ارشادات و نصائح للمعلمين و المربين

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: فرهادیان، رضا، - 1327

عنوان واسم المؤلف: للمعلمین و المربین/ رضا فرهادیان؛ ترجمه ابراهیم الخزرجي

تفاصيل المنشور: قم: مؤسسة المعارف الإسلامية، 1416ق. 1996م. = 1374.

مواصفات المظهر: ص 88

فروست : (ارشادات و نصایح 4)

(بنیاد معارف اسلامی 71)

ارشادات و نصائح؛ 4

لسان : العربية

ملحوظة : ببليوغرافيا مع ترجمة

مشكلة : اسلام و آموزش و پرورش

مدربي الأطفال -- دليل تربوي

المعرف المضاف: خزرجي، ابراهیم، مترجم

المعرف المضاف: مؤسسة المعارف الإسلامية

ترتيب الكونجرس: BP230/18/الف43 4.ج 1374

تصنيف ديوي: 297/4837

رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 76-247

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة

لمؤسسة المعارف الاسلامية

الطبعة الأولى

1999م - 1416ه

هويّة الكتاب

اسم الكتاب: ... ارشادات ونصائح للمعلِّمين والمربّين

تأليف: ... رضا فرهادیان

المترجم: ... ابراهيم الخزرجي

النشر: ... مؤسسة المعارف الإسلامية

صف الحروف: ... مؤسسة المعارف الإسلامية

الطبعة: ... الأولى 1416 ه.ق

المطبعة: ... پاسدار اسلام

العدد: ... 2000 نسخة

السعر : ...

ص: 1

اشارة

ارشادات و نصائح للمعلمين و المربين

ص: 2

رضا فرهاديان

ارشادات ونصائح

للمعلمين والمربِّين

۔4۔

ترجمة: ابراهيم الخزرجي

ص: 3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 4

دور المعلم في إعداد جيل الأحداث

«عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ»

نهدي تحياتنا الوافرة للمعلم الذي يحيي بكل لفظ من كلامه أرواحنا وانفسنا، والذي تتفجّر بسببه ينابيع طاقاتنا، والذي بسماعنا لنغمات حديثه نعرج بجناحين نحو الملكوت الأعلى، لننهل من ينابيع الحكمة الزلال.

ان كلام المعلم وحديثه ینیر لنا بصائر القلوب، ليضع نصب أعيننا حقائق القيم السامية، إن هذا القلب - أيها المعلم - يشتاق لنغمات حديثك، و تدب فيه الحياة، ويحب أن يرى فيك الحركة والنشاط، فيكون القلب خاضعاً لما تقول و تفعل، فأنت في المقام الذي قال عنك سيد الموحدين عليه السلام:

«من علّمني حرفاً فقد صیّرني عبداً».

فهل يمكننا مع ذلك كله أن نعرف للمعلم مقامه السامي و نكرّمه؟

ان مما يؤسف له هو أن دور المعلم الحساس و مقامه الشامخ مجهول لدى المجتمع، فلا نصيب له مما يستحقه من الدرجة و المنزلة الرفيعة.

إن للمعلم دور حساس و خطير، و قد زادهُ النبي الكريم صلّى الله عليه و آله مقاماً و شرفاً بقوله:

ص: 5

«بالتعليم أرسلت»(1)، فدوره من الجانب التربوي خطير و دقيق للغاية، بحيث يصفه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله:

«من نصب نفسه للناس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، و معلم نفسه و مؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس و مؤدّبهم»(2).

فالتعليم على هذا الأساس أمر مشكل وهام جداً، لانه يحمل رسالة عظيمة، لا يتحمل اعباء مسؤوليتها كل احد، فإن في التعليم حرقة وألم، عشق و شعور، صبر و تحمل، لان كل ما يكون الأمر رفيع المنزلة تكون مسؤوليته أخطر، وعبأه أثقل واعظم.

ان امري التربية والتعليم يتولدان مع البشرية منذ البدء، فينصبغ على اساسهما طبعها في الوجود منذ الصغر و الطفولة، فإن «العلم في الصغر كالنقش في الحجر»(3) و ان «من لم يتعلم في الصغر لم يتقدم في الكبر»(4).

أن المعلم الحقيقي هو المعلم الذي يعطي لتلاميذه شخصية، و يقف بوجه العادات و مناهج التعليم الخاطئة التي تعلّمها التلميذ من البيت او المحيط الذي يعيش فيه، فإن أعظم ما يحمله المعلم في رسالته - والذي ينعكس على قوله وفعله - هو اعطاءه الشخصية لتلاميذه، فالمعلم الناجح هو الذي يتمكن من أن يوجد جسر الود و المحبة للتلاميذ، و يكون محبّاً واقعياً لهم، و لا بد أن يكون ذو سلوك مليء بالأمل و الحب و الإكبار، فإن لهذه الامور اثرآ بالغاً تخلّفه على كيفية

ص: 6


1- البحار: ج 1 ص206.
2- نهج البلاغه: الکلمات القصار.
3- غرر الحکم
4- غرر الحکم

تفكير و سلوك المتعلّم، بحيث تنفذ الى أعماق قلبه ونفسه .

ان العظماء من الناس على طول التأريخ، يعتبرون القسم الأكبر من نجاحهم و تكوين شخصياتهم، رهين أتعاب اساتذتهم و معلميهم من ذوي المعرفة و الايمان.

و على المعلم أن يعلم أن التعليم ليس حرفةً، بل ذوقاً وفناً خاصاً، ضربت جذوره في صميم نفسه الصابرة، فهو رسالة الأنبياء، و عليه ايضاً ان يدرك أهمية دوره و وظيفته الاجتماعية الإلهية، و أن يُعدّ و يجهّز نفسه بسلاح العلم و الأخلاق، و عليه أن يكون في مقام العمل كالأب العطوف او الام الحنون، لا يرفع قدماً إلّا و التلاميذ معه من اجل ان يسوقهم نحو العلم و المعرفة، و الاخلاق و التربية.

فالمعلم الذي يستطيع أن يدخل الأفكار الصحيحة عن طريق منهجٍ جذّاب، ويسوقها الى أذهان التلاميذ كنسيم الربيع، ذلك هو المعلم الناجح.

فإن المعلم الممتاز هو الذي يكون - مضافاً الى تسلطه و احاطته بالمواد المدرسية - له معرفة ايضاً باُصول التربية والتعليم، ويجيب عن اسئلة التلاميذ جواباً مقنعاً و هو الذي لا يقصّر في كسب معلومات جديدة بالمطالعة المستمرة، وهو الذي يحاول تطبيق معلوماته مع الواقع الخارجي، بحيث يُعلّم التلاميذ كيفية الاستفادة من تلك المعلومات في مختلف مجالات الحياة، و يحاول أيضاً أن لا يحكم على سلوك بعض التلاميذ الشاذ بسرعة، و يتعرّف على جذور ردود الفعل المنعكسة في سلوكهم بصورة دقيقة، و يتعرف ايضاً و قبل اتخاذ اي نوع من انواع العقوبات على اسباب ذلك السلوك، و لا يغفل في مقام تقييم السلوك عن أهم الأسباب و العوامل المؤثرة و هو المنزل و المحيط العائلي اللذان لهما الأثر

ص: 7

البالغ في تعديل الوضع النفسي للتلميذ أو تخريبه.

ان المعلم هو محرم أسرار التلاميذ، و طبيب داء الجهل، و هو الذي قد جعل أوقاته وقفاً في هداية و تربية اشبال المجتمع، و هو الذي يكون شريكاً للتلاميذ في افراحهم و احزانهم، و مشاكلهم، و يكون مرشداً لهم.

أن المعلم الذي يعتبر المدرسة منطلقاً مقدّساً، و الدرس محلاً لعبادته، و يحضر مجلس الدرس على وضوء، و الذي يعتبر أمر التعليم و التعلّم نوعاً من العبادة، فيستمد العون من الله تعالى في مجالي التربية و التعليم، هو المعلم الذي يرى أن للصبيان أرواحاً كبيرة قد اتخذت هذه الأجساد الصغيرة محلاً لها، و يعتبرهم آية من آيات الله، فهم وسائل يُتقرّب بهم الى الله تعالی.

ان سلوك المعلم الذي يمتاز بمعاملة انسانية ملئها الرحمة و الرأفة، يختلف كثيراً عن المعلم الذي له سلوكاً خشناً، و يستعمل القوة و الضغط و التهديد و الارعاب في التعليم، إذ الأول يساعد على تفجير طاقات الصبيان، و الثاني يعمي تلك الطاقات و يضيّعها، «فإن القلب إذا أكره عمی»(1).

أن المعلم الذي يتخذ أمر التعليم فناً، و يعتبره واجباً و رسالة الهية في خدمة المجتمع، يختلف ايضاً عن المعلم الذي يريد تعليم ما لديه من بضاعة على أي وجهٍ كان و يقضيٍ عدة ساعات مع التلاميذ ليتقاضى في مقابلها راتباً شهرياً.

والمعلم الذي يكون اكبر همّه و غمّه هو تعبية أذهان الاطفال بالعلوم و المعارف، يتفاوت عن المعلم الذي يحاول جهد الامكان تحفيز القوة المفكرة - في تجزئة و تحليل الامور - و تقوية القوة العاقلة لدى الأطفال.

ص: 8


1- نهج البلاغه، الکلمات القصار 193.

و هكذا يختلف المعلم الذي يحاول ايقاض قوة الإبداع و الابتكار لدى التلميذ في العلم و المعرفة بالصبر و التحمّل، عن المعلم الذي لا يهمّه كل ذلك.

فالمعلم الحقيقي هو الذي لا يشعر بأن التلميذ عبداً مطيعاً لما يقول و ما يأمر، و لا يعامله معاملة المحكوم عليه، و الذي لا يخاف من تكامل قدرة اظهار نظره في الأمور، و هو الذي يعطي للتلميذ الحرية و يراعي حدودها، و الذي يعتمد - بدلاً عن تعبية اذهان الاطفال بالعلوم و المعارف الصرفة - على قوة الفهم

عن طريق الاستدلال و تقوية قدرة التفكير في تجزئة و تحليل الأمور، و على قدرة الابداع لدى التلاميذ، انه يحاول أن يعاملهم - بدلاً عن معاقبتهم و التأمر عليهم معاملة طيبة، بوجهٍ طلق، و صدرٍ رحب، و يرشدهم نحو السبيل الصحيح، و يحاول عن طريق طرح أسئلة صحيحة ليجبر الطفل على التفكير و التأمل، و لا يهدد الطفل بسلاح خصم الدرجات أو يطمعه بذلك، بل يجعل اعطاء الدرجات وسيلة للترغيب من اجل بذل جهد أكثر في التكامل و الرقي.

انه لا يملّ من ابراز نظر التلاميذ و أسئلتهم الدقيقة، و لا يغضب من تذكيره ببعض التناقض بين قوله و فعله، و لا يحاول التربّص لهم و الانتقام منهم.

و خلاصة القول، فالمعلم الحقيقي هو الذي يعلّم التلاميذ – بقوله و فعله - كيف يفكرون، و كيف يختارون، و أخيراً كيف يعيشون، و أمثال هؤلاء المعلمين يختلفون عن غيرهم من المعلمين، الذين يحاولون النفوذ الى نفوس التلاميذ عن طريق الأوامر و قول الزور و الضغط، لإعتقادتهم ان الحرية بالنسبة للأطفال تساوي الصلافة، و الاسئلة المفرطة تؤذيهم، لجهلهم بأن في وادي العلم و الايمان، العشق و الحب، الحلم و الصبر، الحرية و الرقيّة، أثراً أكثر، و فرَجاً.

فانه كما لا يمكن جعل الورد المغلق على نفسه ورداً متفتحاً و زاهراً

ص: 9

بالقوة، كذلك تعدّ القوة في التربية و التعليم عاملاً فاشلاً للغاية، لان في قلوب الناس غايات و استعدادات دفينة، و المعلم الحقيقي هو الذي يتمكن من الدخول الى تلك القلوب عن طريق تلك الأغراض و الميول(1)، و يحاول تربیتها و تهذيبها.

فالمعلم الناجح هو المعلم الذي يعلم في اي الموارد يستعمل الترغیب، و في اي الموارد يستعمل الوصايا والتخويف، ليعدّ بذلك أسباب تكامل التلميذ، ويقف أمام عدم اهتمام التلميذ في كسب العلم و المعرفة، و بالنسبة للدرس و المدرسة، و عند ذلك يملأه الشعور بأنه عثر على ضالته، و قد جرى في قلبه ينبوع الشوق و الأمل من اجل كسب العلم والمعرفة، و هذا الشعور سوف يساعده و يشوّقه في رقي الدرجات العلمية العالية في دراسته، و لذا لا بد أن يكون الآباء على حذرٍ بأنهم عند من يودعون ریاحینهم و أبناءهم؟ و عند أي شخصٍ يودعوا هذه الفِطَر السليمة، و ثمار العمر؟

أن الشكر و التقدير للمعلم لا يتيسر إلّا بعد التعرف على شخصيته و مقامه الرفيع، و بعد المعرفة لذلك المقام الشامخ يتعين على الآباء و المتولين أن يحتفلوا بيوم المعلم، فإن التقدير و الشكر يمتنعان عند الجهل بمقامه و منزلته، اذ أن الآباء و اولياء امور الاطفال يتمكنون بعد التعرف على دور المعلم في المجتمع، و معرفة واجبه الحساس و المؤثر في تكامل و تربية الأطفال، أن يشكروا للمعلم ذلك.

فلو أن الآباء أعدّوا الأرضية لتكامل هذه القيم، و كانت لهم يد العون و الإنسجام

ص: 10


1- قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ان للقلوب شهوة و اقباط و ادبار، فأتوها من قبل شهوتها و اقبالها، فإن القلب اذا أكره عمی» نهج البلاغة: الكلمات القصار 193. وعن الامام العسكري (عليه السلام) انه قال: «اذا نشطت القلوب فأودعوها، واذا نفرت فوڈعوها» البحار: ج 78 ص 377.

مع المدرسة و المعلم، من اجل القيام بهذه المسؤولية و تأدية هذه الرسالة الكبرى تجاه طاقات البشرية العظمى، سيكون لهم عند ذلك دوراً بارزاً، وحينئذٍ يمكن أن يقال: أنهم بذلك قد خطوا خطوة اُولى صغيرة نحو الشكر و الاجلال لمقام المعلم الرفيع.

ص: 11

ص: 12

آثار التوحيد في أخلاق و سلوك الانسان

«هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ»

أن أمر التربية و التعليم، التزكية و التعليم، في الثقافة الاسلامية جزءان لا ینفکّان، حيث يشكلا بمجموعهما الهدف الذي من أجله بعث الأنبياء عليهم السلام، فإن الهدف الذي قام الأنبياء في الواقع من اجله ليس الّا تربية و تعليم البشرية.

فقد أكّد النبي العظيم صلوات الله عليه و آله على أصل التوحيد و الوحدانية، باعتباره المحور في تربية و تعليم البشرية، و هو الذي أكّد عليه كثيراً الى أواخر عمره الشريف قولاً و عملاً، حيث قال: «قولوا لا اله إلا الله تفلحوا».

فإن فلاح و نجاة البشرية منوط بالاعتقاد و الالتزام العملي بأصل التوحيد(1).

و قد أكّد القرآن الكريم على ذلك كثيراً، فقد ورد ذكره في أكثر من ستين آية، و في عبارات مختلفة كقوله تعالى:

«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» و «لَا إِلَهَ إِلَّا هو» و «لَا إِلَهَ إِلَّا أنت» و «لَا إِلَهَ إِلَّا أنا»

ص: 13


1- قال أمیر المومنین علیه السلام: «أول عبادة الله معرفته، و أصل معرفته توحیده...» تحف العقول: ص49.

و «ِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ» و غير ذلك.

فإن لقمان عليه السلام قد جعل التوحيد أول وصاياه لولده لما كان في مقام تربية و تعليم ابنه، فقال:

«يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ»(1).

و كان اول ما نطق به الامام الرضا عليه السلام - عند دخوله مدينة نیسابور، عندما استقبله ذلك الحشد الهائل في جوٍ كانت الانظار كلها نحوه، و الناس مشتاقون لسماع حديث السلسلة الذهبية - هو انه قال: «عن ابي عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن جدي رسول الله صلّى الله علیه و آله عن جبرئیل علیه السلام عن الله تعالى أنه قال:

«كلمة لا إله إلّا الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي».

و التوحيد هو اول أصل اشار اليه كافة الأنبياء(2)، خصوصاً نبينا الكريم صلوات الله عليهم أجمعين، الذين هم معلّموا البشرية على طول التأريخ، و على اساس هذا الأصل أوجدوا هذا التحول و التغير في النظرة الكونية و التحول في السلوك الفردي للانسان، و كذلك التحول في كيفية حياة البشر في عصر الجاهلية(3).

ص: 14


1- لقمان: 31.
2- قال تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ»، الأنبياء: 25.
3- نسمع كلمة «لا اله إلّا الله» كثيرة في احوال شتی، من قبيل: تشييع الجنائز، او في حالات الغضب، و قد صارت هذه الكلمة الى حدٍّ ما عاديّة - من الناحية النفسية - نتيجة تكرارها، الى درجة لا يُلتفت الى معناها و مفهومها بشكل دقيق، و لا يُعرف دورها المؤثر في الحياة، و ليس التوحید صرف بحث عقلي، بل هو اساس السلوك و الارادة، و ملاك القيم الخلقية، و يمكن مشاهدة آثار دوره حتى في السرّ، و في كيفية السلوك، و في النظر و الشعور، و في العلاقات الفردية و الاجتماعية، و ليس التوحيد مطروح على بساط البحث بين المتكلمين و الفلاسفة فقط، ليكون بحثاً صرفاً، بل يمكن ملاحظة حاکمية التوحيد أو الشرك ببساطة و في أول نظرة في اللقاء بين شخصين، و في كيفية تحابهما، و في كيفية المشي في الازقة و الطرقات، و في مجلس البحث بين جماعة، و حتى في معاملة الاطفال و العائلة، بل و في الجلوس على مائدة الطعام و على هذا الأساس، كلما لم يكن للتوحيد في مكان ما حضوراً، كان للشرك في مراتبه من دون شك حضوراً، لكونهما نقیضان لا يجتمعان و لا يرتفعان.

فالاعتقاد بوحدانية الله تعالى - الذي بيده ملكوت السموات و الارض، حيث لا مؤثر و لا قادر و لا قوي في الوجود سواه - أول أصل تربوي، و هو اللبنة الأساسية في النظرة الكونية، و في نظام التربية و التعليم الاسلامي.

والايمان و الاعتقاد بهذا الأصل يكون سبباً في تعديل السلوك، و اصلاح الاخلاق، و تزكية النفس، و في تطور و تکامل و نجاة الانسان، فإن هذا الأصل هو الذي اظهر مثل سلمان في اليقين، و ابوذر في الشجاعة، و بلال في الاستقامة و خديجة في الانفاق و الإثرة.

ان منشأ جميع المشاكل و الهموم و الحسرات، و الرذائل الخلقية، و الانحرافات في سلوك و اخلاق الناس - من زاوية نظرة الاسلام للتربية و التعليم - يرجع الى فقدان الايمان، و الاعتقاد الواقعي بالتوحيد و وحدانية الله تعالی، لان الاعتقاد و الايمان بتلك الحقيقة، يكون حصناً منيعاً في وجه جميع تلك المشاكل و ذلك السلوك، وردود الفعل الفردي و الاجتماعي للبشر، فيصونهم عن الزلل و الخطأ و الانحراف بمختلف أنواعه.

ان الذين يعتقدون ان لا مؤثر في الوجود إلّا الله و على الله يتوكلون - و أنه لا قاضي للحاجات سواه، و لا كافي للمهمات إلّا هو، و لا مغيّر لعواقبهم غيره -،لم يكن لجميع الخصال الرديئة والرذائل الخلقية «التي هي من قبيل: الخوف

ص: 15

و الطمع، الحرص والاذي، الحسد و الكبر، العجب والغرور، الكذب والظلم و العدوان، اليأس والقنوط» الى نفوسهم من سبيل، لأن مآل جميع تلك الرذائل الخلقية الى عدم الاعتقاد والايمان الحق بالله و وحدانيته.

فإن هذا الايمان و ذلك الاعتقاد و الالتزام العملي بهذه الحقيقة - و هي أن الله تعالی خالق عالم الإمكان، و منشأ جميع الموجودات الذي لا مؤثر في الوجود سواه و مقالید عواقب الأمور بيده، فهو الحاضر في كل مكان، الناظر و البصير بالأعمال - يُوجد تحولا في نظرتنا بالنسبة للعالم، و تغيّراً في نظرتنا للكون، التي تنعكس آثارها و شعاع نورها على أعمالنا، و سلوكنا، و أخلاقنا، و شخصياتنا.

فالاعتقاد بأن الله تعالى حي، قيوم، عالم، قادر، أزلي، دائم، أحد، صمد، رحیم، عادل، مدبر، حکیم، يعطينا نظرة خاصة حول العالم بأنه حي، قائم، ذو نظام، و انّ في خلقه غاية، و إحكام، و أخيراً سيكون لاعتقادنا و ايماننا بذلك، انعکاساً على سلوكنا وردود فعلنا تجاه الأمور، و على معاملتنا الفردية و الاجتماعية في المنزل والمجتمع، و في محل العمل، في مقابل الصغير و الكبير، فعن النبي صلّى الله عليه و آله و الامام الصادق عليه السلام، أن من قال: «لا اله إلّا الله مخلصاً فقد دخل الجنة» على أن يمنعه اخلاصه و اعتقاده ب«لا اله الّا الله، عما حرّمه الله تعالى عليه».

أن للنظرة التوحيدية من دون شك أثراً في اتخاذ الإجراءات، و اختيار القيم، و في العلاقات مع الآخرين، و شعاع هذه النظرة يظهر و ينعكس في ردود الفعل، و الاخلاق و الطباع التي يتخلق بها الإنسان في قبال الآخرين، و بالنسبة للمحيط الذي يعيش فيه.

ص: 16

و من آثار التوحيد و النظرة التوحيدية التربوية بمحتواها العميق، الإنفاق، الإثرة، حسن المعاملة مع الأبناء، حسن الخلق مع الناس، مساعدة الآخرين، ترك الحسد، عدم التكبّر، الغرور، الأنانية، و غيرها من رذائل الأخلاق، و السرّ في تأثير الاعتقاد بأصل التوحيد على السلوك، هو أن الإنسان يتمكن من جعل قلبه كعبة وبيتاً لله، هدفه في جميع أفعاله و حركاته و كدحه و نشاطه هو رضا الله تعالی، و طبيعي إذا أعطى الموحد لله أهمية لتلك القيم، سيكون في نظره کنز الذهب أمر هيّنا، لأنّه يعتقد أن المادّيات وسائل في إمرار المعاش لا اهداف، وهكذا المنصب و المقام يعتبرهما مسؤولية من أجل الخدمة، لا وسيلة للتفاخر و جمع المال و حب النفس، و ما تقدم بأجمعه هو من الآثار العملية للإعتقاد و الإيمان بالتوحيد و الوحدانية لله تعالی.

و ما يذكروه في كتب الاخلاق تحت عنوان الفضائل و الرذائل، مآله إلى أساس الاعتقاد لدى الإنسان، فإن لتلك الرذائل و الفضائل الخلقية في الواقع جذوراً تضرب في العقائد و النظرة الكونية و رؤية الانسان، فالإنسان الذي يرى الله في كل شيء، و أنه بصيراً بأعماله و سلوكه و هو بالمرصاد، سيكون عمله و سلوكه من دون تردید مطابقا لإرادة الله و رضاه، و سيتحرك باتجاه التكامل و الرقي، اذ لا يرئ سوى الله مؤثراً و فاعلاً في الوجود، و لا يعدّ لغير الله حساباً ، و لا يعمل لغيره، فما عداه تعالى صغيراً في عينه، فهو كما وصفه امير المؤمنين عليه السلام في قوله:

«عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم»(1).

إن آثار هكذا نظرة لدى الإنسان توجب إزاحة الخوف عنه، و تقوية

ص: 17


1- نهج البلاغة: من خطبته عليه السلام في وصف المتقين.

جذور البذل و الانفاق لديه، و صلابته في المصائب و الحوادث، فيبديِ في مواجهتها الصبر و التحمل، يحاول جاهداً في بذل همته و صرفها في القيام بما یُرضي الله عنه، و يحاول الاجتناب عن كل ما نهاه عنه، فإن في ظهور الخصال الرديئة في الإنسان دليل على ضعف اعتقاده بالتوحيد و ضعف ایمانه(1).

إن نيل الكمال الخلقي لا يتيسّر إلّا بعد معرفة الله تعالى و الإعتقاد به، و الإيمان بوحدانيّته و لا تحصل تلك المعرفة إلّا بالجد و التفكر في آيات الله و ظواهر الوجود، التي واحدة منها، اشرف مخلوقات العالم، و هو الانسان، و النفس الإنسانية، فإن معرفة النفس تكون سبباً في ادراك عظمة الوجود، و في نیل معرفة الله تعالى، فقد روي عن النبي صلّى الله علیه و آله انه قال:

«من عرف نفسه فقد عرف ربه»(2).

و قد أكد القرآن الكريم على ذلك كثيراً، كما في قوله تعالى:

ص: 18


1- سأل عنوان البصري الامام الصادق عليه السلام عن حقيقة العلم؟ فقال عليه السلام: «العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء، فإن أردت العلم فاطلب أولاً في نفسك حقيقة العبودية، و اطلب العلم باستعماله، و استفهم الله يفهمك، فقال البصري: يا ابا عبدالله، ما الحقيقة العبودية؟ قال: «ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله الله ملكاً، لأن العبيد لا يكون لهم ملك، يرون المال مال الله، يضعونه حيث أمرهم الله به، و لا يدبر العبد لنفسه تدبیراً، و جملة اشتغاله فيما أمره تعالی به و نهاه عنه، فاذا لم يرّ العبد لنفسه فيما خوّله الله تعالی ملكاً، هان عليه الانفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه، و اذا فوّض العبد تدبير نفسه إلى مدبّره هان علیه مصائب الدنيا، و إذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه، لا يتفرّغ منهما الى المراء و المباهاة مع الناس، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا، و ابليس، و الخلق، و لا يطلب الدنيا تكاثراً و تفاخراً، و لا يطلب ما عند الناس عزّاً و علّواً، و لا يدع أيامه باطلاً، فهذا أول درجة التقوى ...» بحار الانوار: ج 1 ص 224-226.
2- غرر الحكم: ج 7 ص 387.

«وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ»(1).

و التبصّر: بمعنى التأمل و التدبّر العميق في النفس.

و عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:

«افضل المعرفة معرفة الإنسان نفسه»(2).

و قال أيضاً:

«عجبت لمن يجهل نفسه كيف يعرف ربّه»(3).

و قال عليه السلام:

«من عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كل معرفة و علم»(4).

فإننا عن طريق معرفة النفس يمكننا تزكية و تهذيب أنفسنا، فإن جهلناها لم نعرف كيف و متى و أي سلوك ينبغي أن يكون لنا؟ و في أي وقت نصون أنفسنا بالتقوى؟ لنتجنّب المعاصي و الذنوب.

إن التحول و التغير في النظرة الكونية عند البشر، لا يتيسّر إلّا بالاعتقاد الواقعي و الالتزام العملي بالتوحيد، و تغيير السلوك بالتزكية و التقوى، قال تعالى:

«قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا»(5) و قال: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى»(6)

و من هنا كانت معرفة الله تعالى، و معرفة النفس و تزكيتها، من الاصول و الأسس التي أكّد عليها الأنبياء عليهم السلام في تعاليمهم، و يعدّا من الاصول في نظام التربية و التعليم الاسلامي.

ص: 19


1- الذاریات: 21.
2- غرر الحكم: ج7 ص378.
3- غرر الحكم: ج7 ص378.
4- غرر الحكم: ج 7 ص 378.
5- الشمس: 9.
6- الأعلی: 14.

و علينا نحن المعلمون، الذين اُنيطت بنا مسؤولية بناء الجيل الجديد من الاطفال و الأشبال، أن نسعى في معرفة أنفسنا، و نحاول تربيتها و تزكيتها.

آن معرفة نفوس و طبائع الاطفال أشكل و أصعب بكثير من معرفتنا لنفوسنا نحن، فإنّنا نتمكن بسهولة من بیان و اظهار شعورنا و أحاسيسنا تجاه الأمور، ولكن الطفل لا يتمكن بتلك السهولة من بيان رغباته و طموحاته النفسية و عواطفه المعقّدة، و لعلّه قد يتمكن عن طريق سلوکه وردود فعله بيان ذلك، ولكن بیاناً مبهماً و معقداً، بحيث لا يُدرَك ما يريد إلّا بعد التعرّف على اصول علم النفس و الوقوف على مباني التعليم و التربية الاسلامية.

الهيكل العام لشخصيّة الأطفال

لو أوكلتم هندسة و بناء منزلكم لإنسان _لا تعلمون خبرته بذلك_، و بعد مدة من الزمان علمتم أنه لا خبرة له بالبناء و الهندسة، لانه كان يلاحظ الأبنية الاخرى فقط و يبني على ضوئها، و قد كلّفكم ذلك أموالا طائلة، فما كنتم صانعين؟ في الوقت الذي بذلتم مالاً كثيراً و كان ذلك قابلاً للتعويض طول الحياة و لم يكن مستحيلاً، مع العلم أن جميع ما في بناء المنزل هو من الأمور المحسوسة لدينا و نعرفها من قبيل: الجص، و اللبن، و الاسمنت، الخ، و لم يكن فيها أمراً مجرداً و غير محسوس، فانه مع ذلك يحتاج مثل هذا العمل الى معرفة بكيفية الهندسة، و الی تفکیر و تنظیم برنامج للبناء، و الی تجربة عملية، و استمرار في العمل، ليتمكن من الانتهاء من ذلك على افضل ما يكون و أحسن ما يراد.

و لكن الكثير منّا يغفل عن بناء الشخصية و إحكام أساس التربية لأبناءنا،

ص: 20

بحيث نعمل من دون أدنى إحساس بالمسؤولية، أو صرف وقت في وضع برنامج، او التفكير بذلك و لو للحظة واحدة.

اننا ما لم نتعرف على شخصية أطفالنا، و من دون أن نأخذ بنظر الاعتبار الشروط الضرورية في التربية، و من دون التعرف على اصول و اُسس التربية و التعليم الاسلامي(1)، سيتبع كل خطوة من الخطوات في الحياة عواقباً و خيمة و خسائر لا يمكن التعويض عنها بشيء، و سنصاب بالحسرة و الندامة حيث لاينفع الندم.

أن العيش كيفما اتفق، و السلوك كيفما اتفق مع العائلة، و عدم تلبية رغبات الأطفال، و عدم اخذ العمر و مدى تحملهم بنظر الاعتبار، و عدم الالتزام بالقيم الرفيعة للتربية و التعليم، كل ذلك يسبب اضراراً كبرى لا يمكن تعويضها بسهولة.

قال تعالى: «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا»(2).

موضوع التربية و التعليم

ان موضوع التربية و التعليم هو «الإنسان»، الذي يمتاز بتعقید نفسي، و لطافة عاطفية، و ظرافة عقلية، و دقّة في الشعور خاصة.

ص: 21


1- قال أمير المؤمنین علیه السلام لكميل بن زیاد: «یا کمیل ما من حركة إلّا و أنت محتاج فيها الى معرفة». و عن الامام الباقر عليه السلام: «لا يقبل عمل إلّا بمعرفة» تحف العقول: ص 215 و ص 171.
2- الكهف: 104.

ان عدم معرفة مناهج و اصول التربية و التعليم العلميين، يؤدي بالإنسان الى مواجهة المصاعب و التشنجات النفسية، و مما يؤسف له أن التربية الابناء و الأطفال في المحيط العائلي معلولة و تابعة لأخلاق و طبائع الوالدين التي اعتادوا عليها، و لعدم معرفتهم لأهم مسائل التربية الأساسية، مما يؤدي ذلك بأغلب الاطفال الى عدم التزامهم الفردي و الاجتماعي، بحيث يكونوا غرباء على الآداب و الأخلاق الإسلامية، و يكونوا فاقدين للثقة بالنفس، و الشجاعة، و العزم و الإرادة.

ان أهم ما القي على عواقتنا من مسؤوليات هو ضرورة توجهنا و اهتمامنا بتهذيب انفسنا، و الإحساس بتلك المسؤولية في تربية النفس و الأهل في المنزل، قال تعالى:

«يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم ناراً وقودها الناس و الحجارة ...»(1).

و للأسف فقد غُفل عن هذا الأمر، و صار التوجه نحو زرق و برق الدنيا، و نحو الآمال الطويلة العريضة، حيث صرفنا ذلك عن طريقة الحياة الصحيحة، و أنسانا مسؤوليتنا الأساسية، حتى صرنا لانراعي الآداب و الأخلاق الإسلامية في معاملتنا للآخرين، فلا نعلم متى؟ وين؟ و في أي وقت يجب علينا رعايتها و الالتزام بها؟ فلا نفكر في عواقب سلوكنا مع افراد عوائلنا و مع المجتمع، و لانحاسب أنفسنا او نراقبها في أفعالها، فصار كل همنا الاهتمام بالظواهر، و المنافع، و تحصيل الجاه و المقام الأفضل، فأغفلتنا الآمال الطويلة العريضة عن الضرر و الخسارة الواقعية و انقضاء أعمارنا، فصرنا في حصار العادات و الأهواء

ص: 22


1- التحریم: 6.

النفسية ... «و حبسني عن نفعي بُعد أملي»(1)، نعدّ ما هو ضروري و لازم من الامور الثانوية، فصار صرف الوقت مع الأطفال في تربيتهم _في نظرنا_ من الامور التي تحتاج الى وقت اضافي، و منوطة بمن لا شغل له، فلا نرى من شأننا التزّل عند رغبات الاطفال و قضاء الوقت معهم، فإن هناك اعمالاً هامة اخری تنتظرنا، و علينا أن نكِل امر الأطفال الى اُمهم حتى يكبروا، و من ثم ينبغي اتخاذ القرارات الحازمة بشأنهم، و في مثل هذا الجو لا يمكن للطفل أن يتكامل، هذا مضافاً الى القدرة التي يمتلكها التلفزيون في بث برامجه و نفوذه، حيث يقطع ذلك العلاقة بين الأبناء و الاب او الام، فترى كل واحد من افراد العائلة يسعى ليلاً و نهاراً من اجل القيام بما يريد، و كل واحد يدور في رحاه من أجل أن يحقق ما يرغب في تحقيقه، قال تعالى:

«وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ».

ان على عاتق المعلمين مسؤولية كبرى بالنسبة لمن يهمهم أمر تعليمهم و تربيتهم فعليهم الاحساس بأهمية تلك المسؤولية، ليحاولوا جادّين في التعرف عليها وادائها على أحسن وجه، فإن في عدم معرفة ذلك تكون كل خطوة يخطوها في بناء شخصية الاطفال و قيادتهم، ذنباً لا يغتفر، و ثلمة لا يسدها شيء. و من المسؤوليات الملقاة على عواتق المعلمين هو معرفتهم للإطفال و ادراكهم لسلوكهم و حالاتهم النفسية، و ايضاً عليهم ان يوجدوا جسراً لعلاقاتهم المتبادلة، ليكون في سلوكهم جاذبية أكثر.

و هناك أمر آخر ينبغي الالتفات إليه، و هو أن عليهم أن يبذلوا غاية الصبر و التحمل في معاملة الأطفال، و عليهم بضبط النفس، فإن التجربة أثبتت أن الذين

ص: 23


1- دعاء كميل بن زیاد (ره).

-خصوصاً الأبوين- يبذلوا في معاملتهم لأبناءهم صبراً و تحملاً اکثر، يكون لهم نفوذاً اكثر في نفوس أبناءهم، و يكون لأبناءهم توجهاً خاصة بالنسبة اليهم، و أما الذين يكونوا قليلي الصبر و التحمل، فهم لا يتمكنون من ایجاد علاقات قوية مع أبناءهم.

ان على الوالدين أن لا يترقبوا من أطفالهم القيام بالأعمال من دون اي نقص فيها أو عيب، بل ينبغي عليهم أن يحذروا من الانتقاد و الاعتراض على أعمالهم دائماً، و في حالة الضرورة عليهم أن يشجعوا الطفل، و يقدّروا عمله، و يرغبّوه في القيام بالأعمال الصالحة، و يؤكدوا على نقاط القوة و الايجابية لديه، و يهدوه و يرشدوه نحو طريق الخير و الصلاح.

الأسس الأخلاقية في شخصية الطفل

ان القالب الوجودي للإنسان، و أساس الخصائص الأخلاقية لديه انما يكون في بداية مرحلة الطفولة، و في السنوات الأولى من عمره خاصة، حيث توجد لديه علاقة و حب شديد للتعلم، فيكون قابلاً للإنعطاف بشدة في مقابل آثار سلوك و افعال والديه و من يحيط به، خصوصاً في مرحلة الصبا و قبل دخوله الى المدرسة، و لذا تشكل جميع تلك العادات و المعارف وردود الفعل، الخصائص الأخلاقية لديه في هذه المرحلة، و تكون تلك الخصائص ذات جذور قوية و متأصلة في نفسه، بحيث تأسس الهيكل العام لشخصيته، و على ضوئها تتكون شخصيته و تتكامل. فإن آخر ما أثبتته تحقیقات علماء السلوك و النفس، هو أن أكثر الشذوذ في سلوك الكبار يكون معلولاً لعدم التربية

ص: 24

الصحيحة، و عدم السلوك المستقيم في المراحل الأولى من التكامل في الحياة.

و في الحقيقة، إنّ اساس و قاعدة تكوين الشخصية للانسان، انما يكون في السنوات السبع الأولى من العمر، و هي السنوات التي يكون فيها الطفل بجانب والديه غالباً، فإن هذه المرحلة من اهم مراحل حياة الانسان، حيث عبّر عنها النبي صلوات الله عليه و آله بقوله:

«الولد سیّد سبع سنين، و عبد سبع سنين، و وزير سبع سنين»(1).

فهذه المرحلة _مرحلة السيادة_ ليست فقط مقدمة لتكامل الانسان، بل هي مرحلة لا نظير لها و حساسة للغاية، حيث يتعين على ضوئها الى حدودٍ ما مصير طفل اليوم في المستقبل، و انه كيف سيكون، و في أحضان من يترعرع؟ و من هي مرضعته؟ و من أي مال يتغذی؟ و في أي محيط يعيش؟ و مع أي اُناس كان معاشراً؟ و ما مدى تأثير سلوكهم، و مخلّفاته على نفسه و فكره و عقله؟

فلو ترعرع الطفل في مرحلة طفولته _قبل دخوله الى المدرسة_ في بيت طاهر يملأه الحب و الرحمة و الايمان بالله، بحيث يتربى عملياً على مناهج و أصول التربية الاسلامية، ستتكامل القوة العقلية و الفكرية لديه _بالنسبة لظواهر العالم الطبيعية، و بالنسبة لمبدأ وجودها و خالقها، و بالنسبة لمستوى ادراکه لواقعيات الحياة_ تکاملاً في غاية الجودة و الروعة، و على العكس من ذلك، لو كان قد تربى في محيط لم يكن له نصيب فيه لواحدة مما ذكرنا، و قضى تلك المرحلة الحساسة و الهامة على ما وصفنا الحال، سيواجه في السنين المتقدمة من العمر مشاكل يصعب التعويض عنها في بعض الأحيان بل قد يستحيل، ففي مواعظ أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسن عليه السلام، أنه قال:

ص: 25


1- مکارم الاخلاق: ص 227.

«انما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما القي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك و يشتغل لبّك»(1).

و مرحلة الصبا من المراحل التي لو لم يخضع فيها الطفل الى المراقبة و التعليم الإسلامي الصحيح _الذي منشأه الإيمان و الاعتقاد بالله تعالى_ و لم يتعلم ما يربّي عواطفه و مشاعره، من قبيل: حس التعاون الاجتماعي، الفرح، إظهار الرحمة و الحب للآخرين، العلاقات الاجتماعية و ...، سيكون إنساناً أنانياً، فاقداً للعاطفة، و عارٍ عن اي نوع من الرأفة و الحب، بحيث يتبدل لديه و بالتبع حس الشكر و التقدير لوالديه و لجميع افراد عائلته و المجتمع.

فإن مواجهة الواقع بالصبر و الاستقامة _اللذان هما من خصائص الفرد المؤمن _لا يتيسّر إلّا بالإستلهام من تعاليم الدين الاسلامي العظيم، و الأخذ بالوصايا الأخلاقية، و منهج الأئمة المعصومين عليهم السلام في حياتهم، و بالاستعانة بالأدعية و السنن و الآداب الإسلامية، من أجل تهذیب و تزكية النفس.

ان الطفل الذي أودعه الله تعالى بأيدينا من اجل تربيته و هدايته، رسالة تربوية خطيرة، فلا ينبغي لنا إبعاده عن الحضور في المواقف الخطرة و مشاكل الحياة، بل لا بد من أن نعرفه على الوقائع العينية للحياة تدريجياً ببذل نهاية الرأفة و العطف.

و لا ينبغي أيضاً أن يكون أكبر همّنا هو جلب و ضمان وسائل رفاه الطفل و راحته و الاهتمام بالأمور المادية، بل لا بد من أن نلفت نظره ايضاً الى الامور الروحية و الاهتمام بتربية الروح و النفس و تعريفه على القيم و المبادىء

ص: 26


1- نهج البلاغة: الحكمة 31.

الاخلاقية في الاسلام، بحيث لا يكون عندما يشب و يكبر لا يهمّه شيء سوى رغباته و ميوله، بل لا بد من ان يتعرف بالتدريج على الأحداث عن طريق العلاقات الاجتماعية، ليهمّه في المستقبل ما يصيب الآخرين و يؤلمهم، و يشاركهم في ذلك، و يفكر في طريق نجاتهم، و أنه ماذا ينبغي عليه أن يفعل،

ليكون مصداقاً لقول النبي صلّى الله عليه و آله في قوله:

«من أصبح و لم يهتم بامور المسلمين فليس بمسلم».

فإن سنابل الشعور بضرورة مساعدة الآخرين تبدأ بالنمو في هذه المرحلة، فالطفل الذي يعتاد الرأفة و الحب من اليوم، سيكون إنساناً مُؤثِّراً و فدائياً في الغد.

إن مشاعر و عواطف الطفل في مرحلة الطفولة تكون رقيقة و حساسة جداً، و في هذه المرحلة سيكون موقفه معلوماً تجاه العلاقات الاجتماعية، و ما هو مستوى ادراكه للمسؤولية و ما مدى تقييمه للقيم و المباديء، و هل سيكون ذو نظرة مادية في المستقبل أو يكون غير ذلك، و هل سيكون موالياً للمظلومين و معادياً للظالمين أو لا؟

و أخيراً، فإن جميع القيم و المبادىء _التي تكون تحت ظل القرب الالهي، و التي تكون خاضعة للتربية و التعليم في الثقافة الاسلامية و تتبلور على اساسها_ انما يكتسبها الإنسان في مرحلة الطفولة.

و لذلك لا بد أن تكون معاملة افراد العائلة للطفل معاملة دقيقة جداً، بحيث تساعد على تكامل و نمو الشعور بالقيم الأخلاقية و الاسلامية لديه، و من هنا لا بد أن تكون جميع الأحوال و شؤون الحياة _الرواح و المجيء، المجالس و التجمّعات، المأكل و المنام، و في جميع اللحظات التي يكون ابوي الطفل

ص: 27

و غيرهم معه - قائمة على اساس المبادىء و السنن و الآداب الاسلامية، فيبدأ باسم الله تعالى، و ذكره عند قيامه بالنشاطات و الاعمال، و يختمها بالحمد والثناء عليه تبارك وتعالى، و لا بد من ان يشعر الطفل بأن له شخصية،ولا بد من إعداده ليكون في مستوى قبول المسؤولية والاحساس بها، ليحترم الآخرين و يقدّر شخصياتهم، وتربيته بنحوٍ يكون سخي النفس في علاقاته بالآخرين ومساعداً لهم.

و لا بد أن يشعر الطفل انه واحد من افراد العائلة التي يعيش فيها، لكي يشارك في المسؤوليات والاعمال اليومية على قدر طاقته.

و من المسؤوليات الملقاة على عاتق المعلمين هو بيانهم للقيم والمبادىء و صياغتها بصورة القصص والأمثلة التاريخية من حياة العظماء والائمة المعصومين عليهم السلام، وبيانها بلسانٍ وبیانٍ جميلٍ وبسيط، بحيث يتعرف الطفل من خلالها على الطهارة والنزاهة، الصدق، الكرم، الايثار، والعفو والصفح .والنجاح في القيام بهذا الامر الهام يتوقف على كون الوالدين وافراد العائلة والمعلمين، من الذين لهم خبرة بالقيم الاصيلة من الاخلاق والآداب والسنن الاسلامية، ومن هنا يكون التزام الطفل الصحيح، والانسجام بين البيت والمدرسة من الضروریات، على طول المرحلة الدراسية، وفي حين التربية والتعليم.

ومما يؤسف له ان بعض الآباء والمعلمين عاجزين عنالادراك لمفهوم الالتزام الحقيقي، و عن كونه مؤثراً في تكامل الطفل ونموّه، ولذلك فهم لا يعلمون كيف يوفّقوا بين الموقف الذي يحتاج الى جدية وحزم، والموقف الذي يحتاج الى عطف و رأفة، و بين الإلتزام والليونة، في الوقت الذي لا يسوغ فيه

ص: 28

عدم الاهتمام بالنظم والالتزام والأدب في التربيةوالتعليم، اذ أن عدم ذلك بمنزلة ترك التربية، و في ذلك تلف للوقت ولأعمار الاطفال، فانه روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: «لا میراث کالأدب» و الاهتمام برعاية الالتزام في التربية و التعليم ليس بمعنی تحديد الطفل أو جعله تحت الضغوط، بل هو سلوك معقول يتناسب مع عمر الطفل، بنحوٍ يتبلور سلوکه تبلوراً معقولاً، فيجيب بحسب طاقاته في الزمان والمكان المناسبين عن جميع التساؤلات جواباً مناسباً، ويتعلم في المستقبل كيف يكون واثقاً بنفسه في أعماله. و بمستوی الالتزام يجب ان يُحترم الطفل احتراماً خاصاً، فإن اساس العلاقات بين المعلم والطفل هو الاحترام المتبادل فيما بينهما، ليكون الطفل سلماً أمام الأوامر والنواهي، فإن ذلك يمنع من عنجهيّته وعرامته.

ان رغبات الأبوين المعقولة والدائمة والحازمة في الوقت نفسه، تساعد الطفل على العمل بالمناهج المناسبة في تعديل سلوكه.

الاهتمام بجمیع الجوانب ببشخصیة

ان الغرض من التربية والتعليم في الاسلام، هو الشمول لجميع خصوصیات و حالات الانسان، والهدف منهما التغطية لجميع جوانب شخصيته، وليس الهدف من ذلك شمول بعض جوانب الشخصية دون الجوانب الاخرى، ومن ثم كانت لشخصية الإنسان المؤمن في الاسلام ابعاداً و جوانب شتى، و عليه ان يبرز طاقاته ويفجّرها في كل مجال، ولذا لا بد من الإنسجام في شخصيته بين قوله وفعله .

ص: 29

وانما تعطي التربية الصحيحة ثمارها، اذا كان للطفل احاطة بمحتوى التربية والتعليم الاسلاميين، التي تنسجم جميع الاوامر والاحكام والآداب فيها لمختلف المجالات فيما بينها، و بذلك تكون التربية ناجحة، لان الاهتمام ببعض جوانب التربية والتعليم في الاسلام، واهمال الجوانب الاخرى، يسبب الانحراف الخلقي في الشخصية.

وقد شهد التاريخ بروز شخصیات تمتاز ببعض الجوانب الخلقية، حيث كان لكل واحدة من تلك الشخصيات آراءاً و معتقدات ناقصة ادت بالمجتمع الى الانحراف والامر الآخر الذي يكون فيه نجاح المناهج التي يتبعها المعلمون في التربية مضموناً، هو التوافق والانسجام بين زمان التربية والمناهج المتبعة في التربية، ففي اي وقت يجب اتباع هذا المنهج أو ذاك في تربية الطفل مثلاً؟ و مما ينبغي الالتفات اليه، هو أن امر التربية لا ينحصر تأثيره في ظل ظروف معينة او زمان خاص، ما دام الطفل دائماً هو في حال تأثرٍ و انفعال، فلا بد من اغتنام الفرص المناسبة الاخرى في التربية، اذ لا تقل التربية - في الأثر - التي تعرض باغتنام الفرص، عن التربية التي لا تكون إلّا في ظل ظروف وأحوال معينة.

وهناك جملة من الامور الاُخرى الهامة التي لها أثر غير مباشر على تبلور الشخصية، وهي كالتالي :

1- كيفية العلاقات والانسجام بين الاب والام.

2- معاشرة و مرافقة الزملاء، الجار، والارحام.

3- النماذج من الشخصيات التي للطفل اتصال دائم بها.

4- ما هي نوعية الاخطار الناتجة عن المبادىء والقيم لبعض الناس؟

5 - ما هي الحوادث والامور التي تعرض للطفل في حياته، وكيف

ص: 30

يتعامل معها؟

6-ما هي المبادىء التي يصوّر الابوين أو الآخرين، اهميّتها للطفل؟

7-كيف يقضي اوقات فراغه؟

قبل الدخول الى الابتدائية

لا بد أن يكون الاطفال قبل دخولهم الى المدرسة الابتدائية، على تأهب و استعداد من الناحية التربوية، فإن نجاحهم في المراحل اللاحقة على الابتدائية منوط بالتأثر و العمل على ضوء تلك التربية، و بكيفية الشعور والمعرفة الحسية للطبيعة، اذ كلما كانت دائرة مدرکاتهم الحسية واسعة، كانت ارضية الادراك و المعرفة لديهم في المراحل اللاحقة على السبع من عمرهم أكثر عطاءً، هذا وعلى المعلمين من جهة اخرى أن لا يغفلوا عن أن تربية وتعليم الاطفال لا ينبغي ان تكون بمعزل عن الامور العاطفية والمشاعر لديهم، وان لا تكون بعيدة عن ميدان الاخلاق في مختلف المجالات، من قبيل: الصبر، الشعور، والحركة والنشاط، الذي اكتسبوه في الماضي.

آثار الامور العاطفية على التعليم

يخضع التعلم والادراك عند الطفل في اغلب الاوقات للامور العاطفية، بحيث يكون للطفل بزوالها الشعور بعدم الرغبة بالدراسة - بسبب معاملة أبويه او معلميه الخاطئة - وتزيل عنه تمرکز ذهنه في مجلس الدرس، وقد يؤدي عدم

ص: 31

اهتمام الأبوين بذلك الى العديد من المشاكل التي يواجهها الطفل في التعليم؛ بحيث يزول بها عنه الحب والارادة للدراسة .

ان اهم الامور في تربية الاطفال الفكرية والعلمية التعليمية، هو إتكاء المسائل التعلمية على الامور العاطفية والتي تتحكم بمشاعر الاطفال، ولخصائص الاطفال النفسية ايضاً في هذه المرحلة أهمية كذلك.

وفي مثل هذه الظروف التي يواجه فيها الطفل - من حيث لا يشعر -اکتساب علوم جديدة بكل رغبة وشوق، والتي يحاول فيها الطفل جاهداً العثور على حقائق اكثر . و تكامل التربية الفكرية لدى الطفل مقترنة مع العلاقات العاطفية في مسير معنوي صحيح، بسبب سلوك الوالدين و المعلمين، وفي جهة العشق المبدأ العالم - الذي هو منشأ كل كمال - و تكون ثمرات البرامج التربوية للطفل ناجحة فيما اذا كانت زمام اموره بيد البرامج التربوية الصحيحة، القائمة على اساس السنن والآداب الاسلامية.

ان صرف التعليم للمواد الدراسية من دون اخذ عواطف و احاسيس الطفل، وبدون العثور على محور رغباته وحبه، و بدون وجود برنامج صحيح، بنظر الاعتبار، سيكون كل ذلك سبباً في كون معلومات الطفل سطحية، ويوجه ذلك ضربة روحية كبيرة للطفل عند حضوره في الدرس.

وعلى الوالدين من جهة اخرى هداية وارشاد الطفل في الجهة الصحيحة عند مواجهته لمختلف الوقائع والحوادث من اجل إدراكها إدراكاً صحيحاً، وبالنسبة لما يشاهده من تضاد بین المبادىء التي يشهدها في المنزل والمدرسة .

ص: 32

ومن شروط التربية الفكرية للأطفال، ارتقاء تربيتهم الفكرية، آثار سلوك الآباء اليومي، و تعلیم انواع العادات والتقاليد، وضع البرامج المرغوبة لديهم، و طريقة معاملتهم، التي لها ارتباط وثيق و مباشر بايمانهم ومعرفتهم لاصول واسس التربية والتعليم في الاسلام، حيث يتلخص كل ذلك بانتهاجهم العملي للسنن والاداب الاسلامية، فإن ذلك يعين كيفية المعاملة الصحيحة للاطفال، والآباء فقط يمكنهم عن هذا الطريق إعداد ابناءهم لمرحلة جديدة من التعليم، وذلك بسلوكهم للطرق الصحيحة والايجابية والبنّاءة.

ولا ينبغي ان يغفل الآباء عن ان الطفل و من اجل اعداده للدخول في الابتدائية، يحتاج الى عمل تربوي وبذل جهدٍ مستمر في السنوات السبع

الاولى، وفي ظل ذلك يتمكن ابناءهم من ادراك ووعي المقدمات، و ایجاد العلاقة مع المعلم وسائر التلاميذ بسهولة، بنحوٍ يتمكن الطفل دخول مرحلة جديدة من التعليم، لو كان له استعداد نفسي تام، وكان محبّاً لعمله، ووجدت فيه القدرة الفكرية والجسمية، اللتان يمکّناه من ایجاد الارتباط مع زملاءه في المدرسة.

وعلى هذا الاساس، فالاهداف التربوية المتوخاة من مرحلة الابتدائية عبارة عن: ایجاد ارضية كسب العادات والسنن الصحيحة، ایجاد نوع من العلاقات الوديّة بين الاطفال والكبار، الاهتمام برعاية اصول و قوانين الحياة، الرحمة، الاهتمام بشؤون الآخرين، التهيؤ لقبول المسؤولية الاجتماعية، الحب للمبادىء والقيم الانسانية، واحترام الكبار.

ص: 33

التطبع على التقاليد الصحيحة

من اجل ان يتطبّع الطفل على الآداب(1) و السلوك الاجتماعي في حياته، لا بد من ان يطوي المقدمات الضرورية لذلك، عن طريق الاهتمام بایجاد الجوانب والاغراض والعلاقات المستمرة مع رفقائه الممتازين، وذلك باللعب معهم، وبإعداد ارضية الإيمان بالله تعالى لديهم، الايثار، العفو، مساعدة الآخرين والتعاطف معهم.

ولمّا كانت مرحلة الطفولة اهم مرحلة في تبلور شخصية الطفل الخلقية، وان له فيها قدرة التأثر والانعطاف اكثر، لا بد للطفل من اغتنام الفرصة في التربية لهذه المرحلة، وذلك بالاتصال الدائم بالمؤمنين، ومن ثم يكون الطفل مقلداً لهم في اعماله و أفكاره و موازينه .

وهنا يعود دور الآباء والمعلمين الهام مرة اخرى، من حيث كونهم اُسوة في السلوك للاطفال، فيستلهم الطفل جميع العلوم، والفنون، والاخلاق منهم حين قيامه بالنشاطات بصورة غير مباشرة، لا عن طريق النصائح والارشادات المتوالية للوالدين والمعلمين، ولذا لا بد ان يكون تعليم جميع الاصول الخلقية

والتربوية بصورة غير مباشرة، و ذلك بالرأفة عليه والمحبة والتر غيب له عند القيام بالنشاطات والالعاب التربوية، لتتفجر بذلك طاقات الطفل ويتمكن من اكتساب الفنون والعادات المرغوبه.

ص: 34


1- لقوله عليه السلام: «دع ابنك سبع سنين، ويؤدب سبع سنين، وألزمه نفسك سبع سنين».

تأثير اللعب على نمو الطفل وتكامله

يغفل الكثير من الآباء وبعض المسؤولين في المجتمع عن أهمية وتأثير الالعاب على نفوس الاطفال، فتراهم يبخلون عليهم بشراء وتهيئة وسائل الالعاب الضرورية لهم، بل قد يعتبروا ذلك امراً عبثياً لا داعي له، في حال انه لو كان في اللعب هدفاً خفياً، فهو قد يتجاوز عن كونه لهواً و لعباً فيكون أمراً مقدساً، هذا مضافاً الى ان جماعة آخرين يحاولون اغتنام الوقت الذي يكون فيه الاطفال مشتغلين باللعب ليأمنوا شرهم ويكونوا في راحة، بعيداً عن صياح و تهريج الاطفال، غافلين عن وجود جوانب مضرة في اللعب ايضاً، في حال کون القيام بالنشاطات والالعاب من خواص هذه المرحلة الاخلاقية والنفسية والجسمية.

فلا ينبغي غفلة الأبوين عن الاطفال حتى في حال لعبهم، اذ قد يترصدهم الأراذل فيجرّو هم عن طريق اللعب الى الانحراف.

و من هنا نرى الطفل في بعض المدارس ومراكز التعليم التي تفقد الامكانات والألعاب للاطفال، عندما يحضر الدرس ليس له ذلك الاطمئنان الذي يتمکن به من جمع قواه الذهنية ليفهم الدرس، لانه لم يفرّغ طاقاته المتراكمة في وجوده عن طريق اللعب في دروس الرياضة، او في أوقات التنفس والراحة بصورة كافية، بالقيام بالنشاطات والحركات.

ولذا فإن مما يلزم على الآباء هو إعداد ما يحتاج اليه الاطفال من وسائل اللعب، و على المعلمين هدايتهم و ارشادهم، بحيث لا يشعر الاطفال انهم بلعبهم

ص: 35

يضعیّون الوقت من غير انتفاع وفائدة، بل يحاول المعلمون مساعدتهم في ذلك وتر غيبهم في اللعب، من خلال اللعب في الاوقات المناسبة، من اجل اتساع رقعة التعليم لديهم، والحفاظ على هدوءهم، واغتنام الفرص بكسب التجارب المفيدة، ونيل الاهداف السامية المتوخاة من التربية والتعليم.

وجملة القول هو، ان الآباء والمعلمون يستطيعون قيادة الطفل، وهدايته عند قيامه بالنشاطات في مختلف المجالات، العاطفية، والاخلاقية، والتعليمية، و حتى في علاقاته المشروعة مع زملائه، بل مع سائر افراد المجتمع فيما اذا كانوا مؤمنين، ولهم اعتقاد راسخ بالحق تعالى، وقد عرفوا أنفسهم وهذّبوها، وكانوا عارفين باُصول و مباني التربية والتعليم في الاسلام، و لهم معرفة كافية بكيفية التعامل مع نفس الطفل وتربية شخصيته، حينئذيتمكنون من الخطوة الى الامام، من اجل تحقيق الاهداف السامية للتربية والتعليم في الاسلام، وبناء شخصية الاطفال وأبناء هذا البلد الاسلامي، الذين هم رأس مال هذه البلاد العظيمة.

ص: 36

163

إرشاد تربوي

اشارة

ص: 37

وصايا هامة وضرورية حول تربية الاطفال والاشبال

1-ينبغي على المعلمين والآباء ان يكونوا عوناً للاطفال، وأن يواجهوهم بالصبر والتحمل وبالمعاملة الطيبة، بدلاً عن اسلوب الغضب والارعاب، و عليهم ان يزرعوا الثقة في نفوسهم، فإن شعورهم بالاطمئنان سبب في تفجّر الطاقات لديهم.

2-ينبغي أن تكون جميع النشاطات التربوية والتعليمية في المرحلة الابتدائية مقرونة وتوأماً مع الترغيب واللهو، فإن الالعاب بالنسبة الى الاطفال كما هي ضرورية لهم، فهي آلة وسبب في تربية جسم و نفس و تفكير وعواطف و مشاعر الطفل كذلك، و فن التربية يقتضي احتواء الألعاب على جوانب تربوية و تعليمية ايضاً.

3-ينبغي على الآباء والمعلمين أن لا يغفلوا عن تخصيص وقت للاجابة عن أسئلة الاطفال وتلبية رغباتهم، ومعاملتهم معاملة صحيحة، وعليهم ان يتخذوا موازین سليمة لإجراء آتهم تجاه سلوك او رغبات ابناءهم، فإن عدم المعرفة الصحيحة، وعدم النظرة التربوية الصائبة، وعدم الاهتمام بالآداب والسنن الاسلامية بالنسبة للاطفال، يكون سبباً في التحولات النفسية داخل الانسان، ومما يؤسف له جهل بعض الآباء بوظائفهم ومسؤوليتهم تجاه ابناءهم،

ص: 38

حيث يعاملوهم معاملة خشنة(1)، بل قد يستعمل الآباء والمعلمون اسلوب التحقير والتوبيخ والضرب، بدلاً عن تفجير ما لديهم من طاقات موهوبة.

إكراه الأطفال

4-نحاول اجتناب الأوامر أو النواهي المباشرة و تکرارها للطفل، بل -ينبغي ان نتركه ليقوم هو بنفسه بما نريد عن وعي و ارادة.

5-لا ينبغي اكراه الاطفال على القيام بأي فعل، خصوصاً لو كانوا مشغولين باللعب الذي يكون محبوباً لديهم، فأفضل وقت لنومهم مثلاً هو الوقت الذي يتعبون من العابهم ونشاطاتهم، وكذلك أفضل وقت لطلب شيء منهم هو الوقت الذي نرى فيهم الرغبة للقيام بذلك الفعل.

6-الخصال الحميدة للوالدين خصوصاً الاُم-کالسخاء والشجاعة و ...-تساعد على تبلور الشخصية للطفل و تعيّن المصير، وتحرر الأبوين - الذي من مصادیقه اعطاء الحرية للاطفال، والحديث معهم، والاهتمام بآرائهم، والتشاور معهم في اتخاذ الإجراءات العائلية - يساعد على تفجر الطاقات و إعداد ارضية الصلاح، والابداع، والتحرر الفكري، والقيادة في الاطفال.

7 - ارتباط الطفل وشدة حبه لاُمه وابيه يجرّاه الى التعاون معهما، واطاعة أوامرهما، فإن التجربة أثبتت أن الطفل المطيع هو الطفل الذي تتصف اُمه بالصفات التالية :

1- هي التي تهتم برغبات الطفل، وتبدي تجاهها تعاطفاً خاصاً.

ص: 39


1- قال أمير المؤمنین علیه السلام: « یا کمیل ما من حركة إلّا وأنت محتاج فيها الى معرفة» تحف العقول، ص 171.

2-هي التي تحتضن الطفل في ظل أي ظروف كان، وفي أي وقت.

3-هي التي تحاول التعاون مع طفلها و مداراته، والتي لا تفرض ارادتها عليه.

4-هي التي تحترم ولدها.

5-هي التي تكون محبّة وعاطفة على طفلها، وفي الوقت نفسه ذات ارادة و تصمیم و حزم.

6-هي التي لا تفرّق في سلوكها بين اطفالها، وتسير فيهم بسيرة العدل والانصاف.

7-حكاية القصص للطفل وقت رقوده للنوم أفضل وقت لذلك، ببیان قصص الماضين بلسانٍ بسيطٍ وبيانٍ سلسٍ يفهمه، فإن ذلك يؤثر في بناء شخصية الطفل.

8-ان قضية احتياج الطفل الى الرأفة به والتودد اليه، تحذرنا من التعامل مع الطفل معاملة خشنة وقاطعة، فإن ذلك يسبب الشذوذ في سلوكه الطبيعي، إذ أن التشدّدات غير الحكيمة، وطلب القيام بالواجبات الشاقة و تكرار الطلب فيها، توجد في الأطفال حالة دفاعية تلجأهم الى اللجاجة، والتي قد تسلب منهم الحرية والاختيار بحيث قد يتذرّعون بالكذب من اجل بلوغ مناهم.

9-لما كان الطفل واقعاً تحت تأثیر سلوك والديه، يحاول أن يقلدهما في سلوكهما وتقاليدهما، ويكتسب منهما الصفات الحميدة و الخلق الذميمة في آن واحد، فإن كذب احد الابوين على الآخر، سیجر بالطفل الى الكذب ايضاً.

10-موالاة ومعاشرة المتدينين وذووا الاخلاق يساعد على تكامل الخصال الخلقية لدى الأطفال، وحبهم لها.

ص: 40

11-لا يصح ان يتوخى الانسان من الاطفال الصمت الدائم والسكوت، من دون أن يسألوا عن شيء أو يطلبوا شيء منّا، بأن يجلسوا في زاوية ويشتغلوا بالمطالعة والدراسة، بل ينبغي لنا الاهتمام بتلبية رغباتهم النفسية، و طاقاتهم الباطنية في هذه المرحلة المليئة بالحركة والنشاط.

12-ان سلوك الابوين بمثابة البرقية بالنسبة للاطفال، البرقية التي تحمل في طياتها اموراً صحيحة وخاطئة، فلو حصل للمعلمين ادنى ترديد في تلبية رغباتهم، أو يقبلوا تارة سلوك الطفل الفلاني، ويردّوه تارة اخرى، حينئذٍ سيصاب الطفل بالحيرة، فيتخذ عندئذٍ طريقة خاصة من السلوك.

13-لا بد ان تكون الحرية التي تعطى للاطفال، سواء في البيت او المدرسة بدرجة يمكن معها المحافظة على التزامهم والسيطرة عليهم، ولذا يمكن ان تجرّب الحرية التي تكون مع الالتزام.

14-ينبغي ان يكون سلوك المعلمين واجراءاتهم التي يتخذوها قائمة على اساس منطقي، وان يكون لهم بعداً في النظر لعواقب ما یتخذوه من تصميمات وأوامر في حق الاطفال.

15-ينبغي ان يكون سلوك الابوين والمعلمين سلوكاً قيّماً وواعياً مبنياً على اساس الحرية، لا سلوكاً ارتجالياً فجائياً، على شكل رد فعل يسبب للاطفال فيما بعد وضعاً نفسياً معقداً ينعكس على سلوكهم.

16-على الأبوين والمعلمين ان يتأمّلوا قليلاً فيما يريدوا من الطفل:

1-ما هي الامور التي يتشكّل منها ذلك الإجراء؟

2-ما هو السلوك أو رد الفعل الذي يتناسب مع عمر الطفل؟

3-ما هو المنهج الذي يتناسب مع رغبة الطفل و حبه؟

ص: 41

تنبيهات تربوية خاصة بالمرحلة الابتدائية

17-لا بد أن يكون للاطفال وعیاً تاماً لما يريده منهم آبائهم و معلميهم من سلوك.

18-لا بد ان يعلم الاطفال سبب وضع المقررات الخاصة بهم و لماذا وضعت؟ وان يعلموا علة ضرورة قيامهم بهذا العمل دون ذاك، ليؤدّوها عن وعي، و لذا فلا بد من علمهم بكل ما يخصهم من مقررات و قوانين، و محاولة بیان سبب ذلك بياناً منطقياً من نظرة الطفل نفسه، ليتعرف الاطفال منذ البدء على السرّ في أي عمل يريدوا القيام به.

19-لا بد من إعطاء فرصة كافية للاطفال ليشاهدوا السلوك الصالح أولاً، و من ثم تكراره والتمرين عليه، وبعد التمرين على ذلك السلوك او تلك التقاليد الصحيحة، يكون المعلم موظفاً ببیان دلیل صحة ذلك السلوك أو تلك التقاليد.

20-لا بد ان يتعلم الاطفال السلوك الصحيح عملياً.

21-لا بد ان يعلم المعلمون والآباء معاً، أن الاعتياد على سلوك صحيح لا يمكن إلّا بممارسته والتمرّن عليه و تکراره، وبذلك يكون للتقاليد الصحيحة محل في وجود الاطفال.

22-المتابعة والاستمرار ضروريان من اجل التعوّد على التقاليد الصحيحة من جانب المدرسة والبيت بشكل منسجم و منظم.

23-لا يترجى من الطفل السلوك الصحيح في الوهلة الاولى، وانه يكون مطيعاً في كل شيء، بل لا بد من مضي زمان يكون فيه الامر مقبولاً ومدرَكاً لديه.

ص: 42

24-لا بد ان يكون السلوك المتوخّى منه، والاعمال التي يراد منه القيام بها لا يتعدى عمره وقابليّته، و ان يكون قيامه بالعمل محرز الإمكان للطفل والمعلم معاً.

25-انه ليس من المنطقي ان يتوخى الانسان من الطفل سلوكاً مطابقاً لسلوك الكبار، مراعياً في حقّه الموازين كلها، بل ينبغي على المعلمين ان يتوخّوا من الطفل سلوكاً يتناسب مع عمره و قابلیته.

26-على الوالدين أن يعلما أن الظروف والاحوال عوامل مساعدة على تغيير سلوك الطفل، فمثلاً يمكن منع الاطفال من مشاهدة برامج التلفزيون، بنقل جهاز التلفزة من المكان العام في المنزل الى غرفة من الغرف، التي يكون التردد اليها قليلاً، و بذلك يمكن الحد من مشاهدة البرامج، لأن الطفل سيشاهدها في ساعات معدودة فقط.

الشذوذ

27-على المعلمين ان يعلموا أن الشذوذ الاجتماعي والعاطفي - الذي يستمر الى مرحلة الشباب - سببه حرمان الطفل و نقص العاطفة لديه، و عدم اهتمام الوالدين به في المرحلة الاولى من عمره، ولذا يكون مثل هؤلاء الاطفال شذوذاً، لفقدانهم الارادة والقوة و صلاح النفس، و لهم في اغلب الاحوال مزاجاً حاداً، يكون لهم في الصف غالباً اضطراباً في الذهن، و لو طلب المعلم منهم اداء واجب مدرسي، يتذرّعون بالكذب، ويحاولون العبث في ما حولهم من الاشياء،

ص: 43

يعتدون على الآخرين ويضربوهم، يطلبون الاستغاثة بالآخرين من دون حاجة لذلك، و يكون لهم علاقات اجتماعية ضعيفة وسطحية.

الحرية

28-ان اعطاء الحرية للاطفال يؤدي الى شعورهم بالتحرر، ووجود حس الاطلاع والتفحّص لديهم، مما يؤدي ذلك بهم الى بذل جهد أكبر في احتلالهم لمساحة أوسع ويكون لهم حس الثقة بالنفس قوياً، بحيث يكون لهم قابلية انتهاج مناهج مناسبة في الظروف والاحوال الجديدة، ولترغيب الأبوين والمعلمين اثراً بالغاً في ذلك.

29-إن منع الوالدين والمعلمين الأطفال حريتهم، والوقوف امام نشاطهم، يؤدي الى فقدان الاطفال لحس التطلع ومعرفة الامور، او ضعف ذلك الحس لديهم، و يؤدي ايضاً الى ضعف حب الاستقلال والثقة بالنفس لدى الكثير منهم، و يكونوا عاجزين عن القيام بأعمالهم لإنعدام الاستقرار والاستقامة عندهم، و لذا تراهم يواجهون المشاكل بشق الأنفس، ويحاولون الهروب من القيام بالنشاطات والاعمال والتمرّد في ذلك، ويتشكّون دائماً من وضعهم، ولعل السبب في ذلك، عدم ترغیب و تشجيع الطفل، و عدم حريته في العمل للمراحل الاولى من سن الطفولة.

ص: 44

الاستقامة

30-ان الاستقامة امر ضروري في ادراك و فهم المطالب المدرسية، فقد أثبتت التجارب في علم السلوك والاخلاق ان السبب الاساسي في كسب العلوم و النجاح في المدرسة هو عدم عرامة و نشاط الطفل المفرط في مرحلة السنوات السبع من عمره، فإن الشعور بالنجاح في مرحلة الطفولة، و كسب تجارب اكثر من المحيط الذي يعيش فيه، من جملة عوامل الاستقامة - سواء في ذلك الطفل والشباب - التي تمكنّهما من نيل المزيد من النجاحات في المستقبل.

معاملة الأبوين

31-أحد الاسباب المعروفة في الشذوذ العاطفي لدى الاطفال، هو المعاملة الخاطئة لنفس الابوين مع بعضهما، فإن اختلافهما في الامور الجنسية، عدم الانسجام والاُلفة بينهما، عدم التفاهم، اختلاف العمر، اختلاف النظر والعقيدة، اختلاف طبائع ارحام واصدقاء كل منهما، و بشكل عام انعدام الحب

والاُلفة بينهما، سبب في علاقات التلميذ السليمة، او في وجود مشاكل عاطفية و شذوذ فردي له، وهذه تؤثر على قابلية وتعلّم التلاميذ.

32-ان للكثير من ردود الفعل العاطفي للطفل - كتحقيق رغباته، و سلوكه الذي يكتسبه من الآخرين، وحصوله على التشجيع في المنزل - انعکاس على الفرص التي تحصل له خارج المنزل، بحيث تتسع رقعتها.

ص: 45

33-و من العوامل المؤثرة في تكامل الشخصية الفردية والاجتماعية للانسان، التأسي والاقتداء، فالطفل يتأسى أولاً بأبويه، و بعد ذلك يتأسى بالذين يعيشون معه، و من ثم بالمعلمين، حيث يكتسب منهم مناهج هامة في السلوك و كيفية التفكير، والشعور.

34-اهم مرحلة للتأسي والاقتداء والتقليد، هي مرحلة الطفولة الاولی التي تتراوح بين 7-14 سنة.

35-ان التقليد والاقتداء بالآخرين أمر لا ارادي، يتبلور مع الشعور باللذة والاطمئنان عند الطفل، و لذلك صلة وثيقة بالتشجيع و الترغيب للطفل، بحيث يكون الطفل اكثر حباً واشد علاقة بالذين يحتضنوه ويرعوه اكثر، ويعطوه بعض المزايا والمشجعات، فيكون اكثر تأسياً و تقلیداً لهم، و هذا دليل على ان السر في التقليد والتأسي، دفين في الحب والود والاحترام، لكل من الابوين

والمعلمين للطفل، ونجاح الوالدين في ايجاد العلاقات مع طفلهما رهين الحب والعلاقة الوثيقة معه، فإن الأبوين لو كان لهما مزاج حاد و لهم فضاضة في الخلق سيكون طفلهما كذلك، ولو كان الأبوين مؤدَّبين ويمتازان بالحب والرأفة، سيكون طفلهما مؤدباً وذو مشاعر و أحساسيس كذلك.

36-لو كان الاُسرة والمقتدی به – الذي هو من أهم اسباب التأثير على الطفل، والمربّي لشخصيته - غیر منظم و يفعل ما يشاء امام الصبيان من دون أي مانع أو حياء، كيف يتمكن من تربية اُناس منظمين وملتزمين جيدين.

37-اثبتت نتائج التحقيقات ان السبب في أعقد المشاكل النفسية لدى الشباب هو الضعف والنقص التربويين في المراحل الاولى من الحياة.

38-اقتراح قيام الاطفال بأعمال خفيفة و مناسبة لطاقتهم و مورداً لحبهم،

ص: 46

يؤدي الى تحملهم لمسؤولية الاعمال بأنفسهم، واداءها بكل رغبة و شوق، و لذا فلا تقتلوا في أنفسهم الحس بالمسؤولية بقياسكم لما يقوم به و ما يقوم به الاطفال الآخرون، من الناحية الكمية والكيفية.

39-لقد أثبت التجربة ان الاطفال الذين لا يهتم بهم آبائهم بتعيين وقتٍ مناسب لتربيتهم، لا يقيم الاطفال في المقابل وزناً لآبائهم أيضاً و لا يهتموا بهم.

40-ينبغي ان يكون التدخل بشؤون الاطفال و أعمالهم بنحو الارشاد والتعليم، لا بنحو الأمر والنهي، لكي تبقى روحه الشفافة منسجمة مع ما يقوم به من أعمال اكثر.

41-ان على الآباء ان يعلموا أن اطفالهم في البيت يصورون اعمالهم و سلوكهم ويراقبوهم، فلا ينبغي عليهما ان يغفلا عن ذلك، خصوصاً عند ممارستهما للعمل الجنسي، اذ عدم الاهتمام بذلك يؤدي الى كثير من الانحرافات في مرحلة الشباب، بل حتى في مرحلة الطفولة.

42-قد يظهر الطفل اللجوج والخجول والمنزوي - الذي تربى في بيت خشن المعاملة، ومتشدد و موبّخ - بمظهرً كله حيوية و نشاط، ووجههٍ بشاش عند تغير المحيط عليه کدخوله في مدرسة جيدة، و مواجهته لمعلمين ممتازين، و لذا فإن المحيط له اثر بالغ في الوضع النفسي والروحي للطفل، و على العكس من

ذلك، فإن التجارب الخاطئة التي يحصل عليها الطفل من المحيط المدرسي او الزقاق والطريق و معاشرة الجار - قد تنعكس على علاقاته مع أبويه فتضعّفها .

والخلاصة، فإن للظروف والاحوال الجديدة - خصوصاً في ما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية - و التي قد تكون ايجابية، أثراً في بناء شخصية الطفل.

43-قد يُبدي الاطفال الذين يعيشون في المحرومية ويواجهون

ص: 47

مصاعب الحياة - من قبيل الحرمان العائلي، مشاكل وصعوبة المحيط، ضيق مكان الالعاب، وفقدان وسائل الالعاب واللهو - في اغلب الاوقات ردود فعل تنمّ عن حدّة المزاج والانزواء عن المجتمع.

وعلى عكس اُولئك فإن الطفل والشاب اللّذان يتمتعا بصحبة زملاء جيدين يلعبون معهم، ولهما وسائل العاب كافية، ولهما ظروف مناسبة في الحياة، وهكذا يتمتعا بمعاملة ملئها الحب والعطوفة، ويمنحا بين حين وآخر بالمشجّعات، يكونا من الناحية النفسية متزنا السلوك، ويتمتعا بروح بشاشة دائماً، و لهما عزم راسخ، و يكون لهما سلوكاً اجتماعياً مرضياً.

44-ينبغي على الآباء والمعلمين أن يدركا ما يوجب ويكون سبباً في شذوذ الشاب و تعقیده و الضغط عليه، عن طريق ردود الفعل والسلوك اللذان يتخذهما الشاب، ويجب عليهما فوراً و بنحو معقول اخراج الشاب مما فيه من أزمته النفسية، و ارشاده و هدايته باللتي هي احسن دائماً.

فإن المعاملة الخشنة في مثل هذه الأحوال تؤدي الى التعصب والغلظة لدى الشاب اكثر، وقد تجرّ به الى أمراض وشذوذ نفسية اخرى.

45-لا يقتصر انفعال و تأثر الاطفال والشباب على التأثر بشخصية الاب والام فقط، بل يمكن تأثرهما بالأصدقاء والأشخاص الآخرين، كالجار، والأرحام، وسائر الزملاء على جميع الأصعدة، حيث تضع بصمات ذلك التأث آثارها على نمو و تکامل شخصیتهما فإن في مشاهدة الافلام التلفزيونية والسينمائية مثلاً، يحاول الشباب الاقتداء والتأسي ببطولة بطل الفلم، و في صورة كون الافلام سلبية، ستخلّف آثاراً سلبية ايضاً تنعكس على سلوك الشباب.

ص: 48

46-الطفل الذي يترعرع في احضان الأب والاُم في السنوات الاولى من عمره خاصة، سيكون ذو شخصية قوية، وفيما بعد سيكون لمراقبة الابوين الخاصة للطفل، الأثر البالغ في كونه انساناً ناجحاً و موفقاً او غير موفق، تبعاً للمحيط والاصدقاء والقرناء.

47-ان الابوين اللذين لهما مع ابناءهم علاقات وديّة ملئها الحب والرحمة، يريا أن السلوك الصحیح لطفلهم رهين تلك الرحمة و ذلك الحب، فان سلوك اطفالهم لا ينم إلّا عن تكاملهم، لأن هؤلاء الأطفال يرون أنّ سلوكهم المنكر انما هو بسبب فقدانهم لمحبة وحنان أبويهم، ولولا ذلك لما كان سلوكهم كذلك أو كان بدرجة أخف، لأن سلوكهم القبيح متقوّم برد الفعل الذي يبدوه تجاه فقدانهم لمحبة الوالدين، فإن الكثير من انحرافات وشذوذ الشباب وتمرّدهم، معلولة لتبلور الاخلاق العائلي، ورهين المعايير الخلقية لتلك العائلة.

اكتساب التقاليد

48-ان اكتساب الاطفال للعادات والتقاليد، وردود الفعل المنعكس على سلوكهم لا يتيسرّ إلا بعد مضي سنوات متمادية من الزمان، و لذا فهم بحاجة ماسة الى التربية المستمرة القائمة على اساس الالتزام الفردي والسلوك الاجتماعي، بحيث لا يمكن ان تتبلور تلك التقاليد الحسنة لديهم لو لم يكن اساس ذلك السلوك متقوّماً بالنظم والالتزام، لأن سلوك الطفل يقع تحت تاثیر سلوك الآخرين، خصوصاً الاب والام، وبمرور الزمان يتأثر بذلك السلوك بمختلف الظروف التي يمر بها، فتترسب تلك العادات في وجوده حينئذٍ.

ص: 49

49-من الامور التي ينبغي الاهتمام بها في السنوات الاولى، و قبل الدخول الى الابتدائية، الصدق والاخلاص في العمل، ولا بد من تقوية جذورهما في المرحلة المتوسطة، من قبل المعلمين وتوجيههما توجيهاً صحيحاً.

50-لا بد لنا، و من اجل اعداد جيل الاشبال وتربيتهم على الاخلاص والعمل الصالح، أن نكون في منتهى الدقة والاحتياط فيما يصدر منّا من اعمال و سلوك، ومن ثم نحاول مراقبة الاطفال دائماً، فإن انواع التربية في المجتمع على انحاء مختلفة.

الشعور العاطفي

51-ينبغي لنا تشویق و ترغیب اطفالنا؛ بممارسة المفيد من الاعمال التي لهم بها علاقة وحب في القيام بها، فإن شعورهم بالفرح والبهجة عند قيامهم بتلك الاعمال، لا يمكن قياسه بأيّ شيء آخر.

52-يمكننا اشعار الطفل بإظهار التودد والحب له، بأننا نحبه ونكنّ له الود، و ينبغي لنا أن نزيد من تجاربه وذلك بأن نجعل تحت اختياره كل ما يحتاج اليه من وسائل وفي جميع الظروف، فإن ذلك يساعد على تفجير طاقاته في المستقبل.

53 - ينبغي تربية وإعداد الطفل إعداداً يتناسب مع سعته و تحمله النفسي والجسمي، واستعمال المنهج الصحيح في حقه من اجل تعليمه اصول العقائد الاسلامية بنحوٍ يتقارن و يشتد ارتباطه بتلك الاصول مع تكامله الجسمي.

ص: 50

54-إن الطعام المناسب، و كونه من حلال، الاستجمام و الراحة في الوقت المناسب، وكون نفس الطفل مليئة بالنشاط والحب والرحمة، كل ذلك يضمن سلامة الطفل الجسمية، وإتزان سلوكه في المستقبل.

55-ان صحة الاطفال وسلامتهم النفسية مكنونة في الالعاب الكثيرة معهم، والاستعانة بهم في القيام بالأعمال المنزلية، وفي قص القصص الجميلة لأكابر الملة والدين، وكل ذلك يمكن في ظل محيط مليء بالحب والحيوية و نور الايمان.

56-ان تقوية الثقة بالنفس لدى الاطفال يوجد فيهم الحيوية للقيام بأفضل الأعمال.

57-لو سلبت الثقة بالنفس من الطفل، سيشعر الطفل في نفسه بعدم الاطمئنان، و سوف لا تكون له رغبة في القيام بأي عمل، ولو استمر ذلك الشعور لديه، سيكون الطفل عاجزاً و فرداً غير مفيداً.

58-يمكن حث الطفل والشاب عن طريق الترغيب(1) والتبشير بالقيام بالأعمال الصالحة، وعدم التشدد وتعسير الامور(2)، فإن في ذلك آثاراً اخلاقية ايجابية، وهي تدعو الى الحث على الجد والاجتهاد اکثر، فإن الطفل سيشعر بالاطمئنان والهدوء، وسيكون لشخصيته تکاملاً في طلب الحرية، وذلك في ظل وجود الأمن.

ص: 51


1- قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «يا معاذ بن جبل، بشَّر ولا تنفَّر ...)
2- وفي الدعاء: «ربَّ يسر ولا تعسّر».

59-ينبغي مدح و تمجید مايقوم به الاطفال من أعمال حسنة، وإشعارهم بأنكم تحبوهم.

60-ينبغي احترام وتقدير الاطفال، فإن كل انسان يحب ان يحترمه الآخرون.

61-لا ينبغي ابداً تثبيط عزم الاطفال، بأن يقال لهم، بأنهم عاجزون عن اداء العمل الكذائي، بل لا بد من ترغيبهم وتشجيعهم، بأنهم بالجد والعزم سیکونوا قادرين على القيام بأيّ نشاط، و حل كل مشكلة، ويمكنهم اتخاذ التصميم المناسب في حل المشاكل.

62-ينبغي أن يثبت الأباء عملياً لأبناءهم الشباب ويعلّموهم كيف ينبغي لهم ان يبحثوا عن کسب تجارب جديدة، و تقييم الاهداف المتوخاة من تلك التجارب.

63-ينبغي على الآباء مساعدة وارشاد الشباب، ليتمكّنوا من معرفة نقاط الضعف والقوة فيهم، فيحاولوا ازالة الضعيف و تقوية الايجابي منها.

64-حاولوا قدر الامكان إمهال الصبيان وتر غيبهم ليمارسوا اعمالهم الصغيرة بأنفسهم، كالإحتذاء، وارتداء الملابس، وجمع و تنظیم لوازمهم، والتهيؤ للذهاب الى المدرسة و... ، فإن قيامهم بتلك الاعمال يؤدي الى تجذير الثقة بالنفس لديهم.

65-لا ينبغي للوالدين أبداً ايذاء اطفالهم بإلصاق الالقاب البذيئة بهم، أو ایذائهم بالكلام، فإن الاطفال يتأثروا بشدة من الصفات التي تنسب اليهم، من قبيل ان يقال للطفل منهم: أنت لا تفهم، او كسول ، ونظائر ذلك، فإذا نسبت اليهم تلك الصفات، سيصدّقوا بأن لديهم تلك الصفات حقيقة.

ص: 52

66-ينبغي على الأبوين تعليم ابناءهم منذ الطفولة، وفي مختلف ظروف الحياة، على القيم والمبادىء، و على ما يضاد تلك القيم، وتذكيرهم بذلك دائماً.

67-على الآباء الذين يفكرون بتهيئة وسائل الترفيه لأبناءهم، أن يعلموا أن (لا میراث کالأدب) يخلّفوه لأبناءهم، كما هو مروي عن أمير المؤمنين عليه السلام.

68-ان الآباء الذين لا يعطون لأبنائهم فرصة يعربوا فيها عن آرائهم، ويعبروا عن مشاعرهم، والذين يريدوا من أبناءهم أن يسلّموا لهم، و يقبلوا قولهم من دون أي اعتراض، سواء كانوا في البيت او المدرسة، فكيف يتأملون من ابناءهم کسر هذاالقيد،والمطالبة بحقوقهم او حقوق الآخرين بشكل منطقي و معقول؟

69-إن توثيق العلاقة بين الاب والام في البيت، وبين المعلمين في المدرسة، يعدّ من الاُسس التربوية في تكامل الشخصية لدى الأشبال، من اجل تقديم منهجٍ وسلوكٍ واحدٍ و منسجمِ افضل.

70-ان توطيد تلك العلاقات يستلزم كثيراً من الوقت، مما ينبغي على الوالدين والمعلمين اغتنام أوقاتهم المفيدة، وتخصيص وقتٍ قدر الإمكان، من اجل توثيق تلك العلاقات.

71-ينبغي على الآباء احترام قابلية الأشبال وقدرتهم على التشخيص للأمور، بحيث يكون لهم ذلك الاعتقاد، بأنّ لهم وجوداً، و لهم قدرة على التفكير، والاستدلال، وأنهم يستطيعون بیان آرائهم للآخرين.

72-ينبغي على الوالدين تعريف أبنائهم على الحوادث التي تحوم حولهم، وعليهم تفسير تلك الأحداث، والأحداث التي سوف تقع.

ص: 53

73-ان للتأكيد والإستقامة على العقائد الصحيحة، والمتابعة المستمرة لما يقع على عاتق الأشبال، اثر في كون رأيهم ثابتاً، وقدمهم راسخاً في مواجهة الحياة.

74-ان أحد عوامل ثقة الأشبال بالأبوين والمعلمين، هو وفائهم بالوعد، فانه ينبغي عليهم أن يفوا لهم بوعدهم، ولا ينبغي الاغفال عن الوفاء بالوعد، بأن يقال لهم: لنرى ماذا سيحدث، و ... الخ.

75-عندما تريدوا من الاشبال أن يقوموا بالعمل الفلاني، حاولوا جهد الامکان ایجاد ارضية ذلك العمل، ولا بد أن يكون العمل متناسباً مع قدرتهم.

76-ينبغي ان تكون طلبات الأبوين من ابنائهم واضحة، صريحة، وحازمة بل ينبغي التنبيه على جزئیات ذلك العمل بنحوٍ دقیق و واضح.

77-ان من العوامل المؤثرة في أمر التربية والتعليم، هو تأسيس العلاقة الصحيحة المقرونة بالليونة والتلطّف بالاشبال، وينبغي قدر الامكان التسامح معهم، وإلّا - لوكان سلوك الابوين والمعلمين غير واقعي و فيه نوع من الوحشة - سيصاب الاشبال بنوعٍ من الشذوذ الاجتماعي فيما بعد.

78-انما يميل الاشبال الی ایجاد علاقاتٍ مع اُناسٍ غرباء، لعدم الاهتمام بهم في البيت، وعدم ادراك مشاعرهم وآرائهم.

79-لا ينبغي للأبوين ترك التحدث مع أبناءهم اثناء عملهما، بحيث لا يهتمّا بكلام ولدهم، فان الاب والام وان كانا في كثير من أوقاتهما مشغولين بشؤونهما، لا بد لهما من تعیین وقتٍ يتحنّنا فيه على اطفالهم، فان ذلك من حقوقهم المسلّمة.

ص: 54

80-ان ممّا يدعو للأسف، أن بعض الآباء يصرفون شطراً كبيراً من أوقاتهم في مشاغلهم الشخصية، وفي تحقيق رغباتهم وآمالهم الطويلة العريضة، بحيث يعتبرون الحديث مع ابناءهم أمراً عبثياً لا قيمة له، بل هو اتلاف للوقت أحياناً، غافلين إنّ لأبناءهم عليهم حقوقاً وواجبات شرعية واجتماعية، يكون التقصير في أيًّ منها، سبباً رئيسياً في انحراف أبناءهم(1).

81-لو كان للأب والام برنامجاً صحيحاً في تقسيم أوقاتهم(2)، سوف لا تشكل علاقاتهما مع ابناءهم سدّاً بوجه سائر واجباتهم ومسؤولياتهم الاخرى.

82-على الأبوين والمعلمين أن يعلموا أن لأبناءهم حاجة في استماع أقوالهم وكلامهم، وهذا الأمر هام للغاية، وغير قابل لقياسه بسائر الأمور، فان افضل الأوقات وأنسبها - من الناحية النفسية - للحديث مع الاطفال، ساعات نومهم، و ذلك بقص الأقاصيص الجميلة، التي بواسطتها يمكن تعبية اذهانهم

بالقيم والمبادىء السامية، و من الاوقات المناسبة ايضاً، اوقات تناول الطعام ظهراً وليلاً.

83-ان الأبناء الذين يهملون من قبل آبائهم، لا تغني جميع وسائل الرفاه واللهو المختلفة عنهم شيئاً، حيث يشعروا بوحدتهم مع ذلك كله، اذ لو استمر ذلك لكانت عواقبه وخيمه، خصوصاً بعد ما يكبروا، وتقوى لديهم قدرة الادراك و تحليل الامور أكثر، يوم لا يعتبروا أبويهم صندوقاً لأسرارهم، وعندها يقع

البون والعزلة، وعدم الاطمئنان النفسي لديهم فيما بعد، و بعد ذلك لا يرتجي منهم مستقبلاً زاهراً.

ص: 55


1- راجع مانقلناه عن رسالة الحقوق لزين العابدین علیه السلام في السلسلة الثالثة، القسم الاخير.
2- نظراً لتقسيم الوقت عن المعصوم علیه السلام.

84-من الآثار السيئة لعدم ادراك الابناء، و ایجاد العلاقة الودّية معهم، هو قتل الطاقات فيهم، فإن الموفق من الآباء، هو الذي يسعى في تهيئة الارضية التي يتمكّن بها الابناء من تفجير طاقاتهم في المجالات التي يحبوها، ويحاولوا ارشادهم و مساعدتهم في ذلك.

85-ان الابوين اللذين لهما علاقة قريبة ووديّة مع أبناءهم، لايستطيعون التعرف على مشاكل ابناءهم النفسية حسب؛ بل سيكونوا على بيّنة من قدراتهم وطاقاتهم أيضاً، بحيث يمكن أن يكونوا سبباً في تفجّر طاقاتهم، و ذلك بإرشادهم وهدايتهم.

86-افضل الطرق التي تساعد على تفجير طاقات الاشبال والابداع لديهم، هو ان يعمل الآباء والمعلمين بمراقبتهم و توخي الدقة في ذلك، فأي عمل يحبّ الاطفال القيام به اكثر من سائر الاعمال؟ وأن عملهم في أي قسم ونوع من الاعمال المقترنة بالكيفية المطلوبة، و بذلك يتمكن الآباء والمعلمون من إبداء أفضل انواع الارشاد والهداية في هذا المجال.

87-وهناك طريق آخر لتفجر ينابيع الطاقات لدى الاطفال والأشبال، وهو اهتمام الابوين والمعلمين بألعاب و وسائل لهو الاطفال، لأن الاطفال والاشبال يُبدون طاقاتهم الدفينة بشكل غير ارادي، وخالٍ من أي نوع من الاضطراب، عند اللعب والقيام بالنشاطات التي يحبوها.

88-عند قيام بعض الاطفال والأشبال بالنشاطات واللعب، يُقبل البعض الآخر منهم على المطالعة، ويرغب البعض الآخر الاشتغال بصناعة الآلات الفنية، ويحب بعضهم الخط والرسم، وبعضهم يحب قراءة القرآن بصوت حسن، إذ أن للآباء في هذه المجالات اليد الطولى في توجيههم وترغيبهم في كل ما

ص: 56

يحبون، فإن دورهم بنّاء ومصيري، ولا ينبغي للآباء ان يتعاملوا معاملة سطحية مع ابناءهم، أو يصدروا أحكاماً غيابية وارتجالية في حقّهم، بل لا بد لهم من الاستعانة بمعلمي المدرسة والمستشار، والمتابعة المستمرة لهم في المرحلة المتوسطة، ليتوصلوا الى نتيجة وحل مناسب في ذلك، هذا مضافاً الى ان هذه الطاقات، انما تتفجّر اذا وُجّه الاشبال توجيهاً يجعلهم ذووا أقدام راسخة في تفجير تلك الطاقات، والآباء انما يتمكنوا من مساعدة ابناءهم في تلك المجالات اذا لم يكونوا عاجزين عن ادراك أبناءهم.

تنبيهات أخلاقية تربوية

89-لا يدع الآباء في بعض الأوقات أبناءهم يواجهون مشاكل الحياة، ليتحسّسوا الألم ويجبروا النقص، بحيث يواجهوا ذلك بشكل طبيعي، ليعرفوا مستوى طاقاتهم واستعدادهم، لا كما يحب الآباء أو غيرهم.

90-ينبغي على الوالدين أن تكون لهما قوة التحليل للامور والمسائل، ليعلّموا ذلك لأبناءهم، لكي يتمكنوا من مواجهة الامور مواجهة منطقية وعملية، و ذلك بتحليل تلك الامور، وينبغي على الأبوين أيضاً أن يبحثا عن محور علاقة وحب ابناءهم للأشياء، ويحاولوا بيان الامور لأبناءهم بیاناً مبسّطاً، و بعد العثور على العوامل المساعدة، يحاولوا مشاورة الأبناء بها.

91-لا بد من أن يُعلم أن بين الناس اختلافاً و تفاوتاً، يحاول كل واحد منهم العثور على عمل أو قسم دراسي يتناسب مع ظروف حياته ومعيشته، وطاقاته الذاتية والفكرية. و لذا لا ينبغي للابوین ان يغفلا عن ذلك، فلا يصح أن

ص: 57

يرتجيا من ابناءهم تلبية امنياتهم ورغباتهم، ويحاولا سد نواقصهم النفسية عن طريق إكراه ابناءهم من اجل تلبية رغباتهم.

92-تقدير الجهد الذي يبذله الاطفال في الدراسة او العمل، في المدرسة او البيت، يعتبر من اهم عوامل تكامل الثقة بالنفس لديهم، و في الحقيقة الاهتمام و شكر جهد الانسان في بعض الموارد، من اهم الامور التي يمكن من خلالها توجيهه نحو الافضل، ونحو ما هو مورداً لحبه وعلاقته.

93-ان لمعاملة الابوين والمعلمين الخاطئة - والتي تتجاوز حدود طاقة و استعداد و عمر الطفل او الشاب في المدرسة أو البيت - و الغفلة عن قوله تعالى: لا يكلف الله نفساً إلّا وسعها، له عواقب وخيمة تدعو إلى عدم اهتمامهم بالدراسة، و عدم نجاحهم في حياة المستقبل.

94-ان الاساس الذي تبتني عليه التربية والتعليم، و معاملة الآخرين، هو الحب، واللطف، والليونة، والرحمة، و ايجاد الصداقة والمحبة التي تكون تو أماً مع ردود الفعل المعقولة والمنطقية والحازمة، فإن لذلك كله آثاراً مطلوبة، و ليس للمعاملة الصعبة والخشنة ذلك.

95-ينبغي للوالدين والمعلمين ان يعلموا، أن الاطفال لا ذنب لهم على أي حال، وأنهم أمانة بأيدينا الی اجل مسمى، وانهم سبب في ابتلاءنا، لهم علينا حقوقاً، ينبغي علينا الاهتمام بها، فلا ينبغي معاملتهم معاملة خشنة يتكدر بها صفو ارواحهم اللطيفة والشفافة.

96–ينبغي للأبوين جهد وسعهما أن يعدّا جواباً مقنعاً ومناسباً لاسئلة أبناءهم، يُرضون به نفوس الأطفال المشتاقة.

97-لو سأل الطفل اُمه عن وضع حملها، أو عن ولادة مولود جديد، لا بد

ص: 58

للام ان تجيبه جواباً مقنعاً يتناسب مع التغيير الفيزيولوجي الحاصل لها، ومع لهفة الطفل التي دعته للسؤال، بحيث تكون صادقة في الجواب، ولا تقضي على نفسه المتعطّشة، فتقول له مثلاً: «ان هذه هدية من الله تعالى لنا، نصبح بها أصحاب طفل جديد».

وأمّا لو أراد الاب أو الام في مقام الجواب تفریغ سخطه على الطفل، سيلجأ الطفل الى أخذ الجواب - بسبب تلهّفه لمعرفة الجواب - ولو عن طريق اللجوء إلى أراذل الناس، وسيكون ذلك مقدمةً للتفكير الخاطىء.

98-لا ينبغي ان يكون حبّنا للاطفال آنياً، بحيث نحبهم ونتودد اليهم في بعض الاوقات فقط، فإن حب الاطفال والعطف عليهم في ظل جميع الظروف والاحوال من احتياجات الطفل النفسية، حتى في حالة ارتكابهم لعمل غير صحيح لا بد ان يعلموا أن سخطنا عليهم انما هو من باب الشفقة والرأفة بهم، فان

علينا أن نتعلم درس الرحمة والرأفة من الحق تبارك و تعالى، الذي يرأف بجميع العباد و في ظل كل الظروف، حتى بالمذنبين من العباد، و لذا فإن الغضب الإلهي ليس إلّا من باب الحب واللطف بالعباد.

99-لا ينبغي أن يشعر طفلكم بأن حبكم له آني، وأنكم لا تشركوه في همومكم، أو في علاقاتكم الاجتماعية، أو في زیاراتكم و ... ، و انما كل همّكم واهتمامكم بوضعه الدراسي، فانه ينبغي معاملة الاطفال برأفة وحب وعاطفة من صميم القلب، لتكون علاقتكم به أقوى وأوثق، ويحاول الطفل أيضاً ان يستفيد اكثر من إرشاداتكم ونصائحكم، و يعطيها قيمة أكثر.

100-لا ينبغي أن يكتفي في مقام إظهار الحب والتودد للأطفال بالكلمات المشوقة والمشجعة، بل لا بد من اظهار ذلك الحب و تلك العلاقة

ص: 59

بسلوك الأبوين معهم، فانه ينبغي ان تكون معاملتنا معهم معاملة يشعروا من خلالها بأنهم أعزاء عندنا، لا بد أن نستمع الى كلامهم تماماً، ليتعلموا كيف يستمعون للآخرين عند حديثهم معهم، نحاول ان لا يكون سلوكنا معهم منطلقاً من نقطة الضعف دائماً، أو نقطع الحديث عليهم دائماً، أو نوبّخهم ونوأنّبهم، بل الافضل ان يكون سلوكنا معهم عن طريق المشاعر والاحساسيس العاطفية، ليكونوا مطمئني البال بذلك، و نحاول مشاركتهم في محنهم، بحيث نصحح بذلك مسیر حرکتهم، ونوجههم توجيهاً صحيحاً.

101-لو ارتكب الطفل احياناً عملاً قبيحاً (كما لو تكلم بكلام بذيء) انصحوه مرة واحدة فقط، و لا تهتموا به بعد ذلك، فإن عدم اهتمامكم به یکون سبباً في ترك ذلك، فإن للسكوت احياناً عن سلوك الاطفال والاشبال اثر ألف موعظة ونصيحة، فانه ينبغي للمعلمين أن يأخذوا تلك الحقيقة بنظر الاعتبار، خصوصاً في مجلس الدرس، الذي تصدر فيه احياناً من بعض الطلاب أعمالاً غير صحيحة، حيث تزول تلك الاعمال بسكوت واغماض المعلم عن ذلك.

102-قد يتمثّل رد فعل الولد السلبي أحياناً في مقابل معاملة الأبوين له، بعدم قيامه بأداء تكاليفه المدرسية، و ذلك لأن التشدد المفرط على الطفل، وعدم وجود علاقة عاطفية قوية بين الابوين وبینه، تجعل من الطفل يتخذ موقفاً معانداً من ابويه.

103-أثبتت التجربة ان السبب في عدم رغبة الطفل في الدراسة، و تخلّفه الذهني، هو العلاقات المتردية بين الزوج والزوجة في البيت.

104-عندما تمنعوا أطفالكم من ممارسة عمل ما، حاولوا أن لا تكتفوا بالمنع فقط، بل اذكروا لهم سبب نهيهم عن ذلك العمل بهدوء و بشكل منطقي،

ص: 60

وأجملوا ذلك بقول واحد، وبيان فارد، كقولكم مثلاً «انه لا ينبغي لك مشاهدة برامج التلفزيون اليوم، فإن لديك في الغد امتحان».

105-ان لصبر وحلم الأبوين(1)، وتسلّطهما على الأعصاب، في مقابل سلوك وردود فعل ابناءهما، والاستعانة بالتدبير في هدايتهم وارشادهم، دور مؤثر جداً في تقدمهم العلمي والدراسي.

106-ينبغي للأبوين أن يقفا بوجه الحسد بين أبناءهم، ومعالجته بشكل صحيح ومعقول، بأن يحاولا عند دخولهما للبيت صرف وجهيهما عن الطفل الصغير، الذي يكون عادة حلو الحديث، فيبدءآ بالولد الأكبر، يسألاه عن أحواله، ومن ثم يذهبا للطفل الأصغر(2).

107-لابد للأبوين والمعلمين أن يعلموا أن أمر التربية والتعليم صعب وشاق، يتطلّب متابعة مستمرة، و بذل كثير من الدقة والعناية والفن والصبر والحلم، وينبغي ان تكون معاملة الاشبال مقرونة بالحب والحزم معاً. إن عدم التفاهم والاختلاف بين الاب والاُم، او البيت والمدرسة، يكون سبباً في تخريب الاساس الخلقي للطفل، وله آثار و عواقب وخيمة على شخصية الطفل، و لذا لاينبغي تشاجر الاب والام مع بعضهما أمام الطفل.

108-ان الاطفال الذين يتربّون في جو يملأه الحب المقرون بالثقة بالنفس والتفاهم والاحترام، يمتازون بالتوازن في السلوك، والطاعة، في

ص: 61


1- قال أمير المؤمنين عليه السلام: الحلم زين الخُلق» نهج البلاغة.
2- قال أمير المؤمنین علیه السلام: «الانصاف پسنديم المحبة» نهج البلاغة.

مرحلتي الابتدائية والمتوسطة، و يكونوا من التلاميذ الناجحين في دراستهم، بحيث لا يواجهون أدنى صدمة نفسية.

109-كما أن سائر الموجودات الحيّة تحتاج في نموها وتكاملها الى ضروریات وجودها، والى الاهتمام والرعاية، كذلك الاطفال فهم في حاجة ماسة الى الحب والتودّد، فإن الفقر العاطفي أشد و أصعب بمراتب من الفقر الغذائي.

110-ان الأبوين هما أول من يأخذ عنهما الطفل ويتعلم منهما، و لذا فان لهما دور خطير في تبلور و تکامل شخصية الطفل.

111-لو نتأمل جيداً، نرى الطفل يميل ويتعلق كثيراً بمن يكون معه منصفاً في المعاملة، ورحيماً به، ويحب من يلبي رغباته بفارغ الصبر والتحمّل.

فإن لعلاقة الابوين مع أطفالهم تأثير مباشر في تربية حس التعاون، و الحب و الطاعة، و حب العمل والدراسة لديهم.

112-ينبغي أن يكون الابوين على بيّنةٍ و علمٍ تامین، بأهم ما يرتبط بالتكامل النفسي للطفل والصبي والشاب، في جميع المراحل على اختلافها.

ان الطفل و قبل دخوله الى المدرسة يمتاز بخصائص مختلفة، و من خصائص هذه المرحلة :

1-حبّه للاقتداء والتقليد.

2-فقدانه للارادة.

3-كونه أنانياً.

4-فقدانه لتجارب الحياة.

5-يحاول جاداً في الحصول على الاستقلال.

ص: 62

6-لهفته لمعرفة حقائق الحياة.

113-ينبغي للمعلمين أن لا يهتموا بإملاء المعلومات للاطفال في مدة قصيرة من الزمان، لان نفوسهم لا تتحمل ذلك، وسيؤول بهم الامر الى الهروب من المدرسة، وعدم الحضور في الدرس، فينبغي ان يكون التعليم بشكل غير مباشر ويحاول ان يراعى فيه مستوى الادراك والفهم والاستعداد النفسي

للطالب، بطرح برامج متنوعة و عملية، كاللعب و عرض فلم سينمائي أو مسرحية، فانه لا بد ان يكون الاعتماد دائماً على فهم و ادراك و قوة الاستدلال لدى التلميذ أكثر من الاعتماد على تعبئة المعلومات التي لا يتحملها الطفل.

و ينبغی بیان مسائل الحياة بشكل عینی و ملموس للأطفال أثناء اللعب والنزهة والرحلات العلمية.

114-ان للطفل في مرحلة الابتدائية استعداد التعاون في الاعمال المنزلية من قبیل جمع و تنظيم الوسائل المدرسية الخاصة به، و وسائل الالعاب و بسط مائدة الطعام و ...، وفي حالة إناطة الأبوين المسؤولية للطفل باحترام و تقدير، سيؤدي تلك المسؤولية بشوق وإرادة على أفضل وجه.

115-ان افضل وقت لتعليم الآداب والاخلاق الاسلامية هو مرحلة السنوات السبع الثانية التي يدخل فيها الطفل الى المدرسة، و يمكن ترسيخ ذلك في نفوسهم بالتعاون المستمر للابوین، والمتابعة الدائمة للمدرسة.

116-ينبغي للآباء شرح استمارات السلوك التربوية للمدرسة، التي تعدّ لغرض ترسيخ الخلق والآداب الاسلامية، و بيانها بشكل تربوي صحيح، و عليهم ان يكونوا قدوة حسنة للاطفال في تجسيد تلك الآداب والخصال الخلقية الحميدة، ولا بد من إملاء الاستمارات بشكل دائم، والتعاون مع المدرسة من

اجل التكامل الخلقي والتربوي للاطفال.

ص: 63

117-على المعلمين والأبوين أن يعلما أن امر التربية والتعليم من الامور التي ينبغي التدرّج فيها، والتي تحتاج الى صبر وعزم و تهذيب للنفس، فانهم ليس فقط ينبغي لهم التعرف على الخصائص الفردية للاطفال، بل لا بد لهم منرالتعرف على دواعي الانحراف و الشذوذ لديهم، والعثور على طريق لعلاج ذلك.

118-بعد التعرف وادراك الوضع النفسي للاطفال، و معرفة دواعي السلوك لديهم، يمكن تعيين افضل الطرق والمناهج التربوية، من اجل اتخاذ الموقف الصحيح تجاههم.

119-هناك اصل تربوي مهم جداً في الثقافة الاسلامية، يبدأ من مرحلة الطفولة و حتى آخر مرحلة من مراحل العمر، وهو: صيانة الشخصية والاهتمام بعزّة النفس لدى الاطفال، فإن سلوك الابوين والمعلمين مع الاطفال ينبغي ان يكون مقروناً بحس التفاهم والثقة والاحترام لشخصيتهم، وعليهم دائماً أن لاينسوا دورهم، و أنهم اسوة وقدوة لهم في ذلك.

120-ينبغي ان تكون مناهج المعلمين للاطفال قائمة على أصلين هامّين:

1-العمر، ومستوى تكامل الطفل.

2-قوة الادراك لديه، وقابلياته و استعداده.

121-ينبغي إعداد وتهيئة اماکن ووسائل جيدة للاطفال، ليتمكنوا من صرف طاقاتهم الفوارة وقواهم في الالعاب والنشاطات المليئة بالحيوية والحركة، لان الاطفال يُعجزهم الكسل و یُضجرهم، مما يفقدوا التسلط على أعصابهم في معاملتهم للآخرين.

ص: 64

ولذا فعلى الأبوين - قدر الامكان - ان لا يصطحبا الاطفال الصغار معهم في السفر الطويل، وحبسهم في داخل السيارة، أو أخذهم معهم إلى المؤتمرات التي تكون عادة طويلة و في جوٍ مغلق، بحيث يكون فيها الطفل على حالة واحدة، فإن ذلك يدعو لملله وتعبه النفسي، وهروبه من العمل و البيئة.

122-ان من الخصائص الفطرية لدى الشاب محاولته لأن يكون صالحاً، فهو يعتبر نفسه دائماً أنه من الصالحين، وعلى الأبوين دائماً تقوية هذا الشعور لديه، فإن ترسيخ ذلك لديهم سبب في تقوية حس الثقة بالنفس، و يساعد على تهذيب السلوك عندهم، وترقّيه إلى الأفضل.

فالصبي عندما يمارس عملاً صالحاً، كمساعدة الآخرين، أو يهدي لصديقه شيئاً لا بد أن يُقدّر عمله ويُشجّع على ذلك، و هذا الأمر يرسخ في نفسه الى عادة مطلوبة، و لذلك دور ايجابي مهم.

123-ان نار اللجاج والتمرّد انما تتأجج لدى الصبيان في الغالب، إذا واجهوا معاملة خشنة وخاطئة من الأب والاُم، بحيث تكون خالية عن اي نوع من العطف والرحمة، و لذا يكون اللجاج رد فعل، ووسيلة دفاع يواجهون بها ذلك السلوك الخاطىء للأبوين.

124-لا بد أن يحاول الابوين والمعلمين دائماً العثور على جذور السلوك الشاذ والغير متّزن للاطفال، ومعرفة علله وأسبابه، ليتمكنوا من انتخاب افضل طريق لمعالجة ذلك السلوك، فإن كل فعل أو ردّ فعل لا يخلو القيام به من سبب.

125-تتلخّص أهم الاهداف التربوية في المرحلة الابتدائية في أمرين:

1- تعليم، و تجذير العادات الصحيحة والمطلوبة.

ص: 65

2-منع سريان السلوك المنحرف لدى البعض في المدرسة.

و من اجل تحقيق ذلك يمكن بالتعاون مع قسم التربية في المدرسة، تقدیم عون كبير لترسيخ العادات الحسنة في شخصية الطالب.

126-ان تربية وأدب الاطفال انما يتبلوران عن طريق سلوك الأبوين والمعلمين، و هما تابعان للإنسجام والتعاون في رعاية الضوابط والمقررات في كلا البيئتين، المدرسة والبيت، و بالمتابعة المستمرة يمكن للآداب والنظم والالتزام ان تبلور سلوك الانسان في المستقبل.

127-ان الكثير من الصفات والخصال القبيحة التي يبتلى بها الانسان ناتجة عن عدم الاهتمام التربوي به في مرحلة الطفولة، فمثلاً: السبب في التعوّد على الكذب، يعود الى عجز الطفل وعدم ثقته بنفسه في مرحلة الطفولة.

128-يحاول الاطفال الذين يشعرون بنقص عاطفي ونفسي التعويض عنه بأشكال مختلفة، كالتمرّد، ضرب الآخرين، السلوك الخشن، الاعتراض، و ... ، ان الطفل ما لم توجد فيه روح التفاهم والانسجام، لا يمكن النفوذ الى صمیمه، فانه لا بد من البحث عن الاسباب دائماً، ولا ينبغي الاكتفاء بظواهر الامور فيما يتعلق بالامور النفسية للطفل، بل لا بد أن يُلتفت الى ان سلوك الطفل وردود فعله جميعاً معلولة للامور الباطنية، ولمرحلة السنوات السبع الاولى الحساسة من العمر.

129-ان من عادة الاطفال عدم الكف عن القيام بأي عمل قبیح ما لم ينكشف لهم قبح ذلك العمل.

ولا يحصل هذا الانكشاف و تلك المعرفة بكلام وبيان الابوين والمعلمين فقط، بل لا بدّ ان يلمسوا ذلك عملياً، ويصيبهم عواقب ذلك العمل القبيح، ولذا

ص: 66

فإن كل انسان ما لم يقف على اضرار ومفاسد ذلك الشيء، لا يتمكن من ترکه، فعن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال:

«من لم يعرف مضرّة شيء لم يقدر على تركه»(1).

130-من الصعوبة معرفة التمرّد وتمييزه عن الإعراض، لأنهما يظهرا بمظهرٍ واحد، و لذا ينبغي للابوين والمعلمين. ان يتوخيا منتهى الدقة في التمييز بينهما.

131-ان لكلام وحديث الابوين والمعلمين مع الاطفال الدائم اهمية كبيرة في تبلور شخصيتهم و تكاملها، فمثلاً: للكلام المحبوب المقرون بالإحترام اهمية بالغة في تقوية الاحساس بعزّة النفس للاطفال، فإن قولكم للطفل: «إنك قد كبرت» او «بلغت مبلغ الرجال» او «صرت سیداً» أو «صرتِ سيّدة»، سيولّد أثراً إيجابياً في سلوك الطفل وسيُثبت ذلك لكم عملياً.

132-ان كل طفل مولود على الفطرة، وهو لا يملك اي صفة ذميمة، فقد ورد عن النبي صلّى الله عليه و آله قوله:

«كل مولود يولد على الفطرة ...»، فلا يُمكن عدّ الشذوذ الخلقي، والتمرّد واللجاجة، والتكبر، والبحث عن حجج واهية، من الخصال الذاتية للطفل، و لذا فإن الاطفال قابلين للتحول والاصلاح، وتتبلور شخصياتهم في البيت والمدرسة على طول مرحلة حياتهم فيهما، و ما نجده في بعض الشباب من كونهم عفويين ويتسامحون في كل شيء، ومغرورين أنانيين، فهو حاصل من سلوك الابوين والآخرين الخاطىء معهم في المراحل الاولى من حياتهم.

ص: 67


1- نهج البلاغة.

133-ان عدم الاستسلام و اظهار عدم الاهتمام، والصبر والحلم، في مقابل تمرّد الاطفال و تحججهم - في حال وجود طريق و علاج آخر - لتحقيق الرغبات التي ترفضوها يُفهمهم أنكم لا تبالون بمثل هذه الاعمال، مما يُتعبه هذا السلوك فيضطر الى تبديل سلوكه تدريجياً، وبذلك يعلم أن التمرد والتحجج ليس منهجاً صحيحاً في تحقيق رغباته.

134-ان الاطفال بنظرهم الى وجوهنا وبسماعهم لكلامنا ولحنه

وطريقته يعرفون بسرعة هل اُنهم مكلّفون بالامتثال، او يستطيعوا التمرد والعصيان.

135-ان الآباء والمعلمين يضطروا الأطفال أحياناً لا ارادياً الى التمرد، فهم بدلاً عن التعبير عن رغباتهم بحزم وجد، يلجأوا الى اسلوب الترجّي او التهديد، او قد يلجأوا الى قبول ما يريد الطفل، او الى اعطاء الوعد والوعيد، او الى توسيط أشخاص آخرين، وبذلك يفهم الطفل أنه يستطيع ان يتمرد ويعصي.

136-ينبغي للأبوين والمعلمين أن تكون طلباتهم وأوامر للأطفال والصبيان قاطعة وجدية، وفي الوقت نفسه فيها نوع من التودد والاحترام، ولا ينبغي ان يكون كلامهم، و لحن أصواتهم، وكيفية سلوكهم فيها نوع من الانحلال وعدم الثقة بهم، فإن ذلك يؤدي الى تمردهم وعصيانهم.

137-ينبغي ان يحترم الأبوين والمعلمين شخصية الطفل، و عليهم مراعاة ما يلي في سلوكهم مع الاطفال والصبيان:

1-أن يعرفا كيف يتحدثا معهم.

2-أن يحافظا على هودئهما ويسيطرا على أعصابهما امام الأطفال وسلوكهم.

ص: 68

3-يحاولا استماع حديثهم (بلا ضغط عليهم أو استهزاء بهم) بكل ادب وعطف.

4-عليهما أن يتعاملا مع الاطفال حسب ما تقتضيه أعمارهم وظروفهم الروحية والنفسية.

5-يحاولا أن يعرفا السبب في الأعمال اللّامشروعة التي يقوم بها الاطفال، والبحث عن جذورها، وينبغي لهما أن يعلما أن احترام شخصية الاطفال والصبيان والتعامل معهم بأدب ليس بمعنی استسلامهما أمام رغبات الاطفال و طلباتهم، أو أنه بمعنى عدم ارادتهم، بل لا بد أن يكونا في الوقت الذي يحترما فيه الاطفال جدّيين وحازمين.

138-على الأبوين ان يأخذا ما يلي بنظر الاعتبار، لو طلبا من أبناءهم شيئاً:

1-يحاولا اجتناب اسلوب الخشونة والعصبية.

2-يحاولا أن يكون طلبهما واضحاً، وحازماً، وفي الوقت نفسه مشفوعاً بالعطف والرأفة.

3-لا ينبغي أن يكون الطلب بالترجّي والتملّق، او تشفیع شخصٍ ثالث.

4-لا ينبغي أن يكون الطلب مقروناً بالوعد والوعيد، او الاستكانة والحاجة.

5-ان يكون الطلب توأما مع قدرة الطفل ووعيه.

6-ان تكون أرضية تنفيذ الطلب موجودة.

7-أن لا يطلبا منهم شيئاً وهم في حال اللعب واللهو، أو عند مطالعتهم.

ص: 69

8-ان لا يطلبا منهم شيئاً مخالفاً للاُصول الخلقية والعقلية والشرعية.

9-ان لا يكون طلبهما متعلقاً بأحد الامور المنهي عنها في البيت او المدرسة.

10-يحاولا اجتناب التخويف - واقعياً كان أم كاذباً - لأن التخويف الكاذب يؤدي الى ان يكون الطفل كاذباً في المستقبل.

لا ينبغي للأبوين بمجرد مشاهدتهما لعملٍ لا مشروع من الطفل أن يلجأ الى تأديبه، واستعمال الخشونة معه، لأنه قد يلجأ بسبب الخوف الى الكذب، و تكون له نفس ذليلة، و يكون حيّیاً وخجلاً.

139-ينبغي أن يكون سلوك الابوين دائماً جاداً، وحازماً، ومعقولاً ومنطبقاً مع الاصول الشرعية والعقلية.

140-ان السلوك الخشن والتأديب البدني عند ارتكاب الطفل لعملٍ قبيح، يؤدي الى الجاء الطفل - نتيجة خوفه - الى جانب الحق، فيعتبر نفسه محقاً، ويلجأ الى الكذب، فهو ما دام طفلاً ليس له رد فعل قوي، ولكنه بعد ما یکبر سيكون رد فعله بالنسبة لأبويه، من قبيل: قطع علاقته معهما، فيكون في عالم

غير عالمهما، و لذا فإن مثل هذا الاسلوب معه يجرح قلبه، و يُمرض نفسه.

141-ان عدم تحمل الاطفال والصبيان وعدم التسلط على الاعصاب تجاه سلوكهم الجنوني، واستعمال الاسلوب الخشن معهم، من أضر اسالیب التربية، لان ذلك يؤدي بهم الی هروبهم من البيت وابتعادهم عن ابويهم، ويُوجد فيهم حالة الاعتداء على الآخرين في حياتهم، ويجعلهم يقبلوا كل ما يقوله لهم الغرباء - بعد شيء يسير من التعطف لهم والترحم عليهم - بكل سهولة، فيستسلموا من أجل تلبية رغباتهم.

ص: 70

142-إن تقوية نفوس الصبيان بشيء من كلمات العطف والحب، و تقوية حس الثقة بالنفس لديهم في ظروف الحياة الصعبة، يجعل منهم اكثر أملاً ونجاحاً في الحياة.

143-ان في حسن الظن، واظهار الرأفة والعطف، وتوفير الظروف المناسبة للتفكير، كل ذلك يضطر الاطفال والصبيان في علاقاتهم مع الآخرين الى محاسبة أنفسهم وتقييم سلوكهم وطاقاتهم، ويدعوهم الى مشاهدة اعمال الآخرين (الايجابية او السلبية) وقياسها مع أعمالهم، و ذلك عند اغماض المعلم عن سلوكهم، او عند وجود ظروف التفكير، فيهديهم ذلك الى الطريق المستقيم.

وينبغي على الابوين والمعلمين اغتنام فرص الحياة، وتوفير الظروف المناسبة، والاصدقاء الجيدين، وليتمكّنوا بذلك من توجيه الاطفال والصبیان توجيهاً صحيحاً.

144-لا ينبغي تأنيب الأبناء الذين هم أكبر سناً من اجل الاطفال الصغار - الذين يكون لهم سلوكاً محبوباً - والتعلل في تلبية رغباتهم من أجل الطفل الأصغر، لكون ذاك اكبر وهذا أصغر، فإن ذلك يدعو لبروز الحسد بينهم، وفقدان الولد الاكبر الثقة بوالديه.

145-يستطيع الكبار عن طريق اللعب تسخير الأطفال وجعلهم مطیعین، وان يُوجدوا معهم علاقة باللعب معهم وأداء دورٍ ما معهم، وبذلك يزيلوا اباء الاطفال عن تلبية رغباتهم، والاستعانة باللعب والرياضة اثناء تربية الاطفال من الأساليب الناجحة والمؤثرة.

146-ان الخلق الحسن، والدعابة، وحكاية القصص اللطيفة، وكون اللعب شيّقاً، كل ذلك يعد أرضية نفوذ المعلم الجيّد الى اعماق نفوس الاطفال، بحيث تكون مشاكل الحياة في المستقبل ومصاعبها لا شيئاً عندهم.

ص: 71

147-ينبغي أن يكون التشجيع والترغيب في جهة تكامل الفضائل الأخلاقية لدى الطفل، و هذا أحد المناهج الناجحة في التربية، ولكن الاستعانة بهذا المنهج بشكل دائم ومستمر وفي غير محلّه يوجب بروز و تكامل الخصال السلبية، بنحوٍ يرى الطفل نفسه أنه أفضل من الآخرين، ويحب دائماً ان يتظاهر للناس، ويعتبر نفسه أنه موجود استثنائي وانه يستحق الجائزة دون ما سواه.

148-يحاول بعض الآباء اناطة مسؤولية تربية الطفل، ويعتقد البعض منهم أن التعامل مع الطفل، يستلزم كون الانسان عاطلاٍ عمل له، وفيه مشاق كثيرة لا تتلائم مع ظروف وضعهم الفعلي، فإن لهم مثلاً درساً، و من جهة اخرى فإن مستقبلهم أهم من تضييع الوقت مع الطفل، ان هؤلاء قد نسوا ما عليهم من مسؤولية و حقوق تجاه أبناءهم، فقد روي عن النبي صلّى الله عليه و آله أنه قال:

«أدّبوا اولادكم فإنكم مسؤولون عنهم».

149-ينبغي على الأبوين أن يتبادلا الأدب والاحترام بينهما، اذا كانا بمحضر ابناءهم، ولا ينبغي لهما ان يمارسا عملاً يتعلق بأبناءهم، بحيث يروا انفسهم أنهم محور اهتمام الآخرين بهم.

150-لو كانت للابوين مع ابناءهم علاقة عاطفية، وكانا يلبيان رغبات ابناءهما المعقولة، سوف يتبادل أبناءهم مع ابويهم الرأي، ويفصحوا عن اسرارهم، فإن عدم الاهتمام بالاطفال، والاستهزاء بهم يوجب قطع تلك العلاقة العاطفية معهم.

151-ان سلوك الاطفال والصبيان مرآة لأخلاق وتربية الابوين، التي يعملا طبقها في بيئتهم بشكل شعوري او لا شعوري، فإن كان لهما سلوك معقول و صحيح، موافقاً لاُصول القيم والمباديء، سوف يتعلم الطفل منهما كيف ينبغي

ص: 72

له أن يعيش، و أما لو كان لهما سلوكاً مضطرباً وغير معقول و منسجم، سیکون ذلك سبباً في تصور الطفل بأن الاصرار والحق رمز النجاح، ومثل هؤلاء الآباء لا يتمكّنوا من تربية ابناءهم تربية يتمكنوا بها من رفع ما يعيق تلبية رغباتهم، أو یربّوهم تربية يكونوا فيها اُناساً لهم آمالاً طويلة عريضة.

152-ان للاطفال والصبيان شعوراً خاصاً، يكون موافقاً لسلوك الاب والام، وقائماً على اساس علاقتهم بالابوین، فإن البيوتات التي يكون فيها كل هم الابوين تهيئة ما يحتاجه الاطفال من امکانات ورغبات غير صحيحة ولا مسؤولة، سيكون أبناءهم مرضى من الناحية النفسية، لأن ابويهم لم يتركا لهما فرصة التعرّف على الواقع والحرمان، اذ قاما بجميع ما يتعلق بشؤون الطفل، و بذلك سيكون البيت المأوى المناسب لبلوغ حب الذات والانانية لديهم أعلى درجاتها.

153-لا بد ان تنسجم طلبات ورغبات الوالدين من الاشبال مع اصول الترغيب والتشجيع عند قيامهم بالأعمال الصالحة، و مع التفتح والميل الباطني لهم بالنسبة لحب الخير، و هذا الميل الباطني موجود و بدون استثناء في جميع الناس، فانه ينبغي على الأبوين بالاستعانة بهذه الامور التربوية أن يرفعا التعب

والملل النفسي الحاصل لهم، بالتقرب اليهم اكثر، و لا يحاولا بالاجبار سوقهم نحو اداء التكاليف العبادية المطلوبة.

154-إن الأبوين بتمسكهما بالاصول الاسلامية والاخلاقية الصحيحة وثباتهما عليها، يساعدا الاطفال والاشبال عند التعامل معهم الى أنهم کیف ينبغي لهم أن يكونوا في المجتمع، و كيف يواجهوا الظروف المختلفة و يكون موقفهم منها.

ص: 73

155-ينبغي للأبوين أن يجيز وا لابناءهم - بشكل طبيعي و صحيح مع الرقابة المطلوبة - التردد مع الاطفال الآخرين، ليزول منهم الشعور بالغرور والتكبر، و لا بد أن يكون تردده منحصراً بالزملاء الطيبين والبيوتات المؤمنة.

156-لا بد من اعطاء الفرصة التي يلتفت فيها الاطفال الى ان يكون فيها عندهم تصور واقعي عن نقاط الضعف والقوة لديهم، لكي لا يتصوروا أنهم أفضل من غيرهم.

157-لو جرت ظروف الحياة، والعلاقات الخلقية في البيت على روالها الصحيح، يحاول الطفلل ان يتغلب - بقدر طاقته - على المشاكل بنفسه، ولا ينبغي للابوين ان يتدخّلا في رفع الموانع الطبيعية عنه، وان يتحذرا من التدخل في محله، بل يدعاه ليتعلم كيف يتطبّع مع الظروف الصعبة، فإن رد فعل الطفل الطبيعي انما يظهر في الوقت الذي لا يكون فيه الابوين معه.

158-لا بد للابوين أن يحاولا بأن يكون لأبناءهم شخصيات مستقلة وقائمة بذاتها، ويحاولا توجیه اعمالهم بنحوٍ يتمكنوا من الوقوف على ارجلهم، فإن الفرح الذي يدخل قلب الواثق بنفسه اكثر من فرح الشخص المرتبط والمعتمد على غيره.

159-لا بد ان يكون للابوين موقفاً مجانباً للحق - ولو كان هناك من يخالفهم - أمام ابناءهم، وان لا يتراجعا عن ذلك أبداً، ويدافعا عن الحق بصلابة و ثبات، ويحاولا ان يتعاملا مع ذلك تعاملاً واقعياً ومنصفاً، ليتعلم منهم ابناءهم ذلك، عند تعرضهم لمثل تلك الاُمور.

160-ينبغي للأبوين ان يثبتا عملياً لاطفالهم انهم كيف يتحملوا ويصبروا على العقائد المخالفة لهم مع الآخرين، و مع ایجادهما للفضاء السالم يحاولا -

ص: 74

ومن أجل الحرية في الرأي والعقيدة - طرح الموافق والمخالف من الآراء، ويتبادلا النظر، وبذلك تقوی للاطفال والاشبال قوة التفكر والاستدلال.

ولا بد أن يُثبتا لهم عملياً انه لو وقف الانسان على خطأه وعرفه لا بد له ان يعترف به بشجاعة، وان يحاول جاهداً في اصلاح ورقي افكاره وأخلاقه، ولا يفرّ من ساحة المعركة والصراع بسرعة.

161-لا ينبغي تيسير الإجابة عن الأسئلة للتلميذ، بل لا بد ان يكون البيان بنحوٍ يدعو التلميذ الى التفكير والتأمل، ليجد بنفسه الجواب عنها.

162-يعتقد بعض المعلمين ان مسؤوليتهم تتلخص في حضورهم الدرس والقاء ما لديهم على الطلاب في جوٍ خالٍ من الروح والحيوية، حيث لا تفاعل بينه وبين التلاميذ، غافلين عن أن النفس الانسانية فيها تعقيدات عاطفية ومشاعرية، ولها ارتباط وثيق بالتكامل والاستعداد الذهني، وما لم يوجد الشوق والداعي للتعلم، لا يمكن استقرار المعارف في أذهانهم، و سلوكهم اليومي هذا وعدم وجود برنامج صحيح يؤدي الى ضياع وخمول الكثير من طاقات هذه البلاد و رأس ما لها هدراً، و يحيلوا بينها و بين تكاملها العلمي والخلقي.

ص: 75

زبدة لأهم مناهج تربية الطفل

1-لا بد من الصبر والتحمل، سعة الصدر والعشق والحب للعمل.

2-معرفة النفس، والتعرف على الافكار والمشاعر للطفل.

3-معرفة الطفل و مراحل تکامله، و خصائص حياته النفسية لكل مرحلة.

4-لا بد من الاستقرار العاطفي فيما يتعلق بالحالات المختلفة للطفل.

5-الاهتمام بالفوارق والطاقات الفردية، وعدم قياس بعض الاطفال مع البعض الآخر.

6-لا ينبغي لنا ابداً ان نتوخّى من الطفل قيامه بكل ما نريد منه، بل لا بد لنا من اخذ ظروفه وقدرته بنظر الاعتبار، ونحاول ارشاده وتوجيهه بشكل غير مباشر.

7-ونحاول تهيئة الجو المناسب والهاديء للطفل جواً تملئه المحبة، ون حاول ان نجلب ثقته بنا، ونعلمه على حفظ الاسرار.

8-نحاول رعاية العدل والمساواة بين الاطفال، ونحاول ان لا نقع تحت تأثير الخصائص الفردية لبعض الاطفال.

9-نحاول نصيحة الاطفال وتنبيههم على أخطاءهم بذكر الدليل على ذلك، و نحاول اجتناب التكلم بالبذيء من الكلام معهم.

10-ينبغي لنا تهيئة المكان الهاديء للاطفال، ليتمكنوا من التعبير عن احاسيسهم ومشاعرهم بحرية تامة.

11-نحاول ان يكون طلبنا من الاطفال واضحاً صریحاً و معقولاً، مبيّناً بالدليل.

ص: 76

12-نحاول الاهتمام بظروف الطفل النفسية والروحية، ونعلم في أي وقت، واي شيء منه نريد؟ و نحاول ان لا نعجل في تحقيق رغباتنا منه.

13-ينبغي ان نكون في غاية الدقة فيما يتعلق برغبات الطفل، و نحاول اخذ مشاکله بنظر الاعتبار، وتوجيهه توجيهاً صحيحاً.

14-لا بد ان يكون المنهج المتبع في التربية واحداً، بين الاب والام في البيت، والمعلم في المدرسة، ليحدّ ذلك من اضطراب الطفل، ويساعده على حفظ الاستقرار العاطفي.

15-نحاول اجتناب الاسلوب الخشن في التعامل مع الاطفال، و اجتناب الصاق ما لا يليق الصاقه بهم.

16-ان افضل منهج لتكوين الشخصية و تربية الخصال الطيبة لدى الطفل، هو احترام الطفل، وترغيبه و تشجيعه فيما يتعلق بذلك.

17-نحاول اجتناب العقوبة والتأديب البدني، التوبيخ و تخجيل الطفل في مقابل الآخرين.

18-نحاول ان لانقطع عليه الحديث ابداً، وان لا نهزأ به امام زملائه.

19-ينبغي ان يكون الجواب عن سؤال الطفل صریحاً، صادقاً، واضحاً سهلاً، وقصيراً.

20-نحاول التعرف على حالات الاطفال النفسية وعلى خصائصهم، وان نعمل مع كل طفل بما يناسب نفسه ورغباته الباطنية.

21-نحاول مساعدة الاطفال عند ممارستهم لأعمالهم الشخصية و الامور الخاصة بهم، و نحاول التعاون معهم و مشاركتهم، و تشجيعهم عند ممارستهم لأعمالهم.

ص: 77

22-ينبغي ان تكون البرامج التربوية متناسبة مع حاجة ورغبات الطفل العاطفية والنفسية، و مع مستوی ادراکه ووعيه وعمره، لتكون اكثر تأثيراً، وإلّا فإن البرامج مهما كانت فهي لا توجد الداعي والهدف في نفوس الاطفال.

23-نحاول قدر الامكان ان نطرح طلباتنا بشكل سؤال، و بنحو غیرمباشر من الطفل.

24-نحاول اجتناب الأوامر و النواهي للطفل عند اشتغاله باللعب و الحركة، و لا نحرمه من افضل الظروف العاطفية التي حصل عليها بين زملائه .

25-ينبغي ان تكون ارضية السلوك والتعامل مع الطفل مليئة بالغبطة والفرح والحب، و نحاول التعرف على الدواعي الباطنية للطفل عن طريق المناقشات العائلية، التي نجعل الظروف فيها بنحو يكشف فيه الطفل عن مکنوناته الباطنية لنتعرف عليها اكثر.

26-يحاول الابوين والمعلمين توجيه الطفل بنحو دقیق و ظریف عن طریق طرح الاسئلة بشكل طبيعي ليكشف الطفل بنفسه عن موضوع المسألة ويجيب عنها، ليتعرف بمساعدتكم وتوجيهكم على الامور بشكل صحيح.

27-ينبغي احترام الاطفال، وكلما اردتم اخذ شيء من حاجاته، أو احد افراد عائلتكم لا بد أن تستجيزوا منه، ليتعلم منكم الاحترام للآخرين.

28-أعينوا الاطفال على تنسيق علاقاتهم مع زملائهم الجيدين.

29-لا بد أن يميز الاطفال العمل الصالح عن العمل الطالح من خلال السلوك الصحيح المتبع في البيت، او من خلال مختلف الامور التي تعرض.

30-ان الاطفال الذين يعانون من معاملة خشنة وصعبة معهم، و دائماً يقعوا تحت الضغط، و تُراقب اعمالهم، ويؤدّبوا بالضرب، يصابوا في حياتهم

ص: 78

بنوع من الضغط النفسي، ويشعروا بالاضطراب والخوف، و يستسلموا بسرعة، و لا يملكون قدرة التكلم، و بيان ما يريدون بشكل واضح، وعندما يكبروا يعتوا ويطغوا.

31-ينبغي على الابوين والمعلمين أن يعلموا أن الطفل لو ارتكب ذنباً او خطأً لا بد لهم ان يبرزا بنحوٍ رد الفعل اتجاهه، و اما لو لم يشاهد اي رد فعل، فانه يتصور أن عمله ممضى عليه بنحو ضمني.

32-لا بد ان نعلم أن الاطفال في السنوات السبع الأولى احرار تماماً، وينبغي الاهتمام بما يريدون، وأما في السنوات السبع الثانية و ما بعدها حيث يرد الطفل الى المدرسة، لا بد أن يكون التعامل معه حازماً يكون ملتزماً، ومساعدته بالمتابعة الدائمة لاداء واجباته، واهتمامه بالنظم والالتزام.

33-ان مرحلة الابتدائية رهينة ما يتعلمه الطفل من سنن و آداب اسلامية التي يكون للاهتمام بها ومتابعتها في البيت والمدرسة أثراً بالغاً فی کسب العادات والتقاليد الصحيحة، و في مرحلة تكامل الشخصية الاجتماعية للاطفال.

34-ان على الوالدين ان يتحلّيا بالصبر والحلم أو السكوت احياناً، و في الوقت نفسه الرأفة والحب لأبناءهم الذين يريدوا تحقيق رغباتهم الخاطئة وبأيّ ثمنٍ كان، ولو عن طريق اللجاج و الصياح، و عليهما توفير الظروف المناسبة لهم و إفهامهم بأن الانسان قد يواجه في حياته المشاكل و الصعوبات و الانتكاسات، ولكنه لا ينبغي له أن يكون يؤوساً.

35-لا ينبغي التشديد على الطفل قبل اكماله سبع سنوات من عمره، بوضع برامج للنظم والالتزام،او للآداب والسنن الصعبة، فانه لا بد ان يشعر في هذه المرحلة بالاطمئنان والحرية والراحة، و اما مرحلة التعاليم المباشرة فتبدأ من المرحلة الابتدائية للمدرسة.

ص: 79

36-ان من الشروط الاساسية لتعليم التزام، وممارسة الاعمال الصحيحة، هو عرض الاسوة والقدوة في البيت والمدرسة، و ذلك بأن يكون المنهج المتبع فيهما واحداً.

37-ينبغي للأبوين عند بروز الاختلاف والمجادلة بين ابناءهما، أن يكونا عادلین و منصفين في تعاملهما، و يحاولا بیان مسؤولية ابناءهم بصراحة وحزم، برأفة وعطف.

38-ينبغي في بعض الموارد بدلاً عن استعمال اسلوب التاديب البدني والعصبية بالنسبة للطفل المذنب، استعمال اسلوب هادیء وحازم للتاديب و ذلك يحرمانه من الامور التي يحبها من قبيل: مشاهدته لبرامج التلفزيون، او شراء الالعاب، او النزهة وما شابه.

39-مما يؤسف له ان بعض الآباء - وبسبب عدم تزكية نفوسهم - لا يتمالكون اعصابهم عندما يرتكب ولدهم عملاً قبيحاً، بحيث لا يستطيعون السيطرة على اعصابهم، وأحياناً يلجأوا الى الضرب من دون روية، ولا يهدوا إلّا بعد الغضب والصياح على الطفل، من دون أن يبالوا بمخلّفات ذلك و تاثيره على سلوك الطفل في المستقبل، هذا مع ان الطفل في احيان كثيرة قد يكون جاهلاً بقبح ما يرتكبه.

40-عندما يقوم الطفل بعمل قبيح، ونريد ان نمنعه من مزاولته و تکراره لا بد من تهيئة الظروف بنحوٍ لا يُشجع فيه الطفل بعد ارتكابه لأي عمل قبیح، و ذلك بعدم الاعتناء به، او اظهار اي نوع للإنزجار والتنفّر، و نحاول تشجيعه عند ممارسته لأي عمل محمود، ونعطيه لذلك مقاماً واحتراماً.

ص: 80

ص: 81

ص: 82

تنبيهات اجمالية حول التربية والتعليم

1-حاولوا ان يكون لكم برنامج تربوي.

2-حاولوا أن لا تقيسوا مع طفلكم احداً.

3-حاولوا ان تعدلوا بين ابنائكم.

4-ينبغي لكم ان تكونوا رحماء، ذووا حزم، و استقلال، و ثبات.

5-فيما يتعلق بالاستقلال، والاتكال على النفس حاولوا ان تعرضوا لذلك نموذجاً واسوة.

6-علّموا ابناءكم التروي والتفكير والتأمل في الكلام.

7-كونوا عوناً لأبناءكم ليدركوا انفسهم بنحو افضل، و حاولوا اجتناب تحقير الآخرين.

8-حثّوا ابناءكم على التفكير و التعقل، بطرح الأسئلة عليهم.

9-ان في تفقدكم بالسؤال عن العمل - عندما تكونوا غير راضين عن عمل الاطفال القبيح - أثر بالغ وايجابي، حاولوا أن تتسلّطوا على اعصابكم، و في الوقت المناسب وبشكل غير مباشر اسألوا منه عن ذلك العمل.

10-ان السيطرة على الطفل ووضعه تحت الرقابة ليس بمعنی محدودية نشاطه وحركته.

ص: 83

11-حاولوا ان تسيطروا على اعصابکم عندما ترون ان الطفل يصرّ على السلوك الخاطىء، حتى يتعلم ذلك منکم.

12-حثوا ابناءكم على التفكير بطرحكم عليهم لبعض الامور.

13-حاولوا عند نصيحتكم وتوجيهكم أن لا تنهجوا منهج العصبية والاستبداد، و ان لا تأمروا الطفل أو تنهوه باستعمال التخويف او التحقير، او التأنيب، او الطعن والاستهزاء.

14-حاولوا ان تأخذوا بنظر الاعتبار عمر الطفل، ظروفه المعيشية، خصائصه النفسية وعواطفه، وقت تكامله وبلوغه الذهني و المراحل في ذلك.

15-حاولوا إناطة المسؤولية – بالقدر المستطاع - للطفل، مراعين في ذلك عمره و طاقته، وضعوه في معرض التفكير واتخاذ القرار بنحوٍ طبيعي.

16-عليكم ان تعلموا أن التربية الصالحة، هي ثمرة من ثمار العائلة التي يملئها العطف و الحب و الحنان(1).

17-ان من اهم الامور التي ينبغي ان نقدمها للطفل حتى يألفها هي مساعدته ليكون واثقاً بنفسه، و حسن الظن بالآخرين، و تهيئة ارضية استماعه للكلام الآخرين، بالتودّد اليه والتعطّف عليه.

ص: 84


1- قال رسول الله صلّى الله علیه و آله: «خيركم خيركم لأهله»، نهج الفصاحة.

قال الامام السجاد عليه السلام في دعاءه لولده:

اللهم اشدد بهم عضدي، وأقم بهم أودي،

وكثّر بهم عددي، وزيّن بهم محضري، وأحيي بهم

ذكري، واكفني بهم غيبتي، وأعنّي بهم على حاجتي، و اجعلهم لي محبّين، و عليَّ حدبين مقبلين مستقيمين لي، مطيعين غير عاصين و لا عاقّين و لا مخالفين و لا خاطئين، و أعنّي على تربيتهم و برّهم.

الصحيفة السجادية

ص: 85

ص: 86

فهرس الموضوعات

الموضوع ... الصفحة

دور المعلم في اعداد جيل الأحداث ... 5

آثار التوحيد في أخلاق و سلوك الانسان ... 13

الهيكل العام لشخصية الأطفال ... 20

موضوع التربية و التعليم ... 21

الأسس الاخلاقية في شخصية الطفل ... 24

الاهتمام بجميع الجوانب للشخصية ... 29

قبل الدخول الى الابتدائية ... 31

اثار الامور العاطفية على التعليم ... 31

التطبع على التقاليد الصحيحة ... 34

تأثير اللعب على نمو الطفل و تكامله ... 35

إرشاد تربوي ... 37

وصايا هامة و ضرورية حول تربية الاطفال و الاشبال ... 38

إكراه الأطفال ... 39

تنبيهات تربوية خاصة بالمرحلة الابتدائية ... 42

الشذوذ ... 43

الحرية ... 44

الاستقامة ... 45

معاملة الأبوين ... 45

اكتساب التقاليد ... 49

ص: 87

الشعور العاطفي ... 50

تنبيهات اخلاقية وتربوية ... 57

زبدة لأهم مناهج تربية الطفل ... 76

تنبيهات اجمالية حول التربية والتعليم ... 83

ص: 88

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.