المسائل المستحدثة آية الله العظمى الواعظي

هویة الکتاب

الكتاب : المسائل المستحدثة

المؤلف : تأليف آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

الطبعة: الثانية

الناشر: مكتب آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

المطبعة : الفرقان

الكمية : 2000 نسخة

ص: 1

اشاره

بسم الله الرحمن الرحیم

--------------------------------

المسائل المستحدثة

تأليف: آية الله العظمى الشيخ شمس الدين الواعظي

ص: 2

الاهداء

الى النورين النيرين، والبدرين الزاهرين، والشمسين المضيئين، والقمرين المنيرين، الامامين الهمامين، الباقرين الصادقين، محمّد بن علي باقر علم الأولين والآخرين، وجعفر بن محمّد الصادق بالعلم واليقين، سلام الله عليكما وعلى آبائكما وابنائكما، يا سيدي وموالي انّي توجّهت واستشفعت وتوسّلت بكما الى الله وقدمتكما بين يدي حاجاتي، يا وجيهين عند الله اشفعا لي عند الله، يا امامي هذه بضاعة مزجاة، اقدمها هدية متواضعة الى ساحتكما المقدسة، وأرجو منكما أن تسئلان الله فكاك رقبتي من النار، وأن يحشرني معكما في دار القرار، بحق محمّد وآله الأطهار.

ص: 3

ص: 4

المقدمة

ص: 5

ص: 6

نحمدك اللهمّ على ما فقّهتنا في دينك، وهديتنا الى سنّة نبيك، واُصلّي واُسلّم على أشرف بريتك محمّد صلّى الله عليه وعلى آله مصابيح الهدى وسفن النجاة.

وبعد، فيقول أقلّ خدمة الشريعة الغرّاء، شمس الدين الواعظي عفى الله عنه وعن والديه وعافاه: لا يخفى أنّ الانسان هو اجتماعي بالطبع، وهو بحسب هذا الطبع محتاج الى الاجتماع والتآلف والتعايش، ومن خلال هذا تنشأ الحاجة الى القانون والنظام، لترتيب سلوكه في شؤونات الحياة كافة، فلابدّ من النظام لكي يحتمي به ويدفع عن نفسه أي اشكال يتوجّه إليه، وذلك حسب ما اودع الله تعالى فيه من القابليات ليضع لنفسه قانوناً، وكما يقال: إنّ الحاجة اُم الاختراع، فاحتياجه لتنظيم الحياة والتعامل دفعته لاختراع القانون المدني لتنظيم علاقاته العامة وغيرها، ولكنه يبقى تشوبه النواقص، فما بالك بالأحكام الشرعية التي لايعلم بالمصالح والمفاسد من جرّاء تشريعها إلاّ مشرعها.

إذن لابدّ له من منظّم لينظم حياته بالمعنى الاعم حتى لو بلغت به الثقافة والرقي الى المراتب العليا، لأنه كما قلنا لا يعلم بالمصالح والمفاسد إلاّ نفس المشرّع، فينحصر تمام تقنين القانون وتشريعه بخالق الكون الذي يعلم بحركاته وسكناته، ولذا أرسل رسله صلوات الله على نبينا وعلى آله وعليهم أجمعين

ص: 7

مبشّرين ومنذرين، الى أن ختمهم بنبي الرحمة ورسول الانسانية جمعاء محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والذي أرسله الى كافة البشر فتكفل عن السماء بتنظيم حياة البشرية جمعاء على كافّة الأصعدة، سياسية كانت أم اقتصادية، عبادية كانت أو معاملية بالمعنى الاعم، وبأحسن الحلول وأفضلها وأعدلها لكل معضلة تعرض لهم، وبهذا هو يراعي تهذيب النفس الإنسانية ورقيها الى العالم العلوي، وقد حثّ القرآن الكريم على التعلّم والتفقّه وعدم ترك السؤال، وأيضاً ما جاء من الأحاديث النبوية والولوية في السنة الشريفة.

أمّا ما ذكره القرآن الكريم في هذا المجال آيات كثيرة، منها قوله تعالى: {... ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلّهم يحذرون} (1)، وغيرهما من الآيات الشريفة.

وما عن السنة الشريفة قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): «طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا وأن الله يحب بغاة العلم» (2).

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام): «اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به، ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إن المال مقسوم مضمون لكم، قد قسمه عادل بينكم وضمنه وسيفي لكم، والعلم مخزون عند أهله، وقد اُمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه» (3).

ص: 8


1- التوبة : 122.
2- الكافي : باب فرض العلم ووجوب طلبه، ج1، ح1.
3- الكافي : باب فرض العلم ووجوب طلبه، ج1، ح4.

وعن الامام الصادق(عليه السلام): «لوددت أنّ أصحابي ضربت رؤسسهم بالسياط حتى يتفقّهوا»(1).

وعن الإمام الكاظم(عليه السلام): «قيل له: هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون اليه ؟ فقال: لا» (2). الى غيرها من الروايات الشريفة التي تفوق حدّ الاحصاء في هذا الباب.

ولعلّني أرى من الواجب الشرعي تجاه الاُمة حلّ المشكلات التي تبتلى بها نوعية كانت أم شخصية، في مجالات الحياة كافة من خلال ما يسمى بالمسائل المستحدثة علمية أو عملية.

وقد رفعت الينا الكثير منها من البلاد الاسلامية ومن غيرها لغرض الاجابة عليها فجمعتها بعد الاجابة عليها، وأضفت اليها ما كنت أراه مناسباً في هذا المجال من المسائل المستحدثة لعلّها تقع مورد الحاجة عند عوام الناس ومثار نقاش عند أهل العلم في بحوثهم العلمية وتوسعة في مجال البحث العلمي.

فالله اسأل التوفيق في هذا، وأرجو منه تعالى أن يجعلنا من العاملين لما يحبّه ويرضاه.

المؤلف

ص: 9


1- الكافي : باب فرض العلم ووجوب طلبه، ج1، ح8.
2- وسائل الشيعة : باب 7 من أبواب صفات القاضي، ح3.

ص: 10

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلام في المسائل المستحدثة

1- أمّا تعريف المسائل المستحدثة قد يقال: هي كلّ موضوع جديد يطلب له حكم شرعي بحيث لم يكن في السابق موجود أصلاً أو قد يكون أصله في السابق موجوداً، كالنقدين (بالنسبة للذهب والفضّة) وقد استعمل مكانهما الأوراق النقديّة. ولكن الحقّ لايقال لهذا مسألة مستحدثة.

وأمّا اعتبار الماليّة لبعض الأعيان النجسة، أيضاً لايكون من المسائل المستحدثة، لأنّ كلي الحكم موجود، وهو كلّ ما فيه منفعة محلّلة فيجوز بيعه وإلاّ فلا، نعم مصاديق هذا الكليّ يذكر في باب النجاسات.

والحق أن المسائل المستحدثة هي التي إما لم يكن موضوعها في زمان الشارع موجوداً فلابد لجعل الحكم لها من الرجوع الى القواعد العامّة، أو كان موجوداً ولم يكن محلاًّ للإبتلاء وان ذكرنا بعض المسائل على نحو الاستطراد.

2- أن الحكم الشرعي في عقيدتنا باق الى يوم القيامة، ولم يكن مختّص في زمان معيّن ولا مكان معيّن، ولا بقوم دون قوم، لما ورد في الحديث «حلالي حلال

ص: 11

الى يوم القيامة، وحرامي حرام الى يوم القيامة»(1). وقال النبي|: «وبعثت الى الناس كافّة»(2) والآية الشريفة: {قل يا أيّها الناس إنّي رسول الله إليكم جميعاً}(3) وغيرها من الآيات والروايات.

وفيما ذكرنا من المسائل المستحدثة اما بالمعنى الأوّل أو الثاني.

وقد ذكرنا بعض المسائل ايضاً لأهميّتها العملية ولما جاء في الاستفتاءات المرفوعة إلينا.

3- معتقدنا أيضاً أنّ ديننا ليس فيه أيّ نقص، وهو مستوعب لجميع الأحكام كما جاء في الآية الشريفة {اليوم أكملت لكم دينكم . . .} (4).

4- إنّ رسول الله | هو خاتم الأنبياء، كما دلّت الآية الشريفة: {ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيّين . . .}(5). ولذا يظهر من النظر الدقيق في مثل هذه الاُمور الثلاثة أنّ الشريعة تكون قادرة على تلبية احتياجات البشر في كلّ عصر ومصر، بالنسبة للعبادات والمعاملات بالمعنى الأعمّ والأخصّ والمتوسّط، إذن من يقول بأنّ المسألة الكذائيّة ليست مربوطة بالدين، فهذاينسب إلى الشريعة النقص ولو من حيث لايشعر، أعاذنا

ص: 12


1- سفينة البحار : ج2، 319.
2- مجمع البحرين : ج2، 216.
3- الأعراف : 158.
4- المائدة:3.
5- الاحزاب : 40.

الله من الشطط. فان كان ما قاله الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مختصّ بعصر دون عصر، فيجب على الله من باب اللطف أن يرسل نبيّاً آخر.

فظهر ممّا ذكرنا أنّ ديننا دين سماوي، ولم يكن وليد تفكّر سطحي مختّص بزمن البعثة ولم تكن رسالة النبيّ مختصّة بذلك العصر، بل أنّها رسالة السماء إلى الأرض، وهي خاتمة الرسالات، والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الرسل، قد جاء ديننا لجميع الناس وفي كل الامصار والاعصار، الى يوم القيامة ويظهر - فيه كلّ يوم حسب ترقّي العلوم - أسرار لهذا الدين حيث عجزت عن فهمه القرون السالفة والاحقة.

والتعبير بتغيير الأحكام حسب الزمان والمكان، يكون جائزاً عند العامّة، كما ورد في مجلّة العدليّة - وهي الكتاب المقرّر تدريسه في مدارس الحقوق، من زمن الاتراك الى الآن مادة (39) _ (لاينكر تغيير الأحكام بتغيير الزمان) يقول المرحوم كاشف الغطاء: قد عرفت أنّ من اُصول مذهب الامامية عدم تغيير الأحكام إلاّ بتغيير الموضوعات، إمّا بالزمان أو المكان أو الأشخاص فلا يتغيّر الحكم، ودين الله واحد في حقّ الجميع، ولا تجد لسنّة الله تبديلاً، وحلال محمّد حلال الى يوم القيامة وحرامه كذلك. نعم يختلف الحكم في حقّ شخص واحد، باختلاف حالاته من بلوغ ورشد وحضر وسفر وفقر وغناً، وما الى ذلك منالحالات المختلفة، وكل ذلك يرجع الى تغيير الموضوع فيتغيّر الحكم. فتدبّر ولايشتبه عليك الحكم (1).

ص: 13


1- تحرير المجلة : ج1، 34.

المسائل المرتبطة بالطبّ

(مسألة 1): هل يجوز التشريح أم لا ؟

أمّا بالنسبة الى الكافر فجائز - لأنّه لادليل على عدم الجواز، والأدلّة الدالّة على عدم جواز تشريح بدن الميّت واحترام بدنه، إنّما هي مختصّة ببدن الميّت المسلم - بلا فرق بين أن يكون ذميّاً أم لا، لانّ الذمّي حرمته متوقّفة على حياته، فإذا مات يخرج عن الذمّة.

أمّا بالنسبة إلى المسلم، فالظاهر عدم الجواز، وقد ورد في الحديث أنّه قال(عليه السلام): «فإنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور» (1). وعن علاء بن سيابة عن أبي عبدالله(عليه السلام) الى أن قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «حرمة المسلم ميّتاً كحرمته، وهو حيّ سواء» (2).

ورواية ابن سنان: «حرمة الميت كحرمة الحي» (3). وغيرها من الروايات، بل في بعضها أشدّ منحرمة

ص: 14


1- وسائل الشيعة : باب 62 من أبواب القصاص، ح6.
2- وسائل الشيعة : باب 25 من أبواب دية الاعضاء، ح6.
3- وسائل الشيعة :باب 25 من أبواب دية الأعضاء، ح2.

الحي كما عن جميل عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال: «قطع رأس الميّت اشدّ من قطع رأس الحجار» (1) بل عن مسمع كردين «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل كسر عظم ميّت، فقال: حرمته ميّتاً أعظم من حرمته وهو حيّ» (2).

الظاهر فيها أنّ التشبيه يكون في أصل الحرمة، أمّا في الدية فلا كما عليه الشيخ، حيث حمل هذه الأخبار على المشابهة في التحريم ووجوب الدية في الجملة ولو لم تكن مساوية لدية الحيّ. وماورد في بعض الروايات لفظ المؤمن كما جاء عن الإمام أنّ أبي كان يقول: «ان الله حرّم من المؤمنين أمواتاً ما حرّم منهم أحياءً» (3)يحمل على المسلم بقرينة الروايات المتقدمة. قلنا الظاهر عدم الجواز، لكن يجوز بالنسبة الى الموارد الخاصّة، كمورد القصاص أو مورد السرقة فتقطع يده. وكذا الحكم أي عدم الجواز بتشريح بدن الحيوان وهو حي.

أمّا ما استدلّوا به على الجواز، بأنّهم لو لم يشرّحوا لم يتمكّنوا في المستقبل من إجراء أنواع العمليات ومعالجة المرضى، فإنّه ليس بدليل على الجواز. لأنّه مجرّد استحسان. إذاً لو شرّحوا لزمتهم الدية على ما ذكر مفصّلاً في باب الديات.

ص: 15


1- وسائل الشيعة : باب 25 من أبواب ديات الأعضاء، ح1.
2- وسائل الشيعة : باب 25 من أبواب ديات الاعضاء، ح 5.
3- وسائل الشيعة باب 25 من أبواب ديات الاعضاء، ح5.

وكذا ما ذكره الاستاذ الأعظم(قدس سره) في باب علم الطبّ: إذا كان واجبا وجوباً كفائيّاً، ولم يوجد من به الكفاية من الأطباء لادارة اُمورمرضى المجتمع، فيجوز تعلّم الطبّ حتى إذا توقف على اُمور محرّمة، لان تعلم الطب واجب أهمّ من حرمة النظر الى المرأة أو حرمة التشريح للمؤمن والنظر الى عورة الانسان.

وفيه أنّ أهميّة الحرمة بالنسبة إلى النظر والعلاج وإن كان العلاج أهمّ، لأنّه متوقّف على حفظ النظر. أمّا بالنسبة الى التشريح فهو محلّ تأمل صغيراً كان أو كبيراً.

هذا كلّه إذا كان إسلامه معلوماً. أمّا إذا كان اسلامه مشكوكاً فيجوز التشريح، لإنّ المحرّم هو المسلم، وعند الشكّ الأصل عدم الاسلام.

نعم في صورة ما يجوز تشريح بدن المسلم، وهو فيما لم يمكن تشريح بدن غير المسلم ولا مشكوك الاسلام، ولم يكن هناك طريق آخر لحفظ حياة مسلم، جاز التشريح ولو كان مسلماً. والمسألة حينئذ تدخل في باب الأهم والمهم. يقول السيّد الخميني (قدس سره): لا يجوز قطع عضو من الميّت لترقيع عضو الحيّ، إذا كان الميّت مسلماً إلاّ إذا كان حياته متوقفة عليه (1). ولكن في هذه الحالة لابدّ من دفع الدية للعمومات والاطلاقات، كما أنّه لو ماتت المرأة والولد في بطنها حيّاً يجوز شقّ بطنها واخراج الولد حيّاً. فعلى أي لو قلنا بأنّ التشريح مثلة وحرام فلايجوز له أن يوصي بأن تقطع بعض أعضائه، كيده أو غيرها وتزرع

ص: 16


1- تحرير الوسيلة : ج2، 424.

في بدن الآخر، لأنّه ما دام لايملك أعضائه فالوصية غير صحيحةبعدما كان قطع الأعضاء حرام، وأنّه هتك له. إذن كيف يجوز إجراء التجارب العلمية على الانسان بعد موته، حتى ولو اوصى بذلك الميت أو أجاز الولي ؟!

نعم في صورة جواز الوصية إذا قطعوا بعض أعضائه بعد الموت فلا دية هناك.

وعلى كل حال سواء قلنا بجواز التشريح أو بعدم جوازه، فلا يجوز للمعلم والمتعلّم النظر واللمس باليد المجرّدة بالنسبة للعورة وبدن المرأة. نعم يجوز النظر الى الوجه والكّفين من المرأة أمّا سائر بدنها فلا، كما بالنسبة الى الجنس المماثل لا يجوز له النظر الى العورة، إلاّ إذا توقف تشخيص المرض على ذلك. ومن كان شغله التشريح - وهو يشرّح في اليوم الواحد عدّة أشخاص - يجب عليه عند الانتهاء من عمله غُسل واحد للصلاة فيما إذا لم يغسل الميت.

(مسألة 2): لو كان شخص محكوماً بالإعدام، وإعدامه كان واجباً، وأراد إهداء بعض أعضائه لكي ينجو من الاعدام، فلا يكون الإهداء موجباً لرفع الحكم الواجب، وليس للحاكم عفوه.

(مسألة 3): لو قطع عضو شخص بالقصاص، يجوز أن يزرع في بدن الآخر برضا المحدود، لأنّه ولو قلنا بأنّه لايملك الأعضاء الرئيسية، ولكن له حقّ الاختصاص.

ص: 17

(مسألة 4): هل يجوز للإنسان بيع إحدى كليتيه للآخر أم لا ؟المسألة تارة نتكلّم فيها من جهة الحكم التكليفي، واُخرى من جهة الحكم الوضعي.

أمّا بالنسبة للأوّل فلا اشكال في عدم الجواز لانه تشريح، أمّا قوله(عليه السلام) الناس مسلّطون... الخ لا يشمل الأجزاء الرئيسية، ولأنّه يحتمل الضرر ولو في المستقبل، واستصحاب عدم حدوث الضرر، لايكون سبباً لدفع الضرر المحتمل ، وإن قلت بعدم الجواز فلايفرّق بين الحي والميت حتى الجنين ولو اُسقط، ولا يفيد رضا الوالدين.

أمّا بالنسبة للثاني، فبعدما كان هذا البيع منه له منفعة عقلائية، يجوز بيعه وهو يملك النقود. إلاّ أن يقال بانه لو لم يملك أجزاء بدنه فبيعه مشكل والنقود لا تنتقل اليه. أما لو قلنا بالجواز أي بحيث لايضر بصحته - كما إذا كان مقداراً من جلده أو لحمه وهو يلتئم بعدُ وكان برضاه - فيجوز ويكون المال ماله، لأنّ له الملكية عند العرف وله منفعة محلّلة، فيجوز أخذه وأخذ الثمن. والظاهر أنّ الجزء المرقّع يرجع الى بدن صاحبه يوم القيامة. قال السيد السبزواري(قدس سره): كلّ ترقيع من انسان لإنسان آخر ولو صار جزءً للانسان يرجع في يوم القيامة الى الانسان المرقّع منه لفرض أنّ الجزء اُخذ منه، وهو محشور في يوم القيامة بجميع اجزاء بدنه الذي كانت في دار الدنيا بتمام خلقته، وفي الحديث

ص: 18

الشريف عن نبينا الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم): «يحشر الناس يوم القيامة غروة حفاة عرلاً» (1).أما لو كان مشرفاً على الموت فهل يجوز اخراج الكلية أو قطع أعضائه وجعلها في بدن شخص آخر أم لا ؟

أمّا أصل العمل فغير جائز، لأنه لو كان يصدق عليه حي بعد يجرى على العامل القصاص. وهكذا لو اُصيب شخص في الحرب بعيار ناري في دماغه فليس له امكان الحياة حسب تشخيص الأطباء فلايجوز استخراج بعضه للإستفادة منه للمجروحين والمصدومين، فلو فعل به ذلك ومات يجب عليهم الدية. كما أنّه لا يجوز لمن هو مشرف على الموت وهو يعالج الموت بشدّة ومرارة أن تزرق له المواد المهلكة لكي يستريح، فلو فعل ذلك شخص يعدّ قاتلاً.

وعلى فرض عدم جواز هذا العمل وهو قطع العضو أو اخرج الكلية فلو فعل ذلك فهل يجوز بيعها وإعطاء النقود الى الورثة أم لا ؟

الظاهر ذلك. ولكن لا ينتقل الى الورثة، لأنّ ماورد في الحديث «أنّ ما يملكه الميت فهو للورثة» منحصر فيما يملكه من المال أو غير المال ممّا يملكه،

ص: 19


1- في النهاية لابن الاثير مادة عرل أو غرل وهو الأخلف أن يرجع القتر الذي كان قبل أن يختن، مهذب الأحكام : ج29، 340. ولكن يأتي الاشكال بالنسبة الى شبهة الآكل والمأكول فانه لو قلنا هناك في جواب هذه الشبهة أنّه تبقى الأجزاء الرئيسية ولاتتحلل في بدن الآكل، ولكن يأتي الاشكال بالنسبة الى هذا الجواب بأنّه لو كان كذلك كيف يكون جواب ماورد بأنّ الإنسان يعذّب بنفس الصورة التي كان عليها قبلاً، فتأمّل.

والميت لم يملك نفسه ولاجزءً من أجزاء بدنه إذاً بعدما قلنا بأنّ المعاملة تكون صحيحة لتوقف حياة الحي عليها فيتصدّق بإذن الحاكم الشرعي للميّت، لأنّه ورد في بعض الروايات عن اسحاق بن عمار عن الصادق(عليه السلام) «قلت: الميت الذي قطع رأسه ما حكمه ؟ قال: عليه الدية، قلت: ومن يأخذالدية ؟ فقال الإمام: هذا لله عزّوجلّ وإن قطعت يمينه أو شيء من جوارحه فعليه الأرش للإمام» (1).

إن قلت: إنّ الورثة إذا أجازوا وعملوا هذا العمل فهم مالكون لما يؤخذ بأزاء مايعطى من الكلية أو غيرها.

قلنا: هل للورثة حقّ الاجازة، وهل إجازتهم نافذة. وعلى فرض النفوذ هل هم مالكون فهو أول الكلام.

(مسألة 5): لو قتلت المرأة ومات الحمل معها، قد يقال الحكم هو الحكم الذي ثبت في المسألة السابقة، أي حسب القاعدة أن تشق بطنها ليعلم أنّه ذكر أو انثى، ولكن في الصحيح عن عليّ(عليه السلام) «الى أن يقول: فإن قتلت المرأة وهي حبلى ولم يسقط ولدها ولم يعلم أذكر أم اُنثى ولم يعلم أبعدها مات أم قبلها فديته نصف دية الذكر ونصف دية الاُنثى ودية المرأة

ص: 20


1- من لايحضره الفقيه : ج4، 118.

كاملة» (1). وهل الجنين الميت بحكم من مات من الاحياء في عدم جواز تقطيع جسده ؟ الظاهر هو ذلك، وكما أنّ قطع يده حيّاً لا يجوز كذلك لا يجوز قطعها ميتاً وهو كالحي.

(مسألة 6): هل يجوز شقّ بطن الميت لأجل غرض عقلائي ؟

الظاهر ذلك، كما لو قتل برصاصة أحد الشخصين، ولايمكن تشخيص القاتل إلاّ بشقّ البطن واخراج الرصاصة، لان معرفة القاتل وتشخيصه سبب لمطالبة أولياء الميت بالقصاص، مضافاً الى رعاية حقّ نفس الميت فهو أولى من شقّ بطنه.

ص: 21


1- وسائل الشيعة : باب 19 من أبواب دية الاعضاء، ح1.

التلقيح الاصطناعي

(مسألة 7): في هذه المسألة أقوال، منها: هل يجوز أخذ النطفة من الزوج وجعلها في رحم زوجته، أو تلقيح الزوجة بنطفة رجل أجنبي (1).

أمّا بالنسبة الى الزوجة إذا كان الملقّح هو الزوج فيجوز، أمّا إذا كان الملقّح هو الطبيب أو الطبيبة واستلزم النظر الى الفرج فلا يجوز، أمّا أصل التلقيح بماء الزوج فهو جائز. نعم لو كانت الحاجة الى الانجاب بمنزلة الضرورة، كان جائزاً مطلقاً.

يقول السيد الخميني(قدس سره): لا إشكال في أن تلقيح ماء الرجل بزوجته جائز وإن وجب الاقتران عن حصول مقدّمات محرمة، لكون الملقح - أي المعالج - أجنبيّاً، أو التلقيح مستلزماً للنظر الى ما لايجوز النظر اليه، فلو فرض أنّ النطفة خرجت بوجه محلّل، ولقّحها الزوج بزوجته فحصل منهما ولد، فالولد ولدهما كما لو تولّد بالجماع (2).

ص: 22


1- منهاج الصالحين : ج1، 427.
2- تحرير الوسيلة : ج2، 62.

أقول: ولو كان التلقيح بوجه محرّم، كأن يكون الملقّح هو الاجنبي مع ذلك الولد يكون لهما. لكن الكلام فيما يتعلّق بالتلقيح من اُمور محرمة.

يقول الشيخ محمود شلتوت أحد فقهاء الأزهر - بالنسبة لحكم الشريعة في التلقيح الصناعي الانساني: أنّه إذا كان بماء الرجل لزوجته، كان واقعاً في دائرة القانون والشرائع، التي تخضع لنظم المجتمعات الانسانية الفاضلة، كان عملاً مشروعاً لا إثم منه ولا حرج، وهو بعد هذا قد يكون في تلك الحالة سبيلاً للحصول على ولد شرعي يذكر به والداه، وبه تمتد حياتهما وتكمل سعادتهما النفسية والاجتماعية، فيطمئنان على دوام العشرة وبقاء العودة بينهما (1).

ونسب الى بعض فقهاء العامة - وهو الشيخ محمد شريف أحمد - عدم جواز التلقيح مطلقاً، وتبنّى الشيخ حرمة التلقيح الصناعي مطلقاً، ومنه تلقيح بويضة الزوجة بمنيّ أو نطفة الزوج، وعلل التحريم بالقول: ولكن أودّ فقط أن أثير ملاحظة، وهي انّ هذا الطفل المصطنع بالتلقيح الصناعي، أو طفل الأنابيب سيكبر حتماً ويصبح إنساناً سليماً يسمع الى القرآن الكريم، فماذا سيكون شعوره عندما يستمع الى القرآن الكريم: {فلينظر الإنسان ممن خلق * خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب} (2).

ص: 23


1- الانسان هذا الكائن العجيب : 2، 153.
2- الطارق : 50.

والآية الثانية: {ألم نخلقكم من ماء مهين * فجعلناه في قرار مكين}(1).

فهو يرى أنّ الماء يجب أن يكون دافقاً وينتهي في قرار مكين.

فمعنى كلامه أنّه لايوجد دفق ولا القرار المكين بالنسبة الى التلقيح الصناعي، فيكون هذا العمل مخالفة لسنة الله في خلقه.

وهذا منه عجيب لوفرض أن صاحب المنى يكون مريضاً ولم يكن له دفق فوقع منيّه في رحم زوجته لابدّ أن يقال بأنّه مخالف للسنة بل هذين الشرطين يكونان من باب الأغلبية، مضافاً الى أن هذين الشرطين يكونان موجودين فهو يخرج من الأب بشكل دافق ويستقر في رحم الزوجة وهو القرار المكين، قد يقال ان التلقيح الاصطناعي يؤدي الى اختلاط الانساب، ولكن يجاب عن هذا بأنّ هذا الإشكال مردود إذا كان في التلقيح الاصطناعي المشروع، أي بين نطفة الزوج وبويضة زوجته، وكذا اذا نقلت النطفة من رحم زوجته الاولى الى الثانية.

قد يقال بعدم جواز التلقيح مطلقاً، لأن التلقيح الصناعي تتخلله ممارسات غير مشروعة كاللمس والنظر وهما محرمان شرعاً ولكن الجواب أولاً، يمكن ان يكون مجري العملية هو الزوج أو الزوجة على نفسها ولو بارشاد من الطبيب، ثم لو قلنا بان الانجاب ضروري كما اذا فرض ان ترك الانجاب يسبب امراضاً نفسية أو عصبية، أو يولد المشاكل بينهما والتي قد تودى الىالفراق

ص: 24


1- المرسلات : 20، 21.

بينهما، فاذا فرض ان التلقيح ضرورياً، فيكون هذا التلقيح الصناعي المودي الى اللمس والنظر حاله حال الولادة القسرية التي تحتاج الى العملية الجراحية، والتي تودي الى النظر واللمس، فان كانت الثانية جائزة تكون الاولى مثلها.

أمّا التلقيح بماء الاجنبي فلا يجوز.

ويمكن الاستدلال بالآية الشريفة: {نساءكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم وقدّموا لأنفسكم واتقوا الله واعلمو أنّكم ملاقوه وبشّر المؤمنين} (1) ومعنى الآية أي أنهن حرث لبذوركم لا لبذور الغير، فإذا كان التلقيح بين الرجل والمرأة الأجنبية، فمعنى ذلك وضع بذره ونطفته في حرث الغير، وحصر تعالى الحرث بالزوجات فقط. إذن لايجوز اراقة ماء أو القاء النطفة في حرث الغير، بلا فرق بين أن يكون بالمباشرة الجنسية أو بالتلقيح.

ثم إنّ التلقيح الصناعي بالأجنبيّة يؤدّي الى اختلاط الانساب اذا وقع بين نطفة الأجنبي وبويضة الأجنبية المتزوّجة، ولذا نرى أنّ الله تبارك وتعالى حرّم الزنا بقوله: {ولاتقربوا الزنا إنّه كان فاحشة وساء سبيلاً} (2) وقوله: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتمتؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} (3). وقد علل الامام علي بن موسى الرضا× تحريم الزنا

ص: 25


1- البقرة : 223.
2- الاسراء : 32.
3- النور : 3.

قائلاً: «حرم الزنا لما فيه من الفساد من قتل النفس وذهاب الأنساب وترك التربية للأطفال وفساد المواريث وما اشبه ذلك من وجوه الفساد»(1).

وبما أن للشريعة المقدسة حرصت على سلامة الانساب، ومن مصاديق هذا الحفظ منعهم عن قذف المحصنات، ووضع العقوبة عليهم، وقد ورد عن الإمام الرضا(عليه السلام) تعليل ذلك حيث يقول: «حرّم الله عزّوجلّ قذف المحصنات ،لما فيه من فساد الانساب ونفي الولد وإبطال المواريث وترك التربية وذهاب المعارف، وما فيه المساوئ والعلل التي تؤدّي الى فساد الخلق» (2).

وعن محمد بن سنان أن الامام الرضا × كتب اليه فيما كتب من جواب مسائله علّة تزويج الرجل أربع نسوة، فيكون الولد منسوباً اليه، والمرأة لو كان لها زوجان أو أكثر من ذلك لم يعرف الولد لمن هو، اذ هم المشتركون في نكاحها، وفي ذلك فساد الأنساب والمواريث والمعارف (3).

ولذا نرى أن الإمام علي(عليه السلام) يرى من أشد الحرمة خلط الأنساب قال×: «ألا أخبركم بكبر الزنا ؟ قالوا: بلى، قال: هي امرأة توطئفراش زوجها فتأتي بولد من غيره فيلزمه زوجها، فتلك التي لايكلّمها الله، ولاينظر اليها يوم القيامة، ولايزكّيها، ولها عذاب أليم (4).

ص: 26


1- علل الشرايع : 479.
2- علل الشرائع : 48.
3- علل الشرايع : 504.
4- الكافي : ج5، 543.

وقد وردت أحاديث عن غير طرقنا أيضاً تحرم التلاعب بالأنساب «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّما امرأة أدخلت على قوم ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله الجنة، وإنما جحد ولده وهو ينظر اليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأوّلين والآخرين (1).

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من ادّعى الى غير ابنه أو تولّى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة أجمعين (2). وغيرها من الروايات من طرقنا وطرقهم.

ففي حديث علي بن سالم عن الصادق(عليه السلام) قال: «اشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل أقر نطفته في رحم يحرم عليه» (3).

وفي حديث الفقيه المرسل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لم يعمل ابن آدم عملاً أعظم عند الله تعالى من رجل قتل نبياً أو أماماً أو هدم الكعبة التي جعلها الله قبلة لعباده أو افرغ مائه في امرأة حراماً» (4).وما يقال بان هذه الرواية تدل على عدم جواز افراغ المني في المرأة مطلقا قبلاً كان أو غيره هو الصحيح.

وفي رواية الدعائم «أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة من أقرّ نطفته في رحم محرّم عليه» (5).

ص: 27


1- سنن الدارمي : ج3، 137.
2- سنن ابن ماجة : ج2، 916.
3- الكافي : ج5، 541.
4- مستدرك الوسائل : باب 4، ح4 من أبواب النكاح المحرم وما نياسبه.
5- مستدرك الوسائل : باب 4، ح1 من أبواب النكاح المحرم وما يناسبه.

وعن الجعفريات عن علي(عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما من ذنب اعظم عند الله تبارك وتعالى بعد الشرك من نطفة حرام وضعها في رحم لاتحل له» (1).

إلاّ أن يقال بأنّ المراد هو الزنى بها، ويدل عليه كلمة الافراغ وشبيهاتها من الاقرار والوضع.

لكن مع ذلك كلّه أنّ هذه الروايات ولو ذكرت في جامع احاديث الشيعة ج(6) ولكن لا نحتاج اليها لضعف اسنادها، ويكفي في ذلك سيرة المتشرّعة واستنكارهم هذا العمل وعليه استاذنا الأعظم (قدس سره).

ويمكن استفادة عدم الجواز من الآية الشريفة: {فمن ابتغى وراء ذلك فاُولئك هم العادون} (2) أي من ابتغى أكثر مما بينه الشارع المقدّس فهو المتجاوز عمّا حدّدت له الشريعة المقدسة.وقوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون} (3) وهذه مطلقة تشمل حتى حفظ رحمها ولو من ماء غير الزوج.

وأيضاً يدل على عدم الجواز مذاق الشارع، حيث اهتم في أكثر من مورد بالدماء والفروج، بل يمكن استفادة ذلك من مذاق سيرة المتشرعة الى زمان المعصوم(عليه السلام)،بحيث لو سئل منهم جميعاً يظهرون الانكار والانزجار عن هذا العمل.

ص: 28


1- مستدرك الوسائل : الباب 4، ح1 من ابواب النكاح المحرم وما يناسبه.
2- المؤمنون : 7.
3- المؤمنون : 5.

أما حكم الولد إذا لقّحت المرأة وكان الملّقح أجنبياً، فبعدما لقّح لم يحسب هذا العمل زنا، لان ولد الزنا ولو كان ولد لغةً، ولكن ليس بولد شرعاً، لذا لاينسب الى الزاني، لان النسب يثبت شرعاً بالنكاح الصحيح دون الزنا، وكذا يثبت بالشبهة ولكن التحريم يثبت لانه ولده لغة، فلو ولد له ولد من الزنا وكانت بنتاً حرم عليه تزويجها، يقول صاحب الجواهر: لايثبت النسب مع الزنا، فلو زنى فاختلق من مائه ولد على الجزم لم ينسب اليه شرعاً ويحرم، لانّه مخلوق من مائه...يسمّى ولداً لغة (1).

وبما أنّ الولد ليس بولد زنا ولم ينفى شرعاً فهو ولد حقيقة، ويترتب عليه كلّما ترتب على الولد الشرعي ويؤيد ذلك ما ورد عن محمّد بن مسلم قال: «سمعت أبا جعفر وأبا عبدالله يقولان: بينا الحسن بن علي في مجلس أمير المؤمنين(عليه السلام) إذ أقبل قوم فقالوا: يا أبا محمّد اردنا أمير المؤمنين(عليه السلام)، قال: ما حاجتكم ؟ قالوا: أردنا أن نسأله عن مسألة، قال: ما هيتخبرونا بها، فقالوا: امرأة جامعها زوجها فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت على جارية بكر فساحقتها فألقت النطفة فيها فحملت فما تقول في هذا ؟ قال الحسن(عليه السلام): فيعمد الى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أوّل وهلة لان الولد لايخرج منها حتى تشق فتذهب عذرتها ثم ترجم المرأة لأنّها محصنة، ثم ينظر بالجارية حتى تضع ما في بطنها ويردّ الولد الى أبيه صاحب النطفة، ثم تجلد الجارية الحد فانصرف القوم من عند الحسن فلقوا أمير المؤمنين

ص: 29


1- الجواهر :ج 39، 256 - 257.

فقال: ما قلتم لأبي محمّد وما قال لكم فاخبروه فقال:لو أنني المسؤول ما كان عندي فيها اكثر مما قال ابني (1). فهو ملحق بصاحب الماء إذا علم بأن الولد تولد من نطفته، والاّ يلحق بالزوجة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الولد للفراش وللعاهر الحجر» ولكن مع ذلك لو قلنا بأنّ الولد ينسب الى الزوج فلا يجوز لصاحب الماء تزويجه وكذا العكس، أي لو قلنا بان الولد لصاحب الماء لايجوز للزوج تزويجها لاهتمام الشارع بالنسبة الى الدماء والفروج، وتثبت حينئذ جميع الأحكام من الاُبوّة والبنّوة بينه وبين صاحب الماء ويرث كلّ واحد منها الآخر كما عليه اُستاذنا الأعظم أيضاً (2). وأما المرأة تكون اُماً للولد فترثه ويرثها، ويثبت بينهما جميع أحكام النسب. يقول استاذنا الأعظم (قدس سره)أيضاً: ومن هذا القبيل ما لو ألقت المرأة نطفة زوجها في فرج امرأة اُخرى بالمساحقة ونحوها، فحملت تلك المرأة ثم ولدت، فإنّه يلحق بصاحب النطفة كما أنّ المرأة إذا جلست في ساحة الحمام العمومي الذيتغتسل النساء فيه وحملت نطفة الغير فالولد ينسب الى الام وليست بزنا، أمّا بالنسبة الى الأب حيث لم يكن معلوماً كان بحكم من ليس له أباً، كما لو وضعت نطفة الرجل في رحم اصطناعي وأصبحت ولداً يلحق بصاحب النطفة، وتثبت بينهما جميع أحكام الابوة والبنوة وهو ولد، له أب دون الاُم لانّه ليس

ص: 30


1- الكافي : ج7، 203.
2- منهاج الصالحين : ج1، 427.

هناك اُم ولدته. واما الاستدلال بالآية: {إلاّ الآئي ولدنهم} (1) فيمكن حملها على الأغلبية لا على الانحصار.

ولذا إذا كان الولد متولّداً من ماء الرجل وبويضة المرأة ولو صار في رحم اصطناعي فالولد منسوباً لهما ويرثانه ويرثهما.

فرع: لو فرض أنّ منيّ الزوج كان محفوظاً في مكان كالثلاجة فهل يجوز للزوجة بعد وفاة زوجها أن تلقح نفسها به أو لا ؟ البحث هنا يقع في اُمور:

الأوّل: الحكم التكليفي، أعني جواز ذلك للزوجة أم لا ؟

لايخفى بانه غير جائز، لان الزوجية تكون قائمة بحياتهما، وأنّها ليست بالفعل زوجة بل كانت زوجة، وبعد ما مر لا يجوز تلقيح الزوجة بماء الاجنبي بلا فرق بين أن يكون هو الزوج أو الأجنبي، والزوج بعد الموت يصبح أجنبياً، وهذا ماء من كان زوجاً لها، وبالفعل ليس هو بزوج خصوصاً بعد ذهاب العدة، وبعد موته حاله حال الأجنبي.

اللهمّ إلاّ أن يقال بأن الزوجية تكون باقية كما هو الظاهر من الروايات.فعن عبدالله بن سنان قال: «سألت أبا عبدالله عن الرجل أيصلح له أن ينظر الى امرأته حين تموت أو يغسلها إن لم يكن عندها من يغسلها ؟ وعن المرأة هل تنظر الى مثل ذلك من زوجها حين يموت ؟ قال: لابأس انما يفعل ذلك بغسل المرأة كراهة أن ينظر زوجها الى شيء تكون عنه منها» (2).

ص: 31


1- المجادلة : 2.
2- الكافي : ج3، 157.

فيظهر من الرواية أنّ الزوجية باقية بعد الموت . يقول السيد السبزواري(قدس سره): فيجوز لهما تغسيل الآخر للاجماع على عدم انقطاع عصمة الزوجية بالموت بالمرّة وبقائها في الجملة، إلاّ ما دل الدليل على زوالها بالنسبة اليه (1).

اذن لا يمكن القياس بتلقيح المرأة بمنيّ زوجها إذا كان قد أخذ منه حال تزويجها. إن قلت: إذا مات الزوج فهو أجنبي وكذا إذا ماتت الزوجة فالزوج أجنبي لها فكيف يجوز غسل كلّ واحد فنها للآخر ؟! قلنا: جواز ذلك خرج بالدليل، ولذا يقول البعض: أنّه لايجوز لها النظر الى عورته، ولابد أن يغسل من وراء الثياب. وأمّا استصحاب بقاء الزوجية لا يجيء لعدم بقاء الموضوع، كما أنّه لايجوز مضاجعتها بعد موتها، وأنه يجوز أن يتزوج اُختها أو الخامسة بعد موتها. لكن قد عرفت بقاء الزوجية، وان عدم جواز المضاجعة أو التزويج من الاُخت أو الخامسة يكون بالدليل.هذا إذا كان التلقيح قبل انقضاء العدّة. وأما بعدها فحكمها حكم الأجنبية، كما أنّه لا يجوز التلقيح بمني زوجها إذا كان قد اخذ منه قبل تزويجها به.

لايخفى بانه لا يجوز تلقيح بويضة امرأة ميتة محفوظة في اُنبوبة، من مني الرجل الميت الاجنبي ووضعهما في رحم امرأة ثانية أجنبية حتى لم يستلزم النظر واللمس ويكون الولد منسوب الى الرجل والمرأة التي ولدته، وكذا صاحبة

ص: 32


1- مهذب الأحكام : ج3، 422.

البويضة، أما بالنسبة لصاحبة الرحم لأنها أولدته أيضاً. قال تعالى {ان امهاتهم إلاّ اللاتي ولدنهم}(1) اي أن امهاتهم إلاّ الوالدات أوالنساء اللاتي ولدنهم وقوله تعالى: {والله أخرجكم من بطون امهاتكم لاتعلمون شيئاً}. إذن ينسب الى صاحبة الرحم أيضاً لانه خرج من بطنها لقوله تعالى: {يخلقكم في بطون امهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث} ظلمة البطن وظلمة الرحم ظلمة المشيمه (2) وغيرها من الآيات اما نسبته الى صاحبة البويضة، لانها هي الام الحقيقية ولانها هي تحمل جميع خصائص الام، كما لو ان الولد يكون من ماء الرجل وبويضة المرأة في انبوب ورحم صناعي ينسب اليهما، اذن لايمكن ترجيح أحد الرأيين على الآخر، حيث الرأي الاول دل عليه ظاهر الآيات والثاني تكون في الواقع من البويضة.الثاني: حول النسب، لو فرض أنّها لقحت نفسها بهذا أي بماء من كان زوجاً لها وعصت فهل يكون المولود ابناً لها وله أو للزوج فقط ؟

لاشبهة في أنّه ابن لها وله، لانه ولد من مائه ولان الولد ليس بولد زنا، ويرثانه ويرثهما حتى لو كانت عالمة بذلك.

الثالث: لو تولّد الولد بعد قسمة التركة فما هو الحكم ؟

قد عرفت في محلّه من الادلّة بأنّ التركة تكون للأولاد أجمع، وهذا ولد، ولا قصور لشمولها لمثله. إذن يرث مما تركه أبوه ويدخل في ضمن الوراث، سواء

ص: 33


1- المجادلة: 5.
2- الميزان : ج17، 238.

قسّمت التركة أم لا، فلو فرض أنّ المال قد قسم وتصّرف أحد الوراث به فالمتصرف يكون ضامناً فيما زاد عن سهمه. وفي الحقيقة حال المقام حال ما لو كانت المرأة حامل وتركوا للحمل سهمان للذكور، وبعد ذلك ولدت ثلاث أولاد ذكور فالثالث يدخل في الارث، ولابد للقسمة من جديد.

لو اختلط مني شخصين ووضعا مع مني امرأة في رحم صناعي أو وضعا في رحم امرأة اُخرى فلمن يكون هذا الولد ؟ أمّا بالنسبة الى الرحم الصناعي فالولد لا اُمّ له وأمّا بالنسبة الى رحم المرأة فالمرأة تكون اُمّا له، وفي تعيين من يكون أباً له فالظاهر أنّه يعيّن بالقرعة. وهناك فروع:

الفرع الأوّل: إذا توقّف إخراج المني في التلقيح الصناعي بين مني الزوج وبويضة زوجته على الاستمناء فما حكم الاستمناء، سواء كان بيد الزوج نفسه أو الطبيب أو الزوجة ؟

الاستمناء حرام على الإطلاق، بلا فرق بين الزوج بنفسه أو الطبيب أو الزوجة.الفرع الثاني: التلقيح مطلقاً حرام إذا كان بماء الأجنبي، وأولى بالحرمة إذا كانت النطفة من أخيها، ولو لقّحوا والحال هذه فالولد يكون بحكم الشبهة، والاب - اي صاحب الماء - يكون أباً وخالاً.

الفرع الثالث: هل يصحّ الاعتماد على قول مساحقة الزوجة للبكر في نسبة الولد لصاحب الماء ؟

الظاهر لا، لان هذا العمل بعدما كان محرماً فهي فاسقة، فلا يعتد بقولها.

ص: 34

الفرع الرابع: يقول الاطباء إذا كانت الزوجة من رحم الزوج يكون الزواج منهما منشأ لبعض الأخطار، فهل هذا الزواج يكون مكروهاً ؟

الظاهر عدم الكراهة لعدم الدليل على ذلك.

(مسألة 8): هل يجوز تزريق دم المسلم للكافر ودم المرأة للرجل وكذا العكس فيهما؟

الظاهر الجواز في جميع هذه الصور، لعدم الدليل على المنع، والكلام هنا يقع تارة في الحكم التكليفي، واخرى في الوضعي.

أمّا بالنسبة للتكليفي: فإنه لامانع منه كما قلنا، لا كما قال البعض، وذلك لضرورته في يومنا هذا، اذ لولا الجواز لتعذر انقاذ حياة العديد من المصدومين والمرضى، لانه مجرد استحسان، وهذا العمل جوازه غير مختص بعصر دون عصر بل هو جائز لأنه لا دليل على المنع.وأما بالنسبة الى الحكم الوضعي فمتى ماوجد في الشيء النجس المنفعة المحللة العقلائية يجوز بيعه. وأما ما ورد من المنع في قوله تعالى: {إنّما حرمت عليكم الميتة والدم} (1) فالمراد بها الأكل والشرب كما يشير الى ذلك ماورد في بعض الروايات، كحسنة سهل بن زياد عن أبي عبدالله× حيث يسأل الامام لماذا حرم الله الميتة والدم ولحم الخنزير حتى يصل الى الدم فيقول الامام في الجواب: «فإنه يورث أكله الماء الاصفر، ويبخر الفم وينشق الريح ويشوّه الخلق

ص: 35


1- المائدة : 3.

ويورث الغضب وقلّت الرأفة والرحمة، حتى لايؤمَن أن يقتل ولده ووالديه، ولايؤمن على جليسه ولايؤمن على من يصحبه في الطريق» (1) وهكذا بقية الروايات في هذا الباب، بل حال هذا حال بيع السماد فانه ورد في الحديث «ثمن العذرة سحت» (2) وفي حديث آخر «لابأس ببيع العذرة» (3)

حتى جمع بينهما بعض بأنه لا بأس ببيع العذرة في إصفهان وبيع العذرة سحت في غير اصفهان. لكن الظاهر لا خصوصية لاصفهان وغيرها، بل متى ماوجدت فيها منفعة محلّلة معتد بها جاز بيعها، كما في اصفهان. فهنا بالنسبة الى الدم كما ذكرنا فيه منفعة محلّلة عقلائية. إذن يجوز بيعه وأخذ الثمن بازائه للانتفاع به غير الشرب، ومن جملة الانتفاع التزريق للمريض.(مسألة 9): يجوز زرع شعر المرأة في رأس الرجل الذي لم ينبت الشعر في رأسه أو سقط شعره لمرض أو غيره واراد زرع الشعر ثانية.

(مسألة 10): تحديد النسل: الكلام فيه يقع في اُمور. الأوّل جوازه والثاني على فرض الجواز هل يجوز التحديد المؤقت أو يجوز ولو كان دائماً ؟

ص: 36


1- وسائل الشيعة : باب 1 من أبواب الاطعمة والاشربة، ح1.
2- وسائل الشيعة : باب 40 من أبواب ما يكتسب به، ح1.
3- وسائل الشيعة : باب 40 من أبواب ما يكتسب به، ح3.

لا إشكال في ترغيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بتكثير النسل، كما في صحيح محمّد بن مسلم «أن أبا عبدالله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تزوجوا فإني مكاثر بكم الاُمم غداً في يوم القيامة حتى أن السقط يجيء محبنطأ على باب الجنة فيقال له: ادخل الجنة فيقول: لا ادخل حتى يدخل أبواي الجنة قبلي» (1) وفي الخصال باسناده عن علي(عليه السلام) في حديث الأربعمائة قال: «تزوجوا فإن التزويج سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّه كان يقول: من كان يحب أن يتبع سنتي فإنّ من السنّة التزويج فاطلب الولد فاني مكثر بكم الاُمم غداً» (2) ولكن غير مخفي عليك أن هذه الروايات والآية الشريفة لاتدل على أكثر من الاستحباب ومجرد الترغيب. إذن لا دليل على عدم جواز تحديد النسل.

وأما ما قيل من الأمور الاستحسانية، بان التكثير انما كان في زمان يحتاج الى مزيد من القدرة والشوكة، فالموضوع في الحقيقة لكثرة النفوس الموجبة لذلكوقد تكون الكثرة سبباً لمزيد الضعف والتأخر والذلّة والحقارة، والكثرة قد تسبب لموت الكثير منهم من جهة الجوع وقلّة المسكن وفيه أنّه مجرد استحسان. لأنّه من أين عرف العلّة مع أنّه ورد في بعض الروايات «وانا مكاثر بكم الامم يوم القيامة ولو بالسقط وان السقط يأتي يوم القيامة.... الخ» إذن العمدة في الجواز عدم دليل على المنع.

ص: 37


1- وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب مقدمات النكاح، ح2.
2- وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب مقدمات النكاح، ح6.

نعم قد توجب الزيادة المشقة وعدم الراحة، كما نسب الى أمير المؤمنين(عليه السلام): «قلت العيال أحد اليسارين» نعم قد يجب المنع من الحمل إذا اصبح الحمل مضراً كما إذا لم يتمكن أن يوضع الحمل بطريق عادي. ولو كان احتمال وضع الحمل بالعملية الجراحية ممكناً.

أمّا تحديد النسل على الاطلاق فالاحوط تركه لان العقم غير جائز، فلو اُكره الطبيب على اجراء عملية العقم فلايحرم عليه كما أنّه لا يجوز اجراء عملية العقم المؤقت من قبل الطبيب إلاّ بأخذ الاذن من المرأة والرجل، وهذا انما يجوز إذا لم يتسبب ضرراً بالنسبة اليها والاّ فلا يجوز، كما لايجوز منع الحمل إذا كان سبباً للاجهاض، أي يسقط الطفل من هذا المنع، كما قد يكون منع الحمل واجباً فيما إذا علم الطبيب بان الحمل يكون خطراً على حياتها، ويجوز إذا علم الطبيب بأنّ الولد سوف يتولد مشوهّاً أو مجنوناً. ولكن مع ذلك لايجوز الاسقاط بعدما أصبحت المرأة حاملاً حتى ولد الطفل يصبح مجنوناً أو مشوهاً، كما لا يجوز المنع إذا كانت المرأة في بلدة كافرة فان حكمنا بالمنع من كثرة الانجاب بالنسبة للنساء، فيصبح المسلمون قليلون وتكون الاكثرية للكفار وهذا يسبب ضرراً على المسلمين.(مسألة 11): لايجوز للمرأة بلع الأقراص التي تسبب منع الحمل ولو مؤقتاً بدون إذن زوجها.

ص: 38

(مسألة 12): هل يجوز اسقاط الجنين فيما إذا كان بقاؤه يسبب خطراً على سلامة الاُم أو على سلامتهما ؟

لايخفى أن الاسقاط تارة يكون قبل ولوج الروح، واُخرى بعدها. ففي الصورة الثانية هل جواز الاسقاط يسبب خطراً على كليهما أو على الام فقط ؟ وأمّا إذا كان قبل ولوج الروح ويسبّب خطراً ولو على الاُمّ فقط فيجوز الاسقاط لحفظ بقاء نفس الاُم. وأمّا إذا كان بعد ولوج الروح فلايجوز الاسقاط ولو كان بقاؤه يسبب خطراً على الام دون الولد لانه هناك نفسان لابدّ من حفظهما.

ويمكن استفادة عدم جواز الاسقاط من الأحاديث الواردة بان الحبلى المحكومة بالقتل يؤجل قتلها حتى تضع ما في بطنها وترضع ولدها، كمعتبرة عمار قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن محصنة زنت وهي حبلى، قال: تؤخر حتى تضع ما في بطنها وترضع ولدها ثم ترجم» (1) ولا ميزة لاحدهما على الآخر. نعم في صورة ما إذا كان بقاؤه يسبب خطراً على كليهما وبالاسقاط تبقى الام، فلابد من الاسقاط لوجوب حفظها. وفي صورة عدمجواز الاسقاط تكون الدية على من أسقط، وما قيل بأنه يجوز للام قتل الولد دفاعاً عن نفسها، ففيه أنّه لايصدق الدفاع هنا لأنّ الدفاع انما يتصور فيما إذا كان هناك هجوم أحد عليها واراد قتلها، بلا فرق بين أن يكون انساناً أو حيواناً. قد يقال بانه يجب عليها حفظ نفسها. وفيه انّ حفظ النفس واجب

ص: 39


1- وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب حد الزنا، ح4.

في حد ذاته، لا فيما إذا قتلت نفساً اخرى محترمة. إذن لا ينطبق الدفاع على قتل طفل بريء.

لا يخفى بأنّ إسقاط الجنين موجب للدية، فلو أن الطبيب بالعملية الجراحية أو الإبرة اسقط الجنين، فهو ضامن ولو فعلت الام ولو بتناول الاقراص فهي ضامنة أيضاً. أما أصل الأسقاط من دون علة غير جائز سواء كان قبل ولوج الروح أو بعدها بل من أسقط فعليه الدية.

(مسألة 13): لو قطع عضو من اعضاء البدن بحادث معيّن ولم يكن بالإمكان اعادته الى ذلك البدن المقطوع منه، بل كان بالامكان زرعه في بدن الغير لملائمته له، فهل يحتاج ذلك الى اجازة صاحب العضو ؟ وهل له أخذ المال عليه أم لا ؟

نعم يحتاج الى اجازته، وذلك لحق الاختصاص. أمّا بالنسبة الى المال فلا يجوز لعدم تملك الشخص نفسه. نعم يجوز ذلك إذا قلنا بأنّ له منفعة محلّلة أو من باب حق الاختصاص.(مسألة 14): لو شخّص الطبيب - وكان ثقةً - بأن الجنين لو يبقى في بطن اُمه لمات أمّا لو وضع في الآلة المعدة له لحُفِظَ الطفل، فيجب اخراجه وحفظه في تلك الآلة خصوصاً إذا كان بعد ولوج الروح.

ص: 40

(مسألة 15): هل يجوز تجميد من اُصيب بامراض صعبة العلاج أو غير قابلة للعلاج لكي يكتشف له العلاج في المستقبل ؟ فما حكم أمواله وزوجته مع أنّه ليس بحي ظاهراً ولا يميت واقعاً ؟

والكلام يقع أولاً في امكان ذلك: ففي جريدة حصار عادل في حدود (1350) نقلت نبأً تحت عنوان (لا حيّ ولا ميّت) بأنّ في احد مستشفيات بريطانيا في شعبة الامراض الغير قابلة للعلاج كان شخص من جنود الانجليز اخرجوه من تحت البنيان في الخربة وكان في حال الاغماء وابقوه على تلك الحالة ثلاثة عشر سنة لا حي ولا ميت (1).

ثانياً: الظاهر إذا كان هناك احتمال عقلائي في حصول العلاج ورضي المريض بذلك فهو جائز.

ثالثاً: أمّا حكم الزوجة والأموال فهي على حباله والمال ملكه ما لم يصدق عليه أنّه ميّت وحكم هذا الشخص حكم من ابتلى بالسكتة القلبية أو اغمي عليه ففي هذه الحالة الزوجة زوجته والمال ماله ولا تخرج الزوجة عن الزوجية ولا المال عن الملكية، إلاّ إذا صدق عليه الموت حقيقة، ولذا لو قتل والحال هذه يقتصّ من القاتل.هذا إذا لم نقل بأنه انسان جديد، بل هو شخص سابق. أمّا إذا قلنا بانه انسان جديد، فلايمكنه الرجوع الى زوجته والمال ينتقل الى الورثة. فهل يجب عليه قضاء الصلاة والصوم ؟ الظاهر ذلك، واذا شككنا في ذلك فاستصحاب

ص: 41


1- الكلام يجر الكلام : 65.

نفس الشخصيّة الاولى جار. والمراد من الانسان الجديد، هو حصول الموت ورجوع الحياة ثانياً.

(مسألة 16): في جواز الوصيّة بأن يوصي وهو حيّ بقطع بعض أعضائه بعد الوفاة لكي تزرع في بدن آخر فهل هذه الوصية نافذة أم لا ؟ وهل هذا العمل محرم أم لا ؟ وهل يوجب الدية أم لا ؟

لا يخفى بأن الوصية غير نافذة، لانّ الانسان كما لا يملك نفسه لا يملك اعضائه. إذن ما ذكره السيدان الحكيم والاستاذ الأعظم قدس الله سرهما بأنه يجوز مع الوصية غير تام، فالوصية إذن غير نافذة لأنها أنما تكون نافذة إذا كانت في تمليك عين أو منفعة بعد الوفاة، وبعدما كان القطع لجزء من اجزاء الميت وهو حرام ويتبعه في الحرمة المنفعة. وفي شرائع الاسلام الحرّ لا يضمن بالغصب (1). وفي الجواهر لا عينا ولا منفعة، بلا خلاف متحقق اجده فيه فانه لايصير ملكاً لأحد (2).

اما ما ذكر بان حرمة قطع العضو من الميت مختصة بما إذا لم يكن لهذا القطع منفعة ففي تلك الصورة لايجوز وفيما إذا كان القطع هتكاً للميت.وفيه أن القطع مطلقاً لايجوز، حتى ولو اجاز الميت وأوصى به، لانه مثلة ولما ورد بأن أجزاء الميت لابدّ من دفنها معه، فاما قطع عضو الميت والهتك به

ص: 42


1- شرائع الاسلام : كتاب الغصب، 236، ج3.
2- جواهر الكلام : كتاب الغصب، 36، ج37

إذا كان فيه مصلحة للغير فلايكون ذلك سبباً لجواز القطع. نعم يجوز في صورة ما ذكرنا - اي فيما إذا كان فيه منفعة للميت - لتشخيص قاتله، وكما إذا كانت حياة الحي متوقفة عليه فإن قلنا بعدم الجواز والعمل فيه معصية، فلابد من اعطاء الدية ولذا قد افتى استاذنا الأعظم بجواز اخذ عضو من الميت لزرعه في الحي إذا اقتضت ضرورة الحياة لذلك (1).

فلايمكن أن يتصرّف في نفسه أو اعضائه تصرّف الملاّك في ملكهم، ولا يتمكن من نقله في البيع والشراء لعدم مالكيته لها، وفي الرياض بعد قول المصنف «الحر لايضمن ولو كان صغيراً» (2) قال: للأصل وعدم صدق الغصب عليه عرفاً لأنّ متعلّقه فيه ما إذا كان مالاً كما مضى وهو ليس بمال مطلقاً. والتسليط فهو أن يسلط غيره على تصرف شيء من ماله بعد الوفاة كما إذا أوصى لشخص أن يخرج من ماله كذا مقدار للحج أو الصلاة فهو جائز. إذن التسليط لايشمل مورد البحث.

ومما ذكرنا ظهر أنّ ما ذكره الاستاذ الأعظم(قدس سره) من أنّه يجوز الوصية في حال الحياة بقطع اعضائه بعد الوفاة واعطائه لشخص آخر لزرعه في بدنه ولادية على القاطع (3) كما مر لايساعد عليه الدليل لأن الانسان إذا لميكن مالكا لاعضائه فوصيته غير نافذة ولايجوز له اخذ المال عوض قطع الجزء

ص: 43


1- منية السائل : 221 - 222.
2- رياض المسائل : كتاب الغصب.
3- منية السائل: 223.

ولايملكه بل يدخل قطع الجزء في المثلة وهو حرام، ولابد للقاطع من إعطائه الدية.

وأيضاً أن الانسان لو قلنا بانه ليس له السلطنة على بدنه في حال الحياة فكيف يجوز له الوصية بعد الممات ؟ وإذا قلنا: لايجوز القطع ولو مع الوصية فتجب الدية على من قطعه.

خلاصة البحث: بعدما قلنا بانه ليس له السلطة على بدنه، فلايجوز القطع خصوصاً إذا كان سببه الموت أو المرض، ولاتجري البراءة بعدما لم يكن يعدّ مالاً واصالة عدم الانتقال من المشتري تقتضي حرمة التصرف، ولايمكن التمسك بآية: {احل الله البيع} (1) ولافي آية {إلاّ أن تكون تجارة عن تراض} (2) لأنه يشترط في المبيع الملكية.

ثم أن الانسان الحرّ لايصدق عليه مال ولذا لو حبس الحر فلايضمن، وكذا بالنسبة الى اعضائه. إذن لايجوز بيعه ولاهبته. ولايمكن الاستدلال على الملكية بوضع الدية التي هي ليست بعنوان الملكية بل غرامة على الجاني، ولذا قال شيخنا الانصاري(قدس سره) في كلامه حول كلب الماشية في مكاسبه المحرمة: فإنّ الدية لو لم تدل على عدم التملك لكان الواجب القيمة كائنة ما كانت، ولم تدل على التملك لاحتمال كون الدية من باب تعيين غرامة معينة لتفويت شيئاً ينتفع به لا لاتلاف مال كما في اتلاف الحر.

ص: 44


1- التوبة : 275.
2- النساء : 29.

كما إذا قلنا بعدم جواز القطع فلايفرق بين اجازة ولي الميت وعدمه. ولايخفى بان المبان من الميت ان قلنا بوجوب غسله فلابد أن يغسل مع الميت أولاً، نعم إذا كان تأخير قطعه الى ما بعد الغسل مفسداً للزرع، وبما أنّ هذا القطع كان لاجل توقف حياة الغير عليه، فلا اشكال في وجوب قطعه فوراً وقبل الغسل.

اما التشريح بالنسبة الى غير المسلم لاجل تعلم الطب جائز وكذا بالنسبة الى من شك في اسلامه أمّا بالنسبة للمسلمين فلا. واذا شرّح المسلم قبل غسله وجب على الشارح غسل مسّ الميت ولو كان لاجل تعلّم الطب أو تعليمه.

نعم لو لبس كفاً فلايصدق حينئذ المس ولايجب عليه غسل مس الميت.

قلنا: لا يجوز للحي أن يجيز بقطع بعض اعضائه خصوصاً الرئيسية فيها لأنه ليس مسلطاً على ذلك وانه اضرار بالبدن، وهو حرام بل ليس له ذلك وإن علم أنّه يموت بعد قليل.

(مسألة 17): هل يعد البخاخ - وهو جهاز يساعد المصابين بمرض حساسية الصدر (على التنفس المريح) ويرسل هذا الجهاز بعد ضغطه في الفم ما يشابه الغاز المضغوط - من الاُمور المبطلة للصوم أم لا ؟

إن قلنا بان هذا البخاخ له مادة فحينما يدخل في الحلق يوجب ابطال الصوم إلاّ إذا شخّص بأنه مجرد هواء وليس فيه أي مادة فعندها الأحوط تركه في نهار شهر رمضان وإذا لم يتمكن من تركه طول السنة فيصوم ويستعمل هذا البخاخ بمقدار الحاجة ولايمكن ادخاله في عنوان الغبار الغليظ، ولا يصدق عليه الأكل والشرب لان في نظر العرف ليس هو إلاّ الهواء ولو بالدقّة ليسهواء

ص: 45

محظ بل معه مادة واذا قلنا عرفاً أنّه ليس إلاّ الهواء فإنه غير مبطل أصلاً والاحتياط في محله.

(مسألة 18): لو ابتلى شخص بمرض ولكن مع ذلك لم يراجع الطبيب لأجل المداواة، ومات فقد فعل محرماً لأن حفظ النفس واجب، حتى ولو أنه من خلال هذا العلاج يبقى طيلة حياته مبتلي بوجع شديد مع ذلك المحافظة على النفس تكون واجبة.

(مسألة 19): في مداواة الرجل للمرأة، تارة يكون المداوي رجلاً اجنبياً واخرى يكون زوجها والثالثة يكون مماثل لها، أي مماثل الرجل للرجل وكذا للمرأة، وقد يكون غير المماثل بالنسبة الى الرجل كما إذا كانت الطبيبة تداوي الرجل ففي هذه الحالة تارة يستوجب النظر الى ما يحرم عليها واُخرى لا، واذا كانت تداوي المماثل فتارة لابدّ من النظر الى العورة واخرى الى بقية الجسم ما عدا الوجه والكفين، واُخرى الى الوجه والكفّين.

لايخفى بأن الكلام والبحث يكون فيما إذا استوجب المداواة النظر المحرم أمّا إذا لم يستوجب ذلك فلا اشكال ولا كلام في جواز المداوات، كما إذا قلنا بجواز النظر الى الوجه والكفين للمرأة وارادة مداواة هذه الموارد. ومحل البحث هو مداواة الرجل للمرأة وبالعكس فيما إذا كان العمل قبل المداوات محرماً كما إذا استوجب نظر الرجل الى بدن المرأة ولمسه فضلاً عن عورتها وكذا نظر المرأة في المعالجة الى ما كان يحرم عليها قبل المعالجة من جسده أو عورته. فإذااُصبح

ص: 46

الطبيب أو الطبيبة مجبوراً إلى النظر أو اللمس فيما يحرم عليهما ولايمكن المداوات بدون ذلك فهل ترتفع الحرمة ويكون حاله حال العناوين الثانويّة الطارئة أم لا فيبقى حرمة النظر على حاله ؟ وعلى فرض جواز النظر فلايجوز النظر الى اكثر مما هو مورد الاحتياج، كما لايجوز للمريض كشف اكثر من مورد الاحتياج، والكلام هنا يقع تارةً بالنسبة الى المعالج وأخرى بالنسبة الى المريض فاذا كان الرجل هو المريض والمباشر هو الرجل فيجوز كشف بدنه أمامه للمداوات، خصوصاً إذا كانت المداوات تستلزم النظر الى جميع الجسد ما عدا العورة، وأخرى يكون المباشر هو الرجل والمريض هي المرأة ويحتاج في المداوات من النظر الى سائر بدنها عدا العورة فهل يجوز ذلك ؟

الظاهر هو الجواز لصحيحة أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر قال:«سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها إمّا كسر وأمّا جرح في مكان لايصلح النظر اليه ويكون الرجل أرفق بعلاجه من النساء، أيصلح له النظر اليها ؟ قال: إذا اضطرت اليه فليعالجها إن شاءت» (1).

والظاهر أنّ الرواية مطلقة تشمل العورة أيضاً لأنّه ورد في الرواية «إمّا كسر وإمّا جرح في مكان لايصلح النظر اليه» كما إذا كسر العصعص وقد يستفاد ذلك من كلمة «الاضطرار» بين أن يكون المعالج هو الرجل للمرأة أو العكس فإنّا لانفهم خصوصية الاضطرار لرفع الحرمة في الأول دون الثاني إذا اضطرت الطبيبة للنظر الى جسد الرجل مطلقاً جائز، كما يجوز النظر الى بدنها

ص: 47


1- وسائل الشيعة : باب 130 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه، ح1.

بمقدار الاضطرار لاأكثر. ولايخفى استفادة الحرمة من جهة تقرير الامام لما ادّعاه السائل بقوله «في مكان لايصلح النظر اليه» ثم أنّه ولو كان مورد الرواية جواز النظر بالنسبة إذا كان المعالج هو الرجل ولكن يمكن الاستفادة منها في جواز نظر المرأة إذا كانت هي الطبيبة اذ لانحتمل كما ذكرنا بأنّ الاضطرار مختصّ في رفع الحرمة للاُولى دون الثانية. بل يمكن أن يقال بأن حرمة نظر الرجل إلى المرأة اشدّ من حرمة نظر المرأة الى الرجل في غير حالة الاضطرار فاذا كان في حالة الاضطرار النظر جائز فيكون نظر المرأة الى الرجل بطريق أولى جائزاً ثم أنّه حينما يقول: «إذا اضطرت اليها فليعالجها ان شاءت» فبالمفهوم نفهم بانه إذا لم تضطر لا يجوز المعالجة إذا كانت مستلزمة للنظر المحرم. ثم إنّه حينما قلنا بانه يجوز النظر من الطبيب الى ما كان محرماً عليه نظره سابقاً فليس على المريض المنع من النظر الى ذلك بل يمكن استفادة جواز التمكين للمرأة لاجل المعالجة من قوله «رفع عن امتي ما اضطروا اليه» (1) وقوله «ليس شيء مما حرم الله إلاّ وقد احله لمن اضطر اليه» (2).

فيظهر من هذه الأدلة بان الحرمة ترتفع عن الشخص الذي اضطر الى فعل الحرام. إذن ترتفع حرمة التمكين كما قلنا عن المرأة عند المعالجة إذا اضطرت اليها وقد تستلزم نظر الاجنبي اليها.

ص: 48


1- وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب القيام، ح6.
2- وسائل الشيعة : باب 1 من أبواب القيام، ح7.

اما الطبيب فليس مضطرّاً الى النظر حتى ترتفع حرمته عنه، إلاّ إذا قيل بأن حفظ النفس واجب على كلّ احد واذا لم يعالجها فسوف تموت. اذن الرجل إذا لم يتمكن من معالجتها بدون النظر فيكون مضطراً إليه.

أما المراد من الاضطرار المجوز للنظر ؟ الظاهر هو ترك العلاج الذي يسبب للمريض الوقوع في الضرر المعتنى به.

ثم أنّه انما يصدق الاضطرار إذا لم يكن هنالك مندوحه، أمّا لو كان هناك معالج مماثل أو محرم كالزوج أو الأخ بالنسبة للنظر الى بدنها فلايصدق الاضطرار ولايجوز للاجنبي معالجتها، إلاّ إذا كان العلاج دقيقاً وغير المماثل أعلم وأدقّ في العلاج فانه يصدق الاضطرار.

ثم انه يجوز اللمس في حال الاضطرار أم لا ؟ وهل يمكن استفادته من الرواية أم لا ؟

الظاهر استفادته من الرواية لأنه وإن كان مورد السؤال هو النظر ولكن كان جواب الامام مطلق لأن مورد السؤال كان هو المعالجة وهو يشمل اللمس والنظر.

وأما صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر× «قال: سألته عن المرأة يكون بها الجرح في فخذها أو بطنها أو عضدها هل يصلح للرجل أن ينظر اليه ليعالجه ؟ قال: لا» (1) ولكن هذه الصحيحة مطلقة، يعني لا يجوز ولو في حال الاضطرار فتقيّد بالصحيحة الاُولى.

ص: 49


1- قرب الاسناد : 101.

أما الصحيحة الاُخرى لعلي بن جعفر(عليه السلام) «سألته عن الرجل يكون ببطن فخذه أو اليته الجرح هل يصلح للمرأة أن تنظر اليه وتداويه ؟ قال: إذا لم يكن عورة فلابأس» (1) ولكن هذه الصحيحة يكون موردها معالجة المرأة للرجل قال: الإمام جائز ولايمكن التعدّي الى صورة تداوي الرجل للمرأة إذا لم تكن ضرورية وكان المماثل موجوداً. والرواية دالة على جوازها التداوي للرجل على الاطلاق حتى في صورة عدم الاضطرار ووجود المماثل. فبالنتيجة يجوز معالجة المرأة للرجل ولو في حال عدم الاضطرار، ولا يجوز العكس إلاّ في حال الاضطرار.

أما النظر الى العورة فتكون حرمة النظر اليها اشدّ من النظر الى بقيّة الجسد. والدليل على ذلك أنّه يجوز نظر المماثل اليه دون العورة وكذا بالنسبة الى المحارم فيجوز النظر الى البدن دون العورة. بالنسبة الى المرأة.

(مسألة 20): الكلام في جواز التغيير الجنسي، هل يجوز تغيير الجنس بانعدام ما يختص للرجل من الاجزاء ووضع مكانها اعضاء اخرى مما تختص بالمرأة وعلى العكس أم لا ؟

أولاً نتكلم في أنّه هل يمكن ذلك أم لا ؟

قد يقال بعدم امكانه لان العمل خارج عن قدرة البشر لان كلاً من الجنسين يحصل على مايختص به من أول انعقاد النطفة الى حين الولادةولكل

ص: 50


1- نفس المصدر.

من الجنسين فعاليته الخاصّة والأسرار المكنونة فيهما وهي علامة عن آيات الله. فلو فرض أنّه بواسطة الدواء لم يبق شعر في وجه الرجل وتورّم ثدييه وقد جعل له فرجاً بعد استئصال الذكر أو العكس. إذن بواسطة العملية الجراحية أو الدواء خرج الشعر في وجه المرأة وذهب ورم ثدييها ووضعت لها آلة الرجل ومع ذلك لايصبح امرأة والثاني لاتصبح رجلاً. وقد يتمسك بالآية الشريفة: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} (1) ولكن الاستدلال بهذه الآية على عدم الامكان محل تأمل.

نعم قد يمكن إذا كان عند ظهور بعض علامات الذكورة عند من ظاهره المرأة أو العكس أي إذا كان لديهم استعداد الاتصاف بعلامات الجنس الاخر فيمكن حينئذ ان يتبدل الجنس ولو في الواقع لايصدق عليه تبدل الجنس.

ثمّ إنّ هذا العمل على فرض الامكان يكون حراماً لقوله تعالى: {وليغيرن خلق الله} (2) يشمله. ثم على فرض وقوعه واستبدل أحدهما بالآخر واصبحت مرأة في الواقع يصح الزواج بها واعطائها المهر والنفقات فيعطى لها من الارث نصيب المرأة. وعلى العكس أن صارت رجلاً.اما بالنسبة الى الخنثى المشكل حيث يحتمل فيه الذكورية والانوثية فيجوز له مراجعة الطبيب المختص لكي يعين تكليفه بالعملية الجراحية، خصوصاً

ص: 51


1- الشورى : 49 - 50.
2- النساء : 119.

حسب ما يذكره الاطباء بانه ليس لنا بالنسبة الى الانسان فرد ثالث، لانه أمّا ذكر أو أنثى فاذا لم يمكن تشخيصه حتى في العملية الجراحية، فحينئذ يأتي ما يتعلق به من الأحكام كما ذكر تفصيلاً في محله.

(مسألة 21): هل أن الطبيب لو لم يتبرأ من الضمان يكون ضامناً وإن كان حاذقاً، كما لو عالج المريض مثلاً بلا تبّري ومعالجته سبّبت تلفاً أو نقصاً في بعض الاعضاء ؟

الظاهر هو الضمان لان علمه وحذاقته وتشخيصه للمرض والدواء لايستوجب عدم الضمان، بعدما كان التلف أو النقص مستنداً إليه، وانما يتبرأ من الضمان إذا كان باجازة الاب أو الجد من طرف الاب، وأما بقية الاقارب كالأخ أو العم للمريض فلامدخلية لأجازتهما.

إن قلت: إذا أذن المريض في العلاج فهل يكفي اذنه ؟ قلنا: إذنه في ذلك غير مفيد لسقوط الضمان لانه اذن في العلاج لا في الضمان. أن قلت أنّه هناك منافات بين وجوب الضمان ووجوب المعالجة. قلنا: لا منافاة بين الاثنين ولذا لو كان المريض في مرض خطير واحتمل الطبيب بان معالجته مفيدة تجب المعالجة فان تلف منه عضو فهو ضامن، نعم في صورة ما إذا لم يتمكن من الاذن من الولي فلابد له من الرجوع الى الحاكم الشرعي في براءته ومع عدمتمكن الإذن منه فعدول المؤمنين وإن لم يكن هناك عدول المؤمنين وكان المريض حالته خطيرة فالعلاج يكون فورياً ولابد من اجراء العملية وهو ليس بضامن.

وفيه امور:

ص: 52

الأول: لو شخّص الطبيب المرض وعالج المريض بدقة ولكن لم يبرأ من مرضه لايجب على الطبيب رد المبلغ الذي دفع اليه للفحص والعلاج، لان هذا المبلغ لم يكن تجاه صحة المريض، بل يعطى لاجل الفحص والعلاج.

الثاني: لو اشتبه الطبيب وعيّن دواء للمريض، لكن المباشر لم يكن هو بل الممرض، فالضامن في الحقيقة هو الطبيب، لان المسبب اقوى من المباشر أن لم يعلم المباشر بالاشتباه.

الثالث: لو لم يكن عند المريض مالاً يتمكن من دفعه للمعالجة، وكانت حياته في خطر فيجب على الطبيب معالجته.

الرابع: لو كان المريض في معرض الهلاك وقد عيّن الطبيب له دواء، ولم يتمكن من شرائه فإنه يجب على كلّ مكلف من باب الواجب الكفائي شرائه له ومن جملتهم الطبيب.

(مسألة 22): لو ادّعى الطبيب أخذ البراءة من المريض وأنكرها المريض يقدم قول المريض للأصل. نعم لو كان في ثبوت دعواه حجة معتبرة قُبلت منه. وكذا لو ادعى البراءة مطلقاً وادّعى المريض البراءة على وجه خاص.(مسألة 23): لو وصف شخص للمريض دواء وهو ليس بطبيب فعمله هذا محرم، ولو استعمله المريض وتضرر به يكون ضامناً، خصوصاً إذا استعمله بتخيّل أن الذي وصف له الدواء طبيب وحصل الضرر. وأقوى بالضمان إذا سقاه بنفسه.

ص: 53

(مسألة 24): إذا كشف الاطباء بان الجنين مصاب بالتشوهات الخلقية الشديدة ولايمكن علاجها بعد الولادة، فلايجوز للطبيب أن يعين دواء يوجب اسقاطه، بل لا يجوز للاُم في هذه الحالة اسقاطه حتى تتخلص منه عن طريق عملية الاجهاض. فاذا فعلت ذلك فعليها الدية، كما أنّه لو قرّر الاطباء في بعض الحالات بان الجنين لايبقى بعد الولادة إلاّ فترة يسيرة يعيش فيها الآلام والمعانات ثم يموت فلايجوز للام في هذه الحالة اجهاضه والتخلص منه وإلاّ فعليها الدية.

(مسألة 25): لو جعل الطبيب مني الرجل مع مني المرأة في أنابيب الاختبار لكي ينمو لغرض اجراء التجارب عليه فهل يجب عليه إذا انعقدت النطفة المحافضة عليها حتى تكمل أم لا ؟ ولو اصبحت مبدأ نشو آدمي هل يمكن اتلافه ؟

الظاهر لا، لاطلاق الادلة خصوصاً إذا ولج فيه الروح، وحكمه حكم من اسقط الجنين، وعلى من اتلفها الدية بلا فرق بين ولوج الروح أو قبلها علىالأحوط. والاحوط وجوباً عدم جمع مني الاجنبي والأجنبية لهذا الغرض، ولكن بعد انعقاد النطفة واصبحت مبدأ نشو الآدمي فلا يجوز اتلافه كما ذكرنا.

(مسألة 26): لو شخّص الطبيب بأن رحم المرأة معيوباً، بحيث يتلف الجنين فهل يجوز نقله الى رحم آخر ولو الى رحم، الزوجة الاخرى لصاحب الماء

ص: 54

حتى يكتمل الجنين وينمو ؟ وهل يجوز نقله الى رحم امرأة اجنبية مع رضا الزوجة وزوجها بلا فرق في جواز النقل بين أن تلج فيه الروح وعدمه ؟ أمّا النقل الى رحم زوجته الاُخرى فلا اشكال فيه، وليس بممنوع إلاّ إذا تسبب النقل محرماً آخر، وأما النقل الى رحم الاجنبية فلايجوز كما ذكرنا. ثم إذا أولدته الاجنبية يكون أولادها اُخوة للمولود.

(مسألة 27): لو لقح مني شخص اجنبي في رحم امرأة اجنبية غير متزوجة (الباكرة) ثم وضعت بنتاً وبعد الوضع تزوجت من شخص فهل يمكن لهذا الرجل أن يتزوج من البنت أم لا ؟

الظاهر أنّه إذا دخل باُمها فلا يمكن التزويج من بنتها، لأنّها بحكم الربيبة.

(مسألة 28): لو كان الطبيب الحاذق قد عيّن للمريض إجراء عملية جراحية بحيث لو لم تجر العملية يموت المريض، ولكن في صورة اجراء العملية قد يبقى المريض مدة أطول، ولو أنّه قد يبتلي بألم شديد بعد اجراء العملية فاللازمإجرائها كما ذكرنا لأجل حفظ النفس حتى لو أدّت العملية لإتلاف عضو من اعضاء البدن.

أما لو أجرى الطبيب العملية ولم يأخذ الاذن فأدّى الى تلف عضو من اعضاء بدنه لزم على الطبيب ضمان ذلك.

ص: 55

واما لو كان المريض في حال الاغماء ولم يعرف له ولي ولكن اذا لم تجرى العملية أمّا أن يتوفّى أو يصاب بنقص عضو مثلاً فهل يجب على الطبيب معالجته ؟

الظاهر هو ذلك وإن لم يجر العملية فقد فعل محرّماً ولكن ليس بضامن، لايخفى بان الأذن لابدّ أن يؤخذ من الولي، وإن لم يعثر على الولي فمن حاكم الشرع وإن لم يمكن ذلك فمن عدول المؤمنين. كما مر. كما أن الطبيب لو اجرى العملية ولكن لم يهتمّ بها اهتماماً يؤدي الى نجات المريض، حيث لم يأخذ الاحتياطات التامة لذلك فاُصيب المريض فيضمن ذلك بمقدار الاصابة.

(مسألة 29): لو كانت المرأة تعلم بالحمل، وسألها الطبيب عن ذلك فنفت الحمل، فأعطاها الطبيب دواء وتسبب ذلك الدواء باسقاط الحمل، فالضمان يكون على المرأة لا الطبيب، ولابدّ للطبيب من الفحص فلو لم ينكشف بعد الفحص بأنها حامل وأمرها بشرب الدواء فأسقطت فليس على الحامل و الطبيب ضماناً، خصوصاً إذا نبّه الطبيب بأن هذا الدواء يضر بالحمل.(مسألة 30): لو حدث اصطدام وأدّى الى اصابة شخصين وكان أحدهما من عائلة لها طبيب خاص ويكون تحت العناية الطبية المركزة ولكن المصدوم الآخر في حالة خطرة فلابدّ من تقديمه للعلاج، وأما إذا تضرر المريض الآخر فعلى الطبيب أن يلاحظ ايهما اقوى ضرراً فيقدمه على الآخر وفي صورة

ص: 56

التساوي فيقدم الطبيب المريض المختص بالعائلة التي تحت نظر الطبيب، وله أن يقدم الآخر أيضاً.

(مسألة 31): لو أجرى الطبيب عملاً جراحياً وتبّرأ من الضمان ولكن لم يقبل المريض ذلك وولي المريض أبرأ الطبيب من الضمان فاذا كان المريض بالغاً عاقلاً فلا تنفع تبرأة الولي للطبيب ويكون الطبيب ضامناً. نعم لو كان المريض مجنوناً أو ليس ببالغ فتكفي تبرأة الولي. حتى لو كان المريض طفلاً مميزاً فلابدّ للاذن من الولي والإذن من المريض لا أثر له شرعاً.

(مسألة 32): لو دقق الطبيب في العلاج وكان حاذقاً في ذلك ولم يبرأ المريض فهل يجوز له أن يأخذ الاُجرة مقابل علاج المريض ؟

لايخفى بأن الأخذ يكون على قسمين: تارةً: يقول الطبيب ءأخذ المبلغ بشرط أن تبرأ من مرضك ففي هذه الصورة ليس له أن يأخذ المبلغ إلاّ بُبرئ المريض من مرضه واُخرى: يأخذ المبلغ بعنوان الاُجرة للمعالجة ففي هذه الحالة لو لم يبرأ فيجوز للطبيب أن يأخذ الاُجرة.(مسألة 33): لو كان هناك شخصان كلّ واحد منهما يحتاج الى عملية جراحية فهل يقدم أحدهما على الآخر، هو من يكون حاله وخيماً دون الآخر أو المعيار كما قيل بالشخصية كما لو كان المريض طبيباً يفيد المجتمع والآخر عاملاً بسيطاً ؟

ص: 57

لايخفى أن كان حال أحدهما أخطر من جهة الاصابة، كما لو أشرف أحدهما على الموت فيقدم. أمّا لو كانا مشرفين على الموت لا تكون الشخصية سبباً لتقدمه على الغير. نعم لو كان في هذه الحالة هناك مجتهد والآخر شخصاً عاميّاً فهنا لابدّ من العمل بقاعدة الأهم والمهم فيقدم المجتهد كما ورد في محله من مسألة الغريقين.

(مسألة 34): لو توقّف علاج المريض على دواء معيّن ولكن هذا الدواء غير موجود ويحتمل الطبيب أن هناك دواء بديل لهذا الدواء قد يصلح لعالجه فسقاه البديل ولكن ساءت حالة المريض أو سبب له هذا الدواء بعض المضاعفات فهل يضمن الطبيب ذلك أم لا ؟

لايخفى بأن الطبيب إن كان قد بيّن للمريض ذلك بأن هذا الدواء البديل قد يسيء لحالته أو يحتمل أن يسبّب له بعض المضاعفات، فوافق المريض على ذلك فلاشيء على الطبيب، وإن لم يبلّغ المريض بذلك وهو يعلم أنّه قد يضر به فهو ضامن.(مسألة 35): يوجد في بعض البلدان المتقدمة اخذ بعض الحيوانات كالفيران لاجراء التحاليل المختبرية، أي تزرق جرثومة المرض الذي صنع له الدواء، ثم بعد ذلك تظهر عليها علامات المرض، ومن ثم تزرق العلاج ليُرى مدى نجاح هذا العلاج الجديد ونسبة معالجته للمريض، فهل هذا جائز أم لا ؟

ص: 58

الظاهر أنه جائز لأنه يدخل في قاعدة الأهم والمهم. أمّا بالنسبة الى الانسان فمطلقاً لايجوز.

(مسألة 36): لو أقدم شخص على قتل شخص آخر وقتله، ورضي أولياء المقتول أو صالحوه بأن يدفع إحدى كليتيه لمريض لهم حتى يُبرأ من القصاص فلا مانع من ذلك. خصوصاً في هذا الزمان الذي يكون في بيعها منفعة محلّلة، إذن ليس عفواً بلا عوض، ولو فرض أن أصل العمل (أي إخراج الكلية) كان محرّماً.

(مسألة 37): الطبيب ولو كان حاذقاً فلابدّ من أخذ الاذن لغرض معالجته وإلاّ يكون ضامناً أمّا الضمان فيكون منشاءه موت المريض أو نقص بعض أعضائه. وأما الاجازة فتكون أيضاً منشأ لتبرئته من الضمان ولبيانه لابد من القول .

أولاً: لأنه لو لم يبرأ من الضمان لم يقدم على المعالجة فيموت المريض أو يصاب بضرر آخر أشد. إذن لابدّ للطبيب أن يحصل على طريق شرعي كي يتمكّن من الإقدام.

ص: 59

وثانياً: ما ورد في هذا من الرواية عن أمير المؤمنين(عليه السلام) والرواية عن السكوني عن الامام الصادق(عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «من تطبّب أو تبيطر فليأخذ البراء من وليّه وإلاّ فهو ضامن» (1).

والرواية الثانية قوله(عليه السلام): «لايبطل دم امرئ مسلم» (2). والروايات ولو كانت ضعيفة من جهة السند لكن تكون مؤيدة لما ذكرنا أولاً. إذن الجمع بين الاتلاف حيث يكون موجباً للضمان وبين أن الطبيب إذا لم يقدم على العلاج، يكون سبباً لاختلال النظام كموت المريض أو تُشلّ منه بعض الاعضاء، فلو أبرأه من الضمان لا يكون ضامناً. فما ذكره بعض الفقهاء بأن الطبيب إذا كان حاذقاً وأخذ الاذن مع ذلك فهو ضامن في غير محلّه.

(مسألة 38): لو قطع بعض أعضاء شخص بالقصاص، فهل يجوز لشخص آخر أخذ ذلك العضو ويضيفه الى بدنه بعملية جراحية بعدما كان النقص فيه ؟

الأقوى عدم الجواز إذا لم يكن برضا من المقتصّ منه، لأنه ولو فرض أنّه لم يملكه، ولكن له حقّ الاختصاص. ومرّ في محلّه أنّه بعد زرعه واعادة الحياة فيه لايجري عليه حكم الميتة إذ اصبح جزءً حقيقياً من البدن بحيث يتأثر الانسان بعصره وحرّه وبرده. وأمّا الوضوء والغسل كما مرّ في محلّه تابع لصدق الجزئية، فلو جنى على هذا العضو جان فإنه مبنّي على ما ذكرنا.

ص: 60


1- وسائل الشيعة : باب 24 من أبواب موجبات الضمان، ح1.
2- وسائل الشيعة : باب 6 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به، ح1.

(مسألة 39): هل يجوز للمرأة الإقدام على عملية رفع الرحم لعدم الانجاب بدون إذن الزوج أم لا ؟

الاقدام بدون اذن الزوج انما يجوز فيما إذا اضر بها الحمل، أمّا بدون ذلك - فلا يجوز خصوصاً إذا اصبح الاقدام سبباً لنقص عضو فيها.

(مسألة 40): هل يجوز الاقدام على سدّ الأنابيب في صورة ما إذا يصبح الجنين ناقص الخلقة، أو تبتلى بمرض غير قابل للعلاج، سواء كان هذا النقص من جهة مني الرجل أو رحم المرأة ؟

أقول، ففي الحالتين يجوز الاقدام، خصوصاً في صورة ابتلائها بمرض غير قابل للعلاج.

(مسألة 41): هل يجوز الاقدام على عدم انعقاد النطفة فيما إذا علم بأن الجنين يموت في بطن اُمه قبل الولادة ؟

الظاهر الجواز. نعم لا يجوز الاجهاض في صورة حصول الحياة للطفل ولو كان سبباً لموت الاُم.

(مسألة 42): إسقاط الجنين غير جائز، وموجب للدية فيما إذا كان المسبب هو الطبيب فان أجرى ذلك بواسطة تزريق الابر أو غيرها فهو ضامن. وأما إذا بيّن طريقة الاسقاط للاُم وأسقطت الاُم بواسطة تناول بعضالحبوب

ص: 61

أو شيئاً آخر فإنّ الطبيب فعل محرماً، والضامن هو الاُم. بلا فرق بين ولوج الروح في الجنين أو قبله وعليها إعطاء الدية.

(مسألة 43): لو كانت المرأة الحامل قد ابتليت بسرطان في الرحم وعلاجها لابدّ أن يكون بالاشعة، وهذا العلاج يكون سبباً لتشويه الجنين، فهل يجوز اسقاط الطفل قبل المعالجة بالأشعة ؟

قلنا: اسقاط الجنين مطلقاً غير جائز. وكذا الاشعة إذا أصبحت سبباً لتشويه الجنين، نعم لو كان ترك المداوات بالاشعة يكون سبباً لموتهما أو موت المرأة فيجوز المداوات بالأشعة، ولو تسبب نقص الخلقة في الجنين. وكل هذه الاُمور يدخل في باب الأهم والمهم.

(مسألة 44): لو شخّص الطبيب بأن معالجة المرأة الحامل متوقفة على إسقاط الحمل قلنا: الاسقاط غير جائز. ولكن لو تيقّن الطبيب بأن إخراج الطفل ووضعه في رحم امرأة اُخرى أو رحم صناعي يبقى الطفل سالماً فيجوز اخراجه ومعالجتها.

(مسألة 45): لو كشف الطبيب بان الطفل إذا تولد يكون مشوه الخلقة بل ليس له أي فعالية ولا أي شعور انساني فهل يجوز اسقاطه قبل ولوج الروح أو بعدها ؟

الأقوى عدم الجواز، لإطلاق أدلّة حرمة الإسقاط كما مر.

ص: 62

(مسألة 46): لو أخرج الطبيب إحدى كليتي شخص بدون علمه ورضاه ونقلها الى شخص آخر فهل يجوز ذلك ؟ وهل يصدق على هذا سارق ويجري عليه حد السرقة ؟

أما الاول فلا يجوز واما الثاني الظاهر أنه لايصدق عليه ذلك، لأنّ في صدق السرقة شروط تأتي في محلها. وإن كان ما اُخذ منه له حقّ المطالبة به إلاّ إذا أصبح المطالَب في خطر يسبب هلاكه، واذا اُخذ منه ومات كان على الطبيب إعطاء الدية، وإذا مات الذي اُخذ منه الكلية فالضامن هو الطبيب أيضاً.

(مسألة 47): هل يجوز قطع عضو من اعضاء الجسم وإلصاقه ببدن الحي أم لا ؟

الظاهر أنّه غير جائز إلاّ إذا توقفت حياته على ذلك، ومع ذلك تثبت الدية على القاطع.

(مسألة 48): من كان له ابن أو هناك مريض وله أقرباء وأصبح كليتي المريض عاطلتين بحيث يكون مشرفاً على الموت فهل يجوز للأب أو الاقارب دفع كلية واحدة الى المريض أم لا ؟

الظاهر أن دفع الكلية إذا اصبح مضراً به لا يجوز وإلاّ فلا مانع منه خصوصاً اذا اشرف المريض على الهلاك.

ص: 63

(مسألة 49): هل يجوز قطع بعض أجزاء الانسان والصاقها بمكان آخر في جسمه أم لا ؟

الظاهر الجواز، بل يجب إذا تسبب عدم القطع هلاكه.

(مسألة 50): لو توقّفت حياة شخص على قطع بعض أجزائه وإلصاقها ببدنه إذا لم يكن المريض راضياً فهل يجوز أم لا ؟

الظاهر الجواز إذا تسبب عدم المعالجة الى هلاك المريض.

(مسألة 51): لو ابتلى شخص بالجنون وكان هذا الشخص يسبّب الى الناس إضراراً من جرّاء جنونه وقد اُصيب بمرض آخر في بدنه وقد حدّ هذا المرض الثاني من إضراره للناس، علماً انّ المرض الأول يصعب علاجه فهل يجوز تركه بلا علاج للمرض الثاني لغرض خلاص الناس منه، أو لابدّ من علاجه من المرض الثاني حتى ولو كانوا يعلمون بأنه سوف يعود لأذية الناس، وترك المرض الثاني بلا علاج قد يسبّب الى وفاته ؟

الظاهر وجوب معالجته ومرضه الأول اي الجنون لايمكن أن يكون مانعاً من العلاج للمرض الثاني، بل إذا رجع الى الحالة الاولى لابدّ من ممانعته من اذى الناس.

ص: 64

(مسألة 52): إذا كان هناك شخص وقد اثبت له الطبيب بأنه عقيم ونطفته غير قابلة بان تكون منشأ لوجود الولد، ففي هذه الصورة هل يجوز تلقيح هذه النطفة بامرأة اجنبية أم لا ؟

قد بيّنا أن التلقيح لايجوز مطلقاً، للآية ومذاق الشارع والمتشرعة من الاهتمام بحفظ الفروج سواء كان سبباً للإنجاب أم لا ؟ نعم يجوز تلقيحه بزوجته الاُخرى.

(مسألة 53): لو أعطى الطبيب الدواء المسكّن لآلام المرض ومداواته ولكن الطبيب يعلم بأن هذه المسكّنات تسبب ضرراً على المريض ولو بعد مدة فهل الطبيب مسؤول أم لا ؟

وهذه المسألة تنقسم الى أقسام، تارة أن الطبيب بيّن هذا الشيء للمريض واخرى لم يبيّن، وفي صورة عدم البيان تارة أن الطبيب هو المباشر لإعطائه الدواء والمعالجة به واُخرى لا، أمّا في الصورة الاولى فالطبيب ليس بمسؤول واما في الصورة الثانية إذا كان هو المباشر ولم يبيّن فهو مسؤول. واما الثالثة، ما اذا لم يبين ولو كان المباشر غيره فهو المسؤول. لا المباشر.

(مسألة 54): إذا عرف الطبيب بخطورة المرض فهل يجوز للطبيب أن يخبر المريض بذلك، علما أن هذا الإخبار قد يسبب للمريض خطراً أو مضاعفات في حالته المرضية. ومن جهة اُخرى لو اُخبر المريض فيكون سبباً للاستعداد من اداء حقوق الله وحقوق الناس ؟

ص: 65

لا يخفى بأن هذا الإخبار إذا صار سبباً لموته أو مضاعفة الحالة المرضية فلايجوز.

(مسألة 55): لو كان لشخص ولد وهو أعمى فهل يجوز للأب أن يهب احدى عينيه لابنه لكي يصبح بصيراً ؟

قلنا: هو غير مالك لنفسه فلايجوز اعطاء أعضاؤه للغير، خصوصاً إذا كان من الأعضاء الرئيسية.

(مسألة 56): لو كان المريض خائفاً من اجراء العملية الجراحية ويمكنه تحمّل الألم والطبيب يعلم في حال عدم جريان العملية له يصبح مقعداً فهل للطبيب من مباشرة العملية بدون رضا المريض أم لا ؟

الظاهر عدم الجواز، إلاّ إذا اُخذة البراءة من الضمان.

(مسألة 57): لو تماهل الطبيب في العملية الجراحية بحيث صار سبباً لموت المريض فالظاهر أنّه من باب قتل شبه العمد ومستلزم للدية.

(مسألة 58): هل يجوز حفظ السقط في أنابيب الاختبار لغرض إجراء التجارب العلمية عليه ؟

الظاهر عدم جواز حفظه، ولابدّ من دفنه إذا السقط مسلماً ودون اربعة اشهر فلا يغسل ولايكفّن ولايصلّى عليه ويلفّ في خرقة ويدفن كما فيمكاتبة

ص: 66

الفضيل سأل أبا جعفر(عليه السلام) عن السقط كيف يصنع به ؟ فكتب اليه: «السقط يدفن بدمه في موضعه» (1) المحمولة على ما دون أربعة أشهر بقرينة موثقة سماعة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: سألته عن السقط إذا استوت خلقته يجب عليه الغسل واللحد والكفن، قال: «نعم كلّ ذلك يجب إذا استوى» (2) ورواية زرارة عن أبي عبدالله(عليه السلام): «السقط إذا تم له اربعة اشهر غسل» (3).

(مسألة 59): لو كان الطبيب متخصّصاً في معالجة مرض خاص فهل يجوز له معالجة الشخص الذي ابتلي بمرض آخر، ولو سببت هذه المعالجة مضاعفات في مرضه أو وفات المريض فهل هو ضامن أم لا ؟

إقدام الطبيب في هذه الحالة حرام ولو عالج فهو ضامن، بعدما كان كالجاهل بالنسبة الى هذا المرض.

(مسألة 60): لو تمكّن الطبيب من معالجة المرأة من وراء الثياب فهل يجوز له لمس بدنها أم لا ؟

ص: 67


1- وسائل الشيعة : باب 12 من أبواب غسل الميت، ح5.
2- وسائل الشيعة : باب 12 من أبواب غسل الميت، ح1.
3- وسائل الشيعة : باب 12 من أبواب غسل الميت، ح4.

قلنا: إن اللمس والنظر في غير حال الضرورة غير جائز ولابدّ بمقدار المحتاج اليه.(مسألة 61): لو أراد شخص الانتحار، فيجب على كلّ أحد من باب الواجب الكفائي ممانعته، ولو أدّى ذلك الى جرحه، ومع ذلك المنجّي يكون ضامناً للدية، ولاينافي وجوب الممانعة مع الضمان فلو كانت الممانعة متوقفة على صرف المال فالظاهر وجوبه على كلّ من يتمكّن. نعم لو كانت الممانعة مستلزمة للضرر البدني فلا يجب الممانعة إذا كان خطيراً.

(مسألة 62): هل يجوز للمرأة الحامل مراجعة الطبيب لغرض الولادة مع وجود المماثل كالطبيبة والقابلة (المولدة) ؟

الظاهر لايجوز إلاّ إذا كانت الولادة صعبة بحيث لا تتمكّن الطبيبة أوالقابلة من ذلك.

(مسألة 63): لو أمكن نقل عضو من بدن المرأة الى بدن الرجل وكذا العكس فهل يجوز لمس هذا العضو والنظر اليه ؟

الأحوط الترك إلاّ إذا عُد العضو من أعضاء بدن المنقول اليه وحلّت فيه الحياة فيجوز للمنقول اليه مسه والنظر إليه.

ص: 68

(مسألة 64): لو أمكن علاج المريض من خلال النظر الى شاشة التلفزيون أو من خلال المرآة فهل يجوز للغير النظر الى ما يحرم ؟لايجوز للغير النظر الى ما يحرم النظر اليه ولو بالنظر الى المرآة أو التلفزيون عدا نظر الطبيب المضطر لعلاج المريض.

(مسألة 65): لو شخّص الطبيب بأنّ المريض لايبرأ إلاّ بأكل أو شرب المحرّمات كأكل لحم الخنزير أو شرب الخمر فهل للمريض الاستفادة من تشخيص الطبيب أم لا ؟

لايخفى انّ المداواة إذا كانت منحصرة بذلك، ولم يكن هناك طريق آخر لغرض العلاج، فيتناول منه بمقدار الضرورة، لان هناك تزاحم بين حفظ النفس وحرمة استعمال النجس، والمسألة تدخل في باب الأهم والمهم وحفظ النفس أهم ولقاعدة الضرورات تبيح المحذورات، إذ لم يكن هناك شيء أهم من حفظ النفس.

وأما إذا لم يؤدّي ترك الشرب أو الاكل الى الموت فلا يجوز ولو تطول مدة العلاج إلاّ اذا ثبت بأن الاستعمال أهم من ترك الشرب والاكل، وكان الشفاء منحصراً في استعمال المحرم.

(مسألة 66): هل يجوز إجراء عمليات التجميل سواء كان الشخص مشوها أم لا ؟

ص: 69

لايجوز إلاّ إذا كان في ذلك ضرورة ولابدّ من المماثلة في اجراء العملية وسيأتي البحث عنه مفصّلاً.(مسألة 67): لو اُزرق المريض ابرة لغرض أخذ الاشعة الملونة له وصارت تلك الابرة سبباً لموته أو شلله فهل على من زرق الابرة الدية أم لا ؟

في هذه الصورة تارة يكون المريض عالماً بأن هذه الاُبرة تكون مضرة له واُخرى لا يعلم وثالثه تبرأ المباشر من الضامن واخرى لا.

ففي الصورة الاولى لا ضمان على المباشر، خصوصاً في صورة حصوله على التبرّي من الضمان كما في الصورة الاخيرة، أمّا إذا لم يعلم المريض ولا المباشر بالضرر، ولكن لم يتبرأ المباشر من الضمان ففي هذه الصورة هو ضامن.

(مسألة 68): لو كان هناك مريض وقد أشرف على الهلاك من جرّاء ذلك المرض، والطبيب يعلم بأن نسبة إجراء العملية له لغرض شفائه من ذلك المرض جداً ضعيفة، بل قد يكون لا فائدة فيها، فهل على الطبيب في هذه الصورة اجراء العملية أم لا ؟

الظاهر يجوز، بل يجب له اجراء العملية لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.

(مسألة 69): لو جُبّر عضو من اعضاء الميت المكسور بالذهب البلاتين فهل يجوز اخراجه بعد وفاته أم لا ؟ وعلى كلا التقديرين فإذا اُخرج من

ص: 70

بدنه فهل يعدّ مالا يعتبر من تركة الميت ليعود الى الورثة أو يصرف في وجوه الخير للميت ؟

الظاهر عدم جواز اخراجه إذا كان الاخراج موجباً للهتك، أو يعدّ تشريحاً ومثلة. والظاهر أنّه يعدّ جزءً لما يملكه الميت بعد الاخراج.(مسألة 70): لو كان هناك شخص يتداوا بالآيات والأدعية التي وردت عن أهل البيت^ مع تطوّر الطب وقد اُصيب بمرض فهل ذمته بريئة في حال عدم مراجعة الطبيب أم لا ؟

الظاهر أنّه لابدّ من مراجعة الطبيب.

(مسألة 71): هل يجوز الاستمناء لغرض فحص الحالة المنويّة عند الرجل أم لا ؟

الظاهر عدم الجواز، إلاّ إذا كان ضرورياً.

(مسألة 72): لو ابتلع شخص قطعة من الذهب، وكانت القطعة ملكاً للغير فهل يجوز للمالك مطالبته بإخراجها ولو بعملية جراحية ؟

إذا أمكن إخراجها بغير العملية الجراحية فيجب، وأما في صورة عدم الامكان فلا، وعلى البالع ضمان قيمة تلك القطعة، ولو مات الشخص لايجوز اخراجها بعد موته.

ص: 71

(مسألة 73): هناك بعض الاشخاص يعاني من جهة عدم انتصاب ذكره ولايتمكّن من الجماع، إلاّ إذا شاهد الأفلام الخلاعية، ولو لم يشاهد ذلك قد يحصل الطلاق وعدم الانجاب، فهل يجوز مشاهدة تلك الأفلام أم لا ؟لايخفى بأنّ النظر الى أي شيء بالشهوة لا يجوز، وكذا ما يصنع في هذه الأيام كمهبل المرأة، فيأنس بعض الرجال بوضعه على آلته التناسلية عند النوم لاثارة الشهوة فهو حرام، وإن لم يكن من قصده إنزال المني. وهذا لايفرق بين أن يكون الرجل متزوجا أم لا. أمّا إذا كان عدم النظر الى ما يثير الشهوة يسبّب الطلاق وعدم الانجاب فلابأس بالنظر.

(مسألة 74): لو مات شخص وله ولدان وكان عمر أحدهما أربعة عشرة سنة والاخر ثلاثة عشرة سنة لكن الذي كان عمره أقل قد بلغ بواسطة خروج المني منه ولكن الأول لم يرى منه خروج المني ولا انبات الشعر الخشن على العانة ففي هذه الحالة على أي منهما سيكون قضاء الصوم والصلاة الفائتتين عن أبيهما هل على البالغ بالسن أو البالغ بخروج المني ؟

الظاهر من الروايات وجوبه على من يكون أكبر سنّاً، ولهذا لو كانا متساويين من جهة السنّ ولكن يكون بلوغ احدهما قبل الآخر فالظاهر وجوب القضاء عليهما على نحو التقسيط.

(مسألة 75): لو انتشر الوباء ومات جماعة، فلو أراد الناس تغسيلهم وتكفينهم ودفنهم، فخافوا من سراية المرض إليهم فيموتون، فماذا يصنعون في هذه الحالة ؟

ص: 72

نقول: إن أمكن أخذ المناعة من سراية المرض اليهم يجب عليهم إجراء الغسل والتكفين والدفن، وإلاّ يسقط عنهم التكفين، ويجب موارتهم باي نحو شاء.(مسألة 76): يقال إنّ المصاب بمرض الإيدز أن جرثومته تنتقل حتى بعد وفاته الى الحي من خلال تفسخ جسده في التراب عن طريق الماء الذي يمر من خلال تلك التربة أو المزارع القريبة منها، فهل يمكن أن يذاب بدن الميت في هذه الحالة بمادة التيزاب للخلاص من هذا الامر والحفاظ على حياة الآخرين أم لا ؟

لا يخفى إن أمكن للأطباء اجراء اللازم والوقوف أمام انتشار هذه الجرثومة بطرق اخرى معينة أو ان امكنهم بطريق آخر بأن يوضع الميت المصاب بها في صندوق حديد أو غير ذلك بحيث لاتنتشر الجرثومة وتسري الى الآخرين فبها وإلاّ فيجوز استخدام هذه المادة لغرض التخلص من هذه الجرثومة ومنع اصابة الآخرين بهذا المرض.

(مسألة 77): لو كانت هناك أجهزة صناعية متطّورة من حيث التقنية كالأشعة وغيرها التي يكون بامكانها التحكم بمدّة الحمل فقد تضع المرأة في مدة ثلاثة أشهر مثلا مع تكامل الطفل في تلك المدة بسبب هذه الاجهزة وقد تضع المرأة متأخّرة عن مدة الحمل الطبيعي مع كمال نمو الطفل أيضاً فالولد يلحق في كلتا الحالتين بأبيه.

ص: 73

(مسألة 78): لو تولّد الطفلان بنطفة اصطناعية بعد أن وضعت في رحم المرأة فالظاهر انتشار الحرمة بينهما ولا يجوز لهما التزاوج وبين المحارم منطرف الاُم. أمّا لو كان منشأ حياة الطفلين نطفة اصطناعية في رحم مصنوعي فلاتنشر الحرمة بينهما.

(مسألة 79): لو كان مريض في مستشفى واُريد نقله الى مستشفى آخر بعيد المسافة واحتمل الطبيب احتمالاً ضعيفاً ببقائه حيّاً لكي يصل الى تلك المستشفى التي هي أكثر إمكانية طبية فهل على الطبيب أن يعمل بهذا الاحتمال الضعيف وينقل المريض أو يتركه يموت ؟

الظاهر عليه نقله الى تلك المستشفى.

(مسألة 80): أجرى شخص عملية جراحية والبول يخرج منه قطرة قطرة من غير المجرى الطبيعي فهل حكمه حكم المسلوس ؟

الظاهر إذا صدق عليه البول فحكمه حكم المسلوس.

(مسألة 81): لو ألصق عضواً من اعضاء المرأة ببدن الرجل أو العكس فإنه بعد أن يعدّ جزءً لا بأس من النظر واللمس كما مر، كما لا يجوز لغير المماثل النظر اليه حتى من قبل الشخص الذي عطا العضو.

ص: 74

(مسألة 82): لو اُصيب الطفل بمرض السكّر مثلاً لعدم التئام الجرح عند المصاب بهذا المرض، وبعد لم يختن وأراد الطبيب ختانه ولكن هذا الختان يكون سبباً لموته فهل هذا جائز أم يترك بلا ختان ؟الظاهر عدم وجوب الختان، بل عدم جوازه أن كان الختان سبباً لموته.

(مسألة 83): لايخفى بان ما يولد في الحيوانات تابع للذكر فلو وضع مني حيوان في حيوان آخر فهل هذا جائز أم لا ؟

الظاهر الجواز ولا دليل لنا على المنع والمتولد منهما يكون تابع للذكر.

(مسألة 84): هل يتمكّن الولي للطفل أو المجنون أن يتبّرع بأحد أعضاء المولّى عليه الى فرد آخر ؟

الظاهر عدم الجواز لأنه لا ولاية له على نفس الطفل أو المجنون خصوصاً بعدما يستوجب الضرر على المولّى عليه لأنّه هو ولي لما فيه المصلحة لا إدخال الضرر عليه.

(مسألة 85): لو كانت الطبابة لحصول المال والانتفاع المادّي فلو فرض بأن المعالجة تكون واجبة لحفظ النفس المحترمة مع ذلك يجوز له أخذ اُجرة المعالجة لأنه لاينافي أخذ الاُجرة مع وجوب المعالجة.

ص: 75

(مسألة 86): ما هو حكم وضع مني الانسان في رحم حيوان ؟ واذا تولد منهما الولد ما هو حكمه ؟لايخفى بأنه إذا صدق عليه الانسان من جهة الروح والبدن فيجري عليه حكمه وهذا انسان له أب وليست له اُم. واذا صدق عليه الحيوان فلايترتب عليه أحكام الانسان. وكذا إذا كان لايشبه الانسان ولا الحيوان.

(مسألة 87): هل يجوز للذكور تعلم معالجة الأمراض النسائية بحيث يصبحون متخصصون في الأمراض النسائية ؟

لا يخفى بأن أصل التعلم يكون جائزاً ولذا يتمكن من علاج زوجته ولكن لايجوز له معالجة غيرها مع وجود المماثل.

(مسألة 88): هل يجوز للمرأة الطبيبة أو المساعدة للطبيب أن تكشف عن ذراعيها أثناء العملية مع وجود الاجنبي ؟

الظاهر أنه لا يجوز ذلك ولو اُلزمت قانونياً.

(مسألة 89): إذا كان الشخص مبتلى بالبروستات ولأجل تخلّصه من الألم الشديد لابدّ أن يستمني فهل هذا الاستمناء جائز له في هذه الحالة ؟

نعم يجوز ذلك إذا لم يمكنه التخلّص بطريق آخر وكان مضطراً الى ذلك (الضرورات تبيح المحظورات).

ص: 76

(مسألة 90): هل للانسان معرفة جنس الجنين ؟قد يقال بأن هناك اشياء معرفته مختصّة بالله كما في الآية الشريفة {ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي ارض تموت} (1).

وفيه: أولاً: عدم استفادة الحصر من الآية.

وثانيا: الفرق بين معرفته ومعرفة الله فان الله يعرف بلا واسطة بخلاف الطبيب فانه يعرف بواسطة الآلات فان الله يحيي الموتى وعيسى(عليه السلام) احيى الموتى ولكن الله يحيها بلا سبب كما في الدعاء «يا مسبب الاسباب من غير سبب» وعيسى(عليه السلام) يحيها بالواسطة وهو الاذن وبقدرة من الله كما في الآية الشريفة. إذن الطبيب المخبر يمكنه أن يعرف بالآلات. وايضاً يمكن أن يراد من معرفته تعالى هو قبل انعقاد النطفة والطبيب لايعلم ذلك إلاّ بعد الانعقاد وولوج الروح فيه.

ص: 77


1- لقمان : 34.

كتاب الطهارة

(مسألة 1): هل الكل (الإسبيرتو) طاهر على الاطلاق أم لا ؟

لايخفى بأن الكل تارة يصنع من التمر أو الزبيب واخرى يصنع من الخشب ويسمى بالكل الاصطناعي. فالأول بما أنّه يسبب السكر فهو نجس. وأما الثاني الظاهر أنّه لايسبب السكر وهو طاهر واستعماله جائزإلاّ إذا لاقى نجس آخر واصبح متنجساً.

(مسألة 2): الأسنان الصناعية الموجودة في الأسواق لو كانت مصنوعة بيد الكافر فهل يجوز للمسلم استعمالها ؟

الظاهر انها طاهرة وعلى القول بنجاستها يُطهر ظاهرها بالغسل.

(مسألة 3): الباس النجس الذي يوضع في الغسالة لو اتصل بالكر مرّة بعد رفع النجس فهو طاهر.

ص: 78

(مسألة 4): بدن الكافر إذا تنجّس بنجاسة خارجية ثم أسلم فلا يكون إسلامه مطهّراً لها بل الاسلام يكون مطهّراً للنجاسة التي حصلت من الكفر.

(مسألة 5): لو تنجّست الأسنان الصناعية بنجاسة ولو كانت داخلية كالدم الخارج والدم الداخل في الفم فلا تطهر بزوال الدم، بل لابدّ من غسلها لاختصاص للأسنان الثابتة بالطهارة وانصراف الادلة إليها.

(مسألة 6): هل نجاسة بدن الميت متوقفة على البرد في بدنه ؟ أو بمجرد إخراج روحه يصبح نجساً ؟

الحق أن النجاسة إنما هي متوقفة على خروج الروح لا برودة البدن. نعم الغسل لمس الميت متوقف على برودة بدنه.

(مسألة 7): هل العطور المستوردة من الخارج جائز استعمالها أم لا ؟

نعم يجوز إلاّ إذا علم أنها صنعت من نجس، لقاعدة الطهارة المستفادة من مضمون الحديث كلّ شيء لك طاهر حتى تعلم بنجاسته.

(مسألة 8): هل يجوز نقل عين الكلب الى الانسان أم لا ؟

الظاهر الجواز فإذا أصبحت العين جزءً من بدنه فهي طاهرة بأن حلت فيها الحياة وإلاّ قبل ذلك فهي نجس، ولابدّ للصلاة من التيمم أو وضوء الجبيرة.

ص: 79

(مسألة 9): ماء الشعير الموجود في الأسواق إذا لم يكن فيه مسكر فهو طاهر ويجوز شربه أمّا إذا كان مسكراً والأطباء يجوّزونه في مقام المعالجة فلابدّ من شربه بمقدار الضرورة.

(مسألة10): لو أنّ الحيوان المجروح لطع محلّ جرحه ودخل الدم في بدنه وذبح بلا فصل فهل يجوز اكل لحمه حتى الامعاء ؟

لا اشكال في جواز ذلك بعد غسل اللحم والأمعاء.

(مسألة 11): إذا سقي الحيوان المحلل الدم أو الخمر ثم ذبح بلا فصل فما حكم لحمه ؟

الظاهر جواز أكل اللحم بعد التطهير وكذا الحيوان الذي شرب البول فلابدّ من غسل امعائه ليكون طاهراً ويجوز أكله.

(مسألة 12): لو تقدّمت علامات البلوغ أو تأخرت عن موعدها المعتاد بعلاج كما لو استعمل الرجل أو المرأة دواء أدّى الى تقدّم الاحتلام أوتأخّره أو تقدّم الحيض أو تأخّره، فهل يجوز الاعتبار بهما أم لا ؟

لايخفى بعدما ذكر بان الحكم تابع للموضوع فإذا وجد الموضوع وجد الحكم بلا فرق بين حصوله بنفسه أو بعلاج مثلا إذا اصبح الخمر خّلاً بنفسه أو بعلاج فيطهر ويجوز شربه، كذلك في المورد إذا احتلم بنفسه أو بعلاج أو أصبحت حائضاً كذلك فيترتّب عليه حكم المحتلم أو الحائض لأنّه متى ماوجد

ص: 80

الموضوع وجد الحكم. أمّا تأخّر الحيض الى ما بعد سن اليأس فلا معنى له لانه متى دخلت في سن اليأس فالدم ولو كان بصفات الحيض لا يعتبر حيضاً.

(مسألة 13): لايخفى بأنه لا يجوز للجنب تأخير الغسل إذا أراد الصلاة إلاّ لعذر شرعي، فاذا لم يتمكن من الغسل فيتيمّم ويصلي أمّا بعض الاعذار التي يراها الشخص بأنه عذر فليس بعذر كما لو أجنب وهو ضيف وأخذه الحياء من صاحب الدار فلايجوز له تأخير الغسل أو يصلي صلاته مع التيمم. وحيائه لايصبح دليلاً على جواز التأخير، وكما أنّه لو كان هناك مجلس فاتحة في المسجد ويستحي من عدم الاشتراك في هذا المجلس المنعقد في المسجد فهذا لايكون سبباً لجواز دخوله المسجد بلا غسل لانه ليس بعذر شرعي لجواز دخول الجنب الى المسجد.

(مسألة 14): لو كانت المرأة لاتعلم بكل مسائل الجنابة وكانت تتخيّل في الملاعبة لايكون سبباً لحصول الجنابة وهو المني ولاعبت زوجها في شهر رمضان وفي أثناء الملاعبة خرج منها مترشحات وبعد أيام تخيّلت أن تلك الترشحات كانت منياً، ففي هذه الحالة لو لم تعلم بذلك فصومها محكوم بالصحة، وليس عليها القضاء ولا الكفارة وأما لو تيقّنت بأنها منياً فلها أن تقضي ذلك اليوم ولكن ليست عليها كفارة لكونها جاهلة بالحكم.

ص: 81

(مسألة 15): إذا اُخرج مني شخص للاختبار بالوسائل الطبية سواءً خرج من نفس المجرى أو من طريق آخر فهل هو موجب للغسل أم لا ؟

الظاهر هو ذلك لاطلاق الروايات. هذا إذا أخرج من نفس المجرى. أمّا لو أخرج من الطريق الآخر فمحلّ اشكال.

(مسألة 16): هل يجوز الاستمناء لدفع الشهوة وعدم الوقوع في مهلكة الزنا أم لا ؟

لايخفى بأن أصل الاستمناء غير جائز أمّا لو سبب عدم الاستمناء الحرج له كالوقوع في الزنا ولايتمكن من حفظ نفسه فهو جائز.

(مسألة 17): لو انقطعت أعضاء شخص فهل يجب غسل جميع الأعضاء ؟

الظاهر ذلك ولابد من جمعها وغسلها مع الجسم.

وهل لابدّ من المماثلة في غسل تلك الأعضاء أم لا ؟

الظاهر هو المماثلة.

(مسألة 18): لو ماتت المرأة حين وضع الحمل في حين أن رأس الطفل خرج من الرحم ومات فهل يجب اخراج الطفل وتغسيله وتكفينه.

الظاهرأن خروج الطفل إن كان ممكناً ولايكون هتكاً للميت فيجب وإلاّ يكفي غسل وتكفين الميت عن كليهما.

ص: 82

(مسألة 19): ما يستخدم لدى النساء من مواد التجميل كصبغ الأظافر فهل هو مبطل للغسل والوضوء والتيمم أم لا ؟

الظاهر البطلان إذا كان مانعاً من وصول الماء الى الأظفر، فلابدّ من رفعه أوّلاً ثم الوضوء.

(مسألة 20): إذا كان هناك طفلان متلاصقان من جهة الظهر فكيف يجرى عليهما حكم الدفن من جهة التوجه الى القبلة ؟

لا يخفى انّ الدافن بالخيار من توجّه احدهما الى القبلة دون الآخر.

(مسألة 21): من كان له رأسان وصام فهل ارتماس احد الرأسين موجب لبطلان الصوم ؟

اذا علم بأن أحد الرئسين أصلي والآخر تبعي زائد وكان الاصلي عن الزائد متميزاً، فاذا أدخل الاصلي منهما الماء عمداً كان موجباً لبطلان الصوم، أمّا لو ادخل الزائد فلا، كما أنّه لو ادخل كليهما فالصوم باطل بطريق أولى. أمّا إذا لم يتميّز أحدهما عن الآخر، وإن كان الارتماس محرّماً لكن لايكون موجباً لبطلان الصوم لأنه لم يعلم الرأس الحقيقي من الزائد.

(مسألة 22): لو قطع الطبيب بعض اعضاء المريض، فهل يجب دفنه وعلى من يجب ذلك على فرض وجوبه ؟

الظاهر وجوب الدفن بنحو الواجب الكفائي إن كان فيه عظم.

ص: 83

(مسألة 23): لو تبخّر الماء المضاف وبعد التقطير أصبح ماء فان صدق عليه الماء المطلق عرفاً يجوز التطهير والوضوء به.

(مسألة 24): هل بخار الحمام أو بخار الأكل المتنجس الموجود في الثلاجة ينجس الانسان أو الثلاجة ؟

الظاهر عدم التنجيس. نعم أن هذا البخار إذا اصبح ماءً ويتقطّر على بدن الانسان من سقف الحمّام أو في الثلاجة فالأحوط غسل البدن وكذا الثلاجة.

(مسألة 25): لو وضع في فوهة الاُنبوب حاجز فيه ثقوب المسمى (بالدوش) فهل الماء الذي يخرج من ثقوبه متصلاً بعد من الماء المعتصم مع الاتصال بالكرّ مطلقاً أم لا ؟

لا يخفى بأنه لو كان عمود الماء متصلاً فهو في حكم الكرّ ولو لم يكن كذلك فهو من القليل بعد أن حصل الفصل بين القطرات.

(مسألة 26): إذا غُسل ميّتان بغسل واحد فبعد الدفن يعلم ببطلان غسل احدهما فماذا يُصنع فهل يجوز اخراج أحدهما وغسله أم لا ؟

الظاهر هو نبش القبر فيما إذا لم يكن هناك هتك للميت والدفن الجديد بعد غسلهما مرّة ثانية بعدما قلنا بأن العلم الاجمالي يكون منجزاً بالنسبةالى

ص: 84

طرفيه، والموافقة الاحتمالية غير كافية ولابد من الموافقة القطعية وهو غسل كليهما ولايكفي غسل أحدهما.

(مسألة 27): لامانع من وضع الميت في المسجد ولو قبل الغسل إذا لم يكن هذا الوضع سببا لتنجيس المسجد أو هتك له والأحوط وجوباً عدم ادخال الجنب الميت في المسجد إن علم بجنابته.

(مسألة 28): إذا يمّم الميت بعد إن كان الماء مضراً به وذلك لتقطّع بدنه أو لم يكن هناك ماء. فاذا مسّ شخص الميت بعد أن ييمّم برطوبة فلابدّ من غسل يده، ويجب عليه الغسل لمسّ الميت لأن التيمم لايرفع وجوب غسل الميت ولايرفع النجاسة من بدنه.

(مسألة 29): إذا كان هناك شخص جنباً وآخر ميّتاً وهما بحاجة للغسل وهناك ماء يكفي لغسل احدهما فهل المقدّم الميت أم الجنب ؟

الظاهر هو الجنب.

(مسألة 30): من كان مجنباً هل يجوز له تغسيل الميت قبل أن يغتسل لنفسه أم لا ؟

الظاهر هو الجواز.

ص: 85

(مسألة 31): من كان محبوساً في محلّ غصبي فلابدّ له من الوضوء أو التيمّم ويصلي في نفس المكان، لانها لاتسقط بحال.

(مسألة 32): استعمال البلاتين هل هو مبطل للصلاة أم لا ؟

لايخفى بأن هذا الاستعمال لا يمنع من الصلاة، وقد حقق في محلّه بأنه ليس بذهب، وإن كان ذهباً ولكن هذا الاستعمال إن كان من جهة الضرورة فلا مانع منه.

(مسألة 33): لو اغتسل في شهر رمضان غسل الجنابة وبعد اسبوع علم بأن الماء الذي اغتسل به كان نجساً، فلابد له من اعادة الغسل وقضاء الصلاة التي مضت في الاسبوع وصومه محكوم بالصحة.

(مسألة 34): من كان في داخل انفه دماً ثم استنشق فالماء الخارج من الانف اذا لم يكن متلوثاً بالدم فهو طاهر.

(مسألة 35): لو لم يكن هناك لمن اراد الوضوء إلاّ الماء المغصوب وكذا التراب ففي هذه الحالة هل يكون في حكم فاقد الطهورين وتسقط الصلاة عنه أم لا ؟ الظاهر السقوط خلافاً لما عليه المشهور من انّ الصلاة لاتسقط بحال لما ورد في الحديث كما مر في محله «الصلاة ثلاثة اثلاث: ثلث طهور،وثلث

ص: 86

ركوع، وثلث سجود» (1) فالصلاة بدون طهور لايصدق عليها صلاة حتى يشمل الحديث ولم أجد نص صريح كهذا يعتمد عليه في المقام نعم هناك رواية حسنة لزرارة وهو «ولاتدع الصلاة على حال» (2).

والأحوط أن يأتي بالصلاة، ثم يعيدها إن وجد الماء أو التراب في الوقت والقضاء خارجه.

(مسألة 36): لو كان هناك جماعة يعملون في معمل قسم منهم من المسلمين وآخر من غيرهم ثم احترق المعمل ومن فيه ولم يمكن التمييز بين المسلم وغيره فلابدّ حينئذ من إجراء أحكام الاسلام على الجميع (من باب الرجاء) من التيمم والتكفين والدفن للعلم الاجمالي بوجود المسلم فيهم.

(مسألة 37): لا يخفى بأن النجاسة كما تثبت بالعلم والبينة وتثبت بالعدل الواحد اذا حصل منه الاطمئنان وقول ذي اليد ولو فرض عدم عدالته، بلا فرق بين أن يكون تحت يده وسلطنته بأنه يملك العين أو الانتفاع أو الاستيداع عنده عادلاً كان أو فاسقاً حتى إذا لم تكن اليد شرعية أو محترمة.

(مسألة 38): في تعارض اليد والبينة، فإذا أخبر ذو اليد بالنجاسة وقامت البينة على الطهارة فهل المقدّم ذو اليد أم البينة ؟

ص: 87


1- وسائل الشيعة : كتاب الطهارة من ابواب الوضوء باب وجوبه للصلاة : ح8.
2- وسائل الشيعة : باب 1 من ابواب الاستحاضة، ح5.

قد يقال بتقدّم البينة ولكن هذا على اطلاقه لايصحّ، بل تقدم ذو اليد على البينة إذا كان استنادها الى الاصل والنفي وتقدم البينة على ذي اليد إذا كان مورد الاستناد هو العلم. أمّا إذا لم يعلم مستندهما فيمكن أن يقال بتقدم البينة. وهكذا إذا تعارضت البينتان وإنما تصل النوبة الى التساقط إذا كان مستند بينة الطهارة الى العلم أيضاً، أما إذا كانت مستندة الى الاصل تقدّمت بيّنة النجاسة.

(مسألة 39): من كان في حالة الوضوء واخبره شخص بأن مقدار من عضوه لم يصل اليه الماء فهل عليه الفحص ؟

الظاهر عدم الوجوب إلاّ إذا حصل من كلامه الوثوق.

(مسألة 40): ما يوضع لأجل تقوية الشعر في الرأس من الدهونات لو لم تكن مانعاً من وصول الرطوبة الى الرأس فلامانع من المسح.

(مسألة 41): ما حكم الوشم والكحلة ومواد التجميل في الوضوء ؟

قلنا: إذا كان مانعاً لابدّ من رفعه.

(مسألة 42): من كان في الصحراء والبرد شديد ولو لم يخف من المرض مع ذلك يجوز له التيمم لأدلة الحرج.

(مسألة 43): من كان يغتسل مدّة وكان غسله باطلاً لابدّ أن يعيد صلاته بمقدار يتيقن منه فراغ ذمته دون الصيام.

ص: 88

(مسألة 44): الجلود الصناعية المستوردة من بلاد الكفر هل يجوز لبسها والصلاة فيه ؟

الجلود تارة يعلم أنّها من الجلود الصناعية فلامانع من اللبس والصلاة فيها واخرى يعلم بانها من جلود الحيوانات فلايجوز اللبس ولا الصلاة، وثالثة يشك فيها من اي منهما فيجوز الصلاة فيها ولبسها أيضاً.

(مسألة 45): هناك مستنقعات وبرك التي تحدث بواسطة الامطار وهو أقلّ من الكرّ فهل يجوز للانسان استعمال ذلك الماء، مع أنّه قد يرى في بعض الاحيان أن الكلاب تشرب منه.

لايخفى أنّه مع العلم بذلك فهو نجس ولا يجوز الاستعمال أمّا مع عدم العلم وبمجرد الاحتمال يحكم بطهارته. فلو استعمل الماء ثم انكشف أن فيه عذرة نجسة فلابد أن يطهر ما لاقى هذا الماء النجس ويعيد الصلاة.

(مسألة 46): لايخفى أن الخمر إذا اصبح بنفسه خّلاً يطهر أمّا لو ألقيت في الخمر مادة تزيل سكره فهو باق على نجاسته والشيء النجس لايطهر إلاّ بالماء أو الاستحالة أمّا إذا اُزيلت النجاسة بواسطة بعض الوسائل كالاسبرتو فلايطهر.

(مسألة 47): لايخفى بأنّ من النجاسات البول والغائط أي ما يصدق عليه البول والغائط عرفاً، ولذا لو خرجت مادة لا يصدق عليها البول والغائط

ص: 89

فإنّ مقتضى القاعدة طهارتها، كما لو تغيّرت حقيقتهما بالأدوية الحديثة فخرجا بذلك عنهما فمقتضى القاعدة طهارتهما أيضاً.

(مسألة 48): البيت المستأجر من الكافر يحكم بطهارته مع عدم علمه بالنجاسة وكذا فراش البيت والأواني وما إلى غير ذلك فإنّه مع عدم العلم بالنجاسة محكوم بالطهارة.

(مسألة 49): إذا وضعت الملابس الرطبة في المناشف العامّة لأهل الكتاب فيقول أحد الفقهاء بطهارة ذلك وجواز لبسه، ويقول الآخر بعدم جوازه، فاذا كانت الزوجة تقلّد من يقول بالجواز، والزوج يقلّد من يقول بعدم الجواز، فيجب على الزوج الاجتناب، واما بالنسبة الى الزوجة فيكون طاهراً. وحيث انهما في بيت واحد ولعّل هذا العمل يسبب الحرج، فالأحوط عدم وضعها في ذلك المكان.

(مسألة 50): إذا كانت ثيابه نجسة وغسلت في المغاسل الخاصة، ولكن لم يعلم أنها غسلت بالماء أو المواد الكيميائية فلاتطهر تلك الثياب إلاّ مع العلم بانها غسلت بالماء. ولو شك في الطهارة والنجاسة فاستصحاب النجاسة جار.

(مسألة 51): قالوا الماء المستعمل في الحدث الأكبر لا يجوز استعماله للغسل مرّة ثانية ويسمى بالغسالة وصدق الغسالة انما يحصل بما إذااستعمل

ص: 90

الماء في الغسل ثم اجتمع مرّة اُخرى بعد الاستعمال في الاناء. أمّا لو اغترف من الاناء واغتسل في الخارج، فما بقى من الاناء لايعد من الغسالة، والمراد من الغسل هو الغسل الصحيح الذي يكون رافعاً للحدث، أمّا لو كان باطلاً لفقد شرط فلا تشمله الادلّة، ولا فرق في الغسل الصحيح بين أن يكون من البالغ أو غيره إذا قلنا بصحّه غسله. ولابدّ أن يكون في صدق الغسالة بالاتيان بتمام الغسل، فلو غسل رأسه في اناء ثم انصرف لايجري عليه حكم الغسالة، كما أنّه لو استهلكت الغسالة في ماء آخر فلا تعد غسالة. ولا فرق في صدق الغسالة بين أن يكون الغسل ترتيباً أو ارتماسياً. وأيضاً لا فرق في صدق الغسالة بين من غسل أو اغتسل بنفسه، ولو غسّله شخص آخر وجمعت غسالته في الاناء فلايجوز له الاغتسال بما اجتمع في الاناء مرة ثانية. أما المستعمل في الاستنجاء ولو كان طاهراً فلايجوز استعماله في رفع الحدث، وعدم جواز استعماله يكون شرطاً واقعياً لا علمياً، ولذا لوتوضأ بهذا الماء جهلاً أو اغتسل فوضوءه باطل. وحينما قلنا بعدم جواز استعماله فلايفرق بين أن يكون الاستنجاء من الرجل أو المرأة والخنثى والصغير والكبير، كما أنّه لو زال عين النجاسة بماء آخر ثم استنجى بالماء فالحكم يشمله.

(مسألة 52): هل أنّ المدعي للشيوعية يكون نجساً ؟

لا يخفى بأنّه تارة ينتمي اليها حيث يتخيّل بأنهم احسن الفئات، ولكن يصلي وباق على معتقداته فهو طاهر وإن كان فاسقاً، واُخرى يكونالانتماء

ص: 91

اليهم مع الاعتقاد بمبادئهم، حيث كان اعتقاده مستلزماً لانكار الضروريات فهو نجس.

(مسألة 53): هل يجوز للمرأة أن تتحيّض من خلال المجرى غير الطبيعي للحيض أم لا ؟

لايخفى بأنه تارة جعل لها مجرى غير طبيعي من جهة عارض كالمرض الموجود في المجرى الطبيعي، ومع ذلك كلا المجريين مفتوحين، فإذا خرج الدم منهما يحسب الدم الخارج من المخرج الاصلي حيضاً. واخرى المخرج الاصلي مسدوداً وقد خرج من غيره، ففي هذه الحالة ان كان الدم بصفات الحيض فيمكن أن تعمل بقاعدة الصفات فتجعله حيضاً. وثالثة يخرج الدم من دبرها فهنا إذا كان يخرج الدم من القبل أيضاً بمعنى أن المخرج الاصلي يكون مفتوحاً، فالخارج من القبل يكون حيضاً، أمّا إذا لم يخرج من القبل فهل يعد حيضاً أم لا ؟

قد نسب الى الشهيد (1)،

والمحقق الثاني في شرح القواعد، فقال في البيان لو خرج الدم من غير الرحم في ادوار الحيض لانسداد الرحم وكان بشرائط الحيض فالأقرب أنّه حيض مع اعتياده، كما حكي في زماننا عن امرأة يخرج الدم في ادوارها من دبرها، وقد ورد في مستدرك الوسائل روايات تدل على ذلك، منها ما عن جابر بن عبدالله الانصاري في حديث عن النبي (صلى الله

ص: 92


1- البيان : 16.

عليه وآله وسلم)قال لعلي(عليه السلام)ياعلي لايبغضك من قريش إلاّ سفاحي ولا من الانصار إلاّ يهودي ولا من العرب إلاّ دعي ولا من سائر الناس الاشقي ولا من النساء الاسلفعة وهي التي تحيض من دبرها(1).

وعن عيسى بن سلمان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: سمعناه وهو يقول جاءت امرأة شنيعة الى أمير المؤمنين(عليه السلام) وهو على المنبر وقد قتل اباها واخاها فقالت هذا قاتل الأحبة فنظر اليها فقال لها يا سلفع الى أن قال(عليه السلام) التي لاتحيض كما تحيض النساء (2).

(مسألة 54): لو اُخرج رحم المرأة تماماً بالعملية الجراحية فما يخرج منها من الدم لايكون بحكم الحيض ولا الاستحاضة سواء كان الخروج في أيام العادة أو غير أيام العادة.

(مسألة 55): الكحول المستوردة من الخارج اذا لم يعلم مباشرة يد الكفار في صنعها، ولم تثبت مسكّريتها فهي محكومة بالطهارة. إذن أن الاسپرتو والكولونيا مع عدم العلم بنجاستهما يكونان طاهرين.

ص: 93


1- مستدرك الوسائل : ج2 من أبواب الحيض، ح10.
2- مستدرك الوسائل : ج2 من أبواب الحيض، ح12.

(مسألة 56): الألبسة المصنوعة من الجلود المستوردة من البلاد غير الاسلامية هل هي طاهرة، ويجوز الصلاة فيها أم لا ؟ يجوز الصلاة إذا كانتمن الجلود الصناعية، أو لم يعلم أنّه منها أو من الجلود الطبيعيّة، أمّا اذا علم بأنّه من الجلود الطبيعيّة فهو محكوم بالنجاسة، ولايجوز فيها الصلاة.

(مسألة 57): إذا كان في البلاد الغير الاسلامية وركب الباص أو القطار ورأى الرطوبة المسرية على مقاعد الباص أو القطار ولم يعلم أنه من الكلاب أو الخمور أو الماء الذي استعملوه فهل هي محكومة بالطهارة أم لا ؟

الظاهر أنها محكومة بالطهارة إذا لم يقطع بنجاستها.

(مسألة 58): اذا استاجرت داراً من الكافر أو استعرت شيئاً من الأمور الحياتيّة كالثياب وأواني البيت والفراش فالظاهر أنّها محكومة بالطهارة حتى يعلم بالنجاسة.

(مسألة 59): هل المرأة تحتلم.

الظاهر أنّ المادّة التي تخرج منها ليس بمنيّ، ولو علم بخروج المني منها لابد لها من الغسل.

(مسألة 60): الملابس التي تغسلت وكانت نجسة فلايجب الفحص على انها غسلت بالماء أو المواد الكيمائيّة اذا كان المغسل مسلماً.

ص: 94

(مسألة 61): إذا دخلت بلدة إسلامية أو غير إسلامية فهل لابد من التأكد بان المراحيض العامة باتجاه القبلة أم لا ؟

الظاهر لا خصوصاً إذا كانت مسملة.

(مسألة 62): هل على من كان في بدنه رغوة صابون يجوز له ان يغتسل قبل زوالها ؟

الظاهر أنه جائز إذا لم يصدق عليه مادة الصابون بأن كانت الرغوة قليلة، وإلاّ فلا.

(مسألة 63): الخمرة إذا ازيلت مسكريتها فهل تبقى على نجاستها ومحرمت شربها. نعم تبقى نجسة ومحرّمة. على الاحوط.

ص: 95

كتاب الصلاة والصوم

(مسألة 1): ما حكم الصلاة في السفن الفضائية حيث لايميز الانسان بين الليل والنهار والصباح والمساء وعلى فرض وجوب الصلاة كيف يواجه القبلة وكذا بالنسبة الى سائر الأحكام ؟

نقول: أمّا وجوب أصل الصلاة مع عدم تمييز الليل والنهار مشكل، ولكن حيث ورد في الحديث «الصلاة لا تسقط بحال» (1)، فالأحوط أن يصلي كلّ أربعة وعشرين ساعة خمس صلوات، وأما بالنسبة الى القبلة فيتوجه الى القبلة، ومع عدم امكانه تسقط شرطية القبلة. أمّا بالنسبة الى الطهارة، فإن امكن تحصيل الماء فيتوظأ وإلاّ فيتيمم ولو بالغبار، وأما إذا كان فاقد الطهورين تسقط الصلاة كما مر بيانه.

(مسألة 2): من كان في مكان وقد دخل وقت الظهر وصلى الظهر، ثم سافر الى مكان ولم يدخل الوقت فيه، فهل تجب عليه الصلاة ثانية أم لا ؟

ص: 96


1- كما مر، ذكرناه فى 71.

نقول من أنّه لايجب في اليوم الواحد اكثر من خمس صلوات، وقد صلى الظهر فلا يجب عليه اعادتها لان التكليف قد سقط، ومن أن التكليف الفعلي الاتيان بالصلاة لاطلاق الروايات، حيث ورد فيها «اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر» كما في صحيحة عبيد قال: قال(عليه السلام): «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر جميعاً، إلاّ أن هذه قبل هذه ثم انتم في وقت منهما جميعاً حتى تغيب الشمس» (1) وغيرها من الروايات. إذن بناءً على الاحتياط الوجوبي الاتيان بها مرة ثانية. وهكذا لو أن المكلف لم يصلي الصبح حتى طلعت الشمس، أو لم يصلي الظهر والعصر حتى غابت الشمس، ثم سافر الى محل بعد لم يطلع الفجر، ولم تغرب الشمس، فلابد من الاتيان بالصبح أو الظهر والعصر.

(مسألة 3): هل يجوز الصلاة (إذا كانت ثياب الرجل مرطوبة) على فراش الكفار ؟

الظاهر الجواز اذا لم يعلم بنجاسته.

(مسألة 4): هل تصح الصلاة في ثوب غير مخمّس.

الظاهر أنّه لايجوز إذا كان عين الخمس فيه، أما اذا اشترى بالمال الغير المخمّس فبما أنه غالباً لايشترى بعين المال فالصلاة صحيحة.

ص: 97


1- وسائل الشيعة : الباب 5 من أبواب المواقيت، ح5.

(مسألة 5): اذا كان في بدنه جرح أو قرح، وخرج الدم في أثناء الصلاة فما حكمه ؟

الظاهر تكون صلاته صحيحة.

(مسألة 6): هل يجوز الصلاة على المناديل الورقية (الكلينكس) ؟

الظاهر عدم الجواز، وأن لم يعلم بأنها مأخوذة من المأكول أوالملبوس لانه لابد من العلم بانها من الارض أو ماينبت منها.

(مسألة 7): الغواص إذا لبس لباس الغوص وارتمس هل يكون صومه باطل ؟

الظاهر ذلك لصدق الارتماس عليه.

(مسألة 8): الطفل في أوائل بلوغه أفطر في نهار شهر رمضان، ولو ببعض الأشياء التي لم يكن يتصورها مبطلاً، ولم يكن يتوجه بأنه لابد أن يسئل، فهل يجب مع القضاء الكفارة ؟

الظاهر لا لعدم صدق التعمد عليه.

(مسألة 9): إذا أكره أحد الزوجين على الجماع في شهر رمضان، فان كان هو الزوج فعليه كفارتها أيضاً، وأما إذا كان المكره الزوجة فان على كل واحد منهما كفارة.

ص: 98

(مسألة 10): من كان عليه القضاء فهل يجوز له اختيار الشتاء أو البلدان التي يكون النهار قصيراً فيها ؟

الظاهر لا مانع من ذلك.

(مسألة 11): الصائم هل يجوز له الاشتراك في مسابقات السباحة ؟

لامانع من ذلك إذا لم يسبب الارتماس.

(مسألة 12): من أصبح أجيراً للاتيان بصلاة القضاء للغير، لابد أن يعمل على طبق رأي مقلده لاتقليد المنوب عنه، والاحوط وجوباً لابد أن يأتي بأحوط الامرين.

(مسألة 13): يجوز الاتيان بالصلاة في البيع والكنائس للاصل، لما ورد من الروايات.

منها عن العيص بن القاسم قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن البيع والكنائس يصلّى فيها فقال: نعم» (1).

ص: 99


1- وسائل الشيعة : باب 13 من أبواب مكان المصلي،ح1.

وعن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته في الصلاة في البيع والكنائس وبيوت المجوس ؟ فقال: رشّ وصلّ» (1). وغيرها من الرويات.(مسألة 14): من كان مسافراً ونوى الصوم قبل طلوع الفجر، ولكن سافر الى محل بعدُ لم يطلع الفجر فيه فله أن يأتي بالمفطرات.

(مسألة 15): لو كان في محل وكان اليوم الاخير من شعبان، وقد بقي في ذلك المكان الى الغروب، ثم سافر الى محل كان ذلك اليوم شهر رمضان، واصبح الشهر في ذلك المكان تسعة وعشرين يوماً، فلابد له أن يقضي ما فاته من اليوم الأوّل، لأنه سوف يكون رمضانه ثمان وعشرون يوماً.

(مسألة 16): من كان نهاره ستة أشهر وكذلك ليله، أو نهاره ثلاثة أشهر وليله كذلك فهل يسقط التكليف بالنسبة الى القاطنين في تلك المناطق، خصوصاً بالنسبة الى من لم يتمكن من الهجرة.

قد يقال بسقوط التكليف، لأنه لايتعلّق إلاّ بالمقدور، وهو غير متمكن منه إلاّ من ثلاث صلوات، الصبح والمغرب والعشاء، أمّا الظهر والعصر فموضعهما غير موجود ولكن بما أنّ الآيات والروايات تحثّان على وجوب

ص: 100


1- وسائل الشيعة : باب 13 من أبواب مكان المصلي، ح2.

التكليف على كلّ احد فانّه يجب ذلك، كما في قوله تعالى: {واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} (1) وقوله تعالى: {كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذينمن قبلكم} (2) وغيرهما من الآيات. وكذا الروايات الواردة. منها صحيحة عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث الكبائر قال: «تارك الصلاة كافر يعني من غير علة» (3) وأنت ترى بأنه يظهر من اطلاق هذا الحديث، بأنّ التكليف متوجّه الى كلّ أحد وفي كلّ زمان ومكان. إذن الساكنين في هذه الأماكن يشملهم اطلاق الآيات والروايات، وكذا خبر القداح قال: جاء رجل الى النبي | فقال: «يا رسول الله أوصني فقال لا تدع الصلاة متعمداً فإنّ من تركها متعمداً فقد برئت منه ملّة الاسلام» (4) فتارك الصلاة في أي مكان كان إذا كان متعمداً فقد يخرج عن ملّة الاسلام. فتأمّل.

اذن سقوط التكليف لا معنىًً له، لأنّه إذا تمكّن من الهجرة فلابدّ منها، كما أنّه يجب الهجرة على من لم يتمكن من الاتيان وإعلان الشرائع الاسلامية. انظر خبر عيسى بن أبي العلاء عن أبي عبدالله(عليه السلام)«أنّ رجلاً أتى أبا جعفر×فقال: أصلحك الله إنّا نتّجر الى هذه الجبال فنأتي منها على امكنة لا نقدر أن نصلي إلاّ على الثلج فقال: افلا ترضا أن تكون مثل فلان يرضى بالدون ثم قال لا تطلب التجارة في أرض لا تستطيع أن تصلي إلاّ على الثلج»

ص: 101


1- النور : 54.
2- البقرة : 187.
3- وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب اعداد الفرائض، ح4.
4- وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب اعداد الفرائض، ح5.

.(1) فإذا كانت الصلاة في مكان، كان أصل الاتيان بها ممكن، ولكن بعض شرائطها غير موجودة فلايجوز البقاء في ذلك المكان أو السفر الىذلك المكان فبطريق أولى البقاء في مكان لايتمكن من اصل الاتيان بالصلاة غير جائز قطعاً، ولكن مع عدم التمكّن من الهجرة، سواء هاجر اليها ولم يتمكن الخروج منها، أو تولد في ذلك المكان ولم يتمكن من الهجرة فالأحوط الاتيان بالصلاة في كلّ أربعة وعشرين ساعة خمس صلوات متفرّقات، والأحوط القضاء بمقدار ما فات منه في تلك الاماكن بعد أن يخرج منها.

كذا بالنسبة الى الصوم فيجب عليهم الخروج الى بلاد يتمكّنون فيه من الصوم كما مر في الصلاة. ومع عدم التمكن فالأحوط الصوم، بل بعد الاستعلام عن شهر رمضان في البلاد القريبة منهم من حيث وقوع شهر رمضان أو الساعات.

قال في كتاب الصوم من العروة المسألة العاشرة: إذا فرض كون المكلف في المكان الذي نهاره ستّة أشهر، وليله ستة أشهر أو نهاره ثلاثة أشهر وليلة ستة أشهر،أو نحو ذلك فلا يبعد كون المدار في صومه وصلاته على البلدان المتعارفة المتوسطة مخيراً بين أفراد المتوسط. وأما احتمال سقوط تكليفهما منه فبعيد كاحتمال سقوط الصوم وكون الواجب صلاة يوم واحد وليلة واحدة.

ص: 102


1- وسائل الشيعة: باب 68 من أبواب ما يكتسب منه، ح1.

ويحتمل كون المدار بلده الذي كان مستوطناً فيه سابقاً إن كان له بلد سابق انتهى كلامه (1).ولا يخفى أنّه لم يبين من أنّه إذا تمكّن من الهجرة وعدمها ولم يبيّن أنّه يصلي منفصلاً أو دفعة واحدة والأقوى ما ذكرنا بأنه يجب عليه الهجرة مع الامكان ومع عدمه يصلي في أربعة وعشرين ساعة خمس صلوات متفرقات.

(مسألة 17): لايخفى أنّ نفس السفر من حيث هو سفر ليس من المفطرات كالأكل والشرب والجماع، ولذا لو قصد السفر ولم يسافر فلايكون صومه باطلاً بل مفطريته من باب الوصف بحال المتعلق لا بحال الذات ويشهد بذلك الأصل وحصر أدّلة المفطرات. نعم لا يجوز قصد الصوم في السفر وهذا لايدلّ بأن السفر من حيث هو من المفطر كما لو أكل عمداً، ولذا لو سافر عمداً ثم رجع الى وطنه قبل الزوال ولم يأكل في السفر ونوى الصوم يكون صومه صحيحاً.

(مسألة 18): إذا سافر شخص بعد غروب الشمس وأفطر في بلده ثم وصل الى مكان بعدُ لم تغرب فيه الشمس فهل يجب عليه الإمساك الى الغروب ؟

ص: 103


1- العروة الوثقى : ج2 فصل 12، مسألة 10.

الظاهر عدم الوجوب كما عليه الاستاذ الأعظم(قدس سره) بقوله: الظاهر عدم الوجوب لأنه قد أتمّ الصوم الى الغروب في بلده ومعهلامقتضي له كما هو مقتضى الآية الكريمة: {ثمّ اتمّوا الصيام الى الليل} (1). ولكن الاحوط الامساك الى الغروب.

(مسألة 19): لو كان ضعيف المزاج ولايمكنه الصوم في الصيف مع وجود الحرّ طول النهار فهل يجوز له بلع الحبوب المنوّمة لكي يتمكّن في هذه الصورة من الصوم فتفوته صلاة الظهر ؟

الظاهر عدم الجواز ولايكون ضعف المزاج سبباً لجواز الافطار. نعم لو كان لم يطيق الصوم اصلا فيسقط عنه الصوم.

(مسألة 20): لو كان في القطب المنجمد ولم يوجد فيه ماء إلاّ الثلج فكيف يكون وضوئه ؟

نقول: أن أمكن له من اذابة الثلج فلابدّ له من ذلك ليتوضأ وإلاّ فيمسح مكان وضوئه بالثلج فيكفي وضوئه تدهينيا والأحوط ان كان هناك تراب فعليه التيمم أيضاً ويصلي.

ص: 104


1- البقرة : 187.

(مسألة 21): هل الماء والتراب الموجودين في الكواكب الاخرى حكمهما حكم الموجودين على الكرة الارضية فيمكنه من الوضوء والطهارة بهما ؟الظاهر ذلك كما ذكرنا كراراً بأنّ الحكم تابع للموضوع فمتى وجد الموضوع وجد الحكم.

(مسألة 22): إذا أحدث السحاب والمطر بواسطة القنابل المولدة للسحاب والمطر الصناعيين فهل حكم المطر فيه حكم المطر الطبيعي ؟

لا يخفى بأنه طاهر ومطهر أمّا جريان حكم المطر الطبيعي عليه محلّ إشكال، كما لو قلنا بان المتنجس بالبول لايحتاج الى التعدد فهنا لابدّ من غسله متعدّداً.

(مسألة 23): من يرى وهو في الجوّ كسوف الشمس أو خسوف القمر فهل تجب عليه صلاة الآيات ؟

الظاهر وجوب الصلاة عليه، لاطلاق الروايات.

(مسألة 24): قد يقال بأنّا لسنا من الأمة العربية ولساننا أعجمي فلماذا نصلي باللغة العربية ؟ فنقول:

ص: 105

أ - قال الله تبارك وتعالى: {إنّا أنزلناه قرآناً عربيّاً لعلّكم تعقلون} (1) ولا يخفى بأن للغة العربية خصوصيات ممتازة وقابليات كثيرة من المعاني والظواهر بل لها قواعد كثيرة يمكن استخراج المعاني العديدة منها وقد يكون في آية عشرات الفوائد وتفكّر وتعقّلالمسلمين في هذه العبارات العربية الواضحة يكون سبباً ودليلاً للوصول الى بطون الحقائق ونتائج ممتازة وهذه الأمور قد لاتستفاد من بقية اللغات علاوة على ذلك لو اُنزل فرضاً القرآن أو اصبحت الصلاة بلسان غير عربي يأتي الاشكال بنفسه.

ب - أن الله تبارك وتعالى قد أمر بوحدة الكلمة ومن المصاديق البارزة لها هو وحدة اللسان والدين والعبادة، فلو صلى كلّ شخص بلسانه الخاص قد يكون سبباً للتفرقة في صفوف المسلمين.

ج - لو كان كلّ جماعة من المسلمين يصلون بلسانهم الخاص فيصبح هذا سبباً للتباعد بين المسلمين وقد ورد في القرآن الكريم بقوله {بلسان عربي مبين}(2) ويصبح المسلمون بعيدون عن الوحدة والعمل بالدين الصحيح، وقد تدخل كلّ طائفة بدعة في الدين، ويقطع دين الله وكذا الحقائق الالهية، ويصبح دين الحقّ من المنسيات فيكون غريباً واجنبياً عند المسلمين، وهناك اشكالات اخرى لايسع المجال لذكرها. ثم أن العبادات من الاُمور التعبدية وبما أنا اُمرنا بالقراءة العربية فلابدّ من قرائتها كذلك ونكتفي بما بيّنا.

ص: 106


1- يوسف : 2.
2- الشعراء: 195.

(مسألة 25): قالوا: بأن الافطار بالمحرم موجب لكفارة الجمع، لكن هذا يصدق فيما إذا افطر في اثناء النهار، أمّا لو افطربعد الغروب فلا، وأيضاًيصدق فيماكان واقعاً من شهر رمضان، أمّا لو علم أنّه من شهر رمضان ثم بان بأنّ اليوم ليس من شهر رمضان، فلايكون افطاره على الحرام موجباً لوجوب الكفارة، ولكن لافرق في وجوب الكفارة بين علمه بالتحريم أم لا. إلاّ أن يقال: يشترط في الوجوب التعمد ومع جهله لايصدق عليه التعمد، كما يصدق الافطار على الحرام لو افطر على مال الغير بدون اذنه.

(مسألة 26): لو غرق شخص فيجب على كلّ من يعرف السباحة نجاته من الغرق ولو كان في شهر رمضان، فلو ارتمس المنجي له في الماء بطل صومه ولو كان قد لبس لباسه المخصوص على الأحوط.

(مسألة 27): لو صنعت آلة عليها تربة تشخص عدد الركعات وهي متوفرة الآن في الأسواق فهل العدّ وبيانه بواسطة هذه الآلة يكون حجّة أم لا ؟

الظاهر لا، إلاّ إذا حصل للشخص اليقين بهذا العدّ، أمّا في صورة كثرة الشك الظاهر وجوب استعمال هذه التربة للتخلص من الشك أو الوسوسة.

ص: 107

(مسألة 28): لو نهض شخص من نومه وقد طلعت عليه الشمس فاصبحت صلاته قضاء فهل يجب عليه السفر الى مكان بعدُ لم تطلع فيه الشمس، فلو سافر والحال هذه فهل الصلاة تكون أداء أو قضاء ؟الظاهر لا يجب عليه السفر، لان كلّ شخص مكلف بأداء الفريضة وفقاً لمحله وإن لم يصلي المكلّف في وقته حتى أصبحت صلاته قضاء، أمّا لو سافر الى ذلك المكان وبعدُ لم تطلع الشمس وصلّى هناك الصلاة الفائتة بقصد الاداء. والأحوط أن يصلي بقصد ما في الذمة.

(مسألة 29): لو كان وجه الرجل الى الخلف ففي حال الصلاة لابدّ أن يكون مقاديم بدنه الى القبلة وفي حال السجدة يضع التربة على ناصيته.

(مسألة 30): لو اوصى شخص بالصلاة والصوم وعيّن مزرعة للتصرّف في هذا فلو زادت قيمة المزرعة على ما عيّنه الموصي فما يصنع بالزائد ؟

الظاهر أن تلك الزيادة تكون بمنزلة الزيادة العينية الخالية عن الوصية فتدخل تلك الزيادة في مال الميت ويرجع الى الورثة.

(مسألة 31): لو قرأ شخص الآيات أو الأحاديث خطأ وهو صائم في شهر رمضان، فتارة أنّه كان من قصده صحيحاً ولم يعلم بذلك، وفي ضمن القراءة علم أنه يقرأ خطأ، ففي هذه الحالة لو استمّر على ذلك وهو يعلم أن هذه القراءة تكون مغيرة للمعنى، وهو ينسبه الى الله ورسوله | فقراءته تكون

ص: 108

حراماً وموجبة لبطلان صومه. وتارةً اُخرى من قصده أنها صحيحة ولم يعلم بذلك أصلاً ففي هذه الحالة الاستمرار على ذلك جائز ولا يكون مبطلاً للصوم.(مسألة 32): من كان أجيراً فهل يجب أن يعمل على طبق مقلده أو على طبق تقليد المنوب عنه ؟

الظاهر أن يعمل على طبق قول مقلّده إلاّ إذا عيّن الموجر للأجير ذلك فيجب عليه العمل بذلك التعيين. هذا إذا لم يكن ما قاله المستأجر في نظره باطلاً، وإلاّ لابدّ أن يأتي بما هو الصحيح عنده، والأحوط وجوباً أن يعمل بأحوط الأمرين كما مر.

(مسألة 33): هل يجوز للانسان أن يصلي في معبد أو كنيسة لليهود أو النصارى بدون إذنهم أم لا ؟

الظاهر ذلك لاطلاقات النصوص وللأصل، وأنها وضعت للعبادة ولا تكون ملكاً لهم.

(مسألة 34): هل يجوز ركوب الآليات التي يعلم المكلف إذا ركبها سيمضي تمام الوقت عند حركتها، ولايمكن له الخروج من تلك الآلة (كالطيارة والسيارة) مثلاً لأداء الصلاة خارجها ؟

الظاهر الجواز خصوصاً إذا كان السفر ضرورياً ويصلي فيها.

ص: 109

(مسألة 35): لايمكن اثبات الهلال إلاّ بالرؤية المجرّدة فلا تثبت رؤيته بالمكبّرات ولا بالعقول الالكترونية، لما ورد في الحديث «صم لرؤية الهلال وافطرللرؤيتة» (1) كما أنّه لا يمكن اثبات الاتهام أو براءة الأشخاص بالعقول الالكترونية، بل لابدّ أن يكون بما عيّنه الشارع كشاهدين عدلين.

(مسألة 36): لايخفى بأن في بعض الاُمور يشترط بعض الاشياء كالعدالة بالنسبة لامام الجماعة والقاضي فهل هناك فرق بين عدالتيهما وعدالة الشهود في الطلاق ؟

لابدّ أوّلاً من بيان معنى العدالة كما عليه الفقهاء.

يقول السيد الاصفهاني(قدس سره) في الوسيلة: هي عبارة عن ملكة راسخة، باعثة على ملازمة التقوى من ترك المحرّمات والاتيان بالواجبات، وتعرف بحسن الظاهر ومواظبته في الظاهر على الشرعيات والطاعات ومزايا الشرع من حضور الجماعات وغيرها، مما كان كاشفاً عن الملكة وحسن الباطن، علماً أو ظنّاً وتعرف أيضاً بشهادة العدلين وبالشياع المفيد للعلم، وتزول صفة العدالة حكماً بارتكاب الكبائر والاصرار على الصغائر بل بارتكاب الصغائر، على الأحوط وتعود بالتوبة إذا كانت الملكة المذكورة باقية (2).

ص: 110


1- وسائل الشيعة : باب 3 من احكام الصوم، ح8.
2- وسيلة النجاة : ج1، 7 - 8.

وهل التقابل بين العدالة والفسق تقابل العدم والملكة أو تقابل النقيضين أو تقابل التضاد ؟

الظاهر أنّ التقابل بينهما هو تقابل التضاد لأنه ولو لم يمكن جمعهما ولكن يمكن رفعهما فإن المكلف في أوّل بلوغه ليس بفاسق ولا عادل، ولو أتىبالواجبات وترك المحرمات، لأن ما يصدر منه من الواجبات وترك المحرمات لم يكن صدورها منه عن الملكة. إذن ليس بعادل ولا يصدق عليه الفاسق، لأنّه لم يصدر منه معصية.

وقال البعض: المراد بالعدالة الاستقامة في السلوك - بالسير على وفق احكام الشريعة الملزمة والتي تنشأ عن بواعث نفسية نتيجته دربة ودراية لتمثل واقع الاسلام ولعلّ القائلين بالملكة لايريدون أكثر من هذه البواعث، كما أنّ القائلين بالاستقامة لايريدون إلاّ هذا النوع منها، لا عدم صدور المخالفة الشرعية فحسب» (1).

ولكن الحق أنّ من يريد بها ترك المحرمات والاتيان بالواجبات، إنّما هو بعد حصول هذه الصفة الراسخة، والتي تكون باعثة على ملازمة التقوى، ومن يقول بالاستقامة اي من لم تصدر منه المخالفة الشرعية والذي اخذ بالطريق المستقيم فبناء على ان الملكة كما ذكرنا التقابل بين الفسق والعدالة بنحو التضاد وبناء على هذا التعريف بالاستقامة تقابل النقيضين أي لايرتفعان ولايجتمعان. إذن بين التعريفين تباين لا أنهما بمعنى واحد كما ذكر.

ص: 111


1- الفقه المقارن : 645.

(مسألة 37): لايخفى بأن طلوع الشمس الموجب للقضاء هو طلوعها في المحلّ ولو لم ترى بالعين من جهة المانع فلو طلعت الشمس في المحلّ وكانالجبل مانعاً فصلاته تكون قضاء فلو رأى شعاع الشمس على الطائرة وانكشف أن الشمس كانت طالعة والجبل كان مانعاً فصلاته قضاء.

(مسألة 38): ان اصيب شخص بمرض الأعصاب الحاد وعيّن له الطبيب دواء فإن تناوله اصبحت حالته مستقرة تماماً ويمكنه من أداء التكاليف، وإلاّ يصبح كالمجنون وتفوت عليه فرص أداء العبادات من صلاة أو صوم ونحوهما فما حكمه في ترك الدواء عمداً ؟

نقول يقع الكلام تارة من جهة الحكم التكليفي، واخرى من جهة الوضعي.

أمّا بالنسبة للأول فيجب عليه شراء الدواء وشربه إلاّ إذا لم يتمكن من ذلك.

وأما من جهة الحكم الوضعي فهو بمثابة من ترك الصلاة والصوم عمداً فلابدّ له من القضاء والأحوط إعطاء الكفارة.

(مسألة 39): إذا سمع المكلف من الاجهزة الصوتية كجهاز التسجيل أو المذياع أو الاجهزة المرئية (التلفزيون) قراءة آية السجدة فهل يجب عليه السجود أم لا ؟

ص: 112

قد يقال بالوجوب لاطلاق الآية {وإذا قرىء عليهم القرآن لايسجدون} (1) الظاهر انّ المراد منها آيةالسجدة أو الأعم منها. أمّا الاستماع من الهاتف (التليفون) فيجب السجود حيث توفر الشروط للوجوب وهو صدق القرآنيّة من النية وقصد القرآنيّة ونفس الصوت التي قصدت به القرآنيّة يأتي بواسطة الأسلاك.

أما السماع من الاجهزة المرئية (التلفزيون) فتارة هناك شخص حاضر فيجب السجود حيث الاصوات تأتي بواسطة الاسلاك. وأما إذا سجل القرآن في المسجل فيلقى الصوت، فيكون حكمه حكم حبس الصوت فلايجب السجود حيث إنّ الصوت ليس بصوت القارى بل هو صوت جديد حصل من اصطكاك جسم بجسم، وكذا لايجب لو سمعها من النائم أو الصبي الغير المميز حيث الصدور منهما ليس عن قصد بل هو لقلقة لسان.

(مسألة 40): النهي في العبادات موجب للفساد فهل في المعاملة يأتي على الاطلاق أو لا أو أنّه يأتي في الجملة ؟ أمّا فسادها في العبادات لانها بنفسها تكون قربيّة، ولابدّ أن يكون العمل متقرباً به الى الله، وورود النهي يقتضي كونه مبغوضاً والمبغوض لايصلح أن يكون مقرباً. أمّا في المعاملات - كما يقول بعض المحققين - فالنهي لا يخلو إمّا أن يكون لذات المعاملة، أو لركنها، أو غير الركن من أجزائها، أو وصفها اللازم او المفارق، أو لامر خارج

ص: 113


1- الانشقاق : 21.

عنها. فإذاً كان لذاتها وقد ورد النهي «عن بيع ما ليس حاضراً عنده» (1)

أو «ما احب ان يبيع ما ليس له» (2) أو لاركانها مثل قوله «ثمنالكلب سحت» (3) بعدما كان أي الثمن والمثمن ركنا المعاملة، وأما مثال النهي للأجزاء الغير الركنية، مثل النهي عن بيع غير البالغ، فإن البلوغ وإن لم يكون ركناً في المعاملة ولكن من جهة لزوم رضاهما فهما جزءان. وأما النهي عن أوصافها اللازمة كالنهي عن ملك الرجل عموديه ومحارمه، فإن الملكية من آثار البيع اللازم وأما لوصفهما المفارق كالمنع عن لزوم المعاملة بخيار أو فسخ، فإن اللزوم وصف مفارق لها، وأما ما كان لأمر خارج فمثل النهي عن البيع وقت النداء، لقوله تعالى: {فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع} فهل مثل هذا النهي يقتضي الفساد أم لا ؟

لايخفى بأن النهي إذا ورد على المصدر فلايقتضي الفساد، وأما إذا ورد على اسم المصدر فيقتضي الفساد، كما أن النهي عن الاركان يقتضي الفساد اتفاقاً، وأما الباقي فيكون محل خلاف، والذي هو محل النظر هو أن ينظر الانسان في كلّ مورد بخصوصه، حتى يظهر منه أنّ النهي هناك يستوجب الفساد والحكم الوضعي، أو فيه الحرمة فقط في الحكم التكليفي فمثل حديث النهي عن بيع الغرر حيث إنّ النهي هو الجهالة والاقدام على الخطر التي ترد

ص: 114


1- وسائل الشيعة : باب 7 من ابواب احكام العقود، ح2.
2- وسائل الشيعة : باب 7 من أبواب عقد البيع وشروطه، ح5.
3- وسائل الشيعة : باب 14 من ابواب ما يكتسب به ح8.

على الثمن أو المثمن وهما ركنان. ولا ريب أنّه يدل على الفساد. أمّا مثل بيع العمودين بما أن الرجل لايملك عموديه يحتمل الحرمة والأظهر الفساد. إذن بما أن النهي يكون على قسمين وضعي أو تكليفي فلابد من وجود القرائن لكي يعرف من أي منهما.(مسألة 41): هل ادخال الطبيب يده في فرج المرأة للفحص أو التنظيف مبطل للصوم أم لا ؟

الظاهر عدم البطلان لعدم صدق الاحتقان عليه وهكذا ادخال الدهن في داخل الفرج، وكذا ما يصل الى داخل البدن بواسطة الاوعية الدموية، أو الابرة المغذية وأما ما يصل الى العظم والابرة المغذية الاحوط تركه، وهكذا ادخال المناظير للجوف لأخذ الصورة للكبد وغير، واخذ عينة من داخل البدن إلاّ إذا سبب ادخال هذه الامور الماء أو غيره الى المعدة.

(مسألة 42): الأشخاص الغير مبالين بوجوب الصوم، إذا لم يصوموا في شهر رمضان فهل يجب عليهم القضاء والكفارة ؟

لايخفى بأنه تارةً لم ينو الصوم ولم يتناولوا من المفطرات، فهنا لايجب عليهم إلاّ القضاء فقط، وأما إذا أتوا بالمفطرات فيجب عليهم القضاء والكفارة.

(مسألة 43): لو افطر شخص في نهار شهر رمضان متعمداً ثم حصل له عذر قهري، كالحيض والمرض والجنب فهل تسقط هذه الأعذار عنه الكفارة أم لا ؟

ص: 115

الظاهر عدم سقوط الكفارة.

(مسألة 44): لوكان عليه قضاء صوم الفائت ولم يبقى الى رمضان إلاّ بمقدار ما يجب عليه صومه، فهل يجوز له السفر ؟الأحوط إذا لم يكن سفره ضرورياً ترك السفر والاتيان بالصوم.

(مسألة 45): هل تصح الصلاة في دار من لايخمس ؟

لابأس في ذلك إذا لم يعلم بتعلق الخمس بنفس تلك الدار.

(مسألة 46): لو كان في بلاد الكفر والنهار قصير بحيث أن صلاة الصبح تقع في وقت العمل والغالب من عمال المسلمين يقعون في حرج شديد، إذا أدّوا الصلاة لعدم وجود المكان الطاهر أو نجاسة بدنه وعدم توفر الالبسة الطاهرة، أو يسخر منه أثناء ادائه للصلاة فماذا يصنع، فهل يصلي في ذلك المكان أو يؤدي صلاته في البيت قضاءً ؟

الواجب أن يصلي في نفس المكان بأي شكل اتفق، والسخرية لاتكون سبباً لرفع الحكم الشرعي.

(مسألة 47): من يسافر لأجل التبليغ أو لطلب الدراسة بحيث لم يبق في بلده عشرة أيام فلابدّ له أن يتمّ، لأن السفر الذي يوجب عليه القصر هو

ص: 116

السفر العادي، وهذا خارج عنه ولو لم يصدق عليهم أن عملهم السفر ولايعد التبليغ أو الدرس شغلاً لهم.

(مسألة 48): لايجوز لمن صلى صلاة العيد إماماً أن يصليها مرة ثانية، لأنه بدعة. بخلاف صلاة الآيات.(مسألة 49): يتحقق الوطن بالنسبة الى المهاجر بأن يبقى بمقدار يصدق عليه عرفاً أنّه وطن.

(مسألة 50): لا يجوز تقديم الطعام للضيف العاصي المفطر، ولو كان ذات شخصية خصوصاً إذا كان العمل تأييداً وتشويقاً له.

(مسألة 51): إذا قال الطبيب بأن الصوم خطر فلابد له من الافطار مسلماً كان الطبيب أو كافراً، إلاّ إذا يعلم بحاله بأنه يستطيع الصوم.

(مسألة 52): لو لم يشخّص الطبيب المعالج بأن الصوم يضرّ بالمريض فلايجوز له الحكم بجواز الافطار.

(مسألة 53): لو أمكن من تجفيف الحنطة أو الشعير في اقراص لتكون مادة غذائية مشبعة من خلال القرص الواحد لشخص واحد، فهل يمكن أن يكون هذا القرص عوضاً عن اعطاء الطعام لكل شخص كفارة عن الصيام،

ص: 117

أي أنّه يدفع ستين قرصاً من هذه الاقراص المجففة لستين مسكيناً عوضاً عن اشباعهم الطعام ؟

الظاهر عدم الجواز لانصراف الادلّة عنها والظاهر من الادلة هو الاشباع من خلال ماورد بالدليل من الحنطة والشعير أو الخبز وغيرها.

ص: 118

ص: 119

كتاب الخمس والزكاة

(مسألة 1): هل يجوز للمجتهد أن ياخذ الخمس من شخص الذي يقلد مجتهداً آخر ؟

الظاهر جواز ذلك. ولو نهى مرجع تقليد ذلك الشخص عن ذلك، وإن كان لايجوز للمقلد اعطاء الخمس إلاّ لمقلده. في صورة المنع.

(مسألة 2): الشخص الذي يكون الخمس في أمواله وحسب أمواله وأصبح الخمس معلوماً، حتى ولو عزله ولكن مادام لم يؤد الخمس فلايجوز له التصرف في بقية أمواله، والعزل لايفيد لذا يجوز ان يبدل ما عزله قبل الاعطاء.

(مسألة 3): الراتب الذي يعطى للعائلة اللاجئة في الدول الاروبية حسب افراد العائلة، فهل الخمس يتعلق بكل الراتب وفيه حصة الاطفال، أم يتعلق بحصة البالغين ؟

ص: 120

الظاهر انه يتعلق بالمجموع ولكن لايجب دفع خمس حصة الاطفال الاّ بعد البلوغ.

(مسألة 4): هل يجوز اعطاء سهم الامام لاقرباء صاحب المال مع احتياجهم ؟

الظاهر لايجوز ومادفعه بدون الاجازة لايحسب خمساً.

(مسألة 5): التصرف في حق الامام لايجوز الاّ مع الاذن من حاكم الشرع سابقاً.

(مسألة 6): إذا اشترى بضاعة من المال المخمس وبقيت في دكانه سنتين ولم يبع فلايجب فيه الخمس، نعم لو بيع ولو بعد سنتين وارتفعت قيمته السوقية يجب الخمس في الزائد.

(مسألة 7): هل يجوز اعطاء الصدقات في الأمور الخيرية ؟ فنقول تارة يدفع المالك بعنوان الفقير فلايجوز، واخرى يكون اعطائه مطلقاً ولم يقيد بالفقير ففي هذه الصورة جائز.

ص: 121

(مسألة 8): من كان مديوناً وعليه الزكاة الواجبة ولم يتمكن من أداء دينه واذا أراد أن يبيع بعض آلات حرفته يقع في الضيق ففي هذه الحالة هل تسقط عنه الزكاة ؟

لاتسقط.

(مسألة 9): إذا صرف الزكاة في غير محله، كمن بنا غرفة في المسجد وجعلها مكتبة من مال الزكاة، وبما أن التصرف في الوقف غير جائز، فلابد في هذه الصورة من نقل المكتبة وتخريب الغرفة وأما ما صرف من مال الزكاة على هذه الغرفة فهو ضامن.

(مسألة 10): نسب الى بعض الدراويش بأنهم يأخذون من الناس عوض الخمس العشرية، الظاهر مايأخذونه سحت وحرام وبدعة.

(مسألة 11): من كان له رأس سنة، واشترى في أثناء الحول اُموراً كالاجهزة المرئية (التلفزيون) وغيره، فهذه تارة تكون مورد حاجته واخرى لا ؟

ففي الصورة الثانية لابدّ من اعطاء خمس المبلغ الذي اشترى به تلك الامور.

(مسألة 12): لو اشترى في أثناء السنة الجهزية للبنت فهل فيه خمس ؟ تارة تشتري المرأة لنفسها، واخرى يشتري ابوها، ففي الصورتين إن كانلهما

ص: 122

رأس سنة فلا خمس، أمّا لو بقي المال مدة سنة وبعد ذلك اشترى به فلابد من اعطاء خمسه لكن لو اشترى الاب لابنه وسائل لكي يحتاج في المستقبل اليها، ولايقع في الحرج فيما أن هذا العمل ليس متعارفاً بين الناس فلابد من اعطاء الخمس كما أن شراء الجهزية للبنت في بلد لم يكن من الاُمور المتعارفة فلابدّ من اعطاء خمسه.

(مسألة 13): لو مات الزارع وعليه دين مستغرق. فإن مات بعد تعلّق وجوب الزكاة وجب اخراجها، بلا فرق بين الدين المستغرق وعدمه بعد ما كانت الزكاة متعلقاً بالعين، وإن كان الموت قبل التعلق فهناك صور: الاولى: فان قلنا بالبقاء على حكم مال الميت وعدم الانتقال الى الورثة فلايجب الزكاة لعدم الملك. الثانية: يكون الانتقال اليهم مع تعلّق حقّ الغرماء بالمال فهنا أيضاً لايجب الزكاة لعدم امكان التصرف. الثالثة: أن المال ينتقل اليهم فيجوز لهم التصرف، ولكن يجب على الورثة تفريغ ذمة الميت، وهذا يكون حكماً تكليفياً، إلا أنّه يحدث في تركة الميت حكماً وضعياً فيجب الزكاة حينئذ.

الظاهر هو القولين الأولين، لأن الغرماء يتمكنون من منع الورثة من التصرف في مال الميت (إلاّ بعد اداء الدين). اذن لايجب الزكاة مع الدين المستغرق وغير المستغرق إلاّ بعد أداء الدين.

(مسألة 14): من اشترى قطعة من الأرض وارتفعت قيمتها فهل لابدّ له من اعطاء خمس الزيادة ولو بعد لم يبع الملك ؟

ص: 123

الظاهر لا، نعم يجب اعطاء، الزيادة بعد البيع ولذا لو لم يبعه ونزلت قيمة الملك فلاشيء عليه.

(مسألة 15): لايخفى أنّ للزكاة حكمان تكليفي ووضعي، أي يكون من التكليف المحض وما هو ظاهر في الوضعية في متعلق الزكاة، فاذا كان من الحكم الوضعي فليس هو من الشركة الحقيقية، حيث لايجوز للشريك التصرف بدون اجازة شركائه، وهنا لايجوز للمالك التصرف في متعلقها إلاّ بإذن ولي الفقراء ولا على نحو الشركة في الملكية العينية ولكن بنحو الكلي في المعين. إذن ليس من الشركة الخارجية العينية اصلاً، بل هو حقّ كحق الرهانة المتعلق بالعين، فإن الراهن والمرتهن كلاهما ممنوعان من التصرف فلايجوز لأحدهما التصرف إلاّ باذن الآخر،فلايجوز للمالك التصرف في الزكاة إلاّ باذن الحاكم الشرعي، أو أنّه كحق الجناية الحاصل للمجنى عليه بالنسبة الى العبد الجاني، حيث يجوز للمولى بيعه بلا استيذان من المجني عليه ولكنه يلتزم بوفاء حقه من غيره، أو أنّه كالحق الحاصل للمنذور له في المنذور فهو حق بين الحقيقة المحضة والحكم فليس للفقراء اسقاطه ولا المطالبة به، إلاّ من باب الحق أو كحق الخراج والعشور التي هي من الامور المجعولة من قبل الدولة فتكون العين منشأ لجعل الحق على الشخص لا أن تكون أولاً متعلقاً بالذات ولا أن يكون التكليف ذميّاً من جميع الجهات، بحيث تشتغل الذمة أوّلاً وبالذات ولم يكن هناك عين أصلاً فعلى أي لو قلنا: أنّه كالحق فلايكون متعلقاً بجميع المال، بل يكون من باب الكليفي

ص: 124

ا لمعين، ولو قلنا بانه يكون من باب الكلي في المعين فهو متعلق بمالية المال لابشخصه، وتفصيل المسألة أكثر من هذا في محله.

(مسألة 16): الفرق بين المشاع والكلي في المعيّن، أنّه لو كان الحق مشاعاً في الجميع فلايجوز التصرف في اي جزء منه إلاّ بالرضا من الشريك، حقاً كانت الاشاعة أو ملكاً وبلا فرق بين أن يقصد المالك على الاداء من مال آخر أم لا، وأما الكلي في المعيّن فيجوز للمالك التصرف فيه وبيعه إذا كان المقدار من الزكاة باقياً فحينئذ ينحصر مورد الحق فيه فيصح كالإفراز القهري.

(مسألة 17): من لم يشتغل تكاسلاً فلايأخذ من الزكاة لعدم صدق الفقير عليه، وهذا إنما يصدق مع القدرة على العمل ووجود المقتضى وفقد المانع، بحيث لو اشتغل فعلاً حصل ما يكفيه، وبما أنّه لايصدق عليه الفقير عرفاً، فلايجوز له اخذها من سهم الفقراء، ويجوز اخذها من بقية السهام إن صدق عليه، وإذا لم يشتغل لا تكاسلاً مع عدم وجود المقتضى كما لو كان شغله منحصراً بالشتاء لا في الصيف فالظاهر صدق الفقير عليه ويجوز له الاخذ بل لايصدق عليه التكاسل عرفاً.

(مسألة 18): الكاسب إذا كان ربحه كافياً لمؤنة سنته، ولو حصل به تدريجياً فلايجوز له أخذ الزكاة، ويجوز له أخذ الزكاة في صورة عدم كفايةرأس

ص: 125

المال والربح معاً. وكذا كفاية رأس المال وحده، لانه لو صرف رأس المال فلم يتمكن من الكسب اصلاً فيصبح فقيراً الى الابد، ولذا تراهم يهتمون برأس المال وحفظه ولو وجدوا فيه خللاً ونقصاً يتداركون ذلك النقص بأي وجه ممكن.

(مسألة 19): من الموارد التي يجوز فيه أخذ الزكاة هو سهم سبيل الله كما شرح في محله، فهل للمالك أن يصرفه في مصلحة نفسه، كما إذا كان له نزاع مع الغير ؟

الظاهر ذلك للاطلاقات.

(مسألة 20): لو اجرى شخص عملية المداورة مع مجتهده ودفع له مقداراً من المال وبقي بذمته مقدار معيّن ثم مات ذلك المجتهد فلابدّ له أن يدفع الباقي الى مجتهد آخر لا الى ورثة المجتهد الأول لأن حقّ الامام(عليه السلام) لا يملك، بل هو أمانة لابدّ أن يدفع الى من يرضى به الامام الحجة(عجل الله تعالى فرجه)، والمجتهد أعلم بمورد الرضا.

(مسألة 21): لا يخفى بأن ابن السبيل بمعنى ابن الطريق، الذي يكون في السفر الذي هو طاعة لله لامعصية له تعالى، وهذا احد الاصناف الثمانية التي شرعت لهم الزكاة، فإذا لم يكن للمسافر مالاً كي يصرف بعد أن نفذت نفقته أوتلفت راحلته فيصدق عليه ابن السبيل. وأما ابن السبيل فيباب

ص: 126

الخمس هو له هذه الشروط التي ذكرت في الزكاة، مضافاً الى انتسابه من جهة الأب الى هاشم وإن كان الأحوط أن يكون علوياً.

(مسألة 22): إذا أخذ شخص دية الجناية فهل تحسب من المؤنة ويتعلق بها الخمس أم لا ؟

الظاهر لا، وإن كان الاحوط دفع خمسها.

(مسألة 23): من لم يخّمس إذا أراد أن يدعو غيره، فيجوز للغير إجابته بشرط الإذن من الحاكم الشرعي باعطاء خمسه، فمبقدار ما أكله يدفع خمسه.

(مسألة 24): من حسب ماله وعيّن المبلغ، فهذا لايكون مجّوزاً للتصرّف في المال الذي فيه الخمس ما دام لم يدفع المبلغ.

(مسألة 25): من كان عليه الخمس ولكن لو دفعه دفعة واحدة قد يضر بحاله، فيجوز له التقسيط باذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 26): لو حصل انسان على مال وله ديون فلابد من اخراج الدين الذي لابدّ من أدائه في سنة التخميس، ثم يخمّس الباقي لا اخراج جميع ما عليه من الديون المستحقة وغيرها.

ص: 127

(مسألة 27): راتب التقاعد الذي يقطع من راتبه الشهر خلال سنوات عمله، ثم يأخذه في زمان التقاعد يجب فيه الخمس.

(مسألة 28): من كان له دين على الآخرين وبقي عندهم سنين، فهل له أن يخمسه من وقته أو أن يصبر الى أن يصل المال بيده ؟

الظاهر أنّه مخير.

(مسألة 29): الأموال التي تصل الى الورثة إذا لم يعلموا بأنها مخمسة لا يجب فيها الخمس.

(مسألة 30): من لم يخمّس مدّة فلابد أن يصالح المجتهد أو وكيله.

(مسألة 31): ورد في الحديث «أن الأرض أورثها لهم» ومعنى مالكيتهم للارض ليس بمعنى الملكية الشخصية كسائر ما يملكون وتصل بعد موته الى الورثة بل تصل بعد الى الامام(عليه السلام) لا الورثة نظير ملكية الحبوة للولد الأكبر بل أن لهم حقّ التصرّف فقط، وقلنا انه يرجع للامام لانه له الولاية على الخلق حيث انه رئيس البشر، ولذا يصرفون منافعها لمصالح البشر لتنظيم اُمورهم ولا يكون هذا المنصب لنائبه في زمان الغيبة، لاحتمال اختصاصها بهم لمنزلة العصمة.

ص: 128

(مسألة 32): إذا لم يكن هناك من يصدق عليه عنوان الفقير لكي يعطي من مال الزكاة فلابد أن يحفظ المال الى أن يوجد مستحقها ويجوز نقلها الى بلد آخر عند عدم وجود المستحق في بلده لتعطى الى المستحق هناك أمّا مع وجود المستحق فلايجوز النقل.

(مسألة 33): المال الذي لايعرف صاحبه يسمى مجهول المالك، فلابد من دفعه للفقير باذن الحاكم لشرعي، أو دفعه الى الحاكم بنفسه، كي يصرفه الى الفقراء.

ولو ادعاه مدّع، لا يجوز دفعه اليه إلاّ مع الاطمئنان بصدقه ولو أعطاه ثم تبيّن الخلاف فهو ضامن، والتصدق بعد الفحص فوري حيث الاصل هو الفورية في أداء الحقوق، إلاّ ما خرج بالدليل، ولو انحصر المالك في الجماعة لابدّ من ارضاء الجميع ويجوز بيعه واعطاء ثمنه باذن من الحاكم الشرعي، وكذا الاشتغال والتصدق بمنفعته باذن من الحاكم.

(مسألة 34): قطائع الملوك - وهو اسم لما لاينقل من القرى والاراضي والابراج والحصون، أي المختص بهم مما لا ينقل، وهذا لا فرق بين أن يكون ملكاً أو رئيساً للبلاد، لان ذكر الملوك كان من باب الغلبة، ولا فرق بين ما مثلوا به لما هو الموجود في ذلك العصر، أو الموجود في عصرنا كالسيارة والطيارة- هل هي مختصة بالامام(عليه السلام) أو تشمل نائبه ؟الظاهر أنّها مختصلة به إلاّ أن تثبت عمومية النيابة ولو من هذه الجهة.

ص: 129

(مسألة 35): لو انتقلت - من الكفار، أو من الذين لايعتقدون بالخمس - المعادن للشيعة فلا يجب عليهم بعد الانتقال اعطاء الخمس، حيث أباحوه(عليهم السلام) للشيعة أمّا، لو انتقل من الحاكم الجور الذي يعلم بالوجوب ولم يؤد فعدم وجوب الاخراج محل اشكال.

ص: 130

كتاب الحج

(مسألة 1): الاستطاعة في أي مكان حصلت يجب عليه الحج، لاطلاق الادلّة وعموماتها، ولايشترط حصولها من نفس البلد.

(مسألة 2): لو أعطى شخص شخصاً آخر مبلغاً من المال، وتصور المعطى اليه بأنه هدية، وذهب به الى الحج وبعد مجيئه من الحج عاد صاحب المال وطالبه بماله، بأنه كان وديعة وأمانة عنده فما حكم حجه ؟

الظاهر أنّه غير مستطيع، واذا حصل على المال الأحوط وجوباً عليه اعادة الحج.

(مسألة 3): لو عقد على امرأة وكانت مهرها الحج، وطلقها قبل الدخول فلابد للزوج من اعطاء نصف مصرف الحج، ففي هذه الحالة وبعد ما أخذت المرأة نصف المال إذا لم يكن لديها مال آخر فلايجب عليها الحج لعدم استطاعتها. كما أنّه لو اخذها الى الحج ثم قبل الدخول طلقها، فلابد للمرأة من رد نصف كلفة الحج وهل في هذه الحالة حجها كان حج استطاعة أم لا ؟

ص: 131

محلّ اشكال.

(مسألة 4): لو تزوج من امرأة وكان مهرها الحج، فاذا أبرأة المرأة الزوج ثم طلقها قبل الدخول، فلابد للمرأة من رد نصف المهر الى الزوج.

(مسألة 5): من كان مستطيعاً وجنى جناية وبعدها حبس مؤبداً، فهل يجوز أن يحج عنه نيابة ؟

الظاهر عدم الجواز، بل لابدّ أن يصبر الى زمان يصبح شيخاً أو يتوفى للروايات.

(مسألة 6): لو صار شخص أجيراً للحج، ولكن في تلك السنة اصبح مستطيعاً فهل يقدّم حجه أم حج النيابة ؟

الظاهر تقدم حجه، واذا كان حج النيابة مختصاً بهذه السنة يبطل الاستيجار، واذا كان مطلقاً بمعنى في أي سنة أتى به يأتي به في السنة الثانية أو الثالثة.

(مسألة 7): لا يخفى بأن العقد في حال الإحرام باطل على الاطلاق وتحرم الزوجة على الزوج مؤبداً، بلا فرق بين احرام الحج والعمرة، وبلا فرق بين أن يكونا واجبين أو مندوبين.

ص: 132

(مسألة 8): الأجير في الحج لابدّ أن يأتي بصلاة الطواف بنفسه، ولايمكنه أن يأخذ أجيراً عنه، لان كفاية عمل الغير يحتاج الى الدليل.

(مسألة 9): من لم يتقن القراءة في صلاة الطواف لابدّ أن يجعل لنفسه نائباً أما من كان أخرس فلا.

(مسألة 10): الفرق بين الهدي والذبح والنحر.

أما الهدي هو: بمعنى الارشاد والدلالة والبيان لغةً واصطلاحاً ما يهدى الى بيت الله الحرام من بدنة أو غيرها كما في قوله تعالى: {حتى يبلغ الهدي محله} (1).

وأما النحر هو: جمعه نحور وهو موضع القلادة من الصدر والمنحر الموضع الذي ينحر فيه الهدي قال تعالى: {فصلي لربك وانحر} (2) وهي لها معاني أي صلي صلاة العيد وانحر هديك واضحيتك أو استقبل القبلة بنحرك حين الصلاة وروي عنهم(عليهم السلام) ارفع يديك الى النحر في الصلاة كما ورد في الحديث عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام)يقول في قوله تعالى: {فصلي لربك وانحر} «هو رفع يديك الى وجهك» (3)،

وعن جميل

ص: 133


1- البقرة : 196.
2- الكوثر : 2.
3- مجمع البيان : 55.

قال: «قلت لأبي عبدالله(عليهالسلام): {فصلي لربك وانحر} فقال بيده هكذا يعني استقبل بيديه حدود وجهه القبلة في افتتاح الصلاة» (1) وروي عن اصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين(عليه السلام) بهذه الصورة قال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)لجبرئيل: ما هذه النحرة التي اوتي ربي ؟ قال: ليست بنحر ولكنه يأمرك إذا عزمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت واذا ركعت واذا رفعت رأسك من الركوع واذا سجدت، فانه صلاتنا وصلاة الملائكة في السموات السبع، فان لكل شيء زينة وزينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة» (2).

وأما الذبح: بالكسر هو ما يذبح من الحيوان قال الله تعالى: {وفديناه بذبح عظيم} (3) او معناه أنا جعلنا الذبح بدلاً (4) عنه كالاسير يفدا عنه وفي الحديث «بكبش مليح يمشي في سواد ويأكل في سواد ويبول في سواد قرن فحل» (5) والمذبح الحلقوم.

(مسألة 11): لايخفى بأن الجماع في حال الاحرام حرام مطلقاً، بلا فرق بين إحرام الحج أو العمرة واجبين كانا أو مندوبين، ولكن لاتحرم الزوجة على زوجها مؤبداً.

ص: 134


1- نفس المصدر.
2- وسائل الشيعة : باب 9 من أبواب تكبيره الاحرام، ح14.
3- الصافات : 107.
4- مجمع البحرين باب ذبح.
5- البرهان : ج4 29.

(مسألة 12): لا يخفى أنّه لا يجوز أن يعقد الانسان في حال الاحرام، ولايجوز له أن يوكل شخصاً لكي يعقد امرأة له في هذا الحال. نعم يجوز له أن يوكل شخصاً لكي يعقد له امرأة بعد أن يخرج من الاحرام. ولو كان قد اوصى الوكيل بأن يعقد له على امرأة كذا، وفي يوم يراه مناسباً لذلك، ثم ذهب الى العمرة وقد عقد الوكيل به اثناء احرامه فالعقد باطل وليس بصحيح.

(مسألة 13): لايجوز لمن كان مستطيعاً وكان محتاجاً الى الدار للسكنى أن يشتري الدار، بل لابدّ له من أداء الحج إلاّ إذا وقع في الحرج الشديد من عدم شرائه الدار فيجوز له شرائه.

(مسألة 14): من كان جاهلاً بالاستطاعة يتمكن أن ينوي عن الغير ويكون حجه للغير صحيحاً، ولو علم بعد ذلك أنّه كان مستطيعاً يجب عليه الحج ثانياً لنفسه.

(مسألة 15): لايجوز لمن كان مستطيعاً أن ينوي عن الغير واذا آجر نفسه فالاجارة باطلة، واذا حج عن الغير حجه باطل هذا إذا كان عالما، اما إذا كان جاهلاً فقد مرّ.

ص: 135

(مسألة 16): لو ترك الحج مستخفاً يكون بمنزلة الكافر ولكن هذا اذا كان الاستخفاف بأصل الحج أمّا الاستخفاف بالفورية مع الاقرار والاعتقادباصل الوجوب فلادليل على كفره، وكذا الاستخفاف باصل الاتيان مع الاعتقاد باصل الوجوب. ولو تركه ولم يأت به ثم مات فهذا لايكون موجباً للكفر كما أن الاستهزاء ببعض اعماله أيضاً كذلك.

(مسألة 17): الحج من الصبي المميز مستحب، فهل هذا يحتاج الى اذن الولي لأنه يرجع الى التصرف المالي بعد أن لايجب الاذن في بعض تصرفاته من القيام والقعود والصلاة والصوم والحج أن لم يصرف من ماله وكذا تصرفاته في نفسه من التنظيف وازالة المنفرات وأيضاً تصرفاته في حفظ نفسه من الحر والبرد فمقتضى الاصل عدم ثبوت الولاية للولي على الصبي فلايحتاج الى الاذن في هذه الأمور واما تصرفاته من جهة الحيازة، وكذا تصرفاته في ماله لحوائجه الضرورية كشربه للماء أو أكله للطعام وركوبه للسيارة. وأما تصرفاته فيما يترتب على ما يتوقف على صرف المال كالزيارات والحج المندوب مشكل، كما قلنا أن مطلق عقوده وهو البيع أو الشراء يحتاج الى الاذن.

(مسألة 18): المرأة إذا تطلب مهراً باهضاً (بحيث يكفي للحج) ولكن لايتمكن زوجها من أدائه اليها فهي ليست بمستطيعة، وكذا لو تمكن الزوج من دفع المبلغ ولكن مطالبتها المهر منه يكون سبباً للنزاع وقد ينجرّ الى الطلاق.

ص: 136

(مسألة 19): إذا كان ما عنده من الأموال بحيث لو باعها يكفي للزاد والراحلة فيجب الحج. نعم يستثنى من ذلك ما يحتاج اليه في ضروريات معاشهوالحاجة قد تكون فعليّة أي تكون محل ابتلائه بالفعل وقد تكون القريبة النوعية فهما مستثناة اما الحاجة البعيدة النوعية فلا.

(مسألة 20): الأجير في الحج لابدّ أن يعمل طبق وظيفته، إلاّ أن يشترط عليه بأن يأتي بكيفية خاصة ويكون الإتيان بتلك الكيفية صحيحة.

(مسألة 21): إذا لم يكن له مال بالفعل، ولكن له على شخص مال يكفي للحج فاذا كان ذلك الدين حالاًّ، يجب مطالبته وصرفه في الحج ويصدق عليه المستطيع، أما لو لم يكن له مال بقدر الاستطاعة، ولكن يمكن من تحصيله فلا يجب تحصيله لأن تحصيل الاستطاعة غير واجب، أمّا إذا كان له مال بعد الاستطاعة وله مانع من التصرف، ويمكن ازالة المانع من غير حرج ولا مشقة، فإنه مستطيع لصدق الاستطاعة عليه، أمّا إذا لم يتمكّن من إزالة المانع فليس بمستطيع.

(مسألة 22): لو لم يتمكن الشخص من الذبح في منى، لابدّ من ذبحه في وادي محسر، ومع عدم امكانه يكون مراعاة الاقرب فالاقرب، ولايكفي الذبح في البلد.

ص: 137

(مسألة 23): لو حج مع عدم أمن الطريق أو عدم صحة البدن، وكان حجّه حرجيّاً المشهور عدم الاجزاء، ولكن يمكن أن يقال: أن الضرر في الحجإمّا أن يكون في المقدمات فلا اشكال في الصحة إن حصلت الاعمال بدون ذلك، أو يكون مقارناً للمناسك فيكون حجه صحيحاً، كما إذا كان مشغولاً بالطواف فصرف ماله أيضاً. لأن نفس العمل لم يكن حرجيّاً فحجه صحيح، أمّا لو كان نفس المناسك حرجياً فلايجزي إذا كان وصل الى حدّ الضرر بالنفس.

كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

(مسألة 1): إذا كان هناك شباب لديهم ما يسمى أشرطة فديو خلاعية، فاذا خاف المؤمن من انتشارها ووقوع الفساد فيجوز له أن يسرقها ويعدمها.

ص: 138

(مسألة 2): هناك أشخاص يتصوّرون بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مختص بالعلماء والمبلغين، والحق هو ليس كذلك، بل هما كالصوم والصلاة واجبان لكل من يعرفهما، ويتمكن من اجرائهما ويعرف شروطهما.

(مسألة 3): هل لابد من مقاطعة الفاسق المستهزئ ؟

نعم لابدّ من هجره، خصوصاً إذا احتمل بأنّ مقاطعته تكون سبباً لرجوعه الى الطريق المستقيم.

(مسألة 4): الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب بأيّ طريق ولو بنحو الحوار، خصوصاً مع من يترقّب منه الخير، وإنّما قلنا بأنه يجب إذا لم يؤدّ الى فساد أعظم، وإلاّ فلا يجب بل قد لا يجوز، كما أنّه إذا سمع من شبكة الانترنت الكذب على الله أورسوله أو علمائنا الابرار، وكان غرضه النيل منهم والحطّ من منزلتهم والتحريف للدين الحنيف، فيجب على كلّ من له أهلية الرد لدفع التحريف.

(مسألة 5): لايجوز الدخول في المقاهي التي أصبحت مجمعاً للفساد في عصرنا الحاضر، وكذا مقاهي (مايسمى بالانترنت)، إذا صدق عليها عنوان الفساد، فهي مشاركة في الحرام أو تشجيعاً للحرام، وإذا نزل البلاء فيشمله.

ص: 139

ص: 140

كتاب الجهاد

(مسألة 1): الجهاد هو شرعاً بذل المال والنفس، لاعلاء كلمة الاسلام واقامة شعائر الدين، وهو على قسمين جهاد مع العدو وجهاد مع النفس الأمّارة، فقد فسر بقوله تعالى: {وجاهدوا في الله حقّ جهاده} (1) وحقّ الجهاد أي جهاداً حقاً لبراءة النفس وخلوصها من شوائب الرياء والسمعة، والجهاد مع النفس الأمّارة اللوامة في نصرة النفس العاقلة المطمئنّة.

ويقال له: الجهاد الأكبر أيضاً، والجهاد مع الشيطان في حفظ النفس عن خديعته، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)بعث سرية فلما رجعوا «قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر» (2) فقوله تعالى: {والّذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} (3).قال الشيخ أبو علي: أي جاهدوا الكفار ابتغاء مرضاتنا، وطاعةً لنا، وجاهدوا أنفسهم في هواها خوفاً منّا، ومعنا وقوله: {والّذين جاهدوا فينا

ص: 141


1- الحج : 78.
2- وسائل الشيعة : باب 1 من ابواب جهاد النفس وما يناسبه، ح1.
3- العنكبوت : 69.

لنهدينّهم سبلنا} أي لنوفقهم لزيادة الطاعات ليزداد ثوابهم، وبمعنى لنهدينهم سبيل المواصلة الى ثوابنا. وقيل معناه: والذين جاهدوا في إقامة السنة لنهديهم سبل الجنّة. وقيل معناه: والذين يعملون بما يعلمون لنهديهم الى ما لا يعلمون (1).

ومعنى {فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة} (2) لابمعنى على كلّ القاعدين ولو لم يكن له عذر في الحضور في ساحة الحرب، بل على القاعدين من الجهاد من الأصحاب الذين لهم مانع من الحضور لعرض أو عاهة أو عرج أو زمانه أو نحوها.

ففي مجمع البحرين: أفضل الجهاد جهاد النفس، وهو قهرها وبعثها على ملازمة الطاعات ومجانبة المنهيات، ومراقبتها على مرور الأوقات، ومحاسبتها على ما ربحته وماخسرته في دار المعاملة من السعادات، وكسر قوتها البهيمية والسبعية بالرياضات. فعن الغزالي تطلق النفس على الجامع للصفات المذمومة، أي القوة الحيوانية المضادّة للقوة العقلية، واليه أشار بقوله: «اعدا عدوك نفسك التي بين جنبيك» (3).فللنفس خمسة معاني: الأمّارة بالسوء وهي التي تمشى لوجهها تابعة لهواها.

ص: 142


1- مجمع البيان : ج4، 293.
2- النساء : 95.
3- مجمع البحرين : مادة جهد.

اللوامة كما في الآية الشريفة: {فلا اُقسم بالنفس اللوّامة} (1) وهي اللائمة لنفسها، ولو يجتهد لحصول الاحسان، لكن تلومها من جهة تقصيرها والتعدي في الاُمور الدنيوية والاُخروية.

والمطمئنّة هي النفس الآمنة التي لايستفزّها خوف ولاحزن، أو المطمئنة هي التي تكون مطمئنة لوصول الحق الى مسكنها وروح العلم واليقين فلايخالجها شك.

الراضية هي التي رضيت بما أُتيت.

والمرضية هي التي رضيت عنها.

وأما الدفاع فهو على قسمين:

الأول: دفاع المسلمين عن بيضة الاسلام، ومجتمع المسلمين اذا هجم عليهم العدو، وهذا غير مختص بزمان المعصوم(عليه السلام)وحضوره، وكذا غير مختص بشخص دون آخر، فكل من يتمكن من الدفاع لابدّ أن يدافع، وهو واجب كفائي وقد يصبح عينيّاً إذا لم يكن الدفاع إلاّ بحضور كلّ من يتمكن من الدفاع.والثاني: هو الدفاع عن النفس، فيجب على كلّ انسان أن يدفع عن نفسه وعن حريمه وماله، وهذا الوجوب عقلي وشرعي، وشروط الجهاد والدفاع مذكورة في محله.

ص: 143


1- القيامة : 2.

(مسألة 2): الهجرة الى بلاد الكفر، لاتجوز خصوصاً مع علمه بفساد العائلة كما هو الآن في بعض البلاد الغربية، وخصوصاً على من لم يتمكن من مقاومة الفساد. نعم في صورة الاضطرار، أو كانت الهجرة سبباً للارشاد فيجوز، ومع ذلك إذا هاجر وجب عليه الالتزام بدينه وحفظ عائلته من الفساد. واذا لم يتمكن من ذلك فلابد من الهجرة إلى بلاد المسلمين.

(مسألة 3): لو كان هناك شخص عائلته أسيرة فيجوز له أن يسلّم نفسه لاجل الفك عنهم.

ص: 144

كتاب النكاح والطلاق واللعان

(مسألة 1): لو وكّل شخص في اجراء العقد بالنسبة الى شخص، ونسي أن يجري العقد ثم بعد أن تذكّر لم يعلم بأنّ ذلك الموكّل غرضه العقد الدائم أم المنقطع. ففي هذه الصورة لابدّ أن يجري عقدين أحدهما دائم والآخر منقطع. ومعنى المنقطع يكون بالمدة التي قد عينها الموكّل وبالمهر المعيّن الذي فرض تعيينه من الموكّل.

(مسألة 2): لو شرطت الزوجة على الزوج بأنه لابدّ أن يدفع لها عوض نفقتها مبلغاً معيّناً كلّ يوم، وهذا الشرط إذا لم يكن في ضمن العقد فالزوج غير ملتزم به، وإن كان في ضمن العقد فالزوج ملزم به. ولكن إذا بقي مدّة ولم يكفي هذا المبلغ للنفقة فلابد للزوج من تتميم ذلك.

(مسألة 3): لو شرطت المرأة في ضمن العقد بأني اُريد أن استخدم نفسي في احدى الدوائر الحكومية، وقَبِلَ الزوج بذلك فلايجوز له ممانعتهامن

ص: 145

ذلك بعد الزواج،إلاّ إذا خاف على عرضه، أو كان العمل الذي تعمله مشيناً الى سمعة الزوج.

(مسألة 4): إذا اُجريت عملية التلقيح بين منيّ الزوج وبويضة زوجته فلا اشكال بما أنها زوجته تستحق النفقة وكذا الطفل المتولّد هو طفلهما فيكون نفقته على أبيه أمّا إذا أجريت العملية بينها و بين الاجنبي فهل نفقتها تكون على صاحب المني ؟

محل اشكال إذا كانت المرأة خليّة واذا كانت متزوجة تكون نفقتها على زوجها.

(مسألة 5): ما يعطي الزوج لزوجته من الجواهر فهل هذا الإعطاء يكون بمعنى الانتفاع به أو ملكاً لها.

ويتفرع من هذه المسألة فروع: تارةً: يعلم الزوج بقصده لان هذه الامور تابعة لقصد الزوج، واُخرى: لا، ففي صورة العلم فتارةً يقصد الانتفاع فتكون الجواهر بمنزلة الامانة لديها، واُخرى: يقصد الملك فتكون ملكاً لها، ومع الشك يرجع إلى أصالة عدم الملكية.

وإذا مات الزوج ووقع الاختلاف بين الورثة والزوجة، والورثة يدّعون بأنها ملك الزوج وكانت عندها بعنوان الانتفاع والامانة، والزوجة تدعي بأنه ملكها ؟

الظاهر القول قول المرأة، لأنها في يدها واليد علامة الملكيّة، إلا ما إذا كان للورثة بيّنة على ذلك.

ص: 146

(مسألة 6): لو تزوج من امرأة بشرط وجود البكارة وفي ليلة الزفاف ادّعت المرأة بأن الدم الذي خرج منها دم بكارة والزوج يدعي أنّه دم حيض أو جرح فكيف يتم تشخيص حجية قول أحدهما ؟

ففي هذه الحالة لابدّ من مراجعة أهل الخبرة ويعمل طبقاً لتشخيصهم.

(مسألة 7): لو جامع الزوج زوجته، وساحقت بنتاً باكراً، وحملت البكر بعد ذلك، فما الحكم بالنسبة الى العمل، وبالنسبة الى المساحقّ والمساحق به ؟

نقول: لا شك ولا شبهة بأن العمل محرم وليس بزنا، والمساحق يجري عليه الحدّ، ويدفع مهر المثل للباكر، وبعد وضع الحمل يجري عليها حدّ السحق، والولد يكون لصاحب المني.

وفي هذه الصورة أيضاً لو أرادت الباكر أن تحفظ بكارتها، واُخرج الطفل بعملية جراحية فعلى من يكون اُجرة العملية ؟

الظاهر على نفس الباكر، ونفقة أيام الحمل تكون على الباكر. وفي هذه الحالة أيضاً لايجوز للباكر التزويج إلاّ بعد وضع الحمل ولا عدّة هناك.

(مسألة 8): إذا تزوج شخص بنتاً كانت تعمل في احدى دوائر الدولة، وقد شرط الزوج بأن تستعفي من العمل، فهل يجب عليها ذلك ؟

الواجب عليها الاستعفاء، خصوصاً إذا كان الشرط في ضمن العقد.

ص: 147

(مسألة 9): لو كانت إحدى الزوجات عقيمة، وألقى الزوج نطفته في رحم الزوجة غير العقيمة وبعد تلقيحها هناك نقلت النطفة الى رحم العقيمة فهل الولد للزوجة الاولى أم الثانية ؟

الظاهر أنّه ينسب الى العقيمة، لأنها هي التي أولدته، وهي جزء العلّة الأخيرة والعلّة التامة، وما بقي في رحم الزوجة الاولى يكون معدّاً، مع ذلك لا يترك الاحتياط من جهة العلم الاجمالي، واحتمال اُمومة كلّ واحدة منهنّ. ولذا لو كان المولود بنتاً و مات الزوج وتزوج البنت شخصا فلا يجوز له اخذ المرأة الغير العقيمة على الاحوط.

(مسألة 10): لو شرطت المرأة على الزوج في عقد الزواج بقولها: إنّي اُزوجك نفسي بشرط أن لا تستمتع منّي بأي نحو كان فهل العقد صحيح أم لا ؟

لايخفى بإن الشرط تارة: يكون شرط الفعل، واُخرى: يكون شرط النتيجة فاذا كان الشرط شرط الفعل، فهو صحيح أي أن الزوج لابدّ أن لايستوفي حقه من هذه المرأة، أمّا لو كان شرط النتيجة - أي أنّه يكون سبباً لعدم جواز الاستمتاع - فهو باطل لمخالفته للكتاب والسنة.(مسألة 11): لو عقد على بنت وبعد العقد انكشف عدم وجود الشعر في رأسها فالعقد يكون صحيحاً وهذا لايكون من العيوب الموجبة للفسخ.

ص: 148

(مسألة 12): لو تزوجت امرأة بشخص، وبعد أن انجبت منه علمت بأن الزوج يقول باُلوهيّة علي بن أبي طالب×، فما حكم الأولاد ؟

لايخفى بأن العقد يكون باطلاً، والأولاد يكونون أولاد شبهة يلحقون بالزوجة.

(مسألة 13): لا يخفى بأن البالغة إذا ارادت التزويج من شخص، فإذن الولي شرط في صحة العقد، أمّا لو كان ما اختارته الزوجة كفأً لها ويكون الولي مخالفاً لذلك بدلائل غير شرعية فيسقط اذنه، كما لو أنها احتاجت الى الزوج والولي غائب ولم يمكن حصول الإذن منه، فيسقط الإذن في هذه الحالة.

(مسألة 14): لو تزوّجت المرأة بإذن الولي ثم طلّقت، وأرادت الزواج من شخص آخر وهي باكر فهل لابدّ من إذن الولي أيضاً ؟

الظاهر ذلك على الأحوط.(مسألة 15): لو زنا شخص ببنت باكر وأزال البكارة، فهنا ليست للمرأة مهر وقد استدل في الحديث «لامهر لبغي» (1)، أمّا سبب الجناية فلا. إذن لابدّ على الزاني من اعطاء أرش البكارة.

ص: 149


1- صحيح البخاري : ج7، 79.

(مسألة 16): لو عقد على امرأة قبل خمسون سنة بمبلغ مائة دينار فلو مات الزوج فهل المهر يحسب بملاحظة ما يمكن شرائه في ذلك الوقت حيث يمكن شراء دار أو لابدّ من دفع نفس المبلغ ؟

الظاهر أنّ هذه المسألة يمكن تصويرها بوجهين: فمرّة يقول: إن صداقك مائة دينار الذي تعادل عشرة مثاقيل من الذهب، واخرى يعلم من القرائن بأن مائة دينار لا تكون بعنوان طريق لجنس آخر كالذهب مثلاً، ففي الصورة الاُولى لابدّ أن يدفع قيمة ما يعدل المائة أو يدفع الجنس أي الذهب بالفعل وقد تكون للمائة موضوعية فلابدّ من دفع نفس المبلغ. والأحوط المصالحة.

(مسألة 17): لو حصل للزوجة العلم بموت زوجها (المفقود) بالإمارات والقرائن فيجوز لها الزواج، ولكن لو عاد الزوج فيكشف بطلان العقد ويكون الوطي وطي شبهة وكذا الأولاد وترجع الى الزوج الاول.

(مسألة 18): لو طلّق الرجل امرأته طلاقاً رجعياً ثم رجع اليها وقبل انقضاء العدّة طلّقها طلاقاً ثانياً قبل الدخول فهل لها العدة ؟الظاهر عدم وجوب العدّة لأنه طلاق من لم يدخل بها.

(مسألة 19): قال ابن الراشد في بدايته: اتفق الجمهور في الإيمان التي ليست قسماً، وإنما تخرج مخرج الإلزام الواقع بشرط من الشروط، مثلاً أن يقول

ص: 150

القائل: فان فعلت كذا فعلي مشياً الى بيت الله، أو أن فعلت كذا وكذا فغلامي حراً وامرأتي طالق أنها تلزم في القرب. وفيما إذا التزمه الانسان لزمه بالشرع، مثل الطلاق والعتق واختلفوا هل فيها كفارة أم لا ؟ (1)

وقال المحقق الحلي في شرائعه في البحث عنها تعقد به اليمن من كتاب الايمان «ولاينعقد اليمين بالطلاق ولا بالعتاق ولا بالتحريم ولا بالظهار» (2).

(مسألة 20): لو كان هناك شخص مفقود الأثر، فهل لزوجته أن تتصرّف في ماله والحال أن له أطفال صغار ؟

لا يخفى مع العلم بموت الزوج تقسّم الأموال حسب ما فرض الله. ولو لم يعلم فلابدّ من مراجعة وكيله الذي له تمام الاختيار، ومع عدم وجود الوكيل لابدّ لها من مراجعة الحاكم الشرعي، وتتصرف من مال الزوج بمقدار وجوب النفقة والبقية تحفظه له الى أن يعلم حاله.

(مسألة 21): هل يجوز النظر الى نساء أهل الذمّة بل مطلق الكفّار ؟لايخفى بأن النظر مرة: يكون بالتلذذ واخرى: لا. ففي الاُولى: لا يجوز مطلقاً أما في الثانية: الظاهر الجواز وقد ادّعي عليه الاجماع، ولو إنك عرفت حال هذه الاجماعات، ولكن ورد في الخبر عن السكوني عن أبي عبدالله(عليه

ص: 151


1- البداية : ج1، 397.
2- شرائع الاسلام : كتاب الايمان.

السلام) أنّه قال «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا حرمة لنساء أهل الذمة من ينظر الى شعورهنّ وأيدهنّ» (1)ورواية بن أبي سهيل «لابأس بالنظر الى أهل تهامه والأعراب وأهل البوادي من أهل الذمة والعلوج، لأنه لاينتهين إذا نهين» (2).

(مسألة 22): هل يجوز مصافحة الرجل للمرأة ؟

لا يخفى بأن مصافحة الرجل للرجل جائز، وكذا المرأة للمرأة وهكذا مصافحة الرجل للمرأة إذا لم تكن اجنبية. أما مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية مطلقاً غير جائز سواء كان بتلذّذ أم لا. نعم يجوز ذلك مع الحجاب كما من وراء الثياب، إذا لم يكن معه تلذّذ وريبة وقد ورد فيه حديثان:

الأول: رواه أبو بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام): «قال: قلت له: هل يصافح الرجل المرأة ليست بذات محرم ؟ فقال: لا، إلاّ من وراء الثياب»(3).

وموثّقة سماعة بن مهران قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن مصافحة الرجل للمرأة قال لا يحلّ للرجل أن يصافح المرأة إلاّ امرأة يحرم عليه أنيتزوجها اُخت أو بنت أو عمّة أو خالة أو بنت اُخت أو نحوها وأما المرأة التي يحلّ أن يتزوّجها فلا يصافحها إلاّ من وراء الثوب ولا يغمز كفّها (4) أمّا بالنسبة

ص: 152


1- وسائل الشيعة: باب 112 من أبواب مقدمات النكاح، ح1
2- وسائل الشيعة : باب 113 من أبواب مقدمات النكاح، 1.
3- وسائل الشيعة : باب 115 من أبواب مقدمات النكاح، ح1.
4- وسائل الشيعة : باب 115 من أبواب مقدمات النكاح، ح2.

الى المحارم أيضاً لايجوز حتى بالنسبة الى المماثل لو كان كذلك، أمّا لو كانت يد الرجل أو المرأة صناعية فلامانع من المصافحة إلاّ اذا استوجب التلذّذ.

(مسألة 23): يشترط في عقد الزواج، من تعيّن الزوج الزوجة على وجه تمتازان عن غيرهما بوصف موجب للتعيين أو باشارة فلو قال: زوجت ابنتي أحد أولادك، أو أحد هذين، أو عيّن كلّ منهما غير ما عيّنه الآخر فالعقد باطل، أمّا لو اتفقا قبل العقد على تزويج هذه البنت لهذا الولد، وعند إجراء الصيغة لم يذكرا هذا لا بالاسم ولا بالوصف، فالظاهر هي الصحّة. ولو اختلف الاسم والوصف والاشارة فصحّت العقود تابعة لما هو المقصود فلو قال: زوجتك ابنتي الكبيرة فاطمة وفي الواقع كانت خديجة، يقع العقد على خديجة لأنّها هي المقصودة.

(مسألة 24): لو ادّعى زوجية امرأة وأنكرت هي، فهل لها أن تتزوج قبل تمامية الدعوى ؟ وهل يجوز للغير تزويجها أم لا ؟يمكن أن نقول: أن الدعوى قد تنتهي بمدّة قليلة، بحيث لا تضر بالمرأة وأخرى لا، أمّا في الصورة الاُولى ولو أنها مسلطة على نفسها وهي تدّعي بأنها خلية، لكن بما أن هناك حقّ للمدعي بها وكونها في معرض ثبوت زوجيتها للمدعي فتزويجها يكون تفويتا لحق المدعي. إذن لا يمكن التزويج. أمّا الثانية فيما لو طالت الدعوى بحيث تتضرر المرأة ففي هذه الصورة يجوز لها الزواج.

ص: 153

وفي هذه الحالة لو أتى المدعى بالبينة، وحكم له بها فيكشف عن فساد العقد واذا دخل بها الثاني فيكون دخوله شبهة، إلاّ مع علم الزوجة بأنها زوجة للأول فيكون من طرفها زنا، أمّا إذا لم تكن له بيّنة وحلفت فهذا اليمين لا يكون سبباً لرفع الزوجية في الواقع، وإن ردت اليمين على المدعي فحلف، ففيه وجهان من كشف كونها زوجة للمدعي فيبطل العقد، ومن أن اليمين المردودة لا تكون سبباً لإسقاط حقّ الزوج الثاني فلا. نعم لو طلقها الثاني أو مات عنها فإنها تردّ على المدعي في هذه الحالة.

(مسألة 25): لايخفى بأن في صحة العقد لابدّ من شيئين القصد واللفظ، فإذا خلي العقد عن القصد فهو لغو، ولذا عقد النائم والهازل لايقع، وكذا اللفظ بدون القصد. إذن القصد وحده لايفيد وكذا اللفظ «إنّما يحرم الكلام ويحلله» فمع القصد لابدّ من لفظ خاص، وما ذكروه بأن العقود تابعة للقصود مثلاً، أي أن البيع او الاجارة أو غيرهما لها ألفاظ تخصها ويعبر عنها في الشرع بالعقد، ولكن مجرّد التلفظ بها لايؤثر أثره المطلوب إلاّ بالقصد، أي بأن يقصد المعنى من هذا اللفظ. إذن لو لم يقصد المعنى أو قصد معنى آخر، أي قصد عن لفظ البيع الاجارة وبالعكس كان ذلك باطلاً.(مسألة 26): لو عقد على امرأة وعينا مهراً، ثم اتّفقا بعد العقد على إعطاء مبلغ زيادة على ما عيّن، فهل هذا المبلغ الزائد واجب الوفاء أم لا ؟

بما أن هذا المبلغ الزائد لم يكن في ضمن العقد فلادليل على وجوب الوفاء من الزوج.

ص: 154

(مسألة 27): لايخفى بأنّه لابدّ من تعيين المهر، فاذا قالت: زوّجتك نفسي على أن تأخذني الى الحج، كان العقد غير صحيح، لأنّ مصارف الحجّ غير معلومة.

(مسألة 28): لو توق-ف تزيين المرأة لزوجها على استخدام مواد التجميل علما إن تزيين المرأة مستحب لزوجها، فلو ثبت طبياً بأن مواد التجميل تورث الضرر بالنسبة لهذه المرأة، فهل اللازم عليها التزيين لزوجها، أم عليها دفع الضرر عن نفسها لعدم استخدام هذه المواد ؟

الظاهر عدم لزوم استخدام هذه المواد.

(مسألة 29): لو أن امرأة اُخرج رحمها، ثم تزوجت بشخص ودخل بها، ثم طلقها فهل حكمها حكم العاقر ولابدّ أن تعتّد بعد الطلاق أم لا ؟

الظاهر هو ذلك.(مسألة 30): ما هو الدليل العقلي والنقلي والفلسفي بالنسبة الى الحجاب ؟

الف - لايخفى بأن الآية: {قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم ان الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولايبدين زينتهنّ إلاّ

ص: 155

ما ظهر منها وليضربن بخمورهنّ على جيوبهنّ ولايبدين زينتهنّ إلاّ لبعولتهنّ أو آبائهن أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ . . .} (1).

والروايات الواردة كثيرة في باب الحجاب دالة على الوجوب.

ب - أمّا العقل فيلزم المرأة بالتحجب، لأن في صورة عدم وجوب الحجاب قد يؤدّي الى التحلل بالنسبة الى الاُسرة، وكذلك بالنسبة الى عامّة المجتمع فينتشر الفساد والفحشاء فيه، وقد يتضرر روحياً الشباب الذي لم يتزوج عندما يقع نظره الى بنت جميلة.

ج - أن القوة الفكرية والذهنية وقوّة الابتكار في الشباب عوضاً من أن تصرف في العلم والحكمة والتقدم الثقافي، تصرف في هذه الاُمور الحيوانية والمشتهيات الجنسية، فيصبح المجتمع عوضاً من التحصيل على النبوغ والرشد العلمي يكون منحدراً الى التخلّف والنقص.د - المرأة المؤمنة التي قد تكون أعلا من الملائكة، اذ لو لم تتحجب عرضة للبيع والشراء، وآلة في أيدي الشباب الجاهل المستهتر، وهذه المرأة التي تكون كالدّرة والجوهرة الثمينة يتّجر بها بثمن بخس بل قد يكون هناك شباب لايتمكن من الزواج وعدم حجاب المرأة واظهار زينتها له قد يكون سبباً لوقوع المفسدة والهلاك. وأما ما ذكر من الدليل العقلي والفلسفي فإن الدليل الفلسفي نفس الدليل العقلي وإن الفلاسفة قد استندوا الى العقل في مسائلهم.

ص: 156


1- النور : 31.

(مسألة 31): لو وكّلت المرأة شخصاً لكي يعقد عليها عقداً دائمياً، ولكن الوكيل عقدها بالعقد المنقطع، وبعد المدّة بيّن الوكيل الحال للمرأة.

أولاً: لابدّ للزوج من إجراء عقد دائمياً.

وثانياً: أنّه إذا أجازت المرأة بهذا العقد فهو صحيح، ويكون العقد فضولياً. ولو لم يلتفت أحدهما الى انتهاء المدة، فالعقد يكون باطلاً في الحقيقة، فلو كانا جاهلين بالحكم، فالأولاد حكمهم حكم أولاد الشبهة، ويرثانهم ويرثونهم ولابد هناك من عقد جديد بعد انتهاء المدّة.

(مسألة 32): لو أجرى صيغة العقد لأجل أن يقع بينهما المحرمية، فلو زنا أحد الزوجين فهل يعدّ هذا زنا محصنا أم لا ؟

لايخفى أن مجرّد عقد المحرميّة لايكون سبباً للاحصان إلاّ إذا مكنت المرأة نفسها في هذه المدّة التي هي قبل الزواج، ويمكن للزوج الرواح والمجيء والدخول.(مسألة 33): لو تزوجت امرأة من شخص وشرطت عليه الطلاق بعد مدة معيّنة فهل هذا الشرط سائغ ولازم الوفاء ؟

لايخفى بأن هذا الشرط جائز بعدما كان شرط الفعل، ولازم الوفاء إذا كان في ضمن العقد.

(مسألة 34): لو عقد ولي البنت ابنته من شخص، ثم يرى المصلحة في طلاقها قبل الدخول، فهل للولي أن يبذل نصف المهر أم لا ؟

ص: 157

ولابدّ له من دفع النصف.

(مسألة 35): لو كان لشخص ثلاث نساء بالعقد الدائم وثم عقد على امرأتين غيرهنّ، فما حكم هاتين الامرأتين ؟

لايخفى بأن عقدهما قد يكون بصيغة واحدة، وقد يكون بصيغ متعدّدة. أمّا إذا كان العقد بصيغة واحدة فالعقد يكون باطلاً. وكذا إذا كانا بصيغ متعددة ووقعت في زمان واحد، كما إذا عقد هو ووكيله أي كلّ منهما امرأة في زمان واحد، أما اذا كان هناك تقدّم في الزمان فالثانية عقدها باطل.

(مسألة 36): لو اختلف الزوج والزوجة في مقدار أو جنس المهر، فهل القول قول الزوجة أم الزوج ؟

في مفروض السؤال يكون القول قول الزوج مع اليمين، إلاّ إذا كانت لدى المرأة البيّنة.(مسألة 37): لو تزوج بامرأتين وحصل منهما على أولاد بنين وبنات، ثم انكشف له بأنهما اُم وبنت، فلو علم بتاريخ زواجه بأحدهما أو كليهما، فالمتقدم منهما عقدها صحيح والمتأخر باطل، وإلاّ فالعقدان باطلان، وكذا إذا وقع عقدهما في زمان واحد، والأولاد يكونون أولاد شبهة، إلاّ إذا علمت بذلك فيكون الاولاد أولاد زنا بالنسبة اليها، وأما بالنسبة الى المهر فاذا تقارن عقديهما فلابدّ أن يدفع مهر المثل. وفي صورة التقدّم والتأخر فالمهر للاُولى،

ص: 158

وللثانية لابدّ من المصالحة، كما أنّه إذا لم يعلم تقدم وتأخّر أحدهما لابدّ من المصالحة.

(مسألة 38): لو عقد على امرأة عقداً منقطعاً، فهل يجوز قبل انقضاء المدة أو قبل أن يهب لها ما بقي من المدّة، أن يجري العقد الدائم أم لا ؟

لا يجوز، لأن المعقود لايعقد مرة ثانية.

(مسألة 39): لو عقد عقداً منقطعاً وانقضت المدّة، أو بعد أن يهبها لها ولكن المدّة لم تتّم فهل يجوز له الزواج من اُختها أم لا ؟

الظاهر الجواز.

(مسألة 40): اذا كانت البنت باكراً وقلنا بأنّها تحتاج الى الاجازة من والدها في الزواج، ولكن لو فرض أنّه كان الزوج كفؤاً ويصرّ والدها على عدم القبول لأسباب ماديّة، فيجوز لها الزواج، وإذنه يسقط.(مسألة 41): لايخفى أن الصداقة التي تجمع بين المرأة والرجل كما هو المتعارف بين الكفار يكفي، وبالنسبة الى المسلم والكتابية لايكفي، بل لابد من العقد كما أن العقد الجاري على لسان الكتابية التي لاتعرف معناها غير مفيد، بل لابد من افهامها المعنى وتصدر الصيغة منها مع علمها بمعناها والرضا.

ص: 159

(مسألة 42): لايخفى أن البنت الباكرة لابد لها من الاذن من الأب ولو كانت اُمّها مطلقة وهي التي تنفق دون الأب.

(مسألة 43): لو أن البنت المسلمة أرادت التمتع أو الزواج فلابدّ من اخذ الاجازة من أبيها، أما المرأة الكتابية حيث إنّها مطلقة العنان عندهم فلايجب اخذ الاجازة من ابيها.

(مسألة 44): اذا شرطت المرأة على الزوج أن لايتزوج عليها فهل هذا الشرط ملزم ؟

نعم إذا كان في ضمن العقد.

(مسألة 45): هل العقد في الكنيسة من امرأة كتابية للرجل المسلم جائز أم لا ؟

الظاهر هو الجواز إذا كان وفقاً للشريعة الاسلامية.(مسألة 46): لو كانت المرأة من أهل الكتاب وقلنا بجواز العقد على الكتابية بالعقد الدائم، فإذا حصل الولد فهو ملحق بالأب المسلم، لأنه يتبع أشرف الابوين.

(مسألة 47): هل يجوز اجراء عقد النكاح في الهاتف، أي (التلفون) أو لابدّ من حضور الطرفين في مجلس واحد ؟

لابأس بذلك.

ص: 160

(مسألة 48): هل يجوز الصداقة بين شابّ وشابة في الجامعات بحيث تستلزم الذهاب والاياب والمباحثة والاكل والشرب ؟

لايجوز إلا إذا اجريا صيغة العقد المنقطع.

(مسألة 49): هناك في بعض الاماكن ما هو متعارف بأنّه يأخذ الاب مالاً من الخاطب لابنته حتى يرضى فهل هو جائز ؟ لايستحق الاب اخذ المال مقابل تزويج ابنته، وإذا أخذ لابدّ من ردّه الى صاحبه.

(مسألة 50): هل يجوز للزوجة أن تتبرع بالدم بدون إذن زوجها ؟ الحق هو الجواز، إلا إذا كان ذلك منافياً لحق زوجها.(مسألة 51): اذا كان الولد يرغب في تعليم العلوم الدينية ولكن الاب يمنعه فما الحكم ؟

فنقول: تارة يكون مستحباً، واُخرى واجباً عينياً أو كفائياً.

ففي الصورة الاُولى لابد للابن ان يمتنع.

أما في الصورة الثانية جاز له طلب العلم ولو كان في البلد الثاني.

(مسألة 52): الجامعات والمدارس الأجنبية تكون مختلطة، فهل يجوز أن يصافح الرجل البنت مع لبس القفّاز إذا لم تكن عن شهوة ؟

ص: 161

الظاهر أنّه جائز.

(مسألة 53): المدرسّة تارة تكون أجنبية، واُخرى مسلمة فهل يجوز للطالب النظر إليها ؟

الظاهر أنّه يجوز ذلك إذا كانت محجّبة ومسلمة فيجوز النظر الى الوجه والكفّين مع الضرورة. أمّا إذا كانت غير مسلمة فيجوز النظر حتى الى شعرها مع عدم التلذذ.

(مسألة 54): يجوز النظر لجسم إنسان عار مماثلا دون العورة و من مختلف الجنسين إذا لم يكن عن ريبة.(مسألة 55): لايجوز مصافحة الاجنبية، خصوصاً مع المسك بقوّة، لأنّه غالباً يكون سبباً لإثارة الشهوة.

(مسألة 56): لايجوز للمرأة النظر إلى بعض المسابقات الرياضية الرجالية إذا كان غالب اجسادهم تظهر فيها.

(مسألة 57): لايجوز اللعب مع الأجنبية، وكذا المزاح باليد أو اللسان، لأنّه في الغالب يكون سبباً لإثارة الشهوة.

ص: 162

(مسألة 58): لايخفى بأنّه يجوز للرجل أن يعانق زوجته ويقبلها، أو على العكس إذا لم يكن امام الأجنبيّ والأجنبية.

(مسألة 59): شخص طلّق زوجته وخرجت من العدّة، وتزوج بأختها ثم مات، والوصي متيقّن بأنه أمّا أن طلاق الاُولى باطل، أو عقد الثانية، فما هو تكليفه بالنسبة للأرث ؟

الظاهر يدفع الارث للزوجة الاُولى المطلقة لتعارض أصالة الصحة بالنسبة للعقد والطلاق فتتساقطان ويجري استصحاب الزوجية.

(مسألة 60): لو أبرأته من الصداق الذي كان عليه ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه عليها وكذا لو كان الصداق عيناً فوهبته اياها رجع بنصف مثلها اليها أو قيمة نصفها.في المسألة قولان، ففي القواعد، ومحكى المبسوط، والجواهر، أنّه يحتمل عدم رجوعه عليها بشيء، بل عن بعض العامّة القول به، لأنه لم تأخذ منه مالاً ولا نقلت منه الصداق ولا اتلفته عليه فلا تضمن.

ولكن الحقّ هو الرجوع بنصفه عليها، حيث أن ذلك أي الإبراء تصرّف منها وقد نقلها بواسطة هذا التصرّف عن ملكها بوجه لازم ويكون حكم هذا الرجوع حكم ما إذا نقلته الى غيره أو أتلفته.

مضافاً الى ما عليه المشهور، ما ورد عن شهاب عبد ربّه قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام)عن رجل تزوج امرأة على الف درهم فبعث بها اليها فردتها عليه ووهبتها له وقالت: أنا فيك أرغب مني في هذا الالف هي لك

ص: 163

فتقبله منها ثم طلقها قبل أن يدخل بها، قال: لا شيء لها تردّ عليه خمسمائة درهم» (1) ومضمرة سماعة قال: «سألته عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها ثم جعلته من صداقها في حلّ أيجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً ؟ قال: نعم، إذا جعلته في حلّ فقد قبضته منه وان طلقها قبل أن يدخل بها ردّت المرأة على الزوج نصف الصداق» (2).

(مسألة 61): لو طلّقت المرأة الغير مدخول بها لكن إذا اغتسلت في الحمام وجذبت مني زوجها واصبحت حامل، فهل يجوز للزوج الرجوع اليها قبل وضع الحمل ؟الظاهر عدم الجواز، اما بالنسبة الى الاجنبي لا يتمكّن من الزواج بها إلاّ بعد وضع الحمل.

(مسألة 62): لو شاع التدليس للنساء في منطقة معيّنة وأراد شخص التزويج، فهل يجوز له أن ينظر بنفسه الى سائر جسد المرأة ومحاسنها ؟

الظاهر الجواز.

(مسألة 63): من كان له زوجتان وطلق إحداهما، ثم نسي التي طلقت، فقد يكون الطلاق بائناً، ففي هذه الصورة لايجوز له أن يجامع واحدة منهما،

ص: 164


1- وسائل الشيعة : باب 41 من أبواب المهور، ج41.
2- وسائل الشيعة : باب 41 من أبواب المهور، ج12.

ولابدّ أن ينفق على كلتا الزوجتين، ولا يجوز لهما التزويج بغيره إلاّ بعد الطلاق الثاني لهما أو بعد وفاة الزوج وخروجهما من عدّة الوفاة، وكذا لو كان الطلاق رجعياً ولم يرجع في أيام العدّة.

(مسألة 64): لو طلّق شخص زوجته وفي حال العدّة جامعها شخص آخر شبهة، ففي هذه الصورة أن تعتدّ بعدتين عدّة الطلاق وعدة الشبهة، لأن الأصل عدم التداخل.

(مسألة 65): لو كان هناك رجل وامرأة وأرادا الزواج، وقد وكّلا شخصاً لإجراء صيغة العقد في يوم معيّن، فلا يمكن لهما ترتيب آثار الزوجية حتى اذا مضى ذلك الوقت، إلاّ إذا علما بأن العقد قد وقع.(مسألة 66): إذا أراد رجل التزويج من امرأة معينة وقالت له: أجري أنت العقد في ساعة كذا من الليل، وذهب الى بيته ليعقد في تلك الساعة ووافاه الأجل ولم يُعلم أن وفاته كانت قبل العقد أم بعده، فهل لها أن ترتب الآثار على أنها معقود عليها أم لا ؟

الظاهر لا، لإنه لم يحصل العلم بالعقد، لمنافاته للأصل وهو عدم العقد.

ص: 165

(مسألة 67): لو كان لشخص زوجة وهو يسكن في بلدة معيّنة، ثم تزوج ثانية في بلدة اُخرى وحصلت كلّ منهما على الأولاد، ثم انكشف أن الثانية اُخت الاولى فهل يجب على من يعلم بذلك ابلاغه أم لا ؟

الظاهر عدم وجوب الابلاغ. نعم لو علم هو بذلك فالعقد الثاني يكون باطلاً والاولاد أولاد شبهة.

(مسألة 68): يظهر من بعض الاُمهات أنهنّ يزينّ بناتهنّ حتى يقعن في أعين الناس لكي يخطبن فهل هذا جائز أم لا ؟

الظاهر غير جائز، أولاً من جهة نظر الاجنبي اليها، وثانياً على فرض عدم وقوع نظر الاجنبي اليها، فان كان هذا العمل منهنّ سبب لتغيير طبيعة الوجه أو البدن فهو حرام لأنه تدليس.(مسألة 69): هل السكوت علامة الرضا في كلّ مكان ؟

الظاهر ليس كذلك إلاّ إذا كانت هناك قرائن موجودة تدلّ على الرضا، بلا فرق بين أن تكون القرائن حالية أو مقالية، كما في سكوت البكر، وإنما اعتبر الشارع هذا لأن في الغالب الحياء يمنع من التصريح في القبول، وهكذا لو سكن دار آخر فقال صاحب الدار: لابدّ أن تدفع عوض سكناك عن كلّ شهر دينار، فسكت فهذا أيضاً علامة الرضا، فاذا انتفع من الدار شهراً عليه أن يدفع ديناراً.

ص: 166

(مسألة 70): هل يقع الانتساب بالنسبة الى الرجل وابنته من الزنا وكذا بين المرأة وابنها من الزنا ؟

لايخفى بأنّ الانتساب مرتفع بينهما شرعاً، أي بين الرجل وبنته والمرأة وابنتها، ولذا لاتوارث بينهما. وأما من جهة الزواج، بما أنها ولدت من ماء الرجل وأن الابن ولدته الاُم يعدّان من الأبناء عرفاً، ولذا لا يجوز له أن ينكح بنته ولا يجوز لها ان تتزوج من ابنها، ولأنه خلاف مذاق المتشرعة بل الشارع حيث اهتم كما ذكرنا في محلّه بالدماء والفروج.

(مسألة 71): في الموارد الخفية التي لايمكن الاطلاع عليها غالباً ففي الحكم عليها لابدّ من الرجوع الى آثارها الظاهرة ولوازمها الخاصة، فلو تزوّج شخص امرأة فولدت المرأة ولداً، فإن كان لستة أشهر نحكم بأنّه ولده ودخل بها لأن الدخول أمر خفي لا يعلم إلاّ من جهة لوازمه. كما إذا رأينا شخصاًرث اللباس وكان يجلس في الشوارع نحكم بأنه فقير. ومع ذلك كلّه هذا لايفيد القطع واليقين بل هو أمارة ظنيّة غالباً.

(مسألة 72): لا يخفى بأنّ الشارع المقدس بعد أن جعل القوانين الاعتبارية المجعولة لحفظ نظام البشر وارتباط بعضهم مع بعض وللمنافع المشتركة بينهم وللمصالح المتداولة، وهذا الربط جعل له ضوابط وأسباب خاصّة. مثلاً حصول الملكية والزوجية والرقية والحرية وأمثالها، هذه تكون بواسطة أسبابها عقداً وحّلاً كما أن العقد يحتاج الى الأسباب فالحل كذلك، ففي نقل الملكية

ص: 167

السبب الأساسي مثلاً البيع، وفي نقل المنافع الاجارة وأمثال ذلك، وهذا العقد أيضاً لاينحلّ إلاّ بأسباب مخصوصة، فلو بعت شيئاً فهذا البيع لا ينفسخ إلاّ بخيار أو فسخهما أو الأقالة ونحوه وكذا بالنسبة الى عقد الزواج بعد حصول الربط فلا يكون هناك شيء لحلّ هذا الربط وفكه إلاّ اسباب خاصة كالكفر والطلاق واللعان والردة والموت، فهذه العقدة لا تنحلّ إلاّ من طريق هذه الأسباب.

إذن رفض الزوج الزوجية بعد انعقادها كاملة وتامة لايفيد، فلو قال انّي رفضت هذا العقد وقطعت هذا الحبل وأن فلانة ليست بزوجتي، لم تخرج عن زوجيته إلاّ بسبب خاص وهو الطلاق. وهكذا بالنسبة الى الرقيّة والحرية والعتق.

فالشارع المقدّس جعل لرفع العبودية اسباباً خاصة كالعتق أو التنكيل، فلو قال المولى: إنّي رفعت ملكّيتي عن هذا العبد وأطلقته فلا يفيد إلاّ اذا كانكلامه مشعراً بالعتق وإلاّ لو قلنا بأن العتق لايصلح إلاّ بالصيغة الخاصة فهذا الكلام غير مفيد.

وهكذا بالنسبة الى الملكية فلو قال: تركت ملكيتها أو رفعت يدي عنها فهي باقية على ملكيته إلاّ إذا قال وهبتها أو بعتها.

ومن هذا يتفرع ما هو محلّ الخلاف بين الفقهاء بأن الاعراض هل يوجب زوال الملكية وصحّة تملك الغير.

الحق أن الأعراض لا يزيل الملكية لعدم الدليل، ولا يثبت ملكية الغير إذا تصرف فيه.

ص: 168

نعم يمكن أن يقال: أن الاعراض يكون سبباً لاباحة الانتفاع كما عليه العرف فلو زاد طعام عند شخص ووضعه في الطريق فإن ظاهر الحال يقتضي إباحتة لمن أخذه أما أن الملكية تزول عنها بحيث يجعل هذا الشيء من المباحات الأولية ويملكه كل من حازه فلادليل عليه.

قد يقال: بما أن للانسان السلطة التامة الكاملة على ماله فيمكنه أن ينزع ملكية ماله عنه إذا أراد، وحقيقة الاعراض ليس إلاّ نزع الملكية كيف شاء.

ولكن الحقّ نفس الملكية هي سلطنة، فهل هذه السلطنة تكون مطلقة وعامة بحيث تشمل هذا المورد، أي أن للأنسان سلطنة، بأن يلقي أمواله في البحر فهو يحتاج الى دليل. فثبوت السلطنة للأنسان لا يدلّ على أن له التمكّن من نفي تلك السلطنة بالالتزامات الضمنية، كالشروط والنذور فإنها أسباب بنفسها ولها أن تثبت الملكية وترفعها.أمّا النذور والشروط بالنسبة الى الزوجية من ثبوتها وفكها فلايفيد، بل انها تتعلق بفعل أسبابها، كأن ينذر فكّها بالطلاق، بعد أن علم أن هذا الفك لا يحصل إلاّ بأسبابه الخاص، فاذا قال نذرت طلاق زوجتي فلا تطلّق إلاّ بإجراء صيغة الطلاق.

(مسألة 73): هل يجوز - لمن كان لديه مرض معد وهو يعلم بذلك - بأن يتزوج أم لا ؟ خصوصاً مع عدم علم المرأة بواقع الحال ؟

في هذه الصورة الزواج محرّم، لايقاع النفس المحترمة في التهلكة والاضرار بها، بعد ما علم خصوصاً إذا كانت الموافقة تكون سبباً لانتقال المرض منه الى

ص: 169

غيره. وأما بطلان العقد فمحلّ تأمل، واذا عقد عليها فقبل الدخول يدفع نصف المهر، وبعده يدفع تمام المهر وبعد علم الزوجة بذلك يجوز لها طلب الطلاق، وكذا يجوز لها أن تمنع نفسها منه. وهكذا لو كانت المرأة هي المريضة.

(مسألة 74): إذا كانت المرأة مبتلية بمرض معد، فلا يجوز لها ارضاع الطفل اذا كانت هناك مرضعة غيرها أو وسائل اُخرى.

(مسألة 75): إذا أصبحت المرأة المطلّقة بعد انقضاء شهر من العدّة يائسة فهل لابدّ لها من تتميم شهرين آخرين أم لا ؟

الظاهر عدم وجوب التتميم لتبدل الموضوع فالعدّة إنما هي للمرأة الغير اليائسة وان كان الأحوط التتميم.(مسألة 76): هل الامراض المعدية تكون سبباً للفسخ ؟

هذا تارةً يمكن أن يكون في الرجل، واُخرى في المرأة.

أمّا بالنسبة الى الرجل، لا يخفى بأن موارد الفسخ بالنسبة للطرفين تكون معلومة ومنحصرة في اُمور خاصة، فلو علم الرجل أن زوجته مبتلات بمرض معدي وخصوصاً اذا كان مهلكاً ولو تدريجاً فله أن يطلقها.

وأما بالنسبة الى الزوجة فلا يبعد ثبوت الخيار لها، اذا كانت غافلة وعلمت بعد ذلك لقاعدة لا ضرر ونفي الحرج. والأحوط أن تراجع الحاكم كي يأمر الزوج بالطلاق، فإن لم يفعل طلقها الحاكم. أمّا أصل الزواج والحال هذه

ص: 170

فهو محرم على من علم بذلك المرض المعدي لانه اضرار بالغير بل لا يجوز مع العلم اجابة المريض والاضرار بالنفس، كما لا يجب على المرأة التمكين لمن ابتلي بعد بمثل هذه الامراض المعدية، لان حرمة الاضرار تكون أهم من وجوب اداء الحق، كما يجب عزل الولد عنها إذا كان المرض ينتقل اليه بواسطة الرضاع.

(مسألة 77): هل المرأة تحتلم ؟

محلّ كلام ولكن لو خرج منها شيء وعلمت أنّه منيّا لابدّ لها أن تغتسل، أمّا اذا لم تعلم فما خرج منها طاهر ولايجب عليها الغسل كما مر.(مسألة 78): هل يجوز للمسلم أن يتمتّع بالمرأة بالمراضاة ولو بدون صيغة العقد ؟ ولو كانت كتابية وبعبارة اُخرى هل المعاطات صحيحة بالنسبة الى النكاح ؟

الظاهر لا.

(مسألة 79): إذا كان احد المتعاقدين بمقتضى تقليده أو اجتهاده يرى بطلان العقد، والآخر يرى صحّته، كما إذا وقع العقد بين الطرفين بالفارسية، ثم انكشف أن مُقلد المرأة يرى بطلان العقد بالفارسية، ومُقلد الرجل يرى الصحة.

فقد يقال بعدم الصحة بالنسبة الى كلا الطرفين، أمّا الطرف الأول القائل بعدم الجواز فواضح، واما الطرف الثاني بأن العقد متقوم بالطرفين، وتكون

ص: 171

صحته بالنسبة الى كلا الطرفين، فإذا كان العقد بالنسبة الى أحد الطرفين باطلاً فلا محالة يكون العقد من اصله باطلا، فلايمكن أن يقال من جهته يكون صحيحاً، ومن جهة الاخر يكون فاسداً. ولكن الحق أن العقد بالنسبة الى احدهما يكون صحيحاً والاخر فاسداً، ولكل من الطرفين العمل بوظيفته فيجوز للزوج مواقعتها ويحرم عليها التمكين.

إن قلت: أن العقد حقيقته تكون متقومة بالطرفين فلا يمكن القول بصحته لطرف دون الآخر.

قلنا: الأول: يرى صحة العقد بالنسبة له، فيكون العقد في نظره صحيحاً بالنسبة للطرفين، لانه لايرى الصحة من طرفه فقط، فيكون العقد صحيحاًمطلقاً في نظره، والثاني يرى فساد العقد من الطرفين، فيكون العقد فاسداً مطلقاً في نظره.

وما قيل: أنّه لايعقل التصور لشيء واحد صحيحاً من طرف وفاسداً من طرف آخر.

قلنا: هذا تام بحسب الواقع، واما بحسب الظاهر ومقتضى القاعدة فلامانع فيه وبما أنّه أمر اعتباري فأمثاله في غير العقد كثير.

يمكن أن يقال بالاحتياط بتجديد العقد بالعربية، لاهتمام الشارع بالدماء والفروج والأموال الخطيرة، لكن هذا احتياط حسن لأن الاحتياط حسن على كلّ حال.

أما بالنسبة الى العقد الجديد فيمكن أن يقال: أن تجديده يوجب على الزوج المهر. ولكن يجاب عنه بأن صحة النكاح لاتتوقف على ذكر المهر.

ص: 172

ويمكن أن يقال: يصبح في ذمته مهر المثل، فقد يكون أكثر من مهر المسمى، أو أقل لأنه لو كان أكثر من مهر المسمى، فقد لاتقبل الزوجة بمهر المسمى.

ولكن الحق بعدما علم أن للمرأة مهر واحد فقط، ولو لم يعيّنا في العقد الجديد المهر، ولكن بما أنهما متفقان على المهر السابق فليس في ذمة الزوج إلاّ المهر المعيّن المتفق عليه سابقاً. وهناك مسائل مفروضة.

الاُولى: أنّه يحرم على الزوجة التمكين، ففي هذا هل يجب على الزوج اعطاء النفقة ؟ يمكن أن يقال: تجب عليه النفقة، لأنها ليست بناشزة، وعدم تمكينها أنما هو لعدم قدرتها على ذلك، لان العقد في نظرها باطل، والممنوعشرعاً كالممنوع عقلاً. ويجوز للزوج اكراهها على التمكين، ولكن الاحوط أن يطلقها ثم يعقد ثانياً بالصيغة العربية.

الثانية: بما أنها مكرهة فليس عليها الحرمة والمتولد منهما يرث الاب والاب يرث منه أمّا بالنسبة للاُم فمحلّ اشكال.

الثالثة: لو ماتت المرأة يجوز للزوج تغسيلها دون العكس ولو نكحها جبراً فلا يعدّ الولد بولد زنا بل بالنسبة اليه ولد حقيقة وبالنسبة للزوجة فهو ولد شبهة.

(مسألة 80): الكتابيات المتعارف عندهنّ عدم أخذ الإذن من الولي ولو كنّ بواكر فهل يجوز التمتع بهنّ من دون الإذن ؟

الظاهر الجواز، لقاعدة الالزام.

ص: 173

(مسألة 81): لو تزوج الرجل من الكتابية منقطعاً كان أو دائماً لابدّ أن يكون اجراء العقد وفقاً للشريعة الاسلامية لا الكنيسة. أمّا زواج المرأة من المخالف الاحوط تركه وبالعكس لامانع من ذلك.

(مسألة 82): هل يجوز العقد على المرأة الاوربية الكتابية إذا قلنا بأن الزواج الدائم معها صحيح ؟اذا يعلم الزوج بأن لها علاقة مع رجل آخر وربما يمارس معها ما يمارس الزوج مع زوجته الاحوط ترك الزواج مع هكذا امرأة، لأنه قد يسبب اختلاط المياة.

(مسألة 83): لو علم بعد الاختيار بأنّ نتيجة هذا الزواج يتولد منهما طفل ناقص الخلقة، مع ذلك يجوز لهما الزواج.

(مسألة 84): ليس للوالد التشديد في زواج البنت، خصوصاً بالنسبة الى زواجها من شخص معيّن، مع من لم ترغب البنت به، لأنّه قد يسبب تشديده في هذا الأمر انحراف البنت. واذا اختارت البنت ما اختاره الأب قد يكون سبباً للإنفصال في المستقبل، ففي هذه الحالة تسقط ولايته.

(مسألة 85): إذا علمت الاُم بأن الطفل مصاب بمرض معد، فيجوز لها إسقاط الحضانة.

ص: 174

(مسألة 86): في بلاد الكفر إذا سافر الزوج لأمر ضروري، وبقيت الزوجة وحدها في البيت، ربما يؤدي الى اختطافها أو تعرضها الى بعض المخاطر، ويكون سبباً لهلاكها. فيجوز لها أن تذهب الى بيت صديق زوجها مثلاً، ولو كان مجرداً وعليها أن تتقي الله وتحفظ نفسها من ارتكاب الحرام.(مسألة 87): لا يجوز الدراسة في الجامعات المختلطة إذا كان دخولها يسبب الحرام. أمّا مع مراعاة الموازين الشرعية فلا بأس في ذلك.

(مسألة 88): هل يجوز النظر الى صورة إنسان عاري، خصوصاً لتعلّم الطبّ من كلا الجنسين ؟

الظاهر الجواز إذا لم يترتب على ذلك محذور شرعي.

(مسألة 89): لايجوز ملامسة الرجل للمرأة الأجنبية وكذا العكس، ولو كان من فوق العبائة مثلاً، لأن الغالب يكون سبباً لاثارة الشهوة، كما لا يجوز للمرأة أن تضع يدها على رأس رجل أجنبي وأن تعبث بشعر رأسه أو لحيته.

(مسألة 90): يجوز للرجل تقبيل الطفلة الصغيرة إذا لم تبلغ الرابعة من العمر بدون شهوة.

ص: 175

(مسألة 91): يجوز للمرأة قيادة مطلق النواقل كالسيارة والطائرة والسفينة وغيرها إذا لم يترتب عليه محذور آخر، كما إذا ركبت الدراجة وأركبت امامها أو خلفها رجل أجنبي. وكذا يجوز تعليم الرجل للمرأة السياقة إذا لم يستلزم ذلك الحرام.(مسألة 92): لو حكم على الزوج بالسجن مدّة مديدة، فللزوجة الخيار في بقائها أو المراجعة الى الحاكم الشرعي لأجل الطلاق إذا كان البقاء لها حرجاً وعسراً.

(مسألة 93): المستمني لابدّ أن يتوب، واذا لم يتب وراجع الحاكم الشرعي وأعلمه بذلك فللحاكم تعزيره.

(مسألة 94): عرف النشوز في الزوجة خروجها عن طاعة الزوج، وهو تارة يكون النشوز منها عليه، واُخرى منه عليها، وثالثة من الطرفين، ويسمى بالشقاق كما في الآية الشريفة: {وإن خفتم شقاق بينهما} (1). قيل: لا تصح عبادتها. ولكن الحقّ الصحة لأن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه.

ص: 176


1- النساء : 35.

كتاب النذر والعهد واليمين

(مسألة 1): ما يعطى لمجالس الامام الحسين(عليه السلام)، من النذورات في عشرة محرم كالسكر والشاي وغيرهما، فاذا زاد مقدار منها عن العشرة فان أمكن إبقائها الى السنة الآتية اُبقيت كي تصرف في ذلك، وأما إذا كان بقائها مستلزماً لفسادها فلابدّ من بيعها، ويشترى في المستقبل تلك المواد ليصرف في المجالس الخاصة بعشرة محرم كما يظهر من القرائن، وهي أنّه مورد نظر الناذر خصوص تلك العشرة. وعليه لا يمكن إعطائها للمستحق أو صرفها في المسجد. بل ولا في غير العشرة إذا انعقد مجلس التعزية.

(مسألة 2): لو قال شخص: لو أعطاني الله ولداً أصوم وأصلي وأعطي مبلغاً من المال للفقير، ولكن لم يعيّن المقدار أو المبلغ، فاذا صام ولو يوماً أو صلى ركعتين أو دفع مقداراً ما يكفي عنه ذلك.

(مسألة 3): لو نذر شخص بأنه لو قضى الله حاجته، أو إذا اعطاه الله بنتاً فيزوجها من سيد، فهل هذا النذر ملزم وهل للبنت المتابعة لهذا أم لا ؟

ص: 177

الظاهر لا وللبنت أن تختار لنفسها زوجاً.

(مسألة 4): لو نذر حيواناً معيناً للسيد، فهل نتاجه يكون ملكاً للسيد أم لا ؟

لايخفى بأن هذا النذر يكون على قسمين: تارةً: يكون على صفة نذر النتيجة بأن يجعله ملكاً له، وهنا الناتج يكون ملكاً للسيد. واُخرى يكون صفة نذر الفعل، بأن ينذر أن الحيوان فقط ملكاً للسيد فالناتج لايكون ملكاً له.

(مسألة 5): لوكان عليه، عشرة أيام من شهر رمضان، وقد نذر أن يصوم عشرة ايام الاخيرة من شعبان، وتذكّر قبل انتهاء شعبان بعشرة أيام فهل صيام هذه العشرة يؤتى بعنوان القضاء أم النذر ؟

الظاهر أنّه يأتي بها بعنوان القضاء، والنذر غير منعقد لأن متعلقه غير مقدور.

(مسألة 6): لو كان عليه دين، ونذر إن أعطاه الله حاجته أن يدفع لشخص مبلغاً، فأي منهما يقدّم الدين أم النذر ؟

الدين مقدّم لأن وجوبه فوري، وأما النذر فمتى تمكّن منه يجب الأداء.

(مسألة 7): إذا نذر أن يطبخ في عاشوراء مقداراً من اللحم، ويطعم القائمين بالعزاء فهل يمكن أن يدفع اليهم نفس اللحم أم لا ؟

ص: 178

الظاهر لايجوز إلاّ الاطعام.

(مسألة 8): لو نذر شخص بأنه لو رجع ابنه من السفر سالماً يصوم عشرة أيام، فهل ظهور هذا النذر يكون بالتتابع أم لا ؟

الظاهر لا.

(مسألة 9): لايخفى بأن النذر تارة يكون معيّناً، واُخرى يكون مطلقاً، فاذا نذر شيئاً لزوار الامام الحسين(عليه السلام) وبعد تحقق النذر لايجوز صرفه إلاّ للزوار، أمّا لو كان مطلقاً بأن ينذر مبلغاً للامام الحسين(عليه السلام)، فيجوز صرفه في كلّ أمر خيري، وثوابه يرجع الى الامام الحسين(عليه السلام). والافضل أن يصرف للزوار وخدمة الامام الحسين(عليه السلام).

(مسألة 10): لو نذر مبلغاً لشخص، وبعد تحقق نذره لم يقبل المنذور له المبلغ فهنا ليس على الناذر شيء. واذا قبل المنذور له فيجوز له أن يهبه للناذر.

(مسألة 11): لانذر إلاّ في طاعة الله، ولا يمين إلاّ في مباح. أمّا الأول فلابدّ أن يكون متعلقه راجحاً قبل انعقاد النذر، فلافرق بالرجحان بين أن يكون اُخروياً أو دنيوياً وعليه لا يقع في المباح المتساوي فضلاً عن المرجوح. نعم في اليمين لو كان متعلقه متساوي يقع ولكن لا يقع في المكروه والمرجوح فضلاً عن الحرام.

ص: 179

(مسأبة 12): لو نذر شخص بأن يصوم كلّ خميس، ثم وجب عليه صوم شهرين متتابعين، فهل هذا النذر مخل بالتتابع ؟ ففي هذه الصورة لابدّ أن يأتي ببقية الخصال، أي اطعام ستين مسكين، لأن له البدل فالظاهر هو ذلك لعدم امكانه التتابع. كما أنّه لو نذر أن يصوم كلّ خميس فنذره لاينعقد بالنسبة الى كلّ صوم واجب من جهة الاهميّة، كصوم شهر رمضان.

(مسألة 13): إذا كان هناك شخص مريض، ونذر شخص آخر إذا شوفي هذا المريض من مرضه، فعلى المريض أن يذبح ذبيحة لوجه الله، فهل يجب على المريض ذلك ؟

لايخفى بأن نذر الغير ليس بنافذ، والنذر غير منعقد، ولا يجب على المريض أن يفي بهذا النذر.

(مسألة 14): لو نذر شخص إن أعطاه الله أولاداً فيلبسهم السواد في عاشوراء نسلاً بعد نسل، فهل يجب عليهم هذا أو على البطن الأول ؟

الظاهر أن نذر الأب لايلزم تكليفاً شرعياً بالنسبة الى الولد أي البطن الاول فضلاً عن البقية.

ص: 180

(مسألة 15): لو نذر جماعة من المؤمنين بأن ينحروا الذبائح في عاشوراء لغرض الاطعام في مجالس العزاء، فاذا زاد مقدار من هذه الذبائح هل يجوز بيعها وصرف قيمتها في المساجد والحسينيات ؟

الظاهر لابدّ من ابقائها الى السنة الآتية وصرفها في العزاء، ومع عدم الاحتياج في السنة الآتية جاز صرفها في بناء الحسينيات أو اقامة العزاء في المناسبات وتصرف في ذلك.

(مسألة 16): لو نذر شخص لشخص مبلغاً من المال فهل يجوز للمنذور له أن يبرأ ذمة الناذر ؟

الظاهر لا دليل على كفاية هذا الابراء، بل له أن يقبض المنذور ثم يهديه اليه.

(مسألة 17): لو نذر بأن يذبح ذبيحة اُنثى معينة وهي حائل ظاهراً، ولكن قد انكشف بعد ذلك أنها حامل فهل الحمل، يكون مانعاً عن الذبح ؟

الظاهر لا.

(مسألة 18): يجوز أن ينذر مبلغاً لمرقد أحد المعصومين(عليهم السلام)،واذا لم يمكن صرفه في ذلك المرقد لعدم التمكن من ايصال المبلغ لأي مانع كان فيجوز له صرفه في مرقد معصوم آخر بإذن الحاكم الشرعي، كما يجوز إلقاء النقود في الاضرحة المقدسة. نعم لو يعلم بأن هذا المال الملقىيأخذه

ص: 181

الظالم وهو اعانة له كما هو في بعض الامكنة، فلا يجوز ذلك واذا نذر حينئذ بأن يلقى في الضرائح فالنذر لا ينعقد.

ص: 182

كتاب المضاربة والمساقات والمزارعة واحياء الموات

(مسألة 1): لايخفى بأن معنى المضاربة هو أن يدفع الانسان مبلغاً لآخر ليكتسب به، وما يحصل من النفع يكون للمالك والعامل حسب تعيّنهما له، فعليه إذا دفع شخص في بعض مناطق الصيد الشبكة للصياد، ويشترط عليه بأن ما يصيده يكون بالنصف، فقد يتصور البعض أنّه يدخل في المضاربة. ولكن الحقّ بعدما عرفت من معنى المضاربة، أنّ هذا النوع من الكسب خارج عنها. إذن ما يصيده الصياد فهو له، ولكن لابدّ له من دفع الاجرة لصاحب الشبكة.

(مسألة 2): لو دفع شخص مبلغاً بعنوان المضاربة ليكتسب به، ويقسم النفع الحاصل بعد مضيّ مدة المضاربة، ثم يشتري صاحب المال سهم العامل من النفع بمبلغ، لكي يدفعه على نحو التقسيط فهل هذا صحيح في المضاربة ؟

الظاهر لا، لأن في المضاربة أن يكون سهم كلّ منهما معلوماً، وشراء سهم العامل شراء مبهم مجهول وهذا غير صحيح.

ص: 183

(مسألة 3): لو اختلف المالك والعامل في مقدار رأس المال، ولم يكن هناك بيّنة فالقول قول المالك، واما إذا اختلفا في مقدار الربح، ولم يكن هناك بيّنة فالقول قول العامل.

(مسألة 4): لو غصب شخص مالاً من غيره واعطاه لآخر مضاربة فالمضاربة تكون باطلة، والنفع يرجع لصاحب المال، فلو تلف المال فلصاحب المال ان يرجع على المضارب أو العامل، فلو رجع الى العامل فمع عدم علمه بالغصب فهو يرجع الى المضارب.

(مسألة 5): لو وقعت المضاربة فاسدة فالربح كلّه للمالك. وأما بالنسبة للعامل فتارةً يعلم بالفساد واُخرى لا. أمّا إذا لم يعلم بالفساد، فالربح كله للمضارب وللعامل اجرة المثل، وأما إذا علم بالفساد وأقدم على العمل بعد إحراز رضا المالك فيستحق أقلّ الأمرين من اجرة المثل والحصة. أمّا لو علم بالفساد ولم يحرز رضا المالك فليس له شيء لأنه متبّرع.

(مسألة 6): يجوز مزارعة جريب من الأرض، إذا كانت الأرض أكثر من جريب، وهذه الأرض تارة تكون متساوية الأجزاء واُخرى لا. ولو لم يعيّن الجريب من مكانٍ خاص، فله أن يزرع من أي مكان كان، إذا كانت متساوية الأجزاء وهذا يسمى الكلّي في المعيّن، وهذه المزارعة تصح أن اجتمعت

ص: 184

شروطها، وتصبح لازمة أمّا لو اختلفت الشروط فسدت، فحينئذ الزرع للفلاّح ولصاحب الأرض اجرة ارضه.

أما إذا كانت غير متساوية الاجزاء، فلابد من الاذن من صاحب الارض في تعين المقدار في مكان معيّن للزرع.

(مسألة 7): المساقات قد عرفها البعض بأنها نوع شركة، أي صاحب الاشجار والمسقي شريكان بالثمرة ويقسم بينهما. ولكن الحق أنها ليست بشركة، بل هي كالمزارعة عقد مستقل، والفرق بينهما أن المزارعة معاملة تكون على زرع الأرض والمساقات على تربية الاشجار.

(مسألة 8): لو خسرت المضاربة وتلف المال بأجمعه، ويدعي صاحب المال بخيانة العامل، ففي هذه الصورة القول قول العامل إذا لم يكن للمالك بيّنة لأنه أمين.

(مسألة 9): في احياء الموات. الأرض الميتة إذا أحياها شخص بعد أن لم يكن لها مالك بالخصوص، أو لم يعرف لها مالك، فاذا احياها هذا الشخص فيملكها ودليله الحديث المشهور «من أحيا أرضا ميتة فهي له»(1). وهل يحتاج في الإحياء الى الإذن من حاكم الشرع أم لا ؟

ص: 185


1- وسائل الشيعة : باب 1 من ابواب احياء الموات، ح5.

من يقول بأن له الاذن فدليله أن الانفال كلها للامام(عليه السلام)، والأراضي الخراجية وإن كانت للمسلمين ولكن أمرها راجع الى الامام(عليه السلام) أو نائبه. فلابدّ أن يأخذ المحيي الإذن بالتصرف.

ومن يقول بعدم احتياج الاذن دليله نفس الرواية «من أحيا أرضاً ميتة فهي له» فهذا إذن عام من الامام وتمليك للمحيي. نعم هناك بحث يأتي في محله وهو هل الملكية تكون أبدية أو تدور مدار الاحياء، فاذا عاد مآلها الى الخراب خرجت عن ملكه.

(مسألة 10): لو أعطى شخص مالاً لشخص آخر لكي يحدث بستاناً، فهل يصدق عليها المضاربة أم لا ؟

الظاهر عدم صدق المضاربة، عليه لأن معنى المضاربة هو أن يصرف المال في التجارة.

(مسألة 11): هل يجوز أن تقع المضاربة على غير النقدين، كأن يدفع شخص لشخص متاعه ويشترط عليه بيع المتاع، ويجعل ثمن المتاع رأس مال المضاربة ؟

الظاهر عدم الصحة لأن المضاربة لابدّ أن تكون على الثمن، نعم بعد البيع والحصول على المال يمكنه عقد المضاربة.

ص: 186

(مسألة 12): لو دفع شخص لشخص مالاً لكي يتّجر به ثم أخّر العامل العمل،أي تسامح في العمل ففي هذه الصورة هل إذا تلف المال هو ضامن أم لا ؟ وهل لابدّ عليه أن يدفع شيئاً زائداً على المال عند دفعه للمالك في وقته ؟

الظاهر للعامل أن يدفع رأس المال فقط دون الزيادة وان تلف فهو ضامن.

(مسألة 13): لو ادّعى العامل بأنه اشترى هذا المال لنفسه، والمالك ادّعى بأنه اشتراه للمضاربة أم العكس، ففي كلتا الصورتين القول قول العامل لأنه أبصر بعمله.

(مسألة 14): إذا اختلف المالك والعامل في ردّ رأس المال، أي العامل يدّعي الردّ والمالك ينكر، فان كانت هناك بيّنة فقول المدّعي مقدّم، واذا لم يكن هناك بينة فالقول قول المالك لأن الأصل عدم الردّ.

(مسألة 15): لو ادّعى كلّ من المالك والعامل فسخ عقد المضاربة، فمع عدم وجود البينة فالقول قول المنكر.

(مسألة 16): الأرض المباحة هي لكلّ شخص احيائها وبعد التحجير هو أحقّ بها، ولا يجوز لاحد أن يمنعه من ذلك، واذا كانت الأرض مباحة وحجّرها شخص، ولكن الماء من شخص آخر لايكون صاحب الماء شريكاً، بل لابدّ لصاحب الأرض اجرة الماء. نعم إذا حجّرا أرضاً والماء كان منأحدهما

ص: 187

أو كليهما واحيا كلاهما الأرض فهما شريكان. أمّا الاراضي المتروكة من قبل ملاكها فلا يجوز إحيائها من قبل الآخرين، بل لا يجوز التصرف فيها إلاّ بإذن الملاّك.

ص: 188

كتاب الوقف

(مسألة 1): هل يجري الفضولي في الوقف ؟ وهل يعتبر في الوقف الصيغة أم لا ؟

الظاهر عدم كفاية الوقف الفضولي لعدم الدليل عليه أمّا اجراء الصيغة فلا، بل لو وقف مكاناً لمسجد وصلى فيه جماعة تحققت الوقفية، وإن لم يجري الواقف الصيغة،كما أنّه لا يشترط في صحّته قصد القربة، ولكن لو قصد يحصل على الثواب.

(مسألة 2): لا يخفى بأنه يشترط في الوقف التنجيز، فلا يصّح بأن يقول: لو جاء مسافري صحيحاً من سفره فهذا الملك وقف، لأنّ هذا يكون من الوقف المعلّق. كما أنّه لا يتحقق الوقف لو قال: ثمن الملك الفلاني وقف للمسجد بعد موتي، لأنّه يرجع الى الوصية، فإن كان مقدار ثلثه فهو صاحبه، وأن كان أكثر فلابدّ من إجازة الورثة في الزائد.

(مسألة 3): قالوا: يعتبر في الوقف وجود الموقوف عليه.

ص: 189

واستدلوا تارةً بالاجماع وهو ليس بحجة، واُخرى بأنه تمليك ولا يمكن التمليك بالمعدوم، ولكن بعدما كان من الاُمور الاعتبارية كما يصلح أن يتعلّق بالموجود يصلح أن يتعلّق بالمعدوم. وثالثة أن الوقف لا يحصل إلاّ بالقبض ولايتحقق القبض بالنسبة الى المعدوم. قلنا: يحصل القبض من المتولى أو حاكم الشرع. ورابعه أنّه تعليق. وفيه أن التعليق المبطل ما اذا كان الإنشاء معلق، أمّا إذا كان الإنشاء مطلق والمنشأ معلّق فصحيح .إذن لا يعتبر في الوقف الخاص وجود الموقوف عليه.

(مسألة 4): لو كانت هناك: أراضي وقفاً للفقراء لكي يصرف ثمن حاصلها لهم، فلو كانت الارض الموقوفة عليهم قد وقعت في وسط المدينة بحيث يعدّ الناتج قليلاً جداً، ويمكن أن تستأجر لاقامة مشروع وتكون حينئذ فوائده كثيرة فهل يجوز ذلك ؟

الظاهر الجواز إن كان تعدّ الفوائد بدون الاستيجار كلا فائدة.

(مسألة 5): لايصّح الوقف بالمردّد، لأنّه لا وجود له في الخارج. وأمّا ما استدلوا به لعدم الجواز - بالاجماع وبالانصراف الى المعين وبعدم معهوديته في وقف المردد وأن الملكية لا تتعلّق بالمردد - فهي مخدوشة.

(مسألة 6): لو وقف الشيعي الى الفقراء فينصرف الى فقراء الشيعة، وبالعكس لو وقف السنّي فينصرف الى فقراء السنة، لأنّه لو فرض أن الفقراء

ص: 190

معناً عاماً ولكن بواسطة الانصراف من القرائن المنظمة اليه وتكون سبباً في تحققه في المنصرف اليه ولو وقف الى الجيران فالمرجع في التشخيص العرف واذا وقف على العلماء فينصرف الى علماء الشيعة إلاّ اذا كان الواقف سنّياً.

(مسألة 7): من وقف ملكاً للامام الحسين(عليه السلام): فلابدّ أن تصرف عوائده في مجالس العزاء وزواره(عليه السلام) أو تصرف للفقراء ويكون ثوابه له(عليه السلام).

(مسألة 8): لو وقف أرضاً للامام الحجة(عجل الله تعالى فرجه)، فماذا يصنع بثمارها وعوائدها ؟.

الظاهر أنّه يرجع الى حاكم الشرع لأنّه نائبه.

(مسألة 9): بعد تحقق الوقف ليس للواقف ادخال البعض أو اخراج البعض لان الوقف يستقر حسب ما يوقفها اهلها وهذا الاستقرار يكون بالنسبة الى نفس الواقف أيضاً.

(مسألة 10): هل يمكن رفع الوقف الذري ؟

لقد تصدّى كثيراً ممن لا يفهم مدى بعد القوانين الاسلامية، ولا يهمه ذلك لذرائع واهية واُمور لا أساس لها ولا اعتبار، بذريعة أن الوقفالذري

ص: 191

يكون منشأً للخصومات في الاسرة وقد تكون سبباً لعدم الترقي والإزدهار وتبقى الارض غير مزروعة من جهة هذه الخصومات.

ولكن ما يدعونه في الحقيقة إنما يرجع الى سوء ادارة المتولي وأهماله شؤون الوقف فالاحرى بهولاء أن يستشكلوا أولاً وبالذات على المتولي لا على هذا الوقف وبعدما ذكرنا بأن الحكم الشرعي غير قابل للرفع «حلال محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) حلال الى يوم القيامة وحرام محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) حرام الى يوم القيامة»(1) وهذا معناه أن هذا الدين الحنيف كما ذكرناه سابقاً لم يكن وليد عصر خاص مختص بزمان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعد ما أثبتنا بأن القوانين الشرعية غير مختصة بزمان دون زمان، وإنها شاملة من زمان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو خاتم النبيين الى يوم القيامة. اذن هذا الرفع يمكن أن يكون في الموارد الخاصة التي ذكرها الفقهاء ومن جملتها ما إذا وقع النزاع بين الورثة لا مطلقاً.

(مسألة 11): لو اُقفت أرض للاُمور الخيرية، لكي يحدث فيها مستشفى أومدرسة، ويجعل بيد المؤمنين لكي يقوموا بمهمة البناء، ولكن لو لم يشرعوا بذلك فهل للواقف الرجوع عن ذلك أم لا ؟

الظاهر أنه لو اُنشأت صيغة الوقف ووقع العقد فلا يمكن الرجوع لأنّه لايجري خيار تخلّف الشرط في الوقف.

ص: 192


1- وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب فعل المعروف، ج7.

(مسألة 12): المزارع والاراضي المشهورة بين الناس بأنها وقف، فهل هذه الشهرة حجة شرعية على إثبات الوقفية ؟

الظاهر مجرّد الشهرة لا تثبت الوقفية، نعم اليد على هذه المزارع والأراضي إذا كانت بعنوان الوقفية تثبت الوقفية بها.

(مسألة 13): لا يخفى أن الوقف كبقية الصدقات، وقصد الرياء وأمثاله لايكون مانعاً، ويكون قصد القربة زائداً عن عنوانَها. وما ذكر من الادلّة من اعتبار قصد القربة فليس بشيء، ومن جملتها ترتّب الثواب عليه، نعم الثواب يدور مدار قصد القربة. وما قيل بأنها صدقة والصدقة تحتاج الى قصد القربة. ففيه أن ليس كل صدقة يعتبر فيها قصد القربة كما ورد في الحديث: «كل معروف صدقة» وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): «تبسّمك في وجه أخيك صدقة»(1).

(مسألة 14): لو أجّر المتولي للوقف حانوتاً ولم يشترط على المستأجر باشتغاله فيه شغل خاص، فلو غير المستأجر عمله فليس للمتولي منعه، ولا أخذ مبلغ منه مقابل التغيير زيادة عن وجه الإجارة.

ص: 193


1- كنز العمال : ج6، ح1853.

كتاب البيع والإجارة والشركة

(مسألة 1): لا يخفى بأن ما هو المتداول من بيع السهام في الشركات الحكومية ليس بصحيح قبل وجود الشركة، لأنه ليس هناك شيء حتى يباع والمعدوم غير قابل للبيع. نعم لو جمعوا مالاً وأسسوا شركة، فكلّ من دفع مبلغاً كان شريكاً فيها حسب ما دفع، ويوزّع النفع حسب ما دفع من السهام أي بالنسبة.

(مسألة 2): لو دفع شخص مقداراً من الذهب لمعمل يصنع حلي الذهب ويشترط عليه بأنه يدفع له في كل شهر مقداراً بعنوان وجه الاجارة.

الظاهر أنّه لا يصدق عليه الإجارة، لأنّه يشترط في الإجارة بقاء العين على حالها ويستفيد المستأجر من المنافع، وهنا المال المستأجر لم يبقى. واذا أدخلناها في مسألة الدين، فالمعاملة تكون ربوية لأجل أخذ الزيادة، ولكن يمكن أدخالها في مسألة المضاربة بأن يدفع لصاحب المصنع هذا المقدار ويشترط عليه أن يدفع خمس الربح.

ص: 194

(مسألة 3): الاطفال الذين يعملون في المعامل فللولي أن يحفظ اُجرتهم، ولا يجوز له التصرف في هذه الاموال على الاطلاق، إلاّ إذا كان مفيداً للطفل.

(مسألة 4): إذا وقعت معاملة بين طرفين كل منهما مقلداً لمجتهد معيّن، وكان أحدهما يرى الصحّة والآخر يرى البطلان، فلابدّ لكل من المتعاملين أن يعمل طبقاً لفتوى مقلده، فإذا وقع الخلاف بينهما فلابدّ من مراجعتهما للحاكم، فإن حكم فيكون حكمه نافذاً على الطرفين وقد ذكرنا المسألة فيما إذا عقد على امرأة بالفارسية ويرى مقلد الزوج صحّة العقد ومقلد المرأة بطلانه، وهكذا لو أخذ شخص امرأة بعنوان المتعة وقبل إتمام المدة مات الزوج، وكانت المرأة تقلد من يرى بانها ترث الزوج وان كان العقد منقطعاً، والورثة يقلدون من يقول بعدم استيراثها له، فوقع النزاع بينهما ففي هذه الصورة أيضاً لابدّ أن يرجعا الى حاكم الشرع وحكمه يكون نافذاً على الجميع.

(مسألة 5): لو اشترى شخص أرضاً من شخص آخر، ثم بناها وبعد اتمام البناء سكن فيها، وادّعى شخص ثالث أن له فيها قبور ويريد نبشها وتحويلها الى مقبرة معينة. فهل يجوز له ذلك ؟ وان كان له ذلك، فهل عليه ضمان مايتلفه في الدار من خلال عملية النبش ؟

الظاهر أنّه لابدّ له من الإجازة من صاحب الدار، فإن أجاز له فعلى النابش اصلاح ما تلف من خلال هذه العملية.

ص: 195

(مسألة 6): لو أجّر شخص من شخص حانوتاً، وشرط في متن العقد بأنه مادام المستأجر موجوداً ليس لصاحب الحانوت حقّ التخلية، ولو أجّره صاحب الحانوت من شخص ثاني، وأخذ المستأجر مبلغاً من المستأجر الثاني فلا مانع منه لأنه أخذ المبلغ قبال التخلية، وأيضاً ولو لم يشترط ذلك وأجر الحانوت مدة معينة كسنة مثلاً، فبعد انتهاء المدة لابدّ له من تخلية الحانوت فوراً، ولا يمكنه الزام المالك بتجديد الاجارة، ولو لم يفعل ذلك كان غاصباً للحانوت وضامناً له، بلا فرق بين أن تكون مدة الإجارة طويلة أو قصيرة.

(مسألة 7): لو أجّر شخص ملكاً من شخص، وشرط في ضمن العقد بعد انتهاء المدة لابدّ أن يؤجر المحل له ثانياً، ففي هذه الحالة لو أجّر الى شخص ثاني فهل اجارته تكون صحيحة أم لا ؟ الظاهر لا لكن يمكن للمالك أن يدفع مبلغاً للمستأجر الأوّل ليرضى بذلك، فإذا رضى فتكون الاجارة صحيحة.

(مسألة 8): لا يشترط في صحّة العقد مراعاة عدم الوصل بالسكون وعدم الوقف بالحركة، كما تراعى في الصلاة، بل ولو كانت الصيغة غير صحيحة، ولكن لا يكون ذلك مغيّر للمعنى فالعقد صحيح، لأنّه أمر عرفي وقد قرره الشارع.

(مسألة 9): هل الحقّ يجوز بيعه مستقلاً أو تبعاً أم لا ؟

ص: 196

هناك تفصيل والمراد به حقّ المرور وحقّ الشرب وغيرهما.

لا يخفى بأن الحقّ تارةً يكون في أرضه، واُخرى في أرض الغير، وثالثة في أرض غير مملوكة، كالطرق والشوارع العامة فإن كان في أرضه يجوز بيعه تبعاً للأرض، لأنّه يحسب من منافعها. وهل له أن يبيعه مستقلاً أم لا ؟ فإن جوزنا بيع المنافع فيجوز، وإلا فلا.

وأمّا إذا كان في أرض الغير فله أن يبعه مستقلاً، لأنّه حقّ ويصّح بيعه كما يصّح اسقاطه.

وأمّا إذا كان في ارض غير مملوكة، فهذا على قسمين تارةً يكون كالطرق العامة والشوارع، واُخرى كالطرق المرفوعة، فلا يقع هنا البيع مطلقاً في العامة أوالمرفوعة، ولايقع الاسقاط لأنّه هنا شبه ملك لا الحقّ، فلا يقبل النقل والانتقال فإن الانسان في أمثال هذه الموارد إنمّا يملك الانتفاع لا المنفعة، وحاله بالنسبة لهذه الموارد كحال النار والماء والهواء فإن الناس فيها سواء. نعم في الطرق المرفوعة له أن يصالح حصته الى أحد الشركاء أو الشريكين أمّا جواز نقله الى الاجانب فلا.

(مسألة 10): لا يخفى بأن في صحّة البيع لابدّ من الشروط، وأهمها هو عدم جهالة العوضين ومعلوميته عند البائع والمشتري، لأنّ الجهالة توجب الغرر والغرر يكون سبباً لبطلان البيع، والمعلومية تحصل باُمور:

الأول: إحراز وجوده فلو لم يحرز وجود الثمن والمثمن فالبيع يقع باطلاً كالحمل في بطن الناقة واللبن في الضرع.

ص: 197

الثاني: الحصول فإذا علم بوجوده ولكن لم يكن حاصلاً في يد البائع، أي ليس له القدرة على تسليمه، كالعبد الآبق والمال الذي غرق في البحر أيضاً لا يقع عليه البيع.

الثالث: معلومية جنسه، فالزبرة وان كانت معلومة الوجود، لكن بما أن جنسها يكون مجهولاً، أي لا يعلم أنهامن حديد أو ذهب فلا يصّح المعاوضة.

الرابع: وصفه فلا ينعقد بيع مجهول الصفات، كالحنطة المجهولة الصفات بأنها من الاعلى أو الأدون أو الوسط.

الخامس: القدر، فلا يجوز بيع صبرة من الحنطة لا يعلم وزنها، أمّا السلامة من العيوب فليس شرطاً، لانها تكون من قبيل الشرط الضمني، فإذا بيع شيء وهو مجهول من هذه الجهة فيصبح البيع بناءً على أصالة السلامة من العيوب صحيحاً فإن ظهر بعد ذلك بأنه معيب فله الخيار بين الفسخ وأخذ الإرش.

(مسألة 11): أي شيء يدخل في المبيع ؟

لا يخفى أنّه قد يتّفق البائع والمشتري بدخول شيء أو خروجه، فإذا اتفقا فبها وأمّا إذا لم يتفقا على الدخول والخروج، وبعد البيع وقع النزاع بينهما فلابدّ من رجوعهما الى العرف. ولكن قد يختلف العرف باختلاف الامكنة والازمنة، فلابدّ من الرجوع الى عرف بلدهما ولنفس الزمان، أما مع اختلف العرف في نفس البلد أو كانا من بلدين واختلف عرفيهما وحصل الشك بالدخول أو الخروج فنرجع الى الاستصحاب، أي استصحاب بقائه على ملك البائع،إلاّ

ص: 198

إذا قلنا في الاستصحاب الموضوع يكون واحد في الحالتين، ففي حالة أن هذه الدار مثلاً كانت ملكاً له فيما يلحق بها فهو كان ملكه أيضاً، والآن هي ليست ملكاً له فلا يمكن استصحاب بقاء الاجزاء لاختلاف الموضوع في الحالتين. ولا يخفى بأن الداخل قد يكون جزءً حقيقياً كالقفل اللاصق في الباب، وقد لا يكون ذلك كالفصيل بالنسبة للحيوان فإن ثبت دخوله وتخلّف الداخل فهل له الخيار أو يطالب البائع برد ما يقابله من الثمن ؟ لا يخفى بأنه إن عدّ جزءاً حقيقياً كالقفل اللاصق بالباب فله أن يطالبه بالثمن، وأمّا إذا لم يكن كذلك كمثل الفصيل بالنسبة للحيوان فله الخيار.

(مسألة 12): خيار الشرط وقد عبّر عنه في محلّه بالشرط الجائز، كما ورد في الحديث: «المؤمنون عند شروطهم» (1) والتعبير بخيار الشرط غير تام بل لابدّ أن يعبّر عنه بشرط الخيار لا العكس، لأنّ معنى الأوّل هو أن يشترط الخيار في ضمن عقد أو غيره بأن يقول: بعتك بشرط أن يكون لي الخيار لمدة شهر مثلاً، وهو عبارة عن شرط الخيار، أمّا خيار الشرط عبارة عن اشتراط أحد المتعاقدين على الآخر شرطاً، ولكن لا يفي به فيكون له خيار تخلف الشرط، فلو قال: بعتك بشرط أن تأتيني في يوم السبت فإن تخلّف عن ذلك اليوم فالبائع بالخيار بين الامضاء والفسخ. إذن الافضل أن يقال: خيار تخلّف الشرط، ونسب الى بعض الفقهاء بأن يسمى الأوّل بخيار الاشتراط.

ص: 199


1- وسائل الشيعة : باب 6 من أبواب الخيار، ح1، 2.

(مسألة 13): إذا دخل الصيد دار شخص فبمجرد إغلاق الباب عليه لا يكون ملكاً له، وكذا بالاحراز. نعم إنما يكون ملكاً له إذا قبضه أو أدخله في القفص ولذا لو أغلق الباب عليه ثم فرّ الطير قبل أن يمسكه فللغير أن يصيده، أمّا إذا أمسكه ثم فر فلا يجوز للغير صيده، ولو صاده لابدّ من إرجاعه الى الصائد الأول.

(مسألة 14): لو كانت هناك أرض مشتركة بين شخصين، وطلب أحدهما من الآخر بناء عمارة وامتنع شريكه، فلو بنى العمارة وكان ذلك بدون اذن الشريك فتصرفه باطل لا يستحق عوضاً عليه ولا أجراً، فهل له مراجعة الحاكم الشرعي الممتنع على البناء أم لا ؟

الظاهر لا، لأنّ الناس مسلّطون على أموالهم، فله أن يجبره على القسمة لأنّ إبقاء الارض بلا عمارة ضرر على الشريك بل على كليهما.

(مسألة 15): لو عمل شخص في صنعة مع أبيه وهو يعدّ من عيال أبيه، وفي كفالته قد يقال بأن جميع ما يكتسبانه يكون للأب والولد من قبيل المعين له. ولكن الحقّ هو التفصيل بعدما قلنا في محله بأن عمل المسلم يكون محترماً. اذن إذا كان من قصد الولد أن يعمل لأبيه مجاناً، أو كان هناك عرف عام أو خاص كاشف عن ذلك فبه، وإلاّ يجوز للولد مطالبة ابيه بالاُجرة

ص: 200

ومشاركته في الصنعة، وكونه من عياله لا يكون سبباً لسقوط حقهوحرمة عمله. نعم لو اشترط عليه أبوه وقبل بذلك فليس له بعد ذلك حقّ المطالبة.

(مسألة 16): هل أن التابع تابع أم لا ؟

الظاهر أنّه لا، فإذا باع الحامل فالحمل لا يتبع، لأنّه يعتبر كالظرف بالنسبة الى الحمل، ولذا إذا باع الصندوق وفيه جواهر فإن الجواهر لا تدخل في البيع، كذلك محل البحث لأنّ كل واحد فيهما له وجود مستقل. نعم لو كان في عرف البلد الخاص دخول أحدهما في الآخر فبها، وإلا البيع مختص بالحامل دون الحمل، ولذا كما يجوز بيع الحامل منفرداً يجوز بيع الحمل كذلك، ولا مانع منه بعد أن كان لكل منهما وجود مستقل فيقع البيع عليه بالخصوص دون الحامل.

(مسألة 17): هل أن في العقود يحتاج الى القبض والاقباض أم لا ؟ أو يحتاج في بعضٍ دون البعض الاخر ؟

لا يخفى بأن القبض والاقباض ليس من أركان البيع، بل هما من ثمراته إذا وقع العقد بالايجاب والقبول مع وجود الشرائط المعتبرة، فإن وقع الايجاب والقبول فالمبيع للمشتري والثمن للبائع، ولكن هذا ليس على الاطلاق، لأنّه في بعض الموارد يكونان من الأركان بدليل خاص كبيع النقدين بالنسبة الى الطرفين وبيع السلم بالنسبة الى الثمن فإن القبض والاقباض (في أمثال هذه الموارد بما أنهما يكونان ركنا) شرط فلا تحصل الملكية إلاّ بهما ففي الصورة الاولىالثمن

ص: 201

عند المشتري أمانة والمثمن عند البائع كذلك، ولا يجب على أحدهما المبادرة في الاقباض، فإن بادر أحدهما فبها، وإلاّ لابدّ من مراجعة الحاكم الشرعي عند الامتناع على التقابض فيجبرهما الحاكم عليه.

(مسألة 18): العقود المجانية لا تتم إلاّ بالقبض، فكافة الصدقات والموقوفات واخواتهما من السكنى أو العمرى والرقبى يكون القبض شرطاً للصحة واللزوم، فإذا وهب لشخص عيناً، فلا أثر لهذه الهبة ما لم يقبض، فالعقد بلا قبض يكون لغواً. نعم من العقود الخارجة عن هذا الأصل الوصية، فإنها ولو كانت مجانية لكن لا تحتاج في ملكيتها القبض، بل ملكيتها تكون معلقة على الموت فحينئذ للوصي متى شاء الرجوع عن وصيته، لانها من العقود الجائزة ولا تلزم إلاّ بعد موت الموصي.

(مسألة 19): لا يخفى بأنه إذا فسد شيء فكلّما يبتنى عليه باطل، مثلاً لو أصبح البيع فاسداً فكل ما يبتنى عليه يكون فاسداً كالأصل، ولا يستحق المشتري منافع المثمن وكذا البائع منافع الثمن، ولكن بعد القبض إذا كانت العين موجودة فلابدّ من ردّ نفس العين، كما في الحديث بقوله×: «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» فإذا ردّ البدل فلم يؤدي ما أخذه وأمّا إذا تلفت العين تعيّن الرجوع الى البدل، المثل بالمثل والقيمة بالقيمة.

ص: 202

(مسألة 20): كلما صحّ بيعه صحّ رهنه، بعد الفراغ من أن البيع لابدّ أن يكون في الاعيان، فأي عين لها مالية يصّح بيعها ورهنها، وكلما لا يصّح بيعه كذلك لا يصّح رهنه كالمنافع، وهل البيع كالرهن مختصّ بالأعيان الخارجية أم لا ؟

الظاهر لا، ولذا يصّح بيع الدين دون الرهن.

(مسألة 21): الشرط على اقسام تارة يتقدّم على العقد، وآخر في ضمنه وثالثة متأخر عنه، أمّا الشرط الذي في ضمن العقد فيكون لازماً بلزوم العقد، واذا تخلف فالخيار موجوداً، أمّا إذا تقدم على العقد فإن كان العقد مبنيّاً عليه كما لو قالت: زوجتك نفسي على الشرط الموجود حسب القانون الإيراني فبناءً على صحتها فالعقد صحيح ولازم. وأمّا الشرط المتأخر فلا أثر له.

(مسألة 22): لو باعت الحكومة الاسلامية سلعة لشخص ليبيعها للآخرين بقيمة معينة، فرعاية هذا الشرط ليس بلازم فله أن يبيعها بأكثر، إلاّ إذا كان الشرط ضمن هذا العقد أو عقد آخر فحينئذ يجب على المشتري الوفاء بالشرط.

(مسألة 23): لو جعل الرئيس في الشركات والمؤسسات الحكومية شخصاً خائناً عليها، واُتلفت الأموال بواسطة هذا الشخص، فهل الضامن الرئيس أو العامل عليها.

ص: 203

الظاهر هو العامل لأنّه هو المباشر، ولو أن الرئيس فعل محرماً، لأنّه هو المسبب في الاتلاف حتى ولو جعله بأن يفعل ما يشاء.

(مسألة 24): لا يخفى أن البيع تارةً يكون جزئياً واُخرى كليّاً فإن كان كليّاً فلابدّ من رفع الجهالة عنه بالتوصيف، بأن يقول: بعتك الفرس الكذائي التي لونها كذا عمرها كذا، وبقية الصفات التي ترفع الجهالة وتكون سبباً لاختلاف القيمة والرغبات ولابد ما يدفعه البائع موافقاً لتلك الصفات. وأمّا إن كان جزئياً فتارةً يكون حاضراً فلابدّ من رفع الجهالة ولا طريق هنا الى رفع الجهالة إلاّ بالمشاهدة، واُخرى يكون غائباً حين العقد أيضاً، فلابد من رفع الجهالة ببيان الاوصاف.

(مسألة 25): لو تعارض الوصف والإشارة، فهل يقدم الوصف أو الاشارة ؟ مثلاً لو قال: بعتك هذا الثوب الأخضر فإذا هو أسود، فهل هذه المعاملة صحيحة أم لا ؟ وهل هناك قاعدة مطّردة في تقديم أي منهما ؟

الظاهر ليس هناك قاعدة مطردة، بل تختلف الموارد باختلاف القرائن، سواء كانت حالية أو مقالية.

ولو قال: زوجتك بنتي هذه زينب وقال: قبلت فظهرت إنها هند فهل هنا تقدم الاشارة أو الاسم.

الأقوى هو الاسم.

ص: 204

(مسألة 26): لو وجد كتاب وفيه توقيع المالك، بأنه قد باعه فهل يحكم بالبيع ؟ الظاهر لا، إلاّ إذا اعترف هو، أو تقوم عليه البيّنة، أو حصل لنا اليقين بأنّه قد أوقع الصيغة لفظاً، فإذا وجد في الكتاب بقوله: بعت وكتب الآخر فيه أني قبلت فهذا لا يكون بيعاً.

(مسألة 27): لا يخفى بأنه إذا ثبت شيء بالدليل العقلي، أو دلّت عليه الحجّة الشرعية، فثبوت هذا كالثابت بالعيان والمشاهدة. إذاً إذا شهد شاهدان على شيءٍ فلابدّ في لزوم ترتب الآثار عليه، وكذا ما ثبت بالبرهان العقلي أو الحجة الشرعية يكون كذلك.

(مسألة 29): لا يخفى أن ضابطة الفرق بين العقد والايقاع هي أن العقد يحتاج الى ايجاب وقبول باللفظ. وأمّا الإيقاع فلا يحتاج الى القبول باللفظ، بل يكفي فيه القبول الفعلي أو كلّما يدلّ على الرضا غالباً.

(مسألة 30): هل أن الأصل في العقد اللزوم أم لا ؟

الظاهر أنّه ذلك.

فإذا شككنا بأن العقد الذي وقع هل هو جائز أو لازم ؟ أو شككنا في العقد الذي وقع بين الطرفين هل وقع عن خيار أو لا ؟

ص: 205

فالظاهر أيضاً أنه يحكم باللزوم لأصالته. وهذه القاعدة مستفادة من عموم قوله تعالى: {أوفوا بالعقود}(1) و{تجارة عن تراض} (2) وغيرهما من الآيات والروايات. إذن لو شككنا في بعض العقود في اللزوم أو الجواز، كعقد المساقات والمزارعة وعقد القرض وغيرها بأنها جائزة أو لازمة، فإن دل الدليل بالخصوص على الجواز فهو المتبع، وإلاّ تدخل تحت القاعدة والأصل.

(مسألة 31) إذا شككنا في صحّة عقد فهل يحمل على الصحّة أم لا ؟ كما لو شككنا في أن زيداً إذا باع داره من عمرو هذا العقد كان صحيحاً أم لا ؟

الظاهر هو الحمل على الصحّة لعموم قوله تعالى : {أوفوا بالعقود} كما لو شككنا في صحّة بعض العقود التي كانت تستعمل عند العرف قديماً وحديثاً، كعقد المغارسة والمسابقة فهنا أيضاً نحكم بالصحّة للآية.

أمّا حمل فعل المسلم على الصحّة فأنّه يثبت بعمل العقلاء، حيث أن كل عاقل لا يأتي إلاّ بالعمل الصحيح ولم يرتكب الفاسد، وقد ايّدت هذا العمل الاحاديث الكثيرة: «احمل أخاك على أحسن الوجوه ولا تظن به إلاّ خيراً» وهكذا تؤيده سيرة المسلمين، فإنهم لا يفتّشون عن المعاملة الواقعة بين المسلموغيره في صحتها وعدم الصحّة، بل يرتبون عليها آثار الصحّة، إلاّ إذا كان

ص: 206


1- المائدة : 1.
2- النساء : 29.

هناك نزاع بين البائع والمشتري أو المؤجِر والمؤجَر وبين الزوج والزوجة، فلابد من الرجوع الى الايمان والبينات، وهذا الاصل يجري في جميع أبواب الفقه.

(مسألة 32): لا يخفى بأن كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه، لان البيع لا يتم إلاّ بعد القبض. إذن بمجرد تلف العقد يصبح مفسوخاً قهراً والخسارة على البائع لا المشتري، لأنّ لازم الفسخ رجوع كل مال الى صاحبه، فالتلف يكون عليه نعم وقع البحث في أن الفسخ يكون من حينه أو من حين التلف. وتظهر الثمرة في النماء بين الفسخ والتلف فإذا قلنا من حين الفسخ فالنماء للمشتري، وإلاّ فهو للبائع.

(مسألة 33): كلما يصّح بيعه يصّح هبته ولا عكس لان العكس غير مطرد، فإن الأعيان المالية كما يصّح بيعها يصّح هبتها، ولكن المنافع لا يصّح بيعها ولكن تصح هبتها ولو قلنا: بصحة بيعها لم يميز البيع عن الاجارة، حتى بالنسبة الى هذه القاعدة في المسألة أعلاه محل كلام لأنّه في مثل السلم فإن الموصوف يصّح بيعه ولا يصّح هبته.

(مسألة 34): لا يخفى بأن الاصل في العقود الحلول أي إذا باع شيئاً وأطلق اجله، فلابدّ أن يدفع الثمن نقداً، إلاّ إذا اشترط تأجيلها، ولكن هذاالشرط لا يمكن ايقاعه في الربويات، فإن التأجيل يبطلها، فلو باع منّاً من الحنطة بمنين مثلها أو من الشعير الى شهر أو سنة باطل، لأنّ الربويات لابدّ أن

ص: 207

يدفع الشيء إذا كان مكيلاً أو موزوناً بمثله، ولابدّ أن يكون يداً بيد وهكذا بالنسبة الى بيع الصرف فإنه لا يجوز فيه شرط التأخير، بل الشرط في صحّته هو التقابض في المجلس والتأجيل يكون سبباً لبطلانه.

(مسألة 35): هناك قواعد مسلمة عند الفقهاء (كلا بيع إلاّ في ملك، ولا وقف إلاّ في ملك، ولا عتق إلاّ في ملك، ولا رهن إلاّ في ملك)، ولكن قد يشكل في بادي النظر في صحة بيع الفضولي والولي والوكيل.

ولكن الحقّ بيعهم ظاهر للمالك والوكيل يجعل نفسه كنفس المالك. نعم بالنسبة للغاصب إذا باع لنفسه يأتي الاشكال لكن بعد اجازة المالك بالبيع لنفسه أو عن المالك يندفع الاشكال خصوصاً إذا كانت الاجازة ناقلة. أمّا إذا كانت كاشفة فهي تكشف لوقوع العقد للمالك لا الغاصب. وأيضاً يأتي الاشكال بالنسبة الى العتق بأنّه إذا اشترى الانسان عموديه فكيف ينعتقان عليه. وكذا فيما يقال في مثل: اعتق عبدك عني، ولكن بما أن هذه القاعدة لا عتق إلاّ في ملك مسلّمة وغير قابلة للانخرام التزموا بأنّه يملكهما آناً ما ثم ينعتقان، أي يملك عموديه ثم ينعتقا عليه قهراً، وكذا لو امر شخصاً بعتق عبده عنه فينقل العبد من مالكه الى الآمر آناً ما ثم يعتقه المالك الاصلي بالوكالة عن الآخر. نعم يأتي الاشكال في الوقف لأنّ لا وقف إلاّ في ملك. وتفصيل جواب الاشكال في محلّه.

ص: 208

(مسألة 36): المكيل والموزون غير قابلين للبيع قبل قبضيهما إذا اشتراهما من شخص. ولعل الدليل على ذلك - كما ذكر بعض علماء العامّة - أن الملكية هناك ضعيفة ومتزلزلة ولانه لو تلف انفسخ البيع ويكون من مال مالكه بقاعدة كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال مالكه.

(مسألة 37): لا يخفى بأن الشرط في العقود جائز إلاّ ما أحل حراماً أو حرم حلالاً ومعناه أنّه نافذ ولازم، لقوله×: «المؤمنون عند شروطهم» إلاّ ما خالف كتاب الله. وقيّده بالمؤمن بأن الايمان لا ينفك عن الوفاء بالعهد فالذي لا يفي بعهده ليس بمؤمن.

فالمراد من تحليل الحرام أو تحريم الحلال، هل بمعنى أن يجعل الخمر حلالاً والصلاة حراماً ؟ أو معناه أنّه يشترط عليه بشرب الخمر ولو كان حراماً ؟ وهل يدخل فى هذه الاُمور عقد الزوج على الزوجة واشتراطه أن لا يطلقها ولا يتزوج عليها ؟

ولكن الحقّ تحريم الحلال الذي علم من الشرع هو عدم صلاحيته للتغيير وعدم تأثير شيء عليه، مثل الارث والتسرّي والتزويج بأكثر من واحدة فلو شرط ان لا يورث أولاده أو لا يتسرّى أو لا يتزوج بغيرها كان باطلاً، لأنّه يحرم حلالاً غير صالح لأن يتغيّر بالشرط.

أمّا إذا كان هناك مباحات ذاتاً وتصبح بالشرط واجبة فلا، فلو اشترط أن لا يسافر بها أو لا يخرجها من بيت أبيها وامثاله من المباحات فهو جائز.

ص: 209

فالشيء الذي يدخل تحت هذه القاعدة هو أن يكون هناك محرمات ذاتية أو عرضية، كحرمة شرب الخمر أو مخالفة النذر أو الصيد في الاحرام أو وطىء الزوجة في حال الحيض، فهو باطل بلا اشكال حيث حلّل حراماً.

ثم يأتي البحث في أن العقد أيضاً يصبح باطلاً أم لا ؟

الظاهر أنه لا دليل على بطلان العقد، لأنّ هذه الشروط الباطلة لا تكون مبطلة للعقد، أمّا إذا اشترط ترك شيء في الطلاق أو الزواج أو عدم السفر، فهنا تارةً يكون متعلق الشرط ذوات الافعال، بأن تشترط في العقد ترك هذه الاُمور فيكون عدمه لازم للشرط، وان كان في حدّ ذاته مباحاً، أمّا لو كان متعلق الشروط هو الافعال لكن بما لها من الاحكام شرعاً، بلا فرق بين الحكم التكليفي والوضعي فباطل والفرق بينهما هو ما اذا كان موجباً لقلب الحكم الشرعي وتغيّره فيكون باطلاً. إذن الشروط التي تكون سبباً لتغيير نفس الحكم فتدخل في القاعدة التي تحرم الحلال وتخالف الكتاب والسنة.

(مسألة 38): لا يخفى بأن الشرط إذا كان خلاف مقتضى العقد فهو باطل. إنما الكلام في المصداق وتشخيص المنافي لمقتضى العقد.

نقول بأن المراد من المنافي الذي هو باطل ويبطل العقد، هو أن يكون منافياً لجوهر العقد وحقيقته، مثل أن يبيعه بشرط أن لا يملك أو لا يتصرف أصلاً أو يوجره الدار بشرط ان لا يستفيد من منافعها ولا يتصرف بها. وأمّا بطلان أمثال هذه الشروط في الحقيقة راجع الى بطلان أصل العقد وتؤدي الىشبه التناقض، أمّا لو قال: بعتك بشرط أن لا تعتقه أو لا تبيعها أو لا ترهنها

ص: 210

فإنها ولو كانت توجب سلب سلطنة المالك من بعض الصفات ولكن لا بأس بهذه الشروط، لانها لا تنافي صلب العقد وحقيقته، وانما تنافي اطلاق العقد فإذا كان البيع مطلقاً فله السطلنة التامة. أمّا إذا قيّده فتتقيد السلطنة. نعم لو سلبه مطلق السطلنة بطل. إذن الشرط بالنحو الأوّل يكون باطلاً ومبطلاً للعقد وبالنحو الثاني صحيح.

(مسألة 39): البيّعان بالخيار ما لم يفترقا، فإن افترقا وجب المبيع، فهل المراد بالافتراق الافتراق عن المجلس، أو الافترق بالابدان بعدما كانا مجتمعين ؟

الظاهر هو الثاني ولذا البائع والمشتري بعد وقوع البيع لهما الخيار قبل أن يفترقا بالابدان ولو تركا المجلس. إذن ما دام الاجتماع موجوداً فالخيار لكل منهما موجود.

(مسألة 40): لا يخفى بأن الشيء ان ظهر فيه العيب فهو قابل للردّ، وهو المسمى بخيار العيب ثمناً كان أو مثمناً، فلكل منهما الخيار في الفسخ أو الامضاء بالارش، ولكن في بعض الموارد لابدّ من اخذ الارش، كما لو حدث عيب جديد وهذا يمنع من الردّ. وقد يتعيّن عليه الفسخ أو الامضاء بدون الارش، كما لو استوجب الارش تمام الثمن، فإن أخذ الارش حينئذ يكون سبباً للجمع بين العوض والمعوض، فيتعيّن عليه إما الفسخ أو الإمضاء وقبوله معيباً ولا يمكن المطالبة بالأرش.

ص: 211

(مسألة 41): الكلام في الخيارت. تارةً نتكلم فيها من جهة المعنى اللغوي، واُخرى من جهة المعنى الاصطلاحي.

أمّا من الجهة الاُولى الذي هو مصدر بمعنى الاختيار، فقولك: أنت بالخيار أي اختر ما شئت.

وأمّا اصطلاحاً فهو أن البائع والمشتري أو كلاهما مسلطان على فسخ العقد وامضائه، بلا فرق في العقد اللازم كالبيع والاجارة وامثالهما، أو الجائز كالهبة والوكالة وأمثالهما، وكذلك للمالك السلطة في رد العقد الفضولي واجازته، وقد تكون هذه السلطة بغير العقد كتسلط الوارث بالنسبة الى الوصية إن كانت زائدة عن الثلث والعمّة والخالة في إجازة عقد بنت الاخ أو الاخت، وللأمة أيضاً بعد أن اصبحت حرة لها التسلط على فسخ عقدها.

وهذه المسألة لها شقوق وتبحث في محلها مفصلاً، وهنا نقتصر على بعض مسائلها التي تكون بمثابة المستحدثات فيها.

أولاً الكلام في مقدار التصرف المسقط لهذا الخيار، وهناك محل خلاف بأنّه هل مطلق التصرف يكون مسقطاً ولو تصرف بركوب الدابة قليلاً، أو استخدام العبد لمثل اسقني ماء، أو لا بل المراد من التصرف التصرفات الغير قابلة عن التصرفات التي تصح أن تصدر من غير المالك، كتقبيل الجارية وبيعها ورهنها.

ولكن الحقّ أن كل تصرف يكون دال على الرضا والالتزام بالعقد فهو مسقط للخيار وإلاّ فلا. إذن لو أراد اختبار الدابة أو امتحان العبد بأن ركبهاقليلاً أو طلب منه الماء وجاء به اليه فهذان لا يكونان سبباً لسقوط الخيار.

ص: 212

(مسألة 42): لايخفى بأن الخيار يجعل البيع متزلزلاً، ولو أن آثار العقد تترتّب من حينه كالانتقال والملكية ووجوب التسليم ولصاحب الخيار أن يفسخ البيع. ولكن يقع الكلام بأن الفسخ هل هو من حينه أي حين الفسخ أو ينحل من اصله. والثمرة تظهر في المنافع، فإن قلنا من اصله فتكون منافع المبيع للبائع ومنافع الثمن للمشتري وان قلنا: من حينه فبالعكس.

(مسألة 43): قاعدة السلطنة.

لا يخفى بأن هذه القاعدة من القواعد العقلائية وبنائهم عليها من قديم الزمان بأن الانسان له أن يتصرف في ماله كيف شاء. نعم إلاّ فيما اذا دلّ المنع من الشارع على تصرفه في ماله أو هناك ما يستوجب الضرر للغير، فجائت روايات كثيرة تؤيد حكم العقل كقوله |: «الناس مسلّطون على أموالهم» (1). ويترتب على هذه السلطنة أحكام كثيرة.

أمّا تفصيل هذه القاعدة وانها هل هي مختصّة بالأموال أم تشمل الحقوق وغيرها ؟ وبسط هذه القاعدة يرجع الى مضانه.(مسألة 44): لا يخفى أن الشيء القابل للبيع هو أن يكون له وجود بنفسه وقائم بنفسه، وتكون له منافع والاوصاف والأعراض التي غير قابلة

ص: 213


1- البحار : ج2، 273.

للوجود مستقلاً، وانما وجودها يستند الى وجود الغير، كعوارض الكم والكيف واخواتها فلاتقابل بالمال. اذن فالعين تقع مقابل الثمن والثمن يقع بازاء المثمن أمّا الاوصاف التي هي أعراض ولايكون لها وجود مستقل فلايقابلها شىء من الثمن فإذا اشتريت فرساً بشرط كونه اصيلاً بمائة دينار، أو عبد بشرط كونه كاتباً، فالثمن باجمعه يقع مقابلاً لنفس العبد أو الفرس، لا أنه يتوزع على العبد والكتابة، فلايقسط شىء من الثمن بازاء الكتابة. نعم هذه الاوصاف تكون سبباً للزيادة في قيمة الفرس أو العبد. إذن لو لم يكن العبد موصوفاً بهذه الصفة، بعدما اشترط على البائع بأن يكون العبد أو الفرس لهما هكذا أوصاف فللمشتري الخيار بين الفسخ والامضاء بنفس الثمن، وليس له المطالبة بالتفاوت بخلاف خيار العيب، حيث إنه يكون موجباً في نقص أصل الخلقة، أمّا فقد جزء أو فقد ما هو بمنزلة الجزء وبما أن الثمن يتوزع على الاجزاء فلو ظهر في المبيع عيباً فللمشتري المطالبة بالأرش. فظهر مما ذكرنا بأن اوصاف السلامة غير أوصاف الكمال.

(مسألة 45): لا يخفى بأنّه قد ذكر في الاُصول العملية أن الأصل عدم تداخل الأسباب والمسببات، وبما أن للحيوان خيار ثلاثة أيام فلو اشترى حيواناً واشترط لنفسه الخيار ثلاثة أيام، فلا دليل على تداخل هذه الثلاثة في ثلاثة خيار الحيوان بل له ثلاثة اُخرى، وذلك لأنّه لكل سبب له مسبباً مستقلاً، فإذا قال المولى أكرم عالماً وأضف أديباً فإذا كان هناك عالم أديب فهذه الضيافةلاتكفي، بل لابدّ من التعدّد أي ضيافة عالم وأديب آخر، ومقتضى ذلك عدم التداخل إلاّ ماورد بالدليل كما اذا ورد «إذا نمت فتوضأ واذا خرج منك الريح

ص: 214

فتوضأ» (1). ولولا وجود الدليل هنا بكفاية وضوء واحد لكنّا نقول لابدّ من التعدد، وهكذا بالنسبة الى الغسل إذا أجنبت فاغتسل واذا مسست الميت فاغتسل، فلولا الدليل بكفاية غسل واحد عن الجميع لقلنا: بالتعدد والدليل هو إذا «اجتمعت عليك حقوق كفاك غسل واحد» ؟

(مسألة 46): لا يخفى بأن البيع لابدّ أن يكون عن ملك، فمن باع مال الغير فيقع فضولياً وتتوقف صحّته على إجازة المالك، كما أنّه لابدّ أن يبيع مع القصد والاختيار بعدما كانا ركني المعاملات، فلو وقع من المكره يكون باطلاً.

(مسألة 47): قالوا: بأن البيع مبادلة مال بمال، لكن لا على الاطلاق بل بنحو خاص وشروط خاصّة. أمّا البيع المنعقد ينقسم الى صحيح وفاسد ونافذ وموقوف.

بعبارة اُخرى: أن البيع أمّا يقع صحيحاً شرعاً، وله صلاحية التأثير أو يقع باطلاً لا اثر له وليس له صلاحية للتأثير. أمّا الأوّل قد يكون أثره بالفعل ويكون منجزاً، وقد يكون تأثيره مراعاً بأمر متأخر عنه فالأوّل هو عقد المالكالجامع للشرائط. والثاني هو العقد الفضولي المراعى للاجازة والعقد الغير المؤثر والفاسد يكونان بمعنا واحد. والبيع الغير المنعقد هو البيع الباطل كما ذكرنا،

ص: 215


1- وسائل الشيعة: باب 1 - 2 - 3 من أبواب نواقص الوضوء.

أي الغير قابل للانعقاد كبيع الصبي والمجنون، أو كمن باع شيئاً ليس بمال، أو يكون فاسداً لعدم القدرة على التسليم، أو بيع المجهول وقلنا: إنّ البيع المتوقف كبيع الفضولي الذي يتوقف تأثيره على إجازة المالك، وبيع المحجور عليه لسفه أو فلس المتوقف على إجازة الولي أو الحاكم.

(مسألة 48): لا يخفى بأن العقد قد يكون لازماً من الطرفين ذاتاً، كالبيع والاجارة والصلح وغيرها. نعم قد يستوجب الفسخ والجواز بسبب عارض، وإلاّ فان العقود باطلاقها لازمة، وقد يكون لازماً لاحد الطرفين كالرهن بالنسبة للراهن لا المرتهن والخلع بالنسبة للزوج لا الزوجة، وقد يكون العقد جائز من الطرفين كالشركة والوكالة والمضاربة وغيرها.

(مسألة 49): لماذا يتحقق البيع بلفظ الماضي مع أنّه يدل على الإخبار ؟

قلنا: ان هيئة الماضي هي الصريحة في الدلالة على الثبوت وتحقق الوقوع، أي تحقق نسبة وقوع الفعل من الفاعل فيكون مجرداً عن الزمان بذاته، وقد ذكرنا في محلّه بأن الفعل لا يدل على الزمان بذاته، أي لايكون (ضرب) دالاً بذاته على الفعل في الزمان الكذائي، لان له مادة وهيئة المادة تدلّ على الفعل

ص: 216

الكذائي، والهيئة تدل على النسبة الكذائية. نعم انما يدل علىالزمان باللازم عند الاطلاق مثل قوله تعالى: {اذا جاء نصر الله} (1) و{أتى امر الله} (2).

فمدلول هذه الصيغة هو الثبوت والتحقق فقط، فإذا استعملت في العقود أيضاً تكون كذلك.

أمّا صيغة المضارع فمدلولها الحقيقي نسبة المبدأ الى الذات، أي الفعل الى الفاعل وليس نظرها الى تحقق ذلك. إذا لم يكن صريحاً في الثبوت والوقوع. فهيئة الماضي هي الصريحة في العقود، ولذا اتفق الفقهاء على تحقق العقد بها واختلفوا في صيغة المضارع واسم الفاعل، بل في الواقع لايصلحان لانشاء المعاني العقدية إلاّ مع القرينة، فإذا قال: أنا بائع أو أبيع لابدّ هناك من قرينة تدل على وقوع العقد، بخلاف ما إذا قال: بعت فلذا عند قوله بعني أو بعتك لابدّ أن يأتي بعده بقول قبلت، وإلاّ فلا ينعقد العقد إذن ما يتحقق به العقد واقعاً هو الماضي.

أن قلت: لو كان كذلك لماذا يجري الطلاق والعتق والوقف والصدقة باسماء الفاعل، مثل أنت طالق وأنت حرّ وداري صدقة أو وقفا.

قلنا: صحّة هذه الاُمور انما كانت بدليل خاص، ولايمكن التعدي به الى غير مورده.

وهل يصّح العقد بغير العربية أم اعتبار العربية في صيغ العقود شرط ؟

ص: 217


1- النصر : 1.
2- النحل : 1.

إن قلت كفاية الالفاظ المرادفة للبيع في اللغات الاُخرى لا دليل عليه، قلنا تشملها العموم في قوله تعالى {اوفوا بالعقود} (1) و{أحل الله البيع} (2) وإن كان المراد اعتبار العربية اخراج الملحون مادة وهيئة عن القواعد العربية، فإن كان اللفظ مغيراً للمعنى فالعقد غير صحيح، أمّا إذا كان غير مغير للمعنى فلايضر، كما لو قال بعتك بفتح الباء والتاء. نعم لو كان مغيراً للمعنى كما لو أدخل الهمزة فقال أبعتك، أو غير الهيئة قال: جوّزتك مكان زوجتك ولم يكن هناك قرينة فتحقق العقد بها محل تأمل. اذن اعتبار العربيه ليس بشرط.

(مسألة 50): لا يخفى بأن الايجاب والقبول قد يتقارنان، وقد يتقدم احدهما على الآخر بلا فرق بين أن يكون بلفظ بعت أو قبلت أو غيرهما، فعلى أي حال فإمّا ان يتقدم الايجاب أو يتقدم القبول أو العكس فهنا صور ستة:

الاولى: تقدم الايجاب على القبول وهو القدر المتيقن من الصحّة ومحل الاتفاق.

الصورة الثانية: تقدم القبول على الايجاب وهو يكون باطلاً بالاتفاق.

الصورة الثالثة: اقترانهما وهو محل نظر وتأمل.

الصورة الرابعة: الاقتران ولكن بغير صيغة بعت وقبلت.

ص: 218


1- المائدة : 1.
2- البقرة : 275.

الصورة الخامسة: تقدم بعت بعنوان الإيجاب وتأخر اشتريت بعنوان القبول.

الصورة السادسة: بالعكس تقدم اشتريت بعنوان القبول وتأخر بعت بعنوان الايجاب. فبالنسبة الى الصورة الخامسة صحيحة دون العكس.

وظابطة هذا أن كل ما يدلّ على الرضا والقبول لابدّ أن يتأخر القبول لاستحالة التأثير قبل المؤثر والانفعال قبل الفعل.

(مسألة 51): هل في الواقع أن بيع المعاطات صحيح، فمن يقول بالصحّة يقول: ان القصد الأصلي من الايجاب والقبول هو التراضي. إذن ينعقد العقد بالمبادلة الفعلية اذا كانت دالة على التراضي ويسمى هذا بالبيع التعاطي أو المعاطاتي، كما إذا دفع مقداراً من الدراهم الى الخباز فيعطيه ما يقابلها من أقراص الخبز.

وفي الحقيقة أن المعاطات هي أن يقصد بهذا العمل انشاء البيع والتمليك، وهو محل كلام بين الفقهاء.

(مسألة 52): لايخفى بأن القبول لابدّ أن يقع على ما وقع عليه الايجاب من جهة التقييد والاطلاق والأقل والاكثر، ومن جهة أن يكون الشيء المعيّن هو الذي يقع عليه الايجاب والقبول فلو، قال: بعت الدار وقال: قبلت الفرس فهذا غير صحيح.

ص: 219

(مسألة 53): في معنى الاقالة وهي فسخ العقد برضاهما لأنّ لهما الخيار بعد انعقاده بالتقابل وهذا العمل من الاُمور المستحبة، فقد ورد في الحديث «ايما عبد اقال مسلما في بيع اقال الله تعالى عثرته يوم القيامة» (1) وهل هذه الأقالة لابدّ لها من الايجاب والقبول ؟

الظاهر أنّه يكفي كلما دلّ على الإقالة حتى إذا قال احدهما: أقلني وقال الآخر: فعلت فيكفي هذا وتكون إقالة فعليّة. وقد تستعمل في غير البيع باطلاق قوله: أقال الله عثرته، أي غفر ذنوبه.

(مسألة 54): لايخفى أن الثمن قد يكون كليّاً في الذمة، وقد يكون عيناً شخصية، فإن كان كلياً فيجوز للبائع أن يتصرف به قبل قبضه وتعينه، مثلا لو باع شيئاً بمائة دينار فيجوز بيع المائة قبل القبض، كأن يبيع هذه المائة أو يهبها للمشتري ولكن هبته بمعنى اسقاط ما على المشتري، وله أن يحيل دائنه عليه فيصير المشتري مشغول الذمة للدائن، وهذا العمل من البائع ليس بمعنى التلف قبل القبض، أمّا إذا كان عيناً شخصياً، فإن تلف قبل القبض كان التلف على المشتري ويصبح العقد باطلاً، أمّا لو كان الثمن موجوداً فللبائع أن يتصرف كيف يشاء قبل القبض وبعده لأنّه ملكه بالعقد، ولو هذه الملكية متزلزلة متوقفة على القبض، ولكن لا تمنع عن التصرف. ولا فرق فيجواز

ص: 220


1- وسائل الشيعة: أبواب آداب التجارة، باب الثالث، استحباب اقالة النادم، ح2.

تصرف البائع في الثمن قبل القبض والمشتري في المبيع بعد القبض بعد أن تحققت الملكية بمجرد الإيجاب والقبول.

(مسألة 55): لايخفى بأن العقد الواقع على شيء غير قابل للتغيير ولا التبدل ولا الزوال، فيلزم على ما وقع عليه من مقدار الثمن والمثمن وغير قابل للزيادة بعد العقد ولا النقص بلا فرق بين التقابض بينهما أم لا، وليس لهما الحط من الثمن بعد العقد أو الزيادة أو المثمن إلاّ إذا ادخلناه في مسألة الهبة.

(مسألة 56): شراء البضائع الأجنبية حرام، إذا كان فيه قوة لشوكتهم وخصوصاً إذا كانت البضائع الوطنية الاسلامية موجودة، وتسبب الضرر لها وبطريق أولى لايجوز شراء البضائع من الشركات التي تعدّ محاربة كاسرائيل أو ما يعاونها.

ص: 221

ص: 222

كتاب القضاء والشهادات

لا يخفى بأن الله تبارك وتعالى جعل القضاء لرفع التنازع بين الناس، وحكم القاضي نافذ بالنسبة الى الطرفين، وبما أن القضاء من المناصب الجليلة والثابتة من قبل الله تبارك وتعالى، فلا يجوز أن يتصدى له من ليس أهلاً له، ولابدّ للقاضي أن يكون مجتهداً، ولا يجوز للقاضي أن يحكم بفتوى المجتهد الآخر، بل لابدّ له من الافتاء طبقاً لرأيه. وبما أن هذا المنصب الجليل ثبت من قبل الله تعالى، فلابدّ أن يكون القاضي عادلاً بالغاً عاقلاً مجتهداً ذكراً وان يكون أعلم من في البلد، لأنّ هذا المنصب وهذا المجلس الذي يجلسه للفتوى هو مجلس الانبياء والاوصياء. فعن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «ياشريح قد جلست مجلساً لا يجلسه إلاّ نبي أو وصي نبي أو شقي» (1) وعن أبي عبدالله(عليه السلام): «اتقوا الحكومة فإن الحكومة أنما هي للامام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي أو وصي نبي) (2).

ص: 223


1- وسلئل الشيعة : باب 3 من أبواب انه لا يجوز لاحد ان يحكم إلاّ الامام، ح2.
2- وسائل الشيعة : باب 3 من أبواب انه لا يجوز لاحد أن يحكم إلاّ الامام، ح3.

(مسألة 1): لو قطع شخص يد شخص، فهل للمجنى عليه أن يقطع أقل ممّا كان عليه القصاص ؟

الظاهر ذلك. لأنّ قطعه اليد كان باختياره فله أن يقطع بمقدار ما قطع منه أو أقل من ذلك كما، أن له أن يقطع البعض ويطلب الدية عن المقدار الآخر اذا قبل الجاني بذلك.

(مسألة 2): لا يخفى بأنّه يشترط في القطع المماثلة، فلو قطعت اليد الشلاء فلا يمكن للمجنى عليه قطع اليد الصحيحة من الجاني، ولو قدمها الجاني للقصاص.

(مسألة 3): إذا اقتص من شخص كقطع يده مثلاً فمداواته تكون على نفس الجاني لا من بيت المال، لعدم الدليل وقد ادعى عليه الاجماع والاصل عدم وجوبه من بيت المال.

(مسألة 4): لو كان هناك نزاع بين طرفين أحدهما مسلم وآخر من أهل الكتاب، فهل للحاكم أن يحكم على طبق مذهب المسلم ؟

الظاهر أنّه يحكم على طبق مذهب الحقّ وهو التشيّع، كما ورد في الآية الشريفة: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون} (1).

ص: 224


1- المائدة : 44.

(مسألة 5): قد يتبدل القصاص الى الدية، كما لو اقتص منه ويكون القصاص موجباً لتلف الاعضاء الاخرى أو يخاف عليه من الموت أو لم يمكن القصاص من الجاني لانه مات قبل أن يقتص منه.

(مسألة 6) إذا وقعت معاملة بين شخصين وقد شهدت البينة بالوقوع مع وجود المستمسكات بامضاء الطرفين ولكن المتخصصون شخّصوا بأن الامضاء الموجود في الورقة لا يتاطبق مع امضاء البائع، فهل للقاضي أن يحكم على طبق ما قاله المتخصص أم لا.

الظاهر العمل بالبينة والحكم بوقوع المعاملة، وعدم الاخذ بقول المتخصصين لعدم الدليل على حجية قولهم إلاّ إذا كانوا عدولاً.

(مسألة 7): حليق اللحية شهادته غير مقبولة على الاحوط إلاّ مع الاضطرار.

(مسألة 8): لو قطع نصف يد شخص فلابدّ من قطع نصف يد الجاني ولو كانت يد الجاني أقصر والمجني عليه أطول.

(مسألة 9): في قصاص النفس. ألولي بالخيار بين القصاص أو أخذ الدية والعفو، بل يمكنه أخذ أكثر من الدية فلو قال: اُصالحه باخراج إحدى كليتيه ولو رضا الجاني، فهو غير جائز.

ص: 225

(مسألة 10): لو كان القاتل مردداً بين اثنين، فلايجوز تعينه بالقرعة ويمكن أن يأخذ الدية منهما.

(مسألة 11): قلنا لو اقتصّ من الجاني فيكون مصرف العلاج على عهدة الجاني إلاّ اذا كان فقيراً ولم يتمكن من دفع مبلغ العلاج، فحينئذ يكون من بيت المال، واذا لم يكن هناك بيت المال وترك العلاج يسبب موته فيجب على كل من يتمكن من ذلك ومن جملتهم الطبيب.

(مسألة 12): لو لم يعلم للمقتول ولي والقتل كان عن عمد فليس للحاكم الشرعي الحكم بأخذ الدية بعد أن كان الحكم الأولي هو القتل. أما لو انكشف فيما بعد وجود الولي وطالب بالدية ولم يتمكن الجاني من ادائها ولو اقساطاً دفعت من بيت المال.

(مسألة 13): لو كان للمقتول أولاد صغار فلو طالب أولاده الكبار القصاص فيجوز تأخير الحكم واطلاق سراح القاتل مع قيد الضمان.

(مسألة 14): الفرق بين البينة والاقرار.

لا يخفى بعدما جعل الشارع البينة طريقاً، أي نزل مؤداها منزلة الواقع فلابدّ أن يترتب عليه كلما له من الاثار، فإذا كان هناك ماء محتمل النجاسة وشهدت البينة بطهارته فصار الماء بمنزلة الماء الطاهر، فيجوز لك شربه والتوضأ

ص: 226

به وتطهير المتنجسات به كما لو شهدت البينة بأن الملك لزيد فيجوز أن تشتري منه أو تستأجر منه.

وأمّا الاقرار فليس لأدلة اعتباره النظر الى الواقع، فهنا المقر يؤخذ باقراره ويلزم كما ورد في الحديث «اقرار العقلاء على انفسهم جائز» أو نافذ، أما غيره فلا يلزم به على الاطلاق، مثلاً لو أقر بزوجية امرأة وانكرت هي فلا يلزمها بأن ترتب على نفسها آثار الزوجية من التمكين وغيره، أمّا المقر فيلزمه ترتيب آثار الزوجية فيجب عليه نفقتها وغير ذلك. وأمّا البينة فبالعكس. فلو قامت البينة على شيء أو حكم الحاكم فانها تلزم الطرفين بجميع الآثار المترتبة على تلك البينة، وليس للطرف الآخر الانكار، بل لو أقر المقر لزمه ذلك الاقرار فانكاره لا يفيد، فلو أقر بأن فلان يطلبني مائة دينار ولكنه ادعى بعد ذلك باني قد وفيته فادعائه هذا لا يفيد، إلاّ إذا اثبته بالبينة.

(مسألة 15): إذا تعارضت البينتان فهل انهما تتساقطان عن الحجية أم لا ؟

الظاهر لا، بل لابدّ من الرجوع الى المرجحات، ولا تسقطان عن الحجية، وفي صورة وجود المرجح نعمل به، ومع التساوي يسقط العمل بهما لا من جهة سقوط حجيتهما، بل من اشتباه الحجة بالاحجة فإذا تعارضتا قبل أن يحكم الحاكم فلابدّ من العمل بأرجحهما، ولكن إذا وجدت البينة المعارضة بعد أن حكم الحاكم فلا اثر لها، أمّا إذا كذبت البينة نفسها، أو رجع الشاهدان عن شهادتهما فالحكم باق ولكن غرما ان كان الحكم بمال أو حقّ مالي. ولوحكم

ص: 227

الحاكم من جهة شهادتهما بالقصاص فاقتص الولي، ثم رجعت البينة عن الشهادة، فهذا الرجوع على قسمين: تارةً يقولا بالخطأ، واُخرى بالتعمد، فإن قالا اخطأنا فغرما الدية، أمّا لو قالا تعمدنا فيقتلان معاً ورد الولي على ولي كل منهما نصف الدية.

ص: 228

كتاب القصاص والديات والضمان والحدود

(مسألة 1): القصاص والتقاص والمقاصّة.

الأوّل بالكسر - كما قال: في المجمع - اسم للأستيفاء والمجازات بعد الجناية من قتل أو ضرب أو جرح، فكان المقتص يتبع اثر الجاني فيفعل مثل ما فعله ويجرح مثل ما جرحه ويقتل مثل ما قتله.

وأمّا الثاني والثالث فهما بمعنى أخذ مال الغير بدون اذنه عوضاً عن ماله، أو بمعنى استنقاذ الشخص حقه من الغير، بلا فرق بين إطلاعه وعدمه ورضاه وعدمه.

(مسألة 2): من ارتدّ ثم قتل شخصاً فلولي الدم القصاص وقتله قبل أن يقتل بحكم حاكم الشرع. أمّا لو صالحه صاحب الدم وأخذ الدية فللحاكم الشرعي قتله ان كان فطرياً أو ملياً ولم يتب.

ص: 229

(مسألة 3): من قتل مرتداً مليّاً متخيلاً أنّه لم يتب وفي الواقع كان تائباً أو قتل مرتداً اصليّاً ان قلنا بقبول توبته فيجب عليه الدية ولا يقتص منه، أمّا لو كان عالماً بتوبته فيقتص منه.

(مسألة 4): لا يخفى بأن المحارب من حمل سلاحاً لاجل تخويف الناس فللحاكم تبعيده. أمّا لو أخذ في ضمن الاخافة مال شخص وجرح آخر أي اصبح مفسداً في الارض فللحاكم قتله أو صلبه. واذا سرق لابدّ من قطع يده أولاً ثم يقتل بعد ذلك. ولابدّ في قطع يده أن يكون المقدار المسروق ربع دينار فما فوق.

(مسألة 5): لو تاب المحارب قبل القاء القبض عليه فالظاهر سقوط الحدّ عنه، ولكن لو قتل شخصاً وأخذ مال شخص آخر فلا يسقط هنا الحدّ، فلابدّ من قتله وأخذ المال منه.

(مسألة 6): لو طالب الولي بالدية ولكن القاتل لا يتمكن من أدائها، فلابدّ للحاكم أن يدفع الدية من بيت المال ولا يجوز حبس الجاني.

(مسألة 7): لو أجرى الحدّ على شخص لقطع يده مثلاً، ولو أمكن إعادة اليد الى ما كانت عليه فلا بأس. وما ذكر من أن قطع اليد مثلاً إنما هو لاجل أن يكون السارق معروفاً في البلد لكي يكون الناس منه علىحذر،

ص: 230

ويكون عبرة للآخرين. ولكن هذه هي الحكمة من اجراء الحدّ وليس بعلة تامة. إذن لا دليل على المنع بل الدليل هو قطع اليد لاجل القصاص.

(مسألة 8): لو كان المقتول المسلم لا يعرف له ولي مسلم، فلحاكم الشرع القصاص أو اخذ الدية، لأنّه ولي من لا ولي له وليس لحاكم الشرع العفو عن الجاني،وديته ترجع الى بيت المال.

(مسألة 9): هل للمجنى عليه الوصية بعفو الجاني، أو تبديل القصاص الى الدية أم لا ؟

الظاهر أن وصيته غير نافذة، لأنّه بعد وفاة المجنى عليه يكون القصاص أو أخذ الدية بيد ولي الدم. وإمكان تبدل القصاص الى الدية في الوصية يحتاج الى الدليل.

(مسألة 10): لا يخفى بأن تغليض الدية في الاشهر الحرم، أو في مكة المكرمة لا يفرق بين أن يكون القتل عمداً، أو شبه عمد، أو خطأ محض باطلاق الدليل والنص.

ص: 231

(مسألة 11): لا يخفى بأن الحدود تُدرأ بالشبهات، كما ورد في الحديث: «درء الحدود بالشبهات» (1). وبهذا الاطلاق يشمل الشبهتين الحكمية والوضعية ومقتضى الادلة تشمل الجاهل القاصر حينما يعلم بحلية شيء.

(مسألة 12) لو عيّن الشارع القتل بشيء خاص كالسيف، فهل يحلّ قتله بشيء آخر كالكهرباء أو قتله بالسيف له موضوعية ؟

الظاهر هو ذلك، لأنّه لا نعرف العلة والملاك من إن هدف الشارع ازهاق الروح فقط، كما لا يمكن تبديله بشيء آخر، كمن كان حكمه الرجم حيث قيل فيه وهن للاسلام والمسلمين، وهذه الاشكالات الواردة على هذا الحكم انما هي من قبل الغربيين وأمثالهم ومن اتبع خطاهم، وما يقوله بعض المخالفين بالنسبة للرجم مثلاً بأنّه عمل خشن، وقد يتلقى بعض المسلمين بأن هذا القول وهن للاسلام أو النظام الاسلامي فهذا لا يعتبر عنواناً ثانوياً ليكون سبباً لتغيير الحكم. واعلم أن العناوين على قسمين أولية وثانوية.

أمّا الأولية فهي التي ترد على نفس الشيء، كالوجوب المترتب على نفس الصلاة، وكذلك الحرمة المترتبة على نفس الخمر، بدون طرو العنوان الثانوي عليهما وقيد الشك في حكمه الواقعي.

ص: 232


1- من لا يحضره الفقيه : ج4، 53.

وأمّا العناوين الثانوية فالحكم مترتب فيها على الموضوع المتصف بوصف معيّن، كوصف الاضطرار والاكراه ونحوهما من الاحكام الثانوية.

لا يخفى بأن الصلاة وجوبها ضروري وهكذا الصوم، وقد يجبر المكلف على ترك الصلاة أو الصوم فترك الصلاة وجواز الافطار انما يكونان من العناوين الثانوية، ولا يكون مقيداً بقيد الشك في حكمه الواقعي، أي الحكم المجهول للشك في الواقع لأن هذا الحكم يستفاد من الاصول العملية.

(مسألة 13): لو جنّ المرتدّ الملي فتارةً يكون قبل الاستتابة، واُخرى بعدها. ففي الصورة الاولى، يقتل لعدم الدليل على رفع الحدّ عنه. وأمّا في الثانية، فلا يقتل.

(مسألة 14): لو سرق شخص طفلاً ثم قتله وباع بعض اعضائه، فما حكم القاتل وما حكم المال المأخوذ من البيع لتلك الاعضاء ؟ الظاهر أنّه يقتل لكونه مفسداً في الارض، وعليه دية الطفل والمال المأخوذ مقابل الاعضاء يعود الى أولياء الطفل حسب نظر حاكم الشرع، فإن لم يوجد أحد منهم فهو بحكم مجهول المالك.

(مسألة 15): لو زنت امرأة ولها رضيع فلابدّ من تأخير الحدّ الى اتمام الرضاعة، ولكن هذا الحكم لا يشمل الاُم الرضاعية.

ص: 233

(مسألة 16): هل يجوز لمن ارتكب جرماً أن يوقف امام الناس قبل اجراء الحدّ عليه أم لا ؟ كما أنّه هل بعد اجراء الحكم يجوز أن تبقى جنازة المجرم مدة امام الملأ العام أم لا ؟

الظاهر أن الزاني والزانية يوقفان أمام الملأ قبل إجراء الحدّ، وأمّا بقيّة المجرمين فلا دليل عليه. نعم في المحارب بعد اجراء الحدّ وبعد الصلب يبقى ثلاثة ايام.

وأما في غيره فلادليل على جواز ابقاء الجنازة.

(مسألة 17): لو اصطدم شخص بسيارة فيجب على صاحب السيارة نقله الى المستشفى. فلو تركه اهمالاً أو خوفاً من المأمورين في مكانه وذهب ولكن بعد ذلك ندم ورجع الى المكان، فلم ير المصدوم ولم يعلم أنّه مات أو انكسر منه شيء ففي هذه الحالة لابدّ له من الفحص عن حاله أو ورثته لاجل دفع الدية فلو يأس عنه فلابدّ من مراجعة حاكم الشرع.

(مسألة 18): الفرق بين المحارب والمفسد.

ففي حديث عبيد الله المدائني قلت لابي عبدالله(عليه السلام): «جعلت فداك أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: {انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع ايديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض}(1) قال: فعقد بيده فقال: خذها أربعاً بأربع ثم قال: اذا حارب اللهورسوله وسعى في الارض فساداً

ص: 234


1- المائدة : 33.

فقتل، وان قتل وأخذ المال قتل وصلب وان اخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف وان حارب الله ورسوله وسعى في الارض فساداً ولم يقتل ولم يأخذ من المال نفى من الارض» (1).

وأمّا كيفية النفي فقد ذكرها الفقهاء مفصلاً ونحن نذكره على نحو الاجمال، وهو أن الحاكم الشرعي بعد نفيه يكتب الى كل بلد يأوي اليه المنع من معاشرته ومآكلته ومبايعته ومناكحته والمدة سنة، فإن لم يتب كررت عليه المدة.

إذن النسبة بين المفسد والمحارب عموم وخصوص من وجه، فكل محارب مفسد ولا العكس.

فالمحارب من اظهر السلاح للفساد في الارض، لاخافة نفس محترمة من قتل أو نهب مال محترم أو هتك عرض كذلك في أي مكان كان في البر أو البحر في الليل أو النهار في القرى أو الامصار، فمن يوزّع المواد المخدّرة كالترياق والهيروئين ليسوا من المحاربين بل هم من المفسدين.

إذن يجب على كل أحد أن يمنع هؤلاء من الافساد والشرور من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالموعظة أولاً، ثم التهديد ثانياً، والتعزير ثالثاً، والحبس المؤبد. ولا يجوز اعدامهم لعدم الدليل على ذلك. وكذا كل من ينشر الفساد في المجتمع عن طريق صنع آلات القمار والصور الخلاعية ونشرها

ص: 235


1- البرهان : ج1، 466.

في الاسواق، ومن جملة الافساد نشر الكتب الضالة لاغواء الشباب وابعادهم عن الدين الحنيف والصراط المستقيم.

(مسألة 19): لو كانت سيّارة تسير في طريق معيّن وتقاذفها مجموعة من الاشخاص بالحجارة، وقد اُصيبت زجاجة السيارة وكسروها ولم يعلم أن هذا الحجر لأي من هؤلاء، فهل يوزع المبلغ عليهم جميعاً، أو تضرب القرعة فتبرأ ذمة من اصاب حجره أم لا ؟

الظاهر لا بل لابدّ من المصالحة بينهم وبين صاحب السيارة، حتى تبرأ ذمة الذي أصاب حجره الزجاجة.

(مسألة 20): لا يجوز لاحد أن يجرح الآخر، وفي هذه الحالة لو رضى المجروح بذلك فتارةً يكون المجروح بالغاً، واُخرى لا، فإن كان بالغاً فلا يجب أن يدفع الجارح الدية، وبما أن صاحبه راض فثبوت القصاص مشكل. نعم في غير البالغ بما أن اذنه غير مؤثر وكذا لو أذن وليّه فلا أثر لاذنه، لعدم الولاية له عليه ففي مثل هذه الاُمور لابدّ من القصاص.

(مسألة 21): لو دعى طفل طفلاً آخر للخروج معه للبر، وصعدا في اثناء الطريق على الماكنة الموضوعة على البئر، وقد وقع المدعو في البئر ولم يخبر الداعي أوليائه فوراً، وادعى الخوف بحيث لو كان يخبر في أوّل الوقت لخرج المدعو سالماً ففي هذه الحالة الداعي لا يجب عليه دفع الدية لأنّ سقوطالمدعو

ص: 236

في البئر لم يكن للداعي دخل فيه، وسقوطه لا يكون بسببه لتكون الدية على عاقلته.

(مسألة 22): لو اصطدمت سيارتان، وكانت المتأخرة هي سبب الاصطدام بالسيارة المتقدمة عليها المحملة بمادة سريعة الاشتعال، وانقلبت السيارة وانتشرت تلك المادة، وكانت الارض غير صالحة لاستقرار السيارة، وانقلبت سيارة ثالثة لهذا السبب، ومات شخصان فلو لم ينتبه السائق للسيارة الثالثة لهذه الحالة وانقلبت سيارته فهل هو ضامن أم لا ؟

الظاهر الضمان يكون على صاحب السيارة التي كانت سبباً للاصطدام وانتشار المادة.

(مسألة 23): لو رمى شخص حجراً عمداً وأصاب شخصاً ومات ذلك الشخص، ولم يكن من قصد الرامي القتل فهل يضمن ؟

بما أن الحجر لم يكن آلة قاتلة بل قد يتفق القتل به فهذا يعدّ من قسم شبيه العمد.

أمّا لو رمى شخص بالبندقية وأصاب شخص آخر على نحو الصدفة، فمات فبما أن الآلة قاتلة فلا يحسب هذا من العمد ايضاً لعدم قصده القتل.

هذا ولو رمى شخص باعتقاد أنّه مهدور الدم، فاصاب شخصاً غير مهدور الدم، فهو من مصاديق قتل الخطأ ولو أن عمله يكون حراماً، أمّا أنّه ليس بعمد لأنّ قصد الجامع لا يكون قصداً للخصوصية، وإثبات تحققالعمد

ص: 237

بما أنّه موضوع خاص يحتاج الى قصد الخصوصية، أمّا بالنسبة الى الحرمة فقصد الجامع كاف.

(مسألة 24): هناك امرأة ابتليت بمرض في الدماغ، وهناك جماعة لهم عداوة سابقة مع زوجها قد تعرضوا للزوج واطالوا النزاع وأرعبوا الزوج كثيراً والمرأة تسمع هذا وتراه، وعلى اثر هذا اصيبت بالسكتة الدماغية واصبحت مغميا عليها، ثم بعد اسبوع ماتت وقد شخص الطبيب بأن الهيجان والاضطراب يمكن أن يكونان سبباً لموتها، ولو لم يدّعي العلم في هذا فما حكم المنازعين مع علمهم بأن النزاع يضر بالمرأة ؟

الظاهر بما أنهم في عملهم هذا لم يكونوا قاصدين القتل، ولو أن الموت أصبح من جراء هذا النزاع، ولكن لا يمكن اثبات الدية لهم على الفرض، ولو فرضت الدية لابد أن يدفع الزوج أيضاً، أي تنقسم الدية على المتنازعين لأنّه قد حصل بين طرفين، ولو كان من جانب الزوج دفاعاً، ولكن الدفاع لا ينافي الحكم الوضعي. والاحوط حينئذ التصالح في الدية.

(مسألة 25): لو زنى مسلم بالكافرة، فهل يكون حكمه حكم الزنى بالمسلمة في صدق المحصن وعدمه أم لا ؟

الظاهر هو ذلك لأنّ في تحققه لا يفرق بين المسلمة وغيرها. فلو زنى بالمتزوجة فيصدق عليه أنّه زنى بالمحصنة لاطلاق الروايات.

ص: 238

(مسألة 26): من سب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)والائمة(عليهم السلام) في حال العصبية وفقد الشعور، فلا يكون سبه سبباً للارتداد لكي يجري عليه الحدّ خصوصاً لو ادعى هو ذلك.

(مسألة 27): لو اُصيب شخص بحادثة سيّارة في دماغه وقد فقد الإدراك والعقل والحس، وأصبح أعمى وأصم وهو على قيد الحياة، وبعد ذلك قتله شخص وهو على هذا الحال فيترتب عليه الدية والقصاص، لأنّه في نظر الشرع حيّاً.

(مسألة 28) لو كان هناك حفّار يحفر بئراً في السرداب، وجمع التراب في الغرفة وبواسطة هذا التراب المتجمع هدم السرداب ومات الحفار، فهل الضامن هو صاحب البيت، لأنّ سقف سردابه لم يكن محكماً أو من طرح التراب ؟

الظاهر هو الثاني لأنّ الرمي اصبح سبباً بزياد كمية التراب، أمّا صاحب الدار يكون بعيداً من أن يوهيء السبب، فعلى أي حال فيكون القتل خطأ وتكون الدية على العاقلة.

(مسألة 29) لو بنى مهندساً بيتاً لعائلة معينة ولم يحكم بنائه متعمّداً، وبعد أن سكنوا فيه سقط عليهم، فهل هذا المهندس يعتبر قاتل عمدي ؟ وهل يضمن الدار اضافة الى ما عليه من جريمة القتل ؟

ص: 239

الظاهر أنّه قاتل عمدي وضامن للدار إضافة الى الجريمة.

(مسألة 30): لو خرج من تحت اطار السيارة عند سيرها حجر فاصاب سيارة اُخرى وتضررت به، فالظاهر أن صاحب السيارة الاولى هو الضامن. وكذا لو كان البيت قريباً من الطريق العمومي واصطدمت السيارة بعمود الكهرباء ووقع العمود على البيت وتضرر به، فالظاهر الضامن صاحب السيارة لأنّه هو المسبب لهذا.

(مسألة 31): لا يخفى بأنّ المباشر ضامن ولو لم يكن عن تعمّد، بل ولو كان نائماً، لأنه لا يشترط في الضمان الالتفات والتعمد، وقد يكون السبب أقوى من المباشر، فلو كان هناك حيوان مملوك لشخص ودخل زرع الغير مع إهمال صاحبه في حفظه فأتلف زرع الغير، فالمالك للحيوان يكون ضامناً ولو لم يكن هذا العمل عن تعمد منه، ولكن بما أن التلف يسند اليه والدابة تحسب كالآلة فهو ضامن. إذن لا يمكن أن يقال بأن المسبب لا يضمن، بل إذا كان المباشر أقوى فهو ضامن، وان كان العكس فالضمان على المسبب.

(مسألة 32): لا يخفى بأن ما يقبض من الامور الجائزة كاللقطة ومجهول المالك وقبض مال اليتيم للمصلحة أو الحفظ وأمثالها والتصرف فيها على نحو لا يحتاج فيه الى اذن الشارع. فلو تلف بغير تعد ولا تفريط فلا ضمان.

ص: 240

(مسألة 33): بعد أن ثبت في محلّه بأن من أتلف مال الغير فهو ضامن، فهل هناك فرق بين هذه القاعدة وقاعدة اليد ؟

الظاهر ذلك، لأنّ في هذه القاعدة النظر الى الاتلاف، وفي تلك الى التلف، أي قاعدة اليد، فمن اتلف مال غيره فهو ضامن سواء كان تحت يده أم لا، وبينهما عموم من وجه، أي لها محلّ اجتماع وافتراق. وكلتا القاعدتين تثبتان الضمان، ولو لم يقع التلف أو الاتلاف عن عمد، ولكن بعدما اذن الحاكم الشرعي بأن يبقى تحت يد فلان أو اذن المالك بهذا، فلا يكون المال تحت يد ذلك الشخص مضموناً، إلاّ إذا كان بتعدً أو تفريط.

(مسألة 34): لا يخفى بأنه لا يجوز التصرف بملك الغير، إلاّ أن يكون هناك سبب شرعي للحديث الوارد: «لا يحل مال امرء إلاّ بطيب نفسه» (1) والآية: {لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل} (2) فالتصرّف بدون الإذن غصب ولا يجوز.

(مسألة 35): الضمان هو بمعنى الكفالة في اللغة، وعند المتشرعة له معنيان: الاول: ضمّ ذمّة، اي وانتقاله من ذمته الى ذمة الآخر. والثاني بمعنى

ص: 241


1- الخلاف : ج2، 287.
2- النساء : 29.

غرامة المال أي خسارته عليه، وهي تستعمل غالباً في التلف، أي إذا أتلف مال أحد فهو ضامن.(مسألة 36): الاتلاف هو أيضاً أحد أسباب الضمان، ومدركه القاعدة المعروفة المستفادة من الاخبار: «من أتلف مال غيره يكون له ضامن» (1)، وهذا الاتلاف لا يفرق بين أن يكون مالاً أو منفعة. والفرق بينه وبين التلف، أن التلف مختص باليد، والاتلاف يكون أعم ممّا كان تحت اليد أم لا، وتجري هذه القاعدة بالنسبة الى العالم والجاهل والعامد والغافل والناسي والذاكر والصبي والبالغ.

وأن الاتلاف قد يكون بالمباشرة، وقد يكون بالتسبيب وأن أيهما يكون أقوى، وكيفية المباشرة وأمثالها يطلب من محلّه.

(مسألة 37): لا يخفى بأن عمل المسلم محترم، فإذا فعل شيئاً لمصلحتك سواء كان مع الاذن من الحاكم الشرعي أو بامرك، فتارةً يقصد به التبرع أو يصرح بذلك فليس له اُجرة عمل على ذلك، واُخرى لم يقصد ذلك وهذا ليس معناه أنه عمل مجاناً لأن عمل المسلم محترم فلابدّ له من اجرة المثل.

ولو اختلفا في ذلك ولم يصرح بشي فالقول قول العامل، لأنّه أعرف بقصده وهذا شيء لا يعلم إلاّ من قبله.

ص: 242


1- القواعد الفقهية : لاستاذنا المحقق، ج2، 26.

(مسألة 38): ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده، وهل هذه القاعدة تشمل جميع العقود اللازمة والجائزة ؟الظاهر بأنها مختصة بالعقود اللازمة دون الجائزة، كما في البيع والاجارة والعارية والوكالة والشركة وأمثالها دون العقود المجانية، فلو قبضت عيناً بالهبة الفاسدة لا تضمنها، لأن صحيحها غير مضمون ففاسدها أيضاً غير مضمون فالضمان يكون بالمثل إذا كان مثلياً وبالقيمة إذا كان قيمياً، فإذا قلنا بأن سبب الضمان هو اليد فسبب عدم الضمان في الهبة واخواتها هو التسليط المجاني المسقط لضمان اليد.

إذن إن العقود التي تجري فيها بذل المال بازاء المال، ولا يكون مجانياً فعند صحتها يقع الضمان وكذا في صورة الفساد لانه لا يكون مجانياً، وأمّا إذا كان العقد مجانياً وبنائه يكون على المجانية، فلا يمكن القول فيه بالضمان لقاعدة اليد. وشرح وبسط هذه القاعدة موكول الى محله.

(مسألة 39): الائتمان مسقط للضمان.

لا يخفى كما ذكر في محلّه بعدم جواز وضع اليد على مال الغير، لأنّه مستوجب للضمان ولكن إذا دفع اليه بصفة الامانة المجردة أو بصفة الحفظ، كما قد يدفع المال لمصلحة المؤتمن فقط كالوديعة التي هي استنابة عن الحفظ فلا ضمان هنا، إلاّ مع التعدي والتفريط، وقد يكون الشيء أمانة للطرفين كما في العين المستأجرة وغيرها أيضاً لاضمان، الاّ مع التعدي والتفريط.

ص: 243

(مسألة 40): كل يد على مال الغير هي مستوجبة للضمان، إلاّ إذا كان هناك إذن من الشارع أو المالك فيكون موجبا لسقوط الضمان، فإن أذنشخص في أكل ماله، أو عتق عبد عن نفسه، أو ركوب دابته ففي كل ذلك لا ضمان، ومن جملة عدم الضمان الامانات الشرعية لا الملكية كاللقطة ومجهول المالك، بل مال اليتيم عند الولي، ومال الغائب عند الحاكم، ففي كل هذه الموارد لايقتضي الضمان لأجل اليد لان الاذن الشرعي يكون مسقطاً للضمان.

(مسألة 41): لايخفى بأن مال المالك المحترم محترم، واذا تلف يستوجب الضمان، وكذا عمله، ولكن إذا عمل لك عملاً بدون اذنك بل مع نهيك، أو باع مالك بالبيع الفاسد وسلّطك على المبيع، مع أنّه يعلم البائع بأن البيع فاسد وتلف عند المشتري، أو أتلفه المشتري فلا ضمان حينئذ، فلايستحق الثمن ولا الاُجرة، لأنّه بعدما سلّط الغير على ماله أو أقدم على عمل مع النهي، فلم يبقى لماله احترام وكذا عمله فإذا لم يكن هناك احترام سقط الضمان. هذا مع تلف العين، أمّا مع وجودها فله استرجاعها.

(مسألة 42): هل للولي أن يعفو عن الدية التي تدفع للطفل لأجل الجناية الواردة عليه ؟

لايجوز له ذلك إلاّ إذا استوجب مصلحة بالنسبة الى الطفل وإلاّ فهو ضامن.

ص: 244

(مسألة 43): قلنا: بأنه قد مرّ أن إذن المريض أو وليّه شرط في عدم الضمان لكن إذا لم يشخص الطبيب المرض وأقدم على العمل ومات المريض،فهو ضامن بل لايجوز له الاقدام من الأوّل ويكون حينئذ إذنهما للطبيب بالمعالجة كعدم الإذن.

(مسألة 44): ليس للحاكم الشرعي العفو عمّن عليه الحدّ، لأنّه لا ولاية له على الاطلاق كما انه ليس له العفو عن دفع الدية، فان مات المحدود وتلف المال فهو ضامن.

(مسألة 45): لايجوز تعذيب المتهم بأي نوع كان، لكي يعترف ولو اعترف تحت التعذيب فالاعتراف باطل.

(مسألة 46): قد تجعل البلدية قانوناً، بأن من وضع سيارته في المكان الكذائي تؤخذ سيارته، وقد تكون هناك سيارات متروكة، أو عاطلة في نفس المكان ولكن البلدية بعد الاستيلاء على هذه السيارات تجعلها في المستودعات، وتأخذ قطع الغيار منها لتعمير سياراتها فما حكم ذلك ؟

لايخفى بأن هذه السيارات المتروكة أو العاطلة تكون باقية على ملك مالكها الأصلي، ولا يجوز اخذ قطع الغيار منها لتصليح سيارات البلدية. نعم

ص: 245

بعد الاخذ وعدم معرفة أصحاب السيارات تعد مجهول المالك، ولابدّ من المراجعة الى الحاكم الشرعي وأخذ الاذن منه في التصرفات.(مسألة 47): السكنى في الأماكن المجهولة المالك لايجوز إلاّ بإذن من الحاكم الشرعي. إذن لو أراد السكنى لابدّ أن يصالح الحاكم.

وكذلك لايجوز المرور على الأرض التي لايعلم بأن لها مالك، بل لابدّ من الأذن من الحاكم الشرعي.

(مسألة 48): لايجوز أخذ مال الكفار غصباً أو سرقة ولابدّ من رده الى اصحابه بعد الأخذ، إلاّ أن يكون محارباً وعلى الساكنين في المهجر أن لايشوهوا سمعة الاسلام بأخذ أموال الكفار بذريعة أنهم كفار. نعم المال الذي جوز الشارع أخذه - بأي طريق كان من الكفار، أي المحاربين لامطلق الكفار. لو كانوا ذميين أو معاهدين - لامانع من أخذه.

(مسألة 49): المرور على الأرض التي لها مالك معلوم لابدّ من أخذ الاجازة منه إذا لم يعلم برضاه، ولو كان مجهولاً لابدّ من أخذ الاجازة من حاكم الشرع. ومجرد مرور الناس لايكون دليلاً على الجواز، إلاّ إذا كان المار مؤمناً ملتزماً بحيث يطمئن من ان مروره دليل على الاجازة من المالك بالمرور لأنّ عمل الناس قد يكون عن عدم المبالاة. وكذا من اراد أن يصلي في الدوائر

ص: 246

الحكومية كالمستشفيات فلابدّ له من أخذ الاجازة من حاكم الشرع لو قلنا بأن الحكومة غير مالكة.(مسألة 50): لو اعتدى شخص على آخر بأن ضربه على عينه مثلاً فتعطلت عن العمل، فاختار المعتدى عليه الدية، وبعد ذلك لو توسّل المعتدى عليه بأحد الأئمة(عليهم السلام)، فعادت عينه الى العمل ولاشيء فيها، فهل للجاني الحق بمطالبة المجنى عليه لإعادت الدية له أم لا ؟

الظاهر لايحقّ للجاني المطالبة بالدية، لأن جواز أخذها يحتاج الى الدليل والاحوط المصالحة.

(مسألة 51): لو اعتدى شخص على آخر بأن قطع يده مثلاً فطلب المعتدى عليه القصاص، فاقتص من الجاني فقطعت يده، ثم أعاد المعتدى عليه يده بعمليّة جراحيّة، فهل للجاني المطالبة بالدية أو قطع تلك اليد من المجنى عليه ؟

أمّا إعادة المقطوع فجائز، وأمّا قطعها ثانية من المجنى عليه فيحتاج الى دليل.

(مسألة 52): لو قطعت يد شخص بإقامة الحد عليه، بسبب السرقة فهل يجوز له اعادة المقطوع، وعلى فرض إعادته، فهل لحاكم الشرع قطعه ثانية أم يترك وقد فعل حراماً ؟

ص: 247

لايجوز إعادة المقطوع، ولو فعل وأعاد المقطوع فجواز قطعه ثانية يحتاج إلى دليل.

(مسألة 53): هل يجوز استعمال المخدّر قبل إجراء الحدّ ؟لايجوز استعمال المخدّر قبل أجراء الحدّ، لأنّ المناط إنّما هو التأديب، وعليه لابدّ من تجرّعه ألم الحدّ، لأجل الإقلاع عن هذه الرذيلة.

(مسألة 54): هل عفو المسروق منه يؤثر في عدم اجراء الحد، نعم لو عفى المسروق منه قبل المراجعة الى الحاكم وثبوت السرقة فليس للحاكم اجراء الحد.

(مسألة 55): لو ملك السارق مال المسروق منه بالهدية أو بالبيع وأمثال ذلك، فهل يسقط الحد ؟ نعم يسقط اذا كان ملك المالك قبل المرافعة، أما بعدها فلا.

(مسألة 56): لو كان للجاني عين ولكن لايبصر بها وقلع عين شخص سالمة فهنا لاتقلع عينه وتؤخذ منه الدية مقابل ذهاب البصر عن المجنى عليه.

(مسألة 57): لو قتل شخص مسلم بيد مسلم له اولياء كفار ففي هذه الصورة يعرض على أوليائه الاسلام، فان قبل أي واحد منهم الاسلام يدفع اليه

ص: 248

القاتل، وان لم يقبلوا جميعاً فالامر يرجع الى حاكم الشرع، فلا قصاص ويأخذ الدية وترجع الى بيت المال بعد أخذها.(مسألة 58): لو كان ولي المقتول محجوراً عليه، فله أن يقتص من القاتل، لأنه محجور عليه في التصرف في ماله لامطلقاً. نعم لو اخذ الدية فتدخل في أمواله المحجور عليه.

(مسألة 59): اذا لم يجري الحاكم الحكم وكان المجنى عليه مأيوساً من الحياة، فهل له أن يوصي تبديل القصاص بالدية أو المصالحة أو العفو ؟

الظاهر لا لان القصاص أو اخذ الدية أوالعفو هو من حق أولياء المقتول فما أوصى به المجني عليه ليس له أي أثر كما مر.

ص: 249

ص: 250

كتاب الهبة

(مسألة 1) إذا وهب شخص لشخص أرضاً ليدفن فيها أبيه، فإذا مضى على دفن الميت سنين بحيث أصبح جسده بالياً مندثراً، وقد ارتفعت قيمة الارض بمرور الزمن، فهل الارض تكون ملكاً للورثة أو للميت أو للجميع ؟

لا يخفى بأنه إذا وهب صاحب الارض للميت في حال حياته، فهو ملك له وأمّا إذا كان بعد الممات فلا معنى للهبة، لان الميت لا يملك ولا يمكن أن يقع طرفاً للقبول، إذن الارض تكون للمالك في هذه الصورة، كما إذا أباح دفن الميت فالأرض للمبيح أيضاً.

(مسألة 2): الفرق بين الهبة والنحلة والعطية.

أمّا الهبة والنحلة فمعناهما واحد، أي يملك الشيء بلا عوض. وفي النهاية: العطية الخالية من الاعواض والاغراض، فإذا أكثرت سمي صاحبها الوهاب. وهي غير الصدقة، ولها أقسام وكيفية خاصة وما يتعلق بها من أحكام تذكر في الفقه في باب الهبة على نحو التفصيل.

ص: 251

وأما العطية فقد تكون أعم من الهبة، لانها قد تكون بعوض وقد لا تكون كذلك.

(مسألة 3): يشترط في الموهوب أن يكون عيناً، فلايصّح هبة المنافع، ولا فرق في العين بين أن يكون لشخصيته الخارجية، وبين أن يكون لمشاع والكلّي في المعيّن، كما أنّه يصّح هبة المدّة للمتمتع بها، وهبة إحدى الزوجات ليلتها لضرتها.

(مسألة 4): يشترط في صحّة الهبة قبض الموهوب له. نعم لو كان في يد الموهوب له فهو كاف، ولايحتاج الى قبض جديد، لأنّ المناط من القبض هو الاستيلاء على المال وهو حاصل.

(مسألة 5): الهبة لذي الرحم ولو بعد القبض لم يكن للواهب الرجوع، للأحاديث. أمّا الزوج والزوجة فلكل منهما الرجوع، ولا فرق بين أن تكون الزوجة دائمة أم لا، لإطلاق الدليل.

ص: 252

كتاب الارث

(مسألة 1): لو صالح الاُخوة مع الاخوات بمقدار من النقود في حال حياة المورث، بحيث يأخذوا مبلغاً لرفع اليد عن الارث، فظاهر هذه المصالحة غير صحيصة، لان ما دام المورث حياً ولم يملك الورثة المال فلا يمكن المصالحة. ولا يمكن قياس المسألة بالوصية فيما زاد على الثلث بأن القياس باطل، وثبت في تلك المسألة الجواز بالدليل، وهنا لا دليل عليه ويكون من باب اسقاط ما لم يجب.

(مسألة 2): ما الفرق بين الارث والتراث والميراث والفريضة ؟

لا يخفى بأن الارث والتراث والميراث بمعنى تركة الميت أي ما يتركه الميت لورثته. فالإرث إمّا بمعنى انتقال المال من الميت الى الحي، أو المال المنتقل. ويطلق عليه بالمعنى الثاني الفريضة أيضاً.

(مسألة 3): لا يخفى بأن التوارث بين الأحياء والاموات مسألة عرفية عقلية، وتكون لها مؤيد من الشرع، أمّا كونها عرفية فالعرف يرى إذا مات شخص ففي نظرهم انتقال المال الى أقرب الاشخاص الى الميت، وكذا العقلاء يرون أن المال لابدّ أن يرجع الى من يكون أقرب للميت، لأنّه إمّا ينتقلالى

ص: 253

الاقرب أو الى الابعد أو لم يورث الميّت شخصاً، فالأخير لا معنى له لأنّه يبقى المال على ملكه، والميت خشب ليس له قابلية التمليك واعطائها الى الاباعد ترجيح المرجوح على الراجح. إذن ينحصر الاعطاء الى من هو أقرب، والشارع قد أمضى هذا العمل العقلائي بقوله تعالى: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان...} (1).

نعم أن الشارع المقدس نظّم الطبقات والاسهم وعيّن الاقرب فالأقرب وبيّن المحجوبين عن الإرث.

(مسألة 4): لو صرف على المصاب بمرض في دماغه - بحيث يكون فاقداً للادراك والحسّ - مبالغ باهضة من أملاكه لغرض العلاج، فليس للوارث الاعتراض مع فرض صدق بقائه حياً.

ص: 254


1- النساء : 7.

كتاب الرهن والدين

وهو لغة بمعنى الثبات والدوام، وأما اصطلاحاً هي وثيقة للدين، أي جعل المال تحت يد المرتهن كي يثق بعدم تلف ماله.

(مسألة 1): لو كان عنده رهن قبل موته، ثم مات ولم يعلم بوجوده في تركته لا تفصيلاً ولا إجمالاً، فله صور في المسألة:

1- أن يعلم بكون الرهن في التركة اما تفصيلاً أو اجمالاً فان كان الاول فحكمه وجوب الإخراج، واما الثاني إن علم به إجمالاً فيجري المصالحة عليه.

2- أن يعلم أنه كان عنده مال ولكن لم يعلم أنه في التركة ولا زال باقياً أو كان في التركة وتلف بغير تفريط، فحكمه في هذه الصورة عدم وجوب الاخراج، ويكون تمام المال للورثة.

3- نفس الصورة مع العلم بأنه ليس في التركة، وحكمهه حكم الصورة السابقة.

ص: 255

4- أن يعلم بأنه تلف في يد المرتهن في زمان حياته، ولم يعلم أنه على وجه الضمان أم لا، ففي هذه الصورة أيضاً لاشيء على الورثة، للأصل بعد عدم العلم بتفريط الميت، ومقتضى ظاهر حال المسلم عدمه.

5- أن يعلم بأنه كان عنده الى أن مات ولم يتلف، إلا أنه لم يوجد في التركة فهنا الضمان موجود، وعدم وجوده في التركة أعم من التلف بلا ضمان.

(مسألة 2): لو رهن شخص سلعة وأخذ قبالها مبلغاً بالدين، وحل وقت الاداء وامتنع من الاداء فله مراجعة الحاكم الشرعي، فعند ذلك يأمره الحاكم ببيع الرهن وأداء دينه، وإن امتنع أيضاً باعه الحاكم وأدّى دينه، كما أنه لو أصبح الراهن غائباً ولم يعلم حياته من مماته ; أو يقبله المرتهن ويحسبه من دينه ويدفع الزائد للمالك لو كان موجوداً، وإن لم يكن موجوداً فيدفع الى حاكم الشرع، كما إذا خيف فساد الرهن فله بيعه بإذن الحاكم الشرعي ويبقى ثمنه عنده، وليس له ان يبيعه بدون الإذن، وإن باعه كان باطلاً.

(مسألة 3): الدين لغة هو إعطاء المال لشخص آخر الى أجله، وهو على قسمين حال ومؤجّل، فبالنسبة للأول يجوز للدائن مطالبته متى شاء، وللمدين ادائه فوراً إن تمكّن من الاداء. وأما الثاني فلا يجب رده إلا بعد انتهاء الاجل ولو طالبه الدائن. نعم المؤجّل قد يصبح حالاً وهو ما اذا مات المديون

ص: 256

كما في الحديث: «اذا مات الرجل حل ماله وما عليه من الدين» (1). ولعل السر في ذلك هو زوال ذمته بموته فينتقل الحق الى ماله.

بعبارة اُخرى: هو اشتغال الذمة بكلي للغير، لانه بعدما استقرض فاصبح المال ملكه ولايحق للدائن مطالبته بنفس العين. اذن يبقى في ذمته مائة دينار كلي، وسبب اشتغال هذه الذمّة تارةً يكون اخيتارياً مثل التصرف وأمثاله، واُخرى قهرياً كالواجبات المالية الشرعية كالكفارات والضمانات وغيرهما.

(مسألة 4): الفرق بين الدين والقرض، هو أن الدين يكون أعم من القرض، فإنه أعم من أن يكون مالاً أو حقّاً بل أو حكماً، ويشهد له قوله(عليه السلام) في نيابة الحجّ عن الميّت «دين الله أحق أن يقضي» (2)، أما القرض فهو تمليك مال لآخر بالضمان، فليس من المعاوضات المحضة كالبيع، ولا من المجانيات.

(مسألة 5): الرهن هو الوثيقة على الدين، وقد يكون وثيقة على العين كالعارية والمقبوض بالسوم، ولولم يسمى رهناً.

(مسألة 6): لا يخفى بأن أي واحد من الراهن والمرتهن لا يتمكّنان من التصرّف في العين المرهونة، لانه لو تصرف الراهن في العين المرهونة كما كان

ص: 257


1- وسائل الشيعة : باب 12 من ابواب الدين والقرض، ح1.
2- مستدرك الوسائل : باب 18 من أبواب وجوب الحج.

يفعل قبل الرهن لزال وثوق المرتهن. وأما وجه ممنوعية تصرفالمرتهن، هو لأن المال مال المالك ولا يجوز لاحد أن يتصرف في مال غيره. نعم له حق استيفائه من الرهن، أي استيفاء دينه لو امتنع الراهن من الاداء. وأما العين ومنافعها باقيان على ما كانا من انهما ملك للمالك.

(مسألة 7): الامانة بمعنى ما يؤتمن عليه الانسان، ولاتفرغ ذمته منها إلا بردّها الى صاحبها، وبما أن العين المرهونة أمانة عند المرتهن، فإذا اُتلفت لا تضمن إلا بالتعدي والتفريط أو الشرط.

(مسألة 8): المرتهن أحق بماله من بقية الغرماء فإن الراهن إذا مات أو أفلس وقصرت أمواله عن ديونه فإن المرتهن يأخذ جميع ديونه من الرهن بعد بيعه، إما بنفسه أو الورثة أو الحاكم الشرعي، فإذا بيع الرهن فتارة يزيد عن دينه فيضمّ الزائد حينئذ للغرماء، واُخرى ينقص فيضرب مع الغرماء في الناقص.

وخلاصة البحث هنا إن كل من وضع يده على مال لغيره، بلا فرق بين ان يكون يده يد ظلم وعدوان، أو يد جهل ونسيان أو غير ذلك، فهو ضامن له، أي عهدة ذلك المال يكون عليه حتى يرجعه الى صاحبه، ومعنى العهد أي إذا كان المال موجوداً فيرده نفسه، وإن تلف لابد برد مثله اذا كان مثلياً وقيمته إذا كان قيمياً.

ص: 258

(مسألة 9): لايدخل الحمل في رهن الحامل حيث إنّ العرف يرى التعدد، فلاوجه للدخول. أما بالنسبة الى الصوف والشعر والوبر فيدخل فيرهن الحيوان، لأن العرف يحكم بالوحدة والتبعية. أما إذا شك في التعدد وعدمه، مقتضى الاصل عدمه بعد الشك في شمول الدليل له.

(مسألة 10): لو جعل رهناً مقابل الدين وأدّى البعض منه فهل ينفك مجموع الرهن أو بعضه أو لاينفكّ أصلاً ؟ الاقسام في المسألة ثلاثة. فلو كان رهن المجموع على كل جزء من الحق لاينفك شيء من الرهن بسقوط بعض الدين. ولو كان رهن المجموع على نحو صرف الوجود من الحق مطلقاً ولو بجزء منه، أيضاً لاينفك الرهن اصلاً بعد ان فرض وجود الدين والحق ولو بجزء منه. واما لو كان الرهن على نحو الاجزاء المشاعة فينفك من الرهن بمقدار ما وفى. أما لو كان الرهن المجموع من حيث هو المجموع كذلك فحينئذ يسقط الجميع بسقوط بعض الدين لزوال المجموع من حيث المجموع، ولكن ما يفهم من اطلاق الرهن هو القول الأول فلايسقط شيء منه ويبقى جميع الرهن ولو دفع بعض الدين.

(مسألة 11): اذا نسي الشخص بأنه ممن استقرض المال، فلابد من حفظه حتى يتذكر، وإن لم يتذكر صاحبه اصلاً يدفعه الى الحاكم الشرعي، ويكون بحكم مجهول المالك.

ص: 259

(مسألة 12): يجوز لكل من له على شخص مقداراً من المال أن يأخذ منه بعنوان التقاص إذا كان المدين منكراً أو يتماهل ويوخره عن الوقت المحدّد،فلو باعه داراً ولم يدفع ثمنه وهو متمكن من إرجاعه، فلايجوز له التقاص ممن باعه أو سرق منه، وإنما يجوز التقاص فيما اذا لم يتمكن من حصول ماله أصلاً ولو بالمراجعة الى الحاكم الشرعي.

(مسألة 13): لو كان شخص مديناً لشخص مائة ألف تومان وليس له أي الدائن بينة لاثبات حقه، وراجع حاكم الشرع وصالحهما على خمسين ألف، فلو رضي الدائن بهذا المبلغ وأسقط البقية فليس له أن يرجع الى المدّعى عليه ببقية المبلغ.

ص: 260

كتاب الوكالة والوصيّة والصلح والإقرار

(مسألة 1): لا يخفى بأن الوكالة كبقية العقود لابد أن تقع منجزة، والتعليق يفسد العقد، فإذا قال: انت وكيلي إن جاء زيد من السفر بطل. نعم لو قيد العمل بقيد أو شرط بأن قال: انت وكيلي في بيع داري ان جاء زيد فصحيح، لانه وكيل مطلقاً فعلاً، ولكن بيع الدار يكون في زمن خاص.

بعبارة اُخرى جعل هنا القيد للمادة والمنشأ وفي الاولى للهيئة والانشاء.

(مسألة 2): لو أمر شخص شخصاً بأداء دينه، وأدّاه من ماله فهل يرجع الدافع الى الآمر بعد الأداء أم لا ؟

الظاهر لا، إلا اذا اشترط رجوعه اليه بأن يقول: أدّه ولك ما أديت أو خذ دينك. وبعبارة اُخرى تارةً يقول: أدّ ديني فقط ويسكت، فهل هذه المعاملة تدخل في باب الوكالة أو القرض أو الحوالة ؟

الظاهر أنها لا تدخل في أي منها أما عدم دخولها في الأول، لأنه لابد أن يدفع مال المالك لا مال نفسه، والثانية لانه بريء وليس عليه شيء، والثالث لانه يحتاج الى القبض.

ص: 261

لكن نقول تارة يكون من قصد الدافع التبرّع، فلا رجوع له على الآمر ولأنه لا يفهم من ظهور أمره ان يؤدي الى الدافع المال، وإذا كانت هناك قرائن تعين وجوب الدفع فيجب الدفع عن الآمر.

مثلاً إذا قال: إعط هذا الفقير شيئاً، ولم يقل أنا أدفع لك فانه ظاهر من ان الدافع يدفع من ماله، وليس له الرجوع على الآمر. أمّا إذا قال ادفع الى عيالي فإنه ظاهر في الضمان، فلابد من الرجوع الى الآمر.

(مسألة 3): الصلح عقد شرعي لحسم مادة الخصومة المحققة فعلاً أو مقدّرة، والتفاصيل في محله. لكن قد يكون في حكم الاجارة، كما لو ادعى عليه مالاً وأقر به ثم صالحه على سكنى داره لمدّة معينة.

(مسألة 4): الاقرار هو إخبار عن حق ثابت شرعاً، ويثبت نفوذ الاقرار ولزومه على المقر بعد ان استجمع الشرائط الموجودة في باب الاقرار، فراجع.

(مسألة 5): لا يخفى في عدم ضمان الوكيل، ولكن لا على الاطلاق، لأنه قد يكون وكيلاً في البيع والقبض، فبما أنه أمين، فلو تلف المال بيده من غير تعد أو تفريط فليس بضامن. أما لو كان وكيلاً في البيع فقط، فقبض الوكيل المال وتلف بيده فهو ضامن ولو لم يكن هناك تعدّ أو تفريط.

ص: 262

(مسألة 6): لابد في الوكالة من معلومية الموكل به في الجملة، وهل معلوميته هنا كمعلومية البيع والاجارة ؟

الظاهر لا، لأنه لو قال في البيع: بعتك فرساً ولم يعين الفرس بالوصف أو المشاهدة او الاشارة فالبيع ليس بصحيح.

ولكن ضابطه: أن يقول: وكّلتك في شراء فرس، فيصح للوكيل ان يشتري فرساً حسب نظره.

نعم لو عيّن الموكل به لزم ووجب ابتياع ما عيّن الموكّل، فإن قيده بقيود فتارة يقول: أنت وكيلي على أن تزوجني من امرأة فللوكيل أن يزوجه من أي امرأة شاء، وتكون الوكالة صحيحة وغير باطلة، لعدم تعيين الموكل المرأة. واُخرى يقول: أنت وكيلي من أن تزوجني من امرأة نجفية فعين ذلك، ولايصحّ أن يزوّجه من غيرها.

اذن مع الإطلاق فالاختيار يكون للوكيل، إلا اذا كان هناك عرف عام أو خاص فيحمل عليه ويكون بمنزلة القيد.

أما بالنسبة الى العقود فان عين بأن يشتري له بنفس المبلغ فلابد من الشراء به، ولا يجوز التعدّيّ أما اذا لم يعين فلابدّ أن يشترى بثمن المثل فما دونه، ولا يجوز أن يشتري بأكثر، وإلا كان فضولياً يتوقف على إجازة الموكل.

(مسألة 7): لا يخفى بان الفرع ملازم للأصل، ولكن هل يمكن ثبوت الفرع بدون ان يثبت الاصل أم لا ؟

ص: 263

الظاهر امكان ذلك، فلو ادعى شخص على آخر ديناً وقال الآخر للمدعي: انا ضامن لهذا الدين، ولكن المدعى عليه أنكر الدين فالضامن هو الملزم به، وهو فرع دون المدعى عليه، وهو اصل فالكفالة تكون ثابته وإن كان الاصل هو الدين لم يثبت، أما ثبوت الكفالة أو الضمان هنا لوجود الحجة وهو الاقرار، اما بالنسبة الى الاصل فلا دليل على ثبوته.

(مسألة 8): تصح الوصية الفضولية وهي على أقسام: الأوّل عن الغير وللغير كالوصية عن زيد لعمرو، والثاني عن الغير لنفسه، بعد وفاة صاحب المال فانّه لو قلنا كون الفضولي يكون مطابقاً للقاعدة فبعد الاجازة ينفذ، خصوصاً بعدما كان بناء الوصية على التسهيل.

(مسألة 9): لو اوصى بنصف ماله وقبل الورثة، ثم قالوا: ظننا أنه قليل، يقبل منهم بما ظنّوه، وعليهم الحلف.

(مسألة 10): قاعدة من ملك.

فإن من ملك شيئاً فينفذ إقراره في بيعه وشرائه وهبته وصلحه واجارته وتزويجه وطلاقه وعتقه وسائر عقوده وإيقاعاته ومعاملاته، وهل هي كقاعدة الاقرار المعروفة أم لا ؟

الظاهر أنها ليست كهذه القاعدة، فهناك تدخل تحت ما قالوا بأن إقرار العقلاء على انفسهم نافذ، ولكن الاقرار هنا صار نافذاً على الغير. وفيباب

ص: 264

الاقرار لو أقرّ بأنّ داري لزيد فانتقلت إلى زيد ولم يبيّن سبب الانتقال، ثم قال: نقلتها هبة أي بسبب جائز لا بالسبب اللازم كالبيع حتى لا يقال فلا رجوع فاذا قال: رجعت بها يقبل قوله، ولا يمكن جريان استصحاب بقاء الملك.

(مسألة 11): لايخفى بأن الوصية كما يمكن باللفظ يمكن بكل فعل دال حتى بالاشارة والكتابة ولو في حال الاختيار، للعمومات، والاطلاقات، للفعل المبرز للعنوان المقصود. فما نسب الاختصاص بحال الضرورة فلاوجه له، خصوصاً اذا كان هناك غرض عقلائي في الاشارة بحيث لايحصل الغرص بدونه.

(مسألة 12): الموصي تارةً يكون سفيهاً واُخرى مفلّساً، والوصية تارة يكون قبل الحجر واُخرى بعده. أمّا بالنسبة الى السفيه فبما أن السفه حالة مانعة عن صحّة التصرف في المال عند العقلاء، ولايتوقف رفع المنع على حكم الحاكم فلايجوز له التصرّف.

وأمّا بالنسبة الى المفلس فيجوز وصيته ولو بعد حجر الحاكم، لعدم الضرر بها على الغرماء، لتقدم الدين على الوصية.

(مسألة 13): إذا مات شخص في بلاد الكفر وأوصى بنقل جنازته الى بلاد المسلمين، فإن كان له مال فلابدّ من العمل بالوصيّة ان امكن النتقل، وإلاّ يدفن في مقابر المنطقة، ولايجب على المسلمين دفع المال لنقله.

ص: 265

متفرقات مسائل المستحدثة

(مسألة 1): لو أن الاستاذ يأخذ الاجرة على التدريس، ويعلن بأن من لم يعطي الاجرة لابد أن لا يحضر مجلس درسه، وكان درسه في مكان عام فهل يجوز لمن لم يدفع الحضور ؟

الظاهر هو ذلك، لان المكان ليس للاُستاذ والاستماع ليس بحرام وكلماته من الامور التدريجية ليست قابلة لجعل الاجرة تجاهها، أمّا لو كان الدرس في مكان متعلق بالاُستاذ أو تلامذته فلكل واحد ممن له هذا المكان ان يمنع الآخرين من الدخول، اما لو كان المكان لشخص آخر، فإذا أجاز لغيرهم فلا مانع من الحضور.

(مسألة 2): ما يعرف بين المعامل الصناعية من الماركة المسجلة، أي علامة تسجل لهذه الصناعة، فتروج هذه الصناعة في البلد وأقبل عليها الناس لجودتها فتأتي شركة أو مصنعاً آخر، ويضع هذه العلامة على منتوجه علماً أنّ منتوجاته ليست بجيده ولم يقبلها الناس، فهل هذا من الغش الحرام ؟ وهل ارتكبت الشركة الثانية حراماً لاجل هذه السرقة ؟

ص: 266

نعم انه من الغشّ الحرام، والمشتري ان علم بذلك له الفسخ.

الشطرنج: والكلام يقع في اُمور:

أولاً: في معنى الشطرنج، لا يخفى ان هذه اللفظة لا تحتاج الى التعريف، لأنها مشهورة عند أهلها، وعند أهل اللغة هو معرب أصله فارسي، بل هندي، وفي الفارسي بمعنى (شيش رنگ) اي ستت ألوان.

وثانياً: أن هذه اللعبة كانت قبل الاسلام - كما نسب الى بعض كتب اللغة - بالفارسية بأنه مأخوذ من (شيش رنگ) أو (شطرنگ) فارسي، أي ستت ألوان، كما قلنا وهذه اللعبة موجودة في زمان ملك الفرس أنو شيروان (1) لذاترى بعض الروايات نسب هذه اللعبة الى المجوسيّة عن أبي عبدالله(عليه السلام) «أنه سئل عن الشطرنج، فقال: دعوا المجوسية لاهلها لعنهم الله» (2).

وثالثاً: هل يمكن القول بجواز هذه اللعبة أم لا ؟ ولا يخفى بأن الحكم دائماً يكون تابعاً لوجود الموضوع، فاذا فرضنا تبدل الموضوع فالحكم أيضاً يتبدل فشرب الخمر حرام ولكن إذا أصبح خلاً فيجوز شربه، فهنا هل هذا اللعب خرج عن القمارية أم لا ؟ وهل حرمته لاجل انه قمار أم لا ؟ قد يدعى بخروجه وأنّه شيء فكري بالفعل ولا يستعمل في المقامرة، أو أنه يستعمل تارةً في الاُمور الفكرية واُخرى في القمار، حتى يقال أنه اذا استعمل في الامور

ص: 267


1- لغة نامة ده خدا : ج18، 283.
2- وسائل الشيعة: باب 101 من أبواب ما يكتسب به، ح3.

الفكرية فحلال، واذا استعمل في المقامرة فحرام، كما أن في السكين لهمنفعتان محلّله ومحرّمة، فهل هما متساويتان أم لا ؟ كما في مورد البحث، لان الاغلب يستعمل في المقامرة ولو بجعل من ثالث كشرب العصير لمن غلب، ثم اذا فرض أصله لم يكن للمقامرة بل كان للملوك قبل الاسلام وكانوا يلهون انفسهم به، وكذا اذا أرادوا الغلبة في الحرب ووضع الخطط العسكرية عرفوها بالشطرنج، وحرّم الإسلام هذا اللعب على الاطلاق إذ اصل اللعب كان حراماً لا مقامرته، كما هو الظاهر من بعض الروايات.

ففي صحيحة حماد بن عيسى قال: «دخل رجل من البصريين على ابي الحسن الاول(عليه السلام) وقال له: جعلت فداك أنّي أقعد مع قوم يلعبون بالشطرنج ولست العب بها ولكن أنظرها، فقال: مالكَ ولمجلس لا ينظر الله الى أهله» (1).

أو في صحيحة أبي بصير عن الصادق(عليه السلام) في حديث: «الناظر اليها كالناظر الى فرج اُمّه - الى أن قال: - وإياك ومجالسة اللاهي والمغرور بلعبها فانها من المجالس التي باء أهلها بسخط من الله يتوقعونه في كل ساعة فيعمك معهم» (2).

ص: 268


1- وسائل الشيعة: باب 103 من أبواب مايكتسب به، ح1.
2- وسائل الشيعة: باب 103 من أبواب مايكتسب به، ح4.

وعن محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن سعيد عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) قال: «المطلع في الشطرنج كالمطلع في النار» (1).وفي صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «من جلس على اللعب بها - اي الشطرنج - فقد تبوءَ مقعده من النار، وكان عبثه ذلك حسرة عليه في القيامة» (2).

ولكن اذا قلنا بأن الحرمة كانت لاجل المقامرة، وقلنا بالجواز هنا لانصراف الروايات. اذن فاللعب بها مقامرة حرام لكن فيجوز اللعب اذا قلنا أنها منصرفة عن المقامرة، بل اصبح لعباً فكرياً، لكن الظاهر من الروايات ان نفس العمل يكون محرماً، حيث ورد في الحديث عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «نهى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسلم على اربع: على السكران في سكره، وعلى من يعمل بالتماثيل، وعلى من يعمل بالنرد، وعلى من يعمل بالاربعة عشر، وانا أزيدكم الخامسة أنهاكم أن تسلموا على أصحاب الشطرنج» (3).

ص: 269


1- وسائل الشيعة: باب 103 من أبواب مايكتسب به، ح2.
2- وسائل الشيعة: باب 103 من أبواب مايكتسب به، ح3.
3- البحار : ج79، 231، ح5.

فاذا كان السلام على هؤلاء محرم وعدم الجلوس في مجلس يلعب فيه بالشطرنج، فالمسلم لا يعلم بانه يلعب مع المقامرة أو بدونها، والحديث مطلق. اذن اصل العمل يكون محرماً.

ثم اذا نظرنا الى بعض الاحاديث، حيث إن الامام× فصل بين الحق والباطل، وجعل الشطرنج في الباطل حسب تقريره لقول السائل في موثقة زرارة عن ابي عبدالله× أنه سئل عن الشطرنج وعن لعبة التشبيب التي يقال لها لعبةالامير وعن لعبة الثلاث، فقال: «رأيتك اذا ميز الله الحق و الباطل مع ايهما يكون ؟ قال: مع الباطل، فقال: فلا خير فيه» (1).

قد يقال: لا ملازمة بين الباطل والحرام، خصوصاً مع قرينة انه ورد في الذيل الاخير فيه فتأمل.

ومنها رواية فضيل قال: «سألت ابا جعفر(عليه السلام) عن هذه الاشياء التي يلعب بها الناس النرد والشطرنج حتى انتهيت الى السدر، فقال: إذا ميز الله الحق من الباطل مع أيّهما يكون ؟ قال: مع الباطل، فقال(عليه السلام): ومالك والباطل» (2). عن زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله(عليه السلام) في قوله تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الاوثان} قال «الرجس من الاوثان، الشطرنج، وقول الزور الغناء» (3).

ص: 270


1- وسائل الشيعة: باب 103 من أبواب ما يكتسب فيه، ح5.
2- وسائل الشيعة: باب 104 من أبواب ما يكتسب به، ح3.
3- وسائل الشيعة: باب 102 من أبواب ما كتسبه، ح1.

وقد استدل الشيخ الانصاري على الحرمة مطلقاً باُمور:

الأول: حديث تحف العقول: «إنّما حرم الله الصناعة التي هي حرام كلها بحيث ظهر منها الفساد محضاً، نظير البرابط والمزامير والشطرنج وكل ملهو به، والصلبان والاصنام وما اشبه ذلك من صناعات الاشربة الحرام، وما يكون منه الفساد محضاً (1).ولايخفى أن المراد مما يظهر منه الفساد كل بحسبه، ففي الشطرنج هو اللعب، ولانه يحصل من الشطرنج الفساد المحض كالصليب والصنم.

ويقول الامام الصادق(عليه السلام) في ذيل الآية الشريفة: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} (2) اما الخمر فكل مسكر من الشراب، واما الميسر فالنرد والشطرنج وكل قمار ميسر - الى ان قال: - وكل هذا بيعه وشرائه والانتفاع بشيء منه حرام(3).

والمراد بالاجتناب عدم التقرب من هذه الامور، والمراد به آلات القمار في نظر الشيخ، لانه ورد في الرواية حرمت بيعه وشرائه، وإنّما يحرم البيع لان العمل يكون رجساً، وقد ذكر الشيخ مؤيداً لنظره الشريف اربع أحاديث، وقد ذكرنا بعضها.

ص: 271


1- تحف العقول : 247.
2- المائدة : 90.
3- تفسير القمي : ج1، 181.

ولو أن الشيخ يقول بأنّ اللعب بآلة القمار مطلقا حرام اذا كان مع المقامرة، وإذا لم يكن فيه المقامرة فيتردد، ولكن مع ذلك يستثني منه اللعب بالشطرنج، ويقول بحرمته مطلقاً.

يقول الامام الخميني(قدس سره) اللعب بآلات القمار بدون المقامرة ومجرد اللعب حرام (1).فممّا ذكرنا عرفت بأن اللعب بآلات القمار محرم على الاطلاق حتى الالعاب الالكترونية التي تظهر في التلفاز بواسطة جهاز الاتاري - اذا صدق عليه اللعب بالقمار-، أو الطاولي وهي لعبة معدة للقمار، أو أي صورة اُخرى تكون معدة للقمار.

(مسألة 3): هل يجوز العبور من الشوارع المستحدثة الواقعة في دور الناس واملاكهم اذا اُخذت منهم جبراً وصارت طرقاً وشوارع أم لا ؟

الظاهر هو الجواز، لتبدل الموضوع عرفاً.

قال استاذنا الاعظم(قدس سره): الظاهر الجواز، لانها من الاموال التالفة عند العرف، فلا يكون التصرف فيها تصرفاً في مال الغير، نظير الكوز المكسور وما شاكله. نعم لاصحابها حق الاولية، إلاّ أنّه لا يمنع من تصرف غيرهم.

أما المساجد الواقعة في الشوارع فتارةً يقع كل المسجد، واُخرى بعضه.

ص: 272


1- ملحقات توضيح المسائل : 27.

أما اذا وقع كله في الشارع فانه يكون من باب تبدل الموضوع ويخرج عن عنوان المسجديّة. نعم ما ترتب على عنوان المسجدية سابقاً من عدم وقوف الحائض فيه وعدم تنجيسه ووجوب ازالة النجاسة عنه، وعدم دخول الجنب ووقوفه فيه، لا يترتب على هذا المكان، لأنّ هذه الامور مترتبه على عنوان المسجدية، ولا يصدق المسجد فعلاً، مع ذلك لا يترك الاحتياط.

قال اُستاذنا الاعظم(قدس سره): المساجد الواقعة في الشوارع المستحدثة، أنّها لم تخرج عن عنوان المسجدية، وعلى هذا فلابد من التفصيل بين الأحكامالمترتبة على عنوان المسجدية الدائرة مدارها وجوداً وعدماً، وبين الاحكام المترتبة على عنوان وقفيته.

فمن الاحكام الاُولى حرمة تنجيس المسجد ووجوب ازالة النجاسة عنه وعدم جواز دخول الجنب والحائض فيه وما شاكل ذلك فانها أحكام مترتبة على عنوان المسجدية، فاذا زال العنوان انتفت هذه الاحكام وان كان الاحوط ترتيب آثار المسجدية عليه.

ومن الاحكام الثانية عدم جواز التصرف في موادها، كاحجارها واخشابها وارضها وعدم جواز بيعها وشرائها...الخ (1).

وفي العروة الوثقى: لا يجوز بيعه ولا بيع آلته وإن صار خراباً، ولم تبقى آثار مسجديته ولا ادخاله في الملك ولا في الطريق، فلا يخرج عن المسجدية أبداً وتبقى الأحكام ووجوب احترامه، وتصرف آلاته لتعميره... إلخ (2).

ص: 273


1- مستحدثات المسائل : 45.
2- العروة الوثقى 1 : 598.

ولكن الأقوى التفصيل كما عليه اُستاذنا الأعظم(قدس سره).

خلافاً للمحقّق النائيني حيث اختار بقاء المسجديّة الشرعيّة وإن لم يصدق عليه المسجد عرفاً (1)، وفي نظره الشريف آثار المسجدية تكون باقية بأجمعها، فلا يجوز تنجيسه بتلك الفضلات التي تقع في الشارع، ويجب تطهيره واخراجها منه.أما بقية الآثار فيقول بالتفكيك تبعاً لصاحب العروة، قال في حاشيته على العروة: إذا خرج عنوان المسجدية بطل رسمه بالكلية، فالاظهر عدم وجوب تطهيره وان كان جواز التنجيس لا يخلو من اشكال.

ولعلّ هذا التفكيك في نظره الشريف لعدم جريان الاستصحاب التعليقي، ولا يخفى بعدما ذكرنا بأنّ عنوان المسجدية غير باق عرفاً، فالاستصحاب لا يجري اصلاً، سواء قلنا بانه تعليق أم لا.

أما مقبرة المسلمين فإذا وقعت في الشارع فيجوز المرور عليها، بلا فرق بين أن تكون ملكاً شخصياً او وقفها شخص للمسلمين أو غير ذلك بعد أن أصبحت شارعاً.

(مسألة 4): هل يجوز كتابة بعض الاوراد والطلاسم لاجل الجمع بين رجل وامرأة ؟ وهل يجوز أخذ الاجرة عليه أم لا ؟

ص: 274


1- العروة الوثقى 1 : 598.

الكلام تارة يقع في جواز اصل التعلم، وثانية في جواز أخذ الاجرة. أما الاول فتارة يتعلم لاجل العقد والربط، واخرى لاجل الحل.

اما في الصورة الاولى فلا يجوز، كما اذا ربط بين شخصين أجنبيين في عشق شخص لامرأة وهو يعمل بعض الطلاسم لاجل ان يحبب الرجل في نظر المرأة، ففي هذه الصورة كما ان اصل التعلم حرام فعمله كذلك والاجرة محرمة أيضاً.ففي الحديث: «إن الذي حرم شربها حرم ثمنها» (1) وأمّا الصورة الثانية كما إذا اراد ان يتعلم لاجل التفرقة بين الزوج وزوجته، أو بين محبوبين فالعمل أيضاً يكون حراماً.

وهل يجوز التداوى بالاوراد والرقي لاجل علاج الامراض النفسية، وكذلك التداوي لاجل رفع الامراض الجسدية ؟

لا يخفى تارةً يكون العلاج بالادعية والاوراد فهو لا شك ولا شبهة في جوازه، بعدما كان ذكر الله موجب للاطمئنان: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} (2) و{ننزل من القران ما هو شفاء ورحمة} (3)، و{قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} (4) وفي دعاء كميل: «يا من اسمه دواء وذكره شفاء» ولا مانع بان يتوسل العبد بربّه، لكي ينزل عليه الشفاء بلطفه ورحمته.

ص: 275


1- وسائل الشيعة : باب 55 من أبواب ما يكتسب به، ح1.
2- الرعد: 28.
3- الاسراء : 82.
4- فصّلت : 44.

واُخرى يكون العلاج بالاستمداد من الجن وعين الحسد، عن طريق السحر فهو غير جائز، بعد ان كان العمل محرماً والاجرة محرمة أيضاً، إلا اذا توقّف العلاج عليها.

وقد يكون العلاج بواسطة الرقي والادعية أقوى من العلاج بالادوية، ولذا نرى ان بعض الامراض الخطيرة المستعصية كالسرطان وتعفن الطحالوامثاله تتداوى بالادعية دون الادوية، وأفضل الدعاء واقربه للااستجابة ان يكون من الغير، كما ورد في الحديث: «ادعوني بلسان لم تعصني به». كما أن التعويذات لها اثرها الخاص بالنسبة للامراض، بل أن الدعاء يحفظ الانسان وماله، وكذا الاحراز عن جميع الشرور والطوارق.

وأمّا اذا أراد التعلم لاجل بطلان السحر والاوراد وحل الطلاسم، فتعلّمه وعمله يكونان صحيحين، والاُجرة تكون جائزة.

(مسألة 5): ما هي العلة المنصوص عليها في تحريم لحم الخنزير ؟ فإذا كان السبب وجود الدودة فيمكن إخراجها، أو يعمل عملاً بحيث لا يضره أكل هذا اللحم فهل يجوز أكله أم لا ؟ وهل هناك علة اخرى جعلت الخنزير محرماً ؟

لا يخفى بعدما عرفنا بأنّ الله تبارك وتعالى يجعل الاحكام على طبق المصالح والمفاسد الموجودة في الاشياء، فاذا نهى عن شيء نعلم بان فيه مفسدة، وإذا أمر بشيء نعلم انه فيه مصلحة، ومعنى ذلك أنّه اذا حصل لنا العلم بها من طريق الإن. أما بعقولنا القاصرة لا نتمكن من درك العلة التامة، وما ذكر في

ص: 276

كتاب علل الشرائع بعض العلل لبعض الاحكام فليست هي حقيقةًً علّة تامّة. نعم لو ذكر جل وعلى بعض العلل امكننا التعدي الى كل مورد تكون تلك العلة موجودة فيه، كما قيل لا تشرب الخمر لأنّه مسكر، فيمكن التعدي حينئذ الى كل شيء فيه السكار، فنقول بحرمة شربه كالفقاعوامثاله، وإذا لم نقل لسكر الخمر خصوصية، فلا نتمكن أيضاً من التعدي كما عليه بعض الفقهاء.

إذن لابد لنا أن نتعبد ونفعل كلما أمرنا الله، ونترك كلما نهانا عنه بالتعبد بعدما عرفنا بانه حكم شرعي، ولا تدرك المصالح والمفاسد من قبل للناس.

فعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إنّ الله تبارك وتعالى لم يحرّم ذلك على عباده وأحل لهم ماسواه من رغبة منه، فيما حرم عليهم ولا زهد فيما أحل لهم ولكنه خلق الخلق فعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم ماحله لهم واباحه تفضلاً منه عليهم لمصلحتهم، وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم - الى أن يقول: - فان الله تبارك وتعالى مسخ قوماً في صور شتى مثل الخنزير والقرد والدبّ، ثم نهى عن أكله للمثلة لكي لا ينتفع الناس به ولا يستخف بعقوبته» (1).

(مسألة 6): الكلام في الاوراق النقدية، والمعاملات المصرفية، والكمبيالات:

ص: 277


1- وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الاطعمة المحرمة، ح1.

الأول: فنقول: إنّ مالية الشيء قد تكون ذاتية، وقد تكون بالجعل، أما الاول كالامور القابلة للبيع والشراء من المأكولات والملبوسات وغيرهما. والثانية فتكون بالجعل والاعتبار وكالاوراق النقدية التي تكون اعتبارها من قبل الدولة، فبعد الجعل والاعتبار أصبحت مالاً كبقية الأموال. وهذهالاوراق قد تكون مالاً بمجرد الاعتبار، وقد يكون اعتبارها من جهة أنّها مستند الى شيء خاص، كما لو كان استنادها الى الذهب والنفط.

فما حكم المعاملة فيها اذا بيعت بالأزيد - كما لو بيع عشرة دنانير بخمسة عشر ديناراً - فهل المعاملة ربويّة أم لا ؟ أم هناك تفصيل في المسألة ؟

يقع الكلام مرة في حقيقة هذه الأوراق، واُخرى من جهة حكمها التكليفي اذا اُريد المعاملة وتكون الزيادة في أحد الطرفين، وثالثة من جهة حكمها الوضعي. اما الاولى فقد بنيناها كما مر، في صدر المسألة. واما الثانية فإذا قلنا بأنّ المعاملة تكون ربوية فهي محرّمة. وأما من الجهة الثالثة فالظاهر عدم البطلان، لأن حصول الربا يكون بشيئين الأول وحدة الجنس، والثاني: أنّ يكون من المكيل أو الموزون. وهنا ولو كانت وحدت الجنس موجودة ولكن الشرط الثاني لم يكن موجوداً. فأذا بيعت بأزيد فلا تكون المعاملة ربوية. نعم لو كان مستندها الذهب فيمكن القول بالبطلان.

ولكن الصحيح ولو كان مستندها الذهب والفضة، ولكن بما أنّ نفسها ليست من المكيل أو الموزون فالمعاملة بالزيادة أو النقيصة لا تصبح رباً.

ولكن في هذه الصورة الاحوط أن تكون مع الضميمة. ولو قلنا في هذا الفرض أن الربا يتحقق لكن لا يجب فيها الزكاة، لانه لايصدق عليها الذهب

ص: 278

والفضة، فعلى فرض التنزل فهنا وجوب الزكاة غير موجود في النقود الورقيّة، لأن من شروطها أن تبقى سنة وهي دائماً تكون في متناول الأيدي.أمّا اذا كان بنحو المؤجل وفيه الزيادة كما لو باع عشرة دنانير بإزاء خمسة عشر ديناراً لمدة شهرين فله حالتان صحيحة وباطلة، فاذا فرض أنها من قبيل البيع الى اجل كان يبيع عشرة دنانير فعلاً بخمسة عشر ديناراً لمدة شهرين وقبل المشتري بذلك وتمت المعاملة، فانها معاملة بيعية، فعلاً غاية ما في الأمر ان أحد العوضين يكون مؤجلاً. ويشبه هذا ما اذا باع ملكاً بمبلغ على ان يعطي المبلغ الى شهرين.

أمّا اذا كانت المعاملة قرضية، كأن يقرضه فعلاً عشرة دنانير الى شهرين بشرط ان يدفع له بعد ذلك خمسة عشر ديناراً، فهذه المعاملة تكون ربويّة، لأنها مشتملة على الزيادة.

ولا يخفى أن الاقتراض للبنك كالاقتراض للشخص، فاذا اشترط الزيادة يكون رباً محرماً، بلا فرق بين ان يصرح بذلك أو كان بنائهم في ضمن إعطاء ذلك القرض، ولا فرق حينئذ بين ان يكون الايداع ثابتاً او متحركاً، أي ما يسمى بالحساب الجاري.

الثاني: المعاملات المصرفية (1)،

وهي تارة تكون حكومية، واخرى أهلية وثالثة مشتركة بينهما. أمّا الاُولى فهي مرة يكون الكلام فيما اذا كانت الحكومة

ص: 279


1- تسمى بالبنك، ولا يخفى بأن هذه الكلمة ليست بعربية، بل هي موضوع جديد، وهي عندهم عبارة عن مكان أو محل الذي هيئ لوضع الاوراق المعاملية والاموال النقدية واصحاب البنوك عملهم المعاملات والمبادلات والاقراض والهبات والجوائز تحت نظام خاص، وان هذه المعاملات إذا كانت فيها زيادة أم لا فيأتي تفصيلها.

مالكة، واُخرى لا. ولا يخفى بأن هذه التقسيمات الثلاث إنماتفيد ويفرق فيها الحكم فيما إذا لم تكن الحكومة مالكة، أما اذا كانت مالكة فلا فرق بين البنوك الحكومية والاهلية والمشتركة.

فإذا قلنا بأنّها ليست مالكة فالاموال التي عند الحكومة هي من قبيل مجهول المالك.

فحينئذ تارة يعطي الشخص ماله للبنوك ابتداءً وينشىء حساباً خاصاً ويدفع له دفتراً وهو دائم الايداع والسحب، وليس هناك بينه وبين البنك اي تفاوض أو شرط، بل البنك يعطي بنفسه له شيئاً بنسبة ما دفع اليه من المال، ولو فرض أنّ المودع قصد الزيادة لكن قصده لا يضرّ.

بعبارة اُخرى ليس هناك شرط بين الشخص والحكومة التي تقرّر المبلغ. إذن الزيادة ليست من الربا، أو قل حينمايدفع ماله للبنك يكون بمنزلة من أتلف ماله، وحينما يسترجع ماله مع الزيادة فلا يصدق عليه الربا في هذا الاخذ، كما عليه بعض المحققين المعاصرين بل أنّه مجهول المالك فيحتاج فيه الى إجازة حاكم الشرع.

واُخرى يكون البنك هو المقرض، ويدفع المال ابتداءً فحينما يأخذ اصل المال والزيادة قهراً وبالاجبار، ولا يتمكن المقترض من التخلف فالمعاملة ربوية، ومن أصلها باطلة.

ص: 280

وأمّا البنك الاهلي فإذا دفع اليه المال بشرط أن يأخذ ويعطي، وقد يودع الى مدة، فالاول يسمى بالايداع المتحرك، والثاني بالايداع الثابت، وله أمد خاص مقابل المتحرك الذي يسمى بالحساب الجاري، وبعدمدة يأخذ باكثر مما دفع فيكون حراماً لانه ربا، ولو كان المشترط هو البنك وهو الدافعللزيادة ولكن لو حصل شرط ضمني من قبل الدافع أيضاً فيمكن ان يقال بالبطلان.

ولكن يمكن التخلص بأن يجعل ماله امانة لاجل الحفظ، فاذا اُدفع اليه زيادة على المبلغ الاصلي فليس بربا.

أو يبيع اليهم مبلغاً معيناً مع الضميمة، اي مائة دينار مع ضميمة بمائة وعشرين دينار لمدة شهرين، يقول الاُستاذ في هذه الحالة: قرض ربوي حقيقة وان كان بيعاً صورة (1).

ولو قلنا بكفاية الضميمة فلابد ان تكون الضميمة شيئاً معتدّاً به.

وإذا وضع شخص قرضاً في البنك او غيره، ودفع اليه مبلغاً بعنوان القرض وقرر البنك بعد اداء القرض شرطاً بانه يدفع اليه زائداً على المبلغ المقروض بعد دفع القرض، ولو لم يتمكن صاحب الرهن من اداء القرض بيع رهنه من قبل البنك واخذ حقه فهل هذه المعاملة تكون ربوية ؟

الظاهر هو ذلك، ولا يجوز للبنك اخذ الزائد. نعم للبنك أن يأخذ شيئاً بعنوان حق الزحمة لحفظ المال المرهون، كما أنه في كل معاملة ربويّة يمكن ان يأخذ البنك الزائد بعنوان حفظ المال.

ص: 281


1- منهاج الصالحين : ج1، 406.

الثالث: الكمبيالات: وهي ان يدفع البنك للمقرض ورقة ذات قيمة معينة ولها اعتبار، فلو كان لزيد في ذمة عمر مبلغاً قدره مائة دينار، وموعد استحقاق هذا القرض بعد أربعة اشهر من زمان حصول المداينة بينالطرفين، ففي هذه الحالة يأخذ زيد من عمرو ورقة مكتوباً فيها قدر المبلغ وتاريخ استحقاقه، وينزلها عند ثالث بمبلغ قدر ثمانين دينار، وتقع المعاملة البيعية بينهما لا قرضية حتى تصبح رباً، وهذه الورقة تسمى بالكمبيالة وتارة يعبر عنه بقرض حقيقي، واُخرى يعبر عنه وجود قرض صوري، وقد يعبر عنه بالمجاملة، وهو ما اذا لم يكن لاحد الطرفين قرض في ذمة الاخر، ولكن حينما يدفع ورقة الكمبيالة تفيد بان أحد الطرفين مدين إلى آخر بمبلغ مائة دينار وهذه الورقة تدفع من شخص له اعتبار بالبنك ليحصل لحامل الورقة نوع اعتبار، ولذا عند حلول الموعد المقرر يجب دفعه.

والفرق بين هذه الصورة والاُولى ان في الاُولى بما انه مدين حقيقة فالبيع واقع، واما في الصورة الثانية فلا بيع حقيقة لأنه ليست ذمة المدين مشغولة الى الدائن حتى يقع البيع.

فخلاصة الكلام اذا كان التنزيل عند شخص ثالث بنحو البيع والشراء فلا ربا، وأما إذا كان التنزيل على نحو القرض ففي هذه الصورة انه مدين حقيقة وتكون المعاملة باطلة للربوية الحاصلة.

والفرق بين البيع والقرض ان البيع هو تمليك للعين بعوض لا مجاناً، وأمّا القرض، هو تمليك بالضمان في الذمة، فإذا كان مثليّاً فبالمثل، وان كان قيمياً فبالقيمة.

ص: 282

ولابد أن يكون هناك فرق بين تمييز العوض والمعوض في البيع، وإلا فبدونه لا يتحقق البيع، فلو باع مائة بيضة بمائة وعشرين فلابد أن يكونهناك مائز بين العوض والمعوّض. كأن تكون المائة من الحجم الكبير في الذمة والمائة والعشرون من المتوسط، وإلا فهذا ليس ببيع، بل قرض بصورة بيع.

ثم إن كل زيادة في القرض اذا اشترطت تكون من الربا المحرم، ولكن في البيع لا يكون رباً، إلا اذا كان من المكيل أو الموزون، فاذا أقرض مائة بيضة لمدّة شهرين أزاء مائة وعشرين كان رباً محرماً دونما اذا باعها فعلا وطلب منه الثمن لاجل معلوم، وأيضاً ان البيع الربوي، باطل من أصله دون القرض الربوي، فانّ أصل القرض صحيح، والزيادة تكون باطلة.

(مسألة 7): لو كان هناك شخص يطلب من الآخر مالاً، واعلمه بأنّ ما يطلبه منه أن يضعه في حسابه الخاص، ففعل ذلك ولكن المبلغ لم يصل الى صاحبه،ففي هذه الصورة هو ضامن مادام لم تفرغ ذمّته اما إذا طلب منه اعطائه إلى الوكيل ولم يوصله الوكيل إليه فهو ليس بضامن.

(مسألة 8): لو أخّر الدفع عن الوقت المحدد فلا يجوز للبنك أن يأخذ منه مبلغاً تجاه تأخيره للدفع.

(مسألة 9): لو دفع لشخص مبلغاً معيناً فلا يجوز له المطالبة بالاكثر، لأنه رباً. نعم لو اعتمد البنك على هذا الشخص ودفع له مبلغاً أكثر فلا مانع.

ص: 283

(مسألة10): لو وصلت الاوراق المغشوشة بيد مسؤل البنك، أو لشخص آخر فله ابطال ذلك، لدفع مادة الفساد، وكما ورد في الحديث: «ألقه في البالوعة واقطعه نصفين حتى لا يباع بشيء فيه الغش» (1).

(مسألة 11): في العصر الحاضر هناك عدة من المؤمنين أسّسوا صندوق قرض الحسنة، وكان نظرهم من هذا التأسيس هو دفع مبلغ بعنوان القرضة الحسنة الى المحتاجين، واضافوا على المتقاضين مبلغاً لأصحاب الصندوق أي المؤسّسين لكي، يستفيدوا من المبلغ الموجود لديهم ويتجرون به لتمنية اموال هذا الصندوق ؟

الظاهر الجواز إذا كان اصحاب الاموال راضين بذلك.

وأيضاً من اُعطي له المبلغ بعنوان القرض (السلفة) ودفع هو مبلغاً لاجل مصارف المصرف وحقوق العاملين فهو جائز، ولكن الصندوق لا يتمكن ان يشترط، لأن هذه الزيادة تكون ربا.

(مسألة 12): لا يخفى بأنّ ما يحصل في البنك ليس بعنوان الوديعة، لأنه لو كان كذلك فلا يجوز التصرف فيه. إن قلت: يوضع بعنوان الوديعة ولكن اذن في التصرف قلنا: هذا في الواقع تبديل الوديعة الى القرض.

ص: 284


1- وسائل الشيعة: 86 من أبواب ما يكتسب به،ح5.

(مسألة 13): هل يجوز بيع البطاقة (أوراق اليانصيب) حيث لم يمكن اندراجها في اي عقد من العقود ؟ وهل هو محرم ويكون من قبيل الامور المنهي عنها على الاطلاق، أو أنّ بعضها يكون صحيح دون الآخر ؟

أمّا تعريفها، بأنها أوراق من قبل الشركة، سواء كانت حكومية او أهلية تبيعها وتتعهد الشركة بأن توقع القرعة بين المشترين، فمن وقعت القرعة عليه يدفع له مبلغاً بعنوان الجائزة.

ولكن هذه العملية تارة تكون صحيحة، كما لو دفع مالاً مجاناً وقصده الاشتراك في المشروع الخيري، ولم يكن من قصده الحصول على الربح والجائزة ولكن اذا وقعت القرعة عليه دفع اليه مبلغاً فيجوز له اخذه في هذه الحالة اذا كانت الشركة أهلية.

أمّا لو قلنا بأنها حكومية ولم تكن مالكة، فلابد من جواز تصرفه في الجائزة الى الاذن من حاكم الشرع. وأمّا لو قلنا بأنها مالكة فلا يجب اخذ الاجازة.

واُخرى: تقع المعاملة غير مجّانية، بل يشتري الاوراق لاجل الحصول على الجائزة عند وقوع القرعة عليه، ففي هذه الصورة تكون المعاملة باطلة بلا إشكال، ومع ذلك لو وقعت القرعة باسمه فإذا كانت الشركة حكومية بما ان المبلغ يحسب مجهول المالك فلابد من جواز التصرف فيه، الاذن من الحاكم الشرعي. وأما إذا كانت أهلية فبما أنّها راضية - أي الشركة - فيجوز له التصرف.

ص: 285

وثالثة أن يدفع المبلغ بعنوان أن يقرض الشركة وتكون ماليتها محفوظة وله ان يأخذ ماله بعد الانتهاء من عملية القرعة، ولكن الدفع للمال المذكور يكون مشروطاً باخذ بطاقة يانصيب.

والكلام يقع في أنّه هل يجوز بذل المال بازاء هذه البطاقة ؟ وهل يصح البيع والشراء لها ؟ ولو فرض أنّ هذا الشيء يكون مشروطاً بالصحة اي إجراء عملية السحب والقرعة ؟

نقول: قد يكون الشيء في حد نفسه لا قيمة له كهذه الاوراق، ولكن بما أنها لها أهمية عند العقلاء لأنّه يترتب عليها الاثر تكون قابلة للمعاوضة، وكثير من الاُمور قد لاتكون في نفسها قابلة للمبادلة ولكن قابليتها تكون بنظر مالها من الآثار المعتد بها عند العقلاء كالطوابع البريدية والمالية، فإنّها في نفسها لا أهمية لها وانما أهميتها بالنظر الى الآثار المترتبة عليها. اذن هذه الاوراق بعدما ترتب عليها الاثر فهي قابلة للبيع.

ولا يخفى أنّ هذه المعاملة مشترطة بالسحب، فلو لم يقع السحب فللواضع استرجاع ماله. ولو فرض انه لم يشترط في ضمن العقد ولكن كان الاشتراط ضمنيّاً يستفاد من القرائن الحالية كاعتبار الحكومة دفع الجائزة له إذا وقعت القرعة باسمه فهذه العملية ايضاً تكون محرمة، لانها من القرض الربوي اذا وقعت القرعة باسمه واخذ الجائزة مع أصل المال.

(مسألة 14): التأمين، لغةً واصطلاحاً. اما الاول هو بمعنى جعله في أمن. واما في الاصطلاح في العصر الحاضر هو وقوع العقد بين طرفينبحيث

ص: 286

يلتزم أحدهما كل ماورد من نقص أو عيب أو علاج أو مرض الاضرار في البدن وكذا الاموال والبيت والسيّارة وفي مقابل ذلك يبذل الاخر مالاً من قبله.

وعرّفه بعض الفقهاء: هو أن يكون هناك اتفاق بين المؤمّن سواء كانت هي الدولة أو شركة خاصة والمؤمّن له بلا فرق بين أن يكون شخصاً أو أشخاص لتكون الشركة ضامنة لحياته أو ماله لدفعه مبلغاً شهرياً كان أم سنويّاً للشركة، وهذا يسمى بقسط التأمين.

وقد عرّف بوجه آخر بأنّه اتّفاق بين المؤمن (الشركة من جهة) وبين شخص أو عدة اشخاص يعبر عنهم بالمؤمّن له وطالب التأمين من جهة اُخرى، وبمقتضى هذا الاتفاق يتعهد المؤمن الطرف الاول بأن يدفع للطرف الثاني مبلغاً معيّناً من المال أو بما يساويه بمجرد وقوع حادث معيّن بُيّن في وثيقة العقد في مقابل أن يدفع المؤمّن له، أو يتعهّد بدفع مبلغ يتفق عليه الطرفان، ويسمّى بقسط التأمين (1).

يقول الاُستاذ الاعظم: يشتمل عقد التأمين على أركان: الأوّل: الايجاب من المؤمن له، وثانياً: القبول من المؤمن، ثالثاً: المؤمن عليه الحياة، الأموال، الحوادث وغيرها، ورابعاً قسط التأمين الشهري والسنوى (2).

بعبارة اُخرى المؤمن له الذي يشمله قانون التأمين يدفع مبلغاً بعنوان حق التأمين، وهو تارة يكون شخصاً واحداً أو أشخاصاً، الثاني المحل الذييوجد

ص: 287


1- بحوث فقهية : 16.
2- منهاج الصالحين : ج1، 421.

فيه الوكيل، او نفس المؤمن يكون موجود فيه، الثالث المؤمن عليه هي الحياة والاملاك والاموال من الحوادث وما يقع من الاتفاقات، بحيث يؤثر في الجسم ام المرض أو الزواج وامثالها وغيرها مما اتفق عليه الطرفان.

والكلام هنا يقع في اُمور:

الأوّل: في جوازه.

والثاني: في حقيقة التأمين وأنّه هل يدخل تحت معاملة من المعاملات واذا قلنا بصحته فهل له شرائط وما هي تلك الشرائط ؟

والثالث: الحاجة إليه.

أمّا الجواز فلايخفى صحة جوازه مع وجود الأركان التي ذكرت في محله بعدما أدخلناه في ضمن عقد صحيح.

وأمّا حقيقته فقد ادخل اُستاذنا الاعظم هذه المسألة في الهبة المعوضة، كما ذكره في آخر رسالته المسمات بتوضيح المسائل بقوله: إنّ (البيمة) أي التأمين هي أن شخصاً يعطي في كل سنة مبلغاً لشخص أو شركة بلا عوض ولكن في الضمن يشترط بأنه لو اُصيب محل تجارته أو بيته أو سيّارته أو نفسه، لابد من دفع الخسارة الواردة عليه، فاذا وردت الخسارة وجب على المشروط عليه القيام بذلك ولا إشكال على الاخذ انتهى.

قد يقال: أن معاملتنا التأمينيّة قابلة للاندراج في باب الضمان ليجري عليها ما يجري على الضمان من أحكام. ولكن لو أبيت عن اعتبارها ضمانية لشبهة أن الضمان لا يكون إلاّ على ما في الذمم، وقد وقع الخلاف في بعض الموارد الاُخر، وليس منها ضمان الاعيان الخارجية، فإن علينا عرض ما نحنفيه

ص: 288

وهو التأمين على بقية المعاملات التي كان لها وجود على عهد المشرع الاسلامي لنرى مدى انطباقها عليها حتى يكون تجويزها لنا (1).

ولو ادخلنا هذه المسألة كما قال الاستاذ الاعظم في الهبة المعوّضة، لابد أن يكون مقدار العوض والمدة معلومين، أي له ان يهب للشخص مقداراً معيّناً الى مدّة معينة.

فعلى أيّ حال القسط الذي يدفع شهرياً لابدّ أن يكون معلوماً، وكذا المدة بداية ونهاية وما يحدث له من الخطر كالغرق والحرق والمرض والموت ونحوها. ولا يخفى أن صحة هذا العقد غير متوقّف على مدة معيّنة، بل تابع لما اتفق عليه الطرفان. إذن التأمين مطلقاً عقد صحيح قلنا حسب الاتفاقية إذا حدث حادث معين وخسر المؤمّن له، لابد من القيام بتدارك خسارته، لأنه يجب على المؤمن الوفاء بالشرط.

فإذا تخلّف المؤمن ولم يقم بالشرط فللمؤمن له الخيار بالفسخ، أي فسخ العقد واسترجاع ما دفعه من الاقساط. أمّا إذا لم يقم المؤمن له بتسديد الاقساط إما من جهة الكيفية أو الكمية فلا يجب على المؤمن تدارك الخسارات الواردة على المؤمن له، ولا يجب له استرجاع ما سدده من الاقساط.

وبما ان هذه المعاملة من الهبة المجانية، فلا يجوز له اجباره بتسديد الاقساط.

ص: 289


1- بحوث فقهية : 38.

وهذا التأمين قد يتصوّر بالنسبة الى الشركاء، فاذا أسّس جماعة شركة ولكن كلّ واحد منهم اشترط في ضمن عقد الشركة إذا نجم حادث على ماله أو حياته أو داره أو سيارته ان تقوم الشركة بتدارك الخسارة، بالنسبة الى تلك الحادثة فيجب ان تتدارك الخسارة من ارباح الشركة حينئذ، لاشتراطهم في ضمن العقد.

قد يقال: إنّ الانسان حسب التوافق بينه وبين شخص آخر في التأمين يتمكّن في حال حياته أن يعرّف شخصاً أو أشخاصاً حتى يستفيدوا من تأمين حياته، فهل هذا يعد من الوصية لكي يعمل بقانون الوصية.

الظاهر التأمين عقد مستقل تابع لما يتفق الطرفان عليه ولم يقع ماله من التأمين ملكاً لصاحب التأمين حتى يوزع بعد موته وحسب ما فرض حتى تكون الوصية في الثلث نافذة، بل له في حال حياته أن يهب جميع ماله من التأمين لشخص آخر أو يقسمه بين الورثة على نحو السوية. إذن ليس ملكاً ولا وصية، بل تابع لما اتفق عليه.

ويمكن إدخال هذه المسألة في مسألة ضامن الجريرة حيث يضمن كل جريرة الآخر.

ففي صحيحة عبدالله بن سنان قال: قضى أمير المؤمنين× في من عتق عبداً سائبة أنّه لا ولاء لمواليه عليه، فإن شاء توالى رجل من المسلمين فليشهد أنّه يضمن جريرته وكلّ حدث يلزمه، فاذا فعل ذلك فهو يرثه وان لم يفعل ذلك

ص: 290

كان ميراثه يرد على امام المسلمين (1). وهنا بما انه لا توارث بينهما، لأنّ لكل واحد منهما وارث يرثه. إذن لاتدخل المسألة في ضمان الجريرة.

قال في الجواهر: إنّه من العقود المعتبرة فيها الايجاب والقبول، بل قيل: إن كان احدهما لا وارث له كان الايجاب من قبله فيقول: عاقدتك على أن تنصرني وتعقل عني فترثني، فيقول الآخر قبلت، وإن كانا ممّا لا وارث لهما، قال أحدهما: عاقدتك على ان تنصرني وانصرك وتمنع عنّي وامنع عنك وتعقل عني واعقل عنك وترثني وأرثك، فيقول الآخر: قبلت.

وأمّا الحاجة الى التأمين هي ضمان الحياة والأموال كما تقدّم توضيحه من خلال كلامنا فيه، مضافاً الى أنّه هو قانون عقلائي والعقلاء لايقنّون قانوناً الاّ وفيه نفع.

(مسألة 15): لو كان هناك شخص أمن سيارته فاحتاج مبلغاً معيناً فاحدث في سيارته عيباً، كأن كسر زجاج سيارته ليعطيه التأمين عوضا لاصلاح العيب، وهو يعلم ان هذا المال المأخوذ من شركة التأمين يصلح السيارة وزيادة، فما حكم هذا العمل والمال الزائد ؟ علماً انه سوف يسدّد هذا المبلغ بالتقسيط مرة اُخرى الى شركة التأمين ؟

الظاهر ان اصل العمل غير جائز والمال كذلك حرام حتى لو أعاده بالتقسيط الى شركة التأمين.

ص: 291


1- وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ضامن الجريرة، ح12.

(مسألة 16): هل الجائزة التي يدفعها البنك لبعض مشتركيه الذين لهم حساب فيه جائزة أم لا ؟

لا يخفى لو دفع الصندوق هذه الجائزة من قبل نفسه ولم يكن هناك شرط من قبل مالك المبلغ ولو كان وضعه لهذا القصد فلا مانع.

(مسألة 17): قد يعين البنك مبلغاً للتشويق والترغيب لكي يضع الناس أموالهم في البنك ويدفع هذا المال عن طريق القرعة فمن وقعت عليه القرعة يعطى له فهل هذا جائز أم لا ؟

الظاهر إذا لم يكن هناك شرط من أصحاب الاموال وكان الاعطاء لاجل التشويق كما مر ووقعت القرعة باسمه فالأخذ جائز، ولكن اذا كان البنك حكومي وقلنا بأنّ الحكومة غير مالكة فله الاخذ باذن حاكم الشرع وإن كانت مالكة أو كانت أهلية فيجوز له اخذ المبلغ.

(مسألة 18): السرقفلية: وهي معاملة رائجة بين التجّار، وهل يجوز أخذها أم لا ؟

الظاهر هو الجواز فيما إذا استأجر شخص من شخص محلاً واشترط على المالك بانه لا يجوز إخراجه وتخلية المحل، بل له ان يأخذ شهرياً او سنوياً

ص: 292

الاجرة المتعارفة منه، وله أن يعطي حق سكناه الى آخر، وله أن يؤجرهكذلك ويأخذ مبلغاً بعنوان السرقفلية، وليس للمالك حق الزيادة أو امره بتخلية المحل.

واما اذا لم يشترط ذلك فللموجر حق الزيادة في بدل الاجارة وتخلية المحل بعد انتهاء المدة، ولا يجوز للمستأجر الامتناع عن ذلك، وليس له بعد انتهاء مدة الايجار الزام المالك بتجديد الاجارة.

ولو امره بالتخلية فلابدّ من تخلية المحلّ فوراً، فإن لم يفعل عصى وهو ضامن لوجه الاجارة، أي اُجرة المسمى، ويكون غاصباً له، قلنا هو ضامن للاُجرة، سواء اشتغل في المحل أم لا. وحينما قلنا بأنّه لا يجوز اعطاء سكناه للغير يجوز الاشتراط من المستأجر على الموجر.

إذن لا يجوز لشخص آخر ان يستأجر المحل من المستأجر الاول، ولو آجر والحال هذه تقع فضولية، ومع عدم رضا المالك فهو حرام وغصب.

ولو امره المالك بالتخلية ولم يفعل ووقعت خسارة جزئية أو كلية فهو موجب للضمان، والمستأجر الثاني هو الضامن، ولابدّ ان يدفع الخسارة مع الاجارة الى صاحب المحل.

كما أنّه في صورة الاشتراط ليس للمالك اجبار المستأجر على التخلية، وللمستأجر حق البقاء في المحل، بل له تجديد عقد الايجار كما وقع عليه عقد الايجار في السنة الاولى.

ولو فرض أن الموجر دفع للمستأجر مبلغاً لكي يرفع يده من تخلية المحل فليس له تخلية المحل، لأنه ليس للمستاجر حق إلاّ البقاء في المحلّ، فلو اخذ المستأجر المبلغ بعد التخلية فللمالك حق بان يوجر المحل للمستأجر الثانيباي

ص: 293

مبلغ أراده، كما أن للمستأجر الاول حق لكي يوجر للغير اذا كان مجازاً في ذلك.

(مسألة 19): هل السرقفلية من تركة الميت ؟

لا يخفى بأنّ السرقفلية إن كانت على الوجه الشرعي فتحسب من تركة الميت، وللزوجة حق من أخذ حقها منه.

(مسألة 20): من أجّر حانوتاً بمبلغ ولم يأخذ سرقفلية ولكن يشترط في ضمن عقد الايجار بأنّه مادام المستأجر ساكناً فيه ليس للمالك امره بالتخلية، وليس له الزيادة في الايجار. فلو اصبح الايجار بمرور الايام مرتفعاً فليس للمستأجر حق الانتقال للغير، وليس المالك ملزماً في مواقفته على هذا الانتقال.

وبما ان التخلية حق للمشتري فلو جاء ثالث واعطاه مبلغاً تجاه تخليته للمحل، ورضي المالك بان يأخذ مبلغاً ويوجره له فالمال الذي دفع للمستأجر يكون حلالاً، لانه أخذه مقابل التخلية، ولأنّها حق له ومن حقه كان عدم التخلية.

(مسألة 21): هل الموسيقى على الاطلاق محرم سماعها ؟

قلنا في محله ان الموسيقى التي تستعمل في مجالس اللهو والطرب فهي حرام.

ص: 294

أما التي تستعمل للعسكر والجنائز فهي جائز سماعها، لأنها لا تعدّ من اللهو والطرب.

إذن بعض الساعات التي فيها المقاطع الموسيقية لا يجوز الاستماع اليها، وكذا في جهاز الهاتف (التليفون) الآن وإن لو قلنا بعدم جواز الاستماع كان اقتنائها جائز.

كما أن الموسيقى الرومانسيّة الكلاسيكيّة التي تستخدم عادة لتهدئة الاعصاب والعلاج النفسي لابأس بها.

كما يجوز سماع الأناشيد من غير الحان غنائية وموسيقية التي تبعث الحماس في النفس، وخصوصاً عند الدفاع والجهاد.

واما الموسيقى التصويرية التي تتخلل البرامج الدينية والعلمية في المذياع والاجهزة المرئية (التلفزيون) ان كان مثيرة للشهوة فلا، وإلاّ فلابأس بسماعها.

(مسألة 22): يوجد جهاز حديث يقوم بالتقاط البث التلفزيوني للقنوات والاذاعات الأجنبية اسرائيلية كانت أو غيرها، من الحاقدين، على الاسلام والمسلمين، مع العلم بأنّ تلك القنوات تقوم ببث الافلام الخلاعية والبرامج الفاسدة التي تحاول العبث في عقول الناشئة خاصة والشباب عامة، لابعادهم عن الدين الحنيف الذي جاء لارشاد الناس كافة الى طريق الحق والصراط المستقيم، فهل يجوز شرائه ؟

الظاهر أنّه لا يجوز شرائه، ولا يجوز استخدامه أيضاً خصوصاً إذا كانت خاصة بهذه الأمور.

ص: 295

(مسألة 23): الالعاب الرياضية هي على قسمين: بعضها تكون عنيفة، وأخرى غير عنيفة.

وأما العنيفة - كالكراته والكونفو والتايكواندو والمصارعة الغير مقيدة والملاكمة حيث تسبّب كسر العظام وعاهة لاحد الطرفين أو كلاهما - فلا يجوز قطعاً أمثال هذه الالعاب، خصوصاً ان كانت تسبّب ضرراً معتدا به على الجسم، إلا اذا كان تعلم هذه الالعاب لاجل الدفاع عن الاسلام والمسلمين.

وأمّا الغير العنيفة كبقيّة الالعاب فلا بأس بها إن لم تسبب ضرراً معتداً به، ولم تكن على نحو المقامرة.

(مسألة 24): لو كان هناك نوع من الالعاب الالكترونية، والتي أخذت رواجها في سوق المسلمين، مدّعين أنها تنمي قدرات الطفل، لا بأس بها إن لم تعد من آلات القمار، ولم تكن مستخدمة فيه.

(مسألة 25): لو اعطى لشخص صكّاً وبعد ذلك فقد الصك.

فتارة يكون مكتوباً فيه بعنوان الحامل فلا يجوز حينئذ الرجوع الى معطي ذلك الصك.

واخرى يكون الصك بعنوان اسم الشخص المعين بحيث لا يتمكن غيره الاستفادة منه، فهنا يجوز الرجوع الى معطي الصك لاخذ ثان منه بعد التيقّن من تلف الصك الاول.

ص: 296

(مسألة 26): قد يقال لماذا اصبح الانبياء من العرب ؟ وهل جميعهم من العرب أم لا ؟

أ . نقول الانبياء كلهم ليسوا من العرب فان زردشت كان نبياً للايرانيين، وغيره من الأنبياء.

بل يظهر ذلك من الرواية الواردة في كتاب الاختصاص للشيخ المفيد (قدس سره) عن ابن عباس قال: أول المرسلين آدم(عليه السلام) وآخرهم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) - الى ان قال: - وخمسة من العرب، وهم: هود، صالح، شعيب، اسماعيل، ومحمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وخمسة عبرانيون: آدم، شيث، ادريس، نوح، ابراهيم(عليه السلام) مضافاً الى ذلك.

فان الله تبارك وتعالى حسب المصالح في كل زمن يبعث نبياً يتكلم بلسان قومه، مع العلم بان هذا النبي له القدرة على الكلام بلسان أقوام أخرى، لأنه حجة لا على قومه فقط، بل على كل من قصده وطلب منه الحق وبيانه اليه. وأكثر من هذا أنه يعرف لسان الحيوان أيضاً كما في قصة سليمان مع النمل والهدهد، وكذا في قصة أمير المؤمنين مع ذلك العفريت في مسجد الكوفة (1).

ب- . بما ان نبي الاسلام يكون نبياً لكل العالم الى يوم القيامة ليس مختصاً بقوم دون قوم، ومن المعجزات الالهية اختياره من بين قوم فاقدي الثقافة والتمدن وكانوا يعيشون في الجاهلية فاختياره هذاكان سبباً لاعتقاد الامم بان

ص: 297


1- الكافي : ج1، 396.

اختيار هكذا نبي من هذه الامة المتأخرة الجاهلة يكون معجزة من قبل الله تبارك وتعالى بعدما كانت الثقافة والتمدن والعلم ضعيفاً جداً في هذه المنطقة.

ج- . اقتضاء التوسعة الاسلامية في تلك المنطقة من حيث الزمان والمكان والحكومة لابدّ أن تدرك إنها كانت مستعمرة وتحت لواء الحكومات القوية، ولا تعطي تلك الدولة الاجازة بالقيام والتوسعة، ولكن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لوحده قلة العدد الذين معه قام وسخر القلوب حتى هيمن على بقية الملل وأصبحت نهضته وقيامه مستمراً، ولم يتمكن أحد من إطفاء نوره، وهذا الاشكال يمكن ان يقول به كل أحد، فلو كان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ايرانياً أيضاً استشكلوا لماذا اصبح ايرانياً، وكذا لو كان من بقية الاقوام، فهذا السؤال في غير محله، لأنه إذا انتخب من ملة دون ملة فيكون ترجيحاً بلا مرجح، مع ان اختياره من العرب كما ذكرنا فيه مرجحات كثيرة موجودة.

ه- . العرب اذا لم يرسل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) منهم من جهة جهلهم وقلة تفكرهم لم يؤمنوا به. وأما البقية لهم ثقافة وتفكر وعلم، ولذا اعتنقوا الإسلام بعدما رأوا الحق ولو من بعيد.

و. منطقة شبه الجزيرة العربية من حيث الموقع الستراتيجي يخدم الحركة في الفتوحات. هذا ما وصل اليه فكري القاصر.

(مسألة 28): في محدودية علم الامام(عليه السلام).

ص: 298

قد يستشكل لماذا أن الائمة مع أنّهم كانوا عالمين بما ستصير اليه الامور ومع هذا يلقون انفسهم بالتهلكة، وما الفرق بين علم الله وعلمهم(عليهم السلام)؟

أ - أمّا أنهم(عليهم السلام) كانوا يعلمون بالهلكة من الامور المسلّمة، وعلهم بهذا وعملهم بعد العلم ليس من قبيل الالقاء في التهلكة، بل هو احياء للدين بعد أن عرفوا أن إحياء الدين المبين أهم من بقائهم كما في قول الامام الحسين(عليه السلام) يكون «إن كان دين محمّد لم يستقم إلاّ بقتلي فيا سيوف خذيني ويا رماح قطعّيني». فاحياء الدين قد يكون بقتل الغير من الكفار وقد يكون بإراقة دمائهم صلوات الله عليهم ليمحون اُصول الظلم والاستبداد وحكام الظلم والجور بحفظ الدين وبيضة الاسلام كما ذكرنا - في نظرهم(عليهم السلام) اعظم من حياتهم. ثم يمكن ان يقال - بالنسبة إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) أو من شرب السمّ من ذريته بنفسه ما قاله الشيخ الانصاري(قدس سره) حيث جمع بين الروايات التي وردت بان الامام يعلم الغيب والروايات التي وردت على عدم علمه بالغيب. اذا شاءوا علموا، أو كما قيل بأنّهم يعلمون بالعلم اللدني، وكانوا غير مأمورين بالعمل بالعلم اللدني.

ب - علم الله غير محدود ومطلق، وهو عين ذاته، وهو عالم بما كان وبما يكون وبما هو كائن. وأمّا علم الامام(عليه السلام) بكل ما يريد أن يعلم يكون بإرادته تعالى، ولو أن علومهم تكون غير محدودة نسبياً ولكن بما انهم يعدون من الممكنات فيكون علمهم محدود بالنسبة لعلم الله تعالى، لأنّه واجب وغير محدود.

ص: 299

(مسألة 28): قد يستشكل لماذا يسجد الشيعة على التربة الحسينية ؟

أمّا أصل السجود على التربة لأن السجود عندنا لا يجوز إلاّ على الارض وما ينبت منها، بشرط ان لا يكون مأكولاً او ملبوساً. وأيضاً نعتبر بأن يكون موضع الجبهة طاهراً لاحتمال نجاسة الارض التي يسجد عليها.

أمّا اصل جواز السجود على الارض فقد ورد في الحديث عنه(صلى الله عليه وآله وسلم): «جعلت لي الارض مسجداً وطهوراً» (1).

وورد انه(صلى الله عليه وآله وسلم) سجد على الحصاة وكانت حارة ولم يجعل ردائه عليها (2).

وروى ابن الاثير في جامع الاصول عن أبي سعيد الخدري: (ان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) رُؤي على جبهته وعلى ارنبته أثر طين من صلاة صلاها بالناس) (3).

أمّا اختيارنا للتربة الحسينية لانها طاهرة، ولها عظمة وتقديس حيث جعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تربة كربلاء في قارورة وأودعها اُمّ سلمة وإخبارها بقتل الحسين، ويوم قتله تصبح هذه التربة حمراء بلون الدم، وذكر محب الدين الطبري في ذخائر العقبى: اخرج أحمد بن ضحاك عن علي(عليه

ص: 300


1- قد مر ذكر المصدر.
2- قد مر ذكر المصدر.
3- جامع الأصول 6 : 265.

السلام) قال دخلت على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وعيناه تفيضان قلت يا نبي الله أأغضبك أحد ما شأن عيناك تفيضان ؟ قال: قام من عندي جبرئيل وحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات، قال فقال هل لك أشمك من تربته ؟ قال: قلت نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فاعطانيها فلم أملك عيني ان فاضتا.

ولا يخفى بأن السجود على هذه التربة يذكرنا من تفاني الامام الحسين×واعطاء كل مالديه من عزيز لله تبارك وتعالى، ليعلمنا ان نسير على دربه لحفظ الاسلام ولو ان نقتل.

(مسألة 29): ما المراد من السياسة في الاسلام، وهل لنا سياسة في الاسلام أم لا ؟ وكيف يكون مزج السياسية بالدين ؟

لا يخفى بانه لو كان المراد من السياسة اعمال الحيل باي نوع كان، كما كان يفعل معاوية، فالاسلام بعيد عن مثل هذه السياسة.

أما لو كانت السياسة بعنوان حسن القيادة والتدبير لامور المسلمين، فيكفينا في وجودها في الاسلام سياسة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وقيادته العظيمة التي انطوى تحت لوائه شرق الارض وغربها، بمدة قليلة ومن حسن تدبيره نرى(صلى الله عليه وآله وسلم) قد يأمر بالحرب أو بالصلح حينما يرى المصلحة في الصلح، ولو امعنت النظر في رسالة الامام أميرالمؤمنين(عليه

ص: 301

السلام) الى مالك الاشتر، وهي اعظم رسالة من الرسائل التي كتبها الى عماله، وفيها بنود كثيرة يمكن للسياسي الاستفادة منها (1).

وأما قولك فما هو وجه المزج بين السياسة والدين وما الدليل على ذلك.

فنقول: متى انفصلت السياسة عن الدين! نعم كما قلنا بعدما انحرفت السياسة عن الطريق الأصلي، والحق بها ما يريده السياسيون مقتضى مشتهياتهم، فتخيل أنها غير الدين لرواج هذا الخطأ الشائع في هذا المضمار، وخصوصاً بعد ترويج المستعمرين لهذا الانحراف واصبح المسلمون مقلدين لهم وحكموا بفصل السياسة عن الدين، وقلده عملائهم في المنطقة الذين يرعون المصالح الاستعمارية، ولذا نرى بعض السذج ومن تبعهم من المسلمين أنّ السياسة منفصلة عن الدين، وفي الحقيقة كما ذكرنا السياسة عين الدين.

(مسألة 30): قد يشكل على بعض المصطلحات الفقهية من قبل الجهال الذين ليس لديهم اي حض من العلم والمعرفة، وهم كالانعام بل هم أظل سبيلاً، بان الحيلة الشرعية التي يستخدمها الفقهاء ماهي إلاّ تطاول على الشرع المقدس واحتيال عليه من اجل خدمة المصلحة الشخصية.

ص: 302


1- نهج البلاغة : رسائل امير المؤمنين(عليه السلام) إلى ولاته. ومنها هذه إلى مالك الاشترعندما كان في مصر.

والجواب عن هذا أوّلاً: معنى الحيلة لغةً هي الحيلة المنقلبة من الحول، وهي ما يتوصل به الى حالة بما فيه خفي. ومن جهة المعنى هي ما يوصل الى تدبير ومعرفة بالحقائق.اذن ما ينسب الى الفقهاء وهم نواب الامام× في هذه الازمنة مثل هذه الالفاظ التافهة الذي لا يراد منه إلاّ ضرب رأس الهرم الشيعي، وضياع ما بين من المسائل عبر هذه الفترة الطويلة، ولذا نهيب بابناء هذه الطائفة الحقة الانتباه والحذر من مثل هؤلاء المتلاعبين بالالفاظ لغرض الاطاحة ببسطاء الناس وابعادهم عن العلماء، وما هؤلاء إلا أباليس هذه الدنيا أخزاهم الله في الدارين بمحمد وآله الطاهرين.

(مسألة 31): لو كان هناك طفل، وهناك شخصان كل منهما يدّعي بنوته، فإن كان لاحدهما بينة فالقول قوله، وإن لم يكن لأحدهما بينة، فلابد من اثبات بنوة الولد باجراء القرعة، لأنها لكلّ أمر مشكل.

فلو فرض ان الطبيب بعد اجراء التحليل يرى أن فصيلة دم الطفل توافق مع فصيلة أحدهما فلا يعتنى بهذا التشخيص، لعدم الدليل عليه. فلو كان الولد كبيراً بالغاً عاقلاً وادعى بنوته شخصان ففي صورة عدم وجود البينة لأحدهما فمرة ينكر الولد ابوّة كليهما، واُخرى صدق احدهما دون الآخر ففي الثانية يكون ابنا لمن صدقه. واما في الاُولى لم يكن ابنا لاحدهما. أما لو قال اني ابن لاحدهما على نحو الإجمال فتثبت الابوة بالقرعة.

ص: 303

(مسألة 32): ماورد في الرسائل العملية بأنّ من يريد العمل بالفروعات لابد ان يكون مجتهداً أو مقلداً او محتاطاً، وفي الواقع لابد ان يكون مقلداً أو مجتهداً، اما المحتاط فمعناه الاحتياط في مقام العمل وفي الواقع، لابد أن يكونمقلداً أو مجتداً، لانه لو لم يكن مجتهداً قد يتصور أن هذه المسائل جائزة فيه الاحتياط، وفي الواقع ليس كذلك، وقلنا: إنّ المحتاط لابدّ أن يكون مجتهداً أو مقلّداً، لانّ مسألة الاحتياط خلافية.

(مسألة 33): هناك بعض الحيوانات يصعب ذبحه، فهل يجوز تخديره بإبرة أو يضرب بعيار ناري ؟

الظاهر الجواز، وتكون الذبيحة لحمها حلال إن كانت حياتها باقية قبل الذبح.

(مسألة 34): لو كان هناك جهاز يستفاد منه لغرض التجسس على المتهم بان يكون في بدنه، كأن يوضع بين أسنانه وهو لا يعلم به لكي يعثر على الحقائق التي يخفيها المتهم، فهل يبيح الشارع من اجراء مثل هذه العمليات لادخال هذا الجهاز ؟ وهل هذه الحقائق التي التقطت من هذا الجهاز حجة أم لا ؟

الظاهر أنها ليس بحجة، والحجة في مثل هذه الامور هي البينة أو اليمين، وما أُجري من العملية لزرع مثل هذا الجهاز غير جائز شرعاً.

ص: 304

(مسألة 35): لو ارتدى شخص لباساً معيناً وكان هذا اللباس يشين سمعته فهل هذا يعد من باب الشهرة ام لا ؟

الظاهر عدم الجواز لهتك حرمته، سواء صدقت عليه الشهرة ام لا.(مسألة 36): النقش على الاحجار التي توضع على القبور أو الكتابة عليها من الايات ولفظ الجلالة، إن كان يعلم ولي الميت بان الناس لا يبالون بحرمة هذه الكتابة، وربما تكون معرضاً لوطي الاقدام لها.

يحرم عليه ذلك، ولكن لا يجوز محو الاية ولفظ الجلالة إلا بإذن الولي، وان اصر على عدم المحو فلابد من المحو باذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 37): لو وقع شخص بيد العدو وهو يعلم بأنه لو لم ينتحر سوف يعذب عذاباً شديداً، ويقتل بابشع الاساليب الوحشية فهل يجوز له ذلك ؟

الظاهر لا، لعدم جواز قتل النفس حتى ولو توقفت حياة الاخرين على هذا الانتحار.

(مسألة 38): ما حكم حظور المحلات المعبر عنها (بالسرك) والذي فيه من يهرج ليضحك الناس بحركاته، وبعض الحيوانات المروضة والتي تتحرك هي الاخرى بحركات رياضية غير طبيعية ملفتة للنظر ؟ وما حكم المال الذي يصرف فيها ؟

ص: 305

الظاهر إذا عدت هذه من مجالس اللهو فلا يجوز المحظور فيها والمال المأخوذ حرام.(مسألة 39): الحيوان الممتنع صيده وهو جائز يكون على اقسام ثلاثة: قسم منها في الهواء والثاني في الماء والثالث على الارض فهل لكل واحد منها آلة خاصة لحلية صيدها ام لا ؟

قد ذكر البعض انّ الآلات الجارحة كالرمح والسهم والبندقية تشترك في صيد الحيوان الذي هو في الهواء والارض واما الكلب والحيوانات الجارحة يصاد بها ما على الارض وتشترك الشبكة بصيد ما على الارض وفي الماء، ولابد من اسيتفاء الشروط العامة للصيد التي ذكرت في محله وهذا التقسيم لا دخل له في الحلية والحرمة كما هو واضح.

(مسألة 40): قاعدة لا ضرر ولا ضرار.

لعل الحكمة في شرعيتها وشرعية رفع الحرج تكون لاجل الكشف على أن الشريعة الاسلامية سهلة سمحاء، كما روي النبي الاكرم|: «جئتكم بشريعة سمحاء».

فالقاعدة دالة على حرمة الضرر، وحرمة مقابلة الضرر بالضرر. فلو اتلف شخص مال شخص فلا يجوز له تلف مال المتلف عوضاً عن تلف ماله.

وحسب هذه القاعدة أنّ كل حكم ثبت في الشرع وضعياً كان ام تكليفياً يسبب الضرر على الشخص أو النوع مرفوع. فالوضوء واجب في الصلاة ولكن لو استلزم الضرر على الشخص فهو مرفوع، فاذا باع دكانه وفي الثمن عيب

ص: 306

فاصبح البيع جائزاً، وله الخيار، للزوم الضرر. فقاعدة السلطنة أيضاً تقتضي له أن يبني على سطح داره تنّوراً، ولكن لو سبب الضرر من جهة اشتعال النار على الجار فهذا يرفع بقاعدة لا ضرر.ومن الموارد التي ذكروها: إذا امتنع الشخص من دفع دينه فللحاكم اجباره من بيع بعض امواله لاداء دينه. وتفصيل هذه القاعدة وكذا قاعدة السلطنة والحرج في محله.

(مسألة 41): لو كان هناك ضرران واُجبر على ارتكاب احدهما، فلابد أن يختار أخف الضررين أو الأقلّ لأن الزائد ضرر، فلا يجوز ارتكابه، وكذا الاقوى.

(مسألة 42): قد يقال بان دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة، ولكن لا يعمل بها على الاطلاق، فقد تكون المفسدة حقيرة والمصلحة كبيرة ومهمّة، كما أن في الكذب مفسدة ولكن لو كذّب لاصلاح ذات البين أو نجات مؤمن، فبما أن، الاصلاح والنجات أهم فهو أولى من دفع المفسدة.

(مسألة 43): القياس ليس بحجة عندنا، نعم قياس منصوص العلة يكون حجة عند الاكثر، كما لو قال: لا تشرب الخمر لانه مسكر، وقالوا بأنّ الحكم يدور مدار السكر.

ص: 307

ولو استشكل البعض منا حتى في هذا القسم من القياس بقوله: لعل لمسكريّة الخمر خصوصية لا تكون في غيره. كما شرحناه مفصلاً في الدورة الاصولية الموسومة الوصول لكنه علم الاُصول.

إذن ليس القياس مطلقاً حجة، بل لابد من ثبوت الحكم بالدليل، سواء كان موافقاً للقياس أو مخالفاً، فيقتصر الحكم على موضوعه، ولا يمكن التعديالى غير مورده، لعدم معرفتنا بمناطات الاحكام، نعم عندمن يقول بالقياس فإذا جاء دليل على خلافه فيقتصر على مورده، أمّا في بقية الموارد يعمل بالقياس، كما أنّ عند من لايقول بالقياس لو ثبت حكم على خلاف القاعدة فيقتصر فيه على دليله، ويرجع في غير المورد الى حكم القاعدة، فإن ثبوت الشفعة مخالف لقاعدة السلطنة ولكن يقتصر فيها على مورده، وهو فيما اذا لم تتعدد الشركاء، أما اذا تعدد الشركاء فلا شفعة لقاعدة السلطنة.

(مسألة 44): في تقارن يد المسلم مع يد الكافر، لا يخفى أن الشيء تارةً تكون يد المسلم عليه بالاستقرار، واُخرى يكون في يد الكافر، وقد تتقارن اليدان بان يكونا في تصرفهما بعد ان كانا شريكين فيه، فهل أن يد المسلم أمارة على التذكية وتكون يد الكافر امارة على عدم التذكية، أو من باب عدم الامارة عليها لا على عدمها ؟

ص: 308

الظاهر هو الثاني، فان الرواية وردت هكذا: «اذا كان غالب عليها المسلمين فلا بأس»(1). فمفهومه اذا لم يكن عليها غالبة ففيه بأس، أي مشكوك، لان عدم الاغلبية امارة على عدم التذكية.

اذا عرفت ذلك ففيهما اذا تقارنت اليدان وتصرفا فيه معاً فان قلنا كما مر بأن يد المسلم امارة على التذكية، ويد الكافر على العكس، ففي كون يد المسلم أمارة - أي تصرفه تصرف غير جائز في الميتة - فحينئذ نحكم بالتذكية،فيقع التعارض، لأنّه بناءً على كونها يد الكافر تحرز بأنّها غير مذكات، كما أن يد المسلم بناء على أماريتها تحرز بأنّها مذكات، فحينئذ لابد من ان يرى أيهما اسبق، فان كانت يد المسلم فتحكم بالتذكية، وان كانت يد الكافر فتحكم بعدم التذكية. واذا لم يعلم التقدم والتأخر فيتعارضان ويتساقطان، ونرجع الى أصالة عدم التذكية، فان قلنا بأنّ غير المذكّات ميتة نحكم بنجاسته. وأما لو قلنا: إنه غير ميته فنحكم بحرمة أكل اللحم لا بنجاسته.

(مسألة 45): لا يخفى بأنّه لو تكلم شخص بكلام لابد من حمله على الارادة الجدية، وهذا أصل عقلائي كاصالة عدم الخطأ والسهو وعدم العبث واللغو والهزل والمزاح، فاذا شك في ارادته من جهة هذه الامور بعدما كان ظاهر كلامه الجد فلا يعتنى به، ويحمل على الارادة الجدية اي بعدم جعل كلامه مهملاً، بلا فرق بين ان يكون إقراراً أو إخباراً أو إنشاءً. فحسب القاعدة يحمل

ص: 309


1- التهذيب : ج2، 368، ح1532.

على معناه الظاهري ويستثنى منه ذلك صورة عدم امكان حمله فيحمل على المجاز، فاذا أخبر بشيء يكون ممنوعاً شرعاً وعقلاً. فلا يمكن حمله على الحقيقة، كما لوقال: تزوجت اُختي أو أولدت أبي.

(مسألة 46): لا يخفى بأن إشارة الاخرس تكون بمنزلة الكلام اذا كانت مفهمة للمقاصد. اذن اشارته تقوم مقام اللفظ في كل أموره، وكذا قول المترجم عن المترجم عنه ان كان المترجم عادلاً وامكن الاعتماد عليه، فبناء على حجية خبر الواحد في الموضوعات فان كلام المترجم في اخباره عين كلام المترجم عنه.(مسألة 47): قاعدة العدل والانصاف.

هل هي تجري في جميع الموارد أم لا ؟

الظاهر أنهما تجريان في الغالب، ففي باب الوديعة لو اودع اثنان عند شخص احدهما درهمين والآخر درهم، فتلف احد هذه الدراهم ولم يعلم التالف لأي منهما يكون ؟ قد يقال إنه يدفع لصاحب الدرهمين درهم ونصف، ولصاحب الدرهم نصف درهم، لكن في الحقيقة يدخل هذا في باب الصلح القهري، فاذا كان هناك مال مردد بين شخصين أو أكثر ولا يمكن تعيين صاحبه الواقعي ولو بالقرعة بناءً على عدم جريانها في الحقوق والاموال فهنا لابد من التقسيم بينهما.

وأيضاً إنّ القرعة تجري إذا كان الشيء في الواقع معلوماً، اما اذا لم يكن له واقع معلوم فلا تجري القرعة، كما لو دفع مالاً الى وكيل شخصين لكل منهما

ص: 310

عليه دين ولم يعين أحدهما شخصاً يمكن العمل بقاعدة العدل. والمسألة محل تأمل.

(مسألة 48): الاصل في الكلام الحقيقة، وهذا الاصل مذكور في مباحث الاُصول وقد يعبرون عنه بأصالة الحقيقة تارةً، واُخرى باصالة عدم القرينة، واذا كان في بحث العموم يعبر عنها باصالة العموم أو أصالة عدم التخصيص، إذ لو وردت كلمة في كلام أحد واحتملنا أنه أراد غير المعنى الحقيقي تجوزاً، ولم تكن هناك قرينة ظاهرة فيحمل على المعنى الحقيقي، حتى لو ادعى ارادة غيره لم يقبل منه.وما قال العامة من ان الحقيقة تترك بدلالة العادة.

فنقول: إنّ هذه العادة ان كانت قرينة فهي في المورد الخاص من موارد الاستعمال وجب رفع اليد بها عن الحقيقة، وإلاّ ان اصالة الحقيقة هي المحكمة ولا دليل على حجية العادة ما لم يعلم استناد المتكلم اليه.

إذن لو قال: قتلت فلاناً ثم قال: اردت الوقيعة به من اعين الناس اي (القتل الادبي) فلابدّ أن يقتص منه وأخذ الدية. نعم لو كانت هناك قرينة حال او مقال التي تدل على خلاف الظاهر فيؤخذ بها.

(مسألة 49): لا يخفى بأن النص مقدم على الظاهر.

ص: 311

بلا فرق بين أن يكون من جهة المقال، لقوله تعالى: {ان الله يغفر الذنوب جميعاً} (1) مع قوله تعالى: {ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك} (2) فالآية الاُولى ظاهرة بان الله يغفر جميع الذنوب حتى ذنب المشرك، والثانية تدل بانه لا يغفر لمن يشرك به، فالنص مقدم على الظاهر اذن ان الله يغفر الذنوب جميعاً عدى الشرك.

أو من جهة الحال، فاذا وهبه عينا فان فيه دلالة على الاذن بالقبض، فاذا منعه من القبض سقطت تلك الدلالة.ومآل ذلك كله الى بناء العقلاء من تقديمهم النص على الظاهر، وتقديم الاظهر على الظاهر، فاذا كان تقديم الاظهر على الظاهر عندهم ثابت فالنص الذي لا يحتمل فيه الخلاف مقدم على الاظهر والظاهر بطريق أولى.

(مسألة 50): قلنا بأن قاعدة لا ضرر بإطلاقها تشمل ما لو اضطر الى أكل طعام الغير، الذي هو اضرار به فترفع الحرمة عن الاكل، لكن مع ذلك كله يلزم تداركه بضمانه لصاحبه إما بالمثل أو القيمة، لان الاضطرار انما يرفع العقوبة لا الضمان، ولأنّه لو لم يتدارك فيتضرر صاحب المال، والقاعدة تشمل كليهما. نعم دفع القيمة أو المثل إنّما يجب عليه في ساعة الحرج التي كان فيها،

ص: 312


1- الزمر : 53.
2- النساء: 116.

لأنّه قد لايساوي شيئاً بعد فوات ذلك الوقت الحرج، كما لو شرب ماء الغير في الصحراء ولما وصل البحر أراد إعادته إليه فلا يساوي شيء.

فالظاهر هنا هي المصالحة.

(مسألة 51): هل يقع التعارض بين المانع والمقتضي حتى يقال بعدم المانع ؟

الظاهر أنّه لا تعارض بينهما. نعم قد يتزاحم الشيئان من جهة التأثير، فان كان المرجح لأحدهما هو المقدم فكان مانعاً للآخر.

(مسألة 52): قاعدة أصالة الاطلاق.اذا احتمل تقييد في المطلق فيجري فيه أصالة العدم، أما من جهة الوضع أو بمقدمات الحكمة، وبما أن الحكيم لا يخل بغرضه، فلو اراد من الكلام التقييد لبينته، فما دام لم يبيّن فيحمل الكلام على الاطلاق.

(مسألة 53): لو كان هناك آمر وفاعل، فهل ينسب الفعل الى الآمر ام الفاعل ؟

لا يخفى انه في صورة أقوائية كل واحد منهما فينسب الفعل اليه كما مرّ، أمّا إذا لم يكن احدهما اقوى فالعمل ينسب الى الفاعل أيضاً، وتبعات الفعل من قصاص أو ضمان أو عقوبة فهي على الفاعل لا الآمر، ولو قد يترتب على الآمر بعض الاحكام الخاصة. لا من جهة أنه فاعل. نعم في صورة ما الفعل

ص: 313

ينسب الى الآمر، وتبعاته تكون عليه فلا يكون شيئاً منها على الفاعل، وهو ما اذا كان جاهلاً وقد غره الامر، وهذا يدخل في قاعدة المغرور يرجع على من غرّه، وهكذا لو قلنا: اذا كان الآمر أقوى كأن يكون الفاعل صبياً أو مجنوناً وقد امره الآمر بإتلاف مال الغير فصاحب المال المفقود يرجع الى ولي الصبي أو المجنون وولي الصبي يرجع الى الآمر، أمّا لو كان الآمر صبياً أو مجنوناً فلا يرجع ولي الفاعل على ولي الآمر.

(مسألة 54): هل هناك فرق بين الحلّ والجواز ؟نعم هناك فرق، فان كان المراد منه اخذ للشيء فيستخدم فيه الحل، أمّا بقية الافعال فيقال بالجواز. أو في العبادات يطلق الجواز وفي غيرها الحل. والحلية على قسمين: واقعية وظاهرية.

أما الاُولى هي مالم يرد دليل يدل على البعث والزجر كما في قوله تعالى: {ما كنا معذّبين حتى نبعث رسولاً}(1) فان بعث الرسول يكون كناية عن وضع الحكم وابلاغه للمكلف، ومعنى عدم التعذيب اي لم يجعل للمكلف حكم الزامي من الوجوب والحرمة.

ص: 314


1- الاسراء : 15.

وأما الثانية وقوله(صلى الله عليه وآله وسلم): «رفع عن اُمّتي ما لا يعلمون» (1)و«كل شي لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه» (2) و «الناس في سعة ما لا يعلمون» (3) وغيرها.

(مسألة 55): قاعدة الغرور.

وهذه القاعدة لابد من التكلم فيها بنحو الاختصار، وتفصيل المسألة يكون في محله.

وهي عبارة عن صدور امر من شخص اوجب الغرر عليه بواسطة انخداعه من الآخر بلافرق بين ان يكون قاصداً لانخداعه أم لا، فلو قدم شخصلشخص طعاماً ليأكله مجاناً أو دابة ليركبها ثم ظهر أنهما لغيره، فله ان يطالب الآخر أو الراكب بالقيمة، وللمغرور ان يطالب الغار مثل ذلك.

وقال في الجواهر ومستند هذه القاعدة هو الحديث الشريف: «المغرور يرجع الى من غرّه» (4) ومعنى رجوعه الى من غرّه أي أخذه ما تضرر من الغار.

ص: 315


1- بحار الانوار: ج2، 280.
2- عوالي اللآلي : ج1، 242، ح109.
3- وسائل الشيعة : باب 40 من أبواب ما يكتسب به، ح4.
4- الجواهر : ج37 كتاب الغصب 145، ولكن الظاهر انّه لم يرد من المعصوم في كتب الاحاديث. ونسبه الاستاذ المحقق إلى المحقق الثاني في في حاشية الارشاد وعن نهاية ابن أثير القواعد الفقهية : ج1، 270.

وبناء العقلاء، فهو من أسباب الضمان كاليد، وقد ينفك الغرور عنها في الموارد ذكرت في محلها وبين هذه عموم من وجه. وقد ادعى عليه الاجماع أيضاً.

والعمدة هو بناء العقلاء حيث انهم يرجعون في جميع أعمالهم وافعالهم اذا تضرروا بواسطة انخداع الغير لهم فيما خسروا الى الغار ويأخذون منه بمقدار ما تضرروا ولم ينكر أحد هذا البناء، ولم يردع عنه الشارع فصلاً عن السبب هنا أقوى من المباشر. أمّا الحديث فمن جهة السند ضعيف، إلاّ ان نقول بواسطة القرائن حصل لنا الاطمئنان بصدوره عنهم(عليهم السلام) مضافاً إلى ما قلنا بعد وجوده في كتب الاحاديث المعتبرة. وأمّا الاجماع فقد عرفت بانه محتمل المدركية، فلا يمكن الاعتماد عليه. وتفصيل الكلام في محله.

(مسألة 56): لا يخفى بأنه إذا عمل المحسن شيئاً وكان عمله من جهة الاحسان الى الغير، فلا يكون هناك مؤاخذة عليه فيما تسببه هذا العمل، ولوأن هذا الفعل بالنسبة الى مال الغير في حد ذاته يكون سبباً للضمان، ولكن بما انه محسن فلا يوجب فعله هذا الضمان، فلو اودع شخص عندك وديعة، وخشيت عليها من التلف فنقلتها الى مكان حريز تأمن عليها فيه، ولو أن هذا التصرف في حد ذاته يكون مستوجباً للضمان، واذا سُرقت فانت ضامن، ولكن بما أن الفعل هذا احسان منك فلا ضمان عليك، بل إنك تستحق الرجوع بما صرفته من النقل على المالك وان لم يأذن لك لانك محسن، لقوله

ص: 316

تعالى: {ما على المحسنين من سبيل}(1) فلو كان هناك حيواناً جائعاً فليس هناك من يعلفه فعلفته فصار سبباً لتلفله أو إذا أدخله الاصطبل لاجل حفظه من البرد أو السبع ثم وقع عليه البناء وتلف فليس عليك شيء، لانك محسن، وكما ذكرنا بأن له في سعيه وعمله حق على صاحب الدابّة، وهذه القاعدة تكون جارية في جميع الموارد التي يصدق عليها الاحسان. واما الادلة التي تثبت هذه القاعدة الآية وحكم العقل والاجماع وأهمها العقل بقبح مؤاخذة المحسن على احسانه، واما الموارد التي تصدق عليها هذه القاعدة كثيرة.

(مسألة 57): قاعدة نفي السبيل.

ومدرك هذه القاعدة مستفادة من قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا}(2) أي ان الله تباركوتعالى في عالم التشريع لم يجعل حكماً يكون سبباً لسلطان الكافر على المؤمن. وقوله الاسلام يعلو أو لا يعلى عليه (3)والاجماع.

ومن جملة ما مثلوا الفقهاء هو عدم جواز بيع العبد المسلم والامة المسملة من الكافر، كما عليه الشيخ الانصاري في المكاسب (4) ولا تزويجها منه فضلاً

ص: 317


1- التوبة : 91.
2- النساء : 141.
3- الفقيه: باب ميراث أهل الملل، ج4، 334، ح5719.
4- المكاسب : 185.

عن تزويج الحرة المسلمة، لأن هذا البيع أو التزويج موجب لسلطنة الكافر على المسلم، وهو منفي بهذه الآية.

ومن جملتها عدم جواز بيع المصحف من الكافر، اذا كان ذلك إهانة أو يستلزم مسهم للكتابة ببشرتهم اذا قلنا بأنهم مكلّفون بالفروع. إذن أي مكان يصدق فيه سلطنة الكافر على المسلم لا يجوز، كما لو قلنا بأن الاب أو الجد من طرف الاب تكون لهم الولاية على الطفل الصغير، فإذا كانا كافرين وكان الطفل مسلماً تسقط هذه الولاية.

فالحق أن هذه القاعدة تكون حاكمة على القاعدة الاولية كما ذكرنا في لا ضرر ولا ضرار في الاسلام، وكذا في ما جعل عليكم في الدين من حرج. والتفصيل لهذه القاعدة يرجع الى محله.

(مسألة 58): هل الكفار مكلفون بالفروع كما هم مكلفون بالاصول. هذه مسألة خلافية والاستاذ الاعظم يقول انهم مكلفون بالفروع كما هممكلفون بالاصول والمشهور انهم غير مكلفون بالفروع لعدم تمكنهم من الاتيان بذلك لانهم كفار والتفصيل في محله.

(مسألة 59): قاعدة الجب - ومدرك هذه القاعدة الروايات ومن جملتها، الرواية المذكورة وغيرها والايات. منها ماذكرنا، وغيرها (1) - كما في قوله(صلى

ص: 318


1- القواعد الفقهية : ج1، 43.

الله عليه وآله وسلم): «الاسلام يجب ما قبله» (1) اي جميع ما عليهم من الحقوق حال كفرهم وبعد اسلامهم يجب عنهم ما قبله على نحو الاجمال، وليس عليهم المؤاخذة ولقوله تعالى: {ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}(2) ويشهد بذلك عدم تكلفهم وامرهم من جانب الشرع بقضاء شيء مما مضى بالنسبة الى الحقوق الالهية، واما بالنسبة الى حقوق الناس فلابد من تأديته اليهم.

(مسألة 60): الاستخارة هي طلب الخير.

قد يقال بأن الاستخارة هي من قسم ما كان يفعله المشركون من الاستقسام بالأزلام، لقوله تعالى: {وان تستقسموا بالأزلام}(3) يقول استاذنا المحقق في الاستخارة وهم ودفع: أما الأول فهوأنه ربما يتوهم منافاة قوله تعالى: {وان تستقسموا بالازلام} مع مشروعية الاستخارة، وذلك من جهة نصوصية الآية في الاستقسام بالازلام فسق، مع أنه عبارة عن الاستخارة التي كانت متعارفة عندهم في الجاهلية.

فقد حكي عن الطبري في تفسيره (4) والزمخشري في الكشاف (5)، وجمع آخر في تفسير هذه الآية: أن العرب في الجاهلية كانوا يستقسمون بالازلام، أي

ص: 319


1- تفسير القمي : ذيل آية 90، سورة بني اسرائيل.
2- الانفال : 38.
3- المائدة : 3.
4- جامع البيان في تفسير القرآن، : ج6، 29.
5- انكشاف في تفسير القرآن : ج1، 4 - 6.

يطلبون الخير وقسمة الارزاق بالقداح أي السهام، أي انّ الازلام من الزلم وهو السهم لا ريش عليه، فكانوا يتفألون بها في اُمورهم ويطلبون ما هو الخير من فعل أو ترك بتلك السهام والازلام في جميع اُمورهم التي يريدون أن يبتدئوا بها من أسفارهم... الى قوله واين هذا من الاستخارة.

يقول صاحب مجمع البحرين: الخيرة اسم منه، والاستخارة طلب الخيرة كعنبة، واستخيرك بعلمك اي اطلب منك الخيرة متلبساً بعلمك بخيري وشرّي، وفي الحديث: «من استخار الله راضياً بما صنع الله خار الله له حتماً، أي طلب منه الخيرة في الامر» وفيه: «استخر ثم استشر». معناه أي انّك تستخير الله أولاً، كأن تقول: اللّهم إني استخيرك خيرة في عافية، وتكرره مراراً ثم تشاور بعد ذلك فيه فانك إذا بدأت بالله أجرى الله لك الخيرة على لسان من شاء من خلقه، وخر لي واختر لي اي اجعل امري خيراً والهمني فعله واختر لي الأصلح (1).أمّا الدفع، فالاستخارة كما يقول استاذنا المحقق+: ففي الحقيقة ان يوكل الانسان الامر الى الله ويوفوضه اليه، وهذا نوع عبادة وإطاعة وتفويض الامر لله، وما كانوا يعملونه المشركين هي عبادة الاوثان وطلب الخير والرزق منها وتفويض أمرهم إليها (2).

ص: 320


1- مجمع البحرين : باب خ ي ر، 219.
2- القواعد الفقهيّة : ج1، 74.

فما قاله هذا الشخص من قياسه الاستخارة بالاستقسام بالازلام فهو قياس الضد بالضد، أي قياس العبادة بالله على عبادة الاوثان، وقياس تفويض الامر الى الله بتفويض الامر الى الاوثان، وفي الواقع هذا قسيم له لا قسم منه، مع أنّا نرى كما ذكره الاستاذ ايضاً في الآية الشريفة: {وما كنت لديهم إذ يلقوا اقلامهم...}(1) حيث نازع زكريا سائر العباد من بني اسرائيل في كفالة مريم فقال زكريا: انا خال مريم واقرب بالكفالة قالوا: بل نلقي الاقلام حتى يظهر لنا أيّنا يكفل مريم، فهل هذا العمل إلاّ هو طلب الخير من الله اذا قلنا بان الاستخارة من الاستقسام بالأزلام، وهذا أيضاً يكون من الاستقسام.

إذن أن الاستخارة بما أنها طلب الخير والاستمداد والمعونة من الله تبارك وتعالى توكيل امره الى الله فيخير له الله ما هو الأحسن، فالاستخارة في نفسها من الاُمور المستحسنة.

إن قلت: إن كانت لها هذه أهمية لِم لم تذكر في الكثير من الكتب الفقهية ؟قلنا بما ان الاستخارة ليست بحكم الزامي بل يمكن أن يقال إنّها أمر ندبي فكثير من الاحكام المندوبة لم يذكرها الفقهاء، فأي شيء أفضل من أن يكون الانسان في كل اُموره أن يتوجه الى الله ويستعين به ويرجو عند إقدامه على عمل لا يعلم حاله، كما إذا أراد السفر ان يستشير الله ويطلب المعونة. منه فقد

ص: 321


1- آل عمران: 44.

ورد في الحديث: ياعلى ما خاب من استخار ولاندم من استشار(1) بمعنى اي يرشدكم على ما هو الصالح لكم.

وكذا ورد: «ما استخار عبد مأمن إلاّ خار الله له» وان وقع ما يكره (2) .

حتى الاستخارة بالقرآن فقد ورد في الحديث لخبر عليّ بن يسع القمي: «وافتح المصحف فانظر الى أول ماترى فيه فخذ به ان شاء الله»(3).

وهكذا بالنسبة الى استخارة ذات الرقاع فقد وردت فيها أحاديث.

ففي خبر هارون بن خارجة: «إذا اردت أمراً فخذ ستّة رقاع فاكتب في ثلاث منها بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان افعل، وفي ثلاث منها بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانه لا تفعل، ثمّ ضعها تحت مصلاك ثمّ صلّي ركعتين، فإذا فرغت فاسجد سجدة وقل فيها مائة مرة استخير الله برحمته خيرة في عافية، ثم استوي جالساً وقل اللهمّ خر لي واختر لي في جميع اٌموري في يسر منك وعافية، ثم اضرب بيدك الى الرقاع فشوشها واخرج واحدة واحدة، فإن خرج ثلاث متواليات إفعلفافعل الامر الذي تريده، وإن خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله، وإن خرجت واحدة إفعل واخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع الى خمس فانظر اكثرها واعمل به ودع السادسة لا تحتاج إليها» (4).

ص: 322


1- وسائل الشيعة : باب 5، من أبواب صلاة الاستخارة، ح3.
2- وسائل الشيعة : باب 7 من أبواب صلاة الاستخارة، ح10.
3- وسائل الشيعة : باب 6 من أبواب صلاة الاستخارة، ح 1.
4- وسائل الشيعة : ج8، 68.

وهناك استخارة بالسبحة يأخذ قبضة منها ويستكشف الحال بالعدد الموجود فيها، لقوله(عليه السلام) بعد بيان كيفية الاذكار والادعية: «ثمّ تقبض قبضة من السبحة تضمر حاجة ان كان عدد القطع زوجاً فافعل، وإن كان القطع فرداً لا تفعل، وبالعكس» (1).

وفي خبر آخر: «ان كان عدد الحصا والسبحة فرداً كان إفعل، وإن خرج زوجاً كان لا تفعل» (2).

وهناك أفراد اُخرى من الاستخارة، كالاستخارة بالخواتيم، وذكر الالفاظ المساهمة والقرعة، وارجع في تفاصيل هذا الى الكتب المطولة.

(مسألة 61): الإسراف - كما في المجمع (3) - : أكل ما لا يحل، قال تعالى: {كلوا واشربوا ولا تسرفوا}(4).وقيل: مجاوزة القصد في الاكل أو الصرف زيادة على ما ينبغي. وقيل ما انفق في غير طاعة الله. وفي حديث الاصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين(عليه السلام): «للمسرف ثلاث علامات يأكل ما ليس له، ويلبس ما ليس له» ويشتري ما ليس له (5).

ص: 323


1- وسائل الشيعة : باب 8 من أبواب صلاة الاستخارة، ح1.
2- وسائل الشيعة : باب 8 من أبواب صلاة الاستخارة، ح2.
3- مجمع البحرين : مادة سرف.
4- الاعراف : 31.
5- سفينة البحار : ج4، 131.

يقول صاحب مجمع البحرين: كان المعنى يأكل ما لا يليق بحاله أكله، ويشتري ما لا يليق بحاله شراؤه ويلبس ما لا يليق بحاله لبسه (1).

وأمّا بالنسبة الى الاصطلاح فالاسراف ضد القصد، أي التجاوز عن حد الاستواء عند الشرع والعقلاء، سواء كان في الفعل أو المال، كأن يسرف في الاُمور المحرمة أو يسرف زيادة عن الحاجة.

أما التبذير، قال تعالى: {إنّ المبذرين كانوا اخوان الشياطين} (2) اي التبذير في النفقة والاسراف فيها وتوزيعها في غير ما أحل الله.

قد فرق بعضهم بين التبذير والإسراف، بأنّ التبذير الانفاق فيما لا ينبغي، والاسراف الصرف زيادة على ما لا ينبغي، وقد دل على حرمتهما بالإجماع والعقل وضرورة المذهب والدين والايات التي مر ذكرها.

(مسألة 62): قاعدة التسامح.التسامح لغة هو التساهل، وفي الحديث: «ما بعثت بالرهبانية الشاقّة، ولكن بالحنيفيّة السمحة» أي السهلة - التي لا ضيق فيها ولا حرج. وفي النهاية لا رهبانيّة في الاسلام وهي من رهبنة النصارى و أصله من الرهبة الخوف كانوا يترهبون بالتخلي من اشتغال الدنيا وترك ملاذها والزهد فيها والعزلة عن أهلها وتعمد مشاقها حتى انّ منهم من كان يحصى نفسه ويضلى السلسلة في عنقه

ص: 324


1- مجمع البحرين : مادة (س ر ف).
2- الاسراء : 27.

وغير ذلك من انواع التعذيب فيها، نها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الاسلام ونهى المسلمين عنها(1).

أمّا في الاصطلاح حكم شرعي يترتّب على العمل به المطلوب شرعاً إذا ثبت بدليل ضعيف ولم يعمل به المشهور إذا قلنا بأنّ عملهم موجب للوثوق بصدوره، ولايكون مشمولاً بدليل الحجيّة. أي أنّه لو ورود خبر ضعيف فهل يثبت الاستحباب به ولو كان مدلوله الوجوب أم يدل فقط الثواب ؟ وجواز العمل بمثل هذا الخبر انما هو للتسامح، ولهذه القاعدة اخبار كثيرة دلت عليها معروفة بأخبار من بلغ. وتفصيل هذه القاعدة قد ذكرها الاُستاذ المحقق البجنوردي في قواعده، وذكرناها أيضاً في الدورة الاُصولية. ومدرك هذه القاعدة أخبار كثيرة فراجع.

(مسألة 63): ما هو الفرق بين السب، والفحش، والهجاء، والهجر.أما الأوّل السب، أي الشتم، وفي الحديث: «سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر» (2) اي شتمه وقطيعته فسوق، واستحلال مقاتلته وحربه كفر، وفي حديث معاوية لعنه الله لرجل: ما منعك ان تسب أبو تراب يعني علياً(عليه

ص: 325


1- سفينة البحار : باب راء بعدها الهاء، ج3، 478.
2- سفينة البحار : باب الالف بعده الراء.

السلام) (1). وفي الاصطلاح توصيفه بما يوجب النقص بقصد الاهانة، بلا فرق بين ان يكون حاضراً أو غائباً.

وأما الفحش ففي النهاية هو ما قد كثر ذكر الفحشاء، والفواحش ففي الحديث «كلما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي»، وجمعه الفواحش اي المعاصي والقبائح ما ظهر منها وما بطن للنبوي «ان من شرار عباد الله من نكره مجالسته لفحشه». (2)

وأمّا الهجاء: هو خلاف المدح بمعنى ذكر المعائب.

وأمّا الهُجر: فهو بمعنى الفحش، كما ورد في الحديث: «لا ينبغي لها أن تقول هجراً» (3) أي فحشاً ولغواً.

(مسألة 64): الرشد والسفه.

أما الاول فلغةً بمعنى إصابة الحق، قال الله تبارك وتعالى: {فان آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهماموالهم}(4) اي حسن التصرف في المال، وفي الحديث عن الصادق(عليه السلام) سئل عن هذه الآية، فقال: «إيناس الرشد وهو حفظ المال» (5).

ص: 326


1- مجمع البحرين : باب (س ب ب).
2- سفينة البحار : باب الفاء بعده الحاء.
3- سفينة البحار : باب النون بعده الواو.
4- النساء : 6.
5- تفسير البرهان : ج1، 343.

وأمّا الثاني السفيه هو مقابل الرشيد وهو بمعنى خفة العقل والمبادرة إلى سوء القول والفعل بلا رويه. وفسّر بمعان أخرى منها بمعنى المبذّر، وهو الذي يصرف أمواله في غير الاغراض العقلائيّة وفي غير موقعها وينخدع في المعاملة، ولم يكن كيّساً بالنسبة إليها. وقد فسر أيضاً بمن يستطيل من دونه ويخضع من فوقه. وفسّر ثالثاً بالذي لا يبالي بما قال وما قيل فيه، وقد يفسّر قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس}(1) اي خفاف العقول.

والثمرة في الفرق بين الاسمين تفيد في باب الفقه، وهو مادام سفيهاً فهو محجور وممنوع من التصرف بماله بأي نوع من التصرف، فإذا مات والديه فلا يدفع الارث إليه أمّا الرشيد فيدفع له المال في هذه الحالة.

(مسألة 65): لا يخفى بأنّ معنى السجود لغةً بمعنى الميل والخضوع والتطامن والاذلال، يقال: سجد البعير إذا خفض رأسه.وأمّا في اصطلاح الفقهاء هو، وضع الجبهة على الارض، وهذا لا يجوز لغير الله جلَّ وعلى، ولا اشكال في حرمته.

أمّا سجود الملائكة لآدم فلم يكن سجود عبادة له، لأنّه لغير الله كفر. إذن السجود كان لله كما قال البعض وجعل آدم قبلة.

وقد يقال بأنّه كان تعظيماً لآدم، وكان سنّةً في الاُمم السابقة.

ص: 327


1- البقرة : 142.

وأمّا سجود يعقوب فقد يكون بمعنى الإنحناء أو كان لله تعالى شكراً على ما صارت اليه عاقبتهم ولذا ورد في قوله تعالى: {رأيتهم لي ساجدين}(1) {وخرّوا له سجّداً}(2) اي المعنى خرّوا من اجله ساجدين لله شكراً لما أنعم عليهم.

(مسألة 66): الفرق بين السحر والشعبذة.

أمّا السِحر بالكسر فهو ما لطف مأخذه ودق، وقيل بمعنى الخدع ونسب الى الرازي في تفسيره لفظ السحر في عرف الشرع مختصّ بكلّ أمر مخفي سببه يتخيّل على غير حقيقته، ويجري مجرى التموية والخداع، وإخراج الباطل بصورة الحق وغير ذلك. وفي المجمع السحر بكسر السين فالسكون كلام أو رقية أو عمل يؤثّر في بدن الانسان أو عقله. وقيل: لا حقيقة له، ولكنّه مجرّد تخيّل. وقال شارح المقاصد السحر اظهار أمر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة اعمال مخصوصة يجري فيها لتعلم والتلمذ وبهذين الاعتبارين يفارقالمعجزة والكرامة الخ. فإذا قلنا بأنّه بمعنى اظهار غير الواقع في صورة الواقع فما معنى اختلافهم بأن هل للسحر حقيقة أم لا، ان أراد به الواقعية.

وأمّا الشعبذة فهي خفّة، سواء كان في اليد، أو حركة سريعة بواسطة بعض الأعضاء بحيث يرى الشيء بغير ما هو عليه.

ص: 328


1- يوسف: 4.
2- يوسف : 100.

والسحر إذا كان للفرقة بين المرأة وزوجها فهو حرام. وأمّا إذا كان للحل دون الربط والعقد فهو جائز، كما في الحديث: «حلّ ولا تعقد»(1).

وأمّا ما ورد في الكلام أنّ من البيان لسحراً فمعناه أنّ في كلامه إبداع وغرابة بحيث يجذب المتكلم حقيقية فهذا غير صحيح حتى في نظر أهل الفن وان أراد حقيقة خياليّة فهو حق.

(مسألة 67): الفرق بين اللهو واللعب واللغو والباطل.

اللهو: هو الشيء الذي يشغل الانسان كالطرب ومتابعة الهوى، ويكون ناسياً عن ذكر الله، قال تعالى: {فانت عنه تلهى}(2) أي تتشاغل وتتغافل. وفي المفردات اللهو ما يشغل الإنسان عمّا يعنيه ويهمّه. واللهو لا يترتّب عليه إلا الحسرة والندامة في الآخرة.

واللعب: أن يعمل الانسان شيئاً لا يكون فيه نفعاً، قال تعالى: {وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو}(3) أي أعمال الدنيا،لأنّها غالباً لا يوجد فيها رضا الله، أي من يعمل للدنيا. وفي المفردات لعب فلان اذا كان فعله غير قاصد به مقصداً صحيحاً، وينسب الى الشيخ في المكاسب أنّه بمعنى الحركة لا لغرض عقلائي.

ص: 329


1- وسائل الشيعة : باب 25 من أبواب ما يكتسب به، ح1.
2- عبس : 10.
3- النعام : 32.

اللغو: في اللغة ما لا يعتدّ به، ومن مصاديقه الباطل والفحش والكذب واللهو والغناء، قال تعالى: {والذين هم عن اللغو معرضين}(1) اي عن كل لهو ومعصية. وفي الحديث: «إنّ الله حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيء قليل الحياء، لا يبالي بما قال وماقيل فيه، فان فتشته لم تجده إلا لغىً أو شرك شيطان» (2).

الباطل: مقابل الحق، جمعه اباطيل، قال تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}(3) أي لا يتطرق اليه الباطل من جهة من الجهات ويأتي بمعنى فان أو غير ثابت.

إلاّ كل شيء ما خلى الله باطل *** وكل نعيم لا محالة زائل

اي خارج عن محل الانتفاع.

(مسألة 68): الفرق بين مكّة وبكّة.يقول في المجمع المك بمعنى النقص والهلاك، وإنّما سمّيت مكّة مكّة لأنّها تنقص الذنوب، لمن دخلها وقيل: تهلك من قصدها بظلم كما فعلت بأصحاب الفيل.

ص: 330


1- المؤمنون : 3.
2- الكافي : ج2، 322.
3- فصلت : 42.

وأما بكّة البك بمعنى الدقّ أي بتك أعناق الجبابرة أي تدكّها، وقيل: تهلك من قصدها، وبمعنى التزاحم والتدافع أي يبك بعضهم بعضاً في الطواف وفي البلد الامين سميت مكة بكة لان الناس يبك بعضهم بعضاً بالايدي وقيل: بك لبكاء الناس حولها وفيها، وقيل: بكة موضع البيت، ومكة سائر البلاد، قال تعالى: {أنّ أوّل بيت وضع للناس للذي ببكّة}(1).

(مسألة 69): الفرق بين النسب والقرابة والرحم.

النسب واحد الأنساب، أي جمعه أنساب، والنسبة، أيضاً هي الانتساب كالاب والاُمّ والقبيلة والصناعة وغير ذلك، قال تعالى: {فاذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم} (2) وروي عن الامام الصادق(عليه السلام): «حيث لا يتقدم يوم القيامة أحد إلاّ بالأعمال». والدليل على ذلك ما روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «يا أيها النّاس أنّ العربية ليست باب وجد، وإنّما هي لسان ناطق، فمن تكلّم به فهوعربي إنّكم من ولد آدم وآدم من تراب، والله لعبد حبشي أطاع الله خير من سيّد قرشي عصى الله، وان أكرمكم عند الله اتقاكم».

وفي المفردات النسب والنسبة اشتراك من جهة أحد الأبوين، وذلك ضربان: نسب بالطول كالاشتراك من الآباء والأبناء، ونسب بالعرض كالنسبة

ص: 331


1- آل عمران : 96.
2- المؤمنون : 101.

بين بني الاخوة وبيني الاعمام، وقال تعالى: {جعله نسباً وصهراً}(1) قيل: فلان نسيب فلان أي قريبه.

والقرابة بالكسر أي الرحم، فهي والنسب بمعنى واحد، كما قال البعض.

أما الرحم بمعنى القرابة، ويقال على من يجمع بينك وبينه نسب.

(مسألة 70): الفرق بين الولاية والحكومة.

الولاية. ولها معان: منها النصرة، والسلطان، وولي الشيء يليه ولاية بالكسر والفتح اذا قام به وهو المدبّر للأمر {إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنو}(2) اي الذي يتولّى تدبيركم واُموركم هو الله ورسوله والذين آمنوا، والوليّ من أسماء الله، وهو الناصر، أي ينصر عباده المؤمنين. وقيل: المتولي لاُمور العالم والخلائق القائم بها والولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل، فإذا لم يكن فيها هذه الاُمور لم يطلق عليها اسم الولي.

والولاية على قسمين تكوينية وتشريعية: أمّا الاُولى فهي لله وللملائكة والنبيّ، وأمّا الثانية فهي للنبي، حيث إنّ الله تعالى فوض جميع الأحكام والقواعداليه، وهو الذي يزيد وينقص، وهكذا بالنسبة الى الائمة فيهما. وإذا أردت التفصيل فعليك بالمطوّلات من الكتب الفقهية.

ص: 332


1- الفرقان : 54.
2- المائدة : 55.

أمّا الحكومة: هي القضاء والحكم وهي التشريع السماوي الذي شرعه الباري لفصل الخصومات بين الخلق، وحفظاً للنظام الاجتماعي، لأنّه من طبيعة هذه الخصومات التنازع من أجل البقاء المؤدي بالطبع غالباً على الجدال والخصومات وتعادي البشر وتمادي الشرور، والضرر وصار من الحتم الضروري، ومن باب اللطف أن يشرّع قوانين لحسم تلك المشاجرات وإزالة تلك الويلات، وهذه القوانين والاحكام لابد هناك من يجريها له هيمنة وقدرة، ويتمكّن من تطبيق كلياتها على مصاديقها وأنواعها على أفرادها، فالقوانين هي الاحكام، والمجري لها هو المسيطر عليها، ويسمى بالحاكم. والقرآن والسنة هما الأصل في تعيّن الحكم والحاكم، ووجوب العمل بحكمه والرجوع اليه، كما قال تعالى: {يا داود إنّا جلعناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلّك عن سبيل الله}(1). وفي آية اُخرى قال تعالى: {خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحقّ...}(2) وفي الحديث: «في أرش الجراحات الحكومة» يريد بالجراحات التي ليس فيها دية مقدّرة، وذلك أن يجرح في موضع من بدنه جراحة تشينه فيقيس الحاكم أرشها بأن يقول: لو كان هذا المجروح عبداً غيرمشين بهذه الجراحة كانت قيمته مائة وقيمته بعدّ الشين تسعون، فقد نقص عشر قيمته فيجب عشر دية الحرّة، لأنّ المجروح حرّ (3).

ص: 333


1- ص : 26.
2- ص : 22.
3- مجمع البحرين: باب ح ك م.

وأمّا اركانه وشروطه مشروحة في محلّها مفصّلاً.

(مسألة 71): هل يجوز الاضراب عن الطعام بالنسبة الى السجناء وغيرهم لغرض تحقيق مطالبهم أم لا ؟

الظاهر إذا استوجب الاضراب الموت لا يجوز وفي هذه الصورة يجب اجبارهم على أكل الطعام باي صورة ممكنة ولو بادخال الطعام الى الداخل. وأمّا إذا كان الاجبار بالضرب فلابد من إعطاء الدية.

(مسألة 72): المال الذي يشترى به قطعة أرض لغرض الدفن ولتكون قبراً له هل فيها الخمس أم لا ؟

نعم فيه الخمس، لأنّه لا يعتبر من المؤنة.

(مسألة 73): التنويم المغناطيسي تارةً يكون مع موافقة الشخص الذي ينوم، واُخرى بدونها: أما في صورة عدم الموافقة فلا يجوز: وأمّا مع الموافقة فيجوز إذا لم يترتب عليه الحرمة الشرعية.(مسألة 74): هل الرياضات الروحية لاجل الحصول على بعض الاُمور جائزة أم لا ؟

الظاهر مع عدم الضرر بالنفس ولم يعمل شيئاً مخالفاً للشرع يكون جائزاً.

ص: 334

(مسألة 75): نرى في بعض الدوائر عدم تمشية المعاملات إلاّ بدفع مبلغ لتمشية تلك المعاملة، فهل اعطاء هذا المال يعدّ من الرشوة وانه حرام عليه ؟

الظاهر أنّه لا يعدّ بالنسبة الى الدافع إلاّ إذاعلم بأنّه يضيع حق الآخرين، بل يعدّ بالنسبة الى الآخذ وهو حرام.

(مسألة 76): المجالس المنعقدة للنساء من قراءة الأناشيد والتواشيح في مدح الأئمّة إذا كانت مصحوبة بالموسيقى أو على أطوار الغناء أو مختلطة بمحرم آخر فحرام.

(مسألة 77): لا يجوز الوقوف عند المحلاّت التي تبيع أشرطة الغناء إن كان وقوفة سبباً لسماعه تلك الاشرطة وكذا الحكم إذا كان الوقوف سبباً للترويج لها.(مسألة 78): لا يجوز إرسال الأطفال الى المدارس التي تعلّم الموسيقى والرقص ودفع المال إليها حرام.

(مسألة 79): من كان في الدوائر الحكومية فلا يجوز له استخدام الهاتف لاجل اغراضه الشخصيّة، وكذا في القطاعات الخاصة من غير الحكومية إذا لم يعلم بالرضا من المالك.

ص: 335

(مسألة 80): لو أراد الابن الانتماء الى المدارس الاسلاميّة والوالد يمنعه، فهل يجوز للولد تحصيل تلك العلوم خصوصاً السفر الى بلد يكون فيها مؤهلاً للدارسة فيها كالنجف الاشرف ؟

الظاهر الجواز، لأن تحصيل العلوم الاسلامية إما أن يكون واجباً عينيّاً، أو كفائيّاً كما في زماننا، لقلّة من يتمكّن من نشر الاحكام والموجدون لم يكونوا بقدر الكفاية، فلابدّ له من تحصيل تلك العلوم والسفر الى تلك الاماكن التي تدرس فيها العلوم الإسلامية.

إذن نهي الوالد في الغالب لا يكون سبباً لمنعه، وكذا المرأة اذا ارادت تحصيل مثل هذه العلوم بدون اذن الولي. نعم لو أدّى سفرها الى ارتكاب الحرام فلا يجوز.(مسألة 81): النظر الى الافلام والمسلسلات إذا كانت أجنبيّة فلا مانع، إلاّ إذا سبب النظر الشهوة، وكذا إذا كانت مسلمة مع رعاية الحجاب فلا بأس.

(مسألة 82): هناك مسبح مختلط وقد عين الطبيب لرجل أو امرأة السباحة لاجل العلاج، فاذا أمكن السباحة بعيداً أي في زاوية من المسبح ومع الستر ولو مؤقتاً ولم ينظر أثناء السباحة لها الاجنبي والسباحة كانت ضروريّة لها

ص: 336

مع انحصار العلاج بها، فإذا لم يتمكن فلا بأس مع رعاية الحجاب فلا مانع منه.

(مسألة 83): لا يجوز أن يخرج الرجل ويترك زوجته مع صديق له لمدّة معينة في غرفة واحدة، لأنّها خلوة بالأجنبية، وهو لا يجوز ولو كانا مؤمنين ملتزمين.

(مسألة 84): لا يجوز ابداء الزينة من المرأة للأجنبي كجعل الكحل في العين ولبس الخاتم وغيرها.

(مسألة 85): يجوز للأعمى أن يحضر مجالس النساء للارشاد ولايعدّ هذا من الخلوة بالأجنبيّة، ويجوز لغير الاعمى إذا كانت النساء محجبات والاحوط جعل الساتر بينهما. نعم لا يجوز للمرأة أن تمسّ الأعمى حتى لو كان لغرض عبور الشارع مثلاً.(مسألة 86): لا يجوز للمرأة استعمال القلادة للزينة اذا كان فيها الصليب، سواء اعتقدت به أو لا.

(مسألة 87): لا يجوز لبس الثوب أو الجواريب الذي يرى البدن من تحته.

ص: 337

(مسألة 88): لا يجوز للمسلم ان يلبس اللباس المختص بالمسيحية أو اليهودية لأجل التشبه بهم، بل لا يجوز كلّ شيء عدّ تشبيهاً بهم كإرسال شعره تشبيهاً بما يفعله الكفّار.

(مسألة 89): من حلق طرفي وجهه وأبقى مقدار من اللحية على الذقن فهل يصدق عليه حليق اللحية أم لا ؟

يقول الاستاذ الاعظم+: الظاهر أنّه لا يصدق عليه حلق اللحية لانها عبارة عن الذقن ولكن الحقّ أن العرف يرى أنّه حلق اللحية.

(مسألة 90): ما يستعمل في عزاء الحسين من الآلات أن صدق عليها آلات لهو، فلا يصّح استعمالها وعلى المؤمنين تنزيه الشعائر الحسينية لكي لا يشكل علينا الاعداء.(مسألة 91): هل يجوز الوعظ في المجالس النسائية التي فيها من لا تراعى الحجاب الاسلامي ؟

يجوز الوعظ إذا كان الحضور من جهة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

(مسألة 92): لو ادّعت المرأة بأنها طاهر، ثم طلقت وبعد وقوع الطلاق ادعت بأنها كانت حائض في وقت وقوع صيغة الطلاق، فهل يسمع كلامها ؟

ص: 338

الظاهر عدم سماع كلامها والطلاق يقع صحيحاً لكونها فاسقة.

(مسألة 93): هل التنبوء بالامور المستقبلية يكون محرمة أم لا ؟

الظاهر أنه جائز.

(مسألة 94): هل يجوز التنزّه في الحدائق العامة مع أنه الكثير منها تكون محتوية على الغناء ؟

يجوز ذلك إذا لم يكن مستمعاً لها، والاّ فمجرّد السماع ليس بحرام خصوصاً إذا كان ذلك ضروريّاً له.

(مسألة 95): إذا ركب إنسان سيارة اُجرة وفتح السائق المسجّل، فهل يجب عليه النزول ؟

الظاهر، لا ولكن يجب عليه النهي عن المنكر مع الشروط.(مسألة 96): ما حكم إلقاء النساء الأناشيد الاسلامية، وفيها مدح الائمّة ويصاحبها الموسيقى ؟

الظاهر أنها في حد نفسها جائز، أما مع مصاحبة الموسيقى أو يكون امام الاجانب فإنّه لايجوز، كما لايجوز قراءة القرآن أو الدعاء بصوت جميل بحيث يكون موجباً لجذب الرجال غالباً.

ص: 339

(مسألة 97): الغناء في الأعراس إذا لم يستخدم معها شيء محرم جائز.

(مسألة 98): قالوا بان آلات القمار كالنرد والشطرنج حرام بيعها وشرائها ولكن البيع قد يكون مورده الهيئة فقط فهذا حرام ومن المسلمات، وقد يكون المادة فهذا صحيح اذا كان بعد الكسر أو قبله، ويشترط على المشتري الكسر أو كونه ممن يثق بكسره، واما بيع المادة والهيئة بحيث ينحل البيع الى كل منهما، كبيع الحر والمملوك فهل هو صحيح بالنسبة الى المادة دون الهيئة ؟ كصحة البيع بالنسبة الى المملوك دون الحر فهو مشكل لان الانحلال انما يكون بالنسبة الى الامور الخارجية الموجودة بوجدين دون الانحلال القعلي كمحل البحث.

(مسألة 99): التدليس حرام في المعاملة، وكذا تدليس الماشطة للمرأة التي يراد تزويجها، والامة التي يراد بيعها لانه غش وهوحرام، فاذا كان نفس العمل حراماً فاخذ الاجرة عليه يكون حراماً، «ان الله اذا حرم شربها حرّمثمنه»(1)ويكون من الامور القصدية، لا من الأمور القهرية، والتدليس تارة يكون مع الغير في المعاملة، فهو حرام والمعاملة باطلة، واما اذا كان في فعل الشخص لاغراض يتوهم انها صحيحة عنده فليس بحرام(2).

ص: 340


1- مر ذكر المصدر.
2- مستدرك الوسائل : باب 6 من أبواب ما يكتسب به، ج8.

ص: 341

(مسألة 100): الظاهر عدم جواز تهريب الاموال المحللة ولو الى بلد اسلامي اذا كان ذلك يستوجب الضرر.

(مسألة 101): يجوز إعطاء مبلغ (100) دينار مقابل قدر معين من الربح كعشرة دنانير في كل شهر، إذا لم يشترط الدافع للمبلغ ولكن يعلم بأن الآخذ يدفع ذلك.

(مسألة 102): لايجوز بيع وشراء الافلام الخلاعية، أو التي تحتوي على أفكار تسبب ضعف الاسلام، أو الخلل في عقائد المسلمين.

(مسألة 103): اذا كان الشخص في الخارج ويعمل في المطاعم التي تباع فيها الخمور ولحم الخنزير وهو محتاج مضطرّ إلى العمل فيها هل هو جائز ؟ إذا كان عمله في غسل الاوني والتنظيف فلا مانع منه خصوصاً إذا كان مضطرّاً.

(مسألة 104): ما حكم اخذ الحقوق الذي يأخذه الشخص كراتب شهري للطلبة، مع العلم بأنّ الراتب يكون مقابل الدراسة للعلوم الحوزوية وهو يشتغل بالتحقيق للكتب أو مشغول به كتابة للبحوث الدينية ؟

لايخفى بأنه لو كان في الضمن أيضاً مشغول بالدراسة بحيث يصدق عليه الطلبة جائز، وإلاّ فمشكل.

ص: 342

(مسألة 105): لو كان هناك خطيب وخالف الوقت المعلن ولم يأت في ذلك الوقت، فيجوز لصاحب المجلس فسخ العقد وعدم إعطائه الاُجرة، لأنه أخل بالاتفاق الذي بينهما.

(مسألة 106): لو اشترى خروفين فظهر أحدهما معيوباً، وهذا إمّا كان من الأول أو حصل في زمان الخيار، فارجع المشترى أحدهما بعنوان فسخ المعاملة، وفي الطريق يصبح مريضاً ويخاف على تلفه فيذبحه، فهل يصبح الذبح موجباً لسقوط الخيار إذا وقع قبل فسخ المعاملة، أو له مطالبة الأرش ؟

الظاهر إذا كان تصرفه قبل الفسخ، فلا يجوز له الفسخ بل لابد له القبول مع مطالبة الارش.

(مسألة 107): هل يجوز أخذ الربا والزيادة اذا كان البنك في بلاد الكفّار، واتفق المسلم معهم باخذ الزيادة ؟

الظاهر هو الجوازّ، اما بالنسبة الى البنوك المسلمة، إذا لم يكن هناك شرط بالنسبة الى واضع المال فيكون الفائدة حلالاً، كما مر.

(مسألة 108): إذا قلنا بأن أخذ الفائدة حرام فلايجوز أخذها، بلا فرق بين صرفها على المتضررين أو الفقراء أو المشاريع الاسلامية.

ص: 343

(مسألة 109): لو دفع الى البنك مبلغاً وأخذ منه صكّاً (المسمى بالصكّ السفر) وعلم البنك بأن الصكّ قد تلف، فهو ملزم بدفع المبلغ.

(مسألة 110): إذا كان الشخص محتاجاً للقرض فيجوز له أن يأخذ مبلغاً من البنك الذي يأخذ الزيادة على القرض ويعطي الزيادة.

(مسألة 111): لايخفى بأن الوكيل أو المأذون لا يجوز لهما التصرف في الحقوق إلاّ بمقدار ما يعيّنه المجتهد. كما هو مذكور في محله.

(مسألة 112): لايجوز للوكيل إعطاء الاجازة للغير، إلاّ إذا كان مأذوناً في ذلك.

(مسألة 113): التقارير التي ترفع الى القاضي من قبل المخابرات وأجهزة الأمن لاتعتبر حجّة، ولايمكن للقاضي أن يحكم على طبق هذه التقريرات كما مر.

(مسألة 114): لايجوز سجن عائلة المتّهم لإمكان إلقاء القبض عليه.

(مسألة 115): حكم من يشرب المخدّرات أو يروّجها أو يستوردها من الخارج فحكمه التعزير، ولايجوز اعدامه.

ص: 344

(مسألة 116): لو جعل الخمر في مثل الكبسولة أو شمه أو مسحه في بدنه وبلعها أو كان إدخالها في الجوف بواسطة تزريق الابرة لا يجري عليه حكم شارب الخمر.

(مسألة 117): لو امتزج الخمر بغيره فان بقى على اسكاره فهو حرام ويوجب الحد، أمّا مع عدم بقاء السكر فلايستوجب الحد، لاحتمال انصراف الأدلّة عنه وإن كان شربه حراماً.

(مسألة 118): قالوا في باب الحد للسارق: لابدّ أن يكون المسروق من الحرز، فلو قربه شخص وأخرج الآخر تقطع يد المخرج فقط، لصدق الاخراج من الحرز على المخرج. وكذا قلنا: لابدّ من الإخراج، فلو أخذه ولكن لم يخرجه فلايقطع.

(مسألة 119): حقّ السبق من الحقوق التكليفيّة، ولذا لو أخرجه شخص من المكان الذي كان يصلي فيه ففعل محرماً ولكن صلاته صحيحة. هذا أحد المحتملات.

والمحتمل الثاني أنّ له حقّ في المحلّ فما دام لم يعرض عنه فليس لاحد ازعاجه والصلاة فيه ولو صلى كان باطلاً، بلا فرق بين وجود رحله وعدمه.

والمحتمل الثالث يدور ثبوت الحق مدار بقاء الرحل وعدم الإعراض.

ص: 345

والاحتمال الرابع يدور ثبوت الحق مدار عدم الإعراض، سواء كان هناك رحل منه أم لا. وتفصيل الكلام موكول إلى محلّه.

والدليل على ثبوت هذا الحق قول علي×: «سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الى مكان فهو أحق به الى الليل» (1).

(مسألة 120): قالوا: لا ضمان في الحرّ فلو استولى عليه أثم. أمّا عدم الضمان بالنسبة الى العين لو تلفت، لأنّه ليس بمال الغصب. نعم لو غصب العبد يضمن، لأنّه مال، أما عدم ضمان المنفعة فلعدم استيفائها. نعم لو استوفى بعض منافعها يجب عليه الاُجرة.

(مسألة 121): لو منع غيره عن إمساك دابته المرسلة أو من الجلوس على فراشه أو دخول داره وغير ذلك فلايكون ضامناً، لعدم الاستيلاء وان فعل محرماً.

(مسألة 122): قلنا: الغصب حرام ويجب ردّه، وهو تاره يحصل بالعلم والعدوان، واُخرى بالجهل ثم يعلم بعد ذلك، وثالثه بالمعاملات الفاسدة التي تكون بحكم الغصب وتفصيلها موكول الى محلّه.

ص: 346


1- وسائل الشيعة : باب 17 من أبواب آداب التجارة، ح1.

(مسألة 123): لو ذبح شاة وقدمها الى المالك وأكل المالك مع جهله بأنها شاته فهنا يضمن الغاصب، لقاعدة الضرر، وهو أقوى من المباشر، كما إذا حصل الاكراه. إذن لو كان السبب أقوى من المباشر فهو الضامن، ولو كان المباشر أقوى فهو الضامن، ولو كانا مشتركين في التأثير فهما متساويان والضمان عليهما.

(مسألة 124): لو غصب من شخص مالاً وفقد صاحبه ولم يتمكّن من الايصال اليه فهو مجهول المالك، لأن مجهول المالك أعمّ ممن لايعلم صاحبه أو علم ولم يتمكّن من الوصول إليه.

(مسألة 125): الزيت الذي يطهى به، ولم يعلم انه زيت نبات أو حيوان غير محلل الاكل لايجب الفحص، و لا يحكم بنجاسته ويجوز أكله.

(مسألة 126): إذا كان يعلم بأنّ في أكثر المطاعم يستعمل الدهن الحيواني من غير مأكول اللحم مع ذلك لايمكن الحكم بالحرمة إلاّ مع حصول علم تفصيلي أو إجمالي.

(مسألة 127): يجوز أكل اللحوم في بيوت المسلمين الساكنين في بلاد الغرب (اوربا) مع أنّهم ليسو لهم التزام ديني، إلاّ إذا علم بانّ اللحم مأخوذ من الكافر.

ص: 347

(مسألة 128): الطعام المحترق يجوز أكله إلاّ إذا سبّب ضرراً.

(مسألة 129): هل يجوز أكل الأجبان الاجنبيّة ؟

الظاهر أنّه لامانع منه، إلاّ إذا علم على احتوائها الشيء المحرم.

(مسألة 130): هل يجوز للمريض شرب الدواء الذي يتحوّل في بطنه الى المسكر.

الأقوى الجواز إذا كان شفائه متوقّفاً على ذلك.

(مسألة 131): يجوز بيع حيوان المسمى السرطان اذا كان يستفاد منه منفعة محلّلة.

(مسألة 132): لو رمى الصياد وقصد به الصيد المعيّن وقال بسم الله وأصاب ذلك الصيد المعين وخرج السهم من بدنه واصاب الصيد الآخر الذي لم يكن مورد نظره فهل الصيد الثاني حلال أيضاً أم لا ؟

الظاهر أنه حلال إذا لم يقصد به أي ب- «بسم الله» الصيد الخاص فقط وإنما قصد الكلي، وإلاّ فمشكل.

(مسألة 133): لو زرق الحيوان الإبرة المخدرة ثم ذبحوه فلحمه حلال.

ص: 348

(مسألة 134): أكل الكيك من يد أهل الكتاب جائز إذا لم يعلم مباشرته بل قد يكون صنعه بالاجهزة.

(مسألة 135): اللحوم المثلّجة التي تباع في سوق المسلمين يجوز أكلها لو لم يعلم المصدر.

(مسألة 136): الفيتامينات التي تستخرج مرة من العظام واُخرى من الفواكه يكون حلال أكلها، إلاّ إذا علم أنها مستخرج من عظام الحيوان الميت أو غير مأكول اللحم فهو نجس وحرام اكله. وأيضاً حرام أكله إذا استورد من الخارج، كما أنه حلال إذا لم يعلم بكونه من الدول الاسلامية أو غيرها.

(مسألة 137): التدخين بالسيكار ابتداءً إذا كان يستوجب ضرراً به أي اكتشف بأنه يسبب أمراض خطيرة ولو في المستقبل فلايجوز شربه، كما أنه لايجوز أن يشرب المدخن في الأماكن العامة إذا كان شربه إضرار بالآخرين.

(مسألة 138): لابدّ للذابح عند ذبح الحيوان أن يتلفّظ بالتسمية، فلايفيد التسمية من خلال الشريط أو الكاسيت.

(مسألة 139): إذا اٌعطي الحيوان - كالدجاج - العلف الحيواني المتكوّن من عظام الخنزير فهل يحرم ؟

ص: 349

الظاهر جواز أكله.

(مسألة 140): لايخفى أنه لايجوز أكل أيّ حيوان بحري ما عدا السمك الذي فيه الفلس والروبيان.

(مسألة 141): هل يجوز بيع بعض الحيوانات التي هي محللة الأكل عند أهل السنة كالجري والسرطان أم لا ؟

الظاهر أنه لايجوز لأن ليس له ماليه، إلاّ إذا قلنا بجواز أخذ المبلغ من جهة حق الاختصاص، ولقاعدة الإلزام.

(مسألة 142): قد ورد بأنّه لايجوز الجلوس على مائدة فيها الخمر، فهل هذا يشمل المطاعم الاُوربية الموجود فيها الخمر والعصير ؟

الظاهر لا، فلابأس بالجلوس هناك لشرب العصير، والمراد من عدم الجلوس على المائدة الجلوس على مائدة المسلم إذا كان كذلك.

ص: 350

(مسألة 143): الربطة على العنق جائز حيث إنّه أصبح سائغاً بين المسلمين.

(مسألة 144): لو أصبح عند العرف أنّ لباس الرجل مختصاً بالمرأة وبالعكس متعارفاً بحيث صار لباسهما واحداً فلايمكن القول بالحرمة. ثمّ إن الألبسة تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، إذ لكلّ زمان ومكان حكمه. بالنسبة إلى الحليّة والحرمة.

(مسألة 145): من كان عليه دين ومع ذلك نذر أن يدفع مبلغاً من المال للفقير ولم يتمكّن من أدائهما وإنما تمكّن من أداء أحدهما فأداء الدين يكون مقدّماً، ويصبح النذر باطلاً.

(مسألة 146): لونذر أن يتزوّج علويّة، فلو كانت هناك علوية وقبلت فيجب أن يعمل بنذره.

ص: 351

(مسألة 147): لو نذر لشخص وبعد تحقق النذر فابراء المنذر ذمة الناذر لم تبراء ذمته. نعم للمنذور له أن يقبض المنذور به، ثمّ يرجعه إلى الناذر.

(مسألة 148): النذر دين، فلو انعقد النذر وقبل وفاء الناذر بالنذر مات، يخرج ما نذره من أصل المال، إذا كان النذر بالمال.

(مسألة 149): يجوز إخراج جثة الميّت من القبر لمعرفة سبب وفاته إذا كان ضروريّاً.

(مسألة 150): إذا أصدرت الدولة قراراً بلبس حزام الامان أثناء السياقة، فهو واجب الإلتزام إذا كانت الدولة إسلامية شرعية أو انه يعلم عدم اللبس يستوجب الضرر.

(مسألة 151): من يعاني من مرض خطير مثل السرطان وهو لايتحمل هذا المرض لايجوز له الانتحار، ولايجوز له زرق الإبرة، ولا للطبيب أن يفعل ذلك لو طولب منه، وإن فعل فعليه الدية.

ص: 352

(مسألة 152): هل يضمن الختّان وإن كان ماهراً ولم يتجاوز الحد المأذون فيه حتّى لو تضرر الطفل بسببه ضرراً شديداً أو مات، أم لا ؟

محل تأمّل، ويقول اُستاذنا الأعظم(قدس سره): مع ذلك الظاهر هو الضمان في مسألة الختان، إلاّ إذا كان المختون به هو الذي سلم نفسه مع استجماعه شرائط التكليف (1). بل إذا أخذ الاجازة من الولى.

(مسألة 153): إذا اُريد تسجيل صوت خطيب معين ومنع الخطيب ذلك وكان المجلس في محفل عام كالحسينية أو المسجد، فهل يجوز تسجيل خطابه مع منع الخطيب ذلك ؟

الظاهر جواز ذلك، لأن آلة التسجيل لنفس الشخص والصوت هواء، وليس للخطيب السيطرة عليه، ولايمكنه أن يتملك الصوت. أتذكّر في بحث

ص: 353


1- العروة الوثقى : ج2، 394.

سيدنا الاُستاذ الأعظم(قدس سره) قال لنا في يوم: أنا لا أرضىبتسجيل الدرس وكان بعض الجالسون تحت منبره الشريف مقلّداً للسيد الحكيم+ فاستفتوا منه فأفتى بالجواز، فبيّنوا المسألة للسيد الاُستاذ، قال: هذا التسجيل لايجوز لأنه يكون سبباً لأذيتي.

فعلى أيّ حال ولو كان هذا الجواب أيضاً غير مقنع عندي، لأنّه إذا فعل شخص شيئاً مباحاً وصار سبباً لإيذاء الغير به فهل يمكن أن يقال بأنّ عمله محرّم.

(مسألة 154): لايجوز للصبي المحجور التصرف في ماله، كذلك هو غير مبرئ بالنسبة الى ذمّته، فلايجوز له الاقتراض ولا البيع والشراء في الذمة وبالسلم والنسيئة ولو فرض أن مدة الأيّام تكون مصادفة لبلوغه، لأنّ قصد الصبي بلا قصد.

(مسألة 155): هل المستنسخ يعتبرها هاشميّا بعد ان كان صاحب الخلية كذلك ؟ فيه ان هذه النسبة تابعة لانتساب المستنسخ الى صاحب الخلية فاذا لم يكن هناك الابوة والبنوية بينهما يتسلزم عدم هذه النسبة. فلا يصدق عليه الهاشمي

ص: 354

(مسألة 156): هل يجوز زواجه ممن تكون بنتاً أو اختاً لصاحب الخلية ؟ لامانع من ذلك بعد عدم حصول المحرمية بينهما إلاّ ان الشارع المقدس اهتم بالدماء والفروج فالاحوط تركه. وبما انه لانسبة بينهما فلاتوارث كذلك.

(مسألة 157): هل تثبت المحرمية بينه وبين اخت صاحب الخلية أو بنته ؟

الظاهر عدم المحرميّة، والاحوط تركه.

ص: 355

تم هذا الكتاب بحمد الله ولطفه بمعونة منه وحسن توفيقه رافعين أيدينا إليه تعالى بالدعاء وشاكرين لانعمه التي أنعمها علينا ونحن قد أجبنا عن الاسئلة المستحدثة - التي وصلت بأيدينا - بحول منه وقوته حيث أن لها موضوعاً واسع الاطراف ولو أردنا بسط في البحث عنها فذلك يحتاج الى مؤلفات، وقد يكون في المستقبل مسائل أكثر مما في أيدينا لحدوث موضوعاتها، والجواب عنها يكون في عهدة علماء ذلك العصر. ولا يفوتني في هذا المقام أن أشكر سيدتي ومولاتي فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر عليها وعلى آبائها آلاف التحيّة والسلام حيث جاورتها سنين الهجرة، وقد أعانتني على إتمام هذا الكتاب وغيره. ثمّ بعد أن منّ الله تبارك وتعالى علينا بالعودة لجوار أمير المؤمنين(عليه السلام) فكانت أوّل عناياته لنا أن وفّقنا لطبع هذا الكتاب، ببركة جواره وذلك ذي الحجة - سنة 1426 ه- على هاجرها آلاف التحيّة والسلام. والحمد لله رب العالمين. كما لا يفوتني بأن اقدم شكري لفضيلة العلامة حجة الإسلام السيد عبد الستار الموسوي دام عزه حيث بذل جهداً في تبويب الابواب وتخريج الآيات والاحاديث سائلين المولى عزوجل له التوفيق في حياته العلمية.

والحمد لله رب العالمين

ص: 356

فهرس ابحاث الكتاب

المقدمة...... 7

مسائل الطب...... 15

كتاب الطهارة..... 81

كتاب الصلاة والصوم...... 99

كتاب الخمس والزكاة..... 123

كتاب الحج...... 134

كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.... 142

كتاب الجهاد.... 145

كتاب النكاح والطلاق واللعان..... 149

كتاب النذر والعهد واليمين........ 183

كتاب المضاربة والمساقات والمزارعة واحياء الموات..... 189

كتاب الوقف.... 195

كتاب البيع والإجارة والشركة...... 201

كتاب القضاء والشهادات......... 231

كتاب القصاص والديات والضمان والحدود.......... 237

ص: 357

كتاب الهبة...... 259

كتاب الارث.... 261

كتاب الرهن والدين....... 263

كتاب الوكالة والصيّة والصلح والاقرار....... 269

متفرقات مسائل المستحدثة........ 275

ص: 358

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.