الموازنة بين العدالة والرعاية في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضي اللّٰه عنه )

هوية الکتاب

الموازنة بين العدالة والرعاية في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضي اللّٰه عنه )

تأليف أ. م. د. سناء كاظم كاطع أ. م. د. إيناس عبد السادة علي

جميع الحقوق محفوظة العتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1439 ه - 2017 م العراق - كربلاء المقدسة

مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 1

اشارة

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية 4214 لسنة 2017

ص: 2

سلسلة دراسات في عهد الإمام على (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضی اللّٰه عنه) (12) وحدة الدراسات الاجتماعية الموازنة بين العدالة والرعاية في عهد الامام علي (علیه السلام) لمالك الاشتر (رحمه اللّٰه) تأليف أ. م. د. سناء كاظم كاطع أ. م. د. إيناس عبد السادة علي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة العتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1439 ه - 2017 م العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع الألكتروني: www.inahj.org الإيميل: Info@ Inahj.org

ص: 4

بسم اللّٰه الرحمن الرحيم

مقدمة المؤسسة

الحمد للّٰه على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم من عموم نعمٍ ابتدأها وسبوغ آلاء أسداها والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد و آله الطاهرين.

أما بعد:

فإن من أبرز الحقائق التي ارتبطت بالعترة النبوية هي حقيقة الملازمة بين النص القرآني والنص النبوي ونصوص الأئمة المعصومين (عليهم السلام أجمعين).

ص: 5

وإنّ خير ما يُرجع إليه في المصادیق لحديث الثقلين «كتاب اللّٰه وعترتي أهل بيتي» هو صلاحية النص القرآني لكل الأزمنة متلازماً مع صلاحيّة النصوص الشريفة للعترة النبوية لكل الأزمنة.

وما كتاب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات اللّٰه عليه) لمالك الأشتر (عليه الرحمة والرضوان) إلا أنموذج واحد من بين المئات التي زخرت بها المكتبة الإسلامية، التي اكتنزت في متونها الكثير من الحقول المعرفية مظهرة بذلك احتياج الإنسان إلى نصوص الثقلين في كلِّ الأزمنة.

من هنا:

ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة أن

ص: 6

تخصص حقلاً معرفياً ضمن نتاجها المعرفي التخصصي في حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفكره، متّخذة من عهده الشريف إلى مالك الأشتر (رحمه اللّٰه) مادة خصبة للعلوم الإنسانية، التي هي من أشرف العلوم ومدار بناء الإنسان وإصلاح متعلقاته الحياتية، وذلك ضمن سلسلة بحثية علمية وموسومة ب (سلسلة دراسات في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر (رحمه اللّٰه)، التي تصدرها المؤسسة بإذن اللّٰه تباعاً، حرصاً منها على إثراء المكتبة الإسلامية والمكتبة الإنسانية بتلك الدراسات العلمية، التي تهدف إلى بيان أثر هذه النصوص في بناء الإنسان والمجتمع والدولة متلازمة مع هدف القرآن الكريم في إقامة نظام الحياة

ص: 7

الآمنة والمفعمة بالخير والعطاء والعيش بحرية وكرامة.

وكان البحث الموسوم ب (الموازنة بين العدالة والرعية في عهد الإمام علي (علیه السلام) المالك الأشتر (رضی اللّٰه عنه) تحت عنوان الدراسات الاجتماعية، حيث تناول البحث ثنائية العدل والرعاية عند الإمام علي عليه السلام وأثرهما في بناء الدولة وحفظ حقوق الرعية.

فجزى اللّٰه الباحثين خير الجزاء فقد بذلتا جهدهما وعلى اللّٰه أجرهما، والحمد للّٰه رب العالمين.

السيد نبيل الحسني الكربلائي رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8

بسم اللّٰه الرحمن الرحيم

مقدمة

إن التجرد عن الصفات والخصال التي يختص بها الإمام علي (عليه السلام)، لهو ضرورة بحثية بحتة، تفرضها الحقيقة التي عبر عنها لسان الإمام (عليه السلام) بالقول: (لا تجعلونا أرباباً، وقولوا فينا ما شئتم، ولن تبلغو)، فلن نبلغ کنه علي وحقيقته، ولن نصل إلى معرفته وهو الذي لا يعرفه إلا اللّٰه ورسوله، لذا لن نتحدث عن شخص

ص: 9

علي بصفاته الربانية وعلمه اللدني، إنما عن حیثیات دنیوية تتعلق بالدولة والمجتمع في فكر علي بوصفه مؤسس لفكر ينظم العلاقة بين مؤسسة الدولة من حيث كونها الراعي، وبين المجتمع الذي يمثل رعايا هذه المؤسسة.

لقد طرح الإمام علي (عليه السلام) في عهده لواليه على مصر، مالك الأشتر (رضوان اللّٰه عليه) قضية بالغة الأهمية، ألا وهي الموازنة بين ضرورتين تشكلان أساس وظائف الدولة التنظيمية في علاقتها مع رعاياها.

لقد شكّلت الموازنة بين العدل والرعاية جوهراً فكرياً تأسيسياً لهذا العهد، مع ملاحظة أن هذه الموازنة قد حققت علاقة فريدة بين الوظيفتين بالربط بينهما بشكل يجعل كل منهما يتضمن في الآخر ولا يتحقق إلا به.

ص: 10

لقد أخترنا هاتين الوظيفتين لأن الفكر العربي والإسلامي على مدى تاريخه ركّز على واحدة منهما، وهي العدل وأهمل الثانية، وهي الرعاية، فنجد هذا الفكر قد انشغل لردح من الزمان بالجدل حول دولة العدل وقضية المستبد العادل، في حين إن وظيفة الرعاية لا تقل أهمية عن وظيفة العدل، ونحن نعزو ذلك إلى أن الفكر العربي والإسلامي بحسب تتبع الباحث هو فکر سلطوي لا رعوي.

من هنا فضلنا الحديث عن الإمام علي عليه السلام المؤسس، الذي أسس لنظام الرعاية ضمن نظام العدل، ونظام العدل ضمن نظام الرعاية، أسس للمعادلة الموازنة بين الوظيفتين، وكان إهمال هذه الموازنة قصوراً في الفكر العربي والإسلامي، وهو الفكر المؤدلج

ص: 11

المنكفئ على الذات وغير المنفتح على الآخر حتى وإن كان من أبناء جلدته.

لقد كان تأسيس الإمام علي (عليه السلام) لنظام الرعاية في عهده لواليه على مصر، وليد واقع دولة الخلافة التي أستلمها (عليه السلام) وهي تعاني من قصور كبير في وظائفها تجاه رعاياها، فكان العهد برنامج عمل لإحداث التغيير الاجتماعي الشامل، فكانت الرعاية نظاماً دقيقاً لقيادة التغيير الاجتماعي هذا وتوجيهه الوجهة الصحيحة ضمن نظام العدل بين الرعية.

****

ص: 12

المحور الأول دولة العدالة والرعاية في العهد العلوي

من المؤكد أن مفهوم العدل قد جاء في نطاق واسع وشامل ولم يحصر بزاوية أو مجال ما، فاللّٰه سبحانه وتعالى ذكر العدل في كتابه الكريم في ألفاظ متعددة ومتنوعة وحثّ عليها كقيمة أساسية وجبت كفرض على المسلمين في كل مجالات حياتهم، ابتداءا من العدل في الحكم إلى معاملة الأسرة والزوجة وجميع الناس،

ص: 13

لذلك يمكننا القول مع ما قاله مطهري من أنه (إذا دققنا النظر في القرآن وجدناه يدور حول محور واحد وهو العدل من كل الأفكار القرآنية، من التوحيد الى المعاد، ومن النبوة الى الإمامة والزعامة، ومن الآمال الفردية الى الأهداف الاجتماعية، فالعدل في القرآن قرین التوحيد وركن المعاد وهدف تشریع النبوة وفلسفة الزعامة والإمامة و معیار کمال الفرد و مقیاس سلامة المجتمع).(1)

ومن بين الآيات التي ذكرها اللّٰه عز وجل في قضية العدل وأهميته نورد مايلي: -

1. «وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا وَلَا تَنْفَعُهَا

ص: 14


1- مرتضى المطهري، العدل الإلهي، ترجمة - محمد عبد المنعم الخاقاني، دار الفقه للطباعة والنشر، ص 46

شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ»(1).

2. وقوله تعالی: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ»(2).

3. وقوله تعالی «وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ»(3).

4. «وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ»(4).

5. «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا

ص: 15


1- البقرة: 123
2- النحل: 90
3- النساء: 58
4- المائدة: 42

تَعْمَلُونَ»(1).

6. «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا»(2).

7. «وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا»(3).

وهكذا يمكن ملاحظة أن اللّٰه سبحانه وتعالى قد أنزل كتابه ليكون القاعدة الفكرية والمنهج العملي الذي يريد للإنسان أن يتحرك فيه على أساس قيم الفضيلة(4).

ص: 16


1- المائدة: 8
2- الحجرات: 9
3- الأنعام: 152
4- محمد حسين فضل اللّٰه، علي ميزان الحق، إعداد وتنسيق صادق اليعقوبي، دار الملاك، 2003، ص 30-31

إلى جانب أن العدل صفة من صفات اللّٰه جل جلاله، فقد ركز الرسول الأعظم (صلی اللّٰه عليه وآله) على قضية العدل مؤكدا أن (عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة، قيام ليلها وصيام نهارها)، بل وأن (العدل ميزان اللّٰه في الارض فمن أخذه قاده الى الجنة ومن ترکه ساقه الى النار).

كما كان العدل المنهج الواضح الذي سار عليه أهل البيت (عليهم السلام) طيلة مسيرتهم، وما رسالة الحقوق للأمام زین العابدین (عليه السلام) خير مثال ممکن الاستشهاد فيه على تركيز أهل البيت عموما على حقوق الناس وواجباتهم والحكم بينهم بالعدل وتعليمهم المضامين الأساسية لحقوق

ص: 17

كل منهم على بعض.(1)

فضلا عن ذلك، فإن العدل أصل من أصول الدين عند الشيعة الإمامية، حيث جاء كل من العدل والإمامة كأصلين من أصول مذهب التشيع مع سائر أصول الإسلام الأساسية (التوحيد والنبوة والمعاد).(2)

ويعرّف العدل بأنه إعطاء كل ذي حق حقه، مما يؤكد اختلافه عن المساواة كمفهوم يختزل مراعاة التساوي بين طرفين أو عدة أطراف، في اشتراط وجوده (العدل) في أمر من قبيل (مراعاة الاستحقاق، وأخذ الأولويات

ص: 18


1- للمزيد ينظر:- العلامة الساعدي، شرح رسالة الحقوق للأمام زین العابدین علیه السلام، دار المرتضى، بيروت، 2005
2- للمزيد ينظر:- محمد الريشهري، العدل في الرؤية التوحيدية للوجود، تعريب - علي هاشم، دار الحديث

بنظر الاعتبار، وإعطاء كلا نصيبه بموجب ما يستحق) والتي لا يشترط وجودها في المساواة.(1)

ويعد تعريف الإمام علي (عليه السلام) للعدل من أفضل التعاريف وأجزلها معنى، حينما بينه في أنه (وضع الأمور في مواضعها) ليكون بذلك الظلم عند أهل اللغة (وضع الشيء في غير موضعه).

إن التأكيد الرباني على مسألة العدل وضرورته جعل منه الهدف الأسمى والغاية المقصودة من الشريعة الإسلامية، بل هو جوهر الإسلام الصحيح وقيمته العليا التي لا

ص: 19


1- علاء الحسون، العدل عند مذهب أهل البيت، المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، 1432، ص 19

يجوز تجاوزها مع الناس كافة مسلمين كانوا أو غير مسلمين، في وقت السلم والحرب معا.

لذلك كان حفظ العدل وإشاعة العدالة في المجتمع مطلب أساس في السياسة الإسلامية النبوية والعلوية ومقوم من مقومات الدولة الإسلامية ببعديها الرسالي والعلوي والتي تميزت فيها القيم السياسية بالبعد الأخلاقي وكان في مقدمتها العدل والإنصاف، فالسياسة الإسلامية عرفت العدل كمفهوم واقعي وتطبيقي ملازم لمقولات الشريعة الإسلامية ومبادئه، فأصبحت للعدالة معنی وظيفيا بحيث شكلت إحدى الأهداف والمهام الأساسية التي تسعى الجماعة السياسية تحقيقها في النظام السياسي الإسلامي القائم آنذاك.(1)

ص: 20


1- عادل عبد الرحمن البدري، معالم الفكر السياسي ونظرية الدولة في الإسلام، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، 1431 ص 75

لقد قدّم الإمام علي (عليه السلام) على أرض الواقع ومنذ توليه السلطة دولة العدالة المرتكزة على الأسس الأخلاقية والتكوينية العظيمة لحاكمها، وفي ذلك وصف جورج جرداق في سفره الكامل عدالة الإمام علي عليه السلام بأنها (ليست مذهبا مكتسبا، وإن أصبحت في نهجه مذهبا فيما بعد، وليست خطة أوضحتها سياسة الدولة، وإن كان هذا الجانب من مفاهيمها لديه، وليست طريقا يسلكها عن عمد فتوصله من أهل المجتمع الى مكان الصدارة... بل لأنها في بنيانه الأخلاقي والأدبي أصل يتحد بأصول، وطبع لا يمكنه أن يجوز ذاته فيخرج عليها،

ص: 21

حتى كأن هذه العدالة مادة ركب منها بنیانه الجسماني نفسه في جملة ماركب منه، فإذا هي دم في دمه وروح في روحه).(1) وحينما ركز جل وصاياه ورسائله الى الولاة بمحور العدل «إلا لأنه میزان العدالة الذي لا يميل الى قريب ولا يسایر نافذا ولا يجوز فيه إلا الحق».(2)

وبذلك حقق الإمام علي (عليه السلام) حينما أقام دولة العدالة الواضحة مضامينها في عهده الى الأشتر كل أمنيات البشرية وأحلامها في العيش في مجتمع فاضل عادل صالح لا مجال للظلم فيه، منطلق من مبدأ الإنسانية في التعامل مع الآخر دون أي أعتبار آخر، مشکلا

ص: 22


1- جورج جرداق، الأمام علي صوت العدالة الإنسانية، مشورات ذوي القربی، 1323 ص 38-39
2- المصدر السابق، ص 74

نظاما متكاملا متماسكا من خلال بيان حاجة كل فرد للآخر دون إمكانية لاستغناء أحدهما عن الآخر، حينما قال «واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض ولا غنی ببعضها عن بعض».(1)

لقد عسر على الوجود ولادة هكذا دولة دون أن تنسب لشخص عظيم كعلي أبن أبي طالب (عليه السلام)، فمفهوم الدولة وتطوره في الفكر السياسي الغربي تطلب بحثا ووقتا طويا للارتقاء إالى مستوى تمدين الحياة المجتمعية التي سيطرت عليها الكنيسة برجالاتها المستبدين وأفكارها المتسلطة والتي ساعدت، فيما بعد، في التأهيل والتأسيس لثورة التحرر والتقاطع

ص: 23


1- نهج البلاغة، شرح الشيخ محمد عبده، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 2007، ص 462

مع كل فكر تسلطي. كما أن الظهور السياسي لمفهوم الدولة في التاريخ السياسي العربي كان متأخرا عن الفكر السياسي الذي لازمه، ومن ثم، لا وجود لظهور الدولة هناك كما ظهرت في التاريخ الإسلامي والتي تجسدت في البيان السياسي الذي أصدره الرسول الأعظم في يثرب والمعروف بوثيقة المدينة.

وهكذا بلورت الرسالة النبوية فكرة الدولة التي توضحت في الممارسات السياسية والدينية التي كان المسلمون يطلقون عليها السنة النبوية.(1) حتى أن مشروعية الدولة وقيامها قد أدركت بالفطرة والعقل وبهما أدركوا بديهية الموضوع السياسي الملازم لتطبيق

ص: 24


1- عادل عبد الرحمن البدري، مصدر سبق ذكره ص 236-237

أحكام الإسلام والملازم لتثبيت قواعد المنهج الإسلامي في المجتمع. وتوضح مرتكز إقامة العدل كمبرر أساس الى وجود الدولة ليتم من خلال الاستناد عليه توزيع الخيرات، والوقوف بوجه الظالمين الطغاة، ومناصرة الضعفاء ورعايتهم، على أساس ذلك، تضمنت دولة العدالة في العهد الرسالي والإمامي باعتبارهما خط واحد في السياسة، الجمع ما بين العدالة والرعاية والموازنة بينهما في حالة فريدة من نوعها، لم تكن لها سابقة ولا لاحقة في التاريخ السياسي إجمالا، التي لابد من أن يكون لظلم الفقير والضعيف وإضاعة الحقوق مجالا فيه لصالح طبقة الأثرياء والأقوياء. فأهل البيت عموما كانوا قد تعاملوا مع شرائح المجتمع كافة على أساس إنساني فقط، وذلك واضحا

ص: 25

في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر الذي خص رعايته لكل فئات المجتمع لاسيما الطبقة السفلى داعيا الى مشاركتها في إدارة البلاد ليطرح بذلك أسس ومبادئ عامة ليسلكها الناس ولاة وحكاما. حيث أوصى عليه السلام مالك على أن يكون محبا للرعية محترما المشاعر الناس المنتمين لأي فئة كانت مسلمة أو من أهل الكتاب، وذلك تثبیتا لإنسانية الإسلام وتقوية لبنية النظام السياسي، وهو ما قاله عليه السلام بالنص «وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا، تغتنم أكلهم، فأنهم صنفان، إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق»(1)، مؤكدا أن يغمر عفوه

ص: 26


1- نهج البلاغة، مصدر سبق ذكره، ص 458

وصفحه الرعية، قائلا: «فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك اللّٰه من عفوه و صفحه»(1)، كما دعى عليه السلام إلى إلغاء التمييز في العطاء بين الرعية «أنصف اللّٰه وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هدى من رعیتك، فإنك إلا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد اللّٰه كان اللّٰه خصمه دون عباده».(2)

ومن كل ذلك، يمكن القول، أن الإمام علي (عليه السلام) بكل مواقفه وآرائه وسياساته، كان منهجا فريدا في سياسة الدولة الساعية نحو تحقيق العدالة وتضمينها الرعاية لطبقات المجتمع كافة، ففي عهده الى الأشتر ذكر أمورا

ص: 27


1- نهج البلاغة، ص 458
2- نهج البلاغة، ص 459

كثيرة منها ما يعود الى الوالي ومنها ما يعود الى الرعية ومنها ما يعود لكليهما وذلك حينما قال في مستهل عهده اليه «جباية خراجها، وجهاد عدوها، واستصلاح أهلها، وعارة بلادها»(1). و «وأن أفضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد، وظهور مودة الرعية».(2)

وعلى أساس ذلك، عدت قيام دولة العدالة الرعوية العلوية ضرورة ملحة لتحقيق التوازن الاجتماعي والسياسي وكبح النوازع البشرية وتهذيبها، وفض المنازعات الحاصلة بین طبقات المجتمع ورعاية أفراد المجتمع كافة، واحتضان المحتاجين والضعفاء، الأمر الذي يؤكد الجانب الوظيفي لقيامها وممارستها

ص: 28


1- نهج البلاغة، ص 457
2- نهج البلاغة، ص 464

في نشر الأمن وفض النزاعات و تحکیم سلطة العدل.(1) حيث أكد الإمام علي (عليه السلام) على وظيفة حكومته (وأي حكومة ممكن أن تؤول إليها الأمور في تسييس أحوال المجتمع) ودورها في أحقاق الحق وأبطال الباطل جاعلا العدل والإنصاف القضية الأساسية والمسؤولية العظمى التي ألقاها على ولاته في دولته العادلة، وهذا ما يمكن تلمسه بوضوح في عهده إلى واليه في مصر مالك الأشتر النخعي.

ص: 29


1- عادل عبد الرحمن البدري، مصدر سبق ذكره، ص 242

المحور الثاني نصوص مختارة من العهد

إن محاولة تفكيك نصوص وثيقة شمولية تحيط بجوانب إدارة الدولة كافة، وكيفية قيام الحاكم بهذه الإدارة، بمستوى وثيقة عهد الإمام علي (عليه السلام) للأشتر، لهي محاولة وإن كانت معقدة إلا أنها خطوة مهمة في التعرف على نظرية الحكم وإدارة الدولة في فكر الإمام علي (عليه السلام)، وفهم المنظور العقلي والإنساني الذي انطلق منه لتأسيس

ص: 30

دولة العدالة والرعاية.

بداية لا بد من عدم الفصل بين وظيفة الحاكم ووظيفة الدولة، فالحاکم موظف خدمة عامة لدى الدولة، وقائم بوظيفتها والمسؤول عن رعايتها ورعاية الرعية والعدل بها وبهم.

في مطلع العهد نقرأ العبارة أدناه: «هذا ما أمر به عبد اللّٰه عليٌ أميرُ المؤمنينَ مالكَ بن الحارث الأشتر في عهده إليه حين ولاه مصر: جباية خراجها، وجهاد عدوها، واستصلاح أهلها، وعمارة بلادها».

نرى أن مسألة استصلاح أهلها تصب في مضمون الرعاية، وعمارة بلادها كذلك، فعارة البلاد وجه من أوجه الرعاية بالرعية. أما جباية الخراج فإنها وإن كانت ذات مضامین

ص: 31

تتعلق بالعدالة بمختلف مضامينها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فإن هذا الأمر يحقق رعاية بالدولة والمجتمع والفرد.

ويمكن تلمس ذلك في موضع آخر من العهد: «و تفقد أمر الخراج بما يصلح أهله فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحاً لمن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله. ولیکن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغیر عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلاً، فإن شكوا ثقلاً أو علة أو انقطاع شرب أو بالة أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش، خففت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم،

ص: 32

ولا يثقلن عليك شيء خففت به المؤونة عنهم، فإنه ذخر یعودون به عليك في عمارة بلادك وتزيين ولايتك، مع استجلابك حسن ثنائهم وتبجحك باستفاضة العدل فيهم معتمداً فضل قوتهم بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم والثقة منهم بما عودتهم من عدلك عليهم في رفقك بهم، فربما حدث من الأمور ما إذا عولت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به، فإن العمران محتمل ما حملته، وإنما یؤتی خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع، وسوء ظنهم بالبقاء، وقلة انتفاعهم بالعبر».

كل هذه المضامين، أو الوظائف، التي ذكرت في بداية العهد، إنما تأسس لعلاقة

ص: 33

الحاكم بالرعية وفق معطيات الرعاية العادلة التي يجب أن تتوفر لدى صاحب السلطة واليد العليا في تسيير مقاليد الأمور: «وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك اللّٰه من عفوه و صفحه، فإنك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، واللّٰه فوق من ولاك».

يرتبط معنى الرعاية هنا بإنصاف الرعية من هوى الراعي وخاصته، فالاحتكام إلى هوى النفس ومحاباة الأقربين يورث معاداة

ص: 34

اللّٰه و الخصومة معه والابتعاد بالأمة عن طريق الحق والعدل: «و أنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوی من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد اللّٰه كان اللّٰه خصمه دون عباده».

إن الحق والعدل من أوجب الأُسس التي تقوم عليها الدولة، إذ الحكم بالعدل والحق يحقق رضا الرعية ويوفر للراعي شروط الإدارة الصحيحة: «ولیکن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل، وأجمعها لرضى الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة. وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء، وأقل معونة له في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف،

ص: 35

وأقل شكرا عند الاعطاء، وأبطأ عذرا عند المنع، وأضعف صبرا عند ملمات الدهر، من أهل الخاصة. وإنما عماد الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء العامة من الأمة، فلیکن صغوك لهم و ميلك معهم».

ويؤدي أستحصال رضا الرعية إلى حسن ظنهم براعيهم، مما يحقق بدوره موازنة في العلاقة بين الطرفين لها في المحصلة نصيب في حسن الإدارة والحكم: «واعلم أنه ليس شئ بأدعى إلى حسن ظن را برعيته من إحسانه إليهم، وتخفيفه المؤونات عليهم، وترك استكراهه إياهم على ما ليس قبلهم، فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظن برعيتك، فإن حسن الظن يقطع عنك نصباً طويلاً، وإن أحق من حسن ظنك به لمن

ص: 36

حسن بلاؤك عنده، وإن أحق من ساء ظنك به لمن ساء بلاؤك عنده».

يستدعي توجه الحاكم نحو استحصال رضى الرعية بالحق والعدل، أن لا يستشير من هم يحوزون على مداني الصفات والأخلاق: «ولا تدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر ولا جباناً يضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزين لك الشره بالجور». لأنهم سيميلون بالحاكم عن جادة الصواب. خلاف ذلك على الراعي الركون إلى من يملكون شرف العلم والحكمة: «وأكثر مدارسة العلماء ومنافثة الحكماء، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام به الناس قبلك».

علاوة على ذلك على الحاكم اختيار

ص: 37

الأفضل للبت في قضايا الرعية، وفق شروط و مزایا حددها الإمام (عليه السلام): «ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحکه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنی فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصر مهم عند اتضاح الحكم. ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستميله إغراء. وأولئك قليل. ثم أكثر تعاهد قضائه، وافسح له في البذل ما يزيل علته وتقل معه حاجته إلى الناس، وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ليأمن بذلك

ص: 38

اغتيال الرجال له عندك. فانظر في ذلك نظراً بليغاً، فإن هذا الدين قد كان أسيراً في أيدي الأشرار يُعمل فيه بالهوى، وتُطلب به الدنيا».

إن اختيار الأفضل في هذا الجانب ينطلق من حقيقة إن المجتمع متنوع الطبقات والفئات، ولابد من إيجاد الروابط والصلات الصحيحة التي تؤلف بينهم: «واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنی ببعضها عن بعض. فمنها جنود اللّٰه، ومنها كتاب العامة والخاصة، ومنها قضاة العدل، ومنها عمال الانصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة».

ص: 39

الخاتمة.

في عام 656 م، صك الإمام علي (عليه السلام) عهده لواليه على مصر مالك الأشتر، متضمناً نهجاً للحكم وإدارة الدولة ورعاية الرعية، قدم بهذا العهد صورة إنسانية متكاملة لا يشوبها هوى ولا تشوهها الشبهات، لما احتواه مضمون العهد من قيم إنسانية قبل كل شيء، قيم لا تفرق بين أبناء الرعية وفق خطوط تمييز زائفة تبتعد بصاحب السلطة عن أداء مهمته التي أوكلت إليه بالشكل الإنساني الأمثل.

إن ما تضمنه العهد من منهج متكامل لإدارة الدولة، وفق مضامين العدل والرعاية، أعطته

ص: 40

استمرارية لم ولن تتمتع بها أي وثيقة أخرى، وقد تجلّت هذه الاستمرارية في اعتمادها، بعد ما يقارب 1300 عام من الأمم المتحدة بوصفها أحد مصادر التشريع للقانون الدولي.

لقد استوقفت عبارة «وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكوننَّ عليهم سَبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إما أخٌ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق» الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان، ورأى بأنها عبارة يجب أن تنشدها البشرية، ونادی بوجوب أن تعلق على كل المؤسسات الحقوقية في العالم، وجعلته ينادي بأن تدرس الأجهزة الحقوقية والقانونية عهد الإمام مالك الأشتر، وترشيحه لكي يكون أحد مصادر التشريع في القانون الدولي،

ص: 41

وبعد مداولات استمرّت لمدّة سنتين في الأمم المتحدة صوّتت غالبية دول العالم على كون عهد علي بن أبي طالب (عليه السلام) لمالك الأشتر كأحد مصادر التشريع للقانون الدولي.

وفي عام 2002، أصدرت لجنة حقوق الإنسان في نيويورك قرارها التاريخي، أعلنت فيه (يعتبر خليفة المسلمين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أعدل حاکم ظهر في تاريخ البشرية)، مستندة بوثائق شملت 160 صفحة باللغة الانجليزية. وقد تمت دراسة هذا العهد من المختصين بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، وبعد مرور عدة أعوام أعلنت اللجنة القانونية في الأمم المتحدة التي قامت بطرح قول الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): «الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك

ص: 42

في الخلق» للتصويت، وقد مرّت عليه مراحل ثم رُشِّح للتصويت، وصوتت عليه الدول بأنه أحد مصادر التشريع في القانون الدولي.

ولا يسعنا إلا أن نختم بقول الكاتب المسيحيّ جورج جرداق: (هل عرفت إماماً لدين يوصي ولاته بمثل هذا القول في الناس: «فإنهم إما أخٌ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق، أعطِهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحبّ أن يعطيك اللّٰه من عفوه و صفحه»). فقد جسّدت هذه العبارة كل معاني الإنسانية المتمثلة في رعاية الرعية بالعدل، والعدل بينهم في الرعاية.

فسلام اللّٰه عليك يا سيدنا ومولانا يوم ولدت ويوم أستشهدت ويوم تبعث حيا.

ص: 43

المصادر

- القرآن الكريم

1. مرتضى المطهري، العدل الإلهي، ترجمة - محمد عبد المنعم الخاقاني، دار الفقه للطباعة والنشر.

2. محمد حسين فضل اللّٰه، علي ميزان الحق، إعداد وتنسيق صادق اليعقوبي، دار الملاك، 2003.

3. العلامة الساعدي، شرح رسالة الحقوق للأمام زین العابدین علیه السلام، دار المرتضی، بیروت، 2005.

4. محمد الريشهري، العدل في الرؤية التوحيدية للوجود، تعريب - علي هاشم، دار الحدیث.

5. علاء الحسون، العدل عند مذهب أهل البيت، المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، 1432.

6. عادل عبد الرحمن البدري، معالم الفكر السياسي ونظرية الدولة في الإسلام، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، 1431 ص 75.

7. جورج جرداق، الأمام علي صوت العدالة الإنسانية، مشورات ذوي القربی، 1323.

8. نهج البلاغة، شرح الشيخ محمد عبده، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 2007.

ص: 44

المحتويات

مقدمة المؤسسة...5

مقدمة...9

المحور الأول: دولة العدالة والرعاية في العهد العلوي...13

المحور الثاني: نصوص مختارة من العهد...30

الخاتمة...40

المصادر...44

ص: 45

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.