنت في تحديد المرويات في النهج على الطبعة التي وضعها السيد جواد المصطفوي الخراساني حفظه الله ، وهي طبعة دار الكتب الاسلامية - طهران ، سنة 1378 ه- حسب ما تيسر لى الوقوف عليه من الأسانيد الى

روايات نهج البلاغة ، معتمدا على المصادر التي اشرت اليها وغيرها من روايات مختلفة في اوقات متفرقة وفي بلاد متباعدة.

وحيث ان طبعات نهج البلاغة كثيرة ، ونسخها مختلفة ، اشرت اليها في القسم الاول، والى ما فيها من الاختلاف في الترتيب، ويظهر أنها من النساخ ، اعتمدت على طبعة الدكتور صبحي الصالح، بيروت - سنة 1378 ه- = 1967م ، لشيوعها في عصرنا وحسن طباعتها والتحقيق الرائع الذي قام به حفظه الله، وخاصة في تفسير المفردات واعداد الفهارس الفنية، وتشكيل النص، مما فاق على سائر الطبعات المتقدمة عليها ، مع ما فيها مما تكلّ عنه عين الرضا، كما اشرت اليه في القسم الأول، وسألحق بهذا المجلد جدولاً خاصاً بالمقارنة في تسلسل المحتوى

ان شاء الله.

وحيث انه حفظه الله لم يذكر النسخة المعتمدة عنده، اعددت جدولاً بمقارنة النسخ المخطوطة التي وقفت عليها من موارد الاختلاف في النسخ مع هذه الطبعة

ص: 332

المعتمدة، على ان تلحق بالمتن في الطباعة، وقد اشرت الى تلك النسخ في آخر القسم الأول، وعسى ان يتيسر غيرها ان شاء الله تعالى.

الخامس - المصطلحات وقد رمزت (ط) للخطبة و (ك) للكتاب، و (ح) للحكم و (غ) للغريب ؛ تغليباً على الكلام وللكتاب على الرسائل، وحيث ان هذا تحكم في منهج الرضي لم يكن يعنيه ، قررت ان أعبر عن القسم الأول بالرقم ليشمل كلاً من الخطبة والكلام العادي، والقسم الثاني عن الكتب والرسائل. والقسم الثالث في الحكم ، وصرحت في الغريب بالغريب، والارجاع التالي (3)۔ (10) يعني القسم الثالث رقم 100 من الطبعة المعتمدة لصبحي الصالح.

وفي الأسانيد: اعني بالاسناد الاول مصادر أهل البيت.

وبالاسناد الثاني: مصادر غيرهم.

وبالاسناد الثالث في مصادر الزيود من المصادر التي رويت عنهم

وفياتهم.

ثلة

وفي الختام : لايسعني إلا أن أضم صوتي الى ما قاله كل عن العلمين كاشف الغطاء والعرشي ، فقد قال كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) : « لكنا جريا على رغبة من اهل العصر في ذكر ما تصل اليه اليد من المصادر، عزمنا على الفحص والتنقيب قدر ما يتسع الوقت ،له ويتهيأ لنا الرجوع اليه ، فان من الكتب الموجودة عصرنا ما لم يتيسر الاطلاع عليها، وقد اكتفينا بما ظفرنا به والذي نراه ان المتتبع البصير يقف على اكثر من ذلك ، إلا انا قد منعنا من الاستقصاء والامعان في الفحص كثرة الاشتغال وضيق المجال، ويكفي من القلادة ما أحاط بالجيد .(1) وقال العرشي ما نصه : ( ولو بقيت خزانة الكتب الثمينة التي أحرقها الجهلاء، لعثرنا على مرجع كل مقولة مندرجة في نهج البلاغة، وكان كثير من مأخذ

ص: 333


1- مدارك نهج البلاغة : 66 ، ط / 1354ه-.

الكتاب موجوداً عند ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة ، فنقل العبارات منها

في شرحه (1).

وليس دوري سوى أني قد جمعت النصوص المسندة لاطراف ما في نهج البلاغة كخطوة في سبيل تحقيق النص بالاشارة الى تلك الاطراف في مواضعها من النهج بأسانيدها المنقولة على أسس التحقيق المقبولة.

وهذه خلاصة جهد فردي مع قصور الباع وقلة الاطلاع، واني لواثق ان لو تكاتفت الايدي للتفصي في المصادر لاستخرجت اللآلي والجواهر لكل مقولة منقولة عن أمير البلاغة في كلام ابلغ البلغاء علي بن أبي طالب علیه السلام. وعلى امل ان تتحق هذه الامنية بلجنة ذات قدرة وكفاءة اقدم هذه البضاعة المزجاة - وهي غيض من فيض، حيث لا يسع اليد الواحدة بأكثر منها - بأسانيدي الخاصة والعامة الى المصادر التي وقفت عليها واشرت اليها في معجم الاحاديث»، واليك بعضها

الأسانيد العامة

اشارة

للاسناد إلى جامع نهج البلاغة طرق كثيرة فصلنا عنها في إجازة الحديث»،

فلتراجع.

الاسناد الاول - الى مصادر اهل البيت

اشارة

وأنقاها ما عن سيد المشايخ السيّد هبة الدين الشهرستاني ( ت /1281ه-) في الإجازة العلوية، وأوفاها عمن انتهت إليه مشيخة الإسناد في العصر الحاضر السيد شهاب الدين المرعشي (ت / 1411ه-) في الإجازة الكبيرة، وأخص بالذكر هنا

ص: 334


1- استناد نهج البلاغة : 20، ط / الهند.

الخمسة الاشراف منهم:

الأول: سيدي الوالد رحمه الله باسانیده.

الثاني : استاذي المحقق السيّد ميرزا حسن البجنوردي

رحمه الله.

الثالث : المصلح الشهير السيّد هبّة الدين الشهرستاني رحمه الله.

الرابع: العلامة الكبير السيّد مهدي الخونساري رحمه الله.

الخامس مسند اهل البيت علیهم السلام السيّد شهاب الدين المرعشي رحمه الله. وأعلاها سنداً - واكتفي بذكره هنا - ما عن شيخي العلامة شيخ المحدثين في القرن الرابع عشر الشيخ محمد محسن بن علي بن محمّد رضا بن محسن الرازي النجفي ، الملقب بآقا بزرك الطهراني، المتوفى في 18 ذي الحجة /1389ه- بأسانيده في المشيخة والضياء، منها:

2 - عن شيخه المحدّث الميرزا حسين النوري (ت/1320). 3

- عن الميرزا هاشم الخونساري (ت /1317).

4 - عن السيد صدر الدين العاملي (ت/1263).

5 - عن محمّد مهدي بحر العلوم (ت/1212).

6 - عن محمّد باقر الوحيد البهبهاني (ت /1206).

7- عن والده محمّد أكمل.

عن المولى محمّد باقر المجلسي ( ت / 1111) بأسانيده المذكورة في

المجلد الأخير من البحار.

وبالاسناد عن المجلسي:

1 - عن محمّد بن الحسن الحر العاملي (ت / 1104 ه-) باسانيده في خاتمة الوسائل، وبالاسناد عن المجلسي عن محمّد بن الحسن الفيض الكاشاني ( ت / 1091 ه-) في خاتمة الوافي.

ص: 335

وبالاسناد عن بحر العلوم (ت / 1212 ه- ):

1- عن الشيخ يوسف البحراني ( ت / 1176) باسانيده في اللؤلؤة.

3- عن الشيخ عبد الله البلادي.

4 - عن سليمان الماحوزي.

5 - عن الشيخ محمّد بن يوسف.

6 - عن السيد نعمة الله الجزائري.

7 - عن الشيخ على بن جمعة الحويزي (ت / 1112 م ) بأسانيده.

وبالاسناد عن سليمان الماحوزي

2 - عن السيّد هاشم البحراني ( ت / 1107 ه-) باسانیده

وبالاسناد عن المجلسی (ت/ 1111ه- ):

9 - عن والده محمّد تقي المجلسي (ت 1070).

10 - عن بهاء الدين محمّد العاملي (ت/ 1031).

11 - عن والده الحسين بن عبد الصمد (ت/ 984) 12

- عن زين الدين الشهيد الثاني (ت/ 966).

13 - عن نور الدين علي بن عبد العال الميسي ( ت 940).

14 - عن محمّد بن المؤذن الجزيني.

15 - عن ضياء الدين علي.

16 - عن والده محمّد بن مكي الشهيد الأول (ت/ 786).

17 -عن السيّد مهنا بن سنان المدني.

18 - عن الحسن بن يوسف العلامة الحلي ( ت / 726 ه-) باسانيده في اجازته.

19 - عن جعفر بن الحسن المحقق الحلي (ت / 676ه-).

ص: 336

20 - عن رشيد الدين محمد بن على بن شهر اشوب (ت / 588) باسانیده

21 - عن الفضل بن الحسن الطبرسي ( ت / 502 ه-) باسانیده.

وبالاسناد عن العلامة الحلي (ت / 726 ه-) :

19 - عن السيّد رضي الدين على بن طاوس ( ت / 664 ه- ) .

20 - عن نجيب الدين علي السوراوي.

21 - عن الحسين بن هبّه الله بن رطبة (ت / 560 ح ).

22 - عن أبي علي المفيد الثاني الطوسي (ت / 515 - ح ).

23 - عن والده أبي جعفر محمّد بن الحسن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-)

باسانيده في الفهرست.

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه- ):

23 - عن الشيخ محمّد النعمان المفيد ( ت / 413 ه- ) .

وبالاستاد عن الشيخ المفيد:

24 - عن أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه الشيخ الصدوق ( ت / 381 ه- )

بأسانيده في المشيخة.

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) :

25 - عن مظفر بن جعفر بن مظفر العلوي السمرقندي.

26 - عن جعفر بن محمّد بن مسعود العياشي.

27 - عن محمّد بن مسعود العياشي (ت / 329 - ح) باسانیده ات وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-).

23 - عن الحسين بن عبيد الله الغضائري (ت / 411 ه-).

ص: 337

24 - عن أبي غالب احمد بن محمّد الرازي (ت / 368ه-).

25 - عن محمّد بن يعقوب الكليني ( ت / 329ه-) باسانيده في الكافي.

وبالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 329 ه-) :

26 - عن علي بن ابراهيم بن هاشم القمي ( ت / 304 - ح ) باسانیده ، منها

27 - عن أبيه ابراهيم بن هاشم القمي.

28 - عن النوفلي.

29 - عن السكوني.

30 - عن الامام أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمّد ( ت / 148 ه- ) عن آبائه علیه السلام

31- عن الامام محمّد الباقر ( ت / 114 ه- ) .

32 - عن الامام علي بن الحسين علیه السلام زين العابدين (ت / 95 ه-) -

33 - عن الامام الحسين بن علي علیه السلام الشهيد (ت / 61 ه- )

34 - عن الامام علي بن أبي طالب علیه السلام ( ت / 40 ه- ) قال : قال امير المؤمنين علیه السلام: - إذا حدثتم بحديث فأسندوه الى الذي حدّثكم ، فإن كان حقاً فلكم وان ان

كذباً فعليه» (1).

وقد أشرت الى تفصيل هذا الاسناد العام الى مصادر اهل البيت علیهم السلام في رسالة

الجوهر الفريد، فليراجع.

وبالاسناد عن محمّد بن مكي الشهيد الأول (ت/ 786) باسناده:

17 - عن السيّد علي بن محمّد بن زهرة الحلبي.

18 - عن كمال الدين بن محمّد بن زهرة.

ص: 338


1- الكافي 1 : 51.

19 - عن شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح.

20 - عن أبيه أحمد بن صالح.

21 - عن راشد بن إبراهيم البحراني.

22 - عن القاضي علي بن عبد الجبار.

23 - عن قطب الدين الراوندي، أبي الحسين سعيد بن هبة الله (ت/ 573).

24 - عن السيّدين المرتضى والمجنبي، ابني الداعي الحسني.

25 - عن أبي جعفر الدوريستي.

26 - عن الشريف الرضي

وبالاسناد عن القطب الراوندى (ت (573) :

24 - عن عبد الرحيم المعروف بابن الاخوة.

25 - عن أبي الفضل محمّد بن يحيى النائلي (الناقلي خ ل ).

26 - عن أبي نصر عبد الكريم بن محمّد سبط بشر الحافي.

27 - عن الشريف الرضي.

وبالاسناد عن القطب الراوندي (ت/573):

24 - عن أبي نصر الغازي.

25 - عن أبي منصور العكبري.

26 - عن الشريف الرضي.

وبالاسناد عن القطب الراوندي (ت/573):

24 - عن عبد الرحيم المعروف بابن الاخوة.

25 - عن السيّدة النقيبة بنت المرتضى.

ص: 339

26 - عن عمها الشريف الرضي.

وبالاسناد عن الشهيد الأول (ت /786) :

17 - عن السيّد تاج الدین محمّد بن قاسم بن معية الديباجي.

18 - عن السيّد علي بن عبد الكريم بن طاووس.

19 - عن السيّد غياث الدين عبد الكريم بن طاووس (ت/ 664).

20 - عن عبد الله الله بن محمّد بن بلدجي.

21 - عن كمال الدين حيدر بن زيد الحسني.

22 - عن رشيد الدين محمّد بن علي بن شهراشوب المازندراني ( ت /588)

23 - عن المنتهى بن أبي زيد بن كيا الجرجاني.

24 - عن أبيه أبي زيد كيا الجرجاني.

25 - عن الشريف الرضي.

وبالاسناد عن ابن شهراشوب (ت/588)

23 - عن السيّد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسيني المروزي.

24 - عن أبي عبد الله محمّد بن علي الحلواني.

25 - عن الشريف الرضي.

ونكتفي بهذه الأسانيد الخمسة، وطالب التفصيل يراجع المفصلات.

الاسناد الثاني - الى مصادر غير أهل البيت

اشارة

فأرويها عن مشايخ كثيرين فصلت اسماءهم وطرقهم في معجم

مقدمة وخاتمة، وأخص بالذكر منهم هنا :

الأحاديث

الاول : الشيخ امجد بن محمّد سعيد الزهاوي مفتي بغداد حفظه الله بطرقه.

ص: 340

الثاني : الشيخ محمّد ياسين الفاداني المكي حفظه الله بأسانيده التي تبلغ السبعمائة.

الثالث : الشيخ محمّد بهجة البيطار الدمشقي، بطرقه

وأعلاهم سنداً : السيّد علوي بن عباس المالكي المكي حفظه الله ، كتبها لنا في

البلد الحرام عام 1383 ه-، وهو يروي عن جماعة، منهم:

2 - والده السيد عباس المالكي، والشيخ عمر حمدان المحرسي ، والشيخ حبيب الله الشنقيطي والشريف عبد الحي الكتاني بطرقة المتكثرة في كتابه

الجامع الموسوم ب- «فهرس الفهارس».

3 - عن السيبد محمد كامل الهراوي الحلبي.

4 - عن الشيخ ابراهيم الازهري (ت / 1368 ه- ) .

5 - عن الأمير الصغير.

6 - عن الأمير الكبير محمد بن الامير (ت / 1232 ه- ) .

وعن الفاداني عاليا

1 - عن السيّد علوي بن طاهر الحداد (ت /1382 ه-) بما أورده في الخلاصة الوافية.

2 - عن جده الشيخ عبد الرزاق البيطار ( ت / 1335 ه- ).

3 - عن والده الحسن البيطار ( ت / 1272 ه- ) .

4 - عن محمّد بن عمر الشهير بابن عابدين الدمشقي (ت / 1257 ه- ) بطرقه.

وعن الفاداني

2 - عن الشيخ خليفة النبهاني.

- عن عبد الغني النبهاني.

4- عن الحافظ محمّد عابد بن أحمد الانصاري السندي (ت / 1257 ه-)

بطرقه في حصر الشارد

ص: 341

وعن الفاداني عالياً :

2 - عن السيّد علي بن احمد السدمي.

3 - عن السيّد اسماعيل بن محسن الصنعاني.

4 - عن محمد بن علي الشوكاني ( ت / 1255 ه-) بطرقه في اتحاف الاكابر (ت 1255ه-)

باسناد الدفاتر

وعن الفاداني :

2 - عن القاضي زكي بن أحمد بن اسماعيل البرزنجي.

3 - عن ابيه .

4 - عن جده اسماعيل بن زين العابدين البرزنجي.

5 - عن صالح بن محمد الفلاني ( ت / 1218 ه- ) بطرقه في قطف الثمر في

اسانيد مصنفات العلوم والأثر

وبالاستاد عن السيّد محمّد عبد الحي الكتاني (ت / 1382 ه-) بطرقة في

فهرس الفهارس

2 - عن شيخه المعمر بدر الدين عبد الله السكري.

3 - عن السيّد مرتضى الزبيدي ( ت / 1205ه- ) بطرقه المذكور في المعجم. (ت/1308ه)

وعن الزهاوي :

2 - عن والده محمّد سعيد الزهاوي ( ت / 1340 ه- ) .

3 أ - عن ابيه محمّد فيضي الزهاوي ( ت / 1308 ه- ) .

4 - عن ملا علي السويدي.

5 - عن أبيه محمد سعيد السويدي.

ص: 342

6 - عن السيّد مرتضى الزبيدي (ت / 1225ه-) بطرقه.

وعن العلوى :

2 - عن عمر حمدان المحرسي.

3 - عن السيّد احمد بن اسماعيل البرزنجي.

عن أبيه.

5 - عن صالح بن محمد الفلاني.

6 - عن محمّد بن عبد الله المغربي.

7 - عن عبدالله بن سالم البصري ( ت / 1134 ه-)

في كتابه (معرفة الامداد

المعرفة الاسناد».

وبالاسناد عن محمّد بن عبد الحي الكتاني (ت / 1382 ه- )

2 - عن محمّدبن محمّد سر الختم بن عثمان الميرغبى الحسيني.

3 - عن ابيه محمّد

4 عن ابيه عثمان.

5 - عن أبيه ابي بكر.

6 - عن ابيه عبدالله المير غني.

7 - عن احمد بن محمّد النخلي ( ت / 1130 ه-)

بطرقه في بغية الطالبين.

2 - وعن عمر حمدان المحرس

3 - عن السيّد محمّد أبي نصر الخطيب الدمشقي.

4 - عن المعمر محمّد عمر المغربي.

5 - عن السيّد محمّد مرتضى الزبيدي.

6 - عن محمّد بن علاء مرتضى الزبيدي.

ص: 343

7 - عن ابراهيم بن حسن الكوراني (ت / 1101ه)ّ- بطرقه في الامم»

لايقاظ الهمم .

وعن العلوي:

2 - عن السيّد عبد الحي الكتابي.

3 - عن احمد رضا علي ي خان.

4 - عن الرسول الاحمدي

5 - عن عبد العزيز الدهلوي.

6 - عن ابيه ولي الله الدهلوي.

7 - عن محمّد وفد الله.

8 - عن ابيه محمد بن سليمان الروداني المغربي (ت / 1094 ه- )

بطرقه في صلة الخلف بموصول السلف».

وبالاسناد عن الشوكاني (ت / 1255 ه- )

5 - عن السيّد عبد القادر بن أحمد الكوكباني.

6 - عن احمد بن عبد الرحمن الشامي.

7 - عن الحسين بن أحمد زبارة.

- عن احمد بن صالح أبي الرجال.

9 - عن احمد بن سعد الدين المسوري ( ت / 1079 ه-) بطرقه في

مجمع الاجازات.

وعن شيخنا الفاداني عاليا :

2 - عن المعمر مهدي بن علي مزلم.

ص: 344

3- عن سلمان بن محمد الأهدل.

4 - عن جده المف- جده المفتي عبد الرحمن بن سلمان الأهدل.

5 - عن ابيه سلمان بن يحيى بن عمر -ر الاهدل.

6 - عن ن ابيه يحيى بن عمر مقبول الاهدل.

7 - عن أبي بكر بن على البطاع الاهدل

8 عن يوسف بن محمّد البطاع الأهدل.

9 - عن الطاهر بن حسين الأهدل.

10 - عن الحافظ عبد الرحمن بن علي الديبع الشيباني.

11 - عن الحافظ عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت / 913 ه-) باسانیده.

وبالاسناد عن الكتاني (ت / 1382ه- ):

3 - عن المعمر عبد الله السكري.

4 - عن السيّد محمّد مرتضى الزبيدي ( ت / 1205ه-) بطرقه ، منها :

5 - عن المعمر سابق بن رمضان الزعبلي.

6 - عن محمّد بن العلاء البابلي.

7 - عن المعمر محمّد حجازي الشعراوي.

-8- عن المعمر محمّد بن اركماس الحنفي.

9 - عن الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت / 852ه-) بطرقه.

وبالاسناد الى العسقلاني (ت / 852ه ) :

1 - عن أبي بكر بن حسين المراغي.

1 - عن الحافظ علم الدين القاسم بن محمّد البرزالي ( ت / 738 ه-) بطرقه فی

معجمه

ص: 345

وبالاسناد عن الحافظ أبي الفضل احمد بن حجر العسقلاني (ت / 852 ه- ) :

1 - عن أبي بكر بن حسين المراغي.

عن الحافظ عبد المؤمن بن خلف الدمياطي ( ت / 705 ه- ) .

3 - عن الحافظ عبد المؤمن بن خلف الدمياطي ( ت / 705 ه-).

4 - عن شمس الدين أبي المظفر يوسف بن فرعلي البغدادي.

5 - سبط الحافظ عبد الرحمن ابن الجوزي ( ت / 654ه- )

وبالاسناد عن الزبيدي (ت / 1205ه- ):

7 - عن المعمر سابق بن رمضان الزعبلي.

-8 عن الشمس محمّد بن علاء البابلي. -

9 - عن أبى النجا سالم بن محمّد الشنهوري.

10 - عن نجم الدين محمّد الغيطي.

11 - عن زكريا الانصاري ( ت / 926ه-).

12 - عن العزيز بن الفرات.

13 - عن عز الدين بن جماعة المقدسي. 14 - عن أبي عبدالله بن الزبير.

15 - عن أبي الحسن احمد بن محمّد السراج.

16 - عن خاله أبي بكر محمّد بن خير الاشبيلي ( ت / 575 ه- ) بطرقه في فهرسته.

وبالاسناد الى السيوطي (ت / 911 ه-) :

12 - عن التقي بن فهد.

13 - عن عائشة المقدسية.

ص: 346

14 - عن محمّد بن محمّد بن محمّد الشيرازي

15 - عن جده الحافظ أبي القاسم على بن الحسن بن هبة الله بن عساكر

ت / 571 ه-) باسانیده.

وبالاسناد عن زكريا الأنصاري (ت / 926ه-) :

9 - عن العزيز بن الفرات.

10- عن عمر بن حسن المراغي.

11 - عن محمّد بن أحمد المقدسي.

12 - عن محمّد بن عبد الواحد المقدسي.

13 - عن عبد الغني بن عبد الواجد.

14 - عن أبي الفتح عبدالله بن احمد الحرمي

15 - عن عبد الرحمن

16 - عن أبي نصر الكسائي.

17 - عن أبي بكر احمد بن محمّد السني (ت / 364ه- ) .

18 - عن أبي عبدالرحمن احمد بن شعيب النسائي ( ت / 303 ه-).

وبالاسناد عن ابن حجر العسقلاني (ت / 852ه- ) :

10 - عن أبي المعالي عبد الله بن عمر بن علي المبارك.

11 - عن أبي محمّد ابراهيم بن عبدالصمد.

12 - عن محمّد بن عبد المنعم الأديب.

13 - عن أبي الحسن علي بن أبي الكرام ابن البناء.

14 - عن أبي الفتح عبد الملك بن سهل.

15 - عن القاضي ابو عامر محمود الازدي.

ص: 347

16 - عن عبد الجبار بن محمّد الحراج.

17 - عن أبي العباس محمّد بن احمد بن محبوب.

18 - عن ابو عيسى محمّد بن عيسى التزمدي ( ت / 279 ه-) بأسانيده.

وبالاسناد عن زكريا الأنصاري :

13 - عن عز الدين بن عبد الرحيم بن الفرات.

14 - عن معمر بن الحسن المراغي.

15 - عن الفخر على بن احمد بن عبد الواحد.

16 - عن عمر بن محمّد بن طبرزد البغدادي.

17 - عن ابراهيم بن محمّد بن منصور الكوفي.

18 - عن احمد بن على بن ثابت الخطيب البغدادي ( ت / 275ه-).

19 - عن القاسم بن جعفر الهاشمي.

20 - عن أبي داود سليمان بن الاشعث بن شداد السجستاني باسانيده.

وبالاسناد عن ابن حجر العسقلاني (ت / 852ه- ) :

10 - عن أبي العباس احمد بن عمر اللؤلؤي

11-عن الحافظ يوسف بن عبد الرحمن المؤي.

12 - عن عبدالرحمن بن أبي عمر بن قدامة المقدسي.

13 - عن عبد الله بن أحمد بن قدامة.

14 - عن أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي.

15 - عن أبي منصور محمّد بن الحسين القزويني.

16 - عن القاسم بن أبي المنذر الخطيب.

17 - عن أبي الحسن علي بن ابراهيم بن سلمة القطان..

ص: 348

18 - عن أبي عبدالله محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني (ت / 273 ه- ) بأسانيده.

وبالاسناد عن زكريا الانصاري (ت / 926ه-) :

9 - عن الحافظ أبي النعيم بن رضوان الحنفي.

1 - عن أبي طاهر محمّد بن محمّد بن عبد اللطيف بن الكوكب.

11 - عن عن أبي الفرج عبدالرحمن بن عبد الحميد الحنبلي.

12 - عن أبي العباس احمد بن عبد الدائم النابلسي.

13 - عن محمّد بن علي بن صدقة الحراني.

14 - عن عبد الله العراوي.

15 - عن ابي الحسين عبد الغافر الفارسي.

16 - عن أبي احمد محمّد بن عيسى الجلودي البناسوري.

17 - عن ابراهيم بن شعبان.

18 - عن أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت / 260ه-) باسانيده.

وعن أحمد بن حجر العسقلاني (ت / 852 ه-) :

10 - عن ابراهيم بن احمد التنوخي.

11 - عن أبي العباس احمد بن أبي طالب الحجار.

12 - عن الحسن بن المبارك الزبيدي.

13 - عن عبد الاول بن عيسى السجزي الهروي.

14 - عن أبي الحسين الداودي.

15 - عن محمّد بن احمد السرخسي.

16 - عن محمّد بن يوسف العزيزي.

17 - عن عبدالله محمد بن اسماعيل البخاري ( ت / 256ه-) باسانيده في

ص: 349

الجامع المسند عاليا.

18 - عن عبيد الله بن موسى

19 - عن معروف بن خربوذ.

20 - عن أبي الطفيل.

21 - عن علي بن أبي طالب ] قال: حدثوا الناس بما يعرفون، اتحبون ان

يكذب الله ورسوله (1)

وبهذه الاثبات والفهارس والدفاتر يمكن التوصل الى اسانيد كثير من

المصادر، فليراجع.

الاسناد الثالث - الى مصادر الزيود

فمن المصادر التي رويت عنهم :

1 - ما ارويه عن شيخنا العلامة محمّد بن عباس بن عبد الله بن يوسف بن

محمد بن الحسن بن الإمام المؤيد بالله ، ولد سنة 1336 ، واجتمعت به في المسجد الحرام عام 1396 ، واجازني في الرابع عشر من ذي الحجة عن مشايخه

بطرقه، منها:

2 - عن الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي ( ت / 1379 ه- ) باسانيده في

الدر الفريد.

3 - المتوكل على الله يحيى بن محمد بن يحيى حميد الدين ، إمام اليمن.

4 - عن القاضي حسين بن علي العمري.

5 - عن احمد بن محمّد السياغي.

6 - عن الحسن بن احمد بن يوسف الرياحي.

ص: 350


1- صحيح البخاري 44:1 ، ط / 1313 عن النسخة اليونينية.

7 - عن السيّد عبد الله بن محمّد بن اسماعيل الامير الحسيني.

8- عن عبد القادر بن خليل ( ت / 1289 ه- ) بطرقه في المطرب المغرب.

وبالاسناد عن الواسعي (ت / 1375 ه- ) :

3 - عن السيّد عبد الكريم بن عبدالله ابو طالب.

4 - عن السيّد اسماعيل بن أحمد الكيسي.

5 - عن على بن حسن جميل المعروف بالداعي.

6 - عن القاضي محمد

بن احمد مشحم باسانيده في بلوغ الأماني.

(ح) وايضاً اروي اجازة:

1 - عن السيّد مجد الدين بن محمّد المؤيدي، نزيل الطائف بطرقه في

التحف لوامع الانوار

2 - عن والده محمّد بن المنصور الحسيني.

3- عن المهدي محمّد بن القاسم.

4 - عن المنصور محمّد بن عبدالله الوزير.

5 - عن عبد الله بن علي الغالبي بطرقه في الاجازة في طرق الاجازة.

وبالاسناد عن الشيخ عبد الواسع الواسعي (ت 1378 ه- ):

- عن احمد بن محمّد السياغي

4 - عن الحسن بن احمد بن يوسف الرياحي ( ت / 1323 ه-).

5 - عن السيّد عبدالله بن محمد بن اسماعيل الحسيني.

6 - عن عبد القادر بن خليل ( ت / 1289 ه- ) .

7 - عن شرف الدين الحسين بن احمد السياغي ( ت / 1221 ه- ) بطرقه

ص: 351

في الروض النظير.

- عن الحسين بن يوسف زيارة (ت / 1231 ه-).

9 - عن والده يوسف بن الحسين ( ت / 1179 ه-).

10 - عن ابيه الحسين بن احمد (ت / 1141 ه-).

11 - عن السيّد عامر بن عبد الله الغوراني ( ت / 1141 ه- ) .

12 - عن السيّد ابراهيم بن احمد بن عامر الشهاري (ت / 1056ه-).

13 - عن المؤيد محمّد بن المنصور بالله القاسم ( ت / 1054 ه- ) .

14 - عن الحافظ احمد بن سعد الدين المسوري (ت / 1079ه- بطرقه في

مجموع الاجازات

وبالاسناد عن السيّد احمد بن يوسف بن زيارة (ت / 1191ه- ):

9 - عن صارم الدين ابراهيم (ت / 114ه- )بطرقه.

10 - عن المطهر بن محمد بن سلمان.

11 - عن المهدي احمد بن يحيى.

12 - عن محمّد بن يحيى

13 - عن القاسم بن احمد بن حميد.

14 - عن والد احمد بن حميد.

15 - عن المنصور عبد الرحمان بطرقه.

وبالاسناد عن صارم الدين ابراهيم (ت / 114 ه- ):

10 - عن شرف الدين الحسن بن صالح العفاري الشهاري ( ت / 1115 ه- ) .

11 - عن احمد بن صالح بن أبي الرجال الروحتى ( ت / 1092ه-) بطرقه ، منها :

12 - عن المتوكل ( ت / 1087 ه- ) والقاضي احمد بن سعد الدين.

ص: 352

13 - عن المؤيد بالله محمّد بن القاسم.

14 والده المنصور بن القاسم بن محمّد (ت / 1029ه-). عن عن والده

15 - عن اميرالدين بن عبدالله الحسيني ( ت / 1029 ه- ) .

16 - عن - أحمد الله بن الوزير ( ت / 985 ه- ) .

17 - عن المتوكل شرف الدين يحيى بن شمس الدين ( ت / 965ه-).

18 - عن صارم الدين ابراهيم بن محمّد بن عبدا الوزير ( ت / 914 ه- ) .

19 - عن أبي العطايا عبد الله بن يحيى (ت / 873 ه-).

20 - عن والده يحيى بن المهدي الحسيني الصنعاني ( ت / 579 ه- ) .

21 - عن المطهر بن محمّد ( ت / 802 ه-).

22 - عن ابيه المهدي بن محمّد المطهر ( ت / 729 ه- ) .

23 - عن والده المتوكل المطهر بن يحيى ( ت / 697 ه- ) .

24 - عن محمّد بن احمد بن أبي الرجال ( ت / 730 ه-).

25- عن المهدي احمد بن الحسين (ت / 656 ه-).

26 - عن احمد بن محمّد بن القاسم الأكوع الحوشي ( ت / 635 ه- ) .

27 - عن محمّد بن احمد القرشي الحوشي (ت / 623 ه- ) .

28 - عن القاضي شمس الدين جعفر بن احمد بن عبد السلام.

29 - عن احمد بن أبي الحسن الكني.

30 عن زيد بن الحسن البيهقي.

31 - عن الحاكم أبي الفضل وهب الله.

32 - عن ابيه أبي القاسم عبيد الله بن عبدالله الحسكاني.

33 - عن أبي سعد عبد الرحمن بن الحسن بن علي النيسابوري.

34 - عن أبي الفضل محمّد بن عبدالله بن عبد المطلب الشيباني.

ص: 353

35 - عن أبي القاسم على بن محمّد بن التحغي.

36 - عن سليمان بن ابراهيم المحاربي.

37 - عن نصر بن مزاحم المتقري ( ت / 212ه-).

38 - عن أبراهيم بن الزبرقان التيمي.

39 - عن أبي خالد عمرو بن خالد الواسطي. 40

40- عن زيد بن على بن الحسين الثائر (ت / 122 ه-).

41 - عن الإمام علي بن الحسين السجاد ( ت / 95 ه- ) .

42 - عن الإمام الحسين بن على الشهيد (ن / 61 ه- ) .

43 - عن الإمام على بن أبي طالب ( ت / 40 ه-).

عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: يحمل هذا الدين فى كل خلف عدول

ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين(1).

الأسانيد الخاصة

الى مصادر هذا المسند (حسب وفيات اصحابها)

اشارة

من لم اقف على اسناد اليه اطلقت النسبة اليه وفي ذلك كلما اشرت الى

، المصدر الذي وقفت عليه، فاني لم أقف بعد على اسناد لأبي جعفر الاسكافي( ت / 220 ه-) في المعيار والموازنة ، ولا الى أحمد بن محمّد بن جابر البلاذري ت / 270 ه-) في أنساب الاشراف.

فما عن مالك بن أنس الاصبحي (ت / 179 ه- ) إمام دار الهجرة: فبالاسناد عن شيخنا العلامة السيد علوي بن عباس المكي المالكي.

ص: 354


1- مسند الإمام زيد : 383 ، ط / بيروت ، سنة 1966م.

إلى مصادر هذا المسند (حسب وفيات اصحابها)

1 - عن والده عباس بن عبد العزيز المالكي.

2 - عن شيخه الشيخ محّد عابد المالكي - مفتي المالكية .

3 - عن القطب السيّد أحمد دحلان.

4 - عن عثمان الدمياطي.

5 - عن محمّد الأمير الكبير .

6 - عن شيخه السقاط .

عن شارحه محمّد الرزقاني .

-8 عن والده عبد الباقي الرزقاني.

9 - عن علي الاجهوري

10 - عن الرّملي.

11 - عن شيخ الاسلام زكريا .

12 - عن الحافظ ابن حجر.

13 - عن نجم الدين البالسي.

13 - عن محمّد بن علي المكفي

14 - عن محمّد بن الدلاصي.

15 - عن عبد العزيز بن عبد الوهاب بن أسماعيل .

16 - عن جده اسماعيل بن الطاهر.

17 - عن محمّد بن الوليد الطرطوشي.

18 - عن سليمان بن خلف الباجي.

19 - عن يونس بن عبدالله بن مغيث

20 - عن أبي عيسى يحيى بن يحيى

21 - عن عم أبيه عبيد الله بن يحيى.

23 - عن أبيه يحيى بن يحيى الليثى الاندلسي.

ص: 355

24 - عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس الاصبحي (ت / 179) برواياته في الموطأ.

وما عن المنقري (ت / 212 ه-) بالاسناد الأول عن الطوسي (ت / 460 ه-) :

23 - عن جماعة منهم الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-).

24 - عن أبي جعفر ابن بابويه القمي ( ت / 381ه-).

25 - عن محمّد بن الحسن بن الوليد الخزاز ( ت / 343ه- ) .

26 - عن محمّد بن الحسن الصفار ( ت / 290ه-).

27 عن محمّد بن عيسى

28 - عن أبي الفضل نصر بن مزاحم بن سيار المنقري (ت / 212 ه-) بكتابه

وقعة صفين».

وبالاسناد الثاني عن الحافظ أبي القاسم على بن الحسن بن هبة الله المعروف

با بن عساکر (ت / 571 ه- ) الدمشقى

قال: أخبرنا الشيخ الحافظ شيخ الإسلام أبو البركات عبد الوهاب بن

المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي (1).

2 - قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصير في

جميع (2)

ص: 356


1- كان أبو البركات محدث بغداد، وهو أحد حفاظ الحنابلة ، ولد سنة 462 وقرأ على ابن الطيوري ما عنده . وقال ابن الجوزي: (كنت أقرأ عليه الحديث وهو يبكي، فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته . وتوفي سنة 538. انظر المنتظم 108:10 - 109 ، وصفة الصفوة 281:2 ، وتذكرة الحفاظ 4 : 75 - 76 ، وشذرات الذهب 116:4 - 117.
2- هو أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم بن أحمد الصيرفي الطيوري ، ويعرف أيضا بابن الحمامي ، والمحدث البغدادي ، سمع أبا على بن شاذان ، وأبا الفرج الطناجيرى وأبا الحسن العتيقي ، وأبا محمّد الخلال . وكان عنده ألف جزء بخط الدار قطني . وأكثر عنه السلفي، وانتقى عليه مائة جزء تعرف بالطيوريات . وابن الحمامي بتخفيف الميم ، كما في لسان الميزان (11 : 5) . ولد سنة 411 وتوفى سنة 500 . انظر المنتظم ( 154 :9) ولسان الميزان ( 11 -: 9 ) وشذرات الذهب ( 412 : 3 )

الى مصادر هذا المسند حسب وفيات اصحابها

بقراءتي عليه في شهر ربيع الآخر من سنة أربع وثمانين وأربعمائة .

3- وقال : أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمّد ابن جعفر الوكيل (1)

قراءة عليه وأنا أسمع في رجب من سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.

4 - قال : أخبرنا أبو الحسن محمّد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت

الصيرفي (2)، قراءة عليه وأنا أسمع.

5 - قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد [ ابن محمّد ](3)بن عقبة

ابن الوليد بن همام بن عبد الله بن الحمار بن سلمة بن سمير بن أسعد بن همام (4)

ص: 357


1- هو أحمد بن عبد الواحد بن محمّد بن جعفر بن أحمد بن جعفر بن الحسن بن وهب ، أبو يعلى المعروف بابن زوج الحرة - سمع موسى بن جعفر ، وأبا الحسن الدارقطني . قال الطيب البغدادي : كتبت عنه ، وكان صدوقا يسكن درب المجوس من نهر طابق وسألته عن مولده فقال: ولدت بعد أن استخلف القادر بالله بأربعين يوما . وكان استخلاف القادر بالله في يوم السبت الحادى عشر من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ، ومات أبو يعلى في يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر شوال سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة ، ودفن من يومه بباب الدير قريبا من قبر معروف الكرخي. (انظر: تاریخ بغداد (4 :270 )
2- ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد (2 :111) وقال : سمع إسماعيل بن محمّد الصفار ، وأبا عمرو بن السماك، وعبد الصمد بن على الطستى. وذكر أن وفاته في سنة 393 وهى السنة التى توفي فيها أبو الفتح عثمان بن جني، والقاضي على بن عبد العزيز الجرجاني.
3- عبارة (ابن محمّد تكملة ثابتة في سائر أسانيد أجزاء الكتاب، وكذلك في ترجمته من منتهى 225 ، قال : سمع منه التلعكبرى بالكوفة وببغداد ، وله منه إجازة). والتلعكبري الذي يشير إليه ، هو أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد الشيباني ، ترجم له صاحب منتهى المقال : في ص (320 - 321).
4- ذكر في نهاية الأرب (2: 333) : ( الأسعد بن همام) . وانظر لإدخال أل على الأعلام التي هي في الأصل صفات ماكتبت في حواشى الحيوان (3: 382) ومجلة الثقافة ( 2152).

ابن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل قراءة عليه في سنة أربعين وثلاثمائة.

6 - قال : أخبرنا أبو محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز(1)

7 - قال : أنبأنا نصر بن مزاحم التميمي باسناده في مفتتح وقعة صفين». (2) وجاء في ص بن 494 ما نصه : «قال: وجدت في الجزء الثاني عشر من أجزاء عبد الوهاب بخطه سمع على الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي الأجل السيد الإمام قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمّد الدامغاني، وابناه القاضيان أبو عبد الله محمد وأبو الحسين أحمد ، وأبو عبد الله محمد بن القاضي أبي الفتح البيضاوي والشريف أبو الفضل محمّد بن علي بن أبي يعلى الحسينى وأبو منصور محمّد بن محمّد بن قرمي بقراءة عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد ابن الحسن الأنماطي. في شعبان سنة أربع وتسعين وأربعمائة (3)

وما عن احمد بن حنبل (ت / 241ه-) :

بالاسناد عن الحافظ ابن حجر العسقلاني .

1 - عن المسند الكبير أبي المعالي عبدالله بن عمر بن على بن مبارك الهندي الأصل نزيل القاهرة، أبي العباس احمد بن محمّد بن عمر بن أبي السراج الحلبي المعروف بحفنجلة.

ص: 358


1- هو أبو محمّد سليمان بن الربيع بن هشام بن عزور بن مهلهل النهدي الكوفي . قدم بغداد وحدث بها عن حصين بن مخارق ، وهمام بن مسلم الزاهد وأبي نعيم الفضل بن دكين ، وروى عنه محمّد بن جرير الطبري ، ويحيي بن صاعد ومحمد بن مخلد العطار . توفي بالكوفة سنة 274 . انظر تاریخ بغداد (9 : 55 54) ولسان الميزان (3 -91)
2- وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنفري : 3.
3- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 494 .

الى مصادر هذا المسند (حسب وفيات أصحابها).

2 - عن النجيب أبي الفرح عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي بن نصر الحراني.

3 - قال : أخبرنا ابو محمّد عبد الله بن احمد بن أبي المجد الحربي. 4

- قال : أنبانا أبو القاسم هبة الله بن محمّد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني.

5 - قال : أخبرنا ابوبكر الحسن بن علي التميمي المذهب الواعظ.

6 - أخبرنا أبوبكر احمد بن جعفر ابن حمد بن مالك القطيعي.

7 - قال : أخبرنا ابو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام احمد ابن حنبل (ت / 241ه-).

8 - عن أحمد بن حنبل (ت / 241).

وما عن الحافظ أبي محمّد عبدالله الدارمي السمرقندي (ت / 255ه-) في

(مسند الدارمي ) : فأروي (مسند الدارمي ) للحافظ أبي محمّد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل

ابن بهرام عبد الصمد الدارمي السمرقندي ( ت / 255ه-) بالاسناد:

1 - عن شيخنا الفاداني، قال: أخبرنا به شيخنا عبد القادر مفتي مكة سماعاً من

لفظه لبعضه واجازة لسائره بأسانيد كثيرة، منها:

1 - ما رواه عن الشيخ ابراهيم بن حسن الكوراني الكردي.

2 - عن الإمام صفي الدين أحمد بن محمّد القشاشي المدني.

3 - عن الشمس محمّد الرملي.

4 - عن القاضي زكريا .

5 - عن محمّد بن مقبل الحلبي.

6 - عن جويرة بنت احمد الهكاري.

7 - عن أبي الحسين علي بن عمر الكردي الهكاري.

8 - عن أبي المنجا عبد الله بن عمر الليثي.

9 - عن أبي الوقت.

ص: 359

10 - عن الداودي

11 - عن السرخسي.

12 - قال : أخبرنا عمر بن عيسى بن عمر السمرقندي.

13 - قال : أخبرنا مؤلّفه الحافظ أبي محمّد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي

(ت/255ه-).

وما عن الجاحظ (ت / 255ه-)

بالاسناد عن ابن شهر اشوب (ت / 588 ه-).

1 - عن الخوارزمي (ت / 568 ه- ) .

2 - عن الفضل بن محمّد الاسترابادي. 3

3- عن أبي غالب الحسن بن على بن القاسم.

4 - عن أبي علي الحسن بن احمد الجهرمي.

5- عن أبي بكر محمّد بن الحسن بن دريد.

6 - عن أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر.

7 - عن أبي عمر و عثمان الجاحظ ( ت / 255ه-).

وما عن البخاري (ت / 256ه-) بالاسناد

1 - عن ابن حجر العسقلاني ت /852ه-).

2 - عن برهان الدين ابراهيم بن احمد البعلي.

3 - عن أبي العباس احمد بن أبي طالب الحجار.

4 - عن الحسين بن المبارك الزبيدي.

5 - عن عبد الأول بن عيسى.

6 - عن عبد الرحمن بن محمّد الداودي.

ص: 360

الى مصادر هذا المسند (حسب وفيات اصحابها).

7 - عن عبدالله بن احمد السرخسي.

-8 عن محمّد بن يوسف بن مطر الصريري.

9 - عن أبي عبد الله محمّد بن اسماعيل البخاري (ت / 256ه-).

وما عن مسلم ( ت / 360 ه-) قبالإسناد إلى الأنصاري :

1 - عن الحافظ أبي النعيم رضوان الحقي.

2 - عن أبي طاهر محمد بن محمد

بن محمد بن عبداللطيف بن السكويك

3 - عن أبي الفرج عبد الرحمن بن عبد الحميد الحنبلي .

4 - عن أبي العباس أحمد بن عبد الدائم النابلسي.

5 - عن محمّد بن على بن صدقه الحراني .

6 - عن فقيه الحرم ابن عبدالله العراوي.

7 - عن أبي الحسين بعد الغافر الفارسي.

8 عن أبي أحمد محمّد بن عيسى الجلودي النيسابوري.

9 - عن ابراهیم بن محمّد بن سفیان

10 - عن أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ( ت / 260ه-).

وما عن الطائي البصري ( ت / 260 - ح) بالاسناد الاول :

20 - عن أبي على الفضل بن حسن الطبرسي.

21 - عن أبي الفتح عبد الله بن عبدالكريم بن هوزان القشيري.

22 - عن أبي الحسن علي بن محمّد بن علي الحاتمي الزنوزي.

23 - عن أحمد بن محمّد بن حفدة بن العباس بن حمزة النيسابوري.

24 - عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي.

25 - عن أبيه أحمد بن عامر الطائي البصري (ح 260).

ص: 361

وما عن ابن ماجة (ت / 273 ه-) قبالإسناد إلى الأنصاري :

1 - عن الحافظ بن حجر العسقلاني.

2- عن أبي العباس أحمد بن عمر بن على البغدادى اللؤلؤي .

3 - عن الحافظ أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي. 4

4 - عن شيخ الإسلام عبد الرحمن بن أبي عمر بن بن قدامة المقدسي .

5 - عن الإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة.

6 - عن أبي زرعة طاهر بن محمّد بن أبي طاهر المقدسي.

7 - عن الفقيه أبي منصور محمّد ابن الحسين بن أحمد القزويني.

-8- عن أبي طلحة القاسم بن أبي المنذر الخطيب.

9 - عن أبي الحسن على بن ابراهيم بن سلمة القطان.

10 - عن الحافظ أبي عبدالله محمد .

11 - عن أبي الحسن على بن ابراهيم بن سلمة القطان.

12 - عن الحافظ أبي عبدالله محمّد ابن يزيد القزويني ( ت / 273ه-).

وما عن أبي داود السجستاني (ت / 275ه-) بالإسناد :

1 - عن ابن حجر العسقلاني.

عن أبي على محمّد بن أحمد المطرز.

3 - عن أبي النون يونس بن ابراهيم الدبوسي.

4 - عن أبي الخير على بن محمّد الصابوني.

5 - عن أبي الطاهر السلفي .

6 - عن غالب بن على بن أبي غالب ابن محمّد بن اسماعيل الاستراباذي.

7 - عن عبد الله بن محمّد بن ابراهيم الاسدي

ص: 362

الى مصادر هذا المسند حسب وفيات أصحابها.

-8 عن أبي الحسن على بن عبد المعروف.

9 - عن مؤلفه أبي داود السجستاني (ت / 275ه-).

وما عن الترمذي (ت / 279 ه-) قبالإسناد إلى الانصاري

1 - عن ابن حجر العسقلاني.

2 - أنا أبو المعالى عبد الله بن عمر بن علي المبارك.

3 - أنا أبو محمّد ابراهيم بن عبد الصمد.

4 - أنا محمّد بن عبد المنعم الأديب.

ه - قال: أنا أبو الحسن على بن أبي الكرام بن البناء.

6 - قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن سجل .

7 - أنا القاضي أبو عامر محمود بن أبي القاسم الأزدي.

8 - أنا عبد الجبار بن محمّد الحراج أبو العباس محمّد بن أحمد بن مح- بن محبوب

9 - عن أبي عيسى محمّد بن عيسى ابن سوره الترمذي (ت / 279ه-).

وما عن البرقي ( ت / 274 - ح) بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) :

عن أبيه على بن بابويه القمي ( ت / 329ه-).

- عن أبي جعفر أحمد بن بن مسح- محمّد بن بن خالد البرقي ( ت / 274 - ح ) .

وما عن الثقفي (ت / 283 - ح) بالاسناد عن النجاشي (ت / 450 ه- ) :

1 - عن محمّد بن محمّد الشيخ المفيد (ت / 413 ه- ) .

2 - عن جعفر بن محمّد بن قولویه

3 - عن القاسم بن محمّد بن علي بن ابراهيم.

4 - عن العباس بن السري.

ص: 363

5 - عن ابراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن اسعد

الثقفي الكوفي (ت / 713-ح).

بن مسعود

وما عن الصفّار (ت / 290 ه-) بالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه- ) :

23 - عن علي بن أحمد بن محمّد بن أبي الجيد القمي.

24 - عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد الخزاز (ت / 343ه- ) .

25 - عن محمّد بن الحسن الصفار (ت /20) .

عن الكليني (ت / 381ه-) :

وما عن الحميري (ت / 297ه-) بالاسناد عن الكليني 297

1 - عن احمد بن محمّد بن يحيى العطار.

2 - عن أبي العباس عبدالله بن جعفر بن الحسين بن مالك الحميري (ت /279ه).

وما عن النسائي (ت / 303 ه- ) - فبالإسناد إلى الأنصاري :

1 - عن العز بن الفرات.

2 - عن عمر بن حسن المراغي.

3- عن بن أحمد المقدسي.

4 - عن الضياء محمّد بن عبد الواحد المقدسي.

5 - عن عبد الغني بن عبد الواحد.

6 - قال : أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن أحمد الحرقى بقراءتي عليه.

7 - قال : أخبرنا عبد الرحمن

8 - قال : أخبرنا أبو نصر الكسار.

9 - قال : أخبرنا أبوبكر السني.

10 - قال : أخبرنا أبو عبد الرحمن أحمد شعيب النسائي ( ت / 303 ه-).

ص: 364

وما عن القمي (ت / 304 - ح) بالاسناد عن الكليني (ت / 328 - ح):

1- عن على بن ابراهيم بن هاشم القمي (ت / 304 ه- ) .

وما عن الطبري (ت / 310ه-) :

1-فسندي في روايته عن شيخى مسند الحجاز علم الدين محمّد ياسين الفاداني

(ت / 1411ه-).

2- عن شيخه محمّد علي المالكي.

3 - عن السيّد أبي بكر بن محمّد شطا.

4 - عن السيّد أحمد بن زيني دحلان

5 - عن عثمان بن حسن الدمياطي.

6 - عن عبد الله بن حجازي الشرقاوي.

7 - عن الشمس محمّد بن سالم الحنفي.

8 - عن عبد العزيز الزيادي.

9 - عن الشمس محمّد بن اعلاء البابلي.

10 - عن الشيخ سالم بن محمّد السنهوري

11 - عن محمّد بن أحمد الغيطي.

12 - عن القاضي زكريا بن محمّد الانصاري.

13 - عن الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني.

14 - عن الشيخ أبي الفرج.

15 - عن يونس بن أبي اسحاق

16 - عن أبي الحسن علي بن المقير.

17 - عن أبي الفتح بن البطي.

18 - عن أبي عبدالله محمّد بن فتوح الحميدي

ص: 365

19 - عن الحافظ أبي محمّد علي بن أحمد بن سعيد.

20 - عن أبي عمر أحمد بن محمّد بن الجسور.

21 - عن أبي بكر أحمد بن الفضل بن العباس.

22 - عن أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري (ت / 310).

وما عن ابن الاشعث ( ت / 314-ح) بالاسناد الاول :

1 - عن العلامة الحلي ( ت / 726ه-) في اجازة بني زهرة البحار :107 (132]

و من ذلك كتاب الجعفريات وهي ألف حديث بهذا الاسناد.

2 - عن السيّد ضياء الدين فضل الله باسناد ،واحد رواها عن شيخه عبد الرحيم.

3- عن أبي شجاع جابر بن الحسين بن مفضل بن مالك.

4 - قال: حدثنا ابو الحسن علي بن جعفر بن حماد بن رائق الصياد بالبحرين.

5 - قال : أخبرنا بها ابو علي محمّد بن محمّد بن الاشعث الكوفي (ت / 314ه-).

6 - عن أبي الحسن موسى احدث بها في سنة 314 ه- ] - عن ائمة اهل

البيت علیهم السلام باسناده

وما عن الكشي ( ت / 329 - ح) بالاسناد الأول عن النجاشي (ت / 450 ه-) :

1 - عن احمد بن علي بن نوح السيرافي وغيره.

2 - عن جعفر بن محمّد

3 - عن أحمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي.

وما عن النعماني (ت / 233 - ح) بالاسناد الاول : 1

- عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه- ) .

2 - عن الحسين بن عبيد الله الغضائري (ت / 411 ه-).

ص: 366

- عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراري (ت / 368 ه-).

4 - عن النعماني محمّد بن ابراهيم بن جعفر المعروف بابن أبي زينب

(ت / 333 - ح ).

وما عن أبي الفرج الأصفهاني (ت / 356 ه-) بالاسناد الاول :

1- عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-).

2 - عن أحمد بن عبدون.

3 - عن أبي الفرج على بن الحسين بن محمد الاموي (ت / 356ه-).

وبالاسناد الثاني عن شيخنا الفاداني (ت / 1410ه- ) :

ما عن الطبراني (ت / 360) :

1 - بالاسناد عن الشيخ عمر حمدان المحرسي، والقاضي السيّد زكي بن أحمد

البرزنجي المدني.

2 - كلاهما عن والد الثاني السيد أحمد بن إسماعيل البرزنجي المدني.

3 - عن أبيه، عن صالح بن محمّد حمد الفلان

الفلاني.

4 - عن محمّد سعيد سفر ، عن أبي الطاهر الكوراني المدني.

5 - عن أبيه الملا إبراهيم بن حسن الكوراني المدني.

6 - عن النور علي بن محمّد بن مطير الحكمي اليمني.

7 - عن الشهاب أحمد بن حجر الهيثمي المكي.

8 - عن الحافظ الجلال عبد الرحمن السيوطي.

9 - قال : أخبرني أبو الفضل بن حجر وهاجر بنت محمّد المقدسي.

قال الأول:

1 - أنا أبو العباس أحمد بن الحسن السويداوي.

ص: 367

2 - قال : أنا الحافظ أبو الحجاج المزي وأبو محمّد البرزالي.

3- قالا: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل.

4 - عن أبي جعفر الصيدلاني.

وقال الثاني:

1 - أنا أبو الفرج الغزي سماعاً لبعضه

2 - أنا على بن قريش.

3 - أنا أبو الطاهر بن هارون

4 - أنبأتنا فاطمة بنت سعد الخير.

5 - قالت هي والصيدلاني، أنبأتنا فاطمة بنت عبدالله الجوزدانية.

6 - أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن زيدة الطبي الاصفهاني .

7- انا الحافظ ابو القاسم سلمان بن احمد بن ايوب الطبراني ( ت / 360 ه-).

وما عن الهاروني (ت / 424 ه- ) بالاسناد الثالث :

عن المسوري ( ت / 1079ه- بسنده المتصل الى السيّد يحيى بن الحسين بن

هارون بن الحسين بن محمّد بن هارون بن محمّد بن القاسم بن الحسن بن زيد

ابن الحسن بن علي بن أبي طالب إمام الزيود في الجبل والديلم، منذ عام

411 حتى وفاته في 424 جمع ما في اماليه التي رتبها القالي جعفر بن احمد بن عبد السلام، وسند الكتاب كما جاء في أوّله: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين

والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيّدنا محمّد وآله الحمد لله

وسلام على عباده الذين اصطفى، قال العبد الفقير الى الله احمد بن سعد الدین بن الحسين بن محمّد بن علي بن محمّد المسوري وفقه الله وغفر له اخبرنا مولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين المؤيد بالله محمّد بن أمير المؤمنين علیه السلام المنصور بالله القاسم بن محمّد بن علي بن محمّد بن علي بن الرشيد بن احمد بن الامير

ص: 368

الحسين بن علي بن يحيى بن محمّد بن الإمام يوسف الاصغر الملقب بالاشل بن القاسم بن الإمام الداعي الى الله يوسف الأكبر بن الإمام المنصور بالله يحيى ابن الإمام الناصر لدين الله احمد بن الإمام الهادي الى الحق يحيى بن الحسين الحافظ ابن الإمام ترجمان الدين نجم آل الرسول بن ابراهيم طباطبا الغمر بن اسماعيل الديباج بن ابراهيم الشبه بن الحسن المثنى الرضى بن الحسن السبط امير المؤمنين ابن علي الوصي الانزع البطين اميرالمؤمنين وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الأمين محمّد المصطفى المكين مختار رب العالمين صلی الله علیه و آله وسلم.

قرأت عليه وانا اسمع وهو ينظر في نسخة والده امير المؤمنين المنصور بالله من أوّل الباب التاسع عشر الى آخر الكتاب في عام اربع وثلاثين والف بالدار السعيدة التي بناها صنوه السيّد الافضل الأعلم شرف الاسلام الحسن بن امير المؤمنين علیه السلام حماه الله تعالى بقرية حبور، وجهات طليعة ومجمع عظيم ومشهد كبير من السادة الأفاضل والعلماء الأماثل ، ثم قرئت منّي عليه من أول الكتاب الى الباب الرابع عشر منه في العام المذكور بمنزله من شهارة الأمير حرسها الله تعالى وحماها، ومن ينظر كذلك في النسخة في تسعة وعشرين مجلساً آخرها بين عشائي ليلة السبت خامس جمادى الأخرى سنة تسعة واربعين والف، ثم اجاز لي منها لهذا الكتاب مع غيره مما له فيه طريق من علوم الاسلام في احد شهر ربيع من عام اربعة واربعين والف بمنزله من درب الأمير ووادي افر حرسها الله بالصالحين ،وعمر، وهو يرويه بطرق اجمالية وتفصيلية:

فمن الاجمالية ما كتبته عنه سلام الله عليه في عام اربع وثلاثين والف وعرضتها عليه غير مرة في اجازة طلبها منه الى مدينة الرسول صلی الله علیه و آله وسلممعالمها في عصره من اهل البيت علیهم السلام السيّد العلامة جمال الدين علي بن الحسين النقيب بن علي النقيب بن الحسن بن علي بن شدقم الحسيني المدني، وقد عدد اعيان كتب

369

اهل البيت علیهم السلام التي هذا الكتاب أحدها. وفي مذهب اهل البيت المطهرين جملة،

فقال : فأنا ارويه عن والدي الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد

2 - بطرقه الى الإمام الناصر لدين الله الحسن بن علي بن داود.

3 - بطرقه الى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين بن شمس الدين.

4 - بطرقه الى المنصور بالله محمد بن علي السراجي.

5 - بطرقه الى الامامين المتوكل على الله المطهر بن محمّد بن سليمان

الحمزي القاسمي والهادي الى الحق عز الدين بن الحسن المؤيدي.

6 - بطرقهما الى الإمام المهدي لدين الله احمد بن يحيى المرتضى. بطرقه الى الإمام الناصر صلاح الدين محمّد بن علي ووالده الإمام المهدي

لدين الله علي بن محمّد.

7- بطرقهما الى الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة.

8- بطرقه الى الإمام المتوكل على الله المطهر بن يحيى وولده الإمام المهدي

لدين الله محمّد بن المطهر.

9 - بطرقهما الى الإمام الشهيد المهدي احمد بن الحسين.

10 - بطرقه الى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة بن سليمان وشيخي آل رسول الله الكبير من العالمين شمس الدين يحيى وبدر الدين محمد ابني احمد

ابن يحيى

11 - بطرقهم الى الإمام المتوكل على الله احمد بن سليمان.

12 - بطرقه الى الإمام المؤيد بالله احمد بن الحسين الهاروني وصنوه الإمام أبي

طالب يحيى بن الحسين ، وهو صاحب كتاب الأمالي هذا.

ومن التفصيلية : انه يرويه بالاجازة عن والده الإمام المنصور بالله القاسم بن محمّد سلام الله عليه قال الإمام القاسم وأنا ارويه عن جماعة من الشيوخ منهم:

ص: 370

السيّد العلامة أمير الدين بن عبد الله.

1 - عن السيّد احمد بن عبد الله المعروف بابن الوزير.

2 - عن الإمام يحيى شرف الدين بالاجازة العامة من الفقيه جمال الدين علي

ابن احمد الشظي المكابري الشروي.

3- عن الفقيه علي بن زيد.

4 - عن السّيد صالح الدين عبد الله بن يحيى المهدي الحسني الزيدي مذهباً ونسباً.

5 - عن الفقيه نجم الدين يوسف بن احمد بن عثمان.

6 - عن القاضي شرف الدين ابن الحسن بن محمد النحوي.

7 - عن الفقيه المركز يحيى بن الحسن البحيح.

8 عن الامير العالم المؤيد بن احمد

9 - عن الأمير حسين بن محمّد مصنف الشفاء والتقدير.

10 - عن الأمير علي بن الحسين مصنف كتاب اللامع.

11 - عن الشيخ عطية بن محمّد النجراني.

12 - عن الأميرين الكبيرين شمس الدين وبدر الدين يحيى ومحمّد ابني احمد

13 - عن القاضي جعفر بن احمد بن عبد السلام قال ... الى اخره. .

انتهى الاسناد الشريف لهذا الكتاب الى مؤلفه وجامعه رحمه الله عن طريق احمد بن سعد الدين المسوري رحمه الله تعالى من رجال القرن11

القاضي

للهجرة انتهى (1)

وما عن أبي نعيم الاصفهاني(ت / 430 ه-) بالاسناد الثاني :

1 - عن شيخنا الفاداني.

ص: 371


1- يراجع تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب، ط / مؤسسة الاعلمي - بيروت ، سنة 1395 ه-.

2 - عن الشيخ عمر حمدان المحرسي المكي.

3 - عن الشيخ علي بن فالح الظاهري المدني.

4 - عن السيّد محمّد بن علي السنوسي.

5 - عن محمّد بن عبد السلام الناصري.

6 - عن أبي العباس أحمد بن عبدالله الورزازي الدرعي النسطواني

ت / 1179ه- ) .

7- عن عبد القادر بن أبي بكر الصديقي المكي (ت / 1138 ه-).

8 - عن الشيخ ملا ابراهيم بن حسن اللوارتي.

9 - عن الصفي احمد نمد بن محمّد الق- محمّد القشاشي.

10 - عن السمين محمّد بن احمد البرمكي.

11 - عن القاضي زكريا الانصاري.

12 - عن أبي حفص عمر بن الحسن المراغي.

14 - عن فخر الدين أبي الحسن على المعروف بابن البخاري.

15 - عن أبي المكارم احمد بن محمّد اللبان

16 - عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد.

17 - عن أبي نعيم احمد بن عبد الله الاصفهاني (ت / 430 ه-). ا

وعن العلوي (ت / 445 ه-) بالاسناد الثالث :

5 - عن عبد الله بن على العالبي.

6 - عن محمّد بن عبد الرب بن محمّد

7 - عن عمه اسماعیل بن محمّد بن زید

8 عن ابيه محمّد بن زيد المتوكل.

9 - عن ابيه زيد المتوكل

ص: 372

10 - عن أبيه المتوكل على الله اسماعيل بن القاسم .

11 - عن القاسم بن محمد

12 - عن أمير الدين عبد الله بن نهشل

13 - عن احمد بن عبدالله الوزير.

14 - عن المتوكل يحيى شرف الدين.

15 - عن محمّد بن علي السراجي.

16 - عن عز الدين بن الحسن

17 - عن المطهر بن محمّد الحمزي.

18 - عن أحمد بن يحيى المرتضى.

19 - عن اخيه الهادي بن يحيى

- عن القاسم بن أحمد حميد الدين.

21 - عن أبيه.

22 - عن جده.

23 - عن عمر بن الحسن الشتوي العذري.

24 - عن علي بن منصور الوادعي الكوفي.

25 - عن بدر الدين نصر الله محمّد بن محمّد

26 - عن محمّد بن محمّد بن غيره الحارثي الكوفي.

27 - عن عبد الجبار بن الحسن بن محمّد بن معية العلوي الكوفي.

28 - عن الحافظ أبي عبدالله محمد بن علي بن الحسن العلوي ( ت / 445 ه- ) .

وما عن البيهقي (ت / 458- بالاسناد :

2 - عن شيخنا الفاداني حفظه الله باسناده المتقدم.

ص: 373

3 - عن شيخ الاسلام زكريا الانصاري

4 - عن عزّ الدين عبد الرحيم بن محمّد المعروف بابن الفرات.

5 - عن أبي حفص عمر بن الحسن بن اميله المراغي.

6 - عن الفخر علي بن احمد بن البخاري.

7 - عن أبي القاسم عبد الصمد بن محمّد الحرستاني.

-8- عن أبي القاسم زاهر بن طاهر بن محمّد الشحامي.

9 - عن أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ( ت / 458 ه- ) .

وعن الكراجكي أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي (ت / 449ه-):

19 - بالاسناد الأول عن ابن شهر اشوب

20 - عن عبد الجليل بن عيسى الرازي.

21 - عن أبي الفتح الكراجكي بكتبه منها : الاستبصار، ط / 1346 ه-، ومعدن

الجواهر وغيرهما.

و ما عن الخطيب البغدادي (ت / 463 ه-) بالاسناد:

2 - عن احمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت / 852ه- ) .

3- عن احمد بن عمر بن علي الجوهري (ت / 809ه-).

4 - عن المزي.

5 - عن علي يوسف بن يعقوب بن المجاور.

6 - عن أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي.

7 - عن أبي منصور عبد الرحمن بن محمّد القزار.

8 - عن محمّد بن احمد بن صرما.

9 - عن أبي بكر احمد بن على الخطيب البغدادي ( ت / 463 ه-).

ص: 374

الى مصادر هذا المسند (حسب وفيات )اصحابها

وما عن المفيد الثاني (ت 515 - ح) بالاسناد عن العلامة الحلي (ت 726ه)

18 - عن السيّد رضي الدين بن طاوس ( ت / 664 ه- ) .

19 - عن نجيب الدين علي السوراوي.

20 - عن الحسين بن هبة الله بن رطبة ( ت / 560 - ح ).

21 - عن أبي على المفيد الثاني الطوسي (ت / 515 - ح ).

وما عن الموفق الخوارزمي (ت / 568 ه-) بالاسناد الأول:

1 - عن ابن شهراشوب (ت / 588 ه- ) .

2 - عن الموفق أحمد بن محمّد المكي الخوارزمي الحنفي (ت / 568 ه- )

وما عن سبط ابن الجوزي (ت / 654 ه- ) بالاسناد:

2 - عن الحافظ أبي الفضل احمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت / 852ه-).

3- عن أبي بكر بن حسين المراغي.

4 - عن الحافظ علم الدين القاسم بن محمد البرزالي ( ت / 738 ه- ) .

5 - عن الحافظ عبد المؤمن بن خلف الدمياطي (ت / 705 ه- ) .

6 - عن شمس الدين أبي المظفر يوسف بن قر علي البغدادي سبط الحافظ عبد

الرحمن ابن الجوزي (ت / 654 ه- ) .

وبالاسناد عن ابن الاثير الجزري (ت / 630 ه- ) بالاسناد:

2 - عن ابن حجر العسقلاني ( ت / 852ه- ) .

3 - عن أبي هريرة بن الذهبي.

4 - عن أبي النصر محمّد بن محمّد بن أبي النصر ابن الشيرازي.

5 - عن اثير الدين أبي الحسن على بن الاثير الجزري (ت / 930 ه- ) .

ص: 375

وما عن ابن طاوس ( ت / 664 ه- ) بالاسناد عن العلامة الحلي (ت / 726ه-) :

1 - عن جمال الدین احمد بن طاووس ( ت / 673 ه- ) .

2 - عن رضي الدين علي بن موسى بن طاووس (ت / 664 ه-).

وبالاسناد الى المتقى الهندى (ت / 975ه- ) :

2 - عن شيخي محدث مكة أبي محمّد محمّد بن ياسين بن محمّد بن عيسى

الفاداني المكي (ت / 1410ه-).

3 - عن شيخه محدث الحرمين الشيخ عمر حمدان المحرسي.

4 - عن السيّد علي بن ظاهر الوتري.

5 - عن عبد الغني بن أبي سعيد الدهلوي المدني.

عن الشيخ حمد عابد السندي المدني وعمه محمّد حسين بن محمّد

مراد السندي.

7 - عن أبيه عن محمّد بن هاشم بن عبد الغفور السندي.

-8- عن شيخه عبد القادر بن أبي بكر الصديقي المكي.

9 - عن الشيخ حسن بن علي العجمي .

10 - عن الشيخ محمّد حسين الخافي النقشبندي.

11 - عن عبد الحق الدهلوي.

12 - عن الشيخ عبد الوهاب بن ولي الله الهندي.

975ه-)

13 - عن المتقي الهندي علاء الدين علي بن حسام الدين (ت / 975 ه- ) .

وقد شرحت اسانيدي الى الرضي جامع النهج في القسم الأول، فراجع

ص: 376

تسلسل المحتوى

اشارة

تختلف نسخ نهج البلاغة مخطوطاً ومطبوعاً في تسلسل المحتوى والترقيم وقد اعتمدت في نسخة نهج البلاغة على ما حققه الدكتور صبحي الصالح ، طبعة بيروت سنة 1387ه- = 1967م ، وذلك لشيوعها في عصرنا، وحسن طباعتها والجهد المشكور الذي بذله المحقق حفظه الله في تفسير المفردات وتشكيل الكلمات مما جعلها طبعة فائقة على اخواتها التي قد تختلف في الترقيم والترتيب معاً. ولكن لابد من التنبيه على ان المحقق الكريم قام - بحسن نيته - بترقيم المقاطع تسهيلاً للقارئ، ولكن الترقيم لا يخلو احياناً من اعتباط فقد توهم وحدتها مع انه لا وحدة بينها موضوعاً ولا رواية، فيجد ان الحكم المرقمة (3 الى - 5) مستقاة من رواية واحدة لابن شعبة ( ت / 336 - ح ) في كتابه ( تحف العقول»، فراجع ص ،139 ، ط / النجف ، سنة 1385

ويظهر ان الرضي انتقى منها ما شاء ولم يراع الترتيب الذي كان في الاصل وقد وصل كل حكمة باخرى مثلها بحرف العطف، ولكن المرقم حذف حرف العطف من دون بيان للسبب في هذا الحذف، وعسى ان تكون هذه خطوة في تحقيق النصّ اعتماداً على النسخ المعتمدة التي أشرنا اليها في القسم الأول،

ص: 377

وعسى أن يوفقني الله تعالى لذلك أو يقوم به غيري.

فهرس اختلاف النسخ المطبوعة في ترقيم الخطب والكتب والحكم

يحتوي هذا الجدول على مقارنة في ترقيم الخطب والكتب والحكم بين

نسختنا هذه وخمسة نسخ متداولة من نهج البلاغة هي :

1 - نهج البلاغة ، المطبوع بتحقيق صبحي الصالح ، في بيروت سنة 1387 ه-

وهي الاصل المعتمد ونرمز له «صبحي

2 - نهج البلاغة مع شرح ابن أبي الحديد في 20 جزءاً ، في دار إحياء الكتاب سنة 1385 ه-، واعيد طبعه في قم مراراً ، منها سنة 1404 ه- ونرمز له: «ابن

العربي

أبي الحديد».

3 - نهج البلاغة مع شرح ميثم بن علي البحراني (ت / 679 ه-) المطبوع في

خمسة أجزاء، ونرمز له «ميثم».

4 - نهج البلاغة مع شرح محمد عبده (ت / 1323 ه-)، المطبوع في مصر، والذي اعيد طبعه في بيروت وقم مراراً ، منها طبعة مكتب الإعلام الإسلامي بقم

سنة 1411ه- ونرمز له محمد عبده

5 - كتاب استناد نهج البلاغة للعرشي ، المطبوع سنة 1379 ه- و نرمز له

1379

(العرشي )) والملاحظ وجود اختلاف كبير في ترقيم هذه النسخ في الخطب، بدءً بالخطبة رقم (52 ) من كلامه علیه السلام في ذكر يوم النحر وصفة الاضحية ) ، حيث وردت في بعض النسخ تابعة لما قبلها ، وفي أخرى وردت كخطبة مستقلة برقم 53 ، ومن هنا تختلف الارقام بين النسخ برقم واحد لكن في الخطبة 123 ينعكس الأمر، فتعود النسخ إلى اضافة رقم إلى تسلسل خطبها لتجعل الخطبتين 122 و 123 متحدتين برقم واحد وهو الرقم 123. ويقع نفس الشيء في الخطبتين 152

ص: 378

و 153 فقد جعلت بعض النسخ لها رقماً واحداً هو 152 ، ويختلف الترتيب تماماً فيما بعد الخطبة 184 (من كلام قاله علیه السلام للبرج بن مسهر الطائي) من حيث تقديم بعض النسخ الخطبة التي يصف فيها علیه السلام المتقين ، وهو الرقم 193 ، ويحصل 193 الاختلاف بين النسخ بتسعة ارقام.

واما في باب الكتب، فليس هناك اختلاف يذكر بين هذه النسخ. اما في باب الحكم، فهناك اختلاف كثير، وسببه هو عطف بعض الحكم على بعض بالواو ، وفصل بعضها عن بعض في مقامات اخرى مع تقديم وتأخير في

كثير من الموارد.

ص: 379

فواتح الخطب

التسلسل:1- فواتح الخطب: فواتح الخطب:الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون- ابن أبي الحديد :1- ابن ميثم:1- محمّد عبده:1- العرشي :=

التسلسل:2-فواتح الخطب: أحمده استتماماً لنعمته - ابن أبي الحديد :2- ابن ميثم:2- محمّد عبده:2- العرشي :=

التسلسل:3-فواتح الخطب: اما والله لقد تقمصها فلان وانه ليعلم ان محلي منها - ابن أبي الحديد :3- ابن ميثم:3- محمّد عبده:3- العرشي :2

التسلسل:4-فواتح الخطب: بنا اهتديتم في الظلماء - ابن أبي الحديد :4- ابن ميثم:4- محمّد عبده:4- العرشي :3

التسلسل:5-فواتح الخطب: أيها الناس شقرا امواج الفتن بسفن النجاة - ابن أبي الحديد :5- ابن ميثم:5- محمّد عبده:5- العرشي :4

التسلسل:6-فواتح الخطب: والله لا أكون كالضبع تنام على طول اللدم- ابن أبي الحديد :6- ابن ميثم:6- محمّد عبده:6- العرشي :5

التسلسل:7-فواتح الخطب: اتخذوا الشيطان لامرهم ملاكاً - ابن أبي الحديد :7- ابن ميثم:7- محمّد عبده:7- العرشي :=

التسلسل: 8-فواتح الخطب: يزعم أنه قد بايع بيده - ابن أبي الحديد :8- ابن ميثم:8- محمّد عبده:=- العرشي :=

التسلسل:9- فواتح الخطب: وقد أرعدوا وابرقوا ومع هذين الأمرين الفشل - ابن أبي الحديد :9- ابن ميثم:9- محمّد عبده:8- العرشي :=

التسلسل:10-فواتح الخطب: ألا وإن الشيطان قد جمع حزبه - ابن أبي الحديد :10- ابن ميثم:10- محمّد عبده:9- العرشي :9

التسلسل:11- فواتح الخطب: تزول الجبال ولاتزل عض على ناجذك - ابن أبي الحديد :11- ابن ميثم:11- محمّد عبده:10- العرشي :=

التسلسل:12-فواتح الخطب: أهوى أخيك معنا ؟ - ابن أبي الحديد :12- ابن ميثم:12- محمّد عبده:11- العرشي :11

التسلسل:13-فواتح الخطب: كنتم جند المرأة . - ابن أبي الحديد :13- ابن ميثم:=- محمّد عبده:12- العرشي :12

التسلسل:14- فواتح الخطب: ارضكم قريبة من الماء - ابن أبي الحديد :14- ابن ميثم:=13- محمّد عبده:13- العرشي :=

التسلسل:15- فواتح الخطب: والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الاماء... - ابن أبي الحديد :15- ابن ميثم:14- محمّد عبده:14- العرشي :14

التسلسل:16-فواتح الخطب: ذمتي بما أقول رهينة - ابن أبي الحديد :16- ابن ميثم:15- محمّد عبده:15- العرشي :15

التسلسل:17-فواتح الخطب: أن أبغض الخلائق إلى الله رجلان - ابن أبي الحديد :17- ابن ميثم:16- محمّد عبده:16- العرشي :16

التسلسل: 18-فواتح الخطب: ترد على أحدهم القضية في حكم من الاحكام فيحكم- ابن أبي الحديد :18- ابن ميثم:17- محمّد عبده:17- العرشي :17

التسلسل:19-فواتح الخطب: ما يدريك ما علي متالي ؟ - ابن أبي الحديد :19- ابن ميثم:18- محمّد عبده:18- العرشي :=

التسلسل:20- فواتح الخطب: فانكم لو قد عاينتم ما قد عاين من كان قبلكم - ابن أبي الحديد :20- ابن ميثم:19- محمّد عبده:19- العرشي :=

التسلسل:21- فواتح الخطب: فانّ الغاية امامكم وأن وراءكم الساعة تحدركم - ابن أبي الحديد :21- ابن ميثم:20- محمّد عبده:20- العرشي :20

التسلسل:22-فواتح الخطب: ألا وان الشيطان قد ذمر حزيه - ابن أبي الحديد :22- ابن ميثم:21- محمّد عبده:21- العرشي :21

التسلسل:23-فواتح الخطب: أما بعد فانّ الأمر ينزل من السماء إلى الارض - ابن أبي الحديد :23- ابن ميثم:22- محمّد عبده:2- العرشي :22

ص: 380

التسلسل:24 -فواتح الخطب: ولعمري ما علي من قتال من خالف الحق- ابن أبي الحديد: 24-ابن میثم:23 - محمّد عبده 23- العرشي:=

التسلسل:25-فواتح الخطب: ما هي إلا الكوفة أقبضها وأبسطها - ابن أبي الحديد: 25-ابن میثم: 24- محمّد عبده:24 - العرشي: 24

التسلسل:26 -فواتح الخطب: أن الله بعث محمداً نذيراً للعالمين - ابن أبي الحديد: 26-ابن میثم: 25- محمّد عبده: 25- العرشي: 25

التسلسل:27 -فواتح الخطب: أما بعد ، فان الجهاد باب من أبواب الجنة - ابن أبي الحديد: 27-ابن میثم: 26- محمّد عبده: 26- العرشي:26

التسلسل:28 -فواتح الخطب: اما بعد ، فان الدنيا قد أدبرت واذنت بوداع - ابن أبي الحديد: 28-ابن میثم:2 - محمّد عبده27 - العرشي: 27

التسلسل:29 -فواتح الخطب: ايها الناس المجتمعة أبدانهم - ابن أبي الحديد:29 -ابن میثم:28 - محمّد عبده :28- العرشي: 28

التسلسل:30-فواتح الخطب: لو أمرت به لكنت قاتلاً - ابن أبي الحديد: 30-ابن میثم: 29- محمّد عبده: 29- العرشي: =

التسلسل:31 -فواتح الخطب: لا تلقين طلحة فانك أن تلقه تجده كالثور عاقصا قرنه - ابن أبي الحديد: 31-ابن میثم: 30- محمّد عبده:30 - العرشي:30

التسلسل:32 -فواتح الخطب: أيها الناس انا قد اصبحنا في دهر عنود - ابن أبي الحديد:32 -ابن میثم: 31- محمّد عبده:31 - العرشي: 31

التسلسل:33 -فواتح الخطب: ان الله سبحانه بعث محمّداً وليس - ابن أبي الحديد:33 -ابن میثم: 32- محمّد عبده:32 - العرشي: 32(ر : 104)

التسلسل:34 -فواتح الخطب: أن لكم لقد سئمت عتابكم - ابن أبي الحديد:34 -ابن میثم: 33- محمّد عبده: 33- العرشي: 33

التسلسل:35 -فواتح الخطب: الحمد لله وان أتى الدهر بالخطب الفادح - ابن أبي الحديد:35 -ابن میثم:34 - محمّد عبده:34 - العرشي: 34

التسلسل:36 -فواتح الخطب: فأنا نذير لكم ان تصبحوا صرعى - ابن أبي الحديد: 36-ابن میثم: 35- محمّد عبده:35 - العرشي: 35

التسلسل:37 -فواتح الخطب: فقمت بالأمر حين فشلوا - ابن أبي الحديد:37 -ابن میثم: 36- محمّد عبده:36 - العرشي: 36

التسلسل:38 -فواتح الخطب: وانما سنيت الشبهة شبهه لانها تشبه الحق - ابن أبي الحديد: 38-ابن میثم: 37- محمّد عبده: 37- العرشي: =

التسلسل:39 -فواتح الخطب: منيت بمن لا يطيع إذا أمرت - ابن أبي الحديد: 39-ابن میثم: 38- محمّد عبده:38 - العرشي: 38

التسلسل:40 -فواتح الخطب: كلمة حق يراد بها باطل - ابن أبي الحديد: 40-ابن میثم: 39- محمّد عبده: 39- العرشي: 39

التسلسل:41 -فواتح الخطب: ايها الناس ان الوفاء توأم الصدق - ابن أبي الحديد:41 -ابن میثم: 40- محمّد عبده: 40- العرشي: =

التسلسل:42 -فواتح الخطب: ايها الناس أن أخوف ما اخاف عليكم اثنان - ابن أبي الحديد: 42-ابن میثم: 41- محمّد عبده: 41- العرشي: 41

التسلسل:43 -فواتح الخطب: ان استعدادي لحرب اهل الشام وجرير عندهم اغلاق- ابن أبي الحديد: 43-ابن میثم:42 - محمّد عبده: 2- العرشي: =

التسلسل:44 -فواتح الخطب: تبح الله مصقلة فعل فعل السادات وفر فرار العبيد - ابن أبي الحديد: 44-ابن میثم:43 - محمّد عبده:43 - العرشي: =

التسلسل:45 -فواتح الخطب: الحمد الله غير مقنوط من رحمته - ابن أبي الحديد: 45-ابن میثم: 44- محمّد عبده:44 - العرشي: =

التسلسل:46 -فواتح الخطب: اللهم أني أعوذ بك من وعناء السفر - ابن أبي الحديد:46 -ابن میثم: 45- محمّد عبده:45 - العرشي: 45

التسلسل:47 -فواتح الخطب: كاني بك ياكوفة تمدين من الاديم العكاظي - ابن أبي الحديد: 47-ابن میثم:46 - محمّد عبده: 46- العرشي: =

التسلسل:48 -فواتح الخطب: الحمد الله كلما وقب ليل وغسق - ابن أبي الحديد: 48-ابن میثم: 47- محمّد عبده: 47- العرشي: 47

التسلسل:49 -فواتح الخطب: الحمد لله الذي بطن خفيات الامم - ابن أبي الحديد: 49-ابن میثم:48 - محمّد عبده:48 - العرشي: =

ص: 381

التسلسل: 50 -فواتح الخطب: انما بده وقوع الفتن اهواء تتبع - ابن أبي الحديد: 49-ابن میثم:48 - محمّد عبده:49 - العرشي: 49

التسلسل: 51- فواتح الخطب: قد استطعموكم القتال فقروا على مذلة - ابن أبي الحديد: 51-ابن میثم:50 - محمّد عبده:50 - العرشي: 50

التسلسل: 52 -فواتح الخطب: الا وان الدنيا قد تصرمت و آذنت بوداع - ابن أبي الحديد: 52-ابن میثم:51 - محمّد عبده:51 - العرشي: =

التسلسل: 53 -فواتح الخطب: ومن تمام الاضحية استشراف أذنها - ابن أبي الحديد: =-ابن میثم:52 - محمّد عبده:= - العرشي: =

التسلسل: 54 -فواتح الخطب: اقتدا كوا علي نذاك الابل الهيم - ابن أبي الحديد: 53-ابن میثم:53 - محمّد عبده:53 - العرشي: =

التسلسل: 55 -فواتح الخطب: أما قولكم أكل ذلك كراهية الموت - ابن أبي الحديد: 54-ابن میثم:54 - محمّد عبده:53 - العرشي: =

التسلسل: 56 -ولقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نقتل آباءنا - ابن أبي الحديد: 54-ابن میثم:54- محمّد عبده:54 - العرشي: =

التسلسل: 57- فواتح الخطب: أما أنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم - ابن أبي الحديد: 55-ابن میثم:55 - محمّد عبده:54 - العرشي: 55

التسلسل: 58 -فواتح الخطب: أصابكم حاصب ولا بقي منكم آبر - ابن أبي الحديد: 56-ابن میثم:56 - محمّد عبده:55 - العرشي: 56

التسلسل: 59 -فواتح الخطب: مصارعهم دون النطفة - ابن أبي الحديد: 57-ابن میثم:57 - محمّد عبده:56 - العرشي: 57

التسلسل: 60 -فواتح الخطب: كلا والله أنهم نطف في اصلاب الرجال - ابن أبي الحديد: 58-ابن میثم:58 - محمّد عبده:57 - العرشي: =

التسلسل: 61 -فواتح الخطب: لا تقاتلوا الخوارج بعدي - ابن أبي الحديد: 59-ابن میثم:58- محمّد عبده:57 - العرشي: =

التسلسل: 62 -فواتح الخطب: وان علي من الله حنة حصينة - ابن أبي الحديد: 60-ابن میثم:58 - محمّد عبده:57 - العرشي: =

التسلسل: 63- فواتح الخطب: ألا وان الدنيا دار لا يسلم منها إلا فيها - ابن أبي الحديد: 61-ابن میثم:59 - محمّد عبده:59 - العرشي: =

التسلسل: 64- فواتح الخطب: واتقوا الله عباد الله - ابن أبي الحديد: 62-ابن میثم:60- محمّد عبده:59 - العرشي: =

التسلسل: 65 -فواتح الخطب: الحمد لله الذي لم تسبق له حال حالاً - ابن أبي الحديد: 63-ابن میثم:61 - محمّد عبده:60 - العرشي: =

التسلسل: 66 -فواتح الخطب: معاشر المسلمين استشعروا الخشية - ابن أبي الحديد: 64-ابن میثم:62 - محمّد عبده:61 - العرشي: 61

التسلسل: 67 -فواتح الخطب: فهلا احتججتم عليهم بأن رسول الله وصى بأن... - ابن أبي الحديد: 65-ابن میثم:63 - محمّد عبده:62 - العرشي: 63

التسلسل: 68 -فواتح الخطب: وقد اردت تولية مصر هاشم بن عتبة - ابن أبي الحديد: 66-ابن میثم:64 - محمّد عبده:63 - العرشي: 64

التسلسل: 69 -فواتح الخطب: كم اداريكم كما تدارى البكار العمدة - ابن أبي الحديد: 67-ابن میثم:65 - محمّد عبده:64 - العرشي: =

التسلسل: 70 -فواتح الخطب: ملكتني عيني وأنا جالس - ابن أبي الحديد: 68-ابن میثم:65- محمّد عبده:64 - العرشي: =

التسلسل: 71 -فواتح الخطب: أما بعد يا أهل العراق - ابن أبي الحديد: 69-ابن میثم:67 - محمّد عبده:66 - العرشي: 67

التسلسل: 72 -فواتح الخطب: اللهم داحي المدحوات - ابن أبي الحديد: 70-ابن میثم:67 - محمّد عبده:67 - العرشي: =

التسلسل: 73 -فواتح الخطب: أو لم يبايعني بعد قتل عثمان - ابن أبي الحديد: 71-ابن میثم:69 - محمّد عبده:68 - العرشي: 69

التسلسل: 74 -فواتح الخطب: ولقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري - ابن أبي الحديد: 72-ابن میثم:70 - محمّد عبده:69 - العرشي: =

التسلسل: 75 -فواتح الخطب: أو لم ينه بني أمية علمها بي عن قرفي - ابن أبي الحديد: 73-ابن میثم:71 - محمّد عبده:70 - العرشي: =

ص: 382

التسلسل: 76 -فواتح الخطب:رحم الله امرءاً سمع حكما فوعى -ابن أبي الحديد: 75ابن ميثم: 73-محمّد عبده:72 -العرشي: =

التسلسل: 77 -فواتح الخطب:ان بني امية -ابن أبي الحديد:76 ابن ميثم: 74-محمّد عبده:73 -العرشي: =

التسلسل: 78-فواتح الخطب:اللّهم اغفر لي ما أنت اعلم به منّي -ابن أبي الحديد:77 ابن ميثم:75 -محمّد عبده: 74-العرشي: =78

التسلسل: 79 -فواتح الخطب:اتزعم أنك تهدي الى الساعة التي من سار فيها... -ابن أبي الحديد:78 ابن ميثم: 76-محمّد عبده:75 -العرشي: 7

التسلسل: 80 -فواتح الخطب:معاشر الناس أن النساء نواقص الايمان -ابن أبي الحديد:79 ابن ميثم: 77-محمّد عبده:76 -العرشي: 77

التسلسل: 81 -فواتح الخطب:ايها الناس الزهادة قصر الأمل -ابن أبي الحديد:80 ابن ميثم:78 -محمّد عبده:77 -العرشي: 78

التسلسل: 82-فواتح الخطب:ما أصف من دار أولها عناء -ابن أبي الحديد: 81ابن ميثم:79 -محمّد عبده:78 -العرشي: 79

التسلسل: 83-فواتح الخطب:الحمد لله الذي علا يحوله -ابن أبي الحديد: 82ابن ميثم: 80-محمّد عبده: 79-العرشي: 80(خطبة)

التسلسل: 84 -فواتح الخطب:عجباً لابن النابغة -ابن أبي الحديد:83 ابن ميثم :83محمّد عبده:80 -العرشي: 80(کلام)

التسلسل: 85 -فواتح الخطب:واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له -ابن أبي الحديد:84 ابن ميثم:84 -محمّد عبده:81 -العرشي: =

التسلسل: 86 -فواتح الخطب:قد علم السرائر -ابن أبي: -الحديد:85 ابن ميثم:85 محمّد عبده: -العرشي: =

التسلسل: 87 -فواتح الخطب:عباد الله أن من أحب عباد الله إليه عبداً اعانه الله... -ابن أبي الحديد:86 ابن ميثم:86 -محمّد عبده:82 -العرشي: =

التسلسل: 88 -فواتح الخطب:أما بعد، فإنّ الله لم يقصم جبارى دهر قط إلا بعد... -ابن أبي الحديد :87ابن ميثم:87 -محمّد عبده: 8384-العرشي: 84

التسلسل: 89أ-فواتح الخطب:رسله على حين فترة من الرسل -ابن أبي الحديد:88 ابن ميثم:88 -محمّد عبده: 85-العرشي: 85

التسلسل: 90-فواتح الخطب:الحمد لله المعروف من غير رؤية -ابن أبي الحديد:89 ابن ميثم:89 -محمّد عبده: 86-العرشي: =(ر:183)

التسلسل: 91 -فواتح الخطب:الحمد لله الذي لا يفره المنع والجمود -ابن أبي الحديد:90 ابن ميثم:90 -محمّد عبده: 87-العرشي: 87

التسلسل: 92 -فواتح الخطب:دعوني والتمسوا غيري -ابن أبي الحديد:91 ابن ميثم:91 -محمّد عبده:88 -العرشي: 88

التسلسل: 93 -فواتح الخطب:أما بعد حمد الله والثناء عليه أيها الناس فأنا فقات -ابن أبي الحديد:92 ابن ميثم:90 -محمّد عبده: -العرشي: 89

التسلسل: 94 -فواتح الخطب:فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم -ابن أبي الحديد:93ابن ميثم: 90-محمّد عبده: 89-العرشي: =

التسلسل: 95 -فواتح الخطب:بعثه والناس لا يبلغه بعد الهمم -ابن أبي الحديد: 94ابن ميثم:92 -محمّد عبده: 91-العرشي: =

التسلسل: 96 -فواتح الخطب:الحمد لله الأول ضلال في حيرة -ابن أبي الحديد:95 ابن ميثم:93 -محمّد عبده: =-العرشي: =

التسلسل: 97-فواتح الخطب:ولئن أمهل الظالم فلا شي قبله -ابن أبي الحديد:96 ابن ميثم:94 -محمّد عبده: 92-العرشي: 93

التسلسل: 98 -فواتح الخطب:والله لا يزالون حتى لا يدعوا الله محرماً الا استحلوه -ابن أبي الحديد:97 ابن ميثم:95 -محمّد عبده: -العرشي: =

التسلسل: 99 -فواتح الخطب:تحمده على ما كان ونستعينه من أمرنا على ما يكون -ابن أبي:98 -الحديد: ابن ميثم: 96-محمّد عبده:94 -العرشي: =

التسلسل: 10- فواتح الخطب:الحمد لله الناشر في الخلق فضله -ابن أبي الحديد:99 ابن ميثم:97 -محمّد عبده:94 -العرشي: =

التسلسل: 101 -الحمد لله الأول قبل كل أول -ابن أبي الحديد:100 ابن ميثم:98 -محمّد عبده: 95-العرشي: =

ص: 383

التسلسل :102 -فواتح الخطب: وذلك يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين- ابن أبي الحديد:101 -ابن ميثم: 99-محمّد عبده: 96- العرشي: =

التسلسل :103 -فواتح الخطب: أيها الناس انظروا الى الدنيا نظر الزاهدين - ابن أبي الحديد:102 -ابن ميثم:100 -محمّد عبده: 97- العرشي: 99

التسلسل :104 -فواتح الخطب: اما بعد فان الله سبحانه بعث مح- محمداً صلی الله علیه و آله وسلم- ابن أبي الحديد: 103-ابن ميثم: 101-محمّد عبده:98 - العرشي: =(ر:33)

التسلسل :105 -فواتح الخطب: حتى بعث محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم شهيداً وبشيراً ونذيراً - ابن أبي الحديد: 104-ابن ميثم: 102-محمّد عبده:99 - العرشي: =

التسلسل :106 -فواتح الخطب: الحمد لله الذي شرع الاسلام فسهل شرائعه لمن.... - ابن أبي الحديد:105 -ابن ميثم:103 -محمّد عبده:100 - العرشي: 102

التسلسل :107 -فواتح الخطب: وقد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم - ابن أبي الحديد:106 -ابن ميثم: 104-محمّد عبده:101 - العرشي: 103

التسلسل :108-فواتح الخطب: الحمد لله المتجلي تخلقه بخلقه - ابن أبي الحديد: 107-ابن ميثم: 105-محمّد عبده: 102- العرشي: =

التسلسل :109 -فواتح الخطب: كلّ شي خاشع له - ابن أبي الحديد: 108-ابن ميثم: 106-محمّد عبده: 103- العرشي: =

التسلسل :110 -فواتح الخطب: ان افضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه.... - ابن أبي الحديد:109 -ابن ميثم:107 -محمّد عبده:104 - العرشي:106

التسلسل :111 -فواتح الخطب: امّا بعد ، فإنّي أحذركم الدنيا - ابن أبي الحديد:110 -ابن ميثم: 108-محمّد عبده:105 - العرشي: 107

التسلسل :112 -فواتح الخطب: هل تحس به إذا دخل منزلاً - ابن أبي الحديد:111 -ابن ميثم:109-محمّد عبده:106 - العرشي: =

التسلسل :113 -فواتح الخطب: واحذركم الدنيا فانها منزل قلعة - ابن أبي الحديد: 112-ابن ميثم: 110-محمّد عبده:107 - العرشي: =

التسلسل :114 الحمد الله الواصل الحمد بالنعم - ابن أبي الحديد:113 -ابن ميثم: 111-محمّد عبده:108 - العرشي: =

التسلسل :115 -فواتح الخطب: اللهم قد انصاحت جبالنا - ابن أبي الحديد: 114-ابن ميثم: 112-محمّد عبده:109 - العرشي: =

التسلسل :116 -فواتح الخطب: أرسله داعياً الى الحق وشاهداً على الخلق - ابن أبي الحديد:115 -ابن ميثم:113 -محمّد عبده: 110- العرشي: 112

التسلسل :117 -فواتح الخطب: فلا أموال بذلتموها للذي رزقها - ابن أبي الحديد:116 -ابن ميثم:114 -محمّد عبده:111 - العرشي: =

التسلسل :118 -فواتح الخطب: انتم الأنصار على الحق - ابن أبي الحديد:117 -ابن ميثم: 115-محمّد عبده: 112- العرشي: =

التسلسل :119 -فواتح الخطب: ما بالكم أمخرسون أنتم - ابن أبي الحديد:118 -ابن ميثم: 116-محمّد عبده: - العرشي: =

التسلسل :120 -فواتح الخطب: تا الله لقد علمت تبليغ الرسالات- ابن أبي الحديد: 119-ابن ميثم:117 -محمّد عبده:113 - العرشي: =

التسلسل :121 -فواتح الخطب: هذا جزاء من ترك العقدة - ابن أبي الحديد: 120-ابن ميثم:118 -محمّد عبده:114 - العرشي: 117

التسلسل :122 -فواتح الخطب: أكلكم شهد معنا صفين - ابن أبي الحديد: 121-ابن ميثم:119 -محمّد عبده: 115- العرشي: =

التسلسل :123 -فواتح الخطب: وأي امري: منكم احس من نفسه رباطة جأش.... - ابن أبي الحديد:122 -ابن ميثم:120 -محمّد عبده:116 - العرشي: 119

التسلسل :=-فواتح الخطب: [وكانّي انظر اليكم تكشون كشيش الذباب ]- ابن أبي الحديد: 122-ابن ميثم:= -محمّد عبده:= - العرشي: =

التسلسل :124 -فواتح الخطب: فقدّموا الدّارع وأخروا الحاس - ابن أبي الحديد:124 -ابن ميثم:122 -محمّد عبده: 118- العرشي: 120

التسلسل :125 -فواتح الخطب: انا لم نحكّم الرجال وإنما حكّمنا القرآن - ابن أبي الحديد: 125-ابن ميثم:123 -محمّد عبده:119 - العرشي: 121

التسلسل :126 -فواتح الخطب: أتأمروني ان اطلب النصر بالجور ؟ - ابن أبي الحديد: 126-ابن ميثم: 124-محمّد عبده: 120- العرشي: 122

ص: 384

التسلسل: 127 -فواتح الخطب :فان ابيتم الا ان تزعموا اني أخطأت -ابن أبي الحديد:127 -ابن ميثم:125 -محمّد عبده: 121-العرشي: =

التسلسل: 128 -فواتح الخطب :يا أحنف كأني به وقد سار بالجيش الذي لا يكون له...-ابن أبي الحديد: 128-ابن ميثم:126 -محمّد عبده:122 -العرشي: =

التسلسل: 129 -فواتح الخطب :عباد الله انكم وما تأملون من هذه الدنيا أثرياء -ابن أبي الحديد:129 -ابن ميثم: 128-محمّد عبده: 123-العرشي: =

التسلسل: 130 -فواتح الخطب :يا أبا ذر انك غضبت الله فارج من غضبت له -ابن أبي الحديد:130 -ابن ميثم: 129-محمّد عبده: 124-العرشي:126

التسلسل: 131 -فواتح الخطب :ايتها النفوس المختلفة والقلوب المتشتتة -ابن أبي الحديد:131 -ابن ميثم: 130-محمّد عبده: 125-العرشي:=

التسلسل: 132 -فواتح الخطب :نحمده على ما أخذ وأعطى -ابن أبي الحديد:132 -ابن ميثم: 131-محمّد عبده: 126-العرشي: =

التسلسل: 133 -فواتح الخطب :وانقادت له الدنيا والآخرة بأزمتها -ابن أبي الحديد:133 -ابن ميثم: 132-محمّد عبده: 127-العرشي: =

التسلسل: 134 -فواتح الخطب :وقد توكل الله لاهل هذا الدين باعزاز الحوزة -ابن أبي الحديد: 134-ابن ميثم: 133-محمّد عبده:128 -العرشي: =

التسلسل: 135 -فواتح الخطب :يا بن اللعين الأبتر والشجرة التي لا أصل لها... -ابن أبي الحديد:135 -ابن ميثم: 134-محمّد عبده: 129-العرشي: =

التسلسل: 136 -فواتح الخطب :لم تكن بيعتكم إياي منكراً -ابن أبي الحديد: 136-ابن ميثم: 135-محمّد عبده: 130-العرشي: 132

التسلسل: 137 -فواتح الخطب :والله ما أنكروا علي منكراً -ابن أبي الحديد: 137-ابن ميثم: 136-محمّد عبده: 131-العرشي: 132

التسلسل: 138 -فواتح الخطب :يعطف الهوى على الهدى اذ عطفوا الهدى على الهوئ -ابن أبي الحديد:138 -ابن ميثم: 137-محمّد عبده: 132-العرشي: =

التسلسل: 139 -فواتح الخطب :لن يسرع أحد قبلي الى دعوة حق -ابن أبي الحديد: 139-ابن ميثم: 138-محمّد عبده: 133-العرشي: 135

التسلسل: 140 -فواتح الخطب :وانّما ينبغي لاهل العصمة والمصنوع اليهم -ابن أبي الحديد:140 -ابن ميثم: 139-محمّد عبده: 134-العرشي: =

التسلسل: 141 -فواتح الخطب :ايها الناس من عرف من أخيه وثيقة دين وسداد -ابن أبي الحديد: 141-ابن ميثم: 140-محمّد عبده:135 -العرشي: =

التسلسل: 142 -فواتح الخطب :وليس الواضع المعروف في غير حقه -ابن أبي الحديد:142 -ابن ميثم: 141-محمّد عبده: 136-العرشي: =

التسلسل: 143 -فواتح الخطب :الا وان الأرض التي تحملكم والسماء التي تظلكم... -ابن أبي الحديد:143 -ابن ميثم:142 -محمّد عبده: =-العرشي: =

التسلسل: 144 -فواتح الخطب :بعث الله رسله بما خصهم من وحيه -ابن أبي الحديد: 144-ابن ميثم: 143-محمّد عبده: 137-العرشي: =

التسلسل: 145 -فواتح الخطب :ايها الناس أتما انتم في هذه الدنيا غرض تنتضل -ابن أبي الحديد: 145-ابن ميثم:144 -محمّد عبده: 138-العرشي: 141

التسلسل: 146 -فواتح الخطب :أنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة -ابن أبي الحديد:146 -ابن ميثم: 145-محمّد عبده: 139-العرشي: 142

التسلسل: 147 -فواتح الخطب :فبعث الله محمداً صلی الله علیه و آله وسلم بالحق ليخرج عباده -ابن أبي الحديد:147 -ابن ميثم: 146-محمّد عبده: 1400-العرشي: 143

التسلسل: 148 -فواتح الخطب :كل واحدٍ منهما يرجو الأمر له ويعطفه عليه... -ابن أبي الحديد:148 -ابن ميثم: 147-محمّد عبده:141 -العرشي: =

التسلسل: 149 -فواتح الخطب :ايها الناس كل امرى: لاقي ما يفرّ منه في فراره -ابن أبي الحديد:149 -ابن ميثم: 148-محمّد عبده: 142-العرشي: =

التسلسل: 150 -فواتح الخطب :وأخذوا يميناً وشمالاً طعناً في مسالك الفي -ابن أبي الحديد:150 -ابن ميثم: 149-محمّد عبده:143 -العرشي: =

التسلسل: 151 -فواتح الخطب :وأحمد الله واستعينه على وجوده بخلقه -ابن أبي الحديد: 151-ابن ميثم: 150-محمّد عبده: 144-العرشي: =

التسلسل: 152 -فواتح الخطب :الحمد لله الدال على وجوده بخلقه -ابن أبي الحديد: 152-ابن ميثم: 151-محمّد عبده:145 -العرشي: 148

ص: 385

التسلسل: 153 -فراتح الخطب: فهو في مهلة من الله يهوي مع الغافلين -ابن أبي الحديد: 153-ابن میثم:152 -محمّد عبده:146 - العرشي: =

التسلسل: 154 -فراتح الخطب: وناظر قلب اللبيب به يبصر أمده -ابن أبي الحديد:154- ابن میثم: 153-محمّد عبده:147 - العرشي: =

التسلسل:155 -فراتح الخطب: الحمد لله الذي انحسرت -ابن أبي الحديد: 155-ابن میثم: 154-محمّد عبده: 148- العرشي: =

التسلسل:156 -فراتح الخطب: فمن استطاع عند ذلك أن يعتقل نفسه على. -ابن أبي الحديد:156- ابن میثم: 155-محمّد عبده: 149- العرشي: =

التسلسل:=-فراتح الخطب: [انّه لما انزل الله سبحانه قوله -ابن أبي الحديد: 157]-ابن میثم:=-محمّد عبده: =- العرشي: =

التسلسل:157-فراتح الخطب: الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره -ابن أبي الحديد: 18-ابن میثم: 156-محمّد عبده: 150- العرشي: 152

التسلسل:158 -فراتح الخطب: أرسله على حين فترة من الرسل -ابن أبي الحديد:159- ابن میثم:157 -محمّد عبده: 151- العرشي: =

التسلسل:159 -فراتح الخطب: ولقد أحسنت جواركم -ابن أبي الحديد: 160-ابن میثم: 158-محمّد عبده: 152- العرشي: =

التسلسل:160 -فراتح الخطب: امرد قضاء وحكمه حتم -ابن أبي الحديد:161- ابن میثم: 159-محمّد عبده: 153- العرشي: =

التسلسل:161 -فراتح الخطب: بعثه بالثور المضيء -ابن أبي الحديد:162- ابن میثم: 160-محمّد عبده: -154- العرشي: =

التسلسل:162 -فراتح الخطب: يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين -ابن أبي الحديد:163 -ابن میثم: 161-محمّد عبده: 155- العرشي: 157

التسلسل:163-فراتح الخطب: الحمد لله خالق العباد -ابن أبي الحديد:164- ابن میثم: 162-محمّد عبده: 156- العرشي: =

التسلسل:164 -فراتح الخطب: ان الناس وراثي وقد استسفروني بينك وبينهم -ابن أبي الحديد:165- ابن میثم: 163-محمّد عبده: 157- العرشي: 159

التسلسل:165 -فراتح الخطب: ابتدعهم خلقاً عجيبا من حيوان وموات -ابن أبي الحديد:166- ابن میثم: 164-محمّد عبده: 158- العرشي: =

التسلسل:166 -فراتح الخطب: ليتأس صغيركم بكبيركم -ابن أبي الحديد: 167-ابن میثم:165 -محمّد عبده: 159160- العرشي: 161

التسلسل:167 -فراتح الخطب: ان الله تعالى انزل كتاباً هادياً بين فيه الخير والشر -ابن أبي الحديد:168- ابن میثم: 166-محمّد عبده: - =العرشي:

التسلسل:168 -فراتح الخطب: يا اخوتاه ، أنى لست اجهل ما تعلمون -ابن أبي الحديد:169- ابن میثم:167 -محمّد عبده: 161- العرشي:

التسلسل:169 -فراتح الخطب: إن الله سبحانه بعث رسولاً هاديا بكتاب ناطق -ابن أبي الحديد:170- ابن میثم:168 -محمّد عبده: 162- العرشي: =

التسلسل:170 -فراتح الخطب: ارايت لو ان الذين وراءك بعثوك رائداً -ابن أبي الحديد:171- ابن میثم:169 -محمّد عبده: 163- العرشي: 162

التسلسل:171 -فراتح الخطب: اللهم رب السقف المرفوع -ابن أبي الحديد: 172ابن میثم: 170-محمّد عبده: 164- العرشي: 164

التسلسل:172 -فراتح الخطب: الحمد لله الذي لا يواري عنه سماء سماء -ابن أبي الحديد:173- ابن میثم: 171-محمّد عبده: 165- العرشي: 166=

التسلسل:173 -فراتح الخطب: امین وحید و خاتم رسله -ابن أبي الحديد:174- ابن میثم: 172-محمّد عبده: 166- العرشي: 167

التسلسل:174 -فراتح الخطب: قد كنت وما اهدد بالحرب -ابن أبي الحديد: 175-ابن میثم: -173محمّد عبده: 167- العرشي: 168

التسلسل:175 -فراتح الخطب: ايها الغافلون غير المغفول عنهم -ابن أبي الحديد:176- ابن میثم:174 -محمّد عبده: 168- العرشي: 169

التسلسل:176 -فراتح الخطب: انتفعوا ببيان الله -ابن أبي الحديد177: ابن میثم:175- -محمّد عبده: 169- العرشي: 171

التسلسل:177 -فراتح الخطب: فأجمع رأى ملئكم على أن اختاروا رجلين -ابن أبي الحديد:178- ابن میثم: 176-محمّد عبده:170 - العرشي: =

ص: 386

التسلسل :178 -فواتح الخطب:لا يشغله شأن من شأن -ابن أبي الحديد: 179-ابن میثم: 177-محمّدعبده:171 - العرشي:=

التسلسل :179 -فواتح الخطب:لا تدركه العيون بمشاهدة العيان-ابن أبي الحديد: 180-ابن میثم:178 -محمّدعبده:172 - العرشي:174

التسلسل :180 -فواتح الخطب:أحمد الله على ما قضى من أمر وقدر-ابن أبي الحديد: 181-ابن میثم:179 -محمّدعبده:173 - العرشي:175

التسلسل :181 -فواتح الخطب:بعداً لهم كما بعدت ثمود -ابن أبي الحديد: 182-ابن میثم: 180-محمّدعبده: 174- العرشي:=

التسلسل :182 -فواتح الخطب:الحمد لله الذي اليه مصائر الخلق -ابن أبي الحديد: 183-ابن میثم: 181-محمّدعبده: 175- العرشي:=

التسلسل :183 -فواتح الخطب:الحمد لله المعروف من غير رؤية -ابن أبي الحديد: 184-ابن میثم: 182-محمّدعبده: 176- العرشي:=(راجع:89)

التسلسل :184 -فواتح الخطب:أسكت قبحك الله يا أثرم -ابن أبي الحديد: 185-ابن میثم: 183-محمّدعبده: 177- العرشي:=

ملاحظّة : الخطب في الطبعة المعتمدة بالتسلسل 185 - الى - 192 تأخر مواقعها في طبعة ابن أبي الحديد الى التسلسل -231 - الى - 238 ، وفي طبعة ابن ميثم الى التسلسل 227 - الى - 234 . وكذا بعض الخطب التي تشير الى أرقامها المعادلة مع الطبعة المعتمدة بعلامة (*)

التسلسل :185 -فواتح الخطب:الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد -ابن أبي الحديد: 234-ابن میثم: 227-محمّدعبده: 178- العرشي:=

التسلسل :186 -فواتح الخطب:ما وحده من كيفه -ابن أبي الحديد: 232-ابن میثم:228 -محمّدعبده: 179- العرشي:181

التسلسل :187 -فواتح الخطب:ألا بأبي وأمي هم من عدة أسماؤهم في السماء-ابن أبي الحديد:232 -ابن میثم:229 -محمّدعبده:180 - العرشي:=

التسلسل : 188 -فواتح الخطب:أوصيكم أيها الناس بتقوى الله وكثرة حمده-ابن أبي الحديد: 234-ابن میثم: 230-محمّدعبده: 181- العرشي:=

التسلسل : 189 -فواتح الخطب:فمن الإيمان ما يكون ثابتاً مستقراً في القلوب -ابن أبي الحديد:235 -ابن میثم: 231-محمّدعبده: 182- العرشي:=

التسلسل :190 -فواتح الخطب:أحمد، شكراً لإنعامه -ابن أبي الحديد: 236-ابن میثم: 232-محمّدعبده:183 - العرشي:=

التسلسل :191 -فواتح الخطب:الحمد لله الفاشي حمده -ابن أبي الحديد: 237-ابن میثم: 233-محمّدعبده: 184- العرشي:=

التسلسل :192 -فواتح الخطب:الحمد لله الذي لبس العزة والكبرياء -ابن أبي الحديد:238 -ابن میثم:234 -محمّدعبده: 185- العرشي:=

التسلسل :193 -فواتح الخطب:أما بعد ، فإن الله خلق الخلق -ابن أبي الحديد: 186-ابن میثم: 184-محمّدعبده: 186- العرشي:188

التسلسل :194 -فواتح الخطب:نحمده على ما وفق له من الطاعة -ابن أبي الحديد:187 -ابن میثم:185 -محمّدعبده:187 - العرشي:=

التسلسل :195 -فواتح الخطب:الحمد لله الذي أظهر من آثار سلطانه -ابن أبي الحديد:188 -ابن میثم: 186-محمّدعبده:188 - العرشي:=

التسلسل :196 -فواتح الخطب:بعثه حين لاعلم قائم -ابن أبي الحديد:189 -ابن میثم: 187-محمّدعبده: 189- العرشي:=

التسلسل :197 -فواتح الخطب:ولقد علم المستحفظون من اصحاب محمد اني لم ارد -ابن أبي الحديد:190 -ابن میثم: 188-محمّدعبده:190 - العرشي:192

التسلسل :198 -فواتح الخطب:الحمد لله الذي يعلم عجيج الوحوش في الفلوات -ابن أبي الحديد:191 -ابن میثم: 189-محمّدعبده: 191- العرشي:=

التسلسل :199 -فواتح الخطب:تعاهدوا أمر الصلاة وحافظوا عليها -ابن أبي الحديد: 192-ابن میثم:190 -محمّدعبده: 192- العرشي:=

ص: 387

التسلسل: 200 -فواتح الخطب: والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر -ابن أبي الحديد:193 -ابن ميثم: 191-محمّد عبده: 193- العرشي: 195

التسلسل: 201 -فواتح الخطب:أيّها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله -ابن أبي الحديد:194 -ابن ميثم: 192-محمّد عبده:194 - العرشي: =

التسلسل: 202 -فواتح الخطب:السلام عليك يارسول الله -ابن أبي الحديد:195 -ابن ميثم: 193-محمّد عبده:195 - العرشي: 197

التسلسل: 203 -فواتح الخطب:ايّها النّاس أنما الدنيا دار مجاز -ابن أبي الحديد: 196-ابن ميثم: 194-محمّد عبده: 196- العرشي: 198

التسلسل: 204 -فواتح الخطب:تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل -ابن أبي الحديد: 197-ابن ميثم: 195-محمّد عبده: 197- العرشي: =

التسلسل: 205 -فواتح الخطب:لقد نقمتما يسيراً وأرجأتما كثيراً -ابن أبي الحديد: 198-ابن ميثم: 196-محمّد عبده: -198 العرشي: =

التسلسل: 206 -فواتح الخطب:أنّي اكره لكم ان تكونوا سبابين -ابن أبي الحديد: 199-ابن ميثم: 197-محمّد عبده: 199- العرشي: 201

التسلسل: 207 -فواتح الخطب:أملكوا عنّي هذا الغلام لا يهدني-ابن أبي الحديد:200 -ابن ميثم: 198-محمّد عبده: 200- العرشي: =

التسلسل: 208 -فواتح الخطب:ايها النّاس انه لم يزل أمري معكم على ما أحب حتى -ابن أبي الحديد:201 -ابن ميثم:199 -محمّد عبده:201 - العرشي: 203

التسلسل: 209 -فواتح الخطب:ماكنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا -ابن أبي الحديد: 202-ابن ميثم: 200-محمّد عبده:202 - العرشي:=

التسلسل: 210 -فواتح الخطب:ان في أيدي الناس حقاً وباطلا -ابن أبي الحديد: 203-ابن ميثم: 201-محمّد عبده:203 - العرشي: 205

التسلسل: 211 -فواتح الخطب:وكان من اقتدار جبروته وبديع لطائف صنعته... -ابن أبي الحديد: 204-ابن ميثم: 202-محمّد عبده:204 - العرشي: =

التسلسل: 212 -فواتح الخطب:اللهم ايما عبد من عبادك سمع مقالتنا العادلة. -ابن أبي الحديد:205 -ابن ميثم: 203-محمّد عبده:205 - العرشي: =

التسلسل: 213 -فواتح الخطب:الحمد لله العلي عن شبه المخلوقين -ابن أبي الحديد: 206-ابن ميثم:204 -محمّد عبده:206 - العرشي: =

التسلسل: 214 -فواتح الخطب:وأشهد أنه عدل عدل وحكم فصل -ابن أبي الحديد: 207-ابن ميثم: 205-محمّد عبده:207 - العرشي: =

التسلسل: 215 -فواتح الخطب:الحمد لله الذي لم يصبح بي ميناً ولاسقيماً -ابن أبي الحديد:208 -ابن ميثم:206 -محمّد عبده: 208- العرشي: =

التسلسل: 216 -فواتح الخطب:اما بعد فقد جعل الله لي عليكم حقاً بولاية أمركم -ابن أبي الحديد:209* -ابن ميثم:207 -محمّد عبده:209 - العرشي: 211

التسلسل: 217 -فواتح الخطب:اللهم اني استعديك على قريش -ابن أبي الحديد:211 -ابن ميثم: 208-محمّد عبده:210 - العرشي: 212

التسلسل: 218 -فواتح الخطب:فقدموا على عمالي -ابن أبي الحديد: 212-ابن ميثم: 209-محمّد عبده: 210- العرشي: =

التسلسل: 219 -فواتح الخطب:لقد أصبح أبو محمد بهذا المكان غريباً -ابن أبي الحديد: 213-ابن ميثم: 210-محمّد عبده: 211- العرشي: 214

التسلسل: 220 -فواتح الخطب:قد أحيا عقله وأمات نفسه -ابن أبي الحديد:214 -ابن ميثم: 211-محمّد عبده: 212- العرشي: =

التسلسل: 221 -فواتح الخطب:يا له مراماً ما أبعده وزوراً ما أغفله -ابن أبي الحديد: 216-ابن ميثم: 212-محمّد عبده: 213- العرشي: 216

التسلسل: 222 -فواتح الخطب:ان الله سبحانه وتعالى جعل الذكر جلاء للقلوب -ابن أبي الحديد: 217-ابن ميثم: 213-محمّد عبده:214 - العرشي: =

التسلسل: 223 -فواتح الخطب:أدحض مسؤول حجة وأقطع مغتر معذرة-ابن أبي الحديد: 218-ابن ميثم: 214-محمّد عبده: 215- العرشي: =

التسلسل: 224 -فواتح الخطب:والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهداً -ابن أبي الحديد:219 -ابن ميثم: 215-محمّد عبده:216 - العرشي: 219

التسلسل: 225 -فواتح الخطب:اللهم من وجهي باليسار -ابن أبي الحديد: 220-ابن ميثم: -216محمّد عبده: 217- العرشي: =

ص: 388

التسلسل:226 -فواتح الخطب:دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة -ابن أبي الحديد:221 -ابن ميثم: 217-محمّد عبده: 218- العرشي: 22

التسلسل:227 -فواتح الخطب:اللهم انك أنس الأنسين لأوليائك -ابن أبي الحديد: 222-ابن ميثم: 218-محمّد عبده: 219- العرشي: =

التسلسل:228 -فواتح الخطب: لله بلاء فلان فقد قوم الاود وداوى العمد -ابن أبي الحديد: 223-ابن ميثم: 219-محمّد عبده:220 - العرشي:

التسلسل:229 -فواتح الخطب:وبسطتم يدي فكففتها ومددتموها فقبضتها -ابن أبي الحديد:224 -ابن ميثم: -220محمّد عبده: 221- العرشي: 223

التسلسل:230 -فواتح الخطب:فإن تقوى الله مفتاح سداد وذخيرة معاد -ابن أبي الحديد: 225-ابن ميثم: 221-محمّد عبده: 222- العرشي: 224

التسلسل:231 -فواتح الخطب:فصدع بما أمر به وبلغ رسالات ربه -ابن أبي الحديد: 226-ابن ميثم: 222-محمّد عبده: 223- العرشي: =

التسلسل:232 -فواتح الخطب:أن هذا المال ليس لي ولالك وانما هو في للمسلمين. -ابن أبي الحديد: 227-ابن ميثم:223 -محمّد عبده:224 - العرشي: 226

التسلسل:233 -فواتح الخطب:ألا ان اللسان بضعة من الانسان -ابن أبي الحديد: 228-ابن ميثم:224 -محمّد عبده:225 - العرشي: =

التسلسل:234 -فواتح الخطب:إنما فرق بينهم مبادئ طينتهم -ابن أبي الحديد:229 -ابن ميثم: 225-محمّد عبده: 226- العرشي: =

التسلسل:235 -فواتح الخطب:بأبي أنت وأمي لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع -ابن أبي الحديد:230 -ابن ميثم: -محمّد عبده: 227- العرشي:=

التسلسل:236 -فواتح الخطب:فجعلت أتبع مأخذ رسول الله صلى الله عليه و آله سلم -ابن أبي الحديد: 240*-ابن ميثم:226 -محمّد عبده: 228- العرشي: =

التسلسل:237 -فواتح الخطب:فاعملوا وانتم في نفس البقاء -ابن أبي الحديد:241* -ابن ميثم: 236*-محمّد عبده: 229- العرشي: =

التسلسل:238 -فواتح الخطب:جفاة طعام وعبيد اقزام -ابن أبي الحديد: 242*-ابن ميثم:237* -محمّد عبده: 230- العرشي: 233

التسلسل:239 -فواتح الخطب:هم عيش العلم وموت الجهل -ابن أبي الحديد:243* -ابن ميثم: 238*-محمّد عبده: 231- العرشي: 234

التسلسل:240 -فواتح الخطب:يابن عباس ما يريد عثمان إلا ان يجعلني جملاً -ابن أبي الحديد:239* -ابن ميثم:239* -محمّد عبده: 232- العرشي: =

التسلسل:241 -فواتح الخطب:والله مستأديكم شكره -ابن أبي الحديد:215* -ابن ميثم: 240*-محمّد عبده: 233- العرشي: =

فواتح الكتب والرسائل

التسلسل:1 -فواتح الخطب:من عبد الله علي أمير المؤمنين الى اهل الكوفة -ابن أبي الحديد:1 -ابن ميثم: 1-محمّد عبده:1 - العرشي: 1

التسلسل:2 -فواتح الخطب:وجزاكم الله من أهل مصر عن أهل بيت نبيكم أحسن -ابن أبي الحديد:2 -ابن ميثم: 2-محمّد عبده:2 -= العرشي:

التسلسل:3 -فواتح الخطب:بلغني أنك ابتعت داراً بثمانين ديناراً -ابن أبي الحديد:3 -ابن ميثم: 3-محمّد عبده: 3- العرشي: 3

التسلسل:4 -فواتح الخطب:فان عادوا الى ظل الطاعة فذاك الذي يحب -ابن أبي الحديد:4 -ابن ميثم: 4-محمّد عبده:4 - العرشي: =

التسلسل:5 -فواتح الخطب:وأن عملك ليس لك بطعمة ولكنه في عنقك أمانة -ابن أبي الحديد:5 -ابن ميثم:5 -محمّد عبده: 5- العرشي: 5

التسلسل:6 -فواتح الخطب:أنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان. -ابن أبي الحديد: -6ابن ميثم: 6-محمّد عبده:6 - العرشي: 6

التسلسل:7 -فواتح الخطب:أما بعد . فقد أتتني منك موعظة موصلة -ابن أبي الحديد:7 -ابن ميثم: 7-محمّد عبده: 7- العرشي: 8

ص: 389

التسلسل:8-فواتح الخطب:أما بعد ، فإذا أتاك كتابي فاحمل معاوية على الفصل -ابن أبي الحديد: 8-ابن ميثم: 8-محمّد عبده: 8- العرشي:8(کذا)

التسلسل:9-فواتح الخطب:فاراد قومنا قتل نبينا واجتياح -ابن أبي الحديد: 9-ابن ميثم: 9-محمّد عبده:9 - العرشي: 9

التسلسل:10 -فواتح الخطب:وكيف أنت صانع اذا انكشفت عنك جلابيب -ابن أبي الحديد:10 -ابن ميثم: 10-محمّد عبده: 10- العرشي: 10

التسلسل:11 -فواتح الخطب:فإذا نزلتم بعدد أو نزل بكم فليكن معسكركم -ابن أبي الحديد:11 -ابن ميثم: 11-محمّد عبده: 11- العرشي: من وصیة

التسلسل:12 -فواتح الخطب:اتق الله الذي لابد لك من لقائه -ابن أبي الحديد:12 -ابن ميثم:12 -محمّد عبده: 12- العرشي: من وصیة

التسلسل:13 -فواتح الخطب:وقد أمرت عليكما وعلى من في حيز كما مالك -ابن أبي الحديد:13 -ابن ميثم: 13-محمّد عبده: 13- العرشي: 13

التسلسل:14 -فواتح الخطب:ولا تقاتلوهم حتى يبدأوكم -ابن أبي الحديد:14 -ابن ميثم: 14-محمّد عبده: 14- العرشي: من وصیة

التسلسل:15 -فواتح الخطب:اللهم إليك أفضت القلوب -ابن أبي الحديد: 15-ابن ميثم: 15-محمّد عبده: 15- العرشي: =

التسلسل:16 -فواتح الخطب:لا تشتدن عليكم فرة بعد كرة -ابن أبي الحديد: 16-ابن ميثم:16 -محمّد عبده:16 - العرشي: =

التسلسل:17 -فواتح الخطب:واما طلبك إلي الشام -ابن أبي الحديد:17-ابن ميثم: 17-محمّد عبده: 17- العرشي: 17

التسلسل:18 -فواتح الخطب:اعلم ان البصرة مهبط ابليس ومغرس الفتن -ابن أبي الحديد: 18-ابن ميثم:8 -محمّد عبده: 18- العرشي: 18

التسلسل:19 -فواتح الخطب:اما بعد، فإن دهاقين أهل بلدك شكوا -ابن أبي الحديد: 19-ابن ميثم: 19-محمّد عبده: 19- العرشي: =

التسلسل:20 -فواتح الخطب:واني اقسم بالله قسماً صادقاً لئن بلغني أنك خنت -ابن أبي الحديد:20 -ابن ميثم: 20-محمّد عبده: 20- العرشي: =

التسلسل:21 -فواتح الخطب:قدع الاسراف مقتصدا -ابن أبي الحديد:21 -ابن ميثم: 21-محمّد عبده: 21- العرشي: =

التسلسل:22-فواتح الخطب:أما بعد فإنّ المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته -ابن أبي الحديد:22 -ابن ميثم: 22-محمّد عبده:22 - العرشي:22

التسلسل:23-فواتح الخطب:وصيتي لكم أن لا تشركوا بالله شيئاً -ابن أبي الحديد: 23-ابن ميثم: 23-محمّد عبده: 23- العرشي: =

التسلسل:24 -فواتح الخطب:هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب في ماله -ابن أبي الحديد: 24-ابن ميثم: 24-محمّد عبده: 24- العرشي: =

التسلسل:25 -فواتح الخطب:انطلق على تقوى الله -ابن أبي الحديد:25 -ابن ميثم: 25-محمّد عبده: 25- العرشي: =

التسلسل:26 -فواتح الخطب:آمره بتقوى الله في سرائر أمره وخفيات عمله -ابن أبي الحديد:26 -ابن ميثم:26 -محمّد عبده: 26- العرشي: =

التسلسل:27 -فواتح الخطب:فاخفض لهم جناحك -ابن أبي الحديد: 27-ابن ميثم: 27-محمّد عبده: 27- العرشي: 27

التسلسل:28 -فواتح الخطب:أما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه إصطفاء الله -ابن أبي الحديد: 28-ابن ميثم:28 -محمّد عبده:28 - العرشي: =

التسلسل:29 -فواتح الخطب:وقد كان من انتشار حيلكم وشقاقكم ما لم تغبوا عنه -ابن أبي الحديد:29 -ابن ميثم: 29-محمّد عبده:29 - العرشي: =

التسلسل:30 -فواتح الخطب:فاتق الله في ما لديك -ابن أبي الحديد: 30-ابن ميثم: 30-محمّد عبده: 30- العرشي: 30

التسلسل:31 -فواتح الخطب:من الوالد الفان -ابن أبي الحديد: 31-ابن ميثم: 31-محمّد عبده: 31- العرشي: 31

التسلسل:32 -فواتح الخطب:وأرديت جيلاً من الناس خدعتهم بغيك -ابن أبي الحديد:32 -ابن ميثم:32 -محمّد عبده:32 - العرشي: 32

التسلسل:33 -فواتح الخطب:اما بعد، فان عيني بالمغرب كتب إلي -ابن أبي الحديد:33 -ابن ميثم: 33-محمّد عبده: 33- العرشي: =

ص: 390

التسلسل:34 -فواتح الخطب:اما بعد، فقد بلغني موجدتك من تسريح الاشتر -ابن أبي الحديد: 34-ابن ميثم:34 -محمّد عبده:34 - العرشي: 34

التسلسل:35 -فواتح الخطب:اما بعد ، فان مصر قد افتتحت ومحمد بن أبي بكر -ابن أبي الحديد: 35-ابن ميثم: 35-محمّد عبده: 35- العرشي: 35

التسلسل:36 -فواتح الخطب:فسرّحت إليه جيشاً كثيفاً من المسلمين -ابن أبي الحديد: 36-ابن ميثم: 36-محمّد عبده:36 - العرشي: 36

التسلسل:37 -فواتح الخطب:فسبحان الله ما أشد لزومك للأهواء المتبدعة -ابن أبي الحديد:37 -ابن ميثم:37 -محمّد عبده:3 - العرشي: =

التسلسل:38 -فواتح الخطب:من عبد الله علي أمير المؤمنين الى القوم الذين. -ابن أبي الحديد: 38-ابن ميثم: 38-محمّد عبده: 38- 38العرشي:

التسلسل:39 -فواتح الخطب:فانك جعلت دينك تبعاً لدنيا ،امرى ظاهر غيه مهتوك -ابن أبي الحديد:39 -ابن ميثم: 39-محمّد عبده:39 - العرشي: 39

التسلسل:40 -فواتح الخطب:اما بعد، فقد بلغني عنك أمر أن كنت فعلته فقد -ابن أبي الحديد:40 -ابن ميثم: =-محمّد عبده: 40- العرشي:40 40

التسلسل:41 -فواتح الخطب:اما بعد : فإني كنت أشركتك في امانتي -ابن أبي الحديد: 41-ابن ميثم:40 -محمّد عبده: 41- العرشي: 41

التسلسل:42 -فواتح الخطب:اما بعد، فانّي قد وليت نعمان -ابن أبي الحديد: 16-ابن ميثم: 41-محمّد عبده:42 - العرشي: =

التسلسل:43 -فواتح الخطب:بلغني عنك أمر أن كنت فعلته فقد اسخطت إلهك -ابن أبي الحديد:43 -ابن ميثم: 42-محمّد عبده:43 - العرشي: =

التسلسل:44 -فواتح الخطب:وقد عرفت أن معاوية كتب اليك يستزل لبك -ابن أبي الحديد: 44-ابن ميثم:43 -محمّد عبده: 44- العرشي: =

التسلسل:45 -فواتح الخطب:أما بعد ، يابن حنيف فقد بلغني أن رجلاً من فتية.. -ابن أبي الحديد:45 -ابن ميثم:44 -محمّد عبده: 45- العرشي: =

التسلسل:46 -فواتح الخطب:اما بعد ، فانّك متن استظهر به على إقامة الدين -ابن أبي الحديد: 46-ابن ميثم:45 -محمّد عبده:46 - العرشي: 46

التسلسل:47 -فواتح الخطب:أوصيكما بتقوى الله وأن لا تبغيا الدنيا وان بغتكما -ابن أبي الحديد:47 -ابن ميثم: 46-محمّد عبده: 47- العرشي:47

التسلسل:48 -فواتح الخطب:وان البغي والزور يذيعان بالمرء في دينه ودنياه -ابن أبي الحديد: 48-ابن ميثم:47 -محمّد عبده:48 - العرشي: 48

التسلسل:49 -فواتح الخطب:اما بعد، فان الدنيا مشغلة عن غيرها -ابن أبي الحديد:49 -ابن ميثم: 48-محمّد عبده: 49- العرشي: 49

التسلسل:50 -فواتح الخطب:من عبد الله أمير المؤمنين الى اصحاب المسالح -ابن أبي الحديد:50-ابن ميثم:49 -محمّد عبده: 50- العرشي: 50

التسلسل:51 -فواتح الخطب:من عبد الله امير المؤمنين الى اصحاب الخراج -ابن أبي الحديد: 51-ابن ميثم: 50-محمّد عبده:51 - العرشي: 51

التسلسل:52 -فواتح الخطب:اما بعد فصلوا بالناس الظهر حتى تفيء الشمس -ابن أبي الحديد:52 -ابن ميثم:51 -محمّد عبده:52 - العرشي: =

التسلسل: 53-فواتح الخطب:بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هذا ما أمر به عبدالله على-ابن أبي الحديد:53 -ابن ميثم: 52-محمّد عبده:53 - العرشي: 53

التسلسل: 54 -فواتح الخطب:اما بعد فقد علمتما - وان كتمتما - اني لم ارد ده -ابن أبي الحديد: 54-ابن ميثم: 53-محمّد عبده:54 - العرشي: 54

التسلسل:55-فواتح الخطب:اما بعد ، فان الله سبحانه قد جعل الدنيا لما بعدها -ابن أبي الحديد: 55-ابن ميثم: 54-محمّد عبده: 55- العرشي: =

التسلسل:56 -فواتح الخطب:اتق الله في كل صباح ومساء -ابن أبي الحديد: 56-ابن ميثم: 55-محمّد عبده:56 - العرشي: =

التسلسل:57 -فواتح الخطب:اما بعد ، فاني خرجت من حبيبي هذا -ابن أبي الحديد: 57-ابن ميثم: 56-محمّد عبده:57 - العرشي: =

التسلسل:58 -فواتح الخطب:وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام -ابن أبي الحديد:58 -ابن ميثم: 57-محمّد عبده:58 - العرشي: =

التسلسل:59 -فواتح الخطب:اما بعد ، فان الوالي اذا -ابن أبي الحديد: 59-ابن ميثم: 58-محمّد عبده: 59- العرشي: =

ص: 391

التسلسل:60-فواتح الخطب:اما بعد ، فانّي قد سيرت جنوداً -ابن أبي الحديد: 60-ابن ميثم: 59-محمّد عبده: 60- العرشي: 60

التسلسل:61 -فواتح الخطب:أما بعد فان تضييع المرء ما ولي وتكلفه ماكفي -ابن أبي الحديد:61 -ابن ميثم: 60-محمّد عبده:61 - العرشي: =

التسلسل:62 -فواتح الخطب:اما بعد ، فان الله سبحانه بعث محمّداً نذيراً -ابن أبي الحديد:62 -ابن ميثم: 61-محمّد عبده: 62- العرشي: 62

التسلسل:63 -فواتح الخطب:من عبد الله أمير المؤمنين الى عبد الله بن قيس -ابن أبي الحديد:63 -ابن ميثم:62 -محمّد عبده: 63- العرشي: =

التسلسل:64 -فواتح الخطب:اما بعد فانا كنا نحن وانتم على ما ذكرت من الالفة -ابن أبي الحديد: 64-ابن ميثم: 63-محمّد عبده: 64- العرشي: =

التسلسل:65 -فواتح الخطب:اما بعد ، فقد آن لك أن تنتفع باللمح الباصر من عيان -ابن أبي الحديد: 65-ابن ميثم: 64-محمّد عبده: 65- العرشي: =

التسلسل:66 -فواتح الخطب:أما بعد ، فان المرء ليفرح بالشيء الذي لم يكن -ابن أبي الحديد: 66-ابن ميثم: 65-محمّد عبده:66 - العرشي: =

التسلسل:67 -فواتح الخطب:أما بعد ، فاقم للنّاس الحج وذكرهم بأيام الله -ابن أبي الحديد: 67-ابن ميثم: 66-محمّد عبده: 67- العرشي: =

التسلسل:68-فواتح الخطب:اما بعد فانّما مثل الدنيا مثل الحية لين متها -ابن أبي الحديد:68 -ابن ميثم: 67-محمّد عبده:68 - العرشي: 68

التسلسل:69 -فواتح الخطب:وتمسك بحبل القرآن وانتصحه -ابن أبي الحديد: 69-ابن ميثم: 68-محمّد عبده: 69- العرشي: =

التسلسل:70-فواتح الخطب:اما بعد ، فقد بلغني أن رجالاً من قبلك يتسللون -ابن أبي الحديد: 70-ابن ميثم:69 -محمّد عبده:70 - العرشي: =

التسلسل:71 -فواتح الخطب:اما بعد ، فانّ صلاح أبيك غرني منك -ابن أبي الحديد: 71-ابن ميثم: 70-محمّد عبده: 71- العرشي: =

التسلسل:72 -فواتح الخطب:اما بعد ، فانك لست بسابق اجلك ولا مرزوق -ابن أبي الحديد: 72-ابن ميثم:71 -محمّد عبده: 72- العرشي: =

التسلسل:73 -فواتح الخطب:أما بعد فاني على التردد في جوابك -ابن أبي الحديد: 73-ابن ميثم: 72محمّد عبده: 73- العرشي: =

التسلسل:74 -فواتح الخطب:هذا ما اجتمع عليه أهل اليمن -ابن أبي الحديد: 74-ابن ميثم: 73-محمّد عبده:74 - العرشي: =

التسلسل:75 -فواتح الخطب:من عبد الله امير المؤمنين الى معاوية بن أبي سفيان -ابن أبي الحديد:75 -ابن ميثم: 74-محمّد عبده: 75- العرشي: =

التسلسل:76 -فواتح الخطب:مع الناس بوجهك ومجلسك وحكمك -ابن أبي الحديد: 76-ابن ميثم: 75-محمّد عبده: 76- العرشي: =

التسلسل:77 -فواتح الخطب:لا تخاصمهم بالقرآن فان القرآن حمال ذو وجوه -ابن أبي الحديد: 77-ابن ميثم: 76-محمّد عبده: 77- العرشي: =

التسلسل:78 -فواتح الخطب:فان الناس قد تغير كثير منهم عن كثير من حظهم-ابن أبي الحديد:78 -ابن ميثم:77 -محمّد عبده:78 - العرشي: =

التسلسل:79 -فواتح الخطب:أما بعد ، فانّما أهلك من كان قبلكم انهم منعوا الناس -ابن أبي الحديد:79 -ابن ميثم: 78-محمّد عبده: 79- العرشي: =

فواتح الحکم

التسلسل:1-فواتح الخطب:أزرى بنفسه من استشعر الطمع -ابن أبي الحديد: 1-ابن ميثم:1 -محمّد عبده: 1- العرشي: =

التسلسل:-فواتح الخطب:2البخل عار -ابن أبي الحديد:2 -ابن ميثم: 2-محمّد عبده: 2- العرشي: =

التسلسل:3-فواتح الخطب:فواتح الحكم -ابن أبي الحديد: 3-ابن ميثم: 3-محمّد عبده:3 - العرشي: =

ص: 392

التسلسل:4 -فواتح الخطب:العجز آفة -ابن أبي الحديد: 4-ابن ميثم: 2-محمّد عبده: 3- العرشي: =

التسلسل:5-فواتح الخطب:العلم وراثة كريمة -ابن أبي الحديد: 5-ابن ميثم: 3-محمّد عبده: 4- العرشي: =

التسلسل:6-فواتح الخطب:صدر العاقل صندوق سره -ابن أبي الحديد: 6-ابن ميثم: 3-محمّد عبده: 5- العرشي: =

التسلسل:7-فواتح الخطب:الصدقة دواء منجع -ابن أبي الحديد: 7-ابن ميثم: 3-محمّد عبده: 6- العرشي: =

التسلسل:8-فواتح الخطب:اعجبوا لهذا الإنسان -ابن أبي الحديد: 8-ابن ميثم: 3-محمّد عبده: 7- العرشي: =

التسلسل:9-فواتح الخطب:إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غير -ابن أبي الحديد: 9-ابن ميثم:4 -محمّد عبده: 8- العرشي:=

التسلسل:10 -فواتح الخطب:خالطوا النّاس مخالطة أن متم معها بكوا عليكم -ابن أبي الحديد: 10-ابن ميثم:5 -محمّد عبده: 9- العرشي: =

التسلسل:11 -فواتح الخطب:إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكراً -ابن أبي الحديد:11 -ابن ميثم: 6-محمّد عبده: 10- العرشي: 1

التسلسل:12 -فواتح الخطب:أعجز النّاس من عجز عن اكتساب الاخوان -ابن أبي الحديد:12 -ابن ميثم: 7-محمّد عبده:11 - العرشي: 2

التسلسل:13 -فواتح الخطب:إذا وصلت اليكم أطراف النعم... -ابن أبي الحديد: 13-ابن ميثم: 8-محمّد عبده: 12- العرشي: =

التسلسل:14 -فواتح الخطب:مَن ضيعه الأقرب أتيح له الأبعد -ابن أبي الحديد: 14-ابن ميثم:9 -محمّد عبده:13 - العرشي: =

التسلسل:15 -فواتح الخطب:ماكل مفتون بعاتب -ابن أبي الحديد: 15-ابن ميثم:10 -محمّد عبده: 14- العرشي: 2

التسلسل:16 -فواتح الخطب:تذل الأمور للمقادير -ابن أبي الحديد: 16-ابن ميثم: 11-محمّد عبده: 15- العرشي: =

التسلسل:17 -فواتح الخطب:غيّروا الشيب ولا تشبهوا باليهود -ابن أبي الحديد:17 -ابن ميثم: 12-محمّد عبده: 16- العرشي: =

التسلسل:18 -فواتح الخطب:خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل -ابن أبي الحديد:18 -ابن ميثم:13 -محمّد عبده:17 - العرشي: =

التسلسل:19 -فواتح الخطب:من جرى في عنان أمله عثر بأجله -ابن أبي الحديد: 19-ابن ميثم: 14-محمّد عبده: 18- العرشي: =

التسلسل:20 -فواتح الخطب:أقيلوا ذوي المروءات عثراتهم -ابن أبي الحديد:20 -ابن ميثم: 15-محمّد عبده: 19- العرشي: =

التسلسل:21 -فواتح الخطب:اقرنت الهيبة بالخيبة -ابن أبي الحديد: 21-ابن ميثم: 16-محمّد عبده: 20- العرشي: 4

التسلسل:22 -فواتح الخطب:لنا حق فان أعطيناه وإلا ركبنا أعجاز الابل وان طال -ابن أبي الحديد:22 -ابن ميثم: 17-محمّد عبده: 21- العرشي: 5

التسلسل:23 -فواتح الخطب:من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه -ابن أبي الحديد:23 -ابن ميثم: 18-محمّد عبده: 22- العرشي: =

التسلسل:24 -فواتح الخطب:من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف -ابن أبي الحديد:24 -ابن ميثم: 19-محمّد عبده: 23- العرشي: =

التسلسل:25 -فواتح الخطب:يابن آدم إذا -ابن أبي الحديد: 25-ابن ميثم: 20-محمّد عبده:24 - العرشي: =

التسلسل:26 -فواتح الخطب:ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه -ابن أبي الحديد: 26-ابن ميثم: 21-محمّد عبده: 25- العرشي: =

التسلسل:27 -فواتح الخطب:امشن بدانك ما مشى يك -ابن أبي الحديد:27 -ابن ميثم:22 -محمّد عبده: 26- العرشي: =

التسلسل:28 -فواتح الخطب:أفضل الزهد إخفاء الزهد -ابن أبي الحديد: 28-ابن ميثم: 23-محمّد عبده: 27- العرشي: =

التسلسل:29 -فواتح الخطب:إذا كنت في ادبار والموت في اقبال فما اسرع -ابن أبي الحديد: 29-ابن ميثم: 24-محمّد عبده: 28- العرشي: =

ص: 393

التسلسل:30 -فواتح الخطب:الحذر الحذر -ابن أبي الحديد: 30-ابن ميثم:25 -محمّد عبده:29 - العرشي:=

التسلسل:31-فواتح الخطب:الايمان على أربع دعائم -ابن أبي الحديد: 31-ابن ميثم:26 -محمّد عبده:30 - العرشي:6و7

التسلسل:32 -فواتح الخطب:فاعل الخير خير منه -ابن أبي الحديد:32 -ابن ميثم: 27-محمّد عبده: 32- العرشي:=

التسلسل:33 -فواتح الخطب:كن سمحاً ولا تكن مبذراً -ابن أبي الحديد: 33-ابن ميثم:28 -محمّد عبده:33 - العرشي:=

التسلسل:34 -فواتح الخطب:أشرف الغنى ترك المني -ابن أبي الحديد: 34-ابن ميثم:29 -محمّد عبده: 34- العرشي:=

التسلسل:35 -فواتح الخطب:من أسرع إلى الناس بما يكروهون قالوا فيه -ابن أبي الحديد: 35-ابن ميثم: 30-محمّد عبده: 35- العرشي:

التسلسل:36 -فواتح الخطب:مَن أطال الأمل أساء العمل -ابن أبي الحديد: 36-ابن ميثم: 31-محمّد عبده: 36- العرشي:=

التسلسل:37 -فواتح الخطب:والله ما ينتفع بهذا امراؤكم-ابن أبي الحديد: 37-ابن ميثم: 32-محمّد عبده:37 - العرشي:=

التسلسل: 38 -فواتح الخطب:يا بُنيَّ أحفظ اربعاً -ابن أبي الحديد:38 -ابن ميثم: 33-محمّد عبده:38 - العرشي:8

التسلسل:39 -فواتح الخطب:لا تُربة بالنوائل اذا أضرت بالفرائض -ابن أبي الحديد:39 -ابن ميثم: 34-محمّد عبده:39 - العرشي:=

التسلسل:40 -فواتح الخطب:لسان العاقل وراء قلبه -ابن أبي الحديد:40 -ابن ميثم:35 -محمّد عبده: 40- العرشي:=

التسلسل:41 -فواتح الخطب:قلب الأحمق في فيه -ابن أبي الحديد: 40-ابن ميثم: 35-محمّد عبده: 41- العرشي:=

التسلسل:42 -فواتح الخطب:جعل الله ما كان من شكواك حطاً لسيئاتك -ابن أبي الحديد:41 -ابن ميثم:36 -محمّد عبده: 42- العرشي:=

التسلسل:43 -فواتح الخطب:يرحم الله خباب بن الأرت -ابن أبي الحديد: 42-ابن ميثم: 37-محمّد عبده: 43- العرشي:=

التسلسل:44 -فواتح الخطب:طوبى لمن ذكر المعاد -ابن أبي الحديد: 42-ابن ميثم: 37-محمّد عبده: 44- العرشي:=

التسلسل:45-فواتح الخطب: لو ضربت خيشوم المؤمن -ابن أبي الحديد:43 -ابن ميثم:38 -محمّد عبده: 45- العرشي:=

التسلسل:46 -فواتح الخطب:سيَّئةٌ تسوك خير عند الله من حسنة تعجبك -ابن أبي الحديد: 44-ابن ميثم:39 -محمّد عبده: 46- العرشي:=

التسلسل:47-فواتح الخطب: قدرُ الّرَّجل على قدر همته -ابن أبي الحديد: 45-ابن ميثم:40 -محمّد عبده: 47- العرشي:=

التسلسل:48 -فواتح الخطب:الظّفر بالحزم -ابن أبي الحديد: 46-ابن ميثم: 41-محمّد عبده: 48- العرشي:=

التسلسل:49 -فواتح الخطب:احذروا صولة الكريم إذا جاع -ابن أبي الحديد:47 -ابن ميثم:42 -محمّد عبده:49 - العرشي:=

التسلسل:50 -فواتح الخطب:قلوب الرجال وحشيّة -ابن أبي الحديد: 48-ابن ميثم: 43-محمّد عبده: 50- العرشي:=

التسلسل:51 -فواتح الخطب:عيبك مستور ما أسعد جدّك -ابن أبي الحديد:49 -ابن ميثم:44 -محمّد عبده: 51- العرشي:=

التسلسل:52 -فواتح الخطب:أولى الناس بالعفو أقدرهم على العفو -ابن أبي الحديد:50 -ابن ميثم:45 -محمّد عبده:52 - العرشي:=

التسلسل:53 -فواتح الخطب:السخاء ما كان ابتداء -ابن أبي الحديد: 51-ابن ميثم: 46-محمّد عبده: 53- العرشي:=

التسلسل:54 -فواتح الخطب:لا غنى كالعقل ولا فقر كالجهل -ابن أبي الحديد: 52-ابن ميثم: 47-محمّد عبده: 54- العرشي:9

التسلسل:55-فواتح الخطب:ده الصبّر صبران -ابن أبي الحديد: 53-ابن ميثم: 48-محمّد عبده:55 - العرشي:=

ص: 394

التسلسل:56 -فواتح الخطب:الغنى في الغربة وطن -ابن أبي الحديد:54 -ابن ميثم:49 -محمّد عبده: 56- العرشي:=

التسلسل:57 -فواتح الخطب:القناعة مال لا يتغذ -ابن أبي الحديد: 55-ابن ميثم: 50-محمّد عبده: 57- العرشي:10

التسلسل:58-فواتح الخطب:المال مادّة الشّهوات -ابن أبي الحديد: 56-ابن ميثم: 51-محمّد عبده: -58 العرشي:=

التسلسل:59 -فواتح الخطب:من حذّرك كمن بشرك -ابن أبي الحديد: 57-ابن ميثم:52 -محمّد عبده: 59- العرشي:=

التسلسل:60 -فواتح الخطب:اللَّسانُ سبعٌ إن خُلّي عنه عقر -ابن أبي الحديد:58 -ابن ميثم: 52-محمّد عبده: 60- العرشي:=

التسلسل:61 -فواتح الخطب:المرأة عقرب خُلوةٌ اللسنة -ابن أبي الحديد: 59-ابن ميثم: 54-محمّد عبده:61 - العرشي:=

التسلسل:62 -فواتح الخطب:إذا حُيَّتَ بتحيَّةٍ فحيّ بأحسن منها -ابن أبي الحديد:60 -ابن ميثم: =-محمّد عبده: 62- العرشي:=

التسلسل:63 -فواتح الخطب:الشُّفيعُ جناح الطالب -ابن أبي الحديد: 61-ابن ميثم: 55-محمّد عبده: 63- العرشي:=

التسلسل:64 -فواتح الخطب:أهلَّ الدُّنيا كركي يساربهم وهم نيام -ابن أبي الحديد:62 -ابن ميثم:56 -محمّد عبده: 64- العرشي:=

التسلسل:65 -فواتح الخطب:فقد الأحبة غربة -ابن أبي الحديد: 63-ابن ميثم: 57-محمّد عبده: 65- العرشي:=

التسلسل:66 -فواتح الخطب:قوت الحاجة أهون من طلبها الى غير أهلها -ابن أبي الحديد:64 -ابن ميثم:58 -محمّد عبده:66 - العرشي:=

التسلسل:67 -فواتح الخطب:لا تستحي من إعطاء القليل -ابن أبي الحديد:65 -ابن ميثم:59 -محمّد عبده: 67- العرشي:=

التسلسل:68 -فواتح الخطب:العفاف زينة الفقر -ابن أبي الحديد: 66-ابن ميثم: 60-محمّد عبده:68 - العرشي:=

التسلسل:69 -فواتح الخطب:إذا لم يكن ما تريد فلا تبل ما كنت -ابن أبي الحديد:67 -ابن ميثم:61 -محمّد عبده: 69- العرشي:=

التسلسل:70 -فواتح الخطب:لا يُرى الجاهل إلّا مفرطاً أو مفرّطاً -ابن أبي الحديد: 68-ابن ميثم: 62-محمّد عبده: 70- العرشي:=

التسلسل:71-فواتح الخطب:إذا تمّ العقل نقص الكلام -ابن أبي الحديد: 69-ابن ميثم: 63-محمّد عبده: 71- العرشي:=

التسلسل:72 -فواتح الخطب:الدهر يُخلق الأبدان -ابن أبي الحديد: 70-ابن ميثم: 64-محمّد عبده: 72- العرشي:=

التسلسل:73 -فواتح الخطب:مَن نصب نفسه للناس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه -ابن أبي الحديد:71 -ابن ميثم: 65-محمّد عبده: 73- العرشي:=

التسلسل:74 -فواتح الخطب:نفس المرء خطاء إلى أجله -ابن أبي الحديد: 72-ابن ميثم:66 -محمّد عبده:74 - العرشي:=

التسلسل:75 -فواتح الخطب:كلٌّ معدود منقوص -ابن أبي الحديد:73 -ابن ميثم: 67-محمّد عبده:75 - العرشي:=

التسلسل:76 -فواتح الخطب:إنّ الأُمور اذا اشتبهت اعتبر آخرها بأوّلها -ابن أبي الحديد: 74-ابن ميثم:68 -محمّد عبده: 76- العرشي:=

التسلسل:77-فواتح الخطب:يا دنيا يا دنيا اليك عنّي -ابن أبي الحديد: 75-ابن ميثم:69 -محمّد عبده: 77- العرشي:11

التسلسل:78 -فواتح الخطب:ويُحك الملك ظننت قضاة لازما -ابن أبي الحديد:76 -ابن ميثم:70 -محمّد عبده: 78- العرشي:12

التسلسل:79 -فواتح الخطب:خّذٍ الحكمة این كانت -ابن أبي الحديد:77 -ابن ميثم: 71-محمّد عبده: 79- العرشي:=

التسلسل:80 -فواتح الخطب:الحكمة ضالة المؤمن -ابن أبي الحديد: 77-ابن ميثم:72 -محمّد عبده: 80- العرشي:12

التسلسل:81 -فواتح الخطب:قيمة كلَّ أمرى، ما يحسنه -ابن أبي الحديد: 78-ابن ميثم: 73-محمّد عبده: 81- العرشي:14

ص: 395

التسلسل:82-فواتح الخطب:أُوصيكم بخمس ... -ابن أبي الحديد: 79-ابن ميثم:74 -محمّد عبده:82 - العرشي:15

التسلسل:83 -فواتح الخطب:أنا دون ما تقول وفرق ما في نفسك -ابن أبي الحديد:80 -ابن ميثم: 75-محمّد عبده:83 - العرشي:16

التسلسل:84 -فواتح الخطب:بقية السيف ابقى عدداً -ابن أبي الحديد: 81-ابن ميثم: -76محمّد عبده: 84- العرشي:17

التسلسل:85 -فواتح الخطب:من ترك قول « لا أدري » اصيبت مقاتله -ابن أبي الحديد: 82-ابن ميثم: 77-محمّد عبده: 85- العرشي:=

التسلسل:86 -فواتح الخطب:رأي الشيخ أحبُّ إلي من جلد الغلام -ابن أبي الحديد: 83-ابن ميثم: 78-محمّد عبده: 86- العرشي:18

التسلسل:87-فواتح الخطب:عجبتُ لِمَن يقنط ومعه الاستغفار -ابن أبي الحديد: 84-ابن ميثم: 79-محمّد عبده: 87- العرشي:19

التسلسل:88 -فواتح الخطب:كان في الأرض أمانان -ابن أبي الحديد: =-ابن ميثم: =-محمّد عبده: =- العرشي:=

التسلسل:89 -فواتح الخطب:من أصلح ما بينه وبين الله اصلح الله ما بينه وبين -ابن أبي الحديد:86 -ابن ميثم: 87-محمّد عبده: 89- العرشي:20

التسلسل:90 -فواتح الخطب:الفقيه كل الفقيه -ابن أبي الحديد:87 -ابن ميثم: 82-محمّد عبده:90 - العرشي:21

التسلسل:91 -فواتح الخطب:إن هذه القلوب تمل كما تمل الابدان -ابن أبي الحديد: 89-ابن ميثم: 84-محمّد عبده: 91- العرشي:=

التسلسل:92أ-فواتح الخطب:وضع العلم ما وقف على اللسان -ابن أبي الحديد: 88-ابن ميثم: 83-محمّد عبده: 92- العرشي:=

التسلسل:93 -فواتح الخطب:لا يقولن أحدكم : «اللهم اني اعوذ بك من الفتنة » -ابن أبي الحديد: 90-ابن ميثم:85 -محمّد عبده:92 - العرشي:=

التسلسل:94 -فواتح الخطب:ليس الخير أن يكثر مالك وولدك -ابن أبي الحديد: 91-ابن ميثم: 86-محمّد عبده:94 - العرشي:=

التسلسل:95 -فواتح الخطب:لا يقل عمل مع التقوى -ابن أبي الحديد: 91-ابن ميثم: 86-محمّد عبده:95 - العرشي:=

التسلسل:96 -فواتح الخطب:إن أُولَى النّاس بالانبياء أعلمهم بما جاءوا به -ابن أبي الحديد:92 -ابن ميثم: 87-محمّد عبده: 96- العرشي:22

التسلسل:97 -فواتح الخطب:يوم على يقين خيرٌ من صلاة في شك -ابن أبي الحديد:93 -ابن ميثم: 88-محمّد عبده: 97- العرشي:=

التسلسل:98 -فواتح الخطب:اعقلوا الخبر إذا سمعتموه -ابن أبي الحديد: 94-ابن ميثم: 89-محمّد عبده: 98- العرشي:=

التسلسل:99 -فواتح الخطب:إن قولنا : «إنا لله » اقرار على أنفس بالملك -ابن أبي الحديد:95 -ابن ميثم:90 -محمّد عبده: 99- العرشي:=

التسلسل:100 -فواتح الخطب:اللهم إنك أعلم بي من نفسي -ابن أبي الحديد: 96-ابن ميثم:91 -محمّد عبده:100 - العرشي:=

التسلسل:101 -فواتح الخطب:لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث -ابن أبي الحديد: 97-ابن ميثم:92 -محمّد عبده:1011 - العرشي:=

التسلسل:102 -فواتح الخطب:يأتي على النّاس زمان لا يقرب فيه الا الماحل -ابن أبي الحديد: 98-ابن ميثم:93 -محمّد عبده:102- العرشي:=

التسلسل:103 -فواتح الخطب:يخشع له القلب وتذلُّ به النفس -ابن أبي الحديد:99 -ابن ميثم:94 -محمّد عبده: 103- العرشي:24

التسلسل:104 -فواتح الخطب:طوبى للزاهدين في الدنيا -ابن أبي الحديد: 101-ابن ميثم:96 -محمّد عبده: 105- العرشي:25

التسلسل:105 -فواتح الخطب:إن الله افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها -ابن أبي الحديد:102 -ابن ميثم:97 -محمّد عبده:106 - العرشي:26

التسلسل:106 -فواتح الخطب:لا يترك الناس شيئاً من أمر دينهم -ابن أبي الحديد: 103-ابن ميثم: 98-محمّد عبده: 107- العرشي:=

التسلسل:107 -فواتح الخطب:رُبَّ عالم قد قتله جهله -ابن أبي الحديد: 104-ابن ميثم: 99-محمّد عبده:108 - العرشي:=

ص: 396

التسلسل:108 -فواتح الخطب:لقد عُلٍّق بتياظ هذا الإنسان بضعة هي اعجب ما فيه -ابن أبي الحديد: 105-ابن ميثم:109 -محمّد عبده: - العرشي:27

التسلسل:109 -فواتح الخطب:نحن التُّمرقة الوسطى -ابن أبي الحديد: 106-ابن ميثم: 100-محمّد عبده: 110- العرشي:28

التسلسل:110 -فواتح الخطب:لا يقيم أمر الله سبحاته إلّا من لا يصانع -ابن أبي الحديد:107 -ابن ميثم:101 -محمّد عبده: 111- العرشي:=

التسلسل:111 -فواتح الخطب:لو أحبني جبل التهافت -ابن أبي الحديد: 108-ابن ميثم:102 -محمّد عبده: 112- العرشي:=

التسلسل:112 -فواتح الخطب:من أحبنا أهل البيت فليستعد للفقر جلباباً -ابن أبي الحديد:108 -ابن ميثم: 103-محمّد عبده:113 - العرشي:29

التسلسل:113 -فواتح الخطب:لا مال أعود من العقل -ابن أبي الحديد: 109-ابن ميثم:103 -محمّد عبده:114 - العرشي:30

التسلسل:114 -فواتح الخطب:إذا استولى الصلاح على الزّمان... -ابن أبي الحديد:110 -ابن ميثم: 104-محمّد عبده:115 - العرشي:=

التسلسل:115 -فواتح الخطب:كيف يكون حال من يفنى ببقائه ؟ -ابن أبي الحديد: 111-ابن ميثم:105 -محمّد عبده:116 - العرشي:=

التسلسل:116-فواتح الخطب:كم من مستدرج بالإحسان إليه ؟ -ابن أبي الحديد: 112-ابن ميثم: 106-محمّد عبده:117 - العرشي:31

التسلسل:117 -فواتح الخطب:هلك في رجلان محب غال و مبغض قال -ابن أبي الحديد: 113-ابن ميثم: 107-محمّد عبده: 118- العرشي:=

التسلسل:118 -فواتح الخطب:إضاعة الفرصة غصة -ابن أبي الحديد: 114-ابن ميثم: 108-محمّد عبده: 119- العرشي:=

التسلسل:119 -فواتح الخطب:مثل الدُّنيا كمثل الحية -ابن أبي الحديد:115 -ابن ميثم:109 -محمّد عبده: 120- العرشي:32

التسلسل:120 -فواتح الخطب:أمّا بنو مخزوم فريحانة قريش -ابن أبي الحديد: 116-ابن ميثم:110 -محمّد عبده: 121- العرشي:=

التسلسل:121 -فواتح الخطب:شتان ما بين عملين...-ابن أبي الحديد: 117-ابن ميثم: 111-محمّد عبده: 122- العرشي:=

التسلسل: 122 -فواتح الخطب:كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب -ابن أبي الحديد:118 -ابن ميثم:112 -محمّد عبده:123 - العرشي:33

التسلسل:123 -فواتح الخطب:طوبى لمن ذلّ في نفسه -ابن أبي الحديد: 118-ابن ميثم: 113-محمّد عبده: 124- العرشي:34

التسلسل:124 -فواتح الخطب:غيرة المرأة كفر -ابن أبي الحديد:119 -ابن ميثم: 113-محمّد عبده: 125- العرشي:=

التسلسل:125 -فواتح الخطب:لأنسين الإسلام نسبة... -ابن أبي الحديد:120 -ابن ميثم: 114-محمّد عبده: 126- العرشي:35

التسلسل:126 -فواتح الخطب:عجبت للبخيل يستعجل الفقر -ابن أبي الحديد: 121-ابن ميثم:115 -محمّد عبده: 127- العرشي:=

التسلسل:127 -فواتح الخطب:مَن قصّر في العمل ابتلي بالهم -ابن أبي الحديد: 122-ابن ميثم: 117-محمّد عبده:128 - العرشي:=

التسلسل: 128-فواتح الخطب:توقوّا البرد في أوّله و وتلقوه في آخره -ابن أبي الحديد:124 -ابن ميثم:118 -محمّد عبده:129 - العرشي:=

التسلسل:129 -فواتح الخطب:عظم الخالق عندك يصفّر المخلوق -ابن أبي الحديد:125 -ابن ميثم:119 -محمّد عبده: 130- العرشي:=

التسلسل:130 -فواتح الخطب:يا أهل الدٍّيار الموحشة... -ابن أبي الحديد:126 -ابن ميثم: 120-محمّد عبده: 131- العرشي:36

التسلسل:131 -فواتح الخطب:أَيُّها العام للدنيا -ابن أبي الحديد:127 -ابن ميثم: 121-محمّد عبده: 132- العرشي:37

التسلسل:132 -فواتح الخطب:إنّ الله ملكاً ينادي في كل يوم : الدوا للموت -ابن أبي الحديد: 128-ابن ميثم: 122-محمّد عبده:133 - العرشي:=

التسلسل:133 -فواتح الخطب:الدُّنيا دار عمر لا دار مقر -ابن أبي الحديد: 129-ابن ميثم: 123-محمّد عبده: 134- العرشي:38

ص: 397

التسلسل:134 -فواتح الخطب:لا يكون الصّديق صديقاً حتّى يحفظ أخاه في ثلاث... -ابن أبي الحديد:130 -ابن ميثم: 124-محمّد عبده: 135- العرشي:=

التسلسل:135 -فواتح الخطب:مَن أُعطى أربعاً لم يُحَرم أربعاً... -ابن أبي الحديد: 131-ابن ميثم: 124-محمّد عبده: -135 العرشي:=

التسلسل:136 -فواتح الخطب:الصلاة قربان كلٌّ تقيّ -ابن أبي الحديد: 132-ابن ميثم: 126-محمّد عبده: 137- العرشي:=

التسلسل:137 -فواتح الخطب:استنزلوا الرٍّزق بالصدقة -ابن أبي الحديد:133 -ابن ميثم: 127-محمّد عبده: 138- العرشي:=

التسلسل:138 -فواتح الخطب:من أيقن بالخلف جاد بالعطية -ابن أبي الحديد:134 -ابن ميثم:127 -محمّد عبده: 139- العرشي:=

التسلسل:139 -فواتح الخطب:تنزل المعونة على قدر المؤنة -ابن أبي الحديد: 135-ابن ميثم: 128-محمّد عبده: 140- العرشي:=

التسلسل:140 -فواتح الخطب:ما عال من اقتصد -ابن أبي الحديد: 136-ابن ميثم: 129-محمّد عبده: 141- العرشي:=

التسلسل:141 -فواتح الخطب:قلّةُ العيال أحد اليسارين -ابن أبي الحديد:137 -ابن ميثم: 130-محمّد عبده: 142- العرشي:39

التسلسل:142 -فواتح الخطب:التودد نصف العقل -ابن أبي الحديد: -138ابن ميثم:130 -محمّد عبده: 142- العرشي:=

التسلسل:143 -فواتح الخطب:الهمّ نصف الهرم -ابن أبي الحديد: 139-ابن ميثم:130: -محمّد عبده: 143- العرشي:=

التسلسل: 144 -فواتح الخطب:ينزل الصّبرَ على قدر المصيبة -ابن أبي الحديد: 140-ابن ميثم: 131-محمّد عبده: 144- العرشي:=

التسلسل:145 -فواتح الخطب:كم من صائم ليس له من صيامه إلّا الجوع والعطش -ابن أبي الحديد:142 -ابن ميثم: 132-محمّد عبده:145 - العرشي:=

التسلسل:146 -فواتح الخطب:سوسرا إيمانكم بالصدقة -ابن أبي الحديد: 143-ابن ميثم: 133-محمّد عبده: 146- العرشي:=

التسلسل:147 -فواتح الخطب:ياكميل : إنّ هذه القلوب أوعية -ابن أبي الحديد:144 -ابن ميثم: 134-محمّد عبده:147 - العرشي:40

التسلسل:148 -فواتح الخطب:المرؤ مخبو تحت لسانه -ابن أبي الحديد: 145-ابن ميثم: 135-محمّد عبده: 148- العرشي:41

التسلسل:149 -فواتح الخطب:هلك أمرو لم يعرف قدره -ابن أبي الحديد: 146-ابن ميثم: 136-محمّد عبده:149 - العرشي:42

التسلسل:150 -فواتح الخطب:لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل -ابن أبي الحديد:147 -ابن ميثم: 137-محمّد عبده: 150- العرشي:43

التسلسل:151-فواتح الخطب: لكل امرىء عاقبة حلوة أو مرّة -ابن أبي الحديد: 149-ابن ميثم:138 -محمّد عبده:151 - العرشي:=

التسلسل:152 -فواتح الخطب:لكل مقبل إدبارٌ -ابن أبي الحديد: 150-ابن ميثم: 139-محمّد عبده: 152- العرشي:=

التسلسل:153 -فواتح الخطب:لا يعدم الصّبور الظّفر -ابن أبي الحديد: 148-ابن ميثم: -محمّد عبده: 153- العرشي:=

التسلسل:154 -فواتح الخطب:الراضي بفعل قوم كالداخل فيه -ابن أبي الحديد: -ابن 140ميثم: -محمّد عبده: 154- العرشي:=

التسلسل:155 -فواتح الخطب:اعتصموا بالذَّمم في أوتادها -ابن أبي الحديد:156 -ابن ميثم: 141-محمّد عبده: 155- العرشي:=

التسلسل:156 -فواتح الخطب:عليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته -ابن أبي الحديد:157 -ابن ميثم:142 -محمّد عبده:156 - العرشي:=

التسلسل:157 -فواتح الخطب:قد بصرتم إن أبصرتم -ابن أبي الحديد: 159-ابن ميثم: 143-محمّد عبده: -157 العرشي:=

التسلسل:158 -فواتح الخطب:عاتب أخاك بالإحسان إليه -ابن أبي الحديد: 160-ابن ميثم: 145-محمّد عبده: 158- العرشي:=

التسلسل:159 -فواتح الخطب:مَن وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومن من أساء -ابن أبي الحديد:161 -ابن ميثم:146 -محمّد عبده:159 - العرشي:44ّ

ص: 398

التسلسل:160 -فواتح الخطب:من ملك استأثر -ابن أبي الحديد: 162-ابن ميثم: 147-محمّد عبده: 160- العرشي:=

التسلسل:161 -فواتح الخطب:من استبد برأيه هلك -ابن أبي الحديد: 163-ابن ميثم: 147-محمّد عبده: 161- العرشي:=

التسلسل:162 -فواتح الخطب:من كتم سره كانت الخيرة بيده -ابن أبي الحديد:164 -ابن ميثم: 148-محمّد عبده: 162- العرشي:45

التسلسل:163 -فواتح الخطب:الفقر الموت الأكبر -ابن أبي الحديد: 165-ابن ميثم: 159-محمّد عبده: 163- العرشي:46

التسلسل:164 -فواتح الخطب:من قضى حق من لا يقضى حقه فقد عبده -ابن أبي الحديد:166 -ابن ميثم:150 -محمّد عبده: 164- العرشي:=

التسلسل:165 -فواتح الخطب:لا طاعة لمخلوق في معصية -ابن أبي الحديد:167 -ابن ميثم: 151-محمّد عبده:165 - العرشي:=

التسلسل:166 -فواتح الخطب:لا يُعاب المرة بتأخير حقه -ابن أبي الحديد: 168-ابن ميثم: 152-محمّد عبده: -166 العرشي:=

التسلسل:167 -فواتح الخطب:الاعجاب يمنع من الازدياد -ابن أبي الحديد:169 -ابن ميثم: 153-محمّد عبده: 167- العرشي:=

التسلسل:168 -فواتح الخطب:الأمر قريب والاصطحاب قليل -ابن أبي الحديد:170 -ابن ميثم: 154-محمّد عبده: 168- العرشي:=

التسلسل:169 -فواتح الخطب:قد أضاء الصبح لذي عينين-ابن أبي الحديد: 171-ابن ميثم: 155-محمّد عبده: 169- العرشي:=

التسلسل: 170 -فواتح الخطب:ترك الذنب أهون من طلب التوبة -ابن أبي الحديد:172 -ابن ميثم:156 -محمّد عبده: 170- العرشي:=

التسلسل:171 -فواتح الخطب:كم من أكلة منعت أكلات -ابن أبي الحديد: -173ابن ميثم: 157-محمّد عبده: 171- العرشي:=

التسلسل:172-فواتح الخطب:النّاس أعداء ما جهلوا -ابن أبي الحديد: 174-ابن ميثم: 158-محمّد عبده: -172 العرشي:=

التسلسل:173 -فواتح الخطب:من أستقبل وجوه الآراء عرف مواضع الخطأ -ابن أبي الحديد:175 -ابن ميثم:159 -محمّد عبده: 173- العرشي:=

التسلسل:174 -فواتح الخطب:من أحد سنان الغضب الله قوي على قتل اشداء -ابن أبي الحديد:176 -ابن ميثم: 160-محمّد عبده:174 - العرشي:=

التسلسل:175 -فواتح الخطب:إذا هبت أمراً فقع فيه -ابن أبي الحديد:177 -ابن ميثم: 167-محمّد عبده: 175- العرشي:=

التسلسل:176 -فواتح الخطب:اله الرياسة سعة الصدر -ابن أبي الحديد: 178-ابن ميثم: 162-محمّد عبده: 176- العرشي:=

التسلسل:177 -فواتح الخطب:أزجر المسيء بثواب المحسن -ابن أبي الحديد: 179-ابن ميثم: 163-محمّد عبده: 177- العرشي:=

التسلسل:178 -فواتح الخطب:احمد الشرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك -ابن أبي الحديد:180 -ابن ميثم: 164-محمّد عبده: 178- العرشي:=

التسلسل:179 -فواتح الخطب:اللجاجة نسل الرأي -ابن أبي الحديد: 181-ابن ميثم:165 -محمّد عبده: 179- العرشي:=

التسلسل:180 -فواتح الخطب:الطمع رق مؤيد -ابن أبي الحديد: 182-ابن ميثم:166 -محمّد عبده: 180- العرشي:=

التسلسل:181 -فواتح الخطب:ثمرة التفريط الندامة -ابن أبي الحديد:183 -ابن ميثم: 167-محمّد عبده: 181- العرشي:=

التسلسل:182 -فواتح الخطب:لاخير في الصمت عن -ابن أبي -ابن أبي الحديد:187 -ابن ميثم:168 -محمّد عبده: 182- العرشي:=

التسلسل:183 -فواتح الخطب:ما اختلفت دعوتان الاكانت أحداهما ضلالة -ابن أبي الحديد:151 -ابن ميثم: 169-محمّد عبده:183 - العرشي:=

التسلسل:184 -فواتح الخطب:ما شككت في الحق مذ أُريته -ابن أبي الحديد: 158-ابن ميثم: 170-محمّد عبده:184 - العرشي:=

التسلسل:185 -فواتح الخطب:ما كذبت ولا كذبت -ابن أبي الحديد: 152-ابن ميثم: 171-محمّد عبده:185 - العرشي:=

ص: 399

التسلسل:186 -فواتح الخطب:للظّالم البادي غداً بكنٍّه عضّةُ -ابن أبي الحديد: 153-ابن ميثم:172 -محمّد عبده:186 - العرشي:=

التسلسل:187 -فواتح الخطب:الرَّحيل وشيك -ابن أبي الحديد: 154-ابن ميثم: 173-محمّد عبده: 187- العرشي:=

التسلسل:188 -فواتح الخطب:من أبدى صفحته للحقّ هلك -ابن أبي الحديد:155 -ابن ميثم: 174-محمّد عبده: 188- العرشي:=

التسلسل:189 -فواتح الخطب:مَن لم يسنجه الصبر أهلكه الجزع -ابن أبي الحديد: 184-ابن ميثم: 175-محمّد عبده: 189- العرشي:=

التسلسل:190 -فواتح الخطب:واعجبا ، أتكون الخلافة بالصّحابة ؟ -ابن أبي الحديد: 185-ابن ميثم: 176-محمّد عبده: 190- العرشي:=

التسلسل:191 -فواتح الخطب:إنّما المرء في الدُّنيا غَرَضَ تنتضل -ابن أبي الحديد: 186-ابن ميثم: 177-محمّد عبده: -191 العرشي:=

التسلسل:192 -فواتح الخطب:یا این آدم ما کسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن -ابن أبي الحديد:188 -ابن ميثم:178 -محمّد عبده: 192- العرشي:48

التسلسل:193 -فواتح الخطب:إنّ للقلوب شهرة وإقبالاً وإدباراً -ابن أبي الحديد: 189-ابن ميثم: 179-محمّد عبده: 192- العرشي:49

التسلسل:194 -فواتح الخطب:متى أشفي غيظي إذا غضبتُ ؟ -ابن أبي الحديد: 190-ابن ميثم: 180-محمّد عبده: 194- العرشي:=

التسلسل:195 -فواتح الخطب:هذا ما يخل به الباخلون -ابن أبي الحديد: 191-ابن ميثم: 181-محمّد عبده: 195- العرشي:=

التسلسل:196 -فواتح الخطب:لم يذهب من مالك ما وعظك-ابن أبي الحديد: 192-ابن ميثم:182 -محمّد عبده: 197- العرشي:50

التسلسل: 197-فواتح الخطب: إنّ هذه القلوب تملُّ كما تمل الأبدان -ابن أبي الحديد: 193-ابن ميثم: =-محمّد عبده: 198- العرشي:=

التسلسل:198 -فواتح الخطب:كلمةُ حقٌ يُراد بها باطل -ابن أبي الحديد: 194-ابن ميثم: 183-محمّد عبده:199 - العرشي:=

التسلسل:199-فواتح الخطب:هُمُ الذين إذا اجتمعوا غلبوا -ابن أبي الحديد: 195-ابن ميثم: 184-محمّد عبده: 200- العرشي:=

التسلسل:200 -فواتح الخطب:لا مرحباً بوجوه لا ترى الّا عند كلٍّ سواةِ -ابن أبي الحديد: 196-ابن ميثم: 185-محمّد عبده: -201 العرشي:=

التسلسل:201 -فواتح الخطب:إنّ مع كلٍّ إنسان ملكان يحفظانه -ابن أبي الحديد: 197-ابن ميثم: 186-محمّد عبده: 202- العرشي:=

التسلسل:202 -فواتح الخطب:لا ، ولكنّكما شريكان في القوّة والاستعانة -ابن أبي الحديد: 198-ابن ميثم:187 -محمّد عبده: 203- العرشي:=

التسلسل:203 -فواتح الخطب:أيّها الناس اتقّوا الله الذي ان قلتم سمع -ابن أبي الحديد:199 -ابن ميثم: 188-محمّد عبده: 204- العرشي:51

التسلسل:204 -فواتح الخطب:لا يزهدتّك في المعروف من لا يشكره لك -ابن أبي الحديد: 200-ابن ميثم: 189-محمّد عبده:205 - العرشي:=

التسلسل:205 -فواتح الخطب:كلٌّ دعاء يضيق بما جُعل فيه إلا وعاء العلم-ابن أبي الحديد:201 -ابن ميثم: 190-محمّد عبده: 206- العرشي:=

التسلسل: 206 -فواتح الخطب:أوّل عوض الحليم من حلمه أن الناس انصاره -ابن أبي الحديد: 202-ابن ميثم: 191-محمّد عبده: 207- العرشي:=

التسلسل:207 -فواتح الخطب:إن لم تكن حليماً فتحلم -ابن أبي الحديد: 203-ابن ميثم: 192-محمّد عبده: 208- العرشي:=

التسلسل:208 -فواتح الخطب:مَن حاسب نفسه ربح -ابن أبي الحديد: 204-ابن ميثم: 193-محمّد عبده: 209- العرشي:=

التسلسل:209 -فواتح الخطب:لتعطفن الدُّنيا علينا بعد شماسها -ابن أبي الحديد: 205-ابن ميثم: 194-محمّد عبده: 210- العرشي:=

التسلسل:210 -فواتح الخطب:اتقّوا الله نقية من شمر تجريداً -ابن أبي الحديد:206 -ابن ميثم: 195-محمّد عبده: 211- العرشي:52

ص: 400

التسلسل:211 -فواتح الخطب:الجود حارس الأعراض -ابن أبي الحديد: 207-ابن ميثم: 196-محمّد عبده: 212- العرشي:=

التسلسل:212 -فواتح الخطب:عُجب المرء بنفسه أحد حصاد عقله -ابن أبي الحديد: 208-ابن ميثم: 197-محمّد عبده: 213- العرشي:=

التسلسل:213 -فواتح الخطب:أغض على القذى وإلا لم ترض أبداً -ابن أبي الحديد: 209-ابن ميثم:198 -محمّد عبده: 214- العرشي:=

التسلسل:214 -فواتح الخطب:من لان عود كثفت أغصانه -ابن أبي الحديد: 210-ابن ميثم: 199-محمّد عبده: 215- العرشي:=

التسلسل:215 -فواتح الخطب:الخلاف يهدم الرأي -ابن أبي الحديد:211 -ابن ميثم: 200-محمّد عبده: 216- العرشي:=

التسلسل:216 -فواتح الخطب:من نال استطال -ابن أبي الحديد: 213-ابن ميثم: 201-محمّد عبده: 217- العرشي:=

التسلسل:217 -فواتح الخطب:في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال -ابن أبي الحديد: 214-ابن ميثم: 202-محمّد عبده: 218- العرشي:=

التسلسل:218 -فواتح الخطب:حسد الصديق من سقم المودة -ابن أبي الحديد: 215-ابن ميثم:203 -محمّد عبده: 219- العرشي:=

التسلسل:219 -فواتح الخطب:اكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع -ابن أبي الحديد: 216-ابن ميثم: 204-محمّد عبده: 220- العرشي:=

التسلسل:220 -فواتح الخطب:ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن -ابن أبي الحديد: 217-ابن ميثم: 205-محمّد عبده: 221- العرشي:=

التسلسل:221 -فواتح الخطب:بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد -ابن أبي الحديد:218 -ابن ميثم: 206-محمّد عبده: 222- العرشي:=

التسلسل:222 -فواتح الخطب:من أشرف افعال الكريم غفلته عما يعلم -ابن أبي الحديد: 219-ابن ميثم: 207-محمّد عبده:223 - العرشي:=

التسلسل:223 -فواتح الخطب:من كساء الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه -ابن أبي الحديد: 220-ابن ميثم: 208-محمّد عبده: 224- العرشي:=

التسلسل:224 -فواتح الخطب:بكثرة الصمت تكون الهيبة -ابن أبي الحديد: 221-ابن ميثم: 209-محمّد عبده: 225- العرشي:=

التسلسل:225 -فواتح الخطب:العجب لغفلة الحساد عن سلامة الاجساد -ابن أبي الحديد:222 -ابن ميثم: 210-محمّد عبده: 226- العرشي:=

التسلسل:226 -فواتح الخطب:الطامع في وثاق الذل -ابن أبي الحديد: 223-ابن ميثم: 211-محمّد عبده:227 - العرشي:=

التسلسل:227-فواتح الخطب:الايمان معرفة بالقلب -ابن أبي الحديد: 224-ابن ميثم: 212-محمّد عبده: 228- العرشي:62

التسلسل:228 -فواتح الخطب:مَن أصبح على الدنيا حزيناً فقد اصبح لقضاء الله -ابن أبي الحديد:225 -ابن ميثم: 213-محمّد عبده: 229- العرشي:=

التسلسل:229 -فواتح الخطب:كفى بالقناعة ملكاً وبحسن الخلق نعيما -ابن أبي الحديد: 226-ابن ميثم: 214-محمّد عبده: 230- العرشي:=

التسلسل:230. -فواتح الخطب:شاركوا الذي قد أقبل عليهم الرزق -ابن أبي الحديد:227 -ابن ميثم: 216-محمّد عبده: 232- العرشي:=

التسلسل:231 -فواتح الخطب:العدل الانصاف ، والاحسان : التفضل :-ابن أبي الحديد: 228-ابن ميثم:217 -محمّد عبده: 233- العرشي:52

التسلسل:232 -فواتح الخطب:من يُعط باليد القصيرة يعظ باليد الطويلة -ابن أبي الحديد:229 -ابن ميثم: 218-محمّد عبده: 234- العرشي:=

التسلسل:233 -فواتح الخطب:لا تدعون إلى مبارزة، وأن دعيت لها فأجب -ابن أبي الحديد:230 -ابن ميثم:219 -محمّد عبده: 235- العرشي:54

التسلسل:234 -فواتح الخطب:خيار خصال النساء شرار خصال الرجال -ابن أبي الحديد:231 -ابن ميثم: 220-محمّد عبده: 236- العرشي:=

التسلسل:235 -فواتح الخطب:[ العاقل ] الذي يضع الشيء مواضعه -ابن أبي الحديد: 232-ابن ميثم:221 -محمّد عبده:237 - العرشي:=

ص: 401

التسلسل:236 -فواتح الخطب:والله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير -ابن أبي الحديد: 233-ابن ميثم:222 -محمّد عبده:238 - العرشي:=

التسلسل:237 -فواتح الخطب:إن قوماً عبدو الله رغبة فتلك عبادة التجار -ابن أبي الحديد:234 -ابن ميثم: 223-محمّد عبده: 239- العرشي:=

التسلسل:238-فواتح الخطب: المرأة شركلّها وشر ما فيها انها لابد منها -ابن أبي الحديد: 235-ابن ميثم: 224-محمّد عبده:240 - العرشي:=

التسلسل:239 -فواتح الخطب:مَن أطاع التّواني ضيع الحقوق -ابن أبي الحديد: 236-ابن ميثم:225-محمّد عبده: 241- العرشي:=

التسلسل:240 -فواتح الخطب:الحجر الغصب في الدار رهن على خرابها -ابن أبي الحديد: 237-ابن ميثم:227 -محمّد عبده: 242- العرشي:=

التسلسل:241 -فواتح الخطب:يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم -ابن أبي الحديد:238 -ابن ميثم:227 -محمّد عبده: 243- العرشي:=

التسلسل:242 -فواتح الخطب:اتق الله بعض التقى وان قل -ابن أبي الحديد: 239-ابن ميثم: 228-محمّد عبده: 244- العرشي:=

التسلسل:243 -فواتح الخطب:إذا ازدحم الجواب خفي الصواب -ابن أبي الحديد: 240-ابن ميثم: 229-محمّد عبده:245 - العرشي:=

التسلسل:244 -فواتح الخطب:إن الله تعالى في كل نعمة حقاً -ابن أبي الحديد: 241-ابن ميثم: 230-محمّد عبده: 246- العرشي:=

التسلسل:245 -فواتح الخطب:إذا كثرت المقدرة قلت الشهرة -ابن أبي الحديد: 242-ابن ميثم: 231-محمّد عبده: 247- العرشي:=

التسلسل:246 -فواتح الخطب:احذروا نقار النعم -ابن أبي الحديد:243 -ابن ميثم: 232-محمّد عبده: 248- العرشي:=

التسلسل:247 -فواتح الخطب:الكرم أعطف من الرّحم -ابن أبي الحديد:244 -ابن ميثم: 233-محمّد عبده:249 - العرشي:=

التسلسل:248 -فواتح الخطب:من ظنّ بك خيراً فصدق ظنّه -ابن أبي الحديد: 245-ابن ميثم: 234-محمّد عبده: 250- العرشي:=

التسلسل:249 -فواتح الخطب:أفضل الأعمال ما أكرهت عليه نفسك -ابن أبي الحديد:246 -ابن ميثم:235 -محمّد عبده: 251- العرشي:=

التسلسل:250 -فواتح الخطب:عرفت الله بفسخ العزائم وحل العقود -ابن أبي الحديد: 247-ابن ميثم: 236-محمّد عبده: 252- العرشي:=

التسلسل:251 -فواتح الخطب:مرارة الدنيا حلاوة الآخرة -ابن أبي الحديد:248 -ابن ميثم:237 -محمّد عبده: 253- العرشي:=

التسلسل:252 -فواتح الخطب:فرض الله الايمان تطهيراً من الشرك -ابن أبي الحديد:249 -ابن ميثم: 238-محمّد عبده: 254- العرشي:=

التسلسل:253 -فواتح الخطب:أحلفوا الظالم - إذا أردتم يمينه بانه بريى. -ابن أبي الحديد: 250-ابن ميثم: 239-محمّد عبده:255 - العرشي:=

التسلسل:254 -فواتح الخطب:پاین آدم كن وصي نفسك في مالك -ابن أبي الحديد:251 -ابن ميثم: 240-محمّد عبده: 256- العرشي:=

التسلسل:255 -فواتح الخطب:الحدة ضرب من الجنون -ابن أبي الحديد:252 -ابن ميثم: 241-محمّد عبده: 257- العرشي:=

التسلسل:256 -فواتح الخطب:صحة الجسد من قلة الحسد -ابن أبي الحديد:253 -ابن ميثم: 242-محمّد عبده: 258- العرشي:=

التسلسل:257 -فواتح الخطب:يا كميل : مر أهلك أن يروحوا في كسب المكارم -ابن أبي الحديد254: -ابن ميثم: 243-محمّد عبده: 259- العرشي:=

التسلسل:258 -فواتح الخطب:إذا أملقتم فناجروا الله بالصدقة -ابن أبي الحديد: 255-ابن ميثم:244 -محمّد عبده260: - العرشي:=

التسلسل:259 -فواتح الخطب:الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله -ابن أبي الحديد:256 -ابن ميثم: 245-محمّد عبده:261 - العرشي:=

التسلسل:260 -فواتح الخطب:كم من مستدرج بالإحسان إليه -ابن أبي الحديد: 257-ابن ميثم: 112-محمّد عبده:262 - العرشي:=

ص: 402

غریب کلامه علیه السلام

التسلسل:1-فواتح الخطب:فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه -ابن أبي الحديد: 258-ابن ميثم: 1-محمّد عبده:1 - العرشي:=

التسلسل:2-فواتح الخطب:هذا الخطيب الشحشح -ابن أبي الحديد:259 -ابن ميثم: 2-محمّد عبده: 2- العرشي:=

التسلسل:3 -فواتح الخطب:إنّ للخصومة تُحَماً -ابن أبي الحديد: 260-ابن ميثم: 3-محمّد عبده: 3- العرشي:=

التسلسل:4 -فواتح الخطب:إذا بلغ النساء نصّ الحقاق فالعصبة أولى -ابن أبي الحديد:261 -ابن ميثم:4 -محمّد عبده:4 - العرشي:=

التسلسل:5-فواتح الخطب:إن الإيمان يبدو المظة في القلب -ابن أبي الحديد:262 -ابن ميثم: 5-محمّد عبده: 5- العرشي:=

التسلسل:6 -فواتح الخطب:إن الرجل إذا كان له الدين الظنون يجب عليه -ابن أبي الحديد: 263-ابن ميثم:6 -محمّد عبده: 6- العرشي:=

التسلسل:7-فواتح الخطب:أعذبوا عن النساء ما استطعتم -ابن أبي الحديد: 264-ابن ميثم: 7-محمّد عبده: 7- العرشي:=

التسلسل:8-فواتح الخطب:كالياسر الفالج ينتظر أوّل فوزه من قدامه -ابن أبي الحديد: 265-ابن ميثم: 8-محمّد عبده:8 - العرشي:=

التسلسل:9 -فواتح الخطب:كنا إذا احمرّ البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم -ابن أبي الحديد: 266-ابن ميثم: 9-محمّد عبده:9 - العرشي:=

التسلسل:10 -فواتح الخطب:ما تكفونني أنفسكم -ابن أبي الحديد:267 -ابن ميثم:246 -محمّد عبده: 263- العرشي:

التسلسل:11 -فواتح الخطب:باحارث إنك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك -ابن أبي الحديد: 268-ابن ميثم: 246-محمّد عبده: 264- العرشي:

التسلسل:12 -فواتح الخطب:صاحب السلطان كراكب الأسد -ابن أبي الحديد: 269-ابن ميثم: -247محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:13 -فواتح الخطب:أحسنوا في عقب غيركم تحفظوا في عقبكم -ابن أبي الحديد:270 -ابن ميثم:248 -محمّد عبده: 265266- العرشي:

التسلسل:14 -فواتح الخطب:إنّ كلام الحكماء إذا كان صواباً كان دواء -ابن أبي الحديد: 271-ابن ميثم: 249-محمّد عبده: 267- العرشي:

التسلسل:15 -فواتح الخطب:إذا كان غدّ فأتني حتى أخبرك -ابن أبي الحديد: 272-ابن ميثم: -250محمّد عبده: 268- العرشي:

التسلسل:16 -فواتح الخطب:يا ابن آدم لا تحمل هم يومك الذي لم يأتك -ابن أبي الحديد:273 -ابن ميثم: 251-محمّد عبده: 269- العرشي:56

التسلسل:17 -فواتح الخطب:أحبب حبيبك عوناً مّا... -ابن أبي الحديد: 274-ابن ميثم: 252-محمّد عبده: 270- العرشي:57

التسلسل:18 -فواتح الخطب:الناس في الدنيا عاملان... -ابن أبي الحديد: 275-ابن ميثم: 253-محمّد عبده: 271- العرشي:

التسلسل:19 -فواتح الخطب:إنّ هذا القرآن أنزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم والأموال أربعة -ابن أبي الحديد: 276-ابن ميثم: 254-محمّد عبده:272 - العرشي:

التسلسل:20 -فواتح الخطب:أنّا هذا فهو من مال الله فلا حدّ عليه -ابن أبي الحديد: 277-ابن ميثم: 255-محمّد عبده:273 - العرشي:

التسلسل:21 -فواتح الخطب:لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيرت اشياء -ابن أبي الحديد:278 -ابن ميثم:256 -محمّد عبده:274 - العرشي:

التسلسل:22 -فواتح الخطب:اعلموا علماً يقيناً... -ابن أبي الحديد:279 -ابن ميثم: 257-محمّد عبده: 275- العرشي:

التسلسل:23 -فواتح الخطب:لا تجعلوا عليكم جهلاً -ابن أبي الحديد: 280-ابن ميثم: 258-محمّد عبده:276 - العرشي:

ص: 403

التسلسل:24 -فواتح الخطب:إنّ الطَمع موردُ غير مصدر -ابن أبي الحديد:281 -ابن ميثم:259 -محمّد عبده: 277- العرشي:

التسلسل:25 -فواتح الخطب:اللّهم إنّي أعوذ بك من ان تحسن... -ابن أبي الحديد: 282-ابن ميثم:260 -محمّد عبده: 278- العرشي:

التسلسل:26 -فواتح الخطب:لا والذي أمسينا منه في غير ليلة دهماء -ابن أبي الحديد:283 -ابن ميثم:261 -محمّد عبده: 279- العرشي:

التسلسل:27 -فواتح الخطب:قليل تدوم عليه أرجى من كثير ملول منه -ابن أبي الحديد:284 -ابن ميثم: 262-محمّد عبده: 280- العرشي:

التسلسل:28 -فواتح الخطب:إذا أضرّت النوافل بالفرائض فارفضوها -ابن أبي الحديد: 285-ابن ميثم:263 -محمّد عبده: 281- العرشي:

التسلسل:29 -فواتح الخطب:من تذكُر بُبعد السفر استعد -ابن أبي الحديد: 286-ابن ميثم:264 -محمّد عبده:282 - العرشي:

التسلسل:30 -فواتح الخطب:ليست الرُّؤيةُ كالمعاينة -ابن أبي الحديد: 287-ابن ميثم:265 -محمّد عبده: 283- العرشي:

التسلسل:31 -فواتح الخطب:بينكم وبين الموعظة حجابُ من الغرّة -ابن أبي الحديد:288 -ابن ميثم: 266-محمّد عبده: 284- العرشي:

التسلسل:32 -فواتح الخطب:جاهلكم مزداد وعالمكم مسوّف -ابن أبي الحديد: 289-ابن ميثم: 267-محمّد عبده: 285- العرشي:

التسلسل:33 -فواتح الخطب:قطع العلم عذر المتعللين -ابن أبي الحديد: 290-ابن ميثم: 268-محمّد عبده: 286- العرشي:

التسلسل:34 -فواتح الخطب:كل معاجل يسأل الإنظار -ابن أبي الحديد: 291-ابن ميثم: 269-محمّد عبده: 287- العرشي:

التسلسل:35 -فواتح الخطب:ما قال النّاس لشيء : طوبى له إلا وقد خبّاً له الدهر -ابن أبي الحديد:292 -ابن ميثم:270-محمّد عبده: 288- العرشي:

التسلسل:36 -فواتح الخطب:[القدر ] طريقُ مظلم فلا تسلكوه -ابن أبي الحديد: 293-ابن ميثم: 271-محمّد عبده: 289- العرشي:

التسلسل:37 -فواتح الخطب:إذا ارذل الله عبداً حظر عليه العلم -ابن أبي الحديد: 294-ابن ميثم: 272-محمّد عبده: 290- العرشي:

التسلسل:38 -فواتح الخطب:كان لي فيما مضى أخ في الله ..-ابن أبي الحديد: 295-ابن ميثم: 273-محمّد عبده: 291- العرشي:58

التسلسل:39 -فواتح الخطب:لو لم يتوعد الله على معصيته لكان يجب أن لا يعصى -ابن أبي الحديد:296 -ابن ميثم:274 -محمّد عبده:292 - العرشي:

التسلسل:40 -فواتح الخطب:يا أشعث، إن تحزن على ابنك فقد استحقت -ابن أبي الحديد: 297-ابن ميثم: 275-محمّد عبده: 293- العرشي:59

التسلسل:41 -فواتح الخطب:إنّ الصّبر الجميل إلا عنك -ابن أبي الحديد: 298-ابن ميثم: 276-محمّد عبده:294 - العرشي:

التسلسل:42 -فواتح الخطب:لا تَصحَب السائق فإنَّه يزيّن لك فعله -ابن أبي الحديد: 299-ابن ميثم: 277-محمّد عبده:295 - العرشي:60

التسلسل:43 -فواتح الخطب:[ مسافة ما بين المشرق والمغرب مسيرة يومِ للشَمس -ابن أبي الحديد: 300-ابن ميثم: 278-محمّد عبده:296 - العرشي: 61

التسلسل:44 -فواتح الخطب:أصدقاؤك ثلاثة ، وأعداؤك ثلاثة -ابن أبي الحديد: 301-ابن ميثم: 279-محمّد عبده: 297- العرشي:

التسلسل:45 -فواتح الخطب:إنّما أنت كالطاعن نفسه ليقتل ردفه -ابن أبي الحديد:302 -ابن ميثم: 280-محمّد عبده:298 - العرشي:

التسلسل:46 -فواتح الخطب:ما أكثر العبر وأقل الاعتبار -ابن أبي الحديد: 303-ابن ميثم: 281-محمّد عبده: 299- العرشي:

التسلسل:47 -فواتح الخطب:من بالغ في الخصومة أثم -ابن أبي الحديد: 304-ابن ميثم: 282-محمّد عبده: 300- العرشي:

التسلسل:48 -فواتح الخطب:ما أهمَّني ذنب أمهلت بعده حتى أُصلّي ركعتين -ابن أبي الحديد:305 -ابن ميثم:283 -محمّد عبده: 301- العرشي:

التسلسل:49 -فواتح الخطب:[ يحاسب الخلق على كثرتهم ] كما يَرزُقُهم على كثرتهم -ابن أبي الحديد: 306-ابن ميثم: 284-محمّد عبده: - العرشي:

ص: 404

التسلسل:50 -فواتح الخطب:رسولك ترجمانُ عقلك -ابن أبي الحديد:307 -ابن ميثم: 285-محمّد عبده: 302- العرشي:

التسلسل:51 -فواتح الخطب:ما المبتلّى الذي قد اشتدّ به البلاء بأحوج الى الدعاء -ابن أبي الحديد:308 -ابن ميثم: 286-محمّد عبده: 303- العرشي:

التسلسل:52-فواتح الخطب: النّاس أبناء الدُّنيا -ابن أبي الحديد: 309-ابن ميثم: 287-محمّد عبده: 304- العرشي:

التسلسل:53 -فواتح الخطب:إنّ المسكين رسول الله -ابن أبي الحديد:310-ابن ميثم: 288-محمّد عبده: 305- العرشي:

التسلسل:54 -فواتح الخطب:ما زَني غيورٌ قطٌ -ابن أبي الحديد:311 -ابن ميثم: 289-محمّد عبده: 306- العرشي:

التسلسل:55-فواتح الخطب:كفى بالأجل حارساً -ابن أبي الحديد:312 -ابن ميثم: 290-محمّد عبده: 307- العرشي:

التسلسل:56 -فواتح الخطب:ينام الرّجل على الشكل ولا ينام على الحرب -ابن أبي الحديد: 313-ابن ميثم: 291-محمّد عبده: 308- العرشي:

التسلسل:57 -فواتح الخطب:موّدةٌ الاباء قرابة بين الأبناء -ابن أبي الحديد: 314-ابن ميثم: 292-محمّد عبده:309 - العرشي:

التسلسل:58 -فواتح الخطب:اتقوا ظُنون المؤمنين فإن الله... -ابن أبي الحديد:315 -ابن ميثم: 293-محمّد عبده: 310- العرشي:

التسلسل:59 -فواتح الخطب:لا يصدق إيمانُ عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق -ابن أبي الحديد:316 -ابن ميثم: 294-محمّد عبده:311 - العرشي:

التسلسل:60 -فواتح الخطب:إن كنت كاذباً قضربك الله بها -ابن أبي الحديد: 317-ابن ميثم: 295-محمّد عبده: 312- العرشي:

التسلسل:61 -فواتح الخطب:إن للقلوب إقبالاً وإدباراً -ابن أبي الحديد: 318-ابن ميثم: 296-محمّد عبده: 313- العرشي:

التسلسل:62 -فواتح الخطب:وفي القرآن نبأ ما قبلكم -ابن أبي الحديد: 319-ابن ميثم: 297-محمّد عبده: 314- العرشي:

التسلسل:63 -فواتح الخطب:ردُّوا الحجر من حيث جاء -ابن أبي الحديد: 320-ابن ميثم: 298-محمّد عبده: 315- العرشي:

التسلسل:64 -فواتح الخطب:ألٍق دواتك -ابن أبي الحديد: 321-ابن ميثم: 299-محمّد عبده: 316- العرشي:

التسلسل:65 -فواتح الخطب:أنّا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الفجار -ابن أبي الحديد:322 -ابن ميثم: 300-محمّد عبده:317 - العرشي:62

التسلسل:66-فواتح الخطب:إنّما اختلفنا عنه ، لا فيه -ابن أبي الحديد: 323-ابن ميثم: 301-محمّد عبده: 319- العرشي:

التسلسل:67 -فواتح الخطب:ما لقيت رجلاً إلا أعانني على نفسه -ابن أبي الحديد:324 -ابن ميثم: 302-محمّد عبده: 320- العرشي:

التسلسل:68 -فواتح الخطب:يابنُيّ إنّي أخاف عليك الفقر -ابن أبي الحديد:325 -ابن ميثم:303 -محمّد عبده:321 - العرشي:

التسلسل:69-فواتح الخطب:سل تفقهاً ، ولا تسأل تعتنا -ابن أبي الحديد: 326-ابن ميثم: 304-محمّد عبده: 322- العرشي:

التسلسل:70 -فواتح الخطب:لك أن تشير عليَّ وأرى -ابن أبي الحديد:327 -ابن ميثم: 305-محمّد عبده: 323- العرشي:

التسلسل:71 -فواتح الخطب:أتغليكم تساؤكُم على ما أسمع ؟ -ابن أبي الحديد: 328-ابن ميثم: 306-محمّد عبده: 324- العرشي:

التسلسل:72 -فواتح الخطب:پوساً لكم لقد ضركم من غرّكم پوسألكم -ابن أبي الحديد:329 -ابن ميثم:307 -محمّد عبده: 325- العرشي:

التسلسل:73 -فواتح الخطب:اتلوا معاصي الله في الخلوات -ابن أبي الحديد:330 -ابن ميثم: 308-محمّد عبده: 326- العرشي:

التسلسل:74 -فواتح الخطب:إنّ حزننا عليه على قدر سرورهم به-ابن أبي الحديد: 331-ابن ميثم: 309-محمّد عبده:327 - العرشي:

التسلسل: 75 -فواتح الخطب:العمر الذي أعذر الله فيه الى ابن آدم ستون سنة -ابن أبي الحديد:332 -ابن ميثم: 310-محمّد عبده:328 - العرشي:

ص: 405

التسلسل:76-فواتح الخطب:ما ظَفٍر من ظفر الإثم به -ابن أبي الحديد: 333-ابن ميثم: 311-محمّد عبده: 329- العرشي:

التسلسل:77-فواتح الخطب:إن الله سبحانه فرض في أموال الاغنياء أقوات -ابن أبي الحديد: 334-ابن ميثم: 312-محمّد عبده: 330- العرشي:

التسلسل:78 -فواتح الخطب:الاستغناء عن العذر اعزّ من الصدق به -ابن أبي الحديد:335 -ابن ميثم:313 -محمّد عبده: 331- العرشي:

التسلسل:79 -فواتح الخطب:أقلُّ ما يلزمكم الله سبحانه أن لا تستعينوا بنعمه -ابن أبي الحديد:336 -ابن ميثم:314 -محمّد عبده: 332- العرشي:

التسلسل:80 -فواتح الخطب:إنَّ الله سبحانه جعل الطاعة غنيمة الاكياس -ابن أبي الحديد: 337-ابن ميثم: 315-محمّد عبده:333 - العرشي:

التسلسل:81ا-فواتح الخطب:لسُّلطان وزعة الله في أرضه -ابن أبي الحديد:338 -ابن ميثم: 316-محمّد عبده: 333- العرشي:

التسلسل:82-فواتح الخطب:[المؤمن ] بشره في وجهه -ابن أبي الحديد: 339-ابن ميثم: 333-محمّد عبده: 317- العرشي:64

التسلسل:83 -فواتح الخطب:لو رأى العبد الأجل ومسيره لأبغض الأمل وغروره -ابن أبي الحديد: 340-ابن ميثم: 318-محمّد عبده:335 - العرشي:

التسلسل:84 -فواتح الخطب:لكلٍّ أمرى في ماله شريكان : الوارث والحادث -ابن أبي الحديد:342 -ابن ميثم: 319-محمّد عبده: 336- العرشي:

التسلسل:85ا-فواتح الخطب:لمسؤول حر حتى يعد -ابن أبي الحديد: 342-ابن ميثم: =-محمّد عبده: =- العرشي:=

التسلسل:86 -فواتح الخطب:الدّاعي بلا عمل كالرامي بلا وَتَرٍ -ابن أبي الحديد:341 -ابن ميثم: 320-محمّد عبده:337 - العرشي:

التسلسل:87ا-فواتح الخطب:لعلم علمان : مطبوع ومسموع -ابن أبي الحديد: 344-ابن ميثم:321 -محمّد عبده: 338- العرشي:

التسلسل:88 -فواتح الخطب:صواب الرّأي بالدول -ابن أبي الحديد: 345-ابن ميثم: 322-محمّد عبده: 339- العرشي:

التسلسل:89 -فواتح الخطب:العناف زينة الفقر والشكر زينة الغنى -ابن أبي الحديد:346 -ابن ميثم: 323-محمّد عبده:340 - العرشي:

التسلسل:90-فواتح الخطب:يومُ العدل على الظالم أشد من يوم الجور -ابن أبي الحديد: 347-ابن ميثم: 324-محمّد عبده:341 - العرشي:

التسلسل:91 -فواتح الخطب:الغنى الأكبر : اليأس عما في ايدي الناس : -ابن أبي الحديد: 348-ابن ميثم: =-محمّد عبده: 342- العرشي:

التسلسل:92 -فواتح الخطب:الأقاويلُ محفوظةٌ -ابن أبي الحديد: 349-ابن ميثم:325 -محمّد عبده: =- العرشي:

التسلسل:93-فواتح الخطب:معاشر الناس اتقوا الله فكم من مؤمل ما لا يبلغه -ابن أبي الحديد:350 -ابن ميثم:325 -محمّد عبده: 343- العرشي:=

التسلسل:94 -فواتح الخطب:من العصمة تعذَّر المعاصي -ابن أبي الحديد:351 -ابن ميثم:326-محمّد عبده: =- العرشي:

التسلسل:95 -فواتح الخطب:ماءُ وجهك جامدٌ يقطره السؤال -ابن أبي الحديد: 352-ابن ميثم: 327-محمّد عبده: 344- العرشي:=

التسلسل:96 -فواتح الخطب:الثناء بأكثر من الاستحقاق ملى -ابن أبي الحديد: 353-ابن ميثم: 328-محمّد عبده: 345- العرشي:

التسلسل:97 -فواتح الخطب:أشدُّ الذُّنوب ما استهان به صاحبه -ابن أبي الحديد:354 -ابن ميثم: 329-محمّد عبده:346 - العرشي:

التسلسل:98 -فواتح الخطب:مَن نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره -ابن أبي الحديد:355 -ابن ميثم: 330-محمّد عبده:347 - العرشي:

التسلسل:99 -فواتح الخطب:للظّالم من الرٍّجال ثلاث علامات ... -ابن أبي الحديد: 356-ابن ميثم:330 -محمّد عبده: 348- العرشي:

التسلسل:100 -فواتح الخطب:عند عند تناهي تناهي الشدّة تكون الفرجة-ابن أبي الحديد: 357-ابن ميثم: 332-محمّد عبده: 349- العرشي:

التسلسل: 101 -فواتح الخطب:لا تجعلنَّ أكثر شغلك بأهلك وولدك -ابن أبي الحديد: 358-ابن ميثم: 333-محمّد عبده:350 - العرشي:

ص: 406

التسلسل:102 -فواتح الخطب:أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله -ابن أبي الحديد: 359-ابن ميثم:334 -محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:103 -فواتح الخطب:لا تقل ذلك ، ولكن قل : شكرت الواهب -ابن أبي الحديد: 360-ابن ميثم: 335-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:104 -فواتح الخطب:أطلعت الوّرقُ رؤوسها -ابن أبي الحديد: 361-ابن ميثم: 336-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:105 -فواتح الخطب:[ يأتيه الرزق ] من حيث يأتيه أجله -ابن أبي الحديد: 362-ابن ميثم:337 -محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:106 -فواتح الخطب:إنّ هذا الأمر ليس بكم بدأ ، ولا اليكم انتهى -ابن أبي الحديد: 363-ابن ميثم:338 -محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:107 -فواتح الخطب:أيُّها الناس ليركم الله من النٍّعمة وجنين -ابن أبي الحديد:364 -ابن ميثم: 339-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:108 -فواتح الخطب:يا أسرى الرّغبة أقصروا -ابن أبي الحديد:365 -ابن ميثم: 340-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:109 -فواتح الخطب:لا تظن بكلمة خرجت من أحدٍ سوء -ابن أبي الحديد: 366-ابن ميثم:341 -محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:110 -فواتح الخطب:إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجةٌ فابداً -ابن أبي الحديد:367 -ابن ميثم:342 -محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:111 -فواتح الخطب:من ضنٍّ بعرضه فليدع المراء ضر -ابن أبي الحديد: 368-ابن ميثم: 343-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:112 -فواتح الخطب:مثن الخُرق المعاجلة قبل الإمكان -ابن أبي الحديد: 369-ابن ميثم: 344-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:113 -فواتح الخطب:لاتسأل عمّا لا يكون ، ففي الذي -ابن أبي الحديد: 370-ابن ميثم: 345-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:114 -فواتح الخطب:الفكر مراة صافية -ابن أبي الحديد: 371-ابن ميثم: 346-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:115 -فواتح الخطب:العلم مقرونٌ بالعمل -ابن أبي الحديد: 372-ابن ميثم: 347-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:116 -فواتح الخطب:يا أيّها النّاس متاع الدُّنيا حطام -ابن أبي الحديد:373 -ابن ميثم: 367-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:117 -فواتح الخطب:إن الله سبحانه وضع الثواب على طاعته -ابن أبي الحديد:374 -ابن ميثم:368 -محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:118 -فواتح الخطب:يأتى على الناس زمان لا يبقى فيهم من القرآن-ابن أبي الحديد: 375-ابن ميثم: 369-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل: 119 -فواتح الخطب:أَيُّها النّاس اتقوا الله فما خلق امرؤ عبثاً فيله.... -ابن أبي الحديد:376 -ابن ميثم:370 -محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:120 -فواتح الخطب:لا شرف أعلى من الإسلام -ابن أبي الحديد:377 -ابن ميثم: 371-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:121 -فواتح الخطب:یا جابر قوام الدين والدنيا بأربعة... -ابن أبي الحديد:378 -ابن ميثم: 372-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:122 -فواتح الخطب:أيُّها المؤمنون ، إنَّه من رأى عدواناً يعمل به و منكراً -ابن أبي الحديد: 379-ابن ميثم:373 -محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:123 -فواتح الخطب:تينهم الشكر للمنكر بيده ولسانه وقلبه فذلك -ابن أبي الحديد:380 -ابن ميثم: 374-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:124 -فواتح الخطب:إن أوّل ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم-ابن أبي الحديد: 381-ابن ميثم:375 -محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل: 125 -فواتح الخطب:إن الحق تقيل مرية وإن الباطل وبي. -ابن أبي الحديد: 382-ابن ميثم: 376-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:126 -فواتح الخطب:لا تأمنَّ على خير هذه الأمة عذاب الله -ابن أبي الحديد: 383-ابن ميثم: 377-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:177 -فواتح الخطب:البخل جامعُ المساوي العيوب -ابن أبي الحديد: 384-ابن ميثم: 378-محمّد عبده: - العرشي:

ص: 407

التسلسل:128 -فواتح الخطب:الرزَِق رزقان : رزق تطلبه ورزق يطلبك -ابن أبي الحديد: 385-ابن ميثم:379 -محمّد عبده: 378- العرشي:

التسلسل:129 -فواتح الخطب:رُبَّ مستقبل يوماً ليس بمستديره -ابن أبي الحديد: 386-ابن ميثم:380 -محمّد عبده: 379- العرشي:

التسلسل:130 -فواتح الخطب:الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به -ابن أبي الحديد: 387-ابن ميثم: 381-محمّد عبده: 380- العرشي:

التسلسل:131 -فواتح الخطب:لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كلِّ ما تعلم -ابن أبي الحديد: 388-ابن ميثم:382 -محمّد عبده:381 - العرشي:

التسلسل:132 -فواتح الخطب:إحذر أن يراك الله عند معصيته -ابن أبي الحديد: 389-ابن 390ميثم: 383-محمّد عبده: 382- العرشي:

التسلسل:133 -فواتح الخطب:الرُّكون إلى الدُّنيا مع ما تعاين منها جهل-ابن أبي الحديد: 391-ابن ميثم:384 -محمّد عبده:383 - العرشي:

التسلسل:134 -فواتح الخطب:مٍن هوان الدُّنيا على الله أنه لا يعصى الله إلّا فيها -ابن أبي الحديد: 393-ابن ميثم:385 -محمّد عبده:384 - العرشي:

التسلسل:135 -فواتح الخطب:مَن طلب شيئاً ناله أو بعضه -ابن أبي الحديد:394 -ابن ميثم: 386-محمّد عبده: 385- العرشي:

التسلسل:136 -فواتح الخطب:ما خيرٌ بخير بعده النار -ابن أبي الحديد: 395-ابن ميثم:387 -محمّد عبده: 386- العرشي:

التسلسل:137 -فواتح الخطب:ألا وإنَّ من البلاء الفاقة -ابن أبي الحديد:392 -ابن ميثم:388 -محمّد عبده: 387- العرشي:

التسلسل:138 -فواتح الخطب:من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه -ابن أبي الحديد:396 -ابن ميثم:= -محمّد عبده: =- العرشي:=

التسلسل:139 -فواتح الخطب:للمؤمن ثلاث ساعات ... -ابن أبي الحديد:397 -ابن ميثم: 390-محمّد عبده: 388- العرشي:70

التسلسل:140 -فواتح الخطب:ازهد في الدُّنيا يبصرك الله عوراتها -ابن أبي الحديد:398 -ابن ميثم:391 -محمّد عبده: 389- العرشي:

التسلسل:141 -فواتح الخطب:تكلّموا تعرفوا ، فإنّ المرء مخبر تحت لسانه -ابن أبي الحديد:401 -ابن ميثم: 392-محمّد عبده:390 - العرشي:

التسلسل:142 -فواتح الخطب:خذ من الدنيا ما أتاك -ابن أبي الحديد:402 -ابن ميثم:393 -محمّد عبده: 391- العرشي:

التسلسل:143 -فواتح الخطب:رُبِّ قول أنقذ من صول -ابن أبي الحديد:403 -ابن ميثم:394 -محمّد عبده: 392- العرشي:

التسلسل:144 -فواتح الخطب:كل مقتصر عليه كاف -ابن أبي الحديد: 404-ابن ميثم: 395-محمّد عبده:393 - العرشي:

التسلسل:145 -فواتح الخطب:المنية ولا الدنية -ابن أبي الحديد: 399-ابن ميثم: 396-محمّد عبده: 394- العرشي:

التسلسل:146 -فواتح الخطب:نعم الطيب المسك -ابن أبي الحديد:400 -ابن ميثم: =-محمّد عبده: =- العرشي:=

التسلسل:147 -فواتح الخطب:ضع فخرك واحطط كبرك واذكر قبرك -ابن أبي الحديد:407 -ابن ميثم: =-محمّد عبده:= - العرشي:=

التسلسل:148 -فواتح الخطب:ان للولد على الوالد حقاً -ابن أبي الحديد:407 -ابن ميثم: =-محمّد عبده:= - العرشي:=

التسلسل:149 -فواتح الخطب:العين حق والرقي حق -ابن أبي الحديد: 408-ابن ميثم: =-محمّد عبده: =- العرشي:=

التسلسل:150 -فواتح الخطب:مقاربة النّاس في أخلاقهم أمن من غوائلهم -ابن أبي الحديد:409 -ابن ميثم: 377-محمّد عبده: 395- العرشي:

التسلسل:151 -فواتح الخطب:لقد طرت شكيراً وهدرت سقباً -ابن أبي الحديد: 410-ابن ميثم: 378-محمّد عبده: 396- العرشي:

التسلسل:152 -فواتح الخطب:من أوما إلى متفاوت خذلته الحيل -ابن أبي الحديد: 411-ابن ميثم:379 -محمّد عبده: 397- العرشي:

التسلسل:153 -فواتح الخطب:إنّا لا نملك مع الله شيئاً -ابن أبي الحديد: 412-ابن ميثم: 380-محمّد عبده: 398- العرشي:72

ص: 408

التسلسل:154 -فواتح الخطب:دّعه ياعمار: فإنّه لن يأخذ من الدين إلا ما قاربه -ابن أبي الحديد:413 -ابن ميثم:381 -محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:155 -فواتح الخطب:ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء -ابن أبي الحديد:414 -ابن ميثم: 382-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:156 -فواتح الخطب:ما أستودع الله امرءاً عقلاً الا استنقذه به يوماً ما -ابن أبي الحديد:415 -ابن ميثم: 383-محمّد عبده: - العرشي:

التسلسل:157 -فواتح الخطب:من صارع الحق صرعه -ابن أبي الحديد: 416-ابن ميثم: 384-محمّد عبده: 399- العرشي:

التسلسل:158 -فواتح الخطب:القلب مصحف البصر -ابن أبي الحديد: 417-ابن ميثم: 385-محمّد عبده: 400- العرشي:

التسلسل:159 -فواتح الخطب:التُّقى رئيس الأخلاق -ابن أبي الحديد:418 -ابن ميثم: 386-محمّد عبده: 401- العرشي:

التسلسل:160 -فواتح الخطب:لا تجعلنَّ ذرب لسانك على من أنطقك وبلاغة قولك -ابن أبي الحديد: 419-ابن ميثم:387 -محمّد عبده:402 - العرشي:

التسلسل:161 -فواتح الخطب:كفاك أدباً لنفسك اجتناب ما تكره من غيرك -ابن أبي الحديد:420 -ابن ميثم: 388-محمّد عبده: 403- العرشي:

التسلسل:162 -فواتح الخطب:من صبر صبر الأحرار، وإلّا سلا سلوّ الاغمار -ابن أبي الحديد:421 -ابن ميثم: 389-محمّد عبده: 404- العرشي:

التسلسل:163 -فواتح الخطب:ان صبرت صبر الأكارم والّا سلوت سلو البهائم -ابن أبي الحديد:422 -ابن ميثم: 389-محمّد عبده: 405- العرشي:

التسلسل:164 -فواتح الخطب:[ الدُّنيا ] تغرُّ و تضر وتمرُّ -ابن أبي الحديد: -423ابن ميثم: 390-محمّد عبده: 406- العرشي:

التسلسل:165 -فواتح الخطب:يابنيّ ، لا تخلفنّ وراءك شيئاً من الدنيا-ابن أبي الحديد: 424-ابن ميثم:391 -محمّد عبده: 407- العرشي:

التسلسل: 166 -فواتح الخطب:تكلتك أمك ، أتدري ما الاستغفار ؟ -ابن أبي الحديد: 425-ابن ميثم:392 -محمّد عبده: 408- العرشي:73

التسلسل:167 -فواتح الخطب:الحلم عشيرة -ابن أبي الحديد: 426-ابن ميثم: 393-محمّد عبده:409 - العرشي:

التسلسل:168 -فواتح الخطب:مسكين ابن آدم مكتوم الأجل -ابن أبي الحديد: 427-ابن ميثم: 394-محمّد عبده: 410- العرشي:

التسلسل:169 -فواتح الخطب:إنّ أبصار هذه الفحول طوامح -ابن أبي الحديد: 428-ابن ميثم: -395محمّد عبده:412 - العرشي:

التسلسل:170 -فواتح الخطب:كفاك من عقلك ما أوضح لك سبل غيك من رشدك -ابن أبي الحديد:429 -ابن ميثم:396 -محمّد عبده:413 - العرشي:

التسلسل:171 -فواتح الخطب:افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئاً -ابن أبي الحديد:430 -ابن ميثم: 397-محمّد عبده: 414- العرشي:

التسلسل:172 من أصلح سريرته أصلح الله علانيته -ابن أبي الحديد: 432-ابن ميثم:398 -محمّد عبده: 415- العرشي:74

التسلسل:173-فواتح الخطب: الحلم غطاء ساتر -ابن أبي الحديد: 433-ابن ميثم: 399-محمّد عبده: 416- العرشي:

التسلسل:174 -فواتح الخطب:إنّ الله عباداً يختطهم بالنعم -ابن أبي الحديد: 434-ابن ميثم: 400-محمّد عبده:417 - العرشي:

التسلسل:175 -فواتح الخطب:لا ينبغي للعبد أن يثق بخصلتين : العافية والغنى -ابن أبي الحديد: 435-ابن ميثم: 401-محمّد عبده:418 - العرشي:

التسلسل:176 -فواتح الخطب:من شكا الحاجة إلى مؤمن فكأنه شكلها الى الله -ابن أبي الحديد:436 -ابن ميثم: 402-محمّد عبده:419 - العرشي:

التسلسل:177 -فواتح الخطب:انّما هو عيد لمن قبل الله صيامه -ابن أبي الحديد:437 -ابن ميثم: 403-محمّد عبده:420 - العرشي:

التسلسل:178 -فواتح الخطب:إنّ أعظم الحسرات يوم القيامة... -ابن أبي الحديد: 438-ابن ميثم: 404-محمّد عبده: 421- العرشي:

التسلسل:179 -فواتح الخطب:إن أخسر الناس صفقة... -ابن أبي الحديد: 439-ابن ميثم: 405-محمّد عبده: 422- العرشي:

ص: 409

التسلسل:180 -فواتح الخطب:الرّزق رزقان : طالب ومطلوب -ابن أبي الحديد: 440-ابن ميثم: 46-محمّد عبده: 426- العرشي:

التسلسل:181-فواتح الخطب: إنّ أولياء الله هم الذين ينظرون إلى باطن الدنيا -ابن أبي الحديد: 441-ابن ميثم:407 -محمّد عبده: 427- العرشي:75

التسلسل:182-فواتح الخطب: اذكروا انقطاع اللذّات وبقاء التبعات -ابن أبي الحديد: 442-ابن ميثم:408 -محمّد عبده: 428- العرشي:

التسلسل:183-فواتح الخطب: اخبر تقله -ابن أبي الحديد:443 -ابن ميثم: 409-محمّد عبده: 429- العرشي:

التسلسل:184 -فواتح الخطب:ما كان الله ليفتح على عبد باب الشُّكر ويغلق عنه -ابن أبي الحديد: 444-ابن ميثم:410 -محمّد عبده: 430- العرشي:

التسلسل:185 -فواتح الخطب:أولى النّاس بالكرم من عرفته الكرام -ابن أبي الحديد: 445-ابن ميثم:= -محمّد عبده: =- العرشي:=

التسلسل:186 -فواتح الخطب:العدل يضع الأمور مواضعها -ابن أبي الحديد: 446-ابن ميثم: 411-محمّد عبده: 431- العرشي:

التسلسل:187 -فواتح الخطب:النّاس أعداء ما جهلوا -ابن أبي الحديد: 447-ابن ميثم: 412-محمّد عبده: 432- العرشي:

التسلسل:188 -فواتح الخطب:الزُّهد كلُّه بين كلمتين من القرآن -ابن أبي الحديد: 448-ابن ميثم: 413-محمّد عبده:433 - العرشي:

التسلسل:189 -فواتح الخطب:ما أنقض النّوم لعزائم اليوم -ابن أبي الحديد: 449-ابن ميثم: 415-محمّد عبده: 434- العرشي:

التسلسل:190 -فواتح الخطب:الولايات مضامير الرٍّجال -ابن أبي الحديد:450 -ابن ميثم: 414-محمّد عبده: 435- العرشي:

التسلسل:191 -فواتح الخطب:ليس بلد بأحق بك من بلد -ابن أبي الحديد: 451-ابن ميثم: 416-محمّد عبده: 436- العرشي:

التسلسل:192 -فواتح الخطب:مالك ، وما مالك ، والله لو كان جبلاً لكان فنداً -ابن أبي الحديد: 452-ابن ميثم:417 -محمّد عبده:437 - العرشي:76

التسلسل:193 -فواتح الخطب:قليلٌ مدومٌ عليه خير من كثير مملول منه -ابن أبي الحديد: 453-ابن ميثم: 418-محمّد عبده: 438- العرشي:

التسلسل:194 -فواتح الخطب:إذا كان في رجل خلة رائعة فانتظروا اخوانها -ابن أبي الحديد: 454-ابن ميثم: 419-محمّد عبده: 439- العرشي:

التسلسل:195 -فواتح الخطب:ما فعلت أبلك الكثيرة ؟ -ابن أبي الحديد:455 -ابن ميثم:420 -محمّد عبده: 440- العرشي:

التسلسل:196 -فواتح الخطب:مَن اتْجر بغير فقه فقد ارتطم في الربا -ابن أبي الحديد: 456-ابن ميثم:421 -محمّد عبده: 441- العرشي:

التسلسل:197 -فواتح الخطب:من عظّم صغار المصائب ابتلاه الله يكبارها -ابن أبي الحديد:457 -ابن ميثم:422 -محمّد عبده:442 - العرشي:

التسلسل:198 -فواتح الخطب:مَن كرُمت عليه نفسه هانت عليه شهواته -ابن أبي الحديد:458 -ابن ميثم:423 -محمّد عبده:443 - العرشي:

التسلسل:199 -فواتح الخطب:ما مزح رجل مزحُة إلّا مج من عقله مجة -ابن أبي الحديد:459 -ابن ميثم: 424-محمّد عبده: 444- العرشي:

التسلسل:200 -فواتح الخطب:زهدك في راغب فيك نقصان حظّ -ابن أبي الحديد: 460-ابن ميثم: 425-محمّد عبده: 445- العرشي:

التسلسل:201 -فواتح الخطب:الغنى والنقر بعد العرض على الله -ابن أبي الحديد:463 -ابن ميثم:427 -محمّد عبده:446 - العرشي:

التسلسل:202 -فواتح الخطب:ما زال الزُّبير رجلاً من أهل البيت حتى نشأ ابنه -ابن أبي الحديد:461 -ابن ميثم:= -محمّد عبده: =- العرشي:=

التسلسل:203 -فواتح الخطب:ما لابن آدم والفخر : أوّله نطفة -ابن أبي الحديد: 462-ابن ميثم:426 -محمّد عبده: 447- العرشي:

التسلسل:204 -فواتح الخطب:إنّ القوم لم يجروا في حلبة -ابن أبي الحديد: 464-ابن ميثم: 427-محمّد عبده:448 - العرشي:

التسلسل:205 -فواتح الخطب:ألّا حرُّ يدع هذه اللُّماظة لأهلها -ابن أبي الحديد: 465-ابن ميثم: 429-محمّد عبده: 449- العرشي:

ص: 410

التسلسل:206 -فواتح الخطب:منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب دنیا -ابن أبي الحديد: 466-ابن ميثم: 446-محمّد عبده: 450- العرشي:

التسلسل:207 -فواتح الخطب:علامة الإيمان : أن تؤثر الصدق حيث يضرك -ابن أبي الحديد:467 -ابن ميثم:430 -محمّد عبده:451 - العرشي:77

التسلسل:208 -فواتح الخطب:يقلب المقدار على التقدير -ابن أبي الحديد:468 -ابن ميثم: 431-محمّد عبده:452 - العرشي:

التسلسل:209 -فواتح الخطب:الحلم والأناة توأمان ينتجهما علو الهمة -ابن أبي الحديد: 769-ابن ميثم: 432-محمّد عبده: 453- العرشي:

التسلسل:210 -فواتح الخطب:الغيبة جهد العاجز -ابن أبي الحديد: 780-ابن ميثم: 433-محمّد عبده:454 - العرشي:

التسلسل:211 -فواتح الخطب:رُبّ مفتون بحسن القول فيه -ابن أبي الحديد: 481-ابن ميثم: 434-محمّد عبده: 455- العرشي:

التسلسل:212 -فواتح الخطب:الدُّنيا خلقت لغيرها ولم تخلق لنفسها -ابن أبي الحديد:482 -ابن ميثم:435 -محمّد عبده:456 - العرشي:

التسلسل:113 -فواتح الخطب:إن لبني أمية مروداً يجرون فيه -ابن أبي الحديد: 483-ابن ميثم: 436-محمّد عبده: 457- العرشي:

التسلسل:214 -فواتح الخطب:الانصار [ هم والله رَبُّوا الإسلام ] -ابن أبي الحديد:484 -ابن ميثم: 437-محمّد عبده: 458- العرشي:

التسلسل:215 -فواتح الخطب:العين وكاء الله -ابن أبي الحديد: 485-ابن ميثم:438 -محمّد عبده: 459- العرشي:

التسلسل:216 -فواتح الخطب:ووليهم والي فأقام واستقام -ابن أبي الحديد: 486-ابن ميثم:439 -محمّد عبده: 460- العرشي:

التسلسل:217 -فواتح الخطب:يأتي على الناس زمان عضوض -ابن أبي الحديد:487 -ابن ميثم: 440-محمّد عبده:461 - العرشي:

التسلسل:218 -فواتح الخطب:يهلك في رجلان : محب مطر وباهت مفتر -ابن أبي الحديد:488 -ابن ميثم:441 -محمّد عبده: 462- العرشي:78

التسلسل:219 -فواتح الخطب:التوحيد أن لا تتوقمه، والعدل أن لا تتهمه -ابن أبي الحديد: 489-ابن ميثم: 442-محمّد عبده:464 - العرشي:

التسلسل:220 -فواتح الخطب:لا خير في الصمت عن الحكم -ابن أبي الحديد:= -ابن ميثم: 443-محمّد عبده: 465- العرشي:=

التسلسل:221 -فواتح الخطب:اللّهمّ اسقنا ذلل السّحائب -ابن أبي الحديد: 480-ابن ميثم: 444-محمّد عبده: 466- العرشي:

التسلسل:222 -فواتح الخطب:الخضاب زينة ونحن قوم في مصيبة-ابن أبي الحديد:478 -ابن ميثم: 445-محمّد عبده:467 - العرشي:

التسلسل: 223 -فواتح الخطب:ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجراً -ابن أبي الحديد:482 -ابن ميثم:= -محمّد عبده:= - العرشي:=

التسلسل:224 -فواتح الخطب:القناعة مالٌ لا ينقد -ابن أبي الحديد:482 -ابن ميثم:447 -محمّد عبده: 468- العرشي:

التسلسل:225 -فواتح الخطب:استعمل العدل واحذر العسف والحيف -ابن أبي الحديد:484 -ابن ميثم:448 -محمّد عبده:469 - العرشي:

التسلسل:226 -فواتح الخطب:أشدُّ الذُّنوب ما استخفّ به صاحبه-ابن أبي الحديد:485 -ابن ميثم: 449-محمّد عبده: 470- العرشي:

التسلسل: 227 -فواتح الخطب:ما أخذ الله على أهل الجهل ان يتعلموا حتى أخذ -ابن أبي الحديد: 486-ابن ميثم: 450-محمّد عبده:471 - العرشي:

التسلسل:228 -فواتح الخطب:شرّ الإخوان من تكّلّف له -ابن أبي الحديد:487 -ابن ميثم: 451-محمّد عبده: 472- العرشي:79

التسلسل:229 -فواتح الخطب:إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه -ابن أبي الحديد:488 -ابن ميثم:452 -محمّد عبده: 472- العرشي:

محمّد حسين الحسيني الجلالي

ص: 411

ص: 412

باب خطب أمير المؤمنين علیه السلام

ص: 413

ص: 414

[ الخطبة الاولى ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: وهذه الخطبة رواها

صاحب بحار الانوار في (ص 113) من كتاب الحكمة والمواعظ لعلي بن محمّد الواسطي، ورواها قطب الدين في شرحه بسند متصل بمولانا أمير المؤمنين علیه السلام على ما قيل و رواها الشيخ ابو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج على أهل اللجاج ، الى قوله : ثم انشأ سبحانه فتق الاجواء. ورواها الشيخ كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في كتاب مطالب السؤول إلى قوله علیه السلامعلیه السلام : ومنهم الثابتة في الارضين السفلى أقدامهم. وروى فيه زيادة: ( ومنهم الكرام الكاتبون اعمال خلقه الشاهدين على بريته يوم يبعثون، ومنهم غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون». وروى القاضي محمّد بن سلامة القضاعي بعض هذه الخطبة قال : وقال علیه السلام في توحيد الله عز وجل: ( إن أول الديانة معرفة الله ) ، ثم أتبع هذه الكلمة بجمل من الفقرات

المذكورة في هذه الخطبة (انتهى)(1)

ص: 415


1- مدارك نهج البلاغة : 68.

قال الجلالي: أرويها بالاسناد عن سعيد بن هبة الله الراوندي ( ت / 573 ه- ) فقد أورد هذه الخطبة الأولى نصاً وشرحاً واسناداً ، وحيث ان الراوندي اورد سنده الى الرضي في أوّل الكتاب وسند هذه الخطبة في آخر الخطبة أوردهما معاً هنا قال الرواندي في أوّل الكتاب ما نصه :

21 - أخبرنا السيّد ابو الصمصام ذوالفقار بن محمد بن معبد الحسيني.

22 - قال : أخبرنا الشيخ ابو عبدالله محمد بن علي الحلواني.

23 - قال السيد الرضي رضي الله عنه وأرضاه... (1)

وقال في آخر الخطبة ما نصه : « واما رواية الخطبة، فعن الشيخ أبي جعفر

محمد بن علي بن الحسن الحلبي.

24 - عن الشيخ أبي جعفر الطوسي ( ت / 460 ه-).

25 - عن الشيخ المفيد أبي عبد الله الحارثي (ت / 413 ه- )

26 - اخبرنا ابو الحسن على بن محمّد الكاتب.

27 - اخبرنا الحسن بن علي الزعفراني

28 - اخبرنا ابو أسحاق ابراهيم بن محمّد الثقفي (ت / 283 ه-) صاحب كتاب

الغارات وغيره

29 - اخبرنا أبو الوليد العباس بن بكار الضبي [ البصري ].

30 - حدثنا ابوبكر الهذلي محمّد بن مسلم بن عبيد الله ( ت / 124ه-)]

وعيسى بن زيد\ ابن الإمام علي بن الحسين زين العابدين علیه السلام ]

32 - عن صالح بن كيسان [مولى بني غفار ]

33 - عن أمير المؤمنين علیه السلام (2)

ص: 416


1- منهاج البراعة 1 : 5 - 6 ، ط /1406ه-
2- منهاج البراعة 1 : 107 - 109 ، ط /1406ه-.

وقال الراوندي ( ت / 573ه- )بعد ايراد الخطبة نصاً وشرحاً واسناداً ما لفظه

ولو أردت ذكر ما حذفه الرضي من الخطبة لطال هذا الكتاب(1) وهذا يؤكد ما اشرنا اليه في المقدمة من اسلوب الرضي ، وانه مبني على الانتقاء

دون الاستقصاء.

ومن التعقيبات ما رواه أئمة اهل البيت علیهم السلام رواية الابناء عن الآباء من تراث جدّهم علي بن أبي طالب علیه السلام، منها: رواية عن الإمام الصادق علیه السلام ( ت / 148 ه-) مقاطع ، منها : بالاسناد عن محمّد بن يعقوب الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي : عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد عن شباب الصيرفي ، واسمه محمّد بن الوليد، عن

علي بن سيف بن عميرة قال: حدثني إسماعيل بن قتيبة قال: دخلت أنا وعيس شلقان (2) على أبي عبد الله علیه السلام فابتدأنا فقال: عجبا لأقوام يدعون على أمير المؤمنين علیه السلام ما لم يتكلم به قط، خطب أمير المؤمنين علیه السلام الناس بالكوفة فقال: الحمد لله المله عباده حمده وفاطرهم على معرفة ربوبيته الدال على وجوده بخلقه وبحدوث خلقه على أزله وباشتباههم على أن لا شبه له ، المستشهد بآياته على قدرته الممتنعة من الصفات ذاته ومن الابصار رؤيته ومن الأوهام الاحاطة به، لا أمد لكونه (3) ولا غاية لبقائه، لا تشمله المشاعر، ولا تحجبه الحجب والحجاب بينه وبين خلقه خلقه إياهم، لامتناعه ممّا يمكن في ذواتهم ولا مكان (4)

ص: 417


1- منهاج البراعة 109:1 ، ط / 1406ه-.
2- شلقان - بفتح المعجمة واللام ثم القاف - لقب عيسى بن أبي منصور ، ما لم يتكلم به قط كأنه 7 اراد بذلك شيئا من الغلو أو عن تشبيه الله تعالى وادعاه الوهيته وامثال ذلك.
3- لان كونه وجود صرف متمجد عن الليالي والايام والشهور والاعوام والحدود والأنات والأوقات والساعات، ولا غاية لبقائه لأن بقاءه بقاء حقيقي متقدّس عن الاستمرار الاستدادي والكون الزماني (الوافي).
4- ولا مكان - بالتنوين بحذف المضاف إليه - أي لامكان ذواتهم وفي توحيد الصدوق هكذا ولا مكان ذواتهم ممّا يمتنع منه ذاته، وهو الصواب، وكان اللفظتين سقطنا من قلم النساخ (الوافي ) . بلا تأويل عدد بأن يكون له تعالى: ثان من نوعه، أو يكون مركبا فيطلق عليه الواحد بتأويل أنه واحد من نوع مثلا ، ولا بمعنى حركة، أي جسمانية أو نفسانية ، ولا بتفريق آلة؛ أي لا بآلة مغايرة لذاته أو بادخال شي فيها، فانه يتضمن التفريق وفي التوحيد: «السميع لا باداة البصر البصير لا بتفريق آلة». (مرات العقول الاجتنان: الاستتار ، أى انه باطن بمعنى ان العقول والافهام لا تصل إلى كنهه لا باستتاره بستر و حجاب أو علم البواطن، لا بالدخول فيها والاستتار بها ، والنهية - بضم النون وسكون الهاء وفتح الياء - اسم من نهاء ضد أمره، والمجاول بالجيم، جمع مجول بفتح الميم، وهو مكان الجولان أو زمانه أو مصدر ، والردع المنع . والقمع : القلع ، والجوائل جمع جائل أو جائلة من الجولان مرآت العقول

ممّا يمتنع منه ، ولافتراق الصانع من المصنوع ، والحاد من المحدود، والرب من المربوب، الواحد بلا تأويل عدد والخالق لا بمعنى حركة ، والبصير لا بأداة ، والسميع لا بتفريق آلة والشاهد لا بمماسة، والباطن لا باجتنان، والظاهر البائن لا

بتراخي مسافة ، أزله نهية لمجاول الافكار ، ودوامه ردع الطامحات العقول، قد حسر كنهه نوافذ الأبصار، وقمع وجوده جوائل الاوهام، فمن وصف الله فقد حده ، ومن حده فقد عده ، ومن عده فقد أبطل أزله، ومن قال: أين؟ فقد غياه،

ومن قال علام ؟ فقد أخلى منه ، ومن قال: فيم ؟ فقد ضمّنه

ورواه محمّد بن الحسين، عن صالح بن حمزة ، عن فتح بن عبد الله مولى بني ،هاشم قال: كتبت إلى أبي إبراهيم علیه السلام أسأله عن شئ من التوحيد، فكتب إليَّ بخطه : الحمد لله الملهم عباده حمده - وذكر مثل ما رواه سهل بن زياد إلى قوله : وقمع وجوده جوائل الاوهام

ثم زاد فيه : أوّل الديانة به معرفته و کمال معرفته توحيده، وكمال توحيده نفي

، الصفات عنه، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة الموصوف أنه غير الصفة، وشهادتهما جميعا بالتثنية الممتنع منه الازل ، فمن وصف الله فقد حدّه،

و من حّده فقد عدّه ، ومن عده فقد أبطل أزله ، ومن قال : كيف ؟ فقد استوصفه

ص: 418

ومن قال : فيم؟ فقد ضمّنه، ومن قال : على مَ ؟ فقد جهله، ومن قال : أين ؟ فقد أخلى منه ، ومن قال ما هو ؟ فقد نعته، ومن قال إلى م؟ فقد غياه، عالم إذ لا معلوم، وخالق إذ لا مخلوق، وربّ إذ لا مربوب وكذلك يوصف رببنا وفوق ما يصفه الواصفون (1) .

ومنها رواية على بن موسى الرضا علیه السلام ( ت / 202ه- )بالاسناد عن الشيخ

الصدوق ( ت / 381ه-) في التوحيد، قال: حدثنا علي بن أحمد عمران الدقاق، قال: حدثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمّد ابن إسماعيل البرمكي، قال: حدثني علي بن العباس، قال: حدثني جعفر بن محمّد الاشعري عن فتح بن يزيد الجرجاني، قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا علیه السلام لا أسأله عن شئ من التوحيد فكتب إليَّ بخطه - قال جعفر: وإن فتحا أخرج إلى الكتاب فقرأته بخط أبي الحسن علیه السلام: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله الملهم عباده الحمد وفاطرهم على معرفة ربوبيته ، الدال على وجوده بخلقه، وبحدوث خلقه على أزله، وبأشباههم على أن لا شبه له، المستشهد بآياته على ،قدرته الممتنع من الصفات ذاته (2)و من الابصار رؤيته ، ومن الأوهام الاحاطة به، لا أمد لكونه، ولاغاية لبقائه، لا يشمله المشاعر ، ولا يحجبه الحجاب، فالحجاب

بينه وبين خلقه لامتناعه مما يمكن في ذواتهم، ولا مكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته، ولافتراق الصانع والمصنوع والرب والمربوب، والحاد والمحدود، أحد لا بتأويل عدد الخالق لا بمعنى حركة (3)، السميع لا بأداة البصير لا بتفريق آلة

ص: 419


1- الكافي للشيخ الكليني 1 : 141 139
2- أي من الوصف ؛ إذ لا يدرك ذاته حتى توصف، أو المعنى ليس مقام أحدية ذاته مقام الصفات والاسماء إذ ليس في ذلك المقام الشامخ اسم ولا صفة ولا اشارة ولا معرفة
3- أي ليس ايجاده بالحركة كايجادنا .

الشاهد لا بمماسة، البائن لاببراح(1) مسافة ، الباطن لا باجتنان، الظاهر لا بمحاذ، الذي قد حسرت دون كنهه نوافذ الابصار، وامتنع وجوده جوائل الاوهام. أوّل الديانة معرفته ، وكمال المعرفة توحيده وكمال التوحيد نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة الموصوف أنه غير الصفة، وشهادتهما جميعا على أنفسهما بالبيئة الممتنع منها الازل، فمن وصف الله فقد حدّه، ومن حدّه فقد عدّه ، ومن عدّه فقد أبطل أزله، ومن قال: كيف؟ فقد استوصفه ومن قال على م ؟ فقد حمله، ومن قال: أين ؟ فقد أخلى منه، ومن قال : الى م ؟ فقد وقته، عالم إذ لا معلوم، وخالق إذ لا مخلوق، ورب إذ لا مربوب وإله إذ لا مألوه وكذلك يوصف ربنا ، وهو فوق ما يصفه الواصفون (2) وروى الحسن بن شعبة الحراني ( ت / 336 - ح ) مقاطع منه في تحف العقول ح) 43 - 46 ، ط / النجف 1385ه-، وكذلك الاسكافي ( ت / 220 ه-) مرسلاً في

المعيار والموازنة ، الصفحات ( 254 - 257 ط / 1402ه-.

ص

ومن الموافقات : ما نقله المجلسي ( ت / 1111 ه- ) عن الواسطي بالنص الآتي قال ما لفظه ومن كتاب عيون الحكمة والمواعظ ؛ لعلي بن محمّد الواسطي من خطبه صلوات الله عليه . الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصى نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم ، ولا يناله غوص الفطن (3)الذي ليس لصفته حد محدود ، ولا نعت موجود ولا وقت ، معدود ولا أجل ممدود ، فطر الخلائق بقدرته ، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور ميدان أرضه أوّل الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به، وكمال

ص: 420


1- البراح بمعنى الزوال أي بائن عن خلقه لا يبعده عنهم بالمسافة
2- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : 56 - 57
3- الفطن : جمع فطنة . وغوصها : استغراقها في بحر المعقولات .

التصدیق به توحیده و کمال توحيده الاخلاص له وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير

الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثناه ، ومن ثناه فقد جزاه ومن جزاه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه (1)ومن أشار إليه فقد حدّه، ومن حدّه فقد عده ، ومن قال : فيم ؟ فقد ضمنه ، ومن قال : علام؟ فقد أخلى منه ، كائن حدث موجود لا عن عدم مع كل شئ لا بمقارنة وغير كل شئ لا

، بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة ، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحّد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده

أنشأ الخلق إنشاء، وابتدأه ابتداء، بلا رويّة ،أجالها، ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها ، ولا همامة نفس اضطرب فيها (2) ، أحال الاشياء لأوقاتها، ولائم بين مختلفاتها، وغرّز ،غرائزها ، وألزمها أشباحها (3(3)، عالما بها قبل ابتداءها، محيطا بحدودها وانتهائها عارفا بقرائنها وأحنائها (4)

ثم أنشأ سبحانه فتق الاجواء، وشق الأرجاء، وسكائك الهواء، فأجرى (5) فيها ماء متلاطما تياره (6) متراكما زخاره حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع

ص: 421


1- هذه الجملة لم ترد في بعض النسخ المخطوطة العتيقة ولا في شرحي ابن ميثم وابن أبي الحديد. والظاهر أنها زيادة من النساخ ، وفي البحار الطبعة المعروفة بكمياتى شطب عليها الكاتب بعدما كتبها . وليس لها معنى مستقيما صحيحا إلا بتكلف وراجع (ارشاد المؤمنين إلى شرح نهج البلاغة الميين .
2- همامة نفس - بالفتح - اهتمامها بالأمور وقصدها إليه والاضطرب الحركة والحركة في الهمامة الانتقال : من رأى إلى رأى والاحالة بمعنى التحويل والنقل.
3- الاشباح : الاشخاص .
4- الاحناء جمع حنو - بالكسر - أي الجانب وفي كلامه دلالة على جواز اطلاق العارف عليه سبحانه
5- السكاكة - بالضم - الهواء الملاقي أعناق السماء جمعها سكانك
6- التيار : الموج. والمتراكم ما يكون بعضها فوق بعض والزخار : الشديد الزخر أي الامتداد : والارتفاع.

القاصفة، فأمرها ،برده، وسلطها على شده وقرنها إلى حده الهواء من تحتها

فتيق ، والماء من فوقها دفيق.

ثم أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها ، وأدام مربها (1) وأعصف مجراها ، وأبعد منشأها، فأمرها بتصفيق الماء الزخار، وأثارة موج البحار، فمخضته مخض(2) السقاء، وعصفت به عصفها بالفضاء، ترد أوّله إلى آخره، وساجيه إلى مائره ، حتى عبّ عبابه (3) ورمى بالزبد ركامه . فرفعه فى هواء منفتق ، وجو منفهق (4) فسوّى منه سبع سماوات، جعل سفلاهن موجا مكفوفا (5) ، وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا ، بغير عمد يدعمها ، ولا دسار (6) ينتظمها. ثم زينها بزينة الكواكب، وضياء الثواقب (7)، وأجرى فيها سراجا مستطيرا وقمرا منيرا، في فلك دائر، وسقف

سائر، ورقيم ماثر (8). ثم فتق ما بين السماوات العلى فملأهن أطوارا من ملائكته ، منهم سجود

ص: 422


1- أي جعل هبوبها عقيما والريح العقيم التي لا تلقح سحابا ولا شجرا وكذلك كانت تلك الرياح. والمرب مصدر ميمى من أرب بالمكان مثل الب به أي لازمه قادام مربها أي ملازمتها أو ان ادام ادمت الدلو ملاتها ، والمرب : بكسر أوّله المكان والمحل .
2- التصفيق : التحريك ، ومخضته : حركته بشدة
3- الساجي : الساكن والمائر : الذي يذهب ويجئ أو المتحرك مطلقا . وعب أي ارتفع، والعباب بالضم معظم الماء وكثرته وارتفاعه ، والركام : ثبجه وما تراكم منه بعضه على بعض .
4- الانفهاق : الاتساع .
5- المكفوف : الممنوع من السيلان .
6- يدعمها أي يسندها ويحفظها من السقوط، والدسار : المسمار أو الخيوط التي تشد بها الواح السفينة من ليف ونحوه.
7- الثواقب : المنيرة المشرفة .
8- مستطيرا أي منتشر الضياء وهو الشمس والرقيم : اسم من اسماء الفلك أو هو الكهكشان ؛ لأنه مرقم بالكواكب والمائر المتحرك.

لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافّبون لا يتزايلون، ومسبحون لا يسأمون(1)، لا يغشاهم نوم العيون، ولا سهو العقول، ولا فترة الابدان، ولا غفلة النسيان ومنهم امناء على وحيه والسنة إلى رسله ومختلفون بقضائه وأمره. ومنهم: الحفظة لعباده، والسدنة لأبواب جنانه، ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم، ناكسة دونه أبصارهم، متلفعون تحته بأجنحتهم(2)مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة وأستار ،القدرة لا ، يتوهمون ربهم بالتصوير، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين، ولا يحدونه بالاماكن ، ولا يشيرون إليه بالنظائر .

ومنها في صفة خلق آدم علیه السلام ثم جمع سبحانه من حزن الارض(3) وسهلها

وعذبها وسبخها تربة سنها بالماء حتى خلصت (4)، ولاطها بالبلّة حتى لزيت (5) ،

فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول (6) وأعضاء وفصول، أجمدها حتى استمسكت وأصلدها حتى صلصلت (7) لوقت معدود، وأجل معلوم ، ثم نفخ فيها من روحه، فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها وفكر يتصرف بها، وجوارح يختدمها (8)

ص: 423


1- سجود جمع ساجد وكذا ركوع . سئم من الشئ مل منه .
2- متلفعون ، من تلفعت بالثوب اذا التحقت به.
3- الحزن بالفتح فالسكون المكان الغليظ الخشن كالجبل . والسيخ ما ملح من الأرض.
4- من الماء : صبه من غير تفريق واما الصب المتفرق فهو الشن بالمعجمة . وخلصت أي صارت طينة خالصة . وفي بعض النسخ من النهج حتى خضلت بتقديم الضاد المعجمة على اللام ، أي ابتلت .
5- لاطها أي خلطها وعجنها . ولزبت - بفتح الزاي - أي التصقت و ثبتت .
6- الوصول الفصول باعتبار
7- اصلدها أي جعلها صلبة، والصلد من الحجر الصلب الأملس . وقيل : صلبت حتى تسمح لها صلصلة إذا هبت عليها رياح فلذلك سماء الله الصلصال
8- أي يجعلها في ماربه وأوطاره ، كالخدم الذين يستعملهم في خدمته

وأدوات يقلّبها ، ومعرفة يفرّق بها بين الحق والباطل، والاذواق والمشام والالوان والاجناس، معجونا بطينة الالوان المختلفة، والاشباه المؤتلفة، والاضداد

المتعادية، والاخلاط المتباينة من الحر والبرد والبلة والجمود والمساءة

والسرور، واستأدى الله سبحانه الملائكة وديعته لديهم (1) ، وعهد وصيته إليهم في الاذعان بالسجود له والخشوع لتكرمته، فقال سبحانه: ﴿ أَسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا

إبليس )(2)وقبيله اعترته الحمية ، وغلبت عليه الشقوة وتعزز بخلقة النار واستوهن خلق الصلصال . فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة، واستتماما للبلية

وإنجازا للعدة ، فقال : ( فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) (3)ونقل شيخنا العلامة علیه السلام عن رياض العلماء ان علي بن محمد بن سالم المؤدب الليثي الواسطي صاحب عيون الحكم، له كتاب في اخبار فضائل اهل البيت فرغ منه في سنة 457ه-

قال الجلالي : فراجع الخلاف بين الكتابين عيون الحكمة - بالافراد ، وعيون الحكم بالجمع. ومن المحتمل جداً تعدد الكتاب والمؤلف، وان المجلسي ينقل من الأول دون الثاني، فتأمل.

ونقل المجلسي أيضاً مطلع الخطبة في البحار :75: 176 - 178 ثم قال : ان في مطالب السؤول لابن طلحة مثله بأدنى تغيير. ثم قال : « ايضاح ؛ قد مضى شرح أكثر فقرات هذه الخطبة في كتاب التوحيد ، ونشير هنا الى بعض ما يناسب المقام ، ثم شرحه في المجلد 57 ، الصفحات 178 - 192.

وذكر البغدادي ( ت / 1339 ه-) في ايضاح المكنون ( 2 499) مطلب السؤال

ص: 424


1- أي طلب منها أداءها
2- الأعراف : 11.
3- الحجر : 37 - 38 ، وراجع: بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 74: 300-303

بالافراد - في مناقب الرسول ؛ لابي سالم محمّد بن طلحة بن الحسن بن محمّد

الحفار النصيبي، كمال الدين الشافعي، المتوفى سنة 652 ه-، فراجع.

كما وزّع المجلسي مقاطع من الخطبة في موارد متعددة من كتابه بحار الانوار،

اشرت اليها في دليل البحار، ونستغني عنها.

ص: 425

[ الخطبة الثانية ]

من التعقيبات: رواية أبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري ( ت / 326 - ح ) في كتابه المسترشد ، طبعة المطبعة الحيدرية في النجف (د. ت)، فقد نقل سطراً من المقطع الرابع من هذه الخطبة بزيادة ونصها : وقال علیه السلام أيضا في خطبة أخرى هلك من قارن حسدا ، وقال باطلا ، ووالى على عداوتنا أو شك في ،فضلنا، أنه لا يقاس بنا آل محمّد من هذه الامة أحد، ولا يسوى بنا من جرت نعمتنا عليهم ، نحن أطول الناس أغراسا ، ونحن أفضل النّاس أنفاسا ، ونحن عماد الدين بنا يلحق التالي، وإلينا يفي الغالي، ولنا خصائص حق الولاية، وفينا الوصية والوراثة وحجة الله عليكم في حجة الوداع يوم غدير خم ويذي الحليفة ، وبعده المقام الثالث بأحجار الزيت تلك فرائض ضيعتموها، وحرمات إنتهكتموها ، ولو سلمتم الامر لاهله سلمتم، ولو أبصرتم باب الهدى رشدتم (1) اللّهم إني قد بصّرتهم الحكمة، ودللتهم على طريق الرحمة، وحرصت على توفيقهم بالتنبيه والتذكرة ودللتهم على طريق الجنة بالتبصّر والعدل والتأنيب

ص: 426


1- وفي شرح نهج البلاغة لمحمّد عبده الخطبة الثانية ط القاهرة ص 24 هكذا : لا يقاس بال محمّد من هذه الامة أحد، ولا يسوي بهم من جرت نعمتهم عليهم ..

ليثبت راجع ويقبل، ويتعظ مذكر، فلم يطع لي قول . اللّهم إني أعيد القول ليكون أثبت للحجة عليهم يا أيّها الناس إعرفوا فضل من فضل الله، واختاروا حيث اختار الله ، واعلموا أن الله قد فضلنا أهل البيت علیهم السلام بمنه حيث يقول: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1) فقد طهرنا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن ومن كل دنيّة وكل رجاسة، فنحن على منهاج الحق ومن خالفنا فعلى منهاج الباطل، والله لمن خالفتم أهل بيت نبيكم لتخالفنّ الحق، إنهم لا يدخلونكم في ردى، ولا يخرجونكم من باب هدى ولقد علمتم وعلم المستحفظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني وأهل بيتي علیه مالسلام مطهرون من الفواحش، ولقد قال : : لا تسبقوهم فتضلوا، ولا تخالفوهم فتجهلوا، ولا تخلّفوا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم كبارا، وأحكمكم صغارا، وإتبعوا الحق وأهله حيث كانوا قد والله فرغ من الامر لا يزيد فيمن أحبني رجل منهم ولا ينقص منهم رجل . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: يا علي علیه السلامّ إن الله قد أخذ من شيعتك الميثاق، لايزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم ،رجل، أنت وشيعتك في الجنة. (2) وقال العلامة المجلسي في بحار الأنوار) باسناده عن أمالي الطوسي أبو القاسم بن شبل عن ظفر بن حمدون ، عن إبراهيم بن إسحاق، عن أبي جعفر (3)، عن محمّد بن خالد التميمي عن علي بن أبان ، عن ابن نباتة ، قال : كنت جالسا عند أمير المؤمنين علیه السلام فأتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين علیه السلام إني لأحبك في السر كما أحبك في العلانية . قال : فنكت (4) أمير المؤمنين علیه السلام بعود كان في يده في

الطالبي

ص: 427


1- الاحزاب : 33.
2- المسترشد ؛ لمحمّد بن جرير الطبري : 399
3- في نسخة : عن أبي جعفر البطائني .
4- نكت الأرض بقضيب أو بإصبعه : ضربها به حال التفكر فائر فيها .

الأرض ساعة ثم رفع رأسه فقال : كذبت والله ما أعرف وجهك في الوجوه ولا اسمك في الأسماء، قال الأصبغ فعجبت من ذلك عجبا شديدا، فلم أبرح حتى أتاه رجل آخر فقال : والله يا أمير المؤمنين علیه السلام إني لأحبك في السر كما أحبك في العلانية . قال : فنكت بعوده ذلك في الأرض طويلا ثم رفع رأسه، فقال: صدقت إن طينتنا طينة ،مرحومة ، أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق، فلا يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة». (1) ومن الموافقات : بالاسناد عن المجلسي ( ت / 1111 ه-) في البحار المجلد 77 ،331، طبعة 1386ه-، نقلا من كتاب مطالب السؤول لمحمّد بن طلحة

الشافعي ( ت / 652 ه-) المقاطع الثلاثة الأولى الى قوله علیه السلام: ( وجاهلها مكرم».

ص: 428


1- بحار الأنوار ، للعلامة المجلسي 26: 117

[ الخطبة الثالثة ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج : قال السيّد رحمه الله: ومن خطبة له علیه السلام وهي المعروفة بالشقشقية وأسماها في القاموس الشقشقية العلوية» وغيره بالمقمّصة» وقد رواها عن أمير المؤمنين علیه السلام جمع كثير من أهل العلم بالاخبار والسير التاريخ من الخاصة والعامة، ممن وجدوا قبل عصر الشريف الرضي وقبل مولده ؛ قال الشارح العلامة الفيلسوف الشيخ كمال الدين ميثم في :شرحه: «لقد وجدت هذه الخطبة في موضعين تاريخها قبل مولد الرضي بمدة أحدهما: انها مضمنة كتاب الانصاف؛ لابي جعفر بن ،قبة تلميذ أبي القاسم الكلبي ، أحد شيوخ المعتزلة، وكانت وفاته قبل مولد الرضي. الثاني: وجدتها بنسخة عليها خط الوزير أبي الحسن علي بن محمّد بن الفرات، وكان وزير المقتدر بالله ، وذلك قبل مولد الرضي بنيف وستين سنة ؛ قال : والذي يغلب على ظني أن تلك النسخة كانت كتبت قبل وجود ابن الفرات بمدة ؛ وقال الشارح الفاضل الشيخ عز الدين عبد الحميد في شرحه : لقد وجدت كثيرا هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي، إمام البغداديين من المعتزلة ، وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة؛ ووجدت

من

ص: 429

أيضاً كثيراً منها في كتاب أبي جعفر بن قبة أحد متكلمي الامامية، وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب الانصاف » وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي، ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي رحمه الله موجوداً، ونقل عن الشيخ أبي عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب انه قال: والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة ، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها وأعرف خطوط من هو من العلماء واهل الادب، قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي.

ونقل عن شيخه أبي الخير مصدق بن شبيب الواسطي إنه لما قال لابن الخشاب: أتقول إنها منحولة ؟ فقال : لا والله، أنى لا علم أنّها كلامه علیه السلام كما أعلم

له

أنك مصدق. قال: فقلت له : إن كثيراً من الناس يقولون إنها من كلام الرضي فقال: أنى للرضي ولغير الرضي هذا النفس وهذا الاسلوب، قد وقفنا على رسائل الرضي وعرفنا طريقته وفنّه في الكلام المنشور ، وما يقع مع هذا الكلام في خل ولا خمر. ثم قال : والله لقد وقفت... إلى آخر ما تقدم ذكره، هذا ما ذكره الشارحان وهو مما لا يدع سبيلا لاتهام الشريف بانتحال أو وضع ، وفيه من الدلالة على أنها من كلام أمير المؤمنين علیه السلام ما يقتنع به المنصف مع ما يراه في الخطبة من جزالة الالفاظ، وروعة الاسلوب، وحسن الانسجام، وبديع النظام، والاشمال على محاسن الصنعة، التي لا تجدها في كلام أي خطيب كان غير كلام أمير المؤمنين علیه السلام. ثم ان وصف السيّد لها دون غيرها من سائر خطب الكتاب بالمعروفة بالشقشقية دليلاً على شهرتها ، ومعروفيها بين الناس، وقد ذكرها اللغويون كصاحب النهاية وصاحب القاموس وصاحب مجمع البحرين ورواها العلماء والمحدثون في زبرهم، فمنهم الشيخ الثقة الصدوق، فانه رواها في كتابيه ؛ كتاب علل الشرائع في باب العلة التي من أجلها ترك الناس عليا مع معرفتهم بفضله، بسند معتبر من

ص: 430

رجاله البرقي وابن أبي عمير وأبان بن عثمان وأبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ وكتاب ( معاني الاخبار» في باب معاني خطبة أمير المؤمنين بسند آخر فيه جماعة من الثقات، عن علي بن خزيمة، عن عكرمة، وليس فيها التمثيل بقوله : (شتان ما يومي على كورها...الخ ) وعبارات هذه الخطبة المروية شتى ولكن المعنى واحد ، وقد رواها الشيخ المفيد أستاذ الشريف الرضي في كتابه الارشاد» ، قال : وقد روى جماعة من أهل النقل بطرق مختلفة عن ابن عباس

وقد رويت في كتب جماعة من العلماء كما في الكتب المتقدم ذكرها ، وفي كتاب نثر الدر وعن « نزهة الاديب»، وغيرها ولم يظهر منهم التعويل في نقلها على كتاب النهج، فلابد وأن يكونوا قد نقلوها عن مصادر اخر ، كما ان المصادر لابد

وأن تكون مختلفة، لاختلاف مروياتهم في بعض الالفاظ وبعض الفقرات فلا يبقى اذن مجال للتشكيك في نسبتها الى أمير المؤمنين علیه السلام ولئن تطرّق الريب أو الشك في بعض خطب النهج، فهذه مما لا يتطرق ذلك اليها أصلا. والذي أظنه أن هذه وما اشيهها مما يوجد في النهج هي التي ألجأت جماعة من الناس الى الجحد والانكار لما يترتب على الاعتراف بها من أمور لا يمنكهم دفعها، ولا يمكنهم الالتزام بها، وأما التشكيك فيها فلما اشتملت عليه من القدح

والثلب ، وهو أمر قد جرى بين الصحابة، بل جرى ما هو أعظم من ذلك. ولما فيها من الجهر بالكلام على قوم لهم في نفوس عامة للناس أكبر منزلة وأرفع مرتبة ، هذا كسابقه في الوهن فان الروات لم يذكروا انه ألقاها على جمهور من الناس، فلعله ألقاها على جماعة من أصحابه وخواصه، فانها لم تكن مسبوقة بما تسبق به الخطب من النداء بالصلوة جامعة، والتصدير بالحمد والصلوة، فكان الاجدر أن يقال: من كلام له علیه السلام، وان أمكن تصحيح اطلاق الخطبة عليها . (1) )

ص: 431


1- مدارك نهج البلاغة : 73.

وقال العرشي في التخريج ما نصّه: وروى هذه الخطبة عدة العلماء في

كتبهم منهم :

1 - أبو جعفر أحمد بن خالد البرقي الشيعي المتوفى 274ه- [ 887م ] في كتاب

المحاسن والاداب

- إبراهيم بن محمّد الثقفي الكوفي المتوفى 283ه- [ 896م ] في كتاب الغارات.

3 - أبو علي محمّد بن عبد الوهاب الجبائي البصرى المعتزلي المتوفى 303ه-

[p910_17]

4 - أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي المع- الكعبي البلخي المعتزلي المتوفى

319ه- [ 931م] في كتاب الانصاف. أبو جعفر محمّد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي المتكلم الشيعي تلميذ أبي

القاسم البلخي في كتابه.

6 - أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الشيعي الشهير بالشيخ الصدوق المتوفى 381ه- [ 894م ].

في كتاب علل الشرائع [68]

ومعاني الأخبار ج 1 ص 132]

7 - أبو عبد الله محمّد

بن النعمان الشيعي المعروف بالشيخ المفيد المتوفى

413 ه- [ 1022م ] في كتاب الارشاد [166]

-8- شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسى المتوفى 60 ه- [ 1068م ]

في كتاب الامالي [237]

وروى هؤلاء الشيوخ هذه الخطبة بأسانيدهم الخاصة.

ورواها الشيخ الصدوق في كتابيه بالسندين التاليين:

1 - ( حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمّد بن القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابان بن عثمان ، عن ابان بن

ص: 432

تغلب، عن عكرمة عن ابن عباس (رضي الله عنه) [ علل الشرائع ومعاني الأخبار].

2 - ( حدثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، ثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودى، ثنا أبو عبدالله أحمد بن عمار بن خالد ثني يحيى بن عبد الحميد الحماني ثني عيسى بن راشد عن علي بن خزيمة ، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهم». [معاني الاخبار ] (انتهى)(1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 652 ه- ) في معاني الأخبار، قال: حدثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عمار بن خالد قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا عيسى بن راشد عن علي بن خزيمة، عن عكرمة عن ابن عباس وحدثنا محمّد

. بن علي ماجليويه ، عن عمه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب عن عكرمة، عن ابن عباس ، قال : ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام فقال : والله لقد تقمصها أخو تيم وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عنه السيل ، ولا يرتقي إليه الطير ، فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتني ما بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء، يشيب فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى الله ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجي أرى تراثي نهبا ، حتى إذا مضى الأول لسبيله عقدها لاخي عدي بعده فيا عجبا بينا يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته، فصيّرها والله في حوزة خشناء، یخشن ،مسها، ويغلظ كلمها، ويكثر العثار والاعتذار منها، فصاحبها كراكب

هو

ص: 433


1- راجع : استناد نهج البلاغة

الصعبة إن عنف بها حرن (1) ، وإن سلس بها غسق ، فمني الناس بتلوّن واعتراض وبلوا مع هن وهن فصبرت على طول المدة وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني منهم ، فيا لله لهم وللشورى ، متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت اقرن بهذه النظائر ؟ فمال رجل بضبعه (2)، وأصغى آخر لصهره، وقام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أمية يخضمون مال الله خضم الابل نبتة الربيع، حتى أجهز عليه عمله، فما راعني إلا والناس إليَّ كعرف الضبع ، قد انثالوا عليَّ من كل جانب ، حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطافي ، حتى إذا نهضت بالامر نكثت طائفة وفسقت اخرى ومرق آخرون، كأنهم لم يسمعوا قول الله تبارك وتعالى : ( تِلْك الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوا في الأرْضِ وَلَا فَساداً والْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )(3) بلى والله لقد سمعوا ولكن احلولت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها، والذي فلق الحبة وبرأ لنسمة لولا حضور الناصر وقيام الحجة وما أخذ الله تعالى على العلماء أن لا يقرّوا على كظة ظالم ولا سعب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكاس أولها ولألفيتم دنياكم أزهد عندي من عفطة عنز. :قال وناوله رجل من أهل السواد كتابا فقطع كلامه وتناول الكتاب فقلت: يا أمير المؤمنين علیه السلام لو اطردت مقالتك إلى حيث بلغت ؟ فقال ههیات یا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت. فما أسفت على كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذ لم يبلغ حيث أراد (4)

ص: 434


1- بفتح المهملتين أي وقف.
2- كذا ، وفي النهج والعلل : (الضغنه) أي لحقده وحسده . وهذا اشارة إلى سعد بن أبي وقاص . ولكن يأتي من المؤلف معنى الضبع ، وقال في رواية بضلعه.
3- القصص : 83.
4- معاني الأخبار ؛ للشيخ الصدوق : 360 - 362

وأيضاً : أرويها بالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في علل الشرائع حيث قال: حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن احمد ابن أبي عبد الله البرقي، عن ابيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال: ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب علیه السلام فقال : أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة أخو تيم، وانه ليعلم ان محلّي منها محلّ القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحها، وطفقت ارتئي بين ان أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء، يشيب فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت ان الصبر على هاتا احجى فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق ،شجى أرى تراثي نهبا ، حتى إذا مضى لسبيله فأدلى بها لأخي عدي بعده فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، فصيّرها في حوزة خشناء يخشن مسها ويغلظ كلمها، ويكثر العثار فيها والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة ان عنف بها حرن، وأن أسلس بها غسق فمني الناس بتلوّن واعتراض وبلوا وهو مع هن ،وهن فصبرت على طول المدة وشدة المحنة ، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني منهم، فيا الله وللشورى متى اعترض الريب في مع الاول منهم ، حتى صرت أقرن إلى هذه النظاير ؟ فمال رجل لضغنه واصغى آخر لصهره ، وقام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله

ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الابل نبت الربيع، حتى اجهز عليه، عمله، وكبت به مطيته فما راعني إلا والناس إلى كعرف الضبع قد انثالوا عليَّ من كل جانب حتى لقد وطئ الحسنان، وشقّ عطفاي، حتى إذا نهضت بالامر نكثت طائفة وفسقت اخرى ومرق ،آخرون ، كأنهم لم يسمعوا الله تبارك وتعالى يقول : ( تِلْكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُريدُونَ عُلُوا فى الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً والْعَاقِبَةُ

ص: 435

لِلْمُتَّقِينَ (1)

بلى والله لقد سمعوها ووعوها، لكنهم احلولت الدنيا في اعينهم وراقهم .زبرجها. أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء ألا يقرّوا على كظة ظالم، ولا سعب ،مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها، ولالفيتم دنياكم هذه عندي أزهد من عفطة عنز. :قال وناوله رجل من أهل السواد كتابا فقطع كلامه، وتناول الكتاب، فقلت: يا أمير المؤمنين علیه السلام لو أطردت مقالتك إلى حيث بلغت ؟ فقال : هيهات هيهات يابن ،عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرّت قال ابن عباس : فما أسفت على كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين علیه السلام إذ لم يبلغ به حيث أراد . (2)وأيضاً : أرويها بالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في الارشاد، حيث قال ما نصه : وروى جماعة من أهل النقل من طرق مختلفة، عن ابن عباس قال: كنت عند أمير المؤمنين علیه السلام بالرحبة ، فذكرت الخلافة وتقدّم من تقدم عليه فيها فتنفس الصعداء ثم قال : أم والله ، لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلى الطير ، لكنى سدلت دونها ثوبا ، وطويت دونها كشحا (3)، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جداء (4) ، أو أصبر على طخية (5) عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت الصبر على هاتا ،أحجى ، فصبرت وفي العين قذى، وفى الحلق شجا من أن

ص: 436


1- القصص : 83
2- علل الشرائع للشيخ الصدوق 150:1
3- طوی کشحه على الأمر : إذا أضمره وستره« مجمع البحرين 407:2 کشح».
4- الجذاء : المقطوعة . الصحاح - جذء: 561 .
5- الطخية : الظلمة . لسان العرب - طخا - 5 : 15.

أرى تراثى نهبا ، إلى أن حضره أجله فأدلى بها إلى عمر ، فيا عجبا! بينا هو يستقيلها

في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته. لشدّ ما تشطرا ضرعيها .

شتان ما يومي على كورها ***ويوم حيان أخي جابر (1)

فصيّرها والله في ناحية خشناء، يجفو مسها ، ويغلظ كلمها(2) فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق (3) لها خرق وان أسلس لها عسف (4) ، يكثر فيها العثار ويقل منها الاعتذار فمني الناس - لعمر الله - بخبط وشماس (5)وتلوّن واعتراض، إلى أن حضرته الوفاة فجعلها شورى بين جماعة زعم أني أحدهم. فيا للشورى والله هم، متى اعترض الريب في مع الأولين منهم حتى صرت الآن أقرن بهذه النظائر ، لكني أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا ، صبرا على طول المحنة وانقضاء المدة، فمال رجل لضغنه ، وصغا (6) آخر لصهره ، مع هن ،وهن إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه (7) بين نثيله (8) ومعتلفه (9)، وأسرع معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الابل نبتة الربيع، إلى أن نزت به بطنته وأجهز عليه عمله، فما راعني من الناس إلا وهم رسل إلي كعرف الضبع يسألونني أن أبايعهم، وانثالوا علي حتى لقد وطىء الحسنان وشق عطفاي، فلما نهضت بالامر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط

ص: 437


1- البیت للاعشی الکبیر دیوانه:96.،اعشی قیس-و هو ابو بصیر میمون بن قیس بن جندل.
2- الكلم الجرح الصحاح كلم 5: 2023.
3- اشنق الراكب دابته : إذا كفها بالزمام وهو راكب الصحاح - شنق 1504:4 .
4- عسف : أي أخذ على غير الطريق الصحاح - عسف - 1403:4.
5- شمس الفرس : منع ظهره الصحاح - شمس - 4: 940 .
6- صغا : مال . «الصحاح - صفا - 2401:6 .
7- نافجا حضنيه : كناية عن التكبر والخيلاء . لسان العرب - تفج - 2 : 381.
8- النثيل : الروث . الصحاح - نثل - 5 : 1825 .
9- المعتلف : مكان العلف.

آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله تعالى يقول: ﴿ تلك الدّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُريدُونَ عُلُوا في الأرْضِ وَلَا فَسَاداً والْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (1) بلى والله لقد سمعوها ووعوها، ولكن حليت دنياهم في أعينهم وراقهم زبرجها، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لولا حضور الناصر ، ولزوم الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على أولياء الأمر ألا يقروا على كظة ظالم أو سغب مظلوم ، لالقيت حبلها على غاربها،

ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ، ولألفوا دنياهم أزهد عندي من عفطة عنز. :قال وقام إليه رجل من أهل السواد فناوله كتابا ، فقطع كلامه قال ابن عباس: فما أسفت على شيء ولا تفجعت كتفجعي على ما فاتني من كلام أمير

المؤمنين علیه السلام، فلما فرغ من قراءة الكتاب :قلت يا أمير المؤمنين ، لو اطردت

مقالتك من حيث انتهيت إليها ؟ قال : هیهات هیهات یا ابن عباس ، كانت شقشقة

هدرت ثم قرت(2)

وأيضاً بالاسناد عن الشيخ أبي علي محمد بن الحسن الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي قال: أخبرنا الحفار ، قال : حدثنا أبو القاسم الدعبلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أخي دعبل ، قال : حدثنا محمّد بن سلامة الشامي، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر محمّد بن علي ، عن ابن عباس، وعن محمّد، عن أبيه، عن جده ، قال : ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال: والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلّي منها محل القطب من الرحا، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلى الطير، ولكني سدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وقد طفقنا عنها برهة بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يرضع فيها الصغير ويدب فيها الكبير . فرأيت الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت

ص: 438


1- القصص : 83.
2- الارشاد ؛ للشيخ المفيد 1 : 278 - 290

وفي العين ،قذى وفي الحلق شجا، بين أن أرى تراث محمّد صلی الله علیه و آله وسلم نهبا . إلى أن حضرته الوفاة فأدلى بها إلى عمر ، فيا عجبا ! بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عهد بها وعقدها لآخر بعد وفاته لشد ما شاطرا ضرعيها ، ثم تمثل :

شتان ما يومي على*** كورها ويوم حيان أخي جابر

فعقدها - والله - والله - في ناحية خشناء، يخشن مسها ويغلظ كلمها، ويكثر العثار

- والاعتذار فيها صاحبها منها كراكب الصعبة، إن أشنق لها ،خرم، وإن أسلس لها

، عسفت به فمني الناس - لعمر الله - بخباط وشماس وتلوّن ،واعتراس، إلى أن مضى ،لسبیله، فجعلها شورى بين ستة زعم أني أحدهم، فيا للشورى والله متى اعترض الريب في مع الأولين فأنا الآن أقرن إلى هذه النظائرا ولكنى أسففت مع القوم حيث أسفوا، وطرت مع القوم حيث طاروا ، صبرا لطول المحنة وانقضاء المدة، فمال رجل لضغنه وأصغى آخر إلى صهره مع هن وهن إلى أن قام الثالث نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه منها ، وأسرع معه بنو أبيه في مال الله يخضمونه خضم الإبل نبتة الربيع، حتى انتكنت به بطانته ، وأجهز عليه عمله . فما راعني من الناس إلا وهم رسل كعرف الضبع، يسألوني أن أبايعهم وأبى ذلك، وانثالوا علي حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطافي، فلما نهضت بها وبالأمر فيها نكثت طائفة، ومرقت طائفة ، وقسط آخرون ، كأنهم لم يسمعوا الله يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُريدُونَ عُلُوا في الأرْضِ وَلَا فَساداً والْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (1) بلى والله لقد سمعوها، ولكن راقتهم دنياهم وأعجبهم زبرجها. أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لولا حضور الناصر، ولزوم الحجة وما أخذ الله من أولياء الأمر من أن لا يقاروا على كظة ظالم وسعب ،مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت

ص: 439


1- القصص : 83.

آخرها بكاس أولها ، ولألفوا دنياهم أزهد عندي من عفطة عنز.

فناوله رجل من أهل السواد كتابا فانقطع كلامه، فما أسفت على شي كأسفي على ما فات من كلامه ، فلما فرغ من قراءته ، قلت له: يا أمير المؤمنين ، لو اطردت من حيث أفضيت إليه منها ؟ فقال : هيهات يابن عباس، تلك شقشقة

مقالتك من

هدرت ثم قرت (1)

ومن الموافقات ما قاله ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) في شرح نهج البلاغة نصاً : « وأما قول ابن عباس : ما أسفت على كلام ... إلى آخره، فحدثني شيخي أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي (2)في سنة ثلاث وستمائة، قال: قرأت على الشيخ أبي محمّد عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب (ت / 568ه- )هذه الخطبة ، فلما انتهيت إلى هذا الموضع ، قال لي: لو سمعت ابن عباس يقول هذا لقلت له وهل بقي في نفس ابن عمك أمر لم يبلغه في هذه الخطبة لتتأسف ألا يكون بلغ من كلامه ما أرادا والله ما رجع عن الاولين ولا عن الآخرين ولا بقي في نفسه أحد لم يذكره إلا رسول الله .

قال مصدق وكان ابن الخشاب صاحب دعابة وهزل قال فقلت له : أتقول

أنها منحولة ! فقال : لا والله، وإني لاعلم أنها كلامه، كما أعلم أنك مصدق .

قال: فقلت له : إن كثيرا من الناس يقولون إنها من كلام الرضي . فقال : أنّى للرضي ولغير الرضي هذا النفس وهذا الاسلوب قد وقفنا على رسائل الرضي ، وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنشور ، وما يقع مع هذا الكلام في

ص: 440


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 372 - 374
2- مصدق بن شبيب بن الحسين الصلحي الواسطي ، ذكره القفطي في إنباء الرواة (274) : وقال : إنه قدم بغداد ، وقرأ بها على ابن الخشاب وحيشي بن محمّد الضرير ، وعبد الرحمن بن الانباري وغيرهم، وتوفي ببغداد سنة 605

خل ولا خمر. ثم قال : والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة ، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها، وأعرف خطوط من هو من العلماء وأهل الادب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي. قلت : وقد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي (1)إمام البغداديين من المعتزلة، وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة. ووجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبي جعفر بن قبة أحد متكلمي الأمامية (2)وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب «الانصاف». وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي ، ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي رحمه الله تعالى موجودا (3)

ص: 441


1- أبو القاسم البلخي ، ذكره ابن النديم وقال : كان من أهل بلخ، يطوف البلاد ويجول الأرض حسن المعرفة عبد الله بن أحمد بالفلسفة والعلوم القديمة ورأيت بخطه شيئا كثيرا في علوم كثيرة مسودات و دساتير ، يخرج منها إلى الناس کتاب تام .. الفهرست : 299 وأبن خلكان (1 : 252)
2- هو أبو جعفر بن قبة من متكلمي الشيعة وحذاقهم ، وله من الكتب كتاب الانصاف في الامامة ، الفهرست : 176
3- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد 1 206 205

[ الخطبة الرابعة ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله صلی الله علیه و آله وسلم: بنا اهتديتم الظلماء» رواه الشيخ المفيد في الارشاد مع اختلاف يسير وقال الشارح

العلامة : روى ان هذه الخطبة خطبها اميرالمؤمنين بعد قتل طلحة والزبير .(1)

وقال العرشي : أوردها الشيخ المفيد في الارشاد [147](2)

قال الجلالي : قد صرّح المفيد ( ت / 413 ه-) ان تاريخ ذلك بعد حرب البصرة فيكون حوالي عام 36ه- ، فبالاسناد عن الشيخ المفيد في الارشاد و من كلامه له صلی الله علیه و آله وسلم حين قتل طلحة وانفض أهل البصرة: بنا تستمتم الشرفاء، وبنا انفجرتم عن السرار (3)، وبنا اهتديتم في الظلماء ؟ وقر سمع لم يفقه الواعية ، كيف يراع للنبأة أصمّته الصيحة، ربط جنان لم يفارقة ،الخفقان، ما زلت أتوقع بكم عواقب الغدر ، وأتوسمكم بحلية المغترين سترني عنكم جلباب ،الدين وبصرنيكم صدق النية، أقمت لكم الحق حيث تعرفون ولا دليل، وتحتفرون ولا تميهون.

ص: 442


1- مدارك نهج البلاغة : 73
2- استناد نهج البلاغة : 5
3- السرار : الليلة التي يستر فيها القمر لسان العرب - سرسر - 4:357

اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان ، عزب فهم امرئ

امرئ تخلّف عني ، ما شككت في الحق منذ رأيته ، كان بنو يعقوب على المحجة العظمى حتى عقوا أباهم وباعوا

أخاهم، وبعد الاقرار كانت توبتهم، وباستغفار أبيهم وأخيهم غفر لهم.(1) ولولا الزيادة في رواية المفيد بعد قوله: «ما شككت في الحق مذ أريته والنقيصة من قوله : «بل اشفق عليها من غلبة الجهال... الى اخره لكان الغالب على الظن ان رواية المفيد هي المصدر للرضي، ولكن الزيادة والنقيصة المذكورة وتصريح ابن أبي الحديد بأنها طويلة وشهيرة تؤكد ان مصدره غير

ذلك ، والله العالم.

ومن الموافقات :

ما قاله ابن أبي الحديد ( ت / 656ه-) في شرح نهج البلاغة هذه الكلمات والامثال ملتقطة من خطبة طويلة ، منسوبة إليه صلی الله علیه و آله وسلم، قد زاد فيها قوم أشياء حملتهم

يه عليها أهواؤهم، لا توافق ألفاظها طريقته صلی الله علیه و آله وسلم في الخطب، ولا تناسب فصاحتها فصاحته، ولا حاجة إلى ذكرها، فهي شهيرة. ونحن نشرح هذه الالفاظ، لانها كلامه ، لا يشك في ذلك من له ذوق ونقد ومعرفة بمذاهب الخطباء والفصحاء في خطبهم ورسائلهم ولان الرواية لها كثيرة، ولان الرضي رحمه الله تعالى عليه قد التقطها ونسبها إليه صلی الله علیه و آله وسلم، وصححها وحذف ما عداها . (2)

ص: 443


1- الارشاد للشيخ المفيد 253:1
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 208

[ الخطبة الخامسة ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج : قوله علیه السلام: « ايها الناس

شقوا أمواج » رواها في تذكرة الخواص، ورواها غيره. (1)

وقال العرشي في التخريج ما نصه: «نقل إبراهيم بن محمّد البيهقي من هذه الخطبة في كتاب المحاسن والمساوي ج 2 ص 139] ما يلي : ( وإن أسكت 139]

يقولوا جزع من الموت هيهات بعد اللتيا والتي ؟ ، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه ) . انتهى (2) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه عن سبط ابن الجوزي شمس

: الدين ( ت / 154 ه- ) هذه الخطبة مبدوّاً بقوله : وبه يعني بالاسناد في الخطبة التي سبقت في مدح رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وفيما يلي اسنادها : أخبرنا عبد الله بن أبي

له المجد الحربي، أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك، أنبأنا الفتح احمد الحداد، أنبأنا أبو بكر بن احمد بن علي بن ابراهيم بن منحويه ، أنبأنا محمّد بن احمد ابن ،اسحاق، أنبأنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا

ص: 444


1- مدارك نهج البلاغة .73.
2- استناد نهج البلاغة .

عباد ابن الحبيب بن المهلب بن أبي صفرة ، عن مجالد، عن سعيد بن عمير، قال: خطب أمير المؤمنين علیه السلام يوماً فقال: الحمد لله داحي المدحوات وداعم المسموكات ، وجابل القلوب الى اخر الخطبة [ثم قال سبط ابن الجوزي ايضاً

مانصه ] وبه قال مجالد، حدثني عكرمة عن ابن عباس قال: لما دفن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم جلاء العباس وأبو سفيان بن حرب وجماعة من بني هاشم الى علي فقالوا : مد يدك نبايعك، وحرّضوه، فامتنع ، وقال له العباس: أنت والله بعد أيام عبد العصا، فخطب وقال : أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، فقد أفلح من نهض بجناح واستسلم فارتاح ، ماء آجن ولقمة يغص بها آكلها ، اجدر بالعاقل من لقمة تحشى بزنبور، ومن شربة يلذ بها شاربها مع ترك النظر في عواقب الأمور، فان اقل تقولوا حرص على الملك، وان اسكت تقولوا: جزع من الموت هيهات هيهات

: بعد اللتيا ،والتي والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه، ومن الرجل بأخيه وعمه. وفي رواية : لقد اندمجت على علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الارشية

في الطوى البعيدة، وذكر كلاماً كثيراً.

اللتيا والتي... يفتح اللام والتشديد تصغير التي قال الراجز : بعد اللتيا والتي. والاجن: المتغير؛ والارشية جمع رشاء بالمد، وهو الحبل والطوى

البئر المطوية.(1)

ص: 445


1- تذكرة الخواص : 121 ، ط / 1401ه-.

[ الخطبة السادسة ]

قال العرشي في التخريج ما نصه : « والجملة قد وردت في غريب الحديث أبي عبيد القاسم بن سلام الهروي البغدادي [196 ألف ] بتغيير يسير، ونصه : « والله لا أكون مثل الضبع تسمع اللدم حتى تخرج فتصاد . ورواها الطبرى في تاريخه [ ج 5 ص 171] وشيخ الطائفة في الأمالي [33]

بتفاصيلها ولكن بتغيير في الألفاظ (انتهى) (1).

أ

قال الجلالي : وروى البلاذري ( ت / 279 ه-) في انساب الاشراف، ما لفظه حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا ابونعيم، حدثنا محمد بن أبي أيوب عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب ان الحسن بن علي قال لعلي: يا أمير المؤمنين إني لا أستطيع أن أكلمك وبكى ، فقال علي: تكلم ولا تحن حنين المرأة. فقال : إن الناس حصروا عثمان فأمرتك أن تعتزلهم وتلحق بمكة حتى تؤوب إلى العرب عوازب أحلامها ، فأبيت ، ثم قتله الناس فأمرتك أن تعتزل الناس فلو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الإبل حتى يستخرجوك؛ فغلبتني ، وأنا

ص: 446


1- راجع استناد نهج البلاغة.

آمرك اليوم أن لا تقدم العراق ؛ فإني أخاف عليك أن تقتل بمضيعة !! فقال علي : أما قولك: تأتي مكة ، فوالله ما كنت لأكون الرجل الذي تستحل به مكة و أما

قولك : ] اعتزل [ الناس ولا تقدم ] العراق، فو الله لا أكون مثل الضبع أنتظر اللدم .(1)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي قال ما لفظه أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: أخبرني أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا أبو عاصم، ع-ن ق-ي-س ب-ن ،مسلم قال سمعت طارق بن شهاب يقول : لما نزل علي بالربذة سألت عن قدومه إليها، فقيل : خالف عليه طلحة والزبير وعائشة وصاروا إلى البصرة فخرج يريدهم. فصرت إليه، فجلست حتى صلى الظهر والعصر، فلما فرغ من صلاته قام إليه ابنه الحسن بن علي فجلس بين يديه، ثم بكى، وقال: يا أمير المؤمنين علیه السلام، إني لا استطيع أن أكلمك وبكى . فقال له أمير المؤمنين علیه السلام: لا تبك يا بني، وتكلم ولا تحن حنين الجارية. فقال : يا أمير المؤمنين علیه السلام، إن القوم حصروا

، عثمان يطلبونه بما يطلبونه، إما ظالمون أو مظلومون، فسألتك أن تعتزل الناس وتلحق بمكة حتى تؤوب العرب وتعود إليها أحلامها، وتأتيك وفودها، فوالله لو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الابل حتى تستخرجك منه، ثم خالفك طلحة والزبير فسألتك أن لا تتبعهما وتدعهما، فإن اجتمعت الامة فذاك، وإن اختلفت رضيت بما قضى الله ، وأنا اليوم أسألك ألا تقدم العراق ، وأذكرك بالله أن لا تقتل بمضيعة . فقال أمير المؤمنين علیه السلام: أما قولك: إن عثمان حصر ؟ فما ذاك وما عليّ منه ، وقد كنت بمعزل عن حصره ؟ وأما قولك انت مكة، فوالله ما كنت لاكون الرجل الذي تستحل به مكة ، وأما قولك: اعتزل العراق ودع طلحة والزبير ؟

ص: 447


1- انساب الأشراف 3: 316

فوالله ما كنت لأكون كالضبع تنتظر حتى يدخل عليها طالبها، فيضع الحبل في رجلها حتى يقطع عرقوبها (1)، ثم يخرجها فيمزقها إربا إربا، ولكن أباك يا بني يضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه، وبالسامع المطيع العاصي المخالف أبدا حتى يأتي علي يومي ، فوالله ما زال أبوك مدفوعا عن حقه مستأثرا عليه منذ قبض الله نبيه حتى يوم الناس هذا .

فكان طارق بن شهاب أي وقت حدث بهذا الحديث بكى . (2)

ونقل محمّد بن جرير بن رستم الطبري ( ت / 326 - ح ) في المسترشد خطبة طويلة مذيلة ببعض هذا الكلام ونصها قد إستكبر أقوام في زمن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلموأضمروا لعلي الغل المدفون، ومن بعده ما قعدوا للثقل الاكبر بالمرصد، حتى أدخلوا فيه الالحاد وقعدوا للثقل الاصغر ،بالاضطهاد، ولقد أسروا في رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بالنجوى وصدق فيه بعضهم بعضا، وتعارضوا عليه الحسد من عند أنفسهم. والله لقد إرتد بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أقوام إرتدوا على الاعقاب وغالتهم السبل ، وإتكلوا على الولائج (3)، وهجروا السبب الذي أمروا بمودته، أصابوا بالأمر غير أهله، ونقلوا البناء من غروس أساسه وبنوه في غير موضعه (4) . فتلك لعمري أكبر الكبائر،

ص: 448


1- العرقوب من الدابة : ما يكون في رجلها بمنزلة الركبة في يدها .
2- الأمالي للشيخ الطوسي
3- الولائج جمع وليجة ، ما يتخذها الانسان لنفسه. وإلى هنا ذكر الشريف الرضي بعض جملاته في نهج البلاغة ، في الخطبة 148، وسيأتيك بعد قليل.
4- إلى هنا ذكر الشريف الرضي بعض جملاته في نهج البلاغة في الخطبة (148) . وقال العلامة المعاصر السيّد عبد الزهرة الخطيب في مصادر نهج البلاغة وأسانيده ج 2 بعد نقل الخطبة : روى الطبري في المستر شد » ، ص 74 ، فقرات من أواخر هذه الخطبة باختلاف في بعض الالفاظ ، ويظهر من رواية الطبري أن هذه الخطبة طويلة، لأنه جاء في بعض روايته فصول لم يروه الرضي، ولانه قال : في أول روايته لما رواه : وقال 7 أيضا في خطبته ... وفي

فتحوا على أنفسهم باب البلاء، وأغلقوا باب العافية، وتركوا الرخاء، واختاروا البلاء ، فصاروا في غمرة تغشي أبصار الناظرين وريب بنته لها عقول الطامعين، منها يشعث البنيان وإتبعوا ملة من شك وظلم وحسد، وركن إلى الدنيا، وهو القائل لاشباهه في الاسلام مضاهيا للسامري في قوله مقتديا به في أفعاله، جاهلا لحق القرابة مستكبرا عن الحق، ملقيا بيديه إلى التهلكة بعد البيان من الله عزوجل، والحجج التي تتلو بعضها بعضا، معتديا على القرابة كما اعتدى في السبت أهله . ألا وإن لكل دم ثائر وإن الثائر يريد دمائنا ، والحاكم في حق ذي القربى واليتامي والمساكين وأبناء السبيل الله الذي لا يفوته مطلوب يؤثر حذو النعل بالنعل ، مأكلا بمأكل ومشربا بمشرب، أمر من طعم العلقم، وكلّما هو آت قريب، وبحسبكم ما

تزودتم ، وحملتم على ظهوركم من مطايا الخطايا، مع الذين ظلموا . ثم أقبل علیه السلامعلى الحسن علیه السلام، فقال : يا بني ما زال أبوك مدفوعا عن حقه، مستأثرا عليه منذ قبض رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حتى يوم الناس هذا ، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ )(1)شرح نهج البلاغة لمحمّد عبده في ذيل خطبة 148 ، ج 2 ص 46 ط مصر هكذا حتى إذا قبض الله رسوله رجع قوم على الاعقاب، وغالتهم السبل وإتكلوا على الولائج ووصلوا غير الرحم وهجروا السبب الذي أمروا بمودته ونقلوا البناء عن رص أساسه، فينوه في غير موضعه .(2) (3) (4)

ويظهر من هذه الرواية ان كلامه العام كان موجّهاً الى العامة، ثم خص ابنه

الحسن بهذا الذيل

ص: 449


1-
2- شرح نهج البلاغة لمحمّد عبده في ذيل خطبة 148 ، ج 2 ص 46 ط مصر هكذا حتى إذا قبض الله رسوله رجع قوم على الاعقاب، وغالتهم السبل وإتكلوا على الولائج ووصلوا غير الرحم وهجروا السبب الذي أمروا بمودته ونقلوا البناء عن رص أساسه، فينوه في غير موضعه .
3- الشُّعراء : 227
4- المسترشد ؛ لمحمّد بن جرير الطبري: 401.

[ الخطبة الثامنة ]

من التعقيبات ما ارويها بالاسناد الى الشيخ المفيد (ت / 413 ه-) خطبة للحسن علیه السلام بن علي يتضمّن جملاً منها وان امر الوالد ابنه الحسن بالخطبة في الموضوع يكشف عن وحدة الاسلوب والهدف من الخطابة الحجة على الخصم وقد تخرج الابن على أبيه فاستخدم نصوص وكلمات في رد الخصم ولمعرفة الوالد بهذه الحقيقة أمره بالخطبة شهادة على تخرجه من مدرسته فهذه الرواية تؤيد رواية الرضي رحمه الله.

قال الشيخ المفيد في الجمل ما نصه: فبلغ ذلك أمير المؤمنين علیه السلام وقال : لولده الحسن قم يا بني فاخطب، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال : أيّها الناس قد بلغتنا مقالة ابن الزبير، وقد كان والله يتجنى على عثمان الذنوب وقد ضيّق عليه البلاد حتى قتل وان طلحة راكز رايته على بيت ماله وهو حي ، وأما قوله ان عليا ابتز الناس ،امرهم، فان اعظم حجة لابيه زعم انه بايعه بيده ولم يبايعه بقلبه، فقد أقر بالبيعة وادعى الوليجة ، فليأتي على ما ادعاه ببرهان ، وأنى له ذلك. وأما تعجبه من تورد أهل الكوفة على اهل البصرة فما عجبه من اهل حق توردوا على اهل ،باطل ولعمري والله ليعلمن اهل البصرة وميعاد ما بيننا وبينهم اليوم نحاكمهم

ص: 450

إلى الله تعالى فيقضي الله الحق وهو خير الفاصلين.

فلما فرغ الحسن علیه السلام من كلامه قام رجل يقال له عمر بن محمود وانشد شعرا

يمدح الحسن (1)

ص: 451


1- الجمل ؛ للشيخ المفيد : 175.

[ الخطبة التاسعة ]

قال الجلالي: أرويها بالاسناد عن الشيخ المفيد (ت / 413 ه-) قال ما نصه: وبلغ أمير المؤمنين علیه السلام الغط القوم واجتماعهم على حربه. فقام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ثم قال أيها الناس ان طلحة والزبير قدما

: البصرة وقد اجتمع أهلها على طاعة الله وبيعتي، فدعواهم إلى معصية الله تعالى وخلافي، فمن أطاعهما منهم فتنوه ومن عصاهما قتلوه، وقد كان من قتلهما حكيم بن جبلة ما بلغكم وقتلهم السبابجة، وفعلهما بعثمان بن حنيف ما لم مسالم يخف عليكم ، وقد كشفوا الآن القناع واذنوا بالحرب، وقام طلحة بالشتم والقدح في أديانكم، وقد أرعد وصاحبه ،وأبرقا، وهذان أمران معهما الفشل، ولسنا نريد منكم ان تلقوهم ليظنوا ما في نفوسكم عليهم ، ولا ترون ما في انفسكم لنا، ولسنا نرعد حتى نوقع ولا نسيل حتى نمطر، وقد خرجوا من هدى إلى ضلال ودعوناكم إلى الرضا ودعونا إلى السخط ، فحلّ لنا ولكم ردهم إلى الحق والقتال وحل لهم بقصاصهم القتل ، وقد - والله مشوا اليكم ضرارا وأذاقوكم أمس من الجمر، فإذا لقيتم القوم غدا فاعذروا في الدعاء وأحسنوا في التقية، واستعينوا بالله

واصبروا ان الله

مع الصابرين.

ص: 452

فقام إليه حكيم بن مناف حتى وقف بين يديه، وقال:

أبا حسن أيقظت من كان نائما*** وماكل من يدعى إلى الحق يسمع

وما كل من يعطي الرضا يقبل الرضا*** وما كان من أعطيته الحق يقنع

وأنت امرء أعطيت من كل وجهة ***محاسنها والله يعطي ويمنع

وم--ا م--نك بالامر المؤلم غلطة*** وما فيك للمرء المخالف مطمع

وان رجالا يا يعوك وخالفوا*** هداك واجروا في الضلال فضيعوا

لاهل لتجريد الصوارم فيهم*** العوالي والقنا تتزعزع

فاني لارجو ان تدور عليهم ***رحى الموت حتى يسكنوا ويصرعوا

وطلحة فيها والزبير قرينه*** وليس لما لا يدفع الله مدفع

فان يمضيا فالحرب أضيق حلقة*** وأن يرجعا عن تلك فالسلم أوسع

ابایعوه كارهين لبيعة ***وما بسطت منهم إلى الكره أصبع

ولا بطيا عنها فراقا ولا بدا ***لهم احدبعد الذين تجمعوا

على نقضها ممن له شد عقدها ***فقصر اهما منه أصابع أربع

خروج بام المؤمنين وغدرهم*** وعيب على من كان في القلب اشجع

وذكرهم قتل ابن عفان خدعة*** وهم قتلوه والمخادع يخدع

فعود على نبعة هاشمية ***وعودهما فيما هما فيه خروع (1)

ص: 453


1- الجمل ؛ للشيخ المفيد : 175 - 178.

[ الخطبة العاشرة ]

قال العرشي في التخريج: « نقلها المفيد في الارشاد (146) والخطبة نفسها ذكرت تحت رقمي (21) و (123) ولكن بتغيير غير قليل في اللفظ» (انتهى )(1)قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن الشيخ الكليني (ت / (328ه-) في الكافي قال ما نصه : علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن محبوب رفعه أن أمير المؤمنين علیه السلام خطب يوم الجمل فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إني أتيت هؤلاء القوم ودعوتهم واحتججت عليهم، فدعوني إلى أن أصبر للجلاد وأبرز للطعان (2) فلامهم الهبل ، وقد كنت وما اهدد بالحرب ولا ارهب بالضرب، أنصف القارة من راماها (3) فلغيري فليبرقوا ولير عدوا (4)فأنا أبو الحسن الذي فللت حدّهم وفرقت جماعتهم وبذلك القلب ألقى عدوّي وأنا على ما وعدني

ص: 454


1- راجع استناد نهج البلاغة.
2- الجلاد والطعان : المسايفة والمقاتلة ، والهبل : فقدان الحبيب أو الولد ، يقال : هبلته أمه وثكلته أي فقدته . (الوافي).
3- في النهاية : القارة : قبيلة من بنى الهرم من خزيمة ، سموا قارة لاجتماعهم واتفاقهم، وهم يوصفون بحسن الرمي ، وفي المثل انصف القارة من راماها .
4- الابراق والارعاد : التهديد والفل : الكسر.

ربي من النصر والتأييد والظفر، وإني لعلى يقين من ربي وغير شبهة من أمري أيها الناس إن الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص ، ومن لم يمت يقتل، وإن أفضل الموت القتل، والذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليَّ من ميتة على فراش واعجبا لطلحة ألب الناس على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقته بيمينه طائعا ثم نكث بيعتي، بيعتي ، اللهم ولا تمهله، وأن الزبير نكث بيعتي وقطع رحمي وظاهر علي عدوّي فاكفنيه اليوم بما ششت(1) .

خذه

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في الأمالي قال ما نصه : أخبرنا

محمّد بن محمّد محمّد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد الكاتب قال: حدثنا

الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال : حدثنا عبيد الله بن إسحاق الضبي ، عن حمزة بن نصر، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي، قال: لما رجعت رسل أمير المؤمنين علیه السلام من عند طلحة والزبير وعائشة ، يؤذنونه بالحرب، قام فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على محمّد وآله ، ثم قال: يا أيّها الناس، إني قد راقبت هؤلاء القوم كيما يرعووا (2)أو يرجعوا، وقد وبحتهم بنكثهم وعرفتهم بغيهم، فليسوا يستجيبون، ألا وقد بعثوا إلي : أن ابرز للطعان ، واصبر للجلاد ، فإنما منتك نفسك من أبنائنا الاباطيل . هبلتهم الهبول (3) ، قد كنت وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب، وأنا على ما وعدني ربي من النصر والتأييد والظفر، وإنّي لعلى يقين من ربي وفي غير شبهة من أمري. أيها الناس، إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص ، من لم يمت يقتل

ص: 455


1- الكافي للشيخ الكليني 5: 5453
2- أي يكفوا .
3- هبلتهم : ثكلتهم ، والهبول : المرأة الشكول.

أفضل الموت القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده لالف ضربة بالسيف أهون عليَّ من موت على فراش با عجبا الطلحة، ألب على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقة يمينه طائعا، ثم نكث بيعتي، وطفق ينعى ابن عفان ظالما، وجاء يطلبني - يزعم - بدمه ، والله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث : لئن كان ابن عفان ظالما ، كما كان يزعم حين حصره وألب عليه، إنه لينبغي أن يؤازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه. وإن كان في تلك الحال مظلوما، إنه لينبغي أن يكون معه. وإن كان في شك من الخصلتين ، لقد كان ينبغي أن يعتزله ويلزم بيته ويدع الناس جانبا. فما فعل من هذه الخصال واحدة، وها هو ذا قد أعطاني صفقة يمينه غير مرّة ثم

نكث بيعته ، اللهم فخذه ولا تمهله (1)

ص: 456


1- الأماني ؛ للشيخ الطوسي : 169 - 170. وراجع الخطبة 22.

[ الخطبة (11)]

ليس للعرشي تخريج في هذا الموضع. وقال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن المنقري (ت / 212ه-) في خطبة عامة في ثلاثة مواطن قال مانصه : نصر ، عن عمر بن سعد، عن إسماعيل بن

يزيد يعني ابن أبي خالد (1) عن أبي صادق عن الحضر مي قال: سمعت عليا

حرّض في الناس في ثلاثة مواطن في يوم الجمل، ويوم صفين، ويوم النهروان، فقال:

عباد الله اتقوا الله عز وجل، وغضوا الأبصار، واخفضوا الأصوات وأقلوا الكلام ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمجاولة والمبارزة والمعانقة والمكادمة (2) ، واثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، ﴿ وَلَاتَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَأَصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) اللّهم ألهمهم الصبر، وأنزل عليهم النصر ، وأعظم لهم الأجر (3)

ص: 457


1- إسماعيل بن أبي خالد أبو عبد الله، أحد التابعين ، رأى سعيد من رأى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، منهم أنس بن مالك . توفى بالكوفة سنة 146 أنظر المعارف 211 وتهذيب التهذيب . المكادمة : مفاعلة من الكدم، وهو العض، والتأثير بالحديد، وهذا هو الأقرب . وفي اللسان : (رجل مكدم : إذا لقى قتالا فأثرت فيه الجراح). وفي الأصل (المكارمة) بالراء ، صوابه في الطبري (6:6).
2- الأنفال : 46
3- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 204 .

[ الخطبة (12)]

قال العرشي في التخريج ما نصه : ( واورد البرقي في كتاب المحاسن والآداب

( الورق 105 الف ) بكلمات في اللفظ متقاربة في المعنى». (انتهى )(1) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فميا ارويه بالاسناد عن أبي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ( ت / 374 - ح ) في المحاسن عن محمّد بن الحسن بن 1- ح) شمون البصري، عن عبد الله بن عمرو بن الاشعث، عن عبد الله بن حماد الانصاري، عن الصباح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة عن الحكم بن عيينة قال : لما قتل أمير المؤمنين علیه السلام الخوارج يوم النهروان قام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين علیه السلام طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف وقتلنا معك هؤلاء الخوارج، فقال أمير المؤمنين علیه السلام والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد شهدنا في هذا الموقف أناس لم يخلق الله آبائهم ولا أجدادهم بعد، فقال الرجل : وكيف شهدنا قوم لم يخلقوا ؟ قال بلى قوم يكونون في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه وهم يسلمون لنا، فأولئك شركاؤنا فيما كنا فيه حقا حقا. (2)

ص: 458


1- راجع : استناد نهج البلاغة.
2- المحاسن ؛ لأحمد بن محمّد بن خالد البرقي 1: 262.

قال الهادى كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج : قال : ( ومن كلام له في ذم أهل البصرة ذكر جملا من هذا الكلام في كتاب مروج الذهب، وذكر انها من خطبة طويلة، ذكرها أيضا في كتاب الاخبار الطوال مع اختلاف في بعض الفقرات، وروى في كتاب الاحتجاج عن ابن عباس انه قال : لما فرغ علي من قتال أهل البصرة وضع قتباً على قتب ثم صعد عليه، فخطب فحمد الله وأثنى عليه ؛ وقال : يا أهل البصرة ... الى اخره ، وفيه بعض الفقرات المذكورة، ورواها في العقد الفريد عن عكرمة ، عن ابن عباس (1)قال العرشي في التخريج ما نصّبه : رواه ابن قتيبة في عيون الأخبار ج 1 ص 216] وأبو عمر وأحمد بن محمّد بن عبد ربه الاندلسي المتوفى 328ه- [ 940] العقد الفريد ج 2 ص 169 ، 282] وأبو علي الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي الشهير بابن شيخ الطائفة في أماليه [78] والشيخ المفيد في كتاب الجمل [203 و 210] ». (انتهى ) (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ المفيد(ت / 314 ه- ) في الجمل، قال: وروى نصر بن عمر بن سعد، عن أبي خالد، عن عبد الله بن عاصم، عن محمّد بن بشير الهمداني ، عن الحرث بن سريع :قال لما ظهر امير المؤمنين على أهل البصرة وقسم ما حواه العسكر، قام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله وقال : أيها الناس ، ان الله عز وجل ذو رحمة واسعة، ومغفرة دائمة لاهل طاعته، وقضى ان نقمته وعقابه على أهل ،معصيته يا أهل البصرة يا أهل المؤتفكة، ويا جند المرأة، وأتباع البهيمة رغا ،فرجفتم وعقر فانهزمتم أحلامكم دقاق، وعهدكم شقاق ودينكم نفاق، وأنتم

ص: 459


1- مدارك نهج البلاغة : 74
2- راجع : استناد نهج البلاغة.

فسقة مراق، أرضكم قريبة من الماء؛ بعيدة من السماء، خفت عقولكم، وسفهت أحلامكم شهرتم سيوفكم علينا، وسفكتم دماءكم، وخالفتم إمامكم فأنتم أكلة الآكل، وفريسة الظافر، والنار لكم مدخر، والعار لكم مفخر يا أهل البصرة نكثتم

بيعتي، وظاهرتم على ذوي عداوتي ، فما ظنكم يا أهل البصرة الآن ؟ . فقام إليه رجل منهم فقال : نظن خيرا يا أمير المؤمنين علیه السلام ونرى انك ظفرت

وقدرت، فان عاقبت فقد أجرمنا، وان عفوت فالعفو أحب إلى رب العالمين. فقال علیه السلام: قد عفوت عنكم، فاياكم والفتنة، فانكم أوّل من نكث البيعة وشق

عصا الامة فارجعوا عن الحوبة واخلصوا فيما بينكم وبين الله بالتوبة. ولما فرغ علیه السلام من الخطبة وكلامه لاهل البصرة ركب بغلته واجتمع إليه جماعة

من شرطة الخميس وطوائف (1)

ص: 460


1- الجمل ؛ للشيخ المفيد : 217 - 218

[ الخطبة (14)]

ليس للعرشي تخريج في هذا الموضع وقد تقدم النص المتابع في رواية المفيد

في الخطبة (13) فراجع.

ص: 461

[ الخطبة (15)]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواه أبو بلال الحسن بن عبد الله

( العسكرى المتوفى بعد 395ه- [ 1005م ] في كتاب الأوائل [102 ب] ضمن خطبة طويلة، وقال ابن أبي الحديد في الشرح ج 1 ص 50]: «و هذه الخطبة

ذكرها الكلبي مروية مرفوعة إلى أبي صالح عن ابن عباس رضى الله عنه. (1) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن ابن الاشعث ( ت / 314 - ح ) قال : أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمّد، حدثني موسى :قال حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه ، أن علياً قال : لو ان رجلاً

« سرق ألفاً ، فأصدقها ،امرأة، واشترى جارية، كان الفرج حلالاً، وعليه تبعة المال وهو آثم (2)

ونقل القاضي النعمان المغربي ( ت / 363 - ح) في شرح الأخبار في آخر خطبة له قال ما نصه : «فمن ذلك ما روي عن على صلوات الله عليه أن خطب الناس بعد أن بايعوه بيومين بالخطبة التي رمز فيها بامثال ذكرها. وهي أنه عليه

ص: 462


1- راجع : استناد نهج البلاغة.
2- مستدرك الوسائل 66:13 ، ط / 1408ه-.

الصلاة والسلام: حمد الله عز وجل وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على النبيّ صلوات الله عليه وآله وذكر فضله وما خصه الله عزوجل به ، ثم قال : أيّها الناس

اوصيكم بتقوى الله فإنها نجاة لاهلها في الدنيا، وفوز لهم في معادهم في الآخرة، وخير ما تواصى به العباد، وأقربه من رضوان الله وخير الفوائد عند الله، وبتقوى الله بلغ الصالحون الخير، ونالوا الفضيلة وحلّوا الجنة وكرموا على الله خالقهم عز وجل بتقواهم الذي به أمرهم ثم احذروا عباد الله من الله ما حذركم من نفسه، واعملوا بما أمركم الله بالعمل به مجاهدين لانفسكم فيه واضربوا عما حذركم

منه وتناهوا عنه، فإنه من يعمل لغير الله يكله إلى من عمل ،له ومن يعمل بطاعته يتولى الله أمره، وإن الله لم يخلقكم عبثا ولم يدع شيئا من أمركم سدى وقد سمّى آجالكم وكتب آثاركم، فلا تغرنّكم الحياة الدنيا فإنها غرارة لاهلها مغرور من اغتر بها وإلى الفناء ما هي ( وَإِنْ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) (1) . نسأل الله منازل الشهداء ومرافقة الانبياء، ومعيشة السعداء، فإنما

نحن به وله

أما بعد ذلكم ، فإنه لما قبض رسول الله صلوات الله عليه وآله استخلف الناس أبا بكر، وقد استخلف أبو بكر عمر ، ثم جعلها عمر شورى بين ستة من قريش أنا أحدهم، فدار الامر لعثمان وعمل ما قد عرفتم وأنكرتم، وقد حصره حصره المهاجرون والانصار، وإنما أنا رجل واحد من المهاجرين لي ما لهم وعلي ما عليهم، ألا وقد فتح الباب بينكم وبين أهل القبلة، ولا يحمل هذا الامر ولا يضطلع به إلا أهل الصبر والبصيرة بمواضع الحق، ألا إني حاملكم على منهاج نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم ما استقمتم عليه، وركنتم إليه، وماض لما أمرت به والله المستعان . أيّها الناس، موضعي من رسول الله صلوات الله عليه وآله بعد وفاته لموضعي

ص: 463


1- العنكبوت : 64.

منه في حياته، ألا وإنه لم يهلك قوم ولوا أمرهم أهل بيت نبيهم - أهل العلم والصفوة ، ألا وإن مواريث الأنبياء عندي مجتمعة فاسألوني، واسألوا واسللوا

فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لئن سألتموني عن العلم المخزون وعن علم ما يكون، وعن علم ما لا تعلمون لاخبرتكم بذلك مما أعلمنيه النبي الصادق عن الروح الامين عن رب العالمين.

أيّها الناس ، امضوا لما تؤمرون به وقفوا عند ما تنهون عنه ولا تعجلوا في تنكرونه حتى تسألونا عنه، فإن عندنا لكل ما تحبون أمرا وفي كل ما تكرهون عذرا. أيها الناس إن أوّل من بغى في الارض فقتله الله لبغيه : عناق بنت آدم ، خلق الله لها عشرين إصبعا ، طول كل اصبع منها ذراعان، وفي كل اصبع منها ظفران محددان طويلان معقفان. وكان موضع مجلسها في الارض جريبا ، فبغت في الأرض ثمانين سنة، فلما بغت في الارض خلق الله لها أسدا كالفيل ونسرا كالبعير وذئبا كالحمار ، فسلطهم عليها فمزقوها ، فقتلوها و أكلوها وأراح الله منها . ثم قتل الله الجبابرة في زمانها ، وقد قتل الله فرعون وهامان وخسف بقارون ثم قد عادت بليتكم مثلها من قبض الله نبيكم صلوات الله عليه وآله وإيم الله لتغربلنّ غربلة ، ثم لتبلبلنّ ،بلبلة ، ولتساطن كما يساط القدر حتى يصير أعاليكم أسافلكم وأسافلكم أعاليكم، وليسبقن قوم قوما قد كانوا سبقوا ، أما والله ما انتحلت وصمة ولا كذبت كلمة ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها وخلعت لجمها،

. فاقتحمت بهم نار جهنم ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأمكنوا من أزمتها ، فسارت بهم رويدا حتى أتوا ظلا ظليلا ، فتحدثوا فيه وتساءلوا وفتحت لهم أبواب الجنة وظلل عليهم ظلها وروحها ووجدوا طيبها وقيل لهم : ( ادْخُلُوهَا

بسلام آمنين )(1).

ص: 464


1- الحجر : 46.

أيّها الناس ، إنّه حق وباطل ولكل أهل فلئن قام الباطل فقديما ما فعل، ولئن قام الحق فلربما ولعل ، ولقلما أدبر شئ فأقبل ! ولقد خشيت أن تكونوا في فترة

من الزمن وما عليَّ إلا الجهد، وكانت امور مضت ملتم فيها عليّ ميلة واحدة كنتم عندي فيها غير محمودي الرأي، أمّا إني لو شئت أن أقول لقلت: عفا الله عما سلف سبق ،الرجلان وقام الثالث كالغراب همه بطنه يا ويحه لو قص ريشه وقطع جناحاه.

شغل عن الجنة والنار أمامه ثلاثة وإثنان ليس لهم سادس: ساع مجتهد وطالب يرجو ، ومقصر في النار، وملك يطير بجناحيه ، ونبي أخذ الله ميثاقه ، هلك من ادعى، وخاب من افترى اليمين والشمال مضلتان ، والوسطى والطريق المثلى المنهج، عليه تأويل الكتاب والسنة وآثار النبوة. أيّها الناس ، إنّ الله جل وعلا أدب هذه الامة بالسوط والسيف ، ليس عند الإمام فيهما هوادة لاحد، فاستتروا في بيوتكم، وأصلحوا ذات بينكم فالموت من ورائكم والتوبة أمامكم، ومن أبدى صفحته للحق هلك.

ألّا وكل قطيعة أقطعها عثمان أو مال أعطاه من مال الله، فهو مردود على المسلمين في بيت مالهم فإن الحق قديم لا يبطله شئ ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو وجدته قد تزوج به النساء واشتري به الاماء وتفرق في البلدان لرددته على حاله ، فإن في الحق والعدل لكم سعة ، ومن ضاق به العدل فالجور به أضيق .

ة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم. وكانت هذه الخطبة مما سرّ به وسكن إليه المؤمنون المخلصون وأهل الحق والبصائر، واستوحش منه المنافقون والذين في قلوبهم مرض، وكل من تطاعم الاثرة أو كان في يده شئ منها ؛ لمّا تواعد به علي علیه السلام من استرجاع ذلك من أيديهم وردّه إلى بيت مال المسلمين، وتداخل قلوبهم لذلك بغضه عليه

ص: 465

الصلاة والسلام واعتقدوا القيام عليه إن وجدوا سبيلا إلى ذلك. فلما قام طلحة والزبير انضوى اليهما من هذه حاله وصاروا معهما، وكان سبب

خروجهما عليه صلوات الله عليه.(1)

ومن الموافقات: ما قاله ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) في شرح نهج البلاغة»: «وهذه الخطبة ذكرها الكلبي مروية مرفوعة إلى أبي صالح، عن ابن عباس صلی الله علیه و آله وسلم أن عليا صلی الله علیه و آله وسلم يخطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة، قال: ألا إنّ كل قطيعة أقطعها عثمان ، وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال، فإن

الحق القديم لا يبطله شيء، ولو وجدته وقد تزوّج به النساء، وفرّق في البلدان لرددته إلى حاله ، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عنه الحق فالجور عليه أضيق. (2)

ص: 466


1- شرح الأخبار ؛ للقاضي النعمان المغربي 1: 369 - 373
2- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد 1: 269

[ الخطبة (16)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج: قوله : (ذمتي بما أقول رهينة هذا الى قوله صرحت له العبر، مروي في كتاب عيون الاخبار لابن

: قتيبة، ص 6 ج ل. ومن قوله : ( ألا وان بليتكم ... الى آخره) مذكور في خطبة رواها الكليني في روضة الكافي، أوّلها: الحمد لله الذي على فاستعلى وقال الشارح هذه الخطبة من جلائل خطبه و من مشهوراتها، قد رواها النّاس كلهم وفيها زيادات حذفها الرضي اما اختصاراً أو خوفا من إيحاش السامعين، وقد ذكرها شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب البيان والتبيين على وجهها، ورواها عن

أبي عبيدة، عن معمر بن المثنى، قال: أوّل خطبة خطبها امير المؤمنين علیه السلام علي بالمدينة في خلافته، حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبيّ وآله، ثم قال: ألا لا يرعين مرع إلا على نفسه... إلى آخر ما ذكره في الشرح. ثم قال: قال شيخنا أبو عثمان: قال أبو عبيدة: وزاد فيها في رواية جعفر بن محمّد عن آبائه : الا أن أبرار عترتي وأطائب أرومتي... إلى آخر ما ذكره فيه. قلت : وقوله : ومن هذه الخطبة

شغل من امامه... الجنة والنار امامه ... الى آخره.» يروي أيضاً في روضة الكافي مع

اختلاف

يسير ، وذكر الجاحظ في الكتاب المذكور خطبة له وفيها جملة من

ص: 467

هذه الخطبة التي هنا، وقد روى هذه التتمة من قوله : شغل ... الى آخره.

كتاب» عيون الاخبارج 2 ص 236 ، وقال الشيخ كمال الدين ميثم في شرحه بعد قوله : ذمتي بما أقول رهينة ... الى آخره. أقول في هذا الفصل فصول من

: الخطبة التي أشرنا اليها، ثم قال ونحن نوردها بتمامها وهى: «الحمد لله أحق محمود بالحمد وأولاه بالمجد... إلى آخر الخطبة ) .(1)

وقال العرشي في التخريج ما نصه وروى الجاحظ بعض هذا الكلام في

البيان والتبيين [ج 1 ص 170] ، وابن قتيبة في عيون الأخبار (ج: 2 ص:236) وابن عبد ربه في العقد الفريد [ ج 2 ص 162] والعسكري في الأوائل [102 ألف ]. وروى أكثره أو كله أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني المتوفى 328 [ 940 م ] في أصول الكافي [97] وكتاب الروضة من فروع الكافي ج 3 ص 32]، والشيخ المفيد في الارشاد [135 و 140] وشيخ الطائفة في الأمالي [147] (انتهى )(2)قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي» باسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، ويعقوب السراج، عن أبي عبد الله قال : لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر ، فقال : الحمد لله الذي علا فاستعلى ودنا فتعالى وارتفع فوق كل منظر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله خاتم النبيين وحجة الله على العالمين، مصدقا للرسل الاولين، وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما فصلى الله وملائكته عليه وعلى آله أما بعد، أيها الناس فإن البغى يقود أصحابه إلى النار، وإن أوّل من بغى على الله جل ذكره عناق بنت ،آدم وأول قتيل قتله الله عناق، وكان مجلسها جريبا من الأرض

ص: 468


1- مدارك نهج البلاغة : 75.
2- راجع : استناد نهج البلاغة.

في جريب، وكان لها عشرون إصبعا في كل إصبح ظفران مثل المنجلين(1) فسلّط الله عز وجل عليها أسدا كالفيل وذئبا كالبعير ونسرا مثل البغل، فقتلوها، وقد قتل

الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا ، وأمات هامان وأهلك فرعون وقد قتل عثمان، ألا وإن بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ولتساطن سوطة القدر (2) حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم، وليسبقن سابقون كانوا قصّروا، وليقصرن سابقون كانوا سبقوا ، والله ما كتمت وشمة (3) ولا كذبت كذبة ، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم ألا وإن الخطايا خيل شمس(4) حمل عليها أهلها وخلعت لجمها فتقحمت بهم في النار، ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها واعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة وفتحت لهم أبوابها ووجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم : ( أَدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ )(5) ، ألا وقد سبقني إلى هذا الأمر من لم أشركه فيه ومن لم أهبه له ومن ليست له منه توبة إلا بنبي يبعث ، ألا ولا نبي بعد محمّد ، أشرف منه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم حق وباطل ولكل أهل، فلئن أمر الباطل لقديما فعل، ولئن قل الحق فلربما ولعلّ ، ولقلما أدبر شئ فأقبل ، ولئن ردّ عليكم أمركم أنكم سعداء وما عليّ إلّا الجهد، وإني لأخشى أن تكونوا على فترة ملتم عنّي ميلة كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي، ولو أشاء لقلت: عفا الله عمّا سلف، سبق

ص: 469


1- المتجل كمنبر - ما يحصد به :
2- لتبليلن أي لتخلطن ، تبلبلت الالسن اي اختلطت والبلبلة أيضا الهم والحزن ووسوسة الصدر. ولتغر بلن من الغربال الذي يغربل به الدقيق والغربلة أيضا القتل والوط. التخليط الموط والمسواط : خشبة بحرك بها ما في القدر ليختلط.
3- الوشمة : المرة، يقال: ما عصيت فلانا وشمة أي طرفة عين وفي بعض النسخ بالمهملة وهي العلامة.
4- الخيل الشمس - بالضم - جمع شموس وهي الدابة التي تمنع ظهرها ولا تطيع راكبها ، ويقابلها الذلول :
5- الحجر : 46.

فيه الرجلان وقام الثالث كالغراب همه بطنه ويله لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له شغل عن الجنة والنار ،أمامه ، ثلاثة ،وإثنان خمسة ليس لهم سادس ملك يطير بجناحيه، ونبي أخذ الله ،بضبعيه وساع مجتهد وطالب يرجوا ومقصر في النار، اليمين والشمال مضلة ، والطريق الوسطى هي الجادة عليها يأتي الكتاب وآثار النبوة، هلك من ادعى وخاب من افترى إن الله أدب هذه الامة بالسيف والسوط، وليس لأحد عند الإمام فيهما هوادة، فاستتروا في بيوتكم وأصلحوا ذات بينكم والتوبة من ورائكم من أبدى صفحته للحق هلك»(1)

وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413ه-) في الارشاد قال : ومن كلامه في أهل البدع ومن قال في الدين برأيه، وخالف طريق أهل الحق في مقاله : ما رواه ثقات أهل النقل عند العامة والخاصة في كلام افتتاحه : «الحمد لله والصلاة على نبيّه الله، أما بعد ، فذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم، إنه لا يهيج على التقوى زرع ،قوم، ولا يظمأ عليه سنخ أصل، وإن الخير كله فيمن عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره ، وإن أبغض الخلق إلى الله رجل وكله الله إلى نفسه، جائر قصد السبيل، مشعوف بكلام بدعة، قد لهج فيها بالصوم والصلاة، فهو فتنة لمن افتتن به ضال عن هدي من كان قبله مضل لمن اقتدى به حمال خطايا ،غیره رهن بخطيئته، قد قمش (2)جهلا في جهال عشوة ، غار بأغباش الفتنة، عن الهدى، قد سماه اشباه الناس عالما ولم يغن فيه يوما سالما (3)، بكر فاستكثر من جمع ما قل منه خير مما كثر ، حتى إذا ارتوى من أجن، واستكثر من غير

ص: 470


1- الكافي للشيخ الكليني 8: 67 - 68
2- قمش : جمع القماش، وهو ما على وجه الأرض من فنات الاشياء ، ويقال لا رادل الناس قماش القاموس - قمش - (285 -2)
3- هذا وقد وردت في طبعة النجف ، سنة 1381 ، العبارة كمايلي : « ورجل قمش جهلاً موضع في جهال الأمة عادٍ في اغباش الفتنة ، عم بما في عقد الهدنة ، قد سماه اشباه الناس عالماً وليس به .

طائل، جلس للناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، إن خالف من سبقه لم يأمن من نقض حكمه من يأتي بعده، كفعله بمن كان قبله، وان نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا [ رنّاً ](1) من رأيه ثم قطع عليه، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ، ولا يرى أن من وراء

، ما بلغ ،مذهبا إن قاس شيئا بشئ لم يكذب رأيه، وان أظلم عليه أمر اكنتم ،به لما

، يعلم من نفسه في الجهل والنقص والضرورة كيلا يقال : أنه لا يعلم، ثم أقدم بغير علم ، فهو خائض عشوات، رکاب شبهات خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم يذري الروايات ذرو الريح الهشيم، تبكي منه المواريث، وتصرخ منه الدماء، ويستحل بقضائه الفرج الحرام

ويحرم به الحلال ، لا يسلم بإصدار ما عليه ،ورد ، ولا يندم على ما منه فرط. أيها الناس عليكم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعذرون بجهالته ، فإن العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين في عترة محمّد ، فأين يتاه بكم ؟ بل أين تذهبون ؟! يا من نسخ من أصلاب أصحاب السفينة، هذه مثلها فيكم ،فاركبوها، فكما نجا في هاتيك من نجا، فكذلك ينجو في هذه من دخلها، أنا رهين بذلك، قسما حقا وما أنا من المتكلّفين، والويل لمن تخلف ثم الويل لمن تخلف ! أما بلغكم ما قال فيهم نبيكمل حيث يقول في حجة الوداع: إني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟. ألا هذا عذب فرات فاشربوا ، وهذا ملح أجاج فاجتنبوا (2)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي، قال: أخبرنا محمّد بن

ص: 471


1- من المصدر ، طبعة 1381ه-.
2- الارشاد للشيخ المفيد 1 233 231

،محمّد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أحمد بن الصلت قال حدثنا حاجب بن الوليد قال حدثنا الوصاف بن صالح، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن خالد بن طليق ، قال : سمعت أمير المؤمنين علیه السلام يقول : ذمتي

عمي

سنة

بما أقول رهينة، وأنا به زعيم أنه لا يهيج على التقوى زرع قوم، ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل، ألا إن الخير كل الخير فيمن عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره، إن أبغض خلق الله إلى الله رجل قمش علما من أغمار غشوة وأوباش فتنة، فهو في عن الهدى الذي أتى من عند ربه ، ربه ، وضال عن

نبيه الا الله يظن أن الحق في صحفه ، كلا والذي نفس ابن أبي طالب بيده، قد ضل من افترى سمّاه رعاع الناس عالما ولم يكن في العلم يوما سالما ، بكر فاستكثر مما قل منه خير مما كثر ، حتى إذا ارتوى من غير حاصل، واستكثر من غير طائل جلس للناس مفتيا ضامنا لتخليص ما اشتبه عليهم ، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيّأ لها حشوا من رأيه ، ثم قطع على الشبهات خباط جهالات ركاب عشوات، فالناس من علمه في مثل غزل العنكبوت لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض على العلم بضرس قاطع فيغنم تصرخ منه المواريث، وتبكي من قضائه الدماء، وتستحل به الفروج الحرام غير ملي والله باصدار ما ورد عليه ولا نادم على ما فرط منه، وأولئك الذين حلت عليهم النياحة وهم أحياء.

:

C

فقام رجل فقال يا أمير المؤمنين علیه السلام فمن نسأل بعدك وعلى ما نعتمد ؟ فقال : استفتحوا بكتاب الله ، فإنه إمام مشفق وهاد مرشد وواعظ ناصح

ودليل يؤدي إلى جنة الله عز وجل (1).

وبالاسناد عن الهاروني ( ت / 424 ه- قال : حدثنا ابو احمد محمّد بن علي العبدكي، قال حدثنا جعفر بن علي الجابري ، قال : حدثنا علي بن الحسين

ص: 472


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي 235 :

البغدادي، عن مهاجر العامري، عن الشعبي عن الحارث ان علياً لما اختلف اصحابه خطبهم حين اجتمعوا عنده مبتدءاً بحمد الله والثناء عليه والصلوة على رسوله محمّد ال ثم قال : اما بعد فذمتي بذلك رهينة وأنا به زعيم من صرحت

له العبر فيما بين يديه من المثلات حجزته التقوى عن ارتكاب الشبهات، وانه لن يظماً على التقوى زرع قوم ، ولن يبلى على الهدى سنخ أصل، وان الخير والخيرة في معرفة الانسان قدره وكفى بالمرء جهلاً ان لا يعرف قدره، وان احب خلق الله

الى الله عبد اعانه على نفسه فاستشعر الحزن، وتجلبب الخوف، وأضمر اليقين وأزهرت مصابيح الهدى في قلبه ، فسهل على نفسه الشديد، وقرب عليها البعيد ، فلم يدع مبهمة إلا كشف غطائها، ولا مظلمة إلا قصد جلاءها ، ولا معظمة إلا بلغ ،مداها معاين ،طريقته مشاهد من كل امرء ،حقيقته، شرب نهلاً وسلك طريقاً سهلاً ، يحط حيث القرآن حط رحله، أين ينزل كان منزله، فهو من خاص اولياء

الله. وان ابغض خلق الله الى الله عبد وكله الله الى نفسه جائر عن قصد السبيل

مشغوف بكلام ،بدعة، فهو فتنة لمن افتتن بعبادته، ضال عن هدى من كان قبله مضل لمن اقتدى به حمال خطايا غيره ورهين بخطيئته ، قمش جاهلاً من الجهال فأوطأ الناس عشوة ، غاراً بأوباش ،الفتنة، قد نهج بالصلاة والصوم فسماه اشباه الناس عالماً ، ولم يُغْنَ في العلم يوماً سالماً ، بكر فاستكثر ، ما قل منه خير مما كثر ، حتى إذا ارتوى من آجِن وأكثر من غير طائل قعد حاكماً بين الناس، ضامناً لتخليص ما اشتبه عليهم ، ان نزل به احدى المبهمات هيأ لهل حشوا من رأيه، فهو من قطع الشبهات في مثل غزل العنكبوت ان اصاب ام أخطأ ، لا يحسب ان العلم في شيء مما ينكر ، ولا ان من وراء ما بلغه غاية، أن قاس شيئاً بشيء لم يُكذب بصره، وان اظلم عليه أمر كتم ما يعلم من نفسه؛ لكيلا يقال : لا يعلم ركاب عشوات، وخائض ،غمرات ومفتاح ظلمات، ومعتقد شبهات، لا يعتذر مما

ص: 473

لا يعلم ، ولا يعض على العلم بضرس قاطع فيسلم، يذرو الرواية ذرو الريح الهشيم، تصرخ منه الدماء، وتبكي منه المواريث، ويُستحل بقضائه الفرج الحرام ويحرم بمرضاته الفرج ،الحلال ، لا ملي بإصدار ما ورد عليه ولا اهل لإصلاح ما فرط منه فابصروا معادن الجور، واستقصوا بالذم ،آثارها، واستروحوا الى طاعة من لا تعذرون بجهالته ، ثم ردوا هذا عذب فرات واحذروا هذا ملح ،اجاج واعلموا أنّ العلم الذي هبط به آدم و ما فصلته الانبياء في عترة نبيكم، فأين يتاه بكم؟ ، أنا من سنخ اصلاب اصحاب السفينة هؤلاء مثلها فيكم وهم لكم كالكهف لأصحاب الكهف، وهم باب حطة وباب السلم فادخلوا في السلم كافة، خذوا عني عن خاتم المرسلين، حجة من ذي حجة قالها في حجة الوداع: اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله و عترتي أهل بيتي، انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض .(1)

ومن الموافقات : ما أرويه بالاسناد ابن عساکر (ت / 571 ه-) في ( تاريخ مدينة دمشق»، قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله أذنا ومناولة، وقرأ علي إسناده: أنا محمّد بن الحسين، أنا المعافى بن زكريا القاضي حدثني محمّد بن عمر بن نصير الحربي الحمال سنة ستة عشرة وثلاثمائة إملاء من حفظه، نا حاجب بن سلیمان

المنبجي وهو يومئذ بحلب سنة ثنتين وستين مائتين، نا الوصاف بن صالح. وقال: ونا محمّد بن محمّد بن يزيد المقرئ النهرواني المعروف بابن زيدويه نا أبو منصور يعني سليمان بن محمّد بن الفضل بن جبريل البجلي ن-ا حاجب بن سليمان ومحمد بن الحسن بن سنان المنبجيان قالا: أنا الوصاف بن حاتم أبو الحسن قال القاضي وهو الصواب عندي وقالا جميعا - أعني الحربي وابن زيدويه : نا أبو إسحاق الكوفي ، عن خالد بن طليق طليق ، عن أبيه، عن علي بن

ص: 474


1- نثر المطالب : 179 - 181 ، ط / 1395ه-.

أبي طالب علیه السلام أنه قال : ذمتي رهينة وأنا به زعيم لا يهيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل، وإن أجهل الناس من لم يعرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره، وإن أبغض الناس إلى الله عز وجل : رجل قمش علما في أغمار من النّاس غشوة ، أغار فيه بأغبار الفتنة، عمّي عما في رتب الهدنة - وقال ابن زيدويه مكان الهدنة: الفتنة - سماه أشباه الناس عالما ولم يغن في العلم يوما سابقا - ولم يقل :الحربي في العلم - ذكر ، فاستكثر ما قل منه ، وقال الحربي وما قل منه خير ممّا أكثر ، حتى ارتوى من آجن واستكثر من غير طائل جلس للناس مفتيا. قال الحربي لتخليص ما لبس على غيره، وليس هذا في حديث ابن .زيدويه. وقالا : فإن نزلت به إحدى المهمات قال الحربي: هيأ لها حشوا من رأيه وقال ابن زيدويه هيأ حشو الرأي من رأيه، فهو من قطع المشبهات في مثل نسج العنكبوت لا يدري أخطا أم أصاب. وقال ابن زيدويه مكان نسج غزل، وقال الحربي: خباط جهالات ركاب عمايات، وقال ابن زیدویه رکاب جهالات خباط عشوات لا يعتذر مما يعلم فيسلم، ولا يعض على العلم بضرس قاطع فینم تبكي منه الدنيا وقال ابن زيدويه مكان الدنيا: الدماء، وكأنه أشبه بالصواب عندي وقالا : وتصرخ منه المواريث وتستحل بقضائه الفرج الحرام، لا ملئ والله ولا أهل باصدار مما ورد عليه ولا هو أهل لما فرض له. وقال ابن زيدويه : لا ملئ والله بإصدار ما ورد عليه، ولا هو أهل لما قرظ به، وقال الحربي أولئك الذين حقت عليهم النياحة أيام الدنيا ، قال القاضي وأنهى ابن زيدويه حديثه عند قوله : لما قرظ به ثم قال: وزاد فيه غيره وأتى بما رويناه بعد هذا عن الحربي منفردا به على ما وصفناه، قال القاضي قول أمير المؤمنين علیه السلام ذمتي رهينة وأنا به زعيم، إبانة عن تيقنه ما أخبر به وبصيرته وثقته بحقيقته وتوثيقه لمن أخبره بثبوته وصحته، وأما قوله وأنا به زعيم، فإن الذي يرجع إليه هاء الضمير من في

ص: 475

جملة الكلام ومعناه وما دل عليه مفهومه وفحواه ، كانه قال وأنا بقولي هذا زعيم وإن لم يأت بصريح اسم خاص ولا مصدر يعود الضمير عليه على أصله وذلك مستعمل فصيح فاش في العربية، وقد يأتي في مثل هذا فعل أو اسم فاعل يدل على مصدر يعود الضمير إليه دون لفظ جملة من كلام يحمل عليه، فأما الفعل الدال على مصدره فكقولهم: من كذب كان شراً له أضمر في كان الكذب الذي دل عليه كذب ، وعاد الضمير إليه وإن لم يأت على تبينه ، قال الله تعالى: ﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ) (1)يعني البخل الذي لم يأت على خاص لفظه اكتفاء بدلالة الفعل الذي هو يبخلون عليه، وأما اسم فاعل فكقولهم: إذا أحسن كما أمر فجازه عليه، يريد على إحسانه الذي دل عليه أحسن ورجع عائد عائد الضمير إليه، وهذا مثل قول الشاعر:

إذا نهى السفيه جرى إليه وخالف والسفيه إلى خلاف

اراد إلى السفيه على ما بينا وقد يكتفون في هذا الباب بدلالة العهد والحال

وتجلي الأمر الشائع فيه قال الله عز ذكره:

وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ ) (2) وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّى فَإِذَا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً ) (3) فأعاد الضمير على الأرض ولم يجر

ص: 476


1- وتمام الآية: (سَيُطَوْقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاتُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) (آل عمران: 180 ) .
2- وتمام الآية: (ولكن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) (النحل : (61).
3- وتمام الاية : وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكْ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً ) (فاطر : 45).

لها في هذه القصة ذكر ، وقال جل ثناؤه : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ )(1) يعني القرآن، وقال: ( حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ )(2) يعني الشمس في قول جمهور أهل العلم، قال الشاعر:

هذا مقام قدمي رباح عدوه حتى دلكت براح

يريد الشمس ، وقال الله تعالى أصدق القائلين: ﴿ فَأَتَرْنَ بِهِ نَفْعاً فَوَسَطنَ بِهِ جَمْعاً )(3)يريد الوادي أو الموضع أو المكان أو المنزل وهذا الباب واسع، وله شرح ليس هذا ،موضعه، وقد أتينا منه هاهنا بما يكفي منه بعضه بل هو جميعه. وأما الزعيم فإنه الكفيل، ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو الزعيم غارم ، وقال الله جل ثناؤه: ( وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمُ ) (4) وقال جل ثناؤه : ( سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذلِكَ زَعِيمٌ ﴾ (5) ويقال : فلان زعيم القوم، أي القائم بأمورهم المتكفل بها ومنه ما جاء به الأثر في ذكر أشراط الساعة: «وصار زعيم القوم أرذلهم وقال الشاعر:

إني زعيم يا نويقة إن ن- من الرواح وسلمت من غرض الحتوف مع الغدو إلى الرواح أن تهبطن بلاد قو م ير تعون من الطلاح

ويقال أيضا في الزعيم ضمين وقبيل وحميل من القبالة والحمالة، وصبير

وتبيع كما قال الشاعر:

غدوا وغدت غزلانهم وكأنها ضوا من غرم أو رهن تبيع

ص: 477


1- القدر : 1.
2- سورة ص : 32.
3- العاديات : 4 - 5
4- يوسف: 72
5- القلم : 40.

وقد قيل في قول الله تعالى: ﴿ أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلاً )(1) إنه بمعنى القبيل أي الكفيل ، وقيل : بل هو من الجماعة وقيل : هو من المقابلة والمعاينة، واختلف في تأويل قوله عز وجل : ( أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قبلاً )(2) وقوله تعالى : ( وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ ) (شَيْءٍ قُبلا ) (3) على أقوال مع اختلاف القراءة في كسر القاف وفتح الباء وفي ضمّهما، وفي الجمع بين الموضعين والتفريق بينهما ، وهذا مشروح في كتبنا التي ألفناها في القراءات والتأويل. وقوله : « ولا يهيج على التقوى» أي يفسد فيصير هشيما من قول الله عز وجل: ﴿ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَراً )(4) وقوله: سنخ أصل

يقال : قلع سنّه من سنخها ، وقوله في الخبر : « بأغبار الفتنة يعني بقاياها، ويقال: بفلان غير من المرض، أي بقايا كما قال الشاعر:

فإن سألت عني سليمى فقل لها به غیر من دائه وهو صالح

وقوله : «حتى إذا ارتوى من جن الاجن: الماء المتغير الركوده وطول وقوفه

وكذلك الآسن يقال: أسن الماء يأسن ويأسن وأجن يأجن ويأجن، قرأ ابن كثير:

(غير أسن) مقصورة الهمزة ، وقيل في قول الله تعالى: ﴿ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامَكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهُ ) (5) إنه من السنه ، أي لم توثر فيه السنون فتحيله وتغيره ووصلوا بالهاء ووقفوا عليها إذا كانت فيه أصلا، يقولون : بعته مسانهة ومساناة، فجعل من قرأ هكذا ، الهاء لام الفعل وأصلا فيه، وأثبت الهاء فيه آخرون زائدة للسكت، إذا وقفوا كقوله : ( اقتَدِه ) ، وكقولهم: ارنيه وتعاله وحذفوها في الوصل، فقال:

ص: 478


1- الاسراء : 92
2- الكهف : 55
3- الأنعام : 111.
4- الزمر : 21.
5- البقرة : 259

يتسنّ، وانظر ، وزعموا أنه من أسن الماء، وهذا التأويل عندنا غلط من متأوليه وذهاب عن وجه الصواب فيه، ولو كان على ما توهموا لوجب أن يقال لم يتأسن ؛ لأن الهمزة فيه فاء الفعل والسين عينه والنون لامه، وإشباع هذا فيما ألفناه

من حروف القرآن ومعانيه ، ومن الآجن قول عبيد بن الأبرص :

يا ربّ ماء آجن وردته سبیله خائف حديب

ریش الحمام على أرجائه للقلب من خوفه وجيب

وقوله: خباط عشوات، يعني الظلم، وهذا الفريق الذي وصفهم أمير المؤمنين علیه السلام من الجهلة الأراذل السفلة قد كثروا في زماننا وغلبوا على أهله واستعلوا على علمائه والربانيين فيه، وإلى الله المشتكى، وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أنه قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساء جهالا ، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا(1)انتهى ما اورده ابن عساكر ( ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق» في شرح خطبة الإمام أوردناه بطوله لما فيه من فوائد اختص بها هذا الحافظ ، وراجع ما أوردناه في الاكتفاء. وبالاسناد الى المتقي الهندي ( ت / 985ه-) في كنز العمال: عن علي قال:

ذمتي رهينة وأنا به زعيم لمن صرحت له العبر أن لا يهيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ على الهدى سنخ أصل (2)، ألا وإن أبغض خلق الله إلى الله رجل قمش علما غارًا في أغباش (3) الفتنة، عميا بما في غيب الهدنة (4) ، سماه أشباهه من

ص: 479


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 504:42-508
2- سنخ السنخ والأصل واحد فلما اختلف اللفظان أضاف أحدهما إلى الآخر
3- أغباش : يقال : غبش الليل وأغبش إذا أظلم ظلمة يخالطها بياض ، ومنه حديث علي فمش علما غارا بأغباش الفتنة أي بظلمها.
4- الهدنة : السكون والهدنة : الصلح والموادعة بين المسلمين والكفار، وبين كل متحاربين .

(1)

الناس عالما ، ولم يغن في العلم يوما سالما ، بكر فاستكبر، فما قل منه فهو خير مما كثر ، حتى إذا ما ارتوى من ماء ،آجن، وأكثر من غير طائل قعد للناس مفتيا لتخليص ما التبس على غيره، إن نزلت به إحدى المبهمات هيأ حشوا من رأيه، فهو من قطع المشتبهات في مثل غزل العنكبوت لا يعلم إذا أخطأ لانه لا يعلم

، أخطأ أم أصاب خباط عشوات ركاب جهالات ، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ، لا يعض في العلم بضرس قاطع، ذرّاء الرواية ذرو الريح الهشيم، تبكي منه الدماء وتصرخ منه المواريث، ويستحل بقضائه الحرام، لا ملئ والله باصدار ما ورد عليه، ولا أهل لما فرط به المعافى بن زكريا ، ووكيع كر ) (2)

بن عبيد الله فقال

وبالاسناد المتقي الهندي ( ت / 975 ه- ) عن محمد بن الحنفية قال : لما قتل عثمان استخفى عليّ في دار لابي عمرو بن حصين الانصاري، فاجتمع الناس فدخلوا عليه الدار فتداكو (3) على يده ليبايعوه تداكك الابل الهيم على حياضها، وقالوا نبايعك، قال: لا حاجة لي في ذلك، عليكم بطلحة والزبير قالوا: فانطلق معنا فخرج علي وأنا معه في جماعة من الناس حتى أتينا طلحة له : إن الناس قد اجتمعوا ليبايعوني ولا حاجة لي في بيعتهم، فابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله ، فقال له طلحة : أنت أولى بذلك منّي وأحق لسابقتك وقرابتك ، وقد اجتمع لك من هؤلاء الناس من تفرق عني ، فقال له علي : أخاف أن تنكث بيعتي وتغدر بي قال : لا تخافن ذلك فو الله لا ترى من قبلي أبدا شيئا تكرهه قال الله عليك بذلك كفيل ؟ قال : الله علي بذلك كفيل ، ثم أتى الزبير بن

ص: 480


1- ومنه حديث علي : عميانا في غيب الهدنة) أي لا يعرفون ما في الفتنة من الشر، ولا ما في السكون من الخير .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 197 ، بالرقم 44220.
3- فتدا كوا في حديث علي : ثم تداككتم علي تداكك الابل الهيم على حياضها أي ازدحمتم . وأصل الدك: الكسر النهاية :2 128

العوام ونحن معه فقال له مثل ما قال لطلحة ورد عليه مثل الذي رد عليه طلحة وكان طلحة قد أخذ لقاحا (1)لعثمان ومفاتيح بيت المال وكان النّاس اجتمعوا عليه ليبايعوه، ولم يفعلوا، فضرب (2) الركبان بخبره إلى عائشة وهي بسرف (3)فقالت: كأني أنظر إلى أصبعه تبايع بخب (4)وغدر، قال ابن الحنفية : لما اجتمع الناس على

برحم

عليّ قالوا إن هذا الرجل قد قتل ، ولابد للناس من إمام، ولا نجد لهذا الامر أحق منك ولا أقدم سابقة ولا أقرب برسول الله صلی الله علیه و آله وسلممنك، قال: لا تفعلوا فاني وزيرا لكم خيرا لكم منّي أميرا قالوا والله ما نحن بفاعلين أبدا حتى نبايعك وتداكوا على يده، فلما رأى ذلك قال: إن بيعتي لا تكون في خلوة إلا في المسجد ظاهرا وأمر مناديا فنادى المسجد، فخرج وخرج الناس معه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: حق وباطل ولكل أهل ، ولئن كثر الباطل لقد نما بما فعل ولئن قل الحق فلربما، ولقلما ما أدبر شي فأقبل، ولئن رد اليكم أمركم إنكم السعداء ، وإني أخشى أن تكونوا في فترة، وما عليَّ إلا الجهد، سبق الرجلان وقام

الثالث، ثلاثة واثنان ليس معهما سادس ملك مقرب، ومن أخذ الله ميثاقه وصديق نجا وساع مجتهد وطالب يرجو اثرة، لا سادس هلك من ادعى وخاب من افترى اليمين والشمال مضلة والوسطى الجادة منهج عليه بما في

، الكتاب وآثار النبوة، فان الله أدب هذه الامة بالسوط والسيف ليس لاحد فيها

ص: 481


1- لقاحا : اللقحة بالكسر والفتح : الناقة القريبة العهد بالنتاح ، والجمع : لقح وقد لقحت لفحا ولقاحا، وناقة لقوح ، إذا كانت غزيرة اللبن . وناقة لاقح ، إذا كانت حاملا ونوق لواقح . واللفاح : ذوات الألبان ، الواحدة : لقوح. (النهاية 4: 262).
2- فضرب : يقال : ضربت في الارض إذا سافرت . (النهاية : 79-3 )
3- سرف هو بكسر الراء : موضع من مكة على عشرة أميال، وقيل أقل وأكثر. (النهاية 362:2)
4- الخب : يقال : خب النبات طال وارتفع والرجل منع ما عنده ونزل المنهبط من الأرض ليجهل موضعه بخلا والبحر اضطرب و فلان صار خداعا. (القاموس 59:1).

عندنا هوادة فاستتروا ببيوتكم وأصلحوا ذات بينكم وتعاطوا الحق فيما بينكم فمن أبرز صفحته معاندا للحق ،هلك، والتوبة من ورائكم، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. فهي أوّل خطبة خطبها بعدما استخلف.(1) وقال ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) في شرح نهج البلاغة : وهذه الخطبة من جلائل خطبه او من مشهوراتها، قد رواها النّاس كلهم، وفيها زيادات حذفها الرضي، إما اختصارا أو خوفا من إيحاش السامعين ، وقد ذكرها شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب البيان والتبيين على وجهها ، ورواها عن أبي عبيدة معمر بن

المثنى . قال : أوّل خطبة خطبها أمير المؤمنين علي بالمدينة في خلافته : « حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم، ثم قال : ألا لا يرعين مرع إلا على نفسه. شغل من الجنة والنار أمامه . ساع مجتهد ينجو ، وطالب يرجو، ومقصر في النار، ثلاثة واثنان ملك طار ،بجناحيه، ونبي أخذ الله بيده، لا سادس هلك من ادعى وردى من اقتحم اليمين والشمال مضلة ، والوسطى الجادة، منهج عليه باقي الكتاب والسنة وآثار النبوة. إن الله داوى هذه الامة بدواءين: السوط والسيف، لا

هوادة عند الإمام فيهما. استتروا في بيوتكم، وأصلحوا ذات بينكم والتوبة من ورائكم. من أبدى صفحته للحق هلك . قد كانت لكم أمور ملتم فيها علي ميلة لم تكونوا عندي فيها محمودين ولا مصيبين، أما إني لو أشاء لقلت عفا الله عما سلف. سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب همته بطنه . ويحه لو قص جناحاه، وقطع رأسه لكان خير لها انظروا فإن أنكرتم فأنكروا ، وإن عرفتم فآزروا حق

. وباطل، ولكل أهل ولئن أمر الباطل لقديما فعل، وإن قل الحق لربما ولعل ، وقلما أدبر شئ فأقبل . ولئن رجعت إليكم أموركم إنكم لسعداء، وإني لأخشى أن

تكونوا في فترة، وما علينا إلا الاجتهاد.

ص: 482


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 5: 748

قال شيخنا أبو عثمان : وقال أبو عبيدة: وزاد فيها في رواية جعفر بن محمّد عن آبائه : ألا إن أبرار عترتي ، وأطايب أرومتي، أحلم الناس صغارا، وأعلم الناس كبارا ألا وإنا أهل بيت علیهم السلام من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا ، ومن قول صادق سمعنا، فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا ، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا ومعنا راية الحق من تبعها لحق، ومن تأخر عنها غرق ألا وبنا يدرك ترة

. ا . كل مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذل عن أعناقكم وبنا فتح لا بكم ، وبنا يختم لا بكم(1). قال الجلالي ويظهر من ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) في شرحه اختلاف النص في رواية هذا الكلام فراجع الصفحات :1 279 و 1: 281 و 1: 282 ، ورواها الاسكافي ( ت / 220 ه-) مرسلاً في المعيار والموازنة ( 289 - (290) ط /

سنة 1402ه-.

ص: 483


1- شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد :1 276 275

[الخطبة (17)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت /1361 ه-) في التخريج : « قوله : «إن أبغض الخلائق ... الى آخره.» أقول: روى هذا الكلام الشيخ الكليني في أصول الكافي ص 30 طبع ایران و روی ابن قتيبة في كتاب عيون الأخبار ص 60 ج ل » اكثر فقرات هذا الكلام مع اختلاف بين ما هنا وما هنالك في كثير من الفقرات، وقيل: إن الاجود والافصح الرواية الأخرى يذرو الروايات ذرو الريح الهشيم وهكذا ذكر ابن قتيبة في غريب الحديث لما ذكر هذه الخطبة عن أمير المؤمنين علیهم السلام). (1) وقال العرشي في التخريج ما نصه: روى ابن قتيبة هذه الخطبة في غريب الحديث له ابن أبي الحديد ج 1 ص 52 ، كما رواها الكليني في أصول الكافى [13] والشيخ المفيد في الارشاد [135] (انتهى )(2)

:

قال الجلالي: وردت مقاطع من النصّ فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في « الكافي» عن محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه، وعلي بن

إبراهيم، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله ،

ص: 484


1- مدارك نهج البلاغة : 76.
2- راجع : استناد نهج البلاغة

وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب رفعه ، عن أمير المؤمنين علیه السلام أنه قال: إن من أبغض الخلق إلى الله عزّ وجل لرجلين : رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل ، مشعوف(1) بكلام بدعة ، قد لهج بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن افتتن به ضال عن هدي(2) من كان قبله مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد ،موته حمّال خطايا غيره، رهن بخطيئته.

ورجل قمش رجلا في جهال الناس ، عان (3) بأغباش الفتنة، قد سماه أشباه

الناس عالما ولم يغن (4)فيه يوما سالما ، بكر (5) فاستكثر ما قل منه خير مما كثر حتى إذا ارتوى من آجن (6) واكنز من غير طائل (7) جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، وإن خالف قاضيا سبقه ، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده، كفعله بمن كان قبله ، وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه ، ثم قطع به ، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت

ص: 485


1- في بعض النسخ بالغين المعجمة وفي بعضها بالمهملة وبهما قرء قوله تعالى : (قد شغفها حيا وعلى الاول معناه : دخل حب كلام البدعة شغاف قلبه أي حجابه وقيل سويداء، و على الثاني حبه وأحرقه فان الشعف بالمهملة شدة الحب واحراقه القلب. (مرآت) العقول ؛ للمجلسي
2- بفتح الهاء وسكون المهملة أي السيرة والطريقة .
3- كذا في أكثر النسخ من قولهم عنى فيهم أسيرا أي اقام فيهم على اسارة واحتبس وعناه غيره حيسه والعاني : الأسير ، أو من عنى بالكسر بمعنى تعب أو من عنّى به فهو عان أي اهتم به واشتغل و بعض النسخ بالغين المعجمة من الغنى بالمكان كرضى أي : أقام به، أو من غنى بالكسر أيضا بمعنى عاش والغيش بالتحريك ظلمة آخر الليل . (مرآت العقول ( للمجلسي).
4- أي لم يلبث يوما تاما .
5- أي خرج للطلب بكرة وهي كناية عن شدة طلبه واهتمامه في كل يوم أو في أول العمر الى جمع الشبهات والاراء الباطلة .
6- أي شرب حتى ارتوى، والاجن: الماء المتغير المتعفن.
7- أي عد ما جمعه كنزا وهو غير طائل. أي ما لا نفع فيه .

لا يدري أصاب أم أخطأ ، لا يحسب العلم في شئ مما أنكر ، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا إن قاس شيئا بشئ لم يكذب نظره وإن أظلم عليه أمر اكنتم ،به لما

يعلم من جهل نفسه لكيلا يقال له: لا يعلم، ثم جسر فقضى ، فهو مفتاح عشوات (1) رکاب ،شبهات خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا ،

(2)

يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم يذري الروايات ذرو الريح الهشيم ، تبكي

، منه المواريث، وتصرخ منه الدماء، يُستحل بقضائه الفرج الحرام، ويُحرم بقضائه الفرج الحلال ، لا ملئ بإصدار ما عليه ،ورد ولا هو أهل لما منه فرط من ادعائه علم الحق . (3)

من الموافقات ما أورده ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) في شرح نهج البلاغة: وقوله : ( يذرى الروايات هكذا أكثر النسخ ، وأكثر الروايات يذرى» من «أذرى رباعيا ، وقد أوضحه قوله : ( إذراء الريح»، يقال: طعنه فأذراه، أي ألقاه، وأذريت الحب للزرع، أي ألقيته، فكأنه يقول: يلقي الروايات كما يلقي الانسان الشئ على الأرض والاجود الاصح الرواية الأخرى: يذرو الروايات

ذرو الريح الهشيم ، وهكذا ذكر ابن قتيبة في غريب الحديث لما ذكر هذه الخطبة عن أمير المؤمنين علی السلام، قال تعالى : ( فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ) (4)، والهشيم ما يبس من النبت وتفتت.

قوله :لا ملى، أي لا قيم به وفلان غنى ملئ، أي ثقة بين الملأ والملاء

الا بالمد. وفي كتاب ابن قتيبة تتمة هذا الكلام ولا أهل لما قُرّظ به، قال : أي ليس

ص: 486


1- العشوة : الظلمة أي يفتح على الناس ظلمات الشبهات والخبط المشي على غير استواء.
2- أي كما أن الريح في حمل الهشيم وتبديده لا تبالي بتمزيقه واختلال نسقه كذلك هذا الجاهل عيد تفعل بالروايات ما تفعل الريح بالهشيم، والهشيم ما يبس من النبت وتفتت .
3- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1 54-556
4- الكهف : 458.

بمستحق للمدح الذي مدح به والذي رواه ابن قتيبة من تمام كلام أمير المؤمنين علیهم السلام و هو الصحيح الجيد، لانه يستقبح في العربية أن تقول: لا زيد قائم حتى تقول: ولا عمرو. أو تقول : ولا قاعد فقوله : لا ملئ أي لا هو ملئ وهذا يستدعي لا ثانية، ولا يحسن الاقتصار على الأولى (1).

ص: 487


1- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد 1 285

[الخطبة (18)]

من التعقيبات ما ارويه بالاسناد عن النوري في مستدرك الوسائل 3 174 ، عن دعائم الاسلام النعمان المغربي ( ت / 363 ه-) والنصّ في في دعائم الاسلام ما لفظه وروينا عن عمرو بن أذينة، وكان من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمّد صلوات الله عليه أنه قال: دخلت يوما على عبد الرحمن بن أبي ليلى بالكوفة وهو قاض، فقلت: أردت أصلحك الله ، أن أسألك عن مسائل، وكنت

، حدیث السن، فقال: سل يابن أخي عما شئت، قلت... فذكر الحديث (1)

ص: 488


1- دعائم الاسلام للقاضي النعمان المغربي .1 : 92

[ الخطبة ( 20)]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ت / 328ه-) في ( الكافي ) عن محمّد بن يحيى العطار عن بعض أصحابنا، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة صدقة، عن أبي عبد الله قال : قال أمير

بن المؤمنين علیهم السلام: لا تختانوا ولا تكتموا، ولا تغشوا هداتكم ولا تجهلوا أئمتكم ولا تصدعوا عن حبلكم فتفشلوا وتذهب ريحكم(1) ، وعلى هذا فليكن تأسيس اموركم والزموا هذه الطريقة ، فانكم لو عاينتم ما عاين من قدمات منكم ممن خالف ما قد تدعون إليه ، لبدرتم وخرجتم ولسمعتم ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا، وقريبا ما يطرح الحجاب. (2)

ومن التعقيبات ما أرويه بالاسناد عن ابن ادريس الحلي (ت / 598 ه-) في مستطرفات السرائر قال : قال أبو عبد الله : بلغ امير المؤمنين علیهم السلام موت رجل من

: اصحابه ، ثم جاءه خبر آخر انه لم يمت ، فكتب إليه : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، اما

ص: 489


1- اقتباس من قوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَأَصْبِرُوا إنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (الأنفال : 46)
2- الكافي : للشيخ الكليني 405:1

،بعد فانه قد كان اتانا خبر ارتاع له اخوانك ، ثم جاء تكذيب الخبر الاول، فانعم ذلك ان سررنا وان السرور وشيك الانقطاع مبلغه عما قليل تصديق الخبر الأول، فهل أنت أنت كائن كرجل قد ذاق الموت وعاين ما بعده، فسأل الرجعة، فاسعف بطلبته، فهو متأهب دائب ، ينقل ما سره من ماله إلى دار قراره لا يرى أن له مالا

غيره، وأعلم ان الليل والنهار لم يزالا دائبين في نقص الاعمار، وانفاد الاموال، وطي الآجال هيهات هيهات قد صبحا عادا وثمودا ، وقرونا بين ذلك كثيرا،

فاصبحوا قد وردوا على ربهم، وقدموا على اعمالهم، والليل والنهار غضان جديدان لا تبليهما ما مرا به ، مستعدان لمن بقي بمثل ما اصابا به من مضى، واعلم انما أنت نظير اخوانك، واشباهك مثلك ، كمثل الجسد قد نزعت قوته، فلم يبق الا حشاشة نفسه، ينتظر الداعي، فنعوذ بالله مما نعظ به، ثم نقصر عنه (1)

ص: 490


1- مستطرفات السرائر : لابن ادريس الحلي 3 634 و 635 ، ط / 1411ه-.

[ الخطبة (21)]

قال العرشي في التخريج ما نصّه : رواها الطبري في تاريخه ج 5 ص 157]

(انتهى) (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن الشريف الرضي ( ت / 406 ه-) في كتابه «خصائص الائمة » مانصّه : وقال : تخففوا تلحقوا». قال الشريف الرضي أبو الحسن : ما اقل هذه الكلمة واكثر نفعها واعظم قدرها وابعد غورها واسطع نورها، وبعد هذه الكلمة قوله : فخلفكم الساعة تحدوكم، وانما ينتظر بأولكم آخركم . (2) وبالاسناد عن الهاروني ( ت / 424ه-) قال : أخبرنا ابو عبدالله احمد بن محمّد البغدادي الآبنوسي ، قال : حدثنا ابو القاسم عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر، قال: حدثني أبو الحسن منصور ابن نصر، قال حدثني أبو عبدالله الحسين بن محمّد بن جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن جعفر بن محمّد، عن أبيه عن آبائه ان امير المؤمنين علیهم السلام علي الخطب الناس وهو متوجه الى البصرة يحرض

علياً

ص: 491


1- راجع استناد : استناد نهج البلاغة.
2- خصائص الائمة : 87، ط / 138ه-.

النّاس الى الجهاد، فحمد الله واثنى عليه ، ثم قال : أيتها الامة، ان الجهاد سَنَام الدين وان الله فرض الجهاد وعظمه فجعله نصرته وناضرته وايم الله ما صلحت الدنيا والدين إلا به ، ألّا وإن الشيطان كان قد استجلب خيله ونصب خدعه فمن أطاع شيطانه لم يعتدل له دينه والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد انكروا منكراً اكتسبوه، وطلبوا بدم سفكوه، وعرض شتموه وحرمة انتهكوها وان أوّل عدلهم

، على انفسهم يريدون ان يرضعوا اماً ،فطمت وان يحيوا بدعة اميتت فيا خيبة للداعي الى من دعا لو قيل له : الى من دعوت ، ومن امامك، والى من سبيلك ؟ لأنزاح الباطل عن مقامه ، ولرأى الطريق واضحاً حيث نهج ، والذي نفسي بيده ان هؤلاء القوم ليعلمون اني محق وهم مبطلون واني معذر اليهم فان قبلوا فالتوبة مقبولة والذنب مغفور وان ابوا اعطيتهم حد السيف، وكفى به ناصراً لمؤمن ومنتصراً لمظلوم (1)

ص: 492


1- تيسير المطالب : 206 ، ط / 1395ه-

[ الخطبة (22)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت /1361ه-) في التخريج: «قوله ألا وإن الشيطان ذمر حزبه ... الى آخره. قال الشارح العلامة أكثر هذا الفصل من الخطبة التي ذكرنا إنه خطبها حين بلغه إن طلحة والزبير خلعا بيعته وفيه زيادة

، ونقصان، وقد أورد السيّد بعضه فيما قبل (1) إلى أن قال: ونحن نورد الخطبة

بتمامها ليتضح المقصود وهي بعد حمد الله... ثم ذكرها إلى آخرها ؛ وفي الشرح أن هذه الخطبة ليست من خطب صفين كما ذكره الراوندي بل من خطب الجمل وقد ذكر كثيراً منها ابو مخنف ... الى آخره؛ ثم ذكر في الشرح جملة خطب والظاهر أن السيّد اختار منها ما أثبته في النهج، أو أنّه وقف عليه مرويا بتمامة برواية لم يقف عليها الشارحان(2)

وقال العرشي في التخريج ما نصّه : « رواها الشيخ في الارشاد (146) ، وشيخ

الطائفة في الأمالي (106) وكتاب الجمل .(129) . (انتهى) (3)

ص: 493


1- راجع الخطبة 10.
2- مدارك نهج البلاغة : 76
3- راجع : استناد نهج البلاغة

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

( ت / 328ه-) في ( الكافي ) عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن محبوب رفعه : أن أمير المؤمنين علیه السلام خطب يوم الجمل، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيّها الناس إني أتيت هؤلاء القوم ودعوتهم واحتججت عليهم ، فدعوني إلى أن أصبر للجلاد وأبرز للطعان (1) فلامهم الهبل ، وقد كنت وما اهدد بالحرب ولا ارهب بالضرب، أنصف القارة من راماها (2). فلغيري فليبرقوا ولير عدوا (3)فأنا أبو الحسن الذي فللت حدهم وفرقت جماعتهم، وبذلك القلب ألقي عدوي، وأنا على ما وعدني ربي من النصر والتأييد والظفر، وإني لعلى يقين من ربّي وغير شبهة من أمري. أيّها الناس إن الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص، ومن لم يمت يقتل، وإن أفضل الموت القتل، والذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على فراش واعجبا لطلحة ألب الناس على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقته بيمينه طائعا ثم نكث بيعتي، اللّهم خذه ولا تمهله. وأن الزبير نكث بيعتي وقطع رحمي وظاهر علي عدوي فاكفنيه اليوم

بما شئت (4)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في الأمالي قال ما نصه: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي

ص: 494


1- الجلاد والطعان المسايفة والمقاتلة والهبل : فقدان الحبيب أو الولد يقال : هبلته أمه وثكلته أي : فقدته . (الوافي).
2- في النهاية : القارة : قبيلة من بنى الهرم من خزيمة سموا قارة لاجتماعهم واتفاقهم يوصفون بالرمي وفي المثل انصف القارة من راماها
3- الّابراق والارعاد : التهديد والفل الكسر.
4- الكافي للشيخ الكليني 5: 5453

قال : حدثنا عبيد الله بن إسحاق الضبّي ، عن حمزة بن نصر، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي قال : لما رجعت رسل أمير المؤمنين علیه السلام من عند طلحة والزبير وعائشة يؤذنونه بالحرب، قام فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على محمّد وآله ثم قال يا أيّها الناس إني قد راقبت هؤلاء القوم كيما يرعووا (1) أو يرجعوا، وقد وبختهم بنكثهم وعرفتهم بغيهم، فليسوا يستجيبون، ألّا وقد بعثوا إلى أن ابرز للطعان واصبر للجلاد ، فإنما منتك نفسك من أبنائنا الاباطيل . هبلتهم الهبول(2) ، قد كنت

وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب، وأنا على ما وعدني ربّي من النصر والتأييد والظفر، وإنّي لعلى يقين من ربّي، وفي غير شبهة من أمري. أيّها النّاس إن الموت لا يفوته المقيم ، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص ، من لم يمت يقتل ، إن أفضل الموت القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده لالف ضربة بالسيف أهون عليَّ من موت على فراش يا عجبا لطلحة، ألّب على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقة يمينه طائعا، ثم نكث بيعتي، وطفق ينعى ابن عفان ظالما ، وجاء يطلبني - يزعم بدمه، والله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث: لئن كان ابن عفان ظالما، كما كان يزعم حين حصره وألّب عليه، إنه لينبغي أن يؤازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه ، وإن كان في تلك الحال مظلوما، إنه لينبغي أن يكون معه، وإن كان في شك من الخصلتين، لقد كان ينبغي أن يعتزله ويلزم بيته ويدع الناس جانبا ، فما فعل من هذه الخصال واحدة، وها هو ذا قد أعطاني صفقة يمينه غير مرّة ثم نكث بيعته، اللهم فخذه ولا تمهله (3)

وقال ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) عن هذه الخطبة انها من خطب الجمل ، ثم

ص: 495


1- أي يكفوا .
2- هيلتهم : ثكلتهم ، والهبول : المرأة الشكول
3- الأمالي ؛ للشيخ الطرسي : 169 - 170.

نقل أربع خطب للامام في ج 1 ص 305 - 311 برواية أبي مخنف (ت / 158ه-) وأبي الحسن علي بن محمد المدائني (ت / 225ه-) والكلبي ( ت / 206ه-) وأبي مخنف، عن زيد بن صوحان ( ت /36ه-) ، ونكتفي هنا بأولها ، قال ما نصه : «وقد ذكر كثيراً منها ابو مخنف رحمه الله تعالى قال: حدثنا مسافر بن عفيف بن أبي الأخنش قال: لما رجعت رسل عليّ علیه السلام من عند طلحة والزبير وعائشة يؤذنونه

بالحرب، قام فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله صلی الله علیه و آله وسلم ، ثم قال : أيها الناس إني قد راقبت هؤلاء القوم كي يرعووا أو يرجعوا ووبختهم بنكثهم ، وعرفتهم بغيهم فلم يستحيوا، وقد بعثوا إليَّ أن أبرز للطعان، وأصبر للجلاد، وإنما تمنيك نفسك أماني الباطل، وتعدك الغرور ألا هبلتهم الهبول، لقد كنت وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب ولقد أنصف القارة من راماها ، فلير عدوا وليبرقوا، فقد رأوني قديما، وعرفوا نكايتي، فكيف رأوني أنا أبو الحسن ، الذي فللت حد

! المشركين ، وفرقت جماعتهم، وبذلك القلب ألقي عدوّي اليوم، وإني لعلى ما وعدني ربي من النصر والتأييد، وعلى يقين من أمري، وفي غير شبهة من ديني. أيها الناس، إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيد ولا محيص، من لم يقتل مات. إن أفضل الموت القتل، والذي نفس علي بيده لالف ضربة بالسيف أهون من موتة واحدة على الفراش. اللهم إن طلحة نكث بيعتي، وألّب على عثمان حتى قتله، ثم عضهني به ورماني . اللّهم فلا تمهله . اللهم إن الزبير قطع رحمي، ونكث بيعتي، وظاهر عليَّ عدوّي، فاكفنيه اليوم بما شئت. ثم نزل(1)

ص: 496


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 306 ؛

[ الخطبة (23)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله : اما بعد فان الأمر ينزل من السماء... الى آخره. اقول روی بعض فقرات هذه الخطبة ابن قتيبة ( ج ل ص (189) ورواه اليعقوبي في تاريخه (1)

وقال العرشي في التخريج مانصه : روى ابو عبيد هذه الجملة في غريب الحديث ( الورق (201 / ب ) وروى نصر بن مزاحم، المتوفى 212 ه- ( 827م ) في كتاب الصفين (17) قوله فاحذروا...) انتهى )(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328 ه-) في « الكافي»: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن يحيى، عن عقيل عن حسن، قال: خطب أمير المؤمنين علیه السلام، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد، فإنه إنما هلك من كان قبلكم حيث ما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك، وإنهم لما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون

ص: 497


1- مدارك نهج البلاغة : 76.
2- راجع : استناد نهج البلاغة.

والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات، فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقربا أجلا ولم يقطعا رزقا، إن الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كقطر المطر إلى كل نفس بما قدّر الله لها من زيادة أو نقصان، فإن أصاب أحدكم مصيبة في أهل أو مال أو نفس ورأى عند أخيه غفيرة في أهل أو مال أو نفس فلا تكونن عليه فتنة ، فإن المرء المسلم البرئ من الخيانة ما لم يغش دناه يظهر فيخشع لها إذا ذكرت ويغري بها لثام الناس ، كان كالفالج الياسر الذي ينتظر أول فوزه من قداحه، توجب له المغنم ويدفع بها عنه المغرم ، وكذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة، ينتظر من الله تعالى إحدى الحسنيين: إما داعي الله ، فما عند الله خير له، وإما رزق الله فإذا هو ذو أهل ومال ومعه دينه وحسبه، إن المال والبنين حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة، وقد يجمعهما الله لأقوام، فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه، واخشوه خشية ليست بتعذير واعملوا في غير رياء ولا سمعة فإنه من يعمل لغير الله يكله الله

إلى من عمل به، نسأل الله منازل الشهداء ومعائشة السعداء ومرافقة الأنبياء. (1) وبالاسناد عن الشيخ الكليني في الكافي : علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب رفعه أن أمير المؤمنين علیه السلام خطب يوم الجمل، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنى أتيت هؤلاء القوم ودعوتهم واحتججت عليهم، فدعوني إلى: أن أصبر للجلاد وأبرز للطعان فلاُمّهم الهبل وقد كنت وما اهدد بالحرب ولا

، ارهب بالضرب، أنصف القارة من راماها، فلغيري فليبرقوا ولير عدوا، فأنا أبو الحسن الذي فللت حدّهم وفرّقت جماعتهم، وبذلك القلب ألقى عدوي وأنا على ما وعدني ربي من النصر والتأييد والظفر، وإني لعلى يقين من ربي وغير شبهة من أمري، أيّها الناس إن الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب، ليس

ص: 498


1- الكافي للشيخ الكليني 5 57 - 58

عن الموت محيص ، ومن لم يمت يقتل، وإن أفضل الموت القتل والذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على فراش واعجبا لطلحة ألب الناس على ابن عفان بيمينه طائعا ثم نكث بيعتي

حتى إذا قتل أعطاني .

اللهم خذه ولا تمهله. وأن الزبير نكث بيعتي وقطع رحمي وظاهر على عدوّي فاكفنيه اليوم بما شئت (1) .

وروى العلامة المجلسي (ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار عن الكافي» (2: 1111ه) (297 عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد محمّد الاشعري، عن ابن القداح ، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: اخشوا الله خشية لیست بتعذير واعملوا الله في غير رياء ولا سمعة فان من عمل لغير الله وكله الله إلى عمله . (2)

وروى ابن عساكر ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق»، قال: أخبرنا أبو ( محمّد هبة الله بن أحمد بن عبد الله ، أنا عاصم بن الحسن بن محمد، أنا محمود بن عمر بن جعفر بن إسحاق، أنا علي بن الفرج بن علي بن أبي روح ، نا عبد الله بن محمّد بن أبي الدنيا، نا أسحاق بن إسماعيل، نا سفيان بن عيينة، عن أبي حمزة، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر قال: قال علي: إن الأمر ينزل من السماء كقطر المطر لكل نفس ما كتب الله لها من زيادة أو نقصان في نفس أو أهل أو مال، فمن رأى نقصا في أهله أو نفسه أو ماله ورأى لغيره عثرة فلا يكونن ذلك له فتنة، فإن المسلم ما لم يعش دناءة تظهر تخشعا لها إذا ذكرت ويغري به لنام الناس كالياسر الفالج ينتظر أول فوزه من قداحه ويوجب له المغنم ويدفع عنه المغرم . فكذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة ينتظر من الله إحدى الحسنيين:

ص: 499


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 5: 5453
2- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 293 469

إذا ما دعا الله فما عند الله خير له، وأما أن يرزقه الله مالا وإذا هو ذو أهل ومال ومعه

حسبه ودينه الحرث حرثان فحرث الدنيا المال والبنون، وحرث الأخرة الباقيات الصالحات، وقد يجمعهما الله لأقوام.

قال سفيان ومن يحسن يتكلم بهذا الكلام إلّا عليّ (1)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق - أيضاً - أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو محمّد أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان ، أنا أبو طاهر محمد بن علي بن عبد الله بن مهدي أنا أبو طاهر أحمد بن محمّد بن عمرو المدني، نا يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة الصدقي ، نا يحيى بن حسان حدثني محمّد بن مسلم بن أبي الوضاح البصري حدثني ثابت أبو سعيد حدثني يحيى بن يعمر: أن علي بن أبي طالب خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنما هلك هلك من ممن كان قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار، أنزل الله بهم العقوبات ، ألا فمروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر قبل أن ينزل بكم الذي نزل بهم، واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقطع رزقا ولا يقرّب أجلا، إن الأمر ينزل من السماء كقطر المطر إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو نقصان في أهل أو مال أو نفس، فإذا أصاب أحدكم النقصان في أهل أو مال أو نفس في الآخرة عقوبة فلا يكونن ذلك له فتنة ؛ فإن المرء المسلم ما لم يعش دناه يظهر تخشعا لها إذا ذكرت ويغري بها لئام الناس ، كان كالياسر الفالج الذي ينتظر أوّل فوزه من قداحه توجب له المغنم وتدفع عنه المغرم ، وكذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة، إنما ينتظر إحدى الحسنيين: إما داعى الله فما عند الله خير له، فأما ما رزق من الله فإذا هو ذو أهل ومال. المال والبنون حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لأقوام.

ص: 500


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 502:42-503

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن عبد الله، أنا عاصم بن الحسن بن محمّد أنا محمود بن عمر بن جعفر بن إسحاق أنا علي بن الفرج بن علي بن أبي روح نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، نا أسحاق بن إسماعيل، نا سفيان بن عيينة، عن أبي حمزة ، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، قال: قال علي : إن الأمر ينزل من السماء كقطر المطر لكل نفس ما كتب الله لها من زيادة أو نقصان في نفس أو أهل أو مال، فمن رأى نقصا في أهله أو نفسه أو ماله ورأى لغيره عثرة ولا يكونن ذلك له فتنة ؛ فإن المسلم ما لم يعش دناه يظهر تخشعا لها إذا ذكرت ويغرى به لنام الناس كالياسر الفالج ينتظر أوّل فوزه من قداحه ويوجب له المغنم ويدفع عنه المغرم ، فكذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة ينتظر من الله إحدى الحسنيين إذا ما دعا الله فما عند الله خير له، وأما أن يرزقه الله مالا وإذا هو ذو أهل ومال ومعه

حسبه ودينه الحرث حرثان، فحرث الدنيا المال والبنون وحرث الأخرة الباقيات الصالحات، وقد يجمعهما الله لأقوام.

قال سفيان ومن يحسن يتكلم بهذا الكلام إلا على. (1)

وبالاسناد عن المتقى الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال عن علي أنه خطب فقال : عشيرة الرجل للرجل خير من الرجل لعشيرته، إنه ان كف يده عنهم كف يدا واحدة وكفوا عنه أيدي كثيرة مع مودّتهم وحفاظهم، ونصرتهم، حتى

، لربما غضب الرجل للرجل وما يعرفه الّا بحسبه، وسأتلو عليكم بذلك آيات من كتاب الله ، فتلا هذه الآية: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (2)قال علي : والركن الشديد العشيرة ، فلم تكن للوط عشيرة ، فوالذي لا إله الا هو ، ما بعث الله نبيا قط بعد لوط الا في ثروة من قومه وتلا هذه الآية في شعيب : ( وَإِنَّا لَنَرَاكَ فينا

ص: 501


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 503 501:42
2- هود: 80

ضَعِيفاً ) (1)قال : كان مكفوفا فنسبوه إلى الضعف، ﴿ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ﴾ (2)قال علي فوالذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم الا العشيرة ( أبو الشيخ ) (3) : وعن المتقي الهندي - أيضاً - في كنز العمال في مسند علي، عن يحيى بن يعمر: أن علي بن أبي طالب خطب الناس الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس ! إنما هلك من كان قبلكم بركوبهم المعاصي، ولم ينههم الربانيون والاحبار، أنزل الله بهم العقوبات، ألا! فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن ينزل بكم الذي نزل بهم ، واعلموا أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقطع رزقا، ولا يقرّب أجلا، إن الأمر ينزل من السماء إلى الارض كقطر المطر إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو نقصان في أهل أو مال أو نفس، فإذا أصاب أحدكم النقصان في أهل أو مال أو نفس ورأى لغيره وغيرة فلا يكوننّ ذلك له فتنة، فان المرء المسلم ما لم يغش دناءة يظهره تخشعا لها إذا ذكرت وتغري به لئام الناس كالياسر الفالج الذي ينتظر أوّل فوزه من قداحه توجب له المغنم وتدفع عنه ،المغرم ، فكذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة إنما ينتظر إحدى الحسنيين إذا ما دعا الله ، فما عند الله هو خير له، وإما أن يرزقه الله مالا فإذا هو ذو أهل ومال

الحرث حرثان: المال والبنون حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الآخرة وقد

يجمعهما الله لاقوام.

قال سفيان بن عيينة : ومن يحسن يتكلم بهذا الكلام إلا علي بن أبي طالب

(ابن أبي الدنيا ، كر) (4)

ص: 502


1- هود: 91
2- هود :91
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 2 : 437 الرقم 4436.
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 206:16 الرقم 44331.

[ الخطبة (25)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج: قوله علیه السلام: ( ما هي إلا (ت ه-) الكوفة ... الى آخره). قال في الشرح هذه الخطبة خطب بها أمير المؤمنين علیه السلام بعد فراغه من صفين وانقضاء امر الحكمين والخوارج، وهي من أواخر خطبه علیه السلام، وقد ذكر السبب فيها الشارح العلامة.(1)

وقال العرشي : رواها أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي المتوفى 346 ه- [ 957م] ختلاف يسير في مروج الذهب ج 2 ص 112 وروى منها الشيخ [ . المفيد الارشاد (163) : «اللهم إني قد مللتهم إلى قوله الملح) في الماء.

(انتهى) (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري (ت / 279ه-) في أنساب الاشراف: ج 2 ص 383 - 385 ، ونصّه : ( حدثني يحيى بن معين، حدثنا سليمان بن داود الطيالسي ، أنبأنا شعبة بن الحجاج ، أنبأنا محمّد بن عبيد الله :قال: سمعت أبا صالح يقول : شهدت علياً ووضع المصحف على رأسه

الثقفي

ص: 503


1- مدارك نهج البلاغة : 76.
2- راجع : استناد نهج البلاغة.

حتى سمعت تقعقع الورق فقال: «اللهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني ذلك، اللهم إني قد مللتهم وملوني وأبغضتهم وأبغضوني، وحملوني على غير خلقي وعلى أخلاق لم تكن تعرف لي، فأبدلني بهم خيراً لي منهم، وأبدلهم بي شراً منّي ؛ مث قلوبهم ميث الملح في الماء ).(1)وبالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 280 ه-) في الغارات روى عن القاسم بن الوليد أن عبيد الله بن العباس وسعيد بن نمران قدما على عليّ علیه السلام وكان عبيد الله عامله على صنعاء، وسعيد بن نمران عامله على الجند خرجا هاربين من بسر بن أبي أرطاة وأصاب ابني عبيد الله بن العباس لم يدركا الحنث فقتلهما. قال: وكان أمير المؤمنين علیه السلام يجلس كل يوم في موضع من المسجد الاعظم يسبح فيه بعد الغداة إلى طلوع الشمس، فلما طلعت الشمس نهض إلى المنبر، فضرب بإصبعيه على راحته وهو يقول: ما هي إلّا الكوفة أقبضها وأبسطها .

لعمر أبيك الخير يا عمرو إنني*** على وضر من ذا الاناء قليل

ومن حديث بعضهم أنه قال : لو لم تكوني إلا أنت تهب أعاصيرك فقبحك الله . ثم رجع إلى الحديث، ثم قال: أيها الناس، ألا إن بسراً قد اطلع ،اليمن، وهذا عبيد الله بن عباس وسعيد بن نمران قدما عليَّ هاربين، ولا أرى هؤلاء القوم إلا ظاهرين عليكم لاجتماعهم على باطلهم وتفرّقكم عن حقكم، وطاعتهم لامامهم ومعصيتكم لامامكم، وبأدائهم الامانة إلى صاحبهم وخيانتكم إياي، إني وليت

فلانا فخان وغدر ، واحتمل فين المسلمين إلى معاوية، ووليت فلانا فخان وغدر وفعل مثله ، فصرت لا أئتمنكم على علاقة سوط، وإن ندبتكم إلى عدوّكم في الصيف قلتم : أمهلنا ينسلخ الحرّ عنا، وإن ندبتكم في الشتاء قلتم : أمهلنا ينسلخ

ص: 504


1- انساب الاشراف 3 383 - 385

القرّ عنّا، اللهم إني قد مللتهم وملوني وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم من هو خير لي منهم ، وأبدلهم بي من هو شرّ لهم منّي ، اللهم من قلوبهم ميث الملح في الماء، ثم نزل.(1)

وقد قال ابو الحسن علي بن الحسين المسعودي ( ت / 346ه- ) ما نصه : ( خطبة

ا

لعلي بن ابي طالب يعاتب اصحابه: حدثنا المنقري، قال: حدثنا عبد العزيز بن الخطاب الكوفي قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، قال : لما غلب بسر بن ارطاة على اليمن، وكان من قتله لابني عبيد الله بن عباس، وكان لأهل مكة والمدينة واليمن ما كان، قام علي بن أبي طالب علیه السلام خطيباً فحمد الله واثنى عليه، وحصلى على نبيه محمّد صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ان بسر بن ارطاة قد غلب على اليمن والله ما أرى هؤلاء القوم الا سيغلبون على ما في أيديكم، وما ذلك بحق في أيديهم ولكن بطاعتهم واستقامتهم لصاحبهم، ومعصيتكم لي وتناصرهم وتخاذلكم و اصلاح بلادهم وافساد بلادكم ، وتالله يا أهل الكوفة لوددت اني صرفتكم صرف الدنانير العشرة بواحد، ثم رفع يديه فقال: اللهم اني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني، فابدلني بهم خيراً منهم ، وابدلهم بي شراً منّي، اللهم عجل عليهم بالغلام الثقفي الذيال الميال، يأكل خضرتها، ويلبس فروتها ، ويحكم فيها بحكم الجاهلية: لا يقبل من محسنها، ولا يتجاوز عن مسيئها.

قال: وما كان ولد الحجاج يومئذ ».(2)

قال الجلالي: وقد تقدم الاسناد الى المنقري ( ت / 212 )في المقدمة، فراجع. وبالاسناد الى أبي الفرج علي بن الحسين الاصفهاني (ت / 356ه- ) ما نصّه: فحدثني العباس بن على بن العباس النسائي، قال: حدثنا محمّد بن حسان

ص: 505


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 2 : 635 و 636
2- مروج الذهب 3 142 ، ط / بيروت.

الأزرق، قال حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا قيس بن الربيع، عن عمرو بن قيس ، عن أبي صادق (1) قال : أغار خيل لمعاوية على الأنبار، فقتلوا عاملا لعلى، عليه السلام، يُقال له : حسان بن حسان وقتلوا رجالاً كثيرا ونساءا، فبلغ ذلك علي بن أبي طالب، صلوات الله عليه، فخرج حتى أتى المنبر ،فرقيه فحمد الله

وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم، ثم قال : إن الجهاد باب من أبواب الجنة، فمن تركه ألبسه الله ثوب الذلة وشمله البلاء، وديث بالصغار، وسيم الخسف، وقد قلت لكم : اغزوهم قبل أن يغزوكم، فإنه لم يغز قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم ، وتركتم قولي وراءكم ظهريا، حتى شنّت عليكم الغارات هذا أخو غامد قد جاء الانبار، فقتل عاملي عليها حسان بن حسان وقتل رجالاً كثيرا ونساءا والله لقد بلغني أن الرجل منهم كان يأتى المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينزع حجلها ورعاثها(2) ، ثم ينصرفون ،موفورين لم يكلم أحد كلما ، فلو أن امراً مسلما مات من دون هذا أسفا لم يكن عليه ملوما بل كان به منهم

جديرا يا عجبا عجبا يميت القلب، ويشعل الاحزان من اجتماع هؤلاء القوم على ضلالتهم وباطلهم ، وفَشَلكم عن حقكم، حتى صرتم ،غرضا، ترمون ولاترمون، وتغزون ولاتغزون ، ويعصى الله وترضون. إذا قلت لكم اغزوهم في

: الحر ؛ قلتم : هذه حمارة القيظ ، فأمهلنا ؛ وإذا قلت لكم اغزوهم في البرد ؛ قلتم : هذا أوان قرّ وصرّ فأمهلنا ؛ فإذا كنتم من الحر والبرد تفرون، فأنتم والله من السيف أشد .فرارا يا أشباه الرجال ولا رجال ويا طغام الأحلام، وعقول ربات الحجال. وددت والله أنّي لم أعرفكم، بل وددت أني لم أركم، معرفة والله جرت بلاء

ص: 506


1- الأغاني 17 : 6082 ، ط / دار الشعب ، سنة 1969م.
2- المعاهدة الذمية. والحجل بالكسر خلخالها ، والقلب بالضم سوارها . والرعات بالفتح ويحرك بمعنى القرط ويروى رعتها بضم الراء والعين جمع رعاث جمع رعثة جميع رعنة

وندماً، وملأتم جوفي غيظاً بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إنّ ابن أبي طالب صلی الله علیه و آله وسلم رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب. ويحهم ! هل فيهم أشد مراسا لها

؟ والله لقد دخلت فيها وأنا ابن عشرين، وأنا الآن قد نيفت على الستين

ولكن لا رأي لمن لا يطاع . فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين صلی الله علیه و آله وسلم، أنا كما قال الله تعالى : ( لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي

وَأَخِي ) (1) ، فمرنا بأمرك، فوالله لنطعينك ولو حال بيننا وبينك جمر الغضى وشوك القتاد ؛ قال : وأين تبلغان مما أُريد ؟ - هذا أو نحوه - ثم نزل. (2) وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في الارشاد : حيث نقل خطبة طويلة مطلعها ومن كلامه في مقام آخر أيها الناس، إني استنفرتكم لجهاد هؤلاء القوم فلم تنفروا ، وأسمعتكم فلم تجيبوا ، ونصحت لكم فلم تقبلوا شهود كالغيب ، أتلو عليكم الحكمة فتعرضون عنها ، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها ، كأنكم حمر مستنفرة فرّت من قسورة، وأحثكم على جهاد أهل الجور فما آتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ، ترجعون إلى مجالسكم تتربعون حلقا، تضربون الامثال وتناشدون الاشعار وتجسسون الاخبار، حتى إذا تفرقتم تسألون عن الاسعار ، جهلة من غير علم، وغفلة من غير ورع وتتبعا في غير خوف، نسيتم الحرب والاستعداد لها، فأصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها، شغلتموها بالاعاليل والاباطيل. فالعجب كل العجب، وما لي لا أعجب من اجتماع قوم على باطلهم، وتخاذلكم عن حقّكم يا أهل الكوفة ، أنتم كام مجالد حملت فأملصت فمات ،قيمها، وطال تأيمها، وورثها أبعدها. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إن من ورائكم للأعور الادبر جهنم الدنيا لا تبقي ولا تذر ، ومن بعده

ص: 507


1- المائدة : 25
2- الأغاني :17 : 6082 ، ط دار الشعب، سنة 1969م.

النهاس الفراس الجموع المنوع، ثم ليتوارثنكم من بني أمية عدة، ما الآخر بأرأف بكم من الأول، ما خلا رجلا واحدا ، بلاء قضاه الله على هذه الامة لا محالة كائن ، يقتلون خياركم، ويستعبدون أراذلكم، ويستخرجون كنوزكم وذخائركم من جوف حجالكم، نقمة بما ضيعتم من أموركم وصلاح أنفسكم ودينكم يا أهل الكوفة ، أخبركم بما يكون قبل أن يكون لتكونوا منه على حذر، ولتنذروا به من

اتعظ واعتبر كأني بكم تقولون إن عليا يكذب، كما قالت قريش لنبيّها صلی الله علیه و آله وسلم وسيّدها نبي الرحمة محمّد بن عبد الله حبيب الله ، فيا ويلكم ، أفعلى من أكذب!؟ أعلى الله، فأنا أوّل من عبده ووحده أم على رسوله، فانا أول من آمن به وصدقه ونصره ! كلا ولكنها لهجة خدعة كنتم عنها أغبياء. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة

لتعلمنّ نبأه بعد حين ، وذلك إذا صيّركم إليها جهلكم ، ولا ينفعكم عندها علمكم ، فقبحا لكم يا أشباه الرجال ولا رجال حلوم الاطفال وعقول ربات ،الحجال، أم والله أيّها الشاهدة ،أبدانهم الغائبة عنهم عقولهم المختلفة أهواؤهم، ما أعزّ الله نصر من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ولا قرّت عين من آواكم، كلامكم

، يوهي الصمّ الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم عدوّكم المرتاب يا ويحكم ، أي دار بعد داركم تمنعون ومع أي إمام بعدي تقاتلون المغرور - والله - من غررتموه من فاز بكم فاز بالسهم الاخيب، أصبحت لا أطمع في نصركم، ولا أصدق

قولكم ، فرّق الله بيني وبينكم وأعقبني بكم من هو خير لي منكم وأعقبكم من هو شر لكم منّي . إمامكم يطيع الله وانتم تعصونه ، وإمام أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه، والله لوددت أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم ، فأخذ منى عشرة منكم وأعطاني واحدا منهم. والله لوددت أني لم أعرفكم ولم تعرفوني فإنها معرفة جرّت ندما. لقد وريتم صدري غيظا ، وأفسدتم عليّ أمري بالخذلان والعصيان ، حتى لقد قالت قريش إن عليا رجل شجاع لكن لا علم له بالحروب

ص: 508

لله درّهم، هل كان فيهم أحد أطول لها مراسا منّي ! وأشد لها مقاساة ! لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ثم ها أنا ذا قد ذرفت على الستين، لكن لا أمر لمن لا يطاع . أم والله لوددت أن ربي قد أخرجني من بين أظهركم إلى رضوانه، وان

، المنية لترصدني فما يمنع أشقاها أن يخضبها - وترك يده على رأسه ولحيته - عهد عهده إلى النبيّ الأمي . وقد خاب من افترى ونجا من اتقّى وصدّق بالحسنى. يا أهل الكوفة، دعوتكم إلى جهاد هؤلاء ليلا ونهارا وسرا وإعلانا، وقلت لكم : اغزوهم، فإنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم وثقل عليكم قولي ، واستصعب عليكم أمري، واتخذتموه وراءكم ظهريا، حتى شنّت عليكم الغارات، وظهرت فيكم الفواحش والمنكرات تمسيكم وتصبحكم كما فعل بأهل المثلات من قبلكم، حيث أخبر الله تعالى عن الجبابرة والعتاة الطغاة، والمستضعفين الغواة، في قوله تعالى : ( يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاهُ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ )(1) أم والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد حل بكم الذي ) توعدون عاتبتكم - يا أهل الكوفة - بمواعظ القرآن فلم أنتفع بكم، وأدبتكم

بالدرة فلم تستقيموا وعاقبتكم بالسوط الذي يقام به الحدود فلم ترعووا، ولقد

، علمت أن الذي يصلحكم هو السيف، وما كنت متحريا صلاحكم بفساد نفسي

ولكن سيسلط عليكم من بعدي سلطان صعب لا يوقر كبيركم ، ولا ير. صغيركم، ولا يكرم عالمكم ، ولا يقسم الفئ بالسوية بينكم، وليضربنكم ويذلنكم ويجهزنكم في المغازي ويقطعن سبيلكم ، وليحجبنكم على بابه، حتى يأكل قويكم ضعيفكم ، ثم لا يبعد الله إلا من ظلم منكم، ولقلما أدبر شي ثم أقبل ، وإني

لاظنكم في فترة، وما علي إلا النصح لكم.

ص: 509


1- البقرة : 49.

يا أهل الكوفة ، منيت منكم بثلاث واثنتين صم ذوو أسماع ، وبكم ذوو السن وعمي ذوو أبصار ، لا إخوان صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء . اللّهم إني قد مللتهم وملّوني، وستمتهم وسئموني. اللّهم لا ترض عنهم أميرا ولا ترضهم عن أمير وأمث قلوبهم كما يماث الملح في الماء. أم والله لو أجد بدا من كلامكم ومراسلتكم ما فعلت، ولقد عاتبتكم في رشدكم حتى لقد سئمت الحياة، كل ذلك تراجعون بالهزء من القول فرارا من الحق، وإلحادا إلى الباطل الذي لا يعز الله بأهله الدين واني لاعلم أنكم لا تزيدونني غير تخسير، كلما أمرتكم بجهاد عدوكم انا قلتم إلى الارض، وسألتموني التأخير دفاع ذي الدين المطول. إن قلت لكم في القيظ سيروا ، قلتم الحر شديد، وإن قلت لكم في البرد سيروا قلتم : القر شديد ، كل ذلك فرارا عن الجنة . إذا كنتم عن الحر والبرد تعجزون، فأنتم عن حرارة السيف أعجز وأعجز، فإنّا لله وإنّ إليه راجعون.

يا أهل الكوفة ، قد أتاني الصريخ يخبرني أن أخا غامد قد نزل الانبار على أهلها ليلا في أربعة آلاف، فأغار عليهم كما يغار على الروم والخزر، فقتل بها عاملي ابن حسان وقتل معه رجالا صالحين ذوي فضل وعبادة ،ونجدة بوّأ الله لهم جنات النعيم، وأنه أباحها ، ولقد بلغني أن العصبة من أهل الشام كانوا يدخلون على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة، فيهتكون سترها، ويأخذون القناع من رأسها ، والخرص من أذنها، والاوضاح من يديها ورجليها وعضديها، والخلخال والمئزر من سوقها، فما تمتنع إلا بالاسترجاع والنداء: يا للمسلمين، فلا يغيثها مغيث، ولا ينصرها .ناصر فلو أن مؤمنا مات من دون هذا أسفا ما كان عندي ملوما ، بل كان عندي بارا محسنا . واعجبا كل العجب من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقكم ! قد صرتم غرضا يرمى ولا ترمون وتغزون ولا تغزون ويعصى الله وترضون تربت أيديكم يا أشباه الابل غاب عنها رعاتها،

ص: 510

كلّما اجتمعت من جانب تفرقت من جانب (1)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق، قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي الفرضي، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن فهد الأزدي الموصلي القاضي، أنا أبو يعلى أحمد بن على بن المثنى، نا بندار، نا أبو داود نا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الله بن الحارث يحدث عن زهير بن الأقمر ، قال : خطبنا علي بن أبي طالب فقال : ألا إن بسرا قد طلع عليه من قبل معاوية، ولا أرى هؤلاء القوم إلا سيظهرون عليكم باجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم، وبطاعتهم أميرهم ومعصيتكم أميركم، وبأدائهم الأمانة وبخيانتكم استعملت فلانا فغل وغدر وحمل المال إلى معاوية، واستعملت فلانا فخان وغدر وحمل المال إلى معاوية حتى لو ائتمنت أحدهم على قدح خشيت على علاقته ، اللّهم إني أبغضتهم وأبغضوني، فأرحهم منّي وأرحني منهم.(2)

وقال قرأت على أبي محمّد السلمي عن أبي محمّد التميمي، أنبأنا أبو القاسم تمام الرازي أخبرني أبي حدثنا أبو العباس محمّد بن جعفر بن ملاس حدثنا الحسن بن محمّد بن بكار بن بلال حدثني أبي، عن أبيه حدثني أبو عمرو الأنصاري، أن عليا قال لأهل العراق: إن بسر بن أبي أرطأة قد صعد إلى اليمن، ولا أحسب هؤلاء القوم إلا ظاهرين عليكم - يعني أهل الشام - وما ذاك أنهم أولى بالحق ،منكم، ولكن ذاك لاجتماعهم على أمرهم وافتراقكم، وإصلاحهم في بلادهم وأدائهم الأمانة وخيانتكم، والله أعلم والله لقد ائتمنت فلانا فخانتي وفلانا فخانني فعدد ، وفلانا وليته فحمل ما جمع من المال فانطلق به إلى معاوية،

ص: 511


1- الارشاد ؛ للشيخ المفيد 1 : 283 278
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساکر 319:1 و 320

ولقد خيل إلي أني لو ائتمنت أحدكم على قدح لسرق ،علاقته ، اللهم إني قد مللتهم وملوني، اللهم اقبضني إلى رحمتك وأبدلهم بي من هو شر لهم منّي (1)وقال : أخبرنا أبو عبد الله الفراوي وأبو المظفر بن القشيري قالا : أنا أبو عثمان البحيري ، أنا جدي أبو الحسين، أنا أبو محمّد أحمد بن إبراهيم بن عبد الله نصر بن زياد نا جرير عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث عن زهير بن الأقمر الزبيدي قال: خطبنا علي فقال : أنبئت بسرا قد اطلع اليمن ؛ وإني والله قد حسبت أن يدخل هؤلاء القوم عليكم، وما بي أن يكونوا أوّلى بالحق منكم ولن تطيعوني في الحق كما يطيعون إمامهم في الباطل، فأظهروا عليكم ولكن بصلاحهم في أرضهم وفسادكم في أرضكم، وطواعيتهم إمامهم وعصيانكم إمامكم ، وبأدائهم الأمانة وخيانتكم، استعملت فلانا فخان وغدر

واستعملت فلانا فخان وغدر واستعملت فلانا فخان وغدر واستعملت فلانا

قال: فخان وغدر وحمل المال إلى معاوية فوالله لو أني أمنت أحدكم على قدح لخشيت أن يذهب بعلاقته ؛ اللّهم قد كرهتهم وكرهوني، وسئمتهم وسأموني اللّهم فأرحني منهم وأرحهم منّي ، قال : فما جمع (2) وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال » عن علي إني لا أرى هؤلاء القوم إلا ظاهر بن بتفرقكم عن حقكم واجتماعهم على باطلهم وإن الإمام ليس بشاق شعرة وأنه يخطئ ويصيب، فإذا كان عليكم إمام يعدل في الرعية ويقسم بالسوية اسمعوا له وأطيعوا وأن الناس لا يصلحهم إلا إمام بر أو فاجر، فان كان برا فللراعي والرعية، وإن كان فاجرا عبد فيه المؤمن ربه وعمل فيه الفاجر إلى أجله، وأنكم ستعرضون على سبّي وعلى البراءة منّي ، فمن سبني فهو

ص: 512


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساکر 361:10
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 535:42

في حل من سبي ولا يبرأ من ديني فاني على الاسلام (ش)(1) وبالاسناد عن المتقي الهندي في كنز العمال أيضا : عن زهير بن الاقمر قال: خطبنا علي بن أبي طالب فقال : ألّا ! إن بشرا قد طلع من قبل معاوية، ولا أرى

هؤلاء القوم إلا سيظهرون عليكم باجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم وبطاعتهم أميرهم ومعصيتكم أميركم ، وبأدائهم الامانة وبخيانتكم، استعملت فلانا فغل وغدر وحمل المال إلى معاوية، واستعملت فلانا فخان وغدر وحمل المال إلى معاوية، حتى أني لو ائتمنت أحدهم على قدح خشب غل علاقته ما

آمنه اللهم إني أبغضتهم وأبغضوني فأرحهم منّي وأرحني منهم (كر) (2)وبالاسناد عن المتقي الهندي في كنز العمال عن عبيد قال: سمعت عليا يخطب يقول: اللّهم إني قد سئمتهم وسئموني ومللتهم وملوّني فأرحني منهم وأرحهم منّي، ما يمنع أشقاكم أن يخضبها بدم، ووضع يده على لحيته. (عب

و ابن سعد )(3)

وفي كنز العمال: عن عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت عليا وقد وطئ الناس على عقبيه حتى أدموهما وهو يقول: اللّهم ! إني قد مللتهم وملوني فأبدلني خيرا منهم وابدلهم بي شرًا منّي، فما كان إلا ذلك اليوم حتى ضرب على

بهم

رأسه. (كر) (4)

وأيضا عن سعيد بن المسيب قال: رأيت عليا على المنبر وهو يقول: لتخضين

هذه من هذه وأشار بيده إلى لحيته وجبينه، فما حبس فما حبس أشقاها، فقلت أشقاها، فقلت: لقد ادعى

ص: 513


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 5 : 780 ، الرقم 14368
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 197 الرقم 36489
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13: 191 الرقم 36570.
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 : 191 الرقم 36570.

عليّ به علم الغيب ، فلما قتل علمت أنه قد كان عهد إليه . (كر ) (1)

وعن أبي صالح الحنفي قال: رأيت علي بن أبي طالب أخذ المصحف فوضعه

على رأسه، ثم قال : اللّهم ! إنهم منعوني ما فيه فأعطني ما فيه ، ثم قال اللهم إني قد مللتهم وملّوني وأبغضتهم وأبغضوني وحملوني ع-ل-ي غ-ي-ر طبيعتي وخلقي وأخلاق لم تكن تعرف لي، فأبدلني بهم خيرا منهم وابدلهم بي شرًا منّي ، اللهم! أمت قلوبهم ميت الملح في الماء يعني أهل الكوفة. (كر )(2)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق»: أخبرنا أبو عبد الله الغراوي وأبو المظفر بن القشيري، قالا: أنا أبو عثمان البحيري، أنّا جدي أبو الحسين ، أنا أبو محمّد أحمد بن إبراهيم بن عبد الله أنا نصر بن زياد نا جرير عن الأعمش، عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث، عن زهير بن الأقمر الزبيدي قال : خطبنا علي فقال: أنبثت بسرا قد اطلع اليمن، وإني والله قد حسبت أن يدخل هؤلاء القوم عليكم وما بي أن يكونوا أولى بالحق منكم، ولن تطيعوني في الحق كما يطيعون إمامهم في الباطل، فأظهروا عليكم، ولكن بصلاحهم في أرضهم وفسادكم في أرضكم، وطواعيتهم إمامهم وعصيانكم إمامكم، وبأدائهم الأمانة وخيانتكم استعملت فلانا فخان وغدر واستعملت

فلانا فخان وغدر، واستعملت فلانا فخان ،و غدر واستعملت فلانا فخان وغدر وحمل المال إلى معاوية، فوالله لو أني أمنت أحدكم على قدح لخشيت أن يذهب بعلاقته ، اللهم قد كرهتهم وكرهوني وسئمتهم وسأموني، اللّهم فأرحني منهم وأرحهم منّي. قال : فما جمّع . (3)

ص: 514


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 : 194 الارقام 36579 - 63581
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 : 194 الارقام 36579 - 63581 63581
3- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 535

وعن ابن عساكر ( ت / 571ه-) في ( تاريخ مدينة دمشق»: أخبرنا أبو بكر

وجيه بن طاهر، أنا أحمد بن الحسن بن محمّد، أنا الحسن بن أحمد المخلدي أنا أبو بكر الإسفرايني نا موسى بن سهل نا نعيم بن حماد ، نا إبراهيم بن سعد،

، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، قال: لقد سمعت عليا وقد وطئ الناس على عقبيه حتى أدموهما وهو يقول: اللهم إني قد مللتهم وملوني ، فأبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرًا منّي.

قال : فما كان إلا ذلك اليوم حتى ضرب على رأسه.(1) أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، نا إبراهيم بن سعد عن شعبة، عن أبي عون محمّد بن عبد الله الثقفي، عن أبي صالح الحنفي، قال: رأيت علي بن أبي طالب آخذا بمصحف فوضعه على رأسه حتى إني لأرى ورقه تتقعقع ، ثم قال : اللّهم إنهم منعوني أن أقوم في الأمة بما فيه فأعطني ما فيه، ثم قال: اللهم إني قد مللتهم وملّوني وأبغضتهم وأبغضوني وحملوني على غير طبيعتي وخلقي وأخلاق لم تكن تعرف لي فأبدلني بهم خيرا

منهم وأبدلهم بي شرًا منّي ، اللهم أمث قلوبهم ميث الملح في الماء.

قال إبراهيم: يعني أهل الكوفة (2)

تمّ المجلد الأوّل ويليه المجلد الثاني وأوّله :

الخطبة 26

ص: 515


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 535 534:43
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 : 535 534

ص:516

فهرس المحتوى

كلمة المكتبة ... 5

مقدّمة المحقّق ... 7

مقدّمة المؤلف ... 11

منهجية الدراسة ... 17

1- الاسناد ... 17

2 - التعقيبات ... 17

3- الموافقات ... 18

ما هو نهج البلاغة ؟ ... 21

جدول الأعمال حول نهج البلاغة عبر ... 22

عنوان نهج البلاغة ... 23

شجرة الأسرة ... 25

الشريف الرضي ... 27

من تواريخ حياته ... 32

والده ... 34

عمّه ... 36

ص: 517

أُمّه ... 37

خاله ... 40

أخوه الشريف المرتضى ... 42

شقيقتاه ... 44

ولدهُ ... 46

مشایخه ... 46

مؤلفاته ... 49

وفاته ... 52

من مصادر الترجمة ... 53

من هو جامع نهج البلاغة ؟ ... 55

تعقیب ... 59

أدلة خمسة ... 60

إرجاعات الجامع ... 61

في تراث أهل البيت علیهم السلام ...64

شبهات وحلول ... 65

أماّ الشبهات ... 68

الشبهة الأولى - خلق الكتب الأدبية ... 69

الشبهة الثانية - ما ورد فيه من الأفكار السامية ... 70

الشبهة الثالثة - طول بعض الخطب ... 72

الشبهة الرابعة - التعريض ببعض الصحابة ... 73

الشبهة الخامسة - ظهور الروح الصوفي الفلسفي ... 76

الشبهة السادسة - الوصف الدقيق ... 79

الشبهة السابعة - الإخبار بالغيب ... 82

الشبهة الثامنة - العلاقة بين الإنشاء والقلم ... 84

الشبهة التاسعة - الأعداد والتقاسيم المتوازية ... 85

ص: 518

الشبهة العاشرة - طابع الصنعة ... 88

الاسناد إلى جامع نهج البلاغة الشريف الرضي ... 92

وبالاسناد عن القطب الراوندي ... 94

وبالاسناد عن الشهيد الأول ... 95

وبالاسناد عن ابن شهر اشوب ... 95

مع رواة نهج البلاغة ... 95

1 - أحمد بن علي بن قدامة ... 96

2 - جعفر الدوريستي ... 97

3 - سبط بشر الحافي ... 101

4- محمّد بن الحسن الطوسي ... 103

5- محمّد بن علي الحلواني ... 104

6 - أبو منصور العُكْبَری ... 105

7- أبو زيد الكيابكي ... 106

8- النقيبة بنت المرتضى ... 111

نصوص الإجازات ... 112

السند الأول - إجازة فريد خراسان ابن فندق ... 113

السند الثاني - إجازة الشعيري ... 113

السند الثالث : إجازة علي بن فضل الله بن علي بن عبيد الله بن علي الراوندي ... 115

إجازة أبي نصر الطبيب ... 117

إجازة عبد الله بن حمزة الطوسی ... 120

إجازة يحيى بن سعيد ... 120

إجازة علي بن الحسن بن سعيد الهذلي ... 121

إجازة محمّد بن الحسن بن محمّد العلوي ... 122

إجازة الشهيد الأوّل ... 124

إجازة العلامة البياضي ... 124

ص: 519

إجازات المحقق الكركي ... 125

إجازة الشهيد الثاني زين الدين ... 126

إجازة الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ... 126

إجازة العلامة المجلسي ... 129

إجازة الشيخ الحر العاملي، صاحب الوسائل ... 129

إجازة السيد أبي محمّد الحسن صدر الدين الموسوي ... 130

مشجرة السيد أبي القاسم الطباطبائي التبريزي ... 131

تبصرة ... 133

إجازة عمرو بن جميل النهدي الزيدي ... 134

مصادر المسند ... 141

وبالاسناد عن العلامة الحلي ... 143

وبالاسناد عن ابن شهر اشوب ... 143

وبالاسناد عن أحمد بن علي النجاشي ... 144

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ... 144

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ... 144

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ... 145

وبالاسناد عن أحمد بن علي النجاشي ... 145

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ... 145

وبالاسناد عن أحمد بن علي النجاشي ... 146

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ... 147

وبالاسناد عن أحمد بن علي النجاشي ... 147

وبالاسناد عن الشيخ الطوسی ... 147

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ... 148

الاهتمام بنهج البلاغة عبر القرون ... 148

عصر الشريف الرضي ... 150

ص: 520

نسخة الأصل ... 150

في القرن السادس ... 153

في القرن السابع ... 159

في القرن الثامن ... 167

في القرن التاسع ... 172

في القرن العاشر ... 175

في القرن الحادي عشر ... 179

في القرن الثاني عشر ... 187

في القرن الثالث عشر ... 192

في القرن الرابع عشر ... 195

في القرن الحاضر ... 201

أشهر ترجمات وشروح نهج البلاغة ؛ في هذا القرن ... 203

من اللغات العالمية ... 207

المشاريع العلمية حول نهج البلاغة ... 208

شرح خطبة نهج البلاغة ... 215

المقطع الأول : في براعة الاستهلال ... 215

المقطع الثاني : في تأليف خصائص الأئمة علیهم السلام ... 218

المقطع الثالث : في سبب الجمع ... 222

لجنة نظام العقد ... 223

المقطع الرابع : منابع فكر الإمام علیه السلام ... 227

المقطع الخامس : في بلاغة الأمام علیه السلام ... 228

المقطع السادس : في تبويب الكتاب ... 230

المقطع السابع : في الاستدراك ... 231

المقطع الثامن : في اسلوب الانتقاء ... 234

المقطع التاسع : في شخصية الإمام علیه السلام ...

238

ص: 521

المقطع العاشر : في اختلاف الروايات ... 240

المقطع الحادي عشر: في مصادر الكتاب ... 241

مصادر أخرى ... 245

المقطع الثاني عشر : في تسمية الكتاب ... 248

نموذج من اختلاف النسخ ... 250

هذه النسخة ... 254

مسند نهج البلاغه/255

تمهيد ... 257

ما هي البلاغة ؟ ... 257

اسلوب الرضي ... 259

أهمال الأسانيد ... 260

انتخاب المرويات ... 260

تنظيم النصوص ... 261

نقض الاسلوب ... 263

اولاً - التكرار في الخطب ... 263

ثانياً - التكرار في الكتب ... 265

ثالثاً - التكرار في الحكم ... 266

وأخيراً - الحكم الطويلة ... 268

غريب الكلام ... 268

مصادر النهيج ... 269

المصدر الاول ... 270

البيان والتبيين ؛ لابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ... 270

مفاد التعليق ... 271

ص: 522

الخطبة الأولى في البيان والتبيين ] ... 276

[ الخطبة الثانية في البيان والتبيين ] ... 277

الخطبة الثالثة في البيان والتبيين ] ... 280

الخطبة الرابعة في البيان والتبيين ] ... 280

الخطبة الخامسة في البيان والتبيين ] ... 281

فواتح الكتب ... 282

المصدر الثاني ... 284

كتاب الجمل ، لابي عبد الله محمد بن عمر الواقدي ... 284

المصدر الثالث ... 285

المغازي، لأبي عثمان سعيد بن سعيد بن يحيى الأموي ... 285

المصدر الرابع ... 286

کتاب المقامات ، لابي جعفر محمد بن عبد الله الاسكافي ... 286

المصدر الخامس ... 287

المقتضب، لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد ... 287

المصدر السادس ... 290

تاريخ الرسل والملوك ، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ... 290

المصدر السابع ... 292

كتاب الغريب ، لأبي عبيدة القاسم بن سلام الهروي ... 292

ومن مصادر الشريف الرضى كتابه ... 294

«مجازات الآثار النبوية» ... 294

ومن مصادر الشريف الرضي ... 294

كتاب الحلف ؟»، تأليف هشام الكلبي ... 294

مصادر اخر ... 295

لماذا لم يذكر المصادر الأخرى ؟ ... 302

مقارنة المصادر ... 305

ص: 523

مقارنة الخطب ... 305

مقارنة الكتب ... 310

مقارنة الحكم ... 313

أسانيد نهج البلاغة ... 319

مقارنة بين المتابعات والموافقات ... 320

هذا المسند ... 327

أسانيد نهج البلاغة ... 329

والمنهج الذي اتبعته في هذا الكتاب ، أمور ... 330

الأسانيد العامة ... 334

الاسناد الاول - الى مصادر أهل البيت علیهم السلام ... 334

وبالاسناد عن المجلسي ... 335

وبالاستاد عن بحر العلوم ... 336

وبالاسناد عن سليمان الماحوزي ... 336

وبالاسناد عن المجلسى ... 336

وبالاسناد عن عن العلامة الحلي ... 337

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ... 337

وبالاسناد عن الشيخ المفيد ... 337

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ... 337

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ... 338

وبالاستاد عن محمد بن مكى الشهيد الأوّل ... 338

وبالاسناد عن القطب الراوندي ... 339

وبالاسناد عن القطب الراوندي ... 339

وبالاسناد عن القطب الراوندي ... 339

وبالاسناد عن الشهيد الأوّل ... 340

وبالاسناد عن ابن شهر اشوب ... 340

ص: 524

الاسناد الثاني - الى مصادر غير أهل البيت علیهم السلام ... 340

وعن الفاداني عالي ... 341

وعن الفاداني ... 341

وعن الفاداني عالياً ... 342

وعن الفاداني ... 342

وبالاسناد عن السيّد محمّد عبد الحي الكتاني ، بطرقة في فهرس الفهارس ... 342

وعن الزهاوي ... 342

وعن العلوي ... 343

وبالاسناد عن محمّد بن عبد الحي الكتاني ... 343

وعن العلو ... 344

وبالاسناد عن الشوكاني ... 344

وعن شيخنا الفاداني عاليا ... 344

وبالاسناد عن الكتاني ... 345

وبالاستاد الى العسقلاني ... 345

وبالاسناد عن الحافظ أبي الفضل احمد بن حجر العسقلاني ... 346

وبالاسناد عن الزبيدي ... 346

وبالاسناد إلى السيوطي ... 346

وبالاسناد عن زكريا الانصاري ... 347

وبالاسناد عن ابن حجر العسقلاني ... 347

وبالاسناد عن زكريا الأنصاري ... 348

وبالاسناد عن ابن حجر العسقلاني ... 348

وبالاسناد عن زكريا الانصاري ... 349

وعن احمد بن حجر العسقلاني ... 349

الاسناد الثالث الى مصادر الزيود ... 350

فمن المصادر التي رويت عنهم ... 350

ص: 525

وبالاسناد عن الواسعي ... 351

(ح) وايضاً اروي اجازة ... 351

وبالاسناد عن الشيخ عبد الواسع الواسعي ... 351

وبالاسناد عن السيّد احمد بن يوسف بن زيارة ... 352

وبالاسناد عن صارم الدين ابراهيم ... 352

الأسانيد الخاصة ... 354

الى مصادر هذا المسند (حسب وفيات اصحابها) ... 354

فما عن مالك بن أنس الأصبحي، إمام دار الهجرة ... 354

وما عن المنقري ، بالاسناد الاول عن الطوسي ... 356

وبالاسناد الثاني عن الحافظ أبي القاسم على بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن

عساكر الدمشقي ... 356

وما عن احمد بن حنبل ... 358

وما عن الحافظ أبي محمّد عبد الله الدارمي السمر قندي، في مسند الدارمی ... 359

وما عن الجاحظ ... 360

وما عن البخاري، بالاسناد ... 360

وما عن مسلم ، فبالإسناد إلى الأنصاري ... 361

وما عن الطائي البصري ، بالاسناد الأول ... 361

وما عن ابن ماجة ، فبالإسناد إلى الأنصاري ... 362

وما عن أبي داود السجستاني، بالإسناد ... 362

وما عن الترمذي فبالإسناد إلى الأنصاري ... 363

وما عن البرقي، بالاسناد عن الشيخ الصدوق ... 363

وما عن الثقفي ، بالاسناد عن النجاشي ... 363

وما عن الصفار ، بالاسناد عن الشيخ الطوسی ... 364

وما عن الحميري ، بالاسناد عن الكليني ... 364

وما عن النسائي، فبالإسناد إلى الأنصاري ... 364

ص: 526

وما عن القمي ، بالاسناد عن الكليني ... 365

وما عن الطبري ... 365

وما عن ابن الاشعث بالاسناد الاول ... 366

وما عن الكشي ، بالاسناد الأول عن النجاشي ... 366

وما عن النعماني ، بالاسناد الاول ... 366

وما عن أبي الفرج الاصفهاني ، بالاسناد الاول ... 367

وبالاسناد الثاني عن شيخنا الفاداني ... 367

وما عن الهاروني ، بالاسناد الثالث ... 378

وما عن أبي نعيم الاصفهاني ، بالاسناد الثاني ... 371

وعن العلوي ، بالاسناد الثالث ... 372

وما عن البيهقي ، بالاسناد ... 373

وعن الكراجكي أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي ... 374

و ما عن الخطيب البغدادي ،بالاسناد ... 374

وما عن المفيد الثاني ، بالاسناد عن العلّامة الحلّي ... 375

وما عن الموفق الخوارزمي ، بالاسناد الاول ... 375

وما عن سبط ابن الجوزي بالاسناد ... 375

وبالاسناد عن ابن الأثير الجزري، بالاسناد ... 375

وما عن ابن طاوس ، بالاسناد عن العلّامة الحلّي ... 376

وبالاسناد الى المتقي الهندي ... 376

تسلسل المحتوى ... 377

فهرس اختلاف النسخ المطبوعة في ترقيم الخطب والكتب والحكم ... 378

فواتح الخطب ... 380

فواتح الكتب والرسائل ... 389

فواتح الحكم ... 392

غریب كلامه علیه السلام ... 403

ص: 527

باب خطب أمير المؤمنين / 413

[الخطبة الاولى ] ... 415

[ الخطبة الثانية ] ... 426

[الخطبة الثالثة ] ... 429

[ الخطبة الرابعة ] ... 442

ومن الموافقات ... 443

الخطبة الخامسة ] ... 444

[ الخطبة السادسة ] ... 446

[الخطبة الثامنة ] ... 450

[الخطبة التاسعة ] ... 452

[ الخطبة العاشرة ] ... 454

[ الخطبة (11)] ... 457

[ الخطبة (12)] ... 458

[ الخطبة (14) ] ... 461

[ الخطبة (15)] ... 462

[ الخطبة .(16)] ... 467

[ الخطبة (17)] ... 484

[ الخطبة (18)] ... 488

[الخطبة (20)] ... 489

[الخطبة (21)] ... 491

[ الخطبة (22)] ... 193

[ الخطبة (23)] ... 497

[ الخطبة (25)] ... 503

فهرس المحتوی ... 517

ص: 528

المجلد 2

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الحسیني الجلالي، محمّدحسین، 1321 -

عنوان واسم المؤلف:مسند نهج البلاغة/ مؤلف: محمّدحسین الحسیني الجلالي؛ بحث: محمّدجواد الحسیني الجلالي.

تفاصيل المنشور:قم: مکتبة العلامة المجلسي، 13 -

خصائص المظهر:ج.

الصقيع:الی التراث الشیعي، 1

ISBN:دوره 978-964-95663-3-7 : ؛ ج. 3 978-964-95663-2-0 :

لسان:العربية.

ملحوظة:الفهرسة على أساس المجلد الثالث، 1431 ق.= 1389.

ملحوظة:ج. 3 (چاپ اول: 1431 ق.= 1389).

ملحوظة:فهرس.

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)،أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40 ه_ .ق - خطب

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)، أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40ق. -- الأمثال

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)،أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40ق. -- حروف

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)، أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40ق . نهج البلاغة - النقد والتعليق

المعرف المضاف:حسیني جلالي، محمدجواد، 1331 -

المعرف المضاف:مکتبة العلامة المجلسي (قم)3

ترتيب الكونجرس:BP38/02 /ح5 1300ی

تصنيف ديوي:297/9515

رقم الببليوغرافيا الوطنية:2 1 9 7 4 3 1

ص: 1

اشارة

ص: 2

مسند

نهج البلاغة

تالیف

العلامة الحية السيد محمّد حسين الحسيني الجلالي

المجلد الثاني

مكتبة الروضة الحيدرية

الرقم 1-8388

التاربخ 26/09/1311

ص: 3

مسند نهج البلاغه (ج 2)

العلّامة السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي

تحقيق : السيّد محمّد جواد الحسيني الجلالي

منشورات: مكتبة العلّامة المجلسي رحمه الله

الطبعة الأولى 1431ه-.

طبع في 1500 نسخة

المطبعة : عمران

ردمك: 3-1 - 195663 - 964-978 : ISBN دوره : 7-3 - 15663 - 964 - 978

العنوان : قم - شارع فاطمي ( دور شهر ) - زقاق 18، فرع 6 ، رقم 48

هاتف : 7746611 - فکس : 7836587(98251)

info@almajlesilib.com www.almajlesilib.com

مركز التوزيع :

(1) ،قم، شارع المعلم، ساحة روح الله ، رقم 65 دليل ما ، الهاتف 7733413 - 7744988(98251)

(2 )طهران، شارع إنقلاب، شارع فخر رازي رقم 61 دليل ما الهاتف(9821)66464141

(3) مشهد شارع الشهداء حديقة النادري زقاق خوراكيان ، بناية گنجینه کتاب ، دلیل ما الهاتف (98511)22371135

(4) النجف الأشرف، سوق الحويش مقابل جامع الهندي ، مكتبة الإمام باقر العلوم علیه السلام، الهاتف 7801553289(964)

(5)كربلاء المقدسة شارع قبلة الإمام الحسين علیه السلام ، فرع مقابل ابن فهد الحلّي ، دار الناشر الحسيني.

الهاتف7706001185(964) -7807851985(964)

سرشناسه :حسيني جلالي ، محمد حسین ، 1321 -

عنوان و نام پدیدآور : مّسند نهج البلاغة (ج)2) / تأليف السيد ّمحمّد حسين الحسيني الجلالي : تحقيق

محمّد جواد الحسيني الجلالي . - قم : مكتبة العلّامة المجلسي ، 1431 ق. =1389.

مشخصات نشر : قم : مكتبة العلامة المجلسي ، 1389.

مشخصات ظاهری :605 ص.

شایک: 978-964-95663-1-3-ج 2 978-964-95633-0-6.ج 1

978-964-95633-3-7.دوره 978-964-95633-2-0.ج 3

وضعیت فهرست نویسی : فیپا

یادداشت : عربي

موضوع : کتابنامه : ج20، ص. [651]654 : همچنین به صورت زیرنویس .

موضوع : : 1 ، على بن أبي طالب علیه السلام أمام اول 23 قبل از هجرت - 40 ق . نهج البلاغة -مأخذ . 2. ، على بن ابی طالب علیه السلام، امام اول ، 23 قبل از هجرت - 40 ق . - نقد و تفسیر .

شناسه افزوده : الف. حسيني جلالي، محمّد جواد 1331

شناسه افزوده : محقق . ب. عنوان.

رده بندی کنگره :1389 5م 5ح/08/38 bp

رده بندی دیویی :297/9515

شماره کتابخانه ملی :2979515

ص: 4

[ الخطبة ( 26) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: لم يبايع حتى شرط .. الى آخره قال الشارح الفاضل : هذا فصل من كلام يذكر فيه عمر بن

، العاص، وفي النسخة التي عليها شرح العلامة الشارح: «لم يبايع معاوية حتى شرط ان يعطيه مصر طعمة » . (1)

وقال العرشي في التخريج مانصه : رواها ابن قتيبة في الجزء الاول من الامامة والسياسة (146) : ورواها ابراهيم الثقفي بتفاصيلها في كتاب الغارات [ابن أبي الحديد[ ج 1 ص 295] . (انتهى) (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 283 ه-) في ( الغارات» تحت عنوان: رسالة علي علیه السلام إلى أصحابه بعد مقتل محمّد بن أبي بكر رحمه الله، بالاسناد عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه جندب :قال: دخل عمرو بن الحمق وحجر بن عدي وحبة العرني والحارث الاعور وعبد الله بن سبأ علي أمير المؤمنين علیه السلام بعدما افتتحت مصر وهو مغموم حزين، فقالوا له : بيّن لنا ما قولك في أبي بكر وعمر ؟

فقال لهم علي علیه السلام: وهل فرغتم لهذا ؟ وهذه مصر قد افتتحت، وشيعتي بها قد

ص: 5


1- مدارك نهج البلاغة : 76.
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

قتلت ؟! أنا مخرج اليكم كتابا اخبركم فيه عما سألتم ، وأسألكم أن تحفظوا من حقي ما ضيّعتم، فاقرؤوه على شيعتي وكونوا على الحق أعوانا، وهذه نسخة الكتاب من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرأ كتابي هذا من المؤمنين

والمسلمين ، السلام عليكم ، فاني أحمد اليكم الله الذي لا اله الا هو .

أما بعد ، فان الله بعث محمّدا صلی الله علیه و آله وسلم نذيرا للعالمين ، وأمينا على التنزيل ، وشهيدا على هذه الامة ، وأنتم يا معشر العرب يومئذ على شرّدين وفي شرّ دار منيخون على حجارة خشن وحيات صم، وشوك مبثوث في البلاد، تشربون الماء الخبيث، وتأكلون الطعام الجشيب، وتسفكون دماءكم، وتقتلون أولادكم وتقطعون أرحامكم، وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل، سبلكم خائفة، والاصنام فيكم منصوبة ، والآثام بكم معصوبة ولا يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون، فمن الله عليكم بمحمّدصلی الله علیه و آله وسلمفبعثه اليكم رسولا من أنفسكم، وقال فيما أنزل من كتابه: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ(1)، وقال : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمُ (2)، وقال: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (3)، وقال : ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظيم )(4) فكان الرسول اليكم من أنفسكم بلسانكم ، وكنتم أوّل المؤمنين تعرفون وجهه وشيعته وعمارته ، فعلمكم الكتاب والحكمة، والفرائض والسنة ، وأمركم بصلة أرحامكم، وحقن دمائكم، وصلاح ذات البين، وأن تؤدوا الامانات إلى أهلها ، وأن توفوا بالعهد، ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وأمركم أن

ص: 6


1- الجمعة : 2
2- التوبة : 128 .
3- آل عمران : 164 .
4- الحديد : 21 .

تعاطفوا وتباروا وتباذلوا وتراحموا، ونهاكم عن التناهب والتظالم والتحاسد والتقاذف والتباغي ، وعن شرب الخمر وبخس المكيال ونقص الميزان، وتقدم اليكم فيما أنزل عليكم ألا تزنوا ولا تربوا ولا تأكلوا أموال اليتامى ظلما، وأن

تؤدوا الامانات إلى أهلها ، ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ(1) ، ( وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ )(2)، كل خير يدني إلى الجنة ويباعد من النار أمركم به، وكل شرّ يباعد من الجنة ويدني من النار نهاكم عنه.

فلما استكمل مدته من الدنيا توفاه الله إليه سعيدا حميدا، فيالها مصيبة خصت الأقربين وعمّت جميع المسلمين، ما اصيبوا بمثلها قبلها ، ولن يعاينوا بعد اختها. فلما مضى السبيله صلی الله علیه و آله وسلم لا تنازع المسلمون الامر بعده ، فوالله ما كان يلقي في

روعي، ولا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الأمر بعد محمّد صلى الله عليه وسلم عن أهل ولا أنهم منحوه عنّي من بعده، فما راعني الا انثيال الناس على أبي بكر وإجفالهم إليه ليبايعوه، فأمسكت يدي ورأيت أني أحق بمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ممن تولى الامر من بعده، فلبثت بذاك ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين الله وملة محمّد وابراهيم علیه السلام فخشيت ان لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما يكون مصيبته أعظم عليَّ من فوات ولاية اموركم الاتي نما هي متاع أيام قلائل ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب

/ وكما يتقشّع السحاب، فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الاحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا ) (3)، ولو كره الكافرون . فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسّر وشدّد وقارب واقتصد، فصحبته

ص: 7


1- البقرة : 60
2- البقرة : 190 .
3- التوبة : 40 .

مناصحا ، وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا ، وما طمعت ان لو حدث به حدث وأنا حيّ أن يرد إلي الامر الذي نازعته فيه طمع مستيقن ، ولا يئست منه يأس من لا يرجوه، ولو لا خاصمة ما كان بينه وبين عمر لظننت أنه لا يدفعها عني، فلما احتضر بعث إلى عمر ،فولاه فسمعنا وأطعنا وناصحنا وتولّى عمر الامر وكان مرضي السيرة ميمون النقيبة حتى إذا احتضر قلت في نفسي: لن يعدلها عنّي فجعلني سادس سنة فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم ، فكانوا يسمعوني عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم احاج أبا بكر وأقول : يا معشر قريش انا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن ويعرف السنة ويدين دين الحق فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن لا يكون لهم في الامر نصيب ما بقوا فأجمعوا اجماعا واحدا، فصرفوا الولاية إلى عثمان وأخرجوني منها رجاء أن ينالوها ويتداولوها إذ ينسوا أن ينالوا من قبلي، ثم قالوا: هلم فبايع والّا جاهدناك قبایعت مستکرها وصبرت محتسبا فقال قائلهم يا ابن أبي طالب انك على هذا

، الأمر لحريص، فقلت: أنتم أحرص منّي ،وأبعد أأنا أحرص إذ طلبت تراثي وحقي الذي جعلني الله ورسوله أولى به؟ أم أنتم إذ تضربون وجهي دونه؟

وتحولون بيني وبينه ؟! فبهتوا والله لا يهدي القوم الظالمين

اللّهم اني أستعديك على قريش، فانهم قطعوا رحمي، وأصغوا انائي وصغروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه ثم قالوا ألا ان في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تمنعه، فاصبر كمدا متوخما أو مت متأسفا حنقا، فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب ولا مساعد الا أهل بيتي بهم عن الهلاك، فأغضيت على القذى، وتجرّعت ريقي على الشجي، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم ، وآلم للقلب من حزّ الشفار . حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه، ثم جئتموني لتبايعوني، فأبيت عليكم

فضننت

ص: 8

وأمسكت يدي فنازعتموني ودافعتموني، وبسطتم يدي فكففتها، ومددتم يدي فقبضتها، وازدحمتم عليٍّ حتى ظننت أن بعضكم قاتل بعض أو أنكم ،قاتلي فقلتم : بايعنا لا نجد غيرك ولا نرضى إلا بك، فبايعنا لانفترق ولا تختلف كلمتنا، فبايعتكم ودعوت الناس إلى بيعتي، فمن بايع طائعا قبلته منه ، ومن أبي لم اكرهه وتركته، فبايعني فيمن بايعني طلحة والزبير، ولو أبيا ما أكرهتهما كما لم اكره غيرهما، فما لبثنا إلا يسيرا حتى بلغني أن خرجا من مكة متوجهين إلى البصرة في جيش ما منهم رجل إلّا بايعني وأعطاني الطاعة، فقدما على عاملي وخزان بيت مالي وعلى أهل مصر كلّهم على بيعني وفي طاعتي فشتتوا كلمتهم وأفسدوا جماعتهم، ثم وثبوا على شيعتي من المسلمين فقتلوا طائفه منهم غدرا، وطائفة صبرا ، وطائفة عصبوا بأسيافهم فضاربوا بها حتى لقوا الله صادقين، فوالله لو لم يصيبوا منهم الا رجلا واحدا متعمدين لقتله بلا جرم جرّه لحّل لي به قتل ذلك الجيش كله فدع ما انهم قد قتلوا من المسلمين أكثر من العدة التي دخلوا بها

، عليهم، وقد أدال الله منهم فبعدا للقوم الظالمين ، ثم أني نظرت في أهل الشام فإذا أعراب أحزاب وأهل طمع جفاة طغام، يجتمعون من كل أوب ومن كان ينبغي ان يؤدّب ويدرّب أو يولّى عليه ويؤخذ على يديه، ليسوا من المهاجرين ولا الانصار، ولا التابعين باحسان ، فسرت إليهم فدعوتهم إلى الطاعة والجماعة، فأبوا إلا شقاقا ونفاقا ونهوضا في وجوه المسلمين ينضحونهم بالنبل ويشجرونهم بالرماح، فهناك نهدت إليهم بالمسلمين فقاتلتهم فلما عظّهم السلاح ووجدوا ألم الجراح رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها، فأنبأتكم أنهم ليسوا بأصحاب دين ولا ،قرآن وأنّهم رفعوها غدرا ومكيدة وخديعة ووهنا وضعفا، فامضوا على حقكم وقتالكم ، فأبيتم عليٍّ وقلتم : اقبل منهم، فان أجابوا إلى ما في الكتاب جامعونا على ما نحن عليه من الحق وان أبوا كان أعظم لحجتنا عليهم، فقبلت

ص: 9

منكم ، وكففت عنهم إذا أبيتم وونيتم ، وكان الصلح بينكم وبينهم على رجلين يحييان ما أحيا ،القرآن، ويميتان ما أمات القرآن، فاختلف رأيهما وتفرّق

حكمهما، ونبذا ما في القرآن، وخالفا ما في الكتاب، فجنّبهما الله السداد ودلاهما في الضلال، فنبذا حكمهما وكانا أهله ، فانخزلت فرقة منا فتركناهم ما تركونا حتى إذا عثوا في الارض يقتلون ويفسدون، أتيناهم فقلنا : ادفعوا الينا قتلة اخواننا ثم كتاب الله بيننا وبينكم قالوا كلنا قتلهم ، وكلنا استحل دماءهم ودماءكم، وشدّت

الله علينا خيلهم ورجالهم ، فصرعهم مصرع الظالمين. فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم فقلتم : كلت سيوفنا، ونفدت نبالنا ونصلت أسنة رماحنا، وعاد أكثرها قصدا فارجع بنا إلى مصرنا لنستعد بأحسن عدتنا وإذا رجعت زدت في مقاتلتنا عدة من هلك منا وفارقنا، فان ذلك أقوى لنا على عدونا ، فأقبلت بكم حتى إذا أطللتم على الكوفة أمرتكم أن تنزلوا بالنخيلة، وأن تلزموا معسكركم، وأن تضموا قواضبكم، وأن توطنوا على الجهاد أنفسكم ، ولا تكثروا زياره أبنائكم ونسائكم ، فان أصحاب الحرب المصابروها، وأهل التشمير فيها الذين لا ينوحون من سهر ليلهم ولا ظمأ نهارهم ولا خمص بطونهم ولا نصب أبدانهم، فنزلت طائفة منكم ،معذرة، ودخلت طائفة منكم المصر

معي

عاصية ، فلا من بقي منكم ثبت وصبر ولا من دخل المصر عاد إلى ورجع، فنظرت إلى معسكري وليس فيه الا خمسون رجلا، فلما رأيت ما أتيتم دخلت اليكم فما قدرت على أن تخرجوا معى إلى يومنا هذا، فما تنتظرون ؟ أما ترون إلى أطرافكم قد انتقصت ، والى أمصاركم قد افتتحت ، والى شعيتي بها بعد قد قتلت ، والى مسالحكم تعرى والى بلادكم تغزى، أنتم ذوو عدد كثير ، وشوكة وبأس شديد فما بالكم ؟ الله أنتم ! من أين تؤتون؟ ومالكم أني تؤفكون ؟! وأنى تسحرون؟! ولو أنكم عزمتم وأجمعتم لم تراموا ألا ان القوم قد اجتمعوا

ص: 10

وتناشبوا وتناصحوا وأنتم قد ونيتم وتغاششتم وافترقتم، ما أنتم ان أتممتم عندي على ذي سعداء، فأنبهوا نائمكم واجتمعوا على حقكم، وتجردوا الحرب عدوكم، قد بدت الرغوة عن الصريح وقد بيّن الصبح لذي عينين ، انما تقاتلون الطلقاء وأبناء الطلقاء وأولي الجفاء ومن أسلم كرها ، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنف الاسلام كله حربا ، أعداء الله والسنة والقرآن وأهل البدع والاحداث، ومن كانت بوائقه تتقى، وكان على الاسلام وأهله مخوفا، وأكلة الرشا وعبدة الدنيا ، لقد أنهي إلي أن ابن النابغة لم يبايع حتى أعطاه ثمنا وشرط أن يؤتيه أتية هي أعظم مما في يده من سلطانه، ألا صفرت يد هذا البائع دينه بالدنيا، وخزيت أمانة هذا المشتري نصرة فاسق غادر بأموال المسلمين، وان فيهم لمن قد شرب فيكم الخمر وجلد الحد في الاسلام، ويعرف بالفساد في الدين والفعل السيئ، وان فيهم لمن لم يسلم حتى رضخ له على الاسلام رضيخة. فهؤلاء قادة القوم، ومن تركت ذكر مساوية من قادتهم مثل من ذكرت منهم ، بل هو شرّ منهم، وهؤلاء الذين ذكرت لو ولوا عليكم لأظهروا فيكم الفساد والكبر والفجور والتسلّط بالجبرية والفساد في الارض ، واتبعوا الهوى وحكموا بغير الحق ، ولأنتم على ما كان فيكم من تواكل وتخاذل خير منهم وأهدى سبيلا ، فيكم العلماء والفقهاء والنجباء والحكماء، وحملة الكتاب والمتهجدون بالاسحار، وعمار المساجد بتلاوة القرآن، أفلا تسخطون وتهتمون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم ، والأشرار الأراذل منكم فاسمعوا قولي - هداكم الله - إذا قلت وأطيعوا أمري إذا أمرت، فوالله لئن أطعتموني لا تغوون، وان عصيتموني لا ترشدون ، خذوا للحرب اهبتها وأعدوا لها عدتها ، وأجمعوا إليها فقد شبت و اوقدت نارها و علا شنارها، وتجرّد لكم فيها الفاسقون كي يعذبوا عباد الله، ويطفؤوا نور الله ألا انه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والجفاء والكبر بأولى بالجد في غيّهم وضلالهم وباطلهم من أولياء

ص: 11

الله من أهل البر والزهادة والاخبات في حقهم وطاعة ربهم ومناصحة إمامهم، اني والله لو لقيتهم فردا وهم ملء الأرض ما باليت ولا استوحشت واني من ضلالتهم الّتي هم فيها والهدى الذي نحن عليه لعلى ثقة وبيّنة ويقين وصبر واني

، المشتاق ولحسن ثواب ربى لمنتظر ، ولكن أسفا يعتريني، وحزنا يخامرني من أن يلي أمر هذه الامة سفهاؤها وفجارها فيتخذوا مال الله دولا وعباد الله خولا والصالحين حربا والفاسقين حزبا ، وأيم الله لولا ذلك ما أكثرت تأنيبكم وتأليبكم وتحريضكم ، ولتركتكم إذ ونيتم وأبيتم حتى ألقاهم بنفسي متى حُمَّ لي رہی

لقاؤهم، فوالله انّي لعلى الحق، واني للشهادة لمحب في(انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرُ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (1)، ولا تثاقلوا إلى الارض فتقرّوا بالخسف وتبوؤوا بالذل ويكن نصيبكم الاخسر ، ان أخا الحرب اليقظان الارق ، ومن نام لم ينم عنه ، ومن ضعف أودى، ومن ترك الجهاد في الله كان كالمغبون المهين. اللّهم اجمعنا واياهم على الهدى، وزهدنا واياهم في الدنيا، واجعل الآخرة خيرا لنا ولهم من الاولى، والسلام(2)

وبالاسناد عن السيّد رضي الدين علي بن طاووس ( ت / 664 ه-) في كتابه كشف المحجة لثمرة المهجة»، ط / النجف، سنة 1370 ه- وقد ورد بعض المقطع الأول الذي اختاره الرضي في الصفحة ( 174) وبعض المقطع الثاني من مختاره في الصفحة ( 180 ) ، وقد رواها باسناده عن كتاب الرسائل للكليني ( ت ) 328ه-) ويظهر من الرضي انها خطبة للامام ومن رواية الكليني انها رسالة وحيث ان المنبع لكلّها هو الامام علیه السلام فمن الطبيعيّ ان تظهر مقاطع من افكاره تارة الخطب واخرى في الرسائل والحكم كما تقدم، واليك نصّ كلام السيّد

ص: 12


1- التوبة : 41 .
2- الغارات ؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 2204:2 .

ابن طاووس الحسني في كشف المحجة لثمرة المهجة»، قال في الفصل الخامس والخمسون والمائة واعلم يا ولدي محمد - كمّل الله جل جلاله هدايتك وفضل ولايتك - أنني رويت من طرق كثيرة واضحات قد ذكرت بعضها في الجزء الأول من كتاب المهمات والتتمات جميع ما صنفه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ورواه رضی الله عنه وأرضاه في هذا الكتاب الرسائل » رسالة أخرى من أبيك

علي علیه السلام إلى شيعته وإلى من يعزّ عليه في ذكر المتقدمين في الخلاف عليه ، وهي في معنى رسالة إليك كما أن رسالته إلى أبيك الحسن علیه السلام كأنها منهما إليك، فانظر بعين المنة عليك ، قال محمّد بن يعقوب في كتاب الرسائل : عن علي بن إبراهيم بإسناده قال : كتب أمير المؤمنين علیه السلام كتابا بعد منصرفه من النهروان وأمر أن يقرأ على الناس، وذلك أن الناس سألوه عن أبي بكر وعمر وعثمان، فغضب علیه السلام وقال : قد تفرّغتم للسؤال عما لا يعنيكم، وهذه مصر قد انفتحت وقتل معاوية بن خديج ومحمّد بن أبي بكر ، فيالها من مصيبة ما أعظمها بمصيبتي بمحمّد، فوالله ما كان إلا كبعض بنيّ ، سبحان الله بينا نحن نرجوا أن نغلب القوم على ما في أيديهم إذ غلبونا على ما في أيدينا، وأنا كاتب لكم كتابا فيه تصريح ما سألتم إن شاء الله تعالى فدعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع فقال له : أدخل عليَّ عشرة من ثقاتي ، فقال : سمّهم لي يا أمير المؤمنين ، فقال : أدخل أصبغ بن نباتة وأبا الطفيل عامر بن وائلة الكناني ورزين بن حبيش الاسدي وجويرية بن مسهر العبدي وخندف بن زهير الاسدي وحارثة بن مضرب الهمداني والحارث بن عبد الله الأعور الهمداني ومصباح النخعي وعلقمة بن قيس وكميل بن زياد و عمير بن زرارة، فدخلوا عليه فقال لهم: خذوا هذا الكتاب وليقرأه عبيد الله بن أبي رافع وأنتم شهود كل يوم جمعة، فإن شغب شاغب عليكم فانصفوه بكتاب الله بينكم وبينه. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى شيعته من

ص: 13

المؤمنين والمسلمين، فإن الله يقول: ﴿وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ )(1) وهو اسم شرّفه الله تعالى في الكتاب ، أنتم شيعة النبي محمّدصلی الله علیه و آله وسلم كما أن محمّدا صلی الله علیه و آله وسلم من شيعة إبراهيم، اسم غير مختص وأمر غير مبتدع، وسلام عليكم والله هو السلام المؤمن لأوليائه من العذاب المهين ، الحاكم عليهم بعدله ، بعث محمّداً وأنتم معاشر العرب على شرّ حال، يغذو أحدكم كلبه ويقتل ولده، ويغير على غيره، فيرجع وقد أغير عليه تأكلون الهلعز والهبيدة والميتة والدم منيخون على أحجار خشن وأوثان ،مضلة ، تأكلون الطعام الجشب وتشربون الماء الآجن، تسافكون دمائكم ويسبي بعضكم بعضا، وقد خص الله قريشا بثلاث آيات وعم العرب بآية، فأما الآيات اللواتي في قريش فهو قوله تعالى : ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلُ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )(2)

والثانية: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ

أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (3). والثالثة : قول قريش لنبي الله تعالى حين دعاهم إلى الاسلام والهجرة فقالوا: ( إن تَتَّبع الْهُدَى مَعَكَ تُتَخَطَّفَ مِنْ أَرْضِنَا) (4)فقال الله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ تُمَكِّن لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَدُنَّا وَلكِنْ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ )(5).

وأما الاية التى عم بها العرب فهو قوله تعالى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ

ص: 14


1- الصافات: 83
2- الانفال : 26
3- النور : 55 .
4- القصص : 57 .
5- القصص : 57 .

أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُم مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (1)فيالها من نعمة ما أعظمها إن لم تخرجوا منها إلى غيرها ويا لها من مصيبة ما أعظمها إن لم تؤمنوا بها وترغبوا عنها ، فمضى نبي الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغ ما أرسل به ، فيا لها من مصيبة خصت الأقربين

ما ما وعمت المؤمنين، لم تصابوا بمثلها ولن تعاينوا بعدها مثلها، فمضى لسبيله الا الله وترك كتاب الله وأهل بيته إمامين لا يختلفان، وأخوين لا يتخاذلان ومجتمعين لا يتفرقان ، ولقد قبض الله محمّد نبيه صلی الله علیه و آله وسلم ولأنا أولى الناس به منّي بقميصي هذا ، وما ألقي في روعي ولا عرض في رأيي أن وجه الناس إلى غيري، فلما أبطأ عني بالولاية لهممهم وتثبيط الانصار وهم أنصار الله وكتيبة الاسلام، قالوا: ما إذا لم تسلموها لعلى فصاحبنا أحق بها من غيره، فوالله ما أدري إلى من أشكو إما أن يكون الانصار ظلمت حقها ، وإما أن يكونوا ظلموني حقي، بل حقي المأخوذ وأنا المظلوم، فقال قائل قريش إن نبيّ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، قال : «الأئمة من قريش فدفعوا الانصار عن دعوتها ومنعوني حقي منها ، فأتاني رهط يعرضون علي النصر منهم أبناء سعيد والمقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي والزبير بن العوام والبراء بن عازب، فقلت لهم: إن عندي من نبي صلی الله علیه و آله وسلم إلي وصية

الله لست أخالفه عمّا أمرني به فوالله لو خرموني بأنفي لأقررت الله تعالى سمعا وطاعة، فلما رأيت الناس قد انثالوا على أبي بكر للبيعة أمسكت يدي وظننت أني أولى وأحق بمقام رسول الله صلی الله علیه و آله وسلممنه هو من غيره، وقد كان نبي صلی الله علیه و آله وسلم أمر أسامة بن زيد على جيش وجعلهما في جيشه وما زال النبي صلی الله علیه و آله وسلم إلى أن فاضت نفسه يقول: أنفذوا جيش أسامة أنفذوا جيش أسامة فمضى جيشه إلى الشام حتى انتهوا إلى أذرعات، فلقي جيشا من الروم فهزموهم وغنمهم الله أموالهم، فلما رأيت

ص: 15


1- آل عمران 103

راجعة من الناس قد رجعت من الاسلام تدعوا إلى محو دين محمّد وملة إبراهيم علیه السلام خشيت إنّ أنّا لم أنصر الاسلام وأهله أرى فيه ثلما وهدما تكون المصيبة عليَّ فيه أعظم من فوت ولاية أموركم الاتي انّما هي متاع أيام قلائل ثم تزول وتتقشع كما يزول ويتقشع السحاب، فنهضت مع القوم في تلك الاحداث حتى زهق الباطل وكانت( كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا )(1) وإن رغم الكافرون، ولقد كان سعد لمّا رأى الناس يبايعون أبا بكر نادى أيّها الناس إني والله ما أردتها حتى رأيتكم تصرفونها عن علي ، ولا أبايعكم حتى يبايع علي ولعلّي لا أفعل وإن

أحد

بايع، ثم ركب دابته وأتى حوران، وأقام في خان حتى هلك ولم يبايع . وقام فروة بن عمر الانصاري وكان يقود مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له فرسين ويصرع ألفا ويشتري تمراً فيتصدق به علی المساکین فنادی یا معشر قريش ، أخبروني هل فيكم رجل تحلّ له الخلافة وفيه ما في علي ؟ فقال قيس بن مخزمة الزهري: ليس فينا من فيه ما في علي علیه السلام، فقال له صدقت، فهل في علي علیه السلام ما ليس في

: منكم ؟ قال : نعم ، قال : فما يصدّكم عنه ؟ قال : اجتماع الناس على أبي بكر ، قال : أمّا والله لئن أصبتم سنتكم لقد أخطأتم سنة نبيكم، ولو جعلتموها في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم. فولى أبي بكر فقارب واقتصد فصحبته مناصحا وأطعته فيما أطاع الله فيه

جاهدا ، حتى إ ، حتى إذا احتضر . قلت في نفسي : ليس يعدل بهذا الامر عنّي ولولا خاصة بينه وبين عمر أمر كانا رضياه بينهما لظننت أنه لا يعدله عني ، وقد سمع قول النبي صلی الله علیه و آله وسلم الا الله البريدة الاسلمي حين بعثني وخالد بن الوليد إلى اليمن وقال: «إذا افترقتما فكل واحد منكما على حياله ، وإذا اجتمعتما فعليّ عليكم جميعا فغزونا وأصبنا سبيا فيهم خولة بنت جعفر جار ،الصفا وإنّما سمي جار الصفا من حسنه،

ص: 16


1- التوبة : 40 .

فأخذت الخيفة خولة، واغتنمها خالد منّي وبعث بريدة إلى رسول الله محرّشا عليّ فأخبره بما كان من أخذي خولة ، فقال : « يا بريدة حظه في الخمس أكثر مما أخذ إنه وليكم بعدي سمعها أبو بكر وعمر ، وهذا بريدة حي لم يمت، فهل بعد

هذا مقال لقائل ؟ فبايع عمر دون المشورة، فكان مرضي السيرة من الناس عندهم ، حتى إذا احتضر قلت في نفسي : ليس يعدل بهذا الامر عنّي للذي قد رأى مني في المواطن، وسمع من الرسول صلى الله عليه وسلم ، فجعلني سادس ستة وأمر صهيبا أن يصلي بالناس ودعا أبا طلحة زيد بن سعد الانصاري فقال له كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبى أن يرضى من هؤلاء الستة، فالعجب القوم إذ زعموا أن أبا بكر استخلفه النبي الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فلو كان هذا حقا لم يخف على الانصار فبايعه الناس على الشورى، ثم جعله أبو بكر لعمر برأيه خاصة ، ثم جعلها عمر برأيه شورى بين ستة ، فهذا العجب من اختلافهم، والدليل على ما لا أحب أن أذكر قول هؤلاء الرهط الذين قبض رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له وهو عنهم ،راض ، فكيف يأمر بقتل قوم رضي الله عنهم ورسوله إن هذا الأمر عجيب، ولم يكونوا الولاية أحد منهم أكره منهم لولايتي، كانوا يسمعون وأنا أحاج أبا بكر فأنا أقول: يا معشر قريش أنا أحق بهذا الأمر منكم ما كان منكم من يقرأ القرآن ويعرف السنة ويدين دين الله الحق ، وإنما حجّتي أني ولي هذا الامر من دون قريش، إن نبي صلی الله علیه و آله وسلم قال : الولاء لمن أعتق فجاء رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يعتق الرقاب من النار وأعتقها من الرق

فكان للنبي صلی الله علیه و آله وسلم الا الله الولاء هذه الأمة، وكان لي بعده ما كان له فما جاز لقريش من فضلها عليها بالنبي صلی الله علیه و آله وسلم الا الله جاز لبني هاشم على قريش، وجاز لي على بني هاشم يقول النبي يوم غدير خم من كنت مولاه فهذا علي مولاه إلا أن تدعي قريش فضلها على العرب بغير النبي ، فإن شاؤا فليقولوا ذلك ، فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن آخذ بأنفاسهم وأعترض في حلوقهم ولا يكون لهم في الامر

ص: 17

نصيب، فأجمعوا عليّ إجماع رجل واحد منهم، حتى صرفوا الولاية عني إلى عثمان رجاء أن ينالوها ويتداولوها فيما بينهم، فبيناهم كذلك إذ نادى مناد لا يُدرى من هو وأظنه جنّيا فأسمع أهل المدينة ليلة بايعوا عثمان، فقال:

يا ناعي الاسلام قم قانعه*** قدمات عرف وبدأ منكر

ما لقريش لا على كعبها ***من قدموا اليوم ومن أخروا

إنّ عليا هو أولى به ***منه فولوه ولا تنكروا

فكان لهم في ذلك عبرة ولولا أن العامة قد علمت بذلك لم أذكره، فدعوني إلى بيعة عثمان فبايعت مستكرها، وصبرت محتسبا وعلّمت أهل القنوت أن يقولوا: اللّهم لك أخلصت القلوب، وإليك شخصت الابصار، وأنت دعيت بالالسن

وإليك تحوكم في الاعمال، فافتح بيننا وبين قومنا بالحقّ ، اللّهم إنا نشكوا إليك غيبة نبيّنا صلی الله علیه و آله وسلم وكثرة عدوّنا وقلة عددنا وهواننا على الناس ، وشدة الزمان ووقوع الفتن بنا، اللهم ففرّج ذلك بعدل تظهره وسلطان حق تعرفه» . فقال عبد الرحمن بن عوف يابن أبي طالب إنك على هذا الامر الحريص، فقلت: لست عليه حريصا ، إنما أطلب ميراث رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وحقه وأن ولاء أمته لي من بعده، وأنتم أحرص عليه منّي إذ تحوّلون بيني وبينه، وتصرفون وجهي دونه بالسيف، اللهم إني أستعديك على قريش؛ فإنهم قطعوا رحمي وأضاعوا أيامي ودفعوا حقي وصغّر وا قدري، وعظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فاستلبونيه ، ثم قالوا : اصبر مغموما أو مت متأسفا، وأيم الله لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سببي فعلوا، ولكنهم لا يجدون إلى ذلك سبيلا، إنّما حقي على هذه الامة كرجل له حق على قوم إلى أجل معلوم، فإن أحسنوا وعجلوا له حقه قبله حامدا وإن أخّروه إلى أجله أخذه غير حامد، وليس يعاب المرء بتأخير حقه إنّما يعاب من أخذ ما ليس له، وقد كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له عهد إلى عهدا فقال :

ص: 18

يابن أبي طالب لك ولاء أمتي، فإن ولّوك في عافية وأجمعوا عليك بالرضا فقم

بأمرهم، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه؛ فإن الله سيجعل لك مخرجا

مساعد إلّا أهل بيتي فظننت

فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا معي بهم عن الهلاك، ولو كان لي بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عمّي حمزة وأخي جعفر لم أبايع كرها ولكنني بليت برجلين حديثي عهد بالاسلام العباس وعقيل ، فظننت بأهل بيتي عن الهلاك، فأغضيت عيني على القذى، وتجرّعت ريقي على الشجا، وصبرت على أمر من العلقم وآلم للقلب من حزّ الشفار .

،منه

وأما أمّر عثمان، فكأنه علم من القرون الاولى (عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ

رَبِّي وَلَا يَنسَى ) (1)خذله أهل بدر وقتله أهل مصر، والله ما أمرت ولا نهيت ولو أنني أمرت كنت قاتلا ولو أنني نهيت كنت ناصرا ، وكان الأمر لا ينفع فيه العيان، ولا يشفي منه الخبر، غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول هو: خذله من أنا خير ، ولا يستطيع من خذله أن يقول : نصره من هو خير منّي، وأنا جامع أمره: استأثر فأساء الاثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع والله يحكم بيننا وبينه، والله ما يلزمني في دم عثمان تهمة، ما كنت إلا رجلا من المسلمين المهاجرين في بيتي فلما قتلوه أتيتموني تبايعوني فأبيت عليكم وأبيتم علي فقبضت يدي فبسطتموها، وبسطتها فمددتموها ثم تداككتم عليّ تداكّ الابل الهيم على حياضها يوم ورودها، حتى ظننت أنكم قاتلي وأن بعضكم قاتل بعض، حتى انقطعت النعل وسقط الرداء ووطي الضعيف وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن حمل إليها الصغير وهدج إليها الكبير وتحامل إليها العليل، وحسرت لها الكعبات، فقالوا بايعنا على ما بويع عليه أبو بكر وعمر فإنا لا نجد غيرك ولا نرضى إلا بك، فبايعنا لا نفترق ولا نختلف فبايعتكم على كتاب الله

ص: 19


1- طه : 52 .

نبيه صلی الله علیه و آله وسلم و دعوت الناس إلى بيعني ، فمن بايعني طائعا قبلت منه ، ومن أبي تركته ، فكان أول من بايعني طلحة والزبير، فقالا : نبايعك على أنا شركاؤك في الامر فقلت : لا ولكنكما شركائي في القوة وعوناي في العجز ، فبايعاني على هذا الأمر، ولو أبيا لم أكرههما كما لم أكره غيرهما، وكان طلحة يرجو اليمن، والزبير يرجو العراق ، فلما علما أني غير مولّيهما استأذناني للعمرة يريدان الغدر، فاتبعا عائشة واستخفاها مع كل شي في نفسها علي . والنساء نواقص الايمان نواقص العقول نواقص الحظوظ ، فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن، وأما نقصان عقولهن : فلا شهادة لهن إلا في الدين وشهادة امرأتين برجل، وأما نقصان حظوظهن : فمواريثهن على الأنصاف من مواريث الرجال

وقادهما عبيد الله بن عامر إلى البصرة وضمن لهما الأموال والرجال، فبيناهما يقودانها إذ هي تقودهما فاتخذاها فئة يقاتلان ،دونها، فأي خطيئة أعظم مما أتيا إخراجهما زوجة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له من بيتها، فكشفا عنها حجابا ستره نجا با ستره الله عليها وصانا حلائلهما في بيوتهما، ولا أنصفا الله ولا رسوله من أنفسهما، ثلاث خصال مرجعها على الناس : قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَعْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم )(1) ، وقال: ﴿ فَمَن نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ )(2) ، وقال : ( وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّنُ إلَّا بأهْلِهِ )(3)، فقد بغيا عليّ ونكثا بيعتي ومكراني، فمنيت بأطوع الناس في الناس عائشة بنت أبي بكر، وبأشجع الناس الزبير وبأخصم الناس طلحة، وأعانهم على يعلى بن منبه بأصواع الدنانير ، والله لئن استقام أمري لأجعلن ماله فينا للمسلمين. ثم أتوا البصرة وأهلها مجتمعون على بيعتي وطاعتي، وبها شيعتي خزّان بيت مال

ص: 20


1- يونس : 23 .
2- الفتح : 10 .
3- فاطر: 43 .

الله ومال المسلمين، فدعوا الناس إلى معصيتي وإلى نقض بيعتي وطاعتي، فمن أطاعهم أكفروه ومن عصاهم قتلوه فناجزهم حكيم بن جبلة فقتلوه في سبعين

، رجلا من عبّاد أهل البصرة ومخبتيهم يسمون المثقنين كانّ راح أكفهم ثفنات الابل ، وأبى أن يبايعهم يزيد بن الحارث اليشكري، فقال: اتقيا الله إن أولكم قادنا إلى الجنة فلا يقودنا آخركم إلى النار ، فلا تكلفونا أن نصدق المدّعى ونقضى على الغائب، أمّا يميني فشغلها علي بن أبي طالب علیه السلام ببيعتي إياه وهذه شمالي فارغة، فخذاها إن شئتما فخنق حتى مات رحمه الله. وقام عبد الله بن حكيم التميمي فقال : يا طلحة من يعرف هذا الكتاب قال: نعم، هذا كتابي إليك، قال: هل تدري ما فيه ؟ :قال اقرأه عليّ فإذا فيه عيب عثمان، ودعاؤه إلى قتله، فسيّروه من البصرة. وأخذوا عاملي عثمان بن حنيف الانصاري غدرا ، فمثلوا به كل المثلة ونتفوا كل شعرة في رأسه ،ووجهه، وقتلوا شيعتي طائفة صبرا وطائفة غدرا وطائفة عضوا بأسيافهم حتى لقوا الله ، فوالله لو لم يقتلوا منهم إلا رجلا واحدا الحل لي به دماؤهم ودماء ذلك الجيش لرضاهم بقتل من قتل. دع (مع - خ ل ) أنّهم قد قتلوا أكثر من العدّة الّتي دخلوا بها عليهم ، وقد أدال الله منهم فبعدا للقوم الظالمين، فأما طلحة فرماه مروان بسهم فقتله. وأما الزبير فذكّرته قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك تقاتل عليا علیه السلام وأنت ظالم له. وأمّا عايشة فإنها

( كان نهاها رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له عن مسيرها فعضت يديها نادمة على ما كان منها . وقد كان طلحة لما نزل« ذا قار» قام خطيبا فقال: أيّها النّاس إنا قد أخطأنا في عثمان خطيئة ما يخرجنا منها إلا الطلب بدمه، وعلي قاتله وعليه دمه وقد نزل دارن مع شكاك اليمن ونصارى ربيعة ومنافقي مضر. فلما بلغني قوله وقول كان عن الزبير قبيح، بعثت إليهما أناشدهما بحق محمّد وآله : ما أتيتماني وأهل مصر محاصروا عثمان فقلتما: اذهب بنا إلى هذا الرجل فإنا لا نستطيع قتله إلّا بك لما تعلم أنه سير أبا ذر رحمه الله، وفتق عمارا ، وآوى الحكم بن العاص وقد طرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر

ص: 21

وعمر، واستعمل الفاسق على كتاب الله الوليد بن عقبة، وسلّط خالد بن عرفطة بن العذري على كتاب الله تعالى يمزقه ويحرقه . فقلت : كل هذا قد علمت ولا أرى

قتله يومي هذا، وأوشكت سقاؤه أن يخرج المخيض زيدته . فاقّرا بما قلت . وأما قولكما إنكما تطلبان بدم عثمان، فهذان ابناه عمرو وسعيد، فخلوا عنهما

يطلبان دم أبيهما . متى كان أسد وتيم أولياء بني أمية . فانقطعا عند ذلك. فقام عمران بن الحصين الخزاعي صاحب رسول صلى الله عليه وسلم - وهو الذي جاءت فيه الاحاديث - وقال يا هاذان لا تخرجانا ببيعتكما من طاعة عليّ ولا تحملانا على

نقض بيعته فإنها الله ،رضا، أما وسعتكما بيوتكما حتّى أتيتما بأم المؤمنين فالعجب لاختلافها إياكما ومسيرها معكما ، فكفًا عنا أنفسكما وارجعا من حيث جئتما، فلسنا عبيد من غلب ولا أول من سبق . فهما به ثم كفا عنه . وكانت عائشة قد شكت في مسيرها ها وتعاظمها القتال فدعت كاتبها عبيد الله بن كعب النميري فقالت: اكتب من عائشة بنت أبي بكر إلى علي بن أبي طالب علیه السلام، فقال: هذا أمر لا يجري به القلم قالت ولم ؟ قال لأن علي بن أبي طالب في الاسلام أول، وله بذلك البداء في الكتاب، فقالت: اكتب إلى علي بن أبي طالب علیه السلام من عائشة بنت أبي .بكر. أمّا بعد: فإني لست أجهل قرابتك من رسول الله الله لولا قدمك في الاسلام. ولا غناك من رسول الله، وإنما خرجت مصلحة بين بنئ ، لا أريد حربك إن كففت عن هذين الرجلين - في كلام لها كثير - فلم أجبها بحرف. وأخرت جوابها لقتالها . فلما قضى الله لي الحسنى سرت إلى الكوفة، واستخلفت عبد الله بن عباس على البصرة فقدمت الكوفة وقد اتسقت لي الوجوه كلّها إلا الشام فأحببت أن أتخذ الحجة وأقضي العذر وأخذت بقول الله تعالى: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةٌ فَأَنْبِلْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ) (1)فبعثت جرير بن عبد الله إلى

ص: 22


1- الأنفال : 58 .

معاوية معذّرا إليه متخذا الحجة عليه، فرد كتابي وجحد حقّي ودفع بيعتي . وبعث إلي أن ابعث إلىَّّ قتلة عثمان، فبعثت إليه : ما أنت وقتلة عثمان؟ ، أولاده أولى به فادخل أنت وهم في طاعتي ، ثم خاصموا القوم لأحملكم وإياهم على كتاب الله ، وإلا فهذه خدعة الصبي عن رضاع الملي، فلما يئس من هذا الامر بعث إلي أن اجعل الشام لي حياتك، فإن حدث بك حادث من الموت لم يكن لأحد علي طاعة وإنما أراد بذلك أن يخلع طاعتي من عنقه، فأبيت عليه، فبعث إليَّ إن أهل الحجاز كانوا الحكام على أهل الشام، فلما قتلوا عثمان صار أهل الشام الحكام على أهل الحجاز، فبعثت إليه : إن كنت صادقا فسمّ لي رجلا من قريش للشام تحل له الخلافة ويقبل في الشورى ونظرت إلى أهل الشام فإذا هم بقية الاحزاب فراش ،نار وذئاب طمع تجمّع من كل أوب ممن ينبغي له أن يؤدب ويحمل على السنة ، ليسوا من المهاجرين ولا الانصار ولا التابعين بإحسان، فدعوتهم إلى الطاعة والجماعة، فأبوا إلا فراقي وشقاقي ، ثم نهضوا في وجه المسلمين ينضحونهم بالنبل ويشجرونهم بالرماح ، فعند ذلك نهضت إليهم فلما عضّتهم السلاح ووجدوا ألم الجراح رفعوا المصاحف يدعوكم إلى ما فيها، فأنبأتكم أنهم ليسوا بأهل دين ولا قرآن، وإنما رفعوا بها مكيدة وخديعة فامضوا لقتالهم، فقلتم : اقبل منهم واكفف عنهم ، فإنهم إن أجابوا إلى ما في القرآن إن حاجونا على ما نحن عليه من الحق. فقبلت منهم وكففت عنهم ، فكان الصلح بينكم وبينهم ع-ل-ى رجلين حكمين ليحييا ما أحياه القرآن، ويميتا ما أماته القرآن فاختلف رأيهما واختلف حكمهما، فنبذا ما في الكتاب وخالفا ما في القرآن وكانا أهله، ثم إن طائفة اعتزلت فتركناهم ما تركونا حتى إذا عانوا في الارض يفسدون ويقتلون وكان فيمن قتلوه أهل ميرة من بني أسد وقتلوا خبابا وابنه وأمّ ولده والحارث بن مرة العبدي، فبعثت إليهم داعيا فقلت : ادفعوا إلينا قتلة إخواننا ، فقالوا: كلنا قتلتهم.

ص: 23

ثم شدّت علينا خيلهم ورجالهم فصرعهم الله مصارع الظالمين ، فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم فقلتم كلّت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا وعاد أكثرها قصيرا فأذن لنا فلنرجع ولنستعد بأحسن عدتنا ، وإذا نحن رجعنا زدنا في مقاتلتنا عدة من قتل منا ، حتى إذا ظللتم على النخيلة أمرتكم أن تلزموا معسكركم وأن تضمّوا إليه نواصيكم وأن توطنوا على الجهاد نفوسكم ولا تكثروا زيارة أبنائكم ونسائكم فإن أصحاب الحرب مصابروها وأهل التشمير فيها، والذين لا يتوجدون من سهر ليلهم ولا ظمأ نهارهم ولا فقدان أولادهم ولا نسائهم، و ، وأقامت طائفة منكم معدّة وطائفة دخلت المصر عاصية، فلا من دخل المصر عاد إليّ، ولا من أقام منكم ثبت معي ولا صبر، فلقد راب-تني وما في عسكري منكم خمسون رجلا، فلما رأيت ما أنتم عليه دخلت عليكم فما قدر لكم أن تخرجوا معي إلى يومكم هذا الله أبوكم، ألّا ترون إلى مصر قد افتتحت وإلى أطرافكم قد انتقصت، وإلى مسالحكم ،ترقى، وإلى بلادكم تغزى؟ وأنتم ذووا عدد جمّ وشوكة شديدة، وأولوا بأس قد كان مخوفا لله أنتم أين تذهبون؟ وأنى تؤفكون؟ ألا إن القوم جدوا وبأسوا وتناصروا ، وتناصحوا وإنكم أبيتم وونيتم وتخاذلتم وتغاششتم، ما أنتم إن بقيتم على ذلك سعداء، فنّبهوا رحمكم نائمكم وتحرزوا الحرب عدوّكم فقد أبدت الدعوة عن الصريح وأضاء الصبح لذي عينين . فانتبهوا ، إنما تقاتلون الطلقاء وأبناء الطلقاء وأهل الجفاء ومن أسلم كرها وكان لرسول الله أنفا، وللاسلام كله حربا ، أعداء السنة والقرآن، وأهل البدع والاحداث ، ومن كانت نكابته تتقى وكان على الاسلام وأهله مخوفا، وأكلة الرشا وعبيد الدنيا، ولقد أنهي إليّ أن ابن النابغة لم يبايع معاوية حتى شرط له أن يؤتيه آتية وهي أعظم مما في يديه من سلطانه، فصغرت يد هذا البائع دينه بالدنيا . وخزيت أمانة هذا المشتري بنصرة فاسق غادر بأموال المسلمين، وأي سهم لهذا

ص: 24

المشتري بنصرة فاسق غادر وقد شرب الخمر وضرب حدا في الاسلام ، وكلكم يعرفه بالفساد في الدين، وإن منهم من لم يدخل في الاسلام وأهله حتى رضخ عليه رضيخة ، فهؤلاء قادة القوم. ومن تركت لكم ذكر مساويه أكثر وأنور. وأنتم تعرفونهم بأعيانهم وأسمائهم ، كانوا على الاسلام ضدا، وللنبي صلى الله عليه وسلم حربا وللشيطان حزبا ، لم يتقدم إيمانهم ولم يحدث نفاقهم، وهؤلاء الذين لو ولوا عليكم لأظهروا فيكم الفخر والتكبر والتسلط بالجبرية والفساد في الارض ، وأنتم على ما كان منكم من تواكل وتخاذل خير منهم وأهدى سبيلا منكم الفقهاء والعلماء والفهماء وحملة الكتاب والمتهجدون بالاسحار ، ألا تسخطون وتنقمون أن ينازعكم الولاية السفهاء البطاة عن الاسلام، الجفاة فيه. اسمعوا قولي يهديكم الله إذا قلت وأطيعوا أمري إذا أمرت فوالله لئن أطعتموني لا تغووا. وإن عصيتموني لا ترشدوا، قال الله تعالى : ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمْ مَن لا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (1)، وقال الله تعالى لنبيه صلی الله علیه و آله وسلم: ﴿إِنَّمَا أَنتَ

مُنذِرُ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (2)، فالهادي بعد النبي صلی الله علیه و آله وسلم هاد لأمته ع-ل-ى م-ا ك-ان م-ن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فمن عسى أن يكون الهادي إلا الذي دعاكم إلى الحق وقادكم إلى الهدى ؟ خذوا للحرب أهبتها وأعدوا لها عدتها فقد شبت وأوقدت نارها وتجرّد لكم الفاسقون لكيما يطفؤوا نور الله بأفواههم ويغزوا عباد الله، ألا ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والجفاء أولى بالحق من أهل البر والاحسان في طاعة ومناصحة إمامهم ، إني - والله - لو لقيتهم وحدي وهم وأهل الأرض ما استوحشت منهم، ولا باليت، ولكن أسف يريبني وجزع يعتريني من أن يلي هذه الامة فجّارها وسفهاؤها، يتخذون مال الله ،دولا، وكتابه دخلا والفاسقين حزبا ،

ربهم

ص: 25


1- یونس: 35 .
2- الرعد : 7 .

والصالحين حربا ، وأيم الله لولا ذلك ما أكثرت تأنيبكم وتحريضكم ولتركتكم إذا أبيتم حتى ألقاهم متى حُم لي لقاؤهم، فوالله إنّي لعلى الحق وإني للشهادة لمحب لمشتاق . ولحسن ثوابه لمنتظر ، إني نافر بكم، فانفِرُوا

ربّی

وإني إلى لقاء الله خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ (1) ، ولا تثاقلوا في الارض فتعمّوا بالذل وتقروا بالخسف ، ويكون نصيبكم الخسران . إنّ أخ الحرب اليقظان الارق، وإن نام لم تنم عينه، ومن ضعف أوذي، ومن كره الجهاد في سبيل الله كان المغبون المهين إني لكم اليوم على ما كنت عليه أمس، ولستم لي على ما كنتم عليه من تكونوا ناصريه أخذ بالسهم الاخيب، والله لو نصرتم الله لنصركم وثبت أقدامكم، إنّه حقّ على الله أن ينصر من نصره ويخذل من خذله، أترون الغلبة لمن صبر بغیر نصر ؟ وقد يكون الصبر جبنا ويكون حمية، وإنّما الصبر بالنصر والورود بالصدر، والبرق بالمطر . اللّهم اجمعنا وإياهم على الهدى وزهدّنا وإياهم في الدنيا، واجعل الاخرة خيرا لنا من الاولى .(2)

ص: 26


1- التوبة : 41 .
2- کشف المحجة لثمرة المهجة ؛ للسيّد ابن طاووس الحسني : 173 - 188 .

[ الخطبة (27)]

قال الهاد كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: «أما بعد ، فان الجهاد باب من ابواب الجنة ... الى آخره هذه الخطبة من مشاهير خطبه، وقال الشارح العلامة هذه الخطبة مشهورة، وأقول : هي مروية في كتاب الجهاد من كتاب الكافي، وقد ذكرها الجاحظ في كتاب البيان والتبيين مع اختلاف يسير وذكرت في كتاب الأخبار الطوال، وفي الكامل للمبرد وفي عقد إبن عبد ربه مع اختلاف في بعض الألفاظ والفقرات ، وقوله : « فيا عجبا والله يميت القلب ... الى آخره مروي في كتاب عيون الاخبار لابن قتيبة ؛ قال : خطب عليّ حين قتل عامله في الانبار ، فقال في خطبته ... الى آخره.» ، وقال الشارح الفاضل بعد ذكر أن أبا العباس المبرد ذكرها في الكامل، وانه أسقط من هذه الرواية ألفاظا وزاد فيها ألفاظاً، وكان فيها « وسيما الخسف ، قال : ونحن نقول : إن السماع الذي حكاه ابو العباس غير مرضي، والصحيح ما تضمنه نهج البلاغة وهو وسيم الخسف » فعل

- كما

ما لم يسم فاعله - والخسف منصوب لانه مفعول ... الى آخر ما ذكره، وهو

قال ؛ لان رواية السيّد أصح وأعلا ، واما ما ذكره من التعليل فيحتاج الى ملاحظة» .(1)

ص: 27


1- مدارك نهج البلاغة : 77 .

وقال العرشي في التخريج مانصه : رواها الجاحظ بتغيير يسير في البيان

والتبيين (ج 1 ص 170] والمبرد في الكامل ج 1 ص 13] ، وابن قتيبة في عيون الأخبار [ ج 2 ص 236] ، وابن عبد ربه في العقد الفريد (ج 2 ص 163]، وأبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني ج 15 ص 43] والشيخ الصدوق في معاني

الأخبار ( ص 113)، والشيخ المفيد في الارشاد ( 160 - 164)». (انتهى) .(1)) قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

في «الكافي»، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن جعفر بن عبد الله العلوي وأحمد بن محمّد الكوفي ، عن علي بن العباس، عن إسماعيل بن إسحاق جميعا، عن أبي روح فرج بن قرة عن مسعدة بن صدقة ، قال : حدثني ابن أبي ليلي عن

، أبي عبد الرحمن السلمي، قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : أما بعد، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه وسوّغهم كرامة منه لهم ونعمة ،ذخرها، والجهاد هو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه البسه الله ثوب الذل وشمله البلاء، وفارق الرضا وديث بالصغار والقماءة، وضرب على قلبه بالاسداد واديل الحق منه بتضييع الجهاد وسيم الخسف ومنع النصف.

ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا وسرا وإعلانا وقلت

، لكم اغزوهم قبل أن يغزوكم ، فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا،

: فتواكلتم وتخاذلتم حتى شُنّت عليكم الغارات وملكت عليكم الاوطان ، هذا أخو غامد، قد وردت خيله الانبار وقتل حسان بن حسان البكري وأزال خيلكم عن مسالحها، وقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ،ورعاثها ما تمنع منه إلا بالاسترجاع

ص: 28


1- راجع : استناد نهج البلاغة

والاسترحام، ثم انصرفوا وافرين ما نال رجلا منهم كلم ولا اريق له ،دم فلو أن

امرءاً مسلما مات من ،

، هذا أسفا ما كان به ملوما بل كان عندي به جديرا فيا

عجبا عجبا والله يميث القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤلاء على باطلهم وتفرّقكم عن حقكم ، فقبحا لكم وترحا حين صرتم غرضا يرمى يغار عليكم ولا تغيرون

، وتغزون ولا تغزون ويعصى الله وترضون ، فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم : هذه حمارة القيظ أمهلنا حتى يسبخ عنا الحر. وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم : هذه صبّارة القر، أمهلنا حتى ينسلخ عنا البرد ، كل هذا فرارا من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرّون فأنتم والله من السيف أفر، يا أشباه الرجال ولا رجال حلوم الاطفال وعقول ربات ،الحجال لوددت أنّي لم أركم ولم أعرفكم معرفة - والله - جرت ندما وأعقبت ،ذما ، قاتلكم الله، لقد ملأتم قلبي قيحا وشحنتم صدري غيظا وجرّعتموني نغب التهمام أنفاسا وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان حتى لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب الله أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراسا وأقدم فيها مقاما مني، لقد نهضت فيها ما بلغت العشرين وها أنا قد ذرفت على الستين ، ولكن لا رأي لمن لا يطاع (1)وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في معاني «الأخبار» في باب الالفاظ التي ذكرها أمير المؤمنين علیه السلام في خطبته بالنخيلة حين بلغه قتل

حسان بر بن حسان عامله بالانبار حدثنا أبو العباس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال حدثنا هشام بن

معاني

علي ، ومحمّد بن زكريا الجوهري، قالا : حدثنا ابن عائشة بإسناد ذكره أن عليا علیه السلام انتهى إليه أن خيلا لمعاوية وردت الانبار فقتلوا عاملا له يقال له: «حسان بن حسان فخرج مغضبا يجرّ ثوبه حتى أتى النخيلة وأتبعه الناس، فرقى رباوة من

ص: 29


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 5: 65.

الأرض، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلی الله علیه و آله وسلم ثم قال : أمّا بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه البسه الله ثوب الذل وسيما الخسف وديث الصغار ، وقد دعوتكم إلى حرب هؤلاء القوم ليلا ونهار وسرا وإعلانا وقلت لكم اغزوهم من قبل أن يغزوكم ، فوالذي نفسي بيده ما

: غزي قوم قط في عقر ديارهم إلّا ذلّّوا، فتواكلتم وتخاذلتم وثقل عليكم قولي واتخذتموه وراءكم ظهريا، حتى شنت عليكم الغارات، هذا أخو غامد قد وردت خيله الانبار ، وقتلوا حسان بن حسان ورجالا منهم كثيرا ونساء ، والذي نفسي بيده لقد بلغني أنه كان يدخل على المرأة المسلمة والمعاهدة فتنتزع أحجالهما ورعتهما، ثم انصرفوا موفورين، لم يكلم أحد منهم كلما ، فلو أن امرءا مسلما مات من دون هذا أسفا ما كان عندي فيه ملوما ، بل كان عندي به جديرا يا عجبا كل العجب من تظافر هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقكم ! إذا قلت لكم : اغزوهم في الشتاء قلتم هذا أوان قرّ وصر! وإذا قلت لكم اغزوهم في الصيف

: :قلتم هذه حمارة القيظ أنظرنا ينصرم الحر عنا ! فإذا كنتم من الحر والبرد تفرون فأنتم والله من السيف أفر. يا أشباه الرجال ولا رجال ويا طغام الاحلام، ويا عقول ربات الحجال والله لقد أفسدتم علي رأيي بالعصيان، ولقد ملأتم جوفي غيظا حتى قالت قريش إن ابن أبي طالب شجاع ولكن لا رأي له في الحرب الله درّهم! ومن ذا يكون أعلم بها وأشدّ لها مراسا منّي ؟ فو الله لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ولقد نيفت اليوم على الستين ولكن لا رأي لمن لا يطاع - يقولها ثلاثا - فقام إليه رجل ومعه أخوه فقال: يا أمير المؤمنين أنا وأخي هذا كما قال الله عزوجل حكاية عن موسى: ﴿ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي )(1) فمرنا بأمرك

ص: 30


1- المائدة : 25 .

فوالله لننتهين إليه ولو حال بينا وبينه جمر الغضا وشوك القتاد. فدعا له بخير قال: وأين تقعان مما أريد ؟! ثم نزل (1)

وبالاسناد عن الهاروني ( ت / 424 ه-) في ( تيسير المطالب»، قال: أخبرنا أبو عبد الله احمد بن محمّد البغدادي قال: حدثنا عبد العزيز بن اسحاق بن جعفر الكوفي، قال: حدثنا أبو بكر احمد بن يحيى، قال: حدثنا احمد بن الوليد، عن سيابة، عن قيس بن الربيع، عن عمرو بن قيس الملائي، عن أبي صادق، قال: بلغ علي بن أبي طالب ان خيلا لمعاوية اغارت الأنبار وقتلوا بها عامله حسان بن حسان البكري ، فقام على يجر ثوبه حتى أتى النخيلة، فقالوا: نحن نكفيك يا أمير المؤمنين علیه السلام، فقال: ما تكفوني، ولا تكفوني أنفسكم قال واجتمع الناس إليه،

، : فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ان هذا الجهاد باب من أبواب الجنة من تركه ألبسه الله الذلة وسيم الخسف وديث بالصغار، وقد دعوتكم الى جهاد هؤلاء القوم ليلاً ونهاراً وسراً وإعلانا، وقلت لكم : اغزوهم قبل أن يغزوكم ، فوالله ما غزي قوم قط فى عقر دارهم إلا ذلّوا فتثاقلتم وتواكلتم وثقل عليكم ذلك حتى شنّت عليكم ،الغارات هذا اخو غامد قد نزلت خيله الأنبار وقتلوا حسان بن حسان ورجالاً صالحين ونساء، ولقد بلغني انه كان يدخل [ الرجل منهم ] على المرأة المسلمة والأخرى (أي المعاهدة) فينتزع رعائها وحجلها، ثم انصرفوا موزورين لم يكلم كلماً ، والله لو أنّ امرءاً مسلما مات من دون هذا أسفاً لما كان عندي بذلك ملوماً ، بل كان عندي جديراً، فيا عجباً - والله - يميت القلب ويكثر الهمّ ويبعث الأحزان من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقّكم ، حتى صرتم غرضاً تُرمون ولاترمون وتغزون ولاتغزون ويغار عليك ولا تغيرون، ويعصى الله وترضون يا أشباه الرجال ولا رجال حلوم الأطفال وعقول ربات

أحد منهم

ص: 31


1- معاني الأخبار : للشيخ الصدوق : 310309.

الحجال اذا قلت لكم : اغزوهم في البرد. قلتم : هذه أيام قرّ امهلنا حتى ينسلخ القرّ عنا، فإذا كنتم من الحر والبرد تفرّون فأنتم والله من السيف أفرّ، أما والله لوددت اني لم أركم ولم أعرفكم معرفة - والله جرّت ندماً ، قاتلكم الله ، لقد ملئتم قلبي غيظاً ، وأفسدتم عليَّ رأيي بالخذلان ، حتى لقد بلغني ان قرشياً تقول : ان أبي طالب رجل شجاع ولكن لا رأي له بالحروب لله ابوهم، وهل احد منهم أشد لها مراساً منّي ؟ لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، وها انا الآن قد ذرفت على الستين، ولكن لا رأي لمن لا يطاع.

قال : فقام رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين علیه السلام انا وأخي كما قال الله تعالى : ( لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي )(1)فها أنا وهذا أخي فمرنا بأمرك، فوالله لنضر بن دونك ولو حال بيننا الغضا وشوك القتاد ، قال : فقال علي : يرحمكما الله واين تقعان مما أريد» . (2)

وقال البلاذري ( ت / 279 ه-) في أنساب الأشراف»: قالوا: ودعا معاوية سفيان بن عوف بن المغفل الأزدي ثم الغامدي، فسرّحه في ستة آلاف من أهل الشام ذوي بأس وإناءة [كذا ] وأمره أن يلزم جانب الفرات الغربي حتى يأتي هيت فيغير على مسالح على وأصحابه بها وبنواحيها ، ثم يأتى الانبار فيفعل بها مثل ذلك حتى ينتهى إلى المدائن، وحذره أن يقرب الكوفة، وقال له : إن الغارة تنخب قلوبهم وتكسر حدّهم وتقوّي أنفس أوليائنا ومنتهم. فشخص سفيان في الستة آلاف المضمومين إليه، فلما بلغ أهل هيت قربه منهم قطعوا الفرات إلى العبر الشرقي كذا] فلم يجد سفيان بها أحدا، وأتى الانبار فأغار عليها، فقاتله من بها من قبل عليّ فأتى على كثير منهم، وأخذ أموال الناس، وقتل أشرس بن حسان البكري عامل عليّ، ثم انصرف. وأتى عليا ،علج ، فأخبره الخبر، وكان عليلاً

ص: 32


1- المائدة : 25 .
2- تيسير المطالب : 187 ، ط / 1395ه-.

لا يمكنه الخطبة، فكتب كتابا قرئ على الناس ، وقد أدني عليّ من السدة التي كان يخرج منها ليسمع القراءة ، وكانت نسخة الكتاب هكذا :

ما

أما بعد ، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة ، فمن تركه البس ثوب الذلة، وشملة البلاء، وديث بالصغار، وسيم الخشف، ومنع النصف، وقد دعوتكم إلى جهاد هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وعلانية وسرا، وأمرتكم أن تغزوهم قبل أن يغزوكم؛ فإنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم وثقل عليك-م ق-ول-ي، وعصيتم أمري واتخذتموه وراءكم ظهريا، حتى شنّت عليكم الغارات من كل ناحية، هذا أخو غامد قد وردت خيله الانبار فقتل ابن حسان البكري، وأزال مسالحكم عن مواضعها وقتل منكم رجالا صالحين. ولقد بلغني أن الرجل من أهل الشام كان يدخل بيت المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فيأخذ حجلها وقلبها ورعاتها ،وقلادتها فيا عجبا عجبا يميت القلب، ويجلب الهم، ويسعر الاحزان من جد هؤلاء القوم في باطلهم ، وفشلكم عن حقكم، فقبحا وترحا حيث صرتم غرضا يرمى ، يغار عليكم ولا تغيرون، ويعصى الله فترضون إذا قلت لكم : اغزوا عدوكم في الحر، قلتم : هذه حمارة القيظ من يغزوا فيها ؟!! أمهلنا ينسلخ عنا الحر ، وإذا قلت: أغزوهم في أنف الشتاء ، قلتم : الصر والقرّ، أفكل هذا منكم فرار من الحر والقر ؟! فأنتم والله من السيف أفر ؟! يا أشباه الرجال - ولا رجال - يا أحلام الاطفال وعقول ربات الحجال ، لوددت أني لم أركم وأن الله أخرجني من

بين أظهركم، فلقد ورّيتم صدري غيظا وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا وأفسدتم عليّ رأيي بالعصيان والخذلان حتى قالت قريش إن ابن أبي طالب شجاع ولكنه لا علم له بالحرب. الله أبوهم وهل منهم أحد أشدّ لها مراسا ومقاساة منّي، لقد نهضت فيها وقد بلغت العشرين، فها أنا ذا قد ذرفت على الستين، ولكنه

لا رأي لمن لا يطاع ، والسلام(1)

ص: 33


1- نساب الاشراف ؛ للبلاذري : 441 .

[ الخطبة (28)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: « قوله علیه السلام: أما بعد فان الدنيا قد أدبرت ... الخ ، هذه الخطبة رواها الجاحظ في كتاب البيان والتبيين والمسعودي في مروج الذهب وابن قتيبة في كتاب عيون الاخبار مع اختلاف في بعض الفقرات ورواها صاحب كتاب إعجاز القرآن ورواها في كتاب تحف

العقول من جملة الخطبة المعروفة بالديباج ورواها ابن عبد ربه في عقده . قال الشارح العلامة هذا الفصل من الخطبة التي في اولها: «الحمد الله غير مقنوط من رحمته ... الخ) وسيجيئ بعدو إنما قدمه الرضي عليها لما سبق من اعتذاره في خطبة الكتاب انه لا يراعي النتالي والنسق في كلامه .(1)

وقال العرشي في التخريج مانصه : رواها الجاحظ في البيان والتبيين [ ج 2

ص 235] الثقفي في كتاب «الغارات» [بحار الأنوار ج 17 ، ص 136] ، وابن عبد ربه في العقد الفريد ج 2 ص 163]، وأبو محمد الحسن بن علي بن شعبة الحراني المتوفى 943432( م ) في تحف العقول (35) ، والقاضي أبو بكر 13403 - الباقلاني المتوفى سنة 403 (13 - 1012 م ) في إعجاز القرآن المطبوع على

ص: 34


1- مدارك نهج البلاغة : 77 .

حاشية الاتقان للسيوطي ج 1 ص 194 ، والشيخ المفيد في الارشاد (138). (انتهى ) . (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري في« وقعة صفّين»، وفيه: أنبأنا نصر بن مزاحم التميمي، قال عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي ، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود وغيره، قالوا: لما قدم علي بن أبي طالب من البصرة إلى الكوفة يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة مضت من رجب سنة ست وثلاثين، وقد أعزّ الله نصره وأظهره على عدوّه، ومعه أشراف الناس وأهل البصرة، استقبله أهل الكوفة وفيهم قراؤهم وأشرافهم، فدعوا له بالبركة، وقالوا: يا أمير المؤمنين، أين تنزل ؟ أتنزل القصر ؟ فقال : لا ، ولكني أنزل الرحبة فنزلها وأقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلّى فيه ركعتين، ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله وقال: أما بعد، يا أهل الكوفة فإن لكم في الإسلام فضلا ما لم تبدّلُوا وتغيّروا. دعوتكم إلى الحق فأجبتم ، وبدأتم بالمنكر فغيرتم ألا إن فضلكم فيما بينكم وبين الله في الأحكام والقسم . فأنتم أسوة من أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه. ألا إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل . فأما اتّباع الهوى فيصدّ عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة. ألا إن الدنيا قد ترحلت ،مدبرة، والآخرة ترحّلت ،مقبلة، ولكل واحدة منها بنون فكونوا من أبناء الآخرة. اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل . (2)

وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في الأمالي»: قال: أخبرني أبو بكر ا محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدثنا

ص: 35


1- راجع : استناد نهج البلاغة
2- وقعة صفّين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 3.

مسلم بن عبد الله البصري ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمّد بن عبد الرحمن النهدي، قال: حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة العرني ، قال سمعت

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام يقول : إني أخشى عليكم اثنتين : طول الامل واتباع الهوى. فأما طول الامل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى، فيصد عن الحق، وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة، والآخرة قد جاءت مقبلة، ولكل واحدة منهما ،بنون فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا. فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل(1)

وبالاسناد عن أبي نعيم الأصفهاني ( ت / 430 ه-)، قال: حدثنا أبو بكر الضحي ، ثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ثنا عون من سلام ، ثنا ابو مريم زبيد ، عن مهاجر بن عمير، قال: قال علي بن أبي طالب ان أخوف ما أخاف : اتباع الهوى وطول الامل ... فذكر مثل ما تقدم عن المفيد وفي آخره: رواه الثوري وجماعة عن زبيد مثله عن علي مرسلاً، ولم يذكروا مهاجر بن عمير (2)

وبالاسناد عن الشيخ المفيد الثاني ابي علي الحسن بن محمّد الطوسي ( ت / 515 ه- رحمه الله ، قال : حدثنا الشيخ السعيد الوالد رحمه الله ، قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمّد

بن الوليد قال : حدثنا غندر بن محمّد قال : حدثنا شعبة، عن سلمة بن جميل، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني رحمه الله ، قال : سمعت أمير المؤمنين علیه السلام يقول : إن أخوف ما أخاف عليكم طول الامل واتباع الهوى ، فأما طول الامل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصدّ عن الحق، ألا وإن الدنيا قد تولّت مديرة، والآخرة قد أقبلت مقبلة، ولكل واحدة منهما ،بنون فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من

ص: 36


1- الأمالي ؛ للشيخ المفيد : 9392
2- حلبة الأولياء 76:1

أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، والآخرة حساب ولا عمل(1) وبالاسناد عن الموفق الخوارزمي ( ت / 568ه-) في المناقب، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي أخبرني

، القاضي الإمام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرني محمّد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو الله علي بن عبد الله العطار ببغداد حدثنا علي بن حرب الموصلي، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عطاء بن سائب ، عن أبي عبد الرحمان السلمي قال: خطب علي بن أبي طالب رحمه الله بالكوفة ، فقال : ايها الناس ان اخوف ما اخاف عليكم طول الأمل واتباع الهوى، فاما طول الامل فينسى الآخرة ، واما اتباع الهوى فيصدّ عن الحق ، ألا ان الدنيا قد ولّت مديرة والآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بتون فكونوا من ابناء الآخرة ولا تكونوا من ابناء الدنيا، فان اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل(2)

وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق»، قال أخبرنا أبو القاسم العلوي، أنا رشا بن ،نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، أنا أحمد بن يوسف التغلبي ، نا ابن نمير، عن وكيع، عن عمر بن منبه ، عن أوفى بن دلهم عن علي بن أبي طالب رحمه الله أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

أما بعد فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع، وإن الاخرة قد أقبلت وأشرفت

باطلاع، وإن المضمار اليوم وغدا السباق، ألا وإنكم في أيام أمل من ورائه أجل فمن قصر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خيّب عمله، ألا فاعملوا الله في

ص: 37


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 117.
2- المناقب : للموفق الخوارزمی : 313.

الرغبة كما تعملون له في الرهبة ، ألا وأني لم أر كالجنة نام طالبها ولم أر كالنار نام هاربها ، ألا وأنه من لم ينفعه الحق ضره الباطل، ومن لم يستقم به الهدى حاربه الضلال، ألا وانكم قد أمرتم بالظعن ودللتم على الزاد، ألا أيها الناس، إنما الدنيا عرض حاضر يأكل منها البرّ والفاجر ، وأنّ الاخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر ، ألا إن( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً واللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ (1) أيها الناس أحسنوا في عمركم تحفظوا في عقبكم، فإن الله وعد جنته من أطاعه وأوعد ناره من عصاه إنها نار لا يهدأ ،زفيرها، ولا يفك ،أسيرها، ولا يجبر كسيرها، حرّها شديد وقعرها ،بعيد، وماؤها صديد، وإن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل(2)

وأيضاً بالاستاد عن ابن عساكر (ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق»: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن علي

، أنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي

الزجاجي، حدثني أبو عبد الله علي بن سليمان صاحب الحكيمي ،، نا علي بن حرب . ح ، وأخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو عبد الله علي بن عبد الله العطار ببغداد نا علي بن حرب الموصلي سنة ست

وستين ومائتين بالموصل.

ح، وأخبرنا أبو حفص عمر بن محمّد بن الحسن بن محمّد بن إبراهيم، أنا أبو بكر بن خلف، أنا الحاكم أبو عبد الله ، قال : سمعت أبا عبد الله علي بن عبد الله العطار صاحب الحكم ببغداد يقول : حدثنا علي بن حرب الموصلي ، نا وكيع عن سفيان عن عطا بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: خطب علي بن

ص: 38


1- البقرة : 268 .
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 497 - 498 .

أبي طالب على منبر الكوفة ، وقال الشحامي بالكوفة، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس إن أخوف ما أخاف عليكم طول الأمل واتباع الهوى، فأما طول الأمل فينسي الآخرة وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ألا إن الدنيا قد ولّت مديرة والاخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الاخرة ولا تكونوا من

ابناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل . (1) وبالاسناد عن ابن عساكر قال أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو محمد

: الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيوية وأبو بكر محمّد بن إسماعيل بن العباس ، قالا : نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، أنا الحسين بن الحسن بن حرب، أنا عبد الله بن المبارك، أنا إسماعيل بن أبي خالد، عن زبيد اليامي، عن رجل من بني عامر ، قال : قال علي بن أبي طالب : إنما أخشى عليكم اثنتين : طول الأمل واتباع الهوى، فإن طول الأمل ينسي الآخرة ، وإن اتباع الهوى يصد عن الحق، وإن الدنيا قد ارتحلت مدبرة والاخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل.(2) وبالاسناد عن ابن عساكر، قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا أبو الفضل

العباس بن محمّد

بن عبد الواحد الرازي وسليمان بن إبراهيم بن محمّد ومحمّد بن أحمد بن محمّد بن هارون وأحمد بن عبد الرحمن بن محمّد الذكواني وسهل بن عبد الله بن علي وعبد الرزاق بن عبد الكريم بن عبد الواحد، وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس نا سليمان بن إبراهيم قالوا نا محمّد بن إبراهيم بن جعفر أملاء، أنا محمّد بن الحسين بن الحسن، نا علي بن الحسن الدرابجردي نا عبيد الله بن موسى، أنا إسماعيل بن زبيد ، قال : قال علي : إنما أخاف عليكم خصلتين :

ص: 39


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 495
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 495 .

طول الأمل واتباع الهوى ، فأما طول الأمل فينسي الآخرة ، وأما اتباع الهوى فيصدّ عن الحق، وإن الدنيا قد ترجّلت مديرة وإن الآخرة قد قربت مقبلة، ولكل واحدة منهما ،بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل(1)وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار عن مناقب ابن الجوزي ( ت / 597(ه-) مانصه : خطبة وتعرف بالبالغة ، روى ابن أبي ذئب، عن أبي صالح العجلي قال شهدت أمير المؤمنين رحمه الله كرم الله وجهه وهو يخطب، فقال بعد أن حمد الله تعالى وصلى على محمّد رسوله صلی الله علیه و آله وسلم: أيها الناس، إن الله أرسل إليكم رسولا ليزيح به علتكم ويوقظ به غفلتكم ، وإن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الامل ، أما اتباع الهوى فيصدّكم عن الحق، وأما طول الامل فينسيكم الآخرة.

ألا وإن الدنيا قد ترجّلت مدبرة وإن الآخرة قد أقبلت مقبلة، ولكل واحد منهما

بنون فكونوا من أبناء الاخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فان اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل، واعلموا أنكم ميتون ومبعوثون من بعد الموت، ومحاسبون على أعمالكم ومجازون بها فَلا تَغُرُنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرْتُكُم بالله الْغَرُورُ (2) ، فانها دار بالبلاء محفوفة وبالعناء والغدر موصوفة، وكل ما فيها إلى زوال، وهي بين أهلها دول وسجال ، لا تدوم أحوالها ، ولا يسلم من شرها نزالها، بينا أهلها منها في رخاء وسرور إذا هم في بلاء وغرور، العيش فيها مذموم والرخاء فيها لا يدوم أهلها فيها أهداف وأغراض مستهدفة، وكل فيها حتفه

مقدور وحظه من نوائبها موفور، وأنتم عباد الله على محجة من قد مضى، وسبيل

ص: 40


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 : 495
2- لقمان : 33 .

من كان ثم انقضى ممن كان أطول منكم أعمارا، وأشد بطشا وأعمر ديارا أصبحت أجسادهم بالية، وديارهم خالية، وآثارهم عافية، فاستبدلوا بالقصور

المشيدة، والنمارق الموسدة بطون اللحود ومجاورة اللدود في دار ساكنها مغترب ومحلّها مقترب بين قوم مستوحشين متجاورين غير متزاورين لا يستأنسون بالعمران ولا يتواصلون تواصل الجيران على ما بينهم من قرب الجوار ودنو الدار، وكيف يكون بينهم تواصل، وقد طحنتهم البلى، وأظلتهم الجنادل والثرى. فأصبحوا بعد الحياة أمواتا، وبعد غضارة العيش رفاتا. قد فجع بهم الاحباب وسكنوا التراب وظعنوا فليس لهم إياب وتمنوا الرجوع فحيل بينهم وبين ما

يشتهون(1)(كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (2).

وقد أخرج أبو نعيم طرفا من هذه الخطبة في كتابه المعروف بالحلية (3)وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال ، عن على أنه خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد! فان الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع وإن المضمار اليوم وغدا السباق، ألا! وإنكم في أيام أمل ، من ورائه أجل، فمن قصر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خيب عمله ، ألا ! فاعملوا الله في الرغبة كما تعملون له في الرهبة، ألا وإني لم أر

! كالجنة نائم ،طالبها، ولم أر كالنار نائم هاربها ، ألا وإنه من لم ينفعه الحق ضرّه الباطل، ومن لم يستقم به الهدى جار به الضلال، ألا وإنكم قد أمرتم بالظعن ودللتم على الزاد ، الا أيها الناس إنما الدنيا عرض حاضر ، يأكل منها البر والفاجر

L

ص: 41


1- اقتباس من قوله تعالى : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ ) ( سبأ : 54 ) .
2- المؤمنون: 100 .
3- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 74: 295 .

وإن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر ألا إن( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ

! وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعُ عَلِيمٌ ) (1) أيها الناس !

أحسنوا في عمركم تحفظوا في عقبكم، فان الله تبارك وتعالى وعد جنّته من أطاعه، ووعد ناره من عصاه، إنها نار لا يهدأ ،زفيرها، ولا يفك أسيرها ، ولا يجبر کسیرها حرّها شديد وقعرها بعيد وماؤها صديد، وإن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الامل . (الدينوري، كر ) (2)

وأيضاً : عن علي علیه السلام قال : إنما أخشى عليكم من اثنتين : طول الامل، واتباع الهوى، فان طول الأمل ينسي الآخرة، وإن اتباع الهوى يصّد عن الحق ، وإن الدنيا قد ارتحلت مديرة، والآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما ،بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فان اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل (ابن المبارك ، حم في الزهد ، وهناد وابن أبي الدنيا وفي قصر الامل، حل ق في الزهد، كر ) (3)

ص: 42


1- البقرة : 268
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 202 ، ح 4422 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3: 818، ح 8856

[ الخطبة ( 29)]

قال كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج مانصّه : « ذكرت هذه الخطبة في كتاب البيان والتبيين مع اختلاف وزيادة ، وروى بعض فقراتها ابن قتيبة وروى قسما منها في مطالب السؤل ورواها في العقد الفريد مع اختلاف يسير وقال الشارح هذه الخطبة خطب بها امير المؤمنين في غارة الضحاك بن قيس » .(1)وقال العرشي في التخريج مانصه : الخطبة الثامنة والعشرون ، يعاتب فيها أمير المؤمنين علیه السلام أتباعه فيقول: «أيها الناس ، المجتمعة أبدانهم المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصم الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم الأعداء، تقولون في المجالس كيت وكيت، فاذا جاء القتال قلتم : حيدي حياد ... الى آخره . [ج 1 69] رواها الجاحظ في البيان والتبيين[ ج 1 ص 171] ، وابن قتيبة في الامامة والسياسة (142) ، والكليني في كتابه ابن أبي الحديد [ج 1 ص 85]، وابن عبد ربه في العقد الفريد [ج 2 ص 164] ، والشيخ المفيد في الارشاد ،[185]، وشيخ

ص

الطائفة في الأمالي [113] (انتهى). (2)

ص: 43


1- مدارك نهج البلاغة : 78 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

قال الجلالي وردت مقاطع من النص في رواية الاسكافي (ت / 240) في

المعيار والموازنة ص 99 ، ط / 1402 مرسلاً.

وروى البلاذري ( ت / 279 ه-) في أنساب الأشراف»، قال: وحدثني عباس

بن هشام، عن أبيه ، عن أبي مخنف، عن الحرث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن جندب بن عبد الله الازدي: ان عليا خطبهم حين استنفرهم إلى الشام بعد النهروان، فلم ينفروا فقال:

أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة قلوبهم وأهواؤهم، ما عزّت دعوة من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم، كلامكم يوهن الصم الصلاب وفعلكم يطمع فيكم عدوّكم ، إذا دعوتكم إلى الجهاد قلتم كيت وكيت وذيت ،وذيت أعاليل بأباطيل، وسألتمونى التأخير، فعل ذي الدين المطول، حيدي حياد، لا يدفع الضيم ،الذليل ولا يدرك الحق إلا بالجد والعزم واستشعار الصبر أي دار بعد داركم تمنعون، ومع أي إمام بعدي تقاتلون؟ ، المغرور - والله من غررتموه ومن فاز بكم فاز بالسهم الاخيب، أصبحت لا أطمع في نصركم ولا أصدق قولكم فرّق الله بيني وبينكم وأبدلني بكم من هو خير لي منكم. أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا وسيفا قاطعا ، وأثرة يتخذها الظالمون فيكم سنة، فيفرق جماعتكم ويبكي عيونكم ويدخل الفقر بيوتكم، وتتمنون عن قليل أنكم رأيتموني فنصر تموني ، فستعلمون حق ما أقول لكم ، ولا يبعد الله إلا من ظلم وأثم .(1)

وبالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 281 ه-) في «الغارات»: عن أبي

،مسلم قال سمعت عليا علیه السلام يقول : لولا بقية المسلمين لهلكتم. وعن اسماعيل بن رجاء الزبيدي أن عليا علیه السلام خطبهم بعد هذا الكلام، فقال بعد

أن حمد الله وأثنى عليه

ص: 44


1- أنساب الاشراف :2 380

أيها الناس المجتمعة أبدانهم المتفرقة أهواؤهم، ما عزّ من دعاكم ولا استراح

من قاساكم ، كلامكم، يوهن الصمّ الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم عدوكم ان قلت لكم : سيروا إليهم في الحر ، قلتم أمهلنا ينسلخ عنا الحر ، وان قلت لكم سيروا

: الشتاء ، قلتم : أمهلنا حتى ينسلخ عنا البرد فعل ذي الدين المُطول، من فاز بكم فاز بالسهم الاخيب، أصبحت لا اصدق قولكم ، ولا أطمع في نصركم، فرّق الله بيني وبينكم، أي دار بعد داركم تمنعون ؟! ومع أي امام بعدي تقاتلون ؟! أما إنكم ستلقون بعدي أثرة يتخذها عليكم الضلال سنة، وفقرا يدخل بيوتكم، وسيفا قاطعا، وتتمنون عند ذلك أنكم رأيتموني وقاتلتم معي وقتلتم دوني وكأن قد. (1) عن الاعمش، عن ابن عطية ، قال : قال لهم علي علیه السلام: إن بالكوفة مساجد مباركة ومساجد ،ملعونة ، فأما المباركة فإن منها مسجد غني وهو مسجد مبارك، والله إن قبلته القاسطة، ولقد أسسه رجل مؤمن، وإنه لفي سرّة الارض، وإن بقعته لطيبة ، ولا تذهب الليالي والأيام حتى تنفجر فيه عين وحتى تكون على جنبيه جنتان وأهله ملعونون، وهو مسلوب منهم، ومسجد جعفي مسجد مبارك وربما اجتمع فيه اناس من الغيب يصلون فيه ومسجد ابن ظفر مسجد مبارك، والله إن اطباقه لصخرة خضراء ما بعث الله من نبي إلا فيها تمثال وجهه وهو مسجد السهلة ومسجد الحمراء وهو مسجد يونس بن متّي علیه السلام ولتنفجرن فيه عين تظهر على السبخة وما حوله.

وأما المساجد الملعونة : فمسجد الاشعث بن قيس ، ومسجد جرير بن عبد الله البجلي ، ومسجد ثقيف، ومسجد سماك بني على قبر فرعون من الفراعنة فكانت غارة معاوية في أداني الكوفة».(2)

ص: 45


1- كذا في الغارات والعبارة كماترى غير تامة
2- كذا في الغارات .

وعن ثعلبة بن يزيد الحماني أنه قال: بينما أنا في السوق إذ سمعت مناديا ينادي: الصلاة جامعة، فجئت أهرول والناس يهرعون، فدخلت الرحبة، فإذا لي على علیه السلام منبر من طين مجصص وهو غضبان قد بلغه أن ناسا قد أغاروا

عد بالسواد فسمعته يقول : أما ورب السماء والارض ثم رب السماء والارض، إنه لعهد النبي صلی الله علیه و آله وسلم الّاإلى أن الامة ستغدر بي. (1)

إلى وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في «الأمالي»: أخبرني جماعة عن أبي عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا محمّد بن موسى، قال: حدثنا محمّد بن سهل، قال: أخبرنا هشام، قال حدثني أبو مخنف، قال: حدثني الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق، عن جندب بن عبد الله الازدي، قال: قام علي بن أبي طالب علیه السلام في الناس ليستنفرهم إلى أهل الشام، وذلك بعد انقضاء المدة التي كانت بينه وبينهم، وقد شن معاوية على بلاد المسلمين الغارات فاستنفرهم بالرغبة في الجهاد والرهبة فلم ينفروا ، فأضجره ذلك فقال : أيها الناس المجتمعة ،أبدانهم المختلفة ،أهواؤهم، ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم كلامكم يوهن الصم الصلاب وتثاقلكم عن طاعتي يطمع فيكم عدوكم، إذا أمرتكم قلتم كيت وكيت وليت وعسى أعاليل أباطيل وتسألوني التأخير دفاع ذي الدين المُطوِل هيهات هيهات لا يدفع الضيم الذليل ، ولا يدرك الحق إلا بالجد والصبر . أي دار بعد داركم تمنعون، ومع أي إمام بعدي تقاتلون ؟! المغرور والله من غررتموه ، ومن فاز بكم فاز بالسهم الاخيب أصبحت لا أطمع فى نصر تكم، ولا أصدق قولكم، فرق الله بيني وبينكم وأعقبني بكم من هو خير لي منكم. أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، وسيفا قاطعا وأثرة يتخذها الظالمون فيكم

ص: 46


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 3 : 488 482

سنة، تفرق جماعتكم، وتبكي عيونكم ، وتتمنون عما قليل أنكم رأيتموني فنصر تموني، وستعرفون ما أقول لكم عما قليل، ولا يبعد الله إلا من ظلم. قال: فكان جندب لا يذكر هذا الحديث إلا بكى وقال صدق والله أمير

المؤمنين علیه السلام، قد شملنا الذل ، ورأينا الاثرة ، ولا يبعد الله إلا من ظلم(1) وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق»: أخبرنا أبو عبد الله الحسین بن محمّد بن خسروا البلخي، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب، أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن بنخاب الطيبي، نا أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين بن علي الكسائي ، نا أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي، حدثني أبو داود، نا أبو معاوية، عن عمر بن حسان البرجمي ، عن خباب بن عبد الله : أن معاوية بعث خيلا فأغارت على هيت والأنبار فاستنفر علي الناس فابطأوا وتثاقلوا فخطبهم ، فقال : أيها الناس المجتمعة أبدانهم المتفرقة أهواؤهم، ما عزت دعوة من دعاكم ولا استراح قلب من قاساكم، كلامكم يوهي الصم الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم عدوكم ، فإذا دعوتكم إلى المسير أبطأتم وتثاقلتم

وقلتم كيت وكيت ، أعاليل أباطيل، وسألتموني التأخير دفاع ذي الدين المُطول حيدي حياد ، لا يمنع الضيم الذليل ، ولا يدرك الحق إلا بالجد والصدق فأي دار بعد داركم تمنعون، ومع أي إمام بعدي تقاتلون ؟ المغرور والله من غررتموه ومن قاربكم فاز بالسهم الأخيب، أصبحتم والله لا أصدق قولكم ولا أطمع في نصركم، فرّق الله بيني وبينكم، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم، وأعقبكم مني من هو شر لكم منّي، أما إنكم ستلقون بعدي ثلاثا : ذلا شاملا، وسيفا قاطعا ، وأثرة قبيحة يتخذها فيكم الظالمون سنة، فتبكي لذلك أعينكم، ويدخل الفقر بيوتكم وستذكرون عند تلك المواطن فتودون أنكم رأيتموني وهرقتم دماءكم دوني

ص: 47


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 181 180

ولا يبعد الله إلا من ظلم، والله لوددت أني أقدر أن أصرفكم صرف الدينار بالدراهم عشرة منكم برجل من أهل الشام .

فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين علیه السلام إنا وإياك كما قال الأعشى :

علقتها عرضا وعلقت رجلا ***غيري وعلق أخرى غيرها الرجل

علقنا بحبك وعلقت أنت بأهل الشام وعلق أهل الشام معاوية .(1)

ص: 48


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر .1 : 321 320

[ الخطبة (30)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه محمد بن عبدالله الاسكافي ت / 220 ه-) مرسلاً في ( المعيار والموازنة» بعنوان : خطبة أمير المؤمنين علیه السلام لما أخبره أكابر أصحاب رسول الله علیه السلامبأن طلحة والزبير التقيا ببني أمية ممن كان منهم بمدينة، فأجمع رأيهم على نقض بيعتك، قال الاسكافي: وذكروا أن عليا علیه السلام لما قسم بيينهم بالسوية ، وأعطى الأسود والاحمر عطية ،واحدة أنكر ذلك من قوم ووجدوا من ذلك، ومشى بعضهم إلى بعض بالعتب والطعن فبلغ ذلك أصحابه من المهاجرين والانصار، فاجتمع أبو الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وعمار بن ياسر ، ورفاعة بن رافع ، وأبو حية وخالد بن زيد وسهل

فعله

بن حنيف، فتشاوروا، فاجتمع رأيهم على أن يركبوا إلى علي بن أبي طالب ويخبروه أن طلحة والزبير ومن كان من بني أمية بالحجاز قد اجتمع رأيهم واشتملت عداوتهم، وهم مصرّون على أمر لا نأمنهم عليه . فركبوا إلى علي بن أبي طالب علیه السلام، فقالوا: يا أمير المؤمنين علیه السلام انظر في أمرك، وعاتب قومك هذا الحي من ،قريش، فإنهم قد نقضوا عهدك، وأخلفوا وعدك ، وقد دعونا في السر إلى رفضك، هداك الله لرشدك، وذلك لانهم فقدوا الأثرة، وكرهوا الاسوة، فلما

ص: 49

استتب بينهم وبين الاعاجم، أنكروا ، واستشاروا عدوك ، فاجتمع رأيهم على أن

يطلبوا بدم ،عثمان، فرقة للجماعة ، وائتلافا لاهل ..الجهالة فرأيك

فأقبل علي راكبا بغلة رسول الله الشهباء، فدخل المسجد ، فركب المنبر مغضبا وعليه عمامة خز ،سوداء، مرتديا ،بطاق، متز را ببرد قطري متوشحا سيفا، متوكنا على قوس، فقال:

أما بعد، أيها الناس، فإنا نحمد الله ربنا وإلهنا وولي النعمة علينا، الذي أصبحت

نعمه علينا ظاهرة وباطنة بغير حول منا ولاقوة إلا امتنانا علينا، وفضلا ليبلونا أنشكر أم نكفر ، فمن شكر زاده ومن كفر عذبه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحدا صمدا وأشهد أن محمّدا عبده

. ورسوله، بعثه رحمة للعباد والبلاد والبهائم والانعام نعمة أنعم به علينا ومنا

وفضلا علیه السلام.

فأفضل الناس - أيها الناس - عند الله منزلة وأعظمهم شرفا، وأقربهم من رسول الله قربا، وأعظمهم عند الله خطرا، أطوعهم لامر الله ، وأعلمهم بطاعة الله، أعملهم وأتبعهم لسنة رسول الله علیه السلام ، وأحياهم لكتاب الله ، فليس لاحد ممن خلق

الله عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة رسوله واتباع كتابه وسنة نبيه علیه السلام. هذا كتاب الله بين أظهركم، وعهد نبي الله وسيرته فينا لا يجهلها إلا جاهل معاند عن الحق، يقول الله في كتابه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ (1) فمن أتقى فهو الشريف المكرم المحب . وكذلك أهل طاعة الله وطاعة رسوله، لقول الله في كتابه: (إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ (2) الآية . ويقول الله : ( أَطِيعُوا الله

ص: 50


1- الحجرات : 13 .
2- آل عمران: 31

وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلُّوا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ )(1) .

ثم صاح بأعلى صوته يا معشر المهاجرين، يا معشر الانصار، يا معشر المسلمين أتمنّون على الله ورسوله بإسلامكم ؟ والله ولرسوله المن عليكم إن كنتم صادقين. ثم نادى : ألا إنه من استقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمّدا عبده ورسوله أجرينا عليه أحكام القرآن، وأقسام الاسلام، ليس لاحد على أحد فضل إلا بتقوى الله وطاعته، جعلنا الله وإياكم من المتقين، وأوليائه وأحبابه الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون. ثم قال: ألا إن هذه الدنيا التي أصبحتم تطلبونها، وترغبون فيها، وأصبحت تغضبكم وترضيكم ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له ولا الذي دعيتم إليه. ألا وإنها ليست بباقية لكم، ولا تبقون عليها، ولا تغرنكم فقد حذرتموها، ووصفت لكم وجربتموها، فأصبحتم لا تحمدون عواقبها . فسابقوا إلى منازلكم التي أمرتم أن تعمروها ، فهي العامرة التي لا تخرب أبدا والباقية التي لا تنفد ، وهي التي رغبكم الله فيها، ودعاكم إليها، وجعل لكم الثواب فيها. فانظروا يا معشر المهاجرين والانصار وأهل دين الله ما وصفتم به في كتاب الله ونزلتم به عند رسول الله وجاهدتم عليه قيم فضلتم ؟ أبحسب أو نسب ؟ أو بعمل وطاعة ؟ فاستتموا نعم الله عليكم - يرحمكم الله بالصبر لانفسكم على طاعة الله، والذل لحكم الله والمسارعة في رضوان الله والمحافظة على ما استحفظكم الله من كتابه ألا وإنه لا وإنه لا يضركم تضييع شي من دنياكم بعد حفظكم وصية رسول الله علیه السلام. ألا وإنه لا ينفعكم شي حافظتم عليه من دنياكم بعد تضييع ما أمرتم به من التقوى. عليكم عباد الله بتقوى الله والتسليم لامره والرضا بقضائه والصبر على بلائه. فأما هذا الفئ، فليس لاحد على أحد فيه أثره، قد فرغ الله من قسمه

ص: 51


1- آل عمران: 32، وفي النسخ: «فإن تولّيتم ....»

فهو مال الله ، وأنتم عباد الله المسلمون. وهذا كتاب الله به أقررنا وعليه شهدنا وله أسلمنا ، وعهد نبينا علیه السلام بين أظهرنا فسلّموا رحمكم الله لأمر الله، فمن لم يرض بهذا فليتبوأ حيث شاء وكيف شاء، فإن العامل بطاعة الله، والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه، أولئك حزب الله، لاخوف عليهم ولا هم يحزنون، وأولئك هم المفلحون(1).

نسأل الله ربنا وإلهنا أن يجعلنا وإياكم من أهل طاعته، وأن يجعل رغبتنا

ورغبتكم فيما عنده ، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم.

ثم نزل عن المنبر وصلى ركعتين، وبعث بعمار إلى طلحة والزبير وهما في ناحية من المسجد ، فقاما فجلسا ،إليه ، فقال لهما : أنشدكما الله ، هل جئتماني تبايعاني طائعين، ودعوتماني إليها وأنا كاره ؟ قالا: أللهم نعم قال: غير مجبورين ولا مقسورين فأسلمتمالي بيعتكما ، وأعطيتماني عهد كما ؟ قالا : اللهم نعم . فقال : علي : الحمد لله رب العالمين على ذلك . ثم قال لهما فما عدا مما بدا ؟ قالا: أعطيناك بيعتنا على أن لا تقطع الامر دوننا وأن تستشيرنا في الأمور ، ولا تستبد بها عنا، ولنا من الفضل على غيرنا ما قد علمت ! فأنت تقسم القسوم، وتقطع الامور وتمضي الاحكام بغير مشاورتنا ولا رأينا ولا علمنا .

فقال علي : لقد نقمتما يسيرا ، وأرجئتما كثيرا، استغفر الله لي ولكم. ثم قال لهما : ألا تخبراني أفي شي لكما فيه حق دفعتكما عنه ؟ أم في قسم استأثرت به عليكما ؟ قالا : معاذ الله . قال : ففي حق رفعه إلى أحد من المسلمين ضعفت عنه أو جهلته ، أو حكم أخطأت فيه ؟ قالا: اللهم لا قال ففي أمر

دعوتماني إليه من أمر عامة عامة المسلمين فقصرت عنه وخالفتكما فيه ؟ قالا: اللهم لا . قال : فما الذي كرهتما من أمري ونقمتما من تأميري ورأيتما من

ص: 52


1- اقتباس من قوله تعالى : ( أُولئِكَ حِزب الله أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (المجادلة : 23).

خلافي ؟ قالا : خلافك عمر بن الخطاب وأثمتنا وحقنا في الفئ جعلت حقنا في الاسلام كحق غيرنا، وسويت بيننا وبين من أفاء الله به علينا بسيوفنا ورماحنا واوجفنا عليه بخيلنا وظهرت عليه دعوتنا ، وأخذناه قسرا ممن لم يأتوا الاسلام إلا كرها . فقال : علي - رحمة الله عليه - الله أكبر الله أكبر، اللهم إني أشهدك عليهما، وأشهد من حضر مجلسي هذا اليوم عليهما. ثم قال : أما ما احتججتما به علي من أمر الاستشارة، فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة، ولا لي فيها محبة ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها، وأنا كاره فخفت أن تختلفوا وان أردكم عن جماعتكم . فلما أفضت إلى نظرت إلى كتاب الله وما وضع لنا وأمر بالحكم فيه وما قسم واستن النبي علیه السلام فأمضيته واتبعته، فلم أحتج إلى رأيكما ولا دخولكما معي ، ولا غيركما، ولم يقع حق جهلته فأثق ،، برأيكما فيه وأستشيركما وإخواني من المسلمين، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما ولا عن غيركما إذا كان أمر ليس في كتاب الله بيانه وبرهانه، ولم يكن فيه سنة من

نبينا ولم يمض فيه أحكام من إخواننا ممن يقتدى برأيه ويرضى بحكمه. وأما ما ذكرتما من الاسوة فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه ولم أقسمه ، قد وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله علیه السلام قسما قد فرغ الله من قسمته وأمضى فيه حكمه . وأما قولكم جعلت لهم فيئنا وما أفاءت رماحنا وسيوفنا، فقدما ما سبق إلى الاسلام قوم لم يضرهم في شي من الاحكام إذا استؤثر عليهم ، ولم يضرهم حين استجابوا لربهم والله مو فيهم يوم القيامة أعمالهم. ألا وإنا مجرون عليهم أقسامهم فليس لكما والله عندي ولا لغير كما في هذا عتبا. أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق وألهمنا وإياكم الصبر . ثم قال: رحم الله رجلا رأى حقا فأعان عليه، أو رأى جورا ،فرده، وكان عونا للحق على صاحبه .(1)

ص: 53


1- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي : 109 - 114

[ الخطبة (31)]

قال العرشي في التخريج مانصه : «لاتلقين طلحة ، فانك إن تلقه تجده كالثور عاقصا قرنه، يركب الصعب ويقول : هو الذلول[ ج 1 ص 72] رواه ابن قتيبة في [ج

«[190

عيون الأخبار[ج 1 ص 195] .(1)

قال ابن أبي الحديد ( ت / 656ه-) مانصه : وروى جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه، عن جدّه علیهم السلام، قال: سألت ابن عباس رضی الله عنه عن ذلك، فقال: إني قد أتيت الزبير، فقلت له ، فقال : قل له إني أريد ما تريد - كأنه يقول : الملك - لم يزدني على ذلك . فرجعت إلى على علیه السلام فأخبرته .

وروی محمّد بن إسحاق والكلبي، عن ابن عباس رضی الله عنه، قال : قلت الكلمة للزبير

فلم یزدني على أن قال: قل له إنا مع الخوف الشديد لنطمع. :قال وسئل ابن عباس عمّا يعنى بقوله هذا ، فقال : يقول : إنا على الخوف

لتطمع ن نلى من الأمر ما وليتم.

وقد فسره قوم تفسيراً آخر، وقالوا أراد إنا مع الخوف من الله ، لنطمع أن يغفر

لنا هذا الذنب.

ص: 54


1- راجع استناد نهج البلاغة .

قلت :وعلى كلا التفسيرين لم يحصل جواب المسألة(1)1)

أصحابنا، عن

وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار، عن الكافي، باسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعدة من ، عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب عن يعقوب السراج، عن جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام وبأسانيد مختلفة عن الاصبغ بن نباتة، قال: خطبنا أمير المؤمنين في داره - أو قال في القصر - ونحن مجتمعون ثم أمر صلوات الله عليه فكتب في كتاب وقرى على الناس. وروى غيره أن ابن الكوا سأل أمير المؤمنين علیه السلام عن صفة الاسلام والايمان والكفر والنفاق فقال : أما بعد فان الله تبارك وتعالى شرع الاسلام وسهل شرائعه لمن ورده وأعز أركانه لمن جار به وجعله عزا لمن تولاه، وسلما لمن دخله

وهدى لمن انتم ،به وزينة لمن تجلله ، وعذرا لمن انتحله، وعروة لمن اعتصم به، وحبلا لمن استمسك به وبرهانا لمن تكلم به ونورا لمن استضاء به، وشاهدا لمن خاصم به وفلجا لمن حاج به، وعلما لمن وعاه ، وحديثا لمن روى، وحكما لمن ،قضى وحلما لمن جرّب، ولباسا لمن تدبر (2) ، وفهما لمن تفطن، ويقينا لمن ،عقل، وبصيرة لمن عزم، وآية لمن توسم، وعبرة لمن اتعظ ونجاة لمن صدق، وتؤدة لمن أصلح، وزلفى لم اقترب وثقة لمن توكل، ورجاء لمن فوض وسبقة لمن أحسن، وخيرا لمن سارع، وجنة لمن صبر، ولباسا لمن اتقى، وظهيرا لمن ،رشد وكهفا لمن آمن ، وأمنة لمن أسلم، ورجاء لمن صدق، وغنى لمن قنع. فذلك الحق سبيله الهدى، ومأثرته المجد، وصفته الحسنى، فهو أبلج المنهاج مشرق المنار، ذاكي المصباح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، سريع

ص: 55


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 166 ؛
2- في نسخة النهج : ( وليا لمن تدبر ) وهو الصحيح ، وبين النسخ كما سيأتي من المصنف اختلافات .

السبقة أليم النقمة كامل العدة كريم الفرسان فالايمان منهاجه والصالحات مناره والفقه ،مصابيحه والدنيا ،مضماره والموت غايته، والقيامة حلبته، والجنة سبقته، والنار نقمته، والتقوى ،عدته، والمحسنون ،فرسانه فبالايمان يستدل على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه وبالفقه يرهب الموت، وبالموت يختم الدنيا، وبالدنيا تجوز القيامة، وبالقيامة تزلف الجنة، والجنة حسرة أهل النار والنار موعظة للمتقين، والتقوى سنخ الايمان(1)

وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار، عن الكافي، بالاسناد المتقدم (2) ، عن أبي جعفر علیه السلام، قال : سئل أمير المؤمنين علیه السلام عن الايمان فقال : إن

الله عزوجل جعل الايمان على أربع دعائم على الصبر واليقين، والعدل والجهاد. فالصبر من ذلك على أربع شعب على الشوق، والاشفاق، والزهد، و الترقب ، فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق عن النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن راقب الموت سارع إلى الخيرات واليقين على أربع شعب تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، ومعرفة العبرة وسنة الأولين فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان مع الأولين واهندى إلى التي هي أقوم، ونظر إلى من نجا بما نجا، ومن هلك بما هلك ، وإنما أهلك الله من هلك هلك بمعصيته، وأنجا من أنجا بطاعته والعدل على أربع شعب غامض الفهم وغمر العلم، وزهرة الحكم، وروضة الحلم، فمن فهم فسر جميع العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره ، وعاش في الناس حميدا. والجهاد على أربع شعب على الأمر بالمعروف والنهي عن

ص: 56


1- الكافي 2 : 49 -50.
2- في المصدر : بالاسناد الأول، عن ابن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام

المنكر، والصدق في المواطن وشنآن ،الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق، وأمن كيده، ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه، ومن شنأ الفاسقين غضب الله ، ومن غضب الله غضب الله له فذلك الايمان ودعائمه و شعبه (1)

وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار، عن أمالي المفيد باسناده عن المرزباني، عن أحمد بن سليمان الطوسي، عن الزبير بن بكار، عن عبد الله بن وهب، عن السدي، عن عبد خير، عن جابر الاسدي ، قال : قام رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام فسأله الايمان فقام علیه السلام خطيبا فقال: الحمد الله عن الذي شرع الاسلام ... وساق نحوه إلى قوله : غضب الله ، ومن غضب الله تعالى فهو مؤمن حقا، فهذه صفة الايمان ودعائمه، فقال له السائل : لقد هديت يا أمير المؤمنين وأرشدت ، فجزاك الله عن الدين خيراً».(2)

ص: 57


1- الكافي 2 : 50 و 50 .
2- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 69: 350 - 352 عن أمالي المفيد : 170 ، أمالي الطوسي 1 : 35 راجع : تحف العقول: 158

[الخطبة (32)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: «قوله علیه السلام: أيها الناس إنا قد أصبحنا ... الخ» نسبت الى معاوية وهي من كلامه علیه السلام كما نصّ على ذلك الشريف الرضي وعمرو بن بحر الجاحظ (1)

وقال العرشي في التخريج مانصه : «وقد ذكرناها في بداية المقال عند ذكر مصادر الكتاب، ورواها الجاحظ في البيان والتبيين ج 1 ص 172] وابن قتيبة في عيون الأخبار [ج 2 ص 237] ، وابن عبد ربه في العقد الفريد [ج 2 ص 172] ، ورواها الباقلاني في إعجاز القرآن [ج 1 ص 197] عن شعيب بن صفوان، عن معاوية رضی الله عنه» . (انتهى)(2)

وقال حفظه الله في استناد نهج البلاغة : « والخطبة موجودة في البيان والتبيين

[ج ج 1 ص 172] مع نقد الجاحظ كما أشار إليه جامع نهج البلاغة(3) والجاحظ شخصية شهيرة في الأدب العربي، واسمه أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ

ص: 58


1- مدارك نهج البلاغة : 32 .
2- راجع استناد نهج البلاغة
3- راجع منتخبات البيان والتبيين ، للثعالبي : 110.

،المعتزلي، وتوفي في شهر محرم 255ه-(1) [868م ].(2)

قال الجلالي: تقدم البحث عن هذه الخطبة في المقدمة، ومن الغريب جداً عدّ الاستاذ العرشي حفظه الله هذا الكتاب من مصادر الرضي، مع انه ليس كذلك، بل هو من مراجع الرضي، والفرق : أن المصدر هو ما يعتمد عليه في الرواية، بينما المرجع هو ما يرجع إليه في الرأي، وكتاب التبيان والتبيين ليس من الأول بل من الثاني كما يظهر ذلك من المقارنة الاتيّ شرت اليها في فهرس التراث فليراجع .(3)

ص: 59


1- تاریخ بغداد 12 : 220 والكامل لابن الأثير :7 77 واليافعي 2: 162 ، وفي شذرات الذهب (121:2) انه توفي سنة 250ه-
2- راجع استناد نهج البلاغة : المقدمة .
3- راجع فهرس التراث 1: 75 .

[ الخطبة (33)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله رضی الله عنه: انّ الله بعث محمّداً ... الى آخره . روي هذه الخطبة الشيخ في الارشاد مع زيادة بيتين من الشعر في آخرها، وتوجد في النهج الذي عليه شرح ابن أبي الحديد زيادة [ والله ما تنقم

منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم فادخلناهم في حيّزنا فكانوا كما قال الاول:

أدمت لعمري شريك المحض صابحاً*** وأكلك بالزبد المقشرة التمرا

ونحن وهبتاك العلا ولم تكن ***علياً وحطنا حولك الجرد والسمرا

ولا توجد هذه الزيادة في النهج الذي عليه شرح العلامة ابن ميثم ، ولا في الذي

عليه شرح الشيخ محمد عبده، ولا في نسخة رأيناها مطبوعة في ايران (1)وقال العرشي في التخريج مانصه : «الخطبة الثانية والثلاثون وهي التي أوردها الجامع في محل آخر برواية مختلفة ( الخطبة 100) : ثم قال : رواها الشيخ المفيد في الارشاد ( ص 144)) . (انتهى) (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ المفيد

ص: 60


1- مدارك نهج البلاغة : 78 .
2- راجع استناد نهج البلاغة.

ت / 413 ه-) في الارشاد، قال: ولما توجّه أمير المؤمنين علیه السلام إلى البصرة، نزل الربذة فلقيه بها آخر ،الحاج، فاجتمعوا ليسمعوا من كلامه وهو في خبائه . قال ابن عباس رحمة الله عليه فأتيته فوجدته يخصف نعلا، فقلت له : نحن إلى أن تصلح أمرنا أحوج منا إلى ما تصنع، فلم يكلمني حتى فرغ من نعله ثم ضمها إلى

صاحبتها ، ثم قال لي قومها، فقلت ليس لها قيمة قال : على ذاك قلت كسر

درهم، قال: والله لهما أحب إلي من أمركم هذا ، إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا، قلت: إن الحاج قد اجتمعوا ليسمعوا من كلامك، فتأذن لي أن أتكلم ، فإن كان حسنا كان منك ، وإن كان غير ذلك كان منّي ، قال : لا ، أنا أتكلم. ثم وضع يده في صدري - وكان ششن (1) الكف - فآلمني ، ثم قام ، فأخذت بثوبه فقلت: نشدتك الله والرحم قال لا تنشدني ، ثم خرج، فاجتمعوا عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن الله بعث محمّد صلی الله علیه و آله وسلم وليس فى العرب أحد يقرأ كتابا ولا يدعي

نبوة، فساق الناس إلى منجاتهم، أم والله ما زلت في ساقتها ما غيرت ولا خنت حتى تولت بحذافيرها . ما لي ولقريش أم والله لقد قاتلتهم كافرين ولا قاتلنهم مفتونين، وإن مسيري هذا عن عهد إلي فيه. أم والله لأبقرن الباطل حتى يخرج الحق من خاصرته. ما تنقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم فأدخلناهم في حيزنا وأنشد:

ودمت لعمري شربك المحض خالصا ***وأكلك بالزبد المقشرة البجر (2)

وتحن وه-يناك العلاء ولم تكن*** عليّا وحطنا حولك الجرد والسمر (3)

ص: 61


1- ششن كفه : أي خشنت و غلظت الصحاح - ششن - 2142 : 5.
2- المقشرة الرطب المقشر ، والبحر : جمع بجراء، وهي المنتفخة البطن، يعني التمر الجيد الكبار . أنظر لسان العرب - بجر (4:40 )
3- الارشاد ؛ للشيخ المفيد 1: 247 . والجرد والسمر : يعني الخيل .

[ الخطبة ( 34)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: أف لكم، لقد سئمت عتابكم ... الخ. روى الطبري شيئاً منها ، وقال الشارح الفاضل: إن قوله : أنت فكن ذاك ، وردت الرواية بانه خاطب بذلك الاشعث بن قيس ؛ ثم قال: إن أمير المؤمنين علیه السلام خطب بهذه الخطبة بعد فراغه من أمر الخوارج»(1) قال العرشي في التخريج مانصه : رواها الطبري في تاريخه [ج 6 ص 51]

باختلاف بسيط . (انتهى)(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما رواه البلاذري (ت / 279ه-) في أنساب الأشراف، قال ما لفظه: «قالوا: وأمر علي علیه السلام الناس بالرحيل من لنهروان فقال لهم: إنّ الله قد أعزكم وأذهب ما كنتم تخافون عنكم فامضوا من وجهكم هذا إلى الشام .

فقال الاشعث بن قيس : يا أمير المؤمنين نفذت سهامنا وكلّت سيوفنا ونصلت

يا رماحنا، فلو أتينا مصرنا حتى نريح ونستعد ثم نسير إلى عدونا فركن الناس إلى

ص: 62


1- مدارك نهج البلاغة : 78 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة

ذلك، وكان الاشعث طنيناً(1) وسماه علي : عرف النار.

:قالوا وسار علي حتى أتى المدائن ثم مضى حتى نزل النخيلة، وجعل أصحابه يدخلون الكوفة حتى بقي في أقل من ثلاثماءة، فلما رأى ذلك دخل الكوفة وقد

بطل عليه ما دبر من اتيان الشام قاصدا إليها من النهروان، فخطب الناس فقال :

أيّها الناس استعدّوا للمسير إلى عدوكم ففي جهاده القربة إلى الله ودرك الوسيلة عنده ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ (2) وتوكّلوا على الله

وكفى بالله وكيلا وكفى بالله نصيرا.

فلم يصنعوا شيئا، فتركهم أياما حتى إذا يئس منهم خطبهم ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلی الله علیه و آله وسلم ثم قال : يا عباد الله ما بالكم إذا أمرتكم أن تنفروا في سبيل الله انا قلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة بدلا، وبالذل والهوان من العز والكرامة خلفا أكلّما دعوتكم إلى الجهاد دارت أعينكم في رؤوسكم كأنكم من الموت في سكرة، وكأن قلوبكم قاسية، فأنتم أسود الشرى عند الدعة، وحين تنادون للبأس ثعالب روّاغة، تنتقص أطرافكم فلا تتحاشون، ولا ينام عدوكم عنكم وأنتم غفلة ساهون. إن لكم عليَّ حقا، وإن لي عليكم حقا ، فأمّا حقكم فالنصيحة لكم ما نصحتم، وتوفير فيئكم عليكم، وأن أعلمكم كيلا تجهلوا، وأؤدّبكم كيما تعلموا وأما حقّي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصح في

المغيب والمشهد، والاجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين أمركم . (3)

وروى ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 284ه-) في «الغارات»، قال: حدثنا ،محمّد قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ابراهيم قال حدثنا ابراهيم بن عمرو بن

ص: 63


1- أي رفيع الصوت، فسمع الناس قوله هذا فركنوا إليه .
2- الأنفال : 60.
3- انساب الاشراف ؛ للبلاذري 2 : 379 - 380

المبارك البجلي ، قال : حدثني أبي، عن بكر بن عيسى ، قال : حدثني مالك بن ،أعين عن زيد بن وهب أن عليا قال للناس - وهو أول كلام له بعد النهروان وامور الخوارج التي كانت - فقال :

يا أيها الناس استعدوا إلى عدوٌّ في جهادهم القربة من الله وطلب الوسيلة إليه، حيارى عن الحق لا يبصرونه ، وموزعين بالكفر والجور لا يعدلون به جفاة عن الكتاب نكب عن الدين يعمهون فى الطغيان، ويتسكعون فى غمرة الضلال فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا وكفى بالله نصيرا.

الدعة

قال: فلم ينفروا ولم ينتشروا ، فتركهم أياما حتى أيس من أن يفعلوا، فدعا رؤوسهم ووجوههم فسألهم عن رأيهم وما الذي يثبطهم، فمهنم المعتل ومنهم المنكر ، وأقلهم النشيط ، فقام فيهم ثانية فقال : عباد الله، ما لكم إذا أمرتكم أن تنفروا اثاقلتم إلى الارض أرضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة ثوابا ؟ وبالذل والهوان من العز خلفا ؟! أو كلما ناديتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة يرتج عليكم فتبكمون، فكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون، وكأن أبصاركم كمه فأنتم لا تبصرون الله أنتم !؟ ما أنتم إلا اسود الشرى في وثعالب روّاغة حين تدعون ما أنتم بركن يصال به، ولا زوافر عزّ يعتصم إليها، لعمر الله لبنس حشاش نار الحرب أنتم ، انكم تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون ، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون، أن أخا الحرب اليقظان ، أودى من غفل، ويأتى الذل من وادع ، غلب المتخاذلون والمغلوب مقهور ومسلوب . أما بعد ، فان لي عليكم حقا ولكم علي حق، فأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصح لي في المشهد والمغيب ، والاجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين آمركم وان حقكم على : النصيحة لكم ما صحبتكم، والتوفير عليكم وتعليمكم كيلا تجهلوا وتأديبكم كى تعلموا فان يرد الله بكم خيرا

ص: 64

تنزّعوا عما أكره وترجعوا إلى ما أحب تنالوا ما تحبون وتدركوا ما تأملون (1)

و ما نقله ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) في شرح نهج البلاغة» بقوله : وروى نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد عن نمير بن وعلة، عن أبي وداك، قال: لما كره القوم المسير إلى الشام عقيب واقعة النهروان، أقبل بهم أمير المؤمنين فأنزلهم النخيلة، وأمر الناس أن يلزموا معسكرهم، ويوطنوا على الجهاد أنفسهم، وأن يقلوا زيارة النساء وأبنائهم وكان هو الرأي لو فعلوه، لكنهم لم يفعلوا، وأقبلوا يتسللون ويدخلون الكوفة، فتركوه وما معه من الناس إلا رجال من وجوههم قليل، وبقي المعسكر خاليا، فلا من دخل الكوفة خرج إليه، ولا من أقام معه صبر. فلما رأى ذلك دخل الكوفة. قال نصر بن مزاحم فخطب الناس بالكوفة وهي أول خطبة خطبها بعد قدومه من حرب الخوارج، فقال: أيها الناس استعدوا لقتال عدو في جهادهم

القربة إلى الله عز وجل، ودرك الوسيلة عنده، قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه موزعين بالجور والظلم لا يعدلون به جفاة عن الكتاب نكب عن الدين يعمهون في الطغيان، ويتسكعون في غمرة الضلال فو تَأْعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِن

قوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ(2)، وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا.

قال: فلم ينفروا ولم ينشروا ، فتركهم أياما ، ثم خطبهم، فقال: أنّ لكم القد سئمت عتابكم ، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا ؟ ... الفصل الذي شرحناه آنفا إلى آخره. وزاد فيه: «أنتم أسود الشرى في الدعة، وثعالب رواغة حين البأس، إن أخا الحرب اليقظان، ألا إن المغلوب مقهور ومسلوب».(3)

ص: 65


1- الغارات الابراهيم بن محمد الثقفي 1: 33 - 37 .
2- الأنفال : 60.
3- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد 2: 193

[ الخطبة (35)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله : الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح ... الخ ) رواها الطبري في المجلد السادس، وفي هذه زيادة على ما رواه الطبري كما أن فيه زيادة لم تذكر هنا، وقال الشارح الفاضل : هذه الالفاظ من خطبه خطب بها بعد خديعة ابن العاص لأبي موسى وافتراقهما قبل وقعة النهروان؛ قال نصر : وكان علي لما خدع عمرو أبا موسى بالكوفة، وكان قد دخلها منتظراً ما يحكم به الحكمان ، فلما تم على أبي موسى ما تمّ من الحيلة غمّ ذلك علياً، وساءه ووجم له، فقال: «الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح، والحدث الجليل ... » الخطبة التي ذكرها الرضي رحمه الله، وهي التي نحن في شرحها ، وزاد في آخرها بعد الاستشهاد ببيت دريد: «ألا إن هذين الرجلين اللذين اخترتموهما قد نبذا حكم الكتاب ... الخ(1)

قال العرشي في التخريج مانصه : رواها ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين ابن أبي الحديد ج 1 ص 110 ، كما رواها ابن قتيبة في الامامة والسياسة ( 135)، والطبري في تاريخه (ج 6 ص 43) ، وأبو الفرج الأصبهاني في الأغاني ج 9

ص: 66


1- مدارك نهج البلاغة : 79 .

ص 5] ولو لم يروها الأخير بكلماته إلا أنه أشار إلى الشعر الأخير. (انتهى)(1) وبالاسناد عن سبط ابن الجوزي ( ت / 654 ه-) ، قال : قال الشعبي : ولما فصل الحكمان عن دومة الجندل عزم عليّ على قتالهم، فقام خطيبا وقال: أيها الناس، قد كنت أمرتكم بأمر في هذه الحكومة فخالفتموني وعصيتموني، ولعمري ان المعصية تورث الندم، فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازن

أمرتكم أمري بمنعرج اللوى*** فلم تستبينوا الرشد إلّا ضحى الغد

ألا ان هذين الحكمين قد نبذا كتاب الله وراء ظهورهما ، فاماتا ما أحيا القرآن وأحييا ما أمات واتبع كل واحد منهما هواه بغير هدى من الله فحكما بغير بينة ولا سنة ماضية ، وكلاهما لم يرشدا، فبرثا من الله ورسوله وصالح المؤمنين، فاستعدوا للجهاد وتأهبوا للمسير واصبحوا في مواقفكم(2)

وفي رواية المسعودي ( ت 346 ه-) ما نصه : ولما بلغ علياً ما كان من أمر أبي موسى وعمرو، قال: إني كنت تقدمت إليكم في هذه الحكومة ونهيتكم عنها فأبيتم إلا عصياني، فكيف رأيتم عاقبة أمركم إذا أبيتم علي ؟. إني لأعرف من حملكم على خلافي والترك لأمري، ولو أشاء أخذه لفعلت، ولكن الله من ورائه، يريد بذلك الأشعث بن قيس، والله أعلم، وكنت فيما أمرت به كما قال أخو بني خثعم :

أمرتهم أمري بمنعطف اللوى*** فلم يستبينوا الرشد إلّا ضحى الغدِ

من دعا إلى هذه الحكومة فاقتلوه قتله الله ولو كان تحت عمامتي هذه، ألا إن هذين الرجلين الخاطئين اللذين اختر تموهما حكمين قد تركا حكم الله ، وحكما

ص: 67


1- راجع : استناد نهج البلاغة .
2- تذكرة الخواص : 99 ، ص / 1401ه-.

بهوی انفسهما بغير حجة ولا حق معروف، فأمانا ما أحيا القرآن، وأحييا ما أماته، واختلف في حكمهما كلامهما ، ولم يرشدهما الله ولم يوفقهما، فبرىء الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين، فتأهبوا للجهاد واستعدوا للمسير، وأصبحوا في

عساكرهم إن شاء الله تعالى(1).

ص: 68


1- مروج الذهب 402:2 ، ط / دار الاندلس.

[ الخطبة (36)]

قال الهادي كاشف الغطاء( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله « فانا

نذيركم ... الخ ) روى بعض فقراتها الطبري في «ج 6» . (1)

قال العرشي في التخريج مانصّه : رواها ابن قتيبة في الامامة والسياسة ( 140) ،

والطبري في تاريخه [ج 6 ص 47] إلا مستهلها ، وقال ابن أبي الحديد [ج ص 114] وروی محمّد بن حبيب البغدادي المتوفى سنة 245 ) 859م ) قال خطب عليّ الخوارج يوم النهر» . (انتهى)(2) قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد عن سبط ابن الجوزي (ت / 654 ه-) ، قال : وقال السدي: لما وقف علي علیه السلام عليهم مهما قال لهم : أيتها العصابة التي أخرجها المراء واللجاج عن الحق، وطمح بها الهوى الى الباطل ، اني نذير لكم ان تصبحوا تلعنكم الامة وأنتم صرعي باقناء هذا النهر ، بغير بينة من ربكم ولا برهان ألم أنهكم عن الحكومة واخبرتكم انها مكيدة من قوم لا دين لهم ومتى فارقتموني سعيتم الحزم، والآن فارجعوا ، فان حكم الحكمان

ص: 69


1- مدارك نهج البلاغة : 79 .
2- راجع استناد نهج البلاغة .

بكتاب الله وإلا فنحن على الرأي الأول، فقالوا تب من الكفر كما تبنا، فقال: ويحكم ابعد ايماني برسول الله وجهادي معه في سبيل الله وهجرتي اشهد على نفسي بالكفر ؟ لقد ضللت اذا وما انا من المهتدين (1).

وقال هشام بن محمّد : لما أراد على علیه السلام ان يبعث أبا موسى للحكومة أتاه من الخوارج زرعة بن برح الطائي وحرقوص بن زهير السعدي فقالا : لا حكم الا لله ، فقال حرقوص : تب من خطيئتك وارجع عن حكومتك، وقم بنا الى القوم نقاتلهم حتى نلقى ربنا ، فقال علي علیه السلام: قد أردتكم على ذلك فعصيتموني، وقد كتبنا بيننا وبين القوم شروطاً واعطيناهم عهوداً ، فقال حرقوص: ذلك ذنب وينبغي أن تتوب منه، فقال: ما هو ذنب، وانما هو عجز من الرأي، وأنتم سببه . فقال له زرعة بن برح: أما والله لئن لم تدع تحكيم الرجال لأقاتلنك ، اطلب بذلك وجه الله ورضوانه. فقال له علي علیه السلام: بؤساً لك، ما أشقاك ، كأني بك قتيلا تسفي عليك الرياح . فكان كما قال » (2). هذا وقد ورد بالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في الارشاد ، قال : ومن کلامه علیه السلام بعد كتب الصحيفة بالموادعة والتحكيم، وقد اختلف عليه أهل العراق في ذلك:

والله ، ما رضيت ولا أحببت أن ترضوا فإذ أبيتم إلا أن ترضوا فقد رضيت ، وإذا

رضيت فلا يصلح الرجوع بعد الرضا، ولا التبديل بعد الاقرار، إلا أن يعصى الله بنقض العهد، ويتعدى كتابه بحل العقد، فقاتلوا حينئذ من ترك أمر الله واما

. الذي ذكرتم عن الاشتر من تركه أمر بخط يده في الكتاب وخلافه ما أنا عليه،

ص: 70


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَ كُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) (الأنعام: 56) .
2- تذكرة الخواص : 96 ، ط / 1401ه-.

فليس من أولئك ولا أخافه على ذلك، وليت فيكم مثله اثنين، بل ليت فيكم

، مثله واحدا يرى في عدوّكم ما يرى ، إذاً لخفت علي مؤونتكم، ورجوت أن يستقيم لي بعض أودكم ، وقد نهيتكم عما أتيتم فعصيتموني، فكنت - أنا وأنتم - كما قال أخو هوازن

وهل أنا إلا من غزية إن غوت*** غويت وإن ترشد غزية أرشد(1)

ص:71


1- الارشاد للشيخ المفيد 1: 270269 .

[ الخطبة ( 37) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: فقمت بالامر... الخ ذكر الشارح في الشرح أن هذا الكلام مركب من فصول أربعة لا يمتزج بعضها ببعض التقطه السيد الرضي من كلام لامير المؤمنين علیه السلام له قاله بعد وقعة النهروان وتبعه الشيخ محمّد عبده، وهو محتمل» .(1)

وقال العرشي في التخريج مانصه : «الخطبة السادسة والثلاثون، وهى التي تبدأ بقوله علیه السلام: « فقمت بالأمر وتنتهي بقوله : فنظرت في أمري فاذا طاعتي قد سبقت بيعتي [ج 1 ص 85]. روى البيهقي هذه الجملة الأخيرة من الخطبة في كتاب المحاسن[ ج 1 ص 37]» . (انتهى) (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ في ما رواه الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في «الأمالي»: حدثنا أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله ب-ن جعفر الحميري قالا حدثنا أحمد

محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن بن خالد البرقي، عن أحمد بن يزيد النيسابوري، قال: حدثني عمر بن إبراهيم الهاشمي

ص: 72


1- مدارك نهج البلاغة : 79 .
2- راجع استناد نهج البلاغة .

عن عبد الملك بن عمير، عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين ارتج الموضع بالبكاء، ودهش الناس كيوم قبض فيه النبي صلی الله علیه و آله وسلم. وجاء رجل باك وهو متسرع [مسترجع ] وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين علیه السلام، فقال : رحمك الله أبا الحسن، كنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا ، وأشدهم يقينا ، وأخوفهم الله عز وجل، وأعظمهم عناء، وأحوطهم على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وآمنهم على أصحابه، وأفضلهم مناقب وأكرمهم سوابق وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له ، وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا وفعلا، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه ، فجزاك الله عن الاسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيرا. قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت حين استكانوا، ونهضت حين وهنوا ولزمت منهاج رسوله إذ هم أصحابه ، كنت خليفته حقا ، لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكره الحاسدين وضغن الفاسقين، فقمت بالامر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، فاتبعوك فهدوا وكنت أخفضهم صوتا، وأعلاهم ،فوتا ، وأقلهم كلاما وأصوبهم منطقا ، وأكثرهم رأيا ، وأشجعهم قلبا، وأشدّهم يقينا ، وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالامور كنت- والله للدين يعسوبا، أوّلا حين تفرق الناس، وآخرا حين فشلوا، كنت

للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال، ما عنه ضعفوا وحفظت ما أضاعوا ووعيت ما أهملوا وشمّرت إذ اجتمعوا، وعلوت إذ هلعوا،

وصبرت إذ أسرعوا ، وأدركت ما عنه تخلّفوا ، ونالوا بك ما لم يحتسبوا. كنت للكافرين عذابا صبّاً، وللمؤمنين غيثا وخصبا فطرت - والله بنعمائها، وفزت

- بحبائها، وأحرزت سوابقها، وذهبت بفضائلها ، لم تفلل حجتك ، ولم يزغ قلبك ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك، ولم تخن كنت كالجبل لا تحرّكه

ص: 73

العواصف، ولا تزيله القواصف وكنت - كما قال صلی الله علیه و آله وسلم: - ضعيفا في بدنك قويا في

أمر الله ، متواضعا في نفسك ، عظيما عند الله عز وجل، كبيرا في الأرض، جليلا عند المؤمنين، لم يكن لأحد فيك مهمز ، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لاحد فيك مطمع، ولا لاحد عندك هوادة. الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى ى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق ، وقولك حكم وحتم ، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم، فاقلعت وقد نهج السبيل، وسهل العسير، وأطفئت النيران، فاعتدل بك الدين ، وقوي بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الانام ، فإنا لله وإنا إليه راجعون (1) رضينا عن الله قضاءه ، وسلمنا الله ،أمره ، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا . كنت للمؤمنين كهفا حصينا، وعلى الكافرين غلظة وغيظا فألحقك الله بنبيّه، ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك. وسكت القوم حتى انقضى كلامه، وبكى وأبكى أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، ثم طلبوه فلم يصادفوه (2)

ص: 74


1- اقتباس من قوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالْعُمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة: 155 - 156).
2- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 314 312.

[ الخطبة (39)]

قال الهادى كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: (قوله علیه السلام: منيت بمن لا يطيع ... الى آخره، قال الشارح العلامة : يروي ان هذه الخطبة خطب بها في

غزوة النعمان بن بشير بعين التمر ، ثم ذكر السبب في ذلك ) . (1) قال العرشي في التخريج مانصه : رواها الثقفي في كتاب الغارات ابن أبى

الحديد [ج 1 ص 118] » . (انتهى)(2).

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن ابراهيم بن محمّد الثقفي (ت / 283 ه-) في « الغارات»: قال : وحزن علي علیه السلام على محمّد بن أبي بكر حتى رئي ذلك فيه، وتبين في وجهه، وقام في الناس خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ألّا وان مصر قد افتتحها الفجرة أولياء الجور والظلم، الذين صدوا عن سبيل الله وبغوا الاسلام عوجا، ألا وان محمّد بن أبي بكر قد استشهد فعند الله نحتسبه، أما - والله لقد كان ما علمت لممّن ينتظر القضاء ويعمل للجزاء، ويبغض شكل الفاجر ، ويحب هين المؤمن، وإني والله ما ألوم نفسي على تقصير ولا

ص: 75


1- مدارك نهج البلاغة : 79 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

عجز واني بمقاساة الحرب لجدّ بصير، وإني لأقدم على الأمر، وأعرف وجه الحزم ، وأقوم بالرأي المصيب، فأستصرخكم معلنا واناديكم نداء المستغيث معربا فلا تسمعون لي قولا ولا تطيعون لي أمراً ، تصيّرون الأمور إلى عواقب المساءة ، فأنتم القوم لا يدرك بكم الثار ولا تنقض بكم الاوتار، دعوتكم إلى غياث إخوانكم منذ بضع وخمسين يوما فجرجرتم علي جرجرة الجمل الاشدق وتثاقلتم إلى الارض تثاقل من ليس له نية في جهاد العدوّ، ولا رأي له في اكتساب الاجر، ثم خرج إلي منكم جنيد متذائب ضعيف كأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ) (1) ، فأفُّ لكم . ثم نزل فدخل رحله .(2)

ص: 76


1- الأنفال : 6.
2- الغارات ؛ لابراهيم بن محمد الثقفي 1: 295 - 298 .

[ الخطبة ( 40) ]

قال العرشي في التخريج مانصه : الكلام التاسع والثلاثون، رداً على قول الخوارج لاحكم الا لله : كلمة حق يراد بها الباطل [ ج 1 ص 87] ، روى المبرّد

القول المذكور في الكامل [ ج 2 ص 131] باختلاف في اللفظ ) . ( انتهى)(1)قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد، عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفين»، قال: وفي حديث عمر بن سعد قال: لما رفع أهل الشام المصاحف على الرماح يدعون إلى حكم القرآن قال علي علیه السلام: عباد الله، إنى أحق من أجاب إلى كتاب الله ، ولكن معاوية وعمرو بن العاص، وابن أبي معيط وحبيب ابن مسلمة، وابن أبي سرح ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إنّي أعرف بهم منكم صحبتهم أطفالاً وصحبتهم رجالا فكانوا شر أطفال

، وشرّ رجال. إنها كلمة حق يراد بها باطل إنهم والله ما رفعوها أنهم يعرفونها ويعملون بها، ولكنها الخديعة والوهن والمكيدة. أعيروني سواعدكم وجماجمكم

ساعة واحدة، فقد بلغ الحق مقطعه ، ولم يبق إلا أن يقطع دابر الذين ظلموا. فجاءه زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد شاكي السلاح، سيوفهم على

ص: 77


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

عواتقهم، وقد اسودت جباههم من السجود، يتقدمهم مسعر بن فدكي، وزيد بن حصين، وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من ،بعد فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين يا علي أجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت إليه، وإلا قتلناك كما قتلنا ابن عفان فوالله لنفعلنها إن لم تجبهم . فقال لهم ويحكم، أنا أوّل من دعا إلى كتاب الله وأوّل من أجاب إليه، وليس يحل لي ولا يسعني في ديني أن أدعى إلى كتاب الله فلا أقبله، إني إنما أقاتلهم ليدينوا بحكم القرآن؛ فإنهم قد عصوا الله فيما أمرهم، ونقضوا عهده ونبذوا كتابه ، ولكني قد أعلمتكم أنهم قد كادوكم ، وأنهم ليسوا العمل بالقرآن يريدون. قالوا فابعث إلى الأشتر ليأتيك . وقد كان الأشتر صبيحة ليل الهرير قد أشرف

على عسكر معاوية ليدخله . (1)

ورواها الاسكافي ( ت / 220 ه-) مرسلاً في المعيار والموازنة»: 96،

ط 1402ه-

وبالاسناد الى المزّي ( ت / 742ه-) قال ما نصه : «حديث: أن الحرورية لما خرجت على علي بن أبي طالب، وهو معه، فقالوا : لا حكم إلا الله . قال علي: كلمة حق أُريد بها باطل ، إنِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف لنا ناسا، إنّي لأعرفُ صفتهم في

هؤلاء... الحديث بطوله. :م: في الزكاة 3 / 116 (1066) (157) عن أبي الطاهر بن السرح ويونس بن عبد الأعلى؛ كلاهما عن عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد ، عنه ، به (2) وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774 هقال : حدثني أبو الطاهر ويونس بن

ص: 78


1- وقعة صفين النصر بن مزاحم المنقري : 489 - 490 .
2- تحفة الاشراف :7: 102 ، ط / 1405ه-.

عبد الأعلى. قالا: أخبرنا عبد الله بن وهب . أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن بسر بن سعيد ، عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، أن

؛ الحرورية لما خرجت ، وهو مع علي بن أبي طالب علیه السلام، قالوا: لا حكم إلا الله . قال علي كلمة حق أريد بها باطل إن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وصف ناساً . إني لأعرف صفتهم

في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - من أبغض خلق الله إليه منهم أسود إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي. فلما قتلهم علي بن أبي طالب قال : انظروا فنظروا فلم يجدوا شيئاً. فقال: ارجعوا . فوالله ! ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلاثاً. ثم وجدوه في خربة. فأتوا به حتى وضعوه بين يديه. قال عبيد الله وأنا حاضر ذلك من أمرهم. وقول علي فيهم. زاد

: يونس في روايته قال بكير: وحدثني ،رجل، عن ابن حنين أنه قال: رأيت ذلك الأسود .(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) : عن علي ، قال : إن معاوية سيظهر علیكم، قالوا: فلم نقاتل إذا ؟ قال : لابد للناس من أمير بر أو فاجر. (نعيم ش ) . (2) وعنه أيضاً عن قتادة ، قال : لما سمع على المحكّمة ، قال : من هؤلاء ؟ قيل له : القراء . قال : بل هم الخيالون العيابون . قال : إنهم يقولون: لاحكم إلا الله ، قال : كلمة حق عُنى بها باطل. فلما قتلهم قال رجل : الحمد لله الذي أبادهم وأراحنا منهم،

فقال: علي كلا، والذي نفسي بيده، أنّ منهم لمن في أصلاب الرجال لم تحمله النساء بعد ، وليكونن آخرهم لصاصا حرادين». (عب) (3)

ص: 79


1- جامع المسانيد 20 : 133 - 134 ، ط / 1415ه- .
2- كنز العمال 5 779 ح14366
3- كنز العمال 11 : 287 - 288 ، ح 31542.

[ الخطبة (42 ) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: أيها الناس إن اخوف ما اخافه عليكم.... الخ ) هذا الكلام من خطبة رواها الكليني في روضة الكافي؛ ومن جملة خطبة ذكرها نصر بن مزاحم في كتاب صفين (ص4) طبع ايران وذكر في تذكرة السبط منه فقرات في ضمن خطبة قال: إنها تعرف بالبالغة) (1)

وقال العرشي في التخريج مانصه : رواها ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين (ص 4) ، وأبو جعفر البرقى فى كتاب المحاسن ( الورق 81 ب) ، وابن قتيبة

في عيون الأخبار ج 2 ص 353] والكلينى في فروع الكافي ج 3 ص 29] والحراني في تحف العقول ( 35 47) ، والشيخ المفيد في الارشاد (138)، وأبو ، نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني المتوفى سنة 430 ( 1038م) في حلية الأولياء آج ج 1 ص 76] ، وشيخ الطائفة في الأمالي (73، 145) منسوبة إلى أمير المؤمنين . وعزاها أبو على اسماعيل بن القاسم القالي المتوفى 356ه- ( 967م) في أماليه ج 1 ص 18] إلى عتبة بن غزوان . ورواها الوزير أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز

ص: 80


1- مدارك نهج البلاغة : 80.

البكري المتوفى 487ه- ( 1094 م) في سمط اللآلي [ج 1 ص 77] عن عتبة بن 1094م) غزوان ، عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم وأوعزها إلى كتاب الحكم والأمثال لأبي أحمد الحسن بن عبد الله العسكري المتوفى 482 (992 م ) » . ( انتهى ) (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري ( ت / 212 ه-) في وقعة صفّين ونصه : أنبأنا نصر بن مزاحم التميمي، :قال عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود وغيره ، قالوا: لما قدم علي بن أبي طالب من البصرة إلى الكوفة يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة مضت من رجب سنة ست وثلاثين، وقد أعزّ الله نصره وأظهره على عدوّه، ومعه أشراف الناس وأهل البصرة، استقبله أهل الكوفة وفيهم قراؤهم وأشرافهم، فدعوا له بالبركة وقالوا: يا أمير المؤمنين علیه السلام، أين تنزل ؟ أتنزل القصر ؟ فقال : لا ، ولكني أنزل الرحبة فنزلها وأقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلّى فيه ركعتين ، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله وقال:

أما بعد يا أهل الكوفة فإن لكم فى الإسلام فضلا ما لم تبدلوا وتغيّروا دعوتكم إلى الحق فأجبتم، وبدأتم بالمنكر فغيّرتم . ألّا إن فضلكم فيما بينكم وبين الله في الأحكام والقسم. فأنتم أسوة من أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه . ألا إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل. فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسى الآخرة. ألا إنّّ الدنيا قد ترحلت مديرة، والآخرة ترحّلت مقبلة، ولكل واحدة منها بنون فكونوا من أبناء الآخرة. اليوم عمل ولا

حساب، وغدا حساب ولا عمل.

الحمد لله الذي نصر وليه ، وخذل عدوه، وأعز الصادق المحق، وأذلّ الناكث

ص: 81


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

المبطل. عليكم بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم ، الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه من المنتحلين المدعين المقابلين إلينا، يتفضلون بفضلنا، ويجاحدونا أمرنا، وينازعونا حقنا، ويدافعونا عنه. فقد ذاقوا وبال ما

اجترحوا فسوف يلقون غيا.

ألا إنه قد قعد عن نصرتي منكم رجال فأنا عليهم عاتب زار. فاهجروهم

وأسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا ، ليعرف بذلك حزب الله عند الفرقة. فقام إليه مالك بن حبيب اليربوعي - وكان صاحب شرطته - فقال : والله إني

لأرى الهجر وإسماع المكروه لهم قليلا والله لئن أمرتنا لنقتلنهم. فقال على سبحان الله يا ،مال جزت المدى، وعدوت ،الحد وأغرقت

في النزع ! فقال: يا أمير المؤمنين ، لبعض الغشم أبلغ في أمور تنوبك من مهادنة الأعادي. فقال علي : ليس هكذا قضى الله يا مال قتل النفس بالنفس فما بال الغشم. وقال: ﴿ وَمَن قُتِلَ مُظلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِف فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً )(1) . والإسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك، فقد نهى الله عنه، وذلك هو الغشم(2)

وقال نصر أيضاً : « فقام إليه أبو بردة بن عوف الأزدي - وكان ممن تخلف عنه - فقال : يا أمير المؤمنين، أرأيت القتلى حول عائشة والزبير وطلحة ، بم قتلوا ؟ قال : قتلوا شيعتي وعمالي، وقتلوا أخا ربيعة العبدي رحمة الله عليه في عصابة من المسلمين قالوا: لا ننكث كما نكثتم ولا نغدر كما غدرتم. فوثبوا عليهم فقتلوهم ، فسألتهم أن يدفعوا إلي قتلة إخواني أقتلهم بهم ، ثم كتاب الله حكم بيني

ص: 82


1- الاسراء : 33
2- وقعة صفين : النصر بن مزاحم المنقري : 43.

وبينهم، فأبوا علي، فقاتلوني وفي أعناقهم بيعتي، ودماء قريب من ألف رجل من شيعتي، فقتلتهم بهم، أفي شك أنت من ذلك؟. قال: قد كنت في شك، فأما الآن فقد عرفت، واستبان لي خطأ القوم، وأنك أنت المهدي المصيب. وكان أشياخ الحي يذكرون أنه كان عثمانيا، وقد شهد مع عليّ على ذلك صفّين، ولكنه كان يكاتب معاوية، فلما ظهر معاوية أقطعه قطيعة بالفلوجة، وكان

بعد ما رجع عليه كريما .

ثم إن عليا تهيأ لينزل، وقام رجال ليتكلموا ، فلما رأوه نزل جلسوا وسكتوا (1) وبالاسناد عن البخاري ( ت / 256ه-) في صحيحه - باب في الأمل وطوله وقول الله تعالى : ( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ )(2). وقوله : ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّمُوا وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) (3)، وقال على ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من ابناء الآخرة ولا تكونوا من ابناء الدنيا فان اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل بمزحزحه بمباعده(4) قال البلاذري ( ت / 279 ه-) في أنساب الأشراف»: حدثني علي بن إبراهيم ت الطالبي عن أشياخه ، قال : قال علي بن أبي طالب علیه السلام: إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان طول الامل واتباع الهوى، فإنّ طول الامل ينسي الآخرة، وإن اتباع الهوى يضل عن الحق . ألا وإن الدنيا قد ولّت مديرة، والآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما

،بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، فإن اليوم عمل والآخرة حساب (5)

ص: 83


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 53 .
2- آل عمران : 185 .
3- الحجر : 3.
4- صحيح البخاري 7 :171 .
5- انساب الاشراف :114:2 ، ط / 1394ه-.

وروي عن موسى بن جعفر عن آبائه أن عليا قال : لا خير في الصمت عن

الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل (1)

قال : وكان يقول : الفرص تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير وكان علي

يقول : قيمة كل إنسان علمه(2)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في« الكافي»، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عثمان ، عن سليم بن قيس

الهلالي، قال: ، قال: خطب أمير المؤمنين فحمد الله وأثنى عليه ثم صلّى على

النبيصلی الله علیه و آله وسلم، ثم قال :

ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان اتباع الهوى وطول الامل، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة، ألا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكلّ واحدة ،بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وإن غدا حساب ولا عمل وإنما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع وأحكام تبتدع، يخالف فيها حكم الله، يتولى فيها رجال رجالا ، ألا إن الحق لو خلص لم يكن اختلاف، ولو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى لكنه يؤخذ من لكنه يؤخذ من هذا ضعت ومن هذا ضغث (3) فيمزجان فيجللان(4)معا فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى، إني سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلميقول: كيف أنتم إذا لبستم فتنة يربو فيها الصغير (5) ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة ، فإذا غير منها

ص: 84


1- انساب الاشراف :: 114 ، ط / 1394ه-.
2- انساب الاشراف :114:2 ، ط / 1394ه-.
3- الضغث - بالكسر : قبضة من حشيش مخالطة الرطب باليابس .
4- جللت الشئ : إذا غطيته . وفي بعض النسخ فيجتمعان ، وفي بعضها : فيجلبان.
5- اي يكبر وهو كناية عن امتدادها .

شي قيل: قد غيرت السنة وقد أتى الناس منكرا ، ثم تشتد البلية وتسبى الذرية وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب وكما تدق الرحا بثفالها (1)، ويتفقهون لغير الله | ويتعلّمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة. ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال: قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده مغيّرين لسنته، ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم التفرق عني جندي ، حتى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا ،فضلي، وفرض إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له، أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم (2) فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، ورددت فدك إلى ورثة فاطمة ، ورددت صاع رسول صلى الله عليه وسلم كما

صلی الله علیه و آله وسلم كان (3)، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الاقوام لم تمض لهم ولم تنفذ (4)ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد(5)، ورددت قضايا من الجور

ص: 85


1- بالمثلثة والفاء في النهاية : في حديث علي : (وتدقهم الفتن دق الرحا بتفالها الثفال - بالكسر - جلدة تبسط تحت رحا اليد ليقع عليها الدقيق ، ويس- ، ويسمى الحجر الأسفل: ثقالا بها والمعنى أنها تدقهم دق الرحا للحب إذا كانت مثفلة ولا تثفل الا عند الطحن ).
2- اشارة إلى ما فعله عمر من تغيير المقام عن الموضع الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الموضع الذي كان فيه في الجاهلية ، رواه الخاصة والعامة ، راجع كتاب النص والاجتهاد للعلامة الجليل سماحة السيد شرف الدين العاملي.
3- الصاع في النهاية هو مكيال يسع اربعة امداد والمد عند الشافعي وفقهاء الحجاز رطل ثلث بالعراقي وعند أبو حنيفة المدرطلان و به اخذ فقهاء العراق فيكون الصاع خمسة ارطلان وثلثا أو ثمانية ارطال وعند الشيعة على ما في كتاب الخلاف في حديث زرارة ، عن أبي جعفر قال : كان رسول يتوضأ بمد ويغتسل بصاع والمد رطل ونصف والصاع سنة ارطال يعني رطل المدينة آمد . وهو تسعة بالعراقي.
4- القطيعة : قطعة من ارض الخراج ( اقطعها ) أي عينها وعزلها . (الوافي).
5- كأنهم غصبوها وادخلوها في المسجد. (الوافي).

قضي بها(1) ، ونزعت نساءاً تحت رجال بغير حق، فرددتهن إلى أزواجهن، واستقبلت بهن الحكم في الفروج والارحام، وسبيت ذراري بني تغلب، ورددت ما قسم من أرض خيبر، ومحوت دواوين العطايا، وأعطيت كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي بالسوية ولم اجعلها دولة بين الاغنياء، والقيت المساحة، وسويت بين المناكح، وانفذت خمس الرسول كما انزل الله وفرضه، ورددت مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له الى ما كان عليه، وسددت ما فتح فيه من الابواب وفتحت ما سدّ منه، وحرّمت المسح على الخفين، وحددت على النبيذ، وأمرت بإحلال المتعتين وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، وأخرجت من أدخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده ممن كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، أخرجه، وأدخلت من اخرج بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أدخله، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم، ورددت سبايا فارس وسائر الامم إلى كتاب الله وسنة نبيه ؛ إذاً لتفرّقوا عنّي ، والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الاسلام غيّرت سنة عمر بنهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا. ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ما لقيت من هذه الامة من الفرقة وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار.

ص: 86


1- ذلك كقضاء عمر بالعول والتعصيب في الارث وكقضائه بقطع السارق من معصم الكف ومفصل ساق الرجل خلافا لما امر به النبي 9 و من ترك الكف والعقب ، وانفاذه في الطلاق الثلاث المرسلة، ومنعه من بيع امهات الاولاد وان مات الولد ، وقال : هذا رأى رأيته فأمضاه على الناس .... إلى غير ذلك من قضاياه وقضايا الأخرى. (الوافي).

وأعطيت من ذلك سهم ذي القربي الذي قال الله عز وجل : ( إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ )(1) فنحن والله عنى بذي القربى الذي قرننا الله بنفسه وبرسوله الله فقال تعالى : ( فَلِلَّهِ وَالرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) فينا خاصة كي لا يَكُونَ دُولَةٌ بَيْنَ الأغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ ) فى ظلم آل محمّد ﴿ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ

الْعِقَابِ )(2) لمن ظلمهم رحمة منه لنا، وغنى أغنانا الله به ووصی به نبیه صلی الله علیه و آله وسلم ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا ، أكرم الله رسوله وأكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس، فكذبوا الله وكذبوا رسوله وجحدوا كتاب الله الناطق بحقنا، ومنعونا فرضا فرضه الله لنا ما لقي أهل بيت نبي من أمته ما لقينا بعد

نبينا صلی الله علیه و آله وسلم والله المستعان على من ظلمنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (3)وعن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في «الخصال » ، قال : حدثنا محمد بن أحمد الاسدي ، قال : حدثنا محمّد بن أبي عمران، قال: حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، قال: حدثنا علي بن أبي علي اللهبي، عن محمّد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: إن أخوف ما أخاف على أمتي الهوى وطول الامل، أما الهوى فانه يصدّ عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة، وهذه الدنيا قد ارتحلت مديرة، وهذه الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون فان استطعتم أن تكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فافعلوا، فانكم اليوم في دار عمل ولا حساب وأنتم غدا في دار حساب ولا عمل.

ص: 87


1- وتمام الآية : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ والله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ (الأنفال : 41) .
2- الحشر : 7 .
3- الكافي ؛ للشيخ الكليني 8: 6058 .

وعنه رحمه الله قال : حدثنا أبي رضی الله عنه له قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن اذينة، عن أبان بن

محمد بن عيسى، عن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين صلی الله علیه و آله وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في كلام له :

العلماء رجلان رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ،ناج، ورجل عالم تارك لعلمه فهذا هالك. وإن أهل النار ليتأذون بريح العالم التارك لعلمه. وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبدا إلى الله عز وجل فاستجاب له وقبل منه وأطاع الله عز وجل فأدخله الله الجنة وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتباعه الهوى ، ثم قال أمير المؤمنين : ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خصلتين اتباع الهوى وطول الامل

: أما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وطول الامل ينسي الآخرة. وعنه ، قال : حدثنا أبو أحمد محمّد بن جعفر البندار الشافعي الفرغاني

بفرغانة، قال: حدثنا أبو العباس الحمادي ، قال : حدثنا أحمد بن محمّد الشافعي، :قال حدثنا عمي إبراهيم بن محمّد قال: حدثنا علي بن أبي علي اللهبي، ع-ن ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: إن أخوف ما

المنكدر أتخوف على امتي: الهوى وطول الأمل، أما الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الامل فينسي الآخرة، وهذه الدنيا مرتحلة ذاهبة وهذه الآخرة مرتحلة قادمة ولكل واحدة منهما بنون ، فإن استطعتم أن تكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا فافعلوا، فانكم اليوم في دار العمل ولا حساب، وأنتم غدا في دار الحساب ولا عمل . (1) وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت /413 ه-) في الأمالي» بثلاثة أسانيد منها : عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزیار عن

ص: 88


1- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 5251 .

عاصم، عن فضيل الرسان عن يحيى بن عقيل قال : قال علي علیه السلام: إنما أخاف عليكم اثنتين اتباع الهوى وطول الامل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة(1) وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) بالاسناد عن الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي ( ت / 515 - ح ) ، قال حدثنا الشيخ السعيد الوالد ت / 460 ه- ، قال : أخبرنا محمد بن محمد قال أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي، قال حدثنا محمّد بن الوليد قال حدثنا غندر بن

،محمد قال: حدثنا شعبة، عن سلمة بن جميل، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني ، قال : سمعت أمير المؤمنين يقول : إن أخوف ما أخاف عليكم طول الامل واتباع الهوى، فأما طول الامل فينسي الاخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، ألا وإن الدنيا قد تولّت مديرة، والآخرة قد أقبلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، والآخرة حساب ولا عمل(2)

وقال اخبرنا الشيخ الاجل المفيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن

علي الطوسي الله بمشهد مولانا اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه في جمادى الأولى سنة تسع وخمس مائة ، قال : حدثنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر محّمد بن الحسن بن علي الطوسي رضی الله عنه في صفر سنة ست وخمسين واربعماءة ، قال : أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن رحمه الله ، قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمّد الصيرفي ، قال : حدثنا محمّد بن مخلد بن حفص، قال: حدثنا محمّد بن الوليد قال : حدثنا غندر بن محمّد قال :

ص: 89


1- بحار الأنوار للعلامة المجلسي 74: 423 ، عن الأمالي 55 و 121 و 203.
2- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي: 117.

حدثنا سعيد ، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل قال : قال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب علیه السلام في خطبة له : إن أخوف ما أخاف عليكم طول الامل واتباع الهوى، فاما طول الامل فينسي الآخرة ، وأما اتباع الهوى فيضل عن الحق ، ألا وإن

الدنيا قد تولّت مديرة وان الآخرة قد أقبلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل (1)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق : أخبرنا أبو

ل القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن علي الزجاجي أنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي حدثني أبو عبد

الله علي بن سليمان صاحب الحكيمي ، نا علي بن حرب. ح ، وأخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو عبد الله علي بن عبد الله العطار ببغداد نا علي بن حرب الموصلي سنة ست وستين ومائتين بالموصل.

ح، وأخبرنا أبو حفص عمر بن محمّد بن الحسن بن محمّد بن إبراهيم، أنا أبو بكر بن خلف، أنا الحاكم أبو عبد الله ، قال : سمعت أبا عبد الله علي بن عبد الله العطار صاحب الحكم ببغداد يقول : حدثنا علي بن حرب الموصلي، نا وكيع عن سفيان عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : خطب علي ابن أبي طالب على منبر الكوفة - وقال الشحامي بالكوفة - فحمد الله وأثنى

عليه وقال

أيها الناس إن أخوف ما أخاف عليكم طول

لول الأمل واتباع الهوى، فأ

الأمل فينسي الاخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، ألا إن الدنيا قد ولّت مديرة

ص: 90


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 231

والاخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من

ابناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل. أخبرنا أبو غالب بن البنا أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية وأبو بكر محمّد بن إسماعيل بن العباس، قالا: نا يحيى بن محمد بن صاعد أنا الحسين بن الحسن بن حرب ، أنا عبد الله بن المبارك ، أنا إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد اليامي ، عن رجل من بني عامر قال: قال على بن أبي طالب : إنما أخشى عليكم اثنتين : طول الأمل واتباع الهوى، فإن طول الأمل ينسي الاخرة وإن اتباع الهوى يصد عن الحق ، وإن الدنيا قد ارتحلت مدبرة والاخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا

حساب وغدا حساب ولا عمل. (1)

ص: 91


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 495 494 .

[ الكلام (43) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري ( ت / 212 ه-) في« وقعة صفّين»: وفي حديث صالح بن صدقة قال: أبطأ جرير عند معاوية حتى اتهمه الناس، وقال على وقت الرسولي وقتا لا يقيم بعده إلا مخدوعا أو عاصيا وأبطاً على علي حتى أيس منه .

وفي حديث محمّد وصالح بن صدقة، قالا : وكتب عليّ إلى جرير بعد ذلك : أما بعد ، فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل معاوية على الفصل، وخذه بالأمر الجزم ، ثم خيره بين حرب مجلية، أو سلم محظية. فإن اختار الحرب فانبذ له ، وإن اختار

السلم فخذ بيعته .»(1)

ص: 92


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 55 .

[ الكلام (44) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري (ت / 279 ه-) في أنساب الأشراف»، قال مالفظه وكان مصقلة بن هبيرة الشيباني عاملا على أرد شيرخرة من فارس، فمرّ بهم عليه وهم خمسمأة إنسان فصاحوا إيه يا أبا الفضل يافكاك العناة، وحمّال الاثقال، وغياث المعصبين امنن علينا وافتدنا فأعتقنا وكانت كنية مصقلة أبو الفضيل ، ولكنهم كرهوا تصغيرها - فوجه مصقلة إلى معقل بن قيس من يسأل بيعهم منه ، فسامه معقل بهم ألف ألف درهم، فلم يزل يراوضه ويستنقصه حتى سلمهم إليه بخمسمأة ألف درهم، ويقال بأربعمأة ألف درهم ودفعهم إليه، فلما صاروا إلى مصقلة، قال له معقل : علي بالمال . فقال : أنا باعث

منه في وقتي هذا بصدر ثم متبعه صدرا حتى لا يبقى علي شي منه . وقدم معقل على عليّ فأخبره الخبر ، فصوّبه فيما صنع ، وامتنع مصقلة من البعثة بشئ من المال وكسره ، وخلّى سبيل الاسرى، فكتب عليّ في حمله وأنفذ الكتاب مع أبي حرة الحنفي وأمره بأخذه بحمل ذلك المال، فإن لم يفعل أشخصه إلى ابن عباس ليأخذه به لانه كان عامله على البصرة والاهواز وفارس والمتولّي لحمل ما في هذه النواحي من الاموال إليه، فلم يدفع إليه من المال شيئا، فأشخصه إلى البصرة،

ص: 93

فلما وردها قيل له : إنك لو حملت هذا الشي قومك لاحتملوه، فأبى أن يكلّفهم إياه، ودافع ابن عباس به، وقال: أما والله لو أني سألت ابن عفان أكثر منه لوهب لي، وقد كان أطعم الاشعث خراج آذربيجان.

ثم انه احتال حتى هرب فلحق بمعاوية ، فقال علي : ماله ؟ ترحه الله ، فعل فعل

السيد وفرّ فرار العبد. وقد يقال: إن أمر الخريت كان قبل شخوص ابن عباس إلى الشام في أمر

الحكومة ويقال أيضاً : انه كان بعد انصرافه من الحكومة .(1)

وروى ابراهيم بن محمد الثقفي ( ت 283 / ه-) في «الغارات» في خبر بني ناجية، قال: حدثني ابن أبي سيف، عن أبي الصلت عن ذهل بن الحارث قال: دعاني مصقلة إلى رحله، فقدّم عشاء فطعمنا منه ، ثم قال : والله إن أمير المؤمنين يسألني هذا المال ووالله لا أقدر عليه، فقلت له لو شئت لا يمضى عليك جمعة

: حتى تجمع هذا المال، فقال: والله ما كنت لاحملها قومي ولا أطلب فيها إلى أحد. ثم قال: أما والله لو أن ابن هند يطالبني بها ، أو ابن عفان لتركها لي، ألم تر إلى ابن عفان حيث أطعم الاشعث بن قيس مائة ألف درهم من خراج آذربيجان في

كل سنة ؟

فقلت ان هذا لا

يرى ذلك

ذلك الرأي، وما هو بتارك لك شيئا، فسكت ساعة وسكت عنه ، فما مكث ليلة واحدة بعد هذا الكلام حتى لحق بمعاوية، فبلغ ذلك عليا فقال ماله ؟! ترحه الله فعل فعل السيد، وفرّ فرار العبد، وخان خيانة الفاجر، أما أنه لو أقام فعجز ما زدنا على حبسه ، فان وجدنا له شيئا أخذناه ، وان لم نقدر له على مال تركناه ، ثم سار إلى داره .فهدمها وكان أخوه نعيم بن هبيرة الشيباني شيعيا ولعليّ مناصحا ، فكتب إليه مصقلة من الشام مع رجل من النصارى

ص: 94


1- انساب الاشراف ؛ للبلاذري : 417 416 .

من بني تغلب يقال له حلوان :

أما بعد فاني كلّمت معاوية فيك فوعدك الكرامة ومناك ،الامارة، فأقبل ساعة

تلقى رسولي ان شاء الله، والسلام.

فلما وصل الكوفة علم به علي فأخذ النصراني فقطع يده فمات. فكتب

نعيم إلى أخيه مصقلة جواب ،كتابه، شعراً :

لا تسرميني - هداك الله - معترضا ***بالظن متك فما بالي وحلوانا ؟

ذاك الحريص على ما نال من طمع*** وهو البعيد فلا يورثك أحزانا

ماذا أردت إلى إرساله سفها ***ترجو سقاط امرئ لم يلف وسنانا

عرضته لعلي إنه أسد *** يمشى العرضنة من آساد خفانا

قد كنت في منظر عن ذا ومستمع ***تحمی العراق وتدعى خير شيبانا

حتى تقحمت أمرا كنت تكرهه *** للراکبین له سراً وإعلانا

لو كنت أديت مال الله مصطبرا*** لحق أحييت أحيانا وموتانا

لكن لحقت بأهل الشام ملتمسا*** فضل ابن هند وذاك الرأي أشجانا

فاليوم تقرع سن العجز من ندم ***ماذا تقول وقد كان الذي كانا

سبحت تبغضك الاحياء قاطية ***لم يرفع الله بالبغضاء انسانا

فلما وقع الكتاب إليه علم أن النصراني قد هلك، ولم يلبث التغلبيون إلّا قليلا حتى بلغهم هلاك صاحبهم، فأتوا مصقلة فقالوا: أنت أهلكت صاحبنا، فإما أن تحييه، وإما أن تديه فقال: أما أن احييه، فلا أستطيع ، وأما أن أديه، فنعم ، فوداه. وحدثني ابن أبي سيف، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه، قال: قيل لعلي علیه السلام حين هرب مصقلة : اردد الذين سبوا ولم تستوف أثمانهم في الرق، فقال: ليس ذلك في القضاء بحق، قد عتقوا إذ أعتقهم الذي اشتراهم وصار مالي دينا على الذي اشتراهم .(1)

ص: 95


1- الغارات؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 1 : 365 - 370

وفي خبر بني ناجية أيضا قال: .... صنفهم ثلاثة أصناف وقال: أما المسلمون فخذ منهم البيعة وخل سبيلهم، وأما النصارى فخذ منهم الجزية وخلّ سبيلهم وسبيل عيالاتهم، وأما المرتدون فأغربهم وبعيالاتهم وأموالهم ثم ادعهم إلى الاسلام ثلاث مرات، فان أجابوك والا فاقتل مقاتليهم واسب ذراريهم، فلم يجيبوه فقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم ، فاشتراهم مصقلة بخمسمائة ألف وأعتقهم ولحق بمعاوية، فقال أصحابه : يا أمير المؤمنين علیه السلام فيننا ، قال : أنه قد صار على غريم من الغرماء فاطلبوه . قال : لما بايع أهل البصرة عليا علیه السلام ل بعد الهزيمة دخلوا في الطاعة غير بني ناجية فانهم عسكروا ، فبعث إليهم علي علیه السلام رجلا من أصحابه في خيل ليقاتلهم ، فأتاهم فقال : ما بالكم عسكرتم وقد دخل الناس في الطاعة غيركم؟ فافترقوا ثلاث فرق فرقة قالوا: كنا نصارى فأسلمنا ودخلنا فيما دخل فيه الناس من الفتنة ونحن نبايع كما بايع الناس، فأمرهم فاعتزلوا وفرقة قالوا: كنا نصاری ولم نسلم فخرجنا مع القوم الذين كانوا خرجوا، قهرونا فأخرجونا كرها فخرجنا معهم فهزموا فنحن ندخل فيما دخل فيه الناس ونعطيكم الجزية كما أعطيناهم، فقال لهم اعتزلوا، وفرقة قالوا انا كنا نصارى فأسلمنا فلم يعجبنا الاسلام فرجعنا إلى النصرانية فنحن نعطيكم الجزية كما أعطاكم النصارى ، فقال لهم توبوا وارجعوا إلى الاسلام فأبوا فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم فقدم بهم علی علی علیه السلام

الى ان قال : « قال : وشهد الخريت بن راشد الناجي وأصحابه مع على صفين فجاء الخريت إلى على في ثلاثين راكبا من أصحابه يمشي بينهم حتى قام بين يدي علي علیه السلام فقال له : والله لا أطيع أمرك ولا اصلي خلفك ، واني غدا لمفارق لك قال : وذاك بعد وقعة صفّين وبعد تحكيم الحكمين، فقال له على علیه السلام : ثكلتك

« امك، إذا تنقض عهدك، وتعصي ربك، ولا تضر الا نفسك، أخبرني لم تفعل

ص: 96

ذلك ؟ قال : لانك حكمت في الكتاب وضعفت عن الحق إذ جد الجد، وركنت إلى القوم الذين ظلموا أنفسهم، فأنا عليك راد وعليهم ناقم ، ولكم جميعا مباين. فقال له علي : ويحك هلم إلي ادارسك الكتاب واناظرك في السنن، وافاتحك امورا من الحق أنا أعلم بها منك ، فلعلك تعرف ما أنت له الآن منكر، وتستبصر ما أنت به الآن عنه عم وبه ،جاهل فقال الخريت فاني عائد عليك غداء فقال له علي علیه السلام: اغد ولا يستهوينك الشيطان ولا يتقحمن بك رأي السوء، ولا يستخفنك الجهلاء الذين لا يعلمون، فوالله لئن استر شدتني واستنصحتني وقبلت مني لا هدينك سبيل الرشاد فخرج الخريت من عنده منصرفا إلى أهله. قال عبد الله بن قعين : فعجلت في أثره مسرعا وكان لي من بني عمه صديق فأردت أن ألقى ابن عمه في ذلك فاعلمه بما كان من قوله لامير المؤمنين وما رد عليه، وآمر ابن عمه ذلك أن يشتد بلسانه عليه وأن يأمره بطاعة أمير المؤمنين علیه السلام ومناصحته ، ويخبره أن ذلك خير له في عاجل الدنيا وآجل الآخرة . قال : فخرجت حتى انتهيت إلى منزله وقد سبقني ، فقمت عند باب داره وفي داره رجال من أصحابه لم يكونوا شهدوا معه دخوله على عليّ علیه السلام، فوالله ما رجع ولا ندم على ما قال لامير المؤمنين وما رد عليه ، ثم قال لهم : يا هؤلاء إني قد رأيت أن افارق هذا الرجل وقد فارقته على أن أرجع إليه من غد ولا أراني الا مفارقه فقال أكثر أصحابه : لا تفعل حتى تأتيه، فان أتاك بأمر تعرفه قبلت منه ، وان كانت الاخرى

فما أقدرك على فراقه ، فقال لهم : نعم ما رأيتم . قال : ثم استأذنت عليهم فأذنوا لي فأقبلت على ابن عمه - وهو مدرك بن الريان الناجي وكان من كبراء العرب - فقلت له : ان لك على حقا لإخائك وودك ولحق المسلم على المسلم أن ابن عمك كان منه ما قد ذكر لك فاخل به واردد عليه رأيه وعظم عليه ما أتى ، واعلم أنني خائف ان فارق أمير المؤمنين أن يقتلك ونفسه وعشيرته ، فقال : جزاك الله خيرا من أخ

ص: 97

فقد نصحت وأشفقت ان أراد صاحبي فراق أمير المؤمنين فارقته وخالفته وكنت أشد الناس عليه، وأنا بعد خال به ومشير عليه بطاعة أمير المؤمنين ومناصحته

والاقامة معه وفي ذلك حظه ورشده، فقمت من عنده وأردت الرجوع إلى علي علیه السلام لا علمه الذي كان ثم اطمأننت إلى قول صاحبي فرجعت إلى منزلي فبت به ثم أصبحت فلما ارتفع النهار أتيت أمير المؤمنين فجلست عنده ساعة وأنا اريد أن احدثه بالذي كان من قوله لي على خلوة، فأطلت الجلوس فلم يزدد الناس الا كثرة، فدنوت منه فجلست وراءه فأصغى إلي برأسه فأخبرته بما سمعت من الخريت وما قلت لابن عمه وما ردّ عليّ ، فقال علیه السلام: دعه فان قبل الحق ورجع عرفنا ذلك له وقبلناه منه ، وان أبي طلبناه، فقلت: يا أمير المؤمنين فلم لا تأخذه الآن

فتستوثق منه ؟

فقال : إنا لو فعلنا هذا لكل من نتهمه من الناس ملأنا السجون منهم، ولا أراني

يسعني الوثوب على الناس والحبس لهم وعقوبتهم حتى يظهروا لنا الخلاف . قال: فسكت عنه وتنحيت فجلست مع أصحابي ثم مكثت ما شاء الله معهم ثم

قال لي علي علیه السلام: ادن منّي فدنوت منه ، ثم قال لي مسرا : اذهب إلى منزل الرجل فأعلم لي ما فعل ؟ فانه قل يوم لم يكن يأتيني فيه الاقبل هذه الساعة، قال: فأتيت منزله فإذا ليس منزله منهم ديار فدرت على أبواب دور اخرى كان فيها طائفة اخرى من أصحابه فإذا ليس فيها داع ولا مجيب، فأقبلت إلى علي علیه السلام فقال لي حين رأني : أأمنوا فقطنوا أم جبنوا فظعنوا؟ - قلت : بل طعنوا ، قال : أبعدهم الله كما بعدت ثمود، أما والله لو قد أشرعت لهم الاسنة وصبت على هامهم السيوف لقد ندموا ان الشيطان قد استهواهم فأضلهم وهو غدا متبرقٌ منهم ومخل عنهم. فقام إليه زياد بن خصفة فقال: يا أمير المؤمنين انه لو لم يكن من مضرة هؤلاء الا فراقهم ايانا لم يعظم فقدهم علينا فنأسى عليهم، فانهم قلما يزيدون عددنا

ص: 98

لو أقاموا معنا ولقلما ينقصون من عددنا بخروجهم منا، ولكنا نخاف أن يفسدوا علينا جماعة كثيرة ممن يقدمون عليهم من أهل طاعتك، فاذن لي في اتباعهم حتى أردهم عليك ان شاء الله . فقال له علي علیه السلام: اخرج في آثارهم راشدا، فلما ذهب ليخرج قال علیه السلام : وهل تدرى أين توجه القوم ؟ فقال : لا والله ولكني أخرج فأسأل وأتبع الاثر ، فقال له علي : اخرج - رحمك الله - حتى تنزل دي--ر أب-ي موسى ثم لا تبرحه حتى يأتيك أمرى فانهم ان كانوا قد خرجوا ظاهرين بارزين للناس في جماعة فإن عمالي ستكتب إليَّ بذلك ، وان كانوا متفرقين مستخفين فذلك أخفى لهم ، وسأكتب إلى من حولي من عمالي فيهم. فكتب نسخة واحدة وأخرجها إلى العمال:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، من عبد الله على أمير المؤمنين إلى من قرأ كتابي هذا من العمال أما بعد فان رجالا لنا عندهم بيعة خرجوا هرابا فنظنهم وجهوا نحو بلاد البصرة، فاسأل عنهم أهل بلادك واجعل عليهم العيون في كل ناحية من أرضك ثم اكتب إليّ بما ينتهى اليك عنهم والسلام فخرج زياد بن خصفة حتى أتى داره فجمع أصحابه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا معشر بكر بن وائل، فان أمير المؤمنين ندبني لأمر من أموره مهم له، وأمرني بالانكماش فيه بالعشيرة حتى أتى امره وأنتم شيعته وأنصاره وأوثق حي من أحياء العرب في نفسه، فانتدبوا معي في هذه الساعة وعجلوا . قال : فوالله ما كان الا ساعة حتى اجتمع إليه منهم مائة رجل ونيف وعشرون أو ثلاثون، فقال: اكتفينا ، ولا نريد أكثر من هؤلاء . قال : فخرج زياد حتى قطع الجسر ثم أتى دير أبي موسى فنزله فأقام به بقية يومه ذلك ينتظر أمر أمير المؤمنين علیه السلام(1) وبالاسناد عن الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام ، عن حماد وصفوان عن

ص: 99


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي :2 289 - 338

معاوية بن عمار، عن ابيه عن ابي الطفيل: ان بني ناجية قوما كانوا يسكنون الاسياف، وكانوا قوما يدعون في قريش نسبا، وكانوا نصاری، فاسلمواثم رجعوا عن الاسلام، فبعث امير المؤمنين علیه السلام المعقل بن قيس التميمي، فخرجنا معه، فلما انتهينا الى القوم جعل بيننا وبينه ،امارة، فقال: إذا وضعت يدي على رأسي فضعوا فيهم السلاح، فأتاهم فقال : ما انتم عليه ؟ فخرجت طائفة فقالوا: نحن نصارى لا تعلم دينا خيرا من ديننا فنحن عليه ، قال : فعزلهم ، قال : ثم قالت طائفة منهم : نحن كنا نصارى فأسلمنا فنحن مسلمون لا نعلم دينا خيرا من ديننا فنحن عليه، وقالت طائفة نحن كنا نصارى ثم اسلمنا ثم عرفنا انه لا خير من الدين الذي كنا عليه فرجعنا إليه ، فدعاهم الى الاسلام ثلاث مرات ، فأبوا ، فوضع يده على رأسه، قال: فقتل مقاتليهم وسبی ذراريهم، قال: فأتى بهم عليا علیه السلام فاشتراهم مصقلة بن هبيرة بمائة الف درهم فأعتقهم، وحمل الى علي امير المؤمنين علیه السلام خمسين الفاً، فأبى ان يقبلها ، قال : فخرج بها فدفنها في داره ولحق بمعاوية لعنه الله، قال: فأخرب امير المؤمنين داره واجاز عتقهم » .(1)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق»، قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو بكر أحمد بن علي الأصبهاني الحافظ، أنا أبو عمرو بن حمدان ، نا الحسن بن سفيان، نا أبو بكر بن أبي شيبة ، نا عبد الرحيم بن سليمان، عن عبد الملك بن سعيد بن حمان، عن عمار الدوسي ، حدثني أبو الطفيل ، قال : كنت في الجيش الذي بعثهم علي بن أبي

طالب إلى بني ناجية ، قال : فانتهينا إليهم فوجدناهم على ثلاث فرق قال : فقال أميرنا لفرقة منهم ما أنتم؟ قالوا: نحن قوم كنا نصارى فأسلمنا فثبتنا على إسلامنا ، قال : ثم قال الثانية : من أنتم؟ قالوا: نحن قوم كنا نصارى فثبتنا على

ص: 100


1- تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي 139:10

نصرانيتنا ، قال :الثالثة: من أنتم ؟ قالوا نحن قوم كنا نصارى فأسلمنا فرجعنا فلم نر دينا أفضل من ديننا فتنصرنا ، فقال لهم : أسلموا ، فأبوا ، فقال لأصحابه : إذا مسحت رأسي ثلاث مرات فشدوا عليهم ففعلوا، فقتلوا المقاتلة وسبوا الذراري، فجئ بالذراري إلى عليّ وجاء مصقلة بن هبيرة فاشتراهم بمائتي ألف، فجاءه بمائة ألف إلى علي فأبى أن يقبل ، فانطلق مصقلة بدراهمهم وعمد مصقلة إليهم فأعتقهم، ولحق بمعاوية . فقيل لعلي : ألا تأخذ الذرية ؟ فقال : لا ، فلم يعرض لهم.

قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي أنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن ، أخبرني أبي، أنا أحمد بن ،سلیمان نا محمّد بن عبید نا العلاء بن راشد عن زيد بن عبيد أبي حاتم :قال مرّ بنا علي بن أبي طالب وهو يدعو الله على مصقلة بن هبيرة وقد هدم داره قرأت على أبى الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا عبد الوهاب الميداني، أنا أبو سليمان بن ،زبر، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر، نا أبو جعفر الطبري، قال: ذكر هشام بن محمّد، عن أبي مخنف الحارث بن كعب، عن عبد الله بن فقيم ، قال : ثم إنه - يعني معقل بن قيس - أقبل

حدثني

حدث

بهم - يعني نصارى بني ناجية - حتى مرّ بهم على مصقلة بن هبيرة الشيباني وهو عامل عليّ على أردشير خرة، وهم خمس مائة إنسان فبكى النساء والصبيان وصاح الرجال يا أبا الفضل يا حامى الرجال ومأوى المعصب وفكاك العناة ، أمنن علينا واشترنا فأعتقنا ، فقال مصقلة : أقسم بالله لأتصدقنّ عليكم إن الله يجزي

، المتصدقين . فبلغنا عنه علي فقال: والله لولا أني أعلمه قالها توجّعا لهم لضربت عنقه، ولو كان في ذلك تفاني تميم وبكر بن وائل. ثم إن مصقلة بعث ذهل بن الحارث الذهلي إلى معقل بن قيس فقال له: بعني

ص: 101

بني ناجية، فقال نعم أبيعكهم بألف ألف، فأبى عليه، فلم يزل يراوضه حتى باعهم بخمس مائة ألف ودفعهم إليه، وقال له عجل بالمال إلى أمير المؤمنين، فقال له : أنا باعث الآن بصدر ثم أبعث لك بصدر آخر ، ثم كذلك حتى لا يبقى منه شي إن شاء الله . وأقبل معقل بن قيس إلى أمير المؤمنين فأخبره بما كان منه، فقال له : أحسنت وأصبت. وانتظر علي مصقلة أن يبعث إليه بالمال فأبطأ به وبلغ عليا أن مصقلة خلّى سبيل الأسارى ولم يسألهم أن يعينوه في فكاك أنفسهم بشئ فقال علي: ما أظن مصقلة إلا وقد يحمل حمالة لا أراكم إلا سترونه عن قريب منها ملبدا.

ثم إنه كتب إليه : أما بعد، فإن من أعظم الخيانة خيانة الأمة، وأعظم الغش على أهل المصر غش الإمام ، وعندك من حق المسلمين خمس مائة ألف فابعث بها إليَّ ساعة يأتيك رسولي وإلا فأقبل حين تنظر في كتابي فإني قد تقدمت إلى رسولي إليك ألا يدعك تقيم ساعة واحدة بعد قدومه عليك إلا أن تبعث بالمال، والسلام عليك.

وكان الرسول إليه أبو جرّة الحنفي فقال له أبو جرة: إن بعثت بالمال الساعة وإلا فأشخص إلى أمير المؤمنين ، فلما قرأ كتابه أقبل حتى نزل البصرة فمكث بها أياما .

ثم إن ابن عباس سأله المال - وكان عمال البصرة يحملون من كور البصرة إلى ابن عباس، فيكون ابن عباس هو الذي يبعث بها إلى علي - فقال له نعم، أنظرني أياما ، ثم أقبل حتى أتى عليا فأقره علي أياما ، ثم سأله المال فأدى إليه مائتي ألف.

ثم إنه عجز عنها ولم يقدر عليها.

قال أبو مخنف : وحدثني أبو الصلت الأعور ، عن ذهل بن الحارث قال : دعاني مصقلة إلى رحله فقدم عشاؤه فطعمنا منه ثم قال : والله إن أمير المؤمنين ليسألني هذا المال وما أقدر عليه ، فقلت : والله لو شئت ما مضت عليك جمعة حتى تجمع

ص: 102

هذا المال، فقال لي: والله ما كنت لأحملها قومي ولا أطلب فيها إلى أحد ، ثم قال: أما والله لو أن ابن هند هو طالبني بها أو ابن عفان لتركاها لي ، ألم تر إلى ابن عفان حيث أطعم الأشعث من خراج أذربيجان مائة ألف في كل سنة ؟ فقلت له : إن هذا لا يرى ذاك الرأي لا والله ما هو بتارك شيئا، فسكت ساعة وسكت عنه ، فلا والله ما مكث إلا ليلة واحدة بعد هذا الكلام حتى لحق بمعاوية، وبلغ ذلك عليا فقال : ما له ؟ يرحمه الله ، فعل فعل السيِّد وفر فرار العبد، وخان خيانة الفاجر ، أما أنه لو أقام فعجز ما زدنا على حبسه ؛ فإن وجدنا له شيئا أخذناه وإن لم نقدر على مال تركناه . ثم سار علي إلى داره فهدمها ، وكان أخوه نعيم بن هبيرة شيعيا ولعلي مناصحا ،

فكتب إليه مصقلة من الشام مع رجل من النصارى من بني تغلب يقال له حلوان أما بعد فإني قد كلمت معاوية فيك فوعدك الإمارة ومنّاك الكرامة، فأقبل إلي ساعة يلقاك رسولي إن شاء الله ، والسلام عليك . فيأخذه مالك بن كعب الأر. فيسرحه إلى عليّ فأخذ كتابه فقرأه فقطع يده فمات، وكتب نعيم إلى مصقلة :

لا ترمين هداك الله معترضا ***بالظن منك فما بالي وحلوانا

ذاك الحريص على ما نال من طمع*** وهو البعيد فلا يحزنك إن خانا

ماذا أردت إلى إرساله سفها*** ترجو سقاط امرئ لم يلف وسنانا

حتى تقحمت أمرا كنت تكرهه*** للراكبين له سرا وإعلانا

عرضته لعلي إنه أسد*** يمشي العرضنة من آساد خفانا

قد كنت في منظر عن ذا ومستمع ***تحمي العراق وتدعى خير شيبانا

لو كنت أديت مال القوم مصطبرا ***للحق أحييت أحيانا وموتانا

لكن لحقت بأهل الشام ملتمسا*** فضل ابن هند وذاك الرأي أشجانا

فاليوم تقرع سن العجز من ندم ***ماذا تقول وقد كان الذي كانا

أصبحت تسبغضك الأحياء قاطبة ***لم يرفع الله بالبغضاء إنسانا

ص: 103

فلما وقع الكتاب إليه علم أنه قد هلك ولم يلبث التغلبيون إلا قليلا حتى بلغهم هلاك صاحبهم حلوان ، فأتوا مصقلة فقالوا : إنك بعثت صاحبنا فأهلكته فإما أن

تحيبه وإما تديه، قال: أما أن أحييه فلا أستطيع ، ولكن سأديه فوداه.

وبلغني أن مصقلة قال في ذلك :

لعمري لئن عاب أهل العراق ***عليّ انتعاشي بني ناجية

لأعظم من عتقهم رقهم*** وكفى بعتقهم عالية

وزايدت فيهم لإطلاقهم ***غاليت إن العلى عالية

ثم إن معاوية بعد ذلك ولّى مصقلة طبرستان وبعثه في جيش عظيم فأخذ العدو

عليه المضايق فهلك وجيشه، فقيل في المثل : حتى يرجع مصقلة مصقلة من طبرستان(1)

ص: 104


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساکر 58 : 273 207

[ الخطبة ( 45 ) ]

ليس لعرشي تخريج في هذا الموضع. قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) في من لا يحضره الفقيه، قال: وخطب أمير المؤمنين علیه السلام يوم الفطر فقال : (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ) (1) ، لا نشرك بالله شيئا، ولا نتخذ من دونه وليا ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ

( مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ )(2)، كذلك الله لا إله إلا هو إليه المصير، والحمد لله الذي يُمْسِكُ السَّماءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمُ (3)، اللهم ارحمنا برحتمك وأعممنا بمغفرتك، إنك أنت العلى الكبير ، والحمد لله الذي لا مقنوط من رحمته ولا مخلو من نعمته، ولا مؤيس من روحه ولا مستنكف عن عبادته الذي

ص: 105


1- الأنعام: 1 .
2- سبأ : 1- 2 .
3- الحج : 65 .

بكلمته قامت السماوات السبع واستقرت الارض المهاد ، وثبتت الجبال الرواسي، وجرت الرياح اللواقح وسار في جو السماء السحاب، وقامت على حدودها

البحار، وهو إله لها ،وقاهر يذل له المتعززون ، ويتضاءل له المتكبرون ويدين له

لا طوعا وكرها العالمون ، نحمده كما حمد نفسه وكما هو أهله، ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، يعلم ما تخفي النفوس، وما تجنّ البحار وما توارى منه ظلمة، ولا تغيب عنه غائبة، وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا(1) ، لا إله إلا هو، ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، ويعلم ما يعمل العاملون وأي مجرى يجرون، وإلى أي منقلب ينقلبون، ونستهدي الله بالهدى، ونشهد أن محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى خلقه، وأمنيه على وحيه ، وأنه قد بلغ رسالات ربه، وجاهد في الله الحائدين عنه العادلين به، وعبد الله

حتى أتاه اليقين صلی الله علیه و آله وسلم.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي لا تبرح منه نعمة، ولا تنفد منه رحمة، ولا يستغني العباد عنه، ولا يجزي أنعمه الاعمال، الذي رغب في التقوى، وزهد في الدنيا، وحذر المعاصي، وتعزّز بالبقاء، وذلل خلقه بالموت والفناء ، والموت غاية المخلوقين، وسبيل العالمين، ومعقود بنواصي الباقين لا يعجزه إباق الهاربين وعند حلوله يأسر أهل الهوى يهدم كل لذة ويزيل كل نعمة، ويقطع كل بهجة والدنيا دار كتب الله لها الفناء، ولاهلها منها الجلاء ، فأكثرهم ينوي بقاءها ويعظم بناءها، وهي حلوة خضرة، وقد عجلت للطالب والتبست بقلب الناظر، ويضن ذو الثروة الضعيف، ويجتويها الخائف الوجل، فارتحلوا منها يرحمكم الله بأحسن ما بحضرتكم، ولا تطلبوا منها أكثر من القليل، ولا تسألوا منها فوق

ص: 106


1- وتمام الآية: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ (الأنعام: 59) .

الكفاف وارضوا منها باليسير ، ولا تمدن أعينكم منها إلى ما متّع المترفون به واستهينوا بها، ولا توطنوها، وأضروا بأنفسكم فيها، وإياكم والتنعم والتلهي والفاكهات ؛ فإن في ذلك غفلة واغترار، ألا إن الدنيا قد تنكرت وأدبرت واحلولت و آذنت بوداع، ألا وإن الآخرة قد رحلت أقبلت وأشرقت وانت باطلاع ألا وإن المضمار اليوم والسباق غدا، ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار، ألا فلا تائب من خطيئته قبل يوم منيته، ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه وفقره جعلنا الله وإياكم ممن يخافه ويرجو ثوابه.

ألا وإن هذا اليوم يوم جعله الله لكم عيدا، وجعلكم له أهلا، فاذكروا الله يذكركم، وادعوه يستجب لكم وأدوا فطرتكم، فإنها سنة نبيكم وفريضة واجبة من ربكم، فليؤدها كل امرئ منكم عنه وعن عياله كلهم ذكرهم وانثاهم صغيرهم وكبيرهم، وحرّهم ،ومملوكهم عن كل إنسان منهم صاعا من بر، أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير، وأطيعوا الله فيما فرض الله عليكم وأمركم به من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وحج البيت وصوم شهر ،رمضان والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاحسان إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم، وأطيعوا الله فيما نهاكم عنه من قذف المحصنة، وإتيان الفاحشة، وشرب الخمر، وبخس المكيال، ونقص

،الميزان وشهادة الزور، والفرار من الزحف عصمنا الله وإياكم بالتقوى، وجعل الآخرة خيرا لنا ولكم من الاولى، إن أحسن الحديث وأبلغ موعظة المتقين كتاب الله العزيز الحكيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدُ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدُ (1) (2)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في مصباح المتهجد روى

ص: 107


1- الإخلاص : 1-4 .
2- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 514:1 - 517 ، الحديث 1482

أبو مخنف، عن جندب بن عبد الله الازدي عن أبيه ، أن عليا كان يخطب يوم الفطر ، فيقول : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ )(1)، لا نشرك بالله شيئا ولا نتخذ من دونه وليا ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ) (2) ، كذلك ربنا جل ثناؤه لا أمد ولا غاية ولا نهاية، ولا إله إلا هو وإليه المصير، والحمد لله الذي يُمْسِكُ السَّماءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمُ ) (3).

اللهم ارحمنا برحمتك، واعممنا بعافيتك، وامددنا بعصمتك، ولا تخلنا من

رحمتك إنك أنت الغفور الرحيم،

السماء والحمد لله لا مقنوطا من رحمته ولا مخلوا من نعمته ولا مؤيسا من روحه

ولا مستنكفا عن عبادته ، الذي بكلمته قامت السموات السبع وقرّت الارضون السبع، وثبتت الجبال الرواسي، وجرت الرياح اللواقح ، وسار في جو السحاب، وقامت على حدودها البحار ، فتبارك الله رب العالمين إله قاهر قادر ذلّ له المتعززون، وتضاءل له المتكبرون ودان طوعا وكرها له العالمون ، نحمده بما حمد نفسه وكما هو أهله ونستعينه ونستغفره ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلم ما تخفي الصدور وما تجن البحار وما تواري الأسراب ( وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ )(4)، لا تواري منه ظلمات، ولا تغيب

ص: 108


1- الأنعام: 1.
2- سبأ : 1 - 2 .
3- الحج : 65 .
4- الرعد : 8

عنه غائبة ، ﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِين ) (1) ، ويعلم ما يعمل العاملون وإلى أي منقلب ينقلبون ونستهدي الله بالهدى ونعوذ به من الضلالة والردى ونشهد أن محمّدا عبده ونبيه ورسوله إلى الناس كافة وأمينه على وحيه، وأنه بلغ رسالة ربه وجاهد في الله المدبرين عنه ، وعبده حتى أتاه اليقين صلی الله علیه و آله وسلم

علي أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي لا تبرح منه نعمة، ولا تفقد له رحمة، ولا يستغني عنه العباد ولا تجزي أنعمه الأعمال الذي رغب في الآخرة وزهد في الدنيا، وحذر المعاصي، وتعزز بالبقاء، وتفرّد بالعز والبهاء، وجعل الموت غاية المخلوقين وسبيل الماضيين، فهو معقود بنواصي الخلق كلهم، حتم في رقابهم، يعجزه لحوق الهارب ولا يفوته ناء ولا ،آئب يهدم كل لذة، ويزيل كل بهجة

ويقشع كل نعمة .

لا عباد الله ! إن الدنيا دار رضي الله لاهلها الفناء، وقدّر عليهم بها الجلاء ، فكل ما فيها نافد وكل من يسلكها بائد، وهي مع ذلك حلوة خضرة رائقة نضرة قد زينت للطالب ولاطت بقلب الراغب، يطيبها الطامع ويجتوبها الوجل الخائف فارتحلوا رحمكم الله منها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد، ولا تطلبوا منها سوى البلغة، وكونوا فيها كسفر نزلوا منزلا فتمتعوا منه بأدنى ظل ثم ارتحلوا لشأنهم، ولا تمدوا أعينكم فيها إلى ما متع به المترفون وأضروا فيها بأنفسكم فإن ذلك أخف للحساب وأقرب من النجاة.

ألا إن الدنيا قد تنكرت وأدبرت وآذنت بوداع، ألا وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت ونادت باطلاع ألا وإن المضمار اليوم وغدا السباق، ألا وإن السبقة الجنة والغاية ، أفلا تائب من خطيئته قبل هجوم منيته، أو لا عامل لنفسه قبل يوم فقره

النار،

ص: 109


1- الأنعام: 59

وبؤسه جعلنا الله وإياكم ممن يخافه ويرجو ثوابه.

ألا وإن هذا اليوم يوم جعله الله عبدا وجعلكم له أهلا ، فاذكروا الله يذكركم وكبّروه وعظموه وسبحوه ومجدوه وادعوه يستجب لكم، واستغفروه يغفر لكم، وتضرعوا وابتهلوا وتوبوا وأنيبوا وأدوا فطرتكم فإنها سنة نبيكم وفريضة واجبة من ربكم، فليخرجها كل امرئ منكم عن نفسه وعن عياله كلهم ذكرهم وأنثاهم صغيرهم وكبيرهم، حرهم ومملوكهم ، يخرج كل واحد منهم صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو نصف صاع من بر من طيب كسبه طيبة بذلك نفسه .

عباد الله وتعاونوا على البر والتقوى وتراحموا وتعاطفوا وأدوا فرائض الله عليكم فيما أمركم به من إقامة الصلوات المكتوبات وأداء الزكوات وصيام شهر رمضان وحج البيت والامر بالمعروف والتناهي عن المنكر والاحسان إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم ، واتقوا الله فيما نهاكم عنه، وأطيعوه في اجتناب قذف المحصنات وإتيان الفواحش وشرب الخمر وبخس المكيال ونقص الميزان وشهادة الزور والفرار من الزحف ، عصمنا الله وإياكم بالتقوى وجعل الآخرة خيرا لنا ولكم من هذه الدنيا ، إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كلام الله تعالى، (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قل هو الله أحد ) إلى آخرها ، ثم جلس ،وقام ، فقال : الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا

شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ... وذكر باقي الخطبة الصغيرة في

الجمعة .(1)

يوم

ص: 110


1- مصباح المتهجد ؛ للشيخ الطور ؛ للشيخ الطوسي : 662 659

[ الكلام (46) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج: قوله : اللّهم إني أعوذ ... الى آخره . قيل : ذكر هذا نصر بن مزاحم في كتاب صفين وذكره غيره ايضاً

(1)

من رواة السير قال العرشي في التخريج مانصّه : ولا يخفى على أهل العلم أن كلمات الدعاء إلى قوله : «الأهل» مما نطق بها النبي صلی الله علیه و آله وسلم، ورواها أبو عبيد في غريب الحديث( الورق 38 ب) في ضمن الأحاديث المرفوعة كما روى ابن مزاحم الكوفي في

كتاب الصفين [71 و 288] الكلام كله». (انتهى)(2)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما ارويه عن المنقري (ت / 212ه-) وجاء السند في اول الحديث بما لفظه: أخبرنا الشيخ الثقة شيخ الإسلام أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي ، قال : أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي بقراءتي عليه في ربيع الآخر من سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، قال أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمّد بن

ص: 111


1- مدارك نهج البلاغة : 80.
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

جعفر، قال أبو الحسن محمّد بن ثابت بن عبد الله بن محمّد بن ثابت الصيرفي قال أبو الحسن علی بن محمّد بن محمّد بن عقبة، قال أبو محمّد سليمان بن

الربيع بن هشام النهدي الخزاز ، قال أبو الفضل نصر بن مزاحم خروج علي علیه السلام من النخيلة ] عمرو بن شمر وعمر بن سعد، ومحمّد بن عبد الله ، قال عمر: حدثنى رجل من الأنصار، عن الحارث بن كعب الوالبي، عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود، قال: لما أراد على الشخوص من النخيلة قام في الناس لخمس مضين من شوال يوم الأربعاء، فقال:

الحمد الله غير مفقود النعم ولا مكافاً الإفضال، وأشهد ألا إله إلا الله ونحن على ذلكم من الشاهدين، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله صلی الله علیه و آله وسلم. أما بعد ذلكم ، فإني قد بعثت مقدماتي ، وأمرتهم بلزوم هذا الملطاط حتى يأتيهم أمري، فقد أردت أن أقطع هذه النطفة إلى شرذمة منكم موطنين بأكناف دجلة، فأنهضهم معكم إلى أعداء الله ، إن شاء الله ، وقد أمرت على المصر عقبة بن عمرو الأنصاري، ولم آلكم ولا نفسي . فإياكم والتخلف والتربص ، فإني قد خلفت مالك بن حبيب اليربوعي، وأمرته ألا يترك متخلفا إلا ألحقه بكم عاجلا إن شاء الله .

فقام إليه معقل بن قيس الرياحي فقال : يا أمير المؤمنين، والله لا يتخلف عنك إلا ظنين، ولا يتربص بك إلا منافق . فأمر مالك بن حبيب أن يضرب أعناق

المتخلفين قال عليّ : قد أمرته بأمري، وليس مقصرا في أمري إن شاء الله .

. وأراد قوم أن يتكلموا فدعا بدابته فجاءته، فلما أراد أن يركب وضع رجله في الركاب وقال : بِسْم الله . فلما جلس على ظهرها قال: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) (1) . ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من وعناء السفر، وكآبة المنقلب، والحيرة بعد اليقين وسوء المنظر في الأهل والمال والولد. اللهم أنت

ص: 112


1- الزخرف : 13

الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، ولا يجمعهما غيرك، لأن المستخلف لا يكون مستصحبا، والمستصحب لا يكون مستخلفا»(1)

وأيضاً في الصفحة 528 ما يلي نصر، عن عمر ، عن عبد الرحمن بن جندب

قال : لما أقبل على من صفين أقبلنا معه، فأخذ طريقا غير طريقنا الذي أقبلنا فيه فقال علي علیه السلام: آئبون عائدون لربنا حامدون . اللّهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في المال والأهل». (2)، ومن الشواهد ما ورد بالاسناد عن الطبري ( ت / 310 ه-) في ذكر الأخبار الواردة عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بما كان يقوله إذا أراد السفر بما نصه: «وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أشياء نذكر ما حضرنا من ذلك ذكره، فمن ذلك ما حدثنا هناد بن السري قال حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج في السفر ، قال : اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة فى الاهل، اللهم إني أعوذ بك من الضيعة في السفر، والكآبة في المنقلب، اللهم اقبض لنا الارض، وهوّن علينا السفر. فإذا أراد الرّجوع قال : آيبون تائبون لرّبنا حامدون . فإذا دخل بيته قال : توباً توباً لربّنا أوبا، لا يغادر

علينا حوبا .

وقال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا إسماعيل بن أبان قال : حدثنا الوليد ابن أبي ثور، عن سماك، عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر

: يقول : اللّهم إني أعوذ بك من الضيعة في السفر، والكآبة في المنقلب ، اللهم اقبض لنا الأرض وهون علينا السفر، اللهم أنت الصّاحب في السفر، والخليفة في الأهل. فإذا جاء مقبلاً قال: تائبون آیبون حامدون لربنا عابدون. فإذا كان يوم

ص: 113


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 131 - 133 .
2- وقعة صفين ؛ لنصر بن مزاحم المنقري : 528 .

يدخل المدينة :قال توباً إلى ربنا توباً، لايغادر عليه منا حوباً . :وقال وحدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن عاصم، عن عبد الله بن سرجس :قال كان النبي صلی الله علیه و آله وسلم إذا سافر قال: اللهم إني أعوذ بك من وعناء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكون ، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال. حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا أبو معاوية قال، حدثنا عاصم ، عن عبدالله

قال : كان بن سرجس النبي صلی الله علیه و آله وسلم إذا أراد سفراً قال : اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكون، ودعوة المظلوم، والمنظر في الأهل والمال . وإذا رجع قال مثل ذلك ، إلا أنه يقول : وسوء المنظر من الأهل والمال. :وقال وحدثنا أبو كريب قال حدثنا المحاربي، عن عاصم الأحول عن عبدالله بن سرجس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكون، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الاهل والمال . وقال: حدثنا عمرو بن على الباهلي قال حدثنا ابن أبي عدي، قال حدثنا سعيد، عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم إذا أراد سفراً قال: اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا بنصح، وأقلبنا ،بذمة، اللهم أزو لنا الأرض، وهوّن علينا السفر، اللهم إني أعوذ بك من وعناء السفر، وكآبة المنقلب .

و حدثنا سوار بن عبدالله العنبري ،قال حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن عجلان ، قال، حدثني سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الهلال إذا أراد السفر قال : اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال ، اللهم اطو لنا الأرض، وهون علينا السفر وقال: حدثنا ابن وكيع قال حدثنا جرير، عن فطر ، عن أبي اسحاق ، عن البراء

ص: 114

قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج في سفر قال: اللهم بلاغا يبلغ خيراً، مغفرة منك ورضواناً ، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل ، اللهم هون علينا السفر ، واطو لنا الأرض ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب». وقال: حدثنا سعيد بن يحيى الأموى قال، حدثني أبي قال حدثنا ابن جريج عن أبي الزبير، عن علي الأزدي، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر ، كبر ثلاثاً ثم قال: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وإنا إلى ربنا لمنقلبون (1) اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى والعمل بما ترضى اللهم هون علينا السفر، واطو عنّا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اني أعوذ بك من وعناء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال واذا رجع قالها، وزاد فيها: آئبون تائبون لربنا حامدون. وقال: وحدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال : أخبرنا ابن وهب قال أخبرني ابن جريج، أن أبا الزبير أخبره أن علياً الأزدي أخبره، أن عبد الله ابن علمه : أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم كان يقول : فذكر نحوه، إلا أنه قال: ومن العمل

عمر ماترضى».

وقال: وحدثني هلال بن العلاء الرّقي ،قال حدثنا سعيد بن عبد الملك الحرّاني، قال حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد، عن أبي الزبير، عن على بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به دابته كبر ثلاثاً ، ثم قال : ( سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) (2)، اللهم

ص: 115


1- الزخرف : 13 - 14 .
2- الزخرف : 13.

إنا نسألك البرّ والتقوى ، ومن العمل ما ترضى اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل ، اللهم هوّن علينا سفرنا هذا ، واطو لنا عنا بعده ، اللهم أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال . وكان إذا دخلها قالها أيضاً ، ثم قال آئبون تائبون، لربّنا حامدون»(1)

ص: 116


1- تهذيب الآثار 4 : 93 - 97 ، الاحادیث 15 - 165 ، ط / سنة 1402ه-.

[ الكلام (47) ]

من التعقيبات : بالاسناد عن العلوي ( ت / 445ه-) في فضل الكوفة» ، قال : أنا محمّد بن العباس قال: نا احمد قال نا ،الحسین، قال: نا ابوبكر بن أبي شيبة، :قال نا ابن نمير عن سفيان عن عبدالله ، عن شريك ، قال : حدثني جندب، عن سلمان، قال: «الكوفة قبة الاسلام».

:وقال أنا محمّد قال: نا محمّد بن عبدالله الجعفي ، قال : نا ابو جعفر أحمد بن علي الخياط العابد ، قال : نا جعفر بن محمّد بن ملك الأهوازي ، قال : قدم سلمان الكوفة واشرف على اتيانها فقال : كوفان معدن العلم وجماجم العرب، وقبة الاسلام، البركة فيها على اثني عشر ميلاً منها فار التنور، وفيها سفينة نوح، وفيها شجرة يقطين، وعصا موسى، وفيها أربعة أنهار من الجنة نهر من لبن، ونهر من عسل، ونهر من خمر، ونهر من ماء ليتطهر به المسلمون. سمعت حبيبي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: نجّى الله وليه هول الحشر [كذا ] من ظهر الكوفة سبعون الفاً، وجوههم كدارة القمر ليلة البدر، فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام: من هؤلاء يا

رسول الله ؟ قال هم والله شيعتك وانت امامهم. (1)

ص: 117


1- فضل الكوفة : 28 - 201 ، مكتبة الظاهرية - دمشق.

[ الخطبة ( 48 ) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت /1361) في التخريج: قوله علیه السلام: الحمد لله كلما وقب ليل وغسق ... الخ ، هذه الخطبة خطب بها أمير المؤمنين علیه السلام وهو بالنخيلة، خارجا من الكوفة متوجهاً الى صفين لخمس بقين من شوال سنة 37 ، وذكرها جماعة من أصحاب السير وزادوا فيها »(1)

قال العرشي في التخريج مانصه : «الخطبة السابعة والأربعون ، عند المسير إلى

: الشام: «الحمد لله كلما وقب ليل وغسق ، والحمد لله كلما لاح نجم وخفق .... الى آخره . ج 1 ص 93] . رواها ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين [ 70 و 72] كما رواها كتاب السيرة الآخرين في كتبهم ابن أبي الحديد [ج 1 ص 159] (انتهى). (2) قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما ارويه عن المنقري، وقد تقدمت في أول الحديث في الخطبة السابقة رقم (46) وحدّ الحديث تاريخ الخطبة بخمس مضين من شوال يوم الأربعاء سنة 37ه- فليراجع . هذا، وقد ذكر تفصيلها

. محمّد بن عبدالله الاسكافي ( ت / 220 ه-) مرسلاً في المعيار والموازنة تحت (ت

ص: 118


1- مدارك نهج البلاغة : 80.
2- راجع : استناد نهج البلاغة

عنوان [ قيام امير المؤمنين علیه السلام في الناس ومشاورته اياهم للمسير الى حرب معاوية ثم حثه إياهم على قتال أهل الشام لما وافاه أصحابه. ومن كتب إليه بالقدوم عليه من عماله ] قال الاسكافي: فلما توافى أصحابه قام في الناس

، يحرضهم على قتال أهل الشام، فقال:

أيها الناس سيروا إلى أعداء الاسلام سيروا إلى من حارب محمّدا قديما وجماع طغام، سيروا إلى المؤلفة قلوبهم كيما تكفوا عن المسلمين بأسهم ، فطال والله ما صدوا عن سبيل الله وبغوا الاسلام ،عوجا وتحالفوا وتحاربوا على

رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم والمسلمين، وجعلوا لهم المراصد ، ووضعوا لهم المسالح ورموهم بالمناسر والكتائب، وصدوا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم والمسلمين عن المسجد الحرام ، وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس وجدوا في إطفاء نور الله حتى أظهره الله وهم له كارهون.

منهم وأيم الله ما زلنا لهم على الاسلام متهمين ولأحداثهم فيه خائفين، حتى نجمت

هذه الأمور الّتي ترون. فأشيروا علي، فإنكم ميامين الرأي راجحي العقل، مقاويل بالحق، مباركي

الفعل والأمر.

فقام إليه الاشتر فقال : إن جميع من ترى من الناس شيعتك وليسوا يرغبون بأنفسهم عن نفسك، وإذا شئت فسر بنا إلى عدوك، فوالله ما ينجو من الموت من خافه، ولا يعطى البقاء من أحبه ، ولا يعيش بالأمل إلا الاشقياء، وإنا لعلى يقين من ربنا أن نفسا لن تموت حتى يأتي أجلها . بل كيف لا نقاتل قوما هم كما وصف أمير المؤمنين علیه السلام والله ما ازدادوا للاسلام إلا غشا ولا لاهله إلا بعضا، ولقد وليت عصابة منهم على طوائف من المسلمين فأسخطوا الرب وأظلمت بأعمالهم ف

الأرض، وأماتوا السنة، وأحيوا البدعة، وباعوا خلاقهم بعرض من الدنيا يسير

ص: 119

فعجّل النهوض بنا إليهم نحاكمهم إلى الله فيما اختلفنا فيه حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين . ثم قعد.

فقام عدي بن حاتم الطائي فقال : يا أمير المؤمنين ما قلت إلا بعلم ، ولا دعوت إلا إلى الحق ، وما أمرت إلا برشد؛ فإن رأيت أن تستأني هؤلاء القوم وتستديمهم حتى يقدم عليهم رسلك، ويقدم عليهم كتبك فعلت، فإن يقبلوا يصيبوا رشدهم، والعافية أوسع لنا ولهم، وإن يتمادوا في غيّهم، ولم ينزعوا عن شقاقهم القانا ذلك وقد تقدمنا إليهم بالعذر ودعوناهم إلى ما في أيدينا من الحق . ولعمري لهم أهون علينا من قوم قاتلناهم أمس بناحية البصرة لما جهرت لهم الحق فتركوه ناجزناهم القتال حتى رأينا فيهم ما نحب، وبلغ الله فيهم رضاه.

فقام زيد بن حصين الطائي - وكان من أصحاب البرانس - فقال : لعمري لئن كنا في شك من قتال من خالفنا ولا تصلح لنا النية في قتالهم حتى نستأنيهم ونستديمهم أحدث،

ما الاعمال إلا في تباب ولا السعي إلا في ضلال ووالله - وبنعمة

ربي

وبيلائه الحسن الجميل أنبئ - ما ارنبت طرفة عين في غيّ من يبتغون دمه، فكيف بأتباعه القاسية قلوبهم القليل في الاسلام حظهم أعداء الحق وأعوان الظلم

، ومشددي أساس العدوان ، ليسوا من المهاجرين ولا الانصار ولا التابعين بإحسان. فقام إليه رجل من طي فقال يا زيد أكلام سيدنا عدي تهجن ؟ فقال : إنكم

والله ما أنتم أعرف بحق عديّ منّي ، ولا أدع الحق وإن سخط الناس. فقال عدي : الطريق مشترك والناس في الحق سواء، ومن اجتهد رأيه

ونصيحته للعامة فقد قضى ما عليه وله .

:قالوا ثم قام عمار بن ياسر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أمير المؤمنين، إن استطعت فلا تقم يوما واحدا ، أشخص بنا قبل استعار نار حرب الفجرة ، واجتماع رأيهم على الصدود والفرقة، فادعهم إلى حظهم ورشدهم، فإن قبلوا سعدوا، وإن

ص: 120

أبوا إلّا حربنا ناجزناهم ، فوالله إن سفك دمائهم والجد في جهادهم لقربة من الله وكرامة منه، ثم قعد.

فقام قيس بن سعد بن عبادة الانصاري فقال يا أمير المؤمنين انكمش إلى عدونا ولا تعرج، فوالله إن جهادهم أحب إلي من جهاد الترك والروم؛ لادهانهم في دين الله واستذلالهم أولياء الله من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وآله والتابعين بإحسان إذا غضبوا على رجل حبسوه أو ضربوه أو سيروه أو حرموه، وفيئنا لهم في أنفسهم حلال.

فقام يزيد بن قيس الارحبي فقال : يا أمير المؤمنين إن الناس على جهاز وعدة، وأكثرهم أهل قوة، ومن ليس به ضعف وليست به علة فمر مناديك أن ينادي فليخرجوا إلى معسكرهم بالنخيلة، فإن أخا الحرب ليس بالسووم ولا النؤوم، ولا الذي إذا أمكنته الفرص أملى لها واستشار فيها ولا الذي يؤخر عمل الحرب في

اليوم إلى غد وبعد غد. فقال زياد بن النضر الحارثي : يا أمير المؤمنين لقد نصح لك يزيد بن قيس

وقال ما عرفناه فسر على بركة الله إلى عدوك راشدا معانا فإن يرد الله يدعوك رغبة عنك إلى من ليس مثلك في السابقة مع النبي صلی الله علیه و آله وسلم والقدم في الاسلام والقرابة من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، وإن لا ينيبوا ويقبلوا ويأبوا إلا حربنا يجدوا بهم علينا

، هوانا رجونا أن يصرعهم الله إلى مصارع إخوانهم بالامس.

يهم خير الام

فقال عبد الله بن بديل الخزاعي: إن القوم والله لو كانوا يريدون الله أو لله يعملون ما خالفونا، ولكن القوم إنما يقاتلونا فرارا من الاسوة وحبًا للأثرة، وضنا بسلطانهم ، وكراهية لفراق دنياهم التي في أيديهم، وغلّا ووحرا في صدورهم، وعداوة يجدونها في أنفسهم. وكيف يبايع معاوية عليا وقد قتل أخاه وخاله وجده؟ والله ما أظن أن يفعل دون أن تقصد فيهم المران، وتقطع على هامهم

ص: 121

السيوف، وتنثني حواجبهم بعمد الحديد، فتكون أمور جمة بين الفريقين. فخرج علي علیه السلام فعسكر بالنخيلة، فلما توافي أصحابه بالنخيلة قام رجل يقال له جندب بن زهير الازدي والحارث الاعور الهمداني فقالا: قد آن للذين أخرجوا من ديارهم بغير حق أن يؤوبوا فيغيروا ، وللمظلومين والمحرومين أن ينتصروا ، وللمنكرين الجور بقلوبهم أن ينطقوا . ألا إن المؤمنين استذلوا فقهروا ، وقلّوا فستروا ، وأخرجوا من أموالهم وأخلوا عن أبنائهم ونسائهم، فصلحاء من عباد الله بالمشرق منفيون إلى المغرب، وصلحاء أسلافنا السابقين بالخيرات منفيون من حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جوار الوحش والسباع بمنزلة الغربة والوحدة والوحشة، فالحدود معطلة والولاة فجرة، ودين الله مفقود، وكتابه ممزق ، وعهده منبوذ ، فما تنتظرون - عباد الله - من

جهاد قوم لا يكفون عن الظلم، ولا يعطون حق الرب، ولا يحكمون بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون.

فقال الحارث بن عبيد الاعور في عراص كلام حدب كالمستجيب لقوله والمحرّض معه : وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا وأموالنا ، الذين يشربون الخمور ويلبسون الحرير، ويفترشون الديباج ويزعمون أن فيئنا لهم حلال.

ثم قام عمرو بن الحمق فقال : يا أمير المؤمنين والله ما بايعتك ولا أجبتك على عرض من الدنيا تؤتنيه ولا التماس سلطان ترفع ذكري به، ولكني أجبتك لخصال خمس: إنك ابن عم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، وأولى الناس بالمؤمنين بالله، وزوج سيدة نساء الامة فاطمة بنت رسول الله علیه السلام، وأبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وأعظم رجل من المهاجرين والأنصار سهما في الاسلام، فوالله لو كلّفت نقل الجبال الرواسي ونزح البحار الطوامي أبدا حتى يأتي علي يومي في

ص: 122

شيء أوهن به عدوك وأقوي به وليك، ويعلي الله كعبك، ويفلج الله ع-ل-ي ب-ه حجتك، ما ظننت أني أديت كل الذي يحق عليّ من حقك. فقال علي: أللّهم نور قلبه باليقين واهده الصراط المستقيم، ليت في جندي

مائة مثلك.

ثم قام حجر بن عدي فقال يا أمير المؤمنين نحن أبناء الحرب وأهلها الذين

لم نزل نلقحها وننتجها ، وقد ضرستنا الحرب وضرسناها ومارسناها ، ولنا إخوان ذو صلاح وعشيرة ذات عدد ورأي مجرب، وبأس محمود والله علينا النعماء والطول، فأزمتنا منقادة لك بالسمع والطاعة، فإن شرقت شرقنا، وإن غربت غربنا، وما هويت من أمر فعلنا.

فقال علي : أكل قومك على مثل رأيك ؟

فقال : ما يظهرون إلّا حسنا، وهذه يدي على قومي بحسن الطاعة والاجابة.

فدعا له أمير المؤمنين بخير. وذكروا أنه قدم عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي إلى الانبار وأتبعه كتابا منه،

وهذا نصّه:

من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن بديل : سلام عليك . أما بعد ، فإنه بدا لي المقام بشاطئ الفرات لحمام عبد الله، فليجئني عبد الله بن عباس بمن معه وحريث بن جابر، وانظر جندك فأقم بهم بالمكان الذي أنت به، وإياك ومواقعة أحد من خيل العدوّ حتى أتقدم عليك ، وأذكِ العيون نحوهم، وليكن مع عيونك من السلاح ما يباشرون به القتال، ولتكن عيونك الشجعان من جندك ، فإن الجبان لا يأتيك بصحة الامر. وانته إلى أمري ومن قبلك بإذن الله ، والسلام.

فلما أراد المسير قام في الناس فقال : الحمد الله غير مفقود بالنعم، ولا مكافاً بالافضال. وأشهد أن لا إله إلا الله ونحن على ذلك من الشاهدين، وأشهد أن محمّدا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم. أما بعد ذلكم، فإني

ص: 123

قدمت مقدماتي وأمرتهم بلزوم هذا المكان حتى يأتيهم أمري، وقد أردت أن أقطع هذه النطفة إلى شرذمة موطنين أكناف دجلة فأنهضهم معكم إلى عدوكم إن شاء الله . وقد أمرت على مصركم عقبة بن عمرو الانصاري، ولم آلكم ولا نفسي نصحا ، فإياكم والتخلّف والتربص فإني قد خلفت مالك بن حبيب اليربوعي وأمرته أن لا يترك متخلفا إلا ألحقه بكم عاجلا إن شاء الله ، ثم دعا بدابته فجاء بها قنبر، فلما ركب أخذ مالك بعنانها فقال: يا أمير المؤمنين أتخرج بالمسلمين فيصيبوا أجر الجهاد والقتال وتخلفني في حشر الناس ؟ فقال : يا مالك إنهم لن يصيبوا من الاجر شيئا إلا كنت شريكهم فيه، وأنت هاهنا أعظم غناء عنهم منك لو كنت معهم.

فقال مالك: فسمعا وطاعة يا أمير المؤمنين.

فسار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام وسار أمامه الحر بن سهم بن طريف

التميمي، وهو يقول:

یا ناق سيري بي وأمي الشاما ***وقطعي الاحاد والأكاما

و تابذی من خالف الاماما*** إني لارجو إن لقيت العاما

جمع بنی أمية الطغاما ***أن يقتل العاصي والهماما

و أن تزيل من رجال هاما

فلما انتهى الحر إلى آثار الكسرى وقف ينظر إليها ويتمثّل بقول الأسود بن يعفر :

جرت الرياح على محل ديارهم وكأنما كانوا على ميعاد فقال له علي رضی الله عنه: فلولا قلت: كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ(1) إن هؤلاء كانوا وارثين فأصبحوا موروثين إن هؤلاء لم يشكروا النعم فسلبوها بالمعصية، فإياكم وكفر النعم لا تحل بكم النقم، ثم قال انزلوا بنا هذه الفجوة

ص: 124


1- الدخان : 25 - 26.

ثم أمر الحارث الاعور فنادى فى أهل المدائن أن وافوا أمير المؤمنين صلاة

العصر فوافوه ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

هذه

أما بعد ، فإني قد عجبت لتخلّفكم عن إخوانكم وانقطاعكم عن مصركم في المساكن الظالم أهلها ، أكثر سكانها لا معروف يأمرون به ولا منكر ينهون عنه.

:فقالوا يا أمير المؤمنين كنا ننتظر أمرك .

فخرج ثم نزل الانبار، فاستقبله دهقان من رؤسائها يقود البراذين في جمع من الدهاقنة وقد اتخذوا له ولاصحابه طعاما ،وعلفا ، فلما استقبلوه ترجّلوا له واشتدوا بين يديه، فقال لهم : ما هذه الدواب الّتي معكم، وما أردتم بهذا الذي صنعتم ؟ فقالوا: أما ما صنعنا فإنه شي كنا نعظم به الامراء، وأما هذه البراذين فأهديناها لك، وقد صنعنا لك وللمسلمين طعاما، وهيئنا لدوابكم علفا . فقال علي علیه السلام: أما هذا الذي زعمتم أنه منكم خلق تعظّمون به الامراء، فوالله ما ينفع ذلك الامراء، وإنكم لتشقون على أنفسكم وأبدانكم، فلا تعودوا له، وأما دوابكم هذه فإن أحببتم أخذناها منكم وحسبناها لكم من خراجكم، وأما الذي

صنعتم من الطعام والعلف ، فإنا نكره أن نأكل من أموالكم شيئا إلا بثمن . فقالوا: يا أمير المؤمنين إن لنا من العرب موالي ومعارف أفتمنعنا أن نهدي

لهم ؟ وتمنعهم أن يقبلوا هديتنا ؟

فقال : وكل العرب لكم موالي ومعارف ، ليس أحد من العرب بأحق منكم من أحد ولست أمنعكم أن تهدوا لمعرفة ولا لاحد من المسلمين أن يقبل هدية، وإن غصبكم أحد فأعلمونا

:فقالوا إنا نحب يا أمير المؤمنين أن تقبل كرامتنا، فقال: ويحكم نحن

أغنى منكم (1)

ص: 125


1- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي: 132 125

[ الكلام (49) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ت / 328ه-) في «الكافي عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر وغيره، عمن ذكره، عن عمرو بن ثابت، عن رجل

سماه ، عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الاعور قال : خطب أمير المؤمنين علیه السلام خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره من تعظيم الله جل جلاله ، قال أبو إسحاق : فقلت للحارث أو ما حفظتها ؟ قال : قد كتبتها، فأملاها

علينا من كتابه

الحمد الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه ، لانه كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن الذي لم يلد فيكون في العزّ مشاركا، ولم يولد فيكون موروثا هالكا ، ولم تقع عليه الاوهام فتقدره شبحا مائلا ولم تدركه الابصار فيكون بعد انتقالها حائلا، الذي ليست في أوليته نهاية ولا لآخريته حدّ ولا غاية الذي لم يسبقه وقت ولم يتقدمه زمان ولا يتعاوره زيادة ولا نقصان، ولا يوصف بأين ؟ ولا بٍمَ؟ ولا مكان، الذي بطن من خفيات الأمور وظهر في العقول بما يرى في خلقه علامات التدبير ، الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض

من

ص: 126

بل وصفته بفعاله ودلّت عليه بآياته، لا تستطيع عقول المتفكرين جحده، لان من كانت السماوات والارض فطرته وما فيهن وما بينهن وهو الصانع لهن، فلا مدفع لقدرته ، الذي نأى من الخلق فلا شي كمثله ، الذي خلق خلقه لعبادته وأقدرهم

هلك،

على طاعته بما جعل فيهم، وقطع عذرهم بالحجج، فعن بيّنة هلك من وبمنّه نجا من نجا ولله الفضل مبدءا ومعيدا، ثم إن الله وله الحمد - افتتح الحمد لنفسه وختم أمر الدنيا ومحل الآخرة بالحمد لنفسه ، فقال : ﴿ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )(1)ا(2)وأيضاً عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في « الكافي»: بالنص الاتي، قال: الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسيد والمرتدي بالجلال بلا تمثيل والمستوي على العرش بغير زوال، والمتعالى على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم ، ليس له حد ينتهى إلى حده ولا له مثل فيعرف بمثله ذلّ من تجبر ،غيره وصغر من تكبر دونه وتواضعت الاشياء لعظمته، وانقادت لسلطانه ،وعزته وكلّت عن إدراكه طروف العيون، وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق، الأول قبل كل شي ولا قبل له والآخر بعد كل شي ولا بعد له الظاهر على كل شي بالقهر له، والمشاهد لجميع الاماكن بلا انتقال اليها لا تلمسه لامسة ولا تحسّه حاسة، الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم، أتقن ما أراد من خلقه من الاشباح كلها ، لا بمثال سبق إليه ولا لغوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه ابتدأ ما أراد ابتداءه، وأنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين الجن والانس، ليعرفوا بذلك ربوبيته وتمكن فيهم طاعته - نحمده بجميع محامده كلها على جميع نعمائه كلها، ونستهديه لمراشد امورنا، ونعوذ به من سيئات أعمالنا، ونستغفره للذنوب

ص: 127


1- الزمر : 75
2- الكافي للشيخ الكليني 1 : 141 .

الّتي سبقت منا، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّدا عبده ورسوله ، بعثه بالحق نبياً دالا عليه وهادياً إليه ، فهدى به من الضلالة واستنقذنا به من الجهالة ( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) (1) ونال ثوابا جزيلا ، ومن يعص الله ورسوله فقد خسر خسرانا مبينا، واستحق عذابا اليما، فأنجعوا بما يحق عليكم من السمع والطاعة، وإخلاص النصيحة ، وحسن المؤازرة، وأعينوا على أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة وهجر الامور المكروهة وتعاطوا الحق بينكم وتعاونوا به دوني، وخذوا على يد الظالم السفيه ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر

، واعرفوا لذوي الفضل فضلهم، عصمنا الله وإياكم بالهدى، وثبتنا وإياكم على التقوى، وأستغفر الله لي ولكم».(2)

وبالاسناد عن القاضي النعمان بن محمد المغربي في شرح الأخبار عن جعفر بن سليمان، باسناده عن على أن قوما ذكروا التشبيه في مجلسه، فزجر القوم، ونهاهم عن الكلام في ذلك فأمسكوا. ثم قال: الحمد لله الذي بطن بخفيات الأمور ، ودلت عليه أعلام الظهور واستتر بلطفه عن عين البصيرة، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره، سبق في العلو فلا شي أعلا منه وقرب في الدنو فلا شي أقرب منه . فلا استعلاؤه باعده عن شئ من خلقه، ولا قربه ساواهم بالمكان به، لم تطلع العقول على تحديد صفته ، ولم يحجبها السواتر عن يقين معرفته، فهو الذي تشهد له عين الوجود على إقرار قلب ذي الجحود تعالى عما يقول المشبّهون به الجاحدون له علوا كبيرا . (3)

ص: 128


1- الأحزاب: 71
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1: 142 .
3- شرح الأخبار ، للقاضي النعمان المغربي 2 311 - 312

[ الكلام (50) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: انما بدو وقوع الفتن... الخ، هذا من خطبة مروية في روضة الكافي وهو مروي في أصول الكافي ايضاً » (1)

قال العرشي في التخريج مانصه : رواها البرقي في كتاب المحاسن والأداب الورق) 79 ب و 84 ألف)، كما رواها الكلينى في أصول الكافي (13) وكتاب الروضة من فروع الكافي ج 3 آج ص 29] ، وعاصم بن حميد في كتابه [بحار الانوار ج 1 ص 159 و 166]» . (انتهى)(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن الشيخ الكليني ( ت /

328ه-) بالاسناد المتقدم في الخطبة (42) ، فراجع. وبالاسناد عن الشيخ الكليني في الكافى ، عن الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشاء، وعدة من أصحابنا، عن أحمد ابن ،محمّد عن ابن فضال جميعا، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن

ص: 129


1- مدارك نهج البلاغة : 81 11
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

أبي جعفر علیه السلام قال : خطب أمير المؤمنين علیه السلام الناس فقال : أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع ، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله يتولى فيها رجال رجالا، فلو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى، ولو أن الحق خلص لم يكن

اختلاف، ولكن يؤخذ من هذا ضغت ومن هذا ضعت فيمرجان فيجيئان معا فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ونجا الذين سبقت لهم من

لهم من الله ال-

الله الحسنى . (1)

ورواه الاسكافي ( ت / 220 ه-) مرسلاً في «المعيار والموازنة ص 291

وبالاسناد الثالث عن الهاروني ( ت / 424 ه-) في ( تيسير المطالب قال: أخبرنا ابو عبدالله محمد بن زيد الحسني قال اخبرنا الناصر للحق الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه ، قال : حدثنا أخي الحسين بن علي ، عن محمّد بن الوليد، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن اسماعيل الجعفي، قال: قال لي ابو جعفر محمّد بن علي علیهما السلام : خطب أمير المؤمنين علي علیه السلام بعد ان استخلف بستة أيام فحمد الله واثنى عليه وافاض في الصلاة على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، ثم قال : أيها الناس، إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع وأحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله ويتولى فيها رجال رجالاً ، فلو ان الحق خلص لم يكن اختلاف، ولو ان الباطل خلص لم يخف على ذي حجى، ولكن يؤخذ من هذا ضعت ومن هذا ضغت فيمزجان وهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه، دون الذين سبقت لهم من الله الحسنى، اليوم عمل ولا ثواب ولا عمل كأداء مفاتيح الهدى بنا نفى الله رب-ق الذل عن اعناقكم، وبنا يفتح ويختم، لا بكم. والله أيها الناس ، لقد أدركت أقواماً كانوا يبيتون سجداً الله وقياماً ، كأن صرير النار في آذانهم ، واذا ذكروا الله مادوا كما تميد الشجرة يوم الريح العاصف. أيها الناس ان الله حدّ حدوداً فلا تعتدوها وفرض فروضاً فلا تنقصوها وامسك عن أشياء - لم يمسك عليها نسياناً، بل

ص: 130


1- الكافي للشيخ الكليني 54:1

رحمة من الله لكم - فأقبلوها ولا تكلفوها، حلال بين وحرام بيّن وحرام بيّن و شبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليه فهو لما استبان له اترك والمعاصي حمى الله فمن رتع حولها يوشك أن يقع فيها » .(1)

وأيضاً بالاسناد عن الهاروني ( ت / 424ه-) في «تيسير المطالب»، قال: اخبرنا ابو عبدالله احمد بن محمد البغدادي، قال اخبرنا ابو القاسم عبد العزيز بن اسحاق، قال: حدثني احمد بن الحسين الحربي، قال: حدثنا محمد بن الأزهر الطائي الكوفي ، قال : حدثنا سلمة بن عامر ، عن أبي اسحاق السبيعي، عن الحرث، عن أمير المؤمنين علي علیه السلام: انه خطب فقال :

ألا، فان الحق لو اخلص لم يخف على ذي حجا، ألا وان الباطل لو اخلص لم يخف على ذي حجا، ولكنه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضعت فيمتزجان فحينئذ استولى الشيطان على حزبه ونجا حزب الله ( الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِنا الْحُسْنَى (2)، ألا وان الباطل خيل شمس ركبها اهلها وأرسلوا أزمتها فسارت حتى

انتهت بهم نار وقودها الناس والحجارة، ألا وأن الحق مطايا ذلل ركبها أهلها واعطوا ازمتها فسارت بهم الهوينا حتى انت ظلاً ظليلاً، فعليكم بالحق فاسلكوا سبيله واعلموا به تكونوا من أهله، ألا وان من خاف حذر، ومن حذر جانب السيئات ، ألا وانه من جانب السيئات أدلج الى الخيرات في السراء، ومن أراد سفراً أعد له زاداً ، فأعدوا الزاد ليوم المعاد، واعملوا لجزاء باق ، فاني - والله لم ار كالجنة نام طالبها، ولم أر كالنار نام هاربها (3) ونقل العلامة المجلسي في البحار عن كتاب عاصم بن حميد، عن محمّد بن

ص: 131


1- تيسير المطالب : 191 ، ط / 1395 .
2- الأنبياء : 101 .
3- تيسير المطالب : 189 ، ط / 1395 .

،مسلم ، عن أبي جعفر علیه السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قوله: «انما بدء

وقوع الفتن ... إلى آخره .(1)

ى البرقي في المحاسن عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد بنفس السند

والنص المتقدمان(2).

ص: 132


1- بحار الانوار :2 291
2- بحار الانوار 2 : 315

[ الخطبة (51)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج: قوله علیهما السلام: قد استطعموكم القتال ... في شرح الفاضل حدث عمرو بن شمر عن جابر، قال: خطب علي علیهما السلام يوم الماء فقال: «أما بعد فان القوم قد بدوكم بالظلم وفاتحوكم بالبغي واستقبلوكم بالعدوان وقد استطعموكم القتال حيث منعوكم الماء، فاقروا على مذلة وتأخير مهلة ... الفصل إلى آخره(1)

قال العرشي في التخريج مانصه : رواها ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين

ابن أبي الحديد [ج 1 ص 180].(2)

قال الجلالي: لم أجدها في المطبوعة، وان المنقول عن نصر هو مجرد

الواقعة، لا الخطبة.

ص: 133


1- مدارك نهج البلاغة : 80.
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

[ الخطبة (52)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج : قوله علیه السلام: إن الدنيا قد تصرمت... الى آخره.». وقوله بعد ومن كمال الاضحية ... الخ؛ ملتقط من

خطبة طويلة خطبها يوم الاضحى ، وقد رواها الشيخ في المصباح، وهي بسندها

مذكورة فيه مع اختلاف في الالفاظ بين رواية السيد هنا وبين رواية الشيخ هناك(1)

قال الجلالي: وقد تقدم الاسناد الى المقاطع في الخطبة (45) ، فليراجع .

وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في الأمالي»: قال: أخبرني أبو

عبیدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: أخبرنا أحمد بن محمّد المكي قال حدثنا أبو العيناء، عن محمّد بن الحكم عن لوط بن يحيى، عن الحارث بن كعب، عن مجاهد قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام: « ازهدوا في هذه الدنيا التي لم يتمتع بها أحد كان قبلكم، ولا تبقى لاحد من بعدكم سبيلكم فيها سبيل الماضين، قد تصرّمت وآذنت بانقضاء، وتنكّر معروفها ، فهي تخبر أهلها بالفناء، وسكانها بالموت . وقد أمر منها ما كان حلوا ، وكدر منها ما كان صفوا، فلم تبق منها إلا سملة كسملة الاداوة، أو جرعة كجرعة الاناء، لو تمزّزها العطشان

ص: 134


1- دارك نهج البلاغة : 80.

لم ينقع بها. فأزمعوا بالرحيل عن هذه الدار المقدور على أهلها الزوال الممنوع أهلها من الحياة، المذلّلة فيها أنفسهم بالموت، فلاحىّ يطمع في البقاء، ولا نفس إلا مذعنة بالمنون، ولا يعللكم الأمل، ولا يطول عليكم الأمد، ولا تغرّوا منها بالآمال ولو حنتم حنين الوله العجال، ودعوتم مثل حنين الحمام، وجارتم جار متبتل الرهبان، وخرجتم إلى الله تعالى من الاموال والأولاد التماس القربة إليه

في ارتفاع درجة عنده أو غفران سيئة أحصتها كتبته، وحفظتها ملائكته ، لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه، وأتخوف عليكم من عقابه . جعلنا الله وإياكم من

التائبين العابدين(1)

ص: 135


1- الأمالي ؛ للشيخ المفيد : 161 159

[ الخطبة (53) ]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الصدوق( ت /381ه-) قال في من لا يحضره الفقيه وخطب أمير المؤمنين علیه السلام في عيد الاضحى فقال: «الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، والله الحمد الله أكبر على

ما هدانا وله الشكر فيما أولانا، والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام).

، وكان على علیه السلام يبدأ بالتكبير إذا صلى الظهر من يوم النحر، وكان يقطع التكبير آخر أيام التشريق عند الغداة ، وكان يكبر في دبر كل صلاة فيقول: «الله أكبر، الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد فإذا انتهى إلى المصلى تقدم فصلّى بالناس بغير أذان ولا إقامة، فإذا فرغ من الصلاة صعد المنبر، ثم بدأ فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر زنة عرشه ورضى نفسه وعدد قطر سمائه وبحاره ، له الاسماء الحسنى، والحمد الله حتى يرضى، وهو العزيز الغفور، الله أكبر كبيرا متكبرا ، وإلها متعززا ، ورحيما متحننا يعفو بعد القدرة، ولا يقنط من رحمته إلا الضالون ، الله أكبر كبيرا ، ولا إله إلا الله كثيرا، وسبحان الله حنانا قديرا، والحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونشهد أن لا إله إلا هو، وأن محمدا عبده ورسوله ، من يطع الله ورسوله فقد اهتدى وفاز فوزا عظيما، ومن يعص

الله

ص: 136

ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا .

أوصيكم عباد الله بتقوى الله وكثرة ذكر الموت، والزهد في الدنيا التي لم يتمتع بها من كان فيها قبلكم ، ولن تبقى لأحد من بعدكم، وسبيلكم فيها سبيل الماضين، ألا ترون أنها قد تصرمت وأذنت بانقضاء، وتنكر معروفها، وأدبرت حذاء فهي تخبر بالفناء، وساكنها يحدى بالموت، فقد أمر منها ما كان حلوا، وكدر منها ما كان صفوا ، فلم يبق منها إلا سلمة كسلمة الاداوة، وجرعة كجرعة الاناء، ولو يتمززها الصديان لم تنفع غلته، فأزمعوا عباد الله بالرحيل من هذه الدار المقدور على أهلها الزوال، الممنوع أهلها من الحياة المذللة أنفسهم بالموت فلاحي يطمع في البقاء، ولا نفس إلا مذعنة بالمنون، فلا يغلبنكم الأمل ، ولا يطل عليكم الامد ، ولا تغتروا فيها بالآمال، وتعبدوا الله أيام الحياة، فوالله لو حنتم حنين الواله العجلان، ودعوتهم بمثل دعاء الانام ، وجارت-م ج-وار متبتل الرهبان وخرجتم إلى الله من الاموال والاولاد التماس القربة إليه في ارتفاع درجة عنده أو غفران سيئة أحصتها كتبته وحفظتها رسله لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه وأتخوف عليكم من أليم عقابه ، وبالله لو انماثت قلوبكم انمياتا وسالت عيونكم من رغبة إليه ورهبة منه دما، ثم عمرتم في الدنيا ما كانت الدنيا باقية ما جزت أعمالكم ولو لم تبقوا شيئا من جهدكم لنعمه العظام عليكم وهداه إياكم إلى الايمان ما كنتم لتستحقوا أبد الدهر ما الدهر قائم بأعمالكم جنته ولا رحمته، ولكن برحمته ترحمون وبهداه تهتدون، وبهما إلى جنته تصيرون، جعلنا الله وإياكم من التائبين العابدين.

وإن هذا يوم حرمته عظيمة وبركته مأمولة والمغفرة فيه مرجوّة ، فأكثروا ذكر

الله تعالى واستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم .

ومن ضحى منكم بجذع من المعز فإنه لا يجزي عنه، والجذع من الضأن

ص: 137

يجزي ومن تمام الاضحية استشراف عينها وأذنها وإذا سلمت العين والاذن تمت الاضحية، وإن انت عضباء القرن أو تجر برجليها إلى المنسك فلا تجزي. وإذا ضحيتم فكلوا وأطعموا واهدوا واحمدوا الله على ما رزقكم من بهيمة الأنعام وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وأحسنوا العبادة، وأقيموا الشهادة وارغبوا فيما كتب عليكم

وفرض من الجهاد والحج والصيام، فإن ثواب ذلك عظيم لا ينفد ، وتركه وبال لا يبيد، وأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، وأخيفوا الظالم، وانصروا المظلوم، وخذوا على يد المريب، وأحسنوا إلى النساء وما ملكت أيمانكم، واصدقوا الحديث، وأدوا الامانة ، وكونوا قوامين بالحق ( فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (1) ، إن أحسن الحديث ذكر الله، وأبلغ موعظة المتقين كتاب الله ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدُ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدُ )(2) ويقرأ ( قل يا أيها الكافرون ) ... إلى آخرها، أو ( أَلْهَاكُمُ التَكَاثُر ) .. إلى آخرها أو( والعصر ) ، وكان مما يدوم عليه ( قُلْ هُوَ اللهُ

أَحَدُ ) (3) ، فكان إذا قرأ إحدى هذه السور جلس جلسة كجلسة العجلان، ثم ينهض وهو لا كان أوّل من حفظ عليه الجلسة بين الخطبتين، ثم يخطب بالخطبة التي كتبناها بعد الجمعة (4)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ) عن أبي مخنف باسناده، وقد ذكره

في الفهرست بقوله: «لوط بن يحيى، يكنى أبا ،مخنف، من اصحاب امير المؤمنين علیه السلام، ومن اصحاب الحسن والحسين علیهما السلام على ما زعم الكشي، والصحيح

ص: 138


1- لقمان : 33 .
2- الإخلاص : 1-4
3- الإخلاص : 1.
4- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 517:1 - 523 ، الحديثان 1483 و 1484 .

ان اباه كان من اصحاب علي علیه السلام، وهو لم يلقه . له كتب كثيرة في السير، منها: كتاب مقتل الحسين علیه السلام له ، وكتاب اخبار المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وكتاب مقتل محمّد بن أبي بكر ، وكتاب مقتل عثمان ، وكتاب الجمل، وكتاب صفين، وغير ذلك من الكتب، وهي كثيرة. اخبرنا بها أحمد بن عبدون والحسين بن عبيد الله جميعا، عن أبي بكر الدوري، عن القاضي أبي بكر احمد بن كامل، عن محمّد بن موسى بن حماد، عن ابن أبي السري محمّد ، قال اخبرنا هشام بن محمّد الكلبي، وله كتاب خطبة الزهراء علیها السلام، اخبرنا بها احمد بن محمّد بن موسى عن

ابن عقدة، عن يحيى بن زكريا بن شيبان عن نصر بن مزاحم، عن أبي مخنف عن عبد الرحمان بن جندب، عن أبيه قال خطب امير المؤمنين علیه السلام وذكر الخطبة بطولها » .(1)

عنه.

وعن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في مصباح المتهجد في خطبة يوم الأضحى، قال روى أبو مخنف، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه: أن عليا خطب يوم الأضحى، فكبر، وقال: الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا وله الشكر على ما أبلانا، والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، الله أكبر زنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته وعدد قطر سماواته ، ونطف بحوره ، له الأسماء الحسني ، وله الحمد في الآخرة والأولى حتى يرضى وبعد الرضى، إنه هو العلي الكبير، الله أكبر كبيرا متكبرا، وإلها عزيزا متعززا ، ورحيما عطوفا متحننا، يقبل التوبة ويقيل العثرة، ويعفو بعد القدرة، ولا يقنط من رحمة الله إلا القوم الضالون. الله أكبر كبيرا، ولا إله إلا الله مخلصاء وسبحان الله بكرة وأصيلا والحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، من يطع الله

ص: 139


1- الفهرست : 156 ، ط / النجف ، سنة 1381ه-.

ورسوله فقد اهتدى وفاز فوزا عظيما، ومن يعصهما فقد ضل ضلالا بعيدا. أوصيكم عباد الله بتقوى الله وكثرة ذكر الموت، وأحذركم الدنيا الّتي لم يمتع بها أحد قبلكم ولا بقي لأحد بعدكم، فسبيل من فيها سبيل الماضين من أهلها ، ألا وإنها قد تصرمت واذنت بانقضاء وتنكر معروفها وأصبحت مديرة مولية فهي تهتف بالفناء وتصرخ بالموت ، قد أمر منها ما كان حلوا، وكدر منها ما كان صفوا، فلم يبق منها إلّا شفافة كشفافة الاناء، وجرعة كجرعة الادارة، لو تمززها الصديان لم تنقع غلته، فأزمعوا عباد الله على الرحيل عنها وأجمعوا متاركتها فما من حي يطمع في بقاء ولا نفس إلا وقد أذعنت للمنون ولا يغلبنكم الامل ولا يطل عليكم

الامد فتقسو قلوبكم ولا تغتروا بالمنى وخدع الشيطان وتسويقه، فإن الشيطان عدوّكم حريص على إهلاككم، تعبدوا الله عباد الله أيام الحياة، فو الله لو حننتم حنين الواله المعجال ، ودعوتم دعاء الحمام وجأرتم جؤار مبتلي الرهبان وخرجتم إلى الله عز وجل من الأموال والأولاد التماس القربة إليه في ارتفاع درجة وغفران سيئة أحصتها كتبته وحفظتها رسله لكان قليلا فيما ترجون من ثوابه وتخشون من عقابه و تا الله لو انماثت قلوبكم انمياتا وسالت من رهبة الله عيونكم دما ثم عمرتم عمر الدنيا على أفضل اجتهاد وعمل، ما جزت أعمالكم حق نعمة الله عليكم ولا استحققتم الجنة بسوى رحمة الله ومنه عليكم ، جعلنا الله وإياكم من المقسطين التائبين الأوابين.

ألا وإن هذا اليوم يوم حرمته عظيمة وبركته مأمولة والمغفرة فيه مرجوة فأكثروا ذكر الله وتعرّضوا لثوابه بالتوبة والانابة والخضوع والتضرع، فإنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وهو الرحيم الودود، ومن ضحى منكم فليضح بجذع من الضأن، ولا يجزئ عنه جذع من المعز، ومن تمام الأضحية استشراف أذنيها وسلامة عينيها ، فإذا سلمت الاذن والعين سلمت الأضحية وتمت ، وإن كانت عضباء القرن، تجر رجليها إلى المنسك ، فإذا ضحيتم فكلوا منها وأطعموا

ص: 140

وادّخروا واحمدوا الله على ما رزقكم من بهيمة الأنعام، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأحسنوا العبادة، وأقيموا الشهادة بالقسط وارغبوا فيما كتب الله لكم وأدوا ما افترض عليكم من الحج والصيام والصلاة والزكاة ومعالم الايمان؛ فإن ثواب الله عظيم وخيره جسيم ، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ، وأعينوا الضعيف، وانصروا المظلوم، وخذوا فوق يد الظالم أو المريب، وأحسنوا إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم، واصدقوا الحديث وأدوا الأمانة، وأوفوا بالعهد وكونوا قوامين بالقسط وأوفوا الكيل والميزان، وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده ( فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ ) (1) ، إن أبلغ الموعظة وأحسن القصص كلام الله .

ثم تعوّذ وقرأ سورة الاخلاص ، وجلس كالرائد العجلان، ثم نهض، فقال: الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه ... وذكر باقي الخطبة القصيرة نحواً من خطبة الجمعة .(2)

ومن الشواهد : بالاسناد عن الدارقطني ( ت / 385ه- ) بالاسناد عن أبي حُجية بن عدي، عن علي في حديث أمرنا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أن نستشرف العين والاذن

: صلى الله عليه وسلم

[الحديث ] . قال : تفرّد به یزید بن مروان، عن داود بن الزبرقان، عن محمّد بن

جحادة، عن سلمة بن كهيل عنه .

ورواه رقبة بن مصقلة، عن سلمة وتفرد به أبو حمزة الشكري ورواه محمّد

بن عبيد الله سلمة . (3) عن

وفي الهامش ما يلي: الحديث أخرجه عن علي أبو داود (3 -97) :كتاب

ص: 141


1- لقمان : 33 .
2- مصباح المتهجد ؛ للشيخ الطوسي : 662 - 665 .
3- أطراف الغرائب والأفراد 1 : 86، ط / 1419ه-.

الأضاحي باب ما يكره من الضحايا رقم ( 2804 ) ، والترمذي ( 4: 86 20 - كتاب الأضاحي 6 - باب ما يكره من الأضاحي رقم (1498) وقال حسن صحيح النسائي ( 7 ) (217) کتاب الضحايا ، باب الشرقاء وهي مشقوقة الأذن، ابن ماجة ( 1 : 95 ، 105 ، 125 ، 152) کتاب الأضاحي ، باب ما يكره أن يضحى به رقم (3143) ، أحمد بن حنبل في مسنده (1:152) ، البيهقي ( 9 275) كتاب الضحايا، باب ما ورد النهي عن التضحية به الحاكم في المستدرك ( 1: 468) ، كتاب المناسك وأيضاً في الأضاحي ( 4 224) وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ابن الجارود في المنتقى ( ص 303) رقم (906) باب ما ، جاء في الضحايا، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4 169) كتاب الصيد : والذبائح والأضاحي باب : العيوب التي لا تجوز.

وقال المزي (ت / 742ه-) : ( شريح بن النعمان الصائدي الكوفي ، عن علي. دت س ق حديث: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن... الحديث. د في الأضاحي ) (2804) عن النفيلي، عن زهير ، عن أبي إسحاق، عن شريح

النعمان ، وكان رجل صدق به.

ت فيه (1498) عن الحسن بن علي الحلواني، عن يزيد بن هارون عن شريك . ( 1498م) عن الحسن بن علي، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل؛ كلاهما عن أبي إسحاق نحوه، وقال: حسن صحيح. س فيه 7: 216 (4462) عن محمد بن آدم، عن عبد الرحيم بن سليمان، عن زكريا بن أبي زائدة و 7 216( 4463) عن أبي داود الحراني، عن الحسن بن . : محمّد بن أعين عن زهير؛ كلاهما عن أبي إسحاق، به وزاد وأن لا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء . و 7 : 217 ( 4464 ) عن أحمد ابن ناصح، عن أبي بكر بن عياش. و 7: 217 ( 4465) عن هارون بن عبدالله ، عن

ص: 142

شجاع بن الوليد، عن زياد بن خيثمة ؛ كلاهما عن أبي إسحاق بالزيادة دون

المزيد عليه . ق : فيه ( 3142) عن محمد بن الصباح، عن أبي بكر بن عياش نحوه. وفي الهامش ما يلي: « أخرجه أحمد 1: 80 و 108 و 128 و 149 ، والدارمي

(1958) . وانظر المسند الجامع :13 15 حدیث (10207) (1)

وقال : فائدة، قال الإمام الدارقطني في «العلل » 3 ( السؤال -380) : «لم يسمع هذا الحديث أبو إسحاق من شريح حدث به أبو كامل مظفر بن مدرك ، عن قيس ابن الربيع، قال: قلت لأبي إسحاق: سمعته من شريح؟ قال: حدثني ابن أشوع عنه ( أخرجه الحاكم 4 : 224) . ورواه الجراح بن الضحاك، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أشوع، س- سمعه منه مرفوعا. ورواه الثوري ، عن ابن أشوع، عن شريح

عن علي موقوفاً . ويشبه أن يكون القول الثوري، والله أعلم.

وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه- ) قال : حدثنا وكيع، حدثنا سفيان ، عن سلمة، عن حجر ابن عدي الكندي ] عن علي بن أبي طالب ] قال: أمرنا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أن نستشرف العين والأذن . (2)حدثنا وكيع حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل، عن حجية قال: سأل رجل علياً عن البقرة ؟ فقال : عن سبعة فقال مكسورة القرن؟ فقال: لا يضرك، قال: العرجاء؟ قال : إذا بلغت المنسك فاذبح أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن (3). حدثنا عفان حدثنا شعبة قال: سلمة بن كهيل أنبأتي، قال: سمعت حجية بن عدي، رجلاً من كندة ، قال : سمعت رجلاً سأل علياً قال : إني اشتريت هذه البقرة

ص: 143


1- تحفة الأشراف 7: 47 ، 0 / 1405ه-.
2- رواه الإمام أحمد في مسنده (1: 95) ، وطبعة شاكر رقم (732)، وإسناده صحيح.
3- رواه الإمام أحمد في المسند (1 : 95) ، وطبعة شاكر رقم (734) ، وإسناده صحيح .

للأضحى ؟ قال : عن سبعة ، قال : القرن ؟ قال : لا يضرك ، قال : العرج ؟ قال : إذا بلغت المنسك فانحر، ثم قال : أمرنا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أن نستشرف العين والأذن (1)

حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان وشعبة وحماد بن سلمة، عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي: أن رجلاً سأل علياً عن البقرة ؟ فقال : عن سبعة ، قال : القرن ؟ قال: لا يضرك ، قال : فالعرجاء ؟ قال : إذا بلغت المنسك ، قل : وأمرنا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أن نستشرف العين والأذن (2)

حدثنا محمّد بن جعفر، حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت حجية

(3)

ابن عدي قال : سمعت علي بن أبي طالب وسأله رجل، فذكر الحديث ) حدثنا محمّد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل ، قال : سمعت حجية ابن عدي، قال: سمعت علي بن أبي طالب وسأله رجل عن البقرة ؟ فقال : ع--ن سبعة ، وسأله عن الأعرج ؟ فقال : إذا بلغت المنسك ، وسئل عن القرن ؟ فقال:

حدثنا بهز بن

لا يضره، وقال علي : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن(3) بهز بن أسد، حدثنا حماد بن سلمة، أنا سلمة بن كهيل، عن حجبة بن عدي ان علياً سئل عن البقرة ؟ فقال: عن سبعة، وسئل عن العرج؟ فقال: إذا بلغت المنسك ثم قال: أمرنا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أن نستشرف العينين والأذنين».(4) رواه الترمذي في الأضاحي، عن علي بن حجر عن شريك، عن سلمة بن

كهيل ، عنه به وقال: حسن صحيح ، وقد رواه الثوري ، عن سلمة بن كهيل.

(3) رواه الإمام أحمد في المسند في موضع الحديث السابق ، وطبعة شاكر رقم (1022) إسناده

صحيح ، وهو مكرر ما قبله

ص: 144


1- رواه الإمام أحمد في مسنده :(1 : 105) ، وطبعة شاكر رقم (826) ، وإسناده صحيح .
2- رواه الإمام أحمد في مسنده (1 : 125) ، وطبعة شاكر رقم (1021) ، وإسناده صحيح .
3- الحديث رواه الإمام أحمد في المسند (1 : 152) ، وطبعة شاكر (1308)، وإسناده صحيح
4- الحديث رواه الإمام أحمد في المسند (1 : 153) ، وطبعة شاكر (1311) ، وإسناده صحيح.

والنسائي في ( الضحايا ) عن محمد بن عبد الأعلى، عن خالد، عن شعبة، عن

سلمة به - مختصراً كما هاهنا .

وابن ماجة (الأضاحي ) عن عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع بن الجراح، عن

سفيان الثوري ، عن سلمة به .

حدثنا سعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن زكريا عن حجاج بن دينار عن الحكم ، عن حجية بن عدي، عن علي أن العباس بن عبد المطلب سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل ، فرخص له في ذلك.

أ رواه أبو داود في الزكاة عن سعيد بن منصور، عن إسماعيل بن زكريا، عن الحجاج بن دينار عن الحكم ، عن حجية به. وقال: رواه هشيم عن منصور بن زاذان، عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي ، وحديث هشيم أصح.

والترمذي فيه ( الزكاة ) عن عبد الله بن عبد الرحمن. وابن ماجة فيه ( = الزكاة ) عن محمّد بن يحيى، كلاهما عن سعيد بن

منصور به .(1)

حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا أبو اسحاق ، عن شريح بن النعمان الهمداني عن علي بن أبي طالب قال : نهى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له أن يضحى بالمقابلة أو بمدابرة أو شرقاء أو خرقاء أو جدعاء.

حدثنا حسن بن موسى

حدثنا زهير حدثنا أبو اسحاق، عن شريح بن النعمان .

قال أبو اسحاق وكان رجل صدق، عن علي قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن، وأن لانضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء. قال زهير : قلت لأبي اسحاق أذكر عضباء؟ قال: لا، قلت: ما المقابلة ؟ قال : يقطع طرف الأذن، قلت: ما المدابرة ؟ قال : يقطع مؤخر الأذن، قلت ما

ص: 145


1- جامع المسانيد 19: 152 - 155، ط / 1415ه-.

الشرقاء؟ قال: تشق الأذن ، قلت : ما الخرقاء؟ قال : تخرق أذنها السمة . حدثنا وكيع عن إسرائيل وعلي بن صالح، عن أبي اسحاق، عن شريح بن النعمان عن علي قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن، ولا نصحى بشرقاء ولا خرقاء ولا مقابلة ولا مدابرة.

حدثنا يحيى بن بكير حدثنا زهير أنبأنا أبو اسحاق، عن شريح بن شريح بن النعمان قال : وكان رجل ،صدق، عن علي قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن، وأن لا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدايرة ولا شرقاء ولا خرقاء، قال :زهير فقلت لأبي اسحاق : أذكر عضباء ؟ قال : لا ، قلت : ما المقابلة ؟ قال : هي التي يقطع طرف أذنها، قلت: فالمدابرة؟ قال: التي يقطع مؤخر الأذن، قلت: ما الشرقاء؟ قال : التي يشق أذنها . قلت : فما الخرقاء؟ قال : التي تخرق أذنها السمة . رواه أبو داود في الأضاحي عن النفيلي، عن زهير ، عن أبي إسحاق، عن شريح

النعمان - وكان رجل صدق - به . والترمذي فيه ( = الأضاحي ) عن الحسن بن علي الحلواني، عن يزيد بن هارون عن شريك . وعن الحسن بن علي، عن عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل، كلاهما عن أبي إسحاق نحوه، وقال: حسن صحيح.

والنسائي فيه ( الضحايا ) عن محمّد بن آدم، عن عبد الرحيم بن سليمان، عن زكريا بن أبي زائدة - وعن أبي داود الحراني ، عن الحسن بن محمّد بن أعين، عن زهير - كلاهما عن أبي إسحاق - به ، وزاد وأن لا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء.

وعن أحمد ابن ناصح، عن أبي بكر بن عياش - وعن هارون بن عبدالله، عن شجاع بن الوليد عن زياد بن خيثمة - كلاهما عن أبي إسحاق - بالزيادة دون

المزيد عليه .

ص: 146

وابن ماجة فيه ( = الأضاحي ) عن

عیاش نحوه (1)

محمد بن الصباح، عن أبي بكر بن

وبالاسناد الى ابن حجر العسقلاني (ت / 852ه-) في حديث : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

أن نستشرف العين والأذن ... الحديث مانصه: «مي في الأضاحي، وأبو الوليد .

ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل سمعت حجية بن عدي ، به .

:خز في الحج ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا خالد بن الحارث (ح) وثنا محمّد بن بشار، ثنا محمّد - يعني غندراً - قالا : ثنا شعبة (ح) وثنا أبو موسى ثنا عبد الرحمن، عن سفيان وشعبة، عن سلمة بن كهيل سمعت حجية، بهذا لفظة :

- محمد بن عبد الأعلى - وعن محمّد بن معمر عن وهب بن جرير، حدثني أبي،

عن ، أبي إسحاق، عن سلمة بن كهيل، نحوه. وفيه قصة . ليس في السماع . طح في الصيد والذبائح عن يونس، عن ابن وهب، أخبرني سفيان الثوري ، .به وعن فهد ، ثنا أبو نعيم، ثنا حسن بن صالح . وعن فهد، عن محمّد بن سعيد ، عن شريك، قالا عن سلمة بن كهيل ، به .

حب في السادس والثمانين من الأول : أنا الفضل بن الحباب، ثنا محمد بن

كثير، أنا الثوري به كم في أواخر الحج : ثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، ثنا محمد بن عبيدالله بن المنادي ، ثنا وهب بن جرير، به وبه عن وهب بن جرير وأبي النضر، قالا ثنا شعبة به. وعن أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي ، ثنا

محمد بن جعفر غندر به .

وفي الأضاحي : أنا أبو بكر بن عتاب ، ثنا يحيى بن جعفر، ثنا وهب بن جرير، .به وعن محمّد بن عبدالله الصفار، ثنا أسيد بن عاصم، ثنا الحسين بن حفص،

ص: 147


1- جامع الاساتيد 19: 241 - 2043 ، ط / 1415ه-.

عن سفيان ، به .

وعن علي بن حمشاذ ، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا أبو الوليد الطيالسي وأبو

عمر الحوضي، قالا: ثنا شعبة به.

وقال : هذه الأسانيد صحيحة، إلا أنهما لم يحتجا بحجية بن عدي وهو من كبار

أصحاب علي بن أبي طالب . انتهى .

رواه أحمد ثنا وكيع عن سفيان، عن سلمة به. وعن عفان ومحمد جعفر، كلاهما عن شعبة ، به . وعن عبد الرحمن، عن سفيان وشعبة وحماد سلمة. وعن

بهز ، عن حماد بن سلمة ، كلهم عن سلمة بن كهيل، به . (1)وعن ابن حجر أيضا ( ت / 852ه-) ايضاً في حديث: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن... الحديث مانصه: «مي في الاضاحي : أنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عنه، به .

طح : في الذبائح : عن محمّد بن بحر بن مطر ، عن شجاع بن الوليد عن زياد ابن خيثمة عن روح بن الفرج، عن عمرو بن خالد، عن زهير. وعن سليمان بن

شعيب، عن علي بن معبد، ثنا أبو بكر بن عياش ، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به كم فيه : أنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، ثنا سعيد بن مسعود ، ثنا عبیدالله بن موسی به وفيه التفسير من قول أبي إسحاق . وقال : صحيح. وعن أحمد بن كامل القاضي، ثنا أبو إسحاق، به. قال قيس : فقلت لأبي إسحاق : أسمعته من شريح ؟ قال : حدثني ابن أشوع، عنه . قال الحاكم: أظن الشيخين، أعرضا عن هذا الحديث لهذه الزيادة ، إلا أنهما لم يحتجا بقيس بن الربيع، فكيف يعللان به الخبر الذي يرويه من هو أوثق منه ؟! انتهى.

رواه أحمد ثنا وكيع عن إسرائيل. وعن علي بن صالح، عن أبي إسحاق،

ص: 148


1- اتحاف المهرة :336:11 ، ط / 1417ه-.

عنه، به وفيه : ولا يضحى بشرقاء ولا خرقاء ولا مقابلة ولا مدابرة. وعن أبي بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق، نحوه ولم يذكر أوّله. وعن حسن بن موسى ويحيى بن أبي بكر، كلاهما عن زهير ثنا أبو إسحاق، عن شريح بن النعمان وكان رجل صدق - مثل حديث إسرائيل، وزاد قال زهير فقلت: لأبي إسحاق

أذكر عضباء ؟ قلت: ما المقابلة؟ فذكر الشرح (1)

ص: 149


1- اتحاف المهرة 11: 418 ، ط / 1417ه-.

[ الخطبة (54 ) ]

ليس للعرشي تخريج في هذا الموضع.

قال الجلالي: وقد تقدم الاسناد الى مقاطع منها في الخطبة رقم (26) عن

السيّد رضي الدين بن طاووس باسناده، فليراجع.

ص: 150

[ الخطبة ( 55)]

محمد بن الحسين

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن أبي الفرج

الاصفهاني ( ت / 356 ه-) في مقاتل الطالبيين، قال: حدثني الاشناني ، قال : حدثني إسماعيل بن موسى، قال: حدثني رجل، عن سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمّد قال : حدثتني إمرأة منا، قالت: رأيت الاشعث بن قيس دخل على عليه فأغلظ له علي علیه السلام، فعرض له الاشعث بأن يفتك به. فقال علي : ابا الموت تهددني ؟ فوالله ما أبالي وقعت على الموت، أو وقع

له الموت علي.

حدثني أبو عبيد محمّد بن احمد بن المؤمل الصيرفي بهذين الحديثين، عن

فضل المصري عن إسماعيل [ابن بنت السدي ] .(1) وبالاسناد عن العلامة المجلسي (ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار، عن عيون الأخبار: المفسر باسناده إلى أبي محمّد العسكري، عن آبائه قال : قيل لامير المؤمنين علیه السلام: ما الاستعداد للموت ؟ قال أداء الفرائض، واجتناب المحارم

ص: 151


1- مقاتل الطالبيين ؛ لأبي الفرج الأصفهاني : 20 .

والاشتمال على المكارم ، ثم لا يبالي إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه، والله ما يبالي ابن أبي طالب إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه . (1)

ص: 152


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 7:41

[ الكلام (56) ]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: ولقد كنا( م 1361ه-) رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم نقتل آباءنا ... الى آخره قيل ان هذا الكلام قاله امیرالمؤمنين في قصة ابن الحضرمي ، وقيل : انه صدر منه يوم صفين حين أقر بالصلح ، واوّله : ان هؤلاء القوم لم يكونوا ليفيثوا الى حق ولا ليجيبوا الى كلمة سواء حتى يرموا بالمناسر تتبعها العساكر ... الى اخر ما ذكر من كلامه المتصل بقوله : «ولقد كنا مع رسول الله (1)وقال العرشي في التخريج مانصه : رواها ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين

(283) والشيخ المفيد في الارشاد ( 155)(2) قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه عن نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفّين» بالاسناد، عن عمر بن سعد، عن إسحاق بن يزيد، عن الشعبي، أن عليا قال : يوم صفين حين أقر الناس بالصلح: إن هؤلاء القوم لم يكونوا ليفيثوا إلى الحق ، ولا ليجيبوا إلى كلمة السواء حتى يرموا بالمناسر تتبعها

ص: 153


1- مدارك نهج البلاغة : 81.
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

العساكر، وحتى يرجموا بالكتائب تقفوها الجلائب، وحتى يجر ببلادهم الخميس يتلوه الخميس، وحتى يدعوا الخيل في نواحي أرضهم وبأحناء مساربهم ومسارحهم ، وحتى تشن عليهم الغارات من كل فج وحتى يلقاهم قوم صدق صبر ، لا يزيدهم هلاك من هلك من قتلاهم وموتاهم في سبيل الله إلا جدا في طاعة الله، وحرصا على لقاء الله . ولقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما ومضيّا على أمض الألم، وجدا على جهاد العدو، والاستقلال بمبارزة الأقران. ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا ومرة لعدونا منا . فلما رآنا الله صبرا صدقا أنزل الله بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر. ولعمري لو كنا نأتي مثل الذي أتيتم ما قام الدين ولا عز الإسلام وايم الله لتحلينها ، دما ، فاحفظوا ما أقول لكم - (1) يعني الخوارج.

ص: 154


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 520 - 521 .

[ الكلام (57)]

قال العرشي في التخريج مانصّه : رواها الكليني في اصول الكافي (207) والثقفي في كتاب الغارات باختلاف ضئيل [ابن أبي الحديد[ ج 1 ص 203]

وشيخ الطائفة

الطائفة في الامالي ( 131) و (232) والامام ابو عبد الله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري المتوفى 405 ه- ( 1014 م ) في المستدرك ج 2 ص 358] والشيخ المفيد في الارشاد (184) (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري (ت / 279ه-) في أنساب الأشراف، قال ما لفظه: حدثنا أبو قلابة الرقاشي، حدثنا أبو عاصم النبيل ، حدثنا هشام ابن حسان، عن محمّد بن سيرين عن مولى لعلي قال: قال علي علیه السلام: « يهلك في رجلان: محب مفرط، ومبغض مفرط.

وحدثت عن يونس بن أرقم ، عن أبيه ، عن شهاب مولى علي علیه السلام بمثله، وزاد فيه: (وإنكم مستعرضون على سبي والبراءة منّي، أما السب فسبوني ولا تبرؤا منّي».(2)

ص: 155


1- راجع : استناد نهج البلاغة .
2- انساب الاشراف ؛ للبلاذري : 119 . هذا وقال الشيخ الانصارى في رسائل فقهية ص 100 ، في

(1)

ص: 156


1- أخبار التقية : ثم لا بأس بذكر بعض الاخبار الواردة مما اشتمل على بعض الفوائد ، منها : ما عن - : الاحتجاج بسنده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في بعض الرواية ، احتجاجه على بعض، وفيه : « وأمرك أن تستعمل التقية في دينك فإن الله عز وجل يقول : لا يَتَّخِدِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةٌ ) آل عمران : (28) ، وقد أذنت لك في تفضيل أعدائنا إن ألجاك الخوف إليه ، وفي إظهار البراءة منا إن حملك الوجل عليه، وفي ترك المكتوبات إن خشيت على حشاشتك الآفات والعاهات ، وتفضيلك أعداءنا عند خوفك، لا ينفعهم ولا يضرنا ، وان إظهار براءتك عند تقيتك لا يقدح فينا ، ولئن تبرأت منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك، لتبقي على نفسك روحها التي بها قوامها ، ومالها الذي به قيامها وجاهها الذي به تمكنها ، وتصون بذلك من عرف من أوليائنا وإخواننا ، فإن ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك ، وتنقطع به عن عمل في الدين، وصلاح إخوانك المؤمنين ، وإياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها ، فإنك شاحط بدمك ودماء إخوانك ، معرض لنفسك ولنفسهم للزوال، مذل لهم في أيدي أعداء الدين وقد أمرك الله بإعزازهم ، فإنك إن خالفت وصيتى كان ضررك على إخوانك ونفسك أشد من ضرر الناصب لنا الكافر بنا » وفيها . دلالة على أرجحية اختيار البراءة على العمل، بل تأكد وجوبه . لكن في أخبار كثيرة خلاف ذلك ؛ للرواية عن أمير المؤمنين علیه السلام أنه قال : ستعرضون من بعدي على سبي، فسبوني ، ومن عرض عليه البراءة فليمدد عنقه، فإن برى منّي فلا دنيا له ولا آخرة». وظاهرها حرمة التقية فيها كالدماء. ويمكن حملها على أن المراد الاستمالة والترغيب إلى الرجوع حقيقة عن التشيع إلى النصب. مضافا إلى أن المروي في بعض الروايات أن النهي من التبري مكذوب على أمير المؤمنين وأنه لم ينه عنه ، ففي موثقة مسعدة بن صدقة : قلت لابي عبد الله علیه السلام الناس يروون أن عليا قال على الله فسبوني ، ثم تدعون إلى البراءة منّي فلا تبروا الكوفة : « أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي منير مني ) . جواز البراءة الصورية من علي فقال : ( ما أكثر ما يكذب الناس على علي » ، ثم قال : .. إنما قال : ستدعون إلى سبي فسبوني ثم تدعون إلى البراءة منّي ، وإني لعلى دين محمّد ، ولم يقل : لا تبرؤا مني . فقال له السائل : أرأيت إن اختار القتل دون البراءة ؟ فقال : « والله ما ذاك عليه ولا له إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالايمان ، فأنزل الله تعالى: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنَّ بِالْإِيمَانِ ) (النحل : 106) . فقال النبي صلى الله عليه وسلم عندها : يا عمار إن

(1)

وبالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 281 ه-) في ( الغارات » ، باسناده عن عبد الله بن الحارث بن سليمان، عن أبيه قال: قال علي علیه السلام : لا أرى هؤلاء القوم إلا ظاهرين عليكم بتفرقكم عن حقكم واجتماعهم على باطلهم، وأن الامام ليس يساق شعره، وأنه يخطئ ويصيب ، فإذا كان عليكم إمام يعدل في الرعية، ويقسم بالسوية، فاسمعواله وأطيعوا ، فان الناس لا يصلحهم إلا إمام بر أو فاجر، فإن كان برا فللراعي والرعية، وإن كان فاجرا عبد المؤمن ربه فيها وعمل فيها الفاجر إلى أجله، وإنكم ستعرضون بعدي على سبي والبراءة منّي فمن سبني فهو في حل من سبي ، ولا تتبرأوا منّي ، فان ديني الاسلام»(2)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي عن علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة ، قال : قيل لابي عبد الله علیه السلام: إن الناس يروون أن عليا علیه السلام قال على منبر الكوفة : أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني ، ثم تدعون إلى البراءة منّي فلا تبرؤوا منّي، فقال: «ما أكثر ما يكذب الناس على علي ، ثم قال: إنما قال: إنكم ستدعون إلى سبي فسيوني ثم ستدعون إلى البراءة منّي وإني لعلى دين محمّد ، ولم يقل : لا تبرؤوا منّي .

ص: 157


1- عادوا فعد ». وفي رواية محمّد بن مروان : قال : لي أبو عبد الله علیه السلام: ما منع ميثم ؛ عن التقية ، فوالله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه : إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنُ بِالْإِيمَانِ .... الآية ) . وفي رواية عبد الله بن عطاء ، عن أبي جعفر علیه السلام في رجلين من أهل الكوفة اخذا وامرا بالبراءة عن أمير المؤمنين علیه السلام فتبرأ واحد منهما وأبى الآخر ، فخلي سبيل الذي تبرأ وقتل الآخر - فقال علیه السلام: أما الذي برى فرجل فقيه في دينه ، وأما الذي لم يتبرأ ، فرجل تعجل إلى الجنة . وعن كتاب الكشي بسنده إلى يوسف بن عمران الميثمي قال: سمعت ميثم الهرواني يقول : قال علي بن أبي طالب علیه السلام: « يا ميثم كيف أنت إذا دعاك دعي بني أمية - عبيد الله بن زياد - إلى البراءة مني ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أنا والله لا أبرأ منك . قال : إذا والله يقتلك ويصلبك ! قال : قلت : أصبر ؛ فإن ذلك في الله قليل . قال علیه السلام: يا ميثم فإذن تكون معي في روضتي .
2- الغارات؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 2 : 636-637 .

فقال له السائل : أرأيت إن اختار القتل دون البراءة ؟ فقال: «والله ما ذلك عليه وماله ، إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالايمان، فأنزل الله عز وجل فيه : إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنُّ بِالْإِيمَانِ ﴾ (1) فقال له- ( النبي عندها : يا عمار إن عادوا فعد، فقد أنزل الله عز وجل عذرك وأمرك أن تعود إن عادوا» .(2)

وبالاسناد الى الكشي ( ت / 328ه-) في ترجمة سفيان بن ليلى الهمداني قال مانصه : روى عن علي بن الحسين علیه السلام. الطويل عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر ، قال : جاء رجل من أصحاب

الحسن يقال له: سفيان بن ليلى وهو على راحلة له، فدخل على الحسن وهو محتب في فناء ،داره ، قال : فقال له : السلام عليك يا مذل المؤمنين علیه السلام. فقال له الحسن علیه السلام: انزل ولا تعجل، فنزل فعقل راحلته في الدار ، وأقبل يمشي حتى انتهى إليه ، قال : فقال له الحسن علیه السلام: ما قلت ؟ قال : قلت : السلام عليك يا مذل المؤمنين، قال: وما علمك بذلك ؟ قال : عمدت إلى أمر الامة فخلعته من وقلدته هذه الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله . قال : فقال له الحسن علیه السلام: ما خبرك لم فعلت ذلك ؟ قال : سمعت أبي يقول : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له : لن تذهب الايام والليالي حتى يلي أمر هذه الامة رجل واسع البلعوم رحب الصدر يأكل ولا يشبع وهو

معاوية، فلذلك فعلت(3)

عنقك

وبالاسناد عن الحاكم النيسابوري ( ت / 405 ه-) في المستدرك ، قال : حدثنا ابو أحمد بكر بن محمّد بن حمدان الصيرفي بمرو من كتابه ، ثنا محمّد بن عبيد بن

ص: 158


1- النحل : 106 .
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 : 219 219:2 .
3- رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال ؛ للشيخ الطوسي) :1 339 327

قنفذ البزار ، ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن طاووس، عن ابيه قال: كان حجر بن قيس المدري من المختصين بخدمة امير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام فقال له علي يوما يا حجر انك تقام بعدي فتؤمر بلعني فالعني ولا تبرأ منّي ، قال طاووس : فرأيت حجر المدري وقد اقامه أحمد ابن ابراهيم خليفة بني امية في الجامع ووكل به ليلعن عليا أو يقتل ، فقال :حجر أما ان الامير احمد بن ابراهيم امرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله . فقال طاووس فلقد اعمى الله قلوبهم حتى لم يقف أحد منهم على ما قال (1) وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في «الأمالي»: أخبرنا محمد بن ،محمد قال : حدثنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمّد ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان ، قال : حدثنا بكير بن سلم، قال: حدثني محمّد بن ميمون ، قال : حدثني جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده ، قال : قال امير المؤمنين علیه السلام: ستدعون إلى سبي فسبوني، وتدعون إلى البراءة منّي فمدّوا الرقاب، فإني على الفطرة. (2) وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-) في ( تاريخ مدينة دمشق : أخبرنا أبو سعد ابن البغدادي، نا أبو منصور بن شكرويه وأبو بكر السمسار، قالا: أنا إبراهيم ابن عبد الله نا الحسين بن إسماعيل، نا أحمد بن محمّد نا محمّد بن ،بحر نا الفضل نا كثير بن مارويدا ،قال: سمعت أبا عياض مولى عياض بن ربيعة الأسدي قال: أتيت علي بن أبي طالب وأنا مملوك ، فقلت : يا أمير المؤمنين أبسط يدك أبايعك ، فرفع رأسه إلي ، فقال : ما أنت ؟ قلت : مملوك ، قال : لا إذاً . قلت له : يا أمير المؤمنين إنما أقول: إني إذا شهدتك نصرتك وإن غبت نصحتك ، قال : نعم

ص: 159


1- المستدرك للحاكم النيسابوري 2 358
2- الأمالي للشيخ الطوسي : 210 .

إذاً ، قال : فبسط يده فبايعني ، قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول: إنه سيأتيكم رجل يدعوكم إلى سبّي وإلى البراءة منّي ، فأما السب فإنه لكم نجاة ولي زكاة، وأما البراءة فلا تبرءوا مني فإني على الفطرة. (1) ونقل العلامة المجلسي ( ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار، عن تفسير العياشي عن معمر بن يحيى بن سالم ، قال : قلت لأبي جعفر : إن أهل الكوفة يروون عن علي أنه قال : ستدعون إلى سبي والبراءة منّي ، فإن دعيتم إلى سبي فسبوني وإن دعيتم إلى البراءة مني فلا تتبرؤوا منّي ، فإني على دين محمّد صلی الله علیه و آله وسلم . فقال أبو جعفر ما أكثر ما يكذبون على على إنما قال: إنكم ستدعون إلى سبي والبراءة منّي فإن دعيتم إلى سبي فسبوني وإن دعيتم إلى البراءة منّي فإني على دين محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، ولم يقل : فلا تتبرؤوا منّي . قال : قلت : جعلت فداك فإن أراد رجل يمضي على القتل ولا يتبرأ ؟ فقال : لا والله إلا على الذي مضى عليه عمار، إن الله يقول : ( إِلَّا مَنْ أكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنُّ بِالْإِيمَانِ )(2) (3) وروى العلامة المجلسي ( ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار عن الشيخ المفي(د ت / 413 ه-) في «الأمالي ، عن المرزباني ، عن محمّد بن الحسين، عن هارون بن عبيد الله، عن عثمان بن سعيد ، عن أبي يحيى التميمي، عن كبير، عن أبي مريم الخولاني، عن مالك بن ضمرة قال: سمعت عليا أمير المؤمنين علیه السلام يقول : أما إنكم تعرضون على لعني ودعائي كذابا ، فمن لعنني كارها مكرها يعلم الله أنه كان مکرها وردت أنا وهو على محمّد صلی الله علیه و آله وسلم معا ، ومن أمسك لسانه فلم يلعني سبقني

معا،

كرمية سهم أو لمحة بالبصر، ومن لعنني منشرحا صدره بلعنتي فلا حجاب بينه

ص: 160


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 : 587 - 588 .
2- النحل : 106 .
3- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 39: 322 .

الله ولا حجة له عند محمّد صلى الله عليه وسلم ، ألا إن محمّدا أخذ بيدي يوما فقال: من بايع

وبين هؤلاء الخمس ثم مات وهو يحبك فقد قضى نحبه، ومن مات وهو يبغضك مات ميتة جاهلية يحاسب بما عمل في الاسلام(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي (ت / 975ه-) في كنز العمال: عن أبي صادق مولى عياض بن ربيعة الاسدي قال أتيت علي بن أبي طالب وأنا مملوك فقلت: يا أمير المؤمنين ابسط يدك أبايعك، فرفع رأسه إليَّ فقال: ما أنت ؟ فقلت: مملوك ، قال : لا إذن، قلت: يا أمير المؤمنين إنما أقول: إني [إن ] شهدتك

نصرتك وإذا غبت نصحتك ، قال : فنعم إذن، فبسط يده فبايعته، وسمعته يقول: إنه سيأتيكم رجل يدعوكم إلى سبّي وإلى البراءة مني، فأما السب فانه لكم نجاة ولي زكاة، وأما البراءة فلا تبرؤا منّي ؟ فاني على الفطرة. (المحاملي، كر، وروي الحاكم في الكنى آخره ) . (2)

وبالاسناد الى ابن حجر ( ت / 852 ه- ) في موضوع: حجر بن قيس المدري عن علي حديث كان حجر بن قيس من المختصين بخدمة علي، فقال له علي يوما : يا حجر إنك تقام بعدي، فتؤمر بلعني فالعني ولا تبرأ منّي ...

كم في تفسير النحل : ثنا بكر بن محمّد الصيرفي ، ثنا عبيد بن قنفذ، ثنا يح-

يحيى

الحماني، ثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، به (3) وعنه في أبي صادق، عن علي في حديث قال علي: إنكم ستعرضون على سبي فتسبوني، فإن عرضت عليكم البراءة منّي فلا تتبرءوا مني فإني على

الإسلام ... الحديث.

ص: 161


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 39: 323 - 324 .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 302:11 ، ح 31575 .
3- اتحاف المهرة :11: 333، ط / 141.7

كم في تفسير النحل : ثنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا محمّد بن أحمد بن النضر، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل،

عنه، به (1)

ص: 162


1- اتحاف المهرة 11: 83 ، ط / 1417ه-.

[ الخطبة (58)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: أصابكم

حاصب ..... رويت فقرات منه في تاريخ الطبري(1)

قال العرشي في التخريج مانصه : روى الطبري هذا الكلام في تاريخه [ ج 6

ص 48] .(2)

ص: 163


1- مدارك نهج البلاغة : 81
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

[ الخطبة (59)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخریج: قوله : مصارعهم دون النطفة ... الى آخره. قال الشارح الفاضل : هذا الخبر من الأخبار التي تكاد تكون متواترة لاشتهاره ؛ ونقل الناس كافة له وهو من معجزاته وأخباره المفصلة

عن الغيوب». (1)

قال الجلالي : قال ابراهيم الثقفي ( ت / 320 - ح ) في محاسن الصدق ما لفظه : ومنهم عليّ بن أبي طالب علیه السلام، قال يوم النهروان لأصحابه : شدّوا عليهم، فوالله لا يقتلون عشرة، ولا ينجو منهم عشرة . فشدّوا عليهم، فوالله ماقتل من أصحابه تمام عشرة ، ولانجا منهم تمام عشرة . ثم قال : اطلبوا ذا الثدية، فطلبوه ، فقالوا: لم نجده ، فقال : والله ما كذبت ،قط ولا كذبت والله لقد أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقتل مع شرّ جيل، يقتلهم خير جيل . ثم دعا ببغلة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فركبها ، فسار حتى وقفت على قليب فيه ،قتلى فقال : اقلبوا القتلى واطلبوه بينهم ، فإذا هو سابع سبعة، فلما أخرجه قال: الله أكبر! لولا أن تنكلوا فتتركوا العمل لأخبرتكم بما

ص: 164


1- مدارك نهج البلاغة : 81

جعل الله جل وعزّ لمن قتلهم على لسان نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم(1)

وقال أبو الحسن المسعودي ( ت / 346ه-) في مروج الذهب ما لفظه : « اجتماع الخوارج ومسير علي اليهم واجتمعت الخوارج في أربعة آلاف، فبايعوا عبد الله

: بن وهب الراسبي ، ولحقوا بالمدائن، وقتلوا عبد الله بن خباب عامل علي عليها، ذبحوه ذبحاً ، وبقروا بطن امرأته وكانت حاملا ، وقتلوا غيرها من النساء، وقد كان على انفصل عن الكوفة في خمسة وثلاثين ألفاً، وأتاه من البصرة، من قبل ابن عباس - وكان عامله عليها - وذلك في سنة ثمان وثلاثين فنزل علي الأنبار والتأمت اليه العساكر ، فخطب الناس ، وحرضهم على الجهاد، وقال: سيروا الى قتلة المهاجرين والأنصار قدماً ، فانهم طالما سعوا في اطفاء نور الله، وحرضوا

، على قتال رسول الله له ومن معه الا ان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم امرني بقتال القاسطين وهم هؤلاء الذين سرنا اليهم ، والناكثين وهم هؤلاء الذين فرغنا منهم، والمارقين ولم تلقهم بعد فسيروا الى القاسطين ، فهم أهم علينا من الخوارج، سيروا الى قوم يقاتلونكم كما يكونوا جبارين يتخذهم الناس ارباباً ويتخذون عباد الله خولاً ومالهم دولاً ، فأبوا إلا ان يبدأوا بالخوارج، فسار على اليهم، حتى أتى النهروان فبعث اليهم بالحارث بن مرة العبدي رسولا يدعوهم الى الرجوع فقتلوه ، وبعثوا الى علي: إن تبت من حكومتك وشهدت على نفسك بالكفر بايعناك، وإن أبيت فاعتزلنا حتى نختار لأنفسنا إماماً ، فإنا منك براء، فبعث اليهم علي : أن ابعثوا الي بقتلة اخواني فأقتلهم ثم أتارككم الى أن أفرغ من قتال اهل المغرب، ولعل الله يقلب قلوبكم فبعثوا اليه كلنا قتلة اصحابك، كلنا مستحل لدمائهم، مشتركون في قتلهم، وأخبره الرسول - وكان من يهود السواد - ان القوم قد عبروا نهر طبرستان وهذا النهر عليه قنطرة، تعرف بقنطرة طبرستان، بين حلوان وبغداد من

ص: 165


1- المحاسن والمساوي 2: 99 ، ط / القاهرة ، سنة 1380 ه

بلاد خراسان فقال علي والله ما عبروه ولا يقطعونه، حتى نقتلهم بالرميلة دونه ثم تواترت عليه الأخبار بقطعهم لهذا النهر ، وعبورهم هذا الجسر، وهو يأبى ذلك، ويحلف انهم لم يعبروه، وأن مصارعهم دونه . ثم قال: سيروا الى القوم، فوالله لا يفلت منهم الا عشرة ، ولا يقتل منكم عشرة ، فسار علي، فأشرف عليهم وقد عسكروا بالموضع المعروف بالرميلة على حسب ما قال لأصحابه. فلما أشرف فتصاف القوم ، ووقف عليهم بنفسه، فدعاهم الى الرجوع والتوبة، فأبوا ورموا أصحابه، فقيل له : قد رمونا فقال: كفوا فكرروا القول عليه ثلاثاً، وهو

يأمرهم بالكف، حتى أتى برجل قتيل متشحط بدمه، فقال علي : الله اكبر ، الآن حل

قتالهم احملوا على القوم ... إلى آخر كلامه(1)

ص: 166


1- مروج الذهب 1 : 405 ، ط / داغر

[ الخطبة (60)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: [ الحمد لله

الذي لم يسبق له حال حالا ...] الى ان قال: [لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ] من قوله: [لم يخلق ما خلقه ... ] إلى آخر قوله : [لم يحلل ]، مذكور في خطبته الشهيرة المسماة بالغراء، ومن :قوله [لم يحلل ] الى قوله: [باين ] موجود في الخطبة المعروفة بالوسيلة، وعليه فهذه الخطبة ملتقطة من خطب متعددة، اختار منها السيد ما أثبته هنا والله العالم. واحتمال أنها رواية وقف عليها الشريف غير بعيد . (انتهى) (1) وقال ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) : ( هذا الخبر من الاخبار التي تكاد تكون متواترة لاشتهاره ونقل الناس كافة له، وهو من معجزاته وأخباره المفصلة عن الغيوب» .(2)

قال: الجلالي: قال المسعودي ( ت / 346ه- ) ما لفظه ثم ركب ومر بهم وهم

صرعى فقال لقد صرعكم من غرّكم ، قيل : ومن غرّهم؟ قال: الشيطان وأنفس

ص: 167


1- مدارك نهج البلاغة : 81.
2- شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 5: 3، ط / 1379 ه-.

السوء ، فقال أصحابه : قد قطع الله دابرهم الى آخر الدهر ، فقال : كلا والذي نفسي بيده ، وإنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء، لا تخرج خارجة إلا خرجت بعدها مثلها حتى تخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل يقال له الأشمط ، يخرج اليه رجل منا أهل البيت فيقتله، ولا تخرج بعدها خارجة الى يوم القيامة(1)

ص: 168


1- مروج الذهب 407:2 ، ط / داغر

[ الخطبة ( 61)]

من التعقيبات في المعنى ما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) في علل الشرائع قال : حدثنا محمّد بن الحسن قال : حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن ابراهيم بن هاشم عن ابن المغيرة عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه ، قال : ذكرت الحرورية عند علي بن أبي طالب علیه السلام فقال: «ان خرجوا مع جماعة أو على امام عادل فقاتلوهم وان خرجوا على أمام جائر فلا تقاتلوهم فان لهم في ذلك مقالا(1)

وبالاسناد، عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في تهذيب الأحكام عن الصفار، عن إبراهيم بن هشام، عن النوفلي ، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه علیه السلام، عن آبائه قال : لما فرغ أمير المؤمنين علیه السلام من اهل النهروان قال: لا يقاتلهم بعدي إلا من هم أولى بالحق منه . (2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: في مسند علي

عن عبد الله بن الحارث، عن رجل من بني نضر ابن معاوية، عن علي أنه سمع

ص: 169


1- علل الشرائع ؛ للشيخ الصدوق 603:2 .
2- تهذيب الأحكام ؛ للشيخ الطوسي 6: 144 .

رجلا يسب الخوارج فقال : لا تسبوا الخوارج إن كانوا خالفوا إماما عادلا أو جماعة فقاتلوهم ! فانكم تؤجرون في ذلك، وإن خالفوا إماما جائرا فلا تقاتلوهم ! فان لهم بذلك مقالا . خشيش في الاستقامة وابن جرير).

وباسناده عن عبد الله بن الحارث عن رجل من بنى نضر بن معاوية قال ذكرت الخوارج فسبوهم فقال علي : أما إذا خرجوا على إمام هدى فسبوهم وأما

إذا خرجوا على إمام ضلالة فلا تسبوهم ! فان لهم بذلك مقالا. (ابن جرير ) (1)

ص: 170


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 320:11

[ الخطبة (62) ]

قال الجلالي: أروي بالمعنى بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي حمزة، عن سعيد بن قيس الهمداني قال: نظرت يوما في الحرب إلى رجل عليه ثوبان، فحركت فرسي فإذا هو أمير المؤمنين علیه السلام، فقلت : يا أمير المؤمنين في مثل هذا الموضع ؟ فقال : نعم يا سعيد بن قيس، إنه ليس من عبد إلا وله من الله حافظ رواقية معه ملكان يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئر ، فإذا نزل القضاء خليا بينه وبين كل شئ .(1)

أحمد وأيضاً عن محمّد بن يحيى، عن بن محمّد، عن علي بن الحكم عن عبد الرحمن العرزمي، عن أبيه ، عن أبي عبد الله قال: «كان قنبر غلام علي يحب عليا علیه السلام حبا شديدا، فإذا خرج علي صلوات الله عليه خرج على أثره بالسيف، فرآه ذات ليلة فقال : يا قنبر مالك ؟ فقال : جئت لامشي خلفك يا

، أمير المؤمنين علیه السلام، قال: ويحك أمن أهل السماء تحرسني أو من أهل الارض ؟!

ص: 171


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 59 .

فقال : لا ، بل من أهل الارض ، فقال : إن أهل الارض لا يستطيعون لي شيئا إلا بإذن

الله

من السماء ، فارجع . فرجع (1)

ص: 172


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 : 59

[ الخطبة (64) ]

قال العرشي في التخريج مانصه : «الكلام الواحد والستون يشتمل على الجمل التالية: «فان الله سبحانه لم يخلقكم عبثاً ولم يترككم سدى، ج 1 ص 106] رواها ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفّين (7) ضمن خطبة طويلة». (انتهى). (1)( قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن نصر بن مزاحم المنقري( ت / 212 ه-) في ( وقعة صفين» بما لفظه : قال أبو عبد الله، عن سليمان بن المغيرة، عن علي بن الحسين : خطبة علي بن أبي طالب في الجمعة بالكوفة والمدينة : إن الحمد لله ، أحمده وأستعينه وأستهديه، وأعوذ بالله من الضلالة من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله ، انتجبه لأمره ، واختصه بالنبوة، أكرم خلقه وأحبهم إليه ، فبلغ رسالة ربه، ونصح لأمته، وأدى الذي عليه. وأوصيكم بتقوى الله ، فإن تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله وأقربه لرضوان الله ، وخيره في عواقب الأمور عند الله . وبتقوى الله أمرتم، وللإحسان والطاعة خلقتم . فاحذروا من الله ما حذّركم من نفسه، فإنه حذر بأسا شديدا. واخشوا الله خشية ليست

ص: 173


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

بتعذير، واعملوا في غير رياء ولا سمعة فإن من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل له، ومن عمل الله مخلصا تولّى الله أجره. وأشفقوا من عذاب الله ، فإنه لم يخلقكم عبثا، ولم يترك شيئا من أمركم سدى قد سمّى آثاركم، وعلم أعمالكم وكتب .آجالكم فلا تغروا بالدنيا فإنها غزارة بأهلها ، مغرور من اغتر بها، وإلى فناء ما هي. وإن الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون أسأل الله منازل الشهداء، ومرافقة الأنبياء ، ومعيشة السعداء ، فإنما نحن له وبه (1)

وقال الموفق الخوارزمي في «المناقب » : وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان ، حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا، حدثنا الحسين بن عبد الرحمان، حدثنا عبيد الله بن محمّد التقى، عن شيخ من بني عدي قال : قال رجل لعلي بن أبي طالب علیه السلام: يا أمير المؤمنين صف لنا الدنيا، قال: وما أصف لك من دار من صح فيها أمن، ومن سلم فيها ندم ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فيها ،فتن في حلالها حساب وفي حرامها النار. (2)

ص: 174


1- وقعة صفّين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 10 .
2- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 364 .

[ الخطبة (66)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله : معاشر المسلمين استشعروا الخشية ... الخ، رواه ابن قتيبة في كتاب عيون الاخبار عن ابن عباس بنحو أخصر مما هنا مع اختلاف في بعض الالفاظ والفقرات ، ورواه في الحدائق الوردية بالاسناد الى ابن عباس أيضاً، وقال الشارح الفاضل : إن هذا الكلام خطب به أمير المؤمنين علیه السلام في اليوم الذي كانت عشيته ليلة الهرير في كثير من الروايات، وفي رواية نصر بن مزاحم انه خطب به في اول ايام اللقاء والحرب بصفين، وذلك في صفر من سنة 37 (1)

قال العرشي في التخريج مانصه: رواه ابن قتيبة في عيون الاخبار (ج 1 ص 110 ، 133] كما رواه البيهقي في كتاب المحاسن والمساوى[ ج 1 ص 32]. (انتهى )(2)

وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق»: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل، نا أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا أبو علي بن شاذان...

ص: 175


1- مدارك نهج البلاغة : 81
2- راجع استناد نهج البلاغة .

أبو جعفر أحمد بن يعقوب الأصبهاني نا محمّد بن علي بن دعبل بن علي الخزاعي ، عن .... ابن هشام الكلبي ، عن أبيه ، عن أبن عباس قال: عقم النساء أن يأتين بمثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام ما رأيت ولا سمعت رئيسا یوزن ،به لرأيته يوم صفّين وعلى رأسه عمامة قد أرخى طرفيها كأن عينيه سراجا ، وهو يقف على شرذمة شرذمة يحضّهم حتى انتهى إليَّ وأنا في كنف من

سليط،

الناس، فقال:

معاشر المسلمين استشعروا الخشية، وغضوا الأصوات وتجلببوا السكينة

واعملوا الأسنة، وأقلقوا السيوف قبل السلة، واطعنوا الرخر، ونافحوا بالظبا وصلوا السيوف بالخطا والنبال بالرماح، فإنكم بعين الله ومع ابن علم نبيه صلی الله علیه و آله وسلم، عاودوا الكرّ، واستحيوا من الفر، فإنه عار باق في الأعقاب والأعناق ونار يوم الحساب، وطيبوا عن أنفسكم أنفسا وامشوا إلى الموت أسححا ، وعليكم بهذا السواد الأعظم والرواق المطيب فاضربوا ثبجه ، فإن الشيطان راكب صعبه ومفرش ذراعيه قد قدم للوثبة يدا وأخر للنكوص رجلا، فصمداً صمداً حتى

يتجلى لكم عمود الدين ( وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يترَكُمْ أَعْمَالَكُمْ(1).

أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمّد بن يوسف، أنا إبراهيم بن عمر. ح، وأخبرنا أبو المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري، أنا المبارك بن عبد الجبار ، أنا إبراهيم بن عمر البرمكي وعلي بن عمر بن الحسن قالا: أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري، قال: قال أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في حديث علي أن ابن عباس قال: ما رأيت رئيسا محربا يزن به صفين وعلى رأسه عمامة بيضاء وكأن عينيه سراجا سليط، وهو

لرأيته

يوم ص

يحمّس أصحابه إلىّ أن انتهى إلي وأنا في كثف ، فقال : معشر المسلمين استشعروا

ص: 176


1- سورة محمّد : 35 .

الخشية، ورعموا الأصوات وتجليبوا السكينة وأكملوا اللؤم، وأخفوا الجنن وأقلقوا السيوف في الغمد قبل السلة، والحظوا الشزر، وأطعنوا الشرز، أو البتر واليسر - كلا قد سمعت - ونافحوا بالظباء، وصلوا السيوف بالخطا، والرماح

- بالنبل، وأمشوا إلى الموت مشية سححا أو سجحاء، وعليكم بالرواق المطنب فاضربوا ،ثبجه ، فإن الشيطان راكد في كسره، نافج حضنيه مفترش ذراعيه قد قدّم للوثبة يدا وأخّر للنكوص رجلا .(1)

ص: 177


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 461 459

[ الخطبة ( 67)]

قال العرشي في التخريج مانصه رواه ابو حيان علي بن محمّد بن العباس التوحيدي البغدادي، المتوفى 404 ه- تقريباً (1013م) في كتاب البصائر (59 ب)

والسيد المرتضى في الأمالي» [ ج 1 ص 198] بتغيير يسير . (انتهى) (1)

قال الجلالي: قال السيّد المرتضى ( ت / 436 ه-) في الأمالي : وروى أنه لما فرغ من دفن النبي سأل عن خبر السقيفة، فقيل له : إن الانصار قالت منا أمير ومنكم أمير ، فقال علیه السلام: فهلا ذكرت الأنصار قول النبي صلی الله علیه و آله وسلم لا نقبل من محسنهم

ونتجاوز عن مسيئهم ، فكيف يكون الأمر فيهم والوصاة بهم ؟(2)

ص: 178


1- راجع : استناد نهج البلاغة .
2- الأمالي ؛ للسيّد المرتضى 1 : 198

[ الخطبة (68)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: وقد أردت تولية مصر... الى آخره. روي عن المدائني ان عليا علیه السلام قال : رحم الله محمّداً ، كان غلاماً حدثاً ، لقد كنت اردت أن أولي المرقال هاشم بن عتبة مصراً ، فانه - والله - لو وليها لما خلى لابن العاص واعوانه العرصة ولا قتل الا وسيفه في يده ، بلا ذم لمحمّد، فلقد أجهد نفسه وقضى ما عليه . والاعتماد على ما رواه السيّد . (انتهى) (1). قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 283 ه-) في الغارات » ، قال : وأخبرني ابن أبي سيف أن عبد الله بن عباس قدم على علي علیه السلام من البصرة فعزاه بمحّمد بن أبي بكر .

وعن مالك بن الجون الحضرمي أن عليا علیه السلام قال : رحم الله محمّدا ، كان غلاما حدثا، أما والله لقد كنت أردت أن اولي المرقال هاشم بن عتبة بن أبي وقاص مصر، والله لو أنه وليها لما خلى لعمرو بن العاص وأعوانه العرصة، ولما قتل الا وسيفه في يده ، بلا ذم لمحمّد بن أبي بكر، فلقد أجهد نفسه وقضى ما عليه. قال: فقيل لعلي علیه السلام: لقد جزعت على محمّد بن أبي بكر جزعا شديدا يا

ص: 179


1- مدارك نهج البلاغة : 81

أمير المؤمنين ...! قال: وما يمنعني؟ انه كان لي ربيبا وكان لبني أخا، وكنت له

والدا، أعده ولد»(1)

قال الجلالي: قال ابن أبي الحديد (ت / 656ه-) في شرح نهج البلاغة مانصّه : قال إبراهيم فحدثنا محمّد بن عبد الله، عن المدائني ، قال : كتب علي إلى

عبد الله بن عباس وهو على البصرة:

من عبد الله على أمير المؤمنين علیه السلام، إلى عبد الله بن عباس :

سلام عليك ورحمة الله وبركاته أما بعد فإن مصر قد افتتحت، وقد استشهد

محمّد بن أبي بكر، فعند الله عزوجل نحتسبه. وقد كنت كتبت إلى الناس وتقدمت إليهم في بدء الأمر، وأمرتهم بإغاثته قبل الوقعة، ودعوتهم سرا وجهرا وعودا وبدءا، فمنهم الآتي كارها ومنهم المتعلل كاذبا ، ومنهم القاعد خاذلا. أسأل الله أن يجعل لي منهم فرجا ، وأن يريحني منهم عاجلا ، فو الله لولا طمعي عند لقاء عدوي في الشهادة وتوطيني نفسي عند ذلك لاحببت ألا أبقى مع هؤلاء يوما واحدا. الله لنا ولك على تقواه وهداه إنه على كل شئ قدير. والسلام عليك

عزم ورحمة الله وبركاته .

:قال : فكتب إليه عبد الله بن عباس :

لعبد الله علي أمير المؤمنين من عبد الله بن عباس . سلام على أمير المؤمنين

ورحمة الله وبركاته

أما بعد، فقد بلغني كتابك تذكر فيه افتتاح مصر وهلاك محمّد بن أبي بكر، وأنك سألت الله ربك أن يجعل لك من رعيتك التي ابتليت بها فرجا ومخرجا، وأنا أسأل الله أن يعلي كلمتك ، وأن يغشيك بالملائكة عاجلا . واعلم أن الله صانع لك، ومعزّ دعوتك، وكابت عدوك. وأخبرك يا أمير المؤمنين علیه السلام أن الناس ربما

ص: 180


1- الغارات لابراهيم بن محمّد الثقفي .1 300-301

تباطئوا ثم نشطوا، فارفق بهم يا أمير المؤمنين ودارهم ومنهم واستعن بالله

عليهم . كفاك الله الهم والسلام عليك ورحمة الله وبركاته .

قال إبراهيم: وروى عن المدائني، أن عبد الله بن عباس قدم من البصرة على

عليّ فعزّاه عن محمّد بن أبي بكر.

وروى المدائني، أن عليا :قال رحم الله محمدا كان غلاما حدثا ، لقد كنت أردت أن أولي المرقال(1) هاشم بن عتبة مصر، فإنه والله لو وليها لما خلى لابن العاص وأعوانه العرصة، ولا قتل إلا وسيفه في يده، بلا ذمّ لمحمّد، فلقد أجهد

نفسه فقضى ما عليه.

قال المدائني : وقيل لعلي : لقد جزعت على محمّد بن أبي بكر يا أمير المؤمنين . فقال : وما يمنعني! إنه كان لي ربيبا، وكان لبني أخا، وكنت له والداء أعده ولدا.

[خطبة على بعد مقتل محمّد بن أبي بكر ]

وروى إبراهيم ، عن رجاله، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه ، قال : خطب

علي علیه السلام بعد فتح مصر ، وقتل محمّد بن أبي بكر، فقال:

أما بعد فإن الله بعث محمّدا نذيرا للعالمين، وأمينا على التنزيل، وشهيدا على هذه الامة وأنتم معاشر العرب يومئذ على شرّدين وفي شرّ دار منيخون على حجارة خشن وحيات صمّ، وشوك مبثوث في البلاد، تشربون الماء الخبيث وتأكلون الطعام الخبيث، تسفكون دماءكم، وتقتلون أولادكم، وتقطعون أرحامكم، وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل سيلكم خائفة، والاصنام فيكم منصوبة، ولا يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون فمنّ الله عز وجل عليكم بمحمّد

ص: 181


1- الارقال : ضرب من العدو ، يقال : أرقلت الناقة فهى مرقل ومرقال : ، قال : في اللسان :والمرقال : لقب هاشم بن عتبة الزهري ، لان عليا الله دفع إليه الراية يوم صفين ، فكان يرقل بها إرقالا

فبعثه إليكم رسولا من أنفسكم، فعلّمكم الكتاب والحكمة والفرائض والسنن، وأمركم بصلة أرحامكم وحقن دمائكم ، وصلاح ذات البين، وأن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وأن توفوا بالعهد، ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها، وأن تعاطفوا

، وتباروا ، وتراحموا ونهاكم عن التناهب والتظالم والتحاسد والتباغي والتقاذف وعن شرب الخمر وبخس المكيال، ونقص الميزان. وتقدم إليكم فيما يتلى عليكم ألا تزنوا ولا تربوا ، ولا تأكلوا أموال اليتامى ظلما، وأن تؤدوا الامانات إلى

أهلها ، ( وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ )(1) ( وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ )(2) وكل خير يدني إلى الجنة، ويباعد عن النار أمركم به، وكل شر يدني إلى النار ويباعد عن الجنة نهاكم عنه، فلما استكمل مدته وفاه الله إليه سعيدا حميدا، فيالها مصيبة خصت الأقربين، وعمت المسلمين ما أصيبوا قبلها بمثلها، ولن يعاينوا بعدها أختها.

فلما مضى لسبيله صلی الله علیه و آله وسلم ، تنازع المسلمون الأمر بعده ، فوالله ما كان يلقى في روعي، ولا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الامر بعد محمّد عن أهل بيته ولا أنهم منحوه عني من بعده. فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر، وإجفالهم(3) إليه ليبايعوه فأمسكت يدي ورأيت أني أحق بمقام محمّد صلى الله عليه وسلم في الناس ممن تولّى الامر من بعده، فلبثت بذاك ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين الله وملة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما يكون المصاب بهما علىّ أعظم من فوات ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل، ثم يزول ما كان منها كما

ص: 182


1- البقرة : 60
2- البقرة : 190.
3- أجفل الناس والجفوا أي ذهبوا مسرعين

يزول السراب، وكما يتقشع السحاب، فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الاحداث، حتى زاغ الباطل وزهق، وكانت كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا (1) ، ولو كره الكافرون، فتولى أبو بكر تلك الأمور، فيسر وسدد وقارب واقتصد، وصحبته مناصحا، وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا ، وما طمعت - أن لو حدث به حادث وأنا حي - أن يرد إلى الامر الذي نازعته فيه طمع مستيقن ، ولا يئست منه يأس من لا يرجوه ، ولو لا خاصة ما كان بينه وبين عمر ، لظننت أنه لا

يدفعها عنّي ، فلما احتضر بعث إلى عمر ،فولاه فسمعنا وأطعنا وناصحنا، وتولّى الأمر، فكان مرضي السيرة، ميمون النقيبة، حتى إذا احتضر، فقلت في نفسي لن يعدلها عنّي، ليس يدافعها عني ، فجعلني سادس ستة ، فما كانوا لولاية أحد منهم أشد كراهة لولايتي عليهم ، كانوا يسمعون عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لجاج أبي بكر، وأقول : يا معشر قريش إنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن، ويعرف السنة، ويدين بدين الحق.

فخشى القوم إن أنا وليت عليهم ألا يكون لهم من الامر نصيب ما بقوا فأجمعوا إجماعا واحدا، فصرفوا الولاية إلى عثمان، واخرجوني منها رجاء أن ينالوها، ويتداولوها؛ إذ يئسوا أن ينالوا بها من قبلي، ثم قالوا : هلم فبايع وإلا جاهدناك ، فبايعت ،مستكرها، وصبرت محتسبا فقال قائلهم يابن أبي طالب

، إنك على هذا الأمر لحريص، فقلت: أنتم أحرص منّي وأبعد أينا أحرص أنا الذي طلبت ميراثي وحقي الذي جعلني الله ورسوله أولى به، أم أنتم إذ تضربون

وجهي دونه، وتحولون بيني وبينه فبهتوا والله لا يهدي القوم الظالمين. اللهم إني أستعديك على قريش، فإنهم قطعوا رحمي، وأضاعوا إياي وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي حقاً كنت أولى به منهم

ص: 183


1- التوبة : 40 .

فسلبونيه ، ثم قالوا ألا إن في الحق أن تأخذه، وفي الحق أن تمنعه، فاصبر كمدا أو مت أسفا حنقا .

فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب ولا ناصر ولا ساعد إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن المنية ، وأغضيت على القذى وتجرعت ريقي على الشجي، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم ، وآلم للقلب من حز الشفار، حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه ، ثم جئتموني لتبايعوني فأبيت عليكم وأمسكت يدي فناز عتموني ودافعتموني، وبسطتم يدي فكففتها ومددتموها فقبضتها وازدحمتم علي حتى ظننت أن بعضكم قاتل بعضكم، أو أنكم قاتلي، فقلتم : بايعنا لا نجد غيرك، ولا نرضى إلا بك، بايعنا لانفترق ولا تختلف كلمتنا. فبايعتكم ودعوت الناس إلى بيعتي، فمن بايع طوعا قبلت ، ومن أبى لم أكرهه وتركته. فبايعني فيمن بايعني طلحة والزبير، ولو أبيا ما أكرهتهما ، كما لم أكره غيرهما، فما لبثا إلا يسيرا حتى بلغني أنهما خرجا من مكة متوجهين إلى البصرة، في جيش ما منهم رجل إلا قد أعطاني الطاعة، وسمح لي بالبيعة، فقدما على عاملي وخزان بيت مالي وعلى أهل مصري الذين كلهم على بيعتي وفي طاعتي فشتتوا كلمتهم وأفسدوا جماعتهم ، ثم وثبوا على شيعتي من المسلمين فقتلوا طائفة منهم غدرا

وطائفة صبرا(1). ومنهم طائفة غضبوا الله ولي فشهروا سيوفهم وضربوا ربوا بها لقوا الله عزوجل ،صادقين، فو الله لو لم يصيبوا منهم إلا رجلا واحدا متعمدين لقتله لحل لي به قتل ذلك الجيش بأسره، فدع ما أنهم قد قتلوا من المسلمين أكثر من العدة الّتى دخلوا بها عليهم، وقد أدال الله منهم فبعدا للقوم الظالمين ثم إني نظرت في أمر أهل الشام ، فإذا أعراب أحزاب وأهل طمع جفاة طغاة، يجتمعون من كل أوب، من كان ينبغي أن يؤدّب وأن يولى عليه، ويؤخذ على

ص: 184


1- صبرا، أي حبسا .

يده ليسوا من الأنصار ولا المهاجرين ولا التابعين بإحسان.

فسرت إليهم ، فدعوتهم إلى الطاعة والجماعة ، فأبوا إلا شقاقا وفراقا، ونهضوا

في وجوه المسلمين ينضحونهم بالنبل ، ويشجرونهم بالرماح (1) ، فهناك نهدت(2)

إليهم بالمسلمين فقاتلتهم، فلما عضهم السلاح. ووجدوا ألم الجراح، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها ، فأنبأتكم أنهم ليسوا بأهل دين ،ولاقرآن وأنهم رفعوها مكيدة وخديعة ووهنا وضعفا، فامضوا على حقكم وقتالكم ، فأبيتم عليّ وقلتم : اقبل منهم ، فإن أجابوا إلى ما في الكتاب جامعونا على ما نحن عليه من الحق، وإن أبوا كان أعظم لحجتنا عليهم . فقبلت منهم، وكففت عنهم، إذ ونيتم وأبيتم ، فكان الصلح بينكم وبينهم على رجلين ، يحييان ما أحيا القرآن، ويميتان ما أمات القرآن، فاختلف رأيهما، وتفرق حكمهما ، ونبذا ما في القرآن، وخالفا ما في الكتاب، فجنبهما الله السداد، ودلاهما في الضلالة، فانحرفت فرقة منا فتركناهم ما تركونا ، حتى إذا عثوا في الارض يقتلون ويفسدون، أتيناهم فقلنا: ادفعوا إلينا قتلة إخواننا ، ثم كتاب الله بيننا وبينكم. :قالوا كلنا ،قتلهم، وكلنا استحل دماءهم وشدّت علينا خيلهم ورجالهم

فصرعهم الله مصارع الظالمين.

فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم ، فقلتم : كلّت سيوفنا ونفدت نبالنا ونصلت أسنة رماحنا، وعاد أكثرها قصدا(3)، فارجع بنا إلى مصرنا لنستعد بأحسن عدتنا، فإذا رجعت زدت في مقاتلتنا عدة من هلك منا وفارقنا، فإن ذلك أقوى لنا على عدونا فأقبلت بكم ، حتى إذا أطللتم

ص: 185


1- بشجرونهم بالرمح يطعنونهم.
2- نهد للقتال : نهض .
3- القصد : جمعه قصدة، وهى القطعة المتكسرة .

على الكوفة أمرتكم أن تنزلوا بالنخيلة، وإن تلزموا معسكركم وأن تضموا قواصيكم، وأن توطنوا على الجهاد أنفسكم ولا تكثروا زيارة أبنائكم ، ونسائكم ، فإن أهل الحرب المصابروها، وأهل التشمير فيها الذين لا ينقادون : من سهر ليلهم ولا ظمأ نهارهم ولا خمص بطونهم، ولا نصب أبدانهم، فنزلت طائفة منكم معي

معذرة، ودخلت طائفة منكم المصر عاصية ، فلا من بقي منكم صبر وثبت، ولا من دخل المصر عاد ،ورجع ، فنظرت إلى معسكري، وليس فيه خمسون رجلا، فلما رأيت ما أتيتم دخلت إليكم فلم أقدر على أن تخرجوا معي إلى يومنا هذا ، فما تنتظرون أما ترون أطرافكم قد انتقصت، وإلى مصر قد فتحت ، وإلى شيعتي بها

قد قتلت وإلى مسالحكم تعرى وإلى بلادكم تغزى وأنتم ذوو عدد كثير

، ! وشوكة وبأس شديد فما بالكم ! الله أنتم من أين تؤتون وما لكم تؤفكون وأني تسحرون!

ولو أنكم عزمتم وأجمعتم لم تراموا ، إلا أن القوم تراجعوا وتناشبوا وتناصحوا وأنتم قد ونيتم رتغاششتم وافترقتم، ما إن أنتم إن ألممتم عندي على هذا بسعداء، فانتهوا بأجمعكم وأجمعوا على حقكم، وتجردوا لحرب عدوكم، وقد أبدت الرغوة عن الصريح، وبين الصبح لذي عينين، إنما تقاتلون الطلقاء، وأبناء الطلقاء وأولي الجفاء، ومن أسلم كرها، وكان لرسول الله واله أنف(1) الاسلام كله حربا ، أعداء الله والسنة ،والقرآن وأهل البدع والاحداث ومن كان بواثقه تتقى، وكان عن الاسلام منحرفا، أكلة الرشا، وعبدة الدنيا ، لقد أنهي إلي أن ابن النابغة لم يبايع معاوية حتى أعطاه ، وشرط له أن يؤتيه ما هي أعظم مما في يده من سلطانه. ألا صفرت يد هذا البائع دينه بالدنيا ، وخزيت أمانة هذا المشتري نصرة فاسق غادر بأموال المسلمين، وإن فيهم من قد شرب فيكم الخمر وجلد الحد، يعرف بالفساد

ص: 186


1- أنف كل شئ : أوّله

في الدين والفعل السيئ، وإن فيهم من لم يسلم حتى رضخ له رضيخة (1). فهؤلاء قادة القوم ، ومن تركت ذكر مساوئه من قادتهم مثل من ذكرت منهم ، بل هو شر، ويود هؤلاء الذين ذكرت لو ولوا عليكم فأظهروا فيكم الكفر والفساد والفجور والتسلط بجبرية، واتبعوا الهوى وحكموا بغير الحق . ولانتم على ما كان

فيكم من تواكل وتخاذل خير منهم وأهدى سبيلا فيكم العلماء والفقهاء والنجباء والحكماء، وحملة الكتاب والمتهجدون بالاسحار، وعمار المساجد بتلاوة القرآن أفلا تسخطون وتهتمون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم، والاشرار الاراذل منكما فاسمعوا قولي وأطيعوا أمري، فوالله لئن أطعتموني لا تغوون، وإن عصيتموني لا ترشدون ، خذوا للحرب أهبتها وأعدوا لها عدتها ، فقد شبت ،نارها وعلا سنانها وتجرد لكم فيها ،الفاسقون ، كي يعذبوا عباد الله، ويطفئوا نور الله . ألا إنه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والمكر والجفاء بأولى في الجد في غيّهم وضلالتهم ، من أهل البر والزهادة والاخبات في حقهم وطاعة ربهم ، إني والله لو لقيتهم فردا وهم ملاء الارض ما باليت ولا استوحشت وإني من ضلالتهم التي هم فيها والهدى الذي نحن عليه لعلى ثقة وبينة، ويقين وبصيرة وإني إلى لقاء ربي لمشتاق، ولحسن ثوابه لمنتظر، ولكن أسفا يعتريني، وحزنا يخامرني، أن يلي أمر هذه الامة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا وعباده خولا، والفاسقين حزبا . وأيم الله لولا ذلك لما أكثرت تأنيبكم وتحريضكم، ولتركتكم إذ ونيتم وأبيتم حتى ألقاهم بنفسي ، متى حم لي لقاؤهم. فوالله إني لعلي الحق، وإني للشهادة لمحب ، ف(انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ في سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرُ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (2) ولا تثاقلوا إلى الارض فتقروا

ص: 187


1- الرضيحة : العطية القليلة .
2- التوبة : 41 .

بالخسف وتبوءوا بالذل، ويكن نصيبكم الخسران

إن أخا الحرب اليقظان، ومن ضعف أودى، ومن ترك الجهاد كان كالمغبون

المهين. اللهم اجمعنا وإياهم على الهدى وزهدنا وإياهم في الدنيا، واجعل الاخرة خيرا لنا ولهم من الأولى.

[مقتل محمّد بن أبي حذيفة].

قال إبراهيم: وحدثني محمد بن عبد الله بن عثمان ، عن المدائني ، أن محمّد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس أصيب لما فتح عمرو بن العاص ،مصر ، فبعث به إلى معاوية بن أبي سفيان وهو يومئذ بفلسطين، فحبسه معاوية في سجن له فمكث فيه غير كثير، ثم هرب - وكان ابن خال معاوية - فأرى معاوية الناس أنه كره انفلاته من السجن، وكان يحب أن ينجو فقال لاهل الشام من يطلبه ؟ فقال رجل من خثعم - يقال له عبيد الله بن عمرو بن ظلام، وكان شجاعا وكان عثمانيا : أنا أطلبه، فخرج في خيل فلحقه بحوارين(1)، وقد دخل بغار هناك ، فجاءت حمر فدخلته ، فلما رأت الرجل في الغار فزعت ونفرت، فقال حمارون كانوا قريبا من الغار إن لهذه الحمر لشأنا ما نفرها من هذا الغار إلا أمر ! فذهبوا ينظرون، فإذا هم به فخرجوا به فوافاهم عبد الله بن عمرو بن ظلام فسألهم ووصفه لهم فقالوا ها هو هذا ، فجاء حتى استخرجه ، وكره أن يصير به إلى معاوية فيخلي سبيله، فضرب عنقه (2).

ص: 188


1- حوارين من قرى حلب ، أو حصن بناحية حمص (مراصد الاطلاع).
2- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد 6: 10292

[الخطبة (69)]

طاعته كان في ممن لقيه

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري (ت / 279 ه-) في

أنساب الأشراف ، ما لفظه : قالوا: وجّه معاوية الضحاك بن قيس الفهري ويكنى أبا أنيس، حين بلغه أن عليا يدعو الناس إلى الخروج إليه وأن أصحابه مختلفون عليه، في خيل كثيفة جريدة ، وأمره أن يمر بأسفل واقصة فيغير على الأعراب ممن كان على طاعة علي وعلى غيرهم ممن من كان مجتازا، وأن يصبح في بلد ويمسي في آخر ، ولا يقيم لخيل إن سرحت إليه، وإن عرضت له قاتلها ، وكانت تلك أول غارات معاوية. فأقبل الضحاك إلى القطقطانة فيما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف، وجعل يأخذ أموال الناس من الاعراب وغيرهم ويقتل من ظن أنه على طاعة علي أو كان يهوى هواه، حتى بلغ الثعلبية، وأغار على الحاج فأخذ أمتعتهم، ثم صار إلى القطقطانة منصرفا، ولقيه بالقطقطانة على طريق الحاج عمرو بن عميس بن مسعود ، ابن أخي عبد الله بن مسعود فقتله - فلما ولاه معاوية الكوفة كان يقول : يا أهل الكوفة، أنا أبو أنيس قاتل ابن عميس يعلمهم بذلك أنه لا يهاب القتل وسفك الدماء - وأخذ طريق السماوة منصرفا، فلما بلغ عليا خبره قام في أهل

ص: 189

الكوفة خطيبا فدعاهم إلى الخروج لقتال عدوهم ومنع حريمهم ، فردوا عليه ردا ضعيفا ورأى منهم فشلا وعجزا، فقال: وددت والله أن لي بكل عشرة منكم رجلا من أهل الشام، وأني صرفتكم كما يصرف الذهب، ولوددت أني لقيتهم على بصيرتي فأراحني الله من مقاساتكم ومداراتكم كما يدارى البكار العمدة والثياب

المنهرمة كلما خيطت من جانب تهتكت من جانب.

ثم خرج يمشي إلى نحو الغربيّن، حتى لحقه عبد الله بن جعفر بدابة فركيها ولحقه الناس ،بعد فسرح لطلبه حجر بن عدي الكندي في أربعة آلاف أعطاهم خمسین در هما خمسين درهما فسار حجر حتى لحق الضحاك نحو تدمر فقاتله

درهما فأصاب من أصحابه تسعة عشر رجلا - ويقال : سبعة عشر رجلا - وقتل من أصحاب على رجلان يقال: إنهما عبد الله وعبد الرحمان ابنا حوزة - وهما من الازد - وحجز الليل بينهم فهرب الضحاك في الليل، وأقام حجر يوما أو يومين فلم يلق أحدا فانصرف .

قالوا: وبعث معاوية النعمان بن بشير الانصاري، وأبا هريرة الدوسي بعد أبي مسلم الخولاني إلى علي يدعوانه إلى أن يسلم لمعاوية قتلة عثمان بن عفان ليقتلوا به فيصلح أمر الناس ويكف الحرب ، وكان معاوية عالما بأن عليا لا يفعل ذلك، ولكنه أحب أن يشهد عليه عند أهل الشام بامتناعه من إسلام أولئك والتبري منهم، فيشرع له أن يقول : إنه قتله، فيزداد أهل الشام غيظا عليه وحنقا وبصيرة في محاربته وعداوته ، فلما صارا إليه فأبلغاه ما سأله معاوية امتنع من إجابتهما إلى شي مما قدما له فانصرف أبو هريرة إلى الشام فأمره معاوية بأن يعلم الناس ما كان بينه وبين علي، وأقام النعمان بعد أبي هريرة أشهرا وهو يظهر لعلي انه معه ، ثم خرج

فمرّ بعين التمر وعليها مالك بن كعب الهمداني فحبسه ليكتب إلى علي بخبره

فركب إليه قرظة بن كعب الانصاري - وكان على جباية الخراج بالنهرين والفلاليح

ص: 190

ونواحيها وما والا ذلك من الطساسيج - فكلّمه فيه فخلى سبيله فأتى معاوية،

فأخبره ومن قبله بمثل ما أخبرهم به أبو هريرة وهذا في أول الامر. :قالوا: ثم إن معاوية ندب أصحابه لغارة نحو العراق فانتدب لها النعمان بن بشير، فسرحه في ألفين وأمره بتجنّب المدن والجماعات، وأن لا يغير على

مسلحة وأن يكون إغارته على من بشاطئ الفرات ثم يعجل الرجعة. فسار النعمان حتى دنا من عين التمر، وبها مالك بن كعب في مأة وقد كان في أكثر منها إلا إنه أذن لاصحابه في الانصراف إلى الكوفة في حوائج لهم فانصرفوا فكتب مالك إلى قرظة يستنجده ، فقال قرظة : إنما أنا صاحب خراج وليس معي إلا من يقوم بأمري فقط . ووجّه إليه مخنف بن سليم الازدي عبد الرحمان بن مخنف في خمسين رجلا واليا على الحرب فيما يليه ،قرظة ، فقاتل مالك بن كعب النعمان حتى دفعه عن القرية، فظن أهل الشام حين رأوا عبد الرحمان بن مخنف بن سليم ومن معه أنه قد أتى مالكا مدد كثيف، فانهزموا حتى لحقوا بمعاوية، وقتل منهم ثلاثة نفر، ومن أصحاب علي رجل، وقال النعمان: سرت ليلة فضللت ، ثم إني

دفعت إلى ماء لبنى اليقين وإذا امرأة تطحن في خباء لها وهي تقول:

شربت على الجوزاء كأسا روية ***وأخرى على الشعراء إذا ما استقلت

مشعشعة كانت قريش نفافها ***فلما استحلت قتل عثمان حلّت

أتاه

قال النعمان: فعلمت أني في حد الشام، وأنه قد بلغت مأمني واهتديت. ويقال : إن هذه الغارة كانت قبل غارة سفيان بن عوف . وقد كان علي حين

خبر النعمان بالكوفة، خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : عجبا لكم يا أهل الكوفة، أكلما أطلت عليكم سرية وأتاكم منسر من مناسر أهل الشام أغلق كل امرء منكم بابه قد انجحر في بيته انجحار الضب في جحره والضبع في وجارها، الذليل والله من ،نصرتموه ومن رضي بكم رمى بأفوق

ص: 191

ناصل، فقبحا لكم وترحا، قد ناديتكم وناجيتكم، فلا أحرار عند النداء ولا إخوان عند النجاء، قد منيت منكم بصم لا يسمعون ، وبكم لا يعقلون، وكمه لا يبصرون. فيقال: إن عليا أتبع النعمان عدي بن حاتم الطائي فمضى حتى شارف قنسرين ثم انصرف . ويقال: إن عبد الرحمان بن حوزة الأزدي قتل مع مالك بن كعب يومئذ ، وإن أخاه عبد الله قتل حين لقي حجر بن عدي الضحاك بن قيس الفهري. ويقال : إن عبد الرحمان بن حوزة قاتل الحسين مع من قاتله والثبت ان الذي قاتل الحسين رجل من بني تميم يقال له : عبد الله بن حوزة، وهو غير هذا (1) وبالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 283 ه-) في «الغارات أيضاً ، :قال حدثنا محمّد قال: حدثنا الحسن قال حدثنا ابراهيم قال: ومن حديث الكوفيين، عن نمير بن وعلة، عن أبي وداك الشاذي، قال: قدم زرارة بن قيس الشاذي فخبر عليا بالعدة التي خرج فيها بسر ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

أما بعد أيها الناس فان أول فرقتكم وبدء نقصكم ذهاب اولى النهى وأهل الرأي منكم الذين كانوا يلقون فيصدقون، ويقولون فيعدلون، ويدعون فيجيبون، وأنا والله قد دعوتكم عودا وبدءا وسرا وجهارا وفي الليل والنهار والغدو والاصال فما يزيدكم دعائي إلا فرارا وادبارا ، أما تنفعكم العظة والدعاء إلى الهدى والحكمة واني لعالم بما يصلحكم ويقيم أودكم، ولكني والله لا اصلحكم بافساد نفسي، ولكن أمهلوني قليلا فكأنكم والله بامرئ قد جاءكم يحرمكم ويعذبكم فيعذبه الله كما يعذبكم. إن من ذل المسلمين وهلاك الدين أن ابن أبي سفيان يدعو الاراذل والاشرار فيجاب، وأدعوكم وأنتم الافضلون الاخيار فتراوغون وتدافعون ، ماهذا بفعل

ص: 192


1- انساب الاشراف : للبلاذري : 445 - 447

المتقين ، ان بسر بن أبي أرطاة وجه إلى الحجاز، وما بسر ؟! لعنه الله ، لينتدب إليه

منكم عصابة حتى تردوه عن شئته ، فانما خرج في ست مائة أو يزيدون. قال: فسكت الناس مليا لا ينطقون ، فقال : مالكم أمخرسون أنتم لا تتكلمون ؟ فذكر عن الحارث بن حصيرة عن مسافر بن عفيف قال : قام أبو بردة بن عوف الازدي فقال: ان سرت يا أمير المؤمنين سرنا معك. فقال: اللهم مالكم ؟! لاسددتم لمقال الرشد ، أفي مثل هذا ينبغي لي أن أخرج ؟! انما يخرج في مثل هذا رجل ممن ترضون من فرسانكم وشجعانكم، ولا ينبغي لي أن أدع الجند والمصر وبيت المال وجباية الارض والقضاء بين المسلمين والنظر في حقوق الناس ثم أخرج في كتيبة أتبع اخري في الفلوات وشعف الجبال، هذا والله الرأي السوء، والله لولا رجائي عند لقائهم - لو قد حمّ لي لقاؤهم - لقربت ركابي ثم لشخصت عنكم ، فلا أطلبكم ما اختلف جنوب و شمال ، فوالله ان في فراقكم

لراحة للنفس والبدن. فقام إليه جارية بن قدامة السعدي فقال : يا أمير المؤمنين، لا أعدمنا الله نفسك ، ولا أرانا الله ،فراقك، أنا لهؤلاء القوم ، فسر حني إليهم ، قال : فتجهز فانك ما علمت ميمون النقيبة، وقام إليه وهب بن مسعود الخثعمي فقال : أنا أنتدب إليهم يا أمير المؤمنين ؟ قال : فانتدب بارك الله فيك ونزل.

فدعا جارية بن قدامة فأمره أن يسير إلى البصرة فخرج منها في ألفين وندب مع الخثعمي من الكوفة ألفين، فقال لهما : اخرجا في طلب بسر بن أبي أرطاة حتى تلحقاه فأينما لحقتماه فناجزاء ، فإذا التقيتما فجارية بن قدامة على الناس فخرجا في طلب بسر فخرج وهب بن مسعود من الكوفة ومضى جارية إلى البصرة فخرج من أرض البصرة فالتقيا بأرض الحجاز فذهبا في طلب بسر(1)

ص: 193


1- الغارات الابراهيم بن محمّد الثقفي 624:2- 627 .

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي مطلع خطبة لامير المؤمنين بالاسناد عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمّد بن علي جميعا، عن بن أحمد، محمّد بن إسماعيل بن مهران، و أحمد عن علي بن الحسن التيمي، وعلي بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعا، عن إسماعيل بن مهران، عن المنذر بن جيفر، عن الحكم بن ظهير، عن عبد الله بن جرير العبدي، عن الاصبغ بن نباتة قال : أتى أمير المؤمنين عبد الله بن عمر وولد أبي بكر وسعد

بن أبي وقاص يطلبون منه التفضيل لهم، فصعد المنبر ومال الناس إليه ، فقال : الحمد لله ولي الحمد ومنتهى الكرم ، لا تدركه الصفات، ولا يحد باللغات، ولا يعرف بالغايات وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله الله نبي الهدى وموضع التقوى ورسول الرب الأعلى، جاء بالحق من عند الحق لينذر بالقرآن المنير، والبرهان المستنير ، فصدع بالكتاب المبين ومضى على ما مضت عليه الرسل الأولون أما ،بعد ، أيها الناس فلا يقولن رجال قد كانت الدنيا غمرتهم فاتخذوا العقار وفجروا الأنهار وركبوا أفره الدواب ولبسوا ألين الثياب فصار ذلك عليهم عارا وشنارا ، إن لم يغفر لهم الغفار، إذا منعتهم ما كانوا فيه يخوضون وصيرتهم إلى ما يستوجبون، فيفقدون ذلك فيسألون ويقولون : ظلمنا ابن أبي طالب وحرمنا ومنعنا حقوقنا، فالله عليهم المستعان من استقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا وآمن بنبينا

وشهد شهادتنا ودخل في ديننا اجرينا عليه حكم القرآن وحدود الاسلام ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى، ألا وإن للمتقين عند الله تعالى أفضل الثواب وأحسن الجزاء ،والمآب لم يجعل الله تبارك وتعالى الدنيا للمتقين ثواب-ا وم-ا عند الله خير للابرار، انظروا أهل دين الله فيما أصبتم في كتاب الله وتركتم عند رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له وجاهدتم به في ذات الله ، أبحسب أم ينسب ؟ أم بعمل أم بطاعة ؟

ص: 194

أم زهادة وفيما أصبحتم فيه راغبين ؟ فسارعوا إلى منازلكم - رحمكم الله - التي أمرتم بعمارتها العامرة التي لا تخرب الباقية التي لا تنفد ، التي دعاكم إليها وحضّكم عليها، ورغبكم فيها، وجعل الثواب عنده عنها، فاستتموا نعم الله عزّ ذكره بالتسليم لقضائه والشكر على نعمائه، فمن لم يرض بهذا فليس منا ولا إلينا ، وإن الحاكم يحكم بحكم الله ولا خشية عليه من ذلك ، اولئك هم المفلحون - وفي نسخة ولا وحشة واولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

وقال : وقد عاتبتكم بدرّتي التي اعاتب بها أهلي فلم تبالوا، وضربتكم بسوطي

: الذي أقيم به حدود ربي فلم ترعووا ، أتريدون أن أضربكم بسيفي ؟ أما إني أعلم الذي تريدون ويقيم أودكم، ولكن لا أشتري صلاحكم بفساد نفسي، بل يسلط الله عليكم قوما فينتقم لي منكم فلا دنيا استمتعتم بها ، ولا آخرة صرتم إليها، فبعدا وسحقا لاصحاب السعير(1)

ص: 195


1- الكافي للشيخ الكليني 8 360 - 362

[ الخطبة ( 70)]

قال العرشي في التخريج مانصه: رواه ابن عبد ربه في العقد الفريد [ ج 2 ص 298] وأبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين (16) وأبو على القالى في كتاب ذيل الأمالي، والنوادر ( 190). (انتهى) (1).

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن أبي الفرج الأصفهاني (ت 3567ه-) في مقاتل الطالبيين قائلاً : حدثني أحمد بن محمّد بن ،دلان، وأحمد بن الجعد ومحمد بن جرير الطبري قالوا: حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني أبو جناب قال: حدثني أبو عون الثقفي، عن أبي عبد الرحمن السلمي عن الحسن بن علي، قال: خرجت أنا وأبي نصلي في هذا المسجد ، فقال لي: يا بني إنّي بت الليلة أوقظ أهلي لانها ليلة الجمعة صبيحة يوم بدر السبع عشرة ليلة خلت من شهر ،رمضان فملكتني عيناي فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يارسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد ؟ فقال لي: ادع عليهم. فقلت : اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شر

لهم منّي.

ص: 196


1- راجع : استناد نهج البلاغة

وجاء ابن النباح فآذنه بالصلاة فخرج وخرجت خلفه، فاعتوره الرجلان ، فأما

أحدٌ فوقعت ضربته في الطاق، واما الآخر فأثبتها في رأسه.

قال أبو الفرج: الاود العوج، واللدد: الخصومات(1)

وقال السيد المرتضى ( ت / 436 ه-) في «الأمالي » مانصه: تأويل خبر : إن سأل سائل عن الخبر الذي يرويه شريك عن عمار الذهبي، عن أبي صالح الحنفي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلی الله علیه و آله وسلم في المنام وأنا أشكو إليه ما لقيت من الأود واللدد.

الجواب يقال له : أما - الاود - فهو الميل، تقول العرب: لا قيمن ميلك وحنفك وأودك وذراك وضلعك وصعرك وصدغك وظلعك بالظاء وصعوك وصدعك، كل هذا المعنى واحد .. وقال ثعلب : الاود : إذا كان من الانسان في كلامه ورأيه فهو عوج، وإذا كان في الشئ المنتصب مثل عصا وما أشبهها فهو عوج، وهذا قول الناس كلهم إلّا أبا عمرو الشيباني ، فانه قال : العوج - بالكسر - الاسم ، والعوج - بالفتح - المصدر ، وقال ثعلب : كأنه مصدر عوج يعوج عوجا، ويقال: عصا معوجة وعود معوج وليس في كلامهم معوج . وأما اللدد، فقيل: هو الخصومات وقال ثعلب :يقال : رجل ألد وقوم لد: إذا

كانوا شديدي الخصومة ، ومنه قول الله تعالى : ( وَهُوَ الدُّ الْخِصَامِ ) (2) (3) وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق : أخبرنا أبو بن طاوس أنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني عبد الرحمن بن محمّد

ص: 197


1- مقاتل الطالبيين ؛ لأبي الفرج الأصفهاني : 25 .
2- البقرة : 204 .
3- الأمالي ؛ للسيّد المرتضى 77:4 .

صالح ، نا عمرو بن هاشم الجنبي، عن أبي جناب ، عن أبي عون الثقفي، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : قال لي الحسن بن علي قال لي أبي علي: إن سول سول الله صلی الله علیه و آله وسلمسنح لي الليلة في منامي فقلت: يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود واللدد، قال: ادع عليهم ، قلت : اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم وأبدلهم بي من هو شر منّي ، فخرج فضربه الرجل .

هذه مختصرة، وأخبرنا بالحكاية بتمامها أبو غالب بن البنا.

بي أخبرنا أبو غالب بن البنا أنا أبو الحسين بن الابنوسي، أنا أحمد بن عبد الرحمن بن جعفر بن خشنام، نا محمّد بن عبد الله بن غيلان، نا أبو هشام، نا أبو أسامة ، نا أبو جناب ، قال : وحدثني أبو عون الثقفي ، قال : كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وكان الحسن بن علي يقرأ عليه ، قال أبو عبد الرحمن : فاستعمل أمير المؤمنين علي رجلا من بني تميم يقال له: حبيب بن مرة على السواد وأمره أن يدخل الكوفة من بالسواد من المسلمين ، فقلت للحسن بن علي : إن لي ابن عم في السواد يحب أن يقوم مكانه، فقال لي : تغدو غدا على كتابك وقد ختم فغدوت من الغد فإذا الناس يقولون : قتل أمير المؤمنين، فقلت للغلام : أبعد إلى القصر، فدخلت القصر فإذا الحسن بن علي قاعد في مسجد في الحجرة وإذا صوائح ، فقال : ادن إليّ يا أبا عبد الرحمن، فجلست إلى جنبه فقال لي: خرجت البارحة وأمير المؤمنين يصلي في هذا المسجد، فقال لي: يا بني إنّي بت الليل أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة صبيحة بدر لسبع عشرة من رمضان، فملكتني عيناي فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد ؟ قال: والأود العوج واللدد الخصومات، فقال لي : ادع عليهم قال قلت أللهم أبدلني بهم من هو خير منهم وأبدلهم بي من هو شر منّي . فجاء ابن النباح فآذنه بالصلاة فخرج وخرجت خلفه فاعتوره رجلان، فأما أحدهما فوقعت ضربته في

الطاق وأما الآخر فأثبتها في رأسه.

ص: 198

قال أبو هشام قال لي أبو أسامة : إني أغار عليه كما يغار الرجل للمرأة

الحسناء، لا تحدثن به ما دمت حيا.

:قال ونا أبو هشام قال: سمعت أبا أسامة يقول في هذا الحديث: ثلاثة عشر حديثا، فيه : أن الحسن بن علي قرأ على أبي عبد الرحمن، وأن أبا عبد الرحمن سأل الحسن بن علي حاجة وهو يقرأ عليه، وأن عليا كره أن يدخل المسلمون السواد، وأن الحسن شفع في أن يترك رجل بالسواد من المسلمين، وأن علي بن أبي طالب علیه السلام كان إذا كتب ختم كتابه، وأنه أتخذ مسجدا في حجرته ، وأنه صيح عليه فلم ينكره الحسن، وأن عليا نام وهو جالس فلم يتوضأ، وأنه قال : الأود العوج واللدد الخصومات، وأنه كان له مؤذن يؤذنه بالصلاة ، وأنه كان لباب داره طاق

وأنه قتل فيه » . (1)

ص: 199


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 556:42-557 .

[الخطبة (72)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج: قوله علیه السلام: اللّهم داحي المدحوات... الى آخره . ذكر هذه كثير من الناس، وهي مذكورة في الصحيفة العلوية، وفي تذكرة ابن الجوزي وذكرها أبو علي القالي البغدادي في نوادر الامالي مع اختلاف في بعض الالفاظ وزيادة ونقصان ، وفي البحار : ان الحسن بن عرفة ذكرها عن سعيد بن عمر ... الى آخره (1). قال العرشي في التخريج مانصه : رواه أبو علي القالي في ذيل الامالي والنوادر

( 1750) » . (انتهى) (2) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابراهيم الثقفي( ت / 282 ه-) عن أبي سلام الكندي ، قال : كان علي علیه السلام يعلمنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : يقول : قولوا اللهم داحي المدحوات، وبارئ المسموكات، وجابل القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها، اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على محمد عبدك ورسولك ونبيك ، الخاتم لما سبق، والفاتح لما

ص: 200


1- مدارك نهج البلاغة : 81
2- راجع : استناد نهج البلاغة

انغلق، والمعلن الحق بالحق، والدافع جيشات الأباطيل، والدامغ صولات

الأضاليل، ، كما حمل فاضطلع قائما بأمرك لطاعتك، مستوفزا في مرضاتك، غير نكل عن قدم ولا واه في عزم واعيا ،لوحيك، حافظا لعهدك، ماضيا على نفاذ أمرك ، حتى أورى قبس القابس، وأضاء الطريق للخابط، وهديت به القلوب بعد خوضات الفتن والآثام، وأنار موضحات الاعلام ونيرات الاحكام، فهو أمينك المأمون وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك بالحق ورسولك إلى الخلق ، اللّهم فاجزه مضاعفات الخير من فضلك. اللّهم أعل على بناء البانين بناءه، وأكرم مثواه لديك ومنزلته وأتمم له نوره ، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة مرضى المقالة ، ذا منطق عدل وحظ فصل وحجة وبرهان عظيم آمين رب العالمین (1). ورواه الاسكافي ( ت / 220 ه-) مرسلاً في المعيار والموازنة»: 272، ط /

1402ه-.

وبالاسناد عن العلامة المجلسي ( ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار، عن مناقب ابن الجوزي ( ت / 597 ه-) مانصه : خطبة في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذكرها الحسن بن عرفة، عن سعيد بن عمير قال خطب أمير المؤمنين علیه السلام فقال :

الحمد لله داحي المدحوات ، وداعم المسموكات، وجابل القلوب ع-ل-ى فطرتها، شقيّها وسعيدها وغويّها ورشيدها اللهم واجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على سيدنا محمّد عبدك ورسولك وحبيبك الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق المعلن بالحق الناطق بالصدق، الدافع جيشات الاباطيل والدامغ جيشات الاضاليل، فاضطلع قائما بأمرك، مستوفزا في مرضاتك، غير ناكل عن قدم ولا واه في عزم ، مراعيا لعهدك، محافظا لودك، حتى أورى قبس

ص: 201


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 159:1 - 160 .

القابس وأضاء الطريق للخابط، وهدى به الناس بعد خوض الفتن والاثام والخبط في عشو الظلام، فأنارت نيرات الاحكام بارتفاع الاعلام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون وشهيد يوم الدين، وحجتك على العالمين

، وبعيثك بالحق، ورسولك الصدق إلى الخلق . اللهم فافسح له مفسحا في ظلك . واجزه بمضاعفات الخير من فضلك ، اللهم اجمع بيننا وبينه في برد العيش وقرار النعمة، ومنتهى الرغبة ، ومستقر اللذة، ومنتهى الطمأنينة، وأرجاء الدعة وأفناء الكرامة(1)

وبالاسناد عن سبط ابن الجوزي ( ت / 654 ه- ) قال اخبرنا عبدالله بن أبي : المجد الحربي، أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك، انبأنا أبو الفتح ابن اسحاق، أنبأنا عبدالله بن سليمان بن الأشعث، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عباد بن الحبيب بن المهلب بن أبي صفرة، عن مجالد ، عن سعيد بن عمير، قال: خطب امیر المؤمنين يوماً فقال : الحمد لله داحي المدحوات ، وداعم المسموكات، وجابل القلوب على ،فطرتها شقيها وسعيدها وغويّها ورشيدها، اللهم واجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على سيّدنا محمّد عبدك ورسولك وحبيبك ، الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق المعلن بالحق الناطق بالصدق، الدافع جيشات الاباطيل ، والدامغ جيشات الاضاليل، فاضطلع قائما بأمرك، مستوفرا في مرضاتك، غير ناكل عن قدم، ولا واه في عزم، مراعيا لعهدك، محافظا لودك، حتى أورى قبس القابس، وأضاء الطريق للخابط ، وهدى به الناس بعد خوض الفتن والاثام، والخبط في عشر الظلام، وأنارت نيرات الاحكام بارتفاع الاعلام

شو فهو أمينك المأمون، وخازن علمك ،المخزون، وشهيدك يوم الدين، وحجتك على العالمين، وبعيثك بالحق ورسولك الصدق إلى الخلق . اللّهم فافسح له

ص: 202


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 74: 297 - 278 .

مفسحا في ظلك ، واجزه بمضاعفات الخير من فضلك ، اللهم اجمع بيننا وبينه في برد العيش وقرار النعمة ومنتهى الرغبة ، ومستقر اللذة، ومنتهى الطمأنينة وأرجاء الدعة، وأفناء الكرامة .(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال، عن سلامة الكندي قال: كان علي يعلّم الناس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم داحي المدحوات، وبارئ المسموكات، وجبار أهل القلوب على خطراتها، شقيها وسعيدها، اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك، ورأفة تحنتك على محمد عبدك ورسولك ، الخاتم لما سبق، والفاتح لما اغلق، والمعين على الحق بالحق والواضع والدامغ لجيشات الاباطيل ، كما حمّل فاضطلع بأمرك بطاعتك، مستوفزا في مرضاتك، غير نكل عن قدم ولا وهن في عزم، واعيا لوحيك، حافظا لعهدك ماضيا على نفاذ أمرك، حتى أورى قبسا لقابس به هديت القلوب بعد خوضات الفتن والاثم بموضحات الاعلام ومسرات الاسلام ونائرات الاحكام فهو أمينك المأمون، وخازن علمك ،المخزون ، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك نعمة ورسولك بالحق رحمة، اللهم افسح له مفسحا في عدنك، واجزه مضاعفات الخير من فضلك، مهنات له غير مكدّرات من فوز ثوابك المعلول وجزيل عطائك المخزون، اللهم اعل على بناء الناس بناءه، وأكرم مثواه لديك ونزله، وأتمم له نوره، وأجزه من ابتغائك له مقبول الشهادة ومرضي المقالة، ذا منطق ،عدل، وكلام فصل، وحجة وبرهان طس وأبو نعيم في عوالي سعيد ابن منصور (2)

ص: 203


1- تذكرة الخواص : 120 ، ط / بيروت سنة 1401ه-، القدم - بتسكين الدال : التقدم ، والجيشات من جاشت القدر تجيش : إذا غلت والهيشات الجماعات ، وهاشوا إذا تحركوا .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 2: 270 ، ح 3989

[ الخطبة (73)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: أو لم يبا يعني قبل قتل عثمان ... الى آخره . روي هذا الخبر من طرق كثيرة، ورويت فيه زيادة لم يذكرها صاحب نهج البلاغة ، وهى قوله في مروان: «يحمل راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه». (انتهى) (1)

قال الجلالي: روى محمّد بن سعد ( ت / 203ه-) في الطبقات الكبرى بقوله : أخبرني موسى بن إسماعيل، قال: حدثني جويرية بن أسماء، عن نافع، قال: ضرب مروان يوم الدار ضربة جدت أذنيه، فجاء رجل وهو يريد أن يجهز عليه قال : فقالت له :أمه: سبحان الله تمثل بجسد میت؟ فتركه ، قالوا : فلما قتل عثمان

وسار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة يطلبون بدم عثمان خرج ) مروان بن الحكم، فقاتل يومئذ أيضا قتالا ،شدیدا فلما رأى انكشاف الناس نظر إلى طلحة ابن عبيد الله واقفا فقال : والله إن دم عثمان إلا عند هذا هو كان أشد الناس عليه ، وما أطلب أثرا بعد عين ففوق له بسهم فرماه به فقتله، وقاتل مروان أيضا حتى ارتث فحمل إلى بيت امرأة من عنزة فداووه وقاموا عليه، فما زال آل مروان

ص: 204


1- مدارك نهج البلاغة : 82.

يشكرون ذلك لهم، وانهزم أصحاب الجمل، وتوارى مروان حتى أخذ له الامان من علي بن أبي طالب علیه السلام فآمنه فقال :مروان ما تقرني نفسي حتى آتيه فأبايعه

، فأتاه فبايعه، ثم انصرف مروان إلى المدينة - الى ان قال: وكانت ولايته على الشام ومصر لم يعد ذلك ثمانية أشهر، ويقال: ستة أشهر، وقد قال علي بن أبي طالب له يوما ونظر إليه : ليحملن راية ضلالة بعدما يشيب صدغاه وله إمرة كلحسة الكلب أنقه .(1)

قال البلاذري ( ت / 279 ه-) في أنساب الأشراف ما لفظه : حدثنا محمّد ابن سعد، حدثنا روح بن عبادة، قال: بلغني أن مروان صار يوم الجمل إلى قوم

من ربيعة .

وقال أبو مخنف في اسناده ارتت مروان يوم الجمل، فصار إلى قوم من عنزة وبعث إلى مالك بن مسمع يستجيره، فأشار عليه أخوه مقاتل أن يفعل، فأجاره وسأل عليا له الأمان فآمنه ، وعرض عليه أن يبايعه حين بايعه الناس بالبصرة، فأبى، وقال: ألم تؤمنّي ؟ قال : بلى . قال : فإني لا أبايعك حتى تكرهني . قال علي علیه السلام:

. فإني لا أكرهك، فوالله أن لو بايعتني بأستك لغدرت . ثم إنه مضى إلى معاوية. (2) قال ابن أبي الحديد ( ت / 656ه-) في شرح نهج البلاغة : قد روى هذا الخبر

من طرق كثيرة ، ورويت فيه زيادة لم يذكرها صاحب نهج البلاغة، وهي قوله علیه السلام في مروان يحمل راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه، وإن له إمرة ... إلى آخر الكلام (3)وقوله : فاستشفع الحسن والحسين إلى أمير المؤمنين علیه السلام، هو الوجه، يقال : استشفعت فلانا إلى فلان، أي سألته أن يشفع لي إليه، وتشفعت إلى فلان

ص: 205


1- الطبقات الكبرى ؛ المحمد بن سعد 5: 38-43 .
2- انساب الاشراف 2 : 263
3- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد 6: 146 .

في فلان فشفعني فيه تشفيعا . وقول الناس : استشفعت بفلان إلى فلان - بالباء - ليس بذلك الجيد. وقول أمير المؤمنين علیه السلام أو لم يبايعني بعد قتل عثمان ؟ أي وقد غدر، وهكذا لو بايعني الان . (1)

ص: 206


1- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد 6: 146 .

[ الخطبة ( 75)]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن علي قال : أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين . (عد ، طس وعبد الغني وابن سعيد في ايضاح الاشكال والأصبهاني في الحجة وابن مندة في غرائب شعبة ، كر من طرق) (1)

وباسناده عن علي قال: أمرت بقتال ثلاثة القاسطين والناكثين، والمارقين

: فأما القاسطون فأهل الشام ، وأما الناكثون فذكرهم ، وأما المارقون فأهل النهروان - يعني الحرورية - (ك في الاربعين ، كر ) (2)وباسناده أيضا عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري قال: جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق ليالي قتل علي ، فقالت له: يا عبد الله بن شداد! هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ تحدّثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي ! قال: ومالي لا أصدقك ؟ قالت : فحدثني عن

قصتهم ! قال : فان عليا لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف

سية

ص: 207


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 292
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 292

من قراء الناس فنزلوا بأرض يقال لها: حروراء من جانب الكوفة، وإنهم عتبوا عليه فقالوا انسخلت من قميص البسكه الله سمّاك الله

واسم انطلقت

به ثم فحكمت في دين الله ؟ ولا حكم إلا الله ، فلما أن بلغ عليا ما عتبوا عليه وفارقوه عليه أمر مؤذنا فأذن لا يدخل على أمير المؤمنين علیه السلام إلا رجل قد حمل القرآن ! فلما

أن امتلات الدار من قراء الناس ، دعا بمصحف إمام عظیم فوضعه بين يديه فجعل يصكّه بيده ويقول : أيها المصحف حدّث الناس فناداه الناس، فقالوا: يا

أمير المؤمنين علیه السلام ما تسأل عنه، إنما هو

! مداد في ورق ونحن نتكلم بما روينا منه فماذا تريد ؟ قال : أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله ، يقول الله في كتابه في امرأة ورجل : ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَما مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَقِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ) (1) فأمة محمد أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل ؟ ونقموا عليّ أن كاتبت معاوية : كتب علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو ونحن مع رسول الله الله بالحديبية حين صالح قومه قريشا فكتب

على الله

رسول الله صلى الله عليه وسلم : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فقال سهيل : لا تكتب: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ، فقال : فكيف نكتب ؟ فقال : اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاكتب محمد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ! فقال سهيل: لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك ! فكتب هذا ما صالح محمّد بن عبد الله قريشا والله تعالى يقول في كتابه : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أَسْوَةٌ حَسَنَةُ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ الله

كثيراً )(2) (حم والمدني ع كر )(3)

ص: 208


1- النساء : 35
2- الأحزاب : 21 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 292 ، ح 31554 .

[ الخطبة ( 76)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: رحم الله امرءاً سمع حكما فوعى في كنز الفوائد للشيخ الفقيه الثقة أبي الفتح محمّد بن علي الكراجكي المتوفى سنة 449 انه جاء في الحديث عن الامام الصادق انه قال تكلم أمير المؤمنين علیه السلام بأربع وعشرين كلمة قيمة كل كلمة منها وزن السماوات والارض قال : رحم الله امرءاً استمع فوعي ودعى الى رشاد فدنی الى آخر ماهنا مع زيادة تبلغ بها اربعاً وعشرين كلمة أي فقرة، وذكرت هذه الكلمات عنه في كتاب زهر الآداب وثمر الالباب؛ لابي اسحاق القيرواني المالكي، وذكرها غيره». (انتهى) .(1)قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكراجكي( ت / 449 ه-) في كنز الفوائد»، قال علیه السلام: وجاء في الحديث عن الامام الصادق انه قال: « تكلم أمير المؤمنين صلوات الله عليه باريع وعشرين كلمة قيمة كل كلمة

منها وزن السموات والارض قال : رحم الله امرءا سمع فوعي ودعى الى رشاد فدنا واخذ بحجزه هاد فنجا، راقب ربه وخاف ذنبه ، قدّم خالصا وعمل صالحا ،

ص: 209


1- مدارك نهج البلاغة : 82

اكتسب مذخورا واجتنب محظورا رمى ،غرضا، واخذ عوضا كابر هواه وكذب مناه ، حذر ،أملاً، ورتب ،عملا، جعل الصبر رغبة حياته، والتقى عدة وفاته، يظهر دون ما يكتم ويكتفي بأقل مما يعلم، لزم الطريقة الغراء والمحجة البيضاء اغتنم المهل، وبادر الاجل ، وتزود من العمل .(1)

ونقل العلامة المجلسي (ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار، من كتاب عيون الحكم والمواعظ ؛ لعلي بن محمّد الواسطي استنسخناه من أصل قديم في المواعظ وذكر الموت، وهو خمسمائة وثمانية وثمانون حكمة . قوله علیه السلام: رحم الله

عبدا سمع حكما فوعى، ودعي إلى الرشاد فدنا، وأخذ بحجزة هاد فنجي وراغب ربه ، وخاف ذنبه ، قدم خالصا ، وعمل صالحا ، اكتسب مذخورا، واجتنب ،محذورا، رمى ،غرضا، وأحرز عوضا كابد ،هواه، وكذب مناه، جعل الصبر مطية نجاته والتقوى عدّة ،وفاته، ركب الطريقة الغراء، ولزم المحجة البيضاء، اغتنم

المهل، وبادر الأجل، وتزوّد من العمل» (2)

ص: 210


1- كنز الفوائد ؛ للكراحكي : 162 .
2- بحار الأنوار ؛ للعلّامة المجلسي 77: 423 .

[ الخطبة (77)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: « قوله علیه السلام: «إن بني أمية ليفوقونني تراث ... الخ » أصل هذا الخبر رواه أبو الفرج في كتاب الأغاني على

ما يقال . (1) قال العرشي في التخريج مانصه : رواه أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي في غريب الحديث (196) ب)، وأبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني [ج 11

ص 29] . (انتهى 9(2)

ص: 211


1- مدارك نهج البلاغة : 82.
2- راجع : استناد نهج البلاغة

[ الدعاء ( 78)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج: قوله علیه السلام: أللّهم اغفر لي ما أنت أعلم به منّي ... الخ، ذكر عبد الحميد في شرحه جملة من أدعية الصحيفة السجادية ، وقال : إنها من ادعية أمير المؤمنين علیه السلام، وإن الامام السجاد زين العابدين علیه السلام كان يدعو بها ، ولا نعلم مستنده في ذلك، ولعله وقف على ما يقضي بذلك، أو أنه عرف ذلك من جهة النفس والاسلوب والنظم والطريقة ولكن كلامه شبيه بكلام جده أمير المؤمنين علیه السلام في ذلك ، والله العالم .(1)

ص: 212


1- مدارك نهج البلاغة : 82.

[ الكلام (79)]

قال العرشي في التخريج مانصه : روى الشيخ الصدوق هذه المحادثة بتغيير

يسير في الأمالي (المجلس (64) . (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه عن الشيخ الصدوق (ت /

381ه-) في الأمالي ، قال ما لفظه : حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضی الله عنه، قال حدثني عمّي محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي القرشي، عن نصر بن ،مزاحم، عن عمر بن سعد، عن يوسف بن يزيد عن عبد الله بن عوف بن حمر ، قال : لما أراد أمير المؤمنين علیه السلام المسير إلى النهروان أتاه منجم، فقال له : يا أمير المؤمنين ، لا تسر في هذه الساعة ، وسر في ثلاث ساعات يمضين من النهار. فقال له أمير المؤمنين علیه السلام: ولم ذاك؟ قال: لانك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك أذى وضر شديد، وإن سرت في الساعة التي أمرتك ظفرت

وظهرت وأصبت كل ما طلبت. فقال له أمير المؤمنين علیه السلام تدري ما في بطن هذه الدابة أذكر أم أنثى ؟ قال: إن

ص: 213


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

حسبت علمت قال له أمير المؤمنين علیه السلام من صدقك على هذا القول كذب بالقرآن إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا

تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسُ بِأَي أَرْضِ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرُ ) (1) ما كان محمّد صلی الله علیه و آله وسلم يدعي ما ادعيت أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء، والساعة التي من سار فيها حاق به الضر ؟ من صدقك بهذا استغنى بقولك عن الاستعانة بالله عز وجل في ذلك الوجه، وأحوج إلى الرغبة إليك في دفع المكروه عنه ، وينبغي له أن يوليك الحمد دون ربه عزّ وجل، فمن آمن لك بهذا فقد اتخذك من دون الله ندا وضدا. ثم قال علیه السلام: اللّهم لا طير إلا طيرك، ولا ضير إلا

لها ضيرك ، ولا خير إلا خيرك ، ولا إله غيرك. ثم التفت إلى المنجم ، فقال : بل نكذبك ونخالفك ، ونسير في الساعة التي نهيت عنها (2) ومن الموافقات ما أرويه بالاسناد عن سبط ابن الجوزي (ت / 654 ه- ) قال : روى عكرمة، عن ابن عباس والشعبي عن أبي أراكة قال : لما انصرف أمير المؤمنين علیه السلام من الأنبار أو من الكوفة لقتال الخوارج بالنهروان كان معه مسافر بن عوف بن الأحمر وكان ينظر في النجوم ، فقال له : يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة، وسر في ثلاث ساعات من النهار ، قال : ولم ؟ قال : لانك أن سرت الساعة اصابك ومن معك بلاء وشدة وان سرت في الساعة الثالثة ظفرت فقال الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون، قال الله تعالى لنبيه صلی الله علیه و آله وسلم: ﴿ قُل لا أَمْلِكُ

لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ) (3) وسمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول : لا من صدق منجما أو كاهناً فكأنما كذب

ص: 214


1- لقمان : 34
2- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 500 - 501 .
3- الأعراف: 188

بما أنزل على محمّد ». وفي رواية: «فقد كفر»، وسمعته يقول: «أنما أخاف على امتي اثنين: التصديق بالنجوم، والتكذيب بالقدر»، ثم قال : ما كان لمحمّد صلی الله علیه و آله وسلم منجم، ولا للخلفاء بعده، ثم قال له : هل تعلم ما في بطن فرسي هذه ؟ فقال : ان حسبت علمت فقال: من صدقك بهذا القول كذب بالقرآن قال الله تعالى: (إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ )(1)... الآية، وما كان محمّد صلی الله علیه و آله وسلم له يدعي ما ادعيت علمه، فمن صدقك في قولك كان كمن اتخذ من دون الله ،انداداً، اللّهم لا طائر إلا طائرك ولا خير إلا من عندك ، ولا إله غيرك ، ثم قال : يا بن الأحمر نكذبك ونخالفك ونسير في ظلمات البر والبحر، المنجم كافر والكافر في النار ؛ يا بن الأحمر والله لشن بلغني انك بعدها تنظر في النجوم وتعمل فيها لأجلدتك جلد المفتري ولأخلدنك في الحبس ما بقيت، ولأحر منك العطاء ما عشت وكان لي سلطان . ثم سار أمير المؤمنين في الساعة التي نهاه عن السير فيها فظفر بالخوارج وأبادهم، ثم

:قال فتحنا بلاد كسرى وقيصر وتبع وحمير وجميع البلدان بغير قول منجم.

: أيها الناس توكلوا على الله واتقوه واعتمدوا عليه، ألا تروا به لو سرنا في الساعة التي أشار اليها المنجم لقال الناس : انما ظفرنا بقول المنجم، فتقوا بالله واعلموا ان هذه النجوم مصابيح ، جعلت زينة ورجوماً للشياطين ، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر والمنجمون أضداد الرسل يكذبون بما جاؤا به من عند الله ، لا يرجعون الى قرآن ولا شرع انما يتسترون بالإسلام ظاهراً ويستهزئون بالنبيين

باطناً فهم الذين قال الله فيهم : ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُشْرِكُونَ ) (2) . وفي رواية : ان ابن احمر قال له يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة ، قال :

ولم ؟ قال : لأن القمر في العقرب، فقال: قمرنا أو قمرهم؟».

ص: 215


1- لقمان: 34.
2- يوسف : 106 .

وهذا من احسن الأجوبة. (1)

ورواه السيد ابن طاووس الحسني ( ت / 664ه-) في كتاب النجوم، ثم قال في فرج المهموم : اني رأيت فيما وقفت عليه في كتاب عيون الجواهر ؛ تأليف أبي جعفر محمّد بن بابویه رضوان الله عليه حديث المنجم الذي عرض لمولانا علي صلوات الله عليه عند مسيره للنهروان ،مسندا، وفي رجال روايته من لا يليق في منزلته العمل به والالتفات إليه . فقال ما هذا لفظه : حدثني محمّد بن علي بن ما جيلويه رضی الله عنه قال: حدثني محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي القرشي، عن نصر بن مزاحم المنقري، عن عمر بن سعد، عن يوسف بن يزيد عن مينا عن وجز بن الاحمر قال : لما أراد أمير المؤمنين علیه السلام المسير الى النهروان اتاه منجم ... ثم

ذكر حديثه (2)

ص: 216


1- تذكرة الخواص : 145 ، ط / 1401ه-.
2- فرج المهموم ؛ للسيد ابن طاووس الحسني : 57 .

[ الخطبة (80)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: « قوله علیه السلام معاشر الناس

ان النساء نواقص الايمان ... الى آخره. رواه السبط في التذكرة ورواه غيره».

(انتهى) . (1)

قال العرشي : «الخطبة السابعة والسبعون : روى الشيخ الصدوق في «الأمالي »

( المجلس 50) والشيخ المفيد في كتاب الاختصاص [بحار الانوار[ ج 17

ص 25] منها : فاتقوا شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر [ج

ص 126] . (انتهى) (2)

قال الجلالي: روى الشيخ الكليني ( ت / 329ه-) في الكافي عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه، عمن ذكره، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام في كلام له : اتقوا شرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر ، وإن أمرنكم بالمعروف فخالفوهن كيلا

ص: 217


1- مدارك نهج البلاغة : 81
2- راجع : استناد نهج البلاغة

يطمعن منكم في المنكر (1)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 329ه-) ، قال في الكافي»: وفي حديث

مالك بن أعين قال: حرّض أمير المؤمنين صلوات الله عليه الناس بصفين فقال : إن الله عز وجل دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم وتشفي بكم على الخير الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله، وجعل ثوابه مغفرة للذنب ومساكن طيبة في جنات عدن ، وقال عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانُ مَرْصُوصُ ) (2) فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص، فقدموا الدارع وأخروا الحاسر، وعضوا على النواجد فإنه أنبا للسيوف عن الهام والتووا على أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة وغضوا الأبصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار، ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلا مع شجعانكم ، فإن المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ، ولا تمثلوا بقتيل، وإذا وصلتم إلى رجال القوم فلا تهتكوا سترا، ولا تدخلوا دارا، ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ، ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسبين أمراءكم وصلحاءكم؛ فإنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول، وقد كنا نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة فيعيّر بها وعقبه من بعده، واعلموا أن أهل الحفاظ هم الذين يحقون براياتهم ويكتنفونها ويصيرون حفافيها وورائها وأمامها ولا يضيعونها، لا يتأخرون عنها فيسلموها ، ولا يتقدمون عليها فيفردوها، رحم الله امرءا واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع قرنه وقرن أخيه، فيكتسب بذلك اللائمة، ويأتي بدناءة، وكيف لا يكون كذلك ؟ وهو يقاتل الاثنين، وهذا ممسك

ص: 218


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 517:5 .
2- الصف : 4 .

يده قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه ينظر إليه، وهذا فمن يفعله يمقته الله فلا تعرضوا لمقت الله عز وجل، فإنما مفرّكم إلى الله ، وقد قال الله عز وجل ولن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً )(1) وأيم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيوف الآجلة فاستعينوا بالصبر والصدق، فانما ينزل النصر بعد الصبر ، فجاهدوا في الله حق جهاده ولا قوة

إلا بالله».

وقال علیه السلام حين مرّ براية لأهل الشام أصحابها لا يزولون عن مواضعهم فقال علیه السلام: إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم، وضرب يفلق الهام ويطيح العظام ويسقط منه المعاصم والأكف حتى تصدع جباههم بعمد الحديد، وتنثر حواجبهم على الصدور والأذقان ، أين أهل الصبر وطلاب الأجر ؟! فسارت إليه عصابة من المسلمين فعادت ميمنته إلى موقفها ومصافها وكشفت مَن بإزائها، فأقبل حتى انتهى إليهم ، وقال علیه السلام: إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم، تحوزكم الجفاة والطغاة وأعراب أهل الشام وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم، وعمّار الليل بتلاوة القرآن ودعوة أهل الحق إذ ضل الخاطئون، فلولا إقبالكم بعد إدباركم وكرّكم بعد انحيازكم لوجب عليكم ما يجب على المولي يوم الزحف دبره، وكنتم فيما أرى من الهالكين، ولقد هوّن على بعض وجدي وشفى بعض وحاوح صدري إذا رأيتكم حزتموهم كما حازوكم ، فأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم وأنتم تضربونهم بالسيوف حتى ركب أولهم أخرهم كالإبل المطرودة إليهم الآن فاصبروا نزلت عليكم السكينة وثبتكم الله باليقين، وليعلم المنهزم بأنه مسخط ربه وموبق نفسه، إن في الفرار موجدة الله والذل اللازم والعار الباقي وفساد العيش عليه، وإن الفار لغير مزيد في عمره

ص: 219


1- الأحزاب : 16 .

ولا محجوز بينه وبين يومه ولا يرضى ربه، ولموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبيس بها والإقرار عليها .

وفي كلام له آخر وإذا لقيتم هؤلاء القوم غدا فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم ، فإذا بدؤوا بكم فانهدوا إليهم وعليكم السكينة والوقار وعضوا على الأضراس فإنه أنبا للسيوف عن الهام وغضوا الأبصار ومدّوا جباه الخيول ووجوه الرجال وأقلّوا

الكلام فإنه أطرد للفشل وأذهب بالوهن ووطنوا أنفسكم على المبارزة والمنازلة والمجادلة، واثبتوا واذكروا الله عز وجل كثيرا، فإن المانع للذمار عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الذين يحقون براياتهم ويضربون حافتيها وأمامها ، وإذا حملتم فافعلوا فعل رجل واحد، وعليكم بالتحامي فإن الحرب سجال ، لا يشدّون عليكم كرة بعد فرة ولا حملة بعد جولة، ومن ألقى إليكم السلام فاقبلوا منه واستعينوا بالصبر فإن بعد الصبر النصر من الله عزّ وجل ، إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِيَةُ لِلْمُتَّقِينَ (1) (2)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في «الأمالي»: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار رضی الله عنه، قال : حدثنا أبي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان عن أبي الجارود، عن أبي جعفر الباقر ، عن أبيه، عن جدّه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: من وقف نفسه موقف التهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سره كانت الخيرة بيده وكل حديث جاوز اثنين فشاء وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا ، وعليك بإخوان الصدق فأكثر من اكتسابهم، فإنهم عدة عند الرخاء وجنّة عند البلاء، وشاور في حديثك

ص: 220


1- الأعراف : 128
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 5: 4339

الذين يخافون الله ، وأحبب الاخوان على قدر التقوى واتقوا شرار النساء

وكونوا من خيارهنّ على حذر إن أمرنكم بالمعروف فخالفوهنّ، كيلا يطمعن

منكم في المنكر» (1)

ص: 221


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 380 .

[ الكلام ( 781)]

قال العرشي : رواه الشيخ الصدوق باختلاف ضئيل في معاني الاخبار. (انتهى). (1) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

( ت / 328ه-) في «الكافي»: بل الزهد في الدنيا ان لاتكون بما في يدك أوثق منك بما عند الله عزوجل

وبالاسناد عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن سنان، عن مالك عطية، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل محمّد

قال: سمعت أمير المؤمنين علیه السلام يقول : الزهد في الدنيا قصر الأمل، وشكر كل نعمة، والورع عن كل ما حرم الله عز وجل(2)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381 ه-) في معاني الأخبار» حدثنا

محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضی الله عنه قال حدثنا محمّد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عن أبيه، عن محمّد بن سنان عن

مالك بن عطية الاحمسي ، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، قال: سمعت أمير المؤمنين

ص: 222


1- راجع : استناد نهج البلاغة
2- الكافي للشيخ الكليني 5: 71

صلوات الله عليه يقول : الزهد في الدنيا قصر الامل وشكر كل نعمة والورع عما

حرم الله عليك (1)

ص: 223


1- معاني الأخبار ؛ للشيخ الصدوق : 251

[ الكلام (82)]

قال العرشي في التخريج مانصه : روى الكلام كله المبرد في الكامل ج 1

88] ] وأبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي البصري المتوفى 321

(933م) في كتاب المجتنى (13) والحراني في تحف العقول (47) وأبو علي القالي في كتاب «الأمالي » ( ج 2 ص 122) . (انتهى) . (1)(ج)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن ابن شعبة الحراني ( ت / 336ه-) في تحف العقول ، قال : وقال علیه السلام له في ذم الدنيا أولها عناء وآخرها فناء،

في حلالها حساب وفي حرامها عقاب من صح فيها أمن. ومن مرض فيها ندم. من استغنى فيها فتن. ومن افتقر فيها حزن. من ساعاها فاتته . ومن قعد عنها أتته . ومن نظر إليها أعمته . ومن نظر بها بصرته . (2) وقال أبو الفتح الكراجكي ( ت / 446 ه-) في كنز الفوائد ومن بديع كلام أمير المؤمنين علیه السلام الذي حفظ عنه : ان رجلا قطع عليه خطبته وقال له: صف لنا الدنيا ، فقال : اوّلها عناء وآخرها بلاء، حلالها حساب وحرامها عقاب من صح فيها أمن ،

ص: 224


1- راجع : استناد نهج البلاغة
2- تحف العقول ؛ لابن شعبة الحراني: 201.

ومن مرض فيها ندم، ومن استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن، ومن سعاها فاتته، ومن قعد عنها انته، ومن نظر إليها ألهته، ومن تهاون بها نصرته . ثم عاد الى مكانه من خطبته صلوات الله عليه . وهذه اعلى الرتب درجة في حضور الخاطب. (1)وبالاسناد عن الموفق الخوارزمي ( ت / 568ه-) في المناقب : وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان، حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا، حدثنا الحسين بن عبد الرحمان، حدثنا عبيد الله بن محمد التقي عن شيخ من بني عدي، قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب : يا أمير المؤمنين صف لنا الدنيا ، قال : وما أصف لك من دار من صح فيها أمن، ومن سلم فيها ندم، ومن افتقر فيها حزن ، ومن استغنى فيها فتن، في حلالها حساب ، وفي حرامها النار (2) وبالاسناد الى المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن علي أنه

از سئل عن الدنيا ؟ فقال : أطيل أم أقصر ؟ فقيل : أقصر، فقال: حلالها حساب و حرامها عذاب، فدعوا الحلال لطول الحساب، ودعوا الحرام لطول العذاب.

ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا والدينوري كر. وعن شيخ من بني عدي قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب يا أمير المؤمنين صف لنا الدنيا، قال: وما أصف لك من دار من صح فيها أمن، ومن سقم فيها ندم ومن افتقر فيها حزن ، ومن استغنى فيها ،فتن حلالها حساب وحرامها النار .

ابن أبي الدنيا والدينوري . (3)

ص: 225


1- كنز الفوائد ؛ لأبي الفتح الكراجكي : 160
2- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 364 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 719:3 ، ح 8566 و 8567

[ الخطبة ( 83)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: «الحمد لله الذي علا بحوله ودنى بطوله ... الى آخره.» هذه الخطبة الجليلة في البلاغة والفصاحة وحسن الانسجام والجمع للمحسنات البديعية لاتجارى ولا تبارى وفيها من اللطائف والدقائق ما عده الشارح الفاضل من معجزاته علیه السلام الّتي فات بها البلغاء وأخرس الفصحاء . وقال السيّد الشريف بعد انتهائها وفي الخبر انّه علیه السلام لما

خطب بهذه الخطبة اقشعرت لها الجلود وبكت العيون ورجفت القلوب ومن

الناس من يسمي

هذه الخطبة : الغراء.

ونقل الشارح المذكور أن الشيخ أبا عثمان قال: حدثني تمامة قال: سمعت جعفر بن يحيى و كان من أبلغ الناس وأفصحهم يقول : الكتابة ضم الكلمة إلى أختها ، ألم تسمعوا قول شاعر لشاعر وقد تفاخر: أنا أشعر منك ؛ لاني أقول البيت وأخاه، وأنت تقول البيت وابن عمه . ثم قال وناهيك حسناً بقول علي بن أبي

- طالب علیه السلام: هل من مناص أو خلاص أو معاذ أو ملاذ .

قال أبو عثمان وكان جعفر يعجب بقول علي علیه السلام: أين من جد واجتهد وجمع واحتشد وبنى فشيّد ؛ وفرش ،فمهد قال: ألا ترى ان كل لفظة منها آخذة بعنق

ص: 226

قرينتها، جاذبة إياها إلى نفسها ؟ ثم ذكر الشارح فصاحته علیه السلام وأنه أفصح من كل ناطق بلغة العرب من الأولين والآخرين... إلى آخر ما كتبه في ص 99 من

المجلد الثاني. ويتجلى لك مما كتبناه هنا : أن هؤلاء الافاضل الاعلام يرون أن هذه الخطبة من

كلام مولانا أمير المؤمنين لا يخالجهم في ذلك شك، ولا يخامرهم فيها ريب وكفى بهؤلاء حججاً على صحة الاسناد، وأدلة على ثبوت الرواية على أن هذه الخطبة تشهد بنفسها لنفسها ، فان مفرداتها سهلة سلسة، لا وحشية ولا معقدة، وجملها حسنة المعاني، سريعة الوصول إلى الافهام، وقد اشتملت على أكثر المحسنات البديعية من المقابلة والمطابقة وحسن التقسيم ورد الكلام على صدره والترصيع والتسهيم والتوشيح والمماثلة والاستعارة والموازنة والتكافؤ والتسميط والمشاكلة، وغير ذلك.

قال الشارح الفاضل ولا شبهة أن هذه الصفات كلها موجودة في خطب أمير

: المؤمنين علیه السلام وكتبه ، مبثوثة متفرقة في فرش كلامه علیه السلام، وليس يوجد هذان الامران [ ما يعتبر في مفردات الكلام وما يعتبر في مركباته ] في كلام أحد غيره ... الى اخره . وقد تلخص من ذلك أن من قرأ هذه الخطبة، وكان من أهل الذوق والتمييز والمعرفة بأساليب الكلام، وقد تذوق كلام أمير المؤمنين علیه السلام واستضاء بنوره وأستنشق أريج شذاه يكاد يجزم بأن هذا الثمر من ذلك الشجر، وهذه الغرفة من ذلك البحر ، فالمتن شاهد لايحتاج إلى تعديل ، وسند عال للاخبار المراسيل، وقد ختم الشارح الفاضل شرحه لهذه الخطبة بقوله : واعلم إن تكلف الاستدلال على أن الشمس مضيئة يتعب ، وصاحبه منسوب إلى السفه، وليس جاحد الأمور

المعلومة علماً ضرورياً بأشد سفهاً ممن رام الاستدلال بالادلة النظرية عليها. وقوله علیه السلام: ( عباد مخلوقون اقتداراً ... الخ ) رواه في تحف العقول للحسن بن

ص: 227

{

علي بن شعبة المتوفى سنة 332 ه مرسلا قال وقال علیه السلام: إنكم مخلوقون اقتداراً ومربوبون اقتساراً ثم ذكر بعده جملة من الفقرات المذكورة في هذه الخطبة. وكذلك القاضي القضاعي، فانه ذكر في الباب الثالث فيما روي عنه من المواعظ قوله : إنكم ،مخلوقون ، و أتبعه بجمل من هذه الخطبة ، ثم أدخل فيما رواه

جملا من خطب أخرى مذكورة في النهج وجعل الجميع كلاماً واحداً » . (1) قال العرشي في التخريج مانصه : روى أبو نعيم الأصفهاني أكثرها في الحلية ج 1 ص 78] ، كما روى علي بن محمّد الواسطي جزءا منها في عيون الحكم

والمواعظ [بحارج 17 ص 112]». (انتهى)(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه عن العلامة المجلسي (ت/1111ه-) عن علي بن محمد الواسطي في كتابه عيون الحكم والمواعظ، عن نسخة عتيقة، قال المجلسي عنها : استنسخناه من أصل قديم في المواعظ (

اسناده

وذكر الموت»(3) وبالاسناد عن سبط ابن الجوزي ( ت / 654ه- ) قال : فصل ومن كلامه في

المواعظ والرقائق . قال أبو نعيم الأصبهاني في كتاب الحلية، وقد تقدم حدثنا عمر بن محمّد، حدثنا الحسين بن محمّد بن عفير ، حدثنا الحسن بن علي، حدثنا خلف بن تميم، عن عمر بن الرحال عن العلاء بن المسيب، عن عبد خیر قال : قال لي علي : ليس الخير ان يكثر مالك وولدك، ولكن الخير ان يكثر علمك ويعظم حلمك، فلا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين رجل أذنب ذنوباً ، فهو يتدارك ذلك بتوبة، ورجل يسارع في الخيرات، ولا يقل عملا في

،تقوی، فكيف يقل ما يتقبل.

ص: 228


1- مدارك نهج البلاغة : 85.
2- راجع استناد
3- بحار الأنوار 423 77 .

وقال أبو نعيم : حدثنا أبي ابراهيم بن محمّد بن الحسن، قال: كتب الى احمد بن ابراهيم بن هشام الدمشقي، حدثنا ابن صفوان عن القاسم بن يزيد بن عوانة عن ابن حرب، عن ابن عجلان، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، قال:

شيع أمير المؤمنين علیه السلام جنازة، فلما وضعت في لحدها عج أهلها وبكوا فقال: تبكون؟ أما والله لو عاينوا ما عاين لأذهلهم ذلك عن البكاء عليه، أما والله ان له اليهم لعودة ثم عودة حتى لا يبقى منهم أحد. ثم قام فيهم فقال : أوصيكم بتقوى الله - عباد الله - الذي ضرب لكم الأمثال ووقت الاجال ، وجعل لكم اسماعا تعي ما عناها ، وأفئدة تفهم ما دهاها ، ان الله لم يخلقكم عبثاً، ولم يضرب عنكم الذكر صفحاً ، بل اكرمكم بالنعم السوابغ والآلاء السوائغ ، فاتقوا الله عباد الله وحتّوا في الطلب وبادروا بالعمل قبل الندم، قبل هادم اللذات ومفرّق الجماعات، فان الدنيا لا يدوم نعيمها، ولا يؤمن فجائعها، غرور حائل، وسناد مائل، ونعيم زائل، وجيد عاطل ، فاتعظوا عباد الله بالعبر وازدجروا بالنذر ، فكأن قد علقتكم مخاليب المنية واحاطت بكم البلية، ودهمتكم مقطعات الأمور بنفخ الصور وبعثرة القبور، وسياق الحشر والموقف للحساب في النشور وبرز الخلائق للمبدئ المعيد، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ونوقش على القليل والكثير والفتيل والنقير، واشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب فارتجت لذلك اليوم البلاد، وخشع العباد ونادى المنادي من مكان قريب وحشرت الوحوش وزوجت النفوس، وبرزت الجحيم قد تأجج جحيمها وغلا حميمها، فاتقوا الله عباد الله تقية من وجل وحذر وابصر وازدجر فاحتث طلباً ونجا هرباً ، وقدم للمعاد، واستظهر من الزاد وكفى بالله منتقماً وبالكتاب خصيماً

وبالجنة ثواباً ونعيماً.

ص: 229

وفي رواية: وكفى بالجنة ثواباً وبالنار وبالا وعقاباً، واستغفر الله لي ولكم. قلت : وقعت الينا الفاظ من هذا الكتاب حذفنا اسنادها طلبا للاختصار الذي هو

فصل الخطاب(1)

ص: 230


1- تذكرة الخواص ؛ 124 ، ط بیروت.

[ الخطبة ( 84)]

قال الجلالي: قال البلاذري ( ت / 279ه-) في أنساب الأشراف ما لفظه : حدثني محمد بن سعد، عن الواقدي، عمن حدثه، عن عيسى بن طلحة قال: قلت لابن عباس : أخبرني عن أبي بكر ؟ فقال : كان خيرا كله على حين كانت فيه وشك غضب [ظ ] قلت: فعمر ؟ قال : كان كأنه طائر حذر قد نصبت له أحبولة، فهو يعطي كل يوم بما فيه على عنف السياق . قلت: فعثمان ؟ قال : كان والله صواما قواما يخدعه نومه عن يقظته . قلت : فصاحبكم ؟ قال : كان مركوزا حلما وعلما ، وغره من أمره اثنتان سابقته وزالته كذا ] :قلت أكان محدودا ؟ قال : أنتم تقولون ذاك. :قالوا: وكان عمرو بن العاص يقول: إن في علي دعابة وهزّة فقال علي زعم إبن النابغة أني تلعابة تمزاحة، ذو دعابة، أعافس وأمارس هيهات يمنعني من ذاك خوف الموت وذكر البعث والحساب ومن كان ذا قلب ففي هذا له واعظ وزاجر ، أما وشرّ القول الكذب، وإنه ليحدث فيكذب، ويعد فيخلف، ويحلف فيحنث، فإذا كان يوم البأس فأيّ أمر وزاجر ما لم تأخذ السيوف مآخذها من هام الرجال، فإذا كان ذلك فأعظم مكيدته في نفسه أن يمنح القوم أسته» (1)

ص: 231


1- انساب الاشراف ؛ للبلاذري : 150 - 151

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: عجبا لابن النابغة... إلى آخره . ذكر في كتاب عيون الاخبار لابن قتيبة مع اختلاف يسير

وزيادة في هذه الرواية على تلك . ورواه ابن قتيبة في عيون الأخبار [ج ص 164] والبيهقي في كتاب المحاسن المساوي[ ج 1 ص 39] وشيخ الطائفة في الامالي (82) .(1) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في «الأمالي »: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: أخبرني الحسن بن علي ، قال : حدثنا أحمد بن سعید ، قال : حدثني الزبير بن بكار، قال حدثنا علي بن محمّد، قال: كان عمرو بن العاص يقول: إن في علي دعابة. فبلغ ذلك أمير المؤمنين علیه السلام فقال: زعم ابن النابغة أني تلعابة، مزّاحة، ذو دعابة ، أعافس وأمارس، هيهات يمنع من العفاس والمراس ذكر الموت وخوف البعث والحساب، ومن كان له قلب ، ففي هذا له واعظ وزاجر ، أما وشر القول الكذب، إنه ليحدث فيكذب ويعد فيخلف ، فإذا كان البأس فأي زاجر وآمر هوا ما لم تأخذ السيوف هام الرجال، فإذا كان ذلك

فاعظم مكيدته في نفسه أن يمنح القوم استه (2)

ص: 232


1- مدارك نهج البلاغة : 87.
2- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 131

[ الخطبة (85)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج قوله علیه السلام: وأشهد أن

لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... الخ ، قال عبد الحميد في شرحه ص 120 ج 2 بعد أن ذكر أن في هذا الفصل - على اختصاره - من مسائل التوحيد ثمانياً وعددها، واعلم أن التوحيد والعدل والمباحث الشريفة الالهية ما عرفت إلا من كلام هذا الرجل، وأن كلام غيره من أكابر الصحابة لم يتضمن شيئاً من ذلك أصلا ولا كانوا

يتصورونه ولو تصوروه لذكروه.

قال: وهذه الفضيلة عندي أعظم فضائله علیه السلام. وذكر مثل هذا الكلام في[ ص 228 ج 2 ]قلت: وهذا مما يؤيد صدور هذا الكلام منه ونسبته اليه دون غيره

ر 228ج من أهل عصره» . (1)

ص: 233


1- مدارك نهج البلاغة : 86.

[ الخطبة (87)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: «قوله علیه السلام حتى يظنّ الظان ان الدنيا ... الى آخره. قيل: ان هذه الخطبة طويلة، وان الرضي رحمه الله قد حذف منها كثيراً، ومن جملة ذلك اما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة... الى آخره .(1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد عن أحمد بن محمّد خالد البرقي ( ت / 274 - ح ) في المحاسن ، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عمن ذكره عن علي علیه السلام أنه كان يقول: إن أفضل ما يتوسل به المتوسلون الايمان بالله وبرسوله والجهاد في سبيل الله ، وكلمة الاخلاص فانها الفطرة، وتمام الصلاة فانها الملة وايتاء الزكاة فانها من فرائض ،الله، وصوم شهر رمضان فانها جنّة من عذابه، وحج البيت فانها منفاة للفقر ومدحضة للذنب، وصلة الرحم مثراة للمال ومنسأة في الأجل، وصدقة السر، فانها تطفئ الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وصنائع الخير والمعروف ، فانها تدفع ميتة السوء، وتقي مصارع الهول ألا فاصدقوا فان الله مع من صدق، وجانبوا

ص: 234


1- مدارك نهج البلاغة : 87.

الكذب فان الكذب مجانب للايمان، ألا إن الصادق على شفا منجاة وكرامة، ألا وإن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة، ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من اهله وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم وصلوا الارحام من(1) قطعكم، وعودوا ، بالفضل عليهم . (2)

وتقدم مقاطع منها في الخطبة ( 64) من رواية المنقري، فليراجع.

ص: 235


1- كذا في المصدر ، ولعل الصحيح : ممن.
2- المحاسن ؛ لأحمد بن محمّد بن خالد البرقي 1 : 289 .

[ الخطبة (88)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: أما بعد فان الله لم يقصم جباري دهر ... الخ، روى هذه الخطبة الشيخ الثقة الكليني في روضة الكافي، ورواها الشيخ المفيد في الارشاد، والروايات مختلفة في اللفظ والمقدار» (1) قال العرشي في التخريج مانصه : رواها الكليني في كتاب الروضة من فروع

الكافي [ج 3 ص 31] ، والشيخ المفيد في الارشاد (168) . (انتهى)(2)، قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني في « الكافي» في عنوان ( خطبة لامير المؤمنين علیه السلام) بالاسناد عن أحمد بن محمّد الكوفي، عن جعفر بن عبد الله المحمّدي، عن أبي روح فرج بن قرة، عن جعفر ، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: خطب أمير المؤمنين علیه السلام بالمدينة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله ، ثم قال: أمّا بعد، فإنّ الله تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهر إلا من بعد تمهيل ورخاء

بن عبد الله .

ص: 236


1- مدارك نهج البلاغة : 87 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

ولم يجبر كسر عظم من الامم إلا بعد أزل وبلاء.

أيها الناس في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر، وماكل

ذي قلب ،بلبيب، ولا كل ذي سمع بسميع، ولا كل ذي ناظر عين ببصير. عباد الله ! أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه ، ثم انظروا إلى عرصات من قد أقاده الله بعلمه كانوا على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزروع ومقام كريم، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والأمر والنهي، ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان - والله - مخلدون، والله عاقبة الامور. فيا عجبا ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ، لا يقتصون أثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا، وكل امرئ منهم إمام نفسه، أخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات، فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلا خطأ، لا ينالون تقربا ولن يزدادوا إلا بعدا من الله عز وجل انس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض، كل ذلك وحشةً مما ورث النبي صلی الله علیه و آله وسلم الامامي الا الله ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والارض أهل حسرات، وكهوف ،شبهات وأهل عشوات وضلالة وريبة من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتهم عند من لا يعرفه، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها ووا أسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها

اليوم كيف يستذل بعدي بعضها ؟ بعضا وكيف يقتل بعضها بعضا ؟ المتشتة غدا عن الاصل النازلة بالفرع المؤملة الفتح من غير جهته ، كلّ حزب منهم أخذ منه ،بغصن أينما مال الغصن مال معه ، مع أن الله - وله الحمد - سيجمع هؤلاء لشر يوم

، لبني أمية، كما يجمع قزع الخريف يؤلف الله بينهم ، ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنتين سيل العرم؛

ص: 237

حيث بعث عليه فارة فلم يثبت عليه أكمة ، ولم يرد سننه رض طود ، يذعذعهم الله في بطون أودية ثم يسلكهم ينابيع في الارض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم

، ويمكن بهم قوما في ديار قوم؛ تشريدا لبني امية، ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا يضعضع الله بهم ركنا وينقض بهم طي الجنادل من إرم، ويملأ منهم بطنان الزيتون. فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليكونن ذلك، وكأني أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم، وأيم الله ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ والتمكين في البلاد كما تذوب الآلية على النار من مات منهم مات ضالا، وإلى الله عز وجل يفضي منهم من درج، ويتوب الله عز وجل على من تاب ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء، وليس لاحد على الله عز ذكره الخيرة، بل الله الخيرة

والأمر جميعا.

أيها الناس إن المنتحلين للامامة من غير أهلها كثير، ولو لم تتخاذلوا عن مرّ

، الحق ولم تهنوا عن توهين الباطل لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم ولم يقو من قوي عليكم وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها ، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى بن عمران علیه السلام، ولعمري ليضاعفن عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو اسرائيل، ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدة سلطان بني امية لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة وأحييتم الباطل وخلفتم الحق وراء ظهوركم ، وقطعتم الادنى من أهل بدر، ووصلتم الابعد من أبناء الحرب ع ل الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم او العمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدن-ا التمحيص للجزاء، وقرب الوعد وانقضت المدة، وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق، ولاح لكم القمر المنير، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة، واعلموا أنكم إن

اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلی الله علیه و آله وسلم، فتداويتم من العمى والصم

والبكم ، وكفيتم مؤونة الطلب والتعسّف ونبذتم الثقل الفادح عن الاعناق

ص: 238

ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَي مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ )(1)(2)

ص: 239


1- الشعراء: 227
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 8: 63 - 66 .

[ الخطبة (89)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: «قوله علیه السلام: أرسله على حين فترة من الرسل ... الخ، روى الكليني رحمه الله في أصول الكافي شيئاً منها، وذكر الشارح الفاضل اختلاف الرواية فى بعض ألفاظها) (1)

قال العرشي في التخريج مانصه : ( رواها الكليني في أصول الكافي 15) ويلوح من أقوال ابن أبي الحديد في شرحه[ ج 1 ص 344] أن الخطبة رويت بروايات عديدة». (انتهى )(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في الكافي ، عن محّمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله علیه السلامقال: قال أمير المؤمنين علیه السلام: أيها الناس إن الله تبارك وتعالى أرسل إليكم الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وأنزل إليه

الكتاب بالحق وأنتم اميون عن الكتاب ومن أنزله ، وعن الرسول ومن أرسله

على حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الامم، وانبساط من الجهل

ص: 240


1- مدارك نهج البلاغة : 87
2- راجع: استناد نهج البلاغة .

واعتراض من الفتنة وانتقاض من المبرم، وعمي عن الحق واعتساف من الجور، وامتحاق من الدين وتلظ من الحروب، على حين اصفرار من رياض جنات الدنيا، ويبس من أغصانها وانتشار من ورقها، ويأس من ثمرها واغورار من مائها، قد درست أعلام الهدى، فظهرت أعلام الردى، فالدنيا متهجمة، في وجوه أهلها مكفهرة ، مدبرة غير مقبلة، ثمرتها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف ودثارها السيف، مزّقتم كل ممزق وقد أعمت عيون أهلها، وأظلمت عليها أيامها قد قطعوا أرحامهم، وسفكوا دمائهم، ودفنوا في التراب الموؤدة بينهم من أولادهم، يجتاز دونهم طيب العيش ورفاهية خفوض الدنيا ، لا يرجون الله ثوابا ولا يخافون - والله - منه عقابا حيهم أعمى نجس، وميتهم في النار

من

مبلس، فجاءهم بنسخة ما في الصحف الأولى، وتصديق الذي بين يديه وتفصيل الحلال من ريب الحرام . ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم ، اخبركم عنه، إن فيه علم ما مضى، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه لعلمتكم .(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن علي قال : إن الدنيا قد ارتحلت مديرة ، وإن الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما ،بنون فكونوا

من أبناء أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، ألا وإن الزاهدين في الدنيا اتخذوا الارض بساطا والتراب فراشا والماء طيبا، ألا من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ألا إن الله عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلّدين، وأهل النار في النار ،معذبين شرورهم مأمونة ، وقلوبهم محزونة، وأنفسهم عفيفة وحوائجهم خفيفة، صبروا أياما لعقبى رحلة طويلة، أما الليل فصافون أقدامهم

ص: 241


1- الكافي؛ للشيخ الكليني 1: 60 .

تجري دموعهم على خدودهم يجأرون إلى ربهم ربّنا ربّنا يطلبون فكاك رقابهم، وأما النهار فعلماء حلماء بررة أتقياء، أنهم القداح ينظرون إليهم ناظر

:

فيقول : مرضى ؟ وما بالقوم من مرض ، وخولطوا، ولقد خالط القوم أمرا عظيم.

(الدينوري كر ) (1)

ص: 242


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3: 719 ، ح 8566 .

[ الخطبة (91)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: الحمد الله ( الذي لا يفره المنع والجمود ... الخ ، هذه الخطبة الجليلة رواها في النهج الذي عليه شرح الفاضل ابن أبي الحديد، والذي عليه شرح العلامة بن ميثم عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام أنه قال خطب أمير المؤمنين علیه السلام بهذه الخطبة على منبر الكوفة ... الخ .

وقد رواها الشيخ الصدوق في كتابه المعروف بتوحيد الصدوق، قال: حدثنا على بن محمّد بن عمران الدقاق، قال: حدثنا محمّد بن عبدالله الكوفي، قال: حدثنا محمّد بن اسماعيل البرمكي ، قال : حدثني علي بن العباس، قال: حدثني اسماعيل بن مهران الكوفي ، عن إسماعيل بن إسحاق الجهني، عن فرج بن فورة،

عن مسعدة بن صدقة ، قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام، يقول : بينا أمير المؤمنين علیه السلام يخطب على منبر الكوفة إذ قام اليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا ربك تبارك وتعالى لنزداد له حباً وبه ،معرفة، فغضب أمير المؤمنين علیه السلام ونادى الصلاة

جامعة. فاجتمع الناس حتى غص المسجد باهله ثم قام متغير اللون فقال : الحمد لله الذي لا يفره المنع ولا يكديه الاعطاء... إلى آخر ما رواه الصدوق منها في

ص: 243

الكتاب المذكور؛ وما رواه السيد هنا أطول مما رواه الصدوق منها ، ومخالف له

بعض الألفاظ وبعض الفقرات .

قال الشارح الفاضل في شرح الفصل المتضمن لصفة الملائكة من هذه الخطبة : هذا موضع المثل إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، إذا جاء هذا الكلام الرباني واللفظ القدسي بطلت فصاحة العرب وكانت نسبة الفصيح من كلامها اليه نسبة التراب الى النظار الخالص، ولو فرضنا ان العرب تقدر على الالفاظ الفصيحة المناسبة أو المقاربة لهذه الالفاظ، من أين لهم المادة التي عبرت هذه الالفاظ عنها ؟ ومن اين تعرف الجاهلية بل الصحابة المعاصرون لرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم هذه المعانى الغامضة السمائية ليتهيأ لها التعبير عنها ، أما الجاهلية فانهم إنما كانت تظهر فصاحتهم في صفة أو فرس أو حمار وحش أو ثور فلاة أو صفة جبال أو

بعير فلوات ونحو ذلك ، وأما الصحابة فالمذكورن منهم بفصاحة إنما كان منتهى فصاحة أحدهم كلمات لا تتجاوز السطرين أو الثلاثة، إما في موعظة تتضمن ذكر الموت أو ذم الدنيا أو ما يتعلق بحرب وقتال من ترغيب أو ترهيب، فأما الكلام

الملائكة وصفاتها وصورها وعباداتها وتسبيحها ومعرفتها بخالقها وحبها له

وولهها اليه وما جرى مجرى ذلك مما تضمنه هذا الفصل على طوله ، فانه لم يكن معروفا عندهم على هذا التفصيل ، نعم ربما علموه جملة غير مقسمة هذا التقسيم ولا مرتبة هذا الترتيب بما سمعوه من ذكر الملائكة في القرآن العظيم، واما من عنده علم من هذه المادة، فلم تكن لهم هذه العبارة، ولا قدروا على هذه الفصاحة ، فثبت أن هذه الامور الدقيقة في مثل هذه العبارة الفصيحة لم تحصل إلا لعلي وحده» (1)

في قال العرشي في التخريج مانصه : الخطبة السابعة والثمانون، وتعرف بخطبة

ص: 244


1- مدارك نهج البلاغة : 88.

الأشباح، وهي من جلائل خطبه : الحمد لله الذي لا يفره المنع والجمود، ولا يكديه الاعطاء والجود... الى آخره [. ج 1 ص 159] . رواها ابن عبد ربه في العقد

الفريد [ ج 2 ص 200] ، والشيخ الصدوق في كتاب التوحيد (36) (انتهى ) (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد، عن محمّد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات: حدثنا الحسن بن علي بن النعمان وأحمد بن محمّد جميعا عن علي بن النعمان قال : حدثنى من دخل على أبي عبد الله علیه السلام، فقال

له قد سألت اهل بيتك فلم ار عندهم فيه شيئا قال وما هو ؟ يرون ان عليا

قال سلوني قبل ان تفقدوني فوالله لا تسألوني عن ارض مخصبة ولا ارض مجدبة ولافئة تضل مائة وتهدى مائة ، الا ان شئت انبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، قال: قال أبو عبد الله علیه السلام: فان هذا حق». وايضاً : حدثنا محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن المفضل، عن سلام قال: قلت لابي عبد الله : انا نروى احاديث لم نجد عند احد من اهل بيتك فيها شيئا ، فقال : ماهي ؟ قلت : يروون ان عليا كان يقول وهو يخطب الناس يا ايها الناس سلوني ، فانكم لن تسألوني عن شئ فيما بيني وبين الساعة، لا عن ارض مجدبة ولا عن أرض مخصبة ولا عن فرقة تضل مائة وتهدي مائة الا أن لو شئت أنبأكم بناعقها وقائدها وسائقها، قال: وانه حق.

وأيضاً : حدثنا ابراهيم بن هاشم عن جعفر بن محمّد، عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه قال : قال امير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام: سلوني قبل ان تفقدوني، فوالله لا تسألوني عن فئة تهدي مائة الا اخبرتكم

بسائقها وناعقها حتى يخرج الدجال . وقال أيضاً : حدثنا محمّد بن عيسى عن محمّد بن اسماعيل، عن منصور بن

ص: 245


1- راجع استناد نهج البلاغة .

يونس، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ارض مخصبة ولا ارض مجدبة ولافئة تضل مائة وتهدي مائة إلا أنا

أعلمها ، وقد علّمتها اهل بيتي يعلم كبيرهم وصغيرهم إلى ان تقوم الساعة». ثقال حدثنا احمد بن محمّد، عن علي بن الحكم عن سلام القصير، قال:

قلت لأبي عبد الله : إنا نروى احاديث لم نجد عند اهل بيتك فيها شيئا، قال: وما هي ؟ قلت : يروون ان عليا علیه السلام قال : (سلوني - وهو يخطب - فانكم لا تسألون عن شئ فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن أرض مخصبة ولا عن ارض مجدبة ولا فئة تضل مائة وتهدي مائة ، الا ان شئت انبأتكم بناعقها وسائقها وقائدها

فقال : أنه حق».

وقال حدثنا ابراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير، عن منصور، عن عمرو بن

شمر مثله .

وقال : حدثنا أبو الفضل العلوي، عن سعيد بن عيسى البصري، عن ابراهيم بن الحكم، عن أبيه ، عن شريك بن عبد الله عن عبد الله ، عن عبد الأعلى عن أبي وقاص، عن سلمان الفارسي رحمه الله عن أمير المؤمنين علیه السلام قال: قال: سلوني عمّا يكون إلى يوم القيامة، وعن كل فئة تضل مائة وتهدي مائة وعن سائقها

وناعقها وقائدها إلى يوم القيامة.

وقال حدثنا عبد الله بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة، عن سويد بن غفلة، قال: انا عند امير المؤمنين علیه السلام إذا اتاه رجل فقال : يا امير المؤمنين علیه السلام

جئتك من وادي القرى ، وقد مات خالد بن عرفة ، فقال أمير المؤمنين علیه السلام: انه لم یمت فأعادها عليه فقال له علي : لم يمت والذي نفسي بيده لا يموت فأعادها عليه الثالثة ، فقال : سبحان الله ، اخبرك انه مات وتقول : لم يمت ، فقال له على علیه السلام لم يمت والذي نفسي بيده لا يموت حتى يقود جيش ضلالة يحمل

ص: 246

رايته حبيب بن جماز قال: فسمع بذلك حبيب فأتى أمير المؤمنين علیه السلام، فقال: ناشدتك في وانا لك شيعة؟ ، وقد ذكرتني بأمر - لا والله - ما اعرفه من نفسي، فقال له علي علیه السلام: ان كنت حبيب بن جماز فتحملها، فولى حبيب بن جماز وقال: ان كنت حبيب بن جماز لتحملنها ، قال أبو حمزة فو الله ما مات حتى بعث عمر

بن سعد إلى الحسين علیه السلام بن علي علیه السلام وجعل ابن عرفطة على مقدمته وحبيب

صاحب رايته».

وقال: حدثنا محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن عنبسة بن العابد، عن مغيرة مولى عبد المؤمن الانصاري، عن سعد بن الأصبغ، قال: سمعت عليا علیه السلام يقول على هذا المنبر سلوني قبل ان تفقدوني، والله ما من ارض مخصبة ولا ،مجدبة، ولافئة تضل مائة وتهدي مائة إلا وقد عرفت قائدها وسائقها ، وقد اخبرت بهذا رجلا من اهل بيتي يخبرها كبيرهم لصغيرهم إلى ان تقوم الساعة . (1)

وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار الدقاق والقطان، والسناني جميعا، عن أحمد بن زكريا القطان، عن محمّد بن العباس، عن محمّد بن أبي السري، عن أحمد بن عبد الله بن يونس عن سعد بن طريف الكناني، عن صبغ بن نباتة ، قال : لما جلس علي علیه السلام في الخلافة وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمّما بعمامة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، لابساً بردة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم منتعلا نعل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، متقلدا سيف رسول الله ، فصعد المنبر فجلس عليه متمكنا ، ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ، ثم قال: يا معاشر الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله له ، هذا ما زقّني رسول الله صلى الله عليه وسلم زقا زقا، سلوني، فإن عندي علم الاولين والآخرين، أما والله لو ثنيت لي وسادة فجلست

ص: 247


1- بصائر الدرجات لمحمّد بن الحسن الصفار : 316 - 318

وهي القيامة، عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في ، وأفتيت أهل الانجيل بإنجيلهم حتى ينطق الانجيل فيقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول : صدق على ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في . وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا ، فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه ؟ ولولا آية في كتاب الله عزّ وجل لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم هذه الآية: ﴿ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )(1) ثم قال : قال سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن أية آية في ليل انزلت أو في نهار انزلت مكيها ومدنيها، سفرتها وحضرتها(2) قال الجلالي وفي هذا الحديث أجوبة من الامام للسائلين، وهو يردد هذه الجملة : سلوني قبل ان تفقدوني» وقد روى الشيخ المفيد هذا الحديث في الاختصاص، عن علي بن محمّد الشعراني ، عن الحسن بن علي بن شعيب عن عيسى بن محمّد العلوي، عن محمّد بن العباس، كما ورواه الطبرسي في الاحتجاج مرسلاً . (3)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) قال: حدثنا علي بن أحمد بن عمران الدقاق رحمه الله ، قال : حدثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثني علي بن العباس قال: حدثني إسماعيل بن مهران الكوفي ، عن إسماعيل بن إسحاق الجهني ، عن فرج بن فروة،

صدقة ، قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول: بينما أمير المؤمنين علیه السلام عن مسعدة بن

ص: 248


1- الرعد : 39 .
2- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 117:10 - 118
3- بحار الانوار للعلامة المجلس 13:7

يخطب على المنبر بالكوفة إذ قام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين صف لنا ربك تبارك وتعالى لنزداد له حبًا وبه معرفة .

فغضب أمير المؤمنين علیه السلام، ونادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس حتى غص المسجد بأهله ، ثم قام متغيّر اللون، فقال: الحمد لله الذي لا يفره المنع ، ولا يكديه الاعطاء ؛ إذ كل معط منتقص سواه، الملئ بفوائد النعم وعوائد المزيد، وبجوده ضمن عيالة الخلق، فأنهج سبيل الطلب للراغبين إليه، فليس بما سئل أجود منه بما لم يسأل ، وما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال، ولو وه ب ما تنفست عنه معادن الجبال وضحكت عنه أصداف البحار من فلذ اللجين وسبائك العقيان ونضائد المرجان لبعض عبيده ، لما أثر ذلك في وجوده ولا أنفد سعة ما عنده، ولكان عنده من ذخائر الافضال ما لا ينفذه مطالب السؤال ولا يخطر لكثرته على بال، لانه الجواد الذي لا تنقصه المواهب، ولا ينحله إلحاح الملحين ، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، الذي عجزت الملائكة - على قربهم من كرسي كرامته، وطول ولههم إليه وتعظيم جلال عزّه ، وقربهم من غيب ملكوته - أن يعلموا من أمره إلا ما أعلمهم، وهم من ملكوت القدس بحيث هم من معرفته على ما فطرهم عليه أن ( قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) (1) . فما ظنك أيها السائل بمن هو هكذا، سبحانه وبحمده، لم يحدث فيمكن فيه التغيّر والانتقال، ولم يتصرف في ذاته بكرور الاحوال، ولم يختلف عليه حقب الليالي والايام الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ولا مقدار

احتذى عليه من معبود كان قبله ولم تحط به الصفات فيكون بادراكها إياه بالحدود متناهيا وما زال - ليس كمثله شي - عن صفة المخلوقين متعاليا، وانحسرت الابصار عن أن تناله فيكون بالعيان موصوفا ، وبالذات التي لا يعلمها

ص: 249


1- البقرة : 32 .

إلا هو عند خلقه معروفا ، وفات لعلوّه على أعلى الاشياء مواقع رجم المتوهمين وارتفع عن أن تحوي كنه عظمته فهاهة رويات المتفكرين، فليس له مثل فيكون ما يخلق مشبها به ، وما زال عند أهل المعرفة به عن الاشباه والاضداد منزّها كذب العادلون بالله إذ شبهوه بمثل أصنافهم، وحلوه حلية المخلوقين بأوهامهم، وجزوه بتقدير منتج خواطرهم، وقدّروه على الخلق المختلفة القوى بقرائح عقولهم، وكيف يكون من لا يقدر قدره مقدرا في رويات الأوهام، وقد ضلت في إدراك كنهه هواجس الاحلام ؛ لانه أجل من أن يحده ألباب البشر بالتفكير ، أو يحيط به الملائكة على قربهم من ملكوت عزته بتقدير ، تعالى عن أن يكون له كفو فيشبه به ؛ لانه اللطيف الذي إذا أرادت الاوهام أن تقع عليه في عميقات غيوب ملكه وحاولت الفكر المبرّأة من خطر الوسواس إدراك علم ذاته، وتولّهت القلوب إليه لتحوي منه مكيفا في صفاته، وغمضت مداخل العقول من حيث لا تبلغه الصفات لتنال على الهيته ، ردعت خاسئة وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلصة إليه سبحانه رجعت إذ جبهت معترفة بأنه لا ينال بحور الاعتساف كنه معرفته ، ولا يخطر ببال اولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته لبعده من أن يكون في قوى المحدودين، لانه خلاف خلفه، فلا شبه له من المخلوقين وإنما يشبه الشئ ،بعديله، فأما مالا عديل له فكيف يشبه بغير مثاله ، وهو البدي الذي لم يكن شي قبله، والآخر الذي ليس شي بعده، لا تناله الابصار من مجد جبروته إذ حجبها بحجب لا تنفذ في ثخن كثافته ، ولا تخرق إلى ذي العرش متانة خصائص ستراته . الذي صدرت الأمور عن مشيته، وتصاغرت عزّة المتجبرين دون جلال عظمته، وخضعت له الرقاب ، وعنت الوجوه من مخافته، وظهرت في بدائع الذي أحدثها آثار حكمته وصار كل شئ خلق حجة له ومنتسبا إليه، فإن كان خلقا صامتها فحجته بالتدبير ناطقة فيه، فقدر ما خلق ، فأحكم تقديره، ووضع كل شي

ص: 250

بلطف تدبيره ،موضعه ووجّهه بجهة فلم يبلغ منه شي حدود منزلته، ولم يقصر دون الانتهاء إلى مشيته ، ولم يستعصب إذ أمره بالمضي إلى إرادته ، بلا معاناة للغوب مسه، ولا مكائدة لمخالف له على أمره ، فتمّ خلقه، وأذعن لطاعته، ووافي الوقت الذي أخرجه إليه، إجابة لم يعترض دونها ريث المبطئ، ولا أناة المتلكئ، فأقام من الاشياء أودها، ونهى معالم حدودها، ولأم بقدرته بين متضادتها، ووصل أسباب قرائنها، وخالف بين ألوانها ، وفرّقها أجناسا مختلفات في الاقدار والغرائز والهيئات، بدايا خلائق أحكم صنعها، وفطرها على ما أراد إذ ابتدعها ، انتظم علمه صنوف ذرؤها، وأدرك تدبيره حسن تقديرها. أيها السائل، إعلم أن من شبه ربنا الجليل بتباين أعضاء خلقه وبتلاحم أحقاق مفاصلهم المحتجبة بتدبير حكمته أنه لم يعقد غيب ضميره على معرفته ولم يشاهد قلبه اليقين بأنه لا ند له ، وكأنه لم يسمع بتبري التابعين من المتبوعين وهم يقولون: ( تَاللهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينِ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)(1) فمن ساوى ربنا

بشئ فقد عدل به والعادل به کافر بما نزلت به محکمات آیاته ونطقت به شواهد حجج بيناته ، لانه الله الذي لم يتناه في العقول فيكون في مهب فكرها مكيفا، وفي حواصل رويات همم النفوس محدودا مصرفا المنشئ أصناف الاشياء بلا روية احتاج إليها، ولا قريحة غريزة أضمر عليها، ولا تجربة أفادها من مر حوادث الدهور ، ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الامور ، الذي لما شبهه العادلون بالخلق المبعض المحدود في صفاته، ذي الاقطار والنواحي المختلفة في طبقاته، وكان عزوجل الموجود بنفسه لا بأداته انتفى أن يكون قدروه حق قدره، فقال تنزيها لنفسه عن مشاركة الأنداد وارتفاعا عن قياس المقدرين له بالحدود من كفرة العباد : ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ

ص: 251


1- الشعراء: 97-98

مَطْوِيَّاتُ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (1) ما دلّك القرآن عليه من صفته فاتبعه ليوصل بينك وبين معرفته، وأتم به، واستضئ بنور هدايته، فإنها نعمة وحكمة اوتيتهما ، فخذ ما اوتيت وكن من الشاكرين ، وما ذلك الشيطان عليه مما ليس في القرآن عليك ،فرضه، ولا فى سنة الرسول وأئمة الهدى أثره، فكل علمه إلى الله عزوجل، فإن ذلك منتهى حق الله عليك.

واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب، فلزموا الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فقالوا آمَنَّا بِهِ كُلُّ مِنْ عِندِ رَبَّنَا ) (2) فمدح الله عز وجل اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، وسمّى تركهم التعمّق في ما لم يكلفهم البحث عنه منهم ،رسوخا، فاقتصر على ذلك، ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين(3)

وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في الاختصاص عن علي بن

محمّد الشعراني عن الحسن بن علي بن شعيب عن عيسى بن محمّد العلوي، عن محمّد بن العباس بن بسام عن محمّد بن أبي السري عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن يونس، عن سعد الكناني، عن الأصبغ بن نباتة قال لما جلس أمير المؤمنين في الخلافة وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمما بعمامة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، ولابسا بردة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم منتعلا نعل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، متقلدا سيف رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فصعد المنبر فجلس عليه متكنا، ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ، ثم قال يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني ، هذا سفط العلم هذا

رسول

ص: 252


1- الزمر : 67
2- آل عمران : 7 .
3- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : 49-56 .

لعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا ما زقني رسول الله ، فاسألوني، فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله لو ثنيت لى وسادة وجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول: صدق علي م-ا كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله فى ، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأنتم تتلون الكتاب ليلا ونهارا ، فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه؟ ولولا آية في كتاب الله عزوجل ، لأخبرتكم بما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة وهي آية ﴿ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَاب ) (1).

النسمة وبرء ير

ثم قال علیه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالذي فلق الحبة لو سألتموني عن أية آية في ليل انزلت أو في نهار انزلت مكيّها ومدنيها، سفريهاوحضريها ، ناسخها ومنسوخها ، محكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها

الأخبرتكم به. فقام إليه رجل يقال له: ذعلب وكان ذرب اللسان بليغا في الخطب، شجاع القلب ، فقال : لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلته اليوم لكم في مسألتي إياه، فقال: يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربك ؟

فقال : ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره .

قال: فكيف رأيته ، صفه لنا .

قال : ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، ويلك يا ذعلب إن ربي لا يوصف بالبعد ، ولا بالحركة، ولا بالسكون ، ولا بقيام - قيام انتصاب - ولا بجيئة ؟ ولا بذهاب، لطيف اللطافة، لا يوصف باللطف،

ص: 253


1- الرعد : 39 .

عظيم العظمة لا يوصف بالعظم ، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة، مؤمن لا بعبادة مدرك لا بمجسة، قائل لا بلفظ، هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق كل شي ولا يقال شي فوقه أمام كل شئ ولا يقال له أمام داخل في

الأشياء لاكشئ في شي داخل خارج منها لا كشئ من شي خارج. فخر ذعلب مغشيا عليه، ثم قال بالله ما سمعت بمثل هذا الجواب، والله

لا عدت إلى مثلها أبدا.

ثم قال علیه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني.

فقام إليه الأشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس

الجزية ولم ينزل عليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي ؟ قال : بلى يا أشعث قد أنزل الله تعالى عليهم كتابا وبعث إليهم نبيا وكان لهم ملك سكر ذات ليلة ، فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها ، فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه فقالوا أيها الملك دنّست علينا ديننا ،فأهلكته ، فاخرج نطهرك ونقم عليك الحد ، فقال لهم : اجتمعوا واسمعوا كلامي فإن يكن لي مخرج مما ارتكبت وإلا فشأنكم، فاجتمعوا فقال لهم : هل علمتم أن الله عز وجل لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم و امنا حواء؟ قالوا: صدقت أيها الملك قال : أو ليس قد زوج بنيه بناته وبناته من بنيه ؟ قالوا صدقت هذا هو الدين، فتعاقدوا على ذلك، فمحا الله ما في صدورهم من العلم ورفع عنهم الكتاب، فهم الكفرة يدخلون النار بغير حساب والمنافقون أشد حالا فقال الأشعث: والله ما سمعت بمثل هذا الجواب، والله لا عدت إلى مثلها أبدا.

منهم.

ثم قال علیه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني.

فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكنا على عكازه ، فلم يزل يتخطى الناس

ص: 254

حتى دنى منه فقال : يا أمير المؤمنين دلّني على عمل إن أنا عملته نجاني الله تعالى

من النار.

فقال له : اسمع يا هذا ثم افهم، ثم استيقن ؛ قامت الدنيا بثلاثة بعالم ناطق مستعمل لعلمه، ويغني لا يبخل بماله عن أهل دين الله ، وبفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه وبخل الغني ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور، وعندها يعرف العارفون بالله ، أن الدار قد رجعت إلى بدئها - أي إلى الكفر بعد الإيمان أيها السائل فلا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى، إنما الناس ثلاثة : زاهد وراغب وصابر ، فأما الزاهد فلا يفرح بشي من الدنيا أتاه ، ولا يحزن على شئ منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فان أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه بما يعلم من سوء عاقبتها، وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أو من حرام.

قال: يا أمير المؤمنين وما علامات المؤمن في ذلك الزمان؟ :قال ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه ، وينظر إلى ما خالف فيتبرأ

منه وإن كان حبيبا قريبا.

قال: صدقت - والله يا أمير المؤمنين ، ثم غاب الرجل ولم نره، فطلبه الناس فلم

يجدوه فتبسم على المنبر ، ثم قال : مالكم ؟ هذا أخي الخضر . ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني فلم يقم إليه أحد، فحمد الله وأثنى عليه

وصلی علی نبیه صلی الله علیه و آله وسلم (1)وبالاسناد الثالث عن الهاروني ( ت / 424 ه-) قال : أخبرنا أبي رحمه الله تعالى :قال اخبرنا محمّد بن عبد الله بن سلام :قال اخبرنا أبي، قال: حدثنا ابراهيم بن

سلیمان، قال حدثنا علي بن الخطاب الخثعمي، قال: حدثنا احمد بن محمّد

ص: 255


1- لاختصاص ؛ للشيخ المفيد : 235 - 236

الانصاري، عن بشير، عن زيد بن اسلم ان رجلاً سأل امير المؤمنين علیه السلام في مسجد الكوفة ، فقال له يا امير المؤمنين هل تصف لنا ربك فنزداد له حباً وبه معرفة ؟ فغضب علي علیه السلام ونادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس حتى غص المسجد بأهله ، ثم صعد المنبر وهو مغضب متغير اللون، فحمد الله واثنى عليه وصلّى على النبي صلی الله علیه و آله وسلم ثم قال : الحمد لله الذي لا يفره المنع ولا يكديه الاعطاء؛ إذ كل معط ينتقص ،سواه، هو المنان بفوائد النعم وعوائد المزيد والقسم، ضمن عيالة خلقه وانهج سبيل الطلب للراغبين اليه، وليس بما سئل بأجود منه فيما لم يسأل، وما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال، ولو ذهب ما تنفست عنه معادن الجبال وضحكت عنه اصداف البحار من فلز اللجين وسبايك العقيان ونشار الدرّ وحصايد المرجان لبعض عبيده لما اثر في جوده ولا أنفد سعة ما عنده، ولكان عنده من ذخائر الافضال ما لم تنفده مطالب السؤال ولا تخطر لكثرته على بال لأنه الجواد الذي لا تنقصه المواهب ولا يبخله الحاح الملحين ، وانما أمره إذا اراد شيئاً

ان يقول له كن فيكون ، فما ظنكم بمن هو هكذا سبحانه وبحمده ؟ . ايها السائل اعقل عن ما سألتني عنه ولا تسألن احداً عنه بعدي ، فاني اكفيك مؤنة الطلب وشدة التعمق في المذهب، وكيف يوصف الذي سألتني عنه وهو الذي عجزت الملائكة - مع قربهم من كرسي كرامته وطول ولههم اليه وتعظيم جلال عزته وقربهم من غيب ملكوت قدرته - ان يعلموا من علمه إلا ما علمهم وهم من ملكوت القدس بحيث هم من معرفته على ما فطرهم عليه، فقالوا (سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )(1)، فعليك ايها السائل بما دلك عليه القرآن من صفته، وتقدمك فيه الرسل بينك وبين معرفته فأتم به، واستظل بنور هدايته فإنما هي نعمة وحكمة اوتيتها، فخذ ما أوتيت وكن

ص: 256


1- البقرة : 32 .

من الشاكرين وما كلّفك الشيطان فكل علمه إلى الله سبحانه، فان ذلك منتهى

حق الله عليك .

اعلم أيها السائل ان الراسخين في العلم هم الذين اغناهم عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من تفسير الغيب المحجوب، فقالوا:( آمَنَّا بِهِ كُلُّ مِنْ عِندِ رَبَّنَا ) (1) فحمد الله سبحانه اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، وسمّى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخاً ، فأقتصر على ذلك، واعلم ان الله لم يحدث فيمكن فيه التغيّر والانتقال، ولم تتصرف في ذاته كرور الاحوال، ولم تخلف عليه عقب الايام والليالي، وهو الذي خلق الخلق على غير مثال امتثله ولا مقدار احتذى عليه من خالق كان قبله، بل أرانا من ملكوت قدرته وعجائب ما نطقت به آثار حكمته واعتراف الحاجة من الخلق الى ان يقيمها بمساك قدرته ما دلّنا باضطرار قيام الحجة له علينا ،معرفة، ولا تحط به الصفات فيكون بادراكها اياه بالحدود متناهياً، وما زال هو الله الذي ليس كمثله شيء على صفة المخلوقين متعالياً عن الأشباه والانداد ، وجلّ وعلى أن تناله الابصار فيكون بالعيان موصوفاً ، وارتفع عن ان تحوي كنه عظمته فهالت روايات المتفكرين وليس له مثل فيكون بالخلق مشبهاً، وما زال عند اهل المعرفة عن الاشباه والانداد منزّهاً ، كذب العادلون بالله إذ شبهوه بأصنامهم وحلوه بتحلية المخلوقين بأوهامهم، وكيف لما لا يقدر قدرة مقدر في روايات، الأوهام لأنه اجل من ان تحده ألباب البشر بتفكير، وهو أعلى ما يكون له كفو فيشبه بنظير ، فسبحانه وتعالى عن جهل المخلوقين، فسبحانه وتعالى عن افك الجاهلين، فأين يناه بأحدكم ؟ وأن يدرك ما لا يدرك؟

والله المستعان .

ص: 257


1- آل عمران : 57

وعلق على ذلك السيد الامام ابو طالب الحسني رضي الله تعالى عنه بقوله : ما

جميع صفات

تشتمل هذه الخطبة عليه من ذكر عجز المخلوقين عن المعرفة على الله تعالى المراد به العجز عن معرفة معلوماته ومقدوراته وعجائب صنعهوخلقه على التفصيل، ومقادير نعمه على خلقه، وما اختص به تعالى من علم الغيب الذي لم يطلع البشر عليه(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 985 ه-) في كنز العمال عن مسند (ت)

علي علیه السلام، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: شهدت علي بن أبي طالب يخطب فقال في خطبته سلوني، فوالله لا تسألوني عن شي يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به، سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية الا أنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل نزلت أم في جبل ، فقام اليه ابن الكواء ، فقال : يا أمير المؤمنين ، (ما وَالذَّارِيَاتِ ذَرُواً ) (2) ؟ فقال له : ويلك سل تفقها ولا تسأل تعنتا، ﴿ وَالدَّارِيَاتِ ذَرُواً ) (3)الرياح ، ( فَالْحامِلاتِ وقراً ) (4) السحاب،( فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً ) (5)السفن، ﴿ فَالْمُقَسَّماتِ أَمْراً)(6)الملائكة . فقال: فما السواد الذي في القمر ؟ فقال : أعمى يسأل عن عمياء، قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةٌ ) (7)آية الليل السواد الذي في القمر ، قال : فما كان ذو القرنين أنبيا أم ملكا ؟ فقال : لم يكن

ص: 258


1- تيسير المطالب : 202 - 204 ، ط / 1395ه-.
2- الذاريات : 1 .
3- الذاريات : 1.
4- الذاريات : 2 .
5- الذاريات : 3.
6- الذاريات : 4 .
7- الاسراء : 12 .

وهي واحدا منهما ، كان عبد الله أحب الله فأحبه الله ، وناصح الله فنصحه الله ، بعثه الله إلى قومه يدعوهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الأيمن، ثم مكث ما شاء الله ، ثم بعثه الله إلى قومه يدعوهم إلى الهدى، فضربوه على قرنه الأيسر، ولم يكن له قرنان كقرني الثور :قال فما هذه القوس ؟ قال هي علامة كانت بين نوح وبين ربه،

أمان من الغرق قال فما البيت المعمور ؟ قال : البيت فوق سبع سماوات تحت العرش ، يقال له : الصراح، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة ، قال : فمن ( الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً ) (1)؟ قال: هم الافجران من قريش قد كفيتموهم يوم بدر ، قال : فمن ( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) (2)؟ قال : قد كان أهل حروراء منهم. (ابن الانباري في المصاحف وابن عبد البر في العلم ) )(3)

ص: 259


1- ابراهیم : 28 .
2- الكهف : 104 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 2: 565 .

[ الكلام (92)]

قال العرشي في التخريج مانصّه : رواها الطبري في تاريخه [ج 5 ص 156] كما رواها ابو علي احمد بن مسكويه المتوفى سنة 421 ه- ( 1030ه-) في تجارب الامم[ ج 1 ص 508] (انتهى) (1) قال الجلالي : تقدم قوله علیه السلام: فاني وزيرا لكم خير من أمير ، راجع الخطبة (16).

ص: 260


1- راجع : استناد نهج البلاغة

[ الخطبة ( 93)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج: « قوله علیه السلام: اما بعد ايها الناس فأنا فقأت ... إلى آخره. قال الشارح الفاضل في (ج 2 ص 178) هذه الخطبة ذكرها جماعة من اصحاب السير، وهي متداولة منقولة مستفيضة، خطب بها علي علیه السلام بعد القضاء امر النهروان وفيها الفاظ لم يوردها الرضي رضی الله عنه . الى آخره» (1)

وقال العرشي في التخريج مانصه : قال ابن أبي الحديد في شرحه [ج 1 ص 316] وهذه الخطبة ذكرها جماعة من اصحاب السير وهي متداولة مستفيضة خطب بها على رضی الله عنه بعد انقضاء امر النهروان » . (انتهى) (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما ارويه بالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات»: حدثنا أبو على الحسين بن ابراهيم بن عبد الله بن منصور، قال: حدثنا محمّد بن يوسف، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: قال ابراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي، قال: حدثنا

ص: 261


1- مدارك نهج اللاغة : 88
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

اسماعيل بن أبان قال: حدثنا عبد الغفار بن القاسم بن قيس بن فهد من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، قال : حدثنا المنصور بن عمرو عن زر بن حبيش قال سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضی الله عنه يخطب ....

قال ابراهيم وأخبرني أحمد بن عمران بن محمّد أبي ليلى الانصاري قال: حدثني أبي، قال: حدثني ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش :قال خطب على رضی الله عنه النهروان ثم اتفقا يزيد أحدهما حرفا وينقص حرفا والمعنى واحد ، قال : خطب فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس، أما بعد أنا فقأت عين الفتنة ولم يكن أحد ليجترئ عليها غيري . وفي حديث ابن أبي ليلى لم يكن ليفقأها أحد غيري، ولو لم أك فيكم ما قوتل أصحاب الجمل وأهل النهروان وأيم الله لو لا أن تنكلوا وتدعوا العمل لحدثتكم بما قضى الله على لسان نبيكم صلی الله علیه و آله وسلملعل الله لمن قاتلهم مبصرا الضلالتهم عارفا للهدى الذي نحن عليه ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني، إني ميت أو مقتول ، بل قتلا (1)، ما ينتظر أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم، وضرب

بيده إلى لحيته، والذي نفسي بيده لا تسألوني عن شئ فيما بينكم وبين الساعة ولا عن فئة تضل مائة أو تهدى مائة إلّا نبأتكم بناعقها وسائقها .

فقام إليه رجل فقال : حدثنا يا أمير المؤمنين عن البلاء ، قال : إنكم في زمان إذا سأل سائل فليعقل، وإذا سئل مسؤول فليثبت، ألا وإن من ورائكم أمورا أتتكم جللا مزوجا وبلاء مكلحا مبلحا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إن لو فقدتموني و نزلت كرانة الامور وحقائق البلاء لقد أطرق كثير من السائلين وفشل كثير من المسؤولين، وذلك إذا قلصت حربكم، وشمرت عن ساق، وكانت الدنيا بلاء عليكم وعلى أهل بيتي حتى يفتح الله لبقية الابرار ، فانصروا قوما كانوا أصحاب

ص: 262


1- في بعض النصوص المتقدمة : « فإني ميت عن قريب أو مقتول، بل قتلا » فراجع.

رايات يوم بدر ويوم حنين تنصروا وتؤجروا ، ولا تسبقوهم فتصر عكم البلية. فقام إليه رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين حدثنا عن الفتن، قال: ان الفتن إذا أقبلت شبهت ، وإذا أدبرت نبهت يشبهن مقبلات ويعرفن مديرات، ان الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا ويخطئن اخرى ، ألا إن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني امية، انها فتنة عمياء مظلمة مطينة، عمّت فتنتها وخصت بليتها ، وأصاب البلاء من أبصر فيها، وأخطأ البلاء من عمي عنها، يظهر أهل باطلها على أهل حقها، حتى يملأ الأرض عدوانا وظلما وبدعا، وان أوّل من يضع جبروتها ويكسر عمدها وينزع أوتادها الله رب العالمين، وأيم الله لتجدن بني أمية أرباب سوء لكم بعدي كالناب الضروس تعض بفيها وتخبط بيديها وتضرب برجليها وتمنع درّها لا يزالون بكم حتى لا يتركوا في مصركم إلا تابعا لهم أو غير ضار، ولا يزال بلاؤهم بكم حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم الا مثل انتصار العبد من ربه، إذا رآه أطاعه وإذا توارى عنه شتمه ، وأيم الله لو فرّقوكم تحت كل حجر لجمعكم الله لشر يوم لهم ، ألا ان من بعدي جماع شتى ألا ان قبلتكم واحدة، وجحكم واحد وعمرتكم ،واحدة والقلوب مختلفة، ثم أدخل أصابعه بعضها في بعض . فقام رجل فقال: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا هكذا، يقتل هذا هذا ، ويقتل هذا هذا، قطعا جاهلية، ليس فيها هدى ولا علم ،يرى، نحن أهل البيت منها بمنجاة

ولسنا فيها بدعاة .

فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين، ما نصنع في ذلك الزمان؟ قال: انظروا

أهل بيت نبيكم، فان لبدوا فالبدوا، وأن استصرخوكم فانصروهم تؤجروا ولا تسبقوهم فتصر عكم البلية. فقام رجل آخر فقال : ثم ما يكون بعد هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: ثم ان الله تعالى يفرج الفتن برجل منا أهل البيت كتفريج الاديم، بأبي ابن خيرة الاماء،

ص: 263

يروني خسفا ويسقيهم بكأس مصبّرة ، فلا يعطيهم الا السيف هرجا هرجا

يسو مهم يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر، ودت قريش عند ذلك بالدنيا وما فيها لو مقاما واحدا قدر حلب شاة أو جزر جزور لاقبل منهم بعض الذي يرد عليهم حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، فيغريه الله ببني امية فيجعلهم ( مَّلْمُونِينَ أَيْنَما تُقِفُوا أَخِذُوا وَقُتُلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ) (1).

حدثنا محمّد قال: حدثنا الحسن قال حدثنا إبراهيم قال أخبرني إبراهيم ابن المبارك البجلي وإبراهيم بن العباس البصري الازدي، أيهما حدثني بهذا الحديث عن ابن المبارك، قال حدثنا بكر بن عيسى، قال: حدثنا إسماعيل بن خالد البجلي ، عن عمرو بن قيس عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش الاسدي أنه قال: سمعت عليا علیه السلام يقول: أنا فقأت الفتنة، ولو لا أنا ما قوتل

عين أهل النهروان ولا أصحاب الجمل، ولولا أني أخشى أن تنكلوا فتدعوا العمل لاخبرتكم بالذي قضى الله على لسان نبيكم لمن قاتلهم مبصرا بضلالهم عارفا للهدى الذي نحن عليه . (2)

وبالاسناد عن عن جعفر بن محمّد بن قولويه ( ت 367/ ه-) في كامل الزيارات قال : حدثني أبي رضی الله عنه، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عبد الجبار، عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن جعفر بن محمّد بن حكيم، عن عبد السمين يرفعه الى أمير المؤمنين علیه السلام، قال : كان امير المؤمنين علیه السلام يخطب الناس وهو يقول: سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله ما تسألوني عن شئ مضى ولا شي يكون إلا نبأتكم به، قال: فقام إليه سعد بن أبي وقاص، وقال: يا امير المؤمنين، أخبرني

ص: 264


1- الأحزاب : 61 - 63 .
2- الغارات ؛ لابراهيم بن محمد الثقفي 1: 131

كم في رأسي ولحيتي من شعرة؟

فقال له : والله لقد سألتني عن مسألة حدثني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنك ستسألني عنها، وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلا وفي أصلها شيطان جالس، وان في بيتك لسخلا يقتل الحسين ابني، وعمر يومئذ يدرج بين يدي ابيه (1). وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381 ه-) في التوحيد قال : قال وهب بن وهب القرشي : سمعت الصادق علیه السلام يقول : قدم وفد من أهل فلسطين على الباقر فسألوه عن مسائل فأجابهم ، ثم سألوه عن الصمد، فقال: تفسيره فيه، الصمد خمسة أحرف : فالالف دليل على إنّيته ، وهو قوله عز وجل : ﴿ شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إلهَ إِلَّا هُوَ ) (2)، وذلك تنبيه وإشارة إلى الغائب عن درك الحواس، واللام دليل على إلهيته بأنه هو الله ، والالف واللام مدغمان لا يظهران على اللسان ولا يقعان في السمع، ويظهران في الكتابة دليلان على أن الهيته بلطفه خافية لا تدرك بالحواس ولا تقع في لسان واصف، ولا اذن سامع ... إلى أن قال علیه السلام: لو وجدت لعلمي الذي أتاني الله عزوجل حملة لنشرت التوحيد والاسلام والايمان والدين والشرائع من الصمد، وكيف لي بذلك ولم يجد جدي أمير المؤمنين علیه السلام لعلمه حتى كان يتنفس الصعداء ويقول على المنبر : سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين الجوانح منّي علما جما، هاه هاه ألا لا أجد من يحمله ، ألا وإني عليكم من الله الحجة البالغة فلا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد ينسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور. ثم قال الباقر علیه السلام: الحمد لله الذي منّ علينا ووفقنا لعبادته، الأحد ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدُ ) (3) الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له

ص: 265


1- كامل الزيارات : الجعفر بن محمّد بن قولويه : 155
2- آل عمران : 18
3- الإخلاص : 1.

كفوا أحد، وجنبنا عبادة الأوثان ، حمدا سرمدا وشكرا واصبا ، وقوله عز وجل : ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ )(1) يقول : لم يلد عز و جل فيكون له ولد يرثه ( وَلَمْ يُولَدْ ) فيكون له والد يشركه في ربوبيته وملكه وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدُ ) (2) (فيعاونه في سلطانه )(3)﴿ وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في «الأمالي»: حدثنا محمد بن

القمي

محمد قال: حدثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابویه قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمّد بن يحيى العطار، قال حدثنا

أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن عن خلف بن حماد الازدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي، قال: كان علي أمير المؤمنين كثيرا ما يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله ما من أرض مخصبة ولا مجدبة، ولا فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا وأنا أعلم قائدها وسائقها وناعقها إلى يوم القيامة (4)وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق»: أخبرنا أبو / المعالي عبد الله بن أحمد بن محمّد ، نا أبو بكر بن خلف ، أنا الحاكم الإمام أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول : سمعت عبد الله بن الحسين بن الحسن الأشقر - ويقال له : ابن الطبال بالكوفة - يقول : سمعت محمّد بن فضيل يقول : سمعت ابن شبرمة يقول : ما كان أحد يقول على المنبر سلوني عمّا بين اللوحين، إلا علي بن أبي طالب.

أخبرنا أبو طالب بن أبي عقيل، أنا أبو الحسن الخلعي أنا أبو محمّد بن

ص: 266


1- الإخلاص : 3.
2- الإخلاص : 1-4 .
3- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : 92-93 .
4- ألأمالي ؛ للشيخ الطوسي

النحاس أنا أبو سعيد بن الأعرابي قال: سمعت عبد الله بن الحسين - يعني ابن الحسن بن الأشقر - يقول : سمعت محمّد بن فضيل يقول : سمعت ابن شبرمة يقول : ما كان أحد على المنبر يقول : سلوني عمّا بين اللوحين إلا علي بن أبي طالب.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسن بن النقور، أنا عيسى بن علي نا عبد الله بن محمّد نا عثمان بن أبي شيبة، نا سفيان بن عيينة ، عن يحيى - بن سعيد قال: أراه عن سعيد بن المسيب - قال : لم يكن أحد من أصحاب النبي صلی الله علیه و آله وسلميقول: سلوني إلا علي .

قال عبد الله بن محمد : ورواه غير عثمان عن سفيان، عن يحيى، عن سعيد

بغير شك.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن وأبو الفضل بن خيرون قالا: أنا عبد الملك بن ،محمّد أنا أبو على محمّد بن أحمد، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، نا الحسن بن علي، نا الهيثم بن الأشعث السلمي، نا أبو حنيفة اليمامي الأنصاري، عن عمير بن عبد الله قال : خطبنا علي على منبر الكوفة

خالد

فقال: أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فبين الجنبين منّي علم جم. قال : ونا محمّد بن عثمان ، نا عمي أبو بكر ، نا أبو الأحوص، عن سماك ، عن بن عرعرة قال: أتيت الرحبة فإذا أنا بنفر جلوس قريب من ثلاثين أو أربعين رجلا، فقعدت فيهم، فخرج علينا علي فما رأيته أنكر أحدا من القوم غيري فقال : ألا رجل يسألني فينتفع وينفع نفسه. وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه- ) في كنز العمال: عن علي قال: (ت ه-) (1)

ألا إن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أمية، ألا إنها فتنة عمياء مظلمة.

ص: 267


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 339 400 .

( نعيم بن حماد في الفتن) (1)

وأيضاً بالمعنى عن علي قال: لا يزال بلاء بني أمية شديدا حتى يبعث الله العصب (2) مثل قزع الخريف، يأتون من كل وجه لا يستأمرون أميرا مأمورا ، فإذا كان ذلك أذهب الله نور ملك بني أمية (نعيم) (3)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه- ) في كنز العمال: عن علي خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال معاشر الناس ! سلوني

قبل أن تفقدوني، يقولها ثلاث مرات، فقام إليه صعصعة بن صوحان العبدي فقال : يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجال ؟ فقال مه يا صعصعة ! علم الله كلامك، ما المسؤول بأعلم بذلك من السائل، ولكن لخروجه وسمع مقامك علامات وأسباب ،وهنات يتلو بعضهن بعضا حذو النعل في حول واحد ، ثم إن

شئت أنبأتك بعلامته !

فقال: عن ذلك سألتك يا أمير المؤمنين !

قال : فاعقد بيدك واحفظ ما أقول لك : إذا أمات الناس الصلوت، وأضاعوا ،الامانات، وكان الحكم ضعفا، والظلم ،فخرا، وأمراؤهم ،فجرة، ووزراؤهم خونة، وأعوانهم ظلمة ، وقراؤهم فسقة، وظهر الجور، وفشا الزنا، وظهر الربا، وقطعت ،الارحام، واتخذت القينات، وشربت الخمور، ونقضت العهود، وضيعت

العتمات، وتوانى الناس في صلاة الجماعات، وزخرفوا المساجد، وطولوا المنابر ، وحلّوا المصاحف، وأخذوا الرشا، وأكلوا الربا، واستعملوا السفاء،

ص: 268


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 365 ، ح 31759
2- وفي الحديث : يكون في آخر الزمان أمير العصب العصب : جمع عصبة كالعصابة ، ولا واحد لها من لفظها . النهاية في غريب الحديث (244:3 )
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 365 ، ح (365:11)

واستخفوا بالدماء، وباعوا الدين بالدنيا واتجرت المرأة مع زوجها حرصا على الدنيا، وركب النساء على المنابر ، وتشبهن بالرجال، وتشبه الرجال بالنساء، وكان السلام بينهم على المعرفة ، وشهد شاهدهم من غير أن يستشهد، وحلف من قبل أن يستحلف ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، وكانت قلوبهم أمر من الصبر، وألسنتهم أحلى من العسل، وسرائرهم أنتن من الجيف، والتمس التفقه لغير الدين، وأنكر المعروف وعرف المنكر، فالنجاء النجاء، والوحاء الوحاء ! نعم السكن حينئذ عبادان النائم فيها كالمجاهد في سبيل الله، وهي أول بقعة آمنت بعيسى عليه الصلاة والسلام، وليأتين على الناس زمان يقول أحدهم: يا ليتني كنت تبنة في لبنة من بيت من بيوت عبادان!

فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال : يا أمير المؤمنين ! ومن الدجال ؟ قال: صافي بن صائد الشقي من صدقة ، والسعيد من كذبه، ألا ! إن الدجال يطعم الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الاسواق والله تعالى عن ذلك، ألا ! إن الدجال طوله أربعون ذراعا بالذراع الأول تحته حمار أقمر، طول كل أذن من أذنيه ثلاثون ذراعا، ما بين حافر حماره إلى الحافر الآخر مسيرة يوم وليلة، تطوى له الأرض منهلا يتناول السحاب بيمينه ويسبق الشمس إلى مغيبها، يخوض البحر إلى كعبيه، أمامه جبل دخان وخلفه جبل أخضر، ينادي بصوت له يسمع به ما بين الخافقين إليَّ أولياني إلى أوليائي! إلي أحبائي ! إلي أحبائي ! فأنا الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى وأنا ربكم الأعلى كذب عدو الله ! ليس ربكم كذلك، ألا ! إن الدجال أكثر أشياعه وأتباعه اليهود وأولاد الزنا، يقتله الله تعالى بالشام على عقبة يقال لها : عقبة أفيق ، لثلاث ساعات يمضين من النهار على يدي عيسى بن مريم، فعند ذلك خروج الدابة من الصفا، معها خاتم سليمان بن داود وعصا موسى بن عمران فتنكت بالخاتم جبهة كل

ص: 269

مؤمن هذا مؤمن حقا حقا ! ثم تنكت بالعصا جبهة كل كافر هذا كافر حقا حقا !

ألا ! إن المؤمن حينئذ يقول للكافر: ويلك يا كافر ! الحمد لله الذي لم يجعلني مثلك ، وحتى أن الكافر ليقول للمؤمن : طوبى لك يا مؤمن ! يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما، لا تسألوني عما بعد ذلك، فان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلمعهد إلي أن أكتمه . ابن المنادي، وفيه حماد بن عمرو متروك ، عن السري قال في الميزان: لا

يعرف، وقال الازدي: لا يحتج به . (1) وعن المتقي الهندي ( ت / 985 ه-) في كنز العمال»: أيضا - عن زر أنه سمع عليا يقول: أنا فقأت عين الفتنة ، لولا أنا ما قوتل أهل النهروان وأهل الجمل، ولو لا أني أخشى أن تنكروا العمل لانبأتكم بالذي قضى الله على لسان نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم للمن قاتلهم مبصرا ضلالتهم عارفا بالهدى الذين نحن عليه ( ش ، حل والدورقي ) (2)

ومن الموافقات :

قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة»: «وهذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السير، وهي متداولة منقولة مستفيضة، خطب بها علي علیه السلام بعد انقضاء أمر النهروان، وفيها ألفاظ لم يوردها الرضى رحمه الله من ذلك قوله علیه السلام: ولم يكن ليجترئ عليها غيري ولو لم أك فيكم ما قوتل أصحاب الجمل والنهروان وأيم

، الله لولا أن تتكلوا فتدعوا العمل لحدثتكم بما قضى الله عز وجل على لسان نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم : لمن قاتلهم مبصرا الضلالتهم ، عارفا للهدى الذي نحن عليه سلوني قبل أن تفقدوني، فإني ميت عن قريب أو مقتول، بل قتلا ما ينتظر أشقاها أن

يخضب هذه بدم وضرب بيده إلى لحيته .

ص: 270


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 612:14 - 614 ، ح 31565
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 298 ، ح 39709

ومنها في ذكر بني أمية : « يظهر أهل باطلها على أهل حقها ، حتى تملأ الأرض عدوانا وظلما وبدعا إلى أن يضع الله عز وجل جبروتها، ويكسر عمدها، وينزع أوتادها . ألا وإنكم مدركوها فانصروا قوما كانوا أصحاب رايات بدر وحنين، تؤجروا ، ولا تمالثوا عليهم عدوهم، فتصر عكم البلية، وتحل بكم النقمة». ومنها:

إلا مثل انتصار العبد من مولاه إذا رآه أطاعه، وإن توارى عنه شتمه. . . وأيم الله لو

فرقوكم تحت كل حجر لجمعكم الله لشر يوم لهم .

ومنها: «فانظروا أهل بيت نبيكم فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصر وكم فانصروهم، فليفرجن الله الفتنة برجل منا أهل البيت بأبي ابن خيرة الإماء، لا يعطيهم إلا السيف هرجا هرجا موضوعا على عاتقه ثمانية أشهر، حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا يغريه الله ببني أمية حتى يجعلهم حطاما ورفاتا ، مُلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أَخِذُوا وَقُتُلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً)(1) (2)

ص: 271


1- الأحزاب : 61-62.
2- لابن أ شرح نهج البلاغة ، لا بن أبي الحديد 7: 5857

[ الخطبة (94) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: فتبارك الذي لا يبلغه بعد الهم ... الى آخره . كثير من فقرات هذه الخطبة رواها الكليني في الكافي ، والشيخ الصدوق في كتاب التوحيد وابن عبد ربه في العقد الفريد في الخطبة التى سماها بالغراء (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في «الكافي» في باب جوامع التوحيد ، عن محمد بن أبي عبد الله ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى أبي عبد الله : أن أمير المؤمنين استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية، فلما حشد الناس قام خطيبا، فقال: الحمد الله الواحد الأحد الصمد المتفرد الذي لا من شي كان ولا من شي خلق ما كان قدرة بان بها من الاشياء وبانت الأشياء منه، فليست له صفة تنال ولا حد تضرب له فيه الامثال ، كلَّ دون صفاته تحبير اللغات، وضلّ هناك تصاريف الصفات، وحار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب، تاهت في

ص: 272


1- مدارك نهج البلاغة : 88

أدنى أدانيها طامحات العقول في لطيفات الامور.

فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن وتعالى الذي ليس له وقت معدود ولا أجل ممدود ولا نعت محدود، سبحان الذي ليس له أول مبتدأ، ولا غاية منتهى ولا آخر يفنى، سبحانه هو كما وصف نفسه والواصفون لا يبلغون نعته ، وحدّ الاشياء كلها عند خلقه، إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها ، لم يحلل فيها فيقال : هو فيها كائن ، ولم ينأ عنها فيقال : هو منها بائن، ولم يخل منها فيقال له أين لكنه سبحانه أحاط بها علمه وأتقنها صنعة وأحصاها حفظه ، لم يعزب

: عنه خفيات غيوب الهواء ، ولا غوامض مكنون ظلم الدجى، ولا ما في السماوات العلى إلى الارضين السفلى، لكل شئ منها حافظ ورقيب، وكل شئ منها بشي محيط، والمحيط بما أحاط منها . الواحد الأحد الصمد الذي لا يغيره صروف الازمان ولا يتكأده صنع شي كان إنما قال لما شاء كن، فكان ابتدع ما خلق بلا مثال سبق ولا تعب ولا ،نصب، وكل صانع شئ فمن شي ،صنع، والله لا من شي صنع ما خلق ، وكل عالم فمن بعد جهل تعلم، والله لم يجهل ولم يتعلم، أحاط بالاشياء علما قبل كونها، فلم يزدد بكونها علما علمه بها قبل ان يكوّنها كعلمه بعد تكوينها ، لم يكوّنها لتشديد سلطان ولا خوف من زوال ولا نقصان ولا استعانة على ضد مناوء، ولاند مكاثر ، ولا شريك مكابر ، لكن خلائق مربوبون وعباد داخرون فسبحان الذي لا يؤوده خلق ما ابتدأ ولا تدبير ما برأ، ولا من عجز ولا من فترة بما خلق اكتفى علم ما خلق وخلق ما علم لا بالتفكير في علم حادث أصاب ما خلق ، ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق ، لكن قضاء مبرم وعلم محكم وأمر متقن، توحّد بالربوبية وخص نفسه بالوحدانية واستخص بالمجد والثناء، وتفرّد بالتوحيد والمجد والسناء وتوحد بالتحميد وتمجد بالتمجيد(1)

ص: 273


1- العبارة في طبعة 1386 من التوحيد هكذا : « واستخلص المجد والثناء ، فتمجد بالتمجيد تحمد بالتحميد ».

وعلا عن اتخاذ الابناء، وتطهر وتقدس عن ملامسة النساء، وعز وجل عن مجاورة الشركاء، فليس له فيما خلق ضد ولا له فيما ملك ،ند ، ولم يشركه في ملكه ،أحد الواحد الاحد الصمد المبيد للابد والوارث للامد، الذي لم يزل ولا يزال وحدانيا أزليا ، قبل بدء الدهور وبعد صروف الامور ، الذي لا يبيد ولا ينفد ، بذلك أصف ربي ، فلا إله إلا الله ، من عظيم ما أعظمه ؟! ومن جليل ما أجله ؟! و من عزيز ما أعزه ؟! وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا» (1)

وقال الشيخ الصدوق في التوحيد: حدثنا علي بن أحمد بن أحمد بن عمران الدقاق رضی الله عنه قال : حدثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، وأحمد بن يحيى بن زكريا القطان عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول، عن أبيه،

، عن أبي معاوية ، عن الحصين بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي عبد الله ، أبيه، عن جدّه علیهم السلام، أن أمير المؤمنين علیه السلام استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية ، فلما حشد الناس قام خطيبا فقال : الحمد لله الواحد الاحد الصمد المتفرد ، الذي لا من شيء كان ... فذكر مثله. وفي آخره ، قال : وحدثنا بهذه الخطبة أحمد بن محمّد بن الصقر الصائغ، قال: حدثنا محمّد بن العباس بن بسام قال: حدثني أبو زيد سعيد بن محمد البصري، قال : حدثتني عمرة بنت أوس قالت : حدثني جدي الحصين بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده ، أن أمير المؤمنين

خطب بهذه الخطبة لما استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية (2) وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال عن سليم بن

قيس العامري قال : سال ابن الكوا عليا عن السنة والبدعة، وعن الجماعة والفرقة

ص: 274


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1: 135134
2- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : 44.41 .

فقال : يا ابن الكوا حفظت المسألة فافهم الجواب : السنة - والله - سنة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، والبدعة ما فارقها والجماعة - والله - مجامعة اهل الحق وان قلوا، والفرقة مجامعة اهل الباطل وإن كثروا . (العسكري) . (1)

ص: 275


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1 : 378، ح 1644 .

[ الخطبة (97)]

قال الجلالي: روى الاسكافي (ت / 220 ه-) مرسلاً مقاطع منها في المعيار ( والموازنة ) ص 240 ط / 1402ه-، وبالاسناد عن المتقي الهندي (ت / 975ه- ) في كنز العمال: عن مسند علي، عن عمر بن حسان البرجمي، عن خباب بن عبد الله : أن معاوية بعث خيلا فأغارت على هيت والانبار فاستنفر علي الناس فأبطأوا وتثاقلوا، فخطبهم فقال : أيها الناس المجتمعة أبدانهم المتفرقة أهواؤهم ! ما عزّت دعوة من دعاكم ولا استراح قلب من قاساكم ، كلامكم يوهي الصمّ الصلاب ، وفعلكم يطعم فيكم عدوّكم ، فإذا دعوتكم إلى المسير أبطأتم وتثاقلتم وقلتم كيت وكيت أعاليل بأضاليل، سألتموني التأخير دفاع ذي الدين المُطول حيدي حياد ، لا يمنع الضيم الذليل ، ولا يدرك الحق إلا بالجد والصدق، فأي دار بعد داركم تمنعون ؟ ومع أي إمام بعدي تقاتلون ؟ المغرور والله من غررتموه ! ومن فاز بكم فاز بالسهم الاخيب، أصبحت والله لا أصدق قولكم ولا أطمع في نصركم ! فرّق الله بيني وبينكم وأعقبني بكم من هو خير لي منكم، وأعقبكم مني من هو شرّ لكم منّي ! أما إنكم ستلقون بعدي ثلاثا : ذلا شاملا، وسيفا قاطعا، وأثرة قبيحة يتخذها فيكم الظالمون سنة، فتبكي لذلك أعينكم ويدخل الفقر بيوتكم،

ص: 276

وستذكرون عند تلك المواطن، فتودّون أنكم رأيتموني وهرفتم دماءكم دوني فلا يبعد الله إلا من ظلم، والله ! لوددت لو أني أقدر أن أصرفكم صرف الدينار بالدراهم عشرة منكم برجل من أهل الشام فقام إليه رجل يا أمير المؤمنين أنا وإياك كما قال الأعشى :

عُلِقتها عرضا وعُلّقت رجلا ***غيري وعُلِّقَ أخرى غيرها الرجل

وأنت أيها الرجل علقنا بحبك وعلّقت أنت بأهل الشام، وعلق أهل الشام

بمعاوية (كر) (1)

وعن الليث بن سعد قال : بلغني أن عليا قال لاهل العراق: وددت أن أبيع عشرة منكم برجل من أهل الشام بصرف الدراهم عشرة بدينار فقيل له: نحن وأنت كما قال الأعشى : علقتها عرضا وعلقت رجلا غيري وعلق أخرى غيرها الرجل وأنت أيها الرجل علقنا بحبك وعلقت بأهل الشام وعلق أهل الشام بمعاوية». (كر )(2)

ص: 277


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11: 355 ، ح 31726
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي :11: 355 - 356 ، ح 31727 11 355-356،

[ الخطبة (97)]

[المقطع (2) اهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ]

قال : « أَنْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ(1)، وَاتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ، فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ

مِنْ هُدَى، وَلَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدَّى، فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا (2) ، وَإِنْ نَهَضُوا فانْهَضُوا ، وَلَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا ، وَلَا تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا».

قال الجلالي والغريب ان المحقق المحترم حفظه الله لم يعط عنوانا خاصاً لهذا المقطع الخاص بأهل البيت بل دمجه مع المقطع الثالث بعنوان: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

ومنها قوله في اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَما أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ(3)، لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْتاً غُبْراً، وَقَدْ (4) بَاتُوا سُجَّداً وَقِيَاماً،

ص: 278


1- في ه-. ب : أي سمت آل محمّد صلی الله علیه و آله وسلم.
2- في ه-. ب : فإن البدوا ، أي وقفوا فقفوا، وإن قعدوا فاقعدوا ، لبد بالأرض: أي لصق به.
3- لم ترد منكم في أوب، وفي ط: فما أرى أحداً يشبههم منكم، وفي د: فما أرى أحداً منكم يشبههم .
4- في ب : غيراً قد باتوا وفي ه-. د غير أ قد باتواش

يُرَاوِحُونَ(1) بَيْنَ جِبَاهِهِمْ (2) وَخُدُودِهِمْ، وَيَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ رُكَبَ المَعْزى (3)مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ، إذا ذُكِرَ اللَّهُ هَمَلَتْ (4) أَعْيُتُهُمْ حَتَّى

تبل جُيُوبَهُمْ(5) ، وَمَادُوا(6)كَما يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ : خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ،

وَرَجَاءٌ لِلثّوَاب (7).

قال العرشي في التخريج ما نصّه: روى ابن قتيبة هذا الكلام في عيون الاخبار [ ج 2 ص 301 ]، والشيخ المفيد في الارشاد (138) والمجالس [بحارج

17 ص 420] ، كما رواه ابو نعيم في حلية الأولياء [ ج 1 ص 76] وشيخ الطائفة في الأمالي (62). (انتهى)(8)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 328ه-) في «الكافي»، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن

خالد عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان عن معروف بن خربوذ أبي جعفر في ه ب سالت دموع عيونهم. قال صلى أمير المؤمنين في ه ب سالت دموع عيونهم. في ه ب سالت دموع عيونهم. بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف ،وعظهم، فبكى وأبكاهم من خوف الله ، ثم قال : أما والله لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول الله في ه ب سالت دموع عيونهم. وإنهم ليصبحون ويمسون شعثا غبرا خمصا، بين أعينهم كركب المعزى ، يبيتون لربهم سجدا وقياما ، يراوحون بين أقدامهم

عن

ص: 279


1- ه ب المراوحة في العمل : ان يعمل هذا مرة وهذا مرة .
2- في ه. د وروي جيوبهم - ر .
3- في ه-. ب : ركب المعزى وثفتة البعير ، يضرب بهما المثل في الشدة ، والمعزي ملحق بالرباعي .
4- في ه ب سالت دموع عيونهم.
5- في ه-. د : جباههم - م .
6- في ه. ب: تحركوا واضطربوا .
7- في ه-. د : رجاء من الثواب ل.
8- راجع : استناد نهج البلاغة .

وجباهم، يناجون ربهم ويسألونه فكاك رقابهم من النار ، والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون مشفقون.

وقال: وعنه عن السندي بن محمّد، عن محمّد بن الصلت ، عن أبي حمزة

، عن علي بن الحسين في ه ب سالت دموع عيونهم. له قال : صلى أمير المؤمنين في ه ب سالت دموع عيونهم. الفجر ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قيد رمح ، وأقبل على الناس بوجهه، فقال: والله لقد أدركت أقواما يبيتون لربهم سجدا وقياما يخالفون بين جباههم وركبهم ، كأن زفير النار في آذانهم إذا ذكر الله عندهم مادوا كما يميد الشجر ، كأنما القوم باتوا غافلين .

قال : ثم قام فما رئي ضاحكا حتى قبض صلوات الله عليه .(1) وقال العلامة المجلسی (ت / 1111 ه- ) ورواه الشيخ الطوسي في الامالى (1 / 100) عن ه-) المفيد، عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن ابن عسى عن ابن محبوب (2) بعنوان: أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ومنها قوله في اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاسناد عن أبي نعيم الاصفهاني ( ت / 430 ه-) في حلية الأولياء» قال: أفادني هذا الحديث الدارقطني عن شيخي، لم أكتبه إلا من هذا الوجه .

حدثنا محمّد بن جعفر وعلي بن احمد قالا: ثنا اسحاق ابن ابراهیم ثنا محمّد بن يزيد أبو هشام، ثنا المحاربي عن مالك بن مغول، عن رجل من جعفي عن السدي، عن أبي أراكة، قال: صلى علي الغداة ، ثم لبث في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح كأنّ عليه كآبة ، ثم قال لقد رأيت أثرا من أصحاب الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لا الهلال فما أرى أحدا يشبههم والله إن كانوا ليصبحون شعثا غبراً صفراً، بين أعينهم مثل ركب المعزى، قد باتوا يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم، إذا ذكر الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم،

ص: 280


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 : 236 2
2- بحار الأنوار العلامه المجلسي 30369

والله لكأن القوم باتوا غافلين . (1)

وبالاسناد عن أبي نعيم الاصفهاني ( ت / 430 ه-) في حلية الأولياء قال: حدثنا محمّد بن احمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى، ثنا محمّد بن سعيد الأصبهاني ، ثنا شريك، عن عاصم بن كليب، عن محمّد بن كعب، قال: سمعت عليا يقول : لقد رأيتني أربط الحجر على بطني من شدة الجوع على عهد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وإن صدقتي اليوم الأربعون ألف دينار.

رسول

وقال: حدثنا احمد بن علي بن محمّد المرهبي، ثنا سلمة بن ابراهيم ثنا

اسماعيل الحضرمي الكهيلي، ثنا أبي علي عن أبيه، عن جده، عن سلمة بن ، عن مجاهد، قال: شيعة علي الحلماء العلماء الذبل الشفاه الأخيار الذين

يعرفون بالرهبانية من أثر العبادة.

کھیل،

وقال : حدثنا محمّد بن عمرو بن سلم ، ثنا علي بن العباس البجلي ، ثنا بكار بن احمد، عن حسن بن الحسين، عن محمّد بن عيسى بن زيد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن الحسين ، قال : شيعتنا الذبل الشفاه والامام منا من دعا إلى طاعة الله . وقال: حدثنا فهد بن ابراهيم بن فهد ثنا محمد بن زكريا الغلابي، ثنا بشر بن مهران ، ثنا شريك عن الأعمش، عن زيد بن وهب عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: ( من سرّه أن يحيى حياتي ويموت ميتتي، ويتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها الله بيده ثم قال لها كوني فكانت فليتولّ علي بن أبي طالب من بعدي ». رواه شريك أيضا عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم . ورواه السدي، عن زيد بن أرقم ، ورواه ابن عباس. وهو غريب .(2)

ص: 281


1- حلية الأولياء ؛ لأبي نعيم الأصفهاني 76:1 .
2- حلية الأولياء ؛ لابي نعيم الأصفهاني 86:1

وبالاسناد عن العلامة المجلسي ، عن مناقب ابن الجوزي (ت / 597 ه-) في ذكر الخطبة المنبرية مانصّه : روى مجاهد عن ابن عباس قال خطب أمير المؤمنين علیه السلام يوما على منبر الكوفة ، فقال : الحمد لله وأحمده وأؤمن به وأستعينه وأستهديه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمّدا عبده ورسوله

أرسله بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ (1) ، ثم قال أيتها النفوس المختلفة، والقلوب المتشتتة ، الشاهدة أبدانهم، الغائبة عقولهم، كم أدلكم على الحق وأنتم تنفرون نفور المعزى من وعوعة الاسد ؟ هيهات أن أطلع بكم ذروة العدل أو اقيم اعوجاج الحق. اللهم إنك تعلم أنه لم يكن منى منافسة في سلطان، ولا التماس فضول الحطام، ولكن لأرد المعالم من دينك، وأظهر الصلاح في بلادك ، فيأمن المظلومون من عبادك ، وتقام المعطلّة من حدودك. اللهم إنك تعلم أني أول من أناب وسمع فأجاب ، لم يسبقني إلا رسولك . اللهم لا ينبغي أن يكون الوالي على الدماء والفروج والمغانم والأحكام ومعالم الحلال والحرام وإمامة المسلمين وأمور المؤمنين البخيل ؛ لأن تهمته في جميع الاموال ، ولا الجاهل فيدلهم بجهله على الضلال ولا الجافي فينفرهم بجفائه ، ولا الخائف فيتخذ قوما دون قوم ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق، ولا المعطل للسنن فيؤدي ذلك إلى الفجور، ولا الباغي فيدحض الحق ، ولا الفاسق

فيشين الشرع.

فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما تقول في رجل مات وترك امرأة

وابنتين وأبوين ؟

فقال : لكل واحد من الأبوين السدس وللابنتين الثلثان ؟

قال: فالمرأة؟

ص: 282


1- التوبة : 33 .

قال: صار ثمنها تسعا . وهذا من أبلغ الاجوبة (1)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-) في « تاريخ مدينة دمشق»، قال: أخبرنا

أبو القاسم أيضا ، أنا رشأ، أنا الحسن، أنا أحمد.

وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا أبو الحسن علي بن ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد

الخطيب، أنا أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن يوم بن يوسف العلاف، أنا أبو علي بن

صفوان قالا : أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا علي بن الجعد ، أخبرني عمرو بن شمر حدثني أسماعيل السدي قال: سمعت أبا أراكة - وفي حديث أبي القاسم عن السدي ، عن أبي أراكة - قال : صليت مع علي بن أبي طالب صلاة الفجر فلما انفتل عن يمينه مكث - وفي حديث ابن طاوس فلما انفتل عن يمينه ثم مكث - كان عليه كآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح - قال وحائط المسجد، زاد ابن طاوس يومئذ، وقالا : أقصر مما هو الآن - ثم قلب يده ثم قال وقال ابن طاوس : فقال : والله لقد رأيت أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم فما أرى اليوم شيئا يشبههم ، لقد كانوا يصبحون ، زاد أبو القاسم صفّوا . وقالا : شعثا غبرا بين أعينهم أمثال - وقال أبو القاسم: كأمثال - ركب المعزى وقال أبو القاسم : ركب المعز - قد باتوا لله سجّدا وقياما يتلون كتاب الله ، يراوحون جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما تميد الشجر في يوم الريح وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم والله لكأن القوم باتوا غافلين.

ثم نهض، فما رئي بعد ذلك مفترا يضحك حتى ضربه - وقال ابن طاوس

حتى قتله - ابن ملجم عدوّ الله الفاسق(2)

وعن المتقي الهندي ( ت / 985 ه-) في كنز العمال عن أبي أراكة، قال:

ص: 283


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 77: 295 .
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 :491

صليت مع علي بن أبي طالب الفجر ، فلما انقلب عن يمينه مكث كأن عليه كآبة، ثم قلب يده وقال: والله لقد رأيت أصحاب محمد الله فما أرى اليوم شيئا يشبههم ! لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا بين أعينهم كأمثال ركب المعز، قد باتوا الله سجّدا وقياما، يتلون كتاب الله يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح ، وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم، فإذا أصبحوا والله لكأن القوم باتوا غافلين. ثم نهض، فما رئي مفتراً ضاحكا حتى ضربه ابن ملجم الدينوري

والعسكري في المواعظ ،(كر ، حل)((1)

وعن يحيى بن عقيل، عن علي بن أبي طالب أنه قال لعمر : يا أمير المؤمنين ! إن سرك تلحق بصاحبيك فاقصر الامل وكل دون الشبع، واقصر الازار وارقع القميص، واخصف النعل ، تلحق بهما» . (هب)(2)

ص: 284


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 200 ، ، ح 44222 .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16: 200 ، ح 44223 .

[ الكلام (98)]

ليس للعرشي تخريج في هذا الموضع قال الجلالي: وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد ، عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 283ه-) في «الغارات»: عن المسيب بن نجبة الفزاري أنه قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : إني قد خشيت أن بدال هؤلاء القوم عليكم بطاعتهم إمامهم ومعصيتكم إمامكم، وبأدائهم الامانة وخيانتكم، وبصلاحهم في أرضهم وفسادكم في أرضكم وباجتماعهم على باطلهم وتفرّقكم عن حقكم، حتى تطول دولتهم وحتى لا يدعوا الله محرما إلا استحلوه ، حتى لا يبقى بيت وبر ولابيت مدر إلا دخله جورهم وظلمهم حتى يقوم الباكيان باك يبكي لدينه وباك يبكي لدنياه، وحتى لا يكون منكم إلا نافعا

لهم أو غير ضار بهم ، وحتى يكون نصرة أحدكم منهم كنصرة العبد من سيّده ، إذا شهده أطاعه، وإذا غاب عنه سبّه ، فإن أتاكم الله بالعافية فاقبلوا، وإن ابتلاكم فاصبروا ، فإن العاقبة للمتقين.

وعن يحيى بن صالح ، عن أصحابه : أن عليا ندب الناس عند ما أغاروا على نواحي السواد فانتدب لذلك شرطة الخميس، فبعث إليهم قيس بن سعد بن

عبادة الانصاري، ثم وجههم فساروا حتى وردوا تخوم الشام.

ص: 285

وكتب علي إلى معاوية : انك زعمت أن الذي دعاك إلى ما فعلت الطلب بدم عثمان، فما أبعد قولك من فعلك ..! ويحك وما ذنب أهل الذمة في قتل ابن عفان ؟ وبأي شئ تستحل أخذ فين المسلمين ؟! فانزع ولا تفعل، واحذر عاقبة البغي والجور، وإنما مثلي ومثلك كما قال بلعاء لدريد بن الصمة (1)

مهلا دريد عن التسرع إنني ***ماضي الجنان يمن تسرع مولع

مهلا دريد عن السفاهة إنني*** ماض على رغم العداة سميدع

مهلا دريد لا تكن لاقيتني*** يوما دريد فكل هذا يصنع

وإذا أهانك معشر أكرمتهم*** فتكون حيث ترى الهوان وتسمع

فأجابه معاوية : أما بعد فإن الله أدخلني في أمر عزلك عنه نائيا عن الحق فنلت منه أفضل أملي فأنا الخليفة المجموع عليه، ولم تصب في مثلي ومثلك ، إنما مثلى ومثلك كما قال بلعاء حين صولح على دم أخيه ثم نكث فعنفه قومه فأنشأ يقول:

ألا آذنتنا من تدللها ملس ***وقالت أما بيني وبينك من بلس

وقالت ألا تسعى فتدرك ما مضى*** وما أهلك الحانون في القدح والضرس

أتأمرني سعد وليث وجندع ***ولست براض بالدنية والوكس(2)

ص: 286


1- دريد بن الصمة بن الحارث بن معاوية بن جداعة بن غزية بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن فارس مشهور وشاعر مذکور .
2- الغارات؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 487:2 - 491 .

[ الخطبة ( 99 ) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخریج: قوله علیه السلام: نحمده على ما كان ونستعينه ... الى آخره. رواها في مستدرك الوسائل فى خطب يوم الجمعة عن زيد بن وهب .(1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في من لا يحضره الفقيه قال وخطب أمير المؤمنين علیه السلامفي الجمعة

: فقال : الحمد الله ، الولي الحميد الحكيم المجيد الفعال لما يريد، علام الغيوب وخالق الخلق، ومنزل القطر، ومدبّر أمر الدنيا والآخرة، ووارث السماوات والأرض، الذي عظم شأنه فلا شي مثله، تواضع كل شئ لعظمته، وذل كل شي لعزته واستسلم كل شي لقدرته، وقرّ كل شيء قراره لهيبته، وخضع كل شئ لملكته وربوبيته الذي يُمْسِكُ السَّماءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ (2)، وأن تقوم

الساعة إلا بأمره، وأن يحدث في السماوات والأرض شئ إلا بعلمه ، نحمده على ما كان، ونستعينه من أمرنا على ما يكون، ونستغفره ونستهديه ، ونشهد أن لا إله

ص: 287


1- مدارك نهج البلاغة : 89.
2- الحج : 65 .

إلا الله وحده لا شريك له ملك الملوك، وسيد السادات، وجبار الارض والسماوات القهار الكبير المتعال، ذو الجلال والاكرام ، دیان یوم الدین رب

آبائنا الأولين.

ونشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق داعيا إلى الحق ، وشاهدا على الخلق، فبلغ رسالات ربه كما أمره لا ،متعديا ولا مقصرا، وجاهد في الله أعداءه، لا وانيا ولا ناكلا ونصح له في عباده صابرا محتسبا فقبضه الله إليه وقد رضي عمله وتقبل سعيه وغفر ذنوبه صلی الله علیه و آله وسلم . أوصيكم عباد الله بتقوى الله، واغتنام ما استطعتم عملا به من طاعته في هذه الايام الخالية، وبالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تكونوا تحبّون تركها، والمبلية لكم وإن كنتم تحبون تجديدها، فإنما مثلكم ومثلها كركب سلكوا سبيلا فكأن قد قطعوه، وأفضوا إلى علم فكأن قد بلغوه ، وكم عسى المجري إلى الغاية أن يجرى إليها حتى يبلغها ، وكم عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه، وطالب حثيث في الدنيا يحدوه حتى يفارقها ، فلا تتنافسوا فى عز الدنيا وفخرها، ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها ، فإن عزّ الدنيا وفخرها إلى انقطاع ، وإن زينتها ونعيمها إلى زوال، وإن ضرها وبؤسها إلى نفاد وكل مدة منها إلى منتهى

، وكل حي منها إلى فناء وبلاء، أو ليس لكم في آثار الاولين وفي آبائكم الماضين معتبر وتبصرة إن كنتم تعقلون، ألم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون، وإلى الخلف الباقين منكم لا يقفون ، قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (1)وقال : كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (2)، أو

ص: 288


1- الأنبياء : 95 .
2- آل عمران: 185

لستم ترون إلى أهل الدنيا وهم يصبحون ويمسون على أحوال شتى، فميت يبكى، وآخر يعزّى، وصريع يتلوي، وعائد ومعود ، وآخر بنفسه يجود، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضين يمضي الباقين، والحمد لله رب العالمين رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ورب العرش العظيم الذي يبقى ويفنى ما سواه، وإليه يؤول الخلق ويرجع الأمر. ألّا إنّ هذا اليوم يوم جعله الله لكم عيدا وهو سيد أيامكم وأفضل أعيادكم، وقد أمركم الله في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره فلتعظم رغبتكم فيه، ولتخلص نيتكم فيه وأكثروا فيه التضرّع والدعاء ومسألة الرحمة والغفران، فإن الله عزوجل يستجيب لكل من دعاه، ويورد النار من عصاه وكل مستكبر عن عبادته، قال الله عزوجل : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ

﴿ دَاخِرِينَ ) (1) وفيه ساعة مباركة لا يسأل الله عبد مؤمن فيها شيئا إلا أعطاه ، والجمعة واجبة على كل مؤمن إلا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والاعمى والمسافر والمرأة والعبد المملوك، ومن كان على رأس فرسخين، غفر الله لنا ولكم سالف ذنوبنا فيما خلا من أعمارنا، وعصمنا واياكم من اقتراف الآثام بقية أيام دهرنا، إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله عز وجل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو الفتاح العليم بسم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ثم يبدأ بعد الحمد ب﴿ قُل هُوَ الله أحد ) ، أو ب- (قُل يَا أَيُّهَا الكَافِرُون ) ، أو ب﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ

،، ب﴿ الأرضُ زِلْزَالَهَا ) ، أو ب- ( أَلَهَاكُمُ التكاثر ) أو ب- ( العصر ) ، وكان مما يدوم عليه

(قُل هو الله أحد ) .

هُوَ

ثم يجلس جلسة خفيفة، ثم يقوم فيقول : الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمّدا عبده

ص: 289


1- غافر: 60 .

ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وآله ومغفرته ورضوانه، اللّهم صل على محمّد عبدك ورسولك ونبيك صلاة نامية زاكية ترفع بها درجته ، وتبين بها فضله وصل على محمّد وآل محمّد، وبارك على محمّد وآل محمّد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدّون عن سبيلك، ويجحدون آياتك، ويكذبون رسلك، اللهم خالف بين كلمتهم، وألق الرعب في قلوبهم وانزل عليهم رجزك ونقمتك وبأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين، اللهم انصر جيوش المسلمين وسراياهم ومرابطيهم في مشارق الأرض ومغاربها إنك على كل شي قدير اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، اللهم اجعل التقوى زادهم، والايمان والحكمة في قلوبهم، وأوزعهم أن يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم، وأن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه ، إله الحق وخالق الخلق ، اللهم اغفر لمن توفي من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ولمن هو لاحق بهم من بعدهم منهم ، إنك أنت العزيز الحكيم (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)اذكروا الله ﴾ يذكركم فإنه ذاكر لمن ذكره، واسألوا الله من رحمته وفضله فإنه لا يخيب عليه داع دعاه. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )(2) (3) وبالاسناد عن المتقي الهندي في كنز العمال: عن علي أنه خطب فحمد الله وأثنى عليه وذكر الموت فقال : عباد الله ! والله الموت ليس منه فوت، إن أقمتم له ،أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، فالنجا النجا ! والوحا الوحا وراءكم طالب حثيث:

ص: 290


1- النحل : 90 .
2- البقرة : 201 .
3- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 427:1 - 431 .

القبر ! فاحذروا ضغطته وظلمته ووحشته ، ألا وإن القبر حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة ، ألا وإنه يتكلّم في كل يوم ثلاث مرات فيقول: أنا بيت الظلمة، أنا بيت الدود، أنا بيت الوحشة، ألا وإن وراء ذلك ما هو أشد منه، نار

حرّها شديد وقعرها بعيد وحليها حديد، وخازنها مالك ، ليس الله فيه - وفي لفظ فيها - رحمة ، ألا ووراء ذلك جنّة عرضها كعرض السماء والارض أعدت

للمتقين، جعلنا الله وإياكم من المتقين وأجارنا وإياكم من العذاب الأليم

(الصابوني في المائتين) (كر ) (1)

ص: 291


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 701:15، الحديث 42802 .

[الخطبة ( 102) ]

قال العرشي في التخريج مانصه : « الكلام التاسع والتسعون: روى ابن قتيبة منه

في عيون الاخبار [ ج 2 ص 352] باختلاف يسير ، وذلك زمن لا ينجو فيه إلا كل

مؤمن[ ج 1 ص 198] . انتهى (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

(ت / 328ه-) في «الكافي»، عن أحمد حمد بن محمّد بن أحمد الكوفي وهو

العاصمي ، عن عبد الواحد بن الصواف ، عن محمّد بن اسماعيل الهمداني، عن أبي الحسن موسى علیه السلام قال : كان أمير المؤمنين علیه السلام يوصي أصحابه ويقول: أوصيكم

بتقوى الله فإنها غبطة الطالب الراجي، وثقة الهارب اللاجي، واستشعروا التقوى شعارا ،باطنا، واذكروا الله ذكرا خالصا تحيوا به أفضل الحياة وتسلكوا به طريق

النجاة، انظروا في الدنيا نظر الزاهد المفارق لها ؛ فإنها تزيل الثاوي الساكن وتفجع المترف الآمن لا يرجى منها ما تولى فأدبر ، ولا يدرى ما هو آت منها

فينتظر ، وصل البلاء منها بالرخاء ، والبقاء منها إلى فناء، فسرورها مشوب بالحزن والبقاء فيها إلى الضعف والوهن، فهي كروضة اعتم مرعاها واعجبت من يراها

ص: 292


1- راجع : استناد نهج البلاغة ، الرقم (54 ) .

عذب شربها طيّب ،تربها ، تمج عروقها الثرى، وتنطف فروعها الندى، حتى إذا بلغ العشب إبانه واستوى بنانه ، هاجت ريح تحت الورق وتفرّق ما اتسق فأصبحت كما قال الله: ﴿ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ) (1) ، انظروا في الدنيا في كثرة ما يعجبكم وقلة ما ينفعكم» (2)

وأيضاً عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي»، عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الأصبهاني ، عن أبي عبد الله ، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: طوبى لكل عبد نومة لا يؤبه له، يعرف الناس ولا يعرفه الناس يعرفه الله منه برضوان اولئك مصابيح الهدى، ينجلي عنهم كل فتنة مظلمة، ويفتح لهم باب كل رحمة، ليسوا بالبذر المذاييع، ولا

الجفاة المرائين.

وقال : قولوا الخير تعرفوا به ، واعملوا الخير تكونوا من أهله ، ولا تكونوا عجلا ،مذاییع ، فإن خياركم الذين إذا نظر إليهم ذكر الله . وشراركم المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الاحبة ، المبتغون للبراء المعايب» .(3)

وبالاسناد عن محمّد بن ابراهيم النعماني (ت / 333 ه-) في كتاب الغيبة»، قال : أخبرنا محمّد بن همام ومحمّد بن الحسن بن محمّد بن جمهور جميعا، عن الحسن بن محمّد بن جمهور قال: حدثنا أبي، عن بعض رجاله عن المفضل بن قال : قال أبو عبد الله علیه السلام: خبر تدريه خير من عشر ترويه، إن لكل حق حقيقة، ولكل صواب نورا، ثم قال : إنّا والله لا نعد الرجل من شيعتنا فقيها حتى يلحن له فيعرف اللحن إن أمير المؤمنين علیه السلام قال على منبر الكوفة إن من ورائكم عمر

ص: 293


1- الكهف : 458 .
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 17:8
3- الكافي ؟ للشيخ الكليني 2 : 225 .

فتنا مظلمة عمياء منكسفة لا ينجو منها إلا النومة قيل: يا أمير المؤمنين وما النومة ؟ قال الذي يعرف الناس ولا يعرفونه واعلموا أن الارض لا تخلو من حجة لله عز وجل ولكن الله سيعمى خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم، ولو خلت الارض ساعة واحدة من حجة الله لساخت بأهلها، ولكن الحجة يعرف الناس ولا يعرفونه كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون

ثم تلا ( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ (1) وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في ( تاريخ مدينة دمشق»: أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا، قالا: أنا أبو الحسين بن الابنوسي، أنا أبو الطيب عثمان ابن عمرو بن محمد بن المنتاب نا يحيى بن محمّد بن صاعد أنا الحسين بن الحسن بن حرب أنا إسماعيل بن إبراهيم، ناليث، عن الحسن قال : قال علي بن أبي طالب علیه السلام طوبى لكل عبد نؤمة، عرف الناس ولم يعرفه الناس، عرفه الله برضوان، أولئك مصابيح الهدى يكشف الله عنهم كل فتنة مظلمة سيدخلهم في رحمته، ليس أولئك بالمذابيع البذر ولا بالجفاة المرائين.

أخبرنا أبو القاسم العلوي، أنا رشأ المقرى، أنا أبو محمد المصري، أنا أبو بكر المالكي ، نا محمد بن عبد العزيز الدينوري، نا أبي، عن وكيع، عن عمرو بن منبه، عن أوفى بن دلهم عن علي بن أبي طالب أنه قال: تعلّموا العلم تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، فإنه يأتي من بعدكم زمان ينكر فيه الحق تسعة أعشاره وانه لا ينجو منه إلا كل نومة منبت الداء (2)، أولئك أئمة الهدى ومصابيح

ص: 294


1- يس: 30
2- في بعض النصوص المتقدمة : ا... عبد نومة لا يؤبه له فراجع ، والنؤمة - بوزن الهمزة : الخامل - الذكر الذي لا يزبه له ، وقيل : الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر وأهله ، وقيل : النومة بالتحريك الكثير النوم وأما الخامل الذي لا يؤبه له فهو بالتسكين ومن الأول حديث ابن عباس أنه قال لعلي : ما النومة ؟ قال : الذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شي.

العلم، ليسوا بالعجل المذابيع البذر، ثم قال: إن الدنيا قد ارتحلت ،مدبرة، وإن الآخرة مقبلة، ولكل واحد منهما ،بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من ربهم

أبناء الدنيا . ألا وإن الزاهدين فى الدنيا اتخذوا الأرض بساطا والتراب فراشا والماء طيبا، ألا من اشتاق إلى الآخرة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ألا إن الله عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين وأهل النار في النار معذبين، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة ، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، صبروا أيام العقبى لراحة طويلة ، أما الليل فصافون أقدامهم يجري دموعهم على خدودهم، على خدودهم ، يجأرون إلى : ربنا ربنا يطلبون فكاك رقابهم. وأما النهار فعلماء حلماء بررة أتقياء كأنهم القداح ، ينظر إليهم الناظر فيقول: مرضي وما بالقوم من مرض، وخولطوا ولقد

خالط القوم أمر عظيم»(1) وبالمعنى ما رواه النعماني ( ت / 333ه-) في كتاب الغيبة عن محمّد بن (ت همام ومحمّد بن الحسين بن جمهور جميعاً عن الحسن بن محمّد بن جمهور، عن ابيه قال : قال ابو عبدالله [ في ضمن الحديث مانصه : ] قال امير المؤمنين على منبر الكوفة وان من ورائكم فتناً مظلمة عمياء منكسفة لا ينجو منها الا النؤمة، قيل:

: يا أمير المؤمنين وما النؤمة ؟ قال : الذي يعرف الناس ولا يعرفونه، واعلموا ان الارض لا تخلو من حجه الله، ولكن الله سيعمي خلقه منها بظلمهم وجورهم واسرافهم على أنفسهم، ولو خلت الارض ساعة واحدة من حجة الله لساخت بأهلها ولكن الحجة يعرف الناس ولا يعرفونه كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون ثم تلا ( يَا حَسْرَةٌ عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ) (2)(3)

ص: 295


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 492 491:42 .
2- تس: 30
3- الغيبة ؛ للنعماني : 70 .

وبالاسناد عن أبي نعيم الاصفهاني ( ت / 430 ه-) في حلية الأولياء»، قال: حدثنا عبد الله بن محمّد ثنا ابو يحيى الرازي ، ثنا هناد ثنا ابن فضيل عن ليث عن الحسن ، عن علي ، قال : طوبى لكل عبد نؤمة، عرف الناس ولم يعرفه الناس. عرفه الله برضوان، أولئك مصابيح الهدى يكشف الله عنهم كل فتنة مظلمة سيدخلهم في رحمته ليس أولئك بالمذاييع البذر ولا بالجفاة المرائين»(1). وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال في مسند علي رضی الله عنه عن الحسن قال : قال علي طوبى لكل عبد ،نومة يعرف الناس ولا يعرّفه الله برضوانه (2)، أولئك مصابيح الهدى ليس بالمذاييع ولا بالبذر ولا بالجفاة المرائين، ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة». (هناد حل هب كر ) . (3) ،وعنه عن على قال : إنها ستكون بعدي فتنة عمياء مظلمة منكسفة، لا ينجو منها إلا النومة، قيل: وما النومة ؟ قال : الذي لا يدري ما الناس فيه. (العسكري في المواعظ . (4)

ص: 296


1- حلية الأولياء 76:1-77
2- في بعض النصوص المتقدمة : طوبى لكل عبد نؤمة، عرف الناس ولم يعرفه الناس ، عرفه الله برضوان فراجع .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 707:3 ، ح 8532 ،259:11
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11: 259 ، ح 31451

[ الخطبة ( 103)]

قال الجلالي: قال العلامة المجلسي في بحار الأنوار» عن معاني الأخبار: عن ابن المتوكل عن الحميري، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله سنان قال: قال أبو عبد الله علیه السلام: طوبى لعبد نؤمة عرف الناس فصاحبهم يبدنه، ولم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه ، فعرفوه في الظاهر، وعرفهم في الباطن (1)

وقال في البيان: قال في النهاية : في حديث علي علیه السلام أنه ذكر آخر الزمان والفتن ثم قال : خير أهل ذلك الزمان كل مؤمن نؤمة، النؤمة - بوزن الهمزة : الخامل الذكر الذي لا يؤبه له ، وقيل : الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر وأهله، وقيل:

النومة بالتحريك الكثير النوم وأما الخامل الذي لا يؤبه له فهو بالتسكين، ومن الأول حديث ابن عباس أنه قال لعلي: ما النومة ؟ قال : الذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شي ، انتهى . وفي نهج البلاغة: « وذلك زمان لا ينجو فيه إلا كل مؤمن نؤمة، إن شهد لم يعرف، وإن غاب لم يفتقد ، أولئك مصابيح الهدى وأعلام السرى ليسوا

ص: 297


1- معاني الأخبار : 380 و 381

بالمسابيح ولا المذاييع البذر ، أولئك يفتح الله لهم أبواب رحمته ويكشف عنهم

ضراء نقمته».

وقال السيد رضي الله عنه قوله : كل مؤمن نؤمة فإنما أراد به الخامل الذكر القليل الشر ، و المسابيح » جمع مسياح وهو الذي يسيح بين الناس بالفساد والتمائم ، و المذاييع جمع مذياع ، وهو الذي إذا سمع لغيره بفاحشة أذاعها

( ونوّه بها، والبذر جمع بذور، وهو الذي يكثر سفهه ويلغو منطقه . انتهى(1). ولم يذكر الجوهري النؤمة بالهمزة وقال : رجل نومة بالضم ساكنة الواو ، أي لا يؤبه له ورجل نومة بفتح الواو ، أي نؤوم وهو الكثير النوم، وفي القاموس : وهو نائم ونؤم ونؤمة كهمزة وصرد ثم قال : ونومة كهمزة وأمير مغفل أو خامل والأول بالهمزة والباقي بالواو و «افتقده أي طلبه عند غيبته، والجملتان كالتفسير للنومة على الظاهر ، فالمراد به الخامل (2)، و «السري» كالهدى السير عامة الليل، وأعلام السرى كل ما يهتدى به في ذلك السير، وفي النهاية : « ليسوا بالمسابيح البذر» أي الذين يسعون بالشر والنميمة، وقيل: هو من التسييح في الثوب، وهو أن يكون فيه خطوط مختلفة ، وقال : المذاييع جمع مذياع من أذاع الشي إذا أفشاه ، وقيل : أراد الذين يذيعون الفواحش، وهو بناء مبالغة، وقال: البذر جمع بذور يقال بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب، أي أفشيته وفرقته انتهى . « يفتح الله لهم أي ببركاتهم تنزل الخيرات وتندفع الشرور والآفات والضراء الحالة الّتي تضرّ، نقيض السراء » .(3)

ص: 298


1- نهج البلاغة ،1 : 213 ، تحت ، ح 101 من الخطب .
2- وروى الصدوق في معاني الأخبار ص خبار ص 166 باب معنى النومة عن أبي الطفيل أنه سمع أمير المؤمنين الله يقول : إن بعدى فتنا مظلمة عمياء مشككة لا يبقى فيها الا النومة ، قيل : وما النومة يا أمير المؤمنين ؟ قال : الذي لا يدرى الناس ما في نفسه
3- بحار الأنوار ، للعلامة المجلسي 66: 272 - 274 .

[ الخطبة ( 104)]

قال الجلالي: قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة»: ثم عبر عن هذا المعنى بعبارة أخرى ، فصارت مثلا أيضا، وهي قوله : «كفى بالمرء جهلا ألا يعرف قدره، ومن الكلام المروي عن أبي عبد الله الصادق علیه السلام مرفوعا: «ما هلك امرؤ عرف قدره ، رواه أبو العباس المبرد عنه في الكامل . قال : ثم قال أبو عبد الله علیه السلام: وما أخال رجلا يرفع نفسه فوق قدرها إلا من خلل في عقله. وروى صاحب الكامل) أيضا عن أبي جعفر الباقر علیه السلام، قال : لما حضرت وفاة علي بن الحسين أبي ، ضمني إلى صدره، ثم قال : يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي يوم قتل، وبما ذكر لي أن أباه عليا علیه السلام أوصاه به : يا بني عليك ببذل نفسك، فإنه لا

أباك بذل نفسه حمر النعم . وكان يقال: من عرف قدره استراح» (1)

ص: 299


1- شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد 7: 108 - 109

[ الخطبة ( 105)]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن علي بن ابراهيم القمي ( ت / 204ه-) في تفسيره: قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : خطب امير المؤمنين علیه السلام بعد ما بويع له بخمسة ایام خطبة فقال فيها : واعلموا ان لكل حق طالبا ، ولكل دم ثائرا ، والطالب بحقنا - ظ ] كقيام الثائر بدمائنا ، والحاكم في حق نفسه هو العادل الذي لا يحيف والحاكم الذي لا يجور وهو الله الواحد القهار، واعلموا ان على كل شارع بدعة وزره ووزر کل مقتد به من بعده من غير أن ينقص من اوزار العاملين شي ، وسينتقم الله من الظلمة مأكلاً بمأكل ومشربا بمشرب من لقم العلقم ومشارب الصبر الادهم، فيشربوا بالصب من الراح السم المذاق، وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا، ولهم بكل ما اتوا وعملوا من افاويق الصبر الادهم فوق ما أتوا وعملوا ، اما انه لم يبق إلا الزمهرير من شتائهم، وما لهم من الصيف إلا رقدة ، ويحهم ما تزودوا وجمعوا على ظهورهم من الآثام فيا مطايا الخطايا [ وبارزه الزور ] وزاد الآثام مع الذين ظلموا اسمعوا واعقلوا وتوبوا وابكوا على انفسكم ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَي مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (1)

ص: 300


1- الشعراء : 227 .

فاقسم ثم اقسم ليتحملنها بنو امية من بعدي وليعرفنها في دار غيرهم عما قليل، فلا يبعد الله إلا من ظلم، وعلى البادي [يعني الأول ] ما سهل لهم من سبيل الخطايا مثل اوزارهم واوزار كل من عمل بوزرهم إلى يوم القيامة (1)(2)

ص: 301


1- وتمام الآية: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ) مَا يَزِرُونَ) (النحل : 25) .
2- تفسير القمي ؛ لعلي بن ابراهيم القمي 1 : 384 .

[ الخطبة ( 106)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج : قوله علیه السلام: «الحمد لله الذي شرع الاسلام ... الخ بعض الفقرات من هذه الخطبة مروي في أصول الكافي في صفة الاسلام، ومن أول هذه الخطبة الى قوله علیه السلام: والجنة سبقته» مروي في أمالي الشيخ الطوسي مع اختلاف يسير ، والمروي فيها بعد هذا غير ما ذكره السيّد هنا بقوله : ومنها (1).

قال العرشي في التخريج مانصّه : رواها الكليني في أصول الكافي (167) ، وشيخ الطائفة في الأمالي (23)، والحراني في تحف العقول (38) ، وأبو علي

القالي في ذيل الأمالي والنوادر (173)، وأبو نعيم الاصفهاني في الحلية [ج 1

ص 121]

74] ، والقاضي محمّد بن سلامة القضاعي في دستور معالم الحكم [121].

( انتهى ) (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 281 ه-) في «الغارات»، قال: حدثنا محمّد، قال حدثنا

ص: 302


1- مدارك نهج البلاغة : 89
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

الحسن قال حدثنا ابراهيم قال : وحدثنا أبو زكريا بهذا الكلام أكثر من هذا

ا ورواه عن أهل العلم من أصحابه قال : قال على علیه السلام: أما بعد فان الله شرع الاسلام فسهل شرائعه لمن ،ورده وأعز أركانه على من حاربه، فجعله عزّاً لمن تولاه وسلما لمن دخله، وهدى لمن انتم ،به وزينة لمن تحلّى به وعدلا لمن انتحله وعروة لمن اعتصم به ، وحبلا لمن استمسك به، وبرهانا لمن تكلّم به وشرفا

[لمن ،عرفه ، وحكمة لمن نطق به ] ونورا لمن استضاء به ، وشاهدا لمن خاصم به وفلجا لمن حاج به، وعلما لمن وعى وحديثا لمن روى، وحكما لمن قضى وحلما لمن حرب، ولبّاً لمن تدبّر، وفهما لمن تفطّن، ويقينا لمن علم وبصيرة لمن ،عزم وآية لمن توسّم وعبرة لمن اتعظ ونجاة لمن صدق، ومودّة من الله لمن صلح ، وزلفى لمن اقترب وثقة لمن توكل، وراحة لمن فوّض، وصبغة لمن أحسن، وخيرا لمن سارع، وجنة لمن صبر ، ولباساً لمن اتقى وطهرا لمن رشد وكهفا لمن آمن، وأمنة لمن أسلم، وروحا للصادقين. فذلك الحق سبيله الهدى، وصفته الحسنى، ومأثرته المجد، فهو أبلج

المنهاج، مشرق ، المنار، مضي المصابيح رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، متنافس السبقة، أليم النقمة، قديم العدة، كريم الفرسان، فالايمان منهاجه والصالحات مناره والعفة مصابيحه، والموت غايته والدنيا مضماره

والقيامة حلبته، والجنة سبقته ، والنار نقمته، والتقوى عدته، والمحسنون فرسانه فبالاسلام يستدل على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه، وبالفقه يره- الموت وبالموت تختم الدنيا، وبالدنيا تحذر الآخرة، وبالقيامة تزلف الجنة والجنة حسرة أهل النار، والنار موعظة المتقين، والتقوى سنخ الايمان.

والايمان على أربع دعائم : على الصبر واليقين والعدل والجهاد. فالصبر على أربع شعب على الشوق والشفق والزهادة والترقب، فمن اشتاق

ص: 303

إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد

في الدنيا تهاون بالمصيبات ، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات. واليقين على أربع شعب على تبصرة الفطنة، وتأويل الحكمة، وموعظة العبرة ، وسنة الأولين ؛ فمن تبصر في الفطنة تبيّن في الحكمة، ومن تبيّن في الحكمة عرف العبرة ، ومن عرف العبرة عرف السنة ، ومن عرف السنة فكأنما كان

في الأولين.

والعدل على أربع شعب على غائص الفهم وغمرة العلم، وزهرة الحكم وروضة الحلم ؛ فمن فهم فسر جمل العلم، ومن علم عرف غرائب الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره ، وعاش به في الناس حميدا.

والجهاد على أربع شعب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين ؛ فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الفاسقين ، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنا الفاسقين غضب الله ، ومن غضب الله غضب الله له . فذلك الايمان ودعائمه وشعبه ] . والكفر على أربع دعائم على الفسق، والغلو، والشك والشبهة والفسق على

ا أربع شعب على الجفاء، والعمى، والغفلة ، والعتو؛ فمن جفا حقر الحق ، ومقت الفقهاء، وأصر على الحنث، ومن عمي نسي الذكر واتبع الباطل وبارز ربِّه، وألح عليه الشيطان، ومن غفل جثا على ظهره، وحسب غيه رشدا، وغرته الأماني وأخذته الحسرة إذا انقضى الامر وانكشف عنه الغطاء وبدا له من الله ما لم يكن عنا عن أمر الله شك، ومن شك تعالى الله عليه ثم أذلّه بسلطانه

يحتسب، ومن وصغره بجلاله كما فرط في جنبه واغتر بربه الكريم.

والغلو على أربع على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق، فمن تعمّق لم ينب

إلى الحق ، ولم يزدد الا غرقا في الغمرات، ولم تحسر عنه فتنة الا غشيته اخرى

ص: 304

وانخرق دينه فهو يهوي في أمر مريج. ومن نازع وخاصم قطع بينهم الفشل وبلى أثرهم من طول اللجاج، ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة، وسكر سكر الضلال، ومن شاق وعرت عليه طرقه، وأعضل عليه أمره

وضاق ،مخرجه وحريّ أن ينزع عن رتبته بما لم يتبع سبيل المؤمنين.

والشك على أربع شعب على المرية والهول، والتردد والاستسلام، فبأي آلاء ربك يتمارى الممترون ؟ ومن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه ومن تردد في الريب سبقه الاولون وأدركه الآخرون ووطئته سنابك الشياطين ، ومن استسلم لتهلكة الدنيا والآخرة هلك فيهما، ومن نجا من ذلك فيفضل اليقين. والشبهة على أربع شعب على اعجاب بالزينة، وتسويل النفس، وتأوّل العوج، ولبس الحق بالباطل، وذلك بأن الزينة تأفك عن البيئة، وأن تسويل النفس تقدّم إلى الشهوة وأن العوج يميل بصاحبه ميلا عظيما، وأن اللبس ظلمات

بعضها فوق بعض، وذلك الكفر ودعائمه وشعبه.

والنفاق على أربع دعائم على الهوى والهوينا، والحفيظة، والطمع. فالهوى من ذلك على أربع شعب على البغي والعدوان، والشهوة، والطغيان، فمن بغى كثرت غوائله وتخلّي عنه ونصر عليه ومن اعتدى لم تؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه، ومن لم يعزف نفسه عن الشهوات خاض في الحسرات وسبح فيها ومن طغى ضل عمدا بلا عذر ولا حجة. والهوينا على أربع شعب على الهيبة والعزة والمماطلة والأمل، وذلك أن الهيبة ترد عن الحق والاغترار بالعاجل تفريط الأجل، وتفريط المماطلة مورط في العمى حتى يقدم الاجل ، ولولا الأمل علم الانسان حساب ما هو فيه ، ولو علم حساب ما هو فيه مات خفاتا من الهول والوجل.

والحفيظة على أربع شعب على الكبر والفخر والحمية والعصبية، فمن

ص: 305

استكبر أدبر، ومن فخر فجر، ومن حمى أصر ، ومن أخذته العصبية جار، فبئس

الامر أمر بين إدبار وفجور وإصرار وجور عن الصراط .

والطمع على أربع شعب على الفرح والمرح واللجاجة والكبر، فالفرح مكروه عند الله ، والمرح خيلاء ، واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حمل الآثام، والكبر لهو ولعب وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير .

فذلك النفاق ودعائمه وشعبه . والله قاهر فوق ،عباده تعالى جده واستوت مرته، واشتدت قوته، واصطنعت نفسه، وصنع على عينه، وجلّ وجهه، وأحسن كل شئ خلقه، وانبسطت يداه ووسعت رحمته، وظهر أمره، وأشرق نوره

وفاضت بركته واستضاءت حكمته، وهيمن كتابه وفلجت حجته، وخلص

دينه وحقت كلمته، وسبقت حسناته ، وصفت نسبته ، وأقسطت موازينه، وبلغت

رسله، واحضرت حفظته.

ثم جعل السيئة ذنبا ، والذنب فتنة، والفتنة دنساء، وجعل الحسنى عتبي، والعتبى توبة، والتوبة طهورا، فمن تاب اهتدى، ومن افتتن غوى ما لم ينب إلى ويعترف بذنبه ويصدق بالحسنى، ولا يهلك على الله الا هالك [فالله الله ] ما أوسع ما لديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم..! وما أنكر ما عنده من الأنكال والجحيم والعزة والقدرة والبطش الشديد فمن ظفر بطاعته اجتلب كرامته ، ومن ذلّ في معصيته ذاق وبال نقمته هنالك عقبى الدار. لا يخشى أهلها

غيرها وهنالك خيبة ليس لأهلها اختيار

نسأل الله ذا السلطان العظيم والوجه الكريم الخير والخير عاقبة للمتقين

والخير مردّ يوم الدين (1)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في « الكافي»: علي بن إبراهيم،

ص: 306


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 1: 138 - 145 .

عن أبيه ، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وعدة من أصحابنا،

عن أحمد بن

محمّد

بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب

السراج، عن جابر، عن أبي جعفر وبأسانيد مختلفة، عن الاصبغ بن نباتة قال: خطبنا أمير المؤمنين علیه السلام في داره - أو قال في القصر - ونحن مجتمعون ، ثم أمر

صلوات الله عليه فكتب في كتاب وقرئ على الناس.

وروى غيره أن ابن الكواء سأل أمير المؤمنين علیه السلام عن صفة الاسلام والايمان والكفر والنفاق، فقال: أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى شرع الاسلام وسهل شرائعه لمن ورده وأعز أركانه لمن حاربه ، وجعله عزا لمن تولاه، وسلما لمن دخله

وهدى لمن أنتم به وزينة لمن تجلله ، وعذرا لمن انتحله ، وعروة لمن اعتصم به وحبلا لمن استمسك به، وبرهانا لمن تكلّم به ، ونورا لمن استضاء به، وعونا لمن

استغاث به، وشاهدا لمن خاصم ،به وفلجا لمن حاج به، وعلما لمن وعاه

وحديثا لمن روى، وحكما لمن قضى، وحلما لمن جرّب، ولباسا لمن تدبر، وفهما لمن تفطّن، ويقينا لمن عقل، وبصيرة لمن عزم، وآية لمن توسم، وعبرة لمن اتعظ، ونجاة لمن صدق، وتؤدة لمن أصلح ، وزلفى لمن اقترب ، وثقة لمن توكل، ورخاء لمن فوض، وسبقة لمن أحسن، وخيرا لمن سارع، وجنّة لمن صبر، ولباسا لمن اتقى، وظهيرا لمن ،رشد وكهفا لمن آمن، وأمنة لمن أسلم ورجاء لمن صدق، وغنى لمن قنع ، فذلك الحق سبيله الهدى، ومأثرته المجد وصفته الحسنى، فهو أبلج المنهاج ، مشرق ، المنار، ذاكي المصباح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، سريع السبقة، أليم النقمة كامل العدة كريم الفرسان، فالايمان منهاجه ، والصالحات مناره، والفقه مصابيحه، والدنيا مضماره والموت غايته، والقيامة حلبته، والجنة سبقته، والنار نقمته، والتقوى عدته والمحسنون فرسانه فبالایمان یستدل على الصالحات، وبالصالحات يعمر

ص: 307

الفقه، وبالفقه يرهب الموت، وبالموت تختم الدنيا، وبالدنيا تجوز القيامة، وبالقيامة تزلف الجنة، والجنة حسرة أهل النار والنار موعظة المتقين والتقوى سنخ الايمان (1)

وقال العلامة المجلسي في بحار الأنوار باسناده عن «الكافي» عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى؛ وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر ، عن أبي جعفر علیه السلاموبأسانيد مختلفة، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : خطبنا أمير المؤمنين علیه السلام في داره - أو قال في القصر - ونحن مجتمعون ، ثم أمر صلوات الله عليه فكتب في كتاب وقرئ على الناس؛ وروى غيره : أن ابن الكواسأل أمير المؤمنين علیه السلام عن صفة الاسلام والايمان والكفر والنفاق . فقال : أما بعد فان الله تبارك وتعالى شرع الاسلام وسهل شرايعه لمن ورده، وأعز أركانه لمن جار به، وجعله عزا لمن تولاه وسلما لمن دخله، وهدى لمن ائتم به، وزينة

لمن تجلله ، وعذرا لمن انتحله، وعروة لمن اعتصم به وحبلا لمن استمسك به وبرهانا لمن تكلم به، ونورا لمن استضاء به، وشاهدا لمن خاصم به وفلجا لمن حاج ،به وعلما لمن ،وعاه وحديثا لمن روى، وحكما لمن قضى وحلما لمن جرب، ولباسا لمن تدبر وفهما لمن تفطن، ويقينا لمن عقل، وبصيرة لمن عزم وآية لمن توسم، وعبرة لمن اتعظ ونجاة لمن صدق، وتؤدة لمن أصلح ، وزلفي

، لمن اقترب ، وثقة لمن توكل، ورجاء لمن فوض، وسبقة لمن أحسن، وخيرا لمن سارع، وجنة لمن صبر ولباسا لمن اتقى، وظهيرا لمن ،رشد وكهفا لمن آمن

، وأمنة لمن أسلم، ورجاء لمن صدق، وغنى لمن قنع . فذلك الحق سبيله الهدى، ومأثرته المجد ، وصفته الحسنى ، فهو أبلج المنهاج مشرق المنار، ذاكي المصباح

ص: 308


1- الكافي؛ للشيخ الكليني 49:2 -50.

رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، سريع السبقة، أليم النقمة، كامل العدة، كريم الفرسان فالايمان منهاجه ، والصالحات مناره، والفقه ،مصابيحه، والدنيا مضماره والموت غايته، والقيامة حلبته، والجنة سبقته، والنار نقمته والتقوى ،عدته و المحسنون ،فرسانه فبالایمان يستدل على الصالحات، وبالصالحات الفقه وبالفقه يرهب الموت، وبالموت يختم الدنيا، وبالدنيا تجوز القيامة،

وبالقيامة تزلف الجنة ، والجنة حسرة أهل النار، والنار موعظة للمتقين عظة للمتقين والتقوى

سنخ الايمان» .(1)

وعن الكافي : بالاسناد المتقدم (2) عن أبي جعفر ، قال سئل أمير المؤمنين علیه السلام

عن الايمان، فقال: إن الله عز وجل جعل الايمان على أربع دعائم على الصبر ،واليقين والعدل والجهاد . فالصبر من ذلك على أربع شعب على الشوق والاشفاق، والزهد والترقب ، فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق عن النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن راقب الموت سارع إلى الخيرات.

واليقين على أربع شعب تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، ومعرفة العبرة وسنة الأولين، فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان السنة فكأنما كان مع الأولين واهتدى إلى التي هي أقوم، ونظر إلى من نجا بما نجا، ومن هلك بما هلك ، وإنما أهلك الله من هلك بمعصيته ، وأنجا من أنجا بطاعته. والعدل على أربع شعب غامض الفهم، وغمر العلم، وزهرة الحكم، وروضة الحلم، فمن فهم فسر جميع العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره، وعاش في الناس حميدا.

ص: 309


1- الكافي 5049:2
2- في المصدر : بالاسناد الأول ، عن ابن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام.

والجهاد على أربع شعب على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق، وأمن كيده، ومن صدق في المواطن قضى الذي شنأ الفاسقين غضب الله ومن غضب الله غضب الله له. فذلك الايمان

،عليه ومن

ودعائمه وشعبه (1)

وعن مجالس المفيد، وأمالي الطوسي عن المفيد عن المرزباني، عن أحمد :

بن سليمان الطوسي، عن الزبير بن بكار ، عن عبد الله بن وهب، عن السدي عن عبد خير، عن جابر الأسدي قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي فسأله عن الايمان فقام خطيبا فقال الحمد لله الذي شرع الاسلام وساق نحوه ... إلى قوله : غضب الله، ومن غضب الله تعالى فهو مؤمن حقا، فهذه صفة الايمان ودعائمه، فقال له السائل : لقد هديت يا أمير المؤمنين وأرشدت فجزاك الله عن الدين خيرا (2) .

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في «الأمالي»: أخبرنا محمّد بن محمّد بن النعمان، قال أخبرنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني، قال: حدثني أحمد بن سليمان الطوسي، عن الزبير بن بكار، قال: حدثني عبد الله بن وهب، عن السدي، عن عبد خير عن قبيصة بن جابر الأسدي، قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام فسأله عن الايمان، فقام علیه السلام خطيبا فقال : الحمد لله الذي شرع الاسلام فسهل شرائعه لمن ،ورده، وأعز أركانه على من حاربه، وجعله عزا لمن والاه، وسلما لمن دخله، وهدى لمن انتم ،به وزينة لمن

ص: 310


1- الكافي :2 50 و 51
2- بحار الأنوار ، للعلامة المجلسي 65 : 349 - 352 ، عن أمالي المفيد : 170، أمالي الطوسي 1: 35، و راجع تحف العقول ص 158

تحلى به، وعصمة لمن اعتصم به ، وحبلا لمن تمسك به، وبرهانا لمن تكلّم به، ونورا لمن استضاء به وشاهدا لمن خاصم به وفلجا لمن حاج به، وعلما لمن وعاه، وحديثا لمن رواه، وحكما لمن قضى به، وحلما لمن جرب، ولباً لم-ن تدبّر، وفهما لمن فطن، ويقينا لمن ،عقل، وتبصرة لمن عزم، وآية لمن توسّم وعبرة لمن اتعظ ونجاة لمن صدق، ومودة من الله لمن أصلح، وزلفى لمن ارتقب وثقة لمن توكل، وراحة لمن فوّض، وجُنة لمن صبر . الحق سبيله، والهدى صفته ، والحسنى مأثرته، فهو أبلج المنهاج ، مشرق المنار، مضئ المصابيح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، متنافس السبقة كريم الفرسان التصديق منهاجه ، والصالحات مناره ، والفقه مصابيحه، والموت غايته

والدنيا ،مضماره والقيامة حلبته، والجنة سبقته، والنار نقمته، والتقوى عدته، والمحسنون فرسانه. فبالايمان يستدل على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه، وبالفقه يرهب الموت، وبالموت تختم الدنيا، وبالقيامة تزلف الجنة للمتقين، وتبرز الجحيم للغاوين.

والايمان على أربع دعائم : الصبر واليقين والعدل، والجهاد. فالصبر على أربع شعب الشوق والشفق، والزهادة والترقب ألا من اشتاق إلى الجنة سلا عن

الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات.

واليقين على أربع شعب على تبصرة الفطنة، وتأوّل الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة ،الاولين فمن تبصّر في الفطنة تبيّن الحكمة، ومن تبين الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنة ، ومن عرف السنة فكأنما كان في الأولين. والعدل على أربع شعب على غامض الفهم، وعمارة العلم، وزهرة الحكم وروضة الحلم، فمن فهم نشر جميل العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم

ص: 311

ومن عرف شرائع الحكم لم يضل، ومن حلم لم يفرط في أمره، وعاش في

الناس حميدا.

والجهاد على أربع شعب على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق

في المواطن وشنآن ،الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى المنكر أرغم أنف الكافر، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنا

الفاسقين غضب الله ، ومن غضب الله تعالى فهو مؤمن حقا ، فهذه صفة الايمان ودعائمه. فقال له السائل : لقد هديت يا أمير المؤمنين وأرشدت، فجزاك الله عن

الدين خيرا(1).

ونقله الاسكافي ( ت 220 ه-) مرسلاً في المعيار والموازنة ص 203 ط /

1402ه-.

ص: 312


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 37 - 38.

[ الخطبة ( 107)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج: قوله علیه السلام: وقد رأيت جولتكم ... الى آخره. رواه الطبري بأبسط مما هنا، ولعل ما ذكره السيد هو مختاره منها ، أو أنها رواية اخرى من بعض المصادر التي لم يبق منها الا القليل » .(1)

قال العرشي في التخريج مانصه : رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين

[ 130] والطبري في التاريخ [ج 6 ص 14]. (انتهى) (2)قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاستاد عن نصر بن مزاحم

المنقري (ت / 212ه-) في وقعة صفين»، باسناده عن عمر ، عن مالك بن أعين عن زيد بن وهب : أن عليا لما رأى ميمنته قد عادت إلى موقفها ومصافها ، وكشف من بإزائها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم، أقبل حتى انتهى إليهم فقال : إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم ، يحوزكم الجفاة الطغام وأعراب أهل الشام، وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم، وعمار الليل بتلاوة

ص: 313


1- مدارك نهج البلاغة : 89.
2- راجع : استناد نهج البلاغة.

القرآن، وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون فلولا إقبالكم بعد إدباركم وكركم بعد انحيازكم ، وجب عليكم ما وجب على المولى يوم الزحف دبره، وكنتم فيما أرى من الهالكين. ولقد هوّن علي بعض وجدي وشفى بعض أحاح نفسي أني رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازوكم، وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم ، تحوزونهم بالسيوف ليركب أولهم آخرهم ، كالإبل المطردة الهيم. فالآن فاصبروا

أنزلت عليكم السكينة ، وثبتكم الله باليقين. وليعلم المنهزم أنه مسخط لربه وموبق نفسه، وفي الفرار موجدة الله عليه والذل اللازم له، والعار الباقي واعتصار الفي من يده (1) ، وفساد العيش وإن الفار لا يزيد الفرار في عمره ، ولا يرضى ربه فموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبس بها

والإقرار عليها (2)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328 ه-) في الكافي» قال: وفي حديث مالك بن أعين قال : حرض أمير المؤمنين صلوات الله عليه الناس بصفين فقال : إن

أ عزّ وجل دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم وتشفي بكم على الخير ؛ الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله ، وجعل ثوابه مغفرة للذنب ومساكن طيبة في جنات عدن، وقال عز وجل: ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانُ مَرْصُوصُ )(3) فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص، فقدموا الدارع وأخّروا الحاسر ، وعضوا على التواجد فإنه أنبأ للسيوف على الهام والتووا على أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة، وغضوا الأبصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب

ص: 314


1- في بعض النصوص المتقدمة : ( إن في القرار موجدة الله والذل اللازم والعار الباقي وفساد العيش عليه ، وإن الفار لغير مزيد في عمره ولا محجوز بينه وبين يومه ولا يرضى ربه .
2- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 256 .
3- الصف : 4.

وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار، ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلا مع شجعانكم فإن المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ ، ولا تمثلوا بقتيل، وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا ولا تدخلوا دارا ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ، ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسبين أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول، وقد كنّا نؤمر بالكفّ عنهن وهنّ مشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة بالفهر] فيعبر بها وعقبه من بعده، واعلموا أن أهل الحفاظ هم

الذين يحفّون براياتهم ويكتنفونها ويصيرون حفافيها وورائها وأمامها ولا

يضيعونها ، الحديث (1)

ص: 315


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 5: 39

[ الخطبة ( 108)]

قال الجلالي نقل مقاطع منها أبو جعفر الإسكافي ( ت / 220ه-) في المعيار والموازنة بعنوان: خطبته علیه السلام في لوم أصحابه لما انهزموا في بعض أيام صفين في

بداية الأمر من عسكر معاوية ثم كروا عليهم فأزالوهم عن موقفهم وهزموهم مانصه: قالوا : لما اشتد البأس وعظم المصاب، وتضعضعت الاركان من الفريقين ورأى من أصحابه بعض الانحياز قام فيهم فقال : إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم، تحوزكم الجفاة الطغام وأعراب أهل الشام وأنتم لهاميم العرب والسنام الاعظم، وعمار الليل بتلاوة القرآن، وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون، فلولا إقباكم بعد إدباركم ، وكرّكم بعد انحيازكم لوجب عليكم ما وجب على المولي يوم الزحف دبره وكنتم من الهالكين فلقد شفى بعض سقمي وأحاح نفسي إني رأيتكم أخيرا حزتموهم كما حازوكم ، وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم ، تحوسونهم بالسيف تركب أولاهم أخراهم كالابل المطرودة الهيم فالآن فاصبروا نزلت عليكم السكينة، وثبتكم الله باليقين، وليعلم الفار منكم أنه لا يزيد في عمره ولا يرضي ربه، وأن في الفرار سخطا عليه، والذل اللازم لاهله، والعار الباقي، وفساد العيش عليه، فيموت المرء محقا خير من الحياة

على الفرار بهذه الخصال.

ص: 316

ثم قال : والذي بعث محمّدا بالحق لقد قاتلت معاوية وأباه على تنزيل الكتاب أقاتله وأشياعه على تأويل الكتاب. وإن البصيرة في الأمرين جميعا

الواحدة ؛ بالعلم بما نحن عليه من الهدى والحمد الله . ثم حمل على أعداء الله فما انثنى حتى قتل خمسمائة رجل كلما قتل رجلا كبر تكبيرة حتى يسمعه عامة أهل عسكره ، وذكروا أن ذلك كان من أول الصبح إلى أن غاب الشفق، وما كانت صلاته يومئذ وأصحابه إلا التكبير لكل ركعة تكبيرة. وكان إذا قتل رجلا قال: اللهم إنه قاتل مع عدوك ليطفئ نورك جرأة عليك ، وتغيير الما جاء به نبيك، اللهم فأصل وجهه النار.

قالوا: ثم أقبل رجل من أهل الشام يقال له الزبرقان بن الحكم وكان سيّد أهل

الشام فطلب البراز، فخرج إليه الحسن بن علي بن أبي طالب، فقال له الزبرقان من أنت؟ قال: أنا الحسن بن علي فقال له انصرف يا بني فوالله لقد نظرت إلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا من ناحية «قبا» يسير على ناقة له وإنك يومئذ لقدامه، فما كنت لألقى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له بدمك . فانصرف الزبرقان ، فلما بلغ ذلك عليا قال

رسول لاصحابه : أملكوا عني هذا الغلام - يعني ابنه الحسن - لا يهدني فقده، فأسرعت إليه خيل من أصحاب على فردوا الحسن وانصرف الزبرقان وهو يقول : إني أخاف الله في ابن فاطمة ، وإن ذا الكلاع حدثني أنه سمع جهماً يقول : سمعت

رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له يقول : إن حسنا وحسينا سيدا شباب أهل الجنة . (1)

ص: 317


1- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي : 151 149 .

الخطبة ( 110)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج : « قوله علیه السلام: إن أفضل ما

(ت توسل به المتوسلون ... الخ » هذه من خطبة طويلة، تعرف بالديباج، أولها : الحمد لله فاطر الخلق، وقد رواها الحسن بن علي بن شعبة المتوفى سنة 323 ، في كتابه الشهير، وهو كتاب تحف العقول » . (1) قال العرشي في التخريج مانصه : رواها البرقي في المحاسن الورق /119 ألف، والحراني في تحف العقول ،[34] ، والشيخ الصدوق في علل الشرائع [114]، والشيخ المفيد في الأمالي [بحار ج 17 ص 105] . ( انتهى ) (2)

[ 105] قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق ت / 381ه-) في علل الشرائع، حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا ابراهيم بن مهزيار، عن اخيه علي عن حماد بن عيسى ، عن ابراهيم بن عمر باسناده يرفعه إلى علي بن أبي طالب انه كان يقول : ان افضل ما توسل به المتوسلون الايمان بالله ورسوله ، والجهاد في سبيل الله، وكلمة الإخلاص فانها الفطرة، وتمام الصلاة

ص: 318


1- مدارك نهج البلاغة : 89 .
2- راجع استناد نهج البلاغة .

فانها الملة وايتاء الزكاة فأنها من فرائض الله ، وصوم رمضان فانه جنة من عذابه

وحج البيت فانه منفاة للفقر ومدحضة للذنب، وصلة الرحم فانه مثراة للمال ومنسأة للاجل وصدقة السر فانها تطفئ الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وصنائع المعروف فانها تدفع ميتة السوء وتقي مصارع الهوان ألا فتصدقوا فإن الله مع من

تصدّق، وجانبوا الكذب فان الكذب مجانب الايمان، ألا ان الصادق على شفا منجاة وكرامة ، ألا وان الكاذبين على شفا مخزاة وهلكة، ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعلموا به تكونوا من أهله، وأدوا الامانة إلى من إنتمنكم عليها ، وصلوا أرحام من قطعكم، وعودوا بالفضل على من سألكم (1)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في من لا يحضره الفقيه»، قال: وكان أمير المؤمنين علیه السلام يقول : إن أفضل ما يتوسل به المتوسلون الايمان بالله ورسوله ، والجهاد في سبيل الله ، وكلمة الاخلاص فانها الفطرة، وإقام الصلاة فإنها الملة ، وإيتاء الزكاة فإنها من فرائض الله عز وجل، والصوم فإنه جنّة من عذابه، وحج البيت فإنه منفاة للفقر ومدحضة للذنب، وصلة الرحم فإنها مثراة في المال ومنسأة في الاجل، وصدقة السر فإنها تطفئ الخطيئة وتطفئ غضب الله عز وجل، وصنائع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء وتقي مصارع الهوان ألا فأصدقوا فإن مع الصادقين، وجانبوا الكذب فإنه يجانب الايمان، ألا إن الصادق على شفا منجاة وكرامة ، ألا إن الكاذب على شفا مخزاة ،وهلكة، ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم وصلوا أرحام من قطعكم ، وعودوا بالفضل على من حرمكم (2) وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في الأمالي» قال: أخبرنا محمّد

ص: 319


1- علل الشرائع ؛ للشيخ الصدوق 247:1.
2- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 305:1

ابن محمّد قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّد الحسن ، عن بن ، عن أبيه ، عن

محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة البطائني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد ابن علي بن الحسين علیه السلام قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: أفضل ما توسل به المتوسلون الايمان بالله ورسوله ، والجهاد في سبيل الله ، وكلمة الاخلاص فإنها

الفطرة، واقامة الصلاة فإنها الملة، وايتاء الزكاة فإنها من فرائض الله، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من عذاب الله ، وحج البيت فإنه ميقات للدين ومدحضة للذنب وصلة الرحم فإنه مثراة للمال ومنسأة للاجل ، وصدقة السر فإنها تذهب الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وصنائع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء، وتقي مصارع الهوان ألا فاصدقوا فإن الله مع من صدق، وجانبوا الكذب فإن الكذب مجانب الايمان، ألا وإن الصادق على شفا منجاة وكرامة ، ألا وإن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة، ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم، وصلوا من قطعكم، وعودوا بالفضل عليهم.

وبالاسناد قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد الكاتب ، قال : حدثنا الاجلح، عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة بن يزيد الحماني، قال: كتب امير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فإن الله تعالى أنزل إلينا كتابه ولم يدعنا في شبهة، ولا عذر لمن ركب ذنبا بجهالة، والتوبة مبسوطة ، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (1)، وأنت ممن شرع

ص: 320


1- اقتباس من قوله تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبِّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (الأنعام: 164) ، وقوله : ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى تَبْعَثَ رَسُولاً ) (الاسراء : (15)، وقوله: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ

(1)

الخلاف متماديا في غرة الامل مختلف السر والعلانية رغبة في العاجل وتكذيبا بعد بالاجل ، وكانك قد تذكرت ما مضى منك فلم تجد إلى الرجوع سبيلا» (2)وقال : وكتب مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن نَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) (فاطر: (18) ، وقوله: ﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبَّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ (الزمر : 7)، وقوله: ﴿ أَلا تَزِرُ

وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى النجم : (38) . إلى عمرو بن العاص : من عبد الله أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص . أما بعد، فإن الذي أعجبك مما تلويت من الدنيا ووثقت به منها منقلب عنك، فلا تطمئن إلى الدنيا فإنها غرارة، ولو اعتبرت بما مضى حذرت ما بقي وانتفعت منها بما وعظت به ولكنك تبعت هواك وآثرته، لولا ذلك لم تؤثر على ما دعوناك إليه غيره ؛ لأنا أعظم رجاء وأولى بالحجة، والسلام». (3) وقال وكتب إلى أمراء الاجناد: من عبد الله أمير المؤمنين إلى أصحاب المسالح . أما بعد فإن حقا على المولى ألا يغيره عن رعيته فضل ناله ولا مرتبة اختص بها، وأن يزيده ما قسم الله له دنوا من عباده وعطفا عليهم، ألا وإن لكم عندي الا احتجين دونكم سرا إلا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلا في حكم، ولا أؤخر لكم حقا عن محله ، وأن تكونوا في الحق عندي سواء، فإذا فعلت ذلك وجبت لي. عليكم البيعة ولزمتكم الطاعة، وألا تنكصوا عن دعوة، ولا تفرطوا في صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق ، فإن أنتم لم تسمعوا لي على ذلك لم يكن أحد أهون عليّ ممن خالفني فيه ، ثم أحل بكم فيه عقوبته، ولا تجدوا عندي فيها رخصة فخذوا هذا من أمرائكم، واعطوا من أنفسكم هذا يصلح أمركم ، والسلام». (4)

ص: 321


1- مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن نَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) (فاطر: (18) ، وقوله: ﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبَّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ (الزمر : 7)، وقوله: ﴿ أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى النجم : (38) .
2- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 216 - 217 .
3- الأمالي للشيخ الطوسي : 217
4- الأمالي : للشيخ الطوسي : 218 .

[ الخطبة ( 111)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: «وقوله مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن نَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) (فاطر: (18) ، وقوله: ﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبَّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ (الزمر : 7)، وقوله: ﴿ أَلا تَزِرُ

وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى النجم : (38) . : أما بعد فاني أحذركم الدنيا ... الخ أيضاً مروي في كتاب تحف العقول كما في النهج باختلاف يسير»(1)

قال العرشي في التخريج مانصه : رواها الجاحظ بتمامها عن قطري بن الفجاءة في البيان والتبيين [ج 1 ص 196] ، وابن عبد ربه في العقد الفريد ج 2

250]، وأبو الفرج القزويني الكاتب في قرب الاسناد [بحارج ،305] ، والحراني في تحف العقول [42] عن أمير المؤمنين مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن نَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) (فاطر: (18) ، وقوله: ﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبَّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ (الزمر : 7)، وقوله: ﴿ أَلا تَزِرُ

وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى النجم : (38) . . وقال ابن أبي الحديد ج 1 ص 397] : ( إن هذه الخطبة ذكرها شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب البيان والتبيين ورواها القطري بن الفجاءة والناس يرووها لأمير المؤمنين . وقد رأيتها في كتاب الموفق لأبي عبيد الله المرزباني [المعتزلي المتوفى 384ه- . 994 م مروية لأمير المؤمنين مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن نَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) (فاطر: (18) ، وقوله: ﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبَّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ (الزمر : 7)، وقوله: ﴿ أَلا تَزِرُ

وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى النجم : (38) . . وهي بكلام أمير المؤمنين أشبه (2)

قال الجلالي ونقل أبو جعفر الإسكافي ( ت / 220 ه-) مقاطع منها في «المعيار

ص: 322


1- مدارك نهج البلاغة : 89
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

والموازنة بعنوان كلامه مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن نَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) (فاطر: (18) ، وقوله: ﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبَّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ (الزمر : 7)، وقوله: ﴿ أَلا تَزِرُ

وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى النجم : (38) . في التحذير عن الدنيا وعدم الاغترار بإقبالها وعدم الاسف على إدبارها، فقال الاسكافي: ثم قال : أما بعد، فإني أحذّركم الدنيا، فإنها حلوة خضرة حقت بالشهوات، وتحبّبت بالعاجلة، وعمرت بالآمال

وتزينت بالغرور، فلا تدوم حبرتها ولا تؤمن فجعتها، غرارة ضرارة زائلة نافذة نابذة أكالة غوالة، لا تعدو إذا هي تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضا بها أن تكون كما قال الله: كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ) (1)مع أن امرا لم يكن منها في حبرة إلا أعقبته بعدها عبرة، ولم يلق من سرّائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا، ولم تطله فيها ديمة رخاء إلا وهتنت عليه مزنة بلاء، وحريّ إذا هي أصبحت له منتصرة أن تمسي له متنكرة، وإن جانب منها اعذوذب واحلولى أمر عليه منها جانب فأوبى وإن لبس امرؤ من غضارتها رغبا أرهقته من نوائبها تعبا، ولم يمس امرؤ منها في جناح أمن إلا أصبح في أخوف مخوف . غرّارة غرور ما فيها ، فانية فان من عليها، لاخير في شي من زادها إلا التقوى من أقل منها استكثر مما يؤمنه، ومن استكثر منها لم يدم له وزال عما قليل عنه . كم من واثق بها قد فجعته، وذي طمأنينة إليها قد صرعته، وذي خدع قد خدعته، وذي أبهة فيها قد صيّرته حقيرا، وذي نخوة فيها قد ردّته جائعا فقيرا ، وذي تاج قد كبته لليدين وللفم. سلطانها ،دول، وعيشها رنق، وعذبها ،أجاج، وحلوها ،صبر وغذاؤها سمام، وأسبابها ،رمام وقطافها

سلع وحيها بعرض موت، وصحيحها بعرض سقم، ومنيعها بعرض اهتضام وملكها مسلوب، وعزيزها ،مغلوب وآمنها منكوب، وجارها محروب. ثم من

، وراء ذلك سكرات الموت وزفراته، وهول المطلع، والوقوف بين يدي الحكم

ص: 323


1- الكهف : 458 .

العدل ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) (1) أولستم في مساكن من كان قبلكم ممن كان أطول منكم أعمارا، وأعز آثاراً، وأعدّ منكم عديدا ، وأكثف منكم جنوداً، وأشد منكم عنودا. تعبدوا للدنيا أي تعبد وآثروها أي إيثار ثم طعنوا عنها بالصغار. فهل بلغكم أن الدنيا سمحت لهم نفسا بفدية أو أغنت عنهم فيما قد أهلكتهم به بخطب، بل أوهنتهم بالقوارع وضعضعتهم بالنوائب، وعفّرتهم للمناخر، وأعانت عليهم ريب المنون . فقد رأيتم تنكرها لمن دان لها وآثرها وأخلد إليها حتى ظعنوا عنها لفراق الابد وإلى آخر المسند، هل زودتهم إلا السغب أو أحلّتهم إلا الضنك، أو نوّرت لهم إلا الظلمة ، أو أعقبتهم إلا النار ؟! أفهذه تؤثرون ؟ أم على هذه تحرصون ؟ أم إليها تطمئنون ؟ قال الله : مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (2) فبئست الدار لمن لم يتهمها ولم يكن فيها على وجل منها واعلموا - وأنتم تعلمون - أنكم تاركوها لابد ، فإنما هي كما نعت الله : ( لَعِبُ وَلَهْوٌ وَزِينَةً وَتَفَاخُرُ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرُ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ ) (3) فاتعظوا فيها باللذين كانوا يبنون بكل ريع آية يعبثون ويتخذون مصانع لعلهم يخلدون، وبالذين قالوا من أشد منا قوة. واتعظوا بمن رأيتم من إخوانكم كيف حملوا إلى قبورهم ولا يدعون ركبانا، وأنزلوا الاجداث ولا يدعون ضيفانا، وجعل لهم من الضريح أكنان ومن التراب أكفان ، ومن الرفات جيران فهم جيرة لا يجيبون داعيا ولا يمنعون ضيما، ولا يبالون مندبة، ولا يقترفون سينا ولا حسنا، لا يزورون ولا يزارون حلماء قد بادت أضغانهم جهلاء قد

ص: 324


1- النجم : 31 .
2- هود: 15-16
3- الحديد : 20 .

ذهبت أحقادهم لا يخشى فجعهم، ولا يرجى دفعهم ، وهم كمن لم يكن ، وكما قال الله : ( فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَليلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (1) استبدلوا بظهر الارض بطنا وبالسعة ضيقا وبالاهل غربة، وبالنور ظلمة، وجاؤوها كما

فارقوها حفاة عراة ، قد ظعنوا منها بأعمالهم إلى الحياة الدائمة، وإلى خلود الابد، يقول الله : (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) (2) (3)

وروى ابن شعبة الحراني ( ت / 336ه-) في تحف العقول في عنوان : ( ومن كلامه في الزهد وذم الدنيا وعاجلها مانصه إني أحذركم الدنيا فإنها حلوة خضرة، حقت بالشهوات، وتحببت بالعاجلة، وعمرت بالآمال، وتزينت بالغرور، لا تدوم حبرتها ، ولا تؤمن ،فجعتها، غرارة ضرارة، زائلة ، نافدة، أكالة ، غوّالة ، لا تعدو - إذا هي تناهت إلى امنية أهل الرغبة فيها والرضا بها - أن تكون كما قال الله سبحانه: ﴿كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ) (4) . مع أن امرءا لم يكن منها في حبرة إلا أعقبته عبرة، ولم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا، ولم تطله فيها ديمة رخاء إلا هتنت عليه مزنة بلاء . إذا هي أصبحت منتصرة أن تمسي له متنكرة. وإن جانب منها اعذوذب لامرى واحلولى، أمر عليه جانب منها فأوبى، وان لبس امرؤ منها في جناح أمن إلا أصبح في أخوف ،خوف، غرارة، غرور ما فيها ، فانية فان من عليها . لا خير في شي من زادها إلا التقوى من أقل منها استكثر مما يؤمنه ، ومن استكثر منها لم يدم له وزال عما قليل عنه . كم من واثق بها قد فجعته وذي طمأنينة إليها قد صرعته . وذي حذر قد خدعته. وكم ذي ابهة فيها قد صيّرته

ص: 325


1- القصص : 58 .
2- الأنبياء : 104 .
3- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي : 264 - 267 .
4- الكهف : 458 .

حقيرا. وذي نخوة قد ردّته جائعا فقيرا. وكم ذي تاج قد أكبته لليدين والفم. سلطانها ،ذل وعيشها رنق . وعذبها اجاج وحلوها صبر حيها بعرض موت وصحيحها بعرض سقم . ومنيعها بعرض اهتضام وملكها ،مسلوب وعزيزها مغلوب، وأمنها منكوب، وجارها ،محروب من وراء ذلك سكرات الموت وزفراته وهول المطلّع ، والوقوف بين يدي الحاكم العدل ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءوا بِمَا

عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)(1) الستم في مساكن من كان أطول منكم أعمارا وأبين آثارا وأعد منكم عديدا وأكثف منكم جنودا وأشد منكم عنودا. تعبدوا للدنيا أي تعبّد، وآثروها أي إيثار ، ثم طعنوا عنها بالصغار. أفهذه تؤثرون ؟ أم على هذه تحرصون ؟ أم إليها تطمئنون ؟ يقول الله: ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (2)فبئست الدار لمن لم يتهيبها ولم يكن فيها على وجل. واعلموا - وأنتم تعلمون - أنكم تاركوها لابد وإنما هي كما نعت الله : ( لَعِبُ وَلَهْوٌ وَزِينَهُ وَتَفَاخُرُ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرُ فِي الْأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ ) (3)

فا تعظوا فيها بالذين كانوا يبنون بكل ريع آية يعبثون ويتخذون مصانع لعلهم يخلدون وبالذين قالوا: مَن أشَدُّ مِنَّا قُوَّة ) واتعظوا بمن رأيتم من إخوانكم كيف حملوا إلى قبورهم ، ولا يدعون ركبانا وانزلوا ولا يدعون ضيفانا . وجعل لهم من الضريح أكنان، ومن التراب أكفان ، ومن الرفات جيران، فهم جيرة لا يجيبون داعيا، ولا يمنعون ضيما لا يزورون ولا يزارون حلماء قد بارت أضغانهم جهلاء قد ذهبت أحقادهم. لا تخشى فجعتهم ولا يرجى دفعهم. وهم كمن

ص: 326


1- النجم: 31
2- هود: 15-16 .
3- الحديد : 20 .

لم يكن، وكما قال الله سبحانه: فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ) (1) . استبدلوا بظهر الأرض بطنا وبالسعة ضيقا، وبالاهل غربة وبالنور ظلمة جاؤوها كما فارقوها، حفاة عراة. قد طعنوا منها بأعمالهم إلى الحياة الدائمة وإلى خلود أبد ، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) (2) (3)

وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة » : « واعلم أن هذه الخطبة ذكرها شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب البيان والتبيين (4)، ورواها القطري بن الفجاءة، والناس يروونها لأمير المؤمنين علیه السلام، وقد رأيتها في كتاب «المونق» لأبي عبيد الله المرزباني مروية الأمير المؤمنين علیه السلام وهي بكلام أمير المؤمنين أشبه. وليس يبعد عندي أن يكون قطري قد خطب بها بعد أن أخذها عن بعض أصحاب أمير المؤمنين علیه السلام، فإن الخوارج كانوا أصحابه وأنصاره، وقد لقي قطري أكثرهم ).(5)

ص: 327


1- القصص : 58 .
2- الأنبياء : 104 .
3- تحف العقول ؛ لابن شعبة الحراني : 180 - 183.
4- البيان والتبيين 2 : 126 - 129 ، وهي أيضا بنسبته إلى قطري في العقد 1: 141 ، وصبح الأعشى 1: 223 ، وعيون الأخبار :2 : 250 ، ونهاية الأرب 7: 250 .
5- شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد 7: 236 - 237

[ الخطبة (114) ]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي( ت / 460 ه-) في (الأمالي عن الحسين بن عبيد الله، عن أبي محمّد هارون بن

التلعكبري، قال: حدثنا أبو العباس بن : حدثنا أبو العباس بن عقدة، قال: حدثنا الحسن بن علي

موسى

بن إبراهيم العلوي، قال: حدثنا الحسين بن علي الخزاز، وهو ابن بنت إلياس قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون ، عن أبي عبد الله علیه السلام: قال : كان أمير المؤمنين يقول :

إنما الدنيا فناء وعناء، وغير وعبر ، فمن فنائها أن الدهر موتر قوسه، مفوق نبله، يرمي الصحيح بالسقم والحي بالموت ، ومن عنائها أن المرء ما لا يأكل

ء يجمع ويبني ما لا يسكن ، ومن غيرها أنك ترى المغبوط مرحوما، والمرحوم مغبوطا، ليس منها إلا نعيم زائل، أو بؤس نازل، ومن عبرها أن المرء يشرف على أمله فيختطفه من دونه أجله (1) .

الشيخ الطوسي في الأمالي : قال : وقال علیه السلام: أربع للمرء لا عليه الايمان والشكر؛ فإن الله تعالى يقول: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ )(2)

ص: 328


1- الأمالي للشيخ الطوسي
2- النساء : 147 .

والاستغفار، فإنه قال : ( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ

﴿ يَسْتَغْفِرُونَ ) (1) والدعاء، فانه قال : قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ ) (2)(3)

ص: 329


1- الأنفال : 33.
2- الفرقان : 77
3- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 494

[ الخطبة (115)]

قال الهادي الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج : ( قوله علیه السلام: اللهم قد انصاحت جبالنا ... الى آخره . رواها الشيخ في مصباح المتهجد مع اختلاف في المقدار وفي بعض الكلمات والفقرات وفي تقديم بعض وتأخير بعض ) (1)

قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) والطوسي ( ت / 460 ه-) المقطع الأخير من خطبة الاستسقاء، والشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه قال: وخطب أمير المؤمنين في

ا الاستسقاء فقال: «الحمد لله سابغ النعم ومفرج الهم، وبارئ النسم ، الذي جعل السماوات لكرسيه عمادا، والجبال للارض أوتادا، والارض للعباد مهادا وملائكته على أرجائها وحمله العرش على أمطائها، وأقام بعزته أركان العرش وأشرق بضوئه شعاع الشمس، وأجبا بشعاعه ظلمة الغطش، وفجر الارض عيونا والقمر نورا، والنجوم بهورا، ثم علا فتمكن وخلق فأتقن وأقام فتهيمن

فخضعت له نخوة المتكبر وطلبت إليه خلة المتمسكن.

اللهم فبدرجتك الرفيعة، ومحلّتك المنيعة، وفضلك السابغ ، وسبيلك الواسع،

ص: 330


1- مدارك نهج البلاغة : 89.

أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد كما دان لك، ودعا إلى عبادتك، ووفي بعهدك، وأنفذ أحكامك، واتبع أعلامك، عبدك ونبيك وأمينك على عهدك إلى عبادك، القائم بأحكامك، ومؤيد من أطاعك، وقاطع عذر . ، وقاطع عذر من عصاك، اللهم فاجعل محمداً أجزل من جعلت له نصيبا من رحمتك، وأنضر من أشرق وجهه بسجال عطيتك، وأقرب الانبياء زلفة يوم القيامة عندك، وأوفرهم حظا من رضوانك، وأكثرهم صفوف أمة في جنانك كما لم يسجد للاحجار ، ولم يعتكف للاشجار، ولم يستحل السباء، ولم يشرب الدماء. اللهم خرجنا إليك حين أجأتنا المضائق الوعرة، وألجاتنا المحابس العسرة، وعضّتنا الصعبة علائق الشين، وتأثلت علينا لواحق المين، واعتكرت علينا حدابير السنين، وأخلفتنا مخائل الجود واستظمأنا لصوارخ العود، فكنت رجاء المبتئس ، والثقة للملتمس ، ندعوك حين قنط الانام ، ومنع الغمام ، وهلك السوام يا حي يا قيوم عدد الشجر والنجوم ، والملائكة الصفوف، والعنان المكفوف، أن لا تردنا خائبين ، ولا تؤخذنا بأعمالنا، ولا تحاصنا بذنوبنا، وانشر علينا رحمتك بالسحاب المتثق ، والنبات المونق ، وامنن على عبادك بتنويع الثمرة، وأحي بلادك ببلوغ الزهرة ، وأشهد ملائكتك الكرام السفرة، سقيا منك نافعة، دائمة غزرها واسعا درّها سحابا وابلا سريعا عاجلا تحیی به ما قد مات، وترد به ما قد فات و تخرج به ما هو آت ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا ممرعا طبقا مجلجلاً، متتابعا خفوقه منبجسة ،بروقه، مرتجسة ،هموعه وسيبه ،مستدر وصوبه مستبطر، لا تجعل ظله علينا سموما، وبرده علينا حسوما وضوءه علينا ،رجوما، وماءه أجاجا، ونباته

رمادا رمددا.

اللهم إنا نعوذ بك من الشرك ،وهواديه والظلم ودواهيه والفقر ودواعيه يا معطي الخيرات من أماكنها ومرسل البركات من معادنها، منك الغيث المغيث،

ص: 331

وأنت الغياث المستغاث، ونحن الخاطئون وأهل الذنوب، وأنت المستغفر

الغفار، فنستغفرك للجمات (1)من ذنوبنا، ونتوب إليك من عوام خطايانا. اللهم فأرسل علينا ديمة (2)مدرارا ، واسقنا الغيث واكفا مغزارا (3) ، غيثا واسعا وبركة من الوابل نافعة(4) ، يدافع الودق بالودق ، ويتلو القطر منه القطر، غير خلب برقه (5) ، ولا مكذب رعده، ولا عاصفة جنائبه ، بل ريا يغص بالري ربابه (6)، وفاض فانصاع به سحابه وجری آثار هیدبه (7)حبابه، سقيا منك محيية مروية،

ص: 332


1- للجمات، أي الكثيرات أو جملتها ، ونسخة في جميع النسخ : « للجهالات من ذنوبها » و «من» للبيان فان كل ذنب تلزمه جهالة بعظمة الرب أو شدائد عقوبات الاخرة من عوام خطايانا ) أي جميعها أو الشاملة لجميع الخلق أو أكثرهم أو لجميع الجوارح .
2- الديمة - بالكسر - : المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق يدوم في سكون وفي القاموس : در السماء بالمطر ودرو را فهى مدرار ، ففى الاسناد هنا مجاز .
3- الواكف : المتقاطر . والغزار : الكثير .
4- وردت « نافعة» في بعض النسخ بالقاف ، أي ثابتة في الأرض ينتفع بها طول السنة والودق - بسكون الدال : المطر ومدافعة الودق هي أن تكثر المطر بحيث تتلاقى القطرات في الجو يدفع بعضها بعضا
5- الخلب - بضم الخاء المعجمة وفتح اللام المشددة : البرق الذى لا غيث م-ع-ه ك-انه خادع ، أو السحاب الذى لا مطر فيه .
6- الجنائب جمع الجنوب ، وهي ريح تخالف الشمال مهبوبة من مطلع السهيل إلى مطلع الثريا ، وهى مهلكة مفسدة والرى - بالكسر : الارتواء من الماء والغص بالغين المعجمة - الامتلاء ، والغصة: ما اعترض في الحلق والرباب - بالفتح : السحاب الابيض أو السحاب الذي تراه كأنه دون السحاب قد يكون ابيض وقد يكون أسود والواحد ربابة . (الصحاح) وفي القاموس : انصاع : انقتل راجعا مسرعا . أي عينا يفيض ويجرى منه الماء كثيرا ثم يرجع سحابه مسرعا بالفيضان فالضمير في قوله : ( به ) راجع إلى الفيضان المفهوم من قوله : ( فاض ) وفي الوافي : ايضاع بالمعجمة قبل المهملة أي فانساق .
7- الهيدب : المتدلى ، أو ذيله، يعنى الذى يدنو من الارض وتراه كأنه خيوط عند انصباب المطر : والجناب : الفناء والناحية . وفى بعض النسخ : خبابة بالموحدتين كما في التهذيب ، وهو بالفتح معظم الماء.

محفلة (1) ، مفضلة (2)زاكيا نبتها ، ناميا ،زرعها ناضرا ،عودها، ممرعة ،آثارها جارية بالخير والخصب على أهلها ، تنعش بها الضعيف من عبادك (3) وتحيي بها الميت

من بلادك، وتنعم بها المبسوط من رزقك، وتخرج بها المخزون من رحمتك وتعم بها من نأى من خلقك ، حتى يخصب لإمراعها المجدبون، ويحيا ببركتها المستون وتترع بالقيعان غدرانها، وتورق ذرى الاكمام زهراتها، ويدهام بذری الآكام شجرها (4) وتستحق علينا بعد اليأس شكرا، منة من مننك مجللة(5)، ونعمة من نعمك مفضلة على بريتك المرملة، وبلادك المغربة، وبهائمك المعملة ووحشك المهملة(6)

ص: 333


1- محفلة ، أي مالئة للحياض، وحفل الوادي بالسيل : جاء بمل، جنبيه، وحفل السماء : اشند مطرها (القاموس
2- وردت (مفضلة) في بعض النسخ : « مخضلة ) أي مبلة، وأخضل الشي يله ونداء .
3- الخصب - بالكسر : كثرة العشب وبلد خصيب ومخصب و تنعش بها الضعيف أي تقيمه من صرعته وتنهضه من عثرته وتجبر فقره وضعفه
4- المجدبون : الذين أصابهم الجدب والمستون - بتقديم النون - : الذين أصابتهم شدة السنة . وتترع أي تملئ من قولهم : ترع الاناء - كعلم - يترع ترعا : امتلا . والقيعان : جمع القاع، وهي الأرض المطئنة السهلة والغدران -بالضم ثم السكون : جمع الغدير . وذرى الاكمام رؤوسها ، وهي جمع الكم - بالكسر - وهو وعاء الطلع وغطاء النور - بالفتح .. و « يدهام ) بتشديد الميم ، أي يسود ، ورضة مدهام أي شديدة الخضرة المتناهية فيها ، والاكام : الاجام ، ووردت في بعض النسخ : ( الاكمام ) .
5- مجللة - بكسر اللام - أي عامة ، وفي الصحاح : جلل الشئ تجليلا، أي عم والمجلل : أي السحاب الذى يجلل الارض بالمطر أي يعم متصلة .
6- مفضلة، اسم مفعول من الافضال، والمرملة : الذين أصابتهم الحاجة والمسكنة وهو على صيغة اسم الفاعل . والمغربة - بالغين المعجمة والراء المهملة - من الغروب، بمعنى البعد والغيبة . وفي بعض النسخ « المعرنة ) بالعين والراء المهملتين والنون، وبفتح الراء أو كسرها يعنى البعيدة ، وفي بعضها المعزبة ) - بالعين المهملة والزاي - والعازب الكلاء البعيد ، وفي القاموس : أعرب بعد ( وأبعد والمعملة ، اسم مفعول من الاعمال ؛ لان الناس يستعملونها في أعمالهم . والمهملة : الّتي لا راعى لها ولا صاحب ولا مشفق.

اللهم منك ارتجاؤنا، وإليك مآبنا ، فلا تحبسه عنا لتبطنك سرائرنا ، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا وتنشر رحمتك، وأنت الولي الحميد .

ثم بكى وقال سيدي ساخت جبالنا واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا، وقنط الناس منا أو من قنط منهم، وتاهت البهائم وتحيرت في مراتعها، وعجت عجيج الثكالى على أولادها، وملت الدوران في مراتعها، حين حبست عنها قطر السماء، فدق لذلك عظمها ، وذهب لحمها ، وذاب شحمها ، وانقطع درّها، اللهم ارحم

أنين الآنة، وحنين الحانة ارحم تحيّرها في مراتعها وأنينها في مرابضها ) .(1) وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في مصباح المتهجد قال: ويستحب أن يدعو بهذه الخطبة : روي أن أمير المؤمنين خطب بهذه الخطبة

في صلاة الاستسقاء فقال : الحمد لله سابغ النعم، ومفرّج الهم، وبارئ النسم الذي جعل السماوات المرساة عمادا، والجبال أوتادا، والأرض للعباد مهادا، وملائكته على أرجائها وحملة عرشه على أمطائها، وأقام بعزته أركان العرش وأشرق بضوئه شعاع الشمس، وأطفأ بشعاعه ظلمة الغطش، وفجر الأرض عيونا والقمر نوراً والنجوم بهورا، ثم تجلى فتمكن وخلق فأتقن وأقام فهيمن فخضعت له نخوة المستكبر وطلبت إليه خلة المتمسكن.

اللهم فبدرجتك الرفيعة ومحلتك المنيعة وفضلك البالغ وسبيلك الواسع أسألك أن تصلى على محمد وآل محمد كما دان لك ودعا إلى عبادتك ووفي بعهودك، وأنفذ أحكامك واتبع أعلامك، عبدك ونبيك وأمينك على عهدك إلى عبادك ، القائم بأحكامك، ومريد من أطاعك ، وقاطع عذر من اللهم ! فاجعل محمدا أجزل من جعلت له نصيبا من رحمتك، وأنضر م-

ص: 334


1- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 533 527:1

أشرق وجهه بسجال عطيتك، وأقرب الأنبياء زلفة يوم القيامة عندك ، وأوفرهم حظا من رضوانك، وأكثرهم صفوف أمة في جناتك، كما لم يسجد للاحجار،

ولم يعتكف للأشجار ، ولم يستحل السباء، ولم يشرب الدماء. اللهم ! خرجنا إليك حين فاجأتنا المضائق الوعرة، وألجأتنا المحابس العسرة، وعضًتنا علائق ،الشين وتأثلت علينا لواحق المين، واعتكرت علينا ح-داب-ي-ر السنين، وأخلفتنا مخائل الجود واستظمأنا لصواريخ العود، فكنت رجاء المستيئس والثقة للملتمس ، ندعوك حين قنط الأنام ومنع الغمام وهلك السوام يا حي يا قيوم عدد الشجر والنجوم والملائكة الصفوف والعنان المكفوف، وأن

! لا تردنا خائبين، ولا تؤاخذنا بأعمالنا، ولا تحاصنا بذنوبنا وانشر علينا رحمتك بالسحاب المنساق والنبات المونق، وامنن على عبادك بتنويع الثمرة، وأحيي بلادك ببلوغ الزهرة، وأشهد ملائكتك الكرام السفرة، سقيا منك نافعة دائمة غزرها واسعا ،درها سحابا ، وابلا سريعا عاجلا تحيي به ما قد مات وترد به ما قد فات وتخرج به ما هو آت.

اللهم

اسقنا غيثا مغيثا ممرعا طبقا مجلجلا، متتابعا خفوقه منبجسة بروقه

مرتجسة ،هموعه وسیبه ،مستدر وصوبه مستبطر، لا تجعل ظله علينا سموما، و برده علينا حسوما، وضوءه علينا ،رجوما، وماءه أجاجا ، ونباته رمادا رمدادا. اللهم إنا نعوذ بك من الشرك ،وهواديه ، والظلم ودواهيه، والفقر ودواعيه، يا

معطى الخيرات من أماكنها ومرسل البركات من معادنها منك الغيث المغيث وأنت الغياث المستغاث ، ونحن الخاطئون من أهل الذنوب، وأنت المستغفر الغفار، نستغفرك للجهالات من ذنوبنا ونتوب إليك من عوام خطايانا. اللهم فأرسل علينا ديمة مدرارا واسقنا الغيث واكفا مغزارا غيثا واسعا، وبركة من الوابل نافعة يدافع الودق بالودق دفاعا، ويتلو القطر منه القطر، غير

ص: 335

خلب ،برقه، ولا مكذّب رعده، ولا عاصفة جنائبه ، بل ريًا يغض بالريّ ربابه وفاض فانصاع به سحابه وجری آثار هید به جنابه، سقيا منك محيية مروية محفلة متصلة زاكيا ،نبتها ناميا زرعها ناضرا ،عودها، ممرعة ،آثارها جارية بالخصب والخير على أهلها تنعش بها الضعيف من عبادك، وتحيي بها الميت من بلادك، وتنعم بها المبسوط من رزقك وتخرج بها المخزون من رحمتك، وتعم بها من ناء من خلقك ، حتى يخصب لامراعها المجدبون، ويحيى ببركتها المستون، وتترع بالقيعان غدرانها ، وتورق ذرى الاكام ،رجواتها، ويدهام بذری الاكام شجرها، وتستحق علينا بعد اليأس شكرا منّة من مننك مجللة ونعمة نعمك متصلة على بريتك المرملة، وبلادك المعزبة، وبهائمك المعملة،

من ووحشك المهملة.

اللهم ! منك ارتجاؤنا ، وإليك مآبنا، فلا تحبسه عنا لتبطنك سرائرنا ، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا، وتنشر رحمتك وأنت الولى الحميد . ثم بكي، فقال: سيدي ! صاحت جبالنا واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا، وقنط أناس منا أو من قنط منهم الناس، وتاهت البهائم وتحيرت في مراتعها وعجّت الثكلى على أولادها، وملت الدوران في مراتعها حين حبست عنها قطر

عجيج

السماء، فدق لذلك عظمها وذهب لحمها وذاب شحمها وانقطع درّها . اللهم ارحم أنين الآنة وحنين الحانة ارحم تحيرها في مراتعها وأنينها في

مرابضها ، يا كريم .(1)

ص: 336


1- مصباح المتهجد ؛ للشيخ الطوسي : 527 - 530 .

[ الخطبة ( 116)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: لو تعلمون ما اعلم مما طوي عنكم ... الى آخره. قيل : ان هذا الفصل من خطبة له بالكوفة يستنهض فيها أصحابه الى حرب الشام ، ويتبرم من تقاعدهم ، وقول السيد الوذحة،

الخنفساء، اي هي التي سماها به الحجاج تجوّزاً على سبيل الاستعارة».(1) قال العرشي في التخريج مانصّه : «الخطبة الثانية عشرة بعد المائة تنتهي بالكلمات التالية : اما والله ليسلطن عليكم غلام ثقيف الذيال الميال، يأكل خضرتكم ويذيب شحمتكم ايه أبا وذحة ج 1 ص 229] رواها المسعودي

في مروج الذهب [ج 2 ص 112] باختلاف يسير» (انتهى )(2)

قال الجلالي : وقد تقدمت أطراف منها في الخطبة (99)، فراجع. وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال في الحجاج بن

يوسف عن الحسن قال : قال علي لاهل الكوفة : اللهم كما انتمنتهم فخانوني ونصحت لهم فغشّوني، فسلّط عليهم فتى ثقيف، الذيّال المّیال ! يأكل خضرتها

ص: 337


1- مدارك نهج البلاغة : 90 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

ويلبس ،فروتها، يحكم فيها بحكم الجاهلية.

قال الحسن : وما خلق الحجاج يومئذ . (ق) في الدلائل ، وقال : لا يقول على

ذلك إلا توقيفا).

وعن مالك بن أوس بن الحدثان عن علي قال الشاب الذيّال الميّال أمير

المصرين يلبس فروتها، ويأكل خضرتها، ويقتل أشراف خضرتها، يشتد منه

الفرق، ويكثر منه الارق، سلّطه الله على شيعته . ق فى الدلائل

وعن

بن أبي ثابت قال : قال علي لرجل : لا مُتَّ حتى تدرك فتى ثقيف !

قيل : يا أمير المؤمنين ما فتى ثقيف ؟ قال ليقالنّ له يوم القيامة : اكفنا زاوية من زوايا جهنم! رجل يملك عشرين أو بضعا وعشرين سنة، لا يدع لله معصية إلا ارتكبها حتى لو لم يبق إلا معصية واحدة وكان بينه وبينها باب مغلق لكسره حتى

يرتكبها، يقتل بمن أطاعه من عصاه . (ق في الدلائل) . (1)

ص: 338


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 362:11 - 363 ، ح 31747 - 31749 .

[ الخطبة (117)]

قال الجلالي: نقل الاسكافي ( ت / 220 ه-) في المعيار والموازنة) مقاطع منها تحت عنوان كلامه علیه السلام في تأكد وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم جواز المداراة مع الفساق والمنافقين والطغاة، فقال: وقال في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعاء إلى محاربة أهل البغي أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحذّركم الدنيا وما فيها من الغضارة والبهاء والكرامة والبهجة التي ليست بخلف ممّا زيّن الله به العلماء وبما أعطوا من العقبى الدائمة والكرامة الباقية، ذلك بأن العاقبة للمتقين والحسرة والندامة والويل الطويل على الظالمين. فاعتبروا بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الاحبار إذ يقول : ( لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّيَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإثم (1)، وقال : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهُوْنَ عَن مُنكَرِ فَعَلُوهُ لَبِثْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (2) وإنما عاب الله ذلك عليهم لانهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم الأمر المنكر من الفساد في بلادهم فلا ينهون عن ذلك؛

ص: 339


1- المائدة : 63.
2- المائدة : 78 - 79 .

رغبة فيما كانوا ينالون منهم ، ورهبة مما كانوا يحذرون والله يقول: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدى وَنُورُ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ (1) . وقال : . وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضَهُمْ أَولِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ )(2) فبدأ الله بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها ذلك بأن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الاسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم وقسمة الفئ والغنائم وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها. ثم أنتم أيتها العصابة، عصابة بالعلم مشهورة وبالخير مذكورة وبالنصيحة معروفة وبالله في أنفس الناس لكم مهابة، يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ويؤثركم من لا فضل لكم عليه، ولا يد لكم عنده تشفعون بالحوائج إذا امتنعت من طلابها، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الاكابر . أليس كل ذلك إنما نلتموه لما يرجى عندكم من قيام بحق الله وإن كنتم عن أكثر حقه مقصرين واستخففتم بحق الائمة ؟ فأما حق الله وحق الضعفاء فضيعتم، وأما حقكم - بزعمكم - فطلبتم ، فكنتم كحراس مدينة أسلموها وأهلها للعدو، وبمنزلة الاطباء الذين استوفوا ثمن الدواء وعطلوا المرضى، فلا مال بذلتموه للذي رزقه، ولا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها ، ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله . ثم أنتم تمنون على الله جنته ومجاورة رسله، والبراءة والفرار من أعدائه، والاستئثار بالكرامة

الله عند ملاقاة الملائكة .

لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته لأنكم

ص: 340


1- المائدة : 44 .
2- التوبة : 71.

بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها، ومن يعرف بالله لا تكرمون وأنتم بالله في

عباده تكرمون

وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون وأنتم لنقض ذمم آبائكم تفزعون وذمة رسوله مخفرة والعمي والبكم والزمنى في المدائن مهملون لا ترحمون وأنتم لا في منزلتكم تعملون، ولا من عمل فيها تعينون، وبالادهان والمصانعة أراكم عند الظلمة تأمنون كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم

عنه غافلون

فأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تشعرون، وذلك بأن مجاري الامور والاحكام على أيدي العلماء بالله في كتابه يكون هم الأمناء على حلاله وحرامه ، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، وما سلبتم ذلك إلا بنفوركم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البيئة الواضحة. ولو صبرتم على الأذى، وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر وإليكم ترجع ولكنكم مكنتم الظلمة من أزمتكم وأسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات، سلّطهم على ذلك فراركم من الموت، وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد ومقهور، ومن بين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم، ويستشعرون الخزي بأهوائهم، اقتداء بالاشرار وجرأة على الجبار في كل بلد منهم على منبره خطيب مصقع والارض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة، وأيدي القادة عنهم مكفوفة، وسيوفهم عليهم مسلطة، وسيوفكم عنهم مسنمة، والناس لهم خوّل، لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبار عنيد وذي سطوة على الضعفة شديد، مطاع لا يعرف المبدئ المعيد. فيا عجبا ؟ ومالي لا أعجب ؟ والارض مشحونة من غاش غشوم، ومتصدق

ص: 341

ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير ،رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا . والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا.

اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا تنافسا في سلطان ولا التماس شي من فضول الحطام، ولكن لتُردّ المعالم من دينك ونظهر الاصلاح في بلادك، ويأمن المظلوم من عبادك ويعمل بفرائضك وسنتك وأحكامك. ألا إن لكل دم ثائرا يوما، وإن الثائر في دمائنا والحاكم في حق نفسه وحق ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل الله الذي لا يعجزه ما طلب، ولا يفوته من هرب

وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَي مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ(1)

فنضّر الله وجه عبد سمع حكما فوعى، ودعي إلى رشاد فدنا، وأخذ بحجزة هاد فنجا. ألا إن أبصر الأبصار ما بعد في الخير مذهبه ، وأسمع الاسماع ما وعى التذكير وانتفع به، وأسلم القلوب ما ظهر من الشبهات. أيها الناس، استصبحوا من شعلة مصباح واعظ ناصح، وامتاحوا من مهيأ عين

قد روّقت من الكدر ، وامتاروا من طرف الياقوت الأحمر.

عباد الله ، لا تركنوا إلى جهالكم ولا تنقادوا لأهوائكم، والله الله أن تشكوا إلى من لا يبكي شجوكم ، ومن ينقض برأيه ما قد أبرم لكم، ويصدع بجهله ماشعب لكم، ويهدم بحمقه ما قد بني لكم.

اللهم

-هم فأيما عبد من عبيد في الدين والدنيا غير المفسدة، فأبى بعد سمعه لها إلا الابطاء عن نصرتك وترك الاعزاز لدينك، فإنا نشهدك عليه يا أكبر الشاهدين شهادة، فإنكم إن لا تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة علينا وعملوا في إطفاء نور الله بيننا، وحسبنا الله وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير. فتدبروا هذا الكلام في الامر بالمعروف والنهي عن

سمع مقالتنا هذه العادلة غير الجائرة، والمصلحة

ص: 342


1- الشُّعراء: 227

المنكر، وهذا البيان والتحريص والحجة البيئة لتعلموا أن كل من دعا إلى هذا السبيل ونحا هذا الطريق فبكلام أمير المؤمنين اهتدى وبسيرته اقتدى ومن عمله اقتبس، ومن معرفته أبصر، وبقوله أنطق بعد رأي يريد أن يلصق ما لا يلتصق ويقرب ما لا يتقارب. فالله الله أن تشكوا إلى من لا يشكي شجوكم، ولا ينقض برأيه ما قد أبرم لكم. إنه ليس على الامام إلا ما حمل من أمر ربه . (1)

ص: 343


1- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي : 274 - 282 .

[ الخطبة( 119)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج مانصّه: قوله علیه السلام: ما (ت 1361ه-) بالكم لاسددتم لرشد ... الخ ، هذا كلام قاله امير المؤمنين علیه السلام في بعض غارات اهل .. اللي

الشام على اطراف اعماله بالعراق، بعد انقضاء امر صفّين والنهروان على ما قيل

وقال في الشرح قد ذكرنا سببه وواقعته فيما تقدم » . (1)قال الجلالي: وقد تقدمت اطراف منه في الكلام (69) بالاسناد عن الثقفي

(ت/ 281ه- ) ، فراجع

ص: 344


1- مدارك نهج البلاغة : 90 .

[ الكلام ( 120) ]

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما ارويه بالاسناد عن المتقي الهندي( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن أبي البحتري ، قال : خطب علي فقال : ألا ! إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ، فقال رجل : وأنت يا أمير المؤمنين ؟ فقال : نحن أهل البيت لا يوازينا أحد . (حل)(1)

ص: 345


1- كنز العمال للمتقي الهندي 7:13 ، ح 36095 و 36096 .

[ الخطبة ( 121)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: هذا جزاء من ترك العقدة... الخ، روى هذا ابن عبد ربه في عقد الفريد بنحو آخر في فقرات

كثيرة من رواية السيّد هنا، وروى نحو ذلك كمال الدين بن طلحة في ضمن كلام طويل ورواية السيّد سيدة الروايات(1)

قال العرشي في التخريج مانصه : رواه ابن عبد ربه في العقد الفريد [ ج 2 165] ، وروى شيخ الطائفة في الامالى [135] من قوله علیه السلام مره العيون من البكاء... غبرة الخاشعين». كما رواه ابن الشيخ في الامالى [18] ، والشيخ المفيد في الارشاد [139] والامالى بحار الانوار[ ج 17 ص 106]. (انتهى) (2) بالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في « الأمالي قال : أخبرنا محمّد بن

محمّد ، قال : أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي، عن أبي العباس

محمّد بن سعيد ، عن ، عن أحمد بن يحيى، عن أسيد بن زيد القرشي، عن محمّد بن ،مروان، عن جعفر بن محمّد علیهما السلام، قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: صلاتكم علي إجابة

ص: 346


1- مدارك نهج البلاغة : 90 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

لدعائكم، وزكاة لاعمالكم.

وروي أن أمير المؤمنين علیه السلام خرج ذات ليلة من المسجد، وكانت ليلة قمراء

فأتى الجبانة، ولحقه جماعة يقفون أثره، فوقف عليهم ثم قال: من أنتم ؟ :قالوا شيعتك يا أمير المؤمنين فتفرّس في وجوههم ثم قال : فمالي لا أرى

عليكم سيماء الشيعة!

قالوا: وما سيماء الشيعة، يا أمير المؤمنين ؟

فقال صفر الوجوه من السهر عمش العيون من البكاء، حدب الظهور من القيام، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء، عليهم غبرة الخاشعين . وقال علیه السلام: الموت طالب ومطلوب، لا يعجزه المقيم، ولا يفوته الهارب، فقدموا ولا تتكلموا ، فإنه ليس عن الموت محيص، إنكم إن لم تقتلوا تموتوا والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف على الرأس أهون من الموت على فراش. ومن كلامه علیه السلام: أيها الناس أصبحتم أغراضا تنتضل فيكم المنايا ، وأموالكم نهب المصائب، وما طعمتم في الدنيا من طعام فلكم فيه ،غصص، وما شربتموه من شراب فلكم فيه شرق . وأشهد بالله ما تنالون من الدنيا نعمة تفرحون بها إلا بفراق أخرى تكرهونها. أيها الناس إنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون، فتزوّدوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه، والسلام » . (1)وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق» قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل أنا أحمد بن مروان، نا أحمد بن علي المقري ، نا محمّد بن الحارث قال: سمعت المدائني يقول : نظر عليّ بن أبي طالب إلى قوم ببابه فقال لقنبر : يا قنبر من هؤلاء؟

قال : هؤلاء شيعتك يا أمير المؤمنين.

ص: 347


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 215 - 216

قال: وما لي لا أرى فيهم سيماء الشيعة؟

قال : وما سيماء الشيعة ؟

قال: خمص البطون من الطوى، يبس الشفاه من الظمأ عمش العيون من البكاء .(1)وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 985ه-) في كنز العمال: عن المدايني

(ت قال: نظر علي بن أبي طالب إلى قوم ببابه فقال لقنبر : يا قنبر! من هؤلاء ؟

قال هؤلاء شيعتك .

قال: ومالي لا أرى فيهم سيماء الشيعة؟

قال وما سيماء الشيعة ؟

قال: خمص البطون من الطوى، يبس الشفاه من الظماء، عمش العيون من

البكاء». (الدينوري، كر ) (2)

ص: 348


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 491 ؛
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 325

[ الخطبة (123)]

قال العرشي في التخريج مانصه : الكلام التاسع عشر بعد المائة، وقال لاصحابه في ساعة الحرب: ان الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب[ ج 2 ص 3] رواه ابن عبد ربه في العقد الفريد [ ج 2 ص 287] وشيخ الطائفة في الامالي [135 106] والشيخ المفيد في الارشاد [139 و 159] وكتاب الجمل ( 175 ) بتغيير في الالفاظ». (انتهى) (1) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه مما تقدم من الخطبة (121)

رواية الطوسي (ت / 460 ه-) ، فراجع. وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق»: كتب إلي

أبو بكر عبد الغفار بن محمد وحدثني أبو المحاسن الطنبسي عنه، ،، أنا أبو بكر

الحيري ح وأخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل، أنا أبو عثمان الصابوني ، أنا أبو محمّد عبد الرحمن بن أحمد المقرئ قالا : نا أبو العباس محمّد بن يعقوب بن يوسف،

يعني بن المستورد - زاد المقرئ الأشجعي - وقال الكوفي

نا عبد الله بر الله بن أحمد

ص: 349


1- راجع استناد نهج البلاغة

نا أحمد بن صبيح

الأسدي حدثني حسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن

يوم ، فحمد الله

الأصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب قال: صعد علي ذات وأثنى عليه وذكر الموت فقال: عباد الله الموت ليس منه فوت إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، فالنجاء النجا والوحا الوحا وراءكم طالب حثيث : القبر، فاحذروا ضغطته وظلمته ووحشته ، ألا وإن القبر حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة ، ألا وإنه يتكلم في كل يوم ثلاث مرات فيقول: أنا بيت الظلمة، أنا بيت الدود، أنا بيت الوحشة، ألا وإن وراء ذلك يوم يشيب فيه الصغير ويسكر فيه الكبير ( وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَاهُم بِسُكَارَى ) (1) وقال الشيروي: سكرى وما هم بسكرى ( وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدُ ) (2) ألا وان وراء ذلك ما هو أشد منه : نار حرّها شديد وقعرها بعيد، وحليها حديد

وخازنها ملك ليس الله فيه - وفي حديث الحيري فيها - رحمة .

:قال ثم بكى وبكى المسلمون حوله ثم قال : وإلى وراء ذلك جنة عرضها السموات والأرض - وفي حديث الحيري عرضها كعرض السماء والأرض - أعدت للمتقين جعلنا الله وإياكم من المتقين وأجارنا وإياكم من العذاب الأليم. اخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمّد وأبو الخير محمّد بن أحمد بن محمّد بن هارون وأبو الحسين سهل بن عبد الله بن على الغازي وأبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن محمّد الذكواني وأبو نصر أحمد بن عبد الله بن سمير ومحمّد بن علي بن بن سمير ومحمّد بن علي بن أحمد السكري وأخبرنا أبو

القاسم أسماعيل بن محمد بن الفضل، أنا أحمد بن عبد الرحمن.

(ح) وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس المقرئ، نا سليمان بن إبراهيم .

ص: 350


1- الحج : 2
2- الحج : 2.

(ح) وأخبرنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن محمّد بن مهران ، أنا سهل بن عبد الله قالوا: نا محمّد بن إبراهيم بن جعفر اليزدي إملاء، نا أبو علي الحسين بن علي الوراق، نا محمّد بن زكريا الغلابي ، نا العباس بن بكار نا عبد الله بن سليمان المزني، عن ليث بن سليم، عن مجاهد حدثني من سمع علي بن أبي طالب يخطب ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: عباد الله الموت ليس منه فوت ، إن أقمتم له أخذكم وإن فررتم منه أدرككم - وفي حديث إسماعيل : وإن فررتم أدرككم

الموت - معقود بنواصيكم ، فالنجا النجا والوحا الوحا وراءكم - وقال إسماعيل : فإن وراءكم - طالب حثيث القبر ، احذروا ضنكه وظلمته وضيقته، ألا إن القبر حفرة من حفر جهنم أو روضة من رياض الجنة، ألا وإنه يتكلم في كل يوم ثلاث مرات فيقول: أنا بيت الوحشة، أنا بيت الظلمة، أنا بيت الدود، ألا وإن وراء ذلك اليوم أشد من ذلك اليوم نار حرّها شديد وقعرها عميق وحليها حديد ليس الله

فيها رحمة.

فبكى المسلمون حوله بكاء شديدا فقال : وإن وراء - وقال : إسماعيل وإن من وراء - ذلك جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين أجارنا الله وإياكم من

العذاب الأليم (1)

ص: 351


1- تاريخ مدينة دمشق ؛ لابن عساكر 42 497 495

[ الكلام ( 124) ]

قال الهادى كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: فقدموا الدراع ... إلى آخره. هذا مروي في فروع الكافي في كتاب الجهاد وفي تاريخ أبي

جعفر الطبري [ج 6 ص 9]، وقوله : وانتم لهاميم العرب .... مروي فيه أيضاً ، وقوله علیه السلام: انهم لم يزولوا عن مواقفهم ... الى آخره . هذه الفقرة مروية في كتاب صفين لنصر بن مزاحم .(1)

وقال العرشي في التخريج ما نصّه: رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين

(120) والطبري في تاريخه [ ج 6 ص 9] وابن مسكويه في تجارب الام [ج 583] وابو حيان التوحيدي في كتاب البصائر ( 185 / الف ) والشيخ للمفيد

في الارشاد ( 154)) . (انتهى) .(2)

ص

قال الجلالي: راجع المقطع الأول من رواية الكليني (ت / 328 ه- ) من

الخطبة ( 80 ) .

وبالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري ( ت / 212 ه-) في ( وقعة صفيّن ، قال :

ص: 352


1- مدارك نهج البلاغة : 90 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

قال عمر بن سعد، عن عبد الرحيم بن عبد الرحمن، عن أبيه أن عليا أمير المؤمنين حرّض الناس، فقال: إن الله عز وجل قد دلّكم على تجارة تنجيكم من العذاب، وتشفي بكم على الخير إيمان بالله ورسوله ، وجهاد في سبيله، وجعل ثوابه مغفرة الذنوب، ومساكن طيبة في جنات عدن، ورضوان من الله أكبر، فأخبركم بالذي يحبّ ، فقال : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفَا كَأَنَّهُم بُنْيَانُ مَرْصُوصُ (1). فسؤوا صفوفكم كالبنيان المرصوص، وقدموا الدارع، وأخروا الحاسر، وعضوا على الأضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهام، وأربط الجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات، فإنه أطرد للفشل، وأولى بالوقار والتووا في أطراف الرماح، فإنه أمور للأسنة وراياتكم فلا تميلوها ولا تزيلوها، ولا تجعلوها إلا في أيدى شجعانكم المانعي الذمار، والصبر عند نزول الحقائق، أهل الحفاظ الذين يحفون براياتكم ويكتنفونها، يضربون خلفها وأمامها، ولا تضيّعوها . أجزأ كل امرئ منكم الله وقد قرنه ، وواسى أخاه بنفسه، ولم يكل قرنه إلى أخيه، فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه، فيكتسب بذلك لائمة، ويأتي به دناءة وأنى هذا ، وكيف يكون هكذا ؟! هذا يقاتل اثنين، وهذا ممسك يده، قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه ، وقائما ينظر إليه. من يفعل هذا يمقته الله فلا تعرضوا لمقت الله ، فإنما مردكم إلى الله . قال الله لقوم : ( قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِنَ الْمَوْتِ أو الْقَتْلِ وَإِذا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً ) (2). وايم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة . استعينوا بالصدق والصبر، فإنه بعد الصبر ينزل النصر . (3)

ص: 353


1- الصف : 4.
2- الأحزاب : 16 .
3- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 236 235

[ الخطبة ( 125) ]

قال العرشي في التخريج مانصه : رواه الطبري في تاريخه [ج 6 ص 37] ،

والشيخ المفيد في الارشاد ( 157) مختصرا . ( انتهى ) (1) .

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الهاروني

( ت / 424 ه-) في تيسير المطالب قال اخبرنا محمّد بن علي العبدلي، قال حدثنا محمّد بن يزداد، قال حدثني يعقوب بن اسحاق ومحمّد بن سهل، قال: حدثنا محمد بن عمرو قال اخبرنا ابو احمد الزبيري، عن عبد الجبار بن عياش

عن سلمة بن كهيل، عن حجر بن عدي ، قال : لما قفل علي أمير المؤمنين علیه السلام من صفين، وأكثر كثير من أصحابه والمحكمة القول في الحكمين أمر فنودي

بالصلاة جامعة ، ثم خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه محمّد صلى الله عليه وسلم ، ثم قال: اللهم هذا مقام من فلج فيه فكان أولى بالفلج يوم القيامة ( مَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً )(2) نشدتكم الله، أتعلمون أنهم حيث رفعوا

ص: 354


1- راجع استناد نهج البلاغة
2- الاسراء : 72 .

المصاحف فقلتم : نجيبهم الى كتاب الله ، قلت لكم انهم ليس بأهل دين ولا ،قرآن، ولقد صحبتهم وعرفتهم أطفالاً ورجالاً ، وهم شر أطفال ورجال امضوا

على صدقكم وحقكم ، فإنما نصبوا المصاحف خديعة ومكيدة.

فرددتم قولي وقلتم : لا ، بل تقبل منهم . فقلت لكم : اذكروا قولي لكم ومعصيتكم إياي، وإذ أبيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين ان يحييا ما أحيى القرآن وأن يميتا ما أمات القرآن؛ لأنهما ان حكما

بحكم القرآن لم يكن لنا خلاف على من حكم بما في القرآن، وان أبيا كنا من حكمها ،براء، وكنا على رأس أمرنا ؟

قالوا: فعدل نحكّم الرجال في الدماء؟ قال: انا لسنا الرجال حكمنا ، إنما حكمنا القرآن، وهذا القرآن إنما هو خط محفوظ مستور بين الدفتين وإنما ينطق

بحكمه الرجال.

:قالوا فخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك وبينهم ؟ قال : ليعلم الجاهل ويثيب العالم، ولعل الله يصلح في هذه المدة أمر هذه الامة

ادخلوا مصركم .

فدخل أصحابه عن آخرهم (1)

وروى أبو جعفر الإسكافي ( ت / 220 ه-) في المعيار والموازنة» تحت عنوان: خطبة أمير المؤمنين علیه السلام في الاحتجاج على الخوارج بعد ما فارقوه فأرسل إليهم ابن عباس ثم لحقه ودخل معسكرهم، قال الاسكافي وذكروا أن علي بن أبي طالب علیه السلام خرج إلى الخوارج فأتى فسطاط يزيد بن قيس فدخله فتوضأ فيه وصلى ركعتين ، ثم خرج حتى انتهى إليهم وهم يخاصمون ابن عباس، فقال علي لابن عباس: انته عن كلامهم، ألم أنهك رحمك الله ؟ ثم تكلم على فحمد الله

ص: 355


1- تيسير :المطالب : 198 ط / 1395ه-.

وأثنى عليه ثم قال: إن هذا مقام من فتح الله له فيه كان أولى بالفتح يوم القيامة ومن نطف فيه وأوعب ( فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ) (1)

ثم قال لهم: من زعيمكم؟ قالوا: ابن الكواء. قال على فما أخرجكم من حكمنا ؟ قالوا حكومتكم يوم صفين. قال: نشدتكم بالله أتعلمون أنهم حيث رفعوا المصاحف فقلتم : نجيبهم إلى كتاب الله . قلت لكم: إني أعلم بالقوم منكم إنهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، فإني قد صحبتهم وعرفتهم أطفالا ورجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال امضوا على حقكم وصدقكم، فإنما رفع القوم لكم هذه المصاحف خديعة ووهنا ومكيدة فرددتم علي رأيي وقلتم : لا ، بل نقبل منهم. فقلت لكم: اذكروا قولي ومعصيتكم إياي، فلما أبيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحياه القرآن وأن يميتا ما أمات القرآن، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكم من حكم بما في الكتاب ، وإن أبيا فنحن من حكمهما براء. فهل قام إليَّ منكم رجل فقال : يا علي إن هذا الأمر أمر الله فلا تعطه القوم ؟ قالوا : لا .

قالوا فأخبرنا أتراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء ؟

قال : إنا لسنا الرجال حكّمنا ، وإنما حكمنا القرآن وهو خط مسطور بين لوحين لا ينطق حتى يتكلم به الرجال، وأنتم حكمتم أبا موسى وجئتموني وأتيتموني به مبرنسا، وقلتم : لا نرضى إلا به، ومعاوية حكم عمروا. ثم قال: وأخبرني عنك يا ابن الكواء، متي سمّي أبو موسى حكما ؟ أحين

أرسل أم حين حكم ؟ قال : حين حكم.

قال : فقد سار وهو مسلم وأنت ترجو أن يحكم بما أنزل الله ؟ قال : نعم . قال :

فلا أرى الضلال في إرساله إذ كان عدلا .

ص: 356


1- الاسراء : 72 .

قالوا: فخبرنا عن الاجل لما جعلته بيننا وبينهم ؟

قال : ليتعلم الجاهل ويتثبت العالم ، ولعل الله أن يصلح في تلك المدة بين الامة. ثم قال علي: أرأيتم لو أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أرسل رجلا مؤمنا يدعو قوما مشركين

إلى كتاب الله فارتد على عقبه كافرا كان يضرّ النبي صلی الله علیه و آله وسلم له شيئا ؟ قالوا : لا . قال: فما ذنبي إن ضلّ أبو موسى ولم أرض بحكومته إذ حكم، ولا بقوله

إذ قال؟

قالوا: أفرأيت كتابك باسمك واسم أبيك وتركك اسمك الذي سماك الله به

بإمرة المؤمنين.

قال علي : على يدي دار مثل هذا الحديث كتب النبي صلی الله علیه و آله وسلم: هذا كتاب من محمّد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم. وقال أبو سفيان وسهيل بن عمرو: لا نقرّ ولا نعرف أنك رسول الله ، لقد ظلمناك إذا إن شهدنا أنك رسول الله ثم قاتلناك، ولكن اكتب باسمك واسم أبيك . فقال رسول الله : اكتب من محمّد بن عبد الله فإن ذلك لا يضر نبوّتي شيئا، فكتبها رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، لآبائهم ، وكتبتها لأبنائهم . قالوا: صدقت. ولكن بقيت خصلة، أنا قد علمنا أنك لم ترض بحكمهم حتى شككت وكتبت في كتابك : إن جرّني كتاب الله إليك تبعتك ، وإن جرّك إليّ تبعتني. تعطي هذا القول وقد أخضنا خيلنا في دمائهم؟ وما فعلت هذا حتی شککت.

فقال علي: نبئني ، أنت ومن معك أولى بأن لا تشكوا في دينكم أم المهاجرون

والانصار؟ أم أنا أولى بالشك أم معاوية وأهل الشام ؟ قال ابن الكواء: النبي صلی الله علیه و آله وسلم أولى باليقين منك وأهل الشام خير من مشركي

قريش والمهاجرون والانصار خير منا. قال : أفرأيت الله حين يقول لرسوله : ( قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابِ مِنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى

ص: 357

مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )(1) أشك النبي صلی الله علیه و آله وسلم فيما هو عليه حين يقول هذا؟ أم

أعطاهم إنصافا ؟

قال ابن الكواء: خصمتنا ورب الكعبة، وأنت أعلم منا بما صنعت .

فقال علي علیه السلام: ادخلوا مصركم رحمكم الله (2)

وروى ابن كثير ( ت / 774ه-) موقف الامام علي علیه السلام له في صفين، عن حبيب بن ثابت ، قال : أتيت أبا وائل في مسجد أهله أسأله عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي

بالنهروان فيما استجابوا له، وفيما فارقوه، وفيما استحل قتالهم .

قال: كنا بصفين فلما استحر القتل بأهل الشام اعتصموا بتل، فقال عمرو بن العاص لمعاوية : أرسل إلى عليّ بمصحف، وادعه إلى كتاب الله فإنه لن يأبى عليك، فجاء به رجل فقال : بيننا وبينكم كتاب الله : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقُ مِنْهُمْ وَهُم مُعْرِضُونَ ) (3) فقال علي : نعم، أنا أولى بذلك. بيننا وبينكم كتاب الله، قال: فجاءته الخوارج، ونحن ندعوهم يومئذ : القراء ، وسيوفهم على عواتقهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما ننتظر بهؤلاء القوم الذين على التل ألا نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فتكلم سهل بن حنيف ، فقال : يا أيها الناس اتهموا أنفسكم، فلقد رأيتنا يوم الحديبية - يعني الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين - ولو نرى قتالاً لقاتلنا، فجاء عمر إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقال : يا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، ألسنا على الحق وهم على باطل؟ أليس قتلانا في الجنة ، وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى، قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : يا ابن الخطاب اني

ص: 358


1- القصص : 49 .
2- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي : 198 - 201 .
3- آل عمران: 23 .

رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ولن يضيعني ، أبداً ، قال : فرجع وهو متغيظ ! فلم يصبر حتى أنا أبا بكر ، فقال يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل ؟ أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار ؟ قال بلى قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ، ولما يحكم الله بيننا

وبينهم . فقال : ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم. :فقال يا ابن الخطاب إنه رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، ولن يضيعه أبداً . قال فنزلت سورة

الفتح

قال: فأرسلني رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم إلى عمر فأقرأها إياه، قال: يا رسول الله أفتح

هو ؟ قال : نعم (1) وروى تحت عنوان ( علي والخوارج عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري

قال: جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة ونحن عندها ،جلوس، مرجعه من العراق ليالي قتل علي فقالت له : يا عبد الله بن شداد، هل أنت صادقي عما أسألك عنه ؟ تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم على ؟ قال: ومالي لا أصدقك ! :قال فحدثني عن قصتهم، قال: فإن علياً لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة، وانهم عتبوا عليه فقالوا: انسلخت من قميص البسكه الله تعالى، واسم سماك الله تعالى به، ثم انطلقت فحكمت في دين الله ، فلا حكم الا لله تعالى، فلما أن بلغ علياً ما عتبوا عليه وفارقوه عليه، فأمر مؤذناً فأذن أن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن، فلما أن امتلأت الدار من قرّاء الناس دعا بمصحف امام عظيم، فوضعه بين يديه، فجعل يصكه بيده ويقول: أيها المصحف ! حدث الناس !

فناداه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تسأل عنه ؟ إنما هو مداد في ورق!

ونحن نتكلم بما روينا منه ! فماذا تريد ؟

ص: 359


1- سند احمد :3 485

قال : أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا، بيني وبينهم كتاب الله، يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَما مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا )(1) ، فأمة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم أعظم دماً وحرمة من امرأة ورجل ونقموا عليّ أن كاتبت معاوية كتب علي بن أبي طالب ، وقد جاءنا سهيل بن عمرو، ونحن مع رسول الله له بالحديبية حين صالح قومه قريشاً، فكتب رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال سهيل : لا تكتب بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فقال : كيف نكتب؟ فقال: اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاكتب محمّد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فقال : لو أعلم أنك رسول الله في كتابه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أَسْوَةٌ حَسَنَةُ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ) (2) فبعث إليهم علي عبد الله بن عباس، فخرجت معه، حتى إذا توسطنا عسكرهم ، قام ابن الكواء يخطب الناس ، فقال : يا حملة ،القرآن إن هذا عبد الله بن عباس ، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله ما يعرفه به هذا ممن نزل فيه وفى قومه

قَوْمُ خَصِمُونَ (3) فردّوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله .

فقام خطباؤهم فقالوا: والله لتواضعنه كتاب الله، فإن جاء بحق نعرفه لتتبعنه، وان جاء بباطل لنبكتنه بباطله فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم ثابت فيهم ابن الكواء ، حتى أدخلهم على علي الكوفة ، فبعث علي إلى بقيتهم فقال : قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم فقفوا حيث ششتم حتى تجتمع أمة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، بيننا وبينكم ألا تسفكوا دماً حراماً أو تقطعوا سبيلاً ، أو تظلموا ذمّة، فانكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء،

ص: 360


1- النساء : 35
2- الأحزاب : 21 .
3- الزخرف : 58

إن الله هو لا يحب الخائنين.

قالت: له عائشة : يا ابن شداد، فقد قتلهم ، فقال والله ما بعث اليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم، واستحلوا أهل الذمة فقالت الله ؟ قال الله الذي لا إله إلا لقد كان ، قالت : فما شيء بلغني عن أهل الذمة يتحدثونه، يقولون: ذو الثدي وذو الثدي ؟ قال : قد رأيته وقمت مع علي عليه في القتلى، فدعا الناس فقال : أتعرفون هذا؟ فما أكثر من جاء يقول: قد رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ورأيته في مسجد بني فلان يصلي، ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذلك ، قالت : فما قول علي حين قام عليه - كما يزعم - أهل العراق ؟ قال : سمعته يقول : صدق الله

. ورسوله قالت هل سمعت منه أنه قال غير ذلك ؟ قال: اللهم لا قلت: أجل صدق الله ورسوله، يرحم الله علياً ، إنه كان من كلامه لا يعني شيئاً يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله، فيذهب أهل العراق يكذبون عليه ويزيدون عليه في الحديث».(1) وروى ابن كثير ( ت / 774 ه- ) عن أبي كثير مولى الانصار قال : كنت مع سيدي مع علي بن أبي طالب حيث قتل أهل النهروان فكأن الناس وجدوا في أنفسهم من قتلهم ، فقال :على يا أيها الناس، إن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له قد حدثنا بأقوام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ثم لا يرجعون فيه أبدأ حتى يرجع السهم على فوقه، وإن آية ذلك أن فيهم رجلاً أسود مخدج اليد ، إحدى يديه كثدي المرأة، لها حلمة كحلمة ثدي المرأة، حوله سبع هلبات، فالتمسوه، فإني أراه فيهم

ص: 361


1- جامع المسانيد والسنن 19 : 77 - 80، والحديث أخرجه الامام أحمد في مسنده 86:1 (ميمنية) ، ووقع برقم 656 (ط / شاكر) ، وأخرجه ابن كثير في تاريخه 7: 279 - 280 ، وقال : « تفرد به أحمد ، وإسناده صحيح ، واختاره الضياء .. يعني في المختارة ، وهو في مجمع الزوائد 6: 235 - 237 ، وقال « رواه أبو يعلى ورواته ثقات ، وعلق الشيخ شاكر على قول الهيثمي : أن في هذا خطأ، ولعل صحته ( رواه أحمد ) أو ( رواه أحمد وأبو يعلى .. وقوله : لا تواضعوه «كتاب الله». فكأتهم وضعوا كتاب الله حكماً بينهم ، والثبت الحجة والبيئة .

فالتمسوه فوجدوه إلى شفير النهر تحت القتلى فأخرجوه، فكبر على فقال: الله أكبر، صدق الله ورسوله، وانه لمتقلد قوساً له عربية ، فأخذها بيده فجعل يطعن بها في مخدجته ويقول صدق الله ورسوله وكبر الناس حين رأوه واستبشروا

: وذهب عنهم ما كانوا يجدون (1)) (2)

(2)

وروى ابن كثير ، عن زيد بن وهب قال: قدم على على قوم من أهل البصرة من الخوارج، فيهم رجل يقال له : الجعد بن بعجة، فقال له: اتق الله يا علي فإنك ، ، فقال علي بل ،مقتول، ضربة على هذا تخضب هذه - يعني لحيته على رأسه

میت عهد معهود، وقضاء مقضي ، وقد خاب من افترى وعاتبه فى لباسه، فقال:

مالكم وللباس ؟ هو أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدي بي (المسلم ) .

، وروى ابن كثير، عن طارق بن زياد قال: خرجنا مع علي إلى الخوارج فقتلهم ثم قال: انظروا، فإن نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم قال : إنه سيخرج قوم يتكلمون بالحق لا يجوز حلقهم، يخرجون من الحق كما يخرج السهم من الرمية، سيماهم أن منهم رجلاً مخدج اليد في يده شعرات سود، إن كان هو فقد قتلتم شر الناس، وإن لم تكن فقد قتلتم خير الناس ، ثم قال : اطلبوا، فطلبنا ، فوجدنا المخدج، فخررنا سجوداً وخر علي معنا ساجداً (3)(3)

ص: 362


1- جامع المسانيد 19: 81، ط / 1411ه-.
2- جامع المسانيد 81:19 ، ط 1411ه-.
3- جامع المسانيد 81:19، ط / 1411ه-.

[ الخطبة ( 126)]

قال العرشي في التخريج مانصه : رواه شيخ الطائفة في الامالي (121) .

(انتهى) . (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما ارويه بالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 381ه-) في «الغارات» ، قال : حدثنا محمّد قال حدثنا الحسن قال : حدثنا ابراهيم ، قال : حدثني محمّد بن عبد الله بن عثمان قال : حدثني علي بن أبي سيف، عن أبي حباب، عن ربيعة وعمارة. ان طائفة من أصحاب علي مشوا

ل إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين أعط هذه الاموال، وفضّل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ومن تخاف خلافه من الناس وفراره قال وانما قالوا له ذلك ، للذي كان معاوية يصنع من أتاه فقال لهم عليّ علیه السلام: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟! والله لا أفعل ما طلعت شمس وما لاح في السماء نجم والله لو كان مالهم لي لواسيت بينهم ، فكيف وانما هي أموالهم قال : ثم أزم طويلا ساكتا ثم قال: من كان له مال فاياه والفساد، فإن إعطاء المال في غير حقه تبذير واسراف، وهو ذكر لصاحبه في الناس ويضعه عند الله ، ولم يضع رجل ماله في

ص: 363


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

غير حقه حقه وعند وعند غير أهله الا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودّهم، فان بقي معهم من يودهم ويظهر لهم الشكر فانما هو ملق وكذب، وإنما ينوي أن ينال من صاحبه مثل الذي كان يأتي إليه من قبل، فإن زلت بصاحبه النعل فاحتاج إلى معونته ومكافأته فشر خليل وألأم خدين، ومن صنع المعروف فيما آتاه الله فليصل به القرابة وليحسن فيه الضيافة، وليفك به العاني وليعن به الغارم وابن السبيل والفقراء والمهاجرين وليصبر نفسه على النوائب والخطوب، فان الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الاخرة» . (1)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمّد بن علي، عن أحمد بن عمرو بن

سليمان البجلي عن إسماعيل بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار عن إبراهيم بن إسحاق المدائني، عن رجل، عن أبي مخنف الازدي قال: أتى أمير المؤمنين علیه السلام رهط من الشيعة فقالوا يا أمير المؤمنين لو أخرجت هذه الاموال ففرّقتها في هؤلاء الرؤساء والاشراف وفضلتهم علينا حتى إذا استوسقت الامور عدت إلى أفضل ما عودك الله من القسم بالسوية والعدل في الرعية ؟ فقال أمير المؤمنين : أتأمروني - ويحكم - أن أطلب النصر بالظلم والجور فيمن وليت عليه من أهل الاسلام ؟ لا والله لا يكون ذلك ما سمر السمير وما رأيت في السماء نجما والله لو كانت أموالهم مالي لساويت بينهم ، بينهم ، فكي- وإنما هي أموالهم ، قال : ثم أزم ساكتا طويلا ثم رفع رأسه فقال: من كان فيكم له

فكيف

مال فإياه والفساد، فانّ إعطاءه في غير حقه تبذير وإسراف ، وهو يرفع ذكر صاحبه في الناس ويضعه عند الله . ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودّهم ، فإن بقي معه منهم بقية ممن يظهر الشكر له

ص: 364


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 1: 74-77 .

ويريه النصح فانما ذلك ملق منه وكذب فإن زلت بصاحبهم النعل ثم احتاج إلى معونتهم ومكأفاتهم فألام خليل وشرّ خدين، ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا لم يكن له من الحظ فيما اتى إلا محمدة اللثام وثناء الأشرار مادام عليه منعما مفضلا ومقالة الجاهل : ما أجوده ؟ وهو عند الله بخيل، فأيّ حطّ أبور وأخسر من هذا الحظ ؟ وأي فائدة معروف أقل من هذا المعروف؟ فمن كان منكم له مال فليصل به القرابة، وليحسن منه الضيافة، وليفك به العاني والاسير وابن السبيل ، فان الفوز بهذه الخصال مكارم الدنيا وشرف الآخرة».(1)وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في «الأمالي»: قال: حدثنا أبو

الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا

علي بن عبد الله بن أسد الاصفهاني،

قال : حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثني محمّد بن عبد الله بن عثمان قال : حدثني علي بن سيف، عن أبي حباب، عن ربيعة وعمارة وغيرهما : أن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام مشوا إليه عند تفرّق الناس عنه وفرار كثير منهم إلى معاوية طلبا لما في يديه من الدنيا ، فقالوا له : يا أمير المؤمنين أعط هذه الاموال، وفضّل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، ومن تخاف خلافه عليك من الناس قراره إلى معاوية. فقال لهم أمير المؤمنين علیه السلام: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟ لا والله لا أفعل ما طلعت شمس وما لاح في السماء نجم . والله لو كانت أموالهم لي لواسيت بينهم، فكيف وإنما هي أموالهم ؟! قال: ثم أزم أمير المؤمنين علیه السلام طويلا ساكنا ، ثم قال: من كان له مال فإياه والفساد، فإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو وإن كان ذكرا لصاحبه في الدنيا فهو يضيعه عند الله عز وجل، ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير أهله إلّا حرمه الله شكرهم وإن كان لغيره ودّهم، فإن بقي معه من يودّه

ص: 365


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 4 31 - 32

ويظهر له الشكر فإنما هو ملق وكذب ، يريد التقرب به إليه لينال منه مثل الذي كان يأتي إليه من قبل، فإن زلّت بصاحبه النعل واحتاج إلى معونته أو مكافأته فشرّ خليل وألام خدين ومن صنع المعروف فيما آتاه الله فليصل به القرابة، وليحسن فيه الضيافة، وليفك به العاني ، وليعن به الغارم وابن السبيل والفقراء والمجاهدين في سبيل الله، وليصبر نفسه على النوائب والخطوب، فإن الفوز بهذه الخصال أشرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الآخرة».(1)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في «الأمالي»: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثني محمد بن أبي السري قال: حدثنا هشام، عن أبي مختف عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه ، قال : لما وقع الاتفاق على كتب القضية بين أمير المؤمنين علیه السلام وبين معاوية بن أبي سفيان، حضر عمرو بن العاص في رجال من أهل الشام ، وعبد الله بن عباس في رجال من أهل العراق، فقال أمير المؤمنين علیه السلام للكاتب : اكتب: هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام ومعاوية بن أبي سفيان. فقال عمرو بن العاص : اكتب اسمه واسم أبيه ، ولا تسمه بإمرة المؤمنين، فإنما هو أمير هؤلاء وليس بأميرنا . فقال الاحنف بن قيس : لا تمح هذا الاسم، فإني أتخوف إن محوته لا يرجع إليك أبدا. فامتنع أمير المؤمنين من محوه، فتراجع الخطاب فيه مليا من النهار، فقال الاشعث بن قيس امح هذا الاسم ترحه الله . فقال أمير المؤمنين علیه السلام: الله أكبر سنة بسنة ، ومثل بمثل والله إني لكاتب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له الحديبية، وقد أُملي علي: هذا ما قاضى عليه محمّد

يوم

رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم سهيل بن عمرو. فقال له سهيل امح رسول الله ، فإنا لا نقر لك بذلك، ولا نشهد لك به اكتب اسمك واسم أبيك، فامتنعت من محوه فقال النبي الله :

ص: 366


1- الأماني ؛ للشيخ المفيد : 175 - 177 .

امحه يا علي وستدعى إلى مثلها فتجيب وأنت على مضض، فقال عمرو بن العاص : سبحان الله ! ومثل هذا يشبه بذلك، ونحن مؤمنون وأولئك كانوا كفارا! فقال أمير المؤمنين : يابن النابغة ، ومتى لم تكن للفاسقين وليا، وللمسلمين عدوّا، وهل تشبه إلا أمك التي دفعت بك ؟ فقال عمرو : لا جرم لا يجمع بيني وبينك مجلس أبدا. فقال أمير المؤمنين علیه السلام: والله إني لارجو أن يطهر الله مجلسي منك ومن أشباهك ، ثم كتب الكتاب وانصرف الناس (1).

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 281 ه-) في عيون أخبار الرضا علیه السلام: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي الله قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أحمد بن علي الانصاري، عن الحسن بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضا وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له يا بن فقال له يا بن رسول الله بأي شي تصح الامامة لمدعيها ؟ قال :

بالنص والدليل، قال له : فدلالة الامام فيما هي ؟ قال : في العلم واستجابة الدعوة :قال فما وجه أخباركم بما يكون ؟ قال : ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال : فما وجه اخباركم بما في قلوب الناس ؟ قال علیه السلام له : أما بلغك قول الرسول صلى الله عليه وسلم اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله ؟ قال بلى قال : وما من مؤمن إلا وله فراسة ينظر بنور الله على قدر إيمانه ومبلغ استبصاره وعلمه وقد جمع الله الائمة ما فرقه في جميع المؤمنين، وقال عز وجل في محكم كتابه: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (2)، فأول المتوسمين رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ثم أمير المؤمنين علیه السلام لا من بعده ثم الحسن والحسين والائمة من ولد الحسين علیهم السلام إلى يوم القيامة، قال: فنظر إليه المأمون فقال له يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل البيت ، فقال الرضا علیه السلام:

ص: 367


1- الأمالي ؛ للشيخ الطو 188 - 178 .
2- الحجر : 75 .

إن الله عز وجل ايدنا بروح منه مقدسة مطهرة ليست بملك لم تكن مع أحد ممن مضى إلا مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له هو وهي مع الائمة منّا تسددهم وتوفقهم، وهو عمود من

نور بيننا وبين الله عز وجل. قال له المأمون : يا أبا الحسن بلغني أن قوما يغلون فيكم ويتجاوزون فيكم الحد؟ فقال الرضاء أحد ممن : حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ترفعوني فوق حقي؛ فإن الله تبارك تعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا ، قال الله تبارك وتعالى: ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرِ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لي مِن دُونِ اللَّهِ وَلكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلَا يَأْمُرُكُم أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُم مُسْلِمُونَ ) (1)قال علي : يهلك ﴾في اثنان ولا ذنب لي : محبّ مفرط ومبغض مفرط، وأنا ابرء إلى الله تبارك و تعالى ممن يغلو فينا ويرفعنا فوق حدنا كبراءة عيسى بن مريم من النصارى ، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي الهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي

؟ نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا الله رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (2)وقال عز وجل: لَن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ * وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرِّبُونَ ) (3)وقال عز وجل : ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولُ قَدْ خَلَتْ

ص: 368


1- ل عمران : 79-80 .
2- المائدة : 115 - 117 .
3- النساء : 172 .

مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةُ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ ) (1) ، ومعناه إنهما كانا يتغوّطان ، فمن ادعى للانبياء ربوبية أو ادّعى (2) للائمة ربوبيّة أو نبوّة أو لغير الائمة إمامة ، فنحن منه براء في الدنيا والآخرة. فقال المأمون: يا أبا الحسن، فما تقول في الرجعة ؟ فقال الرضا : إنها لحق

قد كانت في الامم السالفة ونطق به القرآن، وقد قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: يكون في هذه الامة كل ما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل

والقذة بالقذة.

قال : إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم فصلى خلفه. وقال : إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء، قيل: يا رسول

الله صلی الله علیه و آله وسلم ثم يكون ماذا ؟ قال : ثم يرجع الحق إلى أهله.

فقال المأمون : يا أبا الحسن فما تقول في القائلين بالتناسخ ؟ فقال الرضا : من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم مكذب بالجنة والنار. قال المأمون : ما تقول في المسوخ ؟

قال الرضا علیه السلام: اولئك قوم غضب الله عليهم فمسخهم فعاشوا ثلاثة أيام ثم ماتوا ولم يتناسلوا، فما يوجد في الدنيا من القردة والخنازير وغير ذلك مما وقع عليهم اسم المسوخية فهو مثل ما لا يحل أكلها والانتفاع بها .

قال المأمون : لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن، فو الله ما يوجد العلم الصحيح إلا عند أهل البيت وإليك انتهت علوم آبائك فجزاك الله عن الاسلام وأهله خيرا. قال الحسن بن جهم فلما قام الرضا علیه السلام تبعته فانصرف إلى منزله فدخلت عليه

وقلت له: يا بن رسول الله الحمد لله الذي وهب من جميل رأي أمير المؤمنين علیه السلام

ص: 369


1- المائدة : 75
2- في الاصل وادعى .

ما حمّله ما أرى من إكرامه لك وقبوله لقولك ، فقال علیه السلام: يا بن الجهم لا يغرنك ما ألفيته عليه من إكرامي والاستماع مني، فانه سيقتلني بالسم وهو ظالم لي أعرف . ذلك بعهد معهود إلي من آبائي عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فاكتم هذا ما دمت حيا . قال الحسن بن الجهم : فما حدثت أحدا بهذا الحديث إلى أن مضى علیه السلام بطوس مقتولا بالسم، ودفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها قبر هارون الرشيد إلى جانبه (1)

وبالاسناد عن الطوسي ( ت / 460 ه-) في «الأمالي قال اخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : حدثنا أبو الحسن علی بن بلال المهلبي ، قال : أخبرنا علي بن عبد الله

أسد بن الاصفهاني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال : حدثنا محمّد بن عبد الله بن عثمان قال حدثني علي بن أبي سيف عن علي بن حباب عن ربيعة، وعمارة، أن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام مشوا

إليه عند تفرق الناس عنه ، وفرار كثير منهم إلى معاوية طلبا لما في يديه من الدنيا :فقالوا يا أمير المؤمنين اعط هذه الاموال، وفضّل هذه الاشراف من العرب

وقريش على الموالي والعجم، ومن تخاف عليه من الناس فراره إلى معاوية. فقال لهم أمير المؤمنين علیه السلام: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ، لا والله لا أفعل

ما طلعت شمس، وما لاح في السماء نجم، والله لو كان مالي لواسيت بينهم وكيف وإنما هو أموالهم . قال : ثم أزم أمير المؤمنين علیه السلام طويلا ساكنا ثم قال: من كان له مال فإياه والفساد، فإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف ، وهو وإن كان ذكرا لصاحبه في الدنيا، فهو يضيعه عند الله عزّ وجل، ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودهم، فإن بقي معه من يوده ويظهر له

ص: 370


1- عيون أخبار الرضا الله للشيخ الصدوق 216:1 - 218 .

الشكر فإنما هو ملق وكذب يريد التقرب به إليه لينال منه مثل الذي كان يأتي إليه من قبل، فإن زلّت بصاحبه النعل فاحتاج إلى معونته أو مكافاته فشر خليل وألام خدين . ومن صنع المعروف فيما آتاه الله فليصل به القرابة ، وليحسن فيه الضيافة وليفك به العاني، وليعن به الغارم وابن السبيل والفقراء والمجاهدين في سبيل الله، وليصبر نفسه على النوائب والحقوق فإن الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الآخرة .(1)

قال ابن كثير ( ت / 774ه-) في جامع المسانيد» عند ذكره مارواه عبد الله بن

شداد بن الهاد الليثي المدني، عن علي، قال حدثنا اسحاق بن عيسى الطباع حدثني يحيى بن سليم، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبيد الله بن عياض بن عمر والقاري قال: جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة ونحن عندها ،جلوس، مرجعه من العراق ليالي قتل علي فقالت له : يا عبد الله الله بن شداد هل

أنت صادقي عما أسألك عنه ؟ تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي ؟

قال: وما لي لا أصدقك !

قالت : فحدثني عن قصتهم.

قال : فإن علياً لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة، وإنهم عتبوا عليه فقالوا: انسلخت من قميص البسكه الله تعالى واسم سماك الله تعالى به، ثم انطلقت فحكمت في دين الله ، فلا حكم إلا لله تعالى، فلما أن بلغ علياً ما عتبوا عليه وفارقوه عليه، فأمر مؤذناً فأذن أن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن، فلما أن امتلأت الدار من قراء الناس، دعا بمصحف إمام ،عظيم

فوضعه بين يديه، فجعل يصكه بيده ويقول : أيها المصحف ! حدث الناس

ص: 371


1- امالي الطو. : 198 ، ط 1384ه-.

فناداه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تسأل عنه ؟ إنما هو مداد في ورق!

ونحن نتكلم بما روينا منه ! فماذا تريد ؟

قال أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا، بيني وبينهم كتاب الله ، يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل: ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَما مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا )(1) فامة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل ونقموا علي أن كاتبت معاوية : كتب علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو ونحن مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بالحديبية حين صالح قومه قريشاً، فكتب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . فقال سهيل: لا تكتب بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ، فقال كيف نكتب ؟ فقال : اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فاكتب محمّد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فقال : لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك ، :فكتب هذا ما صالح محمّد بن عبد الله قريشاً، يقول الله تعالى في كتابه: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أَسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ) (2)، فبعث إليهم علي عبد الله بن عباس فخرجت معه ، حتى إذا توسطنا عسكرهم، قام ابن الكواء يخطب الناس، فقال: يا حملة القرآن إن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله ما يعرفه به هذا ممن نزل فيه وفي قومه : ﴿ قَوْمُ خَصِمُونَ ) (3) فردوه إلى صاحبه ، ولا تواضعوه كتاب الله. فقام خطباؤهم فقالوا والله لنو اضعنه الى كتاب الله، فإن جاء بحق نعرفه

لنتبعنه، وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطله .

فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب فيهم

ص: 372


1- النساء : 35 .
2- الأحزاب .21 .
3- الزخرف : 58 .

ابن الكواء، حتى أدخلهم على علي الكوفة، فبعث علي إلى بقيتهم فقال : قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم ، فقفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراماً أو تقطعوا سبيلاً أو تظلموا ،ذمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبدنا إليكم الحرب على سواء ، إن الله لا يحب الخائنين .

فقالت له :عائشة : يا ابن شداد فقد قتلهم فقال : والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم واستحلوا أهل الذمة . فقالت: آلله ؟

قال الله الذي لا إله إلا هو لقد كان.

قالت : فما شيء بلغني عن أهل الذمة يتحدثونه، يقولون : ذو الثدي وذو الثدي ؟ قال: قد رأيته وقمت مع علي عليه في القتلى، فدعا الناس فقال: أتعرفون هذا ؟ فما أكثر من جاء يقول: قد رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ورأيته في

مسجد بني فلان يصلي، ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذلك .

قالت : فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق ؟

قال: سمعته يقول: صدق الله ورسوله

قالت :هل سمعت منه أنه قال غير ذلك ؟

قال : اللهم لا .

قالت : أجل ، صدق الله ورسوله ، يرحم الله علياً ، إنه كان من كلامه لا يرى شيئاً يعجبه إلا قال صدق الله ورسوله، فيذهب أهل العراق يكذبون عليه ويزيدون عليه في الحديث . (1)

وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه- ) قال ابو علي: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،

حدثنا عبد الله بن نمیر حدثنا عبد العزيز بن سیاه، حدثنا حبيب بن أبي ثابت،

سيحسن الاسلنا علي البنا لباس

ص: 373


1- جامع المسانيد 154:20 - 57 ، ط / 1415ه-.

عن أبي وائل، قال: أتيته فسألته عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي قال: قلت: فيم فارقوه ؟ وفيم استحلوه ؟ وفيم دعاهم ؟ وفيم فارقوه ؟ وبم استحل دماءهم ؟ قال: إنه لما استحر القتل في أهل الشام بصفين اعتصم معاوية وأصحابه بحيل

فقال له عمرو بن العاص : أرسل إلى عليّ بالمصحف فلا والله لا يرده عليك . قال: فجاء رجل يحمله فنادى بيننا وبينكم كتاب الله ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمْ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُم مُعْرِضُونَ ﴾ (1)، قال علي: نعم بيننا وبينكم كتاب الله ، إنا أولى به منكم، فجاءت الخوارج - وكنا نسميهم يومئذ : القراء - وجاؤوا بأسيافهم على عواتقهم وقالوا: يا أمير المؤمنين، ألا تمشي إلى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فقام سهل بن حنيف، فقال أيها الناس إتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالاً قاتلنا، وذاك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال بلى قال :

فعلام نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال يا ابن الخطاب، إني رسول الله ولن يضيعني الله أبداً. فانطلق عمر ولم يصبر ولم يصبر متغيظاً، حتى أتى أبا بكر فقال يا أبا بكر ألسنا على حق ، وهم على باطل ؟ قال : بلى. قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبداً، فنزل القرآن على محمّد بالفتح، فأرسل إلى عمر فأقرأه، :فقال: یا رسول الله أو فتح هو ؟ قال : نعم . قال : فطابت نفسه ورجع، ورجع الناس . ثم إنهم خرجوا بحروراء - أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفاً -

ص: 374


1- آل عمران 23 .

فأرسل إليهم علي ينشدهم الله فأبوا عليه، فأتاهم صعصعة بن صوحان فأنشدهم :وقال علام تقاتلون خليفتكم؟ قالوا: مخافة الفتنة . قال : فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل فرجعوا وقالوا: نسير على ما جئنا، فإن قبل علي القضية

قاتلنا على ما قاتلنا يوم صفّين، وإن نقضها قاتلنا معه . فساروا حتى بلغوا النهروان فافترقت منهم فرقة فجعلوا يهدون الناس ليلاً، قال أصحابهم ويلكم ما على هذا فارقنا علياً ، فبلغ علياً أمرهم ،فقام ، فخطب الناس، فقال: ما ترون ؟ أنسير إلى أهل الشام أم نرجع إلى هؤلاء الذين خلفوا إلى ذراريكم ؟ قالوا : بل نرجع إليهم، فذكر أمرهم فحدث عنهم بما قال فيهم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: إن فرقة تخرج عند اختلاف من

( الناس يقتلهم أقرب الطائفتين إلى الحق علامتهم رجل منهم يده كثدي المرأة فساروا حتى التقوا بالنهروان فاقتتلوا قتالاً شديداً ، فجعلت خيل علي لا تقوم لهم . فقام علي فقال : يا أيها الناس إن كنتم إنما تقاتلون لي فوالله ما عندي ما أجزيكم وإن كنتم إنما تقاتلون الله ، فلا يكون هذا ،فعالكم ، فحمل الناس حملة واحدة فانجلت عنهم وهم مكبون على وجوههم، فقال علي : اطلبوا الرجل فيهم ، فطلب

الناس الرجل فلم يجدوه، حتى قال بعضهم : غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم. قال: فدمعت عين علي، فدعا بدابته فركبها فانطلق حتى أتى وهدة فيها قتلى، بعضهم على بعض، فجعل يجر بأرجلهم حتى وجد الرجل تحتهم، فأخبروه ، فقال علي الله أكبر . وفرح، وفرح الناس ورجعوا، وقال علي : لا أغزو العام. ورجع إلى الكوفة، وقتل رحمه الله، واستخلف حسن وسار سيرة أبيه ثم بعث بالبيعة إلى معاوية» . (1)

ص: 375


1- جامع المسانيد( 2 325 - 326) ، ط / 1415ه-. ورواه أبو يعلى في مسند بطوله (1: 364 - 367) ، - وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (6 : 237 - 238) ، وقال : قلت : في الصحيح بعضه، ورجاله رجاله الصحيح. وأورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (4504) ، ونسبة إلى إسحاق ، وأبي بكر ، وأبي يعلى ، وقال : هذا الإسناد صحيح

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن عبد الله بن الحسن قال : قال علي في الحكمين: احكمكما على ان تحكما بكتاب الله ،

وكتاب الله كله لى فان لم تحكما بكتاب الله فلا حكومة لكما » . (كر) (1) وعن عبد الله بن الحسن قال : قال علي للحكمين على أن تحكما بما في كتاب الله، وكتاب الله كله لي، فان لم تحكما بما في كتاب الله فلا حكومة لكما» . ( ش ) . (2)

وعن ابن عباس قال : لما حكم علي الحكمين قالت له :الخوارج حكمت ،رجلين قال: ما حكمت ،مخلوقا، إنما حكمت القرآن». ابن أبي حاتم في السنة ، ق في الاسماء والصفات والأصبهاني واللالكائي . (3)

ص: 376


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1 : 379 ، ح 1648 :1
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 319، ح 31578
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 303:11، ح 31617 .

[ الخطبة ( 128)]

قال الهادى كاشف الغطاء ت / 1361 ه- في التخريج: قوله علیه السلام: يا احنف ... الى

آخره قال الشارح العلامة : هذا الفصل من خطبة له علیه السلام بالبصرة بعد وقعة الجمل ذكرنا منها فصولاً فيما سبق، والخطاب مع الاحنف بن قيس».(1)

قال الجلالي وردت مقاطع فيما ارويه بالاسناد عن السيد بن طاووس ( ت /

664 ه-) عن نعيم بن حماد المروزي في كتاب الفتن : حدثنا نعيم ثنا ابن وهب عن ابن لهيعة أن الأعرج حدثه عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضی الله عنه عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم قال : حتى تقاتلوا الترك، حمر الوجوه، صغار الأعين، فطس الأنف،

الساعة

لا تقوم

كأن وجوههم المجان المطرقة . (2)

صلى الله عليه وسلم

وقال : حدثنا نعيم ثنا ابن وهب عن ابن عياش عن عقبة الحضرمي، عن الفضل بن عمرو بن أمية الضمري، عن أبي هريرة قال: «أول ما يزوى من أقطار

أرضها العرب لقوم حمر الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة.

قال ابن وهب وأخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي هريرة مثله.

ص: 377


1- مدارك نهج البلاغة : 90 .
2- كتاب الفتن ؛ لنعيم بن حماد المروزي : 415 وانظر الملاحم و الفتن : 70، ط 1392 ه-.

وكان عمر يقول للمسلمين تجدوا وجوههم كالدرق أعينهم كالودع فاتركوهم

ما تركوكم»(1)

وقال: حدثنا نعيم ثنا ابن وهب عن ابن عياش عن عقبة الحضرمي عن الفضل بن عمرو بن أمية الضمري، عن أبي هريرة قال: «أول ما يزوى من أقطار أرضها العرب لقوم حمر الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة.

قال ابن وهب وأخبرني يونس، عن ابن شهاب عن أبي هريرة مثله. وكان عمر

يقول للمسلمين: تجدوا وجوههم كالدرق أعينهم كالودع فاتركوهم ما تركوكم ».(2)

ص: 378


1- كتاب الفتن ؛ النعيم بن حماد المروزي : 415 وانظر الملاحم والفتن : 70، ط 1392 ه-.
2- كتاب الفتن ؛ لنعيم بن حماد المروزي : 415 وانظر الملاحم والفتن : 70، ط 1392 ه-.

[ الخطبة ( 130 ) ]

قال كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج ما نصّه: قوله علیه السلام: يا ابا ..ر... الى آخره. رواه في روضة الكافي مع زيادة هنا واختلاف في المروي يسير، وقال الشارح الفاضل: روى هذا الكلام ابو بكر احمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة ، عن عبد الرزاق، عن أبيه ، عن عكرمة عن ابن عباس الى آخر ما كتبه [ ج 2 ص 375].(1)

وقال العرشي في التخريج مانصه : ( رواه ابوبكر احمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة مفصلاً، ابن أبي الحديد[ ج 1 ص 456] والكليني

في الروضة من فروع الكافي ج 3 ص 98] مختصراً»، انتهى(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

(ت / 328ه-) في الكافي عن سهل ، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن

حفص التميمي قال: حدثني أبو جعفر الخثعمي ، قال : لما سیر عثمان أبا ذر إلى الربذة شيّعه أمير المؤمنين وعقيل والحسن والحسين علیهم السلام وعمّار بن ياسر رضی الله عنه فلما

ص: 379


1- مدارك نهج البلاغة : 90 .
2- راجع استناد نهج البلاغة.

كان عند الوداع قال أمير المؤمنين علیه السلام: يا أبا ذر إنك إنما غضبت الله عز وجل فارج من غضبت له إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك، فأرحلوك عن

الفناء وامتحنوك بالبلاء، والله لو كانت السماوات والارض على عبد رتقا ثم أتقى الله عز وجل جعل له منها مخرجا، فلا يؤنسك إلا الحق ولا يوحشك إلا الباطل. ثم تكلم عقيل :فقال : يا أبا ذر أنت تعلم أنا نحبك ونحن نعلم أنك تحبنا

وأنت قد حفظت فينا ما ضيّع الناس إلا القليل، فثوابك على الله عز وجل ولذلك أخرجك المخرجون وسيرّك المسيرون فثوابك على الله عز وجل فاتق الله واعلم أن استعفاءك البلاء من الجزع واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع وقل: حسبي الله ونعم الوكيل .

ثم تكلم الحسن علیه السلام فقال : يا عماه إن القوم قد أتوا إليك ما قد ترى ، وإن الله عز وجل بالمنظر الاعلى فدع عنك ذكر الدنيا بذكر فراقها وشدة ما يرد عليك الرخاء ما بعدها واصبر حتى تلقى نبيك صلی الله علیه و آله وسلم وهو عنك راض إن شاء الله . ثم تكلم الحسين فقال : يا عماه إن الله تبارك وتعالى قادر أن يغيّر ما ترى وهو كل يوم في شأن، إن القوم منعوك دنياهم ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك وما أحوجهم إلى ما منعتهم ، فعليك بالصبر فإن الخير في الصبر والصبر من الكرم ودع الجزع فإن الجزع لا يغنيك .

ثم تكلم عمار رضی الله عنه فقال : يا أبا ذر أو حش الله من أو حشك وأخاف من أخافك ، إنه والله ما منع الناس أن يقولوا الحق إلا الركون إلى الدنيا والحب لها ألا إنما الطاعة الجماعة والملك لمن غلب، وإن هؤلاء القوم دعوا الناس إلى دنياهم فأجابوهم

مع

إليها ووهبوا لهم دينهم فخسروا الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين. ثم تكلم أبو ذر رضی الله عنه فقال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته بأبي وامي هذه الوجوه، فإني إذا رأيتكم ذكرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بكم ومالي بالمدينة شجن ولاسكن غيركم ، وإنه ثقل على عثمان جواري بالمدينة كما ثقل على معاوية بالشام فالى أن

ص: 380

يسيّرني إلى بلدة ، فطلبت إليه أن يكون ذلك إلى الكوفة فزعم أنه يخاف أن أفسد على أخيه الناس بالكوفة، وآلى بالله ليسيرني إلى بلدة لا أرى فيها أنيسا ولا أسمع بها حسيسا، وإني والله ما أريد إلا الله عز وجل صاحبا وما لي مع الله وحشة

حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، وصلى الله على

سيدنا محمّد وآله الطيبين (1)

وبالاسناد عن سبط ابن الجوزي ( ت / 654ه- ) قال : روى الشعبي، عن أبي اراكة قال : لما نفي ابو ذر إلى الربذة كتب إليه على علیه السلام: «أما بعد، يا أبا ذر ، إنك

غضبت الله فارج من غضبت له. إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك، فاترك لهم ما خافوك عليه واهرب منهم بما خفتهم عليه . فما أحوجهم إلى ما منعتهم وما أغناك عما منعوك. وستعلم من الرابح غدا، فلو أن السماوات والارض كانتا على عبد رتقاثم اتقى الله لجعل له منهما مخرجا، ولا يؤانسنك إلا الحق ، ولا يوحشنك إلا الباطل. فلو قبلت دنياهم لا حبوك، ولو قرضت منها لآمنوك». (2)

ص: 381


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 206:8 - 208 .
2- تذكرة الخواص : 143 ، ط / 1401ه-.

[ّ الخطبة (131)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: أيها النفوس المختلفة والقلوب المتشتة ... الخ ، هذه الخطبة رواها ابن الجوزي في تذكرة

الخواص بسند ينتهي إلى عبد الله بن صالح المجلي ، قال : خطب أمير المؤمنين علیه السلام يوماً على منبر الكوفة .... وذكر فيها أنها تعرف بالخطبة المنبرية، وأن أولها: الحمد لله أحمده وأؤمن به وأستعين به وأستهديه وفي آخرها فقام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما تقول في رجل مات وترك امرأة وابنتين وأبوين؟ فقال:

لكل واحد السدس وللابنتين الثلثان ، قال : فالمرأة؟ قال صار ثمنها تسعاً. وجاء فى طريق آخر انه كان يخطب على منبر الكوفة قائلا: الحمد لله الذي يحكم بالحق قطعا ويجزي كل نفس بما تسعى واليه المئاب والرجعي فسئل عن هذه المسألة ، فقال :ارتجالا: صار ثمن المرأة تسعاً .

وليست هذه الزيادة فيما رواه السيد هنا، والباقى مما رواه السيد لا يختلف مع رواية التذكرة إلا يسيراً، هذا والمعروف من مذهب أهل البيت عدم القول بالعول في الفرائض ، وقد تأولوا هذه الزيادة على فرض صحتها، وقد تعرض السيد الشريف المرتضى في كتابه الانتصار» لذلك، وذكر أن ابن عباس ما تلقى

ص: 382

أبطال العول إلا عنه علیه السلام (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن سبط ابن الجوزي (ت / 654ه- ) قال : وقد أخبرنا السيّد الشريف أبو الحسن علي بن محمّد

الحسيني باسناده الى الشريف المرتضى قال : وقع إليّ من خطب أمير المؤمنين علیه السلام

اربعماءة خطبة وكتابنا هذا يضيق عن حصرها، فنشرفه بما اتصل الينا اسناده من نظمها ونثرها، (خطبة تعرف بالمنبرية ) : قرأت على أبي حفص عمر بن معمر الدارقطني قال: أنبأنا احمد بن محمّد المذاري أنبأنا الحسن بن احمد البناء، أنبأنا علي بن محمّد بن بشران، أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا أبوبكر القرشي المعروف بابن أبي الدنيا، حدثنا علي بن الحسين عبد الله، حدثنا عبد الله بن

صالح العجلي ، قال : خطب أمير المؤمنين علیه السلام يوما على منبر الكوفة، فقال: الحمد لله الذي أحمده وأؤمن به وأستعينه وأستهديه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله، أرسله بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ

* لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (2) ، ثم قال: أيتها النفوس المختلفة، والقلوب المتشتتة ، الشاهدة أبدانهم الغائبة عقولهم، كم أدلكم على الحق وأنتم تنفرون نفور المعزى من وعوعة الاسد هيهات أن أطلع بكم سرار العدل أو اقيم اعوجاج الحق . اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منّي منافسة في سلطان ، ولا التماس فضول الحطام، ولكن لأردّ المعالم من دينك، وأظهر الصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك. اللهم إنك تعلم أني أول من أناب، وسمع فأجاب لم يسبقني إلا رسولك . اللهم لا ينبغي أن يكون [الوالي ](3)

ص: 383


1- مدارك نهج البلاغة : 90 .
2- التوبة : 33 .
3- الزيادة من المصادر الناقلة اهذا الحديث

على الدماء والفروج والمغانم والاحكام ومعالم الحلال والحرام، وإمامة المسلمين وامور المؤمنين البخيل لان نهمته في جمع الأموال ، ولا الجاهل فيدلهم بجهله على الضلال، ولا الجافي فينفرهم بجفائه، ولا الخائف فيتخذ قوما دون قوم، ولا المرتشى فى الحكم فيذهب بالحقوق، ولا المعطل للسنن فيؤدي ذلك

إلى الفجور، ولا الباغي فيدحض الحق ، ولا الفاسق فيشين الشرع. فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما تقول في رجل مات وترك امرأة وابنتين وأبوين ؟ فقال : لكل واحد من الأبوين السدس وللابنتين الثلثان، قال:

فالمرأة ؟ قال : صار ثمنها تسعا . وهذا من أبلغ الاجوبة (1)

ص: 384


1- تذكرة الخواص : 215 ، ط / 1401ه-.

[ الكلام ( 134 ) ]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1361 ه-) : (قوله : وقد توكل الله لاهل هذا الدين ... الى آخره. ويروى : وقد تكفل. وهذه الغزاة هي غزاة فلسطين التي فتح فيها بيت المقدس على ما في الشرح ، وقال الشارح العلامة : ذلك حين خرج قيصر الروم في جماهير أهلها الى المسلمين وانزوى خالد بن الوليد فلازم بيته ، وصعب الامر على أبي عبيدة وشرحبيل وغيرهما من امراء السرايا المسلمين) (1)

ص: 385


1- مدارك نهج البلاغة : 93 .

[ الخطبة ( 135) ]

قال ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) في شرح نهج البلاغة واعلم أن هذا الكلام لم يكن بحضرة عثمان ، ولكن عوانة روى عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن الشعبي ، أن عثمان لما كثرت شكايته من علي علیه السلام، أقبل لا يدخل إليه من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أحد إلا شكى إليه عليا، فقال له زيد بن ثابت الأنصاري - وكان من شيعته وخاصته : أفلا أمشى إليه فأخبره بموجدتك فيما يأتي إليك ! قال: بلى، فأتاه زيد ومعه المغيرة بن الاخنس بن شريق الثقفي - وعداده في بني زهرة ، وأمه عمة عثمان بن عفان - في جماعة ، فدخلوا عليه ، فحمد زيد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن الله قدم لك سلفا صالحا في الاسلام، وجعلك من الرسول بالمكان الذى أنت به، فأنت للخير كل الخير أهل وأمير المؤمنين عثمان ابن

عمك، ووالى هذه الامة ، فله عليك حقان: حق الولاية وحق القرابة ، وقد شكا إلينا أن عليا علیه السلام يعرض لي، ويرد أمري علي ، وقد مشينا إليك نصيحة لك، وكراهية أن يقع بينك وبين ابن عمك أمر نكرهه لكما قال فحمد علىّ علیه السلام ، وأثنى عليه

وصلى على رسوله، ثم قال: أما بعد فوالله ما أحب الاعتراض، ولا الرد عليه، إلا أن يأبى حقا الله لا يسعني ان أقول فيه إلا بالحق ووالله لا كفن عنه ما وسعني

ص: 386

الكف . فقال المغيرة بن الاخنس ، وكان رجلا ،وقاحا، وكان من شيعة عثمان وخلصائه: إنك والله لتكَفَّنَّ عنه أو لتُكَفَّنَّ ، فانه أقدر عليك منك عليها وإنما أرسل هؤلاء القوم من المسلمين إعزازا لتكون له الحجة عندهم عليك . فقال له على علیه السلام:

له يا بن اللعين الابتر، والشجرة التي لا أصل لها ولا فرع أنت تكفنى! فو الله ما أعز الله امرأ أنت ،ناصره اخرج أبعد الله نواك ، ثم اجهد جهدك ، فلا أبقى الله عليك ولا على أصحابك إن أبقيتم .

فقال له :زيد إنا والله ما جئناك لنكون عليك شهودا، ولا ليكون ممشانا إليك حجة، ولكن مشينا فيما بينكما التماس الاجر أن يصلح الله ذات بينكما، ويجمع كلمتكما . ثم دعا له ولعثمان، وقام فقاموا معه . قال ابن أبي الحديد وهذا الخبر يدل على أن اللفظة «أنت تكفّني»، وليست كما ذكره الرضى أنت تكفيني، لكن الرضّي رضی الله عنه طبق هذه اللفظة على ما قبلها وهو قوله : « أنا أكفيكه ، ولا شبهة أنها رواية أخرى (1)

ص: 387


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 8: 302 و 303 .

[ الخطبة ( 136)]

قال العرشي في التخريج مانصه : « وهذا الكلام جزء من الخطبة الّتي رواها

الشيخ المفيد في الارشاد ( 143) . (انتهى) (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد، عن الشيخ المفيد ت / 413 ه-) في الارشاد :قال: ما رواه الشعبي قال : لما اعتزل سعد ومن سميناه

أمير المؤمنين علیه السلام وتوقفوا عن بيعته، حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنكم بايعتموني على ما بويع عليه من كان قبلي، وإنما الخيار إلى الناس قبل أن يبايعوا، فإذا بايعوا فلا خيار لهم، وإن على الإمام الاستقامة، وعلى الرعية التسليم، وهذه بيعة عامة، من رغب عنها رغب عن دين الإسلام واتبع غير سبيل أهله، ولم تكن بيعتكم إياي فلتة، وليس أمري وأمركم واحدا، وإني أريدكم الله ، وأنتم تريدونني لأنفسكم، وأيم الله لأنصحن للخصم، ولأنصفن المظلوم. وقد بلغني عن سعد وابن مسلمة وأسامة وعبد الله وحسان بن ثابت امور كرهتها

والحق بيني وبينهم. (2)

ص: 388


1- راجع : استناد نهج البلاغة
2- الارشاد ؛ للشيخ المفيد 1: 243 .

[ الكلام (137)]

قال العرشي في التخريج مانصه : روى الشيخ المفيد هذه الخطبة في الارشاد (146) وكتاب الجمل (129) ، وقد مر منها جزء في رقمي 9 في رقمي 9 و 21 ، والجزء الثانى من هذا الكلام كما يتلو : «فأقبلتم إلي إقبال العوذ المطافيل على أولادها تقولون البيعة، البيعة قبضت يدى فبسطتموها ، ونازعتكم يدي فجذبتموها، ج 2 ص 28] . رواه ابن عبد ربه في العقد الفريد ج 2 ص 164 و 277] ، والشيخ [

المفيد في الارشاد (142) وكتاب الجمل (128)، بتغيير الألفاظ » . (انتهى) (1)قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في «الأمالي»: في مجلس يوم الجمعة ( الثالث من ذي القعدة سنة سبع وخمسين وأربعمائة ) قال : أخبرنا ابن الصلت، عن أحمد بن محمّد بن

سعيد، قال: حدثنا الحسن بن صالح الهمداني أبو علي من كتابه في ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وأحمد بن يحيى ، قالا : حدثنا محمّد بن عمرو قال: حدثنا عبد الكريم، قال: حدثنا القاسم بن أحمد ، قال : حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي . قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمّد، وحدثنا القاسم بن

ص: 389


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

الحسن العلوي الحسني ، قال : حدثنا أبو الصلت، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن النعجة ، قال : حدثنا أبو سهيل بن مالك ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، قال : لما ولي علي بن أبي طالب علیه السلام أسرع الناس إلى بيعته المهاجرون والانصار وجماعة الناس، لم يتخلّف عنه أحد من أهل الفضل إلا نفر يسير خذلوا، وبايع الناس. وكان عثمان قد عوّد قريشا والصحابة كلهم ، وصبت عليهم الدنيا صبا، وآثر بعضهم على بعض، وخص أهل بيته من بني أمية، وجعل لهم ،البلاد وخولهم العباد فاظهروا في الأرض الفساد، وحمل أهل الجاهلية والمؤلفة قلوبهم على رقاب الناس حتى غلبوه على أمره فأنكر الناس ما رأوا من ذلك، فعاتبوه فلم يعتبهم، وراجعوه فلم يسمع منهم، وحملهم على رقاب الناس حتى انتهى إلى أن ضرب بعضا، ونفى بعضا، وحرم بعضا، فرأى أصحاب رسول الله أن يدفعوه بالبيعة، وما عقدوا له رقابهم، فقالوا : إنما بايعناه على كتاب الله وسنة نبيه والعمل بهما ، فحيث لم يفعل ذلك لم تكن له علينا طاعة. فافترق الناس في أمره على خاذل وقاتل ، فأما من قاتل فرأى أنه حيث خالف الكتاب والسنة، واستأثر بالفي واستعمل من لا يستأهل رأوا أن جهاده جهاد، وأما من خذله، فإنه رأى أنه

يستحق الخذلان، ولم يستوجب النصرة بترك أمر الله حتى قتل. واجتمعوا على علي بن أبي طالب فبايعوه، فقام وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على النبي صلی الله علیه و آله وسلم، ثم قال: أما بعد فإني قد كنت كارها لهذه الولاية - يعلم الله في سماواته وفوق عرشه -

،على أمة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم حتى اجتمعتم على ذلك، فدخلت فيه، وذلك أني رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيما وال ولي أمر أمتي من بعدي، أقيم يوم القيامة على حد الصراط، ونشرت الملائكة صحيفته ، فإن نجا فبعدله ، وإن جار انتفض به الصراط انتفاضة تزيل ما بين مفاصله حتى يكون بين كل عضو وعضو من أعضائه مسيرة

سمعت

ص: 390

مائة عام، يخرق به الصراط، فأول ما يلقى به النار أنفه وحر وجهه ، ولكني لما اجتمعتم عليّ نظرت فلم يسعني ردكم حيث اجتمعتم، أقول ما سمعتم ، واستغفر الله لي ولكم.

فقام إليه الناس فبايعوه، فأول من قام فبايعه طلحة والزبير، ثم قام المهاجرون والانصار وسائر الناس حتى بايعه الناس ، وكان الذي يأخذ عليهم البيعة عمار بن ياسر وأبو الهيثم بن التيهان وهما يقولان نبايعكم على طاعة الله وسنة رسوله، وإن لم نف لكم فلا طاعة لنا عليكم، ولا بيعة في أعناقكم ، والقرآن إمامنا وإمامكم. ثم التفت علي علیه السلام عن يمينه وعن شماله، وهو على المنبر ، وهو يقول : ألا لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا، فاتخذوا العقار، وفجروا الأنهار وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عارا وشنارا إن لم يغفر لهم الغفار، إذا منعوا ما كانوا فيه، وصيروا إلى حقوقهم التي يعلمون يقولون : حرمنا ابن أبي طالب، وظلمنا ،حقوقنا، ونستعين بالله ونستغفره، وأما من كان له فضل وسابقة منكم ، فإنما أجره فيه على الله، فمن استجاب الله ولرسوله ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فقد استوجب حقوق الاسلام وحدوده. فأنتم أيها الناس عباد الله المسلمون، والمال مال الله يقسم بينكم بالسوية، وليس لاحد على أحد فضل إلا بالتقوى وللمتقين عند الله خير الجزاء وأفضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتقين جزاء، وما عند الله خير للابرار، إذا كان غدا فاغدوا، فإن عندنا مالا اجتمع ، فلا يتخلفنّ أحد كان في عطاء ، أو لم يكن إذا كان مسلما حرا أحضروا رحمكم الله . فاجتمعوا من الغد، ولم يتخلف عنه أحد ، فقسم بينهم ثلاثة دنانير لكل إنسان الشريف والوضيع والاحمر والاسود ، لم يفضل أحدا ، ولم يتخلف عنه أحد إلا هؤلاء الرهط : طلحة والزبير وعبد عمر وسعيد بن العاص ومروان بن الحكم وناس معهم.

ص: 391

فسمع عبيد الله بن أبي رافع وهو كاتب علي بن أبي طالب علیه السلام عبد الله بن الزبير وهو يقول للزبير وطلحة وسعيد بن العاص : لقد التفت إلى زيد بن ثابت فقلت له : اياك أعني واسمعي يا جارة.

فقال له عبيد الله : يا سعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير، إن الله يقول في كتابه:

(وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَق كَارِهُونَ ) (1).

قال عبیدالله : فأخبرت عليا له فقال : لئن سلمت لاحملنهم على الطريق، قاتل الله ابن العاص، لقد علم في كلامي أني اريده وأصحابه بكلامي، والله المستعان . قال مالك بن أوس وكان علي بن أبي طالب علیه السلام أكثر ما يسكن القناة، فبينا نحن في المسجد بعد الصبح إذ طلع الزبير وطلحة ، فجلسا في ناحية عن علي ، ثم طلع مروان وسعيد وعبد الله بن الزبير والمسور بن مخرمة فجلسوا وكان

علي الجعل عمار بن ياسر على الخيل، فقال لابي الهيثم بن التيهان ولخالد بن زيد أبي أيوب ولابي حية والرفاعة بن رافع في رجال من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: قوموا إلى هؤلاء القوم، فإنه بلغنا عنهم ما نكره من خلاف أمير المؤمنين إمامهم، والطعن عليه ، وقد دخل معهم قوم من أهل الجفاء والعداوة، وإنهم سيحملونهم على ما ليس من رأيهم.

قال :فقاموا، وقمنا معهم حتى جلسوا إليهم، فتكلم أبو الهيثم بن التيهان فقال : إن لكما لقدما في الاسلام وسابقة وقرابة من أمير المؤمنين بلغنا عنكما طعن وسخط لامير المؤمنين، فإن يكن أمر لكما خاصة فعاتبا ابن عمتكما ،وإمامكما ، وإن كان نصيحة للمسلمين فلا تؤخراه عنه، ونحن عون لكما فقد علمتما أن بني أمية لن تنصحكما أبدا وقد عرفتما - وقال أحمد : عرفتم - عداوتهم لكما، وقد شركتما في دم عثمان ،ومالأتما، فسكت الزبير وتكلم طلحة، فقال:

ص: 392


1- المؤمنون : 70.

افرغوا جميعا مما تقولون، فإني قد عرفت أن في كل واحد منكم خبطة. فتكلم عمار بن ياسر الله فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبى صلی الله علیه و آله وسلم وقال : أنتما صاحبا رسول الله ، وقد أعطيتما إمامكما الطاعة والمناصحة ، والعهد والميثاق على العمل بطاعة الله وطاعة رسوله ، وأن يجعل كتاب الله إمامنا - قال أحمد: وجعل كتاب الله إماما - وهو علي بن أبي طالب علیه السلام، طلق النفس عن الدنيا، وقدّم كتاب الله ، فقيم السخط والغضب على علي بن أبي طالب ! فغضب الرجال في الحق انصرا نصركما الله .

فتكلم عبد الله بن الزبير، فقال : لقد تهذرت يا أبا اليقظان. فقال له عمار : مالك تتعلق في مثل هذا يا أعبس، ثم أمر به فأخرج ، فقام الزبير فالتفت إلى عمار فقال: عجلت يا أبا اليقظان على ابن أخيك رحمك الله . فقال عمار بن ياسر: يا أبا عبد الله، أنشدك الله أن تسمع قول من رأيت، فإنكم معشر المهاجرين لم يهلك من هلك منكم حتى استدخل في أمره المؤلفة قلوبهم.

فقال الزبير : معاذ الله أن نسمع منهم.

فقال عمار: والله يا أبا عبد الله ، لو لم يبق أحد إلا خالف علي بن أبي طالب لما خالفته، ولا زالت يدي مع يده، وذلك لان عليا لم يزل مع الحق منذ بعث الله نبيه صلی الله علیه و آله وسلم، فإني أشهد أنه لا ينبغي لاحد أن يفضل عليه أحدا. فاجتمع عمار بن ياسر وأبو الهيثم ورفاعة وابو أيوب وسهل بن حنيف، فتشاوروا أن يركبوا إلى علي بالقناة فيخبروه بخبر القوم ، فركبوا إليه فأخبروه باجتماع القوم وما هم فيه من إظهار الشكوى والتعظيم لقتل عثمان، وقال له أبو الهيثم : يا أمير المؤمنين انظر في هذا الامر ، فركب بغلة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له ودخل المدينة، وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه واجتمع أهل الخير والفضل من الصحابة والمهاجرين،

فقالوا لعلي : إنهم قد كرهوا الأسوة ، وطلبوا الاثرة، وسخطوا لذلك .

ص: 393

فقال على علیه السلام ليس لاحد فضل في هذا المال وهذا كتاب الله بيننا وبينكم ونبيكم محمد وسيرته ، ثم صاح بأعلى صوته يا معشر الانصار، أتمنّون عليّ با سلامكم - قال :أحمد على الله باسلامكم - بل الله ورسوله المن عليكم إن كنتم صادقين ، أنا أبو الحسن القرم.

ونزل عن المنبر وجلس ناحية المسجد، وبعث إلى طلحة والزبير فدعاهما ، ثم قال لهما : ألم تأتياني وتبايعاني طائعين غير مكرهين فما أنكرتم أجور في

حكم، أو استئثار في في ؟

قالا : لا .

قال علیه السلام: أو في أمر دعوتماني إليه من أمر المسلمين فقصرت عنه ؟

الليا

قالا : معاذ الله .

قال علیه السلام : فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي ؟

قالا : خلافك عمر بن الخطاب في القسم، وانتقاصنا حقنا من الفي، جعلت حظنا في الاسلام كحظ غيرنا مما أفاء الله علينا بسيوفنا ممن هو لنا في فسويت

بيننا وبينهم.

فقال علي علیه السلام: الله أكبر، اللهم إني اشهدك وأشهد من حضر عليهما، أما ما ذكر تما من الاستشارة فوالله ما كانت لي الولاية رغبة، ولا لي فيها محبة، ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها فكرهت خلافكم ، فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع وأمر فيه بالحكم وقسم وسن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فأمضيته ، ولم احتج فيه إلى رأيكما ودخولكما معى ولا غيركما ، ولم يقع أمر جهلته فأتقوى فيه برأيكما ومشورتكما، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما ، ولا عن غيركما ، إذا لم يكن في كتاب الله ولا في سنة نبينا الله ، فأما ما كان فلا يحتاج فيه إلى أحد . وأما ما ذكرتما من أمر الاسوة، فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه، ووجدت أنا

ص: 394

وأنتما ما قد جاء به محمّد صلی الله علیه و آله وسلم له من كتاب الله ، فلم احتج فيه إليكما ، قد فرغ من قسمه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حکیم حمید.

وأما قولكما جعلتنا فيه كمن ضربناه بأسيافنا، وأفاء الله علينا، فقد سبق رجال

رجالا فلم يفضلهم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، ولم يستأثر عليهم من سبقهم، ولم يضرهم حين استجابوا لربهم ، والله مالكم ولا لغيركم إلا ذلك، ألهمنا الله وإياكم الصبر عليه.

فذهب عبد الله بن الزبير يتكلم فأمر به فوجئت عنقه وأخرج من المسجد

فخرج وهو يصيح ويقول : اردد إليه بيعته.

فقال علي علیه السلام: لست مخرجكما من أمر دخلتما فيه، ولا مدخلكما في أمر

خرجتما منه.

فقاما عنه فقالا: أما إنه ليس عندنا أمر إلا الوفاء.

الله عبدا رأى حقا فأعان عليه أو رأى جورا ،فرده

قال : فقال علي علیه السلام: رحم وكان عونا للحق على من خالفه (1)

وبالاسناد عن عز الدين، عن ابن الاثير محمد بن علي الجزري (ت / 630 ه- ) أسد الغابة : وقال على لما بلغه مسير طلحة والزبير وعائشة : منيت بأربعة : أدهى الناس وأسخاهم طلحة، وأشجع الناس الزبير، وأطوع الناس في الناس عائشة، وأكثر الناس غنى يعلى بن منبه . والله ما انكروا علي شيئا منكرا ولا استأثرت بمال ولا ملت ،بهوى، وانهم يطلبون حقا تركوه ودما سفكوه، ولقد ولوه دوني، وان كنت شريكهم في الانكار لما أنكروه، وما تبعة عثمان الا عندهم بايعوني ونكثوا بيعتي وما استبانوا في حتى يعرفوا جوري من عدلي واني لراض

بحجة الله عليهم وعلمه فيهم ، واني مع هذا لداعهيم ومعذر إليهم فان قبلوه فالتوبة

ص: 395


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي

مقبولة والحق أولى ما انصرف إليه، وان أبوا أعطيتهم حد السيف وكفى به شافيا من باطل وناصرا.

وروي عن علي انه قال: اني لأرجو ان أكون أنا وطلحة وعثمان والزبير ممن

قال الله فيهم : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِنْ غِلْ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) (1). وكان سبب قتل طلحة ان مروان بن الحكم رماه بسهم في ركبته فجعلوا إذا أمسكوا فم الجرح انتفخت رجله وإذا تركوه جرى ، فقال : دعوه فانما هو سهم أرسله الله تعالى، فمات منه. وقال مروان: لا أطلب بثأري بعد اليوم، والتفت الى أبان بن عثمان فقال : قد كفيتك بعض قتلة أبيك (2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال): عن عثمان مؤذن بني قصي :قال صحبت عليا سنة كلها، ما سمعت منه براءة ولا ،ولاية، الا اني سمعته يقول : من يعذرني من فلان وفلان ؟ فانهما بايعاني طائعين غير مكرهين ثم نكنا بيعتي من غير حدث أحدثته، ثم قال : والله ما قوتل أهل هذه الآية بعد:

وَإِن نَكَلُوا أَيْمَانَهُم مِن بَعْدِ عَهْدِهِمْ ) .. الآية (3) (أبو الحسن البكالي) (4)

ص: 396


1- الحجر : 47 .
2- أسد الغابة ؛ لابن الأثير 3: 60 - 61 .
3- وتمام الآية : ( وَإِن تَكنُوا أَيْمَانَهُم مِن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَيمةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ﴾ (التوبة : 12) .
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 2 : 317 ، ح 4390 .

[ الخطبة ( 139) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج: « قوله علیه السلام: لم يسرع أحد قبلي.. إلى آخره هذه جملة من كلام له علیه السلام قاله لاهل الشورى، على ما

ذكره الشارحان) (1)

وقال العرشي في التخريج مانصه : رواه الطبري بتمامه في تاريخه

[ج 5 ص 39] (انتهى)(2)

ص: 397


1- مدارك نهج البلاغة : 93 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة

[ الكلام ( 141) ]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 381ه-) في «الخصال »: حدثنا محمّد بن الحسن رضی الله عنه قال : حدثنا محمّد بن العطار ، عن محمّد بن أحمد، عن علي بن السندي، عن محمّد بن عمرو بن سعيد ، عن كرام عن ميسر ابن عبد العزيز قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام وهو يقول : سئل أمير المؤمنين علیه السلام: كم بين الحق والباطل ؟ فقال : أربع أصابع، ووضع أمير المؤمنين علیه السلاميده على اذنه وعينيه فقال : ما رأته عيناك فهو الحق وما سمعته اذناك

فأكثره باطل (1)

ص: 398


1- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 236

[ الكلام ( 142) ]

قال الجلالي: قد تقدم الاسناد والنص في آخر رواية كل من الكليني (ت / 328ه-) والمفيد (ت / 413 ه-) والطوسي ( ت / 460 ه-) في آخر الخطبة

(126)، فراجع

ص: 399

[ الخطبة ( 144) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي (ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن علي قال: «الائمة من قريش خيارهم على خيارهم وشرارهم على ،شرارهم وليس بعد قريش إلا الجاهلية». نعيم بن حماد وابن السني في كتاب الاخوة ) (1)

وعن علي : أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الخطب الناس ذات يوم: « ألا ! إن الامراء من قريش

ما أقاموا بثلاث ما حكموا فعدلوا وما عاهدوا فوفوا، وما استرحموا فرحموا فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . (ع) (2) وأيضا : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة فقال: «يا أيها الناس! ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، قال : فاني كائن لكم على الحوض فرطا وسائلكم عن اثنتين: عن القرآن وعن عترتي ، لا تقدموا قريشا فتهلكوا ولا تخلفوا عنها فتضلوا، قوة الرجل من قريش قوة رجلين لا تفاقهوا قريشا فهي أفقه منكم لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله ، خيار قريش خيار الناس وشرار

ص: 400


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 14: 76 ، ح 37979 .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 14: 76 ، ح 37980 .

قريش من الناس». (حل وفيه إبراهيم بن اليسع واه) (1)

ص: 401


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 14: 76 ، ح 37981 .

[ الخطبة ( 145)]

قال العرشي في التخريج مانصّه : « رواها أبو علي القالي في كتاب الأمالي [ج 2 ص 57] ، والشيخ المفيد في الارشاد (139) والامالى [بحار الانوار [ج 7 ص 106] ، وشيخ الطائفة في الأمالي ( 135) عن أمير المؤمنين علیه السلام، والحراني في تحف العقول (73) عن الامام محمّد الباقر رحمه الله باختلاف يسير ، والقالي في الأمالي

[ج 2 ص 102] عن عمر بن عبد العزيز الأموي». انتهى(1)

قال الجلالي : راجع ذيل الخطبة رقم 121 مما رواه الطوسي ( ت / 460 ه- ) . وبالاسناد عن الهاروني ( ت / 424 ه-) في تيسير المطالب » قال: أخبرنا أبي

رحمه الله تعالى :قال اخبرنا ابو جعفر محمّد بن الحسن بن احمد بن الوليد :قال اخبرنا عبد الله بن جعفر الحميري عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن

عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده ان علياً علیه السلام خطب فقال بعد حمد الله تعالى والثناء عليه : أيها الناس إنما أنتم في هذه الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا ، وما لكم فيها نهب للحتف والمصائب، مع كل جرعة منها شرق، وفي كل أكلة منها غصص ، لا تنالون منها نعمة إلا بفراق أخرى، وما يعمر معمّر من عمره يوماً إلا

صدقة.

ص: 402


1- راجع استناد نهج البلاغة

بهدم آخر من أجله، و لا تتجدد له زيادة في اكله إلا بفناء ما قبله من رزقه ولا يحيى له اثر إلّا مات له أثر ، وقد مضت اصول نحن فروعها، فما بقي فرع إجتث أصله اني احذركم الدنيا فإنها غرارة لا تعدو إذا هي تناهت الى امنيتها ، قال الله عزّوجل : ( وَأَضْرِبْ لَهُم مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ) (1) مع ان كل من نال منها خبرة اعقتبته عبرة، ولم يلق من سرائها بطناً إلا منحته من ضرائها ظهراً غرارة غرور ما فيها ، لاخير في شيء من زادها إلا التقوى من قلل منها استكثر مما يؤمنه، ومن استكثر منها لم تدم له ولم يدم لها، كم واثق بها ومطمئنّ اليها قد خدعته، وذي تاج منها قد اكبته لليدين وللفم، سلطانها ،دول، وصفوها كدر وحيها بعرض موت، وأمنها بعرض خوف، وملكها مسلوب، وجارها محروم، ومن وراء ذلك سكرة الموت وزفرته وهول المطلع، الوقوف بين يدي الحكم العدل، ف﴿ هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) (2)، فيجزي ( الَّذِينَ أَسَاءوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) (3)، ألستم ترون وتعلمون انكم في منازل من كان قبلكم كانوا أطول منكم اعماراً ، وأشهر منكم آثاراً، وأكثر منكم جنوداً، وأشد منكم عموداً ، تعبدوا للدنيا أي تعبد، ونزلوا بها أي نزول ، وآثروها أي ايثار، فهل بلغكم أن الدنيا سمحت لهم ؟ بل اهلكتهم بالخطوب، ودهمتهم بالقوارع، وهل صحبتهم إلا بالتعسف ؟ وهل أعقبتهم إلا النار ؟

فلهذه تؤثرون ؟ او فيها ترغبون؟ والله تبارك وتعالى يقول: ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ

ص: 403


1- الكهف : 458 .
2- یونس: 30 .
3- النجم : 31۔

الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (1)بنست الدار لمن يفهمها ولم يكن فيها على وجل اعلموا وأنتم تعلمون انكم لابد تاركوها انها كما قال عزّ وجل : لعب ولهو اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبُ وَلَهْوٌ وَزِينَةً وَتَفَاخُرُ

* بيْنَكُمْ وَتَكَاثُرُ فِي الأمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَراً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابُ شَدِيدُ ) (2) فاعتبروا بمن قد رأيتم من اخوانكم صاروا في التراب رميماً لا يرجى نفعهم، ولا يخشى ضرهم، وهم كمن لم يكن وكما قال الله عز وجل : ( فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنُ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَليلاً ) (3) استبدلوا بظهر الارض بطناً، وبالانس غربة ، وبالاهل وحدة غير ان قد ضعنوا بأعمالهم الى الحياة الدائمة والشقوة اللازمة فيالها حسرة على كل ذي غفلة ان يكون عليه حجة ، او ان تؤديه أيامه الى شقوة . جعلنا الله واياكم ممن لا تبطره نعمة، ولا يعظم به عن طاعة غاية ، ولا تحل به شقوة؛ فإنه لطيف لما يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على محمد وآله وعلى أنبيائه وعلى جميع أهل بيته الطاهرين الأخيار، الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً

(4) (5)

ص: 404


1- هود: 15-16 .
2- الحديد : 20
3- القصص : 58
4- اقتباس من قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهيراً ) (الاحزاب : (33)
5- تيسير المطالب : 183 - 13 ، ط / 1395ه-.

[ الكلام ( 146) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361) في التخريج: قوله علیه السلام: إن هذا الأمر... الخ، قيل : إنه قاله في غزوة القادسية ، وقيل : في غزوة نهاوند، وقد روى هذا الكلام محمّد بن جرير الطبري .(1)

قال العرشي في التخريج مانصه : روى الطبري من هذا الكلام ما يبتدىء من قوله: فانك إن شخصت ... الى آخره.[ ج 4 ص 238] ، كما رواه ابن مسكويه في تجارب الأمم ج 1 ص 419. وروى الشيخ المفيد الكلام كله في الارشاد

(121)، (انتهى )(2)

ص: 405


1- مدارك نهج البلاغة : 92
2- استناد نهج البلاغة .

[ الخطبة ( 147)]

قال العرشي في التخريج مانصه : رواها الكليني في كتاب الروضة من فروع الكافي [ج 3 ص 179] . وأما الجزء الثانى من الخطبة نفسها أي : ( أيها الناس إنه من استنصح الله وفق... الى آخره... [ج 2 ص 42] ، فرواه الحراني في تحف [ج العقول 53] ضمن أقوال الامام الحسن بن على رضی الله عنه. ومما يذكر أن الخطبة 234 من نهج البلاغة مقتبسة من هذه الخطبة » ، انتهى . (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

(ت / 328ه-) في الكافي عن أحمد بن محمّد عن سعد مد بن المنذر بن محمّد عن أبيه، عن جده، عن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده عن أبيه قال: خطب أمير المؤمنين علیه السلام - ورواها غيره بغير هذا الاسناد ، وذكر أنه خطب بذي قار

فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

أما بعد فإن الله تبارك وتعالى بعث محمّد صلی الله علیه و آله وسلمبالحق ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته، ومن عهود عباده إلى عهوده ومن طاعة عباده إلى طاعته، ومن ولاية عباده إلى ولايته بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا عودا

ص: 406


1- استناد نهج البلاغة

وبدءا وعذرا ونذرا بحكم قد فضله، وتفصيل قد أحكمه، وفرقان قد فرّقه و قرآن قد بيّنه ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه وليقروا به إذ جحدوه، وليثبتوه بعد إذ أنكروه ، فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه، فأراهم حلمه كيف حلم، وأراهم عفوه كيف عفا وأراهم قدرته كيف قدر، وخوفهم من سطوته وكيف خلق ما خلق من الآيات، وكيف محق من محق من العصاة بالمثلات

واحتصد من احتصد بالنقمات، وكيف رزق وهدى وأعطا، وأراهم حكمه كيف

حكم وصبر حتى يسمع ما يسمع ويرى.

فبعث الله عز وجل محمّدا صلی الله علیه و آله وسلم بذلك ثم إنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس في ذلك الزمان شي أخفى من الحق ولا أظهر من الباطل ، ولا أكثر من الكذب على الله تعالى ورسوله صلی الله علیه و آله وسلم وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته ولا سلعة أنفق بيعا ولا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرف عن مواضعه وليس في العباد ولا في البلاد شئ هو أنكر من المعروف ولا أعرف من المنكر، وليس فيها فاحشة أنكر ولا عقوبة أنكى من الهدى عند الضلال في ذلك الزمان ،

فقد نبذ الكتاب حملته، وتناساه حفظته حتى تمالت بهم الاهواء وتوارثوا ذلك من الآباء ، وعملوا بتحريف الكتاب كذبا وتكذيبا، فباعوه بالبخس وكانوا ف-ي-ه م-ن الزاهدين، فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان طريدان منفيان وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يأويهما مؤو، فحبذا ذانك الصاحبان، واهاً لهما ولما يعملان له، فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم وليسوا معهم، وذلك لان الضلالة لا توافق الهدى وان اجتمعا وقد اجتمع القوم على الفرقة وافترقوا عن الجماعة، قد ولّوا أمرهم وأمر دينهم من يعمل فيهم بالمكر والمنكر والرشا والقتل، كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم، لم يبق عندهم من الحق إلا اسمه، ولم يعرفوا من الكتاب إلا خطه وزبره، يدخل الداخل

ومعهم و

ص: 407

يسمع من حكم القرآن فلا يطمئن جالسا حتى يخرج من الدين، ينتقل من ملك إلى دين ملك، ومن ولاية ملك إلى ولاية ملك، ومن طاعة ملك إلى

دين طاعة ملك، ومن عهود ملك إلى عهود ملك، فاستدرجهم الله تعالى من حيث لا يعلمون، وإن كيده متين بالأمل والرجاء، حتى توالدوا في المعصية ودانوا بالجور والكتاب لم يضرب عن شي منه ،صفحا، ضلالا تائهين، قد دانوا بغير دين الله عز وجل وأدانوا لغير الله .

مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة خربة من الهدى، قد بدل فيها من الهدى فقراؤها وعمارها أخائب خلق الله وخليقته من عندهم جرت الضلالة وإليهم تعود ، فحضور مساجدهم والمشي إليها كفر بالله العظيم إلا من مشى إليها وهو عارف بضلالهم ، فصارت مساجدهم - من فعالهم على ذلك النحو - خربة من الهدى عامرة من الضلالة قد بدلت سنة الله وتعديت حدوده، ولا يدعون إلى الهدى، ولا يقسمون الفي، ولا يوفون بذمة، يدعون القتيل منهم على ذلك شهيدا ، قد أتوا الله بالافتراء والجحود واستغنوا بالجهل عن العلم، ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة، وسموا صدقهم على الله فرية، وجعلوا في الحسنة العقوبة السيئة، وقد بعث الله عز وجل إليكم رسولا و مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُمْ حَرِيصُ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمُ ) (1) وأنزل عليه كتابا عزيزا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد قرآنا عربيا غير ذي عوج، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ، فلا يلهينكم الامل ، ولا يطولن عليكم الاجل ، فإنما أهلك من كان قبلكم أمد أملهم وتغطية الآجال عنهم حتى نزل بهم الموعود الذي ترد عنه المعذرة، وترفع عنه ،التوبة، وتحل معه القارعة والنقمة، وقد أبلغ الله عز وجل إليكم بالوعد ، وفصّل لكم القول، وعلّمكم السنة، وشرح

ص: 408


1- التوبة : 128 .

لكم المناهج ليزيح العلة وحثّ على الذكر، ودلّ على النجاة، وإنه من انتصح واتخذ قوله دليلا هداه للتي هي أقوم ووفقه للرشاد وسدده، ويسره للحسني، فإنّ جار الله آمن ،محفوظ وعدوّه خائف مغرور، فاحترسوا من الله عز وجل بكثرة الذكر واخشوا منه بالتقى وتقرّبوا إليه بالطاعة فإنه قريب مجيب، قال الله عز وجل : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبُ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (1)، فاستجيبوا لله وآمنوا به وعظموا الله الذي لا ينبغي ) لمن عرف عظمة الله أن يتعظم ، فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمة الله أن يتواضعوا له وعز الذين يعلمون ما جلال الله أن يذلوا له وسلامة الذين يعلمون ما قدره الله أن يستسلموا له، فلا ينكرون أنفسهم بعد حد المعرفة ولا يضلون بعد الهدى ، فلا تنفروا من الحق نفار الصحيح من الاجرب ، والبارئ من ذي السقم. واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه ولم تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرّفه، ولن تعرفوا الضلالة حتى تعرفوا الهدى، ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا الذي تعدى، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلّف، ورأيتم الفرية على الله وعلى رسوله والتحريف لكتابه، ورأيتم كيف هدى الله من هدى فلا يجهلنكم الذين لا يعلمون، إن علم القرآن

، ليس يعلم ما هو إلا من ذاق طعمه ، فعلم بالعلم جهله، وبصر به عماه وسمع به صممه، وأدرك به علم ما فات وحيي به بعد إذ مات، وأثبت عند الله عز ذك--ره الحسنات ومحى به السيئات، وأدرك به رضوانا من الله تبارك وتعالى، فاطلبوا عند أهله خاصة، فإنهم خاصة نور يستضاء به وأئمة يقتدى بهم، وهم

من عيش العلم وموت الجهل هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم وصمتهم عن

ذلك

ص: 409


1- البقرة : 186 .

منطقهم وظاهرهم عن باطنهم لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق، فهم من شأنهم شهداء بالحق ومخبر صادق لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه ، قد خلت لهم من الله السابقة ومضى فيهم من الله عزّ وجل حكم صادق وفي ذلك ذكرى للذاكرين، فاعقلوا الحق إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية ؛ فإن رواة الكتاب كثير ورعاته قليل والله المستعان(1)

ص: 410


1- الكافي؛ للشيخ الكليني 8 386 - 391

[ الخطبة ( 149)]

قال الهادى كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج: قوله علیه السلام: أيها الناس كل امرئ لاق ما يفرّ منه... الى آخره . رواه الشيخ الكليني في اصول الكافي ( ص (111) باسناده قال : لما ضرب امير المؤمنين علیه السلام حفّ به العوّاد وقيل :له يا : أمير المؤمنين أوص، فقال اثنوا لي وسادة ثم قال : الحمد لله حق قدره متبعين ،امره ، أحمده كما أحب، ولا اله الا الله الواحد الاحد كما انتسب ايها الناس كل امرئ ..الى آخره» (1).

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 329ه-) في الكافي عن الحسين بن الحسن الحسني رفعه ومحمّد بن

الحسن ، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمري رفعه قال : لما ضرب أمير المؤمنين علیه السلام حفّ به العوّاد وقيل له : يا أمير المؤمنين أوص، فقال: اثنوا لي وسادة، ثم قال: الحمد الله حق قدره متبعين أمره وأحمده كما أحب، ولا إله إلا الله الواحد الاحد الصمد كما انتسب أيها الناس كل امرء لاق في فراره ما منه يفر، والاجل مساق النفس إليه، والهرب منه موافاته ، كم اطردت الايام أبحثها عن مكنون هذا الأمر

ص: 411


1- مدارك نهج البلاغة : 92 .

فأبى الله عز ذكره إلا إخفاءه، هيهات علم مكنون . أما وصيتي : فأن لا تشركوا بالله جل ثناؤه ،شيئا و محمّدا صلی الله علیه و آله وسلم فلا تضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين وخلاكم ذم ما لم تشردوا ، حمّل كل امرئ مجهوده، وخفف عن الجهلة، رب رحيم، وإمام عليم، ودين قويم. أنا بالامس صاحبكم وأنا اليوم عبرة لكم، وغدا ،مفارقكم، إن تثبت الوطأة فى هذه المزلّة فذاك المراد، وان تدحض القدم، فإنا كنا في أفياء أغصان، وذرى رياح ، وتحت ظل غمامة اضمحل في الجو متلفقها ، وعفا في الأرض محطها ، وإنما كنت جارا جاوركم بدني أياما وستعقبون منى جنّة خلاء ساكنة بعد حركة ، وكاظمة بعد نطق ، ليعظكم هدوّي وخفوف إطراقي، وسكون أطرافي ، فإنه أوعظ لكم من الناطق البليغ ودعتكم وداع مرصد للتلاقي، غدا ترون أيامي، ويكشف الله عز وجل عن سرائري وتعرفوني بعد خلوّ مكاني، وقيام غيري مقامي ، إن أبق فأنا ولي دمي، وإن أفن فالفناء ميعادي، وإن أعف فالعفو لي ،قربة، ولكم حسنة، فاعفوا واصفحوا ، أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ (1)؟ ، فيالها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة، أو تؤديه أيامه إلى شقوة، جعلنا الله وإياكم ممن لا يقصر به عن طاعة الله رغبة ، أو تحل به بعد الموت نقمة، فإنما نحن له وبه .

ثم أقبل على الحسن علیه السلام فقال : يا بني ضربة مكان ضربة ولا تأثم

وعن محمّد بن يحيى، عن علي بن الحسن عن علي بن إبراهيم العقيلي يرفعه قال : قال : لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين قال الحسن : « يا بني إذا أنا

يا

مت فاقتل ابن ملجم واحفر له في الكناسة، ووصف العقيلي الموضع على باب طاق المحامل موضع الشواء والرؤاس ثم ارم به فيه ، فإنه وادٍ من أودية (جهنم)(2)

ص: 412


1- النُّور : 22 .
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1: 299 - 300

وبالاسناد عن الهاروني ( ت / 424 ه-) في تيسير المطالب ، قال : أخبرنا أبي، قال اخبرنا ابو عبد الله محمّد بن احمد الصفواني ، قال : حدثنا اسحاق بن العباس بن محمّد بن موسی بن جعفر قال: حدثني جدي، عن ابيه موسى بن جعفر عن أبيه ، عن جدّه علیهم السلام، قال لما ضرب أمير المؤمنين علي علیه السلام الضربة التي توفي فيها استند الى اسطوانة المسجد والدماء تسيل على شيبته وضح الناس في المسجد كهيئة يوم قبض فيه النبي صلی الله علیه و آله وسلم فابتدأ خطيباً ، فقال بعد الثناء على الله والصلاة على نبيه كل امرىء ملاق ما يفر منه ، والأجل تساق إليه النفس، والهرب منه موافاته، كم أطردت الأيام ابحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله الا ستره ، واخفى علماً مكنوناً، أما وصيتي بالله عزوجل، فلا تشركوا به شيئاً، ومحمّد صلى الله عليه وسلم فلا تضيعوا سنته، اقيموا هذين العمودين ، حمل كل امرىء منهم مجهودة، وخفف عن العجزة رب كريم رحيم ودين قويم، وإمام عليم كنتم في اعصار ودوي رياح تحت ظل غمامة اضمحل راكدها ليعظكم خفوتي وسكون اطرافي، انه لأوعظ لكم من نطق بليغ، ودعتكم وداع امر مرصد للتلاق، غداً ترون ايامي وتكشف لكم غرّ سرائري، فعليكم السلام الى يوم اللزام، كنت بالأمس صاحبكم ، وأنا اليوم عظة لكم، وغداً أفارقكم ، فان ابق فأنا ولى دمى، وان افن فالقيامة ميعادي عفا الله عني وعنكم » . (1) وبالاسناد عن الطبراني ( ت / 360 ه-) في المعجم الكبير قال: حدثنا القاسم بن عباد الخطابي البصري، ثنا سعيد بن صبيح، قال: قال هشام بن الكلبي عن عوانة بن الحكم قال : لما ضرب عبد الرحمن بن ملجم عليا علیه السلام وحمل إلى منزله أتاه العوّاد فحمد الله عز وجل وأثنى عليه وصلى على النبي صلی الله علیه و آله وسلم ثم قال : كل امرئ ملاق ما يفر منه في فراره، والاجل مساق النفس والهرب من آفاته كم أطردت

ص: 413


1- تيسير المطالب : 189 ، ط / 1395ه-.

سنته، الايام أبحثها عن مكنون هذا الامر وأبى الله عزوجل إلا إخفاءه، هيهات علم مخزون . أما وصيّتي إياكم فالله عز وجل لا تشركوا به شيئا ، ومحمّدا صلی الله علیه و آله وسلم لا تضيعوا ، أقيموا هذين العمودين وخلاكم ذم ما لم يشردوا واحمل كل امرئ مجهوده، وخفف عن الجهلة برب رحيم ودين قويم وإمام عليم، كنا في رياح وذرى أغصان، وتحت ظل غمامة اضمحل مركزها فيحطها عانٍ، جاوركم بدني أياما تباعا ثم هوى فستعقبون من بعده جثة خواء ساكنة بعد حركة ، كاظمة بعد نطوق، إنه أوعظ للمعتبرين من نطق البليغ، وداعيكم داعي مرصد للتلاق، غدا ترون أيامي ويكشف عن سرائري، لن يحابيني الله عز وجل إلا أن أتزلفه بتقوى فيغفر عن فرط موعود عليكم السلام إلى يوم اللزام، إن أبق فأنا ولى دمى، وإن أفن فالفناء ميعادي، العفو لي قربة ولكم حسنة، فاعفوا عفا الله عنا وعنكم ( أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (1)، ثم قال :

عش ما بدا لك قصرك الموت*** لا مرحل عنه ولا فوت

بينا غنى بيت وبهجة*** زال الغنى وتقوّض البيت

یالیت شعري ما يراد بنا ***ولقلّ ما يجدي لنا ليت (2)

ومن الموافقات :

ما عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق»: أنبانا أبو علي

الحداد وجماعة قالوا: أنا أبو بكر بن ريذة، أنا سليمان بن أحمد الطبراني،

القاسم بن عباد الخطابي البصري، نا سعيد بن صبيح ، قال : قال هشام بن الكلبي

عن عوانة بن الحكم ، قال : لما ضرب عبد الرحمن بن ملجم عليا وحمل إلى منزله

ص: 414


1- النُّور : 22
2- المعجم الكبير للطبراني 1 : 96 الحديث 167 . 96:1

أتاه العوّاد، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلی الله علیه و آله وسلم ثم قال : كل امرئ ملاق ما يفر منه في فراره، والأجل مساق النفس والهرب من آفاته كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله إلا إخفاءه، هيهات علم مخزون ، أما وصيتي إياكم : فالله عز وجل لا تشركوا به شيئا ومحمّد اصلى الله عليه وسلم لا تضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين وخلاكم ذم ما لم تشردوا حمل كل امرئ مجهوده، وخفف عن الجهلة برب رحيم ودين قويم وإمام عليم ، كنا في رياح وذرى أغصان وتحت ظل غمامة اضمحل مركزها فمحطها عاف جاوركم بدني أياما تباعا ثم هوى، فستعقبون من بعده جثة خواء ساكنة بعد حركة كاظمة بعد نطوق، إنه أوعظ للمعتبر من نطق البليغ وداعيكم داع مرصد للتلاق، غدا ترون أيامي ويكشف عن سرائري لن يحاشي الله إلا أن أنزلفه بتقوى فيغفر عن فرط موعود عليكم السلام إلى يوم اللزام، إن أبق فأنا ولي دمي وإن أفن فالفناء ميعادي، العفو لي قربة ولكم حسنة فاعفوا عفا الله عنا وعنكم ( أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورُ رَحِيمٌ (1)، ثم قال:

عش ما بدا لك قصرك الموت*** لا مرحل عنه ولا فوت

بينا غنی بیت بهجته ***زال الغنى وتقوض البيت

یالیت شعري ما يراد بنا ***ولقل ما يجدي لنا ليت (2).

ص: 415


1- النُّور : 22 .
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 : 562-563 .

[ الخطبة (152)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: الحمد لله الدال على وجوده بخلقه ... الخ ، هذه الخطبة الجليلة رواها الشيخ الكليني في کتاب الاصول من الكافي في باب جوامع التوحيد، في ضمن خطب لمولانا أمير المؤمنين علیه السلام، ولعل ما رواه السيد هنا رواية أخرى عن غير أصول الكافي من المصادر التي اعتمد عليها في ذلك».

قوله علیه السلام: «قد طلع طالع ولمع لا مع ... الخ، قال في الشرح : هذه خطبة خطب

لام- بها بعد قتل عثمان حين أفضت الخلافة اليه (1)

قال العرشي في التخريج مانصه : رواها الكليني في أصول الكافي (33)

باختلاف بسيط » ، (انتهى )(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص من قوله علیه السلام في المقطع الأول: «الخالق لا بمعنى حركة ونصب » ، ارويه بالاسناد عن الكليني ( ت / 328ه-) وتقدمت في

الخطبة ( 94 ) وكذلك الصدوق ( ت / 381ه-) ، فراجع .

ص: 416


1- مدارك نهج البلاغة : 92
2- راجع استناد نهج البلاغة

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في ( الكافي ) عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد عن شباب الصيرفي واسمه محمد بن الوليد، عن علي بن سيف بن عميرة، قال: حدثني إسماعيل بن قتيبة، قال: دخلت أنا وعيسى شلقان على أبي عبد الله فابتدأنا فقال : عجبا لأقوام يدّعون على أمير المؤمنين علیه السلام ما لم يتكلّم به قط، خطب أمير المؤمنين الناس بالكوفة فقال : الحمد لله الملهم عباده حمده ، وفاطره ، وفاطرهم على معرفة ربوبيته الدال على وجوده ،بخلقه، وبحدوث

خلقه على أزله، وباشتباههم على أن لا شبه له المستشهد بآياته على قدرته الممتنعة من الصفات ذاته، ومن الابصار رؤيته، ومن الأوهام الاحاطة به ، لا أمد

لكونه، ولا غاية لبقائه ، لا تشمله المشاعر ولا تحجبه الحجب، والحجاب بينه

خلقه خلقه إياهم، لامتناعه مما يمكن في ذواتهم ولا مكان مما يمتنع منه ولافتراق الصانع من المصنوع، والحادّ من المحدود، والرب من المربوب الواحد بلا تأويل عدد والخالق لا بمعنى حركة ، والبصير لا بأداة، والسميع لا بتفريق آلة والشاهد لا بمماسة، والباطن لا باجتنان، والظاهر البائن لا بتراخي مسافة، أزله نهية لمجاول الأفكار، ودوامه ردع لطامحات العقول، قد حسر كنهه نوافذ الابصار، وقمع وجوده جوائل الاوهام، فمن وصف الله فقد حدّه، ومن حده فقد عدّه ، ومن عده فقد أبطل أزله ، ومن قال : أين ؟ فقد غيّاه ، ومن قال على م؟ فقد أخلا منه ، ومن قال: في م ؟ فقد ضمّنه».

وبین

قال الكليني: ورواه محمّد بن الحسين، عن صالح بن حمزة، عن فتح بن عبد الله مولى بني هاشم قال : كتبت إلى أبي إبراهيم علیه السلام أسأله عن شي من التوحيد، فكتب إليَّ بخطه : الحمد لله الملهم عباده حمده - وذكر مثل ما رواه سهل بن زياد

إلى قوله وقمع وجوده جوائل الاوهام، ثم زاد فيه - أول الديانة به معرفته

وكمال معرفته ،توحيده وكمال توحيده نفي الصفات عنه بشهادة كل صفة أنها

ص: 417

غير الموصوف وشهادة الموصوف أنه غير الصفة، وشهادتهما جميعا بالتثنية الممتنع منه الازل ، فمن وصف الله فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه، ومن عده فقد أبطل أزله ، ومن قال: كيف ؟ فقد استوصفه ، ومن قال فيم ؟ فقد ضمنه ، ومن قال : على م؟ فقد جهله ومن قال : أين ؟ فقد أخلا منه، ومن قال : ما هو ؟ فقد نعته

ومن قال الى م ؟ فقد غاياه عالم إذ لا معلوم وخالق إذ لا مخلوق، ورب إذ لا مربوب ، وكذلك يوصف ربنا وفوق ما يصفه الواصفون » .(1)

ص: 418


1- الكافي للشيخ الكليني 1 : 139 - 141 ، ط / 1381ه-.

[ الخطبة ( 153)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن ابن شعبة الحراني ( ت / 336 - ح ) في تحف العقول » ، قال : ومن حكمه صلوات الله عليه وترغيبه وترهيبه ووعظه : أما بعد فإن المكر والخديعة في النار، فكونوا من الله على وجل ومن صولته على حذر. إن الله لا يرضى لعباده بعد إعذاره وإنذاره استطرادا واستدراجا من حيث لا يعلمون ولهذا يضل سعي العبد حتى ينسى الوفاء بالعهد ويظن أنه قد أحسن صنعا ، ولا يزال كذلك في ظن ورجاء وغفلة عما جاءه من النبأ يعقد على نفسه العقد ويهلكها بكل جهد، وهو في مهلة من الله على عهد يهوي مع الغافلين ويغدو مع المذنبين، ويجادل في طاعة الله المؤمنين، ويستحسن تمويه المترفين، فهؤلاء قوم شرحت قلوبهم بالشبهة وتطاولوا على غيرهم بالفرية وحسبوا أنها الله قربة، وذلك لانهم عملوا بالهوى، وغيروا كلام الحكماء وحرفوه بجهل ،وعمى وطلبوا به السمعة والرياء، بلا سبل قاصدة، ولا أعلام جارية، ولا منار معلوم إلى أمدهم وإلى منهل هم واردوه حتى إذا كشف الله لهم عن ثواب سياستهم واستخرجهم من جلابيب غفلتهم، استقبلوا مدبرا واستدبروا ،مقبلا، فلم ينتفعوا بما أدركوا من أمنيتهم ولا بما نالوا

ص: 419

من طلبتهم ولا ما قضوا من وطرهم، وصار ذلك عليهم وبالا فصاروا يهربون مما

كانوا يطلبون.

وإني احذركم هذه المزلة وآمركم بتقوى الله الذي لا ينفع غيره ، فلينتفع بنفسه إن كان صادقا على ما يجن ضميره ، فإنما البصير من سمع وتفكر ونظر وأبصر، وانتفع بالعبر وسلك جددا واضحا يتجنب فيه الصرعة في المهوى ويتنكب طريق العمى، ولا يعين على فساد نفسه الغواة بتعسف في حق أو تحريف في نطق أو تغيير في صدق ، ولا قوة إلا بالله .

قولوا ما قيل لكم، وسلموا لما روي لكم ولا تكلفوا ما لم تكلفوا ، فانما تبعته عليكم، فما كسبت أيديكم ولفظت ألسنتكم أو سبقت إليه غايتكم، واحذروا الشبهة فإنها وضعت للفتنة واقصدوا السهولة واعملوا فيما بينكم بالمعروف من القول والفعل، واستعملوا الخضوع واستشعروا الخوف والاستكانة الله واعملوا فيما بينكم بالتواضع والتناصف والتباذل وكظم الغيط، فإنها وصية الله وإياكم والتحاسد والاحقاد فإنهما من فعل الجاهلية * وَلْتَنظُرُ نَفْسُ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا الله إن اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (1). أيها الناس ، اعلموا علما يقينا أن الله لم يجعل للعبد وإن اشتد جهده وعظمت حيلته وكثرت نكايته أكثر مما قدر له في الذكر الحكيم، ولم يحل بين المرء على ضعفه وقلة حيلته وبين ماكتب له في الذكر الحكيم. أيها الناس إنه لن يزداد امرؤ نقيرا بحذقه ولن ينتقص نقيرا بحمقه، فالعالم بهذا العامل به أعظم الناس راحة في منفعة، والتارك له أكثر الناس شغلا في مضرة. ربِّ منعم عليه في نفسه مستدرج بالاحسان إليه . وربّ مبتلى عند الناس مصنوع له فأفق أيها المستمتع من سكرك وانتبه من غفلتك، وقصر من عجلتك وتفكر

ص: 420


1- الحشر : 18 .

فيما جاء عن الله تبارك وتعالى فيما لا خلف فيه ولا محيص عنه ولابد منه، ثم ضع فخرك ودع كبرك واحضر ذهنك واذكر قبرك ومنزلك، فإن عليه ممرك وإليه مصيرك. وكما تدين تدان. وكما تزرع تحصد . وكما تصنع يصنع بك. وما قدمت إليه تقدم عليه غدا لا محالة. فلينفعك النظر فيما وعظت به وع ما سمعت ووعدت، فقد اكتنفك بذلك خصلتان، ولابد أن تقوم بأحدهما : إما طاعة الله تقوم

لها بما سمعت ، وإما حجة الله تقوم لها بما علمت فالحذر الحذر والجد الجد فانه ولا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (1)إن من عزائم الله في الذكر الحكيم التي لها يرضى ولها يسخط ولها يثيب وعليها يعاقب أنه ليس بمؤمن - وإن حسن قوله وزين

وصفه وفضله غيره - إذا خرج من الدنيا فلقى الله بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها : الشرك بالله فيما افترض عليه من عبادته، أو شفاء غيظ بهلاك نفسه، أو يقرّ بعمل فعمل بغيره، أو يستنجح حاجة إلى الناس بإظهار بدعة في دينه، أو سره أن يحمده الناس بما لم يفعل من خير ، أو مشى في الناس بوجهين ولسانين، والتجبر والابهة . واعلم واعقل ذلك فإنّ المثل دليل على شبهه . إن البهائم همها بطونها وإن السباع همّها التعدي ،والظلم وإن النساء همهن زينة الدنيا والفساد فيها، وإن

المؤمنين مشفقون مستكينون خائفون » .(2)

ص: 421


1- فاطر: 14 .
2- تحف العقول ؛ لابن شعبة الحراني : 156154 .

[ الخطبة (156)]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ( ت / 360ه-) في المعجم الكبير»، قال:

حدثنا محمّد بن علي بن عبد الله المروزي ، ثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن المنيب حدثني إسحاق بن عبد الله بن جلس، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس، قال: قال علي : يا رسول الله إنك قلت لي يوم أحد حين أخرجت عن الشهادة واستشهد من استشهد إن الشهادة من ورائك ؟ قال : كيف صبرك إذا خضبت هذه من هذه - وأهوى بيده إلى لحيته ورأسه - فقال علي : أما بينت ما بينت فليس ذلك

من مواطن الصبر، ولكن هو من مواطن البشرى والكرامة (1).

ص: 422


1- المعجم الكبير للطبراني :11 295 ط دار احياء التراث العربي .

[ الخطبة (157)]

قال العرشي في التخريج مانصه : الخطبة الثانية والخمسون بعد المائة : ورد

فيها : عباد الله الله الله في أعز الانفس عليكم ج 2 ص 67] رواه علي بن محمّد الواسطي في عيون الحكم والمواعظ [بحار الانوارج 17 ص 113]». (انتهى). (1)قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن أبي محمّد الحسن بن شعبة الحراني ( ت / 336 - ح) في تحف العقول مما رواه في خطبته المعروفة بالديباج ، ونصها : «الحمد لله فاطر الخلق وخالق الاصباح

: ومنشر الموتى وباعث من في القبور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمّدا عبده ورسوله صلی الله علیه و آله وسلم. عباد الله ! إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله جل ذكره الايمان بالله وبرسله وما جاءت به من عند الله والجهاد في سبيله، فإنه ذروة الاسلام، وكلمة ،الاخلاص، فإنها الفطرة، وإقامة الصلاة ، فإنها الملة ، وإيتاء الزكاة فإنها فريضة، وصوم شهر رمضان فإنه جنة حصينة ، وحج البيت والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر ويكفران الذنب ويوجبان الجنة، وصلة الرحم، فإنها ثروة في المال ومنسأة في الاجل وتكثير للعدد ، والصدقة في السر فإنها تكفر الخطأ وتطفئ

ص: 423


1- راجع استناد نهج البلاغة .

غضب الرب تبارك وتعالى ، والصدقة في العلانية، فإنها تدفع ميتة السوء، وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع السوء، وأفيضوا في ذكر الله جل ذكره فإنه أحسن الذكر، وهو أمان من النفاق وبراءة من النار وتذكير لصاحبه عند كل خير يقسمه الله جل وعز، وله دوي تحت العرش، وأرغبوا فيما وعد المتقون، فإن وعد الله أصدق الوعد وكل ما وعد فهو آت كما وعد فاقتدوا بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه أفضل الهدي واستنوا بسنته، فإنها أشرف ،السنن، وتعلموا كتاب الله تبارك وتعالى، فإنه أحسن الحديث وأبلغ الموعظة، وتفقهوا فيه، فإنه القلوب واستشفوا بنوره فإنه شفاء لما في الصدور، وأحسنوا تلاوته، فإنه أحسن القصص، ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (1)، وإذا هديتم لعلمه فاعملوا بما علمتم منه لعلكم تفلحون، فاعلموا عباد الله ! أن العالم العامل بغیر علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله ، بل الحجة عليه أعظم وهو عند الله ألوم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه مثل ما على هذا الجاهل المتحيّر في جهله، وكلاهما حائر بائر مضل مفتون متبور ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون.

عباد الله ! لا ترتابوا فتشكوا ، ولا تشكوا فتكفروا ، ولا تكفروا فتندموا، ولا

ترخصوا لانفسكم فتدهنوا وتذهب بكم الرخص مذاهب الظلمة فتهلكوا ، ولا

تداهنوا في الحق إذا ورد عليكم وعرفتموه فتخسروا خسرانا مبينا .

عباد الله ! إن من الحزم أن تتقوا الله ، وإن من العصمة ألا تغتروا بالله عباد الله ! إن أنصح الناس لنفسه: أطوعهم لربه، وأغشهم لنفسه: أعصاهم له. عباد الله ! إنه من يطع الله يأمن ويستبشر ، ومن يعصه يخب ويندم ولا يسلم، عباد الله ! سلوا الله اليقين، فإن اليقين رأس الدين، وارغبوا إليه في العافية، فإن

ص: 424


1- الأعراف : 204.

أعظم النعمة العافية، فاغتنموها للدنيا والآخرة، وارغبوا إليه في التوفيق، فإنه أس وثيق، واعلموا أن خير ما لزم القلب اليقين، وأحسن اليقين التقى وأفضل امور

الحق ،عزائمها وشرّها ،محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وبالبدع هدم ،السنن المغبون من غبن دينه والمغبوط من سلم له دينه وحسن يقينه، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من انخدع لهواه . عباد الله اعلموا أن يسير الرياء شرك، وأن إخلاص العمل اليقين والهوى يقود إلى النار، ومجالسة أهل اللهو ينسي القرآن ويحضر الشيطان، والنسيئ زيادة في الكفر، وأعمال العصاة تدعو إلى سخط الرحمن، وسخط الرحمن يدعو إلى النار، ومحادثة النساء تدعو إلى البلاء وتزيغ القلوب، والرمق لهن يخطف نور

ابصار القلوب، ولمح العيون مصائد الشيطان، ومجالسة السلطان يهيج النيران. عباد الله اصدقوا ، فإن الله مع الصادقين، وجانبوا الكذب، فإنه مجانب للايمان، وإن الصادق على شرف منجاة وكرامة والكاذب على شفا مهواة وهلكة، وقولوا الحق تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم عليها ، وصلوا أرحام من قطعكم وعودوا بالفضل على من حرمكم ، وإذا عاقدتم فأوفوا، وإذا حكمتم فاعدلوا ، وإذا ظلمتم فاصبروا، وإذا أسيئ إليكم فاعفوا واصفحوا كما تحبّون أن يعفى عنكم ، ولا تفاخروا بالآباء ( وَلَا تَنَابَزُوا

و بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الْاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ ) (1) (ولا تمازحوا ولا تغاضبوا ولا تباذخوا، ) وَلَا يَغْتَب بَعْضُكُم بَعْضاً أيُحِبُ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً ) (2) ولا تحاسدوا فإن الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب ولا تباغضوا فإنها الحالقة وأفشوا السلام في العالم، وردّوا التحية على أهلها بأحسن منها، وارحموا الارملة

ص: 425


1- الحجرات : 11 .
2- الحُجرات : 12 .

واليتيم، وأعينوا الضعيف والمظلوم والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب والمكاتب والمساكين، وانصروا المظلوم وأعطوا الفروض ، وجاهدوا أنفسكم في الله حق جهاده، فإنه شديد العقاب وجاهدوا في سبيل الله ، واقروا الضيف، وأحسنوا الوضوء وحافظوا على الصلوات الخمس في أوقاتها فإنها من الله جل وعز بمكان، ﴿ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شَاكِرُ عَلِيمٌ (1) : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) (2) ، و ( اتَّقُوا اللهَ حَقَّ

تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ ) (3).

واعلموا عباد الله ! أن الامل يذهب العقل ويكذب الوعد ويحث على الغفلة ويورث الحسرة ، فاكذبوا الأمل فإنه غرور وإن صاحبه مأزور ، فاعملوا في الرغبة والرهبة فإن نزلت بكم رغبة فاشكروا واجمعوا معها رغبة فإن الله قد تأذن للمسلمين بالحسنى ولمن شكر بالزيادة، فإني لم أر مثل الجنة نام طالبها ولا كالنار نام هاربها ، ولا أكثر مكتسبا ممن كسبه ، اليوم تذخر فيه الذخائر وتبلى فيه السرائر، وإن من لا ينفعه الحق يضرّه الباطل، ومن لا يستقيم به الهدى تضرّه الضلالة، ومن لا ينفعه اليقين يضرّه الشك، وإنكم قد امرتم بالظعن ودللتم على الزاد، ألا إن أخوف ما أتخوف عليكم إثنان طول الامل واتباع الهوى، ألا وإن الدنيا قد أدبرت وأذنت بانقلاع، ألا وإن الآخرة قد أقبلت وأذنت باطلاع ، ألا وإن المضمار اليوم والسباق غدا ، ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار ، ألا وإنكم في أيام مهل من ورائه أجل يحثه العجل، فمن أخلص لله عمله في أيامه قبل حضور أجله نفعه عمله

ولم يضره أجله، ومن لم يعمل في أيام مهله ضره أجله ولم ينفعه عمله

ص: 426


1- البقرة : 158 .
2- المائدة : 2 .
3- آل عمران : 102 .

عباد الله ! افزعوا إلى قوام دينكم بإقام الصلاة لوقتها، وإيتاء الزكاة في حينها والتضرع والخشوع وصلة الرحم، وخوف المعاد، وإعطاء السائل، وإكرام

الضعيفة والضعيف، وتعلم القرآن والعمل به وصدق الحديث، والوفاء بالعهد وأداء الامانة إذا انتمنتم وارغبوا فى ثواب الله وارهبوا عذابه، وجاهدوا في سبيل

،م، الله بأموالكم وأنفسكم، وتزودوا من الدنيا ما تحرزون به أنفسكم واعملوا بالخير تجزوا بالخير يوم يفوز بالخير من قدم الخير ، أقول قولى واستغفر الله لي ولكم (1).

ص: 427


1- تحف العقول ؛ لا بن شعبة الحراني : 149-153.

[ الخطبة ( 158)]

قال الجلالي: تقدمت أطراف منها في الخطبة (89) برواية الكليني

(ت / 328ه-) ، فراجع .

ص: 428

[ الخطبة ( 160)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في «الأمالي»، قال: أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الخلدي ، قال : حدثنا الحسن بن علي القطان ، قال : حدثنا عباد بن موسى الختلي ، قال : حدثنا أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب ، عن عبد الله بن مسلم، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس على الارض، ويأكل على الارض ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير . (1)

ص: 429


1- الأمالي للشيخ الطوسي : 393.

[ الكلام ( 162 ) ]

قال العرشي في التخريج مانصه : رواه الشيخ المفيد في الارشاد (170).

(انتهى) (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في علل الشرائع، قال: حدثنا أبو احمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن اسماعيل بن حكيم العسكري، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم العبشمي ، قال : حدثنا ثبيت بن محمّد، قال حدثني أبو الاحوص عمن

حدثه عن آبائه، عن أبي محمّد الحسن بن علي ، قال : بينما أمير المؤمنين

في أصعب موقف بصفين إذ أقبل عليه رجل من بني ،دودان فقال له: لم دفعكم قومكم عن هذا الأمر وكنتم أفضل الناس علما بالكتاب والسنة

فقال :يا أخا

بني دودان ولك حق المسألة وذمام الصهر ، فإنك قلق الوضين

ترسل في غير سدد كانت إمرة شحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين ولنعم الحكم الله، والزعيم محمّد صلی الله علیه و آله وسلم. ودع عنك نهبا صيح في حجراته، (2)

ص: 430


1- راجع : استناد نهج البلاغة
2- هذا ،صدر ،بیت وعجزه ، فان حديثا ما حديث الرواجل .

وهلم الخطب في ابن أبي سفيان، فقد أضحكني الدهر بعد ابكائه

:ولا غرو إلا جارتي وسؤالها*** ألا هل لنا أهل سألت كذلك

بئس القوم من خفضني، وحاولوا الادهان في دين الله، فإن ترفع عنا محن البلوى أحملهم من الحق على محضه وان تكن الأخرى فلا تأس على القوم

، الفاسقين(1) ، اليك عنّي يا أخا بني دودان (2)وبالاسناد عن الشيخ الصدوق أيضاً في الأمالي»: حدثنا الحسين بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن رعل العيشمي ، قال : حدثنا ثبيت بن محمّد ، قال : حدثنا أبو الاحوص المصري ، قال : حدثنا جماعة من أهل العلم ، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه صلی الله علیه و آله وسلم، قال : بينما أمير المؤمنين صلوات الله عليه في أصعب موقف بصفين، إذ قام إليه رجل من بني دودان، فقال: ما بال قومكم دفعوكم عن هذا الامر ، وأنتم الاعلون نسبا، وأشد نوطا بالرسول، وفهما بالكتاب والسنة ؟

فقال : سألت - يا أخا بني دودان - ولك حق المسألة، وذمام الصهر، وإنك لقلق الوضين ترسل عن ذي مسد، إنها إمرة شحّت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس ،آخرين ونعم الحكم الله . فدع عنك نهبا صيح في حجراته ، وهلم الخطب في ابن أبي سفيان، فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه :

لا غرو إلا جارتي وسؤالها*** ألا هل لنا أهل سألت كذلك

بئس القوم من خفضني، وحاولوا الادهان في دين الله، فإن ترفع عنا محن

ص: 431


1- اقتباس من قوله تعالى : ( قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَأَفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةٌ يُتيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ (المائدة: 25-26)
2- علل الشرائع ؛ للشيخ الصدوق 1 : 145

البلوى أحملهم من الحق على مخضه، وإن تكن الأخرى فلا تأس على القوم

الفاسقين (1)، إليك عني ، يا أخا بني دودان (2)

ص: 432


1- اقتباس من قوله تعالى : ( قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَاخْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةٌ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) (المائدة :25-26)
2- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 716 .

[ الخطبة ( 163)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن أبي نعيم الاصفهاني ( ت 430 ه- ) ، قال : حدثنا احمد بن ابراهيم بن جعفر، ثنا محمّد بن يونس السامي ، ثنا ابو نعيم، ثنا حيان بن على، عن مجاهد، عن الشعبي، عن ابن عباس : أن عليّ بن أبي طالب أرسله إلى زيد بن صوحان ، فقال : يا أمير المؤمنين إني ما علمتك لبذات الله عليم ، وإن الله لفي صدرك عظيم . حدثنا أبو بكر احمد بن محمد بن الحارث ثنا الفضل بن الحباب الجمحي، ثنا مسدد ثنا عبد الوارث بن سعيد ، عن محمد بن اسحاق، عن النعمان بن سعد،

قال : كنت بالكوفة في دار الأمارة، دار علي بن أبي طالب، إذ دخل علينا ن--وف ابن عبد الله ، فقال : يا أمير المؤمنين بالباب أربعون رجلا من اليهود فقال علي:

علي بهم . فلما وقفوا بين يديه، قالوا له: يا علي صف لنا ربك هذا الذي في السماء كيف

هو ؟ وكيف كان ؟ ومتى كان ؟ وعلى أي شي هو ؟ فاستوى عليّ جالساً وقال معشر اليهود اسمعوا منّي ولا تبالوا أن لا تسألوا أحداً غيري، إن ربي عزوجل هو الأول لم يبد ممّا، ولا ممازج مع ما، ولا حال

ص: 433

وهما، ولا شبح يتقصى ، ولا محجوب فيحوى، ولا كان بعد أن لم يكن فيقال: حادث. بل جل أن يكيف المكيف للأشياء كيف كان بل لم يزل ولا يزول لاختلاف الأزمان ، ولا لتقلب شأن بعد شأن، وكيف يوصف بالأشباح، وكيف ينعت بالألسن الفصاح من لم يكن فى الأشياء ، فيقال: بائن، ولم يبن عنها فيقال: كائن، بل هو بلا كيفية وهو أقرب من حبل الوريد، وأبعد في الشبه من كل بعيد

لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة، ولا كرور ،لفظة، ولا از دلاف ،رقوة، ولا انبساط خطوة في غسق ليل داج ولا ادلاج لا ينغشي عليه القمر المنير، ولا انبساط الشمس ذات النور بضوئهما فى الكرور ، ولا اقبال ليل مقبل، ولا ادبار

نهار مدبر، إلا وهو محيط بما يريد من تكوينه فهو العالم بكل مكان وكل حين وأوان، وكل نهاية ومدة والأمد إلى الخلق مضروب ، والحد إلى غيره منسوب ، لم يخلق الأشياء من أصول أولية، ولا بأوائل كانت قبله بديّة، بل خلق ما خلق فأقام خلقه، وصوّر ما صوّر فأحسن صورته، توحد في علوه فليس لشئ منه امتناع ، ولا له بطاعة شي من خلقه انتفاع اجابته للداعين سريعة، والملائكة في السموات والأرضين له مطيعة، علمه بالأموات البائدين كعلمه بالأحياء المتقلبين، وعلمه بما في السموات العلى كعلمه بما في الأرض السفلى وعلمه بكل شئ. لا تحيره الأصوات، ولا تشغله اللغات، سميع للأصوات المختلفة، بلا جوارح له مؤتلفة ، مدير بصير، عالم بالأمور حي قيوم سبحانه كلم موسى تكليما بلا جوارح ولا أدوات ولا شفة ولا لهوات، سبحانه وتعالى عن تكييف الصفات، من زعم أنّ إلهنا ،محدود، فقد جهل الخالق المعبود ، ومن ذكر أن الأماكن به تحيط لزمته الحيرة والتخليط ، بل هو المحيط بكل مكان فان كنت صادقا أيها المتكلف لوصف الرحمن، بخلاف التنزيل والبرهان فصف لي جبريل وميكائيل واسرافيل هيهات أتعجز عن صفة مخلوق مثلك، وتصف الخالق المعبود،

ص: 434

وأنت [لا] تدرك صفة رب الهيبة والأدوات ، فكيف من لم تأخذه سنة ولا نوم ؟ له

ما في الأرضين والسموات وما بينهما وهو رب العرش العظيم. قال أبو نعيم هذا حديث غريب من حديث النعمان [كذا] رواه ابن اسحاق

عنه مرسلا (1) .

وبالاسناد عن المتقي الهندي في كنز العمال: عن محمّد بن اسحاق النعمان

ف- بن سعد، أن أربعين من اليهود دخلوا على علي فقالوا له : صف لنا ربك هذا الذي في السماء ، كيف هو ؟ وكيف كان ؟ ومتى كان ؟ وعلى أي شي هو ؟ فقال علي : معشر اليهود اسمعوا مني ولا تبالوا ان لا تسألوا احدا غيري ان ربي

عز وجل هو الأول لم يبد من ما ولا ممازج مع ما لا حال وهما ، ولا شبح يتقصا ولا محجوب فيحوى، ولا كان بعد أن يكن فيقال: حادث، بل جل ان يكيّف يتكيف الاشياء كيف كان ، بل لم يزل ولا يزول لاختلاف الازمان ولا تقلب شان بعد شأن، وكيف يوصف بالاشباح، وكيف ينعت بالالسن الفصاح من لم يكن في الاشياء فقال : (2)كائن، ولم يبن منها فيقال بائن، بل هو بلا كيفية وهو اقرب من حبل الوريد وابعد في الشبه من كل بعيد ، لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة، ولا كرور لفظة، ولا از دلاف ربوة، ولا البساط خطوة في غسق ليل داج، ولا ادلاج ، ولا يتغشى عليه القمر المنير، ولا انبساط الشمس ذات النور بضوء هما في الكرور، ولا اقبال ليل ،مقبل، ولا ادبار نهار مدبر إلا وهو محيط بما يريد من تكوينه، فهو العالم بكل مكان وكل حين وأوان، وكل نهاية ومدة، والامد إلى الخلق مضروب ، والحد إلى غيره منصوب ، لم يخلق الاشياء من أصول أولية، ولا بأوائل كانت قبله بدية ، بل خلق ما خلق فاقام خلقه فصوّر فاحسن صورته، توحد

ص: 435


1- حلية الأولياء ؛ لأبي نعيم الاصفهانی: 1 : 72 - 73.
2- لعل الصحيح : فيقال .

موسی

علوّه فليس لشئ منه امتناع ولا له بطاعة شي من خلقه انتفاع اجابته للداعين سريعة، والملائكة في السموات والارضين له مطيعة، علمه بالاموات البائدين كعلمه بالاحياء المنقلبين وعلمه بما في السموات العلى كعلمه بما في الارضين السفلى، وعلمه بكل شئ لا تحيّره ،الاصوات ولا تشغله اللغات، سميع للأصوات المختلفة، فلا جوارح فيه مؤتلفة، مدبّر ،بصير، عالم بالامور، حي قيوم، سبحانه ، كلّم م تكليما بلا جوارح ولا ادوات ولا شفة ولا لهوات، سبحانه وتعالى عن تكييف، من زعم أن الهنا محدود في الحلية ممدود. فقد جهل الخالق المعبود ، ومن ذكر أن الاماكن به تحيط لزمته الحيرة والتخليط ، بل هو المحيط بكل مكان، فان كنت صادقا أيها المتكلّف لوصف الرحمن بخلاف التنزيل فصف لنا جبرئيل وميكائيل واسرافيل هيهات، أتعجز عن صفة مخلوق مثلك وتصف الخالق المعبود ؟ وانما لا تدرك صفه رب الهيئة والادوات، فكيف من لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الارض وما بينهما وهو رب العرش العظيم ؟ (حل ، وقال : من حديث[ النعمان كذا ] رواه ابن اسحاق مرسلا) (1)

ص: 436


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1: 408 - 410 ، الحديث رقم 1737

[ الخطبة ( 164)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) :« قوله علیه السلام: ان الناس وراثي وقد استسفروني ... الى آخره، قال في الشرح : ذكر ابو جعفر محمّد بن جرير الطبري

في التاريخ الكبير هذا الكلام الى أن قال: وروى الكلام إلى آخره بالفاظه » . (1) قال العرشي في التخريج مانصه : رواه احمد بن يحيى البلاذري المتوفى 279 (892م ) في أنساب الأشراف ج 5 ص 60] والطبري في التاريخ [ج 5 ص 96] وابن عبد ربه في العقد الفريد [ ج 2 ص 273] وابن مسكويه في تجارب الامم

[ ج 1 ص 478] والشيخ المفيد في كتاب الجمل ( 84) . (انتهى) . (2) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ المفيد( ت / 413 ه-) في الجمل، قال: وروى المدائني عن علي بن صالح، قال: ذكر ابن دأب ، قال : لما عاب الناس على عثمان ما عابوا كلّموا عليا فيه فدخل عليه وقال: ان الناس ورائي قد كلموني فيك، فوالله ما أدري ما أقول لك وما أعرف شيئا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه انك لتعلم ما نعلم ما سبقناك إلى شي

ص: 437


1- مدارك نهج البلاغة : 93 .
2- راجع استناد نهج البلاغة .

فنخبرك عنه، ولا خلونا بشي فنبلغكه، وقد رأيت كما رأينا وسمعت كما سمعنا و صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صحبنا ، وما ابن أبي قحافة ولا ابن أبي الخطاب بأولى بشئ من عمل الخير منك، وأنت أقرب إلى رسول الله وقد نلت من صهره ما لا ينالا ، ولا سبقاك إلى شي ، فالله في نفسك، فانك والله لا تبصر من عمي، ولا تعلم من جهل، وان الطريق الواضح بين، وان أعلام الدين لقائمة، تعلم يا عثمان ان أفضل عباد الله عند الله إمام عادل هدي وهدى ، فأقام سنة معلومة ، وأمات بدعة ،متروكة، فوالله ان كلا ،لبيّن، وان السنن لقائمة لها ،أعلام، وان البدع لظاهرة لها أعلام، وان شر الناس عند الله إمام جائر ضلّ وضلّ به، فأمات سنة معلومة وأحيى بدعة متروكة، وإني سمعت رسول الله يقول: يؤتى يوم القيامة بالامام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى في جهنم ، فيدور فيها كما تدور الرحى

ثم يرتطم في غمرة جهنم . وإني أحذرك الله واحذرك سطوته ونقماته، فان عذابه شديد أليم، واحذرك أن تكون إمام هذه الامة المقتول فانه كان يقال : يقتل في هذه الامة إمام فيفتح عليها

القتل والقتال إلى يوم القيامة ، وتلبس امورها عليها، وتنشب الفتن، فلا يبصرون الحق لعلوّ الباطل ، يموجون فيها موجا ويمرجون فيها مرجا. فقال: له عثمان كلّم الناس في أن يؤجّلوني حتى أخرج إليهم من مظالمهم،

فقال علیه السلام: ما كان في المدينة فلا أجل فيه وما غاب فأجله وصول امرك إليهم، عثمان : والله قد علمت ما تقول، أما والله لو كنت بمكاني ما أغضبتك ولا عتبت

عليك ولا جئت منكرا ولا عملت سوء إن وصلت رحماً أو سددت خلة» (1) وبالاسناد عن ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة»، قال: «وقد ذكرنا من الاحداث الّتي نقمت على عثمان فيما تقدم ما فيه كفاية، وقد ذكر أبو جعفر محمد

ص: 438


1- الجمل ؛ للشيخ المفيد : 100 - 101 .

ابن جرير الطبري رحمه الله في التاريخ الكبير ، هذا الكلام فقال ان نفرا من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم (تكاتبوا ، فكتب بعضهم إلى بعض : أن اقدموا ، فإن الجهاد بالمدينة لا بالروم، واستطال الناس على عثمان، ونالوا منه، وذلك في سنة أربع وثلاثين، ولم يكن أحد من الصحابة يذب عنه ولا ينهي ، إلا نفر، منهم زيد بن ،ثابت، وأبو أسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، فاجتمع الناس فكلّموا على بن أبى طالب علیه السلاموسألوه أن يكلم عثمان، فدخل عليه وقال له: إن الناس.... وروى الكلام إلى آخره بألفاظه ، فقال عثمان : وقد علمت أنك لتقولن ما قلت! أما والله لو كنت مكاني ما عنفتك ، ولا عتبت عليك، ولم آت منكرا، إنما وصلت ،رحما، وسددت خلة ، وآويت ضائعا وولیت شبيها بمن كان عمر يوليه

أنشدك الله يا علي ألا تعلم أن المغيرة بن شعبة ليس هناك ! قال: بلى، قال: أفلا تعلم أن عمر ولاه! قال : بلى، قال : فلم تلومني ان وليت اب-ن ع-ام-ر ف-ي رح-مه وقرابته ؟! فقال: على علیه السلام إنّ عمر كان يطأ على صماخ من يوليه، ثم يبلغ منه إن أنكر منه أمرا أقصى العقوبة، وأنت فلا تفعل ضعفت ورققت على أقربائك . قال عثمان : هم أقرباؤك أيضا، فقال علي : لعمري إن رحمهم منّي لقريبة ولكن الفضل في غيرهم. فقال عثمان : أفلا تعلم أن عمر ولى معاوية فقد وليته . قال علي أنشدك الله ألا تعلم أن معاوية كان أخوف لعمر من يرفاً غلامه له ؟ قال : بلى، قال: فان معاوية يقطع الأمور دونك ، ويقول للناس : هذا بأمر عثمان وأنت تعلم ذلك فلا تغير عليه ! ثم قام علي، فخرج عثمان على أثره ، فجلس على المنبر، فخطب الناس وقال : أما بعد فان لكل شئ آفة، ولكل أمر عاهة، وإن آفة هذه الامة وعاهة هذه النعمة عيابون طعانون يرونكم ما تحبون، ويسرون عنكم ما تكرهون ، يقولون لكم وتقولون أمثال النعام يتبع أول ناعق ، أحب مواردها إليها البعيد، لا يشربون إلا نغصا، ولا يردون إلا عكرا . أما والله لقد عبتم علي ما أقررتم

ص: 439

لابن الخطاب بمثله، ولكنه وطئكم ،برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه فدنتم له على ما أحببتم وكرهتم ، ولنت لكم، وأوطأتكم كتفي وكففت يدي ولساني عنكم ، فاجترأتم عليّ . أما والله لانا أقرب ناصراً وأعز نفراً وأكثر عدداً، وأخرى إن قلت هلم، أن يجاب صوتي. ولقد أعددت لكم أقراناً وكشرت لكم عن نابي، وأخرجتم منّي خلقا لم أكن أحسنه ، ومنطقاً لم أكن أنطق به. فكفوا عنى ألسنتكم وطعنكم وعيبكم على ولاتكم، فما الذي تفقدون من حقكم والله ما قصرت عن بلوغ من كان قبلي يبلغ ، وما وجدتكم تختلفون عليه، فما بالكم !

فقام مروان بن الحكم فقال : وإن شئتم حكمنا بيننا وبينكم السيف. فقال عثمان اسکت لاسكت ادعني وأصحابي ، ما منطقك في هذا ؟! ألم أتقدم

إليك ألا تنطق ؟! فسكت مروان، ونزل عثمان (1)

ص: 440


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 :264

[ الخطبة ( 166)]

قال العرشي في التخريج مانصه : « رواها الكليني في كتاب الروضة من فروع

(الكافي)،[ ج 3 ص 31] مما يلوح أنها جزء من الخطبة 84» . (انتهى) .(1) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الكليني

( ت / 328ه-) المتقدمة في الخطبة (88) ، فراجع المقطع الأخير منها . وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال : عن علي قال : لا يزال بلاء بني أمية شديدا حتى يبعث الله العصب (2)مثل قزع الخريف، يأتون من كل وجه، لا يستأمرون أميرا مأمورا ، فإذا كان ذلك أذهب الله نور ملك بني

أمية». (نعيم ) .(3)

ص: 441


1- راجع : استناد نهج البلاغة .
2- قال ابن الأثير : وفيه : ثم يكون في آخر الزمان أمير العصب العصب جمع عصبة ، كالعصابة ، ولا واحد لها من لفظها. (النهاية) في غريب الحديث 244:3 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 356:11 ، ح 31760 .

[ الخطبة ( 167)]

قال الهادى كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: انّ الله انزل كتابا هادياً ... الى آخره . قيل : انها اول خطبة خطبها علیه السلام حين استخلف وقد رواها ابو جعفر محمّد بن جرير الطبري [ج 5 ص157](1)

قال :الجلالي ومن شواهد الأطراف ما ارويه بالاسناد عن البخاري ( ت /

259ه-) في صحيحه ، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده قال حدثنا آدم بن أبي اياس ، قال : حدثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر واسماعيل عن الشعبي، عن عبد الله ابن عمرو، عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم، قال : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من السانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه . قال أبو عبد الله علیه السلام: وقال أبو معاوية : حدثنا داود، عن عامر ، قال : سمعت عبد الله ابن عمرو ، عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم ، وقال عبد الأعلى، عن داود، عن عامر، عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي باب أي الاسلام أفضل قال : حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي،

قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن

ص: 442


1- مدارك نهج البلاغة : 93 .

أبي موسى رضی الله عنه، قال : قالوا: يا رسول الله أي الاسلام أفضل ؟ قال: من سلم

المسلمون من لسانه ويده ویده» (1)

وبالاسناد عن مسلم النيسابوري (ت / 261ه-) في صحيحه، قال: وحدثنا أبو الطاهر احمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح المصري، اخبرنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير انه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول: ان رجلا سأل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أي المسلمين خير ؟ ، قال :

من سلم المسلمون من لسانه ويده.

وعنه قال: حدثنا حسن الحلواني وعبد بن حميد جميعا عن أبي عاصم قال : عبد أنبأنا أبو عاصم، عن ابن جريج انه سمع أبا الزبير يقول: سمعت جابرا يقول

سمعت النبي صلی الله علیه و آله وسلم يقول : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. وحدثني سعيد بن يحيى بن سعيد الاموى، قال: حدثني أبي حدثنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قلت يارسول الله أي الاسلام ،افضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده وحدثنيه ابراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو اسامة، قال: حدثني بريد بن عبد (2) الله بهذا الاسناد قال سئل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أي المسلمين افضل ، فذكر مثله . أي

ص: 443


1- صحيح البخاري 1: 8.
2- صحیح مسلم 47:1 .

[ الخطبة (169)]

قال العرشي في التخريج مانصه: روى الطبري في تاريخه هذه الخطبة الى

قوله رضى الله عنه : حتى يأزر الامر الى غيركم [ج 5 ص 163]) . (انتهى) (1)

ص: 444


1- راجع استناد نهج البلاغة .

[ الخطبة ( 170)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد، عن الشيخ المفيد

(ت ت / 413 ه-) في الجمل ، قال : وروى الواقدي، عن شيبان بن عبد الرحمن عن عامر بن كليب عن أبيه قال : لما قتل عثمان ما لبثنا إلا قليلا حتى قدم طلحة

والزبير البصرة ، ثم ما لبثنا بعد ذلك إلا يسيرا حتى أقبل علي بن أبي طالب بذي ،قار، فقال شيخان من الحي اذهب بنا إلى هذا الرجل فلننظر ما يدعو إليه، فلما اتينا ذا قار قدمنا على أذكى العرب، فوالله لدخل على نسب قومي فجعلت اقول اعلم به منّي واطوع فيهم ، فقال : من سيّد بني راسب؟ فقلت : فلان ، قال : فمن سيد بني قدامة ؟ قلت فلان لرجل آخر فقال انت مبلغهما كتابين منّي ؟ قلت : نعم قال : أفلا تبايعاني ؟ فبايعه الشيخان اللذان كانا معي وتوقفت عن بيعته فجعل رجال عنده قد أكل السجود وجوههم يقولون: بايع بايع ، فقال علیه السلام: دعوا الرجل ، فقلت : انما بعثني قومي رائدا وسأنهي إليهم ما رأيت فان بايعوا بايعت وان اعتزلوا اعتزلت فقال لي: أرأيت لو ان قومك بعثوك رائدا فرأيت روضة وغديرا فقلت: يا قومي النجعة النجعة فأبوا ما كنت بمستنجع بنفسك ؟ فأخذت باصبع من أصابعه فقلت : أبايع على ان اطيعك ما أطعت الله فإذا عصيته فلا طاعة

ص: 445

لك علينا. فقال: نعم، وطول صوته فضربت على يده، ثم التفت إلى محمد بن حاطب وكان من ناحية القوم فقال : إذا انطلقت إلى قومك فأبلغهم كتبي وقولي فتحول إليه محمد حتى جلس بين يديه فقال ان قومي إذا اتيتهم يقولون ما يقول صاحبك في عثمان؟ فسب عثمان الذين حوله، فرأيت عليا قد كره ذلك حتى رشح جبينه، وقال: ايها القوم كفوا ما إياكم يسأل ولا عنكم سائل ، قال : فلم ، أبرح عن العسكر حتى قدم على عليّ أهل الكوفة فجعلوا يقولون: نرى اخواننا من اهل البصرة يقاتلوننا، وجعلوا يضحكون ويعجبون ويقولون : والله لو التقينا لتعاطينا الحق ، كأنهم يرون انهم لا يقتلون، وخرجت بكتاب علي فأتيت أحد الرجلين فقبل الكتاب وأجابه ودللت على الآخر وكان متواريا، فلو انهم قالوا له : کلیب ما اذن لي فدخلت عليه ودفعت الكتاب إليه وقلت هذا كتاب عليّ واخبرته الخبر، وقلت اني اخبرت عليا إنك سيد قومك، فأبى أن يقبل الكتاب ولم يجبه إلى ما سأله وقال : لا حاجة لي اليوم في السؤدد ، فوالله اني لبالبصرة ما رجعت إلى علي حتى نزل العسكر ورأيت الغر الذين مع عليّ علیه السلام وطلع القوم .(1)

ص: 446


1- الجمل ؛ للشيخ المفيد : 157 156

[ الكلام ( 171)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: اللّهم رب السقف المرفوع .... ويروى : المحفوظ، رواه الطبري الى قوله واعصمنا من الفتنة، ورواه غيره . (1)

وقال العرشي في التخريج مانصه : رواها الطبري في تاريخه ج 6 ص 8

ورواها ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين (119)». (انتهى) . (2) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد، عن نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين» ، قال :نصر: فحدثني عمر بن سعد عن مالك بن ،أعين ، عن زيد بن وهب أن عليا خرج إليهم فاستقبلوه فقال: اللهم رب هذا السقف المحفوظ المكفوف الذي جعلته مغيضا لليل والنهار، وجعلت فيه مجرى الشمس والقمر، ومنازل الكواكب والنجوم، وجعلت سكانه سبطا من الملائكة لا يسأمون العبادة، ورب هذه الأرض الّتي جعلتها قرارا للأنام والهوام والأنعام وما لا مما يرى ومما لا يرى من خلقك العظيم، ورب الفلك التي تجري في

يحصى

ص: 447


1- مدارك نهج البلاغة : 93 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة

البحر بما ينفع الناس ، ورب السحاب المسخر بين السماء والأرض، ورب البحر المسجور المحيط بالعالمين، ورب الجبال الرواسي التي جعلتها للأرض أوتادا وللخلق متاعا ، إن أظهرتنا على عدونا فجنّبنا البغي وسددنا للحق ، وإن أظهرتهم علينا فارزقنا الشهادة، واعصم بقية أصحابي من الفتنة» (1)

وبالاسناد عن ابن طاووس ( ت / 664 ه-) في كتاب الدعاء والذكر تصنيف الحسين بن سعيد الاهوازي باسناده عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله ، قال : كان من دعاء أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوم صفين: «اللهم

* رب هذا السقف المرفوع، المكفوف المحفوظ، الذي جعلته مغيض الليل والنهار، وجعلت فيها مجاري الشمس والقمر ومنازل الكواكب والنجوم وجعلت ساكنه سبطا من الملائكة لا يسأمون العبادة، ورب هذه الأرض التي جعلتها قرارا للناس والانعام والهوام، وما نعلم وما لا نعلم ، مما يرى ومما لا يرى من خلقك العظيم ، ورب الجبال التي جعلتها للارض أوتادا ، وللخلق متاعا ، ورب البحر المسجور المحيط بالعالم، ورب السحاب المسخر بين السماء والارض ورب الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس إن أظفرتنا على عدونا فجنبنا الكبر وسددنا للرشد ، وإن اظفرتهم علينا فارزقنا الشهادة، واعصم بقية أصحابي

من

الفتنة » .

وهذا آخر الدعاء، وكان فيه : « أظفرتنا » « أظفرتهم ولعلها: «أظهرتنا و أظهرتهم لأجل انه قال بعدهما: «علي» ، ولو كانت «اظفرتنا » كانت بعدها بأعدائنا»، وان كانت حروف الخفض يقوم بعضها مقام بعض(2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 985ه-) في كنز العمال عن علي في

ص: 448


1- وقعة صفين النصر بن مزاحم المنقري : 232 .
2- مهج الدعوات : 102 ، ط / 1399 ه-، وعنه بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 91 :241 .

قوله تعالى: (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ ) (1) قال: «السماء». (ابن راهويه وابن جرير ،

وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ك هب ) (2)

ص: 449


1- الطور : 5.
2- کنز العمال 513:20

[ الخطبة (172)

قال العرشي في التخريج مانصه : رواها الثقفى في كتاب الغارات [ابن أبي الحديد ج1 ص 265] مفصلا ، وروى الشيخ المفيد منها الجزء الثالث في كتاب

الجمل ( 445 و 76) بألفاظ قريبة المعنى ممّا ورد في نهج البلاغة (انتهى) (1). قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رويته بالاسناد عن الثقفي والسيد

ابن طاووس في الخطبة ،(26) فراجع.

ص: 450


1- راجع استناد نهج البلاغة .

[ الخطبة (173)]

قال العرشي في التخريج مانصه : الخطبة الثامنة والستون بعد المائة، وردت

( فيها الكلمات التالية: ألا وإن هذه الدنيا التي أصبحتم تتمنونها وترغبون فيها لیست بداركم... الى آخره.[ ج 2 ص 106]. روى الحراني هذه الكلمات إلى قوله: «لا تبقون عليها في تحف العقول (42)» . انتهى . (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد عن ابن شعبة الحراني ( ت / 336 ح ) في تحف العقول: خطبته علیه السلام عندما انكر عليه ق-وم تسويته بين الناس في الفي ، قال علیه السلام: أما بعد ، أيها الناس فإنا نحمد ربنا وإلهنا وولي النعمة علينا ظاهرة وباطنة بغير حول منا ولا قوة إلا امتنانا علينا وفضلا ليبلونا أنشكر أم نكفر، فمن شكر زاده ومن كفر عذبه .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أحدا صمدا. وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله، بعثه رحمة للعباد والبلاد والبهائم والانعام نعمة أنعم بها ومنا وفضلاء صلی الله علیه و آله وسلم.

فافضل الناس - أيها الناس - عند الله منزلة وأعظمهم عند الله خطرا أطوعهم

لامر الله وأعملهم بطاعة الله وأتبعهم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحياهم لكتاب الله ،

ص: 451


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ح 1

فليس لاحد من خلق الله عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة رسوله واتباع كتابه وسنة نبيه صلی الله علیه و آله وسلم هذا كتاب الله بين أظهرنا وعهد نبي الله وسيرته فينا، لا يجهلها إلا جاهل مخالف معاند عن الله عز وجل، يقول الله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (1) ، فمن اتقى الله فهو الشريف المكرم المحب ، وكذلك أهل طاعته وطاعة رسول الله يقول الله في :كتابه إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورُ

﴿ رَحِيمُ ) (2) . وقال : ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلُّوا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) (3). ثم صاح بأعلى صوته يا معاشر المهاجرين والانصار ويا معاشر المسلمين أتمنون على الله وعلى رسوله بإسلامكم؟ والله ولرسوله المن عليكم إن كنتم صادقين. ثم قال: ألا إنه من استقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أجرينا عليه أحكام القرآن وأقسام الاسلام، ليس لأحد أحد فضل إلا بتقوى الله وطاعته، جعلنا الله وإياكم من المتقين وأوليائه

وأحبائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

ثم ق- . قال : ألا إن هذه الدنيا التي أصبحتم تتمنونها وترغبون فيها وأصبحت تعظکم و تر میکم لیست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له ولا الذي دعيتم إليه . ألا وإنها ليست بباقية لكم ولا تبقون عليها ، فلا يغرنكم عاجلها فقد حذرتموها ووصفت لكم وجرّبتموها، فأصبحتم لا تحمدون عاقبتها. فسابقوا رحمكم الله إلى منازلكم التي أمرتم أن تعمروها فهي العامرة التي لا تخرب أبدا، والباقية التي

على

لا تنفد رغبكم الله فيها ودعاكم إليها وجعل لكم الثواب فيها . فانظروا يا معاشر


1- الحُجرات : 13 .
2- آل عمران: 31
3- آل عمران : 33 ، وفي النسخ : «فإن تولّيتم ...

المهاجرين والانصار وأهل دين الله ما وصفتم به في كتاب الله ونزلتم به عند رسول الله ، وجاهدتم عليه، فيما فضلتم ،به بالحسب والنسب ؟ أم بعمل وطاعة ؟ فاستتموا نعمه عليكم - رحمكم الله - بالصبر لانفسكم والمحافظة على من استحفظكم الله من كتابه ألا وإنه لا يضركم تواضع شي من دنياكم بعد حفظكم

ما وصية الله والتقوى. ولا ينفعكم شي حافظتم عليه من أمر دنياكم بعد تضييع امرتم به من التقوى، فعليكم عباد الله بالتسليم لامره والرضا بقضائه والصبر على بلائه. فأما هذا الفي فليس لأحد فيه على أحد أثرة، قد فرغ الله عزوجل من قسمه فهو مال الله وأنتم عباد الله المسلمون، وهذا كتاب الله به أقررنا وعليه شهدنا وله أسلمنا وعهد نبينا بين أظهرنا فسلموا - رحمكم الله - فمن لم يرض بهذا فليتول كيف شاء. فإن العامل بطاعة الله والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه ، اولئك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون اولئك هم المفلحون، ونسأل الله

وإلهنا أن يجعلنا وإياكم من أهل طاعته وأن يجعل رغبتنا ورغبتكم فيما عنده .

أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم .(1)

ص: 453


1- تحف العقول ؛ لابن شعبة الحراني : 183 - 185 .

[ الكلام ( 174) ]

قال العرشي في التخريج مانصه : رواه شيخ الطائفة في الأمالى (106)

باختلاف يسير». انتهى . (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه عنه رضي الله عنه ، وقد تقدم نصّه في الخطبة (22) من قوله علیه السلام: والله ما صنع في أمر عثمان واحدة من

ثلاث»، فليراجع.

ص: 454


1- راجع استناد نهج البلاغة .

[ الخطبة ( 176)]

قال العرشي في التخريج مانصه : الخطبة الواحدة والسبعون بعد المائة ألا

وإن الظلم ثلاثة... إلى آخره . [ ج 2 ص 116]. وروى الشيخ الصدوق هذه العبارة الأمالي ( المجلس ،(44 كما رواها الحراني في تحف العقول (71) عن الامام محمّد الباقر رحمة الله عليه» (انتهى).(1) بالاسناد عن احمد بن حنبل في مسنده» ، وفيه : حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا زيد بن الحباب، قال: أخبرني علي بن مسعدة الباهلي ، قال : ثنا قتادة عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: « لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا

«لا

يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه» (2) . وبالاسناد عن احمد بن حنبل في مسنده» ، وفيه : حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يزيد بن هارون، انا عيينة، عن أبيه ، عن أبي برزة الاسلمي، قال: خرجت يوما أمشي ، فإذا بالنبي صلی الله علیه و آله وسلم متوجها ، فظنتته يريد حاجة، فجعلت أخنس عنه وأعارضه، فرأني ، فاشار إليّ فاتيته فاخذ بيدي فانطلقنا نمشي جميعا، فإذا نحن برجل

ص: 455


1- راجع: استناد نهج البلاغة .
2- مسند احمد بن حنبل 3: 198

يصلي يكثر الركوع والسجود ، فقال النبي صلی الله علیه و آله وسلم: أتراه مرائيا ؟ فقلت: الله ورسوله ،أعلم فارسل ،يدي، ثم طبق بين كفيه فجمعهما، وجعل يرفعها بحيال منكبيه ويضعهما، ويقول : عليكم هدياً قاصداً - ثلاث مرات ؛ فانه من يشادّ الدين يغلبه». وقال يزيد ببغداد: بريدة الاسلمي، وقد كان قال عن أبي برزة، ثم رجع إلى

بريدة. حدثنا عبد الله حدثني أبي ، ثنا وكيع ومحمد بن بكر ، قال بريدة الاسلمي»(1)

ومن الموافقات ما ارويه بالاسناد عن مسلم النيسابوري (ت / 260ه-) في

صحیحه ، قال : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعن- قعنب حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت وحميد عن انس بن مالك ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات » .(2)

ص: 456


1- مسند احمد بن حنبل 4 :422
2- صحیح مسلم 8: 142 .

[ الخطبة (177)]

من التعقيبات :ما ارويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) في

«الأمالي»، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن هارون بن الجهم عن المفضل بن صالح، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر الباقر علیه السلام، قال : الظلم ثلاثة ؛ ظلم يغفره الله، وظلم لا يغفره الله ، وظلم لا يدعه الله، فأما الظلم الذي لا يغفره الله عز وجل فالشرك بالله ، وأما الظلم الذي يغفره الله عز وجل فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين

عز وجل، وأما الظلم الّذي لا يدعه الله عز وجل فالمداينة بين العباد . (1) وأيضاً بالاسناد عن الشيخ الصدوق في الخصال » ، قال : حدثنا محمد بن علي ما جيلويه رضی الله عنه، قال : حدثني عمي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن هارون بن الجهم عن المفضل بن صالح ، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر ، قال : الظلم ثلاثة : ظلم يغفره الله عز وجل، وظلم لا يغفره، وظلم لا يدعه، فأما الظلم الذي لا يغفره فالشرك بالله عزوجل ، وأما الظلم الذي

ص: 457


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 325.

يغفره الله فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله عز وجل، وأما الظلم الّذي لا يدعه

فالمداينة بين العباد (1)

ص: 458


1- الخصال ؛ للشيخ الصدوق: 118

[ الخطبة ( 178) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي

(ت / 460 ه-) في «الأمالي»: أخبرنا أبو الحسن ، عن محمّد بن علي بن المفضل عن علي بن الحسن أبي الحسن النحوي الرازي ، قال : أخبرني الحسن بن علي الزفري قال: حدثني العباس بن بكار الضبي قال: حدثني أبو بكر الهذلي عن

عكرمة عن ابن عباس قال: خطب أمير المؤمنين علیه السلام فقال: الحمد لله الذي

لا يحويه مكان، ولا يحدّه ،زمان، علا ،بطوله ودنا بحوله، سابق كل غنيمة وفضل وكاشف كل عظيمة وأزل، أحمده على جود كرمه ، وسبوغ نعمه، واستعينه على بلوغ رضاه، والرضا بما قضاه، وأؤمن به إيمانا وأتوكل عليه إيقانا . وأشهد أن لا إله إلا الله، الذي رفع السماء ،فبناها، وسطح الارض فطحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها ، والجبال أرساها، لا يؤوده خلق، وهو العلي العظيم. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى المشهور، والكتاب المسطور، والدين المأثور

إبلاء لعذره، وإنهاء لامره، فبلغ الرسالة ، وهدى من الضلالة، وعبد ربه حتى فى أتاه

اليقين، وصلى الله عليه وآله وسلم كثيرا.

أوصيكم بتقوى الله، فإن التقوى أفضل كنز، وأحرز حرز، وأعزّ عز فيها نجاة

ص: 459

کل هارب، ودرك كل طالب، وظفر كل غالب، وأحتكم على طاعة الله ، فإنها كهف العابدين، وفوز الفائزين، وأمان المتقين واعلموا أيها الناس - أنكم سيارة ، قد حدا بكم الحادي وحدا لخراب الدنيا حادي وناداكم للموت منادي فَلاً تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ ) (1). ألا وإن الدنيا دار غرارة خداعة، (11) تنكح في كل يوم بعلا، وتقتل في كل ليلة أهلا وتفرق في كل ساعة شملا، فكم من منافس فيها، وراكن إليها من الامم السالفة، قد قذفتهم في الهاوية، ودمرتهم تدميرا، وتبرتهم تتبيرا، وأصلتهم سعيرا . أين من جمع فأوعى وشد فأوكى ومنع فأكدى ؟ بلى أين من عسكر العساكر، ودسكر الدساكر، وركب المنابر ، أين من بنى الدور، وشرف القصور، وجمهر الالوف؟ قد تداولتهم أيامها ابتعلتهم أعوامها، فصاروا أمواتا، وفي القبور ،رفاتا، قد نسوا ما خلفوا ووقفوا على ما أسلفوا ، ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ) (2). وكأنّي بها وقد أشرقت بطلائعها، وعسكرت بفظائعها ، فأصبح المرء بعد صحته مريضا، وبعد سلامته نقيضا يعالج كربا ، ويقاسي تعبا في حشرجة السباق، وتتابع الفواق وتردد الانين والذهول على البنات والبنين والمرء قد اشتمل عليه شغل شاغل، وهول هائل، قد اعتقل منه اللسان، وتردد منه البنان، فأصاب مكروها ، وفارق الدنيا مسلوبا ، لا يملكون له نفعا، ولا لما حل به دفعا يقول الله عزوجل في كتابه: ﴿ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ﴾ (3). ثم من دون ذلك أهوال القيامة ، ويوم الحسرة والندامة، يوم تنصب الموازين، وتنشر الدواوين، بإحصاء كل صغيرة، وإعلان كل كبيرة ، يقول الله في كتابه: ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً

ص: 460


1- لقمان : 33.
2- الأنعام: 62 .
3- الواقعة : 86.

وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) (1) .

ثم قال : أيها الناس الآن الآن من قبل الندم ، ومن قبل أن تَقُولَ نَفْسُ يَا حَسْرَتَي عَلَى مَا فَرّطتُ فِي جَنبِ اللهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) (2)، فيرد الجليل جل ثناؤه : بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) (3) ، فوالله ما سأل الرجوع إلا ليعمل صالحا ، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا. ثم قال : أيها الناس الآن الآن ما دام الوثاق مطلقا، والسراج منيرا ، وباب التوبة مفتوحا ومن قبل أن يجف القلم، وتطوى الصحيفة، فلا رزق ينزل، ولا عمل يصعد المضمار اليوم، والسباق غدا، فإنكم لا تدرون إلى جنة أو إلى نار واستغفر الله لي ولكم» (4)

(الكهف : 49 ) .

ص: 461


1- وتمام الآية : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً )
2- الزمر : 56 - 58 .
3- الزمر: 59
4- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : للشيخ الطوسي : 684 - 686

[ الخطبة (179)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: لا تدركه العيون..الى آخره. في كتاب الاصول من «الكافي»، روى كلامه لذعلب، وفيه بعض الجمل المذكورة هنا » . (1)

قال العرشي في التخريج مانصّه : رواه الكليني في اصول الكافي» (32) والشيخ الصدوق في كتاب الأمالي ( المجلس 55) وكتاب التوحيد ( 320 و 324)

والشيخ المفيد في كتاب الارشاد (131) باختلاف في الالفاظ . (انتهى ). (2) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

( ت / 328ه-) في الكافي ، عن محمّد بن أبي عبد الله ، رفعه عن أبي عبد الله علیه السلام قال بينا أمير المؤمنين علیه السلام يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل يقال له : ذعلب، ذو لسان بليغ في الخطب شجاع القلب، فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك ؟

قال: ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربا لم أره.

ص: 462


1- مدارك نهج البلاغة : 92 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة

فقال :يا أمير المؤمنين كيف رأيته ؟

قال: ويلك يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الابصار ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان، ويلك يا ذعلب ! إن ربي لطيف اللطافة لا يوصف باللطف عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، قبل كل شيء لا يقال : شي قبله ، وبعد كل شي ، لا يقال له بعد

شاء الاشياء لا بهمّة، درّاك لا بخديعة في الاشياء كلها، غير متمازج بها ولا بائن منها، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية ناء لا بمسافة قريب لا

، بصير بمداناة، لطيف لا بتجسّم موجود لا بعد عدم، فاعل لا باضطرار، مقدر لا بحركة مريد لا بهمامة، لا بآلة

سميع ، لا بأداة، لا تحويه الاماكن ولا تضمنه الأوقات، ولا تحده الصفات، ولا تأخذه السنات سبق الاوقات كونه، والعدم وجوده والابتداء أزله ، بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له، وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له ، وبمضادته بين الاشياء عرف ان لا ضدّ له وبمقارنته بين الاشياء عرف ان لا قرين له، ضاد النور بالظلمة، واليبس بالبلل والخشن باللين والصرد بالحرور، مؤلف بين متعادياتها، ومفرّق بين متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرّقها، وبتأليفها على مؤلفها وذلك قوله تعالى : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّمْ تَذَكَّرُونَ ) (1)، ففرق بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد له، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة المغرزها مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها ، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه، كان ربا إذ لا مربوب، وإلها إذ لا مألوه، وعالما إذ لا معلوم، وسميعا إذ لا مسموع» . (2)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في «الأمالي»، قال: حدثنا الشيخ

ص: 463


1- الذاريات : 49
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1: 139 138 .

الدقاق ومحمّد بن

الجليل أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضی الله عنه ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن القطان وعلي بن أحمد بن موسى أحمد السناني رضى الله عنهم ، قالوا : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا محمّد بن العباس، قال: حدثني محمّد بن أبي السري قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، عن سعد بن طريف الكناني، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لما جلس علي علیه السلام في الخلافة وبايعه الناس، خرج إلى المسجد متعمّما بعمامة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له ، لابساً بردة رسول الله الله منتعلا نعل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، متقلدا سیف رسول الله صلى الله عليه وسلم ا فصعد المنبر ، فجلس عليه متمكنا ، ثم شبك بين أصابعه، فوضعها أسفل بطنه ، ثم قال: يا معشر الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا ما زقني رسول الله صلى الله عليه وسلم قازقا سلوني ، فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله لو ثنيت لي وسادة، فجلست عليها، لافتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل الانجيل بإنجيلهم حتى ينطق الانجيل فيقول: صدق على ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول : صدق على ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا ، فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه ؟ ولولا آية في كتاب الله عز وجل لأخبرتكم بما كان وبما يكون ، وبما هو كائن إلى يوم القيامة، وهي هذه الآية: ﴿ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )(1). ثم قال علیه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن أية آية في ليل أنزلت، أو في نهار أنزلت ، مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها ناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها، إلا أخبرتكم.

ص: 464


1- الرعد : 39

فقام اليه رجل يقال له ذعلب، وكان ذرب اللسان بليغا في الخطب، شجاع القلب، فقال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة، لاخجلته اليوم لكم في

مسألتي إياه . فقال : يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربّك ؟

فقال : ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره.

قال : فكيف رأيته ؟ صفه لنا .

قال : ويلك ! لم تره العيون بمشاهدة الابصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ويلك يا ذعلب، إن ربي لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون، ولا بقيام - قيام انتصاب - ولا بجيئة ولا بذهاب لطيف اللطافة لا يوصف باللطف ،

يوم عظيم العظمة لا يوصف بالعظم ، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة، مؤمن لا بعبادة مدرك لا بمجسة، قائل لا بلفظ، هو في الاشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق كل شي ولا يقال : شي فوقه أمام كل شئ ولا يقال له: أمام ، داخل في

الاشياء لاكشي في شئ داخل وخارج منها لاكشي من شي خارج . فخر ذعلب مغشيا عليه، ثم قال تا الله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله

لا عدت إلى مثلها .

ثم قال علیه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني. فقام إليه الاشعث بن قيس، فقال: يا

أمير المؤمنين، كيف تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب، ولم

يبعث إليهم نبي ؟ فقال : بلى يا أشعث قد أنزل الله عليهم كتابا ، وبعث إليهم نبيا ، وكان لهم ملك

سكر ذات ليلة، فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها ، فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه، فقالوا أيها الملك دنست علينا ديننا فأهلكته ، فاخرج نطهرك

ص: 465

ونقم عليك الحد . فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا كلامي، فإن يكن لي مخرج مما ارتكبت وإلا فشأنكم. فاجتمعوا فقال لهم : هل علمتم أن الله عز وجل لم يخلق

، خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وأمنا حواء؟ قالوا: صدقت أيها الملك. قال: أفليس قد زوج بنيه من بناته وبناته من بنيه ؟ قالوا صدقت هذا هو الدين فتعاقدوا على ذلك، فمحا الله ما في صدورهم من العلم، ورفع عنهم الكتاب، فهم الكفرة ، يدخلون النار بلا حساب والمنافقون أشد حالا منهم. فقال الاشعث: والله ما سمعت بمثل هذا الجواب، والله لا عدت إلى مثلها أبدا. ثم قال علیه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني .

فقام إليه رجل من أقصى المسجد، متوكنا على عكازة، فلم يزل يتخطى الناس حتى دنا منه فقال: يا أمير المؤمنين دلّني على عمل إذا أنا عملته نجانى الله من النار.

فقال له : اسمع يا هذا، ثم افهم، ثم استيقن ، قامت الدنيا بثلاثة : بعالم ناطق مستعمل لعلمه، وبغنيّ لا يبخل بماله على أهل دين الله عزوجل، وبفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه، وبخل الغني، ولم يصبر الفقير، فعندها الويل والثبور، وعندها يعرف العارفون بالله أن الدار قد رجعت إلى بدئها أي إلى الكفر بعد الايمان. أيها السائل، فلا تغترن بكثرة المساجد، وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة

وقلوبهم شتى.

أيها الناس، إنما الناس ثلاثة زاهد وراغب وصابر ، فأما الزاهد فلا يفرح بشئ من الدنيا أتاه ، ولا يحزن على شي منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه، فإن أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها ، وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أم من حرام .

قال: يا أمير المؤمنين فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: ينظر إلى ما

ص: 466

أوجب الله عليه من حق فيتولاه، وينظر إلى ما خالفه فيتبرأ منه وإن كان حبيبا قريبا. قال: صدقت والله يا أمير المؤمنين ، ثم غاب الرجل فلم نره، وطلبه الناس فلم

يجدوه ، فتبسم علي علیه السلام المنبر ثم قال : ما لكم، هذا أخي الخضر علیه السلام.

ثم قال علیه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني .

فلم يقم إليه أحد، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على نبيه ، ثم قال للحسن علیه السلام يا حسن، قم فاصعد المنبر ، فتكلم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي، فيقولون: إن الحسن لا يحسن شيئا.

قال الحسن : يا أبه، كيف أصعد وأتكلم وأنت في الناس تسمع وترى ؟ قال : بأبي وأمي أواري نفسي عنك، وأسمع وأرى ولا تراني . فصعد الحسن المنبر ، فحمد الله بمحامد بليغة شريفة ، وصلى على النبي وآله صلاة موجزة ، ثم قال : أيها سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها، وهل تدخل

الناس

المدينة إلا من بابها ، ثم نزل، فوثب إليه على علیه السلام فتحمله، وضمه إلى صدره. ثم قال : للحسين : يا بني، قم فاصعد فتكلم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي، فيقولون: إن الحسين بن علي لا يبصر شيئا، وليكن كلامك تبعا لكلام أخيك ، فصعد الحسين علیه السلام، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه وآله صلاة موجزة، ثم قال : معاشر الناس، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : إن عليا مدينة ،هدى فمن دخلها نجا، ومن تخلف عنها هلك

فوتب علي علیه السلام فضمه إلى صدره وقبله، ثم قال : معاشر الناس ، اشهدوا أنهما

فرخا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووديعته التي استودعنيها ، وأنا استودعكموها. معاشر الناس ورسول الله سائلكم عنهما » . (1)

ص: 467


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 422 - 425 . وراجع ما رواه السيد الاستاذ في التعقيبات للخطبة (91) بأسانيده المتعددة.

[ الخطبة ( 180)]

قال العرشي في التخريج مانصه : رواها الثقفي في كتاب الغارات [ابن أبي

(انتهى)

الحديد[ ج 1 ص 294] . انتهى (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابراهيم بن محمد الثقفي ( ت / (283) ه- ) في «الغارات » بعنوان «ورود قتل محمّد بن أبي بكر على عليّ علیه السلام ، عن جندب بن عبد الله ، قال : والله اني لعند علي جالس إذ جاءه عبد الله بن قعين جد كعب يستصرخ من قبل محمّد بن أبي بكر، وهو يومئذ أمير على مصر ، فقام علي فنادى في الناس : الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلی الله علیه و آله وسلم ثم قال: أما بعد، فهذا صريخ محمّد بن أبي بكر واخوانكم من أهل مصر، وقد سار إليهم ابن النابغة عدو الله وعدوكم، فلا يكونن أهل الضلال إلى باطلهم والركون إلى سبيل الطاغوت أشد اجتماعا على باطلهم وضلالتهم منكم على حقكم، فكأنكم بهم ، قد بدؤوكم واخوانكم بالغزو، فاعجلوا إليهم بالمواساة والنصر ، عباد الله ان مصر أعظم من الشام خيرا، وخير أهلا ، فلا تغلبوا على مصر ، فان بقاء مصر في أيديكم عزّلكم

ص: 468


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

وكبت لعدوكم ، اخرجوا إلى الجرعة - والجرعة بين الكوفة والحيرة - لنتوافي هناك

كلنا غدا ان شاء الله .

فلما كان الغد خرج يمشي فنزلها بكرة فأقام بها حتى انتصف النهار يومه ذلك فلم يوافه منهم مائة رجل . فرجع ، فلما كان العشي بعث إلى الاشراف، فجمعهم، فدخلوا عليه القصر وهو كئيب حزين فقال الحمد لله على ما قضى من أمر

وقدر من فعل، وابتلاني بكم أيتها الفرقة التي لا تطيع إذا أمرت ولا تجيب إذا

دعوت، لا أبا لغيركم ما تنتظرون بنصركم ربكم والجهاد على حقكم ؟! الموت أو الذل لكم في هذه الدنيا في غير الحق، والله لئن جاءني الموت - وليأتيني - فليفرق بيني وبينكم واني لصحبتكم لقال، ألا دين يجمعكم ؟ ، ألا حمية تغضبكم، إذ أنتم سمعتم بعدوكم ينتقص بلادكم ويشن الغارة عليكم ؟ ، أو ليس عجبا أن معاوية يدعو الجفاة الظلمة الطغام فيتبعونه على غير عطاء ولا معونة، فيجيبونه في السنة المرة والمرتين والثلاث إلى أي وجه شاء، ثم أني أدعوكم وأنتم الو النهى وبقية الناس على المعونة وطائفة منكم على العطاء فتختلفون

وتتفرقون عني وتعصونني وتخالفون علي ؟. فقام إليه مالك بن كعب الارحبي فقال : يا أمير المؤمنين اندب الناس معي، فانه لا عطر بعد عروس، لمثل هذا اليوم كنت أدخر نفسي، وان الاجر لا يأتي

إلا بالكره.

ثم التفت إلى الناس وقال : اتقوا الله وأجيبوا إمامكم وانصروا دعوته وقاتلوا

عدوكم، وأنا أسير إليهم يا أمير المؤمنين. قال : فأمر على مناديه سعدا مولاه فنادى ألا سيروا مع مالك بن كعب إلى مصر وكان وجها مكروها ، فلم يجتمعوا إليه شهرا ، فلما اجتمع له منهم ما اجتمع خرج بهم مالك بن كعب فعسكر بظاهر الكوفة، ثم إنه خرج وخرج معه أمير المؤمنين

ص: 469

علي علیه السلام فنظروا فإذا جميع من خرج معه نحو من ألفي رجل ، فقال على علیه السلام سيروا على اسم الله ، فوالله ما أخالكم تدركون القوم حتى ينقضي أمرهم.

قال :فخرج مالك بهم وسار بهم خمس ليال.

ثم إن الحجاج بن غزية الانصاري قدم على عليّ من مصر، وقدم عليه عبد الرحمن بن المسيب الفزاري من الشام فأما الفزاري فكان عينه الله بالشام، وأما الانصاري فكان مع محمد بن أبي بكر بمصر فحدثه الانصاري بما عاين وشهد بهلاك محمد ، وحدثه الفزاري أنه لم يخرج من الشام حتى قدمت البشرى من قبل عمرو بن العاص تترى يتبع بعضها على أثر بعض بفتح مصر وقتل محمد بن أبي بكر وحتى أذن معاوية بقتله على المنبر فقال له يا أمير المؤمنين ما رأيت يوما قط سرورا بمثل سرور رأيته بالشام حتى أتاهم هلاك ابن أبي بكر . فقال على: أما إن حزننا على قتله على قدر سرورهم ،به لابل يزيد أضعافا . قال : فسرح

علي علیه السلام عبد الرحمن بن شريح الشامي إلى مالك بن كعب فرده من الطريق. :قال وحزن علي علىّ علیه السلام محمّد بن أبي بكر حتى رئي ذلك فيه وتبين في وجهه وقام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألا وان مصر قد افتتحها الفجرة أولياء الجور والظلم الذين صدوا عن سبيل الله وبغوا الاسلام

عوجا، ألا وان محمّد بن أبى بكر قد استشهد له فعند الله نحتسبه، أما والله لقد كان

ما علمت لممن ينتظر القضاء ويعمل للجزاء، ويبغض شكل الفاجر ويحب هين المؤمن، وأني والله ما ألوم نفسي على تقصير ولا عجز، واني بمقاساة الحرب لجد بصير، واني لاقدم على الامر وأعرف وجه الحزم وأقوم بالرأي المصيب فأستصرخكم معلنا وأناديكم نداء المستغيث معربا ، فلا تسمعون لي قولا، ولا تطيعون لي أمراء تصيرون الأمور إلى عواقب المساءة فأنتم القوم لا يدرك بكم الثار، ولا تنقض بكم الاوتار دعوتكم إلى غياث إخوانكم منذ بضع وخمسين

ص: 470

يوما فجرجرتم علي جرجرة الجمل الاشدق ، وتثاقلتم إلى الارض تثاقل من ليس له نية في جهاد العدو، ولا رأي له في اكتساب الاجر ، ثم خرج إلي منكم جنيد متذائب ضعيف (وكَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ) (1) ، فأُفٍ لكم.

ثم نزل فدخل رحله . وأيضاً : حدثنا علي بن محمد بن أبي سيف: أن محمد بن أبي حذيفة بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس اصيب لما فتح عمرو بن العاص مصر فبعث به إلى معاوية بن أبي سفيان وهو يومئذ بفلسطين، فحبسه معاوية في سجن له فمكث فيه غير كثير ، ثم انه هرب وكان ابن خال ،معاوية ، فأرى معاوية الناس أنه كره انفلاته من السجن، فقال لاهل الشام من يطلبه ؟ وقد كان معاوية - فيما يرون - أن ينجو ، فقال رجل من خثعم يقال له: عبيد الله بن عمرو بن ظلام وكان شجاعا وكان عثمانيا : أنا أطلبه، فخرج في خيله فلحقه بحوارين وقد دخل في غار هناك فجاءت حمر تدخله وقد أصابها المطر، فلما رأت الرجل في الغار فزعت منه فنفرت ، فقال حمارون كانوا قريبا من الغار والله ان لنفر هذه الحمر من الغار لشأنا ما نفرها من هذا الغار الا أمر ، فذهبوا ينظرون، فإذا هم به فخرجوا

فوافاهم عبيد الله بن عمرو بن ظلام فسألهم عنه ووصفه لهم، فقالوا له : ها هو ذافي الغار، فجاء حتى استخرجه وكره أن يحمله إلى معاوية فيخلي سبيله، فضرب عنقه ((2).

يحب

ص: 471


1- الأنفال : 6
2- الغارات؛ لابراهيم بن محمد الثقفي 1 : 290 - 294 ، ط / 1395ه-.

[ الخطبة (182)]

قال الجلالي : قوله : «الذي لم يلد فيكون في العز مشاركاً تقدم الاسناد اليه عن

الكليني (ت / 328ه-) في الخطبة (49) ، فراجع.

ص: 472

[ الخطبة ( 185)]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 381ه-) في التوحيد، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضی الله عنه، قال : حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، قال: حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي علیهم السلام، قال : خطب أمير المؤمنين في الناس في مسجد الكوفة ، فقال: الحمد لله الذي لا من شي كان ولا من شي كوّن ما قد كان مستشهد بحدوث الاشياء على أزليته، وبما وسمها به من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه ، لم يخل منه مكان فيدرك بأينية، ولا له شبه مثال فيوصف بكيفية ، ولم يغب عن علمه شي فيعلم بحيثية، مبائن لجميع ما أحدث في الصفات وممتنع عن الادراك بما ابتدع من تصريف الذوات، وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرف الحالات، محرم على بوارع ثاقبات الفطن تحديده وعلى عوامق ناقبات الفكر تكييفه، وعلى غوائص سابحات الفطر

تصويرة، لا تحويه الاماكن العظمته، ولا تذرعه المقادير لجلاله، ولا تقطعه

ص: 473

المقائيس لكبريائه ، ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه، وعن الافهام أن تستغرقه، وعن الاذهان أن تمثله قد يئست من استنباط الاحاطة به طوامح العقول، ونضبت عن

الاشارة إليه بالاكتناه بحار العلوم، ورجعت بالصغر عن السمو إلى وصف قدرته لطائف الخصوم ، واحد لا من عدد ودائم لا بأمد وقائم لا بعمد، ليس بجنس فتعادله الاجناس ، ولا بشبح فتضارعه الاشباح ، ولا كالاشياء فتقع عليه الصفات قد ضلت العقول في أمواج تيار إدراكه، وتحيرت الاوهام عن إحاطة ذكر أزليته ، وحصرت الافهام عن استشعار وصف قدرته، وغرقت الاذهان في لجج أفلاك ملكوته ، مقتدر بالآلاء، وممتنع بالكبرياء، ومتملك على الاشياء، فلا دهر يخلقه ولا وصف يحيط به، قد خضعت له ثوابت الصعاب في محل تخوم قرارها وأذعنت له رواصن الاسباب في منتهى شواهق أقطارها، مستشهد بكلية الاجناس على ربوبيته، وبعجزها على قدرته، وبفطورها على قدمته، وبزوالها على بقائه ، فلا لها سحيص عن إدراكه إياها، ولا خروج من إحاطته بها ، ولا احتجاب عن إحصائه لها ، ولا امتناع من قدرته عليها ، كفى بإتقان الصنع لها آية، وبمركب الطبع

عليها دلالة بحدوث الفطر عليها قدمة، وبإحكام الصنعة لها عبرة فلا إليه حد

منسوب ، ولا له مثل مضروب، ولا شئ عنه محجوب، تعالى عن ضرب الامثال

والصفات المخلوقة علوا كبيرا.

وأشهد أن لا إله إلا الله إيمانا بربوبيته ، وخلافا على من أنكره، وأشهد أن محمّد عبده ورسوله المقر في خير مستقر ، المتناسخ من أكارم الأصلاب ومطهرات الارحام، المخرج من أكرم المعادن محتدا ، وأفضل المنابت منبتا، من أمنع ذروة وأعزّ ارومة من الشجرة التي صاغ الله منها أنبياءه وانتجب منها امناءه الطيبة العود، المعتدلة العمود الباسقة الفروع الناضرة الغصون اليانعة الثمار الكريمة الحشا في كرم غرست وفي حرم انبتت، وفيه تشعبت، وأثمرت، وعزت،

ص: 474

وامتنعت فسمت به و شمخت حتى أكرمه الله عز وجل بالروح الامين والنور المبين والكتاب المستبين وسخر له البراق، وصافحته الملائكة، وأرعب به الاباليس، وهدم به الاصنام والآلهة المعبودة دونه، سنته الرشد، وسيرته العدل وحكمه ،الحق صدع بما أمره ربه ، وبلغ ما حمله، حتى أفصح بالتوحيد دعوته، وأظهر في الخلق أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حتى خلصت له الوحدانية وصفت له الربوبية، وأظهر الله بالتوحيد حجته، وأعلى بالاسلام درجته واختار

الله عز وجل لنبيه ما عنده من الروح والدرجة والوسيلة صلی الله علیه و آله وسلم له عدد ما صلى على أنبيائه المرسلين وآله الطاهرين. (1) وبالاسناد عن الهاروني ( ت / 424 ه-) في تيسير المطالب، قال: حدثنا يعقوب بن أحمد، قال حدثنا محمّد بن حميد الرازي ، قال ابو زهير عبد الرحمن

بن مقرى الدوسي، قال: حدثنا عوانة بن الحكم ، قال : حدثنا من حضر خطبة علي علیه السلام الّتي تسمى الغراء، خطب بها في مسجد الكوفة ، فكان مما حفظ منها بعد

ان حمد الله واثنى عليه بما هو أهله وصلى على رسول الله محمّد صلى الله عليه وسلم ان قال: الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تحويه المشاهد، ولا تراه النواظر ولا تحجبه، الذي علا السواتر بكل مكرمة، وبان بكل فضيلة، وجل عن شبه الخليقة، وتنزه عن الافعال القبيحة ، وصدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده، وقام بالقسط في خلقه، وعدل عليهم في حكمه ، واحسن إليهم في قسمه، ولا إله إلا هو الواحد القهار العزيز الجبار الذي لم يتناها في الأوهام بتحذير، ولم يتمثل في العقول بتصوير ، ولم تنله مقاييس المقدرين، ولا شرحته نتائج الأوهام ولا ادركته تصاريف الاعتبار فأوجدته سبحانه لا محدوداً ولا شخصاً مشهوداً، ولا وقتته الأوقات فيجري عليه الأزمنة والغايات ولم يسبقه حال فيجري عليه

ص: 475


1- التوحيد للشيخ الصدوق : 7069.

الزوال، فسبحانه من عظيم عظم امره ومن كبير كبر قدره، ليس بذي كبر امتدت

أمره، إليه النهايات فكبرته تجسيداً ، ولا بذي عظم ألحقت به الغايات فعظمته تجسيماً ، علا عن التجسيم والتجسيد والتصوير والتحديد علوّاً كبيراً، شواهده بذلك قائلة ، وأحكامه فيه فاصلة، قد جمعت العقول عليها بدلالتها فظهر لديها تبيان حكمتها

حتى جلت عن المرتابين البهم ، وكشفت عنهم الظلم » . (1)

ص: 476


1- تيسير المطالب : 192 ، ط / 1395ه-.

[ الخطبة ( 186)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: ما وحده من

كيفه ... الى أن قال: لا يشمل بحد ولا يحسب بعد ... الخ ، قال في الاحتجاج وقال علیه السلام في خطبة اخرى: «لا يشمل بحد ... الى آخره. قوله علیه السلام الحمد لله الذي لبس العز والكبرياء ... الى آخره . قال السيّد رحمه الله : ومن الناس من يسمي هذه الخطبة بالقاصعة، ذكر الشراح وجوها في تسميتها بالقاصعة، وذكروا أن السبب فيها هو أن أهل الكوفة كانوا قد فسدوا في آخر خلافة امير المؤمنين علیه السلام، وكثرت الفتن وإثارة الشر بين قبائلها ، فخرج اليهم على ناقة، فخطبهم بهذه الخطبة . قوله علیه السلام في هذه الخطبة : ولو أراد الله بأنبيائه ... الى قوله ذللا لعفوه، رواه

الكليني في المجلد الأول من كتاب فروع الكافي ص 219 طبع ایران» (1) قال العرشي في التخريج ما نصه: روى الشيخ الصدوق بعضها في كتاب التوحيد (24) ، وشيخ الطائفة في الأمالي (14) ، عن الامام الرضا، كما روى الشيخ الصدوق بعضها الآخر في كتاب التوحيد ( 320 و 324) والشيخ المفيد في الارشاد (131) في كلام أمير المؤمنين علیه السلام مع ذعلب اليماني ، وروى السيد المرتضى

سمس

ص: 477


1- مدارك نهج البلاغة : 96 .

المؤمنين » . (انتهى). (1)

جملة منها في الأمالي[ ج 1 ص 103]، عن أمير المؤمنين علیه السلام» . [ آج قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن الاصبغ بن نباتة ، قال : كنا جلوسا عند على بن أبي طالب فأتاه يهودي فقال : يا امير المؤمنين متى كان الله ؟ فقمنا إليه فلهزناه حتى كدنا نأتي على نفسه، فقال علي خلوا عنه ، ثم قال : اسمع يا اخا اليهود ما اقول لك باذنك، واحفظه بقلبك ، فانما احدثك عن كتابك الذي جاء به موسى بن ،عمران ، فان كنت قد قرأت كتابك وحفظته فانك ستجده كما اقول انما يقال : متى كان ؟ لمن لم يكن ثم كان، فاما من يزل بلا كيف يكون كان بلا كينونة، كائن لم يزل قبل القبل ، وبعد البعد لا يزال بلا كيف ولا غاية ولا منتهى إليه، انقطعت

دونه الغايات، فهو غاية كل غاية .

فبكى اليهودي وقال : والله يا امير المؤمنين إنها لفي التوراة هكذا حرفا حرفا

وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّدا عبده ورسوله». (الأصبهاني في الحجة) (2) وبالاسناد عن الشيخ الصدوق في «التوحيد»، قال: حدثنا علي بن أحمد مد بن

محمّد بن عمران الدقاق رضی الله عنه، قال : حدثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثني الحسين بن الحسن قال : حدثنا عبد الله بن داهر قال: حدثني الحسين بن يحيى الكوفي ، قال : حدثني قثم بن قتادة، عن عبد الله بن يونس، عن أبي عبد الله علیه السلام، قال : بينا أمير المؤمنين علیه السلام يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل يقال له ذعلب ذرب اللسان بليغ في الخطاب، شجاع القلب ، فقال : يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربك ؟

فقال : ويلك ياذعلب ما كنت أعبد ربا لم أره.

ص: 478


1- راجع استناد نهج البلاغة .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 407:11

قال :يا أمير المؤمنين كيف رأيته ؟

قال : ويلك ياذعلب لم تره العيون بمشاهدة الابصار، ولكن رأته القلوب

بحقائق الايمان، ويلك ياذعلب إن ربي لطيف اللطافة فلا يوصف باللطف » . (1)وبالاسناد عن سبط ابن الجوزي ( ت / 654ه- ) ، قال : فصل ومن كلامه في التوحيد روى عطية العوفي، عن ابن عباس قال: سأل رجل امیرالمؤمنين فقال له: هل رأيت ربك؟ فقال: أنا أعبد من لا أرى ؟! وفي رواية: ما كنت لأعبد ربا لم أره .

فقال : وكيف رأيته أو كيف تراه ؟ فقال : لاتدركه العيون بمشاهدة العيان وانما

تدركه القلوب بحقائق الايمان قريب من الاشياء غير ملابس بعيد عنها غير

مباین متكلم بلا ،رؤية مريد لابهمة، صانع لابجارحة ، لطيف لا يوصف بالجفاء،

كبير لا ينعت بالجفاء، بصير لابحاسة، رحيم لا برأفة - أو برقة ، تعنو الوجوه

مخافته » . (2)لعظمته وتوجل القلوب من بن

ص: 479


1- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : 308 وروى معناه المجلسي في البحار 52:4 و 304 وعن المحاسن في 4: 53 وعن التوحيد والأمالي في 4: 27 .
2- تذركة الخواص : 144 ، ط / 1401ه-.

[ الخطبة (189)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن محمّد بن الحسن الصفار ( ت / 290ه-) في (بصائر الدرجات » ، قال : حدثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمّد بن سنان، عن عمار بن مروان ، عن المنخل عن جابر ، قال : قال أبو جعفر رضی الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان حديث آل محمّد صعب مستصعب، لا يؤمن به الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان فما ورد عليكم من حديث آل محمّد فلانت له قلوبكم وعرفتوه فاقبلوه ، وما اشمازت منه قلوبكم وانكرتموه فردوه إلى الله والى الرسول والى العالم من آل محمد، وانما الهالك ان يحدث احدكم بشي منه لا يحتمله فيقول: والله ما كان هذا ، ثلاثاً » . (1)

وقال حدثنا أبو جعفر عن علي بن الحكم عن ذريح المحاربي، عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين رضی الله عنه قال : سمعته يقول: ان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا نبي مرسل أو ملك مقرّب ومن الملائكة غير مقرب. حدثنا أبو جعفر ، عن محمّد بن سنان عن أبي الجارود، عن أبي جعفر علیه السلام.

ص: 480


1- بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار : 41 .

قال: سمعته يقول: «أن حديث آل محمّد صعب مستصعب ثقيل مقنع أجرد ذكوان ، لا يحتمله الّا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، أو مدينة حصينة ، فإذا قام قائمنا نطق وصدقه القرآن» . (1)

وقال: حدثنا محمّد بن الحسين عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير ، قال : قال أبو جعفر علیه السلام: « حديثنا صعب مستصعب لا يؤمن به الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، فما عرفت قلوبكم فخذوه وما انكرت فردّوه الينا» (2)

وقال : حدثنا ابراهيم بن اسحاق عن عبد الله حماد، عن صباح المزني عن الحارث بن حصير، عن الاصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين علیه السلام، قال : سمعته يقول: «أن حديثنا صعب مستصعب خشن مخشوش، فانبذوا إلى الناس نبذا فمن عرف فزيدوه ومن انكر فامسكوا، لا يحتمله الا ثلاث: ملك مقرب أو نبي مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان « .(3)

وقال حدثنا عبد الله بن عامر عن البرقي، عن الحسين بن عثمان، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر علیه السلام، قال: «ان حديثنا صعب مستصعب لا يؤمن به الا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد امتحن الله قلبه

للايمان، فما عرفت قلوبكم فخذوه وما انكرت قلوبكم فردوه الينا» (4) وقال: حدثنا سلمة بن الخطاب، عن محمّد بن المثنى، عن أبي عمران النهدي عن المفضل ، قال : سمعت ابا عبد الله علیه السلام يقول: « حديثنا صعب

ص: 481


1- بصائر الدرجات ؛ لمحمّد بن الحسن الصفار : 41 .
2- بصائر الدرجات ؛ لمحمّد بن الحسن الصفار : 41 .
3- بصائر الدرجات ؛ لمحمّد بن الحسن الصفار : 41.
4- بصائر الدرجات لمحمّد بن الحسن الصفار : 42 .

مستصعب لا يحتمله الاملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للايمان . حدثنا سلمة، عن محمّد بن المثنى عن ابراهيم بن هشام، عن اسماعيل بن عبد العزيز قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول: حديثنا صعب مستصعب ، قال : :قلت فسّر لي جعلت فداك، قال: ذكوان ذكيّ ،ابدا ، قال : أجرد قال طري ابدا :قلت مقنع، قال مستور » (1) وقال : حدثنا عبد الله بن محمّد عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن عمرو بن شمر ، عن أبي جعفر علیه السلام قال: «ان حديثنا صعب

مستصعب اجرد ذكوان وعر شريف كريم ، فإذا سمعتم منه شيئا ولانت له قلوبكم فاحتملوه واحمدوا الله عليه وان لم تحتملوه ولم تطيقوه فردوه إلى الامام العالم من آل محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، فانما الشقى الهالك الذي يقول : والله ما كان هذا ثم قال : يا جابر

ان الانكار هو الكفر بالله العظيم(2)

وقال حدثنا احمد بن ابراهيم عن اسماعيل بن مهزیار عن عثمان بن جبلة

عن أبي الصامت ، قال أبو عبد الله علیه السلامّ: « ان حديثنا صعب مستصعب شريف كريم ذكوان ذكي وعر، لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن قلت ، : فمن يحتمله جعلت فداك ؟ قال : من شئنا يا ابا الصامت قال أبو الصامت فظننت ان لله عباداً هم افضل من هؤلاء الثلاثة ) .(3) وروى العلامة المجلسي ( ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار بالاسناد عن الصدوق (ت / 381 ه-) في حديث الأربعمائة ، قال أمير المؤمنين علیه السلام خالطوا الناس بما يعرفون ودعوهم مما ينكرون، ولا تحمّلوهم على أنفسكم وعلينا إن

ص: 482


1- بصائر الدرجات لمحمّد بن الحسن الصفار : 42 .
2- بصائر الدرجات لمحمّد بن الحسن الصفار : 42 .
3- بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار : 42 .

أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد قد امتحن الله قلبه للإيمان». (1)

وروى العلامة المجلسي في بحار الأنوار عن الصدوق في معاني الأخبار»، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبد الله ، عن اليقطيني ، عن بعض أهل المدائن ، قال : كتبت إلى أبي محمّد علیه السلام: روي لنا عن آبائكم علیهم السلام أن حديثكم صعب مستعصب لا يحتمله ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، قال : فجاءه الجواب: إنما معناه : أن الملك لا يحتمله في جوفه حتى يخرجه إلى ملك مثله، ولا يحتمله نبي حتى يخرجه إلى نبي مثله، ولا يحتمله مؤمن حتى يخرجه إلى مؤمن مثله ، إنما معناه أن لا يحتمله في قلبه من حلاوة ما هو في صدره حتى يخرجه إلى غيره (2)

وبالاسناد، عن سعد عن البرقي، عن أبيه، عن ابن سنان، عن إبراهيم بن

، أبي البلاد، عن سدير، قال: سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول أمير المؤمنين علیه السلام: إن أمرنا صعب مستصعب لا يقرّ به إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان فقال: إن من الملائكة مقربين وغير مقرّبين، ومن الأنبياء مرسلين وغير مرسلين، ومن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلم يقرّ به إلا المقربون، وعرض على الأنبياء فلم يقرّ به إلا المرسلون، وعرض على المؤمنين فلم يقربه إلا الممتحنون ، قال : ثم قال لي: مر في حديثك». (3)

وروى العلامة المجلسي (ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار عن الطبري

ص: 483


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 2 : 183 .
2- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 2 : 184 .
3- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 2 : 184 .

(ت / 553 ه-) في بشارة المصطفى، عن محمّد بن علي بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده، عن أبي الحسين بن أبي الطيب عن أحمد بن القاسم الهاشمي، عن عيسى، عن فرج بن فروة، عن مسعدة بن صدقة عن صالح بن ميثم، عن أبيه قال بينما أنا في السوق إذ أتاني أصبغ بن نباتة فقال : ويحك يا ميثم لقد سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام حديثا صعبا شديدا، فأينا نكون كذلك ؟ قلت : وما هو ؟ قال: سمعته يقول : إن حديثنا أهل البيت صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، فقمت من فورتي فأتيت عليا فقلت: يا أمير المؤمنين حديث أخبرني به الأصبغ عنك قد ضفت به ذرعا قال: وما هو ؟ فأخبرته . قال : فتبسم ، ثم قال اجلس يا ميثم أو كل علم يحتمله عالم ؟ إن الله تعالى قال لملائكته : ( إِنِّي جَاعِلُ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ (1). فهل رأيت الملائكة احتملوا العلم ؟ قال : قلت: هذه والله أعظم من ذلك .

قال: والاخرى أن موسى علیه السلام أنزل الله عز وجل عليه التوراة فظن أن لا أحد أعلم منه فأخبره الله عز وجل أن في خلقي من هو أعلم منك، وذاك إذ خاف على نبيه العجب، قال: فدعا ربه أن يرشده إلى العالم، قال: فجمع ، قال: فجمع الله بينه وبين الخضر ، فخرق السفينة فلم يحتمل ذاك موسى، وقتل الغلام فلم يحتمله . وأقام الجدار فلم يحتمله . وأما المؤمنون ، فإن نبينا صلی الله علیه و آله وسلم الأخذ يوم غدير خم بيدي فقال: اللهم من كنت مولاه فإن عليا ،مولاه فهل رأيت احتملوا ذلك إلا من عصمه الله منهم ؟ فأبشروا ثم أبشروا، فإن الله تعالى قد خصكم بما لم يخص به الملائكة والنبيين

ص: 484


1- البقرة : 30

والمرسلين فيما احتملتم من أمر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و لعلمه .(1)

وعن

وروى أبو جعفر الإسكافي ( ت / 220 ه-) في المعيار والموازنة» مانصّه : أجوبة الامام أمير المؤمنين علیه السلام عن أسئلة ابن الكواء عن آيات من القرآن الكريم أجلّة أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم . وفي ذيل الكلام بيان منزلته عند رسول الله ، ثم قوله حول اختلاف الاحاديث المروية عن رسول الله، وأن المعتمد منها هو ما اقتبسه عنه صلی الله علیه و آله وسلم وأما غيره فلا بد من التثبت فيه ، ثم قال الاسكافي مانصه : وذكروا أن ابن الكواء لما سمع عليا يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني فإن

العلم يقبض قبضاً، سلوني فإن بين الجوانح منّي علما جما. فقام إليه ابن الكواء فقال : أنا أسألك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: سل تفقها ولا تسل ،تعنتا وسل عما يعنيك ودع ما لا يعنيك. قال: يا أمير المؤمنين ما

(الدَّارِيَاتِ ذَرُواً ) (2) ؟

قال : تلك الرياح.

قال : فما (الحاملاتِ وِقْراً )(3)؟

قال: تلك السحاب.

قال: فما ( الْجَارِيَاتِ يُسْراً ) (4)؟

قال :تلك السفن.

قال : فما ( الْمُقَسَّماتِ أَمْراً ) (5)؟

قال: تلك الملائكة .

ص: 485


1- بحار الأنوار للعلامة المجلسي 2: 210 و 211
2- الذاريات : 1
3- الذاريات : 2
4- الذاريات : 3 .
5- الذاريات : 4 .

قال: فحدثني عن قول الله : ( وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ )(1)

قال: ذلك الضراح بيت في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك .

قال: فحدثني عن ذي القرنين أنبي أم ملك ؟!

قال: ليس واحد منهما ولكن كان عبدا نصح الله فنصح الله له ، وأحب الله فأحبه . قال: فأخبرني فيمن نزلت هذه الآية : (ألَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً

وَأَحَلُوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) (2) . :قال هم الافجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة، فأما بنو المغيرة فقطع الله

دابرهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين.

قال : فحدثني عن قوله : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي

الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) (3).

قال: هم أهل حروراء.

قال: يا أمير المؤمنين فحدثني عن هذه المجرة، ما هي ؟ :قال: هذه أسراج السماء ومنها هبط من السماء الماء المنهمر . :قال يا أمير المؤمنين فحدثني عن قوس قزح ؟

قال : لا تقل قوس قزح ، ولكنها قوس الله وأمان من الغرق. قال: فحدثني عن هذا المحق الّذي في القمر ما هو ؟

قال: قال الله: (فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةٌ ) (4)كان ضوء القمر

مثل ضوء الشمس فمحاه الله .

قال: فحدثني عن أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.

ص: 486


1- الطور : 4 - 5 .
2- ابراهیم : 28 .
3- الكهف : 103 - 104 .
4- الاسراء : 12 .

قال : سل عمن أحببت.

قال: عبد الله بن مسعود ؟

قال: قرأ القرآن وقام عنده

قال: فحدثني عن أبي ذر الغفاري

قال عالم شحيح على علمه.

قال فعن حذيفة بن اليمان حدثني ؟

قال: عرف المنافقين وسأل عن المعضلات، ولو سألتموه وجدتموه بها خبيرا.

قال: فحدثني عن سلمان الفارسي ؟

قال : علم علم الاول والعلم الآخر وهو بحر لا ينزح ، ويحك ومن لك بلقمان

الحكيم وهو منا أهل البيت ؟

قال: فحدثني عن عمار بن ياسر ؟

قال: خالط الايمان شعره وبشره ولحمه ودمه وعصبه وعظامه وهو محرّم على

النار ، كيف زال الحق زال معه عمار.

قال: فحدثني عن نفسك.

قال : قال الله : ( فَلَا تُزَكُوا أَنفُسَكُمْ )(1)!

قال : وقد قال : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )(2).

قال : ويحك ! كنت أول داخل على النبي وآخر خارج من عنده وكنت إذا

سألت أعطيت وإذا سكت ابتديت وكنت أدخل على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في كل يوم دخلة وفي كل ليلة دخلة، وربما كان ذلك في بيتي يأتيني رسول الله عليه الصلاة والسلام أكثر من ذلك في منزلي، فإذا دخلت عليه في بعض منازله أخلابي وأقام

ص: 487


1- النّجم : 32 .
2- الضحى : 11

نساءه فلم يبق عنده غيري، وإذا أتاني لم يقم فاطمة ولا أحداً من ولدي، فإذا سألته أجابني، وإذا سكت عنه ونفدت مسائلي ابتدأني . فما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها على وكتبتها بخطي، فدعا الله أن يفهمني ويعطيني، فما نزلت آية من كتاب الله إلا حفظتها وعلمني تأويلها وما تركت شيئا من حلال ولا حرام إلا وقد حفظته وعلمني تأويله، لم أنس منه حرفا واحدا منذ وضع

يده صلی الله علیه و آله وسلم على صدري فدعا الله أن يملأ قلبي فهما وعلما وحكما ونورا (1) . وقال الاسكافي ( ت / 220 ه-) في المعيار الموازنة - أيضاً -: وفي تحقيق ذلك : رت ما تأثرونه من روايتكم عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم أنه قال لعلى : إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك ولا أجفوك، فحقيق علي أن أعلمك وحقيق عليك أن تعي. وذكروا أن سائلا سأله عن أحاديث البدع وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر فأقبل على السائل فقال له : قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس

حقا وباطلا وصدقا وكذبا وناسخا ومنسوخا وعاما وخاصا ومحكما متشابها و حفظا ووهما ، وقد كذب على رسول الله له على عهده حتى قام خطيبا فقال : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس رجل منافق مظهر للايمان متصنع بالاسلام لا يتأثم ولا يتحرج يكذب على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا صاحب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و ورآه وسمع منه . فيأخذون عنه، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ووصفهم بما وصفهم به ، ثم بقوا بعد النبي صلی الله علیه و آله وسلم فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الاعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله . فهذا أحد الأربعة.

ص: 488


1- المعيار والموازنة : 298 - 301 .

ورجل سمع من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم شيئا لم يحفظه على وجهه فوهم فيه ولم يتعمد كذبا ، فهو في يديه يعمل به ويرويه ويقول: أنا سمعته من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم شيئا يأمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم حفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ ، فلو يعلم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه .

و آخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله ، ولم يهم بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه وحفظ الناسخ والمنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، وعرف الخاص من العام فوضع كل شي موضعه وعرف المتشابه بمحكمه ، وقد كان يكون من رسول الله الكلام له وجهان فكلام خاص وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله به ولا ما عنى به رسوله فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه وما قصد به وما خرج من أجله. وليس كل أصحاب رسول الله من كان يسأله علیه السلام ويستفهمه حتى أن كانوا ليحبّون أن الاعرابي أو الطارئ فيسأله حتى يسمعوا. وكان لا يمرّ بي من ذلك شئ إلا سألت عنه وحفظته. فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم . انتهى كلامه علیه السلام (1) وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن أبي المعتمر مسلم بن أوس وجارية بن قدامة السعدي، أنهما حضرا علي بن أبي طالب علیه السلام يخطب وهو يقول: سلوني قبل أن تفقدوني ! فاني لا أسأل عن شي دون العرش

ص: 489


1- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي : 301-304

إلا أخبرت عنه. (ابن النجار) (1)

وعن المتقي الهندي في كنز العمال عن سعيد بن المسيب ، قال : ما كان احد

من الناس يقول : سلوني، غير علي بن أبي طالب (ابن عبد البر )(2)

ص: 490


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 165، ح 2. 395 .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 : 131 ، ح 39503

[ الخطبة ( 192)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي( ت / 460 ه-) في «الأمالي»، وفيه : حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي قدس الله روحه، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن موسى بن الصلت قال حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد عن بن القاسم عن

المنبر أحمد

عباد ، عن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن شريك، عن أبيه ، قال : صعد علي علیه السلام جمعة ، فقال : أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقولها بعدي إلاكذاب، ما يوم زلت مظلوما منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين طلحة والزبير، والقاسطين معاوية وأهل الشام والمارقين وهم أهل النهروان ولو أمرني بقتال الرابعة لقاتلتهم» ((1)

وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-) في جامع المسانيد والسنن»، قال: حدثنا

عباد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سعد ، حدثنا سعيد بن عبيد ، عن علي بن ربيعة،

عن علي قال: «عهد إليّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في قتال الناكثين والقاسطين والمارقين . (2)

ص: 491


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 726 .
2- جامع المسانيد والسنن 20 : 210 ، الحديثان 704 و 705 .

وبالاسناد عن ابن كثير (ت / 774ه- ) في ( جامع المسانيد والسنن ، عن ابن

عباس ، قال : «اول من صلى مع النبي صلی الله علیه و آله وسلم، بعد خديجة، عليّ. وقال مرة: أسلم». وعن زيد بن أرقم ، قال : أول من أسلم مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم علي رضي الله

تعالى عنه » .

وعن عمرو بن ميمون ، قال : إني لجالس إلى ابن عباس، إذ أتاه تسعة رهط

:فقالوا: يا أبا عباس ! إما أن تقوم معنا وإما أن يخلونا هؤلاء. قال : فقال ابن عباس : بل أقوم معكم . قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى.

:قال فابتدؤا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا . قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول أف وتف وقعوا في رجل له عشر . وقعوا في رجل قال له النبي صلی الله علیه و آله وسلم : «لا بعثن رجلاً لا يخزيه الله أبداً، يحب الله ورسوله، قال: فاستشرف لها من استشرف . قال : ( أين علي ؟ قالوا : هو في الرحل يطحن . قال :

وما كان أحدكم ليطحن ؟» قال فجاء، وهو أرمد لا يكاد يبصر . قال فنفث في عينيه ، ثم هز الراية ثلاثاً .

فأعطاها إياه، فجاء بصفية بنت حيي . قال: ثم بعث فلاناً بسورة التوبة. فبعث علياً خلفه فأخذها منه، قال: «لا

يذهب بها إلا رجل منى وأنا منه».

:قال وقال لبني عمه: «أيكم يواليني في الدنيا والآخرة»، قال: وعلي معه جالس فأبوا. فقال علي : أنا أواليك في الدنيا والآخرة . قال : « أنت وليّي في الدنيا والآخرة قال فتركه ثم أقبل على رجل منهم فقال: «أيكم يواليني في الدنيا والآخرة»؟ فأبوا. قال فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة. فقال: «أنت وليّي في الدنيا والآخرة».

قال: وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة .

ص: 492

قال: وأخذ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم به فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين

فقال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1). قال: وشرى علي نفسه . لبس ثوب النبي صلی الله علیه و آله وسلم ثم نام مكانه :قال وكان المشركون يرمون رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فجاء أبو بكر وعلي نائم . قال وأبوبكر يحسب أنه نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم قال فقال : يا نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم قال فقال له علي إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق نحو بئر

ميمون، فأدركه. قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار.

قال : وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم، وهو يتضور. قد لف رأسه في الثوب لا يخرجه ، حتى أصبح . ثم كشف عن رأسه، فقالوا: إنك للثيم . كان صاحبك نرميه فلا يتضوّر وأنت تتضوّر. وقد استنكرنا ذلك.

قال: وخرج بالناس في غزوة تبوك، قال: فقال له علي : أخرج معك ؟ فقال له نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم: «لا» فبكى علي فقال له: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلا أنك لست بنبي، إنه لا ينبغى أن أذهب إلا وأنت خليفتي».

قال : وقال له رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «أنت ولبي في كل مؤمن بعدي. وقال: «سدوا أبواب المسجد غير باب علي فقال : فيدخل المسجد جنباً،

وهو طريقه، ليس له طريق غيره.

قال :وقال: (من كنت مولاه، فإن مولاه علي

قال :وأخبرنا الله عز وجل فى القرآن أنه قد رضى عنهم ، عن أصحاب الشجرة،

فعلم ما قلوبهم .. هل حدثنا أنه سخط عليهم بعد ؟

قال: وقال نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم ، عمر ، حين قال له ائذن لي فلأضرب عنقه، يعني: حاطب أبي بلتعة، وكان أرسل إلى المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر الرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « أو كنت فاعلاً؟ وما يدريك لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر

ص: 493


1- الاحزاب : 33.

فقال: اعلموا ما شئتم (1)

وعن اسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي، عن أبيه، عن جده، قال: كنت امرءاً ،تاجراً، فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب لا بتاع منه بعض التجارة، وكان أمراً ،تاجراً ، فوالله إني لعنده بمنى ، إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر إلى الشمس ، فلما رآها ،مالت قام يصلي . قال : ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل فقامت خلفه

تصلي ، ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام معه يصلي . قال : فقلت للعباس: من هذا؟ يا عباس ! قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي. قال: فقلت من هذه المرأة؟ قال: هذه امرأته خديجة ابنة

خويلد قال قلت فما هذا الذي يصنع ؟ قال : يصلي وهو يزعم أنه نبي، ولم

يتبعه على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الفتى. وهو يزعم أنه سيفتح عليه كنوز

كسرى وقيصر».

قال :فكان عفيف، وهو ابن عم الأشعث بن قيس، يقول - وأسلم بعد ذلك، فحسن إسلامه : لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ، فأكون ثالثاً مع علي بن أبي طالب . (2) وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-) في جامع المسانيد والسنن»، قال

ص: 494


1- رواه أحمد في مسنده [ص 330 ج 1](ميمنية) ، ووقع برقم 3062 (ط. الشيخ شاكر)، ورواه 3 الطبراني في الكبير الأوسط باختصار ورجال أحمد رجال الصحيح ، وروى الترمذي منه قطعتين من طريق آخر .
2- جامع المسانيد والسنن ج 20 ص 211 ، والحديث صحيح رواه البخاري في التاريخ الكبير عن ابن المديني ، وابن كثير في التاريخ والحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، وقال الذهبي : صحيح ، ورواه الطبري في التاريخ، وابن عبد البر في الاستيعاب ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 103:9 : « رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه، والطبراني بأسانيد ، ورجال أحمد ثقات.

تحت عنوان «مبايعته الرسول صلی الله علیه و آله وسلم: عن ربيعة بن ناجذ عن علي قال : جمع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، أو دعا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بني عبد المطلب، فيهم رهط كلهم يأكل الجذعة، ويشرب الفرق ! قال : فصنع لهم مداً من طعام فأكلوا حتى شبعوا، قال: وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس، ثم دعا بغمر، فشربوا حتى رووا، وبقي الشراب كأنه لم يمس، أو لم يشرب فقال : يا بني عبد المطلب : إني بعثت لكم خاصة وإلى الناس بعامة، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ؟ قال : فلم يقم إليه أحد، قال: فقمت إليه، وكنت أصغر القوم، قال: فقال : اجلس . قال : ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه فيقول لي : إجلس، حتى كان الثالثة ضرب بيده على يدي ) .(1)

وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-) في «جامع المسانيد والسنن » ، قال تحت عنوان « علي أول رجل صلى مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : وعن ابن عباس قال: «أول من

صلى علي ». (2)

وعن حبة ،العرني، قال: سمعت علياً يقول: «أنا أول رجل صلّى مع

رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم(3)

وقال ابن إسحاق : ثم كان أول ذكر من الناس آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصلى معه

وصدق بما جاءه من الله تعالى: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم

ص: 495


1- رواه أحمد، ورجاله ثقات والفرق بفتح الحاء والراء مكيال يسع ستة عشر رطلا عند الحجاز : (النهاية) . والغمر : بضم الغين وفتح الميم : القدح الصغير.
2- جامع المسانيد والسنن ،9:19 ، وأخرجه الترمذي 5 : 642 في 50 - كتاب المناقب - 21 باب حدثنا سفيان بن وكيع ، وقال : هذا حديث غريب من هذا الوجه. وقد روى عن أبي رافع ، قال : صلى النبي يوم الاثنين وصلت خديجة يوم الاثنين من آخر النهار ، وصلى علي يوم الثلاثاء ؛ فمكث علي يصلي مستخفياً سبع سنين وأشهراً قبل أن يصلي أحد . رواه الطبراني.
3- أخرجه أحمد 1: 141 (ط / الميمنية) ، والحديث 1191 (ط / الشيخ شاكر)، وإسناده صحيح.

رضوان الله وسلام وسلامه عليه، وهو يومئذ ابن عشر سنين. وكان مما أنعم الله به على علي بن أبي طالب علیه السلام، أنه كان في حجر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلمقبل الإسلام . قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد، عن جبر أبي الحجاج، قال: كان من نعمة الله على علي بن أبي طالب، ومما صنع الله له ، وأراده به من الخير أن قريشاً أصابتهم أزمة شديدة. وكان أبو طالب ذا عيال كثير . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه ، وكان من أيسر بني هاشم : « يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة. فانطلق بنا إليه فلنخفف عنه من عياله. آخذ من بنيه رجلاً، وتأخذ أنت رجلاً ، فنكفهما عنه فقال العباس : نعم . فانطلقا حتى أتيا أبا طالب، فقالا له : إنا نريد أن نخفّف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبو طالب : إذا تركتما لي عقيلاً فاصنعا ما شئتما. فأخذ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم علياً فضمه إليه . وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه . فلم يزل علي مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلمله حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبياً. فاتبعه علي وآمن به وصدقه ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه .

وقال ابن إسحاق : وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة، خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفياً من أبيه أبي أعمامه وسائر ،قومه، فيصليان الصلوات فيها . فإذا أمسيا رجعا .

طالب، ومن جميع

فمكثا كذلك ما شاء الله : يا بن أخي ! ما هذا الدين الذي أراك تدين به؟ قال : أي عم ! هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم - أو كما قال صلى الله عليه وسلم بعثني الله به رسولاً إلى العباد وأنت ، أي عم أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى وأحق من أجانبي إليه وأعانني عليه أو كما قال فقال أبو طالب أي ابن أخي ! إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي وما كانوا عليه . ولكن والله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما بقيت

ص: 496

وذكروا أنه قال لعلي أي بني! ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال: يا أبت! آمنت بالله وبرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وصدقته بما جاء به، وصليت معه الله واتبعته، فزعموا أنه

قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير، فالزمه .(1)

ص: 497


1- جامع المسانيد والسنن : 19 : 9 - 11 ، ط / 1415ه-، وراجع: السيرة لابن هشام 1 262 - 364 . 9:19

[ الخطبة ( 193)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) في التخريج : « قوله علیه السلام: أما بعد، فان الله سبحانه خلق الخلق ... الخ ، قال الشارح العلامة من هاهنا اختلفت نسخ النهج، فكثير منها تكون هذه الخطبة فيها أول الجلد الثاني منه، بعد الخطبة المسماة بالقاصعة، ويكون عقيب كلامه للبرج بن مسهر :قوله ومن خطبة له علیه السلام: الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ... الخ، وكثير من النسخ تكون هذه الخطبة فيها متصلة بكلامه للبرج - الى أن قال : وعليه [أي على كون خطبة همام له بعد كلامه للبرج ] جماعة من الشارحين ، كالامام قطب الدين أبي الحسن الكيدري والفاضل عبد الحميد، ووافقتهم في هذا الترتيب لغلبة الظن باعتمادهم على النسخ الصحيحة». انتهى . ونحن نوافقهم على هذا الترتيب أيضاً، وهذا الاختلاف غير قادح في الاعتماد على الكتاب والظاهر أنه وقع من بعض الناسخين في تقديم بعض اجزاء الكتاب على البعض الآخر. وهذه الخطبة رواها كثير من أهل العلم بروايات مختلفة فقد رواها في كتاب تحف العقول في «ص 37 »طبع ایران ولم يذكر قصة همام وذكرها الكراجكي في (ص-31) بأبسط مما ذكر هنا مع اختلاف في بعض الفقرات، وقد ذكرها ابن حجر في الصواعق بأخصر مما هنا، وذكر قصة

ص: 498

همام وانه ابن عباد بن خيثم ، وفي الشرح : انه شريح بن يزيد، وروى الكليني في أصول الكافي كلاماً لامير المؤمنين في صفة المؤمن، وقد طلب منه همام أن يصفه ،له، وهو غير ما روي هنا لانه في صفة المتقين. وتلك رواية أخرى في صفة المؤمن ».(1)

قال العرشي في التخريج مانصه : رواها الشيخ الصدوق في الامالى

(المجلس 84)(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في« الكافي»، عن محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن إسماعيل، عن عبد الله بن داهر ، عن الحسن بن يحيى، عن قثم أبي قتادة الحراني ، عن عبد الله بن يونس، عن أبي عبد الله علیه السلام، قال : قام رجل يقال له : همام - وكان عابدا ناسكا ،

مجتهدا - إلى أمير المؤمنين علیه السلام وهو يخطب ، فقال : يا أمير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه ؟

فقال : يا همام المؤمن هو الكيس الفطن بشره في وجهه وحزنه في قلبه أوسع شئ صدرا، وأذل شئ نفسا زاجر عن كل فان حاض على كل حسن، لا حقود ولا حسود ولا ،وثاب ولاسباب ولا عياب ولا مغتاب يكره الرفعة ويشنأ ،السمعة طويل الغم، بعيد الهم كثير الصمت، وقور، ذكور، صبور، ،شکور، مغموم بفكره مسرور بفقره، سهل الخليقة لين العريكة، رصين الوفاء قليل الأذى، لا متأفك ولا متهتك . إن ضحك لم يخرق ، وإن غضب لم ينزق ضحكه تبسم، واستفهامه تعلّم، ومراجعته تفهم كثير علمه، عظيم حلمه، كثير الرحمة لا يبخل، ولا يعجل ، ولا يضجر، ولا يبطر ، ولا يحيف في حكمه،

ص: 499


1- مدراك نهج البلاغة : 94
2- راجع استناد نهج البلاغة

ولا يجور في علمه نفسه أصلب من الصلد ومكادحته أحلى من الشهد

، لا جشع ولا هلع ولا عنف ولا صلف ولا متكلّف ولا متعمق جميل المنازعة كريم المراجعة. عدل إن غضب رفيق إن طلب، لا يتهور ولا يتهتك ولا يتجبر خالص الود، وثيق العهد، وفي العقد شفيق، وصول، حليم ،خمول قليل الفضول راض عن الله عز وجل مخالف لهواه، لا يغلظ على من دونه ولا يخوض فيما لا يعنيه ناصر ،للدين محام عن المؤمنين كهف للمسلمين، لا يخرق الثناء سمعه ، ولا ينكي الطمع قلبه، ولا يصرف اللعب حكمه، ولا يطلع الجاهل علمه ،قوال، عمّال ، عالم، حازم ، لا بفحاش ولا بطياش وصول في غير عنف، بذول في غير سرف، لا بختال ولا بغار، ولا يقتفي أثرا، ولا يحيف ،بشرا، رفيق بالخلق، ساع في الأرض، عون للضعيف ، غوث للملهوف، لا يهتك سترا ولا يكشف سرا ، كثير البلوى قليل الشكوى، إن رأى خيراً ذكره، وإن عاين ه، يستر العيب، ويحفظ الغيب، ويقيل العثرة ويغفر الزلّة، لا يطلع على

نصح فيذره، ولا يدع جنح حيف فيصلحه، أمين، رصين، تقيّ، نقي، زكي رضي، يقبل العذر، ويجمل الذكر، ويحسن بالناس الظن، ويتهم على الغيب نفسه، يحب في الله بفقه وعلم، ويقطع في الله بحزم وعزم ، لا يخرق به فرح ولا يطيش به مرح مذکر للعالم ، معلم للجاهل ، لا يتوقع له بائقة ، ولا يخاف له غائلة ، كل سعي أخلص أخلص عنده من سعيه، وكل نفس أصلح عنده من نفسه، عالم بعيبه

، شاغل بغمه لا يثق بغير ربه غريب وحيد جريد حزين ، يحبّ في الله ، ويجاهد في الله ليتبع رضاه، ولا ينتقم لنفسه بنفسه، ولا يوالي في سخط ربه مجالس لاهل الفقر، مصادق لاهل الصدق، مؤازر لاهل الحق عون للقريب أب لليتيم بعل للارملة، حفيّ بأهل المسكنة، مرجو لكل كريهة، مأمول لكل شدة هشاش بشاش، لا بعباس ولا بجساس ، صلیب ، كظام، بسام ، دقيق النظر ، عظيم الحذر، لا يجهل وإن جهل عليه يحلم لا يبخل وإن بخل عليه صبر، عقل فاستحيى

شراً ستره، ستره،

ص: 500

وقنع فاستغنى حياؤه يعلو ،شهوته، ووده يعلو ،حسده وعفوه يعلو حقده، لا ينطق بغير صواب، ولا يلبس إلا الاقتصاد، مشيه التواضع، خاضع لربه بطاعته راض عنه في كل حالاته، نيّته خالصة، أعماله ليس فيها غش ولا خديعة، نظره عبرة، سكوته فكرة، وكلامه حكمة مناصحا متباذلا متواخيا ناصح في السر والعلانية، لا يهجر أخاه، ولا يغتابه، ولا يمكر به، ولا يأسف على ما فاته، ولا يحزن على ما أصابه، ولا يرجو ما لا يجوز له الرجاء، ولا يفشل في الشدة، ولا يبطر في الرخاء، يمزج الحلم بالعلم والعقل بالصبر، تراه بعيدا ،کسله دائما ،نشاطه قريبا ،مله قليلا ،زلله ، متوقعا لأجله خاشعا قلبه ، ذاكرا ربه، قانعة نفسه، منفيا جهله سهلا ،مره، حزينا لذنبه ، ميتة شهوته كظوما غيظه صافيا ،خلقه، آمنا

منه جاره ، ضعيفا كبره ، قانعا بالذي قدّر له، متينا صبره، محكما أمره ، كثيرا ذكره، يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ويتجر ليغنم، لا ينصت للخبر ليفجر به، ولا يتكلم ليتجبر به على من سواه، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته فأراح الناس من نفسه، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله الذي ينتصر له بعده ممن تباعد منه بغض ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة ، ليس تباعده تكبرا ولا عظمة ، ولا دنّوه خديعة ولا خلابة ، بل يقتدي يمن كان قبله من أهل الخير ، فهو إمام لمن بعده من أهل البر. :قال فصاح همام صيحة ، ثم وقع مغشيا عليه، فقال أمير المؤمنين علیه السلام: أما والله

:لقد كنت أخافها عليه وقال : هكذا تصنع الموعظة البالغة بأهلها .

فقال له قائل : فما بالك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: إن لكلّ أجلاً لا يعدوه، وسببا لا يجاوزه، فمهلا لا تعد؛ فإنما نفث على

لسانك شيطان» (1)

ص: 501


1- الكافي للشيخ الكليني 2: 226 - 231 .

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في صفات الشيعة»، قال: حدثني محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضی الله عنه، قال : حدثني محمّد بن الحسن الصفار، قال حدثنا علي بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمان بن كثير الهاشمي، عن جعفر بن محمّد عن ابيه ، قال : قام من أصحاب أمير المؤمنين يقال له : همام - وكان عابدا - فقال له : يا أمير المؤمنين صف لي المتقين حتى كأني انظر إليهم.

فتثاقل امير المؤمنين علیه السلام في جوابه ثم قال علیه السلام: ويحك يا همام

اتق واحسن فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. فقال :همام يا أمير المؤمنين أسألك بالذى اكرمك بما خصك به وحباك

وفضلك بما أتاك وأعطاك لما وصفتهم لي.

فقام أمير المؤمنين قائما على قدميه فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي وآله وسلم ثم قال اما بعد فان الله عز وجل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم ، آمنا من معصيتهم؛ لأنه لا تضره معصية من عصاه منهم ، ولا تنفعه طاعة من اطاعه منهم ، وقسم بينهم معايشهم، ووضعهم من الدنيا مواضعهم وانما اهبط الله آدم وحواء عليهما السلام من الجنة عقوبة لما صنعا حيث نهاهما فخالفاه وأمرهما ،فعصياه، فالمتقون فيها أهل الفضائل ، منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، خضعوا لله بالطاعة فبهتوا غاضين ابصارهم عما حرم الله عليهم واقفين اسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت انفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت بهم في الرخاء؛ رضاً منهم عن الله بالقضاء، ولولا الآجال التي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا الى الثواب وخوفا من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم، وصغر ما دونه في اعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها فهم منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون

ص: 502

قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحوائجهم خفيفة وانفسهم عفيفة، ومؤنتهم من الدنيا عظيمة صبروا أياما قليلة قصارا أعقبتهم راحة طويلة بتجارة مربحة يسرها لهم رب كريم، ارادتهم الدنيا ولم يريدوها وطلبتهم فاعجزوها.

أما الليل، فصافون أقدامهم، تالين لاجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا، يحزنون به أنفسهم ويستبشرون به وتهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم، ووجع كلوم جوانحهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها بمسامع قلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم، ووجلت منها قلوبهم، وظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في اصول ،آذانهم، وإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ، وتطلعت أنفسهم إليها شوقا فظنوا أنها نصب أعينهم ، جائين على أوساطهم يمجدون جبارا عظيما، مفترشين جباههم وأكفهم وأطراف أقدامهم وركبهم، تجري دموعهم على خدودهم يجأرون الى الله في فكاك رقابهم. واما النهار، فحلماء علماء بررة أتقياء، قد براهم الخوف [بري القداح - خ ل] فهم أمثال القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وبالقوم من مرض ، أو يقول : قد خولطوا، فقد خالط القوم أمر عظيم، إذا فكروا في عظمة الله وشدة سلطانه مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة فزع ذلك قلوبهم، وجاشت حلومهم وذهلت قلوبهم عقولهم - خ ل] وإذا استفاقوا بادروا الى الله بالأعمال الزكية لا يرضون الله أعمالهم بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل، فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون ، ان زكي أحدهم خاف مما يقولون وقال: انا أعلم بنفسي من غيرى وربي أعلم بنفسي منّي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرا مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، فانك علام الغيوب، وستار العيوب.

ومن خل- علامة أحدهم: انك ترى له قوة في دين وحزما في لين وايمانا في

ص: 503

يقين وحرصا على العلم وكيسا في رفق وشفقة في نفقة، وقصدا في غناء خشوعا في عبادة، وتحمّلا في فاقة، وصبرا في شدة ، ورحمة للمجهود ، واعطاء في حق، ورفقا في كسب، وطلبا للحلال ونشاطا في الهدى، وتحرّجا عن الطمع، وبرّاً في استقامة، وإغماضا عند شهوة، لا يغره ثناء من جهله، ولا يدع احصاء ما قد عمله، مستنبطياً لنفسه في العمل، يعمل الأعمال الصالحة وهو على

وجل يمسي وهمّه الشكر، و يصبح وشغله الذكر، يبيت حذرا ويصبح فرحا حذرا لما حذر من الغفلة وفرحا لما اصاب من الفضل والرحمة، ان استصعب

عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما إليه مضرته ، ففرحه فيما يخلد ويطول، وقرة عينه فيما لا يزول ورغبته فيما يبقى وزهادته فيما يفنى، يمزج الحلم بالعلم، ويمزج العلم بالعقل تراه بعيدا ،کسله دائما نشاطه قريبا ،أمله قليلا زلله ، متوقعا ،أجله، خاشعا قلبه، ذاكرا ،ربه، خائفا ذنبه، قانعة نفسه، متغيبا جهله، سهلا ،أمره حريزا دينه ميتة شهوتة كاظما غيظه ، صافيا ،خلقه، آمنا منه جاره

ضعيفا كبره ميتا ،ضره كثيرا ذكره، محكما أمره، يحدث بما يؤتمن عليه ،الاصدقاء، ولا يكتم شهادته للاعداء ، ولا يعمل شيئا من الحق رياء ولا يتركه حياء، الخير منه مأمول، والشرّ منه مأمون ، ان كان في الغافلين كتب من الذاكرين ، وان كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين، يعفو عمن ظلمه، ويعطى من حرمه، ويصل من قطعه، لا يعزب حلمه، ولا يعجل فيما يريبه، ويصفح عما قد تبين له ، بعيداً [بعد - خ ل] جهله لينا ،قوله غائبا مكره منكره - خ ل]، قريبا معروفه ، صادقا ،قوله حسنا فعله مقبلا خيره، مدبرا ،شره، فهو في الهزاهز ،وقور وفي المكاره صبور ، وفي الرخاء شكور ، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم على من لا يحب، ولا يدعي ما ليس له، ولا يجحد حقا هو عليه، يعترف بالحق أن يشهد عليه، ولا يضيع ما استحفظ ، لا ينسى ما ذكره ، ولا ينابز بالألقاب، ولا يبغي على

ص: 504

أحد، ولايهم بالحسد، ولا يضر بالجار، ولا يشمت بالمصائب، سريع الى الصلوات، مؤدّ للأمانات بطي عن المنكرات، يأمر بالمعروف وينهى المنكر لا يدخل في الامور بجهل، ولا يخرج من الحق بعجز ، ان صمت لم يغمه صمته، وان نطق لم يقل خطأ، وأن ضحك لم يعد صوته سمعه ، قانعا بالذي قدر له، ولا يجمع به الغيظ ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشح لا يطمع فيما ليس له يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم ، ينصت ليعجب به، ولا يتكلم ليفخر على من سواه ، ان بغي عليه صبر، حتى يكون الله هو الذي ينتقم له نفسه منه في عناء والناس منه في راحة اتعب نفسه لآخرته وأراح الناس من شره، بعد من تباعد عنه بغض ونزاهة ودنو من دنا منه لين ،ورحمة ، فليس تباعده بكبر ولا عظمة، ولا دنوّه بخديعة وخلابة ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير، وهو امام لمن خلفه من أهل البر.

قال : فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها، فقال امير المؤمنين رضی الله عنه: اما والله لقد كنت اخافها عليه، وأمر به فجهز وصلى عليه، وقال: هكذا تصنع المواعظ

البالغة باهلها .

فقال قائل : فما بالك انت يا أمير المؤمنين ؟ قال : ويلك ان لكل أجلا لن يعدوه وسببا لا يجاوزه، فمهلا لا تعد فانما

نفث لسانك الشيطان . (1)

ومن الموافقات ما ارويه بالاسناد عن سبط ابن الجوزي (ت / 654 ه- ) قال : وفي رواية مجاهد عن ابن عباس قال: سمعت أمير المؤمنين رضی الله عنهيقول: «أما بعد ، فان الله خلق الخلائق حين خلقهم وهو غني عن طاعتهم، لا يتضرر بمعصيتهم ؛ لأنه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه واتقاه. فالمتقون في هذه

ص: 505


1- صفات الشيعة ؛ للشيخ الصدوق : 18 - 25 .

الدار هم أهل الفضائل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد وعيشهم التواضع غضوا أبصارهم عن المحارم، ووقفوا اسماعهم على العلم النافع ، ولولا الرجاء لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين؛ شوقاً الى جزيل الثواب وخوفاً من وبيل العقاب، وعظم الخالق في أنفسهم فصغر مادونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها منعمون ؛ وفي النار كمن رأها معذبون، قلوبهم محزونة

وشرورهم مأمونة ، أجسادهم نحيفة وحاجاتهم خفيفة، صبروا أياماً قصيرة

فأعقبهم راحة طويلة.

اما الليل، فصافوا اقدامهم تالين أعز الكلام واحسن النظام، يحبّرونه تحبيراً ويرتلونه ترتيلا فاذا مروا بآية فيها ذكر تشويق ركنوا اليها طمعاً، وتطلعت نفوسهم شوقاً وهلعاً ، واذا مروا بآية فيها تخويف اصغوا اليها بمسامع قلوبهم ومثلوا زفير جهنم في آذانهم، فهم مفترشون جباهم وركبهم وأطراف أقدامهم يجأرون الى الله في فكاك رقابهم.

وأما النهار، فعلماء حلماء بررة أتقياء قد براهم الخوف بري القداح ، ينظر اليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض، ويقول : قد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم لا يرضون باعمالهم بالقليل ، ولا يستكثرون الكثير فهم لانفسهم يمهدون مهتمون - خ ل] ومن أعمالهم مشفقون ، اذا زكي أحدهم خاف أشد الخوف، يقول: أنا أعلم بنفسي من غيري اللهم فلا تواخذني بما يقولون واجعلني أفضل مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون، ومن علامة أحدهم انك ترى له قوة في دين وورعاً في يقين، وحزماً في علم، وعزماً في حكم، وقصداً في غناء، وخشوعاً في عبادة، وتحملا في فاقة، وصبراً في شدة وطلباً للحلال وتحرجاً عن الطمع، يعمل الأعمال الصالحة على وجل ، ويجتهد في إصلاح ذات وهمته الشكر، ويصبح وشغله الفكر ، الخير منه مأمول، والشر منه

،البين، يمس-

ص: 506

مأمون، يعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، وفي الزلازل صبور ، وفي المكارم ،وقور، وفي الرضا شكور لا ينابز بالالقاب ولا يعرف ،العاب، ولا يؤذي الجار، ولا يكترث بالمصائب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرج من الحق، ان بغي عليه صبر ؛ ليكون الله سبحانه هو المنتقم له نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، ويزهد في الدنيا شوقاً إلى مولاه» (1) قال :علي بن محمّد الماوردي الشافعي ( ت / 450 ه-) في الباب الرابع عشر من (ت

كتابه «اعلام النبوّة»، تحت عنوان ( في ظهور معجزه صلی الله علیه و آله وسلم له من الشجر والجماد مانصّه : ( ولئن كانت المعارف من الجمادات أبعد والكلام منها أغرب، فليس بمستبعد ولا مستغرب أن يحدث الله تعالى فيها من الآيات الخارجة عن العادة ما يحج الله تعالى به من استبصر ويمد به من استنصر . فمن آيته صلی الله علیه و آله وسلم: ما حكاه أهل النقل عن علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه،

أنه خطب على الناس خطبته المعروفة بالقاصعة، فقال فيها:

الحمد لله الذي هو العالم بمضمرات القلوب ومحجوبات الغيوب، أيها الناس اتقوا الله ولا تكونوا لنعمه عليكم أضداداً ، ولا لفضله عندكم حساداً ، ولا تطيعوا أساس الفسوق وأحلاس العقوق، فإن الله تعالى مختبر عباده المستكبرين في أنفسهم بأوليائه المستضعفين في أعينهم، ألا ترون أنه اختبر الأولين من لدن آدم إلى الآخرين من هذا العالم بأنواع الشدائد وتعبدهم بألوان المجاهد ليجعل ذلك أبواباً فتحاً إلى فضله، وأسباباً دللاً لعفوه، فاحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الافعال وذميم الأعمال، أن تكونوا أمثالهم ، فلقد كانوا على أحوال مضطربة، وأيد مختلفة، وجماعة متفرقة في بلاء أزل، واطباق جهل من بنات ،موؤدة وأصنام معبودة، وأرحام مقطوعة، وغارات مشنونة، فانظروا إلى مواقع

ص: 507


1- تذكرة الخواص : 131 ، ط / 1401ه-.

نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولاً كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها، وأسلت لهم جداول نعيمها، فهم حكام على العالمين، وملوك في أطراف الأرضين يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم، ويمضون الأحكام على من كان يمضيها فيهم، ولقد كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أتاه الملأ من قريش فقالوا: يا محمّد! إنك قد ادعيت عظيماً لم يدعه أباؤك ولا أحد من أهل بيتك ونحن نسألك أمراً إن أجبتنا إليه وأريتناه علمنا أنك نبي ورسول وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب ، قال لهم: «وما تسألون » ؟ قالوا : تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك، فقال صلی الله علیه و آله وسلم: ( إن الله على كل شيء قدير، فإن فعل الله ذلك لكم أتؤمنون وتشهدون بالحق ؟».

قالوا : نعم . قال: «فإني سأريكم ما تطلبون وإني لأعلم أنكم لا تفيؤون إلى خير وأن منكم

ما من يطرح في القليب ومن يحزب الأحزاب).

ثم قال: « أيَّتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين أني

رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله تعالى.

قال علي رضي الله تعالى عنه : فوالذي بعثه بالحق ، لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوي شديد وقصف كقصيف أجنحة الطير، حتى وقفت بين يدي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له لمرفرفة وألقت بعضها الأعلى عليه وببعض أغصانها على منكبي

وكنت عن يمينه

فلما نظر القوم إلى ذلك، قالوا علواً واستكباراً : فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل نصفها كأعجب إقبال وأشدّهِ دوياً، فكادت تلتف

برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.

فقالوا كفراً وعتواً : فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان، فأمره فرجع

ص: 508

فقلت أنا : لا إله إلا الله، فأنا أول مؤمن بك يا رسول الله ، وأول من أقر بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقاً لنبوتك وإجلالاً لكلمتك فقال: القوم كلهم بل ساحرّ كذّاب عجيب السحر خفيف فيه، وهل يصدقك

في أمرك هذا إلا مثل هذا ؟ - يعنونني .. وهذا حكاه خطيباً على الإشهاد وقل أن يخلو

جمع

مثله ممن يعرف حق

ذلك من باطله، فكانوا بالموافقة مجمعين على صحته، ولولاه لظهر الرد وإن ندر وهذا من أبلغ آية وأظهر إعجاز له (1)

وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-) قال: حدیث: «كنت مع النبي صلی الله علیه و آله وسلم، بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها ، فما استقبله جبل ولا شجر هو يقول : السلام عليك يا رسول الله .

رواه الترمذي في المناقب، عن عباد بن يعقوب الكوفي الوليد بن أبي ثور

عن السدي عنه به وقال غريب وقد رواه واحد عن الوليد، وقالوا عباد

ابن یزید . (2)

ص: 509


1- اعلام النبوة : 191 - 192، ط /1407.
2- جامع المسانيد والسنن :19 288 - 289 ، ط / 1415ه-.

[ الخطبة ( 197)]

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « رواه الشيخ المفيد في الأمالي [بحار الانوار

ج 17 ص 105] باختلاف يسير» (انتهى) (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما ارويه بالاسناد عن المنقري (ت / 212 ه-) من قوله علیه السلام: أني لم أرد ... الى قوله علیه السلام: ( والملائكة أعواني ) ،

فراجع. وبالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري ( ت / 212 ه-) في وقعة صفين» مانصّه : عمر بن سعد عن أبي يحيى، عن محمّد بن طلحة، عن أبي سنان الأسلمى ، قال : لما أخبر على بخطبة معاوية وعمرو، وتحريضهما الناس عليه أمر الناس فجمعوا قال: وكأني أنظر إلى عليّ متوكنا على قوسه وقد جمع أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عنده ، فهم يلونه . وكأنه أحب أن يعلم الناس أن أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم متوافرون عليه ، فحمد الله ، ثم قال : أيها الناس ، اسمعوا مقالتي، وعوا كلامي، فإن

وعواكلام

الخيلاء من التجبّر، وإن النخوة من التكبّر، وإن الشيطان عدوّ حاضر، يعدكم الباطل . ألا إن المسلم أخو المسلم، فلا تنابذوا ولا تخاذلوا، فإن شرائع الدين

ص: 510


1- راجع : استناد نهج البلاغة

واحدة، وسبله قاصدة، من أخذ بها لحق، ومن تركها مرق، ومن فارقها محق. ليس المسلم بالخائن إذا اؤتمن ولا بالمخلف إذا وعد، ولا بالكذاب إذا نطق. نحن أهل بيت الرحمة وقولنا الصدق، ومن فعالنا القصد، ومنّا خاتم النبيين وفينا قادة الإسلام ومنا قرّاء الكتاب، ندعوكم إلى الله وإلى رسوله ، وإلى جهاد عدوّه، والشدة في أمره وابتغاء ،رضوانه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج

، البيت وصيام شهر رمضان، وتوفير الفئ لأهله ألا وإن من أعجب العجائب أن معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص السهمي ، أصبحا يحرضان الناس على طلب الدين بزعمهما . وقد علمتم أني لم أخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، ولم أعصه في أمر قط. أقيه بنفسي في المواطن التي ينكص فيها الأبطال، وترعد فيها الفرائص ، نجدة أكرمني الله بها ، فله الحمد ، ولقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن رأسه لفي حجري، ولقد وليت غسله بيدي وحدي، تقلبه الملائكة المقربون معي . وأيم الله ما اختلفت أمة قط بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها، إلا ما شاء الله » . (1)

ص: 511


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 223 - 224 .

[ الخطبة (198)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي ت / 975 ه-) في كنز العمال: أيضا، عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي بن أبي طالب، قالوا : لا حكم إلا لله ، قال علي: كلمة حق أريد بها باطل ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إني لاعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - من أبغض خلق الله إليه ، منهم أسود إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي فلما قتلهم علي بن أبي طالب ، قال : انظروا! فنظروا فلم يجدوا شيئا، فقال: ارجعوا ! فو الله ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلاثا، ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه». (ابن وهب، وابن جرير وأبو عوانة ، حب وابن أبي عاصم ، ق .(1)

ص: 512


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 295 ، ح 31556

[ الكلام ( 199) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النصّ فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

(ت / 328ه-) في «الكافي»، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن عقيل الخزاعي أن أمير المؤمنين علیه السلام كان إذا حضر الحرب يوصي للمسلمين بكلمات فيقول:

تعاهدوا الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فإنها كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ) (1) وقد علم ذلك الكفار حين سئلوا ما سلككم في سقر ؟ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (2). وقد عرف حقها من طرقها (3) وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع ولا قرة عين من مال ولا ولد يقول الله عز وجل:

ص: 513


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَاماً وَقَعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا أطْمَأْنَتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) (النساء : 103) .
2- اشارة إلى قول الله عز وجل في سورة المدثر الآيات 42 إلى 46: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ اليَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَفَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ وَلَمْ نَك نَطْعِمُ المِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ
3- أي أتى بها ليلا من الطروق بمعنى الاتيان بالليل. أي واظب عليها في الليالي . وقيل : جعلها دأبه وصنعه مرآت العقول

رِجَالُ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةُ وَلَا بَيْعُ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ (1) وكان رسول الله منصبا لنفسه (2) بعد البشرى له بالجنة من ربه، فقال عز وجل: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ

F

وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) (3)... الآية، فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه. ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام على أهل الإسلام ومن لم يعطها طيب النفس بها يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها فإنه جاهل بالسنة، مغبون الأجر ضال العمر، طويل الندم بترك أمر الله عز وجل والرغبة عما عليه صالحوا عباد الله، يقول الله عز وجل : ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى (4)من الأمانة فقد خسر من ليس من أهلها ) وصل عمله عرضت على السماوات المبنية والأرض المهاد والجبال المنصوبة، فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم لو امتنعن من طول أو عرض أو عظم أو قوة أو عزة امتنعن ولكن أشفقن من العقوبة (5) . ثم إن الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام، وهو قوام الدين والأجر فيه

عظيم، مع العزة والمنعة وهو الكره فيه الحسنات والبشرى بالجنة بعد الشهادة وبالرزق غدا عند الرب والكرامة، يقول الله عز وجل : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا

﴿وَ

ص: 514


1- ) النُّور : 37 .
2- أي متبعا ، من النصب، وهو التعب
3- وتمام الآية : لا تسألُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ( طه : 132).
4- النساء : 115 . ونوله ما تولى أي نقربه ما تولى من الضلال ونخلى بينه وبين ما اختاره وقوله : من الأمانة » هكذا في النسخ والصواب : « ثم الأمانة ، كما يظهر من النهج ، فأن فيه : « ثم أداء الامانة فقد خاب من ليس من أهلها أنها عرضت على السماوات المبنية والارضين المدحوة والجبال ذات الطول المنصوبة .. الخ . ولعل قوله : « من الامانة راجع إلى قوله : « والرغبة عما عليه صالحوا عباد الله ، فهو اصوب
5- في النهج : « ولا اعظم منها ولو امتنع شئ منها بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن ، ولكن ...الخ . واشفقن من العقوبة، أي خفن ، والاشفاق الخوف .

في سَبِيلِ الله ) (1)... الآية .

ثم إن الرعب والخوف من جهاد المستحق للجهاد والمتوازرين على الضلال ضلال في الدين وسلب للدنيا مع الذل والصغار، وفيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال، يقول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْقاً فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ ) (2).

فحافظوا على أمر الله عز وجل في هذه المواطن التي الصبر عليها كرم وسعادة ونجاة في الدنيا والآخرة من فظيع الهول والمخافة، فإن الله عز وجل لا يعبؤ بما العباد مقترفون ليلهم ونهارهم لطف به علما وكل ذلك فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ ينسى (3) ، فاصبروا وصابروا واسألوا النصر ووطنوا أنفسكم على القتال واتقوا الله عز وجل، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون» (4)

وبالاسناد

عن احمد بن حنبل في مسنده» ، وفيه: حدثنا عبد الله حدثني أبي وأبو خيثمة قالا : ثنا يعقوب، قال: أبي في حديثه، قال: أخبرنا ابن أخي ابن شهاب وقال أبو خيثمة حدثني ، عن عمه، قال اخبرني صالح بن عبد الله بن أبي فروة: ان عامر بن سعد بن أبي وقاص اخبره انه سمع أبان بن عثمان يقول : قال عثمان : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أرأيت لو كان بقناء أحدكم نهر يجري يغتسل منه كل يوم خمس مرات، ما كان يبقى من درنه؟ قالوا: لا شي ، قال : «ان الصلوات تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن» . (5)

ص: 515


1- وتمام الآية: ﴿وَلَا تَحْسَيَنُ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (آل عمران: 169 ).
2- الأنفال : 15 .
3- اقتباس من قوله تعالى : ( قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى ) (طه: 52).
4- الكافي 5 : 35 - 38 .
5- مسند احمد بن حنبل 1: 71

وبالاسناد ، عن البخاري في صحيحه»، قال في باب الصلوات الخمس

كفارة: حدثنا ابراهيم بن حمزة قال حدثني ابن أبي حازم والدراوردي عن يزيد عن محمّد بن ابراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، انه سمع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول : «أرأيتم لو ان نهرا بباب احدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا ما تقول ذلك يبقى من درنه، قالوا: لا يبقى من درنه شيئاً ، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله به الخطايا » . (1)

بالاسناد عن مالك مالك في «الموطأ » ، وفيه : وحدثني عن مالك، أنه بلغه عن عامر بن

سعد بن أبي وقاص، عن أبيه ، أنه قال : كان رجلان أخوان فهلك أحدهما قبل صاحبه بأربعين ليلة . فذكرت فضيلة الأول عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ألم يكن الآخر مسلماً؟

قالوا :بلى يارسول الله، وكان لا بأس به.

فقال

رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: « وما يدريكم ما بلغت به صلاته ؟ إنما مثل الصلاة كمثل

نهر غمر ،عذب بباب أحدكم. يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فما ترون ذلك

يبقى من درنه ؟ فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته».

وقال: ورد معنى الشطر الاخير عن أبي هريرة مرفوعا . أخرجه البخاري في کتاب مواقيت الصلاة، باب الصلوات الخمس كفارة. ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة . (2)

وبالاسناد عن الدارمي في سننه»، قال في باب في فضل الصلوات : اخبرنا يعلى بن عبيد ، ثنا الاعمش، عن أبي سفيان ، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل الصلوات المكتوبات كمثل نهر جار عذب على باب احدكم يغتسل منه كل

يوم خمس مرات .

ص: 516


1- صحيح البخاري 134:1 .
2- كتاب الموطأ 1 :174 .

اخبرنا عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني يزيد بن عبد الله ، عن محمّد بن ،ابراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ارايتم لو ان نهر باب احدكم يغتسل كل يوم خمس مرات، ماذا تقولون ذلك مبقيا من درنه؟ قالوا: لا بقى من درنه قال : كذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو حو الله

بهن الخطايا.

قال عبد الله : حديث أبي .(1)

ريرة عندي !

وبالاسناد عن مسلم في صحيحه»، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث. ح، وقال قتيبة : حدثنا بكر يعني ابن مضر كلاهما ، عن ابن الهاد عن محمّد بن ،ابراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله ، قال :

وفي حديث بكر: انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أرأيتم لو ان نهرا بباب احدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شي ؟ قالوا : لا يبقى من درنه شي ، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا». وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابو كريب قالا حدثنا أبو معاوية عن الاعمش، أبي سفيان، عن جابر وهو ابن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب احدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات قال قال :الحسن وما يبقى ذلك من الدرن» . (2)

بالاسناد عن ابن ماجة ، محمّد بن يزيد القزويني في «السنن ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي زياد ، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني ابن أخي ابن شهاب، عن عمه، حدثني صالح بن عبد الله بن أبي فروة، أن عامر بن سعد أخبره، قال: سمعت أبان بن عثمان يقول : قال عثمان : سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول: «أرأيت

ص: 517


1- سنن الدارمي 1 :267 .
2- صحیح مسلم 2 : 131 .

لو كان بفناء أحدكم نهر يجري يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، ما كان يبقى من درنه ؟ قال : لا شي . قال : « فإن الصلاة تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن« . (1) وبالاسناد عن الترمذي في السنن»، قال في باب ما جاء مثل الصلوات الخمس حدثنا قتيبة ، أخبرنا الليث، عن ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي

: سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أرأيتم لو أن نهرا

رسول بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه؟ قالوا: لا يبقى

من درنه شي ، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا». وفى الباب، عن جابر . هذا حديث حسن صحيح. حدثنا قتيبة، أخبرنا بكر بن

مضر القرشي ، عن ابن الهاد نحوه» . (2)

وبالاسناد، عن النسائي في «السنن»، قال في فضل الصلوات الخمس أخبرنا قتيبة ، قال : حدثنا الليث، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شي ؟ قالوا : لا يبقى من درنه شي؟ قال: فكذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا . (3)

ص: 518


1- سنن ابن ماجة 1 447 .
2- سنن الترمذي 228:4 .
3- سنن النسائي 1: 230 .

[ الكلام ( 200)]

قال العرشي : ( رواه الكليني في اصول الكافي 232) . (انتهى) . (1) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في ( الكافي) ، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن على بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي الحسن العبدي، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام له ذات يوم وهو يخطب على المنبر بالكوفة ( يا أيها الناس لولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس، ألا إن لكل غدرة

فجرة ولكل فجرة كفرة، ألّا وإن الغدر والفجور والخيانة في النار ) (2) وبالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 283 ه-) في «الغارات » : عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، قال : سمعت عليا علیه السلام وهو يقول: ما لقي أحد من الناس ما لقيت، ثم بكى، قال: حدثنا فرات بن أحنف قال: إن عليا علیه السلام خطب الناس، فقال : يا معشر الناس أنا أنف الهدى وعيناه وأشار بيده إلى وجهه يا معشر

« الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله، فإنّ النّاس اجتمعوا على مائدة

ص: 519


1- راجع : استناد نهج البلاغة .
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 : 338.

شبعها قصير وجوعها طويل والله المستعان يا معشر الناس إنما يجمع الناس الرضا والسخط ، ألا وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فأصابهم العذاب بنياتهم في عقرها، قال الله تعالى: ﴿ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ )(1). فقال لهم نبي الله عن قول الله: ﴿ نَاقَةَ اللهِ وَسُقيَاهَا فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ) (2). يا معشر الناس، ألا فمن ساءَل عن قاتلي فزعم أنه مؤمن فقد قتلني، يا معشر الناس من سلك الطريق ورد الماء يا معشر الناس ألا أخبركم بحاجبي الضلالة ؟ تبدو مخازيها في آخر الزمان» (3)ونقل أبو جعفر الإسكافي ( ت / 220 ه-) تفصيلاً في «المعيار والموازنة خدعة عمرو بن العاص ومعاوية صبيحة ليلة الهرير برفع المصاحف على الرماح وصباح الشاميين بأمرهما في أهل العراق وقولهم لهم بيننا وبينكم كتاب الله وانخداع أهل العراق بهذا النداء، ثم خطبة أمير المؤمنين فيهم وتحذيره إياهم عن

الركون إلى هذا المكر ، ثم ما جرى بينه وبين النوكى من القراء وممن كان في قلبه مرض من قواد العراق، فقال مانصه : « ولما عضت الحرب القوم وقرب أصحاب علي من الفتح، قال عمرو بن العاص لمعاوية: ها هنا حيلة توجب الاختلاف بينهم والفرقة، وذاك أن عليا وأصحابه أصحاب ورع ودين ، فإذا أصبحنا رفعنا المصاحف وقلنا بيننا وبينكم كتاب الله . فلما أصبحوا رفعوا المصاحف وقالوا: بيننا وبينكم كتاب الله الله الله في البقية. واستقبلوا علي بن أبي طالب بالمصاحف.

فقال :علي والله ما الكتاب يريدون ، وإن هذا منهم لمكيدة، فاتقوا الله عباد الله

وامضوا على حقكم وصدقكم وقتال عدوكم ، فإن معاوية وعمرا وابن أبي معيط

ص: 520


1- القمر: 29 .
2- الشمس : 14 - 1
3- الغارات؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 3: 583 - 585 .

وابن مسلمة وابن أبي سرح ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وأنا أعرف بهم منكم قد صحبناهم أطفالا ورجالا ، فكانوا شر أطفال وشر رجال . إنهم والله ما رفعوها ليعملوا بها وما رفعوها إلا خديعة ووهنا ومكيدة لكم.

فتفرق عند ذلك أصحابه واختلف قولهم ، ورأى أكثرهم طلب الصلح والموادعة. فإن قال قائل: فقد نرى ما قلتم وما يؤثر عن علي بن أبي طالب يوجب عليه الخطأ وأنه معتمد لترك الصواب لانه أشار بقتال القوم عند رفع المصاحف وأخبر أنها منهم خديعة ثم رجع عن هذا من رأيه إلى محاكمتهم وموادعتهم وهذا نفس ما نقمته الخوارج وادعت خطأ علي فيه.

قلنا لهم : لسنا نبعد قلة معرفتكم بما ذكرناه وبعد وهمكم عنه إذ ذهبتم عما هو

: أوضح منه، إن علي بن أبي طالب إنما أشار على القوم بقتالهم وأن لا يكفوا من حربهم لان القوم الذين رفعوا المصاحف قد علم أنهم لم يرفعوها لشبهة دخلت عليهم وأن رفعها عند قرب الفتح والظفر بهم خديعة ، وعلم أن الذين رفعوها قد قامت عليهم الحجة وعرفوا حقه فتركوه بالمعاندة، ولو مضى أصحابه على بصيرتهم ويقينهم ولم تدخل عليهم الشبهة، ولم تختلف الكلمة لكان سيمضي على أمره في محاربتهم لأنه قد أعذر إليهم وأقام حجته عليهم، وكان رأيه صوابا في تحريك أصحابه في أن الذي كان منهم خديعة

محاربتهم ، وقد أعلمه ليمضوا على بصائرهم فلما دخلت أصحابه الشبهة، وجاء أمر احتاج إلى إزالته بحجة أمسك عن القوم حتى ينكشف لاهل الضعف خطاؤهم فيزول عنهم شكهم إذا أعلموا أن القوم لم يطلبوا الحق برفع المصاحف، فيرجع بعد إلى مناجزتهم وقتالهم.

فقالوا له : أرسل إلى الاشتر .فرده فأرسل إلى الاشتر أن أقبل إلي . فأرسل إليه الاشتر: ليس هذه ساعة ينبغي أن تزيلني فيها عن موضعي إني قد رجوت أن

ص: 521

يفتح الله عليّ فلا تعجلن. فارتفعت الريح، وعلت الأصوات من ناحية الاشتر فقال القوم : والله ما نراك إلا قد أمرته يقاتل !! فقال على علیه السلام: من أين ينبغى لكم أن تروا ذلك ؟ هل رأيتمونى ساررت الرسول ؟ ألم أكلمه على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون ؟! فجاء من أمرهم أمر عجيب وخرجوا عند الشك إلى تهمته والادعاء عليه فارسل علي إلى الاشتر: أن أقبل الساعة فقد وقعت الفتنة

فإن قال قائل: فهلا ترك الاشتر يمضي على بصيرته ؟

قلنا : لو فعل ذلك ازدادوا شكا وحيرة ولدعاهم ذلك إلى قتله وقد تهددوه بذلك. فرجع الاشتر عن ساحة القتال وخاطب رسول أمير المؤمنين فقال: الرفع هذه

المصاحف دعوتموني؟

قالوا: نعم .

قال: أما والله لقد ظننت إذ رفعت أنها ستلقي اختلافا وفرقة !! أما إنها من مشورة ابن النابغة ثم قال لرسول أمير المؤمنين ألا ترى الفتح، أما ترى ما يلقون ؟ أيسعني أن أنصرف عن هذا وأدعه، وقد صنع الله لنا ونصرنا . فقال له بعض القوم : أتحب أنك ظفرتها هنا وأمير المؤمنين بمكانه يتفرق عنه ويسلم إلى عدوه أو يقتل ؟ قال : سبحان الله لا والله. قال: فإنهم قد قالوا: لترسلن إلى الاشتر فليأتينك أو لنقتلك كما قتلنا ابن عفان!! فأقبل عليهم الاشتر فقال يا أهل العراق يا أهل الذل والوهن ، أحين علوتم القوم وظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعوكم إلى ما فيها، وقد والله تركوا ما أمره الله به فيها، وتركوا سنة من أنزل عليه الكتاب، مهلالا تجيبوهم وأمهلوني، فإني قد أحسست بالفتح. فأبوا عليه قال : فأمهلوني عدوة الفرس فإني قد طمعت في النصر .

فقالوا : إذا ندخل معك في خطيئتك .

ص: 522

قال : فحدثوني عنكم - وقد قتل أماثلكم وبقي اراذلكم - متى كنتم محقين ؟ أحين كنتم ،تقاتلون، وخياركم مقتولون؟ فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون ؟ أم أنتم الآن محقون وقتلاكم الذين كنتم لا تنكرون فضلهم، وكانوا خيرا منكم في النار.

فقالوا : دعنا منك يا أشتر قاتلناهم في الله ، وندع قتالهم الله ، إنا لسنا نطيعك ولا

صاحبك ما حيينا.

قال : خدعتم والله فانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم ، يا أصحاب الجباه السود، كنا نظن صلاتكم هذه زهادة في الدنيا وشوقا إلى الله، فلا أرى فراركم من الموت إلا إلى الدنيا !!! ألا، فقبحا لكم يا أشباه النيب الجلالة، ما أنتم برائين بعدها عزا أبدا، فابعدوا كما بعد القوم الظالمون. فضربوا وجه دابته

بسياطهم وضرب وجوه دوابهم بسوطه !! وصاح بهم علي أن كفوا فكفوا .

. وكان ما كان من علي في إجابة القوم لشك أصحابه واختلافهم، وما دخلهم من الجهل وحلول الشبهة، ليس من أجل أنه لم يكن في أمر معاوية وعمرو على بصيرة أو أنه ذهب عنه أن ذلك منهم مكيدة وخديعة . فلما رأى الشك قد وقع وجبت المناظرة، ولم يجد بدا من الموادعة، ولو لم يفعل ذلك لازداد في غيه الجاهل، وقويت دعوى المخالف، وكان في ذلك تهمة، وأنه فرار من حكم الله وليس أحد يدعي أن ما فعل القوم ذهب عنه وأن القوم استغفلوه بالمكيدة، ولقد قام رضی الله عنه له فقال : والله ما معاوية بأدهى منّي ولكنه يفجر ويغدر، ولو لا كراهة الغدر كنت من أدهى الناس، ولكن كل غدرة ،فجرة، وكل فجرة كفرة، ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة» . (1)

ص: 523


1- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي : 162 - 165 .

[ الكلام (201)]

قال محمّد بن إبراهيم النعماني (ت / 333 - ح ) فى كتاب الغيبة» ما نصّه: فيما أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الكوفي ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله المحمّدي من كتابه في المحرم سنة ثمان وستين ومائتين، قال: حدثني يزيد بن إسحاق الأرحبي - ويعرف بشعر ، قال : حدثنا

مخول، عن فرات بن أحنف عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت أمير المؤمنين علیه السلام على منبر الكوفة يقول : أيها الناس، أنا أنف الإيمان، أنا أنف الهدى وعيناه. أيها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة من يسلكه إن الناس اجتمعوا على مائدة قليل ،شبعها كثير ،جوعها والله المستعان، وإنما يجمع الناس الرضا والغضب. أيها الناس ، إنما عقر ناقة صالح واحد فأصابهم الله بعذابه بالرضا لفعله، وآية ذلك قوله عز وجل : ( فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَمَّرَ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُر)(1)، وقال: ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلا يَخَافُ عُقبَاهَا ) (2)ألا

ومن سئل عن قاتلي فزعم أنه مؤمن فقد قتلني.

ص: 524


1- القمر : 29 - 30.
2- الشمس : 14 - 15 .

أيها الناس من سلك الطريق ورد الماء، ومن حاد عنه وقع في التيه ، ثم نزل . ورواه لنا محمّد بن همام ومحمّد بن الحسن بن محمّد بن جمهور، جميعا، عن الحسن بن محمد بن جمهور ، عن أحمد بن نوح ، عن ابن عليم، عن رجل، عن فرات ابن أحنف ، قال : أخبرني من سمع أمير المؤمنين علیه السلام، وذكر مثله، إلا أنه

قال: لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله» (1)

ص: 525


1- كتاب الغيبة ، لمحمّد بن إبراهيم النعماني : 34 - 35 .

[ الكلام (202)]

قال الهادى كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج: قوله علیه السلام السلام عليك يا رسول الله عنّي وعن ابنتك ... الى آخره. روى هذا الكليني في اصول الكافي» (ص 185 ) ، قال العرشي في التخريج مانصّه : رواه الشيخ الطائفة في «

الامالي (67) . (انتهى) . (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني في «الكافي»: أحمد بن مهران رفعه وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار الشيباني، قال: حدثني القاسم بن محمّد الرزاي، قال: حدثنا علي بن محمّد الهرمزاني ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي علیهما السلام ، قال : لما قبضت فاطمة دفنها أمير المؤمنين علیه السلام سرا وعفا على موضع قبرها، ثم قام فحوّل وجهه إلى قبر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله عنّي والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك، والبائتة في الثرى ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلِدي، إلا أن لي في التأسي بسنتك وفرقتك موضع تعزّ ، فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك

ص: 526


1- راجع : استناد نهج البلاغة

وفاضت نفسك بين نحري وصدري ، بلى وفي كتاب الله لي أنعم القبول، إنا الله

وإنا إليه راجعون (1) ، قد استرجعت الوديعة واخذت الرهينة، واخلست الزهراء،

فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله، أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد

وهم لا يبرح من قلبي أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم كمد مقيح، وهم

مهيج سرعان ما فرّق بيننا وإلى الله أشكو وستنبئك ابنتك بتظافر امتك على هضمها فأحفها السؤال واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلا، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين.

سلام مودع لا قال ولا سئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن اقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين واه واها والصبر أيمن وأجمل ، ولولاً غلبة المسئولين الجعلت المقام واللبث لزاما معكوفا، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية فبعين الله تدفن ابنتك سرًا، وتهضم حقها، وتمنع إرثها ولم يتباعد العهد ولم يخلق منك الذكر، وإلى الله يا رسول الله المشتكى وفيك يا رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك وعليها السلام والرضوان» . (2)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في الأمالي»، قال: أخبرنا محمّد بن محمّد قال أخبرني أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين علیه السلام قال حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، قال : حدثنا محمّد بن عبد الجبار عن القاسم بن محمّد الرازي، عن علي بن محمّد الهرمزداني، عن علي بن الحسين علیه السلام، عن أبيه الحسين علیه السلام ، قال : لما مرضت فاطمة بنت محمّد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وصت إلى علي بن أبي طالب علیه السلام أن يكتم أمرها، ويخفى خبرها، ولا يؤذن أحدا بمرضها، ففعل

ص: 527


1- اقتباس من قوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِس وَالْمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة : 155 - 156)
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1 : 458 .

ذلك ، وكان يمرضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله على استمرار بذلك ، كما وصت به فلما حضرتها الوفاة ورّت أمير المؤمنين أن يترك أمرها ويدفنها ليلا ويعفي قبرها ، فتولى ذلك أمير المؤمنين علیه السلام ودفنها وعفى موضع قبرها، فلما نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن وأرسل دموعه على خديه، وحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله ، عني وعن ابنتك وحبيبتك ، وقرة عينك وزائرتك، والثابتة في الثرى ببقعتك ، المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وضعف عن سيدة النساء تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنتك والحزن الذي حل بي لفراقك لموضع التعزي، ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري وغمضتك بيدي، وتولّيت أمرك بنفسي، نعم وفي كتاب الله نعم القبول، وإنا الله وإنا إليه راجعون(1) . قد استرجعت الوديعة ، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء، يا رسول الله ! أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد ، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم كمد مقيح، وهم مهيج، سرعان ما فرّق بيننا وإلى الله أشكو وستنبئك ابنتك بتظاهر أمتك علي وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بله سبيلا، وستقول ويحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. سلام عليك يا رسول الله ، سلام مودع لا ستم ولا قال، فان أنصرف فلا عن

ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين الصبر ايمن وأجمل ولولا غلبة المسئولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما ، والتلبث عنده معكوفا ولا عولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن بنتك سرا، ويهتضم

ص: 528


1- اقتباس من قوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالْمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة : 155-156).

حقها قهرا، ويمنع إرثها جهرا، ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله

(1) الله وبركاته

یا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة

ص: 529


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 109 - 110

[ الكلام ( 203) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: «قوله علیه السلام: أيها الناس إنما الدنيا دار مجاز ... الخ، قال في الشرح : ذكر المبرد عن الاصمعي ، قال : خطبنا أعرابي في البادية فقال وذكر هذا إلى قوله : ولغيرها خلقكم؛ ثم قال: واكثر الناس على أن هذا الكلام لامير المؤمنين علیه السلام ويجوز أن يكون الاعرابي حفظه فاورده، ولا يخفى ما في السند والمسند اليه من الوهن والضعف .(1)

قال العرشي في التخريج ما نصه: رواه ابن قتيبة في عيون الأخبار[ ج 2 ص 253] والمبرد في الكامل ابن أبي الحديد[ ج 2 ص 2]، وابن عبد ربه في العقد

الفريد [ج 2 ص 200] ، وأبو علي القالى في الأمالى[ ج 1 ص 258] ، والبيهقي المحاسن والمساوئ ج 2 ص 31 والبكري في سمط اللاكي[ ج 1 ص 569] عن ، أعرابي ، ورواه ابن نباتة المصري المتوفى 768 ه- ( 1366م) في شرح العيون (الورق /43 ألف) عن سحبان بن زفر الوائلي المتوفى( 54 674م) ، والشيخ الصدوق في الأمالي ( المجلس 23 و 39) عن أمير المؤمنين علیه السلام ( انتهى )(2)

ص: 530


1- مدارك نهج البلاغة : 94 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 381ه-) في «الأمالي»، قال حدثنا محمّد بن أبي القاسم الاسترابادي ، قال : حدثنا احمد بن الحسن الحسيني عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن محمد بن على، عن ابيه الرضا عن ابيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي ، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام كم من غافل ينسج ثوبا ليلبسه، وإنما هو كفنه، ويبني بيتا ليسكنه ، وإنما هو موضع قبره.

وقيل لامير المؤمنين : ما الاستعداد للموت ؟ قال : أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال على المكارم ، ثم لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت

عليه والله ما يبالي ابن أبي طالب ، أ وقع على الموت، أم وقع الموت عليه. وقال أمير المؤمنين علیه السلام في بعض خطبه : أيها الناس، إن الدنيا دار فناء، والآخرة دار بقاء فخذوا من ممركم لمقركم ، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففي الدنيا وللآخرة خلقتم ، إنما الدنيا كالسم يأكله من لا يعرفه إن العبد إذا مات

حييتم ، قالت الملائكة ما قدم ؟ وقال الناس ما أخر ؟ فقدموا فضلا يكن لكم، ولا تؤخروا كلا يكن عليكم ، فإن المحروم من حرم خير ماله والمغبوط من ثقل بالصدقات والخيرات موازينه، وأحسن في الجنة بها مهاده وطيب على الصراط

بها مسلكه(1).

ص: 531


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 172

[ الكلام ( 204)]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 381 ه-) في «الأمالي » ، قال : حدثنا أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، :قال حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر علیه السلام، قال : كان علي علیه السلام كل بكرة يطوف

د في أسواق الكوفة سوقا سوقا ومعه الدرة على عاتقه، وكان لها طرفان، وكانت تسمى السبيبة، فيقف على سوق سوق فينادي يا معشر التجار، قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين وتزيّنوا بالحلم، وتناهوا عن الكذب واليمين، وتجافوا عن الظلم، وأنصفوا المظلمومين ، ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الارض مفسدين يطوف في جميع أسواق الكوفة، فيقول هذا، ثم يقول:

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها ***من الحرام ويبقى الاثم والعار

تبقى عواقب سوء في مغبتها ***لا خير في لذة من بعدها النار (1)

ص: 532


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 587 - 588

قال : وبهذا الاسناد ، قال أبو جعفر : كان أمير المؤمنين علیه السلام بالكوفة إذا صلى

العشاء الآخرة ينادي الناس ثلاث مرات حتى يُسمع أهل المسجد : أيها الناس تجهزوا رحمكم الله، فقد نودي فيكم بالرحيل، فما التعرج على الدنيا بعد نداء فيها بالرحيل ؟! تجهزوا رحمكم الله وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد، وهو التقوى، واعلموا أن طريقكم إلى المعاد، وممركم على الصراط، والهول الاعظم أمامكم، وعلى طريقكم عقبة كؤود ومنازل مهولة مخوفة، لابد لكم من الممر عليها والوقوف بها، فإما برحمة من الله فنجاة من هولها، وعظم خطرها، وفظاعة ،منظرها، وشدة ،مختبرها وإما بهلكة ليس بعدها انجبار » .(1)

ونقل أبو جعفر الإسكافي ( ت / 220 ه-) في المعيار والموازنة» بعنوان: كلامه علیه السلام في شوق أولي الالباب إلى الله تعالى وتحضيضهم على اغتنام الفرصة من الايام، وإكثارهم من صالحات الاعمال والادخار من متاع دار الفناء ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون قال مانصه : وكان ينادي في كل ليلة بصوت رفيع له تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل، وأقلوا العرجة على الدنيا، وانقلبوا بصالح ما يحضركم من الزاد ؛ فإن أمامكم عقبة كؤودا، ومنازل مخوفة مهولة لابد من الممرّ عليها والوقوف عندها، فإما برحمة من الله نجوتم من فظاعتها وشدة

مخبرها وكراهة ،منظرها وإما بهلكة ليس بعدها انجبار. فيا لها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة أو تؤديه أيامه

إلى شقوة.

فاتركوا هذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تكونوا تحبون تركها والمبلية لكم وإن

كنتم تحبون تجديدها، فإنما مثلكم ومثلها كركب سلكوا سبيلا فكأنهم قد قطعوه وأموا علما فكأنهم قد بلغوه.

ص: 533


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 587 - 588 .

جعلنا الله وإياكم ممن لا تبطره نعمة ولا تقصر به عن طاعة ربه رغبة، ولا تحل

به بعد الموت شقوة ولا حسرة فإنما نحن له وبه (1)

ص: 534


1- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي: 70

[ الكلام ( 206) ]

قال العرشي في التخريج مانصه : رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين [بحار الانوار ج 8 ص 475] . (1) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين»، عن عمر بن

سعد، عن عبد الرحمن، عن الحارث بن حصيرة ، عن عبد الله بن شريك ، قال : خرج حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق يظهران البراءة واللعن من أهل الشام فأرسل إليهما علي : أن كفا عما يبلغني عنكما، فأتياه فقالا: يا أمير المؤمنين ، ألسنا محقين ؟ قال: بلى. قالا : أو ليسوا مبطلين ؟ قال : بلى، قالا: فلم منعتنا من شتمهم؟ قال كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين، تشتمون وتتبرءون . ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم : من سيرتهم كذا وكذا ، ومن عملهم كذا وكذا، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر. ولو قلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم : اللهم احقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق منهم من جهله، ويرعوى عن الغي والعدوان من لهج به ، كان هذا

أحب إلى وخيرا لكم.

ص: 535


1- وراجع: استناد نهج البلاغة

فقالا يا أمير المؤمنين نقبل عظتك، ونتأدب بأدبك .

وقال عمرو بن الحمق : إني والله يا أمير المؤمنين ما أجبتك ولا بايعتك على

قرابة بيني وبينك ولا إرادة مال تؤتينيه، ولا التماس سلطان يرفع ذكري به ولكن أجبتك الخصال خمس : أنك ابن عم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وأول من آمن به وزوج سيدة نساء الأمة فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وسلم ، وأبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، وأعظم رجل من المهاجرين سهما في الجهاد. فلو أني كلّفت نقل الجبال الرواسي، ونزح البحور الطوامي حتى يأتي علي يومي في أمر أقوي به وليك وأوهن به عدوك، ما رأيت أني قد أديت فيه كل الذي يحق على من حقك . فقال أمير المؤمنين عليّ : اللهم نور قلبه بالتقى، واهده إلى صراط مستقيم، ليت أن في جندي مائة مثلك ، فقال :حجر: إذا والله يا أمير المؤمنين صح جندك، وقل فيهم من يغشك. ثم قام حجر فقال يا أمير المؤمنين، نحن بنو الحرب وأهلها الذين تلقحها وننتجها ، قد ضارستنا وضارسناها ، ولنا أعوان ذو وصلاح، وعشيرة ذات عدد، ورأي مجرب وبأس محمود وأزمتنا منفادة لك بالسمع والطاعة، فإن شرقت شرّقنا، وإن غربت غربنا، وما أمرتنا به من أمر فعلناه . فقال علي : أكل قومك يرى مثل رأيك ؟ قال : ما رأيت منهم إلا حسناً، وهذه يدي عنهم بالسمع والطاعة، وبحسن

الإجابة. فقال له على علیه السلام خيرا» (1)

قال الاسكافي ( ت / 220 ه-) : وكان من مبالغته في الدعاء وحسن سيرته الكف- عن الأذى ودعائه بالتي هي أحسن - اقتداء بأدب الله وطلبا لما هو

انه لما بلغه عن اصحابه انهم يكثرون شتم مخالفيهم باللعن والسب

ارسل اليهم ان كفوا ... فذكر مثله » .(2)

ص: 536


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 102 - 104 .
2- المعيار والموازنة : 137 ط / 1402ه-.

[ الكلام ( 208) ]

قال العرشي في التخريج مانصه : رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين( 261)(1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النصّ فيما ارويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفّين»، باسناده عن عمرو بن شمر عن جابر، عن الشعبي، عن صعصعة قال: قام الأشعث بن قيس الكندي ليلة الهرير في أصحابه من كندة فقال: الحمد لله ، أحمده ،وأستعينه، وأؤمن به وأتوكل عليه، واستنصره ،وأستغفره، وأستخيره، وأستهديه، وأستشيره، وأستشهد به فإنه من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله صلی الله علیه و آله وسلم

ثم قال : قد رأيتم يا معشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي، وما قد فنى فيه من العرب، فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ فما رأيت مثل هذا اليوم قط. ألا فليبلغ الشاهد الغائب، أنا إن نحن تواقفنا غدا إنه لفناء العرب وضيعة الحرمات. أما والله ما أقول هذه المقالة جزعا من الحتف ، ولكني رجل

ص: 537


1- راجع استناد نهج البلاغة

مسنّ أخاف على النساء والذراري غدا إذا فنينا .

اللهم إنك تعلم أني قد نظرت لقومي ولأهل ديني فلم آل وما توفيقي إلا بالله

عليه توكلت وإليه أنيب والرأي يخطئ ويصيب ، وإذا قضى الله أمرا أمضاه على ما

أحب العباد أو كرهوا أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم. قال صعصعة : فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث، فقال: أصاب ورب الكعبة، لثن نحن التقينا غدا لتميلن الروم على ذرارينا ونسائنا، ولتميلن أهل فارس على نساء أهل العراق وذراريهم. وإنما يبصر هذا ذوو الأحلام والنهى. اربطوا المصاحف على أطراف القنا.

قال صعصعة فثار أهل الشام فنادوا في سواد الليل: يا أهل العراق من لذرارينا إن قتلتمونا ومن لذراريكم إن قتلناكم ؟ الله الله في البقية. فأصبح أهل الشام وقد رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح وقلدوها الخيل والناس على الرايات قد اشتهوا ما دعوا إليه، ورفع مصحف دمشق الأعظم تحمله عشرة رجال على رؤوس الرماح ونادوا يا أهل العراق، كتاب الله بيننا وبينكم وأقبل أبو الأعور السلمي على برذون أبيض وقد وضع المصحف على رأسه ينادي يا أهل العراق ، كتاب الله بيننا وبينكم. وأقبل عدي بن حاتم فقال: يا أمير المؤمنين ، إن كان أهل الباطل لا يقومون بأهل الحق فإنه لم يصب عصبة منا إلا وقد أصيب مثلها منهم، وكل مقروح، ولكنا

أمثل بقية منهم . وقد جزع القوم وليس بعد الجزع إلا ما تحب فناجز القوم. فقام الأشتر النخعي فقال يا أمير المؤمنين إن معاوية لا خلف له من رجاله ولك بحمد الله الخلف، ولو كان له مثل رجالك لم يكن له مثل صبرك ولا بصرك فاقرع الحديد بالحديد، واستعن بالله الحميد . ثم قام عمرو بن الحمق فقال : يا أمير المؤمنين، إنا والله ما أجبناك ولا نصرناك

ص: 538

عصبية على الباطل ولا أجبنا إلا الله عز وجل، ولا طلبنا إلا الحق، ولو دعانا غيرك إلى ما دعوت إليه لا ستشرى فيه اللجاج وطالت فيه النجوى، وقد بلغ الحق مقطعه، وليس لنا معك رأي.

فقام الأشعث بن قيس مغضبا فقال : يا أمير المؤمنين، إنا لك اليوم على ما كنا عليه ، أمس، وليس آخر أمرنا كأوله، وما من القوم أحد أحنى على أهل العراق ولا أوتر لأهل الشام منّي ، فأجب القوم إلى كتاب الله فإنك أحق به منهم. وقد أحب الناس البقاء وكرهوا القتال. فقال على علیه السلام:إن هذا أمر ينظر فيه .

وذكروا أن أهل الشام جزعوا فقالوا: يا معاوية، ما نرى أهل العراق أجابوا إلى ما دعوناهم إليه ، فأعدها جذعة، فإنك قد غمرت بدعائك القوم وأطمعتهم فيك. فدعا معاوية عبد الله بن عمرو بن العاص، وأمره أن يكلم أهل العراق فأقبل حتى إذا كان بين الصفين نادى يا أهل العراق أنا عبد الله بن عمرو بن العاص، إنها قد كانت بيننا وبينكم أمور للدين والدنيا، فإن تكن للدين فقد والله أعذرنا وأعذرتم، وإن تكن للدنيا فقد والله أسرفنا وأسرفتم. وقد دعوناكم إلى أمر لو دعوتمونا إليه لأجبناكم، فإن يجمعنا وإياكم الرضا فذلك من الله . فاغتنموا هذه الفرجة لعله أن يعيش فيها المحترف وينسى فيها القتيل.

فإن بقاء المهلك بعد الهالك قليل . فخرج سعيد بن قيس فقال : يا أهل الشام إنه قد كان بيننا وبينكم أمور حامينا فيها على الدين والدنيا، سميتموها عذراً وسرفا، وقد دعوتمونا اليوم إلى ما قاتلناكم عليه بالأمس ، ولم يكن ليرجع أهل العراق إلى عراقهم، ولا أهل الشام إلى شامهم بأمر أجمل من أن يحكم بما أنزل الله . فالأمر في أيدينا ،دونكم، وإلا فنحن نحن وأنتم أنتم. وقام الناس إلى علي فقالوا : أجب القوم إلى ما دعوك إليه فإنا قد فنينا. ونادى

إنسان من أهل الشام في سواد الليل بشعر سمعه الناس، وهو:

ص: 539

رؤوس العراق أجيبوا الدعاء*** فقد بلغت غاية الشدة

وقد أودت الحرب بالعالمين*** وأهل الحفائظ والنجدة

فلسنا ولستم من المشركين*** ولا المجمعين على الردة

ولكن أناس لقوا مثلهم*** لنا عدة ولهم عدّة

فقاتل كل على وجهه ***قدمه الجد والحدة

فإن تقبلوها ففيها البقاء*** وأمن الفريقين والبلدة

وإن تدفعوها ففيها الفناء ***وكل بلاء إلى مدة

وحتى متى مخض هذا السقاء*** ولا بد أن يخرج الزبدة

ثلاثة رهط هم أهلها ***وإن يسكتوا تخمد الواقدة

سعيد بن قيس وكبش العراق*** وذاك المسوّد من كندة

قال نصر : هؤلاء النفر المسمون في الصلح . قال : فأما المسوّد من كندة وهو الأشعث، فإنه لم يرض بالسكوت ، بل كان من أعظم الناس قولا في إطفاء الحرب والركون إلى الموادعة. وأما كبش العراق، وهو الأشتر ، فلم يكن يرى إلا الحرب، ولكنه سكت على مضض. وأما سعيد بن قيس، فتارة هكذا وتارة هكذا قال ذكروا أن الناس ماجوا وقالوا : أكلتنا الحرب وقتلت الرجال، وقال قوم: نقاتل القوم على ما قاتلناهم عليه أمس. ولم يقل هذا إلا قليل من الناس. ثم رجعوا عن قولهم مع الجماعة، وثارت الجماعة بالموادعة . فقام على أمير المؤمنين فقال : إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب إلى أن أخذت منكم الحرب، وقد والله أخذت منكم ،وتركت وأخذت من عدوكم فلم تترك، وإنها فيهم أنكى وأنهك ألا إني

كنت أمس أمير المؤمنين فأصبحت اليوم مأمورا، وكنت ناهيا فأصبحت منهيا . وقد أحببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون (1)

ص: 540


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 480 - 484 .

[ الكلام ( 209) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: ما « كنت تصنع بسعة هذه الدار...» رواه في أصول الكافي، وفي عقد الفريد لابن عبدربه . (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 327ه-) في (الكافي) ، عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين علیه السلام على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء، وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين علیه السلام أنه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك ، فقال أمير المؤمنين علیه السلام: علي بعاصم بن زیاد فجیی به فلما رآه عبس في وجهه ، فقال له : أما استحييت من أهلك ؟ أما رحمت ولدك ؟ أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها، أنت أهون على الله من ذلك، أو ليس الله يقول: ﴿ وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ فِيهَا فَاكِهَةً وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ ) (2) أو ليس الله يقول: ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ)

ص: 541


1- مدارك نهج البلاغة : 95 .
2- الرحمان : 10 - 11 .

بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ (1) إلى قوله : ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) (2) فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال ، وقد قال الله عز وجل : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (3).

فقال :عاصم يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة

وفى ملبسك على الخشونة ؟

فقال : ويحك إن الله عز وجل فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفهسم بضعفة

الناس كيلا يتبيّغ بالفقير فقره. فألقى عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء . (4)

ص: 542


1- الرّحمان : 19 - 20
2- الرحمان: 22 .
3- الصّحى : 11 .
4- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1: 410.

[ الكلام ( 210)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: إن في أيدي الناس حقاً وباطلا ... الخ، رواه الكليني في أصول الكافي (ص 23) وفي تذكرة إبن الجوزي أنه علیه السلام سئل عن اختلاف الناس في الحديث فقال .... وذكر ما رواه السيد هنا مع اختلاف يسير وتقديم وتأخير، وروي فيها بعض هذا الكلام عن الشعبي عمن سمع عليا علیه السلام، وبعضاً منه عن كميل بن زياد عن علي علیه السلام(1)قال العرشي في التخريج ما نصه: ( رواه أبو صادق سليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي صاحب أمير المؤمنين وحسن وحسين وزين العابدين رضي الله نهم في كتابه على ما ذكره محمد بن على الاسترابادي ، المتوفى 1028

المقال 1ج 1 الف ، ص 162]، ورواه أيضاً الحراني في

( 1619م) ، في منهج تحف العقول (45) والكليني في أصول الكافي (15) . انتهى .(2)

قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ت (328 ه- ) في ( الكافي)، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد

ص: 543


1- مدارك نهج البلاغة : 95 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

ابن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لأمير المؤمنين علیه السلام: إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم المتعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم ؟

قال: فأقبل علي فقال : قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا

وباطلا، وصدقا وكذبا وناسخا ومنسوخا، وعاما ،وخاصا ومحكما ومتشابها وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده حتى قام خطيبا فقال : أيها الناس قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس رجل منافق يظهر الإيمان، متصنّع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كذاب، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ورآه وسمع منه ، منه ، وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزوجل : ( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ )(1)ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال، وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه، ولم يتعمّد

ص: 544


1- المنافقون: 4.

كذبا فهو في يده، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: أنا سمعته من رسول الله الله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه. وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ ؛ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ ، فإن أمر النبي المثل القرآن ناسخ ومنسوخ وخاص وعام ومحكم ومتشابه، قد كان يكون من رسول الله الله الله الكلام له وجهان كلام عام وكلام خاص، مثل القرآن، وقال الله عز وجل في كتابه: ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (1)فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنّى الله به ورسوله ، وليس كل أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم كان يسأله عن الشئ فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حتى يسمعوا. وقد كنت أدخل على رسول الله له كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نسائه. فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بني، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي

ص: 545


1- الحشر : 7.

فكتبتها بخطي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصها وعامها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها، وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه علي وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علّمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملا قلبي علما وفهما وحكما ونورا فقلت يا

نبي صلی الله علیه و آله وسلم بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتني شئ لم أكتبه ، أفتتخوّف علي النسيان فيما بعد ؟

فقال : لا لست أتخوف عليك النسيان والجهل . (1)

رات وبالاسناد محمّد بن ابراهيم النعماني ( ت / 333 ه-) في كتاب الغيبة بالاسناد عن عبد الرزاق، عن معمر ، عن أبان عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لعلي : إني سمعت من سلمان ومن المقداد من أبي ذر أشياء من تفسير القرآن ومن الرواية عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديقا لما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الاحاديث عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يخالفونهم فيها ، ويزعمون أن ذلك كان كله باطلا،

أفترى أنهم يكذبون على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال : فأقبل عليَّ وقال : قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا

وباطلا، وصدقا ،وكذبا وناسخا ،ومنسوخا وخاصا وعاما ومحكما ومتشابها وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت على الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده ، وإنما أتاك بالحديث أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق

ص: 546


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1 : 62-64 .

مظهر للايمان، متصنع للاسلام باللسان لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كاذب ما قبلوا منه، ولم يصدقوه ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رآه وسمع منه وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ووصفهم بما وصفهم، فقال عزوجل : ( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ) (1) ثم بقوا بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب

والبهتان حتى ولوهم الاعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا

وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله عز وجل، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لا له له شيئا ولم يحفظه على وجهه فأوهم فيه ولم يتعمده كذبا ، فهو في يديه ويقول به ويعمل به ويرويه، ويقول: أنا سمعته من رسول الله الله ، فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوا منه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم شيئا أمر به، ثم نهى عنه، وهو لا يعلم أو سمعه ينهى عن شي ، ثم أمر به، وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ ولو علم انه منسوخ لرفضه ، ولو علم الناس إذا سمعوا منه أنه منسوخ لرفضوه. ورجل رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله بغضا للكذب وخوفا من الله عز وجل، وتعظيما الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ولم يسه ، بل حفظ الحديث على وجهه، فجاء

ولم به كما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وحفظ الناسخ والمنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، وإن أمر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ونهيه مثل القرآن ناسخ ومنسوخ ، وعام

وخاص ومحكم ومتشابه، قد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلام له وجهان

كلام عام وكلام خاص مثل القرآن قال الله عز وجل في كتابه : ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ

ص: 547


1- المنافقون : 4.

فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (1) يسمعه من لا يعرف ولم يدر ما عنى الله عز وجل، ولا ما عنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأله عن

يجي

الشئ فيفهم ، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم حتى أنهم كانوا ليحبون أن الاعرابي أو الطارئ فيسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسمعوا، وقد كنت أنا أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخليني فيها خلوة أدور معه حيث دار وقد علم أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري فربما كان ذلك في بيتي، يأتيني رسول الله له أكثر من ذلك في بيتي وكنت إذا

دخلت عليه بعض منازله أخلاني، وأقام عني نساءه، فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنى فاطمة ولا أحد من ابنئ وكنت إذا ابتدأت أجابني وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ودعا الله أن يحفظني ويفهمني، فما نسيت شيئا قط من دعا لي، وإني قلت الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: يا نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم إنك منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس مما علمتني شيئا وما تمليه علي، فلم تأمرني بكتبه ؟ أنتخوف على النسيان ؟ فقال : يا أخي لست اتخوف عليك النسيان ولا الجهل ، وقد أخبرني الله عز وجل: أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك ، وإنما تكتبه لهم.

قلت یا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ومن شركائي ؟

قال : الذين قرنهم الله بنفسه ،وبي ، فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا

﴿ الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ ) (2) فإن خفتم تنازعا في شي فارجعوه إلى الله وإلى

الرسول وإلى اولى الأمر منكم.

فقلت يا نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم و من هم؟

ص: 548


1- الحشر : 7 .
2- النساء : 59 .

قال : الاوصياء إلى أن يردوا على حوضي كلهم هاد مهتد لا يضرهم خذلان

من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم بهم تنصر

امتي ويمطرون، ويدفع عنهم بعظائم دعواتهم.

قلت: يا رسول الله سمّهم لي .

فقال : ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسن - ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين ، ثم ابن له على اسمك يا علي ثم ابن له محمّد بن علي، ثم أقبل على الحسين وقال: سيولد محمّد بن علي في حياتك فأقرئه مني السلام، ثم تكمله اثني عشر إماما . :قلت يا نبي الله سمّهم لي، فسماهم رجلا رجلا منهم والله يا أخا بني هلال هذه الامة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا» (1)وبالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381 ه-) في «الخصال » : حدثنا أبى مهدي

قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم

بن عمر اليماني، وعمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لامير المؤمنين علیه السلام: يا أمير المؤمنين أني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الاحاديث عن نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم و أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم ؟ قال: فأقبل عليَّ فقال : قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا وعاما ،وخاصا ومحكما ومتشابها

ص: 549


1- كتاب الغيبة ؛ لمحمد بن ابراهيم النعماني : 36 - 38 ، ط / تبریز ، 1383 .

وحفظا ووهما . وقد كذب على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت على الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، إنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس رجل منافق يظهر الايمان متصنّع بالاسلام لا يتألم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم متعمدا فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه وسمع منه فأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل : ( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ )(1) ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال، وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهذا أحد الاربعة .

ورجل سمع من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم شيئا لم يحفظه على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد

كذبا فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه ويقول: أنا سمعته من رسول الله الله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه . ورجل ثالث سمع من رسول الله له شيئا أمر به ثم نهى عنه، وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شي ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ فلو علم أنه منسوخ لرفضه ولو علم المسلمون أنه منسوخ لرفضوه.

و آخر رابع لم يكذب على رسول الله المبغض للكذب خوفا من ا الله عز وجل وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسه بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم

لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ ، فان أمر النبي الله صلی الله علیه و آله وسلم مثل القرآن ناسخ و منسوخ، وخاص وعام ومحكم

ص: 550


1- المنافقون: 4.

ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الكلام له وجهان، وكلام عام ، وكلام خاص مثل القرآن، وقد قال الله عزوجل في كتابه: ﴿ مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (1) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنّى الله به ورسوله ، وليس كل أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يسأله عن الشي فيفهم، كان منهم من يسأله ولا يستفهم حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الاعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسمعوا، وكنت أدخل على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لهلهلهله كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيثما دار، وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان ذلك في بيتي يأتيني رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أكثر ذلك في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نساءه، فلا يبقى عنده أحد غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في بيتي لم تقم عنه فاطمة ولا أحد من بني، وكنت إذا سألته أجابني، وإذا سكت وفنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله الله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي ، وعلمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها ودعا الله لي أن يؤتيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، ولا علما أملاه عليّ وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ، ولا كتاب منزل على أحد قبله في أمر بطاعة أو نهي عن معصية إلا علمنيه وحفظته فلم أنس حرفا واحدا ، ثم وضع بده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا، فقلت: يا نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم بأبي أنت وأمي إني منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتني شي لم أكتبه ، أفتتخوف على النسيان فيما بعد ؟

ص: 551


1- الحشر : 7.

فقال : لا لست أخاف عليك النسيان ولا الجهل . (1)

وبالاسناد عن أبي الفتح الكراجكي في الاستنصار ومن ذلك ما اخبرني به ابو

أحمد بن عبد الله

المرجا محمّد بن عبد الله بن أبي طالب البلدي، قال: اخبرني أبو عبد الله محمّد ابن ابراهيم بن جعفر النعماني قال: حدثني

لو بن جعفر بن المعلى الهمداني ، قال : حدثني أبو الحسن عمر بن جامع بن حرب الكندي قال : حدثني عبد الله بن المبارك، عن عبد الرزاق، عن معمر ، عن أبان عن سليم بن قيس، قال: قلت لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام اني سمعت من سلمان المقداد ومن أبي ذر اشياء من تفسير القرآن والرواية عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ثم سمعت منك تصديقا لما سمعت منهم ورايت في ايدي الناس اشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الاحاديث عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يخالفونهم فيها ويزعمون أن ذلك

ومن

،باطل أفترى انهم يكذبون متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم ؟

قال: فاقبل علي بن أبي طالب وقال: سألت فافهم الجواب، ان في ايدي الناس حقا وباطلا وصدقا وكذبا وناسخا ومنسوخا وخاصاً وعاما ومحكما ومتشابها وحفظا ووهما وقد كذب على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم على عهده حتى قام خطيبا فقال : ايها الناس قد كثرت الكذابة عليّ فمن كذب علي متعمداً فليتبوء مقعده من .النار. ثم كذب عليه من بعده وانما اتاك بالحديث أربعة ليس لهم خامس رجل منافق مظهر للايمان متصنع بالاسلام باللسان لا يتأثم ولا يتحرّج ان يكذب على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم متعمدا فلو علم المسلمون انه منافق لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ولكنهم قالوا هذا قد كان صحب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وقد راه وسمع منه ، وقد خبّرك عن المنافقين بما خبّرك وقد وصفهم ، ثم بقوا بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وتقربوا الى ائمة الضلالة والدعاة الى النار بالزور والكذب والبهتان فولوّهم الأعمال وحملوهم

ص: 552


1- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 255 - 257 .

على رقاب الناس فأكلوا بهم الدنيا، وانما الناس مع الملوك والدنيا الامن عصم

الله، فهذا احد الاربعة.

ورجل سمع من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم شيئا لم يحفظه على وجه ، فوهم فيه ولم يتعمد كذبا فهو فى يديه يعمل فيه ويرويه ويقول : انا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو علم المسلمون انه وهم لم يقبلوه، ولو علم هو انه وهم لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم شيئا يأمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم

فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ ، فلو يعلم أنه منسوخ لرفضه ورجل رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله بغضأ للكذب وخوفا من الله عز

وجل وتعظيما لرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لو لم يوهم ، بل حفظ الحديث على وجهه وان امر رسول الله ونهيه مثل القرآن ناسخ و منسوخ وعام و خاص ومحكم ومتشابه، فكان يكون من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الكلام له وجهان عام وكلام خاص، مثل ان يسمعه من لا يعرف ما عنى الله عز وجل به وما عنى رسول الله، وكان يسأله ويستفهمه حتى انهم كانوا يحبّون ان يجي الاعرابي والطاري فيسأل رسول الله كل يوم دخله حتى يسمعوا ، وكنت انا ادخل على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم كل يوم دخله وكل ليله يخليني فيها، وقد علم اصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم انه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري وكنت اذا سألت اجابني وإذا سكت ،ابتدئني ، ودعا الله ان يحفظني ويفهمني، فما نسيت شيئا قط مذ دعالي فاني قلت لرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: لم انس شيئا مما تعلمني ، فلم تمله علي ؟ ولم تأمرني بكتبه ، اتخاف على النسيان ؟

فقال : يا اخي لست اتخوف عليك النسيان ولا الجهل، وقد اخبرني الله عزّ وجل انه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون بعدك، وانما

تكتب لهم.

قلت: یا رسول الله ومن شركائي ؟

ص: 553

قال : الذين قرنهم الله بنفسه وبي فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا

الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنكُمْ (1)

فقلت: يا نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم ، ومن هم؟

فقال: الاوصياء الى ان يردوا علي الحوض ، كلهم هادي مهدي لا يضرهم خذلان من خذلهم هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم بهم

تنصر امتي ويمطرون ويقبل منهم مستجاب دعواتهم .

قلت :يا رسول الله سمّهم لي. قال النبي : هذا ، ووضع يده على رأس الحسين - فقال: سيولد محمّد بن

عليّ في حياتك فاقرأه منّي السلام ، ثم تكملة اثنى عشر اماما .

قلت يا نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم سمهم لي. فسماهم رجلا ،رجلا، منهم والله يا اخا بني هلال

مهدي امة محمّد الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جوارا وظلما . وما رواه محمّد بن سعيد عن القاسم بن محمّد بن عبيد عن ابن كلوب قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي عن جعفر بن محمّد، عن آبائه ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : ابشروا ثم ابشروا ثم ابشروا - ثلاث مرات - انما مثل امتي كمثل غيث لا يدرى أوّله خير أم آخره، انما مثل امتي كمثل حديقة اطعم منها فوجا ما، لعل آخرها فوجا يكون أعرضها بحرا واعمقها طولا واطولها فرعا واحسنها جناً، وكيف تهلك امة انا فيها أوّلها واثنا عشر من ولدي من السعداء أولي الألباب والمسيح بن مريم ،آخرها، ولكن يهلك بين ذلك نتج الهرج ليس منّي ولست منه .(2)

وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774 ه-) في جامع المسانيد في كيفية تلقي

ص: 554


1- النساء : 59 .
2- الاستنصار ؛ لأبي الفتح الكراجكي : 10 - 15 .

أمير المؤمنين علیه السلام علمه بالحديث ، قال : عن عبدالله بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه ، انه قيل لعلي : مالك اكثر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً ؟ قال :

( اني كنت إذا اسألته انبأني واذا سكت ابتدأني) . (1)

ص: 555


1- جامع المسانيد 17:19 ، ط / 1415ه-.

[ الخطبة ( 216)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج ما نصه: قوله علیه السلام: اما بعد، فقد جعل الله لي عليكم حقاً ... إلى آخره. رواها الكليني في روضة الكافي ( ص 259) بسند ينتهي الى جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام... الى قوله : فأجابه الرجل الذي أجابه من قبل، والاختلاف بين الروايتين يسير (1) قال العرشي في التخريج ، ما نصّه: رواها الكليني في كتاب الروضة من فروع

الكافي [ج 3 ص 163 ](2)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 329ه-) في «الكافي»: علي بن الحسن المؤدب ، عن أحمد بن محمّد بن خالد وأحمد بن محمّد عن علي بن الحسن التيمي جميعا، عن إسماعيل بن ،مهران قال حدثني عبد الله بن الحارث، عن جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام، قال : خطب أمير المؤمنين علیه السلام الناس بصفين، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمّد النبي صلی الله علیه و آله وسلم ثم قال : أما بعد ، فقد جعل الله تعالى لي عليكم حقا بولاية أمركم ومنزلتي

ص: 556


1- مدارك نهج البلاغة : 95
2- راجع استناد نهج البلاغة .

التي أنزلني الله عزّ ذكره بها منكم ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم والحق أجمل الاشياء في التواصف وأوسعها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه ولا يجري عليه إلا جرى له ، ولو كان لاحد أن يجري ذلك له ولا يجري عليه لكان ذلك الله عز وجل خالصا دون خلقه ؛ لقدرته على عباده ولعدله كل ما جرت عليه ضروب قضائه ولكن جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل كفارتهم عليه بحسن الثواب تفضّلا منه وتطوّلا بكرمه وتوسعا بما هو من المزيد له أهلا ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافى في وجوهها ويوجب بعضها بعضا ولا يستوجب بعضها إلا ببعض ، فأعظم مما افترض الله تبارك وتعالى من تلك الحقوق: حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي، فريضة فرضها الله عز وجل لكل على كل فجعلها نظام الفتهم وعزّاً لدينهم وقواما لسنن الحق فيهم ، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه وأدى إليها الوالي كذلك عز الحق بينهم فقامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على إذلالها السنن فصلح بذلك الزمان وطاب به العيش وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الأعداء.

وإذا غلبت الرعية واليهم وعلا الوالي الرعية، اختلفت هنالك الكلمة وظهرت مطامع الجور، وكثر الادغال في الدين، وتركت معالم السنن، فعمل بالهوى وعطلت الآثار وكثرت علل النفوس، ولا يستوحش الجسيم حد عطل، ولا لعظيم باطل اثل، فهنالك تذل الابرار وتعز الاشرار وتخرب البلاد، وتعظم تبعات الله عز وجل عند العباد فهلم أيها الناس إلى التعاون على طاعة الله عز وجل والقيام بعدله والوفاء بعهده والانصاف له في جميع حقه، فإنه ليس العباد إلى شئ أحوج منهم إلى التناصح في ذلك وحسن التعاون عليه، وليس أحد - وإن اشتد على

ص: 557

رضى الله حرصه وطال في العمل اجتهاده - ببالغ حقيقة ما أعطى الله من الحق أهله ولكن من واجب حقوق الله عز وجل على العباد النصيحة له بمبلغ جهدهم، والتعاون على إقامة الحق فيهم، ثم ليس امرء وإن عظمت في الحق منزلته وجسمت في الحق فضيلته بمستغن عن أن يعان على ما حمله الله عز وجل من حقه، ولا لامرئ مع ذلك خسئت به الامور واقتحمته العيون بدون ما أن يعين على ذلك ويعان عليه وأهل الفضيلة في الحال، وأهل النعم العظام أكثر في ذلك حاجة، وكل في الحاجة إلى الله عز وجل شرع سواء.

فأجابه رجل من عسكره ، لا يدرى من هو ؟ ويقال : إنه لم ير في عسكره قبل ذلك اليوم ولا بعده، فقام وأحسن الثناء على الله عز وجل بما أبلاهم وأعطاهم من واجب حقه عليهم والاقرار بكل ما ذكر من تصرف الحالات به وبهم ثم قال: أنت أميرنا ونحن رعيتك بك أخرجنا الله عز وجل من الذل، وباعزازك أطلق عباده من الغل، فاختر علينا وامض اختيارك، وانتمر فأمض التمارك، فإنك القائل المصدق والحاكم الموفق والملك المخول لا نستحل في شي معصيتك، ولا نقيس علما بعلمك ، يعظم عندنا في ذلك خطرك ، ويجل عنه في أنفسنا فضلك . فأجابه أمير المؤمنين علیه السلام فقال : إن من حق من عظم جلال الله في نفسه وجل موضعه من قبله أن يصغر عنده لعظم ذلك كل ما سواه، وإن أحق من كان كذلك لمن عظمت نعمة الله عليه ولطف إحسانه إليه فإنه لم تعظم نعمة الله على أحد إلا زاد حق الله عليه عظما وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن

، بهم حب الفخر ويوضع أمرهم على الكبر ، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الاطراء واستماع الثناء، ولست بحمد الله كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا الله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة

والكبرياء، وربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا علي بجميل ثناء

ص: 558

لاخراجي نفسي إلى الله وإليكم من البقية في حقوق لم أفرغ من أدائها وفرائض لا بد من إمضائها ، فلا تكلموني بما تكلّم به الجبابرة، ولا تتحفظوا منّي بما يتحفظ به عند أهل البادرة ، ولا تخالطوني بالمصانعة ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي ، ولا التماس إعظام لنفسي لما لا يصلح لي ؛ فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عنى مقالة بحق أو مشورة بعدل ، فإني لست في نفسي بفوق ما أن أخطئ ولا أمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره يملك منا ما لا نملك من أنفسنا، وأخرجنا مما كنا فيه إلى ما صلحنا عليه فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى وأعطانا البصيرة بعد العمى.

فأجابه الرجل الذي أجابه من قبل، فقال: أنت أهل ما قلت والله ، والله فوق ما ،قلته فبلاؤه عندنا ما لا يكفر وقد حملك الله تبارك وتعالى رعايتنا وولاك سياسة أمورنا، فأصبحت علمنا الذي نهتدي به وإمامنا الذي نقتدي به وأمرك كله رشد وقولك كله أدب، قد قرت بك في الحياة أعيننا وامتلأت من سرور بك قلوبنا وتحيرت من صفة ما فيك من بارع الفضل عقولنا، ولسنا نقول لك : أيها الامام الصالح ؛ تزكية لك ولا نجاوز القصد الثناء عليك ولم يكن في أنفسنا طعن على يقينك أو غش في دينك فتتخوف أن تكون أحدثت بنعمة الله تبارك وتعالى تجبرا أو دخلك كبر، ولكنا نقول لك ما قلنا تقربا إلى الله عز وجل بتوقيرك وتوسعا بتفضيلك وشكرا بإعظام أمرك، فانظر لنفسك ولنا وآثر أمر الله على نفسك

،وعلينا، فنحن طوع فيما أمرتنا ننقاد من الامور مع ذلك فيما ينفعنا. فأجابه أمير المؤمنين علیه السلام فقال : وأنا أستشهدكم عند الله على نفسي لعلمكم فيما وليت به من اموركم وعما قليل يجمعني وإياكم الموقف بين يديه والسؤال عما كنا فيه ، ثم يشهد بعضنا على بعض، فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم

ص: 559

شاهدون غدا ، فإن الله عز وجل لا يخفى عليه خافية ولا يجوز عنده إلا مناصحة الصدور في جميع الأمور.

فأجابه الرجل ، ويقال : لم ير الرجل بعد كلامه هذا الامير المؤمنين علیه السلام، فأجابه ، وقد عال الذي في صدره فقال : والبكاء يقطع منطقه وغصص الشجا تكسر صوته إعظاما لخطر مرزئته ووحشة من كون فجيعته . فحمد الله وأثنى عليه ، ثم شكا إليه هول ما أشفى عليه من الخطر العظيم والذل الطويل في فساد زمانه وانقلاب حده وانقطاع ما كان من ،دولته، ثم نصب المسألة إلى الله عز وجل بالامتنان عليه والمدافعة عنه بالتفجيع وحسن الثناء ، فقال : يا رباني العباد ويا سكن البلاد أين يقع قولنا من فضلك وأين يبلغ وصفنا من فعلك ، وأنى نبلغ حقيقة حسن ثنائك ، أو نحصي جميل بلائك، فكيف ؟ وبك جرت نعم الله علينا على يدك اتصلت أسباب الخير إلينا ، ألم تكن لذل الذليل ملاذا وللعصاة الكفار إخوانا ؟ فيمن إلا بأهل بيتك وبك أخرجنا الله عز وجل من فظاعة تلك الخطرات ؟ أو بمن فرج عنا غمرات الكربات؟ ويمن ؟ إلا بكم أظهر الله معالم ديننا، واستصلح ما كان فسد من دنيانا حتى استبان بعد الجور ذكرنا، وقرت من رخاء العيش أعيننا لما وليتنا بالاحسان جهدك ، ووفيت لنا بجميع وعدك وقمت لنا على جميع عهدك ، فكنت شاهد من غاب منا وخلف أهل البيت لنا، وكنت عن ضعفائنا وثمال فقرائنا وعماد عظمائنا، يجمعنا في الامور عدلك ويتسع لنا في الحق ،تأنيك، فكنت لنا انسا إذا رأيناك ، وسكنا إذا ذكرناك، فأي الخيرات لم تفعل ؟ وأي الصالحات لم تعمل ؟ ولو لا أن الامر الذي نخاف عليك منه يبلغ تحويله جهدنا وتقوي لمدافعته طاقتنا أو يجوز الفداء عنك وبمن نفديه بالنفوس من أبنائنا ، لقدمنا أنفسنا وأبناءنا قبلك ولا خطرناها وقل خطرها دونك، ولقمنا بجهدنا في محاولة من حاولك وفي من ناواك، ولكنه سلطان لا يحاول وعز لا يزاول وربّ لا يغالب، فإن مدافعة

ص: 560

يمنن علينا بعافيتك ويترحّم علينا ببقائك ويتحنّن علينا بتفريج هذا من حالك إلى سلامة منك لنا، وبقاء منك بين أظهرنا، نحدث الله عز وجل بذلك شكرا نعظمه وذكرا نديمه، ونقسم أنصاف أموالنا صدقات وأنصاف رقيقنا عتقاء ونحدث له

أنفسنا ، تواضعا في ، ون ونخشع في جميع أمورنا وإن يمض بك إلى الجنان ويجري عليك حتم سبيله، فغير متهم فيك قضاؤه ولا مدفوع عنك بلاؤه، ولا مختلفة مع ذلك قلوبنا بأن اختياره لك ما عنده على ما كنت فيه ، ولكنا نبكي من غير إثم لعز هذا السلطان أن يعود ذليلا، وللدين والدنيا أكيلا ، فلا نرى لك خلفا تشكوا إليه ولا نظيرا نأمله ولا نقيمه (1)

وبالاسناد عن الموفق الخوارزمي (ت / 568ه-) في المناقب، قال: وبهذا أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد

الاسناد

أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان، حدثنا عبد الله بن محمّد بن أبي الدنيا، حدثنى علي بن الحسين بن عبد الله، عن عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي أخبرنا رجل من بني شيبان ان علي بن أبي طالب علیه السلام خطب فقال: الحمد الله أحمده واستعينه وأومن به واتوكّل عليه، وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمّدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليزيح به علتكم ويوقظ به غفلتكم، واعلموا انكم ميتون ومبعوثون من بعد الموت، وموقوفون على اعمالكم ومجزيون ( فَلاَ تَغُرُنُكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم باللهِ الْغَرُورُ )(2) ، فانها دار بالبلاء محفوفة وبالفناء معروفة وبالغدر موصوفة، وكل ما فيها إلى زوال وهي بين أهلها دول وسجال لا تدوم احوالها ولن يسلم من شرها نزالها بينا أهلها منها في رخاء وسرور إذا هم منها في بلاء وغرور، احوال مختلفة وتارات متصرفة

ص: 561


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 80 352 - 361
2- لقمان : 33.

العيش فيها مذموم والرخاء فيها لا يدوم، وإنما أهلها فيها اغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها وتقصمهم بحمامها، وكل حتفه فيها مقدور وحظّه فيها موفور واعلموا عباد الله انكم وما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى، ممن كانوا أطول منكم اعمارا وأشد منكم بطشا واعمر ديارا وابعد آثارا فاصبحت اصواتهم خامدة من بعد طول تعليها واجسادهم بالية، وديارهم خالية وآثارهم عافية، واستبدلوا بالقصور المشيدة والسرر المنضدة والنمارق الممهدة الصخور والاحجار المسندة في القبور اللاطئة الملحدة، التي قد بني للخراب فناؤها، وشيد بالتراب بناؤها ، فمحلها مقترب وساكنها مغترب بين أهل عمارة وموحشين وأهل محلة متشاغلين لا يستأنسون بالعمران، ولا يتواصلون تواصل الجيران والاخوان على ما بينهم من قرب الجوار ودنو الدار ، وكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنهم بكلكله البلى ، واكلتهم الجنادل والثرى، فاصبحوا بعد الحياة امواتاً، وبعد غضارة العيش رفاتاً، فجع بهم الاحباب وسكنوا التراب وظعنوا فليس لهم أياب، هيهات هيهات كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةُ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ )(1)فكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه من البلى والوحدة في دار المثوى وارتهنتم في ذلك المضجع وضمّكم ذلك المستودع ، فكيف بكم لو قد تناهت الامور وبعثرت القبور وحصل ما في الصدور ) ووقفتم للتحصيل بين يدي الملك (2) الجليل فطارت القلوب لاشفاقها من سالف الذنوب، وهتكت عنكم الحجب والاستار، وظهرت منكم العيوب والاسرار، هنالك تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ )(3)

ص: 562


1- المؤمنون : 100 .
2- اقتباس من قوله تعالى : (أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصلَ مَا فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ) (العاديات : 9 - 11).
3- غافر : 17 .

ان الله عزوجل يقول :( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى ) (1) وقال: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً يَاؤ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً )(2) جعلنا الله واياكم عاملين بكتابه، متبعين لاوليائه حتى يحلّنا واياكم دار المقامة من فضله إنه حميد مجيد .(3)

ص: 563


1- النجم: 31.
2- الكهف 49 .
3- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 370.

[ الكلام (217)]

قال العرشي في التخريج ما نصهّ: رواه الثقفي في كتاب الغارات ضمن خطبة

طويلة [ابن أبي الحديد ج 1 ص 295] ، ويقرب من هذا الكلام ما رواه الشيخ المفيد في كتاب الجمل (45 و 76) .( انتهى)(1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما تقدم في الخطبة (26) فراجع. ،

ص: 564


1- راجع استناد نهج البلاغة

[ الكلام (218)]

ورد هذا المقطع من النص في الخطبة (26) ، فان هذا من جملة تلك الخطبة،

ص: 565

[ الكلام (219) ]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواه المبرد في الكامل[ج 1 ص

136 ]

و ابن عبد ربه في العقد الفريد( ج 2 ص 279)، والبيهقي في المحاسن والمساوي

[ج 2 ص 53] باختلاف الألفاظ » . (انتهى)(1)

ص: 566


1- راجع : استناد نهج البلاغة

[ الكلام ( 220) ]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواه علي بن محمّد الواسطي في

الحكم والمواعظ (بحار الانوارج 17 ص 13)». انتهى . (1)

الله الجامعة

قا، ولم أظلم ا

ص: 567


1- راجع : استناد نهج البلاغة

[ الكلام ( 224 ) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: والله لئن أبيت على حسك السعدان ... الى آخره . رواها الشيخ المجلسي في كتاب الاربعين 116» ، قال : الحديث الخامس والعشرون ما رويته باسانيدي المتقدمة

الى الشيخ الصدوق رئيس المحدثين محمّد بن بابويه القمي، مما أورده في أماليه ثم أورد السند إلى المفضل بن عمر عن الصادق علیه السلام عن آبائه، قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام: والله ما دنياكم عندي ... الى أن يقول: والله لئن أبيت على حسك السعدان مرقداً ... الخ، وأكثر الفقرات المروية هنا فيها، ولعل مارواه السيّد رواية أخرى أو مختاره منها قوله علیه السلام: الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ... الخ ذكرها الطبرسي في الاحتجاج » . (1)

قال العرشي في التخريج ما نصّه : رواه الشيخ الصدوق في أماليه

المجلس (90). (انتهى) (2)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق

ص: 568


1- مدارك نهج البلاغة : 95 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة

(ت / 381 ه-) في (الأمالي»، قال: حدثنا علي أحمد بن موسى الدقاق رضی الله عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسن الطائي، قال: حدثنا محمّد بن الحسين الخشاب :قال حدثنا محمّد بن محسن عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن ،محمّد عن أبيه علیهم السلام، عن ، عن جده عن أبيه ، قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام: والله ما دنياكم عندي إلا كسفر على منهل حلوا، إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا، ولا لذاذتها في عيني إلا كحميم أشربه غساقا، وعلقم أتجرعه زعاقا، أفعى أسقاه دهاقا، وقلادة من نار أوهقها خناقا، ولقد رقع مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، وقال لي : اقذف بها قذف الاتن، لا يرتضيها ليرقعها .

فقلت له: أغرب عني ، فعند الصباح يحمد ، فعند الصباح يحمد القوم السرى، وتنجلي عنا علالات الكرى ولو شئت لتسربلت بالعبقري المنقوش من ديباجكم، ولأكلت لباب هذا البر بصدور دجاجكم، ولشربت الماء الزلال برقيق زجاجكم، ولكني أصدق الله جلت عظمته حيث يقول ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ)(1)، فكيف أستطيع الصبر على نار لو قذفت بشررة إلى الأرض لاحرقت نبتها ، ولو اعتصمت نفس بقلة لانضجها وهج النار في قلتها؟ وأيما خير لعلي أن يكون عند ذي العرش مقربا ، أو يكون في لظى خسيئا مبعدا ، مسخوطا عليه بجرمه مكذبا. والله لان أبيت على حسك السعدان مرقدا ، وتحتي أطمار على سفاها ممددا ، أو أجر في أغلالي مصفدا، أحب إلي من أن ألقى في القيامة محمدا خائنا في ذي يتمة أظلمه بفلسة متعمدا ، ولم أظلم اليتيم وغير اليتيم ؟! لنفس تسرع إلى البلاء قفولها، ويمتد في أطباق الثرى حلولها ، وإن عاشت رويدا فبذي العرش نزولها.

معاشر شيعتي، احذروا فقد عظتكم الدنيا بأنيابها، تختطف منكم نفسا بعد

ص: 569


1- هود 15-16

نفس كذئابها ، وهذه مطايا الرحيل قد أنيخت لركابها . ألا إن الحديث ذو شجون فلا يقولن قائلكم : إن كلام علي متناقض لان الكلام عارض. ولقد بلغني أن

قطان المدائن تبع بعد الحنيفية علوجه ، ولبس من نالة دهقانه منسوجه

رجلا من و تضمخ بمسك هذه النوافج صباحه، وتبخّر بعود الهند ،رواحه، وحوله ريحان حديقة يشم ،نفاحه، وقد مدّ له مفروشات الروم على سرره، تعسا له بعد ما ناهز السبعين من عمره، وحوله شيخ يدب على أرضه من هرمه، وذو يتمة تضوّر من ضره ومن قرمه فما واساهم بفاضلات من علقمه لئن أمكنني الله منه لاخضمنه خضم البر، ولاقيمن عليه حد المرتد ، ولاضربنه الثمانين بعد حد، ولاسدنّ من جهله كل مسد تعساً له، أفلا ،شعر ، أفلا صوف، أفلا وبر ، أفلا رغيف قفار الليل إفطار مقدم، أفلا عبرة على خد في ظلمة ليال تنحدر ؟ ولو كان مؤمنا لا تسقت له الحجة إذا ضيع ما لا يملك . والله لقد رأيت عقيلا أخي وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعة، وعاودني في عشر وسق من شعيركم يطعمه جياعه، ويكاد يلوي ثالث أيامه خامصا ما استطاعه، ورأيت أطفاله شعث الألوان من ضرّهم كأنما اشمأزت وجوههم من قرّهم، فلما عاودني في قوله وكرره، أصغيت إليه سمعي فغرّه، وظنني أونغ ديني فأتبع ما سره، أحميت له حديدة لينزجر ، إذ لا يستطيع منها دنوا ولا يصبر، ثم أدنيتها من جسمه، فضح من ألمه، ضجيج ذي دنف يئن سقمه، وكاد يسبني سفها من كظمه ولحرقة في لظى أضنى له من عدمه،

من

فقلت له : ثكلتك الثواكل يا عقيل أتنن من حديدة أحماها إنسانها لمدعيه وتجرّني إلى نار سجرها جبارها من غضبه ؟! أتئن من الأذى، ولا أنن من لظى ؟! والله لو سقطت المكافاة عن الامم، وتركت في مضاجعها باليات في الرمم لاستحييت من مقت رقيب يكشف فاضحات من الاوزار تنسخ فصبرا على دنيا تمرّ بلأوائها ، كليلة بأحلامها تنسلخ ، كم بين نفس في خيامها ناعمة ، وبين أثيم في

ص: 570

جحيم يصطرخ ؟ ولا تعجب من هذا.

واعجب بلا صنع منا من طارق طرقنا بملفوفات زملها في وعائها، ومعجونة

بسطها في إنائها ، فقلت له : أصدقة أم نذر أم زكاة ؟ وكل ، ذلك علينا أهل

يحرم بيت النبوة، ومعوضين منه خمس ذي القربى في الكتاب والسنة فقال لي : لا ذاك ولا ذاك، ولكنه هدية. فقلت له : ثكلتك الثواكل، أفعن دين الله تخدعني بمعجونة غرقتموها بقندكم، وخبيصة صفراء أتيتموني بها بعصير تمركم ؟ أمختبط، أم ذو جنة، أم تهجر ؟ أليست النفوس عن مثقال حبة من خردل مسؤولة ؟ فماذا أقول في معجونة أتزقمها معمولة ؟ والله لو أعطيت الاقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، واسترق لي ،قطانها، مذعنة بأملاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها شعيرة فألوكها، ما قبلت ولا أردت، ولدنياكم أهون عندي من ورقة في جرادة تقضمها وأقذر عندي من عراقة خنزير يقذف بها أجذمها، وأمر على فؤادي من يلوكها ذو سقم فيبشمها ، فكيف أقبل ملفوفات عكمتها في طيها، ومعجونة كأنها عجنت بريق حية أو قيها؟ اللهم إني نفرت عنها نفار المهرة من راكبها أريه السها ويريني القمر. أمتنع من وبرة من قلوصها ساقطة ، وابتلع إبلا في مبركها رابطة ؟ أ دبيب العقارب من وكرها ألتقط أم قواتل الرقش في مبيتي ارتبط ؟ فدعوني أكتفي من دنياكم بملحي وأقراصي ، فبتقوى الله أرجو خلاصي ، ما لعلي ونعيم يفنى ولذة تنتجها المعاصي ؟ سألقى وشيعتي ربنا بعيون مره ، وبطون خماص وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَسْحَقَ الْكَافِرِينَ ) (1)، ونعوذ بالله من سيئات الاعمال.

وصلى الله على محمّد وآله وسلم كثيرا » . (2)

حنظلة

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت 460 ه-) في الأمالي، قال: أخبرنا أحمد

ص: 571


1- آل عمران: 141 .
2- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق: 718 - 722

ابن محمّد بن الصلت قال : أخبرنا أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن القاسم أبو جعفر الأكفاني من أصل كتابه، قال حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا أبو معاذ زياد بن رستم بياع الادم، عن عبد الصمد، عن جعفر ابن محمّد علیهما السلام، قال : قلت يا أبا عبد الله، حدثنا حديث عقيل . قال: نعم، جاء عقيل إليكم بالكوفة ، وكان علي جالسا في صحن المسجد، وعليه قميص سنبلاني (1)قال : فسأله فقال : اكتب لك إلى ينبع . قال : ليس غير هذا؟ قال: لا. فبينما هو كذلك إذ أقبل الحسين علیه السلام فقال : اشتر لعمك ثوبين، فاشترى له قال يا ابن أخي ما هذا؟ قال: هذه كسوة أمير المؤمنين علیه السلام، ثم أقبل حتى انتهى إلى عليه فجلس ، فجعل يضرب يده على الثوبين وجعل يقول : ما ألين هذا الثوب يا أبا يزيد قال يا حسن، أخد (2)عمك . قال والله ما أملك صفراء ولا بيضاء. قال: فمر له ببعض ثيابك . قال : فكساه بعض ثيابه . قال : ثم قال : يا محمد ، أخد عمك . قال : والله لا أملك درهما ولا دينارا. قال: فاكسه بعض ثيابك . قال عقيل : يا أمير

المؤمنين، إنذن لي إلى معاوية . قال : في حل محلل ، فانطلق نحوه، وبلغ ذلك معاوية ، فقال : اركبوا أفره دوابكم والبسوا من أحسن ثيابكم، فإن عقيلا قد أقبل نحوكم، وأبرز معاوية سريره، فلما انتهى إليه عقيل، قال معاوية : مرحبا بك يا أبا يزيد ، ما نزع بك ؟ قال : طلب الدنيا من مظانها . قال : وفقت وأصبت ، قد أمرنا لك بمائة ألف، فأعطاه المائة ألف. ثم قال: أخبرني عن العسكرين اللذين مررت بهما ، عسكري وعسكر علي . قال : في الجماعة أخبرك، أو في الوحدة؟ قال : لا بل في الجماعة . قال : مررت على عسكر عليّ ، فإذا ليل كليل النبي صلی الله علیه و آله وسلم ، ونهار كنهار النبي صلی الله علیه و آله وسلم ، إلا أن رسول الله ليس فيهم، ومررت على عسكرك فإذا أول من

ص: 572


1- القميص السنبلاني : السابع الطول ، وقيل : المنسوب إلى بلد بالروم.
2- يقال : أخديته ، أي أعطيته

استقبلني أبو الأعور وطائفة من المنافقين والمنفرين برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن أبا سفيان ليس فيهم. فكف عنه حتى إذا ذهب الناس ، قال له: يا أبا يزيد، أيش صنعت بي ؟ قال : ألم أقل لك: في الجماعة أو في الوحدة فأبيت علي ؟ قال: أما الآن فاشفني من عدوي . قال : ذلك عند الرحيل . فلما كان من الغد شد غرائره ورواحله وأقبل نحو معاوية، وقد جمع معاوية حوله، فلما انتهى إليه قال يا معاوية من ذا عن يمينك ؟ قال : عمرو بن العاص ، فتضاحك ، ثم قال: لقد علمت قريش أنه لم يكن أحصى لتيوسها من أبيه ، ثم قال : من هذا؟ قال : هذا أبو موسى، فتضاحك ، ثم قال : لقد علمت قريش بالمدينة أنه لم يكن بها امرأة أطيب ريحا من قب(1) أمه . قال: أخبرني عن نفسي يا أبا يزيد قال : تعرف حمامة ، ثم سار فألقي في خلد معاوية، قال: أم من أمهاتي لست أعرفها ! فدعا بنسابين من أهل الشام، فقال: أخبراني عن أم من أمهاتي يقال لها حمامة ، لست أعرفها. فقالا: نسألك بالله لا تسألنا عنها اليوم . قال : أخبراني أو لأضر بن أعناقكما لكما الأمان. قالا : فإن حمامة جدة أبي سفيان السابعة، وكانت بغياً، وكان لها بيت توفى فيه.

قال جعفر بن محمّد علیهما السلام: وكان عقيل من أنسب الناس».(2)

ص: 573


1- القب: ما بين الأليتين أو الوركين .
2- الأمالي ، للشيخ الطوسي

[ الدعاء ( 225) ]

من التعقيبات : اروي فقرات من هذه الخطبة عن الامام زين العابدين علي بن الحسين علیهما السلام بن علي في المقطع (26) من دعاء مكارم الاخلاق في الصحيفة السجادية » - الرواية المشهورة - على اختلاف في الالفاظ، وقد شرحت اسنادها

في «الدراسة المنيفة»، فليراجع ، وموارد الاختلاف ستة مواضع هي :

في النهج في الصحيفة

1-تبتذل تبذل

2-استعطف استعطى

3- فأبتلي بحمد فأبتلي بحمد

4۔ وافتتن بدم وابتلي بذم

5-وانت من وراء ذلك وانت من دون ذلك

6-انك على كل شيء قدير لا يوجد

وقد روي في الصحيفة السجادية برقم (20) والظاهر انه من رواية الأبناء عن الآباء، رواه عليّ بن الحسين السجاد عن ابيه، عن جده علي بن أبي طالب لا يوجد ، والسند الى سيد الساجدين، جاء في مقدمة الصحيفة بروايتين هما رواية

ص: 574

ابن الأعلم ورواية ابن المطهري، ونصهما

حدثنا السيد الأجل نجم الدين بهاء الشرف أبو الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد بن عليّ بن محمّد بن عمر بن يحيى العلوي الحسيني ، قال: أخبرنا

الشيخ السعيد أبو عبدالله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن لخزانة مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام في شهر ربيع الأوّل من سنة ست عشرة وخمسماءة قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : سمعتها على الشيخ الصدوق أبي منصور محمّد بن محمّد بن أحمد بن عبدالعزيز العكبري المعدل ، عن أبي المفضّل محمّد بن عبدالله بن المطلب الشيباني ، قال : حدثنا الشريف أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن خطاب الزيات سنة خمس وستين ومائتين ، قال : حدثني خالي علي بن النعمان الأعلم، قال: حدثني عمير بن متوكل الثقفي البلخي، عن أبيه متوكل بن هارون عن أبي عبدالله الصادق وزيد الشهيد

عن أبيهما .

الرواية الثانية : نصّها : وحدثنا أبو المفضل ، قال : وحدثني محمّد بن الحسن بن نزيل الرحبة في داره، قال حدثني محمّد بن

ص: 575

[ الخطبة ( 226)]

قال العرشي في التخريج ما نصه: «الخطبة الحادية والعشرون بعد المائتين: واعلموا عباد الله أنكم وما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى قبلكم ( ج 2 ص 246 ) . رواها على بن محمّد الواسطي في عيون الحكم (بحار الأنوار ج 17 ص 114) . (انتهى) . (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه من الموافقات بالاسناد عن سبط ابن الجوزي ( ت / 654 ه-) ، قال : خطبة أخرى وتعرف بالبالغة، وبه قال العرشي : حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عبد الله بن صالح العجلي ، قال : أخبرني رجل من بني شيبان، قال: شهدت عليا وقد خطب خطبة بليغة، حمد الله فيها ثم صلى على رسوله محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، ثم قال: أيها الناس ان الله أرسل اليكم رسولا ليزيح به علتكم ويوقظ به غفلتكم ، واني أخوف ما أخاف عليكم : اتباع الهوى وطول الأمل، فاما اتباع الهوى فيضلكم عن الحق ، وأما طول الأمل فينسيكم الآخرة، ألا وان الدنيا قد ترحّلت مديرة، وان الآخرة قد اقبلت مقبلة، ولكل واحدة منهما ،بنون فكونوا من ابناء الآخرة ولا

ص: 576


1- راجع استناد نهج البلاغة ، الرقم 100 .

تكونوا من أبناء الدنيا، فان اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل واعلموا انكم ميتون ومبعوثون من بعد الموت، ومحاسبون على اعمالكم ومجزون بها فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرُنُكُم بِاللهِ الْغَرُورُ(1) ، فانها دار بالبلاء ،محفوفة، وبالعناء والغدر موصوفة، وكل ما فيها الى زوال، وهي بين أهلها دول وسجال ، لا تدوم أحوالها ولا يسلم من شرها نزالها بينا أهلها منها في رخاء

ا وسرور اذا هم في بلاء وغرور، العيش فيها مذموم، والرخاء فيها لا يدوم، ، أهلها فيها أهداف - أو أغراض - مستهدفة، وأسبابها مختلفة، وكل فيها حتفه مقدور وحظه من نوائبها موفور، واعلموا عباد الله انكم وما أنتم فيه من زهرة الدنيا على سبيل من قد مضى ممن كان أطول منكم أعماراً واشد بطشاً واعمر دياراً وأبعد آثاراً ، فاصبحت اجسادهم بالية وديارهم خالية وآثارهم عافية، فاستبدلوا بالقصور المشيدة والنمارق الموسدة الصخور والاحجار في القبور التي خرب فناؤها وتهدم بناؤها ، فمحلها مقترب وساكنها مغترب بين قوم مستوحشين متجاورين غير متزاورين لا يستأنسون بالعمران ولا يتواصلون تواصل الجيران على ما بينهم من قرب الجوار ودنو الدار وكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنتهم البلى ، واظلتهم الجنادل والثرى، فاصبحوا بعد الحياة أمواتاً وبعد غضارة العيش رفاتاً قد فجع بهم الأحباب واسكنوا التراب وظعنوا فليس لهم أياب وتمنوا الرجوع، فحيل بينهم وبين ما يشتهون (2)كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةً هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (3) وكأن قد صرتم الى ما صاروا اليه ، وقدمتم على ما قدموا عليه،

ص: 577


1- لقمان : 33.
2- اقتباس من قوله تعالى: (وَجِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فَعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ ) (سبأ : 54) .
3- المؤمنون : 100 .

فكيف بكم اذا تناهت الأمور ، و بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصلَ مَا فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرُ (1) وكأني والله بكم وقد وقفتم للتحصيل بين يدي الملك الجليل، فطارت القلوب لاشفاقها من سالف الذنوب، وهبطت عنكم الحجب والأستار وظهرت العيوب والاسرار وزال الشك والارتياب، هنالك تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) (2) جعلنا الله وإياكم عاملين بكتابه متبعين لسنة رسوله حتى يحلنا دار المقامة من فضله انه حميد مجيد برحمته وكرمه . ثم قال : وقد أخرج أبو نعيم في كتاب ( الحلية ) طرفاً من أول هذه الخطبة .(3) وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في « تاريخ مدينة دمشق»: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشاً بن ،نظيف نا الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن ،مروان، نا أبو قبيصة، نا سعيد الجرمي، عن عبد الله بن صالح العجلي، عن أبيه، قال خطب علي بن أبي طالب يوما فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلی الله علیه و آله وسلم ثم :قال عباد الله لا تغرنّكم الحياة الدنيا فإنها دار بالبلاء محفوفة وبالفناء معروفة وبالغدر موصوفة وكل ما فيها إلى زوال وهي بين أهلها دول وسجال ، لن يسلم من شرها نزالها بينا أهلها في رجاء وسرور إذ هم منها في بلاء وغرور، العيش فيها مذموم والرخاء فيها لا يدوم، وإنما أهلها فيها أغراض مستهدفة ترميهم بسهامها وتقضمهم بحمامها . عباد الله إنكم وما أنتم من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى ممن كان أطول منكم أعمارا وأشدّ منكم بطشا وأعمر ديارا وأبعد اثارا، فأصبحت أصواتهم هامدة خامدة من بعد طول تقلبها وأجسادهم بالية وديارهم خالية وآثارهم عافية، واستبدلوا بالقصور المشيدة والسرر والنمارق الممهدة الصخور والأحجار المسندة في القبور اللاطئة الملحدة، التي قد بني على الخراب فناؤها

ص: 578


1- العاديات : 9 - 11 .
2- غافر : 17 .
3- تذكرة الخواص : 116 - 117 ، ط / 1401ه-.

وشيد بالتراب بناؤها، فمحلّها ،مقترب وساكنها مغترب بين أهل عمارة موحشين، وأهل محلة متشاغلين لا يستأنسون بالعمران، ولا يتواصلون تواصل الجيران على ما بينهم من قرب الجوار ودنّو الدار ، وكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنهم بكلكله البلى، وأكلتهم الجنادل والثرى فأصبحوا بعد الحياة أمواتا ، وبعد غضارة العيش ،رفاتا، فجع بهم الأحباب وسكنوا التراب وظعنوا فليس لهم ایاب هيهات هيهات كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (1)وكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه من الوحدة والبلاء في دار الموتى وارتهنتم في ذلك المضجع وضمكم ذلك المستودع ، فكيف بكم لو قد تناهت الأمور وبعثرت (2)

القبور وحصل ما في الصدور (3)وضمكم وأوقفتم للتحصيل بين يدي ملك جليل، فطارت القلوب لإشفاقها من سالف الذنوب، وهتكت عنكم الحجب والأستار، وظهرت منكم العيوب والأسرار، هنالك تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بما كَسَبَتْ ) ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) (4)

وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) (5) جعلنا الله واياكم عاملين بكتابه ، متبعين لأوليائه حتى يحلنا وإياكم دار المقامة من

فضله ، إنه حميد مجيد» (6)

ص: 579


1- المؤمنون : 100.
2- اقتباس من قوله تعالى: (أَفَلَا يَعْلَمَ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصلَ مَا فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ (11 يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (العاديات : 9 - 11)
3- غافر : 17.
4- النجم : 31.
5- الكهف : 49 .
6- تاريخ مدينة دمشق ؛ لابن عساكر 42 500 - 501 ، والاكتفاء : 481 - 484 ، ط /1422ه-.

[من الدعاء ( 227 ) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي( ت / 460 ه- ) ، قال في مصباح المتهجد في اعمال يوم الجمعة مانصه : ( ثم) تصلي نوافل يوم الجمعة، على ما وردت به الرواية عن الرضا علیه السلام أنه قال : تصلي

ست ركعات بكرة، وست ركعات بعدها إثنا عشرة وست ركعات بعد ذلك، ثمان عشرة، وركعتين عند الزوال، وينبغي أن يدعو بين كل ركعتين بالدعاء المروي عن علي بن الحسين فإنه كان يدعو به بين الركعات. الدعاء بين الركعتين الأوليين : اللهم إني أسألك بحرمة من عاذ بك ولجأ إلى

! عزك واعتصم بحبلك ولم يثق إلا بك يا واهب العطايا، يا من سمّى نفسه من جوده الوهاب صل على محمّد وآل محمّد المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك ، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته . اللهم صل على محمّد وال محمّد واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وارزقني حلالا طيبا مما شئت وأنى شئت وكيف شئت فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت كما شئت

زيادة في الدعاء من رواية أخرى: اللهم ! إن قلبي يرجوك لسعة رحمتك ،

ص: 580

ونفسي تخافك لشدة عقابك، فأسألك أن تصلي على محمد وآله وأن تؤمنني مكرك، وتعافيني من سخطك، وتجعلني من أولياء طاعتك، وتفضل على برحمتك ومغفرتك، وتشرفني بسعة فضلك عن التذلل لعبادك، وترحمني من خيبة الرد وسفع نار الحرمان.

ثم تقوم فتصلي ركعتين، وتقول: اللهم كما عصيتك واجترأت عليك، فإني أستغفرك لما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك لما وأيت لك به على نفسي ولم أف به، وأستغفرك للمعاصي التي قويت عليها بنعمتك وأستغفرك لكل ما خالطني من كل خير أردت به وجهك فإنك أنت أنت وأنا وأنا.

زيادة: اللهم صل على محمد وآله وعظم النور في قلبي وصغر الدنيا في عيني واحبس لساني بذكرك عن النطق بما لا يرضيك واحرس نفسي من الشهوات، واكفني طلب ما قدرت لي عندك حتى أستغني به عما في أيدي عبادك ثم تقوم فتصلي ركعتين الثالثة، وتقول: اللهم إني أدعوك وأسألك بما دعاك به ذو النون (إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إلهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (1) ، فإنه دعاك وهو عبدك وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وأنا أسألك، ففرج عني كما فرجت عنه وأدعوك اللهم بما دعاك به أيوب إذ مسه الضر فنادى ( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) (2)، ففرجت عنه فإنه دعاك وهو عبدك وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وأنا أسألك، ففرج عني كما فرجت عنه، وأدعوك بما دعاك به يوسف إذ فرقت بينه وبين أهله إذ هو في السجن ففرجت عنه فإنه دعاك وهو عبدك وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وأنا أسألك فاستجب لي كما استجبت له،

ص: 581


1- الأنبياء : 87.
2- الأنبياء : 83.

وفرج عني كما فرجت عنه .

وأدعوك اللهم ! وأسألك بما دعاك به النبيون فاستجبت لهم، فإنهم دعوك وهم عبيدك ، وسألوك وأنا أسألك أن تصلي على محمد وال محمد بأفضل صلواتك، وأن تبارك عليهم بأفضل بركاتك، وأن تفرج عني كما فرجت عن أنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين».

ثمّ قال: زيادة: اللّهم صل على محمّد وال محمّد، وأغنني باليقين، وأعني

بالتوكل واكفني روعات القنوط ، وافسح لي في انتظار جميل الصنع، وافتح لي باب الرحمة إليك والخشية منك والوجل من الذنوب، وحبب إلي الدعاء وصله منك بالاجابة.

ثم تخر ساجدا، وتقول في سجودك : سجد وجهي البالي الفاني لوجهك الدائم الباقي، سجد وجهي متعفرا في التراب لخالقه وحق له أن يسجد سجد

لمن خلقه و وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين ، سجد الذليل الحقير لوجهك العزيز الكريم سجد وجهي اللثيم الذليل لوجهك وجهي وجهي الكريم الجليل.

ثم ترفع رأسك وتدعو بهذا الدعاء : اللهم صل على محمّد وآله واجعل النور في بصري، واليقين في قلبي والنصيحة في صدري، وذكرك بالليل والنهار على لساني، ومن طيب رزقك يا رب غير ممنون ولا محظور فارزقني، ومن ثياب الجنة فاكسني، ومن حوض محمّد صلی الله علیه و آله وسلم فاسقني، ومن مضلات الفتن فأجرني، ولك يا رب في نفسي فذللني، وفي أعين الناس فعظمني، وإليك يا رب فحببني وبذنوبي فلا تفضحني وبسريرتي فلا تخزني وبعملي فلا تبسلني، وغضبك فلا تنزل بي أشكو إليك غربتي وبعد داري وطول أملي واقتراب أجلي وقلة معرفتي، فنعم المشتكى إليه أنت يا رب! ومن شر الجن والانس فسلمني ، إلى من

ص: 582

تكلني يا رب المستضعفين إلى عدو ملكته أمري، أو إلى بعيد فيتجهمني . اللهم! إني أسألك خير المعيشة معيشة أقوى بها على جميع حاجاتي، وأتوسل بها إليك في حياة الدنيا وفي آخرتي من غير أن تترفني فيها فأطغى أو تقترها عليَّ فأشقى وأوسع عليّ من حلال رزقك ، وأفض عليّ من حيث شئت من فضلك وانشر علي من رحمتك، وأنزل علي من بركاتك، نعمة منك سابغة وعطاء غير ممنون ، ولا تشغلني عن شكر نعمتك علي بإكثار منها تلهيني عجائب بهجته وتفتنني زهرات نضرته ولا بإقلال عليّ منها فيقصر بعملي كده ويملأ صدري ،همه أعطني من ذلك يا إلهي ! غني عن شرار خلقك وبلاغاً أنال به رضوانك وأعوذ بك يا إلهي ! من شرّ الدنيا وشر أهلها وشر ما فيها، ولا تجعل الدنيا لي سجنا، ولا فراقها علي حزنا أجرني من فتنتها مرضيا عنّي ، مقبولا فيها عملي إلى دار الحيوان ومساكن الأبرار الأخيار، وأبدلني بالدنيا الفانية نعيم الدار الباقية. اللّهم! إني أعوذ بك من أزلها وزلزالها وسطوات سلطانها ومن شر شياطينها، وبغي من بغي علي فيها ، اللّهم من كادني فصل على محمّد وآله وكده، ومن أرادني فصّلّ على محمّد وآله وأرده ، وفلّ عنّي حدّ من نصب لي حدّه، وأطفئ عني نار من شب لي وقوده واكفني هم من أدخل علي ،همه وادفع عنّي شر الحسدة، واعصمني من ذلك بالسكينة، وألبسني درعك الحصينة، وأحيني في سترك الواقي ، وأصلح لي حالي للم عيالي، وصدق مقالي بفعالي، وبارك لي في أهلي ومالي . اللهم صل على محمّد وأهل بيته المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك ، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة وبركاته ، اللهم صل على محمّد وآله واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وارزقني حلالا طيبا واسعا مما شئت وأني شئت، وكيف شئت، فإنه لا يكون إلا ما

الله شئت حيث شئت كما شئت

ص: 583

فإذا أراد أن يصلى الست الركعات الثانية، فليصل ركعتين، ويقول بعدهما أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله صلی الله علیه و آله وسلم، وأشهد أن الدين كما شرع والاسلام كما وصف والقول كما حدث ذكر الله محمّدا وال محمّد بخير وحياهم بالسلام، اللّهم صل على محمّد وآل محمّد بأفضل صلواتك، اللهم اردد على جميع خلقك مظالمهم التي قبلي صغيرها وكبيرها في يسر منك وعافية، وما لم تبلغه قوتي ولم تسعه ذات يدي ولم يقو عليه بدني فأده عني من جزيل ما عندك من فضلك، حتى لا تخلف علي شيئا منه تنقصه من حسناتي يا أرحم الراحمين وصل على محمّد وال محمّد المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته ، اللهم صل على محمّد وال محمّد واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وارزقني حلالا طيبا واسعا مما شئت وأنى شئت وكيف شئت فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت كما شئت.

طاعتك

ثمّ قال: « زيادة: اللهم صل على محمد وآله واستعملني بطاعتك، وقنعني بما رزقتني، وبارك لي فيما أعطيتني وأسبغ نعمتك علي وهب لي شكرا ترضى به عني وحمدا على ما ألهمتني وأقبل بقلبي إلى ما يقربني إليك، واشغلني عما يباعدني عنك، وألهمني خوف عقابك، وازجرني عن المنى لمنازل المتقين بما يسخطك من العمل، وهب لي الجد في ثم تقوم، فتصلي الركعتين الخامسة، وتقول بعدهما يا من أرجوه لكل خير ويا من امن عقوبته عند كل عثرة ويا من يعطي الكثير بالقليل ويا من أعطي الكثير بالقليل ويا من أعطي من سأله تحننا منه ورحمة ويا من أعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه ومن لم يؤمن به تفضلا منه وكرما، صل على محمّد وال محمّد وأعطني بمسألتي إياك من جميع خير الدنيا والآخرة فإنه غير منقوص

ص: 584

ما أعطيت، وزدني من فضلك إني إليك راغب، وصل على محمّد وأهل بيته الاوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمّد وال محمّد ، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وارزقني حلالا طيبا واسعا مما شئت وأنى شئت وكيف شئت فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت كما شئت. ثمّ قال : « زيادة: اللهم صل على محمد وآله واجعل لي قلبا طاهرا ولسانا صادقا ونفسا سامية إلى نعيم الجنة واجعلني بالتوكل عليك عزيزا وبما أتوقعه منك غنيا وبما رزقتني قانعا راضيا وعلى رجائك معتمدا وإليك في حوائجي قاصدا حتى لا أعتمد إلا عليك ولا أثق إلا بك».

ثم تقوم، فتصلي الركعتين السادسة، وتقول بعدهما: اللهم إنك تعلم

! سريرتي، فصل على محمّد وال محمّد واقبل سيدي ومولاي معذرتي وتعلم حاجتي فصل على محمد وآله وأعطني مسألتي، وتعلم ما في نفسي فصل على محمّد وآله واغفر لي ذنوبي، اللهم من أرادني بسوء فصل على محمّد وآله واصرفه عني واكفني كيد عدوي فإن عدوي عدو آل محمّد و عدو آل محمّد عدو

، محمّد، وعدو محمّد عدوك ، فأعطني سؤلي يا مولاي في عدوي عاجلا غير آجل ، يا معطي الرغايب ! صل على محمد وال محمد وأعطني رغبتي فيما سألتك في عدوك يا ذا الجلال والاكرام يا إلهى ! إلها واحدا لا إله إلا أنت، صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين، وأرني الرخاء والسرور عاجلا غير آجل، وصل على محمّد وأهل بيته المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته. اللّهم صل على محمّد وال محمّد واجعل لي من لدنك فرجا ومخرجا وارزقني حلالا طيبا واسعا مما شئت وأنى شئت وكيف شئت فإنه لا يكون إلا ما شئت

حيث شئت كما شئت.

ص: 585

ثمّ قال : زيادة: اللهم صل على محمد وال محمد ، إلهي ! ظلمت نفسي وعظم عليها إسرافي وطال في معاصيك انهماكي وتكاثفت ذنوبي وتظاهرت عيوبي وطال بك اغتراري ودام للشهوات اتباعي، فأنا الخائب إن لم ترحمني وأنا الهالك إن لم تعف عني ، فصل على محمد وال محمد واغفر لي وتجاوز عن سيئاتي وأعطني سؤلي واكفني ما أهمني ولا تكلني إلى نفسي فتعجز عني

وأنقذني برحمتك من خطاياي، وأسعدني بسعة رحمتك سيدي. فإذا أراد أن يصلي الست الركعات الباقية، فليقم وليصل ركعتين، فإذا سلم بعدهما، قال: اللهم أنت أنس الأنسين لأودائك وأحضرهم لكفاية المتوكلين عليك تشاهدهم في ضمائرهم وتطلع على سرائرهم، وتحيط بمبالغ بصائرهم وسرى اللهم مكشوف وأنا إليك ملهوف إذا أو حشتني الغربة أنسني ذكرك، وإذا كثرت علي الهموم لجأت إلى الاستجارة بك؛ علما بأن أزمة الأمور بيدك ومصدرها عن قضائك خاضعا لحكمك ، اللهم إن عميت عن مسألتك أو فههت

عنها فدلني على مصالحي وخذ بقلبي إلى مراشدي، فلست ببدع من ولايتك ولا بوتر من أناتك ، اللهم إنك أمرت بدعائك وضمنت الاجابة لعبادك ، ولن يخيب من فزع إليك برغبة وقصد إليك بحاجة ، ولم ترجع يد طالبة صفرا من عطائك ولا خالية من نحل هباتك، وأي راحل أمك فلم يجدك أو أي وافد وفد إليك فاقتطعته عوائق الرد دونك ؟ بل أي مستجير بفضلك لم ينل من فيض جودك وأي مستنبط المزيدك أكدي دون استماحة عطيتك ؟ اللهم ! وقد قصدت إليك بحاجتي وقرعت باب فضلك يد مسألتي، وناجاك بخشوع الاستكانة قلبي، وعلمت ما يحدث من طلبتي قبل أن يخطر ببالي أو يقع في صدري ، فصل على محمد وآله وصل اللهم دعائي بإجابتك، واشفع مسألتي إياك بنجح حوائجي يا أرحم الراحمين ! وآله الله

على محمّد وآله .

ص: 586

ثم تصلي ركعتين، وتقول بعدهما يا من أرجوه لكل خير وآمن سخطه عند كل عثرة، يا من يعطي الكثير بالقليل، يا من أعطى من سأله تحننا منه ورحمة يا من أعطي من لم يسأله ولم يعرفه صل على محمد وال محمّد وأعطني بمسألتي إياك جميع سؤلي من جميع خير الدنيا والآخرة فإنه غير منقوص ما أعطيت، واصرف عني شر الدنيا والآخرة ، يا ذا المن ولا يمن عليه يا ذا الجود والمن والطول والنعم صل على محمد وآل محمد وأعطني سؤلي واكفني جميع المهم من أمر الدنيا والآخرة.

ثم تصلي ركعتين، وتقول بعدهما يا ذا المن لا من عليك يا ذا الطول ! لا إله إلا أنت يا أمان الخائفين وظهر اللاجئين وجار المستجيرين ! إن كان في أم الكتاب عندك أني شقي محروم أو مقتر عليّ في رزقي، فامح من أم الكتاب شقائي و حرماني وإفتار ،رزقي، واكتبني عندك سعيدا موفقا للخير موسعا في رزقي إنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(1)، وقلت رحمتي وسعت كل شئ وأنا شي فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآله ومن علي بالتوكل عليك والتسليم لامرك والرضا بقدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت يا رب العالمين ) . (2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن عبد الله بن ( صالح العجلي ، عن أبيه ، قال : خطب علي بن أبي طالب يوما فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلی الله علیه و آله وسلمثم قال : يا عباد الله لا تغرنكم الحياة الدنيا فانها دار بالبلاء

الّا

محفوفة، وبالفناء معروفة، وبالغدر موصوفة ، وكل ما فيها إلى زوال وهي ما بين

ص: 587


1- الرعد : 39.
2- مصباح المتهجد ؛ للشيخ الطوسي : 347 - 357

أهلها دول وسجال ، لن يسلم من شرها نزلها ، بينا أهلها في رخاء وسرور ، إذا هم منها في بلاء وغرور العيش فيها مذموم، والرخاء فيها لا يدوم، وإنما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها، وتقصمهم بحمامها ، عبد الله ! إنكم وما أنتم هذه الدنيا عن سبيل من قد مضى ممن كان أطول منكم أعمارا ، وأشد منكم بطشا وأعمر ديارا ، وأبعد آثارا ، فأصبحت أصواتهم هامدة خامدة من بعد طول تقليها، وأجسادهم بالية وديارهم خالية ، وآثارهم عافية، واستبدلوا بالقصور المشيدة والسرر والنمارق الممهدة الصخور، والاحجار المسندة في القبور الملاطئة الملحدة التى قد بين الخراب ،فناؤها، وشيد بالتراب بناؤها فمحلها مقترب وساكنها مغترب بين أهل عمارة موحشين ، وأهل محلة متشاغلين ، لا يستأنسون بالعمران، ولا يتواصلون تواصل الجيران على ما بينهم من قرب الجوار ودنو الدار ، وكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنهم بكلكلة البلى وأكلتهم الجنادل والثرى، فأصبحوا بعد الحياة أمواتا ، وبعد غضارة العيش ،رفاتا، فجع بهم الاحباب، وسكنوا التراب، فطعنوا فليس لهم إياب هيهات هيهات كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةُ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْم يُبْعَثُونَ (1)فكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه ) من الوحدة والبلى في دار الموتى، وارتهنتم في ذلك المضجع ، وضمكم ذلك المستودع ، فكيف بكم لو قد تناهت الأمور، وبعثرت القبور، وحصل ما في الصدور (2) ، وأوقفتم للتحصيل بين يدي ملك جليل، فطارت القلوب لاشفاقها سالف الذنوب، وهتكت عنكم الحجب والاستار، فظهرت منكم العيوب والاسرار، هنالك تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ(3) (و لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءوا بِمَا عَمِلُوا

من

ص: 588


1- المؤمنون : 100
2- اقتباس من قوله تعالى: (أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرُ مَا فِي الْقُبُورٍ وَحُصَلَ مَا فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (العاديات : 9 - 11).
3- غافر : 17 .

وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) (1) ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) (2) جعلنا الله وإياكم عاملين بكتابه متبعين لاوليائه، حتى يحلنا وإياكم دار المقامة من فضله إنه حميد مجيد». (الدينوري، كر ) (3)

ص: 589


1- النجم : 31.
2- الكهف : 49 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16: 200 ، ح 44224 .

[ الكلام (228)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) : ( نقل عن شاذ لا يعرف الى انه دخيل في النهج، وآخر الى انه من النهج واستصلاح العمريين، وأوله ثالث بما لا ينافي ما في الخطبة. ونقول على فرض المعارضة بين الكلامين وان أحدهما ساقط عن الاعتبار في البين : ان الترجيح لكلام الخطبة، لانه مروي بأكثر من طريق، وهو مشهور معروف معتضد بما في النهج وغيره مما روي عن أمير

المؤمنين من تظلمه من قريش ومن اعتدائها عليه وغصبها حقه، ولعل اشتمال الخطبة على ذلك مما يؤيد صدورها عن الامام في نظر ،بعضهم، وأما الكلام فهو خبر مرسل لاشهرة يؤيده ، ولا حديث يعضده هذا ما ذكروه ،هنا والله تعالى اعلم بحقائق الاحوال ونوايا الرجال ) . (1)

قال العرشي في التخريج ما نصّه : ( الكلام الثالث والعشرون بعد المائتين في مدح عمر رضی الله عنه بلاد فلان، فقد قوم الأود ، وداوى العمد ج 1 ص 249]. وروى الطبري ج) 28] باسناده عن المغيرة بن شعبة رضی الله عنه، قال : لما مات ،عمر بكته ابنة أبي حثمة فقالت : وا عمراه أقام الأود، وأبرأ العمد، أمات الفتن

ص: 590


1- مدارك نهج البلاغة

وأحيا ،السنن، خرج نقي الثوب ، بريئا من العيب»، قال المغيرة بن شعبة: لما دفن ،عمر أتيت عليا رضی الله عنه، وأنا أحب أن أسمع منه في عمر رضی الله عنه لك شيئا، فخرج ينفض رأسه ولحيته وقد اغتسل، وهو ملتحف بثوب، لا يشك أن الأمر يصير إليه، فقال: يرحم الله ابن الخطاب ا لقد صدقت ابنة أبي حثمة ، لقد ذهب بخيرها، ونجا من

شرها أم ،والله ما قالت ولكن قولت». (انتهى) (1)

ص: 591


1- راجع استناد نهج البلاغة الرقم 101 .

ص: 592

[ الكلام ( 229) ]

قال العرشي: رواه الشيخ المفيد في الارشاد (142) وكتاب الجمل (128) وروى ابن عبد ربه في العقد الفريد (ج 2 ص (165) كتاباً له علیه السلام فيه ما يشبه هذا

الكلام». (انتهى)(1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص في الخطبة (25)، فراجع.

ص: 593


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

[ الخطبة (231)]

قال العرشي رواها الشيخ المفيد في الارشاد ( 142) وكتاب الجمل (128) .

انتهى واشار الى ذلك في المقدمة ص .15 (انتهى)(1).

ص: 594


1- استناد نهج البلاغة .

[ الكلام ( 232 ) ]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن القاضي النعمان المغربي (ت / 360 ه-) في دعائم الاسلام ، قال : وعن علي علیه السلام : أنه جلس يقسم مالا بین المسلمين فوقف به شیخ ،كبير ، فقال : يا أمير المؤمنين، إني شيخ كبير كما ترى، وأنا مكاتب فأعني من هذا المال. فقال: والله ما هو بكد يدي ، ولا تراثي من الوالد، ولكنها أمانة أرعيتها، فأنا أؤديها إلى أهلها. ولكن اجلس فجلس والناس حول أمير المؤمنين، فنظر إليهم، فقال: رحم الله من أعان شيخا كبيرا

،مثقلا فجعل الناس يعطونه)(1)

ص: 595


1- دعائم الاسلام ؛ للقاضي النعمان المغربي 1 : 310

[من الكلام ( 235)]

قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في «الأمالي»، قال: أخبرني أبو نصر محمّد بن الحسين المقري البصير ، قال : حدثنا عبد الله بن يحيى القطان ، قال : حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد القرشي :قال حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسين بن مخارق عن عبد الصمد بن علي، عن أبيه، عن عبد الله بن العباس رضی الله عنه، قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تولى غسله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام، والعباس معه والفضل بن العباس، فلما فرغ علي من غسله كشف الازار عن وجهه ثم قال بأبي أنت وأمي طبت حيا وطبت ميتا ، انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ممن سواك من النبوة والإنباء،

خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك، وعممت حتى صار الناس فيك سواء ولولا أنك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع لانفدنا عليك ماء الشؤون، ولكن ما لا يرفع كمد وغصص مخالفان ، وهما داء الاجل وقلاً لك بأبي أنت وأمي ، اذكرنا عند ربك ، واجعلنا من همك». ثم أكب عليه فقبل وجهه ومد الازار عليه (1)

ص: 596


1- الأمالي للشيخ المفيد : 102 - 104 .

[ الكلام ( 238) ]

قال العرشي: « رواها ابراهيم الثقفي في كتاب الغارات [ابن أبي الحديد ج 1

ص 296] بتفاصيلها » . (1)

قال: الجلالي وردت مقاطع من النصّ في الخطبة (26)، وراجع ايضاً قوله علیه السلام:

جفاة طغام» فى النص ( 281) في كتاب الغارات ::1 : 1312). (انتهى). (2)

ص: 597


1- راجع استناد نهج البلاغة .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

الخطبة ( 239)]

قال العرشي: رواها الحراني في تحف العقول (53) والكليني في كتاب

(53)

الروضة من فروع «الكافي ج 3 ص 180]. (انتهى) .(1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه عن الكليني (ت / 328ه-)

في اخر الخطية (147) ، فراجع.

تم المجلد الثاني

ويليه المجلّد الثالث، وأوّله :

باب الكتب والرسائل

ص: 598


1- راجع استناد نهج البلاغة

فهرس المحتوى

[الخطبة (26)] ... 5

[ الخطبة (27)] ... 27

[ الخطبة (28)] ... 34

[ الخطبة ( 29)] ... 43

[الخطبة (30)] ... 49

[ الخطبة (31)] ... 54

[الخطبة (32)] ... 58

[ الخطبة (33)] ... 60

[ الخطبة (34)] ... 62

[ الخطبة (35] ... 66

[الخطبة .(36)] ... 69

[الخطبة ( 37)] ... 72

[ الخطبة (39)] ... 75

[ الخطبة ( 40)] ...77

[الخطبة (42)] ... 80

ص: 599

[ الكلام (43) ] ... 92

[ الكلام (44)] ... 93

[ الخطبة (45)] ... 105

[ الكلام (46)] ... 111

[ الكلام (47)] ... 117

[ الخطبة (48) ] ... 118

[ الكلام (49) ] ... 126

[ الكلام (50)] ... 129

[ الخطبة (51)] ... 133

[ الخطبة (52)] ... 134

[ الخطبة (53)] ... 136

[ الخطبة ( 54)] ... 150

[الخطبة (55)] ... 151

[ الكلام (56)] ... 153

الكلام (57)] ... 155

الخطبة (58)] ... 163

الخطبة ( 59)] ... 164

[الخطبة (60)] ... 167

[الخطبة (61)] ... 169

[الخطبة (62)] ... 171

[ الخطبة (64)] ... 173

[ الخطبة (66)] ... 175

[ الخطبة (67)] ... 178

[ الخطبة (68)] ... 179

[الخطبة (69)] ... 189

ص: 600

[الخطبة (70)] ... 196

[ الخطبة (72)] ... 200

[ الخطية (73)] ... 204

[الخطية ( 75] ... 207

[الخطية (76)] ... 209

[ الخطبة (77)] ... 211

[الدعاء ( 78)] ... 212

[ الكلام (79)] ... 213

[ الخطبة ( 80)] ... 217

[ الكلام (781)] ... 222

[ الكلام (82)] ... 224

[ الخطبة ( 83)] ... 226

الخطية (84)] ... 231

[الخطبة ( 85)] ... 233

[ الخطبة (87)] ... 234

[الخطبة (88)] ... 236

[ الخطبة (89)] ... 240

[ الخطبة (91)] ... 243

[ الكلام (92)] ... 260

[ الخطبة (93)] ... 261

[الخطبة (94)] ... 272

[ الخطبة (97)] ... 276

[ الخطبة (97)] ... 278

[المقطع (2) اهل بيت النبي صلی الله علیه و آله وسلم] ... 278

[الكلام (98)] ... 285

ص: 601

[ الخطبة (99)] ... 287

[الخطبة (102)] ... 292

[الخطبة (103)] ... 297

[الخطبة (104)] ... 299

[الخطبة (105)] ... 300

[الخطبة (106)] ... 302

[ الخطبة (107)] ... 313

[الخطبة (108)] ... 316

[الخطبة ( 110)] ... 318

[الخطبة (111)] ... 322

الخطية (114)] ... 328

[ الخطية ( 115)] ... 330

[ الخطبة (116)] ... 337

[ الخطبة (117) ] ... 339

[ الخطبة (119)] ... 344

[ الكلام ( 120) ] ... 345

[ الخطبة ( 121)] ... 346

[الخطبة (123)] ... 349

[ الكلام (124)] ... 352

[ الخطبة (125) ] ... 354

[الخطبة (126)] ... 363

[ الخطية (128)] ... 377

[ الخطبة ( 130) ] ... 379

[الخطبة (131)] ... 382

[ الكلام (134) ] ... 385

ص: 602

[الخطبة ( 135) ] ... 386

[ الخطبة (136)] ... 388

[الكلام (137)] ... 389

[الخطبة ( 139) ] ... 397

[ الكلام ( 141)] ... 398

[ الكلام ( 142) ] ... 399

[الخطبة ( 144)] ... 400

[الخطبة ( 145) ] ... 402

[الكلام (146)] ... 405

[ الخطبة (147)] ... 406

[الخطبة ( 149] ... 411

[الخطبة (152)] ... 416

[ الخطبة (153)] ... 419

[الخطبة (156)] ... 422

[الخطبة (157)] ... 423

[ الخطبة (158)] ... 428

[الخطبة [160)] ... 429

[ الكلام (162)] ... 430

[ الخطية (163) ] ... 433

[الخطبة ( 164)] ... 437

[الخطبة (166)] ... 441

[ الخطبة ( 167) ] ... 442

[ الخطبة ( 169)] ... 444

[الخطبة (170)] ... 445

[الخطبة (171)] ... 447

ص: 603

[الخطبة ( 172)] ... 450

[الخطبة (173)] ... 451

[الكلام (174) ] ... 454

[ الخطبة (176)] ... 455

[ الخطبة (177)] ... 457

الخطبة (178)] ... 459

[ الخطبة (179)] ... 462

[الخطبة ( 180) ] ... 468

[ الخطبة ( 182 ) ] ... 472

[الخطبة ( 185)] ... 473

[ الخطبة (186) ] ... 477

[الخطبة (189)] ... 480

[الخطبة (192] ... 491

[ الخطبة (193)] ... 498

[الخطبة (197)] ... 510

[الخطبة (198)] ... 512

[الكلام (199)] ... 513

[الكلام (200)] ... 519

[ الكلام (201)] ... 524

[ الكلام (202)] ... 526

[ الكلام (203)] ... 530

[ الكلام ( 204)] ... 532

[الكلام (206)] ... 535

[ الكلام (208)] ... 537

الكلام ( 209)] ... 541

ص: 604

[الكلام (210) ] ... 543

[الخطبة (216)] ... 556

[الكلام (217)] ... 564

[الكلام (218)] ... 565

[الكلام (219)] ... 566

[الكلام (220) ] ... 567

[الكلام (224)] ... 568

[ الدعاء ( 225)] ... 574

[ الخطبة (226)] ... 576

[من الدعاء (227)] ... 580

[ الكلام ( 228)] ... 590

[الكلام ( 229)] ... 592

[الخطبة ( 231)] ... 593

[الكلام (232))] ... 594

[ الكلام ( 235)] ... 595

[الکلام) (238)] ... 596

الخطبة ( 239)] ... 597

ص: 605

مکتبة الروضة الحيدرية

الرقم 108388

التاریخ: 2011/9/27

ص: 606

المجلد 3

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الحسیني الجلالي، محمّدحسین، 1321 -

عنوان واسم المؤلف:مسند نهج البلاغة/ مؤلف: محمّدحسین الحسیني الجلالي؛ بحث: محمّدجواد الحسیني الجلالي.

تفاصيل المنشور:قم: مکتبة العلامة المجلسي، 13 -

خصائص المظهر:ج.

الصقيع:الی التراث الشیعي، 1

ISBN:دوره 978-964-95663-3-7 : ؛ ج. 3 978-964-95663-2-0 :

لسان:العربية.

ملحوظة:الفهرسة على أساس المجلد الثالث، 1431 ق.= 1389.

ملحوظة:ج. 3 (چاپ اول: 1431 ق.= 1389).

ملحوظة:فهرس.

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)،أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40 ه_ .ق - خطب

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)، أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40ق. -- الأمثال

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)،أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40ق. -- حروف

موضوع:علي بن أبي طالب (ع)، أول إمام، 23 قبل الهجرة - 40ق . نهج البلاغة - النقد والتعليق

المعرف المضاف:حسیني جلالي، محمدجواد، 1331 -

المعرف المضاف:مکتبة العلامة المجلسي (قم)3

ترتيب الكونجرس:BP38/02 /ح5 1300ی

تصنيف ديوي:297/9515

رقم الببليوغرافيا الوطنية:2 1 9 7 4 3 1

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

مسند

نهج البلاغه

تاليف

العلامة الحبة السيّدُ مُحمّد حسين والحسيني الجلالي

المجلد الثالث

روضة الحیدریة

الرقم 108389

التاریخ 2011/09/26

ص: 4

مسند نهج البلاغه (ج 3)

العلّامة السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي

تحقيق: السيّد محمّد جواد الحسيني الجلالي

منشورات: مكتبة العلّامة المجلسي رحمه الله

الطبعة الأولى 1431ه-.

طيع في 1500 نسخة

المطبعة : عمران

4VA_976_10117-

ردمك: 0 - 2 - 95663 - 964 978 : ISBN دوره: 7-3-5663 - 96 - 978

العنوان : قم - شارع فاطمي ( دور شهر ) - زقاق 18، فرع 6 ، رقم 48

هاتف: 7746611 - فکس : (98251)7836587

info@almajlesilib.com www.almajlesilib.com

مركز التوزيع :

(1) قم شارع المعلم، ساحة روح الله، رقم 65 دليل ما ، الهاتف 7733413 - (9825)17744988

(2) طهران ، شارع إنقلاب، شارع فخر رازي، رقم 61، دليل ما ، الهاتف (9821)66464141

(3) مشهد ،شارع الشهداء ، حديقة النادري زقاق خوراكيان ، بناية گنجینه کتاب، دلیل ما الهاتف 5 - 2237113(98511)

(4) النجف الأشرف، سوق الحويش، مقابل جامع الهندي، مكتبة الإمام باقر العلوم علیه السلام، الهاتف 7801553289(964)

(5)كربلاء المقدسة ،شارع قبلة الإمام الحسين علیه السلام ، فرع مقابل ابن فهد الحلّي رحمه الله، دار الناشر الحسيني.

الهاتف7706001185(964) -( 964)7807851985

سرشناسه : حسيني جلالي ، محمّد حسین ، 1321 -

عنوان و نام پدیدآور : مسند نهج البلاغة (ج 3) /تأليف السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي ، تحقيق

محمّد جواد الحسيني الجلالي .- قم : مكتبة العلّامة المجلسي ، 1431 ق. = 1389

مشخصات نشر :قم : مكتبة العلّامة المجلسي ، 1389.

مشخصات ظاهری : 667 ص.

شایک :ج16-0-95663-964-978 ج2.3-1-95663-964-978

ج 3.-02-95663-964-978 دوره.7-3-95663-964-978

وضعیت فهرست نویسی : فیبا

یادداشت :عربي

موضوع :

کتابنامه : ج 30 . ص . [651] - 654؛ همچنین به صورت زیرنویس

موضوع : 1. على بن ابي طالب علیه السلام، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40 ق . نهج البلاغة - مأخذ . 2.

على بن ابي طالب علیه السلام، امام اوّل 230 قبل از هجرت - 40 ق . - نقد و تفسیر .

شناسه افزوده : الف: حسيني جلالي ، محمّد جواد 1331.

شناسه افزوده :محقق . ب عنوان

رده بندی کنگره :1389 5م 5ح/BP38/08

رده بندی دیویی:297/9515

شماره کتابخانه ملی: 2979515

ص: 5

باب کتب ورسائل أمير المؤمنين علیه السلام

ص: 6

[ الكتاب الاول ]

قال العرشي في التخريج ما نصه: رواه ابن قتيبة في الامامة والسياسة (68) « وابن الشيخ في الامالي (87) والشيخ المفيد في كتاب الجمل (116 و 124 ) .( انتهى )(1)

الحجة سنة

سبع و

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت/ 460 ه-) في «الأمالي» في مجلس يوم الجمعة الثالث والعشرين من ذي / و خمسين وأربع مائة، وفيه بقية أحاديث ابن الصلت الاهوازي. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ. حدثنا أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي رضی الله عنه، قال : بالاسناد الأول عن عبد الله بن أبي بكر عن أبي جعفر علیه السلام، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الانصاري، قال: لما نزل المصريون بعثمان بن عفان في مرّتهم الثانية، دعا مروان بن الحكم فاستشاره ... وذكر الحادثة بطولها في 2 323 - 334 (2) وقد جاء الاسناد الأول في ص 320 بمانصّه : « قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد

ص: 7


1- راجع : استناد نهج البلاغة .
2- امالى الشيخ الطوسي : 320

ابن محمّد بن الصلت الاهوازي قال : أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعید بن عقدة ، قال : حدثنا جعفر بن عبد الله العلوي، قال: حدثنا عمي القاسم بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمّد بن علي بن أبي طالب أبو محمّد، قال: حدثني عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده أن القوم حين اجتمعوا للشورى فقالوا فيها ، وناجى عبد الرحمن رجل منهم على حدة(1)

الى ان قال في ص 325 وباسناده عن عبد الله بن أبي بكر، قال: حدثني أبو جعفر محمّد بن علي علیه السلام، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الانصاري، :قال: سماني رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عبد الرحمن ، قال : لما بلغ عليا علیه السلام مسير -ير طلحة والزبي-

خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي الله ثم قال : أما بعد ، فقد بلغنی مسیر هذين الرجلين واستخفافهما حبيس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستفزازهما أبناء ،الطلقاء، وتلبيسهما على الناس بدم ،عثمان وهما ألبا عليه، وفعلا به الافاعيل، وخرجا ليضربا الناس بعضهم ببعض ، اللّهم فاكف المسلمين مؤنتهما، واجزهما الجوازي . وحضّ الناس على الخروج في طلبهما ، فقام إليه أبو مسعود عقبة بن عمرو، وقال: يا أمير المؤمنين، إن الذي يفوتك من الصلاة في مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، ومجلسك فيما بين قبره ومنبره، أعظم مما ترجو من الشام

عمر

والعراق، فإن كنت إنما تسير لحرب فقد أقام وكفاه سعد زحف القادسية وكفاه حذيفة بن اليمان زحف نهاوند ، وكفاه أبو موسى زحف تستر، وكفاه خالد بن الوليد زحف الشام، فإن كنت سائرا فخلف عندنا شقة منك نرعاه فيك ونذكرك به . ثم قال أبو مسعود

بكت الارض والسماء على الشا خص منا يريد أهل العراق

ص: 8


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 709

يا وزير النبي قد عظم الخطب*** وطعم الفراق مرّ المذاق

وإذا القوم خاصموك فقوم ن*** اكسوا الطرف خاضعوا الاعناق

لا يقولون إذ تقول وإن ***قلت فقول المبرز السباق

فعيون الحجاز تذرف بالدمع ***وتلك القلوب عند التراقي

فعليك السلام ما ذرت الشمس ***ولاح الس- راب بالرقراق

فقال قيس بن سعد يا أمير المومنين ما على الارض أحد أحب إلينا أن يقيم فينا منك لانك نجمنا الذي نهتدي به ومفزعنا الذي نصير إليه، وإن فقدناك

لتظلمن أرضنا وسماؤنا، ولكن والله لو خليت معاوية للمكر، ليرومن مصر وليفسدن اليمن، وليطمعن في العراق، ومعه قوم يمانيون قد أشربوا قتل عثمان ، وقد اكتفوا بالظن عن العلم، وبالشك عن اليقين، وبالهوى عن الخير، فسر بأهل الحجاز وأهل العراق، ثم ارمه بأمر يضيق فيه خناقه، ويقصر له من نفسه.

فقال : أحسنت والله يا قيس وأجملت.

وكتبت أم الفضل بنت الحارث إلى علي علیه السلام تخبره بمسير عائشة وطلحة والزبير ، فأزمع المسير، فبلغه تثاقل سعد وأسامة بن زيد ومحمّد بن مسلمة، فقال سعد: لا أشهر سيفا حتى يعرف المؤمن من الكافر، وقال أسامة : لا أقاتل رجلا يقول : لا إله إلا الله، ولو كنت في فم الاسد لدخلت فيه معك، وقال محمد بن مسلمة : أعطاني رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم سيفا ، وقال : إذا اختلف المسلمون فاضرب به عرض أحد ، والزم بيتك، وتخلف عنه عبد الله بن عمر. فقال عمار بن ياسر: دع القوم، أما عبد الله فضعيف ، وأما سعد فمحسود، وأما

محمّد بن مسلمة فذنبك إليه فذنبك إليه أنه قتلت قاتل أخيه مرحبا .

ثم قال عمار لمحمّد بن مسلمة : أما تقاتل المحاربين ؟ فوالله لو مال علي جانبا

لملت مع علي. وقال كعب بن مالك يا أمير المؤمنين ، إنه بلغك عنا معشر الانصار، ما لو كان

ص: 9

غيرنا لم يقم معك ، والله ما كل ما رأينا حلالا حلال، ولا كل ما رأينا حراما حرام وفي الناس من هو أعلم بعذر عثمان ممن قتله، وأنت أعلم بحالنا منا، فإن كان قتل ظالما قبلنا، وإن كان قتل مظلوما فاقبل قولنا ، فإن وكلتنا فيه إلى شبهة فعجب

ليقيننا وشكك، وقد قلت لنا عندي نقض ما اجتمعوا عليه وفصل ما اختلفوا فيه وقال: كان أولى أهل المدينة بالنصر عليا علیه السلام وآل عبد مناف للذي في يديه من حرم الله وقرب الولاء بعد التصافي وكان كعب بن مالك شيعة لعثمان . وقام الاشتر إلى علي علیه السلام، فكلمه بكلام يحضّه على أهل الوقوف فكره ذلك علي حتى شكاه ، وكان من رأي علي علیه السلام ألا يذكرهم بشي. فقال الاشتر: يا أمير المؤمنين، إنا وإن لم نكن من المهاجرين والانصار، فإنا فيهم، وهذه بيعة عامة، والخارج منها عاص، والمبطئ عنها مقصر ، فإن أدبهم اليوم باللسان وغدا بالسيف

ر، وما من ثقل عنك كمن خف معك، وإنما أرادك القوم لانفسهم فأردهم لنفسك. فقال علي علیه السلام: يا مالك دعني. وأقبل علي علیه السلام عليهم ، فقال : أرأيتم لو أن من

بايع أبا بكر أو عمر أو عثمان ثم نكث بيعته ، أكنتم تستحلون قتالهم ؟

قالوا: نعم .

قال :فكيف تحرجون من

القتال معي

معي وقد بايعتموني ؟

قالوا: إنا لا نزعم أنك مخطئ، وأنه لا يحل لك قتال من بايعك ثم نكث

بيعتك، ولكن نشك في قتال أهل الصلاة.

فقال الاشتر: دعني يا أمير المؤمنين أوقع بهؤلاء الذين يتخلفون عنك.

فقال له علي علیه السلام: كف عني ، فانصرف الاشتر وهو مغضب.

ثم إن قيس بن سعد لقى مالكا الاشتر في نفر من المهاجرين والانصار، فقال قيس للاشتر: يا مالك، كلما ضاق صدرك بشئ أخرجته ، وكلما استبطأت أمرا استعجلته، إن أدب الصبر التسليم، وأدب العجلة الاناة، وإن شرّ القول ما ضاهى

ص: 10

العيب، وشرّ الرأي ما ضاهى التهمة، وإذا ابتليت فاسأل، وإذا أمرت فأطع ولا تسأل قبل البلاء، ولا تكلف قبل أن ينزل الامر ، فإن في أنفسنا ما في نفسك، فلا تشق على صاحبك ؟ فغضب الاشتر.

ثم إن الانصار مشوا إلى الاشتر في ذلك فرضوه عن غضبه فرضي. فلما همّ علي علیه السلام بالنهوض، قام إليه أبو أيوب خالد بن زید صاحب منزل رسول الله علیه السلام، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أقمت بهذه البلدة، فإنها مهاجر رسول

الله علیه السلام، وبها قبره ،ومنبره، فإن استقامت لك العرب كنت كمن كان قبلك، وإن

وكلت إلى المسير فقد أعذرت. فأجابه علي بعذره في المسير . ثم خرج لما سمع توجه طلحة والزبير إلى البصرة وتمكث حتى عظم جيشه ، وأغذ السير في طلبهم، فجعلوا لا يرتحلون من منزل إلا نزله حتى نزل بذي قار، فقال: والله إنه ليحزنني أن أدخل على هؤلاء في ، فأرسل إلى الكوفة الحسن بن علي علیه السلام وعمار بن ياسر وقيس بن

قلة من معي

سعد، وكتب إليهم كتابا ، فقدموا الكوفة، فخطب الناس الحسن بن علي علیه السلام فحمد الله وأثنى عليه، وذكر عليا علیه السلام وسابقته في الاسلام، وبيعة الناس له، وخلاف من خالفه، ثم أمر بكتاب علي علیه السلام فقرئ عليهم :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أما بعد فإني أخبركم عن أمر عثمان حتى يكون

سمعه عيانه، إن الناس طعنوا عليه، وكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه وأقل عيبه ، وكان هذان الرجلان أهون سيرهما فيه الوجيف، وقد كان من أمر عائشة فلتة على غضب، فأتيح له قوم فقتلوه، ثم إن الناس بايعوني غير مستكرهين وكان هذان الرجلان أول من فعل على ما بويع عليه من كان قبلي، ثم إنهما استأذناني في العمرة، وليسا يريدانها ، فنقضا العهد، وآذنا بحرب، وأخرجا عائشة من بيتها، ليتخذانها فئة ، وقد سارا إلى البصرة اختيارا لها، وقد سرت إليكم

ص: 11

اختيارا لكم، ولعمري ما إياي تجيبون ما تجيبون إلا الله ورسوله، ولن أقاتلهم وفي نفسي منهم حاجة ، وقد بعثت إليكم بالحسن بن علي وعمار بن ياسر وقيس

بن سعد مستنفرين فكونوا عند ظني بكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله . فلما قرئ الكتاب على الناس قام خطباء الكوفة، شريح بن هاني وغيره فقالوا: والله لقد أردنا أن نركب إلى المدينة حتى نعلم علم عثمان، فقد أنبانا الله به في بيوتنا، ثم بذلوا السمع والطاعة، وقالوا: رضينا بأمير المؤمنين، ونطيع أمره ، ولا نتخلف عن دعوته ، والله لو لم يستنصرنا لنصرناه سمعا وطاعة» . (1)

ص: 12


1- الأمالي للشيخ

[ الكتاب الثاني ]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ المفيد

(ت / 413 ه-) في الجمل ، قال : وفي رواية عمر بن سعد، عن يزيد بن عن عامر الاسدي، قال: ان عليا كتب بعد فتح البصرة مع عمر بن سلمة الأرحبي إلى اهل الكوفة من عبد الله علي بن أبي طالب إلى قرضة بن كعب ومن قبله من المسلمين سلام عليكم ، فاني احمد الله اليكم الذي لا إله إلا هو ، اما بعد، فانا لقينا القوم الناكثين لبيعتنا المفرقين لجماعتنا الباغين علينا من امتنا فحاججناهم إلى الله فنصرنا الله عليهم وقتل طلحة والزبير وقد تقدمت اليهما بالنذر واشهدت عليهما صلحاء الامة ومكنتهما في البيعة فما أطاعا المرشدين ولا أجابا الناصحين ولاذ اهل البغي بعائشة فقتل حولها جم لا يحصي عددهم إلّا الله ،ثم ضرب الله بقيتهم فأدبروا فما كانت ناقة الحجر بأشأم منها على اهل ذلك المصر مع ما جاءت به من الحوب الكبير في معصيتها لربها ونبيها من الحرب واغترار من اغتر بها وما صنعته من التفرقة بين المؤمنين وسفك دماء المسلمين، بلا بيئة ولا معذرة ولا حجة لها، فلما هزمهم الله أمرت ان لا يقتل مدبرا ولا يجهز على جريح ولا يهتك ستر ، ولا يدخل دار إلّا باذن اهلها، وقد آمنت الناس، واستشهد منا رجال

ص: 13

صالحون ضاعف الله لهم الحسنات ورفع درجاتهم وأثابهم ثواب الصابرين وجزاهم من أهل مصر عن اهل بيت نبيهم احسن ما يجزي العاملين بطاعته والشاكرين لنعمته، فقد سمعتم واطعتم ودعيتم فأجبتم فنعم الاخوان والاعوان

على الحق انتم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

كتب عبد الله بن أبي رافع في رجب سنة ست وثلاثين (1)

ص: 14


1- الحمل و الشيخ المفيد : 215 - 216

[ الكتاب الثالث ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت 1360ه-) في التخريج: «كتابه لشريح القاضي

رواه جماعة من المحدثين واهل الاخبار بروايات يختلف بعضها مع البعض الآخر اختلافاً يسيراً ، وقد رواه ابن الجوزي تحت عنوان قصة دار شريح القاضي وروي بدل اشخاصهم جميعاً : اشخصوا والله جميعاً. وخاتمة الكتاب : شهد على ذلك التواني ابن الفاقة والغرور ابن الامل ... الى آخره. رواه الصدوق في الامالى

والشيخ البهائي في اربعينه(1)

قال العرشي في التخريج ما نصه: « رواها الشيخ الصدوق في الأمالي

(المجلس (51) .( انتهى )(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 381 ه-) في «الأمالي»، قال: حدثنا صالح بن عيسى بن أحمد بن محمّد العجلي قال حدثنا محمّد بن محمّد بن علي، قال: حدثنا محمّد بن الفرج الروياني، قال: حدثنا عبد الله بن محمّد العجلي قال: حدثني عبد العظيم بن

ص: 15


1- مدارك نهج البلاغة : 96 .
2- راجع استناد نهج البلاغة .

عبد الله الحسني ، عن أبيه، عن أبان مولى زيد بن علي ، عن عاصم بن بهدلة، قال: قال لي شريح القاضي : اشتريت دارا بثمانين دينارا، وكتبت كتاب، وأشهدت عدولا، فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فبعث إليَّ مولاه قنبرا فأتيته ، فلما أن دخلت علیه، قال یا شریح اشتریت دارا، وكتبت كتابا ، وأشهدت عدولا، ووزنت مالا ؟ قال : قلت : نعم قال : یا شریح، اتق الله ، فإنه سيأتيك من لا ينظر في كتابك ولا يسأل عن بينتك حتى يخرجك من دارك شاخصا، ويسلمك إلى قبرك خالصا ، فانظر أن لا تكون اشتريت هذه الدار من غير مالكها، ووزنت مالا من غير حله، فإذن أنت قد خسرت الدارين جميعا الدنيا والآخرة. ثم قال: (1): یا شریح، فلو كنت عندما اشتريت هذه الدار أتيتني، فكتبت لك كتاب

على هذه النسخة، إذن لم تشترها بدرهمين.

قال : قلت : وما كنت تكتب يا أمير المؤمنين ؟

قال : كنت أكتب لك هذا الكتاب :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما اشترى عبد ذليل من ميت أزعج بالرحيل، اشترى منه دارا في دار الغرور من جانب الفانين إلى عسكر الهالكين، وتجمع هذه الدار حدودا أربعة فالحد الأول منها ينتهي إلى دواعي الآفات، والحد الثاني منها ينتهي إلى دواعي العاهات والحد الثالث منها ينتهي إلى دواعي المصيبات والحد الرابع منها ينتهي إلى الهوى المردي والشيطان المغوي، وفيه يشرع باب هذه الدار اشترى هذا المفتون بالأمل من هذا المزعج بالاجل جميع هذه الدار بالخروج من عز القنوع والدخول في ذل الطلب، فما أدرك هذا المشتري فيما اشترى منه من درك، فعلى مبلي أجسام الملوك ، وسالب نفوس الجبابرة مثل كسرى وقيصر وتبع وحمير، ومن جمع المال إلى المال فأكثر، وبنى فشيد، ونجد فزخرف، وأدخر بزعمه للولد، إشخاصهم جميعا إلى موقف العرض لفصل

ص: 16


1- الحمل و الشيخ المفيد : 215 - 216

القضاء ﴿ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ ) (1) ، شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى ونظر بعين الزوال لاهل الدنيا، وسمع منادي الزهد ينادي في عرصاتها ما أبين الحق لذي عينين إن الرحيل أحد اليومين تزودوا من صالح الاعمال وقربوا الآمال بالآجال، فقد دنت الرحلة والزوال ) . (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن سبط ابن الجوزي ( ت / 654 ه- ، قال : حكى الشعبي، قال: اشتری شریح داراً بثمانين ) ديناراً فبلغ ذلك علياً (3) فاستدعاه ، فقال له: يا بن الحارث بلغني انك اشتريت داراً بكذا وكذا ، واشهدت على نفسك شهوداً ، وكتبت كتاباً . فقال : قد كان ذلك يا أمير المؤمنين، فنظر اليه نظر المغضب، ثم قال يا شريح إنه سيأتيك من لا ينظر في كتابك حتى يخرجك منها شاخصاً ويسلمك الى قرارك خالصاً ، فاحذر أن تكون ابتعت هذه الدار من غير مالك او نقدت الثمن من غير حلالك فاذن

، خسرت الدنيا والآخرة. أما انك لو أتيتني عند شرائك اياها لكتبت لك كتاباً فلم ترغب في شرائها ولا بدرهم.

فقال: وما كنت تكتب يا أمير المؤمنين ؟ فقال: كنت أكتب: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ ) هذا ما اشترى عبد ذليل من ميت ازعج بالرحيل اشترى منه داراً من دور الغرور من جانب الفانين وخطة الهالكين،

هذه الدار حدود أربعة، فالحد الأول

ويجمع الى دواعي الآفات والحد الثاني الى نوادب المصيبات والثالث الى الهوى المردي . والرابع الى الشيطان الموذي وفيه يشرع بابها وتجتمع اسبابها اشترى هذا المغرور بالأمل من هذا المرجع بالأجل هذه الدار بالخروج من عز القناعة والدخول في الطلب والضراعة

ص: 17


1- غافر : 78 .
2- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق: 388 - 389
3- الحمل و الشيخ المفيد : 215 - 216

فما أدرك المشتري من درك فعلي مبلبل اجسام الملوك والأكاسرة وسالب نفوس الفراعنة والجبابرة مثل كسرى وقيصر وتبع وملوك حمير ومن جمع المال الى المال فاكثر ومن بنى وشيد وزخرف وادخر ونظر بزعمه للولد ووعد وأوعد، اشخصوا والله جميعاً الى موقف العرض والحساب، والثواب والعقاب؛ وسيقع الأمر بفصل القضاء ويقتص للجماء من القرناء (وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ (1)

(وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) (2)، شهد على ذلك التواني ابن الفاقة والغرور ابن الأمل والحرص ابن الرغبة واللهو ابن اللعب ومن اخلد الى محل الثوى ومال الى الدنيا ورغب عن الأخرى .(3)

وقد روي كلام آخر له (4) لشريح في القضاء ، اوّله : « يا شریح انظر الى اهل الشحّ والمطل والاضطهاد ومن يدفع حقوق الناس من اهل المدر واليسار ... الى آخره.

1 - رواه الشيخ الكليني باسناده في الكافي 7: 412

2 - ورواه الشيخ الصدوق باسناده في الفقيه 3 8

3 - والشيخ الطوسي باسناده في التهذيب 6 225.

ص: 18


1- غافر : 78
2- الزمر : 69
3- تذكرة الخواص : 138 ، ط / 1401ه-.
4- الحمل و الشيخ المفيد : 215 - 216

[ الكتاب الرابع ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن سبط ابن الجوزي (ت / 654ه-) ، قال : رواه الشعبي، عن ابن عباس : سلام عليك ، اما بعد ، فان عادت هذه الشرذمة الى الطاعة فذلك الذي أوثره، وان تمادى بهم العصيان الى الشقاق فانهد بمن اطاعك الى من عصاك، واستعن بمن انقاد معك على من تقاعس عنك ، فان المتكاره مغيبه خير من حضوره، وعدمه خير من وجوده وقعوده اغنى من نهوضه» (1)

ص: 19


1- تذكرة الخواص : 145 ، ط / 1401ه-.

[ الكتاب الخامس ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت 1360ه-) في التخريج: قوله (1): ان عملك

ليس لك بطعمة ، روى هذا الكتاب ابن قتيبة ( ص (151) من ح1، مع زيادة على

ما هنا» (2)

قال العرشي في التخريج ما نصه: ( رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين (13) وابن قتيبة في الامامة والسياسة (92) وابن عبد ربه في العقد الفريد [ج 2 ص 283] . (انّتهى) (3) قال الجلالي: وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفّين»، عن محمّد بن عبيد الله، عن الجرجاني، قال: لما بويع علي وكتب إلى العمال ، كتب إلى الأشعث بن قيس مع زياد بن مرحب الهمداني، والأشعث على أذربيجان عامل لعثمان، وقد كان عمرو ابن عثمان تزوج ابنة الأشعث بن قيس قبل ذلك، فكتب إليه عليّ : أما بعد ، فلولا هنات كن فيك كنت المقدم في هذا الأمر قبل الناس، ولعل أمرك يحمل بعضه

ص: 20


1- الحمل و الشيخ المفيد : 215 - 216
2- مدارك نهج البلاغة : 97 .
3- راجع استناد نهج البلاغة

بعضا إن اتقيت الله ، ثم إنه كان من بيعة الناس إياي ما قد بلغك، وكان طلحة والزبير ممن بايعاني ثم نقضا بيعتي على غير حدث وأخرجا أم المؤمنين وسارا إلى البصرة، فسرت إليهما فالتقينا، فدعوتهم إلى أن يرجعوا فيما خرجوا منه فأبوا، فأبلغت في الدعاء وأحسنت في البقية. وإن عملك ليس لك بطعمة، ولكنه أمانة. وفى يديك مال من مال الله، وأنت من خزان الله عليه حتى تسلمه إليَّ، ولعلي ألا أكون شرّ ولاتك لك إن استقمت ولا قوة إلّا بالله.

فلما قرأ الكتاب قام زياد بن مرحب فحمد الله وأثنى عليه ثم ، قال : أيها الناس إن من لم يكفه القليل لم يكفه الكثير، إن أمر عثمان لا ينفع فيه العيان، ولا يشفى منه الخبر، غير أن من سمع به ليس كمن عاينه . إن الناس بايعوا عليا راضين به وأن طلحة والزبير نقضا بيعته على غير حدث، ثم أذنا بحرب فأخرجا أم المؤمنين ، فسار إليهما فلم يقاتلهم وفي نفسه منهم حاجة، فأورثه الله الأرض وجعل له عاقبة المتقين. ثم قام الأشعث بن قيس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن أمير

المؤمنين عثمان ولأني أذربيجان، فهلك وهي في يدي، وقد بايع الناس عليا، وطاعتنا له كطاعة من كان قبله . وقد كان من أمره وأمر طلحة والزبير ما قد بلغكم . وعلي المأمون على ما غاب عنا وعنكم من ذلك الأمر.

فلما أتى منزله دعا أصحابه فقال : إن كتاب عليّ قد أوحشني، وهو آخذ بمال أذربيجان، وأنا لاحق بمعاوية . فقال القوم الموت خير لك من ذلك. أتدع مصرك وجماعة قومك وتكون ذنبا لأهل الشام ؟! فاستحيا فسار حتى قدم

على علي. (1)

ص: 21


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 20 - 21

[ الكتاب السادس ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج: قوله علیه السلام : انه بايعني القوم الذين بايعوا ابابكر وعمر ... الى آخره. رواه نصر بن مزاحم في كتاب صفّين ص 18 ، طبع ایران» (1)

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين (18) وابن قتيبة في الامامة والسياسة (93) وابو حنيفة احمد بن دؤاد الدينوري المتوفى 290ه- 903م في الاخبار الطوال 166 وابن عبد ربه في العقد الفريد [ج

2 ص 284]. (انتهى) .(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري ( ت / 212 ه-)« في وقعة صفّين»: عن عمر بن سعد، عن نمير بن وعلة، عن عامر الشعبي، أن عليا علیه السلام حين قدم من البصرة نزع جريرا همدان ، فجاء حتى نزل الكوفة، فأراد على أن يبعث إلى معاوية رسولا ، فقال له جرير: ابعثني إلى معاوية، فإنه لم يزل لي مستنصحا ،وودا، فآتيه فأدعوه على أن يسلم لك هذا

ص: 22


1- مدارك نهج البلاغة : 97 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

الأمر، ويجامعك على الحق ، على أن يكون أميرا من أمرائك، وعاملا من عمالك،

ما عمل بطاعة الله ، واتبع ما في كتاب الله ، وأدعو أهل الشام إلى طاعتك وولايتك، وجلهم قومي وأهل بلادي، وقد رجوت ألا يعصوني. فقال له الأشتر : لا تبعثه ودعه، ولا تصدقه، فو الله إني لأظن هواه هواهم، ونيته نيتهم. فقال له علي : دعه حتى ننظر ما يرجع به إلينا . فبعثه علي علیه السلاموقال له حين أراد أن يبعثه إن حولي من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من أهل الدين والرأي من قد رأيت، وقد اخترتك عليهم القول رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فيك : إنك من خير ذي يمن» . انت معاوية بكتابي، فإن دخل

« .. فيما دخل فيه المسلمون وإلا فانبذ إليه، وأعلمه أنى لا أرضى به أميرا، وأن العامة لا ترضى به خليفة. فانطلق جرير حتى أتى الشام ونزل بمعاوية، فدخل عليه فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد يا معاوية فإنه قد اجتمع لابن عمك أهل الحرمين وأهل المصرين وأهل الحجاز، وأهل اليمن وأهل مصر، وأهل العروض وعمان، وأهل البحرين واليمامة، فلم يبق إلا أهل هذه الحصون التي أنت فيها ، لو سال عليها سيل من أوديته غرقها. وقد أتيتك أدعوك إلى ما يرشدك ويهديك إلى مبايعة هذا الرجل .

ودفع إليه كتاب علي بن طالب، وفيه : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أما بعد، فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام، لأنه بايعنى القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بويعوا عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد. وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما كان ذلك الله ،رضا، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ردوه إلى ما خرج منه ، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيرا . وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي، وكان نقضهما كردهما،

ص: 23

فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون. فادخل فيما

دخل فيه المسلمون، فإن أحب الأمور إلي فيك العافية، إلّا أن تتعرض للبلاء. فإن تعرضت له قاتلتك واستعنت الله عليك. وقد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه المسلمون ، ثم حاكم القوم إلى أحملك وإياهم على كتاب الله . فأما تلك التي تريدها فخدعة الصبي عن اللبن ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان. واعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة، ولا تعرض فيهم الشورى وقد أرسلت إليك وإلى من قبلك جرير بن عبد الله، وهو من أهل الإيمان والهجرة. فبايع ولا قوة إلّا بالله .

فلما قرأ الكتاب قام جرير فقال : الحمد لله المحمود بالعوائد المأمول منه الزوائد، المرتجى منه الثواب المستعان على النوائب. أحمده وأستعينه في الأمور التى تخير دونها الألباب، وتضمحل عندها الأسباب. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بعد الفترة، وبعد الرسل الماضية والقرون الخالية، والأبدان البالية، والجبلة الطاغية، فبلغ الرسالة ، ونصح الأمة، وأدى الحق الذي استودعه الله

وأمره بأدائه إلى أمته صلى الله عليه وسلم من مبتعث ومنتجب. ثم قال: أيها الناس إن أمر عثمان قد أعيا من شهده، فما ظنكم بمن غاب عنه . وإن الناس بايعوا عليا غير واتر ولا موتور وكان طلحة والزبير ممن بايعه ثم نكثا بيعته على غير حدث، ألا وإن هذا الدين لا يحتمل الفتن، ألا وإن العرب لا تحتمل السيف. وقد كانت بالبصرة أمس ملحمة إن يشفع البلاء بمثلها فلا بقاء للناس. وقد بايعت العامة عليا . ولو ملكنا الله أمورنا لم نختر لها غيره، ومن خالف هذا استعتب. فادخل يا معاوية فيما دخل فيه الناس فإن قلت: استعملني عثمان ثم لم يعزلني، فإن هذا أمر لو جاز لم يقم الله دين، وكان لكل امرئ ما في يديه. ولكن

ص: 24

الله لم يجعل للآخر من الولاة حق الأول ، وجعل تلك أمورا موطأة، وحقوقا ينسخ

بعضها بعضا. ثم قعد

ويجمع بهم

فقال معاوية : انظر وننظر ، واستطلع رأى أهل الشام . فلما فرغ جرير من خطبته أمر معاوية مناديا فنادى الصلاة جامعة. فلما اجتمع الناس صعد المنبر ثم قال : الحمد لله الذي جعل الدعائم للإسلام أركانا والشرائع للإيمان برهانا، يتوقد قبسه في الأرض المقدسة التي جعلها الله محل الأنبياء والصالحين من عباده، فأحلها أهل الشام، ورضيهم لها ورضيها لهم، لما سبق من مكنون علمه من طاعتهم ومناصحتهم خلفاءه والقوام بأمره، والذابين عن دبي.. وحرماته. ثم جعلهم لهذه الأمة نظاما، وفي سبيل الخيرات أعلاما، يردع الله بهم بهم الناكثين ألفة المؤمنين والله نستعين على ما تشعب من أمر المسلمين بعد الالتئام، وتباعد بعد القرب . اللهم انصرنا على أقوام يوقظون نائمنا، ويخيفون آمننا، ويريدون هراقة دمائنا، وإخافة سبيلنا وقد يعلم الله أنا لم نرد بهم عقابا ، ولا نهتك لهم حجابا ، ولا نوطئهم زلقا. غير أن الله الحميد كسانا من الكرامة ثوبا لن ننزعه طوعا ما جاوب الصدى ، وسقط الندى، وعرف الهدى . حملهم على خلافنا البغي والحسد ، فالله نستعين عليهم . أيها الناس قد علمتم أني خليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأني خليفة

، عثمان بن عفان عليكم ، وأني لم أقم رجلا منكم على خزاية قط، وأني ولي عثمان وقد قتل مظلوما . والله يقول : ( وَمَن قُتِلَ مُظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيْهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِف فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً ) (1). وأنا أحب أن تعلموني ذات أنفسكم في قتل عثمان. فقام أهل الشام بأجمعهم فأجابوا إلى الطلب بدم عثمان، وبايعوه على ذلك، وأوثقواله على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم أو يدركوا بثأره، أو يفنى الله أرواحهم.

ص: 25


1- الاسراء : 33

فلما أمسى معاوية وكان قد اغتم بما هو فيه.

قال :نصر: فحدثني محمّد بن عبيد الله عن الجرجاني، قال: لما جن معاوية

الليل واغتم وعنده أهل بيته قال:

تطاول ليلي واعترتني وساوسي*** لآت أتى بالترهات البسابس

أتانا جریر والحوادث جمة*** بتلك التي فيها اجتداع المعاطس

أكابده والسيف بيني وبينه*** ولست لأثواب الدني بلابس

إن الشام أعطت طاعة يمنية*** تواصفها أشياخها في المجالس

فإن يجمعوا أصدم عليا بجبهة*** تفت عليه كل رطب ویابس

وإني لأرجو خير ما نال نائل ***وما أنا من ملك العراق بآيس

وإلا يكونوا عند ظني بنصرهم*** وإن يخلفوا ظني كف عابس(1)

ص: 26


1- وقعة صفين؛ النصر بن مزاحم المنقري : 3327 3,51.

[ الكتاب السابع ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت /1361ه-) في التخريج: «قوله علیه السلام: اما بعد، فقد اتتني منك موعظة ... الى آخره. رواه ابن قتيبة الى قوله : وقادة الضلال فاتبعه في

(ص 267) (1)

قال العرشي في التخريج ما نصّه : رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين

، (33) و( 34 ) ابن قتيبة في الامامة والسياسة (101) والمبرد في الكامل [ ج 1 ص- 193] وابن عبد ربه في العقد الفريد [ج 2 ص 284] . انتهى . (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212 ه-)« في وقعة صفّين» قال: وفي حديث محمّد وصالح بن صدقة قالا : وكتب على إلى جرير بعد ذلك : أما بعد، فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل معاوية على الفصل، وخذه بالأمر الجزم، ثم خيره بين حرب مجلية، أو سلم محظية . فإن اختار الحرب فانبذ ،له، وإن اختار السلم فخذ بيعته . فلما انتهى الكتاب إلى جرير أتى معاوية فأقرأه الكتاب، فقال له: يا معاوية، إنه

ص: 27


1- مدارك نهج البلاغة : 97
2- استناد نهج البلاغة .

لا يطبع على قلب إلّا بذنب، ولا يشرح صدر إلّا بتوبة، ولا أظن قلبك إلّا مطبوعا. أراك قد وقفت بين الحق والباطل كأنك تنتظر شيئا في يدي غيرك.

فقال معاوية : ألقاك بالفيصل أول مجلس إن شاء الله .

فلما بايع معاوية أهل الشام وذاقهم قال يا جرير الحق بصاحبك .

وكتب إليه بالحرب، وكتب في أسفل كتابه بقول كعب بن جعيل :

أرى الشام تكره ملك العراق ***وأهل العراق لها كارهونا

وكل لصاحبه مبغض*** یری کل ماكان من ذاك دينا

إذا ما رمونا رمیناهم***ودناهم مثل ما يقرضونا

وقالوا عليّ إمام لنا ***فقلنا رضينا ابن هند رضينا

وقلنا نرى أن تدينوا لنا ***فقالوا لنا لا نرى أن تدينا

ومن دون ذلك خرط القتاد*** وضرب وطعن يقر العيونا

وكل يس- بما عنده ***یری غث ما في يديه سمينا

ومافي على لمستعتب ***مقال سوي ضمه المحدثينا

وإيثاره اليوم أهل الذنوب*** ورفع القصاص عن القاتلينا

إذا سيل عنه حدا شبهة*** وعمى الجواب على السائلينا

فليس براض ولا ساخط ***ولا في النهاة ولا الأمرينا

و لا هو ساء ولا سرّه*** ولا بد من بعض ذا أن يكونا

قال: فكتب إليه من علي إلى معاوية بن صخر. أما بعد فقد أتاني كتاب امرئ ليس له نظر يهديه ولا قائد پر شده دعاه الهوى فأجابه وقاده فاتبعه زعمت أنه أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان. ولعمري ما كنت إلّا رجلا من المهاجرين أوردت كما أوردوا، وأصدرت كما أصدروا وما كان الله ليجمعهم على ضلالة، ولا ليضربهم بالعمى، وما أمرت فيلزمني خطيئة الأمر، ولا قتلت فيجب عليّ القصاص.

ص: 28

وأما قولك: إن أهل الشام هم الحكام على أهل الحجاز، فهات رجلا من قريش الشام يقبل في الشورى أو تحل له الخلافة. فإن زعمت ذلك كذبك المهاجرون والأنصار ، وإلا أتينك به من قريش الحجاز.

وأما قولك : ادفع إلينا قتلة عثمان، فما أنت وعثمان ؟ إنما أنت رجل من بني أمية، وبنو عثمان أولى بذلك منك. فإن زعمت أنك أقوى على دم أبيهم منهم

فادخل في طاعتي ثم حاكم القوم إلي أحملك وإياهم على المحجة . وأما تمييزك بين الشام والبصرة وبين طلحة والزبير، فلعمري ما الأمر فيما

هناك إلا واحد ، لأنها بيعة عامة لا يثنى فيها النظر ، ولا يستأنف فيها الخيار. وأما ولوعك بي في أمر عثمان فما قلت ذلك عن حق العيان، ولا يقين الخبر. وأما فضلي في الإسلام وقرابتي من النبي صلی الله علیه و آله وسلم وشرفي في قريش، فلعمري لو

استطعت دفع ذلك لدفعته

وأمر النجاشي فاجابه في الشعر فقال:

دعن یا معاوي ما لن يكونا ***فقد حقق الله ما تحذرونا

أتاكم على بأهل الحجاز ***وأهل العراق فما تصنعونا

على كل جرداء خيفانة ***وأشعث نهد يسر العیونا

کل عليها فوارس مخشية ***كأسد العرين حمين العرينا

يرون الطعان خلال العجاج ***وضرب الفوارس في النقع دينا

هم هزموا الجمع جمع الزبير ***وطلحة والمعشر الناكثينا

وقالوا يمينا على حلفة ***لنهدي إلى الشام حربا زبونا

تشيب النواصي قبل المشيب ***وتلقى الحوامل منها الجنينا

فإن تكرهوا الملك ملك العراق ***فقد رضي القوم ما تكرهونا

فقل للمضلل من وائل*** ومن جعل الغث يوما سمينا

ص: 29

جعلتم عليا وأشياعه*** نظیر ابن هند ألا تستحونا؟

إلى أوّل الناس بعد الرسول*** وصنو الرسول من العالمينا

وصهر الرسول ومن مثله ***إذا كان يسوم يشيب القرون (1)

ص: 30


1- وقعة صفين النصر بن مزاحم المقري : 55 - 59 .

[ الكتاب الثامن ]

قال العرشي في التخريج ما نصه: رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين (1)

(32) وابن عبد ربه في العقد الفريد[ ج 2 ص 284]. انتهى . قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم

(ت / 212 ه-) وقد تقدم نصه في الكتاب السابع، فراجع.

ص: 31


1- استناد نهج البلاغة

[ الكتاب التاسع ]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: «قوله علیه السلام: فأراد قومنا قتل نبينا .. الى آخره روی نصر بن مزاحم كتاباً طويلاً في كتاب صفين ص 47 . وفي ضمنه فقرات من هذا الكتاب المروي هنا»(1)

قال العرشي في التخريج ما نصه رواه بأسره ابن مزاحم في كتاب الصفين (48) كما روى العبارة الثالثة منه ابن عبد ربه في العقد الفريد [ج 2 ص 286]. (2) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم

المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفّين : عن عمر بن سعد، عن أبي ،ورق، أن

أبن عمر بن مسلمة الأر أعطاه كتابا في إمارة الحجاج بكتاب من معاوية إلى

على قال: وإن أبا مسلم الخولاني قدم إلى معاوية في أناس من قراء أهل الشام قبل مسير أمير المؤمنين علیه السلام إلى صفين، فقالوا له : يا معاوية علام تقاتل عليا وليس لك مثل صحبته ولا هجرته ولا قرابته ولا سابقته ؟ قال لهم ما أقاتل عليا وأنا أدعي أن لي في الإسلام مثل صحبته ولا هجرته ولا قرابته ولا سابقته ولكن

ص: 32


1- مدارك نهج البلاغة : 97
2- راجع استناد نهج البلاغة .

خبروني عنكم ، ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما ؟ قالوا : بلى . قال : فليدع إلينا قتلته فنقتلهم به ولا قتال بيننا وبينه. قالوا : فاكتب إليه كتابا يأتيه به بعضنا فكتب إلى على هذا الكتاب مع أبي مسلم الخولاني، فقدم به على عليّ ، ثم قام أبو مسلم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإنك قد قمت بأمر وتوليته، والله ما أحب أنه لغيرك إن أعطيت الحق من نفسك ، إن عثمان قتل مسلما محرما مظلوما، فادفع إلينا قتلته، وأنت أميرنا ، فإن خالفك أحد من الناس كانت أيدينا لك ناصرة وألسنتنا لك شاهدة، وكنت ذا عذر وحجة. فقال له على اغد على غدا فخذ

جواب كتابك فانصرف ثم رجع من الغد ليأخذ جواب كتابه فوجد الناس قد بلغهم الذي جاء فيه، فلبست الشيعة أسلحتها ثم غدوا فملؤوا المسجد وأخذوا ينادون : كلنا قتل ابن عفان وأكثروا من النداء بذلك ، وأذن لأبي مسلم ، فدخل على عليّ أمير المؤمنين فدفع إليه جواب كتابه معاوية ، فقال له أبو مسلم قد رأيت قوما ما لك معهم أمر . قال : وما ذاك ؟ قال : بلغ القوم أنك تريد أن تدفع إلينا قتلة عثمان فضجوا واجتمعوا ولبسوا السلاح وزعموا أنهم كلهم قتلة عثمان . فقال عليّ علیه السلام: والله ما أردت أن أدفعهم إليك طرفة عين، لقد ضربت هذا الأمر أنفه وعينيه ما رأيته ينبغي لي أن أدفعهم إليك ولا إلى غيرك. فخرج بالكتاب وهو يقول : الآن طاب الضراب. وكان كتاب معاوية إلى علي علیه السلام: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب. سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإن الله اصطفى محمدا بعلمه وجعله الأمين على وحيه، والرسول إلى خلقه، واجتبي له من المسلمين أعوانا أيده الله بهم، فكانوا في منار لهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام فكان أفضلهم في إسلامه، وأنصحهم الله ولرسوله الخليفة من بعده، وخليفة خليفته، والثالث الخليفة المظلوم عثمان ، فكلّهم ،حسدت، وعلى كلهم

ص: 33

.بغيت عرفنا ذلك في نظرك الشزر، وفي قولك الهجر، وفي تنفسك الصعداء، وفي إبطائك عن الخلفاء، تقاد إلى كل منهم كما يقاد الفحل المخشوش حتى تبايع وأنت كاره . ثم لم تكن لأحد منهم بأعظم حسدا منك لابن عمك عثمان، وكان أحقهم ألا تفعل به ذلك في قرابته وصهره فقطعت رحمه، وقبحت محاسنه، والبت الناس عليه، وبطنت وظهرت حتى ضربت إليه آباط الإبل، وقيدت إليه الخيل العراب، وحمل عليه السلاح في حرم رسول الله، فقتل معك في وأنت تسمع في داره الهائعة ، لا تردع الظن والتهمة عن نفسك فيه بقول ولا فعل. فأقسم صادقا أن لو قمت فيما كان من أمره مقاما واحدا تنهنه الناس عنه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا، ولمحا ذلك عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانبة لعثمان والبغي عليه. وأخرى أنت بها عند أنصار عثمان ظنين: إيواؤك قتلة عثمان، فهم عضدك وأنصارك ويدك وبطانتك. وقد ذكر لي أنك تنصل من دمه، فإن كنت صادقا فأمكنا من قتلته نقتلهم ،به ، ونحن أسرع الناس إليك. وإلا فإنه فليس لك ولا لأصحابك إلا السيف. والذي لا إله إلا هو لنطلبنّ قتلة عثمان في الجبال والرمال والبر والبحر ، حتى يقتلهم الله ، أو لتلحقن أرواحنا بالله والسلام فكتب إليه على علیه السلام:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )، من عبد الله على أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان . أما بعد، فإن أخا خولان قدم عليّ بكتاب منك تذكر فيه محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، وما أنعم الله عليه به من الهدى والوحي. والحمد لله الذي صدقه الوعد وتمم له النصر ومكن له في البلاد، وأظهره على أهل العداء والشنآن من قومه الذين وثبوا ،به وشنفوا له، وأظهروا له التكذيب، وبارزوه بالعداوة وظاهروا على إخراجه وعلى إخراج أصحابه وأهله، وألبوا عليه العرب وجامعوهم على حربه وجهدوا في أمره كل الجهد، وقلبوا له الأمور حتى ظهر أمر الله وهم كارهون. وكان أشد الناس عليه ألبة أسرته والأدنى فالأدنى من قومه

ص: 34

إلا من عصمه الله يا ابن هند. فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا ولقد قدمت فأفحشت ، إذ طفقت تخبرنا عن بلاء الله تعالى في نبيه محمّد صلى الله عليه وسلم وفينا ، فكنت في ذلك كجالب التمر إلى هجر ، أو كداعي مسدده إلى النضال. وذكرت أن الله اجتبى له من المسلمين أعوانا أيده الله بهم ، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام، فكان أفضلهم - زعمت - في الإسلام، وأنصحهم الله ورسوله الخليفة ، وخليفة الخليفة ولعمري إن مكانهما من الإسلام العظيم، وإن المصاب بهما لجرح في الإسلام شديد رحمهما الله وجزاهما بأحسن الجزاء. وذكرت أن عثمان كان في الفضل ثالثا، فإن يكن عثمان محسنا فسيجزيه الله بإحسانه ، وإن يك مسيئا فسيلقى ربا غفورا لا يتعاظمه ذنب أن يغفره. ولعمر الله إني لأرجو إذا أعطى الله الناس على قدر فضائلهم في الإسلام ونصيحتهم الله ورسوله أن يكون نصيبنا في ذلك الأوفر . إن محمّدا صلی الله علیه و آله وسلم لما دعا إلى الإيمان بالله والتوحيد كنا - أهل البيت - أول من آمن به، وصدق بما جاء به، فلبثنا أحوالا مجرمة وما يعبد الله في ربع ساكن من العرب غيرنا، فأراد قومنا قتل نبينا، واجتياح أصلنا وهموا بنا الهموم وفعلوا بنا الأفاعيل، فمنعونا الميرة وأمسكوا عنا العذب، وأحلسونا الخوف، وجعلوا علينا الأرصاد والعيون، واضطرونا إلى جبل وعر، وأوقدوا لنا ثار الحرب، وكتبوا علينا بينهم كتابا لا يواكلونا ولا يشاربونا ولا يناكحونا ولا يبايعونا ولا نأمن فيهم حتى ندفع النبي صلی الله علیه و آله وسلم فيقتلوه ويمثلوا به. فلم نكن نأمن فيهم إلا من موسم إلى موسم فعزم الله لنا على منعه، والذب عن حوزته، والرمي من وراء حرمته، والقيام بأسيافنا دونه في ساعات الخوف بالليل والنهار، فمؤمننا يرجو بذلك الثواب ، وكافرنا يحامي به عن الأصل فأما من أسلم من قريش بعد فإنهم مما نحن فيه أخلياء، فمنهم حليف ممنوع ، أو ذو عشيرة تدافع عنه فلا يبغيه أحد بمثل ما بغانا به قومنا من التلف، فهم من القتل بمكان نجوة وأمن.

ص: 35

36

.

فكان ذلك ما شاء الله أن يكون ثم أمر الله رسوله بالهجرة، وأذن له بعد ذلك في قتال المشركين، فكان إذا احمر البأس ودعيت نزال أقام أهل بيته فاستقدموا فوقى بهم أصحابه حر الأسنة والسيوف، فقتل عبيدة يوم بدر، وحمزة يوم أحد، وجعفر وزيد يوم مؤتة، وأراد الله من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة مع النبي الله غير مرة ، إلا أن آجالهم عجلت، ومنيته أخرت والله مولى الإحسان إليهم، والمنان عليهم ، بما قد أسلفوا من الصالحات. فما سمعت بأحد ولا رأيت فيهم من هو أنصح الله في طاعة رسوله ، ولا أطوع لرسوله في طاعة ربه، ولا أصبر على اللأواء والضراء وحين البأس ومواطن المكروه مع النبي صلی الله علیه و آله وسلم من هؤلاء النفر الذين سميت لك . وفي المهاجرين خير كثير ،نعرفه جزاهم الله بأحسن أعمالهم. وذكرت حسدي الخلفاء، وإبطائي عنهم، وبغيى عليهم فأما البغي فمعاذ الله أن يكون ، وأما الإبطاء عنهم والكراهة لأمرهم فلست أعتذر منه إلى الناس ، لأن الله جل ذكره لما قبض نبيّه صلى الله عليه وسلم قالت قريش منا أمير ، وقالت الأنصار : منا أمير. فقالت قريش منا محمّد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فنحن أحق بذلك الأمر. فعرفت ذلك الأنصار فسلّمت لهم الولاية والسلطان. فإذا استحقوها بمحمّد صلی الله علیه و آله وسلم الدون الأنصار فإن أولى الناس بمحمّد صلی الله علیه و آله وسلم أحق بها منهم وإلا فإن الأنصار أعظم العرب فيها نصيبا فلا أدري أصحابي سلموا من أن يكونوا حقى أخذوا ، أو الأنصار ظلموا . بل عرفت أن حقى هو المأخوذ ، وقد تركته لهم تجاوز الله عنهم . وأما ما ذكرت من أمر عثمان وقطيعتي رحمه ، وتأليبي عليه، فإن عثمان عمل ما قد بلغك ، فصنع الناس به ما قد رأيت وقد علمت أني كنت في عزلة عنه ، إلا أن تتجنى، فتجن ما بدا لك. وأما ما ذكرت من أمر قتله عثمان، فإني نظرت في هذا الأمر وضربت أنفه

ص: 36

وعينيه فلم أر دفعهم إليك ولا إلى غيرك. ولعمري لئن لم تنزع عن غيك وشقاقك التعرفتهم عن قليل يطلبونك ، ولا يكلفونك أن تطلبهم في بر ولا بحر، ولا جبل ولا سهل. وقد كان أبوك أتاني حين ولى الناس أبا بكر فقال : أنت أحق بعد محمّد صلی الله علیه و آله وسلم بهذا الأمر، وأنا زعيم لك بذلك على من خالف عليك . ابسط يدك أبايعك . فلم أفعل. وأنت تعلم أن أباك قد كان قال ذلك وأراده حتى كنت أنا الذي أبيت لقرب عهد الناس بالكفر، مخافة الفرقة بين أهل الإسلام فأبوك كان أعرف بحقي منك. فإن تعرف من حقي ما كان يعرف أبوك تصب رشدك، وإن لم تفعل فسيغني الله عنك، الله عنك ، والسلام. قال البلاذري ( ت / 279 ه-) في أنساب الأشراف»، مالفظه: قالوا : كان جرير بن عبد الله البجلي بهمدان، فلما قدم على علیه السلام الكوفة عزله عنها ووجهه إلى معاوية

علي يدعوه إلى طاعته، وأن يسلم له الامر ، ويدخل معه فيما دخل فيه أهل الحرمين والمصرين وغيرهم، فأتى جرير معاوية، ودعاه إلى ما أمره علي بدعائه إليه، فانتظر معاوية قدوم شرحبيل بن السمط الكندي عليه، فقال له جرير: إني قد رأيتك توقفت بين الحق والباطل وقوف رجل ينتظر رأي غيره. (1)

وقدم شرحبيل فقال له معاوية : هذا جرير يدعونا إلى بيعة علي . فقام شرحبيل فقال : أنت عامل أمير المؤمنين عثمان ، وابن عمه وأولى الناس بالطلب بدمه وقتل من قتله . ولم ير جرير عند معاوية انقيادا له ولا مقاربة لذلك، فانصرف يائسا منه .

فلما قدم جرير على علي علیه السلام ما أسمعه مالك بن الحرث بن الاشتر كذا وقال له :

أنا أعرف غروراتك كذا ] وغشك ، وأن عثمان اشترى منك دينك بولاية همدان

فخرج جرير فلحق بقرقيسيا ، ولحق به قوم من قومه من قسر، ولم يشهد صفين من قسر غير تسعة عشر رجلا، وشهدها من أحمس سبعماة. وأتى على دار جرير

ص: 37


1- وقعة صفّين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 9085

فشعث منها وحرق مجلسه، حتى قال له أبو زرعة بن عمرو بن جرير أصلحك الله إن في الدار أنصباء لغير جرير . فكفّ علي علیه السلام:

وقام أبو مسلم الخولاني - واسمه عبد الرحمان. ويقال: عبد الله بن مشكم - إلى معاوية فقال له على ما تقاتل عليا وليس لك مثل سابقته وقرابته وهجرته ؟! فقال معاوية : ما أقاتله وأنا ادعي في الاسلام مثل الذي ذكرت أنه له ، ولكن ليدفع إلينا قتلة عثمان فنقتلهم ،به ، فإن فعل فلا قتال بيننا وبينه، فقد يعلمون أن عثمان قتل مسلما محرما . قال : فاكتب إليه كتابا تسأله فيه أن يسلم إليك قتله عثمان. فكتب إليه معاوية - فيما ذكر الكلبي عن أبي مخنف، عن أبي روق الهمداني : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من معاوية بن أبي سفيان، إلى علي بن أبي طالب . أما ،بعد فإن الله اصطفى محمدا بعلمه، وجعله الامين على وحيه، والرسول إلى خلقه، ثم اجتبى له من المسلمين أعوانا أيده بهم، فكانوا في المنازل عنده على قدر فضائلهم في الاسلام، وكان أنصحهم الله ورسوله خليفته ثم خليفة خليفته ثم الخليفة الثالث المقتول ظلما عثمان ، فكلهم حسدت وعلى كلّهم بغيت، عرفنا ذلك في نظرك الشزر ، وقولك الهجر، وتنفسك الصعداء، وإبطائك عن الخلفاء، في كل ذلك تقاد كما يقاد الجمل المخشوش ، ولم تكن لاحد منهم أشد حسدا منك لابن عمتك ، وكان أحقهم أن لا تفعل به ذلك لقرابته وفضله ، فقطعت رحمه وقبحت حسنه، وأظهرت له العداوة وبطنت له بالغش، وألبت الناس عليه حتى ضربت آباط الابل إليه من كل وجه ، وقيدت إليه الخيل من كل أفق، وشهر عليه السلاح في حرم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقتل معك في المحلة، وأنت تسمع الهائعة، لا تدرأ عنه بقول ولا فعل ، ولعمري يا بن أبي طالب لو قمت في حقه مقاما واحدا تنهى الناس فيه عنه، وتقبح لهم ما ابتلهوا منه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا، ولمحى ذلك عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانبة له والبغي عليه.

ص: 38

وأخرى أنت بها عند أولياء ابن عفان ظنينا : إيواؤك قتلته، فهم عضدك ويدك وأنصارك، وقد بلغني أنك تتنصل من دم عثمان وتتبرأ منه ، فإن كنت صادقا فادفع إلينا قتلته كي نقتلهم به ، ثم نحن أسرع الناس إليك، وإلا فليس بيننا وبينك إلا السيف، ووالّذي لا إله غيره لنطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال والبر والبحر حتى نقتلهم أو تلحق أرواحنا بالله، والسلام فدفع الكتاب إلى أبي مسلم الخولاني وأمره أن يسير به إلى علي ، فصار به إلى الكوفة فأوصله إلى على واجتمع الناس في المسجد، وقري عليهم، فقالوا: كلنا قتلة عثمان وكلنا كان منكرا لعمله ولم يجبه علي إلى ما أراد ، فجعل أبو مسلم يقول : الآن طاب الضراب.

وكتب علي إليه في جواب كتابه : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان. أما بعد فإن أخا خولان قدم عليّ علیه السلام بكتاب منك تذكر فيه محمدا وما أكرمه الله به من الهدى والوحي ، فالحمد لله الذي صدق له الوعد ومكن له في البلاد، وأظهره على الدين كله، وقمع به أهل العداوة والشنان من قومه الذين كذبوه وشنّعوا له، وظاهروا عليه وعلى إخراج أصحابه، وقلّبوا له الأمور حتى ظهر امر الله وهم له كارهون، فكان اشد الناس عليه الأدنى فالأدنى من قومه إلا قليلا ممن عصم الله .

وذكرت ان الله جل ثناؤه وتباركت اسماؤه اختار له من المؤمنين اعوانا ايده بهم فكانوا في منازلهم عنده على قدم [قدر - خ ] فضائلهم في الاسلام، فكان افضلهم خليفته وخليفة خليفته من بعده، ولعمري إن مكانهما من الاسلام لعظيم وان المصاب بهم [كذا] لرزء جليل، وذكرت ان ابن عفان كان في الفضل ثالثا لهما ، فإن يكن عثمان محسنا فسيلقى ربا شكورا يضاعف الحسنات ويجزي بها وان يكن مسيئا فسيلقى ربا غفورا رحيما لا يتعاظمه ذنب ان يغفره، وإني لارجو

ص: 39

إذا اعطى الله المؤمنين على قدر اعمالهم ان يكون قسمنا أوفر قسم اهل بيت من المسلمين. إن الله بعث محمّدا صلی الله علیه و آله وسلم فدعا إلى الايمان بالله والتوحيد له، فكنا اهل البيت - اول من آمن واناب فمكثنا وما يعبد الله في ربع سكن من ارباعي العرب احد غيرنا، فبغانا قومنا الغوائل وهموا بنا الهموم والحقوا بنا الوشائط، واضطرونا إلى شعب ضيق، ووضعوا علينا فيه المراصد ، ومنعونا من الطعام والماء العذب وكتبوا بينهم كتابا ان لا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا يبايعونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا أو ندفع إليهم نبينا فيقتلوه أو يمثلوا به، وعزم الله لنا على منعه والذب عنه، وسائر

للوابه، من أسلم من قريش أخلياء مما نحن فيه منهم من حليف ممنوع وذي عشيرة لا

تبغيه كما بغانا ،قومنا فهم من التلف بمكان نجوة وأمن، فمكثنا بذلك ما شاء الله

، ثم أذن الله لرسوله في الهجرة وامره بقتال المشركين، فكان إذا حضر البأس

ودعيت نزال قدّم اهل بيته فوقى بهم اصحابه فقتل عبيدة يوم بدر، وحمزة يوم احد، وجعفر يوم مؤتة، وتعرض من لو شئت ان اسميه سميته لمثل ما تعرضوا له من الشهادة، لكن آجالهم حضرت ومنيته أخرت.

وذكرت إبطائي عن الخلفاء وحسدي لهم، فأما الحسد، فمعاذ الله ان أكون أسررته أو أعلنته، وأما الابطاء عنهم فما أعتذر إلى الناس منه، ولقد أتاني أبوك حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايع الناس أبا بكر ، فقال : أنت أحق الناس بهذا الامر فأبسط يدك أبايعك. قد علمت ذلك من قول أبيك، فكنت الذي أبيت ذلك مخافة الفرقة، لقرب عهد الناس بالكفر والجاهلية، فإن تعرف من حقي ما كان أبوك يعرفه تصب رشدك ، وإلا تفعل فسيغني الله عنك .

وذكرت عثمان وتأليبي الناس عليه ، فإن عثمان صنع ما رأيت فركب الناس منه ما قد علمت وأنا من ذلك بمعزل إلا أن تتجنى فتجن ما بدالك . وذكرت قتلته بزعمك - وسألتني دفعهم إليك وما أعرف له قائلا بعينه، وقد ضربت الامر أنفه

ص: 40

وعينيه فلم أره يسعني دفع من قبلي ممن اتهمته وأظننته إليك، ولئن لم تنزع عن غيك وشقائك، لتعرفن الذين تزعم أنهم قتلوه طالبين لك لا يكفونك طلبهم في سهل ولا جبل، والسلام.

وأنفذ عليّ الكتاب إلى معاوية مع أبي مسلم الخولاني. وقد قال بعض الرواة:

أن أبا هريرة الدوسي كان مع أبي مسلم(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي في كنز العمال: عن علي قال : كنا إذا حمي

البأس ولقى القوم اتقينا برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فما يكون منا أحد أقرب إلى العدو منه

برسول ك ، ش ، حم وأبو عبيد في الغريب ، ن ، ع ، ك والحارث، ابن جرير وصححه ، ق

في الدلائل (2)

ص: 41


1- انساب الاشراف ؛ للبلاذري : 275-282 . 419:12
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 12: 419 ، ح 35463 .

[ الكتاب العاشر ]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: روى ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين (59) من هذا الكتاب قوله وانه يوشك أن يوقفك واقف - الى قوله - ولا شرف : باسق». (انتهى)(1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفّين»، قال: وحدثنا عمر بن سعد، عن الشعبي، قال: أرسل على إلى معاوية : ان ابرز لى وأعف الفريقين من القتال، فأينا قتل صاحبه كان الأمر له ، قال عمرو : لقد أنصفك الرجل. فقال معاوية: إني لا كره أن أبارز الأهوج الشجاع ، لعلك طمعت فيها يا عمرو. فلما لم يجب . قال علي: وانفساه، أيطاع معاوية وأعصى ؟ ما قاتلت أمة قط أهل بيت نبيها وهي مقرة بنبيها إلا هذه الأمة. (2)

وبالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري أيضاً ، قال : وكتب إلى معاوية : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من عبد الله على أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان. سلام

ص: 42


1- راجع : استناد نهج البلاغة .
2- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 387 - 388 .

على من اتبع الهدى، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإنك قد رأيت من الدنيا وتصرفها بأهلها وإلى ما مضى منها ، وخير ما بقي من الدنيا ما أصاب العباد الصادقون فيما مضى. ومن نسي الدنيا نسيان الآخرة يجد بينهما بوناً بعيداً. واعلم يا معاوية أنك قد ادعيت أمرا لست من أهله لا في القدم ولا في الولاية، ولست تقول فيه بأمر بيّن تعرف لك به أثرة، ولا لك عليه شاهد من كتاب الله ، ولا عهد تدعيه من رسول الله، فكيف أنت صانع إذا انقشعت عنك جلابيب ما أنت فيه من دنيا أبهجت بزينتها وركنت إلى لذتها ، وخلى فيها بينك وبين عدو جاهد ملح مع ما عرض في نفسك من دنيا قد دعتك فأجبتها، وقادتك فاتبعتها، وأمرتك فأطعتها. فاقعس عن هذا الأمر، وخذ أهبة الحساب، فإنه يوشك أن يقفك واقف على ما لا يجنك منه مجن. ومتى كنتم يا معاوية ساسة للرعية، أو ولاة لأمر هذه الأمة بغير قدم حسن ولا شرف سابق على قومكم. فشمر لما قد نزل بك ولا تمكن الشيطان من بغيته فيك، مع أني أعرف أن الله ورسوله صادقان. فنعوذ بالله من لزوم سابق الشقاء. وإلا تفعل أعلمك ما أغفلك من نفسك، فإنك مترف قد أخذ منك الشيطان مأخذه، فجرى منك مجرى الدم في العروق، واعلم أن هذا الأمر لو كان إلى الناس أو بأيديهم لحسدونا وامتنوا به علينا، ولكنه قضاء ممن امتن به علينا على لسان نبيه الصادق المصدق . لا أفلح من شك بعد العرفان والبيئة . اللهم احكم بيننا وبين عدونا بالحق وأنت خير الحاكمين(1)

ص: 43


1- وقعة صفين النصر بن مزاحم المنقري : 110 108 .

[ الكتاب (11)]

قال العرشي في التخريج ما نصه : رواها ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين

(66) والحراني في تحف العقول ( 44) . (انتهى)(1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم

المنقري في وقعة صفين»، عن عمر بن سعد، حدثني يزيد بن حدثني يزيد بن خالد بن قطن أن عليا حين أراد المسير إلى النخيلة دعا زياد بن النضر، وشريح بن هانئ وكانا على مذحج والأشعريين - قال: يا زياد اتق الله في كل ممسى ومصبح ، و على نفسك الدنيا الغرور، ولا تأمنها على حال من البلاء، واعلم أنك إن لم تزع نفسك عن كثير مما يُحَبّ مخافة مكروهة، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضر.

فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي والظلم والعدوان، فإني قد وليتك هذا الجند فلا تستطيلن عليهم، وإن خيركم عند الله أتقاكم. وتعلّم من عالمهم، وعلّم جاهلهم ، واحلم عن سفيههم ، فإنك إنما تدرك الخير بالحلم، وكف الأذى والجهل. فقال :زياد أوصيت يا أمير المؤمنين حافظا لوصيتك، مؤدبا بأدبك ، يرى

الرشد في نفاذ أمرك، والغي في تضييع عهدك.

ص: 44


1- راجع : استناد نهج البلاغة

فأمرهما أن يأخذا في طريق واحد ولا يختلفا، وبعثهما في اثني عشر ألفا على مقدمته شريح بن هانئ على طائفة من الجند، وزياد على جماعة. فأخذ شريح يعتزل بمن معه من أصحابه على حدة ، ولا يقرب زياد بن النضر، فكتب زياد إلى على مع غلام له أو مولى يقال له : شوذب : لعبد الله على أمير المؤمنين من زياد بن النضر، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإنك وليتني أمر الناس، وإن شريحا لا يرى لي عليه طاعة ولا حقا، وذلك من فعله استخفاف بأمرك، وترك لعهدك ، والسلام. وكتب شريح بن هانئ : سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو . أما بعد، فإن زياد بن النضر حين أشركته في أمرك ، ووليته جندا من جنودك، تنكر واستكبر ومال به العجب والخيلاء والزهو إلى ما لا يرضاه الرب تبارك وتعالى من القول والفعل. فإن رأى أمير المؤمنين أن يعزله عنا ويبعث مكانه من يحب فليفعل، فإنا له كارهون والسلام

فكتب إليهما عليّ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى زياد بن النضر وشريح بن هانئ سلام عليكما، فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو . أما بعد، فإني قد وليت مقدمتي زياد بن النضر وأمرته عليها، وشريح على طائفة منها ،أمير، فإن أنتما جمعكما بأس فزياد بن النضر على الناس ، وإن افترقتما فكل واحد منكما أمير الطائفة التي وليناه أمرها واعلما أن مقدمة القوم عيونهم وعيون المقدمة طلائعهم، فإذا أنتما خرجتما من بلادكما فلا تسأما من توجيه الطلائع ، ومن نقض الشعاب والشجر والخمر في كل جانب كي لا يغتر كما عدو، أو يكون لكم كمين . ولا تسيرن الكتائب والقبائل من لدن الصباح إلى المساء إلا على تعبية . فإن دهمكم داهم أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدمتم في التعبية . وإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال، أو

ص: 45

أثناء الأنهار كي ما يكون ذلك لكم ردءا، وتكون مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين . واجعلوا رقباءكم في صياصي الجبال ، وبأعالي الأشراف، ومناكب الهضاب يرون لكم ، لئلا يأتيكم عدو من مكان مخافة أو أمن. وإياكم والتفرق، فإذا نزلتم فانزلوا جميعا، وإذا رحلتم فارحلوا جميعا، وإذا غشيكم ليل فنزلتم فحفوا عسكركم بالرماح والأترسة ، ورماتكم يلون ترستكم ورماحكم وما أقمتم فكذلك فافعلوا كي لا تصاب لكم غفلة ، ولا تلفى منكم غرة، فما قوم حفوا عسكرهم برماحهم وترستهم من ليل أو نهار إلا كانوا كأنهم في حصون. واحرسا عسكر كما بأنفسسكما ، وإياكما أن تذوقا نوما حتى تصبحا إلا غرارا أو مضمضة، ثم ليكن ذلك شأنكما ودأبكما حتى تنتهيا إلى عدوّكما، وليكن عندي كل يوم خبركما ورسول من قبلكما، فإني - ولا شئ إلا ما شاء الله - حثيث السير في آثاركما عليكما في حربكما بالتؤدة، وإياكم والعجلة إلا أن تمكنكم فرصة بعد الإعذار والحجة. وإياكما أن تقاتلا حتى أقدم عليكما إلّا أن تبدأ أو يأتيكما أمري

إن شاء الله. والسلام (1)

ص: 46


1- وقعة صفّين : النصر بن مزاحم المنقري : 125 121 .

[ الكتاب (12)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفّين»، باسناده عن عمر ، عن رجل - وهو أبو مخنف - عن نمير بن وعلة، عن أبي الوداك أن عليا بعث من المدائن معقل بن قيس الرياحي

، في ثلاثة آلاف رجل وقال له : (خذ على الموصل، ثم نصيبين ، ثم القني بالرقة فإني موافيها، وسكن الناس وأمنهم ، ولا تقاتل إلا من قاتلك، وسر البردين، وغور بالناس، وأقم الليل، ورفه في السير، ولا تسر في الليل فإن الله جعله سكنا ،

أرح فيك بدنك وجندك وظهرك . فإذا كان السحر أو حين ينبطح الفجر فسر». فخرج حتى أتى الحديثة، وهي إذ ذاك منزل الناس - إنما بنى مدينة الموصل بعد ذلك محمد بن مروان - فإذا هم بكبشين ينتطحان، ومع معقل بن قيس رجل من خثعم يقال له : شداد بن أبي ربيعة قتل بعد ذلك مع الحرورية ، فأخذ يقول : إيه إيه . فقال معقل : ما تقول ؟ قال : فجاء رجلان نحو الكبشين فأخذ كل واحد منهما كبشا ثم انصرفا، فقال الخثعمي لمعقل : لا تغلبون ولا تغلبون قال له: من أين علمت ذلك؟ قال: أما أبصرت الكبشين، أحدهما مشرق والآخر مغرب، التقيا فاقتتلا وانتطحا، فلم يزل كل واحد منهما من صاحبه منتصفا حتى أتى كل واحد

ص: 47

منهما صاحبه فانطلق به فقال له معقل أو يكون خيرا مما تقول يا أخا خثعم ؟ ثم

مضوا حتى أتوا عليا بالرقة» (1)

ص: 48


1- وقعة صفين النصر بن مزاحم المنقري : 149 148 .

[ الكتاب (13)]

قال العرشي في التخريج ما نصه: رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين (1)

(81) والطبري في تاريخه [ ج 5 ص 238] . انتهى . قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفّين»، باسناده عن عمر ، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث: أن عليا قال لأهل الرقة اجسروا لي جسرا لكي أعبر من هذا المكان إلى الشام فأبوا وقد كانوا ضمّوا السفن عندهم، فنهض من عندهم ليعبر على جسر ،منبج، وخلف عليه الأشتر، فناداهم فقال: يا أهل هذا الحصن

ا إني أقسم بالله لئن مضى أمير المؤمنين ولم تجسر وا له عند مدينتكم حتى يعبر منها لأجردن فيكم السيف، ولأقتلن مقاتلتكم ، ولأخرين أرضكم، ولآخذن أموالكم . فلقى بعضهم بعضا فقالوا: إن الأشتر يفي بما يقول، وإن عليا خلفه علينا ليأتينا منه الشر. فبعثوا إليه : إنا ناصبون لكم جسرا فأقبلوا فأرسل الأشتر إلى علي فجاء ونصبوا له الجسر، فعبر الأثقال والرجال، ثم أمر الأشتر فوقف في ثلاثة آلاف فارس، حتى لم يبق أحد من الناس إلا عبر ، ثم إنه عبر آخر الناس رجلا.

ص: 49


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

وذكر الحجاج أن الخيل ازدحمت حين عبرت ، وزحم بعضها بعضا وهي تعبر فسقطت قلنسوة عبد الله بن أبي الحصين فنزل فأخذها وركب، وسقطت

قلنسوة عبد الله بن الحجاج فنزل فأخذها ثم ركب ، فقال لصاحبه

إن يك ظن الزاجري الطير صادقا ***كما زعموا أقتل وشيكا وتقتل

قال عبد الله بن أبي الحصين ما شئ أوتاه هو أحب إلي مما ذكرت فقتلا

جميعا يوم صفين.

وقال خالد بن قطن : فلما قطع علي الفرات دعا زياد بن النضر، وشريح بن ،هانئ فسرحهما أمامه نحو معاوية على حالهما الّذي كانا عليه حين خرجا من الكوفة ، في اثني عشر ألفا. وقد كانا حين سرحهما من الكوفة مقدمة له أخذا على شاطئ الفرات من قبل البر مما يلي الكوفة ، حتى بلغا عانات، فبلغهما أخذ علي على طريق الجزيرة، وبلغهما أن معاوية أقبل في جنود الشام من دمشق لاستقبال علي فقالا : لا والله ما هذا لنا برأي، أن نسير وبيننا وبين أمير المؤمنين هذا البحر، ما لنا خير أن نلقي جموع أهل الشام بقلة من عددنا منقطعين من العدد والمدد. فذهبوا ليعبروا من عانات فمنعهم أهل عانات، وحبسوا عندهم السفن، فأقبلوا راجعين حتى عبروا من هيت، ثم لحقوا عليا بقرية دون قرقيسيا، وقد أرادوا أهل عانات فتحصنوا منهم، فلما لحقت المقدمة عليا قال : مقدمتي تأتي من ورائي؟ فتقدم إليه زياد وشريح فأخبراه بالرأي الذي رأيا ، فقال : قد أصبتما رشدكما . الفرات قدمهما أمامه نحو معاوية ، فلما انتهوا إلى معاوية لقيهم أبو

فلما

عبر

الأعور السلمي في جند أهل الشام ، فدعوهم إلى الدخول في طاعة أمير المؤمنين فأبوا فبعثوا إلى عليّ: إنا قد لقينا أبا الأعور السلمي بسور الروم في جند من أهل الشام فدعوناه وأصحابه إلى الدخول في طاعتك فأبوا علينا، فمرنا بأمرك . فأرسل علي إلى الأشتر فقال : يا مال، إن زيادا وشريحا أرسلا إلى يعلماني أنهما لقيا أبا

ص: 50

الأعور السلمي في جند من أهل الشام بسور الروم فنبأني الرسول أنه تركهم متواقفين. فالنجاء إلى أصحابك النجاء. فإذا أتيتهم فأنت عليهم، وإياك أن تبدأ القوم بقتال، إلا أن يبدؤوك، حتى تلقاهم وتسمع منهم، ولا يجرمنك شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم والإعذار إليهم مرة بعد مرة . واجعل على ميمنتك زيادا وعلى ميسرتك شريحا، وقف بين أصحابك وسطا، ولا تدن منهم دنو من يريد أن ينشب الحرب، ولا تباعد منهم تباعد من يهاب البأس ، حتى أقدم عليك ، فإني حثيث السير إليك إن شاء الله .

وكان الرسول الحارث بن جمهان الجعفي. وكتب إليهما: أما بعد فإني قد

أمرت عليكما ،مالكا، فاسمعا له وأطيعا أمره، فإنه ممن لا يخاف رهقه ولا سقاطه ولا بطؤه عمّا الإسراع إليه أحزم، ولا الإسراع إلى ما البطؤ عنه أمثل. وقد أمرته بمثل الذي أمرتكما ألا يبدأ القوم بقتال حتى يلقاهم فيدعوهم ويعذر إليهم إن

شاء الله .

فلم

فخرج الأشتر حتى قدم على القوم فاتبع ما أمره به عليّ، وكف عن القتال. يزالوا متواقفين حتى إذا كان عند المساء حمل عليهم أبو الأعور السلمي فثبتوا له واضطربوا ساعة ثم إن أهل الشام انصرفوا ، ثم خرج هاشم بن عتبة في خيل

ورجال حسن عدتها وعددها، وخرج إليهم أبو الأعور السلمى فاقتتلوا يومهم ذلك، تحمل الخيل على الخيل، والرجال على الرجال فصبر القوم بعضهم لبعض ثم انصرفوا .

وبكر عليهم الأشتر فقتل منهم عبد الله بن المنذر التنوخي قتله ظبيان بن عمارة التميمي، وما هو يومئذ إلا فتى حديث السن. وإن كان الشامى لفارس أهل الشام. وأخذ الأشتر يقول : ويحكم، أروني أبا الأعور . ثم إن أبا الأعور دعا الناس فرجعوا ،نحوه، فوقف على تل من وراء المكان الذي كان فيه أول مرة، وجاء

ص: 51

الأشتر حتى صف أصحابه في المكان الذي كان فيه أبو الأعور أول مرة، فقال الأشتر لسنان بن مالك النخعي: انطلق إلى أبي الأعور فادعه إلى المبارزة فقال: الي مبارزتي أو مبارزتك ؟ فقال الي مبارزتي . فقال الأشتر أو لو أمرتك بمبارزته فعلت ؟ قال: نعم، والذي لا إله إلا هو لو أمرتني أن أعترض صفهم بسيفي فعلته حتى أضربه بالسيف . فقال : يا ابن أخي، أطال الله بقاءك، وقد والله ازددت فيك رغبة، لا ما أمرتك بمبارزته، إنما أمرتك أن تدعوه إلى مبارزتي ، لأنه لا يبارز - إن كان ذلك من شأنه - إلا ذوي الأسنان والكفاءة والشرف، وأنت بحمد الله من أهل الكفاءة والشرف، ولكنك حديث السن، وليس يبارز الأحداث، فاذهب فادعه إلى مبارزتي، فأتاهم فقال : أمنوني فإني رسول. فأمنوه حتى انتهى إلى أبى الأعور(1)

استحقا

رات الهية الماشه

ص: 52


1- وقعة صغير راحم المنقري : 154 151 .

[ الوصيّة (14)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: لاتقاتلوهم حتى يبدأوكم ... الى آخره . روى شيئاً من هذه الوصية في كتاب الجهاد من كتاب (1)

الكافي ص قال العرشي في التخريج ما نصه رواها ابن مزاحم الكوفي في كتاب

الصفين (106) » . انتهى . (2)

قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري ( ت / 212 ه-) في وقعة صفين»، باسناده عن عمر بن سعد، وحدثني رجل ، عن عبد الله بن جندب عن أبيه : أن عليا علیه السلام كان يأمرنا في كل موطن لقينا معه عدوه يقول : لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم فإنكم بحمد الله على حجة، وترككم إياهم حتى يبدؤوكم حجة أخرى لكم عليهم ، فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا، ولا تجهزوا على جريح، ولا تكشفوا عورة، ولا تمثلوا بقتيل فإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا، ولا تدخلوا دارا إلا

ص: 53


1- مدارك نهج البلاغة : 97 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة

بإذني، ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم، ولا تهيجوا امرأة بأذى، وإن شتمن أعراضكم وتناولن أمراءكم وصلحاءكم، فإنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول . ولقد كنا وإنا كنا لنؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات ، وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالهراوة أو الحديد فيعير بها عقبه من بعده (1) وبالاسناد عن الكليني ( ت / 328ه-) قوله : «ولا تمثلوا بقتيل وقد تقدم

في الخطبة ( 80 ) .

ص: 54


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 203.

[ الدعاء ( 15) ]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: قوله: اللهم اليك

أفضت القلوب ، رواه في الصحيفة العلوية ، وقال الشارح العلامة : روي انه كان علیه السلام اذا اشتد القتال ذكر اسم الله حين يركب ، ثم يقول الحمد لله على نعمه علينا وقضله العميم، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون، ثم يستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول: اللّهم اليك نقلت الاقدام واليك أفضت القلوب» (1) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفين » ، باسناده عن قيس بن الربيع، عن ( عبد الواحد بن حسان العجلي ، عمن حدثه عن على أنه سمع يقول يوم صفين : اللهم إليك رفعت الأبصار، وبسطت الأيدى ونقلت الأقدام، ودعت الألسن وأفضت القلوب، وتحوكم إليك في الأعمال، فاحكم بيننا وبينهم بالحق وأنت خير الفاتحين. اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا، وقلة عددنا، وكثرة عدونا وتشتت أهوائنا وشدة الزمان، وظهور الفتن، أعنا عليهم بفتح تعجله، ونصر

ص: 55


1- مدارك نهج البلاغة : 97

تعز به سلطان الحق وتظهره . (1)

وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في الجمل، قال: فلما رأى امير المؤمنين ما قدم عليه القوم من العناد واستحلوه من سفك الدم الحرام، رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم اليك شخصت الابصار وبسطت الايدي وافضت القلوب وتقربت اليك بالاعمال ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين ، ثم دعا ابنه محمّد بن الحنفية، فأعطاه الراية وهي راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا بني هذه راية لا ترد قط ، ولا ترد أبداً ، قال محمّد : فأخذتها والريح تهب عليها فلما تمكنت من حملها صارت الريح على طلحة والزبير واصحاب الجمل، فأردت ان امشي بها فقال امير المؤمنين قف يا بني حتى آمرك ..». (2)

وبالاسناد عن ابن طاووس في مهج الدعوات، قال: ومن ذلك دعاء لمولانا ومقتدانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام عند ابتداء القتال يوم صفين من كتاب صفين لعبد العزيز الجلودي من أصحابنا له قال : فلما زحفوا باللواء قال علي صلوات الله عليه وآله: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم إياك نعبد وإياك نستعين يا الله یا رحمان یا رحیم ، يا أحد يا صمد يا إله محمد، إليك نقلت الاقدام وأفضت القلوب، وشخصت الابصار، ومدت الاعناق، وطلبت الحوائج، ورفعت الأيدي ، اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين . ثم قال : لا إله إلا الله والله أكبر ثلاثا . ومن ذلك في رواية من كتاب الجلودي ، قال : كان علي بن أبي طالب علیه السلام له إذا سار إلى القتال ذكر اسم الله تعالى حتى يركب ثم يقول: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، الحمد لله على نعمه علينا وفضله العظيم

ص: 56


1- وقعة صفين؛ النصر بن مزاحم المنقري : 231 .
2- الجمل ؛ للشيخ المفيد : 182

عندنا ثم يستقبل القبلة ببغلة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، ويرفع يديه، ويدعو الدعاء الأول وفيه تقديم وتأخير».(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال»، عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب : أن عليا لم يقاتل أهل الجمل حتى دعا الناس ثلاثا، حتى إذا كان يوم الثالث دخل عليه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر فقالوا : قد أكثروا فينا الجراح، فقال يا ابن أخي والله ما جهلت شيئا من أمرهم إلا ما كانوا

فيه وقال صب لي ماء! فصب له ماء فتوضأ ثم صلى ركعتين حتى إذا فرغ رفع

يديه ودعا ربه وقال لهم : إن ظهرتم على القوم فلا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح وانظروا ما حضرت به الحرب من آنية فاقبضوه! وما كان سوى ذلك فهو لورثته». هق . وقال : هذا منقطع (2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 985 ه-) في كنز العمال » عن عبد خير عن على أنه قال يوم الجمل : لا تتبعوا مدبرا! ولا تجهزوا على جريح ومن ألقى سلاحه فهو آمن» (ش)(3)

مهج الدعوات : 96 - 97 ، ط / 1323 ه- وعنه بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 91: 235 و 263 .

ص: 57


1- منها
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11: 338 ، ح 31982 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 335 ، ح 31675

[ الكتاب (16)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفين»، باسناده عن أبي عبد الرحمن المسعودي، حدثني يونس بن الأرقم بن عوف، عن شيخ من بكر بن وائل ، قال :

كنا مع على بصفين، فرفع عمرو بن العاص شقة خميصة سوداء في رأس رمح فقال ناس : هذا لواء عقده له رسول الله . فلم يزالوا كذلك حتى بلغ عليا، فقال: هل تدرون ما أمر هذا اللواء؟ إن عدو الله عمرو بن العاص أخرج له رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم هذه الشقة، فقال: من يأخذها بما فيها ؟ ، فقال عمرو: وما فيها يا رسول الله ؟ قال : فيها أن لا تقاتل به مسلما، ولا تقربه من كافر. فأخذها، فقد والله قربه من المشركين، وقاتل به اليوم المسلمين والّذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أسلموا ولكن استسلموا، وأسروا الكفر، فلما وجدوا أعوانا رجعوا إلى عدواتهم منا ، إلا أنهم لم يدعوا الصلاة.

نصر: أخبرني عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : لما كان قتال صفين، قال رجل لعمار يا أبا اليقظان، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قاتلوا الناس حتى يسلموا، فإذا أسلموا عصموا منّي دماءهم وأموالهم ؟ قال بلى ولكن والله ما

ص: 58

أسلموا ولكن استسلموا ، وأسروا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا .

نصر : عبد العزيز، قال: حبيب بن أبي ثابت، قال: حدثني منذر الثوري، قال: قال محمّد بن الحنفية لما أتاهم رسول الله من أعلى الوادي ومن أسفله، وملأ الأودية كتائب استسلموا حتى وجدوا أعوانا .

نصر ، عن فطر بن خليفة عن منذر الثوري، قال عمار بن ياسر والله ما أسلم

القوم ولكن استسلموا وأسروا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا .(1)

وجاء قوله: «لايشدون عليكم كرة بعد فترة ولا حملة بعد حملة في آخر

الخطبة (80) في رواية الكليني (ت / 321ه-)، فراجع .

ص: 59


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 216 215

[ الكتاب (17)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج : « قوله علیه السلام: اما طلبك إلي الشام ... الخ، روى ابن قتيبة كتابا له فيه فقرات من هذا الكتاب، وذكر الشارح العلامة كتاب معاوية وطلبه الشام ، وان أمير المؤمنين علیه السلام قرأه وتعجب منه ، ثم دعا عبد الله بن رافع وقال له : اكتب اليه : أما بعد فقد جاءني كتابك، تذكر إنك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يجنها بعض على بعض، وأنا

وإياك في غاية لم نبلغها بعد، وأما طلبك إلى الشام ... . (1)

قال العرشي في التخريج مانصه : رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين (79) و (252) وابن قتيبة في الامامة والسياسة (115)، والدينوري في الأخبار الطوال (119) ، والمسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 48]، والبيهقي في المحاسن والمساوي [ ج 1 ص 38] . انتهى .(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري ( ت / 212 ه-) «في وقعة صفّين» فقال : وقال الأشتر حين قال علي:

ص: 60


1- مدارك نهج البلاغة : 98 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة

«إنني مناجز القوم إذا أصبحت»:

قد دنا الفصل في الصباح*** وللسلم رجال وللحروب رجال

فرجال الحروب كل خدب*** مقحم لا تهده الأهوال

يضرب الفارس المدجج بالسي***ف إذا فل في الوغى الأكفال

یا ابن هند شد الحيازيم للمو*** ت ولا يذهبن بك الآمال

إن في الصبح إن بقيت لأمرا ***تتفادى من هو من هوله الأبطال

فيه عز العراق أو ظفر الشا ***م بأهل العراق والزلزال

فاصبروا للطعان بالأسل السم*** ر وضرب تجري به الأمثال

إن تكونوا قتلتم النفر البي*** ض و غالت أولئك الآجال

فلتا مثلهم وإن عظم الخط ***ب، قليل أمثالهم أبدال

يخضبون الوشيح طعنا إذا ***جرت من الموت بينهم أذيال

طلب الفوز في المعاد وفي ذا ***تستهان النفوس والأموال

فلما انتهى إلى معاوية شعر الأشتر قال: شعر منكر من شاعر منكر، رأس أهل العراق وعظيمهم ومسعر حربهم، وأول الفتنة وآخرها. وقد رأيت أن أكتب إلى عليّ كتابا أسأله الشام - وهو الشئ الأول الذي ردّني عنه - وألقى في نفسه الشك والريبة . فضحك عمرو بن العاص، ثم قال : أين أنت يا معاوية من خدعة علي ؟! :فقال: ألسنا السنا بني بني عبد مناف ؟ قال بلى ولكن لهم النبوة دونك، وإن شئت أن تكتب فاكتب ، فكتب معاوية إلى علي مع رجل من السكاسك، يقال له: عبد الله بن عقبة، وكان من نافلة أهل العراق فكتب

أما بعد، فإني أظنك أن لو علمت أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت وعلمنا ، لم يجنها بعضنا على بعض ، وإنا وإن كنا قد غلبنا على عقولنا فقد بقي لنا منها ما نندم به على ما مضى، ونصلح به ما بقي. وقد كنت سألتك الشام على ألا يلزمني لك طاعة ولا بيعة، فأبيت ذلك عليَّ، فأعطاني الله ما منعت، وأنا أدعوك اليوم إلى ما

ص: 61

دعوتك إليه أمس، فإني لا أرجو من البقاء إلا ما ترجو ، ولا أخاف من الموت إلا ما تخاف. وقد والله رقت الأجناد وذهبت الرجال، ونحن بنو عبد مناف ليس البعضنا على بعض فضل إلّا فضل لا يستذل به عزيز، ولا يسترق حربه . والسلام. فلما انتهى كتاب معاوية إلى عليّ قرأه ، ثم قال : العجب لمعاوية وكتابه. ثم دعا

على عبيد الله بن أبي رافع ، كاتبه، فقال: اكتب إلى معاوية : أما بعد، فقد جاءني كتابك تذكر أنك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يجنها بعضنا على بعض . فإنا وإياك منها في غاية لم تبلغها . وإني لو قتلت في ذات الله وحييت، ثم قتلت ثم حيبت سبعين مرة، لم أرجع عن الشدة في ذات الله والجهاد لأعداء الله . وأما قولك إنه قد بقي من عقولنا ما نندم به على ما مضى، فإني ما نقصت

عقلي ولا ندمت على فعلي

فأما طلبك الشام، فإني لم أكن لأعطيك اليوم ما منعتك منها أمس. وأما استواؤنا في الخوف والرجاء، فإنك لست أمضى على الشك مني على

اليقين، وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة. وأما قولك إنا بنو عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل، فلعمري إنا بنو أب واحد، ولكن ليس أمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطلب، ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطليق، ولا المحق كالمبطل. وفي أيدينا بعد فضل النبوة التى أذللنا بها العزيز، وأعززنا بها الذليل . والسلا(1)

ص: 62


1- مراحم المنقري : 171 469

[ الكتاب (18)]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: « قوله علیه السلام: إن البصرة مهبط إبليس ... الخ، روي أن ابن عباس كان قد أضر ببني تميم حين ولي البصرة لما عرفهم به من العداوة يوم الجمل ؛ لأنهم كانوا من شيعة طلحة والزبير وعائشة فتنكر عليهم وسماهم شيعة الجمل وأنصار عسكر وحزب الشيطان، فاشتد ذلك على نفر من شيعة علي علیه السلام من بني تميم، منهم: حارثة بن قدامة، فكتب علیه السلام بذلك الى

على يشكو ابن عباس ، فكتب الى ابن عباس اما بعد فان خير الناس عند الله أعملهم بطاعته فيما له ،وعليه، وأقولهم بالحق وإن كان مراً ، ألا وإنه بالحق قامت

السموات والارض فيما بين العباد إلى أن قال : واعلم إن البصرة ....» . (1) قال العرشي في التخريج ، ما نصه : روى ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفّين

(57) نبذة من هذا الكتاب» . ( انتهى)(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري ( ت / 212ه-)« في وقعة صفّين»، قال: وفي حديث عمر بن سعد قال:

ص: 63


1- مدارك نهج البلاغة : 98
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

وكتب عليّ إلى عماله ، فكتب إلى مخنف بن سليم سلام عليك ، فإني أحمد الله إليك الّذي لا إله إلا هو . أما بعد فإن جهاد من صدف عن الحق رغبة عنه ، وهب نعاس العمى والضلال اختيارا له - فريضة على العارفين . إن الله يرضى عمن

أرضاه، ويسخط على من عصاه . وإنا قد هممنا بالمسير إلى هؤلاء القوم القوم الذين عملوا في عباد الله بغير ما أنزل الله، واستأثروا بالفي، وعطلوا الحدود، وأماتوا الحق، وأظهروا في الأرض الفساد، واتخذوا الفاسقين وليجة من دون المؤمنين فإذا ولي الله أعظم أحداثهم أبغضوه وأقصوه وحرموه، وإذا ظالم ساعدهم على ظلمهم أحبوه وأدنوه وبروه فقد أصروا على الظلم، وأجمعوا على الخلاف وقديما ما صدوا عن الحق، وتعاونوا على الإثم وكانوا ظالمين فإذا أتيت بكتابي هذا فاستخلف على عملك أوثق أصحابك في نفسك، وأقبل إلينا لعلك تلقى هذا العدو المحل فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتجامع الحق وتباين الباطل، فإنه لا غناء بنا ولا بك عن أجر الجهاد. وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة

بالله العلى العظيم. وكتب عبد الله بن أبي رافع سنة سبع وثلاثين . فاستعمل مخنف على أصبهان الحارث بن أبي الحارث بن الربيع ، واستعمل همدان سعيد بن وهب - وكلاهما من قومه - وأقبل حتى شهد مع على صفين. وكان علي قد استخلف ابن عباس على البصرة ، فكتب عبد الله بن عباس إلى علي يذكر له اختلاف أهل البصرة ، فكتب إليه علي :

من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن عباس. أما بعد، فالحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمّد عبده ورسوله. أما بعد، فقد قدم عليّ رسولك وذكرت ما رأيت وبلغك عن أهل البصرة بعد انصرافي ، وسأخبرك عن القوم: هم بين مقيم لرغبة يرجوها ، أو عقوبة يخشاها فأرغب راغبهم بالعدل عليه والإنصاف له والإحسان إليه، وحل عقدة الخوف عن قلوبهم، فإنه ليس

ص: 64

الأمراء أهل البصرة في قلوبهم عظم إلّا قليل منهم. وانته إلى أمري ولا تعده وأحسن إلى هذا الحي من ربيعة، وكل من قبلك فأحسن إليهم ما استطعت

إن شاء الله . والسلام.

وكتب عبد الله بن أبي رافع في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين»(1)

ص: 65


1- وقعة صفّين ؛ لنصر بن مزاحم المنقري : 105 104.

[ الكتاب (19)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري ( ت / 279 ه-) في أنساب الأشراف وكتب علیه السلام إلى عمرو بن سلمة الارحبي: أما بعد فإن دهاقين بلادك شكوا منك قسوة وغلظة، واحتقارا وجفوة، فنظرت فلم أرهم أهلا لان يدنوا لشركهم، ولم أر أن يقصوا ويجفوا لعهدهم، فالبس لهم جلبابا من اللين تشوبه بطرف من الشدة، في غير ما أن يظلموا ، ولا ينقض لهم عهد، ولكن

يقرعوا بخراجهم ويقاتل بهم من وراءهم ولا يؤخذ منهم فوق طاقتهم، فبذلك أمرتك، والله المستعان، والسلام»(1)

ص: 66


1- انساب الاشراف للبلاذري : 161 .

[ الكتاب (20)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري (ت / 279ه-) في أنساب الأشراف ، قال : ووجه علیه السلام إلى زياد رسولا ليأخذه بحمل ما اجتمع عنده من المال، فحمل زياد ما كان عنده وقال للرسول : إن الاكراد قد كسروا من الخراج وأنا أداريهم ، فلا تعلم أمير المؤمنين ذلك فيرى أنه إعتلال مني . فقدم الرسول فأخبر عليا بما قال زياد فكتب إليه : قد بلغني رسولي عنك ما أخبرته ب-ه ع-ن الاكراد، واستكتامك إياه ذلك ، وقد علمت أنك لم تلق ذلك إليه إلّا لتبلغني إياه، وإني أقسم بالله عز وجل قسما صادقا ، لئن بلغني أنك خنت من في المسلمين شيئا

صغيرا أو كبيرا لاشدن عليك شدة بدعك قليل الوفر، ثقيل الظهر، والسلام ) (1) وقال ابراهيم بن محمد البيهقي ( ت / 320 - ح ) : « وكتب علي رضوان الله عليه ات (ح) الى زياد بن أبيه لثن بلغني عنك خيانة ، لأشدن عليك شدّة ادعك فيها قليل الوفر ثقيل الظهر » . (2)

ص: 67


1- انساب الاشراف ؛ للبلاذري 162
2- المحاسن والمساوی 201:2، ط / 1380

[ الكتاب (21)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما رواه البلاذري في أنساب الأشراف ، قال : وكتب علیه السلام إلى زياد، وهو خليفة عبد الله بن العباس بالبصرة - يستحثه بحمل مال مع سعد ،مولاه، فاستحثه سعد فأغلظ له زياد وشتمه ، فلما قدم سعد على علي شكاه إليه وعابه عنده وذكر منه تجبرا وإسرافا ، فكتب عليّ علیه السلام إليه : إن سعدا ذكر لي أنك شتمته ظالما وجبهته تجبّرا وتكبّرا، وقد قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: الكبرياء والعظمة الله ، فمن تكبر سخط الله عليه . وأخبرني أنك مستكثر من الالوان الطعام، وأنك تدهن في كل يوم. فماذا عليك لو صمت الله أياما، وتصدقت ببعض ما عندك محتسبا ، وأكلت طعامك في مرة مرارا أو أطعمته فقيرا أتطمع وأنت متقلب في النعيم، تستأثر به على الجار المسكين، والضعيف الفقير والارملة واليتيم - أن يجب لك أجر الصالحين المتصدقين !!! وأخبرني انك تتكلم

بكلام الابرار، وتعمل عمل الخاطئين، فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت وعملك أحبطت، فتب إلى ربك وأصلح عملك، واقتصد في أمرك وقدم الفضل ليوم حاجتك إن كنت من المؤمنين، وادهن غبا ولا تدهن رفها، فإن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ادهنوا غبا ولا تدهنوا رفها، والسلام.

ص: 68

فكتب إليه زياد: « إن سعدا قدم علي فعجل فانتهرته وزجرته وكان أهلا لاكثر من ذلك، فأما ما ذكر من الاسراف في الاموال والتنعم واتخاذ ألوان الطعام، فإن كان صادقا فأثابه الله ثواب الصادقين ، وإن كان كاذبا فلا آمنه الله عقوبة الكاذبين. واما قوله اني أتكلم بكلام الابرار وأخالف ذلك في بالفعل. فإني إذا من

الأخسرين عملاً، فخذه بمقام واحد قلت فيه عدلا ثم خالفته إلى غيره، فإن أتاك علیه بشهید عدل، وإلا تبين لك كذبه وظلمه». انتهى . (1)

ص: 69


1- انساب الاشراف ؛ للبلاذري : 164 .

[ الكتاب (22) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: «اما بعد فان المرء قد يسره ... الى آخره، روي في روضة الكافي مع اختلاف يسير، ورواه ابن الجوزي في التذكرة»(1)

قال العرشي في التخريج ما نصه: رواه ابن مزاحم الكوفى فى كتاب الصفين (58) والحراني في تحف العقول (46) وابو علي القالي في الامالي [ج 2 ص 96] والكليني في كتاب الروضة من فروع الكافي ج 2 ص 113 ، وابوحيان التوحيدي في كتاب البصائر 353 والباقلاني في اعجاز القرآن[ ج 1 ص 195] . انتهى . (2)

قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المنقرى إلى عبد الله بن عباس : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى عبد الله بن عباس، أما بعد فإن الانسان قد يسره درك ما لم يكن ليفوته، ويسؤه فوت ما لم يكن ليدركه وان جهد، فليكن سرورك فيما قدمت من حكم أو منطق أو سيرة،

ص: 70


1- مدارك نهج البلاغة : 98 .
2- راجع استناد نهج البلاغة .

وليكن أسفك على ما فرطت الله من ذلك، ودع ما فاتك من الدنيا فلا تكثر به حزنا وما أصابك فيها فلا تبغ به سرورا، وليكن همك فيما بعد الموت، والسلام(1) وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق»: أخبرنا أبو القاسم أسماعيل بن أحمد وأبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد بن السالنجي المقرئ وأبو البركات يحيى بن الحسن بن الحسين المدائني وأبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي سنة أربع عشرة وثلاثمائة ، نا أبو حاتم، عن أبي عبيدة عن يونس، قال: بلغني أن ابن عباس كان يقول : كتب إلي علي بن أبي طالب بموعظة ما سررت بموعظة سروري بها أما بعد فإن المرء يسره درك ما لم يكن ليفوته، ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه ، فما نالك من دنياك فلا تكن به فرحا وما فاتك منها فلا تتبعه اسفا، وليكن سرورك على ما قدمت وأسفك على ما خلفت، وهمك فيما بعد الموت».

قال: ورويت من وجه اخر متصلة بابن عباس : أخبرنا بها أبو غالب بن البنا أنا أبو محمد الجوهري، أنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، نا أبو عمر حمزة بن القاسم بن عبد العزيز الهاشمي، نا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله، حدثني إبراهيم بن سعيد، حدثني أمير المؤمنين المأمون، حدثني أمير المؤمنين الرشيد حدثني أمير المؤمنين المهدي ، حدثني أمير المؤمنين المنصور.

ح، وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور وأبو القاسم بن البسري وأبو منصور عبد الباقي بن محمد، قالوا : أنا أبو طاهر المخلص ، نا عبد الواحد بن المهتدي نا عبد الله الزراد، نا أبو اسحاق الصايغ، حدثني المأمون، حدثني الرشيد، حدثني المهدي، حدثني المنصور، حدثني أبي، عن أبيه قال: قال لي أبي عبد الله بن عباس - وقال أبو غالب بن العباس : - ما انتفعت بكلام أحد

ص: 71


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 402:32 .

بعد النبي صلى الله عليه وسلم - وقال أبو غالب: رسول الله - إلا بشي كتب به إلي علي بن أبي طالب فإنه كتب إلي - زاد أبو غالب: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أما بعد يا أخي فإنك تسر بما يصير إليك مما لم يكن ليفوتك، وقال أبو غالب يفوتك، ويسرك فوت ما لم تكن تدركه فما نلت من الدنيا يا أخي فلا تكن به فرحا وما فاتك زاد أبو غالب منها - وقالا : فلا تكن عليه حزينا، وليكن عملك لما بعد

الموت، والسلام (1)

وبالاسناد الى الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد عن علي بن اسباط رفعه ، قال : كتب امير المؤمنين علیه السلامإلى عبد الله بن عباس : أما بعد فقد فقد يسر المرء ما لم يكن ليفوته، ويحزنه ما لم يكن ليصيبه ابداً وان جهد، فليكن سرورك بما قدمت من عمل صالح أو حكم أو قول، وليكن أسفك على ما فرطت فيه من ذلك، ودع ما فاتك من الدنيا فلا تكثر عليه حزنا ، وما أصابك فيها فلا تنعم به سرورا، وليكن همك فيما بعد الموت ، والسلام(2)

ص: 72


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 503:42-504 .
2- بحار الأنوار للعلامة المجلسي 402:32 .

[ الكلام (23)]

ا قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: وصيتى لكم ان لا تشركوا... الى آخره، قال الشارح العلامة هذا الفصل قاله علیه السلام قبل موته، وسيأتي شرح حال مقتله ووصيته ... الى آخره، وهذه الوصية روي بعضها في مروج الذهب ص 35 ج 2، ورواها الشيخ الكليني في أصول الكافي ص 111 مع زيادة كثيرة (1)

قال الجلالي: وقد تقدم الاسناد الى اطراف منه في الخطبة ( 149) عن

الكليني، فراجع.

ص: 73


1- مدارك نهج البلاغة : 98 .

[ الوصية (24) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت /1361ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله ... الخ ، قال الشارح العلامة رويت هذه الوصية بروايات مختلفة بالزيادة والنقصان وقد حذف السيد منها فصولا وانوردها برواية يغلب على الظن صدقها عن عبد الرحمن بن الحجاج ، ثم ذكر الوصية وفي آخرها وشهد بهذا أبو سمر بن أبرهة وصعصعة بن صوحان وسعيد بن قيس وهياج بن أبي الهياج وكتب علي بن أبي طالب لعشر خلون من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين (1)قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في ( الكافي) عن أبي علي الاشعري ، عن محمّد بن عبد الجبار ومحمّد بن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن ابن الحجاج، قال: بعث الي أبو الحسن موسى علیه السلام البوصية أمير المؤمنين علیه السلام وهي : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما أوصى به وقضى به في ماله عبد الله علي ابتغاء

ص: 74


1- مدارك نهج البلاغة : 99 .

وجه الله ليو لجني به الجنة ويصرفني به عن النار، ويصرف النار عنّي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه أن ما كان لي من مال بينبع يعرف لي فيها وما حولها صدقة ، ورقيقها - غير أن رباحا وأبا نيزر وجبيرا - عتقاء ليس لاحد عليهم سبيل فهم موالي يعملون في المال خمس حجج ، وفيه نفقتهم ورزقهم وارزاق أهاليهم، ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى كله من مال لبني فاطمة ، ورقيقها صدقة ، وما كان لي بديمة وأهلها صدقة غير أن زريقا له مثل ما كتبت لاصحابه ، وما كان لي باذينة وأهلها صدقة ، والفقيرين كما قد علمتم صدقة في سبيل الله ، وان الذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتلة، حيا أنا أو ميتا ينفق في كل نفقة يبتغي بها وجه الله في سبيل الله ووجهه وذوي الرحم من بني هاشم وبني المطلب والقريب والبعيد فانه يقوم على ذلك الحسن بن علي، يأكل منه بالمعروف وينفقه حيث يراه الله عز وجل في حل محلل، لا حرج عليه فيه، فان أراد أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل إن شاء ولا حرج عليه فيه، وإن شاء جعله سريّ الملك، وإن ولد علي ومواليهم وأموالهم إلى الحسن بن علي ، وإن كانت دار الحسن بن علي غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها فليبع إن شاء لا حرج عليه فيه، وإن باع فانه يقسم ثمنها ثلاثة أثلاث فيجعل ثلثا في سبيل الله وثلثا في بني هاشم وبني المطلب ويجعل الثلث في آل أبي طالب، وإنه يضعه فيهم حيث يراه الله .

وإن حدث بحسن حدث وحسين حي فانه إلى الحسين بن علي، وإن حسينا يفعل فيه مثل الذي أمرت به حسنا له مثل الذي كتبت للحسن وعليه مثل الذي على الحسن، وإن لبني ابني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني عليّ، وان-ي انما جعلت الذي جعلت لابنى فاطمة ابتغاء وجه الله عز وجل وتكريم حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمهما وتشريفهما ورضاهما . وإن حدث بحسن وحسين حدث فإن الآخر منهما ينظر في بني علي، فان

ص: 75

وجد فيهم من يرضى بهداه واسلامه وأمانته فانه يجعله إليه إن شاء، وإن لم ير فيهم بعض الذي يريده فانه يجعله إلى رجل من آل أبي طالب يرضى به، فان وجد آل أبي طالب قد ذهب كبراؤهم وذووا آرائهم فانه يجعله إلى رجل يرضاه من بني هاشم، وأنه يشترط على الذي يجعله إليه أن يترك المال على اصوله وينفق ثمره حيث أمرته به من سبيل الله ووجهه وذوي الرحم من بني هاشم وبني المطلب والقريب والبعيد، لا يباع منه شئ ولا يوهب ولا يورث. وإن مال محمد بن علي على ناحيته وهو إلى ابني فاطمة وأن رقيقي الذين في

صحيفة صغيرة التي كتبت لي عتقاء.

هذا ما قضى به علي بن أبي طالب في أمواله هذه الغد من يوم قدم مسكن، ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، والله المستعان على كل حال، ولا يحل لامري مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شي قضيته من مالي ، ولا يخالف فيه أمري من قريب أو بعيد.

أما بعد فان ولاندي اللائي أطوف عليهن السبعة عشر منهن امهات اولاد معهن أولادهنّ، ومنهنّ حبالى ومنهنّ من لا ولد له، فقضائي فيهن إن حدث بي حدث أنه من كان منهنّ ليس لها ولد وليست بحبلى فهي عتيق لوجه الله عز وجل ليس لاحد عليهن سبيل، ومن كان منهنّ لها ولد أو حبلى فتمسك على ولدها وهي من حظه ، فان مات ولدها وهي حظه ، فان مات ولدها وهي حية فهي عتيق ليس لاحد عليها سبيل هذا ما قضى به علي في ماله الغد من يوم قدم مسكن، شهد أبو سمر بن برهة وصعصعة بن صوحان ويزيد بن قيس وهياج بن أبي هياج، وكتب علي بن أبي طالب بيده لعشر خلون من جمادى الأولى سنة وكانت الوصية الاخرى التي مع الأولى : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما أوصى به عليّ بن أبي طالب ، أوصى أنه يشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له

سبع وثلاثين.

ص: 76

وأن محمّدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو

اله كره المشركون صلی الله علیه و آله وسلم (1) ، ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين(2).

ثم إني اوصيك يا حسن وجميع أهل بيتي وولدي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ربكم وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا (3)، فإني سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلميقول : اصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام وأن المبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهوّن الله عليكم الحساب.

الله الله في الايتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله عز وجل له بذلك الجنة كما أوجب لأكل مال اليتيم النار».

حتى

الله الله في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به أحد غيركم.

الله الله في جيرانكم فإن النبي صلی الله علیه و آله وسلم أوصى بهم ، ومازال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يوصي

ظننا أنه سيورثهم.

سي به

بهم

الله الله في بيت ربكم، فلا يخلو منكم ما بقيتم ، فانه إن ترك لم تناظروا، وأدنى

ص: 77


1- اقتباس من قوله تعالى : هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كرة المُشْرِكُونَ) (التوبة : (33).
2- اقتباس من قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وبذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) (الأنعام: 163).
3- اقتباس من قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُم مِنْهَا كَذلِكَ يُبَيِّنَ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران: 102 - 103) .

ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما سلف.

الله الله في الصلاة، فإنها خير العمل، وإنها عمود دينكم.

الله الله الله في الزكاة فانها تطفئ غضب ربكم.

الله الله في شهر رمضان، فإن صيامه جنة من النار.

الله الله في الفقراء والمساكين ، فشاركوهم في معايشكم.

الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ، فإنما يجاهد رجلان إمام

هدى أو مطيع له مقتد بهداه . الله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بحضرتكم وبين ظهرانيكم وأنتم تقدرون

على الدفع عنهم .

الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤووا محدثا ، فإن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث. الله الله في النساء وفيما ملكت أيمانكم، فإن آخر ما تكلم به نبيكم أن قال:

أوصيكم بالضعيفين : النساء وما ملكت أيمانكم. الصلاة الصلاة الصلاة ، لا تخافوا في الله لومة لائم، يكفكم الله من آذاكم وبغى عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز وجل (1)، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الله أمركم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليهم، وعليكم يا بنى بالتواصل والتباذل والتبار، وإياكم والتقاطع والتدابر والتفرّق وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)، حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم، أستودعكم الله وأقرأ

ص: 78


1- في قوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وأنتم معرضون ) (البقرة : 83) .
2- المائدة : 2 .

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته . ثم لم يزل يقول: «لا اله إلا الله ، لا إله إلا الله» حتى قبض صلوات الله عليه ورحمته في ثلاث ليال من العشر الاواخر ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة وكان ضرب ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان» . (1)

ص: 79


1- الكافي للشيخ الكليني 7: 49-51

[ الكتاب ( 25 ) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن إبراهيم بن محمّد الثقفي في «الغارات» ، قال : حدثنا محمّد، قال: حدثنا الحسن قال : حدثنا ،ابراهيم، قال: حدثنا اسماعيل بن أبان قال: حدثنا عمرو بن شمر عن سالم الجعفي عن الشعبي ، قال : وجد عليّ علیه السلام درعا له عند نصراني فجاء به إلى شريح يخاصمه إليه ، فلما نظر إليه شريح ذهب يتنحى فقال : مكانك، وجلس إلى جنبه، وقال: يا شريح أما لو كان خصمي مسلما ما جلست الا معه ولكنه نصراني، وقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: إذا كنتم واياهم في طريق فألجزوهم إلى مضايقه وصغروا بهم كما صغر الله بهم في غير أن تظلموا . ثم قال علي : ان هذه درعي لم أبع ولم أهب فقال للنصراني: ما يقول أمير المؤمنين ؟ فقال النصراني : ما الدرع الا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، فالتفت شريح إلى علي علیه السلام فقال : يا أمير المؤمنين هل من بينة ؟ قال : لا ، فقضى بها للنصراني. فمشى هنية ثم أقبل فقال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام النبيين أمير المؤمنين

، يمشي بي إلى قاضيه . وقاضيه يقضي عليه .. أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك

له ، وأن محمّدا عبده ورسوله الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين انبعث الجيش

ص: 80

وأنت منطلق الى صفين فخرت من بعيرك الاورق فقال: أما إذا أسلمت فهي لك

وحمله على فرس

قال الشعبي وأخبرني من رآه يقاتل مع علي علیه السلام الخوارج في النهروان . حدثنا ،محمد قال: حدثنا الحسن قال : حدثنا ابراهيم قال : وأخبرني يحيى بن صالح الحريري ، قال : أخبرنا أبو العباس الوليد بن عمرو - وكان ثقة - عن عبد الرحمن بن سليمان، عن جعفر بن محمّد بن علي، قال: بعث علي علیه السلام مصدقا من الكوفة إلى باديتها، فقال : عليك يا عبد الله بتقوى الله، ولا تؤثرن دنياك على آخرتك، وكن حافظا لما انتمنتك عليه، راعيا لحق الله حتى تأتي نادى بني فلان، فإذا قدمت عليهم فانزل بفنائهم من غير أن تخالط أبنيتهم، ثم امض إليهم بسكينة ووقار حتى تقوم بينهم، فتسلم عليهم ولا تخدج بالتحية لهم، فتقول : يا عباد الله أرسلني اليكم وليّ الله لآخذ منكم حق الله ، فهل الله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليّه ؟ فان قال قائل منهم : لا ، فلا تراجعه وان أنعم لك منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه، ولا تعده إلا خيرا حتى تأتي ماله فلا تدخله إلا باذنه ، فان أكثره له، وقل له: يا عبد الله أتأذن لي في دخول ذلك؟ فان أنعم فلا تدخله دخول المسلط عليه فيه ولا عنيف به واصدع المال صدعين، فخيره أي الصدعين شاء

فأيهما اختار فلا تتعرض له واصدع الباقي صدعين، فلا تزال حتى يبقى حق الله في ماله فاقبضه .

فان استقالك فأقله ثم اخلطها ، ثم اصنع مثل الذي صنعت حتى تأخذ حق الله في ماله فإذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا مسلما مشفقا أمينا حافظا غير معنف بشئ منها ، ثم احدر ما اجتمع عندك من كل ناد الينا نضعه حيث أمر الله به، فإذا انحدر بها رسولك فأوعز إليه أن لا يحولنّ بين ناقة وفصيلها ولا يفرقن بينهما ، ولا يمصر لبنها فيضر ذلك بفصيلها ، ولا يجهدنها ركوبا وليعدل بينهن في ذلك،

ص: 81

وليوردها كل ماء يمر به، ولا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق في الساعات التي تريح وتعنق، وليرفق بهن جهده، حتى يأتيننا باذن الله سمانا غير متعبات ولا مجهدات فيقسمن على كتاب الله وسنة نبيه، فان ذلك أعظم لاجرك وأقرب لرشدك ، فينظر الله واليك والى جهدك ونصيحتك لمن بعثك وبعثت في ،حاجته، وان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، قال : ما نظر الله إلى ولى يجهد نفسه لامامه بالطاعة والنصيحة إلا كان معنا في الرفيق الأعلى(1)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي، عن علي بن

إبراهيم، عن ن أبي- أبيه، ، عن حماد بن عيسى، عن حريز عن بريد بن معاوية قال سمعت أبا عبد الله يقول: بعث أمير المؤمنين صلوات الله عليه مصدقا من الكوفة إلى باديتها فقال له يا عبد الله انطلق، وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له، ولا تؤثرك دنياك على آخرتك ، وكن حافظا لما انتمنتك عليه، راعيا لحق الله فيه حتى تأتي نادي بني فلان فإذا قدمت فأنزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم ، ثم امض إليهم بسكينة ووقار حتى تقوم بينهم وتسلم عليهم ، ثم قل لهم يا عباد الله أرسلنى إليكم ولى الله لأخذ منكم حق الله فى أموالكم ، فهل الله أموالكم من حق فتؤدون إلى وليه ؟ فإن قال : لك قائل: لا فلا تراجعه وإن أنعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلّا خيرا ، فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلا باذنه فإن أكثره له ، فقل: يا عبد الله ، أتأذن لي في دخول مالك، فإن أذن لك فلا تدخله دخول متسلّط عليه فيه ولا عنف به فاصدع المال صدعين ثم خيره أي الصدعين شاء، فأيهما اختار فلا تعرض له ، ثم أصدع الباقي صدعين ثم خيّره فإيهما اختار فلا تعرض له، ولا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله تبارك وتعالى من ماله ، فإذا بقي ذلك فاقبض حق الله منه ، وإن استقالك فأقله، ثم اخلطها

ص: 82


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمد الثقفي 1 124 - 130 .

واصنع مثل الّذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله ، فإذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف لشئ منها ، ثم احدر كل ما اجتمع عندك من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله عز وجل، فإذا انحدر بها رسولك فأوعز إليه أن لا يحول بين ناقة وبين فصيلها ولا يفرق بينهما ، ولا يمصرن لبنها فيضر ذلك ،بفصيلها، ولا يجهد بها ركوبا وليعدل بينهنّ في ذلك، وليوردهن كل ماء يمر به، ولا يعدل بهن عن نبت الارض إلى جواد الطريق في الساعة التي فيها تربح وتغبق، وليرفق بهن جهده حتى يأتينا بإذن الله صحاحا سمانا غير متعبات ولا مجهدات، فيقسمن بإذن الله على كتاب الله وسنة نبيه صلی الله علیه و آله وسلم على أولياء الله فإن ذلك أعظم لاجرك وأقرب لرشدك، ينظر الله إليها وإليك وإلى جهدك ونصيحتك لمن بعثك وبعثت في حاجته ، فإن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال : ما ينظر الله إلى ولي له بالطاعة والنصيحة له ولامامه ، إلا كان معنا في الرفيق الأعلى. قال: ثم بكى أبو عبد الله علیه السلام، ثم قال : يا بريد والله ما بقيت الله حرمة إلا انتهكت ولا عمل بكتاب الله ولا سنة نبيه في هذا العالم، ولا اقيم في هذا الخلق حد منذ قبض الله أمير المؤمنين صلوات وسلامه عليه ولا عمل بشي من الحق إلى يوم الناس هذا ، ثم قال: أما والله لا تذهب الايام والليالي حتى يحيي ويميت الاحياء ويردّ الله الحق إلى أهله ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيه فأبشروا ثم أبشروا ثم أبشروا ، فوالله ما الحق إلا في أيديكم».(1) وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في تهذيب الأحكام ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن برید بن معاوية قال: سمعت ابا عبد الله علیه السلام يقول: بعث أمير المؤمنين علیه السلام مصدقا من الكوفة إلى باديتها فقال له: إنطلق يا عبد الله وعليك بتقوى الله وحده لا شريك

الله الموتى

ص: 83


1- الكافي للشيخ الكليني 3: 356 - 358

له ، ولا تؤثرن دنياك على آخرتك، وكن حافظا لما أنتمنتك عليه، راعيا لحق الله فيه حتى تأتي نادي بني فلان ، فإذا قدمت فانزل بمائهم من غير أن تخالط ابياتهم، ثم أمض إليهم بسكينة ووقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم ثم قل لهم يا عباد الله ارسلني اليكم ولي الله لأخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل الله في اموالكم حق فتؤدوه إلى وليه ؟ فان قال: لك قائل : لا ، فلا تراجعه فان أنعم لك منعم منهم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلا خيرا ، فإذا اتيت ماله فلا تدخله إلا باذنه فان اكثره له فقل له : يا عبد الله أتأذن لي في دخول مالك ، فان أذن لك فلا تدخل دخول متسلط عليه فيه ولا عنف به فاصدع المال صدعين ثم خيره أي الصدعين شاء فأيهما اختار فلا تعرض له، ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره فأيهما اختار فلا تعرض له ولا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله عز وجل في ماله فإذا بقي ذلك فاقبض حق الله منه ، فان استقالك فأقله ثم اخلطهما واصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله، فإذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف بشئ منها ، ثم احدر ما اجتمع عندك من كل ناد الينا نصيره حيث أمر الله عز وجل، فإذا انحدر بها رسولك فأوعز إليه ان لا يحول بين ناقة

وبين فصيلها ولا يفرق بينهما ولا يمصرن لبنها فيضر ذلك بفصيلها ولا يجهد بها ركوبا، وليعدل بينهن في ذلك ، وليوردهن كل ماء يمر به، ولا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق في الساعة التي فيها تريح وتغبق، وليرفق بهن جهده حتى تأتينا باذن الله ، صحاحا سمانا غير متعبات ولا مجهدات فنقسمهن باذن الله على كتاب الله وسنة نبيه صلی الله علیه و آله وسلم على أولياء الله ، فان ذلك اعظم لاجرك وأقرب لرشدك ينظر الله إليها واليك وإلى جهدك ونصيحتك لمن بعثك وبعثت في حاجته، فان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، قال : ما ينظر الله إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة لأمامه إلا كان معنا في الرفيق الأعلى.

ص: 84

قال : ثم بكى أبو عبد الله علیه السلام ثم قال : يا بريد والله ما بقيت الله حرمة إلا انتهكت ولا عمل بكتاب الله ولا سنة نبيه في هذا العالم ولا اقيم في هذا الخلق حد منذ

، قبض الله امير المؤمنين علیه السلام، ولا عمل بشئ من الحق الى يوم الناس هذا، ثم قال: أما والله لا تذهب الايام والليالي حتى يحيي الله الموتى ويميت الأحياء ويرد الحق الى اهله، ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيه، فابشروا ثم ابشروا فوالله ما الحق

إلا في ايديكم .(1)

ص: 85


1- تهذيب الأحكام ؛ للشيخ الطوسي 4 : 9796

[ الكتاب (27)]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: فاخفض لهم جناحك ... الى آخره. رواه في تحف العقول مع زيادة ، وروى الشيخ في الامالي ص 6، فقرات منه (1)

قال العرشي في التخريج ما نصّه : رواه الشيخ المفيد في المجالس والامالي بحار [ج 17 ص 101] وشيخ الطائفة في الامالي (16) والحراني في تحف

[101]

العقول .(41)(2) . انتهى . قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابراهيم بن محمد الثقفي (ت / 283 ه-) في الغارات : عن الحارث بن كعب عن أبيه، قال: بعث علي علیه السلام محمّد بن أبي بكر أميرا على مصر فكتب إلى علي علیه السلام يسأله عن رجل مسلم فجر بامرأة نصرانية، وعن زنادقة فيهم من يعبد الشمس والقمر وفيهم من يعبد غير ذلك ، وفيهم مرتد عن الاسلام، وكتب يسأله من مكاتب مات وترك مالا وولدا . فكتب إليه عليّ علیه السلام أن أقم الحد فيهم على المسلم الّذي فجر

ص: 86


1- مدارك نهج البلاغة : 100 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

بالنصرانية وادفع النصرانية إلى النصارى يقضون فيها ما شاؤوا . وأمره في الزنادقة أن يقتل من كان يدعي الاسلام ويترك سائرهم يعبدون ما شاؤوا، وأمره في المكاتب ان كان ترك وفاء لمكاتبته فهو غريم بيد مواليه يستوفون ما بقي من مكاتبته، وما بقى فلولده.

عن عبد الله بن الحسن ، عن عباية قال : كتب علي إلى محمد وأهل مصر : أما بعد فاني اوصيكم بتقوى الله والعمل بما أنتم عنه مسئولون فأنتم به رهن وأنتم إليه صائرون، فان الله عز وجل يقول : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةُ )(1) ، وقال : وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (2) ، وقال: ﴿ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (3) فاعلموا عباد الله أن الله سائلكم عن الصغير من أعمالكم والكبير ) فان يعذب فنحن أظلم، وان يعف فهو أرحم الراحمين، واعلموا أن أقرب ما يكون العبد إلى الرحمة والمغفرة حين يعمل بطاعة الله ومناصحته في التوبة فعليكم بتقوى الله عز وجل، فانها تجمع من الخير مالا يجمع غيرها، ويدرك بها من الخير مالا يدرك بغيرها، خير الدنيا وخير الآخرة ، يقول الله : ﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرُ وَلِنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) (4) اعلموا عباد الله أن المؤمن يعمل لثلاث اما لخير الدنيا فان الله يثيبه بعمله في الدنيا، قال الله سبحانه: ﴿ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) (5)، فمن عمل الله تعالى أعطاه أجره في الدنيا والآخرة وكفاه المهم فيهما، وقد قال:

ص: 87


1- المدثر : 38 .
2- آل عمران 28 .
3- الحجر : 92-93
4- النحل : 30 .
5- العنكبوت : 27 .

يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةُ إِنَّمَا يُوَفِّي الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (1)فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ، قال : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةُ ) (2) ، فالحسنى هي الجنة، ﴿ والزيادة هى الدنيا، واما لخير الآخرة فان الله يكفر عنه بكل حسنة سيئة، يقول: ) إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) (3) حتى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم وأعطوا بكل واحدة عشر أمثالها (4)إلى سبعمائة ضعف (5)، فهو الذي يقول : ( جَزَاءً مِن رَبِّكَ عَطَاءٌ حِسَاباً ) (6) ، ويقول عزوجل : ( أُولئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضَّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْعُرُفَاتِ آمِنُونَ فارغبوا فيه واعملوا به وتحاضوا ﴾ (7) عليه واعملوا عباد الله أن المؤمنين المتقين ذهبوا بعاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم يقول الله عز وجل : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )(8) ، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما اكلت شاركوا أهل الدنيا في دنياهم أكلوا من

ص: 88


1- الزمر : 10.
2- وتمام الآية: ﴿وَلَا يَرْهَقُ وَجُوهَهُمْ فَتَرُ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خَالِدُونَ ) (يونس : 26)
3- هود: 114.
4- في قوله تعالى : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (الأنعام: (160) .
5- في قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سنبلة ماته حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة : 261).
6- النبأ : 36 .
7- وتمام الآية: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادَكُم بِالَّتِي تُقَرْبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فأُوليك لَهُمْ جَزَاءُ الضَّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ) سبأ : (37) .
8- الأعراف: 32 .

أفضل ما يأكلون، وشربوا من أفضل ما يشربون، ولبسوا من أفضل ما يلبسون وسكنوا بأفضل ما يسكنون ، وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون، وركبوا من أفضل

ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا، مع أنهم غدا من جيران الله عز وجل يتمنون عليه ، فيعطيهم ما يتمنون لا يرد لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من لذة فالى هذا يشتاق من كان له عقل، ولا حول ولا قوة الا بالله . واعلموا عباد الله أنكم ان اتقيتم ربكم وحفظتم نبيكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد وذكرتموه بأفضل ما ذكر ، وشكرتموه بأفضل ما ،شكر، وأخذتم بأفضل الصبر وجاهدتم بأفضل الجهاد، وان كان غيركم أطول صلاة منكم وأكثر صياما ، إذ كنتم أتقى الله وأنصح لاولياء الامر من آل محمد وأخشع .

واحذروا عباد الله الموت ونزوله وخذوا له عدته ، فانه يدخل بأمر عظيم خير لا يكون معه شرّ أبدا، وشر لا يكون معه خير أبدا، فمن أقرب إلى الجنة من عاملها ؟! ومن أقرب إلى النار من عاملها ؟! انه ليس أحد من الناس تفارق روحه جسده حتى يعلم إلى أي المنزلين يصير إلى الجنة أو إلى النار ؟ أعد و هو الله أم هو !

ولي له ؟ فان كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة وشرعت له طرقها، ورأى ما أعد الله له فيها، ففرغ من كل شغل ووضع عنه كل ثقل . وان كان عدوا الله فتحت له أبواب النار وشرعت له طرقها ، ونظر إلى ما أعد الله له فيها، فاستقبل كل مكروه

وترك كل سرور ، كل هذا يكون عند الموت وعنده يكون بيقين قال الله تعالى الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامُ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُم تَعْمَلُونَ (1) ويقول : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ الله عَلِيمُ بمَا كُنتُم تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيها

ص: 89


1- النحل : 32

فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرينَ) (1).

واعلموا عباد الله أن الموت ليس منه فوت فاحذروه قبل وقوعه وأعدوا له عدته فانكم طرداء الموت وجدوا للثواب ان أقمتم له أخذكم وان هربتم منه أدرككم ، فهو ألزم لكم من ظلكم معقود بنواصيكم، والدنيا تطوى من خلفكم فأكثرو ذكر الموت عندما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات، فإنه كفى بالموت واعظا، وكان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت فيقول: أكثروا ذكر

صلى الله عليه وسلم

الموت فانه هادم اللذات حائل بينكم وبين الشهوات

واعلموا عباد الله أن ما بعد الموت أشد من الموت لمن لم يغفر الله له ويرحمه واحذروا القبر وضمّته وضيقه وظلمته وغربته، فان القبر يتكلم كل يوم ويقول: أنا بيت التراب، وأنا بيت الغربة، وأنا بيت الدود والهوام، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، أن المسلم إذا دفن قالت له الارض مرحبا وأهلا قد كنت ممن احب أن يمشي على ظهري فإذ وليتك فستعلم كيف صنعي بك ، ميتسع له مد البصر ، وإذا دفن الكافر قالت له الارض لا مرحبا ولا أهلا ، قد كنت ممن ابغض ان تمشي على ظهري فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك، فتنضم عليه حتى تلتقي أضلاعه، واعلموا أن المعيشة الضنك التي قال الله تعالى: ﴿ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً )(2) هي عذاب القبر، وانه ليسلط على الكافر في قبره وتسعين تنينا تنهش لحمه حتى يبعث، لو أن تنينا منها نفخ في الارض ما

تسعة

أنبتت ريعها أبدا.

واعلموا عباد الله أن أنفسكم وأجسادكم الرقيقة الناعمة التي يكفيها اليسير من

ص: 90


1- النحل : 28 - 29 .
2- في الآيات: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَنكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى وَكَذلِك نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ) (طه : 124 - 127) .

العقاب ضعيفة عن هذا، فإن استطعتم أن ترحموا أنفسكم وأجسادكم مما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عليه فتعملوا بما أحب الله سبحانه وتتركوا ما كره، فافعلوا، ولا حول ولاقوة إلا بالله

واعلموا عباد الله ما بعد القبر أشد من القبر، يوم يشيب فيه الصغير ويسكر فيه الكبير ويسقط فيه الجنين وتذهل كل مرضعة عما ، أرضعت ، واحذروا يوما عبوسا قمطريرا يوما كان شره مستطيرا ، أما ان شرّ ذلك اليوم وفزعه استطار حتى فزعت منه الملائكة الذين ليست لهم ذنوب والسبع الشداد، والجبال الاوتاد والارضون المهاد ، وانشقت السماء فهي يومئذ واهية وتغيرت فكانت وردة كالدهان ، وكانت الجبال سرابا بعد ما كانت صما صلابا ، يقول الله سبحانه: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللهُ (1) فكيف بمن يعصيه بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن ان لم يغفر الله ويرحم واعلموا عباد الله أن ما بعد ذلك اليوم أشد وأدهى على من لم يغفر الله له من ذلك اليوم فانه يقضي ويصير إلى غيره، إلى نار قعرها بعيد وحرها شديد وعذابها جديد

وشرابها صديد و مقامعها حديد، لا يفتر عذابها ولا يموت ساكنها دار ليست الله

سبحانه فيها رحمة ولا يسمع فيها دعوة. واعلموا عباد الله أن مع هذا رحمة الله التي وسعت كل شي ، لا تعجز عن العباد وجنة عرضها كعرض السماوات والارض أعدت للمتقين، خير لا يكون معه شرّ أبدا، وشهوة لا تنفد أبدا ، ولذة لا تفنى أبدا، ومجمع لا يتفرق أبدا، قوم قد جاوروا الرحمن وقام بين أيديهم الغلمان بصحاف من ذهب فيها الفاكهة والريحان.

فقال رجل: يا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم اني احب الخيل ، أفي الجنة خيل ؟ قال: نعم والذي نفسي بيده ان فيها خيلا من ياقوت أحمر عليها يركبون

ص: 91


1- الزمر : 68 .

فتدف بهم خلال ورق الجنة .

قال :رجل يا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، اني يعجبني الصوت الحسن أفي الجنة

الصوت الحسن؟

قال : نعم ، والذي نفسي بيده ان الله ليأمر لمن أحب ذلك منهم بشجر

صوتا بالتسبيح ما سمعت الاذان بأحسن منه قط.

قال رجل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : اني احب الابل : أ في الجنة ابل ؟

، قال: نعم، والذي نفسي بيده ان فيها نجائب من ياقوت أحمر عليها رحال الذهب قد الحفت بنمارق الديباج يركبون فتزف بهم خلال ورق الجنة، وان فيها صور رجال ونساء يركبون مراكب أهل الجنة فإذا أعجب أحدهم الصورة، قال: اجعل صورتي مثل هذه الصورة، فيجعل صورته عليها ، وإذا أعجبته صورة المرأة :قال رب اجعل صورة فلانة - زوجته - مثل هذه الصورة، فيرجع وقد صارت صورة زوجته على ما اشتهى.

وان أهل الجنة يزورون الجبار كل جمعة فيكون أقربهم منه على منابر من نور والذين يلونهم على منابر من ياقوت والذين يلونهم على منابر من زبرجد والذين يلونهم على منابر من مسك، فبينا هم كذلك ينظرون إلى نور الله جل جلاله وينظر الله في وجوههم إذا أقبلت سحابة تغشاهم فتمطر عليهم من النعمة واللذة والسرور والبهجة ما لا يعلمه إلا الله سبحانه. ثم قال: بلى، ان مع هذا ما هو أفضل منه رضوان الله الاكبر ، فلو أننا لم يخوفنا إلّا ببعض ما خوفنا لكنا محقوقين أن يشتد خوفنا مما لا طاقة لنا به ولا صبر لنا عليه، وأن يشتد شوقنا إلى ما لا غنى لنا عنه ولابد لنا منه ، فإن استطعتم عباد الله أن يشتد خوفكم من ربكم، ويحسن به ظنكم فافعلوا، فان العبد انما تكون طاعته على قدر خوفه ان أحسن الناس طاعة الله أشدهم له خوفا .

ص: 92

في الصلاة والوضوء :

انظر يا محمد صلوتك كيف تصليها ؟ فانما أنت امام ينبغي لك أن تتمها وأن تحفظها بالاركان ولا تخففها، وأن تصليها لوقتها فانه ليس من امام يصلي بقوم فيكون في صلاتهم نقص إلا كان إثم ذلك عليه ولا ينقص ذلك من صلاتهم شيئا . ثم الوضوء فانه من تمام الصلاة ، اغسل كفيك ثلاث مرات، وتمضمض ثلاث ،مرات واستنشق ثلاث مرات واغسل وجهك ثلاث مرات، ثم يدك اليمنى ثلاث مرات إلى(1)المرفق ، ثم يدك الشمال ثلاث مرات إلى المرفق، ثم امسح رأسك ، ثم اغسل(2) رجلك اليمنى ثلاث مرات، ثم اغسل اليسرى ثلاث مرات

فاني رأيت النبي صلی الله علیه و آله وسلم هكذا كان يتوضأ . قال النبي : الوضوء نصف الايمان. انظر صلاة الظهر فصلها لوقتها، ولا تعجل بها عن الوقت الفراغ، ولا تؤخرها

عن الوقت لشغل، فان رجلا جاء إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فسأله عن وقت الصلاة

فقال : أتاني الصلاة ، فصلى الظهر حين زالت الشمس،

جبرئيل فأرانى وقت

ثم صلى العصر وهي بيضاء نقية ، ثم صلى المغرب حين غابت الشمس ، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الصبح فأغلس به والنجوم مشتبكة كان لنبى الله كذا يصلي قبلك ، فان استطعت ولا قوة إلا بالله أن تلتزم السنة المعروفة وتسلك الطريق الواضح الذي أخذوا فافعل، لعلك تقدم عليهم غدا. ثم انظر ركوعك وسجودك فان النبي صلی الله علیه و آله وسلم كان أتم الناس صلاة وأحفظهم لها، وكان إذا ركع قال سبحان ربي ربي العظيم وبحمده ثلاث مرات، وإذا رفع صلبه قال: لمن حمده، اللهم لك الحمد ملء سماواتك وملء أرضك وملء ما شئت پ

ص: 93


1- كلمة ( الى » - هنا - لبيان الحد ؛ لعدم تقدم ( من ) في العبارة ، كما هو مقرر في اللغة . (المحقق).
2- كذا في النسخة ، والثابت في مذهب اهل البيت وهو تثنية الغسلات ومسح الرجلين وسيأتي الكيفية الصحيحة في رواية المفيد الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان، الآتية بعد هذا.

شئ ، فإذا سجد قال سبحان ربي الاعلى وبحمده ثلاث مرات

اعلم يا محمّد أن كل شئ من عملك يتبع صلوتك، واعلم أن من ضيع الصلاة فهو لغيرها أضيع، أسأل الله الذي يرى ولا يرى وهو بالمنظر الاعلى أن يجعلنا واياك ممن يحب ويرضى حتى يبعثنا واياكم على شكره وذكره وحسن عبادته وأداء حقه وعلى كل شئ اختاره لنا من دنيانا وديننا واولانا واخرانا، جعلنا الله واياكم من المتقين الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون.

فى الوصية

ان استطعتم يا أهل مصر ولا قوة إلا بالله أن يصدق قولكم فعلكم وسركم

، علانيتكم ولا تخالف ألسنتكم قلوبكم، فافعلوا، عصمنا الله واياكم بالهدى وسلك بنا وبكم المحجة الوسطى، واياكم ودعوة الكذاب ابن هند وتأملوا واعلموا أنه لاسواء امام الهدى وامام الردى ، ووصي النبي وعدو النبي ، جعلنا الله واياكم ممن يحب ويرضى وقد قال النبي صلی الله علیه و آله وسلم: اني لا أخاف على امتي مؤمنا ولا مشركا أما المؤمن فيمنعه الله ،بايمانه، وأما المشرك فيخزيه الله بشركه ، ولكني أخاف عليكم كل منافق عالم حلو اللسان، يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون ليس به خفاء، وقال النبي صلی الله علیه و آله وسلم: من سرته حسناته وساءته سيئاته فذلك المؤمن حقا، وقد كان

يقول: خصلتان لا تجتمعان في منافق ، حسن سمت، وفقه في سنة. اعلم يا محمّد أن أفضل الفقه الورع في دين الله والعمل بطاعته أعاننا الله واياك على شكره وذكره وأداء حقه والعمل بطاعته انه سميع قريب ثم اني اوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيته ، وعلى أي حال كنت عليها ، جعلنا الله وإياك من المتقين ، ثم اوصيك بسبع من جوامع الاسلام اخش الله ولا تخش الناس في الله ، فإن خير القول ما صدقه العمل، ولا تقض في أمر واحد بقضائين مختلفين فيتناقض أمرك وتزيغ عن الحق، وأحب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل

ص: 94

بيتك واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك، والزم الحجة عند الله ، وأصلح أحوال رعيتك، وخض الغمرات إلى الحق ، ولا تخف في الله لومة لائم، وانصح لمن استشارك ، واجعل نفسك أسوة لقريب المسلمين وبعيدهم.

في الصوم والاعتكاف

وعليك بالصوم فإن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم معكف عاما في العشر الأول من شهر رمضان، وعكف في العام المقبل في العشر الأوسط من شهر رمضان، فلما كان العام الثالث رجع من بدر فقضى اعتکافه فنام فرأى في منامه ليلة القدر في العشر ، الأواخر كأنه يسجد في ماء وطين ، فلما استيقظ رجع من ليلته وأزواجه وأناس معه من أصحابه ، ثم إنهم مطروا ليلة ثلاث وعشرين فصلى النبي صلی الله علیه و آله وسلم حين أصبح فرأى في وجهه النبي صلی الله علیه و آله وسلم الطين ، فلم يزل يعتكف في العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله . وقال النبي صلی الله علیه و آله وسلم: من صام رمضان ثم صام ستة أيام من شوال فكأنما صام السنة جعل الله خلتنا وودنا خلّة المتقيين وود المخلصين، وجمع بيننا وبينكم في دار الرضوان إخوانا على سرر متقابلين ان شاء الله . أحسنوا يا أهل مصر مؤازرة محمّد واثبتوا على طاعتكم تردوا حوض نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم. قال ابراهيم حدثني عبد الله بن محمّد بن عثمان عن علي بن محمّد بن أبي

سيف، عن أصحابه أن عليا لما أجاب محمّد بن أبي بكر بهذا الجواب كان ينظر فيه ويتعلمه ويقضى به فلما ظهر عليه وقتل أخذ عمرو بن العاص كتبه أجمع فبعث بها إلى معاوية بن أبي سفيان، وكان معاوية ينظر في هذا الكتاب ويعجبه، فقال الوليد بن عقبة وهو عند معاوية لما رأى اعجاب معاوية به مر بهذه الاحاديث أن تحرق، فقال له معاوية مه يا ابن أبي معيط ، انه لا رأي لك فقال له الوليد انه لا رأي لك أفمن الرأي أن يعلم الناس أن أحاديث أبي تراب

ص: 95

عندك ؟! تتعلم منها وتقضي بقضائه ؟! فعلام تقاتله؟! فقال معاوية ويحك

: أتأمرني أن أحرق علما مثل هذا ؟! والله ما سمعت بعلم أجمع منه ولا أحكم ولا أوضح ، فقال الوليد: إن كنت تعجب من علمه وقضائه فعلام تقاتله؟ فقال معاوية : لو لا أن أبا تراب قتل عثمان ثم أفتانا لأخذنا عنه ، ثم سكت هنيئة ، ثم نظر إلى جلسائه فقال : إنا لا نقول: إن هذه من كتب علي بن أبي طالب، ولكنا نقول : ان هذه من كتب أبي بكر الصديق كانت عند ابنه محمّد فنحن نقضي بها ونفتي فلم تزل تلك الكتب في خزائن بني أمية حتى ولى عمر بن عبد العزيز، فهو الذي أظهر أنها من أحاديث علي بن أبي طالب . :قال: فلما بلغ علي أبي طالب علیه السلام أن ذلك الكتاب صار إلى معاوية اشتد

ذلك عليه . (1)

وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في «الأمالي »: قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد بن حبيش الكاتب قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال : أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمّد بن عثمان قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني ، قال : لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام الصلاة والسلام محمّد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا ، وأمره أن يقرأه على أهل مصر وليعمل بما وصاه به فيه فكان الكتاب: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام إلى أهل

مصر ومحمّد بن أبي بكر سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو . أما بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون، وإليه تصيرون، فإن الله تعالى يقول : (كُلُّ نَفْسٍ

ص: 96


1- الغارات الابراهيم بن محمّد الثقفي 1: 230 - 250 .

بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةُ ﴾ (1)، ويقول : وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ ) (2)، ويقول :

فَوَ رَبُّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾(3).

فاعلموا يا عباد الله إن الله جل وعز سائلكم عن الصغير من عملكم والكبير

فإن يعذب فنحن أظلم، وإن يعف فهو أرحم الراحمين. يا عباد الله، إن أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل الله

يجمع

بطاعته، وينصحه في التوبة . عليكم بتقوى الله، فإنها تجمع من الخير ما لا غيرها، ويدرك بها من الخير مالا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الآخرة، قال الله عز وجل : ( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةُ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرُ وَلِنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) (4)، اعلموا يا عباد الله إن المؤمن يعمل لثلاث من الثواب إما لخير الدنيا، فإن الله يثيبه بعمله في دنياه، قال الله سبحانه لابراهيم : ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)(5). فمن ﴿ عمل الله تعالى أعطاه أجره في الدنيا والآخرة، وكفاه المهم فيهما، وقد قال الله عز وجل : ( قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةُ إِنَّمَا يُوَفِّي الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (6). فما أعطاهم الله في الدنيا لم ) يحاسبهم به في الآخرة ، قال الله عزوجل : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةُ )(7) ،

فالحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا .

ص: 97


1- المدثر : 38.
2- آل عمران 28 .
3- الحجر : 92-93 .
4- النحل : 30.
5- العنكبوت: 27 .
6- الزمر : 10 .
7- وتمام الآية: ﴿وَلاَ يُرْهَقُ وُجُوهَهُمْ فَتَر وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُم فيها خَالِدُونَ ) (يونس : 26).

وإما لخير الآخرة، فإن الله عز وجل يكفر بكل حسنة سيئة، قال الله عز وجل: وإِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (1) ، حتى إذا كان يوم القيامة ) حسبت لهم حسناتهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها(2)إلى سبعمائة ضعف (3)، فهو الذي يقول : ( جَزَاءً مِن رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً )(4)، وقال : ( أُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضَّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْقُرُفَاتِ آمِنُونَ ) (5) ، فارغبوا في هذا رحمكم الله واعملوا له

وتحاضوا عليه.

واعملوا يا عباد الله إن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم ، أباحهم الله من الدنيا ما كفاهم وبه أغناهم، قال الله عز اسمه: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) (6). سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون، وشربوا من طيبات ما يشربون، ولبسوا من أفضل ما يلبسون، وسكنوا من أفضل ما يسكنون ، وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون، وركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا وهم غدا جيران الله ، يتمنون عليه فيعطيهم ما تمنوه، ولا يرد لهم دعوة

ص: 98


1- هود: 114 .
2- في قوله تعالى : ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (الأنعام: (16) .
3- في قوله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سنبلة مالة حبةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 261) .
4- النبأ : 36 .
5- و تمام الآية: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرُبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ا فَأُوليك لَهُمْ جَزَاءُ الضَّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرْفَاتِ آمِنُونَ ) (سبأ : (37).
6- الأعراف: 32.

ولا ينقص لهم نصيبا من اللذة. فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه من كان له عقل ويعمل له بتقوى الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

يا عباد الله إن اتقيتم الله ، وحفظتم نبيكم في أهل بيته، فقد عبدتموه بأفضل ما

،عبد وذكرتموه بأفضل ما ذكر، وشكرتموه بأفضل ما شكر وأخذتم بأفضل الصبر والشكر واجتهدتم بأفضل الاجتهاد، وإن كان غيركم أطول منكم صلاة ،

وأكثر منكم صياما ، فأنتم أتقى الله عز وجل منهم، وأنصح لاولى الامر. احذروا يا عباد الله الموت وسكرته ، وأعدوا له عدته فإنه يفجأكم بأمر عظيم بخير لا يكون معه شرّ أبدا ، أو بشر لا يكون معه خير أبدا. فمن أقرب إلى الجنة من عاملها ؟ ومن أقرب من النار من عاملها ؟ إنه ليس أحد من الناس تفارق

روحه جسده حتى يعلم أي المنزلتين يصل إلى الجنة أم إلى النار ؟ أعدو هو أم ولي له، فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة، وشرعت له طرقها، ورأى ما أعد الله له فيها، ففرغ من كل شغل، ووضع عنه كل ثقل ، وإن كان عدو الله فتحت له أبواب النار وشرعت له طرقها، ونظر إلى ما أعد الله له فيها، فاستقبل كل مكروه، وترك كل ،سرور ، كل هذا يكون عند الموت، وعنده يكون اليقين . قال الله عز اسمه : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامُ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُم تَعْمَلُونَ ) (1) ويقول : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ من سُوءٍ بَلَى إِنَّ الله عَلِيمُ بمَا كُنتُم تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِثْسَ مَثْوَى المُتكَبْرِينَ ) (2).

يا عباد الله إن الموت ليس منه فوت، فاحذروه قبل وقوعه، وأعدوا له عدته فإنكم طرّاد الموت، إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم، وهو ألزم لكم

ص: 99


1- النحل : 32.
2- النحل : 28 - 29.

من ظلكم الموت معقود بنواصيكم، والدنيا تطوى من خلفكم فأكثروا ذكر

، الموت عند ما تنازعكم أنفسكم إليه من الشهوات، فكفى بالموت واعظا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يوصى أصحابه بذكر الموت، فيقول : أكثروا ذكر الموت فإنه هادم اللذات حائل بينكم وبين الشهوات. يا عباد الله ما بعد الموت لمن لم يغفر له أشد من الموت: القبر، فاحذروا ضيقه وضتكه وظلمته وغربته ، إن القبر يقول كل يوم : أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود والهوام. والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من

حفر النار.

إن العبد المؤمن إذا دفن قالت الارض له مرحبا وأهلا، قد كنت ممن احب أن

يمشي على ظهري ، فإذا توليتك فستعلم كيف صنعي بك فتتسع له مد البصر . وإن الكافر إذا دفن قالت الارض له : لا مرحبا ولا أهلا، قد كنت من أبغض من يمشي على ظهري ، فإذا توليتك فستعلم كيف صنعي بك، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه. وإن المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوّه (1) عذاب القبر، أن يسلط

الله على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا فينهشن لحمه ويكسرن عظمه يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث. لو أن تنينا منها نفخ في الارض لم تنبت

زرعا أبدا.

اعلموا يا عباد الله إن أنفسكم الضعيفة، وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير من العقاب تضعف عن هذا، فإن استطعتم أن تجزعوا لاجسادكم وأنفسكم

مما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عليه فاعملوا بما أحب الله، واتركوا ماكره الله .

ص: 100


1- في الآيات: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَنكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذلِكَ اليَوْمَ تُنسَى وَكَذلِك نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ) (طه: 124 - 127).

يا عباد الله إن بعد البعث ما هو أشد من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، ويسكر فيه الكبير، ويسقط فيه الجنين، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت يوم عبوس ،قمطریر ، يوم كان شره مستطيرا. إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم، وترعد منه السبع الشداد والجبال الاوتاد والارض المهاد، وتنشق السماء فهي يومئذ واهية وتصير وردة كالدهان، وتكون الجبال كتيبا مهيلا بعد ما كانت صما صلابا، وينفخ في الصور فيفزع من في السماوات ومن في الارض إلا من شاء الله، فكيف من عصى بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن إن لم يغفر الله له ويرحمه من ذلك اليوم لانه يقضي ويصير إلى غيره، إلى نار قعرها بعيد، وحرها ،شدید و شرابها صديد، وعذابها ،جديد، ومقامعها حديد، لا

يفتر عذابها ، ولا يموت سكانها دار ليس فيها رحمة، ولا يسمع لاهلها دعوة.

، واعلموا يا عباد الله أن مع هذا رحمة الله التي لا تعجز عن العباد، جنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للمتقين خير لا يكون معها شرّ أبدا، لذاتها لا تمل، ومجتمعها لا يتفرق، سكاتها قد جاوروا الرحمن، وقام بين أيديهم الغلمان، بصحاف من الذهب فيها الفاكهة والريحان ثم اعلم يا محمد بن أبي بكر إني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي: أهل ،مصر ، فإذا وليتك ما وليتك من أمر الناس فأنت حقيق أن تخاف منه على نفسك، وأن تحذر منه على دينك، فإن استطعت أن لا تسخط ربك عزوجل برضا أحد خلقه فافعل فإن في الله عز وجل خلفا من غيره، وليس في شي سواه خلف منه . اشتد على الظالم، وخذ عليه، ولن لاهل الخير وقربهم واجعلهم

بطانتك وإخوانك.

وانظر إلى صلاتك كيف هي ، فإنك إمام القوم، ينبغي لك أن تتمها ولا تخففها فليس من إمام يصلي بقوم يكون في صلاتهم نقصان إلا كان إثم ذلك عليه

ص: 101

ولا ينقص من صلاتهم شي. وتممها وتحفظ فيها يكن لك مثل أجورهم ولا ينقص ذلك من أجرهم شيئا.

ثم انظر إلى الوضوء فإنه من تمام الصلاة، وتمضمض ثلاث مرات، واستنشق ثلاثا، واغسل وجهك، ثم يدك اليمنى، ثم يدك اليسرى، ثم امسح رأسك ورجليك، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك ، واعلم أن الوضوء نصف الايمان. ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها ولا تعجل بها قبله لفراغ، ولا تؤخرها عنه لشغل، فإن رجلا سأل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عن أوقات الصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتاني جبرئيل فأراني وقت الصلاة فصلى الظهر حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الايمن ، ثم أراني وقت العصر فكان ظل كل شي مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس ، ثم صلى العشاء الآخرة حين غاب الشفق ، ثم صلى الصبح فغلس بها والنجوم مشتبكة فصل لهذه الأوقات، والزم السنة المعروفة والطريق الواضح. ثم انظر ركوعك وسجودك، فإن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم كان أتم الناس صلاة ، وأخفهم

عملا فيها.

واعلم أن كل شي من عملك تبع لصلاتك، فمن ضيع الصلاة فإنه لغيرها أضيع . أسأل الله الذي يرى ولا يرى وهو بالمنظر الاعلى أن يجعلنا وإياك ممن يحب ويرضى ، حتى يعيننا وإياك على شكره وذكره وحسن عبادته واداء حقه، وعلى كل شئ اختار لنا في دنيانا وآخرتنا .

وأنتم يا أهل مصر فليصدق قولكم فعلكم، وسركم علانيتكم ، ولا تخالف ألسنتكم قلوبكم ، واعلموا أنه لا يستوي إمام الهدى وإمام الردى ، ووصي النبي صلى الله عليه وسلم وعدوّه جعلنا الله واياكم ممن يحب ويرضى وقد قال النبي صلی الله علیه و آله وسلم: إنني لا أخاف عليكم مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه ، وأما المشرك فيحجزه الله عنكم بشركه ، لكن أخاف عليكم المنافق، يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون

ص: 102

يا محمّد بن أبي بكر اعلم أن أفضل الفقه الورع في دين الله ، والعمل بطاعته، وإني أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيتك، وعلى أي حال كنت عليه الدنيا دار بلاء، والآخرة دار الجزاء ودار ،البقاء فاعمل لما يبقى، واعدل عما يفنى، ولا

تنس نصيبك من الدنيا.

إني اوصيك بسبع هنّ جوامع الاسلام: تخشى الله عز وجل، ولا تخشى الناس في الله وخير القول ما صدقه العمل، ولا تقض في أمر واحد بقضاءين مختلفين،

، فيختلف أمرك وتزيغ عن الحق، وأحب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك فإن ذلك أوجب للحجة وأصلح للرعية، وخض الغمرات إلى الحق ، ولا تخف في الله لومة لائم، وانصح المرء إذا استشارك ، واجعل نفسك أسوة لقريب المسلمين وبعيدهم، جعل الله عز وجل مودتنا في الدين، وحلانا وإياكم حلية المتقين، وأبقى لكم طاعتكم حتى يجعلنا وإياكم بها إخوانا على سرر متقابلين.

أحسنوا أهل مصر مؤازرة محمد أميركم واثبتوا على طاعتكم تردوا حوض نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم ، أعاننا الله وإياكم على ما يرضيه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .(1)وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي»: حدثنا أبو عبد الله

بن محمّد بن النعمان ، قال : أخبر النعمان ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد بن حبيش الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال :

محمّد

حدثنا علي بن محمّد بن أبي سعيد ، عن فضيل بن الجعد، عن إسحاق الهمداني قال: لما ولّى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه محمّد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا ، وأمره أن يقرأه على أهل مصر، ويعمل بما وصاه به

ص: 103


1- الأمالي ؛ للشيخ المفيد : 260 - 269 .

فيه، وكان الكتاب:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى

أهل مصر ومحمّد بن أبي بكر.

سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو

أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون وإليه تصيرون، فإن الله تعالى يقول: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )(1)، ويقول : ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ

وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ ) (2) ويقول : ( فَوَ رَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (3). فاعلموا عباد الله أن الله عز وجل سائلكم عن الصغير من عملكم والكبير فإن

يعذب فنحن أظلم، وإن يعف فهو أرحم الراحمين. یا عباد الله إن أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل الله بطاعته وينصحه بالتوبة، عليكم بتقوى الله، فإنها تجمع الخير ولا خير غيرها، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الآخرة، قال الله عز وجل : ( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةُ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرُ وَلِنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ )(4).

اعلموا يا عباد الله أن المؤمن يعمل لثلاث من الثواب: إما لخير الدنيا، فإن الله يثيبه بعمله في دنياه، قال الله سبحانه لابراهيم: ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ )(5)، فمن عمل الله تعالى أعطاه أجره في الدنيا والاخرة وكفاه المهم فيهما، وقد قال الله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي

ص: 104


1- المدثر: 38.
2- آل عمران : 28 .
3- الحجر : 92-93
4- النحل : 30.
5- العنكبوت: 27.

هذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةُ إِنَّمَا يُوَفِّي الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )(1) فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الاخرة، قال الله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةُ ) (2) والحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا، واما لخير الآخرة ؛ فإن الله تعالى يكفر بكل حسنة سيئة ، قال الله عز وجل : (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) (3)حتى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم ، ثم أعطاهم ) بكل واحدة عشر أمثالها (4) إلى سبعمائة ضعف (5)، فهو الذي يقول: ﴿ جَزَاءً مِن رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً ) (6) ، وقال : (فأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضَّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ

آمِنُونَ ) ، (فارغبوا في هذا رحمكم الله واعملوا له وتحاضوا عليه. ﴾ (7)واعلموا يا عباد الله أن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، أباحهم الله من الدنيا ما كفاهم به وأغناهم ، قال الله عز وجل : قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ

( الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )(8) . سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت شاركوا

ص: 105


1- الزمر : 10 .
2- وتمام الآية: ﴿وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرَ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (يونس : 26).
3- هود: 114 .
4- في قوله تعالى : ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (الأنعام: 160 ) .
5- في قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ (البقرة : ة : 361)
6- النبأ : 36
7- وتمام الآية: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تَقَرُبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فأولئك لَهُمْ جَزَاءُ الضَّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الغُرْفَاتِ آمِنُونَ ) (سبأ: 37).
8- الأعراف: 32.

أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون، وشربوا من طيبات ما يشربون، ولبسوا من أفضل ما يلبسون وسكنوا من أفضل ما يسكنون ، وتزوجوا أفضل ما يتزوجون، وركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل غدا جيران الله تعالى، يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون، لا ترد لهم دعوة، ولا ينقص لهم نصيب من اللذة ، فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه من كان له عقل ويعمل له بتقوى الله، ولا حول ولا قوة إلّا بالله

الدنيا، وهم

يا عباد الله، إن اتقيتم وحفظتم نبيكم في أهل بيته، فقد عبدتموه بأفضل ما ،عبد وذكرتموه بأفضل ما ذكر، وشكرتموه بأفضل ما شكر، وأخذتم بأفضل الصبر والشكر ، واجتهدتم أفضل الاجتهاد، وإن كان غيركم أطول منكم صلاة وأكثر منكم صياما فأنتم أتقى الله منه وأنصح لاولي الامر.

،

احذروا يا عباد الله الموت وسكرته ، فاعدوا له عدته ، فإنه يفجأكم بأمر عظيم، بخير لا يكون معه شرّ أبدأ، أو بشر لا يكون معه خير أبدا، فمن أقرب إلى الجنة من عاملها ، ومن أقرب إلى النار من عاملها ؟ إنه ليس أحد من الناس تفارق روحه جسده حتى يعلم إلى أي المنزلين يصير إلى الجنة أم النار، أعدو الله أم ولي ؟ فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة، وشرعت له طرقها، ورأى ما أعد الله له فيها، ففزع من كل شغل، ووضع عنه كل ثقل، وإن كان عدوا لله فتحت له أبواب النار ، وشرع له طرقها، ونظر إلى ما أعد الله له فيها، فاستقبل

هو

كل مكروه وترك كل ،سرور كل هذا يكون عند الموت، وعنده يكون اليقين قال الله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامُ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُم تَعْمَلُونَ ) (1)ويقول : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بِمَا كُنتُم تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا

ص: 106


1- النحل : 32 .

فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبْرِينَ(1)

يا عباد الله ، إن الموت ليس منه فوت، فاحذروه قبل وقوعه، واعدوا له عدته فإنكم طرد الموت، إن اقمتم له أخذكم وإن فررتم منه أدرككم ، وهو ألزم لكم من ظلكم الموت معقود بنواصيكم، والدنيا تطوط خلفكم، فأكثروا ذكر الموت عندما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات، وكفى بالموت واعظا؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت، فيقول: أكثروا ذكر الموت، فإنه هادم اللذات حائل بينكم وبين الشهوات. يا عباد الله، ما بعد الموت لمن لم يغفر له أشد من الموت القبر، فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته ، إن القبر يقول كل يوم أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود والهوام، والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران، إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الارض: مرحبا وأهلا، لقد كنت ممن أحب أن يمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك ؟ فتتسع له مد البصر. وإن الكافر إذا دفن قالت له الارض: لا مرحبا ولا أهلا لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه. وان المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه (2) عذاب القبر، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا فينهشن لحمه ويكسرن ،عظمه ويترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث، لو أن تنينا منها نفخ في

، الأرض لم تنبت زرعا أبدا.

اعلموا يا عباد الله أن أنفسكم الضعيفة، وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها

ص: 107


1- النحل : 28 - 29 .
2- في الآيات: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِم حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَنْكَ آيَاتُنَا فَنَسِينَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى » ( ه : 124 - 127).

اليسير تضعف عن هذا ، فإن استطعتم أن تجزعو الاجسادكم وأنفسكم مما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عليه، فاعملوا بما أحب الله واتركوا ماكره الله .

يا عباد الله، إن بعد البعث ما هو أشد من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، ويسكر منه الكبير، ويسقط فيه الجنين ، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت يوم عبوس قمطرير، ويوم كان شره مستطيرا.

إنّ فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم، وترعد منه السبع

الشداد والجبال الأوتاد والأرض المهاد ، وتنشق السماء فهي يومئذ واهية وتتغير فكأنها وردة كالدهان، وتكون الجبال كثيبا مهيلا بعدما كانت صما صلابا وينفخ في الصور فيفزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، فكيف من عصى بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن، إن لم يغفر الله له ويرحمه من ذلك اليوم ؟ لانه يقض ويصير إلى غيره، إلى نار قعرها بعيد ، وحرها ،شدید و شرابها صديد، وعذابها جديد، ومقامعها حديد، لا يفتر عذابها ولا يموت ،ساكنها ، دار ليس فيها ،رحمة، ولا يسمع لاهلها دعوة. واعلموا يا عباد الله أن مع هذا رحمة الله التي لا تعجز العباد جنة عرضها كعرض السماوات والارض أعدت للمتقين لا يكون معها شرّ أبدا، لذاتها لا تمل، ومجتمعها لا يتفرق، وسكانها قد جاوروا الرحمن، وقام بين أيديهم الغلمان، بصحاف من الذهب فيها الفاكهة والريحان ثم اعلم يا محمد بن أبي بكر أني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي، أهل ،مصر ، فإذا وليتك ما وليتك من أمر الناس فأنت حقيق أن تخاف منه على نفسك وأن تحذر فيه على دينك، فإن استطعت أن لا تسخط ربك برضا أحد من خلقه فافعل، فإن في الله عز وجل خلفا من غيره، وليس في شي سواه خلف منه ، اشتد على الظالم وخذ عليه، ولن لاهل الخير ،وقربهم واجعلهم بطانتك وأقرانك ، وانظر إلى صلاتك كيف هي ، فإنك إمام لقومك ينبغي لك أن تتمها ولا تخففها،

ص: 108

فليس من إمام يصلي بقوم يكون في صلاتهم نقصان إلا كان عليه، لا ينقص من صلاتهم شي ، وتمّمها وتحفظ فيها ، يكن لك مثل أجورهم، ولا ينقص ذلك من أجرهم شيئا .

وانظر إلى الوضوء، فإنه من تمام الصلاة تمضمض ثلاث مرات، واستنشق ثلاثا، واغسل وجهك ثم يدك اليمنى ثم اليسرى ثم امسح رأسك ورجليك، فإني

رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يصنع ذلك ، واعلم أن الوضوء نصف الايمان .

من

ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها ولا تعجل بها قبله ،الفراغ ولا تؤخرها

عنه الشغل، فإن رجلا سأل رسول الله ل ل ل له عن أوقات الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبرئيل فأراني وقت الصلاة حين زالت الشمس، فكانت على حاجبه الايمن ، ثم أراني وقت العصر فكان ظل كل شي مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس، ثم صلى العشاء الآخرة حين غاب الشفق، ثم صلى الصبح فأغلس بها والنجوم مشتبكة، فصل لهذه الاوقات ، والزم السنة المعروفة والطريق الواضحة ، ثم انظر ركوعك وسجودك ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أتم الناس صلاة، وأحقهم عملا بها.

واعلم أن كل شئ من عملك تبع لصلاتك، فمن ضيع الصلاة فإنه لغيرها أضيع أسأل الله الذي يرى ولا يرى، وهو بالمنظر الاعلى أن يجعلنا وإياك ممن يحب ويرضى حتى يعيننا وإياك على شكره وذكره ، وحسن عبادته، وأداء حقه وعلى كل شئ اختار لنا في دنيانا وديننا وآخرتنا. وأنتم يا أهل مصر، فليصدق قولكم فعلكم وسركم علانيتكم، ولا تخالف

، ألسنتكم قلوبكم . واعلموا أنه لا يستوي إمام الهدى وامام الردى ووصي النبي وعدوّه إني لا أخاف عليكم مؤمنا ولا مشركا أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيحجزه الله عنكم بشركه ، ولكني أخاف عليكم المنافق، يقول ما تعرفون ويعمل بما تنكرون

ص: 109

يا محمّد بن أبي بكر ، اعلم أن أفضل الفقه الورع في دين الله ، والعمل بطاعته، وإني أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيتك وعلى أي حال كنت عليها الدنيا

دار بلاء ودار فناء، والآخرة دار الجزاء ودار ،البقاء ، فاعمل لما يبقى واعدل عما يفنى، ولا تنس نصيبك من الدنيا . أوصيك بسبع هن من جوامع الاسلام تخشى الله عز وجل ولا تخش الناس في الله ، وخير القول ما صدقه العمل، ولا تقض في أمر واحد بقضاءين مختلفين، فيختلف أمرك وتزيغ عن الحق ، وأحب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك، فإن ذلك أوجب للحجة وأصلح للرعية، وخض الغمرات إلى الحق، ولا تخف في الله لومة لائم، وانصح المرء إذا استشارك ، واجعل نفسك أسوة لقريب المؤمنين وبعيدهم جعل الله مودتنا في الدين وخلتنا له إياكم خلة المتقين، وأبقى لكم طاعتكم، حتى يجعلنا وإياكم بها إخوانا على سرر متقابلين. أحسنوا أهل مصر مؤازرة محمّد أميركم، واثبتوا على طاعتكم، تردوا حوض نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم أعاننا الله وإياكم على ما يرضيه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . (1)قال ابو جعفر محمّد بن علي الطبري ( ت / 553 -) (ح) في بشارة المصطفى»: أخبرنا الشيخ الامام أبو محمّد الحسن بن الحسين بن بابوية قراءة عليه بالري سنة عشرة وخمسمائة ، قال : حدثنا السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمّد بن محمّد قال: أخبرني أبو الحسن علي

قال:

ابن محمّد بن حبيش الكاتب قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني قال أخبرني أبو اسحاق ابراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن محمّد بن عثمان ، قال : حدثنا علي بن محمّد بن أبي سعيد ، عن فضيل بن الجعد، عن أبي اسحاق الهمداني ، قال : لما ولّى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب محمّد بن

ص: 110


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي 24 - 31

أبى بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا وأمره أن يقرأه على اهل مصر وأن يعمل بما

وصاه به فيه، وكان الكتاب

بشم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى اهل مصر ومحمّد بن أبي بكر ، سلام عليكم ، فاني احمد إليكم الله الذي لا اله إلا هو : أما بعد فاني اوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون واليه تصيرون، فان الله تعالى يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ (1)وَكُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةُ )(2)

وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) (3)، ويقول : ﴿ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (4)، فاعلموا عباد الله أن الله عز وجل مسائلكم عن الصغيرة والكبيرة من اعمالكم، فان يعذب فنحن أظلم وإن يعفو فهو ارحم الراحمين يا عباد الله ! ان أقرب ما يكون العبد الى المغفرة والرحمة حين يعمل الله بطاعته وينصحه في :التوبة عليكم بتقوى الله فانها تجمع من الخير ما لا خير غيرها، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الآخرة ، قال الله تعالى: ﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرُ وَلِنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ(5)

اعلموا عباد الله ان المؤمن يعمل لثلاث من الثواب اما الخير، فان الله يشيبه

ص: 111


1- كما ورد في قوله تعالى : كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عِنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) (آل عمران : 185) ، وقوله : 185) وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّن فَهُمْ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرْ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) (الأنبياء : 34 - 35) ، وقوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (العنكبوت : 57) .
2- المدثر: 38
3- آل عمران : 28 .
4- الحجر : 92 - 93 .
5- النحل : 30.

بعمله في دنياه، قال الله سبحانه لابراهيم: ﴿ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ )(1) فمن عمل الله أعطاه أجره في الدنيا والآخرة وكفاه المهم فيهما ، وقال الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةُ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةُ إِنَّمَا يُوَفِّي الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابِ (2)، فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ، قال الله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةُ وَلاَ

يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرُ وَلا ذِلَّةٌ ) (3)، فالحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا. واما لخير الآخرة فان الله تعالى يكفر بكل حسنة سيئة، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )(4) ، حتى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها (5) إلى سبعمائة ضعف(6) ، وقال تعالى : ( جَزَاءً مِن رَبِّكَ عَطَاءٌ حِسَاباً )(7) ، وقال : ( أُولئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ ، الضَّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ) (8)، فارغبوا في هذا - يرحمكم الله -

واعملوا له وتحاضوا عليه.

واعلموا يا عباد الله ان المتقين حازوا عاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا

ص: 112


1- العنكبوت : 27 .
2- الزمر : 10 .
3- وتمام الآية : ( أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (يونس : 36) .
4- هود 114 .
5- في قوله تعالى : ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسِّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (الأنعام: 160) .
6- في قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِل فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِانَةً حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ (البقرة : 261 ).
7- النبأ : 36 .
8- وتمام الآية: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً لُواوَهُمْ فأولئك لَهُمْ جَزَاءُ الضَّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرْفَاتِ آمِنُونَ ) (سبأ : 37).

في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم ، وأباحهم الله من الدنيا ما كفاهم وبه أغناهم، قال الله عز وجل : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) (1). سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، أكلوا بأفضل ما أكلت شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون، وشربوا بأفضل ما يشربون، ولبسوا من أفضل ما يلبسون، وتزوجوا من افضل ما يتزوجون، وركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع اهل الدنيا وهم غدا جيران الله يتمنون عليه فيعطيهم ما تمنوا لا ترد لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من اللذة. فإلى هذا يا عباد الله يشتاق من كان له عقل ويعمل بتقوى الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، يا عباد الله إن اتقيتم الله وحفظتم نبيكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد وذكر تموه بأفضل ما ذكر، وشكرتموه بأفضل ما شكر وأخذتم بافضل الصبر والشكر ، واجتهدتم بأفضل الاجتهاد، وإن كان غيركم أطول منكم صلاة وأكثر منكم صياما ، فأنتم أتقى الله عز وجل منه وأنصح لأولي الأمر. قال محمّد بن أبي القاسم : الحديث طويل لكني اخذته الى هاهنا لأن غرضي

كان في هذه الألفاظ لانها بشارة حسنة لمن خاف واتقى وتولى أهل المصطفى والخبر بكماله اوردته فى كتاب الزهد والتقوى (2)

وبالاسناد عن ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة في عنوان ولاية محمد بن أبي بكر على مصر وأخبار مقتله: «قال إبراهيم وكان عهد علي إلى محمّد بن

أبي بكر الذي قرئ بمصر : هذا ما عهد عبد الله على أمير المؤمنين إلى محمّد بن أبي بكر حين ولاه ،مصر ، أمره بتقوى الله في السر والعلانية، وخوف الله تعالى في

ص: 113


1- الأعراف: 32.
2- بشارة المصطفى ؛ المحمّد بن علي الطبري : 80-83

المغيب والمشهد ، وأمره باللين على المسلم، والغلظ على الفاجر، وبالعدل على أهل الذمة وبالانصاف للمظلوم، وبالشدة على الظالم ، وبالعفو عن الناس وبالاحسان ما استطاع، والله يجزى المحسنين وأمره أن يدعو من قِبَلَهُ إلى الطاعة والجماعة، فإن لهم في ذلك من العاقبة وعظم المثوبة ما لا يقدر قدره ولا يعرف كنهه، وأمره أن يجبى خراج الارض على ما كانت تجبى عليه من قبل ولا ينتقص ولا يبتدع، ثم يقسمه بين أهله كما كانوا يقسمونه عليه من قبل، وأن تكن لهم حاجة، يواسى بينهم في مجلسه ووجهه، ليكون القريب والبعيد عنده على سواء. وأمره أن يحكم بين الناس بالحق، وأن يقوم بالقسط ، ولا يتبع الهوى، ولا يخاف في الله لومة لائم، فإن الله مع من اتقاه وآثر طاعته على من سواه، وكتبه عبد الله بن أبي رافع مولى رسول الله لغرة شهر رمضان سنة ست وثلاثين.

مما عمي

قال إبراهيم : ثم قام محمّد بن أبي بكر خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما ،بعد ، فالحمد لله الذي هدانا وإياكم لما اختلف فيه من الحق، وبصرنا وإياكم كثيرا عنه الجاهلون ألا وإن أمير المؤمنين علیه السلام ولأني أموركم، وعهد إلي بما سمعتم ، وأوصاني بكثير منه مشافهة، ولن آلوكم خيرا ما استطعت ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. فإن يكن ما ترون آثاري وأعمالي طاعة الله وتقوى فاحمدوا الله على ما كان من ذلك، فإنه هو الهادي إليه، فإن رأيتم من ذلك عملا بغير الحق ، فارفعوه إليّ، وعاتبوني عليه، فإنى بذلك أسعد وأنتم بذلك جديرون

وفقنا الله وإياكم لصالح العمل . قال إبراهيم : وحدثني يحيى بن صالح، عن مالك بن خالد الأسدي، الحسن بن إبراهيم، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن قال : كتب علي علیه السلام إلى

، أهل مصر لما بعث محمّد بن أبي بكر إليهم كتابا يخاطبهم به، ويخاطب محمّدا أيضا فيه أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله في سر أمركم وعلانيته، وعلى أي حال كنتم عليها ، وليعلم المرء منكم أن الدنيا دار بلاء وفناء، والاخرة دار جزاء

ص: 114

وبقاء، فمن استطاع أن يؤثر ما يبقى على ما يفنى فليفعل، فإن الاخرة تبقى

والدنيا تفنى.

رزقنا الله وإياكم بصرا لما بصرنا وفهما لما فهمنا حتى لا نقصر عما أمرنا

ولا نتعدى إلى ما نهانا .

واعلم يا محمد أنك وإن كنت محتاجا إلى نصيبك من الدنيا إلا أنك إلى

نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن عرض لك أمران: أحدهما للآخرة والآخر للدنيا

! فابدأ بأمر الآخرة ، ولتعظم رغبتك في الخير، ولتحسن فيه نيتك، فإن الله عزوجل يعطى العبد على قدر نيته ، وإذا أحب الخير وأهله ولم يعمله، كان إن شاء الله كمن عمله، فإن رسول الله قال حين رجع من تبوك : إن بالمدينة لاقواما ما سرتم من مسير ، ولا هبطتم من واد إلا كانوا معكم ما حبسهم إلا المرض - يقول : كانت لهم نية - ثم اعلم يا محمّد أني قد وليتك أعظم أجنادي أهل مصر، ووليتك ما وليتك من أمر الناس، فأنت محقوق أن تخاف فيه على نفسك، وتحذر فيه على دينك، ولو كان ساعة من نهار. فإن استطعت أن لا تسخط ربك لرضا أحد من خلقه فافعل فإن في الله خلفا من غيره، وليس في شي خلف منه ، فاشتد على الظالم ولن لاهل الخير، وقربهم إليك ، واجعلهم بطانتك وإخوانك. والسلام. قال إبراهيم حدثني يحيى بن صالح، عن مالك بن خالد عن الحسن بن إبراهيم، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن قال : كتب علي إلى محمد بن أبي بكر وأهل مصر: أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله والعمل بما أنتم عنه مسؤولون، فأنتم به رهن وإليه صائرون، فإن الله عزوجل يقول: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةُ (1)وقال : ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ )(2). وقال: ﴿ فَوَ رَبُّكَ

ص: 115


1- المدثر : 38.
2- آل عمران : 28 .

لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )(1). فاعلموا عباد الله أن الله سائلكم عن الصغير . من أعمالكم والكبير، فإن يعذب فنحن الظالمون، وإن يغفر ويرحم فهو أرحم الراحمين. واعلموا أن أقرب ما يكون العبد إلى الرحمة والمغفرة حينما يعمل بطاعة الله ومناصحته في التوبة، فعليكم بتقوى الله عز وجل، فإنها تجمع من الخير ما لا غيرها، ويدرك بها من الخير مالا يدرك بغيرها خير الدنيا وخير

يجمع الآخرة، يقول الله سبحانه: ﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةُ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرُ وَلِنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (2). واعلموا عباد الله أن المؤمنين المتقين قد ذهبوا بعاجل الخير وأجله، شركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، يقول الله عز وجل : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) (3). سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا من أفضل ما يأكلون وشربوا من أفضل ما يشربون ويلبسون من أفضل ما يلبسون ويسكنون من أفضل ما يسكنون أصابوا لذة أهل الدنيا مع أهل الدنيا مع أنهم غدا

من جيران الله عز وجل: يتمنون عليه، لا يرد لهم دعوة ولا ينقص لهم لذة. أما في هذا ما يشتاق إليه من كان له عقل ! واعلموا عباد الله أنكم إذا اتقيتم ربكم، وحفظتم في أهل بيته، فقد عبدتموه بأفضل ما عبد، وذكرتموه بأفضل ما ذكر، وشكرتموه بأفضل ما شكر، وأخذتم بأفضل الصبر، وجاهدتم بأفضل الجهاد، وإن كان غيركم أطول صلاة منكم، وأكثر صياما ، إذ كنتم أنقى الله وأنصح

ص: 116


1- الحجر : 92-93 .
2- النحل : 30.
3- الأعراف: 32

لاولياء الله من آل محمّد صلی الله علیه و آله وسلم و أخشع ، واحذروا عباد الله الموت ونزوله، وخذوله، فإنه يدخل بأمر عظيم خير لا يكون معه شر أبدا ، أو شرّ لا يكون معه خير أبدا. وليس أحد من الناس يفارق روحه جسده، حتى يعلم إلى أي المنزلتين يصير، إلى الجنة أم إلى النار أعدوّ هو الله أم وليّ له ! فإن كان وليا فتحت له أبواب الجنة، وشرع له طريقها، ونظر إلى ما أعد الله عز وجل لاوليائه فيها، فرغ من كان شغل، ووضع عنه كل ثقل ، وإن ما أعدوا فتحت له أبواب النار، وسهل له طريقها ، ونظر إلى ما أعد الله فيها لاهلها . واستقبل كل مكروه ، وفارق كل سرور، قال الله تعالى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بمَا كُنتُم تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبْرِينَ (1) واعلموا عباد الله أن الموت ليس منه فوت، فاحذروه وأعدوا له عدته، فإنكم طرداء للموت ، وإن قمتم أخذكم ، وإن هربتم أدرككم، وهو ألزم لكم من ظلكم معقود بنواصيكم، والدنيا تطوى من خلفكم، فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات فإنه كفى بالموت واعظا قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: أكثروا ذكر الموت؛ فإنه هادم اللذات.

ال- واعلموا عباد الله أن ما بعد الموت أشد من الموت، لمن لم يغفر الله له . واحذروا القبر وضمته وضيقه وظلمته ، فإنه الذي يتكلم كل يوم أنا بيت التراب، وأنا بيت الغربة، وأنا بيت الدود والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار. إن المسلم إذا مات قالت له الارض مرحبا وأهلا قد كنت ممن أحب أن تمشي على ظهري ، فإذ وليتك فستعلم كيف صنعي بك ! فيتسع له

بصره. وإذا دفن الكافر قالت له الارض: لا مرحبا ولا أهلا قد كنت أبغض أن تمشي على ظهري ، فإذ وليتك فستعلم كيف صنعي بك ! فتنضم عليه

ص: 117


1- النحل : 28 - 29 .

حتى تلتقي أضلاعه واعلموا أن المعيشة الضنك الّتي قال سبحانه: ﴿ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضنكاً )(1)عذاب القبر، فإنه يسلط على الكافر في قبره حيات عظام تنهش لحمه حتى يبعث، لو أن تنينا منها نفخ الارض ما أنبت الزرع أبدا اعلموا عباد الله أن أنفسكم وأجسادكم الرقيقة الناعمة التي يكفيها اليسير من العقاب ضعيفة عن هذا، فإن استطعتم أن ترحموا أنفسكم وأجسادكم مما لا طاقة لكم به ، و لكم عليه، فتعملوا بما أحب الله سبحانه وتتركوا ما كره، فافعلوا ولا حول ولا قوة إلا بالله واعلموا عباد الله، أن ما بعد القبر أشد من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، ويسكر فيه الكبير ، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت واحذروا يوما عبوسا

. قمطريرا كان شره مستطيرا. أما إن شرّ ذلك اليوم وفزعه استطار حتى فزعت منه الملائكة الذين ليست لهم ذنوب والسبع الشداد والجبال الأوتاد والارضون المهاد وانشقت السماء فهي يومئذ واهية، وتغيرت فكانت وردة كالدهان وكانت الجبال سرابا، بعدما كانت صما صلابا ، يقول الله سبحانه: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللهُ ) (2). فكيف بمن يعصيه بالسمع والبصر واللسان واليد ، والفرج والبطن، إن لم يغفر الله ويرحم واعلموا عباد الله أن ما بعد ذلك اليوم أشد وأدهى نار قعرها بعيد، وحرها شديد وعذابها جديد ومقامعها حديد وشرابها صديد لايفتر عذابها، ولا يموت ،ساكنها دار ليست لله سبحانه فيها رحمة، ولا يسمع فيها دعوة، ومع هذا رحمة الله الّتي وسعت كل شي ، لا تعجز عن العباد وجنة عرضها كعرض السماء والارض خير لا يكون بعده شر أبدا، وشهوة لاتنفد أبدا، ولذة لا تفنى أبدا، ومجمع لا يتفرق

ص: 118


1- في الآيات: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى وَكَذلِك نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ ) (طَّه : 124 - 127) .
2- الزمر : 68 .

أبدا. قوم قد جاوروا الرحمن، وقام بين أيديهم الغلمان، بصحاف من ذهب فيها الفاكهة ،والريحان، وإن أهل الجنة يزورون الجبار سبحانه في كل جمعة، فيكون أقربهم منه على منابر من نور والذين يلونهم على منابر من ياقوت، والذين يلونهم على منابر من مسك، فبينا هم كذلك ينظرون الله جل جلاله ، وينظر الله في وجوههم، إذ أقبلت سحابة تغشاهم فتمطر عليهم من النعمة واللذة والسرور والبهجة ما لا يعلمه إلا الله سبحانه . ومع هذا ما هو أفضل منه، رضوان الله الاكبر . أما إنا لو لم نخوف إلّا ببعض ماخوفنا به لكنا محقوقين أن يشتد خوفنا مما لا طاقة لنا به، ولا صبر لقوتنا عليه، وأن يشتد شوقنا إلى ما لا غنى لنا عنه ولا بد لنا ، فإن استطعتم عباد الله أن يشتد خوفكم من ربكم فافعلوا، فإن العبد إنما

تكون طاعته على قدر خوفه، وإن أحسن الناس الله طاعة، أشدهم له خوفا . وانظر يا محمد صلاتك كيف تصليها ، فإنما أنت إمام ينبغي لك أن تتمها وأن تخففها وأن تصليها لوقتها ، فإنه ليس من إمام يصلي بقوم فيكون في صلاته وصلاتهم نقص إلا كان إثم ذلك عليه ، ولا ينقص من صلاتهم شيئا . واعلم أن كل شي من عملك صلاتك، فمن ضيع الصلاة فهو لغيرها أشد تضييعا،

يتبع

ووضوءك من تمام الصلاة، فأت به على وجهه، فالوضوء نصف الايمان. أسأل الله الذي يرى ولا يرى وهو بالمنظر الأعلى، أن يجعلنا وإياك من المتقين

الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فإن استطعتم يا أهل مصر أن تصدق أقوالكم أفعالكم ، وأن يتوافق سركم وعلانيتكم ، ولا تخالف ألسنتكم قلوبكم فافعلوا، عصمنا الله وإياكم بالهدى، وسلك بنا وبكم المحجة الوسطى. وإياكم ودعوة الكذاب ابن هند وتأملوا وأعلموا أنه لا سوى إمام الهدى، وإمام الردى ، ووصى النبي وعدوّ النبي، جعلنا الله وإياكم ممن يحب ويرضى . ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إني لا أخاف

ص: 119

على أمني مؤمنا ولا مشركا أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه وأما المشرك فيخزيه الله بشركه ، ولكني أخاف عليهم كل منافق اللسان، يقول ما تعرفون، ويفعل ما تنكرون. واعلم يا محمد أن أفضل الفقه الورع في دين الله ، والعمل بطاعته، فعليك بالتقوى في سر أمرك وعلانيته، أوصيك بسبع هن جوامع الاسلام: اخش الله ولا تخش الناس في الله . وخير القول ما صدقه العمل . ولا تقض في أمر واحد بقضاءين مختلفين، فيتناقض أمرك وتزيغ عن الحق وأحب لعامة رعيتك ما تحبه لنفسك، واكره لهم ما تكره لنفسك، وأصلح أحوال رعيتك، وخض الغمرات إلى الحق ، ولا تخف لومة لائم، وانصح لمن استشارك، واجعل نفسك أسوة لقريب المسلمين وبعيدهم.

جعل الله خلتنا وودنا خلة المتقين وود المخلصين، وجمع بيننا وبينكم في دار

الرضوان إخوانا على سرر متقابلين . إن شاء الله .

قال إبراهيم بن سعد الثقفى : فحدثني عبد الله بن محمّد بن عثمان ، عن علي بن محمد بن أبي سيف، عن أصحابه، أن عليا لما كتب إلى محمّد بن أبي بكر هذا الكتاب، كان ينظر فيه ويتأدب بأدبه، فلما ظهر عليه عمرو بن العاص وقتله ، أخذ كتبه أجمع، فبعث بها إلى معاوية، فكان معاوية ينظر في هذا الكتاب ويتعجب منه، فقال الوليد بن عقبة، وهو عند معاوية، وقد رأى إعجابه به مر بهذه الاحاديث أن تحرق، فقال معاوية : مه لا رأي لك! فقال الوليد أفمن الرأي أن يعلم الناس أن أحاديث أبي تراب عندك تتعلم منها ! قال معاوية ويحك ! أتأمرني أن أحرق علما مثل هذا والله ما سمعت بعلم هو أجمع منه ولا أحكم، فقال الوليد : إن كنت تعجب من علمه وقضائه فعلام تقاتله! فقال : لولا أن أبا تراب قتل عثمان ثم أفتانا لاخذنا عنه . ثم سكت هنيهة ، ثم نظر إلى جلسائه فقال : إنا لا نقول : إن هذه من كتب علي بن أبي طالب علیه السلام، ولكن نقول: هذه من كتب أبي بكر

ص: 120

الصديق، كانت عند ابنه محمّد فنحن ننظر فيها، ونأخذ منها . قال : فلم تزل تلك الكتب في خزائن بني أمية حتى ولي عمر بن عبد العزيز

فهو الذي أظهر أنها من أحاديث علي بن أبي طالب علیه السلام. قال ابن أبي الحديد قلت : الاليق أن يكون الكتاب الذي كان معاوية ينظر فيه ويعجب منه ، ويفتي به ويقضي بقضاياه وأحكامه هو عهد علي إلى الاشتر، فإنه نسيج وحده ، ومنه تعلم الناس الاداب والقضايا والاحكام والسياسة، وهذا العهد صار إلى معاوية لما سم الاشتر ومات قبل وصوله إلى مصر . إلى مصر، فكان ينض-

ويعجب منه ، وحقيق من مثله أن يقتنى في خزائن الملوك. قال إبراهيم: فلما بلغ عليا علیه السلام أن ذلك الكتاب صار إلى معاوية اشتد عليه حزنا، وحدثني بكر بن بكار ، عن قيس بن الربيع عن ميسرة بن حبيب، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال صلى بنا علي علیه السلام، فلما انصرف قال :

لقد عثرت عشرة لا أعتذر*** سوف أكيس بعدها وأستمر

وأجمع الامر الشتيت المنتشر

فيه

فقلنا : ما بالك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : إني استعملت محمّد بن أبي بكر على ،مصر، فكتب إليّ أنّه لا علم لي بالسنة فكتبت إليه كتابا فيه أدب وسنة، فقتل

وأخذ الكتاب».(1)

ص: 121


1- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد 6 65-73

[ الكتاب (28)]

قال الجلالي: وقد روى المنقري اصل رسالة معاوية وجوابه ومما رواه في

وقعة صفين عن عمر بن سعد عن أبي ،ورق، أن ابن عمر بن مسلمة الأرحبي أعطاه كتابا في معاوية إلى عليّ . قال : وإن أبا مسلم الخولاني قدم إلى معاوية في

یا أناس من قراء أهل الشام قبل مسير أمير المؤمنين علیه السلام إلى صفين، فقالوا له : معاوية علام تقاتل عليا ، وليس لك مثل صحبته ولا هجرته ولا قرابته ولا سابقته ؟ قال لهم : ما أقاتل عليا وأنا أدعي أن لي في الإسلام مثل صحبته ولا هجرته ولا

قرابته ولا سابقته، ولكن خبروني عنكم ، ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما ؟

قالوا :بلى

قال : فليدع إلينا قتلته فنقتلهم به ولا قتال بيننا وبينه :قالوا فاكتب إليه كتابا يأتيه به بعضنا. فكتب إلى على هذا الكتاب مع أبي مسلم الخولاني، فقدم به على علي، ثم قام أبو مسلم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «أما بعد ، فإنك قد قمت بأمر وتوليته والله ما أحب أنه لغيرك إن أعطيت

الحق من نفسك ، إن عثمان قتل مسلما محرما مظلوما، فادفع إلينا قتلته، وأنت أميرنا، فإن خالفك أحد من الناس كانت أيدينا لك ناصرة، وألسنتنا لك شاهدة

ص: 122

وكنت ذا عذر وحجة .

فقال له عليّ علیه السلام: اغد عليّ غدا فخذ جواب كتابك . فانصرف ثم رجع من الغد ليأخذ جواب كتابه فوجد الناس قد بلغهم الذي جاء فيه، فلبست الشيعة أسلحتها ، ثم غدوا فملؤوا المسجد وأخذوا ينادون: كلنا قتل ابن عفان وأكثروا من النداء بذلك وأذن لأبي مسلم فدخل على عليّ أمير المؤمنين فدفع إليه جواب

کتابه معاوية، فقال له أبو مسلم قد رأيت قوما ما لك معهم أمر .

قال : وما ذاك ؟

قال: بلغ القوم أنك تريد أن تدفع إلينا قتلة عثمان فضجوا واجتمعوا ولبسوا السلاح وزعموا أنهم كلهم قتلة عثمان. فقال على: والله ما أردت أن أدفعهم إليك طرفة عين، لقد ضربت هذا الأمر أنفه وعينيه ما رأيته ينبغي لي أن أدفعهم إليك ولا إلى غيرك . فخرج بالكتاب وهو يقول: الآن طاب الضراب.

وكان كتاب معاوية إلى علي علیه السلام: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب. سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا .هو . أما بعد فإن الله اصطفى محمدا بعلمه، وجعله الأمين على وحيه والرسول إلى خلقه، واجتبي له من المسلمين أعوانا أيده الله بهم ، فكانوا في منار لهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام . فكان أفضلهم في إسلامه، وأنصحهم الله ولرسوله الخليفة من بعده وخليفة خليفته، والثالث الخليفة المظلوم عثمان، فكلهم حسدت، وعلى كلهم بغيت عرفنا ذلك في نظرك الشزر، وفي قولك الهجر،

وفي تنفسك الصعداء، وفي إبطائك عن الخلفاء، تقاد إلى كل منهم كما يقاد الفحل المخشوش حتى تبايع وأنت كاره . ثم لم تكن لأحد منهم بأعظم حسدا منك لابن عمك عثمان ، وكان أحقهم ألا تفعل به ذلك في قرابته وصهره ، فقطعت رحمه، وقبحت محاسنه ، وألبت الناس عليه ، وبطنت وظهرت ، حتى ضربت إليه

ص: 123

آباط الإبل ، وقيدت إليه الخيل العراب، وحمل عليه السلاح في حرم رسول الله ، فقتل معك في المحلة وأنت تسمع في داره الهائعة، لا تردع الظن والتهمة عن نفسك فيه بقول ولا فعل . فأقسم صادقا أن لو قمت فيما كان من أمره مقاما واحدا تنهنه الناس عنه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا، ولمحا ذلك عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانبة لعثمان والبغى عليه . وأخرى أنت بها عند أنصار عثمان ظنين: إيواؤك قتلة عثمان، فهم عضدك وأنصارك ويدك وبطانتك. وقد ذكر لي أنك تتنصل من دمه، فإن كنت صادقا فأمكنا من قتلته نقتلهم به، ونحن أسرع الناس إليك . وإلا فإنه فليس لك ولا لأصحابك إلا السيف. والذي لا إله إلا هو لنطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال والبر والبحر ، حتى يقتلهم الله ، أو لتلحقن أرواحنا بالله والسلام.

فكتب إليه علي علیه السلام: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان. أما بعد فإن أخا خولان قدم علي بكتاب منك تذكر فيه محمّد صلى الله عليه وسلم ، وما أنعم الله عليه به من الهدى والوحي. والحمد لله الذي صدقه الوعد وتمم له النصر، ومكن له في البلاد، وأظهره على أهل العداء والشنان، من قومه الذين وثبوا به، وشنفوا له، وأظهروا له التكذيب، وبارزوه بالعداوة وظاهروا على إخراجه وعلى إخراج أصحابه وأهله، وألبوا عليه العرب وجامعوهم على حربه ، وجهدوا في أمره كل الجهد، وقلبوا له الأمور حتى ظهر أمر الله وهم كارهون. وكان أشد الناس عليه ألبة أسرته والأدنى فالأدنى من قومه إلا من عصمه الله يا ابن هند فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا ، ولقد قدمت فأفحشت، إذ طفقت تخبرنا عن بلاء الله تعالى في نبيه محمّد صلی الله علیه و آله وسلم وفينا ، فكنت في ذلك كجالب التمر إلى هجر، أو كداعي مسدده إلى النضال. وذكرت أن الله اجتبى له من المسلمين أعوانا أيده الله بهم، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم

ص: 124

فى الإسلام، فكان أفضلهم - زعمت - في الإسلام، وأنصحهم الله ورسوله

الخليفة، وخليفة الخليفة. ولعمري إن مكانهما من الإسلام العظيم، وإن المصاب

بهما لجرح في الإسلام .شديد رحمهما الله وجزاهما بأحسن الجزاء.

وذكرت أن عثمان كان في الفضل ثالثا، فإن يكن عثمان محسنا فسيجزيه الله بإحسانه ، وإن يك مسيئا فسيلقى ربا غفورا لا يتعاظمه ذنب أن يغفره. ولعمر الله إني لأرجو إذا أعطى الله الناس على قدر فضائلهم في الإسلام ونصيحتهم الله ورسوله أن يكون نصيبنا في ذلك الأوفر. إن محمّدا صلی الله علیه و آله وسلم لما دعا إلى الإيمان بالله والتوحيد كنا - أهل البيت - أول من آمن به وصدق بما جاء به، فلبثنا أحوالا مجرمة وما يعبد الله في ربع ساكن من العرب غيرنا ، فأراد قومنا قتل نبينا ، واجتياح ،أصلنا وهموا بنا الهموم، وفعلوا بنا الأفاعيل، فمنعونا الميرة وأمسكوا عنا العذب، وأحلسونا الخوف، وجعلوا علينا الأرصاد والعيون، واضطرونا إلى جبل وعر، وأوقدوا لنا نار الحرب، وكتبوا علينا بينهم كتابا لا يواكلونا ولا يشاربونا ولا يناكحونا ولا يبايعونا ولا نأمن فيهم حتى ندفع النبي صلی الله علیه و آله وسلم فيقتلوه ويمثلوا به. فلم نكن نأمن فيهم إلا من موسم إلى موسم فعزم الله لنا على منعه، والذب عن حوزته، والرمي من وراء حرمته، والقيام بأسيافنا دونه في ساعات الخوف بالليل والنهار، فمؤمننا يرجو بذلك الثواب ، وكافرنا يحامي به عن الأصل فأما من أسلم

من قريش بعد فإنهم مما نحن فيه أخلياء ، فمنهم حليف ممنوع، أو ذو عشيرة تدافع عنه فلا يبغيه أحد يمثل ما بغانا به قومنا من التلف، فهم من القتل بمكان نجوة وأمن . فكان ذلك ما شاء الله أن يكون، ثم أمر الله رسوله بالهجرة، وأذن له بعد ذلك في قتال المشركين، فكان إذا احمر البأس ودعيت نزال أقام أهل بيته فاستقدموا، فوقى بهم أصحابه حر الأسنة والسيوف، فقتل عبيدة يوم بدر وحمزة يوم أحد، وجعفر وزيد يوم مؤتة، وأراد الله من لو شئت ذكرت اسمه مثل

ص: 125

الذي أرادوا من الشهادة مع النبي صلی الله علیه و آله وسلم غير مرة، إلا أن آجالهم عجلت ومنيته أخرت. والله مولى الإحسان إليهم، والمنان عليهم بما قد أسلفوا من الصالحات. فما سمعت بأحد ولا رأيت فيهم من هو أنصح الله في طاعة رسوله، ولا أطوع لرسوله في طاعة ربه، ولا أصبر على اللأواء والضراء وحين البأس ومواطن المكروه مع النبي صلی الله علیه و آله وسلم وهؤلاء النفر الذين سميت لك . وفي المهاجرين خير كثير ،نعرفه جزاهم الله بأحسن أعمالهم . وذكرت حسدي الخلفاء، وإبطائي عنهم، وبغيى عليهم . فأما البغي فمعاذ الله أن يكون ، وأما الإبطاء عنهم والكراهة لأمرهم فلست أعتذر منه إلى الناس ، لأن الله جل ذكره لما قبض نبيه الله وقالت :قريش منا أمير، وقالت الأنصار منا أمير. فقالت :قريش منا محمّد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فنحن أحق بذلك الأمر . فعرفت ذلك الأنصار فسلمت لهم الولاية والسلطان. فإذا استحقوها بمحمد الله دون الأنصار فإن أولى الناس بمحمّد صلی الله علیه و آله وسلم أحق بها منهم. وإلا فإن الأنصار أعظم العرب فيها نصيبا فلا أدري أصحابي سلموا من أن يكونوا حقي أخذوا، أو الأنصار ظلموا . بل عرفت أن حقي هو المأخوذ ، وقد تركته لهم تجاوز الله عنهم . وأما ما ذكرت من أمر عثمان وقطيعتي رحمه، وتأليبي عليه فإن عثمان عمل ما قد بلغك ، فصنع الناس به ما قد رأيت وقد علمت إني كنت في عزلة عنه، إلّا أن تتجنى، فتجن ما بدا لك.

وأما ما ذكرت من أمر قتله عثمان، فإني نظرت في هذا الأمر وضربت أنفه وعينيه فلم أر دفعهم إليك ولا إلى غيرك. ولعمري لئن لم تنزع عن غيك وشفاقك التعرفنهم عن قليل يطلبونك، ولا يكلفونك أن تطلبهم في بر ولا بحر، ولا جبل ولا سهل وقد كان أبوك أتاني حين ولى الناس أبا بكر فقال: أنت أحق بعد محمّد صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر، وأنا زعيم لك بذلك على من خالف عليك . ابسط يدك أبايعك. قلم أفعل. وأنت تعلم أن أباك قد كان قال ذلك وأراده حتى كنت أنا الذي

ص: 126

أبيت لقرب عهد الناس بالكفر، مخافة الفرقة بين أهل الإسلام . فأبوك كان أعرف بحقي منك. فإن تعرف من حقي ما كان يعرف أبوك تصب رشدك، وإن لم تفعل

فسيغني الله عنك ، والسلام» (1)

ص: 127


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 85-90

[ الكتاب (29) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابراهيم بن

محمد الثقفي ( ت / 281 ه-) في « الغارات » ، قال : وعن كعب بن قعين أن عليا علیه السلام كتب مع جارية بن قدامة كتابا فقال: اقرأه على أصحابك، قال: فمضينا معه فلما دخلنا البصرة بدأ بزياد فرحب به وأجلسه إلى جانبه وناجاه ساعة وساءله، ثم خرج فكان أفضل ما أوصاه به أن قال: احذر على نفسك واتق أن تلقى ما لقي صاحبك القادم قبلك، وخرج جارية من عنده فقام في الازد ، فقال : جزاكم الله من حي خيرا، ما أعظم عناءكم وأحسن بلاءكم، وأطوعكم لاميركم، وقد عرفتم الحق إذ ضيعه من أنكره، ودعوتم إلى الهدى إذ تركه من لم يعرفه، ثم قرأ عليهم وعلى من كان معه من شيعة علي علیه السلام وغيرهم كتاب علي فإذا فيه : من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرى عليه كتابي هذا من ساكني البصرة من المؤمنين والمسلمين: سلام عليكم، أما بعد فان الله حليم ذو أناة لا يعجل بالعقوبة قبل البينة، ولا يأخذ المذنب عند أول وهلة، ولكنه يقبل التوبة ويستديم الاناة، ويرضى بالانابة ليكون أعظم للحجة وأبلغ في المعذرة، وقد كان من شقاق جلكم - أيها الناس - ما استحققتم أن تعاقبوا عليه فعفوت عن مجرمكم، ورفعت

ص: 128

السيف عن ،مدبركم، وقبلت من مقبلكم ، وأخذت بيعتكم، فان تفوا ببيعتي وتقبلوا نصيحتي، وتستقيموا على طاعتي أعمل فيكم بالكتاب والسنة وقصد الحق وأقم فيكم سبيل الهدى، فوالله ما أعلم أن واليا بعد محمّد صلى الله عليه وسلم أعلم بذلك مني ولا أعمل، أقول قولي هذا صادقا غير ذام لمن مضى ولا منتقصا لاعمالهم فان خطت بكم الاهواء المردية وسفه الرأي الجائر إلى منابذتي تريدون خلافي فها أنا ذا قربت جيادي ورحلت ركابي، وأيم الله لئن ألجأتموني إلى المسير اليكم لا وقعنّ بكم وقعة لا يكون يوم الجمل عندها إلا كلعقة لاعق، وانى لظان أن لا تجعلوا ان شاء الله على أنفسكم سبيلا ، وقد قدمت هذا الكتاب حجة عليكم ، ولن أكتب اليكم من بعده كتابا ان أنتم استغششتم نصيحتي ونابذتم رسولي حتى أكون أنا الشاخص نحوكم ان شاء الله ، والسلام.

فلما قرئ الكتاب على الناس قام صبرة بن شيمان فقال: سمعنا وأطعنا، ونحن لمن حارب أمير المؤمنين حرب، ولمن سالم أمير المؤمنين سلم، ان كفيت ي--ا جارية قومك بقومك فذاك ، وان أحببت أن ننصرك نصرناك، وقام وجوه الناس فتكلموا بمثل ذلك ، فلم يأذن لاحد منهم أن يسير معه ومضى نحو بني تميم (1)

ص: 129


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي2: 404 402 .

[ الكتاب ( 30)]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: (والظاهر من كلام ابن أبي الحديد [ج 2 ص 260] ان كتاب السير رووا هذا الكتاب اطول واكمل مما هنا، فكان امير المؤمنين بدأ كتابه هذا بالكلمات التالية اما بعد فقد بلغني كتابك تذكر

مشاغبتي .... (انتهى) .(1)

ص: 130


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

[ الكتاب (31)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: من الوالد الفان المقرّ للزمان ... الخ، هذه الوصية الشريفة رواها جماعة من العلماء من العلماء، وقد نقل السيد ابن طاووس : أن الشيخ الكليني رواها في كتاب الرسائل وقد رواها في تحف العقول مع اختلاف في بعض الفقرات، وذكر شيئا منها ابن

: عبد ربه في عقده، ورواها في كتاب منتخب كنز العمال مع اختلاف أيضاً في بعض الالفاظ ، وفي كتاب الكافي[ ص 7ج 2] باسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام في رسالته إلى الحسن علیه السلام: إياك ومشاورة النساء... إلى قوله : وإن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل . ثم روى مثل ذلك عن الاصبغ بن نباتة، إلا أنه قال : كتب بها ... الى آخره. وهذه الفقرات مذكورة في آخر الوصية المذكورة وقال الشارح العلامة : أقول: روى جعفر بن بابويه القمي (أبو جعفر (ظ) إن هذه الوصية كتبها إلى ابنه محمّد بن الحنفية، وهي من أفصح الكلام ... الى آخره ؛ والاصح الأشهر ما قدمناه»(1)

قال العرشي في التخريج مانصّه : « الكتاب الواحد والثلاثون، وهو وصية له رحمه الله

ص: 131


1- مدارك نهج البلاغة : 10 .

للحسن بن علىّ علیه السلام كتبها إليه بحاضرين منصرفا من صفّين رواه أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري في كتاب الزواجر والمواعظ [بحار الانوار

17 ص 57] ، والك- ج

57] ، والكليني في كتاب الرسائل [بحار الانوارج 17 ص 57]

والحراني في تحف العقول». انتهى . (1)

وبالاسناد عن النجاشي ( ت / 455 ه- )، قال الأصبغ بن نباتة المجاشعي كان من خاصة أمير المؤمنين علیه السلام ، وعمر بعده روى عنه عهد الاشتر ووصيته إلى محمّد ابنه أخبرنا ابن الجندي، عن أبي علي بن همام عن الحميري، عن هارون بن مسلم عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف ، عن الاصبغ بالعهد وأخبرنا عبد السلام بن الحسين الاديب عن أبي بكر الدوري، عن محمّد بن أحمد بن الثلج، عن جعفر بن محمّد الحسني، عن علي بن عبدك عن الحسن بن

ظريف، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف عن الاصبغ بالوصية .(2) والظاهر ان النجاشي يعني بالوصية هذه، وبالعهد عهد مالك الاشتر والله العالم .

قال شيخنا العلامة : وصية امير المؤمنين علیه السلام لابنه الامام الحسن علیه السلام كتبها بنفسه الشريفة، وهو أوّل كتاب في الاسلام، كتب في الاخلاق بالطف بيان واحسن عبارة، أورده الكليني ( ت / 328ه-) في كتابه رسائل الائمة علیهم السلام اخرجه ابن طاووس ( ت / 664 ه-) في كشف المحجّة بأسانيد من الفريقين، ترجمت باسم هدية الامم وأخر الاخلاق المرضية».(3)

قال الجلالي اوردها ابن طاووس في الفصل 154 من كتابه ، واليك نصّ كلامه كشف المحجة لثمرة المهجة » ، قال : «الفصل الرابع والخمسون والمائة وقد

ص: 132


1- راجع استناد نهج البلاغة
2- رجال النجاشي : 8.
3- الذريعة حرف الكاف

وقع في خاطري أن أختم هذا الكتاب بوصية أبيك أمير المؤمنين علیه السلام الذي عنده علم الكتاب صلى الله عليه إلى ولده العزيز عليه وبرسالته إلى شيعته وذكر المتقدمين عليه ورسالته في ذكر الأئمة من ولده، ورأيت أن يكون رواية الرسالة إلى ولده بطريق المخالفين والمؤالفين فهو أجمع على ما تضمنه من سعادة الدنيا والدين فقال أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري في كتاب ( الزواجر والمواعظ ) في الجزء الأول منه من نسخة تاريخها ذو القعدة من سنة ثلاث بسبعين وأربعمائة ما هذا لفظه وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام لولده

ولو كان من الحك- الحكمة ما يجب أن يكتب بالذهب لكانت هذه وحدثني بها جماعة

فحدثني علي بن الحسين بن إسماعيل ، قال : حدثنا الحسن بن أبي عثمان الادمي قال : أخبرنا أبو حاتم المكتب يحيى بن حاتم بن عكرمة، قال: حدثني يوسف بن يعقوب بأنطاكية ، قال : حدثني بعض أهل العلم، قال: لما انصرف علي من صفين إلى قنسرين كتب إلى ابنه الحسن بن علي من الوالد الفان المقر للزمان ... الخ . وحدثنا أحمد بن عبد العزيز ، قال : حدثنا سليمان بن الربيع الهندي

قال: حدثنا كادح بن روحمة الزاهد، قال حدثنا صباح بن يحيى المزني. وحدثنا علي بن عبد العزيز الكوفي الكاتب ، قال : حدثنا جعفر بن هارون بن ،زیاد قال حدثنا محمّد بن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جده جعفر الصادق، عن أبيه، عن جده علیهم السلام أن عليا علیه السلام كتب إلى الحسن بن علي.

وحدثنا علي بن محمّد بن إبراهيم التستري ، قال : حدثنا جعفر بن عنبسة، قال: حدثنا عباد بن زياد ، قال : حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر محمّد بن علي قال علیه السلام: كتب أمير المؤمنين علیه السلام لها إلى الحسن بن علی علیه السلام .

وحدثنا محمّد بن علي بن زاهر الرازي ، قال : حدثنا محمّد بن العباس قال:

حدثنا عبد الله بن داهر عن بن داهر ، عن أبيه عن جعفر بن محمّد، عن آبائه ، عن على علیه السلام قال :

ص: 133

كتب علي إلى ابنه الحسن علیه السلام

بن

كل هؤلاء حدثونا أن أمير المؤمنين عليا كتب بهذه الرسالة إلى ابنه الحسن علیه السلام. وأخبرني أحمد بن عبد الرحمن بن فضال القاضي ، قال : حدثنا الحسن بن أحمد وأحمد بن جعفر بن محمّد بن زید بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام، قال : حدثنا جعفر بن محمّد الحسني ، قال : حدثنا الحسن بن ،عبدل، قال: حدثنا الحسن بن طريف بن ناصح عن الحسن بن علوان عن

بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة المجاشعي ، قال : كتب أمير المؤمنين علیه السلام

سعد

إلى أبنه كذا .

واعلم يا ولدي محمّد ضاعف الله جل جلاله عنايته بك ورعايته لك قد روى الشيخ المتفق على ثقته وأمانته محمّد بن يعقوب الكليني تغمده الله جل جلاله برحمته رسالة مولانا أمير المؤمنين علي علیه السلام إلى جدك الحسن ولده سلام الله جل جلاله عليهما ، وروى رسالة أخرى مختصرة عن خط علي علیه السلام إلى ولده محمّد بن الحنفية رضوان الله جل جلاله عليه. وذكر الرسالتين في كتاب الرسائل ووجدنا في نسخة قديمة يوشك أن يكون كتابتها في زمان حياة محمّد بن يعقوب رحمة الله عليه - وهذا الشيخ محمّد بن يعقوب كان حياته في زمن وكلاء المهديعلیه السلام: عثمان بن سعيد العمري وولده أبي جعفر محمّد وأبي القاسم حسين بن روح وعلي بن محمّد السمري، وتوفي محمّد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمّد السمري، لأن علي بن محمّد السمري توفي في شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وهذا محمّد بن يعقوب الكليني توفي ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، فتصانيف هذا الشيخ محمّد بن يعقوب ورواياته في زمن الوكلاء المذكورين يجد طريقا إلى تحقيق منقولاته، ورأيت يا ولدي بين رواية الحسن ابن عبد الله العسكري مصنف كتاب ( الزواجر والمواعظ ) الذي قدمناه وبين

ص: 134

الشيخ محمّد بن يعقوب في رسالة أبيك أمير المؤمنين علي علیه السلام إلى ولده تفاوتا، فنحن نوردها برواية محمّد بن يعقوب الكليني فهو أجمل وأفضل فيما قصدناه - فذكر محمّد بن يعقوب الكليني في كتاب الرسائل بإسناده إلى أبي جعفر بن عنبسة، عن عباد بن زياد الاسدي عن عمر بن أبي المقدام عن أبي جعفر الله ،

قال: لما أقبل أمير المؤمنين علیه السلام من صفين كتب إلى ابنه الحسن علیه السلام:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، من الوالد الفان المقر للزمان، المدير للعمر المستسلم للدهر، الذام للدنيا، الساكن مساكن الموتى، الطاعن عنها غدا إلى الولد المؤمل ما لا يدرك السالك سبيل من قد هلك، غرض الأسقام، ورهينة

الايام ورمية المصائب، وعبد الدنيا، وتاجر ،الغرور وغرير المنايا، وأسير الموت، وحليف الهموم، وقرين الاحزان، ورصيد الافات، وصريع الشهوات وخليفة الاموات. أما بعد فإن فيما تبينت من إدبار الدنيا عني ، وجموح الدهر علي، وإقبال الآخرة إلى ما يمنعني عن ذكر من سواي والاهتمام بما وراي، غير أني حيث تفرّد بي دون هموم الناس هم نفسي، فصدقني دائي، وصرفني عن هواي وصرح لي محض أمري فأفضى بي إلى جد لا يرى معه لعب، وصدق لا يشوبه كذب وجدتك بعضي بل وجدتك كلّي، حتى لو كأن شيئا لو أصابك أصابني، حتى وكأن الموت لو أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي فكتبت إليك كتابي هذا مستظهرا به إن أنا بقيت لك أو فنيت فأوصيك بتقوى الله - يابني -

ولزوم ،أمره، وعمارة قلبك بذكره، والاعتصام بحبله، وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله جل وجهه إن أنت أخذت به فأحيي قلبك بالموعظة، وأمته بالزهد، وقوّه ،باليقين، ونوّره بالحكمة ، وذالله بذكر الموت، وقرّره بالفناء، وأسكنه بالخشية، وأشعره بالصبر، وبصره فجائع الدنيا، وحذره جولة الدهر وفحش

ص: 135

تقلبه، وتقلب الليالي والايام، وأعرض عليه أخبار الماضين، وذكّره بما أصاب من كان قبلك من الأولين، وسر في ديارهم، واعتبر آثارهم وانظر ما فعلوا وأين رحلوا ونزلوا وعمّا انتقلوا، فإنك تجدهم قد انتقلوا عن الاحبة وحلّوا دار الغربة وكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم فأصلح مثواك ، ولا تبع آخر تك بدنياك ، ودع القول فيما لا تعرف والخطاب، والنظر فيما لم تكلف ، وأمسك عن طريق إذا خفت ضلالته فإن الكف عند حيرة الضلالة خير من ركوب الأهوال، وأمر بالمعروف تكن من أهله وانكر المنكر بلسانك ويدك، وباين من فعله بجهدك ، وجاهد في الله حق جهاده ولا تأخذك في الله لومة لائم، وخض الغمرات إلى الحق حيث كان، وتفقه في الدين، وعوّد نفسك بالصبر على المكروه ونعم الخلق الصبر، وألجئ نفسك في الامور كلها إلى إلهك فإنك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز، وأخلص في المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان، وأكثر الاستخارة وتفهم ،وصيتي، ولا تذهبن عنك صفحا فإن خير القول ما نفع، واعلم أنه لا خير في علم لا ينفع، ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه، يا بني إنني لما رأيتك قد بلغت سنا، ورأيتني أزداد وهنا بادرت بوصيتي إليك لخصال منها قبل أن يعجل بي أجلي دون أن أفضي إليك بما في نفسي، وأن أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي أو أن يسبقني إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا فتكون كالصعب النفور، وإنما قلب الحدث كالارض الخالية ما ألقي فيها من شئ إلا قبلته فبادر بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبّك لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بعينه وتجربته فتكون قد كفيت مؤنة الطلب وعوفيت من علاج التجربة، فأتاك من ذلك ما كنا قد ناتيه واستبان لك منه ما ربما اظلم علينا فيه . يا بني إني وإن لم أكن قد عمرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمارهم وفكرت في أخبارهم، وسرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم، بل كأنني بما

ص: 136

انتهى إلي من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم فعرفت صفو ذلك من كدره ونفعه من ضرره، فاستخلصت لك من كل أمر جليله، وتوخيت لك جميله وصرفت عنك مجهوله، ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعنى الوالد الشفيق وأجمعت عليه من أدبك أن تكون ذلك وأنت مقبل العمر مقبل الدهر ذو نية سليمة ونفس صافية، وأن أبتدأك بتعلم كتاب الله عز وجل وتأويله وشرائع الاسلام وأحكامه وحلاله وحرامه لا أجاوز ذلك بك إلى غيرك، ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل الذي التبس عليهم فكان إحكام ذلك لك على ما كرهت من تنبيهك له أحبّ إليَّ من ا.. لامك إلى أمر لم آمن عليك فيه الهلكة، ورجوت أن يوفقك الله لرشدك وأن يهديك فعهدت إليك وصيتي هذه .

واعلم مع ذلك يا بني أن أحب ما أنت أخذ به من وصيتي إليك بتقوى الله والاقتصار على ما فرضه الله عليك والأخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك والصالحون من أهل بيتك، فإنهم لم يدعوا أن ينظروا لأنفسهم كما أنت ناظر وفكروا كما أنت ،مفكر ، ثم ردهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا والامساك عما لم يكلفوا، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلّم لا بتورط الشبهات وغلوّ الخصومات وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك عليه والرغبة إليه في توفيقك ، ونبذ كل شائبة أولجتك في شبهة أو أسلمتك إلى ضلالة، فإذا أيقنت أن قد صفى لك قلبك فخشع وتم رأيك فاجتمع وكان همّك في ذلك هما واحدا فانظر فيما فسّرت لك، وإن لم يجتمع لك رأيك على ما تحب من نفسك وفراغ نظرك وفكرك ، فاعلم أنك إنما تخبط خبط العشواء، وتتورط الظلماء، وليس طالب الدين من خبط ، ولا من خلط والامساك عن ذلك أمثل.

ص: 137

وأن أول ما أبدءك في ذلك وآخره أني أحمد الله إله الأولين والآخرين، ورب من في السماوات والارضين بما هو أهله وكما يجب وينبغي له، ونسأله أن يصلي على محمد وآل محمّد صلى الله عليهم وعلى أنبياء الله بصلاة جميع من صلى خلقه، وأن يتم نعمته علينا بما وفقنا له من مسألته بالاستجابة لنا؛ فإن

عليه من

بنعمته تتم تتم الصالحات. يا بني إني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها وانتقالها وزوالها بأهلها، وأنبأتك عن الاخرة وما أعد الله فيها لأهلها، وضربت لك أمثالا لتعتبر بها وتحذو عليها الامثال إنما مثل من أبصر الدنيا مثل قوم سفر نبا بهم منزل جديب فأمّوا منزلا خصيبا، فاحتملوا وعثاء الطريق وفراق الصديق وخشونة السفر في الطعام والمنام ليأتوا سعة دارهم ومنزل ،قرارهم فليس يجدون لشئ من ذلك ألما، ولا يرون لنفقة مغرما ، ولا شئ بأحب إليهم مما يقربهم من منزلهم . ومثل من اغتر بها كقوم كانوا في منزل خصب فنبا بهم إلى منزل جديب فليس شي أكره إليهم ولا أهول لديهم من مفارقة ما هم فيه إلى ما يهجمون عليه ويصيرون إليه. ثم فزعتك بأنواع الجهالات لئلا تعد نفسك عالما ؛ لأن العالم من عرف أن ما يعلم فيما لا يعلم قليل، فعد نفسه بذلك جاهلا، وازداد بما عرف من ذلك في طلب العلم اجتهادا ، فما يزال للعلم طالبا وراغبا وله مستفيدا، ولأهله خاشعا ولرأيه متهما، وللصمت لازما ، وللخطأ حايدا ، ومنه مستحييا ، وإن أورد عليه ما لا يعرف لا ينكر ذلك بما قد قدر به نفسه من الجهالة. وأن الجاهل من عد نفسه لما جهل من معرفة العلم عالما، وبرأيه مكتفيا فما يزال للعلماء معاندا، وعليهم زاريا، ولمن خالفه محبطا ، ولما لا يعرف من الامور مضللا، وإذا أورد عليه من الأمر ما لا يعرفه أنكر وكذب به وقال بجهالته ما أعرف هذا ، وما أراه كان ، وما

أظن أن يكون وأنى كان ولا أعرف ذلك ، لثقته برأيه وقلة معرفته بجهالته. فما

ص: 138

ينفعك مما يرى فيما التبس عليه برأيه ، ومما لا يعرف للجهل مستفيدا وللحق

منكرا، وفي اللجاجة متحريا وعن طلب العلم مستكبرا .

يا بني فتفهم وصيتي، واجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك فأحبّ

لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره ،لها ، لا تظلم كما لا تحب أن تظلم وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح لنفسك ما تستقبح من غيرك وارض من الناس بما ترضى لهم منك ، ولا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كل ما علمت مما لا تحب أن يقال لك.

واعلم أن الاعجاب ضد الصواب وآفة الالباب ، وإذا هديت لقصدك فكن

أخشع ما تكون لربك واسع في كدحك ولا تكن خازنا لغيرك. واعلم يا بني أن أمامك طريقا ذا مسافة بعيدة وأهوال شديدة، وأنه لا غنا بك عن حسن الارتباط، وقدر بلاغك من الزاد مع خفة الظهر فلا تحملن على ظهرك فوق بلاغك فيكون ثقيلا ووبالا عليك، وإذا وجدت من أهل الحاجة من يحمل لك زادك إلى يوم القيامة فيوافيك به غدا حيث تحتاج إليه فاغتنمه واغتنم من استقرضك في حال غناك ، واجعل يوم قضائك له في يوم عسرتك وحمّله إياه، وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه، فلعلك تطلبه ولا تجده. واعلم أن أمامك عقبة كؤودا لا محالة أن مهبطها بك على جنة أو نار، فارتد

لنفسك قبل نزولك.

واعلم أن الله بيده خزائن ملكوت الدنيا والاخرة قد أذن لدعائك، وتكفل لإجابتك، وأمرك أن تسأله ليعطيك، وهو رحيم كريم لم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يلجأك إلى من يشفع لك إليه ، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة ولم يعيرك بالانابة، ولم يعاجلك بالنقمة، ولم يفضحك حيث تعرضت للفضيحة، ولم يناقشك بالجريمة، ولم يؤيسك من الرحمة، ولم يشدد عليك في

ص: 139

التوبة ، فجعل توبتك التورع من الذنب، وحسب سيئتك واحدة وحسنتك عشرا،

سمع

وفتح لك باب المتاب والاستعتاب، فمتى شئت ندائك ونجواك فأفضيت إليه بحاجتك، وأثبته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك ، واستعنته على أمورك ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن فيه من مسألته فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه فألحح عليه بالمسألة يفتح لك باب الرحمة، ولا يقنطك إن أبطأت عليك الاجابة فإن العطية على قدر المسألة، وربما أخرت عنك الاجابة ليكون أطول في المسألة وأجزل العطية، وربما سألت الشئ فلم تؤته، وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا أو صرت إلى ما هو خير لك فلرب أمر قد طلبته، وفيه هلاك دينك ودنياك لو أوتيته، ولتكن مسألتك فيما يعنيك فيما يبقى لك جماله وينفي عنك وباله ، والمال لا يبقى لك ولا تبقى له فإنه يوشك أن تؤتى عاقبة أمرك حسنا أو سيئا أو يعفو الغفور الكريم.

واعلم يا بني أنك إنما خلقت للاخرة لا للدنيا، وللفناء لا للبقاء، وللموت لا للحياة فإنك في منزل قلعة ودار بلغة وطريق إلى الآخرة، وأنك طريد الموت لا ينجوها ربه، ولا بد أنه مدرك يوما فكن منه على حذر أن يدركك على حمل سيئة قد كنت تحدث نفسك منها بالتوبة فيحول بينك وبين ذلك فإذا أنت قد

هلكت نفسك.

يا بني أكثر من ذكر الموت وذكر ما تهجم عليه، وتفضي بعد الموت إليه، واجعله أمامك حيث تراه حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك ، وشددت له أزرك، ولا يأتيك بغتة فيبهرك، ولا يأخذك على غرتك، وأكثر ذكر الآخرة وما فيها من النعيم والعذاب الأليم فإن ذلك يزهدك في الدنيا ويصغرها عندك، وإياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهل الدنيا إليها وتكالبهم عليها فقد نبأك الله جل جلاله عنها ، ونعت لك نفسها وتكشفت لك عن مساويها ، فإنما أهلها كلاب عاوية وسباع

ص: 140

يسير

ضارية يهرّ بعضها بعضا، ويأكل عزيزها ذليلها، ويقهر كبيرها صغيرها، وكثيرها قليلها نعم ،معقلة، وأخرى محفلة مهملة قد أضلت عقولها، وركبت مجهولها، سرح عامهة في واد وعث ليس لها داع يقيمها لعبت بهم الدنيا فلعبوا بها، ونسوا ما ورائها ، رويدا حتى يسفر الظلام ، كأن - ورب الكعبة - يوشك من أسرع أن يلحق .

واعلم يا بني أن كل من كانت مطيته الليل والنهار فإنه يسار به ، وإن كان لا إلى الله إلا خراب الدنيا وعمارة الاخرة يا بني، فإن تزهد فيها زهدتك فيه وتعزب نفسك منها فهي أهل ذاك ، وإن كنت غير قابل نصيحتي إياك فيها فاعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك، ولا تعدوا أجلك، فإنك في سبيل من كان قبلك، فخفّض في الطلب واجمل في المكسب، فإنه ربما طلب جر إلى حرب وليس كل طالب بناج، ولا كل مجمل بمحتاج ، وأكرم نفسك عن دنية وإن ساقتك إلى الرغائب، فإنك لن تعارض بما تبذل شيئا من دينك وعرضك بثمن وإن جل، ومن خير حظ امرئ قرين صالح فقارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم، لا يغلبن عليك سوء الظن فإنه لا يدع بينك وبين صديق صفحا، بئس الطعام الحرام، وظلم الضعيف أفحش الظلم والفاحشة كإسمها، والتصبر على المكروه يعصم القلب، وإذا كان الرفق خرقا كان الخرق ،رفقا ، وربما كان الداء دواء، وربما نصح غير الناصح وغش المستنصح . إياك والاتكال على المنى فإنها بضائع النوكى وتثبط فى الاخرة والدنيا، زكّ قلبك بالادب كما يذكى النار بالحطب، لا تكن كحاطب الليل وغثاء السيل، وكفر النعمة لؤم، وصحبة الجاهل شوم، والعقل حفظ التجارب وخير ما جربت ما وعظك ومن الكرم لين الشيم، بادر الفرصة قبل أن تكون غصة، ومن الحزم العزم، ومن سبب الحرمان التواني، ليس كل طالب يصيب، ولاكل راكب غائب يثوب، ومن الفساد إضاعة الزاد لكل أمر عاقبة، رب مصير بما تصير، ولا خير في معين مهين ، ولا يلين من أمر على عذر

ص: 141

من حلم ساد ومن تفهم ازداد، ولقاء أهل الخير عمارة القلب ساهل الدهر ما ذل لك قعوده، وإياك أن تطيح بك مطية اللجاج، وإن قارفت سيئة فعجل محوها بالتوبة، ولا تخن من ائتمنك وإن خانك، ولا تذع سره وإن أذاع سرك ، ولا تخاطر بشئ رجاء أكثر منه ، واطلب فإنه يأتيك ما قسم لك ، والتاجر مخاطر، خذ بالفضل وأحسن البدل، وقل للناس حسنا(1) وأحسن كلمة حكم جامعة إن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لها ، إنك قل ما تسلم ممن تسرعت إليه أو تندم إن أفضلت عليه .

واعلم أن من الكرم الوفاء بالذمم ، والصدق آية المقت، وكثرة التعلل آية البخل، ولبعض إمساكك على أخيك مع لطف خير من بذل مع غف، ومن الكرم صلة الرحم، ومن يثق بك أو يرجو صلته يرجوك أو يثق بصلتك إذا قطعت قرابتك والتجرم وجه القطيعة . احمل نفسك من أخيك من صرمه إياك على الصلة، وعند صدوره على عطف المسألة، وعند جموده على البذل، وعند تباعده على الدنو، وعند شدته على اللين، وعند تجرمه على الاعذار حتى كأنك له عبد وكأنه ذو النعمة عليك ، وإياك أن تصنع ذلك في غير موضعه أو تفعله في غير أهله، ولا تتخذن عدوّ ديقك صديقا فتعادي صديقك، ولا تعمل بالخديعة فإنها خلق لئيم ، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة، وساعده على كل

حال، وزل معه حيث زال ولا تطلبن مجازاة أخيك وإن حثا التراب بفيك ، وجد على عدوّك بالفضل فإنه أحرز للظفر وتسلم من الدنيا بحسن الخلق، وتجرّع الغيض فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ولا ألذ منها مغبة، ولا تصرم أخاك على

ص: 142


1- في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ 183 وَأَنتُمْ مُعْرِضُونَ ) (البقرة : 83) .

ارتیاب ولا تقطعه دون استعتاب، وألن لمن غالظك فإنه يوشك أن يلين لك، ما أقبح القطيعة بعد الصلة، والجفاء بعد الاخاء والعداوة بعد المودة، والخيانة لمن ائتمنك ، والغدر لمن استأمن إليك. وإن أنت غلبت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية يرجع إليها إن بدا له ولك يوماً ما، ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه ، ولا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه، ولا يكن أهلك أشقى الناس، ولا ترغبن فيمن زهد فيك ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته، ولا تكونن على الاسائة أقوى منك على الاحسان ولا على البخل أقوى منك على البذل ، ولا على التقصير أقوى منك على الفضل

ولا يكبرن عليك ظلم من ظلمك وإنما يسعى في مضرته ونفعك وليس جزاء من سرك أن تسوءه. والرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك . واعلم يا بني أن الدهر ذو صروف فلا تكن ممن يشتد لائمته ويقل عند الناس عذره، ما أقبح الخضوع عند الحاجة والجفاء عند الغناء، إنما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك فأنفق في حق ولا تكن خازنا لغيرك، وإن كنت جازعاً على ما يفلت من بين يديك فاجزع على ما يصل إليك، واستدلل على ما لم يكن بما كان فإنما الأمور أشباه ، ولا تكفر ذا نعماء فإن كفر النعمة من ألأم الكفر ، واقبل العذر

ولا تكونن ممن لا ينتفع من العظة إلا بما لزمه إزالته فإن العاقل يتعظ بالادب

والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب اعرف الحق لمن عونه لك رفيعا كان أو وضيعا واطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين، من ترك القصد حاد، ونعم حظ المرء ،القنوع، ومن شر ما صحب المرء الحسد، وفي القنوط التفريط، والشح يجلب الملامة والصاحب ،مناسب ، والصديق من صدق غيبه، والهوى شريك العمى، ومن التوفيق الوقوف عند الحيرة، ونعم طارد الهموم اليقين وعاقبة الكذب الندم ، وفي الصدق السلامة، ورب بعيد أقرب من قريب

ص: 143

والغريب من لم يكن له حبيب، لا يعدمك من شفيق سوء الظن، ومن حم ظمأ ومن تعدى الحق ضاق مذهبه، ومن اقتصر على قدره كان أبقى له نعم الخلق ، وألأم اللوم البغي عند القدرة ، وليحاسب إلى كل جميل ، وأوثق العرى

التقوى وأوثق سبب أخذت به سبب بينك وبين الله ، أخذت به سبب بينك وبين الله، سرك من أعتبك والافراط في الملامة يشب نيران اللجاجة، كم من دنف قد نجا وصحيح قد هوى، وقد يكون اليأس إدراكا إذا كان الطمع هلاكا، وليس كل عودة تظهر، ولا فريضة تصاب وربما أخطأ البصير قصده وأصاب العمى ،رشده وليس كل من طلب وجد، ولا كل من توقى نجا أخّر الشر فإنك إذا شئت تعجلته، وأحسن إن أحببت أن يحسن إليك ، واحتمل أخاك على ما فيه ، ولا تكثر العتاب فإنه يورث الضغينة، واستعتب من رجوت عتباه، وقطيعة الجهال تعدل صلة العاقل، ومن الكرم منع الحزم، ومن كاثر الزمان عطب، ومن تنقم عليه ،غضب، ما أقرب النقمة من أهل البغي وأخلق بمن غدر أن لا يوافي له زلة المتوقي أشد زلة، وعلة الكذب أقبح علة والفساد سر الكثير، والاقتصاد ينمي اليسير والقلة زلة، وبر الوالدين من أكرم الطباع، والمخافة شرّ الخاف، والزلل مع العجل، ولا خير في لذة تعقب ندما العاقل من وعظته التجارب، ورسولك ترجمان عقلك والهدى يجلو العمى وليس مع الخلاف ايتلاف من خير خوانا فقد خان، لن يهلك من اقتصد ولن يفتقر من زهد، ينبئ عن أمر دخيله رب باعث عن حتفه ، ولا يشوبن بثقة رجاء، وماكل ما يخشي يصير، ولرب هزل قد عاد جدا، من أمن الزمان خانه ومن تعظم عليه أهانه، ومن ترغم عليه أرغمه، ومن لجأ إليه أسلمه. وليس كل من رمى أصاب، وإذا تغير السلطان تغير الزمان، خيّر أهلك من كفاك ، المزاح تورث الضغائن اعذر من اجتهد، وربما أكدى الحريص ، رأس الدين صحة اليقين تمام الاخلاص تجنب المعاصي، خير المقال ما صدقه الفعال السلامة مع

ص: 144

الاستقامة والدعاء مفتاح الرحمة، سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار، وكن عن الدنيا على قلعة أجمل من أذل عليك، واقبل عذر من اعتذر إليك ، وخذ العفو من الناس ، ولا تبلغ من أحد مكروها ، وأطع أخاك وإن عصاك ، وصله وإن جفاك ، وعوّد نفسك للسماح ، وتخير لها من كل خلق أحسنه فإن الخير العادة، وإياك أن تكثر من الكلام هذرا وأن تكون مضحكا وإن حكيت ذلك عن غيرك، وانصف من نفسك، وإياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى الافن وعزمهن إلى الوهن واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن فإن شدة الحجاب خير

لك ولهن من الارتياب وليس خروجهن بأشد من دخول من لا يوثق به عليهن وإن استطعت أن لا يعرفن غيرك من الرجال فافعل، ولا تملك المرأة من الأمر ما جاوز نفسها فإن ذلك أنعم لحالها وأرخى لبالها وأدوم لجمالها فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ، ولا تعد بكرامتها نفسها، ولا تعاطيها أن تشفع لغيرها فيميل من شفعت له عليك معها، ولا تطل الخلوة مع النساء فيمللنك وتمللهن، واستبق من نفسك بقية فإن إمساكك عنهن وهن يرين أنك ذو اقتدار خير من أن يعثرن منك على انكسار، وإياك والتغاير في غير موضع الغيرة فإن ذلك يدعو الصحيحة منهن إلى السقم ولكن احكم أمر هن فإن رأيت عيبا فعجل النكير على الكبير والصغير

، وإياك أن تعاتب فيعظم الذنب ويهون العتب، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا، وما خير بخير لا ينال إلا بشر، ويسر لا ينال إلا بعسر، وإياك أن توجف بك مطايا الطمع ، وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل فإنك مدرك قسمك وآخذ سهمك ، وإن اليسير من الله أكرم وأعظم من الكثير من خلقه وإن كان كل منه فإن نظرت فلله المثل الأعلى، فما تطلب من الملوك ومن دونهم من السفلة لعرفت أن لك في يسير ما تطلب من الملوك افتخارا، وأن عليك في كثير ما تطلب من الزيادة ،عارا ، إنك لست بايعا شيئا من دينك وعرضك بثمن، والمغبون

ص: 145

من غين نفسه سه من ا الله ، فخذ من الدنيا ما أتاك وتولّ ممّن تولى عنك فإن أنت لم تفعل فأجمل في الطلب، وإياك ومقاربة من رهبته على دينك وعرضك، وباعد السلطان لتأمن خدع الشيطان وتقول ما ترى إنك ترغب ، وهكذا هلك من كان قبلك إن أهل القبلة قد أيقنوا بالمعاد فلو سمعته بعضهم يبيع آخرته بالدنيا لم تطب بذلك نفسا، وقد يتحيل الشيطان بخدعه ومكره حتى تورطه في هلكة بعرض من الدنيا يسير حقير وينقله من شئ إلى شيء حتى يؤيسه من رحمة الله ويدخله في القنوط ، فتجد الراحة إلى ما خالف الاسلام وأحكامه. فإن أبت نفسك إلا حب الدنيا وقرب السلطان فخالفتك إلى ما نهيتك عنه ما فيه رشدك فأملك عليه لسانك فإنه لا ثقة للملوك عند الغضب، فلا تسأل عن أخبارهم، ولا تنطق بأسرارهم، ولا تدخل فيما بينهم، وفي الصمت السلامة من الندامة وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراك فائدة ما فات من منطقك، واحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء، وحفظ ما في يدك أحب إليك من طلب ما في يد غيرك، ولا تحدث إلا عن ثقة فتكون كذابا والكذب ذل، وحسن التدبير مع الكفاف أكفى لك من الكثير مع الاسراف، وحسن اليأس خير من الطلب إلى الناس، والعفة مع الحرفة خير من سرور مع فجور، والمرء أحفظ لسره، ورب ساع فيما يضره من أكثر هجر، ومن تفكّر أبصر ، وأحسن المماليك الادب وأقلل الغضب، ولا تكثر العتب في غير ذنب، فإذا استحق أحد منك ذنبا فإن العفو مع العدل أشد من الضرب لمن كان له عقل، ولا تمسك من لا عقل له وخف القصاص، واجعل لكل امرئ منهم عملا يأخذ منه فإنه أحرى أن لا يتواكلوا وأكرم عشيرتك فإنهم

، جناحك الذي به تطير، وأصلك الذي اليه تصير وإنك بهم تصول وبهم تطول اللذة عند الشدة، وأكرم كريمهم، وعد سقيمهم واشكرهم في أمورهم، وتيسر عند معسورهم، واستعن بالله على أمورك فإنه أكفى معين، واستودع الله دينك

ص: 146

ودنياك واسأله خير القضاء في الدنيا والاخرة. (1)

وبالاسناد عن الهاروني ( ت / 424 ه-) في« تيسير المطالب » ، قال : اخبرنا ابو العباس احمد بن ابراهيم الحسيني رحمه الله تعالى ، قال : أخبرنا محمد بن العباس ابن الوليد الشامي، قال: حدثنا عبد الله احمد

بن بن عقبة الاسدي الكوفي، قال: اخبرنا عبد الرحمن بن أبي القاسم بن اسماعيل القطان، قال: أخبرنا اسماعيل بن مهران قال اخبرنا عبد الله بن أبي الحارث الهمداني ، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر ، عن ابيه عن آبائه عليهم السلام . ان امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام كتب الى ابنه الحسن عليه السلام بعد انصرافه من

صفين الى :حاضرين

من الوالد الفان المقر للزمان المستسلم للدهر الذام للدنيا، الساكن مساكن الموتى، الطاعن عنها غدا إلى الولد المؤمل في دنياه ما لا يدرك السالك في الموت سبيل من قد هلك، غرض ،الاسقام ورهينة الايام ورمية المصائب وتاجر ،الغرور، وغريم المنايا وأسير الموت، ونصب الافات، وخليفة الاموات. أما بعد يا بني فان فيما تبينت من إدبار الدنيا عني، وجموح الدهر عليَّ، وإقبال الاخرة إلى ما يزعني عن ذكر من سواي ، والاهتمام بما وراثي، غير أني حيث تفرد بي دون هموم الناس هم نفسي، فصدقني رأيي، وصرفني عن هواي، وصرّح لي محض أمري فأفضى بي إلى جد لا تكون فيه لعب، وصدق لا يشوبه كذب ، وجدتك يا بني بعضي بل وجدتك كلي حتى لو أن شيئا أصابك أصابني، وحتى لو ان الموت أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي كتبت إليك كتابي هذا إن بقيت أو فنيت اوصيك بتقوى الله ، ولزوم ،أمره، وعمارة قلبك بذكره، والاعتصام بحبله فان الله يقول : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً

ص: 147


1- كشف المحجة لثمرة المهجة ؛ للسيد ابن طاووس الحسني : 157 - 173

وَلَا تَفَرَّقُوا ) (1) ، وأي سبب يكون أوثق من سبب يكون بينك وبين الله تعالى فأحي قلبك بالموعظة، ونوّره بالحكمة، ومرّنه على الزهد، وقوّه باليقين، وذلله

بالموت وقرره بالفناء وبصره فجائع الدنيا، وحذره صولة الدهر، وفحش تقلب والايام والليالي، وأعرض عليه أخبار الماضين، وذكره بما أصاب من قبلك وسر في ديارهم وآثارهم ، وانظر ما فعلوا وأين حلوا ، وعما انقلبوا، فانك تجدهم انتقلوا عن الاحبة، ونزلوا دار الغربة، فكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم فأصلح مثواك ، ولا تبع آخرتك بدنياك ، ودع القول فيما لا تعرف والنظر فيما لم

تكلّف، وأمسك عن طريق إذا خفت ضلالته فان الوقوف عند حيرة الطريق خير من ركوب الاهوال ، وأمر بالمعروف وكن من أهله، وأنكر المنكر بلسانك ويدك، وباين من فعله بجهدك ، وجاهد في الله حق جهاده، ولا تأخذك في الله لومة لائم». وفي رواية اخرى: « وعوّد نفسك، التصبر على المكروه، ونعم الخلق التصبر،

والجئ نفسك في الأمور كلها إلى الهك فانك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز وأخلص في المسألة لربك، فان في يده العطاء والحرمان، وأكثر من الاستخارة

واحفظ وصيتي. ومن هنا اتفقت الروايتين ولا تذهبن عنك صفحا فان خير القول ما نفع واعلم يا بني انه لا غنى لك فيه عن حسن الارتياد، وبلاغ الزاد مع خفة الظهر فلا تحمل على ظهرك فوق طاقتك فيكون ثقلاً ووبالاً ، واذا وجدت من اهل الفاقة من يحمل زادك فيوافيك به حيث ما تحتاج اليه فاغتنمه، فان أمامك عقبة كؤوداً لا محالة، وان مهبطها يكون على جنة او على نار فارتد يا بني لنفسك قبل

ص: 148


1- من قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُم مِنْهَا كَذلِكَ يُبَيِّنَ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (آل عمران : 103) .

نزولك واحسن الى غيرك كما تحب ان يحسن اليك، واستقبح لنفسك ما تستقبحه من غيرك وارض من الناس بما ترضى لهم، ولرب بعيد اقرب من قريب والغريب من ليس له حبيب ، ولربما اخطأ البصير قصده وأصاب الاعمى رشده، یا بني قطيعة الجاهل تعدل مواصلة العاقل ، قلة التوقي أشد زلة، وعلة الكاذب أقبح علة، وليس مع الاختلاف ايتلاف من أمن الزمان خانه، ومن تعاظم عليه أهانه ومن لجا اليه أسلمه ، ومن الدين صحة اليقين، وخير المقال ما صدقه الفعال، سل

يا بني عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار ، واحتمل ضيم المدل عليك وأقبل عذر من اعتذر اليك وكن من اخيك عند صرمه لك على الصلة، وعند تباعده على الدنو منه ، وعن جموده على البذل حتى كأنه ذو منة عليك ، واياك أن تفعل ذلك في غير موضعه أو تصنعه بغير أهله، لن لمن غالظك فيوشك أن يلين ولا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كل ما تعلم، واعلم ان الانحراف عن القصد ضد الصواب وآفة ذوى الالباب فاذا اهتديت لقصدك فكن أخشى ما تكون لربك . وفي رواية أخرى : « اياك والاتكال على الاماني فانها بضائع النوكي، وتثبيط عن الآخرة والاولى ، وخير حظ المرء قرين صالح، قارب أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم ، ولا يغلبن عليك سوء الظن فانه لا سوء الظن فانه لا يدع بينك وبين

خليلك صلحا، وذك قلبك بالادب كما تذكي النار بالحطب، كفر النعمة لوم وصحبة الاحمق شوم، واعلم ان الذي بيده خزائن السماوات والارض قد أذن لك

فى دعائك، وتكفل باجابتك وأمرك ان تسأله ليعطيك، وهو رحيم بصير لم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه ، ولم يلجئك الى من يشفع لك اليه، ولم يمنعك ان اسأت من التوبة، ولم يعاجلك بالنقمة، وفتح لك باب المتاب والاسباب فمتى شئت دعاءك ونجواك، فأفض اليه بحاجتك، وبث ذات

سمع نفسك، وأسند اليه امورك ولا تكن مسألتك فيما لا يعنيك، ولا مما يلزمك

ص: 149

خباله، ويبقى عليك وباله، فانه يوشك أن ترى عاقبة أمرك حسنا أو قبيحا . واعلم يا بني انك انما خلقت للاخرة لا للدنيا، وللفناء لا للبقاء، وللموت لا للحياة، وانك في منزل قلعة وطريق الى الاخرة، وأنك طريد الموت الذي لا ينجو هاربه ، فأكثر ذكر الموت وما تهجم عليه وتفضي بعد الموت اليه ، واجعله أمامك حيث تراه فيأتيك وقد أخذت حذرك ، واذكر الآخرة وما فيها من النعيم والعذاب الأليم، فان ذلك يزهدك في الدنيا ويصغرها عندك، مع ان الدنيا قد نعت اليك نفسها، وتكشفت لك عن مساويها ، واياك ان تغتر بما ترى من اخلاد أهلها اليها، وتكالبهم عليها ، فانما هم كلاب عاوية وسباع ضارية، يهر بعضها على بعض، يأكل عزيزها ذليلها وكثيرها قليلها.

واعلم يا بني ان من كانت مطيته الليل والنهار فانه يساريه وان لم يسر، وان الله قد أذن بخراب الدنيا وعمارة الاخرة فان تزهد فيما زهدتك فيه منها ، ورغبت فيما رغبت عنها ، فأنت أهل لذلك، وان كنت غير قابل نصيحتي، فأعلم علما يقيناً انك لن تبلغ ،املك ولن تعدو أجلك، وانك في سبيل من كان قبلك، فأخفض في الطلب واجمل في المكتسب، فرب طلب جرّ الى حرب، وانظر الى اخوتك الذين كانوا لك في الدنيا مؤانسين، ومعك الله ذاكرين متكافئين، قد خلوا عن الرقة، واقاموا في القبور الى يوم النشور ، وكأن قد سلكت مسلكهم، ووردت منهلهم ، وفارقت الاحبة ونزلت دار الغربة ومحل الوحشة، وجاورت جيرانا افترقوا في التجاور واشتغلوا عن التزاور فاعمل لذلك المصرع وهول المطلع

، فيوشك أن تفارق الدنيا وتنزل بك العظماء وتصير القبور لك مثوى، واعمل ليوم الله فيه الاولين والآخرين، وتجيء فيه بصفوف الملائكة المقربون حول

يجمع العرش، يجمعون على انجاز موعد الآخرة، وزوال الدنيا الفانية، وتغير الاحوال وتبدل الامال من عدل القضاء وفصل الجزاء في جميع الاشياء فكم يومئذ من

ص: 150

عين باكية، وعورة بادية تجر الى العذاب الأليم وسقى من ماء الحميم في مساكن الحجيم، ان صرخ لم يرحم ، وان صبر لم يؤجر ، فأعمل لتلك الاخطار تتخلص من النار، وتكون مع الصالحين الابرار.

يا بني كن في الرخاء شكورا، وعند البلاء صبورا، ولربك ذكورا وليكن

ما بينك وبينه معمورا

يا بني لن تزال بخير ما حمدت ربك وعرفت موعظته لك فان قلوب المؤمنين رقيقة، وأعمالهم وثيقة، ونياتهم صدق وحقيقة، فالزم محاسن اخلاقهم، وجميل لعلك تحاسب حسابهم، وتثاب ثوابهم.

أفعالهم يا بني

أزحت عنك العلة، وألزمتك ،الحجة، وكشفت عنك الشبهة، وظهرت لك الآثار ، ووضحت لك البينات، وما أنت بمخلد في الدنيا، فعيشها غرور ، وما يتم فيها لذي لب سرور، ينبئك أن ترى ما ينقضي وتمر ايامه، ويبقى وزره وآثامه ، أن الدار التي أصحبنا فيها بالبلاء ،محفوفة، وبالغنى موصوفة كل ماترى فيها وبين أهلها دول ،سجال وعوار ،مقبوضة بينا أهلها فيها في رخاء وسرور اذا

، هم في بلاء وغرور تتغير فيها الحالات وتتابع فيها الرزيات، ويساق أهلها للنيات، فهم فيها أغراض ترميهم سهامها، ويغاشهم حمامها، وقد أكلت القرون الماضية أجسادهم ، وأشرعت في الامم الباقية أكلهم ذعاق ناقع وحمام واقع،

، ليس عنه مذهب ولا منه مهرب، ان أهل الدنيا سفر نازلون، وأهل ظعن شاخصون، فكان قد انتقلت الحال، ونودوا بالارتحال فأصبحت منهم قفارا، ومن جمعهم بوارا . والسلام عليك» . (1)

بهم

ومن الاطراف ما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي: عن أبي علي الاشعري، عن بعض أصحابنا، عن جعفر بن عنبسة، عن

ص: 151


1- تيسير المطالب : 81-85، ط / 1395ه-.

عباد بن زياد الاسدي عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر علیه السلام، وأحمد بن محمّد العاصمي ، عمن حدثه ، عن معلى بن محمّد البصري، عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله علیه السلام، قال في رسالة أمير المؤمنين إلى الحسن : لا تملك المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها فإن ذلك أنعم لحالها، وأرخى ،لبالها ، وأدوم لجمالها، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، ولا تعد بكرامتها ،نفسها، واغضض بصرها بسترك واكففها بحجابك، ولا تطمعها أن

تشفع لغيرها فيميل عليك من شفعت له عليك معها واستبق من نفسك بقية فإن

أنك ذو اقتدار خير من أن يرين

إمساكك نفسك عنهن وهن يرين

منك حالا

على انكسار. وعن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن جعفر بن محمّد الحسني، عن علي بن عبدك ، عن الحسن بن ظريف بن ناصح عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين علیه السلام مثله إلا أنه قال : كتب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بهذه الرسالة إلى ابنه محمّد رضوان الله عليه» . (1) وبالاسناد عن الشيخ الكليني في الكافي ، قال : عن بعض أصحابنا - سقط عني إسناده - عن أبي عبد الله قال : إن الله عز وجل لم يترك شيئا مما يحتاج

إليه إلّا علّمه نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فكان من تعليمه إياه أنه صعد المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن جبرئيل أتاني عن اللطيف الخبير فقال: إن الابكار بمنزلة الثمر على الشجر إذا أدرك ثمره فلم يجتنى أفسدته الشمس، ونثرته الرياح ، وكذلك الابكار أذا أدركن ما يدرك النساء فليس لهن دواء إلا البعولة، وإلا لم يؤمن عليهن الفساد لأنهن بشر ، قال : فقام إليه رجل فقال يا رسول الله فمَن نزوّج ؟ فقال : الأكفاء، فقال: يا رسول الله، ومن الأكفاء ؟ فقال : المؤمنون بعضهم

ص: 152


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 510:5

أكفاء بعض المؤمنون بعضهم أكفاء بعض .(1)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق عن هارون بن حميد ، نا أبو همام الوليد بن شجاع نا فضيل بن عياض، عن سليمان عن خيثمة، قال: قال علي: من أراد أن ينصف الناس من نفسه فليحب لهم ما

لنفسه . (2) يحب

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 971 ه-) في كنز العمال في خطب علي

ومواعظه ، عن علي انه كتب إلى ابنه الحسن كتابا

من الوالد الفان المقر للزمان المدير للعمر المستسلم فيه للدهر، الذام للدنيا ، الساكن مساكن الموتى، الطاعن إليهم عنها غدا - إلى المولود المؤمل ما لا

يدرك، السالك سبيل من قد هلك، عرض الاسقام ورهيئة الايام ورمية المصائب، وعبد الدنيا وتاجر ،الغرور ، وغريم المنايا وأسير الموت، وحليف الهموم، وقرين الاحزان، ونصب الآفات، وصريع الشهوات، وخليفة الاموات. أما بعدا فان فيما قد تبينت من إدبار الدنيا عني وجنوح الدهر علي، وإقبال الآخرة عليَّ ما يزعني عن ذكر ما سواي ، والاهتمام بما وراي، غير أني حين تفرد بي دون هموم الناس هم نفسي فصدقني رأيي، وتصرف بي هواي، وصرح إلى محض أمري ، فأفضي بي جد لا يزرق به لعب، وصدق لا يشوبه كذب، وجدتك - أي بني - من بعضي، بل وجدتك من كلي حتى كأن شيئا لو أصابك أصابني، وكأن الموت لو أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما عناني من نفسي، فكتبت إليك كتابي هذا إن أنا بقيت أو فنيت، وإني أوصيك يا بني بتقوى الله ولزوم أمره، وعمارة قلبك بذكره، والاعتصام بحبله، فهو أوثق السبب بينك وبينه .

ص: 153


1- الكافي للشيخ الكليني :5 337
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 517

يا بني ! أحي قلبك بالموعظة، وموته بالزهد ، وقوه باليقين، وذالله بذكر الموت

وأكثره بالفناء، وبصره فجائع الدنيا، وحذره صولة الدهر، وفحش تقلب الايام، وأعرض عليه أخبار الماضين وذكره ما أصاب من كان قبلك، وسر في ديارهم واعتبر بآثارهم ، وانظر ما فعلوا، وعمن انتقلوا، وأين حلوا، فانك تجدهم انتقلوا عن الاحبة، وحلوا دار الغربة، وكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم ، فأصلح مثواك، واحرز آخرتك ، ودع القول فيما لا تعرف، ولدخول فيما لا تكلف وأمسك عن السير إذا خفت ضلالة، فان الكف عند حيرة الضلالة خير من ركوب الاهوال ، وأمر بالمعروف تكن من أهله وأنكر المنكر بيدك ولسانك، وباين من

فعله بجهدك، وخض الغمرات إلى الحق، وتفقه في الدين، وعود نفسك الصبر على المكروه، وألجئ نفسك في الأمور كلها إلى الله ، فانك تلجئها إلى كهف حريز، ومانع عزيز، وأخلص في المسألة لربك ، فان بيده العطاء والحرمان، وأكثر الاستخارة وتفهم وصيتي ، لا تذهبن عنك صفحا. أي بني! إني لما رأيتني قد بلغت سنا ورأيتني ازددت وهنا، بادرت بوصيتي إياك خصالا منهن أن تعجل لي أجل قبل أن أقضى إليك ما في نفسي، وأنقص في رأيي كما نقصت في جسمي، أو يسبقني إليك بعض غلبة الهوى وفتن الدنيا فتكون كالصعب النفور ، وإنما قلب الحدث كالارض الخالية، ما ألقى فيها من شي ،قبلته، فباكرتك بالادب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك، لتستقبل بجد رأيك ما

قد كفاك تجربته، فتكون قد كفيت مؤنة الطلب، وعوفيت من علاج التجربة فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه، واستبان لك ما ربما أظلم علينا فيه، أي بني ! إني لم

أكن عمرت عمر من كان قبلي، فقد نظرت في أعمارهم وفكرت في أخبارهم وسرت في آثارهم، حتى عدت كأحدهم بل كأني لما قد انتهى إلي من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره ونفعه من ضرره

ص: 154

فاستخلصت من كل شي نحيلته، وتوخيت لك جميلته، وصرفت عنك مجهوله ورأيت عنايتي بك واجبة عليَّ، فجمعت لك ما إن فهمته أدبك ، فاغتنم ذلك وانت مقتبل بين النية واليقين، فعليك بتعليم كتاب الله وتأويله وشرائع الاسلام وأحكامه ، وحلاله وحرامه، لا تجاوز ذلك قبله إلى غيره، فان أشفقت أن شبهة لما اختلف فيه الناس من أهوائهم ورأيهم مثل الذي لبسهم، فتقصد في تعليم ذلك بلطف، يا بني ! وقدم عنايتك في الأمر ليكون ذلك نظرا لديك، لا مماريا ولا مفاخرا ولا طلبا لعرض عاجلتك، فان الله يوفقك لرشدك ، ويهديك لقصدك، فاقبل عهدي إليك، ووصيتي لك ، واعلم يا بني ! إن أحب ما أنت آخذ به من وصيتي تقوى الله، والاقتصار على ما افترض الله عليك ، والاخذ بما امضى عليك أولوك (كذا) من آبائك والصالحون من أهل بيتك، فانهم لم يدعوا أن ينظروا لانفسهم كما أنت ناظر وفكروا كما أنت مفكر، ثم ردهم ذلك إلى الاخذ بما عرفوا والامساك عما لم يكلفوا ، فان أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم ما علموا فيكون طلبك ذلك بتعليم وتفهم وتدبر ، لا بتوارد الشبهات وعلم الخصومات وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بالهك عليك والرغبة إليه . واحذر كل شائبة أدخلت عليك شبهة، وأسلمتك إلى ضلالة، فإذا أيقنت أن قد صفا قلبك فخشع، وتم رأيك فاجتمع ، كان همك في ذلك هما واحدا، فانظر فيما فسرت لك، وإن أنت لم يجتمع لك ما تحب من فراغ نظرك فاعلم أنك إنما نخبط خبط عشواء،

وليس من طالب لدين من خبط ولا خلط ، والامساك عند ذلك أمثل. وإن أول ما أبداك به في ذلك وآخره أني أحمد الله إلهي وإلهك إله الاولين والآخرين، رب من في السماوات ومن في الأرضين، بما هو أهله، وكما هو أهله ، وكما يجب وينبغي له ، وأسأله أن يصلي على نبينا محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، وأن يتم علينا نعمه لما وفقنا من مسألته والاجابة لنا فان بنعمته تتم الصالحات.

ص: 155

اعلم أي بني! إن أحدا لم ينبئ عن الله عز وجل كما نبأ به محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، فارض به رائداً (1)، فاني لم آلك نصيحة ولم تبلغ في ذلك، وإني اجتهدت مبلغي في ذلك لعنايتي وطول تجربتي، وإن نظري لك كنظري لنفسي.

اعلم أن الله ،واحد ، أحد صمد ، لا يضاده في ملكه أحد، ولا يزول ولم يزل، أول من قبل الاشياء بلا أولية وآخر بلا نهاية حكيم عليم قديم لم يزل كذلك ، فإذا عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك في صغر خطره، وقلة مقدرته وكثرة عجزه وعظيم حاجتك إلى ربك، فاستعن بإلهك في طلب حاجتك، وتقرب إليه بطاعته، وارغب إليه بقدرته ، وأرهب منه برؤيته ، فإنه حكيم لم يأمرك إلا بحسن، ولم ينهك إلا عن قبيح، اجعل نفسك ميزانا بينك وبين غيرك ، وأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، وأكره له ما تكره لها، ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، ولا تقل ما لا تعلم، بل أقل ما تعلم، ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك اعلم يا بني أن الاعجاب ضد الصواب، وآفة الألباب، فاسع في كدحك ولا تكن خازنا لغيرك، فإذا هديت لقصدك فكن أخسع ما تكون لربك، واعلم أن أمامك طريقا ذا مشقة بعيدة وأهوال شديدة، وأنك لا غنى بك عن حسن الارتياد ، وقدر بلاغك من الزاد مع خفة الظهر، فلا تحملن على ظهرك فوق طاقتك، فيكون ثقله وبالا عليك، وإذا وجدت من أهل الحاجة من يحمل لك زادك ويوافيك به حيث تحتاج إليه فاغتنمه واغتنم ما أقرضت من استقرضك

، في حال غناك، واعلم أن أمامك عقبة كؤوداء مهبطها على جنة أو على نار، فارتد لنفسك قبل نزولك ، فليس بعد الموت مستعتب، ولا إلى الدنيا ،منصرف، واعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والارض قد أذن لك في الدعاء وضمن الاجابة وأمرك أن تسأله فيعطيك، وتطلب إليه فيرضيك، وهو رحيم لم يجعل بينك وبينه

ص: 156


1- الرائد : الّذي يرسل في طلب الكلاً .

الّتي

حجابا، ولم يلجأك إلى من تشفع به إليه، ولم يمنعك إن أسأت التوبة، ولم يعاجلك بالنقمة، ولم يؤيسك من رحمته، ولم يسد عليك باب التوبة، وجعل توبتك النزوع من الذنب وجعل سيئتك واحدة وجعل حسنتك عشرا ، إذا ناديته

، أجابك، وإذا ناجيته علم نجواك، فأفضيت إليه بحاجتك، وأبثئته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك ، واستعنته على أمورك، وسألته من خزائن رحمته لا يقدر على إعطائها غيره من زيادة الاعمار وصحة الأبدان وسعة الرزق وتمام النعمة ، فألحح في المسألة، فبالدعاء تفتح أبواب الرحمة، ولا يقنطك إبطاء إجابته ، فان العطية على قدر النية، فربما أخرت الاجابة لتطول مسألة السائل فيعظم أجره، ويعطي سؤله، وربما ذخر ذلك له في الآخرة، فيعطى أجر تعبده ولا يفعل بعبده إلا ما هو خير له في العاجلة والآجلة، ولكن لا يجد لطفه أحد، ولا يعرف دقائق تدبيره إلا المصطفون ، ولتكن مسألتك لما يبقى ويدوم في صلاح دنياك وتسهيل أمرك وشمول عافيتك، فانه قريب مجيب. اعلم أي بني أنك خلقت للآخرة لا للدنيا، وللفناء لا للبقاء، وأنك في منزل قلعة، ودار بلغة وطريق الآخرة، وأنك طريدة الموت الذي لا ينجو منه هاربه ، ولا يفوته طالبه، فاحذر أن يدركك وأنت على حال سيئة وأعمال مردية فتقع ندامة الابد، وحسرة لا تنفد ، فتفقد دينك لنفسك، فدينك لحمك ودمك،

ولا ينقدك غيره. اي بني! أكثر ذكر الموت وذكر ما تهجم عليه. وتفضي بعد الموت إليه، واجعله نصب عينيك حتى يأتيك وقد أخذت له حذرك ، ولا يأتيك بغتة فيبهرك، وأكثر ذكر الآخرة وكثرة نعيمها وحبورها وسرورها ودوامها وكثرة صنوف لذاتها وقلة آفاتها إذا سلمت، وفكر في ألوان عذابها ، وشدة غمومها وأصناف نكالها، إن أنت تيقّنت، فان ذلك يزهدك في الدنيا، ويرغبك في الآخرة، ويصغّر عندك زينة

ص: 157

الدنيا وغرورها وزهرتها فقد نبأك الله عنها وبين ،أمرها، وكشف عن مساويها فاياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهلها إليها، وتكالبهم عليها ككلاب عاوية،

وسباع ضارية، يهرّ بعضهم إلى بعض، ويقهر عزيزها ذليلها وكثيرها قليلها، قد أضلت أهلها عن قصد السبيل، وسلكت بهم طريق العمى، وأخذت بأبصارهم عن منهج الصواب فتاهوا في حيرتها، وغرقوا في فتنتها، واتخذوها ربّاً فلعبت بهم ولعبوا بها، ونسوا ما وراءها، فاياك يا بني أن تكون مثل من قد شابته بكثرة عيوبها ! أي بني! إنك إن تزهد فيما قد زهدتك فيه من أمر الدنيا وتعرض نفسك عنها فهي أهل ذلك، فان كنت غير قابل نصحي إيّاك منها فاعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك ، ولن تعدو أجلك، فانك فى سبيل من قد كان قبلك، فأجمل في الطلب، واعرف سبيل المكتسب، فانه رب طلب قد جر إلى حرب وليس كل طالب

يصيب، ولا كل غائب يؤوب، وأكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك، إياك أن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا وقد جعك الله به حرا! وما منفعة خير لا يدرك باليسير، ويسير لا ينال إلا بالعسير، وإياك أن توجف بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فانك مدرك قسمك ، وآخذ سهمك ، وإن اليسير من الله أعظم وأكرم وإن كان كل من الله ، ولله المثل الأعلى

واعلم أن لك في يسير مما تطلب فتنال من الملوك افتخارا و وبيع عرضك ودينك عليك عار ، فاقتصد في أمرك تحمد معقبة عقلك ، إنك لست بائعا شيئا من عرضك ودينك إلا بثمن، والمغبون من حرم نصيبه من الله ، فخذ من الدنيا ما أتاك ، وتولّ عمّا تولى عنك ، فان أنت لم تفعل فأجمل في الطلب، وإياك ومقاربة

من يشينك ! وتباعد من السلطان، ولا تأمن خدع الشيطان، ومتى ما رأيت منكرا

من أمرك فأصلحه بحسن نظرك ، فان لكل وصف صفة، ولكل قول حقيقة ، ولكل

ص: 158

الشدة خير من

أمر وجها ينال الأريب - أي العاقل - فيه ،رشده ، ويهلك الاحمق بتعسفه فيه نفسه. يا بني ! كم قد رأيت من قيل له : تحب أن تعطي الدنيا بما فيها مائة سنة بلا آفة ولا أذى لا ترى فيها سوءا ويكون آخر أمرك عذاب الابد، فلا يتسع بها ولا يريدها ، ورأيته قد أهلك دينه ونفسه باليسير من زينة الدنيا، وهذا من كيد الشيطان وحبائله فاحذر مكيدته وغروره يا بني ! أملك عليك لسانك، ولا تنطق فيما تخاف الضرر فيه، فان الصمت خير من الكلام في غير منفعة، وتلافيك ما فرط من همتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك، واحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء، واعلم أن حفظ ما في يديك خير من طلب ما في يدك غيرك، وحسن التدبير مع الكفاف أكفى لك من الكثير في الاسراف وحسن اليأس خير لك من الطلب إلى الناس ، يا بني ! لا تحدث من غير ثقة فتكون كذابا، والكذب اء فجانبه وأهله، يا بني ! العفة مع الغنى مع الفجور، من فكر أبصر ، ومن كثر خطاؤه هجر ورب مضيّع ما يسره وساع فيما يضره، من خير حظ المرء قرين صالح ، فقارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشرّتين منهم ، ولا تغلبن عليك سوء الظن ، فانه لن يدع بينك وبين خليلك ملجأ قد يقال : من الحزم سوء الظن، وبئس الطعام الحرام، وظلم

، الضعيف أفحش الظلم الفاحشة تقصم القلب، إذا كان الرفق خرقا كان الخرق رفقا، وربما كان الداء دواء والدواء داء، وربما نصح غير الناصح وغش المنتصح، إياك والاتكال على المنى ! فانها بضائع النوكى، ذك قلبك بالادب كما تذكي النار الخطب، ولا تكن كخاطب الليل وغثاء السيل، كفر النعمة لؤم، وصبحة الجاهل شوم، والعقل حفظ التجارب ، وخير ما جربت ما وعظك ، ومن الكرم لين الشيم بادر الفرصة قبل أن تكون غصة، ومن الحزم العزم، ومن سبب الحرمان التواني ومن الفساد إضاعة الزاد ومفسدة المعاد لكل أمر عاقبة قرب مشير بما يضر

ص: 159

لا خير في معين مهين، ولا في صديق ظنين، ولا تدع الطلب فيما يحل ويطيب فلا بد من بلغة، وسيأتيك ما قدر لك ، التاخر مخاطر، ومن حلم ،ساد ومن تفهم ازداد، ولقاء أهل الخير عمارة القلوب، ساهل ما ذل لك بقوة، وإياك أن تطمح بك مطية اللجاج وإن قارفت سيئة فعجل محوها بالتوبة ولا تخن من ائتمنك وإن خانك ، ولا تذع سره وإن أذاع سرك، خذ بالفضل ، وأحسن البذل، وأحبب للناس الخير، فان هذه من الاخلاق الرفيعة، وإنك قل ما تسلم ممن تسرعت إليه ، وكثيرا ما يحمد من تفضلت عليه ، اعلم أي بني أن من الكرم الوفاء بالذمم . والدفع عن الحرم ، والصدود آية المقت، وكثرة العلل آية البخل، وبعض الامساك عن أخيك مع الإلف خير من البذل مع الحنف(1)، ومن الكرم صلة الرحم، والتجرم وجه القطيعة، احمل نفسك من أخيك عند جموحه على البذل، وعند تباعده على الدنو، وعند شدته على اللين، وعند تجرمه على الاعتذار، حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك، ولا تضع ذلك في غير موضعه، ولا تفعل بغير أهله، ولا تتخذ من عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك، ولا تعمل بالخديعة فانها أخلاق اللثام، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أم قبيحة، وساعده على كل حال وزل معه حيث زال ولا تطلبن منه المجازاة، فانها من شيم الدناءة، وخذ على عدوك بالفضل ، فانه أحرى للظفر، لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تقطعه دون استعتاب ولن لمن غالظك فانه يوشك أن يلين لك، ما أقبح القطيعة بعد الصلة، والجفاء بعد اللطف ، والعداوة بعد المودة، والخيانة لمن ائتمنك، وخلف الظن لمن ارتجاك، والغرر بمن وثق بك، وإن أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية، ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه ، ولا تضيّعن بر أخيك اتكالا على ما بينك وبينه فانه ليس بأخ من أضعت حقه، لا يكون أهلك أشقى الناس بك،

ص: 160


1- الحنف: الميل والجور.

ولا ترغبن فيمن زهد فيك، ولا تزهدن فيمن رغب إليك ، إذا كان للخلط موضعا لا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته، لا يكونن على الاساءة أقوى منك على الاحسان إليه، ولا على البخل أقوى منك على البذل، ولا على التقصير أقوى منك على الفضل ، لا يكثرن عليك ظلم من ظلمك ، فانه يسعى في مضرته ونفعك، وليس جزاء من سرك أن تسوءه، واعلم أي بني! أن الرزق رزقان رزق تطلبه، ورزق يطلبك ، فان لم تأته أتاك ، واعلم أن الدهر ذو صروف، فلا تكونن ممن يسبك لاعنة للدهر، ومحفلا عند الناس عذره، ما أقبح الخضوع عند الحاجة، والجفاء عند الغنى، إنما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك ، فأنفق يسرك ، ولا تكن خازنا لغيرك ، فان كنت جازعا مما تفلت من يديك فاجزع على ما يصل إليك ، استدل على ما لم يكن بما قد كان، فان الامور أشباه يشبه بعضها بعضا، ولا تكفرنّ ذا نعمة ، فان كفر النعم من قلة الشكر ولؤم الخلق، وأقل العذر ولا تكونن ممن لا تنفعه العظة إلّا إذا بلغت في الملامة فان العاقل يتعظ بالقليل

، والبهائم لا تنفع إلا بالضرب، واتعظ بغيرك ولا يكونن غيرك متعطا بك، واحتد بحذاء الصالحين ، واقتد بآدابهم وسر بسيرتهم، واعرف الحق لمن عرفه لك رفيعا كان أو وضيعا ، واطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين، من ترك القصد جار، نعم حظ المرء القناعة شرّ ما أشعر قلب المرء الحسد، وفي القنوط التفريط، وفى الخوف من العواقب البغي الحسد يجلب مضرة وغيظا يوهن قلبك ويمرض جسمك، فاصرف عنك الحسد تغنم، وأنق صدرك من الغل تسلم وارج الذي بيده خزائن الأرض والاقوات والسماوات وسله طيب المكاسب تجده منك قريبا ولك مجيبا الشح يجلب الملامة والصاحب الصالح مناسب، والصديق من صدق غيبه، والهوى شريك العمى، ومن التوفيق سعة الرزق، نعم طارد الهموم اليقين، وفي الصدق النجاة، عاقبة الكذب شرّ عاقبة،

ص: 161

رب بعيد أقرب من قريب ورب قريب أبعد من بعيد، والغريب من لم يكن له حبيب ، من تعدى الحق ضاق مذهبه من اقتصر على قدره كان أبقى له، ونعم الخلق ...(1) وأوثق العرى التقوى، من أعتبك قد هوى ، وقد يكون اليأس إدراكا إذا

كان الطمع هلاكا ، كم من مريب قد شقى به غيره ونجا هو من البلاء، جانيك من يجني عليك، وقد تعدي الصحاح مبارك الجرب، وليس كل عورة تظهر، ربما أخطأ البصير قصده، وأصاب الاعمى ،رشده، ليس كل من طلب وجد ولا كل من توقى نجا، أخر الشئ فانك إذا شئت عجلته، أحسن إن أحببت أن يحسن إليك ، احتمل أخاك على كل ما فيه، ولا تكثر العتاب فانه يورث الضغينة ويجر إلى المغضبة، وكثرته من سوء الادب، استعتب من رجوت صلاحه، قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل ، ومن كابد الحرية عطب، ومن لم يعرف زمانه حرب، ما أقرب النقمة من أهل البغي، وأخلق من غدر أن لا يولى له، زلة العالم أقبح زلة، وعلة الكذب أقبح علة ، الفساد يبيد الكثير ، والاقتصاد يثمر القليل، والقلة ذلة الوالدين أكرم الطبائع والخوف شرّ ،لحاف، والزلة مع العجلة، لا خير في لذة

، وبر

تعقب ندامة، والعاقل من وعظته التجرية، ورسولك ترجمان عقلك، وكتابك أحسن ناطق عنك، فتدبر أمرك، وتقصر شرك، الهدى يجلو العمى، وليس مع اختلاف ائتلاف، ومن حسن العمل افتقاد حال الجار، لن يهلك من اقتصد ولن

يفتقر ، يبين عن سر المرء دخيله، ورب باحث عن حتفه وليس كل من ينظر بصير، رب هزل صار جدا من ائتمن الزمان خانه ، ومن تعظم عليه أهانه، ومن لجأ إليه أسلمه أي أخذله ، ليس كل من رمى أصاب، إذا تغير السلطان تغير الزمان ، بر أهلك من كفاك ، المزاح يورث العداوة والحقد، أعذر من اجتهد وربما أكدى الحق ، رأس الدين صحة اليقين، وتمام الاخلاص تجنب المعاصي، وخير

وخير

ص: 162


1- بياض بمقدار كلمة في المصدر.

القول الصدق، والسلامة مع الاستقامة، سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار كن من الدنيا على بلغة احمل لمن دل عليك، واقبل عذر من اعتذر إليك، وارحم أخاك وإن عصاك، وصله وإن جفاك، وعوّد نفسك السماح، وتخير لها من كل أحسنه ، لا تتكلم بما يرديك، ولا ما كثيره يزريك، أنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك، أي بني! إياك ومشاورة النساء إلا جربت بكمال، فان

! رأيهن يجر إلى أفن وعزمهن إلى وهن اكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن ، فان شدة الحجاب خير لهن من الارتياب وليس خروجهن بأشد عليك من دخول من لا تثق به عليهن، فان استطعت أن لا يعرفهن غيرك فافعل، أقلل الغضب ولا تكثر العتاب في غير ذنب، فان المرأة ريحانة، وليست بقهرمانة، وأحسن لمماليكك الادب، وإن أجرم أحد منهم جرما فأحسن العفو فان العفو مع العز أشد من الضرب لمن كان له قلب ، وخف القصاص، واجعل لكل امرئ منهم عملا تأخذه به فانه أحرى أن يتوكلوا، وأكرم عشيرتك فانهم جناحك الذي به تطير، وأصلك الذي اليه تصير ، فانك بهم ،تصول، وبهم تطول، وهم العمدة عند الشدة ، وأكرم كريمهم، وعد سقيمهم، وأشركهم في أمورهم ، ويسر عن معسرهم واستعن بالله على أمرك كله، فانه أكرم معين أستودع الله دينك ودنياك والسلام». وكيع، والعسكري في المواعظ (1)

وعن المتقي الهندي ( ت / 985ه-) في كنز العمال: عن الشعبي ، قال : قال

(ت علي بن أبي طالب : « يا ابن آدم لا تعجل هم يومك الذي يأتي على يومك الذي أنت فيه ، فان لم يكن من أجلك يأت فيه رزقك، واعلم أنك لا تكتسب من المال فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك » . (الدينوري) . (2)

ص: 163


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 197 - 183 ، ح 44215
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3 782 ، ح 8742

[ الكتاب (32) ]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: ( رواه ابو الحسن علي بن محمّد المدائني المتوفى 224 (839م) في تاريخه وقال : ان الكتاب يبدا بقوله رضى الله عنه :

أما بعد فان الدنيا دار تجارة وربحها أو خسرها في الآخرة ابن أبي الحديد

[ج 2 ص281] . انتهى (1)

ص: 164


1- راجع : استناد نهج البلاغة

[ الكتاب (33) ]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه أبو جعفر الإسكافي (ت / 220ه-) في المعيار والموازنة» ، قال : وكتب الى معاوية من علي بن أبي طالب الى معاوية بن أبي سفيان سلام عليك أما بعد، فإن الله جعل الدنيا ل-م-ا بعدها وابتلى أهلها فيما لينظر كيف يعملون، وأيهم أحسن عملا وهو العزيز الغفور، وابتلاني بك وابتلاك بي فجعل أحدنا حجة على الآخر تمحيصا، فعبرت على طلب الدنيا بتأويل القرآن وطلبتني بما لم تجن يدي ولا لساني، وعصيتني أنت وأهل الشام ألب عالمكم جاهلكم ، ولبستم عليه الحق سفها بغير علم، وأتيتم بهتانا وإثما مبينا ، وتوليت من ذلك إثم ما حاولت، وأنت عارف بوصول ضره إليك في عاجل الدنيا وآجل الآخرة. فاتق الله يا معاوية في نفسك، وجاذب الشيطان قيادك، فإن الدنيا منقطعة عنك وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون. فتفكر فيما لك وعليك من هذا الامر يوضح لك سبله ، واستعن بما أعناك الله ولا تجاهل فإنك عالم فتدارك نفسك ولما يحدث يجعل الله لك ولسلطانك سبيلا، والسلام. ولما همّ بالمسير إلى معاوية كتب إلى جميع عماله يأمرهم بالقدوم وليشهدوا

ص: 165

قتال عدوهم ويخلفوا من يقوم مقامهم . (1)

ص: 166


1- المعيار والموازية : لأبي جعفر الإسكافي : 138. 138

[ الكتاب (34) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: اما بعد، فقد

بلغني موجدتك، الكتاب رواه الطبري في تاريخه (ج 6 ، ص 55) (1) قال العرشي في التخريج ما نصه : رواه الثقفي في كتاب الغارات[ ابن أبي

الحديد ج 2 ص 292] والطبري في تاريخه ( ج 6 ، ص 55). (انتهى) . (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري (ت 279 ه-) في أنساب الأشراف»، قال ما لفظه :قالوا وكتب عمرو بن العاص الى معاوية بن أبي سفيان: «انا لقينا محمد بن أبي بكر، وكنانة بن بشر، وهما في جموع أهل صر، فدعوناهم إلى الهدي والتنبه فغمطوا الحق وتهوكوا في الضلال فجاهدناهم واستنصرنا الله عليهم فضرب الله وجوههم وأدبارهم ومنحنا أكتافهم، فقتل الله محمّد بن أبي بكر، وكنانة بن بشر ، وأماثل من كان معهما والحمد لله رب العالمين، والسلام

وبلغ عليا مقتل محمّد ابن أبي بكر ، فخطب الناس فقال : ألا إن محمّد ابن أبي

ص: 167


1- راجع مدارك نهج البلاغة : 100
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

بكر قد قتل ، وتغلب ابن النابغة - يعني عمرو بن العاص - على مصر، فعند الله نحتسب محمّدا ، فقد كان ممن ينتظر القضاء ويعمل للجزاء. فتكلم بكلام كثير ورّخ فيه أصحابه واستبطاءهم وقال لهم: دعوتكم إلى غياث أصحابكم بمصر مذ بضع وخمسون ليلة فجرجرتم جرجرة البعير ،الأسر وتثاقلتم إلى الأرض تثاقل من ليست له نية في الجهاد ولا اكتساب الاجر في المعاد ، ثم خرج إليه منكم جنيد ضعيف كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ )(1) .

وقيل لعلي : لشد ما جزعت على ابن أبي بكر ؟! فقال : رحم الله محمّدا ، انه كان غلاما حدثا ، ولقد أردت تولية مصر ، هاشم بن عتبة، ولو وليته إياها ما خلالهم العرصة ، بلا ذمّ لمحمّد ، فقد كان لي ربيبا، وكان من ابني أخي جعفر أخا، وكنت

أعده ولدا». وكانت أم عبد الله بن جعفر أسماء بنت عميس، فخلف عليها أبو بكر ، ثم

علي رضى الله عنهما، وكان محمد ربيب علي رضى الله عنهما (2)وبالاسناد عن ابراهيم بن محمد الثقفي (ت / 283 ه-) في «الغارات : عن فضيل بن خديج عن مولى الاشتر قال : لما هلك الاشتر وجدنا في ثقله رسالة علي إلى أهل مصر: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ، من عبد الله أمير المؤمنين إلى النفر من المسلمين الذين غضبوا الله إذ عصي في الارض وضرب الجور برواقه على البر والفاجر ، فلا حق يستراح إليه ولا منكر يتناهى عنه ، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فقد وجهت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الاعداء حذار الدوائر ، أشد على الكفار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث الاشتر أخو مذحج ، فاسمعوا له وأطيعوا، فإنه سيف

ص: 168


1- الأنفال : 6.
2- انساب الاشراف ؛ للبلاذري : 403 - 405 .

من سيوف الله لا نابى الضريبة ولا كليل الحد، فإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، وان أمركم أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن تحجموا فأحجموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته وشدة شكيمته على عدوّه،

عصمكم الله بالحق وثبتكم باليقين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . قال: وأخبرني ابن أبي سيف عن أصحابه، أن محمد بن أبي بكر لما بلغه أن عليا . قد وجّه الاشتر إلى مصر شق عليه ، فكتب علي عند مهلك الاشتر إلى محمد بن أبي بكر وذلك حين بلغه موجدة محمد بن أبي بكر لقدوم الاشتر عليه : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، من عبد الله على أمير المؤمنين إلى محمد بن أبي بكر ، سلام عليك . أما بعد ، فقد بلغني موجدتك من تسريحي الاشتر إلى عملك، ولم أفعل ذلك استبطاء لك في الجهاد ، ولا استزادة لك مني في الجد، ولو نزعت ما حوت يداك من سلطانك لوليتك ما هو أيسر مؤونة عليك، وأعجب ولاية إليك إلّا أن الرجل الذي كنت وليته مصر كان رجلا لنا مناصحا وعلى عدوّنا شديدا، فرحمة الله عليه وقد استكمل أيامه ولاقى حمامه ونحن عنه راضون، فرضى الله عنه وضاعف له الثواب وأحسن له المآب، فأصحر لعدوك، وشمّر للحرب، وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأكثر ذكر الله والاستعانة به والخوف منه يكفك ما أهمك ويعنك على ما ولاك، أعاننا الله واياك على ما لا ينال إلا

برحمته والسلام فكتب إليه علیه السلام محمّد بن أبي بكر رضی الله عنه جوابه : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، لعبد الله أمير المؤمنين عليّ من محمّد بن أبي بكر ، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو . أما بعد ، فقد انتهى إلي كتاب أمير المؤمنين وفهمته وعرفت ما فيه، وليس أحد من الناس أشد على عدو أمير المؤمنين ولا أرأف وأرق لوليه مني وقد خرجت فعسكرت وأمنت الناس إلا من نصب لنا حربا وأظهر لنا

ص: 169

خلافا، وأنا متبع أمر أمير المؤمنين وحافظه ولاجئ إليه وقائم به والله المستعان

على كل حال، والسلام(1)

ص: 170


1- الغارات للثقفى 666:1

[ الكتاب (35)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج : « قوله علیه السلام: اما بعد، فان مصر قد فتحت ومحمّد بن أبي بكر رحمه الله قد استشهد... الى آخره. روى هذا الكتاب في تاريخ الطبري ص 63 من ج 6 مع زياده و اختلاف في بعض الفقرات » .(1)

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواه الثقفي في كتاب الغارات [ابن

ابي الحديد [ج 1 ص 295] والطبري في تاريخه (ج 1 ص 63) (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه ، فراجع الخطبة 68 ومكاتبة

بين عليّ وأبن عباس في الغارات [ج 1 ص ص 298 ]298 - 300، ط / 1395ه-. وبالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي (ت / 283 ه-) في الغارات قال:

كتب علي علیه السلام إلى عبد الله بن العباس وهو على البصرة: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من عبد الله على أمير المؤمنين إلى عبد الله ب-ن

العباس: سلام عليك ورحمة الله كاته، أما وبر أما بعد فان مصر مصر قد افتتحت وقد

ص: 171


1- مدارك نهج البلاغة : 100
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

استشهد محمّد بن أبي بكر، فعند الله عزوجل نحتسبه. وقد كنت كتبت إلى الناس وتقدمت إليهم في بدء الامر وأمرتهم باغاثته قبل الوقعة، ودعوتهم سرا وجهراء وعودا وبدءا، فمنهم الآتي كارها ، ومنهم المعتل كاذبا ، ومنهم القاعد خاذلا، أسأل الله تعالى أن يجعل لي منهم فرجا ومخرجا وأن يريحني منهم عاجلا فوالله لولا طمعي عند لقاء عدوّي في الشهادة وتوطيني نفسي على المنية لاحببت أن لا أبقى مع هؤلاء يوما واحدا ، عزم الله لنا ولك على الرشد وعلى تقواه وهداه ، انه على كل شي قدير والسلام فكتب إليه عبد الله بن عباس : لعبد بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الله علي أمير

المؤمنين من عبد الله بن عباس : سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركانه ، أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه افتتاح مصر وهلاك محمد بن أبي بكر، وأنك

، سألت الله ربك أن يجعل لك من رعيتك التي ابتليت بها فرجا ومخرجا، وأنا أسأل الله أن يعلي كلمتك ، وأن يعينك بالملائكة عاجلا ، واعلم أن الله صانع لك ذلك ومعرّك ومجيب دعوتك وكابت عدوك، وأخبرك يا أمير المؤمنين أن الناس ربما تباطؤوا ثم نشطوا فارفق بهم يا أمير المؤمنين ودارهم ومنهم ، واستعن بالله

عليهم ، كفاك الله المهم ، والسلام (1).

ص: 172


1- الغارات الابراهيم بن محمّد الثقفي 1: 300 298 ؟

[ الكتاب ( 36) ]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: فسرّحت اليه جيشاً كثيفاً من المسلمين ... الى آخره، رواه ابن قتيبة، ورواه في الحدائق الوردية مع اختلاف في الروايتين في بعض الفقرات (1) قال العرشي في التخريج ما نصّه : رواه ابن قتيبة في الامامة والسياسة (57)

وابو الفرج الأصفهاني في الأغاني (ج 15 ص 44)». (انتهى).(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 283 ه-) في «الغارات»: عن زيد بن وهب قال: كتب عقيل بن أبي طالب إلى علي أمير المؤمنين علیه السلام حين بلغه خذلان أهل الكوفة وعصيانهم اياه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لعبد الله علي أمير المؤمنين من عقيل بن أبي طالب: سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإن الله حارسك من كل سوء، وعاصمك من كل مكروه وعلى كل حال اني خرجت إلى مكة معتمرا

ص: 173


1- مدارك نهج البلاغة : 101 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

الضحاك

بن

فلقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاء فعرفت المنكر في وجوههم فقلت لهم: إلى أين يا أبناء الشانئين؟ أبمعاوية تلحقون؟ عداوة والله منكم قديما غير مستنكرة تريدون بها اطفاء نور الله وتبديل أمره؟ فأسمعني القوم وأسمعتهم. فلما قدمت مكة سمعت أهلها يتحدثون أن بن قيس أغار على الحيرة فاحتمل من أموالهم ما شاء ثم انكفأ راجعا سالما ، فأف لحياة في دهر جرّأ عليك الضحاك ، وما الضحاك ؟! فقع بقرقر وقد توهمت حيث بلغني ذلك أن شيعتك وأنصارك خذلوك، فاكتب الي يا بن امي برأيك، فإن كنت الموت تريد تحملت اليك ببني أخيك وولد أبيك فعشنا معك ما عشت ومتنا معك إذا مت فوالله ما احب أن أبقي في الدنيا بعدك فواقا واقسم بالاعز الاجل ان عيشا نعيشه بعدك في الحياة لغير هنئ ولامرئ ولا نجيع ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته فأجابه علي علیه السلام: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى

، عقيل بن أبي طالب: سلام عليك ، فاني أحمد اليك الله الذي لا إله إلا هو ، اما بعد كلانا الله واياك كلاءة من يخشاه بالغيب انه حميد مجيد . فقد وصل الي كتابك مع عبد الرحمن بن عبيد الازدي تذكر فيه أنك لقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح مقبلا من قديد في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاء متوجهين إلى المغرب وان ابن أبي سرح طالما كاد الله ورسوله وكتابه وصد عن سبيله وبغاها عوجا ، فدع ابن أبي سرح ودع عنك قريشا وخلهم وتركاضهم في الضلال، وتجوالهم في الشقاق، ألا وان العرب قد اجتمعت على حرب أخيك اليوم اجتماعها على حرب

النبي صلی الله علیه و آله وسلم قبل اليوم، فأصبحوا قد جهلوا حقه وجحدوا فضله، وبادوه العداوة ونصبوا له الحرب، وجهدوا عليه كل الجهد، وجروا عليه جيش الاحزاب. اللهم فاجز قريشا عنّي الجوازي فقد قطعت رحمي وتظاهرت علي، ودفعتني عن

ص: 174

حقي، وسلبتني سلطان ابن امي وسلمت ذلك إلى من ليس مثلي في قرابتي من الرسول وسابقتي في الاسلام أن يدعي مدع ما لا أعرفه ولا أظن الله يعرفه والحمد لله على كل حال.

وأما ما ذكرت من غارة الضحاك على أهل الحيرة ، فهو أقل وأذل من أن يلم بها أو يدنو منها ، ولكنه قد كان أقبل في جريدة خيل فأخذ على السماوة حتى مرّ بواقصة وشراف والقطقطانة فما والى ذلك الصقع، فوجهت إليه جندا كثيفا من المسلمين فلما بلغه ذلك فرّ هاربا فلحقوه ببعض الطريق وقد أمعن، وكان ذلك حين طفلت الشمس للاياب، فتناوشوا القتال قليلا كلا ولا، فلم يصبر لوقع المشرفية وولى هاربا ، وقتل من أصحابه تسعة عشر رجلا ونجا جريضا بعد ما اخذ منه بالمختق ولم يبق منه غير الرمق فلأيا بلاي ما نجا . وأما ما سألتني أن اكتب اليك برأيي فيما أنا فيه فإن رأيي جهاد المحلين حتى ألقى الله ، لا يزيدني كثرة الناس معي عزة ، ولا تفرّقهم عني وحشة، لاني محق والله مع الحقّ، ووالله ما اكره الموت على الحق، وما الخير كله بعد الموت إلا لمن كان محقا. وأما ما عرضت به عليّ من مسيرك الي بينيك وبني أبيك، فلا حاجة لي في ذلك، فأقم راشدا محمودا ، فوالله ما احب ان تهلكوا معي ان هلكت، ولا تحسبن ابن امك - ولو أسلمه الناس - متخشعا ولا متضرعا ولا مقرا للضيم واهنا ولا سلس الزمام للقائد ولا وطئ الظهر للراكب المقتعد اني لكما قال

أخو بني سليم:

فان تسأليني كيف أنت فانني ***صبور على ريب الزمان صليب

يعزّ عليّ أن ترى بي كآبة***فيشمت عاد أو يساء حبيب(1)

وقال أبو جعفر الإسكافي ( ت / 220 ه-) في المعيار والموازنة في عنوان

ص: 175


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 2: 428 - 445 .

كتاب عقيل إلى أخيه الامام أمير المؤمنين علیه السلام لما خذله الكوفيون في أواخر أيامه الميمونة فانه كتب إليه عقيل به أبي طالب علیه السلام يعرض نفسه عليه فكتب إليه : أما ،بعد، فإن الله جارك من كل سوء، وعاصمك من المكروه، وإني خرجت معتمرا فلقيت عبد الله بن أبي سرح في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاء ، فقلت لهم - وعرفت المنكر في وجوههم : يا أبناء الطلقاء أبمعاوية تلحقون؟ عداوة - والله - لنا منكم غير مستنكرة قديما تريدون بها إطفاء نور الله وتغيير أمره؟! فأسمعني القوم وأسمعتهم . ثم قدمت مكة وأهلها يتحدثون أن الضحاك بن قيس أغار على الحيرة واحتمل من أموالها شيئا ، ثم انكفأ ،راجعا، فأف لحياة في دهر جزاً عليك الضحاك ، وما الضحاك إلا فقع قرقرة. وقد ظننت أن أنصارك خذلوك ، فاكتب إلي يا ابن أمي برأيك ، فإن كنت الموت تريد تحملت إليك ببني أبيك وولد أخيك، فعشنا ما عشت ومتنا معك، فوالله ما أحب أن أبقى بعدك فواقا وأقسم بالله الاعز الاجل أن عيشا أعيشه بعدك في الدنيا غير هنئ ولا نجيع. فأجابه عليّ بن أبي طالب علیه السلام أما بعد كلانا الله وإياك كلاءة من يخشاه

بالغيب، إنه حميد مجيد.

قدم علي عبد الرحمن بن عبيد الأزدي بكتابك تذكر أنك لقيت ابن أبي سرح مقبلا من «قديد» في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاء متوجهين حيث توجهوا وإن ابن أبي سرح طال ما قد كاد الله ورسوله وكتابه فصد عن سبيله وبغاها عوجا. فدع ابن أبي سرح عنك ودع قريشا وتركاضهم في الضلال وتجوالهم في الشقاق، فإن قريشا قد أجمعت على حرب أخيك إجماعها على حرب رسول الله قبل اليوم، فأضحوا قد جهلوا حقه وجحدوا فضله وبادروه العداوة ونصبوا له الحرب، وجهدوا عليه الجهد، وساقوا إليه الأمرين. اللهم فأجز قريشا عني الجوازي فقد قطعت رحمي وتظاهروا عليّ !!

ص: 176

فأحمد الله على كل حال.

وأما ما سألت أن أكتب إليك برأيي فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقى الله. لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة ، ولا تفرقهم عني وحشة، لاني محق والله مع الحق وأهله وما أكره الموت مع الحق لانى محق، وما الخير كله إلا بعد الموت

لمن كان محقا.

وأما ما عرضت عليّ من مسير بني أبيك وولد أخيك ، فلا حاجة لي في ذلك، فأقم راشدا مهديا ، فوالله ما أحب أن يهلكوا معي إن هلكت، ولا تحسبن ابن أبيك

ولو أسلمه الناس - متضرعا متخشعا، ولكني كما قال أخو بني سليم:

فإن تسأليني كيف أنت فإنني*** صبور على ريب الزمان صليب

يعزّ عليّ أن ترى بي كآبة ***فیشمت عاد أو يساء حبيب

قال الاسكافي : فهذا يؤكد ما قلناه ويحققه من أنه وادع القوم لا من ضعف فيه ولا دخول في خطأ، ولكنه - شرف الله مقامه - أعمل التآلف والمداراة إذ وجد في الحق سعة، وأجابهم إلى الموادعة ليحكموا بكتاب الله، فإن خالف لم يرض بحكمه . وله علة أخرى فى الموادعة ، وهو أنه نظر إلى من حصل معه من أهل البصيرة والمعرفة فإذا هم قليل تعدو عنهم العين لا يقوون بمن خالفهم فوادعهم لتكثر أنصاره وليقووا على من خالفهم، وذلك معروف فيما يؤثر عن سليمان بن :صرد قالوا : ثم أقبل إلى عليّ بن أبي طالب سليمان بن صرد يوم صفين عند كلام الناس في الموادعة مضروبا وجهه بالسيوف فنظر إليه علي فقال له: فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا(1)فأنت ممن ينتظر ، وممن لم يبدل فقال له سليمان بن صرد والله لقد مشيت في العسكر لان ألتمس أعوانا ولان

ص: 177


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مِّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (الأحزاب : (23) .

يعودوا إلى أمرهم الأول فما وجدت إلا قليلا، وما في الناس خير .

فهذه أيضا من العلل التي كان على بالموادعة فيها مصيبا.

وله علة أخرى أيضا تؤثر عنه ولولاها لمضى على بصيرته وجدّه وإن اسلمه

الناس جميعا(1)

ص: 178


1- المعيار والموازنة : لأبي جعفر الإسكافي : 179 - 181 .

[ الكتاب (38)]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/1360ه-) في التخريج: « قوله علیه السلام: من عبدالله علي ... الى آخره، رواه الطبري في تاريخه [ص 55 ج 6 ]، وقد لقب امير المؤمنين علیه السلام في هذا الكتاب مالك الاشتر بانه سيف من سيوف الله ، كما ان خالد بن الوليد لقبه ابوبكر لقتاله أهل الردة وقتله مسيلمة، وقيل: لقبه به رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحيح ان الذي لقبه بذلك ابوبكر كما في ص 59 من ج 4 من شرح ابن أبي الحديد . (1)

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « الكتاب الثامن والثلاثون الى اهل مصر من عبد الله علي امير المؤمنين الى القوم الذين غضبوا الله حتى عصى في أمر منه، وذهب

بحقه ... الى اخره [ج 2 ص 70] رواه الطبري في تاريخه [ج 6 ص 55] .(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما رويته في اسناد الكتاب 34، ورواية ابراهيم بن محمّد الثقفي (ت / 283 ه-) في «الغارات»: عن فضيل بن خديج، عن أشياخ النخع، قالوا: دخلنا على علي علیه السلام حين بلغه موت الاشتر، فجعل يتلهف

ص: 179


1- مدارك نهج البلاغة : 100 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

ويتأسف عليه، ويقول الله درّ مالك ..! وما مالك ..! لو كان جبلا لكان فندا، ولو كان حجرا لكان صلدا، أما والله ليهدن موتك عالما وليفرحن عالما، على مثل مالك فلتبك البواكي، وهل موجود كمالك ؟! . قال : فقال علقمة بن قيس النخعي: فما زال عليّ يتلهف ويتأسف حتى ظننا أنه المصاب به دوننا، وقد عرف ذلك في وجهه أياما .

وعن فضيل بن خديج عن مولى الاشتر، قال : لما هلك الاشتر وجدنا في ثقله

رسالة علي إلى أهل مصر:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من عبد الله أمير المؤمنين إلى النفر من المسلمين الذين غضبوا الله إذ عصى في الارض وضرب الجور برواقه على البر والفاجر ، فلا حق يستراح إليه ولا منكر يتناهى عنه ، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فقد وجهت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الاعداء حذار الدوائر أشد على الكفار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث الاشتر أخو مذحج فاسمعواله وأطيعوا ، فإنه سيف من سيوف الله لا نابي الضريبة ولاكليل الحد ، فإن أمركم أن تقيموا فأقيموا وان أمركم أن تنفروا فانفروا وإن أمركم أن تحجموا فأحجموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته وشدة شكيمته على عدوه، عصمكم الله بالحق وثبتكم باليقين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . (1)وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في «الأمالي»: قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد بن حبيش الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، :قال حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن محمّد بن زكريا عن عبد الله بن الضحاك ، عن هشام بن محمّد ، قال : لما ورد الخبر على أمير المؤمنين علیه السلام بمقتل

ص: 180


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 1 : 365 - 267 .

محمد بن أبي بكر رضی الله عنه كتب إلى مالك بن الحارث الاشتر رحمه الله وكان مقيما بنصيبين :

أما بعد، فإنك ممن استظهر به على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الاثيم، وأسد به الثغر المخوف. وقد كنت وليت محمد بن أبي بكر مصر، فخرج عليه خوارج، وكان حدثا لا علم له بالحروب، فاستشهد ، فاقدم عليَّ لننظر في أمر

مصر، واستخلف على عملك أهل الثقة والنصيحة من أصحابك. فاستخلف مالك على عمله شبيب بن عامر الأزدي، وأقبل حتى ورد على أمير المؤمنين ، فحدثه حديث ،مصر ، وأخبره عن أهلها ، وقال له : ليس لهذا الوجه غيرك ، فاخرج فإني إن لم أوصك اكتفيت برأيك ، واستعن بالله على ما أهمك واخلط الشدة باللين وارفق ما كان الرفق أبلغ واعتزم على الشدة متى لم تغن عنك إلا الشدة. قال: فخرج مالك الاشتر فأتى رحله ، وتهيأ للخروج إلى مصر، وقدم أمير

المؤمنين رحمه الله أمامه كتابا إلى أهل مصر: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ، سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله الصلاة على نبيه محمد وآله وإني قد بعثت إليكم عبدا من عباد الله، لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الاعداء، حذار الدوائر. من أشد عبيدالله بأساء وأكرمهم حسبا، أضر على الفجار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار،

مالك بن الحارث الاشتر، لا نابي الضرس ولا كليل الحد حليم في الحذر رزين في الحرب، ذو رأي أصيل، وصبر جميل، فاسمعوا له وأطيعوا أمره، فإن أمركم بالنفير فانفروا، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلّا بأمري، فقد آثرتكم به على نفسي نصيحة لكم، وشدة شكيمة على عدوكم. عصمكم الله بالهدى، وثبتكم بالتقوى ، ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولما تهيأ مالك الاشتر للرحيل إلى مصر كتب عيون معاوية بالعراق إليه يرفعون

وهو

ص: 181

خبره، فعظم ذلك على معاوية وقد كان طمع في مصر، فعلم أن الاشتر إن قدمها فاتته ، وكان أشد عليه من ابن أبي بكر ، فبعث إلى دهقان من أهل الخراج بالقلزم أن عليا قد بعث بالاشتر إلى مصر وإن كفيتنيه سوغتك خراج ناحيتك ما بقيت فاحتل في قتله بما قدرت عليه .

ثم جمع معاوية أهل الشام وقال لهم : إن عليا قد بعث بالاشتر إلى مصر، فهلموا ندعو الله عليه يكفينا أمره، ثم دعا ودعوا معه. وخرج الاشتر حتى أتى القلزم ، فاستقبله ذلك الدهقان فسلم عليه وقال له : أنا رجل من أهل الخراج ولك ولاصحابك علي حق في ارتفاع أرضي، فانزل عليّ أقوم بأمرك وأمر أصحابك وعلف دوابك، واحتسب بذلك لي من الخراج فنزل عليه الاشتر، فأقام له ولاصحابه بما احتاجوا إليه ، وحمل إليه طعاما دس في جملته عسلا جعل فيه

سما، فلما شربه الاشتر قتله ومات من ذلك. وبلغ معاوية خبره ، فجمع أهل الشام وقال لهم : أبشروا فإن الله تعالى قد أجاب

دعاءكم، وكفاكم الاشتر وأماته ، فسروا بذلك واستبشروا به.

ولما بلغ أمير المؤمنين رحمه الله وفاة الاشتر جعل يتلهف ويتأسف عليه ويقول: الله در مالك لو كان من جبل لكان أعظم أركانه ، ولو كان من حجر لكان صلدا. أما والله ليهدن موتك عالما، فعلى مثلك فلتبك البواكي. ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين، إني أحتسبه عندك فإن موته من مصائب الدهر ، فرحم الله مالكا فقد وفي بعهده، وقضى نحبه (1)، ولقي ربه ، مع أنا قد وطنا أنفسنا أن صبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها أعظم المصيبة .(2)

ص: 182


1- اقتباس من قوله تعالى : ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مِّن قَضَى نَحْبَهُ ومنهم من ينتظرُ وَمَا يَدْلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب: (23)
2- الأمالي ؛ للشيخ المفيد : 8479

[ الكتاب (39)]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج : « قوله رحمه الله: فانك قد جعلت دينك ... الى آخره ذكر نصر بن مزاحم في كتاب صفّين هذا الكتاب بزيادة لم تذكر هنا، واختلاف في بعض الفقرات » . (1)

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « الكتاب التاسع والثلاثون ، فانك قد جعلت دينك تبعاً لدنيا امرىء ظاهر غيّه، مهتوك ستره ... إلى آخره. ج 3 ص 71]، قال ابن أبي الحديد [ج 2 ص 385] وذكر نصر بن مزاحم في كتاب صفين هذا

[ الكتاب بزيادة لم يذكرها الرضي». انتهى (2)قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد عن ابن أبي الحديد

( ت / 656 ه-) في شرح نهج البلاغة قال وذكر نصر بن مزاحم في كتاب صفين هذا الكتاب بزيادة لم يذكرها الرضي قال نصر : وكتب علي رحمه الله الى عمرو

ابن العاص :

من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى الابتر ابن الابتر عمرو بن العاص بن وائل

ص: 183


1- مدارك نهج البلاغة : 101
2- راجع : استناد نهج البلاغة

شانئ محمد وآل محمّد في الجاهلية والاسلام سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإنك تركت مروءتك لامرئ فاسق مهتوك ستره يشين الكريم بمجلسه، ويسفه الحليم بخلطته ، فصار قلبك لقلبه ،تبعا كما قيل : «وافق شن طبقه فسلبك دينك وأمانتك ودنياك وآخرتك، وكان علم الله بالغا فيك ، فصرت كالذئب يتبع الضرغام إذا ما الليل ،دجى، أو أتى الصبح يلتمس فاضل سوره، وحوايا فريسته، ولكن لا نجاة من القدر، ولو بالحق أخذت لادركت ما رجوت، وقد رشد من كان الحق قائده، فإن يمكن الله منك ومن ابن أكله الاكباد ، ألحقتكما بمن قتله الله من ظلمة قريش على عهد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وإن تعجزا وتبقيا بعد، فالله حسبكما وكفى بانتقامه انتقاما، وبعقابه عقابا ! والسلام ) .(1)

قال الجلالي : ولم أجده في وقعة صفّين المطبوع ، فليراجع. واروي بالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في «الأمالي»: أخبرنا محمد بن محمّد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد الكاتب، قال حدثنا الأجلح، عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة بن يزيد الحماني، قال: كتب امير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمه الله إلى معاوية بن أبي سفيان: أما بعد، فإن الله تعالى أنزل إلينا كتابه ولم يدعنا في شبهة، ولا عذر لمن ركب ذنبا بجهالة والتوبة وطة ، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى(2)، وأنت ممن شرع الخلاف متماديا في غرة

ص: 184


1- شرح نهج البلاغة ؛ لابن أبي الحديد 16: 163 .
2- اقتباس من قوله تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبِّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) (الأنعام: 164) ، وقوله : ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الاسراء : (15) ، وقوله : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا

(1)

الامل مختلف السر والعلانية رغبة في العاجل وتكذيبا بعد بالاجل وكانك قد تذكرت ما مضى منك فلم تجد إلى الرجوع سبيلا. وكتب صلوات الله عليه إلى عمرو بن العاص من عبد الله أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص . أما بعد، فإن الذي أعجبك مما تلويت من الدنيا ووثقت به منها منقلب عنك ، فلا تطمئن إلى الدنيا فإنها غرارة ، ولو اعتبرت بما مضى حذرت ما بقي وانتفعت منها بما وعظت به، ولكنك تبعت هواك وأثرته، لولا ذلك لم تؤثر على ما دعوناك إليه غيره لا أعظم رجاء وأولى بالحجة، والسلام. وكتب علیه السلام له إلى أمراء الاجناد من عبد الله أمير المؤمنين إلى أصحاب المسالح . أما بعد، فإن حقا على المولى ألا يغيره عن رعيته فضل ناله ولا مرتبة اختص بها، وأن يزيده ما قسم الله له دنوا من عباده وعطفا عليهم، ألا وإن لكم عندي ألا احتجبن دونكم سرا إلا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلا في حكم، ولا أوخر لكم حقا عن محله ، وأن تكونوا في الحق عندي سواء ، فإذا فعلت ذلك وجبت لي عليكم البيعة ولزمتكم الطاعة، وألا تنكصوا عن دعوة، ولا تفرطوا في صلاح وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق ، فإن أنتم لم تسمعوا لي على ذلك لم يكن أحد أهون علي ممن خالفني فيه، ثم أحل بكم فيه عقوبته، ولا تجدوا عندي فيها رخصة ، فخذوا هذا من أمرائكم، واعطوا من أنفسكم هذا يصلح أمركم ، والسلام (2)

ص: 185


1- الصَّلاَةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) (فاطر : 18) ، وقوله : (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ الله غَنِي عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبَّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (الزمر : (7) ، وقوله : أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (النجم : 38)
2- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي

[ الكتاب (40)]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواه ابن عبد ربه في العقد الفريد

[ج 2 ص 295]. انتهى . (1)

قال الجلالي: ليس هذا الكتاب في بعض نسخ النهج، وان ابن عبد ربه ذكر ان هذا من كتاب له الى عبد الله بن العباس، ويؤيده ماروي في الموضوع بالاسناد عن الطوسى في الكتاب الآتي

ص: 186


1- راجع : استناد نهج البلاغة .

[ الكتاب (41)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: أما بعد فاني كنت قد أشركتك في أمانتي ... الخ ذكر هذا الكتاب ابن قتيبة في عيون الاخبار ( ص 57 ج 1) باخصر مما هنا، وذكر أن الكتاب لابن عباس حين أخذ من مال البصرة ما أخذ ورواه ابن الجوزي في التذكرة، وذكر أن الكتاب لعبد الله بن العباس، وعن الراوندي أن المكتوب اليه هو عبيد الله ابن العباس لا عبد الله قال الشارح وليس ذلك بصحيح، لانه لم ينقل عنه إنه أخذ مالا ولا فارق طاعة، ثم قال: وإن قلت هذا الكلام موضوع على أمير المؤمنين علیه السلام خالفت الرواة، فانهم أطبقوا على رواية هذا الكلام عنه ، وإن صرفته إلى عبد الله بن عباس صدني ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنين في حياته وبعد وفاته، إلى أن قال: فانا في هذا الموضع من المتوقفين . إنتهى. والاقرب إلى الصواب هنا أن يقال أن ابن عباس لم يكن معصوماً، وإن كان له

: المنزلة والفضل ، وعليّ علیه السلام لا يرقب في الحق أحداً ولو كان أعز ولده

من

وغلظته عليه وعتابه له لا توجب مفارقته وشفاقه، فانه بعد توبته واستيفاء

حق الله منه يعود الى ما كان عليه من الحب والصفاء ولا ينحرف عن موالاته

ص: 187

بمثل هذا التقريع والتوبيخ . (1)

قال العرشي في التخريج ما نصّه : الكتاب الواحد والاربعون: «أما بعد فاني كنت أشركتك في أمانتي وجعلتك شعاري وبطانتي .... الى آخره [ ج 3 ص 72] ، ورواه ابن قتيبة في عيون الأخبار [ج 1 ص 57]، وابن عبد ربه في العقد الفريد [ج 2 ص 296] ، وأبو هلال العسكري في كتاب الأوائل ( 151 ب)». انتهى (2).

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري ( ت / 279 ه-) في أنساب الأشراف»، قال ما لفظه : قالوا: ولما قدم ابن عباس مكة ابتاع من حبيرة مولى بني كعب من خزاعة ثلاث مولدات حوراء وفنور وشادن بثلاثة آلاف

دينار، فكتب إليه علي بن أبي طالب أما بعد ، فإني كنت أشركتك في أهل بيتي رجل أوثق منك

أمانتي ولم يكن في في نفسي لمواساتي وموازرتي وأداء الامانة إلي ، فلما رأيت الزمان على ابن عمك

قد كلب، والعدو عليه قد حرب، وأمانة الناس قد خربت وهذه الامة قد فتنت قلبت له ظهر المجن، ففارقته مع القوم المفارقين، وخذلته أسوء خذلان الخاذلين، وخنته مع الخائنين فلا ابن عمك آسيت ولا الامانة أديت ، كأنك لم تكن الله تريد بجهادك ؟! وكأنك لم تكن على بينة من ربك، وكأنك إنما كنت تكيد أمة محمّد عن دنياهم وتطلب غرتهم عن فينهم !! فلما أمكنتك الشره [الشدة - خ] أسرعت العدوة، وأغلظت الوثبة وانتهزت الفرصة، واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم اختطاف الذئب الازل دامية المعزى الهزيلة، وظالعها الكسير ، فحملت أموالهم إلى الحجاز رحيب الصدر، تحملها غير متألّم من

ص: 188


1- مدارك نهج البلاغة : 101 .
2- راجع استناد نهج البلاغة

أخذها كأنك - لا أبا لغيرك - إنما حزت لأهلك تراثك عن أبيك وأمك، سبحان الله أفما تؤمن بالمعاد؟!! أو لا تخاف سوء الحساب ؟! أما تعلم أنك تأكل حراما وتشرب حراما ؟! أو ما يعظم عليك وعندك أنك تستثمن الاماء وتنكح النساء بأموال اليتامى والارامل والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم البلاد !!! فاتق الله وأدّ أموال القوم، فإنك والله إن لا تفعل ذلك ثم أمكنني الله منك أعذر إليه فيك حتى أخذ الحق وأرده ، وأقم الظالم وأنصف المظلوم، والسلام.

فكتب إليه عبد الله : أما بعد ، فقد بلغني كتابك تعظم علي إصابة المال الذي أصبته

من مال البصرة، ولعمري إن حقي في بيت المال لاعظم مما أخذت منه ، والسلام فكتب إليه علي علیه السلام: أما بعد فإن من أعجب العجب تزيين نفسك لك أن لك

الله

في بيت المال من الحق أكثر مما لرجل من المسلمين، ولقد أفلحت إن كان ادعاؤك مالا يكون وتمنيك الباطل ينجيك من الاثم، عمرك الله إنك لانت السعيد إذا! وقد بلغني أنك اتخذت مكة ،وطنا، وصيرتها عطنا، واشتريت مولدات المدينة والطائف، تتخيرهن على عينك ، وتعطي فيهن مال غيرك ، والله ما أحب إن يكون الذي أخذت من أموالهم لي حلالاً أدعه ميراثا ، فكيف لا أتعجب من اغتباطك بأكله حراما !!! فضح رويدا، فكأنك قد بلغت المدى، حيث ينادي المغتر بالحسرة ، ويتمنى المفرط التوبة، والظالم الرجعة، ولات حين مناص والسلام.

، وقد زعم بعض الناس أن عبد الله لم يبرح البصرة حتى صالح الحسن معاوية، وليس ذلك بثبت ، والثبت انه لما قتل أمير المؤمنين علىّ علیه السلام كتب إلى الحسن كتابه

الذي نذكره إن شاء الله في خبر صلح الحسن ومعاوية - من الحجاز. وبالاسناد عن الكشي ( ت / 329ه-) : « قال الكشي روى علي بن يزداد الصائغ الجرجاني، عن عبد العزيز بن محمّد بن عبد الأعلى الجزري، عن خلف المحرومي البغدادي، عن سفيان بن سعيد ، عن الزهري، قال: سمعت الحارث

ص: 189

يقول : استعمل عليّ علیه السلام على البصرة عبد الله بن عباس ، فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وترك عليا علیه السلام، وكان مبلغه ألفي ألف درهم. فصعد على علیه السلام المنبر حين بلغه ذلك فبكى فقال : هذا ابن عم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في علمه وقدره يفعل مثل هذا، فكيف يؤمن من كان دونه، اللهم اني قد مللتهم فأرحني منهم ، واقبضني اليك غير عاجز ولا ملول.

قال الكشي قال شيخ من أهل اليمامة، يذكر عن معلى بن هلال، عن الشعبي قال : لما احتمل عبد الله بن عباس بيت مال البصرة وذهب به إلى الحجاز . كتب إليه علي بن أبي طالب : من عبد الله علي بن أبي طالب إلى عبد الله بن عباس، أما بعد: فاني قد كنت أشركتك في أمانتي ، ولم يكن أحد من أهل بيتي في نفسي أوثق منك لمواساتي وموازرتي وأداء الامانة الي، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو عليه قد حرب، وأمانة الناس قد خربت، وهذه الامور قد قست قلبت لابن عمك ظهر المجن، وفارقته مع المفارقين، وخذلته أسوء

خذلان الخاذلين. فكأنك لم تكن تريد الله بجهادك ، وكأنك لم تكن على بينة من ربك، وكأنك انما كنت تكيد أمة محمّد صلی الله علیه و آله وسلمعلى دنياهم، وتنوي ،غرتهم، فلما أمكنتك الشدة في خيانة أمة محمد أسرعت الوثبة وعجلت العدوة، فأختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الازل دامية المعزى الكسير كأنك لا أبالك انما

،

جررت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك، سبحان الله ، أما تؤمن بالمعاد ؟ أو ما تخاف من سوء الحساب ؟ أو ما يكبر عليك أن تشتري الاماء وتنكح النساء بأموال الارامل والمهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد؟ اردد إلى القوم أموالهم فوالله لئن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لا عذرن الله فيك ، فوالله لو أن حسنا وحسينا فعلا مثل ما فعلت لما كان لهما عندي في ذلك ،هوادة ولا لواحد منهما

عندي فيه رخصة حتى آخذ الحق وازيح الجور عن مظلومها، والسلام.

ص: 190

قال : فكتب إليه عبد الله بن عباس، أما بعد، فقد أتاني كتابك ، تعظم علي اصابة المال الذي أخذته من بيت مال البصرة ولعمري أن لي في بيت مال الله اكثر مما

أخذت، والسلام.

قال : فكتب إليه عليّ بن أبي طالب علیه السلام: اما بعد، فالعجب كل العجب من تزيين نفسك، أن لك في بيت مال الله أكثر مما أخذت وأكثر مما لرجل من المسلمين فقد أفلحت ان كان تمنيك الباطل، وادعاؤك مالا يكون ينجيك من الاثم ، ويحل أنك

الله عليك ، عمرك الله أنك لانت العبد المهتدي إذا. فقد بلغني

لك ما حرم اتخذت مكة وطنا وضربت بها عطنا تشتري مولدات مكة والطائف تختارهن على عينك، وتعطي فيهن مال غيرك، وأني لاقسم بالله ربي وربك رب العزة: ما يسرني أن ما أخذت من أموالهم لي حلال أدعة لعقبي ميراثا فلا غرو أشد باغتباطك تأكله رويدا رويدا، فكأن قد بلغت المدا وعرضت على ربك والمحل الذي يتمنى الرجعة والمضيع للتوبة كذلك وما ذلك، ولات حين مناص والسلام قال : فكتب إليه عبد الله بن عباس، اما بعد فقد أكثرت علي فوالله لان ألقي الله

بجميع ما في الأرض من ذهبها وعقيانها أحب الي أن القي الله بدم رجل مسلم(1)

ص: 191


1- اختيار معرفة الرجال ؛ للشيخ الطوسي 1: 279 - 280 .

[ الكتاب (42)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري في أنساب الأشراف وكتب علیه السلامإلى عمر بن أبي سلمة حين عزله عن البحرين واستعمل النعمان بن عجلان الزرقي: إنّي قد وليت النعمان بن عجلان البحرين، من غير ذم لك ولا تهمة فيما تحت يدك، ولعمري لقد أحسنت الولاية وأديت الامانة فأقبل إلي غير ظنين ولا ملوم ، فإني اريد المسير إلى ظلمة اهل الشام، وأحببت أن أمرهم، فإنك ممن أستظهر به على إقامة الدين، وجهاد العدو، جعلنا

تشهد معي

الله

الله وإياك من الذين يهدون بالحق وبه يعدلون. وكتب علیه السلام إلى النعمان بن عجلان: «أما بعد فإن من أدى الامانة، وحفظ حق في السر والعلانية، ونزه نفسه ودينه عن الخيانة، كان جديرا بأن يرفع الله درجته في الصالحين، ويؤتيه أفضل ثواب المحسنين، ومن لم ينزه نفسه ودينه عن ذلك فقد أخل بنفسه في الدنيا وأوبقها والآخرة ، فخف الله في سرك وجهرك ، ولا تكن من الغافلين عن أمر معادك، فإنك من عشيرة صالحة ذات تقوى وعفة

وأمانة، فكن عند صالح ظني بك ، والسلام»(1)

ص: 192


1- انساب الاشراف ؛ للبلاذري : 158

[ الكتاب (43) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري (ت / 279 ه-) في أنساب الأشراف» ، قال : وكتب علیه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني - وكان على أردشير خرة من قبل ابن عباس : بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أتيت شيئا إذا ، بلغني أنك تقسم في المسلمين فيمن اعتناك ويغشاك من أعراب بكر بن وائل، فو الله الذي فلق الحبة وبرء النسمة وأحاط بكل شئ علما، لثن كان ذلك حقا لتجدن بك على هوانا فلا تستهينن بحق ربك، ولا تصلحن دنياك بفساد دينك ومحقه فتكون من الاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا» (1)

سبب

ص: 193


1- انساب الأشراف ؛ للبلاذري : 160 .

[ الكتاب( 44 ) ]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن عز الدين ابن الاثير (ت / 630 ه-) في «أسد الغابة » ، قال : ( ب ع س ) زياد بن سمية وهي أمه، قيل: هو زياد بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وهو المعروف بزياد بن أبيه وبزياد بن سمية، وهو الذي استلحقه معاوية بن أبي سفيان وكان يقال له قبل ان يستلحقه : زياد بن عبيد الثقفي، وأمه سمية جارية الحارث بن كلدة، وهو أخو أبي بكرة لامه يكنى أبا المغيرة، ولد عام الهجرة وقيل : ولد قبل الهجرة وقيل : ولد يوم بدر وليست له صحبة ولا رواية وكان من دهاة العرب والخطباء الفصحاء ، واشترى أباه عبيدا بألف درهم فأعتقه، واستعمله عمر بن الخطاب رضی الله عنه على بعض أعمال البصرة ، وقيل : استخلفه أبو موسى وكان كاتبا له وكان أحد الشهود على المغيرة بن شعبة مع أخوته أبي بكرة ونافع وشبل بن معبد فلم يقطع بالشهادة فحدهم عمر ولم يحده وعزله ، فقال : يا أمير المؤمنين أخبر الناس انك لم تعزلني لخزية ، فقال : ما عزلتك لخزية ولكن كرهت أن أحمل على الناس فضل عقلك ، ثم صار مع علي رضی الله عنه فاستعمله على بلاد فارس فلم يزل معه إلى أن قتل وسلّم الحسن الأمر إلى معاوية فاستلحقه معاوية وجعله أخا له من

ص: 194

أبي سفيان، وكان سبب استلحاقه أن زيادا قدم على عمر بن الخطاب رضی الله عنه بشيرا ببعض الفتوح فأمره فخطب الناس فأحسن ، فقال عمرو بن العاص : لو كان هذا الفتى قرشيا لساق العرب بعصاه، فقال أبو سفيان: والله اني لاعرف الذي وضعه في رحم أمه ، فقال عليّ بن أبي طالب علیه السلام: ومن هو ومن هو يا أبا سفيان؟ قال: أنا ، قال على علیه السلام مهلا فلو سمعها عمر لكان سريعا اليك، ولما ولی زیاد بلاد فارس لعلي

كتب إليه معاوية يعرض له بذلك ويتهدده ان لم يطعه، فأرسل زياد الكتاب إلى عليّ علیه السلام وخطب الناس وقال : عجبت لابن أكلة الأكباد يتهددني وبيني وبينه ابن عم رسول الله في المهاجرين والانصار، فلما وقف على كتابه علي كتب إليه : انما وليتك ما وليتك وأنت عندي أهل لذلك ولن تدرك ما تريد إلا بالصبر واليقين، وانما كانت من أبي سفيان فلتة زمن عمر لا تستحق بها نسبا ولا ميراثا، وان معاوية يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه فاحذره، والسلام

فلما قرأ زياد الكتاب قال: شهد لي أبو حسن ورب الكعبة، فلما قتل علي ويقى زياد بفارس خافه معاوية فاستلحقه، في حديث طويل تركناه، وذلك سنة أربع وأربعين، وقد ذكرناه مستقصى في الكامل في التاريخ(1)

ص: 195


1- أسد الغابة ؛ لابن الأثير :2 215 216

[ الكتاب (45) ]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد، عن محمد بن علي الطبري (ت / 553 ( ح ) في بشارة المصطفى: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان العزرمي ، عن عبد الرحيم، عن زاذان قال: سمعت أمير المؤمنين في الرحبة وهو يقول: انشد الله رجلا سمع النبي صلی الله علیه و آله وسلم يوم غدير خم يقول ما قال إلا قام ، فقام ثة عشر رجلا فقالوا نشهد إنا سمعنا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يوم غدير خم يقول : من كنت

مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وعن الأصبغ بن نباتة بعد حذف الاسناد انه قال أمير المؤمنين في بعض خطبه أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عني ، فان الفراق قريب أنا خير البرية ووصي خير الخليقة، وزوج سيدة نساء هذه الامة، وأبو العترة الطاهرة، والأئمة الهادية، أخو رسول الله ووصيه ووليه وصاحبه وصفيه وحبيبه وخليله، أنا أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين حربي حرب الله وسلمي سلم الله ، وطاعتي طاعة الله، وولايتي ولاية الله وشيعتي أولياء الله، وأنصاري أنصار الله والذي خلقني ولم أك شيئا، لقد علم المستحفظون من أصحاب رسول الله محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ان الناكثين والقاسطين والمارقين ملعونون على لسان النبي الامي

ص: 196

وقد خاب من افترى

قال : وكتب أمير المؤمنين علیه السلام فيما كتب إلى سهل بن حنيف: والله ما قلعت باب خيبر وقذفت بها أربعين ذراعا لم يحس به أعضائى، بقوة جسدية ولا حركة غذائية، ولكني أيدت بقوة ملكوتية ونفس بنور ربها مضية، فأنا من أحمد كالضوء من الضوء والله لو تظاهرت العرب على قتالى لما وليت ولو أمكنتني الفرصة من الفرار، ومن لم يبال متى حتفه عليه ساقط فجنانه في الملمات رابط» .(1)

ص: 197


1- بشارة المصطفى ؛ لمحمد بن علي الطبري : 293 - 294 .

[ الكتاب (46) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام:اما بعد فانك. الى آخره . روى بعض هذا الكتاب ابن جرير في تاريخه الى قوله : الثغر المخوف (1) قال العرشي في التخريج ما نصّه: روى الطبري هذا المكتوب في تاريخه

اج 6 ص 54] وقال : ان المكتوب اليه هو الاشتر». انتهى .(2) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ المفيد( ت / 413ه-) في الامالي 56 من ط / 3 ، وصرّح فيها بانه الى محمّد بن أبي بكر،

وقد تقدمت في الكتاب (38) فراجع.

ومن الشواهد مارواه ابن حجر ( ت / 852ه- ) ، عن حذيفة، عن علي علیه السلام:حدیث : إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. ،احمد ثنا علي بن ،بحر، ثنا عبد الله بن ابراهيم بن عمر بن كيسان عن عبدالله

ابن وهب، عن أبيه ، عنه ، به (3).

ص: 198


1- مدارك نهج البلاغة : 102 .
2- راجع استناد نهج البلاغة.
3- اتحاف المهرة :679:11، ط / 1417ه-.

[ الوصيّة (47)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: أوصيكما بتقوى الله ... الخ، روى هذه الوصية الشيخ الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه، ورواها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري .(1)

قال العرشي في التخريج ما نصه: روى المبرد هذه الوصية مختصراً في الكامل[ ج 2 ص 152] ، والطبري في تاريخه [ج 6 ص 85]، وأبو القاسم عبد الرحمن بن اسحاق الزجاجي المتوفى 237 (948م ) في كتاب الأمالي (115) ، والحراني في تحف العقول (46) ، وأبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين

(15)». انتهى .(2) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه عن الكليني (ت / 328ه-) ،

وقد تقدمت في الكتاب (24) ، فراجع.

وبالاسناد عن الطبري ( ت / 220 ه-) قال: حدثنى موسى بن عبد الرحمن الكندى، قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الحرَّاني، قال: أخبرنا إسماعيل بن

ص: 199


1- مدارك نهج البلاغة : 102 .
2- راجع : استناد نهج البلاغة .

راشد، قال: ذكروا أن ابن حنيف ، قال : والله إني لأصلّي الليلة الّتي ضرب علي فيها في المسجد الأعظم في رجال كثير من أهل المصر، يصلون قريباً من السدة، ما هم إلا قيام وركوع وسجود، وما يسأمون من أوّل الليل إلى آخره، إذ خرج على الصلاة الغداة، فجعل ينادي: أيها الناس الصلاة الصلاة. فما درى أخرج من السدّة فتكلم بهذه الكلمات، أو نظرت إلى بريق السيف وسمعت قائلاً يقول: الحكم الله لا لك يا علي ولا لاصحابك . فرأيت سيفا، ثم رأيت ناساً، وسمعت علياً يقول: لايفوتنكم الرجل وشدّ الناس عليه من كل جانب، فلم أبرح حتى أخذ ابن ملجم، وأدخل على عليّ ، فدخلت فيمن دخل من الناس، فسمعت علياً يقول : النفس بالنفس، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي. قال : وقد كان علي نهى الحسن عن المثلة وقال: يا بني عبد المطلب لا ألفينّكم

تخوضون دماء المسلمين، تقولون : «قتل أمير المؤمنين»، ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي انظر يا حسن، إن أنا مت من ضربته هذه فاضربه ضربة، ولا تمثل بالرجل. فلما قبض علي رضوان الله عليه، بعث الحسن إلى ابن ملجم، فقال للحسن : هل لك في خصلة ؟ إني والله ما أعطيت الله عهداً إلا وفيت به إني كنت أعطيت الله عهداً عند الحطيم أن أقتل علياً ومعاوية أو أموت دونهما، فإن شئت خليت بيني وبينه ، ولك والله عليّ إن لم أقتله أو قتلته ثم بقيت، أن آتيك حتى أضع يدي في يدك . فقال له الحسن: أما والله حتى تعاين النار، فلا ثم قدّمه فقتله، ثم أخذه الناس فأدرجوه في بوار ثم أحرقوه بالنار» (1)

وبالاسناد عن الطبراني ( ت / 360 ه- ) في المعجم الكبير»، قال: حدثنا أحمد بن عليّ الآبار، ثنا أبو أمية عمرو بن هشام الحراني، ثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، ثنا إسماعيل بن راشد قال : كان من حديث بن ملجم لعنه الله وأصحابه:

ص: 200


1- تهذيب الآثار : 75-76 ، ط / 1402ه-.

أن عبد الرحمن بن ملجم والبرك بن عبد الله وعمرو بن بكر التميمي اجتمعوا بمكة فذكروا أمر الناس وعابوا عمل ولاتهم ، ثم ذكروا أهل النهر فترحموا عليهم فقالوا: والله ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئا، إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد وثأرنا بهم إخواننا ، قال ابن ملجم - وكان من أهل مصر مصر - : أنا أكفيكم علي بن أبي طالب، وقال البرك بن عبد الله: أنا أكفيكم معاوية بن أبي سفيان، وقال عمرو بن بكر التميمي : أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا وتواثقوا بالله لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت ،دونه، فأخذوا أسيافهم فسموها واتعدوا السبع عشرة من شهر رمضان أن يثب كل رجل منهم على صاحبه الذي توجه إليه، وأقبل كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه الذي يطلب، فأما ابن الملجم المرادي فأتى أصحابه بالكوفة وكاتمهم أمره كراهية أن يظهروا شيئا من أمره، وأنه لقي أصحابا له من تيم الرباب، وقد قتل عليّ بن أبي طالب رضی الله عنه منهم عدة يوم النهر ، فذكروا قتلاهم فترحموا عليهم، قال: ولقي من يومه ذلك امرأة من تيم الرباب يقال لها : قطام بنت الشحنة ، وقد قتل عليّ بن أبي طالب رضی الله عنه أباها وأخاها يوم النهر، وكانت فائقة

الجمال، فلما رآها التبست بعقله ونسي حاجته التي جاء لها، فخطبها فقالت لا أتزوج حتى تشتفي لي ، قال : وما تشائين؟ قالت : ثلاثة آلاف وعبد وقينة وقتل

عليّ بن أبي طالب رضی الله عنه، فقال : هو مهر لك ، فأما قتل عليّ فما أراك ذكرتيه لي وأنت ، قالت: بلى فالتمس غرته ، فإن أصبته شفيت نفسك ونفسي ونفعك

تريديني، العيش معي ، وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وزيرج أهلها، فقال: ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل عليّ ، قالت : فإذا أردت ذلك فأخبرني حتى أطلب لك من يشدّ ظهرك ويساعدك على أمرك فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال

ص: 201

له ،وردان فكلمته فأجابها ، وأتى ابن ملجم رجلا من أشجع يقال له: شبيب بن نجدة، فقال له : هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما ذاك؟ قال: قتل عليّ رضی الله عنه ، قال : ثكلتك أمك لقد جئت شيئا إذا ، كيف تقدر على قتله ؟ قال : أكمن له في السحر فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه، فإن نجونا شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنا ، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا وزيرج أهلها ، قال : ويحك لو كان غير علي كان أهون علي قد عرفت بلاءه في الاسلام و سابقته مع النبي صلی الله علیه و آله وسلم وما أجدني أنشرح لقتله، قال: أما تعلم أنه قتل أهل النهر العباد المصلين ؟ قال : بلى، قال : فقتله بما قتل من إخواننا ، فأجابه، فجاؤوا حتى دخلوا على قطام وهي في المسجد الاعظم معتكفة فيه فقالوا لها قد أجمع رأينا على قتل عليّ قالت: فإذا أردتم ذلك فائتوني، فجاء فقال : هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبي أن يقتل كلّ واحد منا صاحبه ، فدعت لهم بالحرير فعصبتهم ، وأخذوا أسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي، فخرج عليه الصلاة الغداة فجعل ينادي: الصلاة الصلاة، فشدّ عليه شبيب فضربه بالسيف فوقع السيف بعضادة الباب أو بالطاق، فشدّ عليه ابن ملجم فضربه بالسيف في قرنه وهرب وردان حتى دخل منزله أمة (1) ودخل عليه رجل من بني وهو ينزع الحرير والسيف عن صدره فقال: ما هذا السيف والحرير ؟ فأخبره بما كان، فذهب إلى منزله فجاء بسيفه فضربه حتى قتله، وخرج شبيب نحو أبواب كندة وشدّ عليه الناس إلا أن رجلا من حضرموت يقال له عويمر ضرب رجله بالسيف فصرعه ، وجثم عليه الحضرمي ، ، فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه وسيف شبيب في يده خشي على نفسه فتركه فنجا بنفسه، ونجا شبيب في غمار الناس وخرج ابن ملجم فشدّ عليه رجل من أهل همدان يكنى أبا أدما، فضرب رجله وصرعه وتأخّر عليّ صلی الله علیه و آله وسلم ودفع في ظهر جعدة

ص: 202


1- كذا في المصدر ، وفي المناقب للخوارزمي : 383 « من بني أمية ».

ابن هبيرة بن أبي وهب فصلى بالناس الغداة وشدّ عليه الناس من كل جانب. وذكروا أن محمد بن حنيف ، قال : والله إني لاصلي تلك الليلة التي ضرب فيها علي في المسجد الاعظم قريبا من السدة في رجال كثير من أهل المصر ما فيهم إلا قيام وركوع وسجود وما يسأمون من أول الليل إلى آخره ، إذ خرج عليّ صلی الله علیه و آله وسلم الصلاة الغداة فجعل ينادي: أيها الناس الصلاة الصلاة، فما أدري أتكلم بهذه الكلمات أو نظرت إلى بريق السيوف وسمعت الحكم الله لا لك يا علي ولا لاصحابك. فرأيت سيفا، ثم رأيت ناسا وسمعت عليا يقول : لا يفوتكم الرجل، وشدّ عليه الناس من كل جانب، فلم أبرح حتى أخذ بن ملجم فأدخل على عليه فدخلت فيمن دخل من الناس فسمعت عليا يقول : النفس بالنفس، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي، ولما أدخل بن ملجم على عليّ صلی الله علیه و آله وسلم ، قال : يا عدو الله ، ألم أحسن إليك ؟ ألم أفعل بك ؟ قال : بلى، قال: فما حملك على هذا ؟ قال : شحذته أربعين صباحا فسألت الله أن يقتل به شرّ خلقه، قال له عليّ صلی الله علیه و آله وسلم ما أراك إلا مقتولا به وما أراك إلا من شر خلق الله ، وكان ابن ملجم مكتوفا بين يدي الحسن إذ نادته أم كلثوم بنت علي وهي تبكي يا عدو الله إنه لا بأس على أبي والله : مخزيك ، قال : فعلام تبكين ؟ والله لقد اشتريته بألف وسممته بألف ولو كانت هذه الضربة لجميع أهل المصر ما بقي منهم أحد ساعة، وهذا أبوك باقيا حتى الآن، فقال عليّ للحسن رضي الله عنهما : إن بقيت رأيت فيه رأيي وإن هلكت من ضربتي هذه فاضربه ضربة، ولا تمثل به فإني سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ينهى عن المثلة ولو بالكلب العقور وذكر أن جندب بن عبد الله دخل على على يسأل به فقال : يا أمير المؤمنين إن فقدناك ولا نفقدك فنبايع الحسن ؟ قال: ما آمركم ولا أنهاكم أنتم أبصر ، فلما قبض عليّ رضی الله عنه بعث الحسن رضی الله عنه إلى ابن ملجم فادخل عليه فقال له ابن ملجم هل

ص: 203

لك في خصلة، إني والله ما أعطيت الله عهدا إلا وفيت به، إني كنت أعطيت الله عهدا أن أقتل عليا ومعاوية أو أموت دونهما ، فإن شئت خليت بيني وبينه ولك الله علي إن لم اقتل، أن اتيك حتى أضع يدي في يدك. فقال له الحسن رضی الله عنه: لا والله أو تعاين النار ، فقدّمه فقتله ثم أخذه الناس فأدرجوه في بواري ثم أحرقوه بالنار. وقد كان عليّ رضی الله عنه ، قال : يا بني عبد المطلب لا ألفيكم تخوضون دماء المسلمين

تقولون : قتل أمير المؤمنين قتل أمير المؤمنين ، ألا لا يقتل بي إلا قاتلي .

، وأما البرك بن عبد الله فقعد لمعاوية ( رض ) فخرج لصلاة الغداة فشدّ عليه بسيفه وأدبر معاوية هاربا فوقع السيف في إليته، فقال: إن عندي خبرا أبشرك به فإن أخبرتك أنافعي ذلك عندك ؟ قال : وما هو ؟ قال : إن أخا لي قتل عليا في هذه الليلة ، قال : فلعله لم يقدر عليه ، قال : بلى إن عليا يخرج ليس معه أحد يحرسه فأمر به معاوية (رض) فقتل ، فبعث إلى الساعدي وكان طبيبا فنظر إليه ، فقال : إن ضربتك مسمومة، فاختر منّي إحدى خصلتين إما أن أحمى حديدة فأضعها موضع السيف وإما أسقيك شربة تقطع منك الولد وتبرأ منها فإن ضربتك مسمومة، فقال له معاوية : أما النار فلا صبر لي عليها، وأما انقطاع الولد، فإن في يزيد وعبد الله وولدهما ما تقر به عيني، فسقاه تلك الليلة الشربة فبرأ فلم يولد بعد له، فأمر معاوية رضی الله عنه بعد ذلك بالمقصورات وقيام الشرط على رأسه.

وقال على للحسن والحسين: أي بني ، أوصيكما بتقوى الله، وإقام الصلاة

لوقتها، وإيتاء الزكاة عند محلها، وحسن الوضوء فأنه لا يقبل صلاة إلا بطهور وأوصيكم بغفر الذنب، وكظم الغيظ وصلة الرحم، والحلم عن الجهل، والتفقه في الدين والتثبت في الامر، وتعاهد القرآن وحسن الجوار والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الفواحش :قال ثم نظر إلى محمّد بن الحنفية فقال: هل حفظت ما أوصيت به أخويك ؟

قال: نعم.

ص: 204

قال: فإني أوصيك بمثله، وأوصيك بتوقير أخويك لعظم حقهما عليك،

وتزيين أمرهما ولا تقطع أمرا دونهما.

ثم قال لهما أوصيكما به فإنه شقيقكما وابن أبيكما وقد علمتما أن أباكما كان

يحبه ، ثم أوصى فكانت وصيته : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما أوصى به عليّ بن أبي طالب رضی الله عنه، أوصى أنه شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمّدا عبده ورسوله أرسله بالهدى

ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (1) ، ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين(2)ثم أوصيكما يا حسن ويا حسين وجميع أهلي وولدي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ربكم وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (3)، فإني سمعت أبا القاسم صلی الله علیه و آله وسلم الهلال يقول : إن صلاح ذات البين أعظم من عامة الصلاة والصيام، وانظروا إلى ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.

والله الله في الايتام لا يضيعن بحضرتكم .

والله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم.

ص: 205


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (التوبة : 33) .
2- اقتباس من قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وِبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ (الأنعام: 163) .
3- اقتباس من قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقٌّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلْفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُم مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (آل عمران : 102 - 103) .

والله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب الرب عزوجل. والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم.

والله الله في القرآن فلا يسبقنكم بالعمل به غيركم

والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم.

والله الله في بيت ربكم عز وجل لا يخلون ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا . والله الله فى أهل ذمة نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم فلا يظلمن بين ظهرانيكم.

والله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم، قال : ما زال جبريل يوصيني بهم

حتى ظننت أنه سيورثهم والله الله في أصحاب نبيكم فإنه وصى بهم. والله الله في الضعيفين : نسائكم وما ملكت أيمانكم ، فأن آخر ما تكلم به الله أن أن

قال أوصيكم بالضعيفين النساء وما ملكت أيمانكم.

الصلاة الصلاة، لا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم وبغي عليكم وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله (1)، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي أمركم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليكم بالتواصل والتباذل وإياكم والتقاطع والتدابر والتفرق وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرُّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا

( عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (2)، حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم، أستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام. ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قبض فى شهر رمضان في سنة أربعين وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وكفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها

ص: 206


1- في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى والْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ (البقرة : 83) .
2- المائدة : 2

قميص، وكبر عليه الحسن تسع تكبيرات، وولى الحسن رضی الله عنه عمله ستة أشهر. وكان ابن ملجم قبل أن يضرب عليا قاعدا في بني بكر بن وائل إذا مر عليه بجنازة أبجر بن جابر العجلي أبي حجار وكان نصرانيا والنصارى حوله وأناس مع حجار بمنزلته فيهم يمشون في جانب، أمامهم شقيق بن ثور السلمي فلما رآهم :قال ما هؤلاء ؟ فأخبر ، ثم أنشأ يقول:

لئن كان حجار بن أبجر مسلما*** لقد بوعدت منه جنازة أبجر

وإن كان حجار بن أبجر كافرا*** فما مثل هذا من كفور بمنكر

أترضون هذا إن قسا ومسلما*** جميعا لدي نعش فياقبح منظر

وقال ابن أبي عياش المرادي

ولم أر مهرا ساقة ذو سماحة*** کمهر قطام بينا غير معجم

ثلاثة آلاف وعبد وقينة ***وضرب عليّ بالحسام المصمم

ولا مهر أغلى من عليّ وإن غلا*** ولا قتل إلّا دون قتل بن ملجم

وقال أبو الأسود الدؤلي

ألا أبلغ معاوية بن حرب ***ولا قرت عيون الشامتينا

أفي الشهر الحرام فجعتمونا ***بخير الناس طرا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا ***وخيسها ومن ركب السقينا

ومن لبس النعال ومن حذاها*** ومن قرأ المثاني والمئينا

لقد علمت قريش حيث كانت*** بأنك خيرها حسبا ودينا

وأما عمرو بن أبي بكر فقعد لعمرو بن العاص رحمه الله في تلك الليلة التي ضرب فيها معاوية فلم يخرج وكان اشتكى بطنه، فأمر خارجة بن أبي حبيب -- وكان صاحب شرطته ، وكان من بني عامر بن لؤي - فخرج يصلي بالناس فشدّ عليه وهو أنه عمرو بن العاص فضربه بالسيف فقتله، فأخذ وأدخل على عمرو فلما

يرى أنه

ص: 207

رآهم يسلمون عليه بالامرة، قال: من هذا؟ قالوا: عمرو بن العاص، قال: فمن قتلت ؟ قالوا خارجة ، قال : أما والله يا فاسق ما صمدت غيرك ، قال عمرو أردتني

والله أراد خارجة، فقدمه فقتله، فبلغ ذلك معاوية رضی الله عنه فكتب إليه :

وقتك وأسباب الامور كثيرة*** منية شيخ من لؤي بن غالب

فيا عمرو مهلا إنما أنت عمه*** وصاحبه دون الرجال الاقارب

نجوت وقد بل المرادي سيفه*** من أبي شيخ الاباطح طالب

ويضربني بالسيف آخر مثله ***فكانت عليه تلك ضربة لازب

وأنت تناغي كل يوم وليلة*** بمصرك بيضا كالظباء الشوارب

وكان الذي ذهب بنعيه سفيان بن عبد شمس بن أبي وقاص الزهري، وقد كان الحسن بعث قيس بن سعد بن عبادة على تقدمته في اثنى عشر ألفا، وخرج معاوية حتى نزل إيلياء في ذلك العام وخرج الحسين رضی الله عنه حتى نزل في القصور البيض في المدائن ، وخرج معاوية حتى نزل مسكن وكان على المدائن عم المختار لابن أبي عبيد وكان يقال له : سعد بن مسعود ، فقال له المختار وهو يومئذ غلام: هل لك في الغنى والشرف ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية، فقال له سعد عليك لعنة الله، أأثب على إبن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوثقه ؟ بئس الرجل أنت، فلما رأى الحسن رضی الله عنه تفرّق الناس عنه بعث إليه معاوية يطلب الصلح ، فبعث إليه معاوية عبد الله بن عامر وعبد الله بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه، ثم قام الحسن رضی الله عنه في الناس وقال : يا أهل العراق إنه مما يسخي بنفسي عنكم ثلاث: قتلكم أبي وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي، ودخل في طاعة معاوية رحمهما الله ودخل الكوفة فبايعه الناس .(1)

ص: 208


1- المعجم الكبير للطبراني :1 97-107 ط / 1404ه-.

قال أبو الفرج الأصفهاني ( ت / 356ه-) في مقاتل الطالبيين : حدثني أحمد بن عيسى، قال: حدثني الحسن بن نصر، قال: حدثنا زيد بن المعدل، عن يحيى بن شعيب، عن أبي مخنف، قال: حدثني عطية بن الحرث، عن عمر بن تميم وعمرو بن بكار أن عليا لما ضرب جمع له أطباء الكوفة فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه

أثير بن بن عمرو بن هاني السكوني، وكان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات، وكان من الأربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم، وان أثيرا لما نظر إلى جرح أمير المؤمنين علیه السلام دعا برئة شاة حارة واستخرج عرقا منها، فأدخله في الجرح ثم استخرجه فإذا عليه بياض الدماغ، فقال له: يا أمير المؤمنين إعهد عهدك، فإن عدوّ الله قد وصلت ضربته إلى أمّ

رأسك، فدعا على عند ذلك بصحيفة ودواة وكتب وصيته

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هذا ما اوصى به امير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام،

اوصى بأنه يشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمّدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون(1) ، صلوات الله وبركاته عليه ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين (2)، اوصيك يا حسن وجميع ولدي واهل بيتي ومن بلغه كتابي هذا بتقوى الله ربنا وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا (3)، فإني سمعت رسول الله يقول: إصلاح ذات البين افضل

ص: 209


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كرة الْمُشْرِكُونَ) (التوبة : (33)
2- اقتباس من قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وبذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ (الأنعام: 163).
3- اقتباس من قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ

(1)

عامة الصلاة والصيام وان المبيدة الحالقة للدين فساد ذات البين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. انظروا إلى ذوي ارحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.

الله الله في الايتام فلا تغبوا افواههم بجفوتكم.

والله الله في جيرانكم فإنها وصية رسول الله علیه السلام ما زال يوصينا بهم حتى ظننا

أنه سيورثهم. والله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم.

والله الله في الصلاة فانها عماد دينكم.

والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم، فانه إن ترك لم تناظروا، وإنه

إن خلا منكم لم تنظروا.

والله الله في صيام شهر رمضان فانه جنة من النار. والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وانفسكم. والله الله في زكاة أموالكم فانها تطفئ غضب ربكم. والله الله في امة نبيكم فلا يظلمن بين اظهركم. والله الله في اصحاب نبيكم فان رسول الله علیه السلام له اوصى بهم.

والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم.

والله الله فيما ملكت ايمانكم فإنها كانت آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال : أوصيكم بالضعيفين فيما ملكت أيمانكم . ثم قال الصلاة الصلاة. لا تخافوا في الله لومة لائم فانه يكفكم من بغى عليكم وأرادكم بسوء قولوا للناس حسنا كما

ص: 210


1- وَأَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلْفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ إِذْكُتُتُ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُم مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (آل عمران: 102 - 103)

أمركم الله (1). ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيولي الأمر عنكم وتدعون فلا يستجاب لكم. عليكم بالتواضع والتباذل والتبار. وإياكم والتقاطع والتفرق والتدابر ، ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (2) حفظكم الله من أهل بيت، وحفظ فيكم نبيه استودعكم الله خير مستودع وأقرأ عليكم سلام الله ورحمته(3)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381 ه-) في من لا يحضره الفقيه قال (ت 381ه-) روى عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : شهدت وصية عليّ بن أبي طالب علیه السلام حين أوصى إلى ابنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمّدا وجميع ولده ورؤساء أهل بيته وشيعته علیهم السلام، ثم دفع إليه الكتاب والسلاح ، ثم قال علیه السلام: يا بني أمرني

الليل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوصى إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي رسول الله علیه السلام ودفع إلى كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعه إلى أخيك الحسين ، قال : ثم أقبل على ابنه الحسين علیه السلام فقال : وأمرك رسول

الله صلى الله عليه وسلم أن تدفعه إلى ابنك علي بن الحسين، ثم أقبل علي ابنه عليّ بن الحسين علیهما السلام فقال : وأمرك رسول الله علیه السلام أن تدفع وصيتك إلى ابنك محمّد بن علي، فأقرأه من رسول الله علیه السلام مني السلام.

ثم اقبل على ابنه الحسن علیه السلام فقال : يا بنى أنت ولي الأمر وولي الدم فإن عفوت

فلك وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم ثم قال : اكتب

، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب، أوصى أن--ه

ص: 211


1- في قوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنتُمْ مُعْرِضُونَ ) (البقرة : (83) .
2- المائدة : 2 .
3- مقاتل الطالبيين ؛ لأبي الفرج الأصفهاني : 23 - 25.

يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمّداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين ولو كره المشركون صلی الله علیه و آله وسلم(1) ، ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وأنا من المسلمين (2)، ثم إني أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهل بيتي ومن بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى الله ربكم وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلْفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ(3) ، فاني سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام، وإن البغضة حالقة الدين وفساد ذات البين ولا قوة إلا بالله . انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب

والله الله في الايتام فلا تعرّ أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم؛ فإني سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له الجنة كما أوجب لاكل مال اليتيم النار .

والله الله فى القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم.

والله الله فى جيرانكم فإن الله ورسوله أوصيا بهم.

والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا فإن

ص: 212


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرَة الْمُشْرِكُونَ ﴾ (التوبة : 33) .
2- اقتباس من قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام: 163).
3- اقتباس من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُم مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (آل عمران : 102 - 103) .

أدنى ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما سلف من ذنبه .

وإنها عمود دينكم.

والله الله في الصلاة فانها خير " والله الله فى الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم.

والله الله في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار.

والله الله في الفقراء والمساكين فشاركوهم في معيشتكم .

والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، فإنما يجاهد في سبيل الله

:رجلان إمام هدى، ومطيع له مقتد بهداه.

والله الله في ذرية نبيكم فلا تظلمن بين أظهركم وأنتم تقدرون على الدفع عنهم . والله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤوا محدثا ، فإن

رسول الله صلى الله عليه وسلم اوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث.

والله الله في النساء وما ملكت ايمانكم لا تخافن في الله لومة لائم، يكفيكم الله

من أرادكم وبغى عليكم ، وقولوا للناس حسنا كما امركم الله عز وجل (1). لا تتركن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الله الامر شراركم ثم تدعون

فلا يستجاب لكم.

عليكم يا بني بالتواصل والتباذل والتبار، وإياكم والتقاطع والتدابر والتفرق وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (2)حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم وأستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام . ثم لم يزل يقول : لا إله إلا الله حتى قبض صلوات الله عليه وسلامه في أول ليلة

ص: 213


1- في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّبْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنتُمْ مُعْرِضُونَ ) (البقرة : 83) .
2- المائدة : 2 .

من العشر الأواخر ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة لأربعين سنة مضت من الهجرة .(1)

وبالاسناد عن الهاروني ( ت / 424 ه-) في تيسير المطالب » ، قال اخبرنا ابو( 424ه-) ا عبدالله احمد بن محمّد البغدادي ، قال أخبرنا ابو الفرج علي بن الحسن القرشي المعروف بابن الأصبهاني، قال حدثنا أحمد بن عيسى، قال حدثني الحسين بن

نصر، قال حدثني عطية بن الحرث عن عمر ابن تميم وعمرو بن بكاران علياً لما ضرب جمع له اطباء أهل الكوفة فلم يكن فيهم أعلم بجرحه من أثير بن عمرو هاني السكوني وكان متطبباً صاحب كرسي يعالج الجراحات وكان من الأربعين غلاماً الّذي كان خالد بن الوليد أصابهم في بيعة عين التمر فسباهم وان أثيراً لما نظر جرح أمير المؤمنين علیه السلام دعا برية شاة حارة فاستخرج منه عرقاً منها فأدخله الجرح ثم استخرجه فإذا فيه بياض الدماغ ، فقال له : يا أمير المؤمنين اعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته الى ام رأسك، وروي عن عمرو بن ذي مر ، قال: قلت له يا أمير المؤمنين انه ،خدش وليس بشي ، فقال علیه السلام: اني مفارقكم ،

اني مفارقكم ، ودعا بصحيفة ودواة وكتب وصيته :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم هذا ما اوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام اوصى أنه يشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمّداً عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (2) ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا اول المسلمين(3) ،

ص: 214


1- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 4: 189 - 190.
2- اقتباس من قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرَة الْمُشْرِكُونَ ) (التوبة : 33).
3- اقتباس من قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وِبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام: 163).

ثم اني اوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهل بيتي ومن بلغه كتابي هذا بتقوى الله ربنا وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا (1) فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام، وان المبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، انظروا ذوي ارحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.

والله الله فى الايتام لا تغيروا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم.

والله الله في جيرانكم فإنها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وما زال يوصي بهم حتى ظننا

انه سيورثهم. والله الله في القرآن لا يسبقنكم إلى العمل به غيركم

والله الله في الصلوات فإنها عماد دينكم.

والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم .

والله الله في صيام شهر رمضان فإنه جنة من النار. والله الله في زكاة أموالكم فإنها تطفئ غضب ربكم.

والله الله في امة نبيكم فإن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أوصى بهم والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم.

والله الله فيما ملكت ايمانكم ثم قال: الصلوات الصلوات ثم قال: لا تخافوا في الله لومة لائم، فإنه يكفيكم من بغى عليكم وأرادكم بسوءٍ، قولوا للناس حسناً كما أمركم الله (2)، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن

ص: 215


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ وَأَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُم مِنْهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (آل عمران : 102 - 103)
2- في قوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى -

(1)

المنكر فيلي الأمر غيركم وتدعون فلا يستجاب لكم عليكم بالتواضع والتباذل وإياكم والتقاطع والتفرق والتدابر ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ

، وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (2)، حفظكم الله من أهل بيت واستودعكم الله خير مستودع، وأقرأ عليكم سلام الله ورحمته ) . (3) وبالاسناد عن الموفق الخوارزمي (ت / 568ه-) في «المناقب»، قال: أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسين علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا ابراهيم بن اسماعيل القاري، حدثني عمر بن سعيد الدارمي ، حدثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث بن سعد، أخبرني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن اسلم ان ابا سنان الدولي حدثه أنه عاد عليا علیه السلام في شكوى اشتكاها، قال: فقلت له : لقد تخوّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه ؟ فقال : ولكني والله ما تخوفت على نفسي منه لاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدق يقول: انك ستضرب ضربة هاهنا وضربة هاهنا - واشار إلى صدغيه - فيسيل دمها حتى

تخضب لحيتك ويكون صاحبها اشقاها كما كان عاقر الناقة اشقى ثمود » . (4) قال : وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد الحارث الاصفهاني الفقيه، أخبرنا محمّد بن حيان - وهو أبو الشيخ الاصبهاني - حدثني أبو الحسين محمّد بن محمّد الجرجاني، عن موسى بن عبد الرحمان.

ص: 216


1- وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) (البقرة : 83).
2- المائدة : 2 .
3- تيسير المطالب 79 - 80، ط / 1395ه-.
4- المناقب ؛ للمرفق الخوارزمي : 380

الكندي، حدثنا أحمد بن الحسين - وفيما اجاز لنا شيخنا أبو عبد الله الحافظ - حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الاصفهاني، حدثنا أبو جعفر محمد بن العباس بن ايوب الاجرم وأبو حامد أحمد بن جعفر بن سعيد الاشعري، قالا: حدثنا أبو عيسى محمد بن عبد الرحمان بن محمد بن مسروق، حدثنا عثمان بن

عبد الرحمان الحراني ، حدثنا اسماعيل بن راشد :قال كان من حديث ابن ملجم وأصحابه لعنهم الله : أن عبد الرحمان بن ملجم لعنه الله والبرك بن عبد الله وعمرو بن بكر التميمي، اجتمعوا بمكة فذكروا أمر الناس وعابوا على ولاتهم، ثم ذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم، وقالوا ما نصنع بالحياة بعده وقالوا اخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، فلو شرينا بانفسنا انفسهم فأتينا ائمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فارحنا منهم البلاد وثأرنا بهم اخواننا ؟ فقال ابن ملجم - وكان من أهل مصر - انا اكفيكم علي بن أبي طالب ، وقال البرك بن عبد الله : انا اكفيكم معاوية بن أبي سفيان، وقال عمرو بن بكر التميمي انا اكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا وتواثقوا بالله لا ينكص الرجل منهم عن صاحبه الذي وجّه إليه حتى يقتله أو يموت دونه، فأخذوا اسيافهم فسموها واتعدوا لتسع عشرة من شهر رمضان، يثب كل واحد منهم إلى صاحبه الذي توجّه إليه، فاقبل كل رجل إلى المصر الذي كان فيه صاحبه الذي طلب، فاما ابن ملجم المرادي لعنه الله فخرج فلقى أصحابه بالكوفة وكاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئاً من أمره، فرأى ذات يوم أصحابا له من تيم الرباب وكان ل يقتل منهم يوم النهروان عددا ، فذكروا قتلاهم ولقى من يومه ذلك امرأة من الرباب يقال لها قطام، وقد كان علي قتل اباها واخاها وكانت فائقة الجمال فلما رآها التبست بعقله ونسي حاجته التي جاء لها، فخطبها ، فقالت : لا اتزوجك حتى تشفي قلبي ، قال : وما تشائين ؟ قالت ثلاثة آلاف وعبد وقينة وقتل علي بن

ص: 217

أبي طالب ، فقال : هو مهرك ، فأما قتل علي فلا اراك تدركينه ، قالت : تريدني ؟ قال : ،بلی، قالت فالتمس ،غرته، فان اصبته انتفعت بنفسك ونفسي وتحفد العيش معي ، وان هلكت فما عند الله خير وابقى من الدنيا وزبرج اهلها فقال: والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب، قالت: فإذا اردت ذلك فاني اطلب لك من يشدّ ظهرك ويساعدك على أمرك، فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال له وردان فكلمته في ذلك فأجابها ، وجاء ابن ملجم رجلا من اشجع يقال له: شبيب بن بحرة ، فقال له : هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال : وما ذاك ، قال : قتل علي بن أبي طالب ، قال : ثكلتك امك ، لقد جئت شيئا اذا ، كيف تقدر على ذلك ؟ قال : اكمن له في المسجد فإذا خرج لصلاة الغداة، شددنا عليه فقتلناه فان نجونا شفينا انفسنا وادركنا ثارنا وان قتلنا فما عند الله خير من الدنيا قال له : ويحك لو كان غير علي كان اهون عليّ، قد عرفت بلاءه في الاسلام وسابقته مع النبي وما اجدني أنشرح لقتله، قال: أما تعلم أنه قتل أهل النهروان العبّاد المصلين ؟ قال بلى قال فاقتله بمن قتل من اخواننا، فاجابه، فجاؤا حتى دخلوا على قطام وهي في المسجد الاعظم معتكفة فيه، فقالوا لها لقد اجتمع رأينا على قتل علي قالت: فإذا اردتم ذلك فأتوني ثم عادوا ليلة الجمعة التي قتل علي في صبيحتها سنة أربعين فقال : هذه الليلة التي وعدت فيها صاحبي ان يقتل كل واحد منا صاحبه فدعت لهم بالحريرة فعصبتهم واخذوا اسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي علیه السلام، فلما خرج شدّ عليه شبيب لعنه الله بالسيف فضربه بالسيف فوقع سيفه بعضادة الباب أو بالطاق، وضربه ابن ملجم لعنه الله فأقرنه بالسيف، وهرب ،وردان حتى دخل منزله، فدخل عليه رجل من بني أمية وهو ينزع الحريرة من صدره، فقال: ما هذه الحريرة والسيف؟ فاخبره بما كان فانصرف فجاء بسيفه فعلی به وردان حتى قتله وخرج شبيب نحو أبواب كندة

ص: 218

في الغلس، فصاح الناس فلقيه رجل من حضرموت يقال له: عويص، وفي يد شبيب السيف فاخذه وجثم عليه الحضرمي، فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه وسيف شبيب في يده خشي على نفسه فتركه فنجا بسيفه ونجا شبيب في غمار الناس، فشدوا على ابن ملجم لعنه الله فاخذوه إلا أن رجلا من همدان يكنى أبا إذا أخذه فضرب رجله فصرعه . وتأخّر عليّ فدفع في ظهر جعدة بن هبيرة المخزومي فصلى بالناس الغداة ثم قال عليّ علیه السلام: عليّ بالرجل، فادخل عليه فقال: أي عدو الله ، ألم أحسن اليك ؟

قال :بلى قال : فما حملك على هذا ؟ قال ان سيفي هذا شحذته اربعين صباحا فسألت الله ان يقتل به شر خلقه، فقال علي علیه السلام: فلا اراك إلا مقتولاً به ولا أراك إلّا

من شرّ خلق الله .

فذكروا : أن محمّد بن حنفية ، قال : والله اني لأصلّى تلك الليلة التي ضرب فيها

ا عليّ بن أبي طالب في المسجد في رجال كثير من المصر، يصلّون قريبا من السدة ما هم إلا قياما وركوعا وسجودا فلا يسأمون من أول الليل إلى آخره إذ خرج علي الصلاة الغداة فجعل ينادي: أيها الناس، الصلاة، الصلاة، فما ادرى اخرج من السدة فتكلم إذ نظرت إلى بريق السيوف وسمعت الحكم الله لا لك يا على ولا لأصحابك، فرأيت سيفا ثم رأيت ثانياً، وسمعت عليا علیه السلام يقول : لا يفوتنكم الرجل، وشد عليه الناس من كل جانب، فلم ابرح حتى أخذ ابن ملجم قبحه الله وأدخل على علي علیه السلام، فدخلت فيمن دخل، فسمعت عليا علیه السلام يقول : النفس بالنفس ، فان هلكت فأقتلوه كما قتلني، وان بقيت رأيت فيه رأيي وذكروا أن الناس دخلوا على الحسن بن علي فزعين لما حدث من أمر علي علیه السلام

فبينما هم عنده وابن ملجم مكتوف بين يديه إذ ثارت ام كلثوم بنت علي علیه السلام فقالت: أي عدو الله انه لا بأس على أبي، والله يخزيك ، فقال ابن ملجم : على ما تبكين ؟ لقد اشتريت سيفي بألف وسممته بألف ولو كانت هذه الضربة لجميع

ص: 219

أهل الأرض ما بقي أحد .

وذكروا ان جندب بن عبد الله دخل على علي علیه السلام يسليه فقال : يا أمير المؤمنين ان فقدناك - فلا نفقدك - فنبايع الحسن ؟ قال : لا آمركم ولا انها كم انتم ابصر ، قال : ،فرد فدعا حسنا وحسينا فقال: أوصيكما بتقوى الله ولا تبغيا الدنيا وان بغتكما ولا تبكيا على شي زوي عنكما، وقولا الحق وارحما اليتيم واعينا الضائع واصنعا للآخرة وكونا للظالم خصماً وللمظلوم ناصراً ، اعملا بما في الكتاب فلا تأخذكما في الله لومة لائم.

ثم نظر إلى محمّد بن الحنفية فقال: هل حفظت ما أوصيت به أخويك ؟ قال : نعم ، قال : فاني أوصيك بمثله وأوصيك بتوقير أخويك ، لعظيم حقهما عليك ولا تؤثر أمراً دونهما.

ثم قال: اوصيكما ،به فانه شقيقكما وابن أبيكما، وقد علمتما ان أباكما كان يحبه، وقال للحسن يا بني أوصيك بتقوى الله وإقام الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة عند محلها، فانه لا صلاة إلا بطهور ولا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة، وأوصيك يعفو الذنب وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عن الجاهل والتفقه في الدين والتثبت في الامر والتعاهد في القرآن وحسن الجوار والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الفواحش

فلما حضرته الوفاة أوصى فكانت وصيته بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هذا ما أوصى به عليّ بن أبي طالب، أوصى انه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون(1)، ثم ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين

ص: 220


1- اقتباس من قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (التوبة : 33)

لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين(1) ، ثم أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي ومن يبلغه كتابي بتقوى الله ربكم وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (2) فاني سمعت أبا القاسم علیه السلام يقول : ان صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام. انظروا إلى ذوي ارحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.

الله الله في الايتام فلا تغيروا افواههم ولا يضيعن بحضرتكم.

الله الله في جيرانكم فانهم وصية نبيكم ما زال يوصى بهم حتى ظننا أنه سيورثهم .

الله الله في القرآن فلا يسبقنكم بالعمل به غيركم.

الله الله في الصلاة فانها عماد دينكم.

الله الله في بيت ربكم فلا يخلون ما بقيتم فانه ان ترك لم تناظروا . الله الله في شهر رمضان فان صيامه جنة من النار .

الله الله في الجهاد في سبيل الله باموالكم وأنفسكم. الله الله فى الزكاة فانها تطفى غضب الرب . الله الله في ذمة أهل بيت نبيكم فلا يظلموا بين ظهرانيكم. الله الله في أصحاب نبيكم فان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بهم.

الله الله في الفقراء والمساكين فاشركوهم في معايشكم . الله الله فيما ملكت ايمانكم فان آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قال : أوصيكم

ص: 221


1- اقتباس من قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وِبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ (الأنعام: 163 ) .
2- اقتباس من قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُم مِنْهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (آل عمران : 102 - 103) .

بالضعيفين نساؤكم وما ملكت ايمانكم الصلاة الصلاة، لا تخافن في الله لومة لائم يكفيكم من ارادكم وبغى عليكم، وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله (1) . ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيتولى الأمر شراركم ثم تدعو فلا يستجاب لكم . علكيم بالتواصل والتباذل وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ

الْعِقَابِ ) (2) .

حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم استودعكم الله وأقرأ عليكم

السلام ورحمة الله وبركاته.

ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قبض في شهر رمضان سنة اربعين وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص وكبر عليه الحسن تسع تكبيرات، وولي الحسن عمله ستة اشهر، وقد كان علي انهى الحسن عن المثلة فقال : يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون في دماء المسلمين تقولون : قتل أمير المؤمنين علیه السلام، الا لا يقتل بي إلا قاتلی ، انظر يا حسن، ان أنا متّ من ضربتي هذه، قاضر به ضربة، ولا تمثل بالرجل فاني سمعت رسول الله علیه السلام يقول : إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور، فلما قبض علىّ علیه السلام بعث الحسن علیه السلام إلى ابن ملجم لعنه الله ، فقال للحسن : هل لك في خصلة ، اني والله ما اعطيت عهدا إلا وفيت به اني اعطيت الله عهداً أن اقتل علياً ومعاوية أو اموت ،دونهما، فان شئت خليت بيني وبينه ولك الله عليّ ان اقتله وان قتلته ثم بقيت

ص: 222


1- في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى والْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وأَنتُمْ مُعْرِضُونَ ) (البقرة : 83).
2- المائدة : 2 .

لآتينك حتى اضع يدي في يدك، فقال: لا والله حتى تعاين النار، ثم قدّمه فقتله، ثم أخذه الناس فأدرجوه في بواري ثم احرقوه بالنار» (1)

ص: 223


1- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 380 - 385

[ الكتاب( 48 ) ]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين

(267) والثقفي في كتاب الغارات [ابن ابي الحديد ج ص 104]». (انتهى) (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم

المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفّين»، قال: فحدثني فضيل بن خديج، عن رجل من النخع، قال: رأيت إبراهيم ابن الأشتر دخل على مصعب بن الزبير فسأله عن الحال كيف كانت ؟ فقال : كنت عند على حين بعث إلى الأشتر أن يأتيه، وقد كان الأشتر أشرف على معسكر معاوية ليدخله، فأرسل إليه علي يزيد بن هانئ: أن ائتني . فأتاه فبلغه ، فقال الأشتر : انته فقل له : ليس هذه بالساعة التي ينبغي لك

أن تزيلني فيها عن موقفي. إني قد رجوت الله أن يفتح لي فلا تعجلني ، فرجع يزيد بن هانئ إلى على فأخبره ، فما هو إلا أن انتهى إلينا حتى ارتفع الرهج وعلت الأصوات من قبل الأشتر وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق ودلائل الخذلان والإدبار على أهل الشام ، فقال له القوم والله ما نراك إلّا أمرته بقتال القوم . :قال: أرأيتموني ساررت رسولي إليه ؟ أليس إنما كلمته على رؤوسكم علانية

ص: 224


1- راجع : استناد نهج البلاغة

وأنتم تسمعون؟. قالوا: فابعث إليه فليأتك، وإلا فوالله اعتزلناك . قال : ويحك يا يزيد، قل له أقبل إلي ، فإن الفتنة قد وقعت . فأتاه فأخبره فقال له الأشتر الرفع هذه المصاحف ؟ قال : نعم. قال: أما والله لقد ظننت أنها حين رفعت ستوقع اختلافا وفرقة إنها من مشورة ابن النابغة - يعني عمرو بن العاص - قال : ثم قال ليزيد: ويحك ألا ترى إلى ما يلقون، ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا، أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه ؟! فقال له يزيد أتحب أنك ظفرت هاهنا وأن أمير المؤمنين بمكانه الذي هو به يفرج عنه ويسلّم إلى عدوّه ؟! قال: سبحان الله ، لا والله ما أحب ذلك. قال: فإنهم قالوا لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا عثمان ، أو لتسلمنك إلى عدوّك . قال : فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم ، فصاح فقال : يا أهل الذل والوهن أحين علوتم القوم فظنوا أنكم لهم قاهرون ورفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها ؟! وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها وسنة من أنزلت عليه فلا تجيبوهم أمهلوني فواقا ، فإني قد أحسست بالفتح. قالوا: لا. قال: فأمهلوني عدوة الفرس، فإني قد طمعت في النصر . قالوا إذن ندخل معك في خطيئتك . قال : فحدثوني عنكم - وقد قتل أماثلكم وبقي أراذلكم - متى كنتم محقين ، أحين كنتم تقتلون أهل الشام فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون، أم أنتم الآن في إمساككم عن القتال محقون ؟ فقتلاكم إذن الذين - لا تنكرون فضلهم وكانوا خيرا منكم - في النار. قالوا: دعنا منك يا أشتر قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله . إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا . قال : خدعتم والله فانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم يا أصحاب الجباه السود، كنا نظن أن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوق إلى لقاء الله ، فلا أرى فراركم إلّا إلى الدنيا من الموت ألا فقبحا يا أشباه النيب الجلالة، ما أنتم برائين بعدها عزا أبدا، فابعدوا كما بعد القوم الظالمون فسبوه وسبهم ، وضربوا بسياطهم وجه ،دابته وضرب

ص: 225

بسوطه وجوه دوابهم، فصاح بهم عليّ فكفوا . وقال الأشتر : يا أمير المؤمنين، احمل الصف على الصف يصرع القوم فتصايحوا إن عليا أمير المؤمنين قد قبل الحكومة ورضى بحكم القرآن ولم يسعه إلا ذلك. قال الأشتر : إن كان أمير المؤمنين قد قبل ورضي بحكم القرآن، فقد رضيت بما رضي أمير المؤمنين. فأقبل الناس يقولون : قد رضي أمير المؤمنين قد قبل أمير المؤمنين. وهو ساكت لا يبضُ بكلمة، مطرق إلى الأرض. وقال أبو محمد نافع بن الأسود التميمي

ألا أبلغا عني عليا تحية ***فقد قبل الصماء لما استقلت

بنى قبة الإسلام بعد انهدامها*** وقامت عليه قصرة فاستقر

ت كأن نبيا جاءنا حين هدمها ***بما سن فيها بعد ما قد أبرت

قال: ولما صدر عليّ من صفين أنشأ يقول:

وكم قد تركنا في دمشق وأرضها ***من أشمط موتور وشمطاء ثاكل

وغانية صاد الرماح حليلها ***فأضحت تعد اليوم إحدى الأرامل

تبكي على بعل لها راح غاديا ***فليس إلى يوم الحساب بقافل

وإنا أناس ما تصيب رماحنا ***إذا ما طعنا القوم غير المقاتل

قال :وقال الناس قد قبلنا أن نجعل القرآن بيننا وبينهم حكما. وبعث معاوية

أبا الأعور السلمي على برذون أبيض ، فسار بين الصفين : صف أهل العراق وصف أهل الشام، والمصحف على رأسه وهو يقول: كتاب الله بيننا وبينكم . فأرسل معاوية إلى علي: إن الأمر قد طال بيننا وبينك، وكل واحد منا يرى أنه على الحق فيما يطلب من صاحبه ، ولن يعطي واحد منا الطاعة للآخر، وقد قتل فيما بيننا بشرّ كثير، وأنا أتخوف أن يكون ما بقي أشد مما مضى، وإنا سوف نسأل الموطن، ولا يحاسب به غيري وغيرك، فهل لك في أمر لنا ولك فيه حياة وعذر وبراءة، وصلاح للأمة، وحقن للدماء، وألفة للدين، وذهاب للضغائن والفتن: أن

عن

ذلك

ص: 226

يحكم بيننا وبينك حكمان رضيان، أحدهما من أصحابي والآخر من أصحابك ،

فيحكمان بما في كتاب الله بيننا، فإنه خير لي ولك، وأقطع لهذه الفتن فاتق الله فيما دعيت له وارض بحكم القرآن إن كنت من أهله . أهله. والسلام

فكتب إليه عليّ بن أبي طالب من عبد الله على أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان. أما بعد، فإن أفضل ما شغل به المرء نفسه اتباع ما يحسن به فعله، ويستوجب فضله، ويسلم من عيبه. وإن البغي والزور يزريان بالمرء في دينه و دنياه ويبديان من خلله عند من يغنيه ما استرعاه الله ما لا يغني عنه تدبيره. فاحذر الدنيا فإنه لا فرح في شي وصلت إليه منها . ولقد علمت أنك غير مدرك ما قضي فواته . وقد رام قوم أمراً بغير الحق فتأولوا على الله تعالى، فأكذبهم ومتعهم قليلا ثم اضطرهم إلى عذاب غليظ . فاحذر يوما يغتبط فيه من أحمد عاقبة عمله، ويندم فيه من أمكن الشيطان من قياده ولم يحاده فغرته الدنيا واطمأن إليها. ثم إنك قد دعوتني إلى حكم القرآن، ولقد علمت انك لست من أهل القرآن، ولست

حكمه تريد . والله المستعان . وقد أجبنا القرآن إلى حكمه، ولسنا إياك أجبنا. ومن

لم يرض بحكم فقد ضل ضلالا بعيدا . (1)

ص: 227


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 490 - 494 .

[ الكتاب (49)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: اما بعد فان الدنيا مشغلة... الى آخره، عن نصر بن مزاحم : ان هذا الكتاب كتبه كتبه الى

عمرو بن العاص، وفيه زيادة واختلاف يسير (1)

روبن قال العرشي في التخريج ما نصّه : رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين

(60) و (269) والدينوري في الاخبار الطوال ( 174) انتهى(2)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212 ه-) في حديث عمر بن سعد، قال: في وقعة صفين» في حدیث عر بن سعد ، قال : وكتب إلى عمرو بن العاص : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص . أما بعد، فإن الدنيا مشغلة عن غيرها، وصاحبها مقهور فيها، لم يصب منها شيئا قط إلا فتحت له حرصا ، وأدخلت عليه مؤونة تزيده رغبة فيها، ولن يستغنى صاحبها بما نال عما لم يبلغه ، ومن وراء ذلك فراق ما جمع ، والسعيد من وعظ بغيره. فلا تحبط أجرك

ص: 228


1- مدارك نهج البلاغة : 102 .
2- راجع : واستناد نهج البلاغة.

أبا عبد الله ، ولا تجارين معاوية في باطله فإن معاوية غمص الناس وسفه

الحق والسلام(1)

ص: 229


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 110 .

[ الكتاب( 50)]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: «الكتاب الخمسون، اما بعد فان حقا على الوالي ان لايغيره على رعيته فضل اله ... الى آخره .[ ج 2 ص 88] رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين». انتهى . (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري ( ت / 212 ه-) في وقعة صفين» في حديث عمر بن سعد ، قال : وكتب إلى أمراء الجنود: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، من عبد الله علي أمير المؤمنين. أما ،بعد ، فإن حق الوالي ألا يغيره على رعيته أمر ناله ولا أمر خص به، وأن يزيده ما قسم الله له دنوا من عباده وعطفا عليهم. ألا وإن لكم عندي ألا أحتجز دونكم سرا إلا في حرب، ولا أطوي عنكم أمرا إلا في حكم، ولا أؤخر حقا لكم عن محله

ولا أرزاكم شيئا، وأن تكونوا عندي في الحق سواء. فإذا فعلت ذلك وجبت عليكم النصيحة والطاعة. فلا تنكصوا عن دعوتي، ولا تفرطوا في صلاح دينكم من دنياكم، وأن تنفذوا لما هو الله طاعة، ولمعيشتكم صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق ولا يأخذكم في الله لومة لائم. فإن أبيتم أن تستقيموا لي

ص: 230


1- راجع : استناد نهج البلاغة

على ذلك لم يكن أحد أهون على ممن فعل ذلك منكم ، ثم أعاقبه عقوبة لا يجد عندي فيها هوادة فخذوا هذا من أمرائكم، وأعطوهم من أنفسكم، يصلح الله أمركم . والسلام» (1)

ونقل أبو جعفر الإسكافي ( ت / 220 ه-) في المعيار والموازنة تحت عنوان: ذكر قبسات من حججه البالغة وكتبه المنيرة وسيرته الميمونة ورأيه الصائب وتدبيره الباهر ، قال : ذكروا أن رجلا قام إليه يقال له : أبو بردة - وكان ممن تخلف عنه يوم الجمل - فقال : يا أمير المؤمنين أرأيت القتلى حول عائشة وطلحة والزبير ؟ بم قتلوا ؟

قال: بمن قتلوا من شيعي وعمالي، وقتلهم أخا ربيعة العبدي رحمة الله عليه في عصابة من المسلمين قالوا: لا ننكث كما نكشتم، ولا نغدر كما غدرتم. فقتلوهم، فسألتهم أن يدفعوا إلي قتلة إخواني منهم ، أقتلهم بهم ، ثم كتاب الله بيني وبينهم حكم ، فأبوا وقاتلوني وفي أعناقهم بيعتي، ودماء قريب من ألف إنسان من المسلمين من شيعتي، فقاتلتهم بهم، أو في شك أنت من ذلك ؟ فقال : قد كنت في شك، فأما الآن فقد عرفت واستبان لي خطأ القوم، وأنك

المهتدي المصيب. فشهد معه وقعة صفّين.

وذكروا أنه كتب إلى معاوية بن أبي سفيان: من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام إلى معاوية، أما بعد، فإن الله أنزل علينا كتابه فلم يدعنا في شبهة، ولا عذر لمن ركب ذنبا بجهالة والتوبة مبسوطة ، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (2) ، وأنت أول

ص: 231


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 107
2- اقتباس من قوله تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبَّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (الأنعام: 164) ، وقوله : ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا

(1)

من شرع الخلاف متماديا في غرّة الامل ، مختلف العلانية والسريرة رغبة في العاجل، وتكذيبا بعد في الأجل، وكأنك قد تذكرت ما مضى منك ، فهم تجد إلى الرجوع سبيلا.

وكتب أيضا إلى عمرو بن العاص : من عبد الله أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب إلى عمرو بن العاصي، أما بعد فإن الذي أعجبك مما تلويت من الدنيا، ووثقت به منها منفلت منك، فلا تطمئن إلى الدنيا فإنها غرارة، ولو اعتبرت بما مضى حذرت ما بقي وانتفعت منها بما وعظت به ولكن أتبعت هواك وآثرته، ولولا ذلك لم تؤثر على ما دعوناك إليه لأنا أعظم الرجاء وأولى

بالحجة، والسلام. ثم كتب علیه السلام إلى أمراء الجنود وأمراء الخراج: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، من عبد الله على أمير المؤمنين إلى أصحاب المسالح . اما بعد، فإنه حق على الوالي أن لا يغيره عن رعيته فضل ناله، ولا فضل مرتبة خص بها وأن يزيده ما قسم الله له دنوا من عباده وعطفا عليهم، ألا وإن لكم عندي أن لا أحتجز دونكم سرا إلا سرا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلا في حكم ، ولا أؤخر النعمة بكم عن محله وأن تكونوا عندي في الحق سواء، فإذا فعلت ذلك وجبت الله عليكم النعمة ولي عليكم الطاعة، وأن لا تنكصوا عن دعوة، ولا تفرطوا في صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق ، فإن أنتم لم تسمعوا لي على ذلك، لم يكن أحد أهون عليّ

محمد

ص: 232


1- كنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الاسراء : (15) ، وقوله : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) (فاطر: (18) ، وقوله : (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ الله غَنِي عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى ن رَبِّكُم مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ (الزمر: 7) ، وقوله : ( ألا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (النجم: 38) .

ممن فعل ذلك منكم ، ثم أعظم فيه عقوبته، ولا يجدي عندي فيها رخصة ، فخذوا هذا من أمرائكم وأعطوا من أنفسكم هذا يصلح الله لكم أمركم ، والسلام(1)

ص: 233


1- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي : 102 - 104

[ الكتاب (51)]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: ( رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين )

(58) . (انتهى) (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم

المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفّين» في حديث عمر بن سعد، قال : وكتب إلى أمراء الخراج بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى أمراء الخراج أما بعد فإنه من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدم لنفسه ولم يحرزها. ومن اتبع هواه وانقاد له على ما يعرف نفع عاقبته عما قليل ليصبحن من النادمين ألا وأن أسعد الناس في الدنيا من عدل عما يعرف ضره، وإن أشقاهم من اتبع هواه فاعتبروا واعلموا أن لكم ما قدمتم من خير ، وما سوى ذلك وددتم لو أن بينكم وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف ورحيم بالعباد (2).

وإن عليكم ما فرطتم فيه ، وإن الّذي طلبتم ليسير، وإن ثوابه لكبير . ولو لم يكن فيما نهى عنه من الظلم والعدوان عقاب يخاف ، كان في ثوابه مالا عذر لأحد بترك

ص: 234


1- راجع : استناد نهج البلاغة .
2- اقتباس من قوله تعالى : ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (آل عمران : 30).

طلبته، فارحموا ترحموا ، ولا تعذبوا خلق الله ، ولا تكلفوهم فوق طاقتهم، وأنصفوا الناس من أنفسكم، واصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعية . لا تتخذن حجابا ، ولا تحجبن أحدا عن حاجته حتى ينهيها إليكم . ولا تأخذوا أحدا بأحد إلا كفيلا عمّن كفل عنه، واصبروا أنفسكم على ما فيه الاغتباط، وإياكم وتأخير العمل ودفع الخير، فإن في ذلك الندم والسلام(1) .

وروى أبو جعفر الإسكافي (ت / 220 ه-) في المعيار والموازنة»: كتاب أمير المؤمنين علیه السلام إلى أصحاب الخراج قال وذكروا أيضا أن أمير المؤمنين علي بن أبي

طالب علیه السلام كتب إلى أصحاب الخراج من عبد الله على أمير المؤمنين إلى أصحاب الخراج ، سلام عليكم . أما بعد فإنه من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدم لنفسه ما يحررها ومن اتبع هواه وانقاد له وآثر ذلك على ما يعرف أهلك نفسه وعما قليل ليصبحن نادمين ألا وإن أسعد الناس في الدنيا من عدل عما يعرف ضره، وإن

أشقاهم من اتبع هواه. فاعتبروا واعلموا أن لكم ما قدمتم من خير وما كان مما سوى ذلك ، وددتم لو أن بينكم وبينه أمدا بعيدا ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤوفُ بِالْعِبَادِ) (2) . واعلموا أن عليكم وبال ما فرطتم فيه ، وأن الذي كلفتم ليسير ، وأن ثوابه لكبير . ولو لم يكن فيما نهى الله عنه من البغي والعدوان عقاب يخاف، كان ثوابه ما لا عذر لاحد بترك طلبه، فارحموا ترحموا ، ولا تعذبوا خلق الله ولا

تكلفوهم فوق طاقتهم وأنصفوا الناس من أنفسكم، واصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعية . ولا تتخذوا حجابا ، ولا تحبسوا أحدا عن حاجته، ولا تأخذوا أحدا بأحد إلّا كفيلا عمن كفل عنه واصبروا أنفسكم على ما فيه اغتباطكم وإياكم وتأخير العمل بالتواني والعلل، ودفع الخير بالكسل، فإن في ذلك حرمان الابد.

ص: 235


1- وقعة صفّين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 108
2- آل عمران: 30

وخذوا على أيدي سفهائكم، واحترسوا أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنا فيرد علينا وعليكم دعاؤنا، ولذلك قال الله : ( قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ )(1)وإن الله إذا مقت قوما أهلكهم، فلا تدخروا أنفسكم خيرا، ولا الجند حسن سيرة، ولا الرعية معونة ولا دين الله قوة، وأبلوا قوتكم في سبيله ما استوجب عليكم فإن الله قد اصطنع عندنا وعندكم فيحب أن نشكره جهدنا وأن ننصره ما بلغت ،قوتنا، ولا قوة إلا بالله (2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال عن عبد الملك بن عمیر ، قال أخبرني رجل من ثقيف قال : استعملني علي بن أبي طالب على برج سابور فقال: «لا تضربن رجلا سوطا في جباية درهم، ولا تبيعن لهم رزقا ولا كسوة شتاء ولا صيف ولا دابة يعلمون عليها، ولا تقم رجلا قائما في طلب درهم. قلت: يا أمير المؤمنين إذن أرجع اليك كما ذهبت من عندك، قال: وإن رجعت كما ذهبت، ويحك إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو يعني الفضل (ص)(3)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 985 ه-) في كنز العمال عن رجل من ثقيف ، قال : استعملني عليّ بن أبي طالب على عكبرا فقال لي وأهل الأرض عندي أن أهل السواد قوم خدع ، فلا يخدعنك فاستوف ما عليهم ، ثم قال لي : رح إليّ فلما رجعت إليه ، قال لي : إنما قلت لك الذي قلت لك الذي قلت لأسمعهم، لا تضربن رجلا منهم سوطا في طلب درهم ولا تقمه قائما ولا تأخذن شاة

منهم ولا بقرة، إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو ؟ أتدري ما العفو؟ الطاقة». (ابن زنجويه

في الأموال) (4)

ص: 236


1- الفرقان : 77
2- المعيار والموازنة ؛ لأبي جعفر الإسكافي : 122 - 123 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 4 : 508 ، ح 11488 .
4- كنز العمال للمتقي الهندي 5: 773 ، ح 9 14349 .

[ الكتاب (52 ) ]

قال الجلالي: تقدم الاسناد عن الطوسي ( ت / 460 ه-) في الكتاب (27)

ما يتضمن هذا المعنى، فراجع.

ص: 237

[ الكتاب ( 53 ) ]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: « قوله علیه السلام: هذا ما أمر به عبد الله عليّ أمير المؤمنين مالك بن الحارث الاشتر ... إلى آخره. في كتاب تحف العقول للشيخ الجليل محمّد الحسن بن علي بن شعبة المتوفى سنة 332 قال عهده إلى الاشتر حين ولاه مصر وأعمالها هذا ما أمر به عبدالله عليّ أمير المؤمنين علیه السلام ...إلى آخر العهد المذكور هنا، وبين العهدين - عهدي النهج والتحف - إختلاف في زيادة بعض الفقرات ونقصانها، وفي بعض الالفاظ والكلمات . قال الفاضل ابن أبي الحديد في شرحه [ص 28 ج 2] إن الاليق أن يكون الكتاب الذي كان معاوية ينظر فيه ويعجب منه ويفتي به ويقضي بقضاياه وأحكامه هو عهد علي علیه السلام إلى الاشتر، فانه نسيج وحده، ومنه تعلم الناس الآداب والقضايا

والاحكام والسياسة، وحقيق بمثله أن يقتنى في خزائن الملوك» (1)

قال العرشي في التخريج ما نصه: رواه الحرّاني في تحف العقول (28).

انتهى .(2)

ص: 238


1- مدارك نهج البلاغة : 103 .
2- راجع استناد نهج البلاغة .

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد عن ابن شعبة الحراني (ت / 336 - ح ) فقد نقله بطوله في تحف العقول ص 84 - 99 ط / 1385ه-، فراجع.

وبالاسناد عن النجاشي ( ت / 450 ه-)، قال: «صعصعة بن صوحان العبدي، روی عهد مالك بن الحارث الاشتر. قال ابن نوح حدثنا علي بن الحسين بن شقير الهمداني، قال: حدثنا علي بن أحمد بن علي بن حاتم التميمي ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا عمرو بن ثابت عن جابر قال : سمعت الشعبي ذكر ذلك عن صعصعة ، قال : لما بعث عليّ علیه السلام مالكا الاشتر كتب إليهم : من عبد الله أمير المؤمنين إلى نفر من المسلمين، سلام عليكم إني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو . أما بعد: فاني قد بعثت إليكم عبدا من عبيد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عن الاعداء، حراز الدوائر لا ناكل من قدم ولا واهن في عزم أشد عباد الله بأسا

، وأكرمهم حسبا، أضرّ على الكفار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، مالك بن الحارث أخا مذحج لا نابي الضريبة، ولا كليل الحد عليم في الجد رزين في الحرب ، نزل اصيب وصبر جميل فاسمعوا وأطيعوا أمره ، فإن أمركم بالنفر فانفروا، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، فانه لا يقدم ولا ي-حج-م لا بأمري، وقد أثرتكم به على نفسي ، لنصيحته لكم وشدة شكيمته على عدوّكم. عصمكم الله بالتقوى وزينكم بالمغفرة، ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وذكر الحديث (1)

وهو

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الفهرست»، قال: «الاصبغ ابن نباتة رحمه الله ، كان الأصبغ من خاصة امير المؤمنين علیه السلام وعمّر بعده، روی عهد مالك الاشتر الّذي عهده إليه أمير المؤمنين علیه السلام لما ولاه مصر، وروى وصية

ص: 239


1- رجال النجاشي : 203 .

امير المؤمنين علیه السلام الى ابنه محمّد بن الحنفية. اخبرنا بالعهد ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن عن الحميري، عن هارون بن مسلم والحسن بن طريف ، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن

جميعا،

نباتة، عن أمير المؤمنين علیه السلام.

واما الوصية، فاخبرنا بها الحسين بن عبيد الله ، عن الدوري، عن محمّد بن

احمد بن أبي الثلج، عن جعفر بن محمّد الحسيني، عن علي ابن عبدك الصوفي عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة المجاشعي ، قال : كتب امير المؤمنين علیه السلام الى ولده محمد بن

الحنفية بوصيته. وروى الدوري عنه ايضا مقتل الحسين بن علي علیه السلام عن احمد بن محمّد بن سعيد ، عن احمد بن يوسف الجعفي، عن محمّد بن يزيد النخعي، عن احمد بن الحسين، عن أبي الجارود، عن الأصبغ ، وذكر الحديث بطوله » .(1)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق»، قال أخبرنا أبو القاسم العلوي، أنا رشاً بن ،نظيف نا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد ابن مروان نا محمّد بن عبد العزيز محمّد بن الحارث عن المدائني ، قال : كتب علي بن أبي طالب علیه السلام إلى بعض عماله رويدا فكأن قد بلغت المدى وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي المغتر بالحسرة ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة.

قال و نا ابن ،مروان نا محمّد بن غالب ، نا أبو حذيفة، عن سفيان الثوري عن زبيد اليامي، عن مهاجر العامري، قال: كتب علي بن أبي طالب علیه السلامعهدا لبعض أصحابه على بلد فيه أما بعد، فلا تطولن حجابك على رعيتك فإن احتجاب

ص: 240


1- الفهرست ، للشيخ الطوسي : 85.

الولاة على الرعية شعبة من الضيق وقلة علم بالأمور ، والاحتجاب يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل، وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به

الأمور ، وليست على القول سمات يعرف بها ضروب الصدق من الكذب فتحصن من الادخال في الحقوق بلين الحجاب، فإنما أنت أحد رجلين إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق فقيم احتجابك من حق واجب أن تعطيه أو خلق كريم تسديه به ، وإما مبتلى بالمنع فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا يئسوا عن ذلك، مع أن أكثر حاجات الناس إليك ما لا مؤنة فيه عليك: من شكاة مظلمة أو

طلب إنصاف ، فانتفع بما وصفت لك واقتصر على حظك ورشدك إن شاء الله»(1)

وبالاسناد الى ابن شهر اشوب ( ت / 588 ه-) ، قال : « الأصبغ بن نباتة روى عهد

مالك الاشتر ووصية امير المؤمنين علیه السلام الى محمّد بن الحنفية . (2)

قال الجلالي : ولا يخفى ان العهد كان اول ما بحثت عن سنده، وذلك لان سيدنا الاستاذ الخوئي دام ظله في بحث الأصول في رجب 82 ه- ليلاً ، قال ما فحواه ان عهد الامام الى مالك الاشتر لم يثبت سنده، وان كان يشبه اسلوب الامام علیه السلام الكن

بمجرد ذلك لا يمكن الاعتماد عليه في مقام الفتوى انتهى كلامه دام ظله. وعلى اثر ذلك شمّرت الساعد لتحصيل ذلك من دون اي مساعد سوى البركات العلوية ممن احتميت بجواره اسد الله الغالب الامام عليّ بن أبي طالب علیه السلام، واسأل الله سبحانه ان يوفقني لاتمامه، وان منع الاجل ان يستمر في

من يجد في نفسه القدرة والكفاءة وكان الله في عون كل مخلص امين. قال ابن أبي الحديد ( ت / 656 ه-) في شرح نهج البلاغة قال إبراهيم

ذلك

ص: 241


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 515 .
2- معالم العلماء : 22 ، ط / 1353ه-.

فحدثني عبد الله محمّد، عن ابن أبي سيف المدائني ، قال : فلم يلبث محمّد بن بكر شهرا كاملا حتى بعث إلى أولئك المعتزلين الذين كان قيس بن سعد موادعا لهم ، فقال : يا هؤلاء، إما أن تدخلوا في طاعتنا، وإما أن تخرجوا من بلادنا. فبعثوا إليه : إنا لا نفعل، فدعنا حتى ننظر إلى ما يصير إليه أمر الناس، فلا تعجل علينا فأبى عليهم، فامتنعوا منه وأخذوا حذرهم . ثم كانت وقعة صفين وهم لمحمّد هائبون، فلما أتاهم خبر معاوية وأهل الشام ، ثم صار الأمر إلى الحكومة وأن عليا وأهل العراق قد قفلوا عن معاوية والشام إلى عراقهم اجترءوا على محمّد بن أبي بكر ، وأظهروا المنابذة له، فلما رأى محمد ذلك بعث إليهم ابن جمهان البلوي، ومعه يزيد بن الحارث الكناني فقاتلاهم، فقتلوهما . ثم بعث إليهم رجلا من كلب فقتلوه أيضا. وخرج معاوية بن حديج من السكاسك يدعو إلى الطلب بدم عثمان ، فأجابه القوم وناس كثير ،آخرون، وفسدت مصر على محمد بن أبي بكر، فبلغ عليا توثَبهم عليه ، فقال : ما أرى لمصر إلا أحد الرجلين: صاحبنا الذي عزلنا بالامس - يعني قيس بن سعد بن عبادة - أو مالك بن الحارث الاشتر، وكان على حين رجع عن صفّين، رد الاشتر إلى عمله بالجزيرة، وقال لقيس بن سعد : أقم أنت معي على شرطتي حتى نفرغ من أمر هذه الحكومة، ثم اخرج إلى أذربيجان ، فكان قيس مقيما على شرطته، فلما أن انقضى أمر الحكومة كتب عليّ

إلى الاشتر، وهو يومئذ بنصيبين: أما بعد، فإنك ممن أستظهر به على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الاثيم، وأسد به الثغر المخوف . وقد كنت وليت محمّد بن أبي بكر مصر، فخرجت عليه خوارج، وهو غلام حدث السن، ليس بذي تجربة للحروب، فأقدم علي لننظر فيما ينبغي. واستخلف على عملك أهل الثقة والنصيحة من أصحابك . والسلام. فأقبل الاشتر إلى عليّ ، واستخلف على عمله شبيب بن عامر الازدي - وهو جد

ص: 242

الكرماني الذي كان بخراسان صاحب نصر بن سيار - فلما دخل الاشتر على عليّ حدثه حديث مصر وخبره خبر أهلها وقال له ليس لها غيرك فاخرج إليها

د، رحمك الله ، فإني لا أوصيك اكتفاء برأيك، واستعن بالله على ما أهمك، واخلط الشدة باللين وارفق ما كان الرفق أبلغ ، واعتزم على الشدة حين لا يغني عنك إلا الشدة. فخرج الاشتر من عنده، فأتى برحله وأتت معاوية عيونه فأخبروه بولاية الاشتر مصر، فعظم ذلك عليه، وقد كان طمع في مصر، فعلم أن الاشتر إن قدم عليها كان أشد عليه من محمّد بن أبي بكر، فبعث إلى رجل من أهل الخراج يثق به وقال له: إن الاشتر قد ولي مصر ، فإن كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيت وبقيت ، فاحتل في هلاكه ما قدرت عليه . فخرج الاشتر حتى انتهى إلى القلزم حيث تركب السفن من مصر إلى الحجاز،

فأقام به ، به ، فقال له ذلك الرجل ، وكان ذلك المكان مكانه : أيها الامير ، هذا منزل فيه طعام ،وعلف، وأنا رجل من أهل الخراج فأقم واسترح ، وأتاه بالطعام حتى إذ طعم سقاه شربة عسل ، قد جعل فيها سما، فلما شربها مات

قال إبراهيم : وقد كان أمير المؤمنين كتب على يد الاشتر كتابا إلى أهل مصر

ذلك الشعبي عن صعصعة بن صوحان:

من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى من بمصر من المسلمين سلام الله عليكم فإنى أحمد الله إليكم، الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإني قد بعثت إليكم عبدا من عباد الله ، لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الاعداء حذار الدوائر. لا ناكل من قدم ولاواه في عزم ، من أشد عباد الله بأسا ، وأكرمهم حسبا أضر على الفجار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، وهو مالك بن الحارث الاشتر، حسام صارم لا نابي الضريبة، ولا كليل الحد ، حليم في السلم، رزين في الحرب، ذو رأي أصيل، وصبر جميل فاسمعوا له وأطيعوا أمره، فإن أمركم بالنفر فانفروا،

ص: 243

وإن أمركم أن تقيموا فاقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري. وقد آثرتكم به على نفسي نصيحة لكم، وشدة شكيمة على عدوكم، عصمكم الله بالهدى وثبتكم بالتقوى، ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله . قال إبراهيم وروى جابر ، عن الشعبي، قال: هلك الاشتر حين أتى عقبة أفيق.

قال إبراهيم : وحدثنا وطبة بن العلاء بن المنهال الغنوي عن أبيه، عن عاصم بن كليب عن أبيه، أن عليا لما بعث الاشتر إلى مصر واليا عليها، وبلغ معاوية خبره بعث رسولا يتبع الاشتر إلى مصر وأمره باغتياله، فحمل معه مزودين فيهما شراب، وصحب الاشتر، فاستسقى الاشتر يوما فسقاه من أحدهما . ثم استسقى يوما آخر منه فسقاه من الآخر، وفيه سم فشربه فمالت عنقه، وطلب

الرجل ففاتهم.

قال إبراهيم وحدثنا محرز بن هشام عن جرير بن عبد الحميد عن مغيرة

الضبي ، أن معاوية دس للاشتر مولى لآل عمر، فلم يزل المولى يذكر للاشتر فضل عليّ وبني هاشم، حتى اطمأن إليه، واستأنس به فقدم الاشتر يوما ثقله أو تقدم ،ثقله فاستسقى ماء، فقال له مولى عمر وهل لك في شربة سويق ؟ فسقاه شربة سويق فيها سم فمات. وقد كان معاوية، قال لاهل الشام لما دس إليه مولى :عمر: ادعوا على الاشتر، فدعوا عليه، فلما بلغه ،موته قال: ألا ترون كيف

استجيب لكم؟

قال إبراهيم : وقد روى من بعض الوجوه أن الاشتر قتل بمصر بعد قتال شديد.

والصحيح أنه سقي سما فمات قبل أن يبلغ مصر . قال إبراهيم وحدثنا محمّد بن عبد الله بن عثمان ، عن علي بن محمّد بن أبي سيف المدائني، أن معاوية أقبل يقول لاهل الشام أيها الناس، إن عليا قد وجه الاشتر إلى مصر، فادعوا الله أن يكفيكموه، فكانوا يدعون عليه في دبر كل صلاة

ص: 244

وأقبل الذي سقاه السم إلى معاوية، فأخبره بهلاك الاشتر، فقام معاوية في الناس خطيبا، فقال: أما بعد، فإنه كان لعلي بن أبي طالب يدان يمينان، فقطعت إحداهما

يوم صفين وهو عمار بن ياسر ، وقد قطعت الأخرى اليوم، وهو مالك الاشتر. قال إبراهيم : فلما بلغ عليا موت الاشتر، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد الله رب العالمين اللهم إني أحتسبه عندك ، فإن موته من مصائب الدهر. ثم قال: رحم الله مالكا، فلقد وفي بعهده، وقضى نحبه (1) ، ولقى ربه، مع أنا قد وطنا أنفسنا

أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فإنها من أعظم المصيبات.

قال إبراهيم : وحدثنا محمّد بن هشام المرادي عن جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة الضبي قال : لم يزل أمر علي شديد حتى مات الاشتر، وكان الاشتر بالكوفة أسود من الاحنف بالبصرة.

قال إبراهيم : وحدثنا محمّد بن عبد الله ، عن ابن أبي سيف المدائني ، عن جماعة من أشياخ النخع، قالوا: دخلنا على أمير المؤمنين حين بلغه موت الاشتر، فوجدناه يتلهف ويتأسف عليه، ثم قال الله در مالك ! وما مالك ! لو كان من جبل

لكان فندا ، ولو كان من حجر لكان صلدا، أما والله ليهدن موتك عالما، وليفرحن عالما، على مثل مالك فلتبك البواكي ! وهل موجود كمالك ؟! قال علقمة بن قيس النخعي: فما زال على يتلهف ويتأسف حتى ظننا أنه

المصاب به دوننا، وعرف ذلك في وجهه أياما .

قال إبراهيم : وحدثنا محمّد بن عبد الله، عن المدائني، قال حدثنا مولى

للاشتر، قال : لما هلك الاشتر أصيب في ثقله رسالة علي إلى أهل مصر: من عبد الله أمير المؤمنين إلى النفر من المسلمين الذين غضبوا الله إذ عصى في

ص: 245


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مِّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب : 23) .

الارض، وضرب الجور برواقه على البرّ والفاجر، فلا حق يستراح إليه ، ولا منكر يتناهى عنه . سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو . أما بعد ، فقد وجهت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام في الخوف، ولا ينكل من الاعداء، حذار الدوائر ، أشد على الكافرين من حريق النار، وهو مالك بن الحارث الاشتر أخو

مذحج فاسمعوا له وأطيعوا ، فإنه سيف من سيوف الله لا نابي الضريبة، ولا كليل الحد، فإن أمركم أن تقيموا فأقيموا ، وإن أمركم أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن تحجموا فاحجموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته وشدة شكيمته على عدوّه، عصمكم الله بالحق، وثبتكم بالتقوى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال إبراهيم: وحدثنا محمد بن عبد الله عن المدائني ، عن رجاله، أن محمّد ابن أبي بكر لما بلغه أن عليا قد وجّه الاشتر إلى مصر، شقّ عليه، فكتب علیه السلام إليه عند مهلك الاشتر :

أما بعد، فقد بلغني موجدتك من تسريح الاشتر إلى عملك، ولم أفعل ذلك استبطاء لك عن الجهاد، ولا استزادة لك منّي في الجد، ولو نزعت ما حوت يداك من سلطانك لوليتك ما هو أيسر مؤنة عليك، وأعجب ولاية إليك ، ألا أن الرجل الذي وليته ،مصر ، كان رجلا لنا مناصحا ، وهو على عدوّنا شديد، فرحمة الله عليه، فقد استكمل أيامه، ولاقى حمامه، ونحن عنه راضون، فرضي الله عنه ، عنه، وضاعف له الثواب وأحسن له المآب. فأصحر لعدوّك وشمر للحرب، وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأكثر ذكر الله والاستعانة به ، والخوف منه ، يكفك ما همك، ويعنك على ما ولاك . أعاننا الله وإياك على ما لا ينال إلّا برحمته والسلام.

قال فكتب محمّد بن أبي بكر إليه جوابه إلى عبد الله أمير المؤمنين من محمّد بن أبي بكر: سلام عليك، فإني أحمد

ص: 246

إليك الله الّذي لا إله إلا هو. أما بعد فقد انتهى إلى كتاب أمير المؤمنين وفهمته، وعرفت ما فيه، وليس أحد من الناس أشدّ على عدوّ أمير المؤمنين، ولا أرأف وأرق لوليه منّي . وقد خرجت فعسكرت، وأمنت الناس إلا من نصب لنا حربا ، وأظهر لنا خلافا ، وأنا أتبع أمر أمير المؤمنين، وحافظ ولاجئ إليه وقائم به ، والله المستعان على كل حال والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته . (1) وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال عن علي

قال: «القضاة ثلاثة (كر). (2)

وعن قتادة عن أبي العالية، عن علي قال القضاة ثلاثة ؛ فاثنان في النار وواحد في الجنة ، فأما اللذان في النار : فرجل جار على الحق متعمدا، ورجل اجتهد برأيه فأخطأ، وأما الذي في الجنة فرجل اجتهد برأيه في الحق ،فأصاب، فقلت لابي

العالية ما بال هذا الذي اجتهد برأيه في الحق فأخطأ ؟ قال : لو شاء لم يجلس يقضي وهو لا يحسن يقضي». (هق. وقال في تفسير أبي العالية دليل على وزر

من اجتهد برأيه وهو غير أهل الاجتهاد ) .(3)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال ، عن مهاجر بن

عامري ، قال : كتب علي بن أبي طالب عهدا لبعض أصحابه على بلد فيه : أما بعد فلا تطولن حجابك على رعيتك فان احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق

وقلة علم من الامور والاحتجاب يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح ويشاب الحق بالباطل، إنما الوالى بشرٌ لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور، وليست على القول سمات

ص: 247


1- شرح نهج البلاغه ؛لابن ابی حدید 77-73:6.
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 5: 801
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 5 : 801 ، ح 14426

يعرف بها صروف الصدق من الكذب، فيحصن من الادخال في الحقوق بلين الحجاب فانما أنت أحد رجلين : إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من حق تعطيه أو خلق كريم تسدّ به، وإما مبتلى بالمنع ، فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا يئسوا عن ذلك، مع أن أكثر حاجات الناس إليك لا مؤنة فيه عليك من شكاة مظلمة أو طلب إنصاف، فانتفع بما وصفت لك واقتصر على حظك ورشدك إن شاء الله . (الدينوري، كر) (1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال عن المدايني قال : كتب عليّ بن أبي طالب إلى بعض عماله رويدا، فكأن قد بلغت المدى وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي المغتر بالحسرة ويتمنى المضيع

التوبة والظالم الرجعة (الدينوري، كر )(2)

ص: 248


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13: 185 الهندي 13 : 185 ، ح 36553
2- كنز العمال للمتقي الهندي 13: 185 ، ح 1851 ح 36554

[ الكتاب (54) ]

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج : « قوله علیه السلام: اما بعد فقد

علمنا ... الى آخره . ، ذكر هذا الكتاب في كشف الغمة ) .(1)

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « رواه ابن قتيبة في الامامة والسياسة (72) ، وأعثم الكوفي في كتاب الفتوح [مناقب ابن شهر آشوب [ج 2 ص 90] .

انتهى وقال حفظه الله في المقدمة : « وقال الجامع: إن هذ الكتاب ذكره أبو جعفر الاسكافي في كتاب المقامات في مناقب أمير المؤمنين. وكان الاسكافي من المعتزلة وأحد سكان حارة الاسكاف ببغداد، وكان إمام المعتزلة ومؤسس الفرقة الاسكافية، قال ابن أبي الحديد ، عن قاضي القضاة أنه في الطبقة السادسة من طبقات المعتزلين . وعاصر الاسكافي الجاحظ، ورد على كتابه العثمانية. وكان معتزلوا بغداد يفضلون عليا علیه السلام على الصحابة أجمعين وكان الاسكافي أحدهم، وتوفي في 240ه- [854 م ] ، كما قال السمعاني في كتاب الأنساب [ 35 الف ] وابن أبي الحديد في الشرح [ج 2 ص 332] . ولم يذكر

ص: 249


1- مدارك نهج البلاغة : 103 .

ابن النديم وصاحب كشف الظنون كتابه هذا، مما يدل على أن الكتاب لم يتداول

بين العلماء» (1)

ص: 250


1- استناد نهج البلاغة ص 16 ، ط / 1957م.

[ الكتاب (56) ]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفين»، عن عمر بن سعد، حدثني يزيد بن خالد بن قطن، أن عليا حين أراد المسير إلى النخيلة دعا زياد بن النضر، وشريح بن هانئ - وكانا على مذحج والأشعريين - قال : يا زياد، اتق الله في كل ممسى ومصبح، وخف على نفسك الدنيا الغرور، ولا تأمنها على حال من البلاء، واعلم أنك إن لم تزع نفسك عن كثير مما يحب مخافة مكروهة، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضر. فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي والظلم والعدوان، فإني قد وليتك هذا الجند، فلا تستطيلن عليهم، وإن خيركم عند الله أتقاكم وتعلم من عالمهم، وعلم ،جاهلهم ، واحلم عن سفيههم ، فإنك إنما تدرك الخير بالحلم وكف الأذى والجهل. فقال زياد أوصيت يا أمير المؤمنين حافظا لوصيتك، مؤدبا بأدبك، يرى

الرشد في نفاذ أمرك، والغي في تضييع عهدك.

فأمرهما أن يأخذا في طريق واحد ولا يختلفا، وبعثهما في اثني عشر ألفا على

مقدمته شريح بن هانئ على طائفة من الجند، وزياد على جماعة.

ص: 251

فأخذ شريح يعتزل بمن معه من أصحابه على حدة، ولا يقرب زياد بن النضر فكتب زياد إلى علي علیه السلام مع غلام له أو مولى يقال له : شوذب لعبد الله عليّ أمير

المؤمنين من زياد بن النضر ، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو . أما بعد، فإنك وليتني أمر الناس، وإن شريحا لا يرى لي عليه طاعة ولا حقا، وذلك من فعله بى استخفاف بأمرك، وترك لعهدك، والسلام.

وكتب شريح بن هانئ : سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما ،بعد، فإن زياد بن النضر حين أشركته في أمرك، ووليته جندا من جنودك ، تنكّر واستكبر و مال به العجب والخيلاء والزهو إلى ما لا يرضاه الرب تبارك وتعالى من القول والفعل. فإن رأى أمير المؤمنين أن يعزله عنا ويبعث مكانه من يحب

فليفعل، فإنا له كارهون .والسلام

فكتب إليهما عليّ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى زياد بن النضر وشريح بن هانئ سلام عليكما، فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو . أما بعد ، فإني قد وليت مقدمتي زياد بن النضر وأمرته عليها، وشريح على طائفة منها ،أمير، فإن أنتما جمعكما بأس فزياد بن النضر على الناس، وإن افترقتما فكل واحد منكما أمير الطائفة التي وليناه أمرها واعلما أن مقدمة القوم عيونهم وعيون المقدمة طلائعهم، فإذا أنتما خرجتما من بلادكما فلا تسأما من توجيه الطلائع، ومن نقض الشعاب والشجر والخمر في كل جانب كي لا يغتركما عدوّ ، أو يكون لكم كمين. ولا تسيرن الكتائب والقبائل من لدن الصباح إلى المساء إلا على تعبية فإن دهمكم داهم أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدمتم في التعبية. وإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال، أو أثناء الأنهار، كي ما يكون ذلك لكم ردءا ، وتكون مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين واجعلوا رقباءكم في صياصي الجبال ، وبأعالي الأشراف، ومناكب

ص: 252

الهضاب يرون لكم لئلا يأتيكم عدو من مكان مخافة أو أمن، وإياكم والتفرق، فإذا نزلتم فانزلوا جميعا، وإذا رحلتم فارحلوا جميعا، وإذا غشيكم ليل فنزلتم فحفوا عسكركم بالرماح والأترسة، ورماتكم يلون ترستكم ورماحكم وما أقمتم فكذلك فافعلوا كي لا تصاب لكم غفلة، ولا تلفى منكم غرة، فما قوم حفوا عسكرهم برماحهم وترستهم من ليل أو نهار إلا كانوا كأنهم في حصون واحرسا عسكر كما بأنفسكما، وإياكما أن تذوقا نوما حتى تصبحا إلّا غرارا أو مضمضة ، ثم ليكن ذلك شأنكما ودأبكما حتى تنتهيا إلى عدوكما.

وليكن عندي كل يوم خبر كما ورسول من قبلكما ، فإني - ولا شئ إلا ما شاء الله حثيث السير في آثاركما عليكما في حربكما بالتؤدة، وإياكم والعجلة إلّا أن تمكنكم فرصة بعد الإعذار والحجة. وإياكما أن تقاتلا حتى أقدم عليكما إلّا أن

تبدأ أو يأتيكما أمري إن شاء الله . والسلام (1)

ص: 253


1- وقعة صفّين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 121 - 125 .

[ الكتاب (60) ]

قال العرشي في التخريج ما نصه : « قوله علیه السلام: فإني قد سيرت جنوداً هي مارة بكم.... الى آخره . ج 2 ص 128] رواه ابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين اج (68) بتغيير الالفاظ » . ( انتهى )(1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212ه-) في وقعة صفين»، قال: وفي حديث عمر أيضا بإسناده، ثم قال: إن عليا كتب إلى أمراء الأجناد: بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من عبد الله عليّ أمير المؤمنين، أما بعد، فإني أبرأ إليكم وإلى أهل الذمة من معرّة الجيش، إلا من جوعة إلى شبعة ومن فقر إلى غنى ، أو عمى إلى هدى، فإن ذلك عليهم . فاعزلوا الناس عن الظلم والعدوان، وخذوا على أيدي سفهائكم، واحترسوا أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنا فيرد علينا وعليكم دعاءنا ، فإن الله تعالى يقول: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَاً ) (2) . فإن الله إذا مفت قوما السماء هلكوا في الأرض، فلا تألوا أنفسكم خيرا، ولا الجند حسن سيرة،

ص: 254


1- راجع : استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
2- الفرقان : 77

ولا الرعية معونة، ولا دين الله قوة، وأبلوا في سبيله ما استوجب عليكم ، فإن الله قد اصطنع عندنا وعندكم ما يجب علينا أن نشكره بجهدنا، وأن ننصره ما بلغت قوتنا ولا قوة إلّا بالله . وكتب أبو ثروان» (1)

ص: 255


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 125 .

[ الكتاب (61)]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري (ت / 279ه-) في أنساب الأشراف تحت عنوان: السابع من غارات معاوية: غارة عبدالرحمن بن قباث بن أشيم الكناني على الجزيرة » ، قال : قالوا: وكان كميل بن زياد النخعي على هيت في جند من شيعة علي علیه السلام فلما أغار سفيان بن عوف على الانبار، كان كميل قد أتى ناحية قرقيسيا لمواقعة قوم بلغه انهم قد أجمعوا على أن يغيروا على هيت ونواحيها، فقال : أبدوهم قبل أن يبدؤني فإنه يقال : ابدأهم بالصراخ يفر فاستخلف على هيت وشخص بجميع أصحابه، فلما قربهم جيش سفيان عبر أهل هيت ومن بقي بها من أصحاب كميل وكانوا خمسين رجلا، فأغضب ذلك عليا ،وأحفظه ، فكتب إليه : ان تضييع المرء ما ولي وتكلّفه ما كفي عجز حاضر، وإن تركك عملك وتخطيك إياه إلى قرقيسيا خطأ وجهل ورأي شعاع . ووجد عليه وقال : إنه لا عذر لك عندي فكان كميل مقيما على نجوم وغم لغضب عليّ، فبينا هو على ذلك إذ أتاه كتاب شبيب بن عامر الازدي من نصيبين في رقعة كأنها لسان كلب يعلمه فيه أن عينا له كتب إليه يعلمه أن معاوية قد وجه عبد الرحمان بن قبات نحو الجزيرة، وانه لا يدري أيريد ناحيته أم ناحية الفرات

ص: 256

وهيت . فقال :كميل : إن كان ابن قباث يريدنا لنتلقينه، وإن كان يريد إخواننا بنصيبين لنعترضنه فإن ظفرت أذهبت موجدة أمير المؤمنين فأعتبت عنه وإن استشهدت فذلك الفوز العظيم، وإني لممن رجوت الاجر الجزيل، فأشير عليه باستيمار عليّ فأبى ذلك ونهض يريد ابن قباث في أربع مأة ،فارس، وخلف رجالته وهم ستمأة في هيت، وجعل يحبس من لحقه ليطوي الاخبار عن عدوه، وأتاه الخبر بانحيازه من الرقة نحو رأس العين، ومصيره إلى كفرتونا، وكان ينشد في طريقه كثيرا:

يا خير من جر خير القدر*** فالله ذو الآلاء أعلى وأبر

يخذل من شاء ومن شاء نصر

ثم أغذ السير نحو كفرتوثا، فتلقاه ابن قباث ومعن بن يزيد السلمي بها في أربعمأة وألفين فواقعهما كميل ففض عسكرهما وغلب عليه وقتل من أصحابهما بشرا ، فأمر أن لا يتبع مدبرا ولا يجهز على جريح، وقتل من أصحاب كميل رجلان، وكتب بالفتح إلى عليّ ، فجزاه الخير وأجابه جوابا حسنا» (1)

ص: 257


1- انساب الاشراف ؛ للبلاذري : 473 .

[ الكتاب (63) ]

قال العرشي في التخريج ما نصّه : الكتاب الثاني والستون الى أهل مصر: أما بعد، فان الله سبحانه بعث محمداً نذيراً للعالمين ... الى آخره. [ ج 3 ص 130]

روى الثقفي في كتاب الغارات [ابن أبي الحديد[ ج 1 ص 295] خطبة طويلة فيها بعض ماروي في هذا الكتاب». انتهى .(1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الثقفي

(ت / 283 ه-) وقد تقدم في الخطبة ،(26) فراجع.

ص: 258


1- استناد نهج البلاغة . وط / 1957

[ الكتاب (66) ]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت 1360ه-) في التخريج : « قوله علیه السلام: اما بعد، فان

المرء ليفرح ... الى آخره، ذكر في تحف العقول مع اختلاف في بعض الالفاظ وكذلك ذكره في كتاب اعجاز القرآن وذكر اليعقوبي كتابا الى ابن عباس وفيه فقرات من هذا الكتاب ، قال : وكان ابن عباس يقول : ما اتعظت بكلام قط اتعاظي بكلام أمير المؤمنين علیه السلام (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني( ت / 328ه-) بالاسناد المتقدم في الكتاب رقم (22)، فراجع وبالاسناد عن الموفق الخوارزمي ( ت / 568ه-) في المناقب ، قال : أنبأني مهذب الائمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمّد الهمداني - نزيل بغداد - أخبرني فيدر بن عبد الرحمان ابن شاذي، أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون، أخبرنا أبو بكر أحمد الرحمان الشيرازي ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن يعقوب المديني، قال: حدثنى الحسين بن جعفر بن عبد الله، حدثنا علي بن الحسن القطان، حدثنا الاصمعي، عن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه، عن جده، قال: قال

ص: 259


1- مدارك نهج البلاغة : 102 .

عبد الله بن عباس ما انتفعت بشي بعد النبي صلی الله علیه و آله وسلم انتفاعي بكلمات كتب الي بهن

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام كتب إلي : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أما بعد ، فإن المرء قد يفرح بادراك ما لم يكن يفوته ويحزن لفوت ما لم يكن يدركه، فإذ أتاك الله في الدنيا شيئا فلا تكثرن به فرحا ، وإذا فاتك منها شي فلا تكثرن عليه حزنا ، وليكن همك لما بعد الموت والسلام (1)

وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق»: أخبرنا أبو 571

عبد الله البلخي ، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون ، أنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم أنا أحمد بن إسحاق الطيبي أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين ، نا أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي، نا نصر بن مزاحم، نا عمر بن سعد الأسدي عن نمير بن وعلة، عن عامر الشعبي أن عليا بعد قدومه الكوفة نزع جرير بن عبد الله البجلي عن ،همدان، فأقبل جرير حتى قدم الكوفة على عليّ بن أبي طالب فبايعه ، ثم إن عليا أراد أن يبعث إلى معاوية بالشام رسولا وكتابا فقال له جرير: يا أمير المؤمنين ابعثني إليه فإنه لم يزل لي مستنصحا وودا فآتيه فأدعوه على أن يسلّم هذا الأمر لك ويجامعك على الحق وأن يكون أميرا من أمرائك وعاملا من عمالك ما عمل بطاعة الله واتبع ما في كتاب الله وأدعو أهل الشام إلى طاعتك وولايتك فإن جلهم قومي وقد رجوت ألا يعصوني، فقال له الأشتر: لا تبعثه ولا تصدقه فوالله إني لأظن هواه هواهم ونيته نيتهم فقال له : دعه حتى ننظر ما يرجع به إلينا فبعثه علي إلى معاوية فقال له حين أراد أن يوجهه إن حولي من قد علمت من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من أهل الدين والرأي وقد اخترتك عليهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيك : من خير ذي يمن فائت معاوية بكتابي فإن دخل فيما دخل فيه المسلمون وإلا فانبذ إليه على سواء وأعلمه أني لا أرضى به أميرا وإن العامة لا ترضى به خليفة.

ص: 260


1- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 374.

فانطلق جرير حتى نزل بمعاوية فدخل عليه، فقام جرير فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا معاوية فإنه قد اجتمع لابن عمك أهل الحرمين وأهل المصرين وأهل الحجاز واليمن ومصر وعمان والبحرين واليمامة فلم يبق إلا أهل هذه الحصون التي أنت فيها لو سال عليها من أوديته سيل غرقها، وقد أتيتك أدعوك إلى ما يرشدك ويهديك إلى متابعة أمير المؤمنين علي ودفع إليه كتابه قال: وكانت نسخته : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ، من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد فإن بيعتي لزمتك وأنت بالشام لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوا عليه، فلم يكن لشاهد أن يختار ولا لغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإذا اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك رضا ، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ردوه إلى ما خرج منه ، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى ويصله جهنم وساءت مصيرا ، وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي وكان نقضها كردّهما فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون، فادخل فيما دخل فيه المسلمون، فإن أحب الأمور إلي فيك العافية إلا أن تعرض للبلاء، فإن تعرضت له قاتلتك واستعنت الله عليك، وقد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل في الناس ثم حاكم القوم إليَّ أحملك وإياهم على كتاب الله ، فأما تلك التي تريدها يا معاوية فهي خدعة الصبي عن اللبن، ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان، واعلم يا معاوية أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ولا تعرض فيهم الشورى، وقد أرسلت إليك وإلى من قبلك جرير بن عبد الله، وهو من أهل الإيمان والهجرة فبايع ولا قوة إلا بالله .

فلما قرأ معاوية الكتاب وعنده جماعة من الناس قام جرير خطيبا فقال:

ص: 261

الحمد الله المحمود بالعوائد المأمول منه الزوائد، المرتجى منه الثواب والمختشى منه العقاب المستعان على النوائب، أحمده وأستعينه في الأمور التي

، تحير دونها الألباب وتضمحل عندها الأسباب. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كل شي هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله أرسله بعد الفترة والرسل الماضية والقرون الخالية والأبدان البالية والجبلة الطاغية فبلغ الرسالة ونصح الأمة وأدى الحق الذي استودعه وأمر بأدائه إلى أمته صلی الله علیه و آله وسلم من رسول الله ومنتخب .

أيها الناس إن أمر عثمان قد أعيا من شهده فما ظنكم بمن غاب عنه، وإن الناس بايعوا عليا غير واتر ولا موتور وكان طلحة والزبير ممن بايعه ثم نقضا

، بيعته على غير حدث، ألا وإن الدين لا يحتمل الفتق وإن العرب لا تحتمل السيف، وقد كانت بالبصرة أمس ملحمة إن يشفع بمثلها فلا بقاء للناس بعدها، وقد بايعت العامة عليا ولو أنا ملكنا أمورنا لم نختر لها غيره، فمن خالف هذا استعتب، فأدخل يا معاوية فيما دخل الناس فيه . فإن قلت استعملني عثمان ثم لم يعزلني، فإن هذا أمر لو جاز لم يقم لله دين وكان لكل امرئ ما في يديه، ولكن لله جعل للذخر من الولاة حق الأول وجعل تلك الأمور موطأة وحقوقا ينسخ

بعضها بعضا .

فقال معاوية : أنظر وأنتظر وأستطلع رأي أهل الشام فأمر معاوية مناديا فنادى الصلاة جامعة ، فلما اجتمع الناس صعد المنبر فخطب فقال : الحمد لله الذي جعل الدعائم للإسلام أركانا والشرائع للإيمان برهانا يتوقد قابسه في الأرض المقدسة التي جعلها الله محل الأنبياء والصالحين من عباده، فأحلها الشام ورضيهم لها ورضيها لهم بما سبق من مكنون علمه من طاعتهم ومناصحتهم أولياءه فيها والقوام بأمره الذابين عن دينه وحرماته، ثم جعلهم لهذه الأمة نظاما وفي أعلام

ص: 262

الخير عظاما يردع الله به الناكثين ويجمع بهم ألفة المؤمنين، والله نستعين على ما تشعب من أمور المسلمين وتباعد بينهم بعد القرب والإلفة ، اللهم انصرنا على قوم يوقظون نائمنا ويخيفون آمننا ويريدون هراقة دمائنا وإخافة سبيلنا ، وقد يعلم الله أنا لا نريد لهم عقابا ولا نهتك لهم حجابا، غير أن الله الحميد كسانا من الكرامة ثوبا لن ننزعه طوعا ما جاوب الصدى وتسقط الندى وعرف الهدى، حملهم على خلافنا البغى والحسد، فالله نستعين عليهم.

أيها الناس قد علمتم أني خليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأني خليفة أمير المؤمنين عثمان عليكم، وأنى لم أقم رجلا منكم على خزاية قط، وأني ولي عثمان وابن عمّه، وقد قال الله في كتابه: ( وَمَن قُتِلَ مُظلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَليّهِ سُلْطَاناً ) (1) وقد علمتم أنه قتل مظلوما وأنا أحب أن تعلموني ذات أنفسكم في

قتل عثمان.

فقال أهل الشام بأجمعهم بل نطلب بدمه، فأجابوه إلى ذلك وبايعوه ووثقواله أن يبذلوا في ذلك أنفسهم وأموالهم أو يدركوا بثأره أو يفني الله أرواحهم قبل ذلك . ثم رجع إلى حديث الكلبي ، قال : وكان علي استشار الناس فأشاروا عليه بالقيام بالكوفة غير الأشتر وعدي بن حاتم وشريح بن هانئ الحارثي وهانئ بن عروة المرادي فإنهم قالوا لعلي: إن الذين أشاروا عليك بالمقام بالكوفة إنما خوفوك حرب الشام وليس في حربهم شي أخوف من الموت وإياه نريد فدعا علي الأشتر وعديا وشريحا وهانئا فقال : إن استعدادي لحرب الشام وجرير بن عبد الله عند القوم صرف لهم عن غي إن أرادوه ، ولكني قد أرسلت رسولا فوقت لرسولي وقتا لا يقيم بعده ، والرأي مع الأناة، فاتندوا ولا أكره لكم الأعذار، فأبطأ جرير على علي حتى آيس منه، وإن جريرا لما أبطأ عليه معاوية بالبيعة لعلي كلمة

ص: 263


1- الاسراء : 33

في ذلك وقال له: إن هذا أمر له ما بعده. فدعا معاوية ثقاته فاستشارهم، فقال له عتبة وكان نظير معاوية: استعن في هذا الأمر بعمرو بن العاص فإنه من عرفت، وقد اعتزل عثمان في حياته وهو لأمرك أشد اتباعا، فكتب إليه معاوية وعمرو بفلسطين أما بعد فإنه قد كان من أمر علي وطلحة والزبير ما قد بلغك وقد سقط الشام مروان بن الحكم في رافضة أهل البصرة، وقد قدم علي جرير بن عبد الله ببيعة علي فأقدم عليّ على بركة الله ، فإني قد حبست نفسي ولا غنى بنا عن رأيك. وإن معاوية قال لجرير : قد رأيت أن أكتب إلى صاحبك أن يجعل لي مصر والشام حياته ، فإن حضرته الوفاة لم يجعل لأحد من بعده في عنقي بيعة وأسلم له هذا الأمر، وأكتب إليه بالخلافة . فقال :جرير اكتب ما شئت وأكتب معك إليه، فكتب معاوية بذلك فلما أتى

عليا كتابه عرف أنما هي خديعة منه .

وكتب علي إلى جرير أما بعد فإن معاوية إنما أراد بما طلب ألا تكون في عنقه بيعة وأن يختار من أمره ما أحب وأراد أن يريتك حتى يذوق أهل الشام وقد كان المغيرة بن شعبة أشار علي وأنا بالمدينة أن استعمل معاوية على الشام فأبيت ذلك ولم يكن الله ليراني أن أتخذ المضلين عضدا، فإن بايعك وإلا فأقبل.

وفشا كتاب معاوية في الناس فكتب إليه الوليد بن عقبة :

معاوي إن الشام شامك فاعتصم ***بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا

وحام عليها بالقبائل والقنا*** ولا تك محشوش الذراعين وانيا

فإن عليا ناظر ما تجيبه ***فأهقاهد له حربا تشيب النواصيا

قال: ونا ،إبراهيم نا عبد الله بن عمر نا عمرو قال سمعت الوليد البجلي قال : قال الوليد بن عقبة حين قدم جرير بن عبد الله على معاوية في بيعة عليّ فقال معاوية يا جرير، اكتب إلى عليّ أن يجعل لي الشام وأنا أبايع له ما دام حيا

ص: 264

ولا أجعل لأحد من بعده في عنقي بيعة ، فقال له جرير : أكتب وأكتب ، فكتب بذلك معاوية إلى عليّ ففشا كتابه في العرب، فبعث إليه الوليد بن عقبة بهذه الأبيات:

معاوي إن الشام شامك فاعتصم*** بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا

حام عليها بالقبائل والقنا ***ولا تكن مخشوس الذراعين وانيا

فإن عليا ناظر ما تجيبه ***فأهد له حربا تشيب النواصيا

وإلا فسلم أن في الأمر راحة*** لمن لا يريد الحرب فاختر معاويا

وإن كتابا يا بن حرب كتبته*** على طمع جان عليك الدواهيا

سألت عليا فيه ما لا تناله ***ولو نلته لم يبق إلا لياليا

إلى أن ترى منه التي ليس بعدها ***بقاء فلا نكثر عليك الأمانيا

ومثل علي تعتريه بخدعة ***وقد كان ما جربت من قبل كافيا

ولو نشبت أظفاره فيك مرة ***حذاك ابن هند بعض ما كنت حاذيا

قال ونا إبراهيم، نا يحيى، قال: حدثني يعلى بن عبيد الحنفي ، نا أبي، قال:

جاء أبو مسلم الخولاني وأناس معه إلى معاوية فقالوا له : أنت تنازع عليا أم أنت مثله ، فقال معاوية : لا والله إني لأعلم أن عليا أفضل منّي، وأنه لأحق بالأمر منّي ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما وأنا ابن عمه ؟ وإنما أطلب بدم عثمان فائتوه فقولوا له فليدفع إلي قتلة عثمان وأسلم له ، فأتوا عليا فكلموه بذلك فلم

يدفعهم إليه .

قال: ونا إبراهيم نا يحيى، نا أحمد بن بشير أخبرني شيخ من أهل الشام وحدثني شيخ لنا عن الكلبي : أن معاوية دعا أبا مسلم الخولاني وكان من قراء أهل الشام ،وعبادهم، فكتب معاوية إلى علي مع أبي مسلم وذكر الحديث ثم رجع إلى حديث الكلبي، قال: ثم إن عليا كتب إلى معاوية أما بعد فقد رأيت الدنيا وتصرفها بأهلها ومن يقس شأن الدنيا بالآخرة يجد بينهما بونا بعيدا، ثم إنك يا معاوية قد أدعيت أمرا لست من أهله لا في قديم ولا في حديث، ولست تدّعي

ص: 265

أمرا بينا ولا لك عليه شاهد من كتاب الله ولا عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف أنت صانع إذا انقشعت عنك جلابيب ما أنت فيه من أمر دنيا دعتك فأجبتها وقادتك فاتبعتها وأمرتك فأطعتها فأي شئ من هذا الأمر وجدته ينجيك ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية وولاة هذا الأمر بغير قديم حسن ولا شرف باسق فلا تمكنن الشيطان من بغيته، مع أني أعلم أن الله ورسوله صادقين فيما قالا، فأعوذ بالله من لزوم الشقاء فإنك يا معاوية مترف قد أخذ الشيطان منك مأخذا وجرى منك

مجرى اللهم احكم بيننا وبين من خالفنا بالحق وأنت خير الحاكمين. قال: فكتب إليه معاوية : أما بعد يا علي فدعني من أحاديثك واكفف عني من أساطيرك، فبالكذب غررت من قبلك وبالخداع استدرجت من عندك وتوشك

:

أمورك أن تكشف فيعرفوها ويعلموا باطلها وإن الباطل كان مضمحلا. :قال فكتب إليه علي أما بعد فطال ما دعوت أنت وكثير من أوليائك أولياء الشيطان الحق أساطير، وحاولتم إطفاءه بأفواهكم ونبذتموه وراء ظهوركم فأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، ولعمري ليتمن الله نوره بكرهك فعقب من دنياك المنقطعة ما طاب لك، فكأن أجلك قد انقضى وعملك قد هوى والسلام على من اتبع الهدى.

ثم إن معاوية بعث إلى عتبة بن أبي سفيان، وكان من أسد قريش رأيا ، فقال : إنا قد حبسنا جريرا حتى طمع فينا علي وإنما حبسته لننظر ما يصنع أهل الشام، فإن تابعوني نبذت إليهم بالحرب وإن خالفوني بعثت إليهم بالسلم، واعلم أن اختلاف القلوب على قدر اختلاف الصور، فلو أصبت رجلا مصقعا - يعني خطيبا بليغا - جمعت أهل الشام على قلب واحد ، فقال عتبة : لا يكون إلا يمانيا، أو هما رجلان أحدهما لك والآخر عليك، فأما الذي لك فشرحبيل بن السمط له صحبة وهو عدوّ لجرير، وأما الذي عليك فالأشعث بن قيس وشرحبيل خير لك من الأشعث

ص: 266

لعلي، فعرف معاوية أن قد أتاه بالرأي، وكتب معاوية إلى شرحبيل يسأله القدوم عليه وهيأ له رجالا يخبرونه أن عليا قتل عثمان، منهم: يزيد بن أسد البجلي وبسر بن أرطأة وأبو الأعور السلمي، فلما جاء كتاب معاوية إلى شرحبيل استشار أهل اليمن، وكان شرحبيل من أهل حمص فاختلفوا عليه، فقال له عبد الرحمن بن غنم يا شرحبيل إن الله أراد بك خيرا قد هاجرت إلى يومك هذا ولن ينقطع عنك المزيد من الله حتى ينقطع من الناس ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، إنه قد فشت القالة عن معاوية بقوله إن عليا قتل عثمان، فإن يك فعل فقد بايعه المهاجرون والأنصار وهم الحكام على الناس ، وإن لم يكن فعل فعلي ما يصدق معاوية على علي، وهو من قد علمت فلا تهلكن نفسك وقومك، فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية فقدم إليه فقال: إن جريرا قدم علينا يدعونا إلى بيعة علي وعلي خير الناس لولا أنه قتل عثمان ، وقد حبست عليك نفسي، وإنما أنا رجل من أهل الشام أرضى بما رضوا وأكره ما كرهوا ، فقال شرحبيل : أخرج فانظر في ذلك فخرج شرحبيل فلقيه النفر الذين وطأهم له معاوية فأخبروه أن عليا قتل عثمان، فقبل ذلك فعاد إلى معاوية فقال له : يا معاوية أبي الناس إلا أن عليا قتل عثمان، فلئن بايعت عليا ليخرجنك من الشام. فقال معاوية : ما أنا إلّا رجل منكم وما كنت لأخالف عليكم ، قال : فاردد الرجل إلى صاحبه، فعرف معاوية أن شرحبيل قد ناصح وأن أهل الشام معه، ثم إن شرحبيل أتى حصين بن نمير في منزله فبعث حصين إلى جرير إن رأيت أن تأتينا فإن شرحبيل عندنا فأتاهم جرير، فقال له شرحبيل : إنك أتيتنا بأمر ملفف لتلقينا لهوات الأسد فأردت أن تخلط الشام بالعراق وقد أطريت عليا وهو القاتل

عثمان والله سائلك عما قلت يوم القيامة . فقال القيامة . فقال جرير : أما قولك: إني جئت بأمر ملفف فكيف يكون ملففا وقد أجمع عليه المهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم

ص: 267

بإحسان (1) وقاتلوا معه طلحة والزبير وأما قولك: إنى ألقيك في لهوات الأسد ففي لهواته ألقيت نفسك، وأما خلط الشام بالعراق فخلطهما على حق خير من فرقتهما على باطل، وأما قولك: إن عليا قتل عثمان فوالله ما في يديك من ذلك إلا قذف بالغيب من مكان بعيد وإن ذلك لباطل، ولكنك ملت إلى الدنيا وأهلها وأمر كان في نفسك .

فبلغ معاوية قولهما فبعث إلى شرحبيل فقال له : إنه قد كان من إجابتك إلى الحق ما قد وقع فيه أجرك على الله وقبله عنك صالحوا الناس، وإن هذا الأمر لا يتم إلا برضا العامة فسر في مدائن الشام فادعهم إلى ذلك وأخبرهم بما أنت عليه، فسار شرحبيل فبدأ بأهل حمص فدعاهم إلى القيام في ذلك وقال لهم : إن عليا قتل عثمان وحرضهم عليه وخوفهم منه، وإن معاوية ولي عثمان فقوموا معه فأجابه أهل حمص إلا نفر من نساكهم وقرائهم فإنه أبوا ولزموا بيوتهم. ثم إن شرحبيل استقرى مدائن الشام بذلك فجعل لا يأتي قوما إلا قبلوا ما

أتاهم به. ثم إن عليا كتب إلى جرير بن عبد الله : أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل معاوية على الفصل ثم خيره بين حرب مجلية أو سلم مخزية، فإن اختار الحرب

فانبذ إليه.

فلما انتهى الكتاب إلى جرير أتى معاوية فأقرأه إياه، فلما علم معاوية أن أهل

الشام قد تابعوه بعث إلى جرير أن الحق بصاحبك فقد أبي الناس إلّا ما ترى فانصرف جرير إلى عليّ فقدم عليه فأخبره الخبر وإن شرحبيل قدم على معاوية

ص: 268


1- اقتباس من قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذلِك الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (التوبة : 100) .

بأهل الشام ، فقال لمعاوية : ابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه صلی الله علیه و آله وسلم فبايعه وبايعه أهل الشام على ذلك ، ثم إن معاوية قام فيهم خطيبا فقال : يا أهل الشام إن عليا قتل خليفتكم وفرق الجماعة وأوقع بأهل البصرة ولها ما بعدها، وقد تهياً للمسير إليكم وأيم الله لا يقل حدكم إلا قوم أصبر منكم فاصبروا فإن الله مع الصابرين، وقد قال الله عز وجل : ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) فأنا

ولي عثمان وابن عمه وأنتم أعواني على ذلك، فعدّوا للحرب وتهيئوا للقاء. فقام معاوية بن حديج السكوني وحوشب فقالوا: يا أمير المؤمنين قد أتتنا

أمدادنا على عليّ فإذا شئت.

قال ونا إبراهيم نا يحيى، قال: وحدثني خلاد بن يزيد الجعفي، نا عمرو بن شمر الجعفي ، نا جابر الجعفي عن عامر الشعبي ، قال : أو عن أبي جعفر محمّد بن علي - شك خلاد - قال : لما ظهر أمر معاوية بالشام وتابعوه على أمره، دعا علي رجلا فأمره أن يتجهز وأن يسير إلى دمشق وأمره إذا دخل إلى دمشق أناخ راحلته بباب المسجد ثم يدخل المسجد ولا يحط عن راحلته من متاعها شيئا ولا يلقي عن نفسه من ثياب السفر شيئا، وقال له : إنك إذا فعلت ورأوا أثر الغربة والسفر عليك سيسألونك من أين أقبلت ؟ فقل : من العراق، فإنك إذا قلت ذلك حشدوا إليك وسألوك : ما الخبر وراءك ؟ فقل لهم : تركت عليا قد نهد إليكم في أهل العراق فإنهم سيحشدون إليك ، ثم انظر ما يكون من أمرهم ، قال : فسار رجل حتى أناخ بباب دمشق ثم دخل المسجد ولم يحلل عن راحلته ولم ينزع عنه شيئا من ثيابه فلما دخل المسجد عرفوا أنه غريب وأنه مسافر، فسألوه : من أين أقبلت ؟ فقال : من العراق فحشدوا إليه، فقالوا: ما الخبر وراءك ؟ فقال : تركت عليا قد حشد إليكم ونهد في أهل العراق ، فكثر الناس عليه يسألونه حتى بلغ ذلك معاوية ، فأرسل إلى أبي الأعور السلمي: ما هذا القادم الذي قد أظهر هذا الخبر ؟ انطلق حتى تكون

ص: 269

أنت الذي تشافهه وتسائله، ثم اثتني بالخبر فأتاه أبو الأعور فساء له فأخبره ، فأتى معاوية فأخبره بأن الأمر على ما انتهى إليك، فقال لأبي الأعور: ناد في الناس الصلاة جماعة فنادى في الناس، فجاء الناس فقيل لمعاوية: شحن الناس المسجد وامتلأ ، فخرج معاوية يمشي حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن عليا قد نهد إليكم في أهل العراق فما الرأي ؟ فضرب الناس بأذقانهم على صدورهم ولم يرفع إليه أحد طرفه ولم يتكلم منهم متكلم ، فقام ذو الكلاع الحميري فقال يا أمير المؤمنين عليك الرأي وعلينا أم فعال . قال : وهي بالحميرية تعني الفعال ، فنزل معاوية عن المنبر ، وأمر أبا الأعور السلمي أن ينادي في الناس أن اخرجوا إلى معسكركم، فإن أمير المؤمنين قد أجلكم ثلاثا، فمن تخلّف فقد أحل بنفسه ، قال : فخرج رسول علي فرجع إليه فأخبره بما كان منه وما كان من معاوية ومن أهل الشام فأمر علي قنبرا فقال: ناد في الناس الصلاة جامعة، ففعل، فاجتمع الناس في المسجد حتى امتلأثم خرج علي فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إن رسولى الذي أرسلته إلى الشام قد قدم عليّ وأخبرني أن معاوية قد نهد إليكم في أهل الشام، فما الرأي ؟ قال: فأضب أهل المسجد يقولون : يا أمير المؤمنين الرأي كذا يا أمير المؤمنين الرأي كذا يا أمير المؤمنين ، فلم يفهم عليّ كلامهم من كثرة من تكلم ، ولم يدر المصيب من المخطئ، فنزل عن المنبر وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب بها ابن

أكالة الأكباد. يعني معاوية (1)

ص: 270


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساکر 59 127-137

[ الكتاب (68)]

قال العرشي في التخريج ما نصّه: « رواه الكليني في اصول الكافي (187)

والشيخ المفيد في الارشاد (137)، انتهى قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه من التعقيبات : بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : إن في كتاب علي صلوات الله عليه : إنما مثل الدنيا كمثل الحية ما ألين مسها وفي جوفها السم الناقع يحذرها الرجل العاقل، ويهوى إليها الصبي الجاهل. وعن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد الله علیه السلام: كتب أمير المؤمنين علیه السلام إلى بعض أصحابه يعظه اوصيك ونفسي بتقوى من لا تحل معصيته ولا يرجى غيره، ولا الغنى إلا به، فإن من اتقى الله جل وعز وقوي وشبع وروي، ورفع عقله عن أهل الدنيا، فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله معاين الآخرة، فأطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حب الدنيا فقدر حرامها وجانب شبهاتها وأضر والله بالحلال الصافي إلا مالا بدّ له من كسرة

منه يشدّ بها صلبه وثوب يواري به عورته من أغلظ ما يجد وأخشنه ، ولم يكن له

ص: 271

فيما لا بد له منه ثقة ولا رجاء، فوقعت ثقته ورجاؤه على خالق الأشياء، فجد واجتهد وأتعب بدنه حتى بدت الاضلاع وغارت العينان فأبدل الله له من ذلك قوة في بدنه وشدة في عقله وما ذخر له في الآخرة أكثر، فارفض الدنيا فإن حب الدنيا يعمي ويصم ويبكم وبذل الرقاب، فتدارك ما بقى من عمرك ولا تقل : غدا أ وبعد غد ، فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون، فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة وقد أسلمهم الاولاد والاهلون، فانقطع إلى الله بقلب منيب من رفص الدنيا وعزم ليس فيه انکسار ولا انخزال أعاننا الله وإياك على طاعته ووفقنا الله وإياك لمرضاته . (1)

وبالمعنى ما اورده الكليني ( ت / 328ه-) في باب التجمل واظهار النعمة، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: إن الله جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر النعمة على عبده.

وعن علي بن محمّد رفعه عن أبي عبد الله علیه السلام قال : إذا أنعم الله على عبده بنعمة فظهرت عليه سمي حبيب الله محدثا بنعمة الله ، وإذا أنعم الله على عبد بنعمة فلم تظهر عليه سمي بغيض الله مكذبا بنعمة الله (2) .

ص: 272


1- الكافي للشيخ الكليني 3: 136 - 137.
2- الكافي للشيخ الكليني 6: 437 - 438

[ الكتاب (70)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري (ت / 279ه-) في

انساب الاشراف، قال في القول فيما كتبه صلی الله علیه و آله وسلم له إلى ولاته وغيرهم، قالوا: وكتب علیه السلام إلى سهل بن حنيف عامله على المدينة : أما بعد فإنه بلغني أن رجالا من أهل المدينة يخرجون إلى معاوية، فلا تأسف عليهم، فكفى لهم غيا، ولك منهم شافيا فرارهم من الهدى والحق، وإيضاعهم إلى العمى والجهل، وانما هم أهل دنيا مقبلون عليها، قد علموا أن الناس مقبلون في الحق أسوة، فهربوا إلى الاثرة فسحقا لهم وبعداً ، أما لو بعثرت القبور وحصل ما في الصدور، واجتمعت الخصوم وقضى الله بين العباد بالحق، لقد عرف القوم ما كانوا يكسبون ، وقد أتاني كتابك تسألني الاذن لك في القدوم ، فاقدم إذا شئت عفا الله عنا وعنك ، والسلام(1)

ص: 273


1- انساب الاشراف؛ للبلاذري : 157 .

[ الكتاب( 71)]

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: « قوله علیه السلام: أما بعد ، فان صلاح أبيك ... إلى آخره، ذكر أحمد بن أبي يعقوب المتوفى سنة 284 في كتابه المعروف بتاريخ اليعقوبي كتبا لامير المؤمنين علیه السلام إلى المنذر بن الجارود وهو على إصطخر وفيه فقرات من هذا الكتاب المذكور هنا. قوله علیه السلام: إنه لنظار في عطفيه .. الى آخره، وذكر اليعقوبي بعد إيراده الكتاب المذكور إنه علیه السلام قال هذه

الكلمات الثلاث في المنذر (1)

ص: 274


1- راجع : مدارك نهج البلاغة : 103 .

[ الحلف ( 74)]

قال العرشي حفظه الله في المقدمة ما لفظه : قال الجامع إنه «نقل من خط هشام

ابن الكلبي (1) والكلبي هو أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي المتوفى سنة 204ه- [819م] . وألف ما ينيف على مائة وخمسين كتابا ذكر منها ابن النديم: 144(2)، وأما الكتاب الذي نقل منه الجامع هذا العهد فلا ندري ولا يخفى ما في البحث عنه من صعوبة، ربما وجده الجامع في كتاب الكلبي المسمى ب- «الحلف» الّذي وصلت نسخة منه إلى الجامع مكتوبة بيد المؤلف .(3)

ص: 275


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط 1957
2- الفهرست 140 ، وفيه : ان عام وفاته 206ه-، ولسان الميزان 6: 196 و الشذرات 113:2 والكامل لابن الاثير : 133 ، وفيه : ان بعضهم يقول : إنه توفي عام 206ه.
3- استناد نهج البلاغة : 16 - 17 ، ط / 1957

[ الكتاب ( 75) ]

قال العرشي حفظه الله في المقدمة : والواقدي هو أبو عبد الله محمّد بن عمر واقد الاسلمي المدني، وتوفي في ذي الحجة 207ه- [823 م ] وقال ابن النديم في الفهرست 144: إن من مؤلفاته كتاب الجمل. وهذا الكتاب ربما عفى عليه الدهر، إلا أن نسخا منها كانت متداولة في عصر ابن النديم الذي عاصر جامع نهج البلاغة (1)

ص: 276


1- استناد نهج البلاغة : 15 ط / 1957م.

[ الوصية (77)]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال، عن علي قال: سيأتي قوم يجادلونكم فخذوهم بالسنن فان اصحاب السنن اعلم بكتاب الله اللالكائي في السنة، والأصبهاني في الحجة(1)

ص: 277


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1 : 378 ، الرقم 1645 .

[ الكتاب ( 78)]

قال العرشي حفظه الله في المقدمة : وقال الجامع إنه أخذ هذا الكتاب من كتاب المغازي لسعيد بن يحيى الأموي. وذكر صاحب كشف الظنون هذا الكتاب مما يدل على أن نسخا منه لا زالت موجودة إلى القرن الحادي عشر من الهجرة. وسعيد هو أبو عثمان سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص بن الأحيحة القرشي الأموي

ص: 278

باب حكم امير المؤمنين علیه السلام

ص: 279

ص: 280

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بابُ المختار

مٍنْ حكم امير المؤمنين علیه السلام ومواعظه وَيَدْخُل فِي ذلِك المختار(1) من أجوبة مسائله والكلام القصير الخارج في سائر أغراضه

ص: 281


1- في «أ»: (والمختار) .

ص: 282

[الحكمة الاولى ]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ لا ظَهْرُ فَيُرْكَبَ ، وَلا ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ(1).

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج قوله

قوله عَلَيْهِ السَّلام: كن في الفتنة ...

الى آخره المشهور أنه من كلامه ، وقد يزاد عليه ولا وبر فيسلب». (2)

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

[الحكمة الثانية ]

أَزْرى (3) بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ، وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَن كَشَفَ ضُرَّهُ، وَهانَتْ عَلَيْهِ

نَفْسُهُ مَنْ أَمْرَ عَلَيْها لِسانَهُ.

بالاسناد عن ابن شعبة الحراني (ت / 336 - ح ) في تحف العقول: وقال

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

ص: 283


1- في ( ه-. أ ) : في نسخة : فيحتلب).
2- مدارك نهج البلاغة : 105 .
3- في «ه-.ب»: (أي حقرها).

للاشتر: يا مالك احفظ عني هذا الكلام وعه

1 - يا مالك بخس مروته من ضعف يقينه .

2 - وأزرى بنفسه من استشعر الطمع.

3 - ورضي بالذل من كشف عن ضره.

4 - وهانت عليه نفسه من أطلع على سره.

5 - وأهلكها من أمر عليه لسانه

6 - الشره جزار الخطر.

7 - من أهوى إلى متفاوت خذلته الرغبة.

8-البخل عار.

9 - والجبن منقصة .

10 - والورع جنة .

11 - والشكر ثروة.

12 - والصبر شجاعة .

13 - والمقل غريب في بلده.

14 - والفقر يخرس الفطن عن حجته

15 - ونعم القرين الرضى .

16 - الادب حلل جدد.

17 - ومرتبة الرجل عقله .

18 - وصدره خزانة سره. -

19 - والتثبت حزم.

20 - والفكر مرآة صافية .

21 - والحلم سجية فاضلة . -

ص: 284

22 - والصدقة دواء منجح.

23 - وأعمال القوم في عاجلهم نصب أعينهم في أجلهم.

24 - والاعتبار منذر صالح

25 - والبشاشة فخ المودة(1)

[ الحكمة الثالثة ]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

الْبُخْلُ(2) عارٌ، وَالْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ، وَالْفَقْرُ يُخْرِسُ القَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ، وَالمُقِلُ غَرِيبٌ

فِي بَلْدَتِهِ (3). قال الجلالي راجع ما نقله ابن شعبة ( ت / 336 - ح ) في قصار المعاني

الحكمة 2 بالارقام 8 و 9 و 13 و 14 .

ص: 285


1- تحف العقول ؛ لا بن شعبة الحراني : 201 . وفي هامش التحف ، ما نصه : « أمر لسانه أي جعله أميراً. والشره اشد الحرص وطلب المال مع القناعة والجزار : الذباح . والمتفاوت : المتباعد ، وفي كنز الفوائد «إلى متفاوت الامور » ، وفي النهج : ( من أوماً إلى متفاوت خذلته الحيل » أي من طلب تحصيل المتباعدات وضم بعضها إلى بعض لم ينجح فيها فخذلته الحيل والرغبة فيما يريد. والمقل : الفقير والفطن - بفتح فكسر : الفاطن أي صاحب الفطنة والحذاقة . والحلل : جمع - الحلة - بالضم: كل ثوب جديد والجدد جمع الجديد . انجحت حاجته قضيت وانجح الرجل : فاز وظفر بها الفخ المصيدة أي آلة يصاد بها . وفي النهج : « والبشاشة حبالة المودة والحبالة - بالكسر - شبكة الصيد .
2- في «أ» «ب» : ( والبخل) ، والعبارة متصلة بما قبلها.
3- في «ب»: (بلده) . هذا ، وقد أورد المؤلف في ذيل هذه الحكمة الحكم 4 و 5 و 6 و 7 ، كلها مع حرف العطف « و » ، ولما كان شرحه مفصلاً ومترتباً حسب تسلسل ورود الحكم فرقنا بين الحكم يجعل شرح كل حكمة في ذيلها ، حسب ما ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد مع الاشارة الى مواضع الاختلاف في النسخ .

[الحكمة الرابعة ]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

الْعَجْزُ في «أ» «ب»: (والعجز) ، وهذه الحكمة وردت في النسخ متصلة بما قبلها . آفَةٌ، وَالصَّبْرُ شَجَاعَةُ ، وَالزُّهْدُ تَرْوَة (1)، وَالْوَرَعُ جُنَّةٌ، ونِعْمَ القَرِينُ الرّضا (2). قال الجلالي راجع ما نقله ابن شعبة (ت / 336 - ح) في قصار المعاني

الحكمة 2 بالارقام 10 و

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

[ الحكمة الخامسة ]

في

العلم (3) وِراثَةٌ كَرِيمَةٌ، وَالآدابُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ، وَالفِكْرُ مِرآة صافِيَةٌ . قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ المفيد الأمالي قال: حدثنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدثني الشيخ الصالح عبد الله بن محمّد بن عبیدالله بن ياسين قال سمعت العبد الصالح علي بن محمّد بن عليّ الرضا علیه السلام

بسر من رأى، يذكر عن آبائه علیهم السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه العلم وراثة كريمة، والآداب حلل حسان والفكرة مرآة صافية، والاعتبار منذر ناصح، وكفى بك أدبا لنفسك تركك ما كرهته من غيرك .(4)

ص: 286


1- في (ه-. ب): (مال كثير ) .
2- وردت هذه الفقرة الأخيرة في ضمن الحكمة الآتية هكذا : نعم القرين الرضا والعلم .. إلى آخره .
3- في «أ» «ب»: (والعلم).
4- الأمالي للشيخ المفيد : 336.

[ الحكمة العاشرة ]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

خالِطُوا النَّاسَ مُخالَطَةٌ إِنْ مُتُّمْ مَعَها بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ (1) حَنُوا إِلَيْكُمْ. قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن سبط ابن الجوزي ( ت / 654 ه-) باسناده، قال حدثنا ابو حمزة الثمالي، حدثنا ابراهيم (ت ابن سعيد عن الشعبي عن ضمار بن ضمرة، قال: أوصى أمير المؤمنين بنيه فقال يا بني عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنوا إليكم، وان متم بكوا عليكم، وانشد:

يريد بذاكم الا يهشوا لطاعني*** وان يكثروا بعدي الدعاء على قبري

وان يمنحوني في المجالس ودّهم*** وان كنت عنهم غائبا أحسنوا ذكري(2)

وبمعناه ما ارويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي ، قال : أخبرنا ،جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا جعفر بن محمّد أبو القاسم الموسوي العلوي في منزله بمكة، قال حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا عبد الله بن جبلة ، عن حميد بن شعيب الهمداني ، عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر محمّد بن عليّ علیه السلام ، قال : لما احتضر أمير المؤمنين علیه السلام جمع بنيه حسنا وحسينا وابن الحنفية والاصاغر من ولده ، فوصاهم ، وكان في آخر وصيته يا بني،

عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنّوا إليكم، وان فقدتم بكوا عليكم .

يا بني، ، إن القلوب جنود مجندة، تتلاحظ بالمودّة، وتتناجى بها، وكذلك هي في البغض، فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه، وإذا أبغضتم

ص: 287


1- في «أه .(غيتم).
2- تذكرة الخواص : 133 ، ط / 1401ه-.

الرجل من غير سوء سبق منه إليكم فاحذروه (1)

[ الحكمة 11]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

إذا قَدَرْتَ عَلى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ العَفْوَ عَنْهُ شُكراً لِلقُدْرَةِ عَلَيْهِ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: هذا من المائة كلمة

التي جمعها الجاحظ من كلام أمير المؤمنين علیه السلام(2) وقال العرشي في التخريج ما نصّه: « رواها ابن دريد في المجتنى (32) .(3)

[ الحكمة 12]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

أَعْجَرُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسابِ الإِخْوانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ. قال العرشي في التخريج ما نصّه: « رواها ابن قتيبة في عيون الاخبار[ ج 3 ص

1]، والقالي في ذيل الامالي والنوادر (112)(4)

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

[ الحكمة 13]

إِذا وَصَلَتْ إِلَيْكُمْ أَطرافُ النِّعَمِ فَلا تُنْفُرُوا (5) أَقْصاها بِقِلَّةِ الشَّكْرِ.

ص: 288


1- الأمالي للشيخ الطوسي : 595
2- راجع : مدارك نهج البلاغة
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
4- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
5- فى «ب»: (فلا تنفروا) ، بدون تشديد.

ارويه بالاسناد عن الموفق الخوارزمي ( ت / 566 ه-) في المناقب، قال: (ت 568ه-) واخبرنا الفقيه ابو سعيد الفضل بن محمّد الاسترابادي، حدثنا أبو غالب الحسن

بن علي بن القاسم، حدثنا ابو علي الحسن بن أحمد الجهرمي بعسكر مكرم حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد ، حدثنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد، قال: قال أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر - صاحب أبي عثمان الجاحظ : كان الجاحظ يقول لنا :زمانا ان الأمير المؤمنين مائة كلمة ، كل كلمة منها تفي ألف كلمة من محاسن كلام العرب.

قال وكنت أسأله دهراً بعيدا أن يجمعها ويمليها عليّ، وكان يعدني بها ويتغافل

عنها ضناً بها، قال: فلما كان آخر عمره أخرج يوما جملة من مسودات مصنفاته، فجمع منها تلك الكلمات وأخرجها إلى بخطه فكانت الكلمات المائة هذه :

1 - لو كشف الغطاء ما أزددت يقينا .

2 - الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.

3 - الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم

4 - ما هلك امرء عرف قدره .

5 - قيمة كل امرء ما يحسنه .

6 - من عرف نفسه فقد عرف ربه .

7 - المرء مخبوء تحت لسانه .

8 -من عذب لسانه كثر اخوانه .

9 - بالبر يستعبد الحر.

10 - بشر مال البخيل بحادث أو وارث

11 - لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال.

12 - الجزع عند البلاء تمام المحنة . 13 - لاظفر مع البغي.

ص: 289

14 - لاثناء مع الكبر .

15 - لا بر مع الشح.

16 - لا صحة مع النهم.

17 - لا شرف مع سوء أدب.

18 - لا اجتناب محرم مع حرص.

19 - لا راحة مع حسد.

20 - لا محبة مع مراء.

21 - لا سؤدد مع انتقام.

22 - لا زيادة مع دعارة.

23 - لا صواب مع ترك المشورة.

24 - لا مروة لكذوب.

25 - لا وفاء لملوك .

26 - لاكرم اعز من التقوى.

27 - لا شرف اعز من الاسلام.

28 - لا معقل احرز من الورع

29 لا شفيع انجح من التوبة.

30 لالباس أجمل من السلامة.

31 - لاداء أعيى من الجهل.

32- لا مرض اضنى من قلة العقل .

33- لسانك يقتضيك ما عودته.

34 - المرء عدو ما جهله .

35 - رحم الله امرء عرف قدره ولم يتعدّ طوره.

ص: 290

36 - اعادة الاعتذار تذكير للذنب .

37 - النصح بين الملأ تقريع.

38 - إذا تم العقل نقص الكلام.

39 - الشفيع جناح الطالب.

40 - نفاق المرء ذلة .

41 - نعمة الجاهل كروضة على مزبلة.

42 - الجزع اتعب من الصبر.

43 - المسؤول حر حتى يعد .

44 - اكبر الأعداء أخفاهم مكيدة.

45 - من طلب ما لا يعنيه فاته ما يعنيه.

46 - السامع للغيبة احد المغتابين.

47 - الذل مع الطمع

48 - الراحة مع اليأس الحرمان مع الحرص.

49 - من كثر مزاحه لم يخل من حقد عليه واستخفافا به.

50 - عبد الشهوة أذل من عبدالرق.

51 - الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له.

52 - كفى بالظفر شفيعا للمذنب.

53 - رب ساع فيما يضره.

54 - لا تتكل على المنى فانها بضائع النوكي.

55 - اليأس حرّ والرجاء عبد .

56 - ظن العاقل كهانة .

57 - من نظر اعتبر

ص: 291

58 - العداوة شغل القلب.

59 - القلب إذا كره عمى .

60 - الادب صورة العقل.

61 - لاحياء لحريص.

62 - من لانت أسافله صلبت أعاليه

62 - من أتي في عجانه قل حياؤه وبذؤ لسانه .

63 - السعيد من وعظ بغيره.

64 - الحكمة ضالة المؤمن.

65 - الشرة جامع لمساوى العيوب.

66 - كثرة الوفاق نفاق.

67 - كثرة الخلاف شقاق .

68 - رب أمل خائب .

69 - رب رجاء يؤدي إلى الحرمان.

70 - رب ارباح تؤدي إلى الخسران .

71 - رب طمع كاذب .

72 - البغي سائق إلى الحين .

7 - في كل جرعة شرقة.

74- مع كل أكلة غصة.

-75 من كثر فكره في العواقب لم يشجع .

76 - إذا حلت المقادير ضلت التدابير

77- إذا حل المقدور بطل التدبير .

78- إذا حل القدر بطل الحذر.

ص: 292

79 - الاحسان يقطع اللسان.

80 - الشرف بالعقل والأدب لا بالأصل والحسب.

81 - اكرم الحسب حسن الخلق .

82 - أكرم النسب حسن الأدب.

83 - افقر الفقر الحمق.

84 - اوحش الوحشة العجب.

85 - أغنى الغنى العقل.

86 - الطامع وثاق الذل .

87 - احذروا نفار النعم فما كل شارد بمردود.

88 - اكثر مصارع العقول تحت بروق الاطماع.

89 - من ابدى صفحته للحق هلك.

90 - إذا املقتم فتاجروا الله بالصدقة .

91 - من لأن عوده كثف أغصانه .

92 - قلب الاحمق في فيه .

93 - لسان العاقل في قلبه .

94 - من جرى في عنان امله عثر بأجله .

95 - إذا وصلت اليكم اطراف النعم فلا تنفروا اقصاها بقلة الشكر .

96 - إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكره للقدرة عليه.

97 - ما اضمر أحدكم شيئاً إلا ظهر منه في فلتات لسانه وصفحات وجهه.

98 - أللهم اغفر رمزات الالحاظ، وسقطات الالفاظ، وشهوات الجنان

وهفوات اللسان.

99 - البخيل مستعجل للفقر ، يعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب في

الاخرة حساب الاغنياء.

ص: 293

100- لسان العاقل وراء قلبه ؛ قلب الاحمق وراء لسانه.

101 - الحذر الحذر، فوالله لقد ستر حتى كأنّه غفر .

102 - من اطال الأمل اساء العمل.

103 - الكاسب فوق قوته خازن لغيره.

104 - مسکین ابن آدم مكنون العلل ، مكتوم الأجل، محفوظ العمل، تؤلمه

البقة وتقتله الشرقة، وتنتنه العرقة(1)

[ الحكمة 15]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

ما كُلُّ مَفْتُونٍ يُعاتَبُ.

قال العرشي في التخريج مانصّه : رواها ابونعيم الأصفهاني في حلية الأولياء

والشيخ المفيد في كتاب الجمل (30)(2)

وبالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) ، قال : فروى أبو مخنف لوط بن يحيى الازدي في كتابه الذي صنفه في حرب البصرة عن أصحابه، وروى غيره من أمثاله الرواة للسيرة عن سلفهم أصحاب أمير المؤمنين علیه السلام: لما همّ بالمسير إلى البصرة بلغه عن سعد بن أبي وقاص وابن مسلمة واسامة بن زيد وابن عمر تثاقلهم عنه، فبعث إليهم، فلما حضروا قال لهم قد بلغني عنكم هنات كرهتها وأنا لا أكرهكم على المسير معي على بيعتي .

قالوا :بلى

قال: فما الذي يقعدكم عن صحبتي ؟

ص: 294


1- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 374-377
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957

فقال له سعد: إني أكره الخروج في هذا الحرب فاصيب مؤمنا، فان أعطيتني

سيفا يعرف المؤمن من الكافر قاتلت معك.

وقال له اسامة : أنت أعز الخلق علي ، ولكني عاهدت الله أن لا اقاتل أهل لا إله إلا الله، وكان اسامة قد أهوى برمحه في عهد رسول الله إلى رجل في الحرب من المشركين فخافه الرجل ، فقال : لا إله إلا الله فشجره بالرمح فقتله، فبلغ النبي صلی الله علیه و آله وسلم

خبره فقال : يا اسامة أقتلت رجلا يشهد أن لا إله إلا الله ؟

فقال :يا رسول الله إنما قالها تعوذا .

فقال له : ألا شفقت عن قلبه ؟

فزعم اسامة أن

اسامة أن النبي صلی الله علیه و آله وسلم أمره أن يقاتل بالسيف من قاتل المشركين، فإذا قوتل

به المسلمون ضرب بسيفه الحجر فكسره

وقال عبد الله بن عمر : لست أعرف في هذه الحرب شيئا، أسألك أن لا تحملني

على ما لا أعرف.

فقال لهم أمير المؤمنين علیه السلام: ليس كل مفتون معاتب الستم على بيعتي ؟

قالوا: بلى.

قال :انصرفوا فسيغنيني الله عنكم .

فاعترفوا له علیه السلام بالبيعة وأقاموا في تأخرهم عنه عذرا لم يقبله منهم، وأخبر أنهم بتركهم الجهاد مفتنون، ولم ير الانكار عليهم في الحال بأكثر مما أبداه من ذكر المهم عن الصواب في خلافته والشهادة بفتنتهم بترك وفاقهم له (1)

[ الحكمة 17]

وَسُئِلَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ قَوْلِ الرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ: «غَيّرُوا الشَّيْب

ص: 295


1- الجمل ؛ للشيخ المفيد : 45 .

وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ».

:فَقالَ: إِنَّما قال: صلى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ ذلِك وَالدِّينُ قُل (1)، فَأَما الآنَ وَقَدِ اتَّسَعَ نطاقه،

وَضَرَبَ بِجِرانِهِ فَامْرُؤٌ وَمَا أَخْتارَ .

والرواية المشار اليها في كلام الرضي هي ما أرويه بالاسناد عن النسائي ( ت / 303ه-) في باب الأمر بالخضاب ، قال : أخبرنا عبيد الله بن سعيد بن إبراهيم، قال: عمي، قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: قال أبو سلمة إن

حدثنا

أبا هريرة ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم... (ح) وأخبرنا يونس بن عبد الاعلى قال : أنبأنا بن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن بن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أخبره عن أبي هريرة أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال اليهود والنصارى لا تصبغ، فخالفوهم.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر عن

الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله . أخبرني الحسين بن حريث ، قال : أنبأنا الفضل بن موسى، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : إن اليهود والنصارى لا تصبغ، فخالفوا عليهم، فاصبغوا .

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنا سفيان، عن الزهري عن أبي سلمة وسلیمان بن يسار أنهما سمعا أبا هريرة يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ان اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم.

أخبرنا علي بن خشرم، قال: حدثنا عيسى - وهو بن يونس - عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سليمان وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة عن

النبي صلی الله علیه و آله وسلم

قال : ان اليهود والنصارى لا تصبغ، فخالفوهم.

ص: 296


1- في «ه-.ب»: أي قليل.

أخبرني عثمان بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن جناب ، قال: حدثنا عيسى بن یونس، عن هشام بن عروة، عن أبيه ، عن بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غيروا

الشيب ولا تشبهوا باليهود

خالفه محمّد بن

كناسة رواه عن هشام بن عروة، عن عثمان بن عروة، عن أبيه ، عن أبي الزبير، أخبرنا حميد بن مخلد بن زنجويه بن الحسين، قال: حدثنا محمّد بن كناسة، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن عثمان بن عروة، عن أبيه، عن

الزبير، قال: قال رسول الله : غيّروا الشيب ولا تشبهوا باليهود

وكلاهما غير محفوظ.

وبالاسناد عن احمد بن حنبل في بن حنبل في مسنده، وفيه : حدثني عبد الله حدثني أبى ، ثنا محمّد بن كناسة ، ثنا هشام بن عروة، عن عثمان بن عروة، عن أبيه، عن

الزبير ، قال : قال رسول الله : « غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود» (1) وبالاسناد عن احمد بن حنبل في مسنده»، وفيه حدثنا عبد الله، حدثني أبي ، ثنا يزيد قال انا محمد، عن أبي سملة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم : غيّروا هذا الشيب ، ولا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى» (2)

وبالاسناد عن الترمذي في السنن ، قال في باب ما جاء في الخضاب : حدثنا قتيبة، حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غيّروا الشيب ولا تشبهوا باليهود

قال: وفي الباب عن الزبير وابن عباس وجابر وأبي ذر وأنس وأبي رمشة والجهدمة وأبي الطفيل وجابر بن سمرة وأبي جحيفة وابن عمر. وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وقد روى من غير وجه عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم (3)

ص: 297


1- مسند احمد بن حنبل 1 : 165 .
2- مسند أحمد بن حنبل 2 : 499
3- سنن الترمذي :3 144

[ الحكمة 18]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الَّذِينَ أَعْتَزَلُوا الْقِتَالَ مَعَهُ : خَذَلُوا الْحَقَّ وَلَمْ يَنْصُرُوا الْبَاطِلَ. بالاسناد عن الشيخ الطوسي في الأمالي : أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال : أخبرنا إبراهيم بن محمّد الثقفي ، قال : حدثني أبو الوليد الضبي قال: حدثنا أبو بكر

الهذلي قال : دخل الحارث بن حوط الليثي على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام

فقال: يا أمير المؤمنين، ما أرى طلحة والزبير وعائشة احتجوا إلا على حق ؟ :فقال يا حارث، إنك إن نظرت تحتك ولم تنظر فوقك جزت عن الحق إن الحق والباطل لا يعرفان بالناس ولكن اعرف الحق باتباع من أتبعه والباطل

باجتناب من اجتنبه

قال : فهلا أكون كعبد الله بن عمر وسعد بن مالك ؟ فقال أمير المؤمنين علیه السلام: إن عبد الله بن عمر وسعداً خذلا الحق ولم ينصرا

الباطل ، متى كانا إمامين في الخير فيتبعان ؟! (1)

[ الحكمة 20]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

أَقِيلُوا ذَوِي الْمُرُوء آت عَثَراتِهِمْ، فَما يَعْثُرُ مِنْهُمْ عائِرٌ إِلّا وَيَدَهُ بِيَدِ الله يَرْفَعُهُ (2)

من التعقيبات ما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي، عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد خالد، عن إسماعيل بن مهران عن

ص: 298


1- الأماني للشيخ الطوسي : 134 .
2- في «ه-. أ»: (إلا ويد الله يرفعه)

سيف بن عميره ، عن أبي عبد الله قال اجيزوا لاهل المعروف عثراتهم واغفروها لهم فإن كف الله تعالى عليهم هكذا وأومأ بيده كأنه يظل بها شيئا . (1)

[ الحكمة 21]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

قُرِنَتِ الْهَيْبَةُ (2) بِالْخَيْبَةِ، وَالْحَياءُ بِالْحِرْمَانِ، وَالْقُرْصَةً تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، فَانْتَهِزُوا (3)

فرَصَ الخَيْرِ. قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: ذكره ابن عبد البر في

جامع بيان العلم ص 77 الى قوله بالحرمان»(4)

قال العرشي في التخريج ما نصه : « رواها ابن قتيبة في عيون الاخبار ج 2 ص [ 123] والقالي في الامالي[ ج 1 ص 197] و[ ج 2 ص 95] والحراني في تحف العقول (47) وابن الشيخ في الأمالي (41) . (5) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي ت / 460 ه-) في الأمالي : قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد ، قال : حدثني محمّد ابن عليّ ، عن أبيه علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر ابن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال أمير المؤمنين

ص: 299


1- الكافي للشيخ الكليني 4: 28 .
2- في « ه-. ب»: الهيبة : الخوف والأحجام .
3- في «ه- .ب»: ( احفظوا)
4- راجع : مدارك نهج البلاغة .
5- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957/م.

عليّ بن أبي طالب علیه السلام: الهيبة خيبة، والفرصة خلسة، والحكمة ضالة المؤمن، فاطلبوها ولو عند المشرك، تكونوا أحق بها وأهلها (1)

ونقل البلاذري ( ت / 279 ه- ) قوله : ( الفرص تمرّ مرّ السحاب ؛ فانتهزوا فرص

الخير، راجع الخطبة (42) .

[ الحكمة 22]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

لَنا حَقٌّ فَإِنْ أُعْطِينَاهُ وَإِلّا رَكِبْنا أَعْجَازَ الْإِبِلِ(2) وَإِنْ طَالَ السُّرى.

قال الرّضي رحمه الله تعالى (3) :

وَهذَا الْقَوْلُ مِنْ لَطِيفِ الكَلامِ وَفَصِيحِهِ، وَمَعْناهُ : أَنَّا إِنْ لَمْ نُعْطَ حَقَّنَا أَذِلَاءَ، وَذَلِكَ أَنَّ

الرَّدِيفَ يَرْكَبُ عَجُزَ الْبَعِيرِ كَالْعَبْدِ وَالأَسِيرِ وَمَنْ يَجْرِي مَجْراهُما .

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: «قال الشارح الفاضل: هذا الفصل قد ذكره ابو عبيدة الهروي في الجمع بين الغريبين ما صورته ان لنا

حقاً ان نعطه نأخذه وان نمنعه تركب اعجاز الابل وان طال السرى» . (4) قال العرشي في التخريج ما نصّه: روى الطبري [ ج 5 ص 39] هذه الحكمة في خطبة طويلة، ورواها ابو عبيدة الهروي أيضاً في كتاب الغريبين ، الورق 176 /

الف، بتغيير يسير». (5)

ص: 300


1- الأمالي؛ للشيخ الطوسي : 625
2- في «ه-.ب» : ركبنا أعجاز الابل ، أي : نطلب وندرك ، وان طال السرى : وأن كان بعد مدة.
3- لم ترد (قال الرضي الله ) في ( أ ) ( ب ) .
4- مدارك نهج البلاغة : 104 .
5- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق، قال أنبانا أبو طالب بن يوسف، أنا إبراهيم بن : الفقيه، وحدثني أبو المعمر الأنصاري، أنا أبو الحسين بن الطيوري، أنا علي بن عمر الزاهد وإبراهيم بن عمر قالا أنا محمّد بن العباس، أنا أبو محمّد السكري ، قال : قال أبو محمد ابن قتيبة في حديث عبد الرحمن بن عوف : إنه كان في كلامه أصحاب الشورى يا هؤلاء إن عندي رأيا وإن لكم نظرا، إن حابيا خير من زاهق، وإن جرعة شروب أنفع من عذب موب، وإن الحيلة بالمنطق أبلغ من السيوف في الكلم ، فلا تطيعوا الأعداء وإن قربوا ولا تفلوا المدي بالاختلاف بينكم وتغمدوا السيوف عن أعدائكم فتوتروا تأركم وتولوا أعمالكم ، لكل أجل كتاب ، ولكل بيت إمام لأمره يقومون وبنهيه يدعون، قلدوا أمركم رحب الذراع فيما نزل مأمون الغيب على ما استكن يقترع منكم وكلكم منتهي ومرتضى منكم وكلكم رضا.

فتكلم علي فقال : الحمد لله الذي اتخذ محمدا منا نبيا وابتعثه إلينا رسولا فنحن بيت النبوة ومعدن الحكمة أمان لأهل الأرض ونجاة لمن طلب، لنا حق إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السرى لو عهد إلينا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عهدا الجالدنا عليه حتى نموت، أو قال لنا قولا لا نفذنا قوله على رغمنا ، لن يسرع أحد قبلي إلى صلة رحم ودعوة حق، والأمر إليك يا ابن عوف على صدق اليقين وجهد ،النصر، استغفر الله لي ولكم.

يرويه يعقوب بن محمّد، عن أبي عمر الزهري، عن مسلم بن نشيط، عن

عطاء ابن أبي رباح، عن ابن عباس(1)

ص: 301


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 428 - 2431 ، وفيه شرح بعض المفردات كمايلي : « قوله :

(1)

ص: 302


1- إن حابيا خير من زاهق الحابي من السهام هو الذي يزحف إلى الهدف ، يقال : حبا يحبو حبواً : السهم : وقع دون الغرض، فإن أصاب الهدف فهو خاسق وخازق ومقرطس فإن جاوز الهدف ووقع خلفه، فهو زاهق ، يقال : زهق السهم : إذا تقدم وزهقت الفرس وانز هقت بين يدي الجمل وأزهقتها : قدمتها ، والزهق التقدم، قال رؤبة يكاد أيديهن تهوي في الزهق وأراد عبد الرحمان إن الحابي من السهام ، وإن كان ضعيفاً فقد أصاب الهدف فهو خير من الزاهق الذي قد جاوزه لشدة مره وقوته ، ألم يصبه، وضرب السهمين مثلا لواليين أحدهما ينال الحق أو بعضه وهو ضعيف ، والاخر يجوز الحق ويبعد منه وهو قوي وقوله وإن جرعة شروب أنفع من عذب م-وب والشروب من الماء هو الملح الذي يشربه الناس إلا عند الضرورة ، والموبئ : الضار المدخل في الوباء ، وهو المرض، والحرف مهموز ، فترك همزته لتقابل به الحرف الذي قبله ، وهذا أيضا مثل ضربه لرجلين: أحدهما أرفع وأضر، والآخر أدون وأنفع ، وقوله : فإن الحيلة بالمنطق أبلغ من السيوف في الكلم، يريد : أن القليل من القول مع التلطف فيه أبلغ من الهذر وكثرة الكلام بغير رفق ولا تلطف ، والسيوب : ما سيب وخلي أن يساب أي يذهب ، ومنه سمي الرجل السائب ، وقوله : لا تفلوا المدى بالاختلاف بينكم، أي لا تفلوا حدكم بالاختلاف ، وضرب المدى مثلاً ، وهي جمع مدية، والفلول : تكسر يصيب حدها ، وقوله : ولا تعمدوا السيوف عن أعدائكم فتوتروا تأركم ، أي توجدوه الوتر في أنفسكم ، يقال : وترت فلاناً : أصبته بوتر وأوترته : أوجدته ذلك ، أي أظفرته به ، والثار : العدو ، لأنه موضع الثار ، وقوله : تولتوا أعمالكم ، أي تنقصوها ، يريد إنه كانت لهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمال في الجهاد ، فإذا هم تركوه واختلفوا نقصوها » ، وفيه لغتان ، يقال : لاته يليته ليتاً: إذا نقصه، وبهذه اللغة ورد قول الله: لا يلتكُم من أَعمَالِكُم شَيْئَاً ) وكان من دعاء أم (لا هاشم السلولية : الحمد لله الذي لا يلات ولا يعات ولا تشتبه عليه الأصوات واللغة الأخرى: الات يليت، وبهذه اللغة ورد قول الله: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِم مِن شَيْءٍ ) (الطور : (21). والحرف في الحديث تولتوا ، كأنه من أولت يولت ، أو الت يؤلت إن كان مهموزاً، ولم أسمع بهذه اللغة إلا في هذا الحديث، وقوله : فينهيه يرعون أي يكفون ، يقال : ورعت فلانا عن كذا فتورع وورع إذا كانت كففته فكف، ومنه الورع في الدين . وقوله : قلدوا أمركم رحب الذراع فيما ينزل ، أي واسع الذراع عند الشدائد يجود ويعطي ويبسط يديه بالعطاء ويفتح به باعه مأمون الغيب على ما استكن يريد قلدوا رجلا تأمنون غيبه فيما خفي عليكم فلا يخونكم ولا يبغيكم

[ الحكمة 23]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

مَنْ أَبْطَاً بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ حَسَبُهُ.

روى مسلم النيسابوري في صحيحه : حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وابو بكر بن أبي شيبة ومحمّد بن العلاء الهمداني - واللفظ ليحيى - قال يحيى : اخبرنا ، وقال الآخران حدثنا أبو معاوية عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة

قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه (1)

الغوائل . يقترع منكم أي يختار ، يقال : فلان قريع قومه أي المختار منهم، وقد اقترعت من الإبل فحلا أي أخترته، وقول عليّ : لنا حق إن نعطه نأخذه وإن نمنعه تركب أعجاز الأبل وإن طال السرى، يريد إنه إن منعه ركب مركب الضيم والذل على مانعه وإن تطاول ذلك به وأصل هذا أن راكب البعير إذا ركبه بغير رحل ولا وطاء ركب عجزه ولم يركب ظهره من أجل السنام وذلك مركب صعب يشق على راكبه لا سيما إذا تطاول به الركوب على تلك الحال وهو يسري أو يسير ليلا، فإذا ركبه بالوطاء والرحل ركب الظهر وذلك مركب يطمأن به ولايشق عليه، وقد يجوز أن يكون أراد بركوب أعجاز الايل أن يكون ردفا تابعا وأنه يصبر على ذلك وإن

تطاول به .

ص: 303


1- صحیح مسلم 718

[ الحكمة 26]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

ما أضمر أحدٌ شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه

قال الجلالي ورد النص فيما ارويه بالاسناد عن الجاحظ ( ت / 255ه-) في

المائة كلمة المختارة، راجع الحكمة رقم (13)

[الحكمة 31]

وَسُئِلَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنِ الإيمانِ، فَقَالَ: الإِيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعائِمَ :

عَلَى الصَّبْرِ وَالْيَقِينِ وَالْعَدْلِ وَالْجِهَادِ.

فَالصَّبْرُ مِنْها عَلى أَرْبَعِ شُعَبِ : عَلَى الشَّوْقِ وَالشَّفَقِ وَالزُّهْدِ وَالتَّرَقُبِ، فَمَنِ اشْتاق إِلَى الْجَنَّةِ سَلا (1)عَنِ الشَّهَوَاتِ وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ أَجْتَبَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمَنْ زَهِدَ فِي

الدُّنْيَا أَسْتَهانَ بِالْمُصِيبَاتِ، وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ فِي الْخَيْرَاتِ.

وَالْيَقِينُ مِنْها عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ:

عَلى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ، وَتَأوُّلِ الْحِكْمَةِ، وَمَوْعِظَةِ الْعِبْرَةِ، وَسُنَّةِ الْأَوَّلِينَ، فَمَنْ تَبَصَّرَ فِي الْفِطْنَة تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ، وَمَنْ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ عَرَفَ الْعِبْرَةَ، وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ فَكَأَنَّما كانَ فِي الْأَوَّلِينَ. وَالْعَدْلُ مِنْها عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلى غائِصِ(2) الْفَهْمِ، وَغَوْرِ الْعِلْمِ، وَزَهْرَةِ الْحُكْمِ وَرَسَاخَةِ(3) الْحِلْمِ، فَمَن فَهِمَ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ، وَمَنْ عَلِمَ غَوْرَ العِلْمِ صَدَرَ عَنْ شَرائِعِ

ص: 304


1- في «ه-.ب»: (من السلوة).
2- في «ه-.ب» من الغوص.
3- في «ه-.ب»: (ثابت) .

اَلْحُكْمِ، وَمَنْ حَلْمَ لَمْ يُفَرِّطُ فِي أَمْرِهِ وَعَاشَ فِي النَّاسِ حَمِيداً .

وَالْجِهادُ مِنْها عَلَى أَرْبَعِ شُعَبِ : عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالصِّدْقِ فِي الْمَواطِنِ وَشَنَآنِ الْفَاسِقِينَ، فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظُهُورَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَنْ نَهى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أُنُوفَ الْمُنافِقِينَ، وَمَنْ صَدَقَ فِي الْمَواطِنِ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَمَنْ شَنِيْ الْفَاسِقِينَ وَغَضِبَ الله غَضِبَ الله لَهُ وَأَرْضاهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ.

(2)

وَالْكُفْرُ عَلى أَرْبَعِ دَعائِمَ : عَلَى التَّعَمُّقِ، وَالتَّازُعِ ، وَالزَّيْنِ، وَالشَّقَاقِ، فَمَنْ تَعَمَّ لَمْ

، تَعَمَّقَ يُنِبْ إِلَى الْحَقِّ، وَمَنْ كَثُرَ نِزاعُهُ بِالْجَهْلِ دَامَ عَماهُ عَنِ الْحَقِّ، وَمَنْ زاغَ ساءَتْ عِنْدَهُ الحَسَنَةُ، وَحَسُنَتْ عِنْدَهُ السَّيِّئَةُ، وَسَكِرَ سُكْرَ الضَّلالَةِ، وَمَنْ شاقَ وَعُرَتْ (1) عَلَيْهِ طُرُقُهُ، وَأَعْضَلَ عَلَيْهِ(2) أَمْرُهُ، وَضاقَ مَخْرَجُهُ. وَالشَّكَ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَى الَّتمارِي، وَالْهَوْلِ (3)، وَالتَّرَدُّدِ، وَالاسْتِسْلامِ، فَمَنْ جَعَلَ الْمِرأء (4) دَيْدَنَا (5) لَمْ يُصْبحْ لَيْلُهُ، وَمَنْ هَالَهُ (6) مابَيْنَ يَدَيْهِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ، وَمَن تَرَدَّدَ فِي الرَّيْبِ وَطِئَتْهُ سَنابِكَ الشَّيَاطِينِ ، وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ

هَلك فيهما .

قال الرَّضِيّ رَحِمُهُ الله تعالى (7): وَبَعْدَ هذا كَلامٌ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ خَوْفَ الْإِطالَةِ وَالْخُرُوجِ

عَنِ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ فِي هَذَا الْكِتَابِ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريح: قوله علیه السلام: الايمان

ص: 305


1- في «ه-. ب»: (وعرت : خشنت).
2- لم ترد (عليه) في «أ» «ب».
3- في «ه-.ب»: (الخوف).
4- « ه-.ب»: (أي المجادلة) .
5- في «ه-. ب » : ( أي عادة) .
6- في « ه-.ب» : (أخافه) .
7- لم ترد : قال الرضي (رحمه الله تعالى) في «أ» «ب».

على أربع دعائم ... إلى آخره، رواه في أصول الكافي للكليني رحمه الله ، وروي أيضاً في كتاب منتخب كنز العمال في حاشية مسند الامام أحمد بن حنبل [ص 318 ج 6 ]مع اختلاف بسير ، وقال الشارح الفاضل : من هذا الفصل أخذت الصوفية وأصحاب الطريقة والحقيقة كثيراً من فنونهم وعلومهم ومن تأمل كلام سهل بن عبد الله التستري وكلام الجنيد والسري وغيرهم رأى هذه الكلمات في فرش كلامهم تلوح كالكواكب الزاهرة ... الى آخره (1)

وقال العرشي في التخريج ما نصه : وسئل عن الايمان، فقال: الايمان على أربع دعائم الصبر واليقين والعدل والجهاد» ... الى آخره، ج 1 ص 74]، ورواها

شیخ الطائفة في الأمالي (23) والقاضي محمّد بن سلامة القضاعي في دستور

معالم الحكم .(121) . ثم قال : « الكفر على أربع دعائم على التعمق، والتنازع والزيغ والشقاق».. الى آخره. [ج 3 ص 158].

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 281 ه-) في الغارات (2)، قال: حدثنا محمّد، قال حدثنا الحسن قال حدثنا ابراهيم قال أخبرنا أبو غسان النهدي مالك بن اسماعيل قال: حدثنا عبد السلام بن حرب النهدي، عن محمّد بن سوقة ، عن العلاء بن عبد الرحمن قال: قام رجل إلى علي بن أبي طالب علیه السلام فسأله عن الايمان ، فقال علیه السلام: الايمان على أربع دعائم على الصبر واليقين والعدل والجهاد، فالصبر منها على أربع شعب على الشوق والشفق والزهادة والترقب، فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات.

ص: 306


1- مدارك نهج البلاغة : 104.
2- الغارات؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 3: 635 و 636

واليقين منها على أربع شعب على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين ، فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان في الأولين. والعدل منها على أربع شعب : على غائص الفهم وغمرة ،العلم وزهرة الحكم ، وروضة الحلم، فمن فهم فسر جمل العلم، ومن عرف شرائع الحكم لم يضل، ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش به في الناس حميدا.

والجهاد منها على أربع شعب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن ، وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافقين ، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه ومن شنأ الفاسقين غضب الله ومن غضب الله غضب الله له(1).

وتقدم معناه في الخطبة (106) فراجع وبالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 321ه-) في الكافي ، قال بالاسناد الأوّل

[وهو علي بن ابراهيم عن ابيه محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عیسیٰ وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعاً، عن الحسن بن محبوب ...، عن ابن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام، قال : سئل أمير المؤمنين علیه السلام عن الايمان ، فقال : إن الله عز وجل جعل الايمان على أربع دعائم على الصبر واليقين والعدل والجهاد.

فالصبر من

ذلك على أربع شعب على الشوق والاشفاق والزهد والترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات ، ومن راقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين على أربع شعب تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، ومعرفة العبرة، وسنة

ص: 307


1- الغارات ؛ لابراهيم بن محمد الثقفي 1: 134 - 138.

الأولين، فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان مع الأوّلين واهتدى إلى التي هي أقوم، ونظر إلى من نجى بما نجى ومن هلك بما هلك، وإنما أهلك الله

أهلك بمعصيته وأنجى من أنجى بطاعته.

من

والعدل على أربع شعب غامض الفهم، وغمر العلم، وزهرة الحكم، وروضة الحلم، فمن فهم فسر جميع العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا. والجهاد على أربع شعب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق المواطن، وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق وأمن كيده، ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه، ومن شناً الفاسقين غضب الله ومن غضب الله غضب الله له ، فذلك الايمان ودعائمه وشعبه (1)

في

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق في الخصال: حدثنا أبي رضی الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال جميعا، عن علي بن أسباط ، عن الحسن بن زيد، قال حدثني محمّد بن سالم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام: الايمان على أربع دعائم على الصبر واليقين والعدل والجهاد. والصبر على أربع شعب على الشوق والاشفاق، والزهد والترقب . فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد

في الدنيا تهاون بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات. واليقين على أربع شعب على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة ، وموعظة العبرة ،

ص: 308


1- الكافي للشيخ الكليني 2 5150

وسنة الأوّلين، فمن تبصر في الفطنة تأوّل الحكمة، ومن تأوّل الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة فكأنما عاش في الأولين.

والعدل على أربع شعب على غائص الفهم ، وغمرة العلم، وزهرة الحكمة وروضة الحلم، فمن فهم فسر جمل العلم ، ومن علم شرح غرائب الحكم، ومن كان حليما لم يفرط في أمر يلبسه في الناس.

والجهاد على أربع شعب : على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق المواطن وشنآن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه، ومن شنا الفاسقين وغضب الله عز وجل غضب الله له، فذلك الايمان ودعائمه وشعبه .

والكفر على أربع دعائم على الفسق والعتو، والشك والشبهة والفسق على أربع شعب : على الجفاء، والعمى، والغفلة، والعتو فمن جفا حقر الحق، ومقت الفقهاء، وأصر على الحنث العظيم ، ومن عمى نسي الذكر واتبع الظن وألح عليه الشيطان، ومن غفل غرته الاماني ، وأخذته الحسرة إذا انكشف الغطاء، وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب ومن عنا عن أمر الله تعالى الله عليه . ثم أذله بسلطانه، وصغره بجلاله كما فرط في جنبه، وعنا عن أمر ربه الكريم.

والعتو على أربع شعب على التعمق، والتنازع ، والزيغ والشقاق. فمن تعمق لم ينب إلى الحق ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات، فلم تحتبس عنه فتنة إلا غشيته اخرى، وانخرق دينه فهو يهيم في أمر مريج، ومن نازع وخاصم قطع بينهم الفشل وذاقوا وبال أمرهم، وساءت عنده الحسنة، وحسنت عنده السيئة، ومن ساءت عليه الحسنة أعورت عليه طرقه واعترض عليه أمره وضاق عليه مخرجه وحري أن ترجع من دينه، ويتبع غير سبيل المؤمنين.

والشك على أربع شعب على الهول والريب، والتردد والاستسلام فمن جعل المراء ديدنا لم يصبح ليله، فبأي آلاء ربك يتمارى المتمارون، فمن هاله ما

ص: 309

بين يديه نكص على عقبيه ، ومن تردد في الريب سبقه الأولون، وأدركه الآخرون، وقطعته سنابك الشياطين ، ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيما

بينهما ومن نجا فباليقين.

والشبهة على أربع شعب على الاعجاب بالزينة، وتسويل النفس، وتأول الفرج، وتلبس الحق بالباطل، وذلك بأن الزينة تزيل على البيئة، وأن تسويل النفس يقحم على الشهوة، وإن الفرج يميل ميلا عظيما، وإن التلبس ظلمات بعضها فوق بعض، فذلك الكفر ودعائمه وشعبه.

والنفاق على أربع دعائم على الهوى والهوينا، والحفيظة، والطمع والهوى على أربع شعب على البغي والعدوان والشهوة والطغيان، فمن بغي كثرت غوائله وعلاته ، ومن اعتدى لم تؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه، ومن لم يعزل نفسه عن الشهوات خاض في الخبيثات، ومن طغى ضل على غير يقين ولا حجة له. وشعب الهوينا الهيبة والغرة والمماطلة والامل، وذلك لان الهيبة ترد على

دين الحق وتفرط المماطلة في العمل حتى يقدم الأجل، ولولا الأمل علم الانسان حسب ما هو فيه، ولو علم حسب ما هو فيه مات من الهول والوجل. وشعب الحفيظة : الكبر ، والفخر والحمية، والعصبية، فمن استكبر أدبر ، ومن فخر فجر، ومن حمى أضر ، ومن أخذته العصبية جار، فبئس الامر أمر بين الاستكبار والادبار، وفجور وجور.

وشعب الطمع أربع الفرح والمرح واللجاجة، والتكاثر ، فالفرح مكروه عند

، الله عز وجل، والمرح خيلاء، واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حبائل الآثام، والتكاثر لهو وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير فذلك النفاق

ودعائمه وشعبه .(1)

ص: 310


1- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 231 - 235 .

وبالاسناد عن أبي نعيم الاصفهاني ( ت / 430 ه- ) ، قال : حدثنا احمد بن السندي، ثنا الحسن بن علوية ،القطان، ثنا اسماعيل بن عيسى العطار، ثنا اسحاق بن بشر ، أخبرنا مقاتل عن قتادة عن خلاس بن عمرو قال كنا جلوسا عند عليّ بن أبي طالب، إذ أتاه رجل من خزاعة فقال يا أمير المؤمنين : هل سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ينعت الاسلام ؟

قال نعم سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول: «بنى الاسلام على أربعة أركان على ،الصبر واليقين والجهاد والعدل، وللصبر أربع شعب الشوق والشفقة، والزهادة، والترقب . فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار

جع عن الحرمات، ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات ، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات ولليقين أربع شعب ؛ تبصرة الفطنة، وتأويل الحكمة ، ومعرفة العبرة، واتبع السنة. فمن أبصر الفطنة تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف

العبرة، ومن عرف العبرة اتبع السنة، ومن اتبع السنة فكأنما كان في الأولين وللجهاد أربع شعب ؛ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنان الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق . ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه وأحرز دينه، ومن شنأ الفاسقين فقد غضب الله ، ومن غضب الله يغضب الله له . وللعدل أربع شعب ؛ غوض الفهم، وزهرة العلم وشعرائع الحكم، وروضة .الحلم. فمن غاص الفهم فسر جمل العلم، ومن رعى زهرة العلم عرف شرائع الحكم، ومن عرف شرائع الحكم ورد روضة الحلم، ومن ورد روضة الحلم لم يفرط في امره، وعاش في الناس وهم في راحه) . ورواه الأصبغ بن نباتة، عن عليّ مرفوعا فقال الايمان . ورواه الحارث، عن

عليّ مرفوعا مختصراً . ورواه قبيصة بن جابر ، عن علي من قوله . ورواه العلاء بن

ص: 311

عبدالرحمن، عن عليّ من قوله. حدثنا أبو الحسن احمد بن يعقوب بن المهرجان ، ثنا أبو شعيب الحرّاني، ثنا يحيى بن عبد الله ، ثنا الأوزاعي ، ثنا يحيى بن أبي كثير وغيره، قال : قيل لعلي : ألا نحرسك ؟ فقال : حرس امراً أجله . (1) : وبالاسناد عن الموفق الخوارزمي ( ت / 568 ه-) في المناقب: بالاسناد عن أحمد بن الحسين، قال: أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق ، حدثنا أبو محمّد أحمد بن عبد الله المزني، حدثنا عبد الله بن غنام بن حفص بن غیاث حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن محمّد بن سوقة ، عن العلاء بن عبد الرحمان

قال: قام رجل إلى عليّ بن أبي طالب علیه السلام فقال : يا أمير المؤمنين ما الايمان؟ فقال: الايمان على أربع دعائم على الصبر والعدل واليقين والجهاد والصبر ذلك على أربع شعب على الشوق والشفق والزهد والترقب ، فمن اشتاق إلى

من الجنة سلا عن الشهوات، ومن اشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في

الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن ترقب الموت تسارع إلى الخيرات. والعدل على أربع شعب تبصرة الفطنة وتأويل الحكمة وموعظة العبرة وسنة الأولين فمن تبصر الفطنة تأوّل الحكمة ومن تأوّل الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين.

واليقين على اربع شعب غائص الفهم، وغمر العلم، وزهرة الحكم، وروضة .الحلم . فمن فهم فسر جميل العلم، ومن فسر جميل العلم، عرف شرائع الحكم ، ومن عرف شرائع الحكم حلم وعاش في الناس ولم يفرط.

والجهاد على أربع شعب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن ،الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن

المنكر ارغم انف المنافق، ومن صدق في المواطن قد قضى ما عليه، ومن

ص: 312


1- حليه الاولياء 1 74-75

الفاسقين وغضب الله غضب الله له وما اكتحل رجل بمثل ملمول الحزن(1)وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق، قال اخبرنا أبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر وأبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس :قالا أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرحمن، أنا أبو أحمد محمّد بن محمّد الحافظ، أنا أبو العباس محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي السراج، نا محمّد بن الصباح أنا سليمان بن الحكم بن عوانة ودلني عليه محمّد بن يزيد الواسطي، عن عتبة بن حميد ، عن قبيصة بن جابر الأسدي ، قال : قام رجل إلى على بن أبي طالب فقال : يا أمير المؤمنين ما الإيمان. قال: الإيمان على أربع دعائم على الصبر واليقين والعدل والجهاد، فالصبر منها على أربع شعب على الشوق والشفقة والزهادة والترقب، فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في

الدنيا تهاون بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين على أربع شعب على تبصرة الفطنة، وتأويل الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين. والعدل منها على أربع شعب غامض يعني الفهم وشرائع الحكم(2) ومن حلم

لم يفرط أمره وعاش في الناس جميلا.

والجهاد على اربع شعب على أمر بالمعروف ونهي عن المنكر والصدق في

ص: 313


1- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 372.
2- في العبارة سقط : فقد وردت في الغارات 1: 138 كمايلي والعدل منها على أربع شعب على غامض الفهم، وغمرة العلم، وزهرة الحكم ، فمن فهم افسر جمل العلم ، ومن عرف شرائع الحكم لم يضل، ومن لم الى اخره مع اختلاف في بعض الألفاظ.

المواطن وشنان ،الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر رغم أنف المنافق، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنا

الفاسقين وغضب الله غضب الله ل(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال، قال: ومن مسند علي كرم الله وجهه عن العلاء بن عبد الرحمن ، قال : قام رجل إلى عليّ بن أبي

طالب فقال يا امير المؤمنين ما الايمان ؟

قال : الايمان على اربع دعائم : على الصبر والعدل واليقين والجهاد (هب). وعن قبيصة بن جابر الاسدي، قال: قام رجل إلى عليّ فقال: يا امير المؤمنين

ما الايمان؟ :قال الايمان على اربع دعائم على الصبر واليقين والجهاد والعدل، فالصبر

على اربع شعب على الشوق والشفقة والزهادة والرقب، فمن اشتاق إلى الجنة سيلا عن الشهوات ومن أشفق عن النار رجع عن المحرمات، ومن ابصر بالدنيا تهاون بالمصائبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين على اربع شعب على تبصرة الفطنة، وتأوّل الحكمة ، وموعظة العبرة ،

وسنة الأوّلين فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكانما كان في الأولين.

والعدل على اربع شعب على غائص الفهم وزهرة العلم وشريعة الحكم وروضة الحلم، فمن فهم فسر جميع العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن احكم لم يفرط امره وعاش في الناس وهو في راحة .

والجهاد على اربع شعب امر بمعروف ونهى عن المنكر والصدق في

ص: 314


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 514:42

المواطن وشنآن ،الفاسقين، فمن امر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر ارغم انف المنافق، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شناً الفاسقين وغضب الله غضب الله له .

فقام السائل عند هذا فقبل راس علي إبن أبي الدنيا في الأمر بالمعروف (

والنهي عن المنكر واللالكائي ، كر )(1) وبالاسناد عن المتقي الهندي - أيضاً - عن علي ، قال : اليقين على أربع شعب : على غاية الفهم وغمرة العلم، وزهرة الحكم ، وروضة الحلم، فمن فهم فسر جمل العلم ، ومن فسر جمل العلم عرف شرائع الحكم ، ومن عرف شرائع الحكم

حلم ولم يفرط في أمره، وعاش في الناس. ابن أبي الدنيا في اليقين (2) وعنه - أيضاً - عن يحيى بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، قال: كان علي يخطب فقام إليه ،رجل، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني من أهل أهل الجماعة ؟ ومن أهل الفرقة ؟ ومن أهل السنة ؟ ومن أهل البدعة ؟

فقال : ويحك ! أما إذ سألتني فافهم عنى، ولا عليك أن لا تسأل عنها أحدا بعدي، فأما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعنى وإن قلوا ، وذلك الحق عن أمر الله وأمر رسوله ، فأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ومن اتبعني وإن كثروا ، وأما أهل السنة المتمسكون بما سنّه الله لهم ورسوله وإن قلوا وإن قلوا، وأما أهل البدعة فالمخالفون لامر الله ولكتابه ورسوله ، العاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا، وقد مضى منه

الفوج الأول وبقيت أفواج ، وعلى الله قصمها واستئصالها عن جدبة الارض . فقام إليه عمار فقال: يا أمير المؤمنين إن الناس يذكرون الفي ويزعمون أن من قاتلنا فهو وماله وأهله في لنا وولده، فقام رجل من بكر بن وائل يدعى عباد بن

ص: 315


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1: 284 - 286- الارقام 1387 و 1388 .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 800:3، الرقم 8803

قيس وكان ذا عارضة ولسان شديد فقال: يا أمير المؤمنين ! والله ! ما قسمت

بالسوية، ولا عدلت في الرعية.

فقال علي : ولم ويحك ؟ قال : لانك قسمت ما في العسكر، وتركت الاموال

والنساء والذرية

فقال علي : يا أيها الناس من كان به جراحة فليداوها بالسمن

فقال :عباد جئنا نطلب غنائمنا ، فجاءنا بالترهات!

فقال له عليّ : إن كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى تدرك غلام ثقيف . فقال رجل من القوم ومن غلام ثقيف يا أمير المؤمنين ؟

فقال: رجل لا يدع الله حرمة إلا انتهكها.

قال: فيموت أو يقتل ؟

قال : بل يقصمه قاصم الجبارين، قتله بموت فاحش يحترق منه دبره لكثرة ما

يجري من بطنه. يا أخا بكر! أنت امرؤ ضعيف الرأي، أما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب

الكبير ! ! وأن الأموال كانت لهم قبل الفرقة وتزوجوا على رشدة وولدوا على

الفطرة، وإنما لكم ما حوى عسكرهم، وما كان في دورهم فهو ميراث ،لذريتهم أخذناه بذنبه ، وإن كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره يا

فان عدا علينا أحد منهم

أخا بكر! لقد حكمت فيهم بحكم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في أهل مكة قسم ما حوى

العسكر ولم يعرض لما سوى ذلك، وإنما اتبعت أثره حذو النعل بالنعل . يا أخا بكر! أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها، وأن دار الهجرة يحرم ما فيها إلا بحق ، فمهلا مهلا رحمكم الله ! فان أنتم لم تصدقوني وأكثرتم علي - وذلك

أنه تكلم في هذا غير واحد - فأيكم يأخذ أمه عائشة بسهمه ؟

قالوا: أينا يا أمير المؤمنين ؟! بل أصبت وأخطأنا، وعلمت وجهلنا ونحن

ص: 316

نستغفر الله وتنادى الناس من كل جانب أصبت يا أمير المؤمنين ! أصاب الله بك

الرشاد والسداد

فقام عمار فقال يا ايها الناس! إنكم والله إن اتبعتموه وأطعتموه لم يضل بكم عن منهاج نبيكم قيس شعرة، وكيف يكون ذلك وقد استودعه رسول الله صلى الله عليه وسلم المنايا والوصايا وفصل الخطاب على منهاج هارون بن عمران إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فضلا

خصه الله به إكراما منه لنبيه صلی الله علیه و آله وسلم حيث أعطاه الله ما لم يعطه أحدا من خلقه. ثم قال عليّ : انظروا رحمكم الله ما تؤمرون به فامضوا له، فان العالم أعلم بما يأتي من الجاهل الخسيس الاخس ، فاني حاملكم إن شاء الله تعالى - إن أطعتموني - على سبيل الجنة وإن كان ذا مشقة شديدة ومرارة عتيدة، وإن الدنيا حلوة، الحلاوة لمن اغتر بها ...(1) من الشقوة والندامة عما قليل، ثم إني مخبركم أن خيلا من بني إسرائيل أمرهم نبيهم أن لا يشربوا من النهر ، فلجوا في ترك أمره فشربوا منه إلا قليلا منهم ، فكونوا رحمكم الله من أولئك الذين أطاعوا نبيهم ولم يعصوا ربهم. وأما عائشة، فأدركها رأي النساء وشي كان في نفسها علي يغلي في جوفها كالمرجل، ولو دعيت لتنال من غيرى ما أتت إلي لم تفعل، ولها بعد ذلك حرمتها الأولى ، والحساب على الله ، يعفو عمن يشاء ويعذب عمن يشاء. فرضي بذلك أصحابه وسلموا لامره بعد اختلاط ،شدید فقالوا: يا أمير المؤمنين حكمت والله فينا بحكم الله، إنا جهلنا ، ومع جلهلنا لم نأت ما يكره أمير المؤمنين.

وقال ابن يساف الانصاري:

إن رأيا رأيتموه سفاها ***لخطأ الايراد والاصدار

ليس زوج النبي تقسم فيئا ***ذلك زيغ القلوب والابصار

ص: 317


1- بياض في الأصل.

فاقبلوا اليوم ما يقول عليّ ***لا تناجوا بالاثم في الاسرار

ليس ما ضمت البيوت بفيّ*** إنما الفي ما تضم الاوار

من كراع في عسكر وسلاح ***ومتاع يبيع أيدي التجار

ليس في الحق قسم ذات نطاق*** لا ولا أخذكم لذات خمار

ذاك هو فيئكم خذوه وقولوا ***قد رضينا لا خير في الاكثار

إنها أمكم وإن عظم الخط ***ب- وجاءت بزلة وعثار

فلها حرمة الن- رمة النبي وحقا ***ق علينا من سترها ووقار

فقام عباد بن قيس وقال: يا أمير المؤمنين ! أخبرنا عن الايمان. فقال: نعم، إن الله ابتدأ الامور فاصطفى لنفسه ما شاء، واستخلص ما أحب فكان مما أحب أنه ارتضى الاسلام واشتقه من اسمه ، فنحله من أحب من خلقه، ثم شقه فسهل شرائعه لمن ورده وعزز أركانه على من حاربه، هيهات من أن يصطلمه مصطلم ! جعله سلما لمن دخله، ونورا لمن استضاء به، وبرهانا لمن تمسك به، ودينا لمن انتحله وشرفا لمن عرفة، وحجة لمن خاصم به وعلما لمن رواه، وحكمة لمن نطق به، وحبلا وثيقا لمن تعلق به، ونجاة لمن آمن به فالايمان أصل الحق والحق سبيل الهدى، وسيفه جامع الحلية، قديم العدة، الدنيا مضماره والغنيمة حليته، فهو أبلج منهاج ، وأنور سراج، وأرفع غاية وأفضل دعية، بشير لمن سلك قصد الصادقين، واضح البيان عظيم الشأن الأمن

منهاجه والصالحات مناره والفقه مصابيحه، والمحسنون فرسانه فعصم السعداء بالايمان، وخذل الاشقياء بالعصيان من بعد اتجاه الحجة عليهم بالبيان إذ وضح لهم منار الحق وسبيل الهدى فالايمان يستدل به على الصالحات وبالصالحات الفقه، وبالفقه يرهب الموت، وبالموت يختم الدنيا، وبالدنيا

يعمر تخرج الآخرة، وفي القيامة حسرة أهل النار، وفي ذكر أهل النار موعظة أهل التقوى . والتقوى غاية لا يهلك من اتبعها، ولا يندم من عمل بها ، لان بالتقوى فاز

ص: 318

الفائزون، وبالمعصية خسر الخاسرون فليزدجر أهل النهى، وليتذكر أهل التقوى، فان الخلق لا مقصر لهم في القيامة دون الوقوف بين يدي الله، مرفلين في مضمارها نحو القصبة العليا إلى الغاية القصوى، مهطعين بأعناقهم نحو داعيها، قد شخصوا من مستقر الاجداث والمقابر إلى الضرورة أبدا، لكل دار أهلها، قد انقطعت بالاشقياء الاسباب، وأفضوا إلى عدل الجبار ، فلا كرّة لهم إلى دار الدنيا

فالصبر من

فتبرؤا من الذين أثروا طاعتهم على طاعة الله ، وفاز السعداء بولاية الايمان. فالايمان يا ابن قيس على أربع دعائم : الصبر واليقين، والعدل، والجهاد، ذلك على أربع دعائم الشوق والشفق، والزهد والترقب، فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، و من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات واليقين من ذلك على أربع دعائم : تبصرة الفتنة وتأول الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين(1)، ومن تأول الحكمة عرف العبرة ، ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان في الأولين، فاهتدى إلى التي هي أقوم . والعدل من ذلك على أربع دعائم : غائص الفهم، وغمرة العلم، وزهرة الحكم وروضة الحلم، فمن فهم فسر جميع العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن عرف شرائع الحكم لم يضل ، ومن حلم لم يفرط أمره وعاش في الناس حميدا. والجهاد من ذلك على أربع دعائم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن، وشنآن ،الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق، ومن صدق في المواطن قضى الذي

ص: 319


1- من المصادر التي أوردت هذا الحديث، وفي كنز العمال الحديث رقم 1388 ، وردت العبارة :هكذا تبصرة الفطنة وتاول الحكمة، وموعظة العبرة وسنة الأولين ، فمن تبصر الفطنة تأوّل الحكمة ... إلى آخره، مع اختلاف في بعض الالفاظ .

عليه، ومن

شنأ المنافقين وغضب الله غضب الله له .

فقام إليه عمار فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الكفر على ما بني كما أخبرتنا

عن الايمان ؟

قال : نعم يا أبا اليقظان ! بني الكفر على أربع دعائم على الجفاء والعمى والغفلة، والشك، فمن جفا فقد احتقر الحق، وجهر بالباطل ومقت العلماء وأصر على الحنث العظيم ومن عمي نسي الذكر واتبع الظن، وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة، ومن غفل حاد عن الرشد وغرته الاماني ، وأخذته الحسرة والندامة، وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب، ومن عتا في أمر الله شك، ومن شك تعالى عليه فأذله بسلطانه وصغره بجلاله كما فرط في أمره فاغتر بربه الكريم والله أوسع بما لديه من العفو والتيسير، فمن عمل بطاعة الله اجتلب بذلك ثواب الله ، ومن تمادى فى معصية الله ذاق وبال نقمة الله، فهنيئا لك يا أبا اليقظان عقبى لا عقبى غيرها وجنات لا جنات بعدها

فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ! حدثنا عن ميت الأحياء.

قال : نعم، ان الله بعث النبيين مبشرين ومنذرين فصدقهم مصدقون وكذبهم ،مكذبون فيقاتلون من كذبهم بمن صدقهم، فيظهرهم الله، ثم يموت الرسل، فتخلف خلوف فمنهم منكر للمنكر بيده ولسانه وقلبه، فذلك استكمل خصال الخير.

ومنهم منكر للمنكر بلسانه وقلبه ترك له بيده فذلك خصلتان فذلك خصلتان من خصال

الخير تمسك بهما وضيّع خصلة واحدة وهي أشرفها. ومنهم منكر للمنكر بقلبه تارك له بيده ولسانه فذلك ضيع شرف الخصلتين

من

الثلاث وتمسك بواحدة.

ومنهم: تارك له بلسانه وقلبه ويده فذلك ميت الاحياء.

فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا على ما قاتلت طلحة والزبير ؟

ص: 320

قال :قاتلتهم على نقضهم بيعتي، وقتلهم شيعتي من المؤمنين حكيم بن جبلة

العبدي من عبد القيس والسائحة والاساورة بلا حق استوجبوه منهما ولا كان ذلك لهما دون الامام ولو أنهما فعلا ذلك بأبي بكر وعمر لقاتلاهما، ولقد علم من هاهنا من أصحاب محمّد صلی الله علیه و آله وسلم أن أبا بكر لم يرضيا ممن امتنع من بيعة أبي بكر حتى بايع وهو كاره ولم يكونوا بايعوه بعد الانصار، فما بالي وقد بايعاني طائعين غير مكرهين ولكنهما طمعا منّى فى ولاية البصرة واليمن، فلما لم أوّلهما وجاءهما الّذي غلب من حبهما للدنيا وحرصهما عليها خفت أن يتخذا عباد الله خولا، ومال المسلمين لانفسهما، فلما زويت ذلك عنهما وذلك بعد أن جربتهما

واحتججت عليهما.

فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ! أخبرنا عن الأمر بالمعروف والنهي عن

المنكر ، أ واجب هو ؟

قال : سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : يقول : إنما أهلك الله الامم السالفة قبلكم بتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يقول الله عز وجل: وَكَانُوا لَا يَتَنَاهُوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (1)وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخلقان من خلق الله عز وجل، فمن نصرهما نصره الله ومن خذلهما خذله الله ، وما أعمال البر والجهاد في سبيله عند الامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا كبقعة في بحر لجي،

الاكبقعة فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ، فان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من أجل ولا ينقصان من ،رزق وأفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر وإن الامر لينزل من السماء إلى الأرض كما ينزل قطر المطر إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو نقصان في نفس أو أهل أو مال، فإذا أصاب أحدكم نقصانا في شئ من ذلك ورأى الآخر ذا يسار لا يكونن له فتنة ، فان المرء المسلم البرئ من

ص: 321


1- المائدة : 79

الخيانة لينتظر من الله إحدى الحسنيين : إما من عند الله فهو خير واقع ، وإما رزق الله يأتيه عاجل، فإذا هو ذو أهل ومال ومعه حسبه ودينه المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة ، وقد يجمعهما الله لاقوام.

خالفه من

فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن أحاديث البدع. قال: نعم، سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول: إن أحاديث ستظهر من بعدي حتى يقول قائلهم : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لو سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، كل ذلك افتراء علي ، والذي بعثني بالحق ! التفترقن أمتي على أصل دينها وجماعتها على ثنتين وسبعين فرقة ، كلها ضالة مضلة تدعوا إلى النار ، فإذا كان ذلك فعليكم بكتاب الله عز وجل، فان فيه نبأ ما كان قبلكم ونبأ ما يأتي بعدكم والحكم فيه بين من الجبابرة قصمه الله، ومن ابتغى العلم في غيره أصله الله ، فهو حبل الله المتبن، ونوره المبين، وشفاؤه النافع ، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه لا يموج فيقام، ولا يزيغ فيتشعب ، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلقه كثرة الرد، هو الذي سمعته الجن فلم تناه أو ولّوا إلى قومهم منذرين، قالوا: يا قومنا ! ( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عجباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾ (1) من قال به صدق و من عمل به أجر، ومن تمسك به هدي إلى صراط مستقيم.

فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الفتنة، هل سألت عنها

رسول الله ؟

قال: نعم، إنه لما نزلت هذه الآية من قول الله عز وجل : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) (2)علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 322


1- الجن : 2 .
2- العنكبوت : 2 .

بين أظهرنا، فقلت يا رسول الله ما هذه الفتنة التى أخبرك الله بها ؟

فقال : يا عليّ ! إن أمتي سيفتنون من بعدي.

قلت : يا رسول الله ! أو ليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وحزنت على الشهادة فشق ذلك عليّ فقلت لي : أبشر يا صديق ! فان الشهادة من ورائك.

فقال لى : فان ذلك لكذلك، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا وأهوى

بيده إلى لحيتي ورأسي. فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ! ليس ذلك من مواطن الصبر ولكن من مواطن

البشرى والشكر !

فقال لي: أجل، ثم قال لي: يا علي ! إنك باق بعدي، ومبتلى بأمتي ، ومخاصم يوم القيامة بين يدي الله تعالى فأعدد جوابا ، فقلت بأبي أنت وأمي بيّن لي ما هذه الفتنة التي يبتلون بها، وعلى ما أجاهدهم بعدك؟

فقال : إنك ستقاتل بعدي الناكثة والقاسطة والمارقة - وحلاهم وسماهم رجلا رجلا، ثم قال لي وتجاهد أمتي على كل من خالف القرآن ممن يعمل في الدين بالرأي، ولا رأي في الدين، إنما هو أمر من الرب ونهيه .

فقلت یا رسول الله ! فأرشدني إلى الفلج عند الخصومة يوم القيامة. فقال: نعم، إذا كان ذلك فاقتصر على الهدى، إذا قومك عطفوا الهدى على العمى، وعطفوا القرآن على الرأي فتأوّلوه برأيهم، تتبع الحجج م-ن الق-رآن بمشتبهات الأشياء الكاذبة عند الطمأنينة إلى الدنيا والتهالك والتكاثر فاعطف أنت الرأي على القرآن إذا قومك حرفوا الكلم عن مواضعه عند الاهواء الساهية، والامر الصالح، والهرج الآثم ، والقادة الناكثة، والفرقة القاسطة، والأخرى المارقة أهل الافك المردي والهوى المطغي ، والشبهة الحالقة ، فلا تتكلن عن فضل العاقبة فان

ص: 323

العاقبة للمتقين، وإياك يا علي أن يكون خصمك أولى بالعدل والاحسان والتواضع لله والاقتداء بسنتي والعمل بالقرآن منك ! فان من فلج الرب على العبد يوم القيامة أن يخالف فرض الله أو سنة سنّها نبي، أو يعدل عن الحق ويعمل بالباطل ، فعند ذلك يملي لهم فيزدادوا إثما يقول الله : (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً ) (1) فلا يكونن الشاهدون بالحق والقوامون بالقسط عندك كغيرهم ، يا علي ! إن القوم سيفتنون ويفتخرون بأحسابهم وأموالهم ويزكون أنفسهم ويمنون دينهم على ربهم، ويتمنون رحمته ويأمنون عقابه، ويستحلون حرامه بالمشتبهات الكاذبة، فيستحلون الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية والربا بالبيع ويمنعون الزكاة ويطلبون البر، ويتخذون فيما بين ذلك أشياء من الفسق لا توصف صفتها، ويلي أمرهم السفهاء، ويكثر تتبعهم على الجور والخطأ، فيصير الحق عندهم باطلا والباطل ،حقا، ويتعاونون عليه ويرمونه بألسنتهم، ويعيبون العلماء ويتخذونهم سخريا [فقلت ] (2) يا رسول الله ! فبأية المنازل هم إذا فعلوا ذلك، بمنزلة فتنة أو بمنزلة ردة ؟

قال :بمنزلة فتنة، ينقذهم الله بنا أهل البيت عند ظهورنا السعداء من أولي الالباب ، إلا أن يدعوا الصلاة ويستحلوا الحرام في حرم الله ، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يا علي ! بنا فتح الله الاسلام وبنا يختمه، بنا أهلك الاوثان ومن يعبدها وبنا يقصم كل جبار وكل منافق ، حتى أنا لنقتل في الحق مثل من قتل في الباطل ، يا عليّ ! إنما مثل هذه الامة مثل حديقة أطعم منها فوجا عاما ثم فوجا عاما، فلعل آخرها فوجا أن يكون أثبتها أصلا وأحسنها فرعا وأحلاها جنى وأكثرها خيرا، وأوسعها عدلا، وأطولها ملكا يا علي كيف يهلك الله أمة أنا أولها ومهدينا

ص: 324


1- آل عمران: 178
2- الزيادة اقتضتها العبارة.

أوسطها، والمسيح ابن مريم آخرها يا علي ! إنما مثل هذه الامة كمثل الغيث لا يدرى أوله خير أم ،آخره، وبين ذلك نهج أعوج لست منه وليس مني يا علي! وفي تلك الامة يكون الغلول والخيلاء وأنواع المثلات ، ثم تعود هذه الامة إلى ما كان خيار أوائلها ، فذلك من بعد حاجة الرجل إلى قوت امرأته - يعني غزلها ، حتى

أن أهل البيت ليذبحون الشاة فيقنعون منها برأسها ويولون ببقيتها من الرأفة

والرحمة بينهم وكيع (1)

[ الحكمة 32]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

أَشْرَفُ الْغِنى تَرْك الْمُنى.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

(ت/ 328ه-) في الكافي بعنوان: «خطبة لامير المؤمنين وهي خطبة الوسيلة

عن محمّد بن علي بن معمر ، عن محمّد بن علي بن عكاية التميمي، عن الحسين بن النضر الفهري، عن أبي عمرو الاوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن یزید ، قال : دخلت على أبي جعفر علیه السلام فقلت : يا ابن رسول الله قد أرمضني اختلاف الشيعة في مذاهبها ؟ فقال : يا جابر ألم أقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ومن أي جهة تفرقوا ؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله قال : فلا تختلف إذا اختلفوا، يا جابر إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في أيامه ، يا جابر اسمع ،وع، قلت: إذا شئت، قال: إسمع وع وبلغ حيث انتهت بك راحلتك، إن أمير المؤمنين علیه السلام خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم

ص: 325


1- كنز العمال للمتقي الهندي 16: 183 - 197 ، الحديث رقم 44216.

وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه فقال : الحمد لله الذي منع الاوهام أن تنال إلا وجوده، وحجب العقول أن تتخيل ذاته لامتناعها من الشبه والتشاكل، بل الذي لا يتفاوت في ذاته ولا يتبعض بتجزئة العدد في كماله ، فارق الاشياء لا على اختلاف الاماكن ، ويكون فيها لا على وجه الممازجة، وعلمها لا بأداة ، لا يكون العلم إلا بها، وليس بينه وبين معلومه علم غیره به كان عالما بمعلومه، إن قيل : كان، فعلى تأويل أزلية الوجود . وإن قيل لم يزل، فعلى تأويل نفي العدم،

فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ إلها غيره علوا كبير

نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه وأوجب قبوله على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، شهادتان ترفعان القول

وتضاعفان العمل خف میزان ترفعان منه وثقل ميزان توضعان فيه، وبهما الفوز

بالجنة والنجاة من النار والجواز على الصراط، وبالشهادة تدخلون الجنة، وبالصلاة تنالون الرحمة، أكثروا من الصلاة على نبيكم إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(1) ، صلى الله عليه وآله وسلم تسليما. أيها الناس، إنه لا شرف أعلى من الاسلام ، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع ، ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية، ولا وقاية أمنع من السلامة، ولا مال أذهب بالفاقة من الرضى بالقناعة، ولا كنز أغنى من القنوع ومن أقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوء خفض الدعة،

. والرغبة مفتاح التعب، والاحتكار مطية النصب والحسد آفة الدين، والحرص داع إلى التقحم في الذنوب وهو داعي الحرمان والبغي سائق إلى الحين والشره جامع لمساوئ العيوب ، رب طمع خائب وأمل كاذب، ورجاء يؤدي إلى الحرمان، وتجارة تؤول إلى الخسران، ألا ومن تورّط في الأمور غير ناظر في

ص: 326


1- الأحزاب : 56 .

العواقب فقد تعرّض لمفضحات النوائب، وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن. أيها الناس، إنه لا كنز أنفع من العلم ، ولا عز أرفع من الحلم، ولا حسب أبلغ من الادب ولا نصب أوضع من الغضب ولا جمال أزين من العقل، ولا سوءة أسوأ من الكذب ولا حافظ أحفظ من الصمت ولا غائب أقرب من الموت. أيها الناس، إنه من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره، ومن سل سيف البغى قتل به ، ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيها، ومن هتك حجاب غيره انكشف عورات بيته ومن نسي زلل-ه استعظم زلل غيره، ومن أعجب برأيه ،ضل، ومن استغنى بعقله زلّ، ومن تكبر على الناس ذلّ، ومن سفه على الناس شتم ، ومن خالط الانذال حقر، ومن حمل

ما لا يطيق عجز.

أيها الناس إنه لا مال هو أعود من العقل، ولا فقر هو أشد من الجهل، ولا واعظ هو أبلغ من النصح ، ولا عقل كالتدبير، ولا عبادة كالتفكر، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا وحشة أشد مشة أشد من العجب، ولا ورع كالكف عن المحارم ، ولا

حلم كالصبر والصمت . أيها الناس في الانسان عشر خصال يظهرها لسانه: شاهد يخبر عن الضمير،

وحاكم يفصل بين الخطاب، وناطق يرد به الجواب، وشافع يدرك به الحاجة وواصف يعرف به الاشياء ، وأمير يأمر بالحسن، وواعظ ينهى عن القبيح، ومعزّ

تسكن به الاحزان ، وحاضر تجلى به الضغائن ومونق تلتذ به الاسماع. أيها الناس، إنه لا خير في الصمت عن الحكم، كما أنه لا خير في القول بالجهل. واعلموا أيها الناس إنه من لم يملك لسانه يندم ، ومن لا يعلم يجهل، ومن

لا يتحلم لا يحلم، ومن لا يرتدع لا يعقل، ومن لا يعقل يهن، ومن يهن لا يوقر ومن لا يوقر يتوبخ، ومن يكتسب مالا من غير حقه يصرفه في غير أجره، ومن

ص: 327

لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم ، ومن لم يعط قاعدا منع قائما، ومن يطلب العز بغير حق يذل ، ومن يغلب بالجور يغلب ، ومن عاند الحق لزمه الوهن ، ومن

تفقه وقر، ومن تكبّر ،حقر، ومن لا يحسن لا يحمد.

أيها الناس إن المنية قبل الدنية، والتجلد قبل التبلد ، والحساب قبل العقاب والقبر خير من الفقر، وغض البصر خير من كثير من النظر، والدهر يوم لك ويوم

عليك فإذا كان لك فلا تبطر وإذا كان عليك فاصبر فبكليهما تمتحن . - وفي نسخة

وكلاهما سيمتحن . أيها الناس، أعجب ما في الانسان قلبه، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن

ب- ملكه اليأس قتله الاسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ ، وإن اسعد بالرضى

نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمن استلبته العزة - وفي نسخة : أخذته العزة ، وإن جددت له نعمة أخذته العزة، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شغله البلاء - وفي نسخة : جهده البكاء - وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع ، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة

فکل، تقصیر به مضر وكل إفراط له مفسد.

أيها الناس، إنه من قل ذل ، ومن جاد ساد، ومن كثر ماله رأس، ومن كثر حلمه نبل، ومن تفكر في ذات الله تزندق، ومن أكثر من شي عرف به، ومن كثر مزاحه استخف به ، و من كثر ضحكه ذهبت هیبته فسد حسب من ليس له أدب ، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ليس من جالس الجاهل بذي معقول من جالس

الجاهل فليستعد لقيل وقال لن ينجو من الموت غني بماله ولا فقير لاقلاله . أيها الناس، لو أن الموت يشتري لاشتراه من أهل الدنيا الكريم الابلج

واللثيم الملهوج.

ص: 328

أيها الناس، إن للقلوب شواهد تجري الانفس عن مدرجة أهل التفريط وفطنة

الفهم للمواعظ ما يدعو النفس إلى الحذر من الخطر، وللقلوب خواطر للهوى والعقول تزجر وتنهى، وفي التجارب علم مستأنف، والاعتبار يقود إلى الرشاد وكفاك أدبا لنفسك اجتناب ما تكرهه لغيرك، وعليك لاخيك المؤمن مثل الّذي لك عليه، لقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبر قبل العمل فإنه يؤمنك من الندم ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ، ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول، ومن حصن شهوته فقد صان ،قدره ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته، وفي تقلب الاحوال علم جواهر الرجال، والايام توضح لك السرائر الكامنة ، وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة، ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة، وأشرف الغنى ترك المنى(1) ، والصبر جنة الفاقة والحرص علامة الفقر والبخل جلباب المسكنة، والمودة قرابة مستفادة، ووصول معدم خير من جاف مكثر ، والموعظة كهف لمن وعاها ومن أطلق طرفه كثر أسفه، وقد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله، وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح أو إحسان ، ومن ضاق خلقه مله أهله، ومن نال استطال، وقل ما تصدقك الامنية، والتواضع يكسوك المهابة، وفي سعة الاخلاق كنوز الارزاق ، كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره، ومن كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه، وانح القصد من القول ؛ فإن من تحري القصد خفت عليه المؤون، وفي خلاف النفس رشدك، من عرف الايام لم يغفل عن الاستعداد، ألّا وإن مع كل جرعة شرقا، وإن في كل أكلة غصصا لا تنال نعمة إلا بزوال اخرى،

، ولكل ذي رمق قوت، ولكل حبة آكل وأنت قوت الموت. إعلموا أيها الناس أنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها، والليل

ص: 329


1- وسيأتي نص هذه الحكمة بالرقم (34) .

والنهار يتنازعان - وفي نسخة اخرى يتسارعان - في هدم الاعمار.

يا أيها الناس كفر النعمة لؤم، وصحبة الجاهل شؤم إن من الكرم لين الكلام

ومن العبادة إظهار اللسان وإفشاء السلام إياك والخديعة فإنها من خلق اللئيم، ليس كل طالب يصيب ، ولا كل غائب يؤوب، لا ترغب فيمن زهد فيك ، رب بعيد هو أقرب من قريب سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار ، ألا ومن

أسرع في المسير أدركه المقيل، استر عورة أخيك كما تعلمها فيك اغتفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك ، من غضب على من لا يقدر على ضره طال حزنه

وعذب نفسه، من خاف ربه كف ظلمه - وفي نسخة : من خاف ربه كفي عذابه ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة، إن من الفساد إضاعة الزاد ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا، هيهات هيهات وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم، وما شرّ بشر بعده الجنة وما خير بخير بعده النار، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار ،عافية، وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر، تصفية العمل أشد من العمل، وتخليص النية من الفساد أشد على

الله

العاملين من طول الجهاد هيهات لولا التقى لكنت أدهى العرب. أيها الناس ، إن الله تعالى وعد نبيه محمّدا علیه السلام الوسيلة ووعده الحق ولن يخلف عده، ، ألا وإن الوسيلة على درج الجنة، وذروة ذوائب الزلفة، ونهاية غاية الامنية لها ألف مرقاة ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام،

وهو ما بين مرقاة درة إلى مرقاة جوهرة، إلى مرقاة زبرجدة ، إلى مرقاة لؤلؤة ، إلى مرقاة ياقوتة ، إلى مرقاة زمردة إلى مرقاة مرجانة، إلى مرقاة كافور، إلى مرقاة عنبر ، إلى مرقاة يلنجوج ، إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة غمام، إلى مرقاة هواء، إلى مرقاة نور قد أنافت على كل الجنان، ورسول الله علیه السلام يومئذ قاعد عليها مرتد

ص: 330

بريطتين ربطة من رحمة الله ، وربطة من نور الله عليه تاج النبوة، وإكليل الرسالة ، قد أشرق بنوره الموقف.

وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته، وعلي ريطتان: ربطة من أرجوان النور، وريطة من كافور . والرسل والانبياء قد وقفوا على المراقي ، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور عن أيماننا وقد تجللهم حلل النور والكرامة، لا يرانا ملك

مقرب ولا نبي مرسل إلا بهت بأنوارنا وعجب من ضيائنا وجلالتنا. وعن يمين الوسيلة عن يمين الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عمامة بسطة البصر يأتي منها النداء: يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي العربي ومن كفر فالنار موعده(1)

وعن يسار الوسيلة عن يسار الرسول صلى الله عليه وسلم ظلة يأتي منها النداء يا أهل

الموقف، طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي والذي له الملك الاعلى لا فاز أحد ولا نال الروح والجنة إلا من لقى خالقه بالاخلاص لهما والاقتداء بنجومهما ، فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم وشرف مقعدكم وكرم مآبكم

وبفوزكم اليوم على سرر متقابلين.

ويا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذكره ورسوله وصراطه وأعلام

الازمنة، أيقنوا بسواد وجوهكم وغضب ربكم جزاء بما كنتم تعملون. وما من رسول سلف ولا نبي مضى إلا وقد كان مخبرا امته بالمرسل الوارد من بعده و مبشرا برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وموصيا قومه ،باتباعه ومحله عند قومه ليعرفوه بصفته، وليتبعوه على شريعته، ولئلا يضلوا فيه من بعده فيكون من هلك أو ضلّ

ص: 331


1- اقتباس من قوله تعالى : (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيْنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابٌ مُوسَى إمَاماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكَ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ) (هود: (17).

بعد وقوع الاعذار والانذار عن بيئة وتعيين حجة ، فكانت الامم في رجاء من الرسل وورود من الانبياء، ولئن اصيبت بفقد نبي بعد نبي على عظم مصائبهم

وفجائعها بهم كالمصيبة برسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لان الله ختم به الانذار والاعذار وقطع به الاحتجاج والعذر بينه وبين خلقه وجعله بابه الذي بينه وبين عباده ومهيمنه الذي لا يقبل إلا به، ولا قربة إليه إلا بطاعته ، وقال في محكم كتابه : ( مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ) (1)فقرن طاعته بطاعته ومعصيته بمعصيته ، فكان ذلك دليلا على ما فوض إليه وشاهدا له على من أتبعه وعصاه، وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم، فقال تبارك وتعالى في التحريض على اتباعه والترغيب في تصديقه والقبول لدعوته : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُخبنكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) (2)، فاتباعه صلی الله علیه و آله وسلم محبة الله ورضاه غفران الذنوب وكمال الفوز ووجوب الجنة، وفي التولي عنه والاعراض محادّة الله وغضبه وسخطه والبعد منه مسكن النار، وذلك قوله : ( وَمَن يَكْفُرُ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ) (3) يعني الجحود به والعصيان له ؛ فإن الله تبارك اسمه امتحن بي عباده، وقتل بيدي أضداده ، وأفنى بسيفي جحاده، وجعلني زلفة للمؤمنين، وحياض موت على الجبارين، وسيفه على المجرمين، وشدّ بي أزر ،رسوله ، وأكرمني بنصره، وشرفني بعلمه، وحباني بأحكامه، واختصني بوصيته، واصطفاني بخلافته في امته فقال صلى الله عليه وسلم وقد حشده المهاجرون والانصار وانغصت بهم المحافل : أيها الناس إن عليا منّي كهارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي، فعقل المؤمنون عن الله نطق

فقد كانت على سعة من الأمل، ولا مصيبة عظمت ولا رزية جلت

ص: 332


1- النساء : 80
2- آل عمران: 31
3- هود : 17

الرسول إذ عرفوني أني لست بأخيه لابيه وامه كما كان هارون أخا موسى لابيه وامه ولا كنت نبيا فاقتضى نبوة، ولكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون علیهما السلام حيث يقول: ﴿ أَخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ )(1) وقوله صلی الله علیه و آله وسلم حين تكلمت طائفة فقالت: نحن موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حجة الوادع ثم صار إلى غدير خم، فأمر فأصلح له شبه المنبر ثم علاه وأخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه رافعا صوته قائلا في محفله : «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه، فكانت على ولايتي ولاية الله، وعلى عداوتي عداوة الله .

وأنزل الله عز وجل في ذلك اليوم : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) (2)، فكانت ولايتي كمال الدين ورضا الرب جل ذكره، وأنزل الله تبارك وتعالى اختصاصا لي وتكرما نحلنيه وإعظاما وتفضيلا من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم منحنيه وهو قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَه الحكم الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ) (3)، في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع فطال لها الاستماع، ولئن تقمصها دوني الاشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهاله فلبئس ما عليه وردا ولبئس ما لانفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرأ كل واحد منهما من صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا: ﴿ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (4) ، فيجيبة الاشقى على رثوثة يا ليتني لم أتخذك خليلا، لقد اضللتني عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ

ص: 333


1- الأعراف : 142 .
2- المائدة : 3.
3- الأنعام : 62 .
4- الزخرف : 38 .

خَذُولاً (1) ، فأنا الذِّكْر الذي عنه ،ضل والسبيل الذي عنه مال، والايمان الذي به كفر ، والقرآن الذي إياه ،هجر، والدين الذي به كذب، والصراط الذي عنه نكب ولئن رتعا في الحطام المنصرم والغرور المنقطع وكانا منه على شفا حفرة من النار لهما على شرّ ورود، في أخيب وفود وألعن مورود، يتصارخان باللعنة ويتناعقان بالحسرة ، مالهما من راحة ولا عن عذابهما من مندوحة، إن القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة ،أوثان يقيمون لها المناسك، وينصبون لها العتاثر، ويتخذون لها القربان، ويجعلون لها البحيرة والوصيلة والسائبة والحام، ويستقسمون بالازلام عامهين عن الله ذكره، حائرين عن الرشاد مهطعين إلى البعاد، وقد استحوذ

عز عليهم الشيطان، وغمرتهم سوداء الجاهلية، ورضعوها جهالة وانفطموها ضلالة، فأخرجنا الله إليهم رحمة، وأطلعنا عليهم رأفة، واسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه وفضلا لمن اتبعه وتأييدا لمن ،صدقه، فتبوؤوا العز بعد الذلة والكثرة بعد القلة ، وهابتهم القلوب والابصار، وأذعنت لهم الجبابرة وطوائفها وصاروا أهل نعمة مذكورة وكرامة ميسورة، وأمن بعد خوف، وجمع بعد كوف، وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان، وأولجناهم باب الهدى، وأدخلناهم دار السلام وأشملناهم ثوب الايمان وفلجوا بنا في العالمين، وابدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين، من حام مجاهد ومصل قانت و معتكف ،زاهد يظهرون الامانة ويأتون

المثابة، حتى إذا دعا الله عز وجل نبيه صلی الله علیه و آله وسلم ورفعه إليه لم يك ذلك بعده إلا كلمحة

من خفقة أو وميض من برقة إلى أن رجعوا على الاعقاب وانتكصوا على الادبار

، وطلبوا بالاوتار، وأظهروا الكتائب، وردموا الباب، وفلّوا الديار، وغيروا آثار

ص: 334


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خذولاً) (الفرقان : 27 - 29 ) .

رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، ورغبوا عن أحكامه، وبعدوا من أنواره، واستبدلوا بسمتخلفه بديلا، اتخذوه وكانوا ،ظالمين وزعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم المقامه، وأن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الانصاري الرباني ناموس هاشم بن عبد مناف ألا وإن أول شهادة زور وقعت في الاسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان رجعوا عن ذلك وقالوا : إن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم

رسول مضى ولم يستخلف ، فكان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في الاسلام، وعن قليل يجدون غب ما يعملون، وسيجد التالون غبّ ما أسسه الأولون ، ولئن كانوا فى مندوحة من المهل وشفاء من الاجل ، وسعة من المنقلب واستدراج من الغرور وسكون من الحال، وإدراك من الامل فقد أمهل الله عز وجل شداد بن عاد وثمود بن عبود وبلعم بن باعور ، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وأمدهم بالأموال والاعمار ، وأتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله وليعرفوا الاهابة له والانابة إليه ولينتهوا عن الاستكبار ، فلما بلغوا المدة واستتموا

الأكلة أخذهم الله عز وجل واصطلمهم، فمنهم من حصب، ومنهم من ن أخذته الصيحة(1)، ومنهم من أحرقته الظلة، ومنهم من أودته الرجفة، ومنهم من أردته الخسفة وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(2)، ألا وإن لكل أجل كتابا، فإذا بلغ الكتاب أجله لو كشف لك عما هوى إليه الظالمون وآل إليه الاخسرون

ص: 335


1- ذكر بعض ذلك في قوله تعالى : ( فَكَلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُم مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مِّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِن كَانُوا أنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (العنكبوت : 40) .
2- اقتباس من قوله تعالى : ( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَنْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللهُ لِيُظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يُظْلِمُونَ ) (التوبة : 70) .

لهربت إلى الله عز وجل مما هم عليه مقيمون وإليه صائرون.

مماه- ألا، وإني فيكم - أيها الناس - كهارون في آل فرعون، وكباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قوم نوح، إني النبأ العظيم والصديق الاكبر، وعن قليل ستعلمون ما توعدون وهل هي إلا كلعقة الأكل، ومذقة الشارب، وخفقة الوسنان، ثم تلزمهم المعرات؛ خزيا في الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدُ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (1)فما جزاء من تنكب محجته؟ وأنكر حجته، وخالف هداته وحاد عن نوره واقتحم في ظلمه، واستبدل بالماء السراب وبالنعيم العذاب، وبالفوز الشقاء، وبالسراء الضراء وبالسعة الضنك، إلا جزاء اقترافه وسوء خلافه، فليوقنوا بالوعد على حقيقته وليستيقنوا بما يوعدون ﴿ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَكَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوج إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذلِكَ حَشْرُ عَلَيْنَا يَسِيرُ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ) (2)(3)

[ الحكمة 36]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

من اطال الامل أساء العمل.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج : قوله علیه السلام من اطال الامل .

ص: 336


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أَسَارَى نَفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمْ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرْدُونَ إِلَى أَشَدَّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ (البقرة : 85 ).
2- سورة ق : 41 - 45.
3- الكافي ؛ للشيخ الكليني 8: 3018

إلى آخره، أورده في التذكرة مع زيادة: « وسيئة تسوؤك خير من حسنة تسرك» . (1) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الجاحظ

( ت / 255ه-) في المائة كلمة برقم 104 ، راجع الحكمة (13)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي عن فضالة عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما أنزل الموت حق منزلته من عد غدا من أجله.

قال : وقال أمير المؤمنين علیه السلام: ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل . وكان يقول : لو رأى العبد أجله وسرعته إليه لأبغض العمل من طلب الدنيا . (2) وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 281 ه-) في الخصال، قال: حدثنا محمّد ابن الحسن بن أحمد بن الوليد رضی الله عنه قال : حدثنا محمّد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف، عن أبي همام - إسماعيل بن همام - عن محمّد بن سعيد بن ،غزوان عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه ، عن آبائه عن علي علیهم السلام:قال من أطال أمله ساء عمله . (3)

[ الحكمة 37]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

وَقَدْ لَقِيَهُ عِنْدَ مَسِيرِهِ إِلَى الشَّامِ دَهَا قِينُ الْأَنْبَارِ فَتَرَجُلُوا لَهُ وَأَشْتَدُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ : مَا هَذَا

الَّذِي صَنَعْتُمُوهُ؟

فَقَالُوا : خُلُقٍ مِنَّا نُعَظْمُ بِهِ أَمْرَاءَنَا.

ص: 337


1- مدارك نهج البلاغة : 105 .
2- الكافي للشيخ الكليني 3 259 .
3- الخصال ، للشيخ الصدوق: 15 .

فَقالَ : وَالله ما يَنْتَفَعُ بِهذا أُمَرَاؤُكُمْ، وَإِنَّكُمْ لَتَشقُونَ بِهِ عَلى أَنْفُسِكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ(1) ، وَتَشْقَوْنَ بِهِ فِي أُخْرَاكُمْ(2) ، وَما أَخْسَرَ الْمَشَقَّةَ وَراءَهَا الْعِقابُ، وَأَرْبَحَ الدَّعَةَ مَعَهَا الْأَمَانُ

مِنَ النَّارِ !

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / ه-) في وقعة صفين : عن عمر بن سعد، حدثني مسلم الأعور ، عن حبة العرني، رجل من عرينة ، قال : أمر على بن أبي طالب الحارث الأعور فصاح في أهل المدائن من كان من المقاتلة فليواف أمير المؤمنين صلاة العصر. فوافوه

في تلك الساعة، فحمد الله وأثنى عليه وقال أما بعد، فإني قد تعجبت من تخلفكم عن دعوتكم، وانقطاعكم عن أهل مصركم في هذه المساكن الظالم

أهلها ، والهالك أكثر سكانها لا معروفا تأمرون به، ولا منكرا تنهون عنه. قالوا: يا أمير المؤمنين إنا كنا ننتظر أمرك ورأيك مرنا بما أحببت فسار

وخلف عليهم عدي بن حاتم ، فأقام عليهم ثلاثا ثم خرج في ثمانمائة ، ثمانمائة، وخلف

ابنه يزيد فلحقه في أربعمائة رجل منهم ، ثم لحق عليا . وجاء عليّ حتى مرّ بالأنبار، فاستقبله بنو خشنوشك دهاقنتها (3) ، فلما استقبلوه نزلوا ثم جاءوا يشتدون معه، قال: ما هذه الدواب التي معكم ؟ وما أردتم بهذا

م؟

الذي صنعتم ؟ :قالوا: أما هذا الّذي صنعنا فهو خلق منا نعظم به الأمراء. وأما هذه البراذين

فهدية لك. وقد صنعنا لك وللمسلمين طعاما، وهيأنا لدوابكم علفا كثيرا. قال : أما هذا الذي زعمتم أنه منكم خلق تعظمون به الأمراء فوالله ما

ص: 338


1- لم ترد: (في دنياكم) في «أ» »ب«.
2- في «أ» «ب»: (آخر تكم) .
3- قال :سلیمان خش طيب نوشك : راض. يعني بني الطيب الراضي ، بالفارسية .

الأمراء، وإنكم لتشقون به على أنفسكم وأبدانكم فلا تعودوا له. وأما دوابكم

هذه فإن أحببتم أن نأخذها منكم فنحسبها من خراجكم أخذناها منكم. وأما طعامكم الذي صنعتم لنا فإنا نكره أن نأكل من أموالكم شيئا إلا بثمن .

قالوا: يا أمير المؤمنين، نحن نقومه ثم نقبل ثمنه.

قال : إذا لا تقومونه ،قيمته، نحن نكتفي بما دونه :قالوا يا أمير المؤمنين فإن لنا من العرب موالى ومعارف، فتمنعنا أن نهدي

لهم وتمنعهم أن يقبلوا منا ؟

قال : كل العرب لكم موال ، وليس ينبغي لأحد من المسلمين أن يقبل هديتكم.

وإن غصبكم أحد فأعلمونا.

قالوا :يا أمير المؤمنين، إنا نحب أن تقبل هديتنا وكرامتنا.

قال لهم : ويحكم نحن أغنى منكم .

فتركهم ثم سار .(1)

[ الحكمة 38]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

لابْنِهِ الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلامُ : يا بُنَيَّ احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً وَأَرْبَعاً لا يَضُرُّك ما عَمِلْتَ مَعَهُنَّ : إِنَّ أَغْنَى الغِنَى الْعَقْلُ، وَأَكْبَرَ الفَقْرِ الْحُمْقُ، وَأَوْحَشَ الْوَحْشَةِ العُجْبُ ، وَأَكْرَمَ

الْحَسَبِ(2) حُسْنُ الْخُلْقِ.

يا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَمُصادَقَةَ الْأَحْمَقِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرُّكَ . وَإِيَّاكَ وَمُصادَقَةَ الْبَخِيلِ فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَخْرَجَ ما تَكُونُ إِلَيْهِ.

ص: 339


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 143 - 144 .
2- في (ب) : (الكرم) ، وفي « ه-. ب» : في نسخة : (الحسب) .

وَإِيَّاكَ وَمُصادَقَةَ الْفَاجِرِ (1) فَإِنَّهُ يَبِيعُك بِالتَّافِهِ(2)

13

وَإِيَّاكَ وَمُصادَقَة الكَذَابِ فَإِنَّهُ كَالسَّرابِ يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ ، وَيُبعدُ عَلَيْك القريب. قال العرشي في التخريج ما نصه: « يا بني احفظ عني اربعاً لا يضرك ما

عملت معهن[ ج 3 ص 160] رواها ابن دريد في المجتنى ( 30 ) .(3)

[ج قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ت / 328ه-) في الكافي : في كتاب الايمان والكفر عن عدة من أصحابنا، عن

احمد بن محمد بن خالد عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن سالم الكندي عمن حدثه ، عن أبي عبد الله قال : كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذا صعد المنبر ، قال : ينبغي للمسلم أن يجتنب مؤاخاة ثلاثة : الماجن والاحمق والكذاب فأما الماجن فيزين لك فعله ويحبّ أن تكون مثله، ولا يعينك على أمر دينك ومعادك، ومقارنته جفاء وقسوة، ومدخله ومخرجه عليك عار.

وأما الأحمق، فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه، وربما أراد منفعتك فضرّك، فموته خير من حياته وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه .

وأما الكذاب، فإنه لا يهنئك معه عيش ينقل حديثك وينقل إليك الحديث كلّما أفنى أحدوثة مطها بأخرى حتى أنه يحدث بالصدق فما يصدّق ويغري بين

الناس بالعداوة فينبت السخائم في الصدور، فاتقوا الله وانظروا لانفسكم . وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عذافر، عن بعض أصحابه، عن محمد بن مسلم أو أبي حمزة ، عن أبي عبد الله ،

ص: 340


1- في «أ» : (العاجز).
2- في « ه-.ب»: (الشيء القليل).
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

عن أبيه علیهما السلام قال : قال لي علي بن الحسين صلوات الله عليهما: يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم فى طريق فقلت: يا أبه من هم ؟ قال : إياك ومصاحبة الكذاب فإنه بمنزلة السراب يقرّب لك البعيد ويباعد لك القريب. وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بائعك بأكلة أو أقل من ذلك. وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصاحبة الأحمق فانه يريد أن ينفعك فيضرك ، وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله عز وجل في ثلاث مواضع : قال الله عز وجل : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا

﴿ فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ (1) ، وقال: ﴿ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ )(2) ، وقال في البقرة: (الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أَوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) (3). (4)

وبالاسناد عن ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: أخبرنا أبو السعود أحمد بن محمّد بن علي بن محمّد بن المجلي، أنا محمّد بن أحمد العكبري، أنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان.

(ح) قال : ونا القاضي أبو محمّد عبد الله بن علي بن أيوب، أنا أبو بكر أحمد ابن محمّد بن الجراح قالا : نا أبو بكر بن دريد ، عن إبراهيم بن بسطام الأزدي

الوراق، أخبرني عقبة بن أبي الصهباء ، قال : لما ضرب ابن ملجم عليا دخل عليه الحسن وهو باك، فقال له : ما يبكيك يا بني ؟ قال : ومالي لا أبكي وأنت في أول

ص: 341


1- سورة محمد : 22 - 23
2- الرعد : 25 .
3- البقرة : 27
4- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 376-377

يوم من الآخرة وآخر يوم من الدنيا ، فقال : يا بني احفظ أربعا وأربعا لا يضرك ما عملت معهن ، قال : وما هن يا أبة ؟ قال : إن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق

وأوحش الوحشة العجب، وأكرم الحسب الكرم وحسن الخلق .

قال: قلت: يا أبة هذه الأربع، فأعطني الأربع الاخر ؟ قال : إياك ومصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة

الكذاب فإنه يقرّب إليك البعيد ويبعد عليك القريب، وإياك ومصادقة البخيل فإنه

يقعد عنك أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه . وبالاسناد عن ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق : أخبرنا أبو السعود أحمد بن محمّد بن علي بن محمد بن المجلي أنا محمّد بن أحمد العكبري، أنا أبو الطيب محمّد بن أحمد بن خلف بن خاقان. (ح) قال: ونا القاضي أبو محمّد عبد الله بن علي بن أيوب، أنا أبو بكر أحمد ابن محمّد بن الجراح قالا : نا أبو بكر بن دريد، عن إبراهيم بن بسطام الأزدي الوراق، أخبرني عقبة بن أبي الصهباء قال: لما ضرب ابن ملجم عليا دخل عليه الحسن وهو باك، فقال له : ما يبكيك يا بني ؟ قال : ومالي لا أبكي وأنت في أول يوم من الاخرة واخر يوم من الدنيا ؟ فقال: يا بني احفظ أربعا وأربعا لا يضرك ما

عملت معهن

قال: وما هن يا أبة ؟

قال : إن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق، وأوحش الوحشة العجب،

وأكرم الحسب الكرم وحسن الخلق.

قال: قلت: يا أبة هذه الأربع، فأعطني الأربع الاخر ؟

قال : إياك ومصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة

الكذاب فإنه يقرّب إليك البعيد ويبعد عليك القريب، وإياك ومصادقة البخيل فإنه

ص: 342

يقعد عنك أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه .(1)وبالاسناد عن ابن عساكر ايضاً ، أخبرنا أبو المعالي أسعد بن صاعد بن منصور النيسابوري ببغداد، أنا جدي قاضي القضاة أبو القاسم منصور بن أسماعيل بن صاعد، أنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي ، أنا جدي يعني أبا عمرو ابن نجید نا عیسی بن محمّد المروزي ، نا الحسن بن حماد العطار، أنا أبو حمزة أحمد بن ميمون السكري أخبرني إبراهيم الصايغ عن حماد، عن إبراهيم، قال: قال علي بن أبي طالب التوفيق خير ،قائد وحسن الخلق خير قرين، والعقل صاحب، والأدب خير ميراث، ولا وحشة أشدّ من العجب .(2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال، في مسند علي، عن عقبة بن أبي الصبهاء، قال : لما ضرب ابن ملجم عليا دخل عليه الحسن وهو باك ، فقال له : ما يبكيك يا بني ؟ قال : وما لي لا أبكي وأنت في أول يوم من الآخرة وآخر يوم من الدنيا، فقال: يا بني !احفظ أربعا وأربعا لا يضرك ما عملت معهن، قال : وما هن يا أبت ؟ قال : إن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق، وأوحش الوحشة العجب، وأكرم الكرم حسن الخلق .

قال : قلت: يا أبت هذه الأربع، فأعلمني الاربع الأخرى.

قال : إياك ومصادقة الاحمق ! فانه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة

الكذب ! فانه يقرّب عليك البعيد ويبعد عليك القريب، وإياك ومصادقة البخيل ! فانه يبعد عنك أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصادقة الفاجر ! فانه يبيعك بالتافه (كر ) .(3)وعن الحارث، عن علي ، قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل ولا وحدة أوحش من العجب، ولا استظهار أوثق من

ص: 343


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 561-562 .
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 513:42.
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 266 .

المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا ورع كالكف ولا عبادة كالتفكر ، ولا إيمان كالحياء ،والصبر وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان وآفة الحلم السفه وآفة العبادة الفترة وآفة الظرف الصلف، وآفة الشجاعة البغى ، وآفة السماحة المنّ ، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحب الفخر . (طب)، وقال: لم يروه عن شعبة إلا محمد بن عبد الله الحبطي أبو رجاء، تفرد به عثمان بن سعيد الزيات، ولا يروى عن علي إلا بهذا الاسناد(1) وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق، عن أبي القاسم العلوي، قال: وأنا أحمد بن مروان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا نا محمد بن الحارث، عن المدائني ، قال : قال علي بن أبي طالب علیه السلام: لا تؤاخ الفاجر فإنه يزين لك فعله ويحبّب أن لك مثله، ويزيّن لك أسوأ خصاله، ومدخله عليك ومخرجه من عندك شين وعار ولا الأحمق فإنه يجهد نفسه لك ولا ينفعك، وربما أراد أن

ينفعك فيضرك، فسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه وموته خير من

حياته . ولا الكذاب فإنه لا ينفعك معه عيش، ينقل حديثك وينقل الحديث إليك ،

وإن تحدث بالصدق فما يصدق.

قال أنا أحمد أنا أحمد بن عبدان أنا ،مصعب عن أبيه، عن جده، قال: قال

علي علیه السلام: الكريم يلين إذا استعطف واللثيم يقسو إذا ألطف(2)

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

[الحكمة 40]

لِسانُ الْعاقِلِ وَراءَ قَلْبِهِ، وَقَلْبُ الْأَحْمَقِ وَراءَ لِسانِهِ.

ص: 344


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 266 .
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 516:42

قال الرضيُّ رَحمهُ الله تعالى (1):

وهذا مِنَ الْمَعانِي الْعَجِيبَةِ الشَّرِيفَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْعَاقِلَ لا يُطْلِقُ لِسانَهُ إِلَّا بَعْدَ مُشاوَرَةِ الرَّوِيَّةِ وَمُؤامَرَةِ(2) الْفِكْرَةِ، وَالْأَحْمَقُ تَسْبِقُ حَذَفَاتُ (3) لِسانِهِ وَفَلَتاتُ كَلامِهِ مُراجَعَةً فِكْرِهِ، وَمُماخَضَةَ رَأْيِهِ ، فَكَأَنَّ لِسانَ الْعاقِلِ تابع لِقَلْبِهِ، وَكَأَنَّ قَلْبَ الْأَحْمَقِ(4)

تابع للسانه .

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج : « قوله : لسان العاقل وراء قلبه وقلب الاحمق ... إلى آخره ، هذا من المافة كلمة التي جمعها الجاحظ من کلام امير المؤمنين علیه السلام، وهذه الكلمة آخرها، وقال الجاحظ، معناه : ان العاقل لا يطلق لسانه الا بعد مراجعة فكره ومفاحصة رأيه، فكأن لسان العاقل تابعاً لقلبه وكأن قلب الاحمق وراء لسانه»(5)

[ الحكمة 42]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي عِلَّةٍ أَعْتَلها:

جَعَلَ الله ماكانَ مِنْ شَكواك حَطَّاً لِسَيِّئاتِكَ ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لا أَجْرَ فِيهِ، وَلكِنَّهُ يَحْطُ السَّيِّئاتِ وَيَحُتُها حَتَّ الْأَوْراقِ، وَإِنَّمَا الْأَجْرُ فِي الْقَوْلِ بِالنِّسانِ وَالْعَمَلِ بِالْأَيْدِي وَالْأَقْدَامِ، وَإِنَّ الله سُبْحانَهُ يُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَالسَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبادِهِ الْجَنَّةَ .

ص: 345


1- لم ترد قال الرضي الله في «أ» «ب».
2- في «ه-.ب»: المؤامرة : المشاورة أيضاً.
3- في «ه-. ب »: الخلاف : القذف والهذيان.
4- في« ه-.ب» : أي مماخضته ، ويروى مماحضة أي مخالطة.
5- راجع : مدارك نهج البلاغة : 150

قال الرضي رحمه الله تعالى(1):

وأَقُولُ: صَدَقَ عَلَيْهِ السَّلام (2)، إِنَّ الْعَرَضَ لا أَجْرَ فِيهِ، لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيل ما يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْعِوَضُ ؛ لَأَنَّ الْعِوَض يُسْتَحَقُّ عَلى ماكانَ فِي مُقابَلَةِ فِعْلِ الله تعالى بِالعَبْدِ مِنَ الآلامِ وَالْأَمْراضِ وَما يَجْرِي مَجْرى ذلِكَ، وَالْأَجْرُ وَالتَّوابُ يُسْتَحَقَانِ عَلى ما كانَ فِي مُقابَلَةِ فِعْلِ الْعَبْدِ، فَبَيْنَهُما فَرْقٌ قَدْ بَيَّنَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ كَما يَقْتَضِيهِ عِلْمُهُ النّاقِبُ (3).

وَرَأْيُهُ الصّائبُ(4) . قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: جعل الله ما

كان من شكواك، روى هذا ابن جرير الطبري في تاريخه [ج 6 ص 34](5) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري ( ت / 212 ه-) في وقعة صفين، عن عمر ، عن عبد الرحمن بن جندب قال : لما أقبل عليّ من صفين أقبلنا معه، فأخذ طريقا غير طريقنا الذي أقبلنا فيه، فقال علي : آئبون عائدون لربنا حامدون. اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في المال والأهل.

قال: ثم على صندودا فخرج الأنماريون بنو سعيد بن حزيم واستقبلوا عليا فعرضوا عليه النزول فلم يقبل فبات بها ، ثم غدا وأقبلنا معه حتى جزنا النخيلة ورأينا بيوت الكوفة، فإذا نحن بشيخ جالس في ظل بيت على وجهه أثر المرض، فأقبل إليه علي ونحن معه حتى سلّم عليه وسلمنا عليه . قال : فرد ردًا حسنا ظننا أن قد عرفه

أخذ بنا طريق البر على شاطئ الفرات حتى انتهينا إلى هيت وأخذنا

ص: 346


1- لم ترد : قال الرضي رحمه الله تعالى في «أ» «ب».
2- في« ب » صلی الله علیه و آله و سلم
3- في «ه-.ب»: في نسخة : (السائر).
4- في :«ه-.ب»: (الصائب : السهم الذي يصيب ولا يخطئ).
5- راجع مدارك نهج البلاغة : 150 .

فقال له عليّ : مالي أرى وجهك منكفتا أمن مرض؟ قال: نعم. قال: فلعلك کرهته فقال: ما أحب أنه بغيري. قال: أليس احتسابا للخير فيما أصابك منه ؟ :قال بلى . قال : أبشر برحمة ربك وغفران ذنبك، من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا صالح بن سليم . قال : ممن أنت؟ قال: أما الأصل فمن سلامان بن طي، وأما الجوار والدعوة فمن بني سليم بن منصور قال سبحان الله، ما أحسن اسمك واسم أبيك ، واسم ادعيائك واسم من اعتزيت إليه هل شهدت معنا غزاتنا هذه ؟ قال: لا والله ما شهدتها، ولقد أردتها، ولكن ما ترى بي من لحب الحمى خذلني عنها ، قال عليّ : لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ

حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورُ رَحِيمُ (1). أخبرني ما يقول الناس فيما كان بيننا وبين أهل الشام ؟ قال : منهم المسرور فيما كان بينك وبينهم ، وأولئك أغشاء الناس ، ومنهم المكبوت الآسف لما كان من ذلك، وأولئك نصحاء الناس لك. فذهب لينصرف فقال: صدقت، جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه، ولكن لا يدع للعبد ذنبا إلا حطّه . إنما الأجر في القول باللسان، والعمل باليد والرجل، وإن الله عز وجل يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة عالما جما من عباده الجنة. ثم مضى غير بعيد فلقيه عبد الله بن وديعة الأنصاري، فدنا منه وسأله فقال : ما سمعت الناس يقولون في أمرنا هذا؟ قال: منهم المعجب به، ومنهم الكاره له . والناس كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) (2) . فقال له: فما يقول ذوو الرأي ؟ قال :يقولون : إن عليا كان له جمع عظيم ففرّقه، وحصن حصين فهدمه

ص: 347


1- التوبة : 91 .
2- اقتباس من قوله تعالى : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةً رَبِّكَ لَأَمْلَأَنْ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) (هود: 118 - 119).

فحتى متى يبني مثل ما قد هدم ؟ وحتى متى يجمع مثل ما قد فرّق ؟ فلو أنه كان مضى بمن أطاعه إذا عصاه من عصاه، فقاتل حتى يظهره الله أو يهلك، إذن كان

ذلك هو الحزم.

فقال :علي أنا هدمت أم هم هدموا ؟ أم أنا فرقت أم هم فرقوا ؟ وأما قولهم : لو أنه مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل حتى يظفر أو يهلك ، إذن كان ذلك هو الحزم فو الله ما غبي عني ذلك الرأي، وإن كنت لسخيا بنفسي عن الدنيا، طيب النفس بالموت. ولقد هممت بالإقدام على القوم، فنظرت إلى هذين قد ابتدراني - يعني الحسن والحسين - ونظرت إلى هذين قد استقدماني - يعني عبد بن جعفر ومحمد بن علي فعلمت أن هذين إن هلكا انقطع نسل محمد من هذه الأمة، فكرهت ذلك. وأشفقت على هذين أن يهلكا، وقد علمت أن لولا مكاني لم يستقدما - يعني محمد بن علي وعبد الله بن جعفر - وايم الله لئن لقيتهم

بعد يومي لألقينهم وليس هما معي في عسكر ولا دار.

قال : ثم مضى حتى جزنا دور بني عوف، فإذا نحن عن أيماننا بقبور سبعة أو ثمانية، فقال أمير المؤمنين: ما هذه القبور ؟ فقال له قدامة بن عجلان الأزدي يا أمير المؤمنين، إن خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك، فأوصى أن يدفن في الظهر، ، وكان الناس إنما يدفنون في دورهم وأفنيتهم، فدفن الناس إلى جنبه. فقال علي رحم الله خبابا، قد أسلم راغبا ، وهاجر طائعا، وعاش مجاهدا، وابتلي في جسده أحوالا ، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا فجاء حتى وقف عليهم ثم قال عليكم السلام يا أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة، من المؤمنين

والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأنتم لنا سلف وفرط، ونحن لكم تبع، وبكم عما قليل لاحقون اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز عنا وعنهم. ثم قال: الحمد لله الذي جعل الأرض كفاتا ، أحياء وأمواتا ، الحمد لله الذي جعل منها ،خلقنا، وفيها يعيدنا ، وعليها .يحشرنا . طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل للحساب

ص: 348

وقنع بالكفاف، ورضي عن الله بذلك.

ثم أقبل حتى دخل سكة الثوريين فقال: خشوا بين هذه الأبيات(1)

[ الحكمة 43]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي ذِكْرِ خَبَابِ بْنِ الْأَرَبِّ رحمه الله(2) : يَرْحَمُ الله خَبّاباً ! فَلَقَدْ أَسْلَمَ

راغِباً ، وَهاجَرَ طَائِعاً ، وَعاشَ مُجاهِداً .

قالَ (3): وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ هَذَا الْمَعْنى بِلَفْظِ آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ: «قَلْبُ الْأَحْمَقِ

فِي فِيهِ، وَلِسانُ الْعاقِلِ فِي قَلْبِهِ »: وَمَعْنَاهُما واحِدٌ.

قال الجلالي : وبالاسناد عن الجاحظ ( ت / 255ه-) في المائة كلمة رقم 93 و

94 مثله . راجع الحكمة (13) .

وقال الهادي كاشف الغطاء (ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: رحم الله خباباً ... الى آخره، ذكر هذا الكلام مع زيادة يسيرة في كتاب اسد الغابة :2 108 ) (4) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المنقري ( ت /

212ه-) في الحكمة (42) المتقدمة آنفاً، فراجع .

[ الحكمة 44]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

طُوبى لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعادَ ، وَعَمِلَ لِلْحِسابِ، وَقَنعَ بِالْكَفَافِ، وَرَضِيَ عَن الله.

ص: 349


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 528 - 530
2- لم ترد (رحمه الله) في «أ» «ب».
3- لم ترد : (قال) في «أ» «ب»
4- مدارك نهج البلاغة : 105 .

قال الجلالي: تقدم ذلك في الحكمة (42) بالاسناد عن المنقري (ت / 212ه-) فراجع، وايضاً بالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال، عن زيد بن وهب ، قال : قال علي رضی الله عنه رحم الله خباباً لقد اسلم راضياً وهاجر طائعاً وعاش عابداً وابتلي في جسمه ولن يضيع الله أجر من احسن عملاً. :وقال طوني لمن ذكر المعار وعمل للحساب وقنع بالكفاف ورضى عن الله عزوجل » . (كر ) (1)

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

[ الحكمة (45)]

لَوْ ضَرَبْتُ خَيْشُوم (2) الْمُؤْمِنِ بِسَيْفِي هذا عَلى أَنْ يُبْغِضَنِي مَا أَبْغَضَنِي، وَلَوْ صَبَبْتُ الدُّنْيا بِجَمَاتِها (3) عَلَى الْمُنافِقِ عَلى أَن يُحِبَّي ما أَحَبَّنِي، وَذَلِكَ أَنَّهُ قُضِيَ فَانْقَضَى عَلَى لِسانِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ (4) أَنَّهُ قالَ: «يا عَلِيُّ (5)لا يُبْغِضُكَ مُؤْمِنٌ،

وَلا يُحِبُّكَ مُنافِقُ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328 ه-) في الكافي، قال: حدثنا ابن محبوب، عن أبي يحيى كوكب الدم، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : إن حواري عيسى علیه السلام كانوا شيعته وإن شيعتنا حواريونا، وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا، وإنما قال عيسى علیه السلام للحواريين:

ص: 350


1- كنز العمال 13 : 375 - 376
2- الخيشوم : أقصى الأنف.
3- في «ه- . ب »: (بجملتها)
4- في«ب ». (صلی الله علیه و آله وسلم)
5- لم ترد ( يا علي) في «أ» «ب».

مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِبُونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ )(1)فلا والله ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم ،دونه وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره الرسول صلی الله علیه و آله وسلم ينصرونا ويقاتلون دوننا ويحرقون ويعذبون ويشرّدون في البلدان جزاهم الله عنا خيرا. وقد قال أمير المؤمنين علیه السلام: والله لو ضربت خيشوم محبينا بالسيف ما

العباس

أبغضونا، ووالله لو أدنيت إلى مبغضينا وحثوت لهم من المال، ما أحبونا .(2)وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي ، قال : أخبرنا محمد بن

،محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا علي بن بن الوليد ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشر بن خالد، قال حدثنا منصور بن يعقوب قال: حدثنا عمرو بن شمر ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة ، قال : سمعت عليا يقول : والله لو صببت الدنيا على المنافق صبا ما أحبني، ولو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لأحبني، وذلك أني سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول: يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق (3) وأسند الدارقطني ( ت / 385 ه- ) عن زر بن حبيش، عن علي حديث: «إنه

لعهد النبي الأمي لا يحبني إلا مؤمن .... الحديث.

:وقال تفرد به زهیر بن عباد عن أسد بن حمران البجلي عن الأعمش، عن عدي بن عدي عنه . ورواه عبد الله بن المبارك، عن الأعمش، عن عاصم ، عن زر. و تفرد به موسى بن إسماعيل الجبلي عنه وورد في الهامش مانصه : أخرجه مسلم (186/1 - كتاب : الإيمان 33 - )(4)

ص: 351


1- اقتباس من قوله تعالى : (فَلَمَّا أَحَسٌ عِيسَى مِنْهُمُ الْكَفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَأَشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) (آل عمران: 52).
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 8 368
3- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 206.
4- أطراف الغرائب والأفراد : 1 : 207، ط / 1419ه-.

باب الدليل على أن حب الانصار وعلي رضي الله عنهم من عنهم من الإيمان وعلاماته وبغضهم من علامات النفاق رقم (131) ، (78) وبقيته : « ولا يبغضني إلا منافق ».

وفي تحفة الاشراف مانصه : زر بن حبيش أبو مريم الاسدي الكوفي، عن علي. الأمي

( م ت س ق ) حديث : والذي فَلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي

إلى أنه لا يُحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق».

م في الايمان 1 / 60(78) عن أبي بكر بن أبي شيبة 12 / 56 - 57 ، عن وكيع

وأبي معاوية . و 1 / 60(78) عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية ؛ كلاهما عن الأعمش، عن عدي بن ثابت ، عنه ، به . ت في المناقب (3736) عن عيسى بن عثمان ابن أخي يحيى بن عيسى الرملي، عن يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، نحوه عهد إلى النبي أنه: «لا

يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق وقال: حسن صحيح. س فيه ( 8153) عر، أبي كريب، عن أبي معاوية به. وفي الايمان 117/8

(11753) عن واصل بن عبد الأعلى، عن وكيع به.

وعن يوسف بن عيسى ، عن الفضل بن موسى عن الاعمش، به (ق) : في السنة ( 114) عن علي بن محمّد عن وكيع وأبي معاوية وعبدالله

بن نمير ؛ ثلاثتهم عن الأعمش، به . (1)

وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-) عن زر بن حبيش ، عن علي ، قال : عهد

إلى النبي الأمي صلی الله علیه و آله وسلم: ألا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق عن زر بن حبيش ، قال : قال علي : والله ! إنه مما عهد إلى عهد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم» أنه لا

يبغضني إلا منافق، ولا يحبني إلا مؤمن».

عن زر بن حبيش، عن علي، قال: عهد إلي النبي صلی الله علیه و آله وسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن

ص: 352


1- تحفة الأشراف :347 - 35 ، ط / 1969 م.

ولا يبغضك إلا منافق .

عن عبد الله

بن بريدة، قال: حدثني أبي، بريدة، قال: أبغضت علياً بغضاً لم

يبغضه أحد قط . قال : وأحببت رجلاً من قريش لم أحبه إلا على بغضه علياً . قال : فبعث ذلك الرجل على خيل، فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه علياً .

قال: فأصبنا .سبياً :قال فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابعث إلينا من يخمسه قال:

فبعث إلينا علياً ، وفي السبي وصيفة هي أفضل من السبي فخمس وقسم. فخرج ورأسه مغطى فقلنا : يا أبا الحسن ما هذا؟ قال : ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت

! في السبي ؟ فإني قسمت وخمست فصارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت ه ، ثم صارت في آل علي، وقعت بها . قال : فكتب الرجل إلى نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم. فقلت: ابعثني . فبعثني مصدقاً . الى ان قال: فلما قدمت أظهرت شكايته في المسجد حتى بلغ ذلك رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.

رسول فدخلت المسجد ذات غدوة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس ناس من أصحابه. فلما رآني أبدني عينيه - يقول: حدّد إلي النظر - حتى إذا جلسنا قال: «يا عمرو! والله ! لقد آذيتني قلت: أعوذ بالله أن أؤذيك يا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم! قال: «بلي : من آذى علياً فقد آذاني » .(1) وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال، عن ابن عباس قال: مشيت وعمر بن الخطاب في بعض أزقة المدينة فقال: يا ابن عباس ! أظن القوم استصغر وا صاحبكم إذ لم يولّوه أموركم، فقلت: والله ما استصغره رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم إذا اختاره السورة براءة يقرأها على أهل مكة، فقال لي: الصواب تقول، والله لسمعت رسول الله ل ل ل له يقول لعلي بن أبي طالب من أحبك أحبني

ومن أحبنى أحب الله ، ومن أحب الله أدخله الجنة مدلا . (كر ) .

ص: 353


1- جامع المسانيد :26:19 - 29 ، ط / 1415ه-.

وقال : هذا إسناد معروف ومتن منكر ورجال الاسناد مشاهير سوى أبي القاسم

عيسى بن الازهر المعروف ببلبل فانه غير مشهور وعبد الرزاق تشيع . وعن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضا على يد علي ذات يوم فقال : ألا ! من أبغض هذا فقد أبغض الله ورسوله ، ومن أحب هذا فقد أحب الله ورسوله.

ابن النجار وفيه إسحاق بن بشر أبو حذيفة البخاري(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي أيضاً ( 36385) عن علي ، قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي صلی الله علیه و آله وسلم إلى أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق . ( الحميدي، ش ، حم ،والعدني ، ت ن ، ه-، حب ، حل وابن أبي عاصم ) . (2) وبالاسناد عن احمد بن حنبل في مسنده» ، وفيه : حدثنا عبد الله حدثني أبي ، ثنا وكيع ، ثنا الأعمش، عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش ، عن علي ، قال : عهد إلي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : انه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق » . (3)وبالاسناد عن احمد بن حنبل في مسنده» ، وفيه : حدثنا عبد الله حدثني أبي، ثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة، وسمعته أنا من عثمان بن محمد قال : ثنا محمّد بن فضيل، انا عبد الله بن عبد الرحمن أبي نصر، قال: حدثني مساور الحميري، عن أمه، قالت: سمعت أم سلمة تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: «لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق ) . (4)

وبالاسناد عن الترمذي في السنن» ، قال : حدثنا عيسى بن عثمان بن أخي يحيى بن عيسى الرملي أخبرنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الاعمش، عن عدي

ابن ثابت عن زر بن حبيش، عن علي ، قال : « لقد عهد إلي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم النبي

ص: 354


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 : 119 ، الرقم 31357 و 36358
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 : 120 ، الرقم 36385 .
3- مسند أحمد بن حنبل 951
4- مسند احمد بن حنبل 6: 292

أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق».(1)

وبالاسناد عن النسائي في السنن الكبرى » ، قال : أخبرنا محمّد بن العلاء قال

حدثنا أبو معاوية ، عن الاعمش، عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش، عن علي قال : « والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لعهد النبي الأمي صلی الله علیه و آله وسلم إلى لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

وقال : أخبرنا واصل بن عبد الأعلى، قال حدثنا وكيع عن الاعمش عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش ، عن علي ، قال : عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم : « أن لا يحبني

أن

إلّا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق». وقال أخبرنا يوسف بن عيسى أخبرنا الفضل بن موسى قال أخبرنا

الاعمش انا عدي عن زر، قال: قال علي: إنه لعهد النبي الامي صلی الله علیه و آله وسلم إلي : « انه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق»(2)

[ الحكمة 53]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

السَّخاءُ ما كانَ ابْتِداء، فَأَما ما كانَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَحَياءٌ وَتَذَهُمْ.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابن عساكر( ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق : أخبرنا أبو روح محمّد بن معمر بن أحمد اللنباني وأبو بكر محمّد بن شجاع اللفتواني وأبو صالح عبد الصمد بن عبد الرحمن، :قالوا أنا رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي، أنا أبو الحسين أحمد ابن محمّد بن احمد بن حماد الصوفي، نا يوسف بن يعقوب بن إسحاق الأنباري،

ص: 355


1- سنن الترمذي .5 306
2- السنن الكبرى للنسائي 5: 137

نا أبو حاتم المغيرة بن المهلب، حدثني حسن بن موسى، حدثني علي ابن حبيب ، عن من حدثه، قال: قيل لعلي يا أمير المؤمنين ما السخاء ؟ قال : ما كان منه ،ابتداء، فأما ما كان عن مسأله فحياء وتكرم(1)

[ الحكمة 54]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

لا غنى كَالْعَقْلِ، وَلا فَقْرَ كَالجَهْلِ ، وَلا مِيراثَ كَالأَدَبِ، وَلا ظَهير (2) كَالْمُشاوَرَةِ. قال العرشي في التخريج: « لا غنى كالعقل ولا فقر كالجهل [ج 2 ص 164]

رواها الحراني في تحف العقول ( 20 ) باضافة عدة كلمات (3) ! قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) من التعقيبات في الاختصاص وقال الصادق علیه السلام: لا مال أعود من العقل، ولا مصيبة أعظم من الجهل، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا ورع كالكف ، ولا عبادة كالتفكر، ولا قائد خير من التوفيق ولا قرين خير من حسن الخلق ، ولا ميراث خير من الأدب (4)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في خطبة الوسيلة عن الكافي

أيها الناس، إنه لا مال هو أعود من العقل، ولا فقر هو أشد أشد من الجهل ولا واعظ هو أبلغ من النصح ولا عقل كالتدبير، ولا عبادة كالتفكر ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا وحشة أشد من العجب، ولا ورع ، ولا ورع، كالكف عن المحارم

ص: 356


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 517
2- في «ه-.ب»: (ظهر).
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
4- الاختصاص للشيخ المفيد : 246 م.

ولا حلم كالصبر والصمت» . (1)

وبالاسناد الى المجلسي ( ت / 1111ه-)، قال: روى الشيخ الطوسي في الأمالي: عن المفيد محمّد بن محمّد قال أخبرنا أبو الطيب الحسين بن محمّد

التمار ، قال : حدثنا محمّد بن القاسم الانباري، قال: حدثنا أحمد بن عبيد ، قال : حدثنا عبد الرحيم بن قيس الهلالي، قال: حدثنا العمري، عن أبي وجزة السعدي، عن أبيه، قال: أوصى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام إلى الحسن بن علي علیه السلام

فقال فيما أوصى به إليه : يا بني لا فقر أشد من الجهل، ولا عدم أعدم من العقل ولا وحدة أوحش من العجب، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف عن محارم الله ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله عز وجل يا بني، العقل خليل المرء،

، والحلم وزيره ، والرفق والده، والصبر من خير جنوده يا بني، إنه لابد للعاقل من أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه ، وليعرف أهل زمانه. يا بني، إن من البلاء الفاقة، وأشد من ذلك مرض البدن، وأشد من ذلك مرض القلب، وإن من النعم سعة المال، وأفضل من ذلك صحة البدن، وأفضل من ذلك تقوى القلوب يا بني، للمؤمن ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ،ويجمل وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلاث مرمة لمعاش، أو خطوة لمعاد، أو لذة في غير محرم(2)

[الحكمة 55]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

الصَّبْرُ صَبْرانِ : صَبْرٌ عَلى ما تَكْرَهُ، وَصَبْرٌ عَمّا تُحِبُّ.

ص: 357


1- الكافي؛ للشيخ الكليني .208
2- البحار ،1: 88 عن الأمالي للشيخ الطوسي : 147،146

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي ، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن ات ، عن أبي الجارود، عن الاصبغ ، قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : الصبر صبران؛ عند المصيبة، حسن جميل، وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عز وجل عليك، والذكر ذكران : ذكر الله عز وجل عند المصيبة، وأفضل

سنان صبر من ذلك ذكر الله عند ما حرم عليك، فيكون حاجزا (1)

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

[الحكمة 56]

الغنى فِي الْغُرْبَةِ وَطَنٌ، وَالْفَقْرُ فِي الْوَطَنِ غُرْبَةٌ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي ت / 975 ه-) في كنز العمال أيضا عن الحارث الاعور أن عليا سأل ابنه الحسن عن أشياء من المروءة، قال: يا بني ! ما السداد؟ قال: يا أبت دفع المنكر بالمعروف.

قال : فما الشرف ؟ قال : اصطناع العشيرة وحمل الجريرة.

قال : فما المروءة ؟ قال العفاف وإصلاح المرء ماله. قال : فما الدقة ؟ قال : النظر في اليسير ومنع الحقير . :قال فما اللؤم ؟ قال : إحراز المرء نفسه وبذله عرسه .

قال : فما السماحة؟ قال : البذل في العسر واليسر .

قال : فما الشح؟ قال: أن ترى في يديك شرفا، وما أنفقته تلفا.

قال: فما الاخاء؟ قال الوفاء في الشدة والرخاء.

ص: 358


1- الكافي للشيخ الكليني 2 :90

قال :فما الجين؟ قال: الجرأة على الصديق، والنكول عن العدوّ .

وقال : فما الغنيمة ؟ قال الرغبة في التقوى، والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة.

قال :فما الحلم ؟ قال : كظم الغيظ وملك النفس.

قال: فما الغنى ؟ قال : رضى النفس بما قسم الله لها وإن قل، فانما الغنى

غنى النفس.

قال: فما الفقر ؟ قال شره النفس في كل شي.

قال: فما المنعة ؟ قال : شدة البأس ومقارعة أشد الناس .

قال فما الذل ؟ قال : الفزع عند المصدومة.

قال: فما الجرأة ؟ قال : مواقعة الاقران.

قال: فما الكلفة ؟ قال : كلامك فيما لا يعنيك.

قال : فما المجد ؟ قال : أن تعطي في الغرم، وأن تعفو عن الجرم.

قال: فما العقل ؟ قال : حفظ القلب كل ما استوعيته.

قال: فما الخرق ؟ قال : معاداتك لامامك، ورفعك عليه كلامك.

قال : فما السناء ؟ قال : إتيان الجميل، وترك القبيح.

قال :فما الحزم؟ قال طول الاناة والرفق بالولاة ، والاحتراس من الناس بسوء

الظن هو الحزم.

قال :فما الشرف ؟ قال : موافقة الاخوان وحفظ الجيران.

قال : فما السفه ؟ قال : اتباع الدناءة ومصاحبة الغواة.

قال : فما الغفلة ؟ قال : تركك المسجد وطاعتك المفسد.

قال: فما الحرمان؟ قال تركك حظك وقد عرض عليك.

قال: فما السيد ؟ قال : السيد الاحمق في المال المتهاون في عرضه يشتم فلا

يجيب، المتحزن بأمور عشرته هو السيد.

ص: 359

قال : ثم قال عليّ : يا بني ! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا فقر أشد من الجهل ولا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاروة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف ولا

عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء والصبر.

وسمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول : آفة الحديث الكذب، آفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر.

وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ينبغي للعاقل إذا كان عاقلا أن يكون له من النهار أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه جل جلاله ، وساعة يحاسب فيها نفسه،

وساعة يأتي فيها أهل العلم الذين يبصرونه أمر دينه وينصحونه، وساعة يخلي فيها بين نفسه ولذتها من أمر الدنيا فيما يحل ويجمل. وينبغي أن لا يكون شاخصا إلا في ثلاث : مرمة لمعاش، أو خلوة لمعاد، أو لذة

في غير محرم. وينبغي للغافل أن يكون في شأنه، فيحفظ فرجه ولسانه، ويعرف أهل زمانه، والعلم خليل الرجل والعقل دليله، والحلم وزيره، والعمل قرينه، والصبر أمير ،جنوده والرفق والده واليسر أخوه.

يا بني ! لا تستخفنّ برجل تراه أبدا إن كان أكبر منك فعد أنه أبوك ، وإن كان منك فهو أخوك ، وإن كان أصغر منك فاحسب أنه ابنك . ( الصابوني في المائتين ، طب كر).

وعن سليمان بن حبيب قال: دخلت في نفر على أبي أمامة فإذا شيخ قد رق وكبر، وإذا عقله ومنطقه أفضل مما يرى من منظره، فقال في أول ما حدثنا إن مجلسكم هذا من بلاغ الله إياكم، وحجته عليكم ، فان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قد بلغ ما

ص: 360

أرسل به ، وأن أصحابه قد بلغوا ما سمعوا ، فبلغوا ما تسمعون ثلاثة كلهم ضامن على الله حتى يدخل الجنة أو يرجعه بما نال من أجر وغنيمة فاصل فصل في

سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يدخله الجنة أو يرجعه بما نال من أجر وغنيمة، ورجل توضأ ثم غدا إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يدخله الجنة أو يرجعه بما نال من أجر وغنيمة، ورجل دخل بيته بسلام، ثم قال: إن في جهنم جسرا له سبع قناطر على أوسطهن القضاء، فيجاء بالعبد حتى إذا انتهى إلى القنطرة الوسطى، قيل : ماذا عليك من الدين ؟ فيحسبه، ثم تلا هذا الآية: ﴿ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً ) (1)فيقول : يا رب ! عليّ كذا وكذا، فيقول: اقض دينك، فيقول : ما لي شي ما أدري ما أقضي به فيقال: خذوا من حسناته، فما زال يؤخذ حسناته حتى ما يبقى له من حسنة، فإذا فنيت حسناته فيقال: خذوا من سيئات من يطلبه، فركبوا عليه، قال: فلقد بلغني أن رجالا يجيئون بأمثال الجبال الحسنات ، فلا يزال يؤخذ لمن يطلبهم حتى ما يبقى لهم حسنة، ثم يركب

عليهم سيئات من يطلبهم حتى يرد عليهم أمثال الجبال .

ثم قال : إياكم والكذب ! فان الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى

النار وعليكم بالصدق، فان الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة. ثم قال : أيها الناس! لأنتم أصل من أهل الجاهلية، إن الله تعالى قد جعل لأحدكم الدينار ينفقه في سبيل الله بسبعمائة دينار، والدرهم بسبعمائة درهم، ثم إنكم صارون تمسكون، أما والله ! لقد فتحت الفتوح بسيوف، ما حليتها الذهب والفضة، ولكن حليتها العلابي والآنك والحديد (كر) . (2)

ص: 361


1- اقتباس من قوله تعالى : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً ) (النساء : 41 - 42) .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 215 - 218 بالرقم 44237 و 44238 .

[ الحكمة 57]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام: الْقَنَاعَةُ مَالٌ لَا يَنْفَدُ (1) .

قال الرضي: وقد روي هذا الكلام عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم

قال العرشي في التخريج القناعة مال لا ينفد[ ج 3 ص 236 و 266] ورواه

الحراني في تحف العقول (19) و (21)(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالمعنى بالاسناد عن الكليني

(ت / 268ه-) في خطبة الوسيلة مانصه : « ولا كنز اغنى من القنوع الكافي : 19

وقد تقدمت في الحكمة (34) .

[ الحكمة 63]

قوله عَلَيْهِ السَّلام: الشفيع جَناحَ الطالب.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما ارويه بالاسناد عن الجاحظ ( ت /

255ه-) في المائة كلمة بالرقم (29) وقد تقدم في الحكمة (13) .

[ الحكمة 76]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

ان الامور اذا أشبهت اعتبر آخرها بأولها.

ص: 362


1- عبارة : ( والقناعة مال لا ينفذ ) ساقطة من (ب).
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين، عن عمر بن سعد، قال: حدثني أبو ضرار، عن عمار بن ربيعة، قال مربي والله الأشتر وأقبلت معه حتى رجع إلى المكان الذي كان به فقام في أصحابه فقال : شدوا ، فدىّ لكم عمّي وخالي شدة ترضون بها الله وتعزّون بها الدين، فإذا شددت فشدوا . قال ثم نزل وضرب وجه دابته، ثم قال

لصاحب رايته : أقدم . فأقدم بها ثم شد على القوم، وشد معه أصحابه يضرب أهل الشام حتى انتهى بهم إلى عسكرهم . ثم إنهم قاتلوا عند العسكر قتالا شديدا فقتل صاحب رايته. وأخذ علي - لما رأى الظفر قد جاء من قبله - يمده بالرجال . قال : وإن عليا قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس قد بلغ بكم الأمر وبعدوّكم ما قد رأيتم، ولم يبق منهم إلا آخر نفس، وإن الأمور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأولها ، وقد صبر لكم القوم على غير دين حتى بلغنا منهم ما بلغنا، وأنا غادٍ عليهم بالغداة أحاكمهم إلى الله عز وجل.

فبلغ ذلك معاوية، فدعا عمرو بن العاص فقال : يا عمرو إنما هي الليلة

حتى يغدو على علينا بالفيصل، فما ترى؟ قال: إن رجالك لا يقومون لرجاله، ولست مثله هو يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره أنت تريد البقاء وهو يريد الفناء. وأهل العراق يخافون منك إن ظفرت بهم ، وأهل الشام لا يخافون عليا إن ظفر بهم. ولكن ألق إليهم أمرا إن قبلوه اختلفوا، وإن ردّوه اختلفوا . ادعهم إلى كتاب الله حكما فيما بينك وبينهم، فإنك بالغ به حاجتك في القوم، فإني لم أزل أؤخر هذا الأمر لوقت حاجتك إليه. فعرف ذلك معاوية

فقال: صدقت(1)

ص: 363


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 477 476 .

[ الحكمة 77]

وَمِنْ خَبَرِ ضِرارِ بْنِ ضَمْرَةَ الصَّابِيِّ عِنْدَ دُخولِهِ عَلى مُعَاوِيَةَ وَمَسْئَلَتِهِ لَهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ : فَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ(1) وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ (2) وَهُوَ قائِمٌ فِي مِحْرابِهِ، قابِضُ عَلى لِحْيَتِهِ ، يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ (3)، وَيَبْكي بُكَاءَ الْحَزِينِ، وَيَقُولُ (4)

يا دُنْيا (5) إِلَيْكَ عَنِّي (26)، أَبِي تَعَرَّضَتِ ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ (6)! لا حان (7) حِينُكَ ، هَيْهَاتَ !(8) إ غُرِّي غَيْرِي، لاحاجَةً لِي فِيكِ، قَدْ طَلَّقْتُك ثَلاثاً لا رَجْعَةَ فيها ، فَعَيْشُك قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ (9)

يَسِيرٌ، وَأَمَلُك حَقِيرٌ. او مِن قِلَّةِ الزَّادِ، وَطُولِ الطَّرِيقِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَعَظِيمِ الْمَوْرِدِ. قال العرشي في التخريج ما نصّه : « رواها الشيخ الصدوق في الأمالي المجلس كما رواها القالي في اماليه [ج 3 ص 149] وابو نعيم الأصفهاني في الحلية

[ج 1 ص 85] . والبيهقي في المحاسن والمساوئ[ ج 1 ص 823] . (10) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) في الأمالي، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال :

ص: 364


1- فى «ه-.ب»: (منازله)
2- في « ه-.ب» : (ذيله ) .
3- في «ه-..ب» : ( يضطرب، من ضربته الحية).
4- في «أ» «ب»: (ويقول).
5- في «أ» «ب» : (ويقول).
6- في «ه-.ب»: (أي أبعدي).
7- في « ب»: (تشوقت) ، وفي «ه-.ب» في نسخة : (تشوقت، والتشوق : التزين).
8- في « ه--ب» : (هذا دعاء) .
9- في «ه- .ب»: ( أمرك ).
10- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

حدثنا محمّد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، :قال حدثنا محمّد بن سنان عن المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان ، فقال له : صف لي عليا. قال: أو تعفيني. فقال : لا ، بل صفه لي . فقال له ضرار رحم الله عليا ، كان والله فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويقربنا إذا زرناه ، لا يغلق له دوننا باب، ولا يحجبنا عنه حاجب، ونحن والله

تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه لهيبته، ولا نبتدئه لعظمته، فإذا تبسم فعن

مثل اللؤلؤ المنظوم.

فقال معاوية: زدني من صفته .

فقال ضرار رحم الله عليا كان والله طويل السهاد قليل الرقاد، يتلو كتاب الله

، آناء الليل وأطراف النهار، ويجود الله بمهجته، ويبوء إليه بعبرته، لا تغلق له الستور، ولا يدّخر عنا البدور، ولا يستلين الاتكاء، ولا يستخشن الجفاء، ولو رأيته إذ مثل في محرابه ، وقد أرخى الليل ،سدوله، وغارت نجومه، وهو قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين ، وهو يقول : يا دنيا ، إليَّ تعرضت أم إلى تشوّقت هيهات هيهات لا حاجة لي فيك ، أبنتك ثلاثا لا رجعة لي عليك.

ثم يقول : واه واه لبعد السفر، وقلة الزاد، وخشونة الطريق. قال فبكى معاوية، وقال: حسبك يا ضرار كذلك كان والله علي، رحم الله

أبا الحسن . (1)

وبالاسناد عن أبي نعيم الاصفهاني ( ت / 543ه-) ، حلية الأولياء ، قال : حدثنا أحمد ثنا محمّد بن زكريا الغلابي ، ثنا العباس بن بكار، عن عبد

سلیمان

بن

ص: 365


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 724 .

الواحد بن أبي عمرو الاسدي عن محمّد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح قال: دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية، فقال له : صف لي عليا .

قال : أو تعفيني يا أمير المؤمنين ؟

قال : لا أعفيك.

قال : أمّا إذا لابد ، فانه كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا ينفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته . وكان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة يقلب كفه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما جشب. كان - والله كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه. وكان مع تقربه الينا وقربه منا لا نكلّمه هيبة له، فان تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، ولا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه - وقد أرخي الليل سدوله وغارت نجومه - يميل في ،محرابه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الآن وهو يقول: يا ربنا يا ربنا - يتضرع إليه - ثم يقول للدنيا إلي تغررت ؟! ألي تشوقت؟! هيهات هيهات غرّي غيري قد بنتك ثلاثا، فعمرك قصير وعيشك حقير ، وخطرك يسير ، آه آه من قلة الزاد ، وبعد السفر، ووحشة الطريق. قال : فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكّمه وقد

اختنق القوم بالبكاء ، فقال كذا كان أبو الحسن ، كيف وجدك عليه يا ضرار ؟

قال : وجد من ذبح واحدها في حجرها ، لا ترقى دمعتها ولا يسكن حزنها ، ثم (1)

قام فخرج وبالاسناد عن أبي نعيم الأصفهاني ( ت / 430 ه-)، قال: حدثنا ابوبكر بن

ص: 366


1- حلية الأولياء 1 84-85

مالك، ثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا وهب بن اسماعيل، ثنا محمد بن قيس، عن علي بن ربيعة الولبي ، عن علي بن ابي طالب ، قال : جاءه ابن

النتاج فقال یا امیرالمؤمنین امتلأ بيت مال المسلمين من صفراء وبيضاء. فقال: الله اكبر فقام متوكنا على ابن النباج حتى قام على بيت مال

المسلمين فقال :

هذا جناي وخياره فيه ***و كل جان يده الى فيه

يا بن النباح، عليَّ بأشياع الكوفة، قال: فنودي في الناس، فأعطى جميع ما في بيت مال المسلمين وهو يقول: يا صفراء ويا بيضاء غرّى غيري ها وها حتى ما بقي منه دينار ولا درهم. ثم أمر بنضحه، وصلى فيه ركعتين.

حدثنا ابو حامد بن جبلة ، ثنا محمّد بن اسحاق ثنا عبد الله بن عمر ثنا ابن

،نمير، ثنا ابو حيان التميمي، عن مجمع التيمي قال كان علي يكنس بيت المال ويصلي فيه، يتخذه مسجداً رجاء ان يشهد له يوم القيامة (1)

وبالاسناد عن ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ، قال : ولقد خبأت لك باسنة :قال: وما هي ؟ قال: انطلق فانظر ماهي ، قال : فأدخله بيتا فيه باسنة مملوءة آنية ذهب وفضة مموهة بالذهب، فلما رآها على قال : ثكلتك امك، لقد أردت أن تدخل بيتي نارا عظيمة ، ثم جعل يزنها ويأتي كل عريف بحصته ، ثم قال:

هذا جناي وخياره فيه ***وكل جان يده إلى فيه

ثم قال : لا تغرّينى وغرّي غيري.

قال: ونا معتمر، عن عبد العزيز بن محمّد، عن أبيه أن عليا أوتي بالمال فأقعد بين يديه الوزان والنقاد فكوم كومة من ذهب وكومة من فضة، وقال: يا حمراء يا

ص: 367


1- حلية الأولياء 1: 81

بيضاء احمري وابيضي وغرّي غيري، ثم قال:

هذا جناي وخياره فيه*** وكل جان يده إلى فيه

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل ، نا أبو منصور بن شكرويه، أنا أبو بكر بن مردويه ، أنا أبو بكر الشافعي ، نا معاذ بن المثنی ، نا مسدد، نا عبد الله بن داود عن ربح ، عن أبي موسى، عن عبد الله بن أبي سفيان، قال: أهدى لى دهقان من دهاقين السواد بردا وإلى الحسن أو الحسين بردا ،مثله فقام علي يخطب بالمدائن يوم الجمعة، فبعث إلي والي الحسين فقال ما هذان البردان قال : بعث إلي وإلى الحسين دهقان من دهاقين السواد قال: فأخذهما فجعلهما في بيت المال. :قال ونا مسدد نا يحيى، نا أبو حيان، حدثني مجمع : ان عليا كان يكنس بيت

المال ثم يصلي فيه رجاء أن يشهد له أنه لم يحبس فيه المال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر محمّد بن العباس ، ، أنا أحمد بن معروف نا الحسن بن محمّد نا ،ابن نا محمّد بن عمر، نا عبد الله بن جعفر عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها ، قال سعد: قدمت على علي بالكوفة وهو يعطي الناس في بيت له بابا على غير كتاب فقال : يا ابن مخرمة

عن

المسلمين.

هذا جناي وخياره فيه*** إذ كل جان يده إلى فيه

فقلت: يا أمير المؤمنين إن الناس يتراجعون عليك، قال: أو قد فعلوا، قلت:

نعم، قال: فاكتبوهم فكتبوا . أنبانا أبو على الحداد، وحدثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي عنه، ،، أنا أبو نعيم الحافظ، أنا أبي وعبد الله بن محمّد ومحمّد بن أحمد بن محمد، قالوا: أنا الحسن بن محمد، نا أبو زرعة ، نا أبو كريب نا عمرو بن يحيى بن سلمة، قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عمرو ، قال : كان علي بن أبي طالب استعمل يزيد بن

ص: 368

قيس على الري ، ثم استعمل مخنف بن سليم على أصبهان، واستعمل على أصبهان عمرو بن سلمة ، فلما أقبل عمر و بن سلمة عرض له الخوارج بحلوان فلما قدم عمر و بن سلمة على علي أمره (كذا ) (1) فليضعها في الرحبة ويضع عليها ابناه حتى يقسمها بين المسلمين، فبعثت إليه أم كلثوم بنت علي أرسل إلينا من هذا العسل الذي معك فبعث إليها بزقين من عسل وزقين من سمن فلما خرج علي إلى الصلاة عدها فوجدها تنقص زقين فدعاه فسأله عنهما فقال: يا أمير المؤمنين لا تسألني عنهما ، فإنا نأتي بزقين مكانهما ، قال : عزمت عليك لتخبرني ما قصتهما ؟ قال : بعثت إلى أم كلثوم فأرسلت بهما إليها، قال: أمرتك أن تقسم بين المسلمين فيئهم ، ثم بعث إلي أم كلثوم أن ردّي الزقين، فأتي بهما مع ما نقص منهما ، فبعث إلى التجار فرموها (2) مملوءتين وناقصتين فوجدوا فيها نقصان ثلاثة دراهم وشي، فأرسل إليها أن أرسلي إلينا بالدراهم ، ثم أمر بالزقاق فقسمت بین المسلمين وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه : أن عليا أتى بالمال فأقعد بين يديه الوزان والنقاد، فكوّم (3)

كومة من ذهب وكومة من فضة فقال يا حمراء ويا بيضاء احمري وابيضي

وغري غيري :

هذا جناي وخياره فيه ***وكل جان يده إلى فيه

أبو عبيد، (حل ، كر ) .(4)

ص: 369


1- كذا في المصادر ، ومن المحتمل وجود سقط هنا
2- كذا ، وفي المختصر : ( فزموهما) .
3- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 : 478 - 479 .
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 : 182 ، الرقم 36545

[ الحكمة 78]

وَمِنْ كَلامٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِلسّائِلِ (1) السّامِيُّ (2) لَمّا سَأَلَهُ (3) : أَكَانَ مَسِيرُن(4) إِلَى

الشَّامِ بِقَضاءٍ مِنَ الله وَقَدَرٍ ؟ بَعْدَ كَلامٍ طَوِيلٍ هذا مُخْتارُهُ:

وَيْحَكَ (5) لَعَلَّكَ ظَنَنْتَ قَضاءً لازماً وَقَدَراً حاتماً ! وَلَوْ كانَ ذلِك كَذلِك لَبَطَلَ التَّوابُ وَالْعِقابُ، وَسَقَطَ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ ، إِنَّ الله سُبْحانَهُ أَمَرَ عِبادَهُ تَخْبِيراً ، وَنَهَاهُمْ تَحْذِيراً ، وَكَلَّفَ يَسِيراً، وَلَمْ يُكَلِّفْ عَسِيراً، وَأَعْطى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيراً ، وَلَمْ يُعْض مَغْلُوباً ، وَلَمْ يُطَعْ مُكْرِها ، وَلَمْ يُرْسِلِ الأَنبِيا لَعِباً، وَلَمْ يُنْزِلِ الْكُتُبَ لِلْعِبادِ عَبداً ، وَلا خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِك ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ )(6) . قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: ويحك

لعلك ... الى آخره، رواه في منتخب كنز العمال في هامش مسند احمد ص جل ، وفي اصول الكافي ص 54 ، ورواه في الفصول المختارة من كتاب المحاسن والعيون بابسط ممّا هنا، ولعله المراد بالكلام الطويل». (7) قال العرشي في التخريج ما نصّة رواها السيد المرتضى في الأمالي

[ج 1 ص 104] .(8)

ص: 370


1- لم ترد (للسائل) في «ب»، وفي ( أ ) : (للسائل) ، وفي «ه-. أ»: في نسخة : (للشامي).
2- لم ترد : (الشامي) في «أ».
3- في «ب»: لما سأل
4- في «ب»: (مسيره) ، وفي «ه-. ب» في نسخة : (مسيرك) .
5- في «ب»: (فقال : ويحك).
6- اقتباس من سورة ص : 27
7- مدارك نهج البلاغة : 105 .
8- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 328ه-) في الكافي عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد وإسحاق بن محمّد وغيرهما رفعوه، قال: كان أمير المؤمنين علیه السلام جالسا بالكوفة بعد منصرفه من صفين، إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه، ثم قال له يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟

فقال أمير المؤمنين : أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا

بقضاء من الله وقدر. فقال له الشيخ: عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين؟

فقال له مه یا شیخ! فوالله لقد عظم الله الاجر في مسيركم وأنتم سائرون، وفي مقامكم وأنتم مقيمون، وفي منصر فكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شئ من حالاتكم مكرهين ، ولا إليه مضطرين

فقال له الشيخ: وكيف لم نكن في شئ من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين.

وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا ؟ فقال له وتظن أنه كان قضاء حتما وقدرا لازما ؟ إنه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من الله، وسقط معنى الوعد والوعيد ، فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن، ولكان المذنب أولى بالاحسان من المحسن ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان وقدريّة هذه الام ومجوسها . إن الله تبارك وتعالى كلّف تخييرا ونهى تحذيرا وأعطى على القليل كثيرا، ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها ولم يملك مفوضا ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا ( ذلِك ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) (1).

ص: 371


1- سورة ص : 27 .

فأنشأ الشيخ يقول:

أنت الإمام الذي نرجو بطاعته ***وم النجاة من الرحمن غفرانا

أوضحت من أمرنا ما كان ملتبسا*** جزاك ربك بالاحسان إحسانا (1)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 281 ه-) في التوحيد ، قال : حدثنا علي بن( 281ه-) أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق رضی الله عنه، قال: حدثنا محمّد بن الحسن الطائي، قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي عن علي بن جعفر الكوفي، قال: سمعت سيدي علي بن محمّد يقول حدثني أبي محمّد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن الاعلامي ، وحدثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبو القاسم إسحاق بن جعفر العلوي، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد بن على، عن سليمان بن محمّد القرشي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي علیهما السلام- واللفظ لعلي بن أحمد بن

محمّد بن عمران الدقاق - قال: دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين علیه السلام فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام، أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين علیه السلام أجل یا شیخ فوالله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن

واد إلا بقضاء من الله وقدر.

فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين.

فقال مهلا يا شيخ لعلك تظن قضاء حتما وقدرا لازما لو كان كذلك لبطل

الوعيد والوعد ، ولم يكن

الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر ولسقط معنى الوعيد والوعد على مسيئ لأئمة ولا لمحسن محمّدة ، ولكان المحسن أولى باللائمة من المذنب

ص: 372


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1 : 155 - 156 .

والمذنب أولى بالاحسان من المحسن، تلك مقالة عبدة الأوثان وخصماء

الرحمن وقدريّة هذه الامة ومجوسها .

يا شيخ، إن الله عزوجل كلّف تخييرا، ونهى تحذيرا، وأعطى على القليل كثيرا،

ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها، ولم يخلق السموات والارض وما بينهما باطلا و ذلِك ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (1).

قال: فنهض الشيخ وهو يقول:

أنت الامام الذي نرجو بطاعته*** يومالنجاة من الرحمن غفرانا

أوضحت من ديننا ماكان ملتبسا*** جزاك ربك عنا فيه إحسانا

فليس معذرة في فعل فاحشة*** قد كنت راكبها فسقا وعصيانا

لا لا، ولا قائلا ناهيه أوقعه ***فسيها عبدت إذا يا قوم شيطانا

ولا أحب ولا شاء الفسوق ولا ***قتل الولي له ظلما وعدوانا

أنى يحب وقد صحت عزيمته ***ذو العرش أعلن ذاك الله إعلانا

قال مصنف هذا الكتاب : لم يذكر محمّد بن عمر الحافظ في آخر هذا الحديث بيتين من هذا الش- هذا الشعر من أوّله (2). وعن الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا علیه السلام بأسانيد متعددة، قال: حدثنا

على بن أحمد محمّد بن عمران الدقاق رضی الله عنه، قال: حدثنا محمّد

بن :قال حدثنا محمّد بن الحسن الطائي، قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الادمى الرازي، عن على جعفر الكوفى قال سمعت سيّدى علي بن محمّد علیهما السلام يقول: حدثني أبي محمّد بن على عن أبيه الرضا علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي علیهم السلام.

ص: 373


1- سورة ص : 27
2- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : 280 و 381.

وحدثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي ، قال : حدثني أبو القاسم اسحاق بن جعفر العلوي، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد بن على، عن سليمان بن محمّد القرشي اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمّد، عن ابيه، عن جده على بن

الحسين، عن علي علیهم السلام.

وحدثنا أبو الحسين محمّد بن إبراهيم بن اسحاق الفارسي الغرائمي، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمّد بن رميح النسوي بجرجان قال حدثنا عبد العزيز بن اسحاق بن جيفر ببغداد، قال: حدثني عبد الوهاب بن عيسى المروزي ، :قال : حدثني الحسن بن علي بن محمّد البلوي ، قال : حدثني محمد بن عبد الله بن نجيح ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده عن أبيه علیهم السلام.

وحدثنا احمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن على السكري، قال:

حدثنا محمّد بن زكريا الجوهري ، قال : حدثنا العباس بن بكار الضبي قال: حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما انصرف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من الصفين قام إليه شيخ ممن شهد معه الواقعة فقال يا أمير المؤمنين اخبرنا عن مسيرنا هذا بقضاء من نا هذا بقضاء من الله تعالى وقدره...

وقال الرضا علیه السلام في روايته عن آبائه عن علي بن الحسين بن علی علیهم السلام: دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين فقال: أخبرني عن خروجنا الى أهل الشام ابقضاء من الله وقدره ؟ فقال له أمير المؤمنين علیه السلام: اجل يا شيخ، فو الله ما

علوتم تلعه ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدره.

فقال الشيخ: عند الله احتسب عنائي يا أمير المؤمنين.

فقال علیه السلام : مهلا يا شيخ لعلك تظن قضاء حتما وقدرا لازما لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والامر والنهي والزجر واسقط معنى الوعد والوعيد ، ولم تكن على المسيئ لائمة، ولا لمحسن محمدة ولكان المحسن أولى باللائمة من

ص: 374

المذنب والمذنب اولى بالاحسان من المحسن، تلك مقالة عبدة الأوثان وخصماء

الرحمن وقدريّة هذه الامة ومجوسها .

يا شيخ ان الله تعالى كلف تخييرا ونهى تحذيرا واعطى على القليل كثيرا ولم

يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يخلق السموات والارض وما بينهما باطلا

ذلِك ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّار ) (1) .

قال : فنهض الشيخ وهو يقول:

أنت الامام نرجو بطاعته*** یوم النجاه من الرحمن غفرانا

اوضحت من ديننا ما كان ملتبسا*** جزاك ربك عنا فيه احسانا

فليس معذره في فعل فاحشة ***قد كنت راكبها فسقا وعصيانا

لا لا، ولا قائلا: ناهيه اوقعه*** فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا

ولا احب ولا شاء الفسوق ولا ***قتل الولى له ظلما وعدوانا

أنى يحب وقد صحت عزيمته ***ذو العرش اعلن ذاك الله اعلانا

ولم يذكر محمّد بن عمر الحافظ في آخر هذا الحديث من الشعر إلا بيتين

من اوله .(2)

وبالاسناد عن أبي الفتح الكراجكي (ت / 449 ه-) في كنز الفوائد ، قال : اخبرني شيخنا المفيد أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان رضی الله عنه اجازة ، قال : حدثنا محمّد بن عمر الحافظ املاء ، قال : حدثنا أبو القاسم اسحاق بن جعفر العلوي، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد بن علي، عن سليمان بن محمّد القرشي، عن اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه، عن جده علیهم السلام قال : دخل رجل من اهل العراق على أمير المؤمنين علي بن ابي طالب

ص: 375


1- سورة ص : 27 .
2- عيون أخبار الرضاعا للشيخ الصدوق 2: 126 - 128

صلوات الله عليه، فقال اخبرنا عن خروجنا الى أهل الشام، أبقضاء الله وقدره؟ فقال له أمير المؤمنين: أجل يا شيخ فوالله ما علوتم تلعة ولا هبطتم واديا إلا

بقضاء من الله وقدر.

فقال الشيخ: عند الله احتسب عنائي يا أمير المؤمنين.

فقال :مهلا يا شيخ لعلك تظن قضاء حتما وقدرا لازما لو كان ذلك به لبطل الثواب والعقاب والامر والنهي والزجر وسقط معنى الوعيد ولم يكن على مسيئ لائمة ولا لمحسن محمدة، ولكان المحسن اولى باللائمة من المذنب، والمذنب

اولى بالاحسان من المحسن، تلك مقالة عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وقدرية

هذه الامة ،ومجوسها يا شيخ ان الله كلف تخييرا ونهى تحذيرا واعطى بالقليل كثيرا، ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها، ولم يخلق السموات والارض وما بينهما باطلا و ذلِك ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) (1)

وجاء في الحديث رواية اخرى ان الرجل قال له : فما القضاء والقدر الذي

ذكرته يا امير المؤمنين؟

فقال علیه السلام: الامر بالطاعة ، والنهي عن المعصية، والتمكين من فعل الحسنة وترك السيئة والمعونة على القربة إليه، والخذلان لمن عصاه، والوعد والوعيد والترغيب والترهيب، كل ذلك قضاء الله في افعالنا وقدره لأعمالنا، فاما غير ذلك فلا تظنه ؛ فإن الظن به محبط للاعمال.

فقال الرجل : فرّجت عنى يا أمير المؤمنين، وأنشأ يقول

أنت الامام الذي نرجو بطاعته*** يوم النجاة من الرحمن غفرانا

اوضحت من ديننا ما كان ملتبسا ***جزاك ربك عنا فيه احسانا

فليس معذرة في فعل فاحشة*** قد كنت راكبها فسقا وعصيانا

ص: 376


1- سورة ص : 27

لا لا ولا قائلا ناهيه اوقعه*** فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا

ولا احب ولا شاء الفسوق ولا*** قتل الولى له ظلما وعدوانا (1)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق، قال: أخبرنا

أبو العز أحمد بن عبيد الله إذنا ومناولة، وقرأ عليّ إسناده أنا محمّد بن الحسين أنا أبو الفرج القاضي ، نا الحسن بن أحمد بن محمّد الكليبي، نا محمّد بن زكريا الغلابي ، نا العباس بن بكار ، نا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة ، قال : لما قدم علي من صفين قام إليه شيخ من أصحابه فقال يا أمير المؤمنين، أخبرني عن مسيرنا إلى أهل الشام بقضاء وقدر ؟

فقال علي: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما قطعنا واديا ولا علونا تلعة إلا

بقضاء وقدر.

فقال الشيخ: عند الله احتسب عنائي. فقال على ولم ؟ بل عظم الله أجركم في مسيركم وأنتم مصعدون وفي منحدركم وأنتم منحدرون ، وما كنتم في شئ من أموركم مكرهين ولا إليها مضطرين فقال الشيخ : كيف يا أمير المؤمنين والقضاء والقدر ساقنا إليها ؟

قال : ويحك، لعلك ظننته قضاء لازما وقدرا حاتما ، لو كان ذلك لسقط الوعد والوعيد ، ولبطل الثواب والعقاب، ولا أتت لائمة من الله لمذنب ولا محمدة من الله لمحسن ولا كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المذنب ، ذلك مقال إخوان عبدة الأوثان وجنود الشيطان وخصماء الرحمن، وهم قدريّة هذه الأمة ومجوسها، ولكن الله تعالى أمر بالخير تخييرا ونهى عن الشر تحذيرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يملك تفويضا ولا خلق السموات والأرض وما أرى فيهما من

ص: 377


1- كنز الفوائد : 169 و 170 .

عجائب اياتهما باطلا و ذلِك ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ (1) قال الشيخ يا أمير المؤمنين: فما كان القضاء والقدر الذي كان فيه مسيرنا ومنصرفنا ؟ قال : ذلك أمر الله ،وحكمته، ثم قرأ على : ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) (2) ، فقام الشيخ تلقاء وجهه ثم قال:

أنت الإمام الذي نرجو بطاعته ***يوم النشور من الرحمن رضوانا

أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا ***جزاك ربك عنا فيه أحسانا

أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، أنا محمد بن أحمد بن محمّد بن حسنون، أنا أبو الحسن علي بن عمر نا محمد بن مخلد، نا إبراهيم بن مهدي الأيلي، نا أحمد بن الأحجم بن البختري ،المروزي، نا محمّد بن الجراح قاضي سجستان، ناشريك ، عن أبي إسحاق، عن الحارث ، قال : جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ؟

قال : طريق مظلم لا تسلكه

قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ؟

قال: بحر عميق لا تلجه

قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ؟ :قال سرّ الله قد خفي عليك فلا تفشه. قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ؟

قال: أيها السائل إن الله خلقك لما شاء أو لما شئت ؟

قال : بل لما شاء.

ص: 378


1- سورة ص : 27 .
2- وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلا نقل لهما أن وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ أَرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ) (الاسراء : 33 - 24) .

قال : فيستعملك كما شاء أو كما شئت ؟ قال : بل كما شاء.

قال : فيبعثك يوم القيامة كما شاء أو كما شئت ؟

قال : بل كما شاء .

قال: أيها السائل ألست تسأل ربك العافية ؟

قال : نعم .

قال: فمن أي شئ تسأله العافية ، أ من البلاء الذي ابتلاك به غيره ؟

قال: من البلاء الذي ابتلاني به.

قال : أيها السائل تقول : لا حول ولا قوة إلا بمن؟

قال : إلّا بالله العلي العظيم.

قال : فتعلم ما تفسيرها؟

قال : تعلمني مما علمك الله يا أمير المؤمنين .

قال: إن تفسيرها لا تقدر على طاعة الله ولا تكون له قوة في معصية في الأمرين

جميعا إلا بالله .

أيها السائل ، ألك مع الله مشيئة أو فوق الله مشيئة أو دون الله مشينة ؟ فإن قلت: إن لك دون الله مشيئة، فقد اكتفيت بها من مشيئة الله، وإن زعمت أن لك فوق الله مشيئة فقد ادعيت أن قوتك ومشيئتك غالبتان على قوة الله ومشيئة، وإن زعمت أن لك مع الله مشيئة، فقد أدعيت مع الله شركا في مشيئته. أيها السائل ، إن الله يشجّ ويداوي، فمنه الداء ومنه الدواء ، أعقلت عن الله أمره ؟

قال : نعم .

قال عليّ : الان أسلم أخوكم فقوموا فصافحوه، ثم قال علي : لو أن عندي رجلا من القدرية لأخذت برقبته ثم لا أزال أجاها حتى أقطعها؛ فإنهم يهود هذه الأمة

ص: 379

ونصّاراها ومجوسها . (1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال، عن محمّد بن

زكريا العلائي، ثنا العباس بن بكار ، حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة ، قال : لما قدم على من صفين قام إليه شيخ من اصحابه يا امير المؤمنين اخبرنا عن مسيرنا إلى الشام بقضاء وقدر ؟

فقال: والذي خلق الحبة وبرا النسمة ما قطعنا واديا ولا علونا تلعة إلا

بقضاء وقدر.

فقال الشيخ: عند الله احتسب عنائي.

فقال عليّ : بل عظم الله اجركم في مسيركم وانتم مصعدون وفي منحدركم

وانتم منحدرون، وما كنتم في شي من أموركم مكرهين ولا إليها مضطرين فقال الشيخ كيف يا امير المؤمنين والقضاء والقدر ساقنا إليها ؟ فقال : ويحك ، لعلك ظننته قضاء لازما وقدرا حاتما ، لو كان ذلك لسقط الوعد والوعيد وبطل الثواب والعقاب ولا أتت لائمة من الله لمذنب ولا محمّدة من الله لمحسن، ولا كان المحسن أولى بثواب الاحسان من المذنب ذلك مقال أحزاب عبدة الأوثان وجنود الشيطان وخصماء الرحمن، وهم قدريّة هذه الامة ومجوسها، ولكن الله أمر بالخير تخييرا ونهى عن الشر تحذيرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولا يملك تفويضا ولا خلق السماوات والارض وما ارى فيهما من عجائب آياتهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.

فقال الشيخ يا امير المؤمنين، فما كان القضاء والقدر الذي كان فيه مسيرنا ومنصرفنا ؟ قال ذلك أمر الله وحكمته ثم قرأ عليّ : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا

ص: 380


1- راجع تاريخ مدينة دمشق.

إِلَّا إِيَّاهُ ) (1) (كر، والعلائي وشيخه كذابان) (2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي أيضاً عن محمد بن إدريس الشافعي، عن بن سليم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عبد الله بن جعفر عن علي بن ابي طالب أنه خطب الناس يوما ، فقال في خطبته وأعجب ما في الانسان ،قلبه، وله مواد من الحكمة واضداد من خلافها ، فان سنح له الرجاء اولهه الطمع، وإن هاج به الطمع اهلكه الحرص وان ملكه اليأس قتله الاسف، وإن عرض له الغضب اشتد به

الغيظ ، وإن أسعد بالرضا نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحزن ، وإن أصابته مصيبة قصمه الجزع ، وان افاد مالاً أطغاه الغنى(3) وان عضته فاقه شغله البلاء، وان

جهده الجوع فعد به الضعف، فكل تقصیر به مضر وكل افراط له مفسد قال : فقام إليه رجل ممن كان شهد معه الجمل فقال: يا امير المؤمنين أخبرنا

عن القدر ؟

فقال : بحر عميق فلا تلجه .

قال: يا امير المؤمنين اخبرنا عن القدر.

قال : سرّ الله فلا تتكلفه.

قال :یا امیر المؤمنين اخبرنا عن القدر.

قال : أما إذ أبيت، فانه أمر بين أمرين، لا جبر ولا تفويض

قال :يا امير المؤمنين إن فلانا يقول بالاستطاعة، وهو حاضرك.

فقال: عليّ به فاقاموه، فلما رآه سل سيفه قد أربع أصابع فقال: الاستطاعة

ص: 381


1- ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَأَخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ أَرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ) (الاسراء : 23 - 24).
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1 : 344 ، الرقم 1560 .
3- من المنتخب ، وفي الأصل: (الغي).

تملكها مع الله ، أو من دون الله ؟ وإياك ان تقول احدهما فترتد فاضرب عنقك .

قال: فما اقول يا امير المؤمنين؟

قال: قل املكها بالله الذي ان شاء ملكنيها (حل) . (1)

[ الحكمة 79]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

خُذِ الْحِكْمَةَ أَنَّى (2)كانَتْ، فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَكُونُ فِي صَدْرِ المُنافِقِ فَتَخْتَلِجُ (3) فِي

صَدْرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ فَتَسْكُنَ إِلى صَواحِبِها (4) فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه من التعقيبات : بالاسناد عن الرضي ( ت / 480 ه- ) عن محمّد بن علي بن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله علیه السلام، ورواه أحمد بن ابي عبدالله ، عن الوشاء عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله قال ان كلمة الحكمة لتكون في قلب

المنافق فتجلجل حتى يخرجها . (5)

[ الحكمة 80]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

الحكمة ضالة المؤمن ، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق.

ص: 382


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1 : 348 - 349 ، الرقم 1567 .
2- في «ب»: (أين).
3- في «ب»: (فتتلجلج) ، وفي (ه-.ب»: (تتحرّك) .
4- في « ه-.ب» : (جمع صاحبة ، وهي الحكمة في صدر المؤمن).
5- المحاسن والمساوي : 189 ، ط / 1384 ه-.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: الحكمة ضالة

المؤمن، رواه في تحف العقول باضافة : فليطلبها ولو في أيدي اهل الشر».(1)قال العرشي في التخريج ما نصه: «الحكمة ضالة المؤمن فخذ الحكمة ولو

من اهل النفاق [ج 3 ص 168] رواها ابن قتيبة في عيون الاخبار[ ج 2 ص 123]

و القالي في الامالي [ ص 95] والشيخ المفيد في الامالي [بحار الانوار ج 17 ص 126] ، ورواها ايضاً ابن شيخ الطائفة في الامالي (41) والحراني في تحف العقول (47) (2)

قال الجلالي: ورد صدر هذه الحكمة فيما أرويه بالاسناد عن الجاحظ ( ت /

255ه-) في المائة كلمة برقم (65) ، وقد تقدم في الحكمة : (13) فراجع.

[ الحكمة 81]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

قِيمَةٌ كُلِّ أَمْرِي مَا يُحْسِنُهُ (3).

قال الرَّضِيُّ رَحِمَهُ الله تعالى(4) : وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ الَّتِي لا تُصابُ لَها قِيمَةٌ، وَلا تُوزَنُ بِها

حِكْمَةٌ وَلَا تُقْرَنُ إِلَيْهَا كَلِمَةٌ .

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: قيمة كل

امرئ ما يحسنه » ، وقال علیه السلام اليعقوبي في تاريخه وقال : قيمة كل امرىء ما يحسن وفي تحف العقول: وقال صلوات الله عليه قيمة ... الى آخره، وقال ابن عبد البر

ص: 383


1- راجع: مدارك نهج البلاغة : 105 .
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
3- في «أ»: (ما يحسن).
4- لم ترد : قال الرضي (رحمه الله تعالى) في «أ» «ب».

في كتابه مختصر الجامع 50: روى ابن عائشة وغيره أن علياً ، قال في خطبة خطبها : « واعلموا أن الناس أبناء ما يحسنون وقدر كل امرىء ما يحسن فتكلموا في العلم تتبين أقداركم.

ويقال: أن قول علي علیه السلام: قيمة كل امرىء ما يحسن لم يسبقه اليه أحد، وقالوا:

ليس كلمة أحض على طلب العلم منها إلى أن قال: قول علي قيمة كل امرىء ...الى آخره من الكلام العجيب، وقد نظمه جماعة من الشعراء إعجاباً به وكلفاً بحسنه، فمن ذلك ما يعزى إلى الخليل ابن أحمد

لا يكون السري مثل الدني*** لا ولا ذو الذكاء مثل الغبي

قيمة المرء كل ما يحسن المرء ***قضاء من الامام علي

وذكر شعراً لغيره بهذا المعنى .

وفي التذكرة رواه السدي عنه ، وقال : ومن هاهنا أخذ القائل قوله :

قول علي بن طالب*** وهو الامام العالم المتقن

کل امرىء قيمته عندنا*** و عند أهل الفضل ما يحسن(1)

قال العرشي في التخريج مانصه : « رواها الجاحظ في البيان والتبيين[ ج 1 ص 36 179] ، وابن قتيبة في عيون الأخبار[ ج 3 ص 120] ، والمبرد في الكامل [ج 179ص 40] ، وابن عبد ربه في العقد الفريد[ ج 1 ص 199 و ج 2 ص 227] والحرّاني في تحف العقول (47) ، والشيخ الصدوق في الأمالي (المجلس 68) والشيخ المفيد في الارشاد (172) ، و أبو حيان التوحيدي في كتاب البصائر (73/ ألف)، وأبو منصور الثعالبي في الايجاز والاعجاز (8) والبيهقي في المحاسن والمساوي[ ج 2 ص 74] ، وشيخ الطائفة في الأمالي (315) (2)

ص: 384


1- مدارك نهج البلاغة : 106 .
2- راجع استناد نهج البلاغة .

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في الأمالي : حدثنا علي بن أحمد ابن موسى الدقاق قال: حدثنا محمّد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : قلت لابي جعفر محمّبد بن علي الرضا علیه السلام: يا بن رسول الله، حدثني بحديث عن آبائك علیهم السلام. فقال : حدثني أبي، عن جدي عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين : لا

يزال الناس بخير ما تفاوتوا، فإذا استووا هلكوا.

قال: قلت له: زدني يا بن رسول الله .

فقال : حدثني أبي، عن جدي عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: لو

تكاشفتم ما تدافنتم

قال: فقلت له زدنی یا بن رسول الله

فقال : حدثني أبي، عن جدي عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بطلاقة الوجه وحسن اللقاء، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم.

قال :فقلت له زدني يا بن رسول الله .

فقال : حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: من

عتب على الزمان طالت معتبته .

قال :فقلت له: زدني يا بن رسول الله .

فقال : حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام:

مجالسة الاشرار تورث سوء الظن بالاخيار.

قال :فقلت له: زدني يا بن رسول الله .

فقال : حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: بئس

الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.

ص: 385

قال: فقلت له زدني يا بن رسول الله .

فقال : حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: قيمة

كل امرئ ما يحسنه .

قال :فقلت له زدني يا بن رسول الله .

فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: المرء

مخبوء تحت لسانه .

قال :فقلت له: زدني يا بن رسول الله .

فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: ما

هلك أمرؤ عرف قدره.

قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله

فقال : حدثني أبي، عن جدي عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام:

التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم .

قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله .

فقال : حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: من

وثق بالزمان صرع.

قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله.

فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: خاطر

بنفسه من استغنى برأيه.

قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله .

فقال: حدثني أبي، عن جدي عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: قلة

العيال أحد اليسارين.

قال :فقلت له: زدني يا بن رسول الله .

ص: 386

فقال : حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: من

دخله العجب هلك.

قال :فقلت له زدنی یا بن رسول الله

فقال : حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: من

أيقن بالخلف جاد بالعطية.

قال: فقلت له زدني يا بن رسول الله .

فقال : حدثني أبي، عن جدي عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: من

رضي بالعافية ممن ،دونه، رزق السلامة ممن فوقه (1)

قال :فقلت له : حسبني

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في من لا يحضره الفقيه وقال

أمير المؤمنين علیه السلام في وصيته لابنه محمّد بن الحنفية رضی الله عنه: يا بني إياك والاتكال على الأماني فإنها بضائع النوكى وتثبيط عن الآخرة، ومن خير حظ المرء قرين صالح، جالس أهل الخير تكن منهم ، باين أهل الشر ومن يصدك عن الله عزوجل وذكر الموت بالأباطيل المزخرفة والاراجيف الملفقة تبن منهم، ولا يغلبن عليك سوء الظن بالله عزوجل ؛ فانه لن يدع بينك وبين خليلك صلحا، اذك بالادب قلبك كما تذكى النار بالحطب فنعم العون الادب للخبرة والتجارب لذي اللب اضمم آراء الرجال بعضها إلى بعض ثم اختر أقربها إلى الصواب وأبعدها من الارتياب يا بنى لا شرف أعلى من الاسلام ولا كرم أعزّ من التقوى ولا معقل أحرز من الورع ، ولا شفيع أنجح من التوبة ولا لباس أجمل من العافية، ولا وقاية أمنع من السلامة، ولا كنز أغنى من القنوع، ولا مال أذهب للفاقة من الرضا بالقوت، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة

ص: 387


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 531 - 532 .

الحرص داع إلى التقدّم في الذنوب، ألق عنك واردات الهموم بعزائم الصبر ، عود نفسك الصبر، فنعم الخلق الصبر واحملها على ما أصابك من أهوال الدنيا وهمومها ، فاز الفائزون ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى فإنه جنة من الفاقة . والجئ نفسك في الأمور كلها إلى الله الواحد القهار فإنك تلجئها إلى كهف ،حصين، وحرز حريز، ومانع عزيز، وأخلص المسألة لربك فإن بيده الخير والشر، والاعطاء والمنع ، والصلة والحرمان.

وقال علیه السلام في هذه الوصية : يا بني الرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك ، فلا تحمل هم سنتك على همّ يومك، وكفاك كل يوم ما هو فيه، فإن تكن السنة من عمرك فإن الله عز وجل سيأتيك في كل غد بجديد ما قسم لك ، وإن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بغم وهم ما ليس لك واعلم أنه لن يسبقك إلى رزقك طالب، ولن يغلبك عليه غالب، ولن يحتجب عنك ما قدّر لك، فكم رأيت من طالب متعب نفسه مقتر عليه رزقه، ومقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير، وكلّ مقرون به الفناء اليوم لك وأنت من بلوغ غد على غير يقين ولرب مستقبل يوما ليس بمستدبره ومغبوط في أول ليله قام في آخرها بواكيه فلا يغرنك من الله طول حلول النعم وإبطاء موارد النقم، فإنه لو خشي الفوت عاجل بالعقوبة قبل الموت. یا بني اقبل من الحكماء مواعظهم وتدبر أحكامهم، وكن آخذ الناس بما تأمر به وأكف الناس عما تنهى عنه ، وأمر بالمعروف تكن من أهله، فإن استتمام الامور عند الله تبارك وتعالى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتفقه في الدين فإن الفقهاء ورثة الأنبياء إن الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر. واعلم أن طالب العلم يستغفر له من في السماوات والأرض حتى الطير في جو السماء والحوت في البحر، وإن الملائكة لتضع

ص: 388

أجنحتها لطالب العلم رضى به، وفيه شرف الدنيا والفوز بالجنة يوم القيامة، لأن الفقهاء هم الدعاة إلى الجنان، والادلاء على الله تبارك وتعالى، وأحسن إلى جميع الناس كما تحب أن يحسن إليك، وارض لهم ما ترضاه لنفسك، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، وحسّن مع جميع الناس خلقك حتى إذا غبت عنهم حنّوا إليك وإذا مت بكوا عليك وقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا تكن من الذين يقال عند موته الحمد لله رب العالمين. واعلم أن رأس العقل بعد الايمان بالله عز وجل مدارأة الناس ولا خير فيمن لا يعاشر بالمعروف من لابد من معاشرته

حتى يجعل الله إلى الخلاص منه سبيلا ، فإني وجدت جميع ما يتعايش به الناس وبه يتعاشرون ملء ،مكيال ثلثاه استحسان وثلثه تغافل، وما خلق الله عز وجل شيئا أحسن من الكلام ولا أقبح منه بالكلام ابيضت الوجوه، وبالكلام اسودت

الوجوه، واعلم أن الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به فإذا تكلمت به صرت في وثاقه ، فأخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك، فإن اللسان كلب عقور، فإن أنت

خليته عقر، ورب كلمة سلبت نعمة، من سيّب عذاره قاده إلى كل كريهة وفضيحة ، ثم لم يخلص من دهره إلا على مقت من الله عز وجل وذم من الناس. قد خاطر بنفسه من استغنى برأيه، ومن استقبل وجوه الاراء عرف مواقع الخطأ، من تورّط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمقطعات النوائب والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم والعاقل من وعظته التجارب، وفي التجارب علم مستأنف، وفي تقلب الاحوال علم جواهر الرجال الايام تهتك لك عن السرائر الكامنة ، تفهم وصيتي هذه ولا تذهبن عنك صفحا فإن خير القول ما نفع . إعلم يا بني أنه لا بدلك من حسن الارتياد وبلاغك من الزاد مع خفة الظهر، فلا تحمل على ظهرك فوق طاقتك فيكون عليك ثقلا في حشرك ونشرك في القيامة،

.فبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد واعلم أن أمامك مهالك ومهاوي

ص: 389

و جسورا وعقبة كؤودا لا محالة أنت هابطها، وأن مهبطها إما على جنة أو على نار فارتد لنفسك قبل نزولك إياها، وإذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل زادك إلى القيامة فيوافيك به غدا حيث تحتاج إليه فاغتنمه وحمله وأكثر من تزوده وأنت قادر عليه، فلعلك تطلبه فلا تجده، وإياك أن تثق لتحميل زادك بمن لا ورع له ولا أمانة فيكون مثلك مثل ظمان رأى سرابا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا فتبقى في

القيامة منقطعا بك.

وقال علیه السلام في هذه الوصية يا بني البغي سائق إلى الحين ، لن يهلك امرؤ عرف ،قدره من حصن شهوته صان ،قدره قيمة كل امرء ما يحسن الاعتبار يفيدك الرشاد، أشرف الغنى ترك المنى ، الحرص فقر حاضر ، المودّة قرابة مستفادة، صديقك أخوك لابيك وامك وليس كل أخ لك من أبيك وامك صديقك لا تتخذن عدوّ صديقك صديقا فتعادي صديقك ، كم من بعيد أقرب منك من قريب، وصول معدم خير من مثرٍ جاف، الموعظة كهف لمن وعاها من من بمعروفه أفسده من أساء خلقه عذب نفسه وكانت البغضة أولى به ليس من العدل القضاء بالظن على الثقة. ما أقبح الاشر عند الظفر، والكآبة عند النائبة

والغلظة والقسوة على الجار، والخلاف على الصاحب والحنث من ذي المروءة، والغدر من السلطان . كفر النعم موق ومجالسة الاحمق شوم، اعرف الحق لمن عرفه لك شريفا كان أو وضيعا من ترك القصد جار، من تعدى الحق ضاق مذهبه كم من دنف قد نجا وصحيح قد هوى قد يكون اليأس إدراكا والطمع هلاكا استعتب من رجوت عتابه ، لا تبيتن من امرء على غدر الغدر شرّ لباس المرء المسلم، من غدر ما أخلق أن لا يوفي له الفساد يبير الكثير، والاقتصاد ينمي اليسير من الكرم الوفاء بالذمم من كرم ساد، ومن تفهم ازداد، امحض أخاك النصيحة وساعده على كل حال ما لم يحملك على معصية الله عز وجل، زل

ص: 390

معه حيث زال لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تقطعه دون استعتاب لعل له عذرا وأنت تلوم، اقبل من متنصل عذره فتنالك الشفاعة وأكرم الذين بهم ،تصول وازدد لهم طول الصحبة برا وإكراما وتبجيلا وتعظيما فليس جزاء من عظم شأنك أن تضع من قدره، ولا جزاء من سرك أن تسوءه أكثر البرّ ما استطعت لجليسك فإنك إذا شئت رأيت رشده من كساه الحياء ثوبه اختفى عن العيون عيبه من تحرّى القصد خفت عليه المؤن، من لم يعط نفسه شهوتها أصاب ،رشده مع كل

شدة رخاء ومع كل أكلة غصص ، لا تنال نعمة إلا بعد أذى، لن لمن غاظك تظفر بطلبتك ، ساعات الهموم ساعات الكفارات الساعات تنفد عمرك ، لا خير في لذة بعدها النار ، وما خير بخير بعده النار ، وما شرّ بشر بعده الجنة ، كل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية، لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه ؛ فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه، ولا يكونن أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته ، ولا على الاساءة إليك أقوى منك على الاحسان إليه .

يا بني إذا قويت فاقو على طاعة الله عز وجل ، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله عز وجل، وإن استطعت أن لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فافعل فإنه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لحالها، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كل حال وأحسن الصحبة لها فيصفو عيشك، احتمل القضاء بالرضا وإن أحببت أن تجمع خير الدنيا والآخرة فاقطع طمعك مما في أيدي الناس والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . هذا آخر وصيته علیه السلام لمحمّد بن الحنفية . (1) وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في الأمالي، قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي :قال حدثني أبي، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني الرازي في منزله

ص: 391


1- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 4 392 384

بالري، عن أبي جعفر محمّد بن علي الرضا علیه السلام عن آبائه علیهم السلام عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب علیه السلام، قال : قلت أربعا أنزل الله تعالى تصديقي بها في كتابه . قلت : المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ،ظهر، فأنزل الله تعالى : ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ )(1) .

قلت من جهل شيئا عاداه ، فأنزل الله تعالى : ( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا

يَأْتِهِكُمْ تَأْوِيلُهُ ) (2) :قلت قدر - أو قال: قيمة كل امرء ما يحسن، فأنزل الله في قصة طالوت : ﴿ إِنَّ

اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةٌ فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ) (3)قلت: القتل يقل القتل، فأنزل الله : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةُ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ) (4) . حدثني محمّد بن العباس أبو عبد الله بن اليزيدي النحوي حفظاً ، قال : حدثنا العباس بن الفرج الرياشي، قال: حدثنا أبو زيد سعيد بن أوس الانصاري، قال: سمعت الخليل بن أحمد يقول : أحث كلمة على طلب علم قول علي ابن أبي طالب علیه السلام: قدر كل امرئ ما يحسن» . (5) وبالاسناد عن الموفق الخوارزمي (ت / 568ه-) في المناقب، قال: وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو حامد

قال

ص: 392


1- في قوله تعالى : ( وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاهُمْ فَلَعَرَفْتُهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِ فَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) (سورة محمد : 30)
2- یونس 39
3- في قوله تعالى : ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةٌ مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةٌ فِي العِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ (البقرة :247)
4- البقرة : 179 .
5- الأمالي للشيخ الطوسي : 494 .

أحمد بن محمّد بن الحسين الخسروجردي بخسروجرد قال سمعت داود بن الحسين يذكر عن الحافظ، قال: لوددت ان لي سبع كلمات قالهن أمير المؤمنين علي علیه السلام وكل ما قلته لم ينسب إليَّ، وهي: استغفر الله حق قدره من لانت كلمته وجبت مودته ما ضاع امرء عرف قدره من جهل شيئا ،عاداه قيمة كل امرء ما

يحسنه، تفضل على من شئت تكن أميره واستغن عمن شئت تكن نظيره (1) ، ومن الموافقات ما قاله الاخباري عبيد الله بن محمّد العيشي نسبة الى عائشة

[بنت طلحة التميمي ] البصري المتوفى سنه 228 ه-: «ما اعرف كلمة بعد كلام الله ورسوله أخصر لفظاً ولا أكمل وضعاً ولا اعم نفعاً من قول علي كرم الله وجهه : قيمة كل امرء ما يحسن». (2) وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) عن الكليني، قال: قال علي بن ابي

طالب : قيمة كل رجل ما يحسن (ابن النجار ) .(3)

[ الحكمة 82]

قوله عَلَيْهِ السَّلام (4) :

أُوصِيكُمْ بِخَمْسٍ لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَيْهَا آبَاطَ الإِبِلِ لَكَانَتْ لِذلِك أَهْلاً : لا يَرْجُونَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا رَبَّهُ، وَلا يَخافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ، وَلَا يَسْتَحِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذا سُئِلَ عَمَّا لا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ لا أَعْلَمُ وَلا يَسْتَحِييَنَّ أَحَدٌ إِذا لَمْ يَعْلَمِ الشَّيْءَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ، وَعَلَيْكُمْ(5) بِالصَّبْرِ فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ

ص: 393


1- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 368 367 .
2- شذرات الذهب 2 : 64- 65 .
3- كنز العمال: 16 : 267 - 268 ، الرقم 44390
4- لم ترد: وقال : في (ب).
5- لم ترد( عليكم) في « أ » «ب».

الْإِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ لا خَيْرَ فِي جَسَدٍ لا رَأْسَ مَعَهُ، وَلَا فِي إِيمَانٍ لا صَبْرَ مَعَهُ. قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام:أوصيكم

« بخمس لو ضربتم ... الى آخره، ذكر هذا في العقد الفريد مع اختلاف يسير وزيادة كثيرة، وروى في صحيفة الرضا علیه السلام، وذكره في الحدائق الوردية إلى قوله أن يتعلمه، وفي كفاية الطالب ص 245 ، قال أبو نعيم في حلية الأولياء»: حدثنا عبد الله بن سواد ... إلخ ، وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم : قال علي علیه السلام: خمس احفظوهن .... الى آخره باختلاف يسير»(1)

قال العرشي في التخريج ما نصه: رواها المثنى بن الوليد الحناط في كتابه [بحار الأنوارج 17 ص 415] ، الجاحظ في البيان والتبيين[ ج 1 ص 178]، وابن قتيبة في عيون الأخبار[ ج 2 ص 119]، والبرقي في المحاسن والآداب ( الورق 4 (ب) ، وابوالحسن الماوردي المتوفى 450 ه- ( 1058م) في أدب الدنيا والدين (67) . ورواها أبو الفرج القزويني في قرب الاسناد [بحار الأنوارج 17 ص

105] . والحرّاني في تحف العقول (51) ، الثعالبي في الايجاز والاعجاز (8) وأبو نعيم الاصفهاني في حلية الأولياء (ج 1 ص 75) . (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الطائي ( ت / 260ه-) :قال حدثني أبي محمّد بن علي، قال: قال علي علیه السلام: خمسة لو دخلتم فيهن لم تقدروا على مثلهن : لا يخاف عبد إلا ذنبه ، ولا يرجو إلا ربه، ولا يستحيى الجاهل إذا سئل عما لا يعلم ان يقول: لا اعلم ولا يستحيى احدكم إذا لم يعلم أن

يتعلم، والصبر من الايمان بمنزله الرأس من الجسد، ولا ايمان لمن لا صبر له. له . (3)

ص: 394


1- راجع : مدارك نهج البلاغة .
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
3- صحيفة الرضاء ؛ للشيخ الصدوق 39 - 40 ، ط / 1390ه-.

وبالاسناد عن الصدوق ( ت / 381ه-) ، قال : حدثنا أبو الحسن محمّد بن على ابن الشاه الفقيه المروزي بمرو الروذ في داره ، قال : حدثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد الله النيسابوري ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سلميان الطائي بالبصرة قال: حدثنا أبي في سنة ستين ومأتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضاء علیهما السلام سنة أربع وتسعين ومائة ... الى ان قال : وبهذا الاسناد عن على بن ابي طالب علیه السلام انه قال خمس لو رحلتم فيهن المطايا لم تقدروا على مثلهن : لا يخاف عبد إلا ذنبه ، ولا يرجو إلا ربه، ولا يستحيي الجاهل إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، ولا يستحيي أحدكم إذا لم يعلم أن يتعلم، والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له

له» (1)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في الخصال، قال: حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا زيد بن محمّد البغدادي، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد الطائي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن آبائه علیهم السلام قال : قال علي : خمس لو رحلتم فيهن ما قدرتم على مثلهن : لا يخاف عبد إلا ذنبه ، ولا يرجو إلا ربه عز وجل، ولا يستحيي الجاهل إذا سئل عما لا يعلم أن يتعلم، ولا يستحيي أحدكم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم ، والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له .(2) وقال حدثنا الحسن بن محمّد السكوني بالكوفة، قال: حدثنا محمّد بن عبد

الله الحضرمي ، قال : حدثنا سعيد بن عمرو الاشعثي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن السري عن الشعبي قال : قال علي علیه السلام: خذوا عني كلمات لو ركبتم المطي

ص: 395


1- عيون اخبار الرضا 2 : 43 ، 1390 ه-.
2- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 315

فأنضيتموها لم تصيبوا مثلهن : ألا لا يرجو أحد إلّا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه ، ولا يستحيي العالم إذا لم يعلم أن يتعلم، ولا يستحيي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم، واعلموا أن الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا خير في جسد لا رأس له (1)

وبالاسناد عن أبي نعيم الاصفهاني ( ت / 430 ه- ) ، قال : حدثنا سليمان بن احمد ثنا اسحاق بن ابراهيم اخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر ، عن ابن طاووس، عن عكرمة بن خالد . قال : قال علي بن أبي طالب. وثنا عبد الله بن محمّد ، قال : ثنا عبد الله بن محمّد بن سوار ، ثنا عون بن سلام ، ثنا عيسى بن مسلم الطهوي، عن ثابت بن أبي صفية، عن أبي الرغل. قال: قال علي بن أبي طالب احفظوا عني خمسا فلو ركبتم الابل في طلبهن لا نضيتموهن قبل أن تدركوهن لا يرجو عبد إلا ربه ، ولا يخاف إلا ذنبه ، ولا يستحي جاهل أن يسأل عما لا يعلم ولا يستحي عالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم. والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من

الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له (2) وبالاسناد عن الخوارزمي (ت / 568ه- ،) قال : وبهذا الاسناد، عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أخبرنا أبو منصور النصروي، حدثني أحمد بن نجدة، حدثني سعيد بن منصور، حدثنا أبو شهاب، عن القاسم بن الوليد الهمداني، عن داود بن أبي عمرة ان عليا علیه السلام قال: خمس، خذوهن عني : لا يخافن أحد منكم إلا ذنبه ، ولا يرجونَّ إلّا ربه، ولا يستحيي من لا يعلم ان يتعلم، ولا يستحيي من يعلم إذا سئل عما لا يعلم ان يقول: الله اعلم، وان الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد إذا ذهب الصبر ذهب الايمان ،

ص: 396


1- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 315
2- حلية الأولياء 1 75-76

ذهب الرأس ذهب الجسد .(1)

ومن الموافقات ما ارويه بالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق: أخبرنا أبو الفضل الفضيلي وأبو المحاسن أسعد بن علي وأبو بكر أحمد بن يحيى وأبو الوقت بن عيسى قالوا: أنا أبو الحسن الداودي، أنا عبد الله بن أحمد، أنا عيسى بن عمر، أنا عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام نا عمرو بن عون، عن خالد بن عبد الله بن عطاء بن السائب، عن أبي البختري وزاذان، قالا:

قال علي وأبردها على الكبد : إذا سئلت عما لا أعلم أن أقول: الله أعلم. أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، أنا الخصيب بن عبد الله ، نا أبي عبد الله إملاء ، أنا يوسف بن يعقوب، نا أبو الربيع ، نا أبو شهاب، عن القاسم بن الوليد، عن داود بن أبي عمرة أن عليا قال: لا يخافن أحدكم إلا ذنبه ، ولا يرجون إلا ربه، ولا يستحي من لا

يعلم أن يتعلم ، ولا يستحي من يعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول : لا أعلم. أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ المقرئ، أنا أبو محمد بن الضراب، أنا أبو بكر المالكي ، نا أحمد بن محمّد البغدادي، نا عبد الله بن سعيد ، نا أبو خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس، عن أبي إسحاق، قال : قال علي بن أبي طالب : كلمات لو رحلتم فيهن المطي لأنضيتموهن قبل أن تدركوا مثلهن: لا يرجو عبد إلا ربه ، ولا يخافن إلا ذنبه ، ولا يستحيي من لا يعلم أن يتعلم ولا يستحيي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول : الله أعلم، واعلموا أن منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس

من الجسد ، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان. أخبرنا أبو عبد الله بن البنا وأبو القاسم بن السمرقندي قالا: أنا أبو محمّد الصريفيني، أنا عمر بن إبراهيم بن أحمد نا أبو القاسم البغوي، نا أبو خيثمة ن-ا

ص: 397


1- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 374 .

جرير، عن ليث، عن يحيى، عن علي ، قال : ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه ، الذي لا يقنط الناس من رحمة الله ، ولا يرخص لهم في معاصي الله ، ولا يدع القرآن رغبة إلى غيره، إنه لا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا خير في علم لا فقه فيه، ولا خير في قراءة تدبّر فيها.

أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد وابن عمه أبو المحاسن عبد الرزاق بن عبد الله ، أنا عبد الكريم بن هوازن :قالا أخبرتنا جدتنا فاطمة بنت الحسن بن علي الدقاق قالت: أنا عبد الله بن يوسف بن باموية، أنا أبو عبد محمد بن إسحاق القرشي ، نا عثمان بن سعيد الدارمي ، نا أبو عمير نا ضمرة عن إبراهيم بن عبد الله الكناني، قال: قال علي بن أبي طالب : خمس لو سافر فيهن رجل إلى اليمن كنّ له عوضا عن سفره: لا يخشى عبد إلا ربه، ولا يخاف إلا ذنبه ، ولا يستحيي من لا يعلم أن يتعلم ولا يستحيي من لا يعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول الله أعلم، والصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد فإذا قطع الرأس توى الجسد (1)

وبالاسناد عن سبط ابن الجوزي ( ت / 654 ه-) في تذكرة الخواص، قال: اخبرنا عبد الوهاب بن عبد الله المقري ، انبأنا احمد بن ناصر، أنبأنا عبد القادر بن

يوسف، أنبأنا البرمكي، أنبأنا اسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي ، قال : جدي الحسن بن سفيان، أنبأنا حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، حدثنا سفيان عن السري بن اسماعيل، عن عامر الشعبي ، قال : قال حلية الأولياء 1 75-76 : يا أيها الناس خذوا عني هذه الكلمات فلو ركبتم المطي حتى تنضوها ما أصبتم مثلها، لا يرجون عبد إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يستحي اذا لم يعلم أن يقول لا أعلم، واعلموا أن

ص: 398


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساکر 43: 510 - 511 .

الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا خير في جسد لا رأس له .(1)وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال، عن علي بن أبي طالب قال عليكم بخمس ، لو رحلتم فيهن المطيّ لانضيتموهن قبل أن تدركوا مثلهن : لا يرجو عبد إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه ، ولا يستحيى من لا يعلم أن يتعلم ، ولا يستحيى عالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم، واعلموا أن منزلة الصبر من الايمان كمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد ، وإذا ذهب الصبر ذهب الايمان ) وكيع في الغرر، والدينوري، حل ونصر في الحجة وابن عبد البر في العلم ، هب ، كر (2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال عن علي قال

الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا ذهب الصبر ذهب الايمان . (فر، عن أنس حب، عن علي هب، عن على موقوفا) (3)

ومر عنه برقم ( 6501) عن علي ، قال : «الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من

الجسد، من لا صبر له لا إيمان له». (اللالكائي ) .(4)

[الحكمة 83]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِرَجُلٍ أَفْرَطَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَكَانَ لَهُ مُتَّهِما : أَنَا دُونَ مَا تَقُولُ

وَفَوْقَ ما فِي نَفْسِكَ. (5)

ص: 399


1- تذكرة الخواص : 131 ، ط 1401ه-.
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 341 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي ، الحديث : 44309 .
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3 744
5- في « ه-. ب» : أي يبغض عليّاً

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواها الجاحظ في البيان والتبيين[ج 1 ، 79 و 220] ، وابن قتيبة في عيون الاخبار[ ج 1 ص 276] والسيد المرتضى

في الامالي [ج 1 ص 198] والثعالبي في الايجاز والاعجاز » (1) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري ( ت / 279)، قال: وحدثني ابو عبيد القاسم بن سلام ، قال : بلغنا ان رجلاً اثنى على علي في وجهه - وكان علي اتهمه - فقال له علي انا دون وصفك وفوق ما في نفسك . ثم قال الرجل فأطراه فقال علي : اللهم اني اعلم بنفسي وأنت اعلم بي منّي فاغفر لي مالا يعلمه الناس منّي . ومن الموافقات ما ارويه بالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571 ه-) في تاريخ (2)

مدينة دمشق أخبرنا أبو القاسم العلوي ، نا سليم بن أيوب الرازي الفقيه. (ح) وأخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم الزيدي، أنا أبو الفرج محمّد بن

أحمد بن علان :قالا أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن الحسين الجعفي بالكوفة، نا علي بن محمّد بن هارون الحميري، نا أبو كريب، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري عن علي ، قال : أتاه رجل فأثنى عليه قال: وكان قد بلغه عنه قبل ذلك ، فقال له على : ليس كما تقول، وأنا فوق

ما في نفسك. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو محمّد الصريفيني وأبو الحسين

ابن النقور

(ح) وأخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو محمّد الصريفيني، قالا: أن أبو بكر محمّد بن الحسن بن عبدان الصيرفي ، نا محمّد بن حمدوية المروزي ، نا أبو شهاب

ص: 400


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
2- انساب الاشراف 2 : 188 ، ط / 1394ه-.

معمر ،نا ،عصام نا ،سفیان، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فأطراه وكان يبغضه ، قال : فقال : إني لست - وقال : ابن الأنماطي : ليس كما تقول - وأنا فوق ما في نفسك .

عمر

أخبرنا أبو المطهر شاكر بن نصر بن طاهر الأنصاري وأبو القاسم عبد الصمد

ابن محمد بن عبد الله بن مندوية وأبو بكر محمد بن علي بن عمر الكابلي وأبو غالب الحسن بن محمد بن غالب بن علوكة ، قالوا : أنا أبو سهل حمد بن أحمد بن الصيرفي، أنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن أحمد الخشاب أنا أبو علي

الحسن بن محمد بن دكة المعدل، أنا أبو دكة المعدل أنا أبو حفص عمرو بن علي، نا عبد الله بن داود نا سعد بن عبيد ، عن علي بن ربيعة : أن رجلا قال لعلي : ثبتك الله ، قال : وكان يبغضه ، قال على على صدرك .(1)

[ الحكمة 84]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

بَقِيَّةُ السَّيْفِ أَنْمَى (2) عَدَداً وَأكْثَرُ وَلَد (3).

قال العرشي في التخريج ما نصه : « بقية السيف أبقى عدداً واكثر ولداً [ ج 3 ص 169] رواها الجاحظ في البيان والتبيين [ج 2 ص 35] وابن قتيبة في عيون الاخبار [ ج 1 ص 130] وابن عبد ربه في العقد الفريد ج 2 ص 227 وابو منصور

الثعالبي في الايجاز والاعجاز » .(4)

ص: 401


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 518 - 519 .
2- في «أ»: (أبقى) .
3- في « ه-.ب» : هذا مثل زين العابدين .
4- راجع : استناد نهج البلاغة ، ط / 1957

[الحكمة 86]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

رَأْيُّ الشَّيْخِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَلَدِ الغُلامِ.

وَيُرْوَيَ: «مِنْ مَشْهَدِ (1)الْغُلامِ»:

قال العرشي في التخريج ما نصه: « رواها الجاحظ في البيان والتبيين [ج 1 ص- 157] وابن عبد ربه في العقد الفريد [ ج 2 ص 226] ورواها ابو حيان التوحيدي في كتاب البصائر [164 / الف ] (2)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي ت / 975ه-) في كنز العمال عن علي بن أبي ربيعة الأسدي، قال: جاء رجل الى علي بن ابي طالب بابن له بدلاً من بعث فقال على الرأي شيخ أحب الىّ من مشهد شاب ( عباس الربعي في جزئه ، ق ) (3)

[ الحكمة 87]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

عَجِبْتُ لِمَنْ يَقْنَطُ وَمَعَهُ الإِسْتِغْفارُ !

قال العرشي في التخريج ما نصه: رواها ابن قتيبة في عيون الاخبار [ ج 2 177

372] ، والمبرد في الكامل [ج 1 ص 177 ]بتغير الالفاظ » (4)

ص: 402


1- في «ه-.ب»: (حضور).
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م .
3- كنز العمال :: 764 ، الرقم 14314 .
4- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي( ت / 460 ه-) في الأمالي ، قال : أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبو نصر

محمّد بن الحسين المقرئ قال حدثني أبو محمّد عبد الله بن محمد البصري

قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثنا موسى بن زكريا :قال حدثنا أبو خالد، قال: حدثني العتبي ، قال : سمعت الشعبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب علیه السلام يقول : العجب ممن يقنط ومعه الممحاة. فقيل له : وما الممحاة ؟

قال : الاستغفار (1)

وراجع الكتاب (31).

[ الحكمة 89]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

مَنْ أَصْلَحَ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهُ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ .

وَمَنْ أَصْلَحَ أَمْرَ آخِرَتِهِ أَصْلَحَ اللهُ لَهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظُ كَانَ عَلَيْهِ

مِنَ الله حافظ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: « قوله علیه السلام: من اصلح بينه

الله ... مذكور في تذكرة الخواص بنصّها » . (2) وبين

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « رواها الشيخ الصدوق في الامالي

(المجلس 9)(3)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن أحمد بن محمّد

ص: 403


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 88.
2- مدارك نهج البلاغة : 103 .
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

ابن خالد البرقي (ت / 274ه-) في المحاسن عنه ، عن الحسن بن يزيد، عن اسماعيل بن مسلم عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب علیهم السلام، قال : من أصلح فيما بينه وبين الله ، أصلح الله ما بينه وبين الناس . (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما ارويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

(ت / 328ه-) في الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه، عن النوفلي عن السكوني، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: كانت الفقهاء والعلماء إذا كتب بعضهم إلى بعض كتبوا بثلاثة ليس معهن رابعة: من كانت همته آخرته كفاه الله همه من الدنيا، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح فيما

بينه وبین عز وجل أصلح الله تبارك وتعالى فيما بينه وبين الناس (2) وعن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في من لا يحضره الفقيه وروى إسماعيل

ابن مسلم عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام كانت الفقهاء والحكماء إذا كاتب بعضهم بعضا كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة من كانت الاخرة همه كفاه الله همه من الدنيا، ومن أصلح سريرته (3)

أصلح الله علانيته، ومن أصلح فيما بينه وبين الله أصلح الله فيما بينه وبين الناس . وقال الشيخ الصدوق في الأمالي : حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي ، قال : حدثنا جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله ابن المغيرة عن إسماعيل بن مسلم عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام كانت الفقهاء والحكماء إذا كاتب بعضهم

بعضا كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة من كانت الآخرة همه كفاه الله همّه من

ص: 404


1- المحاسن ؛ لأحمد بن محمّد بن خالد البرقي 29:1 .
2- راجع مدارك نهج البلاغة. والكافي ؛ للشيخ الكليني 307:8
3- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 4 : 396

الدنيا، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح فيما بينه وبين

عز وجل أصلح الله له فيما بينه وبين الناس (1)

[ الحكمة 90]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

الْفَقِيهُ كُلُّ الْفَقِيهِ مَنْ لَمْ يُقَنْطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَلَمْ يُؤيشهُم مِن روح الله (2).

وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِ الله.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: الفقيه كل الفقيه... الى آخره» رواه في تحف العقول مع زيادة عليه، وروى هذه الفقرات في كفاية الطالب ص 546 باسناده مع زيادة عليه، وروى هذه الفقرات في كفاية الطالب ص 546 باسناده إلى ابن حمزة عنه مع مع اختلاف يسير وفقرات أخرى لم تذكر هنا . ورواها علي بن هذيل في كتاب عين الاداب والسياسة بزيادة

واختلاف وفي إحياء العلوم : قال علیه السلام الفقيه ... الى آخره الى قوله ما سواه. قال العرشي في التخريج ما نصّه الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من

رحمة الله ، ولم يؤيسهم من روح الله ، ولم يؤمنهم من مكر الله » [ ج 3 ص 170] رواها الكليني في أصول الكافي، والحرّاني في تحف العقول (47) ، والشيخ الصدوق في معاني الأخبار ( 84) ، وابن لال في مكارم الاخلاق الكنز [ج 5 - 211] ، وأبو نعيم الاصفهاني في حلية الأولياء [ ج 1 ص ]77، عن أمير المؤمنين علیه السلام،

ورواها في كتاب الجعفريات [بحارج 17 ص 407] ، عن النبي علیه السلام» .(3)

ص: 405


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 87
2- في « ه-.ب» (رحمة).
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن إسماعيل بن مهران ، عن أبي سعيد القماط عن الحلبي، عن أبي عبد الله قال قال أمير المؤمنين علیه السلام: ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه ؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يرخص لهم في معاصي الله ، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر ، وفي رواية اخرى : ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة لا فقه فيها ، ألا لا خير في نسك لا ورع فيه. (1)

وبالاسناد عن ابن عساكر( ت / 571ه-) ، قال : أخبرنا أبو عبد الله بن البنا، وأبو

عبدالله

القاسم اسم بن السمرقندي، قالا: أنا أبو محمّد الصريفيني، أنا عمر بن إبراهيم بن أحمد ، نا أبو القاسم البغوي، نا أبو خيثمة، نا جرير، عن ليث، عن يحيى، عن علي، قال: ألا أخبركم بالفقيه، الذي لا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يرخص لهم في معاصي الله ، ولا يدع القرآن رغبة إلى غيره. إنه لا خير في عبادة لا علم فيها، ولا خير في علم فقه فيه، ولا خير في قراءة لا تدبر فيها .

[ الحكمة 91]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

إنَّ هذِهِ الْقُلُوبَ تَمَل(2) كَما تَمَلُّ الأَبْدانُ، فَابْتَغُوا لَها طَرائِفَ الحِكمَةِ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النصّ فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

ص: 406


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1 36 .
2- في «ه-ب »: من الملالة .

( ت / 328) ، عن علي بن إبراهيم، عن ابيه عن ابن أبي عمير، عن حفص بن

البختري ، رفعه ، قال : كان أمير المؤمنين علیه السلام يقول : روحوا أنفسكم ببديع الحكمة فإنّها تكل كما تكل الأبدان (1)

ومن الموافقات مارواه البلاذري ( ت / 279 ه- ) فى انساب الاشراف، قال: : حدثني عبد الله بن صالح ، قال مما علمنا من كلام على قوله : إن القلوب تملّ كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة. وقوله : لم يذهب من مالك ما وعظك . (2) وبالاسناد عن أبي نعيم الاصفهاني ( ت / 430 ه-)، قال: حدثنا أبي، ثنا أبو جعفر محمّد بن ابراهيم بن الحكم ، ثنا يعقوب بن ابراهيم الدورقي ، ثنا شجاع بن الوليد، عن زياد بن خيثمة، عن أبي اسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال : ألا إن الفقيه كل الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمة الله ولا يؤمنهم من عذاب الله ، ولا يرخص لهم في معاصي الله ، ولا يدع القرآن رغبة عنه الى غيره. ولا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا خير في علم لا فهم فيه، ولا خير في قراءة

لا تدبر فيها . حدثنا محمّد بن علي بن ( حش) ثنا عمي احمد بن حش ، ثنا المخرمي ، ثنا محمّد بن كثير، عن عمرو بن قيس، عن عمرو بن مرة، عن على قال : كونوا ينابيع العلم، مصابيح الليل، خلق الثياب جدد القلوب، تعرفوا به في السماء، وتذكروا به في الارض.

حدثنا أبو محمّد بن حبان ، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، ثنا سلمة بن شبيب ثنا سهل بن عاصم، ثنا عبدة ، ثنا ابراهيم بن مجاشع ، عن عمرو بن عبد الله، عن أبي محمّد اليماني عن بكر بن خليفة قال: قال علي بن أبي طالب علیه السلام: أيها الناس

ص: 407


1- الكافي 1: 48 ، ط / 1381ه-.
2- انساب الاشراف 2: 135، ط / 1394

انكم والله لو حننتم حنين الوله العجال، ودعوتم دعاء الحمام، وجأرتم جزار متبتلي الرهبان ثم خرجتم الى الله من الأموال والأولاد التماس القربة اليه في ارتفاع درجة عنده، أو غفران سيئة أحصاها كتبته ، لكان قليلا فيما أرجو لكم من جزيل ثوابه، وأتخوف عليكم من أليم عقابه. فبالله بالله بالله لو سالت عيونكم رهبة منه، ورغبة اليه، ثم عمرتم في الدنيا ما الدنيا باقية ولو لم تبقوا شيئاً من جهدكم لأنعمه العظام عليكم ، بهدايته إياكم للاسلام ؛ ما كنتم تستحقون به - الدهر ما الدهر قائم بأعمالكم - جنته، ولكن برحمته ترحمون، والى جنته يصير منكم المقسطون، جعلنا الله وإياكم من التائبين العابدين (1) وروى ابن حجر (ت / 852 ه- ) عن يحيى بن عباد ، عن علي ، حديث: إن

الفقيه حق الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ... الحديث موقوف. (مي) في العلم: أنا إسماعيل بن أبان عن يعقوب القمي، عن ليث بن أبي سليم، عن يحيى به. وعن الحسن بن عرفة ، ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ليث، نحوه(2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال، عن علي ، قال : ألا (ت 975ه-) أنبئكم بالفقيه حق الفقيه ؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله تعالى، ولم يؤمنهم مكر الله ، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره ، ولا في عبادة ليس فيها تفقه، ولا خير في فقه ليس فيه تفهم - وفي لفظ : لا ورع فيه . ولا خير في قراءة ليس فيها تدبر . ابن الضريس وابن بشران حل كر والمرهبي في العلم وزاد ألا إن لكل شيئ ذروة، وذروة الجنة الفردوس، ألا وإنها لمحمد (3) :

ص: 408


1- حلية الأولياء 77:1
2- اتحاف المهرة 11: 661 ، ط / 1417 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 10 : 261 ، الرقم 29387 .

وعن ابن وهب أخبرني عقبة بن نافع ، عن اسحاق بن اسيد، عن ابي وأبي اسحاق عن علي بن ابي طالب : أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال : ألا أنبئكم بالفقيه كل الفقيه ؟ قالوا بلى قال من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤيسهم من روح الله ، ولا يؤمنهم من مكر الله ولا يدع القرآن رغبة إلى ما سواه ، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه، ولا علم ليس فيه تفهم ، ولا قراءة ليس فيها تدبر (العسكري في المواعظ وابن لال والديلمي وابن عبد البر في العلم ، وقال : لا يأتي هذا الحديث مرفوعا إلا من هذا الوجه اكثرهم يوقفونه على علي (1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي في كنز العمال أيضاً، عن علي قال : ألا أخبركم

بالفقيه حق الفقيه ؟ من لم يؤيس الناس من رحمة الله ولم يرخص لهم في معاصي الله تعالى، ألا لا خير في عمل لا فقه فيه، ولا خير في فقه لا ورع فيه ولا قراءة لا تدبر فيها، ألا إن لكل شي ذروة ، وذروة الجنة الفردوس هي لمحمّد صلى الله عليه وسلم . (الجوهري ) (2)

[ الحكمة 94]

وَسُئِلَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنِ الْخَيْرِ مَا هُوَ ؟

فَقَالَ: لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مالك وَوَلَدُكَ ، وَلَكِنَّ الخَيْرَ أَنْ يَكْثرَ عِلْمُكَ، وَأَن يَعْظُمَ حِلْمُكَ، وَأَنْ تُباهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ، وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ الله، وَلا خَيْرَ فِي الدُّنْيا إِلَّا لِرَجُلَيْنِ ، رَجُلٍ أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدارَكُها بِالتَّوْبَةِ، وَرَجُلٍ

يُسارِعُ فِي الْخَيْراتِ

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

ص: 409


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 10 : 261 ، الرقم 29388
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 10: 308 و 309

(ت / 328ه-) في الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد وعلي بن محمّد، عن القاسم بن محمّد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قال : إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، وما عليك أن لم يثن الناس عليك ، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله تبارك وتعالى، إن أمير المؤمنين علیه السلام كان يقول : لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين: رجل يزداد فيها كل يوم إحسانا ورجل يتدارك منيته بالتوبة، وأنى له بالتوبة فو الله أن لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله عز وجل منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت، ألا ومن عرف حقنا أو رجا الثواب بنا ورضي بقوته نصف مد كل يوم، وما يستر به عورته، وما أكن به رأسه، وهم مع ذلك والله خائفون وجلون ودّوا أنه حظهم من الدنيا، وكذلك وصفهم الله عز وجل حيث يقول : وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ (1)من الذي أتوا به ، أتوا والله بالطاعة مع المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين، ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في

محبتنا وطاعتنا .

ثم قال: إن قدرت أن لا تخرج من بيتك فافعل، فإن عليك في خروجك أن لا

تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع ولا تداهن.

ثم قال : نعم صومعة المسلم بيته يكف فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه، إن من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله عز وجل قبل أن يظهر شكرها على لسانه، ومن ذهب يرى أن له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين.

فقلت له : إنما يرى أن له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا للمعاصي ؟

ص: 410


1- وتمام الآية: (أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) (المؤمنون: 60 - 61) .

فقال هيهات هيهات فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف محاسب ، أما تلوت قصة سحرة موسى علیه السلام؟ ثم قال: كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه وكم من مستدرج بستر الله عليه وكم من مفتون بثناء الناس عليه ، ثم قال : إني لارجو النجاة لمن عرف حقنا من هذه الامة إلا لاحد ثلاثة : صاحب سلطان جائر وصاحب هوى والفاسق المعلن . ثم تلا ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُخببْكُمُ الله ) (1) ثم قال: يا حفص الحب أفضل من الخوف، ثم قال: والله ما أحب الله من أحب الدنيا ووالى غيرنا، ومن عرف حقنا وأحبنا فقد أحب الله تبارك وتعالى فبكى رجل فقال : أتبكي ؟ لو أن أهل السماوات والارض كلهم اجتمعوا يتضرعون إلى الله عز وجل أن ينجيك من النار ويدخلك الجنة لم يشفعوا فيك

ثم كان لك قلب حي لكنت أخوف الناس لله عز وجل في تلك الحال . ثم قال له يا حفص كن ذنبا ولا تكن رأسا يا حفص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من خاف الله كل لسانه . ثم قال: بينا موسى بن عمران علیه السلام يعظ أصحابه إذ قام رجل فشق قميصه فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى قل له: لا تشق قميصك ولكن اشرح لي عن قلبك. ثم قال مرّ موسى بن عمران علیه السلام برجل من أصحابه وهو ساجد، فانصرف من حاجته وهو ساجد على حاله ، فقال له موسى علیه السلام: لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها لك، فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبلته حتى يتحول عما أكره إلى ما أحب (2)وبالاسناد عن أبي نعيم الاصفهاني ( ت / 410 ه-) ، قال : حدثنا عمر بن محمّد ابن عبد الصمد ثنا الحسن بن محمّد بن غفير ، ثنا الحسن بن علي ، ثنا خلف بن

ص: 411


1- آل عمران : 31
2- الكافي للشيخ الكليني :8 138 - 129

تميم، ثنا عمر بن الرحال عن العلاء بن المسيب، عن عبد خير عن علي ، قال : ليس الخير ان يكثر مالك وولدك، ولكن الخير ان يكثر علمك ويعظم حلمك، وان تباهي الناس بعباده ربك ، فان احسنت حمدت الله ، وان اسأت استغفرت الله ، ولا خير في الدنيا إلا لاحد الرجلين رجل اذنب ذنباً فهو تدارك ذلك بتوبة، أو

رجل يسارع في الخيرات، ولا يقل عمل في تقوى، وكيف يقل ما يتقبّل . (1)وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال، عن علي ، قال : لَيْسَ الْخَيْرُ أَن يَكثر مالك وَوَلَدُكَ ولكن الخير ان يكثر علمك ويعظم حلمك وتباهي(2) في عِبادَةِ رَبِّكَ ، إِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللهَ ، وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ الله ، لا خَيْرَ فِي الدُّنْيا إِلَّا لِرَجُلَيْنِ، رَجُلٍ أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدارَك ذلك بتوبه، أو رَجُلٍ سارع في دار الآخرة. (حل ، كر في اماليه ) . (3) وعن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال، مسند علي، عن ابن

عباس، قال: قال عمر لعلي عظني يا أبا الحسن!

قال: لا تجعل يقينك شكا، ولا علمك جهلا ، ولا ظنك حقا، وأعلم أنه ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيت فأمضيت، وقسمت ،فسويت ولبست فأبليت قال: صدقت يا أبا الحسن . (كر )(4) .

ص: 412ّ


1- حلية الأولياء 1 : 75
2- المراد بالمباهات هاهنا أن تريد زيادة قدر حظك منها على حظوظهم كما قال : تعالى : ( يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيهم أقرب ) . فأما الاخلاص فلابد منه، والله أعلم . وروى أن الباقر قال : لابنه الصادق : ( يابني إن الله خبّأ ثلاثة في ثلاثة ؛ خبأ رضاه في طاعته . فلا تحقرن من الطاعة شيئاً فلعل رضاه فيه ، وخبّأ سخطه في معصيته فلا تحتقرن من المعصية شيئاً فلعل سخطه فيه، وخبأ وليه في خلقه فلا تحقرن أحداً فلعله ذلك الولي .
3- كنز العمال 1076 .
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 207 ، الرقم 44233 7:16

وباسناده عن علي ، قال : ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، ويعظم حلمك، وتناهي في عبادة ربك، إن أحسنت حمدت الله ، وإن أسأت استغفرت الله لا خير فى الدنيا إلّا الرجلين: رجل أذنب ذنبا فهو يتدارك ذلك بتوبة، أو رجل سارع في دار الآخرة. حل . (كر في أماليه ) .(1)

[ الحكمة 95]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

لا يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوى (2)، وَكَيْفَ يَقِلُّ ما يُتَقَبَّلُ !؟

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواها الحراني في تحف العقول [بحار ج 17 ص 153] و الكليني في اصول الكافي (173) وابو نعيم في حلية الأولياء [ ج 1 ص 75] وشيخ الطائفة في الامالي (38)(3) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

(ت ت / 328ه-) في الكافي عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمّّد سنان، عن فضيل بن عثمان، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر علیه السلام قال : كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل ؟ .(4) وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي ، قال : أخبرنا محمّد بن ،محمّد قال: أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال : حدثنا محمّد بن هارون بن عبد الرحمن

ص: 413


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 207:16 ، الرقم 44233 .
2- في «ب»: (تقوى) .
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
4- الكافي للشيخ الكليني 57:2 .

الحجازي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عيسى بن أبي الورد عن أحمد بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد علیهما السلام، قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي

طالب علیه السلام: لا يقل مع التقوى عمل ، وكيف يقل ما يتقبل ؟ (1)

ومن الموافقات ما عن الموفق الخوارزمي ( ت / 681 ه-) في المناقب باسناده عن أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبو الحسين ، حدثنا ابن أبي الدنيا ، حدثنا محمّد بن ،الحسين، حدثنا خلف بن تميم، حدثنا عمر بن الزحال الحنفي ، حدثنا العلاء بن المسيب، حدثنا أبو إسحاق، عن عبد خير قال: قال علي علیه السلام: لا يقل عمل مع

تقوى وكيف يقل ما يتقبل . (2)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-) في تاريخ مدينة دمشق: أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل، أنا أبو عثمان البحيري، أنا أبو القاسم الحسن بن علي. (ح) وأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني، أنا أبي سعيد محمّد بن الحسين بن موسى بن محموية، قالا: أنا محمّد بن إسحاق بن خزيمة، نا علي بن حجر، نا يوسف بن زياد، عن يوسف بن أبي المتيد، عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم، قال: قال علي : كونوا بقبول العلم أشد اهتماما منكم بالعمل ؛ فإنه لن يقل عمل مع التقوى، وكيف يقل عمل يتقبل ؟!(3)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه- ) ، في كنز العمال، عن علي علیه السلام، قال :

لا يقل عمل مع التقوى، وكيف يقل ما يتقبل . ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى(4)

ص: 414


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 61
2- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 368.
3- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 511:42
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3 : 697 ، الرقم 8494

وعن كميل بن زياد قال خرجت مع علي بن أبي طالب ، فلما أشرف على الجبان التفت إلى المقبرة فقال : يا أهل القبور يا أهل البلى يا أهل الوحشة ما

الخبر عندكم؟ ، فان الخبر عندنا قد قسمت الاموال وأيتمت الاولاد واستبدل بالازواج ، فهذا الخبر عندنا ، فما الخبر عندكم ؟ ثم التفت إليَّ فقال يا كميل، لو أذن لهم فى الجواب لقالوا: إن خير الزاد التقوى، ثم بكى، وقال لي : يا كميل، القبر صدوق العمل، وعند الموت يأتيك الخبر. (الدينوري كر ) . (1)

وعن قيس بن أبي حازم ، قال : قال علي : كونوا بقبول العمل أشد اهتماما منكم

بالعمل ؛ فانه لن يقل عمل مع التقوى، وكيف يقل عمل تقبل . (حل كر ) . (2) وعن عبد خير قال : قال علي : لا يقل عمل مع تقوى، وكيف يقل ما يتقبل.

ابن أبي الدنيا في التقوى ، حل . (3)

[ الحكمة 96]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالأَنْبِياء أَعْلَمُهُمْ بِما جاؤُوا بِهِ، ثُمَّ تَلا : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ

للَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا الآية (4).

ثُمَّ قال : عَلَيْهِ السَّلامُ: إِنَّ وَلِيَّ مُحَمَّدٍ مَنْ أَطاعَ الله وَإِنْ بَعْدَتْ لُحْمَتُهُ(5)، وَإِنَّ عَدُوُّ

مُحَمَّدٍ مَنْ عَصَى الله وإنْ قَرُبَتْ قَرابَتُه (6) .

ص: 415


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3: 697 ، الرقم 8495.
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3 : 697 ، الرقم 8496
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3: 697 ، الرقم 8497.
4- آل عمران: 68 .
5- في «ه- ب »: (كسلمان).
6- في «ه-.ب»: (كأبي جهل)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن أبي الطفيل قال: كان على يقول: إن اولى الناس بالانبياء اعلمهم بما جاؤوا به ثم يتلو هذه الآية: ﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ للَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ )(1) يعني محمدا والذين اتبعوه، فلا تغيّروا فانما ولي محمد من اطاع الله ، وعدوّ محمد من عصى الله وان قربت قرابته (اللالكائي ) (2)

[ الحكمة 97]

وسمع عَلَيْهِ السَّلام رجلا من الحرورية يتهجد ويقرأ، فقال:

نوم على يقين خيرٌ من صلاةٍ في شكٍّ .

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي (ت / 975ه-) ، في كنز العمال ، عن علي ، قال : نوم على يقين خير من صلاة على

شك . ( الدينوري ) . (3)

[ الحكمة 98]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

اعْقِلُوا الخَبَر إِذا سَمِعْتُمُوهُ عَقَلَ رِعايَةٍ : لا عقل روايَةٍ، فَإِنَّ رُواةَ العِلْمٍ كَثِيرٌ ، وَرُعاتَهُ

عَقْلَ

قَلِيلٌ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

(ت / 328ه-) في خطبة ذي قار المتقدمة برقم (147) . فراجع.

ص: 416


1- آل عمران: 68.
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1 379 ، الرقم 1646 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3 : 800 ، الرقم 8801

[الحكمة 99]

و سَمِعَ عَلَيْهِ السَّلامُ رَجُلاً يَقُولُ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ : فقال :

إِنَّ قَوْلَنَا : إِنَّا لِلَّهِ، إِقْرَارٌ عَلى أَنْفُسِنَا بِالْمُلْكِ .

وَقَوْلَنَا : وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، إِقْرارٌ عَلى أَنْفُسِنَا بِالهُلْكِ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي، عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، رفعه قال: جاء أمير المؤمنين علیه السلام إلى الاشعث بن قيس يعزّيه بأخ له يقال له عبد الرحمن ، فقال له أمير المؤمنين علیه السلام: إن جزعت فحق الرحم آتيت، وإن صبرت فحق الله ،أديت على إنك أن صبرت جرى عليك القضاء وأنت محمود، وإن جزعت جرى عليك القضاء وأنت مذموم، فقال له الاشعث: إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقال أمير المؤمنين علیه السلام: أتدري ما تأويلها ؟ فقال الاشعث: لا، أنت غاية العلم ومنتهاه، فقال له : أما قولك: إنا لله فإقرار منك بالملك، وأما قولك: وإنا إليه راجعون فإقرار منك بالهلاك (1)

[ الحكمة 100]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

وَقَدْ مَدَحَهُ قَوْمٌ فِي وَجْهِهِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي ، وَأَنَا

أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُم . اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ، وَأَغْفِرْ لَنَا مَالَا يَعْلَمُونَ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري ( ت / 279ه-)، وقد

تقدم في الحكمة (83) فراجع.

ص: 417


1- الكافي للشيخ الكليني 3 261 .

[ الحكمة 102]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمانُ لا يُقَرَّبُ فِيهِ إِلَّا الْماحِلُ (1) ، وَلا يُظْرَّفُ فِيهِ إِلَّا الْفاجِرُ، وَلا يُضَعَّفُ فِيهِ إِلَّا الْمُنْصِفُ : يَعُدُّونَ الصَّدَقَةَ فِيهِ غُرْماً ، وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنْاً، وَالْعِبادَةَ اسْتِطَالَةُ (2) عَلَى النَّاسِ ! فَعِنْدَ ذلِك يَكُونُ السُّلْطانُ بِمَشُورَةِ الْإِمَاءِ، وَإِمَارَةِ الصَّبْيَانِ وَتَدْبِيرِ الخِصْيانِ .

قال العرشي في التخريج ما نصّه: « رواها المبرد في الكامل[ ج 1 ص

177](3)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 328ه-) في الكافي، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن عمر الصيقل، عن أبي شعيب المحاملي، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله علیه السلامّ قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام ليأتين على الناس زمان يظرف فيه الفاجر ويقرّب فيه الماجن، ويضعف فيه المنصف، قال: فقيل له : متى ذاك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : إذا اتخذت الامانة مغنما. والزكاة مغرما. والعبادة استطالة والصلة مناً ، قال : فقيل : متى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إذا تسلطن النساء وسلّطن الاماء وأمّ ر الصبيان(4) :

ص: 418


1- في «ه-.ب»: في نسخة : (إلّا الماجن) ، وفي « ه-. أ»: (المحل المكر ، والماحل : المكار) ، وفي «ه-.ب»: (الماحل : الماكر).
2- في « ه-. ب »: (طولاً وفضلاً).
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
4- الكافي؛ للشيخ الكليني 8: 69 .

[ الحكمة 103]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :(1) وَقَدْ رُنِي عَلَيْهِ إِزارٌ خَلَقٌ مَرْقُوعٌ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذلِكَ ، فَقَالَ (2) : يَخْشَعُ لَهُ الْقَلْبُ ، وَتَذِلُّ بِهِ النَّفْسُ ، وَيَقْتَدِي بِهِ الْمُؤْمِنُونَ .

إِنَّ الدُّنْيا وَالآخِرَةَ عَدُوّانِ مُتَفاوِتانِ، وَسَبِيلانِ مُخْتَلِفانِ، فَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيا وَتَوَلّاها أبْغَضَ الْآخِرَةَ وَعَادَاهَا ، وَهُما بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَمَاشٍ بَيْنَهُما كُلَّما قَرُبَ مِنْ واحِدٍ بَعْدَ مِنَ الآخَرِ (3) ، وَهُما بَعْدُ ضَرَّتَانِ !

قال العرشي في التخريج ما نصه: « رواها ابو نعيم الاصفهاني في حلية الأولياء

،[ ج 1 ص 83] باختلاف الالفاظ » . (4)قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن أحمد بن حنبل ( ت / 241ه-) ، قال : حدثنا عبد الله، حدثني أبو عبدالله السلمي ، حدثنا إبراهيم بن عقبة عن سفيان الثوري ، عن عمر بن قيس، قال: قيل لعلي علیه السلام لم ترقع قميصك ؟ قال : يخشع القلب ويقتدي به المؤمن . (5)

[ الحكمة 104]

وَعَنْ نَوْفٍ اَلْبِكالِي، قَالَ : رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ

فِراشِهِ فَنَظَرَ إِلَى النُّجُومِ ، فَقَالَ:

ص: 419


1- لم ترد : (وقال : علیه السلام) في «أ».
2- في «ب» زيادة(علیه السلام)
3- في « ه- . ب » : ان قرب واحد بعد من الآخر.
4- راجع : استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
5- الزهد : 163 ، ط / 1414ه-.

يا نَوْفُ، أَراقِدٌ أَنْتَ أَمْ َرامِق (1)؟ فَقُلتُ: بَلْ رامِقٌ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . قال : يا نَوْفُ طُوبى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، الرّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ أَوْلِئِكَ قَوْمَ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِساطاً، وَتُرابَها فراشاً، وَماءَها طيباً ، وَالْقُرْآنَ شِعاراً ، وَالدُّعاءَ دِثاراً ، ثُمَّ قَرَضُوا الدُّنْيا قَرْضاً عَلَى مِنْهاجِ الْمَسِيحِ. يا نَوْفُ ، إِنَّ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ قامَ فِي مِثْلِ هَذِهِ السّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ ، فَقالَ: إِنَّها ساعَةٌ(2) لا يَدْعُو فِيها عَبْدٌ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ إِلَّا أَن يَكُونَ عَشَاراً (3) ، أَوْ عَرِيفا ، أَوْ شُرْطِيّاً ، أَوْ صاحِبَ عَرْطَبَةٍ وَهِيَ (4) الطُّنْبُورُ أَوْصَاحِبَ كُوبَةٍ وَهِيَ (5) الطَّبْلُ.

وَقَدْ قِيلَ أَيْضاً : إِنَّ الْعَرْطَبَةَ الطَّبْلُ، وَالْكُوبَةَ الطَّنْبُورُ.

قال العرشي في التخريج ما نصه: طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة ... الى آخره، [ج 3 ص 173 ] رواها أبو نعيم الاصفهاني في حلية الأولياء

[ ج 1 ص 79] والشيخ الصدوق في اكمال الدين [بحار الانوارج 17 ص 105] . قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق

(ت / 381ه-) في الخصال، قال: حدثنا أبي رضی الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح عن الربيع بن محمّد المسلي ، عن عبد الأعلى، عن نوف ، قال : بت ليلة عند أمير المؤمنين علي علیه السلام فكان يصلي الليل كله ويخرج ساعة بعد ساعة فينظر إلى السماء ويتلو القرآن قال فمر بي بعد هدو بعد هدوء من الليل فقال : يا نوف

(4) في «ه-.ب»: (العريف: من يعرف الناس للظلمة).

(7)راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م

ص: 420


1- في «ه-.ب»: (أي ناظر ) .
2- في طب لساعة.
3- في «ه-.ب» : (والعشار: من يأخذ العشر في الطريق).
4- في «ب»: (وهو)
5- في «ب»: (وهو) .

أراقد أنت أم رامق؟ قلت بل رامق أرمقك ببصري يا أمير المؤمنين، قال: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا والراغبين في الآخرة، اولئك الذين اتخذوا الارض بساطا وترابها ،فراشا وماءها طيبا، والقرآن دثارا، والدعاء شعارا، وقرضوا من الدنيا تقريضاً، على منهاج عيسى بن مريم علیه السلام، إن الله عز وجل أوحى إلى عيسى بن مريم علیه السلام: قل للملأ من بني إسرائيل: لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة ، وأبصار خاشعة، وأكف نقية، وقل لهم : اعلموا أني غير مستجيب الأحد منكم دعوة ولأحد من خلقي قبله مظلمة، يا نوف إياك أن تكون عشارا، أو شاعرا، أو شرطيا، أو عريفا، أو صاحب عرطبة وهي الطنبور، أو صاحب كوبة ووهو الطبل ، فإن نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم اخرج ذات ليلة فنظر إلى السماء فقال : إنها الساعة التي لا ترد فيها دعوة إلا دعوة عريف أو دعوة شاعر أو دعوة عاشر أو شرطي أو صاحب عرطبة أو صاحب كوبة . (1) وبالاسناد عن العلامة المجلسي (ت / 1111ه-) في بحار الأنوار ، قال : روى المفيد في الامالي عن المراغي، عن الحسين بن محمّد، عن جعفر بن عبد الله العلوي، عن يحيى بن هاشم الغساني ، عن أبي عاصم النبيل، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس ، عن نوف البكالي ، قال : بتّ ليلة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام فرأيته يكثر الاختلاف من منزله وينظر إلى السماء ، قال : فدخل كبعض ماكان يدخل ، قال : أنائم أنت أم رامق ؟ فقلت: بل رامق يا أمير المؤمنين مازلت أرمقك منذ الليلة بعيني وأنظر ما تصنع فقال: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الآخرة ، قوم يتخذون أرض الله بساطا، وت--راب-ه وس-ادا،

وكتابه شعارا (2)

ص: 421


1- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 337 - 338
2- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 67: 316.

وعن العلامة المجلسي في بحار الأنوار عن الصدوق، عن ابيه عن سعد عن أيوب بن نوح ، عن الربيع بن محمّد المسلي، عن عبد الاعلى، عن نوف، قال: بتّ ليلة عند أمير المؤمنين علیه السلام فكان يصلي الليل كله، ويخرج ساعة بعد ساعة فينظر إلى السماء ويتلو القرآن قال فمرّ بي بعد هدوء من الليل فقال: يا نوف أراقد أنت أم رامق ؟ قلت: بل رامق أرمقك ببصري يا أمير المؤمنين، قال: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة (1)

وبالاسناد عن أبي نعيم الاصفهاني ( ت / 430 ه- ) ، قال : حدثنا سليمان بن احمد ثنا ابو مسلم الكشى ثنا عبد العزيز بن الخطاب ثنا سهل بن شعيب، عن أبى على الصيقل، عن عبد الأعلى، عن نوف البكالى قال: رأيت عليّ بن أبي طالب خرج فنظر الى النجوم فقال : يا نوف أراقد أنت أم رامق ؟ قلت بل رامق يا أمير المؤمنين فقال: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة أولئك

قوم اتخذوا الأرض بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن والدعاء دثارا وشعارا قرضوا الدنيا على منهاج المسيح علیه السلام. يا نوف إن الله تعالى أوحى الى عيسى أن مر بنى اسرائيل أن لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة، وأبصار خاشعة، وأيد نقية ، فاني لا أستجيب لأحد منهم ولأحد من خلقي عنده مظلمة. يا نوف لا تكن شاعرا ، ولا عريفا ، ولا شرطيا، ولا جابيا ، ولا عشارا. فان داود قام في ساعة من الليل . فقال : إنها ساعة لا يدعو عبد إلا أستجيب له فيها، إلا أن يكون عريفا أو شرطيا أو جابيا أو عشارا أو صاحب عرطبة - وهو الطنبور - أو صاحب

كوبة - وهو الطبل . (2)

وبالاسناد

عن الصدوق في الخصال: عن الحسين بن أحمد بن ادريس عن

ص: 422


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 74: 399.
2- حلية الأولياء 1: 79

أبيه، عن الحسين بن أبي الخطاب عن المغيرة بن محمد، عن بكير بن خنيس عن أبي عبد الله الشامي، عن نوف البكالي قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام: « يا نوف ، اقبل وصيتي : لا تكونن نقيباً ، ولا عريفاً، ولا عشاراً، ولا بريداً» (1)

[ الحكمة 105]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

إنَّ الله أَفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرائِضَ فَلا تُضَيْعُوها ، وَحَدَّ لَكُمْ حُدُوداً (2) فَلا تَعْتَدُوها ، وَنَهاكُمْ

عَنْ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوها (3)، وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَلَمْ يَدَعْها (4) نِسْياناً فَلا تَتَكَلَّفُوها . قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج : « قوله علیه السلام: ان الله افترض عليكم ... الى آخره، روى الصدوق في الحدود من كتاب من لا يحضره الفقيه نحو هذه الفقرات مع اختلاف يسير قال العرشي في التخريج ما نصه : « رواها شيخ الطائفة في الأمالي (325) :

باختلاف يسير» (5) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 381 ه-) في من لا يحضره الفقيه قال وخطب أمير المؤمنين علیه السلام الناس

فقال : إن الله تبارك وتعالى حدّ حدودا فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تنقصوها

ص: 423


1- مستدرك الوسائل :13: 112 ، ط / 1408ه-.
2- في ( ه-. ب ) : في نسخة : (حدا).
3- في« ه- .ب»: الانتهاك : خرق الستر .
4- في « ه- . ب »: ( يتركها ) .
5- مدارك نهج البلاغة : 107 .

وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا لها، فلا تكلفوها، رحمة من الله لكم فاقبلوها، ثم قال علي علیه السلام: حلال بيّن وحرام ،بين وشبهات بين ذلك، فمن ترك

، ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له أترك ، والمعاصى حمى الله عز وجل: فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها. (1)

وعن الشيخ المفيد ( ت / 413 ه-) في الأمالي، في المجلس العشرون مجلس السبت لثمان خلون من شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة ، سمعه أبو الفوارس

يوم

النعمان

سماع أخي أبي محمّد أبقاه الله والحسين بن علي النيشابوري من أهل المجلس الذي قبل هذا حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن أيد الله عزه، قال: أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن محمّد بن أعين البزاز، قال: أخبرني زكريا بن يحيى بن صبيح، قال: حدثنا خلف بن خليفة ، عن سعيد بن عبيد الطائي، عن علي بن ربيعة الوالبي ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى حد لكم حدودا فلا تعتدوها، وفرض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وسنّ لكم سننا فاتبعوها، وحرّم عليكم حرمات فلا تهتكوها، وعفا لكم عن أشياء رحمة منه لكم من غير نسيان فلا تتكلفوها . (2)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي ، قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثني عبد الله بن جعفر بن محمّد بن أعين البزاز سنة ست وثلاث مائة ، قال : أخبرنا زكريا بن يحيى بن صبيح الواسطي في كتابه إلينا قال : حدثنا خلف بن خليفة، عن سعيد بن عبيد الطائي، عن علي بن ربيعة الوالبي ، عن علي بن أبي طالب علیه السلام، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تبارك وتعالى

ص: 424


1- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 75:4
2- الأمالي ؛ للشيخ المفيد : 159.

حدّ لكم حدودا فلا تتعدوها، وفرض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وسنّ لكم سننا فاتبعوها ، وحرّم عليكم حرمات فلا تنتهكوها، وعفا لكم عن أشياء رحمة

من غير نسيان فلا تكلفوها (1)

ومن الموافقات: ما عن الخطيب البغدادي ( ت / 463 ه-) في تاريخ بغداد، عن جعفر بن مبشر بن أحمد بن محمّد أبو محمّد الثقفي المتكلم - أحد المعتزلة البغداديين له كتب مصنفة في الكلام، وهو أخو حبيش بن مبشر الفقيه الذي يروي عن محمّد بن مخلد العطار، وحدّث جعفر عن عبد العزيز بن أبان القرشي، روى عنه عبيد الله بن محمّد اليزيدي - أخبرنا أبو بشر محمّد بن الوكيل، حدثنا محمّد بن عمران بن موسى الكاتب، أخبرني محمّد بن أحمد الكاتب ، حدثنا عبيد الله بن محمّد اليزيدي ، حدثني جعفر بن مبشر، حدثنا عبد العزيز بن أبان، حدثني سهل بن شعيب السهمي ، حدثني أبو علي - يعني جليسا لهم عن عبد الأعلى عن نوف البكالي، قال: بايت عليا ، فأكثر الدخول والخروج والنظر في السماء ، ثم ، قال لي : أنائم أنت يا نوف؟ قلت: رامق ، أرمقك بعيني منذ الليلة يا أمير المؤمنين، قال: فقال لي يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، أولئك اتخذوا أرض الله بساطا وترابها فراشا وماءها طيبا والكتاب

شعارا والدعاء دثارا، ثم قرضوا الدنيا قرضا قرضا على منهاج المسيح ابن مريم يا نوف إن الله أوحى إلى عبده المسيح : أن قل لبني إسرائيل: لا تدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة وأبصار خاشعة وأكف نقية ... وذكر باقي الحديث. أخبرنا الحسين بن علي الصيرمي حدثنا أبو عبيد الله المرزباني، قال: مات

جعفر بن مبشر في سنة أربع وثلاثين ومائتين (2)

ص: 425


1- الأمالي للشيخ الطوسي : 510 - 511 .
2- تاريخ بغداد ؛ للخطيب البغدادي 7: 172 - 173

[ الحكمة 108]

لَقَدْ عُلّق بِنِياطِ (1) هذا الإِنْسانِ بِضْعَةٌ ، وهِيَ أَعْجَبُ ما فِيهِ وَذَلِكَ «الْقَلْبُ»، وَلَهُ مَواد مِنَ الْحِكْمَةِ وَأَصْدادٌ مِنْ خِلافِها فَإِنْ سَنَحَ (2) لَهُ الرَّجاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ، وَإِنْ هَاجَ (3) بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْضُ، وَإِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الْأَسَفُ (4) ، وَإِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ أَشْتَدَّ بِهِ

عَالَهُ(5)

الْغَيْظُ، وَإِنْ أَسْعَدَهُ الرّضا نَسِيَ التَّحَفُّظَ ، وَإِنْ عَالَهُ (6) الْخَوْفُ شَغَلَهُ الحَذَرُ ، وَإِنِ اتَّسَعَ لَهُ الْأَمْنُ اسْتَلَبَتْهُ الْعِزَّ (26) ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ، وَإِنْ أَفَادَ مالاً أطفاهُ الْغِنى، وَإِنْ عَضَّتْهُ (7) أَلْفَاقَةُ شَغَلَهُ الْبَلاءُ، وَإِنْ جَهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ، وَإِنْ

أَفْرَطَ (8) بِهِ الشَّبَعُ كَتْه (9) الْبِطْنَةُ ، فَكُل (10) تَقْصِيرٍ بِهِ مُضِرٌ، وَكُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِدٌ . قال العرشي في التخريج ما نصه: «لقد علق بنياط هذا الانسان بضعة هي أعجب ما فيه، وذلك القلب... الى آخره، [ج 3 ص 175 ] رواها الحراني في تحف العقول (20) والشيخ المفيد في الارشاد (173) (11)

ص: 426


1- في « ه-.ب» : (النياط : عرق متصل بالقلب).
2- في «ه-.ب»: (عرض) .
3- في « ه--ب » : (حرض).
4- في «ه-.ب» : (الحزن) .
5- في «أ» (باله) ، وفي ( ه- ) » : (عالة) ، وفي « ه-. أ»: (كلاهما مروي عنه »، وفي «ه-.ب» : في نسخة : (عاله) ، وفي نسخة : (ناله).
6- في «ب »: (الغرّة) .
7- في « ه-.ب» : عضته ، من العزّ
8- في «ه. ب»: (أسرف).
9- في « ه-. ب » : (جعله كضاً، هضمته البطنة).
10- في (ب) : (وكل) .
11- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

[ الحكمة 109]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

نَحْنُ النُّمْرُقَةُ الْوُسْطى بِها يَلْحَقُ التَّالِي ، وَإِلَيْها يَرْجِعُ الْغالِي .

مانه

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « نحن النمرقة الوسطى بها يلحق التالي

وإليها يرجع الغالي » [ج 3 ص 176].

رواها أبو عبيد القاسم بن سلام الهروى في غريب الحديث،( الورق 204 ألف)، وابن قتيبة في عيون الأخبار [ ج 1 ص 326]. وابن شيخ الطائفة في الأمالي ، (42) إلا أن الروايين الأولين قالا: (خير هذه الأمة النمط الأوسط»، بينما روى الثالث: «إلا أن خير شيعتي النمط الأوسط » . ورواها أبو سعيد منصور بن

الحسين الأبى الوزير المتوفى ،422 ، 1031 م ، في نثر الدر [بحار الأنوار ج 17 167] وروى على لسان الامام محمّد باقر رحمة الله عليه: «اتقوا الله ، شيعة آل

محمّد، وكونوا النمرقة الوسطى، يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي » (1)

[ الحكمة 112]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

مَنْ أَحَبَّاً أَهْلَ البَيْتِ فَلْيَسْتَعِدَّ لِلنَقْرِ جلباباً ».

وَقَدْ يُؤوَّلُ ذلِك عَلى مَعْنى اخَرَ لَيْسَ هذا مَوْضِعَ ذِكْرِهِ.

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « من أحبنا اهل البيت فليستعد للفقر جلباباً[ ج 3 ص 176] . رواها ابو عبيد القاسم بن سلام الهروي في غريب الحديث (الورق 201 )الف وابن قتيبة في غريب الحديث [مالي المرتضى ج 1 ص 13] (2)

ص: 427


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 281 ه-) في الغارات عن حبة ، عن علي علیه السلام قال : لو صمت الدهر كله، وقمت الليل كله وقتلت بين الركن والمقام بعثك الله مع هواك بالغا ما بلغ إن في جنّة ففي جنة ، وان في نار ففي نار .

وعنه علیه السلام: من أحبنا أهل البيت فليستعد عدة للبلاء » (1)

وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار، عن أبي القاسم بن شبل، عن ظفر بن حمدون ، عن إبراهيم بن إسحاق، عن أبي جعفر الطالبي(2)، عن محمّد خالد التميمي، عن علي بن أبان عن ابن نباتة، قال: كنت جالسا عند أمير

بن المؤمنين فأتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إني لاحبك في السر كما احبك في العلانية. قال: فنكت (3) أمير المؤمنين علیه السلام بعود كان في يده في الارض ساعة ثم رفع رأسه فقال : كذبت، والله ما أعرف وجهك في الوجوه ولا اسمك في الاسماء ، قال الاصبغ فعجبت من ذلك عجبا شديدا فلم أبرح حتى أتاه رجل آخر فقال: والله يا أمير المؤمنين إني لاحبك في السر كما احبك في العلانية. قال: فنكت بعوده ذلك في الارض طويلا، ثم رفع رأسه فقال: صدقت إن طينتنا طينة ، أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق فلا يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة ، أما إنه فاتخذ للفاقة جلبابا (4) فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الفاقة إلى محبيك أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله » .(5)

مرحومة،

ص: 428


1- الغارات؛ لابراهيم بن محمّد الثقفي 1: 588
2- في نسخة : ( عن أبي جعفر البطائني).
3- نكت الأرض بقضيب أو باصبعه : ضربها به حال التفكر فأثر فيها .
4- أخبره بما يقع عليه من الفقر والفاقة بسبب استيلاء الظالمين عليه وعلى غيره من الشيعة ، أي تهيأ للفقر فانه يشملك كما يشمل الجلباب البدن
5- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 117:26.

وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي عبد الله البرقي، عن خلف بن حماد، عن سعد الاسكاف، عن الاصبغ بن نباتة أن أمير المؤمنين علیه السلام صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا ايها الناس إن شيعتنا خلقوا من طينة مخزونة قبل أن يخلق آدم بألفي سنة لا يشذ فيها(1) شاذ ولا يدخل فيها داخل ، وإني لاعرفهم حين ما أنظر إليهم لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تفل في عيني وأنا أرمد، قال: «أذهب عنه الحر والقر والبرد وبصره صديقه من عدوه فلم يصبني رمد بعد ولا حرولا برد وإني لاعرف صديقي من عدوي. فقال رجل من الملا فسلم ثم قال: والله يا أمير المؤمنين إني لأدين الله بولايتك وإني لا حبك في السر كما أظهر في العلانية، فقال له علي علیه السلام: كذبت، فوالله ما أعرف اسمك في الاسماء ولا وجهك في الوجوه، وإن طينتك لمن غير تلك الطينة، قال: فجلس الرجل وقد فضحه الله وأظهر عليه . ثم قام آخر فقال : يا أمير المؤمنين إني لادين الله بولايتك وإني لاحبك في السر كما احبك في العلانية، فقال له: صدقت طينتك من تلك الطيئة، وعلى ولايتنا اخذ ميثاقك، وإن روحك من أرواح المؤمنين، فاتخذ للفقر جلبابا، فوالذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول: إن الفقر إلى محبينا أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله» (2)

وفي الاختصاص، عن ابن عيسى وابن هاشم عن البرقي مثله .(3) . وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار، عن الاختصاص، عن عباد ابن سليمان، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن سعد الخفاف، عن أبي جعفر علیه السلام، قال : بينا أمير المؤمنين يوما جالس في المسجد

ص: 429


1- في نسخة : لا يشذ منها (شاذ) .
2- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 26 130
3- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 26 130

وأصحابه حوله فأتاه رجل من شيعته ، فقال : يا أمير المؤمنين إن الله يعلم أني أدينه بحبك في السر كما أدينه بحبك في العلانية، وأتولاك في السر كما أتولاك في العلانية . فقال أمير المؤمنين: صدقت أما فاتخذ للفقر جلبابا فإن الفقر أسرع إلى شيعتنا من السيل إلى قرار الوادي، قال: فولى الرجل وهو يبكى فرحا لقول أمير المؤمنين : صدقت. قال رجل من الخوارج يحدث صاحباً له قريبا من أمير المؤمنين فقال أحدهما لصاحبه: تالله إن رأيت كاليوم قط، إنه أتاه رجل فقال له : صدقت، فقال له الآخر: أنا ما أنكرت من ذلك، لم يحد بدا من أن إذا قيل له :

له:

احبك ، أن يقول له : صدقت تعلم أني أنا احبه ، قال : لا ، قال : فأنا أقوم فأقول له مثل مقالة الرجل فيرد علي مثل مارد عليه قال فقام الرجل فقال له مثل مقالة الأوّل، فنظر إلى مليا ثم قال له : كذبت لا والله ما تحبني ولا احبك ، قال : فبكى الخارجي ، فقال : يا أمير المؤمنين لتستقبلني بهذا ولقد علم الله خلافه، ابسط يديك بايعك ، قال : على ماذا ؟ قال : على ما عمل أبو بكر وعمر ! قال: فمد يده وقال له : اصفق لعن الله الاثنين، والله لكأني بك قد قتلت على ضلال ووطئت وجهك دواب العراق، فلا تغرنك قوّتك، قال: فلم يلبث أن خرج عليه أهل النهروان وخرج الرجل معهم فقتل (1)

وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار، عن الاصبغ بن نباتة ، قال : أتى رجل إلى أمير المؤمنين علیه السلام وقال : إني احبك في السر كما احبك في العلانية قال: فنكت أمير المؤمنين بعود كان في يده في الارض ساعة ثم رفع رأسه فقال: كذبت والله ، ثم أتاه رجل آخر فقال : إني احبك فنكت بعود في الأرض طويلا ثم رفع رأسه فقال: صدقت، إن طينتنا طينة مرحومة أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق،

ص: 430


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 41: 294 - 295

فلا يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة(1)

عن

وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار، عن الاختصاص : بإسناده أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان

عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: كنت مع أمير المؤمنين فأتاه رجل فسلم عليه ثم ، قال : يا أمير المؤمنين: إني والله لا حبك في الله ، واحبك في السركما احبك في العلانية، وأدين الله بولايتك في السر كما أدين بها في العلانية - وبيد أمير المؤمنين عود - فطأطأ رأسه ثم نكت بالعود ساعة في الأرض ثم رفع رأسه إليه فقال : إن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حدثني بألف حديث، لكل حديث ألف باب، وأن أرواح المؤمنين تلتقي في الهواء فتشم وتتعارف، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، وبحق الله لقد كذبت، فما أعرف في الوجوه (2)وجهك ، ولا اسمك في الاسماء . ثم دخل عليه رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين إنّي لأحبّك في الله (3) ، واحبك في السر كما احبك في العلانية قال: فنكت الثانية بعوده في الارض ثم رفع رأسه إليه فقال له: صدقت، إن طينتنا طينة مخزونة أخذ الله ميثاقها من صلب آدم، فلم يشذ منها شاذ، ولا يدخل فيها داخل من غيرها، اذهب فاتخذ للفقر جلبابا، فإني سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول : يا علي بن أبي طالب والله الفقر أسرع إلى محبينا من السيل إلى بطن الوادي » . (4)

وبالاسناد عن العلامة المجلسي في بحار الأنوار، عن علي بن شبل، عن ظفر ابن حمدون، عن إبراهيم بن إسحاق، عن أبي جعفر المطلبي، عن محمد بن خالد

ص: 431


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 309:41
2- في المصدر : (وجهك في الوجوه) .
3- ليس في المصدر : الأحبّك في الله .
4- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 58: 134 - 135 .

التميمي، عن علي بن أبان ، عن ابن نباتة، قال: كنت جالسا عند أمير المؤمنين علیه السلام فأتاه رجل فقال والله يا أمير المؤمنين إني لا حبك في السر، كما احبك في

العلانية. قال: فنكت بعوده ذلك في الأرض طويلا ثم رفع رأسه، فقال: صدقت إن طينتنا طينة ،مرحومة ، أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق، فلا يشذ منها شاذ، ولا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة، أما إنه فاتخذ للفقر جلبابا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الفاقة إلى محبيك أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله (1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال، عن علي ، قال : من أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلبابا - أو قال : تجفافا .. (أبو عبيد ) وعن علي ، عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم قال : في الجنة درجة تدعى الوسيلة، فإذا سألتموا الله فسلوا لي الوسيلة،

قالوا :يا رسول الله ! من يسكن معك فيها ؟ قال : علي وفاطمة والحسن والحسين (2) وقال العلامة المجلسي في بحار الأنوار»، عن أمالي الطوسي : أبو القاسم بن

شبل ظفر بن حمدون، عن إبراهيم بن إسحاق، عن أبي جعفر الطالبي (3)، عن

بن خالد

محمّد بن خالد التميمي، عن علي بن أبان عن ابن نباتة ، قال : كنت جالسا عند أمير المؤمنين علیه السلام فأتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إني لأحبك في السر كما أحبك في العلانية . قال : فنكت (4)أمير المؤمنين بعود كان في يده في الأرض ساعة ثم رفع رأسه فقال : كذبت والله ما أعرف وجهك في الوجوه ولا اسمك في الأسماء، قال :الأصبغ فعجبت من ذلك عجبا شديدا فلم أبرح حتى أتاه رجل آخر فقال : والله يا أمير المؤمنين إني لأحبك في السر كما أحبك في العلانية. قال: فنكت

ص: 432


1- بحار الأنوار للعلامة المجلسي 68 : 227 ؛
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 : 639 - 640 ، الرقم 37615 و 37616 .
3- في نسخة : ( عن أبي جعفر البطائني).
4- نكت الأرض بقضيب أو بإصبعه : ضربها به حال التفكر فائر فيها.

بعوده ذلك في الأرض طويلا ثم رفع رأسه فقال: صدقت إن طينتنا طينة مرحومة ، أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق فلا يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها داخل إلى

يوم القيامة (1)

[ الحكمة 113]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ : (2)

لا مالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ، وَلا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ ، وَلا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ ، وَلا كَرَم كَالتَّقْوى، وَلا قَرِينَ كَحُسْنِ الْخُلْقِ، وَلامِيراثَ كَالأَدَبِ، وَلا قائِدَ كَالتَّوْفِيقِ، وَلا تِجارَة كَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلا رِيحَ كَالنَّوابِ ، وَلا وَرَعَ كَالُوقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ، وَلا زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي الْحَرامِ، وَلا عِلْمَ كَالتَّفَكَّرِ، وَلَا عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْقَرَائِضِ . وَلا إِيمَانَ كَالْحَياءِ وَالصَّبْرِ، وَلا حَسَبَ كَالتَّواضُعِ ، وَلاشَرَفَ كَالْعِلْمٍ وَلا عِزَّ كَالْحِلْمِ،

ولا مُظَاهَرَةَ أَوْلَقُ مِنْ مُشاوَرَةٍ. قال العرشي في التخريج ما نّصه: «لا مال اعود من العقل ... الى آخره،[ ج 3 ... 177 ] رواها الحراني في تحف العقول (20) والكليني في كتاب الروضة من

فروع الكافي[ ج 3 ص 10] وشيخ الطائفة في الامالي (91)(3) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني[ ت / 328ه-) في خطبة الوسيلة، وقد تقدمت في الحكمة (34) ، ومنها : أيها الناس، إنه لا مال هو أعود من العقل، ولا فقر هو أشد من الجهل، ولا واعظ هو أبلغ من النصح ولا عقل كالتدبير، ولا عبادة كالتفكر، ولا مظاهرة أوثق من

ص: 433


1- بحار الأنوار ، للعلامة المجلسي 117:26.
2- في « ه-.ب »: (أنفع).
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957

المشاورة، ولا وحشة أشد من العجب، ولا ورع كالكف عن المحارم ، ولا حلم

كالصبر والصمت (1).

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في التوحيد، قال: حدثنا أب--و الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني، قال: حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعي قال اخبرنا أبو منصور محمّد بن القاسم بن عبد الرحمن

العتكي، قال: حدثنا محمّد بن أشرس قال حدثنا إبراهيم بن نصر قال حدثنا وهب بن وهب بن هشام أبو البختري ، قال : حدثنا جعفر بن محمّد، عن أبيه ، عن جده عن علي بن أبي طالب علیه السلام عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم، أنه قال: يا علي إن اليقين أن

لا ترضي أحدا على سخط الله ، ولا تحمدن أحدا على ما آتاك الله، ولا تذمن أحدا على ما لم يؤتك الله ، فإن الرزق لا يجرّه حرص حريص ولا يصرفه كره كاره ، فإن الله عز وجل بحكمته وفضله جعل الروح والفرج في اليقين والرضا وجعل الهم والحزن في الشك والسخط، إنه لافقر أشد من الجهل ولا مال أعود

، من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف عن المحارم، ولا حسب كحسن الخلق، ولا عبادة كالتفكر ، وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف ، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن ، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر (2)

ونقل العلامة المجلسي (ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار عن الطوسي ت / 460 ه- ، قال اخبرنا محمّد بن محمّد قال اخبرنا أبو الطيب الحسين ابن محمّد التمار ، عن محمّد بن قاسم الانباري ، عن أحمد ابن عبيد قال : حدثنا

ص: 434


1- الكافي 208 ، ط / طهران.
2- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : 375 و 376 .

عبد الرحيم بن قيس الهلالي، قال: حدثنا العمري، عن أبي حمزة السعدي، عن أبيه، قال: أوصى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الحسن بن علي فقال فيما أوصى به إليه : يا بني لا فقر أشد من الجهل ، ولا عدم أشد من عدم العقل ولا وحدة ولا وحشة أو حش من العجب، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف عن محارم الله ، ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله عز وجل.

يا بني ، العقل خليل المرء، والحلم وزيره، والرفق والده ، والصبر من خير جنوده. يا بني، إنه لابد للعاقل من أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه، وليعرف أهل زمانه .

يا بني، إن من البلاء الفاقة، وأشد من ذلك مرض البدن، وأشد من ذلك مرض القلب، وإن من النعم سعة المال، وأفضل من ذلك صحة البدن، وأفضل من ذلك تقوى القلوب.

يا بني للمؤمن ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ويحمد ، وليس للمؤمن بدّ من أن يكون شاخصا في ثلاث مرمة لمعاش أو خطوة لمعاد، أو لذة في غير محرم (1)ومن الموافقات : ما ارويه بالاسناد عن ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن عبد الله الكبريتي ، نا أبو بكر الباطرقاني إملاء، نا أحمد بن موسى، نا أحمد بن محمد بن السري نا عيسى بن محمّد المروزي نا الحسن بن حماد بن حمران المروزي ، نا أبو حمزة السكري. (ح) وأخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الرحمن السلمي أنا جدي، نا عيسى بن محمّد المروزي ، نا الحسن بن حماد العطار، نا

، أبو حمزة محمّد بن ميمون السكري أخبرني إبراهيم الصايغ عن حماد، عن إبراهيم، قال: قال علي بن أبي طالب التوفيق خير قائد، وحسن الخلق خير

ص: 435


1- الأمالي 1: 145 - 146 ، و عنه بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 1: 8

قرين، والعقل خير صاحب، والأدب خير ميراث ، ولا وحشة أشد من العجب (1) وعن ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق أيضاً، قال: أخبرنا أبو المعالي أسعد بن صاعد بن منصور النيسابوري ببغداد، أنا جدي قاضي القضاة أبو القاسم منصور بن أسماعيل بن صاعد، أنا أبو عبد الرحمن محمّد بن الحسين السلمي أنا جدي يعني أبا عمرو بن نجيد، نا عیسی بن محمّد المروزي ، نا الحسن بن حماد العطار، أنا أبو حمزة أحمد بن ميمون السكري أخبرني إبراهيم الصائغ، عن حماد، عن إبراهيم ، قال : قال علي بن أبي طالب التوفيق خير قائد، وحسن الخلق خير قرين، والعقل صاحب، والأدب خير ميراث، ولا وحشة أشد من العجب. (2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن علي قال: (ت التوفيق خير ،قائد وحسن الخلق خير ،قرين، والعقل خير صاحب والادب خير میراث ولا وحشة أشد من العجب . (هب، كر ) .(3)

[ الحكمة 115]

وَقِيلَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلام:

كَيْفَ تَجدُكَ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ :

كَيْفَ يَكُونُ حالُ مَنْ يَغْنى بِبَقَائِهِ، وَيَسْقَمُ بِصِحْتِهِ، وَيُؤْتَى مِنْ مَأْمَنِهِ ؟

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا

ص: 436


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 509:42
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 513:42
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 269 ، الرقم 44396

غياث بن مصعب بن عبدة أبو العباس الخجندي الرياشي، قال: حدثنا محمّد بن حماد الشاشي، عن حاتم الاصم، عن شقيق بن إبراهيم البلخي، عمن أخبره من

أهل العلم ، قال : قيل لعيسى بن مريم علیه السلام: كيف أصبحت يا روح الله ؟ قال أصبحت وربي تبارك وتعالى من فوقي، والنار أمامي، والموت في طلبي ، لا أملك ما أرجو ، ولا أطيق دفع ما أكره، فأي فقير أفقر مني !. قال : وقيل للنبي صلی الله علیه و آله وسلم: كيف أصبحت؟ قال : بخير من رجل لم يصبح صائما،

ولم يعد مريضا، ولم يشهد جنازة . قال : وقال جابر بن عبد الله الانصاري لقيت علي بن أبي طالب علیه السلام ذات يوم

صباحا، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: بنعمة من

، الله وفضل من رجل لم يزر أخا، ولم يدخل على مؤمن سرورا . قلت : وما ذلك السرور ؟ قال : يفرج عنه كربا ، أو يقضي عنه دينا ، أو يكشف عنه فاقته . قال جابر: ولقيت عليا علیه السلام يوما ، فقلت كيف أصبحت يا أمير المؤمنين ؟ قال :

الله : أصبحنا وبنا من نعم الله وفضله ما لا نحصيه مع كثير ما نحصيه، فما ندري أي نعمة أشكر ، أجميل ما ينشر أم قبيح ما يستر ؟ وقيل لابي ذر رضی الله عنه: كيف أصبحت ، یا صاحب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم؟ قال : أصبحت بين نعمتين بين ذنب مستور، وثناء من اغتر به فهو المغرور

وقيل للربيع بن خثيم كيف أصبحت يا أبا يزيد ؟ قال: أصبحت في أجل ، منقوض ، وعمل محفوظ والموت في رقابنا والنار من ورائنا، ثم لا ندري ما

يفعل بنا .

وقيل لاويس بن عامر القرني كيف أصبحت یا ابا عامر ؟ قال ما ظنكم

بمن يرحل إلى الآخرة كل يوم مرحلة لا يدري إذا انقضى سفره أعلى جنة يرد

أم على نار ؟

ص: 437

قال عبد الله بن جعفر الطيار : دخلت على عمي علي بن أبي طالب علیه السلام صباحا ، وكان مريضا، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال : يا بني، كيف أصبح من يفنى ببقائه، ويسقم بدوائه، ويؤتى من مأمنه .

وقيل لعلي بن الحسين علیهما السلام: كيف أصبحت يابن رسول الله؟ قال: أصبحت

مطلوبا بثمان الله تعالى يطلبني بالفرائض والنبي بالسنة، والعيال بالقوت،

والنفس بالشهوة والشيطان باتباعه والحافظان بصدق العمل، وملك الموت بالروح، والقبر بالجسد، فأنا بين هذه الخصال مطلوب.

وقيل لابيه محمّد بن علي علیهما السلام: كيف أصبحت ؟ قال : أصبحنا غرقى في النعمة، موفورين بالذنوب، يتحبب إلينا إلهنا بالنعم، ونتمقت إليه بالمعاصي، ونحن نفتقر إليه وهو غني عنا . وقيل لبكر بن عبد الله المزني كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت قريبا أجلي

بعيدا أملي، سيئا عملي، ولو كان لذنوبي ريح ما جالستموني.

وقيل لرجل من المعمرين كيف أصبحت ؟ قال :

أصبحت لا رجلا يغدو لحاجته ***ولا قعيدة بيت تحسن العملا

وقيل لابي رجاء العطاردي، وقد بلغ عشرين ومائة سنة : كيف أصبحت ؟ قال:

أصبحت لا يحمل بعضي بعضا ***كأنما كان شبابي قرضا(1)

[ الحكمة 116]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَج بِالإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وَمَغْرُورٍ بِالسِّتْرِ عَلَيْهِ، وَمَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ !

ص: 438


1- الأمالي للشيخ الطوسي : 640 - 641

وَمَا أَبْتَلَى اللَّه أَحَداً بِمِثْلِ الْإِمْلاءِ لَهُ(1) .

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: كم من مستدرج ... إلى آخره، رواه في تحف العقول مع اضافة قال الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً (2) . (3)

قال العرشي في التخريج ما نصه : كم مستدرج بالاحسان اليه... الى آخره، [ج 3 ص 178 و 210] رواها الحراني في تحف العقول (47) وشيخ الطائفة في الامالي (283) (4)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في الأمالي، عن الحسين بن عبيد الله، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبرى، قال: حدثنا أبو العباس بن عقدة، قال: حدثنا الحسن بن علي

بن إبراهيم العلوي، قال: حدثنا الحسين بن علي الخزاز، وهو ابن بنت إلياس قال : حدثنا ثعلبة بن ميمون ، عن أبي عبد الله علیه السلام: قال : كان أمير المؤمنين يقول : إنما الدنيا فناء وعناء، وغير وعبر، فمن فنائها أن الدهر موتر قوسه مفوق نبله يرمي الصحيح بالسقم ، والحي بالموت، ومن عنائها : أن المرء يجمع ما لا يأكل ويبني ما لا يسكن، ومن غيرها أنك ترى المغبوط مرحوما والمرحوم مغبوطا، ليس منها إلا نعيم زائل، أو بؤس نازل، ومن عبرها أن المرء يشرف على أمله

فيختطفه من دونه أجله.

قال أبو عبد الله علیه السلام: وقال أمير المؤمنين : كم من مستدرج بالاحسان إليه مغرور

ص: 439


1- فى «ه-.ب»: الاملاء : المهلة
2- آل عمران: 178
3- مدارك نهج البلاغة : 107.
4- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.

بالستر عليه ومفتون بحسن القول فيه، وما ابتلى الله عبدا بمثل الإملاء له . (1)

[ الحكمة 117]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

هَلَك فِي رَجُلانِ : مُحِبُّ غالٍ، وَمُبْغِضُ قال .

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابراهيم بن محمد الثقفي في الغارات عن حبة ، عن علي علیه السلام قال : لو صمت الدهر كله وقمت الليل كله وقتلت بين الركن والمقام بعثك الله مع هواك بالغا ما بلغ ان في جنة ففي جنة، وان في نار ففي نار . وعنه علیه السلام: من أحبنا أهل البيت فليستعد عدّة للبلاء. وقال علیه السلام: يهلك في محب مفرط ومبغض مفتر (2) وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في الأمالي وعنه قال: أخبرنا ، جماعة، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمّد بن علي بن مهدي الكندي العطار بالكوفة ،وغيره ، قال : حدثنا محمّد بن علي بن عمرو بن طريف الحجري، قال: حدثني أبي، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن الاصبغ بن نباتة قال: دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام في نفر من الشيعة وكنت فيهم، فجعل - يعني الحارث - يتأود في مشيته ويخبط الأرض بمحجنه وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنين علیه السلام وكانت له منه منزلة فقال : كيف تجدك يا حارث ؟ قال : نال الدهر منّي يا أمير المؤمنين، وزادني أوارا وغليلا اختصام أصحابك ببابك . قال : وفيم خصومتهم ؟ قال : في شأنك والبلية من قبلك فمن مفرط غال ومقتصد، قال ومن متردد مرتاب لا يدري أيقدم أو يحجم.

ص: 440


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 443
2- الغارات لابراهيم بن محمّد الثقفي 2: 588 .

قال : فحسبك يا أخا همدان ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط، إليهم يرجع

الغالي، وبهم يلحق التالي

قال : لو كشفت - فداك أبي وأمي - الرين عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على

بصيرة من أمرنا؟

قال : قدك ، فإنك امرؤ ملبوس عليك، إن دين الله لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق ، فاعرف الحق تعرف أهله. يا حار، إن الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد، وبالحق أخبرك فارعني سمعك، ثم خبر به من كانت له حصانة من أصحابك، ألا إنى عبد الله وأخو رسوله ، وصديقه الأول، قد صدة، وآدم بين الروح والجسد ، ثم إني صدّيقه الأوّل في أمتكم حقا فنحن الأولون ونحن الآخرون، ألا وأنا خاصته - يا حار - وخالصته وصنوه، ووصيه ووليه، وصاحب نجواه وسره أوتيت فيهم الكتاب وفصل الخطاب، وعلم القرون ،والاسباب واستودعت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد وأيدت - أو قال أمددت - بليلة القدر نفلا، وإن ذلك ليجري لي ولمن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وأبشرك - يا حار - ليعرفني - والذي فلق الحبة وبرأ النسمة - وليي وعدوي في

مواطن شتی لیعرفني عند الممات وعند الصراط وعند المقاسمة

قال : قلت : وما المقاسمة، يا مولاي ؟ :قال مقاسمة النار ، أقاسمها قسمة صحاحا ، أقول: هذا ،ولبي ، وهذا عدوي ثم أخذ أمير المؤمنين علیه السلامبيد الحارث وقال يا حار، أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ، فقال لي - واشتكيت إليه حسد قريش والمنافقين لي : إنه إذا

يوم القيامة أخذت بحبل - أو بحجزة، يعني عصمة - من ذي العرش تعالى وأخذت أنت يا علي بحجزتي، وأخذت ذريتك بحجزتك، وأخذ شيعتكم بحجزتكم، فماذا يصنع الله بنبيه وما يصنع نبيه بوصيه خذها إليك يا حار

كان

ص: 441

قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت، ولك ما احتسبت - أو قال : ما اكتسبت -

قالها ثلاثا .

فقال الحارث - وقام يجر رداءه جذلا - ما أبالي وربي بعد هذا، متى لقيت

الموت أو لقيني (1)

وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-) ، قال : قال أبو عبد الرحمن [ عبدالله بن أحمد : حدثني سريح بن يونس أبو الحرث، حدثنا أبو حفص الأبار ، عن الحكم ابن عبد الملك، عن الحرث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي ، قال : قال لي النبي صلی الله علیه و آله وسلم: فيك مثل من عيسى أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس به ثم قال يهلك في رجلان محب مفرط يقرظني بما ليس في ، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني. تفرد به .

وقال : [ قال عبد الله بن أحمد ]: حدثني أبو محمد سفيان بن وكيع بن الجراح ابن مليح حدثنا خالد بن مخلد حدثنا أبو غيلان الشيباني، عن الحكم بن عبد الملك، عن الحرث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة ابن ناجذ، عن علي ابن أبي طالب ، قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن فيك من عيسى مثلاً، أبغضته يهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به ألا وإنه يهلك في اثنان ، محب يقرظني بما ليس في، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني ، ألا إني لست بنبي ولا يوحى إلي ، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلی الله علیه و آله وسلم ما استطعت فما أمرتكم من طاعة الله فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم.

تفرد به (2)

ص: 442


1- الأمالي للشيخ الطوسي : 625-627.
2- جامع المسانيد :19 198 - 199 ، ط / 1415ه-.

وقال أيضاً : حدثنا ابن نمير حدثنا الأعمش، عن عدي بن ثابت عن زرّ بن حبيش، قال: قال عليّ : والله إنه مما عهد إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يبغضني إلا منافق ، ولا يحبني إلا مؤمن.

حدثنا وكيع حدثنا الأعمش، عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش ، عن علي ،

قال عهد إليّ النبي صلی الله علیه و آله وسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق . حدثنا وكيع حدثنا الأعمش، عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش ، عن علي ،

قال عهد إلي النبي لو أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق .

رواه مسلم في الإيمان، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع - وأبي معاوية .. وعن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية كلاهما ، عن الأعمش، عن عدي ابن

ثابت، عنه به .

والترمذي في المناقب عن عيسى بن عثمان ابن أخي يحيى بن عيسى الرملي عن يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش نحوه عهد إليّ النبي صلى الله عليه وسلم أنه: «لا يحبك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق»، وقال: حسن صحيح.

والنسائي فيه ( المناقب) عن أبي كريب ، عن أبي معاوية به. و(الإيمان) عن واصل بن عبد الأعلى، عن وكيع به عن يوسف بن عيسى عن الفضل بن موسى، عن الأعمش به.

وابن ماجة في السنة (المقدمة) عن علي بن محمّد، عن وكيع وأبي معاوية

وعبد الله بن ،نمير، ثلاثتهم عن الأعمش به.

حدثنا هاشم وحسن قالا حدثنا شيبان، عن عاصم عن زرّ بن حبيش قال: استأذن ابن جرموز على عليّ فقال: من هذا؟ قالوا: ابن جرموز يستأذن ، قال : ائذنوا له، ليدخل قاتل الزبير النار، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن لكل نبي

حواري وحواريي الزبير . (1)

ص: 443


1- جامع المسائيد 206:19 - 207، ط / 1415ه-.

[ الحكمة 119]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مَثَلُ الدُّنْيا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ : لَيْن مَسُّها وَالسُّمُ النّاقع (1) فِي جَوْفِها ؛ يَهْوِي (2) إِلَيْهَا الْغُرُ (3)

اَلْجاهِلُ، وَيَحْذَرُها ذُو اللُّب ألعاقل .

قال العرشي في التخريج ما نصّه: مثل الدنيا مثل الحية لين مسّها[ ج 3 ، 178] ، رواها ابن دريد في المجتنى (32) وابو حيان التوحيدي في كتاب البصائر [10 / الف ] والكليني في اصول الكافي (187) ، ويلوح منه ان القول جزء من كتاب له رضی الله عنه. (4)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 321ه-) في الكافي، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: إن في كتاب علي صلوات الله عليه : إنما مثل الدنيا كمثل الحية ما ألين مسها وفي جوفها السم الناقع ، يحذرها الرجل العاقل، ويهوي إليها الصبي الجاهل.

وقد تقدم في الكتاب (68) فراجع(5)

وبالاسناد عن المتقي الهندي في كنز العمال: عن أبي جحيفة، قال: سمعت عليا على المنبر يقول : هلك في رجلان: محب غال، ومبغض غال (ابن منيع

ص: 444


1- في «ه-.ب»: (من النقوع).
2- في « ه-.ب» : ( يسعى) .
3- في «ه-. ب»: ( الغافل).
4- راجع : استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
5- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 : 136 .

ورواته ثقات (1)

وعن المتقي الهندي أيضاً، عن علي قال: اللهم العن كل مبغض لنا غال وكل محب لنا غال. (ش والعشاري في فضائل الصديق وابن أبي عاصم واللالكائي في السنة ) . (2)

وعنه أيضاً، عن علي ، قال : يهلك فينا أهل البيت فريقان: محب مطر وباهت

مفتر. (ابن أبي عاصم ) (3)

وعن علي، قال: يهلك في رجلان محب مفرط، ومبغض مفرط. (ابن أبي

عاصم وخشيش والأصبهاني في الحجة ) (4)

[ الحكمة 122]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

وَقَدْ تَبِعَ جِنازَةٌ فَسَمِعَ رَجُلاً يَضْحَكُ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيها عَلى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكأَنَّ الْحَقِّ فِيها عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ، وَكَأَنَّ الَّذِي ترى مِنَ الْأَمْواتِ سَفْرٌ عَمّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ، نُبُوتُوهُمْ أَجْدَاقَهُمْ، وَتَأْكُلُ تُراقَهُمْ كَأَنا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ ) ، قَدْ نَسِينَا كُلَّ واعِظ (5)وَواعِظَةٍ ، وَرُمِينَا بِكُلِّ فادح و(6) جَائِحَةٍ (7). (8)قال العرشي في التخريج ما نصّه: كأن الموت على غيرنا كتب [ ج 3

ص: 445


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي ،11 : 324 ، الرقم 31633 .
2- کنز العمال ؛ للمتقي الهندي ،11 : 325 الرقم 31639 .
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 325 الرقم 31641
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 326:11 ، الرقم 31644 .
5- لم ترد ( كأنا مخلدون) بعدهم في «أ» «ب»، وفي «ه-.ب» : (كأنا مخلّدون).
6- لم ترد : (واعظ و) في «أ» «ب» ، وفي «ه-. أ» (واعظ وأعظة).
7- لم ترد فادح و) في «أ» «ب».
8- في « ه-. ب » زيادة : ( وداهية مستأصلة).

ص 179 ] رواها علي بن ابراهيم القمي في تفسيره [بحار الانوار ج 17

ص 104] . (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن علي بن ابراهيم القمي في تفسيره: قوله: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) (2) فانه لما أخبر الله نبيه بما يصيب اهل بيته بعده وادعاء من ادعى الخلافة دونهم ، اغتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مَّتْ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةٌ ) اي نختبرهم ( وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) (3)فاعلم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لابد ان تموت كل نفس، وقال امير المؤمنين علیه السلام يوما، وقد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك، فقال: كأن الموت فيها على غيرنا كتب ، وكأن الحق على غيرنا وجب ، وكأن الذين نشيّع من الأموات سفر عما قليل الينا راجعون ننزلهم اجدائهم ونأكل تراثهم كأنّا مخلّدون بعدهم، قد نسينا كل واعظة ورمينا بكل جائحة ، ايها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وتواضع من غير منقصة، وجالس اهل الفقه والرحمة، وخالط اهل الذل والمسكنة، وأنفق مالا جمعه في غير معصية، أيها الناس طوبى لمن ذلت نفسه وطاب کسبه وصلحت سريرته، وحسنت خليقته وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من كلامه، وعدل عن الناس شره، ووسعته السنّة، ولم يتعد إلى البدعة، أيها الناس طوبى لمن لزم بيته وأكل كسرته ، وبكى

على خطيئته وكان من نفسه في شغل والناس منه في راحة (4)

ص: 446


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
2- الأنبياء : 35 .
3- الأنبياء : 34 - 35 .
4- تفسير القمي ؛ لعلي بن ابراهيم القمي 2 : 70-71

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

[ الحكمة 123]

طُوبى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَطابَ مكسبُهُ، وَصَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ، وَحَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ، وَأَنْفَقَ الفَضْلَ مِنْ مالِهِ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسانِهِ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَلَمْ يُنسَبْ إِلى بِدْعَةٍ (1) . قالَ الرَّضِيّ رَحِمَهُ الله تعالى (2) : أَقُولُ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَنْسُبُ هَذَا الْكَلامَ إِلى رَسُولِ

الله صلى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ (3). قال العرشي : طوبى لمن ذلّ في نفسه وطالب مكسبه [ ج 3 ص 179] رواها

أيضاً على القمي في تفسيره [ بحارج 17 ص 104] (4) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في الكافي عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن

محبوب، عن الحسن بن السري عن أبي مريم، عن أبي جعفر علیه السلام قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : إن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم مر بنا ذات يوم ونحن في نادينا وهو على ناقته وذلك حين رجع من حجة الوداع ، فوقف علينا فسلم فرددنا علیه السلام، ثم قال ما لي أرى حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب، وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم ،وجب وحتى كأن لم يسمعوا ويروا من خبر الأموات قبلهم سبيلهم سبيل قوم سفر عما قليل إليهم

ص: 447


1- في « ه-. أ»: «في الأصل: البدعة»، وفي «ه-.ب »: في نسخة : (البدعة) .
2- لم ترد : قال الرضي رحمه الله تعالى ، أقول في «أ» «ب».
3- في (ب) زيادة: (وكذلك الذي قبله) .
4- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م .

راجعون، بيوتهم أجداثهم ويأكلون تراثهم، فيظنون أنهم مخلدون بعدهم هيهات هيهات، أما يتعظ آخرهم بأولهم ، لقد جهلوا ونسوا كل واعظ في كتاب الله ، وآمنوا شرّ كل عاقبة سوء، ولم يخافوا نزول فادحة وبوائق حادثة . طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس. طوبى لمن منع عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه طوبى لمن تواضع الله عز ذكره وزهد فيما أحل الله له من غير

رغبة عن سيرتي ، ورفض زهرة الدنيا من غير تحول عن سنتي ، واتبع الاخيار من عترتي من بعدي، وجانب أهل الخيلاء والتفاخر والرغبة في الدنيا، المبتدعين خلاف سنتي، العاملين بغير سيرتي. طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مالا من غير معصية فأنفقة في غير معصية وعاد به على أهل المسكنة. طوبى لمن حسّن مع الناس خلقه وبذل لهم معونته وعدل عنهم شره طوبى لمن أنفق القصد وبذل الفضل وأمسك قوله عن الفضول وقبيح الفعل .(1)

[ الحكمة 125]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

لأَنْسُبَنَّ الإِسْلامَ نِسْبَةً لَمْ يَنْسُبُها أَحَدٌ قَبْلِي : الإِسْلامُ هُوَ التَّسْلِيمُ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ اليقين، وَالْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الإقرارُ، وَالإقْرَارُ هُوَ الأَداءُ، وَالْأَداءُ هُوَ العَمَلُ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله : لانسبن الاسلام

نسبة ... الى آخره، مروي في اصول الكافي ص 251 (2)

قال العرشي في التخريج ما نصه: «الأنسبن الاسلام نسبة لم ينسبها أحد

ص: 448


1- الكافي للشيخ الكليني 8 168 - 169
2- راجع : مدارك نهج البلاغة .

قبلي... الى آخره، رواها البرقي في المحاسن والاداب (الورق 85 / ب ) والشيخ

الصدوق في معاني الاخبار (70) والامالي (المجلس (56) ورواها شيخ ايضاً في أماليه (333) .(1)

الطائفة

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

(ت / 328ه-) في الكافي عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابنا ،رفعه قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: لا نسبن الاسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي إلا بمثل ذلك: إن الاسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق والتصديق هو الاقرار والاقرار هو العمل، والعمل هو الاداء، إن المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن أتاه من ربه فأخذه إن المؤمن يرى يقينه في عمله والكافر يرى إنكاره في عمله فوالذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم، فاعتبروا إنكار الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثة . (2) وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في الأمالي ، قال : حدثنا محمد بن

علي ما جيلويه ، عن عمه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمّد بن عن أبيه، عن محمّد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر خالد بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: لانسين الاسلام نسبة لم ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي الاسلام هو التسليم، والتسليم هو التصديق، والتصديق هو اليقين، واليقين هو الاداء، والاداء هو العمل، إن المؤمن أخذ دينه عن ربه ولم يأخذه عن رأيه. أيها الناس دينكم دينكم تمسكوا به لا یزيلكم أحد عنه ، لان السيئة فيه خير من الحسنة في غيره لان السيئة فيه تغفر

ص: 449


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
2- الكافي ؛ للشيخ الكليني 3: 45-46 .

والحسنة فى غيره لا تقبل (1)

[الحكمة 126]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ يَسْتَعْجِلُ الْفَقْرَ الَّذِي مِنْهُ هَرَبَ، وَيَفُوتُهُ الغِنَى الَّذِي إِيَّاهُ طَلَبَ

فَيَعِيشُ فِي الدُّنْيا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ، وَيُحاسَبُ فِي الآخِرَةِ حِسابَ الْأَغْنِياءِ.

وَعَجِبْتُ لِلْمُتَكَبِّرِ الَّذِي كانَ بِالْأَمْسِ نُطْفَةٌ وَيَكُونُ غَداً جِيفَةٌ .

وَعَجِبْتُ لِمَنْ شَكَ فِي اللَّه وَهُوَ يَرَى خَلْقَ اللَّهِ .

وَعَجِبْتُ لِمَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ وَهُوَ يَرَى المَوْتَى (2) . وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الْأُخْرى وَهُوَ يَرَى النَّشْأَةَ الأُولى. وَعَجِبْتُ لِعامِرٍ دَارَ (3) أَلْفَناءِ وَتارِك دَارَ (4) الْبَقاءِ .

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: عجبت للبخيل يستعجل الفقر ... الى آخره، رواه الزمخشري في ربيع الابرار واضيف اليه في بعض الروايات وعجبت لمن يجتنب الطعام مخافه الداء ولا يجتنب الذنوب مخافة النار ، ورواه في غرر الخصائص باختلاف يسير . (5)

قال الجلالي وردت موافقات للنص فيما أرويه بالاسناد عن الجاحظ( ت / 255ه-) في الكلمة ( 100) مانصه: «البخيل مستعجل للفقر، يعيش فی

ص: 450


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 432 .
2- في (ب): (من يموت).
3- في « ه-. أه»: دار ودار ، معا) .
4- في «ه- . أ ه »: دار ودار ، معاً .
5- مدارك نهج البلاغه : 108 .

الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الاغنياء. راجع الحكمة (13)

[ الحكمة 128]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

تَوَقَّوُا الْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ، وَتَلَقَّوْهُ فِي آخِرِهِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ فِي الْأَبْدَانِ كَفِعْلِهِ فِي الْأَشْجَارِ،

أَوَّلُهُ يُحرِقُ، وَآخِرُهُ يُورِقُ (1).

قال الهادي كاشف الغطاء (ت / 1360ه-) في التخريج: «توقوا البرد... الى آخره، قال النويري في نهاية الارب في فنون الادب: روي عن علي رضي الله عنه انه قال : توقوا البرد ... الى آخر ما ذكر هنا .(2)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المجلسي ( ت / 1111ه-) في بحار الأنوار، عن دعوات الراوندي: عن عامر الشعبي، قال: قال زر بن حبيش قال أمير المؤمنين علیه السلام: أربع كلمات في الطب لو قالها بقراط أو جالينوس لقدم أمامها مائة ورقة ثم زينها بهذه الكلمات وهي قوله: «توقوا البرد - إلى قوله : - يورق». ثم قال :وروي توقوا الهواء بيان : قوله: «لقدم أمامها أي لحفظها أو في وصفها ومدحها. وتوقى واتقى بمعنى ، أي احترزوا واحفظوا أبدانكم من البرد أول الشتاء بالثياب ونحوها ، والتلقي الاستقبال وإحراقه : إسقاط

الورق والمنع من النمو والايراق: إنبات الورق ورووا عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم: اغتنموا برد الربيع؛ فانه يفعل بأبدانكم ما يفعل بأشجاركم ، و اجتنبوا برد الخريف فإنه يفعل بأبدانكم ما يفعل بأشجاركم(3)

ص: 451


1- في « ه-ب» : (أي أول البرد يحرق وآخر البرد بورق كالربيع).
2- مدارك نهج البلاغة : 108 .
3- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 59 : 271

[ الحكمة 130]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

وَقَدْ رَجَعَ مِنْ صِفِّينَ فَأَشْرَفَ عَلَى الْقُبُورِ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ :

يا أَهْلَ الدِّيارِ الْمُوحِشَةِ، وَالمحال المُغْفِرَةِ، وَالْقُبُورِ الْمُظْلِمَةِ، يَا أَهْلَ التَّرْبَةِ، يَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ، يا أهل الوحدة، يا أَهْلَ الْوَحْدَةِ يا أَهْلَ الْوَحْشَةِ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ سابِقٌ، وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعُ لاحِقُ، أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ ، وَأَمَّا الْأَزْواجُ فَقَدْ نُكِحَتْ ، وَأَمَّا الأَمْوالُ فَقَدْ قُسِمَتْ هذا خَبَرُ ما عِنْدَنا فَما خَبَرُ ما عِنْدَكُمْ؟

ثُمَّ الْتَقَتَ إِلى أَصْحَابِهِ فَقالَ : أَما لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ لَأَخْبَرُوكُمْ أَنَّ خَيْرَ

،

الزادِ التَّقْوى. قال العرشي في التخريج ما نصّه : « يا أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة والقبور المظلمة، يا أهل التربة يا أهل الغربة يا أهل الوحشة، أنتم لنا فرط سابق ونحن لكم بع لاحق [ ج 3 ص 181] رواها الجاحظ في البيان والتبيين [ ج 2 . ص 94] وابن مزاحم الكوفي في كتاب الصفين (289) والطبري في تاريخه [ ج 6 94 والبيهقي في المحاسن والمساوي [ ج 2 ص 44] والشيخ المفيد في الأمالي ( بحار الأنوار [ج 17 ص 125] والشيخ الصدوق في الأمالي [المجلس 125] (23)، وشيخ الطائفة في الأمالي (35) وأبو حيان التوحيدي في كتاب البصائر ) 69 ب ) ، وذلك باختلاف الألفاظ مع حذف وزيادة » .(1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 381 ه-) في من لا يحضره الفقيه قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر على

ص: 452


1- راجع استناد استناد نهج البلاغة ، ط / 1957

القبور، قال: السلام عليكم من ديار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. وقال أمير المؤمنين لما دخل المقابر يا أهل التربة ويا أهل الغربة، أما الدور فقد سكنت، وأما الازواج فقد نكحت، وأما الاموال فقد قسمت. فهذا خبر ما عندنا، وليت شعري ماعندكم ؟ ثم التفت الى اصحابه وقال لو اذن لهم في الجواب لقالوا: ان خير

الزاد التقوى (1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن كميل بن زياد، قال: خرجت مع علي بن أبي طالب، فلما أشرف على الجبان التفت إلى المقبرة فقال يا أهل القبور يا أهل البلى يا أهل الوحشة، ما الخبر عندكم؟ فان الخبر عندنا قد قسمت الاموال، وأيتمت الاولاد ، واستبدل بالازواج، فهذا الخبر عندنا فما الخبر عندكم ؟ ثم التفت إليّ فقال : يا كميل لو أذن لهم في الجواب لقالوا: إن خير الزاد التقوى ، ثم بكى ، وقال لي: يا كميل القبر صدوق العمل، وعند الموت يأتيك الخبر. (الدينوري كر ) (2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي عنه ، عن علي ، قال : دخلت مع علي إلى الجبان فسمعته يقول : السلام عليكم يا ندامى ! أما الدور فقد سكنت، وأما الاموال فقد

اقتسمت، وأما النساء فقد نكحت هذا خير ما عندنا هاتوا خبر ما عندكم ! ثم التفت فقال : لو أذن لهم في الكلام لتكلموا فقالوا: تزوّدوا فان خير الزاد

التقوى . ( أبو محمّد الحسن بن محمّد الخلال في كتاب النادمين ) . (3)

ص: 453


1- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق :1 179 ، الحديث 534 و 535 .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3: 369
3- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 757:15

[ الحكمة 131]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

وَقَدْ سَمِعَ رَجُلاً يَدُمُ الدُّنْيا : أَيُّهَا النّامُ لِلدُّنْيَا الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا الْمُنْخَدِعُ بِأَباطيلها (1) ؛ أَتَعْتَرُّ بِالدُّنْيا (2) ثُمَّ تَذْمُها ! أَنْتَ الْمُتَجَرِّم (3)عَلَيْها ، أَمْ هِيَ الْمُتَجَرِّمَةُ (4)عَلَيْكَ مَتَى أَسْتَهْوَتْكَ، أَمْ مَتى غَرَّتُكَ ؟ أبمصارع آبائِك مِنَ الْبِلى، أَمْ بِمَضاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثّرى كَمْ عَلَلت (5) بِكَفِّيْكَ ،

وَكَمْ (6)مَرْضَتَ (7) بِيَدَيْكَ ، تَبْغِي لَهُمُ السُّفاءَ، وَتَسْتَوْصِفُ (8) لَهُمُ الأَطباء.

لَمْ يَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ (9) ، وَلَمْ تُسْعَف (10) فِيهِ بِطِلْتِكَ، وَلَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ بِقُوَّتِكَ! وَقَدْ

مَتَلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْيا نَفْسَكَ ، وَبِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ.

إِنَّ الدُّنْيا دارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا ، وَدارُ عَافِيَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا، وَدَارُ غِنى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْها وَدارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِها مَسْجِدُ أَحِبَاءِ اللهِ، وَمُصَلّى مَلائِكَةِ اللهِ، وَمَهْبِطُ

، وَحْي اللهِ، وَمَتَجَرُ أَوْلِياءِ اللَّهِ أَكْتَسَبُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ، وَرَبِحُوا فِيهَا الْجَنَّةَ. فَمَنْ ذا يَذْمُّها وَقَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِها وَنَادَتْ بِفِراقِها، وَنَعَتْ نَفْسَها وَأَهْلَهَا ، فَمَتَلَتْ لَهُم

بِبَلائِهَا الْبَلاءَ، وَشَوَّقَتْهُمْ بِسُرُورِها إِلَى السُّرُورِ !

ص: 454


1- لم ترد (المغتر بغرورها المتخدع بأباطيلها في «أ».
2- لم ترد : المنخدع بأباطيلها اتغتر بالدنيا في «ب».
3- « ه-.ب» : (المتجرم المجرم).
4- في «أ» : (المتبرمة) .
5- في ه-.ب»: (أزلت العلة)
6- لم ترد : (كم) في «أ».
7- في «ه-. ب»: أزلت المرض.
8- في « ه-. ب»: طلبت الصفة : الدواء .
9- في لا «ه-. ب » : (اشفاقك : شفقتك ) .
10- في «ه-.ب»: لم تسعف ، أي : لم تعط.

راحت(1) بِعافِيَةٍ، وَابْتَكَرَتْ (2) بِفَجِيعَةٍ، تَرْغِيباً وَتَرْهِيباً وَتَخْوِيفاً وَتَحْذِيراً، فَذَمَّها رِجالٌ غَداةَ النَّدامَةِ، وَحَمِدَها آخَرُونَ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، ذَكَرَتْهُمُ الدُّنْيا فَتَذَكَّرُوا (3)، وَحَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا، وَوَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا .

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج قوله علیه السلام: في إيها الذام للدنيا رواه المسعودي في مروج الذهب مع اختلاف [ص 33 ج 2 ]وذكره الجاحظ في كتاب المحاسن والاضداد ص 113 مع اختلاف في التقديم والتأخير وزيادة ونقيصة ، وكذلك ذكره في كتاب البيان والتبيين ص 219 وقال في عيون الاخبار في[ ص 329 ج 2] ذم رجل الدنيا عند علي بن أبي طالب ، فقال :

2:

الدنيا دار صدق لمن صدقها ...، وذكر ما هنا مع تقديم واختلاف يسير، وذكر اليعقوبي في تاريخه هذا الكلام مع اختلاف يسير وتقديم لبعض الفقرات وتأخير . (4) قال العرشي في التخريج ما نصّه : « أيها الذام للدنيا، المغتر بغرورها ، المخدوع بأباطيلها، أتغتر بالدنيا ثم تذمها،[ ج 3 ص 181] رواها الجاحظ في البيان [ ج 1 1 ص .219] . وابن قتيبة في عيون الاخبار [ ج 1 ص 329]، والحراني في تحف العقول (43) ، والبيهقى في المحاسن والمساوى [ ج 2 ص 44] ، والشيخ المفيد الأمالى [ بحار الأنوار ج 17 ص 402] ، وابن شي 402] ، وابن شيخ الطائفة في أماليه (26)

وأبو حيان التوحيدى في كتاب البصائر ( 69 / ب ) (5) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي( ت / 460 ه-) في الأمالي وعنه، فال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل، قال: :

ص: 455


1- في «ه-.ب: (من الرواح).
2- في « ه-. ب» : (من البكور ، أي غدت).
3- في «أ» «ب» : ( فذكروا ) .
4- مدارك نهج البلاغه : 108 .
5- راجع استناد نهج البلاغة ، ط 1957/ م

حدثنا محمد بن جعفر الرزاز، أبو العباس القرشي ، قال : حدثنا أيوب بن نوح بن

دراج، قال: حدثنا بشار بن ذراع، عن أخيه يسار ، عن حمران، عن أبي عبد الله ، عن أبيه علیهم السلام، عن جابر بن عبد الله ، قال : بينا أمير المؤمنين الله في جماعة من أصحابه أنا فيهم، إذ ذكروا الدنيا وتصرفها بأهلها ، فذمها رجل، فذهب في ذمها كل مذهب، فقال له أمير المؤمنين علیه السلام: أيها الذام للدنيا، أنت المتجرّم عليها، أم هي المتجرّمة عليك ؟ فقال : بل أنا المتجرم عليها، يا أمير المؤمنين قال: تذمها ؟ أليست منزل صدق لمن صدقها ؟ ، ودار غنى لمن تزود منها ؟ ، ودار عافية

لمن فهم عنها، ومساجد أنبياء الله ومهبط ،وحيه ومصلى ملائكته، ومتجر أوليائه ؟ ، اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة ؟ فمن ذا يذمها ؟ وقد آذنت ،ببينها ونادت بانقضائها، ونعت نفسها وأهلها، فمثلت ببلائها البلى، وتشوّقت

بسرورها إلى السرور تخويفا وترغيبا، فابتكرت بعافية وراحت بفجيعة، فذمها رجال فرطوا غداة الندامة، وحمدها آخرون اكتسبوا فيها الخير فيا أيها الذام للدنيا، المغتر بغرورها ، متى استذمت إليك، أم متى غرتك، أبمضاجع آبائك من البلى، أم بمصارع أمهاتك تحت الثرى ؟ كم مرضت بيديك، وعالجت بكفيك؟ تلتمس لهم الشفاء، وتستوصف لهم الاطباء، لم تنفعهم بشفاعتك ، ولم تسعفهم في طلبتك، مثلت لك - ويحك - الدنيا بمصرعهم مصر رعك، وبمضجعهم مضجعك، حين لا يغني بكاؤك ، ولا ينفعك أحباؤك. ثم التفت إلى أهل المقابر ، فقال : يا أهل التربة ويا أهل الغربة ، أما المنازل فقد

سكنت، وأما الاموال فقد قسمت ، وأما الازواج فقد نكحت هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم ؟ ثم أقبل على أصحابه فقال : والله لو أذن لهم في الكلام

لأخبروكم أن خير الزاد التقوى . (1)

ص: 456


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 594 - 595

وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق، قال أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو نصر بن الجبان أنا محمد بن سليمان الربعي نا أبو الحسن مسلم بن علي بن سويد، قدم علينا دمشق نا محمد بن سنان التنوخي نا إبراهيم بن مصعب بن الحارث الأنصاري، نا الحسن بن أبان العجلي عن محمد بن معروف المكي، عن أبيه قال: قام رجل إلى علي بن أبي طالب فذم الدنيا فقال له علي : إن الدنيا دار صدق لمن صدّقها، ودار غنا لمن تزوّد منها، ودار عافية لمن فهم عنها ، هي مسجد أحباء الله ومهبط وحيه ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الجنة وربحوا فيها الرحمة فمن ذا الذي يذمها وقد أذنت ببينها ونادت بانقطاعها ونعت نفسها وأهلها، فيا أيها الذام للدنيا المعتل بغرورها، متى استذمت إليك الدنيا ومتى غرتك ؟ أبمنازل آبائك من الثرى أو بمضاجع أمهاتك من البلى كم مرضت بكفيك وعالجت بيدك تبتغي له الشفاء وتستوصف له الأطباء لم تسعف له بطلبتك ، مثلت له الدنيا بعينها وبمصرعه مصرعك ، غدا لا يغني بكاؤك ولا ينفعك أحباؤك. ثم انصرف إلى القبور فقال يا أهل القبور يا أهل الضيق والوحدة يا أهل

: الغربة والوحشة، أما الدور فقد سكنت، وأما الأموال فقد قسمت، وأما الأزواج فقد نكحت، فهذا خير ما عندنا ، فما عندكم ؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال: إنا على ذلك ، فلو أذن لهم في الجواب لأجابوا : إن خير الزاد التقوى. أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنا أبو بكر الخطيب حدثني الحسن بن أبي طالب نا يوسف بن عمر القواس ، قال : قرى على أحمد بن إسحاق بن بهلول وأنا أسمع قيل له: حدثكم محمد بن عبد الله البصري بمكة ، نا الحسن بن أبان أبو محمّد البغدادي ، نا يسير بن زاذان نا جعفر بن محمّد، عن أبيه عن آبائه علیهم السلام، قال : كان علي بن أبي طالب علیه السلام في مسجد الكوفة فسمع رجلا يشتم الدنيا ويفحش في

، شتمها، فقال له علي اجلس فجلس، فقال له: ما لي أسمعك تشتم الدنيا

ص: 457

فأنشأ

وتفحش في شتمها ؟ أو ليس هو الليل والنهار والشمس والقمر سامعين مطيعين علي يقول: إن الدنيا لمنزل صدق لمن صدقها، ودار بلاء لمن فهم عنها ، وعافية لمن تزود منها ، منزل أحباء الله، ومهبط وحيه، ومصلّى ملائكته ومتجر أوليائه، اكتسبوا الجنة وربحوا فيها المغفرة ، فذمها أقوام غداة الندامة وحمدها آخرون، ذكرتهم فذكروا وحدثتهم فصدقوا ، فمن ذا يذمها وقد اذنت ببينها ونادت بانقطاعها راحت بفجيعة وابتكرت بعاقبة تخويف وترهيب، يا أيها الذام للدنيا المعتل بتغريرها، متى استذمت إليك أم متى غرتك؟ أبمضاجع أبائك من الثرى ، أو بمنازل أمهاتك من البلى، أم ببواكر الصريح من إخوانك، أم بطوارق النعي من أحبابك هل رأيت إلا ناعيا منعيا، أو رأيت إلا وارثا موروثا، كم عللت بكفيك، أم كم مرضت بكفيك تبتغي له الشفاء وتستوصف له الأطباء لم ينفعه بشفاعتك ولم ينجح له بطلبتك، بل مثلت لك به الدنيا نفسك وبمضجعه مضجعك، غداة لا يغني عنك بكاؤك ولا ينفعك أحباؤك ، فهيهات، أم مواعظ الدنيا لو نصت لها، وأي دار لو فهمت لها عنها، وأي عاقبة لمن تزود منها انصرف إذا شئت .(1)

وبالاسناد عن ابن عساكر أيضاً في تاريخ مدينة دمشق ، قال : أخبرنا أبو القاسم العلوي، أنا رشاً بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان أنا أحمد بن يوسف التغلبي ، نا ابن نمير، عن وكيع عن عمر بن منبه ، عن أوفي بن دلهم، عن علي بن أبي طالب، أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن الدنيا قد أدبرت و آذنت بوداع - الى أن قال : ونا أحمد بن مروان نا محمّد بن عبد العزيز نا الفضل بن موفق نا السري بن القاسم ، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة ، قال : ذم رجل الدنيا عند علي بن أبي طالب فقال علي الدنيا

ص: 458


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 498 - 500 .

دار صدق لمن صدقها ، ودار نجاة لمن فهم عنها ، ودار غناء لمن تزوّد منها ، مهبط الله ومصلّى ،ملائكته ، ومسجد أنبيائه ومتجر أوليائه، ربحوا فيها الرحمة واكتسبوا فيها الجنة، فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها ونادت بفراقها وشبّهت بشرورها السرور ، وببلائها إليه ترهيبا وترغيبا فيها ، أيها الذام للدنيا المعلل نفسه متى خدعتك الدنيا؟ أو متى استدنت إليك؟ أبمصارع أبائك في البلى ؟ أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى؟ كم مرّضت بيديك، وعللت بكفيك، تطلب لها

الشفاء وتستوصف له الأطباء لا يغني عنك داوؤك ولا ينفعك بكاؤك (1) وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال، عن علي كرم الله وجهه : عن عاصم بن ضمرة ، قال : ذم رجل الدنيا عند علي، فقال علي : الدنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار نجاة لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزوّد منها، مهبط وحي الله ، ومصلى ملائكته ، ومسجد أنبيائه، ومتجر أوليائه، ربحوا فيها الرحمة، فاكتسبوا فيها الجنة ، فماذا يذمها ؟ وقد آذنت ببينها ونادت بفراقها، وشبّهت بسرورها السرور، وببلائها البلاء، ترهيبا وترغيبا، فيا أيها الذام للدنيا ، المعلل نفسه. خدعتك الدنيا ، أو متى استذمت اليك ، أبمصارع آبائك في البلى، أم بمصارع أمهاتك تحت الثرى ، كم مرّضت بيديك، وعللت بكفيك ، تطلب الشفاء وتستوصف له الاطباء ، لا يغني عنك دواؤك ، ولا ينفعك بكاؤك. (الدينوري كر )(2)

[ الحكمة 132]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

إِنَّ لله مَلَكاً يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ: لِدُواْ لِلْمَوْتِ، وَأَجْمَعُوا لِلْفَناءِ، وَابْنُوا لِلْخَرابِ.

ص: 459


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 497 - 498 والاكتفاء : 478
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3 732 ، الرقم 8603.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني (ت / 328) عن محمّد بن يحيى، عن احمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم عن الحكم بن أيمن ، عن داود الابزاري، قال قال ابو جعفر علیه السلام: ملك

، ينادي كل يوم : ابن آدم ولد للموت واجمع للفناء، وابن للخراب.

[ الحكمة 133]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

(1)

الدُّنْيا دارُ مَمَرٌّ إلى دَارِ مَقَةٌ، وَالنَّاسُ فِيها رَجُلانِ : رَجُلٌ باعَ فِيها نَفْسَهُ فَأَوْبَقَها(2)

وَرَجُلٌ أَبْتَاعَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَها .

قال العرشي في التخريج ، ما نصّه الدنيا دار ممر لا دار مقر [ ج 3 ص 183] :

رواها ابن دريد في المجتنى (32).(3)

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

[الحكمة 135]

مَنْ أَعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً : مَنْ أَعْطِيَ الدُّعاءَ لَمْ يُحْرَم الإِجَابَةَ، وَمَنْ أُعْطِيَ التَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَم اَلْقَبُولَ، وَمَنْ أُعْطِيَ الْاسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَم المَغْفِرَةَ، وَمَنْ أُعْطِيَ الشَّكْرَ

لَمْ يُحرم الزيادة.

وتَصْدِيقُ ذلك في كتاب الله تعالى، قال: فِي الدُّعاءِ: أَدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )(4) .

ص: 460


1- الكافي 3 : 131 : ط / 1381 ه-.
2- أوبقها : أهلكها .
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
4- غافر : 60 .

قولُهُ فِي الإِسْتِغْفارِ ومن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله يَجِدِ الله

غَفُوراً رَحِيماً (1).

قولُهُ فِي الشُّكْرِ: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (2).

قولُهُ فِي التَّوْبَةِ : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى الله لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ

قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتَوبُ الله عَلَيْهِمْ وَكَانَ الله عَلِيماً حَكِيماً ) (3).

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في الخصال، قال: حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري، :قال حدثنا أبو القاسم بدر بن الهيثم القاضي ، قال : حدثنا علي بن منذر الكوفي قال: حدثنا محمد بن الفضيل عن أبي الصباح قال: قال جعفر بن محمد : من اعطي أربعا لم يحرم أربعا من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة ، ومن اعطي الاستغفار لم يحرم التوبة ومن اعطي الشكر لم يحرم الزيادة، ومن اعطي الصبر لم يحرم الاجر (4)

وبالاسناد عن العلامة المجلسي (ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار، عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي عن الحسين بن إبراهيم، عن محمد ابن وهبان، عن محمد بن أحمد بن زكريا عن الحسن بن فضال، عن علي ابن عقبة، عن أبي كهمش، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله علیه السلام...

الى آخره (5)

ص: 461


1- النساء : 110
2- ابراهیم : 7 .
3- النساء : 17 .
4- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 202.
5- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 6: 37 .

[ الحكمة 136]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ : الصَّلاةُ قُرْبانُ كُلِّ تَقِيُّ ، وَالْحَجُّ جِهادُ كُلِّ ضَعِيفٍ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ

زَكاةً، وَزَكاةُ الْبَدَنِ الصِّيامُ، وَجِهادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبعل .

قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) في الخصال في حديث الاربعمائة ، قال : حدثنا أبي رضی الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد عن أبي بصير ، ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیهم السلام أن أمير المؤمنين علیه السلام علم أصحابه في مجلس واحد أربع مائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه. قال : إن الحجامة تصحح البدن وتشدّ العقل والطيب في الشارب من أخلاق

النبي صلی الله علیه و آله وسلم وكرامة الكاتبين ، والسواك من مرضات الله عز وجل وسنة النبي صلی الله علیه و آله وسلم ومطيبة للفم، والدهن يليّن البشرة، ويزيد في الدماغ - الى ان قال لا يعبث

الرجل في صلاته بلحيته ولا بما يشغله عن صلاته، بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا عنه بغيره ، المؤمن نفسه منه في تعب والناس منه في راحة وليكن جل كلامكم ذكر الله عز وجل، احذروا الذنوب فان العبد ليذنب فيحبس عنه الرزق ، داووا مرضاكم بالصدقة، حصنوا أموالكم بالزكاة، الصلاة قربان كل تقي ، الحج جهاد كل ضعيف جهاد المرأة حسن التبعل ، الفقر هو الموت الاكبر ، قلة العيال أحد اليسارين التقدير نصف العيش ، الهم نصف الهرم، ما عال أمرؤ اقتصد، وما عطب امرؤ استشار، لا تصلح الصنيعة إلا عند ذي حسب أو دين، لكل شي ثمرة وثمرة المعروف تعجيله من أيقن بالخلف جاد بالعطية من ضرب يديه على فخذيه عند مصيبة حبط أجره، أفضل أعمال المرء إنتظار الفرج

ص: 462

من الله عز وجل من أحزن والديه فقد عقهما استنزلوا الرزق بالصدقة ، ادفعوا أمواج البلاء عنكم بالدعاء قبل ورود البلاء، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة للبلاء أسرع إلى المؤمن من انحدار السيل من أعلى التلعة إلى أسفلها ومن ركض البراذين، سلوا الله العافية من جهد البلاء، فان جهد البلاء ذهاب الدين .. الى آخر الأربعماءة. (1)

بالاسناد عن العلوي ( ت / 445 ه-) قال حدثنا أبي رضی الله عنه، حدثنا أبو العباس المرهبي، حدثنا محمّد بن الحسين بن العباس بن عيسى الهاشمي ، حدثنا محمّد بن بشر، حدثنا علي بن عبد الحميد الشيباني، حدثنا مِنْدل، عن ابن شُبْرمَة، عن ثابت بن هرمز أبي المقدام قال: سمعت محمّد بن علي يحدث عن أبيه، عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب علیه السلام، قال : سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ ا وآلِهِ وَسَلَّمَ يقول : لما انتهي بي إلى سِدْرَة المنتهى فرأيتُ مِنْ جلال الله ما رأيتُ قال لي: يا محمّد ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ . قلت: يارب وما خيرُ العَمَلِ؟

. قال : الصَّلاة قربان أمَّتِك ، ثُمَّ أَمَرَ إسرافيل فنادى بها ، فقال الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، فقال تبارك وتعالى : صَدَقْتَ أنا أجَلَّ وأكبر وأعظم ، ثُمَّ قال : أَشْهَدُ ألا إله إلا الله ،

فقال: صدقت (2)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328 ه-) في الكافي، عن علي بن إبراهيم عن أبيه، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام: كتب الله الجهاد على الرجال والنساء، فجهاد الرجل بذل ماله ونفسه حتى يقتل في سبيل الله ، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته.

ص: 463


1- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 610 - 621 .
2- الأذان بحى على خير العمل : 57 ، ط / 1418ه-.

وفي حديث آخر : جهاد المرأة حسن التبعل .(1)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق، قال: حدثني أبي ، قال : حدثنا علي بن ابراهيم ابن هاشم عن أبيه ، عن الحسين بن يزيد عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله علیه السلام، عن آبائه عن أمير المؤمنين علیه السلام قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: لكل شئ زكاة وزكاة الأبدان الصيام (2)

وبالاسناد عن الميرزا النوري ( ت / 1320 ه-) في مستدرك الوسائل عن (ت

القطب الراوندي في قصص الانبياء : بإسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن موسى الخشاب عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله علیه السلام، قال : كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ذات يوم قاعدا ، إذ مرّ به

ن بعير فبرك بين يديه ،ورغا، فقال عمر: يارسول الله ، أ يسجد لك هذا الجمل ؟ فا ن سجد لك فنحن أحق أن نفعل، فقال: لا، بل اسجدوا الله ، إن هذا الجمل يشكو أربابه، ويزعم أنهم أنتجوه صغيرا واعتملوه، فلما كبر وصار أعور كبيرا ضعيفا أرادوا ،نحره، ولو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد

لزوجها .... الخبر

وفي لب اللباب : عن علي علیه السلام، أنه قال: إن من جهاد المرأة حسن التبعل

لزوجها .

وفي الخرائج عن أنس قال : إن النبي صلی الله علیه و آله وسلمدخل حائطا للانصار وفيه غنم،

فسجدت له فقال أبو بكر: نحن أحق لك بالسجود من هذا الغنم، فقال: إنه لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو جاز ذلك لامرت المرأة أن تسجد لزوجها .(3)

ص: 464


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 9:5
2- فضائل الأشهر الثلاثة : 122
3- مستدرك الوسائل ؛ للميرزا النوري 246:14 .

[ الحكمة 137]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، وَمَنْ أَيْقَنَ بِالخَلَفِ جادَ بِالْعَطِيَّة.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن علي بن وهبان، عن عمه هارون بن عيسى ، قال : قال أبو عبد الله لمحمّد ابنه : يا بني كم فضل معك تلك النفقة ؟ قال : أربعون دينارا ، قال اخرج فتصدق بها ، قال : إنه لم يبق معي

غيرها ، قال : تصدق بها فإن الله عزوجل يخلفها، أما علمت أن لكل شي ومفتاح الرزق الصدقة ؟ فتصدق بها، ففعل فما لبث أبو عبد الله علیه السلام عشرة أيام حتى جاءه من موضع أربعة آلاف دينار فقال : يا بني أعطينا الله أربعين دينارا، فأعطانا الله أربعة آلاف دينار.

مفتاحا

قال: وحدثني علي بن حسان، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن علیه السلام قال :

استنزلوا الرزق بالصدقة(1)

وبالاسناد عن الصدوق ايضاً ما تقدم في حديث الاربعمائة، راجع الحكمة (136).

[ الحكمة 138]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جادَ بِالْعَطِيَّة.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني( ت / 328 ه-) عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن

ص: 465


1- الكافي للشيخ الكليني 9:4

الحكم، عن موسى بن راشد عن سماعة ، عن أبي الحسن علیه السلام، قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : من أيقن الخلف سخت نفسه بالنفقة (1)

وبالاسناد عن الصدوق ( ت / 381 ه-) في حديث الاربعمائة، وقد تقدم في (ت

الحكمة (136) ، فراجع.

قوله عَلَيْهِ السَّلام: ما عَالَ أَمْرُقُ اقْتَصَدَ.

[ الحكمة 140]

قال: الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني ( ت /

(328ه-) عن عدة من أصحابنا عن علي بن محمّد ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن الفضيل عن موسى بن بكر قال قال ابو الحسن علیه السلام: ما عمال امرو في اقتصاد (2)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) ، وقد تقدم في الحكمة (136)

فراجع وفي السرائر ، عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم: وما عال امرّؤ في اقتصاد (3)

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

[ الحكمة 141]

قِلَّةُ العِيالِ أَحَدُ أَلْيَسارَيْنِ ، وَ (4) التَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ، وَالهَمْ نِصْفُ الهَرَمِ.

ص: 466


1- الكافي 43:4، 5 / 1377ه-.
2- الكافی 53:4 ، ط / 1377 .
3- بحار الانوار : 104 : 72 .
4- وردت العبارتين التاليتين في الاصل بشكل مستقل بالارقام 138 و 139

قال العرشي في التخريج ما نصه : «قله العيال احد اليسارين [ ج 3 ص 185] رواها الشيخ الصدوق في أماليه المجلس (68) والحراني في تحف العقول ( 50) و (52) » (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق

(ت / 381 ه-) وقد تقدم في الحكمة (81) و (136) فراجعهما .

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

التَّوَدُّدُ نِصْفُ العَقْلِ.

[ الحكمة 142]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني (ت / 328ه-) عن عدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد عن علي بن حسان، عن موسى ابن بكر ، عن ابي الحسن علیه السلام، قال : التودد الى الناس

نصف العقل .

[ الحكمة 143]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

الهم نِصْفُ الْهَرَم.

قال الجلالي: تقدم بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) في حديث

الاربعمائه، راجع الحكمة (136).

ص: 467


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957

[ الحكمة 147]

وَمِنْ كَلامٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِكُمَيْلِ بْنِ زِيادٍ النَّخَعِيِّ رحمه الله :

قالَ: كُمَيْلُ بْنُ زِيادٍ: أَخَذَ بِيَدِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صلوات الله عَلَيهِ

فَأَخْرَجَنِي إِلَى الْجَبَانِ، فَلَمّا أَصْحَرَ تَنفَّسَ الصَّعَداءَ، ثُمَّ قَالَ:

يا كُمَيْلُ بْنَ زِيادٍ، إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةً فَخَيْرُها أَوْعَاهَا(1)، فَاحْفَظْ عَنِّى ما أَقُولُ لَكَ. النَّاسُ ثَلاثَةٌ : فَعالِمٌ رَبَّانِيُّ ، وَمُتَعَلِّمْ عَلى سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ، أَتْبَاعُ كُلِّ ناعِقٍ

يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ ، لَمْ يَسْتَضِينُوا بِنُورِ العِلْمِ، وَلَمْ يَلْجَتُوا إِلى رُكْنٍ وَثِيقٍ . يا كُمَيْلُ الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ المالِ الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ، وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ، وَالْمَالُ تَنْقُصُهُ

النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ، وَصَنِيعُ الْمَالِ يَزُولُ بِزَوالِهِ. يا كُمَيْلُ بْنَ زِيادٍ، مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ دِينُ يُدانُ بِهِ بِهِ يَكْسِبُ الْإِنْسانُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ،

وَجَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَالْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ . يا كُمَيْلُ بْنَ زِيادٍ، هَلَكَ خُزَانُ الْأَمْوالِ وَهُمْ أَحْيَاءُ وَالعُلَماء باقُونَ ما بَقِيَ الدَّهْرُ، أَعْيانُهُم مَنْقُودَةٌ، وَأَمْثالُهُم فِي القُلُوبِ مَوْجُودَةٌ، ها إِنَّ هاهنا لعِلْماً جَمَّا - وَأَشارَ عَلَيْهِ السَّلام بِيَدِهِ إِلى (2)صَدْرِهِ - لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةٌ بَلَى أُصِيبُ لَقِناً غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ، مُسْتَعْمِلاً آلَةَ الدِّينِ لِلدُّنْيا ، وَمُسْتَظْهِراً بِنِعَمِ الله عَلى عِبادِهِ، وَبِحُجَجِهِ عَلى أَوْلِيائِهِ : أَوْ مُنْقاداً (3) لِحَمَلَةِ الْحَقِّ لا بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ؛ يَنقَدِحُ الشَّكُ فِي قَلْبِهِ لِأَوَّلِ عارِضِ مِنْ شُبْهَةٍ. أَلا لا ذا وَلا ذاكَ أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ سَلِسَ الْقِيادِ لِلشَّهْوَةِ، أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَالادْخارِ، لَيْسا مِنْ رُعاةِ الدِّينِ فِي شَيْءٍ، أَقْرَبُ شَيْءٍ شَبَهاً بِهِمَا

ص: 468


1- هذا حثّ له على التحفّظ .
2- في «أ»: (وأشار إلى).
3- في « ه- . أ» : في نسخة : (متقلداً).

الأَنْعام (1)السائِمَةُ، كَذلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حامِليه

اَللَّهُمَّ بَلى ، لا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قائِم الله بِحُجَّةٍ: إمّا ظاهِراً مَشْهُوراً ، وَإِمّا خائِفاً

تغْمُوراً ، لئلا تَبْطُلَ حُجَج الله وَبَيَّاتُهُ. وَكَمْ ذَا، وَأَيْنَ أَوْلَئِكَ ؟ أَوْلَئِكَ - والله الأَقَلُّونَ عَدَداً ، وَالْأَعْظَمُونَ قَدْراً ، بِهِمْ (2) يَحْفَظُ الله حُجَجَهُ، وَبَيَّاتِهِ حَتَّى يُودِعُوها نُظَرَاءَهُمْ، وَيَزْرَعُوها فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ. هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ، وَباشَرُوا رَوْحَ الْيَقِينِ، وَأَسْتَلانُوا مَا أَسْتَوْعَرَهُ المُتْرَفُونَ، وَأَنسُوا بِمَا أَسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْيا بِأَبْدانِ أَرْواحُها مُعَلَّقَةُ بِالْمَحَلَّ الأَعْلى ، أُولئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ، وَالدُّعاةُ إِلى دِينِهِ،

أماليه

آهِ آهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ! أَنْصَرِفْ إِذا شِئْتَ . قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ) في التخريج: قوله علیه السلام: «الناس

ثلاثة ... الى آخره ذكر هذا اليعقوبي في تاريخه ورواه الشيخ الطوسي في بسند متصل إلى كميل بن زياد ، وروى جملة منه ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم ورواه الشيخ المفيد في مجالسه والشيخ الصدوق في كتاب إكمال الدين(3) قال العرشي في التخريج ما نصه : « « يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها

أو عاها » [ ج 3 ص 182 و 187] . رواها أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء [ ج 1 ص 79]، وشيخ الطائفة في الأمالي (13) وروى ابن عبد ربه في العقد الفريد [ ج 1 ص 200]، والشيخ المفيد في الارشاد (123) وروى البيهقي في المحاسن والمساوي [ ج 2 ص 75]

ص: 469


1- وذلك لأن الأنعام لا هم لها إلا الأكل وطلب الأعلاف، فمن كان همه لم الأموال فهو شبيهها .
2- لم ترد (بهم) في «أ».
3- مدارك نهج البلاغة : 108.

أجزاء مختلفة منها»(1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن إبراهيم بن محمد الثقفي ( ت / 281 ه-) في الغارات : حدثنا محمّد ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ابراهيم قال : وحدثني أبو زكريا يحيى بن صالح الحريري قال: حدثني الثقة عن كميل بن زياد، قال: أخذ أمير المؤمنين علیه السلامبيدى وأخرجني إلى ناحية الجبان، فلما أصحر تنفس الصعداء وقال: يا كميل ان هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عنى ما أقول الناس ثلاثة عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.

یا كميل العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم يزكو

على الانفاق، والمال تنقصه النفقة .

یا كميل محبة العلم دين يدان به تكسبه الطاعة في الحياة، وجميل الأحدوثة

بعد الموت، ومنفعة المال تزول بزواله، والعلم حاكم والمال محكوم عليه . یا كميل مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقى الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة ها، ان ههنا لعلما جما وأومأ إلى صدره بیده ، لم اصب له حملة ، بلی اصيب لقنا غير مأمون عليه ، يستعمل آلة الدين في الدنيا، يستظهر بحجج الله على أوليائه وبنعم الله على معاصيه، أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه، يقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، ألا، لا ذا ولا ذاك ، أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين في شئ ولا من ذوى البصائر واليقين، أقرب شي شبها بهما

الانعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه.

ص: 470


1- راجع استناد استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.

اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم الله بحجة اما ظاهرا مشهورا واما خائفا ،مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا ؟! وأين اولئك ؟! اولئك - والله

الاقلون عددا والاعظمون عند الله ،قدرا بهم يحفظ الله حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين، فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش

منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلى اولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه ، آه آه شوقا إلى رؤيتهم، استغفر الله لي ولك، انصرف إذا شئت (1)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في كمال الدين وتمام النعمة

(ت قال: حدثنا أبي، ومحمّد بن الحسن ، ومحمّد بن علي ما جيلويه رضي الله عنهم ، قالوا: حدثنا محمد بن أبي القاسم ما جيلويه ، عن محمّد بن علي الكوفي القرشي المقرئ عن نصر بن مزاحم المنقري، عن عمر بن سعد، عن فضيل بن خديج

عن كميل بن زياد النخعي . وحدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضی الله عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وإبراهيم بن هاشم جميعا، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري، عن كميل ابن زياد النخعي.

وحدثنا عبد الله بن محمّد بن عبد الوهاب بن نصر بن عبد الوهاب القرشي قال: أخبرني أبو بكر محمّد بن داود بن سليمان النيسابوري، قال: حدثنا موسى ابن إسحاق الانصاري القاضي بالري، قال: حدثنا أبو نعيم ضرار بن صرد التيمي ،

ص: 471


1- الغارات الابراهيم بن محمّد الثقفي 1: 147 - 154 .

قال: حدثنا عاصم بن حميد الحناط ، عن أبي حمزة ، عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري عن كميل بن زياد النخعي

وحدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن ،هاشم، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري، عن كميل بن زياد النخعي. وحدثنا الشيخ أبو سعيد محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن أحمد بن علي الصلت القمي رضی الله عنه قال: حدثنا محمّد بن العباس الهروي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمّد بن إسحاق بن سعيد السعدي، قال: حدثنا أبو حاتم محمّد بن إدريس الحنظلي الرازي ، قال : حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن بن جندب، عن كميل بن زياد النخعي - واللفظ لفضيل ابن خديج ، عن كميل بن زياد - قال : أخذ أمير المؤمنين علي بن

أبي طالب علیه السلام بيدي فأخرجني إلى ظهر الكوفة ، فلما أصحر تنفس. ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح ، لم يتسضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال

تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الانفاق.

یا کمیل محبة العلم دین یدان به يكسب الانسان به الطاعة في حياته وجميل

كميل الأحدوثة بعد وفاته، والمال يزول بزواله.

يا كميل مات خزان الاموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب ،موجودة هاه ، إن ههنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلما جما لو أصبت له حملة ، بل أصبت لقنا غير مأمو من عليه، يستعمل آلة الدين

ص: 472

للدنيا، ومستظهرا بحجج الله عزوجل على خلقه، وينعمه على أوليائه، ليتخذه الضعفاء وليجة دون ولي الحق، أو منقادا لحملة العلم لا بصيرة له في أحنائه ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ، ألا لاذا ولا ذاك ، أو منهوما باللذات سلس القياد للشهوات أو مغرما بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين في شيء أقرب شي شبها بهما الانعام السائمة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم بحجة إما ظاهر مشهور أو خاف مغمور لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك، أولئك والله الاقلون عددا، والاعظمون خطرا، بهم يحفظ الله حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقائق الأمور، وباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى.

يا كميل أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم،

وأستغفر الله لي ولكم.

وفي رواية عبد الرحمن بن جندب: انصرف إذا شئت.

وحدثنا بهذا الحديث أبو أحمد القاسم بن محمّد بن أحمد السراج الهمداني بهمدان ، قال : حدثنا أبو أحمد القاسم بن أبي صالح ، قال : حدثنا موسى بن إسحاق القاضي الانصاري، قال: حدثنا أبو نعيم ضرار بن صرد ، قال : حدثنا عاصم بن حميد الحناط ، عن أبي حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري، عن كميل بن زياد النخعي، قال: أخذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبانة فلما أصحر جلس. ثم قال يا كميل بن زياد احفظ عني ما أقول لك : القلوب أوعية فخيرها أوعاها . وذكر الحديث مثله ، إلا أنه قال فيه : اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم

ص: 473

بحجة لئلا تبطل حجج الله وبينانه . ولم يذكر فيه : ظاهر مشهور أو خاف مغمور وقال : في آخره: «إذا شئت فقم».

وأخبرنا بهذا الحديث الحاكم أبو محمّد بكر بن علي بن محمّد بن الفضل الحنفي الشاشي بايلاق، قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز الشافعي بمدينة السلام، قال: حدثنا موسى بن إسحاق القاضي ، قال : حدثنا ضرار بن صرد، عن عاصم بن حميد الحناط، عن أبي حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن

بن جندب الفزاري، عن كميل بن زياد النخعي، قال: أخد علي بن أبي طالب علیه السلام بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبانة، فلما أصحر جلس، ثم تنفس، ثم قال: ياكميل

ابن زياد احفظ ما أقول لك : القلوب أوعية فخيرها أوعاها الناس ثلاثة : فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق . وذكر الحديث بطوله إلى آخره.

وحدثنا بهذا الحديث أبو الحسن علي بن عبد الله أحمد الاسواري بإيلاق، قال: حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعي ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمّد ابن الحسن المشرقي، قال: حدثنا محمّد بن إدريس أبو حاتم قال حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي، عن ثابت بن أبي صفية ، عن عبد الرحمن بن جندب، عن كميل بن زياد، قال: أخذ بيدي علي بن أبي طالب علیه السلامفأخرجني إلى ناحية الجبانة ، فلما أصحر جلس، ثم ،تنفس ثم قال يا كميل بن زياد القلوب أوعية فخيرها أوعاها. وذكر الحديث بطوله إلى آخره مثله.

وحدثنا بهذا الحديث أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الصقر الصائغ العدل قال : حدثنا موسى بن إسحاق القاضي عن ضرار بن صرد ، عن عاصم بن حميد الحناط، عن أبي حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري عن كميل

ص: 474

ابن زياد النخعي... وذكر الحديث بطوله إلى آخره.

وحدثنا بهذا الحديث الحاكم أبو محمد بكر بن علي بن محمّد بن الفضل الحنفي الشاشي بإيلاق، قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز الشافعي بمدينة السلام ، قال : حدثنا بشر بن موسى أبو علي الاسدي ، قال : حدثنا عبد الله بن الهيثم قال: حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن محمّد بن أحمد النخعي، قال: حدثنا عبد الله بن الفضل بن عبد الله بن أبي الهياج بن محمد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قال: حدثنا هشام بن محمّد السائب أبو منذر الكلبي، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن فضيل بن خديج، عن كميل بن زياد النخعي، قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي أبي طالب علیه السلام بالكوفة فخرجنا حتى انتهينا إلى الجبانة . وذكر فيه : « اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة ظاهر مشهور أو باطن مغمور لئلا تبطل حجج الله وبيناته» وقال في آخره: انصرف إذا شئت. وحدثني أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد، عن عبد الله بن الفضل بن عيسى، عن عبد الله النوفلي، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن هشام الكلبي، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن عبد الرحمن بن جندب، عن كميل بن زياد أن أمير المؤمنين ، قال له في كلام طويل: اللهم إنك لا تخلي الارض

من قائم بحجة إما ظاهر مشهور أو خائف مغمور لئلا تبطل حجج الله وبيناته. حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه رضی الله عنه قال: حدثني عمي محمّد بن أبي القاسم عن محمّد بن علي الكوفي، عن نصر بن مزاحم، عن أبي مخنف لوط بن يحيى الازدي، عن عبد الرحمن بن جندب، عن كميل بن زياد النخعي، ، قال: قال لي أمير المؤمنين علیه السلام - في كلام له طويل : أللهم بلى لا تخلو الارض من قائم لله بحجة ظاهر مشهور أو خاف مغمور لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وقال في آخره: انصرف إذا شئت.

ص: 475

حدثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضی الله عنه قال : حدثنا الحسين بن محمّد بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر ، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان الاحمر

عن عبد الرحمن بن جندب، عن كميل بن زياد النخعي، قال: سمعت عليا علیه السلام يقول في آخر كلام له : اللّهم إنك لا تخلي الارض من قائم بحجة ظاهر أو خاف مغمور؛ لئلا تبطل حججك وبيناتك.

وحدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل قال حدثنا محمّد بن أبي عبد الله

الكوفي، قال حدثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد

قال: حدثنا أبو زهير عبد الرحمن بن موسى البرقي، قال: حدثنا محمّد بن الزيات عن أبي صالح، عن كميل بن زياد قال قال أمير المؤمنين علیه السلام في كلام طويل : اللهم إنك لا تخلي الارض من قائم بحجة إما ظاهر أو خاف مغمور لئلا تبطل حججك بيناتك . ولهذا الحديث طرق كثيرة (1)

بالاسناد عن ابي نعيم الاصفهاني ( ت / 430 ه-)، قال: حدثنا حبيب بن الحسن ثنا موسى بن اسحاق وثنا سليمان بن احمد ثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة. قالا : ثنا أبو نعيم ضرار بن صرد وثنا أبو احمد محمد بن محمّد بن احمد الحافظ

ثنا محمّد بن الحسين الخثعمي ثنا اسماعيل بن موسى الفزاري قالا ثنا عاصم بن

حميد الخياط ثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالى، عن عبد الرحمن بن جندب، عن كميل بن زياد قال: أخذ على بن أبي طالب بيدي فأخرجني الى ناحية الجبان، فلما أصحرنا جلس ثم تنفس ثم قال: يا كميل بن زياد القلوب أوعية فخيرها أو عاها ، احفظ ما أقول لك الناس ثلاثة ؛ فعالم رباني، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا الى ركن وثيق. العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال . العلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة. ومحبة العالم دين

ص: 476


1- كمال الدين وتمام النعمة ؛ للشيخ الصدوق : 289 - 294

يدان بها . العلم يكسب العالم الطاعة في حياته، وجميل الاجدوثة بعد موته وصنيعة المال تزول بزواله مات خزان الاموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقى الدهر. أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة، هاء؛ إن هاهنا - وأشار بيده الى صدره - عاما لو أصبت له حملة، بلى أصبته لقناً غير مأمون عليه. يستعمل آلة الدين للدنيا، يستظهر بحجج الله على كتابه، وبنعمه على عباده أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في احيائه، يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا ذا ولا ذاك . أو منهوم باللذات، سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع الأموال والادخار ؛ وليسا من دعاة الدين. أقرب شبها بهما الانعام السائمة. كذلك يموت العلم بموت حامليه. اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم الله بحجة، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، أولئك هم الاقلون عددا الاعظمون عند الله قدرا بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها الى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم . هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمنظر الأعلى، أولئك خلفاء الله في بلاده، ودعاته الى دينه هاه هاه شوقا الى رؤيتهم، وأستغفر الله لى ولك . إذا شئت فقم (1)وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي ، قال : أخبرنا محمد بن محمّد قال: أخبرني أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمّد بن القاسم ماجيلويه، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن فضيل بن خديج ، عن كميل بن زياد النخعي، قال: كنت مع أمير المؤمنين علیه السلام في مسجد الكوفة وقد صلينا العشاء الآخرة، فأخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد ، فمشى حتى خرج إلى ظهر

ص: 477


1- حلية الأولياء 1: 8079

الكوفة ولا يكلمني بكلمة، فلما أصحر تنفس، ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أو عاها ، أحفظ عني ما أقول ، الناس ثلاثة : عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق.

يا كميل، العلم خير من المال العلم يحرسك، وأنت تحرس المال والمال

تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الانفاق.

یا کميل ، صحبة العالم دين يدان الله ،به تكسبه الطاعة في حياته، وجميل

الأحدوثة بعد وفاته.

يا كميل، منفعة المال تزول بزواله.

يا كميل مات خزان المال والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة هاه هاه إن هاهنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلما جما لو أصبت له حملة ، بلى أصبت له لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين في الدنيا، ويستظهر بحجج الله على خلقه، وبنعمه على عباده، ليتخذه الضعفاء وليجة دون ولي الحق، أو منقادا للحكمة لا بصيرة له في أحنائه، يقدح الشك في قلبه بأول عارض لشبهة ألا لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذات، سلس القياد بالشهوات، أو مغرى بالجمع والادخار، ليس من رعاة الدين، أقرب شبها بهؤلاء الانعام السائمة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه . اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم بحجة، ظاهرا مشهورا أو مستترا مغمورا، لئلا تبطل الله ،وبيناته، وأين

حجيج

أولئك ؟ والله الاقلون عددا الاعظمون خطرا بهم يحفظ الله حججه حتي يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقائق ،الامور، فباشروا أرواح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الأعلى

ص: 478

أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه. آه آه شوقا إلى رؤيتهم، واستغفر الله

لي ولكم. ثم نزع يده من يدي وقال : انصرف إذا شئت(1)

وبالاسناد عن الموفق الخوارزمي ( ت / 568ه-) في المناقب، باسناده عن أحمد بن الحسين، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثني بكر بن محمّد بن سهل بن الحداد الصوفي بمكة ، قال : حدثنا البيهقي ، واخبرنا أبو طاهر الحسين بن علي بن الحسن بن محمّد بن سلمة الهمداني بها ، حدثنا أبو بكر عمر بن أحمد بن القاسم الفقيه بنهاوند - املاء - قالا : حدثني موسى بن اسحاق الانصاري، حدثنا أبو نعيم ضرار بن صرد حدثنا عاصم ابن حميد الحناط، عن أبي حمزة الثمالي، عن عبد

الرحمان بن جندب الفزاري عن كميل بن زياد النخعي، قال: اخذ بيدي علي واخرجني إلى ناحية الجبانة فلما أصحر جلس ثم تنفس ، ثم قال يا كميل احفظ ما اقول لك : القلوب أوعية، خيرها اوعاها الناس ثلاثة : فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال والعلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة، محبة العالم دين يدان بها يتكسبه الطاعة في حياته. وفي رواية أبي عبد الله علیه السلام: صحبة العالم دين يدان بها باكتساب الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد موته والعلم حاكم

، والمال محكوم عليه، وصنيعة المال تزول بزواله وفي رواية أبي عبد الله علیه السلام: يفنى المال بزوال صاحبه مات خزان الاموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقى الدهر اعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة، ها ان هاهنا واوم-ي بيده إلى صدره - علما لو أصبت له حملة بلى اصبت لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين للدنيا ويستظهر بنعم الله على عباده وبحجته على كتابه ، أو منقاد لأهل الحق

العيد

ص: 479


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي

لا بصيرة له في إحيائه، يقدح الشك في قلبه بأول شبهة، لاذا ولا ذاك، أو

منهوما باللذة. (1)

وفي رواية أبي عبد الله : بالدنيا سلس القياد للشهوات، أو مغرما بجمع الاموال والاذخار ليسا من دعاة الدين أقرب شبها بهما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم بحجة، وفي رواية أبي عبد الله بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لئلا تبطل حجج الله وبيناته اولئك الأقلون عدداً، الاعظمون عند الله قدراً بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة ،الامر، فاستلانوا ما استوعر منه المترفون، وأنسوا بما استوحش الجاهلون، وصحبوا الدنيا بابدان ارواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في عباده والدعاة إلى دينه هاه شوقا إليهم واستغفر الله لي ولك ، إذا شئت فقم . وبالاسناد عن سبط ابن الجوزي ( ت / 954ه- ) ، قال : أخبرنا عبد الوهاب بن علي الصوفي، أنبأنا علي بن محمد بن عمرو، أنبأنا رزق الله بن عبد الوهاب، أنبأنا احمد بن علي بن الباد، أنبأنا حبيب بن الحسن القزاز، أنبأنا موسى ابن اسحاق الأنصاري ، حدثنا ضرار بن صرد ، حدثنا عاصم بن حميد، حدثنا أبو حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن بن محمد، عن كميل بن زياد قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي الله فاخرجني الى ناحية الجبانة فلما اصحرنا جلس فتنفس الصعداء، ثم قال: يا كميل ابن زياد ان هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ ما أقول لك : الناس ثلاثة ؛ عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا الى ركن وثيق. يا كميل، العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال العلم يزكو

ص: 480


1- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 365 - 367 .

على الانفاق والمال يزول ومحبة العلم دین یدان به یکسبه الطاعة في حياته

وجميل الأحدوثة بعد مماته المال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الانفاق العلم حاكم والمال محكوم عليه . يا كميل ، مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم

مفقودة وامثالهم في القلوب موجودة.

جود تھے

ثم قال : آه ، ان ها هنا علما جماً لو اصبت له حملة - واشار بيده الى صدره - ثم :قال اللهم بلى قد اصبت أمينا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين بالدنيا ، يستظهر الله على عباده ويحجبه على كتابه، أو معانداً لأهل الحق ينقدح الشك في قلبه باول عارض من شبهة ، لا ذا ولا ذاك بل منهوماً باللذات، سلسل القياد للشهوات ، مغرى بجمع الأموال والادخار ، ليس من الدين في شيء، أقرب شبها بالبهائم السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه ، اللهم بلى لن تخلو الارض من قائم الله بحجته لكيلا تبطل حجج الله على عباده أولئك هم الاقلون عدداً الأعلون عند الله قدراً بهم يحفظ الله دينه حتى يؤدونه الى نظرائهم ويزرعونه في قلوب أشباههم. وفي رواية بهم يحفظ الله حججه هجم بهم العلم على حقيقة، فاستلانوا ما منه المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلي ، أولئك خلفاء الله في ارضه ودعاته الى دينه، آه ثم اه واشوقاه الى رؤيتهم، واستغفر الله لي ولك ، اذا شئت فقم . (1) وقال امام اليمن : أحمد حميد الدين ( ت / 1382 ه-) في ذيل أجود المسلسلات (ص :234) روى الذهبي في تذكرة الحفاظ وابن عبد البر في الاستيعاب وابو نعيم في حلية الأولياء وابن قيم الجوزية في مفتاح دار السعادة

استوعر

ص: 481


1- تذكرة الخواص : 132 ، ط / 1401ه-.

وغيرهم، عن كميل بن زياد النخعي، قال: أخذ علي بن ابي طالب بيدي وأخرجني الى ناحية الجبانة، فلما اصحرنا جعل يتنفس، ثم قال: يا كميل القلوب أوعيه فخيرها أوعاها ... الخ ، وقال في الجوزية هذا الكلام في زيادة على مائة صفحة بكتابه مفتاح دار السعادة (1)

[ الحكمة 148]

343 : « وقد شرح ابن قيم

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

الْمَرْءُ مَخْبُوهُ تَحْتَ لِسانِهِ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت 1360ه-) في التخريج: رواها الجاحظ ونسبها

اليه من كلمات تسع .(2)

قال العرشي في التخريج ما نصّه: « رواها الشيخ الصدوق في الامالي ( المجلس (66) والشيخ المفيد في الارشاد (173) وشيخ الطائفة في الأمالي

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الطوسي (ت /

360 ه-) في الحكمة رقم (81) وكذلك بالاسناد عن الصدوق (ت / 381 ه-)،

فراجع. وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال عن كميل بن زياد

(ت قال: أخذ بيدي علي بن أبي طالب فأخرجني إلى ناحية الجبانة فلما أصحر تنفس ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها ،أوعاها، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق

ص: 482


1- ذيل أجود المسلسلات : 342 و 343
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ياكميل

، العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم يزكوا على العمل ، والمال تنقصه النفقة. يا كميل محبة العالم دين يدان بها العلم يكسب العالم الطاعة لربه في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته، وصنيعة المال تزول بزواله، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، يا كميل مات خزان الاموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة هاه إن ههنا - وأشار إلى صدره - علما لو أصبت له حملة ، ثم قال : اللهم بلى أصبته لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين للدينا ويستظهر بحجج الله على كتابه، وبنعمه على كتابه أو منقادا لاهل الحق لا بصيرة له في أحيائه يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ، اللهم لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذات سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع الأموال والادخار وليسا من دعاة الدين أقرب شبها بهما الانعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه، ثم قال اللهم بلى لا تخلوا الارض من قائم الله بحجة إما ظاهر مشهور وإما خائف مغمور؛ لئلا تبطل حجج الله ،وبيناته وكم واين أولئك ، أولئك هم الاقلون عددا الاعظمون عند الله قدرا بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فباشروا روح اليقين، واستسهلوا ما استوعر منه المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان ارواحها معلقة بالنظر الأعلى . ياكميل أولئك خلفاء الله في أرضه الدعاة إلى دينه ، هاه شوقا إلى رؤيتهم أستغفر الله لي ولك . ابن الانباري في المصاحف، والمرهبي في

العلم ونصر في الحجة ، حل كر(1)

ص: 483


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 262:10 - 264 .

[ الحكمة 149]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

هَلَكَ أَمْرُقُ لَمْ يَعْرِفُ قَدْرَهُ.

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/ 1360ه-) في التخريج: وقوله علیه السلام: هلك امرؤ

لم يعرف قدره الذي رواه الجاحظ: ماهلك امرئ عرف قدره (1) ، قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواها الشيخ الصدوق في الامالي «

( المجلس (68) ونصها : ماهلك امرؤ عرف قدره» .(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الصدوق

(ت / 381ها وتقدم في الحكمة ) (81) ونصّها: «ما هلك امرؤ عرف قدره وبالمعنى قوله: «ما ضاع امرء عرف قدره» بالاسناد المتقدم في الحكمة (81)،

فراجع

[الحكمة 150]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

لِرَجُلٍ سَأَلَهُ أَنْ يَعِظُهُ:

لا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الآخِرَةَ بِغَيْرِ الْعَمَلِ، وَيُرَبِّي التَّوْبَةَ بِطُولِ الْأَمَلِ، يَقُولُ فِي الدُّنْيا بِقَوْلِ الزَّاهِدِينَ، وَيَعْمَلُ فِيها بِعَمَلِ الرَّاغِيِينَ إِنْ أَعْطِيَ مِنْها لَمْ يَشبَعْ، وَإِنْ مُنعَ مِنْها لَمْ يفْنَعْ، يَعْجِرُ عَنْ شُكْرِ ما أُوتِي، وَيَبْتَغِي الزِّيَادَةَ فِيما بَقِيَ، يَنْهَى وَلَا يَنْتَهِي وَيَأْمُرُ بِما لا يَأْتِي، يُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلا يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ، وَيُبْغِضُ الْمُذْنِبِينَ وَهُوَ أَحَدُهُمْ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ

ص: 484


1- مدارك نهج البلاغة : 108 .
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.

لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ، وَيُقِيمُ عَلى ما يَكْرَهُ الْمَوْتَ لَهُ (1) إِنْ سَقِمَ ظَلَّ نادِماً (2)، وَإِنْ صَحٌ أَمِنَ لاهِياً، يُعْجِبُ بِنَفْسِهِ إِذا عُونِي وَيَقْنَطُ إِذا ابْتُلِي إِنْ أَصابَهُ بَلاء دَعا مُضطَرًا ، وَإِنْ نالَهُ رَخاءٌ أَعْرَضَ مُغْتَراً ، تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلى ما يَظُنُّ وَلا يَغْلِبُها عَلى ما يَسْتَيْقِنُ، يَخافُ عَلى غَيْرِهِ بِأَدْنى مِنْ ذَنْبِهِ، وَيَرْجُو لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ ، إِنِ اسْتَغْنى بَطِرَ وَفُتِنَ(3)، وَإِنِ افْتَقَرَ قَتَطَ وَوَهَنَ(4)، يُقَصِّرُ إِذا عَمِلَ ، وَيُبالِغُ إِذا سَأَلَ إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ أَسْلَفَ الْمَعْصِيَةَ وَسَوْفَ التَّوْبَةَ (5) ، وَإِنْ عَرَتْهُ مِحْنَةٌ الفَرَجَ عَنْ شَرائِطِ الْمِلَّةِ، يَصِفُ العِبْرَةً وَلا يَعْتَبِرُ (6) ، وَيُبالِغُ فِي الْمَوْعِظَةِ وَلا يَتَّعِظُ، فَهُوَ بِالْقَوْلِ مُدِلٌ (7) ، وَمِنَ الْعَمَلِ مُقِلُ، يُنافِسُ فِيما يَفْنى، وَيُسامِحُ فِيما يَبْقَى يَرَى الْغُنْمَ مَغْرَماً، وَالغُرْمَ مَغْنَماً ، يَخْشَى المَوْتَ، وَلا يُبادِرُ الْفَوْتَ (8)، يَسْتَعْظِمُ مِنْ مَعْصِيَةِ غَيْرِهِ ما يَسْتَقِلُّ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ طَاعَتِهِ ما يَحْفِرُهُ مِنْ طَاعَةِ غَيْرِهِ، فَهُوَ عَلَى النّاسِ طَاعِنٌ، وَلِنَفْسِهِ مُداهِنٌ .

اللَّغْرُ(9) مَعَ الْأَغْنِياءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الذِّكْرِ مَعَ الْفُقَرَاءِ. يَحْكُمْ عَلَى غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ ، وَلا يَحْكُمُ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِ، يُرْشِدُ غَيْرَهُ وَيُغْوِي نَفْسَهُ (10)، فَهُوَ يُطَاعُ وَيَعْصِي، وَيَسْتَوْفِي وَلَا يُوفِي، وَيَخْشَى الْخَلْقَ فِي غَيْرِ رَبِّهِ، وَلا يَخْشَى رَبَّهُ فِي خَلْقِهِ

ص: 485


1- وهو الذنب .
2- يندم على ما فرط في أيام الصحة ، فإذا عادت له الصحة التهي
3- بطر : أي اغتر بالنعمة ، والغرور فتنة .
4- في « ه-.ب »: (ضعف) .
5- أسلف: قدم، وسوف : أخر.
6- العبرة - بالكسر : تنبه النفس لما يصيب غيرها . فلا ترتكبه .
7- أدلّ على أقرانه : استعلى عليهم من الدلال .
8- الفوت فوات الفرصة ، والمبادرة : المعاجلة قبل أن تذهب.
9- في ( أ ) : (اللهو) .
10- في «أ»: يرشد غيره ويغوي نفسه.

قال الرّضي رحمه الله تعالى(1):

وَلَوْ لَمْ يَكُن في هذَا الْكِتابِ إِلَّا هَذَا الْكَلامُ لَكَفَى بِهِ مَوْعِظَةٌ ناجِعَةً ، وَحِكْمَةٌ بالِغَةٌ.

وَبَصِيرَةً لِمُبْصِرٍ، وَعِبْرَةً لِناظِرٍ مُفَكرٍ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: لاتكن ممن يرجو الآخرة ... الى آخره» رواها علي بن هذيل في كتابه عين الادب والسياسة».(2) قال العرشي في التخريج ما نصه: «لاتكن ممن يرجو الآخرة ... إلى آخره،

رواها ابن دريد في المجتنى ( 30 ) والحراني في تحف العقول (36).(3) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن سبط ابن الجوزي (ت / 654 ه-) مانصّه وقال علیه السلام: لا تكن ممن يريد الآخرة يعمل الدنيا أو بغير عمل ويؤخر التوبة بطول الأمل، يقول في الدنيا قول الزاهدين ويعمل فيها عمل الراغبين ان أعطي منها القليل لم يشبع وان ملك الكثير لم يقنع ، يأمر ولا يأتمر وينهى ولا ينتهي، يحب الصالحين ولا يعمل بعملهم ويبغض العاصين وهو أحدهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه ويقيم على ما يكره الله منه، تعجبه نفسه اذا عوفي ويقنط اذا ابتلي أن أصابه بلاء دعى مضطراً، وان ناله رخاء اعترض ،مغتراً، تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستيقن ان استغنى بطر وان افتقر قنط ، يقدم المعصية ويسوف بالتوبة، يصف العبر ولا يعتبر ويبالغ في الموعظة ولا يتعظ ، فهو من القول مكثر ومن العمل مقل، ينافس فيما يفنى ويسامح فيما يبقى، يرى الغنم مغرماً والغرم مغنماً ، يخشى الموت ولا يبادر الفوت، يستعظم من معاصي غيره ما يستقله من معاصي نفسه، ويستكثر من طاعة غيره، فهو على الناس طاعن ولنفسه مداهن اللغو مع

طاعته ما يحتقره من

ص: 486


1- لم ترد : قال الرضي (رحمه الله تعالى) في «أ».
2- مدارك نهج البلاغة : 108 .
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.

الأغنياء احب اليه من الذكر مع الفقراء، يرشد غيره ويغوي نفسه، ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بالْبرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) (1) (2)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال: مسند علي عن (ت 975ه-) عبد الملك بن قريب قال: سمعت العلاء بن زياد الاعرابي يقول سمعت أبي يقول : صعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام منبر الكوفة بعد الفتنة وفراغه من النهروان ، فحمد الله وخنقته العبرة، فبكى حتى اخضلت لحيته بدموعه وجرت ثم نفض لحيته فوقع رشاشها على ناس من أناس فكنا نقول: إن من أصابه من دموعه فقد حرمه الله على النار، ثم قال يا أيها الناس ! لا تكونوا ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة بطول الأمل، يقول في الدنيا قول الزاهدين ويعمل فيها عمل الراغبين ، إن أعطي منها لم يشبع ، وإن منع منها لم يقنع ، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي ويأمر ولا يأتي وينهى ولا ينتهي يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم، ويبغض الظالمين وهو منهم، تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن إن استغنى ،فتن، وإن مرض حزن، وإن ، افتقر قنط ووهن ، فهو بين الذنب والنعمة يرتع يعافي فلا يشكر، ويبتلي فلا

يصبر، كأن المحذّر من الموت ،سواه، وكأن من وعد وزجر غيره، يا أغراض المنايا ! يارهأن الموت يا وعاء الاسقام يا نهبة الايام ويا ثقل الدهر ويا فاكهة الزمان و یا نور الحدثان و یا خرس عند الحجج ويا من غمرته الفتن وحيل بينه وبين معرفة العبر بحق أقول ما نجا من نجا إلا بمعرفة نفسه، وما هلك من هلك

! إلا من تحت يده ، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ) (3)،

ص: 487


1- البقرة : 44 .
2- تذكرة الخواص : 126 ، ط / 1401ه-.
3- وتمام الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم : 6) .

جعلنا الله وإياكم ممن سمع الوعظ فقبل، ودعي إلى العمل فعمل ابن النجار(1)

[ الحكمة 157]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

قَدْ بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ، وَقَدْ هُدِيتُمْ إِن أَهْتَدَيْتُمْ، وَأَسْمِعْتُمْ إِنِ اسْتَمَعْتُمْ (2). قال الجلالي وردت مقاطع من النص عن في الخطبة رقم (20) مع تقديم

وتأخير، فراجعها .

[ الحكمة 158]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

عاتِبْ أَخاك بِالْإِحْسانِ إِلَيْهِ ، وَأَرْدُدْ شَرَّهُ بِالْإِنْعَامِ عَلَيْهِ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: «قوله علیه السلام: عاتب أخاك بالاحسان ... الى آخره، رواه ابو اسحاق في كتاب غرر الخصائص بابدال كلمة

الانعام بالافضال (3)

[ الحكمة 159]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مَواضِعَ التَّهْمَةِ فَلا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ.

ص: 488


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 16 : 205 .
2- لم ترد : (وأسمعتم إن سمعتم) في «أ».
3- مدارك نهج البلاغة : 105 .

قال العرشي في التخريج ما نصّه : من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومن

من أساء به الظن [ ج 3 ص 192].(1)

رواها الشيخ الصدوق في الأمالي المجلس (50) والحرّاني في تحف العقول: (

(52) ، والكليني في كتاب الروضة من فروع الكافي [ج 3 ص 74] . (2)ورواها الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص [بحار الأنوار، ج 17 ص 125] عن أمير المؤمنين علیه السلام. ورواها البيهقي في المحاسن والمساوي ، [ ج 2 ص 57] ع عن النبي الله .

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه الاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 328ه-) في الكافي عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكوني، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قال النبي صلی الله علیه و آله وسلم: حق على المسلم إذا أراد السفر أن يعلم إخوانه وحق على إخوانه إذا قدم أن يأتوه .

وبهذا الاسناد قال: قال النبي صلی الله علیه و آله وسلم: خلتان كثير من الناس فيهما مفتون: الصحة

والفراغ. وبهذا الاسناد قال أمير المؤمنين : من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من

أساء به الظن، ومن كتم سره كانت الخيرة في يده. (3)

[ الحكمة 162 ]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ (4) كَتَمَ سِرُّهُ كانَتِ الخِيَرَةُ بِيَدِهِ.

قال العرشي في التخريج ، ما نصه: من كتم سره كانت الخيرة بيده

ص: 489


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
3- الكافي؛ للشيخ الكليني 1528 .
4- في ( أ ) : ( ومن كتم) . ولم ترد (وقال : ) في «أ» .

[ج 3 ص 192] رواها الشيخ الصدوق في الأمالى، (المجلس (50) والشيخ ،

المفيد في كتاب الاختصاص، والحرّاني في تحف العقول (52) والكليني في كتاب الروضة من فروع الكافي[ ج 3 ص 74] عن أمير المؤمنين علیه السلام. ورواها

البيهقي في المحاسن والمساوي [ ج 2 ص 57] عن النبي صلى الله عليه وسلم . انتهى » . (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

(ت / 328ه-) ، فيما تقدم في الحكمة (159) فراجع.

[ الحكمة 163]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

الفَقْرُ المَوْتُ الأَكْبَرُ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: الفقر الموت الاكبر ... الى آخره، ذكر هذه الكلمة مع كلمات اخرى في كتاب تحف العقول (8).(2) قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواها الحراني في تحف العقول (50) .(3) « قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الصدوق (ت /

(381ه-) في حديث الاربعمائة، وقد تقدم في الحكمة (136) فراجع .

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

[الحكمة 165]

لا طاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.

ص: 490


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
2- راجع : مدارك نهج البلاغة .
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الصدوق( ت / 381ه-) ، قال : حدثنا أبو الحسن محمّد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمر والروذ في داره، قال حدثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد الله النيسابوري، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سلميان الطائي بالبصرة، قال: حدثنا أبي في سنة ستين ومأتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضا علیهما السلام سنة أربع وتسعين ومائة - الى أن قال - وبهذا الاستاد عن علي بن أبي طالب علیه السلام انه قال: لا دين لمن دان بطاعة المخلوق ومعصية الخالق (1)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمّد الزراري ، قال : حدثنا عمي علي بن سليمان، قال: حدثنا محمّد بن خالد الطيالسي ، قال : حدثني العلاء

بن رزين، عن محمد بن مسلم الثقفي، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي علیه السلام يقول : لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله ، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله ، ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله .(2)

وروى العلامة المجلسي ( ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار عن الدقاق والمكتب والسناني ، عن الأسدي، عن النخعي، عن عمه النوفلي، عن ابن الفضل

الهاشمي، والسكوني جميعا، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه

و الحسين بن علي علیه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام وكان فيما أوصى به أن قال له يا علي من حفظ من امتي أربعين حديثا يطلب بذلك وجه الله عز وجل والدار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. فقال علي علیه السلام:

ص: 491


1- عيون أخبار الرضا ؛ للشيخ الصدوق 47:1.
2- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي

يا رسول الله أخبرني ما هذه الأحاديث ؟ فقال : أن تؤمن بالله وحده لا شريك له،

وتعبده .... الحديث (1)

وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-)، قال: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن زبيد عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي ، عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم قال : لا طاعة لبشر في معصية الله . [ قال عبد الله بن أحمد :] حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا ابن مهدي]

عن سفيان، عن زبيد عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي عن

علي ، عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم : قال : لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل. رواه البخاري ومسلم من حديث الأعمش، والبخاري وأبو داود، والنسائي من حديث شعبة، ومسلم، والنسائي من حديث وكيع، ومسلم من طريق غندر (2)

وبالاسناد عن ابن حجر العسقلاني (ت / 852ه- ) ، قال في حديث: «لا طاعة

البشر في معصية الله .... وفيه قصة أمير السرية. ابن خزيمة في السياسة : ثنا سلم بن جنادة ، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن

سعد وهو ابن عبيدة عنه ، به .

وعن محمد بن المثنى ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا سفيان ، عن زُبيد اليامي ، عن سعد

ابن عبيدة به مختصر

ابو عوانة في الإمارة: ثنا أبو داود الحراني، ثنا أبو عتاب

وعن يونس بن حبيب ثنا ابو داود

وعن أبي قلابة ، ثنا بشر بن عمرو أبو عتاب كلهم عن شعبة، عن زبيد .به.

ص: 492


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 2 154 .
2- جامع المسانيد 20:20 ، ط / 1415ه-.

وعن يونس أيضاً، عن أبي داود عن شعبة.

وعن إبراهيم القصار عن وكيع، وعن الصغاني، عن إسماعيل بن الخليل، عن

علي بن مسهر ثلاثتهم عن الأعمش به

وعن أبي داود ،الحراني، ثنا أبو عتاب ، ثنا شعبة ، عن منصور والأعمش جميعاً،

عن سعد بن عبيدة به .

ابن حبان في الثاني عشر من الأول : أنا الحسن بن سفيان ، أنا حبان ، أنا عبد الله

بن المبارك، عن ، عن شعبة، به

وفي الثاني من الثاني: أنا إبراهيم بن أبي أمية بطرسوس والحسين بن عبد الله

القطان بالرقة ، قالا : ثنا نوح بن حبيب ثنا ابن مهدي به.

وفي الحادي والثمانين منه : عن إبراهيم بن أبي أمية به. رواه أحمد : ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش به

وعن وكيع عن الأعمش، به عن محمّد بن جعفر، عن شعبة، عن زبيد

اليامي ، عن سعد بن عبيدة به.

وعن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن زبيد ببعضه: لا طاعة في

معصية الله عز وجل . (1)

قال عبد الله : ثنا عبيد الله بن عمر بن عمر القواريري، ثنا ابن مهدي به ومن الشواهد ما أرويه بالاسناد عن احمد بن حنبل في مسنده» ، وفيه : حدثنا

عبد الله ، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا ابن مهدي عن سفيان، عن زبيد عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي ، عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم قال :

لا طاعة لمخلوق في معصية الله عزوجل » .(2)

ص: 493


1- اتحاف المهرة 482:11، 5 / 1417ه-.
2- مسند أحمد بن حنبل :1 131

[ الحكمة 166]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

لا يُعَابُ المَرْءُ بِتَأْخِيرٍ حَقَّهِ، إِنَّما يُعابُ مَنْ أَخَذَ(1) ما لَيْسَ لَهُ.

صفر سنة

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الطوسي (ت / 460 ه-) في آخر خطبة للامام الحسن بن علي علیهما السلام ونصها: «أيها الناس انه

لا يعاب أحد بترك حقه، وانما يعاب من يأخذ ما ليس له . وقال الشيخ الطوسي في الأمالي في مجلس يوم الجمعة الحادي عشر من سبع وخمسين وأربع مائة - وفيه بقية أحاديث أبي المفضل محمّد بن عبد الله الشيباني. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد ب-ن الحسن بن علي الطوسي رضی الله عنه، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة وسألته، قال : حدثنا محمّد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الاشعري، قال: حدثنا علي بن

قال : حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمّد، عن

حسان الواسطي، أبيه ، عن جده علي بن الحسين علیهم السلام، قال : لما أجمع الحسن بن علي على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا، فصعد المنبر وأمر الحسن علیه السلام أن يقوم أسفل منه بدرجة ثم تكلم معاوية، فقال: أيها الناس هذا الحسن بن علي وابن فاطمة، رأنا للخلافة أهلا ، ولم ير نفسه لها أهلا، وقد أتانا ليبايع طوعا . ثم قال : قم يا حسن؟ فقام الحسن علیه السلام فخطب فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء، وتتابع النعماء، وصارف الشدائد والبلاء، عند الفهماء وغير الفهماء المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه، وعلوّه عن لحوق الاوهام

ص: 494


1- في ( أ ) : (من أخذ ، ومَن أخَذَ ، معاً).

ببقائه ، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رویات عقول الرائين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته، ووجوده ووحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اصطفاه

وأنتجبه وارتضاه ، وبعثه داعيا إلى الحق ، وسراجا منيرا ، وللعباد مما يخافون ،نذيرا ولما يأملون بشيرا، فنصح للامة ، وصدع بالرسالة، وأبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت وأحشر، وبها في الآجلة أقرب وأحبر واقول معشر

الخلائق فاسمعوا ولكم أفئدة وأسماع فعوا إنا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا، فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا (1) ، والرجس هو الشك، فلا نشك في الله الحق ودينه أبدا، وطهرنا من كل أفن وغيّة، مخلصين إلى آدم نعمة منه لم يفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما ، فأدت الامور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمّدا صلی الله علیه و آله وسلمللنبوة، واختاره للرسالة، وأنزل عليه كتابه ، ثم أمره بالدعاء إلى الله عز وجل فكان أبي علیه السلام أول من استجاب الله تعالى ولرسوله صلی الله علیه و آله وسلم وأول من آمن وصدق الله ورسوله، وقد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل : ( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدُ مِنْهُ )(2) فرسول الله الذي على بينة من ربه، وأبي الذي يتلوه ، وهو شاهد منه . وقد قال له رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حين أمره أن يسير إلى مكة والموسم ببراءة: سر بها يا علي فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل منّي وأنت هو يا علي فعلي من رسول الله ، ورسول الله منه، وقال له نبي الله صلی الله علیه و آله وسلم حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب علیهما السلام ومولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة اما انت يا علي فمني وأنا منك

ص: 495


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (الاحزاب : 33)
2- هود 17 .

وأنت ولي كل مؤمن بعدي . فصدق أبي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم سابقا ووقاه بنفسه ، ثم لم يزل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في كل موطن يقدمه، ولكل شديدة يرسله ثقة منه وطمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته الله ورسوله صلی الله علیه و آله وسلم ، وإنه أقرب المقربين من الله ورسوله، وقد قال الله عز وجل : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) وكان أبي سابق السابقين إلى الله عز وجل وإلى رسوله لله و أقرب الأقربين، فقد قال الله تعالى : ( لا

يَسْتَوِي مِنكُم مَنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً ) (2) فأبي كان أولهم

إسلاما وايمانا ، وأولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا، وأولهم على وجده ووسعه نفقة ، قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلَا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤوفُ رَحِيمُ ) (3)فالناس من جميع الامم يستغفرون له بسبقه إياهم الايمان بنبيه صلی الله علیه و آله وسلم، وذلك أنه لم يسبقه إلى الايمان أحد، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ )(4)فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز وجل فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين ، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين، وقد قال الله عز وجل : ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )(5) . فكان أبي المؤمن بالله واليوم الآخر، والمجاهد في سبيل الله ،حقا، وفيه نزلت هذه الآية. وكان ممن استجاب لرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عمه

ص: 496


1- الواقعة : 10 - 11 .
2- الحديد : 10 .
3- الحشر : 10 .
4- وتمام الآية : رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (التوبة : 100 )
5- وتمام الآية : ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجُ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِندَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (التوبة : 19) .

حمزة وجعفر ابن عمه ، فقتلا شهيدين رضي الله عنهما ، في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فجعل الله تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، وذلك لمكانهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنزلتهما وقرابتهما منه ، وصلى رسول الله على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه . وكذلك جعل الله تعالى لنساء

النبى صلی الله علیه و آله وسلم المحسنة منهنّ أجرين وللمسيئة منهنّ وزرين ضعفين لمكانهنّ من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم (1)، وجعل الصلاة في مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بألف صلاة في سائر المساجد إلا مسجد خليله إبراهيم بمكة ، وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه . وفرض الله عز وجل الصلاة على نبيه صلی الله علیه و آله وسلم على كافة المؤمنين (2) ، فقالوا: يا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، كيف الصلاة عليك ؟ فقال : قولوا : اللهم صل على محمّد وآل محمّد» فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي صلی الله علیه و آله وسلم فريضة واجبة . وأحل الله تعالى خمس الغنيمة لرسوله الله ، وأوجبها له في كتابه، وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له، وحرم عليه الصدقة وحرمها علينا معه، فأدخلنا - فله الحمد - فيما أدخل فيه نبيه له، وأخرجنا ونزّهنا مما أخرجه منه ونزهه عنه، ، كرامة أكرمنا الله عزوجل بها ، وفضيلة فضلنا بها على سائر العباد، فقال الله تعالى لمحمّد صلی الله علیه و آله وسلم حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (3)فأخرج

ص: 497


1- في قوله تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيُّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً وَ مَن يَقْنُتْ مِنكُنْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُزُتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رزناً كَرِيماً ) (الأحزاب: 30 -31)
2- في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلَّمُوا تسليماً ) (الأحزاب: 56) .
3- آل عمران: 61 .

رسول الله صلى الله عليه وسلم من الانفس معه أبي ومن البنين إياي وأخي ، ومن النساء أمي فاطمة من الناس جميعا، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ونحن منه وهو منا وقد قال الله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) (1) . فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأخي وأمي وأبي، فجللنا ونفسه في كساء لامّ سلمة خيبري، وذلك في حجرتها وفي يومها، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، وهؤلاء أهلي وعترتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقالت أم سلمة رضي الله عنها : أدخل معهم يا رسول الله ؟ فقال لها صلی الله علیه و آله وسلم: يرحمك الله ، أنت على خير وإلى خير ، وما أرضاني عنك ! ولكنها خاصة لي ولهم . ثم مكث رسول الله الله بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه ، يأتينا كل عند طلوع الفجر فيقول : الصلاة يرحمكم الله إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمْ

الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً .

وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك ، فقال: «إني لم أسد أبوابكم وافتح باب علي من تلقاء نفسي، ولكني اتبع ما يوحى إليَّ، وإن الله أمر بسدها وفتح بابه ، فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويولد فيه الاولاد غير رسول الله وأبي علي بن أبي طالب علیهما السلام، تكرمة من الله تعالى لنا، وفضلا اختصنا به على جميع الناس وهذا باب أبي قرين باب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في مسجده ، ومنزلنا بين منازل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وذلك أن الله أمر نبيه صلی الله علیه و آله وسلم أن يبني مسجده، فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه وأزواجه وعاشرها وهو متوسطها لأبي ، فها هو لبسبيل مقيم، والبيت هو المسجد المطهر، وهو الذي قال الله تعالى: أَهْلَ الْبَيْتِ ) (2) ، فنحن أهل البيت، ونحن ﴿

ص: 498


1- لاحزاب : 33.
2- لاحزاب : 33.

الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهير)(1)

أيها الناس ، إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله عزوجل وخصنا به

من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيه الا الله لم أحصه، وأنا ابن النبي النذير البشير، السراج المنير، الذي جعله الله رحمة للعالمين، وأبي علي، وليّ المؤمنين ، وشبيه هارون ، وإن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا ، ولم أر نفسي لها أهلا فكذب معاوية، وأيم الله لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، و غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا، ونزل على رقابنا وحمل الناس

على أكتافنا ومنعنا سهمنا في كتاب الله من الفئ والغنائم ، ومنع أمنا فاطمة إرثها

من أبيها . إنا لا نسمّي أحدا، ولكن أقسم بالله قسما تاليا، لو أن الناس سمعوا قول

الله عز وجل ورسوله ، لاعطتهم السماء قطرها، والارض بركتها، ولما اختلف هذه الامة سيفان ولاكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، وما طمعت فيها يا ،معاوية، ولكنها لما أخرجت سالفا من معدنها وزحزحت عن قواعدها، تنازعتها قریش ،بينها، وترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك، وقد قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «ما ولّت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا». وقد تركت بنو إسرائيل - وكانوا أصحاب موسى علیه السلام- هارون أخاه وخليفته ، ووزيره وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم، وهم يعلمون أنه خليفة موسى، وقد سمعت هذه الامة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك لابي إنه منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وقد رأوا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه، ونادى

ص: 499


1- اقتباس من قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهُرَكُمْ تَطهيراً) (الأحزاب : 33).

له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حذارا من قومه إلى الغار - لما أجمعوا أن يمكروا به، وهو يدعوهم - لما لم يجد عليهم أعوانا، ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم. وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر ، ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، وقد جعل في سعة كما جعل النبي صلی الله علیه و آله وسلم في سعة. وقد خذلتني الامة وبايعتك يابن حرب، ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، وقد جعل الله عز وجل هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه(1) ، كذلك أنا وأبي في سعة حين تركتنا الامة وبايعت

غيرنا ، ولم نجد عليهم أعوانا ، وإنما هي السنن والامثال تتبع بعضها بعضا . أيها الناس إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جدّه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوه وصيّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لم تجدوا غيري وغير أخي، فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان، وكيف بكم؟ وأنى ذلك منكم ! ألا وإني قد بايعت هذا - وأشار بيده إلى معاوية - ( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعُ إلَى حِين ) (2)

أيها الناس إنه لا يعاب أحد بترك حقه، وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكل صواب نافع وكل خطأ ضار لاهله، وقد كانت القضية ففهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضر ،داود فاما القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب وهو في الموت: «قل لا إله إلا الله، أشفع لك بها يوم القيامة ولم يكن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول له إلا ما يكون منه على يقين وليس ذلك لاحد من الناس كلهم غير شيخنا - أعنى أبا طالب - يقول الله عز وجل:

ص: 500


1- قال تعالى : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَقْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعْجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أَمْ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (الأعراف : 150) .
2- الأنبیاء : 111 .

وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ

وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارُ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً )(1) .

أيها الناس، اسمعوا وعوا، واتقوا الله وراجعوا وهيهات منكم الرجعة إلى الحق، وقد صارعكم النكوص ، وخامركم الطغيان والجحود: (أنلزمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) (2) والسلام على من اتبع الهدى قال: فقال معاوية : والله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الارض وهممت أن

أبطش به، ثم علمت أن الاغضاء أقرب إلى العافية . (3)

[ الحكمة 170]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

ترك الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِن طَلَبِ التَّوْبَةِ .

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني (ت / 328ه-) باسناده عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم عن بعض اصحابه، عن ابي العباس البقباق ، قال : قال ابو عبد الله علیه السلام: قال أمير المؤمنين علیه السلام: ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، وكم من شهوة ساعة اورثت حزنا طويلاً، والموت فضح الدنيا فلم يترك لذي

لب فرحاً» (4)

ص: 501


1- النساء : 18
2- وتمام الآية: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيْنَةٍ مِن رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةٌ مِنْ عِندِهِ فَعَمُيَتْ عَلَيْكُمْ أَنلر مُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) (هود: 28) .
3- الأمالي؛ للشيخ الطوسي : 561-567.
4- الكافي :.

[ الحكمة 172]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

اَلنّاسُ أَعْداءُ ما جَهِلُوا.

قال العرشي في التخريج ما نصّه : رواها الثعالبي في الايجاز والاعجاز (8) ، وروى الشيخ المفيد في الامالي [بحار الانوار ج 17 ص 107] وشيخ الطائفة في الأمالي ( 315) بلفظ ( من جهل شيئا عاداه)(1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد المتقدم في الحكمة

(81) بالمعنى قوله : من جهل شيئاً عاداه.

[ الحكمة 173]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مَن أَسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الآراءِ عَرَفَ مَواقعَ الْخَطاً.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

( ت / 328ه-) في خطبة الوسيلة، وقد تقدم في الحكمة (34) ، فراجع .

[ الحكمة 182]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

لا خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ. قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

ص: 502


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

( ت / 328ه-) في خطبة الوسيلة، وقد تقدم في الحكمة (34) ، ونقله البلاذري

(ت / 279 ه-) فراجع الخطبة ( 42 ) .

[ الحكمة 184]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

ما شككت في الحق مذ أريته.

قال الجلالي: وردت هذه الحكمة في الخطبة الرابعة، فراجع.

[ الحكمة 185]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضُلّ بي.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 202 ه-) في وقعة صفّين قال : عن عمر بن سعد وعمرو بن شمر

عن جابر، عن أبى جعفر قال: قام علي فخطب الناس بصفين يومئذ فقال: الحمد لله على نعمه الفاضلة على جميع من خلق من البر والفاجر، وعلى حججه البالغة على خلقه من أطاعه فيهم ومن عصاه . إن رحم فبفضله ومنه ، وإن عذب فبما كسبت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد. أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، وأستعينه على ما نابنا من أمر دنيا أو آخرة، وأؤمن به وأتوكل عليه، وكفى بالله وكيلا . وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق، ارتضاه لذلك، وكان أهله ، اصطفاه

على جميع العباد لتبليغ رسالته، وجعله رحمة منه على خلقه، فكان كعلمه فيه

ص: 503

رؤوفا رحيما أكرم خلق الله حسبا، وأجمله منظرا، وأسخاه نفسا، وأبره بوالد، وأوصله لرحم، وأفضله علما، وأثقله حلما، وأوفاه بعهد، وآمنه على عقد، لم يتعلق عليه مسلم ولا كافر بمظلمة قط ، بل كان يظلم فيغفر ويقدر فيصفح ،ويعفو، حتى مضی صلی الله علیه و آله وسلم مطيعا الله صابرا على ما أصابه ، مجاهدا في الله حق جهاده أتاه اليقين صلی الله علیه و آله وسلم، فكان ذهابه أعظم المصيبة على جميع أهل الأرض والبر والفاجر ثم ترك كتاب الله فيكم يأمر بطاعة الله وينهى عن معصيته . وقد عهد إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عهداً فلست أحيد عنه، وقد حضرتم عدوّكم ، وقد علمتم من رئيسهم ، منافق ابن منافق يدعوهم إلى النار ، وابن عم نبيكم معكم بين أظهركم يدعوكم إلى الجنة وإلى طاعة ربكم، ويعمل بسنة نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم. فلا سواء من صلى

قبل كل ذكر لم يسبقني بصلاتي مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أحد، وأنا من أهل بدر ومعاوية طليق ابن طليق . والله إنكم لعلى حق وإنهم لعلى باطل، فلا يكونن القوم على باطلهم اجتمعوا عليه، وتفرقون عن حقكم حتى يغلب باطلهم حقكم. قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم. فإن لم تفعلوا يعذبهم بأيدي غيركم. فأجابه أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين انهض بنا إلى عدونا وعدوك إذا شئت، فوالله ما نريد بك بدلا نموت معك ونحيا معك . فقام لهم عليّ مجيبا لهم : والذي نفسي بيده لنظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أضرب قدامه بسيفي فقال: «لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي». وقال: يا على أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وموتك وحياتك يا علي معي .. والله ما كذبت ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي وما نسيت ما عهد إلى ، وإنى لعلى بينة من ربي، وإني لعلى الطريق الواضح ألفظه لفظا(1)

ص: 504


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 313 - 315

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في الأمالي ، قال : حدثنا محمّد بن الحافظ البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن عبد العزيز بن الجعد، قال حدثنا

عمر عبد الرحمن بن صالح ، قال : حدثنا شعيب بن راشد عن جابر عن أبي جعفر علیه السلام، قال : قام علي يخطب الناس بصفّين يوم جمعة، وذلك قبل الهرير بخمسة أيام، فقال:

الحمد لله على نعمه الفاضلة على جميع خلقه البر والفاجر، وعلى حججه البالغة على خلقه من عصاه وأطاعه، إن يعف فبفضل منه ، وإن يعذب فبما قدمت أيديهم، وما الله بظلام للعبيد. أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، واستعينه على ما نابنا من أمر ديننا وأؤمن به، وأتوكل عليه، وكفى بالله وكيلا.

ثم إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمّدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودينه الذي ارتضاه ، وكان أهله ، واصطفاه على جميع العباد بتبليغ رسالته وحججه على خلقه، وكان كعلمه فيه رؤوفا رحيما أكرم خلق الله حسبا وأجملهم ،منظرا ، وأشجعهم نفسا، وأبرهم بالوالد وأمنهم على عقد، لم يتعلق علیه مسلم ولا كافر بمظلمة قط ، بل كان يظلم فيغفر ، ويقدر فيصفح ويعفو، حتى مضى مطيعا الله ، صابرا على ما أصابه مجاهدا في الله حق جهاده، عابدا الله حتى أتاه اليقين، فكان ذهابه علیه السلام أعظم المصيبة على جميع أهل الأرض البر والفاجر ثم ترك فيكم كتاب الله يأمركم بطاعة الله وينهاكم عن معصيته. وقد عهد إلي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم له عهد ا لن أخرج عنه ، وقد حضركم عدوكم، وقد عرفتم من رئيسهم، يدعوهم إلى باطل، وابن عم نبيكم صلی الله علیه و آله وسلم بين أظهركم يدعوكم إلى طاعة ربكم ، والعمل بسنة نبيكم ، ولا سواء من صلى قبل كل ذكر ، لم يسبقني بالصلاة غير نبي صلی الله علیه و آله وسلم ، وأنا والله من أهل بدر، والله إنكم لعلى الحق، وإن القوم لعلى الباطل، فلا يصبر القوم القوم على باطلهم ، ويجتمعوا عليه، وتتفرقوا عن حقكم، قاتلوهم

ص: 505

يعذبهم الله بأيديكم، فإن لم تفعلوا ليعذبنهم الله بأيدي غيركم. فأجابه أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين انهض إلى القوم إذا شئت، فوا الله ما

نبغي بك بدلا، نموت معك ونحيا .

فقال لهم مجيباً لهم والذي نفسي بيده ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أضرب قدامه بسيفي ، فقال : لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي . ثم قال لي يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ، وحياتك - ي-ا ع-ل-ي - وموتك معي ، فوالله ما كذبت ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي ولا نسيت ما عهد إلي إني إذن لنسي، وإني لعلى بينة من ربي بيّنها لنبيّه صلی الله علیه و آله وسلم، فبينها لي، وإني

، لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطا . ثم نهض إلى القوم يوم الخميس، فاقتتلوا من حين طلعت الشمس حتى غاب الشفق، ما كانت صلاة القوم يومئذ إلا تكبيرا عند مواقيت الصلاة ، فقتل على علیه السلام يومئذ بيده خمسمائة وستة نفر من جماعة القوم فأصبح أهل الشام ينادون يا علي اتق الله في البقية، ورفعوا المصاحف على أطراف القنا . (1)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي (ت / 460 ه-) في الأمالي عن أبي عمر قال: اخبرنا احمد قال: حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا أبي، قال: حدثنا جابر عن عبد الله بن نجي بن نجي، قال: سمعت علي بن أبي طالب علیه السلام يقول : صليت مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قبل أن يصلي معه أحد من الناس ثلاث سنين، وكان مما عهد إلي أن لا يبغضني مؤمن، ولا يحبني كافر أو منافق والله ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضل بي ، ولا نسيت ما عهد إلي .(2)

وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-) أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا

ص: 506


1- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 490 - 491 .
2- الأمالي للشيخ الطوسي : 261

أبو بكر الشامي ، أنا أبو الحسن العتيقي، أنا يوسف بن أحمد بن الدخيل ، نا محمد بن عمر و العقيلي، نا الحسين بن محمظبد بن مصعب نا عباد بن یعقوب نا حسین حماد، نا فطر بن خليفة عن أبي وائل قال: قال علي علیه السلام: والله ما ضللت ولا

بن ضل بي، ولا نسيت الّذي قيل لي وإنّي لعى بينة من ربي، تبعني من تبعني وتركني من تركني(1)

بالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-) قال عبد الله بن أحمد : حدثني حجاج بن يوسف الشاعر حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا يزيد بن أبي صالح أن أبا الوضيء عباداً حدثه أنه قال : كنا عامدين إلى الكوفة مع علي بن أبي طالب، فلما بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلاث من حروراء، شذ منا ناس كثير، فذكرنا ذلك لعلي فقال : لا يهولنكم أمرهم، فإنهم سيرجعون، فذكر الحديث بطوله ، قال : فحمد الله علي بن أبي طالب وقال : إن خليلي أخبرني أن قائد هؤلاء رجل مخدج اليد، على حلمة ثديه شعرات كأنهن ذنب اليربوع، فالتمسوه فلم يجدوه، فأتيناه فقلنا : إنا لم نجده فقال: فالتمسوه، فوالله ما كذبت ولا كذبت ، ثلاثاً، فقلنا: لم نجده، فجاء علي بنفسه، فجعل يقول اقلبوا ذا اقلبوا ذا حتى جاء رجل من الكوفة فقال:

: هوذا، قال على الله أكبر، لا يأتيكم أحد يخبركم من أبوه، فجعل الناس يقولون: هذا ملك ! هذا ملك ! يقول علي : ابن من هو ؟!. رواه أبو داود في السنة، عن محمد بن عبيد بن حساب، عن حماد بن زيد

عن جميل بن مرة، عنه به (2)

وقال: حدّثنا إسماعيل بن موسى، حدثنا الربيع بن سهل الفزاري، حدثني

سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة ، قال :

ص: 507


1- تاریخ مدينة دمشق 42: 534 .
2- جامع المسانيد 3287:20، ط / 1417ه-.

سمعتُ علياً على المنبر . وأتاه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، مالي أراك تستحيل الناس استحالة الرجل إبله ، أبعهد من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، أو شيئاً رأيته ؟ قال : والله ما كذبت ولا كذبت ولا ظللت ولا ضل لي، بل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عهده

الي ، وقد خاب من افترى . (1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه- ) عن عبد الله بن نجي، قال: سمعت عليا :يقول ما ضللت ولا ضل بي وما نيست ما عهد إلي ، واني لعلى بينة من ربي بينها لنبيه صلی الله علیه و آله وسلم ، وسنّها لي، واني لعلى الطريق . (عق . كر ) . (2)

[الحكمة 188]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

من أبدى صفحته للحق هلك عند جهلة الناس (3) .

قال الجلالي وردت هذه الحكمة في الخطبة رقم (16) فراجع . :

[ الحكمة 189]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ لَمْ يُنجِهِ الصَّبْرُ أَهْلَكَهُ الْجَزَعُ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي (ت / 975 ه-) في كنز العمال، عن علي بن ربيعة ، قال : سمعت عليا على المنبر

ص: 508


1- جامع المسانيد 160:20 ، ط / 1417ه-.
2- كنز العمال :13 : 164 ، الحديث رقم 36499
3- لم ترد عند جهله الناس) في «أ» «ب».

وأتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما لي أراك تستحل الناس استحالة الرجل إبله ؟

أبعهد من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أو شيئا رأيته ؟ قال : والله ما كذبت ولا كذبت ولا ظللت

ولا ضل بي بل عهد من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عهده إلى وقد خاب من افترى عهد إليّ النبي صلی الله علیه و آله وسلم هو أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. (البزار، ع) (1)

[ الحكمة 190]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

واعَجَبًا أَتَكُونُ الْخِلافَةُ بِالصَّحابَةِ ، وَلا تَكُونُ بِالصَّحَابَةِ وَالْقَرَابَةِ !

قال الرضيّ رحمه الله تعالى(2) : وقد روى له شعر قريب من هذا المعنى وهو:

فَإِنْ كُنْتَ بِالشُّورى مَلَكْتَ أُمُورَهُمْ ***فَكَيْفَ بهذا وَالمُشِيرُونَ غُيَّبُ

وَإنْ كُنتَ بِالْقُرْبِي حَجَجْتَ خَصِيمَهُمْ ***فَغَيْرُكَ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ وَأَقْرَبُ

قال الجلالي: نسخ نهج البلاغة في هذا الموضع مختلفة، وفي بعضها كالآتي: واعجبا أتكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة ؟ والشعر

المذكور يتلائم مع هذه الزيادة كما شرحت ذلك في المقدمة، فراجع . قال الشريف الرضي ( ت / 406 ه- ) في خصائص الأئمة: وقال في شأن

الخلافة ، واعجبا أتكون الخلافة بالصحابة، ولا تكون بالصحابة والقرابة. ويروى والقرابة والنص. ويروى له شعر في هذا المعنى، وهو:

فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم*** فكيف بهذا والمشيرون غيّب

وإن كنت بالقربی حججت خصيمهم ***فغيرك أولى بالنبي وأقرب

ص: 509


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي :11 : 327 ، الرقم 31649 .
2- لم ترد : (قال الرضي رحمه الله تعالى فى ( أ )

ولقد أوضح بهذا القول نهج المحجة، وأخذ على خصومه بمضائق الحجة. سئل أبو جعفر الخواص الكوفي - وكان هذا رجلا من الصالحين ويجمع مع ذلك التقدم في العلم بمتشابه القرآن وغوامض ما فيه وسائر معانيه - عما جاء في الخبر أنه من أحسن عبادة الله في شيبته. ألقى الله الحكمة عند سنه . فقال : كذا قال الله عز وجل: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدُهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ) (1) ثم قال تعالى: ﴿ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) (2)وعدا عليه حقا. ألا ترى أن عليا أمير المؤمنين علیه السلام، آمن صغيرا فلم يلبث أن صار ناطقا حكيما ، فقال علیه السلام: رحم الله امرءا سمع الله امرءا سمع حكما فوعى، وأخذ

بحجزة هاد فنجي، قدم خالصا وعمل صالحا واكتسب مذخورا، واجتنب محذورا رمی غرضا، وأحرز ،عوضا خاف ذنبه ، وراقب ربه، وجعل الصبر مطية نجاته والتقوى عدة وفاته اغتنم المهل، وبادر الأجل، وقطع الأمل، وتزوّد من العمل. ثم قال ابو جعفر فهل رأيت كلاما أوجز أو وعظا أبلغ من هذا؟ وكيف

لا يكون كذلك، وهو خطيب قريش ولقمانها صلی الله علیه و آله وسلم(3)

[ الحكمة 192]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

يَا بْنَ آدَمَ ما كَسَبْتَ فَوْقَ قُوتِكَ فَأَنْتَ فِيهِ خَازِنٌ لِغَيْرِكَ.

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواها ابن قتيبة في عيون الأخبار

[ج 2 ص 371](4)

ص: 510


1- يوسف : 23 .
2- یوسف : 22 .
3- خصائص الأئمة ؛ للشريف الرضي111.
4- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري ( ت / 279ه-) عن المدائني ، قال : كان علي يقول : يابن آدم ما كسبت فوق فوتك فأنت فيه

خازن لغيرك .(1)

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

[ الحكمة 193 ]

إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَهْوَةً وَإِقْبَالاً وَإِدْباراً ، فَأْتُوهَا مِنْ قِبَلِ شَهْوَتِهَا وَإِقْبَالِهَا، فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذا

أُكْرِهَ عَمِي. قال العرشي في التخريج ما نصّه:[ رواها المبرد في الكامل[ ج 2 ص 2] .(2) قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الجاحظ ( ت / 255 ه-) في المائة كلمة الرقم (59) ، فراجع الحكمة (13) . وقال البلاذري (59) (ت / 279 ه-) : حدثني عبد الله بن صالح ، قال : سمعت اسرائيل يحدث أن عليا علیه السلام قال ان للقلوب شهوة واقبالاً وادباراً ، فأتوها من قبل شهوتها واقبالها، فان القلب اذا اكره ملّ. وأتي علیه السلام بجان ومعه غوغاء فقال : لا مرحباً بوجوه لا ترى إلا عند سوءٍ . (3)

[ الحكمة 195]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَقَدْ مَرَّ بِقَدَرٍ عَلَى مَرْيَلَةٍ :

هذا ما بَخِلَ بِهِ الْباخِلُونَ.

ص: 511


1- انساب الاشراف 114:2 ، ط / 1394ه-.
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
3- انساب الاشراف :2 114 - 115 ، ط / 1394ه-.

وَفِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ قالَ : هذا ما كُنتُمْ تَتَنَافَسُونَ فِيهِ بِالْأَمْسِ .

قال البلاذري ( ت / 279ه-) : وحدثني عبد الله بن صالح، عن ابن المجالد ، عن (ت 279

أبيه ، عن الشعبي أن عليا مرّ على قذر بمزبلة فقال : هذا ما يخل به الباخلون(1)

[ الحكمة 196]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

لَمْ يَذْهَبْ مِنْ مالِكَ ما وَعَظَكَ .

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « رواها المبرد في الكامل [ج 1 ص 120]

وقال : من أمثال العرب» . (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري ( ت / 279 ه-) ،

فراجع الحكمة .(91) .

[ الحكمة 197]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَما تَمَلُّ الْأَبْدانُ فَابْتَغُوا لَها طَرَائِفَ الْحِكم.

قال الجلالي: تقدم في الحكمة (91) . وفيها ) طرائف (الحكمة) بدل (الحكم ) وبالاسناد عن المتقي الهندي (ت / 975 ه-) في كنز العمال ، عن علي رضی الله عنه قال: 975ه-. أجمّوا هذه القلوب، فاطلبوا لها طرف الحكمة، فانها تمل كما تمل الابدان . (ابن عبد البر في العلم والخرائطي في مكارم الاخلاق وابن السمعاني في الدلائل ) . (3)

ص: 512


1- انساب الاشراف :2 134 ، ط / 1394ه- .
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.
3- كنز العمال 3 669 ، الرقم 8411

[ الحكمة 198]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمّا سَمِعَ قَوْلَ الْخَوارِج: «لا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ » -:

كَلِمَةُ حَقٌّ يُرادُبِها باطِلٌ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه- ) : وقوله علیه السلام: كلمة حق يراد بها (ت

باطل رويت هذه الكلمة في تاريخ الطبري وغيره . انتهى . (1)

[ الحكمة 199]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

فِي صِفَةِ الْغَوْعَاءِ : هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا غَلَبُوا، وَإِذا تَفَرَّقُوا

لَمْ يُعْرَفُوا. وَقِيلَ : بَلْ قال عَلَيْهِ السَّلامُ هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا ضَرُّوا (2)، وَإِذا تَفَرَّقُوا نَفَعُوا .

فَقِيلَ : قَدْ عَلِمْنا مَضَرَّةَ اجْتِمَاعِهِمْ، فَما مَنْفَعَةُ أَفْتِراقِهِمْ؟ فَقالَ : يَرْجِعُ أَصْحابُ المِهَنِ إِلى مِهَنِهِمْ فَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِمْ كِرْجُوعِ الْبَنَاءِ إِلَى بِناتِهِ،

وَالنَّسَاجِ إِلى مَنْسَجِهِ ، وَالْخَبَازِ إِلى مَخْبَرِهِ.

قال البلاذري ( ت / 279 ه-) : وقال المدائني : سئل علي عن الغوغاء فقال : هم( 279ه-)

الذين اذا اجتمعوا غلبوا ، واذا تفرقوا لم يعرفوا وقال علیه السلام واتي بجان ومعه غوغاء

فقال : لا مرحباً بوجوه لا ترى إلّا عند كل سوأة (3).

وراجع الحكمة .(193).

ص: 513


1- مدارك نهج البلاغة : 109 .
2- شبه حركة اجتماعهم بهيجان البحر والتطامه .
3- انساب الاشراف 1142 ، ط / 1394.

[ الحكمة 201]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

إِنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ مَلَكَيْنِ يَحْفَظانِهِ ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلْيا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ،

وَإِنَّ الأَجَلَ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين : نصر، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي إسحاق، قال: خرج علي يوم صفين وفي يده عنزة، فمر على سعيد بن

يس الهمداني ، فقال له فقال له :سعيد: أما تخشى يا أمير المؤمنين أن يغتالك أحد وأنت قرب عدوك ؟ فقال له علي إنه ليس من أحد إلا عليه من الله حفظة يحفظونه من أن يتردى في قليب، أو يخر عليه حائط ، أو تصيبه ،آفة، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه(1)

وبالمعنى ما تقدم بالاسناد عن الكليني ( ت / 328ه-) في الخطبة رقم (62)

فراجع ، وكذا ما عن للصدوق ( ت / 381ه-) في التوحيد : 367 - 368، ما نصه :

حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان :قال حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال حدثنا علي بن زياد قال حدثنا مروان بن معاوية ، عن الاعمش، عن أبي حيان التيمي ، عن أبيه - وكان مع علي علیه السلام يوم صفين وفيما بعد ذلك - قال : بينا علي بن أبي طالب علیه السلام يعبئ الكتائب ي-وم صفين ومعاوية مستقبله على فرس له يتأكل تحته تأكلا، وعلي على فرس رسول الله الله صلی الله علیه و آله وسلم المرتجز، وبيده حربة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، وهو متقلد سيفه ذو الفقار فقال رجل من أصحابه احترس يا أمير المؤمنين فإنا نخشى أن يغتالك هذا الملعون ، فقال علیه السلام: لئن قلت ذاك إنه غير مأمون على دينه وإنه لاشقى القاسطين

ص: 514


1- وقعة صفين؛ النصر بن مزاحم المنقري : 250 .

وألعن الخارجين على الأئمة المهتدين ، ولكن كفى بالاجل حارسا ليس أحد من الناس إلا ومعه ملائكة حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر أو يقع عليه حائطا أو يصيبه سوء ، فإذا حان أجله خلوا بينه وبين ما يصيبه، وكذلك، أنا إذا حان أجلي انبعث أشقاها، فخضب هذه من هذا - وأشار إلى لحيته ورأسه - عهدا معهودا ووعدا غير مكذوب... والحديث طويل، أخذنا منه موضع الحاجة. وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق، قال: أخبرنا

أبو محمد إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر ، أنا عمر بن أحمد بن عمر بن مسرور، أنا الشيخ الزاهد أبو العباس عبيد الله بن محمّد بن نافع، حدثني أبو عبد الله خلف بن محمّد بن سفيان بن زياد بن عبد الله بن مالك بن دينار، نا ابن أبي الدنيا، نا عبد الرحمن بن صالح نا عبد الرحيم بن سليمان، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حريث ، قال : مرّبنا علي بصفين وليس معه أحد ، فقال له : سعيد أما تخشى أن يقاتلك عدوّ فإني لا أرى معك أحداً ، قال : إن لكل عبد حفظة يحفظونه لا يخر عليه حائط أو يتردى في بئر حتى إذا جاء القدر الذي قدّر له خلت عنه الحفظة فأصابه ما شاء الله أن يصيبه كذا قال، وإنما هو

ابن أبي جندب . أخبرناه أبو غالب محمد بن الحسن أنا أبو الحسن محمّد بن علي بن أحمد

نا أحمد بن إسحاق النهاوندي، أنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن يعقوب المتوثي، نا أبو داود سليمان بن الأشعث نا عبدة بن عبد الله، عن إسرائيل ب-ن أبي إسحاق، عن عمرو بن أبي جندب قال: كنا جلوسا عند سيدنا سعيد بن قيس بصفين إذ جاء أمير المؤمنين متوكنا على عنزة وإن الصفين ليترأيان بعدما اختلط الكلام فقال له سعيد أمير المؤمنين ؟ قال : نعم قال سبحان الله أما تخاف أن يقتلك أحد ؟ قال : لا ، إنه ليس من عبد إلّا ومعه حفظة من أن يصيبه

ص: 515

حجر أو يخر من جبل أو يقع أو يصيبه دابة، حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه وأظن عمرا هذا هو أبو بصير.

بهذا أخبرنا أبو غالب أيضا، أنا محمد بن علي، أنا أحمد بن إسحاق، نا محمد

بن أحمد بن يعقوب ، نا أبو داود نا داود بن أمية، نا مالك بن سعير ، نا الأعمش عن أبي إسحاق، عن أبي بصير ، قال : كنا جلوسا حول سيدنا الأشعث بن قيس إذ جاء رجل بيده عنزة، فلم يعرفه وعرفه قال أمير المؤمنين ؟ قال: نعم، ، قال:

تخرج هذه الساعة وأنت رجل محارب ؟ قال: إن على من الله جنة حصينة ، فإذا جاء القدر لم يغن شيئا، إنه ليس من الناس أحد إلا وقد وكل به ملك ولا تريده دابة ولا شئ إلا قال: أتقه أتقه، فإذا جاء القدر خلا عنه .

عطاء بن

قال: ونا أبو داود نا محمّد بن بشار نا عبد الرحمن نا زائدة بن ، قدامة بن السائب عن أبي البختري عن يعلى بن مرة، قال: كان علي يخرج بالليل إلى المسجد ليصلي تطوّعاً، وكان الناس يفعلون ذلك حتى كان شبث الحروري ، فقال بعضنا البعض: لو جعلنا علينا عقبا يحضر كل ليلة منا عشرة فكنت في أول من حضر، فألقى درته ثم قام يصلي، فلما فرغ أتانا فقال: ما يجلسكم ؟ قلنا نحرسك، فقال: من أهل السماء ؟ قال : فإنه لا يكون في الأرض شئ حتى يقضى في السماء، وإن علي من الله جنّة حصينة، فإذا جاء أجلي كشف عني، وإنه لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه ليكن ليصيبه .

قال ونا أبو داود نا محمّد بن كثير ناهمام ، عن عطاء بن السائب، عن يعلى بن مرة قال ائتمرنا أن نحرس عليا كل ليلة عشرة ، قال : فخرج فصلى كما كان يصلي، ثم أتانا فقال: ما شأن السلاح ؟ - وساق نحو حدیث قبله قال : لا يجد عبد أو يذوق حلاوة الإيمان حتى يستيقن يقينا غير ظان أن ما أصابه لم يكن ليخطئه،

ص: 516

وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

قال: وقال قتادة: إن آخر ليلة أنت على عليّ ، قال : جعل لا يستقر ، فارتاب به أهله فجعل يدس بعضهم إلى بعض حتى اجتمعوا ، قال : فناشدوه، فقال: إنه ليس من عبد إلا ومعه ملكان يدفعان عنه ما لم يقدر - أو قال : ما لم يأت القدر - فإذا أتى القدر خليا بينه وبين ،القدر، قال: وخرج إلى المسجد ، يعني فقتل. أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن ،معروف نا الحسين بن الفهم نا محمد بن سعد، نا إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن عمارة بن أبي حفصة، عن أبي مجلز، قال: جاء رجل من مراد إلى علي وهو يصلي في المسجد فقال : احترس فإن ناسا من مراد يريدون قتلك ، فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه وإن الأجل جنّة حصينة . (1)

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

[ الحكمة 203]

أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا الله الَّذِي إِنْ قُلْتُمْ سَمِعَ ، وَإِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ، وَبادِرُوا الْمَوْتَ الَّذِي

إِنْ هَرَبْتُمْ أَدْرَكَكُمْ، وَإِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ، وَإِنْ نَسِيتُمُوهُ ذَكَرَكُمْ.

قال العرشي في التخريج ما نصّه : رواها المبرد في الكامل [ج 1 ص 223]

وقال : قال علي بن ابي طالب رضی الله عنه في خطبه له » .(2) قال الجلالي من الموافقات ما أرويه بالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571 ه-)

ص: 517


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 554
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957

في تاريخ مدينة دمشق، قال: كتب إلي أبو بكر عبد الغفار بن محمّد وحدثني أبو المحاسن الطنبسي عنه، أنا أبو بكر الحيري.

(ح) وأخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل أنا أبو عثمان الصابوني، أنا أبو محمّد عبد الرحمن بن أحمد المقرئ ، قالا : نا أبو العباس محمّد بن يعقوب بن يوسف، نا عبد الله بن أحمد يعني ابن المستورد - زاد المقرئ الأشجعي - وقالا : الكوفي ، نا أحمد بن صبيح الأسدي حدثني حسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب، قال: صعد علي ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه وذكر الموت فقال : عباد الله الموت ليس منه فوت، إن أقمتم له أخذكم وإن فررتم منه أدرككم ، فالنجاء النجا والوحا الوحا وراءكم طالب حثيث القبر، فاحذروا ضغطته وظلمته ووحشته ، ألا وإن القبر حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة ، ألا وإنه يتكلم في كل يوم ثلاث مرات فيقول: أنا بيت الظلمة، أنا بيت الدود، أنا بيت الوحشة ، ألا وإن وراء ذلك يوم يشيب فيه الصغير ويسكر فيه الكبير ( وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَاهُم بِسُكَارَىٰ ) - وقال الشيروي سكرى وما هم بسكرى - ( وَلكِنِّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدُ ) (1) ألا وإن ﴾ وراء ذلك ما هو أشد منه نار حرها شديد وقعرها بعيد، وحليها حديد، وخازنها ملك ليس الله فيه - وفي حديث الحيري فيها - رحمة . قال : ثم بكى وبكى المسلمون حوله ثم قال: وإلى وراء ذلك جنة عرضها

السموات والأرض - وفي حديث الحيري عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للمتقين، جعلنا الله وإياكم من المتقين، وأجارنا وإياكم من

العذاب الأليم (2)

ص: 518


1- الحج : 2 .
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 495:42 496

[ الحكمة 207]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ، فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ إِلَّا أَوْشَكَ أَن يَكُونَ مِنْهُمْ. قال الجلالي: ومن التعقيبات : ما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328 ه-) في الكافي عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن علي بن الحكم ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام: قال : إن الله عز وجل يحب الحيي الحليم . وعنه ، عن علي بن حفص العوسي الكوفي ، رفعه إلى أبي عبد الله علیه السلامصلى الله عليه وسلم قال : قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أعز الله بجهل قط ولا أذل بحلم قط

وعنه ، عن بعض أصحابه، رفعه قال : قال أبو عبد الله علیه السلام: كفى بالحلم ناصرا،

وقال: إذا لم تكن حليما فتحلم(1)

[ الحكمة 208]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ حاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ، وَمَنْ غَفَلَ عَنْها خَسِرَ، وَمَنْ خَافَ أَمِنَ، وَمَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ،

وَمَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ. وَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ.

قال الجلالي: وبالمعنى ما أرويه بالاسناد عن العلامة المجلسي (ت / 1111ه- ) في بحار الأنوار عن الشيخ الطوسي في الامالي عن المفيد، عن الحسين بن محمّد التمار ، عن محمّد بن قاسم الانباري، عن أحمد ابن عبيد عن عبد الرحيم

ص: 519


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 : 152.

بن قيس الهلالي، عن العمري، عن أبي حمزة السعدي، عن أبيه، قال: أوصى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام إلى الحسن بن علي علیه السلام فقال : فيما أوصى به إليه : يا بني لا فقر أشد من الجهل ولا عدم أشد من عدم العقل، ولا وحدة ولا وحشة أوحش من العجب، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا ورع كالكف عن محارم الله ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله عز وجل. يا بني العقل خليل المرء والحلم ،وزيره والرفق والده والصبر من

خیر جنوده

سبيد

يا بني إنه لابد للعاقل من أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه، وليعرف أهل زمانه . يا بني إن من البلاء الفاقة، وأشد من ذلك مرض البدن، وأشد من ذلك مرض

القلب ، وإن من النعم سعة المال، وأفضل من ذلك صحة البدن، وأفضل من

تقوى القلوب.

ذلك

يا بني للمؤمن ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ويحمد ، وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلاث مرمة لمعاش أو خطوة لمعاد أو لذة في

غیر محرم (1)

العلامة المجلسي في بحار الأنوار المفيد ، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن الثمالي، قال: كان علي بن الحسين علیهما السلام: يقول : ابن آدم لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همك ، وما كان الخوف لك شعارا، والحزن لك دثارا، ابن آدم إنك میت ومبعوث ، وموقوف (2)وقال : ورواه في السرائر عن ابن محبوب بسنده

ص: 520


1- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 1 : 88
2- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 70: 64 .

[ الحكمة 209]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

لَتَعْطِفَنَّ الدُّنْيا عَلَيْنا بَعْدَ شِماسِها(1)عَطفَ الضَّرُوسِ (2) عَلى وَلَدِها وَتَلا عَقِيبَ ذلِكَ : وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ )(3). قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشريف الرضي ( ت / 406 ه-) في خصائص الأئمة من خواص أخباره علیه السلام ما يروى بإسناده عن سهل بن كهيل عن أبيه في قول الله عزوجل : ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً ) (4) ، قال أحد الوالدين علي بن أبي طالب علیه السلام. وقال أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق علیهما السلام: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : لتعطفنّ علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها ، ثم قرأ: ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ) (5)... الآية (6)

[ الحكمة 210]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

إنقسُوا الله تَقِيَّةَ مَنْ شَمرَ تَجْرِيداً ، وَجَدَّ تَشْمِيراً، وَأَكْمَشَ فِي مَهَلٍ، وَبَادَرَ عَنْ

ص: 521


1- الشماس : امتناع الدابة من الركوب عليها.
2- الضروس الناقة السبئة الخلق، تعضّ حالبها ليبقى لبنها لولدها ، وذلك من فرط عطفها على ولدها.
3- القصص 38 : 5 .
4- وتمام الآية: ( وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَنبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ (العنكبوت : 8)
5- وتمام الآية: ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) (القصص: 5 - 6)
6- خصائص الأئمة للشريف الرضي : 70.

وَجَلٍ، وَنَظَرَ فِي كَرَّةِ الْمَوْتِلِ، وَعَاقِبَةِ الْمَصْدَرِ، وَمَقَيَّةِ المَرْجِعِ . قال العرشي في التخريج ما نصّه: «اتقوا الله تقية من شمّر تجريداً ... الى ،آخره [ ج 3 ص 200] رواها ابن دريد في المجتنى 34 والحراني في تحف

العقول (46) . (1)

[الحكمة 211]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

الْجُودُ حارِسُ الْأَعْراضِ ، وَالْحِلْمُ قِدامُ السَّفِيهِ، وَالْعَفُو زَكاةُ الظُّفَرِ، وَالسُّلُو عِوَضُك

مِمَّنْ غَدَرَ، وَالاسْتِشَارَةُ عَيْنُ الهداية

وَقَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنى بِرَأْيِهِ، وَالصَّبْرُ يُناضِلُ الْحِدْثانَ، وَالْجَزَعُ مِنْ أَعْوانِ الزَّمَانِ،

وَأَشْرَفُ الْغِنى تَرْك الْمُنى. وَكَم مِنْ عَقلِ أَسِيرٍ عِنْدَ هَوى أَمِيرًا وَمِنَ التَّوْفِيقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ، وَالْمَوَدَّةُ قَرابَةٌ

مُسْتَعَادَةٌ، وَلا تَأْمَنَنَّ مَلُولاً.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني (ت / 328ه-) في خطبة الوسيلة، قوله : « واشرف الغنى ترك المنى راجع الحكمة

(34) و (13) .

[ الحكمة 213]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

عجبُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ أَحَدٌ حُسّادِ عَقْلِهِ.

ص: 522


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

( ت / 328 ه- ) عن علي بن ابراهيم بن هاشم عن موسى بن ابراهيم المحاربي عن الحسن بن موسى، عن موسى بن عبد الله، عن ميمون بن علي، عن ابي عبد الله علیه السلام، قال : قال امير المؤمنين علیه السلام: اعجاب المرء بنفسه دلیل ضعف عقله » . (1)

قوله عَلَيْهِ السَّلامُ:

مَنْ لانَ عُودُهُ كَتَّفَتْ (2) أَغْصَاتُهُ

[ الحكمة 214]

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الجاحظ

ت / 255ه-) في المائة ،كلمة ، برقم (92) ، راجع الحكمة (13)

[ الحكمة 216]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ نالَ اسْتَطال .

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

( ت / 328ه-) في خطبة الوسيلة، راجع الحكمة رقم (34) .

[ الحكمة 217]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

فِي تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجالِ .

ص: 523


1- الكافي 1 : 27 ، ط / 1381ه-.
2- في «أه : (كثف)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني (ت / 328ه-) في خطبة الوسيلة، راجع الحكمة (34) . وبالاسناد عن الصدوق (ت / 381 ه-) في من لا يحضره الفقيه[ ج 4 ص 278 ]، ط / 1378ه-.

[ الحكمة 219]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

أكثرُ مَصارِعِ الْعُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطامِع .

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: اكثر مصارع... الى

آخره، هذه من المائة كلمة التي رواها الجاحظ عنه (1)

[ الحكمة 221]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

بِئْسَ الزَّادُ إِلَى الْمَعادِ العُدْوانُ عَلَى الْعِبادِ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الصدوق (ت /

381ه-) وقد نقدم في الحكمة (81) فراجع ، وفي الفقيه 4 278 ، ط / 1378 ه-.

[ الحكمة 222]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مِنْ أَشْرَفِ أَفْعَالِ الْكَرِيمِ غَفْلَتُهُ عَمَّا يَعْلَمُ.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن النوري

ص: 524


1- مدارك نهج البلاغة : 109 .

(ت / 1320 ه-) عن القطب الراوندي في دعواته ، عن أمير المؤمنين علیه السلام انه قال:

أشرف خصال الكريم غفلتك عمّا تعلم» . (1)

[ الحكمة 223]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ كَسَاهُ الْحَيامُ ثَوْبَهُ لَمْ يَرَ النَّاسُ عَيْبَهُ.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

(ت / 328ه-) في خطبة الوسيلة، راجع الحكمة (34) .

[ الحكمة 226]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

الطَّامِعُ فِي وَثَاقِ الذُّلِّ.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الجاحظ

[ت / 255ه-) في المائة كلمة برقم (78) راجع الحكمة .(13)

[ الحكمة 227]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْإِيمَانِ:

اَلْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَإِقرارٌ بِالنِّسَانِ، وَعَمَلَ بِالْأَرْكَانِ

قال العرشي في التخريج ما نصّه : الايمان معرفة بالقلب واقرار باللسان وعمل بالأركان [ج 3 ص 227] رواها الشيخ الصدوق في الامالي ( المجلس 45)

ص: 525


1- مستدرك الوسائل 3798، ط / 1408

وشيخ الطائفة في الأمالي (286) منسوباً الى النبي (1)قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) في الخصال، قال: حدثنا أبو أحمد محمّد بن جعفر البندار، قال: حدثنا أبو العباس الحمادي، قال: حدثنا محمّد بن عمر بن منصور البلخي بمكة :قال حدثنا أبو يونس أحمد بن محمّد بن يزيد بن عبد الله الجمحي،

قال: حدثنا عبد السلام بن صالح، عن علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علی، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب علیه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الايمان معرفة بالقلب

وإقرار باللسان وعمل بالاركان

وقال : حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال : حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بكر بن صالح الرازي، عن أبي الصلت الهروي، قال: سألت الرضا عن الايمان فقال : الايمان عقد بالقلب

ولفظ باللسان، وعمل بالجوارح ، لا يكون الايمان إلا هكذا. :وقال أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي ، قال : حدثني علي بن عبد العزيز ومعاذ بن المثنى، قالا : حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي علیه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الايمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان وعمل بالاركان

وقال: حدثنا حمزة بن محمّد بن أحمد العلوي قال : حدثنا أبو الحسن علي ابن محمّد البزاز ، قال : حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان الغازي ، قال : حدثني علي ابن موسى الرضا عليهما السلام قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني

ص: 526


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957

أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي الباقر قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علیه السلام، قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : الايمان إقرار باللسان، ومعرفة بالقلب

وعمل بالاركان.

قال حمزة بن محمّد : وسمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: سمعت أبي يقول: وقد روى هذا الحديث عن أبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، عن علي بن موسى الرضا علیه السلام باسناد مثله . قال أبو حاتم: لو قرئ هذا الاسناد على مجنون لبرأ . (1)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في الأمالي ، قال : حدثنا حمزة بن محمّد رضی الله عنه بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد البزاز، قال: حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان الفراء، قال: حدثني علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد الصادق، قال: حدثني أبي محمّد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدثني أبي أمير المؤمنين علیه السلام، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الايمان إقرار باللسان، ومعرفة بالقلب، وعمل بالاركان قال: حمزة بن محمّد وسمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول : سمعت أبي

يقول - وقد روى هذا الحديث، عن أبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح عن علي بن موسى الرضا علیه السلام باسناد مثله، قال أبو حاتم - لو قرئ هذا الاسناد على

مجنون لبرئ . (2)

ص: 527


1- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 178
2- الأمالي ؛ للشيخ الصدوق : 340-341.

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي ، قال : أخبرنا جماعة ، قالوا: أخبرنا أبو المفضل ، قال : حدثنا أبو علي محمّد بن همام قال حدثنا عبيد

ا الله بن عبد الله بن طاهر أبو أحمد المصعبي ، قال : كنت في مجلس أخي طاهر بن عبد الله بن طاهر بخراسان، وفي مجلسه يومئذ إسحاق بن راهويه الحنظلي وأبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي وجماعة من الفقهاء وأصحاب الحديث فتذاكروا الإيمان، فابتدأ إسحاق بن راهويه فتحدّث فيه بعدة أحاديث، وخاض الفقهاء وأصحاب الحديث في ذلك، وأبو الصلت ساكت، فقيل له : يا أبا الصلت ألا تحدثنا ؟ فقال : حدثني الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمّد محمّد بن بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام وكان والله رضا كما وسم بالرضا - قال : حدثنا الكاظم موسى بن جعفر قال: حدثني أبي الصادق، قال: حدثني أبي الباقر قال: حدثني أبي السجاد قال حدثني أبي الحسين سبط رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم هو سيد الشهداء ، قال : حدثني أبي الوصي علي بن أبي طالب علیه السلام، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإيمان عقد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان.

:قال فخرس أهل المجلس كلهم ، ونهض أبو الصلت، فنهض معه إسحاق بن

راهويه والفقهاء، فاقبل إسحاق بن راهويه على أبي الصلت وقال له ونحن نسمع يا أبا الصلت أي إسناد هذا ؟ فقال : يابن راهويه هذا سعوط المجانين ، هذا عطر الرجال ذوي الالباب.

:وقال أخبرنا جماعة ، قالوا : أخبرنا أبو المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمّد بن عبيد الله بن راشد الطاهري الكاتب في دار عبد الرحمن بن عيسى بن داود بن الجراح وبحضرته إملاء يوم الثلاثاء لتسع لتسع خلون من جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثلاث مائة ، قال : حملني علي بن محمّد بن الفرات في وقت من الأوقات برا واسعا إلى أبي أحمد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، فأوصلته إليه،

ص: 528

ووجدته على إضاقة شديدة، فقبله وكتب في الوقت بديهة:

أياديك عندي معظمات جلائل*** طوال المدى شكري لهن قصير

فان كنت عن شكري غنيا فانني ***إلى شكر ما أوليتني لفقير

قال : فقلت: هذا - أعز الله الأمير - حسن . قال : أحسن منه ما سرقته منه . فقلت :

وما هو ؟ قال : حديثان حدثني بهما أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، قال : حدثني أبي، عن جدي جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين ، قال : قال النبي صلی الله علیه و آله وسلم: أسرع الذنوب عقوبة كفران النعمة .

وحدثني أبو الصلت بهذا الإسناد، قال: قال النبي صلی الله علیه و آله وسلم: يؤتى بعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل فيأمر به إلى النار، فيقول: أي رب أمرت بي إلى النار وقد قرأت القرآن ! فيقول الله : أي عبدي إني أنعمت عليك فلم تشكر نعمتي. فيقول: أي رب أنعمت علي بكذا فشكرتك بكذا ، وأنعمت علي بكذا وشكرتك بكذا ؟ فلا يزال يحصي النعمة ويعدد الشكر ، فيقول الله تعالى : صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أجريت لك نعمتي على يديه، وإني قد آليت على نفسي أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى يشكر من ساقها من خلقى إليه . قال : فانصرفت بالخبر إلى علي بن الفرات وهو في مجلس أبي العباس أحمد بن محمد بن الفرات، وذكرت ما جرى فاستحسن الخبر وانتسخه وردني في الوقت إلى أحمد أبي عبيد الله بن عبد الله ببر واسع من بر أخيه، فأوصلته إليه،

فقبله وسرّ به وكتب إليه :

شكرك معقود بايماني*** حكم في سري وإعلاني

عقد ضمير وفم ناطق*** وفعل أعضاء وأركان

ص: 529

فقلت: هذا - أعز الله الأمير - أحسن من الأول.

فقال : أحسن منه ما سرقته منه . قلت : وما هو ؟ قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح بنيشابور، قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا علیه السلام:قال حدثني أبي موسى الكاظم، قال: حدثني أبي جعفر الصادق قال: حدثني أبي محمّد بن علي الباقر ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين السبط، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : الايمان عقد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان.

قال : فعدت إلى أبي العباس بن الفرات فحدثته بالحديث فانتسخه. قال أبو أحمد وكان أبو الصلت في مجلس أخي بنيشابور وحضر مجلسه متفقهة نيشابور وأصحاب الحديث منهم ، وفيهم إسحاق بن راهويه، فأقبل إسحاق على أبي الصلت فقال يا أبا الصلت أي إسناد هذا ما أغربه وأعجبه ؟!

قال: هذا سعوط المجانين الذي إذا سعط به المجنون برى بإذن الله تعالى. قال أبو المفضل : حدثت عن أبي علي بن همام عما تقدم من حديثه عن أبي أحمد، وسألني في الحديث الثاني أن أمليه عليه من أجل الزيادة فيه والشعر

فأمليته عليه (1)

بالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه- ) قال ما نصه ( الخامس ) : حديث الايمان

معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان.

رواه ابن ماجة في (المقدمة) عن سهل بن أبي سهل ومحمّد بن إسماعيل، كلاهما عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، به . (2)

ص: 530


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 449 - 451 .
2- جامع المسانيد :172:19 ، ط / 1415ه-.

وقال المزي ( ت / 742ه-) في تحفة الاشراف ما نصّه : « ق حديث: «الإيمان

(ت) معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان .

ق في السنة ( 65) عن سهل بن أبي سهل ومحمّد بن إسماعيل ؛ كلاهما عن : أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، به .

(ز) تابعه محمّد بن سهل بن عامر البجلي ومحمّد بن زياد السلمي ، عن علي

ابن موسى الرضا.

حديث انكسرت إحدى زندي فسألت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم؟ فأمرني أن أمسح

على الجبائر. ق : في الطهارة ( 657) عن محمّد بن أبان البلخي، عن عبد الرزاق (623)، عن إسرائيل، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، به (1)

[ الحكمة 231]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ (2)

العَدْلُ : الإِنْصافُ، وَالإحْسانُ : التَّفضل.

قال العرشي في التخريج ، ما نصّه: قال في قوله تعالى : ان الله يامر بالعدل

والاحسان : العدل الانصاف ، والاحسان التفضل رواها ابن قتيبة في عيون الأخبار

[ج 3 ص 204].(3)

ص: 531


1- تحفة الاشراف 7 27 ، ط / 1999ه- .
2- النحل : 50 .
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي

(ت / 975 ه-) في كنز العمال عن رجل من بني ليث ، قال : مرّ علي بن ابي طالب بفتيان من قريش يتذاكرون المروءة، فسألهم ما تذاكرون؟ قالوا: المروء، فقال:

على الانصاف والتفضل ابن المرزبان في المروءة) (1)

[ الحكمة 233]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَابْنِهِ الْحَسَنِ :

لا تَدْعُون إِلى مُبارَزَةٍ، وَإِنْ دُعِيتَ إِلَيْهَا فَأَجِبْ، فَإِنَّ الدَّاعِي إِلَيْها باغ، وَأَلْباغِي

مضرُوع

قال العرشي في التخريج ما نصه : لا تدعون الى مبارزة، وان دعيت إليها

فأجب» رواها ابن قتيبة في عيون الأخبار [ ج 1 ص 128] باختلاف في الالفاظ (2) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 328ه-) في الكافي، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح ، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه ،فقال له أمير المؤمنين علیه السلام: ما منعك أن تبارزه؟

لا قال: كان فارس العرب وخشيت أن يغلبني، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه فإنه بغى عليك، ولو بارزته لغلبته، ولو بغى جبل على جبل لهد الباغي وقال أبو عبد الله علیه السلام: إن الحسين بن علي علیهما السلام دعا رجلا إلى المبارزة فعلم به أمير المؤمنين علیه السلام فقال : لئن عدت إلى مثل هذا لأعاقبنك، ولئن دعاك أحد إلى

ص: 532


1- كنز العمال 3 788 ، الرقم 8762
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

مثلها فلم تجبه لأعاقبنك ، أما علمت أنه بغى ؟(1)

وبالاسناد عن الطوسي ( ت / 460 ه-) عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد

الاشعري عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله علیه السلام، مثله (2)

[ الحكمة 236]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

وَاللَّهُ لَدُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَهْوَنُ فِي عَيْنِي مِنْ عُرَاقِ خِنزِيرٍ فِي يَدِ مَجْذُومٍ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الصدوق

( ت / 381 ه-) في الخطبة رقم ( 224) ، فراجع .

[ الحكمة 237]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا الله رَغْبَةٌ فَتِلْكَ عِبادَةُ التَّجَارِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَهْبَةٌ فَتِلْكَ عِبادَةٌ

الْعَبِيدِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا الله شكراً فَتِلْكَ عِبادَةُ الأَخرار.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 328ه-) في الكافي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : إن العباد ثلاثة : قوم عبدوا الله عز وجل خوفا فتلك عبادة العبيد وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب، فتلك عبادة الاجراء، وقوم عبدوا الله عز وجل حباله، فتلك عبادة الاحرار

ص: 533


1- الكافي للشيخ الكليني 5: 35
2- التهذيب 169:6 ، ط / 1390ه-.

وهي أفضل العبادة (1)

[ الحكمة 238]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

المَرْأَةُ شَرِّكُلها ، وَشَرِّ مافيها أَنَّهُ لا بُدَّ مِنْها .

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الصدوق ( ت / 381ه-) في المقطع السادس (المرأة) في المعجم، ووردت في ذلك روايات عن اهل البيت في ذم المرأة ، وليست عامة بالنسبة الى المرأة، ولا الى كل النساء في كل العصور ، فان امرأة فرعون وخديجة الكبرى وفاطمة الزهراء علیهم السلام امثلة لهذا الاستثناء

[ الحكمة 246]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

أخذ رُوا نِفَارَ النَّعَمِ فَمَا كُلُّ شَارِدٍ بِمَرْدُودٍ.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الجاحظ ( ت /

255ه-) في المائة كلمة، برقم (88)، فراجع الحكمة (13)

[ الحكمة 250]

قوله عَلَيْهِ السَّلامُ:

عَرَفْتُ الله سبحانه بِفَسْخِ العَزائِمِ وَحَلَّ الْعُقُودِ ونقض الهمم.

ص: 534


1- الكافي؛ للشيخ الكليني 2 :84

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في التوحيد ، قال : حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه ، عن محمّد بن سنان، عن زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جدّ علیهم السلام ه أنه قال: إن رجلا قام إلى أمير المؤمنين علیه السلام فقال : يا أمير المؤمنين بماذا عرفت ربك ؟ قال: بفسخ العزم ونقض الهم، لما هممت فحيل بيني وبين همي، وعزمت فخالف علمت أن المدبّر ،غيري قال : فبماذا شكرت نعماءه؟ قال: نظرت

، إلى بلاء قد صرفه عني وأبلى به غيري فعلمت أنه قد أنعم علي فشكرته ، قال : فلماذا أحببت لقاءه؟ ، قال : لما رأيته قد أختار لي دين ملائكته ورسله وأنبيائه

القضاء عزمي

علمت أن الذي أكرمني بهذا ليس ينساني فأحببت لقاءه.

وقال :حدثنا أحمد

بن عبد الرحمن المروزي ،المقري قال: حدثنا

أبو عمرو محمد بن جعفر المقري ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الموصلي ببغداد قال: حدثنا محمّد بن عاصم الطريفي، قال: حدثنا عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال مولى زيد بن علي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني موسى بن جعفر علیهما السلام، قال : قال قوم للصادق علیه السلام: ندعو فلا يستجاب لنا ؟ ، قال : لانكم تدعون

من لا تعرفونه (1)

وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ يَقُولُ :

[ الحكمة 253]

أَحْلِفُوا الظَّالِمَ إِذَا أَرَدْتُمْ يَمِينَهُ بِأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ حَوْلِ اللَّهَ وَقُوَّتِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا حَلَفَ بِهَا كَاذِبًا

ص: 535


1- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : 92-93

عُوجل، وإذا حَلَفَ بالله الَّذِي لا إلهَ إِلا هُوَ لَمْ يُعاجَل، لأنَّهُ قَدْ وَحدَ الله (1) سُبْحانَهُ . قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق

ت / 381ه-) في علل الشرائع : حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضی الله عنه قال حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن احمد بن عبد الله البرقي، عن اسماعيل بن مهران عن احمد بن محمّد بن جابر عن زينب بنت علي قالت قالت

فاطمة علیها السلام في خطبتها الله فيكم عهد قدمه اليكم، وبقية استخلفها عليكم كتاب الله ، بيّنة بصائره وآي منكشفة سرائره وبرهان متجلية ظواهره مديم للبرية استماعه، وقائد إلى الرضوان اتباعه ومؤد إلى النجاة اشياعه، فيه تبيان حجج الله المنيرة، ومحارمه المحرمة، وفضائله المدونة ، وجمله الكافية، ورخصه الموهوبة، وشرائعه المكتوبة ، وبيناته الجليّة، ففرض الايمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبر، والزكاة زيادة في الرزق والصيام تثبيتا للاخلاص والحج تسنية للدين، والعدل تسكينا للقلوب والطاعة نظاما للملّة، والامامة لمّاً من الفرقة والجهاد عزا للاسلام والصبر معونة على الاستيجاب والامر بالمعروف مصلحة للعامة، وبرّ الوالدين وقاية عن السخط ، وصلة الارحام منماة للعدد والقصاص حقنا للدماء، والوفاء للنذر تعرضا للمغفرة، وتوفية المكائيل والموازين تغييرا للبخسة، واجتناب قذف المحصنات حجبا عن اللعنة، ومجانبة السرقة إيجابا للعفّة، وأكل أموال اليتامى إجارة من الظلم والعدل في الاحكام ايناسا للرعية. وحرّم الله عز وجل الشرك إخلاصا للربوبية، فاتقوا الله حق تقاته فيما أمركم به وانتهوا عما نهاكم عنه .

وقال رضی الله عنه: أخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا محمّد بن اسلم قال: حدثني

عبد الجليل الباقلاني، قال: حدثني الحسن بن موسى ، قال: حدثني الحسن بن موسى الخشاب، قال حدثني

ص: 536


1- في «أه : (وحده).

محمّد العلوي، عن رجال من أهل بيته عن زينب بنت علي عن

فاطمة علیها السلام بمثله.

وقال أيضاً واخبرني علي بن حاتم أيضا قال: حدثني محمد بن أبي

عمیر

قال: حدثني محمّد بن عمارة ، قال : حدثني محمد بن ابراهيم المصري، قال:

حدثني هارون بن يحيى الناشب قال حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي، عن عبیدالله بن موسى العمري عن حفص الأحمر، عن زيد بن علي، عن عمته زينب بنت علي ، عن فاطمة علیها السلام بمثله، وزاد بعضهم على بعض في اللفظ .(1)

[ الحكمة 260]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجِ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ ، وَمَغْرُورٍ بِالسّتْرِ عَلَيْهِ، وَمَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ،

وَمَا أَبْتَلَى الله سُبْحانَهُ أَحَداً بِمِثْلِ الإمْلاءِ لَهُ.

قالَ الرَّضَيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى :

وَقَدْ مَضى هذَا الْكَلامُ فيما تَقَدَّم (2)، إلا أَنَّ فِيهِ هَاهُنَا زِيادَةٌ مُفِيدَة (3).

قال الجلالي وردت تقدمت هذه الحكمة بنصها برقم (116) ، وكلام

الرضي رضی الله عنه هنا

بزيادة ما هنا على تلك، وآنهاهي التي أوجبت التكرار

صريح

وذلك يستلزم اما زيادة في الأولى أو نقيصة في هذه، والله العالم.

ص: 537


1- علل الشرائع ؛ للشيخ الصدوق : 248 .
2- تقدم بالرقم 116 وسيأتي بالرقم 448 .
3- لم ترد هذه الحكمة وما يتعلق بها في «أ».

فَضل

نَذْكُرُ فِيهِ شَيئاً مِن اختيار غریب كلامه

المحتاج إلى التّفْسِير

[غ 1]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلامُ في حديثه (1):

فَإِذا كانَ ذلِك ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنْبِهِ ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَما يَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِيفِ.

قال الرّضي رحمه الله تعالى (2). يَعْسُوبُ الدِّينِ : السَّيِّدُ الْعَظِيمُ الْمَالِك لِأُمُورِ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ، وَالْقَرَعُ : قِطَعُ الْغَيْمِ الَّتِي

لاساء فيها .

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابن طاووس (ت / 664 ه- )، قال في الباب الحادي والثمانون والمائة فيما ذكره نعيم من انتقاض الاسلام وحدوث من يجمع أهله، قال: حدثنا نعيم حدثنا ابن معاوية وابو اسامة ويحيى بن اليمان عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن

ص: 538


1- في «أ»: (وفي حديثه).
2- لم ترد (قال الرضي رحمه الله (تعالى) في ( أ ) .

سويد، عن علي (1)، قال : ينقص الاسلام حتى لا يقال: الله الله ، فإذا فعل ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه ، فإذا فعل ذلك بعث قوم يجتمعون كما يجتمع فرع الخريف، والله (2) إني لاعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم .(3)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن علي قال: (ت

ينتقص الاسلام حتى لا يقال: الله الله ، فإذا فعل ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فإذا فعل ذلك بعث قوما يجتمعون كما يجتمع فرع الخريف والله ! إني لاعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم (ش) (4)وعن المتقي الهندي ايضاً عن علي قال يذهب الناس حتى لا يبقى أحدا يقول : لا إله إلا الله ، فإذا فعلوا ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فيجتمعون إليه من أطراف الأرض كما يجتمع قزع الخريف والله إني لاعرف اسم أميرهم ومناخ

ركابهم، يقولون : القرآن مخلوق، وليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله منه

بدأ وإليه يعود اللالكائي والأصبهاني . (5)

وَفِي حَدِيثِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ:

[غ 2]

هذَا الْخَطِيبُ الشَّحْشَحُ.

ص: 539


1- كذا في مصنف ابن ابي شيبة الكوفي :5998 ، وفي الملاحم والفتن : ( عن ابراهيم التميمي عن أبيه عن العالمي .
2- في الملاحم : (قال : تنقض الفتن حتى لا يقول أحد : لا اله إلا الله، وقال بعضهم : لا يقال : الله الله . ثم يضرب يعسوب الدين بذنبه ثم يبعث الله قوماً قزعاً كقزع الخريف، واني ...الخ).
3- الملاحم والفتن 64 ، والمصنف ؛ لا بن أبي شيبة الكوفي 8: 599
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 14 : 557 ، الرقم 39591
5- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 14 : 557 ، الرقم 39592

قالَ (1): يُرِيدُ الْمَاهِرَ بِالْخُطْبَةِ الْمَاضِي فِيهَا ، وَكُلُّ ماضٍ في كَلامٍ أَوْسَيْرٍ فَهُوَ شَحْشَحٌ،

وَالشَّحْشَحُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ الْبَخِيلُ الْمُمْسِكُ.

قال العرشي في التخريج ما نصه : هذا الخطب الشحشح، [ج 3 ص 211] رواها ابو عبيد القاسم بن سلام الهروي في غريب الحديث ( الورف 197 / الف) وروى الطبري في تاريخه [ ج 5 ص 194] «السحسح» بالسين في الموضعين .(2)

[غ 4]

وَمن حَدِيثِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ:

إِذا بَلَغَ النِّسَاءُ نَصَّ الحَقَائِقِ فَالْعَصَبَةُ أَوْلى.

قال (3): وَيُرْوى: « نَصُّ الْحِقَاقِ»، وَالنَّصُّ : مُنتَهَى الْأَشْياءِ وَمَبْلَغُ أَقْصاها كَالنَّصِّ فِي السَّيْرِ لأَنَّهُ أَقصى ما تَقْدِرُ عَلَيْهِ الدَّابَّةُ : ويقال (4) : نَصَصْتُ الرَّجُلَ عَنِ الأَمْرِ ، إذا أَسْتَقْصَيْتَ مَسْأَلَتَهُ عَنْهُ لِتَسْتَخْرِجَ مَا عِنْدَهُ فِيهِ ، فَنَصُّ الحقائقِ يُرِيدُ بِهِ الإدراك لأَنَّهُ مُنتَهَى الصَّغَرِ وَالْوَقْتُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الصَّغِيرُ إِلى حَدٌ الْكِبَر، وَهُوَ مِنْ أَفْصَحِ الْكِنَايَاتِ عَنْ هذَا الْأَمْرِ وَأَغْرَبها : يَقُولُ: فَإِذا بَلَغَ النِّسَاءُ ذلِك فَالْعَصَبَةُ أَوْلى بِالْمَرْأَةِ مِنْ أُمها إذا كانُواْ مَحْرَماً مِثلَ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ، وَبِتَزْوِيجها إِنْ أَرَادُوا ذلِكَ، وَالْحِقَاقُ مُحاقَّةُ الأُمّ للعَصَبَةِ فِي المَرْأَةِ وَهُوَ الْجِدَالُ وَالخُصُومَةُ وَقَوْلُ كُلِّ واحِدٍ مِنْهُما لِلآخَرِ : أَنَا أَحَقُّ مِنْك بهذا، يُقال : مِنْهُ : حاققته حقاقاً مِثْلَ جادَلْتُهُ جدالاً ، قال (5) : وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ نَصَّ الحقاقِ

ص: 540


1- لم ترد : (قال) في «أ» .
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م .
3- لم ترد: (قال) في «أ».
4- في ( أ ) : (وتقول).
5- لم ترد: (قال) في «أ».

بُلُوغُ الْعَقْلِ، وَهُوَ الْإِدْراك ، لأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ إِنَّما أَرادَ مُنتَهَى الْأَمْرِ الَّذِي تَجِبُ (1) ب-هِ

الْحُقُوقُ وَالْأَحْكام.

قال (2) : وَمَنْ رَواهُ نَصَّ الحقائِقِ فَإِنَّما أَرادَ جَمْعَ حَقِيقَةٍ، هذا مَعْنى ماذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ

الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ. قال (3): وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْمُرادَ بِنَيٍّ الْحِقَاقِ هاهنا بُلُوغُ الْمَرْأَةِ إِلَى الحَدِّ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ تَزويجها وَتَصَرُّفُها فِي حُقُوقِها، تشبيهاً بالحقاقِ مِنَ الْإِبِلِ، وَهِيَ جَمْعُ حِقَّةٍ وَحِقٌّ وَهُوَ الَّذِي أَسْتَكْمَلَ ثَلاثَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ ؛ وَعِنْدَ ذلِك يَبْلُغُ إِلَى الْحَد الَّذِي يُمكِنُ (4) فِيهِ مِنْ رُكُوبِ ظَهْرِهِ وَنَبِّهِ فِي سَيْرِهِ، وَالْحَقَائِقُ أَيْضاً جَمْعُ حِقَّةٍ، فَالرِّوايَنانِ جَمِيعاً تَرْجِعان إلى مَعْنى واحدٍ ، وهذا أَشْبَهُ بِطَرِيقَةِ العَرَبِ مِنَ المَعْنَى الْمَذْكُورِ أَوَّلاً. قال العرشي في التخريج ما نصه : « وكان أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي البغدادي المتوفى 224ه- [ 838 م ] أفضل الناس فقهاً وأدباً، وأكثرهم إلماما بالحديث والشعر. ولم يذكر الجامع اسم الكتاب الذي أشار إليه بقوله، لكني عرفت بعد دراسة طويلة أن هذه الجمل منقولة من كتاب أبي عبيد في غريب الحديث، فنجد جميع هذه الأقوال على الورق 197 ألف و 203 ب من نسخة الكتاب الموجودة في مكتبة رامبور التي يدور تاريخ كتابتها حول القرن الثامن الهجري . (5) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي

ص: 541


1- في داه: (يجب).
2- لم ترد (قال) في «أ».
3- لم ترد: (قال) في «أ».
4- في «أه : ( يتمكن) .
5- استناد نهج البلاغة : 17 - 18 ، ط / 1957م.

(ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن علي قال : إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة

أولى . أبو عبيد .(1)

[غ 5]

وَفِي حَدِيثِهِ عَلَيْهِ السَّلام:

إِنَّ الْإِيمَانَ يَبْدُو لُمْظَةً فِي الْقَلْبِ كُلَّمَا أَزْدادَ الْإِيمَانُ أَزْدادَتِ اللُّمْظَةُ. قال (2): وَاللُّمْظَةُ مَثلُ النُّكْتَةِ أَوْنَحْوِها مِنَ الْبَياضِ ، وَمِنْهُ قِيلَ: فَرَسٌ أَلْمَطٌ إِذا كانَ

بِجَحْفَلَتِهِ شَيْءٌ مِنَ الْبَياضِ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن علي قال ان الايمان يبدو لمظة بيضاء في القلب، فكلما ازداد الایمان عظما ازداد البياض، فإذا استكمل الايمان ابيض القلب كله وان النفاق يبدو لمظة سوداء، فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد ، فإذا استكمل النفاق اسود القلب. وايم الله لو شققتم عن قلب مؤمن لوجدتموه ابيض ، ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه اسود ابن المبارك في الزهد وابو عبيد في الغريب ورستة وحسين في الاستقامة هب واللالكائي في

ص: 542


1- راجع : استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م. كنز العمال ؛ للمتقي الهندي :11: 38 ، الرقم 30533 ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ، كتاب الصداق (7 : 247) وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى : (6 : (239) والحقاق : المخاصمة ، وهو أن يقول كل واحد من الخصمين : أنا أحق به. : ونص الشئ : غايته ومنتهاه . والمعنى أن الجارية ما دامت صغيرة فأمها أولى بها ، فإذا بلغت فالعصة أولى بأمرها . فمعنى بلغت نص الحقاق : غاية البلوغ . وقيل : أراد بنص الحقاق بلوغ العقل والادراك ، لأنه إنما أراد منتهى الأمر الذي تجب فيه الحقوق النهاية . (414:1).
2- لم ترد : (قال) في «أ»

السنة والأصبهاني في الحجة)(1)

ومن (2) حَدِيثِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ:

إِنَّ الرَّجُلَ إِذا كانَ لَهُ الدِّيْنُ الظُّنُّونُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُرَكَّبَهُ لِما مَضى إِذا قَبَضَهُ. قال(3): الظُّنُّونُ (4) : الَّذِي لا يَعْلَمُ صاحِبُهُ أَيَقْبِضُهُ مِنَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ أَمْ لا، فَكَأَنَّهُ الَّذِي يَظُنُّ بِهِ ذَلِكَ ، فَمَرَّةً يَرْجُوهُ وَمَرَّةً لا يَرْجُوهُ ، وَهُوَ مِنْ أَفْصَحِ الْكَلَامِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ أَمْرٍ تَطلُبُهُ وَلا تَدْرِي عَلى أَي شَيءٍ أَنْتَ مِنْهُ فَهُوَ ظَنُّونُ، وَعَلَى (5) ذلِك قَوْلُ الْأَعْشى:

مَنْ يَجْعَلُ (6)الْجُدُّ الظُّنُّونَ الَّذِي*** جنّبَ صَوْبَ اللجِبِ الْماطِرِ

مِثْلَ الفُراتِيّ إذا ما طما ***يَقْذِفُ بِالْبُوصِيِّ (7) وَأَلْماهِرِ (8)

وَالْجُدُّ البِشْرُ. وَالظُّنُونُ الَّتِي لا يُعْلَمُ هَلْ فِيها مَاءً أَمْ لا .

[غ 6]

قال: الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي

( ت / 975ه- ) عن علي علیه السلام في الدين الظنون ، قال : ان كان صادقاً فليز كه اذا قبضه

لما مضى . (ابو عبيد ، هق ) (9) .

ص: 543


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 406:1 ، الرقم 1734
2- في «أ»: (وفي). أي
3- لم ترد (قال) في «أ».
4- في ( أ ): (فالظنون) .
5- في ( أ ) : ومن ، وفي ( ه-. أ ) : في نسخة : (وعلى) .
6- في «أ-ه »: ما يجعل .
7- في « ه-. أ»: السفن.
8- في «ه-. أ»: (السباح)
9- كنز العمال :6: 553 ، ط / 1405ه-

[غ 8]

وَفِي حَدِيثِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ:

كالياسر الفالج ينتظر فوزه من قداحه.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: كالياسر الفالج، ذكر اليعقوبي في تاريخه كلاماً لامير المؤمنين علیه السلام بعد تلاوته قوله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى (1). وفي ضمنه هذه الفقرة، وبعدها: توجب له المغنم

وتدفع عنه المغرم ... الى آخر كلامه ) . (2)قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

(ت / 328ه-) مما تقدم في الخطبة (23) ، فراجع.

لم ترد (به) في «أ».

[غ 9 ]

لم ترد (به) في «أ».

كُنا إِذَا أَحْمَرَّ البَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَا أَقْرَبَ

إِلَى الْعَدُو مِنْهُ.

وَمَعْنى ذلِك أَنَّهُ إِذا عَظُمَ الْخَوْفُ مِنَ الْعَدُوِّ وَاشْتَدَّ عِضاضُ الْحَرْبِ(3) فَزِعَ الْمُسْلِمُونَ إِلى قِتالِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ بِنَفْسِهِ(4)، فَيُنْزِلُ الله تعالى النَّصْرَ عَلَيْهِمْ بِهِ (5)، وَيَأْمَنُونَ مِما كَانُوا يَخافُونَهُ بِمَكانِهِ.

ص: 544


1- وتمام الآية: ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) (يس : 12) .
2- راجع : مدارك نهج البلاغة .
3- العضاض بكسر العين : أصله عزّ ،الفرس، وهنا مجاز عن إهلاكها للمتحاربين .
4- أي لجأ المسلمون إلى طلب رسول الله ليقاتل بنفسه
5- لم ترد (به) في «أ».

وَقَوْلُهُ: «كنا(1) إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ » : كِنايَةٌ عَنِ اشْتِدادِ الْأَمْرِ، وَقَدْ قِيلَ فِي ذلِك أَقْوالُ

أَحْسَنُها : أَنَّهُ شَبَّهَ حَمْى (2) الْحَرْبِ بِالنَّارِ الَّتِي تَجْمَعُ الْحَرَارَةَ وَالْحُمْرَةَ بِفِعْلِها وَلَوْنِها . وَمِمَّا يُقَوِّي ذلِك قَوْلُ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَقَدْ رَأَى مُجْتَلَدَ (3) النَّاسِ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهِيَ حَرْبُ هَوازِنَ: «أَلْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ : فَالْوَطِيسُ (4)، مُسْتَوْقَدُ النَّارِ، فَشَبَّهَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، مَا اسْتَحَرَّ مِنْ جِلادِ الْقَوْمِ بِاحْتِدام النّارِ وَشِدَّةِ الْتِهابِها. قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن أحمد بن حنبل (ت / 241ه-)، قال: حدثنا عبد الله حدثني أبي ، ثنا أبو كامل، ثنا زهير ثنا أبو

اسحاق، عن حارثة بن المضرب ، و لا عن العالي .

وحدثنا عبد الله، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن آدم وأبو النضر قالا : ثنا زهير، عن أبى اسحاق، عن حارثة بن مضرب عن علي رضی الله عنه، قال : كنا اذا احمر البأس ولقى

القوم القوم اتقينا برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه .(5)ونص رواية مضرب ، قال : حدثنا عبد الله، حدثني أبي ، ثنا عبد الرحمن، عن اسرائيل، عن أبى اسحاق، عن حارثة بن مضرب ، عن علي رضی الله عنه، قال : لما حضر البأس يوم بدر اتقينا برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، وكان من أشد الناس، ما كان - أو لم يكن - أحد

أقرب الى المشركين منه(6)( ت / 85 ه-) في حديث حارثة بن مُضَرَّب، عن علي

وقال ابن حجر

حديث لقد رأيتنا يوم بدر، ونحن نلوذ برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وهو أقرينا إلى العدو،

ص: 545


1- لم ترد : (كنّا) في .( أ ) .
2- الحمي : اشتداد الحرّ .
3- المجتلد : من الاجتلاد ، وهو الاقتتال بالسيف
4- في «أ»: (والوطيس) .
5- مسند احمد بن حنبل 156:1 .
6- مسند احمد بن حنبل 126:1

وكان من أشد الناس يومئذ بأساً ... الحديث.

أحمد ثنا وكيع ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عنه، به. وعن عبد الرحمن، عن إسرائيل، نحوه. وعن يحيى بن آدم وأبي النضر كلاهما عن زهير عن أبي إسحاق، بمعناه : كنا إذا احمر البأس، ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله، فما يكون أحد أدنى إلى القوم منه . رواه (كم) في آخر الجهاد بلفظ : كنا إذا حمي البأس اتقينا برسول الله ...

بن

الحديث: أنا أبو بكر بن المؤمل ، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا عبد الله محد النفيلي ، ثنا زهير بن معاوية ، ثنا أبو إسحاق، عنه، به وقال صحيح الإسناد. (1) . وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-)، قال: حدثنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب عن علي ، قال : لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ

برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأساً. وقال حدثنا أبو كامل، حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق، عن حارثة ابن المضرب علي، وحدثنا يحيى بن آدم وأبو النضر :قالا حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب عن علي قال: كنا إذا احمر البأس ولقي القوم اتقينا برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فما يكون أحد أدنى من القوم منه .

رواه النسائي في السير، عن علي بن محمّد بن علي، عن خلف بن تميم، وعن العباس بن محمّد، عن يونس بن محمّد (كلاهما ) عن أبي خيثمة زهير بن

معاوية الجعفي، عن أبي إسحق، عن حارثة بن مضرب الكوفي ، عن الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام.

وقال حدثنا عبد الرحمن، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة ابن ،مضرب عن علي ، قال : لما حضر البأس يوم بدر اتقينا برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وكان من

ص: 546


1- اتحاف المهرة 11 : 539 - 540 ، ط / 1417ه-.

أشد الناس ما كان أو لم يكن أحد أقرب إلى المشركين منه.

وقال حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب عن علي، قال: بعثني رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم إلى اليمن، فقلت: إنك تبعثني إلى

قوم وهم أسن مني لأقضي بينهم، فقال: اذهب، فإن الله سيهدي قلبك ويثبت

لسانك . تفرد به

وقال: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب عن علي ، قال : بعثني رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، إنك تبعثني إلى قوم هم أسن منّي لأقضي بينهم قال : اذهب، فإن الله تعالى سيثبت لسانك ويهدي قلبك تفرد به من هذا الوجه . (1)

وبالاسناد عن مسلم في صحيحه» ، قال : وحدثني أبو الطاهر احمد بن عمرو بن سرح ، اخبرنا ابن وهب، اخبرني يونس، عن ابن شهاب ، قال : حدثني كثير بن عباس بن عبد المطلب ، قال : قال عباس : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنين ، فلزمت انا وابو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فلم نفارقه، ورسول على بغلة له بيضاء اهداها له فروة بن نفاثة الجذامى، فلما التقى المسلمون والكفار ولّى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله يركض بغلته قبل الكفار، قال عباس : وانا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم اكفها ارادة ان لا تسرع، وابو سفيان

- بركاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : « أي عباس ناد اصحاب السمرة »

آخذ

فقال عباس - وكان رجلا صيتا - فقلت با علی صوتی این اصحاب السمرة، قال: فوالله لكان عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على اولادها فقالوا يا لبيك يا لبيك ، قال : فاقتتلوا والكفار والدعوة في الانصار يقولون: يا معشر الانصار يا معشر الانصار قال : ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج، فقالوا: يا

ص: 547


1- جامع المسانيد 19 : 146 - 147 ، ط / 1415ه-.

بني الحارث بن الخزرج ، يا بني الحارث بن الخزرج، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا حين حمي الوطيس. :قال ثم اخذ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حصیات فرمی بهن وجوه الكفار ثم قال : « انهزموا

ورب محمّد »(1)

بالاسناد عن احمد بن حنبل في مسنده» ، وفيه : حدثنا عبد الله حدثني أبي ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر، عن الزهري أخبرني كثير بن عباس بن عبد المطلب، عن أبيه العباس قال: شهدت مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حنينا ، قال : فلقد رأيت النبي صلی الله علیه و آله وسلم وما معه إلّا أنا وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب، فلزمنا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فلم نفارقه وهو على بغلة شهباء ، وربما قال معمر : بيضاء ، أهداها له فروة بن نعامة الجذامي ، فلما التقى المسلمون والكفار ولّى المسلمون ،مدبرين، وطفق رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يركض بغلته قبل الكفار ، قال العباس وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها ، وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين وأبو سفيان بن الحرث آخذ بغرز رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « یا عباس ناد يا أصحاب السمرة، قال: وكنت رجلا صيتاً فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ قال: فوالله لكان عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك، وأقبل المسلمون فاقتتلوا هم والكفار، فنادت الانصار :يقولون يا معشر الانصار، ثم قصرت الداعون على بني الحرث بن الخزرج فنادوا يا بني الحرث بن الخزرج، قال:

فنظر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم هو وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول الله: «هذا حين حمي الوطيس»، قال: ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصیات فرمی بهن وجوه الكفار ، ثم قال انهزموا ورب الكعبة انهزموا ورب الكعبة، قال: فذهبت انظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى قال: فوالله ما هو إلا ان رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 548


1- صحيح مسلم 5 : 166 .

بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلا ، وأمرهم ،مدبرا ، حتى هزمهم الله، قال: وكأنّي انظر إلى النبي صلی الله علیه و آله وسلم يركض خلفهم على بغلته».

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان قال سمعت الزهري مرة أو مرتين فلم أحفظه عن كثير بن عباس ، قال : كان عباس وأبو سفيان معه يعني النبي صلی الله علیه و آله وسلم قال : فخطبهم وقال: «الان حمي الوطيس». وقال: ناد يا أصحاب سورة البقرة».(1)

[ الحكمة 266]

وَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَن يُعَرِّفَهُ مَا الإيمانُ، فَقَالَ علیه السلام: إذا كانَ الْغَدْ نَأْتِنِي حَتَّى أُخْبِرَك عَلى أَسْماع النّاسِ، فَإِنْ نَسِيتَ مَقَالَتِي حَفِظَهَا عَلَيْكَ غَيْرُكَ ، فَإِنَّ الكَلامَ كَالشَّارِدَةِ يَنقُفُها هذا

وَيُخْطِتُها هذا.

وَقَدْ ذَكَرْنا ما أَجَابَهُ بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَوْله : «الإيمانُ عَلى أَرْبَعِ

شُعَبِ» (2) .

قال الجلالي : وهي الحكمة رقم (30) ، وذيلها الذي جاء في هذه الطبعة،

بالرقم (31) فراجع .

[ الحكمة 267]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

يَابْنَ آدَمَ لا تَحْمِلْ هَمَّ يَوْمِكَ الَّذِي لَمْ يَأْتِكَ عَلى يَوْمِكَ الَّذِي قَدْ أَتَاكَ، فَإِنَّهُ إِنْ يَك

مِنْ عُمُرِكَ يَأْتِ الله فِيهِ بِرِزْقِكَ.

ص: 549


1- مسند احمد بن حنبل 207:1
2- راجع الحكمة : 31

قال العرشي في التخريج ما نصّه: يا ابن آدم لا تحمل همّ يومك الذي لم يأتك على يومك الذي قد أتاك » [ ج 3 ص 211] رواها ابن قتيبة في عيون الأخبار [ ج 2 ص 371] والمبرد في الكامل[ ج 1 ص 92] .(1)

[ الحكمة 268]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَّا عَسى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْماً ما، وأَبْغِضُ بَغِيضك هَوْناً ما.

عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً ما.

قال العرشي في التخريج، ما نصه: «أحبب حبيبك هونا ما عسى أن سكون

بغيضك يوماً ما»[ ج 3 ص 217].

رواها الترمذي المتوفى 279 [892م] في كتاب الجامع، والطبراني المتوفى 360[971م] في المعجم الصغير ، والدارقطني المتوفى 995 [385م ] في الأفراد مرفوعا إلى النبي علیه السلام، بينما نسبها إلى على المرتضى البخاري المتوفى 256، [ 870م ] في الأدب المفرد (191) والبلاذري في أنساب الأشراف [ج 5 ص 95] والقالي في الأمالي [ج 2 ص 206] وكتاب ذيل الأمالي والنوادر وأبو الطيب

محمّد بن أحمد الوشاء النحوي المتوفى 937325م] في كتاب الموشي المعروف بكتاب الظرف والظرفاء والحرّاني في تحف العقول (47) وأبو هلال ، العسكري في جمهرة الأمثال (49) ، وابن شيخ الطائفة في الأمالي (79) . وسمط اللآلي[ ج 3 ص 80](2).

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الطبري

ص: 550


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.
2- راجع : استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

(ت / 310ه-) ، قال : في ذكر من روى هذا الخبر عن علي من أصحابه، فوقفه عليه

ولم يرفعه إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم .

حدثنا هارون بن إسحاق الهَمْدَاني قال، حدثنا مُصعب بن المقدام، قال حدثنا إسرائيل، قال حدثنا أبو إسحاق، عن هبيرة ، عن علي ، قال : أحبب حبيبك هوناً أن يكون بَغِيضَك يوما ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون

ما عسى

حبيبك يوماً ما.

وحدثنا ابن المثنى، قال حدثنا محمّد بن جعفر، قال حدثنا شعبة، عن عقيل بن طلحة، قال سمعت مولى القرظة بن كعب قال سمعت عليا يخطب وهو يقول : أحبب حبيبك هوناً ما يكن بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، يكن حبيبك يوماً ما.

وحدثني يعقوب بن إبراهيم، قال حدثنا ابن علية قال أخبرنا عطاء بن السائب، عن أبى البختري ، قال قال علي بن أبي طالب أحبب حبيبك هوناً ما،

، أن يكون يغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون

عسی حبيبك يوماً ما .

حدثني عباد بن يعقوب الأسدى قال حدثنا عبد الله بن بكير وبشر بن عمارة

عن محمد بن سوقة ، عن العلاء بن عبد الرحمن قال حدثني شيخ، أن علياً ، قال لرجل : أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما.

وحدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي معشر ،زياد عن إبراهيم، قال، قال على أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما.

وقال الدار قطني ( ت / 385ه-) في عنوان : حميد بن عبد الرحمن الحميري:

ص: 551

عن علي حديث: أحبب حبيبك هوناً ما ... الحديث .

غريب من حديث أيوب السختياني عن حميد تفرد به الحسن بن أبي جعفر

الجعفري عنه .

وقبله حديث : انقطع على غريب من حديث محمد بن سيرين، عن حميد ،

عن علي تفرد به هارون بن إبراهيم الأهوازي عنه (1)

وبالاسناد الى الشيخ الطوسي (ت / 460 ه- ، قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار ، قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي، قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي ابن بديل بن رزين بن عثمان

ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد بن ورقاء أخو دعبل ابن علي الخزاعي رضی الله عنه ببغداد سنة اثنتين وسبعين ومائتين، قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا علیه السلام بطوس سنة ثمان وتسعين ومائة - الى ان قال - وبالاسناد عن ن أمير المؤمنين علیه السلام، أنه قال : أحبب حبيبك هونا ما فعسى أن يكون بغيضك يوما ما،

وابغض بغيضك هونا ما فعسى أن يكون حبيبك يوما ما» (2)

وبالاسناد الى الخوارزمي (ت 568 ه-) ، بالاسناد عن احمد بن الحسين / أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان، حدثنا عبد الله بن روح المدايني، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد خير ، عن علي علیه السلام: أحبب حبيبك هونا ما فعسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوما ما .(3)

وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) : أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا

ص: 552


1- أطراف الغرائب والأفراد 1 : 187 ، ط / 1419ه-.
2- الأمالي ؛ للشيخ الطوسی359 - 364 .
3- المناقب ؛ للخوارزمي : 367 ، ط/ 1419ه-

البنا ، قالا: أنا أبو علي الحسن بن غالب بن علي بن المبارك، نا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمّد الجرجرائي ، نا أبو عمرو عثمان بن الخطاب، قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول احبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. هذا على ما وقع إلي عن علي بن أبي طالب وعندي بهذا الإسناد أربعة عشر حديثا، إلا أن العلماء بالحديث لا يصححون رواية الأشج، عن علي، وقد روي هذا الحديث بإسناد اخر عن علي أمثل من هذا مرفوعا ، والصحيح أنه موقوف من قول على .(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي (ت / 975ه-) أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما. ت هب، عن أبي هريرة؛ طب، عن ابن عمرو وعن ابن عمر قط في الأفراد د ، هب، ع ، ن علي؛ خد هب عن علي موقوفاً ) (2)..

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) عن على قال أحبب حبيباً هوناً ما، عسى أن سكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما. (مسدد وابن جرير هب ؛ وقال روي من أوجه ضعيفة مرفوعاً والمحفوظ موقوف ) .(3)

[ الحكمة 270]

وَرُوِيَ أَنَّهُ ذُكِرَ عِندَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي أَيَّامِهِ حليّ الْكَعْبَةِ وَكَثْرَتُهُ، فَقَالَ قَوْمٌ: لَوْ

ص: 553


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 5:42
2- كنز العمال 9 24 ط 1405 .
3- كنز العمال 9 - 174 ط 1405 .

أَخَذْتُة فَجَهَّرْتَ بِهِ جُيُوسَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ أَعْظَمَ لِلأَجْرِ وَمَا تَصْنَعُ الْكَعْبَةُ بِالْحَلي ؟ فَهَمُ عُمَرُ بِذلِكَ، وَسَأَلَ عَنْهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلام، فَقَالَ:

إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَالْأَمْوالُ أَرْبَعَةُ: أَمْوالُ الْمُسْلِمِينَ فَقَسَّمَها بَيْنَ الْوَرَقَةِ فِي الْفَرائِضِ وَالْفَيْ: فَقَسْمَهُ عَلَى مُسْتَحِقيهِ: وَالخُمْسُ فَوَضَعَهُ الله حَيْثُ وَضَعَهُ : وَالصَّدَقَاتُ فَجَعَلَهَا اللَّه حَيْثُ جَعَلَهَا . وَكانَ عَلَى الْكَعْبَةِ فِيها يَوْمَئِذٍ فَتَرَكَهُ الله عَلى حالِهِ ، وَلَمْ يَتْرُكْهُ نِسْياناً، وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ مَكاناً ، فَأَقِرَّهُ حَيْثُ أَفَرَّهُ الله وَرَسُولُهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : لَوْلاكَ لَاقْتَضَحْنا وَتَرَكَ الْحَلْيَ بِحالِهِ. وقد جاء اصل الرواية في موقف عمر رضی الله عنه تجاه حلي الكعبة بالاسناد عن البخاري (ت / 256) حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا خالد بن الحارث حدثنا سفيان حدثنا واصل الأحدب، عن أبي وائل، قال: جئت إلى شيبة وحدثنا قبيصة حدثنا سفيان، عن واصل عن أبي وائل قال : جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال لقد جلس هذا المجلس عمر رضی الله عنه فقال لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته، قلت: إن صاحبيك لم يفعلا، قال: هما المرآن أقتدى بهما . (1)

بالاسناد عن ابن الاثير الجزري ( ت / 630 ه-)، قال: أخبرنا ابن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد، قال حدثني أبي حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن

واصل الأحدب، عن أبي وائل ، قال : جلست إلى شيبة بن عثمان ، فقال : جلس في مجلسك هذا، فقال : لقد هممت أن لا أدع في الكعبة صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين الناس، قال: قلت ليس ذلك إليك، قد سبقك صاحباك، فلم يفعلا

ذلك، قال: هما المرءان يقتدى بهما (2)

ص: 554


1- البخاري 3 : 183 ط / اليوتيبية ، سنة 1313 .
2- اسد الغابة 3: 535 .

ومما قال في ترجمة شيبة : « وتوفي سنة سبع وخمسين، وقيل: بل توفي أيام

يزيد بن معاوية، وذكره بعضهم في المؤلفة، وكان شيبة من خيار المسلمين ودفع له رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم مفتاح الكعبة، وإلى ابن عمه عثمان ثمان بن طلحة بر طلحة بن أبي طلحة، وقال: خذوها خالدة مخلّدة تالدة إلى يوم القيامة، يا بني أبي طلحة، لا يأخذها منكم إلّا ظالم.

وهو جد هؤلاء بني شيبة، الذين يلون حجابة البيت، الذين بأيديهم مفتاح

الكعبة إلى يومنا هذا . (1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: سألت عليا فقلت : أخبرني كيف كان يصنع أبو بكر وعمر في الخمس نصيبكم ؟ فقال : أما أبو بكر فلم يكن في ولايته أخماس، وما كان فقد أوفاه ، وأما عمر فلم يزل يدفعه في كل خمس حتى كان خمس السوس وجنديسابور، فقال وأنا عنده هذا نصيبكم أهل البيت من الخمس، وقد أخل ببعض، واشتدت حاجتهم ، فان أحببتم تركتم حقكم فجعلناه في خلة المسلمين حتى يأتينا مال فأوفيكم حقكم فيه ؟ فقلت : نعم ، فوثب العباس فقال : لا تعرض في الذي لنا، فقلت له يا أبا الفضل ألسنا أحق من أرفق المسلمين وضعف أمير المؤمنين فقبضه، فتوفي عمر قبل أن يأتيه مال فو الله ما قضاه ولا قدرت عليه في ولاية عثمان. ثم أنشأ علي يحدّث، فقال: إن الله حرم الصدقة على رسوله، فعوّضه سهما من الخمس ما حرم عليه وحرمها على أهل بيته خاصة، دون أمته فضرب لهم مع رسول الله سهما عوضا مما حرم عليهم . (ابن المنذر )(2)

ص: 555


1- أسد الغابة : لابن الاثير 3: 87
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 519:4 ، الحديث 11533 .

[ الحكمة 271]

وَرُوِيَ أَنَّهُ (1) عَلَيْهِ السَّلامُ رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلانِ سَرَقَا مِنْ مالِ اللهِ، أَحَدُهُما عَبْدٌ مِنْ مالِ

اللهِ، وَالآخَرُ مِنْ عَرْضِ النَّاسِ، فَقَالَ:

أَمَّا هذا فَهُوَ مِنْ مالِ الله فَلا حَدَّ عَلَيْهِ، مالُ الله أَكَلَ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَأَمَّا الْآخَرُ فَعَلَيْهِ

الْحَدُّ، فَقَطَعَ يَدَهُ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الوشاء، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر ، قال: قضى أمير المؤمنين علیه السلام في رجلين سرقا من مال الله أحدهما عبد لمال الله والآخر من عرض الناس، فقال: أما هذا فمن مال الله ليس عليه شي من مال الله أكل بعضه بعضا، وأما الآخر فقدمه فقطع يده، ثم أمر أن يطعم السمن واللحم حتى برئت منه (2)

وبالاسناد عن الطوسي ( ت / 460 ه-) عن علي ، عن أبيه، عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر علیه السلام قال: قضى أمير المؤمنين علیه السلام في رجل جاء به رجلان وقالا إن هذا سرق درعا، فجعل الرجل يناشده لما نظر في البيئة وجعل يقول: والله لو كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ما قطع يدي أبدا ، قال: ولم ؟ قال: يخبره ربه أني برئ فيبرثني ببرائتي، فلما رأى مناشدته إياه دعا الشاهدين وقال : اتقيا الله ولا تقطعا يد الرجل ظلما وناشدهما ثم قال ليقطع أحدكما يده ويمسك الآخر يده، فلما تقدما إلى المصطبة ليقطع يده ضرب الناس حتى اختلطوا فلما اختلطوا ارسلا الرجل في غمار الناس حتى اختلطا بالناس

ص: 556


1- لم ترد وروي أنّه في «أ».
2- الكافي للشيخ الكليني 7: 264 .

فجاء الذي شهدا عليه فقال : يا أمير المؤمنين شهد علىّ الرجلان ظلما فلما ضرب الناس واختلطوا أرسلاني وفرا ولو كانا صادقين لم يرسلاني فقال أمير المؤمنين علیه السلام : من يدلني على هذين أنكلهما.(1)

[ الحكمة 273]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

اَعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أَنَّ الله لَمْ يَجْعَلْ لِلْعَبْدِ وَإِنْ عَظُمَتْ حِيلَتُهُ، وَاشْتَدَّتْ طَلِبَتُهُ، وَقَوِيَتْ مَكِيدَتُهُ أَكْثَرَ مِمَّا سُمِّيَ لَهُ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ، وَلَمْ يَحُلُ بَيْنَ الْعَبْدِ فِي ضَعْفِهِ وَقِلَّةِ حِيلَتِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَبْلُغَ مَا سُمِّيَ لَهُ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ.

وَالْعارِفُ لِهذَا الْعامِلُ بِهِ أَعْظَمُ النَّاسِ راحَةٌ فِي مَنْفَعَةٍ. وَالتَّارِك لَهُ الشَّاكَ فِيهِ،

أَعْظَمُ النّاسِ شُغْلاً فِي مَضَرَّةٍ.

وَرُبَّ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ مُسْتَدرَجٌ بِالنُّعْمى، وَرُبَّ مُبْتَلَى مَصْنُوعٌ لَهُ بِالْبَلوى، فَزِدْ أَيُّها

الْمُسْتَمِعُ فِي شُكْرِكَ، وَقَصِّرْ مِنْ عَجَلَتِكَ ، وَقِفْ عِنْدَ مُنتَهى رِزْقِكَ. قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 328ه-) في الكافي عن علي بن محمد، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، رفعه عن ابي عبد الله علیه السلام قال : كان أمير المؤمنين علیه السلام كثيراً ما يقول : اعلموا علماً يقيناً أن الله عز وجل لم يجعل للعبد - وان اشتد جهده و عظمت حيلته وكثرت مكايدته - ان يسبق ما سمّي له في الذكر الحكيم، ولم يحل من العبد في ضعفه وقلة حيلته أن يبلغ ما سمي له في الذكر الحكيم أيها الناس إنه لن يزداد امرء نقيرا بحذقه ولم ينتقص امرء نقيرا لحمقه، فالعالم لهذا العامل به أعظم الناس راحة في

ص: 557


1- التهذيب 10 : 125 ، الحديث 2500 / 1382 ه-.

منفعته، والعالم لهذا التارك له أعظم الناس شغلا في مضرته، ورب منعم عليه مستدرج بالإحسان إليه، ورب مغرور في الناس مصنوع له، فافق أيها الساعي من سعيك، وقصر من عجلتك، وانتبه من سنة غفلتك، وتفكر فيما جاء عن الله عز وجل على لسان نبيه صلی الله علیه و آله وسلم، واحتفظوا بهذه الحروف السبعة فإنها من قول أهل الحجى، ومن عزائم الله في الذكر الحكيم: إنه ليس لأحد أن يلقى الله عز وجل هذه الخلال: الشرك بالله فيما افترض الله عليه، أو أشفاء غيظ بهلاك

نفسه، أو ، أو إقرار بأمر يفعل غيره، أو يستنجح إلى مخلوق بإظهار بدعة في دينه، أو يسره أن يحمده الناس بما لم يفعل ، والمتجبر المختال ، وصاحب الابهة والزهو، أيها الناس، إن السباع همتها التعدي، وإن البهائم همتها بطونها ، وإن النساء همتهن الرجال، وإن المؤمنين مشفقون خائفون وجلون جعلنا الله

وإياكم منهم .(1)

وبالاسناد عن الشيخ الطوسي رضی الله عنه ( ت / 460 ه-) في الأمالي عن علي الطوسي ، قال اخبرنا الشيخ السعيد الوالد ابو جعفر محمّد بن الحسن رضی الله عنه، قال : أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن عن الحسين بن عبد الله، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة أن أمير المؤمنين علیه السلام قال :لاصحابه اعلموا يقينا أن الله تعالى لم يجعل للعبد - وإن عظمت حيلته، واشتد طلبه، وقويت مكائده - أكثر مما سمى له في الذكر الحكيم فالعارف بهذا العاقل له أعظم الناس راحة في منفعته، والتارك له أعظم الناس شغلا في مضرته، والحمد لله رب العالمين. ورب منعم عليه مستدرج ، ورب مبتلى عند الناس مصنوع له فأبق أيها المستمع من سعيك، وقصر من عجلتك

ص: 558


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 5 82

واذكر قبرك ومعادك ، فإن إلى الله مصيرك، وكما تدين تدان (1)وبالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة وأبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن محمّد الذكواني وأبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمّد الحافظ وأبو الحسن سهل بن عبد الله بن علي الغازي وأبو بكر محمّد بن علي بن محمّد ابن جولة الأبهري.

(ح) وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا سليمان بن إبراهيم. (ح) وأخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمّد بن الفضل الحداد، أنا أبو بكر بن جولة، قالوا: أنا محمّد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني إملاء، نا أبو علي الحسين بن علي، نا محمّد بن زكريا نا العباس بن بكار ، نا أبو بكر الهذلي عن عكرمة، عن ابن عباس ، قال : قال عمر لعلي عظني يا أبا الحسن ، قال : لا تجعل يقينك شكا ، ولا علمك جهلا ، ولا ظنك حقا ، واعلم أنه ليس لك من الدنيا إلّا ما

أعطيت فأمضيت، وقسمت فسويت ولبست فابلیت قال: صدقت يا أبا الحسن (2)

[ الحكمة 274]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

لا تَجْعَلُوا عِلْمَكُمْ جَهْلاً ، وَيُقِينَكُمْ شَكّاً، إذا عَلِمْتُمْ فَاعْمَلُوا ، وَإِذا تَيَنْتُمْ فَأَقْدِمُوا قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، رفعه، قال: قال أمير المؤمنين في كلام له خطب به على المنبر: أيها

ص: 559


1- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي : 163
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 493 - 494

الناس إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلكم تهتدون إن العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله، بل قد رأيت أن الحجة عليه أعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه منها على هذا الجاهل المتحير في جهله، وكلاهما حائر بائر، لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا ، ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا ولا تدهنوا في الحق فتخسروا، وإن من الحق أن تفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، وأغشكم لنفسه أعصاكم لربه، ومن يطع الله يأمن ويستبشر، ومن يعص الله يخب ويندم (1)

[ الحكمة 280]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ تَذَكَّرَ بُعْدَ السَّفَرِ اسْتَعَد.

قال الجلالي: من المتابعات ما أرويه بالاسناد عن ابن شعبة الح-ران-ي (ت / 336ه-) في تحف العقول عن الامام الحسن علیه السلام: وقال : علیه السلامإن من طلب العبادة تزكى لها . إذا أضرت النوافل بالفريضة فارفضوها . اليقين معاذ للسلامة. من تذكر بعد السفر اعتد. ولا يغش العاقل من استنصحه بينكم وبين الموعظة حجاب العزة. قطع العلم عذر المتعلمين كل معاجل يسأل النظرة. وكل مؤجل يتعلل بالتسويف. (2)

[ الحكمة 282]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

بيْنَكُمْ وَبَيْنَ المَوْعِظَةِ حِجابٌ مِنَ الْفِرَّةِ.

ص: 560


1- الكافي للشيخ الكليني 1: 45
2- تحف العقول ؛ لاين شعبة الحراني : 236 .

قال الجلالي من المتابعات ما تقدم في الحكمة ( 280) ، فراجع .

قوله عَلَيْهِ السَّلام: قَطَعَ العِلْمُ عُذْرَ الْمُتَعَلِّلِينَ.

[ الحكمة 284]

قال الجلالي: من المتابعات ما تقدم في الحكمة (280) ، فراجع .

[ الحكمة 285]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

كُل مُعاجَلٍ يَسْأَلُ الإنظارَ، وَكُلُّ مُؤَجِّلٍ يَتَعَلَّلُ بِالتَّسْوِيفِ . قال الجلالي من المتابعات ما تقدم في الحكمة (280) ، فراجع.

[ الحكمة 287]

وقالَ عَلَيْهِ السَّلامُ - وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْقَدَرِ -

طَرِيقٌ مُظِلمٌ فَلا تَسْلُكُوهُ.

ثم سُئِلَ ثانياً، فقال:

بَحْرٌ عَمِيقٌ فَلا تَلِجُوهُ

ثم سئل ثالثاً، فقال: سر الله فَلا تَتَكَلَّفُوه(1).

ص: 561


1- هذه الحكمة وردت في «أ» هكذا : وقال علیه السلام وقد سئل عن القدر . فقال : طريق مظلم فلا تسلكوه ، وبحر عميق فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلفوه ».

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله : طريق مظلم... الى آخره، رويت هذه الكلمات في منتخب كنز العمال وغيره من جملة كلام له علیه السلام(1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 381ه-) في التوحيد : عن أبيه قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقي، عن عبد الملك بن عنترة ،الشيباني، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين علیه السلام فقال : يا أمير

المؤمنين أخبرني عن القدر.

قال علیه السلام: بحر عميق فلا تلجه

قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر.

قال علیه السلام: طريق مظلم فلا تسلكه قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر.

قال علیه السلام:سرّ الله فلا تكلّفه .

قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر.

فقال أمير المؤمنين علیه السلام : أما إذا أبيت فإني سائلك، أخبرني أكانت رحمة الله

للعباد قبل أعمال العباد أم كانت أعمال العباد قبل رحمة الله ؟!

قال :فقال له الرجل : بل كانت رحمة الله للعباده قبل أعمال العباد. فقال أمير المؤمنين علیه السلام: قوموا فسلموا على أخيكم فقد أسلم وقد كان كافرا . قال: وانطلق الرجل غير بعيد، ثم انصرف إليه ، فقال له: يا أمير المؤمنين

أبالمشيّة الأولى نقوم ونقعد ونقبض ونبسط ؟ فقال له أمير المؤمنين علیه السلام: وإنك لبعد في المشيّة، أما إني سائلك عن ثلاث

ص: 562


1- مدارك نهج البلاغة : 109 .

لا يجعل الله لك في شيئ منها مخرجا أخبرني أخلق الله العباد كما شاء أو

كما شاؤوا ؟!

فقال : كما شاء.

قال علیه السلام: فخلق الله العباد لما شاء أو لما شاؤوا ؟!.

فقال : لما شاء.

قال : يأتونه يوم القيامة كما شاء أو كما شاؤوا ؟.

قال علیه السلام: يأتونه كما شاء.

قال : قم، فليس لك من المشية شئ .(1)

وبالاسناد عن العلامة المجلسي ( ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار، قال: روي فقه الرضا علیه السلام: سئل أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن القدر، قال: فقيل له :

أنبئنا عن القدر يا أمير المؤمنين.

فقال :سرّ الله فلا تفشوه

فقيل له الثاني: أنبئنا عن القدر يا أمير المؤمنين.

قال: بحر عميق فلا تلجوه

فقيل له : أنبئنا عن القدر.

فقال :ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل لها(2). وبالاسناد عن ابن عساكر ( ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق، قال : أخبرنا

أبو العز العز أحمد بن عبيد الله بن كادش ، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن حسنون، أنا أبو الحسن علي بن عمر، ، نا محمّد بن مخلد، نا إبراهيم بن مهدي الأيلي، نا أحمد بن الأحجم بن البختري المروزي ، نا محمّد بن الجراح قاضي سجستان، نا

ص: 563


1- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : 365 و 366 .
2- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 123:5 .

شريك، عن أبي إسحاق عن الحارث قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ، قال : طريق مظلم لا تسلكه قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ، قال : بحر عميق لا تلجه، قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، قال: سر الله قد خفى عليك فلا تفشه قال يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ، قال : أيها السائل إن الله خلقك لما شاء أو لما شئت ؟ قال : بل لما شاء، قال: فيستعملك كما شاء أوكما شئت ؟ قال : بل كما شاء ، قال : فيبعثك يوم القيامة كما شاء أو كما شئت؟ قال: بل كما شاء ، قال : أيها السائل ألست تسأل ربك العافية ؟ قال : نعم ، قال : فمن أي شئ تسأله العافية أمن البلاء الذي ابتلاك به غيره، قال: من البلاء الذي ابتلاني به ، قال أيها السائل تقول : لا حول ولا قوة إلا بمن ؟ قال : إلّا بالله العلي العظيم، قال: فتعلم ما تفسيرها؟ قال : تعلمني مما علمك الله يا أمير المؤمنين، قال: إن تفسيرها : لا تقدر على طاعة الله ولا تكون له قوة في معصية في الأمرين جميعا إلا بالله .

أيها السائل ألك مع الله مشيئة أو فوق الله مشيئة أو دون الله مشيئة ؟ فإن قلت: إن لك دون الله مشيئة فقد اكتفيت بها من مشيئة الله وإن زعمت أن لك فوق الله مشيئة فقد ادعيت أن قوتك ومشيئتك غالبتان على قوة الله ومشيئة، وإن زعمت أن لك مع الله مشيئة فقد أدعيت مع الله شركا في مشيئته. أيها السائل إن الله يشج ويداوي ، فمنه الداء ومنه الدواء، أعقلت عن الله أمره ؟

قال: نعم، قال علي الآن أسلم أخوكم ، فقوموا فصافحوه. ثم قال علي: لو أن عندي رجلا من القدرية لأخذت برقبته ثم لا أزال أجاها

حتى أقطعها، فإنهم يهود هذه الأمة ونصاراها ومجوسها . (1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن الحارث قال:(ت/ 975ه-)

ص: 564


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 511-512 .

جاء رجل إلى على فقال : يا امير المؤمنين اخبرني عن القدر، قال: طريق مظلم لا تسلكه، قال: یا امیر المؤمنين اخبرني عن القدر، قال: بحر عميق لا تلجه، قال: امير المؤمنين أخبرني عن القدر ، قال : سر الله قد خفى عليك فلا تفشه :قال يا امير المؤمنين اخبرني عن القدر، قال: يا أيها السائل ان الله خالقك كما شاء أو كما شئت ؟ قال : بل كما شاء، قال : فيستعملك كما شاء أو كما شئت ؟ قال : بل كما شاء ، قال : فيبعثك يوم القيامة كما شاء أو كما شئت ؟ قال : بل كما شاء ، قال : ايها السائل ألست تسال الله ربك العافية ؟ قال بلى قال : فمن أي شي تسأله العافية

أمن البلاء الذي ابتلاك به ام من البلاء الذي ابتلاك به غيره ؟ قال : من البلاء الذي ابتلاني به قال: يا أيها السائل تقول : لا حول ولا قوة إلا بمن ؟ قال : إلا بالله العلى العظيم، قال: فتعلم ما في تفسيرها؟ قال: تعلمني مما علمك يا امير المؤمنين قال : إن تفسيرها لا يقدر على طاعة الله ولا يكون له قوة في معصية الله في الأمرين جميعا الا بالله . أيها السائل ألك مع الله مشيئة، فان قلت لك دون الله مشيئة فقد اكتفيت بها عن مشيئة الله ، وإن زعمت أن لك فوق الله مشيئة ، فقد ادعيت مع الله شركا في مشيئته ، أيها السائل إن الله يشج ويداوي ، فمنه الدواء ومنه الداء ، أعقلت الله امره؟ قال: نعم، قال على: الان أسلم أخوكم فقوموا فصافحوه ثم قال على : لو أن عندي رجلا من القدرية لاخذت برقبته ثم لا ازال أجاها حتى اقطعها فانهم يهود هذه الامة و نصاراها ومجوسها . (كر ) .(1)

وعن المتقي الهندي في كنز العمال أيضاً عن علي ، قال : لكل عبد حفظة يحفظونه لا يخرّ عليه حائط أو يتردى في بئر أو تصيبه دابة، حتى إذا جاء القدر الذي قدر له خلت عنه الحفظة فأصابه ما شاء الله ان يصيبه . (د في القدر ) .

ص: 565


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1 346 ، برقم 1561 .

وعن أبي نصير ، قال : كنا جلوسا حول الاشعث بن قيس إذ جاء رجل بيده عنزة فلم نعرفه و عرفه فقال یا امیر المؤمنين قال نعم قال : تخرج هذه الساعة

وانت رجل محارب قال إن عليَّ من الله جنة حصينة ، فإذا جاء القدر لم يغن يئا، انه ليس من الناس احد إلا وقد وكل به ملك فلا تريده دابة ولا شئ الا ، قال :

اتقه اتقه، فإذا جاء القدر خلى عنه . ( د فى القدر ) . وعن يعلى بن مرة، قال : كان على يخرج بالليل إلى المسجد يصلّي تطوعا، فجئنا ،نحرسه، فلما فرغ اتانا فقال: ما يجلسكم ؟ قلنا نحرسك، فقال: أمن أهل السماء تحرسون أم من أهل الارض؟ قلنا: بل من أهل الارض ، قال : إنه لا يكون في الارض شئ حتى يقضى في السماء، وليس من أحد إلا وقد وكل به ملكان يدفعان عنه ويكلانه حتى يجيئ قدره فإذا جاء قدره خليا بينه وبين قدره، وإن علي من الله جُنّة حصينة، فإذا جاء أجلى كشف عنى، وانه لا يجد طعم الايمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما اخطاء لم يكن ليصيبه . (د) في القدر وخشيش في الاستقامة (كر ) .

عن قتادة قال : إن آخر ليله انت على علي جعل لا يستقر فارتاب به اهله فجعل يدس بعضهم إلى بعض حتى اجمعوا فناشدوه ، قال : إنه ليس من عبد إلا ومعه ملكان يدفعان عنه ما لم يقدر - أو قال : ما لم يأت القدر - فإذا اتى القدر خليا بينه وبين القدر، ثم خرج إلى المسجد فقتل . د - في القدر (كر ) . وعن أبي مجلز، قال: جاء رجل إلى علي وهو يصلي في المسجد فقال : احترس فان ناسا من مراد يريدون قتلك ، فقال : إن مع الرجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه وان الاجل جنة حصينة . (ابن سعد - كر )(1)

ص: 566


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1 : 347 و 348 ، برقم 1562 - 1566 .

[ الحكمة 289]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

كانَ لِي فِيمَا مَضى أَخٌ فِي اللهِ، وَكانَ يُعَظْمُهُ فِي عَيْنِي صِغَرُ الدُّنْيا فِي عَيْنِهِ، وَكَانَ خارجاً مِنْ سُلْطانِ بَطنِهِ، فَلا يَشْتَهِي ما لا يَجِدُ وَلا يُكْثِرُ إِذا وَجَدَ، وَكانَ أَكْثَرَ دَهْرِهِ صامِتاً، فَإِنْ قال : يَذَّ(1)الْقَائِلِينَ، وَنَقَعَ غَلِيلَ السَّائِلِينَ، وَكَانَ ضَعِيفاً مُسْتَضْعَفاً ، فَإِنْ جَاءَ الْجِدُّ فَهُوَ لَيْتْ عادٍ وَصِلُّ وادٍ لا يُدْلِي بِحُجَّةٍ حَتَّى يَأْتِيَ قاضياً ، وَكَانَ لا يَلُومُ أَحَداً عَلَى ما لا يَجِدُ (2) العُدْرَ فِي مِثْلِهِ حَتَّى يَسْمَعَ اعْتِدَارَهُ، وَكانَ لا يَشْكُو وَجَعَا إِلَّا عِنْدَ بُرْتِهِ ، وَكَانَ يَقُولُ ما يَفْعَلُ وَلا يَقُولُ مالا يَفْعَلُ. وَكانَ إذا غُلِبَ عَلَى الكَلام لَمْ يُغْلَبْ عَلَى السُّكُوتِ،

وَكَانَ عَلى أَنْ يَسْمَعَ أَحْرَصَ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ ، وَكَانَ إِذا بَدَهَهُ أَمْرَانٍ يَنظُرُ أَيُّهُما أَقْرَبُ إلَى الْهَوى فَخالَفَهُ. فَعَلَيْكُمْ بِهذِهِ الخَلائِقِ فَالْزَمُوها وَتَنافَسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوها فَاعْلَمُوا أَنَّ أَخْذَ

الْقَلِيلِ خَيْرٌ مِنْ تَرْك الكَثِيرِ .

قال العرشي في التخريج ما نصّه : رواها الحراني في تحف العقول [بحار 145] عن أمير المؤمنين رضی الله عنه، ورواها الكليني في اصول الكافي

الانوار[ج 17 ص210]

عن الامام حسن رضی الله عنه مختصراً » (3)قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

خالد

(ت / 328ه-) في الكافي عن عده من اصحابنا، عن احمد بن مسجد محمّد بن عن بعض أصحابه من العراقيين، رفعه قال :خطب الناس الحسن بن علي

ص: 567


1- في «أ» : (بذا) .
2- في «أ»: (ما يجد).
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.

صلوات الله عليهما فقال : أيها الناس أنا اخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني وكان رأس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجا من سلطان بطنه، فلا يشتهي مالا يجد ، ولا يكثر إذا وجد ، كان خارجا من سلطان فرجه، فلا يستخف له عقله ولا رأيه، كان خارجا من سلطان الجهالة فلا يمد يده إلا على ثقة لمنفعة، كان لا يتشهي ولا يتسخط ولا يتبرم، كان أكثر دهره صماتا، فإذا قال بذ القائلين كان لا يدخل في مراء، ولا يشارك في دعوى ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا، وكان لا يغفل عن إخوانه، ولا يخص نفسه بشئ دونهم، كان ضعيفا مستضعفا ، فإذا جاء الجد كان ليثا عاديا كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله حتى يرى اعتذارا كان يفعل ما يقول ويفعل ما لا يقول كان إذا ابتزه أمران لا يدري أيهما أفضل نظر إلى أقربهما إلى الهوى فخالفه كان لا يشكو وجعا إلا عند من يرجو عنده البرء، ولا يستشير إلا من يرجو عنده النصيحة، كان لا يتبرم ولا يتسخط ولا يتشكي ولا يتشهي ولا ينتقم ولا يغفل عن العدو، فعليكم بمثل هذه الاخلاق الكريمة، إن أطقتموها ، فإن لم تطيقوها كلها فأخذ القليل خير من ترك الكثير. ولا حول ولا قوة إلا بالله (1)

وبالاسناد عنه ابن شعبة الحراني ( ت / 336ه- ) في تحف العقول وقال في وصف أخ كان له صالح كان من أعظم الناس في عيني. وكان رأس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه كان خارجا من سلطان الجهالة ، فلا يمد يدا إلّا على ثقة لمنفعة، كان لا يشتكي ولا يتسخط ولا يتبرم كان أكثر دهره صامتا ، فإذا قال بذ القائلين كان ضعيفا مستضعفا، فإذا جاء الجد فهو الليث عاديا، كان إذا جامع العلماء على أن يستمع أحرص منه على أن يقول ، كان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت كان لا يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول ، كان إذا عرض له

ص: 568


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 : 238 237

أمران لا يدري أيهما أقرب إلى ربه نظر أقربهما من هواه فخالفه، كان لا يلوم أحدا على ما قد يقع العذر في مثله (1)

ومن الموافقات ما عن الخطيب البغدادي ( ت / 463 ه-) في تاريخ بغداد، عن عثيم الزاهد :قال أخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد حدثنا أحمد ب-ن إبراهيم بن شاذان حدثنا محمّد بن الحسين بن حميد اللخمي حدثني خضر بن أبان بن عبيدة الواعظ حدثني عثيم البغدادي الزاهد حدثني محمد بن كيسان أبو بكر الاصم ، قال : قال الحسن بن علي ذات يوم لاصحابه : اني أخبركم عن أخ لي وكان من أعظم الناس في عيني وكان رأس ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه ، كان خارجا من سلطان فرجه فلا يستخف له عقله ولا رأيه، وكان خارجا من سلطان الجهلة فلا يمد يدا إلا على ثقة المنفعة، كان لا يسخط ولا يتبرم كان إذا جامع العلماء يكون على ان يسمع أحرص منه على ان يتكلم كان إذا غلب على الكلام لم يغلب على الصمت كان أكثر دهره صامتا ، فإذا قال بذ القائلين، كان لا

يشارك في دعوى ولا يدخل في مراء ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا، كان يقول ما يفعل ويفعل ما يقول تفضلا وتكرما ، كان لا يغفل عن إخوانه ولا يختص بشئ دونهم، كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله، كان إذا ابتداه امران لا يدري أيهما أقرب إلى الحق نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه . (2)

ومن المتابعات بالاسناد عن ابي محمّد الحسن بن شعبة الحراني ( ت / 336) .

عن الحسن بن علي علیهما السلام، قال علیه السلام في وصف اخ كان له صالح كان من اعظم

الناس في عيني ... فذكر ما يقرب من ذلك .(3)

ص: 569


1- تحف العقول ؛ لابن شعبة الحراني : 235 234
2- تاریخ بغداد ؛ للخطيب البغدادي 311:12
3- تحف العقول : 166 ، ط / 1385ه-.

[ الحكمة 290]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

لَوْ لَمْ يَتَوَعَد الله عَلى مَعْصِيَتِهِ لَكَانَ يَجِبُ أَنْ لا يُعْصى شُكراً لِنعَمِهِ . قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 381ه-) في مصادقة الاخوان: عن الفضل بن أبي قرة عن جعفر، عن ابيه علیهما السلام، قال : كان أمير المؤمنين علیه السلام يقول على منبر الكوفة : يا معشر المسلمين ليؤاخي المسلم المسلم، ولا يواخين الفاجر ولا الاحمق ولا الكذاب. فإن الفاجر ؛ يزيّن لك فعله، ويحثك انك تأتي مثله، ولا يعينك على امر دينك ولا دنياك فمدخله عليك ومخرجه من عندك شين عليك. واما الاحمق ؛ فانه لا يطيع مرشدا ولا يستطيع صرف السوء عنك ، وربما اراد ان ينفعك فيضرك ، بعده خير من قربه ، وسكوته خير من منطقه ، وموته خير من حياته . وأما الكذاب ؛ فانه لا ينفعك. وجه عبس سبب لك العدواة. ويثبت لك السخائم في الصدور ويفشى سرك وينقل حديثك، وينقل احاديث الناس بعضهم إلى بعض .

وعن سدير الصيرفي ، قال : قال أبو جعفر علیه السلام: لا تصادق ولا تواخ اربعة:

الاحمق ،والبخيل والجبان، والكذاب

أما الاحمق فإنه يريد ان ينفعك فيضرك. وأما البخيل فانه يأخذ منك ولا يعطيك. واما الجبان فانه يهرب عنك وعن والديه. واما الكذاب فانه يصدق ولا يصدق (1)

ببببب

ص: 570


1- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : 79 - 80

[ الحكمة 291]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

وَقَدْ عَزَّى الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ عَن أَبْنِ لَهُ:

يا أَشْعَتْ إِنْ تَحْزَنْ عَلَى أَبْنِكَ فَقَدِ اسْتَحَقَّتْ ذلِكَ مِنْكَ الرَّحِمْ، وَإِنْ تَصْبِرْ فَفِي الله

مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ خَلَفٌ. يا أَشْعَثُ إِنْ صَبَرْتَ جَرى عَلَيْكَ القَدَرُ وَأنْتَ مَأْجُورٌ، وَإِنْ جَزِعْتَ جَرى عَلَيْكَ

الْقَدَرُ وَأَنْتَ مَأزُورٌ. إبْنُكَ (1) سَرَّكَ وَهُوَ بَلاءُ وَفِتْنَةٌ، وَحَزَنَكَ وَهُوَ قَوَابٌ وَرَحْمَةً . قال الهادي كاشف الغطاء ( ت /1360ه-) في التخريج : « قوله علیه السلام: يا أشعث انك ان صبرت ... الى آخره روى هذه الفقرة المبرد في الكامل ص 251 وسيأتي ،

ذكرها في شعر الشيخ ابي تمام وفي تحف العقول انه قالها للاشعث (2) قال العرشي في التخريج ما نصه: رواها ابن قتيبة في عيون الاخبار [ ج 3

61] ، والحراني في تحف العقول (46) باختلاف الكلمات ،( انتهى ) . (3): قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني (ت/ 328ه-) في الكافي: عن علي بن محمّد عن صالح بن أبي حماد، رفعه قال: جاء أمير المؤمنين علیه السلام إلى الاشعث بن قيس يعزيه بأخ له يقال له: عبد الرحمن فقال له أمير المؤمنين علیه السلام: إن جزعت فحق الرحم آتيت، وإن صبرت فحق الله أديت على إنك ان صبرت جرى عليك القضاء وأنت محمود، وإن جزعت جرى عليك القضاء وأنت مذموم ، فقال له الاشعث: إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقال أمير المؤمنين علیه السلام: أتدري ما تأويلها ؟ فقال الاشعث: لا، أنت غاية

ص: 571


1- لم ترد : (ابنك) في «أ».
2- مدارك نهج البلاغة : 109 .
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

العلم ومنتهاه، فقال له: أما قولك: إنا لله فإقرار منك بالملك، وأما قولك: وإنا إليه

راجعون فإقرار منك بالهلاك (1)، وقد تقدم في الحكمة ( 99) فراجع . وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن سفيان، قال: عزى عليّ بن ابي طالب علیه السلام الاشعث بن قيس على ابنه فقال : إن تحزن فقد استحقت منكم الرحم، وإن تصبر ففي الله خلف من ابنك إنك إن صبرت جرى عليك

القدر وانت مأجور ، وإن جزعت جرى عليك وانت مأثوم . (كر) (2)

[الحكمة 293]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

لا تَصْحُبِ الْمائِقَ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُ لَكَ فِعْلَهُ، وَيَوَدُّ أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُ.

قال العرشي في التخريج ما نصه: « رواها ابن قتيبة في عيون الاخبار [ ج 3 ص ،79 ، والحراني في تحف العقول (48) والكليني في أصول الكافي (239) والشيخ الصدوق في مصادقة الاخوان (52) ، انتهى » . (3)

،79]

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني بن محمّد بن خالد،

(ت / 328ه-) في الكافي عن عدة من أصحابنا، عن أحمد عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن سالم الكندي، عمن حدثه عن أبي عبد الله علیه السلام قال: كان أمير المؤمنين علیه السلام إذا صعد المنبر، قال: ينبغي للمسلم أن يتجنب مواخاة ثلاثة : الماجن الفاجر والاحمق والكذاب، فأما الماجن الفاجر، فيزين لك فعله ويحبّ أنك مثله ولا يعينك على أمر دينك ومعادك، ومقاربته

ص: 572


1- الكافي؛ للشيخ الكليني 3 : 261 .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 15 : 744 ، الرقم 42959 .
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.

جفاء وقسوة ومدخله ومخرجه عار عليك . وأما الاحمق؛ فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه . وربما أراد منفعتك فضرك ، فموته

خير من حياته وسكوته خير من نطقه ، وبعده خير من قربه وأما الكذاب، فإنه لا يهنئك معه عيش، ينقل حديثك وينقل إليك الحديث ، كلما أفنى أحدوثة مطرها باخرى مثلها، حتى أنه يحدث بالصدق فما يصدّق، ويفرق بين الناس بالعداوة

فينبت السخائم في الصدور ، فاتقوا الله عز وجل وانظروا لانفسكم .(1) ومن الموافقات ما بالاسناد عن الخطيب البغدادي ( ت / 463 ه-) في تاريخ بغداد عن عثيم الزاهد، قال: أخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان حدثنا محمد بن الحسين بن حميد اللخمي حدثني خضر بن أبان بن عبيدة الواعظ حدثني عثيم البغدادي الزاهد حدثني محمّد بن كيسان أبو بكر الاصم ، قال : قال الحسن بن علي ذات يوم لاصحابه: اني أخبركم عن أخ لي، وكان من أعظم الناس في عيني، وكان رأس ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه كان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهي مالا يجد ولا يكثر إذا وجد وكان خارجا من سلطان فرجه فلا يستخف له عقله ولا رأيه، وكان خارجا من سلطان الجهلة فلا يمد يدا إلا على ثقة المنفعة، كان لا يسخط ولا يتبرم ، كان إذا جامع العلماء يكون على ان يسمع احرص منه على ان يتكلم ، كان إذا غلب على الكلام لم يغلب على الصمت، كان أكثر دهره صامتا فإذا قال بذّ القائلين، كان لا يشارك في دعوى، ولا يدخل في مراء ، ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا، كان يقول ما يفعل ويفعل ما يقول تفضلا وتكرما ، كان لا يغفل عن إخوانه ولا يختص بشئ دونهم كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله كان إذا ابتدأه امران لا يدري

ص: 573


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 :639

أيهما أقرب إلى الحق نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه (1)

[ الحكمة 294]

وقال - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مَسافَة ما بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَقَالَ

مَسِيرَةُ يَوْمِ لِلشَّمْسِ .

قال: العرشي في التخريج ، ما نصه : « رواها ابو حيان التوحيدي في كتاب البصائر

(68 / الف ) والسيد المرتضى في الامالي[ ج 1 ص 198](2)

[ الحكمة 298]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ بالَغَ فِي الْخُصُومَةِ أَيْمَ، وَمَنْ قَصَّر فيها ظُلِمَ، وَلا يَسْتَطِيعُ أَن يَتَّقِيَ الله مَنْ خَاصَمَ. قال الجلالي من الشواهد أرويه بالاسناد عن الترمذي في سننه - تفسير القرآن قال حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة ، عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال : لما نزلت (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ )(3) ، قال الزبير : يا رسول الله ، أتكرر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا ؟ قال : نعم . فقال : إن الامر

إذا لشديد.

قال ابو عيسى : هذا حديث حسن صحيح. (4)

ص: 574


1- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 12 : 311
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
3- الزمر: 31
4- سنن الترمذي، الحديث 3160

[ الحكمة 306]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

كَفَى بِالْأَجَلِ حارِساً.

قال الجلالي وردت النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) في التوحيد ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا علي بن زياد، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن الأعمش، عن ابن حيان التميمي، عن ابيه وكان

قال : كان مع علي علیه السلام يوم صفين وفيما بعد ذلك ، قال : بينا علي بن أبي طالب علیه السلام يعبّئ الكتائب يوم صفّين ومعاوية مستقبله على فرس له يتأكل تحته تأكلا وعلي علیه السلام على فرس رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم المرتجز، وبيده حربة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وهو

الّا متقلد سيفه ذو الفقار، فقال رجل من أصحابه احترس يا أمير المؤمنين فإنا نخشى أن يغتالك هذا الملعون، فقال علیه السلام: لئن قلت ذاك إنه غير مأمون على دينه وإنه لأشقى القاسطين وألعن الخارجين على الأئمة المهتدين، ولكن كفى بالأجل حارسا ، ليس أحد من الناس إلا ومعه ملائكة حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر أو يقع عليه حائط أو يصيبه سوء، فإذا حان أجله خلّوا بينه ما

وبين وكذلك أنا إذا حان أجلي انبعث أشقاها فخضب هذه من هذا - وأشار إلى لحيته ورأسه - عهدا معهودا ووعدا غير مكذوب. والحديث طويل، أخذنا منه موضع الحاجة، وقد أخرجته بتمامه في كتاب

الدلائل والمعجزات(1)

نصيبة،

وبالمعنى ما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي ، عن

ص: 575


1- التوحيد ؛ للشيخ الصدوق: 38.

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن عبد الرحمن العرزمي ، عن أبيه، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : كان قنبر غلام علي يحب عليا حبا شديدا، فإذا خرج علي صلوات الله عليه خرج على أثره بالسيف، فرآه ذات ليلة فقال : يا قنبر مالك ؟ فقال: جئت لامشي خلفك يا أمير المؤمنين، قال: ويحك أمن أهل السماء تحرسني أو من أهل الارض ؟! فقال : لا ، بل من أهل الارض

فقال : إن أهل الارض لا يستطيعون لي شيئا إلا بإذن الله من السماء فارجع ، فرجع وعن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس عمن ذكره ، قال : قيل

للرضاء : إنك تتكلم بهذا الكلام والسيف يقطر دما ، فقال : إن الله واديا من ذهب حماه بأضعف خلقه النمل ، فلو رامه البخاتي لم تصل إليه. (1) وبالمعنى أيضاً ما بالاسناد عن المتقي الهندي (ت / 975 ه-) في كنز العمال: يحيى بن أبي كثير ، قال : قيل لعلي : ألا نحرسك ؟ فقال حرس امرءاً

من أجله . (حل) (2)

[ الحكمة 310]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

لا يَصْدُقُ إيمانُ عَبْدٍ حَتَّى يَكُونَ بِما فِي يَدِ اللهِ سُبْحانَهُ أَوْلَقَ مِنْهُ بِما فِي يَدِهِ. قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي (ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن عبيد الله بن محمّد بن عائشة ، قال : وقف سائل على أمير المؤمنين علي، فقال للحسن أو الحسين : اذهب إلى أمك فقل لها: تركت عندك سنة دراهم فهات منها درهما، فذهب ثم رجع فقال: قالت إنما

ص: 576


1- الكافي للشيخ الكليني 2 : 59
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 1 : 349 .

تركت ستة دراهم للدقيق ، فقال علي : لا يصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده، قل لها ابعثي بالستة دراهم، فبعثت بها إليه فدفعها إلى

السائل ، قال : فما حل حبوته حتى مرّ به رجل معه جمل يبيعه، فقال علي بكم الجمل ؟ قال : بمائة وأربعين درهما، فقال علي اعقله عليّ، إنا نؤخرك بثمنه شيئا، فعقله الرجل ومضى ، ثم أقبل رجل فقال : لمن هذا البعير ؟ فقال علي: لي فقال: أتبيعه ؟ قال : نعم ، قال : بكم ؟ قال بمائتي درهم قال : قد ابتعته قال: فأخذ البعير وأعطاه المائتين فأعطى الرجل الذي أراد أن يؤخره مائة وأربعين درهما وجاء بستين درهما إلى فاطمة ، فقالت : ما هذا ؟ قال : هذا ما وعدنا الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (1) (العسكري ) . (2)

[الحكمة 313]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

فِي الْقُرْآنِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُم، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ. قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الدارمي في سننه » ، قال اخبرنا محمّد بن يزيد الرفاعي، ثنا الحسين الجعفي، عن حمزة الزيان، عن ابي المختار الطائي، عن ابن اخي الحارث، عن الحارث ، قال : دخلت المسجد فإذا أناس يخوضون في احاديث فدخلت على على فقلت : الا ترى ان أناسا يخوضون في الاحاديث في المسجد ، فقال : قد فعلوها ، قلت : نعم ، قال : أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستكون فتن، قلت : وما المخرج منها ؟ قال:

« کتاب الله ، كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخير ما بعدكم وحكم ما بينكم هو

ص: 577


1- الأنعام: 160 .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 6: 573 .

الفصل ليس بالهزل ، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غیره اضله الله فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الاهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته ان :قالوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجباً ) (1)، هو الذي من قال به صدق ومن حکم به عدل و من عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ، خذها اليك يا اعور». (2)

[ الحكمة 314]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

رُدّوا (3) الحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ ، فإِنَّ الشَّر لا يَدْفَعُهُ إِلَّا الشَّرُّ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي ات / 975 ه-) في كنز العمال: عن ضمرة قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب يشكو جاره فقال الحجارة تجيئني من الليل يرمي بها، فقال: أعدها من حيث تجيئك ثم قال : إن الشر لا يصلحه إلا الشر. (إبن السمعاني ) . (4)

[الحكمة 315]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

لِكاتِبِهِ عُبَيْدِ الله بْن أبي رافع: أَلِف دَوَاتَكَ، وأطِلْ جِلْقَة قَلَمِكَ ، وفَرِّجْ بَيْنَ السُّطُورِ ، وقَرْمِطْ بَيْنَ الحُرُوفِ فَإِنَّ

ذَلِكَ أجْدَرُ بِصباحَةِ الخَطِّ .

ص: 578


1- الجن : 2 .
2- سنن الدارمي 2 : 435
3- في «أ» : (رُدّ ورَدُّ ، معاً).
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 183:9 ، الرقم 25605 .

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي

(ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن علي أنه قال : لكاتبه عبيد الله بن أبي رافع ألق

دواتك وأطل شق قلمك ، وافرج بين السطور وقرمط بين الحروف. (خط فيه ) (1)

[الحكمة 316]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

أنا يَعْسُوبُ المُؤْمِنين ، والمَالُ يَعْسُوب الْفُجَّارِ .

وقال (2) : ومَعْنَى ذَلِكَ أنَّ المُؤْمِنِينَ يَتَّبِعُونَني ، والْفُجَّارُ يَتَّبِعُون المال، كما يَتَّبِعُ النَّحْلُ

يَعْسُوبَها، وهُوَ رَئيسُها. قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواها عنه ابو القاسم الزجاجي في كتاب

الامالي (19) والشيخ الصدوق في اكمال الدين [بحار الانوارج 17 ]ورواها شيخ الطائفة في امالية (31) وابن شيخ الطائفة في الأمالي (6) عن

النبی علیه السلام(3)

قال الجلالي ومما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي (ت / 975 ه-) في كنز(ت/ 975ه-) العمال: عن علي، قال: أنا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة . (أبو نعيم ) . 36382 عن أبي مسعر، قال: دخلت على علي وبين يديه ذهب فقال :

أنا وبالرقم 1382

يعسوب المؤمنين وهذا يعسوب المنافقين، وقال بي يلوذ المؤمنون وبهذا

ص: 579


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 10 : 312 ، الرقم 29563 والقرمطة بين الحروف : مقاربة السطور (مختار الصحاح : 419) .
2- لم ترد: (قال) في
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

يلوذ المنافقون . (أبو نعيم)(1)

[ الحكمة 317]

قوله لبعض اليهودِ حين قال له: ما دَفَنْتُمْ (2) نَبيَّكُمْ حَتَّى اخْتَلَفْتُمْ فيه (3)! فقال له : إنَّمَا اخْتَلَفْنا عَنْهُ لا فِيهِ؛ وَلَكِنَّكُمْ ما جَفَّتْ أرْجُلُكُمْ منَ البَحْرِ حَتَّى قُلْتُمْ لِنَبِيِّكُمْ:

اجْعَلْ لَنَا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةً فَقَالَ إِنَّكُمْ قَوْمُ تَجْهَلُون ) (4)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن سبط ابن الجوزي (ت / 654ه-) ، قال : روى الشعبي وابن المسيب قالا : جاء حبر من احبار اليهود الى عليا فناظره فقطعه فقال له : انتم ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه فقال له : كذبت ويلك نحن ما اختلفنا فيه، وانما اختلفنا عنه ، وانما انتم ما جفت ارجلكم من ماء البحر حتى قلتم : اجْعَلْ لَنَا إلها ) (5) ، فأسلم اليهودي .(6)

[الحكمة 319]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

لابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّة (7) : يا بُنَيَّ إِنِّي أخافُ عَلَيْكَ الْفَقْرَ، فَاسْتَعِذْ بِالله مِنْهُ، فَإِنَّ الْفَقْرَ مَنْقَصَةُ للدِّين، مَدْهَشَةٌ

ص: 580


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 13 : 119 ، الرقم 36381 .
2- العبارة في ( أ ) : وقال له بعض اليهود : ما دفنتم .
3- لم ترد : (فيه) في «أ».
4- الأعراف : 138 .
5- الأعراف : 138 .
6- تذكره الخواص : 148 ، ط / 1411ه-.
7- في ( أ ) : (محمد رحمه الله)

لِلْعَقْلِ دَاعِيَةٌ لِلْمَقتِ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: يا بني اخا عليك الفقر ... الخ، رواها في غرر الخصائص ابو اسحاق الكتبي باختلاف يسير(1)

[ الحكمة 320]

قولُهُ لسائل سأله عن معضلة:

سَلْ تَفَقُها، وَلَا تَسْأَلْ تَعْتاً ، فَإِنَّ الجَاهِلَ الْمُتَعَلَّمَ شَبِية بِالْعَالِمِ، وَإِنَّ العَالِمَ الْمُتَعَنِّتَ

شَبِيهُ بِالْجاهِلِ الْمُتَعَنِّتِ (2).

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 381ه-) في الخصال، قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو بن علي بن

عبد الله البصري بإيلاق، قال : حدثني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد جبلة الواعظ، قال: حدثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال حدثنا موسى بن جعفر، قال: حدثنا جعفر بن محمّد ، قال : حدثنا محمّد بن علي، قال: حدثنا علي بن الحسين قال : حدثنا الحسين بن علي بن أبي طالب قال: كان علي بن أبي طالب علیهما السلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين إن-ي أسألك عن أشياء ، فقال : سل تفقهاً ولا تسأل تعنتا فسأله عن أشياء، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن أول من قال الشعر ؟ فقال : آدم ، فقال : وما كان من ،شعره ، قال : لما انزل إلى الأرض من السماء فرأى تربتها وسعتها وهوائها وقتل

ص: 581


1- راجع : مدارك نهج البلاغة .
2- لم ترد المتعنت في (ب) وفي ( أ ) هنا سقط مقدار ورقة الى الحكمة ( 350) واكملت بخط مغاير

قابیل هابیل فقال آدم علیه السلام:

تغيّرت البلاد ومن عليها ***فوجه الارض مغبر قبيح

تغيّر كل ذي لون وطعم ***وقل بشاشة الوجه المليح

فأجابه إبليس :

تنح عن البلاد وساكنيها*** فبي في الخلد ضاق بك الفسيح

وكنت بها وزوجك في قرار ***وقلبك من أذى الدنيا مريح

فلم تنفك من كيدي ومكري*** إلى أن فاتك الثمن الربيح

فلولا رحمة الجبار أضحت ***بكفك من جنان الخلد ريح (1)

[الحكمة 322]

وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ الكُوفَةَ قَادِماً مِنْ صِفِّينَ مَرَّ بالشَّامِينَ(2) ، فَسَمِعَ بُكَاءَ النِّسَاءِ عَلَى قَتْلَى صِفِّين، وَخَرَجَ إِلَيْهِ حَرْبُ بْنُ شُرَحْبيل (3) الشَّبامِيّ : وَكَانَ مِنْ وُجُوهِ قَوْمِهِ،

فَقال له (4).

أَيَغْلِبُكُمْ نِسَاؤُكُمْ عَلَى مَا أَسْمَعُ ؟ أَلَا تَنْهَوْنَهُنَّ (5) عَنْ هَذَا الرَّئِينِ ؟

وأَقْبَلَ حَرْبٌ (6) يَمْشِي مَعَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ، فَقَالَ لَهُ(7) : أَرْجِعْ فَإِنَّ مَشْيَ مِثْلِكَ مَعَ

مِثْلِي فِتْنَةٌ لِلْوَالِي وَمَذَلَّةٌ لِلْمُؤْمِنِ.

ص: 582


1- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 208 - 209 .
2- في ( أ ) : (الشاميين)
3- في ( أ ) : (شرحيل).
4- في ( أ ) : فقال له .
5- في ( أ ) : (تنهو هن).
6- لم ترد (حرب) في «أ».
7- في ( أ ) : فقال :

قال الهادي كاشف الغطاء (ت/1360ه-) في التخريج: «وقوله علیه السلام: أتغلبكم نساؤكم .... الى آخره هذه الكلمة والتي بعدها مرويتان في تاريخ ابن جرير » (1) قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212ه-) في وقعة صفين عن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن عاصم القائشي ، قال : لما مرّ على بالثوريين - يعني ثور همدان - سمع البكاء فقال: ما هذه الأصوات؟ قيل : هذا البكاء على من قتل بصفين. فقال: أما إني أشهد لمن قتل منهم صابراً محتسباً بالشهادة . ثم مر بالفائشيين فسمع الأصوات ، فقال مثل ذلك ، ثم مر بالشباميين فسمع رنة شديدة وصوتاً مرتفعاً عالياً، فخرج إليه ح-رب ب-ن شرحبيل الشبامي فقال علي أيغلبكم نساؤكم، ألا تنهونهن عن هذا الصياح والرنين ؟ قال: يا أمير المؤمنين، لو كانت داراً أو دارين أو ثلاثاً قدرنا على ذلك، ولكن من هذا الحي ثمانون ومائة قتيل فليس من دار إلا وفيها بكاء، أما نحن معشر الرجال فإنا لا نبكي ، ولكن نفرح لهم ، ألا نفرح لهم بالشهادة ؟! فقال علي: رحم الله قتلاكم وموتاكم. وأقبل يمشي معه وعلي راكب، فقال له علي ارجع. ووقف، ثم قال له: ارجع، فإن مشي مثلك فتنة للوالي ومذلة للمؤمنين. ثم مضى حتى مرّ بالناعطيين فسمع رجلا منهم يقال له عبد الرحمن بن مرثد فقال ما

: صنع عليّ والله شيئاً، ذهب ثم انصرف في غير شي. فلما نظر أمير المؤمنين أبلس، فقال علي : وجوه قوم ما رأوا الشام العام. ثم قال لأصحابه : قوم فارقتهم آنفا خير من هؤلاء. ثم قال:

أخوك الذي إن أحرضتك ملمة*** من الدهر لم يبرح لبثك واجما

وليس أخوك بالذي إن تمنعت*** عليك أمور ظل يلحاك لاتما

ص: 583


1- مدارك نهج البلاغة : 110 .

ثم مضى فلم يزل يذكر الله حتى دخل الكوفة (1)

[ الحكمة 326]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

الْعُمُرُ الَّذِي أعْذَرَ الله فيه إلى ابن آدَمَ سِتُّونَ سَنَةٌ .

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن البخاري ت / 256ه-) في صحيحه في باب من بلغ ستين سنة فقد اعذر الله إليه في العمر لقوله : (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير )، قال: حدثني عبد السلام بن مطهر، حدثنا عمر بن علي، عن معن بن محمد الغفاري، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة

تابعه أبو حازم وابن عجلان، عن المقبري . (2)

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

[ الحكمة 328]

إنَّ الله سُبْحانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الأغْنِياءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ، فما جاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِما مَنَعَ بِهِ

غَنِيُّ ، والله تعالى سَائِلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ.

قال الجلالي : وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي( ت / 975 ه-) في كنز العمال: عن علي قال : إن الله فرض على الاغنياء في أموالهم

ص: 584


1- وقعة صفين ؛ النصر بن مزاحم المنقري : 432 531 .
2- صحيح البخاري 7: 171

بقدر ما يكفي فقراءهم وإن جاعوا وعروا وجهدوا فيمنع الاغنياء، وحق على الله أن يحاسبهم يوم القيامة ويعذبهم عليه . ( ص ق ) ثم اعلم رحمك الله أن بعض

.

أحاديث هذا النوع ذكر في قتال أهل الردة(1)

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام: السُلْطَانُ وَزَعَةُ الله فِي أَرْضِهِ.

[ الحكمة 332]

قال :الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن نصر بن مزاحم

المنقري (ت / 212 ه-) في وقعة صفين وقد تقدم في الكتاب رقم (6) ، وجاء فيه قال وفى كتاب عمر بن سعد أيضا وكتب إلى جنوده يخبرهم بالذي لهم والذي عليهم من عبد الله على أمير المؤمنين. أما بعد فإن الله جعلكم في الحق

جميعا سواء ، أسودكم وأحمركم، وجعلكم من الوالى وجعل الوالي منكم بمنزلة الوالد من الولد وبمنزلة الولد من الوالد الذي لا يكفيهم منعه إياهم طلب عدوه والنهمة به ما سمعتم وأطعتم وقضيتم الّذي عليكم. وإن حقكم عليه إنصافكم والتعديل بينكم والكف عن فيتكم. فإذا فعل ذلك معكم وجبت عليكم طاعته بما وافق الحق ، ونصرته على سيرته، والدفع عن سلطان الله ، فإنكم وزعة الله في الأرض - قال عمر : الوزعة: الذين يدفعون عن الظلم - فكونوا له أعوانا ولدينه أنصارا، وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا (2) إن الله لا يحب المفسدين . قال :

ص: 585


1- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 6 : 528 ، الرقم 16840 .
2- اقتباس من قوله تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَأَدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) (الأعراف : (56)، أو قوله تعالى : ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً :

(1)

ومرت جنازة على عليّ وهو بالنخيلة .(2)

[ الحكمة 333]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِ: بشرُهُ فِي وَجْهِهِ، وَحُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ، أَوْسَعْ شَيْءٍ صَدْراً، وأَذَلُّ شَيْءٍ نَفْساً، يَكْرَهُ الرَّفْعَةَ، وَيَشْنَأُ السُّمْعَةَ، طَوَيلٌ غَمُهُ، بَعِيدٌ هَمُّهُ، كَثِيرٌ صَمْتُهُ، مَشْغُولٌ وَقْتُهُ، شَكُورٌ صَبُورٌ ، مَغْمُورٌ بِذِكْرَتِهِ، ضَنِينَ بِخَلَّتِهِ، سَهْلُ الْخَلِيقَةِ، لَيْنُ الْعَرِيكَةِ. نَفْسُهُ أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ، وَهُوَ أَذَلُّ مِنَ الْعَبْدِ

قال الهادي كاشف الغطاء (ت / 1360ه-) في التخريج: قول :(ع): «المؤمن بشره في وجهه ... الى آخره هذه فقرات من كلام طويل رواه عنه في أصول الكافي في صفة المؤمن ص 320.

قوله ؛ « العلم علمان إلخ المعروف أن هذا من كلامه وفي كتاب إحياء

علوم الدين لابي حامد الغزالي، قال علي كرم الله وجهه وينسب اليه:

رأيت العلم علمين*** قمطبوع ومسموع

ولا يتفع مسموع ***إذا لم يك مطبوع

كما لا تنفع الشمس ***وضوء العين ممنوع (3)

قال العرشي في التخريج ما نصّه: المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه... الى آخره. [ج 3 ص 232] . رواها الكليني في اصول الكافي (208)

قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُمْ مِنْ إِلَهِ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيْنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) (الأعراف : 85) .

ص: 586


1- اقتباس من قوله تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَأَدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) (الأعراف : (56)، أو قوله تعالى : ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً :
2- وقعة صفين؛ النصر بن مزاحم المنقري : 126 .
3- مدارك نهج البلاغة : 110 .

والشيخ الصدوق في الأمالي [بحار الانوارج 17 ص 288 و 289] باختلاف كثير

الألفاظ » . (1)

[ الحكمة 334]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

لَوْ رَأى الْعَبْدُ الْأَجَلَ وَمَسِيرَهُ، لَأَبْغَضَ الأَمَلَ وَغُرُورَهُ.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه-) في الأمالي أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : حدثنا أبو حفص عمز بن محمّد المعروف بابن الزيات، قال حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي ، قال : حدثني الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي ، قال أمير المؤمنين علیه السلام: لو رأى العبد أجله وسرعته إليه، لابغض الامل وترك طلب الدنيا . (2)

وبالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي عنه ، عن فضالة عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما أنزل الموت حق منزلته من عد غدا من أجله، قال: وقال أمير المؤمنين علیه السلام: ما أطال عبد الامل إلا أساء العمل، وكان يقول : لو رأى العبد أجله

وسرعته إليه لابغض العمل من طلب الدنيا . (3)

ص: 587


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
2- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي :78
3- الكافي للشيخ الكليني 3 :259

[ الحكمة 336]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

المسؤول حرّ حتى يعد.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الجاحظ

(ت / 255ه-) في المائة كلمة برقم (42) ، وقد تقدم في الحكمة رقم (13)

[ الحكمة 349]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

مَنْ نَظَرَ فِي عَيْبٍ نَفْسِهِ أَشْتَغَلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ، وَمَنْ رَضِيَ بِرِزْقِ اللَّهُ لَمْ يَحْزَنْ عَلَى مَافَاتَهُ، وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ، وَمَنْ كَابَدَ الْأُمُورَ عَطِبَ، وَمَنْ أَقْتَحَمَ اللُّجَجَ غَرِقَ، وَمَنْ دَخَل مَدَاخِلَ السُّوءِ أَتُهم.

وَمَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ خَطَؤُهُ، وَمَنْ كَثُرَ خَطَؤُهُ قَلْ حَيَاؤُهُ، وَمَنْ قَلْ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ،

وَمَنْ قل وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ، ومَنْ ماتَ قَلبُه دَخَلَ النَّارَ .

وَمَنْ نَظَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ فَأَنْكَرَهَا ثُمَّ رَضِيَهَا لِنَفْسِهِ فَذَلِكَ الْأَحْمَقُ بِعَيْنِهِ، وَالْقَنَاعَةُ

مَالُ لَا يَنْقَدُ.

وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ المَوْتِ رَضِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ.

وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ كَلامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيما يَعْنِيهِ.

قال العرشي في التخريج ما نصّه: « رواها الكليني في كتاب الروضة من فروع

صر

الكافي[ ج 3 ص 10] والحراني في تحف العقول ( 19 و 20) .(1) قال الجلالي ورد مطلع الحكمة فيما أرويه بالاسناد عن الكليني ( ت / 328ه-)

ص: 588


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957

في خطبة الوسيلة، وقد تقدم في الحكمة (34) ، فراجع.

[ الحكمة 354]

وهَنَّا بِحَضْرَتِهِ علیه السلام رَجُلٌ رَجلاً آخر بِغُلامٍ وُلِدَ ، فقال لَهُ : لِيُهْتِتَكَ الْفَارِسُ . فقال علیه السلام :

لا لا تَقُلْ ذَلِكَ ، ولَكِنْ قُلْ: شَكَرْتَ الْوَاهِبَ، وَبُورِك لَك فِي المَوْهُوبِ، وبَلَغَ أَشُدَّهُ،

وَرُزِقْتَ بِرَّهُ.

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « رواها الحراني في تحف العقول (55) من ،

لسان الحسن بن على باختلاف يسير (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الميرزا النوري (ت / 1320 ه-) في مستدرك الوسائل، عن الحسن بن علي رضی الله عنه بن شعبة في تحف العقول: عن الحسن بن على علیهما السلام أنه رزق غلاما فأتته قريش تهنئه فقالوا: يهنيك الفارس، فقال: أي شي هذا من القول ؟ ولعله يكون راجلا فقال له جابر: كيف نقول يابن رسول الله ؟ فقال : إذا ولد لاحدكم غلام فأتيتموه فقولوا له : شكرت الواهب، وبورك لك في الموهوب، وبلغ الله به أشده، ورزقك بره(2) وعن الصدوق ( ت / 381ه-) في الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن

محمّد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله علیه السلام- في حديث - قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام: إذا هنأتم الرجل عن مولود ذكر ، فقولوا : بارك الله لك في هبته،

ويلغه أشده، ورزقك بره (3).

ص: 589


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
2- مستدرك الوسائل ؛ للميرزا النوري 15 :126
3- مستدرك الوسائل ؛ للميرزا النوري 136:15.

[ الحكمة 360]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

لا تَظُنُّن (1) بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَحَدٍ سُوءً وأنْتَ تَجِدُ لَها فِى الْخَيْرِ مُحْتَمَلاً . قال العرشي في التخريج ما نصه: « رواها الشيخ الصدوق في الامالي المجلس (50) والشيخ المفيد في كتاب الاختصاص [بحار الانوار ج 17 ص 125] ، والكليني في اصول الكافي (236) ورواها البيهقي في المحاسن والمساوي[ ج 2 ص 57] عن النبي علیه السلام (286)(2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في الكافي عن علي ، عن أبيه، عمن حدثه عن الحسين بن

المختار، عن أبي ، عن أبي عبد الله علیه السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام في كلام له ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه ، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا .(3) وبالاسناد عن الصدوق ( ت / 381ه-) ما قد تقدم في الخطبة ( 80) فراجع.

[ الحكمة 361]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

إذا كَانَتْ لك إلى الله سُبْحانَهُ حَاجَةٌ فَابْدَأْ بِمَسْأَلَةِ الصَّلاةِ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليهِ

ص: 590


1- ضن : بخل ، والمراء: الجدال في غير حق، وفي تركه صون للعرض عن الطعن .
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م
3- لكافي للشيخ الكليني 2 : 362.

وعلى (1) آلِهِ، ثُمَّ سَلْ حاجَتَكَ : فإِنَّ الله أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُسْأَل حاجَتَيْنِ، فَيَقْضِيَ إِحْدَاهُما وَيَمْنَعَ الأُخْرَى.

الطور

وسي

قال الجلالي: ورد بالمعنى من التعقيبات : ما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي رضی الله عنه(ت / 460 ه-) في الأمالي، قال: أخبرنا ابو على الحسن بن محمّد بن الحسن بن علي الطوسي رضی الله عنه، قال : أخبرنا الشيخ السعيد الوالد ابو جعفر محمّد بن الحسن قال: أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد عن ابيه عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان الاحمر ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد علیه السلام، قال : إذا دعا أحدكم فليبدأ بالصلاة على النبي صلی الله علیه و آله وسلم، فإن الصلاة على النبي صلی الله علیه و آله وسلم،مقبولة، ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضا . (2)

[ الحكمة 365]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

الْفِكْرُ مِرْآةُ صَافِيَةٌ، وَالاعْتِبَارُ مُنْذِرُ نَاصِحٌ، وَكَفَى أَدَبَاً لِنَفْسِكَ تَجَنُّبُكَ مَا كَرِهْتَهُ لِغَيْرِكَ. قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الطوسي

( ت / 460 ه-) وقد تقدم في الحكمة الخامسة.

[ الحكمة 366]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

الْعِلْمُ مَقْرُون بِالْعَمَلِ، فَمَنْ عَلِمَ عَمِلَ، وَالْعِلْمُ يَهْتِفُ بِالْعَمَلِ، فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا اَرْتَحَلَ عَنْهُ.

ص: 591


1- لم ترد (على) في «أ».
2- الأمالي ؛ للشيخ الطوسي: 172

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابن عساكر (ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق: أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد، نا أبو جعفر بن المسلمة ،إملاء، أنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن الفراء، أنا الحسين بن أيوب الهاشمي ، نا صالح بن عمران، نا الحسن بن بشر، حدثني بشر بن سالم، عن سفيان الثوري عن ثوير بن أبي فاختة، عن يحيى بن جعدة، قال: قال على بن أبي طالب يا حملة القرآن اعملوا به، فإنما العالم من

علم ثم عمل بما علم ، ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، يخالف سريرتهم علانيتهم ويخالف عملهم علمهم، يجلسون حلقا فيباهي بعضهم بعضا ، حتى أن الرجل يغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه ، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله .(1)

وبالمعنى ما رواه ابن حجر ( ت / 582 ه-) عن يحيى بن جعدة، عن علي حديث باحملة العلم اعملوا به، وانما العالم من عمل بما علم. وقال الحديث موقوف (مي) في العلم: أنا الحسن بن بشر ، حدثني أبي، عن سفيان، عن

ثوير، عنه (2)

[ الحكمة 369]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام (3):

يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَبْقَى فِيهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ، وَمِنَ الإِسْلامِ إِلَّا أَسْمُهُ، ومَساجِدُهُمْ يَوْمَئِذٍ عَامِرَةٌ مِنَ الْبِناءِ، خَرَابٌ مِنَ الهُدَى، سُكّانُها وَعُمَّارُها شَرُّ أَهْلِ

ص: 592


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 509:42
2- اتحاف المهرة :11: 661 ، ط / 1417ه-.
3- لم ترد هذه الحكمة في ( أ ) هنا

الأَرْضِ مِنْهُمْ تَخْرُج الْفِتْنَةُ، وَإِلَيْهِمْ تَأْوِي الخَطِيئَةُ، يَرُدُّونَ مَنْ شَدُّ عَنْهَا فِيهَا، وَيَسُوقُونَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا إِلَيْهَا : يَقُولُ الله سُبْحَانَهُ : فَبِي حَلَفْتُ، لَأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ فِتْنَةً أَتَرُكَ الحَلِيمَ فِيها حَيْرَانَ : وَقَدْ فَعَلَ، وَنَحنُ نَسْتَقِيلُ الله عَشْرَةَ الغَفَلَة.

صلى الله عليه وسلم

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه، عن النوفلي عن

السكويي، عن ابي عبد الله علیه السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه، ومن الاسلام إلا اسمه، يسمعون به وهم أبعد الناس منه ، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء

ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود(1) وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن علي، قال: سيأتي على الناس زمان لا يبقى من الاسلام إلا اسمه ولا يبقى من القرآن إلا رسمه، مساجدهم يومئذ عامرة وهي خراب من الهدى، علماؤهم شرّ من تحت

أديم السماء، من عندهم نجم الفتنة وإليهم تعود العسكري في المواعظ (2)

[ الحكمة 371]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

زُّ مِنَ التَّقْوى ، وَلَا مَعْقِلَ أَحْصَنُ مِنَ الْوَرَع

لَا شَرَفَ أَعْلَى مِنَ الْإِسْلَامِ وَلَا عِزَّ وَلَا شَفِيحَ أنجح مِنَ التّوبَةِ، وَلَا كَثرَ أَغْنى مِنَ القِنَاعَةِ، وَلَا مَالَ أَذْهَبُ لِلْفَاقَةِ مِنَ الرّضَى بالقوتِ، ومَن أَقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ الكَفَّافِ فَقَدِ انْتَظمَ الرَّاحَةَ (3) ، وَتَبَوَّاً خَفْضَ الدَّعَةِ، ا

ص: 593


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 3088
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 11 : 280 ، الرقم 31522
3- أي ظفر بالراحة من قولهم : انتظمه بالرمح ، إذا أنفذه فيه.

وَالرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ النَّصَب(1)، وَمَطيَّةُ التَّعَبِ وَالْحِرْصُ وَالْكِبْرُ وَالْحَسَدُ دَوَاعٍ إِلَى التَّقَحْمِ فِي الذُّنُوبِ وَالشَّرُّ جَامِعٌ لِمَسَاوِي، العُيُوبِ.

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: لا شرف أعلا

من الاسلام ... الى آخره ، الفقرة الاولى واللتان بعدها من خطبة رواها في كتاب من لا يحضره الفقيه والباقى من خطب اخرى . (2)

قال العرشي في التخريج ما نصه : رواها الحراني في تحف العقول ( 20) والكليني في كتاب الروضة من فروع الكافي[ ج 3 ص 10] والشيخ الصدوق في الامالي (المجلس 52) .(3)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني ( ت /

328ه-) في خطبة الوسيلة، وقد تقدم في الحكمة (34) فراجع. وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في من لا يحضره الفقيه وروى عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن علی الباقر، عن أبيه، عن جدّه علیهما السلام: أن أمير المؤمنين علیه السلام قال في خطبة خطبها بعد موت النبي صلی الله علیه و آله وسلم : أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الاسلام ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع ، ولا شفيع أنحج من التوبة، ولا كنز أنفع من العلم ولا عز أرفع من الحلم ولا حسب أبلغ من الادب ولا نصب أوضع من الغضب، ولا جمال أزين من العقل، ولا سوأة أسوأ من الكذب، ولا حافظ أحفظ من الصمت ولا لباس أجمل من العافية، ولا غائب أقرب من الموت، أيها الناس إنه من مشى على وجه الأرض فانه يصير إلى بطنها ، والليل والنهار مسرعان في هدم الاعمار ولكل ذى رمق قوت ، ولكل حبة آكل، وأنت قوت الموت، وإن من عرف الايام

ص: 594


1- فى «ب» : (أشدّ التعب).
2- مدارك نهج البلاغة : 110
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

لن يغفل عن الاستعداد لن ينجو من الموت غني بماله ولا فقير لاقلاله. أيها الناس من خاف ربه كف ،ظلمه ، ومن لم يرع في كلامه أظهر هجره، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهم، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقه غدا، هيهات وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم، وما شر بشر بعده الجنة، وما خير بخير بعده النار، وكل نعيم دون الجنة ،محقور، وكل بلاء دون النار عافية . (1)

[ الحكمة 373]

وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهِ - وَكَان مِمَّنْ خَرَجَ لِقِتَالَ الْحَجَّاج مع أبْن الأَشْعَثِ أَنه قال : فِيمَا كَانَ يَحُضُ به النَّاسَ عَلَى الْجِهَادِ : إِنِّي سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ يَوْمَ لَقِينَا أَهْلَ الشَّامِ(2) . أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ، إِنَّهُ مَنْ رَأَى عُدْوَاناً يُعْمَلُ بِهِ، وَمُنْكَراً يُدعى إِلَيْهِ، فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ بَرِئَ وسلم (3)، وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ أُجِرَ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ. وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِالسَّيْفِ لتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا وَكَلِمَةُ الظَّالِمِينَ هِيَ السُّفْلَى، فَذَلِكَ الَّذِي أَصَابَ سَبِيل الْهُدَى، وَقَامَ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَنَوَّرَ فِي قَلْبِهِ الْيَقِينَ.

قال :العرشي في المقدمة، ما نصّه : وقال الجامع : انه منقول من الطبري، وهو

كما لا يخفى - مؤرخ اسلامي اسمه ابو جعفر محمّد بن جرير الطبري وتوفي 310ه- [923م] ورأيت هذه في كتابه تاريخ الرسل والملوك ، المعروف بتاريخ الطبري (4)

ص: 595


1- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 406:4-407 .
2- العبارة من (وروى ابن جرير ... الى هنا لم ترد في ( أ )
3- في «أ»: (فقد سلم وبرىء).
4- استناد نهج البلاغة : 18 .

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق( ت / 387ه-) في من لا يحضره الفقيه وروى عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر ، عن أبيه، عن جدّه علیهما السلام: أن أمير المؤمنين علیه السلام قال في خطبة خطبها بعد موت النبي صلی الله علیه و آله وسلم : أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الاسلام ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع، ولا شفيع أنحج من التوبة، ولاكنز أنفع من العلم، ولا عز أرفع من الحلم، ولا حسب أبلغ من الادب ولا نصب أوضع من الغضب، ولا جمال أزين من العقل، ولا سوأة أسوأ من الكذب، ولا حافظ أحفظ من الصمت ولا لباس أجمل من العافية، ولا غائب أقرب من الموت، أيها الناس إنه من مشى على وجه الأرض فانه يصير إلى بطنها والليل والنهار مسرعان في هدم الاعمار ، ولكل ذي رمق ،قوت، ولكل حبة آكل، وأنت قوت الموت وإن من عرف الايام لن يغفل عن الاستعداد لن ينجو من الموت غني بماله ولا فقير لاقلاله.

أيها الناس من خاف ربه كف ظلمه ، ومن لم يرع في كلامه أظهر هجره ، ومن لم يعرف الخير من الشرفهو بمنزلة البهم، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقه غدا، هيهات وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم، وما شر بشر بعده الجنة، وما خير بخير بعده النار، وكل

نعيم دون الجنة ،محقور، وكل بلاء دون النار عافية (1)

وبالاسناد عن محمّد بن جرير الطبري ( ت / 310 ه-) في تاريخه قال: ثم 310ه-) دخلت سنة ثلاث وثمانين، ذكر الاحداث التي كانت فيها فما كان فيها من ذلك هزيمة عبد الرحمن بن محمّد بن الاشعث بدير الجماجم ، ذكر الخبر عن سبب انهزامه ذکر هشام بن محمّد، عن أبي مخنف، قال: حدثني أبو الزبير الهمداني

ص: 596


1- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 406:4 - 407 .

قال كنت في خيل جبلة بن زحل، فلما حمل عليه أهل الشام مرة بعد مرة نادانا عبد الرحمن ابن أبي ليلى الفقيه فقال : يا معشر القراء إن الفرار ليس بأحد من الناس بأقبح منه بكم، إني سمعت عليا رفع الله درجته في الصالحين وأثابه أحسن ثواب الشهداء والصديقين يقول يوم لقينا أهل الشام أيها المؤمنون إنه من رأى

عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكر بلسانه فقد أجر وهو أفضل من صاحبه ، ومن أنكر بالسيف لتكون كلمة الله العليا وكلمة الظالمين السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى ونور في قلبه باليقين، فقاتلوا هؤلاء المحلين المحدثين المبتدعين الذين قد جهلوا الحق فلا يعرفونه ، وعملوا بالعدوان فليس ينكرونه (1) ويظهر ان الرضي لم يعتبر الجملة الأخيرة في رواية الطبري من كلام الامام علیه السلام، وهي قوله: فقاتلوا هؤلاء المحلين المحدثين المبتدعين الذين جهلوا الحق فلا يعرفونه وعملوا بالعدوان فليس ينكرونه وربما تركها حيث لم يجد فيها البلاغة المطلوبة، والله العالم .

[ الحكمة 375]

وَعَنْ أَبي جُحَيْفَةً قال : سَمِعْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ * يَقُولُ :

إِنَّ أَوَّلَ مَا تُغْلَبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْجِهَادِ بِأَيْدِيكُمْ، ثُمَّ بِأَلْسِنَتِكُمْ، ثُمَّ بِقُلُوبِكُمْ، فَمَنْ لَمْ

يَعْرِف بِقَلْبِهِ مَعْرُوفاً وَلَمْ يُنْكِرْ مُنْكَرًا، قُلِبَ فَجُعِلَ أَعْلاهُ أَسْفَلَهُ، وَأَسْفَلَهُ أَعْلاه (2). قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الهاروني( ت / 424 ه- ) ، قال : أخبرنا ابو عبد الله احمد بن محمّد البغدادي، قال: اخبرنا

ص: 597


1- تاريخ الطبري 5: 163 .
2- لم ترد : (وأسفله أعلاه) في «أ».

أبو القاسم عبد العزيز بن اسحاق بن جعفر ، قال : حدثني احمد بن يزيد الكوفي قال : حدثنا الحسن بن حماد، قال: حدثنا أبو سفيان وكيع بن الجراح قال: حدثنا سفيان بن سعيد الثوري، عن زيد بن الحرث، عن الشعبي، عن أبي جحيفة، عن امير المؤمنين علي علیه السلام، قال : ان اول ما تغلبون عليه من دينكم الجهاد بأيديكم ، ثم الجهاد بألسنتكم، ثم الجهاد بقلوبكم ، فإذا لم يعرف القلب المعروف ولم ينكر المنكر نكس اعلاه أسفله ، كالجراب يؤخذ بأسفله فيخرج ما فيه .(1) وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال ، عن علي ، قال : أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم، ثم الجهاد بقلوبكم، فأي قلب لم يعرف المعروف، ولم ينكر المنكر نكس أعلاه أسفله كما ينكس الجراب فينثر ما فيه . ( ش وأبو نعيم ونصر في الحجة ) . (2)

[ الحكمة 377]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

لِجابِرِ بن عَبْدِ اللهِ الأَنصارِيُّ : يا جابر (3)، قوامُ الدِّينِ والدُّنْيَا بِأَرْبَعَةٍ : عَالِمٍ مُسْتَعْمِلٍ عِلْمَهُ، وَجَاهلٍ لا يَسْتَنْكِفُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَجَوَادٍ لَا يَبْخَلُ بِمَعْرُوفِهِ، وَفِّقِير لَا يَبِيعُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ . فَإِذَا ضَيَّعَ العَالِمُ عِلْمَهُ اسْتَنْكَفَ الْجَاهِلُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَإِذَا بَخِلَ الغَنِيُّ بِمَعْرُوفِهِ بَاعَ الفَقِيرُ

آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ.

يا جابِرُ (4) ، مَنْ كَثُرَتْ نِعَمُ الله عَلَيْهِ كَثرَتْ حَوَائِجُ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَإِنْ(5) قَامَ اللهِ فِيها بما

ص: 598


1- تيسير المطالب : 295 ، ط / 1395 .
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3: 683 ، الرقم 8452
3- لم ترد الجابر بن عبد الله الأنصاري : ياجابر في «أ».
4- لم ترد : ( ياجابر) في «أ» .
5- في «أ»: (فمن).

يَجِبُ عَرَّضَ نعمته (1) لِلدَّوامِ وَالْبَقاءِ (2)، وَمَنْ لَمْ يَقُمْ الله فيها بِما يَجِبُ عَرَّضَ نعمته

لِلزَّوالِ وَالْقَناءِ.

قال: الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق

( ت / 381ه-) في الخصال: قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضی الله عنه قال : حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه ، بن أبي عمير، عن جميل بن دراج ، عن زرارة، عن أبي جعفر قال:

عن محمّد

قال أمير المؤمنين علیه السلام: قوام الدين بأربعة : بعالم ناطق مستعمل له، وبغني لا يبخل بفضله على أهل دين الله، وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه، وبجاهل لا يتكبر عن طلب العلم. فإذا كتم العالم علمه ، بخل الغني بماله ، وباع الفقير آخرته بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم رجعت الدنيا إلى وراثها القهقرى، فلا تغرنكم كثرة المساجد وأجساد قوم مختلفة .

قيل : يا أمير المؤمنين كيف العيش في ذلك الزمان. فقال: خالطوهم بالبرانية - يعني في الظاهر - وخالفوهم في الباطن للمرء ما

اكتسب وهو مع من أحب، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله عز وجل (3) بالاسناد عن الموفق الخوارزمي ( ت / 568 ه-) في المناقب: قال: وبالاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو محمد القاسم بن غانم بن حموية بن الحسين ، أخبرني أبو الحجاف الفروس ابن القرضاب البرني من ولد عفير - صاحب رسول الله - قال : حدثني عبيد بن الصباح النهدي ، حدثني زرعة بن شداد، حدثني شجاع بن وادعة - صاحب جابر ابن عبد الله الانصاري - قال: حدثني جابر بن عبد الله الانصاري قال: دخلت على

ص: 599


1- في «أ»: (عرّضها).
2- في «ب»: (الدوأمها) .
3- الخصال ؛ للشيخ الصدوق : 197.

أمير المؤمنين علیه السلام العوده من بعض علله، فلما نظر إلى قال يا جابر بن عبد الله

الانصاري ، قوام الدين بأربعة : عالم مستعمل لعلمه، وجاهل لا يستنكف ان يتعلمه، وغني جواد بمعروفه، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه، فإذا عطل العالم علمه ، استنكف الجاهل أن يتعلمه، وإذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه،

وإذا كان ذلك فالويل ثم الويل، يا جابر بن عبد الله - سبعين مرة -. من كثرت نعماء الله عنده ، كثرت حوائج المخلوقين إليه، فان قام بما أمر الله عرضها للدوام ، فان لم يعمل فيها بما أمر الله عرّضها للزوال والفناء، ثم انشأ أمير المؤمنين يقول:

ما أحسن الدنيا وإقبالها** إذا أطاع الله من نالها

من لم يواس الناس من فضله ***عرض للاديار اقبالها

فاحذر زوال الفضل يا جابرا ***واعط من الدنيا لمن سالها

فان ذا العرش جزيل العطا*** يضعف بالجنة أمثالها

قال جابر ثم هزّني إليه هزّة خيّل لي ان عضدي خرجت من كاهلي قال : يا

جابر بن عبد الله، حوائج الناس اليكم نعم من الله عليكم فلا تملوا النعم فتحل بكم النقم، واعلموا ان خير المال ما اكتسب به حمداً واعقب اجراً، ثم انشأ يقول:

لا تخضعن لمخلوق على طمع*** فان ذلك وهن منك في الدين

وسل إلهك مما في خزائنه ***فانما هي بين الكاف والنون

اما ترى كل من ترجو وتأمله*** من البرية مسكين ابن مسكين

ما احسن الجود ف *** ی الدنيا وفي الدين

واقبح البخل م***من صيغ من طين

ثم قال جابر بن عبد الله فهممت أن أقوم فقال: وانا معك يا جابر، قال:

فليس نعليه والقى رداءه على منكبيه وطائفه فوق قذاله ، فلما ان بلغنا جبانة

ص: 600

الكوفة، سلّم على أهل القبور فسمعت ضجة وهدة، فقلت: يا أمير المؤمنين ما هذه الضجة وما هذه الهدة؟ فقال : هؤلاء اخواننا كانوا بالأمس معنا واليوم فارقونا ، اخوان لا يزاورون، وأوداء لا يعادون، ثم خلع نعليه وحسر عن رأسه وذراعيه وقال : يا جابر بن عبد الله ، اعطوا من دنياكم الفانية لآخرتكم الباقية، ومن حياتكم لموتكم ، ومن صحتكم لسقمكم، ومن غناكم لفقركم اليوم في الدور، وغدا في القبور، والى الله تصير الأمور ، ثم انشأ يقول:

سلام على أهل القبور الدوارس ***كأنهم لم يجلسوا في المجالس

ولم يشربوا من بارد الماء شربة ***ولم يأكلوا من كل رطب ويابس (1)

[ الحكمة 379]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

الرِّزْقُ رِزْقانِ : رِزْقَ تَطْلُبُهُ ، ورِزْقٌ يَطلُبُكَ، فإنْ لَمْ تَأْتِهِ (2) أتاكَ ، فَلَا تَحْمِل هَمَّ سَنَتِك

عَلَى هَمِّ يَوْمِكَ. كَفَّاكَ كُل يوم مافيه، فإنْ تَكُنِ السَّنَةُ مِنْ عُمُرِك فإن الله تعالى(3)سَيُؤْتِيكَ في كُلِّ غَدٍ جَدِيدٍ ما قُسِمَ لَكَ، وإنْ لَمْ تَكُن السَّنَةُ مِنْ عُمُرِك فمَا تَصْنَعُ بِالهم ليما (4) لَيْسَ لَكَ ، وَلَنْ يَسْبِقَك إلى رِزْقِك طالِبٌ ، ولنْ يَغْلِبَك عَلَيْهِ غَالِبٌ ، وَلَنْ يُبْطِى عنك ما قَدْ قُدِرَ لَكَ. وقد مضى هذا الكلام فيما تقدَّمَ مِنْ هذَا البابٍ إِلَّا أَنَّهُ هاهنا أَوْضَحُ وَأَشْرَحُ، فَلِذلك

كررناه على القاعدَةِ المُقرَّرَةِ في أَوَّلِ هذا الكتاب.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الصدوق

ص: 601


1- المناقب ؛ للموفق الخوارزمي : 38 - 370.
2- في «أ»: (فان أنت لم ) .
3- في «أ» زيادة ( جده).
4- في ( ب ) : (بما) ، وفي«ه--ب »: (لما ) .

( ت /381ه-) في وصية الامام الى ابن الحنفية في الفقيه ج 4 ص 279 ، ط /

1378ه- ، وقد تقدمت في الحكمة (81) ، فراجع.

[الحكمة 380]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

رُبَّ مُسْتَقْبِل يَوْماً لَيْسَ بِمُستَدْبِرِهِ، ومَغْبُوطٍ فِي أَوَّلِ لَيْلِهِ قامَتْ بَوَاكِيهِ (1) في آخِرِهِ. قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن بالاسناد عن الصدوق( ت / 381 ه-) في وصية الامام الى ابي الحنفية في الفقيه[ ج 4 ص 279]، ط /

1378ه-، وقد تقدمت في الحكمة (81) ، فراجع .

[ الحكمة 381]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

الكَلامُ في وَتَاقِك مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ ، فإِذا تَكَلَّمتَ بِهِ صِرْتَ في

وَثَاقِهِ : فَاخْزُنْ لِسانَك كَما تَحْزُنُ ذَهَبَك ووَرِقكَ : فَرُبَّ كلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةٌ . قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الصدوق ت / 381ه-) في وصية الامام الى ابن الحنفية، في الفقيه، وتقدمت في الحكمة

(81)، فراجع.

[ الحكمة 382]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

لَا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُ: بَلْ لَا تَقُلْ كُلَّ مَا تَعْلَمُ: فَإِنَّ اللهَ (2)سُبْحَانَهُ قَدْ فَرَضَ عَلَى جَوَارِحِك

ص: 602


1- في «ه-.ب»: (جمع باكية).
2- في «ب»: (ان الله) .

كُلَّها فَرَائِضَ يَحْتَجَّ بِهَا عَلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الصدوق ( ت / 381ه-) في وصية الامام الى ابن الحنفية في الفقيه، وتقدمت في الحكمة (81) ، قال الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه : قال أمير المؤمنين علیه السلام في وصيته لابنه محمّد بن الحنفية رضی الله عنه: يا بني لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم فإن الله تبارك وتعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة ويسألك عنها ، وذكرها ووعظها وحذرها وأدبها ولم يتركها سدى ، فقال الله :عزوجل : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمُ إِنْ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) (1) وقال عزوجل : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمُ وَتَحْسَبُونَهُ هَيْناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمُ(2) ، ثم استعبدها بطاعته فقال عز وجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اَرْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (3) ، فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح، وقال عز وجل : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) (4) يعني بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والابهامين، وقال عزوجل : ( وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ )(5)

يعني بالجلود الفروج ثم خص كل جارحة من جوارحك بفرض ونص عليها ففرض على السمع أن لا تصغي به إلى المعاصي فقال عز وجل : ( وَقَدْ نَزِّلَ عَلَيْكُمْ

﴿ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذا مِثْلُهُمْ )(6) وقال عز وجل: ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي

ص: 603


1- الاسراء : 36 .
2- النور : 15 .
3- الحج: 77
4- الجن : 18
5- فصلت : 22 .
6- النساء : 140

آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ )(1)، ثم استثنى عزوجل موضع النسيان فقال : ( وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (2) ، وقال عزوجل : ( فَبَشِّرِ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ

اللَّهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ )(3) ، وقال عز وجل : ( وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً )(4) ، وقال عزوجل : ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغَوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) (5) ، فهذا ما فرض الله عز وجل على السمع، وهو عمله .

وفرض علي البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عز وجل عليه ، فقال عز من قائل : قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يُغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ )(6) فحرم أن ينظر أحد إلى فرج غيره . وفرض على اللسان الاقرار والتعبير عن القلب بما عقد عليه فقال عز وجل: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا . ... الآية (7)، وقال عز وجل : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ) (8).

ص: 604


1- الأنعام: 68 .
2- الأنعام : 68 .
3- الزمر : 18 .
4- الفرقان : 72 .
5- القصص : 55 .
6- وبعده : ( ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِ بْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرَّجَالِ أو الطفل الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (النُّور : 30 - 31) .
7- وتمام الآية : ( وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) (البقرة : 136).
8- وتمام الآية : ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى

(1)

وفرض على القلب وهو أمير الجوارح الذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه فقال عزوجل : ( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنُّ بِالْإِيمَانِ ) ... الآية (2)، وقال تعالى حين أخبر عن قوم أعطوا الايمان بأفواهم ولم تؤمن قلوبهم فقال تعالى : ( الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ) (3)وقال عز وجل: ( أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (4) وقال عز وجل: ﴿وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبَكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ (5) . وفرض على اليدين أن لا تمدهما إلى ما حرم ) الله عز وجل عليك وأن تستعملهما بطاعته فقال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (6)، وقال عز وجل: ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرَّقَابِ ) (7). ( وفرض على الرجلين أن تنقلهما في طاعته وأن لا تمش بهما مشية عاص فقال عزوجل : ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً )(8) ،

ص: 605


1- وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنتُمْ مُعْرِضُونَ ) (البقرة : 83) .
2- وتمام الآية: ﴿وَمَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنَّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِن مِّن شَرَحَ بالكفر صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ (النحل : 106) .
3- و تمام الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَاعُونَ لِقَوْمِ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَن يُرِدِ اللهُ فتْتَهُ فَلَن تَمْلِكُ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يَطَهُرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ (المائدة : 41) .
4- الرعد : 28 .
5- البقرة : 284 .
6- المائدة : 6 .
7- سورة محمّد : 4 .
8- الاسراء : 37 ، وبعده : كُلُّ ذلِكَ كَانَ سَيْتُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوها ) (الاسراء : 38) .

وقال عزوجل : ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (1) ، فأخبر عنها أنها تشهد على صاحبها يوم القيامة ، فهذا ما فرض الله تبارك وتعالى على جوارحك فاتق الله يا بني واستعملها بطاعته، ورضوانه، وإياك أن يراك الله تعالى عند معصيته أو يفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين وعليك بقراءة القرآن والعمل بما فيه ولزوم فرائضه وشرائعه وحلاله وحرامه وأمره ونهيه والتهجد به وتلاوته في ليلك ونهارك فانه عهد من الله تبارك وتعالى إلى خلقه فهو واجب على كل مسلم أن ينظر كل يوم في عهده ولو خمسين آية واعلم أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن اقرأ وارق فلا يكون في الجنة بعد النبيين والصديقين أرفع درجة منه. والوصية طويلة أخذنا منها موضع الحاجة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين(2)

[ الحكمة 387]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

مَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ ، وَمَا شَرٌّ بِشَرِّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ ، وَكُلُّ نَعِيمٍ دُونَ الْجَنَّةِ فَهُوَ مَحْفُورٌ

وكُل بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عافِيَةٌ .

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

( ت / 328ه-) في خطبة الوسيلة . وقد تقدم في الحكمة (34) ، فراجع. وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في التوحيد، قال: حدثنا محمّد ابن محمّد بن عصام الكليني قال : حدثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا

ص: 606


1- تيس : 65 .
2- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 628 626:2 .

محمّد بن علي بن ،معن قال: حدثنا محمّد بن علي بن عاتكة، عن الحسين بن النضر الفهري عن عمرو الأوزاعي ، عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين في خطبة خطبها بعد موت النبي صلی الله علیه و آله وسلم بسبعة أيام ، ذلك حين فرغ من جمع القرآن، فقال: الحمد لله الذي أعجز الأوهام أن تنال إلا وجوده وحجب العقول عن أن تتخيل ذاته في امتناعها من الشبه والشكل، بل هو الذي لم يتفاوت في ذاته، ولم يتبعض بتجزئة العدد في كماله، فارق الاشياء لا على اختلاف الاماكن ، وتمكن منها لا على الممازجة، وعلمها لا بأداة - لا يكون العلم إلا بها - وليس بينه وبين معلومه علم غيره، إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود، وإن قيل : لم يزل فعلى تأويل نفى العدم فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ إلها غيره علوا كبيرا. ونحمده بالحمد الذي ارتضاه لخلقه، وأوجب قبوله على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمّد عبده ورسوله شهادتان ترفعان القول، وتضاعفان العمل خف میزان ترفعان منه وثقل ميزان

توضعان فيه ، وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار والجواز على الصراط وبالشهادتين يدخلون الجنة ، وبالصلاة ينالون الرحمة، فأكثروا من الصلاة على نبيكم ،وآله إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما . أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الاسلام ، ولا كرم أعز من التقى ولا معقل أحرز من الورع ولا شفيع أنجح من التوبة ولاكنز أنفع من العلم ، ولا عز أرفع من الحلم، ولا حسب أبلغ من الادب ولا نسب أوضع من الغضب ولا جمال أزين من العقل، ولا سوء أسوء من الكذب، ولا حافظ أحفظ من الصمت، ولا لباس أجمل من العافية، ولا غائب أقرب من الموت. أيها الناس إنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها ، والليل والنهار مسرعان في هدم

ص: 607

الاعمار، ولكل ذي رمق قوت، ولكل حبة آكل، وأنتم قوت الموت، وإن من عرف الايام لم يغفل عن الاستعداد لن ينجو من الموت غني بماله ولا فقير لا قلاله. أيها الناس من خاف ربه كف ،ظلمه ، ومن لم يرع في كلامه أظهر هجره ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهم، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا، هيهات هيهات، وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب

الراحة من التعب، والبؤس من النعيم ، وما شرّ بشر بعده الجنة، وما خير بخير بعده النار، وكل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية (1)

[ الحكمة 388]

قولُهُ عَلَيْهِ السلام (2) :

أَلَا وَإِنَّ مِنَ الْبَلاءِ الْقَائَةَ، وَأَشَدُّ مِنَ الْفَاقَةِ مَرَضُ الْبَدَنِ، وَأَشَدُّ مِنْ مَرَضِ البَدَنِ مَرَضُ القَلْبِ ، أَلَا وَإِنَّ مِنَ النِّعَمِ سَعَةَ المَالِ ، وَأَفْضَلُ مِنْ سَعَةِ المَالِ صِحَّةُ البَدَنِ، وَأَفْضَلُ مِنْ صِحَّةِ البَدَنِ تَقْوَى القَلْبِ. قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الطوسي

(ت / 460 ه-) ، وقد تقدم في الحكمة ،(113) ، فراجع.

[ الحكمة 389]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ أَبْطَاً بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ حَسَبُهُ.

ص: 608


1- التوحيد للشيخ الصدوق : 72 - 74 .
2- لم ترد (وقال: ) في «أ».

مَنْ فاته حسب نفسه لم ينفعه حسب آبائه.

قال الجلالي: راجع الحكمة (23) فقد ذكرها الرضي من دون اشارة الى

الرواية الأخرى.

[ الحكمة 390]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ فَسَاعَةً يُنَاجِي فِيها رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يَرُمُّ فِيهَا مَعَاشَهُ (1)، وَسَاعَةً يُخَلِّي فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ (2)، وَلَيْسَ لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ شَاخِص(3)

إِلَّا فِي ثَلَاثٍ : مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ ، أَوْ حَظْوَةٍ(4) فِي مَعَادٍ (5)، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ. قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1360ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: للمؤمن من ثلاث ساعات ... الى آخره، في تحف العقول انه علیه السلام قال : للمؤمن ثلاث ساعات ... إلى آخر ما ذكر هنا، إلا ان الذي في التحف بدل وساعة يوم»: وساعة يحاسب فيها نفسه . وذكر بعض ان هذا الكلام لابن المقفّع في بعض رسائله ، ولا شك في انه اخذه من كلام امير المؤمنين علیه السلام قبل تدوين نهج البلاغة كما أخذ غيره من كلامه

ونسبه لنفسه(6)

قال العرشي في التخريج ما نصّه: رواها شيخ الطائفة في الامالي (91)

ص: 609


1- مرمة المعاش : إصلاحه ، وفي «ه-. ب »: (يصلح).
2- في «ه-.ب»: (يحسن).
3- في «ه-.ب»: ( قائماً).
4- في «ب»: (خطوة).
5- في «ه-.ب»: (قيامه) ، وفي « ه-.ب»: (أو تزود لمعاد - صح).
6- مدارك نهج البلاغة : 110 .

والحراني في تحف العقول (47) (1)

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الطوسي

(ت / 460 ه-) وقد تقدم في الحكمة (113) فراجع

[ الحكمة 393]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

خُذْ مِنَ الدُّنْيَا مَا أَتَاكَ، وَتَوَلَّ عَمَّا تَوَلَّى عَنْكَ، فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَأَجمِلْ فِي الطَّلَبِ. قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي لاهندي ( ت / 975 ه- ) عن علي، قال: خذ من السلطان ما أعطاك ، فان ماله من الحلال أكثر. ( وكيع وابن جرير ) (2)

[ الحكمة 396]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

المَنِيَّةُ ولا الدَّنِيَّةُ التَّقَلُّل ولا التَّوَسُلُ، وَمَنْ لَمْ يُعْطَ قَاعِداً لَمْ يُعْطَ قائماً. قال العرشي في التخريج ما نصّه : « رواها الحراني في تحف العقول ( 20

و 48) والشيخ المفيد في الارشاد (172) بألفاظ متغيّرة » .(3)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

(ت / 328ه-) في خطبة الوسيلة، وقد تقدمت في الحكمة (34) فراجع .

ص: 610


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
2- كنز العمال 4 584 ، الرقم 11704 .
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م

[ الحكمة 400]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

العين حق والرمى حق... الى قوله والنظر الى الخضرة نشرة.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن محمّد بن يزيد القزويني ، ابن ماجة ( ت / 275ه-) في سنن ابن ماجة في باب العين قال : حدثنا

محمّد بن عبد الله بن نمير . ثنا أبو معاوية بن هشام . ثنا عمار بن زريق عن عبد الله بن عيسى، عن أمية بن هند ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه ، عن النبيصلی الله علیه و آله وسلم

قال : العين حق .

وقال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا إسماعيل بن علية عن الجريري، عن

مضارب بن حزن ، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العين حق . وقال: حدثنا محمّد بن بشار ثنا أبو هشام المخزومي ثنا وهيب، عن أبي واقد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استعيذوا بالله . فإن العين حق (1) وبالاسناد عن الطبري ( ت / 310ه-) قال : وحدثني يعقوب بن ابراهيم حدثنا

ابن علية عن الجريري عن مضارب بن حزن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا هامة وخبر لا طير الفأل ، والعين حق(2)

[ الحكمة 404]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ : « لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا ِباللهِ »:

ص: 611


1- سنن محمّد بن يزيد القزويني ابن ماجة 2 1151 ، الاحاديث 3506 - 3508 .
2- تهذيب الآثار 9:4، ط / 1402ه-.

إِنَّا لَا تَمْلِك مَعَ الله شَيْئاً، وَلَا تَمْلِك إِلَّا مَا مَلَكَنَا، فَمَتى ملكنا ما هُوَ أَمْلَك بِهِ مِنَّا كَلَّفنا،

وَمَتَى أَخَذَهُ مِنَّا وَضَعَ تَكْلِيفَهُ عَنَّا .

قال العرشي في التخريج ما نصه: رواها ابن دريد في المجتنى (30) (1)

[ الحكمة 405]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وقَدْ سَمِعَهُ يُرَاجِعُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَلاماً : دَعُهُ يا عَمَّارُ، فإنَّهُ لَنْ يَأخُذَ مِنَ الدِّينِ إِلَّا ما قارَبَهُ الدُّنْيا (2)، وعَلَى عَمْدٍ (3) لَبَسَ على

نَفْسِهِ لِيَجْعَلَ الشَّبُهَاتِ عاذِراً لِسَقَطاتِه.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابن عساك(ر ت / 975ه-) في تاريخ مدينة دمشق ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو محمّد وأبو الغنائم ابنا أبي عثمان وأبو القاسم بن البسري وأحمد بن محمّد بن إبراهيم القصاري وأبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد الأنباري، قالوا أنا أبو

، عمر بن مهدي أنا محمد بن أحمد بن يعقوب ناجدي يعقوب بن شيبة ، نا أبو عثمان الزنبري سعيد بن داود بن أبي زنبر المدني ، نا مالك بن أنس، عن عمه أبي سهيل بن مالك ، عن أبيه، قال: لقي عمار بن ياسر المغيرة بن شعبة في زقاق من سكك المدينة وهو متوشح سيفا ، فناداه يا مغير، فقال: ما تشاء ؟، قال: هل لك في الله عز وجل ؟ قال: وأين هو ؟ قال : تدخل في هذه الدعوة فتسبق من معك وتدرك من سبقك ، قال : فقال المغيرة : وددت والله أني لو علمت ذلك إني والله ما رأيت عثمان مصيبا ولا رأيت قتله صوابا ، فهل لك يا أبا اليقظان أن تدخل بيتك

ص: 612


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
2- في «أ» «ب»: لا ما قاربته الدنيا ، ولم ترد (من) في «ب».
3- في « ه-. ب » : (قصد) .

مبصرین

وتضع سيفك وأدخل بيتي حتى تنجلي هذه الظلمة ويطلع قمرها فنمشي نطأ أثر المهتدين ونجتنب سبيل الحائرين؟ فقال عمار: أعوذ بالله أن

أعمى بعد إذ كنت بصيرا، يدركني من سبقته ويعلمني من علمته ، فقال المغيرة بن شعبة : يا أبا اليقظان إذا رأيت السيل جار فاجتنب جريته قال الزنبري يعني بجارٍ

جاري، ولا تكن كقاطع السلسلة فر من الضحل فوقع في الغمر . فقال عمار اسمع ما أقول وانظر ما أفعل، فلن تراني إلا في الرعيل الأول . قال : واطلع عليهما عليّ فقال: ما يقول لك الأعور إنه والله على عمد يلبس عزله ولن يأخذ من الدين إلّا ما خلطته الدنيا، فانتجاه عمر فأخبره، فقال علي: ويحك يا مغيرة إن هذه الدعوة المؤدية تؤدي من دخل فيها إلى الجنة وأنا أجتار إليهما توهل من وهل فإذا غشيناك فالزم بيتك، فقال له المغيرة أنت أعلم منّي وأوقر ، أما إذا لم أعنك فلن أعن عليك .(1)

[ الحكمة 407]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

ما استودع الله امرءاً عقلاً إلّا استنقذه به يوماً ما.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الطوسي ( ت / 460 ه-) عن الامام الرضاء صلی الله علیه و آله وسلم في الأمالي عن المفيد رضی الله عنه عن أبي حفص عمر بن محمّد عن ابن ،مهرويه عن داود بن سليمان قال سمعت الرضا يقول ... الى آخره . (2)

ص: 613


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 60: 4443.
2- عيون أخبار الرضا 1: 88

[ الحكمة 412]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

كفاك أدباً لِنَفْسِكَ اجْتِنابُ مَا تَكْرَهُهُ مِنْ غَيْرِكَ (1) .

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الكليني

( ت / 328 ه-) في خطبة الوسيلة، وقد تقدمت في الحكمة (34) ، فراجع

[ الحكمة 414]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلامُ [ يعزي قوماً ] (2) :

مَنْ صَبَرَ صَبْرَ الأحرار، وإلَّا سَلَا سُلُو (3) الأَغْمار (4). وفِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قال (5) لِلْأَشْعَثِ بْنِ قيس مُعَزِّياً :

إِنْ صَبَرْتَ صَبْرَ الأَكارِمِ، وَإِلَّا سَلَوْتَ سُلو الْبَهَائِمِ.

قال الهادى كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: « للأشعث بن (ت قيس معزياً : إن صبرت صبر الاكارم والأسلوت سلق البهائم»، قال الشيخ أبو تمام حبيب بن أوس الطائي، المتوفى سنة 328 أو 231 من قصيدة يمدح بها مالك بن

طوق ويعزيه

وقال علي في التعازي لاشعث ***وخاف عليه بعض تلك الماثم

ص: 614


1- في «ه-. ب»: (الغيرك ) .
2- لم ترد : ( يعزي قوماً) في «أ» «ب».
3- «ب»: «سلوه » ، وفي «ه-.ب»: في نسخة : (سلو).
4- في «ه-.ب»: (جمع غمر ، وهو من لا يعلم شيئاً، وهو جهول.
5- في ( أ ) : (وقال) ، ولم ترد في خبر آخر انه عليه السلام في ( أ ) .

تصبر للبلوى عزاء وحسبة*** فتؤجر أم تسلو سلو البهائم(1)

وقد تقدم له علیه السلام كلام يعزي به الاشعث ويشتمل على مضمون صدر البيت

الأخير. (2)

[ الحكمة 416]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام لابْنِهِ الحسنِ :

يَا بُنَيَّ، لَا تُخَلَّفَنَّ وَرَاءَكَ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَإِنَّكَ تُخَلَّفُهُ لِأَحَدٍ رَجُلَيْنِ؛ إِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ الله فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ بِهِ، وَإِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَشَقِي بِمَا جَمَعْتَ لَهُ (3): فَكُنْتَ عَوْناً لَهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ هَذَيْنِ حَقِيقاً أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ.

وَيُروى هذا الكلام على وجه آخرَ، وَهُوَ :

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الَّذِي فِي يَدَيْكَ (4)مِنَ الدُّنْيَا قَدْ كَانَ لَهُ أَهْلُ قَبْلَكَ، وَهُوَ صَائِرٌ إِلَى أَهْلِ بَعْدَكَ، وَإِنَّمَا أَنْتَ جَامِعٌ لأحَدِ رَجُلَيْنِ : رَجُلٍ عَمِلَ فِيمَا جَمَعْتَهُ بِطَاعَةِ اللَّه فَسَعِدَ بِمَا شَقَيتَ بِهِ؛ أَوْ رَجُلٍ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهُ فَشَقِيَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ هَذَيْنِ أَهْلاً أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ ، وَتَحْمِلَ (5) لَهُ عَلَى ظَهْرِكَ : فَارْجُ لِمَنْ مَضَى رَحْمَةَ اللهِ، وَلِمَنْ بِقَي رِزْق الله تعالى.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابن عساكر ت / 576 ه-) في تاريخ مدينة دمشق: أخبرنا أبو سعد عبد الملك بن أحمد بن 576ه-)

ص: 615


1- راجع : مدارك نهج البلاغة .
2- مدارك نهج البلاغة : 111
3- لم ترد فشقى بما جمعت له في «أ» «ب».
4- في «ب»: (يدك).
5- في ( أ ) : (وتحمل) ، وفي (ب) : (ولا تحمل) .

الحسين بن قريش العنائي ببغداد ، نا أبو القاسم بن البسري إملاء ، نا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد بن أحمد قراءة عليه أنا محمّد بن يحيى نا محمّد بن القاسم أبو العيناء، نا الأصمعي ، عن شعبة، عن سماك بن حرب ، قال: قال الحسن بن علي: قال لي علي بن أبي طالب علیه السلام: أي بني لا تخلفنّ وراءك شيئا من الدنيا ؛ فإنك تخلفه لأحد رجلين : إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما سعيت (1) به، وإما رجل عمل فيه بمعصية الله فكنت عونا له على ذلك، وليس أحد هذين بحقيق أن تؤثره على نفسك . (2)

[ الحكمة 417]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لقائل قال : بِحَضْرَتِهِ : « أَسْتَغْفِرُ الله»: تَكِلَتْكَ أُمُّكَ : أَتَدْرِي مَا الاسْتِغْفَارُ ؟ إِنَّ الاسْتِغْفَار دَرَجَةُ العِلِّمِينَ (3) ، وَهُوَ اسْمٌ وَاقِع

عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ:

أَوَّلُهَا : النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى.

وَالثَّانِي: اَلْعَزْمُ عَلَى تَرْك الْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً (4)

وَالثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ حُقُونَهُمْ حَتَّى تَلْقَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَمْلَسَ (5) لَيْسَ

عَلَيْك تَبِعَةٌ . وَالرَّابِعُ: أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيْعْتَهَا فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَا . (6)

والخامِسُ : أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اللَّحْمِ الَّذِي نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ، فَتُذْيبَهُ بِالْأَحْزَانِ، حَتَّى

ص: 616


1- كذا ، والظاهر : شقيت.
2- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 508:42
3- في «ب»: (النبيين).
4- لم ترد : ( أبداً) في «ب»، وفي « ه-.ب» في نسخة : العودة إليها أبداً .
5- في« ه-. ب»: (صافي).
6- في «ب» : (الشحم) ، وفي «ه-. ب»: (اللحم صح) .

تُلْصِقَ تلصق (1) الْجِلْدَ بِالْعَظمِ، وَيَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ.

السَّادِسُ : أَنْ تُذِيقَ الْجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ كما أَذَقْتَهُ حَلَاوَةَ المَعْصِيَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ :

أَسْتَغْفِرُ الله.

قال العرشي في التخريج ما نصه: رواها الحراني في تحف العقول (46) .

(انتهى ) . (2)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الميرزا النوري (ت / 1320 ه-) في مستدرك الوسائل عن السيد علي بن طاروس في فلاح السائل : روي عن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام، أنه كان يوما جالسا في حشد من الناس من المهاجرين والانصار، فقال رجل منهم استغفر الله فالتفت علیه السلام إليه كالمغضب ، وقال له يا ويلك اتدري ما الاستغفار ؟ الاستغفار اسم واقع على ستة اقسام : الأول : الندم على ما مضى، الثاني: العزم على ترك العود إليه، الثالث: أن تعمد إلى كل فريضة ضيعتها فتؤديها، الرابع : ان تخرج إلى الناس مما بينك وبينهم ، حتى تلقى الله املس وليس عليك تبعة، الخامس، أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذهبه بالاحزان، حتى ينبت لحم غيره السادس: ان تذيق الجسم مرارة الطاعة كما اذقته حلاوة المعصية، فحينئذ تقول : استغفر الله . (3)

[ الحكمة 419]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مسكين ابن آدم مكتوم الأجل..... وتميته الشرقة.

ص: 617


1- في «أه »«ب»: ( يلصق).
2- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
3- مستدرك الوسائل ؛ للميرزا النوري :12 : 130

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الجاحظ (ت / 255ه-) في المائة كلمة، برقم (105) ، وقد تقدمت في الحكمة (13)،

فراجع.

[ الحكمة 422]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

أفْعَلُوا الْخَيْرَ، وَلَا تَحْفِرُوا مِنْهُ شَيْئاً ، فَإِنَّ صَغِيرَهُ كَبِيرٌ، وَقَلِيلَهُ كَثِيرٌ، وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ (1) إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ مِنِّي ، فَيَكُونَ وَاللَّهُ كَذَلِكَ، إِنَّ لِلْخَيْرِ وَالشَّرُ أَهْلاً، فَمَهُمَا تَرَكْتُمُوهُ مِنْهُمَا كَفَاكُمُوهُ أَهْلُهُ.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي (ت) / 975 ه-) في كنز العمال: عن علي في قوله تعالى : ( قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ) (2)قال علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدب-وهم. (عب والفريابي ص . وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذرك ق في المدخل ) . وعن علي ، قال : ما استقصى كريم قط ، ان الله تعالى يقول: ﴿ عَرَّفَ بَعْضَهُ أَعْرَضَ

عن بَعْضٍ ) (3). (ابن مردويه ) (4)

ص: 618


1- في ه-. أه في نسخة: (أحداً).
2- وتمام الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم: (6) .
3- في قوله تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضٍ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَباتُ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَبَاكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهير ) (التحريم : 3 - 4 )
4- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي :2 : 539 ، الرقم 4676 و 4677 .

[ الحكمة 423]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ الله عَلَانِيَتَهُ، وَمَنْ عَمِلَ لِدِينِهِ، كَفَاهُ الله أَمْرَ دُنْيَاهُ، وَمَنْ

أَحْسَنَ فِيما بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، أَحْسَنَ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ.

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « رواها الشيخ الصدوق في الأمالي

(المجلس 9) (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / ه-) في الأمالي : 87 ، ح ،55 ، قال : حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي ، قال : حدثنا جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغي- المغيرة عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام: كانت الفقهاء والحكماء إذا كاتب بعضهم بعضا ، كتبوا بثلاث ليس معهن ،رابعة من كانت الآخرة همه كفاه الله همه من الدنيا، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح فيما بينه وبين عز وجل أصلح الله له فيما بينه وبين الناس (2)

[ الحكمة 424]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

الحِلْمُ غِطَاءٌ سَاتِرٌ، وَالعَثْلُ حُسَامٌ قَاطِعٌ، فَاسْتُر خَلَلَ خُلْقِكَ بِحِلْمِكَ، وَقاتِلْ

هواك بعقلك.

ص: 619


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
2- الأمالي : 87، ح 55 .

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني (ت / 328ه-) في الكافي ، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زیاد ،رفعه قال : قال امير المؤمنين علیه السلام العقل غطاء ستير والفضل جمال ظاهر، فل سير خلل خلقك بفضلك، وقاتل هواك يعقلك، تسلم لك المودة وتظهر لك المحبة . (1)وفيها «العقل» بدل العلم .

[ الحكمة 427]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ شَكا الْحَاجَةَ إِلَى مُؤْمِنٍ فَكَأَنَّه شَكاهَا إلى الله، ومَنْ شَكاها إلى كافرٍ فَكَأَنَّما

شكا .الله.

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن العلامة المجلسي (ت / 1111 ه-) في بحار الأنوار عن الصدوق (ت / 381 ه-) في معاني الاخبار عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي معاوية قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول : من شكى إلى مؤمن فقد شكي إلى الله عز وجل، ومن شكى إلى مخالف فقد شكي

الله عز وجل.

وبالمعنى ما رواه الحميري في قرب الاسناد عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة ، قال : قال أبو عبد الله علیه السلام: من شكى إلى أخيه فقد شكى إلى الله، ومن شكي إلى غير أخيه فقد شكى الله ، قال : ومعنى ذلك أخوه في دينه(2)

ص: 620


1- الكافي 1: 20 ، ط / 1381ه-.
2- بحار الأنوار ؛ للعلامة المجلسي 78: 207.

[ الحكمة 432]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

إِنَّ أَوْلِياءَ الله هُمُ الَّذِينَ نَظَرُوا إلى باطِنِ الدُّنيا إذا نَظَرَ النَّاسُ إلى ظاهِرِها ، وَأَشْتَغَلُوا بآجِلِها إِذَا اشْتَغَلَ النَّاسُ بِعاجِلِها، فأماتُوا مِنْها ما خَشُوا (1) أَنْ يُمِيتَهُمْ، وَتَرَكُوا مِنْها ما ماخ عَلِمُوا أَنَّهُ سَيَتْرُكُهُمْ، وَرَأوا اسْتِكْثَارَ غَيْرِهِم مِنْهَا اسْتِقلالاً، وَدَرْكَهُمْ لَهَا فَوْتاً، أَعدَاءُ ما سالَمَ (2) النَّاسُ ، وسِلْمُ مَا عادَى النَّاسُ، بِهِم عُلِمَ الْكِتابُ ، وبِهِ عَلِمُوا، وَبِهِمْ قَامَ الْكِتابُ وَبِهِ قَامُوا، لا يَرَوْنَ مَرْجُوا فَوْقَ ما يَرْجُونَ ، ولا مَخُوفاً فَوْقَ مَا يَخافُونَ.

قال العرشي في التخريج ، ما نصّه : « رواها ابو نعيم الاصفهاني في حلية الأولياء

[ج 1 ص 10] عن عيسى علیه السلام، ورواها الشيخ المفيد في المجالس [بحار الانوار 1

ج 17 ص 419] عن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب علیه السلام. (3)

[الحكمة 434]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

أخْبُرْ تَقْلِهِ (4) .

وقال الرّضيّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى (5) : ومنْ النَّاسِ مَنْ يَرْوِي هذا لِرَسُولِ الله صَلَّى الله

ص: 621


1- في «ه-.ب»: (خافوا).
2- في (ه-.ب) : (صالح).
3- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
4- في «ب»: تقله وتقله معاً.
5- لم ترد : وقال الرضي( رحمه الله تعالى) في «ب»، والعبارة إلى قوله : «ابن الاعرابي » لم ترد في «أ»، وبدلها : وروى ثعلب عن ابن الأعرابي

عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَمِمَّا يُقَوِّي أَنَّهُ مِنْ كلام أمير المؤمنين ما حَكَاهُ تَعْلَبٌ قال: حدثنا ابْنُ الأعرابي قال: قال المأمون : لولا أنّ عَليّاً عَلَيْهِ السَّلام، قال: أخبر تَقلَه لَقُلتُ أنا: إِقْلَمْ تَخْبُرُ.

قال العرشي في المقدمة ما نصه: وثعلب عالم بالنحو واللغة مشهور، توفي 291 ه- [904 م]. وأما ابن الأعرابي فهو إمام العلوم الأدبية، وتوفي 230 ه- [844 ! م] وتوفي المأمون الخليفة ببغداد سنة 218ه- [833م]. ولم أعثر على قول ثعلب المشار اليه في أى كتاب، أللهم إلا ما كتب أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري المتوفى بعد 395ه- [ 1005م ] في جمهرة

الأمثال فانه قال والمثل لأبي الدرداء رضی الله عنه، فيما زعم بعضهم ، وروي عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم (1). وقال أبو عبيد أحمد بن محمد الهروى المتوفى 401 ه- [ 1010م في كتاب 1م ] الغريبين ومنه حديث أبي الدرداء: وجدت الناس أخبر تقله أي من جربهم رماهم بالمقت لخبث سرائرهم وقلة إنصافهم وفرط استثمارهم. ولفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر كتاب الغربيين الورقة 236 ألف ، نسخة »

رامبور(2)

[ الحكمة 435]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

ما كانَ الله لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بابَ الشَّكْرِ، وَيُعْلِقَ عَنْهُ بَابَ الزِّيَادَةِ، وَلَا لِيَفْتَحَ عَلَى

عَبْدِ بابَ الدُّعاءِ، وَيُخْلِقَ عَنْهُ باب الإجابة، ولا لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بابَ التَّوْبَةِ، وَيُخْلِقَ عَنْهُ

بَابَ المَغْفِرَةِ.

ص: 622


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957 م.
2- استناد نهج البلاغة : 19 ، ط / 1957م.

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن المتقي الهندي( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن علي قال : إن النعمة موصولة بالشكر والشكر متعلق بالمزيد وهما مقرونان في قرن، ولن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد . (هب). وعن محمّد بن كعب القرظي، قال: قال علي بن أبي طالب ما كان الله ليفتح باب الشكر ، ويخزن باب المزيد، وما كان الله ليفتح باب الدعاء ويخزن باب الاجابة ، وما كان الله ليفتح باب التوبة ويخزن باب المغفرة، أتلوا عليكم من كتاب الله قال الله تعالى: ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (1)وقال : ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) (2) وقال: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ) (3) ، وقال : ( ومن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّه يَجِدِ الله غَفُوراً رَحِيماً ) (4). ( ه- العسكري ) . (5)

[ الحكمة 439]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ الزُّهْدُ كُلُهُ بَيْنَ كَلِمَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ : قال : الله سُبْحَانَهُ: لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ (6)، وَمَنْ لَمْ يَأْسَ (7) عَلَى المَاضِي وَلَمْ

يفرح بالآتِي فَقَدْ أَخَذَ الزُّهْدَ بِطَرَفَيْهِ.

ص: 623


1- غافر : 60 .
2- ابراهيم : 7 .
3- البقرة : 152.
4- النساء : 110 .
5- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 3 737 ، بالرقم 8617 و 8618
6- الحديد 57: 23 .
7- في «أ» «ب»: (فمن). في « ه-.ب» : ( يحزن).

قال الهادي شكف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: « قوله علیه السلام: الزهد كله ... الى آخره، رواه ابن الجوزي في التذكرة بابدال « بين » ب-«في» وبدل « فقد آخذ ...

الى آخره»، «فهو الزاهد» (1)

[ الحكمة 443]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ وقَدْ جاءَهُ نَعْى الأشْتَرِ رَحِمَهُ اللهُ (2) :

مالِكٌ ، ومالِكٌ ؟ واللهِ لَوْ كانَ جَبَلاً لَكَانَ فِنْداً، أوْ كانَ حَجَراً لَكَانَ صَلدا(3) : لا يَرْتَقِيهِ

الحافِرُ ، ولا يُونِي عَلَيْهِ الطَّائِرُ (4).

وقال الرّضي رحمه الله تعالى (5) وَالْفِنْدُ: المُنْفَرِدُ مِنَ الْجِبَالِ . :

قال العرشي في التخريج ما نصه : « رواها ابو عمر محمد بن يوسف الكندي

المصري المتوفى 350 ( 961م ) في كتاب الولاة (34) . (6) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الطوسي ( ت / 460 ه-) ، قال : قال الكليني : ذكر انه لما نعى الاشتر مالك بن الحارث النخعي الى امير المؤمنين علیه السلام تأوه حزناً وقال : رحم الله مالكاً ، وما مالك، عزّ عليّ به هالكاً ، لو كان صخراً لكان صلداً ، ولو كان جبلاً لكان فنداً ، وكأنه قد منّي قدّاً .(7)وبالاسناد عن ابراهيم بن محمّد الثقفي ( ت / 281 ه-) في الغارات : عن فضيل بن

ص: 624


1- مدارك نهج البلاغة : 111 .
2- في ( أ ) : (رحمة الله عليه).
3- عبارة (أو كان حجراً لكان صلداً) لم ترد في «أ» «ب».
4- في (ب) : (الطير ) ، وفي «ه-.ب»: الطائر صح).
5- لم ترد : ( وقال الرضي رحمه الله تعالى) في ( أ ) (ب).
6- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
7- رجال الكشي :

خديج، عن أشياخ النخع قالوا دخلنا على على علیه السلام حين بلغه موت الاشتر، فجعل يتلهف ويتأسف عليه ويقول: الله در مالك ! وما مالك، لو كان جبلا لكان فندا، ولو كان حجرا لكان صلدا، أما والله ليهدن موتك عالما وليفرحن عالما، على مثل مالك فلتبك البواكي، وهل موجود كمالك ؟!. قال : فقال علقمة بن قيس النخعي: فما زال على يتلهف ويتأسف حتى ظننا أنه المصاب به دوننا، وقد عرف ذلك في وجهه أياما وعن فضيل بن خديج ، عن مولى الاشتر، قال : لما هلك الاشتر وجدنا في ثقله رسالة علي إلى أهل مصر: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، من عبد الله أمير المؤمنين إلى النفر من المسلمين الذين غضبوا الله إذ عصي في الأرض، وضرب الجور برواقه على البر والفاجر ، فلا حق يستراح إليه ولا منكر يتناهى عنه ، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو . أما بعد ، فقد وجهت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الاعداء حذار الدوائر ، أشد على الكفار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث الاشتر أخو مذحج فاسمعواله وأطيعوا فإنه سيف من سيوف الله لا نابي الضريبة، ولا كليل الحد، فإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، وان أمركم أن تنفروا فانفروا ، وإن أمركم أن تحجموا فأحجموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته وشدة شكيمته على عدوه، عصمكم الله بالحق وتبتكم باليقين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .(1)

[ الحكمة 444]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:

قَلِيلٌ مَدوم عَلَيْهِ أَرْجى مِنْ كَثِيرٍ مَمْلُولٍ مِنْهُ(2).

ص: 625


1- الغارات؛ لابراهيم بن محمد الثقفي 1 : 267 265 .
2- لم ترد (منه) في «أ-ه ».

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت /328ه-) في الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى ، عن حريز عن زرارة، عن أبي جعفر علیه السلام قال : قال : أحب الاعمال إلى الله عز وجل ما داوم عليه العبد وإن قل.

وعن أبي أبو علي الاشعري عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن نجبة، عن أبي جعفر علیه السلامقال : ما من شي أحب إلى الله عز وجل من عمل يداوم عليه وإن قل.

وعنه ، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يقول : إني لاحب أن اداوم على العمل وإن قلّ . (1)

[ الحكمة 447]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْهِ فَقَدِ ارْتَطْمَ في الرّبا .

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في الكافي عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم.

قال: وكان أمير المؤمنين علیه السلام يقول : لا يقعدن في السوق إلّا من يعقل

الشراء والبيع (2)

ص: 626


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 2 : 82
2- الكافي للشيخ الكليني 5 : 154

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق (ت / 381ه-) في من لا يحضره الفقيه وقال أمير المؤمنين علیه السلام: من اتجر بغير علم ارتطم في الربا، ثم ارتطم ، فلا يقعدن في السوق إلّا من يعقل الشراء والبيع . (1)

وعن الميرزا النوري في مستدرك الوسائل عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم، أنه قال: الفقه ثم

المتجر، فمن اتجر بغير فقه، فقد ارتطم في الربا ثم ارتطم .(2)

و عنه صلی الله علیه و آله وسلم هو أنه قال : من اتجر بغير فقه تورط في الشبهات (3) وعن فقه الرضا علیه السلام وروي أن من اتجر بغير علم ولا ،فقه ارتطم في

الربا ارتطاما . (4)

[ الحكمة 448]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

مَنْ عظَمَ صِغارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلَاهُ الله يكبارها .

قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الميرزا النوري( ت / 1320 ه-) في مستدرك الوسائل : وقال زين العابدين علیه السلام: ما أصيب أمير المؤمنين علیه السلام بمصيبة إلا صلى في ذلك اليوم ألف ركعة، وتصدق على ستين مسكينا، وصام ثلاثة أيام، وقال لاولاده: إذا اصبتم بمصيبة فافعلوا بمثل ما أفعل فإني رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم هكذا يفعل ، فاتبعوا أثر نبيكم ولا تخالفوه فيخالف الله بكم ، ان الله تعالى يقول: ﴿ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) (5)، ثم قال

ص: 627


1- من لا يحضره الفقيه ؛ للشيخ الصدوق 3: 193
2- مستدرك الوسائل ؛ للميرزا النوري 13 : 248.
3- مستدرك الوسائل ؛ للميرزا النوري 13 : 248
4- مستدرك الوسائل ؛ للميرزا النوري 13 : 248.
5- الشورى : 43 .

زين العابدين علیه السلام: فما زلت أعمل بعمل أمير المؤمنين علیه السلام. وقال امير المؤمنين علیه السلام المصائب بالسوية، مقسومة بين البرية. وقال علیه السلام: من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها (1)

[ الحكمة 450]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

ما مَزَحَ امْرُؤٌ مَرْحَةٌ ، إِلَّا مَع(2)مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةٌ .

قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله: «ما مزح

امرئ ... الى آخره، رواه في التذكرة أيضاً بإبدال «امرئ ب-«أحد» .(3)

[ الحكمة 453]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

ما زَالَ الزُّبَيْرُ رَجُلاً منا أهْلَ البَيْتِ حَتَّى نشأ ابْنُهُ المَشْئُومُ عبد الله (4) . قال الهادي كاشف الغطاء ( ت / 1361 ه-) في التخريج: قوله علیه السلام: ما زال الزبير منا ... إلى آخره، ذكر هذا ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب عنه علیه السلام ولم يذكر فيه لفظه المشؤوم، وهذا القول ذكره ابن ابي الحديد، ولم يذكر في النسخة التي عليها شرح الشيخ محمّد عبده . (5)

ص: 628


1- مستدرك الوسائل ؛ للميرزا النوري 2 : 481
2- في «ه-.ب»: (رمى).
3- مدارك نهج البلاغة : 111 .
4- هذه الحكمة لم ترد في «أ» «ب» في هذا الموضع .
5- مدارك نهج البلاغة : 111 .

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما رواه البلاذري (ت / 279ه-) في انساب الاشراف، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن وهب بن جرير بن حازم، عن يونس بن يزيد عن الزهري، قال: لما وقف على وأصحاب الجمل، خرج علي على فرسه فدعا الزبير فتواقفا، فقال له علي : ما جاء بك ؟ قال : جاء بي أنى لا أراك لهذا الامر أهلا ولا أولى به منا. فقال علي: : لست أهلا لها بعد عثمان ؟ قد كنا نعدك من بني عبد المطلب حتى نشأ ابنك ابن السوء ففرق بيننا وبينك وعظّم عليه أشياء، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليهما فقال لعلي: ما يقول ابن عمتك ؟ ليقاتلنك وهو لك ظالم. فانصرف عنه الزبير وقال: فإني لا أقاتلك . ورجع إلى ابنه عبد الله بن الزبير ، فقال : مالي في هذا الحرب من بصيرة !! فقال : لا ، ولكنك جبنت عن لقاء علي حين رأيت راياته فعرفت أن تحتها الموت. قال : فاني قد حلفت أن لا أقاتله، قال: فكفر عن يمينك بعتق غلامك سرجس . فأعتقه وقام في الصف معهم . (1)

[ الحكمة 455]

وسُئِلَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ أشْعَرِ الشُّعرَاءِ ؟ ، فقال (2) :

إِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَجْرُوا فِي حَلْبَةٍ (3) تُعْرَفُ الغايَةُ عِنْدَ قَصَبَتِها (4) ، فإِنْ كَانَ ولا بُدَّ فالمَلِكُ

الصِّدِّيلُ.

قال (5): يُرِيدُ(6) آمرىء القيس.

ص: 629


1- انساب الاشراف ؛ للبلاذري : 254 و 355 .
2- لم ترد : في «أ» «ب» .
3- في « ه-. ب» : (ميدان) .
4- في « ه-.ب» : (أي منتهاها) .
5- لم ترد : (قال) في ( أ ) .
6- في (ب) : ( يعني).

قال :الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة تحت عنوان: «في مجلس علي بن أبي طالب»: «قرأت في أمالي ابن دريد قال أخبرنا الجرموزي ، عن ابن المهلبي، عن ابن الكلبي، عن

شداد بن إبراهيم، عن عبيد الله بن الحسن العنبري، عن ابن عرادة ، قال : كان عليّ بن أبي طالب علیه السلام يعشي الناس في شهر رمضان باللحم ولا يتعشى معهم ، فإذا فرغوا خطبهم علیه السلام ووعظهم، فأفاضوا ليلة في الشعراء وهم على عشائهم، فلما فرغوا خطبهم وقال في خطبته : اعلموا إن ملاك أمركم الدين، وعصمتكم التقوى وزينتكم الادب، وحصون أعراضكم الحلم، ثم قال : قل يا أبا الاسود فيم كنتم

تفيضون فيه ؟ أي الشعراء أشعر ؟ فقال : يا أمير المؤمنين الّذي يقول :

ولقد اعتدى يدافع ركني*** أعوجي ذو ميعة إضريج

مخلط مزيل معن مفن*** منفح مطرح سبوح خروج (1)

يعني أبا دواد الايادي ، فقال علیه السلام: ليس به»، قالوا: فمن يا أمير المؤمنين؟ فقال: «لو رفعت للقوم غاية فجروا إليها معا علمنا من السابق منهم ، ولكن أن

يكن فالذي لم يقل عن رغبة ولا رهبة».

قيل : من هو يا أمير المؤمنين ؟

قال: « هو الملك الضليل ذو القروح.

قيل : امرؤ القيس يا امير المؤمنين؟

قال :«هو»

قيل : فاخبرنا عن ليلة القدر ؟

قال :ما أخلوا من أن أكون أعلمها فأستر علمها ، ولست أشك أن الله إنما يسترها

ص: 630


1- دیوان أبي دواد 299

عنكم نظرا لكم، لانه لو أعلمكموها عملتم فيها وتركتم غيرها، وأرجو أن لا تخطئكم إن شاء الله ، انهضوا رحمكم الله .

وقال ابن دريد لما فرغ من الخبر اضريج ينبثق في عدوه، وقيل واسع

الصدر، ومنفح يخرج الصيد من مواضعه ومطرح يطرح ببصره، وخروج سابق . والغاية - بالغين المعجمة - الراية، قال الشاعر:

وإذا غاية مجد رفعت*** نهض الصلت إليها فحواها

ويروى قول الشماخ

إذا ما راية رفعت لمجد ***تلقاها عرابة باليمين(1)

بالغين والراء اكثر فأما البيت الأوّل فبالغين لا غير، أنشده الخليل في

عروضه، وفي حديث طويل في الصحيح: « فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا .. والميعة : أول جري الفرس ، وقيل : الجري بعد الجري (2)

[ الحكمة 457]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

مَنْهُومان لا يَشْبَعانِ ، طالِبُ عِلْمٍ ، وطالب دُنْيا (3) قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني ( ت / 328ه-) في الكافي عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن اذينة، عن

ص: 631


1- دیوانه : 97
2- شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد 153:20
3- لم ترد هذه الحكمة في «أ» «ب» في هذا الموضع.

أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين يقول : قال : رسول الله : منهومان لا يشبعان طالب دنيا وطالب علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم، ومن تناولها من غير حلها هلك ، إلا أن يتوب أو يراجع ، ومن أخذ العلم من اهله وعمل بعلمه نجا، ومن أراد به الدنيا فهي حظه (1)

[ الحكمة 458]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

علامَةُ (2) الإيمَانِ أَنْ تُؤْثِرَ (3)الصَّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ ، عَلَى الْكِذْبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ، وَأَلّا

يَكُونَ في حَدِيثِكَ فَضْلُ عَنْ عِلْمِكَ ، وأَنْ تَتَّقِيَ الله في حَدِيثِ غَيْرِكَ. قال العرشي في التخريج ما نصّة رواها الحراني في تحف العقول (51) :

ورواها البرقي في المحاسن والآداب (78/ الف ) (4) .

[ الحكمة 459]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

يَغْلِبُ المِقْدَارُ على التَّقْدِيرِ ، حَتَّى تَكونَ الآفَةُ في التَّدْبِيرِ .

قال : وَقدْ مَضى هذَا المَعْنَى فِيما تَقَدَّم بروايةٍ تُخالِفُ بَعضَ هذه الأَلْفاظ.(5) قال الجلالي: يعني رحمه الله الحكمة رقم (16) فراجع .

ص: 632


1- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1 : 46 .
2- لم ترد علامة في «ب».
3- في «ه-.ب»: (تختار) .
4- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.
5- لم ترد : (قال) في «أ» «ب».

[ الحكمة 466]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

الْعَيْنُ وكاءُ السَّهِ (1) .

قال الرَّضِيُّ رَحمهُ الله تعالى (2) : وهذِهِ مِنَ الاسْتِعارَاتِ الْعَجِيبَةِ، كأنَّهُ شَبَّهَ السّه (3): بالوعاء، والعَيْنَ بالوِكاءِ، فَإِذَا أُطلِقَ الوِكَاءُ يَنْضَبِط الوِعاءُ وهَذَا الْقَوْلُ فِي الأشْهَرِ الأَظهَرِ مِنْ كَلامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَليهِ وآلِهِ، وقَدْ رَوَاهُ قَوْمٌ لأمِيرِ المُؤمِنِين علیه السلام ؛ وذَكَرَ

ذَلِك المبرِّدُ في الكتابِ المُقْتَضَبِ في باب اللَّفْظِ بِالْحُرُوفِ.

وقَدْ تَكَلَّمْنا على هَذِهِ الاسْتَعارَةِ في كِتابنا المَوْسُومِ بِمَجازات الآثارِ النبوِيَّةِ». قال العرشي في المقدمة ما نصه: « والمبرد هو أبو العباس محمّد بن يزيد الأزدي النحوي المتوفى 285 ه- [898 م ] ولا يوجد كتابه المقتضب، إلا أن ابن النديم ذكره في الفهرست [8] والحاجي خليفة في كشف الظنون[ ج 2

ص 1793 ]

وقال أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة 276 ه- [ 889 م ] في كتابه تأويل مختلف الحديث (65) أنه من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم كما كتبه أبو عبيد أحمد بن محمّد الهروي المتوفى 401 ه- [1010م ] في كتاب الغريبين ونصه : ( وفي الحديث : العين وكاء السه. قال أبو عبيد : وهو حلقة الدبر» [الورق 134 / ب ].

وأبو عبيد هذا هو أبو عبيد القاسم بن سلام الهروى البغدادي المتقدم ذكره

ص: 633


1- في (ه-ا) أي الاست
2- لم ترد: (قال الرضي رحمه الله تعالى) في ( أ ) .
3- في« أ-ه»: (السبة).

وورد القول المذكور في كتابه غريب الحديث، ضمن أحاديث النبي صلی الله علیه و آله وسلم[الورق

138 ، ب ، نسخة رامبور] (1)

وقال المزي ( ت / 742ه-) في حديث: « نَهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المُضطر وبيع

الغرر، وبيع التمر بالتمر قبل أن تدرك .

(د) في البيوع ( 3382 ) عن محمد بن عيسى، عن هشيم عن صالح بن ،محمّد قال حدثنا شيخ من بني تميم قال خطبنا علي، أو قال: قال علي...

فذكره، وفيه قصة . (2)

وذكر المزي ( ت / 742 ه-) عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي الشامي

الحمصي ، عن علي حديث: العينان وكاء السه، فمن نام فليتوضأ». (3)

وقال ( د ) في الطهارة (203) عن حيوة بن شريح في آخرين. (ق) فيه ( 477) عن محمّد بن المصفى ؛ كلهم عن بقية بن الوليد عن

الوضيء بن عطاء محفوظ بن علقمة عنه به . وبالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-) عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي الشامي الحمصي ، عن علي قال: حدثنا علي بن بحر حدثنا بقية بن الوليد الحمصي حدثني الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي، عن علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إن السة وكاء العين، فمن نام فليتوضأ ( 245 ) .

وقال : رواه أبو داود في الطهارة عن حيوة بن شريح في آخرين وابن ماجة في

الطهارة عن محمّد بن المصفى ، كلهم عن بقية بن الوليد عن الوضين بن عطاء

ص: 634


1- استناد نهج البلاغة : 19، ط / 1957م.
2- أخرجه أحمد 1 : 116 ، وانظر المسند الجامع :13 : 270 حدیث (10148) .
3- تحفة الاشراف 7 91 ، ط / 1999

عن محفوظ بن علقمة ، عنه به (1)

قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشريف الرضي في المجازات النبوية : فقال ما نصّه : « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : «العين وكاء السه، فإذا نامت العين استطلق الوكاء، وهذه من أحسن الاستعارات.

والسه اسم للسته . قال الشاعر:

شأتك قعين غثها وسمينها*** وأنت السه السفلي إذا دعيت نصر

فكأنه عليه الصلاة والسلام شبه السته بالوعاء وشبه العين بالوكاء، فإذا نامت العين انحل صرار السته، كما أنه إذا زال الوكاء وسع بما فيه الوعاء، إلا أن حفظ العين للسته على خلاف (2) الوكاء للوعاء، فإن العين إذا أشرجت لم تحفظ ستهها، والاوكية إذا حلت لم تضبط أوعيتها .

ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى أمير المؤمنين علي علیه السلام، وقد ذكر محمّد ابن يزيد المبرد في الكتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف، وفي الأظهر الاشهر أنه للنبي عليه الصلاة والسلام (3)

ص: 635


1- جامع المسانيد 99:20 ، ط / 1415ه-.
2- ما في الحديث من البلاغة : في الحديث ثلاث استعارات تصريحية . 1 - حيث شبه إغواء الشيطان للانسان بالجنون بجامع عمل مالا ينبغي في كل . 2 - حيث شبه الشعر السيئ بنفت الشيطان ، بجامع الاستقباح في كل . 3 - حيث شبه الكبر بفخ ؟ الشيطان ، بجامع أن المتكبر يظن نفسه كبيرا وهو غير ذلك، فكأن الشيطان نفخ فيه ، واستعمل لفظ المشبه به في المشبه في الجميع . السه ، والسته ، والاست: الدبر ، والوكاء : الرباط الذي يربط به الشي المفتوح كالكيس والغرارة ونحوهما. استطلق أي أصبح صالحا لاطلاق ما فيه . شأتك : أتعبتك ، وقعين : قبيلة والغث الردئ السمين : الجيد، والسه السفلى هي الدبر ووصفها بالسفلى مع أنها كذلك لزيادة التحقير ، ونصر: النصرة والدفاع عن الحمى الصرار : الرباط ، لأن الصر هو الربط . أي دفع بما في داخله حفظ .
3- المجازات النبوية للشريف الرضي :227

ومن الموافقات: ما ارويه بالاسناد عن ابن ماجة، محمّد بن يزيد القزويني في السنن، قال: حدثنا محمّد بن المصفى الحمصي . ثنا بقية عن الوضين بن

عطاء، عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ الازدي، عن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ» (1)

[ الحكمة 468]

قولهُ عَلَيْهِ السَّلام:

يأْتِي عَلى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ يَعَضُّ المُوسِرُ فِيهِ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ، وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِذَلِكَ ؛ قال الله سُبْحَانَهُ: ولا تَنْسَوا الفضلَ بَيْنَكُم(2)؛ يَنْهدُ فِيهِ الأَشْرَارُ، وَيُسْتَذَلُّ

الأخيارُ ، ويُبايِعُ المُضْطَرُونَ ، وقَدْ نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ المُضْطَرِّينَ. قال الجلالي وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني

( ت / 328ه-) في الكافي عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن ،محمّد عن ابن فضال، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله علیه السلامقال : يأتي على الناس زمان عضوض يعض كل امرء على ما في يديه وينسي الفضل وقد قال الله عز وجل: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) (3)ينبري في ذلك الزمان قوم يعاملون المضطرين هم شرار الخلق(4)

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في عيون أخبار الرضا قال :

وبهذا الاسناد عن الحسين بن علي علیه السلام انه قال خطبنا أمير المؤمنين علیه السلام، فقال :

ص: 636


1- سنن ابن ماجة 1 : 161 (كتاب الطهارة) .
2- البقرة : 237
3- البقرة 237
4- الكافي للشيخ الكليني 5 :310

سيأتي على الناس زمان عضوض يعض المؤمن على ما في يده ولم يؤمن بذلك قال الله تعالى : ( وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرُ ) (1) ، وسیاتی زمان يقدم فيه الاشرار وينسى فيه الاخبار ويبايع المضطر وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المضطر وعن بيع الغرر فاتقوا الله يا أيها الناس واصلحوا ذات بينكم

بيع

واحفظوني في اهلي (2)

[ الحكمة 469]

قوله عَلَيْهِ السَّلام:

يَهْلِك فِيَّ رَجُلانِ : مُحِب مطر، وباهِتٌ مُفْتَرٍ .

قال الرَّضِيّ رَحِمَهُ الله تعالى (3): وهذَا مِثلُ َقوْله علیه السلام: هَلَكَ فِي اثْنَانِ : مُحِبُّ غالٍ،

ش

ومُبْغِضُ قال . قال العرشي في التخريج ما نصّه: « رواها الشيخ الصدوق في الأمالي

والبيهقي في المجالس والمساوئ[ ج 1 ص 29] . (4)

قال الجلالي: يشير رضی الله عنه الى الحكمة رقم (117) فراجع. ووردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن ابن كثير ( ت / 774ه-) في حديث شيخ من بني تميم، عن علي قال: حدثنا هشيم أنبأنا أبو عام المزني، حدثنا شيخ من بني تميم قال خطبنا عليّ ، أو قال : قال علي : يأتي على الناس زمان عضوض، بعض

الموسر على ما في يديه ، قال : ولم يؤمر بذلك، قال الله عز وجل: (وَلاَ تَنْسَوُا

ص: 637


1- البقرة : 237 .
2- عيون أخبار الرضاء ؛ للشيخ الصدوق 50:1.
3- لم ترد : (قال الرضي رحمه الله تعالى) في «أ».
4- راجع: استناد استناد نهج البلاغة ، ط / 1957م.

الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ )(1) وينهد الأشرار، ويستذل الأخيار، ويبايع المضطرون، قال: وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطرين، وعن بيع الغَرَر، وعن بيع الثمرة قبل أن تدرك .

رواه أبو داود في البيوع عن محمّد بن عيسى، عن هشيم عن صالح ابن عامر - كذا قال محمّد - قال : حدثنا شيخ من بني تميم، قال: خطبنا علي، أو قال: قال علي ... فذكره، وفيه قصة (2).

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) في الأمالي، قال: حدثنا علي بن

الله أحمد بن عبد بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدثني جعفر بن عبد الله الناونجي، عن عبد الجبار بن محمّد، عن داود الشعيري، عن الربيع صاحب المنصور، قال: بعث المنصور إلى الصادق علیه السلام جعفر بن محمّد علیه السلاميستقدمه لشي بلغه عنه، فلما وافى بابه خرج إليه الحاجب فقال: أعيذك بالله من سطوة هذا الجبار، فإني رأيت حرده

عليك شديدا، فقال الصادق علي من الله جنة واقية تعينني عليه إن شاء الله، استأذن لي عليه، فاستأذن فأذن له، فلما دخل سلّم فرد عليه السلام قال له: يا جعفر، قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابيك علي بن أبي طالب: لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح، لقلت فيك قولا لا تمرّ بملاً إلا أخذوا من تراب قدميك، يستشفون .به

وقال علي علیه السلام: يهلك في اثنان ولا ذنب لي محب غال، ومفرط قال قال ذلك

اعتذارا منه أنه لا يرضى بما يقول فيه الغالي والمفرط، ولعمري إن عيسى بن

ص: 638


1- البقرة : 237 .
2- رواه أبو داود في البيوع - باب في بيع المضطر » بالإسناد المتقدم . راجع جامع المسانيد 20: 329 ، ط / 1415ه-.

مريم علیه السلام لو سكت عما قالت فيه النصارى لعذبه الله، ولقد تعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان، وإمساكك عن ذلك ورضاك به سخط الديان، زعم أوغاد الحجاز ورعاع الناس أنك

حبر الدهر وناموسه، وحجة المعبود وترجمانه وعيبة علمه

وميزان ،قسطه، ومصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة إلى ضياء النور وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدك في الدنيا عملا ، ولا يرفع له يوم القيامة وزنا فنسبوك إلى غير حدك ، وقالوا فيك ما ليس فيك، فقل فإن أول من قال الحق جدك، وأول من صدقه عليه أبوك ، وأنت حري أن تقتص آثارهما وتسلك سبيلهما. فقال الصادق علیه السلام: أنا فرع من فروع الزيتونة وقنديل من قناديل بيت النبوة، وأديب السفرة ، وربيب الكرام البررة، ومصباح من مصابيح المشكاة التي فيها نور النور وصفو الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر. فالتفت المنصور إلى جلسائه، فقال: هذا قد أحالني على بحر مواج لا يدرك طرفه، ولا يبلغ عمقه، يحار فيه العلماء، ويغرق فيه السبحاء، ويضيق بالسابح عرض الفضاء، هذا الشجى المعترض في حلوق الخلفاء، الذي لا يجوز نفيه، ولا يحل قتله، ولولا ما يجمعني وإياه شجرة طاب أصلها، ويسق فرعها، وعذب ثمرها، وبوركت في الذر، وقدست في الزبر ، لكان منّي إليه مالا يحمد في العواقب لما يبلغني من شدة عبه لنا لنا وسو وسوء القول فينا.

فقال الصادق علیه السلام: لا تقبل في ذي رحمك وأهل الرعاية من أهل بيتك قول من حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار، فإن النمام شاهد زور وشريك إبليس في الاغراء بين الناس، وقد قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (1). ونحن لك أنصار وأعوان، ولملكك دعائم وأركان ما أمرت بالعرف والاحسان، وأمضيت في

ص: 639


1- الحجرات : 6.

الرعية أحكام القرآن وأرغمت بطاعتك الله أنف الشيطان، وإن كان يجب عليك في سعة فهمك وكثرة علمك ومعرفتك بآداب الله أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك ، فإن المكافي ليس بالواصل، إنما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها فصل رحمك يزد الله في عمرك، ويخفف عنك الحساب يوم حشرك .

فقال المنصور : قد صفحت عنك ، لقدرك ، وتجاوزت عنك لصدقك ، فحدثني

عن نفسك بحديث أتعظ به، ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات. فقال الصادق علیه السلام: عليك بالحلم فإنه ركن العلم، واملك نفسك عند أسباب القدرة، فإنك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا أو تداوى حقدا، أو يحب أن يذكر بالصولة ، اعلم بأنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به إلّا العدل، ولا أعرف حالا أفضل من حال العدل والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر.

فقال المنصور: وعظت فأحسنت وقلت فأوجزت ، فحدثني عن فضل جدك علي بن أبي طالب حديثا لم تؤثره العامة ، فقال الصادق علیه السلام: حدثني أبي، عن أبيه ، ، عن جده، قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: لما أسري بي إلى السماء عهد إلي ربي

جل جلاله في علي ثلاث كلمات، فقال يا محمّد . فقلت : لبيك ربي وسعديك . فقال عز وجل : إن عليا إمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين، فبشره بذلك. فبشره النبي صلی الله علیه و آله وسلم بذلك ، فخّر علي علیه السلام ساجدا شكرا الله عز وجل، ثم رفع رأسه فقال: يا رسول الله ، بلغ من قدري حتى أني أذكر هناك ؟ قال: نعم، وإن الله يعرفك ، وإنك لتذكر في الرفيق الأعلى. فقال المنصور: ذلك

فضل الله يؤتيه من يشاء (1).

ص: 640


1- الأمالي للشيخ الصدوق: 711 709

ومن الموافقات ما عن ابن عساكر ( ت / 571ه-) في تاريخ مدينة دمشق،

قال: أخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعيد ، أنا محمّد بن عبد الله بن عمر، أنا أبو محمد بن أبي شريح ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد نا يعقوب نا عبد الرحمن عن شقيق عن هلال بن خباب عن زاذان قال قال علي رضد الله عنه يهلك

رجلان محب غالى ومبغض قالي . وقال: أخبرنا أبو علي بن السبط وأبو غالب بن البنا، قالا: أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو العباس محمد بن نصر بن أحمد بن مكرم المعدل نا عبد الرحمن بن سعيد بن الأصبهاني، نا العباس بن محمّد ناشبابة بن سوار، نا المسور بن الصلت، قال: سمعت فاطمة بنت علي تحدث عن أبيها علي بن أبي طالب رضی الله عنه، قال : يهلك في رجلان محب مفرط وعدو مبغض، فمن استطاع منكم أن لا يكون واحدة منهما فليفعل. أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، نا أبي أبو العباس، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب، نا محمّد ابن رافع ، نا مصعب بن المقدام نا داود بن نصير عن الأعمش، عن عمرو بن ،مرة، عن أبي ،البختري ، قال : قال علي رضی الله عنه: يهلك في رجلان مبغض مفتري و محب مفرط. أخبرنا أبو البركات بن أبي عقيل، أنا أبو الحسن الخلعي، نا أبو محمّد بن النحاس، أنا أبو سعيد بن الأعرابي نا يحيى بن أبي طالب، نا عمرو بن عبد

سمعت

الغفار ، نا شعبة بن الحجاج ، عن أبي التياح ، عن أبي السوار العنزي، قال: سمعت علي بن أبي طالب رضی الله عنه يقول : ليحبني أقوام يدخلون بحبي الجنة، وليبغضني أقوام يدخلون ببغضي النار .

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم الجرجاني، أنا حمزة بن

ص: 641

يوسف انا عبد الله بن عدي نا يحيى بن البحتري ناعثمان بن عبد الله القرشي

الله له له له العلي يا

الشامى نا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم علي لو أن أمتي أبغضوك لأكبهم الله على مناخرهم في النار . قال : وقال علي:

يهلك في رجلان محب مفرط ومبغض مفتري .

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم بن الخلال نا محمّد بن عثمان محمّد بن عثمان النضري نا محمّد بن نوح نا هارون بن إسحاق الهمداني، نا أبو غسان نا الحكم بن عبد الملك عن الحارث بن أبي حصيرة عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي أنه قال : دعاني رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقال: يا علي إن فيك من عيسى مثلا، أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به.

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا عاصم بن الحسن، أنا أبو عمر بن مهدي، أنا أبو العباس بن عقدة ، نا الحسين بن عبد الرحمن بن محمّد الأزدي، نا أبي وعثمان بن سعيد الأحول نا عمرو بن ثابت عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي رضی الله عنه قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا علي إن فيك شبها من عيسى بن مريم علیه السلام أحبته النصارى حتى أنزلوه منزلة ليس بها وأبغضته اليهود حتى بهتوا أمه. قال : وقال علي يهلك في رجلان محب مفرط بما ليس في ومبغض يحمله

شنآني على أن يبهتني. أخبرنا أبو البركات عمرو بن إبراهيم ، أنا محمّد بن أحمد بن علان بن الخازن، انا محمّد بن عبد الله الجعفي، ناعلي بن محمّد بن هارون بن زياد الحميري ، نا أبو كريب، نا أبو معاوية عن الأعمش، عن عروة بن مرة، عن الحارث، عن علي. (ح) وأخبرنا أبو الفضل الفضيلي ، نا أبو القاسم حمزة ، نا أبو القاسم الخزاعي ،

نا ن الهيثم بن كليب الشاشي ، نا الحسن بن علي بن عفان نا ابن نمير، عن

ص: 642

الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي إسحاق كذا ، قال : عن علي ، قال : يهلك في

رجلان محب مطري ومبغض مفتري .(1)

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال: عن علي ، قال : ما أخذ الله ميثاقا من أهل الجهل يطلب حتى أخذ ميثاقا من أهل العلم ببيان العلم لان

الجهل قبل العلم . المرهبى فى العلم . (2)

[ الحكمة 478 ]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلام:

مَا أَخَذَ اللَّه عَلَى أَهْلِ الجَهْلِ أنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا . قال الجلالي: وردت مقاطع من النص فيما أرويه بالاسناد عن الشيخ الكليني( ت / 328ه-) في الكافي عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى،

عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن حازم، عن عن أبي عبد الله علیه السلام قال: قرأت في كتاب علي علیه السلام: إن الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال ، لأن العلم كان

قبل الجهل . (3)

طلحة بن زيد

وبالاسناد عن المتقي الهندي ( ت / 975ه-) في كنز العمال، عن علي ، قال : ما أخذ الله ميثاقاً من اهل الجهل يطلب حتى أخذ ميثاقاً من اهل العلم ببيان العلم ؛ لان الجهل قبل العلم . ( المرهبي في العلم) (4)

ص: 643


1- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 296 - 298
2- كنز العمال ؛ للمتقي الهندي 301:10
3- الكافي ؛ للشيخ الكليني 1:41
4- كنز العمال 100 : 301 ، الرقم 29516

[ الحكمة 479]

قولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ :

شَر الإخْوَانِ مَنْ تُكلّف لَهُ.

قال الرضي: لأن التكليف مستلزم للمشقة، وهو شرّ لازم عن الأخ المتكلف

له ، فهو شرّ الإخوان.

قال العرشي في التخريج ما نصّه : « رواها أبو حيان التوحيدي في كتاب

الصداقة والصديق ( 186) وكتاب البصائر (73 ألف ) . (1)

ويظهر مما سبق أن الشيخ الرضي لم يكن أول من اعتنى بتدوين الخطب والكتب والحكم المنسوبة إلى عليّ بن أبي طالب رضی الله عنه، بل سبقه المؤلفون الآخرون أشرت إلى بعضهم حين ذكر مراجع نهج البلاغة ومصادره. وأرى أن أذكر فيما يلي أسماء الذين لم أذكرهم في الأوراق السابقة لأجل ضباع مولفاتهم

أو ذكرتهم ولكن لم أذكر مؤلفاتهم الضائعة التي أظنها قد احتوت الخطب. قال الرضي: وهذا حين انتهاء الغاية بنا إلى قطع المختار من كلام أمير المؤمنين علیه السلام، حامدين الله سبحانه على ما منّ به من توفيقنا لضم ما انتشر من أطرافه، وتقريب ما بعد من أقطاره. وتقرر العزم كما شرطنا أولاً على تفضيل أوراق من البياض في آخر كل باب من الأبواب، ليكون لاقتناص الشارد واستلحاق الوارد وما عسى أن يظهر لنا بعد الغموض، ويقع إلينا بعد الشذوذ، وما توفيقنا إلّا بالله عليه توكلنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وذلك في رجب سنة أربع مئة من الهجرة، وصلى الله على سيدنا محمّد خاتم

الرسل، والهادي إلى خير السبل وآله الطاهرين، وأصحابه نجوم اليقين(2)

ص: 644


1- راجع استناد نهج البلاغة ، ط / 1957
2- راجع : استناد نهج البلاغة

وحصيلة البحث :

ان روايات نهج البلاغة منها ما هي مسندة لفظاً، ومنها ما هي معتضدةً معنى

بالشواهد والموافقات واطراف ومقاطع من مختلف الروايات، وقد انفرد الرضى برويات لم أقف لها من ذلك شيء؛ لعجز اليد الواحدة عن التتبع اذكرها في

الجدول الاتي، عسى ان تتيسر لمن يجد في نفسه القدرة والكفاءة على تحقيقها .

اولا الخطب والكلام

المجموع:241في هذا المسند: 163-- منفردات الرضي ( 78)كالاتي:28-26-20-24-19-18-7-91-90-78-74-71-58-41-109-102-101-100-96-95-120-118-117-113-112-134-133-132-129-122-148-142-140-139-138-

ص:645

المجموع:241 -منفردات الرضي ( 78)كالاتي:159-155-154-151-150-169-168-165-161-160-187-184-182-177-175-195-194-191-190-188-211-207-205-198-196-217-215-214-213-212-222-221-220-219-218-234-233-230-223-241-240-237-

ثانياً: الكتب والرسائل

المجموع:79-في هذا المسند :63-منفردات الرضي (16)كالاتی :55-44-37-33-32-30-72-67-65-64-62-58-57-79-76-73-

ثالثاً: الحكم والغريب

المجموع:480-في هذا المسند :365- في هذا المسند :14-9-8-7-6-4-3-2-1-

ص:646

المجموع:480-في هذا المسند :365- في هذا المسند :29-28-27-24-22-19-16-47-46-39-35-33-32-30-58-56-52-51-50-49-48-66-65-64-62-61-60-59-73-72-71-70-69-68-67-101-93-92-88-85-75-74-108-107-106-104-102-118-114-111-110-109-129-127-124-122-121-120-146-145-144-139-134-155-154-153-152-151-164-161-160-157-156-174-171-169-168-167-179-178-177-176-175-189-187-186-182-181-204-202-198-194-191-218-215-212-206-205-229-228-225-224-220-239-235-234-232-230-244-243-242-241-240-251-249-248-247-245-257-256-255-254-252-

ص: 647

المجموع:480-في هذا المسند :365- في هذا المسند :264-262-261-259-258-276-275-272-269-265-282-281-279-278-277-288-286-285-284-283-297-296-295-292-290-303-302-301-300-299-309-308-307-305-304-321-318-313-312-311-329-327-325-324-322-337-336-335-331-330-342-341-340-339-338-347-346-345-344-343-353-352-351-350-348-359-358-357-356-355-370-368-364-363-362-382-378-377-376-374-394-392-391-385-384-401-399-398-397-395-409-408-406-403-402-418-415-412-411-410-428-426-425421-420-436-432-431-430-429-

ص: 648

المجموع:480-في هذا المسند :365- في هذا المسند :442-441-440-438-437-452-451-449-446-445-461-460-456-455-454-467-465-464-463-462-474-473-472-471-470-480-479-477-476-475-

هذا ما تمكنت منه اليد الواحدة ،القاصرة واني لا اشك في ان لجنة ذات قدرة

وكفاءة تتمكن من الاستدراك لهذه المفردات، والله الموفق.

ص: 649

ص: 650

أهم المصادر والمراجع

المصدر: ما نقلت عنه بالنص ثلاث مرات وأكثر من كتب التاريخ والحديث.

والمرجع ما راجعته عند الحاجة ككتب اللغة والتراجم، وقد وصفتها في

فهرس التراث واشرت الى اسنادي الى مؤلفيها .

1 -الاختصاص للشيخ المفيد ، ( ت / 413 ه- ) ، ط / النجف، سنة 1390ه-

2 -الارشاد، محمّد بن النعمان الشيخ المفيد ، (ت / 413 ه-) ، ط / النجف ، سنة 1392ه-

3 -استناد نهج البلاغة ، لامتياز على عرشي ، ( ت / 1400ه-) ، ط / بمبئي، سنة 1379ه-

4 -الاستنصار ، الكراجكي (ت / 445ه-) ، ط النجف ، سنة 1346ه-

5 - اسد الغابة ، علي بن محمّد الجزري ، ( ت / 663ه- ) ، ط / القاهرة، سنة 1286ه-.

6 -اعلام النبوة، للماوردي ، ( ت / 450 ه- ) ، ط 1 ، سنة 1407ه-

7- الاغاني لابي الفرج الأصفهاني ، ( ت / 356ه- ) ، ط دار الكتب ، سنة 1969م

8 -اكمال الدين للشيخ الصدوق ، ( ت / 381ه-) ، ط / سنة 1389ه-

9-الامالي ، للشيخ الصدوق ، ( ت / 381ه-) ، ط / النجف ، سنة 1389ه-

10 - الأمالي ، للشيخ المفيد ، ( ت / 413 ه-) ، ط / النجف، سنة 1351ه-

11-الأمالي ، الشريف المرتضى ، (ت / 436ه-) ، ط / القاهرة، سنة 1371ه-

12- الأمالي ، للشيخ الطوسي ، ( ت / 460 ه-)، ط / النجف، سنة 1384ه-

13 -انساب الاشراف، للبلاذري ، ( ت / 279 ه- ) ، ط / القدس 1930 ، سنة 1294ه- 279ه-

ص: 651

14- بحار الأنوار، محمد باقر المجلسی، ( ت / 1111ه-) ، ط / طهران ، سنة 1377ه-

15 -بشارة المصطفى ، محمد الطبري ( ت / 553 ه- ) ، ط / النجف ، سنة 1383ه-

16 - بصائر الدرجات ، للصفار ، ( ت / 291ه-) ، ط / تبريز ، سنة 1380ه-

17 -البيان والتبيين، لابى عمرو الجاحظ ، ( ت / 255ه-) ، ط / القاهرة ، سنة 1388ه- 17 .

18 تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ، ( ت / 463 ه-)، ط بیروت، د.ت.

19 تاريخ الرسل والملوك ، الطبري ( ت / 310 ه- ) ، ط / القاهرة، سنة 1968 م

20 تاریخ مدينة دمشق، الحافظ علي بن عساكر ، ( ت / 571 ه-)، مخطوطة الظاهرية، 571ه-

21. تحف العقول، للحسن بن شعبة الحراني ، ( ت / 336 ه- ) ، ط / النجف ، سنة 1385ه-

22. تذكرة الخواص ، لسبط بن الجوزي ، ( ت / 654 ه- ) ، ط / ، سنة 1401ه-

23 . تفسير القمي ، لعلي بن ابراهيم ، ( ت / 304ه- ) ، ط / النجف ، سنة 1386ه-

24 -تهذيب الآثار للطبري ( ت / 310ه- ) ، ط القاهرة، سنة 1402ه-

25 -تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي ، ( ت / 460 ه- ) ، ط / النجف ، سنة 1382ه-

26 - التوحيد ، للشيخ الصدوق ، ( ت / 381ه-) ، ط / النجف ، سنة 1386ه-

27 -تيسير المطالب ، الهاروني ، (ت / 424 ه-) ، ط / بيروت ، سنة 1395ه-

28 - الجمل ، للشيخ المفيد ، ( ت / 413 ه-) ، ط / النجف ، سنة 1382ه-

29- حلية الأولياء ، لابي نعيم الأصفهاني ، ( ت / 430 ه-) ، ط / القاهرة ، سنة ه- 430ه-

30- الخصال، للشيخ الصدوق ، (ت / 381ه-) ، ط / النجف ، سنة 1391ه-

31 -دعائم الاسلام ، للنعمان المغربي ( ت / 363ه- ) ، ط / القاهرة ، سنة 1951م

32 -الذريعة الى تصانيف الشيعة للشيخ الطهراني ، مخطوطة المؤلف ، النجف الاشرف

33- ربيع الاسرار ، للزمخشري ، ( ت / 538 ه-)، ط / بغداد ، سنة 1976 م

34 -رجال الكشي ، لابي عمر و الكشي ، ( ت / 328ه-) ، ط / الاعلمی ، د.ت.

35 -رجال النجاشي، النجاشي ( ت / 450 ه- ) ، ط / بيروت ، سنة 1407ه-

36 -السرائر ، لابن ادريس الحلي ( ت / 598ه-)، ط / قم ، سنة 1411ه- .

37 -شرح الاخبار، للنعمان المغربي ( ت / 363ه-)، ط / قم ، سنة 1409ه- .

38 -شرح نهج البلاغة ، عز الدين بن أبي الحديد ، ( ت / 655ه- ) ، ط / القاهرة، سنة 1378ه-

ص: 652

39 - الصحيفة الكاملة ، الامام علي بن الحسين السجاد ، ( ت / 95ه- ) ، ط / طهران ، سنة 1361ه- .

40 -كتاب الطبقات ، لعمر بن سعد ،0 ت / 203ه-) ، ط / بيروت ، سنة 1488 ه-

41 -علل الشرائع ، للشيخ الصدوق ، ( ت / 381ه-) ، ط / النجف ، سنة 1385ه-

42 -عيون اخبار الرضا، لمحمد بن علي الشيخ الصدوق ، ( ت / 381ه-) ، ط / النجف ، سنة

1390ه-

43-الغارات للثقفي ، ( ت / 282ه-) ، ط / طهران، سنة 1395ه- ،

44-الغيبة ، للنعماني ( ت / 333 ه- ) ، ط / الجهرة، سنة 1283ه- 333

45- فضائل الاشهر الثلاثة ، للشيخ الصدوق، ( ت / 381ه- ) ، ط / ، سنة 1396ه-

46- فضل الكوفة ، لابن عبد الرحمن العلوي ، ( ت / 445ه- ) ، مخطوطة الظاهرية ،

47- الفهرست ، للشيخ الطوسي ، ( ت / 460ه- ) ، ط / النجف ، سنة 1380ه-

48- الكاشف عن الفاظ نهج البلاغة ، للسيد جواد المصطفوي الطهراني ، (ت / 1410ه- ) ،

ط اطهران ، سنة 1378ه-

49 - الكافي، لمحمد بن يعقوب الكليني ، ( ت / 329 ه- ) ، ط / طهران ، سنة 1388ه-

50- کشف المحجة، لعلي بن طاووس، (ت / 664ه- ) ، ط / النجف ، سنة 1370ه-

51- كنز العمال للمتقي الهندي ، ( ت / 975ه- ) ، ط / بيروت ، سنة 1405ه-

52 -كنز الفوائد ، للكراجكي ، ت / 449 ه- ) ، طبعة حجرية ، ایران 1307 ه- 449ه

53 - المجازات النبوية ، للشريف الرضي ، ( ت / 406 ه- ) ، ط / القاهرة ، سنة 1387ه-

54 - المحاسن ، لاحمد بن محمد البرقي ، ( ت / 274 ه- ) ، ط / النجف، سنة 1384ه- 274ه-

55 -المحاسن والمساوى، لابراهيم البيهقي ( ت / 320ه- ) ، ط / القاهرة ، سنة 1380ه-

56 -مدارك نهج البلاغة ، للشيخ هادي كاشف الغطاء ، ( ت / 1361 ه- ) ، ط / النجف ، سنة

1354ه-

57 - مستدرك الوسائل ، للنوري ، (ت / 1320 ه- ) ، ط / قم ، سنة 1408ه-

58 -مروج الذهب ، لعلي بن الحسين المسعودي ، ( ت / 346ه- ) ، ط / بيروت ، سمنة 1965ه-

59 -المستر شد، لمحمد بن جرير الطبري ( ت / 326 ه-)، ط / النجف ، د.ت.

60 -مصادقة الاخوان للشيخ الصدوق ، ( ت / 381ه-) ، ط / بغداد، سنة 1977م

ص: 653

61 - مصباح المتهجد ، للشيخ الطوسي، ( ت / 460 ه-) ، طبعة حجرية، سنة 1082ه-

62 - معالم العلماء ، لابن شهر اشوب (ت / 588 ه- ) ، ط / طهران ، سنة 1353ه-

63 - معانى الاخبار ، للشيخ الصدوق، (ت / 381 ه- ) ، ط / النجف ، سنة 1391ه-

64 - المعجم الكبير للطبري ( ت / 360 ه- ) ، ط / بغداد ، سنة 1404ه-

65 -مقاتل الطالبيين ، لأبي الفرج الأصفهاني ، ( ت / 356 ه-) ، ط / القاهرة ، سنة 1368ه-

66 - المقتضب ، لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد ( ت / 285ه-) ، ط / بيروت، سنة 1420ه-

67- الملاحم والفتن ، لابن طاووس، ( ت / 644 ه- ) ، ط / النجف ، سنة 1392ه-

68-المناقب، للخوارزمي ، ( ت / 568 ه-) ، ط / ، سنة 1421ه-

69 - من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق ( ت / 381ه-) ، ط / النجف، سنة 1377ه-

70- منهاج البراعة ، لسعيد بن عبد الله الراوندي ، (ت / 572ه-) ، ط / قم ، سنة 1406ه-

71 -مهج الدعوات، لابن طاووس، (ت / 644ه- ) ، ط / حجرية، سنة 1299ه-

72- نهج البلاغة ، للشريف الرضي ، ( ت / 406 ه- ) ، ط / بيروت ، سنة 1378ه-

73-وقعة صفين ، لنصر بن مزاحم المنقري ، ( ت / 212ه-) ، ط / القاهرة ، سنة 1382 ه-

ص: 654

فهرس المحتوى

باب كتب ورسائل أمير المؤمنين علیه السلام / 5

[الكتاب الأول] ... 7

[الكتاب الثاني] ... 13

[الكتاب الثالث] ... 15

[الكتاب الرابع] ... 19

[الكتاب الخامس] ... 20

[الكتاب السادس] ... 22

[الكتاب السابع] ... 27

[الكتاب الثامن] ... 31

[الكتاب التاسع] ... 32

[الكتاب العاشر] ... 42

[الكتاب (11)] ... 44

[الكتاب (12)] ... 47

[الكتاب (13)] ... 49

[الوصيّة (14)] ... 53

ص: 655

[الدعاء (15)] ... 55

[ الكتاب (16)] ... 58

[ الكتاب (17)] ... 60

[ الكتاب (18)] ... 63

[ الكتاب (19)] ... 66

[ الكتاب (20)] ... 67

[ الكتاب (21)] ... 68

[ الكتاب (22)] ... 70

[ الكلام (23)] ... 73

[ الوصية (24)] ... 74

[ الكتاب (25)] ... 80

[ الكتاب (27)] ... 86

[ الكتاب (28)] ... 122

[ الكتاب (29)] ... 128

[ الكتاب (30)] ... 130

[ الكتاب (31)] ... 131

[ الكتاب (32)] ... 164

[ الكتاب (33)] ... 165

[الكتاب (34)] ... 167

[ الكتاب (35)] ... 171

[ الكتاب (36)] ... 173

[ الكتاب (38)] ... 179

[ الكتاب (39)] ... 183

[ الكتاب (40)] ... 186

[الكتاب (41)] ... 187

ص: 656

[الكتاب (42)] ... 192

[الكتاب (43)] ... 193

[الكتاب ( 44)] ... 194

[الكتاب (45)] ... 196

[الكتاب (46)] ... 198

[الوصية (47)] ... 199

[الكتاب (48)] ... 224

[الكتاب (49)] ... 228

[الكتاب (50)] ... 230

[الكتاب (51)] ... 234

[الكتاب (52) ] ... 237

[الكتاب (53)] ... 238

[الكتاب(54)] ... 249

[الكتاب (56)] ... 251

[الكتاب (60)] ... 254

[الكتاب (61)] ... 256

[الكتاب (62)] ... 258

[الكتاب (66)] ... 259

[الكتاب (68)] ... 271

[الكتاب (70)] ... 273

[الكتاب (71)] ... 274

[الحلف (74)] ... 275

[الكتاب (75)] ... 276

[الوصية (77)] ... 277

[الكتاب (78)] ... 278

ص: 657

باب حكم أمير المؤمنين / 279

[الحكمة الأولى] ... 283

[الحكمة الثانية ] ... 283

[الحكمة الثالثة ] ... 285

[الحكمة الرابعة] ... 286

[الحكمة الخامسة] ... 286

[الحكمة العاشرة ] ... 287

[الحكمة 11] ... 288

[الحكمة 12] ... 288

[الحكمة 13] ... 288

[الحكمة 15] ... 294

[الحكمة 17] ... 295

[الحكمة 18] ... 298

[الحكمة 20] ... 298

[الحكمة 21] ... 299

[الحكمة 22] ... 300

[الحكمة 23] ... 303

[الحكمة 26] ... 304

[الحكمة 31] ... 304

[الحكمة 32] ... 325

[الحكمة 36] ... 336

[الحكمة 37] ... 337

[الحكمة 38] ... 339

[الحكمة 40] ... 344

[الحكمة 42] ... 345

ص: 658

[الحكمة 43] ... 349

[الحكمة 44] ... 349

[الحكمة 45] ... 350

[الحكمة 53] ... 355

[الحكمة 54] ... 356

[الحكمة 55] ... 357

[الحكمة 56] ... 358

[الحكمة 57] ... 362

[الحكمة 63] ... 362

[الحكمة 76] ... 362

[الحكمة 77] ... 364

[الحكمة 78] ... 370

[الحكمة 79] ... 382

[الحكمة 80] ... 382

[الحكمة 81] ...383

[الحكمة 82] ... 393

[الحكمة 83] ... 399

[الحكمة 84] ... 401

[الحكمة 86] ... 402

[الحكمة 87] ... 402

[الحكمة 89] ... 403

[الحكمة 90] ... 405

[الحكمة 91] ... 406

[الحكمة 94] ... 409

[الحكمة 95] ... 413

ص: 659

[الحكمة 96] ... 415

[الحكمة 97] ... 416

[الحكمة 98] ... 416

[الحكمة 99] ... 417

[الحكمة 100] ... 417

[الحكمة 102] ... 418

[الحكمة 103] ... 419

[الحكمة 104] ... 419

[الحكمة 105] ... 423

[الحكمة 108] ... 426

[الحكمة 109] ... 427

[الحكمة 112] ... 427

[الحكمة 113] ... 433

[الحكمة 115] ... 436

[الحكمة 116] ...438

[الحكمة 117] ... 440

[الحكمة 119] ... 444

[الحكمة 122] ... 445

[الحكمة 123] ... 447

[الحكمة 125] ... 448

[الحكمة 126] ... 450

[الحكمة 128] ... 451

[الحكمة 130] ... 452

[الحكمة 131] ... 454

[الحكمة132] ... 459

ص:660

[ الحكمة 133] ... 460

[الحكمة 135] ... 460

[الحكمة 136] ... 462

[الحكمة 137] ... 465

[ الحكمة 138] ... 465

[ الحكمة 140] ... 466

[الحكمة 141] ... 466

[الحكمة 142] ... 467

[الحكمة 143] ... 467

[ الحكمة 147] ... 468

[الحكمة 148] ... 482

[الحكمة 149] ... 484

[الحكمة 150] ... 484

[الحكمة 157] ... 488

الحكمة 158] ... 488

[الحكمة 159] ... 488

[ الحكمة 162] ... 489

[الحكمة 163] ... 490

[الحكمة 165] ... 490

[الحكمة 166] ... 494

[الحكمة 170] ... 501

[الحكمة 172] ... 502

[الحكمة 173] ... 502

[الحكمة 182] ... 502

[الحكمة 184] ... 503

ص: 661

[الحكمة 185] ... 503

[الحكمة 188] ... 508

[الحكمة 189] ... 508

[ الحكمة 190] ... 509

[الحكمة 192] ... 510

[الحكمة 193] ... 511

[الحكمة 195] ... 511

[الحكمة 196] ... 512

[الحكمة 197] ... 512

[الحكمة 198] ... 513

[الحكمة 199] ... 513

[الحكمة 201] ... 514

[ الحكمة 203] ... 517

[الحكمة 207] ... 519

[الحكمة 208] ... 519

[الحكمة 209] ... 521

[الحكمة 210] ... 521

[الحكمة 211] ... 522

[الحكمة 213] ... 522

[الحكمة 214] ... 523

[الحكمة 216] ... 523

[الحكمة 217] ... 523

[الحكمة 219] ... 524

[الحكمة 221] ... 524

[الحكمة 222] ... 524

ص: 662

[الحكمة 223] ... 525

[الحكمة 226] ... 525

[ الحكمة 227] ... 525

[الحكمة 231] ... 531

[ الحكمة 233] ... 532

[ الحكمة 236] ... 533

[ الحكمة 237] ... 533

[ الحكمة 238] ... 534

[ الحكمة 246] ... 534

[الحكمة 250] ... 534

[ الحكمة 253] ... 535

[ الحكمة 260] ... 537

[غ 1] ... 538

[غ 2] ... 539

[غ 4] ... 540

[غ 5] ... 542

[غ 6] ... 543

[غ 8] ... 544

[غ 9] ... 544

[ الحكمة 266] ... 549

[ الحكمة 267] ... 549

[الحكمة 268] ... 550

[الحكمة 270] ... 553

[الحكمة 271] ... 556

[الحكمة 273] ... 557

ص: 663

[الحكمة 274] ... 559

[الحكمة 280] ... 560

[الحكمة 282] ... 560

[الحكمة 284] ... 561

[الحكمة 285] ... 561

[الحكمة 287] ... 561

[الحكمة 289] ... 567

[الحكمة 290] ... 570

[الحكمة 291] ... 571

[الحكمة 293] ... 572

[الحكمة 294] ... 574

[الحكمة 298] ... 574

[الحكمة 306] ... 575

[الحكمة 310] ... 576

[الحكمة 313] ... 577

[الحكمة 314] ... 578

[الحكمة 315] ... 578

[الحكمة 316] ... 579

[الحكمة 317] ... 580

[الحكمة 319] ... 580

[الحكمة 320] ... 581

[الحكمة 322] ... 582

[الحكمة 326] ... 584

[الحكمة 328] ... 584

[الحكمة 332] ... 585

ص: 664

[الحكمة 333] ... 586

[الحكمة 334] ... 587

[الحكمة 336] ... 588

[الحكمة 349] ... 588

[الحكمة 354] ... 589

[الحكمة 360] ... 590

[الحكمة 361] ... 590

[الحكمة 365] ... 591

[الحكمة 366] ... 591

[الحكمة 369] ... 592

[الحكمة 371] ... 593

[الحكمة 373] ... 595

[الحكمة 375] ... 597

[الحكمة 377] ... 598

[الحكمة 379] ... 601

[الحكمة 380] ... 602

[الحكمة 381] ... 602

[الحكمة 382] ... 602

[الحكمة 387] ... 606

[الحكمة 388] ... 608

[الحكمة 389] ... 608

[الحكمة 390] ... 609

[الحكمة 393] ... 610

[الحكمة 396] ... 610

[الحكمة 400] ... 611

ص: 665

[الحكمة 404] ... 611

[الحكمة 405] ... 612

[الحكمة 407] ... 613

[الحكمة 412] ... 614

[الحكمة 414] ... 614

[الحكمة 416] ... 615

[الحكمة 417] ... 616

[الحكمة 419] ... 617

[الحكمة 422] ... 618

[الحكمة 423] ... 619

[الحكمة 424] ... 619

[الحكمة 427] ... 620

[الحكمة 432] ... 621

[الحكمة 434] ... 621

[الحكمة 435] ... 622

[الحكمة 439] ... 623

[الحكمة 443] ... 624

[الحكمة 444] ... 625

[الحكمة 447 ] ... 626

[الحكمة 448 ] ... 627

[الحكمة 450] ... 628

[الحكمة 453] ... 628

[الحكمة 455] ... 629

[الحكمة 457] ... 631

[الحكمة 458] ... 632

ص: 666

[الحكمة 459] ... 632

[الحكمة 466] ... 633

[الحكمة 468] ... 636

[الحكمة 469] ... 637

[ الحكمة 478] ... 343

[ الحكمة 479] ... 644

وحصيلة البحث ... 345

أهم المصادر والمراجع ... 651

فهرس المحتوى ... 655

ص: 666

مكتبة الروضة الحيدرية

الرقم 108389

التاریخ: 2011/09/26

ص: 668

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.