النشاط التجاري في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه)

هوية الکتاب

النشاط التجاري في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه)

تأليف م. د. جمعة ثجيل الحمداني م. د. حيدر عبد العالي

العتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1439 ه - 2017 م العراق - كربلاء المقدسة

مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 1

اشارة

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية 4215 لسنة 2017

ص: 2

سلسلة دراسات في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه) (13) وحدة الدراسات الاقتصادية النشاط التجاري في عهد أمير المؤمنين (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه) تأليف م. د. جمعة ثجيل الحمداني م. د. حيدر عبد العالي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة العتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1439 ه - 2017 م العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع الألكتروني: www.inahj.org الإيميل: Info@ Inahj.org

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤسسة

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم من عموم نعمٍ ابتدأها وسبوغ آلاء أسداها والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرین.

أما بعد:

فإن من أبرز الحقائق التي ارتبطت بالعترة النبوية هي حقيقة الملازمة بين النص القرآني والنص النبوي ونصوص الأئمة المعصومين (علیهم السلام).

وإنّ خير ما يُرجع إليه في المصادیق لَحديث الثقلين «كتاب الله وعترتي أهل بيتي» هو صلاحية النص القرآني لكل الأزمنة متلازماً مع صلاحيّة

ص: 5

النصوص الشريفة للعترة النبوية لكل الأزمنة.

وما كتاب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه) إلا أنموذجٌ واحدٌ من بين المئات التي زخرت بها المكتبة الإسلامية التي اكتنزت في متونها الكثير من الحقول المعرفية مظهرة بذلك احتياج الإنسان إلى نصوص الثقلين في كل الأزمنة.

من هنا:

ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة أن تخصص حقلاً معرفياً ضمن نتاجها المعرفي التخصصي في حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) وفكره، متبخذة من عهده الشريف إلى مالك الأشتر (رحمه الله) مادة خصبة للعلوم الإنسانية التي هي أشرف العلوم ومدار بناء الإنسان

ص: 6

وإصلاح متعلقاته الحياتية وذلك ضمن سلسلة بحثية علمية والموسومة ب (سلسلة دراسات في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رحمه الله)، التي يتم إصدارها بإذن الله تباعاً، حرصاً منها على إثراء المكتبة الإسلامية والمكتبة الإنسانية بتلك الدراسات العلمية التي تهدف إلى بيان أثر هذه النصوص في بناء الإنسان والمجتمع والدولة متلازمة مع هدف القرآن الكريم في إقامة نظام الحياة الآمنة المفعمة بالخير والعطاء والعيش بحرية وكرامة.

وكان البحث الموسوم (النشاط التجاري في عهد أمير المؤمنين عليه السلام) الذي سلط الضوء على جانب مهم في الحياة العامة للمجتمع آنذاك وما لهذا الجانب من أثر كبير في استقراء الدولة اقتصادياً وسياسياً، لأنه يربط بين فئات

ص: 7

المجتمع والدولة عبر ما تقدمه الدولة من قوانين حركة التجارة ونشاطها الذي ينعكس على الحالة الاقتصادية للناس.

فجزى الله الباحثين خير الجزاء فقد بذلا جهدهما وعلى الله أجرهما، والحمد لله رب العالمين.

السيد نبيل الحسني الكربلائي رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

لعل أصعب ما يواجه الباحث هو ان يضع خطاً حاسماً يفصل بين مرحلتين تأريخيتين لمجتمع ما لأن تحول المجتمع من حالة الى حالة آخری بطيء وتدريجي، ولذلك فمن العسير تعيين وحدة زمنية والقول بأنها خاتمة عهد وبداية عهد جديد.

وهذه الصعوبة التي نواجهها هنا حين نبغي وضع تحديد زماني دقيق للمرحلة التأريخية التي بدأت الأمة المسلمة تشهد فيها الانحراف الصريح عن مبادئ الاسلام، ولكننا نستطيع ان نشهد هذا التحول واضحا منذ بداية النصف الثاني من عهد عثمان.

ص: 9

ولكي يستوفي الباحث شروط البحث الموضوعي، الا يكتفي بالظواهر فقط، بل نمضي في البحث عن جذور هذه الظواهر في تصرفات الجماعات والرجال الذين صاغوا تاريخ لهذا الفترة، منبهين الى اننا هنا انما نبحث عن طبيعة الاحداث واليتها، ومدى مساهمتها في التعجيل بظهور هذا التيار الجديد في الحياة الاسلامية، لاعتقادنا بان هذه الاحداث كغيره في الاحداث الاجتماعية الهامة لم تكن وليدة اندفاعات وقتية، وانما كانت نتيجة للظروف الاجتماعية التي سبقتها.

ومن الناحية الاقتصادية تحديدا فأن النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) سوی بين المسلمين في العطاء، فلم يفضل احداً منهم على احد، وجرى على مبدأ التسوية في العطاء ابو بکر مدة خلافته، اما عمر فقد جرى حين فرض العطاء في سنة عشرين للهجرة

ص: 10

على مبدأ التفضيل عندما دون الدواوين وفرض العطاء سنة عشرين للهجرة. ففضل السابقين على غيرهم، وفضل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين، وفضل المهاجرين كافة على الانصار کافة، وفضل العرب على العجم، وفضل الصريح على المولى(1).

وقد ولد هذا المبدأ فيما بعد اسوأ الاثار في الحياة الاسلامية، حيث انه وضع اساس تكون الطبقات في المجتمع الاسلامي، وجعل المزية الدينية من سبل التفوق المادي، وزود الاستقراطية القريشية التي مكنت لنفسها من جديد بتمكن ابي بكر من الحكم بمبرر جدید الاستعلاء والتحكم بمقدرات المسلمين، فجميع امتیازات الفضيل تجعل القريشيين افضل في

ص: 11


1- اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 152

العطاء من غير القرشيين(1). وهذا يعني ان قريشا افضل الناس، لانها قريش، وكفى بهذا مبررا للتحكيم والاستعلاء.

وقد كون هذا المبدأ سببا جديدا من اسباب الصراع القبلي بين ربیعه ومضر، وبين الاوس والخزرج بما تضمن من تفضيل مضر على سائر ربیعة، وتفضيل الاوس على الخزرج. وقد ارسی هذا المبدأ اول اساس من اسس الصراع العنصري بين المسلمين العرب وغيرهم من المسلمين بما جرى عليه عمر من تفضيل العرب على العجم والصريح على المولى(2).

وعندما جاء عثمان سار على نفس المبدأ الذي سار عليه عمر في التمييز في العطاء، فظهرت

ص: 12


1- شمس الدين، ثورة الحسين (علیه السلام) ص 37
2- المصدر نفسه، ص 138

الاثار الضارة لهذا الترسيخ في الحياة الاسلامية. وكانت من اهم العوامل التي مهدت للفتنة بين المسلمين.

أدت سياسة عثمان التي ارتكزت على محاباة بني أميه اوسوء توزيع الثروة في الدولة ورفع أسوا الناس على رقاب المؤمنين وتركيز السلطة في يد عائله بعينها دون اعتبار للأهلية والكفاءة الى تمرد عامة الشعب وتذمر الصحابة حتى انتهى الامر بمقتله(1).

إن التاريخ علمنا ان وراء كل ثورة تحدث اسباب سياسية واخرى اجتماعية او ثقافية وأسبابا اقتصادية والذي يهمنا في هذا البحث هو الاسباب

ص: 13


1- للمزيد ينظر: ابن سعد، الطبقات الکبری، ج 6، ص 24، ج 7، ص 396. ترجمة عبدالله بن سعد بن ابي سرح؛ خليفة ابن خياط العصفري، تاريخ خليفة بن الخياط، ص 115

الاقتصادية التي أدت الى اندلاع الثورة والتي لم يركز عليها المؤرخون والكتاب ولم يعطوها اهميتها التي تستحقها في مقتل عثمان بن عفان تحديداً.

أن المشكلة التي سببت الثورة على عثمان ومقتله كان أساسها أنحرافاً اقتصادياً مادياً بالدرجة الاولى وهو ما يظهر من عبارة الامام علي (علیه السلام) التي قالها للمهاجرين والانصار بعد مقتل عثمان او حينما آتوه وقالوا له: «هلم نبايعك فقال:... أني قد كنت کارها لأمركم فأبيتم الا أن أكون علیکم. ألا وانه ليس لي أن آخذ منه درهما دونكم رضيتم؟ قالو نعم قال اللهم اشهد ثم بايعهم على ذلك(1).

ص: 14


1- الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 450؛ ابن الأثير، الكامل، ج 3، ص 139

وهذا يدل على أن الامام علي (علیه السلام) قد شخّص العلة التي قامت من أجلها الثورة وهو الانحراف الاقتصادي الذي بدا واضحا للعيان من خلال تأثيره الكبير على المجتمع الاسلامي أنذاك ولو لم يكن لهذا الانحراف علاقة بما جرى، ما كان الامام علي (علیه السلام) قد خصه بالذكر في عهد البيعة الذي له منزلة الدستور.

واستناداً لكل ما تقدم نستطيع القول: ان الفكر الاقتصادي عند الامام علي (علیه السلام) يحتل مساحة واسعة في كيفية ادارة الدولة من خلال نشاطها الاقتصادي، وكانت التجارة وحركة الاسواق وسبل السيطرة عليها وتحريكها من الامور التي لم تغب عنه (علیه السلام) في تلك المرحلة. وسيتضح ذلك من خلال المباحث القادمة.

ص: 15

تمهید

أول شيء أوصى امير المؤمنين (علیه السلام) به مالك الاشتر الذي عينه والياً على مصر ان يكون محبا للرعية، محترم لمشاعر الناس من أي فئة كانوا سواء كانوا مسلمين أم من اهل الاديان الاخرى ولا يخفى ان في ذلك تثبيت الانسانية الاسلام واحترامه لمشاعر الناس، وتقوية لبنية النظام والحكومة.

قال (علیه السلام): ((وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم ولاتكونن عليهم سبعاً ضارياً، فأنهم صنفان: أما أخ لك في الدين، واما نظير لك في الخلق))(1).

ثم دعاه أن لا يميز بين القريب والبعيد في عطاءاته من بيت المال، وقد عانى الناس من

ص: 16


1- نهج البلاغة: رسالة 53

التمييز في العطاء اثناء العهد السابق فكان ذلك من الاسباب التي دعتهم الى الثورة على الخليفة الثالث.

ثم تعرض (علیه السلام) لاقسام الرعية واصنافها وبين ان كل قسم منها يحتاج للقسم الاخر و مرتبط به ارتباطا عضوياً، حيث ان كل تلك الاقسام تشكل نظاما متكاملا ومتماسكاً، فهي بمثابة الجسم الواحد، وعين لكل صنف مسؤوليته ومهمته حتى لاتتداخل الامور وبالتالي تسود الفوضى.

وفي حديثه عن كل صنف من الاصناف كان امير المؤمنين (علیه السلام) يؤكد على ضرورة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ويؤكد على اختیار اصحاب الكفاءات وحذر من الاختيار القائم على المحاباة والذي تجرع الناس منه

ص: 17

الغصص والويلات. قال (علیه السلام): (واعلم ان الرعية طبقات، لايصلح بعضها الا ببعض، ولاغنى ببعضها عن بعض، فمنها: جنود الله، ومنها كتاب العامة والخاصة، ومنها: قضاة العدل، ومنها: عمال الانصاف والرفق، ومنها اهل الجزية والخراج من اهل الذمة ومسلمة الناس، ومنها: التجار واهل الصناعات، ومنها: الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة، وكل قد سمى الله سمه ووضعه على حده فريضة في كتابه او سنة نبيه (صلی الله علیه و آله وسلم).

واكثر ما تحدث أمير المؤمنين (علیه السلام) في كتابه للأشتر (رحمه الله) عن الطبقة السفلى اي

الفقيرة، وهذه الطبقة تشكل القسم الاكبر في المجتمع في كل زمان ومكان، ولهذا جعل كل تلك الطبقات الحماية ومساعدة هذه الطبقة، حتى

ص: 18

تنهض مما هي فيه وتنعم بالعدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ولو يصار الى تأدية حقوقها كاملة في كل زمان لنهضت، ولكن هيهات!! في ان ينتهي عهد، حتى يأتي عهد جدید عمق هوة الفقر والمسكنة، وهكذا تتوسع هذه القشرة وتكبر وتتأصل جذورها اكثر فأكثر.

وقد سطر أمير المؤمنين (علیه السلام) جاهداً لرفع الغبن والحيف عن هذه الطبقة، خلال الفترة القصيرة التي حكمها، وقد نجح الى حد بعيد في هذا الاتجاه، وان كانت المدة التي حكم فيها غير كافية لقلع جذور الفقر والاستضعاف.

يقول جورج جرداق في كتابه: ((علي وحقوق الانسان)): ان لعلي بن ابي طالب في حقوق الانسان أصولا واراء، تمتد لها في الارض جذور وتعلوها فروع)) وقال في حكاية اخرى من

ص: 19

الكتاب: ((له شأن اي شأن، وآراؤه فيها (حقوق الانسان) تتصل اتصالاً كثيراً بالاسلام يومذاك، وهي تدور على محور من رفع الاستبداد والقضاء على التفاوت الطبقي.

قال (علیه السلام): ((ثم الله الله في الطبقي السفلى، من الذين لاحيلة لهم من المساكين والمحتاجين واهل البؤس والزمن؛ فأن هذه الطبقة قانعاً ومعتراً. واحفظ الله ما استحفظك من حق فيهم)).

وقد ذكر هذه الطبقة حقوقاً مفصلة كحقوق العامة، الا انها اكثر الحاحً هنا. والملاحظ ان الامير (علیه السلام) طلب من واليه على مصر ان يشرف بنفسه على اوضاع هذه الفئة، مضافاً الى الاشراف العام وحذره من التهاون في تنفيذ حاجياتهم، واداء حقوقهم المالية والقانونية والشرعية.

ص: 20

قال (علیه السلام): ((واجعل لهم قسما من اهل بيت مالك، وقسماً من غلات صوافي الاسلام في كل بلد))، ثم قال (علیه السلام) في موضع آخر: ((واجعل لذوي الحاجات منك قسماً تقرع لهم فيه شخصك وتجلس لهم مجلساً عاماً فتتواضع فيه لله الذي خلقك)).

المبحث الأول: التجارة والأسواق عند العرب

يتفق المؤرخون على ان العرب كانوا أقدم تجار في العالم، وان جزيرتهم كانت أول المواضع التي شهدت أقدم حركة للتجارة بين الدول، إذ تمتعت هذه الجزيرة بموقع استراتيجي مهم، فهي وسط العالم القديم وعلى طريق التجارة العالمية ولاسيما الطرق التي تصل الشرق الأقصى والهند ببقية أنحاء العالم، وان الرأي القائل بان العرب وخاصة في جاهليتها كانت أمة منعزلة عن العالم

ص: 21

لا تتصل بغيرها أي اتصال، وان الصحراء من جانب والبحر من جانب حصراها وجعلاها منطقة معزولة عمن حولها. هو رأي خاطئ(1).

وقد كانت جزيرة العرب طريقاً عظیماً للتجارة، فطوراً تنقل غلاتها إلى ممالك أخرى كالشام ومصر، وأهم هذه الغلات البخور الذي يكثر في الجنوب ولاسيما ظفار، وطوراً تنقل غلات بعض الممالك إلى بعضهم الآخر. لذا صارت التجارة عصب الحياة الاقتصادية لأكثر الدول التي تكونت في هذه الربوع وغلبت الصفة التجارية على المجتمعات الحضرية، واتسع المجال للتبادل الثقافي بين مراكزها التجارية والثقافات الأجنبية في بعض الفترات(2).

ص: 22


1- الدوري، مقدمة تاريخ صدر الاسلام، ص 38؛ دلو، جزيرة العرب، ص 135
2- الهمذاني، صفة جزيرة العرب، ص 219

وعندما جاء الإسلام أباح كل وسيلة شرعية وكريمة للكسب، ومن هذه الوسائل التجارة، فقد كان سيد الكائنات محمد (صلی الله علیه و آله وسلم) يعمل في هذه المهنة الشريفة، إذ خرج (صلی الله علیه و آله وسلم) تاجرة إلى الشام في مال خديجة بنت خويلد التي عرضت عليه ان يخرج في مالها تاجراً وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره لما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه. فخرج (صلی الله علیه و آله وسلم) في مالها حتى قدم الشام(1).

ويبدو ان النشاط التجاري كان كبيراً إلى درجة ان بعض الصحابة قد مارسوا التجارة مثل عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله، وامتلك هؤلاء ثروات طائلة وكبيرة ليس أدل على ذلك من ان سعيد بن المسيب ذکر

ص: 23


1- ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 121

ان زید بن ثابت حين مات خلف من الذهب والفضة ما كان يكسّر بالفؤوس، غير ما خلف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار. وهو الأقل ثروة من بين هؤلاء(1).

وقد ذكر الشيخ الكليني(2)، العديد من الأحاديث الصادرة عن الأئمة الأطهار (علیهما السلام) بین فيها آداب التجارة و ضوابطها وأحكامها وأهميتها في النهج الاقتصادي الإسلامي. وأوضح ان الإمام علي (علیه السلام) كان يحث الناس على مزاولتها وعدم تركها، حيث يقول (علیه السلام): (تعرضوا للتجارة فان فيها غنى لكم عما في ايدي الناس(3) وقال (علیه السلام): (اتجروا بارك الله فيكم، فاني سمعت

ص: 24


1- المسعودی، مروج الذهب، ج 2، ص 352؛ ابن خلدون، المقدمة، ص 214
2- فروع الكافي، ج 2، ص 156 وما بعدها
3- المصدر نفسه، ص 149

رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: ان الرزق عشرة اجزاء، تسعه في التجارة وواحد في غيرها)(1)، ونقل الشيخ الصدوق(2) قول امير المؤمنين (علیه السلام): (تسعة اعشار الرزق في التجارة، والخير الباقي في السابياء، يعني الغنم)، ولم يقتصر الامر في ذكر الاحاديث التي تحث على مزاولة التجارة على الامام علي (علیه السلام) فقط، بل ان الائمة الاطهار الاخرون حذوا حذوهم في حثهم المسلمين على مزاولة التجارة وبيان محاسنها، وفي هذا قال الامام الصادق (علیه السلام): (ان التجارة تزيد في العقل)(3)، وقال أيضاً: (ترك التجارة ينقص العقل)(4)، وأكد أيضاً: (ان من

ص: 25


1- الصدوق، من لایحضره الفقیه، ج 3، ص 192
2- الصدوق، الخصال، ص 446
3- الصدوق، من لا يحضره الفقیه، ج 3، ص 191
4- الصدوق، من لایحضره الفقیه، ج 3، ص 192

طلب التجارة استغني عن الناس وان كان معيلاً لان تسعة أعشار الرزق في التجارة(1)، وهذا يؤكد أفضلية العمل التجاري عند الإمام علي وباقي الائمة الاطهار (علیهما السلام) على الأعمال والمهن الأخرى على الرغم من ان كل عمل، وكل تخصص له دوره المعروف في إدامة ونجاح عجلة الحياة الاقتصادية.

وهكذا شجع الإسلام التجارة بعدّها وسيلة مهمة لتلبية ما تحتاجه متطلبات الحياة اليومية. إلا ان ما ورثه العرب من تمسكهم بالعادات القبلية والأفكار الجاهلية، كانت من العوامل التي تعرقل حركة النشاط التجاري منها ان التوفير كان ينظر اليه بازدراء، كما ان الاقتصاد

ص: 26


1- المصدر نفسه والصفحه

كان يُعدُّ بخلاً(1). فكان الناس يستهزئون بالتجار لان خطة التاجر الناجح كانت تقوم على الاعتماد على فضول الأموال الصغيرة من القراريط والدوانق والأرباع والأنصاف. فالتجار کانوا يجمعون ثرواتهم من صغائر الأموال لتصبح بعد ذلك ادخارات أي أموالاً مؤهلة للاستثمار(2)، وهذا ما لا يقره الفكر القبلي في بداية نشوء الدولة الإسلامية.

أما من الناحية الاجتماعية فكان ينظر إلى التجار على انهم أقل مكانة اجتماعية من الأشراف والملوك، وتتفاوت هذه النظرة على التجار بتفاوت أصناف التجار في أطوارهم(3).

ص: 27


1- الدوري، تاريخ العراق الاقتصادي، ص 138
2- الجاحظ، البخلاء، ص 15، 31، 56
3- ابن خلدون، المقدمة، ص 400

إلا ان هذا لا يعني ان التجار كانوا لا يحظون بالاحترام، وابرز مثال على ذلك ما روي عن امير

المؤمنين (علیه السلام) عن رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) انه قال لزينب العطارة: (إذا أتيتنا طابت بيوتنا، فقالت: بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله. فقال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم): إذا بعتِ فأحسني ولا تغشي فانه اتقي الله وأبقى للمال)(1). ونستفيد من هذا الحديث الشريف ان هذه التاجرة كانت تحظى بالاحترام الكبير من الرسول (صلی الله علیه و آله وسلم) لمزاولتها هذه المهنة الشريفة. وقد كان رسول (صلی الله علیه و آله وسلم) يحثها على مزاولة عملها وفي الوقت نفسه على الالتزام بضوابط العمل التجاري. وهناك العديد من الأحاديث التي تؤكد المكانة المحترمة التي يحظى بها التاجر في الإسلام. فقد روي عن الإمام علي

ص: 28


1- الكليني، فروع الكافي، ج 5، ص 151

(علیه السلام) قوله: (لا تدعوا التجارة فتهونوا، اتجروا بارك الله لكم)(1).

وقد رافق هذا النشاط نشاط الحركة في الأسواق التي أخذت تتطور حتى أصبحت لها أهمية خاصة في حياة العرب قبل الإسلام وبعده. وقد كان لهذه الأسواق أهمية كبيرة. فقد أفادت البدو الذين كانوا يأخذون مبالغ مالية نظير الحماية والخدمة في القوافل الوافدة إلى الأسواق(2).

وقد كانت هذه الأسواق في عصر ما قبل الإسلام معروفة ومحددة العدد. الا ان المؤرخين اختلفوا في عددها فمنهم من ذكر انها عشرة

ص: 29


1- المصدر نفسه، ص 153
2- شوقي ضيف، العصر الجاهلي، ص 76؛ یاسین، تطور الأوضاع الاقتصادية، ص 56

أسواق، ومنهم من قال انها أكثر من ذلك(1).

وكان نشاط هذه الأسواق يقتصر في الأعم الأغلب على ما كان يجاوره من الأحياء والقرى، وما ينزل بساحته من القبائل کسوق هجر وحجر اليمامة(2)، ومنها ما كان عاماً تفد اليه الناس من أطراف شبه جزيرة العرب مثل سوق دومة الجندل وسوق صنعاء وسوق عكاظ وسوق عدن وغيره(3).

أما أسواق العرب في الإسلام فقد أصبحت تحتوي على كل أنواع البضائع المعروفة لهم، وأهم هذه الأسواق هو سوق المربد في البصرة(4).

ص: 30


1- اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 1، ص 230؛ التوحيدي، الأمناع والمؤانسة، ج 1، ص 64
2- الافغاني، اسواق العرب، ص 217-224
3- المصدر نفسه والصفحة
4- اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 1، ص 230

ومن خلال الروايات التي نقلها الشيخ الكليني(1) يتضح لنا ان العمل في الأسواق يحظى بأهمية بالغة في النهج الاقتصادي الإسلامي لهذا كان الإمام الصادق (علیه السلام) يحث معاذ

بياع الأكسية على مزاولة العمل في السوق فيقول له: (يا معاذ أضعفت عن التجارة أو زهدت فيها؟ ثم يقول له لا تتركها فان ترکها مذهبة للعقل اسع على عيالك وإياك ان يكونوا هم السعاة عليك). أما الإمام الكاظم (علیه السلام) فكان يقول للسائل: (إعد إلى عزِّك - وكان يعني السوق-)(2).

وقد كانت الرقابة على الاسواق في عهد امیر المؤمنين (علیه السلام)، تحظى بأهمية بالغة منه

ص: 31


1- الكافي، ج 5، ص 156
2- المصدر نفسه والصفحة

(علیه السلام) مباشرة، وهذا يدل على الحنكة والخبرة الاقتصادية الكبيرة التي كان (علیه السلام) يتمتع بها، لان ترك الاسواق دون مراقبة سيؤدي الى نتائج وخيمة نتيجة تلاعب الباعة والمضاربين في الاسواق، والتي تؤدي في النهاية الى استغلال الطبقات الفقيرة التي دائما ما تكون هي المتضرر الاكبر من هذه المخالفات الحاصلة في الاسواق. لهذا نرى ان الامام (علیه السلام) يراقب هذه الاسواق ليس عن كثب فقط، بل مباشرة من قبله شخصيا. فقد ورد عنه (علیه السلام) انه وقف علی خیاط، فقال: یاخیاط ثكلتك الثواكل، صلب بالخيوط ودققَ الدروز، وقارب الغرز، فأني سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) يقول: يحشر الخياط الخائن وعليه قميصا ورداء مما خاط وخان فيه، واحذروا السقطات فصاحب الثوب احق بها ولاتتخذها الايادي

ص: 32

تطلب بها المكافئات(1).

وقال (علیه السلام) في ضوء متابعاته وتوجيهاته لنشاط الاسواق: ((لايقعدن في السوق الا من يعقل الشراء والبيع))(2).

وكان (علیه السلام) يدور في سوق الكوفة بالدرة ويقول: معاشر التجار خذوا الحق واعطوا الحق تسلموا، ولاتردوا قليل الربح فتحرموا كثيره(3)، وعن الامام الباقر (علیه السلام) قال: ((كان امير المؤمنين (علیه السلام) بالكوفة عندكم يغتدي كل يوم بكرة من القصر فيطوف في اسواق الكوفة سوقا سوقا ومعه الدرة على عاتقه وكان لها طرفان وكانت

ص: 33


1- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج 13، ص 295
2- الكليني، الكافي، ج 5، ص 154؛ من لایحضره الفقيه؛ ج 3، 193
3- حسن القبانجي، مسند الامام علي (عليه السلام)، ج 1، ص 16

تسمى السبيبة فيقف على اهل كل سوق فينادي: يامعشر التجار اتقوا الله عز وجل فاذا سمعوا صوته (علیه السلام) القوا ما بأيديهم وارعوا اليه بقلوبهم وسمعوا باذانهم فيقول (علیه السلام): قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة واقتربوا من المقتاعين وتزينوا بالحلم وتناهوا عن اليمين وجانبوا الكذب وتجافوا عن الظلم وانصفوا

المظلومين ولاتقربوا الربی واوفوا الكيل والميزان ولاتبخسوا الناس اشيائهم ولاتعثوا في الارض مفسدين. فيطوف (علیه السلام) في جميع اسواق الكوفة ثم يرجع فيقعد للناس.))(1)

وفي اثناء جولاته عليه السلام في سوق الكوفة جاءه يوما الاصبغ بن نباته وقال له: ((انا اكفيك هذا يا امير المؤمنين واجلس في بيتك فقال له عليه

ص: 34


1- الكليني، الكافي، ج 5، ص 151

السلام: ما نصحتني يا اصبغ وكان يركب بغلة رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) الشهباء ويطوف في الاسواق سوقا سوقا فأتي يوما طاق اللحامين فقال: يا معشر القصابين لا تعجلوا الانفس قبل ان تزهق، وایاکم والنفخ في اللحم ثم اتى الى التمّارين فقال: اظهروا من رديء بیعکم ما تظهرون جيده، ثم اتي السمّاكين، فقال: لاتبيعوا الا طيبا و ایکم وماطفا، ثم اتى الكناسة وفيها انواع التجارة من نحاس وقماط وبائع ابل وصيرفي وبزاز وخياط فنادى باعلى صوت: يا معشر التجار ان اسواقكم هذه يحضرها الايمان فشوبو ایمانکم بالصدقة وكفوا عن الحلف فان الله تبارك وتعالى لايقدس من حلف باسمه كاذبا))(1).

ص: 35


1- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ص 235

المبحث الثاني: السلوكيات والمظاهر المنهي عنها شرعاً في الأسواق في عهد الامام علي (علیه السلام)

أولاً: الاحتكار:

ومن السلوكيات والمظاهر اليومية في الأسواق والتي كان الامام عليه السلام يراقبها عن كثب: الاحتکار: والاحتكار يعني حبس السلعة والامتناع عن بيعها بقصد أغلاء السعر(1)، وهو مأخوذ من الحكر وهو الظلم(2)، والالتواء، والعسر، وسوء المعاشرة(3). واحتکار الطعام يعني احتباسه تربصاً و انتظاراً للغلاء.

ص: 36


1- فتح الله، معجم الفاظ الفقه الجعفري، ص 31
2- الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ص 404
3- الزمخشري، اساس البلاغة، ص 136

وأصل الاحتكار الجمع والإمساك(1). والحكرة اسم من الاحتکار(2).

وقد حصر الشيعة الامامية الطعام الذي يتحقق فيه الاحتكار في سبعة أشياء هي الحنطة والشعير والتمر والزبيب والزيت والملح(3)، وقد ذكر الشيخ الكليني خمسة من هذه المواد لقول الإمام علي (علیه السلام): (ليس الحكرة إلا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن)(4).

وقد أولى النهج الاقتصادي الإسلامي هذه المشكلة كغيرها من المشاكل اهتمامه البالغ

ص: 37


1- الزمخشري، الفائق، ج 3، ص 44
2- ابو حبيب، القاموس الفهي
3- مجموعة مؤلفين، موسوعة جمال عبد الناصر، ج 3، ص 196
4- الكافي، ج 5، ص 165

ووضع لها الاحتياطات الوقائية والعلاجية كافة. ذلك أن غايته إصلاح الفرد والمجتمع معاً.

وحين يقول الفقهاء ان الاحتكار هو الحبس لم يكونوا يقصدون ان كل حبس هو احتکار محرم بل لا بد من توفر شروطه وهو الإضرار بالناس. لذلك نقل الشيخ الكليني(1) قول الإمام علي (علیه السلام) بهذا الخصوص: (الحكرة ان يشتري طعاماً ليس في المصر غيره فيحتكره فان كان في المصر طعام أو يباع غيره فلا بأس ان يلتمس بسلعته الفضل)، وقال (علیه السلام) حين سئل عن حبس الزيت: (ان كان عند غيرك فلا بأس بإمساکه).

ويرى الشيخ الكليني(2) ان الاحتكار في الطعام لا يتحقق إلا إذا كانت هناك حاجة شديدة

ص: 38


1- المصدر نفسه والصفحة
2- الصدوق، من لایحضره الفقیه، ج 3، ص 267

لهذا الطعام وأصنافه. أي شحتها أو نفاذها من السوق حيث لا يوجد منها في البلد، وهنا يصبح الاحتکار محرماً. فقد روي عن الإمام علي (علیه السلام) قوله: (الحكرة في الخصب أربعون يوماً وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام، فما زاد على الأربعين يوماً في الخصب فصاحبه ملعون، وما زاد على ثلاثة أيام في العسرة فصاحبه ملعون)، وفي قول آخر اله (علیه السلام): (ان كان الطعام كثيراً يسع الناس فلا بأس به وان كان قليلاً لا يسع الناس فانه يكره ان يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام).

وعند التدقيق في الحديثين السابقين للإمام علي (علیه السلام) نجد دقة الحسابات العلمية والموضوعية للفكر الاقتصادي الإسلامي الذي لا يقيد حركة الأسواق وحرية التجار في التصرف بما لديهم من البضائع المطلوب تداولها في الأسواق بمجرد ان التاجر تصرف في بضاعته وحجبها عن الأنظار،

ص: 39

فما دامت السلع معروضة في الأسواق من قبل تجار آخرین وأوضاع البلد في حالة استقرار فلا يوجد تأثير سلبي على السوق في حالة حجبها، أما اذا كانت الأوضاع في حالة غير اعتيادية كأن تكون السلع شحيحة او یکون البلد في ظروف استثنائية كظروف الحرب مثلاً فالاحتکار هنا يجب محاربته بكل الطرق التي شرعها الإسلام الحماية المجتمع من جشع المستغلين.

وقد أشار الامام علي وفي إطار المعالجات التي ينبغي اتخاذها لمواجهة الآثار السلبية للاحتكار إلى الفكر الاقتصادي الثاقب لرسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) حين ذكر ان رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم)

أمر أحد المحتكرين ببيع سلعته بأي سعر يشاء وذلك عندما نفذ الطعام على عهده (صلی الله علیه و آله وسلم) وأتاه المسلمون وقالوا له: (یا رسول الله قد نفذ

ص: 40

الطعام ولم يبق شيء إلا عند فلان فمره ببيعه للناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا فلان ان المسلمين ذكروا ان الطعام قد نفد إلا شيئاً عندك فأخرجه وبعه کیف شئت ولا تحبسه)(1) وعن الامام علي (علیه السلام) انه قال: (ان رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) مر بالمحتكرين فأمر بحكرتهم ان تخرج إلى بطون الاسواق وحيث تنظر الابصار اليها، فقيل لرسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) لو قوَمت عليهم، فغضب رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) حتى عرف الغضب في وجهه، انا اقوم عليهم؟! انما السعر الى الله يرفعه اذا شاء ويخفضه اذا شاء)(2). وهذا يعني ان الفكر الاقتصادي لرسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) يدعو إلى وفرة المواد الغذائية وبيعها مع غلاء سعرها لان هذا أفضل بكثير من حبسها أو عدم وجودها

ص: 41


1- الكليني، فروع الكافي، ج 5، ص 164
2- الصدوق، من لایحضره الفقیه، ج 3، ص 265

وذلك لتجنب الآثار السلبية السيئة الناتجة من الاحتکار لان هذه الآثار قد تتعدى الجانب الاقتصادي إلى التأثير على الجوانب الاجتماعية والأخلاقية، بل وحتى السياسية أحياناً. وقد يكون الاحتكار في أحيان كثيرة سبباً من أسباب قلة فرص العمل وازدياد البطالة، لان حجب السلع عن التبادل يؤدي إلى قلة عمليات البيع والشراء وتحريك الأسواق.

والاحتكار حرمه الشارع ونهی عنه لما فيه من الجشع والطمع وسوء الخلق، والتضييق على الناس، فقد ورد عن الامام علي (علیه السلام) انه كتب للاشتر حين ولاه مصر بخصوص الاحتکار: ((... ثم استوص بالتجار وذوي الصناعات الى ان قال: واعلم مع ذلك ان في كثير منهم ضيقا فاحشا، و شحا قبيحا، واحتکارا للمنافع، وتحكما في البياعات، وذلك باب مضرة للعامة،

ص: 42

وعيب على الولاة، فأمنع الاحتكار، فأن رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) منع منه، وليكن البيع بيعا سمحا، في موازين عدل، واسعارا لاتجحف بالفريقين البائع والمبتاع، فمن قارف حكرة بعد نهيك اياه، فنكل به وعاقبه من غير اسراف(1) ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لاحيلة لهم والمساكين والمحتاجين واهل البؤس والزمنی، فأن في هذه الطبقة قانعاً ومعتراً. واحفظ الله ما استحفضك من صفة فيهم، واجعل لهم قسماً من بيت مالك وقسماً من غلات صوافي الاسلام في كل بلد، فأن للاقصى فيها مثل الذي لدنی...).

وقال (علیه السلام): (المحتكر محروم نعمته)، وقال (علیه السلام): (الاحتكار شيمة الفجار)، وقال (علیه السلام): (المحتکر بخیل جامع لمن لا يشكره وقادم

ص: 43


1- نهج البلاغة، الشيخ محمد عبده، ج 3، ص 99

على من يعذره)(1) وقال (علیه السلام): (المحتكر اثم عاص)(2).

ولم يكتف (علیه السلام) بالاقوال بل ترجمها الى اجراءات وافعال فقد نقل عنه انه مر بشط الفرات فإذا كدس الطعام لرجل من التجار حبسه ليغلي به، فأمر به فأحرق(3). ونقل عنه (علیه السلام) انه كتب الى رفاعه: انه عن الحكره، فمن ركب النهي فأوجعه، ثم عاقبه بأظهار ما احتکر(4).

ثانياً: الربا

ص: 44


1- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج 13، ص 276
2- القاضي النعمان، دعائم الاسلام، ج 2، ص 35
3- المتقي الهندي، کنز العمال، ج 4، ص 182
4- القاضي النعمان، دعائم الاسلام، ج 2، ص 36

الربا في اللغة: الزيادة(1)، وربا الشيء: إذا زاد على ما كان عليه فَعظمَ فهو يربو ربواً(2). أي يأخذ أكثر مما يعطي. وإنما قيل للرابية لارتفاعها ولزيادتها في العظم والإشراف على ما استوى من الأرض مما حولها(3). ويعني الربا أيضاً الفائدة الفاحشة(4).

وفي الاصطلاح يعني الربا: فضل أحد المالين المتجانسين على الآخر بلاعوض، شرط لأحد العاقدين. ويعني أيضاً الزيادة على رأس المال قلت أو كثرت في أشياء مخصوصة(5).

والربا في الجاهلية هو ان يكون على الرجل

ص: 45


1- الرازي، مختار الصحاح، ص 178
2- القرطبي، الجامع الاحکام القرآن، ج 3، ص 235
3- الفراهيدي، العین، ج 2، ص 94
4- فتح الله، معجم الفاظ الفقه الجعفري، ص 203
5- الجرجاني، التعريفات، ص 146

دین لرجل، فيحل الدين فيقول له صاحب الدين: تقضي أو تربي، فأن أخره زاد عليه وأخره(1).

والربا محرم في جميع الأديان السماوية، ومحظور في اليهودية، والمسيحية، والإسلام.

وقد حارب الإسلام الربا وتشدد بشكل حازم مع المرابين، لان الكسب عن طريقه خروج على الأساس الشرعي للاكتساب. قال تعالى في كتابه العزيز: «يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ»(2) أي يذهب ببركته ويهلك المال الذي دخل فيه، (ويربي الصدقات) أي يضاعف ثوابها ويبارك فيها ويزيد المال الذي أخرجت منه الصدقة

ص: 46


1- ابو حبيب، القاموس الفقهي، ص 143
2- البقرة، الآية 276

ويربيها كما يربي أحدكم مهره، (والله لا يحب كل کفار أثيم) فالكفار عظیم الكفران والأثيم عظيم الإثم(1).

وقد حرص الامام علي (علیه السلام) على ذكر الأحاديث التي تحث الناس على عدم التعامل بالربا في الحياة اليومية والابتعاد عنه، فقد أكد ان رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) في توصياته

للناس كان ينهاهم عن التعامل بالربا بعدّه سلوكية سيئة تضر بالفرد والمجتمع. ففي حديث له (صلی الله علیه و آله وسلم) قال: (من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشترين ولا يبيعن الربا والحلف وكتمان العيب والحمد إذا باع والذم إذا اشتری)(2). وفي باب التشديد في حرمة أكل الربا

ص: 47


1- البيضاوي، تفسير البيضاوي، ج 1، ص 162
2- الكافي، ج 5، ص 151

لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) آكل الربا وموكله.

وكان أمير المؤمنين (علیه السلام) يتجول في أسواق الكوفة، ويقول مخاطباً أهل السوق: (قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين وتزينوا بالحلم وتناهوا عن اليمين وجانبوا الكذب وتجافوا عن الظلم وأنصفوا المظلومين ولا تقربوا الربا)(1). فيطوف (علیه السلام) في جميع أسواق الكوفة ليوضح للناس الضوابط الأخلاقية التي يفرضها الشرع على المسلم في تعاملات السوق اليومية، ومنها الابتعاد عن الربا.

ولكي يعزز الامام علي (علیه السلام) محاربة النهج الاقتصادي الإسلامي لظاهرة الربا في المجتمع، ويوضح أيضاً عدم ابتعاد هذا النهج عن الجانب

ص: 48


1- الطوسي، النهاية، ص 371

التعبدي والأخلاقي. ينقل لنا قول أمير المؤمنين (علیه السلام) على المنبر مخاطباً التجار: (يا معشر التجار الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، والله للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا، شوبوا إيمانكم بالصدق، التاجر فاجر والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق)(1).

وقد كان رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) شديداً في الترهيب والتحذير من مخاطر التعامل بالربا. فقد روي عنه (صلی الله علیه و آله وسلم) انه قال: (لدرهم ربا أشد عند الله - تعالى - من ست وثلاثين زنية في الخطيئة)(2)، وفي قول آخر له (صلی الله علیه و آله وسلم): (الربا سبعون باباً أيسرها ان ينكح الرجل أمه)(3). ولهذا عد الإمام علي (علیه السلام)

ص: 49


1- الكافي، ج 5، ص 150
2- الهيثمي، مجمع الزوائد، ج 4، ص 117
3- ابن ماجة، سنة ابن ماجة، ج 2، ص 764

(كسب الربا أخبث المكاسب)(1).

الآثار السلبية للتعامل بالربا

ان المجتمع المكي الذي ولد فيه الإسلام كان مركزاً للتجارة الرأسمالية، فسكان مكة كانوا يستثمرون أموالهم بالتجارة وبالقرض بفائدة، ويهدفون من وراء ذلك إلى تنمية رؤوس أموالهم(2). فسعر الفائدة ثمن يجيء دون ان يقابله أي عمل أو مخاطرة، وفي هذا التعامل خروج بالنقود عن وظيفتها الأصلية مما يستتبع أضراراً اقتصادية واجتماعية جسيمة(3). ومع تعاظم المال والاستثمار الربوي كان الأغنياء يزدادون ثراءً، في حين ان المعدمون والفقراء من أحرار القبيلة

ص: 50


1- الكليني، فروع الكافي، ج 5، ص 153
2- رودنسون، الاسلام والرأسمالية، ص 43
3- الكبيسي، الحاجات الاقتصادية، ص 191

يزدادون ضنكاً وفقراً، وتتوضح معالم التفاوت الاقتصادي والتمايز الاجتماعي إلى درجة انقسم فيها المجتمع المكي إلى طبقتين غير متناسبتي العدد والعدة هما طبقة التجار والمرابين وطبقة الفقراء والمستضعفين والأرقاء(1).

وكان طبيعياً ان يتدخل الإسلام في هذا الوضع من المعاملات وان يفضح هذا الاستغلال الذي يقطع صلات المودة والرحمة بين الناس ويؤدي بهم إلى الابتعاد عن عمل الخير.

وقد اشار الامام علي (علیه السلام) في تحذيراته عن التعامل بالربا الى امر مهم جدا تجسد بقوله (علیه السلام): (إنما حرم الله عز وجل الربا لكيلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف)(2)، فإباحة الربا

ص: 51


1- دلو، جزيرة العرب، ص 180
2- سبط ابن الجوزي، تذکرة الخواص، ص 430

واتخاذ النقود متجراً يجعل معظم رأس المال في أكثر الأحيان مدخراً ومرتكزاً في موضع واحد دون ان يتقلب في الشؤون النافعة المثمرة، وذلك لا لشيء إلا لان الرأسمالي يرجو ارتفاع سعر الربا في السوق فيحول دون جریان النقود إلى تجارة البلاد وصناعتها وزراعتها ولا يسمح له بالجريان إلا إذا وافق ذلك مصلحته الشخصية(1).

ان خطورة التعامل بالربا دفعت النهج الاقتصادي الإسلامي ان يكون شديداً في التحذير من مخاطر هذه الآفة الكبيرة والمضرة بالمجتمع في حالة الاستمرار بها أو تعاطيها. فقد شمل الترهيب والتحذير كل من كان وسيلة يسهل ترویج هذه المعاملة، ولم يقتصر الترهيب على المرابي فقط. فعن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال: (آكل

ص: 52


1- الكبيسي، الحاجات الاقتصادية

الربا وموكله وكاتبه وشاهديه فيه سواء)(1).

ومن الآثار السلبية الأخرى للربا هو إضعافه لروح التعاون بين الناس، وكثيراً ما يؤدي إلى نشوء العداوة بين الأفراد، لان من عادة المرابي ان يكون جشعاً نهماً، قاسي القلب، غليظ الطبع، لا يتورع ان يسفك دم مَدينهِ الفقير إذا اقتضى الأمر، ومهما رأى من فقر مدينه وحاجته فان ذلك لا يعنيه في شيء إنما الذي يعنيه بالدرجة الأولى ان يضيف إلى دراهمه درهماً، ولو مات الفقير جوعاً وهماً.

أما من الناحية الاجتماعية فانه يؤدي إلى خلق طبقة مترفة لا تعمل شيئاً، كما يؤدي إلى تضخيم الأموال في أيديها دون جهد مبذول، فتكون كالنباتات الطفيلية تنمو على حساب غيرها.

ص: 53


1- الكافي، ج 2، ص 153

اويعد الربا عاملاً مهماً من عوامل تشجيع المتعاملين به على الكسل والابتعاد عن العمل. وفي هذا الإطار قال الإمام الصادق (علیه السلام): (عدو العمل الكسل)(1). والإسلام يمجد العمل ویکرم العاملين، ويجعله أفضل وسيلة من وسائل الكسب، وقد أشار الشيخ الكليني(2) في هذا الأمر إلى قول الإمام الصادق (علیه السلام): (إياك والكسل والضجر فأنهما يمنعناك من حظك من الدنيا والآخرة). كما يؤدي الربا أيضاً إلى ضعف الشعور الديني في نفس الفرد المسلم عندما يرى ان ما يطبق في الأرض غير ما ينزل من السماء.

وهكذا أعلنها الإسلام حرباً شعواء على الربا وعلى المرابين الذين يسلبون أموال الناس

ص: 54


1- الكليني، فروع الكافي، ج 5، ص 154
2- المصدر نفسه والصفحة

ويأكلونها ظلماً وعدواناً. ويستغلون ضعف الفقراء وحاجتهم إلى المال.

ومع كل هذا فالإسلام لا يقف أبداً في طريق التائبين العائدين لطريق الحق. قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ. وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ»(1)، وهذا يعني ان الإسلام جاء بالحكم القاطع في تحريم الربا وهو محاربة من كان مصراً على التعاطي به. أما في حالة التوبة والرجوع إلى طريق الهداية فلكم رؤوس أموالكم. أي إبطال

ص: 55


1- البقرة الايات 278-280

الزيادة وجعل أصل المال ملكاً لذويه(1).

ومن نافلة القول ان نبين هنا ان بعض الكتاب العرب المعاصرين وبعض المستشرقين من المتحاملين على الدين الإسلامي الحنيف يؤكدون ان الربا هو مفتاح الرخاء الاقتصادي، ولذا فاضت كتاباتهم بالقول ان الإسلام بتحريمه للربا جعل تجارة المال في العالم الإسلامي حكرة في أيدي المسيحيين واليهود، وان منع الربا يعد عاملاً من عوامل عرقلة نمو الصيرفة والائتمان، وان الإسلام بتحريم الربا بدائي ومتخلف يمنع تابعيه من سلوك الطريق إلى الرخاء الاقتصادي.

يقول رودنسون(2): ان الدليل على ان تحریم

ص: 56


1- الطبري، جامع البیان، ج 3، ص 148؛ الطوسي، التبیان، ج 2، ص 366
2- الاسلام والرأسمالية، ص 50

الربا لم يؤدِ إلى كثير من الآثار العملية، هو ان فقهاء الشريعة بذلوا الكثير من الجهد لاكتشاف أساليب يدورون بها من حول التحريم النظري، أساليب عرفت في العربية باسم ((الحِيَل)). وذكر رودنسون على سبيل المثال واحدة من هذه الحيل هي: (أبيع هذا الكتاب الذي أمامي بمئة وعشرين قرشاً على ان يدفعهالي بعد سنة، ثم أشتريه منه على الفور بمئة قرش أدفعها له نقداً. وإذ ذاك لا أكون قد أقرضت بفائدة بل أكون بعت واشتريت!).

ويبدو ان هؤلاء يقتبسون هذه الحيل المبتذلة وينسبونها إلى الفقهاء لتشويه صورة الإسلام، نعم ان هذه القصص موجودة في الكتب العربية ولكنها ليس بالصورة التي يصورها

ص: 57

هؤلاء، فكتب الجاحظ(1) مثلاً مليئة بالقصص والحكايات الظريفة التي لم يقصد بها الإساءة للفقه الإسلامي، وإنما هي قصص تحدث في كل زمان و مکان، استطاع الجاحظ من خلالها ان يتحف المكتبة العربية بالمزيد من المؤلفات الأدبية الثمينة. كما ان هذه الحيل لو حصلت فعلاً وهي على الأرجح حاصلة على مر العصور فأنها لا تمثل إلا فئة قليلة لا تحسب على الإسلام وأهله.

ومن الجدير بالذكر ان الإسلام لم يكن أول من حارب الربا، فقد وجد في المجتمعات القديمة فلاسفة نادوا بتحريم الربا وشنعوا على من يتعامل به، ومن هؤلاء أرسطو فيلسوف اليونان الشهير. فقد نادى بتحريم الربا لأنه طريق غير طبيعي وغير معقول لاستثمار الأموال وقال:

ص: 58


1- البخلاء، ص 50

(الأرض يمكن ان تخرج نباتاً والدابة يمكن ان تلد دابة مثلها، ولكن كيف يتصور ان يلد الدرهم، أو الدينار درهماً آخر أو دینار آخر. لقد خلقته الطبيعة عقيماً، ويجب إن يبقى كذلك)(1).

ثالثا: الحلف في الشراء والبيع

ومن الظواهر السيئة التي نهی عنها النهج الاقتصادي الإسلامي ظاهرة الحلف في الشراء والبيع.

فقد كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول: (إياكم والحلف فانه ينفق السلعة ويمحق البركة)(2)، وفي قول آخر له: (يا معشر السماسرة اقلوا الأيمان فأنها منفقة للسلعة ممحقة للبركة)(3).

ص: 59


1- خروفة، نظرات في الاسلام، ص 180
2- الكافي، ج 5، ص 154
3- المصدر نفسه والصفحة

نستشف ما تقدم ان وصايا الرسول (صلی الله علیه و آله وسلم) والأئمة الأطهار (علیه السلام) في التشديد على الإنسان المسلم للالتزام بضوابط وتعاليم النهج الاقتصادي الإسلامي، انما تعود بالمنفعة على جميع المسلمين وفي جميع المجالات الدينية منها والأخلاقية والاجتماعية إضافة إلى جانبها الاقتصادي الكبير الواضح للعيان، فلو دققنا في معنى الأحاديث وتطبيقها من الناحية العملية لوجدناد قة حسابات الفكر الاقتصادي الإسلامي. فالغش والتدليس والاحتكار والربا كلها عوامل تؤدي إلى شحة السلع عن السوق، وتقليل فرص العمل في المجتمع إضافة إلى العوامل السلبية الأخرى المضرة بالناس وهذا يعني ان الالتزام بتعاليم الإسلام والابتعاد عن الطرق غير المشروعة في تعاملات الأسواق اليومية إنما تعود بالفائدة الاقتصادية الكبيرة للمجتمع.

ص: 60

المصادر والمراجع

اولاً: القران الكريم

ثانيا: المصادر الاولية:

ابن الاثير، ابو الحسن عز الدين بن ابي الكرم بن عبد الكريم الشيباني (ت 630 ه / 1232 م)

1- الكامل في التاريخ، (دار صادر، بیروت، د.ت)

الجاحظ، ابو عثمان عمرو بن بحر (ت 250 ه / 869 م)

2- البخلاء، تحقيق: عباس عبد الستار، (دار ومكتبة الهلال، بیروت، 1908 ه / 1988 م).

ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد الحضري (ت 808 ه / 1404 م)

ص: 61

3- المقدمة، (دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بیروت، 1428 ه / 2007 م).

ابن خیاط، ابو عمر خليفة بن خياط العصفري (ت 240 ه / 854 م)

4- طبقات خليفة، تحقيق: سهیل زکار، (دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بیروت، 1414 ه / 1993 م)

الزمخشري، جار الله محمد بن عمر (ت 538 ه / 1144 م)

5- الفائق في غريب الحديث، ط 1، (دار الكتب العلمية، بيروت، 1417 ه / 1996 م)

الرازي، محمد بن ابي بكر بن عبد القادر (ت 721 ه / 1320 م)

6- مختار الصحاح، تحقيق: احمد شمس الدين،

ص: 62

ط 1، (دار الكتب العلمية، بيروت، 1615 ه / 1994 م)

سبط ابن الجوزي، ابو المظفر شمس الدين بن فرغلي (ت 654 ه / 1256 م)

7- تذکرة الخواص، (مطبعة مصر، قم، 1427 ه / 2006 م)

ابن سعد، محمد بن سعد بن منبع الزهري البصري، (ت 230 ه / 845 م)

8- الطبقات الکبری، (دار صادر، بیروت، د.ت)

الصدوق، ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت 381 ه / 991 م)

9- من لا يحضره الفقیه، تحقيق: علي اکبر غفاري، ط 1، (مؤسسة النشر الاسلامي لجماعة

ص: 63

المدرسين، قم، د.ت)

الطبري، ابو جعفر محمد بن جریر (ت 310 ه / 922 م)

10- تاریخ الامم والملوك، ط 4، (مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، بیروت، 1403 ه / 1983 م)

11- جامع البيان عن تأويل القرآن، تحقيق:

خلیل الميس، (دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415 ه / 1995 م).

الفيروز آبادي، محب الدين محمد بن يعقوب (ت 817 ه/ 1415 م)

12- القاموس المحيط، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي، ط 2، (دار احیاء التراث العربي، بیروت، 1424 ه / 2003 م).

ص: 64

القاضي النعمان، ابو حنیفة بن محمد بن منصور التميمي المغربي (ت 363 ه / 973 م)

13- دعائم الاسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والاحكام عند اهل بيت الرسول عليه افضل السلام، تحقیق: آصف بن علي اصغر فیضی، ط 1، دار المعارف، القاهرة، 1383 ه / 1963 م).

القرطبي، ابو عبدالله محمد بن احمد الانصاري (ت 671 ه / 1273 م)

14- الجامع لاحکام القرآن، ط 2، (دار احیاء التراث العربي، بیروت، 1405 ه / 1985 م).

الكليني، ابو جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق (ت 329 ه / 941 م)

15- الكافي، تحقيق: علي اکبر الغفاري، ط 3،

ص: 65

(مطبعة حيدري، طهران، 1388 ه / 1978 م).

المتقي الهندي، علاء الدين علي بن حسام (ت 975 ه / 1567 م)

16- کنز العمال في سنن الاقوال والافعال، تحقيق: الشيخ بكري حياني، (مؤسسة الرسالة، بیروت، 1409 ه / 1989 م)

المسعودي، ابو الحسن بن علي بن الحسين بن علي (ت 345 ه / 956 م)

17- مروج الذهب ومعادن الجواهر، ط 1، (شركة ابناء شريف الانصاري للطباعة والنشر والتوزيع، بیروت، 1428 ه / 2007 م)

الميرزا نوري، حسين الطبرسي (ت 1320 ه / 1903 م)

18- مسترك الوسائل و مستنبط المسائل ط 1

ص: 66

مؤسسة ال البيت (عليهم السلام) لأحياء التراث بیروت، 1408 ه / 1987 م).

الهمذاني الحسن بن احمد بن يعقوب (ت 334 ه / 945 م)

19 -صفة جزيرة العرب، تحقيق: محمد بن علي الاكوع، (دار الشؤون الثقافية العامة بغداد، 1409 ه / 1989 م).

أبن هشام عبد الملك الحميري (ت 218 ه / 833 م)

20- السيرة النبوية تحقيق: محيي الدين عبد الحمید ط 1 (مطبعة المدني القاهرة، 1383 ه / 1963 م).

21- تاريخ اليعقوبي، (دار صادر، بيروت، د.ت).

ص: 67

اليعقوبي احمد بن ابي يعقوب بن واضح الكاتب (ت 292 ه / 918 م)

ثالثا: المراجع الحديثة

الافغاني، سعيد

1. اسواق العرب في الجاهلية والاسلام، (دار الافاق العربية، بيروت، 1413 ه / 1993 م).

امین، احمد

2. فجر الاسلام، ط 1، (دار الكتب العلمية، بیروت، 1425 ه / 2004 م).

دلو، برهان الدين

3. جزيرة العرب قبل الاسلام التاريخ الاقتصادي - الاجتماعي - السياسي، ط 2، (دار الفارابي، بیروت، 1425 ه / 2004 م).

ص: 68

الدوري، عبد العزيز

4. مقدمة في تاريخ صدر الاسلام، ط 1، (مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1425 ه / 2005 م)

5. تاريخ الطرق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري، ط 4، (مركز دراسات الوحدة العربية، بیروت، 1419 ه / 1999 م)

6. الاسلام والرأسمالية، تقريب: نزيه الحكيم، ط 4، (دار الطليعة للطباعة والنشر، بیروت، 1402 ه / 1982 م).

ولا شمس الدين، الشيخ محمد مهدي

7. ثورة الحسين (علیه السلام) ظروفها الاجتماعية واثارها النفسية، تحقيق: سامي الغريري الغراوي، (مؤسسة دار الكتاب الاسلامي، قم،

ص: 69

د.ت)

القبانجي، حسن

8. مسند الامام علي (علیه السلام)، ط 1، (مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، بیروت، 1421 ه / 2000 م).

الكبسي، حمدان عبد المجيد

9. الحاجات الاقتصادية في المذهب الاقتصادي والايلامي، ط 1، (مطبعة العاني، بغداد، 1407 ه / 1987 م)

ص: 70

ص: 71

المحتويات

مقدمة المؤسسة...5

مقدمة...9

تمهید...16

المبحث الأول: التجارة والأسواق عند العرب...21

المبحث الثاني: السلوكيات والمظاهر المنهي عنها شرعاً في الأسواق في عهد الامام علي (عليه السلام)...37

أولاً: الاحتكار:...37

ثانياً: الربا...45

الآثار السلبية للتعامل بالربا...51

ثالثا: الحلف في الشراء والبيع...60

المصادر والمراجع...61

ص: 72

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.