الزواج عقد مقدس و ثمار طيبة

هوية الکتاب

الكتاب: الزواج... عقد مقدس وثمار طيبة .

تأليف حسن الهاشمي .

الناشر : قسم الشؤون الفكرية في العتبة العباسية المقدسة.

التدقيق اللغوي: موفق هاشم الرحال. :التصميم علاء سعيد الأسدي

الاخراج الطباعي: محمد قاسم النصراوي.

المطبعة دار الكفيل للطباعة والنشر.

الطبعة: الأولى.

عدد النسخ:2000 .

ربيع الأول 1436 - كانون الثاني 2015

ص: 1

اشارة

قسم الشؤون الفكرية

شعبه الدراسات والنشرات

كربلاء المقدسة

ص.ب (233)

هاتف: 322600، داخلي: 175-163

www.alkafeel.net

info@alkafeel.net

الكتاب: الزواج... عقد مقدس وثمار طيبة .

تأليف حسن الهاشمي .

الناشر : قسم الشؤون الفكرية في العتبة العباسية المقدسة.

التدقيق اللغوي: موفق هاشم الرحال. :التصميم علاء سعيد الأسدي

الاخراج الطباعي: محمد قاسم النصراوي.

المطبعة دار الكفيل للطباعة والنشر.

الطبعة: الأولى.

عدد النسخ:2000 .

ربيع الأول 1436 - كانون الثاني 2015

محرر : مصطفی حسام

ص: 2

إضاءة

الزوج والزوجة شريكان في المال والسر والدين والأمانة، فأفضلهم من حَسُن دينه،وخُلقه، والزواج نصف الدين؛ لأنه حصن حصين يمنع الانسانمن ارتكاب المحرمات والنظر إلى أعراض الناس، ويحفظ الرجل والمرأة من الانحراف فمعطيات الزواج التدين والاستقرار النفسي وحفظ الانساب والذرية الصالحة، أما تداعيات الزنا والسفاح فإنها

وخيمة على الفرد والمجتمع أهمها: الانحراف الخلقي وضياع الانساب وشيوع الأمراض وتفكك الأسر و محق الدين وردم الفضائل ومكارم الأخلاق.

ولمن أراد الستر والعفة والكرامة عليه أن لا يتزوج من المرأة المتبرجة سيئة الدين والخلق ولو كانت جميلة غنية؛ لأنه يريد من الزواج الولد واللذة

الزواج

ص: 3

وهذه لا تملكها، فتربيتها للولد سيئة وهي تخونه إن استطاعت، وكذلك المرأة المؤمنة عليها بصاحب الخلق ،والدين جاء في دعاء لمن قرر الزواج وهو يلخص الهدف الأسمى منه: اللهم إني أريد أن أتزوج اللهم فقدر لي من النساء أحسنهن خَلقا وخُلقا وأعفهن فرجا وأحفظهن لي في نفسها ومالي وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة، واقض لي منها ولدا طيبا تجعله لي خلفا صالحا في حياتي وبعد موتي.

فالزواج على هذا الاعتبار هو ذلك العقد المقدس الذي عده القرآن الكريم من نعم الله على عباده وشواهد قدرته وعظمته والباعث عليه هو امداد المجتمع بنسل صالح، والعمل على ايجاد السعادة بين الزوجين في الحياة المشتركة لتستمر الحياة؛ لأن النسل القوي لا ينشأ إلّا في الأسرة المتماسكة التي تكون مفردات المودة والمحبة والرحمة شائعة بين أفرادها

ص: 4

قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . (الروم: 21).

الدين والخلق أولا

الاسلام يؤكد دائما في الزواج على حسن الدين والخلق، حيث إن الدين يصون المال ويحفظ الأمانة والخلق الرفيع يساعد الزوجين على تخطي الصعاب ويغفر زلّة احدهما حيال الآخر .

لماذا التأكيد الدائم على تزويج صاحب الدين والخلق في المرحلة الأولى من الزواج، أما المال والجمال والحسب والنسب فهذه تأتي في المراحل الأخرى؟ لأنه إذا تم التفريط بصاحب الدين والخلق فسيساعد ذلك على انتشار أوبئة الفتنة والفساد في المجتمع، فأنت بالدين والخلق وليس بالمال والجمال وحدهما تستطيع المحافظة على الحقوق وتديم العشرة

ص: 5

الحسنة، جاء رجل إلى الإمام الحسن يستشيره في تزويج ابنته فقال: زوّجها من رجل تقي مؤمن فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها». (مكارم الاخلاق، للطبرسي: 204). حيث إن الحب والكره أمر وجداني خارج إرادة الشخص، فالمتدين الذي يخاف الحساب يوم القيامة لا يظلم أحدا حتى إذا لم يحبه، بخلاف المتهتك فإنه قد يبادر بظلم من يبغضه إذ لا رادع يردعه عن ذلك.

وعن الرسول الأكرم الله ايضاً أنه قال: «أيها الناس إياكم وخضراء الدمن، قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء». الصحاح ج 5 ، ح 2114) كما ينبغي للرجل ان يهتم بصفات من يختارها للزواج، كذلك ينبغي للمرأة واوليائها الاهتمام بصفات من تختاره لذلك، فلا تتزوج إلّا رجلاً ديناً عفيفاً حسن الأخلاق.

ص: 6

ملامح الزواج السعيد

يمكن ان نحدد ملامح الزواج كما رسمه القرآن الكريم والسنة النبوية بالمبادئ والصفات الآتية:

1.حسن الاختيار اوصى الاسلام أن يختار كل من الزوجين شريك حياته على اسس ثابتة لا تزول، وهي الدين والخلق كما أوضحنا، وأما غير مال او جمال او نسب فهو زائل فالمال غادٍ ذلك من ورائح، والجمال له زمن محدد، والنسب لا فخر به لأن التفاخر بالعمل الصالح والتقوى، وقيمة كل أمرئ بما يحسنه لا بما ينتسب إليه.

و بحسن اختيار كل من الزوجين صاحبه تستمر الحياة الزوجية المليئة بالحب والسعادة وتضمن للأولاد ثمرة هذا الزواج حسن التربية؛ لأن النشأ لا يكون قويا في بيت تملؤه الضوضاء والخلاف وسوءالتفاهم ولابد لمن يريد اختيار زوجة له أن يعرف

الزواج

ص: 7

المحرمات من النساء عليه التي وردت في سورة النساء آية 22-23 في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا، حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِإِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا.

35

وفيها التحريم المؤبد وهو التحريم الذي يمنع أن تكون المرأة زوجا للرجل في جميع الأوقات، وهي:

أ. محرمات النسب.

ب محرمات المصاهرة.

ص: 8

ج. محرمات الرضاع.

والتحريم المؤقت وهو التحريم الذي يمنع تزوج الرجل بالمرأة ما دامت على حالة خاصة، فإذا زالت هذه الموانع جاز الزواج، ومن اسبابه ما يلي:

أ. يحرم الجمع بين الأختين.

ب يحرم على المسلم أن يتزوج زوجة غيره ما دامت في عصمة زوجها أو معتدته.

ج. من أحرم للحج يحرم عليه أن يعقد لنفسه أو لغيره.

د. يحرم التزوج من غير الكتابية، فلا يجوز أن يتزوج وثنية أو عابدة بقر أو ملحدة أو وجودية أو مرتدة.

ه. يحرم على المسلم أن يجمع في عصمته أكثر من أربع زوجات في وقت واحد.

ص: 9

و. لا يحق للمرأة المسلمة أن تتزوج غير المسلم فإذا أسلم جاز الزواج.

2. الخطبة نظرا لأهمية عقد الزواج ولما يترتب عليه من آثار ونتائج فقد جعل الشارع له مقدمة هي الخطبة، ووضع لها احكاما مفصلة ليعرف كل منهما الآخر ضمن حدود الشرع، أما ما يتطلع اليه بعض اوساط المراهقين من اختلاط الخطيب بخطيبته وانفرادهما في النزهات والرحلات قبل عقد القران فهو أمر لا يحبذه الاسلام وتأباه المروءة والفضيلة.

3. الرضا: لابد للزواج من ان تتوفر فيه الارادة الكاملة والرضا التام لكل من الزوجين فلا اكراه لأحد على زواج من لا يحب، ولا سلطة لرئيس الأسرة على أفرادها بالزام الزواج، فمتى بلغ الرجل وصار راشدا كان له الزواج ممن يريد، وكذلك الفتاة العاقلة الرشيدة.

ص: 10

4. تعدد الزوجات المقصود بتعدد الزوجات ان يكون للرجل في وقت واحد اكثر من زوجة واحدة، وان التعدد ليس فرضا ولا واجبا ولا مستحبا بل مباحا، والمباح متروك أمره للإنسان إنْ شاء فعله وإن شاء تركه، حسب ما يراه من المصلحة له في الفعل والترك، وان التعدد مشروط بالعدل بين الزوجات، فمن علم ان لا قدرة له على العدل لم يجزله ان يتزوج بأكثر من واحدة، ويقصد بالعدل الأمورالمادية كالسكن واللباس والطعام والشراب وما أشبهها ، أما العدل في الحب والمساواة فيه بين النساء غير مستطاع ؛ لأنه من الأمور الوجدانية، ولذلك لا يسأل الزوج عن عدم مساواته فيه بين الزوجات، نعم يؤاخذ اذا رتب عليه نتيجة مادية في الواقع، ومن ضروب الحاجة الى التعدد

أ. عقم الزوجة ورغبة الزوج في انجاب الذرية،

ص: 11

ومن حسن عقل المرأة أن تدرك حق الزوج في هذا الزواج الثاني، ومن الحاجة ايضا ابتلاء الزوجة بمرض يمنعها من القيام بمتطلبات الحياة الزوجية ولا علاج لهذه الحالة إلّا بالتعدد، والتعدد أولى من الطلاق، ومن الحاجة ايضا ان يضم الزوج الكريم الى بيته منقطعة او يتيمة او قريبة له واحسن الضم واكمله ان يتخذها زوجة.

ب. الحروب تأكل الرجال وتدع النساء، فإذا وضعت الحرب أوزارها برزت في المجتمع مشكلة خطيرة جدا وهي كثرة النساء وقلة الرجال، والحللا يكون إلا بأحد أمرين: إمّا بجعل الاتصال يقع بالحرام لتحريم التعدد، وإما بإباحة التعدد والحل الثاني هو ما أخذت به الشريعة الاسلامية، وهو اكرم للمرأة وانفع للمجتمع واحفظ للشرف، فأباحت التعدد لأربع زوجات وحرمت الزنا وجميع

ص: 12

المعاشرات غير الشرعية .

ج. في التعدد اكثار للنسل، وهو ضروري في تقديم النموذج الأصلح للفرد والأسرة في المجتمع الاسلامي القائم على اساس التقوى والتناصح بالحق والصبر، اضافة الى توفير الأيدي العاملة لما له الاثر الكبير في التنمية والتطور في كافة مجالات الحياة.

فوائد الزواج

بادئ ذي بدء الذي يريد الزواج يجد العون من الله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(النور (32) ومادام المؤمن يطلب العفاف والستر وحفظ الفرج ويتوخى الإيمان والتحصن من الفسق والفجور، فإن الله تعالى في عونه يمده من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب وكذلك نجد في الزواج الفوائد التالية:

ص: 13

1. الزواج طريق شرعي لإشباع الغريزة الجنسية، بصورة يرضاها الله ورسوله والمؤمنون.

2. الزواج طريق لكسب الحسنات، فمثلما لووضع شهوته في حرام كان عليه وِزْر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر .

3. الزواج وسيلة لاستمرار الحياة وتعمير الأرض، فالأبناء الصالحون امتداد لعمل الزوجين بعد وفاتهما.

4. الزواج سبيل للتعاون، فالزوجة تكفي زوجها تدبير أمور المنزل وتهيئة أسباب المعيشة، والزوج يكفيها أعباء الكسب وتدبير شؤون الحياة.

5 . الزواج تقوية الصلات والمعارف من خلال المصاهرة واتساع دائرة الأقارب.

ص: 14

الحث على الزواج

الاستقرار النفسي لدى الزوجين يؤثر ايجابيا ليس فيهما فحسب، بل سينسحب على الأطفال وبقية أفراد العائلة المرتبطة بشكل وبآخر بهذه العائلة السعيدة، ولكي تكتمل دائرة السعادة جاء الحث الاسلامي على الالتزام بمفاد هذا العقد المبارك.

جاء في الحديث عن الرسول انه قال: «ما استفاد امرو مسلم فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر اليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله». وسائل الشيعة، ج 14 ، ص 23 ).

ونقلت لنا كتب الحديث عن الإمام علي بن ابي طالب أنّه قال: تزوّجوا فإن التزويج سُنّة رسول الله الله فانّه كان يقول : من كان يحب أن يتبع سنتي فان سنّتي التزويج، والمتتبع للأخبار يجد أن التزويج

ص: 15

والحث عليه هو سنة لجميع الرسالات السماوية دون استثناء، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا هُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً﴾ . (الرعد 38) .

الزواج في الاسلام والمسيحية واليهودية

أولا مفهوم الزواج في الاسلام الزواج عمل محبوب عند الله، وهو تكامل للإنسان حيث السكن الذي يتدثر به من مخاطر ومزالق الفساد والرذيلة، إضافة لما يضفيه رب العزة والجلالة على الزوجين من مودة ورحمة ورأفة وشفقة وهو بدوره يجلب السكينة والوقار والطمأنية للزوج والزوجة على حد سواء، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: ﴿وَمِنْ آياته أن خَلَقَ لَكُم مِنْ أَنفُسِكُم أزواجاً لِتَسكنوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرحمة ﴾ (الروم 21). وجاء في الحديث: «ما بني بناء في الإسلام أحبُّ الى الله من التزويج». (وسائل

ص: 16

الشيعة، ج 14 ، ص 3).

وهناك أحاديث تشير الى استحباب الزواج وكراهية العزوبية للرجل والمرأة، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه واله النساء أن يتبتّلن ويعطّلن أنفسهن من الأزواج، بل هنالك ما يدعو الى تعجيل زواج البنت وعدم تأخيرها، و من بركة المرأة سرعة تزويجها.

ثانيا : مفهوم الزواج في الدين المسيحي

إن مفهوم الزواج في الدين المسيحي هو سنة مقدسة من الله تعالى، هو رباط روحي يرتبط فيه رجل واحد وامرأة واحدة ويعرف هذا الرباط بالزواج، الذي يتساوى فيه كل من المرأة والرجل فيكون كل منهما مساويا ومكملا للآخر وذلك بحسب شريعة الله القائلة: «لذلك يترك الرجل اباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونا جسدا واحدا». (تكوين (24:2).

فكلمات الله تعني أنه عندما يتزوج رجل بامرأة

ص: 17

فإنه يكملها وهي تكمله، ويذوب كيان كل واحد منهما بالآخر في المحبة المتبادلة والتفاهم، وذلك بحسب وصيته تعالى القائلة: «عندما يتزوج رجل بامرأة فانهما ليسا في ما بعد اثنين بل جسد واحد».

متى 6:19) وهذا يعني ان رباط الزواج يجب أن يدوم بين الرجل والمرأة في محبة الله ومخافته، إذ ينبغى على الرجل أن لا ينظر إلى زوجته بأنها أدنى منه مرتبة أو أنها عبدة للمتعة الجسدية والخدمة المنزلية فهي نصفه الآخر الذي يكمله وواجب عليه أن يحافظ على هذا النصف محافظة تامة كما يحافظ على نفسه ويحبه كما يحب نفسه تماما.

كما ينبغي على المرأة أن تحافظ على زوجها كما تحافظ على نفسها تحبه وتحترمه وتحافظ على قدسية الزواج، وعليها أن تنظر إليه كنصفها الآخر المكمل لها وكحصن لها يدافع عنها ويصونها؛ لأنه كما أن

ص: 18

المسيح هو رأس الكنيسة فكذلك الرجل هو رأس المرأة، فعلى كل من الرجل والمرأة أن يحب شريكه كنفسه والمفروض أن يدوم هذا الرباط الزوجي رباط مقدس حتى الموت لأن ما جمعه الله لا يفرقه إنسان هذا هو مفهوم الزواج في الدين المسيحي.

ثالثا : نظام الزواج في الشريعة اليهودية

تقوم الاسرة في شريعة اليهود على نظام الاسرة الابوية حيث يتمتع رب الاسرة بسلطات مطلقة تناقصت بالتدريج مع تطور المجتمع ولكنها ضلت اقرب الى السلطة منها الى الولاية على النفس او المال.

يتبين من نصوص التوراة ان بني اسرائيل كانوافي العهد القبلي يأخذون بنظام زواج الاقارب وتحريم الزواج من الاجانب عن بني اسرائيل، وفي عهد القضاة ابيح الزواج المختلط ولكنه ظل مكروها وبعد الأسر البابلي حدث رد فعل ضد الزواج

ص: 19

المختلط فأعيد تحريمه .

وتظهر نصوص التوراة ان بني اسرائيل كانوا يأخذون بمبدأ تعدد الزوجات دون وضع حد اقصى لعدد الزوجات، فضلا عن ملك اليمين من الجواري والاماء، وكان هذا النظام هو السائد في العهد القبلى وفي عهد القضاة وظل سائدا ايضا في عهد الدولة اليهودية وان انتشر بجانبه الزواج الفرديولم يصدر ابدا تحريم تعدد الزوجات ودليل ذلك الاسفار التاريخية ( سفر صمويل 1: 25 ، 43 - 44 ، سفر صمويل 3، 2،51 - 16 ) تذكر أن داوود كان متزوجا من عدة زوجات فضلا عما لديه من جوار.

ص: 20

حقوق الزوجة

الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعا، غايته انشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل ويجعل لكل من الزوجين حقوقا وواجبات متقابلة والزواج في الاسلام عقد رضائي لا اكراه فيه، وله رکنان اساسيان هما الايجاب والقبول والايجاب انشاء صيغة العقد من قبل المرأة أو وكيلها، ويتم قبول صيغة العقد من قبل الرجل.

رفع الاسلام منزلة المرأة ولم يجعل المهر ثمنا لها ؛ لأن الزوجة انسان والانسان أكرمه الله وسخر له الكون كله فقيمته لا تقدر بثمن ولم يجعل المهر على عاتق المرأة لتشقى في سبيل الحصول عليه شطرا كبيرا من حياتها، بل جعل القرآن المهر هدية لازمة يقدمها الزوج لزوجته رمز تقدير واكرام، قال تعالى: ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ (النساء - 4 ) اضافة لما ينشر

ص: 21

بين الزوجين من المحبة والألفة والمودة، ومن خلال الآيات والأحاديث فإن أهم حقوق الزوجة هي:

1 . النفقة على الزوج الانفاق على زوجته وإن كانت غنية ؛ لأنها تعنى بشؤون البيت وتربية الأولاد وتقوم بالمستلزمات الزوجية، وفي المقابل يكون هو القيم على البيت ومن فيه، لكن المرأة اذا تمردت على زوجها فلم تطعه او تسمع له وتركت بيته ورعايته، فعند ذلك تسقط نفقتها؛ لأنها لم تقم بواجبها الزوجي فلا تستحق النفقة واذا عجز الزوج عن الانفاق كان لها أن ترفع امرها الى القاضي الشرعي للنظر فيه.

2. حسن معاملة المرأة: إن حقوق المرأة ومتطلباتها ليست مادية فقط بل هناك حاجات نفسية أخرى، فعلى الزوج أن يتلطف بزوجته ويدخل السرور عليها، والمرأة انسان يصيب ويخطئ ويحسن ويسيء فعلى الرجل أن يعرف ذلك ويصبر عليها،

ص: 22

قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً . ( النساء (19). وقد ورد في الحديث الشريف:

(خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي . (وسائل الشيعة : ج 14 ص 122 ب 88 ح8). كما يجب على الزوج أن يعرف لزوجته قدرها، ويحفظ كرامتها، فلا يؤذيها بقول أو فعل ، ولا ينتقص من أهلها ولا يناديها بما تكره.

3. يرفق بها ويعاملها بإحسان ويهتم بتوفير الملبس والمأكل والمشرب والمسكن لها، ويحتمل ويصبر على بعض التصرفات التي تصدر منها ويمكن حلها باللين والرفق وحسن الخلق.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في الضعيفين عليه واله اليتيم والمرأة، فإنّ خياركم خياركم لأهله» البحار ج 76 ص 268).

ص: 23

و عن النبي الله أنه قال: إني لأتعجب ممن يضرب امرأته وهو بالضرب أولى منها البحار ج 100 ص 249).

حقوق الزوج

قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ. (سورة النساء 34) وقوامة الرجل على المرأة امر طبيعي لا غرابة فيه، فهي تكليف على الرجل لاتشريف له ؛ لأن الحياة الزوجية حياة اجتماعية وشركة تخص اخص علاقات الانسان بغيره، وعلاقة الزواج الأصل فيها الدوام، وكل شركة او اجتماع لابد له من رئيس يكون المرجع في حسم الخلاف لئلا تختل الشركة وتفصم العلاقة ويزول الاجتماع، والرجل أحق بهذه الرئاسة من المرأة عادة وهو أضبط العواطفه من المرأة وهو المكلف بالإنفاق على البيت، فكل هذه.

ص: 24

الاسباب أدت إلى اسناد رئاسة البيت وافراده للزوج بالدرجة الاولى لا للزوجة، وليس في هذه القوامة تجاوز على المرأة؛ لأنها مبنية على المودة والرحمة والمعاملة الحسنة والحرص التام على منفعة الاثنين وقوامة كهذه لا تكون استبدادية ولا مكروهة ولا ثقيلة على النفس، بل تكون شورية مقبولة مرضية

وأهم حقوق الزوج :

1. أن تحفظه في نفسها وماله، ومن الحفظ أن تصون أسراره ولا تسمح بدخول بيته لمن يكرهه ومن الحفظ عدم الاسراف وتبذير أمواله.

2. معاونة زوجها بالمعروف لأنها شريكة حياته ومن أقرب الناس إليه، والتعاون أساس الحياة الزوجية وسبب مهم من أسباب ادامتها، فمتى شعر الزوج أن زوجته تهتمبشؤونه ،وتعاونه، اعتز بها وأحبها واحترمها، فكانت أسرة سعيدة من غير شك.

ص: 25

3. تربية الأولاد وهذه أهم واجبات المرأة، فحنان الأم وعطفها ضرورة من ضرورات الحياة بالنسبة للطفل، وهو أمر لا يمكن أن نجده لدى دور الحضانة والمربيات وغيرهم.

فتربية جيل سليم أفضل من أي عمل تقوم به المرأة مهما كبر او عظم في نظرها، ولذلك أمر الاسلام أن يُوْدَع الصغار إلى امهاتهم عند الاختلاف بين الزوجين؛ لأنه لا أحد في العالم كالأم بالنسبة للطفل.

4. الطاعة محصورة في أمور ثلاثة وهي أن لاتخرج من بيتها إلا بإذنه، ولا تدخل في بيتها من لا، يجب والتمكين، وما خلاها فهي من باب الإحسان المتبادل فيما بين الزوجين.

5. تهتم بنفسها وجمالها أمامه وتظهر الحب له، جاء رجل إلى رسول الله الا الله فقال: «إن لي زوجة إذا دخلتُ تلقتني وإذا خرجتُ شيعتني وإذا رأتني

ص: 26

مهموماً قالت ما يهمك ؟ إن كنتَ تهتم لرزقك فقد تكفّل به غيرك وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هماً»، فقال رسول الله الله: «بشرها بالجنّة وقل لها :

إنَّك عاملة من عتمال الله ولك في كلّ يوم أجر سبعين شهيداً». (مكارم الأخلاق ص ص 200) . كما قال رسول الله صل الله عليه واله (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت) . ( مكارم الأخلاق ص 201 ) .

فوائد

* يستحب تهيؤ الرجل للمرأة وتهيؤها له جماليا وطيبا ونظافة.

* يستحب الخضاب للرجل والمرأة مع أن الشيبة هيبة ووقار للرجل.

* من أسباب الحياة السعيدة بين الزوجين هو تحمل كل واحد منهم للآخر والعفو عنه، وإذا ما

ص: 27

حدثت بعض المشاكل بينهما فلابد من حلها بالخلق الحسن وبالحكمة وعدم التسرع والغضب، ويجب على المرأة أن لا تحمّل زوجها أكثر مما يطيق وتطلب منه ما لا يستطيع.

* الحياة الزوجية تعاون ومشاركة في كل أمورالحياة، فيجب على المرأة أن لا تمنَّ على زوجها إن فعلت له شيئاً من خير، إنما عملها قربة لله تعالى وطاعة له ورغبة في ثوابه.

* الغيرة: وهو أن لا يتغافل الزوج عن الأمور الشرعية الواجبة على زوجته فيما يتعلق بالحجاب الشرعي والمحافظة على الطابع الديني في بيت الزوجية بعدم سماحه لأي عمل يبغضه الله ولا يبالغ في إساءة الظن بزوجته.

الاعتدال في النفقة فلا ينبغي للزوج أن يقصر في الإنفاق على زوجته ولا ينبغي له أن يسرف

ص: 28

ويبذر في الإنفاق على زوجته.

* الصبر علی سوء خلق الزوج لزوجته وبالعكس، حثّ رسول الله الزوج على الصبر على سوء أخلاق الزوجة، فقال: «من صبر علی سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر ما أعطى أيوب على بلائه مكارم الاخلاق (213) وروي عن النبي له أنه قال: «مَن صَبَرَت عَلى سوء ءِ خُلُقٍ عليه وآله زَوجِها؛ أعطاها الله مِثلَ ثَوابِ آسِيَةَ بِنتِ مُزاحِمٍ .

البحار ج 100 ص 247 ح 30 ) .

ص: 29

ص: 30

مسك الختام

شهوتان عظيمتان أودعهما الله تعالى في الانسان شهوة الفرج وشهوة البطن، وهما شهوتان عارمتان ملحتان يتوقف عليهما وجود الانسان آنيا واستمرارا إلى أن يتوفاه الله تعالى حيث المصير المحتوم، وإذا ما أراد النجاة دنيا وآخرة عليه أن يلبي شهوة الفرج بالزواج لا بالسفاح وشهوة البطن بالكسب الحلال لا بالحرام.

النصوص الإسلامية رغبت بالزواج أيما رغبة فتارة وصفت ارتباط الرجل والمرأة بالسكن وأخرى باللباس ، وكما أن السكن يوفر الراحة للإنسان ويقيه من الحر والبرد واللباس يتزين به ويتدثر بارتدائه من تقلبات الجو، فإن هذا الارتباط المقدس إذا ما التزم الزوجان فيه بحقوقهما وواجباتهما - الآنفة الذكر.

ص: 31

وكانت العشرة بينهما بالمعروف، فإنه بحق يوفر لهما السعادة المتوخاة.

مثلما يحتمي الانسان بالسكن واللباس من المخاطر والأمراض فإنه يحتمي بالزواج من المعاصي والذنوب والآثام والفساد والإفساد، ويكون محصنا من هوى النفس ووساوس الشيطان، والأهم من هذا وذاك يضفي على الانسان هالة من الطمأنينة والسكينة والاستقرار النفسي والهدوء والهيبة والوقار، بالإضافة إلى ذلك فإنه بالزواج قد احرز نصف دينه فليتقي الله بالنصف الآخر، ليكون مكتمل الإيمان وبذلك يكون على استعداد لدلوف في أبواب التكامل الانساني، ولا يزال هذا الهدف العظيم هو المرتجى والمبتغى لكل غيور يرنو الفوز والفلاح في الدارين.

ص: 32

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.