ألفاظ الأخلاق في عهد الإمام علي علیه السلام إلى مالك الأشتر رضي الله عنه دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية

هوية الکتاب

ألفاظ الأخلاق في عهد الإمام علي علیه السلام إلى مالك الأشتر رضي الله عنه دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية

ISBN 978-9933-582 - 14-2 رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية 1728 لسنة 2017 م <ال789933582142| في مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda.

رقم تصنيف LC:

المؤلف الشخصي: جاسم، کریم حمزة حميدي.

العنوان: ألفاظ الأخلاق في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه) / دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية.

بيان المسؤولية: تأليف المدرس الدكتور كريم حمزة حميدي جاسم، تقديم السيد نبيل الحسني الكربلائي.

بيانات الطبعة: الطبعة الأولى.

بيانات النشر:

کربلاء: العتبة الحسينية المقدسة - مؤسسة علوم نهج البلاغة.

1438 ه = 2017 م.

الوصف المادي: 64 صفحة.

سلسلة النشر: سلسلة دراسات في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه) وحدة علوم اللغة العربية؛ 10 - مؤسسة علوم نهج البلاغة. تبصرة عامة:

ص: 1

اشارة

ISBN 978-9933-582 - 14-2 رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية 1728 لسنة 2017 م <ال789933582142| في مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda.

رقم تصنيف LC:

المؤلف الشخصي: جاسم، کریم حمزة حميدي.

العنوان: ألفاظ الأخلاق في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه) / دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية.

بيان المسؤولية: تأليف المدرس الدكتور كريم حمزة حميدي جاسم، تقديم السيد نبيل الحسني الكربلائي.

بيانات الطبعة: الطبعة الأولى.

بيانات النشر:

کربلاء: العتبة الحسينية المقدسة - مؤسسة علوم نهج البلاغة.

1438 ه = 2017 م.

الوصف المادي: 64 صفحة.

سلسلة النشر: سلسلة دراسات في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه) وحدة علوم اللغة العربية؛ 10 - مؤسسة علوم نهج البلاغة. تبصرة عامة:

تبصرة بيلوغرافية: يتضمن هوامش - لأئمة المصادر (الصفحات 61 - 63). تبصرة محتويات:

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين بن موسی، 359 - 406 هجرياً - نهج البلاغة، عهد مالك الأشتر.

موضوع شخصي: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 هجرياً - أحاديث.

موضوع شخصي: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 هجریاً - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 هجرياً - نهج البلاغة - عهد مالك الأشتر - الأخلاق.

مصطلح موضوعي: علم الدلالة مصطلح موضوعي: الإسلام والأخلاق. مصطلح موضوعي: الأخلاق - مصطلحات.

مؤلف إضافي: الحسني، نبیل قدوري حسن، 1965 م، مقدم.

مؤلف إضافي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين بن موسی، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة. عهد مالك الأشتر.

عنوان إضافي: نهج البلاغة. عهد مالك الأشتر.

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية المقدسة سلطان

ص: 2

سلسلة دراسات في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر(رضي الله عنه) وحدة علوم اللغة العربية ألفاظ الأخلاق في عهد الإمام علي علیه السلام إلى مالك الأشترا رضي الله عنه دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية تأليف م. د كريم حمزة حميدي جاسم

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1438 ه - 2017 م العراق: کربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728263600 - 07815012933 الموقع:

www.inahj.org الإيمل Info@lnahj.org تنویه:

إن الأفكار والآراء المذكورة في هذا الكتاب تعبير عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسينية المقدسة

ص: 4

مقدمة المؤسسة

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بها ألهم والثناء بما قدم من عموم نعمٍ ابتدأها وسبوغ آلاء أسداها و الصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد و آله الطاهرین.

أما بعد:

فإن من أبرز الحقائق التي ارتبطت بالعترة النبوية هي حقيقة الملازمة بين النص القرآني والنص النبوي ونصوص الأئمة المعصومين (عليهم السلام أجمعين).

وإنّ خير ما يُرجع إليه في المصادیق لحديث الثقلين «كتاب الله وعترتي أهل بيتي» هو صلاحية النص القرآني لكل الأزمنة متلازماً مع صلاحيّة النصوص الشريفة للعترة النبوية لكل الأزمنة.

وما كتاب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) لمالك الأشتر (عليه الرحمة والرضوان) إلا أنموذجاً واحداً من بين المئات التي زخرت بها المكتبة الإسلامية والتي اكتنزت في متونها الكثير من الحقول المعرفية مظهرة بذلك احتياج الإنسان إلى نصوص الثقلين في كل الأزمنة.

من هنا:

ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة أن تخصص حقلاً معرفياً ضمن نتاجها المعرفي التخصصي في حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفكره، متّخذة من عهده الشريف إلى مالك الأشتر (رحمه الله) مادة خصبة للعلوم

ص: 5

الإنسانية التي هي أشرف العلوم ومدار بناء الإنسان وإصلاح متعلقاته الحياتية وذلك ضمن سلسلة بحثية علمية والموسومة ب(سلسلة دراسات في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر (رحمه الله)، التي ستصدر بإذن الله تباعاً، حرصاً منها على إثراء المكتبة الإسلامية والمكتبة الإنسانية بتلك الدراسات العلمية والتي تهدف إلى بيان أثر هذه النصوص في بناء الإنسان والمجتمع والدولة متلازمة مع هدف القرآن الكريم في إقامة نظام الحياة الآمنة والمفعمة بالخير والعطاء والعيش بحرية وكرامة.

والبحث الموسوم ب(ألفاظ الأخلاق في عهد الإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الأشتر (رضوان الله عليه) دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية) يقدم فيه الباحث دراسة مركزة ومختصرة اتخذت من نظرية الحقول الدلالية أداة لها، فتمثل العهد الشريف منقباً عن المفردات التي تربطها علائق معنوية متقاربة، مقسماً إياه تحت مسميات عامة فانسدلت قوائم دلالية بينت الشبكة المفاهيمية التي انبنى عليها العهد، فجعلها على وفق عنوانين رئيسين هما: ألفاظ الأخلاق المحمودة في عهد الإمام علي (عليه السلام) وألفاظ الأخلاق المذمومة فيه، وتمثل انشغاله في بيان دلالات هذه الألفاظ وأسباب ورودها والدور الدلالي الذي اضطلعت به.

فجزى الله الباحث خير الجزاء فقد بذل جهده وعلى الله أجره والحمد لله رب العالمين..

السيد نبيل الحسني الكربلائي رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 6

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

مقدِّمة

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمُرسلين، أبي القاسم محمَّد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وبعدُ.

فالعلاقةُ بين اللفظِ والمعنى علاقةٌ أزليَّةٌ لم تمرر غفلًا عن الدارسين في حقلِ اللغةِ قديماً وحديثاً، لذا سارعوا في جمع الألفاظ وتصنيفها فضلًا عن مراعاة دلالاتها في قوالبَ ومناهجَ مختلفة، أطلق عليها اللغويون العربُ القدماء مصطلحات: (المعجم الموضوعي، والرسائل اللغويَّة) وغير ذلك. وقد أفاد الدرس اللغوي الغربي الحديث ممَّا أسَّسه العرب القدماء، ليضعوا منهجًا لغویًّا جديدًا يتيحُ للدارسين جمعَ الألفاظ، أو المعاني المتقاربة وجعلها تحت لفظٍ عام يجمعها بمراعاة الصلة الدلالية بينها، وهو ما يسمَّى ب(نظرية الحقول الدلالية)، التي تُعدُّ واحدةً من النَّظريات المهمَّة في مجال الدراسات الدلالية الحديثة .

ولأنَّ عهدَ الإمامِ عليّ علیه السلام إلى مالك الأشتر قد تضمَّن دروسًا أخلاقيَّةً معتبرةً، فيها أُسُسُ القيادة الصحيحة للمجتمع في كلِّ زمان، فضلاً عن لغتِهِ العاليَّة ذات المعاني المكثَّفة كان میدانُ الدراسةِ ذلك العهد. فأحصيتُ فيه الألفاظَ المرتبطةَ بالأخلاق سواء أكانت محمودةً أم مذمومةً، ثمَّ قسمتها على وفق نظرية الحقول

ص: 7

الدلاليَّة، فجاء البحث بعنوان: (ألفاظ الأخلاق في عهد الإمام عليّ علیه السلام إلى مالك الأشتر - دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية). وقد قسم على مبحثين: تناولتُ في أولهما: نظرية الحقول الدلالية تأصيلًا وتعريفًا وتطوّرًا. وأمَّا المبحثُ الثاني، فقد عرضتُ فيه الحقول الدلالية في عهد الإمام عليّ علیه السلام دراسة تطبيقية. فكان على قسمين: الأول منهما تضمن ألفاظ الأخلاق المحمودة في عهد الإمام علیه السلام، في حين بينتُ في القسم الآخر ألفاظ الأخلاق المذمومة في العهد. وقد سبق المبحثين تمهيدٌ ذكرتُ فيه: مفهوم الأخلاق عند العلماء. وخلاصةٌ بیَّنتُ فيها أهم ما جاء في البحث. وقد اعتمدتُ في كتابة بحثي هذا على جملةٍ من المصادر اللغويَّة القديمة والحديثة فضلاً عن كتب الأخلاق والآداب وغير ذلك.

وأخيرًا أسألُ الله أن يتقبَّل جهدنا المتواضع هذا، إهداءً منِّي إلى أمير المؤمنين علیه السلام. واللهُ وليُّ التوفيق، وهو الهادي إلى الطريق القويم.

التمهيد: مفهوم الأخلاق عند العلماء أولًا: مفهوم الأخلاق عند اللغويين:

لا بُدَّ لنا من وقفةٍ عند معنى الأخلاق في اللغة؛ إذ إنَّ المعنى اللغويّ لكلِّ مفردة هو الطريقُ الموصِلُ إلى المفاهيم والمصطلحات التي يتفقُ عليها العلماء في كلِّ فنّ، ولفظ الأخلاق کما جاء في معجم (العين): «الخَليقةُ: الخُلُق، والخَليقةُ: الطبيعة. والجميع: الخلائقُ، والخلائق: نقر في الصفا. والخليقة: الخَلْقُ... وهذا رجل ليس له خَلاقٌ، أي: ليس له رغبة في الخير، ولا في الآخرة: ولا صلاح في الدين»(1). إذ تضمن قولُ الخليلِ إشارة للعلاقة بين معنى الطبيعة والأخلاق،

ص: 8


1- العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري (المتوفى: 170 ه)، المحقق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال: 4 / 151

فالإنسانُ في سجيَّته يحملُ صفاتٍ خلقيَّةً قد تكونُ حسنةً وقد تكون سيئةً.

أوضح ابن منظور (ت 711 ه) الدلائل الإيجابية والسلبية للأخلاق بقوله: «الخُلُقُ، بِضَمِّ اللَّامِ وَسُکُونِهَا: وَهُوَ الدِّين والطبْع والسَّجِيَّةُ، وَحَقِيقَتُهُ أَنه لِصورة الإِنسان الْبَاطِنَةِ وَهِيَ نفْسه وأَوصافها وَمَعَانِيهَا المختصةُ بِها بِمَنْزِلَةِ الخَلْق لِصُورَتِهِ الظَّاهِرَةِ وأَوصافها وَمَعَانِيهَا، وَلَهُمَا أَوصاف حسَنة وَقَبِيحَةٌ، والثوابُ وَالعِقَابُ يَتَعَلَّقَانِ بأَوصاف الصُّورَةِ الْبَاطِنَةِ أَكثر مِمَّا يَتَعَلَّقَانِ بأَوصاف الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلِهَذَا تَكَرَّرَتِ الأَحاديث فِي مَدح حُسن الخُلُقِ»(1). لذا عرَّف أهل الاصطلاح الخُلق بأنَّه: «عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة عقلًا وشرعًا بسهولة، سمیت الهيئة: خلقًا حسنًا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة، سمیت الهيئة: خلقًا سيئًا»(2). واشترط الشريف الجرجاني (ت 816 ه) أن تكون هيئة الأفعال راسخة؛ لأنَّ من يصدر منه بذل المال على الندور بحالة عارضة لا يقال: خلقه السخاء، ما لم يثبت ذلك في نفسه، وليس الخلق عبارة عن الفعل، فربَّ شخصٍ خلقه السخاء، ولا يبذل، أما لفقد المال أو لمانع، وربما يكون خلقه البخل وهو يبذل، لباعث أو رياء(3). ونستنتجُ مما تقدم أنَّ الأخلاقَ مرتبطةٌ بسجیَّة الإنسان سواء أكانت محمودةً أم مذمومةً.

ص: 9


1- لسان العرب، محمد بن مکرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعی الإفريقي (المتوفي: 711 ه)، دار صادر - بیروت، الطبعة الثالثة - 1414 ه: 10 / 87
2- التعريفات، علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (المتوفي: 816 ه)، المحقق: ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، الطبعة: الأولى 1403 ه - 1983 م: 101
3- ينظر: التعريفات: 101

ثانيًا: مفهوم الأخلاق عند العلماء المسلمين:

المسلمون يستقون مصادر أخلاقهم من القرآن الكريم، والسُّنَّة النَّبويَّة الشَّريفة، وأهل البيت علیهم السلام، قال تعالى: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ» [سورة الإسراء / من الآية 9]. ومثلما يُعدُّ القرآن الكريم، والنبيّ محمَّد (صلَّی اللهُ عليه وآله وسلَّم) أكبر حجة على العباد في المستوى الأخلاقي، كذلك يُعَدُّ أهلُ البيت علیهم السلام من الحجج الراسخة؛ لما يحملوه من خُلُقٍ رسالي، قال الإمامُ عليٌّ عله السلام: «ولو کُنَّا لا نرجو جنَّة، ولا نخشی نارًا، ولا ثوابًا ولا عقابًا، لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنَّها ممَّا تدلُّ على سبيل النجاح»(1). ومن تعريفات العلماء المسلمين للأخلاق ما قاله الغزالي (ت 505 ه): «عبارة عن هَيئَةٍ فِي النَّفسِ رَاسِخَةٍ عَنهَا تُصدِرُ الأَفعَالَ بِسُهُولَةٍ وَيُسرٍ مِن غَيرِ حَاجَةٍ إِلَى فِكرٍ وَرَوِيَّةٍ فَإِن كَانَتِ الهَيئَةُ بِحَيثُ تَصدُرُ عَنهَا الأَفعَالُ الجَمِيلَةُ المَحمُودَةُ عَقلاً وَشَرعاً سُمِّیَت تِلكَ الهَيئَةُ خُلُقًا حَسَنًا وَإِن كَانَ الصَّادِرُ عَنهَا الأَفعَالَ القَبِيحَةَ سُمِّیَتِ الهَيئَةُ الَّتِي هِيَ المَصدَرُ خُلُقًا سَيِّئًا، وَإِنَّمَا قُلنَا إِنَّهَا هَيئَةٌ رَاسِخَةٌ لأن من يصدر منه بَذلُ المَالِ عَلَى النُّدُورِ لِحَاجَةٍ عَارِضَةٍ لَا يُقَالُ خُلُقُهُ السَّخَاءُ مَا لَم يَثبُتُ ذَلِكَ فِي نَفسِهِ ثُبُوتَ رُسُوخٍ وَإِنَّمَا اشتَرَطنَا أَن تَصدُرَ مِنهُ الأَفعَالُ بِسُهُولَةٍ مِن غَيرِ رَوِيَّةٍ لِأَنَّ مَن تَكَلَّفَ بَذلَ المَالِ أَوِ السُّکُوتَ عِندَ الغَضَبِ بِجُهدٍ وَرَوِيَّةٍ لَا يُقَالُ خُلُقُهُ السخاء والحلم»(2).

والخُلُقُ والخُلق عند العلّامة الحلِّيّ (ت 729 ه) هو: «ملكة نفسانية تقتدر

ص: 10


1- ينظر مستدرك الوسائل، میرزا حسين النوري الطبرسي، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، بیروت، لبنان، ط 2 / 1408- 1988 م: 11 / 193
2- إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، دار المعرفة - بيروت (د.ت): 3 / 53

النفس معها على صدور الأفعال عنها بسهولة من غير تقدم روّية»(1)، وهو: «مَلَكة في النفس تحصل من تكرّر الأفعال الصادرة من المرء على وجه يبلغ درجة يحصل منه الفعل بسهولة، كالكرم فإنه لا يكون خُلُقا للإنسان إلا بعد أن يتكرر منه فعل العطاء بغير بدل حتى يحصل منه الفعل بسهولة من غير تكلف»(2) فالأخلاق عند علماء المسلمين وغيرهم من الفلاسفة القدماء ملكة تصدر بها الأفعال عن النفس تلقائيًّا، من غير تفكير أو روية أو تكلّف، وكلّ ما يصدر عن النفس من سلوك ليس مطبوعًا فيها كغضب الحليم وکرم البخيل لا يعدّ خلقًا وهي صفات راسخة في النفس موجبة لصدور أفعال متناسبة معها، من دون إعمال رويّة وتفكّر، وهيّ قد تكون ذاتيّة، أو وراثيّة، أو تكتسب بالعادة والمران(3).

ولأنَّنا نبحثُ عن ألفاظ الأخلاق في عهد الإمام علي علیه السلام، فلا بُدَّ من القول: إنَّ قيمة الأخلاق الإسلاميَّة عنده علیه السلام من مرتكزات خطابه وسلوكه العملي، وأنَّ القاعدة الأخلاقية الإسلامية في فكره علیه السلام مشيَّدة على معيار إلهي وعقلي، وتنطلق منه إلى التطبيق العملي. ويشملُ ذلك كل ما نصَّ عليه علیه السلام من عقائد، وعبارات، وأوامر و نواهي(4).

ص: 11


1- نهاية المرام في علم الكلام، الحسن بن يوسف الحلّي، تحقيق: فاضل العرفان، الطبعة الأولى، مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام، 1429 (د.ط): 2 / 273
2- المنطق، محمد رضا المظفر، ط 3، دار التعارف، بیروت، 1990 م: 344
3- ينظر: مدخل إلى علم الأخلاق، شفيق جرادي، ط1 ، دار المعارف الحكمية، بيروت، 2014 م - 1435 ه: 12
4- ينظر فكر الإمام علي علیه السلام کما يبدو في نهج البلاغة، د. جلیل منصور العريّض، دار المحجة البيضاء، بیروت، ط 1 / 2014 م: 431

ص: 12

المبحث الأول نظرية الحقول الدلالية تأصيلًا وتعريفًا وتطوّرًا

ص: 13

ص: 14

المبحث الأول: نظرية الحقول الدلالية

تأصيلًا وتعريفًا وتطوّرًا يعرف علم الدلالة على أنه دراسة المعنى، وقد ظهر هذا المصطلح بهذا المفهوم في نهاية القرن التاسع عشر على يد الفرنسي (Michel Breal) میشال بریال وذلك في سنة 1883 م قاصداً به علم المعني، وفي القرن العشرين اتسعت البحوث والدراسات في المعنى والدلالة واتضحت المناهج وتطور البحث فيها ولم تعد تقتصر على الجوانب التاريخية، فأدخلت الجوانب الاجتماعية والنفسية والإنسانية وكل ما له علاقة بالمعنى، وعلم الدلالة يبحث في الدلالة اللغوية؛ أي العلامات اللغوية دون سواها، إذن موضوع الدلالة هو المعنى اللغوي، والمعنى اللغوي ينطلق من معنى المفردة من حيث حالتها المعجمية ومتابعة التطورات الدلالية والتغيرات التي تأخذها الكلمة في السياقات المختلفة(1).

وقد ظهرت إثر ذلك نظريات واتجاهات دلالية تنقب عن المعنى وتحاول أن تؤطره كلّ بحسب نظرتها الفلسفية ومرجعياتها الفكرية التي منح منها مؤسسها، ومن هذه الاتجاهات والنظريَّات ما يُسمَّى ب(نظرية الحقول الدلالية)، التي تقومُ فكرتها على جمع الكلمات، أو جمع الكلمات ذات المعاني المتقاربة وجعلها تحت لفظ عام يجمعها، فكلمة (لون) مثلًا تضم ألفاظ: (أحمر، أزرق، أصفر، أبيض...). وقد أثمرت الدراسات المتتابعة التي تبحث العلاقات بين معاني الكلمات عن نظرية الحقول الدلالية، ليتلقاها مجموعة من العلماء في بداية

ص: 15


1- ينظر: علم الدلالة، تأليف كلود جرمان، ريمون لوبو، ترجمة الدكتورة نور الهدى لوشن، منشورات جامعة خان يونس - بنغازي، ط 1، 1997 م: ص 7 - 8

القرن العشرين، منهم العالم الألماني (ترایر)، الذي استطاع صياغة أجزاء هذه النظرية بشكل متكامل منهجًا وتنظيرًا(1). وقد وضعوا للحقل الدلالي أكثر من تعریف، منها تعريف أولمان أنَّه: قطاع متكامل من المادة اللغوية يعبر عن مجال معين من الخبرة(2). ويقصدُ بالخبرةِ هنا الموضوع، أو الفكرة، التي يُعبِّر عن معناها بألفاظ لغويَّة معيَّنة.

ويُعدُّ الحقل الدلالي كغيره من المصطلحات الحديثة التي لم يتمكّن الباحثون من التوصل إلى إعطاء تحديداتها وتعريفاتها إلاَّ بعد أبحاث متعددة وجهود كبيرة، وعمق نظر لدقائق مجالات المعني، ومع ذلك فقد اتّضح لهم أنَّ الكلمة تتحدّدُ دلالتها ببحثها مع أقرب الكلماتِ إليها في إطار مجموعةٍ دلاليةٍ واحدةٍ؛ لذا يقول جون لاينز: «إن من المستحيل أن نقرر أو ربما حتى نعرف معنى كلمة واحدة بدون أن نعرف أيضا معاني الكلمات الأخرى المرتبطة بها»(3). فالنظرية إذن تتألف من عنصرين أساسين هما: تقسيم الألفاظ إلى مجموعاتٍ دلالية، وتحديد دلالة اللفظة داخل كل مجموعة ببحثها مع أقرب الألفاظ إليها. فلا نستطيع معرفة الدلالة الحقيقية للكلمة إلّا من خلال مجموعة الكلمات المتصلة بها دلاليًّا «بمعنى أنَّهُ لا يُمكن الوصول إلى تحديد واضح ودقيق (نسبيًّا) لدلالة الكلمة ما بمعزل عن مجموعتها الدلالية، فمعنى الكلمة يتحدد على أساس

ص: 16


1- ينظر: علم الدلالة، أحمد مختار عمر، عالم الكتب، القاهرة، ط 5 / 1998 م: 79، وعلم الدلالة التطبيقي في التراث العربي، د. هادي نهر، دار الأمل للنشر والتوزيع، الأردن، ط 1 / 2007 م: 563. وعلم الدلالة أصوله ومباحثه في التراث العربي، منقور عبد الجليل، من منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق / 2001 م: 79
2- ينظر علم الدلالة، أحمد مختار عمر: 79
3- علم الدلالة، جون لاينز، ترجمة: مجید الماشطة، كلية الآداب، جامعة البصرة، مطبعة الجامعة / 1980 م: 22

علاقتها بالكلمات الأخرى الواقعة في مجالها الدلالي»(1).

ويؤكد أصحابُ النظريَّة على أهميَّة السياق في الكشف عن دلالة الكلمة والعلاقات التي تربطها بغيرها من كلمات المجال الدلالي، وأنَّ الكلمات في داخل المجال الدلالي الواحد ليست ذات وضع متساوٍ، فيجبُ التفريقُ بين الكلمات الأساسية والهامشية؛ لأنَّ معرفة الأولى يكشفُ لنا طبيعة العلاقات والتقابلات التي تربط كلمات المجال الدلالي(2). وكان للسياق في حصر دلالة الألفاظ الخلقيَّة في عهد الإمام علیه السلام دورٌ مهمٌّ؛ إذ إنَّ بعضَ الألفاظ قد يُعبَّرُ عنها بتركيبٍ، أو عبارةٍ تُفصحُ عن المعنى الخلقي الذي أراده الإمام علیه السلام.

ولم تعرف الدراسات اللغوية العربية الحديثة مصطلح (الحقل الدلالي) إلاَّ بعد اطلاعها على الدراسات اللغوية الغربية؛ لذا كانت التعاريف المتناثرة في تلك الدراسات متماثلة ومتشابهة ومترجمة، على الرغم من أنَّ الدراسة العربية قد عرفت الحقول الدلالية تطبيقاً وإجراءً في أكثر من مصدر وعبر قرون متعاقبة. يقول محمود سلیمان یاقوت: «هناك حقيقة نريد التأكيد عليها هي أنَّ نظريَّة المجالات الدلالية... إنَّما هي ذات أصول عربيَّة، ويتضح ذلك في المنهج الذي اتبعه أصحاب الرسائل اللغوية، ومعاجم الموضوعات في جمع ألفاظ اللغة التي تندرج تحت معنى واحد»(3). ويُعدُّ أبو منصور الثعالبيّ من اللغويين العرب الذين حاولوا قديمًا تصنيف كلمات اللغة على وفق حقول دلالية معيَّنة في كتابه: (فقه اللغة وسرّ العربيَّة)؛ إذ أورده على شكل حقول دلاليَّة خاصة بالحيوانات،

ص: 17


1- علم اللغة العام، دي سوسير، ترجمة: يوئيل يوسف عزیز، دار آفاق عربية، بغداد، 1985 م: 9
2- المصدر نفسه: 80
3- معاجم الموضوعات في ضوء علم اللغة الحديث، محمود سليمان یاقوت، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية/ 1994 م: 315

والنباتات، والشجر، والأمكنة، وغير ذلك من أسماء الموجودات، والصفات، والأشياء.

وتتحدّد العلاقاتُ بين الكلمات داخل المجموعة الدلاليةِ الواحدةِ بأمورٍ أهمُّها:

(1) - علاقة الترادف(1):

الترادف هو: أن يدُّلَ لفظانِ أو أكثر على معنىً واحد، وهو ما يعبّرُ عنه في الإنكليزية ب Synonym (2). ويعني دلالة واحدة لألفاظ عدّة(3).

ويعد الترادف عند أنصار الحقول الدلالية من أهم العلاقات بين الألفاظ في المجموعة الواحدة. فالترادف عندهم من الناحية المعجمية يعني اتفاق شبه تام بين معنى الكلمتين المترادفتين.

(2) - علاقة الاشتعال:

تُعدُّ علاقة (الاشتال) من أهم العلاقات في علم الدلالة التركيبي، ويختلف الاشتمال عن الترادف في أنّه تضمُّنٌ من طرفٍ واحدٍ. يكون فيه (أ) مشتملاً على (ب)، حين يكون (ب) أعلى في التقسيم التصنيفي أو التفريعي. مثل (الشجر) الذي ينتمي إلى فصيلة أعلى هي (النبات). فالشجر متضمن لمعنى النبات، لاشتماله عليه. ومن الاشتمال نوع أُطلق عليه اسم (الجزيئات المتداخلة)(4)،

ص: 18


1- دور الكلمة في اللغة: ستيفن أولمان، ترجمه وقدَّم له وعلق عليه: د. کال بشر، مكتبة الشباب، القاهرة (د.ت): 97
2- فقه اللغة العربية: د. کاصد یاسر الزيدي، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل / 1407 ه - 1987 م: 168
3- ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد: أبو العباس محمد بن یزید المبرد، تحقيق: د. أحمد محمد سليمان أبو رعد، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ط 1 / 1988 م: 47
4- علم الدلالة، د. أحمد مختار عمر: 99

والمراد بذلك مجموعة الألفاظ التي كل منها مُضمَّن مثل: ثانية - دقيقة - ساعة - يوم - أسبوع - شهر -سنة -. فالثانية واقعة ضمن ما بعدها وهي: الدقيقة، والدقيقة واقعة ضمن ما بعدها أيضاً وهي الساعة، وهكذا.

(3) علاقة الجزء بالكل(1):

وهي كعلاقة اليد بالجسم. والفرق بين هذه العلاقة وعلاقة الاشتمال أو التضمين أي اليد ليست نوعاً من الجسم، ولكنها جزء منه، بخلاف الإنسان الذي هو من الحيوان وليس جزءًا منه ومثلها الثانية، فهي جزء من الدقيقة وليست نوعاً منها، إذ كلٌّ منهما متميز من الآخر.

ص: 19


1- علم الدلالة، د. أحمد مختار عمر: 101

ص: 20

المبحث الثاني الحقول الدلالية في عهد الإمام علیه السلام

ص: 21

ص: 22

المبحث الثاني: الحقول الدلالية في عهد الإمام علیه السلام

زخر عهد الإمام علي علیه السلام إلى مالك الأشتر بألفاظ ارتبطت بالخلق والأخلاق ممَّا لا يُحصى؛ وذلك لكونه وثيقة أخلاقيَّة تُخاطبُ الرَّاعي والرَّعيَّة معًا، وترسمُ طريقًا ناجحًا لإدارةِ الدَّولة على وفق أُسسٍ ومبادئ إسلاميَّة تؤثر في حياة الفرد والمجتمع. وقد عبَّر الإمام علیه السلام عن كثيرٍ من الألفاظ الخلقيَّة بعبارات وتراکیب، وهذا أسلوبٌ فريدٌ لا يملكُهُ إلّا من يملك ناصية البلاغة والبيان، كيف لا وكلامه دون کلام الخالق وفوق كلام المخلوقين. وسيكونُ تقسیم الحقول الدلاليَّة لألفاظ الأخلاق في عهد الإمام علیه السلام على قسمين: محمودة ومذمومة، يُمكن تفصيلها على النَّحو الآتي:

حقول الألفاظ المحمودة

ت 1 ألفاظ اللین اللين ألفاظ العدل العدل ألفاظ الصدق الصدق ألفاظ الصبر الصبر ألفاظ الصلة الصلة ألفاظ الإعانة الرِّفْد

ص: 23

2 الرحمة الإنصاف الأمانة کسر النفس الإخوة الرعاية 3 العفو والصفح الأوسط الوفاء ملك الهوی القرابة قضاء الحوائج 4 العطف السهم الطهر التحمل 5 الإلف الحق لا تُخاف بائقته قلة التبرم 6 الرفق قود البدن 7 الرأفة التقسيم 8 الاحترام والمنزلة عدم الإجحاف 9 التواضع البيع السمح 10 المودة أولًا ألفاظ الأخلاق المحمودة في عهد الإمام عليّ علیه السلام:

تباينت ألفاظ الأخلاق المحمودة في عهد الإمام عليّ علیه السلام التي انتظمت في حقول دلاليَّة، وارتبطت دلاليًّا تحت لفظٍ عامٍّ يجمعها إلى ستة حقول، تمثلت بألفاظ: (اللين، العدل، الصدق، الصبر، الصلة، الإعانة)، وتفصيلُها على النَّحو الآتي:

أ - حقل الألفاظ المرتبطة باللين تعددت الألفاظ المرتبطة بهذا الحقل؛ إذ وصلت إلى عشر ألفاظ، وكان أكثر

ص: 24

الحقول ألفاظاً في عهد الإمام عليّ علیه السلام، وسنتناولُ منه في التفصيل أكثر خمس ألفاظ استعمالًا في سياقات العهد على النَّحو الآتي:

1. الرَّحْمَة الرَحْمَةُ في اللغةِ: الرِقَّةُ والتعطُّفُ. والمرحمةُ مثلهُ. وقد رَحِمْتُهُ وترَحَّمْتُ عليه. وتراحَمَ القوم: رَحِمَ بعضُهم بعضاً. ويقال: ما أقرَبَ رُحْمَ فلانٍ إذا كانَ ذا مَرْحَمةٍ وبرٍّ(1).

وفي عهد الإمام علیه السلام وردت لفظة (الرَّحمة) منسوبةً إلى اللهِ تعالى في معظم النصوص، ومنها قولُهُ:

«ثُمَّ اِحْتَمِلِ اَلخُرْقَ مِنْهُمْ وَاَلعِيَّ وَنَحِّ عَنْهُمُ اَلضِّيقَ وَاَلْأَنَفَ يَبْسُطِ اَللهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ».

و(أكناف رحمته): أطرافها وجوانبها. ووردت على لسانه علیه السلام في نصٍّ واحدٍ، حيث قال:

«وَأَشعِرْ قَلْبَكَ اَلرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَاَلْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَاَللُّطْفَ بِهِمْ».

روى الشيخ الصدوق خبرًا عن الإمام السجّاد علیه السلام في الحقوق إلى أن قال: ((وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك، فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله عز وجل على ما آتاك من القوة عليهم))(2).

ص: 25


1- ينظر العين: 3 / 229، والصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفي: 393 ه)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين - بیروت، الطبعة: الرابعة 1407 ه - 1987 م: 5 / 1929
2- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تصحیح و تعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسین بقم المشرفة: 2 / 621

فالرَّحمةُ من صفات البارئ (عزَّ وجل) مع جحود الإنسان وكثرة ذنوبه، فإذا ما أراد الإنسان (القائد) رحمة ربِّه، فعليه أن يكون رحيمًا مع رعيَّته.

2. اللطف من الألفاظ المرتبطة باللين والرِّفق، «واللَّطَفُ: من طُرَفِ التُّحَف ما أَلطَفْت به أخاك ليَعْرِف به بِرَّك. وأنا لطيف بهذا الأمر، أي: رفيق بمُداراته. واللّطيف: الشّيء الذي لا يتجافي، من الكلام وغيره»(1). ومنه في عهد الإمام علّي علیه السلام قولُهُ:

«وَأَشعِرْ قَلْبَكَ اَلرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَاَلْمَحَبَّةَ لَهُم وَاَللُّطْفَ بِهِمْ».

فاللطف هو من المبادئ الإنسانية التي يجب أن يتحلَّى بها الحاكم في نظر الإمام علیه السلام، ومعناه الدقيق البرُّ وجميل الفعل، كما تقول: فلان يبرني ويلطفني، ويسمى الله تعالى لطيفًا؛ لأنه يواصل نعمه إلى عباده(2).

3. المَوَدَّة (المَوَدَّةُ) مصدرُ الفعلِ (وَدَّ)، وكذلك (الوَدُّ)، ومعناه: الحبُّ، قال الخليلُ:

«الوَدُّ مصدر وَدِدْتُ، وهو يَوَدُّ من الأمنِية و من المَودّة، وَدَّ يَوَدُّ مَوَدَّةً، و منهم من يجعله على فَعَلَ يفعَلُ. والوِداد والوَدادُ مصدر مثل المَوَدّة. وهذا وِدُّكَ ووَديدُكَ كما تقول: حِبُّكَ وحَبيبُكَ»(3). والمودة قد تكون بمعنى التمني؛ لذلك يختلفُ معنى المودَّة عن المحبَّة من هذا اللحاظ، فيُمكنك أن تقول: لو قدم زيد، بمعنى:

ص: 26


1- العين: 7 / 429
2- ينظر معجم الفروق اللغويَّة، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعید بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفي: نحو 395 ه)، المحقق: الشيخ بیت الله بیات، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ب«قم»، ط 1، 1412 ه: 465
3- العين: 8 / 100

أتمنى قدومه، ولا يجوز: أحب لو قدم زید(1).

ومن ألفاظ المودَّة في عهد الإمام عليّ علیه السلام قولُهُ:

«وَإِنَّ أَفْضَلَ قُرَّةِ عَيْنِ اَلْوُلاَةِ اِسْتِقَامَةُ اَلْعَدْلِ فِي اَلْبِلاَدِ وَظُهُورِ مَوَدَّةِ اَلرَّعِيَّةِ وإِنَّهُ لاَ تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلاَّ بِسَلاَمَةِ صُدُورِهِمْ».

إذ تمثَّل بقوله: «وَظُهُورِ مَوَدَّةِ اَلرَّعِيَّةِ»، وقوله: «وإِنَّهُ لاَ تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلاَّ بِسَلاَمَةِ صُدُورِهِمْ»، فإظهارُ المودَّةِ للرَّعيَّةِ، فضلًا عن استقامةِ العدلِ هما من أفضل الطرق الموصِلة إلى قُرَّةِ عينِ الوالي واستقرارِ حكمِهِ. وبسلامةِ الصدور يُمكنُ ضان هذه المودَّة.

4. العفو والصفح ذهب بعضُ المفسرين واللغويين أنَّهما بمعنى واحد، بدلالة قوله تعالى: «وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا» [سورة النور / من الآية 22].

قالوا: العفو والصفح بمعنی، فکر رهما تأكيدا. ويقال العفو في الأفعال، والصفح في جنایات القلوب، وقيل: الصفح: ترك التثريب، وهو أبلغ من العفو وقد يعفو الإنسان ولا يصفح. وقيل: العفو ترك عقوبة المذنب، والصفح: ترك الومه(2).

وقال الإمامُ عليّ علیه السلام في عهده إلى مالك الأشتر:

«فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَصَفْحِكَ مِثْلِ اَلَّذِي تُحِبُّ وَتَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اَللهُ مِنْ عَفْوِهِ وَصَفْحِهِ».

ص: 27


1- معجم الفروق اللغوية: 143
2- ينظر معجم الفروق اللغوية: 362، ولطائف الإشارات، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري (المتوفي: 465 ه)، المحقق: إبراهيم البسيوني، الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر، الطبعة: الثالثة (د.ت): 2 / 601

ف(العفو والصفح) من الألفاظ والأفعال التي تُرجى من الآخرين، وفي الوقت نفسه تُعطى لهم. فاقترن حصولها ونيلها بشرط منحها للآخرين.

5. الرِّفْق قال الخليل: «الرفق: لين الجانب ولطافة الفعل وصاحبه رفیقٌ، وتقول: ارفُقْ وتَرَفَّقْ. ورفقاً معناه ارفُقْ رِفقاً»(1). وزاد ابنُ فارس معاني جديدة محمودةً لهذا الأصل بقولِهِ: «الرَّاءُ وَالْفَاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَةٍ وَمُقَارَبَةٍ بِلَا عُنْفٍ. فَالرِّفْقُ: خِلَافُ الْعُنْفِ؛ يُقَالُ رَفَقْتُ أَرْفُقُ. وَفِي الْحَدِيثِ: (إِنَّ اللهَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمرِ کُلِّهِ). هَذَا هُوَ الْأَصْلُ ثُمَّ یُشْتَقُّ مِنْهُ کُلُّ شَيْءٍ يَدْعُو إِلَى رَاحَةٍ وَمُوَافَقَةٍ»(2).

وورد لفظُ (الرِّفق) في عهد الإمام عليه السلام في قولِهِ:

«وَإِنْ ظَنَّتِ اَلرَّعِیَّةُ بِكَ حَيْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ وَاِعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ وَرِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ».

فقولُهُ: (رفقًا برعیَّتك) تحقَّقَ من أفعالٍ أُخَر، ولم يتحقق من ذاته (الرِّفق)، فإنَّ إظهارك الغدر هو ترويحٌ للنفس ورفقٌ بالرَّعيَّة.

حقل الألفاظ المرتبطة بالعدل:

جاء هذا الحقل في المرتبة الثانية من حيث عدد الألفاظ المحمودة في عهد

ص: 28


1- العين: 5 / 149
2- مقاییس اللغة، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفي: 395 ه)، المحقق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر / 1399 ه - 1979 م: 2 / 418. وينظر الحديث في صحيح البخاري، للبخاري (ت 256 ه)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع / 1401 - 1981 م: 7 / 80

الإمام علیه السلام، وسنتناولُ خمسًا منها على النَّحو الآتي:

1. العدل یُعدُّ الإمامُ عليّ علیه السلام صوت العدالة الإنسانيَّة؛ لذا لا غرابةَ أن تتكرَّر مرادفات هذه اللفظة بكثرة في عهده علیه السلام، ومنها لفظةُ (العدل)، التي تعني عند أهلِ اللغةِ: «المَرْضیُّ من الناسِ قولُهُ وحُکْمُهُ. هذا عَدْلٌ، وهم عَدْلٌ، وهم عَدْلٌ، فإذا قلت: فهُمْ عدولٌ علی العدّة قلت: هما عدلان، وهو عدلٌ بیّن العَدْل.

والعُدُولَة والعَدْلُ: الحکْمُ بالحقّ»(1). والعدل والعدالة من الألفاظ التي أكَّدها الإمام في كلامِهِ وشدَّدَ القولَ فيها، ومنها قولُهُ:

«وَلْيَكُنِ الْبَيْعُ بَيْعاً سَمْحاً: بِمَوَازِينِ عَدْل، وَ أَسْعَار لاَ تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ».

ف(العدل) موازينه كثيرة، وفي البيع يرتبطُ بالميزان والكيل فضلًا عن السِّعر.

2. الإنصاف الإنصافُ في اللغةِ مأخوذٌ من (النِّصْف)، ومنه «النَّصَفَة: اسْمُ الإِنْصَافِ، وتفسیرُه [أَن تَعطِیَه من نفسِكَ النَّصْف]، أَی تُعْطي من نَفْسِك ما یَسْتَحِقُّ من الحَقِّ کما تأخُذُه. وانتَصَفتُ منه: أَخَذْتُ حَقّي کَملاً حتی صِرتُ أَنا وهو علی النِّصْفِ سَواء. والنَّصیفُ: النِّصْفُ»(2). فاللفظةُ ترتبطُ بالعدلِ وإحقاق الحقِّ لطرفين، ومن سياقاتها في عهد الإمام علیه السلام قولُهُ:

«فَإِنَّ هَؤُلاَءِ مِنْ بَيْنِ اَلرَّعِيَّةِ أَحْوَجُ إِلَى اَلْإِنْصَافِ مِنْ غَيْرِهِمْ».

إنَّ تحققَ الإنصافِ لهؤلاء الذين خصَّهم الإمام علیه السلام لا يعني ترك الإنصاف مع غيرهم، ولكنَّ حاجة هؤلاء إليه أكثر من غيرهم.

ص: 29


1- العين: 2 / 38
2- العين: 7 / 133

3. الأوسط أشار عددٌ من اللغويين إلى أنَّ من معاني (الأوسط) هو العدل. فَوَسَطُ الشيءِ وأَوْسَطُه: أَعْدَلُه، وَرَجُلٌ وَسَطٌ ووَسِيطٌ: حسَنٌ مِنْ ذَلِكَ(1). وهو معنی قریب ممَّا فُسِّرَ به قولُهُ تعالى:

«وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا». [سورة البقرة / من الآية 143]. قال الزَّجاج: «وفي (أُمَّةً وَسَطًا) قولان، قال بعضهم وسطا: عدلًا، وقال بعضهم: أخياراً، واللفظان مختلفان والمعنى واحد، لأن العدل خير والخير عدل»(2).

ومنه في عهد الإمام عليه السلام قولُهُ:

«وَلْیَکُنْ أَحَبَّ اَلْأُمُورِ إِلَیْكَ أَوْسَطُهَا فِي اَلْحَقِّ وَأَعَمُّهَا فِي اَلْعَدْلِ وَأَجْمَعُهَا لِرِضَا اَلرَّعِیَّةِ».

فقد جاء لفظ (الأوسط) في قولِهِ لأحبِّ الأمور: (أوسطها في الحقِّ) وربما يكونُ اقترابُ لفظ (الأوسط) من العدل جاء بسبب شيوع قاعدة أنَّ أوْسَطَ الشَّيْءِ أَفْضَلُه، أو من وصف العرب للفَاضِل النسب بأنه: من أوسط قومه.

ص: 30


1- ينظر لسان العرب: 7 / 430، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير، أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس (المتوفي: نحو 770 ه) المكتبة العلمية - بيروت (د. ط ): 2 / 658، وتاج العروس من جواهر القاموس، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفي: 1205 ه)، المحقق: مجموعة من المحققين، دار الهداية : 20 / 175
2- معاني القرآن وإعرابه، إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفي: 311 ه)، عالم الكتب - بيروت، الطبعة الأولى 1408 ه - 1988 م: 1 / 219

4. السَّهْمُ من الألفاظ التي تدلُّ على العدلِ، ومن معانيه في اللغة: النصيب(1). قال ابنُ فارس: «السِّينُ وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى تَغَيُّرٍ فِي لَوْنٍ، والْآخَرُ عَلَى حَظًّ وَنَصِيبٍ وَشَيْءٍ مِنْ أَشْيَاءَ. فَالسُّهْمَةُ: النَّصِیبُ. وَيُقَالُ أَسْهَمَ الرَّجُلَانِ، إِذَا اقْتَرَعَا، وَذَلِكَ مِنَ السُّهْمَةِ وَالنَّصِيبِ، أَنْ يَفُوزَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يُصِيبُهُ»(2). وقد ورد لفظُ (السَّهم) بمعنى النصيب في عهد الإمام علّى علیه السلام حيث قال:

«وَ کُلٌّ قَدْ سَمَّى اَللهُ لَهُ سَهْمَهُ وَوَضَعَ عَلَى حَدِّهِ».

ف(سهمُهُ) في النَّصِّ (نصيبه)، وقطعًا لا يخلو أن يكون هذا النصيبُ عادلًا؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى قد سمَّى له ذلك.

5. قَوَد البَدَن من الألفاظ التي تحملُ معنى العدل کما سنرى عند شُرَّاح نهج البلاغة، وقد ورد معنى الجزء الأول من (قود البدن) في معاجم اللغة؛ إذ قال الخليل: «و القَوَدُ: القتل بالقتيل، تقول: أَقَدْتُه به. واستَقَدْت الحاكم وأقَدْتُه: انتقمت منه بمثل ما أتی»(3). وفيه معنى القصاصُ وتحقيق العدالة للمقتول. وهذا ما كان الجوهريّ فيه أكثر وضوحًا بقولِهِ: «والقَوَدُ: القصاصُ، وأقَدْتُ القاتلَ بالقتيل، أي قتلته به. يقال: أقادَهُ السلطانُ من أخيه. واستَقَدْتُ الحاكمَ، أي سألته أن یَقيدَ القاتلَ بالقتيل»(4).

ص: 31


1- العين: 4 / 11
2- مقاییس اللغة : 3 / 111
3- العين: 5 / 197
4- الصحاح: 2 / 528

وقد ورد هذا اللفظ في عهد الإمام علیه السلام؛ إذ قال:

«وَلاَ عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اَللهِ وَلاَ عِنْدِي فِي قَتْلِ اَلْعَمْدِ لِأَنَّ فِيهِ قَوَدَ اَلْبَدَنِ».

ذكرنا آنفًا معنی (القَوَد)، وهو القِصاصُ إجمالًا، ولكنَّ إضافتَه إلى (البدن) في قولِ الإمام علیه السلام تعني العقوبة الجسدية أي: القتل.

ت - حقل الألفاظ المرتبطة بالصِّدق سنتناول من مجموع هذا الحقل ثلاث ألفاظ فقط هي الأكثرُ دورانًا في عهد الإمام علیه السلام على النَّحو الآتي:

1. الصِّدق الصِّدْقُ في اللغةِ: «نَقيض الكذب. ويقال للرجل الجواد والفرس الجواد: إنه لذو مَصْدَقِ، أي صادِقُ الحملة. وصَدَقْتَه: قلت له صِدْقاً، وكذلك من الوعيد إذا أوقعتهم قلت: صَدَقْتُهم. وهذا رجل صِدقٍ، مضاف، بمعنی نعم الرجل هو، وامرأة صْدقٍ، وقوم صِدْقٍ»(1). وجاء في كتاب (التعريفات) أنَّ الصِّدقَ هو «مطابقَة الحكم للواقع، وفي اصطلاح أهل الحقيقة: قول الحق في مواطن الهلاك، وقيل: أن تصدق في موضع لا ينجيك منه إلا الكذب»(2).

ومنه قولُ الإمام علیه السلام: «تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَاِبْعَثِ اَلعُيُونَ مِنْ أَهْلِ اَلصِّدْقِ وَاَلْوَفَاءِ عَلَيْهِمْ».

(الصِّدقُ) من الألفاظ الخُلقيَّة المحمودة، وأهلُهُ جديرون بالثقة؛ لذا أوجب الإمام علیه السلام التعامل معهم حتى لو كانوا عيونًا.

ص: 32


1- العين: 5 / 56
2- التعريفات: 132

2. الوفاء جاء في (تهذيب اللغة): «ورَجُلٌ وَفِيٌّ: ذُو وَفاء. قَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم: لَزِم الوَفاء: معنى (الْوَفَاء) فِي اللُّغَة: الخُلق الشَّريف العالي الرَّفيع من قَوْلهم: وَفي الشَّعَرُ فَهُوَ وافٍ، إِذا زَاد. قَالَ ذَلِك أَبُو العبّاس. قَالَ: وَوَفَيْت لَهُ بالعهد أَفِي، ووافَيْت أُوافِي»(1). فهو من الصفات الخُلُقيَّة المحمودة، وقد وردت في عهد الإمام عليّ علیه السلام ألفاظ متعددة تدلُّ على الوفاء، منها قولُهُ:

«فَأَعْطِ اَللهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ وَوَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اَللهِ سُبْحَانَهُ مِنْ ذَلِكَ كَامِلاً غَيْرَ مَثلُومٍ وَلاَ مَنْقُوصٍ».

ويتقيَّدُ معنى الوفاء في النَّصِّ عند تحديد الموفي له. وفي النَّصَّ المتقدِّم يوصي الإمام علیه السلام الحاكم بالوفاء للهِ تعالى في العبادات البدنيَّة والرُّوحيَّة من غيرِ نقصٍ أو ثلم.

ومن الوفاء ما قد يكونُ خاصًّا بالعهود مع النَّاس، قال علیه السلام:

«لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اَللهِ شَيْءٌ اَلنَّاسُ أَشَدُّ عَلَیْهِ اِجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَتَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ اَلْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ».

فالوفاء بالعهد هو أعلى صور الوفاء؛ لذا يُعرِّفُ الفقهاء الوفاء إنَّه: ملازمةُ طريق المساواة ومحافظة العهود وحفظ مراسم المحبة والمخالطة سراً وعلانية حضوراً وغيبة(2).

3. الأمانة قال ابن فارس: «الْهَمْزَةُ وَالْمِيمُ وَالنُّونُ أَصْلَانِ مُتَقَارِبَانِ: أَحَدُهُمَا الْأَمَانَةُ الَّتِي

ص: 33


1- تهذيب اللغة، محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370 ه)، المحقق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة: الأولى، 2001 م: 15 / 419
2- التعريفات الفقهية، محمد عميم الإحسان المجددي البركتي، دار الكتب العلمية (إعادة صف للطبعة القديمة في باكستان 1407 ه - 1986 م)، الطبعة: الأولى، 1424 ه - 2003 م: 238

هِیَ ضِدُّ الْخِیانَهِ، ومَعْنَاهَا سُکُونُ الْقَلْبِ، وَالْآخَرُ التَّصْدِیقُ.وَالْمَعنیَانِ کَمَا قُلْنَا مُتَدَانِیَانِ. قَالَ الْخَلِیلُ: الْأَمَنَةُ: مِنَ الْأَمْنِ. والْأْمَانُ إعْطَاءُ الْأَمَنَةِ. والْأَمَانَةُ ضِدُّ الْخِیَانَةِ. يُقَالُ: أَمِنْتُ الرَّجُلَ أَمْنًا وَأَمَنَةً وَأَمَانًا، وَآمَنَنِي يُؤْمِنُنِي إِيمَانًا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَجُلٌ أُمَّانٌ: إِذَا كَانَ أَمِينًا»(1). وَمن الحديث النَّبويّ الشريف: «الْأمَانَةُ غِنًى»(2)أَيْ: هي سَبَبُ الغِنَى. وَمَعْنَاهُ أَنَّ الرجُل إِذَا عُرِفَ بَهِا كَثُر مُعاملُوه فَصَارَ ذَلِكَ سبَباً لِغِنَاهُ(3).

ومنه في عهد الإمام علیه السلام:

«وَإِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَدُوٍّ لَكَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَاِرْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ».

فالحفاظ على العهد يكونُ وفاءً، والحفاظُ على الذِّمَّةِ تكونُ أمانةً. فما أجملَ هذا التخريج الدقيق لإمامِ الفصاحةِ والبيان علیه السلام.

الألفاظ الأخلاقية المرتبطة بالصَّبر 1. الصبر الصَّبْرُ في اللغة: نقيض الجَزَع، وهو حَبسُ النَّفْس عن الجزع. وقد صَبَر فلانٌ

ص: 34


1- مقاییس اللغة: 1 / 134
2- ينظر الحديث في فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي (ت 1031 ه)، تحقيق: تصحيح أحمد عبد السلام، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى / 1415 -1994 م: 3 / 237
3- ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفي: 606ه)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، ومحمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية - بيروت، 1399 ه -1979 م: 1 / 71

عند المصيبة يَصْبِرُ صَبْراً. وصَبَرْتُهُ أنا: حبسْته(1). وجاء في عهد الإمام علیه السلام:

«فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقِ أَمْرٍ تَرْجُو اِنْفِرَاجَهُ وَفَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَيْرٌ مِن غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَه».

فالصبرُ خيرٌ في معظمِ أحواله؛ لأنَّه يقود إلى نتائج صحيحة لا تقبل الخطأ. وقد جاء معنى الصبر في اللغة موافقًا تمامًا لكلامِ الإمامِ عليه السلام.

2. قلَّة التبرُّم من الألفاظ الدالَّة على الصبر؛ والصبرُ نقیضُ الجزع کما تقدَّم؛ لذا التبرُّم هو من صور الجزع، قال الخليل: «وبَرِمتُ بكذا، أي: ضَجِرْتُ منه بَرَماً، ومنه: التَّبَرُّم، و أبر مني فلانٌ إبراما [أي: أًضْجَرني]»(2). ومنه في عهد الإمام علیه السلام قولُهُ:

«وَآخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَأَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ اَلْخَصْمِ وَأَصْبَرَهُمْ عَلَى تَكَشُّفِ اَلْأُمُورِ».

فلفظ (الأقلّ تبرُّمًا) يدلُّ على الأقلِّ ضجرًا وجزعًا، بمعنى أكثرهم صبرًا وتحمُّلًا في مراجعة الخصم وتكشُّف الأمور.

3. كسر النفس کسر النَّفس من الألفاظ التي تدلُّ على حبسِ النَّفسِ، أي: الصبر، قال الإمامُ علیه السلام:

«فَإِنَّهُ جَلَّ اِسْمُهُ قَدْ تَکَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَإِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَکْسِرَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ نَفْسَهُ مِنَ اَلشَّهَوَاتِ».

وكسرُ النفس لا يكونُ إلّا بالصبرِ. وهو تعبیرٌ مرکَّبٌ بالإضافة للدلالة على (الصبر).

ص: 35


1- ينظر العين: 7 / 115، والصحاح: 2 / 706
2- العين: 8 / 272

الألفاظ الأخلاقيَّة المرتبطة بالصلة:

1. الصلة جاء في مادة (وصل) عند أهل اللغة: «وصلتُ الشيءَ وصلًا وصلًة. ووَصَلَ إليه وُصُولاً، أي بلغ... والوَصْلُ: ضدُّ الهِجرانِ... ويقال: هذا وَصْلُ هذا، أي مثله. وبينهما وُصْلَةٌ، أي اتِّصالٌ وذريعة. وكل شيء اتصل بشيء فما بينهما وُصْلَةٌ، والجمع وُصَلٌ»(1). واشتقتِ الصِّلةُ من الوَصْل، ومنها صلةُ الرَّحِم، التي تكرَّرت كثيرًا فِي الأحادیث النَّبويَّة الشَّريفة كما يقول ابن الأثير (ت 606 ه): «قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِیثِ ذِكر صِلَةِ الرَّحِم. وَهِيَ کِنَايَةٌ عَنِ الإحْسان إِلَى الأقْرَبينَ، مِنْ ذَوِي النَّسَب والأصْهار، والتَّعَطُّفِ عَلَيْهِمْ، والرَّفْقِ بِهِمْ، والرِّعايةِ لأحْوالِهم. وَكَذَلِكَ إنْ بَعُدُوا أَوْ أسَاءوا. وَقَطْعُ الرِّحِم ضِد ذَلِكَ كُلِّه. يُقال: وَصَلَ رَحِمَهُ يَصِلُهَا وَصْلًا وصِلَةً، وَالْهَاءُ فِيهَا عِوَض مِنَ الْوَاوِ المَحْذوفة، فَكَأَنَّهُ بالإحْسان إِلَيْهِمْ قَدْ وَصَلَ مَا بَينه وبَينَهم مِنْ عَلاقة القَرابة والصِّهْر»(2). فالصِّلةُ قد تكونُ بمعنى الاتصال المباشر، وقد تكونُ بمعنی بلوغ الشيء، وقد تكون بمعنی صلة الرَّحم وهو الإحسانُ إلى الأقربين والرِّفقُ بهم.

ومن ألفاظ الصِّلة في عهد الإمام علیه السلام وصيَّتُهُ بالضعفاء من المجتمع:

«وَتَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لاَ يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ اَلْعُيُونُ وَتَحْقِرُهُ اَلرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِنْ أَهْلِ اَلْخَشْيَةِ وَاَلتَّوَاضُعِ».

فقولُهُ: (مَنْ لاَ يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ) بمعنى لا يستطيعُ الوصولَ إليك، أي: لا

ص: 36


1- الصحاح: 5 / 1842 - 1843
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 191 - 192

يبلغُكَ.

وقولُهُ علیه السلام:

«فَافْسَحْ فِي آمَالِهِمْ وَوَاصِلْ فِي حُسْنِ اَلثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَتَعْدِيدِ مَا أَبْلَی ذَوُو اَلْبَلاَءِ مِنْهُمْ».

فقد ورد ما يرتبطُ بالصلة في قولِهِ: «وَوَاصِلْ فِي حُسْنِ اَلثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ»، ويعني لا تتردَّد في تقديم الثَّناء الحسن إليهم.

2. الإخوَّة من المعاني الأخلاقية السامية، والإخوَّةُ لا تقتصرُ في النَّسب، قال الجوهري: «قَالُوا: (أَخَوَانِ) وهم (الإخْوَةُ) - إذا كَانُوا لأبٍ - وهمُ (الإخْوَانُ) - إِذا لم يَكُونُوا لأبِ. قلتُ: هَذَا خطأ - الإخْوَةُ و(الإخْوَانُ) يكونونَ إخْوَةً لأبٍ، وإِخْوَةً للصَّفَاءِ... يُقَال للأصدقاءِ وَغير الأصدقاءِ: إخْوَةٌ وإخْوَانٌ. قَالَ الله جلّ وعزّ: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» [الحُجرَات: 10] وَلم يَعْنِ النّسَب»(1). وجاء في لسان العرب: «والاِسْمُ الأُخُوَّة، تَقُولُ: بَيْنِي وَبَيْنَهُ أُخُوَّة وإِخاءٌ، وَتَقُولُ: آخَیْتُه عَلَى مِثَالِ فاعَلْته، قَالَ: ولغة طيِء وَاخَيْته. وَتَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ آخَائِي بِوَزْنِ أَفْعالي أَي مِنْ إِخواني. وَمَا كنتَ أَخاً وَلَقَد تَأَخَّیت و آخَيْت وأَخَوتْ تَأْخُو أُخُوَّة وتَاخَيا، عَلَى تفاعَلا، وتأَخَّيْت أَخاً أَي اتَّخَذْت أخاً»(2).

ومن ألفاظ الإخوَّة في عهد الإمام علیه السلام قولُهُ:

«وَلاَ تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي اَلدِّينِ وَإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي اَلْخَلْقِ».

فقد جاء لفظ الصلة في قوله: (أَخٌ لَكَ فِي اَلدِّينِ)، ليشير إلى معنًى إنسانيّ لم

ص: 37


1- تهذيب اللغة: 7 / 254
2- لسان العرب: 14 / 22

تعرف البشريَّة مثيله، ويُقدِّم المصلحة الإنسانيَّة وحقّ المواطنة للجميع، ولا سیَّما حقُّ الأقليّات الدينيَّة والعرقيَّة التي تعيش في ظل الحكم الإسلامي في عهده علیه السلام.

3. القرابة تُشتقُّ (القرابةُ) من مادَّةِ (قرب)، جاء في معجم (العين): «القريبُ ذو القرابة، ويجمع أقارب، وقريبة جمعها قرائب، للنساء. والقريبُ نقيض البعيد يكون تحويلاً يستوي فيه الذكر والأنثى، والفرد والجميع، هو قريب، وهي قريب، وهم قريب، وهن قریب»(1). وقال ابنُ فارس في أصلِ استعمال هذه المادة: «الْقَافُ وَالرَّاءُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ یَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الْبُعْدِ. يُقَالُ قَرُبَ يَقْرُبَ قُرْبًا. وَفُلَانٌ ذُو قَرَابَتِي، وَهُوَ مَنْ يَقْرُبُ مِنْكَ رَحِمًا. وَفُلَانٌ قَرِيبِي، وَذُو قَرَابَتِي. وَالْقُرْبَةِ وَالْقُرْبَي: الْقَرَابَةُ»(2). وروي أنّه لما نزل قوله تعالى:

«قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» [سورة الشورى / من الآية 123].

قيل: یا رسول الله، مَنْ قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال : (عليّ وفاطمة وابناهما)، ويدل عليه ما روي عن الإمام علي علیه السلام: شكوت إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، حسد الناس لي. فقال: (أما ترضى أن تكون رابع أربعة: أوّل من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين علیهم السلام(3).

ومن سياقات هذه اللفظة في عهد الإمام علیه السلام قوله: «و أَلْزِمِ اَلْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ

ص: 38


1- العين: 5 / 154
2- مقاییس اللغة: 5 / 80
3- ينظر تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538 ه)، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة: الثالثة / 1407 ه: 4 / 219 - 220

اَلْقَرِيبِ وَاَلْبَعِيدِ وَکُنْ فِي ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَخَوَاصِّكَ». ف(قرابتك) هم أهلُ بيتك وخاصَّتك.

الألفاظ الأخلاقية المرتبطة بالإعانة 1. الرِّفد والإعانة (الرِّفْدُ) لفظةٌ تدلُّ على الإعانة بكلِّ أنواعها الماديَّة والمعنويَّة، قال الخليل: «الرِّفدُ: المَعُونةُ بالعَطاء، وسَقْي اللَّبَنِ، والقول، وكل شيء. ورَفَدته بكذا، ورفَدَني أي أعاني بلسانه، وترافدوا على فلانٍ بألسنتهم إذا تناصروا»(1).

وجاء في عهد الإمام عليه السلام:

«اَلطَّبَقَةُ اَلسُّفْلَی مِنْ أَهْلِ اَلْحَاجَةِ وَاَلْمَسْکَنَةِ اَلَّذِينَ یَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَمَعُونَتُهُمْ».

فتكرَّرت لفظتان تدلّان على الإعانة في النَّصِّ المتقدِّم هما: (الرِّفد، والمعونة)، والرِّفدُ ورد في القرآن الكريم بمعنى العطاء في قوله تعالى:

«وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ» [سورة هود / الآية 99].

ومعناه كما ذكر الزمخشريّ: «بئس العون المعان. وذلك أنّ اللعنة في الدنيا رفدٌ للعذاب ومدد له، وقد رفدت باللعنة في الآخرة. وقيل: بئس العطاء المعطى»(2).

2. الرِّعاية تكادُ تكون معظم مشتقات الفعل (رعی) تشتملُ معنى الحِفْظِ والرِّفْقِ وتَخْفِيفِ الکُلَفِ والأَثْقالِ عن المَرْعي، ومنها لفظةُ (المُراعاة) التي تعني المحافَظة

ص: 39


1- العين: 8 / 25
2- ينظر الكشاف: 2 / 426

والإِبْقاء عَلَى الشيءِ. والإِرْعَاء: هو الإِبْقاء، والرَّعِيَّةُ: كُلُّ مَنْ شَمِلَه حِفْظُ الرَّاعِي ونَظَرهُ. والرَّاعِي هُنَا: عَیْنُ الْقَوْمِ عَلَى العدوِّ، مِنَ الرِّعايَةِ والحِفْظِ(1). ومنه قولُ الإمام علیه السلام:

فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ اَلَّذِي لِلْأَدْنَی وَکُلٌّ قَدِ اِسْتُرْعِيتَ حَقَّهُ.

ص: 40


1- ينظر لسان العرب: 14 / 329

ثانيًا

ألفاظ الأخلاق المذمومة في عهد الإمام عليّ علیه السلام

قُسِّمت الألفاظ الواردة في هذا القسم إلى ستة حقول هي: (الخديعة، التعالي، الظلم، الخصومة، التحقير، البخل) على التوالي. وقد تصدَّرت ألفاظ الخديعة حقول ألفاظ الأخلاق المذمومة؛ إذ وصلت إلى أربع عشرة لفظة. وقد كان مجموع ألفاظ هذا القسم أكثر من نظيره (الألفاظ المحمودة)؛ ولعلَّ السبب في ذلك هو أنَّ الطابع العام لعهد الإمام علیه السلام هو التحذيرُ والتنبيهُ من مغبة الوقوع في المذمومِ من الأفعال والأخلاق. ويمكنُ ملاحظة حجم تفاوت هذه الألفاظ في الجدول أدناه، وبعد ذلك سنتناولها تفصيلًا.

ت ألفاظ الخدیعة ألفاظ التعالي ألفاظ الظلم ألفاظ الخصومة ألفاظ التحقیر ألفاظ البخل 1 الغش التبجح الظلم الخصومة التحقیر البخل 2 الخيانة الغرور الجور الحقد التعییر الشح 3 الحتل حميَّة الأنف الحیف الشنآن السخط الحرص 4 خیس العهد المَنْ قلة الإنصاف الکره المذلة

ص: 41

5 الغدر الإعجاب سطوة اليد التمحك الضيق 6 التغافل نخوة سورة الحد العنف 7 التصنُّع تصعُّر الخد إفراط السوط الغائلة 8 الإدغال البطر سفك الدماء الاغتيال 9 الكيد الإغراء لقتل العمد 10 التزيّد التمادي الاستئثار 11 ثلم الأمانة الزهو 12 التشبه الإطراء 13 الخداع 14 المدالسة حقول الألفاظ المتعلقة بالخديعة هي أكثر ألفاظ الحقول تكرارًا في عهد الإمام عليّ علیه السلام، ولسعة هذه الألفاظ سنقتصر في تناول عددٍ منها على النَّحو الآتي:

1. الغش الغش يرتبطُ بالخديعةِ وعدم النصح، قال الزَّبيديّ: «غشَّهُ يغشُّه غِشًّا: لم يمحضه النصح، وَأظهر لَهُ خلاف مَا أضمره، وَهُوَ بِعَيْنِه عدم الإمحاض فِي النَّصِيحَة»(1). ومنه في قول الإمام علیه السلام:

ص: 42


1- تاج العروس: 17 / 289

«وَلاَ تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِيقِ سَاعٍ فَإِنَّ اَلسَّاعِيَ غَاشٌّ وَإِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ».

2. الخيانة مشتقَّةٌ من الجذر (خون)، جاء في الصحاح: «خَانَهُ فِي كذا يَخونُه خَوْناً وخِيانَةً و مَخانَةً، واخْتانَهُ. قال الله تعالى:

«تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ» [سورة البقرة / من الآية 187].

أي: يخونُ بعضُکم بعضاً. ورجلٌ خَائِنٌ وخائِنَةٌ أيضاً، والهاء للمبالغة مثل علامّة ونسّابة»(1). وهو من الأفعال الخلقيَّة المذمومة؛ لذا ورد النَّهيُ عنه فِي الحَدِيث النَّبويّ الشريف في قوله صلی الله علیه وآله وسلم:

«المؤْمِنُ يُطْبَعُ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ.. إلاَّ الخِيَانَةَ والكَذِبَ»(2).

ومنه قولُ الإمام علیه السلام:

«فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَةٍ اِجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ اِكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً».

الخيانةُ من الأفعال الخلقيَّة المذمومة التي حذَّر منها الإمام علیه السلام.

3. الخَتْل:

من ألفاظ المكر والخديعة، والخَتْل: تخادع عن غفلة(3). ولا يشاركُ هذا اللفظ معنى آخر غير معنى الخديعة، قال ابنُ فارس: «الْخَاءُ وَالتَّاءُ وَاللَّامُ أُصَيْلٌ فِيهِ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْخَتْلُ، قَالَ قَوْمٌ: هُوَ الْخَدْعُ. وَكَانَ الْخَلِيلُ يَقُولُ: تَخَاتَلَ

ص: 43


1- الصحاح: 5 / 2109
2- ينظر فيض القدير: 5 / 25. ورواية الحديث فيه هي: ((كل خلة يطبع عليها المؤمن... إلا الخيانة والكذب))
3- العين: 4 / 238

عَنْ غَفْلَةٍ»(1). وقد ذكره الإمام عليه السلام في قولِهِ:

«فَلاَ تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَلاَ تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ وَلاَ تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لاَ يَجْتَرِئُ عَلىَ اَللهِ إِلاَّ جَاهِلٌ شَقِيٌّ».

ففي النَّصِّ المتقدِّم وردت ثلاث ألفاظ من ألفاظ الخيانة، هي: (الغدر، وخسيس العهد، والخَتْل).

4. التصنُّع من الألفاظ التي ترتبطُ بالخداع، وإظهار خلاف الواقع، يقول الأزهريّ: «وَفرس مُصَانِع، وَهُوَ الَّذِي لَا يعطيك جَمِيع مَا عِنْده من السّير، لَهُ صون يصونه فَهُوَ يصانعك ببذله سَیْرَه... وَقَالَ اللَّيْث: التصنُّع: تكلّف حُسْن السَّمْت وإظهاره والتزيُّن بِهِ وَالْبَاطِن مَدْخُول»(2). ومن سياقات استعماله في عهد الإمام عليه السلام قولُهُ:

«لاَ یَکُنِ اِخْتِيَارُكَ إِيَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِكَ وَاِسْتِنَامَتِكَ وَحُسْنِ اَلظَّنِّ مِنْكَ فَإِنَّ اَلرِّجَالَ يَتَعَرَّضُونَ يَتَعَرَّفُونَ لِفِرَاسَاتِ اَلْوُلاَةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَحُسْنِ حَدِيثِهِمْ».

فالإمام يُحذِّرُ من اختيار الكُتَّاب اعتمادًا على الفراسة والشعور بالاطمئنان، فالتَّصنُّع وإخفاء الحقيقة بابٌ واسعٌ يمكنُ أن يدخلَ منه ذوو الأخلاق المذمومة.

حقل الألفاظ المرتبطة بالتعالي 1. التَّبَجُّح التبجح في اللغة يعني العظمة والافتخار، يُقَالُ فُلاَنٌ يَتَبَجَّحُ بِكَذَا أَيْ يتَعظَّم

ص: 44


1- مقاییس اللغة: 2 / 245
2- تهذيب اللغة: 2 / 24

وَيَفْتَخِرُ. وبَجَّحَني فَبَجَحْتُ أَي فَرَّحَني فَفرِحْت، وَقِيلَ: عَظَّمني فعَظُمَتْ نَفْسِي عِنْدِي. وَرَجُلٌ بَاجٍحٌ: عَظِيمٌ مِنْ قَومٍ بُجَّحٍ وبُجْحٍ. وتَبَجَّحَ بِهِ: فَخَرَ. وَفُلَانٌ يَتَبَجَّحُ عَلَيْنَا ويَتَمَجَّحُ إِذا كَانَ یَهْذي بِهِ إِعجاباً، وكَذَلِكَ إِذا تَمَزَّحَ بِهِ. وفَلَانٌ يَتَبَجَّحُ ويَتَمَجَّح أَي يَفْتَخِرُ وَيُبَاهِي بشيءٍ مَا، وَقِيلَ: يَتَعَظَّمُ(1). ومنه في عهد الإمام علیه السلام:

«وَلاَ تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَلاَ تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ ولاَ تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَةٍ وَجَدْتَ عَنْهَا مِنْهَا مَنْدُوحَةً».

فالتبجح بالعقوبة من الأفعال غير المحمودة؛ لأنَّها تُشعرُ بالغرور والكبرياء.

2. حميَّة الأنف من الألفاظ المركبة التي وظَّفها الإمام علیه السلام خيرَ توظيف في قولِهِ:

«اِمْلِكْ حَمِیَّةَ أَنْفِكَ وَسَوْرَةَ حَدِّكَ وَسَطْوَةَ يَدِكَ وغَرْبَ لِسَانِكَ واِحْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِکَفِّ اَلْبَادِرَةِ وَتَأْخِيرِ اَلسَّطْوَةِ».

وحمیَّةُ الأنف کما جاء في معجم العين: «و حَمِیتُ من هذا الشّيء أَحْمی منه حَمِیَّةً، أي: أَنِفْتُ أَنَفاً وغضباً. ومشى في حَمِیَّتِهِ أي: في حَمْلَتِهِ. وإنّه لَرجلٌ حَمِيٌّ: لا يَحْتمِلُ الضَّيْمَ، ومنه يُقال: حَمِيّ الأَنْفِ. قال:

متى تجمعِ القلبَ الذكيَّ وصارماً... وأَنْفاً حَمِیّاً تَجتنْبكَ المظالم»(2).

فهي لفظةٌ تدلُّ على التعالي و الغرور بغضب، وقولُهُ: (املك حميَّة أنفك)، أي: لا تجعل التعالي المشوب بالغضب متحکِّمًا بقراراتك و أحكامك.

3. النَّخوة لفظةٌ تدلَّ على الزَّهو والعظمة، يُقَال: فلانٌ يتشاوَسُ فِي نظره، إِذا نظَرَ اد

ص: 45


1- ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 96، ولسان العرب: 2 / 406
2- العين: 3 / 318

نظَرَ ذِي نَخْوَةٍ وکِبْر(1). وقال الزمخشريّ: «و نخي فلان، وهو منخو: مزهو. وانتخى من كذا: استنكف منه»(2). ومن سياقات استعمالها في عهد الإمام علیه السلام:

«فَلاَ تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى أَوْلِيَاءِ اَلْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ». ف(نخوةُ السلطان) زهوه و عظمته.

4. تصعُّر الخد من الألفاظ القرآنيَّة التي تدلُّ على التعالي والكبر، قال الخليل: «والتَّصعير إمالة الخدّ عن النظر إلى الناس تهاوناً من کِبْر وعظمة»(3). ومن استعماله في القرآن الكريم قولُهُ تعالى:

«وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ» [سورة لقمان / من الآية 18].

والصعر في أصل استعماله داءٌ يُصيبُ البعير يلوى منه عنقه. ثمَّ استعمل للدلالة على الكبر، ومعناه في النَّصِّ القرآنيّ: أقبل على الناس بوجهك تواضعًا، ولا تولّهم شقَّ وجهك وصفحته، كما يفعل المتكبرون(4).

ومنه في عهد الإمام علیه السلام قولُهُ:

«فَلاَ تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُم».

فالإمام علیه السلام ينهى عَنِ احْتِقَارِ النَّاسَ وَعَنِ التَّفَخُّرِ عَلَيْهِمْ، باقتباسٍ قرآنيٍّ يدلُّ على عمق فصاحته، ومعرفته بالقرآن الكريم.

ص: 46


1- ينظر تهذيب اللغة: 11 / 266
2- أساس البلاغة، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفي: 538 ه)، تحقيق: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة: الأولى، 1419 ه - 1998 م: 2 / 258
3- العين: 1 / 298
4- الكشاف: 3 / 497

حقل الألفاظ المتعلِّقة بالظلم 1. الظلم ذكرَ الإمامُ علیه السلام كثيرًا من مظاهر الظلم ووجوهه في عهده إلى مالك الأشتر؛ وذلك لأنَّه قد تضمن مفاهیم عدليَّة كثيرة جمعت بين النقيضين العدل والظلم، والظلمُ مشتق من ظَلَمَهُ يَظْلِمُهُ ظُلْماً ومَظْلِمَةً. وأصله وضع الشيء في غير موضعه(1). ومنه في عهد الإمام علیه السلام:

«وَأَنْصِفِ اَلنَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَمِنْ خَاصَّةً أَهْلِكَ وَمَنْ لَكَ هَوًی مِنْ رَعِیَّتِكَ فَإِنَّكَ إِلاَّ تَفْعَلْ تَظْلِمْ وَمَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اَللّهِ کَانَ اَللّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ».

الظالم خصمه الله سبحانه وتعالى قبل أن يكون المظلوم هذا ما يراه الإمام علیه السلام بتكراره لفظة (الظلم) في موضعين.

وقد يكون التعبير عن لفظة (الظلم) بالظلامة أو المظلمة كما جاء في قولِهِ:

«فَمَا أَسْرَعَ کَفَّ اَلنَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ اَلنَّاسِ إِلَيْكَ مَا مِمَّا لاَ مَئُونَةَ فِيهِ عَلَيْكَ مِنْ شَكَاۃِ مَظْلِمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ».

والمظلمةُ هي مَا تَطْلُبُهُ مِنْ مَظْلَمَتِكَ عِنْدَ الظَّالِمِ.

2. الجور من ألفاظ الظلم الصريحة، وهو: «نقيض العدل. وقومٌ جارةٌ و جَورَة، أي: ظَلَمَة»(2). وهناك فرقٌ بين الجور والظلم أشار إليه بالتفصيل أبو هلال

ص: 47


1- الصحاح: 5 / 1977
2- العين: 6 / 176

العسكريّ قائلًا: «أن الجور خلاف الاستقامة في الحكم، وفي السيرة السلطانية تقول جار الحاكم في حكمه والسلطان في سيرته إذا فارق الاستقامة في ذلك، والظلم ضرر لا يستحق ولا يعقب عوضا سواء كان من سلطان أم حاكم أم غيرهما ألا ترى أن خيانة الدانق والدرهم تسمى ظلما ولا تسمي جورا فإن أخذ ذلك على وجه القهر أو الميل سمي جورا وهذا واضح، وأصل الظلم نقصان الحق، والجور العدول عن الحق من قولنا جار عن الطريق إذا عدل عنه وخلف بين النقيضين فقيل في نقيض الظلم الانصاف وهو إعطاء الحق على التمام، وفي نقيض الجور العدل وهو العدول بالفعل إلى الحق»(1).

ومنه في عهد الإمام عليه السلام:

«ثُمَّ اُنْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اِخْتِیَاراً وَلاَ تُوَلِّهِمْ مُحَابَاهً وَأَثَرَةً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ اَلْجَوْرِ وَالْخِیَانَةِ».

من شُعب الجور: من نواحي الظلم؛ وذلك إن كان اختيار العُمَّال محاباةً.

3. الحَيْف الحَيْفُ مأخوذٌ من الفعل: حاف يَحيِفُ حَيْفاً، ومعناه: المَيْلُ في الحُكْم(2). وذكر الخليل في حديثه عن مادة (جنف) أنَّ الحَيفَ من الحاکِم خاصَّةً(3)، وهذا ما خطَّأه الأزهريّ في قوله: «قلت: أمَّا قَوْله الحَيْفُ من الْحَاكِم خاصَّة، فهُوَ خطأ، والحَيْف يكون مِن كل مَنْ حاف، أَي جارَ»(4). ولأنَّه قد ارتبط بالظلم، فلا فرقَ في أن يكون مختصًّا بالحاكم أو غيره.

ص: 48


1- معجم الفروق اللغوية: 172
2- العين: 3 / 307
3- العين: 6 / 143
4- تهذيب اللغة: 11 / 77

ومنه في عهد الإمام عليّ علیه السلام قولُهُ:

«وَإِنْ ظَنَّتِ الرَّعِیَّهُ بِكَ حَیْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ، وَاعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ».

أي: إن اعتقدوا بظلمك لهم في مسألةٍ ما، فعلیك بإظهار العُذر.

ث - حقل الألفاظ المتعلّقة بالخصومة 1. الخصومة الخصوم: جمعُ خصم، ويقع الخصم للواحد المذكر والمؤنث، والاثنين والجميع. وقد ارتبط بالعداوة والبغضاء، قال الخليل: «الخَصْم: واحد وجميعٌ، قال الله عز وجل:

«وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ» [سورة ص / آية 21].

فجعله جمعاً؛ لأنه سمي بالمصدر. وخَصيمُك: الذي يخاصمك، وجمعه: خُصَماء. والخُصومةُ: الاسم من التَّخاصُم والاختصام. يقال: اختصم القوم و تخاصموا، وخاصم فلان فلاناً، مُخاصَمَةً وخِصاماً»(1). ومنه قولُهُ علیه السلام:

«ثُمَّ اِخْتَرْ لِلْحُکْمِ بَیْنَ اَلنَّاسِ أَفْضَلَ رَعِیَّتِكَ فِي نَفْسِكَ مِمَّنْ لاَ تَضِیقُ بِهِ اَلْأُمُورُ وَلاَ تُمَحِّکُهُ اَلْخُصومُ».

و تُمحِّکه الخصوم: تُلجْلجه، والمَحْك: اللَّجاج، وقولُ الإمام عليه السلام المذكور آنفاً ممَّا ذكره اللغويون في معاجمهم في مادة (محك)(2).

2. الحقد من ألفاظ الخصومة المذمومة، والفِعلُ منه مأخوذٌ من حَقَدَ يَحقِدُ حَقْداً، وهو

ص: 49


1- العين: 4 / 191
2- ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 303، ولسان العرب: 10 / 486

إمساكُ العَداوة في القلب والتَرَبُّصُ بفُرصتها(1). ومنه قولُ الإمام عليّ علیه السلام:

«أَطْلِقْ عَنِ آلنَّاسِ عُقْدَةَ کُلِّ حِقْدٍ وَاِقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْر».

فالعمل على حلِّ مشاكل الرَّعيَّة يُساعدُ على قطع كلِّ أسباب الحقد على الوالي.

3. الشنآن لفظٌ يدلُّ على الكراهية والبغض، جاء في (العين): «وشنيء يشنا شنأةً و شناناً، أي: أبغض. ورجلٌ شناءةٌ وشنائيةٌ، بوزن فعالة وفعاليةٍ: أي: مُبغضٌ، سيءُ الخُلقِ»(2). وقد أشار الإمامُ علیه السلام إلى مَنْ يكون أبغض النَّاس عند الوالي، قال:

«وَلْيَکُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ وَأَشْنَأَهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَایِبِ اَلنَّاسِ».

فأشنأهم: أبغضهم. وهو مَنْ يطلبُ معایبَ النَّاسِ.

ج - حقل الألفاظ المتعلِّقة بالتحقير 1. التحقير التحقير هو التصغير، والحَقْرُ في كلّ المعاني: الذِلَّةُ. والفعلُ منه: حَقَرَ یَحْقِرُ حقرًا وحقرية. وتَحقيرُ الكلمةِ: تَصغيرُها(3). وقال الجوهريّ: «الحَقيرُ: الصغير الذليل. تقول منه حَقُرَ بالضم حَقارَةً. وحَقَرَه، واحْتَقَرَهُ، واستحقره: استصغره. وتَحاقَرَتْ إليه نفسُه: تصاغرت. والتحقيرُ: التصغير»(4).

ص: 50


1- ينظر العين: 3 / 40
2- العين: 6 / 287
3- ينظر العين: 3 / 43
4- الصحاح: 2 / 635

ومنه قولُ الإمام عليّ عليه السلام:

وتَفَقَّدْ اُمُورَ مَنْ لاَ یَصِلُ إِلَیْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ اَلْعُیونُ وَ تَحْقِرُهُ اَلرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِن أَهْلِ اَلْخَشْیَةِ».

وتحقِرُهُ الرِّجال: تستصغره.

2. التعيير العار لفظُ تحقيرٍ ومذلَّة، قال الخليلُ: «والعارُ: كلّ شيء لزم به سُبّة أو عَيْب. تقول: هو عليه عارٌ و شَنارٌ. والفعل: التّعبير»(1). ومنه قولُ الإمام علیه السلام:

«وَ تَحَفَّظْ مِنَ الاَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَة اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ اِکْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ وَأَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّةِ وَوَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ وَقَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَةِ».

ف(عارُ التُّهمة)، وقبله: (المذلَّة) و (سمة الخيانة) كلّها ألفاظٌ تدلُّ على تحقيرٍ وإهانةٍ.

ح - حقل الألفاظ المتعلّقة بالبخل 1. البخل البخل ضدُّ الكرم، وهو من الصفات الخلقيَّة السيّئة، وفيه لغات، قال ابن سيدة: «البُخْل، والبَخَلُ، والبَخْل، والبُخول: ضد الْكَرم. وَقد بَخِلَ بُخْلا وبَخَلاً، فَهُوَ باخل، وَالْجمع: بُخّال، وبَخيل، وَالْجمع: بُخلاء. وَرجل بَخَلٌ، وُصِف بِالْمَصْدَرِ، عَن أبي العَمَیثل الْأَعرَابِي، وَکَذَلِكَ: بَخّال، ومُبَخَّلٌ. وبَخَّله:

ص: 51


1- العين: 2 / 239

رَمَاه بالبُخل. وأبخله: وجَده بَخيلا»(1).

ومنه في عهد الإمام عليّ علیه السلام قولُهُ:

«وَلاَ تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلاً يَعْدِلُ بِكَ عَنِ اَلْفَضْلِ ويَعِدُكَ اَلْفَقْرَ».

فالإمام علیه السلام يُشيرُ إلى خطورة التعامل مع البخيل؛ إذ إنَّه قد یُبعدك عن أداء الفضل على الآخرين، وبذلك يكونُ واعدًا لك بالفقر.

2. الشُّحَّ لفظٌ ارتبط بالمنع سواء أكان إيجابًا أم سلبًا، قال ابنُ فارس: «الشِّينُ والْحَاءُ، الْأَصْلُ فِيهِ الْمَنْعُ، ثُمَّ يَکُونُ مَنْعًا مَعَ حِرْصٍ. مِنْ ذَلِكَ الشُّحُّ، وَهُوَ الْبُخْلُ مَعَ حِرْصٍ. وَيُقَالُ تَشَاحَّ الرَّجُلَانِ عَلَى الْأَمْرِ، إِذَا أَرَادَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَوْزَ بِهِ ومَنَعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ»(2).

وقد استعمله الإمام علیه السلام بمعنى المنع بقوله:

«فَامْلِكْ هَوَاكَ وَشُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لاَ يَحِلُّ لَكَ فَإِنَّ اَلشُّحَّ بِالنَّفْسِ اَلْإِنْصَافُ مِنْهَا فِيمَا أَحَبَّتْ أَوْ کَرِهَتْ».

فالشُّحّ بالنَّفس يعني منعها ممَّا لا يحلُّه الله لها، ويُعدُّ الشُّحّ عليها بابًا لإنصافها من الوقوع في الرذائل.

ص: 52


1- المحكم والمحيط الأعظم، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ت: 468 ه]، المحقق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، 1421 ه - 2000 م: 5 / 210 - 211
2- مقاییس اللغة: 3 / 178

نتائج البحث

ص: 53

ص: 54

نتائج البحث

هناك علاقةٌ طبيعيَّةٌ دلاليَّةٌ بين معنى الطبيعة والأخلاق، فالإنسانُ في سجيَّتِهِ يحملُ صفاتٍ خُلُقيَّةً قد تكونُ حسنةً، وقد تكون سيِّئةً.

لم تعرف الدراسات اللغوية العربية الحديثة مصطلح (الحقل الدلالي) إلاَّ بعد اطلاعها على الدراسات اللغوية الغربية؛ لذا كانت التعاريف المتناثرة في تلك الدراسات متماثلة ومتشابهة ومترجمة، على الرغم من أنَّ الدراسة العربية قد عرفت الحقول الدلالية تطبيقاً وإجراءً في أكثر من مصدر وعبر قرون متعاقبة. ويُعدُّ أبو منصور الثعالبيّ من اللغويين العرب الذين حاولوا قديمًا تصنيف كلمات اللغة على وفق حقول دلالية معيَّنة في كتابه: (فقه اللغة وسرّ العربيَّة)؛ إذ أورده على شكل حقول دلاليَّة خاصة بالحيوانات، والنباتات، والشجر، والأمكنة، وغير ذلك من أسماء الموجودات، والصفات، والأشياء.

زخر عهد الإمام علي علیه السلام إلى مالك الأشتر بألفاظ ارتبطت بالخلق والأخلاق ممَّا لا يُحصى؛ وذلك لكونه وثيقة أخلاقيَّة تُخاطبُ الرَّاعي والرَّعيَّة معًا، وترسمُ طريقًا ناجحًا لإدارةِ الدَّولة على وفق أُسسٍ ومبادئ إسلاميَّة تؤثر في حياة الفرد والمجتمع

ص: 55

قد عبَّر الإمام علیه السلام عن كثيرٍ من الألفاظ الخلقيَّة بعبارات وتراکیب، وهذا أسلوبٌ فريدٌ لا يملكُهُ إلّا من يملك ناصية البلاغة والبيان، كيف لا وكلامه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين. وكان للسياق في حصر دلالة هذه الألفاظ دورٌ مهمٌّ.

تباينت ألفاظ الأخلاق المحمودة في عهد الإمام عليّ علیه السلام التي انتظمت في حقول دلاليَّة، وارتبطت دلاليًّا تحت لفظٍ عامٍّ يجمعها إلى ستة حقول، تمثلت بألفاظ: (اللين، العدل، الصدق، الصبر، الصلة، الإعانة).

يُعدُّ الإمامُ عليّ علیه السلام صوت العدالة الإنسانيَّة؛ لذا لا غرابةَ أن تتكرَّر مرادفات لفظة (العدل) بكثرة في عهده علیه السلام.

ربما يكونُ اقترابُ لفظ (الأوسط) من معنى العدل جاء بسبب شيوع قاعدة أنَّ أوْسَطَ الشَّيْءِ أَفْضَلُه، أو من وصف العرب للفَاضِل النسب بأنه: من أوسط قومه.

وردت بعض الألفاظ قليلة الاستعمال، وغريبة اللفظ من مثل: (قود البدن، وحمیَّة الأنف، والختل، وكسر النفس، وخيس العهد، وسطوة اليد)، و(قود البدن) مثلًا من الألفاظ التي تحملُ معنى العدل کما ذکر شُرَّاح نهج البلاغة، وقد ورد معنى الجزء الأول من (قود البدن) في معاجم اللغة؛ وفيه معنی القصاص وتحقيق العدالة للمقتول. وهذا ما كان الجوهريّ فيه أكثر وضوحًا، ولكنَّ إضافة (قود) إلى (البدن) في قولِ الإمام علیه السلام جاء بمعنى العقوبة الجسدية لا غير أي: القتل.

جاء لفظ الصلة في قوله: (أَخٌ لَكَ فِي اَلدِّينِ)، ليشير إلى معنًى إنسانيّ لم تعرف البشريَّة مثيله، ويُقدِّم المصلحة الإنسانيَّة وحقّ المواطنة للجميع، ولا سیَّما حقُّ الأقليّات الدينيَّة والعرقيَّة التي تعيش في ظل الحكم الإسلامي في عهده علیه السلام.

ص: 56

قُسِّمت الحقول الدلاليَّة لألفاظ الأخلاق في عهد الإمام علیه السلام على قسمين: محمودة ومذمومة. وكان عددُ الألفاظ المذمومة أكثر من نظيرتها المحمودة. ولعلَّ السبب في ذلك هو أنَّ الطابع العام لعهد الإمام علیه السلام هو التحذيرُ والتنبيهُ من مغبة الوقوع في المذمومِ من الأفعال والأخلاق.

قُسِّمت ألفاظ الأخلاق المذمومة في عهد الإمام عليّ علیه السلام إلى ستة حقول هي: (الخديعة، التعالي، الظلم، الخصومة، التحقير، البخل) على التوالي. وقد تصدَّرت ألفاظ الخديعة حقول ألفاظ الأخلاق المذمومة؛ إذ وصلت إلى أربع عشرة لفظة.

ص: 57

ص: 58

المصادر والمراجع

ص: 59

ص: 60

المصادر والمراجع

1. - القرآن الكريم 2. إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، دار المعرفة - بيروت (د. ت).

3. أساس البلاغة، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفي: 538 ه)، تحقيق: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة: الأولى، 1419 ه - 1998 م.

4. تاج العروس من جواهر القاموس، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205 ه)، المحقق: مجموعة من المحققين، دار الهداية.

5. التعريفات، علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (المتوفي: 816 ه)، المحقق: ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، الطبعة:

الأولى 1403 ه - 1983 م.

6. التعريفات الفقهية، محمد عميم الإحسان المجددي البرکتي، دار الكتب العلمية (إعادة صف للطبعة القديمة في باكستان 1407 ه - 1986 م)، الطبعة: الأولى، 1424 ه - 2003 م.

7. تهذيب اللغة، محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370 ه)، المحقق:

محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة: الأولى، 2001 م.

8. دور الكلمة في اللغة: ستيفن أولمان، ترجمه وقدَّم له وعلق عليه: د. کمال بشر، مكتبة الشباب، القاهرة (د. ت).

9. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفي:

393 ه)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين - بيروت، الطبعة: الرابعة 1407 ه - 1987 م.

10. صحيح البخاري، للبخاري (ت 256 ه)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع / 1401 - 1981 م.

ص: 61

11. علم الدلالة، أحمد مختار عمر، عالم الكتب، القاهرة، ط 5 / 1998 م.

12. علم الدلالة، جون لاينز، ترجمة: مجيد الماشطة، كلية الآداب، جامعة البصرة، مطبعة الجامعة 1980 م.

13. علم الدلالة أصوله و مباحثه في التراث العربي، منقور عبد الجليل، من منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق/ 2001 م.

14. علم الدلالة التطبيقي في التراث العربي، د. هادي نهر، دار الأمل للنشر والتوزيع، الأردن، ط 1 / 2007 م.

15. علم اللغة العام، دي سوسير، ترجمة: يوئيل يوسف عزیز، دار آفاق عربية، بغداد، 1985 م. 16. العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري (المتوفى: 170 ه)، المحقق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال.

17. فقه اللغة العربية: د. کاصدیاسر الزيدي، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل / 1407 ه - 1987 م.

18. فكر الإمام علي علیه السلام کما يبدو في نهج البلاغة، د. جلیل منصور العریّض، دار المحجة البيضاء، بیروت، ط 1 / 2014 م.

19. فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي (ت 1031 ه)، تحقيق: تصحيح أحمد عبد السلام، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى / 1415 - 1994 م.

20. الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538 ه)، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة: الثالثة / 1407 ه.

21. لسان العرب، محمد بن مکرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعی الإفريقي (المتوفي: 711 ه)، دار صادر - بيروت، الطبعة الثالثة - 1414 ه.

22. لطائف الإشارات، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري (المتوفي: 465 ه)، المحقق:

إبراهيم البسيوني، الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر، الطبعة: الثالثة (د. ت).

23. ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد: أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، تحقيق: د. أحمد محمد سليمان أبو رعد، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ط 1 / 1988 م. 24. المحكم والمحيط الأعظم، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ت: 458 ه]، المحقق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، 1421 ه - 2000 م.

ص: 62

25. مدخل الى علم الأخلاق، شفيق جرادي، ط 1، دار المعارف الحكمية، بيروت، 2014 م - 1435 ه.

26. مستدرك الوسائل، میرزا حسين النوري الطبرسي، مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث، بیروت، لبنان، ط 2 / 1408 - 1988 م.

27. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس (المتوفي: نحو 770 ه) المكتبة العلمية - بيروت (د. ط).

28. معاجم الموضوعات في ضوء علم اللغة الحديث، محمود سلیمان یاقوت، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية / 1994 م.

29. معاني القرآن وإعرابه، إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفي: 1311 ه)، عالم الكتب - بيروت، الطبعة الأولى 1408 ه - 1988 م.

30. معجم الفروق اللغويَّة، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعید بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395 ه)، المحقق: الشيخ بیت الله بیات، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ب«قم»، ط 1، 1412 ه.

31. مقاییس اللغة، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفي: 395 ه)، المحقق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر / 1399 ه - 1979 م.

32. المنطق، محمد رضا المظفر، ط 3، دار التعارف، بیروت، 1990 م.

33. من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تصحیح و تعلیق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسین بقم المشرفة.

34. النهاية في غريب الحديث والأثر، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفي: 606 ه)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، ومحمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية - بيروت، 1399 ه - 1979 م.

35. نهاية المرام في علم الكلام، الحسن بن يوسف الحليّ، تحقيق: فاضل العرفان، الطبعة الأولى، مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام، 1429 ه، (د. ط).

36. علم الدلالة، تأليف كلود جرمان، ريمون لوبو، ترجمة الدكتورة نور الهدى لوشن، منشورات جامعة خان يونس - بنغازي، ط 1، 1997 م

ص: 63

المحتويات

مقدمة المؤسسة...5

المقدمة...7

المبحث الأول: نظرية الحقول الدلالية...15

المبحث الثاني: الحقول الدلالية في عهد الإمام عليه السلام...23

حقول الألفاظ المحمودة...23

ألفاظ الأخلاق المذمومة في عهد الإمام عليّ علیه السلام...41

نتائج البحث...55

المصادر والمراجع...61

المحتويات...64

ص: 64

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.