إفراغ السجال في حديث النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) هي لك ياعلي لست بدجال
9789922946603 ISBN رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية ببغداد 2789 لسنة 2021 |مصدر الفهرسة:
IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda رقم تصنيف BP193.1.A3 H38 2021 LC المؤلف الشخصي: الحسني، نبيل، 1384 - للهجرة - مؤلف. العنوان: إفراغ السجال في حديث النبي (صلی الله علیه و آۀه وسلم) هي لك ياعلي لست بدجال بين القراءة بصيغة المتكلم (لستُ) وصيغة المخاطب (لستُ): دراسة بينية في ضوء مقاصدية القرآن والسنة والأنساق الثقافية. بيان المسؤولية: تأليف السيد نبيل الحسني الكربلائي. بيانات الطبع: الطبعة الاولى. بيانات النشر: كربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2021 /1442 للهجرة. الوصف المادي: 151 صفحة؛ 24 سم. سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 911)
ص: 1
9789922946603 ISBN رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية ببغداد 2789 لسنة 2021 |مصدر الفهرسة:
IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda رقم تصنيف BP193.1.A3 H38 2021 LC المؤلف الشخصي: الحسني، نبيل، 1384 - للهجرة - مؤلف. العنوان: إفراغ السجال في حديث النبي (صلی الله علیه و آۀه وسلم) هي لك ياعلي لست بدجال بين القراءة بصيغة المتكلم (لستُ) وصيغة المخاطب (لستُ): دراسة بينية في ضوء مقاصدية القرآن والسنة والأنساق الثقافية. بيان المسؤولية: تأليف السيد نبيل الحسني الكربلائي. بيانات الطبع: الطبعة الاولى. بيانات النشر: كربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2021 /1442 للهجرة. الوصف المادي: 151 صفحة؛ 24 سم. سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 911). سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 198). سلسلة النشر: (سلسلة دراسات في آل علي (علیهم السلام)؛ 8، الصديقة فاطمة الزهراء (علیها السلام)؛ 4). تبصرة ببليوجرافية: يتضمن هوامش، لائحة المصادر (الصفحات 127 - 146). موضوع شخصي: محمد (صلی الله علیه و آله وسلم)، النبي، 53 قبل الهجرة - 11 للهجرة. موضوع شخصي: علي بن أبي طالب (علیه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة. موضوع شخصي: فاطمة الزهراء، فاطمة بنت محمد بن عبد الله (علیها السلام)، 8 قبل الهجرة - 11 للهجرة مواريث - حديث. مصطلح موضوعي: الاحاديث الخاصة (هي لك ياعلي ..) - شبهات وردود. مصطلح موضوعي: الحديث - جرح وتعديل. مصطلح موضوعي: الحديث (اهل السنة). مصطلح موضوعي: عقائد اهل السنة. مصطلح موضوعي: الحديث (اهل السنة) - الجرح والتعديل. اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق)، مؤسسة علوم نهج البلاغة، جهة مصدرة.
تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية
ص: 2
سلسلة دراسات في آل علي (علیه السلام) (8) الصدّيقة الطاهرة فاطمة (علیها السلام) (4) إفراغ السجال في حديث النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) هي لك ياعلي لست بدجال بين القراءة بصيغة المتكلم (لستُ) وصيغة المخاطب (لستَ) دراسة بينية في ضوء مقاصدية القرآن والسنة والأنساق الثقافية تألیف السید نبیل الحسني الکربلائي اصدار مؤسسة علوم نهج البلاغة العتبة الحسینیة المقدسة
ص: 3
جميع الحقوق محفوظة العتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1442 ه - 2021 م العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر (عليه السلام) مؤسسة علوم نهج البلاغة الموقع الألكتروني:
www.inahj.org الإيميل: Inahj.org@gmail.com موبایل: 07815016633 - 07728243600
ص: 4
الاهدَاء
الی: رابع مصابيح مشكاة نور الله وبابه الى معرفة حلال وحرامه..
الى: باقر علوم الانبياء وخرج معارف الأوصياء ومظهر حتي الأولياء..
الي: راد آئمة الضلال وكاشف شبهات الدُجال..
الى: حجة الله على خلقه وأمينة على شرعه على رغم أنوف المنافقين والجاحدین حق السيد الوصيین وأمير المؤمنين، أخ الرسول، وزوج الزهراء البتول، أصدق أهل زمانه بشهادة الوحي الأمین على لسان رسول رب العالمين (صلی الله عليه واله وسلم). أهدي كتابي هذا خادمكم وولدكم نبيل
ص: 5
ص: 6
بسم الله الرحمن الرحيم
«الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا أَنْعَمَ، وَ لَهُ الشُّکْرُ عَلَی مَا أَلْهَمَ، وَ الثَّنَاءُ بِمَا قَدَّمَ، مِنْ عُمُومِ نِعَمٍ ابْتَدَأَهَا، وَ سُبُوغِ آلَاءٍ أَسْدَاهَا، وَ تَمَامِ مِنَنٍ وَالاهَا، جَمَّ عَنِ الْإِحْصَاءِ عَدَدُهَا، وَ نَأَی عَنِ الْجَزَاءِ أَمَدُهَا، وَ تَفَاوَتَ عَنِ الْإِدْرَاکِ أَبَدُهَا، وَ نَدَبَهُمْ لِاسْتِزَادَتِهَا بِالشُّکْرِ لِاتِّصَالِهَا، وَ اسْتَحْمَدَ إِلَی الْخَلَائِقِ بِإِجْزَالِهَا، وَ ثَنَّی بِالنَّدْبِ إِلَی أَمْثَالِهَا»(1).
والصلاةُ والسلامُ على النبيِّ الأمجد، والرسولِ المسدَّدِ، أبي القاسم محمَّد، عبدُهُ ورسولُهُ، «اَرْسَلَهُ بالدّینِ المَشْهُورِ وَالْعَلَمِ المأثورِ، وَالکِتابِ المَسطورِ، وَالنُّورِ السّاطِعِ، وَ الضّیاءِ اللاّمِعِ والأمرِ الصّادِعِ، اِزاحَةً للِشّبُهاتِ وَاحْتِجاجاً بِالبَیّناتِ، وَ تَحذِیراً بالآیاتِ وتَخوِیفاً بِالمَثُلات»(2)، وعلى آله وعترته وأهل بيته وثقله الأصغر في أُمَّته، حُجَجِ الله على خلقه، «هُمْ مَوْضِعُ سِرِّهِ وَلَجَأُ أَمْرِهِ، وَعَيْبَةُ عِلْمِهِ وَمَوْئِلُ حُكْمِهِ، وَكُهُوفُ كُتُبِهِ وَجِبَالُ دِينِهِ، بِهِمْ أَقَامَ انْحِنَاءَ ظَهْرِهِ وَأَذْهَبَ ارْتِعَادَ فَرَائِصِهِ»(3)
ص: 7
أمّا بعدُ:
فإن رواية الحديث النبوي الشريف، بل والرواية التاريخية والسيريّة لا سيما فيما يختص بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته، لم تزل تتعرض لحرب متعددة الجوانب وعبر مراحل زمنية مختلفة ومتتابعة منذ شروع التدوين والكتابة في الحديث والفقه (في عام ثلاث وأربعين ومائة)(1) على نحو الخصوص؛ بل ومنذ وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على نحو الأخص.
فقد كشفت جملة من النصوص عن إجراءات الخلافة في تتبع الأحاديث النبوية والتعامل معها وفق ما ينسجم مع رؤيتها وتثبيت مشروع الخلافة التي تمخضت عن اجتماع سقيفة بني ساعدة بعد جولة من السجالات في خلق أسس تصلح لبناء منظومة جديدة إزاء منظومة القرآن والسُنّة النبوية المقتضية للتعيين والجعل الإلهي لمشروع الخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهو ما صرّحت عنه ممارسات الحكّام حينما تسنّموا إدارة الدولة و الحكم، فكان منها:
1. ما رواه الذهبي عن عائشة، أنها قالت:
(جمع أبي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلب كثيراً، قالت: فغمني، فقلت:
ص: 8
أتتقلب لشكوى أو لشيء بلغك؟!
فلما أصبح، قال:
أي بنية، هَلُمِّي الأحاديث التي عندك، فجئته بها، فدعا بنار فحرقها!!
فلت: لم أحرقتها؟!
قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت به ولم یکن کما حدثني فأكون قد نقلت ذلك).
2. وروى أيضا عن ابن أبي مليكة، أنه قال:
(إنّ أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، فقال:
إنكم تحدثون عن رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدکم أشد أختلافاً، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً! فمن سألكم، فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلّوا حلاله وحرموا حرامه).
3. وروى ابن عبد البر، عن يحيى بن جعدة، قال:
(إنّ عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السُنّة، ثم بدا له أن لا يكتبها، ثم كتب في الأمصار: من عنده شيء فليمحه)(1).
4. وروي أيضاً عن الخطيب البغدادي، وابن عبد البر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، أنه قال:
ص: 9
(إنّ عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السُنن، فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم]، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً، فاصبح يوماً وقد عزم الله له!!، فقال:
إني كنت أردت أن أكتب السنن، وأني ذكرت قوماً کانوا قبلكم كتبوا كتباً، فأكبوا عليها، وتركوا كتاب الله تعالى، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً)(1).
والأمر جلي في كشف ما تعرضت له رواية الحديث النبوي الشريف عِبرَ حجج وآراء واجتهادات شخصية من حرقٍ وامحاءٍ ومنعٍ وتحريفٍ، وهو ما سَیَمُر بحثه في عَيّنة الدراسة، وذلك بفعل سُنَّة الشيخين ومن استن بسنتهما في مواجهة كل ما من شأنه أن يصب في مصلحة منظومة الجعل الإلهي في خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أي الإمام علي (عليه السلام) وأهل بيته (عليهم السلام)، ومنها الحديث النبوي الشريف:
«هي لكَ يا علي لَستَ بدجال».
والمخصوص في أمر زواجه وخطبته لبضعة النبوة وصفوة الرسالة فاطمة (عليها الصلاة والسلام).
وقد اجتهد أعلام أهل السُنّة والجماعة في التعامل مع الحديث في محورين، الأول: قراءة الحديث على الرفع، فقرأ: (لَستُ) بغية توجيه المعنى إلى غير وجهته وصده عن قصديّته وبيانه في منع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
ص: 10
ورده لمن تقدم لخطبة بضعته (عليها السلام) وتنزيه ساحتهم وشخوصهم من صریح لفظ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو: الدجل.
والأخر: القدح في راوي الحديث (موسی بن قيس الحضرمي) والتنكيل به وشتمه بلفظ (حمار أهل النار) - والعياذ بالله - بُغية رد الحديث وحجب أثاره العقدية وصرف ذهن القارئ عنه، فضلاً عن كاشفيته عن تأصيل منهج السلطات التي توالت على الحكومة الإسلامية في التعامل مع رواية الحديث النبوي أو الراوية التاريخية والسيرّية، والهدف هو: تدعيم مشروع خلافة السقيفة ومحاربة مشروع الخلافة الإلهية والنبوية بشتى الوسائل والإمكانات.
وعليه:
فقد أشتملت الدراسة على فصلين ومجموعة من المباحث والمسائل؛ فكان الفصل الأول مخصص لمصطلحات الدراسة ومناهلها المعرفية، وقد اشتمل على خمسة مباحث لبيان مقتضيات الدراسة، في معنى مصطلح إفراغُ السِجَال ومفهومه، ومعنى المقاصدية ومفهومها، ومعنی مصطلح النسق الثقافي ومفهومه، ومعنى السُنَّة ومفهومها، ومشكلة الدراسة ونوعها.
أما الفصل الثاني، فقد خصص لدراسة صدور الحديث النبوي الشريف ومجريات الحديث وعلة صدوره، وقد أشتمل على ثلاثة مباحث، أما الأول فقد خُصص في بيان تنافس الصحابة لخطبة البضعة النبوية (عليه السلام) وإعراض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الخاطبين لها، وأما المبحث الثاني، فقد خصص لدراسة سِجال أعلام أهل السُنّة والجماعة في دلالة
ص: 11
الحديث النبوي وقصديته؛ والمبحث الثالث لدراسة الأنساق الثقافية التي تحكمت في كتابات أعلام أهل السُنَّة والجماعة وبيان أثارها على الفكر والعقيدة والثقافة العامة.
«وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ».
والحمد لله رب العالمين..
من جوار ضريح ريحانة الرسول (صلی الله علیه و آله وسلم) وقرة عين الزهراء البتول (علیها السلام)..
في كربلاء الطهر والنور المتشرف بالخدمتين العتبة الحسينية وكتاب نهج البلاغة السيد نبيل الحسني الكربلائي في غرة رجب الأصب لعام 1441 ه - الموافق: 2020/2/25 م
ص: 12
إنّ من ضرورات الدراسة تعريف القارئ بما احتوته من مصطلحات علمية، ومجالات معرفية، فضلاً عن مشكلة الدراسة وهدفها ونوعها، ومناهج البحث المعتمدة وحقولها المعرفية، فكانت على النحو الآتي:
ص: 13
ص: 14
يظهر من أقوال علماء اللغة أن معنی مفردة (الإفراغ) من الفعل (فرغ)، ويراد منه: إخلاء الشيء مما فيه.
قال ابن فارس (ت 395 ه):
(الفاء والراء والغين أصل صحيح يدل على خلو، وسعة ذرع من ذلك الفراغ خلاف الشغل، يقال: فرغ فراغا وفروغا وفَرَّغَ أيضا.
ومن الباب: الفرغ، مفرغ الدلو الذي ينصب منه الماء، وأفرغت الماء: صببته، وافترغت: إذا صببت الماء على نفسك، وذهب دمه فرغا، أي باطلا لم يطلب به.
وفَرَسٌ فَریغ، أي واسع المشي، وسمي بذلك لأنه كأنه خال من كل شيء فخف عدوه ومشيه، وضربة فريغ: واسعة، وطعنة أيضاً، وحلقة مفرغة: لأنه شيء يصب صبا، وطريق فريغ واسع.
قال:
فأجزته بأفل تحسب إثره *** نهجا أبان بني فریغ مخرف
ص: 15
فأما قوله تعالى: «سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ» که فهو مجاز والله تعالى لا يشغله شأن عن شأن، قال أهل التفسير: سنفرغ، أي نعمد، يقال: فرغت إلى أمر كذا، أي عمدت له.
تناول علماء اللغة مفردة (السِجَال) في معاجمهم ومصنفاتهم اللغوية وخلصوا الى أن معنى المفردة هو: المباراة بين الرجلين لأجل الغلبة، فمرة تكون الغلبة للأول، ومرة للآخر، فيظهر كل منهما ما لديه من عناصر القوة.
ومفهومه: مأخوذ من أمتلاء السجل بالماء، وهو الدلو العظيمة وإفراغها من الماء، وجمعه سجال.
قال ابن فارس في معنى السجال: (سَجَلَ: السين والجيم واللام أصل واحد، يدل على انصباب شيء بعد امتلائه من ذلك السِجل وهو الدلو العظيمة ويقال: سَجَلتُ الماء فانسجل، وذلك إذا صببته، ويقال للضرع الممتلئ: سجل، والمُساجَلَة المفاخرة، والأصل في الدلاء إذا تساجل الرجلان وذلك تنازعهما، يريد كل واحد منهما غلبة صاحبه؛ ومن ذلك الشيء المسجل وهو المبذول لكل أحد كأنه قد صُبَّ صَبًّا.
قال محمد بن علي [عليها السلام] في قوله تعالى «هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ» هي مسجلة للبر والفاجر.
ص: 16
وقال الشاعر في المسجل:
* وأصبح معروفي لقومي مسجلا *
فأما السِجِلّ فمن السِجل والمُساجلة وذلك أنه كتاب يجمع كتبا ومعاني، وفيه أيضا کالمساجلة لأنه عن منازعة ومداعاة، ومن ذلك قولهم: الحرب سجال، أي مباراة مرة كذا ومرة كذا)(1).
وفي بيان هذا المعنى قال أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) في وصيته لأصحابه قبل النزول الى الحرب:
«وَ اُثْبُتُوا وَ اُذْکُرُوا اَللَّهَ عَزَّوجَلَّ کَثِیراً فَإِنَّ اَلْمَانِعَ لِلذِّمَارِ عِنْدَ نُزُولِ اَلْحَقَائِقِ هُمْ أَهْلُ اَلْحِفَاظِ اَلَّذِینَ یَحُفُّونَ بِرَایَاتِهِمْ وَ یَضْرِبُونَ حَافَتَیْهَا وَ أَمَامَهَا وَ إِذَا حَمَلْتُمْ فَافْعَلُوا فِعْلَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ عَلَیْکُمْ بِالتَّحَامِی فَإِنَّ اَلْحَرْبَ سِجَالٌ لاَ یَشْتَدُّنَّ عَلَیْکُمْ کَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وَ لاَ حَمْلَةً بَعْدَ جَوْلَةٍ وَ مَنْ أَلْقَی إِلَیْکُمُ اَلسَّلَمَ فَاقْبَلُوا مِنْهُ وَ اِسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ فَإِنَّ بَعْدَ اَلصَّبْرِ اَلنَّصْرَ مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «إِنَّ اَلْأَرْضَ لِلّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ اَلْعاقِبَهُ لِلْمُتَّقِینَ»(2)».
ويدل مفهوم مصطلح (إفراغُ السِجَال) ومعناه على إخلاء ما جمعه اعلام أهل السُنَّة والجماعة في قراءة الحديث النبوي الشريف في زواج فاطمة (عليها السلام) بصيغة المتكلم، بعد أن ردَّ النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أبي بكر، وعمر، وعثمان وغيرهم، وإعراضه عنهم في خطبتهم لها (عليها السلام)،
ص: 17
ثم زَوّجَهَا علي (عليه السلام) فتماروا في رد الحديث فيما بينهم، بين مغایر في القراءة، وطاعن في السند، وناقم على الرافضة والتشيع، وموثق للراوي، ومتهم له بالوضع، وساخر منه، وواصف له بحمار أهل النار، وبين مخرج له في سُننه، ومُشرّع له في مذهبه.
ص: 18
للوصول الى معنى القصدية والمقاصدية ومفهومها فلا بد من الرجوع الى تعريفها في اللغة والاصطلاح، وما ذكره البلاغيون من استعمالات للقصد ودلالاته ومعناه في كتبهم.
إنّ المستفاد من معنی مفردة (قصد) في اللغة، هو أصابة المعنى في اللفظ والوصول إليه.
قال الفراهيدي:
(القَصد: استقامة الطريق، والقصد في المعيشة أن لا تسرف ولا تقتر؛ وقد جاء في الحديث: «ما عال مقتصد، ولا يعيل»)(1).
وقال ابن فارس (ت 395 ه):
قَصد: القاف، والصاد، والدال؛ أصول ثلاثة يدل أحدهما على إتيان شيء وأمه، والأخر على كسر وانکسار، والأخر على اكتناز في الشيء؛ فالأصل: قصدته قصداً و مقصداً.
ومن الباب: أقصد السهم إذا أصابه فقتل مكانه وكأنه قيل ذلك لأنه لم
ص: 19
يحد عنه)(1).
وهذا يكشف عن دلالة القصد في النص: أي إصابة المعنى الذي عناه منتج النص كما يصيب السهم الهدف ويصل إليه:
(فأقصدها سهمي وقد كان قلبها *** لأمثالها من نسوة الحي قانصاً)(2)
وفي الأصل الثالث الذي ذكره ابن فارس يحدد وظيفة القصد في اللفظ، أي أن النص يكون متمثلاً ومكتنزاً للمعاني والدلالات فتكون وظيفة المتلقي اخراج هذه المعاني التي اكتنزها اللفظ.
ولذا قيل:
(الناقة القصيدة: المكتنزة الممتلئة لحماً.
قال الأعشى:
قطعت وصاحبي سرح كناز *** كركن الرعن ذعلبة قصيد
ولذا سميت القصدية من الشعر قصيدة لتقصيد أبياتها، ولا تكون أبياتها إلا تامة الأبنية)(3).
وأظهر أبو هلال العسكري (ت 395 ه):
ص: 20
(إنَّ المعنى: القصد الذي يقع به القول على وجه، وقد يكون معنى الكلام في اللغة ما تعلق به القصد.
وقيل: إنَّ المعنى هو القصد، مايقصد إليه من القول، فجعل المعنی: القصد لأنه مصدر)(1).
وقد كان لابن جني بیاناً موفقاً في تحديد موقع اللفظ وأصله، أي (القصد) في كلام العرب وهو: الاعتزام، والتوجه، والنهود، والنهوض، نحو الشيء على اعتدال كان ذلك أو جور.
هذا أصله في الحقيقة، وإن كان قد يخص في بعض المواضع بقصد الاستقامة دون الميل، ألا ترى وانك تقصد الجور تارة كما تقصد العدل أخرى، فالاعتزام والتوجه شامل لها جميعاً)(2).
وهذا يرشد إلى أنَّ القصد يراد به في الأصل في كلام العرب حينما تتم المقارنة مع النظرية التداولية وتحديداً في معيار المقصدية هو التوجه بالمعنى والنهوض به نحو الشيء الذي عناه منتج النص مرتكزاً على الاعتدال في توجيه المعنی بغية إحراز التفاعل مع المتلقي.
يمكن الوقوف على معنى القصدية في الاصطلاح عبر المفاهيم التي تناولت اللفظ في بعض العلوم، فالقصدية في الفلسفة هي:
ص: 21
(اتجاه الذهن نحو موضوع معين وإدراكه له ويسمى القصد الأول، وتفكيره في هذا الإدراك سمي القصد الثاني)(1).
في حين عرَّفها علماء الظاهراتية (الفينومينولوجيا): هي مبدأ كل معرفة وتعني: أنَّ المعنى يتكون من خلال الفهم الذاتي والشعور القصدي الآتي بإزائه)(2).
حينما كان القرآن والسُنة النبوية المصدران الأساسان للشريعة فان مقاصد الشريعة هي في مفهومها قريبة من مقاصد القرآن والسُنَّة إن لم يكن المفهومان متلازمان في المعنى والدلالة، والغاية.
ولذا: فقد ذهب البعض إلى تعريف مقاصد القرآن والسُنَّة ب (الأمر باکتساب المصالح وأسبابها والزجر عن أكتساب المفاسد وأسبابها؛ والتعريف يلمح للمقصد العام للإسلام بأنّه جلب للمصالح ودرء للمفاسد)(3).
وقد اختلفت الأقوال في تحديد أقسام مقاصد القرآن، فكانت على النحو الآتي:
ص: 22
1- قال السيوطي (ت 911 ه)، وقد جعلها أربعة مقاصد:
إن مقاصد القرآن في أربعة علوم قامت بها الأديان، علم الأصول ومداره على معرفة الله وصفاته ومعرفة النبوات ومعرفة المعاد؛ وعلم العبادات؛ وعلم السلوك وهو حمل النفس على الآداب الشرعية وعلم القصص وهو الاطلاع على أخباز الأمم السالفة، وقد نَبَّه عزّ وجل في سورة الفاتحة على جميع مقاصد القرآن(1).
2- قال محمد صدر الدين الشيرازي (ت 1050 ه)، وقد جعلها ستة مقاصد وسماها أيضا بالأصول المهمة:
(فأولها معرفة الحق الأول وصفاته وأفعاله، وثانيها معرفة الصراط المستقيم ودرجات الصعود إلى الله وكيفية السلوك عليه وعدم الانحراف عنه. وثالثها معرفة المعاد والمرجع إليه وأحوال الواصلين إليه وإلى دار رحمته وكرامته وأحوال المبعدين عنه والمعذبين في دار غضبه وسجن عذابه وهو علم المعاد والإيمان باليوم الآخر.
وأما الثلاثة الأخيرة فأحدها معرفة المبعوثين من عند الله لدعوة الخلق ونجاة النفوس عن حبس الجحيم وسوقهم إلى الله وهم قواد سفر الآخرة ورؤساء القوافل والمقصود منه الترغيب إلى الآخرة والتشويق إلى الله وثانيها حكاية أقوال الجاحدين وكشف فضائحهم وتسفيه عقولهم في غوايتهم وضلالتهم وتحريمهم طريق الهلاك والمقصود فيه التحذير عن طريق الباطل والتثبت على الطريق المستقيم.
ص: 23
وثالثها تعليم عمارة المنازل والمراحل إلى الله والعبودية وكيفية أخذ الزاد والاستعداد برياضة المركب وعلف الدابة لسفر المعاد والمقصود منه كيفية معاملة الإنسان مع أعيان هذه الدنيا التي بعضها داخلة فيه کالنفس وقواها الشهرية والغضبية برياضتها وإصلاحها حتى لا يكون جموحا بل رائضة حمولة يصلح للركوب في السفر إلى الآخرة والذهاب إلى الرب تعالی کما في قوله تعالى حكاية عن الخليل (عليه السلام):
«وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ» وهذا العلم يسمى تهذيب الأخلاق. وبعضها خارجة إما مجتمعة في منزل واحد كالوالد والولد والأهل والخدم ويسمى تدبير المنزل أو في مدينة واحدة أو أكثر ويسمى علم السياسة وأحكام الشريعة كالقصاص والديات والأقضية والحكومات وغيرها فهذه ستة أقسام من مقاصد القرآن)(1).
3- قال الفيض الكاشاني (ت 1091 ه):
إنّ مقاصد القرآن الكريم ترجع عند التحقيق الى ثلاثة معان: معرفة الله ومعرفة السعادة والشقاوة الاخرويتين والعلم بما يوصل الى السعادة ويبعد عن الشقاوة(2).
4- قال الألوسي (ت 1650 ه):
أن مقاصد القرآن العظيم لا تنحصر في الأمر والنهي بل هو مشتمل على
ص: 24
مقاصد أخرى كأحوال المبدأ والمعاد ومن هنا قيل: لعل الأقرب أن يقال إن مقاصد القرآن، التوحید والأحكام الشرعية وأحوال المعاد، والتوحيد عبارة عن تخصيص الله تعالى بالعبادة وهو الذي دعا إليه الأنبياء عليهم السلام أولاً بالذات والتخصيص إنما يحصل بنفي عبادة غيره تعالى وعبادة الله عز وجل إذ التخصيص له جز آن النفي عن الغير والإثبات للمخصص به فصارت المقاصد بهذا الاعتبار أربعة؛ وقيل: إن مقاصد القرآن صفاته تعالى والنبوات والأحكام والمواعظ(1).
يتضح اهتمام البلاغيون العرب في تتبع قصد منتج النص عبر اهتمامهم بالمعنى وفهم كلام القائل وقدرته على إفهام السامع وهو ما يعنيه اللسانيون في دراستهم المعياري القصدية والمقبولية.
فقد أظهر أبو هلال العسكري مفهوم القصدية في بيانه لمفهوم مفردة المعنى ودلالتها، فيقول:
(المعنى هو القصد الذي يقع به القول على وجه دون وجه فيكون معنی الكلام ما تعلق به القصد)(2).
ثم يأتي بمثل في بيان حقيقة القصد ومراده فيقول:
(والكلام لا يترتب في الأخبار والإستخبار وغير ذلك إلا بالقصد فلو قال
ص: 25
قائل: (محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -) ویرید جعفر بن محمد بن جعفر كان ذلك باطلاً)(1).
ثم يأتي إلى بيان الغرض الذي أراده منتج النص في خطابه، فيقول:
(والغرض هو المقصود بالقول أو الفعل بإضمار مقدمة)(2).
وبين السبب في تسميته بالغرض (تشبيهاً بالغرض الذي يقصده الرامي بسهمه وهو الهدف)(3).
وتظهر مفاهيم العملية التواصلية في التراث البلاغي عِبر تعريفهم للبيان، کما جاء عن الجاحظ (ت 255 ه) والقيرواني (ت 453 ه) والظهار أنّ القيرواني نقل هذا التعريف عن الجاحظ، فيقول:
(والبيان اسم جامع بكل شيء كشف لك قناع المعنى وهتك الحجب حتى يفضي السامع إلى حقيقته ويهجم على محصوله كائناً ما كان ذلك البيان من أي جنس كان ذلك الدليل، لأن مدار الأمر والغاية التي إليها يجري القائل والسامع إنّما هو الفهم والإفهام فبأي شيء بلغت الإفهام، وأوضحت عن المعنى فذاك هو البيان في ذلك الموضع)(4).
ويظهر مدار العملية التواصلية في معياري القصدية والمقبولية في قوله:
ص: 26
(والغاية التي يجري إليها القائل والسامع إنما هو الفهم والإفهام) ومن ثم يكون الخطاب التواصلي بين الناس ثمرة، وهي (البيان).
ويتجلی اعتماد البلغاء والشعراء القصدية في بيانهم للمعنى المنظور والموزون في الشعر، قال ابن جني:
(سُمِّي قصيداً لأنه قصد واعتمد)(1).
وقال الجوهري: (سمي قصيداً لأن قائله احتفل له فنقحه باللفظ الجيد والمعنى المختار، وأصله من القصيد)(2).
وقيل (سمي الشعر التام قصيداً لأن قائله جعله من باله فقصدله قصداً ولم يحتسّه حسيًّا على ما خطر بباله وجرى على لسانه، بل رَوِيَ فيه خاطره واجتهد في تجويده ولم يقتضبه اقتضاباً فهو فعيل من القصد، وهو الأُم)(3).
أن مفهوم القصدية في التراث النقدي والبلاغي كان حاضراً في مظهرين رئيسيين:
أولهما: النية، حيث سمي الشعر التام قصيداً لأن قائله جعله من باله فقصد له قصداً؛ إضافة إلى تعريفهم للشعر بأنه بعد النية على أربعة أشياء، وهي:
اللفظ، والوزن، والمعنى، والقافية، فهذا هو حد الشعر لأن من الكلام موزوناً مقفّى وليس بشعر لعدم القصد والنية، بل اشترط بعضهم في الشعر أن يكون أكثر من بيت احتراز عايقع في سطر واحد بوزن الشعر دون القصد.
ص: 27
أمّا المفهوم الثاني للقصد: فيتمثل في المصطلحات التي استعملها القدامی للدلالة على المراد من النص أو الكلام، مثل: المعنى، والغرض، والهدف، والحاجة، والغاية التي يريد أن يبلغ إليها المتكلم، بل لعل تعريفهم للبلاغة يتضمن جانباً من القصدية حيث ينشطرون لتحقق بلاغة النص أو الكلام وضوح القصد للسامع)(1).
وبناءاً عليه:
فقد اقتضت الدراسة البحث في مقاصد النص الوارد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في سبب إعراضه عن الخاطبين لفاطمة (عليها السلام).
ص: 28
إنّ المتتبع لسير الأحداث التي رافقت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أيامه الأخيرة وقبل الالتحاق بركب الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) إلى رياض الجنة؛ يجد أن أول الأنساق تجلياً في الأمة لاسيما في النسق العقدي قد ظهر تأسياً وتأصيلاً فيما يعرف في الصحاح والسُنن، وغيرها، برزية يوم الخميس(1).
فمنذ ذلك اليوم ومن لحظة أطلاق بعض الصحابة (وفيهم عمر بن الخطاب)(2) صفة (الهجر) على سيد الخلق (صلى الله عليه وآله وسلم) بدأت مرحلة جديدة في الفكر والعقيدة والثقافة.
ولعل بكاء ابن عباس (حتی خضّب دمعه الحصباء)(3) ليغني العاقل المنصف بمدى أثر هذا النسق العقدي والثقافي في الأمة، لا سيما الرعيل الأول، وهم أهل خير القرون، وذلك لما أخرجه البخاري في صفتهم(4).
وعليه:
يلزم الوقوف عند معنى النسق في اللغة، وعند أهل الاختصاص في
ص: 29
العلوم الاجتماعية كي نقف على كوامن هذا الإنكار لأعلام أهل السُنَّة والجماعة لما أثبتته النصوص القرآنية والنبوية، مع الأخذ بعين الاعتبار، أن من آليات الإنكار ليّ عنق النصوص وتغيير معناها ودلالتها؛ ومن ثم فان معنی المصطلح هو على النحو الآتي:
إنّ المستفاد من كلام أهل اللغة، أنّ النسق، هو: انتظام الأشياء وتتابعها على السواء، فكانت على طريق واحد لتشابهها سواء كانت مادية أو فكرية أو ثقافية.
قال ابن منظور:
(النسق من كل شيء: ما كان على طريقة نظام واحد؛ عام في الأشياء، وقد نسقتهُ تنسيقاً)(1).
وقال ابن سيدة: (نسق الشيء ينسقه نسقاً؛ ونَسقَهُ نَظَّمهُ على السواء، وانتسق فهو متناسق، والاسم: النسق، وقد انتسقت هذه الأشياء بَعضُها إلى بعض - أي تَنَسَّقَت -.
والنحويون يسمون حروف العطف حروف النسق، لأن الشيء إذا عطفت عليه شيئاً بعده جرى مجرى واحداً؛ ويقال: ناسق بين الأمرين، أي تابع بینهما)(2).
ص: 30
تناول المختصون في العلوم الاجتماعية مصطلح (النسق الثقافي) بجملة من التعريفات التي يتضح عبرها أثر النسق في تكوين نظام تفاعلي بين أفراد المجموعة الواحدة، ترطبهم علاقات مرتكزة على مجموعة من القيم والمعايير التي يؤمن بها أفراد هذه المجموعة؛ لتُنَظّم معها سلوكياتهم وتوجهاتهم الفكرية والحياتية:
ومن هذه التعريفات:
1. عَّرفهُ تالکوت بارسونز، بأنّه: (نظام يتطور على أفراد مفتعلين تتحدد علاقتهم بعواطفهم وأدوارهم التي تنبع من الرموز المشتركة والمقررة ثقافياً في إطار هذا النسق وعلى نحو يغدو معه مفهوم النسق أوسع من مفهوم البناء الاجتماعي).
وأشار بارسلونز في كتابه (بنية الفعل الاجتماعي) إلى أنَّ: (النسق يرتكز على معايير وقيم تتشكل مع الفاعلين الآخرين جزءًا من بنية الفاعلين)(1).
2. وقال أ. د جمال مجناح:
(يمكننا أن نعد النسق الثقافي باعتباره أحد أنواع الأنساق الاجتماعية بأنه: مجموعة من العلاقات المترابطة، لما لها من مرونة ومرجعية دلالية خاصة)(2).
ص: 31
3. وعرّف النسق في أبسط معانيه العلائقية أو الارتباط أو التساند، (حينما تؤثر مجموعة وحدات وظيفية بعضها في بعض فأنه يمكن القول أنها تؤلف نسقاً)(1).
4. ويعد (ليفي شتراوس) من أوائل الذي نقلوا مصطلح (النسق) الى الحقل الثقافي في دراسته (الأنثروبولوجيا البنيوية عام 1957) مؤكداً على وجود کلي أو شامل وعالمي سابق عن الأنساق أو الأنظمة الفردية للنصوص؛ فظاهرة اللغة والثقافة ذات طبيعة واحدة الثقافة(2).
5. ويتكون النسق من مجموعة من العناصر أو الأجزاء التي يرتبط بعضها ببعض مع وجود متميز أو مميزات بين كل عنصر وآخر، واعتمادا على هذا التحديد يمكن استخلاص عدة خصائص للنسق:
أ. إن كل شيء مكوّن من عناصر مشتركة ومختلفة فهو نسق.
ب. له بنية ظاهرية وداخلية.
ج. له حدود مستقرة بعض الاستقرار يتعرف عليها الباحثون.
د. قبوله من المجتمع، لأنه يؤدي وظيفة لا يؤديها نسق آخر.
فيستطيع مفهوم النسق الوفاء بكثير من متطلبات التحليل الوظيفي، ولعل أهمها أنه يمكننا على مستوى التجريد من التعرف على النشاطات المختلفة والخصائص المتميزة للمجتمع ككل(3).
ص: 32
ومن ثم فالنسق الثقافي هو: مجموعة آليات معرفية وفكرية لفئة اجتماعية ما أو لأيديولوجيا مترابطة ومتمایزة ومتفاعلة تخص المعارف والفنون والأخلاق والمعتقدات واللغة وغيرها من أنساق المجتمع، وتتصف بالمرونة في الانتقال بين الأفراد والجماعات والأجيال، كما أنه سريع التأثير في الخطابات الاجتماعية(1).
وعند الرجوع الى موقف أعلام أهل السُنة و الجماعة فيما شجر بين بضعة النبوة فاطمة (عليها السلام) وأبي بکر سواء كانوا في حقل اللغة أو الفقه أو الحديث أو السيرة أو التاريخ أو العقيدة نجدهم يسيرون ضمن نسق ثقافي واحد يتبعون في ذلك آليات معرفية وفكرية لفئة ما وبالتحديد لفئة الخلفاء أو لأيديولوجيا مترابطة ومتمایزة ومتفاعلة تختص بالخليفة والخلافة.
وفي مظاهر متعددة كمظهر تفضيل الشيخيين على عامة الصحابة، وتفضيل المهاجرين على الأنصار والسابقين الأوليين على من أسلم بعد الفتح، وتفضيل عائشة على بقية أمهات المؤمنين.
أو مظهر الإعذار فيما بدا من مساوئهم واجتهاداتهم؛ أو مظهر عموم الصحبة وإكسائها من شأنية النبي (صلى الله عليه وآله) فقيل: صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتعظيمها حتى طغت في تفاعلها ونسقها العقدي والثقافي على شخص رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنجد الصحابة يمتثلون لقول عمر بن الخطاب ويطيعونه في رزيّة يوم الخميس، حيث يأمرهم النبي (صلى الله عليه وآله) بأن يأتوه بقرطاس ودواة ليكتب لهم
ص: 33
کتابًا لن يضلّوا من بعده أبدًا(1)، فيمنعهم عمر بن الخطاب قائلاً لهم دعوه إنه يهجر، فيعصون النبي (صلى الله عليه وآله) وهم في أحوج ما يكونون إلى سماع قوله(2)، فضلاً عن تعلق جملة من الآثار الشرعية على معصيته وما يتبعها من سنن کونية في سوء العاقبة ونزول البلاء والعذاب على الأمّة. فهذا حالهم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يسيرون معه في نسق عقدي ضمن آليات معرفية وفكرية لفئة معينة، فشكّل (نظامًا بتطور على أفراد مفتعلين، تتحد علاقتهم بعواطفهم وأدوارهم التي تنبع من الرموز المشتركة والمقررة ثقافيًا)، فانعكس ذلك على عقيدة المسلم بالنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، فتجد المسلم الذي سار في إطار منظومة سُنّة الشيخين والجماعة يهاب الصحابي ويجله في نفسه ويعظمه دون أن يلتفت إلى وجوب مودة الآل (عليهم السلام) وتقديمهم على عامة الخلق.
ولعل أدنى مظاهر النسق الثقافي لأعلام أهل السُنّة والجماعة هو اجتنابهم ذكر الآل عند الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)، أو إيراد السلام عند
ص: 34
ذكرهم ومساواتهم بالترضي مع غيرهم ممن صحب النبي (صلى الله عليه وآله) على الرغم من إقرار أئمة الفقه في جميع المذاهب الإسلامية بتعلق قبول صلاة الفريضة والنافلة بذكر الصلاة على أهل بيته (عليهم السلام).
وعليه:
فإن النسق الثقافي الذي سار في أطاره أعلام أهل السُنَّة والجماعة منذ وقوع الحدث أي ما شجر بين البضعة النبوية (عليها السلام) وأبي بكر هو الانتصار للخليفة وإنكار ما أثبتته النصوص القرآنية والنبوية أو إيراد ما يعارضه من الاجتهادات والشبهات وغيرها - کما سیمر بیانه - فكان من ضرورات الدراسة التوقف عند النسق الثقافي الذي خضع له أعلام أهل السُنَّة والجماعة وساروا في كَنَفه وأحلَّوا بفنائه.
ص: 35
ص: 36
قبل الوقوف عند النصوص الكاشفة عن نتائج الدراسة فلابد من بیان معنى السُنّة ومفهومها، وكذا بيان نشأت مصطلح أهل السُنّة والجماعة ومفهومه وحقيقته، كي يتضح لدى القارئ مواضع البحث وصحة إيراد الشواهد، وكشف الحقائق، لا سيما في عَيّنة الدراسة، وعليه:
قال ابن فارس (ت 395 ه): (سَنَّ: السین والنون أصل واحد مطرد وهو جریان الشيء وإطراده في سهولة والأصل قولهم سننت الماء على وجهي أسنه سنا إذا أرسلته إرسالا ثم اشتق منه رجل مسنون الوجه كأن اللحم قدسن على وجهه والحمأ المسنون من ذلك كأنه قد صب صبا وما اشتق منه السنة وهي السيرة. وسنة رسول الله عليه السلام سيرته قال الهذلي:
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها *** فأول راض سنة من يسيرها
وإذا سميت بذلك لأنها تجري جريا. ومن ذلك قولهم امض على سننك وسننك أي وجهك.
وجاءت الريح سنائن إذا جاءت على طريقة واحدة. ثم يحمل على هذا سنت الحديدة أسنها سنا إذا أمررتها على السنان. والسنان هو المسن.
ص: 37
قال الشاعر:
* سنان كحد الصلبي النحيض *
والسنان للرمح من هذا لأنه مسنون أي محطول محدد وكذلك السناسن وهي أطراف فقار الظهر كأنها سنت سنا؛ ومن الباب سن الإنسان وغيره مشبه بسنان الرمح والسنون ما يستاك به لأنه يسن به الأسنان سنا)(1).
فالسُنَّة: بضم الأول وفتح الثاني مع التشديد في اصطلاح المتشرعة على معنيين:
الأول، هو: قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وفعله وتقريره، بل المطلق من طريقته وهديه (صلى الله عليه وآله وسلم) - وعند الشيعة الإمامية - التابعين لأئمة العترة من أهل البيت (عليهم السلام)، يضاف إلى الرسول قول أئمة العترة الطاهرة (عليهم السلام) وفعلهم وتقريرهم وهديهم، لأنهم امتداد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفاؤه حقاً ووارثوه وهم أئمة يهدون إلى الحق وبه یعدلون، وإنهم أئمة معصومون. لا يقولون ولا يعملون إلا على التنزيل والتأويل، وهم معدن علم الله وعلم رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأما عند الجمهور وعامة المسلمين المعروفين بأهل السُنّة، يضاف إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) سُنّة الصحابة وسيرتهم ولاسيما الخلفاء منهم، وأن لهم حق التشريع حسب المصالح المرسلة كما في مسألة المتعتين
ص: 38
والطلاق البدعي، وتبديل حي على خير العمل ب (الصلاة خير من النوم)، وعشرات من نحو هذه التشريعات.
والثاني: العمل المستحب الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يواظب على العمل به، ويحضّ المؤمنين عليه، وهو دون الواجب وفوق الندب، کالختان والصلاة بالجماعة، وكتحية المسجد، وفعل النوافل المرتبة ولو يأتي بركعتين منها. والمراد من السُنَّة قبال الكتاب: هو المعنى الأول)(1).
ومن تعريفات السّنة ما جاء عند الفقهاء بأنّها (العِلمُ الواقع من المعصومِ ولم يَكن فرضًا واجبًا)(2)، وعُرّفت عند المحدثين بأنّها (كلّ ما أُثر عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من قول أو فعل أو تقرير، أو صفةٍ خَلقية، أو خُلقية، أو سيرة، أكان ذلك قبل البعثة، أم بعدها)(3)، وإما عند الأصوليين فإنّها (ما صدر عن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من الأدلة الشّرعية ممّا ليسَ بمتلو، ولا هو معجز، ولا داخل في المعجز)(4).
وكذلك بأنّها (قولُ المعصوم لفظًا، أو كتابةً، أو إشارة، أو فعله إذا لم يعلم أنَّهُ من خصائصه، كالزّواج بأكثر من أربعة، أو ترکه، کما لو ترك القنوت في صلاة الصّبح، فإنَّ ترکَهُ دليلٌ على عَدَمِ وجوبه، أو تقريرِهِ لما يصدر عن
ص: 39
غيره بسكوتٍ أو موافقة، أو استحسانٍ، مع تمكُّنِهِ من الرَّدع)(1).
وقد قسمت السنة على ثلاثةِ أقسام، تتمثل بالآتي:
1- السُنّة القولية: ويقصدُ بها الأحاديث التي تَلفَّظَ بها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)(2)، نحو قوله (صلى الله عليه وآله): «إنما الأعمال بالنيات»(3) «لاضرر ولا ضرار في الإسلام»(4)، وغيرها من الأحاديث الشريفة.
2- السّنة الفعلية: هي كل ما فَعله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإمام (عليه السلام) نحو وضوؤه وصَلاته وحُجّته(5).
3- السّنة التقريرية: (وهي أن يستحسن، أو يوافق، أو يسكت المعصوم عن إنكارِ فِعلٍ، أو تركِهِ، أو قولٍ صَدَرَ في حُضُورِهِ، أو في غَيبتِهِ، وعلم به، ولم يَردَع عنه)(6).
وإما أقسام السّنة على أساس علاقتها بالقرآن الكريم فأنّها تنقسم إلى:
1- السُنّة المؤكدة: وهي التي تأتي موافقة للكتاب الكريم، نحو (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)(7)، فانّه يوافق قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
ص: 40
لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» [سورة النساء / 29].
2- السّنة المبينة: وهي (المُوضحة لما أجمله القرآن الكريم، مثل مخصصة للعام أو مقيدة للمطلق، مثل الأحاديث الواردة في بيان عدد ركعات الصلاة ومقدار الزكاة في المال)(1).
3- السّنة المؤسسة: وهي (التي تدل على حكم قد سكت عنه القرآن الكريم)(2)، نحو قوله: (صلى الله عليه وآله وسلم) «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»(3).
أما حجية السّنة فلا إشكالَ فيها، لأنّها صادرَةٌ عن المعصومِ عن الخطأ، وقد قامت الأدلّة الأربعة على حُجّيتها(4)، وتعدُّ السّنة الشرّيفة حجة في التشريع الإسلامي إلى جانبِ القرآنِ الكريم في استنباطِ الأحكام الشرعية، لأنّها وحيٌ مِن الله تعالى، فمَن جحدها فقد کذب بالدين وأنکر القُرآن الكريم، إذ أننا لم نعرف أن القرآن الكريم هو كتاب الله تعالى، إلا من قول النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإذا لم يكن قوله حُجّة، فلا أثر للقرآنِ، ولا معنى لجميعِ العبادات والأحكام التي جاءَ تفصيلها من طريقِ
ص: 41
السنة فحجيّة السّنة من اکبرِ ضروريات الدّين، ولا خلافَ بين المسلمين في ذلك، بَل هي بديهية لا تُخفي أيضًا على غيرِ المسلمين(1).
والمَقصود من السّنة النّبوية هي سُنة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام)، وقد جاء في الحديثِ «أنظروا أهل بیت نبیکم فألزموا سمتهم واتبعوا إثرهم، فلن يخرجوكم من هدى ولن يعيدو کم في ردي، فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فأنهضوا، ولا تسبقوهم فتضلوا ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا...»(2).
وكانَ الإمامُ علي (عليه السلام) هو الحافظ السنّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنّ هذا الحفظ لا يمكن أن يَحصل إلا من قبل جهة موثوقة قادرة على تقبّل السّنة ووعيها ورعايتها، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأعلمية الإمام علي (عليه السلام)(3)، وقد أكدَ هذا الأمر الإمامُ علي (عليه السلام) بقوله: «إن هاهنا لعلما جما - وأشار بيده إلى صدره - لو أصبت له حملة، بلى أصبت لقنًا غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة...»(4).
ص: 42
فالإمام علي (عليه السلام) بيّنَ في وصيتهِ أنّهُ حامل لعلمِ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وسنّته وبيّنَ أن هُناك من يأخذُ هذا العلم عنه بقوله لكميل بن زیاد: «اللهمَّ بلى، لا تخلوا الأرض من قائم لله بحجةِ، إما ظاهرا مشهورا، وإما خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته.....»(1).
فهذه الرواية تؤكد على أن ((الغرض الدّاعي إلى بعثة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) داع إلى وجود إمام يخلفُ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عامة سماته، سوى ما دلّ القرآن على انحصارهِ به ککونِه نبيا رسولا وصاحب شريعة))(2)، فخلفاء النبي في سنتهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) هم الإمام علي وعترته (عليهم السلام)، إذ يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يزالُ أمر أمّتي صالحًا حتى يمضي اثنا عشر خلیفة كلهم من قریش»(3).
ص: 43
ص: 44
تفترض الدراسة أن تدوین العلوم والمعارف الإسلامية الذي تأخر إلى منتصف القرن الثاني للهجرة النبوية كما روى الذهبي في تاريخه(1)، وبأمر من خلفاء بني العباس وإكراههم لحملة العلم على الكتابة وتدوين العلوم لاسيما الحديث، وهو ما رواه ابن شهاب الزهري قائلًا:
(کنّا نكره كتابة العلم حتى أكرهنا عليه السلطان فكر هنا أن نمنعه أحداً)(2).
إلا أن هذه المعارف كانت قد كتبت في ظل الحكومات التي تعاقبت في إدارة شؤون الحكم ومصالح المسلمين الحياتية فتحكمت فيها بقدر ما استطاعت وبما يتناسب مع الحفاظ على السلطان والسلّطنة أو الأمير والإمارة؛ لكن ذلك لم يكن حاجباعن تدوين العديد من الحقائق والمعارف الإسلامية وخاصة تدوين الحديث النبوي إذ يعد مادة خصبة للوصول إلى كثير من الحقائق والمفاهيم والمرتكزات التي شكلت المكون المعرفي والعقدي للمسلم.
ص: 45
وعليه:
تسعى الدراسة عِبرَ مجموعة من المباحث الى بيان مدى التلاعب في الحديث النبوي الشريف وبشتى الوسائل التي قد لا تخطر على بال أحد من المسلمين إلا من سعى إلى صناعتها وصياغتها بهذه الصورة التي تناولتها الدراسة بين أيدينا، أي: قراءة مفردة (لست) بصيغة المتكلم فقرؤوها بضم التاء: (لستُ) وذلك لتغيير دلالة الحديث الشريف وقصديته في بيان أن المانع من موافقة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ليس اتصاف من تقدم لخطبة بضعة النبوة (عليها السلام) بالدجل، وإنما لوعد قطعه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) العلي (عليه السلام) في تزويجه فاطمة (عليها السلام).
فكشفوا بذاك عن مصداق نصبهم العداء لآل محمد (صلى الله عليه واله) و من ثم فقد أظهرت هذه المغالطات ظلامة أهل البيت لاسيما أمير المؤمنين الإمام علي (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، فضلا عن تضليل المسلم في معرفة حقيقة بعض رموز السلف الذين سعوا جاهدين في فرض سُنَّة جديدة معارضة ومخالفة لسُنَّة رسول الله (صلى الله عليه واله) فبدت واقعا شرعيا وعقديا وذلك بفعل جملة من الأنساق الفكرية والثقافية جهد أعلام أهل السُنَّة والجماعة على زرعها في المجتمع الإسلامي ومناهله المعرفية لاسيما الحديث النبوي.
تكمن غاية الدراسة وهدفها ضمن مجموعة من النقاط وهي على النحو الآتي:
1- إنّ وظيفة الباحث هي أعادة قراءة الموروث الإسلامي ضمن منظومة التحليل العلمي والمعرفي المرتكزة على القراءة المتأنية والمنصفة دون الخروج عن
ص: 46
ثوابت القرآن والعترة النبوية (عليهم السلام) وهما الثقلان اللذان أمر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بالتمسك بهما لضمان عدم الانحراف عن الحق.
2- الإثراء المعرفي في كشف الحقائق العلمية وأثره في تصحيح الموروث الثقافي والفكري.
3- التأصيل لمنهج المزواجة المعرفية والبينية بغية الخروج بنتائج متجدده للعلوم الإنسانية.
4- محاولة تصحيح مسار الأنساق الثقافية المكبلة للرؤية العلمية المرتكزة على تحرر الذهن من الأضغان وازدراء الأديان فما زال الكثير من المسلمين وبفعل هذه الأنساق الثقافية يزدرؤون مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ومن سار بهديهم فكيف ببقية الأديان والمذاهب والفرق والثقافات العالمية.
5- إنّ عينة الدراسة - التي بين أيدينا - وغيرها، مما وفقنا الله تعالى لكتابته، لا تستهدف أي شخص بذاته وأما الحقيقة ومقدماتها ونتائجها وأن كانت مريرة على الآخر.
وقد اعتمدتُ في هذا المنهج على هدي أمير المؤمنين الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) حينما توجه اليه الحرث بن حوط الليثي قائلا:
(أترى أن طلحة والزبير، وعائشة اجتمعوا على باطل؟ فقال علي (عليه السلام): «یا حار، أنت ملبوس عليك، إنّ الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال، وبإعمال الظن، أعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف أهله»)(1).
ص: 47
اعتمدنا في هذه الدراسة على أهم الطرق العلمية في بناء النتائج المعرفية والفكرية؛ إذ تعد الدراسات البينية من أهم ما توصلت إليه المناهج العلمية في طرق جمع المعلومة وإعادة بلورتها في نتاج معرفي جديد يرتكز على الممازجة بين الحقول المعرفية المتعددة للوصول إلى نتاج معرفي وفكري جديد يُمَكّن الباحثين والدارسين من فهم مادة البحث سواء أكانت هذه المادة البحثية هي الإنسان وما يصدر عنه أو ما يختلج في مكنون نفسه ضمن العلوم الإنسانية أو ما أرتبط بالعلوم الأساسية أو التطبيقية.
وذلك أن الهدف من الدراسات البينية هو (تعظيم الاستفادة من التوجهات الفكرية للتخصصات المشاركة وتحقيق الإبداع في طرق التفكير وتكامل المعرفة وليس وحدتها)(1).
مما يحقق أيضا (تكامل المعارف الإنسانية على اختلاف مجالاتها لتظهر علوم وكشوف جديدة نافعة للبشرية)(2).
وهذا ما سعت إلى تحقيقه الدراسة عِبر الممازجة بين الحقول المعرفية المتعددة بغية الوصول إلى نتائج جديدة في قضية بلغت من الأهمية ما جعلها متجددة في البحث والدراسة ألا وهي ظلامة بضعة النبوة وصفوة الرسالة فاطمة (صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها)؛ وما عَیِّنَة
ص: 48
الدراسة التي بين أيدينا إلا شاهد متجدد في أروقت الفكر وحقول المعرفية لاسيما الحقل العقدي الذي عليه قيام العلاقة مع الله تعالى ورسوله الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم).
استلزمت الدراسة الولوج إلى حقول معرفية ومناهل علمية عدة، وهي على النحو الآتي:
الحديث النبوي، والتفسير، والسيرة، والأخلاق، والتاريخ الإسلامي، والعقيدة، والرجال، والجرح والتعديل، والفقه، والاجتماع، وغيرها کما سمير بيانه أثناء الدراسة.
اعتمدت في هذه الدراسة على ثلاثة مناهج بحثية، وهي: المنهج الاستقرائي، والمنهج الوصفي، والمنهج التحليلي وذلك لدراسة المعطيات التاريخية، والروائية، والعقدية، والثقافية، عبر استنطاق النصوص، والأحداث، والمظاهر والبواطن للمواقف بغية الوصول إلى نتائج وكشوفات معرفية جديدة تسهم في إصلاح الإنسان والمجتمع والرجوع به إلى هويته القرآنية والنبوية والتمسك بالثقلين كتاب الله وعترته أهل بيته (عليهم السلام).
فلم ولن يضل من تمسك بهما حتى يردا على الحوض؛ عهد معهود من الله لنبيه المصطفی (صلى الله عليه وآله وسلم) ولن يضر الله شيئاً من كفر أو
ص: 49
كان في شك مريب.
قال تعالى: «وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ».
«أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ»(1).
وليقف القارئ على حقيقة ما لحق عترة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) من الظلم والأذى منذ أن توفي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والى يومنا هذا وفي مختلف مناهل المعرفة لاسيما الحديث النبوي کما سیمر في عَيّنَة هذه الدراسة.
ص: 50
ص: 51
ص: 52
بعد أن استقر حال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة المنورة، وبعد أن أدركت فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مدرك النساء، خطبها أكابر قریش(1) ومن أهل الفضل والسابقة في الإسلام والشرف والمال.
وكان كلما ذکرها رجل من قریش لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه)! حتى كان يظن الرجل منهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ساخط عليه، أو قد نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه وحي من السماء(2).
وعن ابن عباس أنه قال: كانت فاطمة تذكر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا يرها أحد إلا صد عنه حتى يئسوا منها(3).
وهذا الأمر لم يقتصر على المهاجرين وإنما شمل الأنصار أيضا، فهم كذلك قد تنافسوا للفوز بالبضعة النبوية (عليها السلام)، ولم يكن حالهم في الرد على
ص: 53
طلبهم بأفضل من حال المهاجرين، حتى لقي رهط منهم - أي من الأنصار - الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقالوا له: لو خطبتَ فاطمة إلى النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] لخليق أن يزوّجها، فقال:
«و كيف؟! وقد خطبها أشراف قريش فلم يزوجها»(1).
وكان من ضمن الذين خطبها من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبو بكر، وعمر ابن الخطاب، وقد ظهر عِبر الروايات أنهما تقدما أكثر من مرة الخطبتها فردهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(2) في كل مرة، فكانت على النحو الآتي:
فقد أخرج ابن إسحاق والطبراني، وابن حبان، والهيثمي، والمنّاوي وغيرهم، بسند عن أنس بن مالك، أنه قال:
(جاء أبو بكر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقعد بين يديه، فقال: يا رسول الله! قد علمت مناصحتي وقدمي في الإسلام وتقدمي على غيري، وإني وإني ...
قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
وما ذاك؟!».
ص: 54
قال: تُزَوّجَني فاطمة!
فأعرض عنه، - وفي رواية - فسکت عنه.
فرجع أبو بكر إلى عمر بن الخطاب، فقال له: قد هَلَكتُ وأُهلِكت!
قال عمر: وما ذاك؟!
قال: خطبت فاطمة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأعرض عنّي؟!!
قال: مكانك، حتى إلي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأطلب مثل الذي طلبت، فأتى عمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقعد بين يديه.
فقال: يا رسول الله قد علمت مناصحتي وقدمي في الإسلام، وإني.. وإني ..!
قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
«وما ذاك؟!».
قال: تُزَوّجَني فاطمة، فسكت عنه، فرجع إلى أبي بكر فقال له: إنه ينتظر أمر الله فيها)(1).
ص: 55
أخرج الهيثمي، والبزار، عن أنس بن مالك أنّه قال:
(إنّ عمر بن الخطاب أتی أبا بكر فقال: يا أبا بكر ما يمنعك أن تتزوج فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
قال: لا يزوجني؟ قال: إذا لم يزوجك، فمن يزوج، وأنك من أكرم الناس عليه، وأقدمهم في الإسلام؟! قال أنس بن مالك: فانطلق أبو بكر إلى بيت عائشة، فقال: يا عائشة إذا رأيت من رسول الله [صلى الله عليه واله وسلم] طيب نفس وإقبالا عليك، فاذكري له أني ذكرت فاطمة، فلعل الله عزّ وجل أن يسيرها لي.
قال أنس: فجاء رسول الله [صلى الله عليه واله وسلم] فرأت منه طيب نفس وإقبالا، فقالت: يا رسول الله [صلى الله عليه واله وسلم] إن أبا بكر ذکر فاطمة، وأمرني أن أذكرها.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
«حتى ينزل القضاء».
قال أنس: فرجع إليها أبو بكر فقالت: يا أبتاه وددت أني لم أذكر له الذي ذكرت!
فلقي أبو بكر عمر، فذكر أبو بكر لعمر ما أخبرته عائشة، فانطلق عمر إلى حفصة فقال: یا حفصة، إذا رأيت من رسول الله [صلى الله عليه واله وسلم]
ص: 56
إقبالا - يعني عليك - فاذكريني له واذكري فاطمة، لعل الله أن يسيرها لي.
قال أنس: فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فرأت طيب نفس ورأت منه إقبالا، فذكرت له فاطمة (عليها السلام)، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
«حتى ينزل القضاء».
فلقي عمر حفصة فقالت له: يا أبتاه وددت، إني لم أذكر له الذي ذكرت!
فانطلق عمر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ما يمنعك من فاطمة؟ فقال علي:
«أخشى أن لا يزوجني!».
قال: فإن لم يزوجك فمن يزوج وأنت أقرب خلق الله إليه؟
فانطلق علي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يكن له مثل عائشة وحفصة، قال: فلقي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال:
«إني أريد أن أتزوج فاطمة».
قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
«فافعل»(1).
إلى آخر الرواية وفيها خبر زواج علي (عليه السلام).
ص: 57
قد ورد أمر تقدمهما لخطبة فاطمة (عليها السلام) في بعض المصادر مختصرا دون ذكر هذه المجريات، مع إعراض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهما أيضا، مما يدل على أنهما قد عاودا خطبة فاطمة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقد أشار (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أمرين رافقا إعراضه عنهما:
الأمر الأول: ما أخرجه الحاكم عن أبي بريدة، قال:
«خطب أبو بكر وعمر فاطمة [عليها السلام] فقال رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم]:
«إنّها صغيرة».
فخطبها علي (عليه السلام) فزوجها»(1).
فهنا قد اعتذر (صلى الله عليه وآله وسلم) منهما بكونها (صغيرة) وسيمر بیانه مع سبب رفع هذا العذر عندما تقدم لخطبتها الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام).
الأمر الثاني: ما أخرجه ابن سعد:
(أن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال:
«يا أبا بكر أنتظر بها القضاء».
ص: 58
فذكر ذلك أبو بكر لعمر، فقال عمر: ردك يا أبا بكر؟!
ثم أن أبا بكر قال لعمر: أخطب فاطمة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فخطبها، فقال له مثل ما قال لأبي بكر:
«أنتظر بها القضاء».
فجاء عمر إلى أبي بكر فأخبره، فقال له: ردك يا عمر!(1).
فهنا قد أشار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أمر آخر في سبب إعراضه عنهما، والذي يبدو من خلال سياق الرواية: أن أبا بكر كان موقناً أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يزوج ابنته من عمر بن الخطاب.
لكن الذي دفعه إلى ترغيب عمر - وهو الراغب دون ترغيب - وحثه إلى خطبة فاطمة (عليها السلام) هو: كي يُسمعه تلك الكلمة التي تلقاها منه، عندما ذكر له أمر مثوله عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاطبا ابنته.
من الأمور التي رافقت خطبة الصحابة فاطمة (عليها السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، هو خطبة عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، فهذه الحادثة رافقها غضب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مما قالاه، ولأنهما
ص: 59
تعديا حدود الخطاب في حضرة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بل تعدّيا في ذلك حرمة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
فكان جوابه لهما: أن حصبهما بكف من الحجارة؟ كي يعيدهما إلى رشدهما، وإنهما يخطبان بنت أشرف الأنبياء والمرسلين، وبضعته النبوية، لا بنت رجل من قريش أو العرب فيساومان معه على المال الذي يغريهما فيوافقان على تزويج بناتهما لمن يدفع أكثر.
فهذا سيد الخلق (صلى الله عليه وآله وسلم) وبنته (عليها السلام) سيدة نساء العالمين، ومن كان بهذه المنزلة لا يخاطب بلغة المال، بل بلغة التقوى، والعبودية لله عزّ وجل.
فعن أنس بن مالك أنّه قال:
(ورد عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعثمان بن عفان إلى النبي [صلى الله عليه وآله وسلم]، فقال له عبد الرحمن : یا رسول الله [صلى الله عليه واله وسلم] تزوجني فاطمة ابنتك، وقد بذلت لها من الصدّاق مائة ناقة سوداء زرق الأعين محملة كلها قباطي مصر، وعشرة آلاف دينار، ولم يكن من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] أيسر من عبد الرحمن وعثمان.
وقال عثمان: أنا أبذل ذلك، وأنا أقدم من عبد الرحمن إسلاما؟!
فغضب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من مقالتهما فتناول كفا من الحصى فحصب به عبد الرحمن؟ وقال له:
ص: 60
«إنك تهول علي بمالك!».
فتحول الحصى دُرّاً، فقومت درة من تلك الدُرر فإذا هي تفي بكل ما يملكه عبد الرحمن(1).
وفي رواية: فغضب (صلى الله عليه وآله وسلم) ومدَّ يده إلى حصى فرفعها فسبحت في يده، فجعلها في ذيله فصارت درا و مرجانا يعرض به جواب المهر)(2).
ومن ثَمَّ:
فإن هذه الحادثة تكشف عن ظهور معجزة من معاجز النبوة وأحد الأدلة عليها، وهي في نفس الوقت تظهر ما لفاطمة (عليها السلام) من مكانة خاصة عند الله ورسوله.
إنّ مما يستوقف الباحث في خطبة الصحابة فاطمة (عليها السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، هو إعراضه (صلى الله عليه وآله) عنهم بتلك الكيفية التي أظهرتها الروايات.
ص: 61
فمرة يفصح عن سبب هذا الإعراض، وأخرى يسكت (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا يجيب ولو بكلمة واحدة.
کما حدث مع أبي بكر وعمر مما دعاهما للتقدم إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر من مرة، فكان الجواب في المحاولة الأولى السكوت.
وفي الثانية الاعتذار بعد أن جعلا بنتيهما وسيطا في الخطبة، وفي الثالثة: ينتظر بها أمر الله تعالى.
لكن بماذا كان يعتذر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من صحابته عن تزويجها عليها السلام؟
1- إنّها صغيرة.
وهو ما أخرجه الحاكم، والنسائي وغيرهما، عن بريدة:
«إنّ أبا بكر وعمر خطبا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة فقال:
«إنها صغيرة»(1).
وهذا يدل على أنها (عليها السلام) ولدت سُنَّة خمس من البعثة النبوية ليكون عمرها عند الهجرة النبوية ثماني سنين(2)، وفي السُنَّة الأولى للهجرة
ص: 62
تسع سنين(1)، فالمرأة بهذا السن يصح أن يقال عنها: صغيرة.
فيعتذر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تزويجها.
أما ما ذكره بعض الرواة: بأنها ولدت سُنَّة خمس قبل البعثة! فغير صحيح؟ لأنها تكون في سن التاسعة عشرة عند الهجرة النبوية، ومن كانت بهذا السن لا يصح أن يقول عنها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ب: (إنّها صغيرة).
وبه يتضح زيف الرواية وكذبها، وأنها ولدت بعد البعثة في السُنَّة الخامسة کما تنص روايات أهل البيت (عليهم السلام)، وتدل الرواية أيضا على أنها خلقت من ثمار الجنة لأن النبي أسري به في السُنَّة الثالثة من البعثة أي على خلاف ما يرويه أهل السُنَّة والجماعة.
2- أنتظر بها القضاء.
وهو ما أخرجه ابن سعد، والبلاذري، وابن شاهين وغيرهم:
إنّ أبا بكر وعمر خطبا فاطمة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال لهما: «أنتظر بها القضاء»(2).
ص: 63
وهذا القول يحمل معنيين ظاهري وباطني.
أما المعنى الظاهري، فهو:
إنّ أمر زواجها بيد الله عز وجل، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان ينتظر نزول الوحي ليخبره بالرجل الذي اختاره الله عزّ وجل لفاطمة زوجا.
أما المعنى الباطني ففيه مسألتان:
الأولى: في الانتظار، وهو - أي الانتظار -: شعور وجداني يشترك فيه العقل والقلب، ولا يأتي إلا لأمر قد سبق تحديده وبيانه لدى الإنسان فيكون في ترقب لوقوعه و تحققه.
وعليه:
فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد أُخبِر عن الله عزّ وجل بزواج البضعة النبوية، وأنه كان على علم بمن تتزوج، وأن هذا العلم حصل في الإسراء والمعراج، فلذا كان (صلى الله عليه وآله وسلم) ينتظر أن يقدم إليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) ليزوجه فاطمة (عليها السلام).
الثانية: في القضاء، وهنا يشير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن الله عزّ وجل قد قضى في سابق علمه، وما اقتضاه حكمه في أوليائه: أن يزوج فاطمة من علي (عليهما السلام).
وأن هذا القضاء والحكم الإلهي جعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصد عن كل خاطب يتقدم لخطبتها حتى يئسوا منها.
ص: 64
وعليه:
وعِبر هذا المعنى في المسألتين، فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان ينتظر القضاء بالمباشرة وإتمام الزواج في الأرض وأمام المسلمين.
وبمعنى أوضح: أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان ينتظر أن يهبط علیه جبرائیل (عليه السلام) ليخبره عن الإذن الإلهي في بدء الزواج وإتمامه في الأرض، ليعلم الناس من خلال هذا الزواج مكانة علي وفاطمة (عليهما السلام) عند الله عزّ وجل، وليمضي حكمه في خلقه بخروج النسل الطاهر الطيب وليتم نوره عزّ وجل بآل محمد وعترته (عليهم السلام) الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فجعلهم ثقل القرآن، وأمان الأمة من الضلال، فأوجب حبهم وجعله علامة الإيمان، وحذّر من بغضهم وجعله علامة النفاق.
فنستعيذ بالله من سخطه وسخط رسوله (صلى الله عليه واله وسلم)، ونسأله حبهم وشفاعتهم.
إنّ من الأمور التي أظهرتها النصوص التاريخية، هو: تَغَيُّر حال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أمام كل من تقدم إليه، خاطباً بضعته فاطمة (عليها السلام)!
حتى كان يظن الرجل منهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
ص: 65
ساخط عليه، أو قد نزل فيه وحي من السماء(1)، فيتمنى أنه لم يتكلم! ولم يكن قد سمح لنفسه أن يتقدم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الأمر.
وهذه الحالة كان يراها الرجال والنساء، كما حدث لعائشة وحفصة، فبعد أن تكلمتا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاطبتين لأبويهما، فإن الصورة التي جاءتابها إلى أبي بكر وعمر لا تكشف فقط عن رفض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإعراضه عنهما، بل تكشف أيضا عن الندم الشديد الذي أنتابهما بعد هذه المحادثة فكانت كل منهما، تقول لأبيها:
(يا أبتاه وددت أني لم أذكر له الذي ذكرت)(2).
فهذه الكلمات تنقل لنا صورة واضحة عن حالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتألمه لدرجة كان يظن فيها المتكلم أنه قد أسخط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليه، فاستحق نزول العذاب من الله.
والسؤال المطروح:
لماذا يتغير حال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند سماعه المتكلم يذكر فاطمة (عليها السلام) في الزواج؟!
وجوابه: أن ذلك لأحد هذه الأسباب، أو لعلها جميعاً:
السبب الأول: هو لخوفه (صلى الله عليه وآله وسلم) على فاطمة (عليها السلام).
ص: 66
من أن يساء لها، أو أن تنتهك حرمتها فلا يحفظ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيها، ولا يُكرم بها، أو أن تجد قريش من خلالها ما يشفي غليلها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتنزل بها أنواع الأذى، لأنها قلبه وروحه التي بين جنبيه.
ولذلك أن الذي أساء إليها (عليها السلام) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان عارفاً بحجم الألم الذي أنزله على قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلم كيف يسدد رميته؟!
وعرف في أيّ موضع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أصاب، فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها على قلب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) ومن والاهم؟!!
السبب الثاني: إنّ الحديث في زواج فاطمة (عليها السلام) يذكر بمصاب رقية.
وذلك أنّ خطوبة فاطمة (عليها السلام) كان لها مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) موضع ألم، فهي تحرك جرحا خلّفه موت رقية، ويجدد ألما أحدثه سبب وفاتها؛ لأنها قد ماتت بفعل الإساءة إليها وعدم رعايتها، مما دعا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن يعلن أمام المسلمين الذين حضروا دفنها عن سوء التعامل معها وهو دامع العين محزون الفؤاد!
فقد أخرج البخاري والحاكم وغيرهما، واللفظ للبخاري:
ص: 67
(حدثني عبد الله المسندي(1)، حدثنا عفير حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس، قال: لما ماتت رقية، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
«لا يدخل القبر رجل قارب أهله الليلة فلم يدخل عثمان القبر»)(2).
وفي رواية أخرى للبخاري، عن أنس: شهدنا ابنة لرسول الله، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان! فقال:
«هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة»؟!
قال أبو طلحة: أنا.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
«أنزل في قبرها»، فنزل في قبرها.
وقد قال البعض: إنها أم كلثوم وليست رقية؟ لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يحضر دفنها فقد ماتت وهو في بدر(3).
وهذا القول لا يصل بصحته إلى ما أخرجه البخاري الذي نسب وقوف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند قبر رقية، وبيانه ما عليه حالها مع عثمان مما يدل على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أدرك دفنها عند
ص: 68
عودته من بدر الكبرى، وهذا الحال نفسه يتكرر أيضا مع أم كلثوم فيبيّن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مرة أخرى الحالة التي عليها عثمان مع أم كلثوم وأنه لا يفي بوعوده التي قطعها على نفسه أمام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما تقدم مرة أخرى خاطبا لأم كلثوم لدرجة أنه لقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يبكي بسبب خسارته الكبيرة لفقده مصاهرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولهذا زوجه النبي مرة أخرى من ربيبته أم كلثوم رضي الله عنها، وعلى مثل صداقها وعشرتها(1).
وعليه: فقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
«لا يدخل القبر رجل قارف أهله الليلة فلم يدخل عثمان القبر؟».
هو بيان منه (صلى الله عليه وآله وسلم) لسوء المعاملة، وعدم الاهتمام الذي كانت تتلقاه رقية (رضي الله عنها) فيهجرها تعاني آلامها وهي مصابة بالحصبة(2)، بينما يذهب يقضي الليل مع جاريته، ويأتي إلى دفن رقية وهو على جنابته!!!
فيؤذي ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتدمع عيناه! ولو كان الحال على ما يرضي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لكان قد همس في أذن عثمان، ولم يظهر حاله أمام الصحابة الذين حضروا دفن رقية (رضي الله عنها)(3).
ص: 69
من هنا:
فإن كل رجل كان يأتي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لخطبة فاطمة (عليها السلام)، فهو إنما يذكره بذاك الألم ويحرك عليه ذلك الجرح الذي سبه سوء معاملة رقية (رضي الله عنها)؟ فيتغير حاله حتى يظن الخاطب أنه أسخط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، عليه.
السبب الثالث: لمكانة فاطمة (عليها السلام) عند الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
إنّ التغير الذي يلاحظه المتكلم على حال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو تعبير منه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المكانة الخاصة لفاطمة (عليها السلام) عند الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإن المتقدم لها كان عليه أن يفهم أن الارتقاء للمقامات العظيمة عند الله عزّ وجل يحتاج إلى كفاءات تتناسب مع هذه المقامات، ولياقة متميزة وأهلية منفردة تمكنه من التقدم!
بل عليه أن ينظر إلى هذا المقام السامي، من منظار القرب الإلهي، وأن يحمل رصيدا كبيرا في سجل التقوى لا في سجل المال.
فالمتقدم لخطبة البضعة النبوية والصدّيقة الطاهرة وسيدة نساء العالمين وهو فاقد لتلك الكفاءات ومجرد من تلك المميزات! يكون تقدمه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في موضع التجاسر. وتعدّياً للحدود التي فرضها الله عز وجل على المسلمين في آداب الخطاب بحضرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال عزّ وجل:
ص: 70
«لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(1).
ولذلك كان يتغير حاله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمام المتكلم الخاطب كي يتهذب نفسيا وتربويا ويفهم أن الله عزّ وجل قد جعل حدودا في التعامل مع سيد الأنبياء (عليهم السلام) وأن الاقتران بسيدة نساء العالمين يلزم تحقق الكفاءة للخاطب.
ومن هنا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
«لو لم يخلق على ما كان لفاطمة كفؤ»(2).
وبلفظ آخر أخرجه الشيخ الصدوق (رحمه الله)، وبسنده إلى الإمام الرضا علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (سلام الله عليهم أجمعين)، قال:
«قال لي رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم]: يا علي لقد عاتبني رجال من قريش في أمر فاطمة، وقالوا: خطبناها إليك فمنعتنا وزوجت عليًا؟!
فقلت لهم: والله، ما أنا منعتكم وزوجته، بل الله منعكم وزوجه.
فهبط عليَّ جبرائيل، فقال يا محمد إن الله عزّ وجل يقول: لو لم أخلق عليًا
ص: 71
لما كان لفاطمة ابنتك كفؤ على وجه الأرض، آدم فما دونه»(1).
السبب الرابع:
أما السبب الرابع الذي كان مانعًا لموافقة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من تزويج فاطمة (عليها السلام) هو عدم مصداقية من خطبها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) واتصافهم ب (الدجل)، وهو أمر ليس باليسير على من خطبها (عليها السلام) لاسيما وهم من رموز السلف، فكان مريرًا عليهم كما كان على كثير من أعلام أهل السُنَّة والجماعة، ولذا: دار حول الحديث سجالهم، وهو ما سنتناوله في المبحث القادم.
ص: 72
إنّ تغير حال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لعلمه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدم صدق الذين خطبوا فاطمة (عليها السلام) إليه، فهو يعلم أنهم لن يصدقوا في رعايتها والحفاظ عليها، وصون حرمتها.
ولذا فهم غير جديرين بأن يودعهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بضعته النبوية، ولا يستحقون أن يقلدهم (قلبه وروحه التي بين جنبيه)(1).
وقد صرّح النبي الأعظم (صلى الله عليه و آله وسلم) لهم بتلك الحقيقة، وأعلن لهم عن أحد أسباب إعراضه عنهم وتزويجه علياً (عليه السلام)، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
«هي لك يا علي لست بدجال»(2).
ص: 73
حاول ابن سعد توجيه الحديث لغير معناه الواضح ودلالته البينة ومقصوده الجلي، قائلا:
(أخبرنا الفضل بن دکین، حدثنا موسی بن قیس الحضرمي، قال: سمعت حجر بن عنبس قال: وقد كنّا أكل الدم في الجاهليّة، وشهد مع علي [عليه السلام] الجمل وصفين، قال:
خطب أبو بكر وعمر فاطمة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
«هي لك يا علي لست بدجال».
يعني: لَستَ بكذاب وذلك أنه كان قد وعد عليًا [عليه السلام] بها قبل أن يخطب إليه أبو بكر وعمر )(1).
وقد تبعه في هذه القراءة على الرفع وبنفس التعليل الحافظ البزار (ت 292 ه)، فقال:
(معنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لستُ بدجّال» يدل على أنه
ص: 74
كان قد وعده، فقال: إني لا أخلف الوعد)(1).
أقول:
1- هذا التعليل يكشف عن قصدية ابن سعد بضم التاء، أي بصيغة المتكلم، وذلك أنه أراد به نفي الدجل، أي: الكذب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليس الإمام علي (عليه السلام) بمعنی: نفي العلة المانعة من موافقته (صلى الله عليه واله وسلم) من تزويج فاطمة (عليها السلام).
والتي كشفها النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في الأشخاص الذين تقدموا لخطبتها (عليها السلام)، وهو تغلیط، بل وتدليس على الناس لما في الحديث من أثار على العقيدة التي يؤمن بها بن سعد وغيره من أعلام أهل السُنّة والجماعة - کما سیمر بیانه عبر الدراسة -.
2- لقد ورد في كثير من الأحاديث: أن الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام) كان آخر من تقدم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاطبا؛ لأنهم يئسوا منها(2)، وفي أخرى: إنّه لم يذهب حتى عوتب من قبل جماعة من الأنصار(3)، وفي رواية أخرى: إنّه كان غير ملتفت إلى هذا الأمر(4)، وفي غير
ص: 75
هذه الروايات: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد بعث إليه فزوجه(1).
فمتی وعده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بفاطمة (عليها السلام)، وهو لم يتقدم لخطبتها، ولم یکن ملتفت الى هذا الموضوع، ليعلله ابن سعد بقوله: «أنه كان قد وعد عليا بها قبل أن يخطب إليه أبو بكر وعمر».؟!
3- بل هناك سؤال آخر:
لماذا حصر ابن سعد وغيره الأمر بأبي بكر وعمر، وقد خطبها عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، بل لم يبق أحد إلا وقد تقدم لخطبتها (عليها السلام)؟!!
أفلم يكن الأمر يجري عليهم أيضا فيكونوا غير دجالين، وذلك لأن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قد وعد الإمام علي (عليه السلام) قبلهم؟!!
4- لماذا لم يصرّح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك أمام كل خاطب، فيعتذر منه: بأنه وعد عليا بها ولا يريد أن يخلف بوعده! أليس هذا أهون بكثير على نفوس المتقدمين إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) من إعراضه وصدّه عنهم حتى كان يظن الرجل منهم أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ساخط عليه أو أن وحیا نزل فيه، كما أفادته النصوص وصرّحت به؟!
فإذن:
وبحسب ما جاء به هذا الحديث: فما زوّج النبي فاطمة لعلي (عليهما السلام) إلا لانتفاء العلة المانعة من زواجه (عليه السلام).
ص: 76
ومن أعلام أهل السُنّة والجماعة الذين سجلوا في حديث (هي لك ياعلي لَستَ بدجال)، هو الحافظ البستي الخطّابي، فقد قال في الحديث الذي رواه بلفظ جديد، وهو:
(قال أبو سليمان في حديث النبي [صلى الله عليه وآله وسلم]: أن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي [صلى الله عليه وآله وسلم]، فقال:
(إني قد وعدتها لعلي، ولَستُ بدجال).
حدثّني بعض أصحابنا، ثنا الهيثم بن کلیب، نا الحسين بن محمد بن أبي معشر، نا وكيع بن الجراح، عن موسى، عن مسلم البطين، ثم قال مرة: عن حجر بن العنبس.
وقوله: «لَستُ بدجال» لست بخداع، ولا ملبس عليك، والدجل: الخلط، ويقال: الطلي وسمي مسيح الظلالة دجالا لخلطه الحق بالباطل)(1).
أقول:
1- إنّ من له أدنى إطلاع على اللغة وآدابها يكتشف إنّ هذا الحديث هو صورة لما سار عليه بعض أعلام أهل السُنَّة في حاکمية الأنساق الثقافية لسُنَّة الشيخين، فالحديث ركيك في الدلالة بعيد عن بلاغة الحديث النبوي ونسقه وصياغته.
ص: 77
2- إن قوله: (إنّي قد وعدتها لعلي) قد مرَّ بيان كذبه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووضعه عِبرَ مناقشتنا لقول بن سعد.
إن الأمانة العلمية تحتم على حملة العلم والفكر اجتناب آثار النسق الثقافي والموروث الفكري في التعامل مع المادة العلمية لاسيما إذا كان البحث في الحقيقة الشرعية للمفردات وبيان معناها ومفهومها ودلالتها.
إلا إننا وجدنا أن أعلام اللغة قد تعاملوا مع مفردة (الدجل) بما تقتضيه الأنساق الثقافية التي نشؤوا عليها، فضلًا عن حاکمية النسق العقدي وذلك في سعيهم الحثيث لدفع ما يقدح في السلف وإن كان على خلاف الثوابت التي سار عليها أهل اللغة وحملتها وروادها.
فكانت أقوالهم في بيان معنى (الدجل) على النحو الآتي:
قال الزمخشري في بيانه المعنى كلمة (دجل):
(إن أبا بكر خطب إليه [صلى الله عليه واله وسلم] فاطمة (عليها السلام)، فقال [صلى الله عليه واله وسلم]: «إني وعدتها بعلي وليس بدجّال».
أي: خدّاع، وأصل الدجل الخلط، وبه سمي مسيح الضلالة لخلطه الحق
ص: 78
بالباطل)(1).
وقال ابن الأثير: (أي: لست بخدّاع ولا ملبس عليك أمرك، أصل الدجل: الخلط؛ يقال: دجل إذا لبس وموه)(2).
أقول: إذا كان الأصل في (الدجل) هو الخلط وبه سمي مسيح الضلالة الخلطه الحق بالباطل، فما هي الحقيقة الشرعية في معنی وعد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بعلي (عليه السلام) أن يزوّجه فاطمة (عليها السلام)، وهل يصح شرعًا وعقلا ومفهومًا وعرفًا إلحاق صفة الضلالة والخلط بين الحق والباطل بسيد الخلق (صلى الله عليه واله وسلم)؟! فعن أي نبي يتحدث الزمخشري؟!
أفهل دفع القدح بأبي بكر مقدم على دفع القدح برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والعياذ بالله؟!
لم يكن ابن منظور مع سعة اطلاعه وتتبعه لمعاني المفردات ودلالاتها أن يشذ عن النسق الثقافي والموروث العقدي لسُنَّة الشيخين فيغالط في الحقيقة الشرعية واللغوية لمفردة (الدجل) کي يدفع عن أبي بكر ما دلّ عليه الحديث النبوي، ولذا: قال في معنى مفردة (دجل): (الدجل: شدّة طَلي الجَرب بالقَطِران، ودَجَل الشيءَ غَطَّاه؛ ودَجَل الرجلُ وسَرَ، وهو دَجَّال: کَذَب،
ص: 79
وهو من ذلك لأَن الكذب تغطية.
والدَّاجِل: المُمَوِّه الكَذَّاب، وبه سمي الدَّجَّال، هو المسيح الكذاب، وإِنما دَجلُه سِحره وکَذِبُه.
وقال ابن سيدة: سمي بذلك لأَنه يَدجُل الحَقَّ بالباطل، وقيل: بل لأَنه يدَّعي الربوبية، وسُمي بذلك لكذبه.
وفي التهذيب: يقال لماء الذهب دَجَّال وبه شُبِّه الدِّجَّال لأَنه يُظهِر خلاف ما يُضمِر.
وقال أبو العباس: سُمِّي دَجَّالاً لتمويهه على الناس وتلبيسه وتزيينه الباطل؛ يقال: قد دَجَل إِذا مَوَّه ولَبَّس، وفي الحديث: أَن أَبا بكر خَطَب فاطمةَ [عليها السلام] إِلى سيدنا رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، فقال: «إِني وَعَدتُها لِعَلِيٍّ ولستُ بدَجَّال»، أَي بخَدَّاع، ولا مُلَبِّس عليك أمرَك)(1).
أقول:
1- إن صفة الدجل لم تكن من الملازمة الدلالية للوعد وإنما من الملازمة القولية في الصدق والكذب و حاشا لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكون كاذباً وهو الصادق الأمين، ومما يدل على الملازمة الدلالية للدجل، ما روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طرق الخاصة والعامة فعن الإمام الصادق عن أبيه (عليهما السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
ص: 80
«للمنافق ثلاث علامات: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتُمِن خان»(1).
وبهذا اللفظ أخرجه احمد(2) والبخاري(3)، ومسلم(4) عن أبي هريرة؛ وهو يظهر أن دلالة الدجل ومعناه لا علاقة لها بالوعد وأخلافه، فضلاً عن كونها، أي: أخلاف الوعد خصلة من خصل النفاق - والعياذ بالله - ومن ثم لا يمكن تمريرها بعلة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد وعد علياً (صلوات الله وسلامه عليه) ببضعة النبوة وصفوة الرسالة (عليها السلام).
2- إن ابن منظور وغيره من أهل اللغة ممن تناولوا الحديث النبوي قد غالطوا ببيان معنى الدجل، وغفلوا أو تغافلوا عن معناه ودلالته التي لا تتسق مع صيغة الحديث. فالأصل فيه: الخلط واللبس والتمويه ومداره واستخدامه في الحق والباطل، والصدق والكذب، فمن خلط بين الحق والباطل فهو دجّال، ومن ألبس الحق بالباطل فهو دجّال، ومن موّه الباطل بالحق فهو دجال، وهذه المفاهيم مصاديقها الشرعية والعقلية والعرفية لا تجري في الوعد وإخلافه، بل في امتناع ولي الأمر إذا خطب أحد الرجال إليه کريمته وهو يتصف بالدجل، فلولي الأمر أن يمتنع عن تزويج ابنته من هذا الدجّال وليس العكس، أي: حمل هذه المفاهيم على ولي الأمر فيصبح هو الدجّال بعلة أنه وعد رجلاً آخر، فهنا لا يقال له
ص: 81
دجّال، وإنّما: أخلف الوعد.
ومن ثم:
فان صياغة الحديث بهذه الألفاظ يكشف عن وضعه والتقول به على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وان الحديث الصحيح هو:
هِيَ لَكَ يَا عَلِيُّ لَستَ بِدَجَّالٍ)
3- إنّ أعلام أهل السُنّة قد صرّحوا بالنهي عن التحديث بالرواية الضعيفة وبكل ما سمع، فقد أفرد مسلم له باباً أسماه ب (النهي عن الحديث بكل ما سمع وأستهله بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)(1).
وفي بابٍ آخر، وهو: (النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها)(2) فكيف يروي ابن منظور والزمخشري وابن كثير والبستي الرواية بهذا اللفظ الكاشف عن ضعفها، بل بوضعها، وذلك أن اللفظ صيغ بأسلوب خاضع للأنساق الثقافية التي تكبل بها أصحابها بتصويب كل ما صدر عن أبي بكر وعمر ودفع ما صرّح به الحديث النبوي في بيانه للعلة المانعة من تزويجه (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة (عليها السلام) ممن تقدم؛ وانتفائها عن أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام).
ص: 82
يبرز ابن الجوزي من بين أعلام أهل السُنّة والجماعة الذين تناولوا الحديث النبوي، - موضع البحث والدراسة - في كتابه الموسوم ب (الموضوعات) بمنهج التسقيط والاتهام والشتم وإدخال المسلمين إلى النار، فقد علّق على الحديث قائلاً:
(هذا حديث موضوع، وضعه موسی بن قيس، وكان من غلاة الروافض، ويلقب: عصفور الجنّة، وهو إن شاء الله من حمير النار!!؛ وقد غمص في هذه المديحة لعلي أبا بكر وعمر.
قال العقيلي: وهو يحدث بأحاديث ردية، بواطيل)(1).
أقول:
ويكشف قول ابن الجوزي عن تكبله بالأنساق الثقافية والعقدية والتعصب لسُنّة الشيخين إلى حد الغرق فيهما، ما أوقعه في محاذير شرعية عديدة، کتضليل القارئ، والطعن في شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، وسُبابه موسی بن قيس وشتمه، ومحاسبته وإدخاله النار، فضلاً عن افتقاره للحجة والبيان سوى التعصب الأعمى، وهو على النحو الآتي:
ص: 83
يستند ابن الجوزي في حكمه على الحديث النبوي الشريف على آثره في بيان حقيقة المانع الذي حرم أبي بكر وعمر من الزواج ببضعة النبوة فاطمة (عليها السلام) و صریح الحديث النبوي فيهما.
وهو أمر لا يمكن قبوله من ابن الجوزي الذي أنتهج تصويب فعل الشيخين والذب عنهما، لاسيما ما كشفته الأحاديث النبوية فكان من أيسر ما يتهم به راوي الحديث هو الرفض، ليتسنّى له إدراج الحديث ضمن عقيدة الراوي ليثير بذلك مشاعر القارئ كي يتمكن من أخراج الحديث عن صحة نسبته إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فلاحظ قوله في الراوي:
(هذا حديث موضوع، وضعه موسی بن قيس، وكان من غلاة الروافض).
ومن ثم فقد ألتجئ إلى الأسلوب العاطفي والمشحون بما تم توظيفه من قبل السلطة والخلفاء منذ أن توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والى يومنا هذا في وصف أشياع أهل بيت النبوة (عليهم السلام) بالرافضة، إذ يكفي بالقارئ المسلم من أهل السُنّة والجماعة أن يسمع بان الراوي هو من الرافضة ومن ثم لا يحتاج إلى المزيد من النقاش في إسقاط الحديث الشريف وترك العمل به.
أما قصدية ابن الجوزي في وصف الحديث بالوضع.
فهو واضح ولا يحتاج إلى أدلة وقرائن تكشف هذه القصدية فقد صرح بذلك بقوله:
ص: 84
(وقد غمص في هذه المديحة لعلي أبا بكر وعمر).
فابن الجوزي يدرك جيداً أنّ هذا الحديث الشريف يكشف فضيلة من الفضائل التي تناثرت وتزينت بها سيرة أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام)، وأن هذه الفضيلة تغمص أبا بكر وعمر.
وهو بهذا التصريح يكشف عن منهجه، بل ومنهج العديد من أعلام أهل السُنّة والجماعة في التعامل مع الأحاديث النبوية، فما ثبت صحته وتواتره وإخراج أصحاب السُنن والصحاح والمسانید له فإنه يتم تأويله إلى تأويلات عديدة ما أنزل الله بها من سلطان، وهو أمر تسالم عليه القوم وزخرت به شروحهم للحديث النبوي وأصولهم العقدية والفقهية، ومنها على سبيل الاستشهاد لا الحصر، حدیث:
«من کنت مولاه فعلي مولاه»(1).
وفيه يقول ابن قتيبة الدينوري (ت 276 ه) عن النظام:
(یرید أن الولاية بين رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] وبين المؤمنين ألطف من الولاية التي بين المؤمنين بعضهم مع بعض فجعلها لعلي [عليه السلام]، ولو لم يرد ذلك ما كان لعلي في هذا القول فضل، ولا كان في القول دليل على شيء، لأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، ولأن رسول الله [صلى الله
ص: 85
عليه وآله وسلم] ولي كل مسلم، ولا فرق بين ولي و مولى...)(1).
والسؤال المطروح: فلأي قصد يجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين في صحراء خم ليخطب فيهم، والأمر كما يقول النظام وغيره: أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، فحاشا لله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الشطط وقول العبث والعياذ بالله.
«كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ»(2).
إنّ تكبل ابن الجوزي بقيود النسق الثقافي والعقدي لسُنّة الشيخين دفعه إلى الوقوع في حرمة سباب المسلم وانتهاك حرمته، فقال في موسی بن قيس: (وكان من غلاة الروافض، ويلقب عصفور الجنة، وهو إن شاء الله من حمير النار). وهو أمر حذّرت منه الشريعة وتناوله أئمة المذاهب الأربعة وفقهائها في مصنفاتهم، وهو على النحو الآتي:
أ- المذهب المالكي.
يرى إمام المذهب المالكي أن حكم الشتم يختلف بحسب كونه فاحشاً أو شتماً خفيفاً من ذوي المروءات أو من غيرهم؛ فضلاً عن تخصيص بعض الألفاظ، كقول الشاتم: یا خائن، وهو على النحو الآتي:
قال: (يكون الرجل تكون منه الزلّة وهو معروف بالصلاح والفضل، فإن
ص: 86
الإمام ينظر في ذلك؛ فإن كان قد شتم شتماً فاحشاً أقام عليه السلطان في ذلك قدر ما يؤدب مثله في فضله؛ وإن كان شتما خفيفاً، فقد قال مالك: يتجافي السلطان عن الفلتة التي تكون من ذوي المروءات)(1).
وقال في حكم من يشتم بلفظ: (یا خائن):
(أرأيت الرجل يقول للرجل خائن؟ قال: يُنكله السلطان عند مالك)(2).
وقال الخطاب الرعيني المالكي (ت 954 ه):
(قال في المدونة: ومن آذى مسلماً أُدب؛ ومثل ذلك: یا خائن...)(3).
ب- المذهب الحنفي.
ذهب فقهاء المذهب الحنفي إلى أن حكم الساب بلفظ: (يا خائن)، التعزير.
1- قال السرخسي (ت 483 ه):
(ولو قال: يا أكل الربا أو يا خائن أو ياشارب الخمر لاحد عليه في شيء من ذلك، ولكنه عليه التعزير، لأنه أرتكب حراماً، وليس فيه حد مقدر، ولأنه ألحقه نوع شین بما نسبه إليه فيجب التعزير لدفع ذلك الشين عنه)(4).
ص: 87
2- وقال ابن عابدین (ت 1252 ه):
(إن كان المسبوب من الأشراف كالفقهاء، والعلوية: ويُعزّر، لأنه يلحقهم الوحشة بذلك؛ وذلك للضابط: كل من أرتکب منکراً أو آذی مسلماً بغير حق بقول أو بفعل أو أشاره يلزمه التعزير)(1).
ج- المذهب الشافعي.
قال فقهاء المذهب الشافعي بالتعزير لمن قال لمسلم: (يا خائن).
وفي ذلك يقول النووي (ت 676 ه):
(ومن الألفاظ الموجبة للتعزير، قوله لغيره: یا فاسق، یا کافر، یا فاجر، یا شقي، یا کلب، یا حمار، یا تیس، یا رافضي، یا خبيث، يا كذّاب، یا خائن....)(2).
د- المذهب الحنبلي.
قال فقهاء المذهب بالتعزير لمن قال: یا خائن وغيرها:
قال البهوتي (ت 1051 ه):
(ویعزر بقوله: یا کافر، یا منافق، یا سارق، يا أعور، يا أقطع، یا أعمى، یا فاسق، یا فاجر، یا رافضي، بالذاب، یا کاذب، یا ظالم، یا خائن...)(3).
وبناءً على هذه الفتاوى فيلزم أن يعزّر ابن الجوزي على المذاهب الحنبلي
ص: 88
الذي ينتمي إليه السلفيون، وكذا قال به إمام الشافعية وإمام الحنفية، وعند إمام المالكية أن يؤدب.
لكن السؤال المطروح:
هل حقاً كان موسی بن قيس ممن يضع الحديث، وهو من غلاة الرافضة، ويروي الأباطيل - کما یزعمون - أم انّه افتراء وتجنّي على الشريعة؟!
هذا ما سنتناوله في المبحث القادم.
ص: 89
ص: 90
إنّ من الغرائب التي زخرت بها أحكام أهل السُنّة والجماعة وأزدواجية المعايير هو أتهامهم لموسی بن قيس في روايته لحديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):
«هي لك يا علي لَستَ بدجال».
بالوضع والرفض، بل والغلو فيه؛ وبين تصحيح روايته في أحكام الصلاة، وتشميت العاطس، وغيرها، أما في التفسير فقد رووا له العديد من الأحاديث في تفسير الآيات، ومن ثم فنحن أمام آراء متناقضة وازدواجية في المعايير التي يحتكم أليها أعلام أهل السُنّة والجماعة مما يكشف عن حاکمية الأنساق الثقافية على المنهج العلمي، بل وتغليب هذه الأنساق على الشريعة والعقل وسيرة المتشرعة، کما سیمر بیانه لاحقا في تعاملهم مع من يروي منقبة لأمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام).
وعليه:
فمن هو موسی بن قیس الحضرمي الذي تعارضت فيه أقوال أعلام أهل السُنّة والجماعة؟!
ص: 91
لقد تعددت أقوال أعلام أهل السُنّة والجماعة في موسی بن قيس بين القدح والمدح، والتضعيف والتوثيق مما يكشف عن أنّ الضابطة التي يلتجئ أليها بعض أعلام أهل السُنّة كالعقيلي وابن الجوزي، هي صنف الرواية ومجالها المعرفي، فما كان منها يرتبط بأمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) نسب الى الوضع والتضعيف لا سيما فيما يتعلق (بغميصة أبي بكر وعمر) کما صرّح به ابن الجوزي.
أما أقوالهم فهي على النحو الآتي:
ترجم له بعض أعلام أهل السُنّة والجماعة فوثقوه وصرحوا بتشیعه، ولم يكن ذلك قادحا في روايته عندهم، وهم على النحو الآتي:
1. ابن سعد (ت 230 ه)، قال فيه:
(موسی بن قيس الحضرمي من أنفسهم، ويكنى أبا محمد، توفي في خلافة أبي جعفر، وكان قليل الحديث)(1).
2. أحمد بن حنبل (ت 241 ه)، قال فيه:
(ما أعلم إلاخيرا)(2).
ص: 92
3. محمد بن اسماعيل البخاري (ت 256 ه)، صاحب الصحيح، قال فيه:
(موسی بن قيس الصغير الحضرمي الكوفي سمع سلمة بن كهيل، وحجر بن عنبس، وعطية، روى عنه وكيع، وأبو نعيم، و أبو معاوية)(1).
4. ابن أبي حاتم (ت 327 ه): قال فيه:
(لا بأس به)(2).
5. ابن حبان (ت 354 ه)، وقد عده في الثقات، وقال فيه:
(موسى الصغير، وهو موسی بن قيس، وقد قيل: موسی بن دینار، ويقال موسی بن مسلم الحضرمي من أهل الكوفة، يروي عن مجاهد، و عطية، روی عنه أبو معاوية ووكيع)(3).
6. ابن شاهين (ت 385 ه)، عدّه في الثقات، وقال فيه:
(موسی بن قيس الصغير ليس به بأس، قاله يحيى، وقال أحمد: ما أعلم إلا خيرا)(4).
7. المزي (ت 742 ه)، قال فيه:
(موسی بن قيس الحضرمي، أبو محمد الكوفي الفرّاء، يلقب عصفور الجنة.
ص: 93
روی عن: حجر بن عنبس، وسلمة بن کھیل، وعطية العوفي، والعيزار بن جرول، ومحمد بن عجلان، ومسلم البطين، ومعفس بن عمران بن حطان.
روى عنه: خلاد بن يحيى، و عبد الرحمان بن محمد المحاربي، وعبيد الله بن موسی، وأبو نعيم الفضل بن دکین، وقبيصة بن عقبة، وقيس بن الربيع، ووكيع بن الجراح، ويحيى ابن آدم، وأبو معاوية الضریر.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي وذكر موسی ابن قيس، فقال : لا أعلم إلا خيرا.
وقال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: ثقة.
وقال أبو حاتم: لا بأس به.
وقال أبو نعيم: حدثنا موسى الفراء، وكان مرضيا)(1).
8. سبط ابن العجمي (برهان الدين الحلبي - ت 841 ه)1.
نقل كلام ابن حجر فيه، دون الإشارة إليه - کما سیمر إيراده لاحقا - فكان نسخة لقول بن حجر الذي جمع فيه بعض أقوال من سبقه من أعلام أهل السُنّة والجماعة، وصرّح باتِّهام ابن الجوزي له بالوضع ورمیه به، بجريرة روايته في فضل علي (عليه السلام)، أي حديث: «هي لك ياعلي لَستَ بدجال».
فكان قوله على النحو الآتي:
ص: 94
(موسی بن قیس [د. ت] ويلقب عصفور الجنة؛ قال العقيلي : قد روى أحاديث ردية بواطيل، وأما بن حبان فوثقه، وقال أبو حاتم: لا بأس به؛ انتهی.
وقد رماه بن الجوزي بالوضع في موضوعاته في فضل علي [عليه السلام] عقب حديث موضوع وضعه موسی بن قيس وكان من غلاة الشيعة الروافض ويلقب بعصفور الجنة وهو إن شاء الله من حمير النار؛ ثم نقل كلام العقيلي)(1).
9. ابن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، قال فيه:
(موسی بن قيس [د. ت] ويلقب عصفور الجنة، قال العقيلي قد روى أحاديث ردية بواطيل، وأما بن حبان فوثقه، وقال أبو حاتم لا بأس به انتهى.
وقد رماه بن الجوزي بالوضع في موضوعاته في فضل علي [عليه السلام] عقب حديث موضوع وضعه موسی بن قيس وكان من غلاة الشيعة الروافض ويلقب بعصفور الجنة وهو إن شاء الله من حمير النار؛ ثم نقل کلام العقيلي)(2).
أما من صحح حديثه؛ فهم على النحو الآتي:
1. الحافظ النووي (ت 676 ه).
قال فيه في كتابه المجموع في الفقه بعد أن أورد حديثه في سُنن أبي داود:
ص: 95
(هذا الحديث اسناده في سُنن أبي داود إسناد صحيح)(1).
2. ابن القيم الجوزية (محمد بن أبي بكر - ت 751 ه) السلفي تلميذ ابن تيمية.
تناول ابن القيم توثیق موسی بن قيس في تفسيره زاد المعاد في معرض حديثه عن تشميت العاطس فأورد حديثه الذي أخرجه أبو داود السجستاني، فأعقبه بقوله:
(قال أبو داود: رواه أبو نعيم، عن موسی بن قيس، عن محمد بن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم انتهى. وموسی بن قيس هذا الذي رفعه هو الحضرمي الكوفي، يعرف بعصفور الجنة. قال يحيى بن معين: ثقة. وقال أبو حاتم الرازي: لا بأس به).
3. ابن الملّقن (سراج الدین عمر بن علي - ت 804 ه) المصري الشافعي.
قال فيه في كتابه البدر المنير، بعد أن أورد حديثه الذي أخرجه أبو داود في باب التسليم في الصلاة، ثم نقل أعتراض ابن الصلاح على الحديث فرد عليه قائلا:
(فائدة: وقع في كتاب (المدخل إلى المختصر) لزاهر السرخسي، و (نهاية إمام الحرمين) و (حلية الروياني) زيادة: (وبرکاته) في السلام، قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح: هذا الذي ذكره هؤلاء لا يوثق به، وهو شاذ في نقل المذهب، و (أما) من حيث الحديث فلم أجده في شيء من الأحاديث، إلا في حديث رواه أبو داود من (رواية) وائل بن حجر (أن رسول الله - صلى الله
ص: 96
عليه [وآله] وسلم - كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله: السلام علیکم ورحمة الله (وبرکاته)). قال الشيخ: و (هذه) زيادة نسبها الطبراني في (أكبر معاجمه) إلى موسی بن قيس الحضرمي وعنه رواها أبو داود.
قلت - أي بن الملّقن -: وموسى هذا وثقه يحيى بن معين وغيره، ويقال له: عصفور الجنة، ولعله لأجل صلاحه لا جرم صحح النووي في «شرح المهذب» هذا الحديث فقال: إسناد هذا الحديث في «سنن أبي داود» إسناد صحيح)(1).
1- قال في الإرواء بتصحيح أعلام أهل السُنّة لحديثه وتبعهم في ذلك، فقال:
(وأما حديث وائل بن حجر فأخرجه أبو داود (997) عن موسی بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل عن علقمة بن وائل عن أبيه قال:
(صليت مع النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله السلام علیکم ورحمة الله).
وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح. وقد صححه عبد الحق في (الأحكام) (ق 56/ 2) والنووي في (المجموع) (3/ 479) والحافظ
ص: 97
ابن حجر في (بلوغ المرام)، لكنهما أورداه مع الزيادة في التسليمتين)(1).
2. وقال في تعليقاته على صحيح أبي داود: (وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير موسی بن قيس الحضرمي، وهو ثقة، وثقّه ابن معين وابن نُمَير وغيرهما. وقال أحمد:«لا أعلم إلا خيراً»؛ وقال أبو حاتم: «لا بأس به»؛ وأما العقيلي فشذَّ قائلاً: «كان من الغلاة في الرفض، يحدث بأحاديث مناكير - وفي نسخة: بواطيل -»؛ کما في (التهذيب).
قلت: ويفهم من (الميزان) أنه لم يكن من الغلاة؛ فقد عقب على كلمة العقيلي المذكورة بقوله: «قلت: حکی عن نفسه أن سفيان سأله عن أبي بكر وعلي ؟ فقال: علي أحب إلي».
قلت: وهذا ليس بجرح کما لا يخفى، ولذلك قال الحافظ في (التقريب): «صدوق». وعليه قال في (بلوغ المرام): «رواه أبو داود بإسناد صحيح». وسبقه إلى تصحيحه: تقي الدين ابن دقيق العيد في (الإلمام) رقم (260). وأشار إلى تقويته ابن سيد الناس في (شرحه للترمذي) - نسخة المحمودية في المدينة النبوية. وصححه النووي أيضا في (المجموع) (3/ 479). وقد تعجب منه بعض الشافعية لقوله في (الأذكار): «ولا يستحب أن يقول معد: "وبركاته"... »! فقال الحافظ ابن حجر في (نتائج الأفكار) (ق 140 - 142) - وأقره السيوطي في (تحفة الأبرار (ص 40) - ما ملخصه -: «وقد وردت عدة طرق، ثبت فيها: "وبركاته"، بخلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فريدة». قال الأذرعي في (المتوسط): «والعجب من الشيخ مع شدة ورعه - کیف
ص: 98
یُصَوِّبُ ترکه»؛ مع ثبوت السنة، وحكمه بصحة إسناد الحديث.
وقال الغزَي في (شرح المنهاج): «ثبتت في رواية أبي داود زیادة: "وبركاته" في التسليمة الأولى، فيتعين العمل بها».
(تنبيه): وقع في بعض نسخ الكتاب زيادة: "وبركاته" في التسليمة الأخرى أيضا، وذلك يوافق رواية ابن حبان وغيره في حديث ابن مسعود المتقدم! ونسختنا وغيرها على وفق (مختصر السنن) للمنذري، وحديث ابن مسعود الموقوف عند الطيالسي كما تقدم، ولعلها أرجح. والله أعلم)(1).
3. وقال في سلسلة الأحاديث الضعيفة في تعليقه على حديث («لقد زوجتُكِ غير دجّالٍ»، یعني عليًا):
(ضعیف، أخرجه العقيلي عن موسی بن قيس عن حُجر بن عنبس قال:
لما زوج رسول الله (صَلَّى اللهَ عَلَيهِ [وآله] وَسَلَّمَ) فاطمة من علي [عليهما السلام] قال: ... فذكره.
أورده في ترجمة موسی بن قيس - وهو الحضرمي - هذا، وقال:
"يلقب عصفور الجنة، من الغلاة في الرفض، يحدث بأحاديث رديئة بواطيل".
قلت: تفرد العقيلي بر ميه بالرفض، وما رواه عنه أن الثوري قال له: أيهما أحب إليك أبو بكر أو علي؟ قال: قلت: علي.
فهذا - وإن كنا لا نوافقه عليه - ليس رفضاً، فكثير من السلف كانوا
ص: 99
يفضلون علياً، فليس هذا بالذي يقدح فيه، ولاسيما وقد روى عبد الله بن أحمد في (العلل) (1/ 125 و 241) عن أبيه أنه قال فيه: "ما أعلم إلا خيراً".
ولذلك لم يضعفه أحد، بل صرّح بتوثیقه جمع من المتقدمين والمتأخرين، وفي (ثقات ابن شاهين) (305/ 1291) ما نصه: "وقال ابن نمير: موسی بن قيس. قال: كان ثقة، روى عنه الناس، وهو حضرمي".
وهذا الحديث المرفوع هو الوحيد الذي ذكره العقيلي في ترجمته، وكان من الممكن أن يدان به، أو أنه كان سالماً من علة من دونه أو فوقه. والواقع خلاف ذلك، فإنه دونه - کما هو ظاهر - قيس بن الربيع، وفيه ضعف معروف، وكان له ابن يدس فِي حَدِيثِه ما ليس منه.
وقد خالفه في متنه أبو نعيم الفضل بن دکین، فرواه عن موسی بن قیس ... بلفظ: "وهي لك يا علي! لستُ بدجال".
أخرجه ابن سعد في (الطبقات: 8/ 19-20)، وتابعه عبد الله بن داود - وهو الخريبي -: ثنا موسی بن قيس ... به.
أخرجه البزار (1406/151/2) وقال: "وقوله (صَلَى الله عَلَيهِ [وآله] وسَلَّمَ): «لستُ بدجال» يدل على أنه كان وعده، فقال: إني لا أخلف الوعد".
ذکر ابن سعد نحوه. قلت وهذا اللفظ من هذين الثقتين وهو الصحيح عن موسی بن قيس، وهو مخالف للفظ قيس بن الربيع، فهو منکر، وقد كنت خرجت رواية عبد الله بن داود من طريق الطبراني عن البزار، لكنها بلفظ: «هي لك، على أن تحسن صحبتها».
ص: 100
قلت: خرجتها في (الصحيحة) (رقم 166)، مصححاً إسناده. ثم تبينت أنني كنت واهماً لأسباب:
الأول: أن هذا اللفظ مخالف لرواية البزار المذكورة، من ناحيتين:
إحداهما: أنه ليس عنده "على أن تحسن صحبتها".
والأخرى: عنده ما ليس عند الطبراني: «لستُ بدجال»، وهي أصح بداهة لموافقتها لرواية ابن سعد.
والثاني: أن الهيثمي ذكر في المجمع: 9/ 204) رواية الطبراني، دون زيادة "على أن تحسن صحبتها". وكذلك ذكرها الحافظ في ترجمة حُجر بن قيس هذا من (الإصابة)، فخشيت أن تكون هذه الزيادة مدرجة في كتاب الطبراني من بعض النسّاخ.
والثالث: أن حجر بن عنبس، ويقال: ابن قيس، لم تثبت صحبته، فقال الحافظ في (الإصابة) عقب الحديث: "قلت: اتفقوا على أن حجر بن عنبس لم يَرَ النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ [وآله] وَسَلَّمَ)، فكأنه سمع هذا من بعض الصحابة".
قلت: هذا محتمل، کما يحتمل أن يكون سمعه من بعض التابعين، ولهذا الاحتملال، جعل المحدثون الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف - کما هو معلوم -، بخلاف مرسل الصحابي فهو حجة، لأنه يغلب على الظن أنه تلقاه عن صحابي مثله. فلما تبين لي أنه ليس بصحابي، رجعت عن تصحيح إسناده، والله تعالى هو الهادي.
ص: 101
والحديث أورده ابن الجوزي في (الموضوعات) من طريق العقيلي، وقال: "حديث موضوع، وضعه موسی بن قيس ...".
قلت: وهذا من غلوائه، فإن موسى هذا لم يتهمه أحد بوضع، بل قد وثقه جمع، وبهذا تعقبه السيوطي في (اللآلي: 1/ 365)، وانظر (التهذيب)، و (تيسير الانتفاع)، فالحديث علته الإرسال)(1).
أقول:
1. لم يشذ الألباني عن العقيلي وابن الجوزي وغيرهما ممن انقاد لحاكمية الأنساق الثقافية والعقدية، ومن ثم فهو يحرص جاهدًا على القدح في الحديث (كي لا يغمص أبا بكر وعمر) کما صرّح به ابن الجوزي، فتبعه الألباني بتصريح آخر کاشفًا بذلك عن النسق الثقافي والعاطفي الجامع لهما، فلاحظ قوله في تعليقه على قول العقيلي:
(تفرد العقيلي برميه بالرفض، وما رواه عنه: أن الثوري قال له: "أيهما أحب إليك أبو بكر أم علي؟ قال: قلت: علي"، فهذا وإن كنا لا نوافقه عليه ليس رفضًا)؟!
فما هو الرفض إذن؟ ولماذا لم يوافق الألباني على تقديم موسی بن قیس الإمام علي (عليه السلام) في الحب على أبي بكر؟!
2. إن إقراره باتِّباعه الأوهام هو حقيقة ثابتة في حكمه على الأحاديث النبوية والرواة، ولقد زخرت أحكامه بهذه الأوهام، ومنها تصحيحه لحديث
ص: 102
(حجر بن عنبس) في حديث ما جاء في التامين الذي أخرجه احمد بن حنبل، وأبو داود، والترمذي، عن سفيان الثوري، عن سلمة بن کھیل، عن حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر، قال:
(سمعت النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] قرأ «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ»، وقال: آمين، ومدَّ بها صوته)(1).
ففي هذا الحديث يقول الألباني: (صحیح)(2) وذلك في تعليقاته عن سنن الترمذي.
وفي تعليقاته على سلسلة الأحاديث الصحيحة وفقهها، فانه يقول: (وهذا إسناد جدید، رجاله رجال الشيخين غير حجر بن عنبس، وهو صدوق کما في التقريب)(3).
لكنه في حديث: «هي لك ياعلي أن تحسن صحبتها»، وحدیث «هي لك ياعلي لست بدجال» يقول في (حجر بن عنبس): (فلما تبين لي أنه ليس بصحابي، (رجعت عن تصحيح إسناده)(4)، أي أن الألباني يتعامل مع منطوق الحديث وليس مع السند، فحجر بن عنبس يصح حديثه في التأمين في الصلاة بعد قراءة سورة الحمد، ولا يصح في حديث: «هي لك ياعلي لَستَ بدجال»!!
ص: 103
3. أما قوله تعقيبًا على قول الحافظ بن حجر العسقلاني في اتفاقهم على أن حجر بن عنبس لم ير النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) (فكأنه سمع هذا من بعض الصحابة)، فيقول الألباني:
(قلت: هذا محتمل، كما يحتمل أن يكون سمعه من بعض التابعين، ولهذا الاحتمال جعل المحدثون الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف بخلاف مرسل الصحابي فهو حجة، لأنه يغلب على الظن أنه تلقّاه عن صحابي مثله)(1).
أقول:
إن الحكم بالاحتمال دلالة ضنيّة، يردها نفس الحكم بها، إذ يحتمل أيضًا أنه لم يسمعه من أحد التابعين، بل من أحد الصحابة، بل لأكثر من صحابي، لاسيما إذا دُعم هذا الاحتمال بالمرجحات، فمنها:
1- إن حجر بن العنبس صدوق ثقة وقد صحح له الترمذي وغيره، ولو كان فيه خلل أو إعلال لذكره ابن سعد والعقيلي وابن الجوزي، لكنهم عدلوا عنه إلى الحضرمي.
2- إنه كان ملازمًا لأمير المؤمنين (عليه السلام) ويرجح انه سمع منه الحديث لاسيما وانه (عليه السلام) صاحب الشأن في سبب صدور الحديث، وقد ذكر البخاري وابن أبي حاتم أنّه سمع من علي (عليه السلام)(2).
ص: 104
3- ذكر الحاكم النيسابوري في مستدركه عن الحَكَم، قال:
(شهد مع علي صفين ثمانون بدریًا و خمسون ومائتان من بايع تحت الشجرة)(1).
وعليه: فالحديث بعيد عن تهمة الإرسال مع هذا العدد من الصحابة الذين أدركهم وسمع منهم حجر بن عنبس أو العنبس لا سيما وقد عدّه الطبراني في الصحابة، وشهد مع الإمام علي (عليه السلام) معركة الجمل وصفين(2).
4- أما قوله (فالحديث علّته الإرسال)(3)، کاشف عن منهج الألباني في التعامل مع المرسل وهو مخالف لغيره، أي: أن حكم المرسل مسألة خلافية بين أئمة المذاهب الأربعة، وقد بسّط القول فيها غير واحد من أعلام أهل السُنَّة ، فمنهم:
1. قال ابن عبد البر (ت 463 ه): (وأصل مذهب مالك والذي عليه جماعة أصحابنا المالكين أن مرسل الثقة تجب به الحجة ويلزم به العمل کما يجب بالمسند سواء)، وقال أيضًا: (فجملة مذهب مالك في ذلك إيجاب العمل بمسنده ومرسله ما لم يعترضه العمل الظاهر ببلده، ولا يبالي في ذلك من خالفه في سائر الأمصار)(4).
وعليه: فلا يبالي بتضعيف الألباني للمرسل بإزاء حجيته عند إمام المذهب المالكي.
ص: 105
2. قال الزركشي (ت 794 ه) في الأصول:
(وقال بقبوله [أي: المرسل]: مالك، وأبو حنيفة، وكذا احمد في اشهر الروايتين عنه، وجمهور المعتزلة منهم أبو هاشم، واختاره الآمدي، ثم قال بعض القائلين بكونه حجة، فزعم أنه أقوى من المسند لثقة التابعي بصحّته في إرساله، وحكاه صحاب الواضح عن أبي يوسف)(1).
وعليه: نجد الألباني يصحح حديث الحضرمي في غير موضع کما مرَّ آنفًا.
ينفرد ابن الجوزي باتهامه لموسی بن قيس بوضع الحديث ثم تبعه على ذلك السيوطي (ت 911 ه)(2)، وعلي بن محمد الكناني (ت 963 ه)(3)، والشوكاني (ت 1250 ه)(4)، فمنهم من استند إلى تضعیف العقيلي واتّهامه بالمغالاة بالرفض وأنه يحدث بأحاديث رديئة - کما سیمر لاحقًا -، و منهم من نقل اتّهام ابن الجوزي له بالوضع، فلم يُخضِعوا قوله للتدقيق والمراجعة، بل للإتباع العقدي والموروث الفكري ضمن حاکمية الأنساق الثقافية.
يعد العقيلي (ت 322 ه) أبرز من أتهمه بالغلو في الرفض، فكان قوله على النحو الآتي:
ص: 106
(موسی بقیس الحضرمي كوفي يلقب عصفور الجنة من الغلاة في الرفض.
حدثنا الحسن بن خالد الليثي، حدثنا عبد الوهاب بن قرة، حدثنا عبيد الله بن موسی، حدثنا موسی بن قیس الحضرمي، قال: قال لي سفيان الثوري: أيهما أحب إليك أبو بكر أو علي؟ قلت: علي [عليه السلام].
قال: أرجو أن تدخل الجنة، أرجو أن تدخل الجنة.
ومن حديثه ما حدثناه علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا موسی بن قيس الحضرمي، قال سمعت حجر بن عنبس وكان أكل الدم في الجاهلية وشهد مع علي الجمل وصفين قال: خطب أبو بكر وعمر، فاطمة رضوان الله عليها، فقال النبي [صلى الله عليه واله وسلم]:
«هي لك يا علي ألست بدجال».
قال أبو بكر: «أظن ليس بدجال».
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا أبو بلا الأشعري، حدثنا قيس بن الربيع، عن موسی، بن قيس عن حجر بن عنبس، قال: لما زوّج رسول الله [صلى الله عليه واله وسلم] فاطمة من علي [عليهما السلام]، قال:
«لقد زوجتك غير دجال».
حدثنا محمد بن إسماعيل، قال حدثنا أبو نعيم، قال حدثنا موسی بن قیس الحضرمي، عن سلمة بن کھیل، عن عياض بن عیاض، عن مالك بن جعونة، قال: سمعت أم سلمة تقول:
ص: 107
«علي على الحق، من تبعه فهو على الحق، من تركه ترك الحق، عهدا معهودا قبل يومه هذا».
حدثنا عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة، قال حدثنا خلاد بن يحيى، قال: حدثنا موسی بن قيس بن رمانة عن أبي دمامة بن أبي موسى، قال سمعت معاوية يقول: أدخله الله عز وجل النار إن كان قاتل إلا على دم عثمان.
هذه الأحاديث من أحسن ما يروي عصفور، وهو يحدث بأحادیث رديئة بواطيل)(1).
أقول:
أنّ تعصب العقيلي لسُنّة الشيخين وتكبله بقيود الموروث العقدي لهما جعله يختار ما فيه مغمصة لهما في أحاديث موسی بن قيس، والتي وصفها ب (برديئة وبواطيل)!! فحاسبه على تصريحه ومجاهرته بحب من أمر الله بمودته أمير المؤمنين الإمام علي (صلوات الله وسلامه عليه) في محكم التنزيل.
ولو كان موسی بن قيس يجاهر بحب أبي بكر وعمر لكان من أوثق من روی عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عند العقيلي وابن الجوزي وغيرهما.
أنّ الوقوف على معرفة العلة في تسمية موسی بن قيس ب (عصفور الجنة)
ص: 108
يمكن معرفته عبر أمرين، الأول: ما هو عصفور الجنة، وثانيا: دلالة التسمية المستوحاة من صفة هذا الطائر ، وهو على النحو الآتي:
ذكر الدميري (ت 808 ه) في حياة الحيوان الكبرى أن عصفور الجنة هو طائر الخطاف، وبَيَّنَ جملة من خصائص التسمية، وما أتخذه الناس من سيرته في الاستنان، بالزهد، وترك ما في أيدي الناس، فقال:
(بضم الخاء المعجمة، جمعه خطاطيف ویسمی زوار الهند، وهو من الطيور القواطع إلى الناس، تقطع البلاد البعيدة إليهم رغبة في القرب منهم، ثم إنّها تبني بيوتها في أبعد المواضع عن الوصول إليها، وهذا الطائر يعرف عند الناس بعصفور الجنة، لأنه زهد ما في أيديهم من الأقوات فأحبوه لأنه إنما يتقو بالذباب والبعوض.
وفي الحديث الحسن، الذي رواه ابن ماجة وغيره، عن سهل بن سعد الساعدي، أنه قال: جاء رجل إلى النبي [صلى الله عليه واله وسلم]، فقال له:
دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس، فقال:
«ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس».
فأما كون الزهد في الدنيا سببا لمحبة الله تعالى فلأنه تعالى يحب من أطاعه ويبغض من عصاه، وطاعة الله لا تجتمع مع محبة الدنيا، وأما كونه سببا لمحبة الناس فلانهم يتهافتون على محبة الدنيا، وهي جيفة منتنة وهم كلابها، فمن زاحمهم عليها أبغضوه، ومن زهد فيها أحبوه، كما قال الإمام الشافعي:
ص: 109
وما هي إلاجيفة مستحيلة *** عليها كلاب همهن اجتذابها
فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها *** وإن تجتذبها نازعتك كلابها
وقد أحسن القائل في وصف الخطاف:
كن زاهدا فيما حوته يد الوری *** تضحي إلى كل الأنام حبيبا؟
أوما ترى الخطاف حرم زادهم *** أضحى مقيما في البيوت ربیبا
سماه ربيبا لأنه يألف البيوت العامرة دون الخربة، وهو قريب من الناس)(1).
حينما يكون موسی بن قيس في زمن المنصور الدوانیقي ومن قبله السفاح، وأواخر حكم بني أمية، فهذا يعني أن يكون الراوي حريصا على تجنب أظهار الموالاة لأمير المؤمنين وأبنائه (عليهم السلام) لما يشكله وجودهم والتشيع لهم من خطر على السلطة، لاسيما الحركات الثورية التي يقودها العلويون في العديد من المدن الإسلامية، فضلاً عن أنتشار رقعة الحركة العلمية للإمامين محمد الباقر وولده الإمام جعفر الصادق (عليهما السلام).
في المقابل كانت السلطة تواجه هذين الخطرين بكل الإمكانات التي توفرت لديها، ومنها دعم المدرسة المخالفة لأهل البيت (عليهم السلام) في الفقه والحديث والتفسير والعقيدة ويكفي في ذلك من الشواهد ما جرى
ص: 110
بين المنصور الدوانیقي ومالك بن أنس وإجباره على أنشاء الفقه المالكي أو القتل، فضلا عن سعي المنصور لخلق المذهب الإباضي في الخفاء(1).
ومن ثم: فكيف بسعي السلطة العباسية في بذل الأموال لمن يروي في الشيخين ليصل الرواة إلى ما في أيديها وتقريبها من يسير على سُنَّة الشيخين ومولاتهما.
من هنا: كان موسی بن قيس زاهدا مما في أيدي السلطة والناس وأعراضه عنهم وتمسكه بمولاة أمير المؤمنين الإمام علي (عليه الصلاة والسلام)، وهو أمر بدا جليا حينما سأله سفيان الثوري المقرب من السلطة العباسية عن رأيه في حب علي (عليه السلام) وأبي بكر؟
فرد عليه دون وجل أو خلة لما في أيدي السلطة، قائلا:
(أيهما أحب إليك أبو بكر أو علي؟
قلت: علي [عليه السلام].
قال: أرجو أن تدخل الجنة، أرجو أن تدخل الجنة).
وعليه: كيف لا يلقب بعصفور الجنة؟!!
تناول أصحاب السُنن والمسانيد والتفاسير أحاديث موسی بن قیس
ص: 111
في مصنّفاتهم مما يكشف عن وثاقته وصدقه وأن ما رماه به العقيلي وابن الجوزي بالوضع والضعف سببه تكبلهما بالأنساق الثقافي والتعصب الأعمى لسُنّة الشيخين، فلحقهما بذلك جملة من المحاذير الشرعية.
وقد نص على أخراج مسلم له في صحيحه، أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، صاحب المستدرك على الصحيحين(1).
وتابعه الدارقطني (ت 385 ه)، فقال: (وأخرج مسلم حديث عبد الملك عن سلمة بن كهيل عن زيد بن وهب في الخوارج وتابعه موسی بن قیس وتاركه البخاري فيم يخرجه)(2).
ولم أعثر على حديثه في صحيح مسلم - المطبوع -، ويدل قول الحاكم والدارقطني على حذفه من النسخ المتوفّرة في المكتبة الإسلامية والمتداولة بين الناس.
أخرج له في موضعين، الأول: في باب التسليم، فقال:
(حدثنا عبدة بن عبد الله، ثنا يحيى بن آدم، ثنا موسی بن قيس الحضرمي،
ص: 112
عن سلمة بن کھیل، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، قال: صليت مع النبي [صلى الله عليه واله وسلم] فكان يسلم عن يمينه:
«السلام عليكم ورحمة الله وبرکاته» وعن شماله:
«السلام عليكم ورحمة الله»)(1).
والموضع الثاني: في تشميت العاطس، فقال:
(حدثنا عيسى بن حماد المصري، أخبرنا الليث، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: لا أعلمه إلا أنه رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم، بمعناه، قال أبو داود: رواه أبو نعيم عن موسی بن قيس عن محمد بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه واله وسلم])(2).
وقد أخرج له في مواضع عدّة، فمنها:
أ. في الإمام يؤم القوم وهم له كارهون، فقال:
(حدثنا وكيع قال: حدثنا أبو موسی بن قيس الحضرمي، عن العيزار بن جرول: إنّ قوما شكوا إمامًا لهم إلى علي [عليه السلام]، فقال له علي [عليه السلام]: «إنك لخروط تؤم قوما وهم کارهون»)(3).
ص: 113
ب. في (الصلاة في الطاق)، قال:
(حدثنا وكيع عن موسی بن قیس، قال: رأيت إبراهيم يتنكب الطاق)(1).
ج. الرجل ينسى الصلاة أو ينام عنها، فقال:
(حدثنا الفضل بن دکین، عن موسى بن قيس، عن زکریا بن جواد، عن أبي عبد الرحمن، قال: ما كان أحد يهبك فصلها للذكرى)(2).
ح. ما ذكر في موسي (عليه السلام) من الفضل، فقال:
(حدثنا حسين بن علي، عن موسی بن قيس، عن سلمة بن کھیل: «وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي»، قال: حببتك إلى عبادي)(3).
وقد خرَّجه ابن عبد البر (ت 463 ه) عنه في التمهيد(4).
خ. في كلام الحسن البصري، أخرج له، قائلا:
(حدثنا الفضل بن دكين، عن موسی بن قيس، عن سلمة بن کھیل، قال: لو كان المؤمن على قصبة في البحر لقيض الله له من يؤذيه)(5).
فقد أخرج له في سُننه في ثواب قتال الخوارج، فقال:
ص: 114
(أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى، قال حدثنا الفضل بن دكين، عن موسی بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن کھیل، عن زيد بن وهب قال:
خطبنا علي [عليه السلام] بقنطرة الديزجان، فقال:
«إنه قد ذكر لي خارجة تخرج من قبل المشرق وفيهم ذو الثدية فقاتلهم».
فقالت الحرورية بعضهم لبعض: لا تكلموه فیردکم کما ردكم يوم حروراء، فشجر بعضهم بعضا بالرماح، فقال رجل من أصحاب علي [عليه السلام]: اقطعوا العوالي، والعوالي الرماح، فداروا واستداروا وقتل من أصحاب علي [عليه السلام] اثنا عشر رجلا أو ثلاثة عشر رجلا، فقال علي [عليه السلام]:
«التمسوه المخدج»، وذلك في يوم شات؛ فقالوا:
ما نقدر عليه فركب علي [عليه السلام] بغلة النبي [صلى الله عليه واله وسلم] الشهباء، فأتی وهدة من الأرض، فقال:
«التمسوا في هؤلاء».
فَأُخرِج، فقال: «ما كَذَبتُ ولا کُذِّبتُ»، فقال
«اعملوا ولا تتكلوا، لولا أني أخاف أن تتكلوا لأخبرتکم بما قضى الله لكم على لسانه».
يعني النبي [صلى الله عليه واله وسلم]، ولقد شَهِدَنا ناسٌ باليمن قالوا: كيف يا أمير المؤمنين؟ قال:
ص: 115
«كان هواؤهم معنا»)(1).
أخرج له الطبراني في مواضع عدّة من معجمه الأوسط والكبير، سنورد منها خمسة أحاديث، وهي على النحو الآتي:
أ- (حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال حدثنا عقبة بن قبيصة بن عقبة، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا موسی بن قيس الحضرمي، عن عطية، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله [صلى الله عليه واله وسلم] يقول:
«في هذه آية «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ»، قال: في الآخرة: في القبر»)(2).
ب- (حدثنا أحمد بن عمرو البزار، ثنا زيد بن أخزم، حدثنا عبد الله بن داود، عن موسی بن قيس، عن حجر بن قيس، وكان قد أدرك الجاهلية، قال خطب علي [عليه السلام] إلى رسول الله [صلى الله عليه واله وسلم] فاطمة [عليها السلام]، فقال:
«هي لك على أن تحسن صحبتها»)(3).
ج- (حدثنا أسلم بن سهل الواسطي، ثنا أبو الشعثاء علي بن الحسن، ثنا يحيى بن آدم، ثنا موسی بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، عن
ص: 116
علقمة بن وائل الحضرمي، عن أبيه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فسلم عن يمينه:
«السلام عليكم ورحمة الله وبرکاته» وعن يساره: «السلام عليكم ورحمة الله».
هكذا رواه موسی بن قيس عن سلمة، قال: عن علقمة بن وائل وزاد في السلام: وبرکاته)(1).
د- (حدثنا فضيل بن محمد الملطي، ثنا أبو نعيم، ثنا موسی بن قيس، عن سلمة بن کھیل، عن عياض بن عیاض، عن مالك بن جعونة، قال:
سمعت أم سلمة تقول:
(كان علي على الحق، منِ اتَّبَعَهُ اتَّبَعَ الحق ومن تركه ترك الحق عهدا معهودا قبل يومه هذا))(2).
ه- (حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا موسی بن قيس الحضرمي، ثنا عياض بن عیاض، قال: بكت أم أيمن على رسول الله [صلى الله عليه واله وسلم]، فقالوا لها: أتبكين على رسول الله [صلى الله عليه واله وسلم] وهو من أهل الجنة؟ قالت:
إنما أبكي على خبر السماء كان يأتينا)(3).
ص: 117
أخرج الهروي الأنصاري لموسی بن قيس حديثًا واحدًا، بإسناده، فقال:
(أخبرنا علي بن أبي طالب، أخبرنا حامد بن محمد الرفا، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا موسی بن قيس الحضرمي عن سلمة بن کھیل، قال: قيل لحذيفة النفاق اليوم أكثر أو على عهد رسول الله [صلى الله عيه وآله]؟ فظرب موسى يده على جبهته، قال: وكان يومئذ يستتر به، وهو اليوم ظاهر)(1).
إنّ مما يكشف عن ظلامة موسی بن قيس في أتهامه بالوضع والضعف وبيان هذه الفرية التي أطلقها العقيلي وابن الجوزي ومن أخذ بقولهما دون تثبت سوى التمسك بالأنساق الثقافية والعقدية لسُنّة الشيخين وتصویب فعلهما ونقض ما من شأنه المساس بعنوانهما الذي أوجدته الخلافة منذ أن توفي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والى يومن هذا، هو أخراج بعض أئمة التفسير لأحاديثه، فكانت على النحو الآتي:
1- ابن جرير الطبري (ت 310 ه).
أخرج له ابن جرير في تفسيره في عدّة مواضع، وهي على النحو الآتي:
أ. (حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن موسی بن قيس الحضرمي، عن
ص: 118
مجاهد في قوله: (ولا تحمل علينا إصرا)، قال: عهدا)(1).
ب. (قال: ثنا ابن نمير، عن موسی بن قیس، عن مجاهد: «ويضع عنهم إصرهم» قال: عهدهم)(2).
ج. (حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثني موسی بن قیس، عن مجاهد: «وعزروه ونصروه» قال: «عزروه»: سددوا أمره، وأعانوا رسوله ونصروه.
وقوله «نصروه» يقول: وأعانوه على أعداء الله وأعدائه بجهادهم ونصب الحرب لهم. «واتبعوا النور الذي أنزل معه» يعني القرآن والإسلام. «أولئك هم المفلحون» يقول: الذين يفعلون هذه الأفعال التي وصف بها جل ثناؤه أتباع محمد [صلى الله عليه واله وسلم] هم المنجحون، المدركون ما طلبوا ورجوا بفعلهم ذلك)(3).
د- (حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن موسی بن قيس، عن حجر بن عنبس: «إلا مكاء وتصدية»، قال: المكاء: التصفير، والتصدية: التصفيق)(4).
2- ابن أبي حاتم الرازي (327 ه).
أخرج له ابن أبي حاتم في تفسيره حديثين، وهما على النحو الآتي:
ص: 119
أ- (حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول، ثنا موسی بن قيس الحضرمي عن سلمة بن کھیل قال: تصدق علي [عليه السلام] بخاتمه وهو راكع فنزلت:
«إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ»)(1).
ب. (حدثنا أبي، ثنا أبو نعيم، ثنا موسی بن قيس، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري: «وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا»، قال: حراما محرما أن نبشركم بما نبشر به المتقين)(2).
3- النحاس (ت 338 ه).
أخرج له النحاس حديثا واحدًا، وهو على النحو الآتي:
(«ويضع عنهم إصرهم»، وروی موسی بن قيس عنه، أنه قال: هي عهود كانت عليهم)(3).
4. الحاكم الحسكاني (ت: القرن الخامس للهجرة).
أخرج له الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل في موضع واحد، فقال:
(حدثنا محمد بن الحسين الكوفي، عن موسى بن قيس، عن أبي هارون العبدي، عن ربيعة بن ناجذ السعدي، عن حذيفة بن اليمان، قال: لما التقوا مع
ص: 120
رسول الله بأحد وانهزم أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] و أقبل علي [عليه السلام] يضرب بسيفه بين يدي رسول الله [صلى الله عليه وآله] مع أبي دجانة الأنصاري، حتی کشف المشركين عن رسول الله، فأنزل الله:
«وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ» - إلى قوله - «وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ»، عليا وأبا دجانة.
وأنزل تبارك وتعالى:
«وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ» والكثير عشرة آلاف، إلى [قوله]: «وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ» عليا وأبا دجانة، وفيها [نزل أيضا] قوله جل وعز:
«ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ»، «وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ»)(1).
إنّ الرجوع إلى أقوال كثير من أعلام أهل السُنّة والجماعة في الحقول المعرفية العديدة لاسيما في الجرح والتعديل، وذلك لكونه المتكئ الذي يستند إليه بعض أولئك الأعلام، يكشف عن انغماسهم في الموروث الفكري والنسق الثقافي والنشأوي في التعامل مع الرواة بنحو عام وفي الرواة الذين رووا فضائل أهل البيت (عليهم السلام) لاسيما فضائل أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) بنحو خاص، ومن ثم سهل على
ص: 121
المتكبلين بالنسق الثقافي لسُنَّة الشيخين وحاکميتها النيل من هؤلاء الرواة لاسيما عيّنة الدراسة.
إنّ المتتبع لأقوال الحافظ الذهبي في العديد من مصنفاته يلمس حاکمية النسق الثقافي في منهاجه مع الرواة وأحاديثهم وتجلي تكبله بهذا الموروث العقدي المتعصب لسُنَّة الشيخين وحاکميتها على فكره، ومنها تعامله مع موسی بن قيس، فقد أضطرب فيه بين التوثيق لورود حديثه في أحد الكتب الستة وضَعفِه، وأتهمهُ بالغلو في الرفض لروايته فضائل أمير المؤمنين الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) وتفضيله إيّاه على أبي بكر مستدلا في هذا التفضيل على النصوص الشريفة عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مما يكشف عن تكبل الذهبي وغيره من أعلام أهل السُنّة والجماعة بقيود الأنساق الثقافية والعقدية دون منهج علمي، بل يصدق فيه قول رهم بنت الخزرج:
(رمتني بدائها وانسلت)(1).
وعليه: فقد جاء قوله على النحو الآتي:
أ. وصفه بالشيعي الثقة في كتابه الكاشف، ووضع أمامه حرف دال أشارة الى أخراج أبو داود السجستاني له في سننه، فقال:
(موسی بن قيس الحضرمي، عصفور الجنة، عن سلمة بن كهيل، وعطية العوفي، وعنه أبو نعيم، وخلاد بن يحيى، ثقة شيعي)(2).
ص: 122
ب. عدّه في الضعفاء وأتهمه برواية المناكير الغلاة في الرفض في كتابه المغني، فقال:
(موسی بن قيس عصفور الجنة روى عنه أبو نعيم الفضل له مناكير وقال العقيلي من الغلاة في الرفض)(1).
ج. ذكره في كتابه الميزان وأظهر حقيقة منهجه في ترجمة الرجال وتقييمهم على أفكارهم وعقائدهم وليس على صدقهم من عدمه أو حفظهم ونسيانهم أو ضبطهم من تساهلهم أوغيرها مما يلزم أعتاده في ضوابط الرواية، ولذا جاء تقييمه له واضحابر قوله:
"حكي عن نفسه"، أي أنّ موسی بن قيس أظهر تفضيله لأمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) على أبي بكر، فكيف لا ينكر الذهبي والعقيلي وبن الجوزي عليه ذلك ولا يتهموه برواية الأباطيل؟!!
فكان قوله:
(موسی بن قيس [د، ص] ويلقب عصفور الجنة. عن حجر بن عنبس وغيره. وعنه أبو نعيم، وعبيد الله بن موسی.
قال العقيلي: من الغلاة في الرفض.
قلت: ((حکی عن نفسه، أن سفيان سأله عن أبي بكر وعلي [عليه الصلاة والسلام]، فقال: علي أحب إلي)).
ص: 123
وقال أبو نعيم: حدثنا موسی بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، عن عياض بن عیاض، عن مالك بن جعونة، سمعت أم سلمة تقول:
((علي على الحق، من تبعه فهو على الحق، ومن ترکه ترك الحق، عهدا معهودا، قبل يومه هذا)).
قال العقيلي: قد روى أحاديث ردية بواطيل. وأما ابن معين فوثقه.
وقال أبو حاتم: لا بأس به)(1).
أقول:
وما يظر موسی ما قاله الذهبي والعقيلي وبن الجوزي وغيرهم، وهو على هدى من ربه وبَيِّنَةٍ من أمره في أتباع من أقرن الحق به ومعه حتى يردا على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الحوض، وقد خاب من أفتری.
إذن:
لم يكن موسی بن قيس من الضعفاء في حفظ الحديث ولا يروي الأباطيل، ولم يكن من الوضاعين، وأنما من الموالين المتمسكين بعلي أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) فساء العقيلي وابن الجوزي وغيرهما ذلك، فأنكروا حديثه عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):
«هي لك يا علي لستَ بدجال».
فأفرغوا سجالهم فيه وأفلسفوا من الحجة والدليل وبان منهجهم في
ص: 124
الاحتكام إلى الأنساق الثقافية التي توارثوها في محاربة فضائل الإمام علي وآل محمد (صلى الله عليه واله وسلم).
«يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».
تم الكتاب بفضل الله وفضل رسوله (صلى الله عليه واله وسلم). وخير ما نختم به العمل ذكر الصلاة على محمد وال محمد، فنقول:
اللّهم صل على بضعة نبيك وصفوة حبيبك وقرة عينه ما شرقت شمس وأفلت، وتعاقب الليل والنهار، وصل على بعلها وحليلها وليك المعظّم، ووصي رسولك المقدم على الخلق أجمعين، والمصطفى من الأنبياء والمرسلين، والمختار بعلم على الخلق أجمعين.
وصل على ولديها الحسن والحسين، حججك على خلقك، وصفوتك من نور نبيك، وأمنائك على شريعتك.
وصل ولدها، أئمة الهدى وأعلام النقي، علي بن الحسين السجاد، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسی بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسی الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، والحجة بن الحسن المهدي المنتظر لإقامة العدل، وهدم الجور، وأحياء السُنة، وإماتة البدعة.
ف: «هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ وَعِمَادُ الْيَقِينِ، إِلَيْهِمْ يَفِيءُ الْغَالِي وَبِهِمْ يُلْحَقُ التَّالِي، وَلَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوِلايَةِ، وَفِيهِمُ الْوَصِيَّةُ وَالْوِرَاثَةُ»(1).
ص: 125
اللهم إنا نصلي على رسولك بما صلى عليه أخيه ووصيه وخليفته في أمته أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام):
«اللهُمَّ دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ وَدَاعِمَ الْمَسْمُوكَاتِ، وَجَابِلَ الْقُلُوبِ عَلىَ فِطْرَتِهَا، شَقِيِّهَا وَسَعِيدِهَا، اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ وَنَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ عَلىَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ وَالْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ، وَالْمُعْلِنِ الْحَقَّ بِالْحَقِّ، وَالدَّافِعِ جَيْشَاتِ الْأَبَاطِيلِ، وَالدَّامِغِ صَوْلَاتِ الْأَضَالِيلِ كَمَا حَمِّلَ، فَاضْطَلَعَ قَائِماً بِأَمْرِكَ، مُسْتَوْفِزاً فِي مَرْضَاتِكَ، غَيْرَنَاكِلٍ عَنْ قُدُمٍ وَلاَ وَاهٍ فِي عَزْمٍ، وَاعِياً لِوَحْيِكَ حَافِظاً لِعَهْدِكَ، مَاضِياً عَلَى تَفَّاذِ أَمْرِكَ، حَتَّى أَوْرَى قَبَسَ الْقَابِسِ، وَأَضَاءَ الطَّرِيقَ لِلْخَابِطِ، وَهُدِيَتْ بِهِ الْقُلُوبُ بَعْدَ خَوْضَاتِ الْفِتَنِ وَالآثَامِ، وَأَقَامَ بِمُوضِحَاتِ الأَعْلامِ وَنَيِّرَاتِ الأَحْكَامِ، فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ، وَخَازِنُ عِلْمِكَ الْمخْزُونِ، وَشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ، وَبَعِيثُكَ بِالْحَقِّ، وَرَسُولُكَ إِلَى الْخَلْقِ. اَللَّهُمَّ اِفْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً فِی ظِلِّكَ وَ اِجْزِهِ مُضَاعَفَاتِ اَلْخَیْرِ مِنْ فَضْلِكَ، اَللَّهُمَّ وَ أَعْلِ عَلَی بِنَاءِ اَلْبَانِینَ بِنَاءَهُ، وَ أَکْرِمْ لَدَیْكَ مَنْزِلَتَهُ وَ أَتْمِمْ لَهُ نُورَهُ، وَ اِجْزِهِ مِنِ اِبْتِعَاثِكَ لَهُ مَقْبُولَ اَلشَّهَادَةِ، مَرْضِیَّ اَلْمَقَالَةِ، ذَا مَنْطِقٍ عَدْلٍ وَ خُطْبَةٍ فَصْلٍ، اَللَّهُمَّ اِجْمَعْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ فِی بَرْدِ اَلْعَیْشِ وَ قَرَارِ اَلنِّعْمَةِ، وَ مُنَی اَلشَّهَوَاتِ وَ أَهْوَاءِ اَللَّذَّاتِ، وَ رَخَاءِ اَلدَّعَةِ، وَ مُنْتَهَی اَلطُّمَأْنِینَةِ، وَ تُحَفِ اَلْکَرَامَةِ»(1).
والحمد لله رب العالمين على فضله وفضل رسوله (صلی الله علیه و آله وسلم)
ص: 126
القرآن الكريم.
1. أتحاف السائل بما لفاطمة (عليه السلام) من المناقب والفضائل، محمد بن عبد الله الأكراوي القلشقندي المناوي الشافعي الشهير بالواعظ (ت 1035 ه)، تحقيق: محمد كاظم الموسوي، طبع: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية لسنة 1427 ه)، 2006 م، ط 1، طهران - إيران.
2. الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، (ت: 911 ه)، تحقيق: سعيد المندوب، ط 1، لسنة: 1416 - 1996 م، الناشر: دار الفكر.
3. الإلزامات والتتبع للدارقطني، المؤلف: أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دینار البغدادي الدارقطني (ت: 385 ه)، دراسة وتحقيق: الشيخ أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوداعي، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان، الطبعة الثانية، لسنة 1405 ه - 1985 م.
4. إجماعیات فقه الشيعة وأحوط الأقوال من أحكام الشريعة، الفقيه المحقق السيد إسماعيل المرعشي، طبع: المؤلف لسنة 1419 ه)، 1998 م، ط 2، قم المقدسة - إيران.
5. الأحاديث الطوال، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ط 1، نشر: دار الكتب العلمية، سنة الطبع: 1412 ه)، 1992 م، بيروت.
ص: 127
6. الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، (ت: 548 ه)، تحقيق: تعليق وملاحظات: السيد محمد باقر الخرسان، 1386 - 1966 م، الناشر: دار النعمان للطباعة والنشر - النجف الأشرف.
7. إرشاد القلوب، الحسن بن محمد الديلمي، طبع: انتشارات الشريف الرضي السنة 1415 ه)، 1994 م، الطبع: طهران - ایران.
8. أرواء الغليل، محمد ناصر الألباني، تحقيق: زهير الشاويش، الطبعة: الثانية، السنة: 1405 - 1985 م، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان.
9. الاستیعاب، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النميري الأندلسي القرطبي المالكي المعروف بابن عبد البر (ت 463 ه)، تحقيق: علي محمد البجاوي، طبع: دار الجيل لسنة 1412 ه)، 1991 م، ط 1، بيروت - لبنان.
10. أسد الغابة في معرفة الصحابة، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير، (ت: 360 ه)، دار الكتاب العربي - بيروت - لبنان، انتشارات إسماعیلیان - طهران.
11. أسرار الآيات، محمد بن إبراهيم صدر الدین شیرازي، الناشر: انجمن إسلامي حکمت و فلسفة إيران.
12. الإصابة في تمييز الصحابة، الحافظ أحمد بن علي، ابن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، دراسة وتحقيق و تعليق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض، طبع: دار الكتب العلمية لسنة 1415 ه، 1994 م، ط 1، بیروت - لبنان.
ص: 128
13. الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، أسد حيدر، طبع ونشر مؤسسة دار الكتاب الإسلامي، بيروت.
14. إمتاع الأسماع، المقريزي، ط 1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان لسنة 1420 ه.
15. أنساب الاشراف، أحمد بن يحيى البلاذري (ت 279 ه)، تحقيق: محمود الفردوس العظم، صبحي المارديني، طبع: دار اليقظة العربية، 1417ه، 1997 م، دمشق - سوريا.
16. الأنساق الثقافية المضمرة، جمال مجناح، الجزائر.
17. بحار الأنوار، العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، ط 2 المصححة، 1403 ه - 1983 م، مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان - صرب.
18. البحر الرائق، ابن نجم المصري، (ت: 970 ه)، تحقيق: ضبطه وخرج آياته وأحاديثه: الشيخ زكريا عميرات، ط 1، 1418 - 1997 م، الناشر: منشورات محمد علي بيضون - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.
19. البحر المحيط في أصول الفقه، تأليف: الإمام بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، (ت: 794 ه)، ضبط نصوصه وخرج أحاديثه وعلق عليه: د. محمد محمد تأمر، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان.
20. البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير، ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري (ت: 804 ه)، تحقيق: مصطفى أبو الغيط وعبد الله بن سليمان وياسر بن کمال، الناشر: دار
ص: 129
الهجرة للنشر والتوزيع - الرياض - السعودية، ط 1، 1425 ه -- 2004 م.
21. البيان والتبيان، أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، طبع: دار الفكر، بيروت - لبنان.
22. البداية والنهاية، الحافظ أبي الفداء ابن کثیر الدمشقي (ت 774 ه)، تحقيق وتدقيق وتعليق: علي شيري، طبع: دار إحياء التراث العربي لسنة 1408 ه)، 1988 م، ط 1، بیروت - لبنان.
23. تاريخ أسماء الثقات، عمر بن أحمد أبو حفص الواعظ، (297 - 380)، تحقیق ومراجعة: صبحي السامرائي، الناشر: الدار السلفية، الكويت، ط 1، 1404 - 1984.
24. تاريخ الإسلام و وفیات المشاهير والأعلام، الحافظ شمس الدين الذهبي، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري، ط 2 - دار الكتب العربي، بيروت - لبان السنة 1409 ه - 1998 م.
25. التاريخ الصغیر، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري أبو عبد الله (ت 256 ه)، طبع: دار المعرفة لسنة 1406 ه)، 1986 م، بیروت - لبنان.
26. التاريخ الكبير، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو عبد الله الجعفي البخاري (ت 256 ه)، طبع دار الكتب العلمية لسنة 1407 ه)، 1986 م، بیروت - لبنان.
27. تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب ابن واضح الكاتب العباسي المعروف باليعقوبي (ت 292 ه)، طبع: مؤسسة الأعلمي
ص: 130
لسنة 1413 ه)، 1993 م، بيروت - لبنان.
28. تاریخ بغداد وذيوله، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي (ت 463 ه)، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، طبع: دار الكتب العلمية لسنة 1417 ه)، 1997 م، ط 1، بیروت - لبنان.
29. تاریخ دمشق، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساکر (ت 571 ه)، تحقيق: عمر بن غرامة العمروي، طبع: دار الفکر للطباعة والنشر التوزيع لسنة 1415 ه، 1995 م، بیروت - لبنان.
30. تأويل مختلف الحديث، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت: 276 ه)، الناشر: المكتب الإسلامي - مؤسسة الإشراق، ط 2 - مزیدة ومنقحة، 1419 ه - 1999 م.
31. تذكرة الحفّاظ، أبو عبد الله، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قایماز الذهبي (ت 748 ه)، طبع: دار إحياء التراث العربي، بيروت ۔ لبنان.
32. التذكرة الحمدونية، أبو المعالي محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون (ت 562 ه)، طبع: دار صادر لسنة 1416 ه، 1996 م، بیروت - لبنان.
33. تزاوج الاختصاصات، نجيب عبد الواحد؛ 3 يونيو 2017؛ الدراسات البينية التعليم العالي.
34. تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم وما انفرد كل واحد منهما، محمد بن عبد الله بن حمدويه النيسابوري الحاكم أبو عبد الله (321 - 405) تحقیق ومراجعة: كمال يوسف الحوت، ط 1، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية، دار
ص: 131
الجنان، بیروت، 1407.
35. تفسير ابن أبي حاتم، ابن أبي حاتم الرازي، (ت: 327 ه)، تحقيق: أسعد محمد الطيب، الناشر: المكتبة العصرية.
36. تفسير الآلوسي، شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الآلوسي البغدادي (ت 1270 ه)، تحقيق: محمد حسين العرب، طبع: دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع لسنة 1414 ه، 1994 م، ط 1، بیروت - لبنان.
37. تلخيص المستدرك، محمد بن أحمد بن عثمان بن قایماز، شمس الدين، أبو عبد الله الذهبي (ت 748 ه)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، طبع: دار الكتب العلمية لسنة 1426 ه)، 2005 م، ط 1، بيروت - لبنان.
38. التمهيد بما في الموطأ من أسانید، تأليف: ابن عبد البر، (ت: 463 ه)، تحقيق: مصطفی بن أحمد العلوي - محمد عبد الكبير البكري، سنة الطبع: 1387، طباعة ونشر: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب.
39. تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة، المؤلف: علي بن محمد بن علي بن عراق الكناني أبو الحسن، (ت: 963 ه)، تحقيق ومراجعة: عبد الوهاب عبد اللطيف - عبد الله محمد الصديق الغماري، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، لسنة 1399 ه.
40. تهذيب التهذيب، شهاب الدين أحمد بن علي الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت: 852 ه)، طبع: دار الكتب العلمية لسنة 1415 ه، 1995 م، بیروت - البنان.
41. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الحافظ المتقن جمال أبو الحجاج يوسف
ص: 132
المزّي (ت 742 ه)، تحقيق وضبط وتعليق: الدكتور بشار عواد معروف، طبع: دار الكتب العلمية لسنة 1425 ه، 2004 م، بیروت - لبنان.
42. الثغور الباسمة في فضائل السيدة فاطمة (عليها السلام)، جلال الدين السيوطي عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري (ت 911 ه)، طبع: دار الصحابة للتراث لسنة 1411 ه)، 1991 م، طنطا - مصر.
43. الثقات، ابن حبان، ط 1، مؤسسة الكتب الثقافية، بحیدر آباد الدين - الهند لسنة 1393 ه.
44. جامع البيان عن تأویل آي القرآن (تفسير الطبري)، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، طبع: دار ابن حزم - دار الإعلام لسنة 1423 ه)، 2003 م، ط 1، بيروت - لبنان.
45. الجرح والتعدیل، عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس أبو محمد الرزاي التميمي، ط 1، نشر : دار إحياء التراث العربي، سنة الطبع: 1952 م، بيروت.
46. جماليات التحليل الثقافي الشعر الجاهلي نموذجاً، د. یوسف علیمات، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت - لبنان، ط 1 لسنة 2004 م.
47. حاشية رد المختار، ابن عابدین، (ت: 1252 ه)، تحقيق: إشراف: مکتب البحوث والدراسات، الطبعة: جديدة منقحة مصححة، 1415 - 1995 م، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان.
48. الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة (عليهم السلام)، العالم الفقيه المحدث: الشيخ يوسف البحراني، (ت: 1186 ه)، طبع و نشر: مؤسسة النشر
ص: 133
الإسلامي لجماعة المدرسين، قم - إيران.
49. حياة الحيوان الكبرى، الدميري، ط دار الفكر - بيروت.
50. خديجة بنت خويلد (عليها السلام) أمّة جمعت في امرأة، السيد نبيل قدوري حسن الحسني، نشر: شعبة الدراسات والبحوث الإسلامية في العتبة الحسينية المقدسة، طبع: مؤسسة الأعلمي لسنة 1432 ه)، 2011 م، ط 1، بيروت - لبنان.
51. خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام -، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت 303 ه)، طبع: مكتبة المعلا لسنة 1406 ه)، 1986 م، ط 1، الكويت.
52. دلائل الإمامة، محمد بن جرير الطبري (الإمامي) (ت أوائل القرن الرابع ه)، طبع: المطبعة الحيدرية لسنة 1383 ه)، 1963 م، ط 2، النجف الأشرف - العراق.
53. ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربی، الحافظ محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري (ت 911 ه)، طبع : دار المعرفة للطباعة والنشر لسنة 1393 ه، 1974 م، بيروت - لبنان.
54. ذم الكلام وأهله، المؤلف: الشيخ أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي، (ت: 481 ه)، تحقیق ومراجعة: عبد الرحمن عبد العزيز الشبل، الناشر: مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، الطبعة الأولى، لسنة 1418 ه - 1998 م.
55. رشفة الصادي من بحر فضائل بني النبي الهادي (عليهم السلام)، أبو بكر شهاب الدين الحضرمي (ت 1341 ه)، طبع: دار الكتب العلمية للطباعة
ص: 134
والنشر والتوزيع لسنة 1418 ه)، 1998 م، بيروت - لبنان.
56. الروض الفائق في المواعظ والرقائق، الشيخ شعيب الحريفیش (ت 801 ه)، تهميش: زين الدين المليباري، طبع: المطبعة الميمنية لسنة 1304 ه)، 1887 م، القاهرة - مصر.
57. سبل الهدى والرشاد، الصالحي الشامي، الوفاة: 942 ه)، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، ط 1، لسنة: 1414 - 1993 م، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
58. سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، تأليف: أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم الأشقودري الألباني، (ت: 1420 ه)، نشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض الطبعة: الأولى، (لمكتبة المعارف)
59. سُنن أبي داوود، أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، تحقيق و تعليق: سعد محمد اللحام، ط 1، نشر دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، سنة الطبع: 1410 ه)، 1990 م، بیروت.
60. سنن ابن ماجة، للحافظ أبي عبد الله محمد بن یزید القزويني ابن ماجة، (ت: 273 ه)، تحقيق وترقيم وتعليق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
61. صحيح وضعيف سنن الترمذي، تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، (ت: 1420 ه)، مصدر الكتاب: برنامج منظومة التحقيقات الحديثية - المجاني - من إنتاج مركز نور الإسلام لأبحاث القرآن والسنة بالإسكندرية.
ص: 135
62. سُنن الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن، (ت: 255 ه)، تحقيق: فواز أحمد، ط 1 - دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان لسنة 1407 م.
63. سنن النسائي، جلال الدين السيوطي، ط 1، نشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، سنة الطبع: 1348 ه)، 1930 م، بیروت.
64. سُنن الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن، ط: مطبعة الاعتدال، دمشق - سوريا لسنة 1349 ه.
65. السيدة فاطمة (عليها السلام)، محمد بيومي، طبع: دار النهضة العربية لسنة 1410 ه)، 1990 م، بیروت - لبنان.
66. السيرة النبوية، ابن إسحاق، محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، تحقيق: د. سهیل زکار، ط 1، نشر: دار الفكر، سنة الطبع: 1398 ه، نشر: دار الفكر.
67. شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ابن عماد الحنبلي (أبي الفلاح عبد الحي ت 1089 ه)، ذخائر التراث العربي، دار إحياء الكتاب العربي، بيروت - لبنان، (د. ت).
68. شرح الأخبار، القاضي النعمان المغربي، (ت: 363 ه)، تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي، ط 2، لسنة: 1414 ه)، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي، قم المشرفة.
69. شرح صحیح مسلم، النووي، ط دار إحياء التراث العربي.
70. شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، الحاكم الحسكاني الحذّاء الحنفي، تحقيق: السيد محمد باقر المحمودي، ط 1، نشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، سنة الطبع: 1411 ه)، 1990 م، طهران.
ص: 136
71. صحيح ابن حبان، ابن حبان، (ت: 354 ه)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، ط 2، لسنة: 1414 - 1993 م، الناشر: مؤسسة الرسالة.
72. صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي (ت 852 ه)، طبع: دار الفكر، طبعة أو فسيت، بيروت - لبنان.
73. صحيح مسلم، مسلم النيسابوري (ت 261 ه)، طبع: دار الفکر، بیروت - لبنان.
74. صحيفة المدينة، يوم الاثنين، 28 شوال - 1 يوليو 2019.
75. صورة من حياة الصحابيات، الدكتور رأفت الباشا، طبع دار النفائس، 1412 ه - 1992 م، بیروت - لبنان.
76. ضعفاء العقيلي، العقيلي (ت 322 ه)، تحقيق: الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي، طبع: دار الكتب العلمية لسنة 1418 ه)، 1998 م، ط 2، بیروت - لبنان.
77. الطبقات الکبری، أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع المعروف بابن سعد (ت 230 ه)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، طبع: دار الکتب العلمية لسنة 1410 ه)، 1990 م، ط 1، بيروت - لبنان.
78. العقد الفريد، أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي (ت 328 ه)، طبع: دار الكتاب العربي لسنة 1403 ه)، 1983 م، بيروت - لبنان.
79. العلل ومعرفة الرجال، أحمد بن محمد بن حنبل، تحقیق و تخریج: الدكتور وصي الله بن محمد عباس، المكتب الإسلامي - بيروت دار الخاني - الرياض،، ط 1، 1408 ه - 1988 م.
ص: 137
80. عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، الشيخ الأقدم والمحدث الأكبر: أبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي، (ت: 361 ه)، ط 1 - مؤسسة الأعلمي - بيروت / لبنان، لسنة 1404 ه - 1984 م.
81. غرر البهاء الضوي ودرر الجمال البديع البهي في ذكر الأئمة الأمجاد والعلماء العارفين، طبع: محمد بن علي باعلوي خرد باعلوي الحسيني العلوي التريمي، طبع: المكتبة الأزهرية للتراث لسنة 1422 ه)، 2002 م، بیروت - لبنان.
82. غريب الحديث، أبو سليمان الخطّابي، تحقيق: د. عبد الكريم مصطفی مدلج، ط 1، نشر: عالم الكتب الحديث، سنة الطبع: 2008 م، أربد.
83. غوامض الأسماء المبهمة، لابن بشکوال خلف بن عبد الملك، 495 - 578، ط 1، الناشر: عالم الكتب.
84. فتح الباري، الحافظ أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، تحقيق: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، نشر: دار المعرفة، سنة الطبع:
1379 ه)، بيروت.
85. فتح العزيز شرح الوجيز = الشرح الكبير [وهو شرح لكتاب الوجيز في الفقه الشافعي]، أبي حامد الغزالي، (ت: 505 ه)، عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني (ت: 1623 ه)، الناشر: دار الفكر.
86. الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري، (ت: 395 ه)، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، شوال المکرم 1412، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم المشرفة.
ص: 138
87. فاطمة الزهراء (عليها السلام)، الحافظ عمر بن شاهين (ت 385 ه)، تقدیم وتحقيق: الدكتور محمد هادي الأميني، طبع: مكتبة التربية الإسلامية، القاهرة - مصر.
88. الفائق في غريب الحديث، تألیف: محمود بن عمر الزمخشري، (ت: 538 ه)، تحقيق: علي محمد البجاوي - محمد أبو الفضل إبراهيم، ط 2، نشر: دار المعرفة - لبنان.
89. الفصول المهمة في معرفة الأئمة، تأليف: الشيخ علي بن محمد بن أحمد المالكي المکّی، (ت: 855 ه)، تحقيق: سامي الغريري، ط 1 - دار الحديث للطباعة والنشر، لسنة 1422، قم المشرفة / إيران.
90. فقه نهج البلاغة على المذاهب السبعة دراسة بينية، السيد نبيل الحسني، مؤسسة علوم نهج البلاغة التابعة للعتبة الحسينية المقدسة، ط 1 دار الوارث، کربلاء / العراق، 1421 ه - 2020 م.
91. الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، تأليف: محمد بن علي بن محمد الشوكاني، (ت: 1250 ه)، تحقيق: عبد الرحمن بن يحي المعلمي اليماني، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان.
92. قرب الإسناد، للحميري القمي، تحقيق و نشر: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، ط 1 لسنة 1413 ه، قم المقدسة.
93. القصدية والمقبولية في التراث النقدي والدرس اللساني، د. أياد نجيب عبد الله، و أ. ميلود مصطفی عاشور، مجلة جامعة المدينة العالمية، العدد السابع عشر - يوليو - 2016 م.
ص: 139
94. الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، الذهبي (شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الدمشقين ت 748 ه)، أخرج نصه: محمد عوامة، وأحمد محمد نسر الخطيب، ط 1، دار القبلة للثقافة الإسلامية، مؤسسة علوم القرآن - جدة - المملكة العربية السعودية، 1413 ه - 1992 م.
95. الكافي، الشيخ محمد بن يعقوب الكليني، طبع: دار الأسوة للطباعة والنشر لسنة 1425 ه)، 2004 م، ط 5، قم المقدسة - إيران.
96. كتاب العين، للفراهيدي، ط 2، مؤسسة دار الهجرة، لسنة 1409 ه.
97. كشّاف القناع عن الإقناع، الشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي الحنبلي (ت 1051 ه)، تحقيق: هلال مصيلحي ومصطفى هلال، طبع: دار الفكر لسنة 1402 ه، 1982 م، بیروت - لبنان.
98. الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث، سبط ابن العجمي، تحقيق وتعليق: صبحي السامرائي، طبع: عالم الكتب - مكتبة النهضة العربية لسنة 1407 ه)، 1989 م، ط 1، بيروت - لبنان.
99. کشف الأستار عن زوائد البزار، تألیف: نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، (ت: 807 ه)، طبع مؤسسة الرسالة لسنة 1399 ه - 1979 م، بيروت / لبنان.
100. کشف الغمة عن جميع الأمة، أبو المواهب عبد الوهاب بن أحمد الشعراني (ت 973 ه)، تحقيق: الشيخ زکریا عميرات، طبع: دار الكتب العلمية لسنة 1428، 2007 م، ط 2، بيروت - لبنان.
101. کشف الغمّة في معرفة الأئمة (عليهم السلام)، أبو الحسن علي بن أبي الفتح
ص: 140
الأربلي، (ت: 693 ه)، ط 2 - دار الأضواء لسنة 1405 ه - 1985 م، بیروت / لبنان.
102. کشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)، الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 726 ه)، تحقيق: حسين الدركاهي أبا محمد حسن حسين آبادي، طبع: الناشر لسنة 1411 ه، 1991 م، طهران - إيران.
103. کنز العمال في سُنن الأقوال والأفعال، علاء الدين علي بن حسام الدين المتقي الهندي (ت 975 ه)، ضبط و تفسير: الشيخ بكري حياني، نشر: مؤسسة الرسالة، 1409 ه)، 1989 م، بیروت - لبنان.
104. لسان العرب، جمال الدين محمد بن مکرم بن منظور الأنصاري المصري، (ت: 711 ه)، تحقيق: عامر أحمد حيدر، طبع: دار الکتب العلمية، لسنة 1424 ه - 2004 م، ط 1، بيروت - لبنان.
105. لسان الميزان، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، أبو الفضل شهاب الدين، تحقيق: عبد الفتاح أبي غدة، طبع: مكتبة المطبوعات الإسلامية لسنة 1423 ه)، 2002 م، ط 1، الإسكندرية / مصر.
106. اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت: 911 ه)، تحقيق: أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى لسنة: 1417 ه - 1996 م.
107. المبسوط، أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي (483 ه 1090 م)، (د. ط)، 1414 ه - 1993 م، الناشر: دار المعرفة - بيروت.
ص: 141
108. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، (ت: 807 ه)، بتحرير الحافظين الجليلين: العراقي وابن جحر، 1408 ه. - 1988 م، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
109. المجموع، النووي، (ت: 676 ه)، الناشر: دار الفکر، بیروت، 1997 م.
110. المدونة الكبری، مالك بن أنس، (ت: 179 ه) الناشر: دار صادر، بیروت.
111. مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، محمد عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي اليمني المكي، (ت: 768 ه)، وضع حواشيه: خلیل المنصور، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط 1، 1417 ه - 1997 م.
112. مروج الذهب ومعادن الجوهر، علي بن الحسين المسعودي (ت 346 ه)، طبع: دار القلم، بیروت - لبنان.
113. المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، (ت 405 ه)، طبع: دار المعرفة، بيروت - لبنان.
114. مسند الفردوس للديلمي، أبو شجاع شیرویه بن شهردار بن شیرویه الديلمي الهمذاني (ت 509 ه)، طبع: دار الكتب العلمية لسنة 1406 ه)، 1986 م، ط 1، بیروت - لبنان.
115. مسند أحمد بن حنبل، أحمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني (ت 241 ه)، طبع: مؤسسة قرطبة لسنة 1410 ه، 1990 م، القاهرة - مصر.
116. المشرع الروي في مناقب السادة الكرام ال باعلوي، محمد بن أبو بكر الشلي باعلوي (ت 1093 ه) طبع القاهرة، ط 1، 1318 ه - 1901 م.
ص: 142
117. مشكاة المصابیح، محمد بن عبد الله الخطيب العمري، أبو عبد الله، ولي الدين التبريزي (ت 741 ه)، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، طبع: المكتب الإسلامي لسنة 1405 ه)، 1985 م، الطبعة الثالثة، بيروت - لبنان.
118. المصنَّف، أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211 ه)، تحقيق: الشیخ حبیب الرحمن الأعظمي، طبع: المكتب الإسلامي للنشر والتوزيع السنة 1403 ه)، 1983 م، ط 1، بیروت - لبنان.
119. مصنف ابن أبي شيبة في الأحاديث والآثار، للحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان ابن أبي بسكر بن أبي شيبة الكوفي العبسي، (ت: 235 ه)، ضبطه وعلق عليه الأستاذ: سعيد اللحام، الإشراف الفني والمراجعة والتصحيح: مكتب الدراسات والبحوث في دار الفكر، طبع دار الفكر.
120. معاني القرآن، محمد بن الحسين أبي زکریا یحیی بن زياد الفراء (ت 207 ه)، طبع: دار عالم الكتب لسنة 1403 ه)، 1983 م، ط 3، بيروت - لبنان.
121. المعجم الأوسط، الطبراني، الحافظ أبو القاسم سلیمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (ت 360 ه)، طبع: مكتبة المعارف لسنة 1405 ه)، 1985 م، ط 1، الرياض - المملكة العربية السعودية.
122. المعجم الكبير، الطبراني، سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني أبو القاسم (ت 360 ه)، تحقيق: حمدي السلفي، طبع: مكتبة العلوم والحكم لسنة 1404 ه، 1983 م، الموصل - العراق.
123. معجم المصطلحات في اللغة والادب، مجدي وهبة وكامل المهندس، ط 2 مكتبة لبنان.
ص: 143
124. معجم مقاییس اللغة، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زکریا (ت 395 ه)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، طبع: مكتبة الإعلام الإسلامي، 1404 ه، 1938 م.
125. المغني في الضعفاء، محمد بن أحمد بن عثمان بن قایماز الذهبي، شمس الدين الذهبي، الناشر: إدارة إحياء التراث - قطر.
126. مقاصد القران الكريم ومحاوره عند المتقدمين والمتأخرين، د. عیسی بو عكاز، كلية العلوم الإسلامية - جامعة باتنة، مجلة الأحياء، العدد 20 - لسنة 2017.
127. من لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق والمحدث الأكبر: أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، (ت: 381 ه)، صححه: علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين - الطبعة الثانية، قم المشرفة / إيران.
128. مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، تصنيف: الخطيب الفقيه الحافظ أبو الحسن علي بن محمد الواسطي الجلاني الشافعي الشهير بابن المغازلي (ت 483 ه)، إعداد: المكتب العالمي للبحوث، طبع: منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت - لبنان.
129. مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، (ت: 588 ه)، تحقيق: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، لسنة: 1376 - 1956 م، الناشر: المكتبة الحيدرية - النجف الأشرف.
130. مناقب آل أبي طالب (عليه السلام)، ابن شهر آشوب المازندراني، تحقيق: د. يوسف البقاعي، ط 1، نشر: مركز الأبحاث العقائدية، 1421 ه - 2000 م، قم
ص: 144
المقدسة / إيران.
131. المناقب، الموفق الخوارزمي، الوفاة: 568، تحقيق: الشيخ مالك المحمودي - مؤسسة سيد الشهداء (عليهم السلام)، ط 2، ربيع الثاني 1414، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي بقم.
132. منهاج السُنّة، أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (ت: 728 ه)، تح: محمد رشاد سالم، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط 1، 1406 ه - 1986 م.
133. مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالخطاب الرعيني، (ت: 954 ه)، ضبطه وخرج آیاته وأحاديثه الشيخ زکریا عمیرات، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط 1، 1416 ه - 1995 م.
134. الموضوعات، ابن الجوزي، (ت: 597 ه)، الناشر: المكتبة السلفية، المدينة المنورة - السعودية، و محمد عبد المحسن، ط 1، 1966 م.
135. النسق الثقافي في الكتابة، عبد الرحمن عبد الدايم، جامعة مولودي كلية الآداب؛ الجزائر.
136. النظرية الاجتماعية من بارسونز إلى هابرماس، إيان کریب، ترجمة محمد حسين فلوم، مراجعة د. محمد عصفور، طبع و نشر عالم المعرفة - الكويت.
137. النهاية في غريب الحديث والأثر، تأليف: مجد الدين ابن الأثير، (ت: 606 ه) تحقيق: طاهر أحمد الزاوي - محمود محمد الطناحي، ط 4، لسنة 1394 ش،
ص: 145
مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع - قم / ایران.
138. نهج البلاغة، شرح محمد عبدة، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان.
139. الوافي، الفيض الكاشاني، (ت: 1091 ه)، تح: الأصل ضیاء الدين الحسيني «العلامة» الأصفهاني، ط 1، أول شوال المکرم 1406 ه. ق 19، 3، 65 ه. ش، طباعة: أفست نشاط أصفهان، الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) العامة - أصفهان.
140. وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، السيد علي الشهرستاني، الناشر: مؤسسة جواد الأئمة عليه السلام للطباعة والنشر.
141. وفاة فاطمة الزهراء عليها السلام، الشيخ علي حسين البحراني، طبع: مؤسسة البلاغ لسنة 1407 ه)، 1987 م، ط 1، بیروت - لبنان.
142. ينابيع المودّة لذوي القربى، للشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي، (ت: 1294 ه)، تحقيق: علي جمال أشرف الحسيني، نشر: دار الأسوة لسنة 1416 ه، قم المشرفة / إيران.
ص: 146
مقدَّمة الکتاب...7
الفصل الأول: مصطلحات الدراسة ومناهلها المعرفية...13
المبحث الأول: معنى مصطلح (إفراغ السجال) ومفهومه...15
المسألة الأولى: معنى الإفراغ في لغة...15
المسألة الثانية: معنى السجال لغة...16
المبحث الثاني: معنى المقاصدية ومفهومها...19
المسألة الأولى: معنى القصد والمقاصدية في اللغة...19
المسألة الثانية: القصد والمقاصدية في الاصطلاح...21
المسألة الثالثة: مفہوم مقاصدية القرآن والسُنّة...22
المسألة الرابعة: المقاصدية في التراث البلاغي...25
المبحث الثالث: معنى مصطلح (النسق الثقافي) ومفهومه...29
المسألة الأولى: معنى النَسَق في اللغة...30
المسألة الثانية: معنى النسق في العلوم الاجتماعية...31
ص: 147
المبحث الرابع: معنى السُنّة ومفهومها...37
أولاً: السُنَّةُ لُغَةً...37
ثانياً: السُنَّةُ اِصطِلاحَاً...38
ثالثاً: حجية السُنّة المطهره...41
المبحث الخامس: مشكلة الدراسة ونوعها وحقولها المعرفية ومناهج البحث...45
المسألة الأولى: مشكلة الدراسة وهدفها...45
أولا: مشكلة الدراسة...45
ثانيًا: هدف الدراسة...46
المسألة الثانية: معنى الدراسة البينية...48
المسألة الثالثة: حقول الدراسة...49
المسألة الرابعة: مناهج البحث...49
الفصل الثاني: سبب صدور الحديث النبوي، وعلّة سجال أعلام أهل السُنّة والجماعة فيه...51
المبحث الأول: تنافس الصحابة لخطبة فاطمة علیها السلام واعراض النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) عنهم...53
المسالة الأولى: أبو بكر وعمر يخطبان فاطمة (علیها السلام) إلى النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)...54
أولاً: خطبتهما دون الاستعانة بأحد...54
ص: 148
ثانيًا: خطبتهما فاطمة (علیها السلام) إلى النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) بتوسط عائشة وحفصة...56
ثالثاً: معاودة خطبتهما فاطمة (علیها السلام) في المرة الثالثة...58
المسألة الثانية: عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان يخطبان فاطمة (علیها السلام) إلى النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) وغضب النبي من مقالتهما فحصهما بالحجارة...59
المسألة الثالثة: لماذا أعرض النبي صلی الله علیه و آله وسلم عن كل خاطب، وصدّ عنهم؟! حتى يئسوا منها!...61
المسألة الرابعة: لماذا كان يتغير حال النبي صلی الله علیه و آله وسلم عن سماعه أمر خطبة فاطمة علیها السلام؟!...65
المبحث الثاني: سجال أعلام أهل السُنّة والجماعة في دلالة حديث: «هِيَ لَكَ يَا عَلِي لَستَ بِدَجَّال» وقصديّته...73
المسألة الأولى: قصدية القراءة بصيغة المتكلم (لَستُ)...74
أولاً: قصدية ابن سعد والبزار بقراءة (لست) على الرفع بصيغة المتكلم...74
ثانياً: قصدية الحافظ البستي بقراءة (لَستَ) على الرفع وسجاله في الحديث...77
المسألة الثانية: المغالطة في الحقيقة الشرعية للدجل عند أعلام اللغة بفعل حاكمية النسق الثقافي والعقدي...78
أولاً: مغالطة الزمخشري وابن الأثير في معنى الدجل لدفع الحديث عن أبي بكر...78
ثانياً: مغالطة ابن منظور في معنى الدجل لدفع الحديث عن أبي بكر...79
المسألة الثالثة: قصدية ابن الجوزي باتهامه موسی بن قيس بوضع الحديث وشتمه ب (حمار اهل النار)!!...83
أولاً: الطعن في موسی بن قيس لروايته ما يغمص أبي بكر وعمر...84
ثانياً: وقوع ابن الجوزي في حرمة سباب المسلم بفعل النسق الثقافي والعقدي...86
ص: 149
المبحث الثالث: مغالطات أعلام أهل السُنّة في موسی بن قيس الحضرمي بين أتهامه بالوضع وتصحيح حديثه في أبواب الفقه والعمل به!!...91
المسألة الأولى: أقوال أعلام أهل السُنّة والجماعة في موسی بن قيس...92
أولاً: القائلون بتوثيقة...92
ثانياً: من صحح حديثه من أعلام أهل السُنّة والجماعة...95
ثالثاً: تباين أقوال الألباني في موسی بن قيس بين الصحيح، والموثق، والضعيف، والمرسل، إلا انه أقرّ بتوثيق جمع من المتقدمين والمتأخرين له...97
رابعاً: من اتهمه بالوضع...106
خامساً: من قال بتضعيفة...106
سادساً: علة تسميته بعصفور الجنة...108
الأمر الأول: طائر الخطاف وعلّة تسميته بعصفور الجنّة...109
الأمر الثاني: زهده فيما أيدي الناس وتمسكه بحب الإمام علي (علیه السلام)...110
المسألة الثانية: ما أخرجه أصحاب السُنن والمسانيد والتفاسير من أحاديث موسی بن قیس الحضرمي...111
أولاً: ما أخرجه أصحاب السُنن والمسانيد والمصنّفات والمعاجم من أحاديثه...112
1- مسلم النيسابوري في صحيحه...112
2- ابو داود السجستاني في سننه...112
3- ابن أبی شبیة الکوفي في مصنّفه...113
4- النسائي في سُننه وخصائص أمير المؤمنين الإمام علي (علیه السلام)...114
ص: 150
5- الطبراني في معجمیه الأوسط والکبیر...116
6-أبو إسماعيل الأنصاري الهروي الحنبلي...118
ثانيًا: ما أخرجه المفسرون من حديثه...118
المسألة الثالثة: حاكمية النسق الثقافي في منهج الحافظ الذهبي في الحكم على الراوي لاسيما موسی بن قیس...121
المصادر والمراجع...127
فهرس المحتويات...145
ص: 151
ص: 152