مصادر التشریع القضایي و القواعد القضائية في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضی الله عنه)

هوية الکتاب

مصادر التشريع القضائي والقواعد القضائية في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضی الله عنه)

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية 4206 لسنة 2017

تأليف أ. م. د. علاء كامل العيساوي

محفوظة العتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1439 ه - 2017 م العراق - كربلاء المقدسة

ص: 1

اشارة

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية 4206 لسنة 2017

ص: 2

سلسلة دراسات في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضی الله عنه) (26) وحدة الدراسات القانونية مصادر التشريع القضائي والقواعد القضائية في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضی الله عنه) تأليف أ. م. د. علاء كامل العيساوي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة العتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1439 ه - 2017 م العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع الألكتروني: www.inahj.org الإيميل: Info@ Inahj.org

ص: 4

الإهداء إلى أخي مضر مقروناً بالمحبة الدائمة مع وافر الود والتقدير علاء

ص: 5

ص: 6

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤسسة

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما أهم والثناء بما قدم من عموم نعمٍ ابتدأها وسبوغ آلاء أسداها والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد و آله الطاهرين.

أما بعد:

فإن من أبرز الحقائق التي ارتبطت بالعترة النبوية هي حقيقة الملازمة بين النص القرآني والنص النبوي ونصوص الأئمة المعصومين (علیهم السلام).

ص: 7

وإنّ خير ما يُرجع إليه في المصادیق لَحديث الثقلين «كتاب الله وعترتي أهل بيتي» هو صلاحية النص القرآني لكل الأزمنة متلازماً مع صلاحيّة النصوص الشريفة للعترة النبوية لكل الأزمنة.

وما كتاب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضی الله عنه) إلا أنموذجٌ واحد من بين المئات التي زخرت بها المكتبة الإسلامية التي اكتنزت في متونها الكثير من الحقول المعرفية مظهرة بذلك احتياج الإنسان إلى نصوص الثقلين في كل الأزمنة.

من هنا:

ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة أن تخصص حقلاً معرفياً ضمن نتاجها المعرفي التخصصي في حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) وفكره، متّخذة من عهده الشريف إلى مالك

ص: 8

الأشتر (رحمه الله) مادة خصبة للعلوم الإنسانية التي هي أشرف العلوم ومدار بناء الإنسان وإصلاح متعلقاته الحياتية وذلك ضمن سلسلة بحثية علمية والموسومة ب(سلسلة دراسات في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رحمه الله)، التي يتم إصدارها بإذن الله تباعاً، حرصاً منها على إثراء المكتبة الإسلامية والمكتبة الإنسانية بتلك الدراسات العلمية التي تهدف إلى بيان أثر هذه النصوص في بناء الإنسان والمجتمع والدولة متلازمة مع هدف القرآن الكريم في إقامة نظام الحياة الآمنة المفعمة بالخير والعطاء والعيش بحرية وكرامة.

وكان البحث الموسوم ب(مصادر التشريع القضائي والقواعد القضائية في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر (رضوان الله عليه) اذ بين الباحث مصادر التشريع القضائي ومن ثم

ص: 9

القواعد القضائية التي أرساها الإمام علي (عليه السلام) وبين تلك القواعد والأحكام، وكذلك أهمية الشهود والاستماع لهم ومعاقبة شهود الزور وكذلك قاعدة إقرار حق الدولة وغيرها من القواعد الهامة في بناء الدولة والمجتمع.

فجزى الله الباحث خير الجزاء فقد بذل جهده وعلى الله أجره، والحمد لله رب العالمين.

السيد نبيل الحسني الكربلائي رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 10

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

يُعّد القضاء من الوظائف المهمة والخطرة في الإسلام لأهميته في تحقيق العدالة والمساواة بين أبناء المجتمع، وقد اهتم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) في حل الخصومات والنظر في الدعاوی، کما اسند لبعض الصحابة مهمة القضاء بين المسلمين كان في مقدمتهم الإمام علي (عليه السلام) مما اكسبه ذلك خبرة واسعة في الجانب العملي فضلاً عن سعة علمه في أحكام الشرع الإسلامي.

ص: 11

وقد مارس الإمام علي (عليه السلام) القضاء في عهود الخلفاء الذين سبقوه، فكان هذا قد أسهم في منحه القدرة على الإصلاح والتطوير بعد توليه الخلافة، وقد شملت إجراءات الإمام علي (عليه السلام) كافة الجوانب ذات الصلة بمؤسسة القضاء كأساليب التولية واختيار القضاة وتحديد واجباتهم.

وبما ان مصادر التشريع والقواعد القضائية التي أرساها الإمام علي (عليه السلام) في مجال الإصلاح والتطوير للنظام القضائي من الأمور المهمة في خلافته (عليه السلام)، اثرنا ان يتناول بحثنا هذا الموضوع، لأن الأمة الاسلامية عانت من قضاة السوء في العهود السابقة، ونجد مصداق هذا في قول الامام علي (عليه السلام)

ص: 12

لمالك الأشتر(1) حينها ولاه على مصر: «فأنظر في ذلك نظراً بليغاً فأن هذا الدين كان اسيراً بأيدي

ص: 13


1- ابو ابراهيم مالك بن الحارث بن يغوث ابن مسلمة بن ربيعة النخعي المعروف بالاشتر، كان من خيرة اصحاب الامام علي (عليه السلام) ومن قادة جيشه الموصفين بالشجاعة والعلم والحكمة، تولى ولاية الجزيرة الفراتية منذ سنة (36 ه / 656 م) وكان مقر اقامته في مدينة الموصل وظل واليا» عليها حتى سنة (39 ه / 659 م) عندما استدعاء الإمام علي (عليه السلام) وولاه على مصر. فدبر معاوية له مؤامرة دنيئة لاغتياله في نفس السنة قبل ان يصل إلى مصر استشهد سنة (39 ه / 659 م). ينظر ترجمته. ابن سعد: الطبقات الكبرى (تحقیق: محمود ابراهیم زايد، ط.1، بیروت / د:ت، ج 6، ص 213؛ اليعقوبي: تاريخ اليعقوبي (تحقيق: العلامة محمد صادق ال بحر العلوم الطباطبائي، النجف الاشرف / 1939)، ج 2، ص 181؛ الثقفي: الاستنفار والغارات (ط - 1، قم المقدسة / 1989)، ج 1، ص 46؛ الطبري: تاريخ الأمم والملوك (تحقیق وتعليق الاستاذ. عبد أ. علي مهنا، ط - 1، بیروت / 1998)، ج 4، ص 199 - 200، ص 209، 270، 278، 237 - 238

الأشرار يعمل فيه بالهوى وتطلب به الدنيا...»(1). وقد ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي إن في ذلك إشارة إلى قضاة عثمان فأنهم لم يقضوا بالحق بل بالهوى الطلب الدنيا(2)(2).

لذلك فان هذا البحث يبين الهوّة الشاسعة في دقة الأحكام عن ما سبقه، وأيضا يعقد مقارنة بين هذه القواعد القضائية وماهو موجود في وقتنا الحاضر، وسنرى من خلال هذا البحث ان الكثير من القواعد القضائية واحكامها التي تناولتها

ص: 14


1- نهج البلاغة (ضبط نصه ونظم فهارسه العلمية د. صبحي الصالح، ط 20، بیروت، 1402 ه / 1982)، ص 435؛ ابن شعبة الحراني: تحف العقول عن ال الرسول (صلى الله عليهم) (قدم له: العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم، النجف الاشرف. / 1963، ص 91؛ ابن ابي الحديد المعتزلي: شرح نهج البلاغة (تحقیق: محمد ابو الفضل ابراهیم، ط - 1، بیروت / 1987)، ج 17، ص 59
2- شرح نهج البلاغة، ج 17، ص 60

کتب القانون مأخوذة من عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر ومن الأحكام التي طبقها طول فترة حياته ان الامام (عليه السلام) هو أول من طبق هذه القواعد.

ص: 15

أولاً: مصادر التشريع القضائي:

حدد الإمام علي (عليه السلام) المنابع الأساسية لتشريع الأحكام القضائية وهي:-

1. القرآن الكريم

وهو المصدر الأول للتشريع واستنباط الأحكام لذا فأن ذلك استوجب اختيار القضاة الذين يمتلكون معرفة واسعة في علوم القرآن من حيث حفظ القرآن وتفسيره ومعرفة الناسخ والمنسوخ والمتشابه من الآيات القرانية، وهذا المنبع الأساسي أكد عليه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وأوصى بالاستنباط منه معاذ(1) بن

ص: 16


1- أبو عبد الرحمن، معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، من إجلاء الصحابة. اسلم وهو فتی وشهد بيعة العقبة الأولى وبدر واحد والخندق و المشاهد كلها. توفي في أو بعد طاعون عمواس في سنة (23 ه / 644 م). ينظر ترجمته في. ابن سعد: المصدر السابق،، ج 3، ص 583 - 590؛ ابن الجوزي: صفوة الصفوة (تحقیق: محمود فاخوري و د. محمد رواسي قلعة جي، بيروت / 1979)، ج 1، ص 489 - 502؛ ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة (طهران / 1957)، مج 4، ص 376 - 378

جبل(1)، کما حرص عمر على ضرورة الاحتكام للقرآن الكريم وعدّه المصدر الأساسي والأول في التشريع القضائي(2)، وبنفس هذا الاتجاه نجد الإمام علي (عليه السلام) يؤكد عنه اختياره للقضاة على درجة تفهمهم للقرآن الكريم

ص: 17


1- الترمذي: الجامع الصحیح - سنن الترمذي (بيروت / 2000)، ص 384؛ الماوردي: الإحكام السلطانية والولايات الدينية (تحقيق: د. خالد رشيد العسلي، بغداد / 1989)، ص 113
2- وكيع: أخبار القضاة (تحقیق وتعليق: عبد العزيز مصطفى المراغي، بيروت / د: ت)، ج 2، ص 179؛ ابو الفرج الاصفهاني: الأغاني (تحقيق: سمير جابر، ط - 2، بیروت / 1989)، ج 17، ص 216

وقدرتهم على استنباط الأحكام القضائية منه(1).

2. السنة النبوية

وتعني كل ما أثر عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) من قوله أو فعله أو تقرير(2)، وهي المصدر الثاني والمهم في التشريع. كما اكد ذلك الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وهو ما جاء التأكيد عليه في عهود الخلفاء الراشدين ومنهم الإمام علي (عليه السلام) فعلى القاضي ان يحكم فيها عنده من ((الأثر والسنة))(3).

ص: 18


1- المغربي: دعائم الإسلام (القاهرة / 1965)، ج 2، ص 535؛ ابن شعبة الحراني: المصدر السابق، ص 91؛ النوري، الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي: مستدرك الوسائل (قم المقدسة، / 1988)، ج 17، ص 348
2- السيوطي: شرح سنن ابن ماجة (كراتشي / د:ت)، ج 1، ص 111؛ المناوي: شرح فیض الغدير (ط - 1، القاهرة،/ 1937)، ج 1، ص 132
3- ابن شعبة الحراني: المصدر السابق، ص 91

3. علم الأئمة الأطهار (عليهم السلام)

ويقصد بذلك الرجوع إلى علم الأئمة من آل بیت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم الذين أوصى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على ضرورة الاعتماد عليهم بقوله: «إني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتی یردا علىَّ الحوض»(1).

ص: 19


1- ابن حنبل: فضائل الصحابة (تحقيق: د. وصي الله محمد عباس، ط - 10، بیروت، 1403 / 1983) ج 2، ص 585، 603، 779؛ الشيخ المفيد: الفصول المختارة (ط - 1، قم المقدسة -/ 1992)، ص 173؛ ابو نعيم الاصبهاني: حلية الاولياء وطبقات الأصفياء (تحقيق: حسام الدين المقدسي، ط. 4، القاهرة / 1985)، ج 1، ص 355؛ ابن البطريق الحلي: عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب أمام الأبرار أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) (قم المقدسة - / 1986 م) عمدة عيون صحاح الأخبار، ص 68 | 74

فهم (عليهم السلام) احد مصادر التشريع القائم على قدرتهم في استنباط الأحكام، وعلى الرغم من تأكيد الرسول (صلى الله عليه و اله وسلم) على مسألة الاجتهاد في القضاء کما جاء ذلك في قول معاذ ((.. اجتهد برأيي ..))(1)، فان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) جعل الركون إلى علم الأئمة من آل البيت (عليهم السلام) في جميع الأمور الخاصة بالمسلمين أمراً واجباً.

ومن الطبيعي أن يكون القضاة في مقدمة الذين يلجأون إلى علم الأئمة (عليهم السلام) وهم اكثر من غيرهم في امس الحاجة لذلك العلم، وهذا العلم يعد الركيزة الاساسية التي لها الأولوية والأهمية القصوى، ويأتي ذلك في

ص: 20


1- الترمذي: المصدر السابق، ص 384؛ الماوردي: الأحكام السلطانية، ص 113

تفسير الإمام علي (عليه السلام) لمسألة الاجتهاد بالإشارة إلى أن القضاة مهما وصلوا من علم بالفقه وأحكام الشرع فأنهم يخطئون في الاجتهاد وفي استنباط الأحكام الصائبة وهذا مما يؤدي إلى التباين في الأحكام الصادرة بشأن القضايا المتشابهة لذا لابد من الاستعانة بمن فرض الله ولايتهم من أهل بيت النبوة فهم وحدهم القادرين على الاستنباط(1).

وبهذا أدلى الإمام علي (عليه السلام) في الكتاب الذي بعثه للأشتر بقوله: «..على الحاكم ان يحكم بما عنده من الاثر والسنة فاذا اعياه ذلك رد الحكم إلى اهله، فإن غاب اهله عنه ناظر غيره من فقهاء المسلمين»(2).

ص: 21


1- ابن شعبة الحراني: المصدر السابق، ص 90
2- ابن شعبة الحراني: المصدر نفسه، ص 91

فالإمام (عليه السلام) هنا يدعوا إلى رد الامر إلى الله تعالى والاخذ بمحكم كتابه والرد إلى الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) والاخذ بسنته الجامعة غير المتفرقة ثم قال: «.. ونحن اهل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الذين نستنبط المحكم من كتابه ونميز المتشابه منه ونعرف الناسخ ممانسخ الله ووضع اصره.»(1).

وعزى الإمام علي (عليه السلام) الاختلاف الواضح بين القضاة في اصدار الأحكام يعود الضعفهم بأصول الاستنباط(2). وهذا ما دعى الإمام علي (عليه السلام) إلى حثّ قضاته على

ص: 22


1- ابن شعبة الحراني: المصدر نفسه، 89 - 90
2- الفكیكي، توفيق: الراعي والرعية ((المثل الأعلى)) للحكم الديمقراطي في الإسلام - شرح عهد الإمام (عليه السلام) الموجه إلى مالك الاشتر حين ولاه مصر (ط - 1، قم المقدسة. / 2004)، ص 53

ضرورة عرض ما يصدرونه من احکام ولا سيما تلك التي تكون محل شك او شبهة، فأن كل امر اختلف فيه مردود إلى حكم الإمام علي (عليه السلام)(1).

4. اجماع الفقهاء

ويظهر ان الإمام علي (عليه السلام) دعی إلى ضرورة عرض الامور المختلفة بها التي لا يوجد بصددها نص صريح في الكتاب أو السنة وفي حالة غياب اهل العلم من الائمة الاطهار (عليهم السلام) على الفقهاء المسلمين في كل ولاية للتناظر والوصول إلى اتفاق بشأنها، فقد امر الإمام علي (عليه السلام) ولاته بضرورة متابعة القضاء في ولاياتهم، ودعاهم إلى النظر فيما اشتبه من الأحكام، اذ ينبغي جمع فقهاء

ص: 23


1- ابن شعبة الحراني: المصدر السابق، ص 91

الولاية ومناظرتهم وامضاء ما يجتمع عليه رأي الفقهاء(1).

ثانيا: القواعد القضائية التي ارساها الامام علي (عليه السلام):-

ارسى الامام علي (عليه السلام) العديد من القواعد القضائية المهمة التي استند عليها القضاة فكان بعضها يمثل استمراراً لما اقره الرسول صلى الله ليه واله وسلم)، والبعض الاخر منها يمثل ما استحدثه الإمام علي (عليه السلام) في مجال اصلاح وتطوير النظام القضائي ومن تلك القواعد نذكر:

1. توحيد الأحكام في القضايا (عليه السلام المتشابهة

أبدى الإمام علي (عليه السلام) استغراباً

ص: 24


1- ابن شعبة الحراني: المصدر السابق، ص 91

شديداً من ظهور التباين الملحوظ في الأحكام الصادرة بصدد بعض القضايا المتشابهة، وهو يرى عكس ذلك حيث ان القضاء في كل وقت وزمان وفي كل مكان حال لا يتغير مهما طال الزمن او بعد المكان، وبهذا قال: «لو اختصم الي رجلان فقضيت بينهما ثم مكثا احوالاً كثيرة ثم اتياني في ذلك الامر لقضيت بينهما قضاءاً واحداً، لان القضاء لايحول ولا يزول»(1)، وبهذا الشأن كتب للأشتر يأمره ان يختار قضاة في انحاء ولايته ممن لا يختلفون ولا يتدابرون في حكم الله تعالى وسنة رسوله (صلى الله عليه واله وسلم)، ومحل استغراب الإمام علي (عليه السلام)

ص: 25


1- ابن عقدة الكوفي: فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) جمعه و رتبه وقدم له: عبد الرزاق حمد حسين حرز الدين، ط. 1، قم المقدسة / 2001)، ص 49؛ الشيخ الطوسي: الأمالي (قدم له: العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم، النجف الاشرف/ 1964)، ص 62

يكمن في ان المسلمين جميعاً إلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد، وهو يتسائل: «.. افأمرهم الله تعالى بالاختلاف فاطاعوه، أم نهاهم عنه فعصوه، أم انزل الله دیناً ناقصاً فاستعان بهم على اتمامه، ام كانوا شركاءه فلهم ان يقولوا وعليه ان يرضى. ام انزل الله سبحانه دیناً تاماً فقصر الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) عن تبليغه وادائه والله سبحانه يقول: «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ»(1)، وقال فيه «هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ»(2)، ولو كان من غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً، وان القرآن ظاهره انيق وباطنه عمیق، لاتفنی عجائبه ولاتكشف الظلمات الابه..»(3).

ص: 26


1- سورة الأنعام، اية 31
2- سورة آل عمران، اية 138
3- نهج البلاغة، ص 60 - 61

وقد شخَّص الإمام علي (عليه السلام) الآثار الناجمة عن الاختلاف وهي إضاعة العدل وفرقة الدين والدخول بالبغي لقوله: «.. فإن الاختلاف في الحكم إضاعة للعدل وغلاة في الدين وسبب من الفرقة.. فأنما اختلاف القضاة في دخول البغي بينهم واكتفاء كل امرى منهم برأيه..»(1)، ثم عزى الإمام (عليه السلام) اسباب ذلك الاختلاف کما ذکر انفاً إلى جهلهم باستنباط الأحكام وعدم ارجاع الامر إلى من فرض الله ولايته أي رد الامر للإمام علي (عليه السلام) فهو من ((استودعه الله علم کتابه واستحفظه الحكم فيه))(2)، ومن المؤكد ان يكون رد الامر بعد الإمام علي (عليه السلام) للأئمة من آل البيت (عليهم السلام) کما اسلفنا،

ص: 27


1- ابن شعبة الحراني: المصدر السابق، ص 91
2- ابن شعبة الحراني: المصدر السابق، ص 91

وبذلك يظهر ان عهد الإمام علي (عليه السلام) شهد ولأول مرة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وحدةً في احكام القضاء ونبذ التباين اللقضايا المتشابهة.

2. قاعدة المتهم بريء حتى تثبت ادانته

وهي من القواعد القانونية المعمول بها في الوقت الحاضر(1)، الا ان جذورها تعود إلى عهد الإمام علي (عليه السلام) بل انه هو الذي أتحف النظام القضائي بهذه القاعدة، حيث ان الإمام علي (عليه السلام) لم يكن يأخذ على التهمة او

ص: 28


1- ينظر ذلك في: السعدي، د. حمید: شرح قانون العقوبات الجديد - دراسة تحليلية مقارنة في الأحكام العامة (الجريمة والعقاب والمسؤولية الجنائية) (ط - 2، بغداد / 1976)، ج 1، ص 33 - 47؛ الصيفي، عبد الفتاح مصطفی: قانون العقوبات - القسم العام (ط -6، القاهرة / 1964)، ص 59

الظنة أي بمجرد الادعاء والشك دون بينه نافذة ودليل ناصع. فقد قال: «اني لا اخذ على التهمة ولا اعاقب على الظن..»(1)، وهو بذلك يستند على القرآن الكريم لقوله تعالى: «إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ»(2)، ولم يقتصر الإمام علي (عليه السلام) في هذا الامر على نفسه وانا طبّق ذلك على قضاته حيث كتب إلى قاضي الاحواز يأمره بالقول: «.. ودع عنك اظن واحسب واری ليس في الدنيا اشکال ..»(3) وهنا يبدو بوضوح ان الإمام علي (عليه السلام) يعد المتهم بريء لا يعاقب بلا دليل ولا يتمّ ذلك حتى تثبت إدانته.

ص: 29


1- ابن ابي الحديد المعتزلي: المصدر السابق، ج 3، ص 148
2- سورة الحجرات، اية 12
3- المغربي: المصدر السابق، ج 2، ص 53؛ الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر السابق، 11، ص 347

3. القواعد التي اقرها في مجال الشهادة والشهود

هناك بعض القواعد التي أقرّ الإمام (عليه السلام) العمل بها في العديد من القضاة فيما بعد والى يومنا هذا، ومن تلك القواعد نذكر:-

أ. تفريق الشهود

لا شك ان الإمام علي (عليه السلام) كان أول من فرق بين الشهود في الاسلام لئلا يتواطئ اثنان منهما على شهادة جائرة تدعو إلى طمس الحق وتضليل العدالة، ففي رواية ورد فيها ان قضية طرحت أمام القاضي شريح(1) وهي تتمثل

ص: 30


1- ابو امية شريح بن الحارث بن قيس الكندي الكوفي، عمل بالقضاء لاكثر من 60 سنة، عينه الإمام علي (عليه السلام) على قضاء الكوفة ثم عزله ثم اعاده و بقی حتى استشهاد الإمام علي (عليه السلام) توفي ما بين سنة (76 - 80 ه / 695 - 699 م). ينظر ترجمته. ابن سعد: المصدر السابق، ج 6، ص 33 - 34؛ وكيع: المصدر السابق، ج 2، ص 189 - 611؛ ابو الفرج الاصفهاني: الاغاني، ج 17، ص 216 - 244

بدعوة شاب موجهة ضد مجموعة من الرجال لم يرجع معهم والد الشاب وادعوا انه توفي، فقام شريح بتحليفهم فحلفوا له فبرئهم لعدم توفر البينة لدى الشاب ، فرفع الاخير القضية للإمام علي (عليه السلام) الذي أبدى دهشته من فعل شريح وقال: «..يا شريح هيهات أهكذا تحكم في مثل هذا؟ ... ياشريح والله لأحكمن فيهم بحكم ما حکم به خلق قبلي الا داوود النبي (عليه السلام)»، فأمر قنبر(1) ان يدعوا له شرطة

ص: 31


1- أبو همدان قنبر بن حمدان، كان من اقرب الناس للإمام علي (عليه السلام) كانت له مساهمات في مختلف الجوانب في عهده الشريف. استشهد على يد الحجاج ابن يوسف الثقفي. ينظر. الطبري: المصدر السابق، ج 5، ص 145- 155

الخميس وامرهم ان يقوم كل واحد منهم بأخذ واحداً من اولئك الرجال وتفريقهم عن بعضهم البعض الاخر، ثم استدعاهم واحداً تلو الاخر وسمع شهادتهم كل واحد على حدة، فبدت الشهادة مختلفة وبذلك انكشفت الحقيقة(1). ومن خلال نص قول الإمام علي (عليه السلام)

ص: 32


1- ينظر تفصيل ذلك في: الشيخ الصدوق: من لا يحضره الفقيه (قم المقدسة / 1993)، ج 3، ص 17 - 24؛ الشيخ الطوسي: تهذیب الاحکام في شرح المقنعة (طهران / 1945)، ج 6، ص 316؛ الجزائري: قصص الأنبياء (عليهم السلام) (قم المقدسة / 1984)، ص 338؛ المجلسي: بحار الأنوار، (تحقيق ونشر: مؤسسة الوفاء، بیروت / 1984)، ج 14، ص 11، ج 40، ص 259؛ الحر العاملي: وسائل الشيعة إلى تحصيل الشريعة (تحقیق: مؤسسة اهل البيت (عليهم السلام) لاحياء التراث، ط - 1، قم المقدسة، / 2003)، ج 27، ص 279، ص 436؛ الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر السابق، ج 17، ص 385

نلحظ انه اول من طبقها في عهده المبارك.

ب. تدوين شهادة الشهود

ذكر ان الإمام علي (عليه السلام) هو اول من امر بتدوین شهادة الشهود ليحول بذلك عن تراجع الشهود عن اقوالهم او تغييرها بأغراء من رشوة او تدليس من طمع او میل من عاطفة او خوف، ففي القضية السابقة الذكر التي رفعها شاب لشريح ثم احالها للإمام علي (عليه السلام)، روي انه (عليه السلام) امر کاتبه عبيد الله بن أبي رافع(1) ان یکتب -

ص: 33


1- عبيد الله بن ابي رافع من خيرة اصحاب الامام علي (عليه السلام) ومن ثقاته، تولى ادارة بیت المال بعد وفاة والده ابو رافع وتولى الكتابة للامام علي (عليه السلام) طول فترة خلافته. ينظر ترجمته. ابن عبد البر النميري: الاستيعاب في معرفة الاصحاب (تحقيق: علي محمد البجاوي، ط - 1، بیروت / 1960)، ج 1، ص 84؛ ابن ابي الحديد المعتزلي: المصدر السابق، ج 11، ص 92، اليعقوبي: المصدر السابق، ج 2، ص 176

شهاداتهم(1). وهذه ايضاً خطوة أولى في الاسلام، لما ورد ان ما جرى من حكم كان قد حكم به نبي الله داوود(عليه السلام) ولم يسبق الإمام علي (عليه السلام) في ذلك احد من المسلمين، اذ ان الإمام (عليه السلام) هو الرائد لهم فأن تدوین الشهادات تعني تدوين تفاصيل الدعاوي وما ورد بشأنها من أقوال وشهادات.

ص: 34


1- الشيخ الصدوق: من لایحضره الفقیه، ج 3، ص 24؛ الشيخ الطوسي: تهذیب الاحکام، ج 6، ص 316؛ الجزائري: المصدر السابق، ص 338؛ المجلسي: المصدر السابق، ج 14، ص 11، ج 4، ص 259؛ الحر العاملي: المصدر السابق، ج 27، ص 279؛ الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر السابق، ج 17، ص 385

ج. اجازة شهادة التائب

أجاز الإمام علي (عليه السلام) شهادة رجل أُقيم عليه الحدثم عرفت توبته(1)، وقد اوصی القاضي شريح: «.. واعلم ان المسلمين عدول بعضهم على بعض الا مجلوداً في حد لم يتب منه، او معروف بشهادة زور او ظنين..»(2)، ولا شك ان بناء هذه القاعدة سار متوازياً مع العدل

ص: 35


1- الشيخ الطوسي: الاستبصار فيما اختلف من الاخبار (ط - 3، طهران / 1970)، ج 3، ص 21، 37؛ تهذیب الاحکام، ج 6، ص 245 - 246؛ الحر العاملي: المصدر السابق ، ج 27، ص 385
2- الكليني: الاصول من الكافي (صححه وعلق عليه: علي اکبر الغفاري، ط - 6، طهران / 1968)، ج 7، ص 413؛ الشيخ الصدوق: من لایحضره الفقیه، ج 3، ص 15؛ البراقي، السيد حسين بن السيد احمد: تاریخ الكوفة (استدراك: السيد محمد صادق ال بحر العلوم، تحقيق: ماجد بن احمد العطية، ط - 1، النجف الاشرف / 2000)، ص 253

الإلهي، فأن الله تعالى تقبل من المسلمين توبتهم لقوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ»(1)، وقول الرسول (صلی الله عليه واله وسلم): «التائب من الذنب کمن الاذنب له»(2)، وقد اكد الباري عز وجل على قبول التوبة الصادقة بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ

ص: 36


1- سورة الشورى، اية 25
2- ابن ماجه: سنن ابن ماجه (تحقیق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت / د: ت)، ج 2، ص 1419؛ البغدادي: مسند ابن الجعد (تحقیق: عامر احمد حيدر ط - 1، بیروت / 1990)، ص 266؛ القضاعي: مسند الشهاب، (تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، ط - 2، بیروت / 1986)، ج 1، ص 97؛ البيهقي: السنن الكبرى (بيروت / د: ت)، ج 10، ص 154؛ الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (تحریر: الحافظين العراقي وابن حجر العسقلاني، بيروت / 1987)، ج 10، ص 200؛ الكناني: مصباح الزجاجة (تحقیق: محمد المنتقي الكشناوي، ط - 2، بيروت / 1983)، ج 4، ص 247

يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ»(1).

د. اجازة شهادة ذو القربى

اكد الإمام علي (عليه السلام) على اجازة شهادة الولد لوالده، والاخوة والقرابات والزوجين بعضهم لبعض شهادة العدول منهم(2)، فالأساس هنا هو ليس القربى وانما توفر شرط العدالة وعليها تبنی احکام الاسلام حيث عد الشهادة العادلة واحدة من اهم ثلاث دعائم تقام عليها احكام المسلمين(3)، وقد انتقد

ص: 37


1- سورة التحريم، اية 8
2- الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر السابق، ج 17، ص 428
3- الكليني: الفروع من الكافي (صححه وقابله وعلق عليه: علي اکبر الغفاري، ط - 4، طهران، / 1998 م)، ج 7، ص 432؛ الشيخ الصدوق: الخصال، ج 1، ص 155؛ الشيخ الطوسي: تهذیب الاحکام، ج 6، ص 28؛ المجلسي: المصدر السابق، ج 101، ص 291؛ الحر العاملي: المصدر السابق، ج 27، ص 231

الإمام علي (عليه السلام) ما قام به القاضي شریح حينما رفض اجازة شهادة الإمام الحسن (عليه السلام) في قضية الدرع التي رفعها الإمام (عليه السلام) ضد اليهودي، حيث شهد الإمام الحسن (عليه السلام) ان الدرع لابيه اذ كان من الشهود العدول فكيف والشاهد هو سيد شباب اهل الجنة لما روي عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) قوله: «الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة»(1)، فكيف لا تجوز شهادة رجل من

ص: 38


1- ينظر ابن حنبل: فضائل الصحابة، ج 1، ص 768، 774؛ الترمذي: المصدر السابق، ص 998 - 999؛ النسائي: خصائص أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (کرم الله وجهه) (عليه السلام) (تحقیق: محمد هادي الاميني، ط - 1، النجف الاشرف / 1969)، ص 123، الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين (ط - 1، بیروت / 2002)، ص 956؛ محب الدين الطبري: ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربی (تقديم ومراجعة: جميل ابراهيم حبيب، بغداد / 1984 م)، ص 139؛ القندوزي الحنفي، الشيخ سليمان بن ابراهيم: ينابيع المودة لذوي القربی (سید علي جمال اشرف الحسيني، ط - 2، قم المقدسة، / 2002)، ج 2، ص 34؛ الشبلنجي، الشيخ مؤمن بن حسن مؤمن: نور الإبصار في مناقب ال بيت النبي المختار (صلى الله عليه واله وسلم) (دار احیاء التراث العربي، بيروت / د: ت)، ص 114

اهل الجنة(1). ومقابل ذلك فان الإمام علي (عليه

ص: 39


1- ينظر تفصيل ذلك في: الثقفي: المصدر السابق، ج 1، ص 74؛ وكيع المصدر السابق، ج 2، ص 200؛ الكليني: الفروع من الكافي، ج 7، ص 425؛ ابن شهر اشوب: مناقب آل أبي طالب (عليهم السلام) (قم المقدسة / 1959)، ج 2، ص 378؛ ابن كثير: البداية والنهاية (تحقیق: د. فالح حسين، ط - 1، بیروت / 1987)، ج 8، ص4 - 5 [الا انه قال نصراني]؛ السيوطي: تاریخ الخلفاء (تحقیق: محمد محي الدين عبد الحميد، ط - 1، القاهرة / 1952)، ص 184 - 185؛ ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب في اخبار من ذهب (تحقیق: شعيب الارناؤوط، محمد نعیم العرقسوسي، ط - 9، بیروت / 1993)، ج 1، ص 85؛ المجلسي: المصدر السابق، ج 101، ص 290؛ وذكر كل من جعفر، نوري: علي ومناوئوه (قدم له: الأستاذ عبد الهادي مسعود، راجعه وعلق عليه: السيد مرتضى الرضوي، ط 4، القاهرة، / 1976)، ص 105؛ العقاد، عباس محمود: عبقرية الإمام علي (بيروت / د: ت)، ص 46 [انه نصراني]

السلام) لم يجز شهادة الابن علي ابيه(1).

ه. معاقبة شهود الزور

لم يكتف الإمام علي (عليه السلام) بالتأكيد على الشهود العدول، وعدم اجازة شهادة الزور(2)، بل انه (عليه السلام) اكد على معاقبة شاهد الزور عقاباً صارماً مما يدل مدى صرامة وشدة الإمام (عليه السلام) مع شهود الزور

ص: 40


1- الكوفي: الجعفريات (الاشعثيات) (طهران / د: ت)، ص 114
2- الكليني: الفروع من الكافي، ج 7 ص 413؛ الشیخ الصدوق: من لا يحضره الفقیه، ج 3، ص 15؛ السيد حسين بن السيد احمد البراقي: المصدر السابق، ص 253

وعدم تجرؤ الشهود على الإدلاء بشهادة زور في عهده (عليه السلام)، ففي رواية ورد فيها ان الإمام علي (عليه السلام) هدد شاهدين من مغبة قول الزور بقوله: «.. لا أوتي بشاهد زور الا فعلت كذا كذا..» فما كان امام الشاهدان الا الفرار من المجلس وحينما تم استدعاؤهما لم يجدهما(1).

لذا فان اجراءات الإمام (عليه السلام) وعقوباته الصارمة ساهمت بالطبع إلى الحدٌ من تزوير الشهادات واثرها في تحقيق العدالة.

4. قاعدة إقرار حق الدولة (الحق العام)

ان ما ظهر بشأن الحق العام في القوانين الوضعية الحديثة التي تتمثل بحق الدولة في

ص: 41


1- الكليني: الفروع من الكافي، ج 7 ص 413؛ الشيخ الصدوق: من لا يحضره الفقیه، ج 3، ص 15؛ البراقي المصدر السابق، ص 253

الجرائم المرتكبة وليس فقط الحق الخاص، ففي حالة الصلح والتنازل عن القضية فأن الحكم لا يسقط على المجرم لغاية استيفاء الدولة لحقها، فتصدر عليه عقوبة محددة وهي التي يطلق عليها اسم ((الحق العام))(1).

فالحق العام هي واحدة من القواعد المهمة التي ارساها الإمام علي (عليه السلام) انذاك فعلی الرغم من حثه (عليه السلام) على تحقيق المصالحة بين المتخاصمين الاصلح يُحرم حلالاً او يحلل حراماً(2)، الا انه (عليه السلام) اكد على ان تأخذ الدولة حقها من المجرم لإساءته للمجتمع بأسره، فقد روي ان رجل ضرب اخر فرفعت القضية

ص: 42


1- للاستزادة حول هذه القاعدة ينظر: الصيفي، د. عبد الفتاح مصطفی: حق الدولة في العقاب نشأته واقتضاؤه وانقضاؤه (بيروت / 1971) ص 75 - 196
2- ابن شعبة الحراني: المصدر السابق، ص 119

للإمام (عليه السلام) وقبل اصدار الحكم تنازل الرجل المضروب عن القضية أي عن حقه الا ان الإمام (عليه السلام) اصدر حكماً يقضي بضرب المتهم بالدرة تسع مرات وقيل خمس عشر مرة وقال: «..هذا حق السلطان»(1)، ومن المؤكد ان تكون هذه القاعدة قد طبقت في عهده (عليه السلام) و عمم العمل بها في مختلف ارجاء الدولة.

5. قاعدة الضرورة

إن القضاء عدل ورحمة وإنصاف، ونظرة الإمام علي (عليه السلام) في هذه القاعدة، نظرة تجعل للقوانين والأحكام الصادرة عنها لتأخذ مأخذاً إنسانياً بعيداً عن الجفاف والقسوة(2)،

ص: 43


1- الطبري: تاريخ الأمم والملوك، ج 4، ص 403 - 404
2- جرداق، جورج سجعان: الإمام علي صوت العدالة الإنسانية - بين علي والثورة الفرنسية بيروت / 1958)، ج 2، ص 479

وهذه القاعدة التي اوجدها الإمام علي (عليه السلام) هي من اهم القواعد المعمول بها في القانون الجنائي الحديث(1)، فقد روي انه جئ لعمر في خلافته بأمرأة جهدها العطش فمرت على راعٍ فطلبت منه ماء، فأبى الراعي ان يعطيها الا ان تمكنه من نفسها، ففعلت. فشاور عمر الناس في رجمها. فقال الإمام علي (عليه السلام): «هذه مضطرة ارى ان يخلى سبيلها». ففعل(2).

ص: 44


1- جورج جرداق: المصدر نفسه، ج 2، ص 480
2- ينظر ذلك في: الشيخ الصدوق: من لایحضره الفقیه، ج 4، ص 354؛ الشيخ الطوسي: تهذیب الاحکام، ج 10، ص 18؛ محب الدين الطبري: ذخائر العقبی، ص 91؛ ابن طاووس الحالي: بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية (ط - 1، مؤسسة ال البيت (عليهم السلام) طهران / 1990)، ص 296؛ المجلسي: المصدر السابق، ج 76، ص 5؛ الحر العاملي: المصدر السابق ، ج 28، ص 111

6. القواعد التي اأقرها في مجال البينة واليمين

هناك العديد من القواعد التي اقرها الإمام علي (عليه السلام) في البينة واليمين لضمان العدالة، فقد أولى (عليه السلام) اهمية كبيرة للبينة التي أوجدها الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وهي: ((البينة على من ادعى واليمين على من انکر))(1)، وأشار الإمام (عليه السلام) إلى عدم الحكم على التهمة والظن کما اسلفنا، وكتب لمحمد بن أبي بكر(2): «..وان تسأل المدعي البينة والمدعي عليه اليمين..»(3)، وانكر على القاضي

ص: 45


1- الترمذي: المصدر السابق، ص 387
2- أبو القاسم محمد بن أبي بكر القرشي التيمي، و أمه أسماء بنت عميس، ولد عام حجة الوداع. عينه الإمام علي (عليه السلام) واليا» على مصر، استشهد في سنة (38 ه / 659 م). ينظر. ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب (ط - 1، بیروت / 1984)، ج 9، ص70 - 71
3- ابن شعبة الحراني: المصدر السابق، ص 119

شریح عدم اخذه بشهادة الرجل الواحد، فالأمام (عليه السلام) يرى ان تقبل شهادة الواحد مع يمين صاحب الحق(1)، وقد قضى الرسول (صلی الله عليه واله وسلم) باليمين مع الشاهد وكذا فعل الإمام علي (عليه السلام) ایضاً(2). وفي الوقت الذي اجاز فيه بعض الفقهاء اليمين مع الشاهد الواحد في الحقوق والاموال فقط فأن الأمام (عليه السلام) كان له حكم وهو ان البينة في الاموال على المدعي واليمين على المدعي عليه، غير ان البينة في الدماء على من انکر براءة

ص: 46


1- الشيخ الطوسي: الاستبصار، ج 3، ص 15
2- ابن انس: الموطأ (ضبط وتوثيق و تخریج: صدقي جميل العطار، ط - 3، بيروت / 2002)، ص 440؛ الترمذي: المصدر السابق، ص 387؛ قطب الدين الراوندي: فقه القران (ط - 2، قم المقدسة، / 1985)، ج 2، ص 17، ابن البطريق الحلي: عمدة عيون صحاح الاخبار، ص 257

مما ادعى عليه واليمين على من ادعى(1)، وغير ذلك من القواعد الاخرى في هذا الباب.

7. القواعد الخاصة في أساليب التعامل مع الخصوم

أوصى الإمام علي (عليه السلام) بالعديد من القواعد فيما يتعلق بأسلوب التعامل مع الخصوم في مجالس القضاء، وكان بعضها مما أقره الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وسار على نهجها الإمام علي (عليه السلام)، اما البعض الاخر فإنها بالحقيقة أُقرت من قبل الإمام (عليه السلام) نفسه، وطبقت في عهده وأصبحت أساساً استند عليها القضاة ودعى إليها الفقهاء على مر الاَزمان، ومن هذا القواعد نذكر:-

ص: 47


1- الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر السابق، ج 17، ص 367

أ- المساواة بين الخصوم في مجلس القضاء

أي المساواة بينهم من حيث النظر والوجه والكلام وبذلك أوصى شريحاً بقوله: «..ثم واسِ بين المسلمين بوجهك ومنطقك و مجلسك، حتی لا يطمع قريبك في حيفك، ولا ييأس عدوك من عدلك..»(1)، ولعل ما يميز عهد الإمام علي (عليه السلام) انه طبق مسألة المساواة بين الخصوم بشكل فعلي حينما رفع قضية سرقة درعه من قبل اليهودي فجلس إلى جنب شريحا وقال: «.. لولا ان خصمي ذمي لاستویت معه في المجلس..»(2)، وذكر ابن العماد الحنبلي ان شریح

ص: 48


1- الكليني: الفروع من الكافي، ج 7، ص 413؛ الشيخ الصدوق: من لایحضره الفقیه، ج 3، ص 15؛ السيد حسين بن السيد احمد البراقي: المصدر السابق ، ص 253
2- الثقفي: المصدر السابق، ج 1، ص 74؛ وکیع المصدر السابق، ج 2، ص 200؛ الكليني: الفروع، ج 7، ص 425؛ ابن شهر آشوب: مناقب آل ابي طالب، ج 2، ص 378؛ ابن كثير: البداية والنهاية، ج 8، ص 4؛ السيوطي: تاریخ الخلفاء، ص 184؛ المجلسي: المصدر السابق، ج 101، ص 290

قام للإمام علي (عليه السلام) فقال له: (هذا اول جورك)، فقال: «لو كان خصمك مسلمًا لما قمت»(1)، فالإمام (عليه السلام) اعتبر وقوف القاضى له جوراً بحق الخصم.

إن موقف الإمام (عليه السلام) وعدله والمساواة بين اليهودي وبين امير المؤمنين (عليه السلام) وخليفة المسلمين قد دفعت ذلك اليهودي إلى الاعتراف بحق الإمام (عليه السلام) بالدرع واعتناق الإسلام(2). بل ان الإمام

ص: 49


1- شذرات الذهب، ج 1، ص 85
2- الثقفي: المصدر السابق، ج 1، ص 74؛ وكيع المصدر السابق، ج 2، ص 200؛ الكليني: الفروع، ج 7، ص 425؛ ابن شهر اشوب: مناقب آل ابي طالب، ج 2، ص 378؛ ابن كثير: البداية والنهاية، ج 8، ص 5؛ السيوطي: تاریخ الخلفاء، ص 184؛ المجلسي: المصدر السابق، ج 101، ص 290

علي (عليه السلام) عدّ التكنيه لأحد الخصوم وترك الاخر خطأ من القاضي وعدم مساواة بحق الخصم، فقد روي ان الإمام (عليه السلام) دخل على عمر مع خصم له، فکنی عمر الإمام (عليه السلام) وترك الاخر فغضب الإمام (عليه السلام) لذلك(1).

ب- حسن التعامل مع الخصوم

أمر الإمام علي (عليه السلام) بضرورة التعامل بإحسان مع الخصوم ففي الكتاب الذي وجهه لمحمد بن ابي بكر اشار إلى هذه النقطة بقوله: «.. اذا قضيت بين الناس فأخفض لهم جناحك، ولين لهم جنابك، وابسط لهم وجهك..»(2)، وقد اكد (عليه السلام) ضمن

ص: 50


1- ابن ابي الحديد المعتزلي: المصدر السابق، ج 17، ص 15
2- ابن شعبة الحراني: المصدر السابق، ص 119

شروط اختيار القضاة على التحلي بسمة التواضع في التعامل مع الخصوم(1)، وقال لقاضي الاحواز(2): «..لا تبتز الخصوم ولا تنهر السائل ..»(3)، تعبيراً عن حسن معاملة الخصوم بل ان الإمام (عليه السلام) عزل أبا الاسود

ص: 51


1- ابن شعبة الحراني: المصدر نفسه، ص 119
2- الأهواز: جمع هوز واصله حوز، غیرت لكثرة استخدام الفرس لها حتى أذهبت أصلها ثم استعملتها العرب بلفظ أهواز، وهي مدينة بناها ارد شیر، وهي عبارة عن سبع كور بين البصرة وفارس تقع في الإقليم الثالث وهو إقليم خوزستان وهي قصية الإقليم. ينظر المقدسي: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم (تحقیق: غازي طليات، ط - 1، دمشق / 1980)، ج 1، ص 33؛ ياقوت الحموي: معجم البلدان (تحقيق: صلاح بن سالم المصراتي، ط 1 1 بيروت / 1997)، ج 1، ص 284 - 287
3- المغربي: المصدر السابق، ج 2، ص 535؛ الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر السابق، ج 17، ص 348

الدؤلي(1) عن القضاء لسوء تعامله مع الخصم حيث اوضح الإمام (عليه السلام) بسبب العزل بقوله: «أني رأيت كلامك يعلوا کلام خصمك»(2)، وعلى القاضي ان يحسن الاستماع من الخصوم فلا يأخذ بأول الكلام دون اخره(3).

ص: 52


1- أبو الأسود ظالم بن عمرو وقيل بن عویمر وقيل عمران الديلي ويقال الدؤلي، من أئمة علم النحو والعربية، كان قاضيا» لابن عباس في البصرة في خلافة الإمام علي (عليه السلام). توفي في سنة (69 ه / 688 م). ينظر. ابن سعد: المصدر السابق، ج 7، ص 99؛ ابو الفرج الاصفهاني: الأغاني، ج 12، ص 359 - 368
2- الاحسائي: عوالي اللألي العزيزية في الأحاديث النبوية (ط - 1، قم المقدسة/ 1984 م)، ج 2، ص 343؛ الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر السابق، ج 17، ص 359؛ الهمذاني، الشيخ احمد الرحماني: الإمام علي ابن ابي طالب (عليه السلام) من حبه عنوان الصحيفة (ط - 1، طهران / 1997 م)، ص 679
3- الحر العاملي: المصدر السابق، ج 27، ص 216

وان ذلك كان تطبيقاً لما تعلمه الإمام من الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) حينما بعثه قاضياً لليمن اذ قال له الرسول (صلى الله عليه واله وسلم): «اذا تقاضي اليك رجلان، فلا تقضي للاول حتی تسمع كلام الاخر، فسوف تدري كيف تقضي»، قال الإمام (عليه السلام): «فما زلت قاضیاً بعد»(1).

ولضمان حسن التعامل مع الخصوم من جهة واصدار احکام صحيحة وعادلة من جهة اخرى، فأن الإمام (عليه السلام) حث قضاته على

ص: 53


1- وکیع المصدر السابق، ج 1، ص 84؛ الطوسي: الامالي، ص 134؛ الماوردي: الأحكام السلطانية، ص 75؛ الطرطوشي: سراج الملوك (ط - 1، بیروت / 1995)، ص 93؛ ابن ابي الحديد المعتزلي: المصدر السابق، ج 1، ص 18؛ محب الدين الطبري: ذخائر العقبی، ص 94؛ الذهبي: تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والاعلام (القاهرة / 1948)، ج 2، ص 199

ان لا يقضوا وهم بحالة غضب، اذ ان الغضب يدفع إلى قول الحماقات والى الاساءة في التصرف والمعاملة، فضلاً عن اصدار احکام سريعة وغير صائبة وهذا ما نجده في قوله لشريح: ((.. واذا غضبت فقم ولا تقضين وانت غضبان.))(1)، کما امر الإمام (عليه السلام) ان لايقضي القضاة وهم جياع لان الجوع هو الاخر يفقد صاحبه القدرة على التفكير والاستماع وربما يدفعهم ذلك إلى الاستعجال بأصدار الأحكام او ان تكون الأحكام الصادرة غير صائبة وان الجوع يولد دائماً الغضب ایضاً، ونجد تأكيد الإمام (عليه السلام) للقضاة على عدم الجوع في قوله لشريح: «.. ولا تقعد في مجلس القضاء حتى تطعم»(2)، فأن ما اشار اليه

ص: 54


1- الشيخ الطوسي: تهذیب الاحکام، ج 6، ص 227؛ الحر العاملي: المصدر السابق، ج 27، ص 213
2- الكليني: الفروع من الكافي، ج 7، ص 412؛ الشيخ الصدوق: من لایحضره الفقیه، ج 3، ص 15

الإمام (عليه السلام) في عدم الغضب والجوع لا بد انها شكلت اساساً اعتمد عليه القضاة واكد عليه الفقهاء فيما بعد.

8. القواعد الخاصة بإصدار العقوبات

لقد تنوعت العقوبات الصادرة بحق الجناة والمجرمين وفقاً لنوع الجرم المرتکب منذ ايام الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وفي عهود الذين سبقوا الإمام علي (عليه السلام) فكان منها عقوبات قصاص وحدود(1)، وهناك عقوبات تعزيريه وتأديبية متمثلة بالحبس او الضرب او النفي او التشهير او الغرامة او غير ذلك(2)، فأن

ص: 55


1- ابن قيم الجوزية: الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية (راجعه وصححه: احمد عبد الحليم العسكري، القاهرة / 1960)، ج 1، ص 8
2- ابن تیمیه: الحسبة في الاسلام (تحقیق: عبد الرحمن محمد قاسم النجدي، د: م / د: ت)، ج 5، ص 109

عهد الإمام (عليه السلام) شهد بروز عقوبات اخرى اوجدها (عليه السلام) لغرض الحد من الجريمة ومحاربة الانحراف، وقد تكون عقوبات شديدة وصارمة نذكر هنا ما انفرد الإمام (عليه السلام) في فرضها ابان خلافته اذ لم تكن معروفة قبله ومنها:

أ- عقوبة الحبس المؤبد

وهي عقوبة اصدرها الإمام علي (عليه السلام) بحق بعض اللصوص وبالتحديد بحق من يسرق منهم للمرة الثالثة، ففي المرة الاولى يكون العقاب بقطع اليد وفي المرة الثانية بقطع الرجل من خلاف، وعند معاودة السرقة يودع السارق بالسجن حتى الموت، ويعني انه يلاقي حكماً بالحبس المؤبد، وبهذا الصدد روی

ص: 56

ان الإمام علي (عليه السلام): «إذا سرق الرجل أولاً قطع يمينه فإن عاد قطع رجله اليسرى، فإن عاد ثالثة خلده في السجن وأنفق عليه من بیت المال»(1)، وتفرض هذه العقوبة على الجاني الذي يتسبب بموت المجني عليه بعد امساکه حيث روي ان ثلاث رجال احدهم امسك رجلاً وقام الاخر بقتله، اما الرجل الثالث فكان يراهم دون ان يتدخل لانقاذ المجني عليه فحكم الإمام (عليه السلام) بأن يقتل القاتل وهذه هي عقوبة

ص: 57


1- الشيخ الصدوق: من لا يحضره الفقیه، ج 4، ص 63؛ الشيخ الطوسي: تهذیب الاحکام، ج 18، ص 125 - 126؛ الكوفي: المصدر السابق، ص 141 [الا انه قال من فيء المسلمين؛ [الاحسائي: المصدر السابق، ج 3، ص 571؛ المجلسي: المصدر السابق، ج 76، ص 188؛ الحر العاملي: المصدر السابق، ج 28، ص 208 [الا انه قال حتى يموت في السجن]؛ النوري الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي: المصدر السابق، ج 18، ص 244

القصاص المعروفة وسمل عين الذي رأى الجريمة وقضى على الذي امسك المجني عليه ان يسجن حتى يموت کما امسكه(1)، وقد روي ان الإمام علي (عليه السلام)، حكم على امرأة مرتدة: «.. ان تحبس حتی تسلم او تموت ولا تقتل..»(2)، لذا فقد اكد الفقهاء فيما بعد على عقوبة الحبس المؤبد على المرتد عن الدين الاسلامي في حالة عدم الرجوع والتوفي فيبقى المرتد بالسجن لغاية الموت(3) التي اقرها الإمام علي (عليه السلام)،

ص: 58


1- الشيخ الصدوق: من لا يحضره الفقیه، ج 4، ص 63؛ الشيخ الطوسي: تهذیب الاحکام، ج 10، ص 219؛ الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر السابق،ج 18، ص 227 [واضاف ان يضرب خمسين سوط كل عام
2- الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر نفسه، ج 18، ص 166
3- ينظر. الشافعي: الام (بيروت / 1973)، ج 4، ص 85؛ الش وكاني: نیل الاوطار من احديث سيد الاخیار، شرح منتقی الاخبار (بيروت / د: ت)، ج 8، ص 8

عُمل فيها في الوقت الحاضر وأقرتها قوانین العقوبات الجنائية الحديثة(1).

ب- عقوبة قطع الراتب

لقد أكدت الكثير من المواد القانونية التي تضمنها قانون العقوبات في الدساتير الحديثة عقوبة قطع الراتب عن الموظف الذي يستغل وظيفته استغلالاً غير شرعياً(2)، وهذه العقوبة أول من قام بإصدارها الإمام علي (عليه السلام)

ص: 59


1- ينظر تفصيل ذلك في د. حميد السعدي: المصدر السابق، ص 434 - 435؛ د. محمود محمود مصطفی: شرح قانون العقوبات - القسم العام، ص 485 - 487
2- ينظر تفصيل ذلك في د. حمید السعدي: المصدر السابق، ص 336 - 341؛ کرم، جورج: قانون العقوبات معدلاً ومضبوطة على الأصل (د: ت / د: م)، ص 65 - 66، ص153 - 157؛ د. محمود محمود مصطفی: شرح قانون العقوبات - القسم العام، ص 537 - 539

بحق احد موظفيه إلى جانب عقوبات اخرى نتيجة لأستحواذه على اموال و حقوق الرعية، وطلب من الوالي ان يتولى تنفيذ العقوبة، حيث كتب اليه قائلاً: «.. واقطع عن الخائن رزقه»(1).

ج- قاعدة لا حبس على مفلس

أسقط الإمام علي (عليه السلام) عقوبة الحبس عن المدين المفلس الذي لا يمتلك القدر الكافي من الاموال لسداد ديونه، وهذا قال (عليه السلام): «لا حبس على مفلس قال الله عز وجل: «وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ»(2)»، فالمعسر اذا ثبت افلاسه وأدّى اليمين على ذلك ولم يظهر له من المال او بينة يتم اخلاء سبيله(3)،

ص: 60


1- المغربي: المصدر السابق، ج 2، ص 533؛ الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر السابق، ج 17، ص 404
2- سورة البقرة، أية 280
3- الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري: المصدر السابق، ج 13، ص 431

ووجه الإمام علي (عليه السلام) للقاضي شريح امراً بتولي استفاء حقوق الناس من المماطلين في استرجاع الديون من اهل اليسار والمقدرة وان اضطر الامر إلى بيع ما لديهم من املاك او عقار او دار و تسديد الديون من اثمانها، اما من يثبت عسره فلا حكم عليه ويخلى سبيله، حيث روي عن الإمام (عليه السلام) قوله لشريح: «انظر إلى اهل المعك والمطل(1)، ودفع حقوق الناس من اهل المقدرة واليسار، ممن يدلي بأموال الناس إلى الحكام، فخذ للناس حقوقهم منهم، وبع فيها العقار والديار، فأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله سولم) يقول: «مطل الموسر ظلم

ص: 61


1- المطل: هو التسويف والمدافعة بالعدة والدين. ينظر ابن منظور: لسان العرب المحيط (تحقيق: عبد الستار احمد فراج، ط - 1 بيروت / 1985)، ج 11، ص 624

للمسلم»(1). ومن لم یکن له عقار ولا دار ولا مال فلا سبيل عليه..»(2).

ص: 62


1- الكليني: الفروع من الكافي، ج 7، ص 41، الشيخ الصدوق: من لایحضره الفقیه، ج 3، ص 15
2- الكليني: الفروع من الكافي، ج 7، ص 412؛ الشيخ الصدوق: من لایحضره الفقیه، ج 3، ص 15؛ البراقي:، ص 252

الخاتمة

بسم الله أوله وأخره والحمد لله حمداً كثيراً والصلاة والسلام على نبي الهدى والعروة الوثقى التي لا انفصام لها محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين، وبعد أقدم موجزاً مختصراً لأهم ما تناوله البحث وأهم ما أسفر ان الإمام علي (عليه السلام) أبدى اهتمام بالغ بمؤسسة القضاء حيث رسم للقضاة الخطوات الصحيحة في مجال عملهم شمل ذلك تحديد مصادر التشريع القضائي المتمثلة بالكتاب والسنة وعلم الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وإجماع الفقهاء، كما أن الإمام (عليه السلام) أعاد العمل بالعديد من القواعد القضائية التي اقرها الرسول (صلى الله

ص: 63

عليه وآله وسلم) فضلاً عن استحداث قواعد جديدة أخرى كقاعدة ((المتهم بريء حتى تثبت أدانته)) وقاعدة ((إقرار حق الدولة العام)) وقاعدة ((الضرورة)) وغيرها من القواعد الأخرى. وحدد (عليه السلام) أساليب التعامل مع الخصوم بالمساواة واللين وعدم استخدام الشدة أو الضرب كوسيلة للتهديد والإرغام على الاعتراف وما إلى ذلك.

وبالمقابل أوجد الإمام علي (عليه السلام) عقوبات صارمة ومتنوعة بحق الجناة تتناسب مع حجم الجرائم المقترفة كعقوبة الحبس المؤبد، وعقوبة قطع الراتب، وعقوبة النفي وغيرها من العقوبات.

ص: 64

قائمة المصادر والمراجع

* خير ما افتتح به القران الكريم

اولا: المصادر الأولية

* ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن بن أبي الكرم الجزري (ت 130 ه / 1231 م):-

1- أسد الغابة في معرفة الصحابة، 5 مج (المطبعة الإسلامية، طهران، 1377 ه / 1957 م).

* الاحسائي، ابن أبي جمهور محمد بن علي بن إبراهيم (ت في القران العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي):-

ص: 65

2- عوالي اللألي العزيزية في الأحاديث النبوية، (ط - 1، دار سید الشهداء (عليه السلام) قم المقدسة، 1405 ه / 1986 م).

* ابن انس، الإمام مالك (ت 179 ه / 795 م):-

3- الموطأ (ضبط وتوثيق وتخریج: صدقي جميل العطار، ط - 3، دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع، بیروت، 1422 ه / 2002 م).

* ابن البطريق الحالي، يحيى بن الحسن بن الحسين (ت 533 - 600 ه / 1138 - 1203 م):-

4- عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب أمام الأبرار أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) (مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم المقدسة، 1407 ه / 1986 م).

* البغدادي، علي بن الجعد بن عبد أبو الحسن

ص: 66

الجوهري (ت 220 - 302 ه / 817 - 914 م):-

5- مسند أبي الجعد (تحقيق: عامر احمد جور، ط - 1، مؤسة نادر، 1410 ه / 1990 م).

* البيهقي، الشيخ ابراهيم بن محمد (ت 470 ه / 1077 م):-

6- السنن الكبرى (دار الفكر للطباعة، بیروت، د: ت).

* الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة (ت 209 - 279 ه / 822 - 892 م):-

7- الجامع الصحیح - سنن الترمذي (دار احیاء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، 1421 ه / 2000 م)

* ابن تيمية الحراني، ابو العباس احمد بن عبد الحليم (ت 661 - 728 ه / 1262 - 1327 م):-

8- الحسبة في الإسلام، (تحقيق: عبد الرحمن محمد

ص: 67

قاسم النجدي، مكتبة ابن تيمية، د: م / د: ت).

* الثقفي، ابو اسحاق ابراهيم بن محمد الاصفهاني (ت 283 ه / 896 م):-

9- الاستنفار والغارات (ط - 1، دار الكتاب، قم المقدسة، 1410 ه / 1989 م).

* الجزائري، السيد نعمة الله (ت 1050 - 1112 ه /1640 - 1700 م):-

10- قصص الأنبياء (عليهم السلام) (نشر مكتبة اية الله المرعشي، قم المقدسة، 1404 ه / 1984).

جعفر محمد النقدي، المطبعة الحيدرية، النجف الاشرف، 1344 ه / 1915 م).

* ابن الجوزي، ابو الفرج عبد الرحمن بن علي (ت 597 ه / 1116 م):-

11. صفوة الصفوة، 4 ج (تحقیق: محمود فاخوري و د. محمد رواسي قلعة جي دار المعرفة، بیروت،

ص: 68

1399 ه / 1979 م).

* الحاكم النيسابوري، الحافظ ابو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد (ت 405 ه / 1014 م):-

12- المستدرك على الصحيحين (ط - 1، دار احیاء التراث العربي، بیروت، 1422 ه / 2002 م)

* ابن حجر العسقلاني، ابو الفضل احمد بن على (ت 852 ه / 1448 م):-

13- تقريب التهذيب (تحقيق: محمد عوامة، ط - 1، دار الرشيد، دمشق، 1406 ه / 1986 م).

* ابن ابي الحديد المعتزلي، عبد الحميد بن هبة الله (ت 656 ه / 1208 م):-

14- شرح نهج البلاغة، (تحقيق: محمد ابو الفضل ابراهیم، ط - 1، دار الجيل، بیروت، 1407 ه / 1987 م).

* الحر العاملي، العلامة الشيخ محمد بن الحسن

ص: 69

(ت 1104 ه / 1692 م):-

15- وسائل الشيعة إلى تحصيل الشريعة، (تحقيق: مؤسسة اهل البيت (عليهم السلام) لاحياء التراث، ط - 1، قم المقدسة، 1424 ه/ 2003 م):-

* ابن حنبل، ابو عبد الله احمد بن حنبل (ت 241 ه / 855 م):-

16- فضائل الصحابة (تحقيق: د. وصي الله محمد عباس، ط - 1، مؤسسة الرسالة، بیروت، 1403 ه / 1983 م).

* الذهبي، ابو عبد الله شمس الدين محمد بن احمد عثمان بن قایماز (ت 768 ه / 1367 م):-

17- تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والاعلام (مكتبة القدسي، القاهرة، 1368 ه / 1948 م).

* ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع ابو عبد الله البصري الزهري (ت 168 - 230 ه / 784 -

ص: 70

941 م):-

18- الطبقات الکبری، 8 ج (تحقيق: محمود ابراهیم زايد، ط - 1، دار صادر، بیروت / د: ت).

* السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن (ت 911 ه / 1505 م):-

19- تاریخ الخلفاء (تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، ط - 1، مطبعة منير ومطبعة السعادة، القاهرة، 1371 ه / 1952 م).

20- شرح سنن ابن ماجة (دار النشر: قديمي کتب خانة، كراتشي / د: ت).

*الشافعي، محمد بن ادریس (ت 4 20 ه / 819 م):-

21- إلام، (دار المعرفة، بیروت، 1393 ه / 1973 م).

* ابن شعبة الحراني، الشیخ ابو محمد الحسن

ص: 71

بن علي بن الحسين (ت القرن الرابع الهجري / القرن العاشر الميلادي):-

22- تحف العقول عن ال الرسول (صلى الله عليهم) (قدم له: العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم، منشورات المطبعة الحيدرية ومكتبتها، النجف الاشرف، 1383 ه / 1963 م).

* ابن شهر آشوب، محمد المازندراني (ت 489 - 588 ه / 1095 - 1192 م).

23- مناقب آل أبي طالب (عليهم السلام) (نشر: مؤسسة العلامة للنشر، قم المقدسة، 1379 ه / 1959 م).

* الصدوق، الشيخ ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين (ت 386 ه / 996 م):-

24- من لایحضره الفقيه، (مؤسسة النشر

ص: 72

الاسلامي، قم المقدسة، 1414 ه / 1993 م).

* ابن ابي طالب، الإمام علي (عليه السلام) (ت 40 ه / 660 م):-

25- نهج البلاغة (ضبط نصه ونظم فهارسه العلمية د. صبحي الصالح، ط - 2، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1402 ه / 1982 م).

* ابن طاوس الحلي، جمال الدين احمد ابن موسی (ت 673 ه / 1274 م):-

26- بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية (ط - 1، مؤسسة ال البيت (عليهم السلام) طهران، 1411 ه / 1990 م).

* لطبري، ابو جعفر بن محمد بن جریر (ت 310 ه / 922 م).

27- تاريخ الأمم والملوك، 7 ج (تحقیق وتعليق الاستاذ. عبد أ. على مهنا، ط - 1، منشورات:

ص: 73

مؤسسة الاعلمی للمطبوعات، 1418 ه / 1998 م).

* الطرطوشي، محمد بن محمد بن الوليد (ت 520 ه / 1126 م).

28- سراج الملوك (ط - 1، دار صادر، بیروت، 1415 ه / 1995 م).

* الطوسي، الشیخ ابو جعفر محمد بن الحسن (ت 460 ه / 1047 م).

29. الاستبصار فيما اختلف من الاخبار (ط - 3، دار الكتب الاسلامية، طهران، 1390 ه / 1970 م).

30- الامالي (قدم له: العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم، مطبعة النعمان، منشورات المكتبة الاهلية، النجف الاشرف، 1384 ه / 1964 م).

31- تهذیب الاحکام في شرح المقنعة، (دار الكتب

ص: 74

الاسلامية، طهران، 1365 ه / 1945 م).

* ابن عبد البر النميري، ابو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد (ت 463 ه / 1070 م):-

32. الاستيعاب في معرفة الاصحاب، 4 ج (تحقيق: علي محمد البجاوي، ط - 1، دار الجيل، بیروت، 1380 ه / 1960 م).

* ابن عقدة الكوفي، احمد بن محمد بن سعيد (ت 332 ه / 943 م):-

33- فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) (جمعه ورتبه وقدم له: عبد الرزاق حمد حسين حرز الدين، ط - 1، مطبعة نكارش، قم المقدسة، 1421 ه / 2001 م).

* ابن العماد الحنبلي، ابي الفلاح عبد الحي (ت 1089 ه / 1678 م):-

34- شذرات الذهب في اخبار من ذهب (تحقیق:

ص: 75

شعيب الارناؤوط، محمد نعیم العرقسوسي، ط - 9، دار الكتب العلمية، بيروت ن 1413 ه / 1993 م).

* ابو الفرج الاصفهاني، علي بن الحسين (ت 356 ه / 966 م):-

35- الأغاني (تحقيق: سمير جابر، ط - 2، دار الفکر، بیروت، 1409 ه / 1989 م).

* القضاعی، ابو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر (ت 454 ه / 1062 م).

36- مسند الشهاب، (تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، ط - 2، مؤسسة الرسالة، بیروت، 1407 ه / 1986 م).

* قطب الدين الراوندي، ابي الحسين سعيد بن هبة الله (ت 573 ه / 1177 م):-

37- فقه القرآن، (ط - 2، مکتبة اية الله المرعشی

ص: 76

النجفي، قم المقدسة، 1405 ه / 1985 م).

* ابن قيم الجوزية، أبي عبد الله محمد بن ابي بكر الزرفي الدمشقي (ت 751 ه / 1349 م)

38- الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية (راجعه وصححه: احمد عبد الحليم العسكري، المؤسسة العربية، القاهرة ن 1380 ه / 1960م).

* ابن کثیر، عماد الدين ابو الفداء اسماعیل بن عمر (ت 774 ه / 1372 م):-

39- البداية والنهاية (تحقيق: د. فالح حسين، ط - 1، مكتبة المعارف، بیروت، 1407 ه / 1987 م).

*الكليني، ثقه الاسلام الشيخ ابي جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق الرازي (ت 328 أو 329 ه / 939 أو 940 م):-

40- الأصول من الكافي، 8 ج (صححه وعلق عليه: علي اکبر الغفاري، ط - 6، مطبعة حيدري،

ص: 77

نشر: دار الكتب الاسلامية، طهران، 1388 ه / 1968 م).

41- الفروع من الكافي، (صححه وقابله وعلق عليه: علي اکبر الغفاري، ط - 4، مطبعة حيدري، نشر دار الكتب الاسلامي، طهران، 1418 ه / 1998 م).

* الكناني، احمد بن ابي بكر بن اسماعیل (ت 762 - 840 ه / 1360 - 1436 م):-

42- مصباح الزجاجة، (تحقيق: محمد المنتقی الكشناوي، ط - 2، دار العروبة، بیروت، 1403 ه / 1983 م).

* الكوفي، محمد بن محمد الاشعث (ت القرن الرابع الهجري / القرن العاشر الميلادي):-

43- الجعفريات (الاشعثيات) (مكتبة نينوى الحديثة، طهران / د: ت).

ص: 78

* ابن ماجه، محمد بن یزید (ت 273 ه / 886 م):-

44- سنن ابن ماجه (تحقیق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفکر للطباعة، بيروت / د: ت).

*الماوردي، ابي الحسن علي بن محمد بن حبیب البصري البغدادي (ت 450 ه / 1058 م):-

45- الإحكام السلطانية والولايات الدينية (تحقيق: د - خالد رشيد العسلي، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1409 ه / 1989 م).

* المجلسي، العلامة محمد باقر (ت 1037 - 1111 ه / 1627 - 1700 م):-

46- بحار الأنوار (تحقيق ونشر: مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 ه / 1984 م).

* محب الدين الطبري، احمد بن عبد الله (ت 694 ه / 1294 م):-

47- ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربی (تقدیم

ص: 79

ومراجعة: جميل ابراهیم حبیب، دار القادسية، بغداد، 1404 ه / 1984 م).

* المغربي، نعمان بن محمد التميمي (ت 259 - 360 ه / 872 - 970 م):-

48- دعائم الإسلام (دار المعارف، القاهرة، 1380 ه / 1965 م).

* المفيد، الشیخ محمد بن محمد بن النعمان العبكري البغدادي (ت 413 ه / 1022 م):-

49- الفصول المختارة (ط - 1، طبع ونشر: المؤتمر العالمي لالفية الشيخ المفيد، قم المقدسة، 1413 ه / 1992 م).

* المقدسی، محمد بن احمد (ت 335 - 390 ه / 946 - 990 م):-

50- أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم (تحقیق: غازي طليمات، وزارة الثقافة والإرشاد القومي،

ص: 80

دمشق ن 1400 ه / 1980 م).

* المناوي، محمد عبد الرؤوف (952 - 1031 ه / 1545 - 1621 م):-

51- فيض القدير (ط - 1، المكتبة التجارية، القاهرة، 1356 ه / 1937 م).

* ابن منظور، جمال الدين محمد بن بکر مکرم (ت 711 ه / 1311 م):-

52- لسان العرب المحيط (تحقيق: عبد الستار احمد فراج، ط - 1، دار صادر، بیروت، 1405 ه / 1985 م).

* النسائي، أبي عبد الرحمن احمد بن شعيب الشافعي (ت 303 ه / 915 م)

53- خصائص أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (کرم الله وجهه) (عليه السلام) (تحقيق:

محمد هادي الاميني، ط - 1، المطبعة الحيدرية،

ص: 81

النجف الاشرف، 1388 ه / 1969 م).

* أبو نعيم الاصبهاني، احمد بن عبد الله (ت 430 ه / 1038 م):-

54- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، (تحقیق: حسام الدين المقدسي، ط - 4، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1405 ه / 1985 م).

* الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر (ت 807 ه / 1404 م):-

55- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، (تحریر: الحافظين العراقي وابن حجر العسقلاني، دار الريان للتراث ودار الكتاب العربي، بیروت، 1407 ه / 1987 م).

* وكيع، محمد بن خلف بن حیان (ت 6 30 ه / 918 م):-

56- أخبار القضاة، (تحقیق وتعليق: عبد العزيز

ص: 82

مصطفى المراغي، عالم الكتب، بیروت / د: ت)

* ياقوت الحموي، شهاب الدين ابو عبد الله یاقوت بن عبد الله (ت 626 ه / 1238 م):-

57- معجم البلدان (تحقيق: صلاح بن سالم المصراتي، ط - 1، دار الفکر، بیروت، 1418 ه / 1997 م)

* اليعقوبي، احمد بن ابي يعقوب بن جعفر بن وهب الكاتب (ت 292 ه / 904 م):-

58- تاريخ اليعقوبي (تحقيق: العلامة محمد صادق ال بحر العلوم الطباطبائي، مطبعة الغري، النجف الاشرف، 1308 ه / 1939 م).

ثانيا: المراجع الحديثة:-

* البراقي، السيد حسين بن السيد احمد (ت 1332 ه / 1913 م)

ص: 83

59. تاريخ الكوفة (استدراك: السيد محمد صادق آل بحر العلوم، تحقیق: ماجد بن احمد العطية، ط - 1، مطبعة شريعين، نشر: المكتبة الحيدرية، النجف الاشرف، 1424 ه / 2000 م).

* جرداق، جورج سجعان:-

60- الإمام علي صوت العدالة الإنسانية (مطبعة الجهاد، نشر دار الفكر العربي، بیروت، ج 2 - بين علي والثورة الفرنسية، 1378 ه / 1958 م).

* جعفر، د. نوري:-

61- علي ومناوئوه (قدم له: الأستاذ عبد الهادي مسعود، راجعه وعلق عليه: السيد مرتضى الرضوي، ط 4، دار المعلم - مطبوعات النجاح، القاهرة، 1396 ه / 1976 م).

* السعدي، د. حمید:

62- شرح قانون العقوبات الجديد - دراسة تحليلية مقارنة في الإحكام العامة - الجريمة والعقاب والمسؤولية الجنائية (ط - 2، دار الحرية للطباعة، بغداد 1396 ه /

ص: 84

1976 م)

* الشبلنجي، الشيخ مؤمن بن حسن مؤمن (ت 1298 ه / 1880 م).

63- نور الإبصار في مناقب ال بيت النبي المختار (صلى الله عليه واله وسلم) (دار احیاء التراث العربي، بیروت / د: ت، اعادت طبعة دار العلوم الحديثة، بیروت، مكتبة الشرق الجديدة، بغداد).

* الصيفي، د. عبد الفتاح مصطفی:-

64- حق الدولة في العقاب - نشأته واقتضاؤه وانقضاؤه (طبع: دار الأحد الجيري أخوان، بیروت، 1391 ه، 1971 م).

65- قانون العقوبات - القسم الخاص (دار المعارف، بیروت، 1387 ه / 1967 م).

* العقاد، عباس محمود:-

66. عبقرية الإمام علي (دار الفکر للطباعة والنشر، بیروت / د: ت).

* الفکیکي، توفیق:-

ص: 85

67- الراعي والرعية ((المثل الأعلى)) للحكم الديمقراطي في الإسلام - شرح عهد الإمام (عليه السلام) الموجه إلى مالك الاشتر حين ولاه مصر (ط - 1، مطبعة شریعت، نشر: المكتبة الحيدرية، قم المقدسة، 1424 ه / 2004 م).

* القندوزي الحنفي، الشيخ سليمان بن ابراهيم (ت 1220 - 1294 ه / 1805 - 1877 م):-

68- ينابيع المودة لذوي القربى (سيد علي جمال اشرف الحسيني، ط - 2، دار الاسوة للطباعة والنشر، منظمة الاوقاف والشؤون الخيرية، قم المقدسة، 1422 ه / 2002 م).

* کرم، جورج:-

69- قانون العقوبات معدلا» ومضبوطا» على الاصل (د: م / د: ت).

* مصطفی، د. محمود محمود:-

70- شرح قانون الإجراءات الجنائية (القاهرة، 1385 ه / 1965 م).

ص: 86

71- شرح قانون العقوبات - القسم العام (ط - 6، مطابع دار الشعب - الاتحاد الاشتراكي العربي، القاهرة، 1384 ه / 1964 م).

* النوري، الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي (ت 1333 ه / 1914 م):-

72- مستدرك الوسائل، (نشر مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) قم المقدسة، 1408 ه / 1988 م).

* الهمذاني، الشيخ احمد الرحماني:-

73- الإمام علي ابن ابي طالب (عليه السلام) من حبه عنوان الصحيفة (ط - 1، مؤسسة المنير للطباعة والنشر، مطبعة افست فتاحي، طهران، 1417 ه / 1997 م).

ص: 87

ص: 88

المحتويات

مقدمة المؤسسة...7

مقدمة...11

أولا: مصادر التشريع القضائي:...16

1- القرآن الكريم...16

2- السنة النبوية...18

3- علم الأئمة الأطهار (علیهم السلام)...19

4- اجماع الفقهاء...23

ثانيا: القواعد القضائية التي أرساها الامام علي (علیه السلام)...24

1. توحيد الأحكام في القضايا (عليه السلام) المتشابهة...24

2. قاعدة المتهم بريء حتى تثبت ادانته...28

3. القواعد التي اقرها في مجال الشهادة والشهود...30

أ. تفريق الشهود...30

ب. تدوین شهادة الشهود...33

ج. اجازة شهادة التائب...35

د. اجازة شهادة ذو القربی...37

ه. معاقبة شهود الزور...40

4. قاعدة اقرار حق الدولة (الحق العام)...42

ص: 89

5. قاعدة الضرورة...43

6. القواعد التي اقرها في مجال البينة واليمين...45

7. القواعد الخاصة في أساليب التعامل مع الخصوم...47

أ- المساواة بين الخصوم في مجلس القضاء...48

ب- حسن التعامل مع الخصوم...50

8. القواعد الخاصة بإصدار العقوبات...55

أ- عقوبة الحبس المؤبد...56

ب- عقوبة قطع الراتب...59

ج- قاعدة لا حبس على مفلس...60

الخاتمة...63

قائمة المصادر والمراجع...65

اولا: المصادر الأولية...65

ثانيا: المراجع الحديثة:...83

ص: 90

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.