كيف ولماذا أسلموا؟

هویة الکتاب

بطاقة تعريف: الحسیني الشیرازي، السیدمحمد، 1307 - 1380.

عنوان واسم المؤلف: کیف و لماذا اسلموا/ السیدمحمد الحسیني الشیرازي.

تفاصيل المنشور: قم : انتشارات دارالعلم، 1442 ق.= 1400.

مواصفات المظهر: [64] ص.؛ 14/5×21/5 س م.

ISBN : 978-964-204-607-2

حالة الاستماع: فاپا(چاپ دوم)

لسان: العربية.

ملحوظة : الطبعة الثانية.

ملاحظة: الببليوغرافيا مترجمة.

موضوع : المبتدئين المسلمين

Muslim converts

الإسلام والمسيحية

Islam -- Relations -- Christianity

ترتيب الكونجرس: BP228/6

تصنيف ديوي: 297/479

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 7539034

معلومات التسجيلة الببليوغرافية: فاپا

ص: 1

اشارة

يهدی ثواب

طباعة هذا الكتاب إلی الإمام علي الهادي (علیه السلام)

كيف ولماذا أسلموا؟

---------------------------------

آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمة الله)

الناشر: دارالعلم

المطبوع: 10000

المطبعة: احسان

الطبعة الثانية 1442ه ق

إخراج: نهضة الله عظيمي

---------------------------------

شابك 978-964-204-607-2

---------------------------------

النجف الأشرف: مكتبة الإمام الحسن المجتبى(علیه السلام) للطلب 07826265250

كربلاء المقدسة: شارع الإمام علي(علیه السلام)، مكتبة الإمام الحسين(علیه السلام) التخصصية

مشهد المقدسة: مدرسة الإمام الرضا(علیه السلام)، جهارراه شهدا، شارع بهجت، فرع 5

طهران: شارع انقلاب، شارع 12 فروردين، مجتمع ناشران، الطابق الأرضي، الرقم 16 و 18، دار العلمقم المقدسة: شارع معلم، دوار روح الله، أول فرع 19، دار العلم

قم المقدسة: شارع معلم، مجتمع ناشران، الطابق الأرضي، الرقم 7، دار العلم

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ}

سورة آل عمران، الآية: 19

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ ديناً}

سورة المائدة، الآية: 3

{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ}

سورة الأنعام، الآية: 125

{فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ}

سورة آل عمران، الآية: 20

ص: 3

ص: 4

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

هذا الكتاب (كيف ولماذا أسلموا؟) مجموعة من محاورات دارت بيني وبين جماعة من المسيحيين الذين جاؤوا إليّ زائرين، أو مسترشدين، أو مستفسرين، ثم اهتدوا إلى الإسلام، و - غالباً - كنت ألتزم في الحوار الطريق المؤدي إلى هدايتهم، سواء كان طريقاً برهانياً، أو خطابياً، وربما جدلياً إذا انساق الطرف الآخر في الجدل، كما كنت غالباً أتجنب الزاوية الحادّة.

والغريب في الأمر أني لم أجد - في كل المحاورات التي دارت بيني وبين العشرات منهم - معانداً واحداً حتى من حالة واحدة.

كما أن الظاهرة ذاتها كانت واضحة بيني وبين أصحاب المبادئ والمذاهب، فإني طوال خمس عشر سنة وبالأخص بعد انقلاب الرابع عشر منتموز(1)

إلى حين خروجي من كربلاء المقدسة إلى الكويت(2) التي حاورت وناقشت فيها مئات من الناس من شتى الألوان:

ص: 5


1- الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الكريم قاسم عام 1958م.
2- في 18/شعبان/1391ه ق.

كالمسيحي والصابئي والمنحرف والشيوعي والبعثي والوجودي والملحد والزيدي والبهرة، لم أجد إلاّ حالة واحدة فقط:

حيث حاورت مع شيوعي كان سكرتيراً للحزب في إحدى محافظات العراق، قاوم ذلك المحاور معه مقاومة عنادية.

أما المحاورات الكثيرة التي أجريتها مع الأفراد والفئات من الشباب حول العقيدة والشريعة ممن يحملون بعض الأفكار أو أخذوا ببريق الغرب أو الشرق، ولعلّي لا أبالغ إذا قدرتهم بعشرة آلاف.

وكثيراً ما كنت أصطدم بالمعاند، أو المتعصب وأقصد ب(كثيراً) خمسة بالمائة أو أربعة بالمائة، لكني لم أجد في كل تلك الأحوال حتى حالة واحدة كان للمتعصب حجة وإنما كان الهدف الذي يتوخّاه هو الذي يفرض عليه التشبث برأيه رغمانهيار مستنداته.

مثلاً: ذات مرة جاءني شاب شيعي جامعي ليأخذ رأيي في أحد المؤلفين؟

فقلت له: إني لا أرغب في هذا المؤلف، لأنه من المنحرفين عن علي أمير المؤمنين(علیه السلام) حيث يقول - والعياذ بالله -: أن {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى}(1) نزلت في علي حيث أنه - كما زعم - شرب الخمر فأكثر وصلّى فقرأ في صلاته: {قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ * لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ}!

قال الشاب: وليس من ذلك بأس، لأن المؤلف ينقل التاريخ.

ص: 6


1- سورة النساء، الآية: 43.

قلت له: وهل أنت تقبل ذلك؟ وأي تاريخ روى ذلك، وما هو الدليل على صحته؟

قال الشاب: ما كنت أظن أنك تجيب هكذا، ثم خرج وهو يهمس في أذن صديق له: لقد خاب ظني!

وناقشت أحد كبار علماء الزيدية، فقلت له: ما هو الميزان في معرفة الإمام؟ أليس النصّ والمعجز؟

قال: نعم.قلت: فالدليل الذي يدل على أن الحسن بن علي(علیهما السلام) إمام، هو الدليل نفسه الذي يدل على أن جعفر بن محمد الصادق(علیهما السلام) إمام.

فلم يحر جواباً، إلاّ أنه قال: من شروط الإمام أن يخرج بالسيف.

قلت له: وما الدليل الذي يدل على أن من شروط الإمام أن يخرج بالسيف؟

فلم يحر جواباً، ورغم ذلك جعل يقفز من كلام إلى كلام، وطالت المناقشة، واحتد حتى أنه قام من المجلس وخرج مهرولاً.

كما ناقشت أحد البُهرة من خريجي جامعة (صورت) الدينية الخاصة بالبهرة، والتي تخرّج المبلغين لهم، فقلت له: إنك شاب جامعي مثقف، وإنك تعلم أن الطرفين الذين يناقشان على شيء بالإثبات والنفي لابدّ وأن يكون أحدهما على خلاف الحق؟

قال: نعم.

قلت: فلابدّ إما إن الذي يقول: الأئمة ستة لا أكثر، أو الذي

ص: 7

يقول: إن الأئمة اثني عشر، أحدهما على الباطل.

قال: نعم.

قلت: فما الدليل على أن الأئمةستة؟

قال: إني غير مستعد للمناقشة.

قلت: لم؟

قال: لا، لا، لأن البحث حرام.

قلت: فمن يقول إنك على حق؟ وما جوابك عمّن يقول: لا إله في الكون، أو لا رسول، ثم إذا أردت أن تناقشه.

قال: لا أناقش لأن المناقشة محرمة؟

فلم يحر جواباً، وإنما احمر وجهه وقام وخرج.

ومن المؤسف حقاً أني لم أتمكن من تسجيل المناقشات والبحوث وحفظ خصوصيات الوقائع، وإلاّ لكان كتاباً واسعاً فيه بعض الإفادة.

كما أن مما يثير استغرابي أني في طول المدة وكثرة المناقشات، واللقاءات التي تمت بيني وبين أصحاب المبادئ والأفكار، سواء منها ما تم صدفة، أو عن قصد (حيث كنت أوصي أصدقائي أن يأتوني بكل من يجدون من السوّاح وأصحاب المبادئ والأديان الذين يتحرّون الحقيقة وكانوا يأتون إلي بكل رطب ويابس) لم أجد فيهم يهودياً واحداً، ولا بهائياً واحداً، أتمكن من مناقشته، ولا أعلم إن كان هذامن عدم حجة أو عدم استعداد أتباع هاتي الطريقتين لخوض المعارك الفكرية، أو عدم التقائي بهم كان بمجرد الصدفة.

ص: 8

وينبغي أن أقول تتميماً بهذا الصدد: إني لم أزل منذ سبع وعشرين سنة - منذ ألقت الرئاسة الدينية بأزمتها إلى يدي والدي(رحمة الله) بعد وفاة الآيتين المرحوم السيد أبو الحسن والمرحوم الحاج السيد آقا حسين القمي (رحمة الله عليهما) - ألتقي ببعض الوزراء والسفراء، والنواب وسائر الشخصيات السياسية، لمختلف البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، وكان كثيراً ما تدور بيننا مناقشات حول المواضيع الإسلامية، فكان الوالد(رحمة الله) يدير الجانب الإسلامي وأنا في ظله أو كنت أنا أديره، وفي طول هذه المدة وكثرة هذه اللقاءات، لم أشعر بالعجز في الفكر الإسلامي، وكثيراً كنّا نوفق لإقناع الآخرين بصحة رأي الإسلام ووجوب تطبيقه في الحياة، وأن الإسلام ككل أفضل الأنظمة والمبادئ المسعدة للبشر.

وإذا وفقني الله سبحانه في المستقبل، كتبت كتاباً يضم تلك المقابلات وما دارت فيها من المناقشات.والمقصود من هذه المقدمة، الإشارة إلى أن الإسلام لا ولن يمكن أن يُقهر في أي ميدان، وأنّ أصول الإسلام وفروعه لا يرقى إليها العجز حتى بمقدار جناح بعوضة، وأنه لا يمكن أن يكون أو يأتي دين يساير الحياة ويسعدها أفضل من الإسلام أو يساوي الإسلام في إسعاد البشر، وأن الناس لو علموا الإسلام كما أنزل، لتهافتوا على اعتناقه، باستثناء المعاندين - وهم أقل من القليل - وهذا ما لمسته أنا عملياً طوال مناقشاتي، كما أدركته عملياً طوال دراساتي.

ولذا فإني أدعو رجال العلم كافة إلى أن يستعدوا لخوض هذا الميدان

ص: 9

- ميدان المناقشة والحوار - ويجنّدوا أنفسهم لهذه الغاية النبيلة، لعل الله يرشد بهم إلى الحق وإلى صراط مستقيم أكثر فأكثر.والله الموفق وهو المستعان.

الكويت(1)

محمد بن المهديالحسيني الشيرازي

ص: 10


1- الكتاب كتبه المرجع الراحل(رحمة الله) في كربلاء المقدسة، ثم أضاف هذه المقدمة حين طباعته في الكويت.

1- إسلام دكتور أميركي

مدرس في كلية الطب ببغداد

كان من أصدقائنا من طلاب كليات جامعة بغداد ومن يحاور عن الإسلام، وذات يوم جاءني جماعة من طلاب كلية الطب، وقالوا: لنا أستاذ أميركي الجنسية، استخدمته الحكومة العراقية للتدريس، وهو رجل منصف، يتحرى الحقيقة، ويسأل كثيراً عن الإسلام، وهو معجب بالحياة الإسلامية.

وطلبوا مني موعداً لمقابلته - ولكنهم كانوا غير واثقين من اقتناعه بالإسلام - فعيّنت لهم موعداً قريباً وأردفت قائلاً: لعلّ الله يوفقه للإسلام، فضحكوا استغراباً من أن يسلم أستاذ أميركي.

قلت لهم: هل تستغربون لأن الإسلام غير قابل للقبول؟ أو لأنكم لا تثقون بقدرتي في بيان الإسلام وشرحه؟ أو أن الأميركي معاند لا يقبل، وإن ظهر له الحق؟

فسكتوا، إذ لم يكن في وسعهم أن يقولوا إن الإسلام غير قابلللقبول؟ أو يواجهوني: بأنك لا تقدر على الإقناع، أو لا تعرف الإسلام؟ أو يقولون: إن أستاذهم متعصب معاند بعد أن وصفوه بأنه منصف؟

ص: 11

ولكنهم لم يعرفوا كيف يتسنّى لهم - وهم طلابه - أن يحملوه على السفر من بغداد إلى كربلاء المقدسة. خاصة وهو لا يعتقد بالزيارة، فقلت: اعتبروها سفرة سياحية.

وصادف موعده يوم عيد، ولما جاء كان في حشد من المهنئين في المجلس، فرحّبت به، وبعد المجاملات سألته عن الأوضاع في بلاده، وأنه كيف وجد بغداد؟ وكيف وجد المسلمين؟

انتهزت فرصة إطرائه وثنائه على بغداد والمسلمين، فقلت له: إنك لم تر شيئاً عن الإسلام والمسلمين، وإلاّ لكنت أكثر إعجاباً.

قال: كيف؟

قلت: مثلاً، إن الإسلام يدفع إلى العلم دفعاً، حتى أنه يجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة(1).وذكرت له فضل العلم وثوابه في الإسلام، وأن الإسلام لم يدفع إلى العلم الديني فقط - كما يزعم البعض - بل حثّ على كل علم، حتى أن العلماء قالوا بوجوب تعلم الصناعات وجوباً كفائياً.

وهذا الحديث أيضاً يؤيد هذا، حيث لم يذكر متعلق العلم، وقال أهل البلاغة: (حذف المتعلق يفيد العموم) فإنه(صلی الله علیه و آله) قال: «طلب العلم...» ولم يقل (طلب العلم الديني، أو طلب علم القرآن، أو طلب الهندسة).

ص: 12


1- إشارة إلى الحديث النبوي الشريف حيث قال(صلی الله علیه و آله): «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة». كنز الفوائد 2: 107.

ويؤيد ذلك قول الإمام أمير المؤمنين(علیه السلام): «قيمة كل امرء ما يحسن»(1)

وقبل قول الرسول(صلی الله علیه و آله) وقول علي(علیه السلام)، قال القرآن الحكيم: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذينَ لا يَعْلَمُونَ}(2)؟ فهل يستوي من يعلم القرآن ومن لا يعلم؟ أم هل يستوي من يعلم الطب، الهندسة، علم الفلك، علم الذرّة، التاريخ، السياسة، ومن لا يعلم؟

فأبدى الدكتور بما قلت له أشدالإعجاب.

ثم قلت له: وأكثر من هذا فإن رسول الله(صلی الله علیه و آله) كان يطلب من الناس أن يجوبوا أقطار الأرض، وآفاق السماء وأعماق البحار لأجل تحصيل العلم، فقد قال(صلی الله علیه و آله): «اطلبوا العلم ولو بالصين»(3)

وأنتم تعلمون أن السفر من المدينة إلى الصين في الأزمنة القديمة، كم كان شاقاً؟ وكم كان يتطلب من الزمان؟ سنة أو أكثر، ثم الصين لم يكن فيها الإسلام، وإنما الأديان السابقة والعلوم الدنيوية، أليس هذا من أكبر الشواهد على أن الإسلام دين العلم، كل العلم، وأنه دين الحق؟ وإلاّ فلو كان باطلاً كان يحذّر من العلم، كما إنك تجد أن كل باطل يحذّر من النور ويركن إلى الظلام حتى لا ينكشف أمره.

ثم قلت: إن أول سور القرآن الحكيم (على ما يذهب إليه جماعة من العلماء) هو سورة (العلق) المفتتحة بقوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ

ص: 13


1- من لا يحضره الفقيه 4: 389.
2- سورة الزمر، الآية: 9.
3- روضة الواعظين 1: 11.

الَّذي خَلَقَ... الَّذي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ...}(1) وفي هذه السورة ذكرالله سبحانه (القراءة.. والكتابة) وهما أساس العلم.

وأكثر من هذا فإن النبي(صلی الله علیه و آله) قال: «لو كان العلم في الثريا لناله رجال من فارس»(2)

فلو فسّرنا الفارس كل غير عربي و(أن العجم تقابل العرب) لكان في هذا إشارة إلى ارتياد البشر الفضاء، ووصولهم إلى الثريا، وهي نجمة معروفة أبعد من القمر ومن الشمس ومن السيّارات كلها، ويمكن أن نقول: إن كلام الرسول(صلی الله علیه و آله) إنشاء في صيغة خبر، أي اذهبوا يا أهل العالم إلى الفضاء حتى تصلوا إلى الثريا، كما يقول علماء البلاغة: إذا قلت لولدي: تذهب غداً إلى المدرسة؟ كان معنى ذلك: اذهب غداً إلى المدرسة، أو قال التاجر لصانعه: لو كان الربح في بلد العدوّ، لحصّله ولدي، فإن معناه تحريض الولد بتحصيل الربح حتى من بلد العدوّ، وإنه قابل لهذا الأمر، ولذا نحن ننتظر أن يأتي يوم، يصل إليه البشر إلى الثريا.وأنتم تعلمون أن بعض الروحانيين من المسيحيين رفعوا عقيرتهم بالاعتراض على الروس حينما أرسلوا أول قمر لهم إلى الفضاء، بأن هذا تدخل في ملكوت الله تعالى، بينما رحّب بذلك علماء المسلمين، ورأوه تحقيقاً لما أخبره الرسول(صلی الله علیه و آله).

ص: 14


1- سورة العلق، الآية: 1-4.
2- انظر قرب الإسناد: 109، قول رسول الله(صلی الله علیه و آله): «لو كان العلم منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس».

وقلت: ثم إن علياً(علیه السلام) وهو تلميذ الرسول(صلی الله علیه و آله) ووصيه والمسلمون يعتقدون بأنه الإمام الأعظم والخليفة الأكبر، قال على منبر الكوفة «سلوني عن طرق السماوات فإني أعلم بها من طرق الأرض»(1).

ألا يدل ذلك على أن الإمام كان يعلم ذلك، وأنه وصل إلى ما وصل إليه البشر بعد أربعة عشر قرناً، في حال أن الفلاسفة، منذ خمسة آلاف سنة، كانوا يقولون باستحالة صعود الإنسان إلى الأفلاك، لأن الخرق والالتيام محالان عندهم.

وقد كان كل كلمة تقع في قلب الدكتور أشد الوقع، وكانت لها وقعة الصاعقة، وقد أخذت الكلماتبمجامع قلبه، وظهرت آثار الدهشة على أسارير وجهه ومختلف حركاته.

ثم قلت: وفي القرآن آية تفسّر بارتياد الفضاء، والغوص في أعماق البحار، والدخول في أعماق الأرض، وهي قوله سبحانه: {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ}(2) ويفسرون السلطان بسلطان العلم.

ودامت الجلسة أكثر من ساعة، وأخيراً قلت له: ألا تقتنع بعد ذلك بأن الإسلام دين سماوي، وأن محمد بن عبد الله(صلی الله علیه و آله) نبي من عند الله تعالى؟

ص: 15


1- انظر كشف الغمة 1: 130، وفيه: «سلوني عن طرق السماوات فإني أعرف بها من طرق الأرض».
2- سورة الرحمن، الآية: 33.

فأطرق الدكتور برأسه متفكراً، فاغتنمت عدم جوابه بالسلب، فقلت له، إني لأرجو أن تسلم وتزيد على مفخرتك العلمية، مفخرة الإيمان، فقد قال: سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ}(1) وأنت بحمد الله مرتفع برفعة العلم، وبقي عليك أن ترتفع برفعة الإسلام والإيمان.

ثم أكّدت له أن لا ضير عليه من الإسلام، فلمحت عليه القلقوالاضطراب، وأخذ يفكّر كثيراً.

ثم قال: وكيف أُسلم؟

قلت: تقول: (أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) وتضيف على ذلك: (أشهد أن علياً وأولاده الأحد عشر أولياء الله وخلفاء الرسول).

فأخذ يقول ذلك بلكنة مشوبة بالقلق والاندفاع - معاً - ثم طلب من أحد أصدقائنا وكان يقوم له بدور المترجم، أن يعين له ساعة في الأسبوع لتعليمه شرائع الإسلام ومزايا الدين، وهنأه الجميع على إسلامه، ووزعنا الحلويات بهذه المناسبة الطيبة وانفض الجميع على ترديد كلمة (الحمد لله ربِّ العالمين).

2- إسلام نسوة إيطاليات مثقفات

جاءني ذات يوم أحد البقالين من أصدقائي، وقال لي: إن لي زميلاً بقالاً له أخ درس الهندسة في إيطاليا هو واثنان من طلاب كربلاء، وقد

ص: 16


1- سورة المجادلة، الآية: 11.

تزوج المهندسون الثلاثة بإيطاليات مسيحيات، وقد حاول أخو البقال أن تسلم زوجته، لكنها رفضت وناقشت زوجها في صحة الإسلام فهي مثقفة بالثقافة العصرية والجامعية كزوجها المهندس، كماأنها مثقفة بالثقافة الدينية، حيث أن أباها من علماء المسيحيين، وقال صديقي البقال: فهل تقبل أنت أن نأتيك بالزوجين، لعل الله يوفقهما للإسلام على يدك؟

فعيّنت له موعداً، ولكنه أضاف قائلاً، إنها مثقفة بالثقافتين وقوية الحجة - كما يقول زوجها -؟

قلت: لعلّ الله يجري الحق على لساني.

ثم قلت لصديقي البقال: لكن من الأفضل أن يأتي المهندسون الثلاثة بزوجاتهم، فنتكلم مع الفتيات كلهن.

قال: أحاول، لكني أستبعد ذلك، إذ أن ما حفّز صديقي على محاولته إسلام زوجته أنه إنسان متدين محافظ، بالإضافة إلى أن له والدة عجوزة هي تصر على ذلك، أما الأخوان فهما ليسا بهذا المثابة.

قلت: ولكن حاول، وفي المثل: (حاول تنجح).

فقبل الصديق البقال أن يحاول بواسطة صديقه المهندس.

ذهب صديقي البقال، وجاء بعد أيام يقول لي: هل لك موعد هذه الليلة مع أحد حتى نؤخر موعدنا، أم نأتي بهم بعد صلاة العشاء؟

قلت: أهلاً ومرحباً، فليتفضلواهذه الليلة.

وبعد صلاة العشاء ذهبنا إلى الدار، وجاء المهندسون الثلاثة مع زوجاتهم وصديقي البقال، وصديقه البقال الآخر الذي هو أخ

ص: 17

للمهندس، وكان الأزواج واسطة في الترجمة.

قلت للفتيات: ما دينكن؟

قلن: نحن مسيحيات.

قلت: ولماذا صرتن مسيحيات؟

فانبرت الأولى، وأخذت هي دفة الكلام إلى الأخير لتقول: إن المسيح هو ابن الله.

قلت: ومن قال إنه ابن الله؟

قالت: كل الناس.

قلت: كلا، ألا تعلمين أن نفوس العالم أكثر من ثلاثة آلاف مليون، وأن المسيحيين - حسب ما يقال - ثمانمائة مليون فقط، فمعنى هذا أن أكثر من ألفي مليون لا يعتقدون بأن المسيح ابن الله.

فسكتت الفتاة، ولم تحر جواباً.

ثم أردفتُ: إن المسيحيين لا يعتقدون كلهم بأن المسيح هو ابن الله، بل كثيرون منهم يقولون: إنه بشر.

قالت: وهل تتمكن أن تقول أن هذه الملايين من المسيحيين وفيهم العلماء، والزهاد، والرهبان،وأصحاب الفضيلة يكذبون في قولهم: إن المسيح ابن الله؟

قلت: وهل يمكن أن نقول: إن أكثر من ألفي مليون بشر غير المسيحيين - وفيهم العلماء، والزهاد، وأصحاب الفضيلة والتقوى - كلهم يكذبون بأن المسيح ليس إبناً لله؟

فسكتت برهة، لكنها أردفت: حسناً فمن أين تثبت أن (محمداً)

ص: 18

نبي، وتدعوني إلى اعتناق دينه؟

قلت لأنه أتى بالمعجزة، وادعى النبوة، ولم تكن دعواه خلاف العقل، لذا صدّقنا به.

قالت: إشرح البنود الثلاثة.

قلت:

1- أما إنه ادعى النبوة فشيء واضح، وأنت أيضاً تعترفين بأن (محمداً) (صلی الله علیه و آله) ادعى النبوة.

قالت: نعم.

2- وأما أنه أتى بالمعجزة، فيكفيك القرآن الحكيم، الذي تحدّى العالمين بأن يأتوا بسورة من مثله فلم يقدروا.

قالت: ولماذا لم يقدروا؟

قلت: كما أن المسيح أحيى الموتى، ولم يقدر اليهود أن يأتوا بمثل ذلك.

قالت: القرآن كلام.قلت: نعم، لكنه كلام فوق كلام الناس، ولذا لم يقدر الناس أن يأتوا بمثله، ولو لم يكن محمد(صلی الله علیه و آله) نبياً لم يتمكن أن يأتي بما هو فوق كلام الناس.

3- وأما أن دعواه لم تكن خلاف العقل، فلأنه قد يدعي إنسان شيئاً ويأتي بالخوارق، ولكن دعواه خلاف العقل فإنه دليل على أن خارقه ليس شهادة من الله سبحانه.

مثلاً: إذا ادعى إنسان أن الشمس تولد البرودة، وأتى بخارق لإثبات

ص: 19

دعواه، كما لو سبب انكساف الشمس، لابدّ لنا أن نقول، إن كسفه للشمس ليس إعجازاً من الله سبحانه، بل إنه بسحر، أو تصرف في العين، أو عمل صناعي، ومن المعلوم أن دعوى الرسول(صلی الله علیه و آله) لم تكن خلاف العقل.

قالت الفتاة: وإذا لم يكن المسيح ابن الله فابن من كان؟

قلت: هل سمعت باسم آدم وحواء؟

قالت: نعم، إنهما أول الخليقة - كما في الكتاب المقدس -.

قلت: فمن هو والد آدم وحواء؟

قالت: لا والد لهما!

قلت: فكيف جاءا إلى الحياة؟

قالت بإذن الله تعالى.

قلت: فالمسيح أيضاً جاء إلىالحياة - لا والد له - بإذن الله تعالى، فسكتت.

وحيث إن الكلام كان قد أثر فيهن، فكرت أن أعمل شيئاً عاطفياً، واتخذت الأسلوب من المحقق نصير الدين الطوسي(رحمة الله) حيث يحكى: إن المحقق كان يحبب الإسلام إلى الملك المغولي (هولاكو) بكل مناسبة، ويعظم الإسلام في نظره، وذات مرة قال الملك للمحقق، ائتني بكتابك القرآن لأرى ما هو؟

قال المحقق: كتابي لا يؤتى به بهذا السهولة، إنه كتاب عظيم وسأكتب إلى المركز الذي يوجد فيه هذا الكتاب ليأتوا به.

قال الملك: فافعل.

ص: 20

فأمر المحقق أن يكتبوا القرآن على ألواح ضخمة، بخط كبير حتى كملت الكتابة، وحملت الألواح على مائة بعير.

قال المحقق للملك: لنخرج اليوم إلى خارج البلد لاستقبال الكتاب فخرج الملك، والقوّاد، والجيش إلى خارج البلد، وإذا بهم يرون قافلة من البعران عليها الألواح!

فلما رأى المحقق الكتاب ألقى بنفسه من راحلته إلى الأرض شاكراً لله تعالى، وأشار إلى الملكوحاشيته أن يفعلوا مثل ذلك.

وبهذا الأسلوب أدخل المحقق عظمة الإسلام في نفس الملك وحاشيته مما سبب تقليلهم من التعدي.

وإني أردت أن أعمل بنفس الأسلوب، فقلت للفتيات: إن الإسلام أتى ليعظم المسيح وأُمه مريم، وأخذت أُثني على مريم ثناء بالغاً، ثم قلت: وما يمنعكن أن تدخلن في دين يعظم نبيّكم ويعظم أمه؟

وواصلت الكلام بشكل عاطفي، وقد دهشن لقول: إن الإسلام يعظم المسيح وأُمه.

قلت: والآن أنا آتيكم بكتابنا العظيم القرآن الحكيم لتروا بأمِّ أعينكم أن القرآن يعظم المسيح وأُمه، حتى أن القرآن خصص سورة كاملة باسم مريم الطاهرة.

ثم قمت: وأتيت بقرآن كبير الحجم - حسب أسلوب المحقق - وأخرجت (سورة مريم) وأريت السورة لهن، وأخذت أورق السورة ورقة ورقة، وأريهن فوق الصفحة حيث كتب (سورة مريم).

وهذا الأسلوب العاطفي - بعد ذلك الاحتجاج - أدى إلى قبولهن

ص: 21

الإسلام فلقّنتهن: (أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأشهد أنعلياً وأولاده المعصومين خلفاء رسول الله).

وقلن الشهادات بلكنة، ثم قلن تفسيرها بلغتهن.

ثم وزّعت الحلويات، ووجهت الأزواج على تعليمهن معالم الإسلام، وقدمت لهن كتباً في أصول الدين، وفروعه كهدية.

وأظن أن الجلسة كانت ثلاث ساعات.

3- إسلام مسيحي مهندس

موظف في العراق

جاءني ذات يوم أحد أصدقائي من أهل العلم، وقال لي: إن هناك مهندساً مسيحياً، مستخدماً في العراق، صادقت معه بواسطة أحد أصدقائي وقد أراد المسيحي أن يناقشني حول الإسلام، لكني أحجمت عن البحث معه لأني لا أعرف من المسيحية شيئاً، ولم أطالع الردود، فأخشى أن أصاب بالفشل، وذلك يسبب أن يظن المسيحي أن الإسلام لا أساس له، فهل لك أن آتيك به لتناقشه؟

قلت: لا بأس بذلك.

وبعد أيام جاءني به ليلاً بعد الصلاة، وبعد التعارف قال لي: أنتتعتقد بالإسلام كدين؟

قلت: نعم.

قال: وتعتقد بمحمد نبياً من عند الله؟

ص: 22

قلت: نعم.

قال: وتعتقد أن دينه أفضل من المسيحية؟

قلت: نعم.

قال: وتعتقد أن من لم يؤمن بالإسلام دخل النار؟

قلت: الناس الذين لا يعترفون بالإسلام على قسمين:

الأول: من لا يعتقد لأنه لا يعلم بالإسلام، وهؤلاء يجري عليهم الامتحان يوم القيامة، فإن نجحوا في الامتحان دخلوا الجنة، وإن رسبوا في الامتحان دخلوا النار.

الثاني: من لا يعتقد - لا جهلاً به - وإنما عرف الإسلام ثم رفضه فهو معاند، ومصيره إن لم يتب إلى النار.

قال: فألف مليون مسيحي يدخلون النار؟

قلت: أنا لم أقل ذلك، بل قلت: أن المعاند منهم يدخل النار، أما القاصرون - وما أكثرهم - فامتحانهم يوم القيامة.

قال: أنا لم أسمع بهذا الكلامإلاّ منك، بل سمعت من جماعة أن كل المسيحيين يدخلون النار!

قلت: إن ما قلت أنا هو رأي المسلمين، وقد ذكروه في كتبهم الكلامية والفلسفية.

قال: إذن يذهب جماعة من المسيحيين إلى الجنة؟

قلت: أما المسيحيون قبل ظهور الإسلام فكل مؤمن مطيع منهم يدخل الجنة، وأما المسيحيون بعد ظهور الإسلام، فمن نجح منهم في الامتحان يوم القيامة يدخل الجنة.

ص: 23

قال المسيحي: وهل أنت تعرف المسيحية؟

قلت: نعم.

قال: من أين تعرفها؟

قلت: بمطالعتي للكتب المسيحية، ومناقشتي مع العلماء حولها.

قال: وكيف لا تقبل المسيحية وأنت تعلم عظمة المسيح؟

قلت: إني أعلم عظمة المسيح، وأعظمية محمد(صلی الله علیه و آله)، ولذا أؤمن بالمسيح وأؤمن بمحمد بعد المسيح.

قال: إذن لا نختلف حول المسيح.

قلت: نعم.

قال: فمن أين لك أن تثبت نبوة محمد؟

قلت: الدليل الذي دلّ على نبوة عيسى هو بنفسه دل على نبوةمحمد(صلی الله علیه و آله).

قال: كلا، فإن المسيح ابن الله، ومحمد إبن عبد الله.

قلت: ماذا تعني بأن المسيح إبن الله؟ هل معنى ذلك أن الله أولد المسيح عن طريق مريم كما يولد أي رجل إبنه عن طريق زوجته؟ أو تعني شيئاً آخر؟ وما هو ذلك الشيء الآخر؟

وهنا احمر وجه المهندس، وأطرق يفكر، وبعد دقائق رفع رأسه يقول: هذا فوق الفكر والعقل.

فقلت: كيف تؤمن أنت بدين لا يصل إليه عقلك!

والآن أضرب لك مثلاً: إذا جاءك إنسان وقال لك: أنا نبي من عند الله ويلزم أن تقبل كلامي، ولما طلبت منه الدليل، قال: دليلي فوق

ص: 24

العقل ولا يصل إليه عقلك.

ألست تضحك منه؟

ثم أردفت قائلاً - يا أستاذ -: الإنسان لا يؤمن بما لا يصل إليه عقله.

قال: فكيف تؤمن بالإله، ولا يصل إليه عقلك؟

قلت: أعلم أن للكون إلهاً، ولا أعرف حقيقته، كما أؤمن بهذا الكهرباء - وأشرت إلى المصباح الكهربائي - ولا أعرف حقيقتها.قال: كل المسيحيين يقولون: المسيح ابن الله.

قلت: أولاً: لا يقول كلهم بذلك.

وثانياً: ليس قولهم حجة، وإلاّ فكل المسلمين يقولون: المسيح ليس ابن الله!

قال: فأنت من أين تثبت أن المسيح نبي الله؟

قلت: لأن القرآن، والرسول(صلی الله علیه و آله) صدّقا نبوة المسيح، ولذا إني أؤمن به.

قال: فلنفترض أن محمداً والقرآن لم يصدّقا بنبوة المسيح، فهل كنت لا تعترف به.

قلت: قطعا ما كنت أعترف به.

قال: ولم؟

قلت: لأن الدليل على نبوة المسيح إما قول المسيحيين: أو الإنجيل، وكلاهما لا يصلحان دليلاً.

قال: ولماذا؟

قلت:

ص: 25

1- أما الإنجيل ففيه أشياء مخالفة للعقل، لا يمكن أن تكون كلام الله سبحانه.

قال: مخالفة للعقل؟

قلت: نعم!

قال: مثل ماذا؟

قلت: إني لا أحب أن أُجرح عاطفتك، لكن أنظر كتابي(ماذا في كتب النصارى) لترى أن الكتابينسب المسيح إلى أنه من أولاد (الزنا) - والعياذ بالله -.

وهنا عض المسيحي المهندس إصبعه بأسنانه، وقال لا يكون هذا ابداً، فأخرجت (الكتاب المقدس!) وأريته ما قلت، فدهش!

ثم أردفت: وهناك أشياء وأشياء تطلع عليها في المستقبل إن شاء الله تعالى.

قلت: أرجو المعذرة من قسوة كلامي، فأنت اضطررتني إلى هذا الكلام، وإلاّ فالمسيح عندنا نبي من أولي العزم، طاهر صدّيق، يجب الإيمان به، كما يجب الإيمان بمحمد(صلی الله علیه و آله).

2- وأما قول المسيحيين فذلك لا يكون حجة لأن هناك أقوال أكثر من أقوال المسيحيين، تنكر نبوة المسيح.

مثل (اليهود) و(البوذيين) و(المجوس) (الكونفوشيوسيين) وغيرهم.

وإذا تضاربت الأقوال سقطت كلها.

وعليه: فإيماني بالمسيح(علیه السلام) من قول محمد(صلی الله علیه و آله)، وشهادة القرآن.

قال: إذن فما ترى؟

ص: 26

قلت: أرى أنت وأنا لنفترض أننا ولدنا من جديد، ونطلبالدين، ونقلع عن سوابق تقاليدنا وأفكارنا لنرى ما هو الدين الذين ينبغي اعتناقه.

قال: طيب، إذن كيف نصل إلى الحق؟

قلت: هناك كتابان: أحدهما (الكتاب المقدس!) والثاني (القرآن الحكيم) والأول لا يصلح أن يكون كتاباً دينياً لما فيه من الأشياء المخالفة، فهو إما من أصله غير صحيح، وإما كان أصله صحيحاً وإنما جرت فيه يد التحريف - على كل حال - لا يصلح للاستناد.

إذن: بقى القرآن الحكيم؟

قال: ولعلّ هناك دين آخر غير دين القرآن، فماذا الذي يقنعني أن القرآن صحيح حتى أؤمن به، وأؤمن بالنبي الذي جاء به؟

قلت: لقد أنصفت، فاسمع الدليل على صحة القرآن:

إن القرآن قال في إحدى آياته: {وَإِنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقينَ}(1).

وقد كان العرب أهل فصاحةوبلاغة، ومحمد(صلی الله علیه و آله) أحدهم، ولم يكن يعرف القراءة ولا الكتابة - حسب الظاهر - إذ لم يتعلم عند أحد، فلو كان إنساناً عادياً لتمكن العرب من معارضة القرآن، فعدم تمكنهم دليل على عدم قدرة البشر عليها، وهذا يكفي للدلالة على أنه من عند

ص: 27


1- سورة البقرة، الآية: 23.

الله تعالى.

قال: لعلّ بعضهم جاء بمثل القرآن ولم يصل إلينا.

قلت: إن كان جاء بمثل القرآن لتحفظ عليه اليهود والنصارى، لتوفر داعيهم لذلك، حيث إنهم كانوا يريدون نقض كلام الرسول(صلی الله علیه و آله) وهذا دليل على عدم إتيانهم.

وفي المثل: (عدم الوجدان - في مورد الوجدان - دليل عدم الوجود).

أو المثل الآخر: (عدم الدليل، دليل العدم).

فأنك إذا لم تجد في هذه الغرفة إنساناً دليل عدم وجوده في هذه الغرفة.

قال: فماذا ترى؟

قلت: أرى أن تؤمن بمحمد(صلی الله علیه و آله).

قال: فهل ينافي إيماني بمحمد إيماني بالمسيح؟

قلت: كلا، بل الإسلام يؤكد نبوةالمسيح، ويجعله أحد خمسة أنبياء بعثوا إلى شرق الأرض وغربها، ويسمون ب (أولي العزم).

قال: من هم الخمسة؟

قلت: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد(علیهم السلام).

ثم أخذت أُشجعه، وقد وفقه الله سبحانه فأسلم، وأجرى الشهادتين، وأردفهما بالشهادة لعلي وأولاده الأحد العشر(علیهم السلام) بالولاية.

وطالت الجلسة ما يقارب الساعة والنصف.

4- إسلام فتاة ألمانية

في ظهر يوم من أيام شهر رمضان المبارك، رجعت بعد صلاة الجماعة

ص: 28

إلى الدار وقد كنت في غاية الرهق والعنت، وحيث كنت قد جلست في الصحن المقدس بعد صلاة الظهر ما يقارب الساعة أجيب على الأسئلة، وأتكلم مع الناس في مختلف الشؤون، وحاولت أن آخذ قسطاً من الراحة، فإذا بطارق يطرق الباب، ولم يكن أحداً حاضراً هناك.

ففكرت ألاّ أجيب الطارق، ثم قلت في نفسي لعلّ له حاجة أثاب في قضائها، وترددت ثانياً ثم تذكرت أنني على موعد مع أحد المسؤولين من بغداد للبحث حول طلب كنت قدتقدمت به لاستيراد (إذاعة محلية) وفتح كلية باسم (كلية القرآن الحكيم) إلى سبعة مواد أخر، والساعة كانت تشير إلى قرب الموعد. وكنت لا أريد أن أقابله إلاّ بعد أن آخذ قسطي من الراحة، بالإضافة إلى أنه لم يأت بعد أحد من زملائي الذين أقابل معهم المسؤولين عادة - لأني لا أحب أن اجتمع بمسؤول رسمي إلاّ مع جماعة من الأصدقاء لأن لا يكون المجلس سرياً، بل علنياً وقد جرت عادتي غالباً أن لا اجتمع بمسؤول كبير إلاّ مع صديق أو أصدقاء.

على كل حال قمت متثاقلاً، وفتحت الباب، فإذا رجل كهل عمره الستين، سلّم وقال: أنا وعائلتي قصدناك من الكاظمية، فهل لك أن تستقبلني في هذا الوقت؟

قلت: خيراً؟

قال: إن لي ابناً درس في ألمانيا، ومنذ مدة رجع ومعه زوجة مسيحية ألمانية، وقد تكلمنا نحن - أنا ووالدته - معها لتسلم، لكنها تقول: أقنعوني بأن الإسلام حق، وكلما نحاول إقناعها لا تقبل، ولا تناقش.

وأخيراً اتفقنا عليك، وقصدناكمن الكاظمية حيث أن اليوم جمعة

ص: 29

وعندنا عطلة.

فرحبت به، وقلت له: تفضلوا.

فذهب غير بعيد - حيث كان قد أوقف سيارته في الشارع - وجاء هو وزوجته، وولده وزوجته الألمانية إلى الدار.

ثم قلت لها: تفضلي، فقدم الشاب نفسه كمترجم.

قالت: إن زوجي وأباه وأمه يدعونني إلى الإسلام، وأنا لم أر شرّاً من المسيحية حتى أبدل عن ديني، وأنا امرأة محافظة متدينة، قرأت الكتاب المقدس، وأحضر الكنيسة، عائلتي كلهم متدينون محافظون، فهل ترى أنت أن أترك ديني وأدخل الإسلام؟ لم؟

ثم أردفت قائلة: هل أنت تبدل دارك إلى دار أخرى، إذا كانت دارك جميلة لا عيب فيها؟

قلت لها (وأنا أتحرى الكلام حسب مدركها، وبمنهاج مقنع لها): - أنا لا أدعوك أن تتركي دينك، بل أدعوك إلى أن تضيفي إلى جمال دينك جمالاً آخر، وهو جمال الإسلام، كما لا أدعوك إلى أن تبدلي دارك إلى دار أخرى، بل أدعوك لتضيفي إلى دارك طابقاً أعلى أقرب إلىالهواء، والدفء والضوء.

قالت - وهي مستغربة - أليس الإسلام والمسيحية عدوّان لايجتمعان؟

قلت: كلا، بل مثال الدينين مثال الابتدائية والثانوية، فأنا أدعوك إلى إكمال دراستك الثانوية بعد أن أكملت دراستك الابتدائية.

قالت: كيف أصدق كلامك، وقد تعلمت منذ صغري في البيت، وفي المدرسة، وفي كل المجتمع: أن الإسلام عدوّ المسيحية، وأن

ص: 30

محمداً(صلی الله علیه و آله) عدو المسيح، وأن المسلمين أعداء المسيحيين؟

قلت: إن كل ما سمعت بالعكس، فالإسلام صديق المسيحية، بدليل قول القرآن الحكيم: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا... وَما أُوتِيَ مُوسى وَعيسى}(1) و(محمد) (صلی الله علیه و آله) صديق المسيح، لأن القرآن الحكيم يقول: {مَا الْمَسيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}(2).

والمسلمون أصدقاء المسيحيين، بدليل قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ قالُوا إِنَّا نَصارى}(3).فهل بعد هذه الآيات الواردة في نصّ القرآن الحكيم يصح كلامك الذي سمعتيه، أم كلامي الذي تسمعينه الآن.

فاستغربت كلامي استغراباً شديداً، والطريف: أن عائلة الزوج أيضاً استغربوا كلامي.

وقالوا: إنّا لم نسمع بمثل كلامك إلاّ الآن، بل كنّا نظن كما تقول هي.

قلت: هذا من ضعف تبليغنا نحن المسلمين في الداخل، والخارج، والله المستعان.

قالت: الآن صدقت كلامك، حيث جئت بالشاهد من القرآن

ص: 31


1- سورة البقرة، الآية: 136.
2- سورة المائدة، الآية: 75.
3- سورة المائدة، الآية: 82.

نفسه، ولولا ذلك لكنت أقول: إن قولك لأجل دفعي إلى الإسلام وليس له أساس من الواقع، الآن بيّن لي كيف أن الإسلام بعد المسيحية كالثانوية بعد الابتدائية؟

قلت: أنت مسيحية، وتعلمين أنت أن المسيحية عبارة عن مجموعة من الأخلاقيات فقط.

قالت: نعم.

قلت: لكن الإسلام أضاف على الأخلاقيات شؤوناً أخرى، كما أن الثانوية تزيد على الابتدائية بعلوم أخرى.

قالت: مثلاً؟قلت: السياسة، الاقتصاد، التربية، الجيش، المال، وغيرها.

قالت (وهي مستغربة): هل في الإسلام هذه الأمور؟

قلت: نعم، ولم لا؟

قالت: لأني كنت أسمع أن الإسلام مجموعة خرافات، وتحريفات لليهودية والنصرانية.

قلت: كلا بالعكس، فإن الإسلام هذّب المسيحية واليهودية عن الخرافات ولذا ورد في القرآن الحكيم {مُهَيْمِناً عَلَيْهِ}(1) أي حافظاً عن التحريف والزيادة والنقيصة.

قالت: الآن حدث لي سؤالان:

قلت: ما هما؟

ص: 32


1- سورة المائدة، الآية: 48.

قالت:

الأول: ما هي الخرافات اليهودية والمسيحية؟ وهل في المسيحية خرافات؟

قلت: أنا لا أحب أن أخوض في هذا المجال، لأني لا أريد أن أجرح عاطفتك فلا نصل إلى نتيجة، لكن أذكر لك - من باب المثال -: إن المسيحيين يقولون بالتثليث، ويقولون: إن الثلاثة واحد، فهو ثلاثة وهو واحد - في عين الحال -فهل هذا يمكن؟

قالت: ما المانع منه؟

قلت - وقد أخذت ثلاثة كتب -: هذه ثلاثة أم واحد؟

قالت: ثلاثة.

قلت: إذا جاءك إنسان وقال: ثلاثة وواحد، فما موقفك منه؟ ألا تقولين له: كلا لا يمكن أن يكون الواحد ثلاثة؟

فتهلّلت أساريرها، وكأنها تسمع هذا الكلام لأول مرة.

قالت: وكيف يعتقد بهذا المسيحيون؟

قلت: سليهم، أنا لا أعلم، وإنما الذي أعلم أن هذا الكلام غير صحيح.

قالت: أما السؤال الثاني: فقد ذكرت أن في الإسلام كل شيء، أليس الإسلام دين؟ وأي ربط بين الدين وبين السياسة والاقتصاد؟

قلت: الدين كل شيء، وإنما المسيحية حيث حرفت لم يبق منها إلاّ مجموعة تعاليم أخلاقية فقط.

قالت: فهل بإمكانك أن تمثل لي مثالاً واحداً فقط؟ حول أن

ص: 33

الإسلام يشمل على الاقتصاد مثلاً ولو كان لآمن بالإسلام كل الألمان.

قلت: خذي من القرآن الحكيم:

{وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّلِلَّهِ خُمُسَهُ}(1).

{إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ...}(2).

{وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا...}(3).

{يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}(4).

ثم أخذت أشرح هذه الآيات شرحاً يلائم مستواها، مما يرتبط بكلامنا حول الاقتصاد.

قالت: إني اقتنعت بالإسلام، ولكن بقيت لي مسألة واحدة إن أجبت عليها أسلمت، وإلاّ لا أسلم مهما ظهر لي صدق الإسلام، وقد سألت زوجي وغيره عن هذه المسألة فلم يقنعني أحد بجوابه.

قلت: وما هي؟ (وحبست أنفاسي أن تكون مسألتها للتهرب وإضاعة الوقت).

قالت: أنا منذ دخولي في العراق يأمروني أهلي بالعباءة، فإذا كانت العباءة من الإسلام فأنا غير مستعدة لأن أسلم.

قلت: أ رأيت بائع المجوهرات كيف يحفظ مجوهراته في الصناديق

ص: 34


1- سورة الأنفال، الآية: 41.
2- سورة التوبة، الآية: 60.
3- سورة البقرة، الآية: 275.
4- سورة المائدة، الآية: 1.

والقاصات؟قالت: نعم.

قلت: ولماذا؟

قالت: خوفاً من اللصوص.

قلت: وهنا هو سر الحجاب عندنا نحن المسلمين، إنك فتاة، وتعلمين أن في كل مجتمع لصوص للأعراض مثل اللصوص للمجوهرات، فالإسلام يأمرك بالحجاب لأجلك، ولعفتك وشرفك.

قالت: هذا جواب مقنع، ولكن إذا كان كذلك فلماذا أرى في التلفزيون نساءً سافرات، أليس هذا البلد بلد الإسلام؟

قلت: ألمانيا بلدكم مستقلة أو تحت الاستعمار؟

قالت: بعد الحرب العالمية الثانية وقعنا تحت نير الاستعمار!

قلت: فالمستعمرون يتركونكم وما تشاءون؟ من تقديم بلادكم وتطبيق أنظمتكم؟

قالت: كلا. وألف كلا.

قلت: ونحن منذ خمسين سنة واقعون تحت نير الاستعمار، ومناهجنا بأيديهم، بدون اختيار منّا.

قالت: كلام صحيح.

ثم أظهرت الإسلام، واستشهدت الشهادات الثلاث، واستبشر أفراد عائلتها لإسلامها.وأرادوا أن يقدموا لي نقوداً (لا أعلم كم كانت) لكني أبيت القبول.

وقد استغرقت المقابلة ساعتين ونصف تقريباً.

ص: 35

5- إسلام شاب أمريكي

جاءني ذات يوم إنسان غربي في زي الهيبيين(1) برفقة شاب كربلائي.

فسألته: أين التقيت بهذا الشاب الغربي؟

قال: إنه بنفسه طلب إليّ أن آتي به إلى عالم إسلامي، لأنه له أسئلة حول الإسلام، فجئت به إليك.

فرحّبت بالشاب الغربي، وسألته عن اسمه وبلده وسبب زيارته للعراق ولكربلاء بالذات ومستواه الثقافي وعمله.

فأجاب بأنه شاب أمريكي درس الديانات كلها، وهو خريج إحدى الجامعات، وجاء إلى العراق سائحاً، وإلى كربلاء لأنها إحدى المدن العراقية، ثم أردف: إنه يحب الإسلام لأنه رآه أقرب الأديان إلى العقل، ولكن له أسئلة إناقتنع بأجوبتها أعتنق الإسلام وترك المسيحية.

قلت: ولماذا تترك المسيحية؟

قال: أغلب الشباب في أمريكا لا يؤمنون بالمسيحية إيماناً عن الصميم، خصوصاً: أصحاب الثقافات العالية منهم، لأنهم يرون في المسيحية طقوساً فارغة، ويجدون بعض كبار رجال المسيحية أناساً لا أخلاق لهم (وكان قاسي التعبير عن المسيحية والمسيحيين).

قلت: إذا كان ما تقول فلماذا لا يرفض الشباب المسيحية؟

قال: أولاً: قد رفض كثير منهم المسيحية.

ص: 36


1- الهيبيز جماعة ظهرت في ستينيات القرن المنصرم وعرفوا بتمرّدهم على القيم وكان شعارهم إطالة الشعر وعرفوا بالخنافس.

وثانياً: إن غير الرافض إنما بقي لأجل أحد الأمرين - على الأغلب - إما لأجل التقليد واتباع طريقة الآباء، وإما لأجل تطويق الإلحاد حذراً من تغلب الشيوعية في البلاد، لأنهم يجدون في المسيحية العائق الوحيد في النفوس أمام تيار الإلحاد الذي يهددهم حكومة واقتصاداً وحرية ونظاماً موروثاً في البلاد.

قلت: فلماذا لا يقلبون بالإسلام ديناً؟

قال: لأنه مشوّه عندهم وممسوخ،وليس هناك دعاة يحملونه إليهم في صورة صحيحة حتى يرو جماله.

قلت: وأنت تعترف بجمال الإسلام؟

قال: نعم، لكنه جمال مشوّه.

قلت: وما هو التشويه فيه؟

قال: ولهذا جئتك أسألك عن مسائل.

قلت: وهل سبق لك أن سألت أحد علماء الإسلام؟

قال: كثيراً، ولكن لم أقتنع بهم.

قلت: هل تعرفني من ذي قبل؟

قال: لا، لكني رأيت هذا الشاب (الكربلائي) يتابعني في الشارع، فسألته عمّا إذا كان لديكم عالم يتمكن من جواب الأسئلة، فأجاب بالإيجاب ولذا جئتك.

وكان الشاب الأمريكي يعرف اللغة العربية معرفة بدائية، ولذا كنت أجيب أنا بنفسي على أسئلته، اللهم إلاّ ما لا يعرفه حيث يجيبه بعض الأصدقاء الموجودين ممن كانوا يعرفون الإنكليزية.

ص: 37

قلت: تفضل بالسؤال.

قال: بأي دليل تقولون أن الله موجود؟

قلت: بدليل الأثر، فإن كل أثر يدل على المؤثر، ثم أردفت: إنك تعلم أن أمريكا خصصت ثلاثمائة ألفعالم لأجل الفضاء، وخصصت مئات الملايين من الدولارات لأجل الأقمار، فهل يمكن القول بأن القمر الأمريكي له صانع، ثم: تنكر أن القمر المنير الذي هو أعظم ملايين المرات من القمر الأمريكي، ليس له صانع؟

فاستحسن الجواب ثم قال: فلماذا لا نراه؟

قلت: وهل كل شيء موجود يرى؟

قال: أنا مؤمن بالحسّ.

قلت: كلا، فإنك مؤمن بالحسّ والعقل معاً.

قال: كيف؟

قلت: أتؤمن بالعقل، وبالروح، وبالجاذبية، و...؟

قال: نعم.

قلت: وهل رأيت العقل؟ وهل رأيت الروح؟ وهل رأيت الجاذبية؟

قال: لا.

قلت: إذن أنت مؤمن بما لا يدركه حسك وإنما يدرك حسك آثاره.

قال: جواب حسن.

ثم قال: من أين تقول بنبوة محمد(صلی الله علیه و آله)، وظاهر أنه ليس بنبي؟

قلت: وكيف تستدل بأنه ليس بنبي؟

قال: إنه قام بالسيف، ومن المعلوم أن الله الرحيم لا يسلطالسيف

ص: 38

على عباده.

قلت: أولاً: هل تقول أنت بنبوة موسى(علیه السلام)؟

قال: نعم؛ قلت: فإنه - كما في العهد القديم(1) - قام بأبشع من السيف، إذ أمره الله أن يحرق المدن التي يستولي عليها، ولا يبقي فيها حتى حيوان.

قال: ولذا أنا جئت أطلب ديناً آخر لأني أرى خرافة ما في العهدين.

ثم قلت:

ثانياً: وهل أنت طالعت حروب نبي الإسلام، حيث أن كلها كانت دفاعية، ولم تكن للنبي حتى حرب واحدة هجومية؛ قال: لأول مرة أسمع هذا الكلام منك؛ قلت: راجع التاريخ الصحيح لترى أن هذا الكلام منذ أربعة عشر قرناً، ثم أعطيته كتابي: (في ظلّ الإسلام) حيث وردت فيه حروب رسول الله(صلی الله علیه و آله) بصورة مجملة، فأخذ يطالعها بإمعان، ويساعده المترجم.

وهنا: انصرفت إلى بعض المؤمنينالموجودين، وبعد مدة واستغراب منه كيف أن التاريخ مشوّه لديهم؟!

قال: حتى لو اقتنعت بأن محمداً(صلی الله علیه و آله) لم يقم بالسيف لكن من أين أنه نبي؟

قلت: ومن أين تثبت أن المسيح نبي؟

ص: 39


1- انظر العهد القديم: سِفر العدد: الإصحاح الحادي والعشرون والخامس والعشرون، وسِفر التثنية: الإصحاح العشرون.

قال: الحقيقة لا إثبات عندي، لأني لا أؤمن بالمسيح، وإنما عاطفتي وتقليدي يوجبان أن أؤمن بالمسيح.

قلت: إذن فلنحدد ميزاناً لمعرفة من هو نبي ومن هو ليس بنبي.

قال - متلهفاً -: وهذا سؤال أساسي لي.

قلت: من أين تعرف أن: (فلاناً طبيب) و(فلاناً مهندس)؟

قال: إما بما يحمل من الشهادات الصادرة من جامعة معترف بها، وإما بالتجربة، كما لو رأيت أنه يشفي المرضى بالأدوية، أو يصمم الخرائط الصحيحة للعمارات.

قلت: وكذلك النبوة، تعرف بشهادة الله تعالى أنه نبي من قبله.

قال: ومن رأى الله حتى نشهد أن محمداً(صلی الله علیه و آله) نبي؟

قلت: شهادة الله عبارة عن إعطاء معجزة.قال: كيف تكون المعجزة شهادة؟

قلت: لأن خرق نواميس الكون لا يتأتى إلاّ من قبل إله الكون فإذا أعطاه إله الكون لأحد، دلّ على أن ذلك الإنسان رسول من قبل إله الكون.

قال: حسناً جدّاً، فقد سألت هذا السؤال من عدة علماء مسيحيين ومسلمين فلم يجدوا الجواب الكافي والمقنع، قال: بعد هذا يأتي دور أنه كيف تثبت أن محمداً كان مزوّداً بالمعجزة؟

قلت: أثبته رؤية العين.

قال: وهل رأيت أنت معجزة محمد(صلی الله علیه و آله).

قلت: نعم.

ص: 40

قال: وكيف؟

قلت: هذا القرآن - أظهرت القرآن - هو معجز محمد(صلی الله علیه و آله).

قال: كيف هو معجز؟ قلت: لأنه دعا البشر أن يأتوا بمقدار سطر من مثله، فلم يقدر البشر على ذلك منذ أربعة عشر قرناً وحتى الآن.

قال: ومن قال لك أنه دعاهم؟ ثم من قال لك إنهم لم يقدروا؟

قلت: - وأخرجت الآية: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}(1) - هذا قال ليبأنه دعاهم، أما البشر لم يقدروا على أن يأتوا بمثله، فإنهم إن قدروا لنقل ذلك إلينا، وهل أنت سمعت عن دراستك الأديان بأن أحداً جاء بمثل القرآن؟

قال: لا.

قلت: إذن ثبت أن البشر لم يقدروا.

قال: إذا كان الإسلام حقاً فلماذا المسلمون متأخرون؟

قلت: لأنهم لا يعملون بالإسلام.

قال: وكيف وهم مسلمون؟

قلت: الأمريكان مسيحيون أم لا؟

قال: مسيحيون.

قلت: وهل إنهم يعملون بالمسيحية؟

قال: لا.

قلت: وكذلك المسلمون لا يعملون بالإسلام ولذا فهم متأخرون،

ص: 41


1- سورة البقرة، الآية: 23.

وفي أول الإسلام حيث كانوا يعملون بالإسلام كانوا متقدمين.

قال: وكيف تدعوني أن أدخل في دين أهله متأخرون؟

قلت: إذا رأيت الشارع، ورأيت الناس ينحرفون عنه يميناً وشمالاً، فهل أنت تلتزم بالجادة؟

قال: ألتزم بالجادة وما لي وإياهم.قلت: وهكذا أدعوك لتلتزم بجادة الإسلام، ولا يرتبط بك أن المسلمين متأخرون أو متقدمون.

قال: جواب جميل.

ثم قال: لي أسئلة حول بعض آيات القرآن، فهل تسمح لي بالسؤال؟

قلت: تفضل.

قال: في القرآن - وأخرج مفكرته ينظر إليها ليسترد الآيات - {اللَّهُ لَطيفٌ بِعِبادِهِ}(1) فما معنى اللطيف، وقد سمعت أن المسلمين يقولون أن الله ليس بجسم؟

قلت: هذا تشبيه، فكما أن اللطيف من الأجسام (كالماء) ينفذ في كل شيء، إن الله ينفذ علمه في كل شيء، وتنفذ قدرته في كل شيء، وقد قال علماء الإسلام: (خذ الغايات، واترك المبادئ) - ثم فسّرت له هذه الجملة - فأعجب بهذا الجواب.

قال: في سورة الفتح: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما

ص: 42


1- سورة الشورى، الآية: 19.

تَأَخَّرَ}(1) فهل يصلح المذنب أن يكون نبياً؟

قلت: النبي كان مذنباً عند أهل مكة ذنوباً ارتكبها بحقهم قبل الفتح، فلما فتح الله عليه غفرتذنوبه، فإن الإنسان إذا صار كبيراً معترفاً به لا ينظر الناس فيما يفعل، بينما أنه قبل ذلك يعدّون بعض أعماله ذنباً، لذا قال سبحانه: {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} فالفتح علّة الغفران، وما ذكرته في تفسير الآية موجود في كتب المحققين من المفسرين، ولولا أنك قلت بعدم إيمانك بالعهدين لأتيت إليك بأنبياء ينسب إليهم كتاب العهدين الذنب والكفر.

قال: نعم، إني لا أؤمن بالعهدين.

ثم قال: هناك في أمريكا التقيت بأناس من: (المذهب القادياني) ودعوني إلى دينهم وقالوا: أن القاديانية دين بعد الإسلام جاء به رجل يسمى: (غلام أحمد القادياني) وادعى النبوة، فهل أنت تعتقد بذلك؟

قلت: كلا.

قال: ولم؟

قلت: أولاً: لأن نبي الإسلام قال: «لا نبي بعدي»(2) فكل من ادعى النبوة بعد نبي الإسلام دعواهباطلة، وإلاّ لزم أن يكون النبي كاذباً - والعياذ بالله - وإذا كان كاذباً لم يكن نبياً، وقد علمنا أنه نبي.

وثانياً: إن (غلام أحمد) مدعي النبوة فقط، وليست له معجزة،

ص: 43


1- سورة الفتح، الآية: 2.
2- الكافي 8: 26.

ولو ثبتت النبوة بمجرد الدعوى لكان في العالم آلاف الأنبياء، وغداً أنت وغيرك أيضاً تدعون النبوة، فهل تصبح بمجرد ادعاء النبوة نبياً؟

قال: - ضاحكاً - كلا، قال: لكن القاديانيين نشطون في الدعوة إلى مبدئهم.

قلت: وهل النشاط دليل على الحقيقة؟ فالنازيون، والفاشست والشيوعيون أيضاً نشطون في دعواتهم.

قال: في القرآن آية تقول أن الخير والشرّ كله لله حيث قال: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}(1) وإذا كان الشرّ من الله فلماذا يعاقب الناس عليه؟

قلت: المراد بالشرّ ما هو صعب للإنسان وخارج عن قدرته كالموت فجأة، والمرض الذي لم يسببه الإنسان، والقحط، والسيول،والعواصف المهلكة، وما أشبه ذلك، لذا قال تعالى في آية أخرى: {ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}(2).

قال: قرأت في الجامعة أن المسلمين يؤمنون بالقضاء والقدر، وفسّره الأستاذ بأنهم يقولون: كل شيء بالقضاء والقدر، وقال: لهذا لا يعمل المسلمون، وهو سبب تأخرهم، فهل هذا صحيح؟

قلت: كلا، إن (القضاء) بمعنى الحكم، أي: حكم الله، والله يحكم بالأشياء التي فيها صلاح البشر وخيرهم، و: (القدر) بمعنى: التقدير، وهندسة العالم وفق حكمته تعالى تماماً كالمخطط الذي يخطط للبناء،

ص: 44


1- سورة النساء، الآية: 78.
2- سورة النساء، الآية: 79.

والقاعدة الكلية، أن كل شيء تحت اختيار الإنسان لا يكون بقدرة الله وتقديره، بل يأتي به الإنسان بمجرد اختياره إن خيراً فخير وإن شرّاً فشر، وكل شيء خارج عن قدرة الإنسان فهو بتقدير الله تعالى، وليس على الإنسان عقاب إذا ورد على الإنسان، وأما قول الأستاذ: إن المسلمين يعتقدون بالقضاء والقدر ولذا لا يعملون، فقل له: لماذا عمل المسلمونالسابقون - إذا كان كلامك صحيحاً -؟

وهنا: رفع الشاب الأمريكي يده، وطلب أن نعرفه بالإسلام حتى يسلم، فلقنته الشهادات الثلاث، وكان هو أيضاً يعرف ذلك من قبل، إلاّ أنه لم يكن يعرف علياً وأولاده(علیهم السلام)، فعرفتهم له، وأسلم.

وقد طالت الجلسة من الصباح إلى قريب المغرب باستثناء فترة الصلاة، ووجبة الغداء.

6- إسلام زوجين مسيحيين

زارني رجل وامرأة مسيحيان، والمرأة كانت سافرة، ولما عرفت أنهما مسيحيان جاءا للمناقشة حول الإسلام قلت لها: لابدّ وأن تتحجبين حتى أتمكن من الكلام معكما، فأبدت الانزعاج المقترن بالسخرية من هذه العادة، والتي قد سمعتها من قبل أيضاً فقلت لها: إن هذه عقيدتي، وأنت تعلمين أن العقيدة محترمة في كل العالم إلاّ في... .

فقالت: نعم، واقتنعت بوجهة نظري.

قالا: إنهما من أصل اسكتلندي وعاشا في لندن، وحضرا بعض خطابات المسلمين في: (هايد بارك)، واستغربا ما سمعا هناك أن الإسلامله فوق الخمسمائة مليون تابع.

ص: 45

فقلت: مقاطعاً لهما -: بل الإسلام له ثمانمائة مليون(1)

تابع، فأبديا استغراباً أكثر، قلت: وما وجه الاستغراب؟

قال أحدهما: - وقد كان الكلام مقسماً بين الزوج تارة، والزوجة تارة أخرى - لأن الإسلام دين الوحشية، ولأنه قد انقضى دوره، ولما فيه من الخرافات، ومثل هذا الدين كيف يعتنقه أكثر من ثمانمائة مليون إنسان؟

قلت: ليس الإسلام كما قلت: ومن قال لك ذلك؟ وهل أنت رأيت كتب المسلمين، أو تقول ذلك تقليداً لبعض الناس الذين يرون الإسلام هكذا؟

قال: إني لم أناقش المسلمين، ولم أحضر بلادهم واجتماعاتهم إلاّ الآن، ولأول مرة أزور العراق وبعض البلدان العربية، ولم أطالع كتبهم، وإنما سمعت ما قلت من الآباء المسيحيين منذ صغري إلى الآن، ولا يعقل أن يقول الآباء كذباً.قلت: وهل سمعتم منهم لماذا أن الإسلام دين الوحشية؟ وانقضى دوره، وما هي الخرافة التي في الإسلام؟

قال: نعم، أما أن الإسلام دين الوحشية: فلأن الإسلام قام بالسيف، والتغلّب بالسلاح من شأن الوحش لا الإنسان الذي من شأنه التغلّب بالمنطق والأخلاق؛ وأما إن الإسلام دين انقضى دوره؛ فلأن القرآن يمدح الخيل والحمير، ويحرم الخمر والموسيقى، وهذا كان

ص: 46


1- أما اليوم فقد ذكرت الإحصاءات: أن المسلمين بلغوا المليارين.

صحيحاً في عصر البدو والبدائية، أما في عصر التمدّن والصناعة والعلم فلا مجال لمثل هذا الدين؛ وأما ما فيه من الخرافات: فلأنه يعتقد أن السماوات سبع، والأرضين سبع، ويبيح التزوج بأربع نساء.

قلت: فقط هذه الأمور التي ذكرتها؟

قال: إني أذكر هذه الأمور فقط.

قلت: إني لا أحب أن أناقش المسيحية وإلاّ فالمسيحية تشتمل على أكثر مما ذكرت وأكثر، لكن أكتفي بالجواب عمّا ذكرت.

قال: بالعكس إني أرحب بكل نقد للمسيحية.

قلت: وعلى أي حال الأفضل أن أجيب عن الإشكالات.قال: فما جوابك على أن الإسلام قام بالسيف؟

قلت: إن الإسلام قام بالأخلاق، وفي القرآن الحكيم: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ}(1) والإسلام إنما دافع عن كيانه بالسيف لا أنه حارب لأجل السيطرة بالسيف، ولذا في القرآن الحكيم: {أُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَديرٌ}(2) وقال: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}(3) فقد أظهر الإسلام دعوته، وآمن به جمع، فطاردهم الكفار، فقد قَتلوا منهم جماعة، وشَرّدوا إلى الحبشة جماعة، ولمّا كثر اضطهاد الكفار

ص: 47


1- سورة القلم، الآية: 4.
2- سورة الحج، الآية: 39.
3- سورة البقرة، الآية: 194.

للمسلمين هاجروا إلى المدينة، فضرب المشركون حولهم حصاراً اقتصادياً، فقابلهم المسلمون بالمثل حيث خرجوا يهددون أسطولهم البري الذي يمرّ من برّ المدينة بين مكة والشام، فوقع القتال بين الجانبين مما أدى إلى انتصار المسلمين، فأخذ الكفار يجهزون الجيوش لمحاربة المسلمين، ويدافع المسلمون عنأنفسهم، حتى قوي واندحر الكفر - كما تجد ذلك في كل التواريخ -، فهل معنى الدفاع عن النفس القيام بالسيف؟

قال: إذا كان ما تقول صحيحاً فإني أسحب كلامي.

فأريته بعض الكتب حول هذا الموضوع، وترجم له فاقتنع.

ثم تساءل قائلاً: لكن كيف تفسّر ما يقول آباء الكنائس؟ وهل أنهم يقولون كذباً؟

قلت: - مع احترامي لهم - إن الذي يقول إن الإسلام قام بالسيف إما جاهل أو متعصب، وإلاّ فالتاريخ موجود.

قال: فما جوابك عن أن الإسلام انقضى دوره؟

قلت: الإسلام يقول:

1- للكون إله، عادل، عالم، قادر، وللإله أنبياء جاؤوا لإرشاد البشر، وللأنبياء أوصياء، وإن البشر جميعاً يرجعون إليهم ليجزيهم فيدخل المحسن الجنّات، والمسيء جهنم.

2- وإنه تجب العبادة للإله، ويجب حسن المعاملة بين الناس، وقرر قوانين للنكاح، والطلاق، والإرث، وسائر ما يحتاج إليه الإنسان من ولادته إلى مماته.

ص: 48

3- وإنه يوجب الصدق، والأمانة، والوفاء، والحياء، ويكره الكذب، والخيانة، والإجرام...، فهل هذا انقضى دوره؟

قال: لا.

قلت: أما ما ذكرت من أن الإسلام يمدح الخيل والحمير، فهل أن الخيل والحمير مذمومان؟ وما ذنب الإسلام إذا مدح الشيء الحسن؟ أليس العالم الآن يمدح الخيل، ويستخدمه في بعض الحاجات؟ أليس كثير من الناس الآن يحملون أثاثهم على الحمير؟

قال: صحيح ما ذكرت.

قلت: إذن فمدح الإسلام للخيل والحمير لا يدل على البداوة.

قال: فما تقول في تحريم الإسلام للخمر والموسيقى؟

قلت: ثبت طبياً ونفسياً أن الخمر والموسيقى توجبان مختلف الأمراض الجسدية والعقلية، والإسلام وقاية للإنسان عن الأمراض فحرمهما - والوقاية خير من العلاج - .

قال: صحيح كلامك، وقد قرأت في المجلات والجرائد أضرار الخمر والموسيقى، ثم قال: فما جوابك عن نظرية الإسلام بالسماوات السبع والأرضين السبع؟قلت: السماء في اللغة بمعنى: (المدار) والمدارات في منظومتنا الشمسية سبعة.

والأرضون كما قال أحد أئمة المسلمين - الإمام الرضا(علیه السلام) - : هذه أرضنا وحولها سمائها، ثم أرض أخرى وحولها سمائها، وهكذا إلى

ص: 49

سبعة(1)، ولعلّ المراد بها هي الكواكب السيارة في منظومتنا.

قال: عجيب جداً، إني لم أحلم بمثل هذا الجواب أبداً، وكنت أظن أن السماوات والأرضين من خرافات القدماء اتخذها الإسلام في قرآنه ليظهر نفسه بمظهر العالم بالكون، ثم قال: أشكرك شكراً بالغاً بما أنرت لي من حقائق الإسلام.

قال: بقي عليك أن تبيّن وجه تحليل الإسلام لتعدد الزوجات.

قلت: كم لك ولزوجتك من أخوات وقريبات بلغن سن الرشد وهن بعد عوانس؟

فضحكا وقالا: ماذا تريد؟ هل تريد التزويج بهن؟

قلت: لا، بل لأوضح لكم وجهة نظر الإسلام.

ففكرا ملياً، ثم قالا: سبع عشر.قلت: ولماذا بقين هؤلاء المسكينات عوانس؟ وأردفت: إن الإسلام كان حكيماً حين أباح التزويج بأربع، وذلك: رعاية للنساء حتى لا يبقين بلا سكن، ورعاية للرجال حتى لا تهدر طاقاتهم عبثاً، فإن الرجل غالباً يستطيع القيمومة على أكثر من امرأة، فهل يترك الإسلام طاقة الرجل وطاقة المرأة تذهبا سدى، أم يجد لهما مصرفاً؟ ثم، إن الإسلام أباح ذلك، ولم يوجب، ولذا ترى غالب المسلمين يكتفون بامرأة واحدة.

قالا: حقاً إننا لم نسمع بمثل هذه الكلمات طيلة أعمارنا.

ص: 50


1- انظر بحار الأنوار 57: 74-75.

قلت: لأنكم لم تناقشوا المسألة مع علماء المسلمين، وإلاّ فالكثيرون منهم يجدون هذه الأجوبة.

قالا: فإذا أسلمنا، ماذا تكون فائدة إسلامنا؟

قلت: إن الإنسان إذا أسلم نال خير الدنيا وخير الآخرة، لأن مناهج الإسلام تسعد الإنسان، واتباع الإنسان لهذه المناهج يوجب رضى الله سبحانه فيدخله الله تعالى في الآخرة جنّات النعيم.وطال الحوار، فأسلمت المرأة، وأخذ الرجل يتهيّب.

قلت: ولم لا تسلم وقد أسلمت زوجتك؟ فسكت، فبيّنت بعض جوانب الإسلام ولكنه قال أخيراً: أفكر.

قلت: لا مجال للتفكير إذا ظهر لك صدق الإسلام.

قال: وهل أترك ديني ودين آبائي لأجل كلامك؟

قلت: بل إقبل الإسلام بالإضافة إلى اعتقادك بالمسيح(علیه السلام) لأجل ما ظهر لك من أن الإسلام حق.

فبدأت زوجته - المسلمة الجديدة - تشوّقه للإسلام، فأسلم هو الثاني أيضاً ونصحتهما بأن يراجعا علماء المسلمين في لندن - إذا رجعا إليها - للتزوّد بالمعلومات الإسلامية أكثر فأكثر.

7- مسيحي إيطالي يسلم

جاءني ذات يوم سائح إيطالي مسيحي وهو في أشد حالات الهيجان، وكان عصبياً كما يبدو، وكان قد طلب من بعض الخدم في حرم الإمام الحسين(علیه السلام) أن يدلّه على عالم ليسأل عن مسائل، فدلّه الخادم علي، وجاء به إلى دارنا، وكان ذلك وقت العصر قبل ثلاث

ص: 51

ساعات من الغروب، وكان يحسن الإنكليزية،ولذا طلبت له أحد الأصدقاء ليقوم بدور المترجم.

قال الإيطالي: كنت أسمع أن المسلمين وحوش، لكن ما كنت أظن أ نهم وحوش إلى هذا الحدّ.

قلت: وهل رأيت جميع المسلمين؟

قال: لا.

قلت: إذن لا تقل إن كل المسلمين وحوش، فلعلّ بعضهم وحوش.

قال: حسناً، الحق معك.

قلت: أتأذن لي أن أسألك قبل أن تظهر مسألتك؟

قال: تفضل.

قلت: من أين الأستاذ؟

قال: من إيطاليا.

قلت: وما دينك؟

قال: المسيحية.

قلت: وكم ثقافتك؟

قال: خريج جامعة (كذا).

قلت: تفضل بما تريد سؤاله.

قال: بعض المسلمين في هذا البلد متوحشون إلى أقصى الحدود.

قلت: ولم؟

قال: لأني أردت أن أدخل متحف الحسين(علیه السلام) فمنعوني، ولما سألت عن السبب قالوا: لأنك نجس، فهل هذا منطق؟ الإنسان يمكن أن يكون

ص: 52

نجساً؟قلت: هوّن عليك، فهل الذي قال لك ذلك كان عالماً أم جاهلاً؟

قال: لابدّ وأنه جاهل.

قلت: أليس عندكم في إيطاليا أناس جهال؟

قال: نعم.

قلت: فلا يحتاج الأمر إلى هذه الفورة التي أجدها منك.

قال: حسناً، إنك بصفتك عالم مطاع في هذا البلد آمر لي بأن أدخل المتحف (يريد: حرم الحسين(علیه السلام)).

قلت: لا أقدر.

قال: - متعجباً - ولماذا لا تقدر؟

قلت: لأن الإمام الحسين(علیه السلام) الذي نام في هذا المكان (وهو صاحب البيت) لا يأذن بدخولك.

قال - متعجباً -: ولماذا؟

قلت: لأنك من دين يتهجم أصحابه على الإمام الحسين، وعلى جدّ الحسين، وعلى أقرباء الحسين(علیهم السلام).

قال: المسيحيون يتهجمون؟

قلت: نعم.

قال: وكيف؟

قلت: لأن المسيحيين يعتبرون أن محمداً - جدّ الحسين - لما ادعى النبوة كان كاذباً في قوله، ولذا لا يؤمنون به نبياً بعد المسيح،وإنك إذا منعت إنساناً أن يدخل في بيتك لأنه يتهجم عليك، أ لك حق في ذلك أم لا؟

ص: 53

فأطرق الإيطالي يفكر تفكيراً طويلاً، ثم تنهّد وقال لي: إنك قلت نفس ما قاله لي ذلك الإنسان حين قال: إنك نجس، ولكنك غيرت الألفاظ، فكيف أتمكن أن أدخل المتحف؟

قلت: بأن تعترف بأن جدّ الحسين(علیه السلام): محمداً(صلی الله علیه و آله) كان صادقاً في دعواه النبوة.

قال: حسناً ولكني كيف أؤمن بهذا ولا أملك الدليل؟

قلت: الآن وصلنا إلى المنطق، وكلامك حق، إنك تطلب الدليل على نبوة محمد(صلی الله علیه و آله).

ثم أردفت: الدليل على نبوة محمد هو الدليل على نبوة عيسى المسيح.

قال: الدليل على نبوة المسيح أنه ابن الله.

قلت: بكل إيمانك تقول إن المسيح ابن الله؟ وهل أن الله ولَّد المسيح؟ أنت إنسان مثقف، فكيف تقول بهذا الكلام؟

قال: لا أريد ابن الله بالولادة، بل ابن الله بالشرافة، أي: أنه منسوبإلى الله.

قلت: حسناً، فمن نسبه إلى الله بالشرافة؟

قال: لأنه ولد من غير أب.

قلت: فلماذا لا تقول ل(آدم) ابن الله، لأنه ولد من غير أب ولا أم؟

فتفكر ولم يجد جواباً.

قال: أقول أن المسيح نبي لأنه أتى بالمعجزات.

قلت: فمحمد أيضاً أتى بالمعجزات.

ص: 54

قال: وما هي معجزة محمد؟

قلت: انشق القمر لأجله.

قال: أوه، هذه خرافة سمعتها من أحد الآباء في الكنيسة أن المحمديين يقولون أن القمر انشق ونزل، ودخل في كُمّ محمد، فهل يعقل أن القمر الكبير يدخل في كُمّ إنسان؟

قلت: أولاً: أنا لم أقل دخل القمر في كُمّ محمد(صلی الله علیه و آله)، بل أنت أضفت ذلك.

وثانياً: ما المانع أن الله الذي شق القمر، وفرّق منه أجزاء في الفضاء، حتى إذا وصل إلى الأرض كان بالحجم الذي نراه، حتى أمكن أن يدخل في كُمّ النبي(صلی الله علیه و آله)، ثم لما أرجعه إلى مكانه الحق به أجزائه المنفصلة حتى صار كالأول؟قال: هذا تأويل، دعنا عن ذلك، أنه لا يعقل.

قلت: وهل يمكنك أن تقبل بكلام لا يعقل، ولا يمكنك أن تقبل بكلام يعقل؟

قال: وكيف ذلك؟

قلت: إن شق القمر، وما ذكرت من توجيه دخوله في كُمّ النبي(صلی الله علیه و آله)، كلام معقول، لكن قولكم - معاشر المسيحيين - بأن الأقانيم: (ثلاثة وواحد) في الوقت نفسه، كلام لا يعقل، فهل يمكن أن تكون هذه الأصابع (وأشرت إلى ثلاث من أصابعي) واحدة وثلاثة - في وقت واحد - ؟

قال: هذا مثل: (المثلث) أنه ثلاثة أضلاع، ومثلث واحد.

ص: 55

قلت، يعني أن الله واحد، ولكن ذو ثلاثة أطراف؟

قال: لا.

قلت: فما معنى التشبيه بالمثلث؟ فأطرق برأسه وقال: إن الآباء يقولون: إن التثليث فوق العقل.

قلت: إذن اتفقنا على أن كلامكم غير معقول، فسكت.

قلت: إذن فالنبي محمد جاء بالمعجزة - انشقاق القمر - كما جاء المسيح بالمعجزة.قال: ومن يثبت أنه جاء بالمعجزة؟

قلت: القرآن الحكيم يقول: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}(1) ولو كان هذا الكلام كذباً لزم أن ينكره العالم المعاصر للرسول، فعدم إنكارهم دليل على أنه وقع بالفعل.

قال: لا يمكنني أن أؤمن بالقرآن.

قلت: ولم؟

قال: لأنه يسبّ المسيحيين.

قلت: في أي مكان منه؟

قال: لأنه يسمينا كفاراً.

قلت: وهل تعلم معنى الكافر؟

قال: سب.

قلت: الكافر هو الذي لا يؤمن بالله، أو بأحد الأنبياء، أو بالمعاد،

ص: 56


1- سورة القمر، الآية: 1.

وحيث أن المسيحيين لا يؤمنون بنبي الإسلام، يسمَّون كفاراً، وهذا ليس بسب وإنما حكاية عن واقع، ثم أردفت: إذا كان القرآن يسب المسيحيين فلم تؤمن به، فكيف تؤمن ب: (العهدين) وهو يسب المسيح نفسه؟

قال: الكتاب المقدس يسب المسيح؟قلت: نعم.

قال: في أي مكان؟

قلت: حيث يقول: (بولس) لأهل غلاطية ما معناه: (إن المسيح ملعون)(1).

قال: هذا كذب، الكتاب المقدس لا يقول ذلك.

قلت: نعم يقول، وأخرجت الكتاب المقدس - العهدين - وأريته الموضع، وترجم له المترجم.

فاستغرب كثيرا، وقال: لم أسمع بهذا أصلاً.

ثم قلت: هل تطلب أنت من اليهود أن يؤمنوا بالإنجيل؟

قال: نعم.

قلت: إذا قال لك اليهود إنهم لا يؤمنون بكتاب يسبهم، لأن الإنجيل يسمي اليهود ب(أولاد الأفاعي)(2)،

فما جوابك عنهم؟ فلنفرض أن القرآن يسب المسيحيين لكن إذا كان القرآن على حق

ص: 57


1- انظر الكتاب المقدس؛ العهد الجديد، رسالة القديس بولس الرسول إلى كنائس غلاطيه.
2- انظر الكتاب المقدس، العهد الجديد، بشارة متى، رقم: 3.

فاللازم أن يعدل الإنسان خطته، لا أن يعاند ويترك الإيمان به، إن محمداً(صلی الله علیه و آله) نبي كالمسيح(علیه السلام)، فكما آمنت بالمسيحفاللازم أن تؤمن بمحمد.

ثم فصّلت الكلام حول أخلاق الرسول، وعلومه، وجهاده في سبيل الله وفي سبيل الإنسان في كلام مفصّل، وقد راعيت الجانب العاطفي الذي هزّ مشاعره فسالت دموعه.

قال: وإذا أسلمت ماذا أقول للناس الذين يسألونني عن سبب إسلامي؟

قلت: قل لهم: إني علمت أن محمداً نبي كما أن المسيح وموسى وغيرهم من الأنبياء، ولذا أسلمت له.

قال: هذا كلام لا يقنعهم.

قلت: الإنسان يجب أن يعمل بما اقتنع به ضميره لا بما يقنع به الناس، فهل إنك الآن مقتنع بأن محمداً نبي؟

قال: نعم.

قلت: إذن أؤمن وما عليك بالناس، فسكت، قلت: سمعت أن عندكم في إيطاليا حزب يسمى بالحزب الشيوعي؟

قال: نعم.

قلت: وهل الشيوعيون يؤمنون بالمسيح؟

قال: لا.

قلت: فإنك حين آمنت بالمسيح بماذا تجيب الشيوعيين؟ وهل كلامكيقنعهم؟

ص: 58

قال: لا.

قلت: إذن لا يهمك أمر الناس، بل اجعل همّك رضى الله - أولاً - وقناعة ضميرك - ثانياً - .

ثم شجّعته على الإسلام فأسلم، وأهديت له قرآناً باللغة الإنكليزية، وعدداً من مجلة: (مبادئ الإسلام) - وهي مجلة باللغة الإنكليزية كانت تصدر عن كربلاء المقدسة - ثم قلت للخادم المرافق له: إذهب به إلى الحمام - احتياطاً لما يقوله جمع من الفقهاء - فإذا اغتسل إذهب به إلى الحضرة، فقام وخرج، وقد استغرقت المقابلة حتى وقت الغروب.

ص: 59

ص: 60

خاتمة

لقد ذكرت في هذا الكتاب إسلام عشرة من المسيحيين في سبع قصص، وقد ذكرت القصص على علاتها بدون رتوش كما حدثت، كما حذفت الكلمات المكررة في بعض القصص، الكلام حول نبوة نبي الإسلام، ودليل أنه نبي، كرر في غالب القصص، لكني آثرت عدم التكرار.

كما أن القارئ يرى كيف أن الحوار في بعض الأحيان كان تنازلاً لمستوى فهم المحاورة، وقد يصبح الأسلوب بدائياً جداً ولكن ذلك ما حدث بالفعل ولم أشأ تغيير ما حدث.

كما ينبغي أن أقول:

إن الغالب أني كنت أغيِّر أسماء الذين يسلمون إلى أسماء إسلامية، وكنت أعقد عقد النكاح بين الزوجين من جديد - احتياطاً - وكنت أقدم لهم هدايا رمزية كالكتب، أو القرآن، أو ما أشبهذلك.

وهذه القصص التي ذكرتها لو أخذت حجمها - في محاورتي معهم - لكانت خمسة أضعاف هذا أو أكثر، لكني نسيت قسماً، وعصرت

ص: 61

قسماً، وتركت قسماً، لتلائم مكانة الكتاب.

والله الهادي إلى صوب الصواب، وهو الموفق المستعان.

كربلاء المقدسة

محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي

ص: 62

فهرس المصادر

1. القرآن الحكيم.

2. بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ت1110ه ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1403ه ق.

3. روضة الواعظين، ابن فتّال النيسابوري، ت508ه ق، انتشارات الرضي، قم المقدسة، 1375ه ش.

4. قرب الإسناد، عبد الله بن جعفر الحميري، ت القرن 3ه ق، مؤسسة آل البيت(علیهم السلام)، قم المقدسة، 1413ه ق.

5. الكافي، الشيخ الكليني، ت329ه ق، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1407ه ق.

6. كشف الغمة، الشيخ الإربلي، ت692ه ق، بني هاشمي، تبريز، 1381ه ق.

7. كنز الفوائد، محمد بن علي الكراجكي، ت449ه ق، دار الذخائر، قم المقدسة، 1410ه ق.

8. من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ت381ه ق، جامعة1. المدرسين، قم المقدسة، 1413ه ق.

ص: 63

فهرس المحتويات

المقدمة..... 5

1- إسلام دكتور أميركي... 11

مدرس في كلية الطب ببغداد.. 11

2- إسلام نسوة إيطاليات مثقفات. 16

3- إسلام مسيحي مهندس.... 22

موظف في العراق... 22

4- إسلام فتاة ألمانية... 28

5- إسلام شاب أمريكي..... 36

6- إسلام زوجين مسيحيين..... 45

7- مسيحي إيطالي يسلم... 51

خاتمة... 61

فهرس المصادر..... 63

فهرس المحتويات... 64

ص: 64

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.