كشف الاستار عَنْ وَجْهُ الغَائِتْ عَن الأَبْصَارِ
تَأليف: العلامة الميرزا حسين بن محمد تقي النُّورِي
المتوفى سنة 1320ه
تحقيق : أَحْمَدَ عَلى يجيد الحلي
رَاجَعَهُ وَضَبَطَهُ وَوَضَعَ فَهَارِسَهُ : وحْدَةً تَحقيق مكتبة العتبة العباسية المقدسة
العتبة العباسية المقدسة
قسم الشؤون الفكرية والثقافية /شعبة المكتبة
كربلاء المقدسة ص.ب. (233) / هاتف: 322600، داخلي: 251
كربلاء: مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة، 1432ق. = 11 = 2011م.
ص: 1
العتبة العباسية المقدسة
قسم الشؤون الفكرية والثقافية /شعبة المكتبة
كربلاء المقدسة ص.ب. (233) / هاتف: 322600، داخلي: 251
www.alkafeel.net
library @alkafeel.net library@yahoo.comabbas
BP النوري، حسين بن محمد تقي، 1254 - 1320ق.
224/4 كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار/ تأليف حسين بن محمدتقي النوري؛ تحقيق أحمد علي مجيد الحلي؛ راجعه ووضع فهارسه وحدة التحقيق في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة. -
ه ك. كربلاء: مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة، 1432ق. = 11 = 2011م.
636 ص. - مكتبة العتبة العباسية المقدسة ؛ 11).
للكتاب عنوان آخر كشف الأستار عن وجه غيبة الإمام عن الأنظار.
يضم الكتاب ملاحق تتضمن عدة ردود على القصيدة البغدادية من علماء ومجتهدي النجف الأشرف.
المصادر : ص. [605] - 631 ؛ وكذلك في الحاشية.
.1. محمد بن الحسن (عجّل الله تعالی فرجه الشریف) ، الإمام الثاني عشر، 255ق - شبهات وردود 2. المهدوية - شبهات وردود. 3. محمد بن الحسن (عجّل الله تعالی فرجه الشریف) ، الإمام الثاني عشر، 255ق - أحاديث. 4. محمد بن الحسن (عجّل الله تعالی فرجه الشریف) ، الإمام الثاني عشر، 255ق - شبهات وردود - شعر.. القصيدة البغدادية - شبهات وردود. ألف. الحلي، أحمد مجيد، 1971 محقق ب وحدة التحقيق في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة. ج. عنوان د. عنوان كشف الأستار عن وجه غيبة الإمام عن الأنظار. عنوان القصيدة البغدادية شبهات وردود.
تصنيف وحدة الفهرسة حسب النظام العالمي L.C.C))
الكتاب: كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار.
دراسة وتحقيق أحمد علي مجيد الحلي.
مراجعة وتصحيح وحدة التحقيق في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة.
الناشر: مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة.
الإخراج الفني: محسن جعفر الجابري.
المدقق اللغوي: الأستاذ علي حبيب العيداني.
المطبعة مؤسسة الأعلمي للمطبوعات / كربلاء المقدسة العراق، بيروت - لبنان.
الطبعة: الأولى.
عدد النسخ: 2000.
التاريخ : 27 جمادى الآخرة 1431ه.
جمعية خيرية رقمية: مركز خدمة مدرسة إصفهان
محرر: هادی میرزائی
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
قال رسول الله
(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)
المهدي (علیه السلام)طاووس أهل الجنة (1)
ص: 5
ص: 6
إلى من لم يرتو من الماء رغم ظمأه. *** إلى من توسل الماء إليه بالاعتذار حول قبره.
فأبى الاعتذار دون أخيه الإمام الحسين (علیه السلام) *** إلى الشفاه الذابلة والأعضاء المقطعة.
... ومن بكت لبكاء عينه دماً كل عين. ***... ومن أغدق علينا بإحسانه وكرمه.
... سيدي ومولاي أبي الفضل العباس ابن أمير المؤمنين ، أهدي إليه جهدي هذا الذي هو بالحقيقة صنيع معروفه معي، فأرجو منه القبول والإحسان.
أحمد علي
ص: 7
ص: 8
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على حبيبك محمد وآل بيته الميامين، وبعد..
فالحقُّ.. لابد للمسلم المدرك لتعاليم دينه أن يعتد ويفخر.. بما حباه الباري عز وجل به وهداه إليه..
إن المنظومة الدينية الإسلامية وبكل أبعادها هي الأسمى والأكمل بين كل ما طرح ويُطرح من أنظمة وسياسات.. أخلاقياً واجتماعياً، سياسياً واقتصادياً.
إنها النظام الأمثلُ والأقدر على البقاء بدليل قدرتها على العطاء الدائم وحاجة الإنسان الدائمة إليها).. واليومَ وكما يُعبّر عنه في الجيولوجيا، أن الأرض تشهد دخولها في مرحلة النضج الأخير مما قُدّر لها أن تعيشه وبما يعني وصول البشرية إلى نهايتها المحتومة..
أو كما عبّرت عنه الأحاديث الشريفةُ ب ( آخر الزمان) و(أهل آخر الزمان) يبدو -والله العالم - أننا نعيش هذه المرحلة التي تتسارع أحداثها بنا نحو النهاية.. أو التمهيد إلى النهاية... ، من هنا يطرح السؤال الآتي نفسه: ما هي أبرز أدبيات هذه المرحلة للمسلم؟ وبعبارة أخرى ما التحدي الأبرز الذي يواجهه المسلم في هذه الأيام؟ وقد تكون الإجابة مجمو. عةً كبيرةً من النقاط..
لا يخفى على المسلم من أيّ طائفة كان أو يكون أن القضية المهدوية هي الألمع من بينها.. كيف لا ؟! وكلُّ ما وردنا من أحاديث وأخبار وروايات ومن كل الأطراف المتآلفة والمتخالفة منها تُجمع حول المبدأ العام والعنوان العريض للقضية، بأنه (صلوات الله عليه) هو المصلحُ المنقذ الأقدر على تطبيق النظريات التي شَلَّت المؤامرات المنسوجة على مدى التاريخ الإسلامي فعاليتها وتحقيقها لأنه - ولسبب لا يختلف فيه اثنان - الخليفة ابن النبي المسدد، المنصور، المؤيد،
ص: 9
والكلام في تفكيك هذه المعاني ليس محل البسط.
إلا أن هذه الدواعي مجتمعةً دفعت مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة للعمل في تحقيق هذا المؤلف الموسوم ب(كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار والذي ألفه خاتمة المحدثين الميرزا حسين النوري الطبرسي (قُدِّسَ سِرُّهُ) المتوفى (1320ه) وقد طُبع عدة طبعات آخرها في أوائل الثمانينات من القرن المنصرم وقدم له سماحة العلامة المحقق السيد علي الميلاني مقدمة رائعة.. فكان لابد من العمل الدؤوب والدقيق في تحقيق وإخراج هذا الكتاب الرائع الذي تكمن أهميته في تناوله إثبات الوجود المقدس للإمام وبطريقة الجدال العلمي القائم على الدليل والإثبات والدحض والنقض، فيكون مصداقاً لقوله تعالى: ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَة ).. ما أكسب الكتاب أهميته وغناه والحاجة الملحة لإنعاشه وتفعيله.
وقد جهدت كوادر التحقيق في المكتبة متمثلةً بالأخ الفاضل المحقق الأستاذ أحمد علي مجيد الحلي مع فريقه طوال عامين من العمل الدؤوب الدقيق مستعينة بعد التوكل على الله تعالى بعدد من المصادر والمراجع (الحجرية والخطية) والعودة إلى الأمات من الكتب والوثائق التي اعتمدها المؤلف كي يخرج الكتاب بما يليق به ويحقق الهدف المرجو منه. عله يكون قطرةً في أمواج بحر اللهفة والشوق والحاجة الماسة إلى طلوعه المبارك على هذه الأرض التي لاثها فساد الإنسان وتخبطه.
فلله الحمد أولاً وآخراً وصلى الله على سيدنا محمد حبيبه المختار وآله الهداة الأطهار ولاسيما الغائب عن الأبصار.
إدارة مكتبة ودار مخطوطات
العتبة العباسية المقدسة
ص: 10
الحمد لله الذي لم يترك الخلق بلطفه حيارى في الأمصار، فكشف لهم الأستار عن وجه وليّه الغائب عن الأبصار، وصلّى الله على خير خلقه محمد المختار وعلى آله الطيبين الأخيار، وبعد...
فقد تكالب الزمان (1) علينا من جماعة نبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، وذلك من فتنة قد أنافت علينا بأقلامهم التي ساروا بها على خط أهل الضلال، وأصواتهم التي تعلو مرة بعد أخرى، وتارة بعد تارة فيتضاءل صداها؛ ليحيدوا بها المسلمين عن إطار الحقيقة.
لكن هيهات حيث لم يشق الشك طريقه إلى هذه الرذائل أبداً، ولم ينفذ الظلام إلى هذا النور المتبلج، فراحوا يتشبثون بذرائع أخرى، فما الذي فعلوه؟ لقد سعوا مدة بعد مدة أن يشككوا في إمام طالما تحدث عنه صاحب الوحي السماوي لا اله الا الله وأهل بيته الذين كلامهم لا يفتر عن کلامه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)
ذلك هو الإمام المهدي (علیه السلام) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، فأي باب نلجه في الحديث عنه، وأي حديث نعرف به شخصه الكريم علينا، وأيُّ وأيّ، وقد كفانا مؤنة ذلك جمع من علمائنا الأعلام - أنار الله برهانهم فقد ألفوا فيه كتباً خاصة، كما ضمنوا الحديث عنه في كتبهم العامة، وربما سُطِّرَت من
ص: 11
ذلك في الكتب ما سارت به الركبان، واشتهرت في بعض البلدان، حتى أن أحدهم جمع ما ألف فيها الخاصة فكان مجلدين. (1)
وكانت كتاباتهم وبحسب ما يمليه حدث الزمان والمكان على القلم - تختلف من كاتب لآخر، فتشعبت صنوفها إلى ما يطول سرده وبيانه ومن الكتب التي تضمنت الدفاع عنه إثر شبهات وردت في قصيدة بغدادية مفادها إنكاره لي الكتاب الماثل بين يديك.
وقد كفانا مؤنة التعريف به تلميذه الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله) (ت 1373ه) في كتابه عقود حياتي - مخطوط - إذ قال ما نصه:(.... فعرضت القصيدة على أستاذنا النوري، فكتب رسالة بديعة أسماها: (كشف الأستار عن وجه غيبة الإمام الغائب عن الأنظار)، وذكر نصوص جماعة من كبراء علماء السنة صرّحوا بوجوده ، ودحض تلك الشبهة بأقوى حجة).
وقال أيضاً في كتابه العبقات العنبرية – الجزء المخطوط - ما نصه: (... ولكن قلت: أعط القوس باريها، فلا يخطي ،مراميها، فعرضتها عليه دام ظله العالي فكتب في الجواب عنها رسالة فائقة على كلّ ما كُتب في أمر الغيبة إلى الآن، وسمّاها: كشف الأستار عن وجه غيبة الإمام عن الأنظار، وذكر في أولها أربعين رجلاً من أعاظم علمائهم قائلاً بمقالتنا وأنه (علیه السلام) مولود، وبين ظهراني الخلق موجود، ونقل كلماتهم الصريحة بذلك من الكتب التي أثبت من طرقهم
ص: 12
وبشهادة علماء رجالهم أنها لهم، ثم أجاب عن كل شبهة أوردها ذلك الشاعر حلاً، ونقضاً، وحفظاً، على قاعدة تطابق الجواب مع السؤال).
وستتعرف أخي القارئ الكريم في ما يأتي إليك من شرح مفصل -في هذه المقدمة - على عدة أمور، هي كالآتي:
1- كلمة كتبها سماحة المحقق العلّامة السيد علي الميلاني (دام توفيقه في الطبعة الثانية له حول موضوع الكتاب ومؤلّفه (رحمه الله)، وارتأينا إثباتها في طبعتنا هذه.
2- دراسة عن القصيدة البغدادية وما يتعلق بها.
3- ترجمة المؤلف الشيخ حسين النوري (قُدِّسَ سِرُّهُ)، وما لم يُنشر منها.
4- حول الكتاب.
5- طبعات الكتاب السابقة.
6 - النسخ المعتمدة في التحقيق.
7- منهج التحقيق.
8-شكر وعرفان.
9-صور النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق.
ص: 13
ص: 14
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمّد وآله الطاهرين، ولاسيما الإمام الثاني عشر الحجّة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
وبعد – فقد طلب مني الأخ علي الدبستاني النجفي ناشر هذا الكتاب أن أكتب له مقدمة مختصرة حول موضوعه ومؤلّفه، فأجبت طلبه تشجيعاً لعمله، ورغبة منّي في نشر أمثال هذا الكتاب في هذا الزمان، فأقول وبالله التوفيق:
إن الحديث عن الإمام المهدي (علیه السلام)متشعب الأطراف كثير الجوانب فهو بحث قديم عني به المسلمون منذ صدر الإسلام حتى يومنا هذا، وتناولته أفكار العلماء وأقلامهم بالأخذ والردّ، والتحقيق، والتمحيص على ضوء آيات القرآن الكريم والأحاديث الواردة عن النبي العظيم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
وذلك... لأن الاعتقاد ب- (المهدي) يُعد من الضروريات التي يجب على كلّ مسلم الإذعان بها والتسليم لها. فأما الآيات المؤولة به فقد تُعد بالعشرات من آيات القرآن في مختلف سوره
ص: 15
المباركة، وقد أفردها بعض المحدثين بالتأليف كالعلامة السيد هاشم البحراني في كتاب ( المحجّة في ما نزل في الحجّة).
وأما الأحاديث الواردة في شأنه فتعد بالمئات بل الألوف، وقد جمعت في كتب تخصها من قبل من قبل طائفة من علماء الخاصة والعامة كالسيوطي في (العرف الوردي)، والمتقي الهندي في (البرهان)، والكنجي الشافعي في (البيان)، وأبي نعيم الأصبهاني في (الأربعين)، والسلمي في (عقد الدرر) من العامة. وكالشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة)، والشيخ المجلسي في (بحار الأنوار) والصافي في (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر) من الخاصة.
والكتب المؤلّفة في أخباره وفضائله كثيرة جداً، وقد انتشر أخيراً فهرس لما ألف حول المهدي (علیه السلام)من مخطوط ومطبوع حتى الآن.
ولقد شدّ عن المسلمين من شك، أو أنكر أمر (المهدي).
ثم إن البحوث المتعلقة بهذا الموضوع يمكن تقسيمها إلى القسمين الآتيين:
1- ما هو حول شخص (المهدي)، ونسبه، وملامحه الذاتية، وما يتعلق بذلك.
2- ما هو حول ما يكون عند ظهوره، وحروبه، وإمامته، والأحكام على عهده، ومعجزاته، وما يتعلق بذلك.
ولا شك في أن القدر الضروري الذي يجب الاعتقاد به هو معرفة شخص (المهدي) من حيث نسبه – بالذات -؛ لأنه الحجر الأساس لجميع هذه البحوث والقضايا اللاحقة
ص: 16
فهل هو من هذه الأمة، أو من غيرها؟
وعلى الأوّل هل هو من أهل البيت أو لا؟
وإذا كان منهم فهل هو من ولد فاطمة الزهراء ، أو من غيرها؟
وإذا كان من ولدها، فهل هو من ولد الحسن أو الحسين (علیهما السلام)؟
لقد أجمع المسلمون على أن (المهدي) من هذه الأمة، فلا يُصغى إلى ما رواه بعض العامة - بطريق الآحاد - من أنه عيسى بن مريم المسيح.
وأجمعوا على أنه من أهل بيت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فلا وزن لما رواه بعض العامة - بطريق الآحاد كذلك - من أنه من ولد العباس بن عبد المطلب.
كما لا مستند لما ذهب إليه شرذمة من كونه من ولد محمد ابن أمير المؤمنين على (علیه السلام) المعروف بابن الحنفية.
فهو... من أهل البيت، ومن ولد علي من فاطمة، فهل هو من ولد الحسن أو الحسين (علیهما السلام)؟
لقد ورد خبر واحد - زُعم صحته - يفيد أن (المهدي) من ذرية الحسن بن علي (علیهما السلام)، وبه أخذ نفر من علماء أهل السنة.
والمشهور - رواية وقولاً - هو أنه من ولد الحسين السبط الشهيد، وعليه إجماع الطائفة الاثني عشرية منذ القرون الأولى حتى اليوم.
وإذا كان من ولد الحسين، فمن أي ولده؟
قالت الشيعة: إنه ابن الإمام الحسن العسكري ابن الإمام علي الهادي ابن الإمام
ص: 17
محمد الجواد ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي السجاد ابن الإمام الحسين الشهيد (علیهم السلام)
فهو آخر الأئمة الاثني عشر، وقد ولد سنة 255 ه وتوفي والده وله من العمر خمس سنوات، فهو حي موجود غائب عن الأبصار.
واستدلوا على اعتقادهم هذا بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة من الكتاب والسنة، والعقل، والإجماع.
ولقد وافق الإمامية - على هذا الاعتقاد - كثير من علماء أهل السنّة وغيرهم ودلت عليه أخبارهم، بل إنه المشهور بين جميع المسلمين كما تقدم، إذ قد اعترف بولادة الإمام (علیه السلام) طائفة كبيرة منهم وصرحوا بحياته منذ ولادته، وبوجوده إلى أن يأذن الله تعالى له بالظهور.
وقد ذكرت في هذا الكتاب كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار) نصوص عبارات أكثر من أربعين رجلاً من حفّاظ أهل السنة، ومشاهير عرفائهم وعلمائهم في هذا الباب، وهم:
1- كمال الدين بن طلحة الشافعي
2- محمد بن يوسف الكنجي الشافعي.
3- ابن الصباغ المالكي.
4- سبط ابن الجوزي.
5- الشيخ محيي الدين ابن عربي.
6 - الشيخ عبد الوهاب الشعراني.
ص: 18
7-الشيخ حسن العراقي.
8- الشيخ علي الخواص.
9- الشيخ عبد الرحمن الجامي
10 - الحافظ محمد البخاري.
11-ابن أبي الفوارس الرازي.
12 - الشيخ عبد الحق الدهلوي.
13 - السيد جمال الدين المحدث.
14 - الحافظ أحمد البلاذري (1)
15 -ابن الخشاب البغدادي.
16 - ملك العلماء الدولت آبادي
17 - الشيخ علي المتقي الهندي.
18- ابن روزبهان الشيرازي
19 - الناصر لدين الله العباسي.
20 -الشيخ سليمان القندوزي.
21- الشيخ أحمد الجامي.
22 -صلاح الدين الصفدي.
23 - بعض المصريين من مشايخ إبراهيم القادري.
24 - الشيخ عبد الرحمن البسطامي
ص: 19
25- الشيخ علي أكبر المؤودي.
26- الشيخ عبد الرحمن صاحب مرآة الأسرار.
27- الشيخ قطب مدار.
28- الشيخ جواد الساباطي.
29- الشيخ سعد الدين الحموي.
30- الشيخ عامر البصري.
31 - الشيخ صدر الدين القونوي.
32 -الشيخ جلال الدين الرومي.
33- الشيخ العطار النيسابوري.
34 -الشيخ شمس الدين التبريزي.
35 - الشيخ نعمة الله ولي.
36- السيد النسيمي.
37- السيد علي الهمداني.
38 -الشيخ عبد الله المطيري
39- السيد سراج الدين الرفاعي.
40 - الشيخ محمد الصبان المصري.
ثم ذكر كلام الخوارزمي المكي وصدر الدين الحمويني.
ص: 20
وقد ذكرنا نحن في كتاب (الإمام الثاني عشر ) (1)
ثلاثة وأربعين رجلاً ذكر المؤلف و أكثرهم، وأما الذين لم يذكرهم فهم.
1- رشيد الدين الدهلوي، تلميذ صاحب (التحفة الاثنا عشرية).
2- الشيخ ولي الله الدهلوي، والد صاحب التحفة.
3-الحافظ شمس الدين ابن الجزري الشافعي.
4- الحافظ عبد الرحمن السيوطي الشافعي
5- الحافظ محمد بن مسعود البغوي.
6- شهاب الدين ابن حجر المكي صاحب الصواعق.
7- الشيخ محمد بدر الدين الرومي الحنفي صاحب شرح البردة.
8- السيد مؤمن الشبلنجي صاحب نور الأبصار.
9- المؤرخ ابن الأزرق.
10- الشيخ عمر ابن الوردي صاحب تتمة المختصر في أخبار البشر.
11 - الحافظ أبو بكر البيهقي.
12- الشيخ علي القارئ الهندي صاحب المرقاة في شرح المشكاة.
13- الحسين بن معين الدين الميبدي شارح ديوان أمير المؤمنين.
ص: 21
ثمّ إنا من خلال مطالعاتنا منذ ذلك الحين وجدنا المصرحين بولادة الإمام المهدي (علیه السلام) أكثر من هذا العدد بكثير، ومن الأسماء التي سجلناها حتى الآن:
1 -ابن خلكان الشافعي المؤرخ.
2 -القرماني المؤرخ صاحب أخبار الدول.
3- الزرندي صاحب نظم درر السمطين.
4- الشيخ يوسف بن يحيى بن علي الشافعي
5- الشيخ حسن العدوي الحمزاوي.
6- الشيخ شمس الدين بن طولون صاحب الشذور الذهبية.
7-أبو عبد الله زين الكافي.
8- الشيخ حسن العجيمي.
9 -الحافظ جمال الدين الباهلي.
10 - الشيخ محمد الحجازي الواعظ
11 - الحافظ أبو نعيم رضوان العقبي.
12 - الإمام جمال الدين محمد بن محمد الجمال.
13 - الشيخ إسماعيل بن مظفر الشيرازي.
14 - الشيخ عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي.
15- الشيخ أبو بكر عبد الله بن شابور القلانسي.
16 - الحافظ محب الدين ابن النجار صاحب ذیل تاریخ بغداد.
ص: 22
17- علي بن الحسين المسعودي المؤرخ صاحب مروج الذهب (1)
18- يحيى بن سلامة الحصكفي.
19 - ابن الأثير الجزري صاحب الكامل في التاريخ.
20 - أبو الفداء الأيوبي المؤرخ صاحب المختصر في أخبار البشر.
21 -علاء الدولة السمناني.
22 -أبو الوليد محمد بن شحنة الحنفي المؤرخ.
23- محمد خواند أمير صاحب روضة الصفا.
24- خواند أمير صاحب حبيب السير.
25- الحسين بن محمد الديار بكري المؤرخ صاحب الخميس.
26- الشيخ ابن العماد الحنبلي صاحب شذرات الذهب.
27 - الشيخ عبد الله بن محمد الشبراوي صاحب الإتحاف بحب الأشراف.
28 - الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة.
29- الشيخ عبد الكريم اليماني.
30- القاضي بهلول بهجت أفندي.
ص: 23
وإذ قد عرف شخص الإمام المهدي (علیه السلام)، وثبت وجوده غائباً عن الأبصار، جاء دور الأسئلة التي تُثار حول الموضوع بطبيعة الحال، فيقال مثلاً: هل يمكن أن يعيش الإنسان هذه المدة الطويلة؟
ولكن هذا السؤال ليس إلا استبعاداً محضاً، وقد أُجيب عنه بالأجوبة الكافية المستندة إلى الكتاب والسنّة، وعلى ضوء السير، والتواريخ، والعلوم في المفصلة.
ولماذا غاب؟
وهذا سؤال آخر أجابوا عنه في الكتب المؤلفة حول المهدي (علیه السلام)، وهو أيضاً من بحوث هذا الكتاب.
ومتى يظهر؟
وهذا سؤال ثالث، ولكن لا يتقدم به من له أدنى خبرة بالأخبار والأحاديث الواردة في شأن المهدي والمدونة في الكتب المعتبرة عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فلقد ورد الجواب عن هذا السؤال في طائفة من تلك الروايات.
وهناك وجوه أخرى من الجواب، وقد تعرّض إلى بعضها في هذا الكتاب.
وما الفائدة من إمام غائب؟
والجواب: إن لوجوده (علیه السلام) أنواعاً من النفع العام لجميع الخلائق وللمؤمنين به، إلى غير ذلك من المنافع المادية والمعنوية المترتبة على وجوده ، وقد ذكر المؤلّف بعضها في هذا الكتاب.
ص: 24
وأين يعيش؟
لقد نسب علماء أهل السنة وكتابهم إلى الشيعة الاعتقاد بأنه غاب في السرداب بمدينة (سامراء)، قال الذهبي: (... هو منتظر الرافضة الذين يزعمون أنه المهدي (علیه السلام)، وأنه صاحب الزمان، وأنه الخلف الحجّة، وهو صاحب السرداب بسامراء...). (1)
وربّما جعلوا السرداب في مدينة (الحلة).
وقال آخر: إنه في (بغداد).
وربما أضافوا إلى هذا الاعتقاد المزعوم أكاذيب أخرى، قال ابن خلدون: ( يزعمون أن الثاني عشر من أئمتهم - وهو محمد بن الحسن العسكري ويلقبونه بالمهدي (علیه السلام)- دخل في السرداب بدارهم بالحلة، وتغيب حين اعتقل مع أمه وغاب هناك، وهو يخرج آخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً، يشيرون بذلك إلى الحديث الواقع في كتاب الترمذي في المهدي، وهم إلى الآن ينتظرونه ويسمونه المنتظر لذلك، ويقفون في كل ليلة بعد صلاة المغرب بباب هذا السرداب، وقد قدموا مركباً فيهتفون باسمه ويدعونه للخروج حتى تشتبك النجوم، ثم ينفضون ويرجئون الأمر إلى الليلة التالية، وهم على ذلك لهذا العهد). (2)
والواقع أن فرية السرداب أشنع وإن سبقه (القصيمي) إليها غيره من مؤلّفي أهل السنّة، لكنه زاد في الطنبور نغمات بضم الحمير إلى الخيول، وادعائه اطراد
ص: 25
العادة في كل ليلة واتصالها منذ أكثر من ألف عام.
والشيعة لا ترى أن غيبة الإمام في السرداب، ولا هم غيبوه فيه، ولا أنه يظهر منه، وإنما اعتقادهم المدعوم بأحاديثهم أنه يظهر بمكة المعظمة تجاه البيت ولم يقل أحد في السرداب أنه مغيّب ذلك النور، وإنما هو سرداب دار الأئمة بسامراء، وأن من المطرد إيجاد السراديب في الدور وقاية من قائظ الحر، وإنما اكتسب هذا السرداب بخصوصه الشرف الباذخ لانتسابه إلى أئمة الدين، وأنه كان مبوءاً لثلاثة منهم كبقية مساكن هذه الدار المباركة، وهذا هو الشأن في بيوت الأئمة (علیهم السلام) ومشرفهم النبي الأعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في أي حاضرة كانت، فقد أذن الله (عزَّ و جلَّ) أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
وليت هؤلاء المتقولين في أمر السرداب اتفقوا على رأي واحد في الأكذوبة حتى لا تلوح عليها لوائح الافتعال فتفضحهم ، فلا يقول ابن بطوطة في رحلته 2/ :198: إن هذا السرداب المنوّه به في الحلة، ولا يقول القرماني في أخبار الدول إنه في بغداد، ولا يقول الآخرون إنه بسامراء. ويأتي القصيمي من بعدهم فلا يدري أين هو فيطلق لفظ السرداب ليستر سوأته...) (1)
أقول بل إن الاعتقاد ببقائه في السرداب من معتقدات بعض كبار حفاظ أهل السنة، فقد نص الحافظ الكنجي الشافعي المتوفّى سنة (658ه) على ذلك، وأجاب عن إنكار بقائه فيه بوجهين، وهذا نص كلامه
(وأما الجواب عن إنكارهم بقاءه في سرداب من غير أحد يقوم بطعامه
ص: 26
وشرابه، فعنه جوابان
أحدهما بقاء عيسى (علیه السلام) في السماء من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه وهو بشر مثل المهدیّ (علیه السلام ) ، فكما جاز بقاؤه في السماء والحالة هذه، فكذلك المهدیّ (علیه السلام ) في السرداب.
فإن قلت: إن عيسى (علیه السلام) يغذيه ربِّ السماء من خزائن غيبه.
قلت: لا تفنى خزائنه بانضمام المهدي (علیه السلام) إليه في غذائه.
فإن قلت إن عيسى خرج عن طبيعته البشرية.
:قلت هذا يحتاج إلى توقيف ولا سبيل إليه.
والثاني: بقاء الدجال في الدير على ما تقدّم بأشد الوثائق مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبه بالحديد، وفي رواية في بئر موثوق. وإذا كان بقاء الدجال ممكناً على الوجه المذكور من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه فما المانع من بقاء المهدیّ (علیه السلام ) مكرماً من غير الوثائق؟ إذ الكل في مقدور الله تعالى، فثبت أنه غیر ممتنع شرعاً ولا عادة. (1)
فكأن اختفاء الإمام وبقاءه (علیه السلام) فيه أمر مسلّم مفروغ عنه عند الحافظ الكنجي، وإنما الكلام في طعامه وشرابه!
وممّا يؤكد ما ذكرنا قول الشيخ الإربلي الإمامي المتوفى سنة (693ه) بعد
ص: 27
نقله هذا الكلام عن الحافظ الكنجي: ( فأما قوله إن المهدیّ (علیه السلام ) في سرداب وكيف يمكن بقاؤه من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه؟ فهذا قول عجيب وتصور غريب، فإن الذين أنكروا وجوده الله لا يوردون هذا ، والذين يقولون بوجوده لا يقولون إنه في سرداب... ) (1)
وقد تطرق الشيخ النوري في هذا الكتاب كشف الأستار إلى ما قالوا حول السرداب، ونص على أنه لم يجد لما ذكروه أثراً في كتب الطائفة الإمامية.
قال الإربلي بعد كلامه المتقدم نقله: (بل يقولون إنه حي موجود، يحل ويرتحل، ويطوف في الأرض ببيوت، وخيم، وخدم، وحشم، وإبل، وخيل وغير ذلك، وينقلون قصصاً في ذلك وأحاديث يطول شرحها...). (2)
أقول: نعم جاءت في بعض كتب الإمامية كلمات لعلمائهم فيها ذكر (الجزيرة الخضراء)، قالوا بأنها مسكن الإمام وذويه، واستندوا لإثبات ذلك إلى قصص و آثار، وقد ذكر جماعة منهم الشيخ المجلسي؛ من ذلك قصة وصول الشيخ زين الدين علي بن فاضل المازندراني إليها وهي قصة طويلة، قال المجلسي: (باب) نادر في ذكر من رآه في الغيبة الكبرى قريباً من زماننا.
أقول: وجدت رسالة مشتهرة بقصة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض أحببت إيرادها؛ لاشتمالها على ذكر من رآه، ولما فيها من الغرائب. وإنما أفردت
ص: 28
لها باباً؛ لأني لم أظفر به في الأصول المعتبرة، ولنذكرها بعينها كما وجدتها:
بسم الله الرحمن الرحيم... وبعد: فقد وجدت في خزانة أمير المؤمنين (علیه السلام)، وسيد الوصيين، وحجّة ربّ العالمين، وإمام المتقين علي بن أبي طالب (علیه السلام) بخط الشيخ الفاضل والعالم العامل الفضل بن يحيى بن علي الطيبي الكوفي (قدس الله روحه) ما هذا صورته :
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وآله وسلم.
وبعد: فيقول الفقير إلى عفو الله سبحانه وتعالى الفضل بن يحيى بن علي الطيبي الإمامي الكوفي عفى الله عنه: قد كنت سمعت من الشيخين الفاضلين العالمين الشيخ شمس الدين بن نجيح الحلي، والشيخ جلال الدين عبد الله بن لحرام الحلي قدس الله روحيهما ونوّر ضريحيهما في مشهد سيد الشهداء وخامس أصحاب الكساء مولانا وإمامنا أبي عبد الله الحسين (علیه السلام) في النصف من شهر شعبان سنة (699) من الهجرة النبوية على مشرفها محمد وآله أفضل الصلاة وأتم التحية، حكاية ما سمعاه من الشيخ الصالح التقي، والفاضل الورع الزكي زين الدين علي بن فاضل المازندراني المجاور بالغري على مشرفه السلام، حيث اجتمعا به في مشهد الإمامين الزكيين الطاهرين المعصومين السعيدين (علیهما السلام) بسر من رأى، وحكى لهما حكاية ما شاهده ورآه في البحر الأبيض والجزيرة الخضراء
من العجائب.
فمرّ بي باعث الشوق إلى رؤياه، وسألت تيسير لقياه، والاستماع لهذا الخبر من
ص: 29
لقلقة فيه بإسقاط رواته، وعزمت على الانتقال إلى سر من رأى للاجتماع به....) (1)
أقول: لقد أصبح هذا الموضوع مورد البحث بين العلماء، ولكن لا وجه لتكذيب هذه القصة بالخصوص لأمور:
الأول: رواية الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي المتوفى سنة (786) هذه القصة عن الشيخ علي بن فاضل المازندارني، قال السيد نور الله التستري الشهيد ما :حاصله (إن الشهيد الأوّل قد روى القصة بإسناده عنه وأنه حرّرها في بعض أماليه، وقد أدرج ما حرّره السيد الأجل الأمير شمس الدين محمد أسد الله التستري في رسالة له...). (2)
وعن بعض الأعلام من تلامذة الوحيد البهبهاني: (أن القصة المذكورة منقولة خط الشهيد عن الفضل بن يحيى....). (3)
ومن هنا ربّما يُحتمل أن يكون الشهيد تنت هو قائل: (وجدت) في رواية الشيخ المجلسي؛ لكن يبعده أن لا يكون المجلسي عارفاً بخطه.
الثاني: إن الفضل بن يحيى الراوي للقصة عن الشيخ المازندراني - والذي وصفه بالشيخ الصالح التقي والفاضل الورع الزكي - من أعلام علماء الإمامية، قال الشيخ الحر العاملي: (الشيخ مجد الدين الفضل بن يحيى بن علي بن المظفر بن الطيبي الكاتب بواسط، فاضل عالم جليل. يروي كتاب كشف الغمة عن مؤلّفه، علي بن عيسى الإربلي، كتبه بخطه وقابله وسمعه من مؤلفه وله منه إجازة
ص: 30
سنة (691)، وسمع منه جماعة قد ذكرناهم في أماكنهم وهم اثنا عشر رجلاً). (1)
الثالث: استشهاد الأستاذ الأكبر - مؤسس علم الأصول – مولانا الوحيد البهبهاني بهذه القصة في كتاب فقهي بالنسبة إلى حكم شرعي، فقد قال في وجوه الجواب عن أدلة وجوب صلاة الجمعة في زمن الغيبة ما نصه:
(ومنها أيضاً: الأخبار الدالة على استحباب صلاة الجمعة، ويؤيدها استحباب صلاة العيدين التي توافق الجمعة في الشروط وأدلة الوجوب إلى غير ذلك. هذا مضافاً إلى الإجماعات المنقولة الكثيرة جداً المتأيدة بالآثار والاعتبار التي أشرت إليها في الرسالة، مع أن المنقول بخبر الواحد يشمله ما دلّ على ما دلّ على حجية خبر الواحد.
ومن الآثار حكاية المازندراني الذي وصل إلى جزيرة الصاحب (علیه السلام) وهي تنادي بالاختصاص بالإمام و منصوبه...). (2)
الرابع: وصف الفقيه الأصولي المحقق الشيخ أسد الله التستري المتوفى سنة (1220) المحقق الحلي أبا القاسم بقوله: (المنوه باسمه وعلمه في قصة الجزيرة الخضراء). (3)
وقد أشار بهذا إلى ما جاء في القصة: (لم أر لعلماء الإمامية عندهم ذكراً سوى خمسة: السيد المرتضى الموسوي، والشيخ أبو جعفر الطوسي، ومحمد بن
ص: 31
يعقوب الكليني، وابن بابويه، والشيخ أبو القاسم جعفر بن سعيد الحلي). (1)
أقول فظهر أنه ليست هذه القصة من الأقوال المنكرة العجيبة الصادرة عن الأخباريين ودعوى الشيخ الأكبر كاشف الغطاء (قُدِّسَ سِرُّهُ) ثنتت ذلك عجيبة، ولعله لم يطلع على كلام أستاذه الوحيد في حاشية المدارك، أو أنه لا يقصد قصة المازندراني هذه.
ولقد أورد بعض علماء العصر كلام الشيخ المذكور واستند إليه في حاشيته على بعض الكتب (2)، وأطال الكلام في ردّ القصة بما لا يرجع إلى محصل.
كما لا يعبأ بما تفوه به بعضهم في هامش بحار الأنوار، وبإسقاط مترجم البحار القصة من الكتاب، وإدخال آخر الموضوع في الأخبار الدخيلة.
وأما استبعاد وجود هكذا جزيرة في العالم فليس بدليل، مضافاً إلى أن كثيراً الأشياء كنا نستبعدها فظهر أنها حق، أو كنا نستبعد وقوعها فوقعت، على أن بعض المؤلفين ألف كتاب (مثلث برمودا في بحار الشيخ المجلسي، فذكر ما تحدثت عنه الصحف والمجلات، ووكالات الأنباء العالمية، وحاول إثبات أن مثلث برمودا) هو نفس (الجزيرة الخضراء) والعهدة عليه.
والخلاصة: أنه لا وجه للردّ على هؤلاء الأعلام من الأصوليين والأخباريين الذين تلقوا هذه القصة بالقبول والله العالم
ص: 32
وأما هذا الكتاب، فقد ألَّفه الميرزا النوري (قدس الله روحه) ردّاً على قصيدة وردت إلى النجف الأشرف على ساكنها الصلاة والسلام من بغداد لم يُسمّ ،ناظمها، وهي في شأن الإمام المهدي القائم المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ، أشار قائلها إلى الخلاف الواقع بين المسلمين في أنه أرواحنا فداه ولد أو سيولد، واختار هو القول الثاني؛ لأمور ذكرها في تلك القصيدة... فأجاب عنها المؤلف رضوان الله عليه، فأثبت إمامة الأئمة الاثني عشر من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وأن المهدي (عجل الله فرجه )هو الثاني عشر منهم، وأنه مولود حي موجود بالأدلة الواضحة والبراهين الساطعة من الكتاب والسنّة والعقل.
وذكر(قُدِّسَ سِرُّهُ) فيه أسماء بعض من وافق الإماميّة على هذا الاعتقاد من علماء العامة، ودحض الشبهات التي ذكرها ناظم القصيدة حوله بالدلائل الكافية والشواهد الشافية. وهذا الكتاب من أحسن الكتب التي ألفها علماء الإمامية لإثبات معتقدهم على ضوء أحاديث أهل السنة.
كما انتدب جمع من كبار علمائنا إلى معارضة تلك القصيدة بقصائد لهم، فسلكوا مسلك المؤلّف، ونسجوا على منواله مستفيدين من علومه ومستضيئين بنور كتابه.
ولا بأس بإيراد مطلع القصيدة المردود عليها والإشارة إلى بعض تلك القصائد. أما مطلع القصيدة فهو ذا، وهي في (25) بيتاً:
أيا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ*** بِكُلِّ دَقِيقِ حَارَ فِي مِثْلِهِ الذِّكْرُ
ص: 33
لَقَدْ حَارَ مِنِّي الفكر في القائم الذي *** تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسُ والتَبَسَ الأَمْرُ
ومن الذين أجابوا عنها نظماً: بطل العلم والجهاد المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي، وهذا مطلع قصيدته وهي في (109) أبيات مطبوعة في آخر حاشيته على كتاب المكاسب، وقد طبعت في آخر هذا الكتاب أيضاً:
أَطَعْتُ الهَوَى فِيْهِمْ وَعَاصَانِيَ الصَّبْرُ*** فَهَا أَنَا مَا لِي فِيْهِ نَهْي وَلَا أَمْرُ
أَنسْتُ بهِمْ سَهْلَ القفار وَوَعْرَها ***فما راعني منْهُنَّ سَهْلٌ وَلَا وَعْرُ
ومنهم: الإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء بقصيدة بلغت أبياتها (202) بيت وهذا مطلعها
بنَفْسِي بَعِيدَ الدَّارِ قَرَبَهُ الفَكْرُ ***وأَدْنَاهُ مِنْ عُشاقه الشَّوْقِ والذِّكْرُ
تَسَتَّرَ لَكن قَدْ تَجَلَّى بِنُورِهِ ***فَلَا حُجُبٌ تُخْفِيهِ عَنْهُمْ وَلَا سَتْرُ
ومنهم: آية الله السيد محسن الأمين العاملي وهذا مطلع قصيدته:
نَأوا وبقلبي من فراقِهُمُ جَمْرُ *** وفي الخَدَّ مِنْ دَمعي لبينهمُ غَمْرُ
وَلَسْتُ أَرَى مَاءَ المَدامِعِ مُطْفِئاً *** لَهَيْبَ الحَشَا مِنّي وَلَو أَنَّهُ نَهْرُ
وهي (309) أبيات، ثم إن السيد الأمين (رحمه الله) علق على القصيدتين بشروح لطيفة، وطبع ذلك كله في كتاب سماه ب(البرهان على وجود صاحب الزمان)، طبع بالشام سنة (1333ه)، وأعيد طبعه بالأوفست سنة (1399ه) باهتمام مكتبة نينوى الحديثة.
ص: 34
فهو الشيخ الميرزا حسين ابن الميرزا محمد تقي ابن الميرزا علي محمد بن تقي النوري الطبرسي، من أعلام الطائفة، وكبار رجال الإسلام.
كان (رحمه الله ) فقيهاً، محدثاً، رجالياً، جامعاً للعلوم، محيطاً بها ومبرزاً فيها.
وُلد في (18) شوال سنة (1254ه) في قرية ( يالو) من قرى (نور) في طبرستان.
نشأ نشأة علمية، وهاجر إلى النجف الأشرف سنة (1277ه)، وهو من الفضلاء، فحضر لدى كبار العلماء وأساطين الطائفة، فمن مشايخه وأساتذته:
1- المولى فتح علي السلطان آبادي.
2- العالم الجليل الفقيه الزاهد الورع النبيل المولى محمد علي المحلاتي
3- العالم النحرير الفقيه الجامع الشيخ عبد الحسين الطهراني الشهير بشيخ العراقين، وهو أوّل من أجازه.
4 - الفقيه الشيخ عبد الرحيم البروجردي والد زوجته.
5- الفقيه الكبير المولى الشيخ علي الخليلي.
6- أستاذ الفقهاء والمجتهدين الشيخ مرتضى الأنصاري حضر عنده أشهراً قلائل إلى أن توفي.
ص: 35
الفقيه الكبير الإمام المجدد الميرزا حسن الشيرازي حضر عنده بسامراء مدة طويلة من الزمن، وكان من أقرب تلاميذه وخواصه إليه.
وكانت هجرته من سامراء إلى النجف الأشرف بعد وفاة الميرزا بسنتين.
وقد حضر عنده وروى عنه كثير من الفطاحل الأعلام ذكر منهم:
1-الشيخ إسماعيل ابن الشيخ محمد باقر الإصفهاني.
2- الشيخ مرتضى بن محمد بن أحمد العاملي.
3- الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء.
4- السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي.
5 شيخنا الشيخ آقا بزرك الطهراني.
6- السيد جمال الدين ابن السيد عيسى العاملي الإصفهاني
7- الشيخ عباس القمي.
ولقد أطراه وأثنى عليه مترجموه بما لا مزيد عليه، وهذه بعض جمل الثناء عليه: قال السيد محسن الأمين: (كان عالماً، فاضلاً، محدثاً، متبحراً في علمي الحديث والرجال، عارفاً بالسير والتاريخ، منقباً، فاحصاً، زاهداً، عابداً، لم تفته صلاة الليل، وكان وحيد عصره في الإحاطة والاطلاع على الأخبار والآثار والكتب ) (1)
ص: 36
وقال معاصره الشيخ محمّد حرز الدين (العالم الفاضل الجامع الثقة الجليل، ممن هاجر من طهران إلى النجف سنة (1277ه)، وكان من الفضلاء وكان شيخاً عالماً، محيطاً بعلم الحديث والرجال...) (1)
وقال الشيخ كاشف الغطاء: (علامة الفقهاء والمحدثين، جامع أخبار الأئمة الطاهرين، حائز علوم الأولين والآخرين حجّة الله على اليقين، من عقمت النساء أن تلد مثله، وتقاعست أساطين الفضلاء فلا يُداني أحد فضله ونبله، التقي الأوّاه، المعجب ملائكة السماء بتقواه من لو تجلى الله لخلقه لقال هذا ،نوري مولانا ثقة الإسلام الحاج ميرزا حسين النوري أدام الله تعالى وجوده الشريف). (2)
وقال تلميذه الأكبر شيخنا الطهراني: (إمام أئمة الحديث والرجال في الأعصار المتأخرة، ومن أعاظم علماء الشيعة، وكبار رجال الإسلام في هذا القرن.... كان الشيخ النوري أحد نماذج السلف الصالح التي ندر وجودها في هذا العصر، فقد امتاز بعبقرية فذة، وكان آية من آيات الله العجيبة، كمنت فيه مواهب غريبة، وملكات شريفة أهلته لأن يُعد في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرسوا حياتهم طوال أعمارهم لخدمة الدين والمذهب...) (3)
وقال المدرس التبريزي: (... من ثقات وأعيان وأكابر علماء الإمامية الاثني عشرية في أوائل القرن الحاضر ،فقیه، محدث، متتبع مفسّر، رجالي، عابد، زاهد ورع، تقي...) (4)
ص: 37
وقال القمي: (شيخ الإسلام والمسلمين، مروج علوم الأنبياء والمرسلين، الثقة، الجليل، والعالم الكامل النبيل المتبحر الخبير ، والمحدّث الناقد البصير، ناشر الآثار، وجامع شمل الأخبار، صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة والعلوم الغزيرة، الباهر بالرواية والدراية والرافع لخميس المكارم أعظم راية، وهو أشهر من أن يُذكر، وفوق ما تحوم حوله العبارة...). (1)
وقال كحالة: (محدث عارف بالرجال والسير والتاريخ، والكتب، مشارك في بعض العلوم). (2)
وقال إسماعيل باشا: (فقيه الشيعة الإمامية.....). (3)
قال شيخنا الطهراني: لو تأمّل إنسان ما خلّفه من الأسفار الجليلة، والمؤلفات الخطيرة التي تموج بمياه التحقيق والتدقيق، وتوقف على سعة في الاطلاع عجيبة، لم يشك في أنه مؤيد بروح القدس... خرج له ما ناف على ثلاثين مجلداً من التصانيف الباهرة...
وهذه قائمة بأسماء ما ذكروا من مؤلفاته:
1- أجوبة المسائل.
2 - أخبار حفظ القرآن.
ص: 38
3- الأربعونيات.
4 - البدر المشعشع في ذرية موسى المبرقع. (1)
5- تحية الزائر (وهو آخر مؤلّفاته توفي قبل إتمامه، فأتمه تلميذه القمّي
6- ترجمة المجلد الثاني من دار السلام إلى الفارسية.
7- جنة المأوى في من فاز بلقاء الحجة الله في الغيبة الكبرى. (2)
8- الحواشي على توضيح المقال.
9- دار السلام
10- ديوان شعره.
11 - رسالة في ردّ بعض الشبهات على فصل الخطاب. (3)
12- رسالة في ترجمة المولى أبي الحسن الشريف.
13 - رسالة مختصرة فارسية في مواليد الأئمة (علیهم السلام)على ما هو الصحيح عنده.
14 - سلامة المرصاد في زيارة عاشوراء غير المعروفة.
ص: 39
15- شاخه طوبي فارسية.
16 - الصحيفة العلوية الثانية.
17 - ظلمات الهاوية. (1)
18 - فصل الخطاب.
19 - الفيض القدسي في أحوال المجلسي. (2)
20-فهرس كتب خزانته. (3)
21 - كشف الأستار عن وجه الإمام الغائب عن الأبصار (وهو هذا الكتاب).
22 - اللؤلؤ والمرجان. (4)
23- مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل. (5)
24 - معالم العبر في استدراك السابع عشر من البحار.
25- مواقع النجوم في الإجازات (وهو أول مؤلّفاته).
26- نفس الرحمن في فضائل سلمان. (6)
ص: 40
توفي ليلة الأربعاء (27) جمادى الآخرة سنة (1320ه) ودفن في الصحن العلوي الشريف في الإيوان الثالث عن يمين الداخل من جهة القبلة، وكان يوم وفاته يوماً مشهوداً، جزع فيه سائر الطبقات ولاسيما العلماء ورثاه جمع من الشعراء، وأرّخ وفاته آخرون.
هذا ما تيسر إيراده في مقدمة هذا الكتاب، ونسأل الله عز وجل أن يعجل فرج إمامنا المفدى، وأن يجعلنا من أنصاره في غيبته وحضوره، إنه سميع مجيب.
الحوزة العلمية بقم المقدسة
علي الحسيني الميلاني
2/15/ 1400ه (1)
ص: 41
ص: 42
من البديهيات التي لا ينكرها كلّ ذي عقل لبيب أنّ لكلّ عنوان أصلاً يفرضه على معنونه؛ ليكون دليلاً عليه، والشواهد على ذلك لا يمكن حصرها، إذ هي تعايشنا في سبل الحياة اليومية التي تتعهدنا صباحاً مساءً، والقصائد الشعرية التي يترنم بها خير شاهد لنا على ذلك، فترى أن نسبة العنوان إليها تعود مرة إلى الناظم (1) وتارة إلى البلد (2) وأخرى إلى الظرف الذي حيكت به الأبيات. (3)
والقصيدة التي بين يديك (4) والتي نقدم لها دراسة مختصرة – اشتهرت عند علماء الشيعة الكرام - أنار الله برهانهم - بالقصيدة البغدادية نسبةً إلى البلد؛ لخلق نبيل سما فيهم حال دون ذكر اسم الناظم لها في مطبوعات كتبهم.
فما هي تلك القصيدة؟ وما موضوعها؟ ومن قائلها ؟ وما قيل عنها؟ ومن ردّ عليها نظماً أو نثراً؟ وأسئلة أخرى تقع في الخلد نسعى لإيجاد جواب شاف لها في بحثنا هذا، فدونكه:
ص: 43
أولا القصيدة: (1)
أيا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ*** بِكُلِّ دَقِيقِ حَارَ (فِي مِثْلِهِ) الفِكْرُ
لَقَدْ حَارَ مِنِّي الفكر بالقائم الذي*** تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسُ وَاشْتَبَهَ الأَمْرُ
فَمِنْ قائِل في القِشْرِ لب وُجُودُهُ*** وَمِنْ قَائِلِ قَدْ ذُبَ عَنْ لُبِّهِ القِشْرُ
وَأَوَّلُ هذين اللذين تَقَرَّرًا*** به العَقْلُ يَقْضى والعيان ولا نُكْرُ
وَكَيْفَ وَهَذا الوَقْتُ دَاعِ لِمِثْلِهِ ***فَفِيهِ تَوَالَى الظُّلم وانتَشَرَ الشَّرُّ
وَما هُوَ إِلا ناشر العدل والهُدَى*** فَلَوْ كَانَ مَوجُوْداً لمَا وُجِدَ الجَوْرُ
وإِنْ قِيْلَ مِنْ خَوْفِ الطَّغَاةِ قَدِ اخْتَفَى ***فَذَاكَ لَعَمْرِي لا يُجَوِّزُهُ الحِجْرُ (2)
ولا النَّقْلُ كَلَّا إِذْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ ***إِلى وَقْتِ عِيسَى يَسْتَطِيْلُ لَهُ العُمْرُ
وأَنْ لَيْسَ بَيْنَ النَّاسِ مَنْ هُوَ قَادِرٌ ***عَلَى قَتْله وَهُوَ المُؤَيِّدُهُ النَّصْرُ
وأَن جَميعَ الْأَرْضِ تُرْجِعُ مُلْكَهُ ***وَيَمْلَؤُها قِسْطاً وَيَرْتَفِعُ المَكْرُ
وإن قيلَ مِنْ خَوْف الأذاة قد اخْتَفَى*** فَذَلكَ قَوْلُ عَنْ مَعَايبَ يَفْتَرُ
فَهَلاً بَدا بَيْنَ الوَرَى مُتَحَمّلاً ***مَشَقَّةَ نُصْح الخَلْق مَنْ دَابَهُ الصَّبْرُ
وَمَنْ عَيْب هَذا القَوْلُ لَا شَكَ أَنَّهُ ***يَؤُولُ إِلى جُبْنِ الإِمَامِ وَيَنْجَرُّ
ص: 44
وحاشَاهُ مِن (1) جُبْنِ وَلَكِنْ هُوَ الذِي ***غَدَا يَخْتَشيه من حَوَى البَرَّ والبَحْرُ
(وَيَرْهَبُ مِنْهُ الباسلُوْنَ جَميعهم *** وَتَعْنُو لَهُ حَتَّى المثقَّفَةُ السُّمْرُ) (2)
عَلَى أَنَّ هَذَا القَولَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ ***ولا يَرْتَضِيْهِ العَبْدُ كَلَّا وَلَا الحُرُّ
ففي الهند أَبْدَى المَهْدَويَّةَ كاذب ***وما نَالَهُ قَتْلُ وَلَا نَالَهُ ضُرُّ
وَإِنْ قِيْلَ هَذَا الإِخْتِفَاء بِأَمْرِ مَنْ ***لَهُ الأَمْرُ فِي الأَكْوانِ والحَمْدُ والشُّكْرُ
فَذَلِكَ أَدْهَى الدَّاهِيَاتِ وَلَمْ يَقُلْ ***بِهِ أَحَدٌ إِلَّا أَخُو السَّفَهِ الغَمْرُ (3)
أَيَعْجَزُ رَبُّ الخَلْقِ عَنْ نَصْر حزبه*** عَلَى غَيْرِهُم كَلَّا فَهَذَا هُوَ الكُفْرُ
فَحَتَّى مَ هَذَا الإِخْتفَاء وَقَدْ مَضَى ***منَ الدَّهْر آلاف وذَاكَ لَهُ ذِكْرُ
وَمَا أَسْعَدَ السَّرْدابَ فِي سُرَّ مَنْ رَأَى*** لَهُ الفَضْلُ عَنْ أُمِّ القُرَى وَلَهُ الفَحْرُ
فَيَا لَلأَعاجِيْبِ الَّتِي مِنْ عَجِيبِها ***أَنِ اتَّخَذَ السَّرْدَابَ بُرْجاً لَهُ البَدْرُ
(فَيَا عُلَمَاءَ المُسْلِمِيْنَ فَجَاوِبُوا*** بِحَقِّ، وَمِنْ رَبِّ الوَرَى لَكُمُ الأَجْرُ)
(وَغُوْصُوا لَنَيْل الدُّرِّ أَبْحُرَ عَلْمكُمْ ***فَمَنْها لَنَا لَا زَالَ يُسْتَخْرَجُ الدُّرُ ) (4)
ص: 45
لا يخفى على القارئ ما تضمنته هذه الأبيات التي قوامها (22) بيتاً – وبرواية السيد البراقيه والسيد محمد صادق آل بحر العلوم (25) بيتاً – والمرسلة إلى علماء النجف الأشرف في حينها (1) من إنكار وجود الإمام المهدي ( عجل الله فرجه ) الذي بشّر بظهوره رسول الخلق (صلى الله عليه و آله ) بقوله: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً مني... الحديث،) (2) والذي فاح شذى
ص: 46
عبقات ذكره في أسفار أبناء العامة فيما يأتي إليك من كتابنا هذا وغيره، وأبياتها التي أنكرت ذلك فرضت الحق على علمائنا الأعلام أن يردوا عليها بما يشفي الغليل نثراً ونظماً بأدلة نقلية وعقلية، اعتقاداً منهم للذب عن عقائد الإسلام وأهله.
ولما حملته القصيدة من موضوع مثير للجدل اختلف في ناظمها من هو؟ فبين من صرّح بنسبتها لمجهول من أحد أبناء العامة، أو لأحد علماء بغداد دون ذكر اسم له، (1)أو لأحد من شعرائها (2)، أو لأحد الآلوسيين (3)، أو لابن
الآلوسي ،(4) وتارة لمعلوم مسمى وقع بين ثلاثة وهم: جميل صدقي الزهاوي (1279 - 1354ه)(5)، ومعروف الرصافي (1294 - 1364ه)، (6)وأبو الثناء محمود
ص: 47
شكري الآلوسي (1273-1342ه). (1)
ص: 48
ألقت هذه القصيدة بظلالها على الأوساط العلمية في النجف الأشرف، وتلقاها العلماء بالنقد والرد، وصدر عن بعض المعاصرين لحدث وصولها كلام حولها، سنورده في دراستنا هذه فدونكه :
أ-قال السيد حسين البراقي (رحمه الله) (1332ه) في كتابه المخطوط (السر المكنون في النهي لمن وقت للغائب المصون) ما نصه: (... وينبذون أمر الله وراءهم، فانظروا من تناقض ذلك ما بين أن يحصروا وقت ظهوره وما بين أن ينكروه بالمرة وإنه غير موجود، وذلك كمثل ابن المفتي الزهاوي من أهل بغداد ويدعي أنه مطلع على السير والأخبار، بل بكل العلوم ويدعي أنه من الظرفاء الأدباء، وكان منكراً لصاحب الزمان (علیه السلام) وإنه غير مولود ولا موجود، وإنه سيولد بعد هذا إن كان حقاً، وإنه في شهر ربيع الثاني سنة سبع عشرة بعد الثلاثمائة والألف أنشأ قصيدة تهكماً منه على عقولنا وتعجباً منه على اعتقاداتنا من حيث إنه ثابت العزيمة وغيره - وهو نحن - خاطئون وفي عشواء الضلالة تائهون لأننا باعتقادنا ضالون ،مضلون، وهو ممن على زعمه قابضون على الدين، فأنشأ قصيدته وأرسلها إلى بلاد الكاظم (علیه السلام) إلى جناب الفاضل الشيخ محمد تقي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ أسد الله، فلما وصلت إلى الشيخ غلفها وأرسلها إلى النجف
ص: 49
الأشرف إلى أخيه الشيخ مهدي ابن الشيخ أسد الله، فجاء بها الشيخ مهدي وعرضها على جناب الشيخ محمد طه نجف، فأمر الشيخ بجوابه، فأجابوه العلماء الفضلاء الآباء بقصائد عديدة إذا ذكرناها طال المقام، فكان مما كُتب وأرسل وهو شعر:
أيا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ*** بِكُلِّ دَقِيقِ حَارَ مِنْ دُونِهِ الفِكْرُ
إلخ).(1)
ب - قال السيد محسن الأمين العاملي (رحمه الله)(1371ه) في كتابه (أعيان الشيعة) ج 1 ص 137، ما نصه: (والسيد علي ابن عمنا السيد محمود له أرجوزة كبيرة في رد أبيات البغدادي الرائية في المهدیّ (علیه السلام ) لا تتضمن كثيراً من مباحث علم الكلام. ولجماعة من فضلاء العصر في ردّ الأبيات المذكورة عدة قصائد لو جمعت لكانت كتاباً في الكلام. فممن نظم في ذلك الشيخ محمد حسين آل صاحب کشف الغطاء، والشيخ جواد البلاغي النجفي، والسيد رضا ابن السيد محمد الهندي النجفي، والشيخ رشيد العاملي الزبديني، والفقير مؤلف هذا الكتاب نظم قصيدة طويلة وشرحها وسمى المجموع بالبرهان، مطبوع).
ج- قال الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله) (ت 1373ه) في كتابه العبقات العنبرية (الجزء المخطوط عند ترجمة أستاذه الشيخ النوري (رحمه الله)، ما نصه: (ووردت في هذه الأيام إلى النجف أبيات شعر لبعض العامة من طلبة بغداد يذكر فيها أمر الحجة (علیه السلام)وبطلان ما تدعيه جماعتنا من غيبته لأمور تخيلها،
ص: 50
وتخيلات وهم استعملها، وأول أبياته قوله:
أيا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ*** بِكُلِّ دَقيق حَارَ مِنْ دُونه الفكْرُ (1)
ثم أخذ في هذا وأمثاله وبعثها إلى أهل الكاظمين (علیهما السلام) ، فأجابوا ولكن لا بما يشفي الغليل أو يصيب الداء الدخيل، فبعثها بعض الفضلاء إلى النجف التي هي قبة الكمال اليوم وتخت مملكة العلم والشرف، فتصدى للجواب فضلاؤها ممن جمع بين فضيلتي العلم والأدب، وأخذ من الكمالات بأوفى نصيب وأعظم سبب، فأجابوا وأصابوا ورموا الغرض فأصابوا، حتى بلغ مجموع ما قيل في النجف للجواب عنها ألفي بيت أو أكثر ، فعلمت جزماً أن هناك أموراً لم تذكر، ومطالب في الرد عليهم هي أقصى عن أذهان سائر الفضلاء وباعهم عنها أقصر، وإن كان ما جاؤوا به كافياً في الجواب، غير مائل عن خطة الحق والصواب ولكن قلت أعط القوس باريها، فلا يخطي مراميها، فعرضتها عليه دام ظله العالي، فكتب في الجواب عنها رسالة فائقة على كل ما كتب في أمر الغيبة إلى الآن وسمّاها كشف الأستار عن وجه غيبة الإمام عن الأنظار، وذكر في أولها أربعين رجلاً من أعاظم علمائهم قائلاً بمقالتنا و أنه (علیه السلام) مولود، وبين ظهراني الخلق موجود، ونقل كلماتهم الصريحة بذلك من الكتب التي أثبت من طرقهم وبشهادة علماء رجالهم أنها لهم، ثم رجالهم أنها لهم، ثم أجاب عن كل شبهة أوردها ذلك الشاعر حلاً، ونقضاً، وحفظاً على قاعدة تطابق الجواب مع السؤال، نظمت تلك الرسالة على الوزن والقافية من أبياته وأدرجت فيها جميع ما في الرسالة فبلغت الثلثمائة
ص: 51
بيت، وجعلنا أكثرها في ظهر الكتاب المذكور كالتكملة له وأول قصيدتنا:
بنَفْسِي بَعِيدَ الدَّارِ قَرَّبَهُ الفَكْرُ ***وأَدْنَاهُ مِنْ عُشاقه الشَّوْق والذِّكْرُ
تَسَتَرَ لَكنْ قَدْ تَجَلَّى بَنُوره ***فَلَا حُجُب تُخْفِيهِ عَنْهُمْ وَلَا سَتْرُ
إلى أن تخلّصنا إلى المقصود، بفيض واهب الوجود والجود بقولنا:
فَيَا بِأَبِي لُحْ لِلْبَرِيَّةِ أَو فَعَبْ *** فَلَيْسَ عَلَى عَلَيَاكَ مِنْ غَيْبَةٍ ضُرُّ
فشمْسُ الضَّحَى والبَدْرُ نُورَاهُمَا هُما *** وَإِنْ غَرَبَتْ أَو غُيِّبَ الشَّمْسُ وَالبَدْرُ
وَلَا نُكْرَ إِنْ لَاحَتْ وَلَمْ يَرَ ضَوْءَهَا *** أَخُو نَظَرِ لَكِنْ عَلَى عَيْنِهِ النُّكْرُ
وَلَا بَأْسَ ممَّنْ جَاءَ يَسْأَلُ قَائِلاً *** (أَيَا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ)
والحاصل أنه دام علاه بتوفيق الله وتسديد الحجة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) أقام على المعاندين أوضح برهان وأصح حجّة ومن أراد أن يحصل له الإيمان والاعتقاد الراسخ في هذا الباب، بحيث لا يبقى له في هذا الأمر شك ولا ارتياب، فليكثر من مراجعة هذا الكتاب، فإن فيه الغاية والكفاية لذوي الألباب، وهذا من حسن باطن مؤلفه الذي هو مع ما عرفت في العلم من أمره أعبد وأتقى أهل دهره).
د - وقال (رحمه الله ) أيضاً في كتابه عقود حياتي (مخطوط) ص 9 - 11، ما نصه... ولما وردت إلى النجف قصيدة شكري أفندي الآلوسي التي يعترض فيها على غيبة الإمام المنتظر( سلام الله عليه وعلى أبائه) والتي يقول في أولها:
أيا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ *** بكُلِّ دَقيق حَارَ مِنْ دُونه الفكر (1)
ص: 52
ثم يرجح القول الأول ويبدي الإشكالات على الثاني، وقد نهض للجواب عنها جماعة من شعراء أهل العلم والأدب في النجف بقصائد مطولة.
فعرضت القصيدة على أستاذنا النوري، فكتب رسالة بديعة أسماها: (كشف الأستار عن وجه غيبة الإمام الغائب عن الأنظار وذكر نصوص جماعة من كبراء علماء السنة صرّحوا بوجوده ، ودحض تلك الشبهة بأقوى حجة، فنظمت تلك الرسالة بقصيدة تناهز الثلاثمائة بيت في مطلعها براعة الاستهلال:
بنَفْسِي بَعيدَ الدَّارِ قَرَّبَهُ الفَكْرُ*** وأَدْنَاهُ مِنْ عُشاقه الشَّوْقِ والذِّكْرُ
وقد طبعت مع الرسالة غير مرة).
ه – وقال (رحمه الله ) في نظمه لكتاب كشف الأستار ، ما نصه: (... أنه وردت إلينا في هذه الأيام قصيدة من بعض جماعة دار السلام، ولكنها يتيمة وإن كانت في سوق الشعراء مالها قيمة، يسأل فيها عن أمور الحجة المنتظر والإمام الثاني عشر، و تصدّى شعراء العصر للجواب عنها، ولكنهم لم يبلغوا حقيقته وإن أجادوا، وما أصابوا الغرض وإن أحسنوا بما جاؤوا به وأفادوا.
فقلت في نفسي أعط القوس باريها، فلا يخطي مراميها، فعرضتها على علامة الفقهاء والمحدثين، جامع أخبار الأئمة الطاهرين، حائز علوم الأولين والآخرين، حجة الله على اليقين من عقمت النساء عن أن تلد مثله، وتقاعست أساطين الفضلاء فلا يداني أحد فضله ونبله، التقي الأواه المعجب ملائكة السماء بتقواه، من لو تجلى الله لخلقه لقال هذا ،نوري، مولانا ثقة الإسلام الحاج ميرزا حسين النوري (أدام الله تعالى وجوده الشريف وحفظ سورة بقائه المبارك من التنقيص والتحريف. )
ص: 53
فكتب أيده الله تعالى رسالة أبهرت العقول والألباب ولم يأت أحد بمثلها في هذا الباب، وحيث إن السؤال كان نظماً أحببت أن يكون الجواب طبق السؤال فنظمتها على الوزن والقافية على تشتت البال وجعلتها خدمة لإمامنا الحجة ولنوابه الأعلام...)
وقد انبرى لها أعلامنا الأعلام - أنار الله برهانهم - بأقلامهم، فكتبوا في ردّها نظماً ونثراً، فارتأينا ذكرهم تباعاً وبحسب التسلسل الألفبائي، فممن ردها - وبحسب استقصائنا :
أ - الشيخ محمد باقر الهمداني البهاري (رحمه الله ) (ت ق 14): له رد عليها ورد بعنوان الرد على القصيدة البغدادية. (1)
ب - العلامة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله ) (ت 1373 ه): له ردّ عليها ورد بعنوان الرد على القصيدة البغدادية (2) وهو نظم لكتاب كشف الأستار، وتتكون قصيدته من ( 240) بيتاً، ونسخة الأصل موجودة في مكتبة الإمام
ص: 54
الحكيم، وطبعت القصيدة في ملحق (كشف الأستار) بطبعاته المتعددة، وفي كتاب (تنبيه الغافلات) (1)، وفي كتاب (إلزام الناصب)، وفي (الإمام المهدیّ (علیه السلام ) نور في الأدب العربي)، وقد شرح هذه القصيدة شرحاً وافياً السيد محمد صادق بحر العلوم العلوم (ت1399ه) أسماه (الصولة العلوية على القصيدة البغدادية). (2)
ج -العلامة الشيخ محمد جواد ابن الشيخ حسن بن طالب البلاغي (ت 1352ه) : له رد عليها ورد بعنوان الرد على القصيدة البغدادية، وتتكون قصيدته من (110) أبيات، وطبعت في سنة (1343ه) مع بعض قصائده ملحقة بكتابه العقود المفصلة في سنة (1343ه) ، وفي شعراء الغري: 443/2، وفي ملحق كشف الأستار الطبعة الثانية، وفي موسوعة الشيخ البلاغي: 90/8 – 100 (3)
د - الشيخ رشيد بن قاسم أقعون الزبديني (4) العاملي المتوفى بالنجف سنة (1317ه)، له رد عليها ورد بعنوان الرد على القصيدة البغدادية. (5)
ص: 55
ه - السيد رضا ابن السيد محمد الموسوي الهندي (ت 1362 ه): له ردُّ عليها ورد بعنوان: (القصيدة الصاحبية) (1) كما سمّي باسم: (الرد على القصيدة البغدادية) (2) وتتكون قصيدته من (107) أبيات، وهي مطبوعة مكرراً مع الكوثرية في النجف سنة (1349ه)، وفي ديوانه، وفي كتاب (السر المكنون في لمن وقت للغائب المصون للسيد البراقي (رحمه الله ) بزيادة بيت واحد، وأورد البراقي (رحمه الله ) للقصيدة صدراً لم يرد في المطبوع من ديوانه؛ فلذا أحببت إيراده هنا ليستدرك به على الديوان ونص ما ذكره.... فكان ممن أجابه - ونختصر عليه العالم الأديب السيد رضا ابن السيد محمد الهندي.....قال السيد مجيب-اً بسم تعالى الحمد لله الذي غاب عن ظلم الوهم في حجب الأنوار، فشهدته العقول بما له من الآثار، وصلى الله على رسوله ونبيه وأمين وحيه وصفيه محمد سيد البشر و آله الميامين الغرر، وخلفائه الاثني عشر المختومين بسميه المنتظر عجل الله فرجه وسهل مخرجه وجعلنا من أنصاره المقتبسين من أشعة أنواره، وخلّد الله دولة أمير المؤمنين الواجب الطاعة على المسلمين، وسيف الله المنتقم من أعدائه الكافرين السلطان ابن السلطان والخاقان ابن الخاقان الغازي عبد الحميد خان لازالت قلوب أعدائه كراياته خافقة، وما برحت ألسنة الدهر بحمده ناطقة، هذا وبعد فقد وردت إلينا قصيدة غريبة ماهي من الدهر بأول عجيبة، تعرب عن براعة ،ناظمها، وسعة ،باعه وكثرة وقوفه على التواريخ، واطلاعه وتبحره في العلوم وإمتاعه، حيث أبتدأها ب (أيا علماء العصر...)، فتحامى عن جوابها علماء العصر،
ص: 56
ووكلوا أمرها إلى أدباء المصر؛ لأن جواب مثلها لا يليق بالعلماء الجهابذة، بل يكفيهم إياه أقل التلامذة فأجابوا وأجبت وانتدبوا وانتدبت، وأنا أقل الصناعة بضاعة، وأعياهم في حلبة اليراعة براعة، فقلت:
يُمَتِّلُكَ الشَّوْق المبرِّحُ وَالفَكْرُ*** فَلَا حُجُب تَخْفَيْكَ عَنِّي وَلَا سُرُ
إلخ ). (1)
و - الشيخ عبد الهادي ابن الحاج جواد البغدادي المعروف بالهمداني من بيت شليلة في بغداد (ت 1333 ) : له ردُّ عليها ورد بعنوان الرد على القصيدة البغدادية. (2)
ز - العلامة السيد علي بن محمود الأمين الحسيني الشقرائي العاملي ( 1276- 1328ه): له ردُّ عليها ورد بعنوان الرد على القصيدة البغدادية، أرجوزة مرتبة على مقدمتين وسبعة فصول وخاتمة، أولها: يقول راجي عفو ربه الحفي * سلالة الأمين عبده العلي... إلى تمام مائة وتسعة عشر بيتاً. (3)
ح- العلامة السيد محسن ابن السيد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي نزيل دمشق (ت 1371ه) : له ردُّ عليها ورد بعنوان الرد على القصيدة البغدادية، نظمه
ص: 57
یوم كان في النجف الأشرف، وهي تتكون من (311) بيتاً، وطبعت القصيدة في يوم کتابه الرحيق المختوم في المنثور والمنظوم) ص 276 - 296، وفي ملحق (كشف الأستار ) الطبعة الثانية، كما طبعت مع شرحها الذي أسماه (البرهان على وجود صاحب الزمان (علیه السلام) في صيدا سنة (1333) في (108 ص )، وقد فرغ من شرحها سنة (1328ه)، وأعيد طبعه بالأوفست سنة (1399ه) باهتمام مكتبة نينوى الحديثة، كما طبع في مطبعة العرفان في صيدا مرة أخرى سنة (1346ه (1) ، وطبع أخيراً سنة (1429ه) محققاً في مركز الدراسات التخصصية الإمام المهدي (علیه السلام)في النجف الأشرف في (180ص).
هذا وقد ذكر الشيخ لطف الله الصافي (ده) في كتابه (مجموعة الرسائل) ج 2 ص 214: (أن للشيخ جعفر النقدي نظماً في ردّ هذه القصيدة، ولم أر من ذكر هذا غيره).
وأمّا من ردّها نثراً، فهو
العلامة الشيخ حسين بن محمد تقي النوري (ت 1320ه) بالكتاب الذي بين يديك والمسمّى ب(كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار). (2)
هذا وقد ذكر الشيخ أغا بزرك الطهراني (رحمه الله ) ( ت 1389ه) في كتابه (الذريعة) ج 14 ص 248 رقم 2421، ما نصه :( الشهاب الثاقب في الرد على ما لفقه العاقب
ص: 58
(شكري أفندي البغدادي ) للسيد العلامة السيد محمد باقر - الملقب بالحجة - ابن الميرزا أبي القاسم ابن السيد حسين ابن العلامة السيد محمد المجاهد ابن صاحب الرياض الطباطبائي الحائري المتوفّى في الحادي عشر من رجب سنة (1331ه)، وهي أرجوزة لطيفة في الإمامة أولها:
قال الشريف الفاطمي أحمد*** أبدأ بسم الله ثم أحمد
جعلها الناظم باسم غيره لبعض المصالح، تقرب من خمسمائة بيت، وقد طبعت مع الهائية الأزرية عام (1318ه)، وعليها تقريظات نثراً ونظماً، وتشطيرها أيضاً يُسمّى بالشهاب الثاقب)، انتهى كلامه، ولم يخصص الشيخ الطهراني (رحمه الله ) الرد بأنه على القصيدة هذه أو على غيرها. علماً أني لم أقف على كتاب الشهاب الثاقب.
وقد ذكر أيضاً الشيخ جعفر محبوبه (رحمه الله ) في كتابه (ماضي النجف وحاضرها) ج 3 ص :223 أن للشيخ هاشم بن حسن بن ناصر العاملي الكاظمي رسالة ردّ بها على محمود شكري الآلوسي، ولم يخصص الشيخ محبوبه (رحمه الله ) أيضاً الرد بأنه على القصيدة هذه أو على غيرها.
وقد ذكر أيضاً الشيخ محمد علي الأوردبادي (رحمه الله ) في (مجاميعه الرجالية الحدائق ذات الأكمام ) أن للسيد هاشم ابن السيد محمد القزويني الحائري (1327ه) رداً على ابن الآلوسي في ( 8000) بيت، ولم يخصص الشيخ الأوردبادي (رحمه الله ) أيضاً الردّ بأنه على القصيدة هذه أو على غيرها.
ص: 59
ص: 60
ولأنا قدمنا شيئاً من ترجمته (رحمه الله ) - فيما ذكره السيد الميلاني (دامت توفيقاته) - ولأن المؤلف (رحمه الله ) علم من علمائنا الأعلام لا تحوم حوله الأقلام، (1) ارتأينا أن نذكر مالم ينشر من ترجمته بحسب ما عثرنا عليه من مخطوطات نادرة تفضل بها علينا مالكوها، وهما كل من العلّامة السيد مهدي الشيرازي - حفظه الله _فيما نقلناه من كتب جده لأمه الشيخ محمد علي الأوردبادي (رحمه الله ) ، والأخ العزيز الشيخ أمير نجل الشيخ شریف آل كاشف الغطاء - حفظه الله - فيما نقلناه من كتب جده الشيخ محمد الحسين ووالده الشيخ علي آل كاشف الغطاء (رحمهما الله)، فنذكر أولاً ما وجدناه من أقوال العلماء في حقه له فيها، وثانياً: ما زاغت عنه
ص: 61
الأبصار من ترجمته في المطبوعات، جمعناها بالجهد الجهيد، ثم نذكر مصادر ترجمته، فإليك ما ذكرناه:
أولاً - ما وجدناه من أقوال العلماء في حقه (رحمه الله ) من المخطوطات (1)
أ- قال الشيخ علي ابن الشيخ محمد رضا آل كاشف الغطاء (ت 1350ه) في كتابه (نهج الصواب في الكاتب والكتابة والكتاب) - مخطوط -، في حديثه عن سبب تأليفه ما نصه: (وحرك عزمي الواني المتهالك ما رأيته من
فهرس خزانة خاتمة المحدثين المرحوم الحاج ميرزا حسين النوري طاب ثراه فإنه قد تصدى لذلك وكتب مختصراً غير واف في سلوك هذه الشعوب والمسالك ، فأردت أن تكون رسالتي وافية بفضيلة التمام في هذا المقام بالغة أقصى الغرض والمرام...) (2)
ب وقال أيضاً في كتابه (نهج الصواب في الكاتب والكتابة والكتاب)، في فصل ذكر المكتبات في النجف الأشرف ما نصه: (.. ومنها كتابخانه المرحوم خاتمة المحدثين الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي صاحب المستدرك على الوسائل طاب ثراه، فإنها احتوت على عدة تتجاوز الألف، جيدة الخط عليها خط مؤلّفيها، قد جمعها من بلاد شتى وكان مولعاً بجمعها واقتنائها، وله حكايات غريبة في تحصيلها منها : أنه رأى يوماً كتاباً بيد امرأة في سوق حرج كربلاء، وكان طالباً للكتاب، فساومها عليه، فلما تراضيا بالقيمة لم يكن عنده
ص: 62
الثمن المطلوب وخشي إن مضى إلى الدار ليأتي لها بالثمن يحصل من يشتريها بالثمن المضاعف، فنزع قباه وكان مثمناً، فأعطاه إلى الدلال، فباعه في السوق بقيمة بخسة ودفعها إلى الامرأة وأخذ الكتاب، فاجتمع عنده الكثير الجيد العديم النسخة عند غيره، إلى أن توفي ولم يكن من ورثته من لها أهلاً، فباع ولده الميرزا محمد الأغلب منها من سهمه ومن سهام باقي الورثة على ابن أخته العالم الفاضل الأغا ضياء ابن الشيخ فضل الله النوري وكالة عن أبيه، لينقلها إلى طهران، ولما رجع إلى مسقط رأسه] طهران عاصمة إيران باع الكثير منها بالمزاد، و حمله صفقة على أهل [...] (1)، وحمل القليل منها إلى طهران وهي لم تزل في النجف، وحصة ابنة واحدة أخذها عيناً بزوجها جناب الميرزا محمد ابن الحاج هادي الإصفهاني الساكن في برنكون من بلاد ماجين، وهي عنده أيضاً في النجف، وبالجملة قد تفرقت بين الورثة وغيرهم (2)
ج - وقال أيضاً في كتابه (نهج الصواب)، في فصل ذكر جماعي الكتب ما نصه:... منهم خاتمة المحدثين المرحوم الحاج الميرزا حسين النوري، فإنه كان (رحمه الله ) من الشوق والتوق للكتب بحد لا يوصف، وكان همه وفكره مشغولاً في تحصيلها بالجلب والاستكتاب، والشراء بما بلغت من القيمة، وقدجمع عنده من الأصول الأربعمائة التي عليها معوّل الشيعة، واحتوت مكتبته على كثير من الكتب القديمة النفيسة، وكان يقدم اقتناءها على سائر لذاته، ومن جملة ما يُحكى عنه، أنه مرّ ذات يوم بسوق الحرج في كربلاء مستطرقاً، فوجد امرأة بيدها كتاب قد
ص: 63
جلبته للبيع ، فتناوله منها ليراه ماهو، فوجده ضالته التي مذ سنين هو في طلبها، فساومها على بيعه، فاتفقا على ثمن معين ولم يكن ذلك الثمن معه، فاستدعى منها الذهاب معه إلى الدار ليسلمها الثمن، فامتنعت وخشي أنه إذا ذهب ليأتي لها بالثمن يحصل من يشتريه منها فنزع قباءه الذي عليه وأعطاه إلى الدلال وكان مثمناً، فباعه بأبخس ثمن ودفع الدراهم لها ومضى إلى الدار وعليه ثوبه فقط إلى أن صارت مكتبته منفردة بين أمثالها كماً وكيفاً، ولكن الأسف كل الأسف الكتب التي جمعت بهذه المشقة والأذية صارت بعد موته بعضها طعمة للنصارى، وبعضها طعمة للنار سوى القليل منها في مكتبتنا لأسباب يطول شرحها. (1)
د- وقال أيضاً في كتابه الحصون المنيعة - مخطوط -، ما نصه: (الحاج حسین ابن الملا محمد تقي النوري الطبرسي ثم النجفي، نزيل النجف، ولد في 8 شوال سنة (1254) في بالو (2) إحدى قرى نور - وهي كورة من أعمال طبرستان - وتوفي والده وهو ابن ثماني سنين فلم يتعهد تربيته أحد إلى أن راهق، فاتفقت له ملازمة الفقيه الزاهد الملا محمد علي بن زين العابدين بن موسى الرضا المحلاتي، وهاجر معه من طهران إلى العراق سنة (1273ه)، فعاد أستاذه المرقوم إلى العجم وأقام هو في النجف أربع سنين.
ثم عاد إلى العجم، ثم كرّ راجعاً إلى العراق سنة (1278) ولازم المرحوم الشيخ عبد الحسين الطهراني، وهو أول من أجاز له في كربلاء، وقد حضر عليه
ص: 64
فيها وفي الكاظمية، ثم قصد الحجاز حاجاً سنة ( 1280 )، ثم عاد إلى النجف فحضر على العلامة الأنصاري أشهراً قلائل إلى أن توفي سنة (1281)، ثم سافر إلى العجم سنة (1282 ) (1)، وعاد إلى العراق سنة (1286) وفي هذه السنة توفي أستاذه الشيخ عبد الحسين الطهراني، ورُزق هو الحج مرة ثانية، وعاد إلى النجف وأقام فيها سنين إلى أن هاجر إلى سامراء لما هاجر إليها العلّامة الشيرازي أستاذه الكبير المتأخر.
وبقي فيها سنين وحج منها أيضاً، ثم عاد إليها وسافر إلى العجم سنة (1297)، ورجع فيها حاجاً سنة (1299) وهي آخر حجة له، عاد فيها إلى سر من رأى وأقام فيها إلى سنة (1314) بعد وفاة الشيرازي بسنتين فهاجر للنجف بعد ذلك قاصداً التوطن فيه [فيها - ظ -]، وقد أربى على الستين، ومع ما اتفق له من كثرة التجوال في البلاد، فإنه ألف كتباً كثيرة لعظم همته، وانفرد في عصره بالحديث، والرجال، والرواية، وعلم الآثار، فهو خاتمة المحدثين والمباحثين، وعلماء النظر والنقد في علماء الشيعة، معروف بالضبط، والاتقان والتحقيق خاصة في الرجال، وتحصيل الكتب مولعاً بها جماعاً لمحاسنها، جمع الجيد منها من كل فج عميق ولم يعتن ويقتن في أسفاره كلّها شيئاً من متاع الدنيا سوى الكتب، وكانت له خزانة كتب منحصرة في زمانه بالكثرة، والجودة، والعتق، (2) واتفق فيها من النفائس مالم يوجد في خزانة من قبله في سائر الأقطار كلها اجتمعت بهمته العالية، ولكن الأسف كلّ الأسف بعد موته صارت أدراج الرياح بين حرق،
ص: 65
وسرقة، وبيع على النصارى؛ من عدم أهلية الوارث في حفظها وضبطها وحصلت جملة منها في مكتبتنا.
وله من المؤلفات مواقع النجوم وهي إجازاته ودار السلام في الرؤيا والمنام طبع في طهران، عالم العبر (1) في الاستدراك على جلد البحار السابع عشر، رسالة الفيض القدسي في أحوال المجلسي، الصحيفة العلوية الثانية، الصحيفة السجادية الرابعة، النجم الثاقب في الإمام الغائب، كلمة طيبة فارسية طبعت في الهند، البدر المشعشع في ذرية موسى المبرقع، مستدرك البحار لم يتم حواشي رجال أبي علي، مستدرك الوسائل 3 مجلدات طبعت في طهران وهو أعظم كتبه وأفيدها، وفي المجلد الثالث منه أبحاث جليلة في الكتب والرجال تعرب عن علو كعبه في النقد وعلم الآثار، وله غير ذلك من المؤلّفات، وكانت وفاته في النجف سنة (1320ه) ودُفن في الإيوان الثالث من الصحن الشريف على يسار(2) الداخل من باب القبلة، وخلّف من الذكور ابنه الميرزا محمد وثلاث بنات). (3)
ه - وقال أيضاً فى كتابه الحصون المنيعة ما نصه: (أبو محمد الحسين بن محمد تقي النوري المازندراني ،الطبرسي، صاحب مستدرك الوسائل ثلاثة
ص: 66
مجلدات كبار فرغ من تأليفه في النجف سنة (1291ه) وتوفي في النجف ثامن وعشرين شعبان سنة 1320ه، وكان مجازاً في الحديث من عدة علماء، فهو من مشايخ الحديث) (1)
و - قال الشيخ محمد بن رجب علي بن الحسن الطهراني العسكري (رحمه الله ) (ت (1371) فيما كتبه ضمن إجازته للشيخ محمد علي الأوردبادي، (رحمه الله ) ما نصه: (ومنهم الإمام الهمام، علّامة علماء الإسلام وحيد دهره ومجلسي عصره، خريت صناعة الفقه والحديث والتفسير ، أفضل أهل عصره في العلوم الحديثية، المتضلع فيها، صاحب التصانيف الفائقة التي منها كتاب (مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل)، وقد أتعب نفسه وأسهر ليله وأباد نهاره في تصانيفه، واستدراك ما فات عن صاحب الوسائل وسقط عن قلمه الشريف في مدة عشرين سنة، وكنت ربّما أعينه فيه، وكان تمامه بتمام عمره وبمجرد أن خرج عن قلمه وفرغ من تأليفه طار صيته في الأقطار واشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار، أكب على مطالعته والاستفادة والاستنباط منه عامة العلماء الأبرار حتى إن فخر المحققين، مدرّس الإسلام، المولى محمد كاظم الغروي الهراتي الخراساني صاحب (كفاية الأصول)، وشيخنا خاتمة المحققين والمجتهدين الأميرزا محمد تقي الحائري العسكري الشيرازي كانا لا يجوزان الاستنباط والفتوى بدون مراجعته.
حضرت عليه في الدراية والرجال وشيئاً صالحاً من كتاب الوسائل، لإعمال قواعدهما فيه، ولازمته سنين متطاولة سفراً وحضراً، وما اجتمعت معه ولا
ص: 67
حضرت معه إلا واستفدت منه علماً جديداً.
وكان له (قُدِّسَ سِرُّهُ) ثبت اهتمام عظيم في قضاء حوائج المؤمنين سيما [ولا سيما - ظ] المحصلين، وقد أحسّ منّي ذات يوم توانياً في قضاء بعض ما أمرني به من قضاء بعض حوائجه، فلم يعجبه ذلك مني، وقال: ليس( في المستحبات الشرعية أفضل من زيارة الحسين (علیه السلام) وقضاء حاجة المؤمن أفضل منه )، ورأيت بعد ذلك خبراً بهذا المضمون.
وقال: (ربما تقضي حاجة مؤمن فترى في تلك الليلة حين تطالع [أنك] (1) تفهم أحسن من غيرها من الليالي).
وكان يعجبه مني أنه يراني لا أعاشر أحداً غير أمثاله، وأنشدني ذات يوم هذا البيت:
فعش فَرْداً وطب نفساً*** وكُن طَراً سَاوياً
و كان (قُدِّسَ سِرُّهُ) ثنت دائم الطهور حتّى إنا زرنا معه أبا جعفر محمد بن علي الهادي المشهور بالسيد محمد (علیه السلام)، وكانت الأرض ذات سدر كثير، فأدميت أرجلنا لما كان يعلق بها منها، ولما نزلنا وكان الماء قليلاً عندنا وأراد أن يتوضئ [ يتوضأ -]
ظ ] فجعل يبل الحصى بريقه ويزيل الدماء عن رجليه، ثم طهرهما وتوضئ [ توضأ - ظ -] ولم يبق على غير وضوء.
وكان متهجداً وله ضجيج بالأسحار ، وكأني الآن أسمع ضجيجه وهو يدعو بدعاء أبي حمزة الثمالي في السرداب المقدس في ليالي شهر رمضان، وكان
ص: 68
ضنيناً بعمره، لا يصرف دقيقة منه إلا فيما ينفعه في آخرته، وكان ساعياً في الخير، كنت تراه في السعي فيها كالفارس المستعجل؛ فيا أسفاً على مفارقة أولئك الأعلام الذين كأني كنت بمصاحبتهم ولذيذ مؤانستهم في جنات ذات أشجار تجري من تحتها الأنهار، أقتطف من أغصان كرم أخلاقهم أطيب الثمار، أستضيء بأنوار علومهم، وأستفيد من حسن أخلاقهم، وأتأدب بحسن آدابهم، كما قال القائل: "الطبع مكتسب من كل مصحوب".
فإنهم كانوا علماء أبراراً، أتقياء، مجاهدين، مرتاضين، يذكر [ تذكر -ظ] الله رؤيتهم ويرغب في الآخرة ويزهد في الدنيا عملهم، ويزيد في علم المستمع إليهم منطقهم.
فكأن قرنهم أشبه شيء بأول قرن من الإسلام، فإنه قد اجتمع في الناحية المقدسة - للاستفادة من سيدنا الأستاد الأعظم المجدد - من أهل كل فن من الفنون الإسلامية أكملهم، ومن أهل كل علم من العلوم الدينية أفضلهم، إذا احتاج أحدنا إلى ما يتعلق بالتفسير أو المعارف ذهب إلى شيخنا العالم العامل والإنسان الكامل المولى فتح علي السلطان آبادي فإنه كان أكمل أهل عصره فيها، أو احتاج إلى ما يتعلق بالعلوم الحديثية وتمييز غثها من سمينها وصحيحها من سقيمها استفادها عن شيخنا الإمام العالم المحدث العلّامة الطبرسي صاحب المستدرك، أو أشكلت عليه معضلة من دقائق الفقه والأصول كشفها عند شيخنا الأعظم خاتمة المحققين الأميرزا محمد تقي المذكور، وكان سيدنا الأستاد الأعظم فوقهم كلهم وحاوياً لما عند جلّهم: (ليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في (واحد). (1)
ص: 69
ز - قال الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله ) (ت 1373ه) في كتابه عقود حياتي - مخطوط - ما نصه: (....وكان قد انتقل من سامراء إلى النجف جملة من العلماء المشاركين الذين لهم تضلّع في غير الفقه والأصول من العلوم التي لم يكن لها رواج ذينك العلمين انتقل أولئك الأعلام بعد وفاة زعيمهم الحجة الكبرى ، وكانت أنفسهم تطمح إلى الاستقلال، وكان من جملتهم خاتمة المحدثين الحاج ميرزا حسين النوري صاحب مستدرك الوسائل، ودار السلام وغيرهما من الكتب الشهيرة، وكانت له اليد الطولى في فنون الحديث، وأسرار كلمات الأئمة (علیهم السلام)والمعارف الإلهية، فلازمته ملازمة ظلّه، وكنت مواظباً على الاقتداء به في المسجد في صلاة العشاءين وفي الحرم الحيدري بصلاة الفجر وحضرت قدراً من أحاديث أصول الكافي، وكان يرقى المنبر كل صباح جمعة ويبقى أكثر [...] (1)يملي على السامعين تفسير بعض الآيات، ويبقى عدة أسابيع بل أشهر في تفسيرها مثل: آيات وعباد الرحمن الذي يمشون على الأرض هونا... إلى آخر سورة الفرقان)، وكتبت جملة من تلك الإملاءات، وكانت في كل سنة له عادة في زيارة عرفة أن يزور من النجف إلى كربلاء راجلاً في أربعة أيام مع عدة من خواص أصحابه، فبقيت أزور معه راجلاً مدة حياتي إلى أن توفاه الله إليه في حدود الإحدى والعشرين بعد القرن الثالث عشر ولما وردت إلى النجف قصيدة شكري أفندي الآلوسي التي يعترض فيها على غيبة الإمام المنتظر (سلام الله عليه وعلى أبائه ) والتي يقول في أولها:
ص: 70
أيا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ ***بكُلِّ دَقيق حَارَ مِنْ دُونه الفكرُ
لَقَدْ حَارَ مِنِّي الفكْرُ في الغائب الذي*** تحيَّر فيه الخَلْقُ والتَبَسَ الأَمْرُ
فَمِنْ قائِل في القِشْرِ لُب وُجُودُهُ*** ومن قائل قَدْ ذُبَ عَنْ لُبِّه القشر
ثم يرجح القول الأول، ويبدي الإشكالات على الثاني، وقد نهض للجواب عنها جماعة من شعراء أهل العلم والأدب في النجف بقصائد مطولة.
فعرضت القصيدة على أستاذنا النوري فكتب رسالة بديعة أسماها: (كشف الأستار عن وجه غيبة الإمام الغائب عن الأنظار) وذكر نصوص جماعة من كبراء علماء السنة صرّحوا بوجوده، ودحض تلك الشبهة بأقوى حجة، فنظمت جميع تلك الرسالة بقصيدة تناهز الثلاثمائة بيت في مطلعها براعة الاستهلال:
بنفْسِي بَعِيدَ الدَّارِ قَرَبَهُ الفَكْرُ ***وأَدْنَاهُ مِنْ عُشاقه الشَّوْق والذِّكْرُ
وقد طبعت مع الرسالة غير مرة). (1)
ح -وقال في كتابه العبقات العنبرية - الجزء المخطوط -، ما نصه: (حسين النوري، أدام الله تعالى وجوده الشريف ومتعنا بحياته، ونفعنا بعلومه القدسية، وقدسي إفاداته، فكم له أيده الله في الدين من يد بيضاء يجب على كل متدين شكرها، وكم له في الشريعة من خدمة غراء بها يعظم على جميع الشرائع فخرها، وكم من أحاديث مقطوعة الصدور استدركها على كل حرّ من المحدثين عظمت في الدين وسائله، وكم ألحق ببحار الأخبار جداول علوم وآثار لو لم
ص: 71
يلحقها به لم تعذب للواردين جداوله.
ومن أراد أن يرى خدماته الكريمة للدين، وإحياءه لما كاد أن يندرس وينمحي من كثير من أحاديث الأئمة الطاهرين، وزحمته في تحصيل عدة من أصول السلف الصالحين، التي لم يعثر عليها أعاظم المتقدمين من أهل الحديث والمتأخرين فلينظر إلى كتابه الذي أكمله في هذه الأيام وهو كتاب المستدرك الذي استدركه على وسائل الشيخ الحر العاملي رفع الله درجته وأجزل كرامته، وأورد فيه من الأحاديث المعتبرة قريباً مما في الوسائل، ورتبها على ذلك الترتيب.
ولكن ذكر في آخره اثنتي عشرة فائدة كل واحدة تصلح لأن تكون كتاباً برأسه، وأغلبها في تصحيح الكتب التي نقل عنها، وواحدة في ترجمة مشايخ إجازته من عصره إلى زمان الغيبة ومجموع الكتاب يبلغ مقدار الوسائل، وأظن أنه خاتمة كتب الأخبار، بحيث لم يبق لمن بعده مجال في هذا المضمار، وليعظمن نفعه على أهل العلم، ويكون منة على المجتهدين تفزع إليه في كل أمر مهم.
ومن أراد الاطلاع على سائر ملكاته القدسيّة وعظيم معارفه النفسية، فليراجع باقي مؤلفاته كدار السلام والكلمة الطيبة، فإن فيها من المعارف النبوية والحكم الإلهية كل بديعة كانت في ضمائر الغيب محتجبة، على أن ما أودع منها في كتبه غيض من فيض بالنسبة إلى مالم يبح به وربّما كان يسمح خاطره الشريف بشيء مما في خزانة علمه المصونة، ويلقي على المستمعين من السالكين من فوق منبره الذي يرقاه في داره صبح كل جمعة بعض المطالب التي هي بنفحات القدس ونشأة ماء الرضوان ،معجونة، كتفسير بعض الآيات الشريفة والكشف عن
ص: 72
أسرارها، أو شرح بعض الروايات وبيان بعض ماهو من وراء طور العقول من أطوارها، وطريقته أيده الله في منبره أن يتلو آية من الكتاب العزيز بعد الخطبة، ثم يشرع في ذكر المقام المتعلق بتلك الآية ويبقى في شرحه وشرح أسرار كلّ تلك الآية، وبيان ما يناسبها من حكاية أو رواية، وبيان الوجوه الباطنة،
والدقائق التي هي في البطون كامنة، ويبقى مدة أسابيع في ذلك، وأول رجوعه
من سامراء إلى النجف بعد وفاة إمام عصره السيد ميرزا حسن الشيرازي (قُدِّسَ سِرُّهُ) ورجوع أهل العلم إلى الغري شرع في تفسير قوله تعالى: (وَعَبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا )... (1)الآيات إلى آخر السورة المباركة وبقى فيما يتعلق بثلاث آيات من أولها مدة ثلاث سنين ثم شرع بآية أخرى وهي قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُب وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ وَابْن السَّبيل )... (2) الآية، ثم ذكر أولاً فضل هذه الآية وعظمة شأنها لما فيها من بيان الحقوق التي يلزم على الإنسان مراعاتها بجميع أنواعها التي ذكرت في الآية، وهي ما كان بين الحق والخلق وما هو بين الخلق و الخلق، وهذا إما مع العالي، أو مع المساوي، أو مع الداني، ولكلّ واحد أحكام خاصة ومراتب عديدة، ثم ذكر كل واحد منها إجمالاً، وقال إن المقصود الآن بيان حق الجار على الجار، وهو على مراتب أدناها كف الأذى عنه، وأوسطها دفع الأذى عنه، وأقصاها تحمل
ص: 73
الأذى فيه، وذكر في كل واحد [ واحدة - ظ -]منها علوماً جمّة، ومطالب عديدة يتخلص فيها إلى بيان آداب مجاورة مشاهد الأئمة (علیهم السلام)وما يلزم على المجاور من استعمال الوظائف الروحانية والآداب الجسمانية، التي لا يحصل الغرض من المجاورة ، والمقصد المهم من التغرب والمهاجرة، إلا بالقيام بها والنهوض لأداء واجبها، فإن النتيجة عظمى والغاية قصوى وهي بلوغ المراتب العالية والاستمداد من روحانية تلك النفوس المقدّسة ،الزاكية، وقد وفقنا الله تعالى لكتابة عدة من مجالسه أيده الله في هذا المقام، ونقلنا كلامه الشريف الفارسي إلى أبلغ عبارة من العربية وأعذب كلام، وإذا يسر الله تعالى لنا رتبنا تلك المجالس التي استفدناها من شريف بيانه، وسمعناها من بارع إملائه المنيف الذي نفت به روح القدس على لسانه، وجعلناها إن شاء الله رسالة مستقلة في آداب المجاورة، وقد أكسير نظره الشريف على ما جمعنا من كلماته، فاستحسنها ووقع عليها بقلمه الشريف إصلاح بعض عثرات الفكر وهفواته.
ووردت في هذه الأيام إلى النجف أبيات شعر لبعض العامة من طلبة بغداد يذكر فيها أمر الحجة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وبطلان ما تدعيه جماعتنا من غيبته لأمور تخيلها، وتخيلات وهم استعملها، وأول أبياته قوله:
أيا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ *** بِكُلِّ دَقيق حَارَ مِنْ دُونه الفكر (1)
ثم أخذ في هذا وأمثاله وبعثها إلى أهل الكاظمين ، فأجابوا ولكن لا بما
ص: 74
يشفي الغليل أو يصيب الداء الدخيل، فبعثها بعض الفضلاء إلى النجف، التي هي قبة الكمال اليوم وتخت مملكة العلم والشرف، فتصدى للجواب فضلاؤها ممن جمع بين فضيلتي العلم والأدب، وأخذ من الكمالات بأوفى نصيب وأعظم سبب، فأجابوا وأطابوا ورموا الغرض فأصابوا، حتى بلغ مجموع ما قيل في النجف للجواب عنها ألفي بيت أو أكثر، فعلمت جزماً أن هناك أموراً لم تذكر، ومطالب في الرد عليهم هي أقصى عن أذهان سائر الفضلاء وباعهم عنها أقصر، وإن كان ما جاؤوا به كاف كافياً - ظ - في الجواب، غير مائل عن خطة الحق والصواب، ولكن قلت أعط القوس ،باريها، فلا يخطي مراميها، فعرضتها عليه دام ظله العالي، فكتب في الجواب عنها رسالة فائقة على كل ما كتب في أمر الغيبة إلى الآن، وسمّاها: (كشف الأستار عن وجه غيبة الإمام عن الأنظار)، وذكر في أولها أربعين رجلاً من أعاظم علمائهم قائلاً بمقالتنا وأنه (علیه السلام) مولود، وبين ظهراني الخلق موجود، ونقل كلماتهم الصريحة بذلك من الكتب التي أثبت من طرقهم وبشهادة علماء رجالهم أنها لهم، ثم أجاب عن كل شبهة أوردها ذلك الشاعر حلاً، ونقضاً، وحفظاً على قاعدة تطابق الجواب مع السؤال، نظمت تلك الرسالة على الوزن والقافية من أبياته وأدرجت فيها جميع ما في الرسالة، فبلغت الثلثمائة بيت، وجعلنا أكثرها في ظهر الكتاب المذكور كالتكملة له، وأول قصيدتنا:
بنَفْسِي بَعيدَ الدَّار قَرَبَهُ الفكر ***وأَدْنَاهُ مِنْ عُشاقه الشَّوْق والذِّكْرُ
تَسَتَّرَ لَكن قَدْ تَجَلَّى بِنُورِهِ ***فَلَا حُجُبٌ تُخْفِيهِ عَنْهُمْ وَلَا سِتْرُ
إلى أن تخلّصنا إلى المقصود بفيض واهب الوجود والجود بقولنا:
ص: 75
فَيًا بأبي لح للبَريَّة أَو فَعْبٌ *** فَلَيْسَ عَلَى عَلَيَاكَ من غَيْبَة صُرٌّ
فَشَمْسُ الضُّحَى والبَدْرُ نُورَاهُمَا *** هُما وَإِنْ غَرَبَتْ أَو غُيِّبَ الشَّمْسُ وَالبَدْرُ
وَلَا نُكْرَ إِنْ لَاحَتْ وَلَمْ يَرَ ضَوءهَا ***أَخُو نَظَر لَكنْ عَلَى عَينه النُّكْرُ
وَلَا بَأْسَ ممَّنْ جَاءَ يَسْأَلُ قَائلاً *** (أَيَا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ
والحاصل أنه دام علاه بتوفيق الله وتسديد الحجة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)أقام على المعاندين أوضح برهان وأوضح حجة، ومن أراد أن يحصل له الإيمان والاعتقاد الراسخ في هذا الباب، بحيث لا يبقى له في هذا الأمر شك ولا ارتياب، فليكثر من مراجعة هذا الكتاب، فإن فيه الغاية والكفاية لذوي الألباب من حسن باطن مؤلّفه الذي هو مع عرفت في العلم من أمره أعبد وأتقى أهل ،دهره، ملازماً للأوراد والأذكار، مواظباً على إحياء أكثر ليله بمناجاة الملك الجبار، وعادته منذ أدركناه وقبل ذلك أن يقوم قبل الفجر بساعتين ويكون أول داخل في السحر إلى روضة الحرم المطهر، ويصف قدميه في العبادات والمناجاة حتى تطلع الشمس سفراً وحضراً، لا يمنعه عن ذلك برد ولا حر، ولا سحاب ولا مطر، ولا مرض ولا خطر مع كبر سنه وضعف بدنه، فإنه حتى اليوم قد تجاوز النيف والستين، وهو في كل سنة يزور على قدميه في عرفة سيد الشهداء بجماعة من مساكين الطلبة والفقراء، وكنا ممن وفقه الله للسعى بخدمتهم على الإقدام إلى ذلك الحرم الذي تسعى وتطوف الملائكة والأنبياء للتشرف باستلام كعبته، وأنى لها الاستلام ؟! فكنا نسير وذلك المولى أمامنا على قوتنا وضعفه، وحق للإمام أن يكون أماماً.
ص: 76
وإِذا حَلَّتِ الهداية قلباً ***نَشَطَتْ للعبادة الأعضاء
وأول ما نصل إلى المنزل يأخذ كل منا بالاضطجاع طلباً للاستراحة، ويفرك - وقد أخذه الإعياء - الرجل بالأخرى والراحة بالراحة، وأما هو فيشتغل بإسباغ الوضوء والطهارة، ويقوم على مصلاه مؤدياً أوراده وأذكاره، وفي هذا وأمثاله أفعاله وأقواله عبرة لمن اعتبر، وتبصرة لمن أراد أن يتبصر، وفقنا الله لذلك، وأخذ بنا إليه بأوضح الطرق وأقرب المسالك، وأبقاه الله لنا ظلاً في الإرشاد ظليلاً، ومنحه صحة الجسم وعمراً طويلاً...) (1)
ط- وقال الشيخ محمد علي الأوردبادي (رحمه الله ) (ت 1380ه)، في ترجمته بعد تعداد مؤلّفاته، ومشايخه، وأسفاره وعن حياته، ما نصه: (وكانت له عند الإمام المجدد مكانة راسية، كما كانت لأخص بطانته الذين كان يلقي إليهم أسراره ويستشيرهم في مهامه. وكذلك له عند العلماء جميعاً مرتبة سامية، وله في التقى مقامات منيعة، وفي نشر آثار أهل البيت أياد واجبة. وقد شكر المجتمع الديني كل يد أسداها إليه.
وما أنا ورعرعة لا تقيل العثرات في مثل تأليف فصل الخطاب)، وهي لا تزال مرتبكة فيها، والمعصوم من عصمه الله، والرجل من عمد الدين والمذهب، وفي الصدور من علمائنا العاملين (قُدِّسَ سِرُّهُ). (2)
ص: 77
فقد تحدث البعض عن مجلسه، وهيبته فيه وكيف يختلف الناس إلى مجلسه في يوم الجمعة زرافات زرافات. (1) فإليك ما قاله ثلاثة من أساطين العلماء عن مجلسه، ودقة ما يذكره الشيخ النوري فيه ، فلعل البعض يأخذ العبرة بذكري لقولهم، رحمهم الله، وهم:
أ- السيد محسن الأمين العاملي (رحمه الله ) (1371ه): إذ قال في أعيانه مانصه: ( ت 1371ه) (وكان يقرأ بنفسه في مجالس الذكرى التي يقيمها في داره لوفيات أهل البيت، وحضرت يوماً في بعض تلك المجالس، فسمعته يقول: إن الكلام المنسوب إلى الأصبغ بن نباتة أنه خاطب به أمير المؤمنين (علیه السلام) – لما ضربه ابن ملجم الذي فيه إن البرد لا يزلزل الجبل الأشم، ولفحة الهجير لا تجفّف البحر الخضم والليث يضرى إذا خُدش والصلّ يقوى إذا ارتعش لا أصل له، ولم يُرو في كتاب. وتذكرت ما سمعته من بعض علماء جبل عامل الذين درسوا في العراق (2)، وسمعوا هذا الكلام من أفواه الخطباء ، فظنّوه حقاً لما فيه من التزويق
ص: 78
والتسجيع الفارع، ولم يعلموا أنه موضوع؛ لبعدهم عن الاطلاع على التاريخ والآثار، وتقصيرهم في ذلك، فكان يعجب بهذا الكلام، ويكرر تلاوته. ثمّ إنّي حينما ألفت في سيرة أمير المؤمنين علي ا ل لا لافتا تو اس فلم أجد له أثراً ) (1)
ب - الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء ه ت 1373ه): إذ قال (رحمه الله ) في كتابه المخطوط (عقود حياتي) واصفاً المجالس البهية لأستاذه الميرزا الشيخ النوري (رحمه الله ) ، ما نصه: (... وكان يرقى المنبر كل صباح جمعة ويبقى أكثر [....] (2) يملي على السامعين تفسير بعض الآيات، ويبقى عدة أسابيع، بل أشهر في تفسيرها، مثل آيات (وَعَبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا.. ) (3)إلى آخر سورة الفرقان، وكتبتُ جملةً من تلك الإملاءات.....) (4)
وأضاف الشيخ كاشف الغطاء (رحمه الله ) أيضاً في كتابه (العبقات العنبرية – الجزء المخطوط -) ما نصه:
(ويلقي على المستمعين من السالكين من فوق منبره الذي يرقاه في داره صبح
ص: 79
كل جمعة بعض المطالب التي هي بنفحات القدس ونشأة ماء الرضوان معجونة، كتفسير بعض الآيات الشريفة والكشف عن أسرارها ، أو شرح بعض الروايات وبيان بعض ما هو من وراء طور العقول من أطوارها، وطريقته أيده الله في منبره أن يتلو آية من الكتاب العزيز بعد الخطبة، ثمّ يشرع في ذكر المقام المتعلق بتلك الآية ويبقى في شرحه وشرح أسرار كل كلمة من تلك الآية، وبيان ما يناسبها من حكاية أو رواية وبيان الوجوه الباطنة، والدقائق التي هي في البطون كامنة، ويبقى مدة أسابيع في ذلك، وأول رجوعه من سامراء إلى النجف بعد وفاة إمام عصره السيد ميرزا حسن الشيرازي (قُدِّسَ سِرُّهُ) و رجوع أهل العلم إلى الغري شرع في تفسير قوله تعالى: (وَعَبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا... )... (1) الآيات إلى آخر السورة المباركة، وبقى فيما يتعلق بثلاث آيات من أولها مدة ثلاث سنين، ثم شرع بآية أخرى وهي قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحب بالجنب وابن السبيل.... الآية ) (2) ثمّ ذكر أولاً فضل هذه الآية، وعظمة شأنها؛ لما فيها من بيان الحقوق التي يلزم على الإنسان مراعاتها بجميع أنواعها التي ذكرت في الآية، وهي ما كان بين الحق والخلق، وما هو بين الخلق والخلق، وهذا إما مع العالي، أو مع المساوي، أو مع الداني، ولكل واحد أحكام خاصة ومراتب عديدة، ثم ذكر كل واحد منها إجمالاً، وقال: إن المقصود الآن بيان حق الجار على الجار وهو على مراتب
ص: 80
أدناها كف الأذى عنه، وأوسطها دفع الأذى عنه، وأقصاها تحمل الأذى فيه، وذكر في كل واحد منها علوماً جمّة، ومطالب عديدة يتخلص فيها إلى بيان آداب مجاورة مشاهد الأئمة (علیهم السلام) وما يلزم على المجاور من استعمال الوظائف الروحانية والآداب الجسمانية التي لا يحصل الغرض من المجاورة، والمقصد المهم من التغرب والمهاجرة، إلا بالقيام بها والنهوض لأداء واجبها، فإن النتيجة عظمى والغاية قصوى، وهي بلوغ المراتب العالية والاستمداد من روحانية تلك النفوس المقدسة الزاكية، وقد وفقنا الله تعالى لكتابة عدة من مجالسه أيده الله في هذا المقام، ونقلنا كلامه الشريف الفارسي إلى أبلغ عبارة من العربية وأعذب كلام، وإذا يسر الله تعالى لنا رتبنا تلك المجالس التي استفدناها من شريف بيانه، وسمعناها من بارع إملائه المنيف الذي نفث به روح القدس على لسانه، وجعلناها إن شاء الله رسالة مستقلة في آداب المجاورة، وقد وقع إكسير نظره الشريف على ما جمعنا من كلماته، فاستحسنها ووقع عليها بقلمه الشريف إصلاح بعض عثرات الفكر وهفواته). (1)
ج - الشيخ آقا بزرك الطهراني (رحمه الله ) (ت 1389ه) : إذ وصف مجلسه بما نصه: (أما في يوم الجمعة فكان يغير منهجه، ويشتغل بعد الرجوع من الحرم الشريف بمطالعة بعض كتب الذكر والمصيبة؛ لترتيب ما يقرؤه على المنبر بداره، ويخرج من مكتبته بعد الشمس بساعة إلى مجلسه العام، فيجلس ويحيي الحاضرين ويؤدي التعارفات، ثم يرقى المنبر فيقرأ ما رآه في الكتب بذلك اليوم. ومع ذلك
ص: 81
يحتاط في النقل بما لم يكن صريحاً في الأخبار الجزمية. وكان إذا قرأ المصيبة، تنحدر دموعه على شيبته) (1)
وتتجلى لك بالنصوص الآتية:
أ- تعميره قبر السيّد محمد ابن الإمام الهادي (علیه السلام) في بلدة الدجيل:
قال السيد محسن الأمين العاملي في كتابه أعيان الشيعة ج 10 ص 5، ما نصه: السيد أبو جعفر محمد ابن الإمام علي أبي الحسن الهادي. توفي في حدود سنة (252) ه). جليل القدر، عظيم الشأن، كانت الشيعة تظن أنه الإمام بعد أبيه (علیه السلام) ، فلما توفي نص أبوه على أخيه أبي محمد الحسن الزكي (علیه السلام)، وكان أبوه خلفه بالمدينة طفلاً لما أتي به إلى العراق، ثم قدم عليه في سامراء، ثم أراد الرجوع إلى الحجاز ، فلما بلغ القرية التي يقال لها: (بلد) على تسعة فراسخ من سامرا مرض وتوفي ودفن قريباً منها، ومشهده هناك معروف مزور. ولما توفي شق أخوه أبو محمد ثوبه وقال في جواب من لامه على ذلك قد شق موسى على
ص: 82
أخيه هارون). (1) وسعى المحدث العلامة الشيخ ميرزا حسين النوري في تشييد مشهده و تعميره، وكان له فيه اعتقاد عظيم).
كما قال الشيخ محمد علي الأوردبادي (رحمه الله ) ، عن هذا التعمير، مانصه: (وممن سبقت له أياد بيضاء في تشييد مشهد ،القداسة، شيخنا العلّامة الحجة ثقة الإسلام النوري، وهو الذي ناء بتجديد الضريح وبناء الحجر وغيرها من مرافق الحياة هنالك). (2)
ب- تعميره قبر المحقق الحلي (رحمه الله ) في مدينة الحلة السيفية: قال الشيخ عباس القمّي (رحمه الله ) في كتابه الكنى والألقاب ج 3 ص 156 في ترجمة المحقق الحلي (رحمه الله ) في الحديث عن قبره، ما نصه... وما نقله (رحمه الله ) من حمله إلى مشهد أمير المؤمنين (علیه السلام) عجيب ، فإن الشائع عند الخاص والعام أن قبره طاب ثراه بالحلة وهو مزار معروف وعليه قبة وله خدام يخدمون قبره، يتوارثون ذلك أباً عن جد، وقد خُربت عمارته، فأمر الأستاذ العلامة دام علاه بعض أهل الحلة فعمروها، وقد تشرفت بزيارته قبل ذلك وبعده، والله العالم).
وقد استقصيت ترجمة أخرى له (رحمه الله ) - إلا ما زاغ عنه البصر - من كتاب (طبقات أعلام (الشيعة) من خلال مطالعتي لأجزائه السبعة عشر، فاستخرجت ما
ص: 83
ذكره تلميذه مؤلّف الطبقات الشيخ أغا بزرك (رحمه الله ) - غير ترجمته الخاصة فيه (1) - خدمة للمحققين والباحثين ومادفعني لهذا العمل خلو الكتاب من فهارس الأعلام المذكورين ضمناً، وهي كالآتي:
1- السيد أبو القاسم الدهكردي (ت 1353ه): (ومشايخه آية الله الخراساني و شيخنا العلامة النوري ) (2)
2 - السيد التفريشي القمي (ت 1342ه) : ( تتلمذ على الحاج النوري. ) (3)
3- الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (ت1373ه): (وهو من أقدم أصدقائي وصلتي به قديمة وقديمة جداً قديمة وقديمة جداً يرجع عهدها إلى أكثر من خمسين سنة، وأتذكر أن بداية هذه الصلة كانت يوم كان يختلف إلى دار شيخنا العلامة النوري المتوفى عام ( 1320ه) ويلازمه سفراً وحضراً، وكان كثير الحب لي وشديد الوفاء بعهود الوداد) (4)
وقال أيضاً: (عرفته في السنين الأولى من هجرتي إلى النجف بواسطة ولده الحجة المرحوم الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء الذي كان يزاملنا في الحضور على شيخنا الحجة الحسين النوري في درسه ومجلسه الخاص في بيته). (5)
ص: 84
4- الشيخ عباس بن محمد رضا القمي (ت1359ه): (وفي سنة (1316ه) هاجر إلى النجف الأشرف، فأخذ يحضر حلقات دروس العلماء إلا أنه لازم شيخنا الحجة الميرزا حسين النوري وكان يصرف معه أكثر وقته في استنساخ مؤلفاته ومقابلة بعض كتاباته، وكنت سبقته في الهجرة إلى النجف بثلاث سنين، وفي الصلة بالمحدث النوري سنتين حيث هاجر النوري إلى النجف في سنة (1314ه)... ولا أزال أتذكر جيداً يوم تعرف المترجم له على شيخنا النوري وأول زيارته له، كما أتذكر أن واسطة التعارف كان العلامة الشيخ علي القمي؛ لأنه من أصحابه الأوائل ومساعديه الأفاضل، بقي المترجم له مع شيخنا النوري يقضي معظم أوقاته في خدمته واستنساخ مؤلفاته، ومقابلة مُسوَّداته، وقد استنسخ من كتبه (خاتمة مستدرك الوسائل) عندما أرسله إلى إيران ليطبع وكذا غيره من آثاره، وفي سنة (1318ه) تشرف للحج وزيارة قبر النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) وعاد من هناك إلى إيران فزار وطنه قم وجدد العهد بوالديه وذويه، ثم رجع إلى النجف وعاد إلى ملازمة الشيخ النوري وحصل على الإجازة منه حتى توفي الأستاذ في سنة (1320ه)، بقيت الصلة بيننا نحن تلاميذ النوري وملازميه، فقد كانت حلقات دروس العلماء والمشاهير تجمعنا في الغالب). (1)
5- الشيخ علي الطريحي النجفي (ت 1333ه) : (كان من تلاميذ الشيخ ميرزا حسين النوري). (2)
6- السيد محسن الأمين العاملي (ت 1371ه): واستفاد من بركات شيخنا
ص: 85
العلامة النوري كثيراً). (1)
7- الشيخ محمد الطهراني (ت 1371ه) : (وأخذ علوم الحديث عن شيخنا العلامة النوري). (2)
8- الشيخ مهدي ابن العلامة ميرزا هادي ابن العلامة ميرزا محمد تقي النوري: (كان جده ميرزا محمد تقي المذكور والد شيخنا العلامة النوري... وكان يقرأ على شيخنا العلامة النوري في الرسائل والمكاسب وغيرهما). (3)
السيد محمد مهدي ابن السيد حسن القزويني (ت 1300ه): (وهو شيخ رواية جمع من مشايخي العظام، ومنهم شيخنا العلّامة النوري). (4)
3- الشيخ علي أكبر الهمداني (ت 1325ه): (حضر على الشيخ ميرزا النوري، وقد أجيز منه في الرواية). (1)
4 - الشيخ فدا حسين اللكنهوي (ت 1353): (له الرواية عن شيخنا النوري، كتب له إجازة بشهادة الفاضل آغا رضا الإصفهاني في سنة 1315ه). (2)
5 - الشيخ ميرزا فرج الله التبريزي: كان مجازاً من جمع كثير، منهم: الحاج ميرزا حسين النوري). (3)
6- الشيخ محمد البارفروشي الحائري (ت 1350ه): (وهو يروي عن أبيه وعن العلامة النوري ). (4)
7- السيد محمد الخلخالي النجفي (ت 1364ه): (له الإجازة من الشيخ ميرزا حسين النوري). (5)
8- السيد محمد اللاجوردي الكاشاني (ت1353ه): (يروي عن الحاج النوري) (6)
9 - الشيخ مهدي الحكمي القمي (ت 1360ه) : (ويروي عن شيخنا العلامة النوري كما صرّح في إجازته لحفيد شيخه ميرزا علي بهزادي ابن ميرزا محمد
ص: 87
ابن شيخه النوري في سنة (1342ه) ، وكان معيناً لشيخنا النوري في تصحيح المستدرك مع الحاج الشيخ علي القمي). (1)
1- السيد إعجاز حسين الكنتوري (ت 1286ه) : ( وله آثار جليلة منها كشف الحجب والأستار عن وجه الكتب والأسفار ، فهرس لمؤلّفات الشيعة لم يحتو إلا على نزر قليل فإنه لم يزد فيه على ما في خزانة كتبهم الجليلة إلا قليلاً، ولذا منعه شيخنا العلّامة الأكبر الحجة الميرزا حسين النوري المتوفّى (1320ه) من طبعه ونشره مخافة أن يظن الأجانب انحصار مؤلّفات الشيعة بذلك المقدار، وقد أهدى نسخته بخطه لشيخنا المذكور، وذلك حين تشرفه للزيارة في النجف مع أخيه العلّامة السيد حامد حسين مؤلّف عبقات الأنوار)، وقد كان عازماً على طبعه، ولما منعه الأستاذ أهداه إليه، وهو إلى الآن موجود في مكتبة سبط أستاذنا المذكور، الأغا ضياء الدين ابن الحجة الشهيد الشيخ فضل الله النوري، وقد طبع في الهند أخيراً في (1333ه) بإشراف بعض أحفاده مع مقدمة له في ترجمة المؤلف ومنها أخذنا تاريخ ولادته ووفاته، وقد كان شيخنا العلّامة النوري أعلى الله مقامه عازماً على تأليف كتاب في هذا الباب جامع لصنوف مؤلّفات الشيعة وكان يعهد بذلك لبعض أصحابه، إلّا أن الأجل لم يمهله، وكنت أرى ذلك في نفسي ضرباً من المحال، لكن هيا الله تعالى لي بعض الأسباب، ووفقت للإتيان بما هو أوسع وأشمل من (كشف الحجب) ومع ذلك فما حوته موسوعتي (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) لم يكن إلّا أقل قليل، فأسأل الله تعالى أن يوفقني لإكمال طبعه وإتمامه، وينفعني به (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ *
ص: 88
إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْب سَلِيمٍ). (1)
2- الميرزا حسين المازندراني (ت بعد 1320ه): (رأيته في النجف بدار شيخنا الحسين (النوري). (2)
3- السيد محمد بن أبي القاسم بن مهدي الكاشاني النجفي: (كان من خواص شيخنا الميرزا حسين (النوري). (3)
4 - السيد مهدي التبريزي (ت 1320ه): (من الأفاضل الأعلام المتبحرين، ومن أصدقاء شيخنا العلامة النوري). (4)
5- الشيخ ميرزا هداية الله الأبهري (توفي بعد 1313ه): (كان من خواص أصدقاء شيخنا العلامة النوري.) (5)
6- الشيخ هداية الله الكلبايكاني: (له اختصاص بشيخنا العلامة النوري). (6)
7-السيد يحيى الإمامزاده قاسمي (ت بعد 1314ه): (كان مصاحباً لجمال السالكين الحاج ملا فتح علي وشيخنا العلامة النوري ) (7)
ص: 89
1- الشيخ فضل الله النوري (الشهيد في 1327ه): (هو ابن أخت شيخنا العلامة النوري وصهره على بنته... وتزوج بابنة شيخنا العلامة المذكور حتى هاجر آية الله الشيرازي إلى سامراء، فهاجر هو أيضاً مع خاله العلامة في أول المهاجرين). (1)
2- الشيخ يوسف الحدائق الشيرازي (ت 1362ه): (كان في سامراء مدة مع صديقه ميرزا محمد ابن الحاج عبد الهادي الرنكوني الذي صاهر شيخنا العلامة النوري في سامراء... و كان له اختصاص بشيخنا العلامة النوري). (2)
1- الميرزا علي ابن العلامة محمد تقي النوري: (كان عالماً حكيماً متكلماً قام مقام والده في تلك النواحي بعد أخيه الميرزا هادي الذي توفي حدود سنة (1290ه)، وهما أخوا شيخنا النوري). (3)
2 - الآخوند المولى فتح الله النوري، صهر العلامة الميرزا محمد تقي النوري، وتلميذه الكامل الجليل. وهو والد الشيخ الفاضل موسى، ابن أخت شيخنا العلامة النوري، والمتوفى بالنجف سنة (1331ه). (4)
ص: 90
3- الشيخ موسى النوري المازندراني (ت 1331ه) : (هو ابن أخت شيخنا العلامة الشيخ حسين النوري). (1)
1- الشيخ محمد حسين السلطان آبادي (ت 1314ه): (هو كثير التصانيف أنتج كتباً عديدة جيدة نافعة ومن أجل هذا كان يلقب ب(حاج أغا كوچك) في قبال شيخنا الحجة النوري الذي كان معروفاً ب(الحاج أغا النوري)). (2)
2- الشيخ محمد حسين القمشهي الصغير النجفي (ت 1337ه): (رأى بعض معاجز الأئمة وكراماتهم وكرامات بعض صلحاء العلماء، كما سمع بعض ذلك عن الثقات وكتب ذلك في مجموعة خاصة كان يحدث الناس بها، وسمعت منه كثيراً منها وكان يكتب كثيراً من المواعظ والأخبار التي يقرؤها شيخنا الحسين النوري على المنبر بداره وكانت له عادة أسبوعية يجلس لعزاء الحسين في كل جمعة). (3)
3- الشيخ محمد علي الطبسي (ت 1320ه) : (له مؤلفات منها نور الأبصار)... رأيت نسخة الأصل منه بخطه... وكان على ظهرها تقاريظ للسيد المجدد الشيرازي بإملائه وخط شيخنا الميرزا حسين النوري. ) (4)
ص: 91
4 - الشيخ فتح علي السلطان آبادي (ت 1318ه) : (هاجر إلى سامراء في سنة اثنتين وتسعين ومئتين مع شيخنا العلامة الحاج ميرزا حسين النوري وصهره الحاج الشيخ فضل الله النوري، وكان أول من هاجر إليها بعد مهاجرة آية الله الشيرازي... وقد لازم خدمته شيخنا العلامة النوري سنين، واختبره حيناً بعد حين، فكشف عليه حاله وشاهد فيه مقامات الأولياء الكاملين) (1)
5- السيد محمد مرتضى الجونفوري (ت 1337ه): (كان من أجلة العلماء والسادات، كتب شيخنا العلامة النوري اللؤلؤ والمرجان بالتماسه). (2)
6 - الشيخ محمد مهدي المازندراني الإصفهاني (توفي بعد 1320ه): (كانت السنة التي زار فيها سنة الحج الأكبر ؛ لاجتماع الجمعة والأضحى ويوم النيروز. فبعد درك الأضحى سأل عن شيخنا العلامة النوري أن يكون رجوعه إلى النجف ماشياً مثل تشرفه بكربلاء، حتى يكون وفاء ما نذره من المشي في زيارة النجف؛ لأنه ما كان متمكناً من المشي بغير ذلك النحو. فأجابه شيخنا المبرور، وكنت في خدمتهما مع بعض آخر. وأدركت فيض صحبته في تلك الأيام الأربعة التي كنا في الطريق إلى أن وصلنا النجف للغدير). (3)
1- السيد آغا ميرزا الإصفهاني النجفي (ت 1311ه) : (بيعت أيضاً جملة من كتبه في الهراج؛ فبعضها صارت في خزانة شيخنا العلامة النوري.... وجملة وافرة منها حملها
ص: 92
إلى قم صهره على بنته... فبيعت - الكتب التي عند بنته - أكثرها للشيخ الفاضل آغا ضياء الدين ابن العلامة الحاج الشيخ فضل الله النوري، فحملها مع جملة وافرة من كتب خزانة جده الأمي شيخنا العلامة النوري إلى طهران في سنة 1330ه). (1)
2- الشيخ حسين قلي الهمداني (ت 1311ه): (ولأحد تلاميذه أيضاً مجلد في الرهن كان في مكتبة شيخنا الميرزا حسين النوري). (2)
3- الشيخ الميرزا حيدر علي المجلسي (ت 1214ه): (له آثار هامة [مهمة ظ] منها: رسالة في مفقود الخبر، وأخرى في المنتسب إلى هاشم من طرف الأم ألفهما في (1205ه) وقد كانتا في مكتبة شيخنا العلامة الميرزا حسين النوري). (3)
4- السيد علي بن عبد الله الحائري (1316ه): (قد اتصل بشيخنا العلامة الحسين النوري واستفاد من معارفه وعلومه واستعار منه عدداً من الكتب النادرة فاستنسخها لنفسه في سنة 1304ه ثم عدد أسماء الكتب ) (4)
5- السيد محمد ابن السيد أحمد البغدادي: كتب بخطه تملكه لكتاب ثاقب المناقب في (23) رجب - 1278ه)، وكانت النسخة في مكتبة شيخنا العلامة النوري اشتراها بعده الشيخ النوري الشهيد فورثه ابنه الآغا ضياء الدين واستعارها سيدنا الحسن صدر الدين منه، وكتب على ظهرها اسم الكتاب واسم المؤلف، واليوم هي من موقوفة مدرسة السيد البروجردي). (5)
ص: 93
6- الشيخ نصر الله ابن الشيخ أسد الله: (وله رسالة في ترجمة مؤلف الجعفريات طبعت في أوله سنة (1370ه)، ذكر أنه ملك النسخة في النجف سنة (1279ه)، جاء بها بعض السادة من بلاد الهند، وحصلت النسخة عند العلامة النوري بعد عودته من إيران إلى العراق سنة ( 1280ه ). (1)
كما ينظر ترجمته (رحمه الله ) في خاتمة مستدرك الوسائل: 341/9، تكملة نجوم السماء: 2102، مرآة الكتب: 236/2 رقم 240، تكملة أمل الآمل: 512/2 - 516 رقم 609 الكنى والألقاب: 435/2 الفوائد الرضوية: 260/1، معارف الرجال: 271/1 رقم 134 مرآة الشرق: 632/1 رقم 269 ، أعيان الشيعة: 143/6، ريحانة الأدب : 389/3، ماضي النجف وحاضرها: 159/1 ، نقباء البشر: 543 رقم 974، مصفّى المقال: 159 ، أحسن الوديعة: 72/1، معجم المؤلفين: 46/4 ، معجم المؤلفين العراقيين: 359/3، الأعلام: 257/2، معجم رجال الفكر والأدب في النجف: 1307/30 ، مشاهير المدفونين في الصحن العلوي الشريف: 119 رقم 142، مجلة تراثنا ،102/9 موسوعة طبقات الفقهاء : 229/14 رقم 4552، معجم مؤرخي الشيعة: 299/1 رقم 340. رجال إيران: 430/1، لغت نامة: 140/32، مصادر الدراسة: 86 علماء معاصرين: 71 رقم 39 مكارم الآثار: 1461/5 رقم 832، شخصيت أنصاري: 298 رقم 131، المآثر والآثار: 155، هدية الأحباب: 180 هدية الرازي: 101 ، مقدمة الفيض القدسي تحقيق السيد جعفر النبوي
ص: 94
لقد تفضل سماحة السيد علي الميلاني (ده) بكلمة حول الكتاب وموضوعه ومحتواه في مقدمته التي ذكرناها آنفاً، ونزيد عليها ما ذكره تلميذ المؤلّف الشيخ أغا بزرك الطهراني (رحمه الله ) في كتابه الذريعة ج 18 ص 11 رقم 429، بما نصه : لشيخنا الحاج ميرزا حسين ابن المولى محمد تقي النوري الطبرسي، المتوفى (1320) وألف كتابه رفعاً عن استبعادات أحد العامة عن وجود الحجة، وبعض إشكالاته المندرجة في قصيدة أرسلها من بغداد إلى العلماء بالنجف، فكتبه في جوابه في أيام قلائل في (1318) (1) وطبع في هذه السنة بعينها، ثم إن الشيخ محمد حسين آل کاشف الغطاء نظم مضامينه في قصيدة في آخر الكتاب لحصول التطبيق بين السؤال والجواب أوله الحمد لله الذي طهر قلوبنا من الشك والريب وجعلنا من الذين يؤمنون بالغيب...، ورتبه على مقدمة وفصلين وخاتمة، وقد أجاب عن تلك القصيدة جملة من الأفاضل الأدباء بقصائد منهم الشيخ جواد البلاغي
ص: 95
السيد محسن العاملي، السيد رضا الهندي، والشيخ عبد الهادي شليلة وغيرهم) (1)
ص: 96
(0)
أ- الطبعة الأولى: هي الطبعة الحجرية التي طبعت في حياة المؤلف (رحمه الله ) ، تاریخ طباعتها: (17) جمادى الأولى سنة (1318ه)، قياسها: (17× 22)، تقع في (199) صفحة، وعدد أسطرها: (19)، وبضميمتها قصيدة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله ) من ص 200 إلى (218) وجميع الكتاب يقع في (217) ، صفحة، طبعت في مطبعة عمدة التجار الحاج أحمد أقا مؤيد العلماء في إيران.
ب - الطبعة الثانية: قدّم لها سماحة السيد علي الميلاني (ده) ومقدمته تقع في (23) صفحة، طبعت بمساعي الشيخ محمود الحلبي، والناشر لها الحاج علي الدبستاني النجفي، تاريخ طباعتها: سنة (1400ه) ، في قم المقدسة، مطبعة الخيام وهي من إصدارات مكتبة نينوى الحديثة في طهران قياسها: (2317)، تقع في (240) صفحة، وعدد أسطرها: (21)، وبضميمتها ملحق ضم قصيدة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله ) ، قدّم لها السيد محمد مهدي الموسوي الصدر وقصيدة الشيخ محمد جواد البلاغي (رحمه الله ) ، وقصيدة السيد محسن الأمين العاملي (رحمه الله ) ، ويقع (من ص 241 إلى 289)، وجميع الكتاب يقع في (292) صفحة.
وطبع عليها بالأوفسيت سنة (1412ه) في بيروت - لبنان / منشورات دار الكتاب الإسلامي.
ج - الطبعة الثالثة: أعادت مؤسسة النور للمطبوعات في بيروت طبعه بصف جديد
ص: 97
سنة (1408ه)، وقد أسقطت من ملحق الكتاب قصيدتي الشيخ البلاغي والسيد الأمين، ولم أقف عليها، ذكرتها على ما في مجلة تراثنا عدد (22) ص (214).
د- الطبعة الرابعة أعادت مؤسسة الصفاء للمطبوعات في بيروت طبعه بصف جديد أيضاً سنة (1431ه)، وبضميمتها ملحق ضمّ قصيدة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله ) ، قدّم لها السيد محمد مهدي الموسوي الصدر، وقصيدة الشيخ محمد جواد البلاغي، (رحمه الله ) وقصيدة السيد محسن الأمين العاملي (رحمه الله ) ، ويقع من ص 267 إلى 316، وجميع الكتاب يقع في (320) صفحة.
علماً أن الطبعات المذكورة غير محققة.
ص: 98
1- النسخة الأولى هي نسخة الأصل التي بخط المؤلف (رحمه الله ) - المعتمدة في متن الكتاب ورمزنا لها بحرف (أ) - زودتنا بها إدارة مكتبة الإمام الحكيم (رحمه الله ) مشكورة ورقمها فيها: (1/1334) ، وتاريخ نسخها: (10) جمادى الآخر سنة 1317ه) وهي سنة التأليف (1)( ، وعدد أوراقها (56) ، وعدد أسطرها: (22)، وقياسها: (17 × 21،5)، وبضميمتها قصيدة الشيخ كاشف الغطاء (رحمه الله ) وسميت الأخيرة في الفهرس باسم: (قصيدة في الإمام الحجّة)، وهي بخط المؤلف (رحمه الله ) ، ورقمها: (2/1334)، وعدد أوراقها: (6) ، وعدد أسطرها (22)، وقياسها : ( 10 × 21،5).
2- النسخة الثانية: كتبت في عصر المؤلف (رحمه الله ) ، ورمزنا لها بحرف (س)، زودنا بها زميلنا العلامة السيد حسن الموسوي البروجردي - دام توفيقه - ومصورتها في مركز إحياء التراث الإسلامي، ورقمها فيه: (1160) (2)، وعدد أوراقها: (97)، وقد قوبلت وصححت من قبل المؤلف (رحمه الله ) وعليها بعض تعليقاته، كتب في آخرها، ما نصه: (قد عرضت هذه النسخة على أصلها الذي كان بخطي وبالغت في تصحيحها فجاءت بحمد الله تعالى صحيحة إلا ما زاغ عنه البصر، أو
ص: 99
كان الأصل المأخوذ منه سقيماً أثبتها الله تعالى في ديوان الحسنات بمحمد وآله سادات البريات صلوات الله عليهم، حرّره العبد المذنب المسيء حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي)، ختمه الشريف.
وكتب مالكها الشيخ نصر الله بن عبد الله الشبستري شعراً في آخرها، نصه:
خطوط ذوي الأقدار تزهو على الوَرَى*** وأجسادهم رمْس رَمِيمٌ على الثرى
وعاشوا كما عشنا ونمضي كما مَضَوا ***ونأوي من الصور القبور كما تَرَى
حرّره الفقير إلى الله الغني بالله الغريب في الله نصر الله بن عبد الله الشبستري...)، والنسخة من ممتلكات الشيخ الشبستري (رحمه الله ) ، وهي مزدانة بتعليقاته.
3- النسخة الثالثة: هي الطبعة الحجرية التي طبعت في حياة المؤلف ،(رحمه الله ) و رمزنا لها بحرف (ج)، وتاريخ طباعتها: (17) جمادى الأولى سنة 1318ه)، زودتنا بها إدارة مكتبة الإمام كاشف الغطاء مشكورة، ورقمها فيها: (4492)، عليها تملك الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله ) وختمه، وقياسها: (17× 22)، وتقع في (199) صفحة، وعدد أسطرها : (19) ، وكتب في آخرها، مانصه: (قد بالغ جده ودقق نظره في تصحيح هذه النسخة الشريفة أقل السادات مهدي الحسني النكراني1318).
! وبضميمتها قصيدة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله ) ، وتقع في (19) صفحة - (من ص 200 إلى (218 - وجميع النسخة تقع في تقع في (217) صفحة، والقصيدة فيها مصححة في الحاشية من قبل ناظمها (رحمه الله ) ومزيدة بيتين وقعا بعد البيت المرقم (141) منها، ونصهما:
ص: 100
ويوم غدير الدوح قام بنصبه*** نبى الهدى لكن بهم قعد الغدر
وسرعان ما هبوا إلى حل عقدها*** فأضحى على الإيمان ينتصر الكفر
وكتب في آخر النسخة، ما نصه: (قد وقع الفراغ بعون الله الملك الوهاب عن تسويد هذا الكتاب المستطاب بيد أقل الكتاب محمد بن محمد رضا باهتمام الجناب أشرف الحاج عمدة التجار الحاج أحمد أقا مؤيد العلماء، وطبع في مطبعته الجديدة في اليوم السابع عشر من شهر الجمادى الأخرى في سنة (1318) من الهجرة النبوية على هاجرها آلاف الثناء والتحية).
ص: 101
ص: 102
وقد اتبعنا في تحقيقه المنهج الآتي:
أ - بعد ما حصلنا على نسخة الكتاب بخط المؤلّف (رحمه الله ) جعلناها في المتن وقابلناها مع النسخ الأخرى.
ب - ضبطنا النص، وأثبتنا ما سقط من النسخة، كما صححنا تصاحيفها وبحسب مصادر الكتاب.
ج - حصرنا الآيات القرآنية بين الأقواس المزهرة.
د - خرجنا الأحاديث من مصادرها.
ه- نسبنا الأقوال المحكية إلى مصادرها الأصلية، وإلا فإلى بعض المصادر المتضمنة لها وأهمها كتاب استقصاء الإفحام للسيد اللكنهوي (رحمه الله ) ؛ كونه من أهم مصادر الكتاب.
و - ما وضعناه بين المعقوفين [ ] إن كان في كلام منقول من مصدر بعينه فهو من ذلك المصدر، وإلا فهو من عندنا لضرورة أو لزيادة إيضاح.
ز - ذكرنا تعليقات المؤلّف (رحمه الله ) في الهامش والموجودة في نسختي (س،ج)، كما أثبتنا تعليقات الشيخ الشبستري (رحمه الله ) من نسخته في الهامش أيضاً.
ص: 103
ح- علقنا بعض التعليقات الضرورية في الهوامش لرفع غموض أو بيان مطلب أو ما شابه ذلك.
ط - ترجمنا النصوص الفارسية إلى اللغة العربية بالهامش.
ي -جعلنا للكتاب ملحقاً أثبتنا فيه الردود على القصيدة البغدادية نظماً لأربعة من علمائنا الأعلام - أنار الله برهانهم -ستأتي إليك أسماؤهم فيه.
ص: 104
عرفاناً بالجميل المسدى إليَّ وإيماناً بالحديث الوارد عن الإمام الرضا (علیه السلام) (من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز وجل ). (1)
رأيت أن أشكر من آزرني لتحقيق هذا الكتاب، فجزاهم الله جميعاً أفضل جزاء المحسنين، وهم:
أ - إدارة مكتبة الإمام الحكيم (رحمه الله ) المتمثلة بالأستاذ مجيد نجل الشيخ عبد الهادي حموزي (رحمه الله ) في النجف الأشرف، حيث زودتنا بنسخة الأصل، وبعض المصادر.
ب - إدارة مكتبة الإمام محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله ) العامة في النجف الأشرف المتمثلة بالأخ الشيخ أمير كاشف الغطاء سلمه الله، حيث زودتنا بالنسخة الحجرية وترجمة المؤلف (رحمه الله ) من مخطوطات مكتبتهم العامة، وبعض المصادر
ج - سماحة السيد حسن الموسوي البروجردي - دامت بركاته -حيث زودنا بمصورة نسخة العلامة الشبستري (رحمه الله )
د - إدارة الروضة العباسية المقدسة المتمثلة بسماحة العلامة السيد أحمد
ص: 105
الصافي الموسوي دام عزه ، وإدارة قسم الشؤون الفكرية فيها المتمثلة بفضيلة السيد ليث الموسوي، وإدارة المكتبة فيها المتمثلة بفضيلة السيد نور الدين الموسوي؛ لتبني مشروع تحقيق هذا الكتاب ونشره.
ه - سماحة الشيخ المرحوم حمزة السلامي (أبو العرب) والأخ علي العيداني المصححان اللغويان للكتاب.
و - كل من ساهم معي لمقابلة نسخ الكتاب.
ز - زملائي في العمل - بوحدة التحقيق في مكتبة الروضة العباسية - الأخ محمد محمد حسن الوكيل والأخ عدي فاضل الأسدي والأخ السيد ميثم مهدي الخطيب والأخ علي كاظم خضير.
ح - الأخ الأستاد عبد العزيز آل عبد العال؛ لتوفيره بعض مستلزمات العمل.
ط - الأستاذ المحقق عبد الرحيم المبارك لترجمته بعض النصوص الفارسية.
فإليهم منّي جميعاً أسمى آيات الشكر والعرفان.
ص: 106
ألتمس من إخواني المؤمنين، ولاسيما أهل البحث والتحقيق أن ينبهوني الخطأ على ما قد يجدونه من غير المقصود مما جرى به القلم وزاغ عنه البصر، فإنّ الإنسان موضع الغلط والنسيان والكمال لله والعصمة لأهلها والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
حُرِّرَ في صحن الروضة العباسية المقدسة
يوم 3من جمادى الآخر سنة 1431ه
يوم وفاة السيدة الطاهرة الزهراء (علیها السلام)
وكَتَبَ محقق الكتاب أحمد على
مجيد الحلي مولداً النجفي
منشأ ومسكناً ومدفناً
إن شاء الله تعالى
ص: 107
ص: 108
ص: 109
ص: 110
صورة
الصفحة الأولى من نسخة (أ)
مارے
112.
ص: 111
صورة
الصفحة الأخيرة من نسخة (أ)
ص: 112
صورة
الصفحة الأولى من قصيدة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (قُدِّسَ سِرُّهُ) من نسخة (أ)
ص: 113
صورة
الصفحة الأخيرة من قصيدة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (قُدِّسَ سِرُّهُ) من نسخة (أ)
ص: 114
الصفحة الأولى من نسخة (س)
.116
ص: 115
صورة
الصفحة الأخيرة من نسخة (س)
ص: 116
صورة
الصفحة الأولى من نسخة (ج)
ص: 117
صورة
الصفحة الأخيرة من نسخة (ج)
ص: 118
صورة
يظهر في يمين الصفحة إضافة الشيخ كاشف الغطاء (قُدِّسَ سِرُّهُ) على قصيدته/ نسخة (ج)
ص: 119
ص: 120
ص: 121
ص: 122
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي طهر قلوبنا من الشك والريب وجعلنا من الذين يؤمنون بالغيب، ونوّر عيون بصائرنا فرأينا بها ما لا تراه الأبصار ، ونظرنا بها إلى المغيب فلم تخفه عنها الحُجب والأستار، الرؤوف بعباده فلم يتركهم شدى، بل هيأ لهم سباب الرشد والهدى، وأنار لهم بفضله المحجّة ، ولم يخل الأرض من حجة، والصلاة على نبيه الذي أرسله خاتماً للنبيين وجعل ذريته أئمة وجعلهم الوارثين وآله أحد الثقلين المأمور بالتمسك به وإتباعه (1)والسادة الغرّ من أصحابه وأتباعه،
وبعد:
فقد ثبت بالأدلة والبراهين ورواية الثقات من علماء المسلمين أن الله تعالى في كل عصر حجة من نبي أو إمام؛ لتحمل الأحكام وإهداء الضال من الأنام، وصح عندنا بالحجج القاطعة والآيات الساطعة أنّ الحجّة في هذه الأعصار هو ابن الحسن العسكري (علیه السلام) وعلى آبائه الأطهار، فإنه (علیه السلام) وإن دعت الدواعي إلى استتاره، ومنعت النواظر من التكحل بأشعة أنواره تشرق أنواره على قلوب أحبائه، وإن أخرت المصالح التشرف بلقائه، فلا غرو فإن الشمس المنيرة تنفع الناس وإن حالت دونها
ص: 123
السحاب، (1) والبدر لابد من طلوعه وإن توارى بالحجاب، والروح تتصرف في
ص: 124
البدن وإن لم ترها الأبصار ، ولا ريب في المؤثر إذا ظهرت منه الآثار.
وقد كشفنا عنها الحجاب وأزلنا الشك والارتياب في كتابنا الموسوم ب (النجم الثاقب في أحوال الإمام الغائب) (1) فإنّه الوشي (2) الذي ما نسج (3) الأقلام له مثيلاً،
ص: 125
والطب الذي لم يدع قلباً بالشبهات عليلاً، ولعمري إنّه لدفع سهام الوساوس درع ضافية، ولثغر القلب من عساكر الشبهات جنّة واقية، وهو الترياق (1) المجرّب لمن نهشته أفاعي الشكوك والنهج الواضح لمن أراد الهداية والسلوك.
ولكن حملت إلينا ألسنة الرواة في هذه الأوقات قصيدة فريدة نظمها بعض علماء دار السلام ومدينة الإسلام، استغرب الناظم بها اختفاءه (علیه السلام) ولم يعلم أن له أسوة بالأنبياء والمرسلين (2)، واستبعد إلى هذه الأيام بقاءه وغفل عن قدرة رب العالمين وزعم أن هذه الأيام أوان خروجه؛ لانتشار الشر وكثرة الجور، وأخطأ سهمه الغرض، فإن راية الأمن والعدل منشورة بانتشار رايات سلطان السلاطين وخاقان الخواقين وحافظ الملة والدين من الكفار وأعداء الدين سلطان البرين وخادم الحرمين الشريفين السلطان الغازي عبد الحميد خان خلد الله ملكه وأجرى في بحار النصر فلكه، ولا زالت عساكره في الحروب (3) منصورة وبلاد الإسلام بيمن عدله معمورة. (4)
ص: 126
فحداني ذلك مع تشويش البال وكثرة الأشغال (1) أن أكتب رسالة وافية بالمرام قريبة للإفهام، تهتك (2) بنورها من دجى الشك أستاره وتقرب المقصد الأقصى بأوجز عبارة.
وأسأل الله تعالى أن ينفع بها الإخوان من أهل الإيمان إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير وسمّيتها (کشف الاستار عن وجه الابصار ) ورتبتها على مقدمة وفصلين وخاتمة.
أمّا المقدمة : ففى ذكر القصيدة المذكورة، وهي هذه:
أيا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ ***بكُلِّ دَقيقِ حَارَ من دونه الفكرُ
لَقَدْ حَارَ مِنِّي الفكْرُ بالقائمِ الذِي*** تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسُ وَاشْتَبَهَ الأَمْرُ
فمن قائل في القشر لب وُجُودُهُ ***ومن قائل قَدْ ذُبَ عَنْ لَيّه القشر
ص: 127
وَأَوَّلُ هذين اللذين تقررا ***به العَقْلُ يَقْضِي والعَيانُ ولا نُكْرُ
وَكَيْفَ وَهذا الوَقْتُ داعِ لِمِثْلِهِ ***فَفِيهِ تَوالَى الظُّلْمُ وانتَشَرَ الشَّرُّ
وَما هُوَ إِلا ناشر العدل والهُدَى*** فَلَوْ كَانَ مَوجُوْداً لمَا وُجِدَ الجَوْرُ
وإِنْ قِيْلَ مِنْ خَوْفِ الطَّغَاةِ قَد اخْتَفَى*** فَذَاكَ لَعَمْرِي لا يُجَوِّزُهُ الحِجْرُ
ولا النَّقْلُ كَلَّا إِذْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ ***إِلَى وَقْتِ عِيسَى يَسْتَطِيْلُ لَهُ الْعُمْرُ
وأَنْ لَيْسَ بَيْنَ النَّاسِ مَنْ هُوَ قَادِرٌ*** عَلَى قَتْلِهِ وَهُوَ المُؤَيَّدُهُ النَّصْرُ
وأَنَّ جَميعَ الْأَرْضِ تُرْجِعُ مُلْكَهُ ***وَيَمْلَؤُها قِسْطاً وَيَرْتَفِعُ المَكْرُ
وإِنْ قيْلَ منْ خَوْف الأذاة قد اخْتَفَى*** فَذَلكَ قَوْلٌ عَنْ مَعَايبَ يَفْتَرُ
فَهَلا بَدَا بَيْنَ الوَرَى مُتَحَمَلاً ***مَشَقَّةَ نُصْحِ الخَلْقِ مَنْ دَابَهُ الصَّبْرُ
وَمِنْ عَيْب هَذا القَوْلِ لَا شَكَ أَنَّهُ *** يَؤُولُ إِلى جُبْنِ الإِمَامِ وَيَنْجَر
وَحاشَاهُ منْ جُبْن وَلكنْ هُوَ الذي*** غَدَا يَخْتَشيه من حَوَى البَرَّ والبَحْرُ
(وَيَرْهَبُ مِنْهُ الباسلُوْنَ جَمِيْعُهُمْ ***وَتَعْنُو لَهُ حَتَّى المثقَّفَةُ السُّمْرُ) (1)
ص: 128
عَلَى أَنَّ هَذَا القَولَ غَيْرُ مُسَلَّم ***ولا يَرْتَضِيْهِ العَبْدُ كَلَّا وَلَا الحُرُّ (1)
فَفِي الهِنْدِ أَبْدَى المَهْدَوِيَّةَ كاذب (2) ***وما نَالَهُ قَتْلُ وَلَا نَالَهُ ضُرُّ
وَإِنْ قِيْلَ هَذَا الإِخْتِفَاءُ بِأَمْرِ مَنْ *** لَهُ الْأَمْرُ فِي الأَكْوانِ والحَمْدُ والشُّكْرُ
ص: 129
فَذَلكَ أَدْهَى الدَّاهِيَات وَلَمْ يَقُلْ *** به أَحَدٌ إِلَّا أَخُو السَّفَه الغَمْرُ
أَيَعْجَزُ رَبُّ الخَلْقِ عَنْ نَصْرِ حِزْبِهِ ***عَلَى غَيْرِهُم كَلَّا فَهَذَا هُوَ الكُفْرُ
فَحَتَّى مَ هَذَا الإِخْتِفَاء وَقَدْ مَضَى*** مِنَ الدَّهْرِ آلاف وذَاكَ لَهُ ذِكْرُ
وَمَا أَسْعَدَ السَرْدابَ فِي سُرَّ مَنْ رَأَى*** لَهُ الفَضْلُ مِنْ أُمّ القُرَى وَلَهُ فَخْرُ
فَيَا للأعاجيب الَّتِي مِنْ عَجيبها*** أَن اتَّخَذَ السَّرْدَابَ بُرْجاً لَهُ البَدْرُ
(فَيَا عُلَمَاءَ المُسْلِمِيْنَ فَجَاوِبُوا ***بِحَقِّ، وَمِنْ رَبِّ الوَرَى لَكُمُ الْأَجْرُ)
(وَغُوْصُوا لَنَيْلِ الدُّرِّ أَبْحُرَ عَلْمَكُمْ ***فَمِنْهَا لَنَا لَا زَالَ يُسْتَخْرَجُ الدُّرُ)
ص: 130
في ذكر اختلاف المسلمين في ولادة المهدیّ (علیه السلام ) الحسن العسكري. (علیه السلام)
وذكر من اعترف بها من علماء أهل السنة الموافقين للإماميّة، وذكر دليل إجمالي على كون المهدیّ الموعود (علیه السلام) هو الحجة بن
بأوجز بيان وأحسن نظام.
ص: 131
ص: 132
إعلم هداك الله سبيل الرشاد أنه قد تواتر عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من طرق أهل السنة والإماميّة أنه قال ما معناه إنّه:
«يخرج من ولده في آخر الزمان رجل يقال له المهدي (علیه السلام) يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلما وجوراً.» (1)
وهذا المقدار قد استقرت عليه المذاهب الخمسة (2)والقول بأنه من ولد العباس (3)
ص: 133
.134
وإنّه علوي غير فاطمي (1)شاذ نادر قد تبيّن فسادهما في محله(2) والظاهر انقراض من قال بأحدهما. (3)
نعم بين أهل السنة والإمامية خلاف معروف في موضعين:
الأوّل: إنه حسني أو حسيني؟
ذهب إلى الأوّل جمع من أهل السنّة وجماعة أخرى منهم ، وكافة الإمامية (4) ذهبوا إلى الثاني وأوضحوا فساد القول الأول بما لا مزيد عليه، وبسط القول فيه الحافظ الكنجي الشافعي في كتاب (البيان) من أراده راجعه. (5)
ص: 134
والثاني: إنّهُ ولد وغاب ثمّ يظهر في وقت أراد الله تعالى إنفاذ أمره، أو أنه ما ولد وسيولد من بعد ويظهر ويملأ...؟
ذهب إلى الأوّل كافة الإماميّة وعيّنوا شخصه وأنه الحجة بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیهم السلام)، وأنه هو المهدي الموعود (علیه السلام)ولد ثمّ غاب بأمر الله تعالى مدة كان يصل إليه نوابه وبعض خواصه، ثمّ غاب غيبته الكبرى فلا يظهر إلا في وقت يؤمر بالخروج وتطهير تمام الأرض عن أرجاس الكافرين والملحدين حيث كانوا في مشارق الأرض ومغاربها، وأثبتوا ذلك بالنصوص عن جده النبي (صلى الله عليه و آله )وعن كل واحد من آبائه الذين أقوالهم عندهم حجّة، خصوصاً في مثل هذا المقام المقترنة أقوالهم فيه بالإخبار عمّا يأتي، فكان الأمر كما قالوا وبالمعجزات.
ص: 135
ص: 136
وقد وافقهم على هذا القول جماعة من أعيان علماء المذاهب الأربعة، بل رووا نصوصاً ومعاجز، وتصدوا لدفع شبهات ربّما تورد في المقام :
الأول:
أبو سالم کمال الدین محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي النصيبي الذي صرّح تقي الدين أبو بكر أحمد بن قاضي شهبة المعروف ب(ابن جماعة) (1) الدمشقي الأسدي في طبقات فقهاء الشافعية) بأنه كان أحد الصدور، والرؤساء المعظمين. ولد سنة (582)، وتفقه وشارك في العلوم. وكان فقيهاً، بارعاً، عارفاً بالمذهب والأصول والخلاف، ترسل عن الملوك (2) وساد وتقدم، وسمع الحديث...) (3)
ومدحه بما يقرب منه أبو عبد الله بن أسعد اليمني المعروف ب( اليافعي) فی
ص: 137
(مرآة الجنان ) في حوادث سنة (652). (1)
وقال عبد الغفار بن إبراهيم العكي الشافعي: (إنّه أحد العلماء المشهورين). (2)
وكذا ذكره وبالغ في مدحه جمال الدين عبد الرحيم بن حسن بن علي الأسنوي الشافعي في (طبقات فقهاء الشافعية). (3)
فقال ابن طلحة في كتابه (مطالب السؤول): (الباب الثاني عشر في أبي القاسم ( م ح م د) (4) بن الحسن الخالص ابن علي المتوكل ابن محمد القانع ابن علي الرضا ابن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن علي زين العابدين ابن الحسين الزكي ابن علي المرتضى أمير المؤمنين ابن أبي طالب، المهدي الحجّة الخلف الصالح المنتظر ورحمة الله وبركاته) (5)
فَهَذا الخَلَفُ الحُجَّةُ قَدْ أَيَدَهُ اللَّهُ *** هَدَاه (6) مَنهَجَ الحَقِّ وَآتَاهُ سَجَايَاه
ص: 138
وأعلى في ذُرَى العَلْيَاء بِالتَّأييد مَرْقَاهُ *** وَآتَاهُ حِلي فَضْلٍ عَظِيمٍ فَتَحَلَّاه
وَقَد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَوْلاً قَد رَوَيْنَاه *** وَذُو العِلْمِ بِمَا قَالَ إِذا أَدْرَكَ مَعْنَاه
يَرَى الْأَخْبَارَ فِي المَهْدِي جَاءَتْ بِمُسَمَّاه *** وَقَدْ أَبْدَاهُ بالنِّسْبَة وَالوَصْف وَسَمّاه
وَيَكْفي قَوْلَهُ مِنّي لِإِشْرَاقِ مُحَيَّاه ***وَمَن بَضْعَته الزَّهْرَاء مَجْرَاهُ وَمَرْساه (1)
وَلَن يَبْلُغَ مَا أُوتِيه أَمْثَالَ وَأَشْبَاه ***فَإِنْ قَالُوا هُوَ الْمهدیّ (علیه السلام ) مَا مَانُوا بِمَا فَاهُوا
قد رتع من النبوة في أكناف عناصرها، ورضع من الرسالة أخلاف أواصرها، وترع من القرابة بسجال معاصرها، وبرع في صفات الشرف فعقدت عليه بخناصرها، فاقتنى من الأنساب شرف نصابها، واعتلى عند الانتساب على شرف أحسابها ، واجتنى جنى الهداية من معادنها وأسبابها، فهو من ولد الطهر البتول المجزوم بكونها بضعة من الرسول، فالرسالة أصلها وأنها لأشرف العناصر والأصول... إلى أن قال: فأما مولده فبسر من رأى في ثالث وعشرين سنة (258ه)، وأما نسبه أباً وأماً فأبوه الحسن الخالص... إلى آخر ما تقدم.
ثم أخرج بعض الأخبار وأورد بعض الشبهات وأجاب عنها. (2)
وأما كون الكتاب المذكور من مؤلّفاته فهو من الوضوح بمكان لم يقدر ابن تيمية على إنكاره مع إنكاره جملة من الأحاديث المستفيضة المشهورة فصرّح
ص: 139
في كتابه (منهاج السنة) بأنه له (1) (2)
الثاني:
أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي الذي يعبر عنه ابن الصباغ المالكي في كتابه (الفصول المهمّة) بقوله: (الإمام الحافظ ) (3)
واحتج بروايته ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري في شرح البخاري)، (4) فإنّه صنف كتاباً سمّاه البيان( في أخبار صاحب الزمان (علیه السلام) ) وهو كتاب مشهور قال هو في آخر كتابه المعروف ب (كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام))، ما لفظه: تمت مناقب سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) ويتلوه ذكر الإمام المهدیّ (علیه السلام ) في كتاب مفرد، وسميته ب(البيان في بيان أخبار صاحب الزمان) صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين صلاة دائمة إلى يوم الدين. (5)
ص: 140
وقال البارع الخبير الكاتب الجلبي في( كشف الظنون) (البيان في صاحب الزمان للشيخ أبي عبد الله محمد بن يوسف الكنجي المتوفى سنة
(658) ثمان وخمسين وستمائة. (1)
وقال أيضاً: كفاية الطالب في مناقب (علي بن أبي طالب(علیه السلام)) (2) للشيخ الحافظ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي (3)
قال أبو المواهب عبد الوهاب الشعراني في (اللواقح في ترجمة السيوطي وكان الحافظ ابن حجر يقول: الشروط التي إذا اجتمعت في الإنسان سُمِّي حافظاً: الشهرة بالطلب، والأخذ من أفواه الرجال، والمعرفة بالجُرح والتعديل الطبقات الرواة ومراتبهم، وتمييز الصحيح من السقيم حتى يكون ما يستحضره من ذلك أكثر مما لا يستحضره، مع استحفاظ الكثير من المتون.
فهذه الشروط من جمعها فهو حافظ، انتهى. (4)
ص: 141
ومنه يعلم جلالة قدر الكنجي.
وأوّل هذا الكتاب - أي البيان -: (أما بعد، حمداً لله الذي هو فاتحة كل كتاب (1)، وخاتمة كل خطاب ، والصلاة على رسوله التي هي جالبة كل ثواب ودافعة كل عقاب... إلى آخره.) (2)
وقال في الباب الثامن من الأبواب التي ألحقها بأبواب الفضائل من كتابه (الكفاية) - بعد ذكر الأئمة من ولد أمير المؤمنين (علیه السلام)- ما لفظه وخلّف - يعنى الهادي (علیه السلام)- من الولد أبا محمد الحسن ابنه. ثم ذكر تاريخ ولادته ووفاته، وقال: [وخلّف ] (3)ابنه وهو الإمام المنتظر ونختم الكتاب بذكره مفرداً، انتهى. (4)
وكتابه (البيان) مشتمل على أربعة وعشرين باباً، والباب الرابع والعشرون منه في الدلالة على جواز بقاء المهدیّ (علیه السلام ) منذ غيبته، وذكر فيه مطالب شريفة من أرادها راجعه (5) (6)
الثالث:
الشيخ نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي الذي ذكروه في التراجم
ص: 142
بكل وصف جميل.
فقال شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي المصري - تلميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني - في كتابه الضوء اللامع في أحوال القرن التاسع:
أحمد بن عبد الله نور الدين الأسفاقسي (1) الغزي الأصل، علي بن محمد بن المكي المالكي، ويُعرف ب ابن الصباغ، ولد في العشر الأوّل من ذي الحجة سنة أربع وثمانين وسبعمائة بمكة ونشأ بها، فحفظ القرآن، والرسالة في الفقه (2) وألفية ابن مالك وعرضهما على الشريف عبد الرحمن الفارسي، وعبد الوهاب بن عفيف اليافعي، والجمال بن ظهيرة، وقرينه أبو السعود، وسعد النووي، وعلي بن محمد بن أبي بكر الشيبي، ومحمد بن أبي بكر بن سليمان البكري وأجازوا له وأخذ الفقه عن أولهم ، والنحو عن الجلال عبد الواحد المرشدي. وسمع على الزين المراغي (سداسيات الرازي وله مؤلّفات منها: (الفصول المهمة لمعرفة اثنا عشر، و(العبر في من سفه النظر)، أجاز لي ومات في سابع ذي ذی القعدة سنة خمس وخمسين وثمانمائة ودفن بالمعلاة (3) سامحه الله وإيانا. (4)
وذكره أيضاً معظماً أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي في (ذخيرة المآل)
ص: 143
في مسألة الخنثى. (1)
ونقل عن كتابه المذكور معتمداً عليه جماعة من الأعلام، مثل: عبد الله بن محمد المطيري المدني الشافعي من النقشبندية في كتابه (الرياض الزاهرة). (2)
ونور الدين علي السمهودي في (جواهر العقدين). (3)
وبرهان الدين علي الحلبي الشافعي في (سيرته) المعروفة. (4)
ص: 144
وعبد الرحمن الصفوري في (زينة المجالس (1)) (2) وغيرهم.
فقال في (الفصول المهمة) : (الفصل الثاني عشر في ذكر أبي القاسم (محمد) (علیه السلام) الحجّة الخلف الصالح ابن أبي محمد الحسن الخالص، وهو الإمام الثاني عشر، وتاريخ ولادته ودلائل إمامته ، وذكر طرف من أخباره وغيبته، ومدة قيام دولته وذكر نسبه وكنيته ولقبه (3) وغير ذلك مما يتصل به).
ثم ذكر تاريخ ولادته والنص عليه من آبائه [... إلى أن قال:] و(هذا) طرف يسير مما جاء من (4) النصوص الدالة على الإمام الثاني عشر عن الأئمة الثقات، والروايات في ذلك كثيرة والأخبار شهيرة (5) أضربنا عن ذكرها، وقد دونها أصحاب الحديث في كتبهم، واعتنوا بجمعها.
إلى أن قال: قال الشيخ أبو عبد الله (6)محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان من الدلالة على كون المهدیّ (علیه السلام ) حيّاً باقياً منذ غيبته وإلى الآن... إلى آخر ما في الفصل الرابع والعشرين من البيان. (7)
ص: 145
وقال في ذيل ترجمة والده وخلّف أبو محمد الحسن ( رضي الله عنه ) من الولد ابنه الحجّة القائم المنتظر لدولة الحق، وكان قد أخفى مولده وستر أمره؛ الصعوبة الوقت وخوف السلطان وتطلبه للشيعة وحبسهم والقبض عليهم (1) (2)
الرابع:
الفقيه الواعظ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزغلي (3) بن عبد الله البغدادي الحنفي سبط العالم الواعظ أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي الذي قال في ترجمته – في ضمن أحوال جده أبي الفرج - ابن خلكان: (وكان سبطه شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قرغلي الواعظ المشهور حنفي المذهب، وله صيت وسمعة في مجالس وعظه وقبول عند الملوك.. وغيرهم... إلخ). (4)
وقال محمود بن سليمان الكفوي في (أعلام الأخيار) بعد ذكر نسبه وولادته وتفقه وبرع وسمع من جده لأمه وكان حنبلياً فتحنبل في صغره لتربية جده، ثم دخل
ص: 146
إلى الموصل ثم رحل إلى دمشق وهو ابن نيف وعشرين سنة وسمع بها وتفقه بها على جمال الدين الحصيري وتحوّل حنفياً لما بلغه أن قزغلي بن عبد الله كان على مذهب الحنفيّة وكان إماماً عالماً فقيهاً [ واعظاً ] (1)جيداً نبيهاً، يُلتقط الدرر من كلمه ويتناثر الجوهر من حكمه...) وبالغ في مدائحه وفضائله في كلام طويل. (2)
وذكره اليافعي في (المرآة) (3) وابن الشحنة في (روضة المناظر) (4) وتاج الدين في (كفاية المتطلع..) (5)وغيرهم.
فقال في آخر كتابه الموسوم ب (تذكرة خواص الأمة )بعد ترجمة العسكري (علیه السلام) (6) ذكر أولاده، منهم (م ح م د) الإمام فصل (هو (م ح م د)) بن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرّضا ابن موسى الرّضا (7)ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیه السلام) وكنيته: أبو عبد الله، وأبو القاسم.
وهو الخلف الحجّة، صاحب الزمان القائم، والمنتظر، والتالي، وهو آخر الأئمة (علیهم السلام)
ص: 147
أنبأنا عبد العزيز بن محمود بن (1) البزاز [بإسناده عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):« يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً»، فذلك هو المهدیّ (علیه السلام ).
وهذا حديث مشهور، وقد أخرج أبو داود، والزهري عن علي (2) بمعناه، وفيه:«لو لم يبق من الدهر إلا يوم واحد، لبعث الله من أهل بيتي من يملأ الأرض عدلاً. (3)
وذكره في روايات كثيرة.
ويقال له: ذو الاسمين [محمد، وأبو القاسم]. (4)
قالوا: وأمه أمّ ولد، يقال لها: صقيل ) (5)(6)
الخامس:
الشيخ الأكبر محيي الدين رأس أجلاء العارفين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتم الطائي الأندلسي. الذي كفى في علو مقامه ما قاله الشعراني في (لواقح الأخيار ) ما لفظه: (هو الشيخ الإمام المحقق رأس أجلاء العارفين والمقربين صاحب الإشارات الملكوتية، والنفحات القدسيّة، والأنفاس الروحانية، والفتح المونق، والكشف المشرق، والبصائر الخارقة و[السرائر
ص: 148
الصادقة والمعارف الباهرة ] (1)، والحقائق الزاهرة، له المحل (2) الأرفع من مراتب (3) القرب في منازل الأنس، والمورد العذب من مناهل الوصل، والطول الأعلى من معارج (4) الدنو ، والقدم الراسخ في التمكين من أحوال النهاية، والباع الطويل في التصرف (5)في أحكام الولاية، وهو أحد أركان هذه الطائفة (6)...). (7)
فقال في الباب السادس والستين وثلاثمائة من كتابه (الفتوحات) ما يأتي ذكره (8)(9)
السادس:
الشيخ العارف الخبير أبو المواهب عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني فقال في كتابه المسمى ب(اليواقيت) - وهو بمنزلة الشرح لمغلقات الفتوحات وهذا كتابه تلقاه العلماء بالقبول وبالغوا في مدحه وثنائه ووجوب الاعتقاد بما فيه ففي نسخته المطبوعة بالمطبعة الأزهرية المصرية في سنة (1305ه):
ص: 149
ومن جملة ما كتبه شيخ الإسلام الفتوحي الحنبلي رضي الله عنه: (لا يقدح في معاني هذا الكتاب إلّا معاند مرتاب أو جاحد كذاب، كما لا يسعى في تخطئة مؤلفه إلّا كل عار عن علم الكتاب حائد عن طريق الصواب، وكما لا ينكر فضل مؤلّفه إلّا كل غبي حسود أو جاهل معاند جحود، أو زائغ عن السنة مارق، ولإجماع أئمتها خارق).
ومن جملة ما قاله شيخنا الشيخ شهاب الدين الرَّملي الشافعي رضي الله عنه بعد كلام طويل: (وبالجملة فهو كتاب لا يُنكر فضله، ولا يختلف اثنان بأنه ما صنف مثله).
ومن جملة ما قال الشيخ شهاب الدين عميرة الشافعي رضي الله عنه بعد مدح الكتاب: (وما كنا نظن أن الله تعالى يبرز في هذا الزمان مثل هذا المؤلّف العظيم الشأن). (1)
وكان من جملة ما قاله الشيخ محمد البرهمتوشي: (وبعد فقد وقف العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد البرهمتوشي الحنفي على (اليواقيت والجواهر في عقائد الأكابر) لسيدنا ومولانا الإمام العالم العامل المحقق المدقق الفهامة خاتمة المحققين وارث علوم الأنبياء والمرسلين شيخ الحقيقة والشريعة
ص: 150
معدن السلوك والطريقة من توجه الله تاج العرفان، ورفعه على أهل هذه الأزمان مولانا الشيخ عبد الوهاب أدام الله النفع به للأنام وأبقاه الله تعالى لنفع العباد مدى الأيام، فإذا هو كتاب جلَّ مقداره، ولمعت أسراره، وسحت من سحب الفضل أمطاره، وفاحت في رياض التحقيق أزهاره، ولاحت في سماء التدقيق شموسه وأقماره، وتناغت في غياض الإرشاد بلغات الحق أطياره، فأشرقت على صفحات القلوب باليقين أنواره... إلى آخره -). (1)
فقال في المبحث الخامس والستين من الجزء الثاني من كتاب اليواقيت:
(المبحث الخامس والستون في بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبرنا بها الشارع حق لا بد أن تقع كلها قبل قيام الساعة، وذلك كخروج المهدي (علیه السلام)، ثمّ الدجال، ثمّ نزول عيسى وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها ورفع القرآن وفتح سد يأجوج ومأجوج حتى لو لم يبق من الدنيا إلّا مقدار يوم واحد لوقع ذلك كلّه.
قال الشيخ تقي الدين بن أبي منصور في عقيدته وكل هذه الآيات تقع في المائة الأخيرة من اليوم الذي وعد به رسول الله (صلى الله عليه و آله )أمته بقوله: إن صلحت أمتي فلها يوم وإن فسدت فلها نصف يوم يعني من أيام الرب المشار
ص: 151
إليها بقوله تعالى: (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفَ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ ) (1)
قال بعض العارفين : وأوّل الألف محسوب من وفاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه آخر الخلفاء، فإن تلك المدة كانت من جملة أيّام نبوة رسول الله (صلى الله عليه و آله )،ورسالته فمهد الله تعالى بالخلفاء الأربعة البلاد ومراده (صلى الله عليه و آله )إن شاء الله بالألف: قوة سلطان شريعته إلى إنتهاء الألف، ثمّ تأخذ في ابتداء الاضمحلال إلى أن يصير الدين غريباً كما بدأ، وذلك الاضمحلال تكون بدايته من مضي ثلاثين سنة من القرن الحادي عشر، فهناك يترقب خروج المهدي (علیه السلام) وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري (علیه السلام)ومولده (علیه السلام) ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم (علیه السلام)فيكون عمره إلى وقتنا هذا - وهو سنة ثمان وخمسين وتسعمائة - سبعمائة سنة وست سنين (2)
هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطل على بركة الرَّطلي (3)بمصر المحروسة عن الإمام المهدیّ (علیه السلام ) حين اجتمع به، ووافقه على ذلك شيخنا سيدي علي الخواص رحمهما الله تعالى.
وعبارة الشيخ محيي الدين رضي الله عنه في الباب السادس والستين وثلاث مائة
ص: 152
من (الفتوحات) هكذا: واعلموا أنه لابد من خروج المهدیّ (علیه السلام ) لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملأها قسطاً وعدلاً ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله من ولد فاطمة رضي الله عنها، جده الحسين بن علي بن أبي طالب (علیه السلام)ووالده الحسن العسكري ابن الإمام علي النقي - بالنون - ابن الإمام محمد التقي. بالتاء - ابن الإمام علي الرّضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين علي ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم) يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله،) يبايعه المسلمون ما بين الركن والمقام، يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الخلق - بفتح الخاء - وينزل عنه في الخُلق - بضمها ، إذ لا يكون أحد مثل رسول الله له أخلاقه والله تعالى يقول: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيم.) (1)
هو أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم المال بالسوية، ويعدل في الرعية يأتيه الرجل فيقول: يا مهدیّ أعطني وبين يديه المال، فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله، يخرج على فترة من الدين، يزع الله (2)به ما لا يزع بالقرآن، يمسي الرجل جاهلاً وجباناً وبخيلاً فيصبح الرجل جاهلاً وجباناً وبخيلاً فيصبح عالماً شجاعاً كريماً، يمشي النصر بين يديه، يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً يقفو أثر رسول الله (صلى الله عليه وآله )لا يخطئ له ملك يسدده من حيث لا يراه يحمل الكل ويعين الضعيف
ص: 153
ويساعد على نوائب الحق، يفعل ما يقول ويقول ما يفعل ويعلم ما يشهد.
يصلحه الله في ليلة يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألف من المسلمين من ولد إسحاق، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا، يبيد الظلم وأهله ويقيم الدين وأهله وينفخ الروح في الإسلام يعز الله به الإسلام بعد ذله ويحييه بعد موته، يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف، فمن أبى قتل ومن نازعه خُذل.
يظهر من الدين ما هو عليه فى نفسه حتى لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله حياً لحكم به، فلا يبقى في زمانه إلّا الدين الخالص عن الرأي، يخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء فينقبضون منه لذلك لظنّهم أن الله تعالى لا يحدث بعد أئمتهم مجتهداً.
وأطال في ذكر وقائعه معهم وسيرته وحالاته... إلى أن قال: واعلم أنه لم يبلغنا أن النبي (صلى الله عليه و آله )نص على أحد من الأئمة [بعده] (1) أن يقفو أثره لا يخطئ إلّا الإمام المهدیّ (علیه السلام ) خاصة، فقد شهد له بعصمته في خلافته وأحكامه كما شهد الدليل العقلي بعصمة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيما يبلغه عن ربه من الحكم المشروع له في عباده (2). (3)
ص: 154
السابع:
الشيخ حسن العراقي المذكور.
قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني المتقدم ذكره في الطبقات الكبرى المسماة ب(الواقح الأنوار في طبقات الأخيار) في الجزء الثاني من النسخة المطبوعة بمصر في سنة ألف وثلاثمائة وخمس:
(ومنهم: الشيخ العارف بالله تعالى سيدي حسن العراقي رحمه الله تعالى المدفون بالكوم خارج باب الشعرية رضي الله عنه بالقرب من بركة الرَّطلي وجامع البشيري. (1)
وفي بعض نسخه العتيقة. (2)
(ومنهم: الشيخ الصالح العابد الزاهد ذو الكشف الصحيح والحال العظيم الشيخ حسن العراقي المدفون فوق الكوم المطل على بركة الرطلي، كان رضي الله عنه قد عمّر نحو مائة سنة وثلاثين سنة.) (3)
وفي النسخة المطبوعة ترددت إليه مع سيّدي أبي العباس الحريثي وقال: أريد أن أحكي لك حكايتي من مبتدأ أمري إلى وقتي هذا كأنك كنت رفيقي من الصغر.
فقلت له: نعم.
ص: 155
فقال: كنت شاباً من دمشق وكنت صانعاً وكنا نجتمع يوماً في الجمعة على اللهو واللعب والخمر، فجاءني التنبيه من الله تعالى يوماً ألهذا خلقت؟
فتركت ما هم فيه وهربت منهم، فتبعوا ورائي فلم يدركوني فدخلت جامع بني أمية فوجدت شخصاً يتكلم على الكرسي في شأن المهدیّ (علیه السلام ) ، فاشتقت إلى لقائه فصرت لا أسجد سجدة إلّا وسألت الله تعالى أن يجمعني عليه، فبينما أنا ليلة بعد صلاة المغرب أصلي صلاة السُنّة وإذا بشخص جلس خلفي وحسّ (1)على كتفي وقال لي: قد استجاب الله تعالى دعاءك يا ولدي مالك؟ أنا المهدیّ.
فقلت: تذهب معي إلى الدار.
فقال: نعم، فذهب معي.
فقال لي: أخل لي مكاناً أنفرد فيه فأخليت له مكاناً فأقام عندي سبعة أيام بلياليها ولقنني الذكر، وقال: أعلمك وردي تدوم عليه إن شاء الله تعالى تصوم يوماً وتفطر يوماً وتصلّي كل ليلة خمسمائة ركعة.
فقلت: نعم، فكنت أصلي خلفه كل ليلة خمسمائة ركعة وكنت شاباً أمرداً حسن الصورة، فكان يقول: لا تجلس قط إلّا ورائي.
فكنت أفعل، وكانت عمامته كعمامة العجم وعليه جبة من وبر الجمال، فلما انقضت السبعة أيام خرج فودعته، وقال لي يا حسن ما وقع لي قط مع أحدما وقع معك فدم على وردك حتى تعجز فإنك ستعمر عمراً طويل. (2)
ص: 156
وفي النسخة الأخرى العتيقة - بعد قوله: خمسمائة ركعة في كل ليلة -: وأن لا أضع جنبي على الأرض للنوم إلّا غلبته ثم طلب الخروج وقال لي: يا حسن لا تجتمع بأحد بعدي ويكفيك ما حصل لك منّي فما ثَمّ إلّا دون ما وصل إليك منّي فلا تتحمل منة أحد بلا فائدة.
فقلت: سمعاً وطاعة، وخرجت أودعه فأوقفني عند عتبة باب الدار وقال: من هنا، فأقمت على ذلك سنين عديدة... إلى أن قال الشعراني - بعد ذكر حكاية سياحة حسن العراقي -: وسألت المهدیّ (علیه السلام ) عن عمره؟
فقال: يا ولدي عمري الآن ستمائة سنة وعشرون سنة، ولي عنه الآن مائة سنة، فقلت ذلك لسيّدي على الخواص فوافقه على عمر المهدي (رضی الله عنهما ) (1) (2)
الثامن
الشيخ العارف علي الخواص.
قال الشعراني في طبقاته المسماة ب(اللواقح):
الله
(ومنهم: شيخي وأستاذي سيدي علي الخواص البرأُسي (3)- رضي الله تعالى عنه ورحمه - كان أميّاً لا يكتب ولا يقرأ، وكان رضي الله عنه يتكلّم على معاني
ص: 157
القرآن العظيم والسُنّة المشرفة كلاماً نفيساً تحيّر فيه العلماء، وكان محل كشفه اللوح المحفوظ عن المحو والإثبات، فكان إذا قال قولاً لا بد أن يقع على الصفة التي قال، وكنت أرسل له الناس يشاورونه عن احوالهم فما كان قط يحوجهم. إلى كلام، بل كان يخبر الشخص بواقعته التي أتى لأجلها قبل أن يتكلم، فيقول: طلق مثلاً، أو شارك، أو فارق، أو اصبر ، أو سافر، أو لا تسافر، فيتحير الشخص ويقول: من أعلم هذا بأمري؟
وكان له طب غريب يداوي به أهل الاستسقاء والجذام والفالج والأمراض المزمنة، فكل شيء أشار باستعماله يكون الشفاء فيه.
وسمعت سيدي محمد بن عفان رضي الله عنه يقول: الشيخ علي البرلسي أعطي التصريف في ثلاثة أرباع مصر وقراها وسمعته مرة أخرى يقول: لا يقدر أحد من أرباب الأحوال أن يدخل مصر إلا بإذن الشيخ علي الخواص رضي الله عنه. وكان رضي الله عنه يعرف أصحاب النوبة في سائر أقطار الأرض، ويعرف من تولّى منهم ساعة ولايته ومن عُزل ساعة عزله، ولم أرَ هذا القدم لأحد غيره من مشايخ مصر إلى وقتي هذا... ثم ذكر شرحاً طويلاً في كراماته ومقاماته وحالاته.) (1)
وقد عرفت تصريح الشعراني (2) في (اليواقيت) وفي (الطبقات) (3) بأنه صدّق
ص: 158
الحسن العراقي فيما أخبره به من عمر المهدي (علیه السلام) على ما نقله عنه. (1)
التاسع:
نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين الدشتي الجامي الحنفي الشاعر العارف المعروف صاحب شرح الكافية الدائر في أيدي المشتغلين.
قال محمود بن سليمان الكفوي في (أعلامالأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار) : (الشيخ العارف بالله والمتوجّه بالكلية إلى الله، دليل الطريقة، ترجمان الحقيقة، المنسلخ عن الهياكل الناسوتية، والمتوسل إلى السبحات اللاهوتية، شمس سماء التحقيق، بدر فلك التدقيق، معدن عوارف المعارف، مستجمع الفضائل، جامع اللطائف، المولى جامي نور الدين عبد الرحمن... إلى آخره). (2)
وله من المؤلفات كتاب (شواهد (النبوة وهو كتاب جليل معروف معتمد.
قال الجلبي في كشف الظنون): (شواهد النبوة) فارسي لمولانا نور الدين عبد الرحمن بن أحمد الجامي [المتوفّى سنة 898ه] (3) أوله الحمد لله الذي أرسل رسلاً مبشرين ومنذرين... إلى آخره.
وهو على مقدمة وسبعة أركان، وترجمه محمود بن عثمان المتخلّص ب(لامعي) المتوفّى في سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة.
ثم ترجمه أيضاً المولى عبد الحليم بن محمد الشهير ب(أخي زاده) من صدور الروم
ص: 159
المتوفّى في سنة ثلاث عشرة وألف وهو أحسن من ترجمة اللامعي عبارة وأداء. (1)
وقال العالم العلّامة القاضي حسين الديار البكري في أوّل كتابه الموسوم ب (تاريخ الخميس) : (هذه مجموعة من سيرة سيّد المرسلين وشمائل خاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين انتخبتها من الكتب المعتبرة [تحفة للإخوان الكرام البررة ] (2) وهي (التفسير (الكبير) و (الكشاف)... إلى أن قال: و شواهد النبوة)... إلى آخره. (3)
وفي هذا الكتاب جعل الحجة ابن الحسن (علیه السلام) الإمام الثاني عشر، وذكر غرائب حالات ولادته وبعض معاجزه، وأنه الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، وروى عن حكيمة عمة أبي محمد الزكي (علیه السلام) ما ملخص ترجمته أنها قالت: كنت يوماً عند أبي محمد (علیه السلام) فقال : يا عمّة بيتي الليلة عندنا فإنّ الله تعالى يعطينا خلفاً.
فقلت: يا ولدي ممن فإنّي لا أرى في نرجس أثر حمل أبداً؟
فقال: يا عمّة، مثل نرجس مثل أم موسى لا يظهر حملها إلا في وقت الولادة،
فبت الليلة عنده فلما انتصف الليل قمت فتهجدت وقامت نرجس و تهجدت وقلت في نفسي: قرب الفجر ولم يظهر ما قاله أبو محمد (علیه السلام)! فناداني أبو محمد(علیه السلام) من مقامه لا تعجلي ياعمة.
فرجعت إلى بيت كانت فيه نرجس فرأيتها وهي ترتعد فضممتها إلى صدري
ص: 160
وقرأت عليها: (قل هو الله أحد) و (إنا أنزلناه) وآية الكرسي، فسمعت صوتاً من بطنها يقرأ ما قرأت ثمّ أضاء البيت فرأيت الولد على الأرض ساجداً، فأخذته فناداني أبو محمد (علیه السلام) من حجرته ياعمة، ائتيني بولدي، فأتيته به فأجلسه في حجره، ووضع لسانه في فمه وقال: تكلم يا ولدي بإذن الله تعالى.
فقال: «بسم الله الرحمن الرحيم (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا في الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَتَمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارثين ) (1)ثم رأيت طيوراً خضراء أحاطت به فدعا أبو محمد (علیه السلام) واحداً منها وقال: خذه واحفظه حتى يأذن الله تعالى فيه فإنّ الله بالغ أمره.
فسألت أبا محمد (علیه السلام) ما هذا الطير وما هذه الطيور؟
:فقال هذا جبرئيل، وهؤلاء ملائكة الرحمة.
قال: يا عمّة، ردّيه إلى أمه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أنّ وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون (2)، فرددته إلى أمه ، ولما ولد كان مقطوع السرة مختوناً مكتوباً على ذراعه الأيمن: (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كَانَ زَهُوقاً ) (3)
وروى غيرها أنه: لما ولد جثا على ركبته ورفع سبابته إلى السماء وعطس فقال: الحمد لله رب العالمين.
وروي عن آخر قال: دخلت على أبي محمد (علیه السلام) فقلت: يا بن رسول الله، من
ص: 161
الخلف والإمام بعدك؟
فدخل الدار ، ثمّ خرج وقد حمل طفلاً كأنه البدر في ليلة تمامه في سن ثلاث سنين، فقال: يا فلان لولا كرامتك على الله لما أريتك هذا الولد، اسمه اسم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وكنيته كنيته، هو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً. (1)
وروي عن آخر قال: دخلت يوماً على أبي محمد (علیه السلام)ورأيت على طرفه الأيمن بيتاً أسبل عليه ستراً، فقلت يا سيّدي من صاحب هذا الأمر بعد هذا ؟ (2)
فقال: ارفع الستر، فرفعت الستر فخرج صبي في غاية من الطهارة والنظافة على خده الأيمن خال وله ذوائب، فجلس في حجر أبي محمد (علیه السلام)
فقال أبو محمد (علیه السلام)هل هذا صاحبكم، ثمّ قام من حجره، فقال أبو محمد(علیه السلام) : يا بني ادخل إلى الوقت المعلوم، فدخل البيت وكنت أنظر إليه، ثم قال لي أبو محمد(علیه السلام) : قم وانظر من في هذا البيت؟ فدخلت البيت فلم أرَ فيه أحداً.
وروي عن آخر قال: بعثني المعتضد (3) مع رجلين وقال: إن الحسن بن علي (علیهما السلام)توفي في سرّ من رأى فأسرعوا في المسير وتهجموا في داره فكل من رأيتم فيها فأتوني برأسه، فذهبنا ودخلنا داره فرأينا داراً نضرة طيبة كأن البناء فرغ من
ص: 162
عمارتها الساعة، ورأينا ستراً فيها فرفعناه فرأينا سرداباً فدخلنا فيه فرأينا بحراً في أقصاه حصير مفروش على وجه الماء ورجلاً في أحسن صورة عليه وهو يصلّي ولم يلتفت إلينا، فسبقني أحد الرجلين فدخل الماء فغرق واضطرب، فأخذت بيده وأخلصته فأراد الآخر أن يقدم إليه فغرق، فأخلصته فتحیرت، فقلت: يا صاحب البيت المعذرة إلى الله وإليك والله ما علمت الحال وإلى أين جئنا وتبت إلى الله فيما فعلت فلم يلتفت إلينا أبداً فرجعنا إلى المعتضد وقصصنا عليه القصة، فقال: اكتموا هذا السر وإلا أمرت بضرب أعناقكم (انتهى). (1)
وهذه الكرامات ليست مما تستغرب ويتعجب منها فإنّها بالنسبة إلى إقدار الله تعالى أولياءه عليها أمر هين وبالنسبة إلى الأولياء أمرٌ غير عزيز، وكتب مشايخ الصوفية مشحونة بذكر أضعاف أمثالها وفوقها ودونها في تراجم أعيانهم وأقطابهم.
هذا الشيخ الأكبر محيي الدين قال في الفتوحات كما نقله عنه الشعراني في (مختصرها)، وبرهان الدين الحلبي في إنسان العيون): قلت لابنتي زينب مرة وهي في سن الرضاعة قريباً عمرها من سنة: ما تقولين في الرجل يجامع حليلته ولم يُنزل؟
فقالت: يجب عليه الغسل، فتعجب الحاضرون من ذلك، ثمّ إنّي فارقت تلك البنت وغبت عنها سنة في مكة وكنت أذنت لوالدتها في الحج، فجاءت مع الحج الشامي، فلما خرجت لملاقاتها رأتني من فوق الجمل وهي ترضع، فقالت
ص: 163
بصوت فصيح قبل أن تراني أمها هذا أبي، وضحكت ورمت بنفسها إليّ.
قال: وقد رأيت - أي علمت - من أجاب أمه بالتسميت وهو في بطنها حين عطست، وسمع الحاضرون كلهم صوته من جوفها، شهد عندي الثقات بذلك، انتهى). (1)
وهذا القدر يكفي للمثال (2)
العاشر:
الحافظ محمد بن محمد بن محمود البخاري المعروف ب(خواجه بارسا) من أعيان علماء الحنفيّة وأكابر مشايخ النقشبندية.
قال الكفوي في (أعلام الأخيار) (... وقرأ العلوم على علماء عصره، وكان قد بهر على أقرانه (3) في دهره، وحصل الفروع والأصول، وبرع في المعقول والمنقول، وكان شاباً قد أخذ الفقه عن قدوة بقية أعلام الهدى الشيخ الإمام (الشيخ) العارف الربّاني أبي الطاهر محمد بن الحسن بن علي (4) الطاهري...)، ثمّ ذكر سلسلة مشايخه في الفقه وأنّه أخذ من صدر الشريعة وأنهاها إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة.
ص: 164
قال: (وهو أعز خلفاء الشيخ الكبير خواجه بهاء الدین نقشبند). (1)
ومن مؤلفات عبد الرحمن الجامي (شرح كلمات خواجة بارسا).
فقال في كتابه فصل الخطاب - وهو كتاب معروف -: (قال في (كشف
الظنون): فصل الخطاب في المحاضرات للحافظ الزاهد محمد بن محمد الحافظي من أولاد عبيد الله النقشبندي المتوفى بالمدينة المنورة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ودفن بها، أوله الحمد لله الدال لخلقه على وحدانيته... إلخ، وترجمته لأبي الفضل موسى ابن الحاج حسين الأزنيقي بإشارة أمور (2) بك ابن تیمور تاش باشا، وتعريب فصل الخطاب لأمير بادشاه محمد البخاري نزيل مكة فرغ منه في رجب سنة سبع وثمانين وتسعمائة. (3)
فقال ما لفظه ولما زعم أبو عبد الله جعفر بن أبي الحسن علي الهادي ( رضي الله عنه ) أنّه لا ولد لأخيه أبي محمد الحسن العسكري ( رضي الله عنه ) وادعى أن أخاه الحسن العسكري ( رضي الله عنه ) جعل الإمامة فيه، سُمّي: الكذاب وهو معروف بذلك، والعقب من ولد جعفر بن علي هذا في علي بن جعفر) وعقب علي هذا في ثلاثة عبد الله وجعفر وإسماعيل.
وأبو محمد الحسن العسكري ولده ( م ح م د) - رضي الله عنهما – معلوم عند خاصة خواص أصحابه وثقات أهله
ص: 165
ويُروى أن حكيمة بنت أبي جعفر محمد الجواد ( رضي الله عنه ) عمة أبي محمد الحسن العسكري ( رضي الله عنه ) كانت تحبه وتدعو له وتتضرّع أن ترى له ولداً، وكان أبو محمد الحسن العسكري ( رضي الله عنه ) اصطفى جارية يقال :لها نرجس فلمّا كان ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين دخلت حكيمة فدعت لأبي محمد الحسن العسكري ( رضي الله عنه ) فقال لها: يا عمة كوني الليلة عندنا لأمر، فأقامت كما رسم ، فلما كان وقت الفجر اضطربت نرجس فقامت إليها حكيمة، فلما رأت المولود أتت به أبو محمد الحسن العسكري ( رضي الله عنه ) وهو مختون مفروغ منه، فأخذه وأمر يده على ظهره وعينيه، وأدخل لسانه في فمه، وأذَن في أذنه اليمنى وأقام في الأخرى.
ثمّ قال: يا عمّة إذهبي به إلى أمه، فذهبت به وردّته إلى أمه.
قالت حكيمة فجئت إلى أبي محمد الحسن العسكري ( رضي الله عنه ) فإذا المولود بين يديه في ثياب صفر وعليه من البهاء والنور ما أخذ بمجامع قلبي، فقلت: سيدي هل عندك من علم في هذا المولود المبارك فتلقيه إلي؟ فقال: أي عمة هذا المنتظر، هذا الذي بشّرنا به.
فقالت حكيمة فخررت الله تعالى ساجدة شكراً على ذلك.
قالت: ثم كنت أتردد إلى أبي محمد الحسن العسكري ( رضي الله عنه ) فلمّا لم أره فقلت له يوماً: يا مولاي ما فعلت بسيدنا ومنتظرنا؟
قال ( رضي الله عنه ) : استودعناه الذي استودعته أم موسى ابنها).
وذكر في حاشية الكتاب كلاماً طويلاً في تضعيف ما نقله في المتن من
ص: 166
حديث ابن مسعود من أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال في حق المهدیّ (علیه السلام ): (يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي (1) )بكلام أوفى.
وحكاية المعتضد العباسي الذي (2) نقلها الجامي في (شواهد النبوة)، وبعض علامات قيام المهدیّ (علیه السلام )... إلى أن قال: (والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى ومناقب المهدي ( رضي الله عنه ) صاحب الزمان الغائب عن الأعيان الموجود في كل زمان كثيرة وقد تظاهرت الأخبار على ظهوره وإشراق نوره، يجدد الشريعة المحمدية ويجاهد في الله حق جهاده ويطهر من الأدناس أقطار بلاده، زمانه زمان المتقين وأصحابه خلصوا من الريب وسلموا من العيب وأخذوا بهديه
وطريقه واهتدوا من الحق إلى تحقيقه به ختمت الخلافة والإمامة وهو الإمام من لدن مات أبوه إلى يوم القيامة، وعيسى (علیه السلام) يصلّي خلفه ويصدقه على دعواه ويدعو إلى ملته التي هو عليها والنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) صاحب الملّة ) (3) (4)
الحادي عشر:
الحافظ أبو الفتح محمد بن أبي الفوارس
قال في أوّل (أربعينه): (أخرج الرجال الثقات من قول النبي صلى الله عليه
ص: 167
وآله [قال ابن عباس رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله] (1): من حفظ (عنّي) من أمتي أربعين حديثاً كنت له شفيعاً... إلى أن قال: فإن قال لنا السائل: ما هذه الأربعون حديثاً الذي (2) إذا حفظها الإنسان كان له هذا الأجر والثواب والفضل العظيم؟
قلنا الجواب، اعلم أن هذا السؤال وقع في مجلس السيد محمد بن إدريس الشافعي فقال: هي مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه [وعلى أهل بيته الصلاة و] (3) السلام، مما أخبرنا به السيد جلال الدين محمد بن يحيى بن أبي بكر العباسي قال: حدّثنا محيي الدين محمد بن غنا، قال: حدّثنا الفقيه يوسف بن إبراهيم الهروي، قال: أخبرنا سمعان بن محمد الجوهري الغزنوي عن الشيخ شيبان المقرئ ابن عمر الفرداني(4) قال: حدّثنا يحيى بن بكريا بن أحمد البلخي قاضي الشام، قال: حدّثنا أبو جعفر الترمذي، قال: حدّثنا محمد بن الليث، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
ما أعلم أحداً أعظم منّةً على الإسلام في زمن الشافعي من الشافعي وإنّي لأدعو إلى الله في عقيب الصلاة، فأقول: اللهم اغفر لي ولوالدي ولمحمد بن إدريس الشافعي، منذ يوم سمعت منه أن الأحاديث الأربعين [التي] (5) أراد بها النبي صلى
ص: 168
الله عليه وآله [هي ] (1) مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته (علیهم السلام)
قال أحمد بن حنبل: فخطر ببالي من أين صح عند الشافعي [هذا] (2)، فرأيت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في النوم (3) وهو يقول [لي يا أحمد ] (4): شككت في قول محمد بن إدريس الشافعي عن قولي من حفظ من أمتي أربعين حديثاً (عنّي ) (5) في فضائل أهل بيتي كنت له شفيعاً يوم القيامة، أما علمت أن فضائل أهل بيتي لا تُحصى. (6)
إلى أن قال: (الحديث الرابع) :
أخبرنا محمود بن محمد الهروي بقريته في جامعها في سلخ ذي الحجة... (7):قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله عن سعد بن عبد الله عن عبد الله (8) بن جعفر الحميري، قال: حدّثني محمد بن عيسى الأشعري، عن أبي حفص أحمد بن نافع البصري، قال: حدّثني أبي وكان خادماً للإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا (علیهما السلام)، قال : حدّثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر الصادق، قال: حدّثني أبي باقر علم الأنبياء محمد بن علي،
ص: 169
قال: حدّثني أبي سيّد العابدين علي بن الحسين، قال: حدّثني أبي سيّد الشهداء الحسين بن علي(علیه السلام)، قال: حدّثني أبي سيّد الأوصياء علي بن أبي طالب (علیه السلام) أنه قال:
قال لي أخي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من أحب أن يلقى الله عزّ وجل وهو مقبل عليه غير معرض عنه فليتولك (1)، ومن سرّه أن يلقى الله عزّ وجل وهو راض عنه فليتول ابن كل الحسن ا و و و ومن أحب أن يلقى الله ولا خوف عليه فليتول ابنك الحسن(علیه السلام)، ومن أحب أن يلقى الله وقد تمحص عن ذنوبه فليتول علي بن الحسين (علیه السلام)، فإنّه كما قال الله تعالى: (سيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) (2) ، ومن أحب أن يلقى الله عز وجل وهو قرير العين فليتول محمد بن علي (علیه السلام)، ومن أحب أن يلقى الله عزّ وجل فيعطيه كتابه بيمينه فليتول جعفر بن محمد (علیه السلام) ومن أحب أن يلقى الله طاهراً مطهراً فليتول موسى بن جعفر النور الكاظم (علیه السلام) و من أحب أن يلقى الله وهو ضاحك فليتول علي بن موسى الرضا (علیه السلام) و من أحب أن يلقى الله وقد رفعت درجاته وبدلت سيئاته حسنات فليتول ابنه محمد(علیه السلام) ، ومن أحب أن يلقى الله عز وجل فيحاسبه حساباً يسيراً ويدخله جنّةً عرضها السموات والأرض أعُدت للمتقين (3) فليتول ابنه عليا (علیه السلام) ومن أحب أن يلقى الله عزّ وجل وهو من الفائزين فليتول ابنه الحسن العسكري(علیه السلام)، ومن أحبّ أن يلقى الله عزّ وجل وقد كمل إيمانه وحسن إسلامه فليتول ابنه [المنتظر محمداً ] (4)صاحب الزمان المهدیّ (علیه السلام )، فهؤلاء مصابيح الدجى وأئمة الهدى وأعلام التقى
ص: 170
فمن أحبهم وتولاهم كنت ضامناً له على الله الجنّة، انتهى). (1)
ولا يريب العاقل أنه معتقد بصحة الخبر وبمضمونه وإلا لما أودعه في أربعينه وقد قال في أوّله ما نقلناه، وقال في آخر كلامه: (وإنما ملت إلى تفضيلهم - يعني أهل البيت(علیهم السلام) - بعد أن تقدمت مذاهبنا فعرفتها وبانت لي الحقيقة فقبلتها (2) وتبينت الطريقة فسلكتها بالشواهد اللائحة والأخبار الصحيحة الواضحة ونُبئت بها عن (3) الثقات وأهل الورع والديانات وكذلك أديناها حسب ما رويناها، قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). (4)
وعن الذهبي في (دول الإسلام ) سنة اثنتي عشرة وأربعمائة: وفيها مات الحافظ أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس. (5)
وكذا رأيت في كامل ابن الأثير في حوادث السنة المذكورة. (6)
الثاني عشر:
أبو المجد عبد الحق الدهلوي البخاري العارف المحدث الفقيه صاحب التصانيف الشائعة الكثيرة، وقد ذكر أحواله ومؤلفاته جماعة كثيرة في فهارستهم.
ص: 171
قال العالم المعاصر الصديق (1) حسن خان الهندي في كتابه الموسوم ب(أبجد العلوم ) المطبوع سنة (1295): (الشيخ عبد الحق الدهلوي هو المتضلع من الكمال الصوري والمعنوي، رُزق من الشهرة قسطاً جزيلاً، وأثبت المؤرخون ذكره إجمالاً وتفصيلاً، وحفظ القرآن وجلس على مسند الإفادة وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، ورحل إلى الحرمين الشريفين، وصحب الشيخ عبد الوهاب المتقي خليفة الشيخ علي المتقي، واكتسب علم الحديث، وعاد إلى الوطن واستقر به اثنتين وخمسين سنة بجمعية الظاهر والباطن، ونشر العلوم، م كتاب المشكاة بالفارسي وكتب شرحاً على سفر السعادة، وبلغت تصانيفه مائة مجلد.
ولد في محرّم سنة (958) وتوفّي سنة (1052)، وأخذ الخرقة القادرية من الشيخ موسى القادري من نسل الشيخ عبد القادر الجيلاني،... وكانت له اليد الطولى في الفقه الحنفي... إلى آخره.) (2)
وذكره الشيخ عبد القادر البدايوني المعاصر له في (منتخب التواريخ وبالغ في مدحه وذكر فضائله، وكذا مؤلّف منتخب اللباب) المطبوع في كلكته، وكذا السيّد الممجد حسان الهند المولى غلام علي آزاد البلكرامي في (مآثر
ص: 172
الكرام في كلام طويل، وبالغ في الإطراء عليه أيضاً. (1)
وبالجملة: فجلالة قدره وعلو مقامه غير خفية على أهل هذا الفن، ومن مؤلفاته: (جذب القلوب إلى ديار المحبوب وهو تاريخ المدينة الطيبة، قد طبع مرات.
فقال في رسالة له في المناقب وأحوال الأئمة الأطهار (علیهم السلام)وهي مذكورة في فهرست مؤلّفاته - وأشار إليها فى كتاب (تحصيل الكمال ) على ما نقله عنه بعض الثقات الأعلام من المعاصرين (رحمهم الله ) (2) - فقال فيه بعد ذكر أمير المؤمنين والحسنين والسجاد والباقر والصادق (علیهم السلام)(وهؤلاء من أئمة أهل البيت وقع لهم ذكر في الكتاب... إلى أن قال: ولقد تشرفنا بذكرهم جميعاً في رسالة منفردة... إلى آخره). (3)
فقال في الرسالة:
وأبو محمد الحسن العسكري ولده (م ح م د) رضي الله عنهما معلوم عند خواص أصحابه وثقاته... ثمّ نقل قصة الولادة بالفارسية على طبق ما مر عن فصل الخطاب للخواجة محمد بارسا (4)(5)
ص: 173
الثالث عشر:
السيد جمال الدين عطاء الله ابن السيّد غياث الدين فضل الله ابن السيد عبد الرحمن المحدث المعروف صاحب كتاب (روضة الأحباب) الدائر بين أولي الألباب الذي عدّه القاضي حسين الديار بكري في أوّل (تاريخ الخميس من الكتب المعتمدة. (1)
وفي كشف الظنون: (روضة الأحباب في سيرة النبي (صلى الله عليه و آله )والآل والأصحاب) فارسي لجلال الدين (2) عطاء الله بن فضل الله الشيرازي النيسابوري المتوفّى سنة (926ه) (3) ألفه في مجلدين بالتماس الوزير مير علي شير بعد الاستشارة مع أستاذه وابن عمه السيد أصيل الدين عبد الله وهو على ثلاثة مقاصد... إلى آخره. )(4)
ولبلاغته وعذوبة كلامه ننقل عین عبارته قال: «كلام در بیان امام دوازدهم [ مؤتمن ] (5) ( م ح م د ) ابن الحسن تولد همایون آن در درج ولایت وجوهر معدن هدایت بقول أكثر أهل روايت در منتصف شعبان سنه دویست و پنجاه و پنج در سامره اتفاق افتاد و گفته شده در بیست وسيم از شهر رمضان (6) دویست و پنجاه و هشت و مادر آن عالي گوهرام ولد بوده ومسماة بصيقل يا سوسن وقيل: نرجس وقيل حكيمة وآن إمام ذى الاحترام در كنیت و نام با حضرت خیر
ص: 174
الأنام عليه وآله تحف الصلاة والسلام موافقت دارد ومهدي منتظر والخلف الصالح وصاحب الزمان در ألقاب أو منتظم است در وقت پدر بزرگوار خود بروايت أوّل که بصحت أقربست پنج ساله بود وبقول ثانی دو ساله وحضرت واهب العطايا آن شکوفه گلزار را مانند یحیی وزكريا سلام الله عليهما در حالت طفولیت حکمت کرامت فرمود و در وقت صبا بمرتبه بلند إمامت رسانيد وصاحب الزمان يعني مهدیّ (علیه السلام ) دوران در زمان معتمد خلیفه در سنه دویست و شصت و پنج یا شصت و شش علی اختلاف القولین در سردابه سرّ من رأی از نظر فرق برایا غایب شد.
وبعد ذكر کلماتی چند در اختلاف درباره آنجناب ونقل بعضی روایات صریحه در آنکه مهدي موعود (علیه السلام) همان حجّة ابن الحسن العسکري (علیه السلام) است گفته: راقم حروف گوید که چون این سخن بدینجار سید جواد خوش خرام خامه طي بساط انبساط واجد ديد رجاء واثق ووثوق صادق که ليالي مهاجرت محبان خاندان مصطفوي وايام مصابرت مخلصان دودمان مرتضوی بنهایت رسند و آفتاب طلعت با بهجت صاحب الزمان على أسرع الحال از مطلع نصرت واقبال طلوع نماید تا رایت هدایت اینان مظهر أنوار فضل واحسان از مشرق مراد بر آمده غمام حجاب از چهره عالمتاب بگشاید بهمین اهتمام آن سرور عالي مقام اركان مباني ملت بيضا ما نند ایوان سپهر خضراء سمت ارتفاع و استحکام گیرد وبحسن اجتهاد آن سيّد ذى الاحترام قواعد بنيان ظلم ظلام نشان در بسیط غبرا صفت انخفاض وانعدام پذیرد واهل اسلام در ظلال اعلام ظفر اعلامش از تاب آفتاب حوادث امان و خوارج شقاوت فرجام از اصابت حسام خون آشامش
ص: 175
جزای اعمال خویش یافته بقعر جهنم شتابند ولله در من قال أبيات:
بيا أي امام هدايت شعار*** که بگذشت از حد غم انتظار
زروی همایون برافکن نقاب*** عیان ساز رخسار چون آفتاب
برون آی از منزل اختفا ***نمایان کن آثار مهر ووفا (1)
ص: 176
وهذه الكلمات من الصراحة في أن معتقده في المهدي الموعود (علیه السلام) معتقد الإمامية بمكان لا يحتاج إلى البيان. (1)
الرابع عشر:
الحافظ أبو محمد أحمد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري - بفتح الباء الموحدة وبعدها الألف وضم الذال وفي آخرها الراء - هذه النسبة إلى البلاذر. (2)
قال السمعاني في (الأنساب الكبير): (والمشهور بهذا الانتساب أبو محمد أحمد بن إبراهيم بن هاشم المذكر الطوسي البلاذري الحافظ [الواعظ ] (3) من أهل طوس، كان حافظاً [ فاضلاً ] (4) فهماً عارفاً بالحديث، سمع بطوس إبراهيم بن
ص: 177
إسماعيل العنبري وتميم بن محمد الطوسي، وبنيسابور عبد الله بن شيرويه وجعفربن أحمد الحافظ، وبالرّي محمد بن أيوب والحسن بن أحمد بن الليث، وببغداد يوسف بن يعقوب القاضي، وبالكوفة محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، وأقرانهم، سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ.
[وقال الحافظ أبو عبد الله ] (1): أبو محمد البلاذري الواعظ الطوسي کان واحد عصره في الحفظ والوعظ ومن أحسن الناس عشرة وأكثرهم فائدة، وكان يكثر المقام بنيسابور ويكون له في كل أسبوع مجلسان عند شيخي البلد: أبي الحسن (2) المحمي وأبي نصر العبدي.
وكان أبو علي الحافظ ومشايخنا يحضرون مجالسه ويفرحون بما يذكره على [ رؤوس] (3) الملأ من الأسانيد، ولم أرهم قط غمزوه (4) في إسناد أو اسم أو حديث، وكتب بمكة عن إمام أهل البيت (علیهم السلام) أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا (علیهم السلام)
وذكر أبو الوليد الفقيه قال: كان أبو محمد البلاذري يسمع كتاب الجهاد من محمد بن إسحاق وأمه عليلة بطوس... إلى أن قال: قال الحاكم [و] (5) استشهد
ص: 178
فقال علامة عصره الشاه ولي الله الدهلوي والد عبد العزيز المعروف ب(شاه صاحب )صاحب (التحفة الإثنا عشرية في الردّ على الإماميّة) - الذي وصفه ولده بقوله: (خاتم العارفين وقاصم المخالفين، سيّد المحدثين، سند المتكلمين، حجّة الله على العالمين... إلى آخره) (4)(4) في كتاب (النزهة) أن الوالد روى في (المسلسلات المشهور ب( الفضل المبين) :(قلت :شافهني ابن عقلة بإجازة جميع ما يجوز له روايته، ووجدت في مسلسلاته حديثاً مسلسلاً بانفراد كل راو من رواته بصفة عظيمة تفرد بها.
قال (رحمه الله ) : أخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجمي، أنا حافظ عصره جمال الدين البابلي، أنا مسند وقته محمد الحجازي الواعظ، أنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراني، أنا مجتهد عصره الجلال السيوطي، أنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي أنا مقرئ زمانه الشمس محمد بن الجزري، أنا الإمام جمال الدين محمد بن محمد الجمال زاهد عصره، أنا الإمام محمد بن مسعود
ص: 179
محدث بلاد فارس في زمانه، أنا شيخنا إسماعيل بن مظفر الشيرازي عالم وقته، أنا عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدّث زمانه، أنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن شابور القلانسي شيخ عصره، أنا عبد العزيز، ثنا محمد الآدمي إمام أوانه أنا سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان نادرة دهره (1)، ثنا أحمد بن محمد بن هاشم البلاذري حافظ ،زمانه ، ثنا ( م ح م د) بن الحسن بن علي المحجوب إمام عصره، ثنا الحسن بن علي، عن أبيه، عن جده عن أبي جده علي بن موسى الرضا (علیهم السلام)، ثنا موسى الكاظم (علیه السلام)، قال: ثنا أبي جعفر الصادق، ثنا أبي محمد الباقر ابن علي، ثنا أبي علي بن الحسين السجاد (2)، ثنا أبي الحسين سيّد الشهداء، ثنا أبي علي بن أبي طالب (علیهم السلام)سيّد الأولياء، قال: أخبرنا سيد الأنبياء محمد بن عبد الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، قال : أخبرني جبرئيل سيّد الملائكة قال: قال الله تعالى سيد السادات: «إنِّي أنا الله لا إله إلا أنا من أقرّ لي بالتوحيد دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي».
قال الشمس بن الجزري: كذا وقع هذا الحديث من المسلسلات السعيدة والعهدة فيه على البلاذري). (3)
وقال الشاه ولي الله المذكور أيضاً في رسالة (النوادر من حديث سيّد الأوائل
ص: 180
والأواخر) ما لفظه: ([حديث] (1) ( م ح م د) بن الحسن الذي يعتقد الشيعة أنه المهدي عن آبائه الكرام وجدت في مسلسلات الشيخ محمد بن عقلة المكي عن الحسن العجيمي، (ح) أخبرنا أبو طاهر أقوى أهل عصره سنداً اجازة لجميع ما تصح له روايته قال: أخبرنا فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجيمي... إلى آخر ما تقدم باختلاف جزئي في تقديم بعض الألقاب وتأخيره على الأسامي). (2)
وعن السيوطي في (رسالة التدريب قال : (وذكر في شرح النخبة أن المسلسل بالحفاظ مما يفيد العلم القطعي...الخ). (3)
وقد عرفت ما ذكره السمعاني في حق البلاذري فلا موقع لما ذكره الجزري (4)
الخامس عشر :
الشيخ العالم الأديب الأوحد حجة الإسلام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن الخشاب المذكور في تاريخ ابن خلكان) بقوله بعد الترجمة: (المعروف بابن الخشاب البغدادي العالم المشهور في الأدب والنحو والتفسير والحديث والنسب والفرائض والحساب وحفظ القرآن العزيز بالقراءات الكثيرة، وكان متضلّعاً من العلوم وله فيها اليد الطولى... إلى آخر ما ذكره هو). (5)
ص: 181
وكذا السيوطي في (طبقات النحاة) فقد بالغ في الثناء عليه. (1)
فقال في كتابه في تواريخ مواليد الأئمة ووفياتهم (علیهم السلام)، وهو كتاب صغير معروف ينقل عنه ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة)،(2) وعلي بن عيسى الإربلي الموثق المعتمد عند أهل السنة (3) كتابه الموسوم ب(كشف الغمة) (4) فقال فيه بإسناده عن أبي بكر أحمد بن نصر بن عبد الله بن الفتح الزارع النهرواني، حدّثنا صدقة بن موسى، حدّثنا أبي، عن الرضا (علیه السلام)، قال: «الخلف الصالح من ولد أبي محمد الحسن بن علي وهو صاحب الزمان وهو المهدیّ (علیه السلام )».
وحدّثني الجراح بن سفيان، قال: (حدّثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي، عن أبيه ،هارون عن أبيه موسى، قال: قال سيدي جعفر بن محمد الخلف الصالح من ولدي هو المهدیّ (علیه السلام )، اسمه ( م ح م د)، وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال لأمه صيقل».
قال لنا أبو بكر الزارع(5) وفي رواية أخرى، بل أمه: حكيمة.
وفي رواية أخرى ثالثة يقال لها: نرجس، ويقال: بل سوسن، والله أعلم بذلك. يكنى بأبي القاسم، وهو ذو الاسمين خلف و (م ح م د)، يظهر في آخر الزمان
ص: 182
على رأسه غمامة تظله من الشمس تدور معه حيث ما دار، تنادي بصوت فصيح : هذا هو المهدیّ (علیه السلام ).
حدّثني محمد [بن موسى] (1) الطوسي الطوسي قال: حدّثنا أبو السكين، عن بعض أصحاب التاريخ، أن أم المنتظر يقال لها: حكيمة.
حدّثني محمد بن موسى الطوسي، حدّثني عبيد الله بن محمد، عن الهيثم بن عدي قال: يقال: كنية الخلف الصالح أبو القاسم، وهو ذو الاسمين. (2)
هذا آخر الكتاب. (3)
السادس عشر:
شهاب الدين بن شمس الدين بن عمر الهندي المعروف بملك العلماء صاحب التفسير الموسوم ب (البحر المواج) قال في ( سبحة المرجان) (مولانا القاضي شهاب الدين بن شمس الدين بن عمر الزاولي الدولة آبادي [نوّر الله ضريحه]،(4) ولد القاضي بدولة آباد دهلي وتلمذ على القاضي عبد المقتدر الدهلوي ومولانا خواجكي الدهلوي [وهو من تلامذة مولانا معين الدين العمراني رحمه الله تعالى ] (5)ففاق أقرانه وسبق إخوانه وكان القاضي عبد المقتدر يقول في حقه يأتيني من الطلبة من جلده علم ولحمه علم وعظمه علم – إلى أن
ص: 183
ذكر هجرته إلى جونفور ولقبه سلطانه بملك العلماء - فزين القاضي مسند الإفادة وفاق(1) البرجيس في إفاضة السعادة وألف كتباً سارت بها ركبان العرب والعجم واذكى سُرُجاً أهدى من النار الموقدة على العلم منها: البحر المواج – تفسير القرآن العظيم بالفارسية -... إلى أن قال ومناقب السادات بتلك العبارة – أي بالفارسية - قال وتوفى سنة (849) انتهى. (2)
وكتابه: (المناقب) موسوم ب(هداية السعداء) (3) فقال فيه: (ويقول أهل السنة: إن خلافة الخلفاء الأربعة ثابت بالنص كذا في عقيدة الحافظية.
قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : خلافتي ثلاثون سنة، وقد تمت ،بعلي، وكذلك خلافة الأئمة الإثني عشر، أولهم: الإمام علي كرم الله وجهه، وفي خلافته ورد حديث الخلافة ثلاثون سنة، والثاني: الإمام الشاه حسن رضي الله عنه، قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : هذا ابنى سيّد سيصلح بين المسلمين الثالث: الشاه حسين رضي الله عنه، قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : هذا ابنى سيّد ستقتله الباغية، وتسعة من ولد الشاه حسين رضي الله عنه قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : بعد الحسين بن كانوا من أبنائه تسعة أئمة آخرهم القائم (علیه السلام)
ص: 184
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري: دخلت على فاطمة بنت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وبين يديها ألواح وفيها أسماء أئمة من ولدها فعددت أحد عشر اسماً آخرهم القائم. (علیه السلام)
ثم أورد على نفسه سؤالاً أنه: لِمَ لَم يدع زين العابدين الخلافة؟ فأجاب عنه بكلام طويل حاصله أنه رأى ما فعل بجده أمير المؤمنين وأبيه (علیهما السلام)من الخروج والقتل والظلم، وسمع أن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) رأى في منامه أن أجرية(1) الكلاب تصعد على منبره وتعوي فحزن فنزل عليه جبرئيل بالآية:( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلف شهر)، وهي مدة ملك بني أمية وتسلطهم على عباد الله، فخاف وسكت إلى أن يظهر المهدیّ (علیه السلام ) من ولده، فيرفع الألوية ويُخرج السيف فيملأ الأرض عدلاً وقسط... إلى أن قال: وأولهم الإمام زين العابدين، والثاني الإمام محمد الباقر، والثالث الإمام جعفر الصادق ابنه والرابع الإمام موسى الكاظم ابنه، والخامس الإمام علي الرضا ابنه، والسادس الإمام محمد التقي ابنه، والسابع الإمام علي النقي ابنه والثامن الإمام الحسن العسكري ابنه، والتاسع الإمام حجة الله القائم الإمام المهدیّ (علیه السلام ) ابنه، وهو غائب وله عمر طويل، كما بين المؤمنين عيسى وإلياس وخضر، وفي الكافرين الدجال والسامري انتهى المقصود من كلامه وفيه الكفاية) (2)(3)
ص: 185
السابع عشر:
الشيخ العالم المحدث علي المتقي بن حسام الدين ابن القاضي عبد الملك ابن قاضي خان القرشي من كبار العلماء وقد مدحوه في التراجم ووصفوه بكل جميل.
قال الشيخ عبد القادر ابن الشيخ عبد الله في (النور السافر عن أخبار القرن العاشر): (في ليلة الثلاثاء وقت السَّحر توفي العالم الصالح الولي الشهير العارف بالله تعالى على المتقي... إلى أن قال: وكان من العلماء العاملين وعباد الله الصالحين على جانب عظيم من الورع والتقوى والاجتهاد في العبادة ورفض السؤى (1) ، وله مصنفات عديدة. )
وذكر شرحاً في رياضته في الأكل والنوم وعزلته عن الناس... إلى أن قال: (ومؤلّفاته كثيرة نحو مائة مؤلّف ما بين صغير وكبير، ومحاسنه جمة ومناقبه ضخمة، وقد أفردها العلامة عبد القادر بن أحمد الفاكهي [المكي] (2) فی تأليف لطيف سمّاه: (القول النقي في مناقب المتقي) ونقل عنه قال: ما اجتمع به أحد من العارفين أو العلماء العاملين [ أو اجتمع هو عليهم] (3) إلا [و] (4)أثنوا عليه ثناء بليغاً كشيخنا تاج العارفين أبي الحسن البكري، وشيخنا الفقيه العارف الزاهد الوجيه العمودي، وشيخنا إمام الحرمين الشهاب ابن حجر الشافعي، وصاحبنا فقيه مصر
ص: 186
شمس الدين الرملي الأنصاري، وشيخنا فصيح علماء عصره شمس [الدين] (1) البكري، ولكلّ من هؤلاء الجلة عندي ما دل على كمال مدحه شيخنا المتقي بحسن استقامته... إلى آخر ما قال) (2)
وذكره الشعراني في (لواقح الأخيار ) قال : ( ومنهم الشيخ الصالح الورع الزاهد سيدي علي الهندي ( رضي الله عنه ) اجتمعت به في سنة سبع وأربعين [ وتسعمائة ] (3) بمكة المشرفة مدة إقامتي بالحجّ وانتفعت برؤيته ولحظه... إلخ ). (4)
وبالغ في مدحه محمد طاهر الكجراتي في خطبة كتابه (مجمع البحار). (5)
وذكره حسان الهند غلام علي آزاد في (سبحة المرجان) وأطال الكلام فيه قال: (وكان الشيخ ابن حجر صاحب الصواعق المحرقة أستاذاً للمتقي وفي الآخر تلمذ على المتقي ولبس الخرقة منه... إلخ). (6)
وذكره أيضاً الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي البخاري وأثنى عليه
ص: 187
ثناء بليغاً. (1)
ومن مؤلفاته المعروفة كنز العمال، وتبويب جامع الصغير للسيوطي على أبواب الفقه، ورتب جمع الجوامع له أيضاً واستحسنه أهل عصره حتى قال أبو الحسن البكري: (للسيوطي منة على العالمين وللمتقي منة عليه توفي سنة 975). (2)
فقال في (المرقاة في شرح المشكاة ) بعد ذكر حديث اثني عشرية الخلفاء قلت: (وقد حمل الشيعة الاثنا عشرية على أنهم من أهل (بيت) (3)النبوة متوالية أعم من أن لهم خلافة حقيقة يعني ظاهراً أو استحقاقاً فأولهم علي، ثم الحسن والحسين، فزين العابدين فمحمد الباقر ، فجعفر الصادق، فموسى الكاظم، فعلي الرضا، فمحمد التقي فعلي النقي، فحسن العسكري، فمحمد المهدي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين على ما ذكرهم زبدة الأولياء خواجة محمد پارسا في کتاب (فصل الخطاب) مفصلةً، وتبعه مولانا نور الدين عبد الرحمن الجامي في أواخر (شواهد النبوة)، وذكرا فضائلهم ومناقبهم وكراماتهم [ و مقاماتهم ] (4) مجملة، وفيه ردّ على الروافض، حيث يظنون بأهل السنة أنهم يبغضون أهل البيت باعتقادهم الفاسد ووهمهم الكاسد انتهى) (5)
ص: 188
وأوّل كلامه وإن كان نقلاً لمذهب الشيعة (1) إلا أن آخره صريح في التصديق بما قالوا.
وقال أيضاً في كتابه (البرهان في علامات مهدي آخر الزمان): «عن أبي عبد الله الحسين بن علي (علیهما السلام) قال : الصاحب هذا الأمر - يعني المهدیّ (علیه السلام ) - غيبتان إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات وبعضهم ذهب لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره إلا المولى الذي يلى أمره». (2)
عن أبي جعفر محمد بن علي (علیهما السلام) قال: يكون لصاحب هذا الأمر - يعني المهدیّ (علیه السلام ) - غيبة في بعض هذه الشعاب وأومأ بيده إلى ناحية ذي طوى، حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي يكون معه حتى يلقى (3) بعض أصحابه فيقول: كم أنتم [ ههنا ] (4) ؟ فيقولون: نحواً من أربعين رجلاً. فيقول: كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله لو يأوي الجبال ،لنأواها، ثم يأتيهم من المقابلة فيقول: استبروا من رؤسائكم عشرة، فيستبرون له فينطلق م حتى يلقوا صاحبهم ويعدهم الليلة التي يليها يليها (5)». (6)
ص: 189
الثامن عشر:
العالم المعروف فضل بن روزبهان شارح الشمائل للترمذي.
قال في أوله: (يقول الفقير إلى الله تعالى مؤلف هذا الشرح أبو الخير فضل الله بن أبي محمد روزبهان بن محمد بن فضل الله بن محمد بن إسماعيل بن علي الأنصاري أصلاً وتباراً، الخنجي محتداً، الشيرازي مولداً، الإصبهاني داراً، المدني موتاً وإقباراً إنشاء الله تعالى، أخبرنا بكتاب الشمائل... إلخ). (1)
وهو الذي تصدى لردّ كتاب (نهج الحق) للعلّامة الحلي حسن بن يوسف بن المطهر، وسمّاه (إبطال الباطل)، وهو مع شدة تعصبه وإنكاره لجملة من الأخبار الصحيحة الصريحة، بل بعض ما هو كالمحسوس وافق الإمامية في هذا المطلب، فقال في شرح قول العلّامة: المطلب الثاني في زوجته وأولاده كانت فاطمة سيدة نساء العالمين زوجته... وساق بعض فضائلها وفضائل الأئمة من ولدها. (2)
قال الفضل :
أقول: ( ما ذكر من فضائل فاطمة صلوات الله على أبيها وعليها، وعلى سائر آل محمد والسلام أمر لا ينكر ، فإن الإنكار على البحر برحمته، وعلى البر بسعته، وعلى الشمس بنورها، وعلى الأنوار بظهورها، وعلى السحاب بجوده، وعلى الملك بسجوده، إنكاراً لا يزيد المنكر إلا الاستهزاء به، ومن هو قادر على أن
ص: 190
ينكر على جماعة هم أهل السداد، وخزان معدن النبوة، وحفاظ آداب الفتوة صلوات الله وسلامه عليهم ، ونعم ما قلت فيهم منظوماً:
سَلامٌ على المُصطَفى المُجْتَبى*** سَلامٌ على السيّد المرتضى
سَلامٌ عَلَى سِتنا فاطمة*** مَنِ اخْتارَهَا اللهُ خَيرالنسا
سَلامٌ مَن المسك أنفاسه*** على الحَسَن الألمعي الرضا
سَلامٌ عَلَى الأورعيّ الحُسَين *** شهيدٌ بَرَى جسمه کربلا
سَلامٌ عَلَى سيد العابدين*** علي بن حسين المجتبى (1)
سلام عَلَى الباقر المُهتَدي ***سلام على الصادق المُقْتَدَى
سلام عَلَى الكاظِمِ المُمْتَحَنَ ***رَضِي السجايا إمام التى
سلام عَلَى الثامن المُؤْتَمَنْ ***علي الرّضَا سَيّد الأصفيا
سلام عَلَى عَلَى المُتَّقی التقی*** مُحَمَّد الطَّيّب المُرْتَجَی
سلام عَلَى الأَرْيَحيُّ النقيّ*** علي المُكَرَمِ هَادِي الوَرَى
سَلَامٌ عَلَى السَّيّد العَسْكَري ***إمام يُجَهرُ جَيْشَ الصَّفا
سَلامٌ عَلَى القَائِمِ المُنْتَظَر*** أبي القاسِمِ القَرْمِ نُوْرِ الهُدَى (2)
ص: 191
سَيَطلُعُ كالشَّمْسِ في غاسق*** يُنَجِّيه من سَيْفه المُنْتَقَی
تَرَى يَمْلأُ الأَرْضِ مَنْ عَدله*** كَما مُلَتْ جَوْرَ أَهْل الهَوَى
سَلامٌ عَلَيْهِ وآبائه ***وأنْصَارِهِ ما تَدُومُ السَّما) (1)
فنص من غير تردد أن المهدي الموعود القائم المنتظر هو الثاني عشر من هؤلاء الأئمّة الغر الميامين الدرر (علیهم السلام) والحمد لله. (2)
التاسع عشر:
الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بنور الله من خلفاء [الدولة] (3)العباسية، وهو الذي أمر بعمارة السرداب الشريف، وجعل على الصفة التي فيه شباكاً من خشب ساج منقوش عليه:
(بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا المَودَة فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) (4) ، هذا ما أمر بعمله سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبو العباس أحمد الناصر لدين الله (5)، أمير المؤمنين وخليفة ربّ العالمين، الذي طبق البلاد إحسانه وعدله
ص: 192
وعمّ (1) البلاد رأفته وفضله، قرّب الله أوامره الشريفة باستمرار النجح والنشر(2)، وناطها بالتأييد والنصر (3)، وجعل لأيامه المخلّدة حداً لا يكبو جواده، ولآرائه (4) الممجدة سعداً لا يخبو زناده، في عزّ تخضع له الأقدار فيطيعه (5) عواصيها، وملك خشع له الملك (6) فيملكه نواصيها بتولّي المملوك معد بن الحسين(7) بن معد الموسوي الذي يرجو الحياة في أيامه المخلّدة، ويتمنّى إنفاق عمره في الدعاء لدولته المؤبدة (8) ، استجاب الله أدعيته وبلّغه فى أيامه الشريفة أمنيته من سنة ست وستمائة الهلالية وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا خاتم النبيين وعلى آله الطاهرين وعترته وسلم تسليماً) (9). (10)
ونقش أيضاً في الخشب الساج داخل الصفة في دابر الحائط: (بسم الله الرحمن الرحيم محمد رسول الله، أمير المؤمنين علي ولي الله، فاطمة ، الحسن
ص: 193
بن علي، الحسين بن علي علي بن الحسين محمد بن علي جعفر بن محمد موسى بن جعفر علي بن موسى محمد بن علي علي بن محمد الحسن بن علي، القائم بالحق (علیه السلام) هذا عمل علي بن محمد ولي آل محمد (رحمه الله ) ). (1)
ص: 194
ولولا اعتقاد الناصر بانتساب السرداب إلى المهدي (علیه السلام) بكونه محل ولادته، أو موضع غيبته، أو مقام بروز كرامته - لا مكان إقامته في طول غيبته كما نسبه بعض من لا خبرة له إلى الإمامية، وليس في كتبهم قديماً وحديثاً منه أثر أصلاً - لما أمر بعمارته وتزيينه ولو كانت كلمات علماء عصره متفقة على نفيه وعدم ولادته لكان إقدامه عليه بحسب العادة صعباً أو ممتنعاً، فلا محالة فيهم من وافقه في معتقده الموافق لمعتقد جملة ممن سبقت إليهم الإشارة وهو المطلوب، وإنما أدخلنا الناصر في سلك هؤلاء؛ لامتيازه عن أقرانه بالفضل والعلم وعداده من المحدثين فقد روى عنه ابن سكينة وابن الأخضر وابن النجار وابن الدامغاني. (1)
العشرون:
العالم العابد العارف الورع البارع الألمعي الشيخ سليمان بن إبراهيم المعروف ب(خواجة كلان )الحسيني القندوزي (2) البلخي صاحب كتاب (ينابيع المودة)، فقد بالغ فيه في إثبات كون المهدي الموعود (علیه السلام) هو الحجة ابن الحسن العسكري (علیهما السلام)وعقد لذلك أبواباً ولشيوعه وتبيّن معتقده فيه أعرضنا عن نقل كلماته التي تزيد على كراس، من أراده راجعه، وكان حنفي المذهب، صوفي المشرب، جامعاً للشريعة
ص: 195
والطريقة، مدرساً مرشداً في المدرسة والخانقاه حشره الله مع من كان (1) يتولاه. (2)
الحادي والعشرون:
العارف المشهور شيخ الإسلام الشيخ أحمد الجامي [النامقي] (3).
قال عبد الرحمن الجامي في كتابه (النفحات) كما في (الينابيع) وغيره: (إنّه دخل في غار جبل قرب بلد جام بجذب قوي من الله – جل شأنه – وكان أمياً لا يعرف الحروف ولا الكتاب وسنه كان اثنتين وعشرين [سنة] (4)، واستقام في الغار ثماني عشرة سنة من غير طعام ويأكل أوراق الأشجار وعروقها، وعبد الله فيه إلى أن بلغ سنّه أربعين سنة، ثمّ أمره الله بإرشاد الناس، وصنف كتاباً قدره ألف ورقة تحير فيه العلماء والحكماء من غموض معانيه، وهو عجيب في هذه الأمة، وبلغ عدد من دخل في طريقته من المريدين ستمائة ألف). (5)
قال في الينابيع: (ومن كلماته - قدس الله أسراره ووهب الله لنا من فيوضاته وبر كاته – بالفارسية:
من زمهر حيدرم هر لحظه أندر دل صفاست *** از پي حيدر حسن ما رام إمام ورهنما است
ص: 196
إلى أن قال:
عسکري نور دو چشم عالم است و آدم است *** همچو ید مهدیّ سپهسالار در عالم کجا است (1)
الثاني والعشرون:
صلاح الدين الصفدي (2) ، قال في ( ينابيع المودة ): (قال الشيخ الكبير العارف بأسرار الحروف صلاح الدين الصفدي في شرح الدائرة): إن المهدي الموعود (علیه السلام) هو الإمام الثاني عشر من الأئمة، أولهم سيدنا علي وآخرهم المهدي رضي الله عنهم ونفعنا الله بهم). (3)
ص: 197
الثالث والعشرون
بعض المصريين من مشايخ الشيخ العارف الشيخ إبراهيم القادري الحلبي قال في ( ينابيع المودة): (قال لي الشيخ عبد اللطيف الحلبي سنة ألف ومائتين وثلاث وسبعين: إن أبي الشيخ إبراهيم (رحمه الله ) قال سمعت بعض مشايخي من مشايخ مصر يقول: بايعنا الإمام المهدیّ (علیه السلام ) ].انتهى
وكان الشيخ إبراهيم في طريقة القادرية، ومن كبار مشايخ حلب الشهباء المحروسة، نفعنا الله من فيضه. (1)
الرابع والعشرون:
الشيخ عبد الرحمن البسطامي. (2)
قال في (الينابيع): (قال الشيخ الكبير عبد الرحمن البسطامي صاحب كتاب ( درّة المعارف) (قُدِّسَ سِرُّهُ) وأفاض علينا فتوحه وغوامض علومه:
ويُظْهِرُ ميمَ المَجد من آل أحْمَد*** وَيُظْهِرُ عَدْلَ اللَّهِ فِي النَّاسِ أَوَلَا
كما قَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَليَّ الرضا ***وفي كنز علم الحَرْف أَضْحَى مُحَصلا (3)
ص: 198
وأشار بقوله: روينا إلى ما رواه الشيخ المحدث الفقيه إبراهيم بن محمد (1) الجويني الحمويني الشافعي في كتابه (فرائد السمطين) بإسناده أحمد بن عن زياد، عن دعبل بن علي الخزاعي (2)، قال: أنشدت قصيدة لمولاي الإمام علي الرضا رضي الله عنه أولها:
مدارس آياتِ خَلَتْ مِنْ تلاوة ***وَمَنْزِلُ وَحْي مُقْفَرُ العَرَصَات
أرى فَيْتَهُمْ في غَيْرِهِم مُتَقَسِّماً*** وأيديهم من وأَيْدِيهِمْ مِنْ فَيْهِمْ صَفِراتِ
وَقَبْرٌ بِبَغْداد لنَفْسٍ زَكيّة*** تَضَمَّنَها الرَّحْمَنُ فِي الغُرْفَاتِ
قال [لي] (3) الرضا: أفلا ألحق البيتين بقصيدتك؟
:قلت: بلی یا بن رسول الله.
فقال:
وقبر بطوس يا لَها مِنْ مُصيبة ***ألحتْ عَلَى الأحشاء بالزَّفَرات (4)
إلى الحَشْرِ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ قائماً *** يُفرِّج عنا الهمَّ والكربات ِ
قال دعبل: ثم قرأت باقي القصيدة عنده (5)، فلما انتهيت إلى قولي:
خُروجُ إمام لا محالة واقع ***يقوم على اسم الله والبركاتِ
ص: 199
يُميّزُ فينا كُلَّ حَق وباطل*** ويَجْزي على النعماء والنقمات
بكى الرضا بكاءً شديداً، ثمّ قال: يا دعبل نطق روح القدس بلسانك، أتعرف من هذا الإمام؟
قلت: لا، إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
فقال: إنّ الإمام بعدي ابني محمد، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم، وهو المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، وأما متى يقوم؟ فإخبار عن الوقت، لقد حدّثني أبي، عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه و آله )قال: «مثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلا بغتة». (1)
الخامس والعشرون
المولوي علي أكبر بن أسد الله المؤودي من متأخري علماء الهند (2)، قال في
ص: 200
كتاب (المكاشفات) - الذي جعله كالحواشي على كتاب (النفحات) للمولى عبد الرحمن الجامي - قال في حاشية ترجمة علي بن سهل بن الأزهر الأصبهاني: (ولقد قالوا إن عدم الخطأ في الحكم مخصوص بالأنبياء أكد الخصوصية).
والشيخ - رضي الله عنه - يخالفهم في ذلك؛ لحديث ورد في شأن الإمام المهدیّ الموعود (علیه السلام) على جده وعليه الصلاة والسلام كما ذكر ذلك صاحب (اليواقيت) منه، حيث قال صرّح الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات بأن الإمام المهدیّ (علیه السلام ) يحكم بما ألقى إليه ملك الإلهام من الشريعة، وذلك أنه يلهمه الشرع المحمدي فيحكم به كما أشار إليه حديث المهدي (علیه السلام): «أنه يقفو أثري لا يخطئ».
فعرفنا (صلى الله عليه وآله) أنه متبع لا مبتدع وأنّه معصوم في حكمه، إذ لا معنى للمعصوم في الحكم إلا أنه لا يخطئ وحكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يخطئ، فإنّه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (1)، وقد أخبر عن المهدیّ (علیه السلام ) أنه لا يخطئ وجعله ملحقاً بالأنبياء في ذلك الحكم.
وأطال صاحب (اليواقيت) في ذلك نقلاً عن الشيخ ( رضي الله عنه ) وعن غيره من العلماء والفضلاء من أهل السنّة والجماعة). (2)
وقال رحمة الله عليه في المبحث الحادي والثلاثين: (في بيان عصمة الأنبياء [عليهم الصلاة والسلام] (3) من كل حركة أوسكون أوقول أو فعل ينقص مقامهم الأكمل، وذلك لدوام عكوفهم في حضرة الله تعالى الخاصة، فتارة يشهدونه
ص: 201
سبحانه [وتعالى] (1) ، وتارة يشهدون أنه يراهم ولا يرونه ولا يخرجون أبداً عن شهود هذين الأمرين، ومن كان مقامه كذلك لا يتصور في حقه مخالفة قط [حقيقية، وإنما هي مخالفة ] (2) صورية كما سيأتي بيانه [إن شاء الله تعالى ] (3)، وتسمّى هذه حضرة الإحسان ومنها عصمة الأنبياء وحفظ الأولياء، فالأولياء يدخلون ويخرجون، والأنبياء مقيمون [فيها] (4) ، ومن أقام فيها من الأولياء كسهل بن عبد الله التستري وسيدي إبراهيم المبتولي فإنما ذلك بحكم الإرث والتبعية للأنبياء استمداداً من مقامهم لا بحكم الاستقلال، فافهم). (5)
ثم قال في المبحث الخامس والأربعين: (قد ذكر الشيخ أبو الحسن الشاذلي - رضي الله عنه - أن للقطب خمسة عشر علامة: أن يمدد بمدد العصمة والرحمة والخلافة والنيابة ومدد حملة العرش ويكشف له عن حقيقة الذات وإحاطة الصفات... إلى آخره. (6)
فبهذا صح مذهب من ذهب إلى كون غير النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) معصوماً، ومن قيد العصمة في زمرة معدودة ونفاها عن غير تلك الزمرة فقد سلك مسلكاً آخر، وله أيضاً وجه يعلمه من علمه، فإن الحكم بكون المهدي الموعود رضي الله عنه موجوداً وهو كان قطباً بعد أبيه الحسن العسكري (علیه السلام) كما كان هو قطباً بعد أبيه إلى الإمام علي بن أبي طالب - كرمنا الله بوجوههم - يشير إلى صحة حصر تلك الرتبة في وجوداتهم من حين كان
ص: 202
القطبية في وجود جده علي بن أبي طالب (علیه السلام) إلى أن تتم فيه لا قبل ذلك، فكل قطب فرد يكون على تلك الرتبة نيابة عنه لغيبوبته عن (1) أعين العوام والخواص لاعن أعين أخص الخواص. وقد ذكر ذلك عن الشيخ صاحب اليواقيت وعن غيره أيضاً رضي الله عنه وعنهم فلا بد أن يكون لكل إمام من الأئمة الاثني عشر عصمة.
خذ هذه الفائدة
قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في المبحث الخامس والستين قال الشيخ تقي الدين بن أبي المنصور في عقيدته بعد ذكر تعيين السنين للقيامة: فهناك يترقب خروج المهدي (علیه السلام) وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري (علیه السلام)... وساق كما مر إلى قوله يواطئ اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله). (2)
وقال: (ثم عد ( رضي الله عنه ) نبذة من شيم المهدي (علیه السلام) وأخلاقه النبوية التي تكون فيه [على جده وعليه الصلاة والسلام ] (3) ونحن نذكره في أحوال العارف الجندي إن شاء الله تعالى. ) (4)
السادس والعشرون:
العارف عبد الرحمن (5) من مشايخ الصوفية صاحب كتاب (مرآة الأسرار) - الذي ينقل عنه الشاه ولي الله الدهلوي والد الشاه صاحب عبد العزيز صاحب
ص: 203
(التحفة الاثنا عشرية )في كتاب (الانتباه في سلاسل أولياء الله وأسانيد وارثي رسول الله صلى الله عليه و آله )قال في الكتاب المذكور:
(ذكر آن أفتاب دین و دولت آن هادی جمیع ملت و دولت آن قائم مقام پاك أحمدى امام برحق أبو القاسم ( م ح م د )بن الحسن المهدى رضي الله عنه وي امام دوازدهم است از ائمة اهل بیت مادرش ام ولد بود نرجس نام داشت ولادتش شب جمعه پانزدهم ماه شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وبروايت شواهد النبوة بتاريخ ثلاث وعشرين شهر شعبان سنة ثمان وخمسين در سر من رأى عرف سامره واقع شد و امام دوازدهم در کنیت و نام حضرت رسالت پناهی (علیه السلام)موافقت دارد ألقاب شريفش مهدي وحجت وقائم ومنتظر وصاحب الزمان وخاتم اثني عشر. وصاحب الزمان (علیه السلام) در وقت وفات پدر خود امام حسن عسکری (علیه السلام) پنجساله بود که بر مسند امامت نشست چنانچه حق تعالی حضرت یحیی بن زکریا (علیه السلام)را در حالت طفولیت حکمت کرامت فرمود و عیسی بن مریم (علیه السلام) را وقت صبا بمرتبه بلند رسانید و همچنین أو را در این صغر سن امام گردانید و خوارق عادات او نه چندانست که در این مختصر گنجایش دارد ملا عبد الرحمن جامي أز حكيمه خواهر امام علي النقي كه عمه امام حسن عسکری (علیه السلام)باشد روایت میکند. تا آخر آنچه گذشت. )
وقال أيضاً: (وحضرت شیخ محی الدین بن عربی در باب سیصد و شصت و هشتم از کتاب فتوحات مکی میفرماید که بدانید اي مسلمانان که چاره نیست از خروج مهدیّ (علیه السلام ) که والد او حسن عسکريست ابن امام علي نقي ابن امام محمد تقي إلى آخره سعادتمندترین مردم به او اهل کوفه خواهند بود أو دعوت میکند مردم را بسوی پس حق تعالى بشمشیر پس هر که ابا میکند میکشد او را و کسیکه منازعت میکند با او
ص: 204
مخذول میشود چنانچه در این محل تمام احوال امام مهدیّ (علیه السلام ) در کتاب مذکور مفصل بیان نموده است هر که خواهد در آنجا مطالعه نماید و حضرت مولانا عبد الرحمن جامی مردی صوفی کارها دیده و شافعی مذهب بوده تمام احوال و کمالات و حقیقت متولد شدن و مخفی گشتن إمام (م ح م د) بن حسن عسکري مفصل در کتاب شواهد النبوة تصنیف خود بوجه أحسن از ائمه أهل بيت عترت وأرباب سيرت روایت کرده است و صاحب کتاب مقصد (1) اقصی مینویسد که حضرت شیخ سعد الدين حموی خلیفه حضرت نجم الدین در حق امام مهدى يك كتاب تصنيف كرده است و دیگر چیزها بسیار همراه او نموده است که دیگر هیچ آفریده را آن اقوال وتصرفات ممکن نیست چون او ظاهر شود ولایت مطلقه آشکارا گردد و اختلاف مذاهب وظلم وبدخوئي برخيزد چنانکه اوصاف حمیده او در احاديث نبوي وارد شده است که مهدیّ (علیه السلام )در آخر زمانه آشکار گردد و تمام ربع مسكونرا از جور وظلم پاك سازد ويك مذهب پدید آید مجملا هرگاه دجال بد کردار بیدار شده بود وزنده و مخفی هست و حضرت عیسی که بوجود آمده بود و مخفی از خلق است پس اگر فرزند رسول خدا صلى الله علیه و آله امام محمد مهدیّ (علیه السلام )ابن حسن عسکری(علیه السلام) هم از نظر عوام پوشیده شد و بوقت خود مثل عیسی (علیه السلام)و دجال موافق تقدیر الهی آشکارا گردد جای تعجب نیست از أقوال چندین بزرگان و از فرموده أئمة أهل بيت رسول
ص: 205
السابع والعشرون:
القطب المدار الذي كتب عبد الرحمن الصوفى كتاب (مرآة الأسرار) لأجله فقال فيه في أحوال مدار: بعد از صفای باطنی او را حضور تمام بروحانیت حضرت رسالت پناه میسر گشت آن حضرت از کمال مهربانی و کرم بخشی دست قطب المدار بدست حق پرست خود گرفت و تلقین اسلام حقیقی فرمود و در آنوقت روحانیت حضرت مرتضى علي كرم الله وجهه حاضر بود پس ویرا بحضرت علی مرتضی سپرد و فرمود که این جوان طالب حق است این را بجای فرزندان خود تربیت نموده بمطلوب برسان که این جوان نزديك حق تعالى بغایت عزیز است قطب مدار وقت خواهد شد پس شاه مدار حسب الحكم آن حضرت تولا بحضرت مرتضى علي كرم الله وجهه نمود و بر سر مرقد وی بنجف أشرف رفت و در آستانه مبارکه ریاضت میکشید انواع تربیت از روحانیت پاک حضرت مرتضى على كرم الله وجهه بطريق صراط المستقيم مى یافت و از سبب وسیله دین محمد (صلى الله عليه و آله )بمشاهده حق الحق بهره مندگردید و جميع مقامات صوفیه صافیه طی نمود عرفان حقیقی حاصل کرد آن زمان اسد الله الغالب أو را بفرزند رشید خود که وارث ولایت مطلق محمد مهدى بن حسن العسکری نام داشت در عالم ظاهر با وی آشنا گردانید و از کمال مهرباني فرمود که قطب المدار بديع الدين باشارت حضرت رسالت پناه تربیت نموده بمقامات عالية رسانیده بفرزندی قبول کرده ام شما نیز متوجه شده جمیع کتب آسمانی از راه شفقت به این جوان شایست روزگار تعلیم بکنید پس صاحب زمان مهدیّ (علیه السلام )از کمال ألطاف شاه مدار را در چند مدت دوازده
ص: 207
كتاب وصحف آسماني تعليم نمود... إلخ) (1). (2)
الثامن والعشرون
الفاضل القاضي جواد الساباطي (3)، وكان نصرانياً فأسلم، وهو من أهل السنّة والجماعة، وألف كتاباً في إثبات حقيّة الإسلام سمّاه (البراهين الساباطية) وهو ردُّ على النصارى، ونقل فيه من كتاب (شعيا) [قوله] (4): (انذر يرشل كم فورت
ص: 208
ارادوات آن ذي ستم آت جیسی اندا برنج شل کردوات آن هر زوقس اندزي سیرت آف وزدم انداندر ستيذنك اندژى سبيرت اف كوسل اندسبت ذي سبيرت آن نالج اند آن ذي فيراب ذي لارداند شل سيك هم اكوك اندر ستيذان ذي فبراب لار داند شلمات حج افترذی سبت ان هزاپس نیز زد بروف افترذی بيرنك آن هزيزيس). (1)
وترجمته بالعربية وستخرج من قبل الأسى عصى،(2) وينبت من عروقه غصن، وستستقر عليه روح الرب، أعني روح الحكمة والمعرفة، وروح الشورى والعدل، وروح العلم وخشية الله، ويجعله ذا فكرة وقادة، مستقيماً في خشية الربِّ، فلا يقضى بمحاباة الوجوه، ولا يدين بمجرد (3) السمع.
ثم ذكر ما قاله اليهود (4)والنصارى في تأويل (5) هذا الكلام ورده (6) وقال:
ص: 209
(فيكون المنصوص عليه هو المهدي رضي الله عنه بعينه لصريح قوله ولا يدين بمجرد السمع، لأن المسلمين أجمعوا على أنه رضي الله عنه لا يحكم بمجرد السمع والظاهر (1) بل لا يلاحظ إلا الباطن، ولم يتفق ذلك لأحد من الأنبياء والأوصياء.
إلى أن قال: وقد اختلف المسلمون في المهدي رضي الله عنه، فقال أصحابنا من أهل السنة والجماعة: إنه رجل من أولاد فاطمة، يكون اسمه محمداً، واسم أبيه: عبد الله، واسم أمه: آمنة.
وقال الإماميون: بل إنه محمد بن الحسن العسكري رضي الله عنهما، وكان قد تولد سنة (255) من فتاة للحسن العسكري رضي الله عنه، اسمها: نرجس في سر من رأى زمن المعتمد، ثمّ غاب سنة، ثمّ ظهر ثمّ غاب، وهي الغيبة الكبرى، ولا يؤوب بعدها إلا إذا شاء الله.
ولما كان قولهم أقرب لتناول هذا النص، وكان غرضي الذب عن ملة محمد
ص: 210
(صلى الله عليه و آله ) مع قطع النظر عن التعصب في المذهب - ذكرت لك مطابقة ما يدعيه الإماميون مع هذا النص -، انتهى). (1)
وهذا الكتاب قد طبع قبل هذا بأزيد من ثلاثين سنة. (2)
التاسع والعشرون:
الشيخ العارف سعد الدين محمد بن المؤيد بن أبي الحسين بن محمد بن
حمويه المعروف بالشيخ سعد الدين الحموي، خليفة نجم الدين الكبري، وقد ألف كتاباً مفرداً في حالاته وصفاته ووافق فيه الإمامية كما نقله عنه عبد الرحمن الصوفي في (مرآة الأسرار).
وقال المولى عزيز الدين عمر بن محمد بن أحمد النسفي المعروف صاحب كتاب العقائد المعروف ب (العقائد النسفيّة) (3)في رسالته في تحقيق النبوة
ص: 211
والولاية، قال الشيخ سعد الدين الحموي (1): (إنّه لم يكن الولي (2) قبل محمد صلى الله عليه و آله في الأديان السابقة، ولا اسم الولي وإن كان في كل دين
ص: 212
صاحب شريعة، والذين كانوا يدعون الناس إلى دينه كانوا يسمون بالنبي، فكان في دين آدم أنبياء يدعون الخلائق إلى دينه وكذا في دين موسى وفي دين عيسى وفي دين إبراهيم (علیه السلام) ، ولما بلغت النوبة إلى نبينا (صلى الله عليه و آله )قال: لا نبي بعدي يدعو الناس إلى ديني والذين يأتون بعدي ويتبعونني يسمون بالأولياء، وهؤلاء الأولياء يدعون الخلق إلى ديني واسم الولي ظهر في ديني والله تعالى جعل اثني عشر نفساً في دين محمد (صلى الله عليه و آله )،نوابه والعلماء ورثة الأنبياء قاله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في حقهم.
وكذا قوله: «علماء أمتى كأنبياء بني اسرائيل، قاله في حقهم، وعند الشيخ الولي في أمة محمد (صلى الله عليه و آله )ليس أزيد من هؤلاء الاثنا عشر، وآخر الأولياء وهو الثاني عشر هو المهدیّ (علیه السلام ) صاحب الزمان (علیه السلام)انتهى) (1)
وفي ( ينابيع المودة) وفي كتاب الشيخ عزيز بن محمد النسفي شيخ الشيوخ سعد الدين الحموي ميفرمايد که... وساق مثله. (2)
وفي آخره: وأما الولي الآخر وهو النائب الآخر، الولي الثاني عشر، والنائب الثاني عشر، خاتم الأولياء واسمه: المهدیّ (علیه السلام )، صاحب الزمان.
وقال الشيخ: الأولياء في العالم ليسوا أزيد من اثني عشر، وأما ثلاثمائة وست وخمسين الذين هم رجال الغيب لا يقال لهم: الأولياء، ويقال لهم: الأبدال (3).
ص: 213
قال السيّد علي الهمداني الصوفي في شرح القصيدة الميمية لابن فارض الصوفي المعروف: (إنّ الشيخ سعد الدين الحموي، والشيخ سيف الدين الباخرزي والشيخ شهاب الدين السهروردي والشيخ نجم الدين الرازي المعروف بداية، والشيخ محيي الدين العربي، وابن فارض المذكور كلّهم معاً كانوا معاصرين، ومن أكابر سادة علماء الصوفية انتهى) (1)
وكان ولده صدر الدين إبراهيم من أجلة العلماء، وهو الذي صرّح فخر الدين البناكتي في تاريخه أنّه أسلم السلطان غازان محمود خان أخو السلطان محمد والجايتوخان بسعي الأمير نوروز الذي كان من أمرائه على يده في رابع شعبان سنة أربع وتسعين وستمائة عند باب قصر ذلك السلطان الذي فيه مقر سرير سلطنة السلطان أرغان خان بمقام لار دماوند وعقد مجلساً عظيماً غسل في ذلك اليوم ثمّ تلبس بلباس الشيخ سعد الدين الحموي والد الشيخ صدر الدين المذكور وأسلم بإسلامه خلق كثير من الأتراك ولذلك سمّيت تلك الطائفة بتركمان. (2)
الثلاثون :
الشيخ العارف المتأله عامر بن عامر البصري (3)، المتوطن في سيواس الروم (4)
ص: 214
صاحب القصيدة التائية الطويلة المسماة ب(ذات الأنوار) التي بارى بها أبا حفص عمر بن الفارض المغربي الأندلسي في قصيدته التائية، ولذا يقول في أواخرها بعد ذكر شطر من فضائلها
أتَتْ تَتَهادَى كالمها بملاحة*** عراقي بصْرِيَّةً عامرية
لها زي مسكين لضعف مُعينها *** زِيٌّ على أنّها سُلْطانُ كُلِّ قصيدة
وبكر أَتَتْ لا فارضٌ بَدْرُ علمها*** إذا ما بَدَا أَخْفَى سُهَى الفارضيَّةً
وهي في المعارف والأسرار والحكم والآداب، مشتملة على اثني عشر نوراً، فقال: النور التاسع في معرفة صاحب الوقت ذاته وقت ظهوره:
إمامَ الهُدَى حَتَّى مَتَى أَنْتَ غائب*** فمن علينا يا أبانا بأوبة
تراءت لنا رايات جيشك قادماً ***ففاحَتْ لنا منها روائِحُ مِسْكَةِ
وبُشِّرَتِ الدُّنيا بذلكَ فَاعْتَدَتْ ***مَبَاسِمُها مُفْتَرَةً عَنْ مَسَرَّة
مَلَلْنا وَطَالَ الانتظارُ فَجُدْ لَنا*** برَبِّكَ يَا قُطب الوُجُود بلُقْيَة
إلى أن قال:
فَعَجِّل لنا حَتَّى نَرَاكَ فَلَذَّةَ ال ***مُحبِّ لَقَى مَحْبوبَهُ بَعْدَ غَيْبَة
زرعت بذور العلم في سريرة*** فَجَاءَتْ كما تَهْوِيَ بِأَيْنَعِ خُضْرَةِ
وَرَبَّعَ منها كُلَّما كان زاكياً*** فَقَدْ عَطشَتْ فامْدُدْ قواها بسقية
ص: 215
وَلَمْ يَرْوها إِلَّا لقاكَ فَجُدْ به*** وَلَوْ شَرَبَتْ مَاءَ الفُرات ودجلة (1)
ص: 216
الحادي والثلاثون :
الشيخ الفاضل العارف المشهور أبو المعالي صدر الدين القونوي (1)، المستغنى عن نقل مناقبه وفضائله بما في التراجم، نسب إليه أصحابنا هذا القول، ولم نقف له على
عبارة غير ما نقله صاحب (الينابيع) عنه قال : قال الشيخ صدر الدين القونوي – قدس الله سره وأفاض علينا فيوضه وعلومه - في شأن المهدي الموعود [علیه السلام] شعرا:
يَقُوْمُ بأمرِ الله في الأَرْضِ ظَاهِراً ***عَلَى رَغْمِ شَيْطانِينَ يُمْحِقُ للكُفْرِ
يُؤيَّدُ شَرْعَ المُصْطَفَى وَهُوَ خَتْمُهُ ***وَيَمْتَدُّ مِنْ مِيْمٍ بِأَحْكَامِها يَدْرِي
وَمُدَّتُهُ ميقاتُ مُوسَى وَجُنده ***خيار الوَرَى في الوَقْت يَحْلُو عَن الحَصْر
عَلَى يَدِهِ مَحْقُ الأَنامِ جَميعِهِمْ ***بِسَيْفَ قَوِيِّ المَتْنِ عَنَّكَ أَنْ تَدْرِي
حقيقةً ذاكَ السَّيف والقائم الذي*** تَعيَّن للدين القويم على الأمر
لَعَمْرِي هُوَ الفرد الذي بانَ سِرُّهُ*** بكُلِّ زمانٍ في مضاء لهُ يَسْري (2)
تسمى بأسماء المراتب كلها ***خفاءً وإعلاناً كذاك إلى الحَشْر
أليس هو النور الأتم حقيقةً*** ونقطة ميمٍ منه إمدادها يَجْري
ص: 217
يُفيضُ عَلَى الأكوان ما قَدْ أَفاضَهُ*** عليه إله العرش في أَزَلَ الدَّهْرِ
فما ثَمَّ إِلَّا الميم لا شيء غيره*** وذو العَينِ مِنْ نوابه مفردُ العَصْرِ
هوَ الرُّوحُ فاعلمْهُ وخُذْ عَهْدَهُ إِذا*** بلغت إلى مَدَّ مديد منَ العُمْرِ
كأَنَّكَ بالمذكور تصعد راقياً ***إلى ذروة المجد الأثيل على القَدْر
وما قدره إلا ألوف بحكمة ***على حد مرسوم الشريعة بالأمر
بذا قالَ أَهْلُ الحَلِّ والعَقْدِ فاكتفِ*** بِنَبِّهِمُ المثبوتِ فِي صُحُفِ الزُّبْرِ
فإن تبغ ميقات الظهور فإنَّه ***يكون بدورِ جامع مطلع الفَجْرِ
بشَمْسِ تمدُّ الكُلَّ مِنْ ضَوءِ نورِها ***وَجَمْعِ دراري الأوج فيها معَ البَدْرِ
وصل على المختار من آل هاشم*** محمد المبعوث بالنهي والأمر
عليه صلاة الله ما لاح بارق ***وما أشرقت شمس الغزالة في الظُّهْرِ
وآل وأصحاب أولي الجُودِ والتَّقَى*** صلاة وتسليماً تدومان للحشر
وقد قال الشيخ صدر الدين لتلاميذه في وصاياه: إن الكتب التي كانت لي من الطب وكتب الحكماء وكتب الفلاسفة بيعوها وتصدقوا بثمنها للفقراء، وأما كتب التفاسير والأحاديث والتصوف فاحفظوها في دار الكتب، واقرأوا كلمة التوحيد: لا إله إلا الله سبعين ألف مرة ليلة الأولى بحضور القلب، وبلغوا مني سلاماً إلى المهدیّ (علیه السلام ) ، انتهى). (1)
ص: 218
ويؤيد ما نقله عنه ما قاله العارف المتأله السيد حيدر بن علي الآملي وعصره قريب من عصر الشيخ صدر الدين من إن الشيخ عرض جملة من كتبه ورسائله (1) على المهدي صاحب الزمان (علیه السلام) و انتهى. (2)
ويعضده أنه كان على طريقة الشيخ محيي الدين ومتبعاً آثاره، وفي النفحات لعبد الرحمن الجامي في ترجمته أنه كان نقاد كلام الشيخ. (3)
وفي كشف الظنون عن الشعراني في مختصر الفتوحات بعد كلام له في اختلاف نسخها قال: (وقد أطلعني الأخ الصالح السيد الشريف المدني على صورة ما رآه مكتوباً بخط الشيخ محيي الدين وغيره على النسخة التي وقفها الشيخ في قونية (4)، وهو هذا وقف محمد بن علي ابن عربي الطائي هذا الكتاب على جميع المسلمين
وفي آخره وقد تمّ هذا الكتاب على يد منشئه، وهو النسخة الثانية منه بخط يدي، وكان الفراغ منه بكرة يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وست مائة وكتبه منشئه.
قال السيّد: وهذه النسخة في سبعة وثلاثين مجلداً، وفيها زيادات على النسخة الأولى التي دسّ الملحدون فيها العقائد الشنيعة.
قال: وفي ظهره ترجمة اسم الكتاب بخطه، وتحته بخط الشيخ صدر الدين
ص: 219
القونوي إنشاء مولانا شيخ الإسلام وصفوة الأنام محيي الدين ابن عربي وتحته ملك هذه المجلدة لمحمد بن إسحاق القونوي.
وتحته أيضاً بخط الشيخ صدر الدين رواية محمد بن أبي بكر بن ميذار التبريزي سماعاً منه) (1)
فما كان ليخالف هذا الشيخ في معتقده في شأن المهدیّ (علیه السلام ).
الثاني والثلاثون :
شيخ مشايخ الصوفية المولى جلال الدين الرومي صاحب (المثنوي) المعروف (2) ، فقال في ديوانه الكبير (3) في قصيدة أولها:
ص: 220
ای سرور مردان علی مستان سلامت میکنند.
وعد الأئمّة من أولاده (علیه السلام) إلى أن قال:
بامیر دین هادی بگوبا عسکری مهدیّ بگو *** با آن ولی مهدیّ بگو مستان سلامت میکنند (1)
ص: 221
الثالث والثلاثون
الشيخ العارف محمد الشهير ب( شيخ عطار ) صاحب الدواوين المعروفة، فقال كتابه (مظهر الصفات) على ما نقله عنه في كتاب ( ينابيع المودة):
مصطفى ختم رسل شد در جهان ***مرتضی ختم ولایت در عیان
ص: 222
جمله فرزندان حيدر أوليا*** جمله يك نورند حق کرد این ندا (1)
وبعد تعداد [ أسماء ] (2) الأئمة (3)الأحد عشر، قال:
صد هزاران أوليا روى زمين ***از خدا خواهند مهدي را يقين
يا إلهي مهديم از غیب آر ***تا جهان عدل گردد آشکار
مهدى هادي است تاج اتقيا*** بهترین خلق برج أوليا
أي ولاى تو معين آمده*** بردل و جانها همه روشن شده
ای تو ختم اولیای این زمان ***وز همه معنی نهاني جان جان
ای تو هم پیدا و پنهان آمده*** بنده عطارت ثنا خوان آمده (4)
وقد صرح المولوي عبد العزيز الدهلوي المعروف ب(شاه صاحب) في الباب
ص: 223
الحادي عشر من كتابه الموسوم ب (التحفة الاثني عشرية) أن الشيخ العطار من الأكابر المقبولين عند أهل السنة ومن الأعاظم الذين بناء عملهم في الشريعة والطريقة على مذهب أهل السنّة من القرن إلى القدم(1)، وفي (نفحات الجامي) من مناقبه شيء كثير (2).
الرابع والثلاثون :
شمس الدين التبريزي شيخ المولوي جلال الدين الرومي (3)، نسب إليه هذا القول صاحب (الينابيع) ، وقال : ( ذكره في أشعاره)، ولم يذكر شيئاً منها. (4)
الخامس والثلاثون :
السيد نعمة الله الولي (5)، نسبه إليه في (الينابيع). (6)
السادس والثلاثون :
السيّد النسيمي (7)، قال في (الينابيع) بعد ذكر هؤلاء: (وغيرهم - قدس الله
ص: 224
أسرارهم (1) ووهب لنا عرفانهم وبركاتهم - ذكروا في أشعارهم في مدائح أئمة من (2) أهل البيت الطيبين - رضي الله عنهم - مدح المهدي (علیه السلام)في آخرهم متصلاً بهم، فهذه أدلّة على أن المهدیّ (علیه السلام ) له ولد أولاً - رضي الله عنه - ومن تتبع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحاً عياناً) (3)
السابع والثلاثون :
العالم العارف الكامل السيّد علي بن شهاب الدين الهمداني الذي ذكروا في ترجمته أنه وصل إلى خدمة أربعمائة من الأولياء وبالغ في مدحه عبد الرحمن الجامي في (نفحات الأنس) ومحمد بن سليمان الكفوي في (أعلام الأخيار) وحسين بن معين الدين الميبدي في (الفواتح وغيرهم (4)، صرّح بذلك في
ص: 225
المودة العاشرة من كتابه الموسوم ب (المودة في القربى). (1)
الثامن والثلاثون :
علامة زمانه وفريد أوانه الشيخ محمد الصبان المصري (2)
كذا وصفه في الينابيع). (3)
صرّح بذلك في (إسعاف الراغبين) المطبوع في مصر. (4)
التاسع والثلاثون:
الفاضل البارع عبد الله بن محمد المطيري شهرةً المدني حالاً في كتابه الموسوم ب الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم) صدرَ كتابه هذا بذكر تمام رسالة إحياء الميت بفضائل أهل البيت [عليهم السلام] للإمام جلال الدين السيوطي، وهي تشتمل على ستين حديثاً فتممها وأنهاها إلى مائة وواحد وخمسين، وروى في الحديث الأخير: أن من ذرية الحسين بن علي ( رضي الله عنه ) المهدیّ (علیه السلام ) المبعوث في آخر الزمان.
إلى أن قال: وجميع نسل الحسين وذريته يعودون إلى إمام الأئمة المحقق المجمع على جلالته وغزارة علمه وزهده وورعه وكمال سلالة الأنبياء
ص: 226
والمرسلين وسلالة خير المخلوقين الإمام الكبير (1)زين العابدين علي بن الحسين - رضي الله عنه وأرضاه -.
ثم ذكر بعض فضائله، وجماعة من ذريته، وجملة من المنامات في فضيلتهم... إلى أن قال: فالإمام الأوّل علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ). وساق أسامي الأئمة... ثمّ قال: الحادي عشر ابنه الحسن العسكري ( رضي الله عنه ) الثاني عشر ابنه محمد القائم (2)المهدي ( رضي الله عنه ) وقد سبق النص عليه في ملة الإسلام من النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم )، وكذا من جده علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) ومن بقية آبائه أهل الشرف والمراتب، وهو صاحب السيف والقائم المنتظر كما ورد ذلك في صحيح الخبر، وله قبل قيامه غيبتان... إلى آخر ما قال. (3)
والنسخة التي عثرت عليها عتيقة، وكانت لمؤلّفها وبخطه وعلى ظهرها: (كتاب الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة )تأليف العبد (4)الفقير إلى الله تعالى عبد الله محمد المطيري شهرةً المدني حالاً الشافعي مذهباً الأشعري اعتقاداً النقشبندي طريقةً نفعنا الله من بركاتهم آمين.
الأربعون:
شيخ الإسلام والبحر الطام ومرجع الأولياء الكرام أبو المعالي محمد سراج
ص: 227
الدين الرفاعي ثمّ المخزومي الشريف الكبير، فقد ذكر في كتابه الموسوم ب(صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار) في ترجمة أبي الحسن الهادي (علیه السلام)ما لفظه :
وأمّا الإمام علي الهادي ابن الإمام محمد الجواد[ عليهما السلام] ولقبه النقي والعالم والفقيه والأمير والدليل والعسكري والنجيب، ولد في المدينة سنة اثنتي عشرة ومائتين من الهجرة، وتوفّي شهيداً بالسم في خلافة المعتز العباسي يوم الاثنين بسر من رأى(1) لثلاث ليال خلون من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين، وكان له خمسة أولاد الإمام الحسن العسكري والحسين ومحمد وجعفر وعائشة.
وأمّا الحسن العسكري أعقب (2)صاحب السرداب الحجّة المنتظر ولي الله الإمام محمد المهدیّ (علیه السلام ) ، وأما محمد فلم يذكر له ذيل... إلى آخر ما قال. (3)
وقال في موضع آخر في بحث له في الإمامة وروى العارفون من سلف أهل البيت أن الإمام الحسين (علیه السلام)لما انكشف له في سره أن (4)الخلافة الروحية التي هی الغوثيّة والإمامة الجامعة فيه وفي بنيه على الغالب استبشر بذلك وباع في الله نفسه؛ لنيل هذه النعمة المقدسة فمن الله عليه بأن جعل في بيته كبكبة الإمامة، وختم ببنيه هذا الشأن على أنّ الحجّة المنتظر الإمام المهدیّ (علیه السلام ) من ذريته الطاهرة
ص: 228
وعصابته الزاهرة، انتهى. (1)
وهذا سراج الدين جد عارف عصره و عزیز مصره ووحيد دهره (2) أبو الهدى الجليل المعاصر الذي إليه تنتهي السلسلة الرفاعيّة وعنه تؤخذ آداب هذه الطريقة.
ص: 229
ص: 230
قلت ونسب بعض أصحابنا البارعين هذا القول (1)إلى صاحب كتاب أنساب الطالبية (2)، وعماد الدين الحنفي(3)، وضياء الدين صدر الأئمة موفّق بن أحمد أبي المؤيد الخطيب المكي ثمّ الخوارزمي أخطب خطباء خوارزم، والمولى حسين
ص: 231
الكاشفي صاحب جواهر التفسير (1).
ولم أعثر على كلماتهم ولذا لم نذكر أساميهم في عداد الذين نصوا عليه.
نعم، لا بأس بذكر صدر الأئمة الخوارزمي في عدادهم، فإنه ذكر في مناقبه من الأحاديث ما هو صريح في الدلالة على هذا القول ومجرد ذكر الخبر في الكتاب وإن لم يكن دالاً على كون مؤلفه معتقداً بمضمونه إلا أن شهد بعض القرائن عليه كمطابقته لعنوان الباب الذي هو فيه، فإنّ العلماء لا زال يستنبطون مذاهب صاحب الكتاب مما ذكره في عناوين الأبواب أو بنى على جمع ماهو معتبر عنده مما رواه الأئمة الثقات... وغير ذلك.
فنقول: أخرج أخطب الخطباء في (مقتله (2)) فقال : ( حدّثني فخر القضاة نجم الدين بن أبي منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي فيما كتب إلي من همدان قال أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسن بن محمد الزينبي، قال: أخبرنا إمام الأئمة محمد بن أحمد بن شاذان، قال: حدّثنا أبو محمد الحسن بن علي العلوي الطبري، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، قال: حدّثني جدي أحمد بن محمد، عن أبيه، عن حماد بن عيسى عن عمرو بن أذينة، قال: حدّثنا أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان المحمدي، قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه و آله )وإذا الحسين على فخذه وهو يقبل عينيه، ويلثم فاه، وهو يقول: «أنت سيّد ابن سيد، وأخو سيد أبو السادات، أنت إمام ابن
ص: 232
الإمام أخو الإمام أبو الأئمة، أنت حجّة ابن حجة، أخو حجّة، أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم). (1)
وبالإسناد عن ابن شاذان، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدّثنا علي بن سنان الموصلي، عن أحمد بن محمد بن صالح، عن سليمان بن محمد، عن زياد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن زيد عن زيد بن جابر، عن سلامة، عن أبي سلمى (2) - راعي رسول الله (صلى الله عليه و آله ) - قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله ) (3) يقول: ليلة أسري بي إلى السماء، قال لي الجليل جل جلاله: آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ )(4)
فقلت: والمؤمنون؟ قال: صدقت.
:قال من خلفت من أمتك؟ قلت: خيرها.
ص: 233
قال: علي بن أبي طالب (علیه السلام)؟ قلت: نعم، يا رب.
قال: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسماً من أسمائي، فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي، فأنا المحمود وأنت محمد.
ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليّاً وشققت له اسماً من أسمائي، فأنا الأعلى وهو عليّ.
يا محمد إنى خلقتك، وخلقت عليّاً، وفاطمة والحسن والحسين، والأئمة من ولده، من (سنخ) في المصدر وفي بعض النسخ: (شبح ) وفي (أ، س) من نوري) دون كلمة (سنخ). (1) نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات و[ أهل ] (2) الأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.
يا محمد، لو أن عبداً من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير جلده كالشن البالي (3)، ثم أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم.
يا محمد، تحب أن تراهم؟ قلت نعم يا ربّ، فقال [لي] (4): التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا [أنا] (5): بعلي، وفاطمة والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والمهدیّ (علیه السلام ) في ضحضاح من
ص: 234
نور، قيام يصلّون، وهو في وسطهم - يعني المهدیّ (علیه السلام ) – كأنه كوكب درّي.
وقال: يا محمد، هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك، وعزتي وجلالي، إنه الحجّة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي). (1)
وبناءً على هذا المسلك يمكن عد جماعة أخرى كشيخ الإسلام إبراهيم ابن سعد الدين محمد بن أبي بكر بن أبي الحسن ابن شيخ الإسلام جمال السنة أبي عبد الله محمد بن حمويه الحموي الحمويني الإمام الأجل المعروف ب(الحموي) وب(ابن حمويه) أيضاً، صاحب كتاب (فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين (علیهم السلام))وهو كتاب معروف يوجد فيه مثل هذه الأخبار شيء كثير ؛ ولكنا في غنى عن تكلف إدخال هؤلاء في زمرة أرباب هذا القول بعد تنصيص هؤلاء الأعاظم من الفقهاء والمحدثين والمشايخ الكاملين ممن عثرنا قلة أسباب استخراج القائلين عندي، وكثرة كتب علماء أهل السنّة عليهم مع و تفرقها وسعة بلادها، ولعلّ من وقف على جلها يجد أضعاف ما جمعناه.
وقد قال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن محمد (2) البيهقي الشافعي المعروف ب(الإمام أبي بكر البيهقي )في كتابه (شعب الإيمان): (اختلف الناس في أمر المهدیّ (علیه السلام )، فتوقف جماعة وأحالوا العلم إلى عالمه واعتقدوا أنه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله )يخلقه الله متى شاء يبعثه نصرة لدينه، وطائفة يقولون: إنّ المهدي الموعود (علیه السلام) ولد يوم الجمعة منتصف
ص: 235
شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو الملقب (1) بالحجة القائم المنتظر محمد بن الحسن العسكري(علیهما السلام) وأنه دخل السرداب بسرّ من رأى وهو حي مختف عن أعين الناس منتظر خروجه ، وسيظهر ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً، ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيامه كعيسى بن مريم والاخضر (علیهم السلام) و وهؤلاء الشيعة خصوصاً الإمامية ووافقهم عليه جماعة من أهل الكشف (2)، (انتهى). (3)
وهو من أعاظم علماء الشافعية، وكبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله بن البيع، وفي (تاريخ ابن خلكان): قال إمام الحرمين [في حقه ] (4): ما من شافعي المذهب
ص: 236
إلّا وللشافعي عليه منّة، إلّا أحمد البيهقي فإن له على الشافعي منة... قال: وتوفي... سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، انتهى. (1)
فمراده من جماعة من أهل الكشف غير الشيخ محيي الدين... وغيره ممن تقدم لتقدمهم عليهم بسنين كثيرة، فلاحظ (2)، والمعروفون منهم في هذه الطبقة الحلاج (3)، والجنيد (4) ، وأبو الحسن الوراق (5)، وأبو بكر الشبلي (6)، وأبو علي
ص: 237
الرودباري (1) ، وسهل بن عبد الله التستري (2) وأضرابهم، وظاهر البيهقي (3) كالمنقول عن جماعة عدم الجزم بعدم الولادة.
وهو أيضاً ظاهر الشيخ المتبحر عبد الملك العصامي في (تاريخه) فإنّه ساق ولادة الحجّة بن الحسن العسكري (علیهما السلام)وقال:
وألقابه: الحجة، والخلف الصالح، والقائم، والمنتظر، وصاحب الزمان، والمهدیّ (علیه السلام ) وهو أشهرها.
صفته شاب مربوع القامة، حسن الوجه والشعر، أقنى الأنف، أجلى الجبهة.
ولما توفّي أبوه كان عمره خمس سنين.
والشيعة (4) يقولون : إنّه دخل السرداب سنة خمس وسبعين ومائتين، وعمره سبع عشرة سنة، وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان من السرداب، وأقاويلهم فيه كثيرة والله أعلم أين ذلك يكون انتهى. (5)
وظاهره الميل أو التوقف لا الإنكار.
ص: 238
ومثله المولى الفاضل المتبحر المولى حسين الكاشفي صاحب (جواهر التفسير) المعروف، فقال في آخر كتابه (روضة الشهداء): (فصل نهم (1)، در ذکر إما(م م ح م د) بن الحسن العسكري (علیه السلام) وی امام دوازدهم است از ائمه اثنا عشر كنيت وى أبو القاسم، ولقب وي بقول إماميه.
إلى أن قال ودر شواهد [النبوة] (2) آورده چون متولد شد بر ذراع أيمن وی نوشته بود که( وقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الباطل كانَ زَهُوقاً ) (3)، وبروايتي چون از مادر بزائید بزانو در آمد و انگشت سبابه بر آسمان بر داشت پس عطسه زد و گفت: «الحمد لله رب العالمين».
و بزرگي نقل کرده که نزديك إمام حسن عسكري (علیه السلام) شدم و گفتم یا بن رسول الله خلیفه و امام (4)بعد از تو که خواهد بود بخانه در آمد پس بیرون آمد و کودکي بر دوش گرفته گوئیا ماه شب چهارده است در سن سه سالگی، فرمود که ای فلان اگر نه تو پیش خداي گرامي بودی من این فرزند خودرا بتو ننمود می نام این نام رسول است (صلى الله عليه و آله ) و کنیت او کنیت وی واین جهان را پر از عدل و داد کند همچنانکه پر از ظلم وجور شده باشد.
وبقول بعضی از علمائی که او را زنده میدانند میگویند که در اقصای مغرب شهرها در دست اوست و او را فرزندان إثبات میکنند و حق سبحانه بدین داناتر
ص: 239
است أنه يعلم السر وأخفى.
هر نکته که آن زمانها است ***بر علم خداي ما عيانست
انتهى) (1)
وظاهره التوقف بل الميل وإلّا لأنكره غاية الإنكار، ولما نقل الكرامات الباهرة عن غير الإمامية معتمداً عليه.
إذا عرفت ذلك وتأملت في كلمات هؤلاء الأعلام، فنقول:
أوّلاً: إنّ هذا القول من الإماميّة إذا وافقه من أهل السنّة مثل هؤلاء هل يجوز
ص: 240
عده من المناكير والهفوات وعد قائله من أرباب الضلالات والجهالات، بل من السفهاء والمجانين، كما وقع لجملة من المؤلفين ؟ وهل هذا إلا من قلة الاطلاع أو عدم المبالاة بآداب الشريعة أو للعجز عن إثبات المدعى فيرد دعوى الخصم بالسب والافتراء؟ مع أنه المفتري على أهل السنة والجماعة بأنهم ذهبوا إلى عدم ولادة المهدیّ (علیه السلام ) مع أن فيهم الذين عرفت أنهم جزموا بها وفيهم مثل الشيخ الأكبر محيي الدين جازماً معلناً في كتابه الذي ملأت الآفاق نسخه! بل هو الخائن لعدم نقله القول الآخر عن الجماعة في مقام نقل الأقوال الذي لا يجوز فيها إظهار العصبية وإخفاء الحقيقة.
وثانياً: إنّه ليس في الكتاب والسنة وإجماع المسلمين وحكم العقل بمراتبه أن المهدي (علیه السلام)الذي (1) أخبر به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأنه يخرج أو يظهر فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً أن يتولد بعد القرن الفلاني أو بعدي بسنين كذا وأمثال ذلك، بل الموجود في الأخبار النبويّة المتفقة بين الفريقين الإخبار عن الظهور وأنه من ولده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وبعض صفاته وعلامات ظهوره من غير إشارة فيها أصلاً إلى زمانه وطول المدة بينه وبين الظهور وقصرها ولو بالإجمال.
نعم، في بعض الأخبار التي رواها أهل السنة أنه يرجع إليهم:
ففي الباب الثالث من كتاب (عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر) لأبي بدر يوسف بن يحيى السلمي بإسناده عن أبي عبد الله الحسين بن علي أنه قال: «لو قام المهدیّ (علیه السلام ) لأنكره الناس؛ لأنه يرجع إليهم شاباً موفقاً، وإن من أعظم البلية أن
ص: 241
يخرج إليهم صاحبهم (1) شاباً، وهم يحسبونه (2) شيخاً كبيراً». (3)
وظاهره أنه فيهم ثم يختفي ثمّ يظهر أداءً لحق معنى الرجوع.
قال الشيخ شهاب الدين السهروردي المقتول في رسالته المسماة ب(الكلمات الذوقية والنكات الشوقية): (إن فائدة التجريد سرعة العود إلى الوطن الأصلي
والاتصال بالعالم العقلي، ومعنى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «حب الوطن من الإيمان إشارة إلى هذا المعنى، ومعنى قوله تعالى في كلام الله المجيد( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارجعي إلى ربِّك راضِيَةً مَرْضِيَّةً،) (4) والرجوع يقتضي سابقة الحضور فلا يقال لمن لا رأى مصراً: ارجع إلى المصر، انتهى. (5)
فهذا الخبر لا ينطبق إلا على مذهب الشيخ الأكبر وأتباعه والإمامية، فإذا لم يعين (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) له وقتاً فكل وقت صالح لأن يتولد فيه المهدیّ (علیه السلام ) ولم ترد لولادته علامة تنفي بفقدها، فلا طريق لأحد لإنكارها، إذ هو فرع العلم بالعدم وبابه مسدود، فعد القول بعدم الولادة من الأقوال كما أشار إليه جناب الناظم بقوله:
فَمِنْ قائل في القِشْرِ لُب وُجُودُهُ ***ومِنْ قائِلِ قَدْ ذُبَ عَنْ لُبِّهِ القِشْرُ
لا يخلو من ركاكة، وغاية ما ينبغي أن ينسب إليهم عدم العلم والجهل بها وعدم اطلاعهم عليها.
ص: 242
نعم، شبهات على من يدعيها ألقتهم في مقام الإنكار ومع كونها أوهن من بيت العنكبوت كما ستعرف جعلها جناب الناظم مسنداً لحكم العقل (1) بالعدم فقال:
وَأَوَّلُ هذين اللذين تَقَرَّرًا ***بهِ العَقْلُ يَقْضِي والعيانُ ولا نُكْرُ
وإلّا فلا طريق للعقل إلى حكمه بعدم الولادة مع إمكانها وصلاحية كل وقت لها.
والظاهر أن غرضه من شهادة العيان على عدم الولادة عدم ظهوره وخروجه بالعيان، إذ لو كان موجوداً لظهر ورآه كل أحد.
وفيه أنه لا شهادة فيه عليه لجواز وجوده واختفائه، فإن المدعي يعتقد أنه مستور عن أعينهم كرجال الغيب الذين أثبتهم المشايخ الصوفية وصرح النسفي بأنهم ثلاثمائة وست وخمسون والخضر (علیه السلام) وهم بين الناس ولا يرونهم إلا بعضهم في بعض الأوقات(2)، وقد عرفت حكاية رؤية المهدي (علیه السلام)له من كتاب (اليواقيت) لشيخ مشايخ الصوفية عبد الوهاب الشعراني(3) وتصديق جماعة مدعيها.
مع أن المناسبة والقياس يقتضي حكم العقل بوجوده، فإنهم تبعاً للأخبار الكثيرة المعتبرة عدّوا الثلاثة من أشراط الساعة وهم عيسى والمهدي (علیهما السلام)والدجال، والاثنان موجودان منذ زمان فيقتضي أن يكون الثالث أيضاً موجوداً، مع أن الشبهات في وجود الدجال أزيد من جهات عديدة من الشبهات في وجوده فنقول:
ص: 243
ثالثاً: أخرج الإمام الحافظ أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيشابوري في (صحيحه)، وقال: (حدّثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث وحجاج بن الشاعر كلاهما، عن عبد الصمد - واللفظ لعبد الوارث بن عبد الصمد - قال: حدّثني أبي، عن جدي، عن الحسين بن ذكوان، حدّثنا ابن بريدة، حدّثني عامر بن شراحيل الشعبي شعب همدان أنه سأل فاطمة بنت قيس – أخت الضحاك بن قيس، وكانت من المهاجرات الأول – فقال: حدثيني حديثاً سمعتيه عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لا تسنديه إلى أحد غيره؟
فقالت: إن شئت لأفعلن، فقال لها: أجل حدثيني ؟
فقالت: نكحت ابن المغيرة - وكان من خيار شباب قريش يومئذ - فأصيب في أوّل الجهاد مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، ولما تأيمت خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب محمد، وخطبني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على مولاه أسامة بن زيد، وكنت قد حدثت أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: من أحبني فليحب أسامة.
فلمّا كلّمني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقلت: أمري بيدك فأنكحني من شئت.
فقال: انتقلي إلى أم شريك - وأم شريك امرأة غنيّة من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان - فقلت: سأفعل. قال: لا تفعلي، إن أم شريك [أمرأة] (1) كثيرة الضيفان فإنّي أكره أن يسقط عنك خمارك وينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين ولكن انتقلى إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم - وهو رجل من بني فهر قريش وهو من البطن الذي هي منه
ص: 244
- فانتقلت إليه فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي - منادي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ينادي الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد، فصليت مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فكنت في الصف الذي يلي ظهور القوم، فلما فرغ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من صلاته جلس على المنبر وهو يضحك، فقال: ليلزم كل إنسان مصلاه. ثم قال: هل تدرون لم جمعتكم؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم. فقال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لأن تميماً كان رجلاً نصرانياً فجاء، فبايع وأسلم وحدّثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال.
حدّثني أنه: ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهراً في البحر ثم أرفؤوا إلى جزيرة في البحر حين مغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب – كثير الشعر - لا يدرون ما قبله من دبره لكثرة الشعر ، فقالوا: ويلك ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة.
قالوا: وما الجساسة؟ قالت : أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنّه إلى خبركم بالأشواق.
قال: لما سمّت لنا رجلاً فرقنا منها أن تكون شيطانة، قال: فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقاً وأشدّده وثاقاً مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد، قلنا: ويلك ما أنت؟ (1) قال: قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم.
قلنا: نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم
ص: 245
فلعب بنا الموج شهراً ثمّ أرفئنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربها، فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة أهلب كثير الشعر لا يُدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقلنا: ويلك ما أنت؟ قالت أنا الجساسة، قلنا ما الجساسة؟ قالت اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنّه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليك سراعاً وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة.
فقال: أخبروني عن نخل بيسان؟ قلنا عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر ؟ فقلنا له: نعم، فقال: أما إنه يوشك أن لا يثمر.
قال: أخبرونا عن بحيرة طبرية ؟ قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء. قال: أما إن ماءها يوشك أن -يذهب.
قال: أخبروني عن عين زغر (1)؟ قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها.
قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج (2)من مكة ونزل يثرب.
ص: 246
قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم. قال: كيف صنع بهم؟ قال: فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال لهم: قد كان ذاك؟ قلنا: نعم. قال: أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه، وأني عنّي، إنّي أنا المسيح الدجال وإنّي أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلّا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان (1)علي كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحداً منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتاً يصدني عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها.
قالت: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وطعن بمخصرته في المنبر : هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة - يعني المدينة - ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟
فقال الناس: نعم، فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن مكة والمدينة، ألا إنّه في بحر الشام، أو بحر ،اليمن، لا بل من قبل المشرق، ما هو من قبل (2) المشرق، ما هو من قبل المشرق ما هو - وأومأ بيده - قال: فحفظت هذا من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ) (3)
قال الحافظ الكنجي في الفصل الخامس والعشرين من كتابه (البيان) بعد نقل هذا الخبر، قلت: هذا حديث صحيح متفق على صحته. (4)
وعده البغوي في (المصابيح) من الصحاح، ورواه أيضاً مسلم في صحیحه
ص: 247
بطرق ثلاث أخرى باختلاف يسير في صدر الخبر لا يضر بالمقصود. (1)
فليتأمل المنصف في هذا الخبر وما تضمنه من وجود شخص كافر مضل لم يسبقه فيه أحد (2) ، فهو في جزيرة لا يوجد فيها أحد من البشر قبل بعث النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بما شاء محبوساً مغلولاً إلى آخر الزمان، ويكون مع كفره وضلالته عالماً بما سيكون وما سيفعله بعد قرون لا يعلمها إلّا الله تعالى.
فينبغي أن يسأل ويقال: ما الحكمة في إيجاد هذا الكافر المضل الذي أنذره كل نبي قومه قبل أوان خروجه بهذه المدة الطويلة التي تزيد على مدة غيبة المهدیّ (علیه السلام ) بقرون؟ وأي منفعة لوجوده لأهل الأرض؟ ومن علّمه الغيب ومن حبسه في الجزيرة؟ ولم حبس؟ ومن يتكفل لوازم عيشه ؟ ولم لم يطلع عليه بعد تميم وأصحابه أحد من أصحاب السفن التي لا تحصى في طول هذه المدة، أوليس المقام مقام حيرة العقل وتبلد الفهم؟ أو يجوز المسلم ردّ هذه الأخبار لمجرد عدم درك العقل هذه المطالب واستبعاده وجود إنسان كذلك بهذه الكيفية في هذه المدة؟ فوجود الدجال أحق بالتحير والسؤال عن (3)العلماء عن حكمة خلقته.
ص: 248
فيجاب بأنه تعالى شأنه لا يسأل عما يفعل أو وجود المهدیّ (علیه السلام ) الذي هو عند أكابر مشايخ الصوفية القطب الذي بسبب وجوده يفيض الله تعالى الفيوضات على الخلق، وعند الإماميّة الحجّة الذي لا قرار للأرض إلا بوجوده، أو مثله من نبي أو وصي ولولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها، وقد خلق الحجّة قبل الخلق وهو قبلهم ومعهم وبعدهم وهو آخر من يهلك من الخلق عند قيام الساعة، وعلى الطريقتين فمنفعة وجوده للخلق في كل ساعة، بل آن ما لا يحصيها إلا الله تعالى، وفائدة وجوده في الظاهر من سد الثغور وإقامة الحدود وأخذ الحقوق ونظم الجنود وأمثالها بالنسبة إلى ما ذكر شيء قليل ونبذ يسير، وهو مع ذلك مطلق مختار يسير البلاد ويحضر في الأمصار ويحضر الموسم في كل سنة وله أهل وعيال.
ويأتي أن ما نسب إلى الإماميّة من أنه في طول غيبته في السرداب ومنه يظهر وأشار إليه جناب الناظم في آخر النظم بقوله:
فَيَا للأعاجيب الَّتِي مِنْ عَجيبها ***أَن اتَّخَذَ السَّرْدَابَ بُرْجاً لَهُ البَدْرُ
افتراء محض ينبغي التعجب من المؤلّف الذي ذكر ذلك في كتابه والناظم الذي تبعه في نظمه.
فظهر أن الذي كان يستحسن من جناب الناظم أن يسأل عنه أولاً هو السؤال
عن دليل من يدعي ولادة المهدي (علیه السلام) يو ويطالب منه البيّنة على هذه الدعوى فإن أتى بما يثبت به أمثال هذه الدعاوي عند منكري الولادة فلا محل لذكر هذه الشبهات ولا مجال لورود هذه المبعدات فإن مرجعها إلى السؤال عن کشف الحكم الإلهية في أفاعيله تعالى أو الاعتراض عليها والعياذ بالله.
ص: 249
وعدم الوقوف على الحكمة لا يوجب رفع اليد عن الدليل المحكم والبرهان المبرم وإلّا لزم إنكار وجود الدجال أيضاً، وإن عجزوا عن إثبات دعواهم فلا محل أيضاً لذكر هذه الشبهات لأن مجرد عدم الدليل على إثبات الدعوى كاف الحكم ببطلانها ولا يحتاج إلى ذكر لوازمها الباطلة بزعم الخصم فنقول:
رابعاً: إن طريق إثبات مهدوية الحجة بن الحسن العسكري – المتولد في سنة مائتين وخمس وخمسين - لمنكرها بإنكار ولادة المهدي الموعود (علیه السلام) المستلزم لعدم كونه مهديًا كطريق إثبات نبوة نبينا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لمن أنكرها من سائر الملل بالنصوص الموجودة في الكتب السماوية الموجودة عندهم ويزعمون حقيتها ويعتمدون عليها، والمعجزات التي تواترت عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلا أن النصوص في الأول أكثر كالمعجزات في الثاني والشبهات الشبهات والجواب الجواب.
وحيث إن جناب الناظم أعرض عن السؤال عن مستند هذه الدعوى أعرضنا عن ذكره، إلّا أنا نشير إجمالاً إلى مستند واحد من الأدلة الكثيرة التي عندنا بحمد الله تعالى، فنقول:
مما تواتر عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ما رواه أصحاب الصحاح وحفاظ الأحاديث وسدنة الآثار إخباره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن اثني عشر خليفة من بعده على اختلاف في بعض المتون، وهي كثيرة مذكورة مع أسانيدها في جملة من الجوامع.
ففي (مسند أحمد) عن مسروق قال: كنا مع عبد الله جلوساً في المسجد يقرئنا فأتاه رجل فقال: يا بن مسعود هل حدثكم نبيّكم كم يكون من بعده
ص: 250
خليفة؟ قال: نعم كعدة نقباء بني إسرائيل ». (1)
ولهذا المتن طرق عديدة.
وفي بعضها: «نعم، اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل». (2)
وفي بعضها: «نعم، عهد إلينا نبينا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل». (3)
وفي بعضها: «فقال: سألنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟ فقال: اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل». (4)
وأخرج مسلم في( صحيحه) عن حصين، عن جابر بن سمرة قال: «دخلت مع أبي على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فسمعته يقول: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة.
قال: ثمّ تكلّم بكلام خفي علي، قال: فقلت لأبي: ما قال؟
قال كلهم من قريش »> (5)
وبطريق آخر: «لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم إثنا عشر رجلا» (6)
ص: 251
وبطريق آخر: «لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً.... » (1)
وأخرج مسلم أيضاً بإسناده، أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال يوم جمعة عشيّة رجم الأسلمي: «لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قریش ». (2)
وأخرج البزار عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : يزال أمر أمتي قائماً (3) حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش». (4)
وأخرجه أبو داود وزاد: «فلما رجع إلى منزله أتته قريش فقالوا: ثم يكون ماذا؟ قال: ثمّ يكون الهرج». (5)
وأخرج المسدد في (المسند الكبير) عن أبي الجلد (6) أنه قال: «لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق...» (7)
وأخرج الحمويني، عن عباية بن ربعي، عن ابن عباس رفعه، قال: «أنا سيد النبيين وعلي سيّد الوصيين، وإن أوصيائي بعدي إثنا عشر أولهم علي بن أبي
ص: 252
طالب، وآخرهم القائم » (1). (2)
وأخرج البخاري: يكون - بعدي - إثنا عشر أميراً.
وقال: كلّهم من قريش». (3)
وأخرج شارح (غاية الأحكام )من رواية أبي بلج عن عمر بن ميمون وحبيب بن يسار عن جرير بن عثمان وعلي بن زيد عن سعيد بن المسيب، كلهم عن أبي قتادة، قال: «سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : الأئمة بعدي اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل وحواري عيسى (علیه السلام). » (4)
وعن أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب أنه قال: «منا اثنا عشر مهدياً أوّلهم علي بن أبي طالب (علیه السلام)اول و آخر هم القائم(علیه السلام)». (5)
إلى غير ذلك مما رووه في الصحاح والمسانيد والسنن.
ويأتي (6) بعضها أيضاً.
وبعد التأمل في جميعها وجمع ما اتفق عليه أهل السنة (7) المطابق لما رواه
ص: 253
الإمامية من طرقهم يظهر لمن أنصف من نفسه أن هذه الأحاديث الشريفة النبوية لا تنطبق إلّا على مذهب الإمامية؛ لقرائن كثيرة واضحة
(منها) أن الخليفة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لا بد وأن يكون عالماً عاملاً، عاقلاً ورعاً، نقياً حاوياً
للخصال الحميدة، ومنزهاً عن الصفات القبيحة، تاركاً لما يجب وينبغي تركه بصيراً حاذقاً... إلى غير ذلك مما هو من لوازم خلافة مثله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الله المبعوث لهداية الخلق وتهذيبهم وتكميلهم وتزكيتهم وتعليمهم الكتاب والحكمة، فمن خلفه وجلس مجلسه لابد وأن يكون له حظ وافر ونصيب متكاثر من ذلك؛ حتى يصدق عليه الخلافة التي هو أخبر بها من جهة نبوته ورسالته لا من حيث سلطنته وملكيته وغلبته على البلاد والعباد، فإن عدد الخلفاء من هذه الحيثية خارج عن الحصر.
ويؤيد ذلك مضافاً إلى وضوحه ما في بعض الطرق: «كلهم يعمل بالهدى ودين الحق (1) وجعلهم بمنزلة نقباء بني إسرائيل، وبمنزلة حواري عيسى، وقيام الدين وعزته بهم، وظاهر أنّ عزّة الدين بصلاح ا وسدادهم وتدينهم وعملهم بما دانوا به لا بسعة الملك وكثرة المال وإن لم يكن لهم حظ منه إلّا الإقرار باللسان.
وهذا المعنى في هذا العدد من هذه القبيلة لم يتفق بالاتفاق إلا في الاثني عشر الذين اتخذهم الإماميّة أئمّة، فإنّهم باتفاق الفريقين – سوى الحجة بن الحسن (علیه السلام)عند جمع من أهل السنّة لعدم اطلاعهم بحاله - علماء حكماء صلحاء
ص: 254
عباد زهاد جامعون لكل ما ينبغي أن يكون في خليفة مثله، كما يظهر ذلك بأدنى رجوع إلى الكتب المتكفّلة لذلك من التراجم ومما ألف في مناقبهم خاصة وإلى ما رووه في مناقبهم، ونتبرك بذكر بعضها:
فأخرج إبراهيم بن محمد الحمويني الشافعي في (فرائد السمطين) بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، عن ابن عباس رفعه، قال: «أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهَّرون معصومون.»(1)
وأخرج أخطب الخطباء الموفق بن أحمد الخوارزمي في (مقتله (2)) بإسناده عن أبي إسحاق عن الحارث وسعيد بن بشير، عن علي بن أبي طالب (علیه السلام) ، قال: «قال رسول الله ( (صلى الله عليه و آله )): أنا وارد كم على الحوض، وأنت يا علي الساقي، والحسن الذائد والحسين الآمر ، وعلي بن الحسين الفارط،(3) ومحمد بن علي الناشر، وجعفر بن محمد السائق، وموسى بن جعفر محصي المحبين والمبغضين وقامع المنافقين، وعلي بن موسى مزين المؤمنين، ومحمد بن علي منزل أهل الجنّة في درجاتهم، وعلي بن محمد خطيب شيعته ومزوجهم الحور العين والحسن بن علي سراج أهل الجنّة يستضيئون به والمهدي (علیه السلام) شفيعهم يوم القيامة، حيث لا يأذن الله إلّا لمن يشاء ويرضى (4)
وأخرج الفقيه ابن المغازلي الشافعي في (مناقبه) مسنداً عن موسى بن القاسم،
ص: 255
عن علي بن جعفر (1)، قال: «سألت [أبا] الحسن عن قول الله: (كمشكاة فيها مصْبَاح المصباح )؟
قال: (المشكاة) فاطمة، و(المصباح) الحسن والحسين (الزجاجة).
(كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيَّ)؟ قال: كانت فاطمة كوكباً درياً من نساء العالمين.
(يُوقَدُ من شَجَرَة مُّبَارَكَة )؟ الشجرة المباركة إبراهيم.
(لا شَرْقِيَّة وَلَا غَرْبيَّة) ؟ لا يهودية ولا نصرانية.
(يَكَادُ زَيْتُهَا يُضيء )؟ قال : يكاد العلم [ أن] (2) ينطق منها.
(وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُور) ؟ قال: منها إمام بعد إمام.
(يَهْدِي اللَّهُ لنُوره مَن يَشَاء)؟ قال: يهدي الله عزّ وجلّ لولايتنا من يشاء». (3)
وبالجملة فلم يتفق لجملة من الأمة الاتفاق على الكمال والصلاح فيها ما اتفق لهم، حتّى أنّهم مع كثرة أعدائهم من كل صنف وطبقة المتجاهرين ببغضهم الساعين على استيصالهم ما عثروا عليهم بسوء ولم يقدروا أن ينسبوا (4) إليهم مكروهاً ولا خلافاً ولا جهلاً ولا ما يتنفر منه طبعاً قلوب عموم الناس، وهذا واضح على أهل الخبرة والإنصاف بحمد الله تعالى.
ص: 256
ومنها: أنها مؤيّدة بما ورد من الأخبار الصحيحة الصريحة في أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) جعل أهل بيته خليفته مع القرآن وأمر بالتمسك بهما وأنهما لن يفترقا، وهذه الأحاديث مع ما تقدّم يدور بين أمور ثلاثة:
الأوّل: أن يكون ما تقدم تفصيلاً لما أجمله هنا، فيكون الاثنا عشر من أهل بيته وما في سند المسدد بعد الخبر المتقدم: «منهم رجلان من أهل بيت محمد »(1) - صلوات الله عليه وعليهم - فهو إما من كلام أبي جلد (2) كما هو الظاهر وإلّا لقال: من أهل بيتي. أو مطروح؛ لانفراده بهذه الزيادة.
الثاني: أن يجعل في أهل البيت خلفاء غير هؤلاء الاثني عشر، وعليه فيزيد في عدد الاثني عشر وهو خلاف الأخبار السابقة الصريحة في انحصار عدد خلفائه فيها.
الثالث: أن تطرح هذه الأخبار لمخالفتها للطائفة الأولى، وهذا أيضاً غير جائز لوجودها في الصحاح التي لا يقدر أحد على ردّها.
ففي (مسند أحمد بن حنبل) عن شريك بإسناده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض - أو ما بين السماء إلى الأرض - وعترتي أهل بيتي، وأنهما لن يفترقا
حتى يردا علي الحوض ». (3)
وأخرج الإمام الثعلبي في (تفسيره) في قوله تعالى في سورة آل عمران:
ص: 257
(وَاعْتَصمُوا بحبل الله جميعاً ) (1) بإسناده عن عطية الكوفي عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «يا أيها الناس (2) إني قد تركت فيكم الثقلين خليفتين إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض - أو قال: من الأرض – وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض». (3)
وروي مضمون هذا الخبر بطرق كثيرة (4) في مسند أحمد وصحيح مسلم وصحيح البخاري، ومناقب ابن المغازلي وغيرها بلفظ: «إني تارك فيكم الثقلين ». (5)
وفي لفظ: «إني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين... »(6)
ص: 258
وفي جملة: ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما (1)
ولا ريب أن مساق الكل واحد وحينئذ يتعين الجمع الأول، وحاصل مضمون الطائفتين أن الخلافة في أهل بيته وأن الهداية في اتباعهم، والضلالة في التخلف عنهم، وأن القرآن لا يفارق الخليفة من أهل بيته وخلفاء أهل بيته لا يفارقون القرآن إلى يوم القيامة.
وهذا يدل على مساواتهم للقرآن من هذه الجهة، فلا بد أن يكون في الأرض دائماً ما لم يرفع القرآن من يساويه من أهل بيته (علیه السلام) الذي لا يفارق القرآن ولا يفارقه و عدم المفارقة يُلاحظ معنى وباطناً، فيكون أحدهما مصدقاً للآخر، فيكشف عن عصمتهم وإلّا لزم المفارقة وهو خلف ويلاحظ ظاهراً وفي الوجود الخارجي فيدلّ على وجود الخليفة من أهل البيت دائماً، كل ذلك تمسكاً بالآثار الصحيحة النبوية الشريفة واحتجاجاً بظواهرها ونصوصها من غير تأويل وتصرّف في ألفاظ متونها.
(ومنها) أنها مؤيدة بالأحاديث الصريحة الصحيحة في أن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
فأخرج الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنه قال: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » (2)
ص: 259
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: «من مات وليس عليه إمام فإن موته موتة جاهلية » (1)
وفي (الدر المنثور) للسيوطي قال: أخرج ابن مردويه عن علي، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) في قول الله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أناس بإمامهم )(2)، قال: يدعى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب ربّهم و سنة نبيهم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ». (3)
ورواه الثعلبي في تفسيره) مسنداً ،عنه مثله (4)
إلى غير ذلك مما ورد في هذا المعنى مما لا راد له وتلقاه العلماء بالقبول.
وغير خفي على المنصف أن ما تضمنه هو بعينه مضمون الأخبار السابقة، فإنّ الإمام هو المقتدى الذي تتبع آثاره ويقتدى بأقواله وأفعاله وحركاته وسكناته.
فإذا كان ممن يجب طاعته والاقتداء به المتوقف على معرفته، فلابد أن يكون حاوياً لشروط الخلافة ومساهميته القرآن؛ حتى يكون الجهل به سبباً للكفر، ويكون من أئمة الهدى الذين احتج الله بهم على عباده وخلفهم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في أمته، وهو بعينه من جعله شريك القرآن وقال: «من تمسك بهما لن يضل أبداً، وليس في كل زمان خليفة يجب التمسك به وإلا فالضلالة وإمام غيره يجب معرفته وإلا فموتة الجاهلية، بل هو هو، ولذا قرنه بالكتاب في الخبر الأخير وقد بين عدد الخلفاء الذين هم بالنظر إلى هذه النصوص أئمة الزمان، فلا بد أن
ص: 260
يكون في كل عصر من يجب معرفته والتمسك به.
ولا يجوز لأحد أن يدعي التمسك بهذه الأحاديث إلا معاشر الإمامية، وإلا فلابد لغيرهم إما الاعتراف بوجوب التمسك بيزيد بن معاوية، والوليد بن يزيد بن عبد الملك، ومروان الحمار، ووجوب معرفتهم والاقتداء بأقوالهم وأفعالهم وكذا وجوب التمسك بغير القرشي ووجوب معرفته أو التخصيص في الأزمان بحد يستهجنه كل متكلم، كل ذلك خروج عن ظاهر هذه السنن الشريفة.
وحيث علم أن إمام كل زمان - الذي يجب معرفته – هو بعينه الخليفة الذي أخبر به، يظهر أنه لا بد وأن يكون الاثنا عشر متوالياً مع أنه ظاهر الأخبار السابقة، وإلّا لزم إما خلو الزمان عنهما أو القول بأن أحدهما غير الآخر وكلاهما فاسد بظواهر هذه النصوص.
(ومنها) أن كل ما قيل فيها من التأويل مضافاً إلى عدم وجود شاهد له ظاهر الفساد، فإن أحسن ما قيل فيه هو : ما ذكره القاضي عياض ورجحه الحافظ ابن حجر وقرره جلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء وارتضاه ابن حجر المتأخر في الصواعق ووجوه فساده لا تحصى.
قال السيوطي في (تاريخ الخلفاء): (قال القاضي عياض: لعل المراد بالاثني عشر في هذه الأحاديث وما شابهها أنهم يكونون في مدة عزّة الخلافة، وقوة الإسلام، واستقامة أموره، والاجتماع على من يقوم بالخلافة، وقد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب أمر بني أمية ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد فاتصلت بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية، فاستأصلوا أمرهم.
ص: 261
قال شيخ الإسلام ابن حجر في (شرح البخاري): كلام القاضي عياض أحسن ما قيل في الحديث وأرجحه؛ لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة: (كلهم يجتمع عليه الناس).
وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته، والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان، ثمّ علي، إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين فتسمى معاوية يومئذ بالخلافة، ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن، ثم اجتمعوا على ولده يزيد، ولم ينتظم للحسين أمر، بل قتل قبل ذلك، ك، ثمّ لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة الوليد، ثمّ سليمان، ثمّ يزيد، ثمّ هشام.
و تخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك: اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين ، ثم قاموا عليه فقتلوه، وانتشرت الفتن، وتغيرت الأحوال من يومئذ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك؛ لأن يزيد بن الوليد الذي قام على ابن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته، بل ثار عليه قبل أن يموت ابن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان، ولما مات يزيد ولي أخوه إبراهيم فقتله مروان، ثمّ ثار على مروان بنو العباس إلى أن قتل.
ثمّ كان أوّل خلفاء بني العباس السّفّاح، ولم تطل مدته العباس السفّاح، ولم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه، ثمّ ولّي أخوه المنصور فطالت مدته لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس، واستمرت في أيديهم متغلبين عليها إلى أن تسموا
ص: 262
بالخلافة بعد ذلك، وانفرط الأمر إلى أن لم يبق من الخلافة إلا الاسم في البلاد، بعد أن كان في أيام بني عبد الملك بن مروان يُخْطَبُ للخليفة في جميع الأقطار من الأرض شرقاً وغرباً يميناً وشمالاً مما غلب عليه المسلمون، ولا يتولّى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها إلا بأمر الخليفة.
ومن انفراط الأمر أنّه كان في المائة الخامسة بالأندلس وحدها ستة أنفس كلّهم يتسمّى بالخلافة، و صاحب مصر العبيدي والعباسي ببغداد خارجاً صاحب مصر عمّن كان يدعي الخلافة في أقطار الأرض من العلوية والخوارج، انتهى. )(1)
وحاصله: أن المراد بالخلفاء الاثني عشر الذي أخبر بهم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأنهم عز الدين وكلهم يعملون بالهدى ودين الحق هم الخلفاء الأربعة، ومعاوية وولده يزيد، وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك، وأخوه سليمان وأخوه يزيد، وأخوه هشام بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز، والوليد بن يزيد بن عبد الملك الملقب بالزنديق ،والفاسق والمستند أن الناس اجتمعوا عليهم دون غيرهم واقتصروا من شروط الخلافة بما انفرد به بعضهم في بعض طرق الحديث وكلهم يجتمع عليه الناس، فمع الاجتماع يصير مصداقاً للنبوي الشريف، سواء كان فيه العلم والهداية والعدالة والعمل بالحق أو كان فاقداً لجميعها حتى الإيمان. (2)
ص: 263
ولا بد من الإشارة إلى بعض ما في هذا الكلام من المفاسد واللوازم الباطلة التي لا يلتزم بها أحد:
أ - إنه كما قيد الأخبار المطلقة بما في بعض الطرق من قوله: «وكلهم يجتمع عليه الناس» (1) فلابد من تقييدها أيضاً بقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في بعض طرقها: «وكلهم يعمل بالهدى ودين الحق » (2)، وعليه فيخرج بعض هؤلاء مما لا خلاف في عدم عمله بهما كما ستعرف.
ب -كيف أخرج الحسن بن علي (علیهما السلام) من هذا العدد مع أنه صرح في أوّل هذا الفصل وقال: قال الإمام أحمد : ( حدّثنا بهز ، حدّثنا حماد بن سلمة، حدّثنا سعيد بن جمهان عن سفينة قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «الخلافة ثلاثون عاماً ثم يكون بعد ذلك الملك ) (3) ، أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان وغيره.
قال العلماء: (لم يكن في الثلاثين بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن). (4)
وقال البزار : ( حدّثنا محمد بن سكين، حدّثنا يحيى بن حسان، حدّثنا يحيى بن حمزة عن مكحول، عن أبي ثعلبة، عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: قال رسول
ص: 264
الله(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أول دينكم بدأ نبوة ورحمة، ثمّ يكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملكاً وجبرية. حدیث حسن انتهى). (1)
فالحسن (علیه السلام) خليفة بنص منه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فإن عُد الخلفاء الأربعة من الاثني عشر فلابد عده أيضاً فيها، وما تشبث به من الاجتماع على فرض التسليم لا يعارض النص الصريح الصحيح ، مع أنه لو بنى على إخراجه لعدم اجتماع أهل الشام عليه يلزم إخراج والده أمير المؤمنين (علیه السلام) منها أيضاً؛ لعدم اجتماعهم عليه من أوّل خلافته إلى آخرها، بل إخراجه الله منها أولى من إخراج المنصور منها؛ لعدم اجتماع أهل الأندلس عليه وهم في أقصى المغرب ونصارى هذه المملكة أضعاف المسلمين، بخلاف الشام الواقع في بحبوبة بلاد المسلمين، ومن ذلك يعلم أن قوله: «وكلهم يجتمع... إلخ » من زيادة الراوي لا تصلح لتقييد الأخبار المطلقة.
ج - إن ظاهره نسبة الفعل إلى أحد صدوره منه قاصداً اختياراً من غير جبر وإكراه، فقوله: «يجتمع على فرض التسليم أي باختيارهم ورضاهم.
ولا يخفى على ذي مسكة أن اجتماع الناس على ملوك بني أمية كان للقهر والغلبة والخوف منهم وأخذهم البيعة على الناس بسيفهم كما هو مشروح في السير والتواريخ، وهل يمكن أن ينسب أحد إلى أهل مكة والمدينة وفيهم وجوه الفقهاء والمحدثين وبقية الصحابة وكبار التابعين والمشايخ من أولاد المهاجرين والأنصار، أنهم باختيارهم اجتمعوا على يزيد بن معاوية واختاروه لخلافة الأمة؟
ص: 265
ولعمري هذا إزراء بهم من حيث لا يُعلم، وهل هو إلا لما رأوا من قهره وغلبته و تجريه على سفك الدماء فحفظوا أنفسهم ولم يلقوها إلى التهلكة، فبايعه من بايع وتخلف عنه من تخلف؟!
د- كيف جوزوا الخلافة المنعوتة على لسان النبي الأكرم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في جميع بني أمية وقد رووا فيهم من الذموم ما رووا؟
فروى الإمام الثعلبي في (تفسيره) مسنداً عن سعيد بن المسيب في قول الله عز وجل: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً للنَّاس) (1)، قال: «أرى بني أمية على المنابر، فساءه ذلك، فقيل له: إنّها الدنيا يعطونها، فنزل (2)عليه : (إلا فتنة للنَّاس )قال: بلاء الناس». (3)
وبإسناده عن المهلبي، عن سهل بن سعد عن أبيه قال:« رأى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أمية ينزون على منبره نزو القردة، فساءه [ذلك ] (4)، فما استجمع ضاحكاً
حتى مات، فأنزل الله عزّ وجلّ في ذلك: (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً للنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآن ) (5) (6)
وبإسناده عن عمر بن الخطاب في قوله تعالى: (ألم تر إلى الَّذِينَ بَدَّلُوا نعمة
ص: 266
اللَّه كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبَئْسَ الْقَرارُ) (1)، قال: هما الأفجران من قريش بنو المغيرة، وبنو أمية، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين. (2)
وقال الثعلبي في قوله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ) (3)نزلت في بني أمية - وبني هاشم - انتهى. (4)
أترى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يراهم كالقردة، ويرى أن الله تعالى كنى عنهم بالشجرة الملعونة، ثم يقول في سبعة منهم : إنهم خلفاء يهدون بالحق ويعملون به ويعز في عصرهم الدين؟ حاشا أقواله وأفعاله من التناقض.
وفي (عقد الدرر ) لأبي بدر السلمي عن علقمة، قال: قال لنا ابن مسعود: «قال لنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أحذركم سبع فتن تكون بعدي : فتنةً تُقبل من المدينة، وفتنةً تُقبل من مكة، وفتنةً تُقبل من اليمن وفتنةً تُقبل من الشام، وفتنةً تُقبل من المشرق، وفتنةً تُقبل من المغرب (5) [ وفتنةً ] (6) من بطن الشام وهي: السفياني.
وقال ابن مسعود: فمنكم من يُدرك أوّلها، ومنكم من يُدرك آخرها، فكانت
ص: 267
فتنةُ المدينة من قبل طلحة والزبير، وفتنة مكة من قبل عبد الله بن الزبير، وفتنة الشام من قبل بني أمية، وفتنةُ بطن الشام من قبل هؤلاء».
أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم في (مستدركه)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. (1)
ه- ثمّ كيف جوزوا في خصوص بني مروان منهم أن يكون فيهم خلفاء هادون وقد لعنهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟
قال كمال الدين الدميري الشافعي في حياة الحيوان) روى الحاكم في كتاب الفتن والملاحم من المستدرك، عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به رسول الله الا الله فيدعو له فأدخل عليه مروان بن الحكم، فقال: «هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون».
ثم :قال: صحيح الإسناد) (2)
وعن عمر بن مرة الجهني – وكانت له صحبة -: أن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فعرف صوته فقال: ائذنوا له عليه وعلى من يخرج من صلبه لعنة الله إلا المؤمن منهم وقليل ما هم يترفهون في الدنيا ويضيعون في الآخرة ذوو مكر وخديعة يعطون في الدنيا ومالهم في الآخرة من خلاق». (3)
وأخرج أبو داود في سننه بإسناده عن عمرو بن يحيى، قال: أخبرني جدي،
ص: 268
قال: كنت جالساً مع أبي هريرة في مسجد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوماً بالمدينة ومعنا مروان، فقال أبو هريرة، سمعت الصادق المصدق يقول: «هلاك أمتي على يدي غلمة قريش. قال مروان : لعنة الله عليهم غلمة (1) قال أبو هريرة: لو شئت أن أقول من بني فلان وبني فلان فعلت. قال: وكنت أخرج مع جدي سعيد إلى الشام حين ملكه بنو مروان فإذا رآهم غلماناً أحداثاً قال لنا عيسى:هؤلاء الذي عنى أبو هريرة. فقلت: أنت أعلم».
ورواه البخاري في باب قول النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء. (2)
وعن أبي الحسن أحمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله في كتابه في الملاحم بإسناده عن زيد بن وهب أنه كان عند معاوية ودخل عليه مروان في حوائجه فقال [له] (3): «اقض حوائجي يا أمير المؤمنين [فوالله إن مؤنتي لعظيمة] (4) فإني أصبحت أبا عشرة وأخا عشرة وقضى حوائجه، ثم خرج فلما أدبر قال معاوية لابن عباس وهو معه على السرير: أنشدك الله يا بن عباس أما تعلم أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال ذات يوم: إذا بلغ بنو الحكم (5) ثلاثين رجلاً، اتخذوا مال الله عليهم (6) دولا وعباد الله خولا وكتابه دخلا، فإذا بلغوا تسعة وتسعين وأربعمائة كان
ص: 269
هلاكهم أسرع من أول مرة (1). فقال ابن عباس: اللهم نعم. ثم إن مروان ذكر حاجة لما حصل في بيته فوجه ابنه عبد الملك إلى معاوية فكلمه فيها فقضاها [ثم رجع ] (2) فلما أدبر عبد الملك، قال معاوية لابن عباس: أنشدك الله يا بن عباس أما تعلم أن رسول الله ذكر هذا. فقال: هذا أبو الجبابرة الأربعة. فقال ابن عباس اللهم نعم، فعند ذلك دعا معاوية زياداً.»(3)
وقال العلامة الزمخشري في (الفائق): (وفي حديث أبي هريرة: إذا بلغ بنو العاص ثلاثين رجلاً كان مال الله دولا وعباده خولا، ونشأ للحكم بن أبي العاص أحد وعشرون ابناً وولد لمروان بن الحكم تسعة بنين انتهى). (4)
ومع ذلك كله كيف رضي هؤلاء الأعلام أن يجعلوا الذين لعنهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعدهم من الجبابرة من خلفائه الاثني عشر الذين يعملون بالهدى ودين الحق، وكان الإسلام في عهدهم عزيزاً منيعاً مع ما وقع في عهدهم من سفك الدماء المحرمة، وهتك الفروج المحترمة حتى المحارم، وحل الأموال المعتصمة ما لا يحصى، والتجاهر بشرب الخمور واللعب بالقمار واللواط وغيرها بما لم يقع في عصر، فكان الإسلام بهم ذليلاً مهاناً.
وإن هؤلاء الأجلة كيف استحسنوا أن يكون يزيد بن معاوية من الخلفاء الهداة الاثني عشر العاملين بالحق مع ما كان عليه من الفساد وما صدر منه مما
ص: 270
بكت وتبكي منه السبع الشداد من وقعة الطف ووقعة الحرة وهتك بيت الله الحرام، وقد ألف فيها بالانفراد كتب ورسائل سوى ما في التواريخ والسّير.
وقال ابن الجوزي في كتابه المسمى ب(الرد على المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد) اعلم أنه ما رضي ببيعة يزيد أحد ممن يعول عليه حتى العوام أنكروا ذلك، غير أنهم سكتوا خوفاً على أنفسهم.
وقال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز، عن أبي إسحاق البرمكي، عن أبي بكر عبد العزيز بن جعفر، قال أنبأنا أحمد بن محمد الخلال، قال نبأ محمد بن علي، قال نبأ مهنا بن يحيى، قال: سألت أحمد عن يزيد بن معاوية فقال: هو الذي فعل بالمدينة ما فعل ؟ قلت وما فعل؟ قال نهبها. قلت: فنذكر عنه الحديث؟ قال: لا يذكر عنه الحديث، ولا ينبغي [لأحد ] (1) أن يكتب عنه (2) حديثاً. قلت: ومن كان معه حين فعل ما فعل ؟ قال أهل الشام.
أخبرنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء في كتابه (المعتمد في الأصول) عن أبي حفص(3) العكبري قال: نبأ أبو علي الحسين بن الجندي (4) قال: نبأ أبو طالب بن شهاب العكبري قال: سمعت أبا بكر محمد بن العباس قال: سمعت صالح بن أحمد بن حنبل يقول: قلت لأبي: إن قوماً ينسبوني إلى توالي يزيد. فقال: يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله. فقلت: فلم لا تلعنه؟
ص: 271
فقال: ومتى رأيتني ألعن شيئاً ولم لا تلعن من لعنه الله في كتابه، فقلت: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟ فقرأ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أولئكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) فهل يكون فساد أعظم من القتل.
وصنف القاضي أبو الحسين محمد ابن القاضي أبي يعلى بن الفراء كتاباً فيه بیان من يستحق اللعن وذكر(1) فيهم يزيد. (2)
قال: (وأنبأنا علي بن عبد الله الزاغولي قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة عن أبي عبد الله المرزباني قال أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب قال أخبرنا عبد الله بن أبي أبي سعد (3) الوراق قال: حدّثنا محمد بن حميد قال نبأ محمد بن يحيى الأحمري، قال: نبأ ليث عن مجاهد قال: جيء برأس الحسين بن علي(علیهما السلام) فوضع بين يدي يزيد بن معاوية فتمثل بهذين البيتين
لَيْتَ أشياخي بِبَدْرٍ شَهِدوا*** جَزَعَ الخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الأَسَلْ
فَأَهلُوا واسْتَهَلُوا فَرَحاً*** ثم قالوا لي بِغَيْبِ لا تُشَل (4)
ص: 272
قال مجاهد: نافق فيها) (1)- وذكر قضية الطف وما فعله بأهله مختصراً، ثمّ
ذكر وقعة الحرة ونقل عن ابن حنظلة غسيل الملائكة الذي بايعه أهل المدينة - قال: (والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء، إن رجلاً ينكح الأمهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت الله فيه بلاء حسناً)(2)
وذكر فيه أن مسلم بن عقبة أخذ البيعة من أهل المدينة ليزيد على أنهم خول له وأموالهم له. (3)
ونقل عن المدائني في كتاب (الحرة) عن الزهري أنه قال: (كان القتلى يوم الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش والأنصار والمهاجرين ووجوه الموالى وممن لا يعرف من عبد وحر وامرأة عشرة آلاف).
وعن المدائني عن أبي هريرة قال: قال هشام بن حسان: (ولدت ألف امرأة بعد الحرة من غير زوج.) (4)
ثم ذكر محاصرة ابن الزبير وقذف الكعبة بالمجانيق واحتراق البيت واحتراق قرني الكبش الذي فدى الله به إسماعيل وكانا في السقف مما هو مشروح في السير. (5)
ورأيت في تاريخ عبد الملك العصامي أن رجلاً من أهل الشام وقع على امرأة
ص: 273
فی المسجد النبوي على مشرفه الصلاة والسلام (1)ولم يجد خرقة ينظف بها ووجد ورقة من القرآن المجيد فنظف نفسه بها (2) ، فسبحان من لم يهلكهم بصاعقة من السماء أو بحجارة من سجيل وإنما يعجل من يخاف الفوت.
وقال السيوطي في( تاريخ الخلفاء): أخرج أبو يعلى في مسنده بسند ضعيف عن أبي عبيدة قال: قال رسول الله :(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لا يزال أمر أمتي قائماً بالقسط، حتى يكون أوّل من يثلمه رجل [من بني أمية] (3) يقال له: يزيد (4)
وأخرج الروياني في مسنده عن أبي الدرداء سمعت النبي له يقول: «أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد.» (5)
وقال نوفل بن أبي الفرات: «كنت عند عمر بن عبد العزيز فذكر رجل يزيد [بن معاوية] (6) فقال : قال أمير المؤمنين يزيد بن معاوية. فقال [عمر ] (7): تقول
ص: 274
أمير المؤمنين [ يزيد ] (1) وأمر به فضرب عشرين سوطاً ) » (2)
ولو أردنا استقصاء ما فعل وما ورد فيه وما قالوا فيه لخرجنا عن الغرض المقصود، وفيما ذكرنا كفاية للاستعجاب من هؤلاء الأعلام الذين عدوه من الخلفاء الاثني عشر العاملين بالحق مع هذه المفاسد العظيمة والرزايا الجليلة التي أصيب بها الإسلام في زمانه ولم يصب بعشر معشاره (3) بعده وبعد الخلفاء الذين عدوهم من الاثني عشر الذين قام بهم الدين وأخبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بأن بعدهم هرج.
وأعجب من ذلك إخراجهم الحسن بن علي الله من العدد، مع ما عرفت من نصه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بخلافته، بل انقضائها به وأن الذين يلون الأمر بعده ملوك جبارون لا خلفاء هادون، وما كان عليه من العلم والفضل والتقى والسخاء والسيادة والشرافة والنسب الذي لا يدانيه أحد والمناقب التي لا يحصاها عدد.
قال الحافظ ابن حجر - الذي أخرجه منهم وأدخل يزيد فيهم – في (فتح الباري في شرح صحيح البخاري)، في شرح ما رواه عن أبي هريرة قال: أخذ الحسن بن علي ( رضي الله عنهما ) تمرةً من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : كخ كخ أما شعرت إنا لا نأكل الصدقة... الخبر، ما معناه.
فإن قيل: لم قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) للحسن : ( أما شعرت)، والحسن بن علي كان في هذا الوقت رضيعاً؛ لقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ( كخ كخ)، فإنّه لا يقال هذا اللفظ إلا للرضيع؟
ص: 275
قلنا: لأن الحسن لم يكن كغيره، فإنّه في هذا السن كان يطالع اللوح، إذ علومهم لدنية وهبوها (1)، ولم تكن من العلوم الكسبية التي تتوقف على الكسب والبلوغ إلى حد يمكن فيه الكسب. (2)
وقال في (تقريبه) في ترجمة يزيد بن معاوية (وليس بأهل أن يروى عنه). (3)فليتأمل المنصف في هذه الأقوال المتناقضة.
و - إن يزيد على ما ذكروه خليفة حق وإمام هدى يجب طاعته ويحرم مخالفته ومن خرج عليه كان باغياً طاغياً يجب قتله.
قال الشهرستاني في (الملل): (كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الأئمّة الجماعة عليه يسمّى خارجياً، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الراشدين، أو كان بعدهم على التابعين لهم بإحسان، وعلى الأئمة (4) في كل زمان). (5)
وروى ابن الأثير في (جامع الأصول) عن عرفجة، قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)
يقول: «ستكون هناتٌ وهَنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائناً من كان».
وفي رواية: (فاقتلوه)، أخرجه مسلم.
وفي رواية أبي داود: (وهَناتٌ )مرَّةً أخرى.
ص: 276
وأخرجه النسائي، وله في أخرى قال:« رأيت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يخطبُ على المنبر (1) فقال: إنها ستكون بعدي هنا وهنات، فمن رأيتموه فارق الجماعة – أو يريد أن يفرّق أمة محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) - كائناً من كان فاقتلوه ، فإن يد الله على الجماعة، وأن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض». (2)
وعن أسامة بن شريك قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أيما رجل خرج يفرق بين أمتي فاضربوا عُنقه، أخرجه النسائي. (3)
وعن أبي سعيد قال:« قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما.» (4)
وعن عرفجة بن شريح قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» أخرجه مسلم. (5)
وعن ابن عمرو بن العاص أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: «من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة الآخر (6)... قلت:
ص: 277
سمعت هذا من رسول الله؟ قال: سمعته أذناي ووعاه قلبي.» (1)
وقد مرّ قولهم: إنّه اجتمع الناس على يزيد فهو إمام حق، لأنه أحد طرق ثبوتها، بل أجلها، وقد نص عليه أبوه وجعله ولي عهده وخليفته من بعده وهذا طريق آخر كما نص عليه (شارح المقاصد) بقوله: وتنعقد الإمامة بطرق:
أحدها: بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر حضورهم من غير اشتراط عدد ولا اتفاق من في سائر البلاد، بل لو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع كفت بيعته.
والثاني: استخلاف الإمام وعهده وجعله الأمر شورى بمنزلة الاستخلاف... إلى أن قال:
والثالث القهر والاستيلاء، فإذا مات الإمام وتصدى للإمامة من يستجمع شرائطها من غير بيعة واستخلاف وقهر الناس بشوكته انعقدت الخلافة له وكذا إن كان فاسقاً أو جاهلاً على الأظهر ، انتهى. (2)
وقد حصلت ليزيد هذه الطرق، فلا مجال لإنكار حقية إمامته وخلافته.
ونتيجة هذه المقدمات أن يكون الحسين بن علي بن أبي طالب ابن بنت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قتل بالحق وللحق؛ لأنه خرج على إمام زمانه الذي كان يجب عليه طاعته وأراد تفريق الجماعة وشق عصا المسلمين، وبيعة جماعة من أهل الكوفة إياه كانت بعد انعقاد إمامة يزيد ببيعة أهل الشام بل سائر الأمصار، فهو
ص: 278
الخليفة الآخر الذي يجب قتله بأمر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، ولذا لم يفسقوا من باشر قتاله فضلاً عن الأمر به ولم ينزلوه منزلة أدنى المسلمين الذي جعل الله قتله في غير حد ولا قصاص من الكبائر الموبقة بعد الشرك به.
فقال الحافظ جمال الدين المزي في( تهذيب الكمال) في ترجمة عمر بن سعد: (قال أحمد بن عبد الله العجلي: كان يروي عن أبيه أحاديث، وروى الناس عنه، وهو الذي قتل الحسين، وهو تابعي ثقة انتهى) (1)
وقال ابن حجر في شرح القصيدة الهمزية في كلام له: (وكابن [العربي] (2) المالكي، فإنه نقل عنه [ ما يقشعر منه الجلد] (3) أنه قال: ما قتل الحسين إلا بسيف جده، أي لأنه يعني يزيد الخليفة (4) والحسين باغ عليه والبيعة سبقت ليزيد ويكفي فيها معظم أهل الحل والعقد وبيعته كذلك، لأن كثيرين أقدموا عليها مختارين لها هذا مع عدم النظر إلى استخلاف أبيه له إمّا مع النظر لذلك فلا يشترط موافقة أحد من أهل الحل والعقد على ذلك، انتهى) (5)
والله العالم بما في الالتزام بهذه النتيجة الحاصلة من المقدمات الواضحة التي لا بد لهم من الالتزام بها من المفاسد الدينية.
ز - إنهم لم يذكروا المهدي (علیه السلام) في هذا العدد مع نص النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) عليه بالخلافة، فإن
ص: 279
عُد في قبال الاثني عشر يزيد في عدد الخلفاء، وظاهر تمام النصوص السابقة حصر العدد فيها وإلّا فيلزم دخوله (علیه السلام) فيهم (1)فيبطل ما عيّنوه بالحدس.
وأما النص فقال الحافظ الكنجي الشافعي في كتاب (البيان): (حدّثنا الحافظ أبو الحسن محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي (2) بقرية بيت الآبار من غوطة دمشق، وأخبرني بذلك المجلس السيد الوزير الحسن بن سالم بن علي بن سلام، ويحيى بن عبد الرزاق خطيب عقربا (3)، قالوا جميعاً : أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن، حدّثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، حدّثنا سليمان بن أحمد، حدّثنا إبراهيم بن سويد الشامي، حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا الثوري ، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء (4) عن ثوبان، قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : « يقتتل (5) عند كنزكم ثلاثة كلّهم ابن خليفة لا يصير إلى واحد منهم، ثم يجيء خليفة الله المهدي (علیه السلام)، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه فإنّه خليفة الله المهدي (علیه السلام)».
قلت: هذا حديث حسن المتن وقع إلينا عالياً من هذا الوجه بحمد الله وحسن توفيقه، وفيه دليل على شرف المهدي (علیه السلام) بكونه خليفة الله في الأرض على لسان أصدق ولد آدم.
ص: 280
وقد قال تعالى: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (1)) (2)
ونقله أبو بدر يوسف بن يحيى السلمي في (عقد الدرر) وقال: (أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله الحاكم في (مستدركه)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه.
إلّا أن فيه في موضع: (ثم يجيء خليفة الله... إلخ) (ثم ذكر شيئاً (3)... إلخ). (4)
قال: وأخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي (علیه السلام))، وأخرجه الإمام أبو عمرو الداني في (سننه)(5)
وأخرج مسلم في (صحيحه) عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري [ وجابر بن عبد الله ] قالا: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) « يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده.» (6)
وعن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله في حديث، قال: «قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يكون في [آخر] أمتي خليفة يحثو المال حثواً ولا يعده عداً.
قال الجريري: قلت لأبي نضرة وأبي العلاء أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟ قالا: لا » (7)
ص: 281
وفي (مسند أحمد بن حنبل) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لیبعثنّ الله عزّ وجلّ في هذه الأمة خليفة يحثي المال حثياً ولا يعدّه عداً.» (1)
وفي (عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر) عن عبد الله بن عمر قال: «قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يخرج المهدي (علیه السلام) وعلى رأسه غمامة، فيها ملك يُنادي: هذا هو المهدي (علیه السلام) خليفةُ الله فاتبعوه». (2)
إلى غير ذلك مما يجده الناظر في أخبار الباب، وحيث إنّهم لم يشترطوا التوالي، وجوزوا تخلل زمان بلا خليفة من الاثني عشر المنصوصة، كما بين يزيد وعبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، فاللازم عليهم أن يخرجوا يزيد بن معاوية منهم ويتمّوا العدد بالمهدي (علیه السلام) صوناً للأخبار النبوية عن الاختلاف والمعارضة.
ح -عدهم عبد الملك بن مروان من الخلفاء الاثني عشر العاملين بالحق الذين بعد انقضائهم. الهرج، وفي عصرهم يكون الدين قائماً عزيزاً، وهذا موضع العجب (3) أليس في عهده هدّمَ الحجّاج وأصحابه الكعبة الشريفة ورموها بالمنجنيق، وفعلوا ما فعلوا في حرم الله تعالى من الهتك؟
أليس في عهده استخفوا بأهل المدينة وختموا في أعناق بقية الصحابة وأيديهم كجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وسهل بن سعد الساعدي يذلهم
ص: 282
بذلك، وجعلوهم بمنزلة، العبيد بل المواشي والأنعام؟
ومن عظم هذه المصيبة الفادحة قال السيوطي بعد نقلها: (إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْه راجعون.)(1)
أليس في عهده ولي الحجاج العراق ومن والاها في عشرين سنة، وفعل ما فعل من القتل والحبس والنهب والهدم... وغيرها من الأمور الفظيعة الشنيعة، ما لا يدانيه أحد قبله ولا بعده؟!
حتى قال ابن الجوزي في كتابه (الرد على المتعصب العنيد): (قال أبو نعيم: وحدّثنا أبو [محمد] حامد بن جبلة، قال: نبأ محمد بن إسحاق، قال: نبأ محمد بن الصباح، قال: نبأ عبد الله بن رجاء، عن هشام (2)بن حسان، قال: قال عمر – يعني: ابن عبد العزيز – لو أن الأمم تخابثت يوم القيامة فأخرجت كل أمة خبيثها، ثمّ أخرجنا الحجاج لغلبناهم.
قال ابن الجوزي: أخبرنا علي بن محمد بن أبي عمر الدباس، قال: أخبرنا محمد بن الحسن الباقلاوي، قال: أخبرنا عبد الملك بن بشران، قال حدّثنا أبو بكر الآجري، قال: حدّثنا أبو عبد الله بن مخلد، قال: حدّثني سهل بن يحيى بن محمد بن المروزي، قال: أخبرني [أبي] (3)عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز جعل لا يدع شيئاً مما كان في يده وفي
ص: 283
يد أهل بيته من المظالم إلا ردّها مظلمة [مظلمة ] (1)، فبلغ ذلك عمر بن الوليد بن عبد الملك فكتب إليه إنك أزريت على من قبلك من الخلفاء وسرت بغير سيرتهم، وخصصت أهل قرابتك بالظلم والجور.
فكتب إليه عمر: أما أوّل شأنك ابن الوليد كما زعم فأمك بنانة [كانت] (2) تطوف في سوق حمص ، والله أعلم بها اشتراها ذبيان من فيء المسلمين، ثمّ أهداها لأبيك، فحملت بك فبئس المحمول وبئس المولود، ثم نشأت فكنت جباراً عنيداً، تزعم أني من الظالمين، وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من استعملك صبياً سفيهاً على جند المسلمين تحكم فيهم برأيك فويل لك، وويل لأبيك، ما أكثر خصماء كما يوم القيامة. وكيف ينجو أبوك من خصمائه، وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من استعمل الحجاج بن يوسف يسفك الدم الحرام، ويأخذ المال ،الحرام، وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من استعمل قرة بن شريك (3) أعرابياً جافياً على مصر أذن له في المعازف واللهو والشرب، وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من جعل لغالية (4)البربرية سهماً في خمس العرب، فرويداً لو تفرغت لك، ولأهل
ص: 284
بيتك وضعتكم (1)على المحجة البيضاء، فطالما تركتم الحق وأخذتم في تيهات الطريق وما وراء هذا ما أرجو أن أكون رأيته بيع رقبتك وأقسم الثمن بين اليتامى والمساكين والأرامل فإن لكلِّ فيك حقاً، انتهى) (2)
وفي (تفسير النيشابوري) في قوله تعالى: (وَلا تَنابَزُوا بالألقاب) (3) أن الحجاج قتل مائة ألف وعشرين ألف رجل صبراً، وأنه وجد في سجنه ثمانون ألف رجل وثلاثون ألف امرأة منهم ثلاثة وثلاثون ألفاً ما يجب عليهم قطع ولا صلب. انتهى (4)
في (تاريخ الخميس): (وتوفّي في حبوسه خمسون ألف رجل وثلاثون ألف امرأة). (5)
وكان في هؤلاء جماعة من الصلحاء والأخيار والفقهاء والعباد، وما قتل بسببه في الحروب أضعاف ذلك وفضائح أعماله وشنائع وشنائع أفعاله التي هلكت بها العباد وخربت بها البلاد مشروحة في السير.
وذكر الفقهاء والمؤرخون أنه كان ارتفاع العراق بعد الفتح إلى زمان الحجاج ثلاثمائة وستين ألف ألف درهم، ورجع ارتفاعها في زمن الحجاج إلى ثمانية عشر
ص: 285
ألف ألف درهم وليت شعري بأي خصلة استحق بها الخلافة المعهودة بصلاحه وعلمه وزهده في نفسه؟ أو بنشره وترويجه معالم الإسلام؟ أو بحفظه وحراسته نفوس المسلمين وقد بلغت قتلاه ما بلغك (1)؟ أو بعمارته وإحيائه الأرضين، فإذا كان تعيين الخلفاء المنصوصة بالميل والجزاف لا بشواهد من الكتاب والسنة وسقط شرط التوالي فيما بينهم فكان ينبغي أن يخرجوا هؤلاء الملعونين على لسان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ويجعلوا بدلهم من بني العباس خصوصاً بعد ما رووا في حقهم ما يقتضي ذلك:
ففي (تاريخ الخلفاء) للسيوطي قال الطبراني (حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، حدّثنا إسحاق، عن إبراهيم بن أبي النضر، عن يزيد بن ربيعة، عن أبي الأشعت عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «رأيت بني مروان يتعاورون (2) على منبري فساءني ذلك، ورأيت بني العباس يتعاورون على منبري، فسرني ذلك.» (3)
فلا أقل من إخراج بني مروان منهم وعد بعض العباسيين الذين بالغوا في مدحهم وحسن سيرتهم وسياستهم مثل المهتدي بالله الذي هو في بني العباس كعمر بن عبد العزيز في بني أمية وأحمد الناصر الذي قال الذهبي [فيه]: ولم يل (4) الخلافة أحد أطول مدة منه – فإنّه أقام فيها سبع وأربعين سنة ) (5)-... ولم
ص: 286
يزل [الناصر ] (1)مدة حياته في عزّ وجلالة، وقمع للأعداء، واستظهار على الملوك، لم يجد ضيماً، ولا خرج عليه خارجي إلا قمعه، ولا مخالف إلّا دفعه، وكل من أضمر له سوءاً رماه الله بالخذلان [وأباده]. (2)
وكان مع سعادة جده شديد الاهتمام بمصالح المُلك، لا يخفى عليه شيء من أحوال رعيّته كبارهم وصغارهم... إلى آخر ما قال. (3)
ط - إن مقتضى كلام هؤلاء المشايخ العظام انقضاء مدة خلافة الخلفاء الاثني عشر المنصوصة بهلاك الثاني عشر منهم، وهو الوليد بن يزيد بن عبد الملك، الذي قال السيوطي في (تاريخه): (كان فاسقاً شريباً للخمر، متهتكاً حرمات الله، أراد الحج ليشرب فوق ظهر الكعبة، فمقته الناس لفسقه، وخرجوا عليه، فَقُتل...)(4)
قتل... )
وفي (تاريخ الخميس): (ذكر الذهبي بإسناده عن عمر قال: ولد ي أم سلمة ولد سموه: الوليد، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سميتموه بأسماء فراعنتكم؟! ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له الوليد لهو أشدّ لهذه الأمة من فرعون لقومه) (5)
وأخرجه الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي، القاهري
ص: 287
الشافعي - صهر الحافظ العراقي (1) - في الجزء الثالث من كتابه (مجمع الزوائد) في باب فتنة الوليد، قال رواه أحمد، ورجاله ثقات.انتهى (2)
ونقل في التاريخ المذكور عنه من كفرياته كثيراً من ذلك: أنه دخل يوماً فوجد ابنته جالسة مع دادتها، فبرك عليها وأزال بكارتها، فقالت له :الدادة هذا دين المجوس، فأنشد:
مَنْ راقَبَ النَّاس مات غماً ***وفاز باللذة الجَور
وأخذ يوماً المصحف ففتحه فأول ما طلع: (وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عنيدٍ) (3) ، فقال: أتهددني ، ثم أغلق المصحف ولا زال يضربه بالنشاب حتى خرقه ومزقه ثم أنشد:
أتوعد كُلَّ جَبَّار عنيد*** فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا لاقَيْتَ ربَّكَ يومَ حشرٍ*** فقل يا رب مزقني الوليد
وأذن للصبح مرة وعنده جارية يشرب الخمر معها فقام فوطئها وحلف لا يصلي بالناس غيرها فخرجت وهي جنب سكرانة فلبست ثيابه و تنكرت وصلت بالناس، ونكح أمهات أولاد أبيه، انتهى. (4)
ص: 288
إلى غير ذلك من شنائع الأعمال المذكورة في التواريخ.
ومع ذلك كيف يكون من الخلفاء الذين كان الدين في زمنهم عزيزاً منيعاً وبموتهم وهلاك آخرهم في سنة ست وعشرين ومائة صار الإسلام ذليلاً والدين مهيناً ووقع الهرج والفتن، مع أنه خلاف الحس والوجدان؟ فإن قوة الدين وعزه بعز حملته ونقلته وسدنته وكثرتهم وعز من يربيهم ويحرسهم ويعينهم، ولا شك أن في دولة بني العباس - إلى أن رجع الأمر إلى سلاطين آل عثمان حماة الدين وحفظة الإسلام - ملأ الآفاق من العلماء والفقهاء والمحدثين والأدباء والقراء الجامعين للسنن والحافظين للقرآن المؤلّفين في العلوم الشرعية والمعالم الدينية بما لا يحصى عده، وهم مع ذلك فارغوا البال من هموم تهيئة أمور المعاش باهتمام ولاة الأمور في إصلاح شؤونهم وسد خلتهم ولم شعثهم، لا هتك البيت الحرام في عصرهم ، ولا صلت الجنب السكرانة بالناس في مسجد دار خلافتهم، ولا مزق المصحف من نشاب خليفتهم.
فأي عزّ كان في عصر بني أمية فقد بعدهم؟ وأي ذل ورد على الدين الحنيف بعدهم أفظع وأشنع مما فعلوا؟ ومن جميع ذلك يظهر أن ما ورد في الأخبار النبوية الشريفة من ذكر الخلفاء الاثني عشر بمعزل عمّا ذكروا ورجحوا وصححوا.
ي - إن ظاهر جملة من الأخبار المذكورة وصريح بعضها أن بانقضاء الثاني عشر منهم ينقضي أمر الدين وتظهر علامات الساعة وتقوم أشراط القيامة ويصير الهرج وينخرم نظام الأمور فلا آمر ولا مأمور ولا إمام ولا مأموم، وقد تقدم بعض ما يدل على ذلك.
ص: 289
وأخرج أبو داود في (سننه) بإسناده إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: «لا يزال الدين ظاهراً حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش». (1)
وأخرج مسلم في (صحيحه) من رواية سعد بن أبي وقاص أن النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) قال يوم جمعة عشية رجم الأسلمي: لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة يكون عليهم اثنى عشر خليفة كلهم من قريش». (2)
وأخرج عبد الله بن بطة العكبري في (الإبانة) بإسناده عن عبد الله بن أمية مولی مجاشع عن يزيد الرقاشي ، عن أنس قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش فإذا مضوا ساخت الأرض بأهلها». (3)
ولا يخفى على الناظر المتأمل في هذه الأخبار دوام قيام الدين وظهوره وغلبته وسكون الأرض وقرارها بوجود الخلفاء الاثني عشر، وبانقضاء خاتمهم الساعة، فيكون الثاني عشر هو المهدي (علیه السلام) بالاتفاق، إذ هو الخليفة المنصوص تقوم الذي بانقضاء مدته تظهر أعلام القيامة، بل ظهور وجوده المقدس عُد منها.
ص: 290
فلو فرض خلو زمان بعد النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)إلى زمان ظهوره (علیه السلام) من خليفة منهم لزم عدم قيام الدين وذلته واضطراب الأرض وظهور الفتن والهرج قبل انقضاء الاثني عشر، وهو خلاف صريح لهذه الأخبار الصحيحة، فيكون زمان وجودهم منطبقاً على زمان رحلته إلى زمان ظهور أعلام الساعة.
وبعد عدم جواز زيادة عدد عليهم وكون الثاني عشر هو المهدي (علیه السلام) لابد من الالتزام بولادته، فيكون هو الحجة بن الحسن (علیه السلام) إذ لا قول ثالث بين المسلمين بعد إخراج المنتحلين.
وتؤيد (1) هذه الأخبار أيضاً (2) على الحمل الذي حملناها عليه نظراً إلى صراحتها طوائف أخرى من الأخبار الصحيحة فتنضم إلى القرائن السابقة:
منها: أخبار الأمان كما أخرجها أبو عمر [و] (3) مسدد وابن أبي شيبة وأبو يعلى في مسانيدهم والطبراني بإسنادهم عن إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ( النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من أمتي». (4)
وأخرج الحاكم في (المستدرك) بإسناده عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس».
ص: 291
وصححه وقال : صحيح الإسناد. (1)
وأخرج أحمد في (المناقب) بإسناده عن علي (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض». (2)
وهذه الأخبار إذا عرضت على الطائفة الأولى تجد مضمونهما ومفادهما واحداً، فإن حاصل هذه أن أهل بيته أمان للأمة من جهة دينهم وهم الملجأ والملاذ وإليهم يرجع الاختلاف، وهذا بعينه ظهور الدين وقوامه وقيامه، إذ المراد الظهور بالحجّة والبرهان لا الغلبة بالسيف والسنان، وكذا أمان لهم من الهلاك والفناء، وهذا هو الهرج وسوخان الأرض بأهلها في الأخبار السابقة.
ولا يحتمل ذو حظ من فهم الحديث أنّ للأرض أمانين لدينهم ودنياهم أهل البيت والخلفاء الاثني عشر، بل في بادئ النظر فضلاً عن دقيقه يقطع بأن المراد بالأهل هم الخلفاء وأن أخبار العدد شرح الإجمال في آخبار الأمان.
ومنها: أحاديث الطائفة:
أخرج البخاري في (صحيحه) عن عمير بن هاني، أنه سمع معاوية يقول: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم على ذلك». (3)
ص: 292
ونقله السيوطي في (الجامع الصغير) عن الصحاح الستة. (1)
وأخرج مسلم في (صحيحه )عن ثوبان قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك». (2)
وعن المغيرة، [قال:] (3) سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «لن يزال قوم من أمتي ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون» (4)
وفي (الجامع الصغير) للسيوطي عن ابن ماجة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: «لا تزال طائفة من أمتي قوامة [على] (5) أمر الله لا يضرها من خالفها». (6)
وعن مستدرك الحاكم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة. » (7)
وفي (الجامع الكبير) في مسند عمر فخطب عمر الناس فقال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله... الحديث». أخرجه ابن جرير. (8)
ص: 293
إلى غير ذلك مما ورد بهذا المضمون، والمراد بالظهور الغلبة والاستيلاء دون ضد الخفاء؛ لتصريحهم بعدم اشتراطه كما في الأولياء والأقطاب والأبدال، وعلى الحق أي مستولين عليه وحائزين له دون غيرهم من الطوائف، والطائفة تقع على الواحد كما في (النهاية) في شرح الحديث المذكور. (1)
وهذه الطائفة مجملة في بادئ النظر مع أنا متعبدون باتباع الحق واعتقاده و معرفته عقلاً ، وسمعاً ، وعرضه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من ذكر هذه الطائفة بيان الملجأ والإرشاد إلى الحجّة ومن عنده الحق دائماً فلا يحتمل في حقه (علیه السلام) الابقاؤها بحالها وعدم كشفه إجمالها مع ما كان عليه من الرأفة والرحمة على أمته، مع أنه (علیه السلام) لو لم يبين مراده منها لدخلت هذه الأحاديث في عداد الألغاز والمعميات.
وأنت خبير بأن مضمونها مطابق لأخبار عدد الخلفاء وأخبار الأمان، فإن قوله:« لا يزال الدين ظاهراً حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة» (2) صريح في أن ظهوره بالمعنى المذكور لوجود الخليفة ، ولا يكون ظاهراً بدون ظهور الخليفة عليه، فيكون المراد أن في كل عصر خليفة ظاهراً على الدين وهو الحق إلى قيام الساعة، وهذه عبارة أخرى عن وجود طائفة في كل زمان ظاهر على الحق إلى قيام الساعة، وهذا ظاهر لمن أنصف من نفسه.
وكذا أخبار الأمان، فإن قوله: «وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف»(3) صريح
ص: 294
في أن الحق عندهم، فيكون في قوة قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) « لا يزال أهل بيتي ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة».
فإذا كان المراد من أهل البيت كما تقدم هو الخلفاء فيتحد مفاد الطوائف الثلاث من غير تكلف، ودعوى أن المراد بالطائفة أهل العلم أو أهل الحديث أو أن الطائفة مفرقة من أنواع المؤمنين فمنهم شجعان مقاتلون ومنهم فقهاء ومنهم محدثون ومنهم زهاد و آمرون بالمعروف و ناهون عن المنكر ومنهم أهل أنواع من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونوا متفرقين في أقطار الأرض ، لا شاهد لها ولا برهان عليها، وإنما قالها من قالها بمجرد الاحتمال.
مع أنه لو أريد من أهل العلم جميعهم – فيكون المراد أن أهل العلم من أمتي على الحق دون جهالهم - سقط الكلام من الفائدة لو كان جميعهم على الحق، مع أنه خلاف الواقع؛ لما بينهم من الاختلافات العظيمة التي لا تكاد أن تنضبط ولا يمكن القول بحقية الجميع خصوصاً في المتناقضات والمتضادات، وإن أريد البعض الغير المعين منهم فهو إحالة على المجهول فلا ثمرة فيه أيضاً، وهذا الاهتمام ببيانهم ينافي ذلك وإن أريد البعض المعين المتصفون بما وصفهم فيه لزم حجية قولهم ووجب الاهتمام بشأنهم وتمييزهم عن غيرهم، بشواهد ظاهرة من كلامه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فهو صحيح والبعض معين والشاهد ما مر ويأتي.
وأما ما رواه جابر بن سمرة وابن عبد الله عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة». (1)
ص: 295
فهو مضاف إلى التفرد ولا يحتج بالمتفرد به في أمثال المقام المحتاج إلى المحتملات، وأحسن ما قيل فيه أن يراد بالمقاتلة الدفع
التأويل على جميع والمدافعة عن الحق بالبراهين القاطعة والدلائل الواضحة.
ففي (نهاية) الجزري في حديث المار) بين يدي المصلي قاتله فإنه شيطان أى دافعه عن قبلتك، وليس كل قتال بمعنى القتل.
ومنه حديث السقيفة: «قتل الله سعداً فإنه صاحب فتنة وشر» أي دفع الله شره (1)
وعليه فلا ينافي نظائره، ويؤيد ما حملنا عليه الحديث ما في (عقد الدرر) لأبي بدر السلمي، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا تزال طائفةٌ أمتي [يُقاتلون] (2) على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتّى يُقاتل آخِرُهم المسيح الدجال».
أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. (3)
ولولا أنّ المراد من المقاتلة في أول الكلام هو المدافعة لم يكن صادقاً؛ لعدم المظاهرة على الأعداء دائماً، وآخر الكلام صريح في أن الطائفة من أهل البيت لأن المهدي (علیه السلام) منهم.
ومنها: أخبار السفينة، ففي (وسيلة المآل في عد مناقب الآل) لأحمد بن
ص: 296
الفضل بن محمد باكثير الشافعي المكي - المتوفّى سنة (1047) كما في كتاب (خلاصة الأثر) ومدحه وأثنى عليه فيه، قال: وكان في الموسم يجلس في المكان الذي يقسم فيه الصر السلطاني بالحرم الشريف بدلاً عن شريف مكة (1) - عن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق »
أخرجه الملا(2) في سيرته والطبراني وأبو نعيم في الحلية والبزار، وغيرهم.
وأخرج أبو الحسن المغازلي في (المناقب) عن طريق بشر بن المفضل قال سمعت الرشيد يقول : سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاس ( رضي الله عنهما ) قال: قال رسول الله : «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تأخر عنها هلك».
وعن ابن الزبير قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ركبها سلم ومن تركها غرق». أخرجه البزار.
وعن سيّدنا علي كرم الله وجهه قال قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تعلق بها فاز، ومن تأخر عنها زخ(3) به في النار» أخرجه ابن السري.
ص: 297
وعن أبي [ذر الغفاري] (1) رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، ومثل [باب] (2) حطة بني إسرائيل» أخرجه الحاكم.
وأخرج أبو يعلى، عن أبي الطفيل، عن أبي ذر رضي الله عنه ولفظه: «إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة».
وأخرجه أبو الحسن المغازلي عنه[ وزاد فيه ] (3) «ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال».
ورواه أيضاً عن أبي سعيد الخدري عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: [ إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له ] (4)
ورواه الطبراني في الأوسط والصغير. (5)
ص: 298
وفي (فرائد السمطين )لإبراهيم بن محمد الحمويني الشافعي: (قال الواحدي: روى الحاكم في صحيحه عن أحمد بن جعفر بن حمدان، عن العباس القراطيسي، عن محمد بن إسماعيل الأحمسي، عن المفضل بن صالح، عن أبي إسحاق السبيعي، عن حنش بن معتمر الكناني، قال: سمعت أبا ذر وهو آخذ بباب الكعبة وهو يقول: أيها الناس فأنا من قد عرفتم، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر، إني سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من دخلها نجا ومن تخلف عنها هلك». (1)
قال: ثمّ قال الواحدي: انظر كيف دعا الخلق إلى التسبب (2)إلى ولائهم والسير تحت لوائهم بضرب مثلهم بسفينة نوح (علیه السلام)
جعل ما في الآخرة من مخاوف الأخطار وأهوال النار كالبحر الذي لجّ براكبه فيورده مشارع المنيّة، ويفيض عليه سجال البليّة.
وجعل أهل بيته عليه وعليهم السلام سبب الخلاص من مخاوفه والنجاة م-ن متالفه، وكما لا يعبر البحر الهياج عند تلاطم الأمواج إلّا بالسفينة، كذلك لا يأمن لفح الجحيم، ولا يفوز بدار النعيم إلا من تولّى أهل بيت الرسول ( صلوات الله عليه وعليهم ) ونحل لهم وده ونصيحته وأكد في موالاتهم عقيدته، فإن الذين تخلّفوا تلك السفينة آلوا شرّ مآل، وخرجوا من الدنيا إلى أنكال وجحيم عن ذات أغلال.
ص: 299
وكما ضرب مثلهم [ب] (1)سفينة نوح، قرنهم بكتاب الله فجعلهم ثاني الكتاب وشفع التنزيل، انتهى). (2)
ومنه يظهر أن المشبه بركوب السفينة هو التمسك بهم والاعتصام بحبلهم فمن اعتمد عليهم في مسائل الدين فاز ونجا ومن لم يعتمد عليهم غرق وهلك، ومصداق هذا إنما يكون في الآخرة لا في الدنيا؛ إذ الوجدان يكذبه فيكون المراد بالنجاة والهلاك إنما هو الواقع في الآخرة، كما يدل عليه صريحاً قوله: «زخ في النار ومن قاتلنا... إلخ » ، فالمتمسك بهم ناج فائز في الآخرة كما مقتضى مماثلتهم بالسفينة في نجاة المتعلق بها، والمخالف لهم هالك في الآخرة كما هو مقتضى المتخلف عن السفينة، فلابد من الحكم بكونهم مستقرين على الحق أبداً ظاهرين عليه دائماً لا يفارقونه آناً ما، وإلا لم تحصل النجاة لمن تمسك بهم في ذلك الآن. وهذا بعينه هو المستفاد من أخبار الخلفاء وأخبار الطائفة وأخبار من لم يعرف إمام زمانه ،وغيرها، فلابد من الحكم باتحاد المقصود من الطوائف المذكورة فتكون النتيجة ما قدمناه. والقول في حديث باب حطة كالقول في حديث السفينة.
ومنها ما ذكره السدي - وهو من قدماء المفسرين ونقله عنه جماعة – قال في خلال قصة إبراهيم الخليل (علیه السلام)- قال (كرهت سارة مكان هاجر فأوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل (علیه السلام)فقال: انطلق بإسماعيل وأمه حتى تنزلهم بيتي التهامي يعني
ص: 300
مكة، فإني ناشر ذريته وجاعلهم ثقلاً على من كفر بي وجاعل منهم نبياً عظيماً ومظهره على الأديان، وجاعل من ذريته اثني عشر عظيماً وجاعل ذريته عدد نجوم السماء، انتهى ) (1)
وقريب منه ما في التوراة في السفر الأول بعد انقضاء قصة سارة، وما خاطب الله به إبراهيم في أمرها وولدها قوله عز وجل: وقد أجبت دعاءك في إسماعيل وقد سمعتك فيما باركته وسأكثره جداً جداً وسيولد منه اثنا عشر عظيماً أجعلهم أئمة كشعب عظيم.
كذا في مؤلفات بعض القدماء، وفي النسخة الموجودة عندنا ويولد منه اثنا عشر شريفاً وأجعل منه أمة عظيمة... إلى آخره. (2)
وليس الغرض الاحتجاج بذلك، بل لمجرد الاستئناس والتأييد بحمل ما ذكره السدي المؤيد بما في التوراة على الخلفاء الاثني عشر المنصوصة السابقة؛ لعدم جواز حمل الوصف الموجود فيهما من العظمة والشرافة على بني مروان خصوصاً الوليد الزنديق وقبله يزيد، ولا اثنى عشر عظيماً - من حيث العلم والعمل والكمال والنباهة والشرافة والحكمة والبيان من أهل بيت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) غيرهم، فما ذكر أحد أحداً منهم إلا بالعظمة والجلالة والتوصيف بما ذكرناه وفوقه مما هو من شروط خلافة النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)من حيث نبوته ورسالته من العلم بالأحكام وما يصلح يصلح به العباد وتعمر بها البلاد وإبلاغها كما هي وتزكيتهم
ص: 301
وتكميلهم، قال الله تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبين )(1)
وقال تعالى: (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الكتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾. (2)
وقال تعالى حاكياً عن جده (3)إبراهيم وإسماعيل : ( رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً منْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الحكيم. ) (4)
وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) (5)
فالغرض الأصلي من البعث إنفاذ هذه المقامات الأربعة وإتمامها وإكمالها ثمّ ما يترتب على ذلك في بعض الأوقات من السلطنة القاهرة (6)وقهر العباد وتسخير البلاد، فتلزمه تكاليف أخرى إلهية مما يتعلق بأمور السياسة وانتظام الملك وبسط العدل وغير ذلك أغراض تبعية من البعثة قد ترتفع بارتفاع السلطنة والقهر وعدم
ص: 302
نيلها، وهو مع ذلك رسول معظم مبعوث لا يضره كغيره من الرسل قلة الأتباع والضعف والفقر، بل التستر والحبس ولو في ظلمات بطن الحوت.
قال الشيخ أبو شكور محمد بن عبد الرشيد بن شعيب الكشي السلمي الحنفي مجدد الألف الثاني على ما زعموا في حقه في كتابه المسمى ب(التمهيد في بيان التوحيد): (قال بعض الناس: إن الإمام إذا لم يكن مطاعاً فإنه لا يكون إماماً؛ لأنه إذا لم يكن القهر والغلبة له فلا يكون إماماً.
قلنا: ليس كذلك؛ لأن طاعة الإمام فرض على الناس، فإن لم يكن القهر فذلك يكون من تمرد الناس وهو لا يعزله عن الإمامة، فلو لم يطع الإمام فالعصيان حصل منهم وعصيانهم لا يضر بالإمامة. ألا ترى أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ما كان مطاعاً في أوّل الإسلام وما كان له القهر على أعدائه من طريق العادة، والكفرة قد تمردوا عن أمره ودينه وقد كان هذا لا يضره ولا يعزله عن النبوة، وكذا الإمام خليفة النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)لا محالة ، وكذلك علي (علیه السلام) ما كان مطاعاً من جميع المسلمين ومع ذلك ما كان معزولاً، فصح. ولو أن الناس كلهم ارتدوا عن الإسلام والعياذ بالله فإن الإمام لا ينعزل عن الإمامة فكذلك بالعصيان ،انتهى) (1)
فهم خلفاؤه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في العلم والحكمة وبيان الكتاب وفصل الخطاب وتزكية الخلائق كما هو مقتضى جعله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إياهم شركاء القرآن وعطفه أهل البيت على الكتاب المقتضى للتشريك في العامل، ولا ريب أن الغرض من جعله القرآن خليفة له خصوصاً في أيام وفاته كما في جملة من الأخبار وتقديمه التحذير من
ص: 303
الضلال والوعيد عليه هو التمسك به في الأحكام الدينية من المعارف والأخلاق والحلال والحرام والواجبات والمحرمات وغيرها، فيكون القرآن خليفة له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في هذه المقامات (1) فلابد أن يكون استخلاف العترة والأهل أيضاً فيها خصوصاً
ص: 304
ص: 305
على ما في (الصواعق) قال بعد ذكر جملة من طرق هذا الحديث:
(وفي رواية صحيحة: «إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن تبعتموهما وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي». زاد الطبراني «إني سألت ذلك لهما فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم».
إلى أن قال (تنبيه) سمى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) القرآن وعترته وهي بالمثناة الفوقية الأهل والنسل والرهط الأدنون ثقلين؛ لأن الثقل كل نفيس خطير مصون وهذان كذلك، إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنية والأسرار والحكم العلية والأحكام الشرعية. ولذا حث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منهم وقال:
ص: 306
الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت، وقيل: سميا ثقلين؛ لثقل وجوب رعاية حقوقهما ثم الذين وقع الحث عليهم منهم [ إنما هم ] العارفون بكتاب الله وسنة رسوله؛ إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض، ويؤيده الخبر السابق: ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ، وتميزوا بذلك عن بقية العلماء؛ لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وشرفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة، وقد مرّ بعضها وسيأتي الخبر الذي في قريش وتعلموا منهم فإنهم أعلم منكم فإذا ثبت هذا العموم لقريش فأهل البيت أولى منهم بذلك؛ لأنهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا يشاركهم فيها بقية قريش.
و فی أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض كما يأتي ويشهد لذلك الخبر السابق: «في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي... إلى آخره. (1)
ثمّ أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما قدمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته، ومن ثمّ قال أبو بكر علي (علیه السلام) عترة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أي الذين حث على التمسك فخصه لما قلنا، وكذلك بهم خصه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بما مر يوم غدير خم، والمراد بالعيبة والكرش في الخبر السابق آنفاً
ص: 307
أنهم موضع سره وأمانته ومعادن نفائس معارفه وحضرته، إذ كل من العيبة والكرش مستودع لما يخفى فيه مما به القوام والصلاح، لأن الأول لما يحرز فيه نفائس الأمتعة والثاني مستقر الغذاء الذي به النمو وقوام البنية، وقيل هما مثلان لاختصاصهم بأموره الظاهرة والباطنة إذ مظروف الكرش باطن والعيبة ظاهر، انتهى). (1)
وحاصله أنه لا بد في كل عصر بعد النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)إلى يوم القيامة من وجود رجل من أهل البيت (علیهم السلام)يجب التمسك به في أمور الدين ومتابعته فيها ومعرفته، ومن لم يعرفه ولم يتمسك به في الأحكام الشرعية كان ضالاً هالكاً، فهو خليفة كالقرآن المجيد وشريكه وسهيمه من هذه الجهة ولا يفترقان أبداً إلى يوم القيامة، فلا بدّ وأن يكون هو الإمام في كل زمان من لم يعرفه كان موته موتة الجاهلية، إذ لا يجب في كل زمان إلا معرفة إمام واحد يجب التمسك به؛ لئلا يكون ضالاً ويموت موتة الجاهلية، وأن يكون عالماً طاهراً من الأرجاس الظاهرة والباطنة لا يخطئ ولا يسهو وإلا لزم التفريق بينه وبين القرآن فيخرج عن الخلافة وهو خلاف الأخبار السابقة.
وهذا هو أساس مذهب الإماميّة، وإذا عرض ما استنبط وحققه من الأحاديث السابقة على أخبار الخلفاء لا يستريب المنصف أنها أيضاً في عداد هؤلاء وشرح وبيان وتفصيل لها، فإن غاية زمان الاثني عشر أيضاً يوم القيامة، وبهم يعز الدين ويقوم، فلابد وأن يكونوا هم العدول والأمان وأئمة الزمان وشركاء القرآن.
ص: 308
فما كان ضر هؤلاء المشايخ والأعلام إذا تلقوا هذه الطوائف من الأحاديث بالقبول وجعلوا المراد منها واحداً، والغرض منها الأمر بوجوب التمسك برجل من أهل البيت كالتمسك بالقرآن أن يجعلوهم اثني عشر عملاً بأخبار الخلفاء ولم يجعلوا خلفاءه العاملين بالحق مثل أبى القرود يزيد الخمار (1) الفتاك والوليد الزنديق الناكح ابنته الرامي كتاب الله بالنشاب، متمسكاً بقوله في طريق ضعيف (2) غير موجود في الصحاح وكلهم يجتمعون عليه مع لوازمه الفاسدة التي قدمنا بعضها، ومنها وجوب إخراج أمير المؤمنين علي (علیه السلام) منها لأنه منها لأنه لم يجتمع عليه تمام أهل الشام وكثير في غيره.
فإن خافوا إن التزموا بذلك الالتزام بمذهب الإماميّة، فيجاب بأن هؤلاء الأعلام والمشايخ الذين عددنا أساميهم وذكرنا بعض كلماتهم الصريحة فيما ادعينا، كلهم من أهل السنة والجماعة لا مجال للشبهة فيهم، فكيف جمعوا بين عقيدة أهل السنة فيما يتعلق بالخلافة وما ذكرنا واعتقادنا (3) أن المهدي (علیه السلام) الموعود هو الحجّة بن الحسن العسكري (علیه السلام) الإمام الثاني عشر والخليفة الثاني عشر الباقي إلى قبيل الساعة، وإنما هم (علیهم السلام)عندهم خلفاؤه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في العلم والحكمة وتكميل النفوس بالقول والفعل بمنزلة الأقطاب، بل هم الأقطاب كما صرح به بعضهم، بل في الأخير جماعة. (4)
ص: 309
وقد قال الشعراني في المبحث الخامس والأربعين: (قد ذكر الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه أن للقطب خمس عشر علامة: أن يمد بمدد العصمة والرحمة والخلافة والنيابة، ومدد حملة العرش العظيم، ويكشف له عن حقيقة الذات وإحاطة الصفات، ويكرم بكرامة الحلم والفضل بين الموجودين وانفصال الأول عن الأول وما انفصل عنه إلى منتهاه، وما ثبت فيه وحكم ما قبل وما بعد، وحكم ما (1) لا قبل له ولا بعد وعلم الإحاطة بكل [ علم و ] (2) معلوم ما بدا من السر الأول إلى منتهاه ثمّ يعود إليه، انتهى). (3)
مع أن جمهور الإمامية لا يدعون هذه المقامات لأئمتهم (علیهم السلام)، وكذا لا يشترط عندهم كونهم مطاعين في الظاهر ، بل ولا ظاهراً عند الناس كما تقدم، فالقول بمهدوية الحجة بن الحسن (علیهما السلام)لا يجتمع مع التدين بمذهب أهل السنة والجماعة على النحو الذي قررناه، فلا وحشة من هذه الجهة وإن أوقعتهم في هذه الرزية الشبهات الواهية التي أوردها بعضهم على هذا القول، فهي كما ستعرف
ص: 310
استبعادات عادية لا يمكن رفع اليد عن طوائف من النصوص بسببها كما أشرنا إلى نظيرها في حديث الدجال.
(تنبيه): كل من وقف على حالات النبي الأكرم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) اللذي وصفه الله تعالى
عليا الله بقوله: (بالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (1) وعلم شفقته ومحبته بأمته ووقف على هذه الطوائف من الأخبار وإخباره بوجود رجل من أهل بيته دائماً في كل عصر إلى يوم القيامة عنده ما تحتاج الناس إليه من أمور دينهم، من عرفه وتمسك به نجا وسلم، ومن لم يعرفه ولم يتمسك به هلك وضل، ومات موتة جاهلية - وهم خلفاؤه كالقرآن في أمته قد أمر بحفظهم وحراستهم، وأكد ذلك في مواقف عديدة في مجامع الناس علم يقيناً أنّه أشار إلى أساميهم الشريفة؛ لأنهم أشخاص معينون (2) ( بلغوا حسب إرادة الله تعالى إلى مرتبة صاروا شركاء القرآن، وطهرهم الله تعالى تطهيراً وصاروا عيبةً ومعادن للأسرار النبوية والحكم الإلهية، وهذا ليس مما يكتسب كما صرح به ابن حجر في خصوص الحسن (علیه السلام) بأنه في أيام الرضاعة كان ينظر في اللوح، وأن علومهم لدنيّة موهوبة - وقد تقدم (3) ولابد أن يقول ذلك، بل قال أيضاً في أبيه وأخيه (علیه السلام).
وروى الإمام الثعلبي في (العرائس) عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: صلى بنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) صلاة الفجر، فلما انفتل من الصلاة أقبل علينا بوجهه
ص: 311
الكريم فقال: معاشر المسلمين (1) من افتقد الشمس فليتمسك (2)بالقمر، ومن افتقد القمر فليتمسك بالزهرة، ومن افتقد الزهرة فليتمسك بالفرقدين.
فقيل يا رسول الله، ما الشمس وما القمر وما الزهرة وما الفرقدان؟ فقال أنا الشمس وعلي القمر وفاطمة الزهرة والحسن والحسين الفرقدان في كتاب الله تعالى لا يفترقان حتى يردا على الحوض.» (3)
وقال السيد علي السمهودي المدني الشافعي في الفصل الخامس من كتابه (خلاصة الوفا في أخبار مدينة المصطفى) وفي (فضل أهل البيت (علیهم السلام))لابن المؤيد الحموي عن جابر رضي الله عنه قال: «كنت مع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في بعض حيطان المدينة ويد علي في يده. قال: فمررنا بنخل فصاح النخل: هذا محمد سيد الأنبياء وهذا على سيّد الأولياء أبو الأئمة الطاهرين، ثم مررنا بنخل فصاح النخل هذا محمد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وهذا علي سيف الله، فالتفت النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)إلى علي (علیه السلام) فقال: سمه الصيحاني، فسمي من ذلك اليوم الصيحاني» (4)
وقال الشيخ الأكبر محيي الدين في (الفتوحات): «إن بين الفلك الثامن والتاسع قصراً له اثنا عشر برجاً على مثال النبي والأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم». (5)
وروى الإمام محيي السنة والحافظ أبو نعيم في الحلية والإمام أحمد والسيوطي في
ص: 312
جمع الجوامع وعلي المتقي في كنز العمال والحمويني في الفرائد بأسانيدهم عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) « من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنّة عدن التي غرس (1) الله تعالى أشجارها بيده فليوال علياً من بعدي وليوال وليه وليقتد بالأئمة من بعدي فإنّهم عترتي خلقوا من طينتي ورزقوا فهماً وعلماً، ویل للمكذبين لفضلهم من أمتي القاطعين صلتي لا أنالهم الله شفاعتي » (2)
وأخرج الطبراني والسيد علي الهمداني في روضة الفردوس والمحب الطبري في ذخائر العقبى وفي لفظهم: «فإنهم عترتي خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي». (3)
وروى أبو المؤيد الخوارزمي في المناقب والسيد علي الهمداني في كتاب المودّة عن الباقر، عن أبيه، عن جده الحسين (علیه السلام)قال: سمعت جدّي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: من أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي (4)ويدخل الجنة التي وعدني ربّي، فليتول علي بن أبي طالب، وذريته الطاهرين (5) أئمة الهدى ومصابيح الدجى من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة.» (6)
ص: 313
والأخبار في هذا المعنى أكثر من أن تحصى.
ك - نقول إنّه لا يقبل العقل السليم والفهم المستقيم أن يأمرهم باتباع من يجب معرفته ومتابعته ويكون الهلاك في الجهل به وعصيانه والتخلف عنه ولا يعينه لهم، هذا لعمري مما يجب تنزيهه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عنه فإنه أمر باتباع رجل مجهول والتمسك بحجزة من لا نعرفه، وأخذ أمور الدين ممن لا نعلم اسمه ولا وصفه، مع ما علم من غلبة الأهواء على أغلب النفوس البشرية، ورسوخ حب الرئاسة والعلو في أكثر القلوب، فلا يأمن من أن يدعي في كل عصر جماعة ممن حازوا شرف النسب أنهم هم ، كما أخبر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بذلك في خصوص دعوى المهدوية، بل النبوية (1) كما في إخباره عله عن الكذابين بعده في أحاديث كثيرة.
أما الإمامية فعندهم نصوص كثيرة متواترة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيها ذكر أساميهم الشريفة وكذا عن علي (علیه السلام)وعن كل واحد منهم، ولكنا لم نحتج في هذا المختصر بخبر واحد من رواياتهم ولم نتشبث بكلام واحد من علمائهم، ولكن وجدنا جملة من أحاديث حفاظ أهل السنة مثل رواياتهم وقد مرّ بعضها والباقي مذكور في المطولات.
ل - يحق للإمامية أن يقولوا لجماعة من أهل السنة الذين يزعمون عدم ولادة المهدي (علیه السلام) من غير دليل من الكتاب والسنة إن كان المراد من أهل السنة هم الذين يتبعون سنة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ويعملون بها فنحن أحق بهذا الاسم؛ لأنا اتبعنا سنته في جميع الطوائف من الأحاديث التي ذكرنا بعض طرقها، فإنا نعتقد أن الحجة
ص: 314
بن الحسن هو المهدي (علیه السلام)، وهو إمام الزمان الذي من لا يعرفه كانت موتته موتة
الجاهلية، وهو شريك القرآن الذي من تمسك به لا يضل أبداً، وهو السفينة التي من اعتصم بها نجا وهو العدل من أهل بيته (علیهم السلام) ينفي عن الدين... إلخ، وهو الأمان لأهل الأرض من الهلاك، وهو الخليفة الثاني عشر ممن أخبر ببقائهم إلى يوم القيامة، وهكذا كل ما ورد من هذا القبيل لما مر من دخوله (علیه السلام)في جميعها.
فلو سأل أحد عن جناب الناظم الذي زعم عدم ولادته واستغربها:
من إمام زمانك الذي إن مت ولم تعرفه هلكت؟
ومن الثقل الذي هو شريك القرآن في هذا العصر الذي إن لم تتمسك به ضللت؟ عن السفينة من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في أيامك هذه التي إن لم تركبها غرقت؟
من الخليفة من أهل بيت النبي الذي إن لم تتبعه زللت؟ عن باب حطة الذي إن لم تدخله في قرنك هذا هويت؟ من العدل من العترة الطاهرة الذي إن لم تطعه غويت؟
فإن أنكر أصل (1) وجوب وجوده في هذه الأعصار فهو الخلاف الصريح لتمام هذه الطوائف من الأحاديث، وإن قال بوجوده فليمن على معشر الإمامية ببيان نسبه وحسبه ومكانه مشروحاً مبرهناً فهو غاية المنى، وإلا فلا يليق للمتجاهر بمخالفة هذه السنن الأكيدة أن يقيم نفسه مقام الاعتراض والإيراد بما هو مس مسطور مع أجوبته في الكتب بقرون قبل ذلك، ويثير الفتنة وكانت نائمة، ويباغض بين القلوب وهي سالمة، فهو للاشتغال بإصلاح معتقده أحرى من التعرض لطائفة أخرى.
ص: 315
ص: 316
ص: 317
ص: 318
وهي أن الظلم قد ملأ الأرض وهو شرط ظهور المهدي (علیه السلام) ليملأها قسطاً وعدلاً، فلو كان موجوداً لظهر؛ لوجود شرط ظهوره، وإليه أشار الناظم بقوله:
وَكَيْفَ وَهَذا الوَقْتُ دَاعِ لِمِثْلِهِ ***فَفْيْهِ تَوالَى الظُّلْمُ وانتَشَرَ الشَّرُّ
وَما هُوَ إِلا ناشر العدل والهُدَى*** فَلَوْ كَانَ مَوجُوْداً لمَا وُجِدَ الجَوْرُ
والجواب:
أمّا أوّلاً: فبأنّ الموجود في متون الصحاح من أخبار المهدي (علیه السلام) أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أخبر بأنه يظهر فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلما وجوراً، فالشرط وجود الظلم العام في الأرض وقت ظهوره لا ظهوره، وفرق بين أن يقال: إذا ملئت الأرض يظهر المهدي، أو يظهر في وقت ملئت.
وعلى الأوّل: لابد من ظهوره في أول ظهور عموم الظلم لو اجتمعت باقي الشروط وارتفعت الموانع، وإلّا فلا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط إلّا أن يقال: إن ظهور الظلم علّة لخروجه فلابد من وجود المعلول عند وجود العلة.
وعلى الثاني: يصدق الإخبار النبوي: ولو ظهر وقد مضى من انتشار الظلم ألف سنة.
وأخرج الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بإسناده عن أبي سعيد الخدري،
ص: 319
قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «التملأ الأرض ظلماً وعدوانا، ثم ليخرجن رجل من: أهل بيتي حتى يملأها قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً وعدواناً». (1)
وفيه عن الجزء الثاني من كتاب (الفردوس) لابن شيرويه في باب الهاء عن جابر، قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) «يكون بعدي خلفاء، وبعد الخلفاء أمراء، وبعد الأمراء ملوك، وبعد الملوك جبابرة، وبعد الجبابرة يخرج رجل من أهل بيتي يملأ
الأرض عدلاً». (2)
وظاهره كون أيام الجبابرة أيام انتشار الجور والله العالم بعدتهم ومدته وهو صريح في تأخير الظهور عن أيام عموم الجور.
نعم، في بعض الأحاديث الموجودة في غير الصحاح ما لعله يمكن استظهار الوجه الأوّل منه.
وعليه فنقول: هذا الإيراد مشترك بين الفريقين، فإنّا نقول: قد أخبر الصادق المصدق نبينا الأكرم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حسب الأحاديث المتواترة أنّ رجلاً من أهل بيته يقال له: المهدي، يخرج في آخر الزمان متى عمّ الظلم العباد، وانتشر الجور في البلاد، وقد عمّ الظلم وانتشر ، ولا نرى صدق ما أخبر لا المهدي (علیه السلام)ظهر ولا الظلم تبتر، فهل عجز رب البرية نعوذ بالله عن إيجاد المهدي (علیه السلام)وإظهاره؟ أو كذب النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)والعياذ بالله في إخباره أو خلقه وأمره فعصى ولم يخرج؟ أو الظلم والجور لم
ص: 320
ينتشر في البلاد؟ أو انتشر ولكن الشرط وجوده في وقت ظهوره، فيجوز أن تكون أيام الظلم قروناً متطاولة فلا فرق بين القول بالولادة وعدمها من هذه الجهة.
ولا مناص للناظم إلّا الالتزام بأحد الشقين الأخيرين ليجيب بهما (1) عن السؤال عن سر عدم الإيجاد، وهو الجواب عن السؤال عن علّة عدم الظهور حرفاً بحرف والسؤال عن الفائدة في إيجاده وإخفائه إلى أوان ظهوره شبهة أخرى تأتي، إنّما الكلام في شبهة عدم الظهور مع عموم الجور، وقد تبين أنها مشتركة.
وأما ثانياً: فلأن رافع الظلم وهادمه ظهوره، وخروجه (علیه السلام)لا مجرد وجوده، وإلّا فعلى أصول أهل السنّة إذا ولد لابد وأن يصير بالغاً عاقلاً حتى يكون قابلاً للإمامة ،والخلافة، ولا يرتفع الظلم في هذه المدة لمجرد أنه وجد، بل يحتاج إلى بلوغه ورشده وخروجه، وهذا الخروج لا بد وأن يكون بأمر من الله تعالى، فإنّه خليفة الله في أرضه، فلا يفعل شيئاً إلا بأمره تعالى، فمرجع السؤال إلى أنه تعالى لم لا يأمره بالظهور والخروج لو كان موجوداً؛ لأن الأرض ملئت جوراً.
وهذا السؤال: مضافاً إلى الاشتراك لأنه يقال للنافي أيضاً: لم لا يُوجد الله المهدي، ويأمره بالخروج ؟ وأن يملأ الأرض عدلاً، فإنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أخبر بأنه إذا ملئت الأرض بالظلم يخرج المهدي (علیه السلام)وقد ملئت؟ فلابد من الخروج المتوقف على الولادة صوناً للأحاديث النبوية عن احتمال تطرق الكذب فيها لا وقع له، فإن بابه مسدود وسائله مردود، فإنّه تعالى لا يسأل عما يفعل، ولا يجوز أن يقال له
ص: 321
تعالى: لم (1) فعلت عند جميع المسلمين وإن افترقوا في وجهه وعلّته.
ووجه عدم جواز السؤال على أصول الأشعرية (2) أظهر؛ إذ ليس فعل-ه تعالى معللاً بغرض وحكمة، بل كل ما يفعله حكمة؛ لأنه يفعل ما فيه الحكمة، فلا محل للسؤال حتى يحكم عليه بالجواز وعدمه.
وأما ثالثاً: فعلى فرض التسليم فالجهل بوجه الإخفاء، وحكمة عدم الظهور ولا يجوز أن يصير سبباً لرفع اليد عما أداه الدليل، وقام عليه البرهان من السنن المتواترة التي أشرنا إلى طوائف منها، وإلا لزم إنكار كثير من أفاعيله تعالى بالنسبة إلى نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وأفاعيله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بالنسبة إلى أمته التي لم تكن إلّا بالوحي وأكثر الأوامر والمناهي مما لا نعلم سرها وحكمتها.
وقد أخرج محمد بن علي بن بابويه القمي في كتاب (علل الشرائع) – وهذا كتاب قد اعتمد عليه الشيخ عبد الملك العصامي في تاريخه (3) وأخرج منه جملة من أخباره - فروى فيه مسنداً عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (علیهما السلام) يقول: «إنّ لصاحب [هذا ] (4)الأمر غيبة لا بد منها پرتاب فيها كل مبطل.
ص: 322
فقلت له: ولم جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم.
قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ فقال: وجه الحكمة في غيبته، وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر من خرق السفينة، وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى إلا وقت افتراقهما، يا بن الفضل هذا أمر من أمر الله، وسرُّ من سر الله، وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنه عزّ وجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها ،حكمة، وإن كان وجهها غير منكشف لنا». (1)
وهذا كسابقه في كونه متفقاً عليه بين بين المسلمين.
وأما رابعاً: فبالنقض بمسيح الدجال الكافر المضلّ الغاوي، الحي الموجود، المطيع لهواه، العاصي لمولاه، الغائب عن أعين الناس، فلم لا يظهر ولا يطلب غرضه وميعاده أيضاً زمان الجور العام؟
وأخرج الحافظ نور الدين الهيثمي المصري في الجزء الثالث من كتابه (مجمع الزوائد) عن جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يخرج الدجال في خفقة (2)من الدين، وإدبار من العلم وله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة، واليوم منها كالشهر، واليوم منها كالجمعة، ثمّ سائر أيامه كأيامكم هذه، وله حمار يركبه، عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعاً، فيقول للناس: أنا ربكم، وهو أعور وإنّ ربّكم عزّ وجل ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر، مهجاة يقرؤه
ص: 323
كل مؤمن كاتب وغير كاتب يرد كل ماء ومنهل إلّا المدينة ومكة حرمهما الله عزّ وجلّ عليه وقامت الملائكة بأبوابها (1) ، معه جبال من خبز، والناس في جهد إلّا من تبعه، ومعه نهران أنا أعلم بهما منه نهر يقول: الجنّة، ونهر يقول: النار، فمن أدخل الذي يسمّيه الجنّة، فهو النار ، ومن أدخل الذي يسميه: النار، فهو الجنّة.
قال: وتبعث معه شياطين تكلّم الناس، ومعه فتنة عظيمة يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس فيقول للناس: أيها الناس، هل يفعل مثل هذا إلّا الربّ؟
قال: فيفرّ الناس إلى جبل الدخان في الشام فيحاصرهم فيشتد حصارهم، ويجهدهم جهداً شديداً، ثم ينزل عيسى بن مريم فينادي من السحر: يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى هذا الكذاب الخبيث؟
فيقولون: هذا رجل جني (2) فينطلقون فإذا هم بعيسى (علیه السلام) فتقام الصلاة، فيقال له: تقدم يا روح الله، فيقول : ليقدمكم إمامكم فليصل بكم، فإذا صلّى صلاة الصبح خرج إليه.
قال: فحين يراه الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء، فينتهي إليه فيقتله، حتى إن الشجرة والحجر تنادي: هذا يهودي، فلا يترك أحداً ممن كان، يتبعه إلّا قتله».
رواه أحمد بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح. (3)
ص: 324
بل يظهر من جملة من الأخبار صلاحية كل وقت لخروجه وأمره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بالحذر عنه وأخذ الحذر لفتنته في كل زمان.
ففي الكتاب المذكور عن عبد الله بن الحارث بن جزء (1) قال: «ما كنا نسمع فزعة ولا رجة في المدينة إلّا ظننا أنه الدجال لما كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يحدّثنا عنه ويقربه لنا».
رواه الطبراني، والبزار. (2)
وعن سهل بن حنيف أنه كانت بين سلمان الفارسي وبين إنسان منازعة، فقال سلمان: «اللهم إن كان كاذباً فلا تمته حتى تدركه أحد الثلاثة، فلما سكن عنه الغضب قلت يا أبا عبد الله، ما الذي دعوت به على هذا؟ قال: أخبرك فتنة الدجال، وفتنة أمير كفتنة الدجال، وشح شحيح يلقى على الناس إذا أصاب الرجل المال لا يبالي مما أصابه».
رواه الطبراني. (3)
وعن عائشة قالت: «دخل علي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأنا أبكي.
فقال: ما يبكيك؟ قلت: يا رسول الله، ذكرت الدجال فبكيت.
فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إن يخرج وأنا فيكم كفيتكموه، وإن يخرج بعدي فإن ربِّكم عزّ وجلّ ليس بأعور ، إنّه يخرج من يهودية أصبهان حتى يأتي المدينة
ص: 325
فينزل بناحيتها (1) ، ولها يومئذ سبعة أبواب على كل نقب منها ملكان فيخرج إليه شرار أهلها حتى يأتي الشام مدينة فلسطين بباب اللد.
قال أبو داود مرة حتى يأتي باب فلسطين فينزل عيسى بن مريم فيقتله، ویمکٹ عيسى (علیه السلام) في الأرض أربعين سنة إماماً عدلاً وحكماً مقسطاً.
رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير الحضرمي بن لاحق، وهو ثقة». (2)
وعن أسماء بنت يزيد الأنصارية، قالت: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في بيتي فذكر
الدجال... إلى أن قالت: ثم خرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لحاجة له ثم رجع.
قالت والقوم في اهتمام وغم مما حدثهم.
قالت: فأخذ بحلقتي (3)الباب وقال: مهيم أسماء (4) ؟
:قالت قلت يا رسول الله، لقد خلعت أفئدتنا بذكر الدجال.
قال: إن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه، فأنا حجيجه، وإلا فإنّ ربّي عزّ وجلّ خليفتي على كل مؤمن... الخبر ». (5)
قال: وفي رواية: «أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) جلس مجلساً مرة فحدثهم عن أعور الدجال وزاد فيه فقال مهيم وكانت كلمة من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذا سأل عن شيء، قال: مهيم.
ص: 326
وزاد فيه فمن حضر مجلسي وسمع كلامي منكم فليبلغ الشاهد الغائب». (1)
وعنها: «أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذكر الدجال... إلى أن قالت ثمّ قام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يتوضأ، فسمع
بكاء الناس وشهيقهم، فرجع فقام بين أظهرهم فقال: أبشروا فإن يخرج وأنا فيكم فالله كافيكم ورسوله، وإن يخرج بعدي فالله خليفتي على كل مسلم». (2)
وعن جبير بن نفير، عن أبيه أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذكر الدجال، فقال: «إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجكم، وإن يخرج ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. » (3)
وعن عبد الله بن بسر أنه سمع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : يقول: «ليدركن الدجال من أدركني، أو ليكونن قريباً من موتي».
رواه الطبراني في الأوسط. (4)
وعن عروة بن الزبير، قال: قالت أم سلمة: «ذكرت الدجال ليلة فلم يأتني النوم، فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأخبرته فقال: لا تفعلي فإنّه إن يخرج وأنا فيكم يكفيكم الله بي، وإن يخرج بعد أن أموت يكفيكموه بالصالحين... الخبر». (5)
وهذه الروايات الصحيحة كما ترى صريحة في عدم وقت معين لخروجه،
ص: 327
وصلاحية كل عصر وزمان له، ونساء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأصحابه كانوا خائفين مترقبين له وقررهم عليه، ومع ذلك مضت قرون كثيرة وهو غائب مستور، لا ظهر ولا خرج مع ماله من أسباب الفتنة والإضلال، مما لم يجمع قليل منها لأحد ممن كان قبله من أئمة الضلال، فلابد من إرجاع الأمر إليه تعالى وأن لخروجه شرطاً أو شروطاً لا يعلمها إلّا الله عزّ وجلّ لم تجتمع بعد.
وكما أنّ الدجال أعد لفتنة الخلق وامتحانهم وابتلائهم وإضلالهم، وأعطي من أسبابهم ما لم يعط أحد من سنخه قبله، فكذلك المهدي (علیه السلام)أعده الله تعالى لنشر العدل وبسطه في تمام بسيط الأرض وهداية الناس وأعطاه من أسبابها ما لم يعطه أحداً ممن كان قبله من الأنبياء والأوصياء (علیهم السلام) ، فكيف جاز إبداء العذر لمسيح الدجال شيخ أئمة الضلال، وإظهار تحير العقول في عدم ظهور خاتم الخلفاء (علیهم السلام) مع تساويهما في ورود الشبهة من الجهة المذكورة؟!! فالفرق تحكم واضح.
وأمّا خامساً: فلأن للمهدي (علیه السلام) أصحاباً خاصة أعدهم الله تعالى له، عدة أصحاب بدر، ولهم نعوت خاصة، وصفات مخصوصة لا يشركهم فيها أحد، أما عند معاشر الإمامية فهم من أهل بلاد متفرقة من كل بلد واحد أو اثنان أو أكثر، وأمّا عند أهل السنّة، فأخرج أبو بدر يوسف بن يحيى في كتاب (عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر) عن عبد الله بن عباس ( رضي الله عنهما ) قال: «يبعث الله المهدي (علیه السلام)بعد إياس، حتى يقول الناس لا مهدي، وأنصاره من أهل الشام، عدتهم ثلاثمائة وخمسة عشر (1) رجلاً ، عدة أصحاب بدر، يسيرون إليه من الشام حتى
ص: 328
يستخرجونه من بطن مكة، من دار عند الصفا، فيبايعونه كرهاً، فيصلي بهم ركعتين صلاةَ المُسافر عند المقام، ثمّ يصعد المنبر».
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب (الفتن) (1). (2)
وعن محمد بن الحنفية قال: «كنا عند علي (علیه السلام)، فسأله رجل عن المهدي (علیه السلام)؟
فقال (علیه السلام): هيهات (3)، ثم عقد بيده تسعاً (4)، ثمّ قال: ذاك يخرج في آخر الزمان، إذا قال الرجل: الله الله (5) قتل، فيجمع الله تعالى قوماً قزع كقزع (6) السحاب، يؤلّف الله بين قلوبهم، (لا يستوحشون إلى أحد، ولا يفرحون بأحد دخل فيهم) (7)، على عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون، ولا يدركهم الآخرون، على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر... الحديث».
أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم في (مستدركه)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه، انتهى. (8)
ص: 329
ولا يخفى أن قوله: ذلك يخرج في آخر الزمان يدل على أنه عقد بيده تسعاً عدد الأسماء التسعة من ولد الحسين (علیه السلام)، فلما بلغ إلى الحجة بن الحسن (علیه السلام)قال: ذلك يخرج في آخر الزمان، وهو نص منه (علیه السلام)على أن المهدي (علیه السلام)التاسع من ولد الحسين (علیه السلام)، فليتذكر.
وفي (مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي ، عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يسير ملك المشرق إلى ملك المغرب فيقتله، ثمّ يسير ملك المغرب إلى ملك المشرق فيقتله، فيبعث جيشاً إلى المدينة [ فيخسف بهم، ثم يبعث جيشاً فيسبى ناساً من أهل المدينة ] (1) فيعود عائد من الحرم (2) فيجتمع الناس إليه (3) كالطير الواردة المتفرقة حتى يجتمع إليه ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً (4)فيهم نسوة، فيظهر على كل جبار وابن جبار ويظهر من العدل ما يتمنى له الإحياء أمواتهم، فيحيا (5) سبع سنين، ثم ما تحت الأرض خير من فوقها».
رواه الطبراني في (الأوسط). (6)
إلى غير ذلك مما دلّ على أنه لا بد من وجود عدة أهل بدر من رجال إلهيين
ص: 330
بهم يظهر المهدي (علیه السلام)على كل جبار ، فوجودهم مقدمة لظهوره؛ ولذا ذكر ما يتعلق بهم في (عقد الدرر ) في باب أنّ الله تعالى يبعث من يوطئ له (علیه السلام)قبل إمارته (1)، ولم يقل أحد بولادتهم عند ولادة المهدي (علیه السلام)فهم يتولدون قبل ظهوره، فمجرد انتشار الظلم لا يصير سبباً لظهوره قبل وجود هؤلاء، بل لابد من وجودهم ثم ظهوره، فمع عدم العلم بوجودهم المسدود بابه لا وقع للسؤال عن عدم ظهوره لظهور عموم الظلم، وهذا ظاهر بحمد الله تعالى.
وأما سادساً: فلأن دولة القائم المهدي (علیه السلام)آخر الدول ولا دولة بعده للكفار، وإنما بعده فتن تتصل بقيام القيامة على ما نطقت به الأحاديث الكثيرة الموجودة في الصحاح وغيرها، وهو يملأ الأرض عدلاً، ولا يقبل جزية، ويخرب البيع والكنائس، ويقتل النصارى إلا من آمن به كما ورد في الأحاديث، وصرح به الثعلبي في (تفسيره) في قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعلَّمٌ للسَّاعَة... )(2)، ويكسر الصليب والأصنام، ويقتل الخنازير. (3)
وفي (عقد الدرر) عن الربعي المالكي بإسناده عن حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في قصة المهدي: «ويُبايع الناس له بين الركن والمقام، يردُّ (4)الله به الدين، ويُفتح له فتوحا، فلا يبقى على وجه الأرض إلا من
ص: 331
يقول: لا إله إلا الله». (1)
وهذا لا يكاد يتحقق إلّا بقتل ذريع من الكفار وعدم قبول الصلح والمهادنة، وكيف يقبل الصلح من يعبر جيشه البحار بأقدامهم وتنهدم الحصون وسور البلاد بتكبيراتهم.
وفي كتاب (البيان) وكتاب (عقد الدرر ) في ذكر فتوحاته من الأحاديث المصدقة لذلك شيء كثير (2)، ومن ذلك يعرف وجه مخالفة سيرته لسيرة جده (علیه السلام).
ففي (عقد الدرر) عن الحسن بن هارون بياع الأنماط، قال: «كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام)(3) [جالساً ] (4) فسأله المعلى بن خنيس أيسير المهدي (علیه السلام) إذا خرج بخلاف سيرة علي (علیه السلام) ؟
قال: نعم، وذلك أن علياً (علیه السلام) سار باللين والكف؛ لأنه علم أن شيعته (5) سيظهر عليهم من بعده، وأن المهدي (علیه السلام)إذا خرج سار فيهم بالبسط والسبي، وذلك لأنه يعلم أنّ شيعته لا يُظهر عليهم من بعده أبداً».
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب (الفتن). (6)
ص: 332
وعن محمد بن مسلم قال: «سمعت أبا جعفر محمد بن علي (علیهما السلام) يقول: لو يعلم الناس ما يصنع المهدي (علیه السلام)إذا خرج لأحبّ أكثرهم ألا يروه؛ مما يقتل من الناس، أما إنه لا يبدأ إلا بقريش، فلا يأخذ منها إلا السيف، ولا يعطيها إلا السيف، حتى يقول كثيرٌ من الناس ما هذا من آل محمد و لو كان من آل محمد (علیه السلام) لرحم الناس». (1)
وعن أبي عبد الله الحسين بن علي (علیهما السلام)، أنه قال: «إذا خرج المهدي (علیه السلام)، لم يكن بينه وبين العرب [وقريش] (2) إلا السيف، وما يستعجلون بخروج المهدي (علیه السلام)؟ ما لباسه إلّا الغليظ، وما طعامه إلّا الشعير، وما هو إلا السيف، والموت تحت ظلّ السيف». (3)
إذا عرفت ذلك نقول: إن المهدي (علیهما السلام) لمّا كان نقمة من الله تعالى، وعذاباً على الكفار والمشركين والملحدين، وبه ينقطع دابر الكافرين والظالمين، فلا بد وأن يظهر ويخرج في زمان لا يكون في أصلاب الكافرين ودائع نطف المؤمنين، الذين قدّر الله تعالى إخراجهم منها، فتضيع باستئصال شأفة الكفار، والله تعالى أعلم بمقدارها وزمان خلو الأصلاب منها، وقد صرح بذلك أبو عبد الله جعفر بن محمد (علیهما السلام)، وهو إحدى الحكم الظاهرة دون الحكمة الحقيقية التي صرح بأنها من الأسرار التي لا تنكشف إلا بعد ظهوره (علیه السلام)
فأخرج أبو جعفر محمد بن علي القمي في كتاب (العلل) بإسناده عنه (علیه السلام) أنه
ص: 333
قال في حديث: «إن القائم لن يظهر أبداً حتى تخرج ودائع الله عزّ وجل، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله عزّ وجلّ فقتلهم». (1)
ويشير إلى هذا أيضاً قوله تعالى( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبَّنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أليماً ) (2) فجعل تعالى وجود المؤمنين والمؤمنات مع الكفار واجتماعهم معهم
سبباً للأمر بالكف عن مقاتلة أهل مكة ؛ لئلا يصيب المؤمنين المقاتلين معرة بغير علم، وأنهم لو تميزوا منهم لأمر بها ووجود النطف في الأصلاب نوع منه، فإذا تزيلوا ظهر وخرج وقتل الذين لا توجد عندهم وديعة، وفي قصة نبي الله نوحه (علیه السلام) ما يشهد بصدق ذلك.
قال الثعلبي في (العرائس) بعد ذكر بعض ما فعله قومه به من الأذى:
(فقال :نوح ربِّ قد ترى ما يصنع بي عبادك، فإن يكن لك في عبادك حاجة فاهدهم، وإن يكن غير ذلك فصبرني حتى تحكم بيني وبينهم، وأنت خير الحاكمين.
ص: 334
فأوحى الله إليه( أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (1) ، فأيسه من إيمان قومه، وأخبره أنه لم يبق في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء مؤمن، فعند ذلك دعا عليهم وقال: (رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْني... الآية ﴾...(2) إلى أن ذكر أنه تعالى أمره أن يصنع الفلك، قال: قال نوح: يا ربّ وأين الخشب؟ قال: اغرس الشجر، فغرس الساج، وأتى على ذلك أربعون سنة، وكف في تلك المدة عن الدعاء، فلم يدعهم، فأعقم الله تعالى أرحام نسائهم فلم يولد لهم ولد... القصة). (3)
وأمّا سابعاً: فبأت الظلم العام والجور المنتشر الذي أشير إليه إجمالاً في الأحاديث النبوية ، قد فسر في بعضها بما لا يمكن انطباقه على الظلم الذي زعم جناب الناظم انتشاره، فسأل عن وجه عدم ظهوره مع وجود شرطه أو مقتضيه.
ففي (عقد الدرر) لأبي بدر السلمي عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : « ينزل [ بأمتي في] (4) آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، لم يُسمع ببلاء أشد منه، حتى تضيق عليهم الأرض الرّحبة، وحتّى تُملأ الأرض جوراً وظلماً، حتى لا يجد المؤمن ملجاً يلجأ (5) إليه من الظلم فيبعث الله عزّ فضله رجلاً من عترتي (6) فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلّا أخرجته، ولا السماء
ص: 335
من قطرها [ شيئاً] (1) إلا صبته عليهم مدراراً، يعيش فيهم سبع سنين، أو ثمانياً، أو تسعاً، يتمنى الإحياء الأموات مما صنع الله بأهل الأرض من خيره». (2)
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله الحاكم في( مستدركه) على شرط البخاري ومسلم.
:وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. (3)
ورواه أيضاً، عن أبي سعيد باختلاف يسير، وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في (مناقب المهدي (علیه السلام)). (4)
وعن ابن سيرين، عن أبي الجلد ، قال : ( تكون فتنة تكون بعدها أخرى (5)، فما الأولى في الآخرة إلّا كمثل السوط يتبعه ذباب السيف، ثم تكون فتنة يستحلُ فيها المحارم كلّها، ثمّ تجتمع الأمة على خيرها ثانيةً، هنيئاً لمن هو قاعد في بيته).
أخرجه الحافظ أبو عبد الله حماد بن نعيم في كتاب (الفتن). (6)
وأخرج البغوي في (المصابيح) (7) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول
ص: 336
الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «سيكون بعدي فتن منها فتنة الأحلاس (1) يكون فيها هرب وضرب، ثمّ من بعدها فتن أشد منها كلما قيل انقضت تمادت حتى لا يبقى بيت من عرب إلا دخلته ولا مسلم إلا وصلته، حتى يخرج رجل من عترتي». (2)
وروى الحافظ أبو عبد الله الكنجي في كتاب (البيان)، قال: (أخبرنا السيد النقيب الكامل مستحضر الدولة شهاب الحضرتين سفير الخلافة المعظمة علم الهدى، تاج أمراء رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أبو الفتوح المرتضى بن أحمد بن محمد (3) بن جعفر بن زید بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين الشهيد ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیهم السلام)عن أبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي، عن أبي علي الحسين بن الحسين بن أحمد الحداد، أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني.
وأخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل بحلب، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي زيد الكراني بأصبهان، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية، أخبرنا أبو بكر بن زيدة، أخبرنا الحافظ أبو القاسم الطبراني، حدّثنا محمد بن
ص: 337
زريق بن جامع المصري، حدّثنا الهيثم بن حبيب، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن علي الهلالي، عن أبيه قال: «دخلت على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في شكايته التي قبض فيها فإذا فاطمة (علیها السلام) عند رأسه، قال فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) طرفه إليها وقال: حبيبتي فاطمة ما يبكيك؟ فقالت: أخشى الضيعة من بعدك، فقال: حبيبتي أما علمت أن الله اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته.
ثم اطلع اطلاعة فاختار منها بعلك، وأوحى إلي أن أنكحك إياه، يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم تعط أحداً قبلنا ولا تعطى أحداً بعدنا: أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله ، وأحب المخلوقين إلى الله، وأنا أبوك، ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله وهو بعلك، ومنا وهو بعلك، ومنا من له جناحان أخضران يطير في الجنّة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك، ومنا سبطا هذه الأمة، وهما ابناك الحسن الحسين وهما سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما.
يا فاطمة، والذي بعثني بالحق أن منهما مهدي هذه الأمة، إذا صارت الدنيا هرجاً ،و مرجاً، وتظاهرت الفتن وتقطعت السبل، وأغارت بعضهم على بعض، ولا كبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوفّر كبيراً، يبعث الله عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوباً غلفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الدنيا عدلاً كما ملئت جوراً.
يا فاطمة، لا تحزني ولا تبكي فإن الله تعالى أرحم بك، وأرأف عليك مني
ص: 338
وذلك لمكانك منّي، وموقعك في قلبي، وزوجك الله زوجك وهو أشرف أهل بيتك حسباً، وأكرمهم منصباً، وأرحمهم بالرعيّة، وأعدلهم بالسوية، وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربي أن تكوني أوّل من يلحقني من أهل بيتي».
قال: فلما قبض النبي لم تبق فاطمة بعده إلا خمسة وسبعين يوماً حتى ألحقها الله به صلى الله عليهما وسلم.
قلت: هكذا ذكره صاحب (حلية الأولياء) في كتابه المترجم بذكر نعت المهدي (علیه السلام)وأخرجه الطبراني شيخ أهل الصنعة في معجمه) الكبير قال عقيبه: علي بن علي مكّي، ولم يرو هذا الحديث عن سفيان إلّا الهيثم بن حبيب (انتهى). (1)
ونقل هذا الحديث عن كتاب (الأربعين) للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله في أمر المهدي (علیه السلام)، ولعله الكتاب المذكور أو غيره.
وقال الحافظ الهيثمي في (مجمع الزوائد )في آخر باب ما جاء في المهدي: (وحديث علي الهلالي في المهدي (علیه السلام)يأتي في فضائل أهل البيت إن شاء الله تعالى، ولم أعثر على المجلد الرابع منه ). (2)
وإذا تأملت في هذه الأحاديث وما شاكلها مما لم نذكره تعلم نذكره تعلم أن الفتن المذكورة فيها غير واقعة في هذه الأعصار، بل لا مصداق لها فيها، وأي بلد من بلاد ممالك سلاطين الإسلام شرقاً وغرباً جنوباً وشمالاً لا يجد المؤمن المظلوم فيه ملجاً يلجأ إليه والطرق والسبل آمنة ويزيد كل يوم في سلامتها وتخليتها عن
ص: 339
المفسدين، وإذا قيست سلامة الطرق وسد سبيل المفسدين والأشرار ورفع أيدي أهل الفتنة والفساد في عصرنا إلى ما خلت من القرون الماضية وما كان فيها من الفساد والشرور وانقطاع كثير من السبل والقتل والنهب والأسر وغيرها لا غرو أن يُعد عصرنا أيام بسط العدل بالنسبة إليها.
وأما ما يُرى فيه من الجور الذي لا يكاد يخلو عنه الولاة ويزيد وينقص باختلاف حالات الولاة وحسن تدبيرهم وسيرتهم ونيتهم وعدمه، فكان في الأعصار السابقة إلى عصر الخلفاء مثله ،وضعفه بل وأضعافه كما لا يخفى على من راجع التواريخ والسِّير، وأين هذا من الفتن التي أخبر بها الصادق المصدق (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنها تعم البلاد.
وهذا واضح لمن أنصف من نفسه.
وأما ثامناً: فلأنا لو سلمنا انتشار الظلم المذكور في الأحاديث في هذه الأعصار وأن الأرض ملئت منه وأنه أوان ظهور المهدي (علیه السلام)نقول: إنه لو أراد الخروج لا يمكنه ذلك ولا يقدر عليه؛ لأنّ الله عزّ وجلّ جعل لظهوره وخروجه آیات و علامات لابد من وقوعها، فهو قبل ظهور تلك العلامات كجدّه النبي الأكرم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قبل البعثة.
ففي (مجمع الزوائد) للحافظ الهيثمي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «الآيات كخرزات منظومات في سلك فانقطع السلك فتتبع (1)بعضها بعضاً». (2)
ص: 340
وعن أبي هريرة عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: «خروج الآيات بعضها على أثر بعض يتتابعن كما يتابع الخرز في النظام.». (1)
وعن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي (2) قال: قال رسول الله : « يخرج ، قوم من [قبل] (3)المشرق فيوطئون للمهدي (علیه السلام)سلطانه» (4)
وعن طلحة بن عبيد الله، عن النبي عليل الله ، قال : «ستكون فتنة لا يهدأ منها جانب إلّا جاش منها جانب حتى ينادي مناد من السماء أمير السماء أميركم فلان.» (5)
وتقدم عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنه قال: «يسير ملك المشرق إلى ملك المغرب فيقتله، ثم يسير ملك المغرب إلى ملك المشرق فيقتله، فيبعث جيشاً إلى المدينة فيعوذ عائذ بالحرم فيجتمع الناس إليه». (6)
وقال الحافظ الكنجي في كتاب (البيان):« أخبرنا العلّامة الحسن بن محمد بن الحسن اللغوي في كتابه إلي بدمشق، ثمّ لقيته ببغداد، قال: أخبرنا نصر بن أبي الفرج الحصري، عن أبي طالب محمد بن محمد بن أبي زيد العلوي، عن أبي علي التستري، عن أبي عمر الهاشمي، عن أبي علي محمد بن أحمد بن عمرو
ص: 341
اللؤلؤي، أخبرنا الحافظ أبو داود سليمان بن الأشعث، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا معاوية بن هشام، حدّثنا علي بن أبي صالح، عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) اغرورقت عيناه وتغيّر لونه، قال: فقلت ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ قال: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون من بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً حتى يأتي قوم من قبل المشرق، ومعهم رايات سود فيسألون الخير (1) ولا يعطونه، فيقاتلون فينصرون (2) فيعطون ما شاءوا ولا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج»). (3)
ورواه الشيخ محب الدين الطبري الشافعي في( ذخائر العقبى في مناقب أولي القربی)، عن عبد الله قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنا أهل بيت... وساق مثله، باختلاف يسير، وفيه بعدي إثرة، وشدة وتطريداً في البلاد... إلى آخره.
وقال: أخرجه ابن حبّان، وأخرجه ابن السري، بتغيير بعض لفظه. (4)
قال الحافظ الكنجي: «أخبرنا الحافظ يوسف بن خليل بحلب، أخبرنا محم-د بن إسماعيل الطرسوسي، أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي،
ص: 342
أخبرنا أبو الحسين بن [فاذشاه] (1)، أخبرنا سليمان بن ،أحمد، أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا نعيم، حدّثني الوليد، عن أبي لهيعة، عن ابن قبيل، عن أبي رومان، عن علي قال : إذا نادى مناد من السماء أن الحق في آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) فعند ذلك يظهر المهدي (علیه السلام)) (2)
وفي (عقد الدرر) لأبي بدر السلمي، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: «تكون بالشام فتنةٌ، أوّلها مثل لعبة الصبيان، كلّما سكنت من جانب طمت من جانب آخر، فلا تتناهی، حتى يُنادي منادي السماء: ألا إن أميركم فلان.»
ثم قال ابن المسيب فذلكم (3) الأمير، [فذلكم (3)الأمير، فذلكم الأمير. قال ذلك ثلاث مرات ] (4)، كنى عن اسمه ولم يذكره، وهو المهدي فلان.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر، ابن المنادي، في كتاب (الملاحم).
وأخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب (الفتن) (5).
وعن أبي جعفر قال: «الزم [الأرض ] (6) ، ولا تحرّك يداً ولا رجلاً، حتّى
ص: 343
ترى علامات أذكرها لك، وما أراك تدرك [ذلك ] (1): اختلاف (2) بني العباس ومناد يُنادي من السماء، وخسف قرية من قرى الشام، ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة (3)، واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض حتى تخرب الشام، ويكون سبب خرابه ثلاث رايات، منها راية الأصهب، ومنها راية الأبقع وراية السفياني ». (4)
وعن محمد بن الصامت، قال: قلت لأبي عبد الله الحسين بن علي صلوات الله عليهما (5) : أما من علامات بين يدي هذا الأمر – يعني ظهور المهدي -؟
فقال :بلى فقلت :وما هي ؟
قال: هلاك [بني] (6)العباس (7)، وخروج السفياني، والخسف بالبيداء.
قلت: جعلت فداك، أخاف أن يطول هذا الأمر.
قال: إنّما هو كنظام الخرز ، يتبع بعضه بعضاً». (8)
وعن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: «علامة خروج المهدي (علیه السلام)انسياب
ص: 344
الترك عليكم، وأن يموت خليفتكم الذي يجمع (1) الأموال، ويستخلف رجلاً من بعده (2) ضعيفاً، فيُخلع بين سنتين، ويخسف بغربي مسجد دمشق، وخروج ثلاثة نفر بالشام، وخروج أهل المغرب إلى مصر، وتلك أمارة خروج السفياني.
قال أبو قبيل: قال أبو رومان قال علي بن أبي طالب (علیه السلام): إذا نادى مناد من السماء، أنّ الحق في آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فعند ذلك يظهر المهدي (علیه السلام)على أفواه الناس، ويشربون ذكره، فلا يكون لهم ذكر غيره.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر ابن المنادي في كتاب (الملاحم).
وأخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب (الفتن) وانتهى حديثه عند قوله: فتلك أمارة خروج السفياني.
وأخرجه الإمام أبو عمرو الداني في (سننه) من حديث عمار بن ياسر بمعناه». (3)
وعن أمير المؤمنين أنه قال: «إذا اختلف رمحان بالشام لم تنجل إلّا عن آية من آيات الله عزّ وجلّ.
قيل : ثم مه يا أمير المؤمنين؟
قال: رجفة بالشام، يهلك فيها أكثر من مائة ألف، يجعلها الله تعالى رحمة
ص: 345
للمؤمنين، وعذاباً (1)على الكافرين، فإذا كان ذلك فانظروا إلى [أصحاب] (2) البراذين الشهب المحرنة (3)، والرايات الصفر تقبل من المغرب حتى تحل بالشام، فعند ذلك الجوع الأكبر والموت الأحمر ، فإذا كان ذلك فانتظروا خسف قرية من قرى دمشق، يقال لها: حرستا (4)، فإذا كان كذلك يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس حتى يستوي على منبر دمشق، فإذا كان كذلك فانتظروا خروج المهدي (علیه السلام)». (5)
ما الله وعن ثوبان قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثمّ تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقاتلونهم قتالاً لم يُقاتله قوم.
ذكر شاباً (6)، فقال : إذا رأيتموه فبايعوه [ولو حبوا على الثلج ] (7)، فإنّه خليفة الله المهدي (علیه السلام) ».
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله الحاكم في (مستدرکه) وقال: هذا حديث
ص: 346
صحيح على شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه. (1)
وقد تقدّم بلفظ (ثم يجيء خليفة الله المهدي (علیه السلام)) بدل قوله: (ثم ذكر شيئاً... إلى آخره )
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، قال: «لا يخرج المهدي (علیه السلام)حتى يُقتل ثلث، ويموت ،ثلث، ويبقى ثلث. »
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في (سننه).
ورواه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب (الفتن) (2)
وعن أبي جعفر محمد بن علي (علیهما السلام) ، قال: «لا يظهر المهدي (علیه السلام)إلّا على خوف شديد من الناس ، وزلزال، وفتنة [ [وبلاء ] (3)يصيب الناس، وطاعون قبل [ ذلك ] (4)، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد في الناس، وتشتت في دينهم، وتغير في حالهم ، حتى يتمنّى المتمنّي الموت صباحاً ومساءً، من عظمة ما يرى من طلب الناس، وأكل بعضهم بعضاً، فخروجه إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن يرى فرجاً، فطوبى لمن أدركه ، وكان من أنصاره، والويل كل الويل لمن [خالفه، و] (5) خالف أمره». (6)
ص: 347
وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا تقوم الساعة حتى يخرج المهدي (علیه السلام)من ولدي، ولا يخرج حتى يخرج ستون كذاباً، كلّهم يقول: أنا نبي». (1)
وعن علي بن محمد الأزدي (2) ، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) قال: «بين يدي المهدي (علیه السلام)موت أحمر، وموت أبيض، وجراد في غير حينه (3)، كألوان الدم ، أما الموت الأحمر: فالسيف، وأما الموت الأبيض: فالطاعون. (4)
وعن يزيد بن الخليل، قال: «كنت عند أبي جعفر محمد بن علي (علیهما السلام)، فذكر آيتين تكونان قبل المهدي - صلوات الله عليه - لم تكونا منذ أهبط [ الله تعالى ] (5)آدم وذلك أن الشمس تنكسف في النصف من شهر رمضان في (أ، س، ج) : (أن الشمس في النصف من شهر رمضان تنكسف). (6)، والقمر في آخره.
فقال له رجل: يا بن رسول الله لا بل الشمس في آخر الشهر، والقمر في النصف.
فقال أبو جعفر : أعلم الذي تقول إنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم (علیه السلام)». (7)
ص: 348
وعن عمار بن ياسر قال: «إذا قتل النفس الزكية وأخوه بمكة ضيعةً نادى مناد من السماء : إن أميركم فلان و ذلك المهدي (علیه السلام)يملأ الأرض حقاً وعدلاً».
أخرجه الإمام أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن) (1)
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قال: «انتظروا الفرج في ثلاث.
قلت: وما هي؟
:قال اختلاف أهل الشام بينهم واختلاف الرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان.
فقيل : وما الفزعة في شهر رمضان؟
[قال: أو ما سمعتم قول الله عز وجل في القرآن( إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضعينَ ) (2)، وهي آيةٌ تُخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم ، وتفزع اليقظان. ». (3)
وعن شهر بن حوشب، قال: كان يُقال: في شهر رمضان صوت، وفي شوال همهمة، وفي ذي القعدة تميز القبائل، وفي ذي الحجة تسفك الدماء، وينهب الحاج في المحرّم.
قيل له: ما الصوت؟] (4)
ص: 349
قال: مناد (1) من السماء يُوقظ النائم ، ويُفزع اليقظان، ويُخرج الفتاة من خدرها، ويُسمع الناس كلّهم، فلا يجيء رجل من أفق من الآفاق إلا حدث أنه سمعه».
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادي [في كتاب (الملاحم)] (2). (3)
وعن أبي هريرة، أحسبه رفعه: «يُسمع في شهر رمضان صوت من السماء، وفي شوال همهمة، وفي ذي القعدة تحزب القبائل، وفي ذي الحجة يُسلب ،الحاج، وفي المحرّم الفرج». (4)
وعن شهر بن حوشب قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «في المحرّم يُنادي مناد من السماء: ألا إن صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا في سنة [الصوت والمعمعة ] (5)
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد. (6)
وعن أبي جعفر محمد بن علي (علیهما السلام) (7)أنه قال: إذا رأيتم ناراً من المشرق ثلاثة أيام أو سبعة، فتوقعوا فرج آل محمد، إن شاء الله تعالى.
ص: 350
ثمّ قال: يُنادي مناد من السماء باسم المهدي، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب.
قال: حتّى لا يبقى راقد إلّا استيقظ، ولا قائم إلا قعد، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعاً [ من ذلك ] (1)، فرحم الله من سمع ذلك الصوت فأجاب، فإن الصوت الأوّل [هو ] (2) صوت جبريل الروح الأمين». (3)
وعنه (علیه السلام) أنه قال: «للمهدي (علیه السلام)خمس علامات السفياني، واليماني، والصيحة من السماء، والخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية». (4)
وعن كعب الأحبار قال: «إنّه يطلع نجمٌ من المشرق قبل خروج المهدي، له ذنب يُضيء».
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب (الفتن) (5).
وعن شريك أنه قال: «بلغني أنه قبل خروج المهدي (علیه السلام)، ينكسف القمر في رمضان مرتين ». (6)
وعن سيف بن عميرة، قال: كنت عند أبي جعفر المنصور، فقال لي ابتداءً يا سيف بن عميرة، لابد من منادِ ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب.
قلت: يا أمير المؤمنين جعلت فداك، تروي هذا؟
ص: 351
قال: إي والذي نفسي بيده بسماع أذناي (1).
فقلت إن هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا.
فقال: يا سيف إنّه لحق، وإذا كان فنحن أولى من يجيبه، أما [إنّ] (2) النداء إلى رجل من بني عمنا.
فقلت: رجل من بني فاطمة؟
قال: يا سيف، لولا أني سمعته من أبي جعفر محمد بن علي وحدّثني به مثل أهل الأرض كلُّهم ما قبلته منهم ، ولكنه ام محمد بن علي (علیهما السلام).(3)
قال أبو بدر السلمي في آخر الفصل الثاني من الباب الرابع من كتابه (عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر): (ولنختم هذا الفصل بشيء من كلام الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام)، فيما تضمنه من الأهوال الشديدة، والأمور الصعاب، وخروج [ الإمام ] (4) المهدي، مفرج الكروب، ومفرق الأحزاب.....
قال: وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الله أنه قال: «تختلف ثلاث رايات: رايةٌ في المغرب، ويلٌ لمصر ما يحلُّ بها منهم ، [ وراية بالجزيرة] (5) وراية بالشّام، تدوم الفتنة بينهم سنة.
ص: 352
ثم يخرج رجل من ولد العبّاس بالشام حتى تكون بينهم مسيرة ليلتين، فيقول أهل المغرب: قد جاءكم قوم [حفاة ] (1) منا، أصحاب أهواء مختلفة، فتضطرب الشام وفلسطين (2)، [فيجتمع رؤساء الشّام وفلسطين ] (3)، فيقولون: اطلبوا الملك الأول فيطلبونه فيوافونه بغوطة دمشق، بموضع يقال له: حرستا (4)، فإذا أحس بهم هرب إلى أخواله كلب، وذلك دهاء منه
ويكون بالواد اليابس عدة عديدة، فيقولون له: يا هذا ما يحل لك (5) أن تُضيع الإسلام، أما ترى ما الناس فيه من الخوف والفتن؟ فاتق الله واخرج، أما تنصر دينك ؟
فيقول: لست بصاحبكم.
فيقولون: ألست من قريش من [أهل ] (6) بيت الملك القديم القديم، أما تغضب لأهل بيتك، وما نزل بهم من الذل والهوان، فتخرج راغباً في الأموال والعيش الرغيد؟!
فيقول: اذهبوا إلى خلفائكم الذين تدينون لهم هذه المدة.
ثمّ يجيئهم فيخرج في يوم جمعة (7)، فيصعد منبر دمشق، وهو أول منبر
ص: 353
يصعده، فيخطب ويأمر بالجهاد، ويبايعهم على أنهم لا يخالفون له أمراً، رضوه أم كرهوه
فقام رجل فقال: ما اسمه يا أمير المؤمنين؟
قال: هو حرب بن عنبسة... - وساق نسبه إلى يزيد بن معاوية - ملعون في السماء، ملعون في الأرض، أشرُّ خلق الله [ أباً، وألعن خلق الله ] (1) جوراً، وأكثر خلق الله ظلماً.
قال: ثم يخرج إلى (2) الغوطة، فما يبرح حتى يجتمع (3) الناس إليه، وتتلاحق(4) به أهل الضغائن، فيكون في خمسين ألفاً، ثمّ يبعث إلى كلب، فيأتيه منهم مثل السيل، ويكون في ذلك الوقت رجال البربر يقاتلون رجال الملك من ولد العبّاس [فيفاجئهم السفياني في عصائب أهل الشام فتختلف الثلاث رايات رجال ولد العباس ] (5)وهم الترك والديلم والعجم، رايتهم سوداء.
وراية البربر صفراء، وراية السفياني حمراء، فيقتتلون ببطن الوادي في الأردن قتالاً شديداً، فيقتل فيما بينهم ستون ألفاً، فيغلب السيفاني.
إلى أن قال: ينزع الله الرحمة من قلبه... ثمّ يرجع إلى دمشق، وقد دان له
ص: 354
الخلق (1)، فيجيش جيشين، جيشاً إلى المدينة وجيشاً إلى المشرق، فأما جيش المشرق فيقتلون بالزوراء سبعين ألفاً، ويبقرون بطون ثلاثمائة امرأة، ويخرج الجيش إلى الكوفة، فيقتل بها خلقاً.
وأما جيش المدينة إذا توسطوا البيداء صاح بهم ،صائح، وهو جبرئيل فلا يبقى منهم أحدٌ إلا خسف الله تعالى به، ويكون في أثر الجيش رجلان يقال لأحدهما: بشير، فيبشرهم بما سلمهم الله عزّ وجلّ منه، والآخر: نذير، فيرجع إلى السفياني، فيخبره بما نال الجيش عند ذلك، قال: وعند جهينة الخبر اليقين؛ لأنهما من جهينة.
ثمّ يهرب قوم من ولد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى بلد الروم، فيبعث السفياني إلى ملك الروم رُدَّ إلي عبيدي فيردهم إليه، فيضرب أعناقهم على الدرج شرقي مسجد دمشق فلا ينكر ذلك عليه، ثم يسير في سبعين ألفاً نحو العراقين – وهما الكوفة والبصرة - ثمّ يدور الأمصار [والأقطار ] (2) ويحل عرى الإسلام عروة بعد عروة، ويقتل أهل العلم ، ويحرق المصاحف، ويخرب المساجد، ويستبيح الحرام، ويأمر بضرب الملاهي والمزامير في الأسواق، والشرب على قوارع الطرق، ويحلل لهم الفواحش، ويحرم عليهم كل ما افترضه الله عليهم من الفرائض(3)، ولا يرتدع عن الظلم والفجور، بل يزداد تمرداً وعتواً وطغياناً (4) ، ويقتل كل من اسمه أحمد ومحمد، وعلي، وجعفر، وحمزة، وحسناً، وحسيناً، وفاطمة، وزينب ورقية، وأم
ص: 355
كلثوم، وخديجة، وعاتكة حنقاً وبغضاً لآل بيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
ثم يبعث فيجمع الأطفال، ويغلي الزيت لهم، فيقولون: إن كان آباؤنا عصوك فنحن ما أذنبنا (1)؟ فيأخذ منهم اثنين اسمهما حسن وحسين فيصلبهما (2)، ثم يسير إلى الكوفة فيفعل بهم كما فعل بالأطفال، ويصلب على باب مسجدها طفلين اسمهما حسن وحسين فتغلي دماؤهما كما غلى دم يحيى بن زكريا، فإذا رأى ذلك، أيقن بالبلاء والهلاك، فيخرج [هارباً] (3) منها، متوجهاً إلى الشام، فلا يرى في طريقه أحداً يخالفه.
فإذا دخل دمشق اعتكف على شرب الخمر والمعاصي، ويأمر أصحابه بذلك، ويخرج السفياني وبيده ،حربة، فيأخذ إمرأة حاملاً، فيدفعها إلى بعض أصحابه، فيقول: افجر بها في وسط الطريق [ فيفعل ذلك ] (4)ويبقر بطنها، فيسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن يغير ذلك، فتضطرب الملائكة في السماء فيأمر الله عز وجل جبرائيل، فيصيح على سور مسجد دمشق ألا قد جاءكم الغوث يا أمة محمد، قد جاءكم الفرج، وهو المهدي (علیه السلام)الخارج من مكة، فأجيبوه.
ثمّ قال صلوات الله عليه: ألا أصفه لكم... - ثمّ ذكر بعضه - وقال: ثمّ يجمع الله أصحابه على عدد أهل بدر، وعلى عدد أصحاب طالوت، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً،
ص: 356
كأنهم ليوث خرجوا من غابة (1)، قلوبهم مثل زبر الحديد لو هموا بإزالة الجبال لأزالوها [عن موضعها ] (2)، الدين واحد واللباس واحد كأنما آباؤهم أب واحد.
وقال أمير المؤمنين وإني لأعرفهم، وأعرف أسماءهم.(3)
ثمّ سمّاهم، وقال: ثم يجمعهم (4)الله تعالى من مطلع الشمس إلى مغربها، في أقل من نصف ليلة، فيأتون مكة، فيشرف عليهم أهل مكة فلا يعرفونهم، فيقولون كبسنا أصحاب السفياني، فإذا تجلى لهم الصبح (5)يرونهم طائعين مصلين، فينكرونهم فعند ذلك يقيض الله لهم من يعرفهم المهدي (علیه السلام)، وهو مختف، فيجتمعون إليه، فيقولون له: أنت المهدي؟ فيقول: أنا أنصاري.
والله ما كذب؛ وذلك أنه (6)ناصر الدين.
ويتغيب عنهم، فيخبرونهم أنه قد لحق بقبر جده (علیه السلام)، فيلحقونه بالمدينة، فإذا أحس بهم رجع إلى مكة، فلا مكة، فلا يزالون به إلى أن يجيبهم إلى ذلك، فيقول لهم: إني لست قاطعاً أمراً حتى تبايعوني على ثلاثين خصلة تلزمكم، لا تغيرون منها شيئاً، ولكم علي ثماني خصال.
قالوا: قد فعلنا ذلك، فاذكر ما أنت ذاكر يا بن رسول الله.
ص: 357
فيخرجون معه إلى الصفا، فيقول: أنا معكم على أن تولوا، ولا تسرقوا (1)، [ولا تزنوا ] (2) ، ولا تقتلوا محرماً، ولا تأتوا فاحشةً، ولا تضربوا أحداً إلا بحقه، ولا تكنزوا ذهباً ،ولا ،فضةً ولا براً ولا شعيراً، ولا تأكلوا مال اليتيم، ولا تشهدوا بما لا تعلمون، ولا تخربوا مسجداً، ولا تقبحوا مسلماً، ولا تلعنوا مؤاجراً إلا بحقه، ولا تشربوا مسكراً، ولا تلبسوا ذهباً ولا الحرير ولا الديباج، ولا تبيعوها رباً، ولا تسفكوا دماً حراماً، ولا تغدروا بمستأمن ولا تبغوا على كافر ولا منافق، وتلبسون الخشن من الثياب، وتتوسدون التراب على الخدود وتجاهدون في الله حق جهاده، ولا تشتمون، وتكرهون النجاسة، وتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر. فإذا فعلتم ذلك فعلي أن لا أتخذ حاجباً، ولا بواباً ولا ألبس إلا كما تلبسون، ولا أركب إلا كما تركبون [ وأرضى بالقليل،] (3) وأملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وأعبد الله عز وجل حق عبادته، وأفي لكم وتفوا لي.
قالوا: رضينا واتبعناك على هذا (4)،فيصافحهم رجلاً رجلاً.
ويفتح الله عز وجل له خراسان ويطيعه أهل اليمن وتقبل الجيوش أمامه، وتكون همدان وزراءه، وخولان جيوشه ، وحمير ،أعوانه، ومضر قواده، ويكثر الله عز وجل جمعه بتميم [ ويشد ظهره بقيس ] (5)، ويسير ورايته أمامه وعلى
ص: 358
مقدمته ،عقيل، وعلى ساقته الحارث، وتحالفه (1) ثقيف وغداف (2)، وتسير الجيوش حتى تصير بوادي القرى(3) في هدوء ورفق، ويلحقه هناك ابن عمه الحسني، في اثني عشر ألف ،فارس، فيقول له الحسني [ يابن عم، أنا أحق بهذا الجيش منك، أنا ابن الحسن، وأنا المهدي. فيقول المهدي (علیه السلام): بل أنا المهدي. فيقول الحسني:] (4) هل لك من آية فنبايعك؟ فيومئ المهدي (علیه السلام)إلى الطير فتسقط على يده، ويغرس قضيباً في بقعة من الأرض، فيخضر ويورق. (5)
فيقول له الحسني هي لك ويسلّم إليه جيشه، ويكون على مقدمته، واسمه على اسمه. وتقع الضجة بالشام: ألا إن أعراب الحجاز قد خرجوا إليكم [فيجتمعون إلى السفياني بدمشق، فيقولون: أعراب الحجاز قد جمعوا علينا ] (6)
فيقول السفياني لأصحابه: ما تقولون في هؤلاء القوم؟ فيقولون: هم أصحاب نبل وإبل، ونحن أصحاب العدة والسلاح أخرج بنا إليهم.
فيرونه قد جبن، وهو عالم بما يراد منه فلا يزالون به حتى يخرجوه، فيخرج
ص: 359
بخيله ورجاله [وجيشه ] (1)، في مائتي في مائتي ألف ألفاً، وستين حتى ينزلوا ببحيرة طبرية (2)، فيسير المهدي (علیه السلام)بمن معه، لا يحدث في بلد حادثة إلّا الأمن والأمان والبشرى، وعن يمينه جبرئيل، وعن يساره ميكائيل، والناس يلحقونه من الآفاق حتى يلحقوا السفياني على بحيرة طبرية.
ويغضب الله عزّ وجلّ على السفياني وجيشه، ويُغضب سائر خلقه عليهم، حتى الطير في السماء فترميهم بأجنحتها، وإن الجبال لترميهم بصخورها، فتكون وقعة يهلك الله عزّ وجلّ فيها جيش السفياني، ويمضي هارباً، فيأخذه رجل من الموالي اسمه صباح، فيأتي به إلى المهدي (علیه السلام)، وهو يصلي العشاء الآخرة، فيبشره فيخفف في الصلاة ويخرج.
ويكون السفياني قد جعلت عمامته في عنقه وسُحب، فيوقفه (3) بين يديه، فيقول السفياني للمهدي: يا بن عم من علي بالحياة أكون (4)سيفاً بين يديك، وأجاهد أعداءك، والمهدي (علیه السلام)جالس بين أصحابه، وهو أحيى من عذراء، فيقول: خلوه.
فيقول أصحاب المهدي (علیه السلام) يا بن بنت رسول الله تمن عليه بالحياة، وقد قتل أولاد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (5) ما نصبر على ذلك. فيقول : شأنكم وإياه،[ اصنعوا به ما
ص: 360
شئتم، وقد كان خلّاه وأفلته.] (1) فيلحقه صباح في جماعة إلى عند السدرة، فيضجعه ويذبحه، ويأخذ رأسه، ويأتي به المهدي (علیه السلام)، فينظر شيعته إلى الرأس، فيكبرون ويهللون (2)، ويحمدون الله تعالى على ذلك، ثم يأمر المهدي (علیه السلام)بدفنه.
ثم يسير في عساكره، فينزل دمشق، وقد كان أصحاب الأندلس أحرقوا مسجدها وأخربوه، فيقيم في دمشق مدة (3) ، ويأمر بعمارة جامعها.
وإن دمشق فسطاط المسلمين يومئذ، وهي خير مدينة على وجه الأرض في ذلك الوقت ألا وفيها آثار النبيين، وبقايا الصالحين، معصومة من الفتن، منصورة على أعدائها، فمن وجد السبيل إلى أن يتخذ بها موضعاً ولو مربط شاة فإن ذلك خير من عشرة حيطان بالمدينة، ينتقل (4) أخيار العراق إليها، ثمّ إنّ المهدي (علیه السلام) يبعث جيشاً إلى إحياء كلب والخائب من خاب من غنيمة كلب» (5). (6)
والله العالم بالصواب.
هذه بعض ما رواه مشايخ أهل السنّة وعلماؤهم في الآيات والعلامات التي تتقدم على ظهور المهدي (علیه السلام)، وتركنا جملة أخرى من الأحاديث الواردة في ذلك وكذا ما رواه علماء الإمامية في هذا الباب، ولو أردنا جميع ما أخرجوه لخرجت الرسالة عن وضعها، مع أنا بنينا على عدم الاحتجاج بما رواه أصحابنا.
ص: 361
ومن جميع ذلك يظهر أن انتشار الجور وعموم الظلم من إحدى العلامات التی هو منها (1)قليل من كثير وكنسبة الواحد إلى عشر ،العشير، وجملة منها مما وردت فيها أحاديث كثيرة كالنداء، والصيحة، وخروج السفياني، وقتل النفس الزكية، والعدد المذكور من خواص أصحابه، ولا يقصر ما ورد في كل واحدة منها عما ورد في الانتشار.
ولا يجوز للمهدي (علیه السلام)أن يظهر ويخرج قبل ظهور تلك العلامات، كما لم يكن لجده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أن يدعو الناس إلى الإسلام قبل يوم البعثة مع وجوده وعلمه بنبوته وعموم الشرك والكفر؛ لعدم الإذن من الله تعالى له في ذلك إلا في يوم المبعث، وظهور المهدي (علیه السلام) كبعث جده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يحتاج إلى الإذن والأمر الإلهي الذي تكشف عنه تلك العلامات، ومع عدم ظهورها لا يجوز له الظهور والخروج لمجرد تبين علامة واحدة هي انتشار الجور.
والعجب أنّ الدجال الكافر اللعين يقول لتميم الداري وأصحابه كما تقدّم في حديث جساسة: وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج وأسير في الأرض... إلى آخره. (2)
ويحتمل في حق خليفة الله أن يخرج بدون إذن الله، فجناب الناظم إن لم يقف على هذه الأحاديث فكان الواجب عليه أوّلاً مراجعة ما ورد في حالات المهدي (علیه السلام) وكيفية خروجه وعلاماته، ثمّ إن بقي موضع للاعتراض على الإمامية
ص: 362
فليعترض عليهم، وإن وقف وعلم ومع ذلك أغمض فأورد، فليبين الفرق بين هذه العلامة الموجودة بزعمه وبين غيرها التي لم يوجد كيف تلقى الأولى بالقبول وأعرض عن غيرها، مع أن القائل وهو النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) واحد والمآخذ وهي الجوامع والسنن الدائرة واحدة، فإن أنصف علم أن الاعتراض الذي ذكره لا وقع له أصلاً ولا ينبغي صدوره عن أصاغر الطلبة فضلاً عن علماء الأمة.
مع أنه في الحقيقة إنكار لتمام ما ورد في تلك العلامات التي رواها المشايخ العظام، ولا أدري ما حكمه عند الفقهاء الكرام، وأظنه زعم المهدي (علیه السلام)واحداً من العلماء والأئمة على مصطلح أهل السنة من الذين يجب عليهم إقامة الحدود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا تمكنوا منه، وقد ترك المعروف وشاع المنكر وهو متمكن فيجب عليه الخروج على ما يزعمه الإمامية وجماعة من أهل السنّة من وجوده وعلمه بما في الأرض من الظلم العام، وكأنه غفل عن مقام المهدي (علیه السلام)فإنّه وإن كان على ملة جده رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ويظهر ويخرج لنشرها وترويجها، فإن دين جده آخر الأديان ومذهب الإسلام آخر المذاهب، وحلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة لا نبي بعده ولا دين غير دينه، إلا أن الله تعالى ادخر هذا الخليفة لغرض عظيم ويبعثه لأمر جسيم هو بسط العدل في تمام الدنيا وهدم الجور والظلم فيها، ولم يُبعث نبي من آدم (علیه السلام)إلى الخاتم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لهذا الأمر العظيم المتوقف على أسباب غير عادية، ولذا شرف المهدي (علیه السلام)وخصه بتشريفات لم يشاركه فيها أحد قبله وهي مروية موجودة في الكتب المعتمدة التي نقلنا منها ما نقلنا وقد تقدم بعضها مثل: النداء في شهر رمضان.
ص: 363
وفي (بيان الكنجي) وغيره مسنداً عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يخرج المهدي (علیه السلام)على رأسه غمامة فيها مناد ينادي هذا المهدي (علیه السلام)خليفة الله فاتبعوه. ». (1)
وروى فيه أيضاً مسنداً، عن عبد الله بن عمرو (2)، وعن عبد الرحمن قال :قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يخرج المهدي (علیه السلام) وعلى رأسه غمامة فيها مناد ينادي هذا المهدي (علیه السلام)خليفة الله فاتبعوه ». (3)
قلت: هذا حديث حسن، رواه الحفاظ والأئمة من أهل الحديث كأبي نعيم والطبراني وغيرهما. (4)
وفي (عقد الدرر ) عن الحافظ أبي عبد الله نعيم بن حماد، عن سليمان بن عيسى قال: (بلغني أنه على يد المهدي (علیه السلام)يظهر تابوت السكينة من بحيرة طبرية، حتى يُحمل فيوضع بين يديه في بيت المقدس، فإذا نظرت إليه اليهود أسلمت إلا قليلاً منهم). (5)
وعن حذيفة رضي الله عنه ، عن النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)الله في قصة المهدي (علیه السلام) وظهوره قال: «ثمّ يخرج متوجهاً إلى الشام وجبرائيل على مقدمته، وميكائيل على ساقته، يفرح
ص: 364
به أهل السماء وأهل الأرض والطير والوحوش والحيتان في البحر، وتزيد المياه في دولته وتمد الأنهار وتضعف الأرض أكلها وتستخرج الكنوز».
أخرجه الإمام أبو عمر عثمان بن سعيد المقرئ في سننه. (1)
وعن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن أبيه، عن مجاهد قال: قال عبد الله بن عباس:« لو لم أرك مثل أهل البيت ما حدثتك بهذا الحديث... وساق إلى أن قال: وأما المهدي (علیه السلام)الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وتأمن البهائم السباع، وتُلقي الأرض أفلاذ كبدها.
قال: قلت وما أفلاذ كبدها؟ قال: أمثال الأسطوانة من الذهب والفضة.
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله الحاكم في (مستدرکه) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. » (2)
وعن أمير المؤمنين علي (علیه السلام) في قصة المهدي (علیه السلام)وفتحه لمدينة القاطع قال: «فيبعث المهدي (علیه السلام)إلى أمرائه بسائر الأمصار بالعدل بين الناس، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد، ويلعب الصبيان بالحيات والعقارب ولا تضرهم بشيء، ويذهب الشر ويبقى الخير ويزرع الإنسان مداً ويخرج له سبعة أمداد كما قال الله تعالى (3)، ويذهب الزنا وشرب الخمر ويذهب الربا ويقبل الناس على العبادات
ص: 365
والشرع والديانة والصلاة في الجماعات، وتطول الأعمار وتؤدى الأمانات، و تحمل الأشجار وتتضاعف البركات وتهلك الأشرار وتبقى الأخيار ولا يبقى من يبغض أهل البيت (علیهم السلام) (1)
وعن سالم الأشل قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (علیهما السلام) يقول: «نظر موسى على نبينا وآله وعليه السلام - في السفر الأوّل إلى ما يعطى قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) من التمكين والفضل، فقال موسى ربّ اجعلني قائم آل محمد ؟
فقيل له: إن ذلك من ذرية أحمد، فنظر في السفر الثاني فوجد فيه مثل ذلك، [فقيل له مثل ذلك] (2) ، ثمّ نظر في السفر الثالث فرأى فيه مثله، فقال: مثله، فقيل له مثله». (3)
وفي تفسير أبي إسحاق الثعلبي في قصة أصحاب الكهف، قال: (وأخذوا مضاجعهم فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي (علیه السلام)، [ويقال: إن المهدي (علیه السلام)] (4)يُسلم عليهم، فيحييهم الله عز وجل له، ثم يرجعون إلى رقدتهم ولا يقومون إلى يوم القيامة). (5)
ص: 366
وهذا الباب كالبحر الذي لا يدرك ساحله وفيما ذكرنا كفاية لأولي الألباب.
ولنرجع إلى ما كنا فيه فنقول: إذا تأملت في هذه الوجوه يظهر لك أن الشبهة المذكورة غير واردة على الإمامية وشركائهم من أهل السنّة، بل غير قابلة للذكر، بل عرفت أنها مع كونها واهية واردة على منكري الولادة أيضاً، ويظهر لك أيضاً فساد ما احتمله الناظم من الوجوه المتفرعة على تلك الشبهة التي هدمت، ولا قرار للفروع بعد انهدام الأصل، غير أنا نزيد في توضيح فساده، فنقول: قال بعد البيتين المتقدمين:
وإِنْ قَيْلَ منْ خَوْفِ الطَّعَاةِ قَد اخْتَفَى ***فَذَاكَ لَعَمْري لا يُجَوِّزُهُ الحِجْرُ (1)
ولا النَّقْلُ كَلَّا إِذْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ ***إِلى وَقْتِ عِيسَى يَسْتَطِيْلُ لَهُ العُمْرُ
وأَنْ لَيْسَ بَيْنَ النَّاسِ مَنْ هُوَ قَادِرٌ ***عَلَى قَتْلَه وَهُوَ المُؤَيَّدُهُ النَّصْرُ
وأَن جَميعَ الْأَرْضِ تُرْجِعُ مُلْكَهُ ***وَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَيَرْتَفِعُ المَكْرُ
والجواب:
أما أولاً:
فبالنقض بما فعله جده النبي الأكرم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعد البعثة والأمر بالإنذار في قوله له :تعالى: (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذر )(2) من الاختفاء مع بعثته ورسالته وعلمه بغلبته على المشركين.
قال برهان الدين علي الحلبي في (إنسان العيون) المعروف ب(السيرة الحلبية)
ص: 367
عن ابن إسحاق (رحمه الله ) : (إن مدة ما أخفي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أمره – أي المدة التي صار يدعو الناس فيها خفية بعد نزول: (يا أيها المدثر ) - ثلاث سنين، أي فكان من أسلم إذا أراد الصلاة يذهب إلى بعض الشعاب يستخفي بصلاته من المشركين أي كما تقدّم، فبينما سعد بن أبي وقاص في نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ورضي عنهم في شعب من شعاب مكة إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلُّون، فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم، فضرب سعد بن أبي وقاص رجلاً منهم بلحى (1) بعير فشجّه، وهو أول دم أهريق (2) الإسلام، ثمّ دخل (صلى الله عليه وآله وسلم ) هو وأصحابه مستخفين في دار الأرقم... إلى أن قال: فكان (صلى الله عليه وآله وسلم ) وأصحابه يقيمون الصلاة بدار الأرقم ويعبدون الله تعالى فيها إلى أن أمره الله تعالى بإظهار الدين أي وهذا السياق يدل على أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) استمر مستخفياً هو وأصحابه في دار الأرقم إلى أن أظهر الدعوة وأعلن (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في السنة الرابعة وقيل: مدة استخفائه (صلی الله علیه وآله وسلم) أربع سنين وأعلن في الخامسة، انتهى). (3)
وأخرج القسطلاني في (المواهب اللدنية) عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود أنه قال: (ما زال النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) مستخفياً حتى نزلت (فَاصْدَعْ بما تُؤْمَرُ ) (4) فجهر هو وأصحابه.
إلى أن قال: قالوا وكان ذلك بعد ثلاث سنين من النبوة، وهي المدة التي
ص: 368
أخفى [فيها] (1)رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أمره). (2)
وقال: فضل بن روزبهان في كتابه :(لما بعث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، واستولى الكفار على المسلمين، وضعف أمر الإسلام، اختفى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في بيت الأرقم؛ مخافة سطوة الكفار، ولم يقدر أحد أن يظهر الإسلام، ودعا رسول الله: اللهم أعزّ الإسلام بأبي الحكم أو بعمر بن الخطاب.
فوقع الدعاء [له] (3) فأسلم عمر صبيحة ليلة دعا فيها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، ودخل على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وهو كمل الأربعين؛ لأن بإسلامه تكمل عدد المسلمين بأربعين، وقال لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : يا رسول الله اللات والعزى يُعبدان علانية ويُعبد الله سراً انتهى) (4)
وقال :القاضي حسين في (تاريخ الخميس) نقلاً عن (معالم التنزيل) : (ولما كثر أنواع الأذى من المشركين استتر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مع أصحابه في دار الأرقم بن أسد... إلخ). (5)
ثم استتاره واختفاؤه (صلى الله عليه و آله )مع أصحابه وعشيرته في الشعب سنين عديدة قهراً من المشركين، ثمّ ما وقع له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعد ذلک من التستر و الاختفاء فی الغار و الخروج سرا منه الی طیبة
ص: 369
ويأتي على أفعاله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في هذه المقامات ما أورده على اختفاء المهدي (علیه السلام)، إذ لا فرق بين اليوم والسنة والسنين والاختفاء عن الكل أو عن الجل، بعد معلوميّة كونه رسولاً إلى الناس كافة وعلمه بظهوره على المشركين وعدم قدرة أحد على قتله وأن الحجاز واليمن وما والاهما ترجع إلى ملكه، فما يعتذر به عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فخليفته أولى به.
وأما ثانياً:
فبالحل إذ تبين من السنن المستفيضة والأحاديث المعتبرة التي ذكرنا نبذة منها أنّ الله عزّ وجلّ جعل لظهوره علامات و لخروجه آيات لابد منها، فهو ممنوع من الخروج قبل ظهورها كجده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) قبل يوم بعثه مع بلوغه وكمال علمه بمقامه وما عليه الناس من الكفر والشرك والقبائح الظاهرة، أكان له الله أن يأمر وينهى ويحلل ويحرم قبل أن يؤمر بذلك؟ وهذا من الوضوح بمكان لا يحتاج إلى البرهان.
ولا فرق في هذا بين القولين، فإنّه على القول الآخر: لو ولد في أي عصر وبلغ حد الرشد والكمال لا يقوم بالأمر قبل ظهور العلامات، فلو ظهر قبله وخرج وأمر ونهى وقاتل وقتل كان عاصياً ظالماً، ولا مؤيد ولا ناصر له من الله، قال الله تعالى: (وَما ِللظَّالمينَ منْ أَنْصار) (1)، ويخرج عن قابلية الخلافة والإمامة، قال تعالى: (ولا يَنالُ عَهْدِي الظَّالمين ) (2)، ومن عصى فقد ظلم، ومن ظلم يكون مخذولاً لا منصوراً، ولا يمكن الجمع بين الظلم والنصرة من الله إلا أن يجوزه الناظم
ص: 370
لجمعه بين الألف واللام والإضافة في قوله المؤيده النصر. ومما ذكرنا يظهر ما في قوله:
وإِنْ قيْلَ مِنْ خَوْفِ الأَذاة قد اخْتَفَى*** فَذَلكَ قَوْلٌ عَنْ مَعَايبَ يَفْتَرُّ
إلى قوله:
ففي الهند أَبْدَى المَهْدَوِيَّةَ كاذب ***وما نَالَهُ قَتْلُ وَلَا نَالَهُ ضُرُّ
حلاً ونقضاً بفعل جده، بل فعل كثير من الأنبياء والمرسلين.
قال محمد بن مسعود الكازروني في (المنتقى): (لما نزل قوله تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) (1)، قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) على الصفا ونادى في أيام الموسم يا أيها الناس إنّي رسول الله رب العالمين، فرمقه الناس بأبصارهم (2)، قالها ثلاثاً، ثمّ انطلق حتى أتى المروة ثمّ وضع يده في أذنه ثمّ نادى ثلاثاً بأعلى صوته يا أيها الناس إنّي رسول الله، ثلاثاً فرمقه الناس بأبصارهم ورماه أبو جهل قبحه الله بحجر فشج بين عينيه، وتبعه المشركون بالحجارة فهرب حتى أتى الجبل فاستند إلى موضع يقال له المتكأ... الحديث وهو طويل). (3)
وهذا الجبل على فرسخ من مكة زادها الله شرفاً يسمى: جبل النور، وعلى ذروته حجر فيه موضع تستره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) واختفائه وبني عليه قبة تشرفنا بزيارته.
وقال شيخ المؤرخين علي بن الحسين المسعودي صاحب (مروج الذهب )في
ص: 371
كتاب (إثبات الوصية) في آخر قصة نبي الله يوسف (علیه السلام) (وكان له ابنان يقال لأحدهما: افراثيم (1)وهو جد يوشع بن نون، والآخر : ميشا، فلما قربت وفاته أوحى الله عزّ وجلّ إليه إنّي مستودع (2) نور الله وحكمته وجميع مواريث الأنبياء التي في يديك بيزر بن لاوي بن يعقوب، فأحضر بيزر بن لاوي وجميع آل يعقوب وهم يومئذ ثمانون رجلاً، فقال لهم: إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم ويسومونكم سوء العذاب، ونعوت الإمامة مكتومة ثم ينجيكم الله ويفرج عنكم برجل من ولد لاوي اسمه موسى بن عمران طوال جعد، آدم مفلفل الشعر أحلج، على لسانه شامة، وعلى عرفة (3) أنفه شامة، ولن يخرج حتى يظهر من قبله سبعون كذاباً (4)، وروي خمسون كلّ يدعي أنه هو، ثم يظهر وينصر الله بني إسرائيل ويفرج عنهم ) (5)... وساق ما وقع بعد يوسف.
إلى أن ذكر ولادة موسى (علیه السلام)وما فيها من الآيات قال: (ونشأ في دار فرعون، وكتمت أمه وأخته والقابلة خبره وماتت القابلة ولم يعلم بخبره أحد من بني إسرائيل، واشتد أمر الشيعة في توقعه وانتظاره، وكانوا يتجسسون عن خبره بالليل والنهار ، وغلظ عليهم سيرة فرعون وجنوده، فخرجوا في ليلة مقمرة إلى فقيه لهم، وكان الاجتماع عنده يتعذر عليهم ويخافون، فقالوا له: [قد] (6) كنا نستريح
ص: 372
إلى الأحاديث فحتى متى، حتى متى ؟
قال لهم: لا تزالون في هذا أبداً حتى يأتي الله بموسى بن عمران ويظهر في الأرض.
وأخذ يصف لهم وجهه، وطوله، وحليته، وعلاماته إذ أقبل موسى وقد كان قد خرج إلى الصيد على بغلة له شهباء وعليه طيلسان خز، فوقف عليهم فرفع العالم رأسه، فنظر إليه فعرفه فوثب إليه ثمّ قال له: ما اسمك يرحمك الله ؟
فقال له موسى بن عمران فانكب على يده ورجله فقبلهما، وثار القوم فقبلوا يده ورجله، وقالوا: الحمد لله الذي (1) لم يمتنا حتى أراناك، فلم يزد [على] (2)أن قال: أرجو أن يعجل لكم الفرج، فاتخذهم شيعة من ذلك اليوم.
ثمّ غاب بعد ذلك بضع عشرة سنة، ثم خرج من الدار إلى سفينة فوجد فيها رجلاً من شيعته (3)... ثم ذكر قصة قتله القبطي، والقصة الأخرى كما في الكتاب المجيد قال: (فَخَرَجَ منها خائفاً يَتَرَقَّب ) (4)بغير ظهر يركبه ولا خادم يخدمه حتى انتهى إلى أرض مدين وهي مسيرة بضعة عشر يوماً، فروي أنه صار إليها في ليلة واحدة وبعض ،يوم، فانتهى إلى أصل شجرة تحتها بئر... القصة ) (5)
وما أشبهها بقصة المهدي (علیه السلام)، فإن موسى كان يعلم أنه النبي الموعود الذي
ص: 373
يهلك فرعون وجنوده وينجي بني إسرائيل من أيدي أعدائهم، وشيعته يعرفونه بذلك، ومع ذلك قال تعالى فيه: (فَأَصْبَحَ في المدينة خائفاً يَتَرَقَّبُ ) (1) وقال: (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (2)، وقال حاكياً عنه: (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا حَفْتُكُمْ.).. الآية (3)
كل ذلك؛ لأنه لم يكن مبعوثاً مأموراً بإظهار الدعوة وتخليص شيعته عن أيدي (4) الظالمين ، فكان خوفه حينئذ ممدوحاً، وكذلك المهدي (علیه السلام) يعلم أنه الموعود الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، ولكن لو ظهر قبل العلامات التي أعدت له لا بد وأن يكون خائفاً، إذ لا ناصر له من الله، فلا جند له من أوليائه فيكون فريسة لكل صائد.
وأما قوله - الناظم -:
ففي الهند أبدى المهدوية كاذب ***وما ناله قتل ولا ناله ضر
فمنقوض بجماعة ادعوا المهدوية وقتلوا وصلبوا وداروا برؤسهم، هذا محمد بن عبد الله بن الحسن منهم انظر إلى (السير) مآل أمره، وزعم بعضهم أن زيد بن علي بن الحسين (علیهما السلام)ادعى المهدوية، وفيه يقول الرجس الحكيم بن العباس الكلبي:
ص: 374
صَلَبنا لكم زيداً على جذع نَخْلَة ***ولمْ أرَ مهديّاً على الجذع يُصْلَب (1)
وهذا الملحد الكذاب علي محمد الملقب ب(الباب) ادّعى النيابة، ثمّ المهدوية، وأثار الفتنة فأخذ وحبس، وضرب وصلب، ورمي فقتل، وطرح للكلاب فمزقته وهشمته وأكلت لحومه وشربت دماؤه.
وكم له من نظير في الأعصار السابقة، مع أن فعل واحد كذاب متهور خاطر بنفسه وعرضها للمهلكة فسلم اتفاقاً خصوصاً في الهند الذي فيه من المذاهب الباطلة عند أهل الملل ما لا يحصى، ولو كان ادّعى الألوهية أيضاً ما ناله جميع الضر؛ لعدم تعرض أهل المذاهب بعضهم لبعض، كيف يكون ميزاناً لجواز التعرض للضر والضرر المنهي عنه، إلّا في مورد أمر به الشارع فيرتفع النهي، ومع عدمه كما في المقام فخروج ألف مهدي كاذب مدع سالم اتفاقاً لا يصير سبباً لجواز التعرض للضرر المنهي عنه ولا أجر على الصبر عليه، وقد عرفت أن الخروج قبل ظهور العلامات الكاشفة عن عدم الرضا والإذن من الله عزّ وجلّ له فيه منهى ولا يرتفع إلا بالعلامات لا بفعل أرباب الضلالات.
وأما قول الناظم:
وَإِنْ قِيْلَ هَذَا الإِخْتفَاء بِأَمْر مَنْ*** لَهُ الأَمْرُ في الأَكْوان والحَمْدُ والشُّكْرُ
فَذَلكَ أَدْهَى الدَّاهِيَاتِ وَلَمْ يَقُلْ ***بِهِ أَحَدٌ إِلَّا أَخُو السَّفَهِ الغَمْرُ (2)
ص: 375
أَيَعْجَرُ رَبُّ الخَلْقِ عَنْ نَصْر ***عَلَى غَيْرهم كَلَّا فَهَذَا هُوَ الكُفْرُ
فهو من غرائب الكلام، إذ فيه:
أولاً: أنه بعد تسليم أن سبب الاختفاء أمره تعالى، وهو غير معلل بغرض وحكمة عند الناظم فلا محل للتفحص عن الحكمة وحصرها في العجز الموجب للكفر إن قيل به.
وثانياً: أنه تعالى لا يسأل عما يفعل ويأمر.
وثالثاً: إنّه على ما ذكره يلزم أن يكون الأنبياء والأوصياء والخلفاء والأمراء ونوابهم في جميع الأوقات غالبين منصورين إذا جاهدوا الكفار والمشركين؛ لأنه تعالى قادر على نصرهم وهم حزبه وجنده، وقد قال تعالى: (أَلا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ )(1)، (كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلَبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) (2)،( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ ) (3)، وإلا فيلزم نسبة العجز إليه تعالى عن نصرة جنده، وعليه فاللازم أن تكون بسُط العدل من أوّل زمان خليفة الله آدم (علیه السلام) في الدنيا مبسوطة، ورايات الكفر والشرك والظلم دائماً منكوسة.
وهذا مع كونه خلاف الوجدان؛ لكثرة ما صدر من الكفار والمشركين من قتل الأنبياء والأوصياء وجنودهم وأذاهم وأسرهم وحبسهم في الآبار والمطامير
ص: 376
وتطريدهم وتشريدهم ، وكفى في ذلك ما فعلوا بنبينا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعد بعثته بمكة المشرفة من الأذى والإهانة، وفي المدينة في غزوة أحد بما لا يتحمل المسلم سماعه، وما وقع في وقعة الطف ووقعة الحرة وغيرها يوجب بطلان الثواب والعقاب المتوقفين على صدور الأفعال من العباد في مقام الطاعة والعصيان عن اختيار منهم المنافي لغلبتهم على أعداء الدين بغير الأسباب العادية المتعارفة التي امتحن الله تعالى عباده، قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجاهدينَ مِنْكُمْ وَالصَّابرين )(1)
وقد اتفق نصرة أوليائه بغير الأسباب العادية في بعض المواطن لبعض الحكم والمصالح، وهو غير مطرد ، بل المواطن التي نصرهم فيها كذلك بالنسبة إلى غيرها كالقطرة من البحر.
وما أدري ما يقول الناظم في المواطن التي قُتل فيها أولياؤه تعالى وغُلبت جنوده وفنيت أحزابه، وفي قصة التتار ما فيه عبرة للناظرين: أيقول: عجز الرب - نعوذ بالله - عن نصر جنده؟
أو يذكر حكمة ومصلحة لا مفر له منه، فكيف أغمض عنه في هذا المورد، والنصر الذي وعد الله تعالى به أولياءه في جميع المواطن، ولم يتخلف ولا يتخلف (2) في موطن أبداً، هو نصرهم بالحجّة والبرهان والحكمة والبيان والبينة والسلطان، وإن غلبوا وضربوا وحُبسوا وقتلوا.
ص: 377
ورابعاً: أنه كيف لم يحتمل أن يكون السبب في أمره تعالى مهدي هذه الأمة بالاختفاء ما لأجله أمر تعالى جملة من أنبيائه بالاختفاء والغيبة عن أممهم، وكفى في المقام اختفاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مع صاحبه في الغار؛ إذ لا فرق في الاحتياج إلى ذكر السبب بين الاختفاء في يوم أو سنة أو ألف، وقد تقدم من المسعودي في قصة موسى ما يقرب منه. (1)
وقال أيضاً: (وكان من قصة شعيب أن الله تعالى بعثه إلى قوم نبياً حين كبر سنه، فدعاهم إلى التوحيد والإقرار والطاعة فلم يجيبوه، فغاب عنهم ما شاء الله ثم عاد إليهم شاباً.
فرُوي أنّ أمير المؤمنين عليا (علیه السلام) كان يعيد هذا الحديث ويكرره ويتمثل به» (2)...وغير ذلك مما يوجب ذكره الإطناب.
وخامساً: أنه بعد التأمل في المقدمات السابقة الواضحة بالنصوص المستفيضة لا بد من القول بوجود المهدي (علیه السلام) و غيبته؛ إذ بعد انحصار خلفائه في العلوم والأسرار والحكم الربانية والهدايات الخاصة والآيات الإلهية والخصائص النفسانية في اثني عشر، الذين ينطبق زمانهم على زمان وفاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى قيام الساعة، الذين هم شركاء القرآن في وجوب التمسك به في أمور الدين وبقائهم ببقائه والضلالة في المفارقة والتخلف عنه، الذين من لم يعرف الموجود منهم في زمانه كان موته موتة الجاهليّة، الذين هم أمان الأرض وسبب قرارها وثباتها،
ص: 378
والذين هم السفن التي من تخلف عنها غرق وإن آخرهم المهدي (علیه السلام)، فإنّه آخر الخلفاء والأوصياء والأئمة بالاتفاق، فلابد أن يكون موجوداً، وإلا لزم خلو الأرض من الخليفة والإمام والأمان والسفينة والعدل من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)
وأخرج صدر الأئمّة ضياء الدين أبو المؤيد الخوارزمي في (المناقب) من رواية أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، عن كميل بن زياد النخعي في حديث طويل، عن علي (علیه السلام) يقول في آخره: «اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة».
قال: وفي رواية أبي عبد الله: «بلى لن تخلو الأرض من قائم بحجة؛ كي لا الله وبيناته، أولئك الأقلون عددا الأعظمون عند الله قدرا، بهم يدفع تبطل حجج الله عن حججه حتى يؤدوها (1)إلى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها (2) معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في عباده والدعاة إلى دينه آه آه (3) شوقاً إليهم استغفر الله لي ولك، إذا شئت فقم». (4)
فيكون هو الحجّة أيضاً ولولاه لبقيت الأرض بلا حجة ولا سكون ولا قرار لها بغير الخليفة والأمان من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و وذهب الدين وذهب أهلها ولا قائل
ص: 379
إنّه غيره بعد وجوب الالتزام بطول عمر أحد الخلفاء الاثني عشر، رعاية للتطبيق
اللازم من كلامه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فإنّهم بين من أعرض عن ظواهر تلك النصوص وذكر لها تأويلات بعيدة من غير شاهد ولا داع لصرفها عن ظاهرها، وبين من تلقاها بالقبول وأخذ بظواهرها وعندهم الموجود منهم هو الحجة بن الحسن (علیهما السلام) فاحتمال أن يكون الطويل العمر منهم غيره فاسد، مضافاً إلى نص كل واحد من آبائه الذين أوّلهم أمير المؤمنين علي الله على من بعده إلى التاسع من ولد الحسين (علیه السلام) و النصوص عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد تقدم بعضها.
وأخرج العارف الكامل السيّد علي الهمداني الشافعي في كتاب (المودة في القربي )بإسناده عن عباية بن ربعي قال: قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أنا سيد النبيين وعلي سيد الوصيين. وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر أوّلهم علي وآخرهم القائم المهدي.» (1)
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: دخلت على النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)والحسين (علیه السلام) على فخذه وهو يقبل عينيه وفاه ويقول: أنت سيّد ابن سيد أنت إمام ابن إمام أنت حجة ابن حجّة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم. (2)
وعن أصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عباس ( رضي الله عنه ) قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «أنا وعلي والحسن الحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون
ص: 380
معصومون». (1)
وعن علي (علیه السلام) قال: قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : من أحب أن يركب سفينة النجاة، ويتمسك (2) بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين، فليوال علياً بعدي، وليعاد عدوّه، وليأتم بالأئمة الهداة من ولده، فإنّهم خلفائي وأوصيائي، وحجج الله على خلقه ،بعدي، وسادات ،أمتي، وقادة الأتقياء إلى الجنّة، حزبهم حزبي، وحزبي حزب الله، وحزب أعدائهم حزب الشيطان. (3)
وقال ابن حجر في (الصواعق): أخرج الثعلبي في( تفسيره) عن جعفر الصادق - رضي الله عنه - أنه قال: «نحن حبل الله الذي قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل الله جَميعاً وَلا تَفَرَّقُوا)». (4)
وكان جده زين العابدين إذا تلا قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادقينَ )(5) يقول: (دعاء طويلاً يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين والدرجات العالية وعلى وصف ما انتحلته المبتدعة المفارقون لأئمة الدين والشجرة النبوية... ثمّ يقول: وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا واحتجوا بمتشابه القرآن، فتأولوه (6) بآرائهم واتهموا مأثور الخبر... إلى أن قال: فإلى من يفزع خلف هذه الأمة وقد درست أعلام هذه الملة، ودانت الأمة بالفرقة والاختلاف يكفّر
ص: 381
بعضهم بعضاً، والله تعالى يقول: ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْد ما
جاءَهُمُ البَيِّنات )(1) فمن فمن الموثوق به على إبلاغ الحجّة وتأويل الحكمة (2)إلى أهل الكتاب وأبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده ولم يدع الخلق سدى من غير حجّة، هل تعرفونهم أو تجدونهم إلا من فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وبرأهم من الأفات وافترض مودتهم في الكتاب) (3)... إلى غير ذلك.
وإذا ثبت وجود المهدي (علیه السلام) لزمه الاختفاء؛ لأن الغرض الأصلي من بعثه كما مر هو تطهير الأرض من أرجاس الكفار والمشركين والمنافقين وقطع دابر الظالمين في تمام الأرض وإنجاز وعده تعالى عباده المؤمنين في قوله عز وجل: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالحات لَيَسْتَخْلفَنَّهُمْ في الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا). (4)
فإن هذه الأمور أي الاستخلاف في الأرض والتمكين من إقامة تمام ما يتعلق بالدين المرضي وعدم الخوف في إقامته من أحد وعبادة الله تعالى جهراً من غير خوف في أي موضع لم تتحقق في عصر من بعد النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)إلى عصرنا، حتى في عصر الخلفاء الأربعة؛ لارتداد كثير من الأعراب والفتن التي كانت تثور في
ص: 382
أيامهم والحروب التي كانت بينهم وبين المشركين، مع أن أكثر من في الأرض كانوا كفاراً، بل في كثير من بلاد المسلمين كان الغالب فيها المشركون، وعدم تبين كثير من أمور الدين الذي ارتضاه الله تعالى لرسوله الله لكثرة الاختلاف البالغ إلى تفسيق المسلمين بعضهم بعضاً وتكفيرهم كذلك، وكل يدعي التمسك بالدين المرضي الذي لا تعدد فيه، وأين هذا من ظاهر الآية الشريفة، وإنما ينجز هذا الوعد(1) في قوله تعالى: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُله ) (2)بظهور المهدي (علیه السلام)فيظهر الحق ويمكن المؤمن من أخذه والعمل به ويذهب الاختلاف ويزول الخوف بزوال الأعداء من كل طبقة والنفاق والشك والشبهة، بل حب الرئاسة والعلو والجاه من القلوب، فإن كلها مثيرة للفتن النافية للتمكين والأمن.
فلا بد من مضي زمان تخرج ودائع الله من أصلاب الذين لو ظهر المهدي (علیه السلام)لأزالهم عن وجه الأرض - كما شرحناه سابقاً - وتخرج الودائع الذين استخلصهم الله واصطفاهم وزكاهم وطهرهم لمهديه وحجته ومنتقمه من أعدائه،فلابد له من الاختفاء في طول هذه المدة؛ لكثرة أعدائه وهم كل محب للدنيا، العاكف على ملاذها من كل طبقة الذين وجود المهدي (علیه السلام)ينافي غرضهم منها واستمتاعهم بها، وهم أكثر من في الأرض حتى كثير ممن يعتقد إمامته ويظهر محبته، ممن رسخ حب الدنيا في سويداء قلوبهم لا يعلمون به إلّا بعد الامتحان
ص: 383
والابتلاء والفتن (1)، فلو ظهر ولما بلغ الكتاب أجله كان معرضاً نفسه للهلكة من غير عاصم من الله تعالى، وهذا واضح لمن أنصف من نفسه ومن وراء ذلك حكم وأسرار لا يعلمها إلّا الله تعالى.
بقي الكلام في ثمرة وجوده المقدّس في طول هذه المدة، وقد تبينت في مطاوي ما ذكرنا، غير أنا نشير إليه ثانياً إن شاء الله تعالى.
ومن جميع ما ذكرنا ظهر أن أدهى الداهيات نسبة الناظم العجز إلى الله جلت قدرته في عدم نصرته نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في أيام بعثته، في المواطن التي عذبه المشركون بأنواع العذاب من الشتم والهجو والضرب والرمي بالأحجار وإدماء جبهته الشريفة ورجليه في يوم الطائف، والحبس في الشعب، بل الغار وغيرها؛ لأنه لا يرى سبباً لعدم نصرته حزبه وجنده إلّا العجز، وهذه المقامات (2) كلها ظاهرة وجدانية.
ثم قال الناظم:
وَحَتَّى مَ هَذَا الإِخْتِفَاء وَقَدْ مَضَى ***مِنَ الدَّهْرِ آلاف وذَاكَ لَهُ ذِكْرُ
صدق الله عزّ وجلّ حيث قال: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ الله أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (3) ، وقال تعالى: (حَتَّى
ص: 384
إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا.) (1)
وصدق رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيما صح عنه متواتراً، أنه قال: «لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى أن لو أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم وحتى أن لو أحدهم جامع (2) امرأته في الطريق لفعلتموه». (3)
والناظم قد سلك مسلك الذين استبطأوا وعد الله تعالى أولياءه النصر والفرج وطال عليهم الأمد، فبعضهم ارتدوا ورجعوا عن دينهم، وبعضهم شكوا ونافقوا، وبعضهم صبروا وأسلموا ففازوا بإحدى الحسنيين، درك درجة الصابرين، أو نصر الله القريب من المحسنين.
مع أنه يقال للناظم: إن لم ينتشر الجور والظلم في تمام الأرض فلا يجوز الاعتراض واستبطاء الظهور، فإنّ الموعود متواتر ظهوره بعد الانتشار، وإن انتشر كما صرح به في أوّل النظم ، فيقال له ولشركائه الذين زعموا عدم الولادة: حتى م هذا التأخير في إيجاده مع قدرته تعالى وعلمه بعموم الظلم وإخبار نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بأنه يظهر أو يخرج عنده المهدي (علیه السلام)الذي يملأ الأرض عدلاً والخروج متوقف على وجوده.
فكل ما يعتذر به عن الله تعالى الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فوليه أولى بالاعتذار؛ لأنّ أمره بيد غيره ولا يفعل إلا ما يشاء الله تعالى فلا فرق بين القولين.
ويقال له أيضاً حتى م هذا الاختفاء من الدجال الموجود المسلم عند الجميع،
ص: 385
وما له لا يخرج ولا يغوي ولا يضل ولا يهلك وقد مضى من الدهر آلاف، وله ذكر حتى في حياة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كانوا يترقبون خروجه ويخافون ويبكون من فتنته كما مر ما دل عليه من الأحاديث الكثيرة.
وحق الجواب أن يقال بعد الاعتراف بالعجز عن معرفة أسرار الخلقة الإلهية والحكم الربانية، كيف ولم يقف على بعض جزئياتها كليم الله موسى (علیه السلام)كما تكشف عنه قصته مع الخضر(علیه السلام) ، فكيف بأمثالنا في كلياتها، وبعد التأمل فيما تقدم في الجواب عن الشبهة الأولى من الوجوه السبعة أن الغاية عموم الظلم حتى لا يجد المؤمن ملجأ يلجأ إليه وحتى يخرج ما في أصلاب الكفار من المؤمنين والمؤمنات، وحتى يخرج خواص المهدي (علیه السلام)وأولياؤه من الأصلاب وهو من أعظم أسباب ظهوره.... وغير ذلك مما يستنبطه البصير النقاد من مطاوي الأحاديث، وإن مضى ويمضي بعد ذلك آلاف وآلاف، له الخلق والأمر والملك والحمد لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.
ص: 386
واعلم أن الناظم لم يسأل في هذه القصيدة صريحاً عن ثمرة وجود المهدي (علیه السلام)في أيام غيبته واختفائه، إلّا أنّ في هذا البيت إشارة إلى كونه لغواً وعبثاً، وهذه الشبهة الثانية التي أشرنا إليها في أوّل الفصل، وحاصلها: أنّ الإمام الذي لا يحكم ولا يفتي ولا يقضي ولا يعطي ولا يأخذ ولا يتصرف في شيء ولا يراه أحد ولا ينتفع به أحد ما الفائدة في وجوده ووجوب التمسك به؛ ولذا قال ابن تيمية - من علماء الحنابلة - في منهاج السنة: (مهدي الرافضة لا خير فيه إذ لا نفع ديني ولا دنيوي لغيبته، انتهى). (1)
وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن المأمون المعروف بالمتولي الشافعي في (تتمة الإبانة): (لو أوصى لأجهل الناس يصرف إلى الإمامية المنتظرة للقائم). (2)
والجواب :
إن لوجوده الشريف نفعاً عاماً لجميع ما خلق الله تعالى في الأرض من المؤمن والكافر والمشرك والمنافق والحيوان والنبات وسكان الهواء وطبقات الأرض،
ص: 387
فإنه (علیه السلام) هو الأمان من أهل البيت في هذه الأعصار.
وقد تقدم قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، [ وأهل بيتي أمان لأهل الأرض] (1) ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض». (2)
وهو الخليفة الثاني عشر.
وقد قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش فإذا مضوا ساخت الأرض بأهلها». (3)
وقد تقدم أنه أخرجه ابن بطة العكبري في (الإبانة)، وفي بعض طرقه كما تقدم (4)[مع زيادة لفظ ] (5): (ثم يكون الهرج). (6)
فكل حي في في الأرض يتعيش ويتنعم ببركة وجوده، وبسبب وجوده أعطاهم
ص: 388
الله تعالى ويعطيهم نعمة الوجود والحياة والرزق ولولاه لساخت الأرض بأهلها وقامت القيامة وأي نفع يطلب أعظم وأتم وأسبغ وأهنأ من هذا، فإن قيل: لا أمان من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في هذه الأعصار، فهو رد لصريح هذه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها بين الفريقين.
وإن قيل بوجوده، فإن كان مستوراً عاد المحذور وإلا فلا أظن أحداً عينه في شخص في كل قرن غير المهدي (علیه السلام).
وقال الشيخ محيي الدين في الباب الثالث والثمانين والثلاثمائة: (اعلم أن بالقطب تحفظ دائرة الوجود كله من عالم الكون والفساد، انتهى. ) (1)
ونفع آخر عام، هو دفع العذاب العام عن أهل الأرض متى استحقوه بسوء أعمالهم التي كان الله تعالى يهلك جملة من الأمم السالفة بأقل منها، ويستأصلهم عن آخرهم بالصيحة والصاعقة والغرق والخسف والمسخ وغيرها ببركة وجوده كما كان ذلك لجده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في حياته، قال الله تعالى( وَمَا كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فیهم) (2)، فكان أماناً لأهل الأرض من نزول العذاب عليهم، وإذا جعل الله أهل بيته المخصوصين أماناً لهم فهم مثله الله في دفع العذاب عن العالم.
قال ابن حجر في (الصواعق): (الآية السابعة قوله تعالى: (وَما كانَ اللَّهُ ليُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فيهم) أشار (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى وجود ذلك المعنى في أهل بيته وأنهم أمان لأهل الأرض كما كان هو (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أماناً لهم.
ص: 389
وفي ذلك أحاديث كثيرة يأتي بعضها.
قال: وفي رواية ضعيفة أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون). (1)
وقال الفاضل الفيروز آبادي في كتاب (المبشر): (وأصح القولين في قوله تعالى: (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً للعالَمينَ )(2)إنه على عمومه، وفيه على هذا التقدير وجهان :
أحدهما أن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته.
أمّا أتباعه فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة.
وأما أعداؤه: فالمحاربون عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم؛ لأنّ حياتهم زيادة لهم في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة، وهم قد كتب عليهم الشقاء، فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم في الكفر.
وأما المعاهدون له: فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته، وهم أقل شراً بذلك العهد من المحاربين له.
وأما المنافقون: فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهلهم واحترامها وجريان أحكام المسلمين عليهم حتى التوارث وغيرها.
وأما الأمم النائية عنه فإن الله سبحانه دفع برسالته العذاب العام عن أهل
ص: 390
الأرض فأصاب كل العالمين النفع برسالته ،انتهى ) (1)
وهو وإن قصر النظر في جعل الرحمة في رسالته لا في وجوده الشريف، والنفع في الأمور التشريعية خاصة لا هي مع التكوينية إلّا أن الغرض الاستشهاد بآخر كلامه.
ونفع آخر عام للمؤمنين، وهو حفظ للدين وأركانه وأساسه وقوائمه وحراسته عن الانهدام والاندراس من حيث لا يعلمون.
وتوضيح هذه الدعوى وشرحها يتم على بعض قواعد الإمامية ولا ينفع لغيرهم، إلّا أنه يمكن استظهاره من أحاديث الخلفاء، فإن قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعا... » (2) وقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : « لا يزال الدين قائماً...» (3)صريح في أن عزة الدين وقوته وقوامه ومحفوظيته بوجود أحد الخلفاء الاثني عشر، فهو يقويه ويحفظه ويحرسه دائماً بما أعطاه الله تعالى من الأسباب الغيبية التي لا تنال بالاكتساب
ويؤيده ما أخرجه الملا في (الوسيلة) عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين». (4)
ومما يناسب ذكره في هذا المقام ما ذكره المولى عبد الرحمن الجامي في رسالة
ص: 391
(مناسك الحج )وذكره الشيخ عبد الحق الدهلوي في كتابه الموسوم ب(جذب القلوب إلى ديار المحبوب) ناقلاً عن كتاب فصل الخطاب لرئيس العارفين خواجه محمد بارسا البخاري وقد مرّ ذكر علو مقامهم، قال: (فصل عن الصادق (علیه السلام) أنه قال: «من زار أحداً (1) من الأئمة كان كمن زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). »
وقيل للرضا: (علیه السلام) علمني قولاً [ أقوله] (2) بليغاً كاملاً إذا زرت واحداً منكم؟
فقال: «إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين وأنت على غسل، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل: الله أكبر - ثلاثين مرة - ثمّ امش قليلاً (3)، وعليك السكينة والوقار، وقارب بين خطاك، ثمّ قف وكبر الله - ثلاثين مرة - ثمّ ادن من القبر وكبّر الله - أربعين مرة – تمام مائة مرة، وقل:
السلام عليكم يا أهل بيت الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي وخزان العلم ومنتهى الحكم (4) ومعدن الرحمة وأصول الكرم وقادة الأمم وعناصر الأبرار ودعائم الأخيار وأبواب الإيمان وأمناء الرحمن وسلالة خاتم النبيين وصفوة عترة (5) المرسلين ورحمة الله وبركاته.
السلام على أئمة الهدى ومصابيح الدجى وأعلام التقى وذوي الحجى والنهى ورحمة الله وبركاته.
ص: 392
السلام على محال معرفة الله ومساكن بركة الله ومعادن حكمة الله وحفظة سر الله وحملة كتاب الله وورثة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ورحمة الله وبركاته.
السلام على الدعاة إلى حكم الله والأدلاء على مرضاة الله والمظهرين لأمر الله ونهيه والمخلصين في توحيد الله ورحمة الله وبركاته.
إني مستشفع بكم ومقدمكم أمام طلبتي وإرادتي ومسألتي وحاجتي أشهد الله أني مؤمن بسركم وعلانيتكم وأني أبرأ إلى الله تعالى من عدو محمد وآل محمد من الجن والإنس وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً» انتهى). (1)
ومن اعتقد فيهم ما تضمنته هذه الزيارة الشريفة المطابقة لما لا يحصى من الأحاديث التي رواها مشايخ الإماميّة، وعلم ما أعطاهم الله تعالى من المقامات العالية، والقدرة الربانية في إفاضة العلوم والأسرار، وإغاثة الملهوفين وإجابة المضطرين وإعانة المكروبين إذا توسلوا بهم، وتمسكوا بعروتهم، واعتصموا بحبلهم عند الحوائج الدينية والدنيوية، والشدائد والكروب والبلايا والمخاوف نال من حجّته وإمام زمانه وولي عصره وخليفة دهره من الفيوضات الظاهرية الباطنية ما أراده وطلبه، فكم لمواليه ومعتقدي إمامته من القصص والحكايات في هذا الباب مما أذنوا في ذكره وكشفه ما ملأ الدفاتر، ولكن لا ثمرة لذكر نبذة منها في هذا المقام؛ لعدم وثوق المخاطب بناقليها، إلّا أنّه قد ظهرت في هذه الأيام كرامة باهرة من المهدي (علیه السلام) في متعلقات أجزاء الدولة العلية العثمانية المقيمين في المشهد الشريف الغروي، وصارت في الظهور والشيوع كالشمس
ص: 393
في رابعة النهار، ونحن نتبرك بذكرها بالسند الصحيح العالي.
حدث جناب الفاضل الرشيد السيّد محمد سعيد أفندي الخطيب (1) فيما كتبه بخطه: كرامة لآل الرسول عليه وعليهم الصلاة والسلام ينبغي بيانها لإخواننا أهل الإسلام، وهي:
أنّ امرأة اسمها ملكة بنت عبد الرحمن زوجة ملا أمين المعاون لنا في المكتب الحميدي الكائن في النجف الأشرف، ففي الليلة الثانية من شهر ربيع الأول من هذه السنة - أي سنة 1317 - ليلة الثلاثاء صار معها صداع شديد، فلما أصبح الصباح فقدت ضياء عينيها فلم ترشيئاً قط، فأخبروني بذلك، فقلت لزوجها المذكور : اذهب بها ليلاً إلى روضة حضرة المرتضى عليه من الله تعالى الرضا؛ لتستشفع به وتجعله واسطة بينها وبين الله لعل الله سبحانه وتعالى أن يشفيها، فلم تذهب في تلك الليلة - يعني ليلة الأربعاء - لانزعاجها مما هي فيه، فنامت بعض تلك الليلة، فرأت في منامها أن زوجها المذكور وامرأة اسمها زينب كأنهما مضيا معها لزيارة أمير المؤمنين (علیه السلام)، فكأنهم رأوا في طريقهم مسجداً عظيماً مشحوناً من الجماعة، فدخلوا فيه لينظروه، فسمعت المصابة رجلاً يقول من بين الجماعة: لا تخافي أيتها المرأة التي فقدت عينيها إن شاء الله ،تشفيان فقالت من أنت بارك الله فيك؟
فأجابها: أنا المهدي، فاستيقظت فرحانة فلما صار الصباح - يعني يوم الأربعاء -
ص: 394
ذهبت ومعها نساء كثيرات إلى مقام سيّدنا المهدي (علیه السلام)خارج البلد فدخلت وحدها وأخذت بالبكاء والعويل والتضرع فغشي عليها من ذلك، فرأت في غشيتها رجُلين جليلين، الأكبر منهما متقدم والآخر الشاب خلفه، فخاطبها الأكبر بأن لا تخافي، فقالت له: من أنت؟
قال: أنا علي بن أبي طالب، وهذا الذي خلفي ولدي المهدي - رضي الله تعالى عنهما - ثمّ أمر الأكبر المشار إليه امرأة هناك وقال: قومي يا خديجة وامسحي على عيني هذه المسكينة.
فجاءت ومسحت عليهما فانتبهت وأنا أنظر وأرى أحسن من الأول والنساء يهلهلن فوق رأسي، فجاءت النساء بها بالصلوات والفرح وذهبن بها إلى زيارة حضرة المرتضى ( كرم الله تعالى وجهه ) وعيناها الآن ولله الحمد أحسن من الأوّل.
وما ذكرناه لمن أشرنا إليهما قليل (1)، إذ يقع أكبر منه لخدامهما من الصالحين بإذن المولى الجليل، فكيف بأعيان آل سيّد المرسلين عليه وعليهم الصلاة والسلام إلى يوم الدين أماتنا الله على حبهم، آمين، آمين.
هذا ما اطلع عليه الحقير الخطيب والمدرس في النجف الأشرف السيد محمد سعيد انتهى) (2)
قلت: هذا المقام واقع في خارج سور البلد في غربي المقبرة المعروفة بدار
ص: 395
السلام (1) وله صحن وقبة فيها محراب ينسب إلى المهدي (علیه السلام)ولا يعلم سببه أنه رآه (علیه السلام)فيه أحد أو ظهر منه كرامة فيه إلّا أنه قديم.
وقد ذكر بعض علماء القرن الحادي عشر في جامعه الكبير قصة رجل كاشاني مريض قد أيس من مرضه فذهب إليه، فرآه من غير أن يعرفه فشفاه ويعلم منها أنه كان في ذلك الزمان معروفاً بالنسبة إليه. (2)
ص: 396
ص: 397
ص: 398
خاتمة
في شرح قول الناظم في آخر أبياته:
وَمَا أَسْعَدَ السِّرْدابَ فِي سُرَّ مَنْ رَأَى ***لَهُ الفَضْلُ عَنْ أُمِّ القُرَى وَلَهُ الفَحْرُ
فَيَا لَلأَعاجِيْبِ الَّتِي مِنْ عَجِيبِها ***أَنِ اتَّخَذَ السَّرْدَابَ بُرْجاً لَهُ البَدْرُ
قلت: بل أعجب الأعاجيب أن جمعاً من أعلام العلماء الذين نالوا في مراتب العلوم المتعارفة والتأليف والرئاسة والذكر والاشتهار الدرجة العالية، ومع ذلك ينسبون إلى معاشر الإمامية أشياء لا أصل لها، ولا ذكر لها في كتبهم قديماً وحديثاً، ويفترون عليهم، ثم يقبّحونهم، ويضحكون عليهم، ويثيرون العوام الجهلاء، ويلقون العداوة والبغضاء، ذلك ومع يوجد في مؤلّفاتهم: أن الشيعة بيت الكذب، وها أنا أوضح بعض مفترياتهم في هذا المقام مما يتعلق بولادة المهدي (علیه السلام) ومحلها وقس عليه سائر المواضع، وهي أمور:
الأول:
إن الذين أنكروا ولادته، إذا تعرّضوا لذكرها نسبوا القول بالولادة إلى الإماميّة، أو الشيعة، أو الرافضة، والقول بعدمها إلى أهل السنة والجماعة، مع أنا ذكرنا أسامي من وافقوا منهم الإماميّة وصرحوا به في مؤلّفاتهم ما يقرب من أربعين، وأغلبهم من العلماء، والحفاظ، وأهل الكشف والمعرفة المذكورين في
ص: 399
التراجم بكل جميل، كما أشرنا إلى مواضعها إجمالاً، أليس نسبة العدم إليهم حينئذ كذباً صريحاً، واحتمال عدم اطلاع هؤلاء المهرة على مقالاتهم ومؤلفاتهم بعيد غايته، بل احتمال التعمّد في هذا الكذب لمصلحة جوزته أولى من نسبة الجهل إليهم مع تبحرهم وطول باعهم.
الثاني:
إنهم إذا ذكروا ترجمة أبي محمد الحسن العسكري ذكروا فيها أو في ترجمة ولده الحجّة (علیه السلام)أنّ الإماميّة يقولون إن الحجّة دخل السّرداب وغاب فيه ولم يخرج إلى الآن.
قال الذهبي في( تاريخ الإسلام): ((م ح م د) بن الحسن العسكري ابن علي الهادي ابن الجواد بن علي الرضا [ابن موسى الكاظم ] أبو القاسم العلوي الحسيني (1)، خاتم الاثني عشر إماماً للشيعة. وهو منتظر الرافضة الذين يزعمون أنه المهدي، وأنّه صاحب الزمان، وأنه الخلف الحجّة، وهو صاحب السرداب بسامراء...
إلى أن قال: ولهم أربعمائة وخمسون سنة ينتظرون ظهوره، ويدعون أنه دخل سرداباً في البيت الذي لوالده وأمه تنظر إليه، ولم يخرج منه وإلى (2)الآن، فدخل السرداب وعدم وهو ابن تسع سنين). (3)
ص: 400
وقال ابن خلكان في( تاريخه) في ترجمته: (والشيعة ترى فيه أنه: المنتظر، القائم المهدي، وهو صاحب السرداب عندهم ، وأقاويلهم فيه كثيرة، وهم ينتظرون خروجه آخر الزمان من السرداب بسر من رأى، دخله في دار أبيه، وأمه تنظر إليه، سنة خمس وستين ومائتين، وعمره حينئذ تسع سنين فلم يعد يخرج إليها، وقيل: دخله وعمره أربع، وقيل: خمس، وقيل: سبع عشر، انتهى). (1)
وقال المعاصر نعمان أفندي آلوسي زاده في المجلس الخامس عشر من كتابه
الموسوم ب(غالية المواعظ ) بعد أن ذكر مذهب أهل السنّة بزعمه في المهدي (علیه السلام)قال: (وأمّا عند الشيعة فقد اختلفوا فيه على أقوال شتّى، والمشهور من مذهبهم مذهب الإمامية الاثني عشرية - [ أن المهدي (علیه السلام) ] (2)هو: (م ح م د) بن الحسن العسكري ابن علي الهادي ابن محمد الجواد ابن علي الرضا ابن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق - رضي الله عنهم ، ويعرف عندهم ب(الحجة، والمنتظر، والقائم)، وهو الذي غاب في سرداب دار أبيه [ في سامراء صغيرا] (3) ، وأمه تنظر إليه وذلك في سنة خمس وستين ومائتين، وهو حي الآن موجود في الدنيا). (4)
ومرّ ما يقرب منه عن تاريخ عبد الملك العصامي (5)... وغيره، ولا حاجة إلى نقل كلمات غيرهم مما يشبه بعضها بعضاً، وكلّها متفقة في نسبة هذا المطلب إلى
ص: 401
الإماميّة، وأنهم يقولون إن مهديّهم دخل السرداب وأمه تنظر إليه، فغاب ولم يعد إلى الآن.
فنقول: يا علماء العصر وحفّاظ الدهر هذه كتب علماء الإمامية ومؤلّفاتهم قبل ولادة مهدي (علیه السلام)إلى هذه الأعصار شائعة، وهي بين أظهركم، وعندكم أو تتمكنون منها، فاذكروا كتاباً واحداً من أصاغر علمائهم فيه ما نسب إليهم فضلاً عن أكابرهم.
كالشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني صاحب (الكافي) الذي عده الجزري في (جامع الأصول من مجددي مذهب الإمامية في المائة الرابعة (1)، والسيدين الشريفين علم الهدى المرتضى وأخيه الرضي صاحب (نهج البلاغة)، وشيخهما أبي عبد الله المفيد المدعو ب ( ابن المعلم)، وأبي جعفر محمد بن علي الملقب ب(الصدوق)، وأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، وأبي جعفر محمد بن علي ابن شهر آشوب المازندراني الذي اعترف بعلو مقامه في الفقه والحديث والرجال السيوطي في (طبقات النحاة، والفيروز آبادي في (البلغة)، وابن حجر العسقلاني في (لسان الميزان) (2)... وغيرهم، ثم من بعدهم إلى عصرنا، فإن لهم مؤلّفات مختصة بالحجّة ابن الحسن (علیهما السلام)لا تعرف بكتب الغيبة، مثل: كتاب (كمال الدين) لأبي جعفر القمّي، وكتاب (الغيبة) للنعماني – تلميذ أبي جعفر الكليني وكتاب (الغيبة) لأبي جعفر الطوسي، وكتاب (الغيبة) لأبي محمد الفضل بن
ص: 402
شاذان المتوفّى بعد ولادة المهدي وقبل وفاة والده العسكري (علیه السلام) وهكذا سوى ما ذكروه في كتب المناقب في ذكر أحواله بعد ذكر والده.
ونحن
كلما راجعنا وتفحصنا لم نجد لما ذكروه أثراً، بل ليس فيها ذكر للسِّرداب أصلاً سوى قضيّة المعتضد التي نقلها نور الدين عبد الرحمن الجامي في (شواهد النبوة)، وهي موجودة في كتبهم بأسانيدهم، ولكنهم ساقوا المتن هكذا
عن رشيق صاحب المادراي قال: بعث إلينا المعتضد (1) ونحن ثلاثة نفر... إلى أن قال: فوافينا سامرة فوجدنا الأمر كما وصفه، وفي الدهليز خادم أسود وفي يده تكة ينسجها، فسألناه عن الدار ومن فيها؟ فقال صاحبها ، فوالله ما التفت إلينا وقل اكتراثه بنا، فكبسنا الدار كما أمرنا ، فوجدنا داراً سريّة ومقابل الدار ستر ما نظرت قط إلى أنبل منه، كأن الأيدي رفعت عنه في ذلك الوقت، ولم يكن في الدار أحد.
فرفعنا الستر فإذا بيت كبير كأن بحراً فيه، وفي أقصى البيت حصير قد علمنا أنه على الماء، وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلي فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من أسبابنا.
فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطّى البيت فغرق في الماء... إلى آخر ما يقرب مما تقدّم في خبر شواهد الجامي (2)، وليس فيه ذكر للسرداب أصلاً.
إلّا أن القطب الراوندي ذكر في (الخرائج )هذا الخبر، ثمّ قال في موضع آخر
ص: 403
على ما نقله عنه بعض أصحابنا وإن لم نجده فيما عندي من نسخته ثم بعثوا عسكراً أكثر ، فلما دخلوا الدار سمعوا من السّرداب قراءة القرآن فاجتمعوا على بابه، وحفظوه حتى لا يصعد ولا يخرج وأميرهم قائم حتى يصل العسكر كلّهم، فخرج من السكة التي على باب السرداب ومرّ عليهم ، فلما غاب قال الأمير: انزلوا ،عليه فقالوا أليس هو قد مر عليك؟.
فقال: ما رأيت، وقال: وَلمَ تركتموه؟
قالوا إنا حسبنا أنك تراه. (1)
والظاهر أنّ هذا الخبر هو الوجه في تسمية السّرداب ب(سرداب الغيبة) في لسان بعض العلماء في خصوص كتب المزار، أو لها وجه آخر غير الوجه الذي يتبادر منه، وهو الذي نسبوه إليهم من أنه دخل السرداب وأمه تنظر إليه وغاب الذي ليس له في كتبنا أثر ولا عليه دلالة فراجع.
نعم، في بعض الكتب التي ألفوها في كيفية زيارة النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)وأئمتهم زيارة يزار بها الحجّة في السرداب (2)وليس فيها دلالة ولا إشارة إلى ما نسبوه إليهم.
ونحن إذا نسبنا إلى علماء أهل السنّة شيئاً من فتوى، أو حديث، أو معتقد ذكرنا ،كتابه وموضعه، ومؤلّفه، وترجمته، فمقتضى الإنصاف أن يتعاملوا معنا في هذه المقامات كذلك.
ص: 404
الثالث:
إنهم ذكروا بعد ذلك أنه بعد دخوله في السرداب وغيبته باق فيه إلى الآن، وأنه معتقد الإماميّة كما تقدم عن الذهبي وابن خلكان(1).
وقال الذهبي أيضاً في ترجمة والده العسكري (علیه السلام) بعد أن ذكر أنه والد الحجّة ما لفظه: (وهم - أي الرافضة - يدعون بقاءه في السرداب من أربعمائة وخمسين سنة، وأنه صاحب الزمان، وأنه حي يعلم علم الأولين والآخرين، ويعترفون أنه لم يره أحد أبداً. وبالجملة جهل الرافضة عليه مزيد (2) ، فنسأل الله أن يثبت عقولنا ، وإيماننا انتهى). (3)
وقال ابن الأثير في (الكامل) في حوادث سنة ستين ومائتين: (وفيها توفّي الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیهما السلام)
وفيها توفّي أبو محمد العلوي العسكري - وهو أحد الأئمة الاثنا عشر على مذهب الإماميّة - وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر بسرداب سامرا، وكان مولده سنة اثنتين وثلاثين ومائتين انتهى) (4)
جعل أبا محمد العسكري والد الحجّة غير الحسن بن علي بن محمد (علیهما السلام)
ص: 405
وليس له ثان في هذا الوهم وهو منه غريب.
إلى غير ذلك مما لا طائل في نقله، وهذا أيضاً كذب محض وافتراء بيّن لم يذكره أحد من مؤلّفي الإماميّة في كتاب لهم من القدماء والمتأخرين، فإن كانوا صادقين في هذه النسبة فليذكروا موضعاً واحداً ذكر فيه ما نسبوه إليهم، مع أن في كثير من أحاديثهم وقصصهم ما يبين كذبه، فإنّهم رووا واعتقدوا أن المهدي (علیه السلام)يحضر الموسم في كل سنة (1)، ورآه جماعة كثيرة تزيد على سبعين في أيام غيبته الصغرى التي كان له فيها نواب مخصوصة يخرج إليهم التوقيعات ابتداءً وجواباً لمسائل كانوا يسألونها بتوسط النواب (2)، وكلّهم رأوه في غير السرداب
ص: 406
بل غير سامرًا إلا قليلاً منهم.
ورووا بأسانيد متعددة عن إبراهيم بن مهزيار أنه وصل إلى خدمته وتشرف بلقائه في بعض فلوات الطائف، فقال (علیه السلام) في جملة كلامه: إن أبي عهد إلي أن لا أوطن من الأرض إلّا أخفاها وأقصاها؛ إسراراً لأمري، وتحصيناً لمحلي من
ص: 407
مكائد أهل الضلال والمردة من أحداث الأمم الضوال، فنبذني إلى عالية الرمال... إلى أن قال: اعلم يا أبا إسحاق، أنه صلوات الله عليه قال: يا بني، إن الله جل ثناؤه لم يكن ليخلي أطباق أرضه وأهل الجد في طاعته وعبادته بلا حجة يستعلى بها وإمام يؤتم به ويقتدى بسبل سنته ومنهاج قصده، وأرجو يا بني أن تكون أحد من أعده الله لنشر الحق وطيّ الباطل وإعلاء الدين وإطفاء الضلال، فعليك بلزوم خوافي الأرض وتتبع أقاصيها... الحديث. (1)
ولهم دعاء مشهور رووه عن أئمتهم (علیهم السلام) يعرف ب (دعاء الندبة) أمروا بقراءته في الأعياد الأربعة (2) ، وفيه فيما يخاطب به إمام زمانه الحجة (علیه السلام).
«ليت شعري أين استقرت بك النوى؟
بل أي أرض تقلك، أو ثرى؟
أبرضوى؟ أم بغيرها؟ أم ذي طوى (3)؟».
قال السمهودي في (خلاصة الوفا) :
(رضوى بالفتح كسكرى جبل على يوم من ينبع، وأربعة أيام من المدينة، منه تقطع أحجار المسان وسبق في فضل أحد أن رضوى مما وقع بالمدينة من
ص: 408
الجبل الذي تجلّى الله له؛ لكون ينبع من أراضي المدينة.
وفي حديث: رضوى مما وقع بالمدينة.
وفي رواية: أنه من جبال الجنّة.
وفي رواية: أنه من الجبال التي بني منها البيت، انتهى). (1)
وقال الجزري في (النهاية): (قد تكرر في الحديث ذكر (ذي طُوَى) - وهو: بضم الطاء وفتح الواو المخففة - : موضع عند باب مكة يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به انتهى). (2)
وعندهم زيارة يزورون بها المهدي (علیه السلام) وفيها من أوصافه الحاضر في الأمصار، الغائب عن الأبصار (3)، وهي موجودة في جملة من خطبهم أيضاً.
وقال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي القمي الملقب ب-(الصدوق) في كتاب (العقائد) - يعني عقائد الإمامية - : (واعتقادنا أن حجج الله تعالى على خلقه بعد نبيه :محمد الأئمة الاثنا عشر أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام)... إلى أن قال ثم: (م ح م د) بن الحسن الحجة، القائم بأمر الله، صاحب الزمان، وخليفة الرحمن في أرضه، الحاضر فى الأمصار الغائب عن الأبصار ( صلوات الله عليهم ) انتهى). (4)
إلى غير ذلك مما لا يحصى، ومع ذلك كيف استحسن هؤلاء الأعلام هذا
ص: 409
الكذب الواضح لأنفسهم، وهو مضاف إلى الحُرمة مما يشين المرء، ويذهب بماء الوجه، ويوجب مقت الرب.
الرابع:
ما مرَّ عن الذهبي، وهو قوله: ويعترفون أنه لم يره أحداً أبداً.
وقوله الآخر: فدخل السرداب وعدم (1)
وهذا أيضاً كسابقه من الأكاذيب الواضحة، فإن كل من تعرض من علماء الإمامية لذكر أحوال الحجّة (علیه السلام) نص على أن في غيبته الصغرى وطولها سبعون سنة تقريباً كان يصل إلى خدمته الخواص، وضبطوا أسامي من رآه (علیه السلام) ، أو وقف على معجزته من غير خلاف بينهم وعقدوا له في مؤلّفاتهم في الغيبة باباً مخصوصاً، بل ألف فيه بالإنفراد رسائل معروفة.
هذا شيخ الشيعة أبو جعفر الكليني يقول في كتاب الحجة من (الكافي): باب (في تسمية من رآه (علیه السلام)) و أخرج فيه أخباراً كثيرة. (2)
وهذا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد يقول في كتاب (الإرشاد): باب (ذكر من رأى الإمام الثاني عشر وطرف من دلائله وبيناته)، وأخرج فيه جملة وافرة مما يتعلّق بالمقام (3)
وهكذا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه في كتاب (كمال الدين). (4)
ص: 410
وهكذا غيرهم من أعاظم المحدثين وأكابر المؤلّفين، بل جوزوا الرؤية في غيبته الكبرى، وعندهم قصص وحكايات معتبرة فيها تشرفهم فيها (1)بلقائه، ووقوفهم على معجزة ظاهرة، وكرامة باهرة منه (علیه السلام). (2)
وقال السيّد الأجل المرتضى في آخر كتاب( تنزيه الأنبياء )في الجواب عن بعض الشبهات في الغيبة : ( وقلنا أيضاً إنّه غير ممتنع أن يكون الإمام (علیه السلام)يظهر لبعض أوليائه ممن لا يخشى من جهته شيئاً من أسباب الخوف، فإن هذا مما لا يمكن القطع على ارتفاعه وامتناعه، وإنما يعلم كل واحد من شيعته حال نفسه، ولا سبيل له إلى العلم بحال غيره). (3)
ونقل سائر كلماتهم يوجب الإطناب إلّا أنا نذكر طرفاً مما روي في هذا الباب:
أخرج أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب (الكافي) - وهو هو أجلّ كتب الإمامية وأصحها، وأتمها فائدة وأكثرها نفعاً - عن علي بن محمد، عن محمد بن شاذان بن نعيم، عن خادم لإبراهيم بن عبدة النيسابوري أنها قالت: كنت واقفة على الصفا فجاء (علیه السلام) حتى وقف على إبراهيم وقبض على كتاب مناسكه وحدثه بأشياء). (4)
ص: 411
وعن علي بن محمد، عن محمد بن علي بن إبراهيم، عن أبي عبد الله بن صالح أنه: (راه (علیه السلام)عند الحجر الأسود والناس يتجاذبون عليه وهو يقول: ما بهذا أمروا). (1)
وعن علي بن محمد، عن أبي علي أحمد بن إبراهيم بن إدريس، عن أبيه أنه قال: (رأيته (علیه السلام)بعد مضي أبي محمد حين أيفع (2) وقبلت يديه ورأسه). (3)
(3) وعن علي بن محمد، عن أحمد بن راشد عن بعض أهل المدائن قال: (كنت حاجاً مع رفيق لي، فوافينا الموقف فإذا شاب قاعد عليه إزار ورداء، وفي رجليه نعل صفراء، قومت الإزار والرداء بمائة وخمسين ديناراً وليس عليه أثر السفر فدنا منا سائل ،فرددناه، فدنا من الشاب فسأله، فحمل شيئاً من الأرض وناوله، فدعا له السائل واجتهد في الدعاء وأطال فقام الشاب وغاب عنا، فدنونا من السائل فقلنا له: ويحك ما أعطاك ؟ فأرانا حصاة ذهب مضرسة (4)قدرناها عشرين مثقالاً، فقلت لصاحبي مولانا عندنا ونحن لا ندري؟!
ثم ذهبنا في طلبه فدرنا الموقف كله، فلم نقدر عليه، فسألنا من كان حوله من أهل مكة والمدينة، فقالوا شاب علوي يحج في كل سنة ماشياً). (5)
ص: 412
وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله قال: «لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة ولا بد له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة (1)، وما بثلاثين من وحشة». (2)
وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) «للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة والأخرى طويلة الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه [فيها] (3) إلا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصة (مواليه». (4)
إلى غير ذلك مما روي في هذا المعنى في هذا الجامع الشريف (5)، وفي غيره من الجوامع مما لو جمع لكان كتاباً ضخماً، ولم أقصد من ذكر هذه الأحاديث الاحتجاج بها في إثبات دعوى على من أنكرها، بل لمجرد توضيح الكذب المذكور وما قبله من أنه (علیه السلام) موجود محبوس في السرداب إلى يوم خروجه.
وبالجملة ليس في الإماميّة أحد اعترف بما نسبه إلى جميعهم وجعله من عقائدهم، فإن أراد أحد الذب عن هؤلاء فليبين الموضع الذي اعترفوا فيه بما نسبوه إليهم.
ص: 413
وفي كثير من أدعيتهم المأثورة عن أئمتهم وخصوصاً عن المهدي (علیه السلام)عند ذكر الصلاة على كل واحد منهم الصلاة على الحجّة (علیه السلام) وعلى أهله وذريته. (1)
الخامس :
ما ذكره ابن حجر في (الصواعق) بعد نفي كون المهدي (علیه السلام)هو الحجّة بن الحسن (علیهما السلام) قال: (والقائلون من الرافضة بأنّ الحجّة هذا هو المهدي، يقولون: لم يخلف أبوه غيره، ومات وعمره خمس سنين آتاه الله فيها الحكمة كما آتاها يحيى (علیه السلام) صبيّاً، وجعله إماماً في حال الطفولية كما جعل عيسى كذلك، توفّي أبوه بسر من رأى وتستّر هو بالمدينة، وله غيبتان صغرى من منذ ولادته إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وكبرى في آخرها يقوم، وكان فقده يوم الجمعة سنة ست وتسعين ومائتين، فلم يدر أين ذهب خاف على نفسه فغاب، انتهى). (2)
وقال بعد وريقات في آخر أحوال أبي محمد العسكري (علیه السلام)(ولم يخلف غير
ص: 414
ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن آتاه الله فيها الحكمة، [ويسمّى] أبو القاسم، المنتظر؛ قيل : لأنه ستر بالمدينة وغاب فلم يعرف أين ذهب، ومرّ في الآية الثانية عشرة قول الرافضة فيه : إنه المهدي (علیه السلام)، انتهى). (1)
وفيه مضافاً إلى الكذب الصريح فإن أحداً من الإمامية لم يذهب إلى أنه (علیه السلام)تستّر بالمدينة ولا يوجد ذلك في مؤلفاتهم أبداً [ وهو ] (2) تناقض عجيب، فإنّ صريح كلامه أن آخر الغيبة الصغرى عندهم هو انقطاع السفارة بينه وبين شيعته، واتفقت الإماميّة من غير خلاف إلا من شاذ رماه أصحابنا بالغلو (3) أن آخر السفراء - وهم أربعة - هو أبو الحسن علي بن محمد السمري (رحمه الله ) وأنه توفّي
ص: 415
النصف من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة في بغداد، وقبره فيها، ورووا أنّه أخرج قبل وفاته بأيام توقيعاً نسخته:
«بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً»... التوقيع.
فنسخوا التوقيع قال الراوي فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه فقيل له: من وصيك؟ فقال: الله أمر هو بالغه، وقضى فكان هذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه. (1)
وعلى ما ذكروا فأوّل الغيبة الكبرى من نصف شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وهو أوّل فقده لا في سنة ست وتسعين ومائتين (2)، فإنها كانت أيام سفارة أبي جعفر محمد بن عثمان وتوفّي في آخر جمادى الأولى سنة خمس وثلاثمائة، وقد تولّى أمر السفارة نحواً من خمسين سنة.
ثم قام بالأمر بعده أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي إلى أن توفّي سنة ست وعشرين وثلاثمائة، وقام بعده أبو الحسن السمري، فلا الفقد صار في المدينة، ولا في السنة المذكورة، ولم يقل به أحد من علماء الإمامية فنسبتهما إليهم كذب وافتراء.
ص: 416
السادس
الكذب العجيب الذي تكاد تنشق منه الأرض ويظلم الهواء ويحبس منه قطر السماء، وهو نسبة أعاظمهم وعلمائهم إلى كافة الإمامية (1) أنهم يعتقدون أن مهدي (علیه السلام)يخرج في آخر الزمان من السرداب بسر من رأى.
فقال ابن خلكان فيما تقدّم من كلامه (وهم ينتظرون خروجه آخر الزمان من السرداب بسر من رأى). (2)
وباقي كلماتهم تقدمت متفرقة لا حاجة إلى إعادتها، فإن هذه النسبة مسلّمةً فيهم
قال ابن حجر في (الصواعق): (ولقد أحسن القائل:
ما آن للسرداب أن يلد الذي ***صير تُموه بزَعْمِكُمْ إنسانا (3)
فعلى عُقُولِكُمُ العَفَاء فَإِنَّكُمْ ***تَلقْتُمُ العَنْقَاء والغيلانا) (4)
قلت: إن كان العقل هو الذي يبعث الإنسان على أن يفتري على المسلمين ويكذب عليهم ثمّ يثبت ذلك في كتابه ثمّ يستهزئ بهم ويهجوهم بما افترى عليهم فعلى عقولهم العفاء، إذ ليس بناؤهم على الافتراء فإنهم إن نسبوا أمراً إلى غيرهم ذكروا كتابه وموضعه وصاحبه فنكرر المقالة ونقول يا معاشر العلماء ويا
ص: 417
أيها الناظم الذي تذكر في أبياتك:
فَيَا للأعاجيب الَّتِي مِنْ عَجيبها*** أن اتَّخَذَ السَّرْدَابَ بُرْجاً لَهُ البَدْرُ
هذه كتب الإماميّة من قدمائهم ومتأخريهم ، وأكابرهم وأصاغرهم، من مطولاتها ومختصراتها، عربيّها وعجميّها موجودة، وكثير منها مطبوعة شائعة نبئونا في أي كتاب يوجد هذا المطلب؟
ومن ذكر أنه لا يخرج من السرداب؟
ونحن كلّما تفحصنا لم نجد للسرداب ذكراً في أحاديثهم إلا في موضع نادر أشرنا إليه، فضلاً عن كونه برجاً يطلع منه هذا البدر، بل الموجود في أحاديثهم الكثيرة المعتبرة عندهم أن هذا البدر المنير يطلع من المطلع الذي طلعت منه الشمس البازغة جده المعظم علي الله وهو مكة المشرّفة ، ولا علينا أن نسوق بعضها:
و أخرج أبو محمد الفضل بن شاذان النيسابوري - المتوفى في حياة أبي محمد العسكري والد الحجة (علیهما السلام)- في كتابه في (الغيبة):
حدّثنا الحسن بن محبوب عن علي بن رباب قال: حدّثنا أبو عبد الله (علیه السلام)حديثاً طويلاً، عن أمير المؤمنين (علیه السلام)، أنه قال في آخره: «ثم يقع التدابر في الاختلاف (1)بین أمراء العرب والعجم فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من ولد أبي سفيان... إلى أن قال : ثم يظهر أمير الأمرة، وقاتل الكفرة السلطان المأمول الذي تحير في غيبته العقول، وهو التاسع من ولدك يا حسين
ص: 418
يظهر بين الركنين، يظهر على الثقلين، ولا يترك في الأرض الأدنين، طوبى للمؤمنين الذين أدركوا زمانه ولحقوا أوانه، وشهدوا أيامه، ولاقوا أقوامه». (1)
قال: وحدّثنا صفوان بن يحيى - رضي الله عنه - قال: حدّثنا محمد بن حمران، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (علیهما السلام) «إن القائم منا منصور بالرعب، مؤيد بالنصر... إلى أن قال: فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع [عنده] (2) ثلاثمائة وثلاثة عشر [ رجلاً] (3) ، وأول ما ينطق به هذه الآية: (بقيَّة الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) (4).. إلى أن قال: فإذا اجتمع له العقد - وهو عشرة آلاف - خرج من مكة... الحديث». (5)
حدّثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام)، قال: «المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدة أهل بدر، فيصبحون بمكة وهو قول الله عزّ وجل: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جميعاً ) (6)، وهم أصحاب القائم (علیه السلام)». (7)
حدّثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر- رضي الله عنه - قال: حدّثنا عاصم بن
ص: 419
حميد، قال: حدّثنا محمد بن مسلم، قال سأل رجل أبا عبد الله (علیه السلام) متى يظهر قائمكم؟
قال: «إذا كثرت الغواية، وقلت الهداية... إلى أن قال: فعند ذلك ينادى باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، ويقوم في يوم عاشوراء، فكأنّي أنظر إليه قائماً بين الركن والمقام (1)، وينادي جبرئيل بين يديه البيعة الله، فيقبل شيعته إليه من أطراف الأرض، تطوى لهم طيّاً، حتى يبايعوا، ثم يسير إلى الكوفة فينزل على نجفها، ثمّ يفرق الجنود منها إلى الأمصار؛ لدفع عمال الدجال، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.
قال: فقلت له: يا بن رسول الله فداك أبي وأمي أيعلم أحد من أهل مكة من أين يجي قائمكم إليها ؟ قال : لا ، ثمّ قال: لا يظهر إلا بغتة بين الركن والمقام». (2)
حدّثنا محمد بن أبي عمير، قال: حدّثنا جميل بن دراج، قال: حدّثنا ميسربن عبد العزيز النخعي، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «إذا أذن الله تعالى للقائم في الخروج، صعد المنبر ، فدعا الناس إلى نفسه، وناشدهم بالله، ودعاهم إلى حقه وأن يسير فيهم بسيرة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، ويعمل فيهم بعمله، فيبعث الله عزّ وجلّ جبرئيل حتى يأتيه، فينزل الحطيم، فيقول له: إلى أي شيء تدعو؟ فيخبره القائم. (علیه السلام)
ص: 420
فيقول جبرئيل: أنا أوّل من يبايعك، أبسط يدك فيمسح على يده وقد وافاه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً فيبايعونه، ويقيم بمكة حتى يتم أصحابه عشرة آلاف نفس، ثمّ يسير بها إلى المدينة». (1)
وأخرج أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي في كتاب (العلل) مسنداً عن بكير بن أعين عن أبي عبد الله الله في وصف الحجر والركن الذي وضع فيه قال: «ومن ذلك الركن يهبط الطير على القائم فأوّل من يبايعه ذلك الطير وهو والله جبرئيل، وإلى ذلك المقام يسند ظهره وهو الحجّة والدليل على القائم، وهو الشاهد لمن وافى ذلك المكان... الحديث». (2)
وأخرج النعماني في كتاب (الغيبة) مسنداً عن عبيد الله بن زرارة، عن أبي عبد الله لأنه قال: «ينادى باسم القائم ، فيؤتى وهو خلف المقام فيقال له قد نودي باسمك فما تنتظر؟ ثم يؤخذ بيده فيبايع... الحديث». (3)
وأخرج أبو العباس الدمشقي القرماني في كتاب (أخبار الدول) عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام)، قال : «لا يخرج القائم إلا في وتر من السنين سنة أحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع، ويقوم في يوم عاشوراء، ويظهر يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام وشخص قائم على يديه ينادي: البيعة البيعة، فيسير إليه أنصاره من أطراف الأرض يبايعونه فيملأ الله تعالى
ص: 421
به الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، ثمّ يسير من مكة حتى يأتي الكوفة فينزل على نجفها، ثمّ يفرّق الجنود منها إلى جميع الأمصار». (1)
... إلى غير ذلك مما لا يحصى، ولا يوجد في تمام الأحاديث المتعلقة بهذا الباب ما يعارضها، ولا في كلام أحد من العلماء ما يخالفها فإلى الله المشتكى وإليه نستعدي من هذا الافتراء فعنده العدوى.
السابع:
ما في (الصواعق) لابن حجر في مقام ردّ الإماميّة وأن الموعود غير الحجة، قال: (ثمّ المقرر في الشريعة المطهرة أن الصغير لا تصح ولايته، فكيف ساغ لهؤلاء الحمقى المغفلين أن يزعموا إمامة من عمره خمس سنين؟ وأنه أوتى الحكم صبياً مع أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم يخبر به؟ ما ذلك إلا مجازفة وجرأة على الشريعة الغراء.
قال بعض أهل البيت وليت شعري من المخبر لهم بهذا؟ وما طريقه؟ ولقد صاروا بذلك وبوقوفهم بالخيل على ذلك السرداب وصياحهم بأن يخرج إليهم ضحكة لأولي الألباب، ولقد أحسن القائل، وذكر البيتين المتقدمين، انتهى). (2)
أما قوله: ثمّ المقرر... إلخ، فقد كفانا مؤنة الجواب عنه ما ذكره قبله الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري) في شرح خبر الصدقة كما تقدم(3).
ص: 422
وقوله: إن الحسن بن علي بن أبي طالب كان ينظر في أيام رضاعه إلى اللوح وأنّ علومهم لدنيّة ليس بالاكتساب حتى يتوقف على البلوغ.
بل قال هو من غير نقل عن أحد بعد أوراق في ترجمة والده أبي محمد (علیه السلام) ما لفظه
ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجّة وعمره عند وفاته خمس سنين لكن آتاه الله فيها الحكمة... إلى آخر ما مر. (1)
وقال أبو العباس أحمد بن يوسف بن أحمد الدمشقي الشهير بالقرماني في كتاب (أخبار الدول) (الفصل الحادي عشر في ذكر الخلف الصالح الإمام أبي القاسم محمد بن الحسن العسكري -رضي الله عنه - وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة كما أوتيها يحيى (علیه السلام) [صبيا]، وكان مربوع القامة، حسن الوجه والشعر ، أقنى الأنف، أجلى الجبهة.. ) (2)
وما ذكره من أن المقرر... إلخ، صحيح في الولاية التي أمرها بيد العباد فيشترط في الشخص الذي يجعلونها فيه البلوغ، والعقل، والعدالة، والكفاية.
وأمّا الرئاسة العامة التي أمرها بيد الله تعالى خاصة كما عليه معاشر الإمامية، فربّك يخلق ما يشاء ويختار للنبوة والرسالة والإمامة ما يشاء من عباده إن شاء رضيعاً في المهد: (قال إِنِّي عَبْدُ الله أتاني الكتابَ وَجَعَلَني نبيا ) (3)وإن شاء
ص: 423
صبياً:(يا يَحْيى خُذ الكتابَ بِقُوَّة وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبيّاً ) (1)، فلا وجه للاعتراض من هذه الجهة لو جعل الحجّة (علیه السلام) ثالثهما.
وأما قوله: الحمقى المغفلين، فهو كلام من ضعف عن إقامة الحجة لإثبات مرامه فيتم دليله الضعيف ويقويه بالفحش في القول والسب، وعباد الرحمن الذين إذا مروا باللغو مروا كراماً.
وأما قوله: مع أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم يخبر به، ففيه:
أولاً: إن السكوت عن وصف ولو كان أولى بالذكر في نظرنا لا يضر بانطباق سائر الأوصاف الموجودة في الأحاديث عليه، فلعلّ في تركه مصلحة لا نعلمها.
قال محمد بن طلحة الشافعي في كتاب (مطالب السؤول): (فإن قال معترض هذه الأحاديث النبوية الكثيرة بتعدادها المصرحة بجملتها وأفرادها، متفق على إسنادها ومجمع على نقلها عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وإيرادها، وهي صحيحة صريحة في إثبات كون المهدي (علیه السلام)من ولد فاطمة (علیها السلام) وأنه من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وأنه من عترته وأنّه من أهل بيته وأن اسمه يواطئ اسمه، وأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وأنه من ولد عبد المطلب، وأنه من سادات الجنّة وذلك مما لا نزاع فيه غير أن ذلك لا يدل على أن المهدي (علیه السلام)الموصوف بما ذكره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من الصفات والعلامات هو هذا أبو القاسم محمد بن الحسن الحجّة الخلف الصالح، فإن ولد فاطمة (علیها السلام)كثيرون وكل من يولد من ذريتها إلى يوم القيامة يصدق عليه أنه من ولد فاطمة، وأنه من العترة الطاهرة، وأنّه من أهل البيت فتحتاجون هذه الأحاديث
ص: 424
المذكورة إلى زيادة دليل على أن المهدي (علیه السلام)المراد هو الحجّة المذكور ليتم مرامكم.
فجوابه: إنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لما وصف المهدي (علیه السلام)بصفات متعددة من ذكر اسمه ونسبه ومرجعه إلى فاطمة (علیها السلام)وإلى عبد المطلب، وأنه أجلى الجبهة أقنى الأنف وعدد الأوصاف الكثيرة التي جمعتها الأحاديث الصحيحة المذكورة آنفاً، وجعلها علامة ودلالة على أن الشخص الذي يسمّى بالمهدي (علیه السلام)وتثبت له الأحكام المذكورة هو الشخص الذي اجتمعت تلك الصفات فيه ثم وجدنا تلك الصفات المجعولة علامة ودلالة مجتمعة في أبي القاسم محمد الخلف الصالح دون غيره فيلزم القول بثبوت تلك الأحكام له وأنه صاحبها، وإلا فلو جاز وجود ما هو علامة ودليل ولا يثبت ما هو مدلوله قدح ذلك في نصبها علامة ودلالة من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) انتهى). (1)
وأما ثانياً: فلأنه لا طريق له للحكم الجزمي بعدم ذكره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هذا الوصف منفرداً أو مع سائر الأوصاف، فإنّه متوقف على ضبط الصحابة تمام ما قاله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وحفظهم إيّاه عن تطرق النسيان والزيادة والنقصان والغلط والتحريف وتلقي التابعين عنهم كما تلقوه عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وهكذا في كل طبقة وعدم الدواعي لبعض من في تلك الطبقات لإسقاط بعض ما في المتون؛ لترويج مذهبه أو لتوهين الآخر... وغير ذلك، ثمّ وقوفه على جميعه وكل ذلك غير ثابت، بل عدمه قطعي كما يظهر من الكتب الموضوعة (2) لذكر الموضوعات وما جمع في كتب الدراية من
ص: 425
المصحفات والمحرّفات.
وأما ثالثاً: فلورود ذكر هذا الوصف عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، و عن أمير المؤمنين (علیه السلام)، أما عند الإمامية فرواه (1) مشايخهم ذلك متواتراً وفيهم من وصفهم علماء أهل السنّة بالعلم والفضل والوثاقة والصدق والأمانة.
وأما أهل السنّة، فقد مرّ في جملة من الأحاديث المروية في كتبهم عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنه التاسع من ولد الحسين ، ومتواتراً أنه يخرج في آخر الزمان، والجمع بين الطائفتين لا يمكن إلّا بالالتزام بالغيبة، وتقدم عن علي المتقي في كتاب (البرهان) حديثان فيهما تصريح بغيبته، بل ذكر في أحدهما أن له غيبتين فراجع. (2)
وقال الشيخ الأكبر في (الفتوحات): (وقد ظهر – يعني المهدي (علیه السلام)- في القرن الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية قرن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وهو قرن الصحابة، ثمّ الذي يليه، ثمّ الذي يلي الثاني، ثمّ جاءت بينهما فترات وحدثت أمور وانتشرت أهواء وسفكت دماء، فاختفى إلى أن يجيء الوقت الموعود... إلخ). (3)
وأما قوله : وقال بعض أهل البيت... إلخ.
ليت شعري، ما الداعي له على ذكره منكراً، والظاهر أنه لأجل أنه من العوام الذين لا خبرة لهم بمتون الأحاديث وأقوال العلماء فلا يمكن التصريح باسمه
ص: 426
وإلّا فكيف يقول العالم ذلك مع أنه قول جماعة من أعلام أهل السنة، وثابت بالأحاديث الكثيرة الموجودة في مؤلفات مشايخ أهل السنّة فضلاً عما رواه مشايخهم مما يزيد عن حد التواتر.
وأما قوله: فلقد صاروا بذلك... إلخ، وهو الغرض الأصلي من نقل هذه العبارة، فإن كان المراد أن كل واحد من الأمرين - أي القول بأن المهدي (علیه السلام)هو الحجة ابن الحسن ووقوفهم بالخيل - سبب مستقل لصيرورة صاحبه ضحكة، فلازمه الاعتراف بكون هؤلاء المشايخ الذين عددنا أساميهم وعباراتهم وفيهم مثل: الشيخ محيي الدين، وصدر الدين القونوي وابن الصباغ، والحافظ الكنجي وشيخه في الطريقة الذي لبس منه الخرقة الصوفية علي المتقي صاحب (كنز العمال)، ومعاصره رئيس العارفين عبد الوهاب الشعراني صاحب (اليواقيت)... وغيرهم ضحكة لأولي الألباب، ولا أظنُّ أحداً من أهل السنة يصوّبه في هذا المقال الشنيع، وإن كان السبب كلا الأمرين، فمع لغوية ذكر الأول.
فنقول: إن كان الضمير في قوله : ( وبوقوفهم) راجعاً إلى العام والجهلاء الذين مستندهم في غالب أفعالهم الهوى، أو الطبع أو العادة أو التقليد مثلهم أو غيرها مما لا يرجع إلى كتاب، ولا سُنّة، ولا قول عالم مطاع مخالف لهواه، ففيه:
أما أوّلاً: إن الجهال غير داخلين في زمرة من ينقل أقوالهم وعقائدهم وطريقتهم في مقام ذكر المذاهب والعقائد عند كل مؤلّف قديماً وحديثاً، سواء كان الناقل في مقام الإبطال والردّ أو القبول، فعدّ فعل الجاهل من أمارات فساد أصل مذهبه خارج عن طريقة العلماء الراشدين.
ص: 427
وأما ثانياً: فلأنه لا يوجد مذهب من المذاهب المعروفة في الإسلام إلا وفي أهل الجهل من كل طائفة أمور منكرة وعادات شنيعة وأفعال قبيحة، فلو عُدت من أمارات فساد المذهب للحقت الفرقة الواحدة الناجية بالفرق الهالكة وحينئذ فعلى الإسلام السلام.
وأما ثالثاً: فلأن في جماعة أهل السنّة أيضاً أموراً تشبه ما أورده في عدم مستند لها، وهو أعرف بها ولا بأس بالإشارة إلى بعضها:
منها: جعل يوم وفاة المشايخ يوم عرسهم، فيفعلون في ذلك اليوم من الضيافة، وضرب الدفوف، والسماع، والرقص... وغيرها من أسباب السرور والطرب، ما يفعله الغنيُّ المترف في عرس أعزّ ولده.
قال: الشيخ عبد الحق الدهلوي في كتابه الموسوم ب(ما ثبت من السنة في أيام السنة) في ذكر شهر ربيع الآخر وأن فيه وفاة الشيخ عبد القادر الجيلاني، وذكر الاختلاف في يوم وفاته... إلى أن قال: (فبهذه الرواية يكون عرسه تاسع ربيع الآخر، وهذا هو الذي أدركنا عليه سيّدنا الشيخ الإمام العارف الكامل الشيخ عبد
الوهاب القادري المتقي المكي، فإنه (قُدِّسَ سِرُّهُ) تي كان يحافظ في يوم عرسه [على] (1)هذا التاريخ إما اعتماداً على هذه الرواية، أو على ما رأى من شيخه الشيخ الكبير علي المتقي، أو من غيره من المشايخ رحمة الله عليهم.
وقد اشتهر في ديارنا هذا اليوم الحادي عشر ، وهو المتعارف عند مشايخنا من أهل الهند من أولاده.... إلى أن قال: فإن قلت: هل لهذا العرف الذي شاع في
ص: 428
ديارنا في حفظ أعراس المشايخ في أيام وفياتهم مستند؟ فإن كان عندك علم بذلك فاذكره.
قلت قد سألت عن ذلك شيخنا الإمام عبد الوهاب المتقي المكي فأجاب بأن ذلك من طرق المشايخ وعاداتهم ولهم في ذلك نيات.
قلت: كيف تعيين ذلك اليوم دون سائر الأيام؟ فقال: الضيافة مسنونة على الإطلاق فاقطعوا النظر عن تعيين ذلك اليوم، وله نظائر كمصافحة بعض المشايخ بعد الصلوات وكالاكتحال يوم عاشوراء فإنّه سُنّة على الإطلاق وبدعة من جهة الخصوصية.
ثمّ قال: وقد ذكر بعض المتأخرين من مشايخ المغرب أن اليوم الذي وصلوا فيه إلى جناب العزّة وحظائر القدس يرجى فيه من الخير والبركة والنورانية أكثر وأوفر من سائر الأيام، ثمّ أطرق ملياً ثمّ رفع رأسه، فقال: لم يكن في زمن السلف شيء من ذلك وإنّما هو من مستحسنات المتأخرين.
ومنها ما فيه في أعمال ليلة النصف من شهر شعبان، ومن البدع الشنيعة ما تعارف في أكثر بلاد الهند من إيقاد السرج ووضعها على البيوت والجدران، و تفاخرهم بذلك واجتماعهم للهو واللعب بالنار وإحراق الكبريت، فإنّه لا أصل له في الكتب الصحيحة المعتبرة، بل ولا في غير المعتبرة ، ولم يرد فيها حديث لا ضعیف ولا موضوع، ولا يعتاد ذلك في غير بلاد الهند من الديار العربية من الحرمين الشريفين زادهما الله تعظيماً وتشريفاً ولا في غيرهما، ولا في البلاد العجميّة ما عدا بلاد الهند بل عسى أن يكون ذلك وهو الظن الغالب اتخاذاً من
ص: 429
رسوم الهند في إيقاد السرج الدوالي، فإنّ عامة الرسوم البدعية الشنيعة بقيت من أيام الكفرة في الهند، وشاعت في المسلمين بسبب المجاورة والاختلاط واتخاذهم السراري والزوجات من النساء الكافرات.
قال بعض المتأخرين من العلماء: إن استحداث السُرج الكثيرة في الليالي المخصوصة من البدع الشنيعة، فإن كثرة الوقيد (1) زيادة على الحاجة لم يرد باستحبابه أثر في الشرع في موضع.
قال: قال علي بن إبراهيم: وأوّل حدوث الوقيد من البرامكة، وكانوا عبدة النار فلما أسلموا أدخلوا في الإسلام ما يموهون أنه من سنن الهدى، ومقصودهم عبادة النيران حيث سجدوا مع المسلمين إلى تلك الشرج، وقد جعلها جهلة أئمة المساجد مع نحو صلاة الرغائب شبكة لجمع العوام وطلب الرئاسة والتقدم وملأ بذكرها القصاص مجالسهم، ثمّ إنّه تعالى أقام أئمة الهدى في سعي إبطال هذه المنكرات فتلاشى أمرها وتكامل إبطالها في البلاد المصريّة والشاميّة في أوائل المائة الثامنة، وقد أنكر الطرطوسي (2) الاجتماع ليلة الختم، ونصب المنابر، واختلاط الرجال والنساء، والتلاعب بينهم حتى يكون ما يكون، كذا في التذكرة انتهى) . (3)
ومنها ما جرت به العادة في كل سنة من حمل المحملين الشريفين من الشام ومصر إلى مكة المشرّفة ، ومنها إلى المدينة، ومنها إلى الشام ومصر مع
ص: 430
المصارف الكثيرة، وما لهما من الهدايا والنذورات وما يفعله عموم الناس بهما من التوقير والتعظيم والتقبيل والتبرك والتوسل ما هو غير خفي على أحد، وما أظنّ العلماء يتمكنون من ذكر أصل لهذا العمل يعتمد عليه من الأحاديث النبوية غير الشرافة التي اكتسباها من مجرد الانتساب، فصارا مستحقين لهذا التكريم.
ومنها ما يفعله عموم الحاج في يوم عرفة بعرفات من طرد الشياطين بزعمهم بمناديلهم وأذيال أحرامهم كما يطرد الذباب بهما إلى الغروب، ولا أصل له في السنّة ولا ذكره أحد في أفعال الحج، بل صرحوا بأنه يوم دعاء وإنابة.
ففي شرح التكملة ويرفع يديه عند الدعاء بعرفات لما مر من الحديث؛ ولقول ابن عباس: (كان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يدعو بعرفات رافعاً يديه في نحره كاستطعام المسكين) (1)
وفي حاشية البيجوري على شرح ابن قاسم الغزي: (ويسن له أن يكثر الذكر والدعاء لما رواه الترمذي: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيّون من قبلي لا إله إلا الله... الدعاء) (2)
وهذا المقدار لعله كاف لما أشرنا إليه.
وأمّا رابعاً: فلأن الجهال أخذوا هذا الفعل إن كان صادقاً في نسبته إليهم منه ومن أقرانه الذين صرحوا بأن - المهدي (علیه السلام)على زعم الإمامية – دخل السرداب وغاب وهو فيه إلى أن يخرج منه ، فأحسنوا الظن بهم في صدقهم في هذه النسبة
ص: 431
إلى الإمامية فاعتقدوا بها وفعلوا ما فعلوا، إذ قد عرفت أنّه لا أثر لهذه الأمور (1) في أحاديث الإمامية ولا في كلمات علمائهم أصلاً ، فهم أوقعوهم في هذه البلية فلا بد أن يكون لهم سهم مما رموهم به بسبب هذا العمل.
وأما خامساً: فلأن الكلام في صحة أصل هذه النسبة وفي أي عصر كان هذا العمل، أمّا سامرًا فكانت بعد خرابها وقبل استيلاء سلاطين آل عثمان - نصرهم الله تعالى على أعداء المسلمين - على العراق كانت كصومعة في برية (2)، والأعراب الساكنون فيها وفي أطرافها لم يكن لهم هم إلا القتل والنهب والفساد، وكانت الإمامية يدخلون ويزورون ويخرجون خائفين مترقبين لنزول الدواهي، ولم يسمع أحد بعد الاستيلاء صدور هذا الفعل منهم، مع أنهم في جنّة حصينة من الأمن والأمان والدعة والاطمئنان، مع أنّ الفاضل القرماني ذكر ما يقرب منه ببغداد.
قال: (وزعم الشيعة أنه غاب في السرداب (3) ببغداد والحرس عليه سنة ست
ص: 432
وستين ومأتين، وأنه صاحب السيف، القائم المنتظر قبل قيام الساعة، وله قبل قيامه غيبتان... - وذكر مثل ما في (الصواعق) - ثمّ قال: وكان من عادة الشيعة ببغداد أن في كل يوم جمعة يأتون بفرس مشدودة ويقفون على باب السرداب ويدعون باسم المهدي (علیه السلام)واستمروا على هذا الحال إلى أن آل الأمر للسلطان سليمان خان (1) من بني عثمان واستولى على مدينة بغداد وأبطل تلك العادة، انتهى). (2)
وهو من الغرابة بمكان نعم حكى قصة الفرس من كتاب عجائب البلدان ولعله لزكريا القزويني (3) قال: (كان عند باب السرداب - الذي غاب فيه مهدي (علیه السلام)- فرس ،أصفر، سَرجه ولجامه من الذهب إلى زمان السلطان سنجر بن ملك شاه، فجاء يوم الجمعة للصلاة فقال: ما سبب وقوف هذا الفرس هنا؟
قالوا: سيخرج من هذا الموضع خير الخلق ويركب عليه.
فقال: لا يخرج منها خير منّي فركبه، وزعم الشيعة أن هذا الركوب لم يكن له مباركاً فسلط عليه طائفة الغزّ فأخذوا المُلك منه ). (4)
وفي هذه المناقضات شهادة على عدم الأصل للحكاية، وعلى فرض الصدق لا يوجب فعل الجاهل وهناً في المذهب كما عرفت، ومن أراد التوهين به فقد خرج عن طريقة العلماء وعجز عن إثبات الدعوى.
ص: 433
وإن كان الضمير في قوله: ( وبوقوفهم بالخيل) راجعاً إلى علماء الإمامية كما هو الأنسب بمقام المؤلّف؛ لبعد عدم التفاته إلى أنه لا يجوز التمسك بفعل الجاهل لإبطال أصل مذهبه في الكتب العلميّة التي أساسها على الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والعقل في مقام إحقاق الحق أو إبطال الباطل، فهو من الأكاذيب الواضحة التي لا أصل لها أصلاً، ولا يقدر هو ولا غيره على إثبات فعل عالم مرة واحدة في عصر من الأعصار.
ومن جميع ما ذكرنا تعرف ما في البيتين من الأكاذيب، ولقد أبدع في جمعها فيهما.
بل زاد في طنبور المفتريات على الإماميّة نغمة أخرى وافتراء جديداً هو تفضيلهم السّرداب - نعوذ بالله - على مكة المشرفة، ما أجرأه على ارتكاب هذه الموبقة الكبيرة، وما دعاه إلى هذه النسبة إن كان؛ لكون ميلاده (علیه السلام)، أو مغيبه على النحو الذي ذكروه ومحل خروجه، فقد عرفت أنه لا أصل له عندهم، ولم يذكره أحد في مؤلّفه إلّا ما يوجد في بعض كتب المزار من التعبير عنه ب(سرداب المغيب)، والظاهر أنه جرى على الرسم الشائع لا على أصل يعتمد عليه، ولو سلم فمجرد شرافته عندهم بما ذكر كيف صار سبب الأفضلية.
ومن العجيب أن علماء الإمامية رووا أحاديث كثيرة في فضيلة النجف الأشرف وفضيلة كربلاء ، وفضيلة ،طوس، وفضيلة قم... وغيرها ولا يوجد في جميع مؤلّفاتهم حديث واحد في فضيلة السرداب.
نعم، هو داخل في البيت الذي كان لأبي الحسن الهادي (علیهما السلام) ، ثم انتقل إلى أبي
ص: 434
محمد العسكري، ثمّ إلى ولده الحجّة وهو الآن في ملكه ظاهراً، والمقرر عند الإمامية أن بيوت أئمتهم الداخلة في البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وأن حكم آخرهم حكم أولهم.
فروى أبو إسحاق الثعلبي في( تفسيره)، عن المنذر بن محمد القابوسي، حدّثنا الحسين بن سعيد، حدّثني أبي، عن أبان بن تغلب، عن مصقع بن الحارث، عن أنس بن مالك، وعن بريدة قالا: «قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، هذه الآية: (في بيوت أذنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)... إلى قوله: (والأبصار ) (1)، فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها – يعني بيت علي وفاطمة ؟ قال: نعم، من أفاضلها». (2)
فللسِّرداب فضيلة من هذه الجهة، وكان محل عبادة ثلاثة نفر منهم، وظهرت فيه بعض الآيات الإلهية؛ ولذا صار حرماً للحجّة (علیه السلام)، وسُنّت زيارته فيه مع تصريحهم باستحبابها في كل مكان (3)، ولا دلالة في اعتقادهم هذا المقدار من الشرافة على اعتقادهم الأفضلية، بل ولا إشارة فيه إليه، فانقدح أن البيتين تضمنا أكاذيب عجيبة صارا بها أحسن أبيات القصيدة للمثل السائر أحسن الشعر أكذبه.
بقي التنبيه على أمرين:
الأوّل: فيما عده الذهبي فيما تقدّم من كلامه (4)في الكذب الثالث من جهل
ص: 435
الرافضة على الحجة بن الحسن من أنه حي يعلم علم الأولين والآخرين.
فنقول : إذا ثبت كون الحجّة بن الحسن هو المهدي الموعود (علیه السلام)كما عرفت فلا بد من ثبوت هذا المقام له حسب الأحاديث التي رواها مشايخ أهل السنّة فضلاً عما رواه مشايخهم فيه، وطرق إثباته له من أحاديثهم كثيرة نقتصر منها على طريقين:
الأول: إن النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)كانت عنده علوم القرآن ظاهره وباطنه وتأويله وحقائقه ولطائفه وإشاراته وغيرها، وفي القرآن المجيد علم الأولين والآخرين، وقد ورث المهدي (علیه السلام) علم جده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ورزقه الله فهمه، فهو يعلم علم الأولين والآخرين، وهذه ثلاث مقدمات.
أما الأولى فهي ضرورية لا أظن أحداً من المسلمين ينكرها.
وأما الثانية: فكذلك لقوله تعالى: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ )(1) وقال: (ما فَرَّطْنا في الكتاب من شَيْءٍ )(2)، وقال: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب تبياناً لكُلِّ شَيْء. ) (3)
وقال الحافظ السيوطي في (الإتقان) أخرج سعيد بن منصور، عن ابن مسعود، قال: (من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين). (4)
ص: 436
وأخرج الترمذي عن النبي (صلی الله علیه و آله وسلم)، أنه قال: «ستكون فتنة (1)، قيل: وما المخرج منها [ يارسول الله ]؟ قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم». (2)
وأخرج البيهقي، عن الحسن، قال: (أنزل الله مائة وأربعة كتب وأودع علومها أربعة، منها: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ثمّ أودع علوم الثلاثة الفرقان). (3)
وقال الإمام الشافعي: (جميع ما تقوله الأمة شرح للسُنّة، للسُّنّة، وجميع السنة شرح للقرآن) (4)
وقال أيضاً: (جميع ما حكم به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فهو [ مما فهمه ] من القرآن. (5)
قال: وقال القاضي أبو بكر بن العربي في قانون التأويل): [إن] علوم القرآن خمسون علماً وأربعمائة علم وسبعة آلاف علم وسبعون ألف علم على عدد كلم القرآن مضروبة في أربعة؛ إذ لكل كلمة ظاهر وباطن وحد ومقطع (6) وهذا مطلق دون اعتبار تراكيبه، وما بينهما [من روابط ] وهذا ما لا يحصى ولا يعلمه إلّا الله انتهى) (7)
وهذه المقدمة كالأولى في الوضوح.
وأمّا الثالثة فقد مرّ أنّه أخرج الطبراني في ( معجمه)، والسيوطي في (جمع
ص: 437
الجوامع) ، وعلي المتقي في (كنز العمال)، والسيد علي الهمداني في (مودّة القربى) و (روضة الفردوس)، والمحب الطبري في (ذخائر العقبى)... وغيرهم، أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: «من سره أن يحيي حياتي ويموت مماتي ويسكن جنّة عدن [التي] (1) غرسها ربي فليوال عليّاً من بعدي وليوال وليه وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنّهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزقوا فهمي وعلمي فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي». (2)
والمهدي (علیه السلام) باتفاق الأمة داخل في أهل بيته المخصوصين الذين فضلوا كتاباً رسُنّة بفضائل خاصة تقدم بعضها.
وأخرج ابن ماجة في سننه، وأبو نعيم الحافظ في (مناقب المهدي)، والطبراني في (المعجم الكبير) بأسانيدهم عن محمد بن الحنفية، عن علي (علیه السلام) [قال:] (3) «قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) المهدي (علیه السلام)منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة». (4)
وأخرج الحافظ الكنجي في (البيان) مسنداً عن سفيان بن عيينة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : «لا تذهب الدنيا
ص: 438
حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي». (1)
قال: (وجمع الحافظ أبو نعيم طرق هذا الحديث عن جم غفير، وقد مرّ في جملة من الروايات أيضاً، فإذا رزق المهدي (علیه السلام)علم جده ع وفهمه فقد حاز علم الأولين والآخرين، وذلك ما أردناه).
الثاني: إن الشيخين أبا بكر وعمر عند أهل السنة معدودان من الأقطاب،والقطب يعلم علم الأولين والآخرين، والمهدي (علیه السلام)أفضل منهما، أو مثلهما عند أهل السنّة فيكون كذلك.
أما المقدمة الأولى:
فقال الشعراني في (اليواقيت) في الباب الخامس والأربعين: (ثم اعلم أنه لما كان نصب الإمام واجباً لإقامة الدين وجب أن يكون واحداً؛ لئلا يقع التنازع والتضاد والفساد، فحكم هذا الإمام في الوجود حكم القطب.
قال: وقد يكون من ظهر من الأئمة بالسيف أيضاً قطب الوقت كأبي بكر وعمر في وقته (2)، وقد لا يكون قطب الوقت فتكون الخلافة لقطب الوقت الذي لا يكون إلا بصفة العدل، ويكون هذا الخليفة الظاهر من جملة نوّاب القطب في الباطن من حيث لا يشعر، فإن الجور والعدل يقع من أئمة الظاهر ولا يكون القطب إلّا عادلاً انتهى) (3)
ص: 439
وقال الشيخ محيي الدين في الباب الثالث والستين وأربعمائة: (إنّ كل قطب يمكث في العالم الذي هو فيه على حسب ما قدر الله عزّ وجلّ، ثمّ تنسخ دعوته بدعوة أخرى كما تنسخ الشرائع بالشرائع، وأعني بالدعوة: ما لذلك القطب من الحكم والتأثير في العالم، فمن الأقطاب من يمكث في قطبيته الثلاث والثلاثين سنة وأربعة أشهر، ومنهم من يمكث فيها ثلاث سنين، ومنهم ومنهم... كما يؤيد ذلك مدة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فإنهم كانوا أقطاباً بلا شك،انتهى ). (1)
وصرّح بذلك في مواضع متعددة.
وأمّا الثانية:
ففي المبحث المذكور من (اليواقيت): (فإن قلت فما علامة القطب؟ فإن جماعة في عصرنا قد ادّعوا القطبيّة وليس معنا علم يَردُّ دعواهم؟
فالجواب قد ذكر الشيخ أبو الحسن الشاذلي ( رضي الله عنه ) أن للقطب خمس عشرة علامة.
وقد ذكرناها فيما تقدّم ، وعدّ منها ما في قوله ويكشف له عن حقيقة الذات وإحاطة الصفات ومنها علم الإحاطة بكل علم ومعلوم، وما بدا من السر الأوّل إلى منتهاه ثم يعود إليه، انتهى). (2)
ص: 440
وما ادعاه الإماميّة في حق المهدي (علیه السلام)دون هذا بمراتب (1)، ولا يقولون بكشف حقيقة ذاته سبحانه لأحد، بل هو معدود عندهم من الممتنعات ومن كشف له عن حقيقة الذات فلا يتصوّر له الجهل بشيء أبداً.
وأمّا الثالثة فهي أيضاً ظاهرة من مطاوي أحاديثهم وكلماتهم.
ففي (عقد الدرر ) لأبي بدر السلمي عن عوف بن محمد، قال: (كنا نتحدث أنه يكون في هذه الأمة خليفة لا يُفضّل عليه أبو بكر وعمر) (2)
وأخرج نعيم بن حماد في كتاب (الفتن) عن محمد بن سيرين، وذكر فتنة تكون، فقال: (إذا كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم حتى تسمعوا على الناس بخير من أبي بكر وعمر.
قيل: [ يا أبا بكر ] (3)، خير من أبي بكر وعمر ؟!
قال: قد كان يفضل على بعض الأنبياء) (4)
وفيه أيضاً : ( أنه سئل ابن سيرين المهدي (علیه السلام)خير منهما – أي أبي بكر وعمر - ؟
قال :هو خيرٌ منهما). (5)
وأخرج الحافظ الكنجي في كتاب (البيان) بإسناده عن أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، حدّثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدّثنا أبو يحيى الرازي
ص: 441
حدّثنا سهل بن عثمان، حدّثنا المحاربي، حدّثنا إسماعيل بن رافع، عن أبي زرعة الشيباني، عن عمرو الحضرمي، عن أبي أمامة قال: «خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) وذكر الدجال ، وقال فيه: إن المدينة لتنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص.
فقالت أم شريك: فأين العرب يا رسول الله يومئذ؟
قال: هم يومئذ قليل وجلّهم ببيت المقدس وإمامهم مهدي (علیه السلام)رجل صالح، فبينا إمامهم قد تقدّم يصلّي بهم الصبح إذ نزل عيسى بن مريم حين كبر للصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص ليتقدّم عيسى يصلي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه فيقول: تقدّم فصل فإنّها لك أقيمت فيصلي بهم».
قلت: هذا حديث حسن، هكذا رواه الحافظ أبو نعيم صاحب (حلية الأولياء). (1)
وظاهر الحديث: أن عيسى يصلّي معه.
وقال الشيخ في الفتوحات (واعلم أنه لم يبلغنا أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نص على أحد من الأئمة بعده يقفو أثره لا يخطئ إلّا المهدي (علیه السلام)خاصة، قد شهد له بعصمته في خلافته وأحكامه كما شهد الدليل العقلي بعصمة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيما يبلغه عن ربه من الحكم المشروع له في عباده.
الاعلا
وقال أيضاً: أنه - يعني المهدي (علیه السلام)- يحكم بما يلقي إليه ملك الإلهام من
ص: 442
الشريعة، وذلك أنّه يلهمه الشرع المحمدي فيحكم به كما أشار إليه حديث المهدي: «أنّه يقفو أثري لا يخطىء»، فعرفنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنه متبع لا مبتدع، وأنه معصوم في حكمه؛ إذ لا معنى للمعصوم في الحكم إلّا أنّه لا يخطىء، وحكم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لا يخطىء فإنّه (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (1) وقد أخبر عن المهدي (علیه السلام)أنه لا يخطىء وجعله ملحقاً بالأنبياء في ذلك الحكم، انتهى). (2)
ويشهد له أيضاً، نداء الملك فوق رأسه هذا المهدي (علیه السلام)خليفة الله... وغير ذلك مما مرّ متفرقاً من مقاماته، وتصريح جمع بقطبيته فلا مجال لاستغراب كونه عالماً بعلم الأولين والآخرين وعده من الجهالات، بل منكره إما جاهل بالسنة وكلمات المشايخ أو جاحد بعد العلم.
فنسأل الله تعالى أن يفتح عين بصيرتنا ويخلص إيماننا عن شوائب الأهواء وحب الرئاسة في الدنيا.
الثاني: إنّ هذه المطالب التي تضمنتها القصيدة وغيرها مما تتعلق بولادة المهدي (علیه السلام)وغيبته من المطالب القديمة التي طالما تشاجر فيها علماء الفريقين مذكورة في مؤلّفاتهم، بل ألف فيها بالانفراد رسائل عديدة وصارت سبباً لزيادة البغضاء، وتجري الجهلاء، وتفرق الكلمة، وشق العصا، وكثرة الغوغاء، وظهور الفساد، وتخريب البلاد إلى أن وصلت نوبة الرئاسة الكبرى إلى السلطان الأعظم والخاقان الأفخم حارس ثغور المسلمين من هجوم أعداء الملة والدين خادم
ص: 443
الحرمين الشريفين السلطان الغازي عبد الحميد خان أيّد الله تعالى ملكه وأعز نصره وأيّد جنده، فرأى أنّ راحة العباد وعمارة البلاد في عدم تعرض أهل كل طريقة لغيره، وتشبث كل طائفة بمذهبه حتى تتفق الكلمة الإسلامية وتعلو الملّة المحمدية كما قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل الله جميعاً وَلَا تَفَرَّقُوا )(1) ، وقال( وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ) (2) ، وهذه السنة السنية والطريقة المرضيّة جرت في الممالك المحروسة وما جاورها من بلاد الإسلام، فصار الناس في مهاد الأمن والأمان والطمأنينة من طوارق الحدثان.
ولكن حدث في بعض الأيام بعض الحوادث من علماء دار السلام، فصنف بعضهم رسالة فيها بعض المطالب المثيرة للفتن آخذاً من كتاب (التحفة الاثنا عشرية) للمولوي عبد العزيز شاه الدهلوي الذي هو ترجمة كتاب (الصواعق) لملّا نصر الله الكابلي، وتعرّض لردّه علماء الإمامية بالهند في أزيد من أربعين مجلداً، وأودع فيها مناكير توجب تجديد العداوة واختلاف الكلمة وظن أنها مطالب جديدة عثر عليها فطبعها ونشرها (3)، ولولا خوف زيادة الاختلاف
ص: 444
لتعرّض معاصروه لتوضيح هفواتها، ثم أردفها الناظم بهذه (1) القصيدة التي هجا فيها الإمامية بألطف عبارة، مع أنك قد عرفت أن القول بولادة المهدي (علیه السلام)وأنه الحجة بن الحسن (علیهما السلام) لا ينافي الأخذ بمذهب أهل السنة والجماعة، ولذا قال به جماعة من أعيان علمائهم، فلا شناعة توجب الذم والاستهزاء، وهذا يوهم أن يكون المقصد الأصلي إثارة الفتنة والغوغاء وتطميع الأعداء نعوذ بالله تعالى من سوء السريرة واحتقار هذه الموبقة الكبيرة.
هذا آخر ما أردنا إيراده في هذه الرسالة مستعجلاً حامداً مصليّاً مستغفراً.
ص: 445
وكتب بيمناه الدائرة العبد المذنب المسيء حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي أقل خدام علماء الإمامية المجاور لمشهد سيّدنا أمير المؤمنين لتسع خلون من جمادى الثانية من سنة 1317. (1)
ص: 446
ص: 447
ص: 448
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تمم كشف الأستار بنظم الأخيار، وجعل الغائب عن البرية كالشمس في رابعة النهار والصلاة والسلام على أفضل الخلق المختار وعلى آله الطيبين الأبرار، وبعد:
فقد قدمنا في مقدمة كتابنا هذا ضمن منهجية التحقيق أننا سنلحق به ملحقاً يتضمن الردود على القصيدة البغدادية، وقد آثرنا جمعها؛ لما مثلته من ثورة عقائدية أدبية في ذلك العصر، فحاولنا جمع كل ما يتعلق بها مع ترجمة وافية لمن وجدنا نظمه وهم أربعة، ومنهجيتنا فيه أن نذكر ترجمة الناظم ثم التعريف برده ثم نتبعه بالرد. وأما من لم نجد له نظماً فأوجزنا ذكره بمقدار ما حصلنا عليه فيما يخص المطلب، وهم أربعة آملين أن يقوم بنشرها من يعثر عليها أو يتعرف على مكانها خدمةً لإحياء التراث الإسلامي ووفاءً للإمام الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف، فإليكها:
ص: 449
ص: 450
نظم الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373ه)
ترجمة الناظم (1)
هو الشيخ محمد الحسين ابن العلّامة الكبير الشيخ علي - صاحب الحصون المنيعة - ابن الحجّة الشيخ محمد رضا ابن المصلح بين الدولتين الشيخ الأفقه الشيخ موسى ابن الشيخ الأكبر الشيخ جعفر ابن العلّامة الشيخ خضر بن يحيى بن سيف الدين المالكي الجناجي النجفي
أشهر مشاهير علماء الإسلام في الشرق، وأبعدهم صيتاً، وأغزرهم علماً في العالم الإسلامي، بل هو من عظماء المجتمع الإنساني، وكبراء العالم البشري، ومن الشخصيات الفذة، وأكابر شيوخ الإسلام ، وأعاظم فقهاء الشيعة الأعلام، وأحد أركان الدين المجددين، ورواد النهضة ودعاة الإصلاح، ورث زعامة الدين عن آبائه الفطاحل، واجتمعت فيه خصال الكمال والفضائل، وقام بالأعمال الجلائل.
ص: 451
ولد في النجف الأشرف سنة (1295ه)، نشأ في بيته الجليل – الطافح بالعلم والعلماء وعباقرة الفقه والاجتهاد - نشأة طيبة، وتربّى في حجر الفطاحل بالسؤدد والشرف والعزة والترف، ولما بلغ العاشرة من عمره الشريف، شرع بدراسة العلوم العربيّة ، ثم قرأ علوم البلاغة كالمعاني، والبيان، والبديع.
ومع العبقرية الفذة، والثقافة الأدبية في بيئته التي نشأ فيها، فإن في بيته تسلسل العلماء والأدباء منذ قرنين، وهو يتعلم الأدب بين أظهرهم منذ ترعرعه وشبابه، ثم درس الرياضيات من الهيئة والحساب وأضرابهما، وأنهى دراسة سطوح الفقه والأصول وهو بعد شاب، ثم أخذ بالحضور عند الأساتذة الكبار في حلقات العلم، وحضر دروس الطبقات العليا كالمحقق الأصولي المولى محمد كاظم الخراساني ه ، فقد حضر بحثه في عدة دورات في أصول الفقه.
وحضر عند الفقيه الأكبر السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي (رحمه الله ) من سنة (1312ه ) إلى وفاة السيد (رحمه الله ) في سنة (1337ه)، واختص به مع أخيه الفقيه المتبحر الشيخ أحمد كاشف الغطاء (رحمه الله ) ، وكان السيد يعوّل عليه وعلى أخيه في أكثر مهماته ويثق بهما ويرجع إليهما مرافعاته، وحضر الشيخ الإمام (رحمه الله ) أيضاً عند الفقيه الحاج آقا رضا الهمداني (رحمه الله ) صاحب (مصباح الفقيه) عشر سنوات، وعند المحقق الأصولي السيد محمد الإصفهاني (رحمه الله ) ثلاث سنوات، وعند الفقيه الورع التقي ميرزا محمّد تقي الشيرازي (رحمه الله ) سنتين.
وحضر في الحكمة والكلام عند العلّامة الحكيم الشيخ محمد باقر
ص: 452
الأصطهباناتي (رحمه الله ) ، وعلى العلامة الأصولي الحكيم الشيخ أحمد الشيرازي (رحمه الله ) ، والعلّامة الشيخ علي محمد النجف آبادي (رحمه الله ) - وكان هؤلاء من فحول الحكماء والرياضيين ومن أبطال الحكمة والكلام – وحضر في الحديث والرجال عند العلّامة المحدث النوري (رحمه الله ) صاحب (المستدرك) وروى عنه، وعن الفقيه الحاج ميرزا حسين الطهراني (رحمه الله ) ، وعن الشيخ الجليل الشيخ علي الخاقاني (رحمه الله ) وغيرهم.
وشرع بالتدريس، فكانت له حوزة تتألف من الفضلاء ورواد العلم، وكان تدريسه في مسجد الهندي تارة، والصحن المرتضوي في طرف الباب الطوسي، أو مقبرة الإمام الميرزا الشيرازي (رحمه الله ) أخرى.
كان فقيهاً قوي الحجة والبرهان مجتهداً في المباني لا مقلداً في المبنى، واسع الاطلاع، حراً في آرائه ونظرياته، كان ينتزع كثيراً من الفروع من ذوق عربي سليم، قد ارتكز على فهم نصوص الأخبار والروايات التي يُبتنى عليها المذهب الجعفري، ويمتاز بالجرأة في إبداء الرأي الذي يراه قد ارتكز على الحجة وسانده العقل، فكتابه (تحرير المجلة) – وهو من أهم آثاره – دليل قوي على تضلّعه في الفقه، وجلالة مؤلّفه وعظمته في مقام الاستنباط.
والحديث عن مقامه الشامخ في العلم والفقاهة لا يحتاج إلى بسط، فإن آثاره العلمية التي طبعت والتي ما تزال مخطوطة - وهي كثيرة – تكشف عن سعة اطلاعه وغزارة علمه المتدفق، وكان يجمع إلى علمه قوة البيان، واللباقة، والجرأة المفرطة مع صوت جهوري، وكان يسترسل في حديثه كأنه حفظه عن
ص: 453
ظهر الغيب، أو يكتب فكأنّه ينقل شيئاً مسطوراً دون أن يمرّ عليه أو يقرأه ثانياً.
كان رجلاً متوقداً نشيطاً في العمل، يقضي القسم الأكبر من وقته فيه، فقد كان يستيقظ عند طلوع الفجر وقت الأذان قبل طلوع الشمس بساعة ونصف، فيصلي ويقرأ الأدعية، ثمّ يقرأ ويكتب، وكانت له في جوف الليل مناجاة وتضرّع وابتهال إلى الله تعالى بعد صلاة الليل، قلما يتفق نظيرها للعباد والزهاد إلا للمستغرقين في محبة الله وخشيته، والخائفين من نقمته والراجين لرحمته.
وعند طلوع الشمس يتناول الفطور ، وبعده يعود إلى المطالعة والكتابة حتى وقت الضحى، وقبل الظهر بثلاث ساعات يخرج إلى الديوان - مدرسته العلمية - لمقابلة الناس والوافدين عليه وذوي المصالح؛ لقضاء حوائجهم، ويفصل بين المتخاصمين وقرب الظهر يعود إلى البيت، وعند الظهر يؤدي فريضة الظهر والعصر في الدار أو الحرم العلوي الشريف، ثمّ يعود فيتناول طعام الغداء. وقد ينام أقل من ساعة واحدة تقريباً، ثمّ يستيقظ ويعود إلى الكتابة والمطالعة وقراءة الرسائل والمسائل وكتابة الأجوبة، ولاسيما أجوبة المسائل التي ترده من أنحاء العالم، ويستمر إلى قبيل الغروب بساعة فيخرج إلى الديوان لمواجهة المراجعين والزائرين حتى وقت الغروب، فيخرج إلى الصحن العلوي لأداء الفريضة جماعة. وبعد أداء صلاة الجماعة كان يلقي درساً خارجاً في الفقه على تلامذته وهو جالس على المنبر، والتلاميذ جالسون على الأرض، ويستمر درسه ساعتين، وبعد الانتهاء يعود إلى البيت ويزور بعض العلماء والوجهاء في النجف أو القادمين
ص: 454
من خارج النجف، وحينما يعود إلى داره يستريح مع أهله مدة قليلة، ثم يتناول العشاء، وبعده يعود إلى الكتابة والمطالعة إلى نصف الليل أو قبله بساعة فينام.
وهذه الأعمال لا يستطيع أن يقوم بها جسم الشاب القوي الشاب القوي فضلاً عن الشيخ الناهز على السبعين، غير أنه يصدق عليه قول القائل:
وإذا حلّت الهداية قلباً ***نشطت للعبادة الأعضاء
.1. إخماد فتنة الحصان عام (1351ه).
2. إبطال العادات المؤذية في العراق عام (1353ه).
.3 إخماد ثورة عشائر الفرات عام (1353ه).
4 منع الشغب والمظاهرات التي حدثت في وزارة نور الدين محمود.
5. موقفه من مؤتمر بحمدون . (1)
مؤلّفاته:
منها المطبوع والمخطوط:
فمؤلّفاته المطبوعة، عددها واحد وأربعون وهي:
الآيات البينات، الأرض والتربة الحسينية، أصل الشيعة وأصولها تحرير
ص: 455
المجلة تعاليق على نهج البلاغة تعليقات على ( الكلم الجامعة والحكم النافعة)، تعليقات على الوساطة بين المتنبي وخصومه تعليقات على ديوان السيد سعيد الحبوبي (رحمه الله ) تعليقات على معالم الإصابة، تعليقات وتراجم على ديوان السيد جعفر الحلي (رحمه الله ) ، التوضيح فيما هو الإنجيل ومن هو المسيح، جنّة المأوى، حاشية على التبصرة، حاشية على العروة الوثقى، حاشية على مجمع الرسائل، حواشي على سفينة النجاة، حواشي على عين الحياة، الخطب الأربع، خطبة الاتحاد والاقتصاد، خطبة الباكستان، الخطبة التاريخية في القدس الدين والإسلام أو الدعوة الإسلامية الرد على القصيدة البغدادية، زاد المقلّدين، سؤال وجواب، صحائف الأبرار في وظائف الأسحار العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية، عين الميزان الفردوس الأعلى، مبادئ الإيمان، المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون المجالس الحسينية، المحاورة مع السفيرين مختارات من شعر الأغاني، المراجعات الريحانية، المسائل القندهارية، مناسك الحج، الميثاق العربي الوطني نبذة من السياسة الحسينية، نقد ملوك العرب للريحاني وجيزة الأحكام.
مؤلّفاته المخطوطة، وعددها ستة وعشرون - غير مالم نقف عليه - وهي:
تعاليق على أدب الكاتب لابن قتيبة تعاليق على أمالي السيّد المرتضى علم الهدى (رحمه الله ) ، تعاليق على الفتنة الكبرى - لطه حسین -، تعاليق على الوجيز في تفسير القرآن العزيز تعريب قسم من رحلة (ناصر خسرو) الحكيم المشهور، تعريب كتاب حجّة السعادة في حجّة الشهادة، تعريب كتاب فارسي (هيئت)، تنقيح
ص: 456
المقال في مباحث الألفاظ، الجزء الثالث والرابع من الدين والإسلام، حاشية على القوانين، حاشية على الكفاية، حاشية على رسائل الشيخ الأعظم الأنصاري (رحمه الله ) ، حواشي على رسالة العرشية، ورسالة الوجود، وكتاب الأسفار لصدر المتألهين (رحمه الله ) ، دائرة المعارف العليا، ديوان شعره الذي أسماه: (الشعر الحسن من شعر الحسين)، رسالة عن الاجتهاد عند الشيعة رسالة في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي رسالة في علم العروض شرح العروة الوثقى، عقود حياتي مغني الغواني عن الأغاني، منتخبات من الأحاديث والأخبار والتراجم وغيرها، منتخبات من الشعر القديم مجموعة كبيرة ، نزهة السمر ونهزة السفر.
لما مرض المؤلّف (رحمه الله ) مرضه الذي قضى على حياته الغالية، ويئس من شفائه على أيدي أطباء النجف الأشرف، سافر إلى بغداد للمعالجة، وأدخل في مستشفى الكرخ ، فباشره جمع من حذاق الأطباء مدة لا تقل عن شهر، ولم تتقدم صحته ولم يتحسن مزاجه، بل زادت ،آلامه، فانتقل (رحمه الله ) إلى قرية كرند – وهي قرية جبلية واقعة بين خانقين وكرمانشاه في الأراضي الإيرانية -؛ طلباً للراحة، وبعد وصوله إليها لم تستقر به النوى واختطفه ريب المنون، وانتقل من دار الفناء إلى دار البقاء إلى جوار ربه الكريم بعد أدائه لفريضة الفجر صباح يوم الاثنين (18) ذي القعدة سنة (1373ه).
ولمّا أشيع خبر وفاته انهالت الناس إلى تلك القرية من كل فج عميق؛ لتشييع جثمان بطل العلم والفضيلة، فقيد الإسلام والمسلمين، وأذيع إثر وفاته خبر رحيله
ص: 457
من معظم محطات العالم، وشيّعت جثمانه الطاهر مئات السيارات وسرب من الطائرات الإيرانية، وجيء بجثمانه من القرية إلى الحدود العراقية، وهناك استقبل الجثمان من قبل ،العراقيين واستلمته أيدي جماهير الناس من مختلف طبقات الفريقين، ومن كبار رجال الدولة، ثمّ أخذ جثمانه إلى بغداد، ثم إلى حرم الإمامين الجوادين (علیهما السلام)، ثم إلى كربلاء إلى حرم أبي عبد الله الحسين (علیه السلام)، وحرم أخيه البار أبي الفضل العباس (علیه السلام)، ثم إلى النجف الأشرف إلى حرم الأمن، حرم العلم وبابه حرم مولى الكونين والثقلين أمير المؤمنين (علیه السلام) الشهيد أبي الشهداء الأحرار للطواف بجثمان الراحل حول مراقدهم وأن يجدد عهده مع الأئمة (علیهم السلام)، ثم إلى وادي السلام إلى مقره الأخير - مقبرته الخاصة التي أعدها بنظره من قبل سنين لنفسه -.
وأُقيمت مجالس الفاتحة في النجف الأشرف من قبل أسرة الفقيد والعلماء والجمعيات، ومن قبل مختلف الطبقات، كما أقيمت مئات الفواتح في العراق، وإيران وباكستان والهند وسوريا ولبنان.
وأقيمت له في النجف بعد مرور أربعين يوماً حفلة تأبينية في مدرسة الصدر، حضرتها وفود الدول وغيرها ممثلين لحكوماتهم، ووردت إلى النجف مئات البرقيات بمختلف اللغات من الشرق والغرب من الملوك ورؤساء الجمهوريات ورؤساء الأديان والشخصيات تعزي أسرة الفقيد والعلماء؛ لأن وفاة المؤلّف الراحل كانت ثلمة كبيرة في الدين، وخسارة عظيمة على الطائفة، لا يعرف مدى تأثيرها إلا الأوحدي من العلماء، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ص: 458
على اعتبار أن قصيدة الشيخ كاشف الغطاء (رحمه الله ) - الرد على القصيدة البغدادية - هي نظم لكتاب كشف الأستار الذي هو من تأليف أستاذه الميرزا حسين النوري (رحمه الله ) ، ارتأينا أن نذكر بعض ما تكحل به بصرنا من علقة التلميذ بالأستاذ، فدونكه:
قال الناظم (رحمه الله ) في كتابه العبقات العنبرية - الجزء المخطوط - عند ترجمة أستاذه (رحمه الله ) ، ما نصه: فإنه حتى اليوم قد تجاوز النيف والستين وهو في كل سنة يزور على قدميه في عرفة سيد الشهداء، بجماعة من مساكين الطلبة والفقراء وكنا ممن وفقه الله للسعي بخدمتهم على الأقدام إلى ذلك الحرم الذي تسعى وتطوف الملائكة والأنبياء للتشرف باستلام كعبته، وأنى لها الاستلام؟! فكنا نسير وذلك المولى أمامنا على قوتنا وضعفه، وحق للإمام أن يكون أماماً.
وإذا حلّت الهداية قلباً*** نشطت للعبادة الأعضاء
وأول ما نصل إلى المنزل يأخذ كل منا بالاضطجاع طلباً للاستراحة، ويفرك – وقد أخذه الإعياء - الرجل بالأخرى والراحة بالراحة، وأما هو فيشتغل بإسباغ الوضوء والطهارة، ويقوم على مصلاه مؤدياً أوراده وأذكاره، وفي هذا وأمثاله من أفعاله وأقواله عبرة لمن اعتبر، وتبصرة لمن أراد أن يتبصر، وفقنا الله لذلك، وأخذ بنا إليه بأوضح الطرق وأقرب المسالك، وأبقاه الله لنا ظلاً في الإرشاد ظليلاً، ومنحه صحة الجسم وعمراً طويلاً...). (1)
ص: 459
قال الشيخ آغا بزرك الطهراني (رحمه الله ) في مقدمة كتاب الناظم (صحائف الأبرار)، ما نصه: (فلا أزال أتذكر جيداً حتى الآن أنه قال لشيخنا العلامة النوري قدس الله نفسه: إن رطوبة الشباب تغلبني وأتثاقل من القيام لتأدية نافلة الليل، ولذلك فإنها تفوتني في بعض الليالي، فقال له شيخنا معاتباً: لماذا؟ لماذا؟ قم، قم، وبعد مضي سنوات على ذلك، توفي النوري، وجلسنا ذات يوم بعد سنين عديدة نستعيد بعض ذكرياتنا العذبة وأيامنا الحلوة، فقال لي (رحمه الله ) بالنص: إن صوت شيخنا المرحوم يرن في أذني ليلياً قبل السحر وينبهني في كل ليلة فأستيقظ لأداء النافلة). (1)
وقال أيضاً: (وهو من أقدم أصدقائي وصلتي به قديمة وقديمة جداً يرجع عهدها إلى أكثر من خمسين سنة، وأتذكر أن بداية هذه الصلة كانت يوم كان يختلف إلى دار شيخنا العلامة النوري المتوفى عام (1320ه) ويلازمه سفراً ،وحضراً، وكان كثير الحب لي وشديد الوفاء بعهود الوداد). (2)
وقد ذكرنا في مقدمة كتابنا هذا ما يكفي من البيان الذي فيه مدى علاقة الشيخ كاشف الغطاء بأستاذه ، ولم نورده ها هنا تجنباً للتكرار، فليراجع في محله.
نظم الشيخ كاشف الغطاء (رحمه الله ) كتاب كشف الأستار الذي هو رد نثري على القصيدة البغدادية، وكان عمره حينئذ (22) سنة، وتتكون قصيدته من (242) بيتاً،
ص: 460
ونسخة الأصل موجودة في مكتبة الإمام الحكيم، وطبعت القصيدة في ملحق (كشف الأستار ) بطبعاته المتعددة، وفي كتاب (تنبيه الغافلات) (1)، وفي كتاب (إلزام الناصب)، وفي (الإمام المهدي (علیه السلام)النور في الأدب العربي)، وقد شرح هذه القصيدة شرحاً وافياً السيد محمد صادق بحر العلوم (ت 1399ه) في رسالة أسماها : (الصولة العلوية على القصيدة البغدادية )وتاريخ إنهائها سنة (1359ه)، علماً أنها لم تُذكر في كتاب (الذريعة) فهي مما يستدرك عليه.
والقصيدة وردت بعدة أسماء في كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة، هي:
1- الرد على القصيدة البغدادية كما في (الذريعة: 218/10).
2- الردّ على منكري الحجة (علیه السلام) كما في (الذريعة: 117/17 رقم 624) ولقبه مؤلف الذريعة عند ذكره بشيخ العراقين والمشهور أنّ هذا اللقب هو للشيخ عبد الرضا بن عبد الحسين آل كاشف الغطاء صاحب كتاب (الباب الذهبي) و (مجلة الغري)، كما قرأت في كتاب (عقود حياتي ) للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (قُدِّسَ سِرُّهُ)من المخطوط في صفحة (7) منه: أن - عم المؤلف - الشيخ محمد حسن ابن الشيخ محمد رضا ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء كان يُلقب به أيضاً.
3- نظم کشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار: كما في (الذريعة: 222/24 رقم 1150).
ص: 461
اعتمدنا في إيراد القصيدة على الطبعة الحجرية من كشف الأستار الموجودة في مكتبة الناظم (رحمه الله ) ؛ كونها مزيدة ببيتين ومصححة منه (رحمه الله ) ، وقد قدم لها السيد محمد مهدي ابن السيد إسماعيل ابن السيد صدر الدين الموسوي (ت 1358ه) في نسخة العلامة الشبستري ره وطبع تقديمه هذا في الطبعة الحجرية، و القصيدة ومقدمتها هي:
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمد الله على أن أذهب عنا الحزن والريب وجعلنا من عباده الذين يؤمنون بالغيب، وخصنا بالتمسك بولاء سيد الأنبياء وآله الخيرة المنتجبين، ورفع عن أبصارنا غشاوة الشك فيهم حتى بلغنا في معرفتهم عين اليقين، والصلاة على من ختم الله به أنبياءه المرسلين وجعله وآله غاية للإبداع والتكوين وعلى آله خزنة الوحي والتنزيل وحملة ما جاء به عن الله جبرئيل.
أما بعد...
فهذه قصيدة فريدة وعذراء خريدة قد ألبستها أكف نسائم الصبا أبراد رقتها، و کستها رياض حدائق البشر أثواب بهجتها، فهى أنظر من روضة فتحت أكمامها نفحات النسيم وأرق طبعاً من سلافة أكاويب التسنيم، فلا لخمرة تحكيها ولا عين ساقيها، وليست نغمة العود وإن رقت تضاهيها ولا ريحانة البان وإن مدت نواصيها بأحلى من معانيها وأزكى من مجاريها قد حوت أسمى مراتب الجزالة
ص: 462
ورفعت الشبه الناشئة عن ظلم الجهالة، وضمنت إتمام الحجة وإقامتها وكشف المحجة ،وإماطتها فتقشعت غياهب الجهل وسطعت أنوار اليقين وظهرت دلائل الحق وانبرت شبه الجاهلين.
قد أجزل ألفاظها بعذوبة معانيها ورصف بنيانها بإحكام مبانيها من سلّمت إليه البلاغة مقاليدها وأعطته الفصاحة عدتها وعديدها، فهو مالك أزمة المعاني والبيان والقاطع من ناظره بأقل سير وأبلج برهان، والحائز قصبات السبق في ميادين الفضائل والبالغ بعلو همته أعلى مراتب الفواضل المنزه من كل شين، الشيخ (شيخ محمد حسين) لا زال المجد قرينه والفضل خدينه خلف علامة البشر والأستاذ الأكبر الشيخ (شيخ جعفر كاشف الغطاء) قدس الله سبحانه سره وزين به في الجنان الأسرة.
قد جمع بنظمها ما ألفه المفصح عن معجم الآثار النبوية وما أفاده في كتابه آية الله الكبرى بين أظهر البرية كاشف الحجب والأستار عن الشريعة المحمدية ومتقن قواعد أصول مذهب الاثني عشرية من انتهت إليه في زماننا رئاسة معرفة آثار الأئمة حتى أخذت عنه أخبار أئمتها الأمة علم الأعلام وقدوة الأنام (الحاج ميرزا حسين النوري) ثقة الإسلام متع الله المؤمنين بطول بقائه ورفع أعلام الدين بوجوده
الأقل السيد الصدر محمد مهدي الموسوي
******
ص: 463
بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين إنه أرحم الراحمين
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
بعد حمد الله وثنائه والصلاة على أنبيائه وأوليائه ولعنة الله على أعدائهم وأعدائه.
يقول: أسير الذنوب والبلايا ورهين الخطوب والخطايا الأحقر محمد الحسين آل الشيخ الأكبر كاشف الغطاء الشيخ جعفر:
إنه وردت إلينا في هذه الأيام قصيدة من بعض جماعة دار السلام ولكنها يتيمة وإن كانت في سوق الشعراء مالها قيمة يسأل فيها عن أمور الحجة المنتظر والإمام الثاني عشر، وتصدى شعراء العصر للجواب عنها ولكنهم لم يبلغوا حقيقته وإن أجادوا وما أصابوا الغرض وإن أحسنوا بما جاؤا به وأفادوا.
فقلت في نفسي أعط القوس باريها فلا يخطي مراسيها، فعرضتها على علامة الفقهاء والمحدثين جامع أخبار الأئمة الطاهرين حائز علوم الأولين والآخرين حجة الله على اليقين من عقمت النساء عن أن تلد مثله وتقاعست أساطين الفضلاء فلا يداني أحد فضله ونبله، التقي الأواه المعجب ملائكة السماء بتقواه من لو تجلى الله لخلقه لقال هذا نوري مولانا ثقة الإسلام الحاج ميرزا حسين
ص: 464
النوري أدام الله تعالى وجوده الشريف وحفظ سورة بقائه المبارك من التنقيص والتحريف.
فكتب أيده الله تعالى رسالة أبهرت العقول والألباب ولم يأت أحد بمثلها في هذا الباب، وحيث إن السؤال كان نظماً أحببت أن يكون الجواب طبق السؤال فنظمتها على الوزن والقافية على تشتت البال وجعلتها خدمة لإمامنا الحجة ولنوابه الأعلام، خصوصاً صاحب الرسالة فإن له على جميع المؤمنين منة لا يقوم بواجبها الشكر ولو مدى العمر والرجاء أن ينظر إليها بعين الرضا والمسامحة فإنها من سوء صاحبها مملوءة بالمساوي كثيرة السقطات والمهاوي؛ لأنها صدرت بأيسر زمان مع اشتغالي بتحصيل الأهم وتشوش بالي في ما هو ألزم ولكن الهدايا على مقدار مهديها والجائزة على حسب معطيها، وهم أهل بيت الرحمة ورزقنا الله شفاعتهم ومودتهم إنه أرحم الراحمين، وهي هذه:
بنَفْسي بَعيدَ الدَّار قَرَبَهُ الفَكْرُ ***وأَدْنَاهُ مِنْ عُشاقه الشَّوْقِ والذِّكْرُ
تَسَبَّرَ لَكن قَدْ تَجَلَّى بَنُوره ***فَلَا حُجُبٌ تُخْفِيهِ عَنْهُمْ وَلَا سِتْرُ
ولَاحَ لَهُمْ (فِي) (1) كُلِّ شَيءٍ تَجَلَّياً ***فَلَا يَشْتَكِيْ مِنْهُ البَعَادُ وَلَا (الهَجْرُ ) (2)
بمَرْآهُ تَشْقَى العَيْنُ خُسْراً وَخَيْبَةً ***وَيَسْعُدُ في أَنْوَاره القَلْبُ والصَّدْرُ
ألا طل وإِنْ عَذَبْتَ يَا لَيْلُ بُعْده *** فَمَنْ بُعْد طول اللَّيْل يُسْتَعْذَبُ الفَجْرُ
ص: 465
وَأَقْصرْ أَطَلْتَ اللَّوْمَ يَا عَاذِلي بِهِ ***فَلَا مَفْصَلِّ إِلَّا عَلَى حُبِّهِ قَصْر
عَدَاكَ السَّنَا مِنْ هَذِهِ الجَدْوَةِ التِي ***بِأَكْبَادِ أَهْلِ الحُبِّ شَبَ لَهَا جَمْرُ
وَمَا الحُبُّ إِلَّا مُنْتَهَى السَّدْرَةِ التي*** لَهُمْ مِنْ جَنَاهَا لُبَّهُ وَلَكَ القِشْرُ
حبيبي بكَ الأَشْيَاء قَامَتْ فَمَا الذي*** يُقِيمُ عَلَى إِثْبَاتِكَ الجَاهِلُ الغَمْرُ
حَبِيْبي أُمَارِي في وُجُودِكَ ضَلَّةً ***وَلَولَاكَ لِلْإِيجَادِ مَا انْتَظَمَ الْأَمْرُ
بِفِيكَ جَرَتْ عَيْنُ الحَيَاةِ وَمُدْ دَنَا*** لِيَشْرَبَ مِنْهَا عَمَّرَ الشَّارِبُ الخِضْر
وَلي فيكَ سِرُّ لَو أَبوحُ بِبَعْضه ***لَقُلْتُ مِنَ الإِيْجَادِ هَذَا هُوَ السِّرُ
فَيا بأبي لُحٌ الْبَريَّة أَو فَغِب*** وَلَيْسَ عَلَى عَلَيَاكَ مِنْ غَيْبَةٍ ضُرُّ
فَشَمْسُ الضُّحَى والبَدْرُ نُورَاهُمَا هُما*** وَإِنْ غَرَبَتْ أَو غُيِّبَ الشَّمْسُ وَالبَدْرُ
(وَلَا نُكْرَ) (1) إِنْ لَاحَتْ وَلَمْ يَرَ ضَوءَهَا ***أَخُو نَظَرِ لَكِنْ عَلَى عَيْنِهِ النُّكْرُ
وَلَا بَأسَ ممَّنْ جَاءَ يَسْأَلُ قَائِلاً ***(أَيَا عُلَمَاءَ العَصْرِ يَا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ)
(لَقَدْ حَارَ مِنّي الفكْرُ بِالقَائِمِ الَّذِي ***تَحَيَّرَ فِيهِ النَّاسُ (والتبس) (2) الأَمْرُ)
عَشَرْتَ أَلَا يَأْ سَائِلاً تَاهَ فِكْرُهُ ***عَلَى مَنْ لَهُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ خُبْرُ
أَعرني مِنْكَ الْيَوْمَ أُذْنَا سَمِيعَةً ***إِذَا مَا قَرَأْتَ الحَقَّ لَمْ يَعْرُها وَقْرُ
ص: 466
وَقَلْبَاً ذَكِيّاً فِي النَّخَاصُمِ يَغْتَدِي*** لِطَائِرِةِ الإِنْصَافِ عَنْكَ بِهِ وَكْرُ
وَخُذْ عِنْدَهَا مِنْ نَظمِ فِكْرِي لَآلِتَاً ***بهنَّ إِلَيْكَ الخُبْرُ يَقْذف لا البَحْرُ
مَضَامِينُها الغُرُّ الصَّحِيحَةُ صَادِرٌ*** بِهَا مَصْدَرُ العِلْمِ الإِلَهِي وَالصَّدْرُ
إمَامُ الهُدَى (النُّوري) منْ نُور علمه*** أَنَارَتْ به فى الأفق أَنْجُمُهُ الزُّهْرُ
يَقُولُ وَلَا تَنْفَكُ أَعْلَامُ فَضْلِهِ ***عَلَى أَرْؤُسِ الْأَعْلَامِ فِي طَيْها نَشْرُ
أَلا إِنَّ مَا اسْتَغْرَبْتَ مِنَّا مَقَالَةً ***بِهِ قَالَ مِنْكُمْ مَعْشَرٌ مَا لَهُمْ حَصْرُ
وَكُلُّهُمْ أَضْحَوْا لَدَيْكُمْ أَئِمةً ***عَنَا لَعُلاهُمْ مَنْ حَوَى البَرَّ والبَحْرُ
مُوَثَقَةً أَسْمَاؤُهُمْ فِي رِجَالِكُمْ فَفِي كُلِّ سِفْرِ مِنْ فَضَائِلِهِمْ شَطْرُ
فمنهم كَمَالُ الدِّين كَمْ فِي (مَطَالب السَّ*** ؤول) طَوَى سُؤلاً به انْكَشَفَ السّترُ
وَذَا الحَافظ الكنْجِيُّ كَمْ في بَيَانِهِ*** بَيَانِ بَرَاهِينِ يَبِينُ بِهَا الأَمْرُ
وَكَمْ لِابْنِ صَبَّاغِ (قُصُولِ مُهِمَّة) ***تُفَصِّلُ مَا قَدْ أَجْمَلَ الكُتُبُ وَالسِّفْرُ
وَإِنَّ لِشَمْسِ الدِّينِ (تَذْكِرَةً) لِمَنْ*** يُريدُ خَوَاصَاً طبقهَا النَّص والذكرُ
وَحَسْبِي بِمُحيي الدِّينِ نَقضَاً فَإِنَّ في ال*** مفتوح) [عَلَيْكَ ] (1)الفَتْحُ قَدْ جَاءَ وَالنَّصْرُ
وَكَمْ فِي (يَواقيت الجواهر) جَوْهَر*** به عَادَ شَعْرَانِيُّكُمْ وَلَهُ الفَخْرُ
لَوَاقِحُ أَنْوَار لَهُ انْظُرْ فَإِنَّ لل ***عراقي فيه قصَّةً عُوْدُهَا نَصْرُ
ص: 467
وَصَدَقَهُ فيه الخَوَاصِ عَلِيُّ مَنْ***( كَرَامَاتُهُ) (1)أ يُسْتَطَاعُ لَهَا ذِكْرُ
وَذُو القَدْرِ هَاهُمْ بَيَّنُوْا قَدْرَ عُمْره*** فَمَاذَا يَقُوْلُ اليَوْمَ مَنْ مَا لَهُ قَدْرُ
وَشَاهِدُهُمْ فِيْمَا ادَّعَوهُ (شَوَاهِدُ ***النبوَّةِ) فَالجَامِيُّ مِمَّنْ لَهُ خُبْرُ
وَ(فَصْلُ الخطاب) الخواجه پارسا قَد احتَوَى ***تَفَاصِيْلَ فِيْها يَتْلُجُ القَلْبُ والصَّدْرُ
وَهَذَا أَبو الفَتْحِ احْتَوَتْ أَرْبَعَيْنُهُ*** أَحَادِيثَ فِيهَا جُلُ أَصْحَابِكُمْ قَرُّوا
وَكَمْ لِلبُخَارِي الدَّهْلَوِيُّ رَسَائِلِ*** بِهِنَّ مَعَ المَهْدِيُّ آبَاؤُهُ الغُرُّ
وَفِي رَوضَةِ الأَحْبَابِ لِلحَقِّ رَوْضَةٌ*** بِعُرْفِ عَطَاءِ اللهِ ضَاعَ لَهَا نَشْرُ
وَهَذا البَلَاذُرِي سَلْ عَنْ مُسَلْسَلَاتِهِم ***تجدهُ رَوَى عَنْهُ شَفَاهَا وَلَا نُكْرُ
وَهَذا (مَوَالِيدُ الأَئِمَّةِ) قَاطِع ***بِهَا كَمْ تَبَدَّى لِابْنِ خَسَّابِكُمْ سِرُّ
وَهَا لِابْنِ شَمْسِ الدِّيْنِ كَمْ مِنْ هدَايَة ***عَلَى سُعَدَاء الكَشْف آثَارُهَا غُرُّ
يَقُوْلُ أَرَى المهدي (علیه السلام)حَقَّاً وَأَنَّهُ ***سَيَبْدُو وَإِنْ كَانَ اسْتَطَالَ لَهُ العُمْرُ
ففي الكَافِرِينَ السَّامِرِي نَظِيرُهُ ***وَفِي الْمُؤْمِنِينَ الْيَاسُ وَالرُّوحُ وَالخِضْرُ
وَكَالسَّامِرِي الدَّجَّالُ إِنَّ لِشَأْنِهِ ***حَدِيثًا غَرِيْبَاً سَوْفَ يَأْتِي لَهُ ذِكْرُ
وَفَضْلُ بْنِ رُوْزِبْهَانِكُمْ مَعَ عِنادِهِ ***أَقَرَّ بِمَا قُلْنَاهُ إِذْ وَضَحَ الأَمْرُ
وَنَاصر دين الله لَوْلَا اعْتَقَادُهُ ***عَلَى أَنَّ ذَا السِّرْدَابَ غَابَ بِهِ البَدْرُ
ص: 468
لَمَا شُيِّدَتْ مِنْهُ المَبَاني بِأَمْرِه*** وَحُرِّرَ فِيهَا باسمه الخَلَفُ الظُّهْرُ
وَهَذِي يَنَابِيعُ المَودَةِ) كَمْ جَرَتْ ***لَنَا مِنْ سُلَيْمَانِ بِهِ الْأَبْحُرُ الغُزْرُ
وَذَا أَحْمَدُ الجَامِيَ والعَارِفُ الَّذِي ***غَدَا شَيْخُ إِسْلَامِ لَكُمْ أَيُّهَا النَّفْرُ
وللصَّفَدِيٍّ شَرْحُ دَائِرَة بهَا*** عَلَى الغَيْبِ مُحْي الدِّين أَطْلَعَهُ الجُفْرُ
وَعَيَّنَهُ في شِعْرِهِ مَادِحَاً أبو ال ***مَعَالِي ذِي الْأَسْرَارِ الْقَوْنَوِيِّ الصَّدْرُ
وَمُلًّا جَلَالُ الدِّينِ المَثْنَوِي الَّذي*** يَحقُّ لَهُ ذُو الكَشْف لَوْ سُجَّدًا خَرُّوا
وَكَمْ عَبْدِ رَحْمَن لَكُمْ مُتَأَلَهٍ*** ب( مِرَّآةِ أَسْرَار) تَجَلَّى لَهُ السِّتْرُ
وَذَا النَّسَفِي يَحْكِيْهِ عَنْ حَمَوِيَّكُمْ ***وَعَنْ ذَاكَ تَحقيق النُّبُوَّةَ يَفْتَرُ
بَرَاهِيْنُ سَابَاطِيِّكُمْ كَمْ تَضَمَّنَتْ*** لِقَاضِي جَوَادِ مَا يَبِيْنُ لَهُ العُدْرُ
وكَمْ حَلَّ مَوْوْدِيكُمْ بِ- (المُكَاشَفَاتِ) مِنْ ***غَوامِضِهَا مَا ضَمَّتِ الحُجْبُ والسِّتْرُ
وَقَدْ نَظَمَ البَصْرِيُّ عامرُ تُحْفَةً ***غَدَتْ ذَاتَ أَنْوَار مَضامينُها الغُرُّ
تُعَرِّضُ فِيهَا الفَارِضِيَّةَ فَاعْتَلَتْ ***عَلَيْهَا وَلم لَا تَعْتَلِي وَهِيَ البَكْرُ
يَقُوْلُ بِهَا حَتَّى مَتَى أَنْتَ عَائِبٌ ***إِمَامَ الهُدَى قَدْ ضَاقَ مِنَّا لَكَ الصَّدْرُ
كَذَا الهَمَدَانِي وَالنَّسْيْمِي وَشَيْخُكُمْ*** مُحَمَّدُ صُبَّانِ الَّذِي انْتَجَتْ مِصْرُ
كَذَا العَارِفُ العَطَارُ كَمْ ضَمَّ شِعْرَهُ ***مَدَائِحَ مِنْ أَرْوَاحِهَا نُفَحَ العِطَّرُ
وَهَذا الخوارزمى الخَطِيْبُ رَوَى لَنَا*** حَدِيثَاً به لَا شَكَ يَعْتَقدُ الحَبْرُ
ص: 469
أَلا فَانْظُرُوْا يَا مُسْلِمينَ لمُنْكَر*** عَلَيَّ مَقَالاً مَا به أَبَداً نُكْرُ
يُكَفِّرُني فِيْمَا أَقُولُ وَإِنَّمَا*** تَدِيْنُ بِهِ تَاللهِ أَقْوامُهُ الغُر
وَكُلُّهُمْ مَا بَيْنَ رَاوِ وَعَارِف*** وَشَيْخِ لَهُ الكَشْفُ المُبَجَّلُ والسِّرُّ
وَمَا ذُكِرُوا فِي جَنْبِ مَنْ لَمْ أَبِحْ بِهِمْ ***كَمَا سَنَحَتْ مِنْ شَاهِقَاتِ الدُّرَى ذُرُّ
وَفِيْمَا ذَكَرْنَاهُ تَرَى الحَقَّ عِنْدَ مَنْ ***غَدَا قَائِلاً (قَدْ ذُبَ عَنْ لُبَه القَشْرُ)
وَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَا العِيَانُ الَّذِي قَضَى*** بِبُطْلَانِ هَذَا عِنْدَ مَنْ مَا لَهُ شِعْرُ
فَأَمَّا التَّجَلّي للعُيُون فَمَا ادَّعَى*** (به أَحَدٌ إِلَّا أَخُو السَّفَهِ الغَمْرُ)
ففي الهند أبْدَى المَهْدَوِيَّةَ كَاذِبٌ ***فَكَذَّبَهُ كُلُّ الوَرَى البَدْرُ والحَضْرُ
وَمَا كُلُّ مَنْ أَضْحَى مُضِلَّا يَنَالُهُ ***كَمَا (تَخِبُ) (1) القَتْلُ المُعَجَّلُ والضُّرُّ
وَإِلَّا فَإِنَّا نَحْنُ أَوْ أَنْتُمْ عَلَى ***ضَلَالٍ فَلِمْ لَا نَالَنَا السُّوءُ وَالشَّرُّ
نَعَمْ هُوَ مَوْجُوْدٌ وَلَكِنْ لحَكْمَة*** بِهَا اللهُ أَدْرَى اختيرَ عَنَّا لَهُ السِّتْرُ
وَإِلَّا فَكَمْ فَازَ الخَوَاصُ بِشَخْصه*** كَمَا للعراقي وَالخَوَاصِ مَضَى ذِكْرُ
وَعَدَّ رَجَالَ الغَيْب ذَا نَسَفيُّكم*** ثَلَاثَ مَتَيْنِ بَلْ يَزِيدُهم الحَصْرُ
وَقَالَ وَهُمْ كُلَّا حُضُورٌ لَدَى الوَرَى ***وَلَمْ يَرَهُمْ إِلَّا الأَخصاء والنَّزْرُ
فَلمْ لَأ بذا المقدار كَذَبْتَ حَائراً ***كَمَا حَارَ مِنْكَ اليَوْمَ في وَاحد فكْرُ
ص: 470
وَمَا هُوَ مَسْحُونَ فَتَحْسَبُ أَنَّهُ ***(قد اتَّخَذَ السَّرْدَابَ بُرْجاً لَهُ البَدْرُ)
بَلَى هُوَ فِي الأَمْصَارِ غَادِ وَرَائِحٌ ***يَخِيْبُ بِهِ مِصْرٌ وَيَحْظَى به مصْرُ
وَهَا هُوَ قُطْبُ الكَائِنَاتِ جَمِيْعَهَا ***وَلَوْلَاهُ لَمْ يُوْجَدْ ذَرَى لَا وَلَا ذَر
وَمَا حَقٌّ مَنْ لَا يُدْرِكُ العَقْلُ وَجْهَهُ ***وَيَعْجَرُ عَنْ إِدْرَاكه الذِّهْنُ وَالفَكْرُ
مُسَارَعَةَ الإِنْكَار فيه فَإِنَّما*** يُنَزَّهُ عَنْ أَمْثَالِهَا العَالِمُ الحَبْرُ
وَهَذَا تَمِيْمَ قَدْ حَكَى لِنَبِيِّهِ*** حَكَى لَنَبِيِّهِ حَدِيثَاً حَكَاهُ كَانَ مِنْ قَبْلِهِ الطُّهْرُ
غَدَاةَ بهِمْ سُفْنُ المَسِيْر تَكَسَّرَتْ*** فَأَلْقَاهُ في عُظْمَى جَزَائره البَحْرُ
هُنَالِكَ إِذْ جَسَّاسَةٌ ظَنَّ أَنَّهَا لَشَيْطَانَةٌ مِنْ فَرْقِهَا أَرْتَكَمَ الشَّعْرُ
فَجَاءَتْ بِهِمْ تَسْعَى لِشَخْصِ مُغَلَّلٍ ***تَحَيَّرَ فِيْهِ العَقْلُ وانْدَهَشَ الفِكْرُ
فَأَخْبَرَهُمْ فِيمَا سَيَجْرِي بِهِ القَضَا ***وَقَالَ أَنَا الدَّجَّالُ بِي تُعَدَّ النُّدْرُ
فَلَا مُرْسَلٌ إِلَّا وَيُوْعِدُ قَوْمَهُ ***بِأَعْوَرَ دَجَال سَيَقْوَى به الكُفْرُ
فَهَذَا لَعَمْرُ الله أَعْظَمُ حَيْرَةً ***وَأَجْدَرُ أَنْ لَوْ رَدَّهُ اللُّبُ والحُجْرُ
وَأَحْرَى لَعَمْرِي لَوْ تَحَيَّرْتَ سَائِلاً*** بِإِيْجَادِهِ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ مَا الرُ؟!
وتلكَ عُلُوْمُ الغَيْبِ مَنْ جَاءَهُ بِهَا؟! ***وَهَا هُوَ مَلْعُوْنَ لَهُ الخِزْيٌ وَالخُسْرُ
وَقَدْ كَانَ مَغْلُولَ اليَدَيْنِ مَنْ الَّذي ***لإِطْعَامه إيَّاهُ أَخَرَهُ الدَّهْرُ
وَبَعْدَ تَمِيْمٍ كَيْفَ لَمْ يَرَهُ امْرُؤٌ ***وَكَمْ مَوْكِب بِالْأَبْحُرِ السَّبْعِ قَدْ مَرُّوا
ص: 471
وَلَكنَّهُ عَنْ فَعْله لَيْسَ يُسْأَلُ ال*** إِلَهُ وَجَاءَ النَّهْيُّ عَنْ ذَاكَ وَالزَّجْرُ
وَإِنَّ عُقُوْلَ الخَلْقِ أَقْصَرُ مُبْتَغَىً*** عُرُوْجَاً إِلَى مَا دَبَّرَ الخَالِقُ البَرُّ
وَقَدْ صَحَ بِالبُرْهَانِ أَنَّ إِلَهَنَا *** حَكِيمٌ غَنِي لَيْسَ يُلْحِتُهُ فَقْرُ
وَكَمْ مُشكل يُعْيِي الْعُقُوْلَ وَإِنَّمَا ***بِمَا قَدْ أَشَرْنَا يَكْتَفِي الفَطِنُ الحُرُّ
فَكُلُ بَيَان جَاءَنَا عَنْ نَبِيِّنَا*** تَنَاقَلَهُ قَوْمٌ هُمُ بَيْنَنَا السُّفْرُ
عَلَيْنَا وُجُوْباً أَنْ يَكُوْنَ اعْتَقَادُنَا*** هُوَ الحَقَّ لَا يَعْرُوْهُ رَيْبٌ وَلَا نُكْرُ
وَإِنَّا أَنَاسٌ لَمْ تُنَازِعَ وَلَمْ نَكُنْ ***شَرَكْنَاهُ فِي خَلْقٍ فَيَبْدُوْ لَنَا السِّرُّ
وَقَدْ وَرَدَتْ أَخْبَارُكُمْ وَتَواتَرَتْ ***أَن الخُلَفَاءَ اثْنَانِ بَعْدَهُمَا عَشْرُ
وَفِيْهِمْ يَقُوْمُ الدِّينُ أَبْلَجَ وَاضِحَاً ***وَتَنْدَفِعُ الأَوَا وَيُسْتَنْزَلُ القَطرُ
وَلَمَّا انْقَضَتْ للرَّاشِدِيْنَ خِلَافَةٌ ***وَأَضْحَى عَضُوْضَاً بَعْدَهُمْ ذَلكَ الأَمْرُ
وَأَنْقَصَ دِينَ الله قَدْراً يَزِيدُهُ ***فَأَصْبَحَ دِينُ اللهِ لَيْسَ لَهُ قَدْرُ
لكَعْبَتِهِ هَدْمٌ وقَبْرِ نَبِيِّهِ ***تَطْلُّ الدَّمَا فِيهِ وَيَنْسَكِبُ الخَمْرُ
وَآلُ رَسُول الله تلك دمَاؤُهُ*** لَدَى كُلِّ رِجْس مِنْ لمَّامِ الوَرَى هَدْرُ
مَصَائِبُهُمْ شَتَّى وَشَتَّى قُبُوْرُهُمْ ***فَلَا بُقْعَةٌ إِلَّا وَفِيْهَا لَهُمْ قَبْرُ
عَلَى ظَمَا تَقْضِي وَمِنْ فَيْضِ نَحْرِهَا*** تُرَوَى الصَّفَاحُ البَيْضُ والذَّبَلُ السُّمْرُ
وَيُمْسِي حُسَيْنُ بِالطُّفُوفِ مُجَدَلاً*** وَيَرْفَعُ مِنْهُ الرَأْسَ فَوْقَ القَنَا شَمْرُ
ص: 472
وَتُسْبَى بَنَاتُ المُصْطَفَى الطَّهَرُ حُسَّرَا ***وَنُسْوَةٌ صَخْرِ لَا يُرَاعُ لَهَا وَكْرُ
أَتَوْهَا بَنُوْ مَرْوَانَ فَافْتَعَلُوا بِهَا*** أَفَاعِيْلَ مِنْهَا شَنْعَةٌ بَرِيءَ الكُفْرُ
فَكَمْ أَخْرَبُوا فِيْهَا بِلَادَاً وَأَهْلَكُوا ***عِبَادَاً وَضَعَ القَتْلُ فِي النَّاسِ وَالْأَسْرُ
وَأَوَّلُهُمْ تُنْبِكَ مَكَةُ مَا جَنَى ***عَشِيَّةَ بِالحَجَاحِ شُدَّ لَهُ أَزْرُ
عَلَى حَرَمِ اللهِ المَجَانِيْقُ نُصِبَتْ ***فَهُدِّمَ حَتَّى البَيْتُ وَالرُّكْنُ وَالحَجْرُ
وَوَلَّيَ مِنْ بَعْدُ العِرَاقَ فَعِنْدَهَا ***تَوَالَى هُنَاكَ الظُّلْمُ وَانْتَشَرَ الشَّرُّ
وَمَا زَالَ فِي كُوْفَانَ يَعْبَثُ ظُلْمُهُ ***إِلَى أَنْ أُعِيدَتْ وَهِيَ مُخْرَبَةٌ قَفْرُ
فَكَمْ مِنْ سَعِيْدِ قَدْ شَقَى بِهَلَاكِهِ ***وَكَمْ عَابد صَلَّتْ عَلَى عُنْقه البُسْر
وَدَعْ لِلْوَلِيدِ الذِّكْرَ إِنَّ بِذِكْرِهِ ***يُزَعْزَعُ عَرْشِ اللهِ وَالرُّسُلُ الطُّهَرُ
أَمَا جَعَلَ القُرْآنَ مَرْمَى سهامه ***فَمَزَّقَهُ رَمْيَاً كَمَا يَشْهَدُ الشَّ
أَمَا أَمَرَ السَّكْرَى وَقَدْ أَجْنَبَا مَعَاً ***فَأَمَّتْ بِأَهْلِ المِصْرِ غَادَتُهُ العَفْرُ
أَمَا نَكَحُوا عَمَّا تِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ ***وَشَاعَ الخَنَا مَا بَيْنَهُمْ وَفَشَا العُهْرُ
أَلَمْ تَرِدِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ بِلَغْنِهِمْ ***وَطَرْدِ أَنَاسِ مَا اسْتَطَالَ لَهُ العُمْرُ
أَلَمْ يَرَ رُؤْيَا أَزْعَجَتْهُ فَنُزِّلَتْ*** بِلَغْنِهِمُ الآيَاتُ إِذْ ذَاكَ وَالذِّكْرُ
أَمَا عَادَ مَالُ المُسْلِمِيْنَ وَبَيْتُهُ ***لَهُمْ دَخَلاً يُشْرَى به اللَّهْوَ وَالسُّكْرُ
أَهَؤُلا لِلْإِسْلَامِ كَانُوا أَئِمَّةً*** إِلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ انْتَهَى النَّهْيُّ وَالْأَمْرُ
ص: 473
فَوَا أَسَفِي لَوْ كَانَ يُجْدِي تَأْسُّفِي*** وَوَاصَبْرَ نَفْسِي حِيْلَ مِنْ دُونِهَا الصَّبْرُ
تُعَدُّ بَنُوْ مَرْوَانَ فِيْكُمْ أَئِمَّةً*** وَآلُ رَسُوْلِ اللهِ لَيْسَ لَهُمْ ذِكْرُ
وَتَحْكِي مَزَايَاهُمْ مَسَاوِي عِدَاهُمْ ***فَكُلِّ بِهِ تُفْنَى الدَّفَاتِرُ والحِبْرُ
وَحَسْبُ بَنِي المُخْتَارِ أَحْمَدُ جَدَّهُمْ ***وَحَسْبُ بَنِي مَرْوَانَ جَدُّهُمْ صَخْرُ
وَلَمَّا رَأَيْنَا فِيْهُمْ كُلَّ سُبَّةٍ*** وَكُلَّ شَنْيْعِ دُونَهُ الكُفْرُ وَالمَكْرُ
عَلمْنَا بَأْتَ المُصْطَفَى مَا عَنَاهُمُ ***بِأَخْبَارِهِ وَالأَمْرُ في بَيْتِهِ قَصْرُ
وَإِنَّ اجْتِمَاعَ النَّاسِ لا خَيْرَةٌ لَهُمْ ***وَلَكِنَّما أَلجَاهُمُ الخَوْفُ والقَهْرُ
وَلَيْسَ الذِي يَعْنيْهُمُ مَنْ تَجَمَّعَتْ*** عَلَيْهِ الوَرَى قَسْراً وَلَوْ دَابَهُ الكُفْرُ
وَذَا خَبَرُ الثَّقَلَيْنِ أَضْحَى مُسَلَّماً ***لَدَى الكُلِّ لَا رَيْبٌ عَرَاهِ وَلَا نُكْرُ
وَمَا هُوَ بِالتَعَيْنِ نَصَّ بِأَهْلِهِ ***فَقَدْ قُرِنُوا هُمْ بِالتَّمَسُّكِ وَالذِّكْرُ
فَمِن أَهْلِه لَنْ يَخْلُوْ عَصْرٌ بِحُكْمه ***كَمَا مِنْ كتاب الله لَنْ يَخْلُونْ عَصْرُ
وَأَكَّدَهُ مُذْ قَالَ لَنْ يَتَفَرَّقَا ***إلَى أَنْ يُوَافيني مَعَاً بهما الحَشْرُ
سَفِيْنَةٌ نُوْحٍ هُمْ فَرَاكِبُهَا نَجَا*** وَتَارِكُهَا يُلْقِيهِ فِي لُجَهِ البَحْرُ
[وَيَوْمَ غَدِيرِ الدَّوْحِ قَامَ بِنَصْبِهِ ***نَبِيُّ الهُدَى لَكِنْ بِهِمْ قَعَدَ الغَدْرُ
وَسُرْعَانَ مَا هَبُوا إِلى حَلَّ عَقْدهَا ***فَأَضْحَى عَلَى الإِيْمَان يَتَصرُ الكُفْرُ] (1)
ص: 474
وَأَوْرَدَ سَمْهُوْدِيُّكُمْ فِي خُلَاصَةِ ال*** وَفَا خَبَرَا مَا أَنْ يُحَيْقَ بهِ المَكْرُ
إِلَى حَائِطِ جَاءَ النَّبِيُّ وَكَفَهُ*** بِكَفِّ عَلَيَّ فِي السَّمَاءِ لَهُ القَدْرُ
هُنالِكَ صَاحَ النَّخْلُ هَذَا النَّبِيُّ وال*** ولي الَّذِي مِنْهُ أَئِمَّتُنَا الظُّهْرُ
فَقَالَ رَسُولُ الله للصهر سَم ذَا ***مِنَ النَّخْل (صَيْحَاني) ليَشْتَهرَ الأَمْرُ
فَوَاعَجَبَاً حَتَّى الجَمَادَاتُ سَلَّمَتْ ***فَمَا بَالُ قَوْمٍ تَدَّعِي أَنْ لَهَا حِجْرُ
وَثَمَّ حَدِيْثٌ قَدْ رَوَتْهُ كِبَارُكُمْ ***بِإِسْنَادِهِ قَدْ صَحَ مَضْمُونُهُ البِكْرُ
هُمُ أَمْنُ أَهْلِ الْأَرْضِ لَوْلَاهُمُ هَوَى ***كَأَهْلِ السَّمَا أَمْنٌ لَهَا الأَنْجُمُ الزُّهْرُ
وَمِنْ هَاهُنَا قَدْ بَانَ نَفْعُ وُجُوده*** لكُلِّ الوَرَى مَنْ أَنْكَرُوْهُ وَمَنْ قَرُّوا
وَكَمْ مِثْلُ ذَا مَا لَوْ تَأَمَّلْتُمُ بِهِ ***لَكُمْ لَاحَ مِنْ أَسْرَارِهِ البَطْنُ والظَّهْرُ
وَمَنْ مَاتَ لَمْ يَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ*** يُصَرِّحُ عَمَّا نَدَعِيْهِ وَيَفْتَرُّ
وَيَا لَيْتَ شِعْرِي لَوْ سُئِلْتُ مَنِ الَّذِي ***إِذَا مُتَّ لَمْ تَعْرِفْهُ عَاجَلَكَ الخُسْرُ
وَفِي أَيِّ ثَقْل قَدْ تَمَسَّكْتَ طَائِعَا ***نَبِيِّكَ فِي أَهْلِيْهِ إِذْ جَاءَكَ الْأَمْرُ
َتَكْفُرُهَا مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ تَوَاثَرَتْ ***وَسَلَّمَ فِيْهَا الكُلُّ لَا الشَّفْعُ وَالوَتْرُ
أَجَلْ أَمْ تَقُلْ فِي غَيْر آل مُحَمَّد ***مُؤَوَلَةً تِلْكَ الأَحَادِيثُ وَالزُّبَرُ
فَجِئْنَا بِأَهْدَى مِنْهُمْ نَتَّبِعْهُمْ*** وَإِلَّا فَمَنْ زَيَّدٌ إِذَا عُدَّ أَوْ عَمْرُو
وَمِنْ ذَا جَمِيْعَاً بَانَ لَابُدَّ ثُمَّ مَنْ*** إِمَامُ هُدى لَمْ يَخْلُ مِنْ شَخْصِهِ عَصْر
ص: 475
وَقَوْلُكَ: (هَذَا الوَقْتُ دَاعِ لِمِثْلِهِ)***ضَلَالٌ فَلَا ظُلْمٌ تَوَالَى وَلَا شَرُّ
وَمَا ظُلْمُ ذَاكَ الوَقْت إِلَّا إِذَا مَلاً ال*** قَاعَ وَمَا تَحْتَ السَّما الكُفْرُ والغَدْرُ
بِحَيْثُ لَوِ اسْتَبْقَى مِنَ النَّاسِ مُؤْمِنٌ ***لَأَهْلَكَهُ مَا بَيْنَهَا الخَوْفُ والحَدْرُ
هُنَاكَ لَهُ يَأْتِي الإلَهُ بِعُدَّةٍ ***كَعُدَّة مَا للمُصْطَفَى ضُمَّنَتْ بَدْرُ
وَيَأْتِي لَهُ مِنْ رَبِّه الإِذْنُ عِنْدَهَا ***فَيَمْلَأَهَا قِسْطاً وَيَرْتَفعُ المَكْرُ
وَلَمْ يَأْت للآنَ النَّدَاء مِنَ السَّمَا ***عَلَى أَحَدٍ هَذَا هُوَ الخَلَفُ الظُّهْرُ
وَحَاشَاهُ أَنْ يَعْصِي وَيَخْرُجُ قَبْلَ أَنْ*** يَجِيءَ لَهُ مِنْ رَبِّهِ الْإِذْنُ وَالنَّصْرُ
وَمِنَّا إِلَهُ العَرْشِ أَدْرَى بفعله*** وَلَيْسَ لَنَا نَهْي عَلَيْهِ وَلَا أَمْرُ
وَلَمْ تَعْتَرِضُ هَلَا أَذِنْتَ بِوَقْتِنَا ***(فَفِيهِ تَوَالَى الظُّلْمُ وَانْتَشَرَ الشَّرُ)
عَلَى أَنَّهُ لَا ظُلْمَ بَادِ وَهَذِهِ ***مُلُوكَ بَنِي عُثْمَانَ آثَارُهَا غُرُّ
وَرَايَاتُها في كُلِّ شَرْق وَمَغْرِب*** عَلَى طَيِّ أَعْنَاقِ المُلُوْكَ لَهَا نَشْرُ
بسُلْطَانَنَا عَبْد الحَميْد قَد اغْتَدَتْ ***تغُوْرُ بَنِي الْإِسْلَامِ بِالعَدْلِ تَفْتُر
بِيْضِ أَيَادِيْهِ وَزُرْقِ سُيُوفِهِ*** جَمِيْعُ بِقَاعِ الْأَرْضِ يَانِعَةٌ خُضْرُ
وَلَمْ نَرَ فِي الْأَعْصَارِ عَصْراً كَعَصْرِه ***به انْبَسَطَ الإِيمَانُ وَانْتَشَرَ البشر
وَمِنْهُ قَدِ اسْتَوجَبْتَ حَداً وَإِنَّمَا*** بِقَوْلِكَ ذَا عُمَالُهُ الصَّيْدُ لَمْ يَدْرُوا
عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الظُّلْمُ فِي الوَرَى*** وَأَنَّ جَمِيعَ الْأَرْضِ قَدْ عَمَّهَا النُّكْرُ
ص: 476
فَذَاكَ عَلَيْكُمْ وَاردَّ حَيْثُ إِنَّهُ*** إِلَى الآنَ لَمْ يُولَدْ وَلَمْ يُبْدِهِ الدَهْرُ
وَقَوْلُكَ: (منْ خَوْف الطُّغَاة قَد اخْتَفَى) ***وَأَنْ ذَاكَ شَيْءٌ (لَا يُجَوِّزُهُ الحجرُ)
كقولك: (من خوف الأذاة قد اختفى*** وَذَلكَ قَوْلُ عَنْ مَعَايبَ يَفْتَرُ)
وَيَتْلُوهَا هَذَا (الإِخْتِفَاءُ بِأَمْرِ مَنْ ***لَهُ الْأَمْرُ فِي الْأَكْوَانِ وَالحَمْدُ وَالشَّكْرُ)
وَإِنْ رُمْتَ تَوْضَيْحَ المَقَالِ لِدَفْعِ مَا ***بِهِ وَقَعَ الإِشْكالُ وَالْتَبَسَ الْأَمْرُ
فَأَجْمَعُهَا طَوْلٌ عَلَى غَيْرِ طَائِلِ ***وَتَكْوِيرُ أَلْفَاظ بِهَا قَبُحَ الكَرُّ
وَمَا الكُلُّ إِنْ لا حَظْتَهَا غَيْرُ شُبْهَة ***لكُلِّ جَهُول مَا لَهُ مَسْكَةٌ تَعْرُو
فَمِنَّا اغْتَنِمْ حَلَّاً وَتَقْضَاً جَوَابَهَا ***عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ مَسْلَكُهُ وَعْرُ
وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَ رُسُلَهُ ***فَلَمْ يَبْقَ لِلْعَاصِي بِمَعْصِيَةٍ عُدْرُ
وَدَلَّت عَلَيْه بالعُقُول خَوَارِقُ*** مُعَجِّرَةٌ كَيْلَا يُقالَ هِي السِّحْرُ
وَلَوْ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ حَالِ يُرَى لَهُمْ ***عَلَى كُلِّ مَنْ عَادَاهُمُ الفَتْحُ وَالنَّصْر
لَأَوْشَكَ مِنْ ضُعْفِ العُقُولِ يَرَونَهُمْ ***عَنِ اللهِ أَرْبَابَاً فَيَنْعَكِسُ الأَمْرُ
فَمِنْ أَجْلِ هَذَا لَمْ يَزَلْ لِعِدَاهُمْ ***عَلَيْهِمْ عَلَى طُولِ المَدَى القَهْرُ والظُّفْرُ
وَيَشْهَدُ فيما قُلْتُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ ***بِأَحْوَال رُسُلِ اللهِ مِنْ قَبْلِ ذَا سَبْرُ
وإِلَّا فَقُلْ مُدْ غَابَ في الغَارِ أَحْمَدُ ***وَصدِّيقُهُ لَمّا أَطَلَّهُمُ المَكْرُ
(أَيَعْجَرُ رَبُّ الخَلْقِ عَنْ نَصْر حزبه ***عَلَى غَيْرِهِمْ حَاشَا فَهَذَا هُوَ الكُفْرُ)
ص: 477
وَلَيْتَكَ مُدْ مِنْكَ المَعَانِي تَكَسَّرَتْ ***حَفِظَتْ مَبَانَيْهَا فَلَمْ يَعْرُهَا الكَسْرُ
بَلَى حَيْنَمَا قَدْ حَانَكَ النَّصْرُ جِئْتَنَا *** تَقُولُ بِهَا (وَهْوَ المُؤَيِّدُهُ النَّصْرُ)
وَقَدْ بَانَ مِنْ هَذَا بَأَنْ لَوْ بِكُلِّ مَا ***تَقُوْلُ الْتَزَمْنَا مَا عَلَيْنَا بِهَا ضُرُّ
وَإِنَّ خِلَافَاً مِنْكَ ذَا حَيْثُ لَمْ تَكُنْ*** بِحُسْنِ تَقُولُ الأَشْعَرِيَّةُ وَالجَبْرُ
وَلَا حُسْنَ إِلَّا مَا بِه الشَّرْعُ قَدْ أَتَى*** وَلَا تُبْحَ إِلَّا عَنْهُ مَا قَدْ أَتَى الزَّجْرُ
فَكَانَ جَدِيْرَاً لَوْ سَأَلْتَ مَنِ الَّذِي ***يَقُولُ بِهِ مَا قَالَهُ الشَّارِعُ الطُّهْرُ
وَطَالَبتَ في دَعْوَاهُ حَقَّ دَليْلَهَا ***فَإِنْ قَالَهُ فَالحَمْدُ لله وَالشُّكْرُ
وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ كَانَ حَقَاً عَلَيْكَ لَوْ*** سَخِرْتَ بِهَا وَاهْتَزَّكَ الجَهْلُ والكَبْرُ
وَلَكِنْ بِحَمْدِ اللهِ أَصْبَحْتَ أَجْهَلَ ال*** أَنَامِ فَلَا عُرْفٌ لَدَيْكُمْ وَلَا نُكْرُ
رَدَدْت دَعَاوِيْنَا بِأَسْوَا فِرْيَةٍ ***كَمَا رَدَّهَا يَوْمَا بِسَوْءَتِهِ عَمْرُو
حَفَرْتَ لَنَا بِتْراً لتوقعَنَا بِهَا ***وَقَدْ أَوْقَعَتْكُمْ في حَفِيْرَتها البنّرُ
وَشَعْرُكَ لَمْ يَعْذِّبُ عَلَى أَن كُلَّهُ ***افْتَرَاء وَهَا بالكذب يُسْتَعْذَبُ الشِّعْرُ
وَلَكِنْ مِنَ العَجْزِ اخْتَرَعْتَ كَوَاذِبَاً ***تُثيرُ مِنَ الأَحْقَادِ مَا كَمِنَ الصَّدْرُ
شَقَقْتَ عَصا الإِسْلَامِ فِيْهَا وَإِنَّ ذَا ***بِإِيحَاءِ أَهْلِ الكُفْرِ كَيْ يَغْلِبَ الكُفْرُ
شَيَاطِينُهُمْ غَرَتْكَ فيه وَإِنَّمَا ***قَدِ اسْتَلَبَتْ إِيمَانَكَ البَيْضُ وَالصُفْرُ
فَتَرْجَمْتَ من تلك الأباطيل جيْفَةً ***كَسَتْهَا بَنَتْنِ الخُبْثَ أَلْفَاظُكَ الغُبْرُ
ص: 478
وَأَلْقَيْتَ بالبَغْضَاء في أَهْل ملةٍ *** ليَشْغَلَهَا مَا بَيْنَهَا الكَرُّ وَالفَرُّ
فَتَأخُذَهَا الأَعْدَاءُ مِنْ كُلِّ جَانب*** وَتَنْهَشَ أُسْدَ الدِّين أَكْلُبُهَا العُقْرُ
أَجَلْ فَاخْتِرَاعُ الكَذَّبِ فِيْكُمْ سَجِيَّةٌ*** فَفِيْكُمْ عَلَى أَشْيَاحَكُمْ يَقْتَفِي الأَثرُ
فكم نسبُوا أَمْرَاً إِلَيْنَا وَلَمْ يَفُه*** بِهِ أَحَدٌ مِنَّا وَلَا ضَمَّهُ سِفْرُ
فَذَا الهَيْثَمِي كَمْ فِي صَوَاعِقِهِ رَمَى ***إِلَيْنَا أُمُوْراً لَيْسَ فِيْنَا لَهَا ذَكَّرُ
وَذَا الحَافِظُ الدَّهْبِيُّ يَزْعُمُ أَنْ نَرَى ***بِسِرْدَابِهِ المهدي (علیه السلام)أَعْدَمَهُ السِّتْرُ
وَهَا نَحْنُ كُلِّ قَائِلُوْنَ بِأَنَّ مَنْ ***رَأَى شَخْصَهُ بِالذَّاتِ لَمْ يُحْصه الذِّكْرُ
بكُبْرَاهُ وَالصُّغْرَى مَعَاً بَانَ لِلْوَرَى*** وَفِي كُلِّ هَذَا كُلِّ أَصْحَابِنَا قَرُّوا
ويُنْكَرُ مِنَّا القَوْلُ أَنْ هُوَ جَامِعُ ال ***عُلُومِ وَأَنْ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ خُبْرُ
وَمَا هُوَ إِلَّا وَارِثُ عِلْمَ جَدَّهِ ***وَإِنَّ عُلُوْمَ المُصْطَفَى مَا لَهَا حَصْرُ
فَلَا غَرْوَ أَنْ لَوْ تَفْتَرِي اليَوْمَ قَائلاً ***(لَهُ الفَضْلُ عَنْ أُمِّ القُرَى وَلَهُ الفَحْرُ)
وَتَهْزَأُ فِي السَّرْدَابِ جَهْلاً وَفِيْهُمُ ***وَيَبْدُوْ عَلَى مَا تَفْتَرِي الهَزْقُ وَالسُّحْرُ
فَمَا أَسْعَدَ السِّرْدَابَ بالبَدْر وَحْدَهُ ***نعمَّا أَظَلَّتْهُ السَّمَا البَرُ وَالبَحْرُ
وَأَسْعَدَهَا أُمَّ القُرَى فِيهِ أَنَّهُ ***سَيَطْلُعُ مِنْهَا مُشْرِقَاً ذَلِكَ البَدْرُ
وَذَا مِنْكَ جَهْلاً وَافْتِرَاءً بأَننَا ***عَلَيْهَا نَرَى السِّرْدَابَ أَضْحَى لَهُ الفَحْرُ
وَمَا شَرَفَ السَّرْدَابُ إِلَّا لِأَنَّهُ ***غَدَا لَهُمْ بَيْنَا بِهِ بُرْهَةً قَرُّوا
ص: 479
وَهُمْ فِي بُيُوتِ رَبُّهَا أَذِنَ لَهَا ***لِتُرْفَعَ إِجْلَالاً وَيُتْلَى بِهَا الذِّكْرُ
فَيَا مُفْتَرِي هَذَا المَقَالِ أَبِنْ لَنَا*** بِذَلِكَ مَنْ ذَا قَالَ فَلْتَنْشُرِ السِّفْرُ
وَقَدْ صَرَّحَ الأَصْحَابُ أَن طُلُوعَهُ*** بِحَيْثُ شُمُوسُ الدِّيْنِ أَطْلَعَهَا الظُّهْرُ
أَبَا صَالِحٍ خُذْهَا إِلَيْكَ خَرِيدَةً*** وَلَا يُرتَجَى إِلَّا القَبُوْلُ لَهَا مَهْرُ
تُمَزِّقُ مِنْ أَعْدَاكَ كُلَّ مُمَزَّقٍ ***وَيَمْرُقُ فِي أَكْبَادِهَا الخَوْفُ وَالذَّعْرُ
وَذُخْرَاً لِيَوْمِ الحَشْرِ أَعْدَدْتُكُمْ بِهَا ***وَلَمْ يَفْتَقِرْ عَبْد لَهُ أَنْتُمُ الدُّخْرُ
إِذَا أَسْوَدَ وَجْهِي بِالذُّنُوبِ فَإِنَّ لِي ***لَدَيْكُمْ بِهَا مَا يُسْتَضَاءُ بِهِ الحَشْرُ
أَلَسْتُمْ لِشَرْعِ الدِّيْنِ أَنْتُمْ نُشِرْتُمْ ***وَمِنْهُ إِلَيْكُمْ فُوِّضَ الحَشْرُ والنَّشْرُ
أَلَسْتُمْ بِسَاقِ العَرْشِ نُوْراً وَمِنْكُمُ*** لِأَهْلِ السَّمَا التَّسْيْحُ يُعْلَمُ وَالذِّكْرُ
صَفَا الذَّهَبِ الإِبْرِيْزِ أَنْتُمْ وَإِنَّمَا*** فُؤَادِيَ إِلَّا عَنْ وَلَائِكُمْ صِفْرُ
مَوَالِيَّ مَا آتِي بِهِ مِنْ ثَنَائِكُمْ ***وَقَدْ مُلَلَتْ مِنْهُ الأناجيل والزُّبُرُ
يُوَاليْكُمْ قَلْبِي عَلَى أَن جُرْحَهُ ***لِرُزْئِكُمْ لَا يُسْتَطَاعَ لَهُ سَبْرُ
وَيَنْصُرُكُمْ مِنِّي لِسَانِي وَمَقْوَلي *** إِذَا مَا يَدِي قَدْ فَاتَهَا لَكُمُ النَّصْر
وَلَا صَبْرَ لِي حَتَّى أَرَاهَا تَطَالَعَتْ ***لِقَائِمِكُمْ فِي الجَوِّ رَايَاتُهُ الخُضْر
بِكُمْ أَسْتَمِدُّ الفَيْضَ ثُمَّ أَمُدَّكُمْ ***بِبَحْرِ ثَنَاءِ فِيْكُمُ مَالَهُ قَعْرُ
بَنِي المُصْطَفَى مَنْ لِي بِأَنْ أَكُ عَبْدَكُم ***فَعَبْدُكُمْ مِنْ حَرِّ نَارِ لَظَى حُرُّ
ص: 480
فَبُشْرَى لَأَعْدَاكُمْ بِآلِ أُمَيَّةِ*** كَمَا بِكُمْ آلَ النَّبِيِّ لَنَا البِشْرُ
سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كُلَّمَا نَفَحَتْ صَبَا ***وَمَا غَرَبَتْ شَمْسَ وَمَا طَلَعَ البَدْرُ
وَلَا بَرِحَتْ أَعْدَاؤُكُمْ فِي مَهَانَةٍ ***يُعَاجِلُهَا خِزْيٌ وَيَعْقُبُهَا خُسْرُ
ص: 481
ص: 482
نظم /العلامة الشيخ محمد جواد ابن الشيخ حسن بن طالب البلاغي (رحمه الله ) (ت 1352ه)
ترجمة الناظم (1)
هو الشيخ محمد جواد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ طالب ابن الشيخ عباس ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ حسين ابن الشيخ عباس ابن الشيخ حسن ابن الشيخ عباس ابن الشيخ محمد علي بن محمد البلاغي النجفي.
هو علم الدين الخفّاق، وسيفه البتّار، والمجاهد الأعظم دون الدعاية الإسلامية، ألقيت إليه أزمة العلم والتحقيق والفلسفة، وخص به أمر الهداية والإرشاد، فهو أجلّ من خط في ذلك كله بقلم أو نطق بفم؛ ولذلك رضخ له كل
ص: 483
من سلك تلك المسالك وأذعن بفضله الجميع حتى عادت كتبه الدينية كبرنامج لمن يؤلّف بعده في مواضيعها أو يقف موقف الدعاية والتبشير ومجابهة تيار الشبهات الأجنبية، فجاؤوا عيالاً عليه فيما أدّوه ،وأسدوه، وأما الفقه وأصوله فهو جذيلهما المحكّك وعذيقهما المرجّب وكذلك غيرهما من الفنون المعقول منها والمنقول من حكمة طبيعية أو رياضية من حساب وهندسة وجغرافيا إلى غيرها مما تنمّ عنها كتبه الدينية وإليك أسماءها:
كتاب (الهدى إلى دين المصطفى )جزء ان طُبع في سوريا في 697 صحيفة، و(رسالة التوحيد والتثليث) طبع في سوريا في 56 صحيفة، و(الرحلة المدرسية) في ثلاثة أجزاء طبع في النجف الأشرف يبحث فيها عن الديانات بحثاً فلسفياً يلائم مقتضيات العصر الحاضر و (أنوار الهدى في الرد على الماديين) طبع في النجف الأشرف في 16صحيفة، ونصائح الهدى في الرد على البابية) طبع في بغداد في 156 صحيفة.
و(البلاغ المبين في إثبات الصانع )بطراز روائي أنيق طبع في بغداد في 47 صحيفة، و(أعاجيب الأكاذيب في مفتريات النصارى) طبع في النجف الأشرف 44 فی صحيفة ، و(المصابيح في الرد على القاديانيين )في وشيك الطبع من قبل مدرسة الواعظين في لكهنو الهند ، و(أجوبة المسائل البغدادية)، و(أجوبة المسائل
الحليّة)، و(أجوبة المسائل التبريزية)، و(تعليقة على كتاب البيع) لشيخ الطائفة الأنصاري (قُدِّسَ سِرُّهُ) طبعت في النجف وطبعت معها (رسالة في قاعدة اليد) و (رسالة في تنجيس المتنجس اليابس إذا لوقي برطوبة)، و (رسالة في اللباس المشكوك
ص: 484
فيه)، و(رسالة في حال الأصول مع العلم الإجمالي) وطبعت معها أيضاً قصيدته الرنانة الكبيرة في الرد على ابن الآلوسي في قصيدته في أمر الإمام المنتظر (علیه السلام) وولادته وأخرى في مولد الحجّة سلام الله عليه وأخرى في النفس يجابه بها قصيدة الشيخ الرئيس النفسية.
وله أيضاً مما لم يطبع:
(رسالة في حرمة مس المصحف على المحدث)، و(رسالة في إقرار المريض)، و (رسالة في منجزات المريض) ، و (رسالة في الرضاع، وفروعه على المذاهب الخمسة)، و(رسالة في مواقيت الإحرام ومحاذاتها وشكل المسير في البر والبحر الأحمر)، و(رسالة في تكذيب رواية التفسير) المعروف المنسوب إلى الإمام العسكري (علیه السلام)، ورسالة في أن من يدين بدين يلزم بمقتضى نحلته في الحقوق وكثير من فروع المسألة في أبواب الفقه، و(رسالة في الغسالة) و (رسالة في المتمم كراً)، و (رسالة في التقليد) ، و(رسالة في صلاة الجمعة لمن سافر بعد الزوال)، و(رسالة في حرمة حلق اللحى)، و(رسالة في ذبائح أهل الكتاب)، و (رسالة في إبطال العول والتعصيب)، و(حاشية علمية على شفعة الجواهر)، و (تعليقات علمية على العروة الوثقى).
وكتاب في الاحتجاج لكل ما انفرد به الإمامية من أحاديث أهل السنة في أبواب الفقه من المسند والصحاح الستة برز منه كتاب الطهارة والصلاة ومتن في الرضاع على مذهب الإمامية ومذاهب أهل السنة وشيء يسير في الخيارات. ورسالة في الأوامر.
ص: 485
وقد تُرجم (أعاجيب الأكاذيب) إلى الفارسية وطبعت الترجمة في النجف الأشرف ومثله ما يبلغ النصف من الرحلة المدرسية وطبعت أيضاً في النجف الأشرف في ثلاثة أجزاء، وقد شرع في ترجمة أخرى لها صاحب مجلة (دعوة إسلامي) الغراء الصادرة من كرمانشاه، وكان ينشرها تباعاً في أعداد المجلة، ثم بدا له أن ينشر ما يستوعب أعداد السنة في آخر كل عام هدية للمشتركين. نسأل المولى له التأييد للإتمام ولمجلته الزاهرة الرواج والدوام وأخذت مجلة (الواعظ) الهندية الصادرة من إدارة (مدرسة الواعظين) فى لكهنو نشر ترجمتها بلغة أوردو تباعاً في أعدادها، وله مقالات وفوائد وأجوبة مسائل معضلة من كل علم لا يسعها نطاق الحصر. (1)
ولد المترجم في النجف الأشرف سنة الألف ومائتين ونيف وثمانين، ولم يزل يستحلب خلوف العلم حتى تأتت له التلمذة والحضور لدى أساطين الدين الأعاظم كالحاج أقا رضا الهمداني والشيخ محمد طه نجف وآية الله الخراساني صاحب (الكفاية)، ثم هاجر إلى سامراء وقطنها ردحاً لا يقل عن العشرة أعوام على عهد العلم الهمام آية الله ميرزا محمد تقي الشيرازي (رحمه الله ) ، ثم غادرها لما احتلها الجيش البريطاني إلى الكاظمية، فجاورها نحو سنتين حتى قفل إلى النجف، حيث موطنه وموطن أسلافه الكرام من العلماء الأعلام البلاغيين، وأول
ص: 486
من عرف منهم في النجف جده الأعلى الشيخ محمد علي البلاغي ذكره صاحب (الروضات) في صحيفة ( 540) (1) ونقل عن كتاب (تنقيح المقال في علم الرجال) (2) للشيخ حسن بن عباس ابن الشيخ محمد علي البلاغي المذكور ما نصه: (ومن جملة العلماء المتأخرين الذين لم يتعرض لذكرهم الفاضل الأسترآبادي في رجاله الكبير محمد علي بن محمد البلاغي جدي (رحمه الله ) وجه من وجوه علمائنا المتأخرين وفضلائنا المتبحرين، ثقة عين صحيح الحديث واضح الطريقة جيد التصانيف له تلاميذ فضلاء أجلاء علماء، وله كتب حسنة جيدة منها: شرح أصول الكليني، وشرح إرشاد العلامة، وحواش على التهذيب والفقيه، وحواش على أصول المعالم وغيرها... إلى أن قال: توفي(رحمه الله ) في كربلاء ودفن في الحضرة المقدسة وكان ذلك في شوال سنة (1000) هجرية، انتهى).
وأمّا الشيخ حسن المذكور صاحب كتاب (تنقيح المقال) فقد وجد من آثاره القيمة شرح الصحيفة السجادية بخطه شرح مزج في مجلدين متوسطين ذكر في آخره أنه ألفه في المشهد الرضوي حين زاره ابتدأ به في غرة جمادى الأولى سنة (1105) وفرغ منه في رجب من تلك السنة، ووجدت له تعليقات رجالية وفقهية على كتاب الاستبصار للشيخ الطوسي (رحمه الله ) ، وفي آخره إجازة من الشيخ
ص: 487
علي بن زين بن محمد العاملي في سنة (1102)، وأمّا الشيخ عباس ابن الشيخ حسن المذكور فقد كان عالماً فاضلاً من المجتهدين، وجد من آثاره رسالة عملية في الطهارة والصلاة متوسطة في البسط، وفي أولها أصول الدين والإيمان بالتفصيل والبرهان المختصر سمّاها بغية الطالب ذكر أنه ألفها إجابة لطلب جمع من الأتقياء سنة (1170ه) في طريقه من الشام إلى العراق في منقلبه من الحج وأتمها في الطريق، ووجدت له رسالة أخرى فيما يتعلق بالنكاح من السنن في نحو خمسمائة بيت أو أكثر فرغ منها سنة (1161) وللشيخ عباس هذا ابن اسمه الشيخ محمد علي من تلمذة آية الله العظمى بحر العلوم (قُدِّسَ سِرُّهُ) كان عالماً محققاً، له آثار ثمينة منها شرح تهذيب العلّامة في ثلاثة مجلدات ضخمة، وله مختصره في مجلدين، وله في الفقه ما يبلغ من ثلاثين مجلداً ضخاماً منها في الصلاة والصيد والذبائح والإرث والنكاح والطلاق، وهو جد الشيخ طالب لأمه، وأما ابن الشيخ محمد علي المذكور الشيخ أحمد فكان أيضاً عالماً فاضلاً، تلمّذ على السيد عبد الله شبر (رحمه الله ) ، له شرح تهذيب الأصول للعلّامة (رحمه الله ) ، كما أنه كانت له بنت عالمة فاضلة لها علم كثار وخط جيد يوجد بخطها الكفاية للسبزواري (رحمه الله ) توفي سنة (1248) تقريباً.
وأمّا الشيخ إبراهيم ابن الشيخ حسين ابن الشيخ عباس المتقدم ذكره فقد كان عالماً فاضلاً مرّ في رجوعه من الحج على جبل عاملة فطلبوا منه البقاء هنالك لخدمة الدين وإرشاد الغافلين، فبقي بها إلى أن وافاه القدر المحتوم، وله حتى الآن في قرى الجبل ذرية معروفون ومنهم أدباء.
ص: 488
وأمّا الشيخ طالب ابن الشيخ عباس ابن الشيخ إبراهيم هذا فهو من تلاميذ
صاحب الجواهر (رحمه الله ) ، كان معروفاً بالفضل والتقى والزهد والكرم والإيثار ولأصحابه من أهل العلم فيه مدائح تجاروا فيها، منهم السيد صالح القزويني البغدادي والشيخ إبراهيم يحيى العاملي والشيخ عبد الحسين محيي الدين يوجد ذلك في مجموع خطي فيه قصائد وموشحات في مديحه والظاهر أن تلك المجاراة هي التي حكّم فيها عبد الباقي العمري كما في ديوانه، حيث يقول:
بلغ المدى هذا البليغ ***بمدحة الشيخ البلاغي (1)
وكان الشيخ محمد طه نجف (قُدِّسَ سِرُّهُ) يذكر للشيخ طالب هذا كرامة كبيرة، وقد ضمنها رسالته في أحوال الشيخ حسين نجف (قُدِّسَ سِرُّهُ).
توفي المترجم في ليلة (22) شهر شعبان سنة (1352) ودفن في حجرة الصحن العلوي وهي التي دفن فيها سميه السيد محمد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة، وكان يوم وفاته يوماً مشهوداً، فقد خرج المشيعون إلى خارج البلد بالمواكب العزائية وشُيّع أعظم تشييع، وأقيمت له التأبينات في النجف وغيرها من البلدان العراقية، ونظمت فيها القصائد المشجية، وأقيم له تأبين عظيم بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاته وتليت فيها القصائد المحزنة، وممن رثاه
ص: 489
العلّامة الكبير السيد رضا الهندي النجفي (1) والعلّامة الميرزا محمد علي الأوردبادي والعلّامة السيد علي نقي النقوي اللكهنوي وغيرهم. (2)
ورد باسم (الرد على القصيدة البغدادية )كما في (الذريعة: 9 ق 140/1 رقم 882 و 10 / 218 رقم 623) ، وتتكون قصيدته من (110) أبيات، وطبعت في سنة (1343ه) مع بعض قصائده ملحقة بكتابه العقود المفصلة في سنة (1343ه)، وفي شعراء الغري: 443/2، وفي ملحق كشف الأستار الطبعة الثانية وأخيراً في موسوعة الشيخ البلاغي: 8/90-100، وهي:
أَطَعْتُ الهَوَى فِيْهِمْ وَعَاصَانِيَ الصَّبْرُ*** فَهَا أَنَا مَا لِي فِيْهِ نَهْي وَلَا أَمْرُ
أَنسْتُ بهِمْ سَهْلَ القفار وَوَعْرَها ***فما رَاعَني مِنْهُنَّ سَهْلٌ وَلَا وَعْرُ
ص: 490
أَخَا سَفَرٍ وَلْهَانَ أَغْتَنِمُ السِّرَى *** من الليل تَغلیساً إِذَا عَرَسَ السَّفْرُ
بذَامِلَة مَا أَنْكَرَتْ أَلَمَ الوَجَى ***وَمَا صَدَهَا عَنْ قَصْدهَا مَهْمَهُ قَفْرُ
يَضِيْقُ بِهَا صَدْرُ الفَضَا فَكَأَنَّهَا*** بِصَدْرِ مُذِيْعٍ عَيَّ عَنْ كَثْمِهِ سِرُّ
تَحِنُّ إِذَا ذَكَرْتَهَا بِدِيارِهِمْ ***حَنِيْنَ مَشَوْقٍ هَاجَ لَوْعَتَهُ الذِّكْرُ
وَشَمْلَالَةٍ أَعْدَيْتُهَا بصَبَابَتِي ***إِذَا هَاجَهَا شَوْقُ الدِّيارِ فَلَا نُكْرُ
أَرُوحُ وَقَلْبِي لِلوَاعِجِ وَالجَوَى ***مُبَاحٌ وَأَجْفَانِي عَلَيْهَا الكَرَى حَجْرُ
وَأَحْمِلُ أَوْزَارَ الغَرَامِ وَأَنَّهُ*** غَرَامٌ بِهِ يَنْحَطُ عَنْ كَاهِلِي الوِزْرُ
وَكَمْ لَدَّ لِي خَلْعُ العِذَارِ وَإِنْ يَكُنْ ***بِحُبِّيَ آلَ المُصْطَفَى فَهْوَ لِي عُدْرُ
عَلَقْتُ بِهِمْ طفلاً فَكَانَتْ تَمَائِمِي*** مَوَدَّتُهُمْ لَا مَا يُقَلَّدُهُ النَّحْرُ
ومَازَجَ دَرَيْ حُبَّهُمْ يَوْمَ سَاغَ لِي*** وَلَوْلَا مِزَاجُ الحُبِّ مَا سَاغَ لِيْ دَرُّ
لعمْتُ بحُبِّهِمْ وَلَكن بَليَّتي ***بينهُمُ والبَيْنُ مَطْعَمُهُ مُرُّ
وَنَائِيْنَ تُدْنِيْهِمْ إِليَّ صَبَابَتِي*** فَعَنْ نَاظِرِي غَابُوا وَفي خاطرِي قَرُّوا
فَمِنْ نَازِحِ قَدْ غَيَّبَ الرَّمْسُ شَخْصَهُ ***وَمِنْ غَائِبِ قَدْ حَالَ مِنْ دُونِهِ السِّتْرُ
أَطَالَ زَمَانَ البَيْن وَالصَّبْرُ خَانَني*** وَمَا يَصْنَعُ الوَلْهَانُ إِنْ حَانَهُ الصَّبْرُ
إلَى مَ وَكَمْ تُتكَى بِقَلبي جَرَاحَةً*** مِنَ البَيْنِ لَا يَأْتِي عَلَى قَعْرِهَا سَبْرُ
ص: 491
فَكَمْ سَائِلِ عَنْهُ يُسِيْلُ مَدامعي*** بتذكَاره وَكْفاً كَمَا يَكفُ القَطْرُ
فَيَا سَائِلاً سَمْعاً لآيَة مُعْجز*** بآيَاتِهِ لَا مَا يُزَخْرِفُهُ الشَّعْرُ
إِذَا رُضْتَ صَعْبَ الفِكْرِ تُهْدَى فَقَدْ كَبَا ***لَعَا لَكَ (1)فِي دَحْضِ العِثَارِ بِكَ الفِكْرُ
فَمَا الحِجْرُ في التَّقْلِيدِ إِلَّا حِجَارَةً ***وَلَيْسَ بِغَيْرِ الجِدِّ يَصْفُو لَكَ الحِجْرُ
لتُدْركَ فيه الحُسْنَ وَالقُبْحَ مثْلَمَا*** يُحَس بحس الدائق الحُلْوَ وَالمُرُّ
فَإِنْ قُلْتَ بِالعَدْلِ الَّذِي قَالَ ذُو النَّهَى*** بِهِ وَلَهُ يَهْدِي بِمُحْكَمِهِ الذِّكْرُ
وَدُنْتَ بتَنْزِيه الإِلَهِ وَأَنَّهُ *** غَنِيُّ فَلَا يُلْجِيْه في فعله فَقْرُ
وَأَقْرَرْتَ لِلهِ اللطِيفِ بِأَنَّهُ ***حَكِيمٌ لَهُ فِي كُلِّ أَفْعَالِهِ سِرُّ
وَجَانَبْتَ قَوْلَ الجَبْرِ عِلماً بأَنَّهُ ***يَنُوْبُ أُصُوْلُ الدِّيْنِ مَنْ وَهْمُهُ كَسْرُ
وَأَوْجَبْتَ بِاللُّطْفِ الإِمَامَ وَأَنَّهُ*** بِهِ مِنْ عُصَاةِ الخَلْقِ يَنْقَطِعُ العُدْرُ
وَعَايَنْتَ فِيْمَنْ مَاتَ فَهْوَ لذي الحجى*** شِفَاءٌ إِذَا أَعْيَا بِأَدْوَانِهِ الصَّدْرُ
تُؤَسِّس بُنْيَانَ الصَّوَاب عَلَى التَّقَى ***وَيَطْلُعُ مِنْ أُفْقِ اليَقين لَكَ الفَجْرُ
وَفِي خَبَرِ الثَّقَلَيْنِ هَادِ إِلَى الَّذِي ***تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسُ وَالتَبَسَ الأَمْرُ
إِذَا قَالَ خَيْرُ الرُّسُل لَنْ يَتَفَرَّقَا ***فَكَيْفَ إِذَنْ يَحْلُوْ مِنَ العِتْرَةِ العَصْرُ
ص: 492
وَ(مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ ) (1) تُنَبِّيْكَ أَنَّهُمْ ***هُمُ السَّادَةُ الهَادُوْنَ وَالقَادَةُ الغُرُّ
وَلَمَّا انْطَوَى عَصْرُ الخِلَافَةِ وَانْتَهَى*** وَلْفَ بسَاطُ العَدْل وابْتَدَأَ الشَّرُ
وَزَادَ يَزِيدُ الدِّيْنَ نَقْصَاً وَبَعْدَهُ ***دَهَى بِالوَلِيدِ القِرْدِ أُمَّ الهُدَى عَقْرُ
تُنَادي لإحياء الهُدَى عِتْرَةُ الهُدَى*** فَمَا عَاقَهُمْ قَتْلَ وَلَا هَالَهُمْ ضُرُّ
َكَمْ بَدَلُوْا فِي الوَعْظِ وَالزَّجْرِ جُهْدَهُمْ ***وَلَمْ يُجْدِ بِالغَاوِيْنَ وَعْظٌ وَلَا زَجْرُ
وَكَمْ نَدْبُوا لِلَّهِ سِراً وَجَهْرَةً*** وَقَدْ خَلَصَا مِنْهُمْ لَهُ السِّرُّ وَالجَهْرُ
إِلَى أَنْ تَفَانَوْا كَابِرًا بَعْدَ كَابِرٍ*** وَمَا دَوْلَةٌ إِلَّا وَفِيْهَا لَهُمْ وَتْرُ
وَلَا مِثْلَ يَوْمِ الطَّفِ يَوْمُ فَجِيْعَةِ*** لِذِكْرَاهُ فِي الأَيَّامِ يَنْقَصِمُ الظَّهْرُ
يُذيبُ سُوَيْدا القَلْبِ حُزْنَا فَعَادَرٌ*** إِذَا سُفْحَتْ مِنْ ذَوْبُهَا الأَدْمُعُ الحُمْرُ
وَمُدْ أُعْدَرُوا بِالنَّصْح في الله وَالدُّعَا ***إِلَيْهِ وَآذانُ الوَرَى صَكَهَا وَقْرُ
وَشَاء إِلهُ العَرْشِ أَنْ يَعْضُدَ الهُدَى*** وَيَظْهَرُ مِنْ مَكْنُون أَسْمَائه السِّرُّ
تألبَ أَحْزَابُ الضَّلَالِ لقَتْله ***عَصَائبُ يُغْرِيْهَا به البَغْيُّ وَالغَدْرُ
وَهَمُّوا بِهِ خَبْطَاً كَمُوْسَى وَجَدَه ال ***خَلِيْلِ فَأَضْحَى رِبْحُ هَمِّهِمُ الخُسْرُ
ص: 493
فَأَغْشَاهُمُ عَنْهُ وَغَشَاهُ نُورُهُ ***وَكَانَ بِمَا هَمُّوا لِجَدِّهِمُ العَشْرُ
وَقَامَ لِخَمْسِ بِالْإِمَامَةِ آيَةً*** كَعِيسَى وَيَحْيَى آيَةً وَلَهُ الفَخْرُ
إِذَا أَمَّ مَعْصُومُ مِنْ الآلِ زَاخِرٌ ***مِنْ العِلْمِ لَا سَاجِي العُبَابِ وَلَا نَزْرُ
وَكَانَ كَدَاود (1) فَسَلْ هَيْثَمِيَّكُمْ ***أَهَلْ بَعْدَ هَذَا فِي إِمَامَتِهِ نُكْرُ
وَغَابَ بِأَمْرِ اللهِ لِلْأَجَلِ الذِي*** يَرَاهُ لَهُ فِي عِلْمِهِ وَلَهُ الأَمْرُ
وَوَاعَدَهُ أَنْ يُحْيِيَ الدِّينَ سَيْفُهُ ***وَفيه لدين المُصْطَفَى يُدْرَكُ الوَتْرُ
وَيَخْدِمُهُ الأَمْلَاكُ جُنْدَاً وَأَنَّهُ*** يُشَدُّ لَهُ بِالرُّوحِ فِي مُلْكِهِ أَزْرُ
(وَأَنَّ جَمِيعَ الْأَرْضِ تُرْجِعُ مُلْكَهُ ***وَيَمْلَأُهَا قِسْطَاً وَيَرْتَفِعُ المَكْرُ)
فَأَيْقَنَ أَتَ الوَعْدَ حَقٌّ وَأَنَّهُ ***إِلَى وَقْت عَيْسَى يَسْتَطِيْلُ لَهُ العُمْرُ)
فَسَلَّمَ تَنْوِيْضَاً إِلَى اللَّهِ صَابِراً ***وَعَنْ أَمْرِهِ مِنْهُ النُّهَوْضُ أَوِ الصَّبْرُ
وَلَمْ يَكُ مِنْ خَوْفِ الأَذَاةِ اخْتَفَاؤُهُ ***وَلَكن بأمر الله خيْرَ لَهُ السَّتْرُ
(وَحَاشَاهُ مِنْ جُبْنِ وَلَكِنْ هُوَ الَّذِي*** غَدَا يَخْتَشِيْهِ مَنْ حَوَى البَرَّ وَالبَحْرُ(2))
أَكُلَّ اخْتفَاء خِلتَ منْ خيْفَة الأَذَى*** فَرُبَّ اخْتِفَاء فِيهِ يُسْتَنْزَلُ النَّصْرُ
ص: 494
وَكُلَّ فرَار خلت جُبْنَا فَرُبَّمَا*** يَفِرُّ أَخُو بَأْسِ لِيُمْكَنَهُ الكَر
فَكَمْ قَدْ تَمَادَتْ لِلنَّبِيِّيْنَ غَيْبَةٌ ***عَلَى مَوْعِدِ فِيْهَا إِلَى رَبِّهِمْ فَرُّوا
وَأَن يَومِ الغَارِ وَالشَّعْبِ قَبْلَهُ*** غِنَاءً كَمَا يُغْنِي عَنْ الخَبَرِ الخُبْرُ
وَلَمْ أَدْر لَمْ أَنْكَرْتَ كَوْنَ اخْتفائه*** بأمر الذي يَعْيا بحكمته الفكرُ
أَتَحْصُرُ أَمْرَ اللَّهِ فِي العَجْزِ أَمْ لَدَى*** إِقَامَةِ مَا لَفَقْتَ أَقْعَدَكَ الحَصْرُ
(فَذَلِكَ أَدْهَى الدَّاهِيَاتِ وَلَمْ يَقُلْ ***بِهِ أَحَدٌ إِلَّا أَخُو السَّفَهِ الغَمْرُ)
وَدُونَكَ أَمْرَ الأَنْبِيَاءِ وَمَا لَقُوْا ***فَفِيهِ لَذِي عَيْنَيْنِ يَتَّضِحُ الأَمْرُ
فَمِنْهُمْ فَرِيْقٌ قَدْ سَقَاهُمْ حِمَامَهُمْ ***بِكَأْسٍ الهَوَانِ القَتْلُ وَالدَّبَّحُ والنَّشْرُ
(أَيَعْجَزُ رَبُّ الخَلْقِ عَنْ نَصْر حزبه ***عَلَى غَيْرَهُم كَلَّا فَهَذَا هُوَ الكُفْرُ)
وَكَمْ مُخْتَفِ بَيْنَ الشَّعَابِ وَهَارِبِ ***إِلَى اللَّهِ فِي الْأَجْبَالِ يَأْلَفُهُ النَّسْرُ
(فَهَلَّا بَدَا بَيْنَ الوَرَى مُتَحَمَلاً ***مَشَقَّةَ نُصْحِ الخَلْقِ مَنْ دَأْبُهُ الصَّبْرُ )
وَإِنْ كُنْتَ فِي رَيْبٍ لِطُولِ بَقَائِهِ ***فَهَلْ رَابَكَ الدَّجَّالُ وَالصَّالِحُ الخِصْرُ
أَيَرْضَى ضَى لَبَيْبٌ أَنْ يُعَمَّرَ كَافِرٌ*** ويَأْبَاهُ فِي بَاقِ لِيُمْحَى بِهِ الكُفْرُ
وَدُوْنَكَ أَنْبَاءَ النَّبِي به تَزَدْ*** بِأَحَادِهَا خُبْراً وَآحَادِهَا كُثرُ
فَكَمْ فِي (يَنَابِيْعِ المَوَدَّةِ) مَنْهَل ***نَمیر به يَشْفَى لوَارده الصَّدْرُ
وَفِي غَيْرِهِ كَمْ مِنْ حَدِيْثِ مُسَلْسَلِ ***يَفْطُنُ السَّاهِي وَيَسْتَبْصِرُ الغرُّ
ص: 495
وَمَنْ بَيْنِ أَسْفَار التَّوَاريخ عندَكُمْ ***يُؤَلَّف في تاريخ مولده سفْرُ
وَكَمْ قَالَ مِنْ أَعْلَامِكُمْ مِثْلَ قَوْلِنَا ***به عارف، بَحْرٌ وَذُو خبرة حَبْرُ
فَكَمْ فِي يَوَاقِيْتِ (1) البَيَانِ (2)كفاية (3)*** يُقَلَّدُ مِنْ فَصْلِ الخِطَاب (4) بهَا النَّحْرُ
وَذيَّ رَوضَةُ الأَحْبَابِ (5)فِيْهَا مَطَالبُ ال*** سؤول (6) وَفي كُلِّ الفُصول (7) لَهَا نَشْرُ
مَنَاقب (8) آل المُصْطَفَى لَشَواهد (9) ال*** نبُوَّةِ فِيْهَا وَهْيَ تَذْكِرَةٌ (10) ذِكْرُ
وَذَا الشَّيْخُ أَضْحَى فِي فُتُوحَاته (11) لَهُ*** عَلَى كُلِّ تَارِيخِ بتاريخِهِ نَصْرُ
وَلَأحَ بمرقاة (12) الهدَايَة (13) في*** شَفَات (14) لَدَى مرآة (15) أَسْرَاره
ص: 496
وَالْحَسَن الشَّيْخ العراقي قصّةُ (1)*** بسَبْعِ لَيَالِيْهَا لَهُ ارْتَفَعَ السِّتْرُ
وَصَدَقَهُ الخَوَاصِ فِيْمَا يَقُولُهُ*** وَكُلُّ لَدَيْكُمْ عَارِفٌ ثِقَةٌ بَرُّ
وَمَا أَسْعَدَ السِّرْدَابَ حَظِّاً وَلَا تَقُلْ ***(لَهُ الفَضْلُ عَنْ أُمِّ القُرَى وَلَهُ الفَحْرُ)
لَئِنْ غَابَ فِي السِّرْدَابِ يَوْماً فَإِنَّما ***عَلَى النَّاس منْ أُمّ القُرَى يَطْلُعُ البَدْرُ
وَلَمْ يَتَّخِذَهُ البَدْرُ بُرْجَاً وَإِنَّمَا ***غَدَا أَفَقَاً مِنْ خَطَّهُ يُضْرَبُ السِّتْرُ
وَهَا هُوَ بَيْنَ النَّاسِ كَالشَّمْس ضَمَّها*** سَحَابٌ وَمَنْها يُشْرِقُ البَرُّ وَالبَحْرُ
بهِ تُدْفَعُ الجُلَّى (2) وَيُسْتَنْزَلُ الحَيَا ***وَتُسْتَنْبَتُ الغَبرا وَيُسْتَكْشَفُ الض
كَمَا قِيْلَ فِي الأَبْدَالِ وَالغَوْثَ أَنَّهُمْ ***بهِمْ تُدْفَعُ الجُلَّى وَيُسْتَنْزَلُ القَطرُ
وَلَا عَجَبٌ أَنْ كَانَ في كُلِّ حِجَةٍ*** يَحجُّ وَفِيهِ يُسْعَدُ النَّحْرُ وَالنَّفْرُ
يَعْرِفُهُ البَيْتُ الحَرَامُ وَرُكْتُهُ ***وَزَمْزَمُ وَالأَسْتَارُ وَالخَيْفُ وَالحَجْرُ
وَلَكِنَّهُ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ غَائبٌ ***كَمَا غَابَ بَيْنَ النَّاسِ إِلْيَاسُ وَالخَضْرُ
وَقَوْلُكَ( هَذَا الوَقْتُ داعٍ لِمِثْلِهِ*** فَفْيْهِ تَوَالَى الظُّلْمُ وانْتَشَرَ الشَّرُّ)
ميبكَ فِيهِ السَّامِعُوْنَ فَإِنَّهُ*** لَعَمْرِيَ (قَوْلٌ عَنْ مَعَايبَ يَفْتَرُ)
ص: 497
فَمَا أَنْتَ وَالدَاعِي فَدَعْهُ مُسَلَّماً*** لِعِلْمِ عَلَيْمِ عَنْهُ لَا يَعْزُبُ الذَّرُّ
وَقَدْ جَاءَ في الآثَارِ أَن ظُهُورَهُ*** يَكُونُ إِذَا مَا جَاءَ بِالعَجَبِ الدَّهْرُ
وَيَعْرُو أُناساً قَدْ تَمَادَوْا بِغَيْهِمْ ***مِنْ القَدْفِ بَعْدَ المَسْخِ وَالخَسْفُ مَا يَعْرُوْ
وَتَغْدُو الوَرَى إِذْ كَانَ يَقْتَادُهَا العَمَى ***وَيَحْمِلُهَا مِنْ جَهْلهَا المَرْكَبُ الوَعْرُ
حَيَارَى بِلا دين وَذُو الدِّين قَابض ***علی دينه ضُعْفاً كَمَا يُقْبَضُ الجَمْرُ
وَكَيْفَ وَهَذَا الدِّينُ يَزْهُرُ رَوْضَهُ*** وَيَنْفَحُ مِنْ حَافَاتِ زَاهِرِهِ النَّشْرُ
وَهَذِي تُغُورُ المُسْلِمِينَ مَنِيْعَةً*** بِكُلِّ رِبَاطِ فِيْهِ يَبْتَسِمُ النَّغْرُ
وَذيَّ رَايَةُ التَّوْحِيدِ يَخْفُقُ ظُلُهَا ***فَيَنْكُصُ رُعْبَاً دُونَهَا الشَّرْكُ وَالكُفْرُ
وَمَا هُمْ مُلُوكَ المُسْلِمِيْنَ وَعَدْلُهُمْ ***وَذِي عُلَمَاءِ الأُمَّةِ الأَنْجُمُ الزُّهْرُ
فَدَعْ عَنْكَ وَهْماً تَهْتَ في ظُلُماته ***وَلَا يَرْتَضِيهِ العَبْدُ كَلَّا وَلَا الحُرُّ
وَإِنْ شَنْتَ تَقْريْبَ المَدَى فَلَرُبَّما*** يَكل بمَيْدَان الجياد بك الفكر
فَمُدْ قَادَنَا هَادِي الدليل بما قَضَى ***به العَقْلُ وَالنَّقْلُ اليَقيْنَان والذِّكْرُ
إلى عصمة الهادينَ آل مُحَمَّد*** وَأَنَّهُمُ في عَصْرِهِمْ لَهُمُ الأَمْرُ
وَقَدْ جَاءَ فِي الآثَارِ عَنْ كُلِّ وَاحِد ***أَحَادِيْثُ يَعْيَا مِنْ تَواتُرهَا الحَصْرُ
تُعَرِّفُنَا إِبْنَ العَسْكَرِيِّ وَأَنَّهُ ***هُوَ القَائِمُ المهدي (علیه السلام)وَالوَاتِرُ الوَتْرُ
تبعنَا هُدَى الهادي فَأَبْلَغَنَا المَدَى ***بَنُور الهُدَى وَالحَمْدُ لله وَالشُّكْرُ
ص: 498
نظم /السيد رضا ابن السيد محمد الموسوي الهندي (رحمه الله ) (ت 1362ه).
ترجمة الناظم (1)
هو ابن السيد محمد بن هاشم بن شجاعت علي الموسوي الهندي النجفي عالم جليل وأديب كبير وشاعر شهير، ترجم له شيخنا الطهراني في (نقباء البشر) فقال: (كان والده من أعاظم العلماء وتوفي سنة (1323ه)، خلّف عدة أولاد منهم المترجم له.
ولد سنة (1290ه) في النجف الأشرف في ثامن ذي القعدة، كما حدّثني به (رحمه الله ) ، وهاجر به والده إلى سامراء مع أخويه السيد باقر والسيد هاشم لحضور درس المجدد
الشيرازي في سنة (1299ه) فنشأ بها المترجم له على والده وتعلّم المبادئ وقرأ مقدمات العلوم وبعض كتب الأدب.
وفي سنة (1311ه) عاد به والده إلى النجف مع كافة أهله فأتم السطوح وحضر في الفقه والأصول على والده والشيخ محمد طه والسيد محمد آل بحر العلوم والشيخ حسن ابن صاحب الجواهر والشيخ المولى محمد الشرابياني والشيخ محمد كاظم الخراساني وغيرهم.
ص: 499
وكانت لوالده الجليل يد طولى في العلوم الغريبة مثل الجفر والرمل والأوفاق والأوراد وغير ذلك.
وقد جدّ المترجم له في الاشتغال بمعرفتها عنده حتى تضلع بها وأجازه والده.
وكان إلى جانب ذلك من شيوخ الأدب وكبار رجال القريض، فقد أجاد في نظمه رغم إكثاره، وجاء شعره من الطبقة العالية في الرقة والانسجام، وقد بلغ في ذلك مبلغاً عظيماً حتى تغلبت شهرته الأدبية على مكانته العلمية، فقد حمل راية الأدب فى النجف زمناً طويلاً يزيد على أربعين سنة.
صحب السيد جعفر الحلّي في أواخر عمره واشترك في بعض الحلبات والأندية معه ومع الشيخ جواد الشبيبي والشيخ هادي كاشف الغطاء والشيخ محمد السماوي، وغيرهم من أعلام الأدب الأفاضل ورجاله المبرزين.
وكان مرموقاً بينهم بعين التقدير والإعجاب وكان له الباع الطويل في نظم التواريخ، ونظمه في ذلك يفوق نظم بعض معاصريه لبلاغته.
و كان (رحمه الله ) كثير التواضع حسن الملتقى كريم الأخلاق وديع النفس بعيداً عن الكبر والزهو، لين العريكة تقياً صالحاً ورعاً ديناً خشناً في ذات الله.
بعثه العَلم الحجّة السيد أبو الحسن الإصفهاني (رحمه الله ) وكيلاً عنه إلى ناحية الفيصلية فكان هناك مرجعاً في الأحكام وسائر الأمور إلى أن توفي في (22) من جمادى الأولى سنة (1362ه) وحمل جثمانه إلى النجف الأشرف بتشييع عظيم، وصلى عليه السيد أبو الحسن المذكور ودفن بمقبرة والده في داره بمحلة الحويش.
وأقام له السيد الإصفهاني مجلس الفاتحة كما أقيمت له عدة فواتح في
ص: 500
النجف وفي محل وفاته.
وله عدة آثار منها (بلغة الراحل) فى أصول الدين الخمسة وبعض أسرار الشريعة وجملة من الأخلاق المستحسنة، و(درر البحور) في علمي العروض والقوافي، و (سبيكة العسجد) في صناعة التاريخ بأبجد و (شرح كتاب الطهارة) من منظومة ( اللآلئ الناظمة) لوالده المرحوم و (شرح غاية الإيجاز) لوالده أيضاً، و(شرح الكافي )في العروض والقوافي ، و (الرحلة الحجازية) و (الميزان العادل) بين الحق والباطل في الرد على النصارى واليهود ألفه بالتماس الشيخ حسن القطيفي وطبع ببغداد سنة (1331ه)، و(الكوثرية) قصيدة في مدح أمير المؤمنين (علیه السلام) من غرر الشعر، طبعت مستقلة غير مرة ، إلى غير ذلك من كتاباته المتفرقة وغير المهذبة في الردود والنقود وسائر العلوم ، و ( ديوان شعره )الذي رتبه بنفسه، رأيته عنده بخطه.
وله إجازة الرواية عن والده، وعن الشيخ أسد الله الزنجاني، وعن السيد حسن الصدر الكاظمي، وعن السيد أبي الحسن الإصفهاني، وعن الشيخ آغا بزرگ الطهراني الغروي صاحب (الذريعة) وغيرهم.
ويروي عنه السيد مهدي ابن السيد علي البحراني الغريفي النجفي، وغيره.
وقد خلّف ثلاثة ذكور السيد أحمد، والسيد محمد، والسيد علي وكلهم شعراء أدباء (1)
توفي الأول في هذه السنة (1392ه). (2)
ص: 501
ورد بعنوان (القصيدة الصاحبيّة) كما في الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 1/15 رقم 5. ، كما سمّي باسم (الردّ على القصيدة البغدادية) كما في الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 218/10 رقم 625. وتتكون قصيدته من (107) أبيات، وهي مطبوعة مكرراً مع الكوثرية في النجف سنة (1349ه)، وفي ديوانه، وفي كتاب (السر المكنون في النهي لمن وقت للغائب المصون) للسيد البراقي (رحمه الله ) بزيادة بيت واحد، وأورد البراقي (رحمه الله ) للقصيدة صدراً لم يرد في المطبوع من ديوانه؛ فلذا أحببت إيراده هنا ليستدرك به على الديوان ونص ما ذكره: (... فكان ممن أجابه – ونختصر عليه – العالم الأديب السيد رضا ابن السيد محمد الهندي....قال السيد مجيباً
بسم الله تعالى الحمد لله الذي غاب عن ظلم الوهم في حجب الأنوار، فشهدته العقول بما له من الآثار، وصلى الله على رسوله ونبيه وأمين وحيه وصفيه محمد سيد البشر وآله الميامين الغرر، وخلفائه الاثني عشر المختومين بسميه المنتظر عجل الله فرجه وسهل مخرجه وجعلنا من أنصاره المقتبسين من أشعة أنواره وخلّد الله دولة أمير المؤمنين الواجب الطاعة على المسلمين، وسيف الله المنتقم من أعدائه الكافرين السلطان ابن السلطان والخاقان ابن الخاقان الغازي عبد الحميد
ص: 502
خان لازالت قلوب أعدائه كراياته خافقة وما برحت ألسنة الدهر بحمده ناطقة هذا وبعد فقد وردت إلينا قصيدة غريبة ماهي من الدهر بأول عجيبة، تُعرب عن براعة ناظمها، وسعة ،باعه وكثرة وقوفه على التواريخ، واطلاعه وتبحره في العلوم وإمتاعه، حيث أبتدأها ب (أيا علماء العصر...) ، فتحامى عن جوابها علماء العصر، و وكلوا أمرها إلى أدباء المصر؛ لأن جواب مثلها لا يليق بالعلماء الجهابذة، بل يكفيهم إياه أقل التلامذة، فأجابوا وأجبت وانتدبوا وانتدبت، وأنا أقل الصناعة بضاعة، وأعياهم فى حلبة اليراعة براعة، فقلت:
يُمَتِّلُكَ الشَّوْق المبرح والفكرُ*** فَلَا حُجُبِّ تَخْفَيْكَ عَنِّي وَلَا سرُ
.... إلخ ) (1)
والقصيدة بتمامها هي:
يُمَتِّلُكَ الشَّوْقِ المُبَرِّحُ وَالفَكْرُ ***فلا حُجب تُخفيكَ عَنِّي وَلَا سِتْرُ
وَلَوْ غِبْتَ عَنِّي أَلْفَ عَامٍ فَإِنَّ لِي*** رَجَاءَ وِصَالِ لَيْسَ يَقْطَعُهُ الدَّهْرُ
تَرَاكَ بِكُلِّ النَّاسِ عَيْنِي فَلَمْ يَكُنْ ***لِيَخْلُوَ رَبِّعَ مِنْكَ أَوْ مَهْمَهُ قَفْرُ
وَمَا أَنْتَ إلّا الشَّمْسُ يَنْأَى مَحَلُّها ***وَيَشْرُقُ من أنوارها البَرُّ وَالبَحْرُ
تَمَادَى زَمَانُ البُعْدُ وَامْتَدَّ لَيْلَهُ ***وَمَا أَبْصَرَتْ عَيْنِي مُحَيَّاكَ يا بَدْرُ
وَلَوْ لَمْ تُعَلِّلْنِي بِوَعْدِكَ لَمْ يَكُنْ ***لِيَأْلَفَ قَلْبِي فِي تَبَاعُدكَ الصَّبْرُ
ص: 503
وَلَكنَّ عُقْبَي كُلِّ ضَيْق وشدة ***رُخَاءٌ وإِنَّ العُسْرَ مِنْ بَعْده يُسْرُ
وَإِنَّ زَمَانَ الظُّلْمِ إِنْ طَالَ لَيْلَهُ*** فَعَنْ كَتَب يَبْدُو بِظَلْمَائِهِ الفَجْرُ
وَيَطْوَى بِسَاطُ الجَوْرُ فِي عَدْلِ سَيِّدِ*** لَأَلْوِيَةِ الدِّينِ الحَنيف به نَشْرُ
هُوَ القَائِمُ المهدي (علیه السلام)ذُو الوَطأة التي*** بهَا يَذَرُ الأَطْوَادَ يَرْجَحُها الدَّرُ
هُوَ الغَائبُ المَأْمُولُ يَوْمَ ظُهُوره ***يُلبيه بَيْتُ الله وَالرُّكْنُ وَالحَجْرُ
هُوَ ابْنُ الإِمَامِ العَسْكَرِيَّ مُحَمَّدٍ ***بِذَا كُلِّهِ قَدْ أَنْبَأَ المُصْطَفَى الظُّهْرُ
كَذَا مَا رَوَى عَنْهُ الفَريْقَان مُجْمَلاً*** بتفصيله تَفْنَى الدَّفاتر والحبْرُ
فَأَخْبَارُهُمْ عَنْهُ بذَاكَ كَثِيرَةٌ ***وَأَخْبَارُنا قَلَتْ لَهَا الأَنْجُمُ الزُّهْرُ
وَمَوْلدُهُ «نُوْرٌ» به يَشْرُقُ الهُدَى*** وَقِيْلَ لِظَامِي العَدْلِ مَوْلِدَهُ «نَهْرُ» (1)
فَيَا سَائِلاً عَنْ شَأْنِهِ اسْمَعْ مَقَالَةً ***هيَ الدُّرُّ وَالفَكْرُ المُحيْطُ لَها بَحْرُ
أَلَمْ تَدْرِ أَنَّ اللَّهَ كَوَّنَ خَلْقَهُ ***لِيَمْتَلُوهُ كَي يَنَالَهُمُ الأَجْرُ
وَمَا ذَاكَ إِلَّا رَحْمَةٌ بعباده ***وَإِلَّا فَمَا فِيه إِلَى خَلْقِهِمْ فَقْرُ
وَيَعْلَمُ أَنَّ الفِكْرَ غَايَةُ وَسْعِهِمْ ***وَهَذَا مَقَامٌ دُونَهُ يَقِفُ الفِكْرُ
ص: 504
فَأَكْرَمَهُمْ بِالمُرْسَلِينَ أَدلَّةً ***لما فيه يُرْجَى النَّفْعُ أَوْ يَخْتَشَى الضُّرُّ
وَلَمْ يُؤْمَنْ التَّبْلِيغُ مِنْهُمْ مِنَ الخَطَأ إ***ِذَا كَانَ يَعْرُوْهُمْ مِنَ السَّهْوِ مَا يَعْرُو
وَلَوْ أَنَّهُمْ يَعْصُونَهُ لَاقْتَدَى الوَرَى ***بعصيانهمْ فِيْهِمْ وَقَامَ لَهُمْ عُدْرُ
فنزَهَهُمْ عَنْ وَصْمَة السَّهْو وَالخَطَأ ***كَمَا لَمْ يُدَنَّسُ ثَوْبَ عصْمَتِهِمْ وِزْرُ
وَأَيَّدَهُمْ بِالمُعْجِزَاتِ خَوَارِقِاً*** لعَادَاتِنَا كَيْ لَا يُقَالَ هِيَ السِّحْرُ
وَلَمْ أَدْرِ لِمْ دَلَّتْ عَلَى صِدْقٍ قَوْلِهِمْ*** إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَقْلِ نَهْي وَلَا أَمْرُ
وَمَنْ قَالَ للنَّاسِ انْظُرُوا فِي ادَّعَائِهِمْ*** فَإِنْ صَحَ فَلْيَتْبَعْهُمُ العَبْدُ وَالحُرُّ
وَلَوْ أَنَّهُمْ فِيْمَا لَهُمْ مِنْ مَعَاجِرٍ ***عَلَى خَصْمهُمْ طُولَ المَدَى لَهُمُ النَّصْرُ
لَغَالَى بِهِمْ كُلُّ الأَنامِ وَأَيْقَنُوا*** بِأَنَّهُمُ الأَرْبَابُ وَالتَبَسَ الأَمْرُ
كَذَلكَ تَجْرِي حِكْمَةُ الله في الوَرَى*** وَقُدْرَتُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ قَدْرُ
وَكَانَ خِلَافَ اللُّطَّف، وَاللُّطْفُ وَاجِبٌ ***إذا مِنْ نَبِيَّ أَوْ وَصِيَّ خَلَا عَصْرُ
أيُنْشِيءُ لِلإِنْسَانِ خَمْسَ جَوَارِحٍ ***تَحْسِ وَفِيْها تُدْرَكُ العَيْنُ وَالأَثرُ
وَقَلْباً لَها مثل الأمير يَرُدُّها ***إذَا أَخْطَأت في الحس وَاشْتَبَه الأَمْرُ
وَيَتْرُكَ هَذَا الخَلْقَ في لَيْل ظَلَّة*** بِظَلْمَائِه لَا تَهْتَدِي الأَنْجُمُ الزُّهْرُ
فَذَلِكَ أَدْهَى الدَّاهِيَاتِ وَلَمْ يَقُلْ ***بِهِ أَحَدٌ إِلَّا أَخُو السَّفَهِ الغَمر
فَأَنْتَجَ هَذَا القَوْلُ، إِنْ كُنْتَ مُصْغِياً،*** وُجُوْبَ إمام عادل أمرُهُ الأَمْرُ
ص: 505
وَإمْكَانَ أَنْ يَقْوَى وَإِنْ كَانَ غَائِباً ***عَلَى رَفْع ضُرِّ النَّاسِ إِنْ نَالَها الضُّرُّ
وَإِنْ رُمْتَ نُجْحَ السُّوْل فَاطْلُبْ مَطَالبَ ال*** سؤول فَمَنْ يَسْلُكْهُ يَسْهُلْ لَهُ الأَمْرُ
فَفِيْهِ أَفَرَ الشَّافِعِيُّ ابْنُ طَلْحَة*** بِرَأْيِ عَلَيْهِ كُلُّ أَصْحَابِنا قَرُّوا
وَجَادَلَ مَنْ قَالُوا خِلَافَ مَقَاله ***فَكَانَ عَلَيْهِمْ في الجدال لَهُ نَصْرُ
وَكَمْ لِلْجُوَيْنِي انْتَظَمْنَ فَرَائِدٌ ***مِنَ الدُّرِّ لَمْ يَسْعَدْ بِمَكْنُونِها البَحْرُ
«فَرَائِدُ سَمْطَيْنِ المَعَانِي بِدُرِّها ***تَحَلَّتْ لَأَنَّ الحُلْيَ أَبْهَجَهُ الدُّرُ
فَوَكَّلْ بِهَا عَيْنَيْكَ فَهْيَ كَوَاكِبٌ*** لدرِّيّها أَعْيَانيَ العَدُّ وَالحَصْرُ
وَرِدْ مِنْ «يَنَابِيْعِ المَوَدَّةِ» مَوْرداً ***به يَسْتَفي منْ قَبْل أَنْ يُصْدِرَ الصَّدْرُ
وَفَتِّش عَلَى كَيْزِ الْفَوَائِدِ، فَاسْتَعِنْ*** بهِ فَهْوَ نِعْمَ النُّخْرُ إِنْ أَعْوَزَ النُّخْرُ
وَلَاحِظُ بِهِ مَا قَدْ رَوَاهُ «الكَرَاجِكِيُّ»*** مِنْ خَبَرِ الجَارُوْدِ إِنْ أَغْنَتْ النُّدْرُ
وَقَدْ قيل قُدماً فِي ابْن خَوْلَةَ إِنَّهُ*** لَهُ غَيْبَةٌ وَالقَائِلُوْنَ به كُثرُ
وَفِي غَيْرِهِ قَدْ قَالَ ذَلِكَ غَيْرُهُمْ ***وَمَا هُمْ قَلِيلٌ في العِدَادِ وَلَا نَزْرُ
وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِلْيَقيْنِ بِقَائِمٍ ***يَغِيْبُ وَفِي تَعيينه التَبَسَ الأَمْرُ
وَكَمْ جَدَّ فِي التَّفْتَيْشِ طَاغِي زَمَانه ***لیُفشی سرَّ الله فَانْكَتَم السرُّ
وَحَاوَلَ أَنْ يَسْعَى لإطفاء نُوره ***وَمَا رِبْحُهُ إِلَّا النَّدَامَةُ وَالخُسْرُ
وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ ***من العثرة الهادينَ في شَأنه خُبْرُ
ص: 506
وَحَسْبُكَ عَنْ هَذَا حَدِيثُ مُسَلْسَلٌ*** لعَائِشَةَ يُنْهَيْه أَبْنَاؤُهَا الغُرُّ
بأتَ النَبِيَّ المُصْطَفَى كَانَ عِنْدَهُمْ ***وَجبْرِيلُ إِذْ جَاءَ الحُسَيْنُ وَلَمْ يَدْرُوا
فَأَخَبَرَ جَبْرِيلُ النَّبِيَّ بِأَنَّهُ ***سَيُقْتَلُ عُدْوَاناً وَقَاتِلُهُ شَمْرُ
وَإِنَّ بَيْه تسْعَةٌ ثُمَّ عَدَهُمْ *** بِأَسْمَائِهِمْ وَالنَّاسِعُ القَائِمُ الطَّهْرُ
وَأَنْ سَيُطِيْلُ اللَّهُ غَيْبَةَ شَخْصه ***وَيَشْقَى بِهِ مِنْ بَعْدِ غَيْبَتِهِ الكُفْرُ
وَمَا قَالَ فِي أَمْرِ الإِمَامَةِ أَحْمَد ***وَأَنْ سَيَليْها اثْنَانِ بَعْدَهُمْ عَشْرُ
فَقَدْ كَادَ أَنْ يَرْويْهِ كُلَّ مُحَدِّث ***وَمَا كَادَ يَخْلُو مِنْ تَواتُره سفْرُ
وَفي جُلّها أتَ المُطِيعَ لِأَمْرِهِمْ ***سَيَنْجُو إِذَا مَا حَاقَ فِي غَيْره المَكْرُ
فَفِي أَهْلَ بَيْتِي فَلْكَ نُوْحٍ، دَلَالَةٌ ***عَلَى مَنْ عَنَاهُمْ بِالإِمَامَةِ يَا حَبْرُ
فَمَنْ شَاء توفيق النصوص وَجَمْعَها ***أَصَابَ وَبِالتَّوْفِيقِ شُدَّ لَهُ أَزْرُ
وَأَصْبَحَ ذَا جَزْمِ بِنَصْبِ وَلَاتِنَا ***لِرَفْعِ العَمَى عَنَّا بِهِمْ يُجْبَرُ الكَسْرُ
وَآخِرُهُم هَذَا الذِي قُلْتَ إِنَّهُ*** «تَنَازَعَ فِيْهِ النَّاسَ وَاشْتَبَهَ الأَمْرُ »
وَقَوْلُكَ إِنَّ الوَقْتَ دَاعِ لِمِثْله *** إِذَا صَحَ لِمْ لا ذُبَ عَنْ لُبِّه القشر
وَقَوْلُكَ إِنَّ الإِخْتِفَاءَ مَخَافَةٌ ***مِنَ القَتْلِ شَيْءٍ لَا يُجَوَزُهُ الحِجْرُ
فَقُلْ لِي لِمَاذَا غَابَ فِي الغَارِ أَحْمَدٌ ***وَصَاحِبُهُ الصِّدِّيقُ إِذْ حَسُنَ الحَدْرُ
وَلَمْ أُمِرَتْ أُمُّ الكَلَيْمِ بِقَدْفِهِ *** إلى نيل مصر حين ضاقت به مصر؟
ص: 507
وَكَمْ مِنْ رَسُول خَافَ أَعْدَاهُ فَاخْتَفَى*** وَكَمْ أَنْبِيَاء مِنْ أَعَادِيْهُمْ فَرُّوا
أَيَعْجَرُ رَبُّ الخَلْقِ عَنْ نَصْر دينه ***عَلَى غَيْرهم؟ كَلَا فَهَذَا هُوَ الكُفْرُ
وَهَلْ شَارَكُوْهُ فِي الذِي قُلْتَ إِنَّهُ*** يَؤُولُ إِلَى جُبْنِ الإِمَامِ وَيَنْجَرُّ
فَإِنْ قُلْتَ هَذَا كَانَ فِيْهِم بِأَمْرِ مَنْ ***لَهُ الْأَمْرُ في الأَكْوَان وَالحَمْدُ وَالشُّكْرُ
فَقُلْ فِيْهِ مَا قَدْ قُلْتَ فِيْهِم فَكُلُّهُمْ ***عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ أَهْوَاؤُهُمْ قَصْرُ
وَإِظْهَارُ أَمْرِ اللهِ مِنْ قَبْلِ وَقْته ال*** مُوَجَلِ لَمْ يُوْعَدْ عَلَى مِثْلِهِ النَّصْرُ
وَلَيْسَ بمَوْعُوْد إِذَا قَامَ مُسرعاً ***إِلَى وَقَت «عَيْسَى» يَسْتَطِيْلُ لَهُ العُمْرُ
وَإِنْ تَسْتَرب فيه لطول بقائه*** أَجَابَكَ إِدْرِيسُ وَإِلْيَاسُ وَالخَضْرُ
وَمَكْتُ نَبِيَّ اللَّهِ نُوحٍ بِقَوْمِهِ*** كَذَا نَوْمٌ أَهْلِ الكَهْفِ نَصَّ بِهِ الذَّكْرُ
وَقَدْ وُجدَ الدَّجَّالُ في عَهْد أَحْمَد ***وَلَمْ يَنْصَرِمْ مِنْهُ إِلَى السَّاعَةِ العُمْرُ
وَقَدْ عَاشَ عَوْجٌ أَلْفَ عَامِ وَفَوْقَهَا وَلَوْلَا عَصَى مُوسَى لَأَخَّرَهُ الدَّهْرُ
وَمَنْ بَلَغَتْ أَعْمَارُهُمْ فَوْقَ مَائَة ***وَمَا بَلَغَتْ أَلفاً فَلَيْسَ لَهُمْ حَصْرُ
وَمَا أَسْعَدَ السَّرْدَابَ فِي سُرَّ مَنْ رَأَى ***وَأَسْعَدُ مِنْه مَكَةٌ فَلَها البشر
سَيَشْرُقُ نُوْرُ الله مَنْها فَلَا تَقُلْ ***«لَهُ الفَضْلُ عَنْ أُمّ القُرَى وَلَها الفَحْرُ »
فإِنْ أَخَرَ اللهُ الظُّهور لحكمة ***بهِ سَبَقَتْ في علمه وَلَهُ الأَمْرُ
فَكَمْ مِحْنَةِ اللهِ بَيْنَ عَبَاده ***يُمَيَّزُ فِيْها فاجِرُ الناسِ والبَرُّ
ص: 508
وَيَعْظُمُ أَجْرُ الصَّابِريْنَ لِأَنَّهُمْ ***أَقَامُوا عَلَى مَا دُونَ مَوْطِئه الجَمْرُ
وَلَمْ يَمْتَحِنْهُمْ كَيْ يُحَيْطَ بِعِلْمِهِمْ ***عَلِيمٌ تَساوَى عِنْدَهُ السِّرُّ وَالجَهْرُ
وَلَكِنْ لِيَبْدُو عِنْدَهُمْ سُوْءُ مَا اجْتَرَوا ***عَلَيْهِمْ فَلَا يَبَقَى لِأَثمهمْ عُدْرُ
وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحِيْنَ ظُهُورُهُ ***لَيَنْتَشِرَ المَعْرُوفُ في الناس والبر
ويُحيي به قَطْرُ الحَيَا مَيِّتَ الثَّرى ***«فَتَضْحَكَ منْ بشر إذَا مَا بَكَى القَطْرُ»
«فَتَخْضَرُ مِنْ وَكَافِ نَائِلِ كَفَّه»*** وَيَمْطُرُها فَيْضُ النَّجَيْعِ فَتَحْمَرُّ
ويَطْهُرُ وَجْهُ الْأَرْضِ مِنْ كُلِّ مَأْثَمٍ ***وَرَجْسٍ فَلَا يَبْقَى عَلَيْهَا دَمَ هَدْرُ
وَتَشْقَى بِهِ أَعْنَاقَ قَوْمٍ تَطَوَّلَتْ ***فَتَأْخُذُ مِنْها حَقَّها البيْضُ وَالسُّمْرُ
فَكَمْ مِنْ كِتَابِيٌّ عَلَى مُسْلِمِ عَلَا ***وَآخَرُ «حَرْبي» بِهِ شَمَخَ الكِبْرُ
وَلَوْلَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَعَدْلُهُ*** إِذَنْ لَتَوَالَى الظُّلْمُ وَانْتَشَرَ الشَّرُّ
فَلَا تَحْسَبَنَّ الأَرْضِ ضَاقَتْ بِظُلْمها ***فَذَلكَ قَوْلٌ عَنْ مَعَايبَ يَفْتَرُّ
وَذَا الدِّيْنُ فِي عَبْدِ الحَمِيدِ بِنَاؤُهُ *** رفيع وفيه الشِّرْكَ أَربُعُهُ دُتْرُ
إِذَا خَفَقَتْ بالنَّصْرِ رَايَاتُ عِزَّهِ ***فَأَحْشَاءُ أَعْدَاهُ بِهَا يَحْفُقُ الدَّعْرُ
وَعَنْهُ سَل اليُوْنَانَ كَمْ مَيِّتِ لَهُمْ لَهُ ***جَدَثَانُ الذَّتِّب وَالقَشْعَمُ النَّسْرُ
وَكَمْ جَحْفَل إِذْ ذَاكَ قَبْلَ لقائه ***بَنُو الأَصْفَرَ انْحَازَتْ وَأَوْجُهُهَا صُفْرُ
عَشيَةَ جَاءَ المُسْلِمُوْنَ كَتائباً ***مُؤيَّدَةٌ بالرُّعْب يَقْدَمُها النَّصْرُ
ص: 509
ببيض مَوَاضِ تَمْطُرُ المَوْتَ أَحْمراً ***وَرُقْشِ صَلَالٍ تَحْتَهَا الدَّهْمُ وَالسُّقْرُ
فَلَا يَبْرَحُ السُّلْطَانُ مِنْهُ مُخَلَّداً ***وَلَا يَخلو من آثار قُدْرَته قَطرُ
وَخُذْهُ جَوَاباً شَافِياً لَكَ كَافياً ***مَعَانيه آياتٌ وَأَلْفَاظه سحْرُ
وَمَا هُوَ إِنْ أَنْصَفْتَهُ قَوْلَ شَاعر*** ولَكنَّهُ عقْدٌ تَحَلَّى به الشع
وَلَوْ شنْتُ إِحْصَاءَ الأدلة كُلُّها ***عَلَيْكَ لَكَلَّ النَّظْمُ عَنْ ذَاكَ وَالنَثْرُ
فَكَمْ قَدْ رَوَى أَصْحَابُكُمْ مِنْ رِواية ***هي الصَّحْرُ للسَّكْرَان والشُبَهُ السُّكْرُ
وَفِي بَعْضِ مَا أُسْمِعْتَهُ لَكَ مُقْنِعٌ ***إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أُذْنِ سَامِعِهِ وَقَرُ
وإِنْ عَادَ إشكال فعُد قائلاً لَنا ***«أيَا عُلَمَاءَ العَصْر يا مَنْ لَهُمْ خُبْرُ »
ص: 510
نظم /العلامة السيد محسن ابن السيد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي (ت 1371ه)
ترجمة الناظم (1)
نزيل دمشق الشام المعاصر صاحب المصنفات الكثيرة ابن السيد عبد الكريم ينتهي نسبه الشريف إلى الحسين ذي الدمعة أو ذي العبرة؛ لكثرة بكائه من خشية الله ابن زيد الشهيد ابن الإمام زين العابدين علي ابن الإمام الحسين السبط الشهيد ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. (علیه السلام)
وقد ذكرنا نسبه الشريف في ترجمة ابن عمه السيد علي محمود العاملي (قُدِّسَ سِرُّهُ) . (2)
عالم فاضل كامل محقق مدقق أصولي فقيه له اليد الطولى في جملة من العلوم المهمة.
ص: 511
ولد دام بقاه بقرية شقرا التابعة لناحية هونين من أعمال مرجعيون الذي هو من أعمال بيروت وموقعها بين تبنين وهونين وهي من قرى جبال بني عاملة المعروفة الآن بجبل عامل، وكانت ولادته في حدود سنة (1284ه) فيكون عمره الشريف إلى حين تحرير هذه الترجمة وهو العشرون من ربيع الأول سنة (1347ه) نحواً من خمس وستين سنة (1) أطال الله عمره الشريف بمحمد وآله.
وبعد أن بلغ السبع سنين تعلم القرآن المجيد والكتابة وتفرّغ لطلب العلوم، فقرأ النحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان وبعض كتب الفقه وكتاب معالم الدين في الأصول في مدارس جبل عامل على فضلائها بإتقان وتدقيق.
وألف في تلك المدة في أكثر العلوم التي قرأها فعمل مؤلفاً في النحو لم يكمل، ومنظومة في الصرف، وعلّق حواشياً على المطوّل وعلى معالم الأصول، وعمل منظومة في علاقات المجاز إلى غير ذلك.
وهاجر إلى النجف الأشرف في أواخر شهر رمضان سنة (1308ه) فوصل إليها في منتصف ذي الحجة الحرام من تلك السنة، وأقام بها إلى أواخر جمادى الثانية من سنة (1319ه) فتكون مدة إقامته في النجف الأشرف عشر سنين وستة أشهر ونصف شهر إلا أياماً كان في خلالها مكبّاً على المطالعة والمراجعة والقراءة والتدريس والإفادة والاستفادة والتصنيف والتأليف ليله ونهاره معرضاً عما يلهيه عن ذلك صابراً على نوب الزمان ومحنه لا يصده شيء منها عما هو بصدده من التحصيل.
ص: 512
فقرأ في هذه المدة المتقدمة جملة من كتب الأصول والفقه الشهيرة سطحاً كقوانين الأصول للمحقق الميرزا أبي القاسم القمي (رحمه الله ) وعلق عليها حواشياً، وككتاب المكاسب للشيخ العلامة المرتضى الأنصاري طاب ثراه، وككتاب أصوله المعروف بالرسائل.
وقرأ فى الأصول والفقه خارجاً استدلالاً على فحول علماء النجف الأشرف كالشيخ الفقيه الورع الزاهد المحقق المدقق نادرة الزمان المرحوم الشيخ أقا رضا الهمداني ابن الفقيه الأقا محمد هادي المجاور في النجف الأشرف صاحب مصباح الفقيه وغيره من المصنفات العزيزة النظير وكالشيخ الفقيه الوحيد الزاهد الورع الشيخ محمد طه نجف النجفي طاب ثراه قرأ عليه في الفقه وبعض مسائل الأصول وكالشيخ الفقيه المحقق المدقق العزيز النظير، مربي العلماء والفضلاء مهذب الأصول والفروع الشيخ ملا محمد كاظم الخراساني النجفي قرأ عليه في الأصول، أكثر مباحث الألفاظ وكثيراً من الأدلة العقلية، وهؤلاء الثلاثة عمدة من استفاد منهم واغترف من بحار علومهم ولازم دروسهم إلى أن خرج من النجف الأشرف، وربما حضر على غيرهم كالشيخ الجليل الفقيه المتبحر ملّا فتح الله المعروف بشريعة مدار الإصفهاني النجفي وغيره من فضلاء العرب والعجم.
ثم إنّه سافر إلى دمشق الشام من النجف الأشرف بطلب من أهلها وذلك في أواخر جمادى الثانية سنة (1319ه) فدخلها في الرابع عشر من شهر شعبان من تلك السنة وأقام بها، وهو مكب على تحصيل العلم بالمراجعة والمباحثة والتصنيف والتأليف في جميع الفنون، وتعليم مَن يرغب في طلب العلم ولو كان
ص: 513
مبتدئاً بهمّة لا تعرف الملال وعزمة لا يعتريها الكلال معرضا عما سوى ذلك إلا ما تدعو الضرورة إليه.
وقد ألف في خلال هذه المدة مؤلَّفات كثيرة قد طبع جملة منها.
وفي سنة (1321ه) سافر إلى حج بيت الله الحرام وزيارة قبر نبيه وأهل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام، وفي هذه السنة ابتاع مدرسة بدمشق بنحو من ألف ليرة ووقفها لتعلّم العلوم الدينية والعصرية وإقامة الصلاة جماعة وفرادى وكل ما لا ينافي طلب العلم من الأمور الدينية وسماها المدرسة العلوية، وفقه الله تعالى لمراضيه وجعل مستقبله خيراً من ماضيه.
وأما مشايخه في الإجازة فمنهم الشيخ الفقيه الشيخ محمد طه نجف النجفي طاب ثراه، ومنهم السيد الجليل الفقيه العلّامة السيد محمد ابن السيد هاشم المعروف بالهندي النجفي، ومنهم خالنا العلّامة الفقيه السيد محمد ابن السيد محمد تقي آل بحر العلوم الطباطبائي طاب ثراه.
وأمّا شهادة علماء عصره بفضله واجتهاده فمما ينبئك بعلو قدره وسمو مرتبته ما قاله الفقيه المحقق الشيخ أقا رضا الهمداني النجفي ما لفظه: أما بعد، فإن السيد الجليل والفاضل الكامل النبيل والثقة العدل الورع في الدين والباذل نفسه في ترويج شريعة جده سيد المرسلين السيد محسن الأمين العاملي أيد الله به الدين وأعزّ بوجوده المؤمنين ممن قد بزغ بالفضل بزوغ القمر فبان الكمال منه وظهر، فهو بحمد الله ذو ملكة قدسية في تمييز الحلال من الحرام من الشريعة النبوية، فللعوام الرجوع إليه في الأحكام وعليهم امتثال أمره في القضايا وفصل الخصام
ص: 514
فإنه مندرج في عداد العلماء المحققين والفقهاء المجتهدين الذين شرفهم الإمام (علیه السلام) بقوله في الخبر الشريف: «ينظران إلى مَن كان منكم ممن روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا»... الحديث (1)
ومما قاله الفقيه المحقق المدقق الشيخ محمد طه نجف النجفي قده ما لفظه: (وقد جعل الله بمنه وكرمه من جملة العلماء وورثة الأنبياء وهداة الأمة ونواب الأئمة (علیهم السلام) السيد السند العالم الفاضل والمهذب الكامل المأثور علمه والمشهور فضله والمنوه بتحقيقه وتدقيقه والمبرز بتحريره وتنميقه والمقتدى بعدالته وورعه، سراج العلم الوهاج وبحر الفضل المواج والغصن الباسق من دوحة الرسالة والثمر الجني من شجر الإمامة ذا الفكرة الوقادة والقريحة النقادة والفضل البين، السيد الأجل السيد محسن أعزّ الله به الدين وحرس به شريعة جده سيد المرسلين، فقد أظهر الله فضله وأبان جليل قدره وحباه بالدرجة العلية والكرامة السنية والملكة القدسية التي تستنبط بها الأحكام الشرعية ومنحه التوفيق والسداد وأخرجه من ربقة التقليد إلى رتبة الاجتهاد وشمله بلطفه فعمه قول الصادق (علیه السلام): «ينظران إلى رجل منكم قد روى حديثنا»... الحديث.
ومما قاله الفقيه العلّامة السيد محمد ابن السيد هاشم المعروف بالهندي النجفي طاب ثراه ما لفظه أما بعد، فإن السيد الأجل المبجل والعلم المفضّل العالم العلّامة الفاضل والأوحد الكامل الورع التقي والألمعي اللوذعي، أنموذج آبائه الطاهرين والزعيم بإحياء معالم الدين المهذب المتقن والمهذب المتقن
ص: 515
السيد الأجل السيد محسن أدام الله على المسلمين بركة وجوده بمنه وكرمه وجوده، لما ارتقى من العلم الدرجة العليا وبلغ من الفضل الغاية القصوى وترقى من حضيض التقليد إلى أوج الاجتهاد وشاع باهر فضله بين العباد وحباه الله بالملكة القدسية التي بها تستنبط الأحكام ويعرف الحلال والحرام وضفى عليه طراز قوله (علیه السلام): «ينظران إلى رجل منكم»... الحديث.
أحببت أن يظهر فضله ويذكر ببعض ما هو أهله فها هو بحمد الله عَلم في الشريعة عالم محقق وحبر مدقق وبحر متدفق ومجتهد مطلق (ذلكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ. ) (1)
ومما قاله خالنا الفقيه العلّامة درّة بحر العلوم السيد محمد ابن السيد تقي الطباطبائي (قُدِّسَ سِرُّهُ) ما لفظه: وقد جعل الله بمنه وكرمه من جملة نوابه المؤدبين بآدابهم وورثة علومهم ومحيي رسومهم وحفظة شريعتهم الذين أقاموهم ،مقامهم، السيد الأجلّ والعلم المفضل العالم الفاضل، والعلّامة المهذب الكامل الحبر المحقق المدقق والبحر المتدفّق المنوّه بعلمه والمبرز بفضله والمقدّم بفضائله، موضّح مناهج التقى والرشاد والورع والسداد والمرتقي من حضيض التقليد إلى أوج الاجتهاد، روض العلم الزاهر وسحابه الماطر وبحره الزاخر و معجزه الباهر ومورده العذب النمير وبدره المستنير، جامع المعقول والمنقول ومهذب الفروع والأصول ذا الفضل المبين السيد السند السيد محسن الأمين متع الله ببركة وجوده المسلمين وأدامه لحماية الشرع المبين، فقد نال بفضل الله
ص: 516
الأمنية وحباه الله بالقوة الربانية والملكة القدسية في استنباط الأحكام الشرعية
وخرج من ربقة المقلدين إلى درجات المجتهدين وبلغ الغاية القصوى من قوله تبارك وتعالى: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّين )(1)فانتظم في السلك المبارك الميمون من قول الصادق (علیه السلام): ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا»(2)... الحديث.
فعلی عامة المؤمنين أن يهتدوا ،بهداه ويغتبطوا ،باتباعه، ويقتبسوا من أنوار علمه، وينتجعوا بحار فضله.
ومما قال الفقيه المحقق العلّامة الشيخ عبد الله الجيلاني المازندراني (رحمه الله ) ما لفظه وحيث جعل الله بمنه وكرمه من أعلام العلماء المحققين وأفاضل الفقهاء المدققين المشمّرين بجدهم واجتهادهم لرعاية الدين وحفظ شريعة جده سيد المرسلين، السيد الأجل العلم العالم الفاضل والعلّامة المهذب الكامل الثقة الورع التقي والأوحد الألمعي اللوذعي المدقق المتقن السيد السند المعتمد السيد محسن حرسه الله وحرس به الدين ومتع ببركة وجوده المسلمين، وقد حباه الله بالملكة القدسية والقوة الربانية في استنباط الأحكام الشرعية وارتقى إلى درجات المجتهدين الكرام وصدق عليه قول الصادق (علیه السلام): «ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا» (3)... الحديث.
ص: 517
يقول المؤلف عفي عنه ولعمري أن هذه الشهادات في هذا السيد المفضال هي أقوى حجة على سموه مرتبة الفضل والكمال، وبلوغه إلى أوج السعادة البعيدة المنال، فلم تبق ريباً للمرتابين آمنه الله من كيد الحاسدين بمحمد وآله الطاهرين
وقد تخرّج على هذا السيد المترجم - زيد في علو قدره - تلامذة كثيرون وجملة منهم علماء فضلاء ،معروفون، وما زال ولم يزل يسعى بجهده في تعليم الطلاب ويبذل النفس والنفيس لكل من يريد التعلم، وقد سافر إليه جملة من المحصلين للاكتساب من أنوار فضله والاغتراف من بحار علمه.
وأمّا مصنّفاته الرشيقة ومؤلفاته الأنيقة فهي كثيرة ، فمنها (كشف الغامض في أحكام الفرائض) في مجلدين كبيرين يحتوي على الاستدلال التام ويجمع جميع الأقوال والروايات، و(سفينة الخائض في بحر الفرائض) مختصر منه، و(جناح الناهض إلى تعلم الفرائض) منظومة مطبوعة في مصر تبلغ (642) بيتاً و(كاشفة القناع عن أحكام الرضاع )منظومة مطبوعة في دمشق الشام، و(مناسك الحج) مع الملحقات ، و (أعمال مكة والمدينة المنورة) مطبوعة في صيدا، و(البحر الزخار في شرح أحاديث الأئمة الأطهار) جمع فيه جميع الأحاديث الواردة في الأحكام الشرعية ورتب أبوابها على ترتيب لم يسبق إليه وكثر عدد الأبواب واقتصر في عناوين الأبواب على مضامين الأخبار وذكر في كل باب عدد أحاديثه، ثم ذكر مع كل حديث عدده الخاص به وجعل لها فهرست جامعاً فأصبح الرجوع إليه من أسهل ما يمكن، وشرح ذلك بالبحث عن السند والمتن وفي المتن عن اللغة
ص: 518
وما يستفاد منه من الأحكام والجمع بينه وبين معارضاته وبالجملة لم يصنف إلى الأخبار، الآن مثل هذا الكتاب في حسن ترتيبه وتبويبه واحتوائه على شرح جميع نسأله تعالى أن يوفقه لإكماله بمحمد وآله.
وله أيضاً (الروض الأريض في حكم تصرفات المريض) مطبوع في مصر، و(المسائل الدمشقية في الفروع الفقهية )بطريق السؤال والجواب مع ذكر الأدلة، و (ضياء العقول في حكم المهر إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول) مطبوعة في دمشق، و (الدرة البهية في تطبيق الموازين الشرعية على العرفية) مطبوعة في دمشق، و(تحفة الأحباب في آداب الطعام والشراب )مطبوعة في مصر، و(الدر الثمين في أهم ما يجب معرفته على المسلمين) في سبعة أجزاء: الأول في أصول الدين الثاني في الطهارة ، الثالث في الصلاة، الرابع في الصوم الخامس في الزكاة والخمس، السادس في الحيض والاستحاضة والنفاس السابع في أحكام الأموات، طبع الجميع في صيدا، (إرشاد الجهال إلى مسائل الحرام والحلال) في أصول الدين وفروعه برز منه كتاب الأصول أساس الشريعة في الفقه بطريق الاستدلال ، و (الدر المنظم في حكم تقليد الأعلم)، و(البرهان على وجود صاحب الزمان (علیه السلام))، قصيدة وشرحها عدد أبياتها (311) وهي جواب لقصيدة وردت من بغداد في شأن الإمام المهدي (علیه السلام) المطبوع في دمشق وصيدا، و(حق اليقين في التأليف بين المسلمين) مطبوع ، و (لواعج الأشجان في مقتل الحسين (علیه السلام))، ويليه (أصدق الأخبار في قصة الأخذ بالثار)، ويليه (الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد)، وهذه الثلاثة في مجلد واحد مطبوعة في صيدا،
ص: 519
(المجالس السنية في ذكرى مصائب العترة النبوية )في خمسة أجزاء: الجزء الأول في مائة مجلس فيها واقعة كربلاء خاصة بتمامها طبع في صيدا، الجزء الثاني في (69) مجلساً فيها قصص إبراهيم وإسماعيل ويعقوب ويوسف وموسى ويحيى (علیهم السلام) وهاشم وعبد المطلب وأصحاب الفيل وعبد الله وآمنة أبوي النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ومولد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ومبعثه وهجرة النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) إلى الحبشة والمدينة، ووقائع بدر وأحد والخندق وبني قريظة وخيبر ومؤتة وفتح مكة وحنين وتبوك وأحوال أبي ذر وغزوة ذات السلاسل وخبر المباهلة وحجة الوداع والغدير وحرب الجمل وما يتبع ذلك وأمور أخر غير هذه كثيرة مع التخلص إلى واقعة كربلاء على النهج المألوف طُبع في دمشق، الجزء الثالث وفيه (69) مجلساً فيه وقعة صفين والوافدات والوافدون على معاوية، ومقتل حجر بن عدي وأصحابه، ومقتل عمرو بن الحمق، وأخبار عقيل مع أخيه ومع معاوية ووقعة النهروان، وردّ الشمس لعلي (علیه السلام) وحديث الثقلين وسفينة نوح وغيرها وجملة من مناقب أمير المؤمنين علي (علیه السلام) و خطبه وأمور كثيرة غير ذلك مع التخلص لواقعة كربلاء طبع دمشق، الجزء الرابع وفيه (35) مجلساً فيها أخبار زياد ومعاوية والحسن (علیه السلام) وفضائل الحسين (علیه السلام)، ووقعة الحَرّة وفضل زين العابدين (علیه السلام)وأحوال الحجاج، ومقتل زيد بن علي (علیه السلام)، وفضل الباقر (علیه السلام)، وأخبار أولاد الحسن (علیه السلام)مع المنصور، و جملة من أخبار الصادق (علیه السلام) والكاظم (علیه السلام)والرضا (علیه السلام)والجواد (علیه السلام) والهادي (علیه السلام)، وأخبار الحضين بن المنذر وباهلة وقصة سليمان بن داود ع وأحاديث أخر في أمور كثيرة متنوعة طُبع في دمشق، ويليه (إقناع اللائم على إقامة المآتم) يتضمن
ص: 520
حسن إقامة العزاء والبكاء على الحسين (علیه السلام)من العقل والنقل طبع في صيدا، الجزء الخامس وهو بحجم الأجزاء الأربعة كلها وفيه (123) مجلساً عدا المراثي والمدائح فيها أحوال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و الزهراء (علیها السلام)والأئمة الأحد عشر مع ذكر تاريخ مواليدهم ووفياتهم ومدة أعمارهم ومدة إمامتهم وكناهم وألقابهم وصفاتهم ونقش خواتيمهم وعدد أولادهم وأسماء شعرائهم وبوابيهم وملوك زمانهم، وأدلة إمامتهم وبعض معجزاتهم ومناقبهم وفضائلهم وأحوالهم وكيفية وفاتهم ووصاياهم، وبعض ما جاء عنهم من العلوم والمواعظ والحكم والآداب والاحتجاج، ومراثيهم وبعض مدائحهم وما يتعلق بذلك مع الاستقصاء في أحوال المهدي المنتظر (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)لطبع في صيدا.
ومن مؤلَّفاته أيضاً (قصة المولد الشريف )النبوي طبع في دمشق، و(الحصون المنيعة في رد ما جاء في مجلة المنار في حق الشيعة) طبع في دمشق، (رسالة الشيعة)، و(المنار في جواب صاحب المنار )عما كتبه بعد اطلاعه على الحصون المنيعة مطبوعة، (القول الصادق في جواب ما جاء في مجلة الحقائق) تحتوي على جواب اعتراضهم على الحصون المنيعة ، (السحر الحلال في المفاخرة بين العلم والمال) مطبوع ، (ملحق الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد (علیه السلام)) يحتوي على ما فات الدر النضيد من القصائد مع عدة قصائد نادرة في مدح أمير المؤمنين (علیه السلام) طبع في دمشق، (مفاخرة السيف والقلم)، و(صفوة الصفو في علم النحو)، وكتاب آخر في النحو، و (شرح إيساغوجي في المنطق)، و(منظومة في الصرف)، و(منظومة في علاقات المجاز)، حواشي على المطوّل والمعالم
ص: 521
والقوانين والغرر والدرر ، و(المنيف في علم التصريف )بطريقة جامعة مختصرة نافعة طبع في دمشق، (الصحيفة الخامسة السجادية) وتتضمن الثالثة والرابعة من جمعه طبعت في دمشق، (شرح غريب الصحيفة الثانية) مطبوع في مصر، (شرح مختصر لتبصرة المتعلمين ) للعلامة الحلي (رحمه الله ) طبع في دمشق، (الآجرومية الجديدة) بالشكل الكامل من جمعه طبعت في دمشق، و(الرحيق المختوم في المنثور والمنظوم) من إنشائه، وهو ديوان شعره طبع في دمشق، و(معادن الجواهر في علوم الأوائل والأواخر ) على نحو الكشكول، و(كتاب الأوائل والأواخر)، (رسالة الردود والنقود) تشتمل على عدة ردود وانتقادات في موضوعات شتى و (الدرر المنتقاة في الآداب والحكم والفكاهات )نظماً ونثراً بالشكل الكامل مع تفسير الغريب في ستة أجزاء في مجلد واحد طبع في دمشق، و(العقود الدرية في رد شبهات الوهابية)، ويليه (العقود الدرية في رد شبهات الوهابية) قصيدة وهما تحت الطبع، و(مائة كلمة من كلام أمير المؤمنين (علیه السلام)) من جمعه وله غير ذلك.
أيّد الله به الدين وجعله ركناً ركيناً للمسلمين وعماداً قويماً لشريعة جده سيد المرسلين، ووقاه كيد الحاسدين بمحمّد وآله، وهو دام بقاه ممدوح زمانه وقد جمع ما مدح به وألحقه بديوانه المطبوع الرحيق المختوم.
وممن مدحه العالم الفاضل الكامل السيد حسن ابن المرحوم السيد محمود الحسيني العاملي بقوله:
جَلَّت مَعانيك الدقيقة*** عَنْ أنْ تُشَبَّهَ بِالخَليقَة
ص: 522
ما زلت تَسْعَى لِلعُلَا*** حَتَّى وَصَلْتَ إِلَى الحقيقة
وتَرَكْتَ خَلْفَكَ مَنْ سَرَی*** خَبطَاً وَضَلَّ عَنْ الطَّريقَة (1)
ورد باسم :(الرد على القصيدة البغدادية )كما في الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 91/3 رقم 287 ، و 219/10 رقم 628، نظم قصيدته يوم كان في النجف الأشرف، وهي تتكون من (311) بيتاً، وطبعت القصيدة في كتابه (الرحيق المختوم في المنثور والمنظوم) ص 276 - 296 ، وفي ملحق (كشف الأستار) الطبعة الثانية، كما طبعت مع شرحها الذي أسماه (البرهان على وجود صاحب الزمان (علیه السلام)) في صيدا سنة (1333ه) في (108ص ) ، وقد فرغ من شرحها سنة (1328ه)، وأعيد طبعه بالأوفست سنة (1399ه) باهتمام مكتبة نينوى الحديثة، (1399ه) كما طبع في مطبعة العرفان في صيدا مرة أخرى سنة (1346ه)، وطبع أخيراً سنة (1429ه) محققاً في مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (علیه السلام)في النجف الأشرف في (180ص)، والقصيدة هي:
ص: 523
نَأوا وبقلبي مِنْ فراقِهُمُ جَمْرُ*** وفي الخَدَّ مِنْ دَمعي لِبَينِهِمُ غَمْرُ
وَلَسْتُ أَرَى مَاءَ المَدامِعِ مُطْفنَا ***لَهَيْبَ الحَشَا مِنِّي وَلَو أَنه نَهْرُ
وأورثني بُعْدُ الأحِبَّةِ لَوْعَةً ***تَوْزُ الحَشَا مِنْها كَمَا أَزَّتِ القِدْرُ
وَلَوْلَا تَسَلّي القَلْبِ مِنْهُمْ بِأَوبَةٍ ***لَطَارَ وَلَمْ تُغْنِ الجَوانِحُ والصَّدْرُ
بَذَلْتُ لَهُمْ أَغْلَى الذِي مَلَكَتْ يَدِي ***وَأَصْبَحَ حَظَّي مِنْهُمُ الصَّدُّ والهَجْرُ
وَيَحْلُو لِقَلْبِي كُلَّمَا مَرَّ ذِكْرُهُمْ ***بِنَفْسِيَ أَفْدِي مَنْ حَلُّوا كُلَّما مَرُّوا
أرِقْتُ وَهَاجَتْني الهُمُوْمُ كَأَنَّما ***عَلَى مَضْجَعِي مُدَّ القَتَادُ أَو السِّدْرُ
وَمَا أَرَقي مِنْ فَقْد إلف تحمّلت*** به الضامراتُ القَوْدُ إِذْ قَوْمُهُ سُفْرُ
وَلَا شَاقَنِي رَبِّعَ بِأَكْنَافِ رَامَةٍ ***وَلَا هَيَّمَتْ قَلْبِي جَاذِرُهُ العُفْرُ
وَلَا أنا ممَّنْ يُمْلكُ الحُبُّ قَلْبَهُ*** لغَانية من خَلْفها التيه والنَّفْرُ
تُعيرُ الطَّباءُ العَيْنَ جَيْداً وَمُقْلَةً*** وَيَفْصَحُ خُوْطَ البَانَة القَدُّ وَالخَصْرُ
فَوَجْنَتُها وَرْدٌ وَقَامَتُها قَنَا ***وَمَبْسَمُها بَرْقٌ وَرَيْقَتُها خَمْرُ
وَطَلْعَتُها شَمْسٌ وَصُبْحَ جَبَيْنُها ***وَطُرَّتُها لَيْلٌ وَغُرَّتُها بَدْرُ
لَها بَشَرٌ مِثْلُ الحَرِيرِ وَمَنْطَقٌ ***رَحْيْمَ وَلَكِنْ قُدَّ مِنْ قَلْبها الصَّخرُ
وَلَكِنْ وَعَى سَمْعِي مَقَالَةَ سَائِلِ ***تَحيَّرَ مِنْهُ اللبُّ وَاضْطَرَبَ الفكرُ
أَتَى سَائِلاً عَنْ مَوْلِدِ القَائِمِ الذِي*** تَنَازَعَ فِيْهِ النَّاسُ وَالتَبَسَ الأَمْرُ
ص: 524
فَمَنْ قَائل في القشر لب وُجُوْدة*** وَمَنْ قَائِل قَدْ نَضَ عَنْ لُبه القشْرُ
وَمَا مِنْهُمْ إِلا مُقِرٌ بِأَنَّهُ ***غداً يَمْتَلي مِنْ عَدْله البَرُّ وَالبَحْرُ
قمْتُ مُجيباً قائلاً قَوْلَ مُنصف ***وَقَدْ بَانَ لي مِنْ أَمْره الحُلْوُ والمر
سَقَطتَ عَلَى ذي خبرة وَتَجارِب ***وَلَيْسَ أَخُو جَهْلِ كَمَنْ عِنْدَهُ خُبْرُ
إِلَيْكَ عُقُوْداً رَاحَ يَنْظُمُها الفكْرُ*** الدَّرُّ لَا مَا قُلّدَ الجِيْدُ وَالنَّحْرُ
وَسِحْرُ بَيان من لساني قَدْ مَحا ***بمُتَّضِحِ البُرْهانِ مَا مَوَّةَ السِّحْرُ
أبنتُ بِهِ نَهْجَ الصَّوابِ لِمَنْ وَعَى*** وَمِنْهُ لذي عَيْنَينِ قَدْ وَضَحَ الفَجْرُ
الجواب عن قوله : وكيف وهذا الوقت داع لمثله والبيت الذي بعده:
زَعَمْتَ بِمَحْضِ القَوْلِ قُبْحَ اختفائه*** وَقَدْ فَشَيا في العالَمِ الظُّلْمُ وَالغَدْرُ
إِذَا جَازَ عِنْدَ الظُّلْمْ تَأخَيْرُ خَلْقه ***فَقَدْ جَازَ بَعْدَ الخَلْقِ في حَقَّهُ السَّتْرُ
وَهَلْ كَانَ قَبْلَ الأرْبَعيْنَ مُحَمَّدٌ ***لدَعْوَته يُخْفي وَقَدْ ظَهَرَ الكُفْرُ
وَكَيْفَ أَسَرَ الرُّسُلُ مِنْ قَبْلِ دِينِهِمْ*** زَمَاناً وَهَلْ لِلهِ فِي كَثْمِهِمْ سِرُّ
وَقَدْ غَابَ مَنْ قَدْ غَابَ مِنْهُم لِخَوْفِهِ*** وَشُرِّدَ حَتَّى نَالَهُ الجَهْدُ وَالضُّرُ
عود إلى الجواب عن قوله وكيف وهذا الوقت، والبيت الذي بعده
وَقُلْتَ تَوَالَى الظُّلْمِ وَالجَوْرِ فِي الوَرَى*** فَلَيْسَ لَهُ فِي كَثْمِ أَحْكَامِه عُذرُ
فإِنْ قُلْتَ مَا للمُسْلِمينَ جَميعهم ***إمامٌ غَدًا في كفه الأَمْرُ والزَّجْرُ
ص: 525
وَكُلُّهُمُ بالظلم والجَوْرِ حَاكِمٌ ***فَلَوْ ظَهَرَ المهدي (علیه السلام)ضَمَّهُمُ القَبْرُ
فَكَيْفَ وَهَذا الدِّينُ أَبْلَجُ واضحٌ*** بِسَيْفَ بَني عُثْمَانَ أَيَّامُهُ غُرُ
وَسُلْطانُنَا السَّامِيُّ المَقَامِ سَمَا بِهِ ***مَنَارُ الهُدى لَمْ يَخْلُ مِنْ عَدْله قُطرُ
مَلِيْكَ لَهُ تَغْنُو المُلُوكَ وَصَارِمٌ ***بِهِ تُدْفَعُ الجُلَى وَيُسْتَنْزَلُ النَّصْرُ
تَعْزِي لَهُ ظُلْماً وَتَعْلَمُ أَنَّهُ ***إِطَاعَتُهُ فَرْضٌ وَعِصْيَانُهُ وِزْرُ
وَإِنْ قُلْت دينُ المُسْلِمِينَ مُؤَيَّدٌ*** بِسُلْطَانِهِمْ لَمْ يَعْرُهُ الخَوْفُ وَالذَّعْرُ
فَلَمْ يَكُ هَذَا الوَقْتُ وَقتَ ظُهُوره*** وَلَمْ يُمْتَلئ ظُلْماً بها السَّهْلُ وَالوَعْرُ
الجواب عن قوله : وإن قيل من خوف الطغاة والأبيات الأربعة التي بعده:
وَأَنْكَرْتَ أَنْ يَخْشَى الرَّدَى بَعْدَ مَا دَرَى*** يَقِيْناً بِعِيسَى أَنْ سَيَجْمَعُهُ الدَّهْرُ
فَقُلْ لِيَ مُوسَى كَيْفَ تُؤْمَرُ أُمُّهُ ***بِإِدْخَالِهِ التَّابُوْتَ يَقْذِفُهُ الغَمْرُ
وَقَدْ كَانَ يَدْرِي اللَّهُ أَنَّ أَبْنَها غَداً ***سَيَغْلِبُ فِرْعَوْناً وَتَصْفُوْ لَهُ مَصْرُ
وَكَيْفَ اخْتَفَى فِي لَيْلَة الغَارِ أَحْمَد*** وَفِي غَيْرِها خَوْفَ الرَّدَى وَلَهُ الفَخْرُ
وَقَدْ كَانَ يَدْرِي أَنْ سَيَظْهَرُ دِينُهُ ***عَلَى كُلَّ دِيْنِ لَا يُخَالِطُهُ نُكْرُ
وَإِنْ قُلْتَ لَا يَدْرِي النَّبِيُّ وَمَا سِوَى*** المُهَيْمِنُ بِالأَجَالِ شَخْصٌ لَهُ خُبْرُ
فَقُلْ مِثْلَ هَذَا فِي الإِمَامِ فَلا يَرَى*** سَبيْلاً إلى إنْكَارِه مَنْ لَهُ حِجْرُ
نَعَمْ بِاخْتِفَاهُ قَدْ دَرَى وَلِأَجْلِه ***دَرَى أَنَّهُ حَتْماً يَطُولُ لَهُ العُمْرُ
ص: 526
الجواب عن قوله: وإن قيل من خوف الأذاة، والأبيات الستة التي بعده:
وَأَنْكَرْتَ أَنْ يَخْشَى الأَذَى وَقَدِ انْتَهَى*** إليه من الله الشَّجَاعَةُ وَالصَّبْرُ
وَنُزِّهُ عَنْ جُبْن فَحَاشَا لمثله*** مِنَ الجُبْنِ أَما ضَمَّهُ العَسْكَرُ المَجْرُ
فَهَلْ كَانَ جُبْناً حِيْنَ فَرَّ مُحَمَّدٌ ***إلى الغَار مع صديقه أَوْ لَهُ عُدْرُ
وَهَلْ كَانَ يَوْمُ الشَّعْبِ جُبْنَا سُكُوْتُهُ ***سنيّنَ وَمَا للدِّين في كُلّها ذكرُ
وَمِنْ قَبْلِ هَذَا كَانَ يَعْبُدُ رَبَّهُ*** مُسِرّاً فَلَا يَفْشُوْ لَهُ في الوَرَى سِرُّ
وَكَمْ مِنْ نَبِيَّ فَرَّ مِنْ خِيْفَةِ العِدَى*** فَمَا ضَرَّهُ خَوْفٌ وَلَا عَابَهُ فَرُّ
وَكُلُّهُمْ يَمْضُونَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ*** فَإِنْ شَاءَهُمْ فَرُّوا وَإِنْ شَاءَهُمْ كَرُّوا
الجواب عن قوله : وإن قيل ان الاختفاء بأمر من، والبيتين اللذين بعده:
وَأَنْكَرْتَ أَنْ يُخْفَى بِأَمْرِ مِنَ الذي*** قَدْ اسْتَوَيَا في علمه السِّرُ وَالجَهْرُ
وَقُلْتَ إِذَنْ رَبُّ البَرِيَّةِ عَاجِزٌ ***عَنْ النَّصْرِ كَلَّا لَيْسَ يَعْجَرُهُ النَّصْرُ
فَقُلْ لِيَ يَوْمَ الشَّعْبِ وَالغَارِ عَنْ رِضَى ***مِنَ اللَّهِ سَتْرُ المُصْطَفَى أَمْ بِهِ قَهْرُ
وَقُلْ لِيَ كَمْ لَاقَى النَّبِيُّونَ مِنْ أَذَى ***وَكَمْ قَدْ فَشَا قُدْماً بهَا القَتْلُ وَالأَسْرُ
أَكَانَ إلهُ العَرْشِ إِذْ ذَاكَ عَاجزاً*** عَن النَّصْرِ وَالتَّأْبِيْدِ هَذَا هُوَ الكُفْرُ
إذَا كَانَ يَمْحُوْ كُلَّ مَا هُوَ قَادِرٌ ***عَلَيْهِ مِنَ المَكْرُوهِ لَمْ يُوْجَدِ الشَّرُّ
وَلَمْ لَا يَكُوْنُ اللَّهُ شَاءَ اخْتِفَاءَهُ ***وَلَا قُبْحَ فِيْهِ عِنْدَ مَنْ دِينُهُ الجَبْرُ
ص: 527
تديْنُ بأنَّ اللهَ لَيْسَتْ مَنُوْطَةً*** بِمَصْلَحَة أَفْعَالُهُ إِذْ هُوَ الفَقْرُ
وَتَسْأَلُهُ عَنْ أَمْرِهِ لِوَلِيهِ*** لَعَمْرُ أَبِي هَذَا التَّنَاقُضِ وَالهَجْرُ
وَمَنْ ذَا الَّذِي أَمْسَى بِكُلِّ مَصَالِحِ ال*** أُمُورِ مُحِيْطَاً غَيْرَ رَبِّ لَهُ الأَمْرُ
وَلَا يُسْأَلُ الرَّحْمَنُ عَنْ فِعْله وَلَا ***يُحِيطُ بِمَا في علمه أبداً فكرُ
وَقُلْتَ بَدا في الهند ذُوْ مَهْدَوِيَّة ***وَمَا نَالُهُ قَتْلُ وَلَا نَالَهُ ضُرُّ
فَكَمْ مُدَّعِ لِلْمَهْدَوِيَّةِ غَيْرِهِ ***قَدْ انْتَهَبَتْ احشاءَهُ البَيْضُ وَالسُّمْرُ
وَأَنْكَرْتُمْ طُولَ الحَيَاةِ وَقُلْتُمُ ***إلى مثْل هَذَا لَا يَطُولُ به العُمْرُ
في المعمرين:
وَعَمَّرَ نُوْحٌ بَعْدَ شِيْتَ وَآدَمِ ***وَعِيْسَى وَإِلْيَاسَ وَإِدْرِيسَ وَالخِصْرُ
[وَعَاشَ ابْنُ عَادِ عُمْرَ سَبْعَة أَنْسُر ***ثَمَانُونَ عَامَاً ما يُعَمِّرُهُ النِّسْرُ ] (1)
وَعَمَّرَ في الماضيْنَ عَمْرُو بْنُ عَامر*** ثَمَان مئيْن نَابَها العُسْرُ وَاليُسْرُ
كَذَلكَ مَهْلَائِيْلَ ثُمَّ بَدَا لَهُ ***عَلَى الْأَمْنِ مِنْ طَرْفِ الرَّدَى نَظَرٌ شَزْرُ
وَذَا ابْنُ مُضَاضِ حَارِثٌ عَاشَ نِصْفَها*** فَمُدَتْ إِلَيْهِ لِلرَّدَى أَعْيُنٌ خُزْرُ
وَعَمَّرَ صَيْفِيٌّ كَمَا عَمَّرَ ابْنُهُ ***لِيَوْمِ عَلَى البَارِيِّ بِهِ وَقَعَ الأَجْرُ
وَعَاشَ عُبَيْدَ فَاغْتَدَتْ منْ لدَاته*** تُعَدُّ بَنَاتُ النَّعْشَ وَالأَنْجُمُ الزُّهْرُ
ص: 528
وَعَمَّرَ عَمْرُو وَهُوَ جَدُّ خَزَاعَة ***وَأَوَّلُ مَنْ يُعْرَى لَهُ الوَصْلُ وَالبَحْرُ
وَقَدْ عَمَّرَ المُسْتَوْعْرُ بْنُ رَبَيْعَة ***فَكَانَ بصَدْر المَوْتِ مِنْ عُمْره وَغْرُ
وَعَاشَ زُهَيْرٌ مَعْ رَبَيْعِ وطيء*** طَوِيْلاً فَقَالَتْهُم مَنَايَاهُم الحُمْرُ
وَحَارِثَةُ الكَلْبِيُّ وَابْنُ بُقَيْلَةِ ***وَكَعْبٌ هُوَ الدُّوسِيَ أَوْ فَاسْمِهِ عَمْرُو
وَستُ مِنْيْنِ عَاشَ قِسٌ مَعَ الوَرَى*** كَذَا هُبَل ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهِ القَبْرُ
وَمِثْلُهُما أَمْسَى سُطَيْحُ مُعَمِّراً ***وَمَاتَ وَلَمْ تُغْنِ الكَهَانَةُ وَالزَّجْرُ
وَعَمَّرَ عُوْفٌ مَعْ عَدِيٍّ وَعَامِرٍ*** ثَلَاثَ مِنَيْنِ لَا يُخَالِطُها كَسْرُ
وَسَيْفَ بْنُ وَهْبٍ مَعْ شَرِيَّةَ ثُمَّ ذُو*** جُدَان وَالأَذْقَانِ مِنْ بَعْدِها خَرُّوا
وَثَعْلَبَةُ الأَوْسِيُّ وَابْنَ شَرِيَّةِ ***عُبَيْدٌ فَمَنْ بِالدَّهْرِ مِنْ بَعْدُ يَغْتَرُ
كَذَلِكَ كَعْبٌ وَابْنُ كَعْبٍ وَجَعْفَرٌ*** وَذُو أَصْبِعِ فَاغْتَالَ عُمْرَهُمُ البَتْرُ
وَقَدْ كَانَ عُبَّادٌ عَلَى مَا رَوَوْا لَنَا*** ثَلَاثَ مئين باقياً مِثْلَ مَنْ مَرُّوا
وَسَامٌ وَتَيْمٌ نَصْفَ أَلف وَبَعْدَها*** عَلَى الرُّغْمِ قد وَارَاهُما المَنْزِلُ القَفْرُ
وَزَادَهُما عِشْرِيْنَ فِي العُمْرِ عَامِرٌ*** وَكَانَ لَهُ مِنْ بَعْدِها فِي الشَّرِى حَفْرُ
وَستَ منين عاشَ عَوْجٌ وَقَبْلَها ***ثَلَاثَة آلاف فَغَيَّبَهُ العَفْرُ
وَعَمَّرَ ذُو القَرْنَيْن أَلفاً ونصفَها ***وَالْمَوْت فيه بَعْدَهَا انْتَشَبَ الظُّفْرُ
وَقَدْ عَمَّرَ الصَّحَاكُ أَلْفاً وَبَعْدَها*** لداعي الرَّدَى قَدْ رَاحَ يَقْتَادَهُ الْأَسْرُ
ص: 529
وَتَسْعَ منين عَاشَ قَيْنَانُ في الوَرَى*** وَقَدْ كَانَ مِنْهُ خَيْرُ مَنْ وَلَدَتْ فَهْرُ
وَسَبْعَ مِنْيْنِ كَانَ فِي النَّاسِ بَاقِياً ***نُفَيْل وَلَمْ يَدْفَعْ مَيَّتَهُ الحَدْرُ
وَعَاشَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَوادَ مِثْلَها*** وَزَادَ وَلَمْ يُخْلِدهُ مُلُكَ وَلَا وَفْرُ
وَعَاشَ ذُوَيْدٌ مَا عَلَمْتَ وَعَمَّرَتْ*** طَوِيْلاً رَجَالٌ لَا يُحيط بها الحَصْرُ
الجواب عن قوله فحتام هذا الاختفاء:
وقلت فَحَتَّامَ الخَفَاء وَقَدْ مَضَى ***مِنَ الدَّهْرِ آلاف وَذَاكَ لَهُ ذِكْرُ
أَأَنْكَرْتَ مِنْ رَبِّ البَريَّة قُدْرَةً ***عَلَى مِثْلَ هَذَا إِنَّ هَذَا هُوَ الهَجْرُ
وَقَدْ جَاء في الدَّجال والخضر مثْلُهُ*** وَأَثْبَتَهُ النَّص الصَّحِيحُ وَلَا حَجْرُ
وَقَدْ بَقيَا مِنْ عَهْدِ مُوسَى وَأَحْمَد ***إِلَى زَمَن يُعْطى لمَهْديه النَّصْرُ
إِذَا عَمَّرَ الدَّجَالُ وَهُوَ مُعَانِدٌ ***مُضِلُّ فَفِي المهدي (علیه السلام)قَدْ سَهْلَ الْأَمْرُ
وَقصَّةُ أَهْلِ الكَهْفِ أَعْجَبُ وَالذي*** عَلَى قَرْيَةٍ قَدْ مَرَّ أَمْرُهُما إِمْرُ (1)
فَلَمْ يَتَسَنَّة بَعْدَ قَرْن طَعَامَهُ ***كَذَاكَ شَرَابٌ نَابَهُ الحَرُّ وَالقَرُّ
فَقَدْ صَحَ مِمَّا مَرَّأَتَ وُجُوْدَهُ ***خَفِيٌّ عَنْ الْأَبْصَارِ لَيْسَ بِهِ حَظْرُ
وَيَثْبِتُ بالنَّص الجَلي وُجُوْدُهُ ***وَبَالعَقْل لَا يَعْرُوهُ شَكٍّ وَلَا نُكْرُ
الدليل على وجوده بالفعل وغيبته بعد الفراغ من إثبات مكانه:
ص: 530
فَفَي الثَّقَلَيْنِ قَدْ أَتَتْنَا رِوَايَةٌ ***تَحِقُّ بِهَا الدَّعْوَى وَيَنْدَفِعُ الأَصْرُ
يَقُولُ نَبِيُّ اللَّهِ إِنِّي تَارِكَ*** لَكُمْ هَادِياً يَبْقَى وَإِنْ فَنِيَ الدَّهْرُ
تَرَكْتُ كِتَابَ اللهِ فِيْكُمْ وَعِتْرَتِي ***هُمُ أَهْلُ بَيْنِي السَّادَةُ القَادَةُ الغُرُّ
هُما مَرْجِعُ لِلْخَلْقِ لَنْ يَتَفَرَّقا*** إلى أَنْ يَكُوْنَ النَّشْرُ لِلنَّاسِ وَالحَشْرُ
فَمَا ضَلَّ مَنْ كَانَا لَهُ مُتَمَسِّكاً ***وَلَا خَابَ مَنْ آلُ النَّبِيِّ لَهُ ذُخْرُ
فَأَثْبَتَ هَذَا القَوْلُ للآل عصْمَةً ***وَقَدْراً تَسَامَى أَنْ يُدَانِيَهُ قَدْرُ
أَيَأْمُرُهُم حَاشَاهُ أَنْ يَتَمَسَّكُوا ***بِعَاصِ وَيُلْقِيْهِمْ بِمَا مِنْهُ قَدْ فَرُوا
وَمَنْ كَانَ للقُرْآن لَيْسَ مُفَارقاً ***فَعَصْمَتُهُ حَتْمٌ كَمَا عصم الذِّكْرُ
وَحَيْثُ وَرُودِ الحَوْضِ أَصْبَحَ غَايَةً*** فَلَيْسَ بِخَالٍ مِنْهُما أَبَداً عَصْرُ
وَنَفْيُّ السَّوَى الإِجْمَاعَ مِنَّا وَمِنْكُمُ اقْ*** تَضَى وبمَا قُلْنَاهُ قَدْ ثَبَتَ الحَصْرُ
وَباللُّطْف يَقْضِي العَقْلُ حَتْماً فَرَبُّنَا*** لَطيف وَفِي كُلِّ الأُمُوْر لَهُ خُبْرُ
يُقَرِّبْنَا مِنْ كُلِّ نَفْعٍ وَطَاعَةٍ*** وَيُبْعِدُنَا عَنْ كُلِّ ذَنْبٍ بِهِ الضُّرُّ
وَمَن لطفه أَمْسَى مُثيباً مُعَاقباً ***وَمَنْ لُطفه أَنْ تُرْسَلَ الرُّسُلُ وَالنُّدْرُ
تُبِيْنُ لَنَا طَرْقَ الضَّلَالَةِ وَالهُدَى ***جَميعاً وَمَا فِي حُكْمه أَبَداً قَسْرُ
لِئَلَّا يَرَى للنَّاس من بَعد حُجَّة ***عَلَى الله أَوْ يَبْدُو لَهُمْ فِي غَد عُدْرُ
ويحيا الذي يَحْيَا وَيَهْلَكُ هَالك*** وَقَدْ جَاءَهُ التَّبْيَانُ ما دُونَهُ سَتْرُ
ص: 531
فَأَرْسَلَ فِيْنَا أَنْبِيَاءً تَنَزَّهُوا*** عَن الذَّنْب لَا يُعْصَى لَهُ فِيْهُمُ أَمْرُ
وَلَوْ جَازَ أَنْ يَعْصُوْهُ مَا كَانَ أَمْرُهُمْ ***مُطَاعاً وَخَيْفَ الكَذَّبُ مِنْهُمْ أَو المَكْرُ
وَمِنْ بَعْدِهِمْ أَبْقَوا رُعَاةً لِدِينِهِمْ ***يَحُوطُونَهُ مِنْ أَنْ يُحِيْقَ بِهِ الكُفْرُ
هُمُ الأَوْصِيَاءُ الرَّاشِدُونَ وَكُلُّهُمْ*** بُحُورٌ عُلُومٌ لَا يُخَاصُ لَهَا غَمْرُ
وَكُلُّ دَلِيْلِ بِالنُّبُوَّةِ قَدْ قَضَى*** فَمِنْهُ بِإِثْبَاتِ الإِمَامِ قَضَى الفِكْرُ
وكل دليل مثبت عصمَة لَهُمْ *** به عصْمَةً في الأوصيا أَثْبَتَ الحجْرُ
فَهَذَا أَتَى بالشَّرْع منْ عِنْدِ رَبِّهِ ***وَهَذا به للشَّرْعَة الحفظ وَالنَّصْرُ
وَلَيْسَ بِمَعْصُوْمِ سُوَى آلِ أَحْمَدِ*** بإجْمَاعَ كُلِّ المُسْلِمينَ وَلَا نُكْرُ
فإِنْ أَصْبَحَ البُرْهَانُ يُثْبِتُ عَصْمَةً ***فَمَا حَازَهَا إِلَّا هُمُ وَاشْتَفَى الصَّدْرُ
وَمَا نُصبوا إلّا بِأَمْرِ مدبرٍ*** حكيم تَساوَى عِنْدَهُ السِّرُّ وَالجَهْرُ
وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْأَرْضِ فِي ذَاكَ خَيْرَةٌ ***وَكُلُّهُمْ فِيْمَا يُحَاوِلُ مُضْطَرُّ
وَكَيْفَ يَكُوْنُ الأَمْرَ طبق اختيارهمْ*** وَطَبْعُهُمْ إِلَّا أَقَلَّهُمُ الشَّرُّ
وَلَكنَّ ربّاً بالعواقب عالماً ***حَكَيماً إلى ما اخْتَارَهُ يَنْتَهِي الأَمْرُ
وَهُمْ فُلْكَ نُوْحُ قَدْ نَجَا كُلُّ رَاكِب*** بِهَا وَهَوَى مَنْ حَادَ عَنْهَا بِهِ الكَبْرُ
وَهُمْ كَالنُّجُوْمُ الزُّهْرِ مَا غَابَ وَاحِدٌ*** عَنِ النَّاسِ إِلَّا أَطْلَعَتْ أَنْجُمٌ زُهْرُ
وَهُمْ في وَصَاةِ المُصْطَفَى بَابُ حِطَّة ***لداخله من ربِّه الأَمنُ وَالبشر
ص: 532
وَهُمْ أَمْنُ أَهْلِ الْأَرْضِ كَالأَنْجُمِ التِي ***بِهَا أَمَنَتْ أَهْلُ السَّمَا وَبِهَا قَرُّوا
وَرَبُّهُمْ قَدْ أَذْهَبَ الرِّجْسَ عَنْهُمُ ***أَجَلْ وَلَهُمْ مِنْهُ النَّزَاهَةُ وَالطُّهَرُ
فَهَلْ بَعْدَ هَذَا القَوْل يُنْكَرُ عصْمَةً*** لَهُمْ ظَهَرَتْ إِلَّا أَخُو السَّفَه الغَمْرُ
وَخَيْرُ الوَرَى قَالَ الأَئِمَّةُ كُلُّهُمْ ***عَلَى مَا رَوَيْتُمْ فِي قُرَيْشٍ لَهُمْ حَصْرُ
وَقَالَ يَلِيْ ذَا الْأَمْرَ عَشْرُ خَلَائِفِ*** مَعَ اثْنَيْنِ كُلُّ فِي قُرَيْشٍ لَهُ نَجْرُ
وَفي بَعْضِهَا مِنْ هَاشِمٍ وَلِعِلَّةٍ ***بِهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لَمْ يَكُنِ الجَهْرُ
وَمَنْ مَاتَ لَمْ يَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ ***فَقَدْ مَاتَ مَوْتاً جاهليّاً هُوَ الخُسْرُ
فَفَيْ كُلِّ عَصْرِ مِنْ قُرَيْشٍ خَلِيْفَةٌ ***من العدد المَيْمُون إِنْكَارُهُ وَزْرُ
وَيَنْفِيَّ بِإِجْمَاعِ الفَرِيقَيْنِ غَيْرَ مَنْ*** نَقُولُ وَذَاكَ اثْنَانِ يَقْفُوْهُما عَشْرُ
فَهَذِي رُوايَاتٌ ثَلَاتٌ بِضَمها ***إلى وَاضِحِ الإِجْمَاعِ يَبْدُو لَكَ السِّرُ
عَلَى أَنَّ فِي ثَانِي الأحاديث مَقْنَعاً ***لمَنْ كَانَ للإِنْصَافِ فِي قَلْبِهِ بَدْرُ
فإِن قُرَيْشاً مَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ ***يَزِيدُونَ عَنْ هَذَا وَهُمْ عَدَدٌ كُثرُ
وَبَعْضُهُمْ لَا يَسْتَحِقُّ خِلَافَةٌ*** لِمَا فِيهِ مِنْ ظُلْمٍ بِهِ عَظُمَ الوِزْرُ(1)
كَمَنْ مِنْ بَنِي العَبَّاسِ أَوْ مِنْ أُمَيَّةِ*** بِحِلْمِ إِلَهِ العَرْشِ عَنْهُمْ قَدْ اغْتَرُّوا
وَمَنْ كَانَ مِنْهُم ذَا صَلَاحٍ فَإِنَّهُ ***قَلِيْلٌ وَهُمْ مِنْ ذَلِكَ العَدَدَ الشَّطْرُ
ص: 533
عَلَى أَن في تلكَ الرِّوَايَات أَنَّهُمْ*** سَيَبْقُوْنَ حَتَّى يَجْمَعَ الأُمَّةَ النَّشْرُ
وَأَنْ لَا يَزَالَ الدِّينُ والحَقِّ قَائِماً ب***ِهِمْ وَلَهُمْ فِي الأُمَّةِ النَّهْيُّ وَالأَمْرُ
وَمَنْ قَدْ ذَكَرْنا مِنْ قُرَيْشٍ فَإِنَّهُمْ ***قَدِ انْقَرَضُوا طَرَا وَأَقْناهُمُ الدَّهْرُ
إِذا فَهُمْ لَا شَكَ آلُ مُحَمَّدٍ*** وَهُمْ حَيْدَرٌ وَابْنَاهُ وَالتَّسْعَةُ الغُرُّ
فَهُمْ مَنْ أَقَرَّ المُسْلِمُوْنَ بِفَضْلِهِمْ ***وَهُمْ مَنْ زَكُوا بَيْنَ الْأَنَامِ وَمَنْ بَرُّوا
وَفِي الثَّقَلَيْنِ مَا أَتَى عَاضِدٌ وَمَا ***مَضَى غَيْرُهُ أَوْ مَا يَجِيءُ لَهُ الذِّكْرُ
وَفِيمَا رَوَاهُ جَابِرٌ عَنْ نَبِيِّنَا ***بَلَاغُ لِمَنْ لَمْ يَعْرُ مَسْمَعَهُ وَقْرُ
وَمَا قَدْ رَوَاهُ أَخْطَبُ الخُطَبَاء وَال ***جُوَيْنِي مَا فِي مِثْلِهِ شُبْهَةٌ تَعْرُو
وَغَيْرُهُما مِمَّا رَوَتْهُ ثَقَاتُكُمْ ***به شحن القَرْطَاسُ وَامْتَلَةَ السِّفْرُ
تَفَيْضُ يَنَابِيعُ المَوَدَّةِ للوَرَى ***بِهِ فِي مَضَامِيْنِ يَضِيقُ بِهَا الشَّعْرُ
وَفِي بَعْضِها سَمَّى الأَئِمَّةَ كُلَّهُمْ*** بِأَسْمَائِهِمْ مَا شَدَّ زَوْجٌ وَلَا وَتْرُ
وَأَحْمَدُ وَالغُرُّ المَيَامِينُ أَخْبَرُوا ***بِغَيْبَةِ مهدي (علیه السلام)بِهِ خُتِمَ العَصْرُ
رَوَتْهُ لَنا فَوْقَ التَّوَاتِرِ عَنْهُمْ ***وَعَنْهُ رِجَالٌ لَا يُحِيطُ بها الحَصْرُ
ذكر القائلين بوجود صاحب الزمان من علماء أهل السنة:
وَقَدْ قَالَ مِنْكُمْ عِدَّةٌ بِوُجُودِهِ*** ثِقَاتٌ لَدَيْكُمْ مَا عَدِيْدَهُمْ نَزْرُ
فَهَذا الفَقيَّهُ الشَّافِعِيُّ ابْنُ طَلْحَةَ ال*** ذي لَا تُوَازي علمَهُ الأَبْحُرُ الغُزْرُ
ص: 534
يَقُوْلُ بما قُلْنَا به في مَطَالب السُّ*** ؤول ببُرْهَان به يُشْرَحُ الصَّدْرُ
كَذَاكَ الفَقيَّهُ الشَّافِعِيُّ ابْنُ يُوسُفَ*** مُحَمَّد الكنْحِيُّ مَنْ عِلْمُهُ البَحْرُ
كفَايَتُهُ تَكْفي وَهَذَا بَيَانُهُ ***لَقَدْ بَانَ مِنْهُ الحَقُّ وَاتَّضَحَ الْأَمْرُ
كَذَا المَالِكِيُّ الحَبْرُ نَجْلُ مُحَمَّدٍ ***عَلِيُّ بْنُ صَبَّاغِ هُوَ الثَّقَةُ البَرُّ
يَقُولُ بِهَذا في فُصُولِ مُهِمَّةٍ ***لَهُ وَعَلَى فَصْلِ الرَّيعِ لَها الفَخْرُ
وَذَا السَّبْطُ الجَوْزِيِّ قَالَ بِقَوْلُنَا ***بِتَذْكِرَةِ خُصَّتْ وَعَمَّ لَهَا الذِّكْرُ
وَكَمْ مِنْ كُنُوز بالفُتُوحَاتِ فُتَّحَتْ ***وَمَنْها غَداً يُسْتَخْرَجُ الدَّرُّ وَالتَّبْرُ
كَذَا الفَاضِلُ الجَامِيُّ مِنْهُ شَوَاهِدُ ال ***نُبُوَّةَ أَزْكَى شَاهِد ضَمَّهُ الدَّهْرُ
وَفِي رَوْضَةِ الأَحْبَابِ أَيُّ حَدَائِقِ*** تَفَتَّحَ فِيْهَا مِنْ أَكَمَّتِهِ الزُّهْرُ
وَكَمْ قَدْ جَلَا فَضْلُ الخِطَاب مَقَالَة ***هيَ الفَصْلُ حَقَّاً لا الخطابَةُ والشَّعْرُ
وَمَرْآةُ أَسْرَارِ الإِلَهِ بَدَتْ لَنا ***وِلَادَتُهُ مِنْهَا كَمَا بَزَغَ البَدْرُ
ومما يَقُولُ المَوْلَوِيُّ مُعَلِّقاً ***عَلَى نَفَحاتِ الإِنْسِ قَدْ نَفَحَ النَّشْرُ
وَهَذَا ابْنُ شَمس الدِّينِ كَالشَّمْسِ أَصْبَحَتْ ***هدايتُهُ حَتَّى اهْتَدَيْنَ بهَا الزُّهْرُ
وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الحَقِّ وَالحَقِّ قَوْلُهُ*** بذلكَ وَالأَقْوَالُ من مثله كُفْرُ
وَقَدْ قَالَ سَعْدُ الدِّيْنِ أَيْضاً بِمِثْلِهِ ***خَلِيْفَةُ نَجْمِ الدِّينِ وَالعَارِفُ الصَّدْرُ
كَذَلكَ شَعْرَانِيُّكُمْ مِنْ كِتابه ال*** يواقيت تُخْتَارُ اليَواقِيتُ وَالدُّرُ
ص: 535
وَهَذَا الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ إِمَامُكُمْ ***حَكَى (1)ذَاكَ عَنْ جَمْعِ لَهُمْ كُشِفَ
وَقَالَ بهَذا غَيْرُ مَنْ مَرَّعُصْبَةٌ ***يَطُولُ بِهِمْ ذَيْلُ الكَلَامِ وَيَنْجَر
وَكَمْ عَارِف مِنْكُمْ وَقُطب قَدِ ادَّعَى*** لَهُ رُؤْيَةً يُعْطَى بَها الخَيْرُ وَالبَرُّ
كَما قَدْ رَوَى فِي كُتبه الطَّبَقَاتِ وال*** يواقيتِ شَعْرَانِيَّكُمْ ذَلِكَ الحَبْرُ
عَنِ الحَسَنِ الشَّيْخ العراقي أَنَّهُ ***رَآهُ يَقيناً مِثْلَما طَلَعَ الفَجْرُ
وَسَبْعَةَ أَيام أَقَامَ مُشَاهِداً ***لِطَلْعَتِهِ الغَرَا لطَلْعَته الغَرًا يُبَاشره البشر
وَلَقَنَهُ ذِكْراً وَإِدْمَانَ وِردِهِ ***فَيَوْمَ بِهِ صَوْمٌ وَيَوْمَ بِهِ الفِطْرُ
وَأَسْنَدَ في أَنْوَارِهِ بَيْعَةٌ لَهُ*** بِجُلَّقَ عَنْ جَمْعِ بُرَؤْيَتِهِ اسْتَرُّوا
وَوَافَقَهُ في ذِكْرِ مُدَةِ عُمْرِهِ ***عليُّ هُوَ الخَوَاصِ مَا عِنْدَهُ نُكْرُ
وَعَنْهُ رَوَى بَعْضَ المُسَلْسَلَةِ البِلَا*** ذري شَفَاهَا وَهْيَ فِيْكُمْ لَهَا ذِكْرُ
وَمَنَّا رَآهُ عُصْبَةٌ لا يَعُدُّهُمْ ***حِسَابٌ وَلَا يَحْويْهِم أَبَداً حَصْرُ
إِذَا أَخْبَرَ الأَبْدَالُ منَّا وَمِنْكُمُ ***به فَأَخُو التَّكْذِيْب مَسْلَكُهُ وَعْرُ
عود إلى الاستدلال على وجوده بالفعل:
وَقَدْ صَحَ في الأَخْبَارِ مِمَّا رَوَيْتُمُ ***وَفِي حَصْره تُفْنَى الدَّفَاتِرُ وَالحِبْرُ
ظَهُوْرُ إمام لَا مَحالَةَ قَائِمٌ ***بِنَصْرِ الهُدَى فِي كَفَه الخَيْرُ وَاليُسْرُ
ص: 536
وَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا امْتَلَتْ ***منَ الجَوْر لَا يَخْلُوْ بِهَا أَبَداً شبْرُ
وَإِنَّ اسْمَهُ كَاسمِ النَّبِيِّ وَجَدَّهُ*** عَلِيٌّ وَإِنَّ الأُمَّ فَاطِمَةُ الطُّهْرُ
وَقَدْ أَوْضَحَتْ تِلْكَ الرّواياتُ نَعْتَهُ ***وَحِلْيَتَهُ كَي يَفْهَمَ الجَاهِلُ الغَرُّ
كَما كَانَ مُوسَى مُوضحاً نَعْتَ أَحْمَد ***كَذَلكَ عَيْسَى حِيْنَ جَاءَهُمَا الأَمْرُ
وَمَا عَيَّنَتْ وَقتَ الوِلَادَةِ لَا وَلَا ***نَفَتْ قَوْلَنَا بَلْ إِنَّهَا مِنْهُما صَفْرُ
فَإِنْ وَرَدَتْ أَخْبَارُنَا بِوُجُودِهِ ***وَغَيْبَتِهِ يُدِي تَوَاتِرُها السَّبْرُ
وَذِكْرِ اسْمه مَعْ نَعْته وصفاته ت***َوَافَقَتْ الأَخْبَارُ وَانْدَفَعَ الإِصْرُ
وَلَمَّا مَضَى بَعْدَ النَّبِيِّ مُحَمَّد*** ثَلَاثُوْنَ عَاماً لَا يَزِيدُ بِهَا شَهْرُ
أصيْرَتْ إِلَى المُلْك العَضُوْض خِلَافَةٌ ***تَنَاوَبَها بَيْنَ الوَرَى الكَسْرُ والجَبْرُ
يُقَلَّدُها في النَّاسِ بَرُّ وَفَاجِرٌ*** فَفَاجِرُها يَشْقَى وَيَحْظَى بِهَا البَرُّ
وَكَمْ قَدْ مَضَى دَهْرٌ عَلَى النَّاسِ لَمْ يَكُنْ*** عَلَيْهِمْ سَوَى مَنْ دَابَهُ اللَهْوَ وَالخَمْرُ
كَمِثْل يَزِيْد وَالوَليْد وَمَنْ مَشَى*** ضَلَالاً عَلَى نَهْجَيْهِما وَهُمُ كُثرُ
فَأَولهم بالكُفْرِ أَعْلَنَ بَعْدَ مَا ***أَبَاحَ دِمَاءَ لِلنَّبِيِّ بِهَا وِتْرُ
وَحُكَمَ في أَبْنَاءِ فَاطِمَة بَنِي*** زِيَادٍ وفِي ابْنِ الْمُصْطَفَى حُكْمَ الشَّمْرُ
فَبَانَت عَلَى وَجْهِ الصَّعِيْدِ جُسُوْمُهُم*** ثَلَاثَاً وَمَارَتْ بِالرُّؤوسِ القَنَا السُّمْرُ
ص: 537
وَسَيْقَتْ ذَرَاريه نَسَاءً وَصِبْيَةً ***أُسارى مَحَا ألوانها البَرْدُ وَالحَرُّ (1)
يُطَافُ بِهَا البُلْدَانَ حَتَّى كَأَنَّهَا ***مِنْ الرُّوْمِ سَبْيٍّ رَاحَ يَقْتَادَهُ الأَسْرُ
وَطَيْبَةً دَارُ المُصْطَفَى قَدْ أَبَاحَها ***ثلاثاً فَلَمْ تَسْلَمْ حَصَانٌ وَلَا بِكْرُ
وَبَايَعَ أَهْلِيْهَا بِأَنَّهُمْ لَهُ ***عَيْدٌ فَسَادَ العَبْدُ وَاسْتُعْبِدَ الحُرُّ
وَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ أَمْسَى مُمَزَّقَاً ***بسهم وليد لا يصان له قدر
وكم قد سعى بسر ابن أرطاة مفسداً ***وَيَا رَبَّ طفْل حَزَّ أَوْدَاجَهُ بِسْرُ (2)
وَكَمْ شَتَمُوا فَوْقَ المَنَابِرَ جَهْرَةً ***عَليّاً وَرَامُوا مِنْهُ أَنْ يُدْرَكَ النَّارُ (3)
وَمَا فِعْلُ نَمْرُودَ وَفَرْعَونَ بَعْدَهُ ***كَمَا فَعَلَ الحَجَّاجُ لَا نَالَهُ الغَفْرُ
وكُمْ سَحْرُوا مِنْ صِنْوَ أَحْمَدَ فِي المَلَا ***وجاؤا بأفعال يَذُوبُ لَها الصَّخْرُ (4)
وَكَمْ حَرَثُوا قَبْرَ ابْن بنت مُحَمَّد ***وَأَجْرَوْا عَلَيْهِ المَاءَ كَيْ يُطْمَسَ الذِّكْرُ
وَكَمْ مِنْهُمُ أَمَّتْ لَهُ النَّاسُ غَادَةً ***عَلَى غَيْر طُهْرٍ هَزَّ أَعْطَافَها السُّكْرُ
وكَمْ حَكَمَ النُّسْوَانُ فِي النَّاسِ لَمْ يَكُنْ ***يُنَازِعُها فِي الْأَمْرِ زَيْدٌ وَلَا عَمْرُو
وَكَمْ مِنْ زَمَانٍ كَانَ لِلقِرْدِ مَنْزِلٌ ***رَفِيْعٌ غَدَا مِنْ دُونِهِ العَبْدُ وَالحُرُّ
ص: 538
وَكَمْ مُدَّعِ حَقَّ الخِلَافَةِ غَاشِمِ ***كَأَتَ الوَرَى سَرْبُ القَطَا وَهُوَ الصَّقْرُ
أَكَانُوا هُمُ للمسلمينَ أَنمَةً ***هُدَاةً وَفِي أَيْديهِمُ الطَّيُّ وَالنَّشْرُ
فَمَنْ ذَا الذِي يَرْضَى إِمَامَةَ مِثْلِهِمْ ***عَلَى نَفْسِهِ أَمْ مِنْ إِمَامٌ خَلَا العَصْرُ
وَمَنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ ***فَفَيْ حَقَّه بالنَّصَّ قَدْ ثَبَتَ الكُفْرُ
وَهَلْ تَرَكَ الرَّحْمَنُ هَذَا الوَرَى سُدىً*** بِلَا حَاكِمِ عَدْلٍ بِهِ يُجْبَرُ الكَسْرُ
أيُخلَق للحيوان في كُلِّ فِرْقَةٍ ***رئيس مُطَاعٌ دَافِعٌ مَانِعَ بَرُّ
فَلِلنَّحْلِ يَعْسُوْبٌ وَالنَّمْلِ قَائد ***وَفي حُمُرِ الوَحْشِ الرَّئيسُ لَهُ ذِكْرُ
وَفي بَدَنِ الإِنْسَانِ قَلْبٌ مُدَبِّرٌ*** جَوَارِحَهُ وَالنَّاسُ أَمْرُهُمْ هَدْرُ
أَيُوكِلُهُمْ وَهْوَ الحَكِيمُ لِمَا اشْتَهَوا ***وَعَادَتُهُمْ ظُلْمٌ وَطَبْعُهُمُ الغَدْرُ
وَلَوْ أَن مَخْلُوقاً يُخَلِّفُ ضَيْعَةً ***إِلَى قَيْمٍ قَالُوا أَخُوْ سَفَهِ غَمْرُ
فإن قلتَ إِنَّ اللهَ نَاظِمُ أَمْرِهِمْ ***جَمِيعاً فَمَا فِيْهِمْ إِلَى قَيْمٍ فَقْرُ
فَذَاكَ الذِي مَا قَالَهُ قَطُّ عَاقِلٌ ***وَيَقْضِي بِأَنْ لَا تُرْسَلُ الرُّسُلُ وَالنُّدْرُ
وَأَنْ لَا يَكُوْنَ الأَمْرُ بِالعُرْفِ وَاجباً ***وَلا النَّهْيُّ عَنْ نُكْرِ وَلَا الوَعْظُ وَالزَّجْرُ
وَلَكِنَّهُ أَجْرَى الأُمُورُ جَمِيْعَها ***بِأَسْبَابِهَا مَا فِي مَشِيْئَتِهِ قَهْرُ
وَلَوْلَاهُ مَا تَمَّتْ من الله حُجَّةٌ ***عَلَى خَلْقه كَلَّا وَلَا انْقَطَعَ العُدْرُ
ص: 539
فَهَذَا صَرِيْحُ العَقْل وَالنَّقْل مِنْكُمْ*** وَمَنَّا بِأَنْ لَم يَخْلُ مِنْ حُجَة عَصْرُ
غَدَتْ كُلُّهَا مِنْ هَاشِمٍ أَوْ قُرَيْشِهَا ***وَمَا هِيَ غَيْرُ اثْنَيْنِ بَعْدَهُما عَشْرُ
وَلَيْسَ بِهَذَا العَد وَالوَصْف غَيْرُ مَنْ*** نَقُولُ فَللَه المَحَامِدُ وَالشُّكْرُ
نبذة من فضائل مولانا أمير المؤمنين (علیه السلام)
فَأَوَّلُهُمْ صِنْوَ النَّبِيِّ وَصِهْرُهُ*** فَهَلْ مِثْلُهُ صِنْرٌ وَهَلْ مِثْلَهُ صِهْرُ
كَهَارُوْنَ مِنْ مُوسَى غَدَا مِنْ مُحَمَّدٍ ***وَمَا مِنْهُما إِلَّا وَشَدَّ بِهِ الأَزْرُ
أخُوْهُ الصَّفيُّ المُجْتَبَى وَابْنُ عَمِّهِ*** وَنَاصِرهُ الكَرَارُ إِنْ أعْوَزَ الكَر
وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ مُلَيِّياً ***لدَعْوَتِه وَالنَّاسُ عَمَّهُمُ الكُفْرُ
وَتَحْتَ الكسَا ثَانيه وَاحِدٌ خَمْسَةِ ***هُمْ خَيْرُ مَنْ عَذَاهُ في مَهْدِهِ الدَّرُّ
أَحَبَّ عِبَادَ اللهِ بَعْدَ نَبِيِّهِ ***إِلَى اللَّهِ لَمْ يَغْرُرْهُ مُلْكَ وَلَا دُنْرُ
وللطَّائرِ المَشْوِي فِي ذَاكَ قصَّةٌ ***فَبُوْرِكَ مِنْ طَيْرِ بِهِ قَدْ بَنَا الوَكْرُ
وَوَاقِيهِ يَوْمَ الغَارِ مِنْهُ بِنَفْسِهِ ***مِنْ المَوْتِ لَا يَعْرُوْهُ خَوْفٌ وَلَا ذُعْرُ
فَبَات رَكيْنَ القَلْبِ فَوْقَ فِرَاشِهِ*** وَالْمَوْتِ أَمْسَى نَحْوَهُ نَظَرٌ شَزْرُ
وَمَنْ طَلَقَ الدُّنْيَا ثَلاثاً وَلَمْ يَمِلْ إ***ِلَيْهَا وَلَا أَلْوَتْ بِهِ البَيْضُ وَالصُّفْرُ
وَفَارِسُ أُحْد وَالنَّصْيْر وَخَيْبَر ***وَيَوْمَ حُنَيْنِ قَدْ مَضَى قَبْلَهُ بَدْرُ
وَشَادَ بِيَوْمِ الخَنْدَقِ الدِّيْنِ إِذْ ثَوَى ***بِضَرْبَتِهِ العُظْمَى إِلَى جَنْبِهِ عَمْرُو
ص: 540
وَأَفْنَى بِيَوْمِ البَصْرَةِ الجَمْعَ سَيْفُه ***ُ فَعَادَ وَوَجْهُ الْأَرْضِ بِالدَّمِ مُحْمَرُّ
وَفِي يَوْمِ صِفِّيْنِ أَبَادَ جُمُوْعَهُمْ ***وَقَدْ ذَهَلَتْ فِيهِ عَنِ الوَلَدِ الظُّفْرُ
وَلَا تَنْسَ يَوْمَ النَّهْرَوَان وَقَدْ محا ***جُمُوعَهُمْ فِيهِ وَمَا عُبَرَ الجِسْرُ
مَدِينَةُ عِلْمِ الله طَهَ وَبَابُها ***عَلِيٌّ وَمِنْ أَبْوَابِهِ يُدْخَلُ المِصْرُ
هُوَ البَحْرُ بَحْرُ العِلْمِ وَالجُوْدِ وَالنَّدَى ***وَلَكِنْ لَهُ مَدُّ وَلَيْسَ لَهُ جَزْرُ
وَخُصص فِي يَوْمِ الغَدِيْرِ بِبَيْعَةِ ***بِهَا أَبْيَضَ وَجْهُ الدِّيْنِ وَابْتَسَمَ النَّغْرُ
وَقَامَ رَسُولُ اللهِ فيهم بخطبة ***يُحَقَّرُ فِي أَلْفَاظِهَا الدرُّ وَالتَّبْرُ
يَقُولُ وَقَدْ أَصْغَوْا جَميعاً لقَوْله ***وَلِلْأَرض مِنْ حَرِّ الهَجير بهَا سُعْرُ
أَلَسْتُ الذي أَوْلَى بِكُمْ مِنْ نُفُوسِكُمْ ***فَقَالُوا بَلَى أَوْلَى بِهَا وَلَهُمْ جَارُ
فَقَالَ أَلَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ مِنْكُمُ ***فَهَذَا عَلِيُّ فَهْوَ مَوْلَاهُ وَالنُّخْرُ
وَفِي هَلْ أَتَى مَاذَا أَتَى وَبِإِنّما ***وَلِيُّكُمُ مَا لَيْسَ يَبْلَغُهُ الحَزْرُ
وفي قُلْ تَعَالَوْا أَي كثر من الهُدَى ***وَأَيُّ مَقام عَنْهُ قَدْ أَفَصَحَ الذِّكْرُ
وَفِي آية التَّطْهِيرِ أَيُّ فَضِيْلَةِ ***بِهَا عَادَ وَجْهُ الحَقِّ أَبْلَجُ يَفْتَرُّ
وَكَانَ إِمَامُ العِلْمِ يَقْضِي بِهِ وَمَنْ*** سوَاهُ إمامُ السَّيْف فَانْتَظَمَ الأَمْرُ
وَكَمْ رَجَعُوا فِي مُعْضلات أمُورِهِمْ ***إِلَيْهِ فَلَمْ يَقْعُدْ بِهِ العَيُّ وَالحَصْرُ
وَكَمْ أَعْلَنَ الفَارُوْقَ لَوْلَا وُجُوْدُهُ ***هَلَكْتُ وَلَوْلَا حُكْمُهُ انْقَصَمَ الظَّهْرُ
ص: 541
إلى أَنْ مَضَى مِنْ قَبْلَهُ فَتَجَمَّعَا ***لَهُ العِلْمُ وَالسُّلْطَانُ مَا عَنْهُما حَجْرُ
نبذة من فضائل باقي أهل البيت (علیهم السلام)
وَقَامَ بَنُوهُ الأَطيبُوْنَ مَقَامَهُ ***حُمَاةٌ هُدَاةٌ سادَةٌ قَادَةٌ غُرُ
وَمَا عَشَرَ الْأَعْدَاءُ مِنْهُم بِزَلَّةٍ ***وَلَا فِيْهُمُ القَدْحِ عَيْنٌ وَلَا أَثَرُ
وَلَا سُئِلُوا عَنْ مُشْكِل فَتَوَقَّفُوا ***وَلَا حَارَ مِنْهُمْ عِنْدَ مُعْضِلَةٍ فِكْرُ
وَلَا وُجِدُوا يَوْماً بِحَلْقَةٍ مُرْشِدٍ*** يُلَقَّنُهُمْ مِنْ عِلْمِهِ عَالِمٌ حَبْرُ
وَكَانُوا جَمِيعاً خَيْرَ أَهْلِ زَمَانِهِمْ ***بِهِمْ في سنيْنِ الجَدْبِ يُسْتَنْزَلُ القَطْرُ
وَكَمْ جَهَدَ الأَعْدَاء في طي فَضْلِهِمْ*** وَيَزْدَادُ مَعْ طُوْلِ الزَّمَانِ لَهُ النَّشْرُ
وَأَعْدَى بَني الدُّنْيا مُلُوكَ زَمَانِهِمْ ***لَهُمْ مَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يُمَاتَ لَهُمْ ذِكْرُ
وَلَا قَدرُوا أَنْ يُلْحقُوا وَصْمَةٌ بِهمْ ***وَذِكْرُهُمْ يَزْدَادُ طيباً بِهِ النَّشْرُ
وَأَعْطَى الرِّضَا المأْمُوْنُ مِنْهُ الرِضَا لَمَا ***دَرَى إِنَّهُ في علمه الواحد الوَتْرُ
وَقَلَّدَهُ عَهْدَ الخِلَافَةِ بَعْدَهُ*** فَغَاضَ بَني العَبَّاسِ ذَلِكَ وَازْوَرُّوا
فَأَخْبَرَهُ أَنْ لَا تَمامَ لِأَمْره ***وَأَنْبَأَ عَنْ غَيْبِ بِهِ نَطَقَ الجُفْرُ
وَمَا بَرِحُوا لِلسَّيْفِ وَالسُّمَّ طُعْمَةً ***يُدَانِيْهُمْ قُطرٌ وَيَنْأَى بِهِمْ قُطرُ
إلى أَنْ أَتَى مَهْدِيُّهُمْ فَتَأَلَّبَتْ ***عَلَى قَتْله الأَعْدَاءُ يَقْتَادُها المَكْرُ
ص: 542
وَكَمْ رَصَدَتْ فيه الحَوامِلُ بُرْهَةً ***وَأَخْفَى عَلَيْهِمْ مَثْلَ مُوسَى فَلَمْ يَدْرُوا
وَغُيِّبَ عَنْ لَحْظ العيون لمَوْعد ***به لَيْسَ يَعْرُو الشَّاةَ من ذَئبها نَفْرُ
وَكَانَ كيحيى أُوتِيَ الحُكْمَ فِي الصَّبا ***وَذَلكَ فَضْلُ الله لَيْسَ لَهُ حَصْرُ
الجواب عن قوله فما أسعد السرداب :
فَمَا أَسْعَدَ السِّرْدَابَ فِي سُرَّ مَنْ رَأَى ***وَأَسْعَدَ مِنْهُ البَيْتُ وَالرُّكْنُ وَالحَجْرُ
وَمَا شَرُفَ السَّرْدَابُ إِلَّا لِأَنَّهُ ***بِدَارِ تَنَاهَى عِنْدَهَا العِزُّ وَالفَخْرُ
تَشَرَّفَ مَغْنَاها بسُكْنَى ثَلَاثَةٍ ***مِنَ الآل يُسْتَسْقَى بذكرهم القَطْرُ
وَقَدْ أَذنَ الباري تَعَالَى برَفْعها ***وذكر اسمه فيها فَطَابَ لَهَا الذِّكْرُ
وَقَدْ كَانَ في السَّرْدَابِ أَعْظَمُ آيةٍ ***مِنَ الحُجَّةِ المهدي (علیه السلام)حَارَ بهَا الفكْرُ
أَرَادُوا به سوءاً فَخَيِّبَ سَعْيُهُمْ ***وَعَاقِبَةُ البَغْيِ النَّدَامَةُ وَالثَّبْرُ
رَأَوْا دُونَهُمْ بَحْراً من المَاء مُغْرقاً ل***ِمَنْ خَاصَهُ مِنْهُمْ وَكَانُوا وَلَا بَحْرُ
وَقَدْ جَاءَ للمهدي (علیه السلام)فيه زيَارَةٌ ***عَنِ السَّادَةِ الأَطْهَارِ يُعْطَى بِهَا الْأَجْرُ
وَكَمْ عَبَدَ الرَّحْمَنَ اَلُ مُحَمَّد ***بِهِ وَلَهُمْ مَنْ خَوْفِهِ أَوْجَهُ صُفْرُ
فَفِي شَرَفِ السِّرْدَابِ هَذَا الذِي أَتَى*** وَفِي نِسْبَةِ السَّرْدَابِ هَذَا هُوَ السِّرُ
وَمَا غَابَ فِي السَّرْدَابِ قَطُّ وَإِنَّما ***تَوارَى عَن الأَبْصَارِ إِذْ نَالَهُ الضُّرُّ
وَلَا اتَّخَذَ السَّرْدَاب بُرْجاً وَمَنْ يَكُنْ ***لَنَا نَاسباً هَذَا فَقَوْلَتُهُ هَذرُ
ص: 543
بَلَى أَمْسَت الدُّنْيا به مُسْتَيْرَةً ***وَمِنْهُ عَلَى أَقْطَارِها يَعْبَقُ النَّشْرُ
فَكَانَ كَمِثْلِ الشَّمْسِ بِالسُّحْبِ حُجِّبَتْ ***وَمِنْ نَفْعِها لَمْ يُحْرِمِ البَحْرُ وَالبَرُّ
وإِنْ زَهَرَ السَّرْدَابُ بِالبَدْرِ بُرْهَةً ***فَفِي البَيْتِ مِنْ أُمِّ القُرَى يَطْلَعُ البَدْرُ
يُبَايَعُ مَا بَيْنَ المَقَامِ وَرُكْنِهِ ***وَيَعْنُو لَهُ بِالطَّاعَةِ العَبْدُ وَالحُرُّ
فَيَا لَلْأَعَاجِيْبِ التِي مِنْ عَجِيْبها ***مَقَالَةً إِخْوَان لَنَا لَهُمُ قَدْرُ
لَنَا نَسَبُوا شَيْئاً وَلَسْنَا نَقُولُهُ ***وَعَابُوا بِمَا لَمْ يَجْرِ مِنَّا لَهُ ذِكْرُ
بِأَنْ غَابَ فِي السَّرْدَابِ صَاحِبُ عَصْرِنَا ***وَأَمْسَى مُقِيماً فِيْهِ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ
وَيَخْرُجُ مِنْهُ حِيْنَ يَأْذَنَ رَبُّهُ ***بذَلِكَ لَا يَعْرُوْهُ خَوْفٌ وَلَا ذَعْرُ
أَبْيْنُوا لَنَا مَنْ قَالَ مَنَّا بِهَذِهِ ***وَهَلْ ضَمَّ هَذَا القَوْلَ مِنْ كُتبنا سِفْرُ
وَإِلَّا فَأَنتُمْ ظَالِمُوْنَ لَنَا بِمَا ***نَسَبْتُمْ وَإِنْ تَأْبَوْا فَمَوْعِدَنَا الحَشْرُ
فَدُوْنَكَها منْ هَاشمي خَرِيْدَةً ***مَضامينها نُوْرٌ وَأَلْفاظها دُر
وَسَمْعاً إِمَامَ العَصْرِ مِنِّي قَصِيدَةً ***كَغَانِيَةِ حَسْنَاءَ أَبْرَزَهَا الحُدْرُ
لحَضْرَتكَ العَلياء عَفْواً زففْتُها ***وَلَيْسَ لَهَا غَيْرَ القَبُوْلِ لَهَا مَهْرُ
بِمَدْحِكُمُ ازْدَانَتْ وَحُلِّيَ جِيْدُهَا ***وَمِنْ ذِكْرِكُمْ قَدْ رَاحَ يَحْسُدُهَا العِشْرُ
ص: 544
نظم/ الشيخ رشيد بن قاسم أقعون الزبديني (1) العاملي المتوفى بالنجف سنة (1317ه).
ورد باسم الرد على القصيدة البغدادية كما في الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 218/10 رقم 624 ، وأعيان الشيعة: 5/7 رقم 4
قال الشيخ الطهراني (رحمه الله ) فيما يتعلق به ما نصه: (قال سيدنا في رأيتها) (2)، وقال عنها السيد محمد صادق بحر العلوم (رحمه الله ) في خاتمة كتابه (الصولة العلوية)، ما نصه: ( ولم أظفر بالقصيدة بالرغم من كثرة التفحص والتنقيب عنها أيام سفري إلى سوريا ولبنان سنة (1353ه)، وقد مكثنا في تلك البلاد زهاء عامين
ص: 545
ص: 546
نظم /العلامة السيد علي بن محمود الأمين الحسيني الشقرائي العاملي (ت 1328ه).
ورد باسم :الرد على القصيدة البغدادية كما في الذريعة: 475/1 رقم 2346، و 219/10 رقم 627.
أرجوزة، مرتبة على مقدمتين وسبعة فصول وخاتمة في مائة وتسعة عشر بيتاً، أولها:
يقول راجي عفو ربه الحفي*** سلالة الأمين عبده العلي (1)
ص: 547
ص: 548
نظم / الشيخ عبد الهادي ابن الحاج جواد البغدادي المعروف بالهمداني من بيت شليلة في بغداد (ت 1333ه).
ورد باسم :الرد على القصيدة البغدادية كما في الذريعة: 219/10 رقم 626، وقد انتقلت كتبه (رحمه الله ) في حياته إلى مكتبة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله ) ، علماً أني استقصيت البحث عن ردّه هذا فيها فلم أجده، ولا يعني عدم عثوري عليه إنكار أصله.
ص: 549
ص: 550
نظم الشيخ محمد باقر الهمداني البهاري (رحمه الله ) (ت ق 14).
ورد باسم :الرد على القصيدة البغدادية كما في الذريعة إلى تصانيف الشيعة 218/10 رقم 622.
هذا وقد ذكر الشيخ أغا بزرك الطهراني (رحمه الله ) (ت 1389ه) في كتابه (الذريعة) ج 14 ص 248 رقم 2421، ما نصه: (الشهاب الثاقب في الرد على ما لفقه العاقب (شكري أفندي البغدادي )للسيد العلامة السيد محمد باقر - الملقب بالحجّة - ابن الميرزا أبي القاسم ابن السيد حسين ابن العلامة السيد محمد المجاهد ابن صاحب الرياض الطباطبائي الحائري المتوفّى في الحادي عشر من رجب سنة (1331ه) ، وهي أرجوزة لطيفة في الإمامة أولها:
قال الشريف الفاطمي أحمد*** أبدأ ب بسم الله ثم أحمد
جعلها الناظم باسم غيره لبعض المصالح، تقرب من خمسمائة بيت، وقد طبعت مع الهائية الأزرية عام (1318ه)، وعليها تقريظات نثراً ونظماً، وتشطيرها أيضاً يُسمّى بالشهاب الثاقب)، انتهى كلامه، ولم يخصص الشيخ الطهراني(رحمه الله ) الرد بأنه على القصيدة هذه أو على غيرها، علماً أني لم أقف على كتاب الشهاب الثاقب.
ص: 551
وقد ذكر أيضاً الشيخ جعفر محبوبه (رحمه الله ) في كتابه (ماضي النجف وحاضرها) ج 3 ص 223: أن للشيخ هاشم بن حسن بن ناصر العاملي الكاظمي رسالة ردّ بها على محمود شكري الآلوسي، ولم يخصص الشيخ محبوبه (رحمه الله ) أيضاً الرد بأنه على القصيدة هذه أو على غيرها.
وقد ذكر أيضاً الشيخ محمد علي الأورد بادي (رحمه الله ) في (مجاميعه الرجالية/ الحدائق ذات الأكمام): أن للسيد هاشم ابن السيد محمد القزويني الحائري (ت 1327 ه) ردّاً على ابن الآلوسي في ( 8000) بيت، ولم يخصص الشيخ الأورد بادي (رحمه الله ) هي أيضاً الردّ بأنه على القصيدة هذه أو على غيرها. (1)
ص: 552
1- فهرس الآيات القرآنية
2- فهرس الأحاديث النبوية
3- فهرس الأعلام
4- فهرس أسماء البلدان والأمكنة
5- فهرس القبائل والبيوتات والفرق
6- فهرس الأشعار
7- فهرس المصادر
8- فهرس المحتويات
ص: 553
الآية
ص: 554
الآیة السورة رقم الآیة الصفحة
(ولا يَنالُ عَهْدي الظَّالمين...) البقره 124 371
(ربَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ...) البقره 129 302
(أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْت بكُمُ اللَّهُ جَميعاً...) البقره 148 419
(كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ...) البقره 151 302
(إنا لله وإنَّا إِلَيْه راجعون...) البقره 156 283
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا...) البقره 214 385
(مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ... ) البقره 261 366
(وَما للظَّالِمينَ منْ أَنْصار...) البقره 270 370
(آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّه...) البقره 285 233
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل الله جَميعاً وَلا تَفَرَّقُوا ...) آل عمران 103 381 ،444
(وَاعْتَصمُوا بِحَبْل الله جميعاً...) آل عمران 103 258
(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنينَ...) آل عمران 164 302
(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا...) آل عمران 105 382
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا به شَيْئًا...) النساء 36 73
ص: 555
الآية السورة رقم الآیة الصفحة
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ...) المائدة 67 281
(ما فَرَّطْنا في الكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ...) الأنعام 38 436
(وَما كانَ اللهُ ليُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فيهم...) الأنفال 33 389
(وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ...) الأنفال 46 444
(بالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ...) التوبة 128 311
(يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ...) التوبة 119 381
(أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمَكَ إِلَّا مَن...) هود 36 335
(بقيَّة اللَّه خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ...) هود 86 419
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ...) یوسف 110 385
(وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنيد...) إبراهیم 15 288
(أَلم تَرَ إلَى الَّذِينَ بَدلُوا نعْمَة...) إبراهیم 28-29 267
(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ... ) الحج 94 371
(وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ تِبيانَاً لِكُلِّ شَیءٍ...) النحل 89 436
(وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتى أَرَيْناكَ...) الإسراء 60 266
(يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بإمامِهِم...) الإسراء 71 260
(مَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى...) الإسراء 72 125
(جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ...) الإسراء 81 161
ص: 556
الآية السورة رقم الآیة الصفحة
(يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ...) مریم 12 424
(قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتابَ...) مریم 30 423
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلعَالَمينَ...) الأنبیاء 107 390
(وَإِنَّ يَوْمَاً عندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ...) الحج 47 152
(كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ...) النور 35 256
(في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ...) النور 36 435
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ...) النور 55 382
(وَعَبَادُ الرَّحْمَن الَّذِينَ يَمْشُونَ..) الفرقان 63 73
(إن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاءِ...) الشعراء 4 349
(فَفَرَرْتُ منْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ...) الشعراء 21 374
(يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ...) الشعراء 88-89 89
(وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا... ) القصص 5 161
(فَأَصْبَحَ فِي المَدِينَةِ خَائِفَاَ يَتَرَقَّبُ...) القصص 18 374
(فَخَرَجَ مِنْها خائِفَاً يَتَرَقَّبُ...) القصص 21 374
(وَكُلَّ شَيءٍ أحْصَيْناهُ في إمَامٍ مُبينٍ...) یس 12 436
(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلمَتُنا لعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ...) الصافّات 71-73 376
(قُلْ لا أَسْتَلَكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً...) الشوری 23 192
ص: 557
الآیة السورة رقم الآیة الصفحة
(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لَّلسَّاعَةِ ...) الزخرف 61 331
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا...) محمد 22 267
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا...) محمد 22-23 372
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ...) محمد 31 377
(لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبَّنَا الَّذينَ...) الفتح 25 334
(سيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُجُودِ...) الفتح 29 170
(وَلا تَنابَزُوا بالألقَابِ...) الحجرات 11 285
(كَتَبَ اللهُ لأَغْلَبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي...) المجادلة 21 376
(ألا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ...) المجادلة 22 376
(وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي من بَعْدِي...) الصف 6 129
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً ...) الجمعة 2 302
(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ...) القلم 4 153
(رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي ...) نوح 21 335
(يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ ...) المدّثر 1-2 367
(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ...) الفجر 27 242
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ...) القدر 2 185
ص: 558
الحديث الصفحة
الآيات كخرزات منظومات.... 340
الأئمّة بعدي اثنا عشر عدد نقباء...253
ائذنوا له عليه وعلى... 268
أبشروا فإن يخرج وأنا فيكم... 327
اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل...251
أحذركم سبع فتن... 267
إذا اختلف رمحان...345
إذا أذن الله تعالى للقائم... 420
إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين... 270
إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما... 277
إذا خرج مهدي (علیه السلام)لم يكن بينه... 333
إذا نادى مناد من السماء أن... 343
إن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه... 326
إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجكم...327
ص: 559
الحديث الصفحة
إن يخرج وأنا فيكم كفيتكموه...325
إن القائم لن يظهر أبداً... 334
إن القائم منا منصور... 419
إن لصاحب [هذا] الأمر غيبة... 322
إن مثل أهل بيتي فيكم... 298
أنا سيد النبيين وعلى سيّد الوصيين.... 380
أنا سيد النبيين وعلي سيّد الوصيين... 253
أنا واردكم على الحوض... 255
أنا وعلي والحسن والحسين....255
انتظروا الفرج ...349
أنت سيّد ابن سيد، وأخو...233
إنما مثل أهل بيتي فيكم... 298
أنه قال: إذا رأيتم ناراً من المشرق... 350
أنه قال: لتركبن سنن من كان قبلكم... 385
أوّل دينكم بدأ نبوة ورحمة... 265
أول من يبدل سنتي رجل... 274
إنّى أنا الله لا إله إلا أنا... 180
ص: 560
الحديث الصفحة
إني تارك فيكم خليفتين... 304
إني تارك فيكم الثقلين... 258
إني تارك فيكم أمرين... 306
إني تارك فيكم خليفتين...306
إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله...257
إني قد تركت فيكم ما... 258
إنِّي لأنذركموه وما من نبي...248
أيما رجل خرج يفرق... 277
بين يدي المهدي (علیه السلام)موت... 348
تختلف ثلاث رايات ...352
ثم يقع التدابر في الاختلاف... 418
الخلافة ثلاثون عاماً ثم... 264
الخلف الصالح من ولدي...182
حب الوطن من الإيمان... 242
دخلت على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و الحسين (علیه السلام) على فخذه....380
رأيت بني مروان... 286
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول: أنا وعلي... 381
ص: 561
الحديث الصفحة
سأله رجل عن المهدي (علیه السلام)؟ فقال (علیه السلام): هيهات... 329
ستكون فتنة، قيل: وما المخرج منها... 437
سميتموه بأسماء فراعنتكم.... 287
سيكون بعدي فتن منها... 337
فقال: إذا صرت إلى الباب فقف...392
فقال: بلى. فقلت: وما هي؟ قال: هلاك... 344
فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها...435
في المحرّم يُنادي مناد من السماء...350
في كل خلف من أمتي... 307
:قال: إذا كثرت الغواية.... 420
قال: إذا نادى مناد من السماء...343
قال: الزم [الأرض]، ولا تحرك... 344
:قال إنا أهل بيت اختار الله لنا... 342
قال: تكون فتنة تكون بعدها... 336
قال: خروج الآيات بعضها... 341
:قال ستكون فتنة لا يهدأ منها...341
قال: فيبعث مهدي (علیه السلام)إلى أمرائه...365
ص: 562
الحديث الصفحة
كخ كخ أما شعرت... 275
اللهم بلى لا تخلو الأرض...379
لابد لصاحب هذا الأم من غيبة...413
لا تزال طائفة من أمتي... 293
لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين... 293
لا تزال طائفة من أمتي على... 293
لا تزال طائفة من أمتي... 293
لا تزال طائفة من أمتي... 296
لا تزال من أمتي أمة قائمة...292
لا تفعلي فإنه إن يخرج... 327
لا تقوم الساعة حتى يخرج...348
لا يزال أمر أمتي قائماً... 274
لا يزال هذا الدين قائماً... 290
لا يزال الدين ظاهراً حتى...290
لا يزال الدين قائماً حتى تقوم... 252
لا يزال أمر أمتي قائماً... 252
لا يخرج القائم إلا في وتر...421
ص: 563
الحديث الصفحة
لا يخرج المهدي (علیه السلام)حتى يُقتل...347
لا يظهر المهدي (علیه السلام)إلا على خوف...347
لتملأن الأرض ظلماً... 320
للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة...413
للمهدي (علیه السلام)خمس علامات :السفياني... 351
لن يبرح هذا الدين قائماً... 295
لن يزال قوم من أمتي... 293
لو لم يبق من الدنيا إلا يوم...47
لو لم يبق من الدهر إلا يوم...148
لو يعلم الناس ما يصنع المهدي...333
ليبعثن الله عز وجل في هذه الأمة...282
ليدركن الدجال من أدركني...327
ما من نبي إلا قد أنذر أمته...248
مثل أهل بيتي فيكم... 298
مثل أهل بيتي كسفينة...297
مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ...297
مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح... 297
ص: 564
الحديث الصفحة
مثل أهل بيتي مثل سفينة... 297
مثله كمثل الساعة لا تأتيكم...200
معاشر المسلمين من افتقد الشمس...312
المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة... 419
من أتاكم وأمركم جميع... 277
من أحب أن يحيا حياتي...313
من أحب أن يركب سفينة النجاة...381
من أحبّ أن يلقى الله عزّ وجل... 170
من أحبني فليحب أسامة... 244
من بايع إماماً فأعطاه...277
من زار أحداً من الأئمة...292
من سره أن يحيى حياتي... 313
من كذب علي متعمداً... 171
من مات ولم يعرف... 259
من مات وليس عليه إمام فإن...260
من مات وليس عليه إمام... 260
منا اثنا عشر مهدياً...253
ص: 565
الحديث الصفحة
النجوم أمان لأهل الأرض... 291
النجوم أمان لأهل السماء... 292
النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي... 291
نحن حبل الله... 381
هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء...269
هو الوزغ ابن الوزغ الملعون... 268
وقال: حبيبتي فاطمة ما يبكيك... 338
وكلهم يجتمع عليه الناس... 264
و كلهم يعمل بالهدى... 264
ولن يفترقا حتى... 259
ويُبايِعُ الناس له بين الرُّكن...331
يا أيها الناس إني قد تركت...258
يا فاطمة والذي بعثني بالحق...338
يخرج الدجال في خفقة... 323
يخرج المهدي (علیه السلام)على رأسه غمامة...364
يخرج المهدي (علیه السلام)وعلى رأسه غمامة، فيها... 282
يخرج في آخر الزمان... 148
ص: 566
الحديث الصفحة
يخرج قوم من [قبل] المشرق... 341
يسير ملك المشرق إلى ملك.... 330 ، 341
يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلّهم... 280
يقتتل عند كنزكم ثلاثة... 346
يكون بعدي اثنا عشر خليفة... 388
يكون بعدي خلفاء، وبعد الخلفاء...320
يكون في [آخر] أمتي خليفة... 281
يكون في آخر الزمان خليفة... 281
ينادي باسم القائم(علیه السلام)... 421
ينزل[ بأمتي في] آخر الزمان بلاء...335
يواطئ اسمه اسمي...167
ص: 567
ص: 568
حرف الألف
آدم 348، 363، 377، 197، 213، 528
آمنة: 210، 520
أبا بكر: 439
أبان بن أبي عياش: 232
أبان بن تغلب: 435
إبراهيم بن أبي النضر 286
إبراهيم بن إسماعيل العنبري: 178
الشيخ إبراهيم البدوي: 40
إبراهيم الخليل : 300
إبراهيم بن سويد الشامي: 280
الشيخ إبراهيم القادري الحلبي: 198
الشيخ إبراهيم الكازروني: 216
إبراهيم اللوساني: 48 إبراهيم المبتولى: 202
إبراهيم بن محمد الحمويني: 255 ابن أبي شيبة: 291
ابن أبي الفوارس الرازي: 19
ابن الأثير الجزري: 23، 405
ابن الأخضر: 195
ابن الأزرق: 21
ابن إسحاق (رحمه الله ) : 368
ابن الأعجمي: 407
ابن بابویه 32
ابن باذشالة: 407
ابن بريدة: 244
ابن بطريق: 258، 266، 267
ابن بطوطة: 26
ابن تيمية 139، 387
ابن جریر: 293
ابن الجزري الشافعي: 21
ابن جماعة: 137
ابن الزبيدي: 231
ابن الزبير 262، 273، 282، 297
ابن حجر= ابن حجر العسقلاني الشافعي: 21 ،141 ،186 ، 187 ، 261 ،262 ،275 ،279 ، 311 ، 381 ، 389 ،414 ،417 ،422
ص: 569
ابن حنظلة غسيل الملائكة: 273
ابن الخشاب البغدادي: 19، 181
ابن خلدون 25
ابن خلكان الشافعي المؤرخ: 22، 22، 147، 401، 405، 417
ابن الدامغاني: 195
ابن درید 237
ابن روزبهان الشيرازي: 19
ابن السراج: 237
ابن السري 297، 342
ابن سكينة: 195
ابن سيرين: 336، 441
ابن الشحنة: 147
ابن شیرویه 320
ابن الصباغ المالكي: 18، 140، 182.
ابن طاووس الحسني: 432
ابن ظبيان 124
ابن عقلة: 179
ابن العماد الحنبلي: 23
ابن عمرو بن العاص: 277
ابن قبيل: 343
ابن ماجة: 293، 438
ابن المؤيد الحموي 312
ابن مردويه: 260
ابن مسعود: 167، 267، 436
ابن المغازلي الشافعي: 255
ابن المغيرة: 244
ابن المفتي الزهاوي: 47، 49
ابن ملجم 78
ابن النجار: 22، 195
أبو إسحاق الثعلبي: 435
أبو بكر الآجري: 283
أبو بكر البيهقي: 21
أبو بكر بن زيدة: 337
أبو بكر الشبلي: 237
أبو بكر بن هلال الدين الحنفي: 231
أبو ثابت: 407
أبو جعفر الترمذي: 168
أبو جعفر الرفاء: 407
أبو جعفر الطوسي: 31
أبو جعفر بن المسلمة: 272
أبو جهل: 371
أبو الحسن الربعي المالكي: 329
أبو الحسن الشاذلي: 202، 310، 440
أبو الحسن المغازلي: 297، 298
أبو الحسن الوراق: 237
ص: 570
أبو الحسين بن [ فاذشاه ]: 343
أبو داود سليمان بن الأشعث: 148، 252 ، 268، 290 ، 326 ،342
أبو عبد الله زين الكافي: 22
أبو السكين: 183
أبو طالب بن شهاب العكبري: 271
أبو طاهر: 181
أبو العباس بن سريج الفقيه الشافعي: 237
أبو عبد الله بن أسعد اليمني: 137
أبو عبد الله الجنيدي: 407
أبو عبد الله الحافظ: 178
أبو عبد الله الحاكم: 268، 281، 329، 336 ،365،346
أبو عبد الله بن فروخ: 407
أبو عبد الله الكندي: 407
أبو عبد الله بن مخلد: 283
أبو علي الأسدي: 407
أبو علي الحافظ: 178
أبو علي الرودباري: 238
أبو عمرو الداني: 281، 345
أبو الفتوح الخزاعي جمال الدين: 231
أبو الفداء الأيوبي: يوبي: 23
أبو القاسم بن أبي حليس: 407
أبو القاسم بن دبيس: 407
، أبو القاسم الدهكردي: 84
أبو كبشة صاحب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : 274
أبو محمد بن الوجناء: 407
أبو محمد بن هارون 407
أبو يعلى: 271، 274، 298
أبي إسحاق البرمكي: 271
أبي إسحاق السبيعي: 299
أبي أسماء: 280
أبی الأشعت: 286
أبي بصير: 413، 421
أبي بكر: 143
أبي بكر بن أبي خيثمة: 388
أبي بلج: 253
أبي ثعلبة: 264
أبي جعفر المنصور: 351
أبي الجلد: 252، 336
أبي الحسن البكري: 186
أبي الحسن الشريف: 39
أبي الحسن الضراب الإصفهاني: 414
أبي الحسن المحمي: 178
أبي حفص العكبري: 271
أبي حمزة الثمالي: 68
ص: 571
أبي حنيفة: 164
أبی داود: ،47 148، 167، 209، 252، 276، 277 ، 290
أبي الدرداء: 274
أبي ذر [الغفاري]: 298
أبي رومان: 343
أبي سعيد الخدري: 258، 281، 298، 319 ،
أبي سلمى: 233
أبي العباس الحريثي: 155
أبي عبد الله بن البيع: 236
أبي عبد عبد الله المرزباني: 272
أبي عبيدة بن الجراح: 264
أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود: 368
ابي العلاء: 281.
أبي علي التستري: 341
أبي عمر الهاشمي: 341
أبي قتادة: 253
أبي قلابة: 280
أبي لهيعة: 343
أبي موسى الأشعري: 322
أبي نصر العبدي: 178
ابي نضرة: 281
أبي هريرة: 269، 270، 273، 275، 341، 350
أبو الوليد الفقيه: 178
أحمد بن إبراهيم الطوسي البلاذري الحافظ: 19 ، 177
أحمد بن إسحاق: 407
أحمد أفندي الشهير بالمنجم باشي: 305
أحمد أقا مؤيد العلماء: 97، 101
أحمد الجامي [النامقي]: 19، 159، 196، 225، 469
أحمد بن جعفر بن حمدان: 299
أحمد بن جعفر بن محمد: 269
أحمد بن الحارث: 124
أحمد بن الحسين البيهقي: 379
الشافعي: 235
أحمد الحسيني الأشكوري: 96
أحمد بن حنبل : 168، 169، 257، 271، 282
أحمد بن راشد: 412
أحمد ابن السيد رضا الموسوي الهندي: 47
أحمد بن زیاد: 199
العلامة السيد أحمد الصافي الموسوي: 106
أحمد بن عبد علي آبادي: 211
أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي: 144
أبو نعيم أحمد بن عبد الله، ابي نعيم الأصفهاني: 16 ، 143 ، 169 ، 233 ، 280 ،319 ، 337 ،339 ،403 ،441
ص: 572
أحمد بن عبدالله العجلي: 279
أحمد بن الفضل بن محمد الشافعي: 297
أبو بكر أحمد بن قاضي شهبة: 137
أحمد بن محمد بن أبي نصر: 419
أحمد بن محمد الخلال: 271
أحمد بن محمد بن صالح: 233
أحمد بن محمد بن عبد الله: 232
أحمد بن محمد بن قاسم بن منصور: 238
أحمد بن محمد بن هاشم البلاذري: 180
أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة: 286
أحمد بن محمد : ،181 ، 232 ، 233، 238 ،271 ، 286 ،337 ،413 ، 419
أحمد بن مرتضى بن محمد القادياني: 129
أحمد بن المستضيء بنور الله: 192
أحمد علي مجيد الحلي: 552
أحمد الناصر: 192
أحمد بن نصر بن عبد الله النهرواني: 182
أحمد بن نافع البصري: 169
الإريلي: 27
أرغان خان السلطان: 214
أسامة بن زيد: 244
أسامة بن شريك: 277
إسحاق بن عمار 413
إسحاق الكاتب: 407
أسد الله التستري: 30، 31
أسعد الأفزري: 43
أسماء بنت يزيد الأنصارية: 326
إسماعيل باشا: 38
إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر: 365
إسماعيل بن الحسن بن محمد الحسيني أبي المعالي: 231
إسماعيل بن رافع: 442
إسماعيل ابن الشيخ محمد باقر الإصفهاني: 36
إسماعيل بن مظفر الشيرازي: 22، 180
الأسود بن سعيد الهمداني: 388
الأصبغ بن نباتة: 78، 255
السيد إعجاز حسين الكنتوري: 88
أغا بزرك الطهراني (رحمه الله ) : 46، 59، 64، 65، 95، 220 ،551 ،36 ،61 ،81 ،127
الشيخ أغا رضا الإصفهاني: 86
حاج أغا كوجك: 91
السيد آغا ميرزا الإصفهاني النجفي: 92
افراثیم 372
أم سلمة: 287، 327، 330
أم شريك: 244، 442
أم الفضل زوجة العباس: 133
ص: 573
أم موسى: 160، 166
أمور بك ابن تيمور تاش باشا: 165
أمير نجل الشيخ شريف آل كاشف الغطاء: 61
ملا أمين: 394
أنس بن مالك = أنس: 248، 282، 290، 435 ،311
إياس بن سلمة: 291
حرف الباء
الشيخ باقر شريف القرشي : 48 ، 96
البخاري: 19
البراقي (رحمه الله ) : 46، 56، 502
السيد البروجردي: 93
البزار : 297، 264، 325، 252
بشر بن المفضل : 297
بشير: 355
البغوي: 21، 247، 336
بكير بن أعين: 421
بنانة: 284
بهز: 264
بهلول بهجت أفندي: 23
البيجوري: 431
بيزر بن لاوي بن يعقوب: 372
حرف التاء
تاج الدين الدهان: 147
الترمذي ،25 ،148 ، 168، 259، 431، 437، 493
التفريشي القمي: 84
تقي الدين بن أبي منصور: 152
تميم الداري: 362
تميم بن محمد الطوسي: 178
حرف الثاء
الإمام الثعلبي: 257، 26، 311
ثوبان 280، 286،293، 346
الثوري: 280
حرف الجيم
جابر الأنصاري: 124
جابر الجعفي: 124
جابر بن سمرة: 25، 295 ، 388
جبرئیل 161 ، 180 ، 185 ، 355، 360، 420، 462،421
جبير بن نفير: 327
الجراح بن سفيان: 182
جریر بن عثمان 253
الجريري: 281
الجساسة: 245
ص: 574
جعفر: 165
الحافظ جعفر بن أحمد: 178
جعفر بن حمدان 299
جعفر بن سعيد الحلي: 32
جعفر الصادق :18، 153، 185، 337،
الشيخ جعفر محبوبه: 59، 552
جعفر بن محمد 135 148، 170، 182، 333 ،332 ،322 ،194، 256، 269 405، 419 ،337 ،33
جعفر النبوي: 40، 94
جعفر النقدي: 58
جلال الدين الرومي: 20، 220، 221، 224
جلال الدين السيوطي: 226
الجلبي: 141، 159
جمال الدين البابلي: 179
جمال الدين الباهلي: 22
الجمال بن ظهيرة: 143
جمال الدين ابن السيد عيسى العاملي
الإصفهاني: 36
جمال الدين المحدث: 19
جمال الدين المزي: 279
جميل بن دراج: 420
جميل صدقي الزهاوي: 47
الجنيد: 236، 237، 238
جواد بن إبراهيم بن محمد ساباط الحسيني: 208
جواد حسن الدلال: 176
الشيخ جواد الساباطي: 20
جواد السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني: 48
حرف الحاء
الحافظ العراقي: 288
حامد بن جبلة: 283
حامد حسین 88
السيد مير حامد اللكنهوي: 40، 141، 155،231 ،173
حبيب بن يسار: 253
حجاج بن الشاعر: 244
الحجاج بن يوسف: 74، 76، 284
حذيفة بن اليمان: 331، 331، 365
الحر العاملي: 30، 72
حرب بن عنبسة 354
الحسن بن أحمد بن الليث: 178
حسن خان الهندي: 172
الحسن بن سالم بن علي: 280
حسن الشيرازي: 36، 73، 80
الحسن صدر الدین 93
حسن العدوي الحمزاوي: 22
ص: 575
حسن العراقي، 19، 152، 155، 157، 236
الإمام الحسن العسكري= أبو محمد الحسن: 17، 146 ، 162 ، 152 ، 165 ، 166 ، 185 ، 203 ، 206 ، 228 ، 240 ،415
الحسن بن علي 135، 148، 162، ،164 ،178 ، 180 ، 182 ، 194 ،232 ، 233 ، 264 ،275 ،405 ، 413 ، 423
الشيخ حسن بن علي العجيمي: 22، 147، 181 ،179
الحسن بن علي العلوي الطبري: 232، 233
الحسن بن علي الوشاء: 413
الحسن بن محبوب: 418
الحسن بن محمد بن الحسن اللغوي: 341
الحسن بن محمد الزينبي أبو طالب: 232
الحسن بن محمد بن سماعة: 124
أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي: 134
السيد حسن الموسوي البروجردي: 99، 105
الحسن بن هارون 332
الحسن بن يعقوب: 407
حسن بن يوسف بن المطهر العلامة الحلي: 190
الحسن بن النضر : 407
الحسني: 359
الحسين أبي عبد الله = الامام الحسين = الحسين: 7، 17 18، 29 ،153 ،184 ،188 ،189 ،191 ،228 ،232، 234 ،241 ، 253 ، 323 ، 334 ، 337،350 ،458 ،511
،189 ،188 ،1815،
أبي علي الحسين بن أحمد الحداد: 337
حسين البراقي (رحمه الله ) : 49
أبو علي الحسين بن الجندي: 271
أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي: 416
القاضي حسين الديار البكري: 160، 23
الحسين بن ذكوان 244
الحسين بن سعيد: 435
الشيخ حسين قلي الهمداني: 93
الشيخ حسين النوري 13، 35، 58، 61، 91، 100 ،446 ،552
حسين علي بن علي أصغر النوري المتخلّص: 125
الحسين بن علي بن محمد بن احمد بن الحسين الرازي: 231
حسين الكاشفي: 232
الميرزا حسين المازندراني: 89
الحسين بن معين الدين الميبدي: 21
الحسين بن منصور البيضاوي: 237
الحصيني: 407
الحضرمي بن لاحق 326
ص: 576
الحكم بن أبي العاص : 268
حكيمة بنت أبي جعفر محمد الجواد: 166، 174 ،176 ، 182
الحلاج: 236، 237
حماد بن سلمة: 264
حماد بن عیسی 232 233
الشيخ حمزة السلامي أبو العرب: 106
الحميدي: 259
حنش بن معتمر الكناني: 299
السيد حيدر بن علي الآملي: 219
الشيخ الميرزا حيدر علي المجلسي: 93
حرف الخاء
الخاقاني: 453
خان بن إبراهيم خان: 306
آية الله الخراساني: 84
خديجة: 395
خضر : 185، 236 ، 243 ، 323، 386، 528
خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي: 197
خواجكي الدهلوي: 183
الخوارزمي المكي: 20
خواند أمير: 23
حرف الدال
الدجال ،27 ، ،151 ،185، 206، 243، 245، 247 ،248 ، 250 ،296 ،298 ،311، 323 ،325 ، 326 ، 327 ، 328 ، 362 ، 386 ، 420 ،442 ،468 ،471 ،495 ،508 ،530
دعبل بن علي الخزاعي: 199
دلف بن جحدر الشبلي: 237
الدولت آبادي ملك العلماء: 19
حرف الذال
ذا النون المصري: 238
ذبيان 284
الذهبي : 25، 171، 212، 286، 287، 400، 405، 410، 435، 479
حرف الراء
رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : 24
رشيد الدين الدهلوي: 21
رشيد بن قاسم أقعون الزبديني العاملي: 50، 55 ، 545
السيد رضا ابن السيد محمد الهندي النجفي: 50 ، 47 ، 490
أبو نعيم رضوان العقبي: 22، 179
الرضي صاحب (نهج البلاغة): 402
ص: 577
السيد رضي الدين ابن السيد محمد حيدر الحسيني: 305
الرماني: 237
حرف الزاي
الزركلي: 197
الزرندي: 22
زکریا 175، 176، 204، 206، 356
زكريا بن محمد بن محمود القزويني: 433،
العلامة الزمخشري: 270
الزهري : 148، 273
زهير بن معاوية: 388
زياد بن خيثمة: 388
زیاد بن مسلم: 233
زید بن ثابت: 257
زید بن جابر: 233
زيد بن علي بن الحسين: 375
زيد بن وهب 269
زیدان: 407
الزين المراغي: 143
حرف السين
سارة: 300، 301
سالم الأشل: 366
السامري: 185، 468
سبط ابن الجوزي: 18
السبكي: 23
الروياني: 274
السدي: 300، 301
سراج الدين الرفاعي: 20، 228
سعد بن أبي وقاص: 290، 368
الشيخ سعد الدين الحموي: 20، 206، 212، 241
سعد بن عبد الله: 169
سعد النووي: 143
سعيد بن بشير: 255
سعيد بن جمهان 264
أبي القاسم سعيد بن محمد بن الجنيد القواريري: 237
سعيد بن المسيب: 253، 266، 343
سعيد بن منصور: 436
سفيان بن عيينة: 338، 438
السفياني : 267 ، 344 ، 345، 351، 354، 356، 357، 362،360، 344
سفينة: 264
سلامة: 233
سلمان المحمدي: 232، 233
السلمي: 16
ص: 578
سليم بن قيس الهلالي: 232، 233
الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني: 343 ،337 ،280
الشيخ سليمان القندوزي: 19، 195، 180
سمعان بن محمد الجوهري الغزنوي: 168
السمعاني: 177، 181
سنجر بن ملك شاه السلطان: 433
سهل بن حنيف: 325
سهل بن سعد الساعدي: 282، 266
سهل بن عبد الله التستري: 202، 236، 238
سهل بن يحيى بن محمد بن المروزي: 283
سوسن 174:، 176، 182
سیبویه 237
الشيخ سيف الدين الباخرزي: 214
سيف بن عميرة: 351
السيوطي: 16 ، 141 ، 179، 181، 182، 261، ،402 ،312 ،293 ،287، 283 ،274 ،436، 437
حرف الشين
الشافعي: 299 ، 199
العلامة الشبستري : 105، 184،
الشعراني: 149، 157، 158، 163، 187، 219 ،310 ،439
شعیب (علیه السلام): 378
شكري أفندي الآلوسي: 52 70
شمس الدين التبريزي: 20، 224
شمس الدين الرملي الأنصاري: 187
شمس الدين بن طولون 22
شمس الدين بن نجيح الحلي: 29
الشمشاطي: 407
شهاب الدين السهروردي: 214، 242
شهاب الدين بن شمس الدين بن عمر الهندي: 183
الشيخ شهاب الدين عميرة الشافعي: 150
شهر بن حوشب 349، 350
الشهرستانی: 276
شيبان المقرئ ابن عمر الفرداني: 168
شيخ الشريعة الإصفهاني: 49
حرف الصاد
صالح بن أحمد بن حنبل: 271
صدر الدين الحمويني: 20، 217، 20، 217، 220
صدقة بن موسی 182
الصدوق: 126، 251، 402، 407، 409
صقيل : 148
صلاح الدين الصفدي: 19، 197
ص: 579
صيقل: 174، 176، 182
الضاد
الضحاك بن قيس: 244
ضياء ابن الشيخ فضل الله النوري: 63
الطاء
طاهر بن هارون بن موسى العلوي: 182
طلحة: 268
الطرطوسي: 430
حرف العين
عاصم بن حميد: 420
عامر بن عامر البصري: 214، 20، 214، 216
عامر بن شراحيل الشعبي: 244
أبي الفضل العباس ابن أمير المؤمنين (علیه السلام): 552، 458
العباس بن عبد المطلب: 17
العباس القراطيسي: 299
الشيخ عباس القمي - عباس بن محمد رضا القمي: 36، 85،83
عباية بن ربعي: 252، 380
عبد الحسين شرف الدين العاملي: 36
عبد الحسين الطهراني : 35، 64
السيد عبد الحسين كمونة: 86
عبد الحق الدهلوي 19 ، 171، 172، 392، 428
عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي البخاري: 187
عبد الحليم بن محمد الشهير ب(أخي زاده): 159
عبد الحميد الثاني: 56، 126، 444 ، 503
عبد الرحمن بن أبي نجران: 419
أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي = ابن الجوزي: 18، 146، 271، 283
عبد الرحمن البسطامي: 198
، عبد الرحمن الجامي: 19، 159، 165، 188، 196 ،201 ،206 ،225 ، 391 ،403
عبد الرحمن السيوطي الشافعي: 21
عبد الرحمن الصفوري: 145
عبد الرحمن بن عبد الرسول الجشتي: 203
عبد الرحمن بن عوف 244 ، 268
عبد الرحمن الفارسي: 143
الدين الدشتي الجامي: 159
عبد الرحمن بن زید 233
عبد الرحمن بن المأمون المعروف بالمتولي: 387
عبد الرحيم البروجردي: 35
عبد الرحيم بن حسن بن علي الأسنوي: 138
ص: 580
عبد الرحيم بن الحسين الرازاناني: 288
عبد الرضا بن عبد الحسين آل كاشف الغطاء: 54، 461
السيد عبد الستار الحسني: 96
عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي: 22، 180
عبد الصاحب الموسوي: 47
عبد الصمد: 244
الأستاد عبد العزيز آل عبد العال: 106
أبي بكر عبد العزيز بن جعفر: 271
عبد العزيز الدهلوي: 23، 223، 48، 444
عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: 283
عبد العزيز بن محمود بن البزاز: 148
عبد الغفار بن إبراهيم العكي الشافعي: 138
عبد القادر بن أحمد الفاكهي: 186
عبد القادر البدايوني: 172
الشيخ عبد القادر الجيلاني: 172، 428، 186
عبد الكريم اليماني: 23
عبد الله بن أبي سعد الوراق: 272
عبد الله بن أحمد بن محمد: 181
عبد الله أمية: 290 بن
عبد الله بن بسر: 327
عبد الله بن بطة العكبري: 290
عبد الله بن جعفر الحميري: 406
عبد الله بن الحارث : 325، 341
عبد الله بن الحرام الحلي: 29
عبد الله بن رجاء: 283
عبد الله بن الزبير: 268
عبد الله بن سنان: 419
عبد الله بن شابور القلانسي: 22
عبد الله بن شيرويه: 178
عبد الله بن عباس= ابن عباس: 168، 252، 431 ،313 ،297 ،291 ،270 ،269 ،255
عبد الله بن عمر = بن عمر: 148، 168، 260، 340، 348، 364 ،277
عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم: 244
عبد الله بن الفضل الهاشمي: 322
عبد الله بن القاسم الشهرزوري الموصلي: 43
الشيخ عبد اللطيف الحلبي: 198
عبد الله بن محمد بن شابور 180
عبد الله بن محمد الشبراوي: 23
عبد الله بن محمد المطيري المدني الشافعي: 144
عبد المطلب: 425، 520
عبد المقتدر الدهلوي القاضي: 183
عبد الملك العصامي: 238، 273، 322، 401
عبد الملك بن بشران: 283
ص: 581
عبد الهادي ابن الحاج جواد البغدادي المعروف بالهمداني: 57، 549
الجلال عبد الواحد المرشدي: 143
عبد الوارث بن عبد الصمد: 244
عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني: 18، 141 ، 150 ، 155 ، 179 ، 203 ، 243 ،427
عبد الوهاب بن عفيف اليافعي: 143
عبيد الله بن زرارة: 421
عبيد الله بن محمد: 183
عبيد الله النقشبندي: 165
عثمان المزني: 284
عثمان بن أبي شيبة: 342
عثمان بن سعيد العمري: 406، 415
عثمان بن سعيد المقرئ : 347 365
عدي فاضل الأسدي: 106
عرفجة بن شريح: 277
عروة بن الزبير: 327
السيد جمال الدين عطاء الله ابن السيد غياث: 174
العطار النيسابوري: 20
عطية الكوفي: 258
عكرمة: 313
علاء الدولة السمناني: 23، 205، 211، 212، 462 ،272 ،219
علقمة: 267، 342
علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي: 287
علي بن أبي حمزة: 413
علي بن أبي صالح: 342
الإمام علي بن أبي طالب: 27، 29، 135، 140، 141 ،148 ،152 ، 153 ، 168 ،169 ، 170 ، 180 ،202 ،203 ،227 ،234 ،253 ،255 ،278 ،307 ،313 ،337 ،345 ،347 ،348 ،349 ، 352 ،395 ،405 ،409 ،511
علي بن أحمد: 407
علي بن إسماعيل الأشعري:
322 على أكبر بن أسد الله المؤودي: 200
علي أكبر المؤودي: 20، 496
علي أكبر مهدي بور: 12
الشيخ علي أكبر الهمداني: 87
علي بهزادي ابن ميرزا محمد: 87
علي بن الجعد: 388
علي بن جعفر بن محمد 256، 165
علي بن الحسين المسعودي: 23، 372
علي بن الحسين الامام علي السجاد: 135،18، 148 ،170 ،180 ،194 ،227 ،234 ،255 ،375 ،405
ص: 582
علي الحسيني الميلاني: 21، 41، 13، 15، 95،97
برهان الدين علي الحلبي: 145، 368
الشيخ علي الخليلي: 35
الشيخ العارف علي الخواص: 19، 153
علي الدبستاني: 15، 97
علي بن زيد: 253
السيد علي السمهودي المدني: 312 145
علي بن سنان الموصلي: 233
علي بن سهل بن الأزهر الأصبهاني: 201
السيد علي بن شهاب الدين الهمداني: 225
الشيخ علي الطريحي النجفي: 85
علي بن عبد الله الحائري السيد: 93
علي بن عبد الله الزاغولي: 272
علي بن عمر بن علي بن محمد: 200
علي العيداني: 106
علي بن عيسى الإربلي: 30، 182
علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الواسطي المعتزلي: 237
علي بن فاضل المازندراني: 28، 29
علي القارئ الهندي: 21
علي كاظم خضير : 106
الشيخ علي القمي: 8885
الشيخ علي الكوراني: 133
على محمد الملقب ب(الباب): 375
علي بن محمد بن أبي بكر الشيبي: 143
علي بن محمد بن أبي عمر الدباس: 283
علي بن محمد الأزدي: 194، 234 ، 348
علي بن محمد بن إسحاق: 407
علي بن محمد السمري: 406، 415، 416
نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي: 143
السيد علي بن محمود الأمين الحسيني الشقرائي: 54، 57
علي المتقي بن حسام الدين ابن القاضي: 186
علي المتقي الهندي: 19
الإمام علي الهادي: 17، 228
علي الهلالي: 338
علي الهمداني: 20، 214، 225، 313، 380، 438
الإمام علي الرضا علي بن موسى: 18، 135، 153 ، 169 ، 170 ،178 ،180 ،185 ،194 ،199 ،405
الميرزا علي ابن محمد تقي النوري 90
علي ابن الشيخ محمد رضا آل كاشف الغطاء: 61، 62
ص: 583
عماد الدين الحنفي: 231
عمار بن ياسر: 344 345 349
عمر بن الخطاب: 266
عمر بن سعد 279
عمر بن عبد العزيز: 262، 274
أبا حفص عمر بن الفارض = ابن فارض الصوفي: 214 ، 215
عمر بن محمد بن أحمد النسفي = عمر النسفی: 205 ،211 ،281 ،283 ،284
عمر بن محمد بن خضر الأردبيلي: 284، 297
عمر بن مرة الجهني: 268
عمر بن میمون 253
عمر ابن الوردي: 21
عمر بن الوليد بن عبد الملك: 284
عمرو بن أذينة: 232، 233
عمرو بن يحيى: 268
عمير بن هاني: 292
عيسى بن مريم 17، 206، 210، 324، 326 ،442
حرف الغين
غازان محمود خان 214
غلام علي آزاد البلكرامي المولى: 172
حرف الفاء
فاطمة (علیها السلام) فاطمة الزهراء (علیها السلام) البتول: 17، 139 ،153 ، 185 ،190 ،191 ،193 ،210 ،424 ،234 ،235 ،256 ،312 ،338 ،352 ،424 ،425 ،435
فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية: 337
النسفي: 205 ، 211، 281، 283، 284
فاطمة بنت قيس: 244
فتح علي السلطان آبادي: 35 69، 92
فتح الله النوري لآخوند :المولى: 90
فخر الدين البناكتي: 214
الشيخ فدا حسين اللكنهوي 87
فرات بن إبراهيم الكوفي: 334
الشيخ ميرزا فرج الله التبريزي: 87
فرعون: 287، 372، 374
الفزاري: 124، 334
فصيح الدين الاستيباضي: 263
أبو الخير فضل الله بن أبي محمد: 190
الشيخ فضل الله النوري: 63، 88 90
فضل بن روزبهان: 190، 369، 468
الفضل بن شاذان النيسابوري: 403، 418
الفضل بن يحيى بن علي الطيبي: 29
الفضل بن يزيد 407
ص: 584
حرف القاف
القاسم بن العلاء: 407
القاسم بن صصري: 231
القاسم بن موسى: 407
القاضي عياض: 261، 262
قرة بن شريك: 284
المؤرخ القرماني: 22، 26، 421، 432
القسطلانی: 368
القصيمي: 25، 26
الشيخ قطب الدين مودود الجشتی 200
قطب مدار: 20، 207
القمشهي الكبير : 82
حرف الكاف
الشيخ الأكبر كاشف الغطاء: 32، 464
الدكتور كامل مصطفى الشيبي: 237
كحالة: 38
كعب الأحبار: 351
كمال الدين الدميري: 268
كمال الدين بن طلحة الشافعي: 18
کمیل بن زياد النخعي: 379
الكنجي الشافعي: 16، 18، 26، 134، 140 ،141 ،146 ،280
حرف اللام
الشيخ لطف الله الصافي: 58
السيد ليث الموسوي: 106
حرف الميم
مؤمن الشبلنجی: 21
الشيخ المجلسي: 16، 28، 30، 32
مجيد نجل الشيخ عبد الهادي حموزي: 105
محب الدين ابن النجار: 22
المحروج: 407
محسن الأمين العاملي: 34، 50، 58، 78، 82 ، 85 ،97 ، 98 ،511 ، 514
المحقق الحلي: 31، 83
محمد الآدمي: 180
محمد بن أبي بكر بن سليمان البكري: 143
محمد بن أبي بكر ابن قاضي القضاة عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن جماعة: 137
محمد بن أبي بكر بن ميذار التبريزي: 220
أبو الحسن محمد بن أبي جعفر: 280
أبو عبد الله محمد بن أبي زيد الكراني: 337
محمد بن أبي عبد الله الكوفي : 407
محمد بن أبي عمير: 420
أبو الفتح محمد بن أبي الفوارس: 167
ص: 585
السيد محمد بن أبي القاسم بن مهدي الكاشاني النجفي: 89
محمد إقبال: 129
محمد ابن أمير المؤمنين علي (علیه السلام): 17
السيد محمد ابن السيد أحمد البغدادي: 93
محمد بن أحمد بن شاذان: 232
محمد بن أحمد بن عبد الله : 143، 169
محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي: 342
محمد بن أحمد الكاتب: 272
السيد محمد بن إدريس الشافعي: 168
محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن علي القونوي الرومي: 217
محمد بن إسماعيل الأحمسي: 299
محمد بن إسماعيل الطرسوسي: 342
محمد بن أيوب: 178
الشيخ محمد البارفروشي الحائري: 87
الإمام محمد الباقر (علیه السلام): 18، 153، 185، 337
الشيخ محمد باقر الهمداني البهاري: 54 551
محمد البخاري: 19، 165
محمد بدر الدين الرومي: 21
الشيخ محمد البرهمتوشي: 151
محمد تقى الحائري العسكري الشيرازي: 35 ، 67 ،69 ،86
محمد تقي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ أسد الله: 46، 50
محمد بن الجزري: 179
الإمام محمد الجواد:(علیه السلام) 18، 228
الشيخ محمد جواد البلاغي: 34 55، 97، 483،98
الشيخ محمد الحجازي الواعظ 22
محمد حرز الدین 37
محمد بن الحسن الباقلاوي: 283
أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي= الشيخ الطوسي: 16، 231، 402، 414
محمد بن الحسن بن علي الطاهري: 164
محمد حسن كاشف الغطاء: 55،36، 461
محمد الحسين آل كاشف الغطاء: 12، 34، 46، 48 ،50 ،54 ،55 ،57 ،70 ، 79 ،84 ،97 ،98 ،100 ،105 ،451 ،461 ،549
الشيخ محمد حسين السلطان آبادي: 91
القاضي محمد بن الحسين بن الفراء: 271
محمد حسين القمشهي الصغير النجفي: 91
محمد بن حمران 419
محمد بن حميد 272
محمد بن الحنفية: 134، 329، 438
السيد محمد الخلخالي النجفي: 87
ص: 586
محمد خواند أمير: 23
محمد بن داود المنزلاوي النسيمي: 224
محمد بن رجب علي بن الحسن الطهراني العسكري: 67
السيد محمد رضا الجلالي: 96
محمد بن زريق بن جامع المصري: 338
العلامة محمد زكي إبراهيم: 236
أبو المعالي محمد سراج الدين الرفاعي: 228
السيد محمد سعيد الموسوي: 21، 394، 395 486،، 489 ، 513، 514، 515
محمد بن سكين: 264
محمد السلطان: 214، 306
محمد بن سليمان الكفوي: 225
محمد السماوي: 48، 500
محمد بن سیرین: 441
محمد بن شاذان 407، 411
محمد بن شحنة 23
محمد بن شعیب بن صالح: 407
محمد بن الصباح: 283
محمد صادق آل بحر العلوم: بحر العلوم: 46، 128، 169، 483، 487، 499، 511
الشيخ محمد الصبان المصري: 20، 226
محمد طه نجف: 46، 50
محمد طاهر الكجراتي: 187
محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي : 137
الشيخ محمد الطهراني: 86
أبا بكر محمد بن العباس: 271
محمد عباس الدراجي: 48
أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز: 271
محمد بن عبد الرحمن السخاوي المصري: 143
محمد بن عبد الرشيد بن شعيب الكشي السلمي : 303
محمد بن عبد الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) = رسول الله: 180
محمد بن عبد الله بن الحسن: 375
محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي: 178
محمد بن عبد الله بن مهران: 334
محمد ابن الحاج عبد الهادي الرنكوني: 90
أبي جعفر محمد بن عثمان: 416
العمري: 406
محمد بن عفان 158
محمد بن عقلة المكي: 181
محمد بن علي 68، 126، 135، 148، 149، 164 ،169 ،170 ،178 ،189 ، 194 ،198 ،219، 224 ،226 ، 271 ، 322، 333، 347 ، 348 ، 350 ، 352 ،366 ، 402 ،405 ،410 ،412 ،421
ص: 587
الشيخ محمد علي الأوردبادي: 59، 61، 77،83 ،552
محمد علي بن زين العابدين المحلاتي: 35، 64
الشيخ محمد علي الطبسي: 91
أبي جعفر محمد بن علي ابن شهر آشوب المازندراني: 402
محمد علي الشاه عبد العظيمي: 55 461
محمد بن علي ابن عربي الطائي: 219، 149
الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي: 126 ، 322 ،421، 333، 409، 402
محمد بن علي الصبان: 226
محمد بن علي بن ملك داد التبريزي: 224
محمد بن عيسى الأشعري: 169
محمد كاظم الغروي الهراتي الخراساني: 67
محمد بن کشمرد: 407
السيد محمد اللاجوردي الكاشاني: 87
محمد بن الليث، 168
سعد الدين محمد بن المؤيد بن حمويه: 211
جمال الدین محمد بن محمد 22، 179
محمد بن محمد بن أبي زيد العلوي: 341
محمد بن محمد بن أحمد البلخي: 220
محمد محمد حسن الوكيل: 106
محمد بن محمد الخزاعي: 407
محمد بن محمد رضا 101
محمد بن محمد الكليني: 407
محمد بن محمد بن محمود البخاري المعروف ب(خواجه بارسا): 164
محمد المختار: 11
السيد محمد مرتضى الجونفوري: 92
محمد بن مسعود البغوي: 21
محمد بن مسعود الكازروني: 371
محمد بن مسلم: 333، 420
الشهيد الأول محمّد بن مكي العاملي: 30، 435 ،137
السيد محمد مهدي القزويني: 86
الشيخ محمد مهدي المازندراني الإصفهاني: 92
السيد محمد مهدي الموسوي الصدر: 97، 98
محمد بن موسى الطوسي: 183
محمد بن موسى بن المتوكل : 406
السيد محمد مير الحسيني الدهلوي: 200
محمد بن نصير النميري: 415
محمد ابن الحاج هادي الإصفهاني: 63
الشيخ محمد هادي الأميني: 140، 142
ص: 588
محمد بن هارون بن عمران: 407
محمد بن همام: 124
محمد بن يحيى الأحمري: 272،168
محمد بن يزيد بن ماجة القزويني: 329
محمد بن يعقوب الكليني: 32، 402، 411
محمد بن يوسف الجونبوري: 129
محمد بن يوسف الكنجي الشافعي: 18، 140
أبو منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي: 342
الشيخ محمود الحلبي: 97
محمود بن سليمان الكفوي: 147، 159
محمود شكري الآلوسي: 48، 59، 552
محمود بن محمد الهروي: 169
محيي الدين بن عربي: 200
محي الدين محمد بن غنا: 168
المدائني: 273
المدرس التبريزي: 37
مرتضى الأنصاري: 35
المرتضى الموسوي: 31
المرتضى بن أحمد بن محمد: 337
مرتضی بن محمد أحمد بن العاملي: 36
مرداس: 407
مروان بن الحكم: 268
مروان الحمار: 261
مسرور الطباخ مولى أبي الحسن: 407
مسروق: 250
مسلم بن الحجاج القشيري النيشابوري: 244
مسلم بن عقبة: 273
مصقع بن الحارث: 435
معاذ بن جبل: 296
معاوية بن هشام : 342
معاوية: 262 ، 263 ، 269 ، 270، 292، 520
المعتز العباسي: 228
المعتضد 162، 167، 403
المعتمد: 176
معد بن الحسين بن معد الموسوي: 193
معروف الرصافي : 47 48
المعلى بن خنيس: 332
معين الدين العمراني: 183
المفضّل بن صالح: 299
المفيد: 402
ملكة بنت عبد الرحمن: 394
المنذر بن محمد القابوسي:435
المنصور: 262، 265، 297
المهتدي بالله: 286
ص: 589
الإمام المهدي (علیه السلام) الحجة الامام المنتظر = صاحب الزمان = محمد بن الحسن العسكري = (م ح م د): 11، 12، 15، 22، 24، 25، 27، 33، 34 ،39 ، 46 ، 48، 51، 52، 53، 54، 55، 58، 70، 99، 133، 134، 138، 140، 141، 142، 143، 146، 148، 149، 152، 154، 157، 159، 164، 165، 167، 170، 171، 173، 175، 176، 177، 174، 180، 181، 182، 183، 185، 189، 192، 198، 201، 203، 204، 205، 206، 208، 211، 212، 213، 216، 219، 226، 228، 231، 239، 241، 247، 276، 281، 282، 328، 332، 339، 342، 343، 352، 346، 395، 400، 401، 402، 405، 406، 407، 409، 422، 438 ،439، 442، 461، 485، 504، 523
مهدي ابن الشيخ أسد الله: 46، 50
السيد مهدي التبريزي: 89
مهدي الحسني النكراني أجارودي 100
الشيخ مهدي الحكمي القمي: 87
السيد مهدي الشيرازي: 61
مهدي ابن العلامة ميرزا هادي النوري 86
المهلبي: 266
مهنا بن يحيى: 271
أبي الفضل موسى ابن الحاج حسين الأزنيقي: 165
الشيخ موسى شرارة: 78
موسى بن عمران 372، 373 الشيخ موسى القادري: 172
الإمام موسى الكاظم= موسى بن جعفر: 18، 153، 169، 170، 185، 194، 234، 255
موسى المبرقع: 39، 66
الشيخ موسى النوري المازندرانی: 91
موسى بن القاسم: 255
موفق بن أحمد الخطيب المكي: 231
مولی مجاشع 290
السيد ميثم مهدي الخطيب: 106
میسر بن عبد العزيز النخعي: 420
میشا 372
ميكائيل: 360
حرف النون
الناصر لدين الله العباسي: 19
نجم الدين بن أبي منصور محمد البغدادي: 232
الشيخ نجم الدين الرازي: 214
نذیر 355
النراقي: 32
ص: 590
نرجس: 160، 166، 174 ، 182، 206، 210
النسائي: 277
السيد النسيمي: 20، 224
نشوان بن سعيد الحميري: 43
نصر بن أبي الفرج الحصري: 341
الشيخ نصر الله ابن الشيخ أسد الله: 94
الشيخ نصر الله بن عبد الله الشبستري: 100، 184
نصر الله الكابلي: 48، 444، 445
نصير الدين الطوسي: 217
نعمان أفندي آلوسي زاده: 172، 401
النعماني: 344، 421
السيّد نعمة الله الولي: 224
أبو عبد الله نعيم بن حماد: 329، 332، 343، 345، 347، 349، 350، 351
نور بن خلف الجبرتي: 144
نور الدين بن عبد الله بن عطاء الله الكرماني السيد: 224
السيد نور الدين الموسوي: 106
نور الله التستري: 30
نوروز الأمير: 214
نوفل بن أبي الفرات: 274
النيلي: 407
حرف الهاء
هاجر: 300
الميرزا هادي 90
هارون القزاز: 407
السيد هاشم البحراني: 16، 320
هاشم بن حسن بن ناصر العاملي الكاظمي : 59، 552
هاشم ابن السيد محمد القزويني الحائري : 59 ،552
السيد هبة الدين: 48، 78
الشيخ ميرزا هداية الله الأبهري: 89
الشيخ هداية الله الكلبایکانی: 89
هشام بن حسام:173
الهيثم بن حبيب: 338، 339
الهيثم بن عدي: 183
حرف الواو
الوحید البهبهانی: 30، 31
وفا المازندراني: 125
ولي الله الدهلوي: 21، 179، 203، 225
الوليد بن يزيد بن عبد الملك: 261، 262، 263، 287
ص: 591
حرف الياء
يأجوج ومأجوج: 151
الياس: 185 ، 468 ، 508، 497.
السيد ياسين الموسوي: 125
اليافعي: 147
يحيى (علیه السلام):175، 204، 356، 414، 423، 424، 494، 520، 543
يحيى بن بكريا بن أحمد البلخي: 168
يحيى بن حسان 264
يحيى بن حمزة: 264، 286
السيد يحيى الإمام زاده 89
يحيى بن زكريا: 206
يحيى بن سلامة الحصكفي: 23
يحيى بن عبد الرزاق خطيب 280
يحيى بن محمود بن سعد الثقفي: 280
يحيى منقاري زاده: 305
يزيد بن أبي زياد 342
يزيد بن الخليل: 348
یزید بن ربيعة 286
يزيد الرقاشي: 290، 311
یزید بن معاوية: 261 ، 265، 270، 271، 272، 274، 282، 354
اليماني: 351
يوسف (علیه السلام) : 372، 520
يوسف بن إبراهيم الهروي: 168
الشيخ يوسف الحدائق الشيرازي: 90
يوسف بن خليل : 337 342
يوسف بن قرغلي بن عبد الله البغدادي: 146
يوسف بن يحيى السلمي: 241، 281
يوسف بن يحيى بن علي الشافعي: 22
القاضي يوسف بن يعقوب: 178
يوشع بن نون: 372
ص: 592
آذربیجان: 407
الأردن: 354
الأرمينية: 216
استنبول: 126
الإسكندرية: 157، 284
أفريقية: 143
إله آباد 200
الأندلس: 262، 263، 265
الأهواز: 407
إيران (55 63 ، ،85 ،94 ، ،97، 125، 220، 461
پاکستان 129، 456 458
بركة الرطلي: 152، 155
وبَرَكس 157
برنكون: 63
بریلی: 200
البصرة: 238، 355، 541
بغداد 25، 26، 33، 49، 50، 57، 74، 95 ، 175، 199، 263، 341، 416، 432، 457، 458، 484، 501، 519، 549
بلاد فارس 180
بلخ: 220
بلد الكاظم: 46، 49
بنجاب: 129
بيت الآبار 280
بیروت 2 39 ،40، 97، 98، 125، 512
بيسان: 246
تبریز 32 184
جام: 196
جامع بني أمية: 156
جبل النور: 372
الجزيرة الخضراء = مثلث برمودا: 28، 31 32
جونبور: 129
الحجاز ،65 ، 82 ،284، 359، 370، 432
حرستا: 346، 353
الحرم الحيدري: 70
الحرمين الشريفين: 126، 172، 429، 444
حلب: 138، 198، 337
الحلة 25، 26 ، 83
ص: 593
حمص: 284
خراسان 129 237، 349، 358
دار الأرقم: 368، 369
الدجيل: 82 83
دمشق: 58 147، 156، 197، 216، 280، 285، 286، 345، 346 ، 353، 354، 355، 356، 361، 511، 513، 518، 519، 521، 545
دنباوند 237
الدير: 27
الدينور: 407
رستاق الري: 237
الركن: 153 ، ، 420331، 421 ، 473، 504، 543
الري: 178
الزوراء: 355
سامراء = سر من رأى 30 45، 65 130، 162، 175، 176، 204، 206، 210، 399، 508، 543، 25، 36، 65، 70، 73، 80، 82، 90، 92، 401، 486، 499
السرداب (25 26 27 28، 45 68، 130، 176، 192، 194، 195، 228، 236، 238، 249، 399، 400، 401، 402، 404، 405، 406، 410، 413، 414، 543، 544
سفاقس: 143
سوريا 56، 458، 484، 545
سوسة: 143
سیالکوت 129
سيواس الروم: 214
الشام: 34، 168، 179، 246، 247، 265، 267، 268، 269، 271، 273، 274، 278، 309، 324، 326، 328، 344، 349، 353، 354، ، 365، 430، 488، ، 356، 365، 430، 488، 511، 513 ،518
405 406، 410 ، 413، 414
شبلة: 237
شهرزور: 407
الصحن الشريف: 66
الصفا: 329 358، 371، 411
الصفة: 192، 193، 195
صفد: 197
صفين: 262، 520، 541
الصيمرة: 407
الطائف: 384، 407
طابران: 179
ص: 594
طبرستان: 35، 64
طبرية 179، 246، 360، 364
طهران ،37 63، 64، 66، 93، 97
طوس: 177، 199، 434
طيبة: 247، 370، 413، 538
عبادان 238
العراق : 64 ، ،78 82 94 283، 285، 361، 432، 455، 458، 473، 488
عقربا 280
عين زغر: 246
غدیر خم: 307
الغري :47 ،54، 55 ،73، 80، 396، 461، 490، 502، 523
غوطة دمشق: 280، 353 ،545
فاقتر: 407
فلسطین: 326 353
فيض آبادي: 200
قابس: 143
قادیان: 129
القاهرة: 226، 236
قبر المحقق الحلي: 83
قبر السيد محمد ابن الإمام الهادي (علیه السلام) : 82
قبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : 85
القدس: 456
قزوین: 407
قم: 85، 93، 97، 434
قونية 219، 220
الكاظمية: 48، 65، 486
كربلاء: 62 ، 63، 64 ، 70 ، 92 ، 434، 458، 487
الكوفة: 153 ، ،178 ، 278 ، 355، 407، 420، 422
كوم الريش 152
لبنان: 458، 545
ماجين: 63
المتحف العراقي: 40
المتكأ: 371
مدرسة السيد البروجردي: 518،93
المدرسة الشبلية: 231
المدرسة المستنصرية: 220
مدرسة الإمام محمد الحسين كاشف الغطاء (رحمه الله ) : 96
مدین: 374
المدينة = المدينة المنورة: 165، 306، ، 82 ،173، 228، 247، 265 ،267، 268، 269، 271، 273، 282، 312، 324، 325، 330، 341، 355، 357، 377، 412، 414، 421، 430
ص: 595
المدينة الرومية: 154
مدينة القاطع: 365
مرج عكا: 154
مركز إحياء التراث الإسلامي: 99
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي(علیه السلام) : 39، 58، 395، 523
المروة: 371
مسجد رسول الله(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : 269
مشهد الإمامين: 29
مشهد أمير المؤمنين: 83
المهديّة: 143
مصر: 152، 155 ، ،157 ، 158، 186، 197، 198، 212، 226، 284، 352، 430، 507، 518، 519، 522
المغرب: 262 ، 267 ، 345، 352، 353، 429 ، 421
مكتبة الآستانة الرضوية: 40، 387
مكتبة أمير المؤمنين: 96
مكتبة الإمام الحكيم: 39، 40، 49، 55، 461 ،105 ،96،99
مكتبة الجوادين العامة: 48
مكتبة الروضة العباسية: 55، 106
مكتبة الإمام محمد الحسين كاشف الغطاء: 96
مكتبة نينوى: 34، 58 97 523
الموصل: 147
نابلس: 280
النجف الأشرف : 27، 33، 35، 36 39، 40، 46 ،47، 49 ،50، 58، 62، 85، 96، 105، 208، 394، 395، 434، 452، 457، 458، 484، 486، 499، 500، 512، 513، 523
نصيبين: 407
نهاوند: 237
نور: 35، 64
نوقان: 179
نیسابور: ،178 ، 231، 285، 407، 432
همدان :232، 358،244
المقام: 153، 331، 420،
مكة = أم القرى: 26، 143، 144، 163، 178، 187، 247، 267، 268، 297، 324، 329، 334، 349، 356، 357، 368، 372، 377، 409، 418، 419، 420، 421، 422، 430، 434، 473، 508، 45، 130، 399، 479، 497، 508، 544
ص: 596
الهند: 45 66 ، 88، 94 ، 200، 374، 375 ،428، 429، 444 458، 484، 129، 371، 528، 470
يالو 35
يثرب: 246
اليمن: 247، 267، 358، 370
ص: 597
ص: 598
آل محمد ،190 ، 194 ، 198، 315، 333 ، 343، 345، 366، 379، 380، 389، 475، 498، 534، 543
آل يعقوب: 372
الآلوسيين: 47
الأشعرية: 322، 478
الإمامية ،18 ،28 30 31 33 37 38، 48، 134، 135، 177، 179، 190، 195، 211، 236، 240، 249، 254، 261، 308، 309، 310، 314، 315، 328، 362، 363، 367، 387، 391، 393، 399، 400، 401، 402، 405، 406، 409، 410، 411، 413، 415، 416، 417، 418، 422، 423، 426، 431، 432، 434، 435، 441، 444، 445، 446، 483، 485، 499، 511
أهل البيت : 17 33، 77، 78، 144، 171، 173، 178، 184، 188، 206، 225، 226، 228، 236، 257، 259، 292، 295، 296، 303، 305، 307، 308، 309، 310، 312، 339، 365، 366، 388، 422، 424، 426، 438، 542
أهل السنة : 17 ، 18 ، 25، 26، 33، 48، 131، 133، 134، 137، 158، 182، 184، 201، 208، 210، 224، 225، 235، 240، 241، 253، 254، 305، 306، 309، 310، 314، 321، 328، 361، 363، 367، 399، 401، 404، 426، 427، 428، 436، 439، 445، 485، 534
أهل الكاظمين: 51، 74
البرامكة: 430
بنو العاص: 270
بنو المغيرة: 267
بني اسرائيل 213 251، 253، 254، 298، 372، 373، 374
بني أمية = بنو أمية : 185، 261، 265، 266، 267، 268، 274، 286، 289
بني العبّاس: 262، 286 ، 533، 542
بني فهر: 244
بني مروان: 268، 286، 301، 474
بني هاشم: 342
تميم: 245، 471
ثقيف: 359
الجعفري: 133، 453
ص: 599
الحافظية: 184
حمير: 358
الحنبليّ: 133
الحنفي: 133، 173، 496
الحنفية: 147، 164، 220، 304
خولان: 358
الشافعي: 133، 169، 206، 227
الشيعة :17 ،25، 36 37 38، 43 46، 50، 56، 63، 65، 78، 79، 82، 83، 88، 94، 124، 140، 142، 146، 148، 149، 154، 157، 164، 167، 177، 181، 183، 188، 189، 196، 197، 206، 219، 231، 236، 373، 374، 399، 401، 406، 410، 415، 432، 433، 451، 455، 457، 461، 490، 501، 502، 521، 523، 545، 551
الصوفية : 163 ، 203 208 ، 214، 220، 237، 238، 243، 249، 427
24، 249، 4273 ،238
الطائفة الاثني عشرية: 17
غداف: 359
القاديانية: 129
الكيسانية: 134
المالكي: 133
مضر: 358
المهدوية: 45 129، 371، 470
النصارى: 66 ، 208 ، 209 ، 210، 331، 484، 501
النصيرية: 415
النقشبندية: 144، 164
اليهود: 209، 364
ص: 600
البيت الشعري /القافیة / الشاعر/ الصفحة
أتت تتهادى كالمها بملاحة / عامرية / الشيخ عامر بن عامر البصري/216
أتوعد كل جبار عنيد / عنيد/ الوليد بن يزيد بن عبد الملك /288
أطعت الهوى فيهم وعاصاني الصبر / ولا أمر / الشيخ محمد جواد البلاغي 34، 490
اظهر من منزل الاختفاء /الوفاء //178
أقدم أيها الإمام يا من شعارك الهداية /الانتظار //178
أى سرور مردان علی مردان سلامت می کنند /می کنند/ جلال الدين الرومي /222
أيا علماء العصر يا من له خبر/ الذكر /أحد علماء السنة /33، 44، 50، 51، 52، 71، 74، 76، 121، 466، 510
برون آی از منزل اختفا / ووفا //177
بنفسي بعيد الدار قربه الفكر / والذكر / الشيخ محمد حسین کاشف /34، 52، 53، 71، 75، 465
بيا أي امام هدايت شعار/ انتظار //177
ص: 601
البيت الشعري /القافية /الشاعر /الصفحة
تجلى لي المحبوب في كل وجهة /وصورة /الشيخ عامر بن عامر البصري /217
ثم أتاها الناصر العباسي /باس /الشيخ السماوي /195
زروی همایون برافکن نقاب /آفتاب //177
سلام على المصطفى المجتبى /المرتضى /فضل بن روزبهان /192
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة /يصلب/الرجس ابن العباس الكلبي (لع) /375
عسكري نور دو چشم عالم است و آدم است /کجا است /الشيخ أحمد الجامي /198
على يد الشريف بدر السعد /معد /الشيخ السماوي /195
فعش فرداً وطب نفساً /سماويا /العلامة النوري (قد) /68
فعمر القبة والمئآذنا /المحاسنا /الشيخ السماوي /95
فنظروا ما قد زها في الدائر /الناصر /الشيخ السماوي /195
فَهَذا الخَلَفُ الحُجَّةُ قَدْ أَيّدَهُ اللهُ /سَجَايَاه //138
قال الشريف الفاطمي أحمد /أحمد /السيد محمد باقر الحجة الحائري /59، 551
ليت أشياخي ببدر شهدوا /الأسل /ابن الزبعرى /272
ما آن للسرداب أن يلد الذي /إنسانا //417
مدارس آيات خلت من تلاوة /العرصات /دعبل بن علي الخزاعي /199
ص: 602
البيت الشعري /القافیة/الشاعر/الصفحة
مصطفی ختم رسل شد در جهان /در عیان /الشيخ العارف محمد /222
من راقب الناس مات غمّا /الجسور /الوليد بن يزيد بن عبد الملك /288
من زمهر حيدرم هر لحظة أندر دل صفاست /ورهنما است /الشيخ أحمد الجامي /196
نأوا وبقلبي من فراقهم جمر /غمر /السيد محسن الامين /34، 524
هر نکته که آن زمانها است /عیانست //240
واكشف النقاب عن وجه السعادة /كالشمس //177
وجعل الألواح فيه منبئة /والستمئة /الشيخ السماوي /194
وزبر الأئمة الاثنى عشر /زبر /الشيخ السماوي /194
وزين الروض بما قد ابتهج /الأزج /الشيخ السماوي /194
وقبر بطوس يا لها من مصيبة /بالزفرات /الإمام الرضا (علیه السلام) /199
وليست إذا عددتها بطويلة /بقصيرة /الشيخ عامر بن عامر البصري /216
ومنع الحوض بذاك الروض /الحوض /الشيخ السماوي /194
ويظهر ميم المجد من آل محمد /أولا /عبد الرحمن البسطامي /198
يقول راجي عفو ربه الحفي /العلي /اليسد علي بن محمود العاملي /547
يقوم بأمر الله في الأرض ظاهراً /للكفر /الشيخ صدر الدين القونوي /217
يُمَتِّلُكَ الشَّوْقِ المبرِّحُ وَالفِكْرُ / ستر / السيد رضا الهندي /57، 503
ص: 603
ص: 604
1. آثار البلاد وأخبار العباد لزكريا بن محمد بن محمود القزويني (ت 682ه)، الناشر: دار صادر / بيروت.
2. آلاء الرحمن في تفسير القرآن للشيخ محمد جواد البلاغي (ت 1352ه)، تحقیق: قم الدراسات الإسلامية مؤسسة البعثة/ قم، ط 1 - 1420ه
3. أبجد العلوم للسيد صديق بن حسن خان القنوجي البخاري (ت 1307ه)، وضع حواشيه وفهارسه أحمد شمس الدين، ط 1 - 1420ه- ، الناشر: دار الكتب العلمية / بيروت.
4. الإتقان في علوم القرآن لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت 911ه-)، ط - دار المعرفة / بيروت.
5. إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب لأبي الحسن علي بن الحسين بن علي الهذلي المسعودي (ت 346ه) ، ط 2 - 1424ه ، الناشر: مؤسسة أنصاريان / قم.
6. الاحتجاج: لأبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (ت 548ه)، تحقيق: السيد محمد باقر الخرسان، ط - 1386ه- ، الناشر: دار النعمان / النجف الأشرف.
7. إحقاق الحق للشهيد نور الله التستري (ت 1019ه).
8. أخبار الدول وآثار الأول: لأحمد بن يوسف القرماني (ت 1019ه)، ط - 1282ه- ، مطبعة: الميرزا عباس التبريزي/ بغداد.
9. الأربعون حديث في مناقب أمير المؤمنين (علیه السلام) لمحمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي (ق6) مخطوط ، فى مكتبة العلمين.
ص: 605
10. الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد: لأبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي الشيخ المفيد ) ( ت 413 ه)، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ط 2 - 1414ه، الناشر : دار المفيد / بيروت.
11. استخراج المرام من استقصاء الإفحام للسيّد علي الحسيني الميلاني (معاصر)، ط 1- 1425ه، شریعت/ قم.
12. استقصاء الإفحام واستيفاء الانتقام للسيّد حامد حسين اللكهنوي (ت 1306ه) ، ط - 1326ه / طبعة مجمع البحرين.
13. الاستنصار في النص على الأئمة الأطهار لأبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي ( ت 449ه) ، ط 2 - 1405ه الناشر: دار الأضواء/ بيروت.
14.أسد الغابة في معرفة الصحابة: لعز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد المعروف بابن الأثير ( ت 630ه)، الناشر: دار الكتاب العربي / بيروت.
15. إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وفضائل أهل بيته الطاهرين: للشيخ محمد الصبان (ت 1306ه)، مطبوع بهامش كتاب نور الأبصار للشبلنجي، ط - دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
16. الإصابة في تميز الصحابة لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852ه)، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد عوض ، ط 1 - 1415ه ، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت.
17. الاعتقادات: لأبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق (ت 381ه)، تحقيق: عصام عبد السيد، ط 2 - 1414ه، الناشر: دار المفيد / بيروت.
18. الأعلام لخير الدين الزركلي ( ت 1410ه) ، ط 5 - 1980م ، الناشر: دار العلم للملايين/ بيروت.
ص: 606
19. إعلام الورى بأعلام الهدى للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي(548ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت (علیهم السلام) لإحياء التراث ط 1 - 1417ه ، قم / إيران
20 . أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين (ت 1371ه)، تحقيق: حسن الأمين، الناشر: دار التعارف / بيروت.
21. إقبال الأعمال للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (664ه)، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، ط 1 -1414ه، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي.
22. إكمال الدين وإتمام النعمة = كمال الدين وتمام النعمة للشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي الملقب بالصدوق (ت (381ه)، تحقيق: علي أكبر غفاري، ط1405ه ، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين / قم.
23. الزام الناصب في إثبات الحجة الغائب للشيخ علي اليزدي الحائري (ت 1333ه)، مراجعة وتصحيح فالح عبد الرزاق العبيدي، ط 1 - 1426ه ، دار أنوار الهدى.
24. الأمالي: لأبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي ( ت 381ه-)، تحقيق ونشر قسم الدراسات الإسلامية / مؤسسة البعثة - قم، ط 1-1417ه.
25. الإمام المهدي (علیه السلام)نور في الشعر العربي للأستاذ محمد عباس الدراجي (معاصر)، دار : الأضواء / بيروت.
26. أمل الآمل: للحر العاملي (ت 1104ه)، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، الناشر : مكتبة الأندلس – بغداد.
27. الأنساب: لأبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني (ت 562ه)، تحقيق عبد الله عمر البارودي، ط 1 - 1408ه، الناشر: دار الحنان / بیروت.
28. الأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الجزائري (ت 1112ه-)، ط 4 - 1404ه ، الناشر: مؤسسة الأعلمي – بيروت.
ص: 607
29. أنيس الموحدين للمولى مهدي بن أبي ذر النراقي (ت 1209ه)، ط - تبريز.30 أهل البيت في المكتبة العربية : العلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي (ت 1416ه)، ط 1- 1417ه، الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث قم.
31. بحار الأنوار للشيخ محمد باقر المجلسي (رحمه الله ) (ت 1111ه): ط 2-1403ه ، الناشر: مؤسسة الوفاء بيروت.
32. البراهين الساباطية للشيخ جواد بن إبراهيم بن محمد ساباط الحسيني البصري الحنفي (ت1250 ه ) ، ط كلكتة - 1229ه.
33. البرهان على وجود صاحب الزمان السيد محسن الامين العاملي (ت 1371ه)، تقديم و تحقيق مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (علیه السلام)، ط 2 - 1429ه.
34. البرهان في علامات مهدي (علیه السلام)آخر الزمان للشيخ علاء الدين علي بن حسام الدين الجوبوري الشهير بالمتقي الهندي (975ه)، تحقيق: علي أكبر غفاري، ط - 1399ه، مطبعة الخيام/ قم.
35. البرهان في علوم القرآن لبدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي (ت 794ه)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط 1 - 1376ه ، الناشر : دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاؤه.
36. بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت 911ه)، تحقيق: محمد أبو الفضل ابراهيم ط 2 - 1399ه ، الناشر: دار الفكر/ بيروت.
37. البيان في أخبار صاحب الزمان (علیه السلام) و المطبوع بضميمة كتاب كفاية الطالب: للإمام عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت 658ه)، تحقيق: الدكتور محمد هادي الأميني، ط 4 - 1413ه الناشر: شركة الكتبي.
ص: 608
38. تاج العروس لمحب الدين أبي فيض السيد محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي (ت 1205ه)، تحقيق: علي شيري، ط - 1414ه الناشر: دار الفكر / بيروت.
39. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام لمحمد بن أحمد الذهبي (ت748ه)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ط 1 - 1426ه، الناشر: دار الكتب العلمية / بيروت.
40. تاريخ الخلفاء للإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911ه)، ت: محمد محيي الدين عبد الحميد، ط 2 - 1378ه، مطبعة: السعادة / مصر.
41. تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس للإمام الشيخ حسين بن محمد بن الحسن الديار
بكري (ق10) ، الناشر: مؤسسة شعبان للنشر والتوزيع / بيروت.
42. تاريخ مدينة دمشق: لأبي القاسم علي بن الحسن الشافعي المعروف بابن عساكر (ت 571ه)، تحقيق: علي شيري، ط - 1415ه الناشر: دار الفكر بيروت.
43. تاريخ مقام الإمام المهدي (علیه السلام)في وادي السلام لأحمد علي مجيد الحلي، ط 1-1427ه ، الناشر: مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عليه السلام )، منشورات بقية العترة.
44. تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم لأبي محمد عبد الله بن النصر بن الخشاب البغدادي : (ت567ه) ، ط - 1406ه- الناشر: مكتب آية الله العظمى المرعشي النجفي / قم.
45 . تتمة المنتهى في تاريخ الخلفاء للشيخ عباس بن محمد رضا القمي (ت 1359ه)، ترجمة :نادر تقي، ط 1 - 1425ه ، الناشر: مؤسسة المحبين/ قم المقدسة
46. تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي: للإمام الحافظ جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911ه) ، ط 1 - 1421ه ، الناشر: دار إحياء التراث العربي / بيروت.
ص: 609
47. تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة: ليوسف بن قزغلي (سبط ابن الجوزي) (ت 654ه)، تحقيق: حسين تقي زاده، ط 1-1426ه ، الناشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام.
48. تذكرة الفقهاء: الحسن بن يوسف بن المطهر (العلامة الحلي) (ت 726ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث / قم المقدسة، ط 1-1414ه.
49. تفسير ابن كثير: لأبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي (ت 774ه)، تحقيق: يوسف عبد الرحمن المرعشلي، ط -1412ه، الناشر: دار المعرفة/ بيروت.
50. تفسیر فرات الكوفي لفرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي (ق (3)، ط - المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
51. تقريب التهذيب: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( 852ه)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ط 2 - 1415ه الناشر: دار الكتب العلمية / بيروت.
52. تكملة أمل الآمل للسيد حسن الصدر الكاظمي (ت 1354ه)، تحقيق: الدكتور حسين علي محفوظ و عدنان الدباغ و عبد الكريم الدباغ ، ط 1 - 1429ه ، دار المؤرخ العربي / بيروت.
53 . تنزيه الأنبياء لأبي القاسم علي بن الحسين الموسوي المعروف بالشريف الرضي ( 436ه) ، ط 2 - 1409ه الناشر: دار الأضواء / بيروت.
54. تنضيد العقود السنية بتمهيد الدولة الحسنية للعلّامة المؤرخ السيد رضي الدين بن محمد بن علي بن حيدر الموسوي العاملي المكي (1103ه)، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، ط 1 - 1431ه ، الناشر: نشر الأنساب التابعة لمعهد الدراسات لتحقيق أنساب الأشرف.
55. تهذيب الأحكام للشيخ محمد بن الحسن الطوسي ( 460ه)، تحقيق وتعليق: السيد حسن الموسوي الخرسان، ط 3 - 1364 ش الناشر : دار الكتب الإسلامية / طهران.
ص: 610
56. تهذيب التهذيب لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852ه)، ط 1 - 1404ه، الناشر: دار الفکر بيروت.
57. تهذيب الكمال في أسماء الرجال: لجمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي (ت 742ه)، تحقيق بشار عواد معروف، ط 4-1406ه ، الناشر: مؤسسة الرسالة/ بيروت.
58. التوراة : ط 2007م ، الناشر: دار الكتاب الشريف بيروت.
59. جامع الأصول في أحاديث الرسول: للإمام المبارك بن محمد ابن الأثير الجزري (ت 606ه)، تحقيق: عبد القادر الارناؤوط، ط - 1420ه ، الناشر: دار الفكر بيروت.
60. الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير: لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911ه)، ط 1 - 1401ه ، الناشر: دار الفكر / بيروت.
61. الجرح والتعديل = تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل: لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد التميمي الحنظلي الرازي (ت 327ه)، ط 1 - 1371ه، الناشر: دار إحياء التراث العربي / بيروت.
62. جلاء العينين في محاكمة الأحمدين للسيد نعمان خير الدين الشهير بابن الآلوسي البغدادي، ط - 1298ه ، مصر / بولاق.
63. جمع الجوامع (الجامع الكبير في الحديث والجامع الصغير وزوائده): لجلال الدين بن عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (911ه)، تحقيق: خالد عبد الفتاح شبل، ط 1- 1421ه ، دار الكتب العلمية / بيروت.
64. جواهر العقدين في فضل الشرفين للشيخ علي بن عبد الله الحسني السمهودي (ت 911 ه)، تحقيق: موسى بناي العليلي، ط - 1405ه ، الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية /العراق.
ص: 611
65. حاشية الشيخ إبراهيم البيجوري على شرح العلامة ابن القاسم الغزي: ط 2 - 1420ه ، الناشر: دار الكتب العلمية / بيروت.
66. الحصون المنيعة في طبقات الشيعة للشيخ علي بن محمد رضا بن موسى آل كاشف الغطاء (ت 1350ه) مخطوط ، في مكتبة الإمام كاشف الغطاء هئة العامة.
67. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للإمام الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الإصفه الشافعي (ت 430ه)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ط 3-1427ه الناشر: دار الكتب العلمية بيروت.
68. حياة الإمام المهدي (علیه السلام): للشيخ باقر شريف القرشي (معاصر) ، ط 1 - 1417ه ، الناشر : ابن المؤلف.
69. حياة الحيوان الكبرى للشيخ كمال الدين محمد بن موسى الدميري (ت 808ه)، ط3- 1422ه ، الناشر: دار إحياء التراث العربي / بيروت.
70. الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي (ت 573ه)، تحقيق: مؤسسة الإمام مهدي (علیه السلام)، ط 1 - 1409ه، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي (علیه السلام)قم المقدسة.
71. الخصال: لأبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي (ت) (381ه)، تحقيق: علي أكبر الغفاري، ط - 1403ه، الناشر: منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية قم المقدسة.
72. خصائص الوحي المبين: لشمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلي المعروف بابن البطريق (ت 600ه)، تحقيق: الشيخ مالك المحمودي، ط 1-1417ه ، الناشر: دار القرآن الكريم.
ص: 612
73. خلاصة الأثر فى أعيان القرن الحادي عشر لمحمد أمين بن فضل الله المحبّي الحنفي (ت 1111ه)، تحقيق: محمد حسن إسماعيل، ط 1 - 1427ه ، الناشر: دار الكتب العلمية / بيروت.
74. خلاصة عبقات الأنوار: للسيد حامد النقوي (ت 1306ه)، ط - 1405ه- ، الناشر: مؤسسة البعثة - قسم الدراسات الإسلامية / طهران.
75. الدر المنثور في التفسير بالمأثور: لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 ه)، دار الفكر بيروت
76. الدرر البهية في تراجم علماء الإمامية للسيد محمد صادق آل بحر العلوم (ت1399ه)، مخطوط قيد التحقيق تحقيق وحدة تحقيق العتبة العباسية المقدسة.
77. الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لشهاب الدين أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني ( ت 852ه) ، ضبط و تصحيح عبد الوارث محمد علي. ، ط 1-1418ه ، الناشر: دار الكتب العلمية / بيروت.
78. الدروس الشرعية في فقه الإمامية للشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي (ت 786ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين/ قم المقدسة.
79. دول الإسلام لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، (ت748ه)، تحقيق حسن إسماعيل مزوة ، ط1 - 1999، ط 2-1427ه ، الناشر: دار صادر/ بیروت.
80. ديوان السيد رضا الموسوي الهندي (ت 1362ه) جمعه : السيد موسى الموسوي، راجعه وعلق عليه الدكتور السيد عبد الصاحب الموسوي، ط 1 - 1409ه، الناشر: دار الأضواء / بيروت.
81. ذخائر العقبى فى مناقب ذوي القربى لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري ( ت 694ه) ، ط - 1356ه ، الناشر: مكتبة القدسي.
ص: 613
82. الذريعة إلى تصانيف الشيعة لآقا بزرك الطهراني (ت (1389ه)، ط3-1403ه ، الناشر: دار الأضواء / بيروت.
83 . الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي (ت 597ه)، تحقيق د. هيثم عبد السلام محمد، ط 1- 1426ه ، الناشر : دار الكتب العلمية / بيروت.
84 .رسائل ومقالات للشيخ جعفر السبحاني، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق / قم.
85. روض المناظر في علم الأوائل والأواخر للشيخ محب الدين أبي الوليد محمد بن محمد ابن الشحنة( ت 815ه)، تحقيق: سيّد محمد مهني ط 1 - 1417ه، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت.
86 .روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات للميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري (ت 1313ه)، ط 1390ه ، الناشر: مؤسسة إسماعيليان
87. روضة الشهداء: لملا حسين الكاشفي (ت 910ه)، ط - 1341ش ، مطبعة: خاور/ طهران.
88 .روضة الطالبيين لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي (ت 676ه)، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد عوض الناشر: دار الكتب العلمية / بيروت.
89 .ريحانة الأدب للعلامة محمد علي مدرس تبريزي (ت 1373ه-)، ط 4 - 1374 ش،
الناشر: انتشارات خيام
90. سبحة المرجان في آثار هندستان لغلام علي آزاد( ت 1200ه أو 1194ه)، ط1303ه - طبع ملك الكتاب.
ص: 614
91. سبع الدجيل = حياة وكرامات أبي جعفر محمد ابن الإمام علي الهادي: لمحمد علي الغروي الأوردبادي (ت (1380ه)، ط 1 - 1427ه ، الناشر: دار المحجة البيضاء/ بيروت.
92. السر المكنون في النهي لمن وقت للغائب المصون: للسيد حسين البراقي (1332ه)،مخطوط، في مكتبة الإمام كاشف الغطاء (رحمه الله ) العامة.
93. سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي لعبد الملك بن حسين بن عبد الملك الشافعي العاصمي المكي (ت 1111ه)، تحقيق مجموعة ط 1 - 1419ه ، دار الكتب العلمية بيروت.
94. سنن ابن ماجة لأبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني (ت273ه)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار الفكر بيروت.
95.. سنن أبي داود لابن الأشعث السجستاني (ت 275ه)، تحقيق: سعيد محمد اللحام، ط 1- 1415ه ، الناشر: دار الفکر بيروت
96. سنن الترمذي: لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279ه)، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، ط - 1403ه ، الناشر: دار الفكر بيروت.
97. سنن النسائي لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت 303ه)، ط 1-1348ه الناشر: دار الفکر بيروت
98. سير أعلام النبلاء لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748ه)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وحسين الأسد، ط 9-1413ه ، الناشر: مؤسسة الرسالة/ بيروت.
99. السيرة الحلبية: لعلي بن برهان الشافعي (ت 1044ه)، ط - 1400ه، الناشر: دار المعرفة/ بيروت.
ص: 615
100. شرح إحقاق الحق للسيد شهاب الدين النجفي المرعشي (ت 1411ه)، تحقيق: شهاب الدين المرعشي النجفي تصحيح إبراهيم الميانجي، الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي / قم.
101. شرح المقاصد لسعد الدين التفتازاني (ت 791ه)، ط -1277ه ، مطبعة: دار الطباعة. 102. شرح صحيح مسلم : لأبي الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري (ت676ه-)، ط - 1407ه ، الناشر: دار الكتاب العربي / بيروت.
103. شعب الإيمان لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ( ت 458ه)، تحقيق: أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول، ط 2 - 1429ه ، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت.
104. شعراء الغري والنجفيات لعلي الخاقاني (ت 1399ه)، مكتبة آية الله المرعشي النجفي 1408ه.
105. صحائف الأبرار في وظائف الأسحار للإمام محمد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373ه)، تحقيق: مهدي حمد الفتلاوي، ط 1 - 1424ه، الناشر: دار الهادي.
106. صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار للسيد الشريف عبد الله محمد سراج الدين الرفاعي المخزومي، ط - 1304ه ، مطبعة: محمد أفندي مصطفى / مصر.
107. صحيح البخاري: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي (ت 256ه)، ط - 1401ه ، الناشر: دار الفكر / بيروت.
108. صحيح مسلم لأبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت 261ه)، الناشر: دار الفكر بيروت.
109. الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم للشيخ زين الدين أبي محمد علي بن يونس العاملي النباطي البياضي ( ت 877ه)، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، ط 1-1384ه ، الناشر: المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية.
ص: 616
110. الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة للقاضي الشهيد نور الله التستري (ت 1019ه)، تحقيق: السيد جلال الدين المحدث الأرموي، ط - 1367ه.
111. الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة لأحمد بن حجر الهيتمي المكي (ت 974ه)، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، ط 2 - 1417ه ، الناشر: مكتبة القاهرة الأزهر.
112. الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة: لأحمد بن حجر الهيتمي الهيتمي المكي (ت 974ه)، ط - 1424ه ، الناشر: مكتبة الحقيقة / استانبول.
113. الصولة العلوية على القصيدة البغدادية: العلامة الكبير السيد محمد صادق بحر العلوم (ت 1399ه)، تحقيق وحدة تحقيق العتبة العباسية المقدسة، الناشر: مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة، ط 1 - 1431ه، مؤسسة الأعلمي / بيروت.
114. الضوء اللامع لأهل القرن التاسع لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902ه)، ط - دار الجيل بيروت.
115. طبقات أعلام الشيعة - الكرام البررة للعلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت 1389ه)، ط 1 - 1430ه، الناشر: دار إحياء التراث العربي / بيروت.
116. طبقات الشافعية الكبرى لعبد الوهاب بن علي السبكي (ت 771ه)، تحقيق: مصطفى عبد القادر أحمد عطا، ط 1 - 1420ه ، الناشر: دار الكتب العلمية / بيروت.
117. طبقات الشافعية: لأبي بكر أحمد بن محمد بن عمر بن محمد تقي الدين ابن قاضي شهبة الدمشقي (ت 851ه)، تحقيق: الدكتور الحافظ عبد الحليم خان، ط - 1407ه ، الناشر: دار الندوة الجديدة بيروت.
118. طبقات الشافعية : الجمال الدين عبد الرحيم الأسنوي ت (772ه)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، ط 1422ه، الناشر : دار الكتب العلمية بيروت.
ص: 617
119. الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار للشيخ أحمد بن علي الشافعي المعروف بالشعراني (ق10ه)، ط 1-1408ه ، الناشر: دار الجيل/ بيروت.
120. الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف للسيد رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن طاووس الحلي (ت 664ه)، ط 1 - 1399ه الناشر: مطبعة الخيام/ قم.
121. الطليعة من شعراء الشيعة: للشيخ محمد بن طاهر السماوي (ت 1370ه)، تحقيق: كامل سلمان الجبوري، ط 1 1422ه، الناشر: دار المؤرخ العربي / بيروت.
122. العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية للعلامة الكبير الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء (ت 1373ه)، تحقيق الدكتور جودت القزويني، ط 1 - 1418ه ، دار ومكتبة الهلال / بيروت.
123. العبقات العنبرية للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (ت) 1373ه)، الجزء الثاني مخطوط، مصور في مكتبة الإمام كاشف الغطاء له العامة.
124. العدد القوية لدفع المخاوف اليومية لرضي الدين علي بن يوسف المطهر الحلي (ت 726ه)، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، ط 1 - 1408ه ، الناشر : مكتبة آية الله المرعشي العامة قم.
125. عقد الدرر في أخبار المنتظر عج ليوسف بن يحيى بن علي بن عبد العزيز المقدسي الشافعي السلمي ( من علماء القرن السابع)، تحقيق: د.عبد الفتاح محمد الحلو، ط 2- 1425ه، الناشر: مسجد جمكران المقدس.
126. عقود حياتي: للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (رحمه الله ) (ت1373ه)، مخطوط، في مكتبة الإمام كاشف الغطاء العامة.
ص: 618
127. علل الشرائع للشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي الملقب بالصدوق (ت 381ه)،
تحقيق: السيد محمد صادق بحر العلوم، ط -1385 ه ، الناشر: منشورات المكتبة الحيدرية / النجف الأشرف.
128. علماء العرب في شبه القارة الهندية: ليونس الشيخ إبراهيم السامرائي (معاصر)، الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العراق.
129. عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار ليحيى بن الحسن الأسدي الحلي المعروف بابن البطريق ( ت 600ه)، تحقيق الشيخ مالك المحمودي والشيخ إبراهيم البهادري ط - 1407ه ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين / قم
130 .عنوان الشرف في وشي النجف للشيخ محمد بن طاهر السماوي (ت 1370ه)، ط 1 - 1360ه ، الناشر: مطبعة الغري / النجف الأشرف.
131. العين: لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175ه)، تحقيق: د. مهدي المخزومي، د. إبراهيم السامرائي، ط 2 - 1409ه- الناشر: مؤسسة دار الهجرة.
132. عيون أخبار الرضا لأبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق (ت 381ه)، تحقيق: الشيخ حسين الأعلمي، ط - 1404ه ، الناشر: مؤسسة الأعلمي / بيروت.
133. غالية المواعظ لنعمان أفندي الآلوسي، ط - 1305، مطبعة – الأميرية /بولاق.
134. غاية المرام وحجة الخصام في تعيين الإمام من طريق الخاص والعام للسيد هاشم البحراني الموسوي التوبلي (ت1107ه)، تحقيق: السيد علي عاشور.
135. الغدير في الكتاب والسنة والأدب: لعبد الحسين أحمد الأميني النجفي (ت 1492ه)، ط 4 - 1397ه ، الناشر : دار الكتاب العربي / بيروت.
136. غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد القمى النيسابوري (ت 850ه ) ، ط - 1280ه/ إيران.
ص: 619
137. الغيبة لأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب المعروف بأبي زينب النعماني (ق4) تحقیق فارس حسون ،كريم ط 1 - 1422ه ، الناشر: أنوار الهدى. المقدسة.
138. الغيبة للشيخ محمد بن الحسن الطوسي (ت 460ه)، تحقيق : الشيخ عباد الله الطهراني
الشيخ علي أحمد ناصح، ط 1 - 1411ه الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية/ قم
139. فتح الباري شرح صحيح البخاري: لشهاب الدين ابن حجر العسقلاني (ت 852-)، الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر / بيروت.
140. الفتوحات المكية للشيخ محيي الدين بن العربي (ت 638 ه)، قراءة وتقديم: نواف الجراح، ط دار صادر/ بیروت
141. فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمة من ذريتهم عليهم السلام: إبراهيم الجويني الخراساني ( من أعلام القرن السابع والثامن الهجري)، تحقيق: محمد باقر المحمودي، ط 1 - 1428ه ، الناشر: دار الحبيب / قم.
142. فصل الخطاب: لخواجه محمد بارسا ، تحقیق: منصور داداش نزاد، مطبوع ضمناً في مجلة ميراث إسلامي إيران ، ط - 1417ه، الناشر: مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي (رحمه الله ) / قم.
143. الفصول المهمة في معرفة الأئمة (علیهم السلام) : للشيخ علي بن محمد ابن الصباغ (ت 855ه)، تحقيق السيد جعفر الحسيني المجمع العالمي لأهل البيت (علیهم السلام) ط 1 - 1427ه.
144. فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام): لأحمد بن حنبل (ت 241ه)، تحقيق: حسن حميد السنيد، ط 1425ه ، الناشر : مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (علیهم السلام)
145. فضائل أمير المؤمنين (علیه السلام) لابن عقدة الكوفي (ت 333ه)، تحقيق: عبد الرزاق محمد حسين فيض الدين.
ص: 620
146. فهرس التراث للسيد محمد حسين الحسيني الجلالي، تحقيق: محمد جواد الحسيني الجلالي، ط 1 - 1422ه ، الناشر: دليل ما، قم / إيران.
147. فهرست نسخه هاى عكسى مركز إحياء ميراث اسلامي: إشراف: سيد أحمد حسيني إشكوري، تدقيق سيد جعفر الأشكوري - سيد صادق الأشكوري ، ط 1 - 1377 ه ش، 1419ه ق، قم / ایران.
148. الفيض القدسي : الميرزا حسين بن محمد تقي النوري (ت 1320ه)، تحقيق السيد جعفر النبوي.
149. فيض القدير شرح الجامع الصغير : للمناوي (ت 1031ه)، تصحيح: أحمد عبد السلام، ط 1 - 1415ه ، الناشر : دار الكتب العلمية / بيروت.
150. القاموس المحيط : للفيروز آبادي (ت 817 ه).
151. قصص الأنبياء المسمّى ( عرائس المجالس): لأبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري المعروف بالثعلبي (ت 427ه)، تحقيق: محمد سيد، ط 1-1422ه ، الناشر: دار الفجر للتراث / القاهرة
152. قصص الأنبياء: لقطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي (ت 573ه)، تحقيق الميرزا غلام رضا عرفانيان اليزدي الخراساني، ط 1 - 1418ه ، الناشر: مؤسسة الإمام الهادي (علیه السلام).
153. الكافي: لأبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني (ت 329ه)، تحقيق: علي أكبر غفاري، ط ه - 1363ش، الناشر: دار الكتب الإسلامية / طهران.
154. الكامل في التاريخ: لعز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير (ت 630ه)، تحقيق: الشيخ خليل مأمون شيحا، ط 1 - 1422ه ، الناشر: دار المعرفة / بيروت.
ص: 621
155. كتاب البلغة في تاريخ أئمة اللغة: لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي (ت 817ه) تحقیق بركات يوسف ،هبود ط 1 - 1422ه ، الناشر: المكتبة العصرية / بيروت.
156. كتاب سليم بن قيس لسليم بن قيس الهلالي (ق1)، تحقيق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني.
157. كتاب الفتن: لأبي عبد الله نعيم بن حماد المروزي ( 228ه)، تحقيق: الدكتور سهيل زکار، ط - 1414ه ، الناشر: دار الفکر/ بيروت
158. كشف الظنون لمصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة (ت 1067ه)، الناشر: دار إحياء التراث العربي / بيروت.
159. كشف الغمة في معرفة الأئمة: لأبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي (ت 693ه) ، ط 2 - 1405ه ، الناشر: دار الأضواء / بيروت.
160. كشف المحجة لثمرة المهجة رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني ( 664ه) ، ط - 1370ه ، الناشر: المطبعة الحيدرية النجف الأشرف.
161. الكشف والبيان في تفسير القرآن المعروف ب( تفسير الثعلبي): لأبي إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي ( ت 427ه)، تحقيق سيد كسروي ،حسن ط 1 - 1425ه، الناشر: دار الكتب العلمية.
162. كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر: لأبي القاسم علي بن محمد الخزاز القمي الرازي (ق4) ، تحقيق: السيد عبد اللطيف الحسيني الكوهكمري الخوئي، ط - 1401ه الناشر: انتشارات بیدار
ص: 622
163. كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام : للإمام عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت658ه)، تحقيق: الدكتور محمد هادي الأميني، ط 4 - 1413ه ، الناشر: شركة الكتبي.
164. كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال لعلاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي (ت 975ه)، تحقيق: الشيخ بكري حياني و الشيخ صفوة السقا، ط -1409ه ، الناشر: مؤسسة الرسالة / بيروت.
165. الكنى والألقاب للشيخ عباس بن محمد رضا القمي (ت 1359ه)، تقديم محمد هادي الأميني، الناشر: مكتبة الصدر / طهران.
166. اللؤلؤ والمرجان في آداب أهل المنبر للعلامة الشيخ حسين النوري الطبرسي (ت 1320ه)، تعريب الشيخ إبراهيم البدوي، ط 1 - 1423ه، الناشر: دار البلاغة/ بيروت.
167. لب الألباب لمحمد صالح آل السهروردي ، ط -1351ه ، مطبعة: المعارف/ بغداد.
168. لسان العرب : لجمال الدين محمد بن مکرم ابن منظور (ت 711ه)، ط - 1405هالناشر: أدب الحوزة / قم
169. لسان الميزان لأحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني (ت 8752ه)، ط 2 - 1390ه ، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات / بيروت.
170. ماضي النجف وحاضرها للشيخ جعفر باقر آل محبوبة (ت 1377ه)، ط 2 - 1406ه ، دار الأضواء / بيروت.
171. مجالس المؤمنين للقاضي العلامة الشهيد نور الله التستري (ت 1019ه)، ط 4 - 1377 ش الناشر: انتشارات اسلامية
172 مجمع البحرين للشيخ فخر الدين الطريحي (ت 1085ه)، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، ط 2 - 1408ه ، الناشر: مكتبة النشر للثقافة الإسلامية.
ص: 623
173. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807ه)، ط - 1408ه ، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت.
174 مجمع النورين للشيخ أبي الحسن المرندي (ت 1349ه-)، ط -1328ه-.
175. مختصر إثبات الرجعة للفضل بن شاذان ت 260ه) ، مطبوع ضمن مجلة تراثنا (ع15)، تحقيق السيد باسم الموسوي.
176. مختصر كفاية المهتدي: (الأصل) للمير لوحي ، ، تحقيق السيد ياسين الموسوي، الناشر: مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (علیه السلام)
177. مخطوطات التاريخ والتراجم والسير في مكتبة المتحف العراقي : لأسامة ناصر النقشبندي و ظمياء محمد عباس ، الجمهورية العراقية - وزارة الثقافة والاعلام - المؤسسة العامة للآثار و التراث.
178 مرآة الجنان : لأبي عبد الله بن أسعد اليمني اليافعي، تحقيق: خليل المنصور، ط 1- 1417ه الناشر: دار الكتب العلمية / بيروت.
179. مرآة الشرق للشيخ محمد أمين الخوئي (ت 1367ه)، إشراف: السيد محمود المرعشي النجفي، تصحيح وتقديم: علي الصدرائي الخوئي، ط 1 - 1427ه ، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم/ إيران.
180. المزار : لمحمد بن المشهدي (ق6)، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، ط 1 – 1419ه ،
الناشر: نشر القيوم/ قم.
181. المزار: محمد بن مكي العاملي الجزيني الشهيد الأول) (ت 786ه)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي (علیه السلام) ط 1 - 1410ه- ، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي (علیه السلام)/ قم.
ص: 624
182. المسائل الصاغانية للشيخ محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد ت 413ه)، تحقيق: السيد محمد القاضي، ط 2 - 1414ه ، طباعة ونشر وتوزيع دار المفيد / بيروت.
183. مسائل علي بن جعفر لعلي بن جعفر (ق2)، تحقيق: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث قم المقدسة، ط 1 - 1409ه ، الناشر: المؤتمر العالمي للإمام الرضا/ مشهد المقدسة.
184. المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 405ه)، تحقيق: يوسف عبد الرحمن المرعشلي، الناشر: دار المعرفة/ بيروت.
185. مستدرك الوسائل للمحدث الشيخ حسين الطبرسي النوري (ت 1320ه)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت الإحياء التراث، ط 1-1408ه.
186. المسك الأذفر في نشر مزايا القرنين الثاني عشر والثالث عشر للسيد محمود شكري الآلوسي ( ت 1342ه)، تحقيق: د. عبد الله الجبوري، ط 1 - 1427ه- ، الدار العربية للموسوعات
187 مسند أبي يعلى: لأبي يعلى الموصلي (ت307ه)، تحقيق: حسين سليم أسد، الناشر: دار المأمون للتراث.
188. مسند أحمد لأحمد بن حنبل (241ه) ، الناشر : ط دار صادر بیروت.
189. مشاهير المدفونين في الصحن العلوي الشريف للشيخ كاظم عبود الفتلاوي (ت 1431ه) ، ط 1 - 1427ه ، الناشر: مكتبة الروضة الحيدرية.
190. مصابيح السنة للحسين بن مسعود البغوي الشافعي (ت 516ه)، مطبعة: محمد علی صبيح وأولاده بمصر.
ص: 625
191. المصباح الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي الكفعمي (ت 900ه)، تصحيح الشيخ حسين الأعلمي ، ط 2 - 1424ه ، منشورات مؤسسة الأعلمي/ بيروت.
192. مصباح الزائر للسيد علي بن موسى بن طاووس (ت 664ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت (علیهم السلام) لإحياء التراث، ط 1-1417ه
193. مصباح المتهجد: لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460ه-)، ط 1-1411ه- ،
الناشر: مؤسسة فقه الشيعة / بيروت.
194. مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: لمحمد بن طلحة الشافعي (ت 652ه)، تحقيق: ماجد بن أحمد العطية.
195. معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء للشيخ محمد حرز الدين (ت 1365ه)، علق عليه حفيده محمد حسين حرز الدين ط 1405ه ، الناشر : مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، قم / إيران.
196. معجم أحاديث الإمام المهدي (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) تأليف: مؤسسة المعارف الإسلامية ، تحقيق: الشيخ علي الكوراني العاملي، ط 1 - 1411ه ، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية.
197. المعجم الأوسط لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360ه)، تحقيق ونشر: قسم التحقيق بدار الحرمين، ط - 1415ه.
198. معجم البلدان لشهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي (ت 626ه) ، ط - 1399ه ، الناشر : دار إحياء التراث العربي / بيروت.
199. معجم رجال الفكر والأدب في النجف للشيخ محمد هادي الأميني، ط2- 1413ه. 200. المعجم الصغير: لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360ه)، ط دار الكتب العلمية، الناشر: دار الكتب العلمية /بيروت.
ص: 626
201. معجم قبائل العرب: لعمر رضا كحالة (ت 1408ه) ، ط 2 - 1388ه ، الناشر : دار العلم للملايين / بيروت.
202. المعجم الكبير: لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360ه)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، ط 2 ، الناشر: دار إحياء التراث العربي / بيروت.
203. معجم مؤرخي الشيعة: لصائب عبد الحميد (معاصر) ، ط 1 - 1424ه ، الناشر: مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي.
204. معجم المؤلفين: عمر رضا كحالة ( ت 1408ه) ، الناشر: مكتبة المثنى / بيروت ودار إحياء التراث العربي / بيروت.
205. معجم المؤلفين العراقيين لكوركيس عوّاد ت (1969م)، مطبعة الإرشاد - بغداد.
206. معجم المطبوعات العربية لإليان سركيس (ت 1351ه)، ط - 1410ه ، الناشر : مكتبة آية الله المرعشي النجفي/ قم المقدسة.
207. معجم مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس زكريا (ت 395ه)، تحقيق : عبد السلام محمد هارون، ط - 1404ه ، الناشر : مكتبة الإعلام الإسلامي.
208. مقابس الأنوار للعلامة المحقق الشيخ أسد الله الدزفولي الكاظمي (ت 1237ه)، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث.
209. مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر للشيخ أحمد بن عبيد الله بن عياش الجوهري (ت 401ه)، الناشر: مكتبة الطباطبائي / قم.
210. مقتل الحسين للخوارزمي: لأبي مؤيد الموفق بن أحمد المكي أخطب خوارزم (ت 568 ه)، تحقيق: الشيخ محمد السماوي، ط 3 - 1425ه ، الناشر: انتشارات أنوار الهدى.
ص: 627
211. مقدمة فتح الباري: لابن حجر العسقلاني ( ت 852ه) ، ط 1 - 1408ه ، الناشر: دار إحياء التراث العربي / بيروت، طباعة المطبعة الكبرى الميرية ببولاق مصر المحمية سنة 1301ه.
212. ملحقات الإحقاق: للسيد شهاب الدين المرعشي النجفي (ت 1411ه) تممه السيد محمود المرعشي، ط 1 - 1415ه ، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي النجفي.
213. الملل والنحل لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت 548ه)، تحقيق: صلاح الدين الهواري، ط 1 - 1998م، الناشر: دار ومكتبة الهلال.
214. مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب (ت588ه)، تحقيق: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، ط - 1376ه ، نشر وطبع: المكتبة الحيدرية/ النجف الأشرف.
215. مناقب الإمام علي بن أبي طالب للفقيه أبي الحسن علي بن محمد الشافعي الشهير بابن المغازلي (ت 483ه ) ، ط 3 - 1424ه الناشر: دار الأضواء / بيروت.
216. المناقب: للموفق بن أحمد بن محمد المكي الخوارزمي (ت 568ه)، تحقيق: الشيخ مالك المحمودي / مؤسسة سيد الشهداء ل ط 2 - 1411ه، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين / قم المشرفة.
217. منتخب كفاية المهتدي الأصل للمير محمد بن محمد ، المير لوحي الحسيني الموسوي السبزواري الإصفهاني (ق11) مخطوط، في مكتبة دانشكده إلهيات ومعارف إسلامي - مشهد، تسلسل 1122.
218. المنح المكية في شرح القصيدة الهمزية : لابن حجر الهيتمي (ت 974ه)، ط - 1292ه
219- منهاج السنّة في نقض كلام الشيعة والقدرية: لابن تيمية (ت728ه)، تحقيق: محمد أيمن الشبراوي، ط 1425ه ، الناشر: دار الحديث/ القاهرة.
ص: 628
220. مهج الدعوات ومنهج العبادات لرضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعف-ر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني (ت 664ه)، تعليق: حسين الأعلمي، ط 1 - 1414ه-الناشر: مؤسسة الأعلمي/ بيروت
221. المواهب اللدنية بالمنح المحمدية للشيخ أحمد بن محمد القسطلاني (ت 923ه)، تحقیق مأمون بن محيي الدين الجنّان، ط 1 - 1416ه ، الناشر: دار الكتب العلمية / بيروت.
222. موسوعة الشيخ الأوردبادي : الشيخ محمد علي الأوردبادي، مخطوط، قيد التحقيق، تحقيق سبطه العلامة السيد مهدي الشيرازي
223. موسوعة العلامة البلاغي للشيخ محمد جواد البلاغي (ت 1352ه)، تحقيق: مركز إحياء التراث الإسلامي / قم المقدسة، ط 1 - 1428ه ، مطبعة – الباقري.
224. موسوعة طبقات الفقهاء: اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق، إشراف: العلامة جعفر السبحاني، ط 1420ه ، دار الأضواء / بيروت.
225. النجم الثاقب في أحوال الإمام الحجة الغائب : للشيخ حسين الطبرسي النوري (ت 1320ه)، تحقيق: السيد ياسين الموسوي، ط 1 - 1415ه ، الناشر : أنوار الهدى.
226. النزهة الاثنا عشرية ميرزا محمد بن عنایت خان، ط - 1279ه ، هند / مجمع البحرين.
227. نزهة الخواطر: عبد الحي اللكهنوي (ت 1341ه)، ط - حيدر آباد الدكن.
228. نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في الرد على التحفة الاثني عشرية للسيد علي الحسيني الميلاني، ط 1 - 1414ه ، الناشر : المؤلف.
229. نفحات الأنس من حضرات القدس: لعبد الرحمن بن أحمد الجامي (ت 898ه)، تصحيح وتقديم مهدي توحيدي، ط - 1337 ه ، الناشر: كتاب فروشي محمودي / طهران.
ص: 629
230. النهاية في غريب الحديث للمبارك محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري المعروف بابن الأثير (ت606ه)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، ط 4 - 1364ه ش، الناشر: مؤسسة إسماعيليان / قم.
231. نهج الحق وكشف الصدق للحسن بن يوسف المطهر الحلي (العلامة الحلي) (ت 726ه)، تحقيق : السيد رضا الصدر، الشيخ عين الله الحسني الأرموي، ط - 1421ه، الناشر: دار الهجرة قم.
232. نهج الصواب في الكاتب والكتابة والكتاب للشيخ علي بن محمد رضا بن موسى آل كاشف الغطاء (ت 1350ه)، مخطوط، في مكتبة الإمام كاشف الغطاء (رحمه الله ) العامة، بتسلسل 908
233. نوادر المعجزات في مناقب الأئمة الهداة: محمد بن جرير بن رستم الطبري الإمامي (ق4) ، ط 1 - 1410ه ، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام المهدي / قم المقدسة.
234. نور الأفهام في علم الكلام للعلامة السيد حسن الحسيني اللواساني (ت 1400ه)، تحقيق السيد إبراهيم اللواساني، ط 1 - 1425ه ، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة الجماعة المدرسين / قم.
235. النور السافر فى أخبار القرن العاشر لعبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروسي (ت : 1038ه)، تحقيق مجموعة، ط 1 - 2001م، الناشر: دار صادر / بيروت.
236. هدية العارفين: الإسماعيل باشا البغدادي (1339ه) ، الناشر: دار إحياء التراث العربي / بيروت.
237. الوافي بالوفيات الصفدي (ت 764ه)، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، ط - 1420ه ، الناشر: دار إحياء التراث العربي / بيروت.
ص: 630
238. وشائح السراء في شأن سامراء للشيخ محمد بن طاهر السماوي (ت 1370ه)، مطبعة الغري/ النجف الأشرف.
239. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (ت 681ه)، تحقيق د. إحسان عباس ط: دار صادر / بيروت.
240. ينابيع المودة لذوي القربي لسليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (ت 1294)، تحقيق: سيد علي جمال أشرف الحسيني، ط 1 - 1416ه ، الناشر: دار الأسوة.
241. اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر للشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني المصري الحنفي ( ت 973ه) ، طبع ونشر : دار إحياء التراث العربي.
ص: 631
ص: 632
كلمة إدارة المكتبة ...9
توطئة ...11
كلمة كتبها سماحة المحقق العلامة السيد علي الميلاني ...15
مشایخه ...35
ولادته ...35
الثناء عليه ...36
تلاميذه والرواة عنه...36
مؤلفاته ...38
وفاته ...41
دراسة عن القصيدة البغدادية وما يتعلق بها...43
أولاً - القصيدة ...44
ثانياً - موضوع القصيدة...46
ثالثاً - من هو ناظمها ...47
رابعاً - حول القصيدة ...49
خامساً - الردود عليها...54
ترجمة المؤلف الشيخ حسين النوري...61
أولاً - ما وجدناه من أقوال العلماء في حقه (رحمه الله ) من المخطوطات...62
ثانياً - ما زاغت عنه الأبصار من ترجمته في المطبوعات...78
ص: 633
ترجمته في المطبوعات ...78
(أ) مجلسه في الوعظ والإرشاد...78
(ب) عمارته لبعض قبور الأولياء رفع الله مكانتهم ...82
(ج) ترجمة الشيخ النوري (رحمه الله ) من كتاب طبقات أعلام الشيعة ...83
تلامذته (رحمه الله ) ...84
الراوون عنه (رحمه الله ) ...86
من روى عنهم ...86
أصدقاؤه وخواصه (رحمه الله ) ...88
أصهاره (رحمه الله ) ...90
أسرته (رحمه الله ) ...90
معاصروه (رحمه الله ) ...91
ما يخص مكتبته (رحمه الله ) ...92
حول الكتاب ...95
طبعات الكتاب السابقة ...97
النسخ المعتمدة في التحقيق ...99
منهج التحقيق ...103
شكر وعرفان ...105
وختاماً...107
صور النسخ المعتمدة في التحقيق ...109
مقدمة المؤلف (رحمه الله ) ...121
الفصل الأوّل...131
ص: 634
[في ذكر اختلاف المسلمين في ولادة المهدي (علیه السلام).] ...133
[ذكر من اعترف بالولادة من علماء أهل السنة الموافقين للإمامية ] ...137
[ذكر دليل إجمالي على كون الموعود (علیه السلام)هو الحجة بن الحسن العسكري (علیهما السلام)]. 231
الفصل الثاني...317
الشبهة الأولى منها...319
[الشبهة الثانية ]...387
خاتمة الكتاب ...397
ملحق الكتاب ...447
الرد على القصيدة البغدادية...451
ترجمة الناظم...451
اسمه ونسبه ...451
ولادته ونشأته...452
يومياته...454
مواقفه الإصلاحية ...455
وفاته...457
التلميذ والأستاذ...459
ردّه على القصيدة البغدادية 460
القصيدة...462
مقدمة الشيخ كاشف الغطاء (رحمه الله ) ...464
الرد على القصيد البغدادية ...483
ترجمة الناظم... 483
ص: 635
[مؤلفاته ]...483
[في أحواله وأحوال آبائه] ...486
[وفاته (رحمه الله )]...489
ردّه على القصيدة البغدادية...490
الرد على القصيد البغدادية...499
ترجمة الناظم ...499
ردّه على القصيدة البغدادية...502
الرد على القصيد البغدادية...511
ترجمة الناظم...511
ردّه على القصيدة البغدادية...523
الرد على القصيد البغدادية ...545
ردّه على القصيدة البغدادية. ..545
الرد على القصيد البغدادية ...547
ردّه على القصيدة البغدادية...547
الرد على القصيد البغدادية ...549
الرد على القصيد البغدادية ...551
الفهارس العامة...553
ص: 636
محقق الكتاب في سطور
الاسم :أحمد علي مجيد عبود الحلي.
التولد: سنة 1971 م، بابل (الحلة).
نبذة من حياته :
ولد في مدينة الحلة وتربى فيها لمدة ست سنوات ثم هاجر مع والده إلى مدينة النجف الأشرف في سنة 1977م ونزل بها، وعشق الكتب وطالعها منذ نعومة أظفاره و تربى بين الأسر العلمية واختلف إلى مكتبات تلك البلدة المقدسة ولازم بعض مجالس أهل العلم فيها أمثال المحقق السيد محمد مهدي الخرسان دام ظله وأخيه السيد محمد رضا دام ظله مما أضاف عليه طابعا علميا تراثيا.
مؤلفاته :
1 - تاريخ مقام الإمام المهدي (علیه السلام)في الحلة، مطبوع.
2- تاريخ مقام الإمام المهدي (علیه السلام)في وادي السلام، مطبوع.
- فهرس مخطوطات مكتبة السيد محمد صادق آل بحر العلوم (رحمه الله ) ، مطبوع.
تحقيقاته:
1- المنتقى من السلطان المفرج عن أهل الإيمان للسيد النيلي (رحمه الله ) ، مطبوع، ثلاث طبعات.
ص: 637
2- المجالس الحسينية، للشيخ كاشف الغطاء (رحمه الله ) ، مطبوع، طبعتان.
3- سند الخصام فيما انتخب من مسند الإمام للشيخ الهمداني (رحمه الله ) ، مطبوع، ثلاثة مجلدات بسبعة أجزاء.
4- كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار، للشيخ النوري (رحمه الله ) ، قيد الطبع.
5 - تحفة العالم في شرح خطبة المعالم للسيد جعفر بحر العلوم (رحمه الله ) ، قيد الطبع.
وهناك كتب أخرى قيد العمل بها.
مقالاته :
1 - مجلة الانتظار (8مقالات )تاريخ مقام الإمام المهدي (علیه السلام) في الحلة تاريخ مقام الإمام المهدي (علیه السلام)في وادي السلام تاريخ مقام الإمام المهدي (علیه السلام)في
النعمانية، تاريخ سرداب الغيبة، عم الإمام المهدي (علیه السلام) الحسين بن علي (علیهما السلام)، المخطوطات المهدوية في مكتبة الإمام الحكيم (قُدِّسَ سِرُّهُ)، المخطوطات المهدوية في مكتبة الإمام أمير المؤمنين (علیه السلام) ، الكتب المهدوية في المطبوعات النجفية، كتاب المنتقى من السلطان المفرج عن أهل الإيمان.
2- مجلة تراثنا (3 مقالات): فهرس مخطوطات مكتبة الشيخ محمد علي الأورد بادي ، فهرس مخطوطات مكتبة الشيخ شير محمد الهمداني (رحمه الله ) ، القصيدة البغدادية والدراسة عنها.
3- مجلة النجف الأشرف (3مقالات): مكتبة السيد محمد صادق بحر العلوم (رحمه الله ) ، القصيدة البغدادية والردود عليها، مالم ينشر من ترجمة الشيخ النوري (رحمه الله ) .
4- مجلة علوم الحديث (مقالة واحدة): تصحيحات كتاب تكملة أمل الأمل.
5 مجلة كتاب شناسي شيعة مقالة) واحدة): إجازة البيهقي.
ص: 638
6 - مجلة الأرشيف (مقالة قيد الطبع): الكوكب الدري في ترجمة الشيخ النوري (رحمه الله ) .
هذا وقد أشرف على تحقيق ومقابلة ومراجعة عدد من الكتب وتصحيحها والتعليق على بعضها وتبلغ العشرات، وقد أسس وساهم لبعض المكتبات التي تهتم باقتناء وجمع المخطوطات كما له مشروع فهرسة مخطوطات مكتبات النجف الأشرف ويعمل حالياً مشرفاً لوحدة التحقيق في مكتبة الروضة العباسية المقدسة.
إجازاته بالرواية :
وقد أجازه جمع من العلماء والمحققين بالرواية وهم كل من:
1- العلامة السيد أحمد الحسيني الأشكوري.
2- الشيخ باقر شريف القرشي (شفهياً).
3- السيد سلمان هادي آل طعمة.
4- العلامة السيد عبد الستار الحسني.
5- الأستاذ كاظم عبود الفتلاوي (رحمه الله ) .
6- العلامة السيد محمد رضا الحسيني الجلالي.
7- الشيخ محمود الأركاني.
ص: 639
ص: 640
تشرفت مكتبتنا - مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة - بتحقيق أو مراجعة الكتب الآتية، ونشرها :
(1). العباس(علیه السلام) .
تأليف: السيد عبد الرزاق الموسوي المقرّم (ت 1391 ه).
تحقيق: الشيخ محمد الحسون.
(2). المجالس الحسينية.
تأليف: الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373 ه).
تحقيق: الأستاذ أحمد علي مجيد الحلّي.
راجعه ووضع فهارسه: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(3). سند الخصام في ما انتخب من مسند الإمام أحمد بن حنبل.
تأليف: الحجّة الشيخ شير محمّد بن صفر علي الهمداني (ت 1390 ه).
تحقيق: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية / الأستاذ أحمد علي مجيد
(4). معارج الأفهام إلى علم الكلام.
تأليف: الشيخ جمال الدين أحمد بن علي الجبعي الكفعمي (ق 9).
تحقيق: عبد الحليم عوض الحلّي.
مراجعة وتصحيح : وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
ص: 641
(5) مكارم أخلاق النبي والأئمة.
تأليف : الشيخ الإمام قطب الدين الراوندي (ت 573 ه).
تحقيق :السيد حسين الموسوي البروجردي.
مراجعة وتصحيح وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(6). منار الهدى في إثبات النص على الأئمة الاثني عشر النجبا.
تأليف: الشيخ علي بن عبد الله البحراني (ت 1319 ه).
تحقيق: عبد الحليم عوض الحلي.
مراجعة :وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(7). الأربعون حديثا.
اختیار: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
تحقيق :وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(8) فهرس مخطوطات العتبة العباسية المقدسة.
إعداد وفهرسة: السيد حسن الموسوي البروجردي.
(9). الصولة العلوية على القصيدة البغدادية.
تأليف: محمد صادق آل بحر العلوم (ت) 1399 ه ).
تحقيق :وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(10). ديوان السيد سليمان بن داود الحلي.
دراسة وتحقيق: د. مضر سليمان الحسيني الحلی
مراجعة :وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
ص: 642
(11). كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)
تأليف: العلامة الميرزا المحدّث حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه).
تحقيق: الأستاذ أحمد علي مجيد الحلي.
راجعه ووضع فهارسه: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(12). نهج البلاغة (المختار من كلام أمير المؤمنين (علیه السلام)).
جمع: الشريف الرضي (ت 406ه)
مراجعة :وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
وسيصدر قريباً :
(13) مجالي اللطف بأرض الطف.
نظم : الشيخ محمد بن طاهر السماوي (ت 1371 ه).
:شرح علاء عبد النبي الزبيدي.
راجعه وضبطه ووضع فهارسه وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(14). الدرر البهية في تراجم علماء الإمامية.
تأليف :العلامة محمد صادق بحر العلوم (ت) 1399 ه).
تحقيق :وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(15). وفيات الأعلام.
تأليف: العلامة محمد صادق بحر العلوم (ت) 1399 ه ).
تحقيق: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
ص: 643
ص: 644
As for incoming narratives about him, they counts hundreds but thousands. They are collected in books by a group of special and public scholars, such as al-Siyuti in (Al-Urf alwardi), Almutaqi Alhindi in (Alburhan), Alkinji Alshafia'I in (Albayan), Abi Na'eem Alasbahani in (Alarbaeen), and Alsalami in (Iqd Aldurar).These scholars are from public.
The other special scholars like al sheikh Altusi in (Kitab Alghaibah),
Al sheikh Almajlisi in (Bihar Alanwar), and Alsafi in Muntakhab Alathar fi al Imam Althaniashar. Works about his stories and virtues are many. There is an index distributed lately about the works related to al Mahdi till now. They are divided into two sorts: manuscripts and books. Who doubts or denies al Mahdi matter is deviated from Muslims.
ص: 645
PREFACE
In The Name of Allah, the Most Gracious, the Most Merciful
Praise be to Lord of all, and peace be upon our head Mohammad and his household Particularly the twelfth apostolic Imams, the authoritative source may God expedite his righteous appearance, and curse all of his enemies. My fellow, Ali al-Dibistani an-Najafi is the distributor of this work, asked me to write a brief preface about his subject, and work. I answered him in order to encourage his efforts, also it's a pleasure to distribute such book in this time. I would like to discourse and from God is the conformation: The discourse about Imam al- Mahdi (Peace be upon him) is manifold and branched. It is an old quest that Muslims are interested in it since the beginning of Islam till now. Scholars' theories and pens deal with obtainment, response, criticism, and view in light of the Holy Qur'an verses and the great prophet's tradition (hadith). So believing in al- Mahdi is considered necessaries that every Muslim must submit and comply with it. Concerning with interpretive verses of the Holy Qur'an, they are tens taken from different blessed suras. Some narrators specified them by writing, like the scholar Mr. Hashim al-Buhrani's book (Almuhjah Feema Nazalah Fi Alhujah).
ص: 646