صلح الحسن (عليه السلام) في فکر المستشرقين

هوية الکتاب

العتبة العباسية المقدسة

قسم الشؤون الفكرية والثقافية

شعبة الإعلام

وحدة الدراسات والنشرات

كربلاء المقدسة

ص.ب (233)

هاتف: 322600 ، داخلي: 175-163

www.alkafeel.net

info@alkafeel.net

الكتاب: صلح الحسن(علیه السلام) في فكر المستشرقين

تأليف: كريم جهاد الحساني.

الناشر : قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة.

مراجعة: وحدة الدراسات والنشرات / شعبة الإعلام.

التدقيق اللغوي: هاشم الصفار.

الإخراج الطباعي والتصميم: علاء سعيد الأسدي

رقم التسجيل في دار الكتب والوثائق في بغداد 2322 لعام 2013م.

المطبعة: مطبعة المستقبل، بيروت لبنان.

الطبعة الأولى.

عدد النسخ: 2000 .

رمضان 1434 - تموز 2013

ص: 1

اشارة

العتبة العباسية المقدسة

قسم الشؤون الفكرية و الثقافية

صُلحُ الحَسَنْ (عَلَيهِ السَلامْ) فِي فِكْرِ المُسْتَشْرِقِينَ

تأليف: كريم جهاد الحساني

شعبة الاعلام

وحده الدراسات و النشرات

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ص: 3

ص: 4

يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ

صدق الله العلي العظيم

سورة يوسف، الآية : 88

ص: 5

ص: 6

الإهداء

إليك أيها المظلوم في عصره

إليك أيها المظلوم في قومه

إليك أيها المظلوم في نعشه

إليك أيها المظلوم في قبره

أُقدمُ بضاعتي هذي

المؤلف

ص: 7

ص: 8

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد واله الطيبين الطاهرين (عليهم السلام).

وبعد...

لقد أصبح الاستشراق اليوم علماً له كيانه ومنهجه، ومدارسه وفلسفته، ودراساته ومؤلفاته، وأغراضه وأتباعه، ومعاهده ومؤتمراته، فصار حقاً على الباحث أن يُعنى بتحديد المفاهيم والأفكار التي تبنتها تلك الأقلام؛ إذ لعب الاستشراق دوراً خطيراً في حياة الأمة الإسلامية، عبر قرون طويلة، وكان له من النتائج السلبية والإيجابية ما يعرفه المتخصصون في الدراسات الاستشراقية والمثقفون وغيرهم.

وتناولت نهضة المستشرقين التراث الإسلامي عن طريق جمع الوسائل المتاحة في الحصول على المعلومات، ولم يقفوا منه عندها فيموت بين جدران المكتبات والمتاحف والجمعيات، وإنما عمدوا إلى دراسته وتحقيقه ونشره وترجمته وتصنيفه من حيث النشأة والتطور.

وقد خاض المستشرقون في مجال الدراسات العربية الإسلامية من جوانب عديدة، فدرسوا الإسلام ،ومنهجه والسيرة النبوية وحضارة العرب فكراً و فناً وأدباً وفلسفةً وتاريخاً وجميع العلوم التي عرفها العرب والمسلمون.

ص: 9

ونحنُ اليوم بصدد الدراسة الاستشراقية للتاريخ الإسلامي وتحديداً في الفترة التي تلت عهد ما يسمى ب- (الخلافة الراشدة)، وقد دبت الفتن بين المسلمين وظهور النزاعات والمشاكل داخل الحواضر والبلدان الإسلامية المشهورة مثل: الكوفة، وبلاد الشام، وما جرى من الوقائع والأحداث التاريخية بين عميد من عمداء آل محمد (صلى الله عليه و أله وسلم) الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام) المنتمي إلى بني هاشم الشجرة المباركة في القرآن، وبين عميد من عمداء آل سفيان معاوية بن أبي سفيان المنتمي إلى بني أمية الشجرة الملعونة في القرآن.

ونظراً لسعة الأحداث التاريخية آنذاك وتشعبها، فقد حاولنا في هذه الدراسة تناول موضوع الهدنة أو الصلح بين تلك الأطراف تحت مظلة المستشرقين وما أخرجوا لنا من أفكارٍ وآراء قد عُني بعضهم بدراستها دراسة دقيقة من كل الجوانب، والآخر قد مرَّ عليها مرور الكرام، وقد لاحظنا من خلال الدراسة أنّ هؤلاء المستشرقين اعتمدوا في دراستهم لوقائع الصلح على المؤرخين الحاقدين على الإسلام الحقيقي المتمثل بأهل البيت (عليهم السلام) وخصوصاً الإمام الحسن (عليه السلام).

ولا نريد في هذا البحث أن نتوسع في عرض الآراء التي اتسم أصحابها بالتحامل على وريث النبوة الخالد، ولكن من دواعي البحث تشخيص الأسباب التي دفعت المستشرقين إلى إتباع هذا المنهج ؛ لذلك فقد أقمنا على هذه الدراسة عدة مقدمات أساسية لرفد هذا البحث من خلال بيان مقام شخصية الإمام الحسن(علیه السلام)، أما ما ورد من الآراء الاستشراقية، فكان لزاماً علينا وضع اللمسات الحقيقية؛ لذلك تم طرح تلك الآراء ودراستها دراسة تحليلية بعيداً عن الحقد والعصبية للوصول إلى الحقيقة التاريخية التي لابد للباحث منها، فجاء البحث على ثلاثة فصول هي: الفصل الأول: تناولنا في المبحث الأول : نبذة عن حياة الإمام الحسن(علیه السلام) و شخصيته الكريمة من الولادة حتى

ص: 10

تسلّمه عرش الخلافة الوحيد.

وتناولنا في المبحث الثاني: آثار الصلح العلوي(عليه السلام) الأموي في التاريخ الإسلامي، وما نتج من أحداث الصلح بين الحسن(علیه السلام)ومعاوية.

أما الفصل الثاني فقد تطرّقنا في المبحث الأول : آثار الصلح في المنظومة الاستشراقية ومنهجها في سيرة أهل البيت عليهم السلام.

وفي المبحث الثاني: أشرنا إلى موقف المستشرقين من الإمام المظلوم الحسن(علیه السلام)والافتراءات التي تجنّو بها عليه.

أما الفصل الثالث فقد تصدّر عنوانه : الصلح وآراء المستشرقين، وقد تضمّنَ المبحث الأول: ما جاء في دوائر المعارف الاستشراقية العالمية من مادة موضوعنا.

والمبحث الثاني : ذكرنا فيه آراء بعض المؤرخين دراسة وتحليلا .

وأخيراً أسأل الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت في إكمال هذه الدراسة على أكمل وجه دون تعصب أو ميل عاطفي على حساب الأمانة العلمية والتاريخية الملقاة على عاتق الباحث الأمين.

كريم جهاد الحساني

مكتبة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام العامة

مركز الأمير عليه السلام لإحياء التراث الإسلامي

العراق - النجف الأشرف - سوق الحويش

3 جمادى الآخرة 1434ه - 14 نيسان 2013 م.

ص: 11

ص: 12

الفصل الأول

بَيْنَ يَدَيْ الإِمَامِ الحسن(علیه السلام)

المبحث الأول :

•في البيت المحمدي(صلى الله عليه و أله وسلم).

•وريث الخلافة الوحيد.

المبحث الثاني:

•الصلح العلوي(عليه السلام) الأموي في التاريخ الإسلامي.

•الاسباب... والدواعي.

ص: 13

ص: 14

الفصل الأول : بين يدي الإمام الحسن (عليه السلام)

المبحث الاول: في البيت المحمدي(صلى الله عليه و أله وسلم)

اشارة

احتفى التاريخ الإسلامي بذكر هذه الشخصية العظيمة ألا وهي شخصية الإمام الحسن(علیه السلام)؛ لما لهذه الشخصية من الأثر العظيم في الإسلام، وكان من الطبيعي أن نشير إلى بعض من هذا الاحتفاء الذي دوّن في أغلب مصادر المسلمين، ولم يكن أحد منهم ليخفي أثر ذلك النور المحمدي(صلى الله عليه و أله وسلم)، فهو كالنور في رابعة النهار، وكان الغاية من تلك الإشارات هو الوقوف وبشكل واضح وجلي على حياة هذه الشخصية المظلومة وأثرها على الواقع الإسلامي، ومن ثم مطابقة ومقارنة ذلك الأثر على أفكار المستشرقين وما دوّنته أقلامهم حول تلك الزاوية المهمة من حياته عليه أفضل السلام والتحية ألا وهي زاوية الصلح مع طاغية العصر معاوية بن أبي سفيان.

ص: 15

النسب الوضّاح:

الحسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) ، من صميم الاسرة الهاشمية التي عُرفت بالنبل والشهامة، والتي التقت به جميع عناصر الشرف والكرامة التي جعلتها في طليعة الأسر العربية سموّاً وشرفاً.

ومن المؤكد أنه لم تكن في مكة أسرة عُرفت بالنبل والشهامة سوى الأُسرة الهاشمية منذ فجر تأريخها التي شاع في مجتمعها قبائلها من أخلاق الغلظة والأنانية والقسوة والحسد وعبادة الأوثان والأصنام، فكانت الأسرة الهاشمية رمزاً من رموز البرّ و السخاء حتى عد الكرم من عناصرهم وذاتياتهم، وحظيت هذه الأسرة بأفذاذ الرجال وعيونهم ومنهم إمامنا الإمام الحسن(علیه السلام).

الولادة الميمونة

ولد بالمدينة المنورة ليلة النصف من شهر رمضان وهو أبرك الشهور سنة ثلاث للهجرة (1) وقيل: سنة اثنتين من الهجرة (2) ، وهو البكر من أبويه، وسمع النبي (صلى الله عليه و أله وسلم) بنبأ الولادة وهو في المسجد، فذهب إلى بيت الصديقة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها)فأخذ الوليد بين يديه فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ثم تناوله أبوه عليا(عليه السلام) فقبله ما بين عينيه، وقيل له: سمه، فقال: ما كنتُ لأسبق باسمه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، فسماه «حسناً»، ولم يكن

ص: 16


1- ابن عبد البر، يوسف أحمد (463ه-) ، الاستيعاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، ط الاولى - دار الجيل - بيروت 1412ه-، ج 1، ص 383 ؛ الجزائري، نعمة الله الأنوار النعمانية، تحقيق: عيسى بن سعيد وعمران بن علي، ط شركة جاب – تبريز، ج 1، ص372.
2- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، تحقيق هداية الله المسترحمي، ط الثالثة – بيروت، 1983م، ج 44 ، ص 134 .

متعارفاً هذا الأسم في الجاهلية، وكنّاه « أبا محمد»، ولا كنية له غيرها (1)

ألقابه :

السبط، السيد، الزكي، المجتبى، التقي (2)

أخلاقه وعبادته

إنّ مكارم الخلاق التي توسم بها النبي الكريم محمد (صلى الله عليه و أله وسلم) وتعامل بها مع أصحابه وقومه، قد ورثها الحفيد الحسني، وكانت شمائله آية الإنسانية الفضلى، فما رآه رجلٌ إلا هابه، ولا خالطه إنسان إلا أحبه، وإلى ذلك أشار محمد بن اسحاق، بقوله: «ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ما بلغ الحسن بن علي(عليهماالسلام)، كان يبسط له باب داره، فإذا خرج وجلس انقطع الطريق، فما مرَّ أحد من خلق الله اجلالاً له، فإذا علم قام ودخل بيته فيمر الناس

(3).

وقد ذكرت المصادر التاريخية وتشعبت وانتشرت في بواطن الكتب معالم ومكارم الأخلاق الحسنيّة ، منها : إنّه اجتاز على جماعة من الفقراء قد وضعوا على وجه الأرض كسيرات من الخبز كانوا قد التقطوها من الطريق، وهم يأكلون منها، فدعوه إلى مشاركتهم، فأجابهم إلى ذلك وهو يقول: إنّ الله لا يُحبُّ المتكبرين. ولما فرغ من

ص: 17


1- ينظر: ابن حنبل، احمد بن حنبل (241ه-)، مسند احمد، ط دار صادر - بيروت ج6، ص 391 ؛ ابن الأثير علي بن أبي الكرم، اسد الغابة، ط دار الكتاب العربي – بيروت - لبنان . ج 2 ، ص 9 ؛ الديار بكري، حسين بن محمد، تاريخ الخميس، ط مصر - 1383ه-، ج 1، ص 470 ؛ الأمين ،محسن أعيان الشيعة تحقيق حسن الأمين، ط الثانية - بيروت، ق 1 ، ص 3-4 .
2- القريشي، باقر شريف الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام) ، تحقيق: محمد مهدي القريشي، ط: الأولى - دار المعرووف : - قم المقدسة 1430ه- ، ج 10 ص 49 .
3- الطبرسي، الفضل بن الحسن، إعلام الورى بأعلام الهدى، تحقيق: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)لإحياء التراث، ط الاولى - قم 1417ه-، ج 1 ، ص 413 .

تناول الطعام دعاهم إلى ضيافته، فأطعمهم وكساهم وأغدق عليهم نعمه وإحسانه (1).

أما عبادته فقد تحدّث العلماء ورواة الحديث والتاريخ عن مدى الطاعة والمعرفة بالله، والإيمان المفعم بالحب الله تعالى، والانقياد لأوامره ونواهيه، فقالوا: إنه لم ير في وقت من الأوقات إلا وهو يلهج بذكر الله (2).

وكان من المظاهر العبادية التي وصف بها إنّه - خمسا وعشرين حجة ماشيا على قدميه، وإن النجائب لتقاد معه. وكان من المعتبرين بالموت فإذا ذكر الموت عنده بكى وإذا ذكر القبر بكى، وإذ ذكر البعث بكى، وإذا ذكر الممّر على الصراط بكي، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقةً يُغشى عليه منها ، وإذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله الجنة وتعوّذ بالله من النار (3).

الملامح والعبقرية

تدرّج الإمام الحسن(علیه السلام)في بيت الرسالة المحمدية(صلى الله عليه و أله وسلم)، وقطع شوطاً من حياته في ظل جده رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فكانت ملامحه تُحاكي ملامح الجد العظيم في أوصافه الخلقية والخلقية، كما ورد في الرواية عن أنس بن مالك انه قال: لم يكن أحد أشبه بالنبي(صلي الله عليه و أله و سلم)من الحسن بن علي(عليهماالسلام) (4).

ص: 18


1- القرشي، باقر شريف الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام)، ج 10، ص 100
2- الصدوق، محمد بن علي الامالي تحقيق قسم الدراسات الإسلامية - قم، ط الاولى - 1417ه-، ص 108 .
3- ينظر: ابن كثير اسماعيل بن كثير، البداية والنهاية، تحقيق: علي شيري، ط الاولى - دار احياء التراث العربي - بيروت 1408ه-، ج 8 ، ص 37؛ ابن عساكر علي بن الحسن، تاريخ مدينة ،دمشق تحقيق علي شيري، ط دار الفكر - بيروت 1415ه- ، ج 13 ، ص 242 .
4- ينظر: البخاري، محمد بن اسماعيل صحيح البخاري، ط دار الفكر للطباعة – استانبول 1401ه-، ج 4، ص 217.

وعاشَ عليه أفضل الصلاة والسلام في كنف والده الامام علي(عليه السلام) ، وأمه فاطمة الزهراء((سلام الله علیها))، في بيتٍ لم تعرف الجاهلية طريقاً له، وقد تلامست انفاسه فيه أنفاس القرآن الكريم، وانتهل من نميره الصافي معرفة التوحيد الراسخ بربوبية الله سبحانه وتعالى، و شاهد المواقف المحمدية(صلى الله عليه و أله وسلم) والعلوية(عليه السلام) هادياً، ومبلغاً، ومحارباً، وكيف تهاوت صروح الطغاة، وتقوضت أركان الجبابرة أمامهم.

وقد قبض رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وله - الحسن(علیه السلام)- من العمر آنذاك سبع سنين وأشهر، فجمع الحفيد حصيلة ميراثه الضخم من جده هو خير ما في الدنيا والآخرة، الذي لا ينطق عن الهوى، منها ما ورد عن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) له واضعاً الحسن بن علي(عليهماالسلام) على عاتقه، وهو يقول: اللهم أني أحبه فأحبه»(1).

وإلى غير ذلك من الميراث النبوي وردت روايات عديدة رواها جل من تناول موضوع الإمام الحسن(علیه السلام)يسع المقام لذكرها.

وملك الإمام الحسن(علیه السلام)بمقتضى ذلك الميراث من الذكاء و سموّ الإدراك ما لا يملكه غيره، ودلّت بوضوح على مدى إدراكه الواسع، فقد حدث الرواة عن مدى نبوغه وعبقريته المبكرة، والناظر في دور طفولتها يهيم به إعجاباً وإكباراً وتقديساً؛ فقد ورد عن المؤرخين: إنّه كان لا يمرّ عليه شيء إلا حفظه، وكان يحضر مجلس جده صلوات الله وسلامه عليه فيحفظ الوحي، فينطلق إلى أُمّه فيُلقيه عليها، فتحدّث به أمير المؤمنين ، فيتعجب، ويقول : من أين لك هذا؟!

فتقول الزهراء (سلام الله علیها): من ولدك الحسن.

ص: 19


1- مسند احمد بن حنبل، ج 4 ، ص 292 .

ويختفي الامام علي(عليه السلام) في بعض زوايا البيت ليسمع ولده، ويقبل الحسن(علیه السلام)على عادته على أُمه الحنونة ليلقي عليها ما حفظه من آيات الوحي والتنزيل، فيرتج عليه، ولا يستطيع النطق، فتبادر الزهراء (سلام الله علیها)قائلةً: يا بني، لماذا أرتِجَ عليك؟!

فيقول : يا أماه لا تعجبي مما ،عراني، فإنَّ كبيراً يرعاني(1).

وقد عُرف عنه بحفظه الكثير مما سمعه من جده النبي محمد(صلي الله عليه و آله و سلم) و له من العمر أربع سنين ، إذ ورد عنه وهو في هذا العمر من الصبا، قوله: علمني رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) كلماتٍ أقولهن في الوتر اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما اعطيت وقني شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنّه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت (2)

زوجاته

من الظُّلامات التي طالت هذه النبعة الطاهرة من آل محمد في حياتها وبعد مماتها ما نُسب إليه أنه كثير الزوجات، أي مزواج ومطلاق!!

هذه الافتراءات الباطلة التي نسبها إليه في حياته الدوانيقي أبو جعفر المنصور، فهو أول من افتعل ذلك (3)، من خلال خطاباته التي كان يُلقيها على المسلمين متحاملا بها على الإمام أمير المؤمنين وأولاده، ومشحونة بالسب والشتم لهم منها، قوله:

ص: 20


1- ينظر: ابن شهر اشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب(علیهم السلام)، تحقيق: لجنة من أساتذة النجف الاشرف، ط الحيدرية - النجف الاشرف 1956م، ج 2، ص 148 .
2- صحيح الترمذي، ج 1، ص 93 ؛ النيسابوري أبي عبد الله، مستدرك الحاكم، تحقيق: يوسف المرعشلي، ط دار المعرفة - بيروت، ج 3، ص 173 ؛ تاريخ مدينة دمشق، ج 13، ص 164 .
3- القرشي الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام)، ج 11، ص 456 .

إن ولد آل أبي طالب(عليهم السلام) تركناهم والذي لا إله إلا هو والخلافة، فلم نعرض لهم إلا بقليل ولا بكثير ، فقام فيها علي بن أبي طالب(عليهم السلام)، فما أفلح وحكم الحكمين، فاختلفت عليه الأمة، وافترقت الكلمة ، ثم وثب عليه شيعته وأنصاره وثقاته فقتلوه، ثم قام بعده الحسن بن علي(عليهماالسلام)، فو الله ما كانَ برجل عرضت عليه الأموال فقبلها، ودسّ إليه معاوية إني أجعلك ولي عهدي فخلعه، وانسلخ له مما كان فيه وسلّمه إليه، وأقبل على النساء يتزوج اليوم واحده، ويطلق غداً أخرى، فلم يزل كذلك حتى مات على فراشه»(1).

أما بعد وفاته فقد نسب المؤرخون إليه من اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة، حتى ذهبت بعض الروايات المغرضة إلى ان عدد زوجاته بلغنَ الثلاثمائة (2) .

وهنا نُشير إلى أسماء أزواجه اللاتي ذكرهنّ المؤرخون، وهنّ:

1 - أم اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي، أولدت منه ولداً أسماه طلحة.

2 - حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.

3- خولة بنت منظور الفزارية، أولدت منه السيد الجليل (الحسن).

4 - جعدة بنت الأشعث بن قيس، وهي التي أغراها معاوية بقتله فقتلته بالسم.

5 - عائشة الخثعمية، وهي التي أظهرت الشماتة بوفاة أبيه الامام علي(عليه السلام) ، ولما علم شماتتها طلقها.

وإلى ذلك يقول الشيخ آل ياسين (3) بعد التحقيق في عدد أزواجه:

ص: 21


1- المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، ط مصر - 1948م، ج 3، ص 226 .
2- المكي، محمد بن علي، قوت القلوب، ط مصر - 1961م، ج 2، ص 246 .
3- الشيخ راضي بن عبد الحسين بن باقر آل ياسين فاضل متأدب إمامي، ولد ونشأ في الكاظمين سنة 1314 ه- - 1896م ، له مؤلفات عديدة منه : أوج البلاغة، تاريخ الكاظمين، صلح الحسن(علیه السلام)، توفي في لبنان سنة 1372 ه- 1953م ودفن في النجف الاشرف. الزركلي، خير الدين، الاعلام، ط الخامسة - دار العلم للملايين - بيروت 1980م، ج 3، ص 12 .

ولا نعهد انه اختص من الزوجات - على التعاقب - بأكثر من ثمان أو عشر - على اختلاف الروايتين - بما فيهن امهات اولاده) (1).

أولاده :

اختلف المؤرخون في عدد أولاده ذكوراً وإناثاً اختلافاً كثيراً، فقد قيل أنهم:

1 - اثنا عشر: ثمانية من الذكور، وأربع من الإناث (2).

2 - تسعة عشر: خمسة عشر من الذكور، وأربع من الإناث (3)..

3- ستة عش: أحد عشر من الذكور، وخمس من الإناث (4).

4 - تسعة عشر: ثلاثة عشر من الذكور، وست من البنات (5).

5- عشرون : ستة عشر من الذكور، وأربع من البنات (6).

ص: 22


1- آل ياسين، راضي، صلح الحسن، ط الزهراء - بغداد 1953م، ص 11 .
2- اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي، ط دار صادر - بيروت، ج 2، ص 305
3- أبي الفتوح، محمد كاظم النفحة العنبرية في أنساب خير البرية، تحقيق: مهدي الرجائي، ط طهران - 1419ه-، ص 45
4- المقريزي، تقي الدين اتعاض الحنفاء بأخبار الائمة الفاطميين الخلفاء، تحقيق: جمال الدين الشيال، ط القاهرة - 1967م، 17
5- البخاري، أبو نصر، سر السلسلة العلوية، تقديم: محمد صادق بحر العلوم، ط الحيدرية - النجف الاشرف - 1963م، ص 4
6- الهمذاني، حميد بن أحمد الحدائق الوردية، ط دمشق - 1985م ، ص 107

6 - ثلاثة وعشرون: خمسة عشر من الذكور، وثمان من الإناث (1).

وقد اتفق المؤرخون ان عقبه من ولديه الحسن(علیه السلام)و زيد فقط، ولا يصح الانتساب إليه من غيرهما (2).

وريث الخلافة الوحيد:

بويع الحسن(علیه السلام)بالخلافة بعد أن لبى أبوه الإمام أمير المؤمنين نداء ربّه في يوم 21 من رمضان عام 40ه شهيداً مضرجاً بدمه الطاهر في محرابه بمسجد الكوفة قتله أشقى الأولين والآخرين عبد الرحمن بن ملجم في مؤامرة حاكها الخوارج ومعاوية والأشعث بن قيس.

وفي صبيحة اليوم الذي شُيّع ودفن فيه الإمام أمير المؤمنين قام الإمام الحسن(علیه السلام)خطيباً بالمسلمين، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله الكريم محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ثم قال:

«لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل، ولم يدركه الآخرون بعمل لقد كان يجاهد مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فيقيه بنفسه، وكان رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) يوجهه برايته، فيكنفه جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله، ولا يرجع حتى يفتح الله على يديه، ولقد توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم، والتي قبض فيها يوشع بن نون وصي موسى، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت عن أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.

ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس من حوله معه، ثم قال:

أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن(علیه السلام)بن محمد

ص: 23


1- ابن الجوزي، يوسف، تذكرة الخواص، ط الاولى - دار العلوم - بيروت 2004م ، ص 278 .
2- ينظر صلح الحسن(علیه السلام)، ص 26

أنا ابن البشير أنا ابن النذير أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، أنا ابن السراج المنير، أنا من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، أنا من أهل بيت فرض الله مودتهم في كتابه، إذ يقول: قُلْ لَا أَسْتَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا (1). فالحسنة مودتنا أهل البيت».

ولما أتمَّ الإمام خطابه قام عبد الله بن عباس بين يديه، فقال: معاشر الناس، هذا ابن نبيكم، ووصي إمامكم فبايعوه. فأخذ الناس يبايعونه على الخلافة و هم يقولون: ما أحبه إلينا، وأوجب حقه علينا (2).

وتلاحقت بعد إعلان البيعة للإمام في الكوفة المدن والأمصار تعلن بيعتها له، وقد أعلنت فارس بيعتها على يد زياد بن أبيه (3)، وبايعه الحجازيون واليمانيون على يد جارية بن قدامة (4) ، والإمام يستقبل الناس مجموعة بعد مجموعة، وهو يقول لهم:

ص: 24


1- الشورى، 23
2- ينظر الاصفهاني أبو الفرج، مقاتل الطالبيين تقديم واشراف: كاظم، المظفر، ط الحيدرية - النجف الاشرف 1965م ، ص 33 ؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل، ابراهيم، ط الثانية - دار احياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي - 1962م ، ج 16 ، ص 30.
3- زياد بن أبيه، اختلف المؤرخون في اسم أبيه، فقيل: عبيد الثقفي، وقيل: أبو سفيان، والدته سمية جارية الحارث بن كلدة ،الثقفي، ولد في السنة الاولى للهجرة، وأسلم في عهد أبي بكر، وكان كاتباً للمغيرة بن شعبة ، ثم لأبي موسى الاشعري، ثم ولاه الامام علي(عليه السلام) في خلافته فارس، وبعد وفاة الامام علي(عليه السلام) استماله معاوية لجانبه بعد أن لحقه بنسبه لأبي سفيان، توفي سنة 53ه-. ينظر الاعلام ، ج 3، ص 5.
4- جارية بن قدامة بن زهير أبو أيوب، روى عن النبي، و عن الامام علي(عليه السلام)، وشهد معه صفين، قال عنه ابن حجر: انه صحابي ثابت الصحبة . ابن حجر، أحمد بن علي تهذيب التهذيب، ط الاولى - دار الفكر - بيروت 1404ه-، ج2، ص 48

تبايعون لي على السمع والطاعة وتحاربون من حاربت وتسالمون من سالمت (1) . ولم يتخلّف عن تلك البيعة إلّا معاوية ابن أبي سفيان، ومن اتبعه من الشام.

الإمام يُحذَر الشيعة :

لم يكتفِ الإمام بما ذكره في خطبته الأولى، بل بعد البيعة له أخذ يؤكد لشيعته في خطاب آخر، ويُحذرّهم من الأهوال القادمة من الشام، والأجواء الملبدة بالغيوم، وهي كالجمرة على النار، وقد تشتعل فتُحرق الجميع فلابد من أن تكون الأُمة على حذر، قائلاً:

«نحن حزب الله الغالبون وعترة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الأقربون، وأهل بيته الطيبون الطاهرون، وأحد الثقلين الذين خلفهما رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في أُمته، ثاني كتاب الله الذي فيه تفصيل كل شيء، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالمعول علينا في تفسيره، لا نتظنن تأويله، بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله مقرونة، قال الله عز وجل : يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرسول(صلی الله علیه و آله و سلم) وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَتَزَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرسول(صلی الله علیه و آله و سلم) إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (2) . ، وفي آية أخرى قال عز من قائل: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرسول(صلی الله علیه و آله و سلم) وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (3) .

وأحذركم الإصغاء لهتاف الشيطان إنه لكم عدو مبين، فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم : لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارُ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ

ص: 25


1- ابن قتيبة عبد الله، الامامة والسياسة، تحقيق د. محمد الزيني، ط مؤسسة الحلبي، ج1، ص 140 ؛ تاريخ مدينة دمشق، ج 13، ص 274 .
2- النساء، 59
3- النساء، 83

نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ (1)، فستلقون للرماح وردا، وللسيوف جزراً، وللعمد حطما، وللسهام غرضا لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَنْهَا لَمْ تَكُن ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَنِهَا خَيْرًا» (2)، (3) .

تولّي القيادة السياسية والشرعية:

وتحمّل الإمام الحسن(علیه السلام)مسؤولية الأمة كإمام وقائد ومعلّم، وسار على نهج والده الامام علي(عليه السلام) الذي خطّهُ له النبي الأكرم محمد(صلي الله عليه و أله و سلم) وهو نهج الرسالة، وإن تململ بعض القوم إلا أنّه لم يعبأ بهم ، فأخذ يعمل في إصلاح دولته، وصيانتها من الفاسدين، ووزع الوظائف على المحنكين والصلحاء العدول من الأمة، ورتب الجيش وزاد في عددهم.

وجلسَ مجلس أبيه في الحكم، يحكم بالسوّية بين الناس فهم في عُرفه سواسية كأسنان المشط، وهي القاعدة العلوية(عليه السلام) ومن قبلها المحمدية(صلى الله عليه و أله وسلم) التي حكمت بالرعية بنهج القرآن الكريم، ولم يكن حب الرياسة وشهوة الحكم قد استحوذت عليه؛ لأنه يعلم أنها شر أدواء الناس وبالاً عليها، فهي تستفحل في طباع الأقوياء من الزعماء وأصحاب المناصب الدنيوية.

ص: 26


1- الأنفال ، 48
2- الأنعام، 158
3- ينظر: المفيد، محمد بن النعمان، الامالي تحقيق: الحسين استاد ولي و علي أكبر الغفاري، ط الثانية - دار المفيد - بيروت 1414ه- ، ص 349؛ القندوزي، سليمان بن ابراهيم، ينابيع المودة لذوي القربى، تحقيق: سيد علي جمال أشرف، ط الاولى - دار الاسوة - 1416ه-، ج 1 ، ص 75

المبحث الثاني: الصلح العلوي(عليه السلام) الأموي في التاريخ الإسلامي

الحرب الباردة بين الطرفين :

أخذ دور معاوية يستيقظ من جديد فالحقد الدفين في أعماقه يتحرك دائماً، فلا يمكن له أن يترك السلطة بيد الرجل العلوي(عليه السلام) الذي بَدَدَ أحلامه في الحصول على حكم المسلمين؛ لذلك فهو يتحين الفرصة من يوم مؤامرة (المصاحف)، واتخذ من جلوس الإمام على عرش الخلافة الوقت المناسب ليعلنها عاصفةً هوجاء في وجه الخليفة الجديد.

ومن أجل إلقاء الحجة، كتب الإمام الحسن(علیه السلام)إلى معاوية كتاباً يدعوه فيه إلى بيعته، بعد أن بايعته جميع البلدان والأمصار إلا الشام وعلى رأسها معاوية، وجاء في نصه الكتاب :

بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله الحسن(علیه السلام)أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو.

أما بعد: فإن الله تعالى عز وجل بعث محمداً صلى الله عليه وآله رحمةً للعالمين، ومنةً على المؤمنين وكافة إلى الناس أجمعين ليُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَفِرِينَ (1)، فبلغ رسالات الله وقام على أمر الله حتى توفاه الله غير مقصر ولا

ص: 27


1- يس، 70 .

وان، حتى أظهر الله به الحق، ومحق به الشرك ونصر به المؤمنين وأعزّ به العرب وشرف به قريشا خاصة، فقال تعالى: ( وَإِنَّهُ لَذِكْرُ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) (1) ، فلما توفي تنازعت سلطانه العرب فقالت :قريش نحن قبيلته وأسرته وأوليائه، ولا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس وحقه، فرأت العرب أن القول كما قالت قريش، وأن الحجة لهم في ذلك على من نازعهم أمر محمد، فأذعنت لهم العرب، وسلّمت ذلك، ثم حاججنا نحن قريشاً بمثل ما حاججت به العرب، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف والاحتجاج، فلما صرنا أهل بيت محمد وأوليائه إلى محاجتهم وطلب النصف منهم، باعدونا واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا، والعنت منهم لنا، فالموعد الله، وهو الولي النصير.

وقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا، وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزاً يثلمونه به أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من إفساده.

فاليوم فليعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله، لا بفضل في الدين معروف، ولا أثر في الإسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب، وابن أعدى قريش لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ولكن الله خيبك، وسترد فتعلم لمن عقبى الدار، وتالله لتلقين عن قليل ربك، ثم ليجزينك بما قدمت يداك، وما الله بظلام للعبيد.

إنّ عليا(عليه السلام) - رضوان الله عليه - لما مضى لسبيله - رحمة الله عليه - يوم قبض، ويوم منَّ الله عليه بالإسلام، ويوم يبعث حياً، ولأني المسلمون الأمر بعده، فأسأل الله أن لا يزيدنا في الدنيا الزائلة شيئاً ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامته، وإنما حملني

ص: 28


1- الزخرف، 44 .

على الكتاب إليك الإعذار فيما بيني وبين الله سبحانه وتعالى في أمرك، ولك في ذلك إن فعلت الحظ الجسيم، والصلاح للمسلمين، فدع التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي، فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله، وعند كل أواب حفيظ، ومن له قلب منيب، واتق الله، ودع البغي، واحقن دماء المسلمين، فو الله مالك من خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به فادخل في السلم والطاعة، ولا تنازع الأمر أهله، ومن هو أحق به منك، ليطفئ الله النائرة بذلك، وتجمع الكلمة وتصلح ذات البين، وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيك، نهدت إليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين»(1).

ولم يرق لمعاوية هذا الكلام الذي وضع النقاط على الحروف، وعرّف المكانة الحقيقية لبني سفيان أمام عرش الرسالة السماوية لبني هاشم، فقام بالرد على رسالة الإمام ليكشف عن دخيلة النفس الحاقدة، فقال فيها:

أما بعد، فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت به رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) من الفضل، وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله قديمه وحديثه وصغيره وكبيره، فقد والله بلغ فأدى، ونصح وهدى، حتى أنقذ الله به من التهلكة، وأنار به من العمى، وهدى به من الضلالة، فجزاه الله أفضل ما جزى نبياً عن أمته، وصلوات الله عليه يوم ولد ويوم قبض ويوم يبعث حيا . وذكرت وفاة النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)وتنازع المسلمين من بعده، فرأيتك صرحت بتهمة أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وأبي عبيدة الأمين، وحواري رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وصلحاء المهاجرين والأنصار ، فكرهت ذلك لك، فإنك أمرؤ عندنا وعند الناس غير ظنين، ولا المسيء ولا اللئيم، وأنا أحب لك القول السديد، والذكر الجميل.

ص: 29


1- أبو الفرج الأصفهاني (ت 356ه-) : مقاتل الطالبين، ص 36 ؛ شرح نهج البلاغة، ج 16، ص 33.

إن هذه الأمة لما اختلفت بعد نبيها لم تجهل فضلكم ولا سابقتكم ولا قرابتكم من النبي، ولا مكانتكم في الإسلام وأهله، فرأت الأمة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيها ، ورأى صلحاء الناس من قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس وعامتهم أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها إسلاما وأعلمها بالله وأحبها له، وأقواها على أمر الله واختاروا أبا بكر وكان ذلك رأي ذوي الحجى والدين والفضيلة، والناظرين للأمة، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة، ولم يكونوا بمتهمين، ولا فيما أتوا بمخطئين، ولو رأى المسلمون فيكم من يغني غناءه، أو يقوم مقامه أو يذب عن حريم المسلمين ذبه ما عدلوا بذلك الأمر إلى غيره رغبة عنه، ولكنهم عملوا في ذلك بما رأوه صلاحا للإسلام وأهله، فالله يجزيهم عن الإسلام وأهله خيرا.

وقد فهمت الذي دعوتني إليه من الصلح ، والحال فيما بيني وبينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها أنتم وأبو بكر بعد النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)ولو علمت أنك أضبط مني للرعية، وأحوط على هذه الأمة، وأحسن سياسة، وأقوى على جمع الأموال، وأكيد للعدو لأجبتك إلى ما دعوتني إليه، ورأيتك لذلك أهلا ولكن قد علمت أني أطول منك ،ولاية، وأقدم منك لهذه الأمة تجربة، وأكثر منك سياسة وأكبر منك سناً، فأنت أحق أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني، فادخل في طاعتي، ولك الأمر من بعدي، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغاً ما بلغ تحمله إلى حيث أحببت ، ولك خراج أي كور العراق شئت معونة لك على نفقتك يجيبها لك أمينك، ويحملها إليك في كل سنة، ولك ألّا يستولي عليك بالإساءة، ولا تقضى دونك الأمور، ولا تعصى في أمر أردت به طاعة الله عز وجل، أعاننا الله وإياك على طاعته إنه سميع مجيب الدعاء والسلام) (1)

ص: 30


1- أبو الفرج الأصفهاني (ت 356ه.ق) : مقاتل الطالبين، ص 36؛ شرح نهج البلاغة، ج16، ص 37 .

الإمام يدعو إلى السلم :

ومن خلال قراءه سريعة لهذه الرسالة التي تنم عما يُضمره معاوية في إعلان العصيان الكامل على البيعة للإمام الحسن(علیه السلام)بعد أن تأكد من مبايعة الناس للإمام الحسن(علیه السلام). وقد نصح رسول الإمام سيده قائلاً: إن الرجل سائر إليك، فأبدأ أنت بالمسير حتى تُقاتله في أرضه وبلاده وعمله، فأما أن تقدر أنه يتناولك فلا والله حتى يرى يوماً أعظم من يوم صفين، فقال: أفعل.

وأتاح الإمام الحسن(علیه السلام)لعدوه الفرصة الكافية لمراجعة نفسه، فهو لا يريد أن يدفع الناس إلى حرب غير متكافئة، ولعل الأمور تنتهي إلى السلم، فكانت دعوته دعوة الأنبياء علم السلام في إعلان السلام بين المسلمين، لذلك لم يعتن بتهديدات معاوية، فجاءت رسالته الأخيرة إلى معاوية حاملة معها الحزم، قائلاً:

«أما بعد، فقد وصل إليَّ كتابك تذكرُ فيه ما ذكرت، وتركتُ جوابك خشية البغي عليك، وبالله أعوذُ من ذلك، فاتَّبع الحق تعلمُ أنّي من أهله، وعليَّ إِثم أن أقول فأكذب والسلام» (1).

وبعد هذه الرسالة الأخيرة من الإمام يتبين أن الطرفين وصلوا من خلال الرسائل إلى طريق مسدود، ويجب عليهم التهيؤ للحرب، فقد انتهت الحرب الباردة بينهم ، وأصبحت أجراس الحرب تُدق في سماء المسلمين.

التوجه نحو الحرب

عزَمَ معاوية بن أبي سفيان منذ الوهلة الأولى للحرب باتخاذ طريق الغدر والاغتيال، إذ عَمِلَ إلى دس رجل من حمير إلى الكوفة، ورجل من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه

ص: 31


1- مناقب آل أبي طالب(عليهم السلام)، ج 3، ص 194.

بالأخبار ، وتم إلقاء القبض عليهم ، وكذلك قام بإرصاد العيون لمعرفة عدد ونوع جيش الإمام (1)

ولما أُذيع في الكوفة خبر توجه معاوية عمّ العراقيين الذعر والخوف، واستنفر الإمام الحسن(علیه السلام)فأمر بعض أصحابه أن ينادي ب- الصلاة جامعة»، لإعلان الجهاد بين الناس، فنودي بذلك، فاكتظ الجامع بالجماهير ، فاعتلى الإمام المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

«أما بعد: فإنَّ الله كتب الجهاد على خلقهِ وسمّاهُ كُرهاً، ثم قال لأهل الجهاد: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّبِرِينَ (2) ، فلستم أيها الناسُ نائلين ما تحبون إلّا بالصبر على ما تكرهون.

إنَّهُ بلغني أنَّ معاوية بلغه إنا كنا أزمعنا على المسير إليه، فتحرّك لذلك، فاخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنُّخيلة حتى ننظر وتنظروا، ونرى وتروا»(3).

وبعد هذا الخطاب وعلى أثر تثاقل الناس وعدم الاستجابة لنداء الإمام بالصورة التي يُريدها؛ لخوف السامعين من أهل الشام، يُشير الشيخ القرشي لهذا

الجمود، بقائله :

(وكان هذا التخاذل في بداية الدعوة إلى جهاد العدو يُنذر بالخطر، ويدعو إلى

ص: 32


1- المفيد، محمد بن النعمان الارشاد، تحقيق مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط الثانية - دار المفيد - بيروت 1414ه-، ج2، ص 9 .
2- الانفال، 46 .
3- شرح نهج البلاغة ، ج 16 ، ص 38.

التشاؤم واليأس من صلاحهم ) (1) .

إنَّ هذه الجماهير المجتمعة هي مجموعة من أخلاط الناس بعضهم شيعة للإمام ولأبيه، وبعضهم من الخوارج يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة، وبعضهم أصحاب فتن وطمع في الغنائم، وبعضهم شكاك، وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم لا يرجعون إلى دين؛ ولذلك تخلّف خلق كثير عن الخروج مع الإمام الحسن(علیه السلام)ولم يفوا بما قالوا، وبما وعدوا وغروه كما غروا أمير المؤمنين من قبله (2) .

هذه هي الصورة الواضحة لقوات الجيش التي خرج بها الإمام الحرب عدوه معاوية، والأنباء تصل للإمام عن معاوية، كما يقول المسعودي، بأنه خرج معه جيش أطوع الناس لمخلوق وأعصاهم للخالق عصاة الجبار ، وحلفة الأشرار (3)

معاوية و دور الترغيب والترهيب :

نظر معاوية إلى بوادر إعلان الحرب وخلفيات الخسارة والنجاح، وتبلور الموقف، وتفاوت الفرص لذلك، خاصة وانه حصل على معلومات عن طريق جواسيسه حول نوعية جيش الإمام الحسن(علیه السلام)وضخامته وانه يضم قادةً ومخلصين له، وأنهم لهم القابلية على إدارة الحرب بالصورة التي يريدها قائدهم وإمامهم لإيمانهم به وبقضيته، فلن يتزحزحوا إلا بالنصر أو الموت.

لذلك عَمِلَ أولاً على تكثيف اتصالاته بقادة الجيش وزعماء ورؤساء القبائل في العراق، لشراء ضمائرهم التي باعوها بأرخص الأثمان وأخذ يمنيهم بالوظائف،

ص: 33


1- الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام)، ج 11 ، ص 74.
2- ينظر ارشاد المفيد، ج 2، ص 10 ؛ صلح الحسن، ص 102
3- مروج الذهب، ج 6، ص 119 .

فأجابوه سراً إلى الخيانة العظيمة لإمامهم، ومنها إغراؤه عبيد الله بن العباس قائد جيش الإمام الحسن(علیه السلام)الذي أرسله مع جيش يربو على اثني عشر ألفاً من خُلّص الأصحاب الباسلين، فجذبه معاوية إليه حينما كتب إليه، قائلاً :

«إنَّ الحسن(علیه السلام)قد أرسلني في الصلح، وهو مسلّم الأمر إليَّ فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعاً، وإلّا دخلت وأنت تابع، ولك إن أجبتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم، أعجل لك في هذا الوقت نصفها ، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر » (1). ولم تمر عليه سواد الليلة حتى انسل بعد هذه الرسالة وتسلل معه في الليلة الثانية إلى معسكر معاوية ومعه ثمانية آلاف من جيشه.

وأخذ معاوية يسقط القائد تلو القائد بترغيبه وترهيبه وقصة القائد الكندي خير دليل على ذلك، إذ إنّ الإمام الحسن(علیه السلام)بعد غدر عبيد الله بن عباس له بعث قائداً لكتيبة من كندة في أربعة الاف فلما نزل الانبار بعث اليه معاوية بخمسمائة ألف درهم، ووعده بولاية بعض كور الشام والجزيرة، فقبضَ الكندي المال، وقلب على الحسن(علیه السلام)، وصار إلى معاوية في مائتي رجل من خاصته (2)

ثم بعث الإمام قائداً من مراد ففعل كما فعل الأول، بعدما أقسم للحسن(علیه السلام)السلام بالأيمان المغلّظة والتي لا تقوم لها الجبال أن لا يغدر به، ولكنه سار على سيرتهم، ولم يتمكن أن يصبر أمام دنيا معاوية.

ص: 34


1- تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 214 .
2- ينظر: الراوندي، قطب الدين الخرائج و الجرائح، تحقيق مؤسسة الإمام المهدي ، ط الاولى - العلمية - قم 1409ه-، ج 2، ص 575.

اغراء القبائل ... ونشر الذعر :

أرسل معاوية المغيرة بن شعبة، وعبد الله بن عامر، وعبد الرحمن بن الحكم إلى الإمام الحسن(علیه السلام)ليفا وضوه في أمر الحرب، وهم يحملون معه كتب أهل العراق ليطلع عليها ، وكيف أنهم تعهدوا له أن يُسلّموه الحسن(علیه السلام)كيفما أراد، إن سلماً أو مقتولاً، وأشار إلى ذلك الشيخ المفيد حيث قال: وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالسمع والطاعة له في السر واستحثوه على المسير نحوهم، وضمنوا له تسليم الحسن(علیه السلام)عند دنوّه من عسكره أو الفتك به » (1) ، فقد تمكن معاوية من اغراء رؤساء تلك القبائل، ومنهم خالد بن معمر زعيم قبيلة ربيعة والتي كانت درعاً حصيناً للإمام ، إذ جاء خالد بن معمر إلى معاوية مخاطباً له: أبايعك عن ربيعة كلها، وبايعه على ذلك، وفيه يقول الشاعر مخاطباً معاوية:

معاوية أكرم خالد بن معمر فإنك لولا خالد لم تؤمر (2).

وقد قام الوفد المفاوض القادم من معاوية بعد أن لاحظ أن الإمام مصمم على القتال، على نشر الفتنة بين صفوف جيش الإمام باستجابته لنداء الصلح مع معاوية، بقولهم: إن الله قد حقن بابن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الدماء، وسكن به الفتنة، وأجاب إلى الصلح»، ولما سمعوا بهذا الكلام، اضطربوا اضطراباً شديداً، ووثبوا على الإمام فانتهبوا مضاربه وأمتعته، وتنص بعض المصادر أنّهم نزعوا بساطاً كان الإمام جالساً عليه واستلبوا منه رداءه(3).

ص: 35


1- الارشاد، ج 2، ص 14.
2- البلاذري، أحمد بن يحيى أنساب الأشراف، تحقيق: محمد باقر المحمودي، ط الأولى - مؤسسة البلاغ - بيروت 1974م، ص 296 .
3- ينظر الطبري، محمد بن جرير تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: نخبة من العلماء الأجلاء، ط مؤسسة الاعلمي - بيروت، ج 4 ، ص 122 ؛ البداية والنهاية - ابن كثير، ج 8، ص18 ؛ تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 215 .

تفكك جيش الإمام (عليه السلام):

وكان على أثر ذلك أن خيّم جهل الرجال بذلك الجيش الذي أُصيب بأخلاقه وفساد عقيدته ، وقام بالتمادي في الاثم والضلال، إذ أراد الإمام أن يمتحن أصحابه ليرى طاعته ،له، فقام خطيباً بهم، فقال:

الحمد لله بكل ما حمده ،حامد، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد وأشهد أن محمدا (صلی الله علیه و آله و سلم) عبده ورسوله أرسله بالحق وائتمنه على وحيه.

أما بعد: فو الله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت - بحمد الله ومنه – وأنا أنصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ولا مريدا له بسوء ولا غائلة، ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم فلا تخالفوا أمري، ولا تردوا علي رأيي، غفر الله لي ولكم وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا.

فنظر الناس بعضهم إلى بعض وقالوا ما ترونه يريد بما قال؟ قالوا: نظنه - والله - يريد أن يصالح معاوية ويسلم الأمر إليه، فقالوا: كفر – والله – الرجل، ثم شدوا على فسطاطه فانتهبوه، حتى أخذوا مصلاه من تحته، ثم شدّ عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي فنزع مطرفه عن عاتقه، فبقي جالسا متقلداً السيف بغير رداء.

وبلغ من ذلك الطيش والجهل أنّ بعضهم حكم بتكفير إمامهم ، وكان أن انبرى لذلك العمل المشين الجراح بن سنان، قائلاً: «أشركت يا حسن(علیه السلام)كما أشرك أبوك من قبل !»، وقام بطعنه في فخذه فشقه حتى بلغ العظم فاعتنقه الإمام الحسن(علیه السلام)وخرا

ص: 36

جميعا على الأرض فأكب عليه رجل من شيعة الحسن(علیه السلام)فقتله (1).

ولم يقف الحد إلى هذا الاغتيال الأول، وإنما تبعه اغتيالان، أحدهما عندما كان الإمام يُصلّي فرماه شخص بسهم فلم يؤثر شيئاً فيه (2). والآخر: طعنه بخنجر في أثناء الصلاة، أشار إليها الطبراني في معجمه، قائلاً:

إنّ الحسن بن علي(عليهماالسلام)، حين قتل علي(عليه السلام)استخلف، فبينما هو يصلي بالناس، إذ وثب إليه رجل طعنه بخنجر في وركه، فتمرّض منها أشهراً، ثم قام على المنبر يخطب فقال:

يا أهل العراق اتقوا الله فينا فإنا أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهل البيت الذي قال الله عزوجل : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ

تَطْهِيرًا (3)، فما زال يومئذ يتكلّم حتى ما يُرى في المسجد إلّا باكياً. (4)

وما هذه الأعمال التي وردت من هؤلاء ضد الإمام المظلوم إلا انهم من المنافقين الخوارج الذي كانوا بين صفوف الجيش العراقي الحسني، كما يُشير إلى ذلك القرشي بقوله:

وأكبر الظن أنّ للخوارج ضلعاً كبيراً في هذا الإجرام، فإنهم لا يرون حرمةً للإمام ولا حرمة لأموال غيرهم، فقد أباحت خططهم الملتوية أموال من لا يدين بفكرتهم ولا يخضع لدينهم (5).

ص: 37


1- ارشاد ،المفيد، ج 2، ص 11 - 12 ؛ مقاتل الطالبيين، ص 41 .
2- ينابيع المودة، ص292.
3- الاحزاب، 33.
4- الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، تحقيق: حمدي عبد الحميد السلفي، ط الثانية – دار احياء التراث العربي - بيروت 1404ه-، ج 3، ص 93 .
5- الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام)، ج 11، ص 105 .

وقد حاول معاوية إغراء القادة من الشيعة الخلّص في جيش الإمام الحسن(علیه السلام)أمثال: قيس بن سعد بن عبادة، وعدي بن حاتم، ومعقل بن رياح التميمي وأمثالهم، وبذل جهوده الكبيرة في استمالة على الخصوص قيس بن سعد (1) إلى جانبه فلم يتمكن ولما يأس من ذلك الأمر عمد معاوية إلى اسلوب الدس والخديعة والبهتان والكذب، إذ دس في معسكر المدائن من ينشر الداعيات بقولهم: أن قيس بن سعد قائد الكتيبة المعسكرة في مسكن بعد فرار عبيد الله بن العباس قد صالح معاوية وصار معه. ولم يكتف بذلك بل وجه جماعة أخرى تعلن في المدائن بأن قيساً قُتل فانفروا (2).

وما جرى من هذه الخطوات الأموية كافٍ لإثارة البلبلة في الجيش وفزعها، وتسرب الفوضى في جميع أرجاء المعسكر، واشعال نار القلق والفتنة.

ص: 38


1- قيس بن سعد بن عبادة الساعدي، أبو عبد الله سيد الخزرج من أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ظل في خدمته عشر سنين كان من المنكرين لأبي بكر، سار مع الإمام أمير المؤمنين وكان على شرطة الخميس، وشهد صفين، توفي سن 58ه-. ينظر: الذهبي، محمد، سير أعلام النبلاء، تحقيق: محمد نعيم العرقسوسي و مأمون صاغرجي، ط التاسعة - دار الرسالة - بيروت 1993م، ج 3، ص 102 ؛ أيضاً : الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ط الخامسة - 1992م، ج 15، ص 96 .
2- تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص191.

الصلح أسبابه ودواعيه

ذكر المؤرخون مصطلحين في الأحداث التي جرت بين الإمام الحسن(علیه السلام)ومعاوية وهما مصطلح الهدنة والصلح .

فأي منهما يصح أن يُدرج على مجريات هذه الأحداث؟

فالهدنة: هي إيقاف القتال بين الطرفين لفترة وجيزة، من أجل فتح المجال بينهما للتشاور، ووضع نقاط الخلاف بينهما على طاولة المفاوضات.

أما الصلح: فهو إعلان انتهاء الحرب بين الطرفين وفق شروط تُحدد بينهما.

ومما تقدّم من مجريات الوقائع التي أشرنا إلى بعضها من خلال البحث، إنّ الإمام الحسن(علیه السلام)كان مضطراً لقبول الهدنة مرغماً في بادئ الأمر، إذ إنّ موقف الإمام كان يدعو إلى الحيرة والذهول في اتخاذ القرار الحاسم ، فهذا معاوية الذي يرى في حربه ضرورياً يلزم به الشرع، ومن جهة اخرى يرى الانقلاب والتفكك الذي أصيب جيشه، فضلاً عن المؤامرات التي حيكت لاغتياله، والأمر الآخر هو إصرار جمهور جيشه معه، الذي لم يهرب إلى معاوية كما هرب الآخرون؛ لأنهم آثروا السلامة على القتال، ويتضّحُ ذلك جلياً من خلال خطبة الإمام التي خطبها أمام تلك القلة المتبقي المتبقية، قائلاً:

«أما والله ما ثنانا عن قتال اهل الشام ذِلَّةٌ ولا قلةٌ، ولكن كُنا نقاتلهم بالسلامة والصبر،

ص: 39

فَشيَبتِ السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم تتوجّهون معنا ودينكم أمام دنياكم وقد أصبحتم الآن ودنياكم أمام دينكم، وكنا لكم وكنتم لنا، وقد صرتم اليوم علينا. ثم أصبحتم تعُدُّونَ قتيلين: قتيلاً بصفين تبكون عليهم، وقتيلاً بالنهروان تطلبون بثأرهم، فأما الباكي فخاذل ، وأما الطالب فثائر».

ثم بعد ذلك عرض عليهم دعوة معاوية إلى الصلح قائلاً :

وإنَّ معاوية قد دعا إلى أمر ليس فيه عزّ ولا نصفة، فإن أردتم الحياة قبلناه منه، وأغضضنا على القذى، وإن أردتم الموتَ بذلناه في ذاتِ اللهِ، وحاكمناه إلى الله».

وما إن انتهى الإمام من هذه الخطبة إلا وارتفعت الأصوات من جميع جنبات الجمع، وهي ذات مضمون واحد: البقية ، البقية (1)

ومن أجل ذلك، فقد اضطر الإمام إلى إجراء الهدنة أولاً من أجل تنظيم (الميثاق) لتحديد مسؤولية الطرفين عن تنفيذ الميثاق الذي يتكفل وقف الحرب بين

المتحاربين، إذ رأى الإمام أن لا ناصر له ولا معين، وإن الخطط المفضوحة من زعماء السلام جيشه لتسليمه إلى معاوية قد استبانت ولا مناص منها، مما جعله يأوي إلى هذه الهدنة.

أسباب الصلح :

بعد أن انتهى الإمام الحسن(علیه السلام)إلى ما يسمى ب- «وثيقة الصلح»، للموقف المتخاذل من أصحابه للولوج في الحرب كان أمامه أمرين لا ثالث لهما:

أولاً : أما الانجرار إلى الحرب بالبقية الباقية من خيرة أصحابه، وهو الذي لم يُغامر

ص: 40


1- اسد الغابة، ج 2، ص 13 -14؛ ابن الأثير أبي الحسن علي، الكامل في التاريخ، ط دار صادر - بيروت 1966م، ج 3، ص 406 .

به الإمام ، لأنهم دعامة الإسلام وقوته الباقية.

ثانياً: أو الهدنة والركون إلى الصلح الذي طلبه معاوية منه، وقد أجاب الإمام الحسن(علیه السلام)بعض الشيعة الناقمين عليه من المنافقين في أمر الصلح، فقال:

ما أردتُ بمصالحتي معاوية إلا أن أدفع عنكم القتل (1)

بنود الصلح:

جاء في بنود الصلح التي أكد عليها الإمام الحسن(علیه السلام)على ما يلي :

أولاً: تسليم الأمر إلى معاوية على أن يعمل بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلي الله عليه و آله و سلم.

ثانياً: ليس من حق معاوية أن يعهد الأمر من بعده إلى أحد، وإنما الأمر يعود للحسن(علیه السلام)، فإن جرى أي حدث عليه فالأمر يعود للإمام الحسين(عليه السلام) .

ثالثاً: الأمن لشيعة الإمام أمير المؤمنين ، وعدم التعرض لهم.

رابعاً: ترك السب لأمير المؤمنين ، وأن يذكره بالخير دائماً

خامساً: أن يُفرّق في أولاد من قتل مع أبيه في يوم الجمل وصفين ألف ألف درهم، ويجعل ذلك من خراج دار ابجرد(2)

هذه أهم ما جاء في أسباب وبنود الصلح، ولا نريد الخوض أكثر من ذلك، وسوف

ص: 41


1- الدينوري، أحمد بن داوود، الأخبار الطوال، تحقيق: عبد المنعم عامر ، ط الأولى - دار احياء التراث العربي - بيروت 1960م ، ص 221 .
2- للاطلاع ينظر : مقاتل الطالبيين، ص 26 ؛ ابن الصباغ، علي بن محمد، الفصول المهمة في معرفة الأئمة، تحقيق سامي الغريري، ط الاولى - دار الحديث - قم 1422ه-، ج 2، ص 728 ؛ القرشي، الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام)، ج 11 ، ص 227 - 241 .

نستعرض لاحقاً بعضها في آراء وأفكار المستشرقين لاحقاً بدراسة تحليلية تعتمد على الدليل الواضح.

نقض معاوية عهود الصلح :

وتحقق الصلح، ثم لم يفِ معاوية بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ونقض الميثاق بأنه لا يعهد إلى أحد من بعده فعهد بالخلافة لابنه يزيد ، ولم يترك شتم علي(عليه السلام)حتى بوجود الحسن(علیه السلام)، ثم ابتغى الغوائل للحسن والحسين (عليهما السلام)، وسلّط عليهما عامله مروان بالمدينة يجرعهما ما يجرعهما من الأذى، حتى أدى إلى قتل الإمام الحسن(علیه السلام)، ولم يف معاوية بخراج دار ابجرد، فإن أهل البصرة منعوه عنه، وقالوا: فيئنا ولا نعطيه أحداً.

وروي أنه خرج على معاوية قوم من الخوارج بعد دخوله الكوفة، وبعد حادثة الصلح، فأرسل إلى الحسن(علیه السلام)يسأله أن يخرج فيقاتل الخوارج، فقال الحسن(علیه السلام): سبحان الله تركت قتالك وهو لي حلال لصلاح الأمة، أفتراني أقاتل معك؟ فخطب معاوية أهل الكوفة فقال يا أهل الكوفة أتروني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت انكم تصلون وتزكون وتحجون؟ ولكني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت انكم تصلون وتزكون وتحجون؟ ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم والى رقابكم، وقد أتاني الله ذلك وأنتم ،كارهون، ألا ان كل مال أو دم أصبت في هذه الفتنة مطلول، وكل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين، ولا يصلح الناس إلا ثلاث: اخراج العطاء عند محله واقفال الجنود لوقتها، وغزو العدو في داره، فان لم تغزوهم غزوكم، ثم نزل(1).

ص: 42


1- ينظر: العلوي محمد النصائح الكافية لمن يتولى معاوية، ط الحيدرية - النجف الاشرف 1966م، ص 196 .

الفصل الثاني

الصُّلْحُ فِي المَنْظُومَةِ الإِسْتِشْرَاقِيةِ

أسبابه.. ونتائجه

المبحث الأول : المناهج الاستشراقية لسيرة أهل البيت

المبحث الثاني:

موقف المستشرقين من الإمام الحسن(علیه السلام)

ص: 43

ص: 44

الفصل الثاني : الصلح في المنظومة الاستشراقية

الصلح في المنظومة الاستشراقية - أسبابه... ونتائجه

عكفت البحوث الاستشراقية على دراسة أغلب الوقائع التي جرت في صدر الإسلام، والتي لعبت دوراً في تاريخ المسلمين، واتخذ من هذه البحوث منهجاً سارَ عليها المهتمون في الشؤون الإسلامية.

وقد حَفل التاريخ الإسلامي كثيراً من الوقائع المهمة والتي مثلت تحولاً خطيراً في الواقع السياسي الإسلامي، وكان لموضوع الخلافة الدور البارز في ظهور الخلافات السياسية التي أصبحت نقطة الخلاف والانقسام عند المسلمين، وأدى بالتالي إلى ظهور تلك الوقائع في صدر الإسلام وجلبت الويلات على المسلمين.

والصُلحُ واحدٌ من تلكمُ التحولات الخطيرة التي شهدت وضعاً سياسياً مرتبكاً بين المسلمين، فهي ليست واقعة عابرة أو حادثة سطحية احتوت البساطة في مجرياتها، بل كان لها الأثر الأكبر عمقاً في امتداد الرسالة الإسلامية والأكثر تأثيراً في سير خطها الطويل.

ص: 45

وحيث ان مسألة الصلح تتعلّق بجوهر الرسالة السماوية وتكملة الإنجازات النبوية التبليغية، وتكمن في ابراز وصاياها التي لا تنقسم ولا تفترق عن الأوامر القرآنية التي صدرت عن الباري عز وجل في اثبات القوانين اللازمة على صاحب تلك الرسالة النبي محمد(صلي الله عليه و آله و سلم) ، و من ثم على المسلمين الالتزام بها والسير عليها وهو ما جاء في قوله تعالى: يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بلغ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ، وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (1) ، لذلك فقد حدد القرآن الكريم الواقع السياسي والهيكلية الإدارية للمسلمين في حالة انتقال المبلغ الأول وصاحب الرسالة إلى الباري عز وجل، ولم يشأ أن يضع المسلمين في حالة الحيرة؛ لأنّ القرآن الكريم كان قد رسم الخطوات الأساسية المهمة للمسلمين، وليس من الصحيح أن يتركهم سداً يقعون في غيّهم وحيرتهم.

ولكن في حالة عدم التزام المسلمين بما صدر عن المدبّر الأول وواضع القوانين لهذا الكون، فإن الويلات سوف تحل بهذا المجتمع الذي سوف ينحدر إلى الهاوية، وهذا ما حدث بالفعل وأدى إلى سلسلة من الصراعات والنزاعات بين المسلمين أنفسهم الذين رفعوا شعار «لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) »، والتي هي راية بني هاشم، وراية بني أمية، بعد أن أولدت خلافات عميقة كانت أسبابها تتعلّق باليوم الأول الذي رحلَ فيه المبلّغ المحمدي(صلى الله عليه و أله وسلم) للرسالة الإلهية، ويعتبر السبب الرئيس لذلك هو عدم التزام المسلمين للأمر الإلهي منذ ذلك اليوم وانطلاق الشرارة التي توهجت نيرانها في الخلاف الذي دبَّ بين الإمام الحسن(علیه السلام)ومعاوية بن أبي سفيان، مما أدى في نهاية المطاف إلى اللجوء إلى الصلح.

ص: 46


1- المائدة، 67

الأقلام الاستشراقية لماذا تكتب؟

ومن خلال تلك الوقائع الإسلامية قد يُلاحظ القارئ أن الباحث المستشرق لا ينظر إلى الوقائع التاريخية ولشخوصها المرموقة نظرة المؤمن لها ولهم، ولا يأخذ ولا يقبل بكل ما ورد في خزانة كتب المؤرخين الإسلامية، إذ انه يقوم باستقصاء الحقائق بعد التقدير لها والاحترام بما جاء فيها والوقوف على فحواها الدقيق بموضوعية علمية.

فهذه الأقلام وإن كان البعض منها قد نظرت لتلك الأحداث والوقائع التاريخية نظرة الشك والتأمل، والبعض الآخر أخذت تولي اهتماماً كبيراً وتتوخى الدقة في سرد قضاياها التاريخية التي هي في صددها وتتقصى الظروف المحيطة بها وبالتالي تصل إلى نتيجة واضحة وحقيقية.

ورُبَّ سائل يسأل ما بال هذا المستشرق أو ذاك، يتصدى لتلك الوقائع التاريخية التي لا تنطوي ضمن معتقده؟

فيجيبنا أحدهم وهو المستشرق الدانيماركي (بيترسن) (1)، ويُعلل السبب في ذلك إلى التشابه بين الدعوتين العيسوية والمحمدية(صلى الله عليه و أله وسلم) وإنّ الدعوة الأخيرة شكلّت نظاماً

ص: 47


1- أيلرلنغ ليدوك بيترسن، ولد في الدانيمارك، عُرفَ بكتاباته الخاصة في دراسة ونشأة ونمو الكتابة التاريخية الإسلامية في أغلب القرون واستيعابه للنص العربي، وباحثاً ومؤرخاً في كثير من الميادين المعرفية. بيترسن، علي(عليه السلام)ومعاوية في الرواية العربية المبكرة، ترجمة: عبد الجبار ناجي، ط الاميرة – بيروت، 2009م، المقدمة.

أساسياً في معرفة التاريخ العربي، قائلاً:

وهذا يرجع بشكل أساسي إلى حقيقة أن دعوة محمد قد بدأت في وسط ديني مماثل للوسط المسيحي، أن آراءه قد شكّلت أو نظمت الأسس الدينية للفهم العربي للتاريخ» (1) .

وقد يبدو هذا غريباً في بدايته، ولكن سرعان ما تزول هذه الغرابة عنه إذا عرفنا إنّ هناك عدداً من المستشرقين أولوا اهتماماً بالغاً في السيرة النبوية، ودافعوا بأقلامهم عن المغالطات التي وردت من اخوانهم المستشرقين الذين أحاطوا النبي محمد (صلى الله عليه و أله وسلم) بآرائهم البعيدة عن الانصاف، فكانت دراساتهم الاستشراقية المنصفة للسيرة المحمدية(صلى الله عليه و أله وسلم) بروح محايدة.

وتبرز دراسات الباحث (كارليل ) (2) في كتابه «الأبطال» (3) بموضوعية ذات طابع علمي؛ إذ تعرّض فيه إلى البطل نبينا تناول بها سيرة الرسول محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) في رده على بعض المتعصبين المستشرقين، بقوله:

ويزعم المتعصبون والملحدون انّ محمداً لم يكن يريد بقيامه إلا الشهرة الشخصية ومفاخر الجاه والسلطان كلا وايم والله لقد كان في فؤاد ذلك الرجل الكبير، ابن القفار

ص: 48


1- علي(عليه السلام)ومعاوية في الرواية العربية المبكرة، ص 47
2- الفيلسوف الانكليزي توماس كارليل، ولد سنة 1172 ه- - 1759م، وتوفي سنة 1219ه- - 1804م، له كتاب (الأبطال) المشهور. ،الطهراني، آغا بزرك، الذريعة، ط دار الأضواء - بيروت - لبنان، ج 4، ص 74.
3- كتاب الأبطال: عبارة عن ست محاضرات ألقاها تباعاً ما بين 5 – 22 مايس عام 1840م، وقد عقد فيه فصلاً رائعاً عن النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)، ترجمها إلى اللغة العربية الاستاذ محمد السباعي، وترجم إلى اللغة الفارسية أيضاً.

والفلوات المتوقد العظيم النفس المملوء رحمةً وخيراً وحناناً وبراً، وحكمةً وحجى واربه ونهى؛ أفكار غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه... وكيف وتلك نفس صامتة كبيرة ورجل من الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا مخلصين جادين، فبينما تري آخرين يرضون بالاصطلاحات الكاذبة ويسيرون طبق الاعتبارات الباطلة إذ ترى محمداً لم يرض أن يتلفع بمألوف الأكاذيب، ويتوشح بمنع الأباطيل، لقد كان منفرداً بنفسه العظيمة وبحقائق الأمور والكائنات ) (1) .

ثم يمضي ( كارليل) في ردّهِ على زملائه المستشرقين، فيقول:

يزعم الكاذبون انه الطمع وحب الدنيا هو الذي أقامَ محمداً وآثاره؟ حمق وايم والله، وسخافة وهوس أي فائدة لمثل هذا الرجل في جميع بلاد العرب، وفي تاج قيصر وصولجان كسرى وجميع بالأرض من تيجان وصوالجه، وأين تصير الممالك والتيجان والدول جميعها بعد حين من الدهر ؟ أو في مشيخة مكة، وقضيب مفضض الطرف، أو في ملك كسرى وتاج ذهبي الذؤابة منجاة للمرء ؟ كلا إذن فلنضرب صفحاً عن مذهب الجائرين القائل: إن محمداً كاذب ونعد موقفهم عاراً وسمةً، وسخافةً وحمقاً، فلنرباً بنفوسنا عنه ولنترفّع (2).

وإن دل هذا على شيء فإنما يدلّ على ان الباحث المحقق لا يمكنه أن يتجاهل أو يغض نظره عن تلك الصفحات من السيرة النبوية العطرة؛ لأنه السيرة النبوية العطرة؛ لأنه عن فعل ذلك كان مَثَلَهُ مَثل الباحث الذي يتجاهل أهم حوادث الرسالات السابقة، وبالتالي كان لنزاهة تلك الأقلام الأثر الواقع في تدوين كتبهم، وإلى ذلك يشير الباحث الإسلامي الشهير

ص: 49


1- كارليل، توماس الأبطال، ترجمة: محمد السباعي، ط الثالثة - المصرية 1930م، ص 54
2- المصدر نفسه، ص70.

العلامة عبد الحسين الاميني (1)عن تلك الأقلام النزيهة، قائلا:

ربما يجد الباحث في تأليف المستشرقين في التاريخ الإسلامي رمزاً من النزاهة في الكتابة والأمانة في النقل وخلو كل محكي عن أي مصدر من التحريف والتصرف فيه، وتجرّده عن سوء صنيع الكتبة وبعده عن الاستهتار، وهذا جمال كل تأليف وشأن كل مؤلف مهما كان شريف النفس وهو حق كل رائد والرائد لا يكذب أهله» (2)

ص: 50


1- الشيخ عبد الحسين بن أحمد ابن الشيخ نجف علي الملقب بأمين الشرع - ومنه لقب الأميني -، ولد في مدينة تبريز عام 1320 م - 1903 م ، غادر مسقط رأسه قاصداً النجف الأشرف للدراسة والتدريس وأحرز الدرجات العالية في العلم على يد أساتذة الحوزة العلمية النجفية، وكانت له سفريات في البلاد الإسلامية كان من أثرها النتاج الفخم من المؤلفات القيمة له، أسس مكتبة الامام أمير المؤمنين في النجف الاشرف سنة 1953م، توفي سنة 1377ه- 1970م، له عدة تصانيف منها الغدير رياض الأنس، ثمرات الأسفار ، سيرتنا وسنتنا، شهداء الفضيلة، وغيرها. الزركلي، الاعلام ، ط دار العلم للملايين - بيروت - 1980م، ج 3، ص 278 .
2- الأميني، عبد الحسين الغدير في الكتاب والسنة والأدب، ط الرابعة – دار الكتاب العربي - بيروت ،1977م، ج 3، ص 10 .

المبحث الأول : المناهج الاستشراقية لسيرة أهل البيت (عليهم السلام)

تناول فريق من المستشرقين دراسة السيرة العطرة لأهل البيت عليه السلام، واتخذوا عدة زوايا وجوانب كانَ بعضها متكاملاً، والآخر الأغلب ناقصاً مبتوراً؛ نتيجةً لطبيعة البواعث والأغراض التي دفعتهم لهذه الدراسة، وحاول بعضهم تشويه الحقائق، بعيداً عن الموضوعية، ولمعرفة الأسباب التي دعتهم إلى طمس الحقائق الناصعة لسيرة أهل البيت عليه السلام، نُشير هنا إلى بعض منها:

أولاً: الخلفيات الفكرية والتفاوت العقائدي لأصحاب تلك الدراسات المتحاملة والقاسية، أدى بها إلى الوقوع في شطحاتٍ كبيرة، وإلى ذلك أشار الدكتور حسن الحكيم(1)، بقوله:

كان للتفاوت العقائدي بين الإسلام وثقافات المستشرقين ما جعل الكثيرين من

ص: 51


1- حسن عيسى علي الحكيم، ولد في النجف الاشرف سنة 1361ه- - 1941م، حصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ من كلية الآداب من جامعة بغداد عام 1966م ، والماجستير عام 1974م ، والدكتوراه عام 1982م، تسلم رئاسة جامعة الكوفة بعد عام 2003م، أشرف على عدد لا بأس به من الرسائل الجامعية في جامعة الكوفة والقادسية والبصرة ، له عدة مصنفات منها: الشيخ الطوسي، والمنتظم، الخطط والبلدان في فكر الامام الصادق(علیه السلام)، مذاهب الإسلاميين، والشيخ النجاشي وغيرها. ينظر : عبد السادة والحساني رسول و كريم موسوعة شعراء ،الغدير، ط الاولى – التعارف 2010م، ج 6 ، ص 102 .

هؤلاء يقعون في شطط عقلي وعلمي وهذا ناتج عن قصورهم الذهني من جانب، وعن تعصبهم الديني من جانب آخر (1).

ثانياً: النزعات العرقية التي كانت تُدفعُ من قبل اللجان التبشيرية المسيحية لهذه الأقلام المأجورة لتشويه صورة آل محمدوالكيد لهم ، وفي هذا الصدد يقول المستشرق الفرنسي (كارا ديفو) (2).

ظل محمد زمناً طويلاً معروفاً في الغرب معرفة سيئة، فلا تكاد توجه خرافة ولا فظاظة إلاّ نسبوها إليه (3) .

ثالثاً : الجهل بالحقائق التاريخية باعتمادهم على بعض المصادر الإسلامية التي تُجانب الحقيقة.

رابعاً: اعتماد بعض المستشرقين في الحصول على المعلومات المتعلقة بالإسلام على بعض القصص والأساطير الخيالية التي صوّرتها الكتب الأوربية، منها ما ذكره

ص: 52


1- ،الحكيم حسن المستشرقون ودراساتهم للسيرة النبوية، ط القضاء – النجف الاشرف 1986م، ص 144 .
2- مستشرق فرنسي في القرن التاسع عشر الميلادي، عُني بالدراسات العربية عامة، وبالفكر الإسلامي خاصة، ولا سيما الفلسفة والعلوم له عدة مصنفات مهمة منها : مفكرو الإسلام وهو على خمسة أجزاء، وابن سينا والغزالي، وترجمة التنبيه والاشراف للمسعودي، وترجمة تائية ابن الفارض، ودراسته عن الحكمة الإشراقية للسهروردي المقتول نُشرت بالمجلة الآسيوية عام 1902م. وله في العلوم والرياضيات منها : كتاب الكرويات ليحيى بن محمد المغربي، والآلات والحيل لهيرون، والآلات المفرغة الهواء والمائية لفيلون البيزنطي. ينظر : جماعة ، الموسوعة العربية الميسرة، ط الدار القومية - مصر - 1965م، ص 1419؛ أيضاً: حمدان عبد الحميد طبقات المستشرقين، ط مصر - مكتبة مدبولي، ص 131 - 132 .
3- نقره، التهامي، مناهج المستشرقين، ط التربية العربي لدول الخليج - 1985م ، ج 1، ص 22 .

(دانتي ) (1) في وصفه للإمام علي بن أبي طالب(عليهماالسلام) ، ووضعه في المنطقة الثامنة من مناطق الجحيم - على قوله - وهي المنطقة المقسمة إلى عشرة جيوب للشر، وهي نفسها الدرجة التي وضعها لابن عمه النبي محمد(صلي الله عليه و آله و سلم)، ثم وصف الطريقة التي يُعذِّب فيها الإمام علي(عليه السلام)، وذلك بأن يقوم الشيطان المكلف بشقه إلى شطرين ابتداءً من الذقن صعوداً حتى فروة الرأس (2) .

إنّ طريقة العذاب التي صوّرها ( دانتي) بحق الامام علي(عليه السلام) هي في نظره التصوير الرمزي نتيجةً للشقاق الذي بذره هو وابن عمه النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)واتباعهما في جسد الكنيسة التي تُعد بمثابة جسد المسيح نفسه (3)

ويظهر من خلال ذلك مدى الكره الذي أضمره خيال هذا المستشرق لهذا البيت النبوي المحمدي(صلى الله عليه و أله وسلم).

خامساً: الدراسات السطحية الخالية من التحقيق والتدقيق، والتي حملتها

ص: 53


1- الجيري ،دانتي، ولد في مدينة فيرنتسه الايطالية سنة 1265م ، شاعر، كاتب. في عام 1289م انخرط في الجيش وكان له من العمر 24 سنة وحارب في كتيبة ،الفرسان، وفي الثلاثين من عمره بدأ حياته في المجتمع فانتسب إلى بعض المهن الحرة، عيّن في عام 1295م عضواً في المجلس الاستشاري، ثم عضواً في المجلس الاستشاري الخاص بالشعب، وفي عام 1300م أرسل سفيراً ليدعو المجلس البلدي لمدينة جيميانو، توفي عام 1321م بعد عودته من البندقية من آثاره الحياة الجديدة، والوليمة، وفصاحة اللغة الدارجة والقوافي المحجرة والمملكة. ينظر ال عيال مصطفى دانتي، مجموعة أقرأ، ط دار المعارف - مصر 1956م.
2- دانتي الجيري الكوميديا الإلهية، ترجمة: حسن ،عثمان ط دار المعارف - مصر 1955م، ص 61-68 .
3- ينظر: الصباح، رشا حمود، التصورات الأوربية للإسلام في العصور الوسطى وتأثيرها في الكوميديا الإلهية، مجلة عالم المعرفة ، م 11 ، ع3، ط 1980م، ص 94 - 95 .

تلك البحوث المضحكة البعيدة عن الموضوعية والدلائل العلمية، ومنها: إنّ بعض المستشرقين زار طهران عاصمة ايران بعد أن تعلّم الفارسية في مدارس الألسنة الشرقية، وقد حاول أن يضع تاريخاً عن حالة ايران الاجتماعية والأخلاقية كما يُشاهدها، فرأى حمالين وعلى رؤوسهم أوانٍ وأسباب فاخرة، وأمامهم الدفوف والمزامير، فسأل عن ذلك؟ فقال له بعض الحاضرين : إنّهم يحملون جهاز عروس. ثم سأل عن اسم الزوج؟ فقال له بعض الحاضرين: ماذا يهمك ؟ وفي المساء رأى هذا المستشرق رجلاً يضرب امرأة في الشارع ، فسأل بعض الحاضرين عن القصة، فأخبره أنّ الضارب زوجها، وقد تركته بغير حق. ثم سأل عن اسم الزوج، فقال له: ماذا يهمك ؟ فظنّ المستشرق أنّ اسم الرجل : ماذا يهمّك، وإنّه العريس الذي رأى جهازه صباحاً، فكتب هذا المستشرق في كتابه تاريخ ايران أنّه رأى في عاصمتها عريساً (1) .

وفي ذلك يقول القرشي بعد سرد هذه الحادثة: «هذا حال المستشرقين في الأمور الظاهرة البديهية، فكيف حالهم في النظريات الدقيقة الغامضة» (2)

وذكر المستشرق (جمس هاستنكز الأوضاع بعد مقتل عثمان بن عفان، بوصفه أنها أدت إلى إحداث انقسامات عميقة في الإسلام، وإنّ أتباع الامام علي(عليه السلام) قد زوروا الحجج لكي يحكموا العالم الإسلامي، قائلاً :

«فمن ناحية كان هناك مغتصب قوي وهو معاوية بمطالبته التي لا تقاوم من أجل الانتقام لمقتل عثمان واثبات الخلافة، وهي أقدس سلطة في الإسلام، من ناحية أخرى كان ينتظم هناك أنصار الحقوق الديمقراطية الذين تهيئوا المقاومة معاوية وإقامة الخليفة

ص: 54


1- ينظر: القرشي، الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام)، ج 11، ص118 - 119 .
2- المصدر نفسه.

المنتخب في حينه وهو علي، الذي قام أتباعه بتزوير الحجج المتطلعة لاقامة الحق الإلهي لعلي(عليه السلام)وأهل بيته لكي يحكموا المجتمع الإسلامي(1).

المناهج المعتدلة :

اشارة

التجأ بعض المستشرقين اللجوء إلى روح الاعتدال والموضوعية في دراستهم الشخصيات أهل البيت، فلقد عرضَ (ايرفنج ) (2) الأحداث التاريخية الخاصة بالامام علي(عليه السلام) ، والدور المميز الذي مارسه في نصرة النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)له من أجل تثبيت أركان الدين الإسلامي، مثل قوله: «الشاب «الكريم» و «المؤمن الصالح» و «المخلص» (3).

وأشار في الوقت نفسه إلى روايات كثيرة تدور حول الموقف البطولي للإمام علي(عليه السلام)حينما بات على فراش النبي محمد(صلي الله عليه و آله و سلم) عند خروجه من مكة إلى المدينة (4)

وتطرّق المستشرق الانكليزي ( وليم ميور ) (5)إلى زواج الإمام أمير المؤمنين من

ص: 55


1- Hastinjs, james, Encyclopedia of Religion and Ethics, Volume X1, p 454..
2- ايرفنج، واشنطن من آثاره سيرة النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)العربي مذيلة بخاتمة لقواعد الإسلام ومصادره الدينية (1849) ترجمة اسبانية مدريد 1964) وفتح غرناطة اسبانية في نحو 650 صفحة، وتاريخ فتح غرناطة، وأوراق اسبانيا، مطبوع في فيلادلفيا. ينظر: العقيقي نجيب المستشرقون، ط الخامسة - دار المعارف - القاهرة 2006م، ج3، ص 131 .
3- ايرفنج واشنطن محمد ،وخلفاؤه، ترجمة: د. هاني يحيى، ط المركز الثقافي العربي - بيروت 1999م، ص 117 .
4- المصدر نفسه.
5- وليم موير، ولد في جلاسجو في 27 أبريل سنة 1819م ، مستشرق انكليزي، ومبشر، اشتغل في الادارة المدنية لشركة الهند الشرقية، عُني بالتاريخ الإسلامي، لكنه كان شديد التعصب للمسيحية، تولى ادارة جامعة أدنبرة في اسكتلنده من عام 1885م حتى عام 1903م، توفي في أدنبرة في 11 يوليو 1905م، من آثاره حياة محمد وتاريخ الإسلام ، وحوليات الخلافة، والمماليك أو دولة العبيد في مصر، وغيرها. ينظر طبقات المستشرقين، ص 203 .

فاطمة الزهراء (سلام الله علیها)، فذكر أنها عندما بلغت السابعة عشر من عمرها زوجها أبوها من الإمام علي بن أبي طالب (عليهماالسلام) الذي كان عمره آنذاك خمسة وعشرين عاماً، وأنجبت له خلال سنة الإمام الحسن(علیه السلام)، وبعد ذلك بسنة أنجبت له الامام الحسين(عليه السلام) ، الذين قال عنهما (ميور) : بأنهما من الشخصيات المشهورة في الإسلام، وإن السلالة المحمدية(صلى الله عليه و أله وسلم) قد دامت من خلال فاطمة (سلام الله علیها)(1)

أما في مسألة خلافة المسلمين بعد النبي (صلى الله عليه و أله وسلم) فقد سجل المستشرق الفرنسي (دومينيك) (2) مشهده التاريخي في يوم الغدير معلناً ان فصول خطبة الوداع التي ترددت في أسماع المسلمين تحت الشمس الملتهبة في كبد السماء في أحد أيام شهر ذي الحجة والمسمى ب- عيد ذي الحجة أو عيد الغدير) أنتجت إعلان التنصيب والمبايعة للإمام علي(عليه السلام)من قِبَل نبي الإسلام محمد(صلي الله عليه و أله و سلم)

ص: 56


1- Sir William Muir, Muhomwt and Islam, The Religious Tract Society,56
2- ولد دومينيك سورديل في باريس عام 1921 م ، عُرفَ بكثرة تآليفه وتحقيقاته منها : وصفة الدواة والقلم وتعريفهما لأبي القاسم البغدادي تحقيق ومقدم نشر المعهد الفرنسي بدمشق عام 1952م)، وحوليات الآثار السورية عام 1952م ، وله في مجلة أرابيكا: سيرة ابن المقفع 1954م، وقضاة البصرة عام 1955 م ، وكتاب الوزراء للجشهياري، وله المختارون العشرة (مجلة الدراسات الإسلامية (1963) ، وله مفهوم الإمامة في مطلع القرن الحادي عشر في رأي الشيخ المفيد (مجلة الدراسات الإسلامية ع19724م ، وتصنيف الشيع الإسلامية في كتاب الملل والنحل للشهرستاني وغيرها. مراد، يحيى، معجم أسماء المستشرقين، ط الاولى - دار الكتب العلمية - بيروت 2004م، ص 456.

خليفةً على المسلمين حيث أعلن محمد تنصيب علي(عليه السلام)خليفة له»(1)

ولم يتوقف المؤرخ بالتحديد على ذكر تلك البيعة الخالدة؛ بل ذكر في كتابه المشترك مع ( جانين سورديل ((2) وأكد أن النبي محمداً (صلي الله عليه و آله و سلم) أوصى بالخلافة للإمام علي(عليه السلام)من بعده بالقول:

إن النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)قد أوصى فيه بخلافة علي(عليه السلام)من بعده»(3)

ومن ثم فإن هذا الأمر لم يحدث بعد وفاته واختيار من قُلدَ للخلافة دون الشرعية في الانتخابات، وإنها كانت أي الانتخاب أو التعيين في ظروف مختلفة وغير متفق عليها، قائلاً:

ولم يحدث شيء من هذا بعد موته أبداً بعدما اختير أبو بكر ثم عمر ثم عثمان وحتى علي، إن لم يكن بالانتخاب بالمعنى الصحيح، فبالتعيين على الأقل، في ظروف مختلفة وغير متفق على وصفها من قبل جماعة المؤمنين لكي يكونوا خلفاء النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)(4)

وفي تعرّضه لمسألة مهمة في الرسالة المحمدية(صلى الله عليه و أله وسلم) أخذ الباحث يرسم النقاط الأولى

ص: 57


1- سورديل، دومينيك، الإسلام في القرون الوسطى ترجمة علي(عليه السلام)المقلد، ط دار التنوير - بيروت - 2007م، ص118 .
2- طومين جانين سورديل، ولدت في باريس عام 1935م، تخرجت على الأستاذ سوفاجه وكانت له عوناً في إصدار مجلة أرابيكا لها من المؤلفات كتاب الإشارات إلى معرفة الزيارات للسهروي منشورات المعهد الفرنسي بدمشق 1953م ، ومن دراساتها في نشر الدراسات الشرقية كتابات عربية في كرك نوح 1949م ، ومرسومان أيوبيان 1952 ، ولها بقايا قديمة في الفن الإسلامي بدمشق 1959م ، ومفاتيح و أقفال الكعبة (مجلة) الدراسات الإسلامية (1971). ينظر: معجم أسماء المستشرقين ، 455
3- دومينيك و جانين سورديل، الحضارة الإسلامية في عصرها الذهبي، ط بيروت ، ص 136 .
4- الإسلام في القرون الوسطى، 126 - 127 .

للرسالة في المساواة والامتيازات التي أعلنها عن الانتماءات الدينية الأخرى من أهل الكتاب وخاصة من مسيحيي البلدان الإسلامية، ويؤكد ذلك ما أوصي به النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)في خطبة الوداع.

هذه الامتيازات والمساواة يعترف (دومينيك) انها ما طبقت بعد وفاة النبي (صلى الله عليه و أله وسلم) وانه كان بالإمكان لها البقاء في سماء حقوق الإنسان لو أن المجتمع الإسلامي أعلن ولايته للإمام علي(عليه السلام)منذ البداية، بقوله :

لا شك أن هذه الامتيازات كان يمكن أن تصبح فيما بعد أكبر وأهم لو أن المجتمع الإسلامي تبعَ عليا(عليه السلام) واعتمد المبادئ التي تميزت بها الحركة الشيعية فيما بعد» (1)

وقد انطلق بعض عُلماء المستشرقين من زاوية «الإمامة» في دراستهم الأولية للدخول إلى منصة الخلافة وتعيين النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)الإمام عليا(عليه السلام) خليفة على المسلمين، وإن البناء الإلهي الذي وضعه لمحتوى الإمامة كان له دور مهم في توطيده والتركيز عليه عن طريق كتابه المقدس القرآن الكريم، وقد وصف الإيمان بالرسالة السماوية للنبي محمد(صلي الله عليه و أله و سلم) من الركائز المهمة لهذا البناء.

ومن هذا المنطلق بدأ أحد أعظم الباحثين والمفكرين المستشرقين في القرن العشرين والحاصل على لقب «العلامة» وهو (ميرسيا إلياد) (2) ، يخطط وبشكل تفصيلي فيما يتعلق

ص: 58


1- الإسلام في القرون الوسطى، ص 156.
2- ولد في بوخارست عاصمة رومانيا سنة 1907م ، حصل على الدكتوراه عن اليوغا في الهند عام 1932م ، وعُيّن بعد عودته إلى بوخارست منصب الملحق الثقافي لسفارة رومانيا في لندن ثم بعد ذلك في لشبونة عاصمة البرتغال، وفي عام 1945م عُيّن أستاذاً في معهد الدراسات العليا في باريس، ثم درس في جامعة السوربون وفي جامعات أوربية مختلفة، وفي عام 1957م انتقل إلى جامعة شيكاغو في أمريكيا ليدرس علوم الميثولوجيا وتاريخ الأديان، وقد استمر في هذا العمل حتى وفاته سنة 1918م، له عدة مصنفات تربو على الأربعين كتاباً منها: دراسة في تاريخ الأديان، واسطورة العود الأبدي، وملامح من الأسطورة، واليوغا خلود وحرية، وصور ورموز، والتنسيب والولادات الصوفية، وغيرها. إلياد، تاريخ المعتقدات والأفكار الدينية، ترجمة عبد الهادي عباس، ط دار دمشق – دمشق – 1987م، المقدمة.

بإمامة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليهما السلام) ، وبرزت رؤيته الأولى بإيمان أول شخصين ذكر وأنثى آمنا بالرسالة الإسلامية هما خديجة زوجة الرسول(صلی الله علیه و آله و سلم) معه، والامام علي(عليه السلام) ابن عمّه (1).

وهذا الاتجاه الذي خاض فيه المؤرخ (إلياد) لم يكن غريباً عما تسالم عليه الباحثون في التاريخ الإسلامي من أنهم أي خديجة ،وعلي(عليه السلام)أول من آمنوا برسالة النبي، لكن إصراره وإيمانه بأن علي(عليه السلام)هو الرجل الأول كان رادعاً على تأكيد وتصريح بعض مفكري المسلمين عن مسألة أول الناس إيماناً هو علي(عليه السلام)، لكنه كان صبياً، لذلك لم يعتبروه من الرجال الأوائل الذين آمنوا برسالة محمدو وصفوا غيره بذلك (2)، وهم بتلك الصفة الصبيانية يريدون أن يخضعوا إيمان علي(عليه السلام)إلى الإيمان العاطفي الذي شارك به ابن عمه، لا الإيمان العقلاني بالدعوة المحمدية(صلى الله عليه و أله وسلم).

وقد ربط (إلياد) كغيره من المفكرين المستشرقين بشأن خلافة الامام علي(عليه السلام) بحادثتي إيمانه وبيعته الأولى المعروفة ب- بيعة الدار والتي أنتجت عن تعيينه خليفةً

ص: 59


1- تاريخ المعتقدات والأفكار الدينية، ج 3، ص 77 .
2- أشار إلى ذلك الرازي في قوله تعالى: وَالسَبِقُونَ السَّبِقُونَ (الواقعة، 10)، وان ابا بكر هو أول الناس إيمانا من الرجال. ينظر: أبو حاتم محمد ، تفسير الرازي، تحقيق: أسعد محمد الطيب، ط صيدا – المكتبة العصرية، ج 16 ، ص 170 .

له على المسلمين في المستقبل، وانه الشخص الجدير بحمل أعباء مسؤولية الرسالة المحمدية.

وهذا بالفعل ما أراده الباحث من دمج فكرة الإمامة» بفكرة «الإيمان» وتوصل من خلالها إلى نتيجة مهمة جداً وحسّاسة تتعلق بقضية استخلاف النبي (صلى الله عليه و أله وسلم) لابن عمه وزوج ابنته علي(عليه السلام)وقد اختاره فعلاً لهذه المهمة، قائلاً:

أن يكون محمد قد اختار عليا(عليه السلام) كخليفة» (1).

وفي كلام ل- (سديو ) (2) وصف الإمام عليا(عليه السلام) وصفاً منصفاً بقوله:

و علي(عليه السلام)هو من تعلم حرية الضمير وحضور مجالس المدينة مع ميله إلى القيام بشؤون حياته المنزلية الهادئة، جمع زواج فاطمه((سلام الله علیها))ة في شخصية حقوق الوراثة وحقوق الانتخاب، ووجب على كل واحد أن ينحني أمام صاحب هذا المجد العظيم (3).

أما في عهد خلافة الامام علي(عليه السلام) فقد وصف المستشرق (ألفرد جيوم) (4) عهده

ص: 60


1- تاريخ المعتقدات والأفكار الدينية، ج 3، ص 90 و ص 134.
2- سديو، لوي بيير، مستشرق فرنسي، ولد في باريس في 23 يونيو 1808م، وتعلّم على يدي أبيه اللغات الشرقية والرياضيات، حصل على الليسانس من جامعة باريس في الحقوق، قام هو بمتابعة أبحاث أبيه في ميدان تاريخ الفلك والرياضيات عند الشرقيين، توفي عام 1875م ، من آثاره رسالة في الفلك ودراسة عن الحسن بن الهيثم بحث في النظم الجغرافية، ومتن في التقويم العالمي، وتاريخ العرب، وبحث في أصل أرقامنا، وغيرها. ينظر : طبقات المستشرقين، ص 50- 51 .
3- سيديو، تاريخ العرب العام، ترجمة: عادل زعيتر، ط دار احياء الكتب العربية - القاهرة 1948م، ص 126 .
4- ألفرد جيوم، ولد سنة 1888م، تخرج من جامعة أكسفورد، وعمل في فرنسا ومصر خلال الحرب العالمية الاولى وعين محاضراً للغة العبرية الملكي بلندن سنة 1920م واستاذاً للغات الشرقية في جامعة درهام، واستاذاً لدراسات العهد القديم في جامعة لندن سنة 1945م، ونال أوسمة عديدة وانتخب عضواً في المجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1948م والمجمع العراقي سنة 1949م، توفي سنة 1962م من آثاره تراث الإسلام، ومدخل إلى علم الحديث، وأثر اليهودية في الإسلام، والتشريع الإسلامي ينظر: معجم أسماء المستشرقين، ص 309 .

بداية الانقسامات التي لم تنته قط بين المسلمين، إذ ان عائشة زوج النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)ومعها طلحة والزبير كانوا معارضين لحكم الامام علي(عليه السلام) وقد هزمهم في الموقعة المعروفة باسم «واقعة الجمل»، وقتل طلحة والزبير ، ولم تكن هذه الحادثة بداية المتاعب فحسب فقد كان هناك خصم آخر وهو معاوية بن أبي سفيان، ابن عم الخليفة المقتول الذي كان عثمان قد عيّنه والياً على الشام، مما حدا به المطالبة بدمه (1).

الاستخلاف لآل علي(عليه السلام)في الحكم :

لقد تبنت بعض الدراسات الاستشراقية الموقف الذي يؤيد استخلاف الإمام علي(عليه السلام)في حكم المسلمين ومن بعده في ولده الحسن(علیه السلام)، وأكدوا على وجهة النظر الشيعية التي تقول بأن النبي(صلي الله عليه و أله و سلم) قد عيّن ابن عمه علي بن أبي طالب(عليهماالسلام)، إذ ذكر المستشرق (ادوارد براون) (2)، إنّ النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)عين الإمام عليا(عليه السلام) كقائد روحي للإسلام كي يخلفه، ثم يصل إلى نتيجة فحواها، إنّ كل من الخلفاء الثلاثة قد اغتصبوا حق الامام علي(عليه السلام) بالتوالي،

ص: 61


1- جيوم، الفرد، الإسلام، ترجمة: محمد مصطفى، ط القاهرة - 1985م، ص 21 .
2- إدوارد جرانفيل براون مستشرق انكليزي، ولد في براون عام 1862م ، حصل على بكالوريوس في الطب من جامعة كمبردج عام 1879م ، وحصل على المرتبة الثانية في مجموعة العلوم الطبيعية في عام 1882م، وكان بدء اهتمامه باللغات الشرقية في عام 1877م، وعين مدرساً للغة الفارسية في جامعة كمبردج عام 1888م، توفي عام 1926م من آثاره: التاريخ الادبي لفارس، الادب العربي وتذكرة الشعراء لدولتتشاه، وغيرها. ينظر : طبقات المستشرقين، ص 93- 94.

ورغم انه انتخب كخليفة بعد مقتل عثمان إلا انه اغتيل بعد فترة وجيزة من الحكم المضطرب الذي استمر خمس سنوات (656 - 661)م). (1)

وأكد المستشرق (ليونارد بندر) بأنّ الخلافة الأموية جاءت بعد استشهاد الإمام علي(عليه السلام)واستخدمت الحزم والقمع مع كل مَن يُطالب بخلافة العلويين في إشارة إلى خلافة الإمام الحسن(علیه السلام)، وإنّ الخلافة الأموية لم تكن شرعية؛ بل الشرعية الحقيقية لجمهرة الإسلام تكون في الأئمة الاثني عشر الذين ينحدرون من سلالة الإمام علي(عليه السلام)ومن النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)عبر السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها)(2) .

ويشير المستشرق (سودر بلوم) إلى نظرية الأئمة، وانها تستند إلى عددٍ من الركائز، وإنّ التعاقب السماوي لهؤلاء الأئمة نابع ليس من كونهم ينحدرون من عائلة النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)ومواهبهم فوق البشرية فحسب، بل لامتلاكهم جوهر نور سماوي، وهي قوة إلهية أو جزء من الله سبحانه وتعالى، وانها روح الله التي انحدرت من آدم إلى سلسلة من الرجال الإلهيين ووصلت إلى سلف النبي محمد(صلي الله عليه و آله و سلم) و علي (عليه السلام) عبر فاطمة((سلام الله علیها))، لتنتهي هذه السلسة بالإمام الغائب الذي سيظهر في آخر الزمان(3).

ص: 62


1- dward. Browne, Enchycloedia of religion and Ethics, vol, IIP. 299. E
2- Leonard Binder, The Ideolocical Revolution in the middle eas, De- partment of political science university of chiicago. p. 32…
3- N, Soderblorn, Encyclopaedia of religion, and Ethics, vol, V11,p. 183.

المبحث الثاني: موقف المستشرقين من الإمام الحسن(علیه السلام)

ضرب بعض المستشرقين على نغمة، ورددوها كثيراً في كتاباتهم، وهي توجيه النقد اللاذع للإمام الحسن(علیه السلام)على تعدد زوجاته واتهامه بأنّه مُسرفُ باللذة والمتعة، بالإضافة إلى كثرة طلاقه، فكان مزواجاً ومطلاقاً.

ومن المؤكد انّهم اعتمدوا على بعض الروايات المضطربة التي وردت في مصادر بعض المسلمين الخارجين عن الإسلام بحقدهم على آل الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) ، فقد ألصق المستشرق البلجيكي ( لامنس ) (1) بالامام الحسين(عليه السلام) التهم من خلال مخاريقه للبحوث التي نشرها في دائرة المعارف الإسلامية والتي تنم عن حقده على الإسلام على وجع العموم، وعلى آل محمد له بالخصوص؛ لذلك فقد كانت محاولاته للطعن والتشويه والافتراء برجل من رجالات هذا البيت الطاهر ، النصيب الأوفر من خلال محاولاته لدراسة التاريخ الإسلامي المزوّر ، وشحن الأكاذيب على الإمام وخاصةً في فكرة

ص: 63


1- هنري لامنس مستشرق ،بلجيكي وراهب يسوعي شديد التعصب ضد الإسلام، ولد في مدينة (خنت) في بلجيكا في أول يوليو سنة 1862م ، وجاء إلى بيروت في صباه، وتعلّم في الكلية اليسوعية ببيروت، وبدأ حياة الرهبنة في سنة 1878م ، وفي عام 1886م صار معلما في الكلية اليسوعية ببيروت، وسافر إلى انكلترا وإلى لوفان، ووصل إلى فيينا في 1896م، وعاد إلى بيروت 1897م وعيّن معلماً للتاريخ والجغرافية في كلية اليسوعيين،، توفي في 23 أبريل 1937م، من آثاره: مهد الإسلام، ومكة عشية الهجرة، والمعابد قبل الإسلام، والقرآن والسنة، وعصر محمد وتاريخ السيرة، وغيرها. ينظر : موسوعة المستشرقين، ص 348 .

أزواج الإمام الحسن(علیه السلام)، مما يؤكد على حقده الدفين على الإمام ، فقد وصفه بصفاتٍ بعيدة كل البعد عن الحقائق الموضوعية التاريخية التي وردت في المصادر الإسلامية المنصفة، فقد ذكر لامنس إنّ الإمام الحسن(علیه السلام)لم يكن على وفاق مع أبيه الإمام علي بن أبي طالب واخوته(عليهم السلام) ،وإنه كان يميل إلى الشهوات، ويفتقر إلى النشاط والذكاء، وقد أنفق خير سنوات شبابه في الزواج والطلاق، حتى وصل عدد النساء التي تزوجها على ما ذكر إلى مائة زوجة، وعزا سبب إيقاع العداوة مع أبيه إلى تلك الزوجات، وإنّه - أي الإمام الحسن(علیه السلام)- كانَ مبعثراً للأموال أيام خلافة والده نتيجة البذخ والسرف على زوجاته، قائلاً:

ولما تجاوز الشباب، وقد أنفق خير سني شبابه في الزواج والطلاق، فأُحصي له حوالي المائة زوجة، وألصقت به هذه الأخلاق السائبة لُقب المطلاق، وأوقعت عليا(عليه السلام) في خصومات عنيفة، وأثبت الحسن(علیه السلام)كذلك أنه مُبدّر كثير السرف، وقد خصص لكل من زوجاته مسكناً ذا خدم وحشم، وهكذا نرى كيف يُبعثر المال أيام خلافة علي(عليه السلام)التي اشتدّ عليها الفقر » (1).

إنّ كلام هذا المستشرق لامنس يحتاج إلى الدقة من خلال الاستناد إلى الأدلة التاريخية التي لم تتأثر بالسلطة الاموية الحاقدين على البيت النبوي، فقد اعتمد لامنس من خلال ذكره لزواج الإمام وطلاقه على أقوال تُخزيه من أمثال المدائني(2) وغيره

ص: 64


1- شتيسفسكا، يوجينا غيانة دائرة المعارف الإسلامية، ترجمة: محمد ثابت افندي وآخرون، ط قم - د ت م 7 ، ص 58 مادة الحسن بن عليبن أبي طالب(عليهم السلام).
2- علي بن محمد بن عبد الله أبو الحسن المدائني، ولد سنة 135ه- – 752م، مؤرخ، كثير التصانيف، من أهل البصرة ، سكن المدائن، ثم انتقل إلى بغداد فلم يزل بها إلى أنه توفي سنة 225ه- - 840م ، له عدة مصنفات منها: تاريخ الخلفاء، وتاريخ النساء، وتاريخ الوقائع والفتوح، والجاهليين، والشعراء والبلدان، وغيرها. ينظر الاعلام، ج 1، ص 323.

من المؤرخين الذين كتبوا التاريخ الإسلامي بأقلام مُزيّفة حُباً للسلطة الحاكمة آنذاك.

وقد زادَ لامنس من الافتراء والكذب على الإمام الحسن(علیه السلام)بما لم يقل به أحد غيره من خلال اشارته إلى:

1 - إنّ الإمام أوقع مع والده الامام علي(عليه السلام) خصومات كثيرة بسبب كثرة الزواج والطلاق، وهذا ما لم يقل به أحد من المؤرخين الذين ترجموا للإمام الحسن(علیه السلام).

2- تخصيصه المسكن والخدم والحشم لزوجاته، وهذا الافتراء أيضاً لم يشر إليه أحد.

ولو ألقينا نظرة تاريخية دقيقة على المصادر الإسلامية المعتمدة لدى أغلب المذاهب الإسلامية التي ذكرت عن أحوال الإمام الحسن(علیه السلام)لوجدنا ما يُفنّد تلك الادعاءات التي جاء بها لامنس ، فهذا الرجل - الامام الحسن(علیه السلام)- الذي تدرّج في بيت الرسالة، وقطع شوطاً من حياته بين جده الرسول العظيم (صلی الله علیه و آله و سلم) ، وأبيه علي(عليه السلام)، وأمه فاطمة الزهراء عليها السلام. بيت لم تعرف الجاهلية طريقاً لأرجائه، وانتهل من نميرهم الصافي معرفة الله، وقبل أن يرحل الجد العظيم صلوات الله وسلامه عليه عن آفاق هذا البيت الكريم من دنياه إلى ربه، يضعُ الحفيد وهو حصيلة الميراث على عاتقه، وهو يقول:

«اللهم إني أحبه فأحبه واحب من يحبه) (1). وقوله (صلى الله عليه و أله وسلم) في موضع آخر: «إنه

ص: 65


1- رواه البخاري في صحيحه، ج 7، ص 55 ؛ أيضاً : النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح ،مسلم ط دار احياء التراث العربي - بيروت 1420ه-، ص 1048 ؛ وابن ماجه، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجه تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط دار الفكر للطباعة - استانبول، ج 1، ص 51 ؛ والترمذي، محمد بن عيسى الجامع الصحيح، ط دار احياء التراث العربي - بيروت 1421ه- ، ص 989 . ورواه الدار قطني علي بن عمر علل الحديث تحقيق محفوظ الرحمن السلفي، ط الأولى - دار طيبة - الرياض 1405ه-، ج 10 ، ص 49 .

ريحانتي من الدنيا» (1).

وما إشارات المستشرق الانكليزي إلى شباب الإمام الحسن(علیه السلام)وانه أفناه في البذخ والترف إلا دليل عدم معرفته بتاريخ الأئمة السلام، ويكفينا من عظمة الإمام مارواه البيهقي بسنده عن ابن عباس: «مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي فِي شَبَابِي إِلَّا أَنِّي لَمْ أَحُجَّ مَاشِيَّا » (2).

وهنا يقوم البيهقي بمقارنة بين شباب ابن عباس والإمام الحسن(علیه السلام): «وَلَقَدْ حَجَّ الحسن بن علي(عليهماالسلام) خَمْسَةٌ وَعِشْرِينَ حَجَّةً مَاشِيَا وَإِنَّ النَّجَائِبَ لَتُقَادُ مَعَهُ، وَلَقَدْ قَاسَمَ الله مَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (3).

وذكر ابن الاثير الجزري، عن محمد بن علي، قال الحسن: «إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمشي إلى بيته، فمشى عشرين مرة من المدينة على رجليه». (4).

وذكر المزي عن علي بن زيد بن جدعان قال : حج الحسن بن علي(عليهماالسلام) خمس عشرة حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه، وخرج من ماله الله مرتين، وقاسم الله ماله ثلاث مرات

ص: 66


1- مسند أحمد بن حنبل، ج 5 ، ص 51 .
2- البيهقي ، احمد بن الحسين السنن الكبرى ، ط دار المعارف النظامية - الهند 1344ه-، ج 4 ، ص 331.
3- المصدر نفسه.
4- الجزري، المبارك بن محمد المختار في مناقب الأخيار، مخطوط، نقلًا عن الأميني، عبدالحسين ثمرات الأسفار إلى الأقطار، تحقيق مركز الأمير ع لإحياء التراث الإسلامي، ط الاولى ايران 2008م، ج 2، ص 347 .

حتى إن كان ليعطي نعلاً ويمسك نعلاً، ويعطي خفاً ويمسك خفاً (1).

ولو وضعنا مقارنة بسيطة بين ما ورد من أحاديث النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)في حق الإمام الحسن(علیه السلام)وبين ما وصفه «لامنس» لتبيّن الفرق كبيراً وبعيداً عن حضرة هذا الإمام المظلوم، ولا يمكن لأي شخص بعد ذلك أن يطعن به لاسيما وانه تربى في أحضان النبوة.

لذلك فقد وصف المستشرق لامنس بانّه رجل غير دقيق في نقل الحوادث التاريخية، كما عبّر عن ذلك الدكتور عبد الرحمن بدوي (2) ، بقوله :

وأبشع ما فعله لامنس، خصوصاً في كتابه (فاطمة((سلام الله علیها)) وبنات محمد(صلي الله عليه و آله))، هو انه كان يشير في الهوامش إلى مراجع بصفحاتها ، وقد راجعت معظم هذه الاشارات في الكتب التي أحال إليها، فوجدت انه إما أن يُشير إلى مواضع غير موجودة إطلاقاً في هذه الكتب، أو يفهم النص فهماً ملتوياً خبيثاً، أو يستخرج إلزامات بتعسف شديد يدل على فساد الذهن وخبث النيّة...، ولا أعرفُ باحثاً من بين المستشرقين قد بلغ هذه المرتبة من التضليل وفساد النية (3).

أما المستشرق (دونلدسون) (4) فقد افترى على الشيعة بأنهم يعترفون في كتبهم بأن

ص: 67


1- المزي، جمال الدين أبي الحجاج يوسف ، تهذيب الكمال تحقيق وضبط وتعليق : الدكتور بشار عواد معروف مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان، ط: الرابعة ج 6 ص 234 .
2- عبد الرحمن بدوي محمود، ولد في مصر سنة 1917م، أحد أبرز أساتذة الفلسفة العرب في القرن العشرين وأغزرهم إنتاجاً، عُدت أعماله ب- (150) كتاباً بين تحقيق وترجمة وتأليف، ويُعد أول فيلسوف وجودي في مصر ؛ وذلك لشدة تأثره بالوجوديين الاوربيين، توفي سنة 2002م. موقع ke medea، الموسوعة الحره 2011م.
3- بدوي عبد الرحمن، موسوعة المستشرقين، ط الاولى - دار العلم للملايين - بيروت 1984م، ص 348.
4- دوايت دونالدسون، باحث بريطاني قضى 16 عاماً في مشهد الإمام الرضا(علیه السلام) لا يُنقب عن عقائد الشيعة وتقاليدهم الاجتماعية، زار العتبات المقدسة في العراق عام 1347 ه- - 1928م، من آثاره: عقيدة الشيعة محمد والغزالي، سلمان الفارسي، القانون الفارسي، الزواج العرفي في الإسلام، الحكم في الإسلام والإسلام في الهند، وغيرها. معجم اسماء المستشرقين، ص 342.

الحسن(علیه السلام)مزواج كثير المطلاق، بقوله:

ويعترف الشيعة أنفسهم انه كان للحسن(علیه السلام)ستون زوجة وعدد كبير من السرايا فنقرأ أن عدد نسائه الشرعيات بلغ الستين عدا السرايا أو اللواتي تمتع بهن. وقد ذكر أن عددهن كان بين الثلاثمائة والتسعمائة. وقد طلّق كثيراً منهن . فسُميّ بالمطلاق» (1)

وهذا افتراء محض على الكتب العقائدية الشيعية التي لم تشر إلى هذا العدد لا من قريب ولا من بعيد.

وفي نظرةٍ أخرى تناول المستشرق (ولاستون) (2) أثر الإمام الحسن(علیه السلام)مع أبيه الامام علي(عليه السلام) في معركة الجمل، وكيف كان اليد اليمنى لأبيه، إذ أرسله لأهل الكوفة في دعوتهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد نجح الحسن(علیه السلام)في انضمامهم إلى معسكر الإمام علي(عليه السلام)

وقد كان الحسن(علیه السلام)يرى - والكلام ل- (ولاستون)- إنّ هذه الحرب مؤامرة ميئوس منها وسعى لثني عزم أبيه ونصحه في التقية، لكنه دون جدوى(3)

ص: 68


1- رونلدسون، دوايت عقيدة الشيعة، ترجمة: ع . م ، ط مؤسسة المفيد - بيروت 1990م، ص 90
2-
3- Wollaston, o. p. t. p. 100, 102

الفصل الثالث

الصُّلْحُ وَآرَاءُ المُسْتَشْرِقِينَ

المبحث الأول :

دوائر المعارف الاستشراقية

المبحث الثاني:

آراء مؤرخي المستشرقين بين الدراسة والتحليل

ص: 69

ص: 70

الفصل الثالث : الصُلحُ وآراء المستشرقين

الصُلحُ وآراء المستشرقين

قلنا سابقاً إنّ المنظومة الاستشراقية قد عكفت على دراسة الوقائع التاريخية المهمّة في صدر الإسلام وما بعده، فكانَ موضوع صُلح الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام) مع معاوية بن أبي سفيان، حول النزاع على خلافة المسلمين موضع اهتمام عند أغلب المستشرقين الذين تفاوتت آراؤهم بين مؤيد ومعارض لها، والبعض عرضها بأسلوب تاريخي دون الولوج في التحليل والنقد لهذا أو ذاك.

ولكن هناك الكثير من المؤاخذات على أغلب تلك الآراء والدراسات التي تحاملت على الامام الحسن(عليه السلام) بالحقد والكراهية والتعصب على حفيد رسول الإسلام النبي محمد(صلي الله عليه و آله و سلم) وهذا ناتج لا محالة عن القصور الذهني، والاعتماد على بعض المصادر التاريخية لدى المسلمين التي صنعتها أيادي السلاطين، وأنتجتها تلك العقول التي لا تحمل سوى الحقد والكراهية لآل البيت (عليهم السلام)

ويلمس القارئ في كتابات تلك المنظومة كثيراً من التهجم والتجريح البعيدين عن الذوق السليم للباحث الذي يُريد أن يصل إلى الحقيقة دون المساس بهذا أو ذاك، ولعل بعض هذه الآراء جاءت بوحي من المبشرين الذين غزو العالمين العربي والإسلامي،

ص: 71

وأرادوا تغطية الفشل الذي وصلوا إليه، فعمدوا إلى تشويه الحقيقة التي هي الشمس في واضحة النهار.

وربما وقف البعض منهم حائراً في تصوير مشهد الصلح وما نتج عنه من خلال وانه قائدهم تصرفات بعض المسلمين، وتطاولهم على إمام زمانهم الحسن بن علي(عليهماالسلام) ، ووريث رسولهم الكريم محمد(صلي الله عليه و آله)الذي لطالما كان النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)يصلي، فكان الحسن(علیه السلام)يجيء وهو صبي صغير، فكان كلّما سجد النبي (صلى الله عليه و أله وسلم) وثب على رقبته وظهره، فيرفع النبي (صلى الله عليه و أله وسلم) رأسه رفعاً رفيقاً حتى يضعه، فقالوا: يا رسول الله(صلي الله عليه و أله و سلم)، إنّك لتصنع بهذا الغلام شيئاً ما رأيناك تصنعه !

فقال: «إنّه ريحانتي من الدنيا، إن ابني هذا سيّد وعسى أن يصلح الله به بين فئتين من المسلمين» (1).

وبين هذا الرأي وذاك نعرضُ بين يدي القارئ الكريم آراء المنظومة الاستشراقية بشيء من الدراسة التحليلية، وقد قمنا بتصنيفها إلى موردين للبحث هما :

المبحث الأول من خلال دوائر المعارف الاستشراقية.

المبحث الثاني: آراء رجال هذه المنظومة.

ص: 72


1- المعجم الكبير، ج 3، ص 33 وورد الحديث بألفاظ مختلفة في صحيح البخاري، ج4، ص 216 ؛ تاريخ مدينة دمشق، ج 13 ، ص 234 ؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال تحقيق د. بشار عواد معروف، ط الثالثة - مؤسسة الرسالة - بيروت 1988م، ج 6 ، ص 232 ؛ النسائي، أحمد، سنن النسائي، ط الاولى - دار الفكر - بيروت 1930م، ج 3، ص 107.

المبحث الأول :

اشارة

دوائر المعارف الاستشراقية

وقد وقع الاختيار في دراسة مادة موضوعنا على ثلاث دوائر من دوائر المعارف المهمّة من دوائر المستشرقين العالمية، والتي دوّنت فيها بصمات مجموعة من مؤرخيهم الذين أخذوا على عاتقهم دراسة التاريخ الإسلامي، وتحت اشراف هيئات متخصصة، وقد عملت هذه الموسوعات على تنمية الفكر الجماهيري في العصر الحديث، وهي نوع من أنواع المعاجم ، لكنها تختلف عنها من حيث أنها سجل للعلوم والفنون وغيرهما من مظاهر النشاط العقلي عند الانسان، والدوائر هي:

أولاً : دائرة المعارف الإسلامية.

ثانياً: دائرة المعارف الامريكية.

ثالثاً: دائرة المعارف البريطانية.

ص: 73

ص: 74

أولاً : دائرة المعارف الإسلامية

أكبّ فريقٌ كبير من علماء الغرب المستشرقين على دراسة تراث الحضارة الإسلامية العظيمة، بما فيه من دين سمح رضي كريم، ومن لغة غنية بمفرداتها، جميلة برسم حروفها، ومن أدب يُصوّرُ نبضات القلوب وخلجات النفوس، ومن حكم وتشريع لم تصل الإنسانية بعد إلى خير منهما.

وقد أذاع هؤلاء المؤرخون كثيراً من دراساتهم في كتب عدة ومجلات خاصة، ثم رأوا منذ بداية القرن العشرين أن يجمعوا خُلاصة أبحاثهم في كتاب جامع يتبعون فيه منهج القواميس والمعاجم ، فكتبوا «دائرة المعارف الإسلامية» باللغات الاوربية الكبرى الانجليزية والفرنسية والالمانية، وهي ليست مجهود فرد واحد، وإنّما هي ثمرة مجهودات أعلام المستشرقين، كتب كل منهم فيما تخصص فيه من علم وفن، حتى صارت فصولهم نماذج في العمق والبحث والتحقيق، ومن هؤلاء الأعلام المستشرقين الذين وردت أبحاثهم في هذه الدائرة:

فنسنك هوتسما أرنولد ،هفنسنج ،بروفنسال ،لامنس، ياسيه، هرتمان، جِسب.

وقد تُرجمت هذه الدائرة إلى اللغة العربية اعتماداً على الاصلين الانجليزية والفرنسية، وقام ثلة من الرجال بترجمتها، وهم كل من:

1 - الأستاذ أحمد الشنيناوي الاختصاص في الفلسفة والتاريخ.

2 - الأستاذ ابراهيم زكي خورشيد، الاختصاص في التاريخ.

ص: 75

3 - الأستاذ عبد الحميد يونس.

4 - الأستاذ حافظ جلال.

وقد ساهم أعلام مصر من علماء الأزهر الشريف أو أساتذة دار العلوم أو الجامعة المصرية بنصيب وافر في مراجعة الترجمة والتعليق على بعض الفقرات، وفي إبداء الملاحظات القيّمة والآراء السديدة، منها آراء الأستاذ أحمد محمد شاكر (1) الذي ترك بصمات رائعة، وفي ردود مختصرة على تلك الآراء الاستشراقية التي وردت فيها وبالخصوص حول الاشكالات التي طرحوها ضد الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام)، فضلاً عن إلى مُجريات الصلح مع معاوية.

وتمتاز هذه الدائرة بذكر المراجع عقب كل بحث استكمالاً للمنهج العلمي، أضف إلى ذلك أنهم قصروا أبحاثهم على ناحية واحدة من المعرفة الإنسانية هي تراث الإسلام وما يتصل به ؛ ولهذا أطلقوا عليها دائرة المعارف الإسلامية».

ص: 76


1- أحمد بن محمد شاكر بن أحمد ابن عبد القادر من آل أبي علياء، يرفع نسبه إلى الحسين بن علي(عليهماالسلام) عالم بالحديث والتفسير مصري مولده ووفاته في القاهرة وأبواه من بلاد ( جرجا ) بصعيد مصر . سماه أبوه ( أحمد شمس الأئمة أبا الأشبال ) ! واصطحبه معه حين ولي القضاء في السودان سنة 1900 فأدخله في كلية ( غوردون ) وانتقل ، وهو معه إلى الإسكندرية فألحقه بمعهدها سنة 1904 ثم إلى القاهرة، وألحقه بالأزهر ففاز بشهادة العالمية) سنة 1917 وعين في بعض الوظائف القضائية. ثم كان قاضيا إلى سنة 1951 ورئيسا للمحكمة الشرعية العليا وأحيل إلى المعاش فانقطع للتأليف والنشر إلى أن توفي من أعماله شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل، وعمدة التفسير في اختصار تفسير ابن كثير، ونظام الطلاق في الإسلام، وأبحاث في أحكام و الشرع واللغة رسالة في الرد على عبد العزيز فهمي باشا الذي اقترح كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية. وله تحقيقات مفيدة حلى بها هوامش رسالة الإمام الشافعي، وجماع العلم للشافعي، و لباب الآداب لابن منقذ، و المعرب للجواليقي. ينظر: الاعلام، ج 1، ص 253 .

دوائر المعارف الاستشراقية

إلا إنّ هذه الدائرة احتوت في طياتها عدداً ليس بالقليل من الكذب والافتراءات، والسب لأعلام الإسلام دون التورّع من ذكر بعض الألفاظ الرذيلة ولصقها بالامام الحسن(عليه السلام) مثل وصفه ب- (المستهتر ) وإلى غير ذلك من الألفاظ التي تحط من قيمة علم من أعلام آل محمد(صلي الله عليه و آله) وقد وصف الشيخ القرشي هذه الدائرة بقوله:

(وهذه الدائرة لم تكن إلا دائرة كذب وافتراء، فقد حفلت بالطعن على الإسلام والسبّ لأعلامه، خصوصاً في بحوث ( لامنس) عن الشيعة وعن أئمتهم، فإنها مليئة بالبهتان والتهريج عليهم) (1).

وهنا نضع بين يدي القارئ الكريم ما ورد في هذه الدائرة عن الامام الحسن(عليه السلام) وقد توّخينا الدقة في النشر مع الاكتفاء بردود الأستاذ أحمد محمد شاكر، وإليك ما جاء فيها:

(الحسن) بن علي بن أبي طالب(عليهماالسلام) : اكبر أبناء علي(عليه السلام)من فاطمة((سلام الله علیها)) بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم). ويتوقف تاريخ مولده (3 أو 4ه-؟) على تاريخ زواج أبويه وهو ما لم يثبت بطريق قطعي. وتظهره السيرة أثيراً عند جده بنوع خاص، وقد نشأت روايات كثيرة مشكوك فيها حول هذا الموضوع مستقاة من حياة النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)الخاصة (2) ويلوح أن الصفات الجوهرية التي كان يتصفُ

ص: 77


1- موسوعة أهل البيت ع السلام، الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام)، ج 11، ص118.
2- لا أدري لماذا تكون هذه الروايات مشكوكاً فيها، إذا كانت ثابته صحيحة؟ وماذا في حب رجل سامي الخلق لسبطه (ابن بنته ؟ أهذا شيء عجيب أم مستنكر حتى يكون موضع شك؟! أليس هو الوضع الطبيعي في مثل هذه الظروف، وخاصة إذا كان الجد شيخاً كبيراً ليس له من الأولاد إلا ابنته، أو إلا هذين السبطين بالتعيين : الحسن والحسين رضي الله عنهما ! ! لو كان الأمر بالعكس لكان هو المستغرب، ولكان هو موضع الشك. تعليق (أحمد محمد شاكر).

بها الحسن(علیه السلام)هي الميل إلى الشهوات والافتقار إلى النشاط والذكاء) (1). ولم يكن الحسن(علیه السلام)على وفاق مع أبيه وإخوته عندما ماتت فاطمة((سلام الله علیها)) ولما تجاوز الشباب. وقد أنفق خير سني شبابه في الزواج والطلاق فأحصى له حوالي المائة زيجة عداً. وألصقت به هذه الأخلاق السائبة لقب المطلاق (2) وأوقعت عليا(عليه السلام) في خصومات عنيفة. وأثبت الحسن(علیه السلام)كذلك أنه مُبدّر كثير

ص: 78


1- أما ادعاء الحسن(علیه السلام)كان مفتقراً إلى الذكاء، وإلى النشاط، فهو الشيء الغريب الذي لم يستطع كاتب المادة أن يؤيده بأي دليل، وكلامه في هذا أجدر ان يكون مشكوكاً فيه إن لم يكن ظاهر البطلان. وأما الميل إلى الشهوات فسيأتي التعليق الذي بعد هذا. تعليق (أحمد محمد شاكر).
2- ما أظن كاتب المقال وَزَنَ الأخلاق والشهوات بميزان صحيح، حين وصف الحسن(علیه السلام)بالميل للشهوات، وبالأخلاق السائبة. والكاتب يكتب بروح إفرنجية وعقل إفرنجي، ولا أُريد أن أقول مسيحية" فإن دين المسيح وحي من عند الله كدين الإسلام يزن الأخلاق والشهوات بالميزان الصحيح الذي فطر الله عليه الناس وايدته الشرائع. وبالضرورة ليس الميزان في ذلك هو "الرهبانية”، فإنّها بدعة في دين المسيح ابتدعها أتباعه، كما قال الله سبحانه في القرآن الكريم ورهبانية ابتدعوها، ما كتبناها عليهم ، فما رَعَوْها حق رعايتها وقد نسخها الإسلام أو نفاها. ولسنا ننكر أن في الرهبان من كانوا حقاً بعيدين عن الشهوات متحرزين في كل شأنهم، ولكنهم إنما فعلوا ذلك بقتل الفطرة الإنسانية السليمة في أنفسهم، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه وهو شيء شاذ نادر، لا يصح أن يكون مقياساً للإنسانية عامة والله اعلم بما كانوا عاملين. ولكنا نقيس الأخلاق بمقياس الفطرة الإنسانية التي جاءت الشرائع لتهذيبها والحسد من طغيانها ومنعت كتبها وقتلها في النفس. وكانت فطرة الرجال، ولا تزال في أغلب أحوالهم وأكثر أعمارهم أن تتجه شهوتهم للنساء، إذا كانوا ذوي فطرة سليمة، غير ضعفاء وغير مرائين منافين فكان العرب كغيرهم من الرجال لا يكاد الرجل منهم يكتفي بامرأة واحدة إلا في القليل النادر ، وكانوا ذوي غيرة على الأعراض يستحي أحدهم أن يعتدي عليها في غير حلّها إلا ما يندر وما لا تكاد تخلو منه أمة. وكانوا على بقايا من شريعة إبراهيم، فكان أحدهم يرى أن الأجدر به والأشرف له ولغيره أن يتزوج بأكثر من واحدة، وأن يطلق من عزفت نفسه عنها، ولكنهم غلوا في ذلك غلوّ الجاهلية، فلم يجعلوا لعدد الزوجات حداً، وكانوا يطلقون المرأة أي عدد شاؤوا من الطلقات، لم يُقيّد ولم يطلق في عدد الزوجات، وفيما يملك الرجل من الطلاق للمرأة الواحدة، تنظيماً للأمور ووضعها موضعها الصحيح وكانت الأمم الأخرى، وخاصة الإفرنج، كما ترى ونسمع، لا غيرة عندهم، ولا يقيمون للعفاف وزناً كبيراً ولا أحب أن أذكر التفاصيل، ولكن لا أحب ان يُغالط أحد فيزعم غير ذلك، والمثل حاضرة نقرأ أخبارها كل يوم، فمقاييس الأخلاق بيننا وبين الإفرنج متغايرة تمام المغايرة. رجالهم كرجالنا، أعني في الأكثر الأغلب، لهم شهواتهم ورغباتهم. ولكنهم قيّدوا أنفسهم بالزوجة الواحدة، واتخذوا من العشيقات والأخدان ما شاؤوا، علناً، يعرف بعضهم ذلك عن بعض، وتعرفه زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم وذو الميسرة منهم يتخذ لأخدانه البيوت والقصور، وتعقد فيها مجالس اللهو ومجالس العلم ومجالس المناظرة ولا يتحرجون، إذ كان كالأمر المعروف المقرر وقيدوا أنفسهم بمنع الطلاق، ثم أباحوه إلى حد التهافت والسخرية، وهم يعتقدون أن دينهم لا يبيحه ولكن أباحته لهم القوانين والقانون لا ينسخ الدين ولا ينفي ما ثبت بالعقيدة فهم يفعلون من التردي في الشهوات أضعاف ما يفعل المسلمون . ولكن المسلمين يفعلون ما أباحه لهم دينهم، فيفعلون راضين مطمئنين، إذ كان حلالا في دينهم حلا مطلقاً إلا في حدود ما أمر به الله . وأولئك يفعلون كل ما يفعلون حراماً في دينهم وفي كل الأديان. فهذا هو الميزان الصحيح الذي يجب أن توزن به الأمور ، لا إلقاء الكلام على عواهنه، والطعن أخلاق رجل من أفضل الأمة، وسبط النبي، بأنه كان كثير الطلاق والزواج. تعليق (أحمد محمد في شاكر).

السرف، فقد اختص كل من زوجاته بمسكن ذي خدم و حشم. وهكذا ترى كيف كان يُبعثر المال أيام خلافة علي(عليه السلام)التي اشتد عليها الفقر. وشهد يوم صفين دون أن تكون له فيها مشاركة إيجابية. ثم هو إلى ذلك لم يهتم أي اهتمام بالشؤون العامة في حياة أبيه.

وبويع الحسن(علیه السلام)بالخلافة في العراق بعد مقتل علي(عليه السلام)فحاول أنصاره أن يقنعوه بالعودة إلى قتال أهل الشام، وقلّب هذا الإلحاح من جانبهم خطط الحسن(علیه السلام)القعيد الهمّة فلم يعد يُفكّر إلا في التفاهم مع معاوية كما أدى إلى وقوع الفرقة بينه وبين أهل العراق، وانتهى بهم الأمر إلى إثخان إمامهم اسماً لا فعلاً بالجراح. فتملكت الحسن(علیه السلام)منذ ذلك اليوم فكرة واحدة هي الوصول إلى اتفاق مع الأمويين. وترك له معاوية أن يُحدد ما يطلبه جزاء تنازله عن الخلافة. ولم يكتف الحسن(علیه السلام)بالمليوني درهم التي طلبها لنفسه خمسة ملايين درهم أخرى ودخل كورة في فارس طيلة حياته وعارض أهل العراق بعد ذلك في تنفيذ الفقرة الأخيرة من هذا الاتفاق، بيد أنه أجيب إلى كل ما سأله حتى أن حفيد النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)

ص: 79

اجترأ فجاهر بالندم على أنه لم يُضاعف طلبه. وترك العراق مُشيّعاً بسخط الناس عليه ليقبع في المدينة (1).

وهناك عاد إلى حياة اللهو واستسلم للذات (2) ووافق معاوية على أن يدفع نفقاته ولم يطلب في مقابل ذلك إلا أمراً واحداً هو ألا يخل الحسن(علیه السلام)بأمن الدولة وكان قد أجبره من قبل على الجهر بتنازله عن الخلافة في اجتماع عُقدَ في «أذرُح» (3).

ولم يعد معاوية يشغل باله بعد ذلك أنه كان واثقاً من قعود همته وإيثاره للدعة. هذا فقد استمر الانقسام في البيت العلوي(عليه السلام)، ولم يكن الحسن(علیه السلام)على وفاق مع الحسين(عليه السلام) وإن اجتمعا على مناهضة ابن الحنفية وغيره من أبناء علي.

وتوفي الحسن(علیه السلام)في المدينة بذات الرئة. ولعل إفراطه في الملذات هو الذي عجل .بمنيته. وقد بذلت محاولة لإلقاء تبعة موته على رأس معاوية، وكان الغرض من هذا سوى الاتهام وصم الأمويين بهذا العار. ولم يجرأ على القول بهذا الاتهام الشنيع جهر المؤلفين من الشيعة أو أولئك الذين كان هواهم مع العلوية بنوع خاص. وقد أعطى

ص: 80


1- أما صلح الحسن(علیه السلام)مع معاوية، فكان سياسة حكمية حقناً للدماء وحُباً في السلام، لا ضعفاً ولا خوراً، والذين نقدوا عمل الحسن(علیه السلام)في هذا هم المتعصبون الطامعون في اغتنام الفرص عند الخلاف والقتال وما رأينا قط أن حُب السلام في أمة واحدة جنسها واحد ودينها واحد، ولغتها واحدة، يكون موضع الطعن والتشهير بمن يرغب فيه. وأظن أن العكس كان أحسن، لو أنصف كاتب المقال. تعليق أحمد محمد شاكر).
2- لم يُعرف عن الحسن(علیه السلام)قط أنه تَبعَ حياة اللهو والاستسلام للذات. بل كان يعطي نفسه حقها مما أحلّهُ الله له. تعليق أحمد محمد شاكر).
3- أذرح بالفتح ثم السكون وضم الراء والحاء المهملة، وهي اسم بلد من في أطراف الشام من أعمال الشراة، كان فيها أمر الحكمين بين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري. ينظر: الحموي، ياقوت، معجم البلدان، ط دار احياء التراث العربي - بيروت 1979م، ج1، ص 130 .

هذا الاتهام في الوقت نفسه فرصةً للإيقاع بأسرة الأشعث بن قيس المبغضة من الشيعة، ولما كان لها من شأن في الانقلاب الذي حدث يوم صفين، وما كان معاوية بالرجل الذي يقترف إثماً لا مبرر له. كما أن الحسن(علیه السلام)(المستهتر ) (1) كان قد أصبح مُسالماً منذ أمد طويل. وكانت حياته عبثاً على بيت المال الذي أبهظه مطالبه المتكررة. ومن اليسير أن تعلل ارتياح معاوية وتنفسه الصعداء عندما سمع بمرض الحسن. وربما كانت وفاته عام 49ه- بالغاً من العمر الخامسة والأربعين، فأصبح الحسين(عليه السلام) بموته رأس العلوية. ونحنُ نجد في التاريخ المتأخر لهذه الشيعة أنّ كثيرين من نسل الحسن(علیه السلام)كانوا يتنازلون عن الرئاسة للحسينية الذين كانوا أكثر منهم طموحاً. ولم تكن الأُسرتان أكثر اتفاقاً مما كان عليه رأساهما » (2).

المصادر:

(1) ابن حجر الاصابة ( طبعة مصر ) ج 1، ص328- 331.

(2) الأغاني، ج 11، ص 56-57؛ ج 15، ص 47.

(3) اليعقوبي : تأريخ، طبعة هو تسما، ج2، ص 254 - 256 .

(4) الطبري: تأريخ ، طبعة ده غوى، ج 2، ص 1-10.

(5) الدينوري: الأخبار الطوال، طبعة جير جاس، ص 153، 154، 163، 194، .209

ص: 81


1- أظن أن كاتب المقال يندم على هذه الكلمة وغيرها من الأوصاف التي نعت بها الحسن، عن عصبية وعن خطأ في النظر في مقاييس الأخلاق الصحيحة. تعليق (أحمد محمد شاكر).
2- دائرة المعارف الإسلامية جماعة من المستشرقين، ترجمة: احمد الشنيناوي و ابراهيم خورشيد وعبد الحميد يونس و حافظ جلال ط بوذر جمهري - طهران 1933م، ج 7، ص 400 - 403 .

(6) وقد ذكرت بقية المصادر في :

Etudes sur le rejne: H. lammens

ص 140 ،154 - 127 ، 443،Du calife omaiyade moawia

(7) المؤلف نفسه

Fattma et les filles de mohomet :

ص 49، 41 ، 53 ، 87 - 93 ، 95 ، 96، 97، 107 ، 111 ، 113، 116، 125،

126، 128 .

(8) المؤلف نفسه : Le Barceau de

islam, L, Arabie occidantale a la veille de l,Hejire,L ج 1، ص 98 (1).

ص: 82


1- هذه هي المصادر التي تم اعتمد عليها الأعلام من المستشرقين في هذه الموسوعة أحببنا أن نذكرها كما هي إتماما للفائدة.

ثانيا : دائرة المعارف الامريكية

اشارة

وهذه الموسوعة العالمية صدرت عن لفيف من الباحثين باللغة الانكليزية، ولم تُترجم إلى اللغة العربية، وطبعت أكثر من اثنين وثلاثين طبعة. وقد حصلنا على هذه النسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامة في النجف الأشرف لمؤسسها الشيخ عبد الحسين الأميني ( ت ) ، ضمن خزانتها الضخمة للكتب المطبوعة الأجنبية لعدة لغات العالم.

وقد قمنا بتعريب المادة الخاصة بالامام الحسن(عليه السلام) المعرفة ما جاء فيها من نصوص عن حفيد رسول الإسلام محمد(صلي الله عليه و آله)، فما وجدنا فيها إلا الاعتدال في اسلوب ذكر الوقائع دون الميل إلى جهة معينة، والدراسة عن الامام الحسن(عليه السلام) جاءت بأسلوب مبسط وبروح محايدة، والتوجه نحو السرد التاريخي المختصر، وخاصةً ما يتعلّق في الدوافع التي أدت إلى استشهاده، وربما حصل لهم اليقين بأن الدافع الحقيقي وراء سمّه صلوات الله وسلامه عليه هو معاوية بن أبي سفيان.

وقد لجأنا في بحثنا هذا إلى نشر مادة الموضوع المترجمة بالإضافة إلى نشر صورة عن الأصل باللغة الانكليزية؛ ليتسنى للقارئ مراجعة ذلك حتى يكون البحث أكمل إنشا الله تعالى، وإليك ما جاء فيها :

ص: 83

الحسن والحسين(علیهماالسلام) حفيدا محمد(صلي الله عليه و آله) أبناء فاطمة((سلام الله علیها)) بنت النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)وعلي(عليه السلام)الخليفة الرابع، وهما خليفتان حقيقيان في نظر مسلمي الشيعة وهم الذين يؤمنون بأن علي(عليه السلام)وذريته هم فقط خلفاء محمد(صلي الله عليه و آله).

[ الحسن(علیه السلام): (624 م - 669م )] استلم الخلافة بعد شهادة والده سنة 661م ولكن بعد مرور ستة أشهر نازعه منافس علي(عليه السلام)معاوية وتمَّ ترحيله إلى المدينة(1)، وطبقاً للقصة التي تُروى بصورة عامة فإنَّ الحسن(علیه السلام)قدسم بواسطة إحدى زوجاته التي أوعدها معاوية بأن يُزوّجها من يزيد.(2)

ص: 84


1- لم يؤمر الامام الحسن(عليه السلام) من قبل معاوية ولا من غيره بالرحيل إلى المدينة، وإنما كان أمر الخروج من الكوفة من اختياره؛ لذلك تجهز للخروج بعد حادثة الصلح للشخوص إلى المدينة برفقة أخيه الامام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته. قال المفيد ( ل ) : خرج الحسن(علیه السلام)إلى المدينة فأقام بها كاظماً غيظه (قتل): لازماً منزله منتظراً لأمر ربه. ،الارشاد، ج 2، ص 15 . و خرج الامام الحسن(عليه السلام) من الكوفة فلما صار بدير هند نظر إلى الكوفة، وقال: ولا عن قلى فارقت دار معاشري هم المانعون حوزتي وذماري شرح نهج البلاغة ، ج 16، ص 17 .
2- دائرة المعارف الأمريكية، جمع من الباحثين، ج 13 ، ط 32 - امريکا 1963، ص 749.

THE

ENCYCLOPEDIA

AMERICANA

THE INTERNATIONAL REFERENCE WORK

PUBLISHED FIRST

EA IN 1829

COMPLETE IN THIRTY VOLUMES

AMERICANA CORPORATION

NEW YORK CHICAGO WASHINGTON, D. C.

الأصل من غلاف دائرة المعارف الامريكية

ص: 85

HASAN- HASHIMOTO

proximately 28,000 square miles, consisting bas- ically of a low coastal plain paralleled by a rocky plateau. Largely semidesert, al-Hasa nevertheless supports a population which may number 500,000, sedentary and nomadic. The largest settlements are the oasis groups of Hofuf (al-Hufuf) and Qatif (al-Qatif), both of whose economies, based on plentiful ground water, cen- ter on dates. The importance of al-Hasa rests on its oil reserves (proven reserves: 9 billion bar- rels). Production of the Arabian American Oil Co. (Aramco) averaged 900,000 barrels a day in 1952, and about 17,000 Saudi Arab employees depend on the industry. The chief port was Oqair (al-Uqair, the ancient Gerrha), but Dam- mam (al-Dammm), with a deep-water pier (completed in 1951) and railroad thence to Hofuf and Riyadh (al-Riyad), has eclipsed it.

In Islamic times al-Hasa first came into prominence in 899 when the Shi'ite Qarmatians established an independent state there. Under abu-Tahir Sulaiman, they raided widely and in 930 even captured Mecca. Abu-Tahir's adminis- trative council retained some autonomy for sev- eral centuries, and the oasis population is still largely Shi'ite. However, by the end of the 17th century the banu-Khalid tribe controlled al-Hasa. From 1759 on they tried to suppress the rising tide of Wahhabism. The Wahhabis, however, annexed al-Hasa in 1789-1790. With the destruction at Egyptian hands of the Saudi- led Wahhabi state in 1818, the banu-Khalid re- gained control, but a new Saudi state, rising on the old, conquered al-Hasa in 1830 and continued to rule it until 1871, when the Ottomans took it. Ottoman rule lasted until 1913 when ibn-Saud conquered it and brought it once more under Saudi control. After 1913 al-Hasa was heredi- tarily governed by a collateral branch of King ibn-Saud's family. See also SAUDI ARABIA.

R. BAYLY WINDER, Department of Oriental Languages and Litera-

tures, Princeton University.

HASAN, ha sn, and HUSAIN, hop-sin (also HASSAN and HOSEIN; in Arabic al-Hasan and al-Husayn), two grandsons of Mohammed, the sons of Fatima, daughter of the prophet, and Ali, the fourth caliph. They are recognized as true caliphs by the Shi'ite Moslems, those who believe that Ali and his descendants are the only rightful successors to Mohammed.

HASAN (c.624 A.D.-c.669) was proclaimed ca- liph on the assassination of his father in 661, but after six months resigned the caliphate to Ali's powerful rival Muawiyah, and with Husain re- tired to Medina where, according to a story. generally discredited, he was poisoned by one of his wives who had been bribed by Yazid, son of Muawiyah.

HUSAIN (c.629-Oct. 10, 680), less of a weak- ling, claimed the caliphate on the death of Mua- wiyah (680) and left Arabia for Al Kufa, Iraq, where the Shi'ite partisans promised support if he would appear to claim his rights. Arriving at Karbala (Kerbela) in Iraq, accompanied by his family and relatives and a small body of soldiers, he was surrounded by a large army under one of Yazid's commanders and killed, to- gether with his two sons, six brothers (sons of Ali), two sons of Hasan, and six descendants of Abu Talib, Ali's father. Yazid, however, dis- claimed all personal responsibility for the mas-

sacre.

749

The anniversary of this event is observed on the 10th day of Muharram as a day of mourning by all Shi'ites; passion plays are presented in Iran. Husain's shrine at Karbala is a place of pilgrimage.

HASDRUBAL, hz'droo-bl, Carthaginian general: d. 207 B.C. He was the son of Hamilcar Barca, and brother of Hannibal (q.v.), and on the departure of the latter for Italy, 218 B.C., was left in command of the army in Spain. Hanno, who had charge of the province north of the Iberus (modern Ebro), was defeated and ex- pelled by Gnaeus Scipio before Hasdrubal could come to his aid. Scipio, reinforced by his brother Publius, now crossed the Iberus, and in 216 de- feated Hasdrubal near that river. The Car- thaginians then sent a force, intended for the assistance of Hannibal, to the relief of Hasdrubal under the command of their brother Mago. 212 or 211 both Scipios were defeated and killed by the Carthaginians. The younger Publius Scipio (Scipio Africanus) was sent into Spain in 211, and after seizing Cartago Nova (modern Cartagena) in 210 defeated Hasdrubal in his camp at Baecula (modern Bailé) in 208.

In

Hasdrubal, withdrawing to the northern prov- inces, determined to proceed to Italy to reinforce Hannibal, leaving his colleagues, Hasdrubal, the son of Gisco, and Mago, to make head against Scipio. He crossed the Alps in 207, accom- panied by Gallic allies, and descended into Italy, and sent messengers to concert a junction with Hannibal in Umbria, but his dispatches fell into the hands of the consul, Gaius Claudius Nero, who joined his colleague, Marcus Livius Salina- tor, at Sena, and forced Hasdrubal to give battle on the right bank of the Metaurus (modern Metauro). Being outnumbered, and ill-supported by his Gallic allies, he was defeated, after an ob- stinate engagement, in which both sides suffered severely. When he saw the battle irretrievably lost he rushed into the midst of the enemy, and perished fighting sword in hand. Nero hastened back to Apulia, and announced to Hannibal the defeat of his brother by causing Hasdrubal's head to be thrown into his camp.

HASHEMITE KINGDOM OF THE JORDAN. See JORDAN, HASHEMITE KINGDOM

OF THE.

Son of a

HASHIMOTO, h-shê-mo-to, Sanai, Japa- nese patriot: b. Fukui, June 18, 1834; d. Tokyo (then Yedo), Oct. 7, 1859. At a time when Japan was a hermit nation and men's ideas were local and narrow, and while they were violently opposed to foreign trade and intercourse, this man advocated both, urging also the importation and employment of American teachers. physician in Fukui, he was a brilliant student in the classics and in Dutch, going also to the large cities to seek out famous teachers. He welcomed Heishiro Yokoi to Fukui and began an academy with a European curriculum. He had great plans for Japan as a world power, through internal regeneration, proposing national government in a unified nation with ministries or boards of ad- ministration, and the mikado in supreme power-

For these aims attained within a generation. opinions, and activities in Kyoto, he was seized by the Tokyo police, his house was searched, papers were examined, and he was taken to Tokyo and beheaded. Posthumous honors from

الأصل من صفحة الدائرة الخاصة بالامام الحسن(عليه السلام) السلام

ص: 86

ثالثاً: دائرة المعارف البريطانية

اشارة

وهي من الدوائر المشهورة والضخمة في الغرب، عَمِلت جامعة «كامبرج» البريطانية على اصدارها تحت اشراف مجموعة من المؤرخين المستشرقين الذين كان لهم اهتمام في الدراسات المتخصصة لمجموعة من العلوم وأخذت على عاتقها مراجعتها وتدقيقها تحت كيان الجامعة، وهي تحتوي على أكثر من ثلاثين مجلداً، وقد طبعت هذه الموسوعة أكثر من عشر طبعات، واعتمدنا في بحثنا هذا على الطبعة الحادية عشرة ضمن مؤسسة جامعة كامبرج.

وقد حصلنا على هذه النسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامة في النجف الأشرف لمؤسسها الشيخ عبد الحسين الأميني ( ل ) ، ضمن خزانتها الضخمة للكتب المطبوعة الأجنبية لعدة لغات العالم.

وأشارت الدراسة فيها أيضاً إلى السرد التاريخي، وما نجم من أحداث أجبرت الحسن(علیه السلام)إلى إيقاف الحرب، وجعلوا من قوة معاوية أمام الحسن(علیه السلام)السبب الرئيسي وراء ذلك، متناسين أن الذي دعا الإمام اللجوء لهذا الأمر هو التخاذل الذي دبَّ في صفوف جيش الإمام.

ولكي يتسنى للقارئ مراجعة ذلك حتى يكون البحث أكمل إن شاء الله تعالى لجأنا كما عملنا في دائرة المعارف الامريكية إلى نشر مادة الموضوع المترجمة مضافاً إلى نشر صورة عن الأصل باللغة الانكليزية، وإليك ما جاء فيها :

ص: 87

الحسن والحسين(عليه السلام) أولاد الخليفة الرابع المحمدي(صلى الله عليه و أله وسلم) علي(عليه السلام)من زوجته فاطمة(سلام الله علیها) بنت محمد(صلي الله عليه و آله). عند وفاة علي(عليه السلام) أعلن الحسن(علیه السلام) الخلافة لكن قوة معاوية الذي تمرّد على علي(عليه السلام)كانت أجبرته عن التنازل عن الحكم بشرط أن تكون خزينة الكوفة تحت سيطرته، وكذلك موارد دار ابجرد(1)، هذه المفاوضات السرية تسربت إلى أنصار الحسن(علیه السلام)ونشب نزاع تم فيه جرح الحسن(علیه السلام)

ورجع إلى المدينة حيث توفي حوالي 669م. والرواية بأنه سمم بأمر من معاوية هي رواية غير موثقة بصورة عامة أو معترف بها (2)

ص: 88


1- دار ابجرد ولاية بفارس على حدود الاهواز ، وجرد أو جراد هي البلد أو المدينة بالفارسية والروسية الحديثة، فتكون دار ابجرد بمعنى ( مدينة دار ابجرد). ينظر شرف الدين عبد الحسين، صلح الحسن، ط بيروت، ص 261 .
2- تقول الرواية: ان معاوية بن أبي سفيان أرسل إلى الامام الحسن(عليه السلام) غير مرة سما مميتاً حينما كان في دمشق فلم ينجح به فراسلَ عاهل الروم يطلب منه أن يبعث إليه سُمّاً فاتكاً سريع التأثير، فامتنع من اجابته قائلاً له: إنّه لا يصلح لنا في ديننا أن نُعيّن على قتال من لا يُقاتلنا. فراسله مرة ثانية يُخبره عن مشروعية هذا الأمر قائلاً: إنّ هذا الرجل ابن الذي خرج بأرض تهامة – يعني رسول الله (صلى الله عليه و أله وسلم) - قد خرج يطلب ملك أبيه، وأنا أريد أن أدس إليه من يسقيه السم، فأريح منه العباد والبلاد. ولما وصل السم إلى معاوية جعل يفكر في إيصاله إلى الإمام فاستعرض أقرباء الإمام إليه، فلم يجد أحداً يعينه على ارتكاب هذه الجريمة، فاستعرض ثانياً أزواج الإمام فوجد في جعدة بنت الأشعث طلبته، فأرسل إليها السم بتوسط مروان بن الحكم وأمره أن يمنيها بزواج يزيد، وأن يُقدّم لها مائة ألف درهم. فأخذت منه السم، وكان الإمام صائماً في وقت شديد الحر، فأخرجت له إفطاره وألقت السمّ في لبن، فتناوله الإمام الجرعة، فلما وصل إلى جوفه تقطعت أمعاؤه، فقال لما أحس بألمه الشديد: إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله على لقاء محمد(صلي الله عليه و آله) سيد المرسلين، وأبي سيد الوصيين، وأمي سيدة نساء العالمين، وعمي جعفر الطيار، وحمزة سيد الشهداء. ثم التفت إلى جعدة فقال لها : يا عدوة الله قتلتيني قتلكِ الله والله لا تُصيبين منّي خَلفاً، ولقد غَرَّكِ – يعني معاوية – وسَخِرَ منكِ، يُخزيك الله ويُخزيه. أجمع المؤرخون تقريباً على هذه الرواية التي وردت عن مصادر أبناء العامة، منها: شرح نهج البلاغة / ج 16 / ص 50 ؛ الاستيعاب، ج1 / ص 374 ؛ البداية والنهاية / ج 1 / ص 194 ؛ مروج الذهب، ج 2، ص 353.

وبعده أخوه الحسين(عليه السلام) استدعي بواسطة أنصاره في الكوفة للثورة ضد خليفة معاوية يزيد، لكن هُزم وقُتل في كربلاء (1).

ص: 89


1- دائرة المعارف البريطانية، مجموعة من الاساتذة جامعة كامبرج، ط 11 مؤسسة جامعة كامبرج - 1911 م ج 13، ص 49 .

THE

ENCYCLOPDIA BRITANNICA

A

DICTIONARY

OF

ARTS, SCIENCES, LITERATURE AND GENERAL

INFORMATION

ELEVENTH EDITION

VOLUME XIII

HARMONY to HURSTMONCEAUX

LVCEM ET TH POCVLA SACR

Cambridge:

at the University Press.

1910

الأصل من غلاف دائرة المعارف البريطانية

ص: 90

HASAN AND HOSAIN

or permanent settlements, and is only occupied by nomad tribes, of which the principal are the Bani Hajar, Ajman and Khalid. The interior consists of low stony ridges rising gradually to the inner plateau. The oases of Hofuf and Katif, however, form a strong contrast to the barren wastes that cover the greater part of the district. Here an inexhaustible supply of underground water (to which the province owes its name Hasa) issues in strong springs, marking, according to Arab geographers, the course of a great subterranean river draining the Nejd highlands. Hofuf the capital, a town of 15,000 to 20,000 inhabitants, with its neighbour Mubariz scarcely less populous, forms the centre of a thriving district 50 m. long by 15 m. in breadth, containing numerous villages each with richly cultivated fields and gardens. The town walls enclose a space of 1 by 1 m., at the north-west angle of which is a remarkable citadel attributed to the Carmathian princes. Mubariz is celebrated for its hot spring, known as Um Saba or "mother of seven," from the seven channels by which its water is distributed. Beyond the present limits of the oasis much of the country is well supplied with water, and ruined sites and half-obliterated canals show that it has only relapsed into waste in recent times. Cultivation reappears at Katif, a town situated on a small bay some 35 m. north-west of Bahrein. Date groves extend for several miles along the coast, which is low and muddy. The district is fertile but the climate is hot and unhealthy; still, owing to its convenient position, the town has a considerable trade with Bahrein and the gulf ports on one side and the interior of Nejd on the other. The fort is a strongly built | enclosure attributed, like that at Hofuf, to the Carmathian prince Abu Tahir.

'Uker or 'Ujer is the nearest port to Hofuf, from which it is distant about 40 m.; large quantities of rice and piece goods transhipped at Bahrein are landed here and sent on by caravan to Hofuf, the great entrepôt for the trade between southern Nejd and the coast. It also shares in the valuable pearl fishery of Bahrein and the adjacent coast.

Politically El Hasa is a dependency of Turkey, and its capital Hofuf is the headquarters of the sanjak or district of Nejd. Hofuf, Katif and El Katr were occupied by Turkish garrisons in 1871, and the occupation has been continued in spite of British protest as to El Katr, which according to the agreement made in 1867, when Bahrein was taken under British protection, was tributary to the latter. Turkish claims to Kuwet have not been admitted by Great Britain.

AUTHORITIES.-W. G. Palgrave, Central and Eastern Arabia (London, 1865); L. Pelly, Journal R.G.S. (1866); S. M. Zwemer, Geog. Journal (1902); G. F. Sadlier, Diary of a Journey across Arabia (Bombay, 1866); V. Chirol, The Middle East (London, 1904(.

)R. A. W.) HASAN AND HOSAIN (or HUSEIN), sons of the fourth Mahommedan caliph Ali by his wife Fatima, daughter of Mahomet. On Ali's death Hasan was proclaimed caliph, but the strength of Moawiya who had rebelled against Ali was such that he resigned his claim on condition that he should have the disposal of the treasure stored at Kufa, with the revenues of Darabjird. This secret negotiation came to the ears of Hasan's supporters, a mutiny broke out and Hasan was wounded. He retired to Medina where he died about 669. The story that he was poisoned at Moawiya's instigation is generally discredited (see CALIPHATE, sect. B, (1) 2 ad init.). Hosain is the hero of the Passion Play which is performed annually (e.g. at Kerbela) on the anniversary of his death by the Shi'ites of Persia and India, to whom from the earliest times the family of Ali are the only true descendants of Mahomet. The play lasts for several days and concludes with the carrying out of the coffins (tabt) of the martyrs to an open place in the neighbourhood.

See Sir Wm. Muir, The Caliphate (1883); Sir Lewis Pelly, The Miracle Play of Hasan and Hosein (1879(.

HASAN UL-BASRI [Abu Sa'ud ul-Hasan ibn Abi-l-Hasan Yassir ul-Basri], (642-728 or 737), Arabian theologian, was

HASDEU

born at Medina. His father was a freedman of Zaid ibn Thabit, one of the Anar (Helpers of the Prophet), his mother a client of Umm Salama, a wife of Mahomet. Tradition says that Umm Salama often nursed Hasan in his infancy. He was thus one of the Tabi'ün (i.e. of the generation that succeeded the Helpers). He became a teacher of Bara and founded a school there. Among his pupils was Wsil ibn 'Ata, the founder of the Mo' tazilites. He himself was a great supporter of orthodoxy and the most important representative of asceticism in the time of its first development. With him fear is the basis of morality, and sadness the characteristic of his religion. Life is only a pilgrimage, and comfort must be denied to subdue the passions. Many writers testify to the purity of his life and to his excelling in the virtues of Mahomet's own companions. He was "as if he were in the other world." In politics, too, he adhered to the earliest principles of Islam, being strictly opposed to the in- herited caliphate of the Omayyads and a believer in the election. of the caliph.

His life is given in Nawawi's Biographical Dictionary (ed. F. Wüstenfeld, Gttingen, 1842-1847). Cf. R. Dozy, Essai sur l'his- toire de l'islamisme, pp. 201 sqq. (Leiden and Paris, 1879); A. von Kremer, Culturgeschichtliche Streifzüge, p. 5 seq.; R. A. Nicholson, A Literary History of the Arabs, pp. 225-227 (London, 1907). (G. W. T.) HASBEYA, or HASBEIYA, a town of the Druses, about 36 m. W. of Damascus, situated at the foot of Mt. Hermon in Syria, overlooking a deep amphitheatre from which a brook flows to the Hasbani. The population is about 5000 (4000 Christians). Both sides of the valley are planted in terraces with olives, vines and other fruit trees. The grapes are either dried or made into a kind of syrup. In 1846 an American Protestant mission was established in the town. This little community suffered much persecution at first from the Greek Church, and afterwards from the Druses, by whom in 1860 nearly 1000 Christians were massacred, while others escaped to Tyre or Sidon. The castle in Hasbeya was held by the crusaders under Count Oran; but in 1171 the Druse emirs of the great Shehab family (see DRUSES) recaptured it. In 1205 this family was confirmed in the lordship of the town and district, which they held till the Turkish authorities took possession of the castle in the 19th century. Near Hasbeya are bitumen pits let by the government; and to the north, at the source of the Hasbani, the ground is volcanic. Some travellers have attempted to identify Hasbeya with the biblical Baal-Gad or Baal-Hermon.

HASDAI IBN SHAPRUT, the founder of the new culture of the Jews in Moorish Spain in the roth century. He was both physician and minister to Caliph Abd ar-Rahman III. in Cordova. A man of wide learning and culture, he encouraged the settlement of Jewish scholars in Andalusia, and his patronage of literature, science and art promoted the Jewish renaissance in Europe. Poetry, philology, philosophy all flourished under his encourage- ment, and his name was handed down to posterity as the first of the many Spanish Jews who combined diplomatic skill with artistic culture. This type was the creation of the Moors in Andalusia, and the Jews ably seconded the Mahommedans

)I. A.) in the effort to make life at once broad and deep.

HASDEU, or HAJDEU, BOGDAN PETRICEICU (1836-1907), Rumanian philologist, was born at Khotin in Bessarabia in 1836, and studied at the university of Kharkov. In 1858 he first settled in Jassy as professor of the high school and librarian. He may be considered as the pioneer in many branches of Rumanian philology and history. At Jassy he started his Archiva historica a Romaniei (1865-1867), in which a large number of old documents in Slavonic and Rumanian were published for the first time. In 1870 he inaugurated Columna lui Traian, the best philological review of the time in Rumania. In his Cuvente den Btrni (2 vols., 1878-1881) he was the first to contribute to the history of apocryphal literature in Rumania. His Historia critica a Romanilor (1875), though incomplete, marks the beginning of critical investigation into the history of Rumania. Hasdeu edited the ancient Psalter of Coresi of 1577 (Psaltirea lui Coresi, 1881). His Etymologicum magnum Romaniae (1886, c.) is the beginning of an encyclopaedic dictionary of the Rumanian language, though never finished

الأصل من صفحة الدائرة الخاصة بالإمام الحسن(علیه السلام)السلام

ص: 91


1- 1). Subsequently his brother Hosain was invited by partisans in Kufa to revolt against Moawiya's successor Yazid. He was, however, defeated and killed at Kerbela on the 10th of October (Muharram) 680 (see CALIPHATE, sect. B,

ص: 92

المبحث الثاني: آراء مؤرخي المستشرقين بين الدراسة والتحليل

اشارة

يوصف المؤرخ بأنه: ذلك الرجل الذي أرخَ الكتاب ليوم كذا(1). والحادث التوصيفي لذلك التأريخ يجب أنه يقوم بتدوينه بالصورة الصحيحة وبنظرة بعيدة عن الشائبة والتشويه.

ومنها كانت نظرة المؤرخ المستشرق المنصف نظرة المؤمن لما يكتبه من الوقائع التاريخية، ويجب أن تأتي نظرته لحادثة «الصلح » من رؤى علمية وموضوعية لا يحدوها الشك؛ لأنه حينما دَرَسَ وتَحَققَ في شخصية الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام) أبدى إعجابه الشديد لتلك الشخصية الحكيمة، وأيقن أن تلك الحكمة فرضت أن يستجيب وبشكل سريع للإرادة الإلهية في تعيين الصالح من الطالح، وحيث ان الرسالة الإسلامية أُريد لها البقاء بدون اللجوء إلى النزاعات التي تؤدي بالتالي إلى نشوب الانقسامات التي لا تحمد عُقباه فكان لزاماً عليه أن يحتكم إلى العقل أمور الناس وفق قانون إلهي.

لذلك فعلى المؤرخ المستشرق ان يسير بخُطى صحيحة، وفق الاعتماد على المصدر الحقد القائم على الموضوعية العلمية، وأن لا يسير وفق رغباته النفسية، ويبتعد عن والكراهية، وهنا سوف نشاهد معاً تلك الآراء، هل التزمت بكل هذا أم لا؟ وهل الشهوات والميل إلى الحقد كانت الأساس في تلك الدراسات، وبذلك ألصقت التهم

ص: 93


1- ينظر: ابن منظور، محمد، لسان العرب ، طقم - محرم 1405ه-، ج 3، ص 4 ، مادة: (أرخ).

بصاحب الحق المغتصب الامام الحسن(عليه السلام) . وإليك بعض هذه الآراء:

1 - فيليب حتّي

1 - فيليب حتّي (1).

أرجأ المؤرّخ ( حِتّي) في كتابه (تاريخ العرب) (2) الوقائع التاريخية التي حدثت بعد مقتل الامام علي(عليه السلام) إلى النزاع حول خلافة المسلمين، وأسرد كلاماً حول معنى الخلافة، وهل هي منصب سياسي أم لا ؟ وما كان من رأي الطرفين الأموي والهاشمي حول هذا المنصب، وذكر آراء مؤرخي المسلمين في ذلك كله، قائلاً:

ص: 94


1- ولد الدكتور فيليب حتّي في شملان (لبنان) سنة 1886م ، درس في الجامعة الأمريكية في بيروت فنال شهادة بكالوريوس في العلوم منها سنة 1908 م ، سافر إلى أمريكا والتحق بجامعة كولومبية ونال الدكتوراه منها في اللغات الشرقية وآدابها سنة 1915م ، وعُيّنَ بعد تخرجه أستاذا فيها، عاد إلى وطنه بعد انتهاء الحرب العظمى الأولى بطلب من الجامعة الأمريكية، وعُيّنَ أُستاذاً لتاريخ العرب حتى سنة 1926م، التحق بجامعة برنستون أستاذاً لتاريخ العرب أولاً ثم رئيساً لقسم الدراسات الشرقية فيها، وظل في هذا المنصب حتى سنة 1954م حين أحيل على التقاعد، له عدة مؤلفات منها: تاريخ العرب (المطول) ومثله تاريخ العرب (الموجز) ، وتاريخ لبنان (المطول) ، وتاريخ لبنان (الموجز)، وتاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، وتاريخ الشرق الأدنى. ينظر حتي، فيليب تاريخ العرب، ترجمة: ادوارد جرجي وجبرائيل جبور، ط لبنان – 1974، المقدمة.
2- وضع هذا الكتاب في الأصل باللغة الانكليزية، وطبع أول مرة في مطبعة (مكملان) في لندن عام 1937 م ، ثم توالت طبعاته منذ ذلك العهد حتى بلغت أربعاً سنة 1949م، ونقل في خلال هذه السنوات إلى اللغات الالمانية والفرنسية والأوردية والتركية، وقد تُرجم إلى اللغات العربية على يد تلميذ فيليب حتي الدكتور أدورد جرجي الاستاذ المشارك في كلية برنستون للاهوت، وقام بتنقيحه وتهذيبه ومراجعته الاستاذ أنيس الخوري المقدسي استاذ الادب العربي في جامعة بيروت الامريكية، وأنيطت مهمة تحرير الكتاب إلى الدكتور جبرائيل جبور الاستاذ في الجامعة الامريكية في بيروت، وطبع الكتاب في دار الكشاف سنة 1952م ، أما الطبعة التي اطلعنا عليها هي الطبعة الخامسة في دار عندور للطباعة والنشر سنة 1974م.

يحسب البعض خطاً ان الخلافة هي مقام ديني بمثابة نيابة عن صاحب الشريعة.

ويقابلها هؤلاء برئاسة الامبراطورية المقدسة ذاهلين عن ان التمييز في دول النصرانية بين دائرتي السلطة الزمنية والسلطة الروحية هو أمر مستحدث. فالخليفة باعتباره أمير المؤمنين كانت وظيفته الحربية أكثر بروزاً. وأما باعتباره إماماً فإنه كان يستطيع أن يقوم بوظيفته الدينية فيُصلّي في المؤمنين ويلقي خطبة الجمعة، ولكن هذا الحق نفسه هو مشاع ويجوز لأقل المسلمين قدراً ممارسته. فالزعامة من بعد النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)إنما كانت زعامة سياسية؛ لأنّ زعامة النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)الدينية كما سبق هي زعامة جاءت عن طريق الرسالة لا غير وقد انتهت الرسالة بموته فانتزعت الزعامة أيضاً، وما كان لأحد أن يخلفه في زعامته الدينية، كما انه لم يكن لأحد أن يخلفه في رسالته.

أما صلة الخليفة بالدين فلم تخرج عن حد الغيرة عليه فالخليفة هو حامي بالمعنى المألوف عند ملوك أوربا يفرض عليه قمع أهل الزيغ والالحاد والمارقين ومحاربة البدع وتوسيع حدود دار الإسلام وكان يستند في تنفيذ هذه الأمور إلى سلطته الزمنية.

وان الرجوع إلى ما وصفه علماء الشرع الذين عاش أكثرهم في مكة والمدينة وسواهما المدن البعيدة عن مجرى الحوادث في عواصم الإسلام كدمشق وبغداد والقاهرة من بشأن شروط منصب الخلافة، وامتيازاته لشيء مضل. فالماوردي (المتوفى 1508م) (1) في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ» - وهي رسالة في السياسات تأثر صاحبها بمثله العليا – وابن خلدون (المتوفى 1406م) (2) في مقدمته الشهيرة وسواهما من الكتاب المتأخرين جعلوا شروط الخلافة : أن يكون الخليفة من قريش ذكراً بالغاً سليم الجسم والعقل شجاعاً نشيطاً وأن يجوز غير ذلك من الصفات اللازمة لحماية بيضة الإسلام واكتساب طاعة الناس

ص: 95


1- توفي علي بن محمد الماوردي سنة ( 450ه- ) .
2- توفي عبد الرحمن ابن خلدون المغربي سنة (808ه-).

بدعوتهم إلى الدخول في بيعته والانقياد لطاعته. أما الشيعة فإنهم يرفعون قدر الامامة ويقلون من شأن الخلافة. وهم الذين شايعوا عليا(عليه السلام) وقالوا بإمامته وخلافته واعتقدوا ان الامامة لا تخرج عن أولاده. وليست الإمامة في رأيهم قضية تُناط باختيار العامة؛ بل هي قضية دينية والرسول(صلی الله علیه و آله و سلم) أقام عليا(عليه السلام) خليفةً له بموجب النص والتعيين، وانتقلت ولايته من بعده إلى أولاده الذين قدّر الله لهم الإمامة الكبرى(1). ولقد جعل أهل السنة واجبات الخليفة كما يلي : حفظ الدين وحماية دار الإسلام ( وبالأخص الحرمين الشريفين أي مكة والمدينة)، وجهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة وتقليد الأكفاء أعمال الدولة وجباية الفيء والصدقات وتقدير العطايا وما يستحق في بيت المال، وتنفيذ الأحكام، وقطع الخصام حتى تعم النصفة فلا يتعدى ظالم ولا يضعف مظلوم (2)..

أما حقوق الخليفة فمنها أن يُخطب باسمه ويدعى له في صلاة الجمعة، وأن تضرب النقود باسمه، وله أن يلبس بردة النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)في احتفالات الدولة الرسمية، وأن يقوم بحراسة الذخيرة النبوية من عصا النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)وخاتمه ونعله وما أشبه.

أما الفكرة التي تجعل الخليفة شبيهاً بالبابا عند المسيحين له ما لهذا الروحية على أبناء حظيرته في أنحاء العالم فلم تلاق رواجاً حتى أواخر القرن الثامن عشر. ولقد أذاع هذه الفكرة الخاطئة لأول مرة مؤلف أرمني كان يُقيم في القسطنطينية يدعى ده سون وأودعها كتابه ( صورة عامة للسلطة العثمانية). ورأى عبد الحميد بدهائه ان تلك فكرة تقوي مكانته تجاه الدول الاوربية التي كانت قد اقتطعت أقساماً

ص: 96


1- للاطلاع ينظر الشهرستاني محمد الملل والنحل، تحقيق: محمد سيد كيلاني، ط دار المعرفة - بيروت، ج 1، ص28 .
2- ينظر: الماوردي علي الاحكام السلطانية، ط الاولى - مصطفى البابي الحلبي - مصر 1380ه- ص 23 .

كبيرة من جسم مملكته وسيطرت على السواد الأعظم من مسلمي آسية وأفريقية فشجّعها. ثم ظهرت حركة مبهمة يرجع أصلها إلى أواخر القرن الفائت أراد أربابها السعي إلى جمع شمل المسلمين وتنظيم صفوفهم تحت راية الجامعة الإسلامية، وانما هم يقصدون بذلك مقاومة دول الغرب. ولقد كانت تركيا مركزاً لهذه الحركة التي غالى أصحابها في اعلاء ما للخلافة من مزايا عامة شاملة» (1).

. وقد أشارَ (حِتّي) في صفحاتٍ سابقة من الكتاب إلى أمر البيعة، وكيف أن معاوية بن أبي سفيان وسّعَ أمر الخلافة التي هي في الأصل من أفكار عمر بن الخطاب فجعلها وراثياً، وأن الظاهر الاسمي منها انتخابياً، ثم يشرح معنى البيعة شرحاً مختصراً، قائلاً:

وبمقتل علي(عليه السلام)(661م) انقضى عصر الخلافة الاول التي يجوز نعته بالجمهوري. وقد بدأ بولاية أبي بكر ((632م) وعرف الخلفاء الأربعة فيه عند مؤرخي العرب بالخلفاء الراشدين. ثم اعتلى عرش الخلافة معاوية مؤسس الخلافة الثانية وهو الداهية المجرّب، فاقترح حين استتب له الأمر أن يُعيّن ابنه يزيد ولياً للعهد فأسس بذلك أُسرة مالكة وراثية، ولم يحد من بعده الخلفاء عن هذا النظام كثيراً. ووسع معاوية فكرة عمر في الخلافة فجعلها ملكاً لأول مرة في تاريخ الإسلام إلا انه أبقى البيعة في الانتخاب الاسمي (2). والبيعة من معنى البيع. يجعل البائع يده في يد الأمير تأكيداً للعهد وهو يشبه فعل البائع والمشتري، والمصافحة بالأيدي علامة الطاعة» (3).

ثم يستدرج في أمر الخلافة، وكيف أن معاوية حاول التخلص من طالبي الخلافة

ص: 97


1- تاريخ العرب، ص 244 - 246 .
2- ينظر للإطلاع ابن خلدون عبد الرحمن المقدمة، ط دار الكتاب - بيروت 1960م، ج1، ص 174 .
3- تاريخ العرب، ص 243 .

بعد اعتلائه المنصب في دمشق واعلان الامبراطورية الأموية، ولكن لم تخضع له جميع الأمصار ومنها العراق والمدينة المنورة؛ إذ انها أعلنت بيعتها للإمام الحسن(علیه السلام)، وان دخول آل سفيان إلى الإسلام كان لمصلحة ما، وإلى ذلك يقول:

نودي بمعاوية خليفة في ايلياء ( بيت المقدس) سنة 40 ه- / 661م وباعتلائه عرش الخلافة أصبحت دمشق (التي كانت مركز حكومة اقليمية) عاصمة الامبراطورية الإسلامية. ولكن هذه الامبراطورية لم تكن آنذاك تضم العالم الإسلامي كله. وكان عمرو بن العاص وهو يد معاوية اليمنى قد انتزع مصر من العلويين بعد التحكيم. ولكن أهل العراق بايعوا الحسن بن علي(عليهماالسلام) خليفةً شرعياً لعلي، أما مكة والمدينة فلم يكن ولاؤهما لآل سفيان قوياً ولم تؤخذا بالمواثيق أو العروض التي قدّمها السفيانيون، ولم يكن هؤلاء قد قبلوا الإسلام إلا بعد سقوط مكة، ومن هنا فقد اتهموا أن اسلامهم كان عن مصلحة لا عن إيمان»(1).

ويعزو ( حِتّي) سبب تنازل الامام الحسن(عليه السلام) عن عرش الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان، لأنّ الحسن بن علي(عليهماالسلام) لم يكن يهتم بأمور السياسية والحكم، بل كان مهتماً بحياته الشخصية. وهذا أمر غير مبرر له؛ لأنّ السياسة عند أهل البيت المال التي يجب أن تسود جميع أنحاء البلاد هي السياسية البناءة التي تضمن المصالح العامة للمجتمع، وبذلك تعمل على إيجاد الوسائل السليمة لرقيه وبلوغ الأهداف، ومن ثم حمايته من الظلم والجور، وتحقيق المساواة وتبنّي ،العدل وإيجاد الفرص المتكافئة لعموم المسلمين لوقايتهم من البؤس والحرمان.

وهذا ما كانَ يُنادي به الإمام للمسلمين إلا أنهم وبسبب سياسة المكر والخداع

ص: 98


1- تاريخ العرب، ص 49 .

التي استعملها معاوية معهم تركوا المنهل العذب لأهل البيت (عليهم السلام)والمتمثل بالإمام وشربوا من منهل غصص جهنم المتمثلة بمعاوية بن أبي سفيان؛ لذلك فإنّ الامام الحسن(عليه السلام) لم يتنازل طوعياً، وإنّما السياسة الأموية التي لم تحمل الواقعية أخرجت المسلمين من دائرة العدل إلى دائرة الظلم وتمسكوا بها ميلاً منهم إلى شهواتهم النفسية الدنيوية دون النظر إلى خلفياتهم الشرعية .

ولم يتأثر الإمام بمغريات الدنيا التي وصف (حتي) تأثر الحسن(علیه السلام)بها ولجوئه السلام إلى الصلح، بقوله:

غير أن الحسن بن علي(عليهماالسلام) لم يكن يهتم كثيراً بأمور السياسة والإدارة والحكم، بل انقطع إلى أمور حياته الشخصية وما لبث أن نزل عن الخلافة لمعاوية واعتزل في المدينة. وقد يسر له انتهاج هذا المسلك أن معاوية عَرضَ عليه ما أغراه. قالوا بعث إليه بصحيفة بيضاء مختومة في آخرها، وسأله أن يكتب فيها ما يشاء. فكتب الحسن(علیه السلام)أموالاً وضياعاً وأماناً لشيعة علي(عليه السلام)فقبل معاوية بهذه الشروط، وأجرى عليه في كل سنة عطاء وافراً، وأجازَ له طلبه خمسة ملايين درهم من بيت مال الكوفة، يُضاف إليها دخل مصر من أمصار فارس ما دامَ في قيد الحياة (1).

ويؤكد ( حِتّي) إنّ الامام الحسن(عليه السلام) قد مات مسموماً أثر دسيسة من إحدى زوجاته، ولم يُشر إلى اسم الزوجة التي قامت بذلك، ولا الدافع إلى القيام بهذا الفعل الشنيع، ولكنه يدفع بالشيعة على أنهم عزوا مقتله إلى معاوية، وسوف يتبين للقارئ فساد قوله عندما يطلع على مصادر المسلمين لا الشيعة فقط (2).

ص: 99


1- تاريخ العرب، ص 250 .
2- اتفق أكثر المؤرخين أنّ الإمام مات مسموماً، وأنّ معاوية هو الذي دسّ إليها السم، كما ورد عند مصادر أبناء العامة وللاطلاع ينظر : شرح نهج البلاغة ، ج 16، ص 50 ؛ تذكرة الخواص، ص 222 ؛ الاستيعاب، ج 1، ص 374 ؛ البداية والنهاية، ج 1 ، ص 194.

وفي ذلك يقول :

وتوفي الحسن(علیه السلام)(نحو (669م) وهو في الخامسة والأربعين والراجح انه مات مسموماً أثر دسيسة دبّرها بعض نسائه. أما الشيعة فقد عزت مقتله إلى معاوية واعتبرته شهيداً بل سيد الشهداء»(1).

2 - انطوني ناتنج

2 - انطوني ناتنج (2).

لقد تمادى بعض المستشرقين على الامام الحسن(عليه السلام) ، ومنهم المستشرق الانكليزي (ناتنج) في كتابه العرب انتصاراتهم وأمجاد الإسلام، إذ وقع في اخطاء قد تعمّد في تدوينها، ومما يزيد الطين بله أنّ مترجم هذا الكتاب وهو الدكتور راشد البراوي قد ساهم في إيجاد المبررات لاستخدام هذا المستشرق الاسلوب غير الموضوعي لمعالجة أحداث التاريخ الإسلامي.

إذ يُشير (ناتنج ) أثناء حديثه عن الامام الحسن(عليه السلام) وهدنته مع معاوية بن أبي سفيان، أن مبايعة أهل الكوفة للإمام الحسن(علیه السلام)كانت قد صدرت من باب الاحترام

لذكرى والده الامام علي(عليه السلام) ، وان الحسن(علیه السلام)كان يؤثر العافية ويحب السلم(3).

ص: 100


1- تاريخ العرب، ص 250 .
2- انطوني نانتج، ولد سنة 1915م، وزير انشق على إيدن لاعتدائه على مصر، وعمل مستشاراً للهيئة التي أنتجت فيلم لورانس، وقد طوّف في الشرق الأوسط مراراً من آثاره إلى أين يتجه الشرق الأوسط (ترجمة مصلحة الاستعلامات (1958)، وتاريخ العرب من قبل النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)حتى اليوم (أمريكا) وبريطانيا 1964). المستشرقون ، ج 2 ، 141 .
3- ناتنج، انطوني، العرب انتصاراتهم وامجاد الإسلام، ترجمة: راشد البراوي، ط مكتبة الانجلو المصرية - القاهرة 1974م ، ص 92 .

إنّ البيعة الكوفية التي ذكرها (ناتنج) لم يشأ أن يضعها على طاولة الدراسة والتحليل، وإنما تأثر كما تأثر غيره بتحليلات المغرضين والحاقدين لآل البيت (عليهم السلام).

فالبيعةُ : هي العهد على الطاعة؛ لأنّ المبايع يُعاهد أميره على أن يُسلّم له أمر النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين لا ينازعه على ذلك، ويُطيعه فيما يُكلّفه به من الأمر، وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد، فأشبه ذلك كُلاً من البائع والمشتري، فسُميَّ بيعة (1).

لذلك فإنّ الامام الحسن(عليه السلام) لما استشهد والده الامام علي(عليه السلام) وقف في الكوفة خطيباً أمام المسلمين فحمد الله وأثنى عليه ، ثم عَمِدَ إلى تأبين فقيد العلم والعدالة الإمام أمير المؤمنين ، وذكر فضائله، ثم استأنفَ ليُعرب للناس عن سمو مكانته، وما يتمتع به من الشرف والمجد، ثم دعاهم إلى مبايعته، وقد كانت دعواه رائعة بكل ما للروعة من معني، فلقد عرف نفسه إلى الجماهير بأنه ابن الداعي إلى الله، وانه ممن أذهب الله عنهم الرجس والأباطيل ، وهل هناك أحد أحقُ بالخلافة من شخص التقت به هذه الكمالات، واجتمعت فيه هذه الفضائل، قائلاً: «أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي(عليهماالسلام) وأنا ابن النبي، وأنا ابن الوصي، وأنا ابن البشير النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذين كان جبرئيل ينزل إلينا، ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وأنا من أهل بيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال تبارك وتعالى لنبيه : قُلْ لَا أَسْتَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْلَهُ فِيهَا حُسْنًا (2).

ص: 101


1- ينظر تاريخ ابن خلدون، المقدمة، ج 1، ص 209 .
2- الشورى 23 .

102

فاقتراف الحسنة : مودتنا أهل البيت (1).

واستجاب الناس لهذه الدعوة المباركة، فهتفوا بالطاعة، وأعلنوا الرضا والانقياد قائلين: «ما أحبّهُ إلينا، وأوجب حقه علينا، واحقهُ بالخلافة»(2)، وهنا نقول ل- (ناتنج) إنّ المسلمين انقسموا في بيعتهم للإمام إلى قسمين منهم مَن بايع الامام الحسن(عليه السلام) بيعةً قد ملئت نفوسهم إيماناً وثقةً وحُباً واخلاصاً له، وأول من بايعه المؤمن الثائر قيس بن سعد الأنصاري، فقال له بنبرات تقطرُ حماساً وشوقاً إلى حرب أعداء الله وخصوم الإسلام ابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه وقتال المحلّين.

فقال له الإمام : على كتاب الله وسنّة نبيه فإنهما يأتيان على كل شرط»(3).

والقسم الآخر، هم الخوارج الذين أظهروا الإسلام الشيعي، وكانوا يتحيّلون الفرص للنيل من الامام الحسن(عليه السلام) حقداً لأبيه أبي تراب، ويريدون خلق الاضطرابات والشغب في المجتمع الكوفي، ونشر الخوف والارهاب بينهم بعزم الإمام على الحرب، ويدل ذلك إحجامهم عن البيعة في أول الأمر، إذ كان الإمام يقول عندما تقصده جماعة من الناس لتبايعه :

تبايعون لي على السمع والطاعة وتحاربون من حاربت وتُسالمون من سالمت » (4).

فلما سمعوا هذا الشرط أحجموا عن البيعة وأمسكوا أيديهم عنها، وقبض الحسن(علیه السلام)

ص: 102


1- ينظر: مناقب آل أبي طالب(عليهم السلام)، ج 3، ص 170 .
2- ارشاد ،المفيد، ج 2، ص 9 .
3- ينظر : الكامل في التاريخ، ج 3، ص 174 ؛ تاريخ ابن خلدون، ج 2، ص 186 .
4- الامامة والسياسة، ج 1، ص 170 .

يده، فانثالوا نحو الامام الحسين(عليه السلام) وهم يهتفون: أبسط يدك نُبايعك على ما بايعنا عليه أباك، وعلى حرب المحلّين الضالين أهل الشام.

فردعهم الامام الحسين(عليه السلام) قائلاً: معاذ الله أن أبا يعكم ما كان الحسن(علیه السلام)حياً. وبعدما رفض الحسين(عليه السلام) طلبهم أقبلوا نحو الحسن(علیه السلام)فبايعوه وهم مكرهون (1).

لذلك فإنّ هؤلاء لم يُبايعوا احتراماً لوالده الامام أمير المؤمنين كما يقول (ناتنج)، وإنما بايعوه وهم مكرهون إلى أن يفعلوا فعلتهم في اشعال نار الحرب بين الكوفة والشام.

وأضاف (ناتنج) بأنَّ الحسن(علیه السلام)لم يقم إلا بحركة واحدة لإنقاذ عرشه فوجه جيشاً من الكوفة ضد معاوية، ولكن لما بلغت الشائعات المدائن ، عن انهزام جيشه تنازل على الفور لمعاوية الذي بعث إليه بصحيفة بيضاء ليكتب فيها الحسن(علیه السلام)ما يشاء (2).

ثم يصفُ (ناتنج) الامام الحسن(عليه السلام) وصفاً ينم عن سوء خُلق، وانحطاط في النفوس، إذ يقول :

«لم يخجل الحسن(علیه السلام)من أن يطلب ويشترط في ردّه أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة الاف درهم، وقد وضع في جيبه مكاسب لا يستحقها» (3).

إنّ ما ذكره (ناتنج) من تنازل الامام الحسن(عليه السلام) المعاوية بعد انهزام جيشه، وهي دلائل تشير إلى ان الإمام هو الذي طلب الصلح من معاوية، ولكن مَن يُطالع

ص: 103


1- الإمامة والسياسة، ج 1، ص 140 .
2- العرب انتصاراتهم وامجاد الإسلام، ص 92 .
3- المصدر نفسه.

التاريخ جيداً يرى إنّ المؤرخين قد اختلفوا اختلافاً كثيراً فيمن بادر لطلب الصلح، فابن خلدون وجماعة من المؤرخين ذهبوا إلى ان المبادر لذلك هو الحسن(علیه السلام)بعدما آل أمره إلى الانحلال (1).

وذهب فريقٌ آخر إلى ان معاوية هو الذي بادر لطلب الصلح بعدما بعث إليه برسائل أصحابه المتضمنة للغدر والفتك به متى شاء معاوية أو أراد(2).

وذهب ابن الجوزي إلى ان معاوية قد أرسل الإمام سراً يدعوه إلى الصلح فلم يُجبه، ثم أجابه بعد ذلك(3)..

وذكر الأفندي في فضائل الأصحاب: انه يمكن الجمع بين الأخبار بأن معاوية ارسل له أولاً من الصلح، فكتب الحسن(علیه السلام)إليه ثانياً يطاب ما ذكر(4).

ويُعلل القرشي استعمال معاوية الصلح، خوفاً من العراقيين في الرجوع عن قراراتهم، قائلاً:

وأكبر الظن أن معاوية هو الذي استعمل الصلح وبادر إليه، وذلك خوفاً من العراقيين أن ترجع إليهم أحلامهم، ويثوب إليهم رشدهم، وذلك لما عرفوا به من سرعة الانقلاب وعدم الاستقامة على رأي و مما يدلّ على ان معاوية هو الذي ابتدأ في الصلح خطاب الامام الحسن(عليه السلام) الذي ألقاه في المدائن، فقد جاء فيه:

ص: 104


1- ينظر: تاريخ ابن خلدون، ج2، ص 182 ؛ الكامل في التاريخ، ج 3، ص 205 ؛ شرح نهج البلاغة ، ج 4، ص 8.
2- ارشاد ،المفيد، ج 2، ص 13 ؛ الاربلي، علي كشف الغمة، ط دار الاضواء - بيروت، ج 2، ص 154 ؛ مقاتل الطالبيين، ص 74 .
3- تذكرة الخواص، ص 206 .
4- فضائل الأصحاب، ص 157.

«ألا وانَّ معاوية دعانا لأمر ليس فيه عزّ ولا نصفةٌ » (1).

أما ما ذكره (ناتنج) من ان الحسن(علیه السلام)قد اشترط على معاوية أخذه من بيت المال خمسة الاف درهم.

وهذا الشرط لا يمكن الرضوخ له؛ لأنه وبشكل بسيط ان ما في بيت مال الكوفة من الأموال والأمتعة كانت في الأصل تحت تصرف الإمام والقبضة بيده، إذ له حق التصرف فيها حيثما أراد، ولم فضلاً عن انها تكن محجوبة عنه، أو ممنوعة عليه حتى يشترط على معاوية أن يُمكّنه منها .

وقد أشار القرشي إلى نكتة لطيفة حول تلك الأموال التي كانت تحت سياسته، بقوله:

إننا نشك أن خزانة الدولة احتوت على أموال كثيرة، لأنّ سياسة أهل البيت (عليهم السلام)تقضي بصرف المال فوراً على ما خصصه الإسلام له (2).

وذكر أحد الباحثين سبباً منطقياً لإقدام الامام الحسن(عليه السلام) على الاحتفاظ بالأموال التي كانت موجودة في بيت مال الكوفة ، وهو ان للإمام شؤون كثيرة، فهو مثقل بعبء بني هاشم وأصحابه، والحكم، وبحكم مركزه، فلابد أن يكون في حوزته ما يكفيه من المال، وهذا شرط طبيعي لابد أن يورده الامام في بنود الصلح مع معاوية(3).

فالأموال التي تكلّم عنها (ناتنج) إن صحت فهي حقوق المسلمين ولا يمكن

ص: 105


1- ينظر : تاريخ مدينة دمشق، ج 13 ، ص 268 ؛ اسد الغابة، ج 2، ص 13 .
2- الحسن بن علي(عليهماالسلام)، ج 11، ص 234
3- فضل الله، محمد جواد، اسبابه ونتائجه، صلح الامام الحسن(عليه السلام) اسبابه ونتائجه، ط دار المثقف المسلم، قم - ده ت، ص 132 .

للإمام الحسن(علیه السلام)أن يُسلّمها إلى أيد غير أمينه عليها، تستخدمها للترف والبذخ وشراء الذمم.

3 - شتور ثمان

3 - شتور ثمان (1).

أفرزت دراسة المستشرق الالماني (شتور ثمان) حولَ الربط بين الإمامة والشيعة، وابتغاء الأخير أن تبقى الإمامة في الإسلام للعلويين، باعتبارهم (آل بيت) النبي محمد(صلي الله عليه و آله و سلم)، وهذا ما لم يتحقق فخلافة علي(عليه السلام)القصيرة بين عامي (35 و 40) لم تكن سوى خلافة لم يجمع عليها المسلمون وتنازعوا في شأنها تنازعاً شديداً، أما ابنه الحسن(علیه السلام)والقول ل- ( شتور ثمان) فإنه لا يمكن أن يسلك بحق في عداد الخلفاء» (2).

إنّ هذا الكلام الصادر من المستشرق الالماني مرفوض، لأنَّ المصادر التاريخية الإسلامية لا تقرّه، فالامام الحسن(عليه السلام) تولى الخلافة بشرعية كاملة وبويع من قبل المسلمين، كما أشرنا إلى ذلك في عدة مواضع، وبعد عقد اتفاقية مع معاوية تنازل عن الخلافة ( بصفتها الدنيوية) وفق شروط مُعيّنة ومدوّنة.

4 - جرهارد كونسلمان

4 - جرهارد كونسلمان (3).

ابتدأ المستشرق (كونسلمان) دراسته عن واقع الشيعة بعد استشهاد الامام علي(عليه السلام)

ص: 106


1- لم نحصل له على ترجمة .
2- شتور ثمان، دائرة المعارف الإسلامية، ص 58 ، مادة (شيعة).
3- من أشهر الصحفيين الألمان عمل لوقت طويل محققاً بالتلفزيون الألماني، ومن خلال عمله هذا صار على دراية كبيرة بالتطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في المنطقة العربية، له مؤلفات كثيرة منها : العرب والقدس، وأغنياء الشرق، والحرب غير المقدسة (لبنان)، والنيل، تقنية السرد في اطار الف ليلة وليلة، وغيرها. معجم اسماء المستشرقين، ص 264 .

بعنوان اعتلى إحدى صفحات كتابه ( سطوع نجم (الشيعة) ب- شيعة علي(عليه السلام)تبايع الحسن(علیه السلام)وسردَ فيه حالهم بعد تلك الفاجعة الأليمة، ومطالبتهم استلام ابنه الحسن(علیه السلام)زمام الأمر من بعده، وقد انتبه (كونسلمان) إلى مسألة مهمة هي أنّه فرّق بين شيعة الحسن(علیه السلام)المخلّص وبين المنافقين من الخوارج الذين ما فتئوا أن خضلوا الإمام عليا(عليه السلام) في الماضي القريب واليوم هم يُحرّضون الحسن(علیه السلام)لقتال أهل الشام، قائلاً:

كانَ الفزع هو رد فعل أهل الكوفة على خبر موت علي. وقد ارتجفوا بسبب مسلكهم في الماضي و لخوفهم في المقام الأول من المستقبل الذي ينتظرهم. فقد كان علي(عليه السلام)السد الحائل ضد خضوع أهل بلاد الرافدين لأهل الشام المبغوضين لكنهم الآن فقدوا زعيمهم الذي كان يعرف دائماً - حتى لو كان أنصاره جُبناء – كيف يستخدم سيفه «ذا الفقار والآن يطلب أنصار علي(عليه السلام)أن يتسلّم ابنه الحسن(علیهماالسلام)هذا السيف، لأنه يجب التحسب لخروج جيش معاوية من الشام أما زعماء المسلمين، والذين خضلوا عليا(عليه السلام) فقد أظهروا الآن فجأةً الاستعداد لقتال حاسم. فاجتمع 40 ألف مقاتل في الكوفة لحرب معاوية. وكانوا قد بايعوا الحسن(علیه السلام)أكبر أبناء علي(عليه السلام)وفاطمة((سلام الله علیها)) ابنة النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)(1).

ويجزم (كونسلمان) على ان الروايات اتفقت على ان الامام الحسن(عليه السلام) لم يظهر الفرح والسرور لتولي منصب الخلافة، بقوله:

«وقد اتفقت الروايات على أن الحسن(علیه السلام)لم يظهر الفرح لتولي الحكم، وقد أدرك علي(عليه السلام)نفسه أن ابنه لا يهتم بالسياسة أو لا يظهر تفقها لها في الدولة الإسلامية» (2).

ص: 107


1- کونسلمان، جر هارد، سطوع نجم الشيعة، ترجمة: محمد أبو رحمة، ط الاولى – مكتبة مدبولي - القاهرة 1992م، ص 45 .
2- کونسلمان جر هارد سطوع نجم الشيعة، ترجمة: محمد أبو رحمة، ط الاولى – مكتبة مدبولي - القاهرة 1992م ، ص 45 .

ثم يصور لنا هذا المستشرق معسكر الامام الحسن(عليه السلام) عند سماعه خبر الحرب واغلبهم من الخوارج المنافقين وانهم كانوا يُلحوّن على الإمام الهجوم على أهل الشام بأقصى سرعة ممكنة، فيقول:

في البداية عمّ التفاؤل بين أنصار شيعة علي(عليه السلام)في بلاد الرافدين بالحاكم الجديد. إلاّ انه سرعان ما استبد بهم الغضب وقد عسكر 40 ألف مقاتل في مدينة الكوفة وحولها، وكان العسكر يطلبون رواتب وطعاماً ويطلبون امدادهم بالخمر، الذي حُرّم على المسلمين. ولما كان المطلوب تجنّب النزاع والصراع انتشر الملل بينهم، وكان الحرفيون والتجار ينظرون إلى هذه التطورات بعدم الرضا فألحوا على حاكمهم بأن يدفع تلك الشرذمة المسلحة إلى الحرب بأقصى سرعة ممكنة، فهجوم أهل الشام على بلاد الرافدين صارت تزداد احتمالات وقوعه بين يوم وآخر. وبعد عدة أسابيع من التردد لاحظ حتى أنصار شيعة علي(عليه السلام)المخلصين أن مسلك حفيد الرسول(صلی الله علیه و آله و سلم) يعد على الاقل غريباً فانتشرت اشاعة تقول ان الحسن(علیه السلام)يتفاوض مع معاوية على قيمة المبلغ الذي سيدفعه بيت مال الشام في حال تنازل زعيم شيعة علي(عليه السلام)عن منصبه في الدول.

أما تطابق هذه الإشاعة مع الحقيقة فلم يكن يعرفه حتى هذه اللحظة إلا الحسن(علیه السلام)وأقرب المقربين إليه. ولما طال أمد المفاوضات كان على الحسن(علیه السلام)أن يخرس الاشاعات. فصار التردد يمثل خطراً عليه – فقد شرع الساخطون يُألبون المشاعر بين صفوف الجند ضد الخليفة المتردد ولذلك أمر الحسن(علیه السلام)أخيراً بخروج الجيش لملاقاة حلفاء معاوية. أما هو نفسه فقد بقي في الكوفة لكي يُصلّي من أجل شيعة علي(عليه السلام)حسب قوله هو إلا انه سرعان ما فقد الامل من سماع أخبار انتصارها. وفي نهاية الأمر اضطر الحسن(علیه السلام)للحاق بقواته وعندما وصلها أدرك ان حالة قواته ميؤس منها فكانت معنويات جنده القتالية

ص: 108

قد انخفضت وفقدت كل حماسها، ورأى الحسن(علیه السلام)قواته وقد ركبهم الذعر ففقدوا كل سيطرتهم على الرجال. وكان أن حدث أثناء نقاش حام أن قام أنصار الحسن(علیه السلام)حفيد النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)بضربه واصابته بجروح (1).

ويذهب (كونسلمان) إلى الرأي الشائع الخاطئ عند المستشرقين من ان الحسن(علیه السلام)هو الذي طلب أولاً الصلح من معاوية بن أبي سفيان بعد أن فقد الأمل في نهاية المعركة، قائلا :

«عندئذ فقد الحسن(علیه السلام)الأمل في نهاية طيبة لمعركته مع معاوية وأدرك في يُسر انه خسر معركته السياسية، فقرر الحسن(علیه السلام)التعامل مع معاوية في الحال. فأرسل مبعوثاً إلى دمشق بغرض محدد للتنازل فرّد عليه معاوية فوراً بأنه مستعد أن يُكافئ الحسن(علیه السلام)بسخاء وفي حالة تنازله عن كل الحقوق التي حصل عليها بانتمائه لعائلة النبي. وكان العرف ينص على أن يقوم الحسن(علیه السلام)بنفسه بتحديد المبلغ الذي يراه مناسباً . وفي ردّه قام الحسن(علیه السلام)بتحديد مطالبه مقابل تنازله عن الخلافة يطلب خمس ملايين درهم - مرة واحدة للابد - ويمنح طيلة حياته إقليماً غنياً في بلاد فارس وتُعادل قيمة هذه المطالب الى عشرة ملايين دولار. وقد مدّ الحسن(علیه السلام)أثر التنازل عن الخلافة على أخيه الحسين(عليه السلام) أيضاً، فبيع حقوق الأخير تعني نصف المبلغ الذي طلبه الحسن(علیه السلام)لنفسه ولكي يُبرر الحسن(علیه السلام)خيانته لقضيته ببيع حقوق بيت النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)ردد الحسن(علیه السلام)مقولة مزعومة عن الرسول(صلی الله علیه و آله و سلم) تُضفي على استسلامه صيغة تقديس اطاعة مشيئة الله . ونص المقولة هو: بحسن(علیه السلام)يجعل الله حزبي الإسلام المتناحرين أمة واحدة». ولما كان أهل الكوفة مبهوتين لما حدث فقد أقروا تنازل حفيد النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)عن السلطة في الدولة الإسلامية واستمعوا الى خطبته الأخيرة في الجامع غير مبالين. وقد

ص: 109


1- کونسلمان، جر هارد، سطوع نجم الشيعة، ترجمة: محمد أبو رحمة، ط الاولى – مكتبة مدبولي - القاهرة 1992م، ص 46 .

قام الحسن(علیه السلام)بمحاولة تبريره للتنازل عن السلطة : لقد أخضع الله الدنيا للتغير المستمر.

ثم يؤكد (كونسلمان) على ان أهل الكوفة بعد حادثة الصلح يعتبرون الامام الحسن(عليه السلام) خائنا أمام أخيه الامام الحسين(عليه السلام) ، قائلاً:

وكان أهل الكوفة يعتبرون الحسن(علیه السلام)خائناً أمام الحسين(عليه السلام) فكانوا ينظرون إليه على انه ضحية أخيه. ولقد قَبَلَ الاثنان الخضوع أمام تسلّم معاوية الشرعي للسلطة وأقروا من نزوع الخلافة عن بيت النبي. وكان معاوية قد نظم أمر حضورهما لطقوس التسليم بعد ذلك صار الحسن والحسين(عليهماالسلام) في الكوفة شخصين غير مرغوب فيهما فرحلا الى المدينة واصبحا لا يمثلان خطراً على الحاكم الشرعي (1).

5 -دوايت .م. رونلدسن

5 -دوايت .م. رونلدسن (2).

من خلال الدراسة التي أوردها المستشرق (رونلدسن) في كتابه «عقيدة الشيعة» عن الخلافة بشكل عام، يتضح ان الشك كان يراوده في صحة الروايات الشيعية التي أكدت على حق الامام علي(عليه السلام) في الخلافة استناداً إلى ما صدر من الرسول الأكرم (صلى الله عليه و أله وسلم) من أقوال وأفعال، ومن ثم تنتقل الخلافة من بعده إلى ولده الامام الحسن(عليه السلام) الذي اعتزل الخلافة، قائلاً:

من المحتمل جداً أنّ فكرة الحق الإلهي التي تقضي بأن يُعيّن كل امام خلفه لم تبتعد بوضوح في أول الأمر عن الآراء الأُخرى بالخلافة. فإنّ عادة القبائل العربية ان يختاروا مَن يلي السابق في الأهمية بمجتمعهم ولا شك أنّ هذا المبدأ هو الذي تقرر بموجبه

ص: 110


1- کونسلمان جرهارد، سطوع نجم الشيعة، ترجمة: محمد أبو رحمة، ط الاولى – مكتبة مدبولي - القاهرة 1992م، ص 47 .
2- مرّت ترجمته سابقاً.

اختيار أو تعيين الخلفاء الثلاثة الأول أبي بكر وعمر وعثمان، ويمكن أيضاً اعتبار أنّ عليا(عليه السلام) جاء إلى الخلافة في الزمن الذي قدمته الظروف إلى الصف دون أن يكون لذلك آية علاقة مع الارث أو التخصيص، ويمكن أن نتوقع بصورة طبيعية أن تؤول الخلافة بعد علي(عليه السلام)إلى معاوية فانه قد برهن عندما كان عاملاً لعثمان بن عفان في الشام على مقدرة فائقة في الادارة (1).

وقد أبدى رونلدسن ( استغرابه من بعض الروايات ووصفها بأنها كانت بفعل دسائس شخصية منسوبة إلى ما اسماه بالداعية عبد الله بن سبأ، قائلاً:

وجاءت تعاليم ابن سبأ ودعوته في ان عليا(عليه السلام) بكونه وصي النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)انتقل إليه النور الإلهي أو الروح الإلهي التي يتمكن من توريثه من شاء. من خلال خلافة علي(عليه السلام)التي دامت أربع سنوات انقسمت المملكة الإسلامية. وحدثت حروب أهلية شديدة دامت عدة سنوات فوضعت حداً فاصلاً بين الشرق والغرب. وكانت خطة التحكيم المرسومة لعقد هدنة بعد معركة صفين قد فشلت في توحيد الشعوب» (2).

وهنا يتبين زيف كلام هذا المستشرق الذي اعتمد على شخصية وهمية صنعتها الأيادي الخبيثة للإطاحة بصرح الشيعة، فكلامه في هذا الشأن غير دقيق، لأنّ الأخبار التي تناولت قصة عبد الله بن سبأ الاسطورية كانت أحداثها في خلافة عثمان، بينما نجد ان مطالب شيعة الامام علي(عليه السلام) بالخلافة كانت بعد وفاة النبي (صلى الله عليه و أله وسلم) من خلال الثلة القليلة من بني هاشم وأصحابه المخلصين.

ثم يعترف (رونلدسن) بخلافة الامام الحسن(عليه السلام) بعد اغتيال الامام علي(عليه السلام) ، قائلاً:

ص: 111


1- عقيدة الشيعة، ص82-83.
2- عقيدة الشيعة، ص83.

ففي هذا الزمن الذي يسوده الاضطراب العام اغتيل علي(عليه السلام)ونعلم ان الحسن(علیه السلام)اختير بعد ذلك مباشرة ليخلف عليا(عليه السلام) في الكوفة» (1).

ونقل (رونلدسن) رواية الكليني (2). التي تُشير إلى اعطاء المواريث من قبل الامام علي(عليه السلام) قبل موته لولده الحسن، وهي مواريث الإمامة والخلافة أمام المسلمين (3).بقوله:

وحسب حديث مقبول عند الشيعة أن عليا(عليه السلام) قبل موته دفع إلى الحسن(علیه السلام)«الكتب والسلاح» بحضور أهل البيت ورؤساء الشيعة وقال له: يا بني أمرني رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ودفع كتبه وسلاحه وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين(عليه السلام)، ثم أقبل على ابنه الحسين(عليه السلام) فقال: وأمرك رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثم أخذ بيد علي بن الحسين(عليهما السلام) ثم قال لعلي بن الحسين(عليهما السلام) : وأمرك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي(عليهما السلام) واقرأه من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) مني السلام (4).

ويُبدي (رونلدسن) رأياً بشأن هذه الرواية التي عيّنت من قِبَل الامام علي(عليه السلام) أربعة من الأئمة متعاقبين، بأنه أمر لا يُصدّق، قائلاً:

ص: 112


1- المصدر نفسه .
2- محمد بن يعقوب بن اسحاق، أبو جعفر الكليني، فقيه امامي من أهل (كلين) بالري، كان شيخ الشيعة ببغداد ، وتوفي فيها سنة 329ه- ، له عدة مصنفات منها: الأصول في الكافي، والرد على القرامطة، ورسائل الأئمة، وكتاب في الرجال. الاعلام ، ج 7، ص 145 .
3- الكليني، محمد، الكافي، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري ط الخامسة - حيدري - طهران 1363 ه-، ج 1 ، ص 298 .
4- عقيدة الشيعة، ص 84 .

«أما أنّ عليا(عليه السلام) قد قام بمثل هذا التعيين الواسع لأربعة أئمة متعاقبين فأمر لا يكاد أن يكون محتملاً» (1).

ثم إنّ (رونلدسن) يعتقد بالوصاية للإمام الحسن(علیه السلام)بعد والده، إذ قام بدفنه والصلاة عليه، ثم خطب خطبته التي أعلن فيها خلافته بعد الامام علي(عليه السلام)، وقد اعتمد

(رونلدسن) على روايات الدينوري (2). الذي ما فتأ أن وثقه كمصدر شيعي، بقوله:

«وربما كان أوثق مصدر شيعي عما حدث بعد وفاة علي(عليه السلام)هو ما جاء في كتاب الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري (895ه-) . ولهذا الكتاب أهمية كبرى فقد كُتب من وجهة نظر الشيعة وقبل أن يُدوّن الحديث عندهم وقبل دخول المسلمين الهند بمئة سنة، وقد مات الدينوري قبل ما يفترض من غياب آخر إمام باثنتين وعشرين سنة، قال الدينوري:

ودُفنَ علي(عليه السلام)ليلاً وصلى عليه الحسن(علیه السلام)وكبر خمساً، فلم يعلم أحد أين دفن.

قالوا: ولما توفي علي(عليه السلام) خرج الحسن(علیهماالسلام)إلى المسجد الأعظم فاجتمع الناس إليه فبايعوه ثم خطب الناس فقال :

أفعلتموها ؟ قتلتم أمير المؤمنين، أما والله لقد قُتل في الليلة التي نزل فيها القرآن، ورفع فيها الكتاب، وجف القلم، وفي الليلة التي قبض فيها موسى بن عمران وعرج

ص: 113


1- عقيدة الشيعة، ص 84.
2- أحمد بن داود بن ونند ،الدينوري، أبو حنيفة، النحوي والأديب المؤرخ، العالم بهندسة النبات والحساب والفلسفة، جمع بين حكمة العرب وبيان العرب له تصانيف منها: الاخبار الطوال، الأنواء، والنبات، وتفسير القرآن والشعر والشعراء والجبر والمقابلة واصلاح المنطق، وغيرها، توفي سنة 282ه-. القمي، عباس الكنى والالقاب، تقديم : محمد هادي الأميني، ط مكتبة الصدر - طهران، ج1، ص 56 ؛ أيضاً الاعلام، ج 1، ص 123 .

فيها عيسى»(1).

وتطرّقَ (رونلدسن) إلى ما ورد في تفاصيل الاستعداد للحرب بين الطرفين الحسن(علیه السلام)ومعاوية، والاحداث التي توالت على الإمام من أصحابه وتخاذلهم له، وأثر خطبته عليهم، معتمداً في نقله على الدينوري، ثم إن (رونلدسن) يميل إلى ان في جيش الحسن(علیه السلام)من كان من الخوارج، قائلاً:

«قالوا: ولما بلغ معاوية قتل علي(عليه السلام)تجهز وقدم أمامه عبيد الله بن عامر بن كربز فاخذ على عين التمر ونزل الانبار يريد المدائن وبلغ ذلك الحسن بن علي(عليهماالسلام) وهو بالكوفة، فسار نحو المدائن لمحاربة عبيد الله بن عامر بن كربز فلما انتهى إلى ساباط رأى من أصحابه فشلاً وتواكلاً عن الحرب فنزل ساباط وقام فيهم خطيباً، ثم قال:

أيها الناس إني قد أصبحت غير محتمل على مسلم ضغينة واني ناظر لكم كنظري لنفسي وأرى رأيا فلا تردوا عليّ رأي، ان الذي تكرهون من الجماعة أفضل مما تحبون من الفرقة وأرى أكثركم قد نكل عن الحرب وفشل عن القتال ولست أرى أن أحملكم على ما تكرهون.

فلما سمع أصحابه ذلك نظر بعضهم إلى بعض فقال من كان معه من يرى رأي الخوارج أكفرَ الحسن(علیه السلام)كما كفر أبوه من قبل ؟ فشد عليه نفر منهم فانتزعوا مصلاه من تحته وانتهبوا ثيابه حتى انتزعوا مطرفه من عاتقه، فدعا بفرسه فركبه ونادي (أين) ربيعة و همدان فتبادروا إليه ودفعوا عنه القوم ثم ارتحل إلى المدائن فكمن له رجل ممن يرى رأي الخوارج يسمى الجراح بن قبيعة من بني أسد بمظلم ساباط، فلما حاذه الحسن(علیه السلام)قام إليه بمعول فطعنه في فخذه وحمل على الاسدي عبد الله بن خطل وعبد الله بن طبيان

ص: 114


1- عقيدة الشيعة، ص 84 .

فقتلاه، ومضى الحسن(علیه السلام)مثخناً حتى دخل المدائن ودخل القصر الابيض وعولج حتى برأ. وأقبل معاوية حتى وافى الأنبار وبها قيس بن سعد بن عبادة من قبل الحسن(علیه السلام)فحاصره معاوية وخرج الحسن(علیه السلام)فوافق عبد الله بن عامر فنادى عبد الله بن عامر : يا أهل العراق إني لم أرَ القتال وانما أنا مقدمة معاوية، وقد وافى الأنبار في جموع أهل الشام فأقرئوا أبا محمد يعني الحسن(علیه السلام)مني السلام وقولوا له أنشدك الله في نفسك وانفس هذه الجماعة التي معك ذلك الناس اتخذوا وكرهوا القتال وترك الحسن(علیه السلام)الحرب وانصرف إلى المدائن فلما سمع وحاصره عبد الله بن عامر بها » (1).

ثم تكلّم (رونلدسن) عن مدة خلافة الامام الحسن(عليه السلام) القصيرة والحقيقية، والآراء التي اختلف عليها المؤرخون، قائلاً:

ولا يعلم بالضبط مدة خلافة الحسن(علیه السلام)القصيرة فيقول المسعودي أنها كانت ستة أشهر و 3 أيام، ويصفه بانه «أول خليفة خلع نفسه وتنازل لغيره (2)، والذي قبلته الشيعة أن خلافته دامت عشر سنين وستة أشهر بقي منها في الخلافة أربعة عشر شهراً وسلّمها إلى معاوية مدة تسع سنين وأربعة أشهر تقيةً وحرصاً على أرواح شيعته وأموالهم وأعراضهم من تعرّض معاوية وأصحابه لهم، فمدة خلافته حسب هذا القول التي دامت أربعة عشر شهراً تزيد على المدة التي ذكرها المسعودي بثمانية أشهر تقريباً ويوضح ذلك بأنه في خلال المدة التي كان يدعي كل من علي(عليه السلام)ومعاوية فيها الخلافة بعث معاوية يسراً في ثلاثة الآف ليحصل له على بيعة أهل مكة والمدينة، وأنفذ على بعد ذلك جيشاً يبلغ أربعة آلاف لإنقاذ المدينتين والحصول على البيعة له. فبايع أهل مكة عليا(عليه السلام)، أما أهل المدينة فالغريب أنهم بايعوا الحسن(علیه السلام)أثناء خلافته علي، فإذا اعتبر الشيعة المتأخرون

ص: 115


1- المصدر نفسه، ص 85 - 86
2- المسعودي علي التنبيه والاشراف ط دار صعب – بيروت، ص 260 .

ابتداء خلافة الحسن(علیه السلام)من هذه البيعة بالمدينة كان ذلك هو الفرق البالغ نحو سبعة أو ثمانية أشهر » (1).

وختم (رونلدسن) حياة الإمام بافتراء جديد الا وهو موته بمرض السل، وتحوّل التبذير والاسراف من معاوية الذي اشتهر به إلى الامام الحسن(عليه السلام) الذي عرف سيرته المؤرخون بالاعتدال والانصاف لم يمل من حق إلى باطل، وهذا القول من الغرابة بحيث لو يذهب إليه أحدٌ من المؤرخين، فقد أجمعوا أنه مات مسموماً ولم يصب بداء السل، كما قال:

ولا توجد حوادث حقيقية تذكر إلا القليل خلال فترة اعتزاله في المدينة. فقد كان معاوية يرسل له الأموال بدون انقطاع فيبذرها باستمرار فكانت النتيجة ما يقال انه مات بالسل عندما بلغ خمسا وأربعين سنة» (2).

6 - كارل بروكلمان

6 - كارل بروكلمان (3).

يصفُ المستشرق الألماني (بروكلمان) الامام الحسن(عليه السلام) بأنه ليس ب- (رجل الساعة)؛ وذلك لأنه لا يرتضي قيادة الجيش ضد اعداءه، قائلاً:

ص: 116


1- عقيدة الشيعة، ص 87 - 88
2- عقيدة الشيعة، ص 90 .
3- كارل بروكلمان، ولد في 17 سبتمبر 1868م في مدينة روستوك والده كان تاجرا يتجر فيما يسمى سلع المستعمرات في الدراسة الثانوية في روستوك بدأت تظهر ميوله إلى الدراسات الشرقية، والتحق بجامعة روستوك في ربيع 1886م ، وفي أول اكتوبر 1890م عين مدرسا في المدرسة البروتستنتية، حصل على دكتوراه التأهيل للتدريس في 1893م ، قام بفهرسة مجموعة صغيرة من المخطوطات الشرقية في مكتبة البلدية في برسلاو ، وفي صيف 1947م ين استاذا شرفيا، توفي سنة 1954م. موسو عة المستشرقين، ص 57 .

كانَ معاوية قد اتخذ طريقه إلى العراق، مجتازاً الجزيرة، قبل مقتل علي(عليه السلام)وخلّفَ عليا(عليه السلام) أول الأمر، ابنه الحسن. ولم يكن الحسن(علیه السلام)هذا رجل الساعة فلم يرتض أن يقود جنوده في هجوم على خصمه (1).

وهذا أمر خلاف الواقع فإنَّ الامام الحسن(عليه السلام) قد جهز نفسه لقيادة جيشاً يربو على أربعة الاف مقاتل، وهو بالفعل رجل الساعة لا كما يقول (بروكلمان)، فإن الرجال تُعرف بمواقفها، وما ان آل إليه الإمام هو أعلم به، كما أشار إلى ذلك الطقطقي (2). في الفخري (3). ، إذ يقول :

«لما قُتل أمير المؤمنين بايع الناس الحسنبن علي(علیهماالسلام) الا فمكث شهوراً حتى اجتمع هو ومعاوية فتصالحا للمصالحة الحاضرة التي كان الحسن(علیه السلام)أعلم بها، وسلّم الخلافة إليه وتوجه نحو المدينة، وبويع معاوية بالخلافة العامة، ودعي بأمير المؤمنين وذلك في سنة أربعين من الهجرة »(4).

ص: 117


1- بروکلمان، كارل ، تاريخ الشعوب العربية العرب والامبراطورية العربية)، ترجمة: د. نبيه أمين فارس و منير البعلبكي، ط الثانية - دار العلم للملايين - بيروت 1953م، ج 1، ص 145.
2- محمد بن علي بن محمد ابن طباطبا العلوي، أبو جعفر المعروف بابن الطقطقي، مؤرخ باحث ناقد، من أهل الموصل، ولد سنة 660 ه- – 1262م، خلف أباه سنة 672ه- في نقابة العلويين بالحلة والنجف وكربلاء، زار مراغة سنة 696ه وعاد إلى الموصل، توفي سنة 709ه- – 1309م. الاعلام ، ج 6 ، ص 283 .
3- الفخري في الاداب السلطانية والدول الإسلامية، ألفه الطقطقي سنة 701ه في مراغة وقدّمه إلى واليها فخر الدين عيسى بن ابراهيم. المصدر نفسه.
4- الطقطقي، محمد الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، راجعه ونقحه محمد عوض ابراهيم بك وعلي الجارم بك، ط المعارف - مصر 1938م، ص91 .

ويَعزي (بروكلمان) صُلح الإمام مع معاوية إلى انه بسبب حفنة من الأموال تنازل عن حقه بالخلافة، بقوله:

والواقع أنه آثر مفاوضة معاوية وتنازل عن حقه في الخلافة على أن يُترك له خمسة ملايين درهم كانت في بيت مال الكوفة» (1).

إنّ ما أشار إليه المستشرق ليس هو الواقع؛ لأن ما في خزانة الكوفة من الأمتعة و الأموال قد كانت تحت تصرف الحسن، ولم تكن محجوبة أو ممنوعة عليه حتى يشترط على معاوية أن يُمكّنه منها، بالإضافة ان الامام الحسن(عليه السلام) كانَ في غنى من أموال ،معاوية، وليس بحاجة لها، ولو كان كذلك فلا ضير على الإمام من أخذها، لأنّ إنقاذ أموال المسلمين من حكام الجور أمر واجب. ويُبدي القرشي رأيه في ذلك، قائلاً:

والذي أراه أنّ معاوية قد أعطى الإمام في بداية الأمر، فتوّهم بعض المؤرخين أنها من جملة الشروط التي اشترطها الإمام (2).

7 - هنري ماسيه

ويطل علينا المستشرق (ماسيه ) (3). ليبدي رأيه السيء تجاه شخصية الامام الحسن(عليه السلام)

ص: 118


1- الطقطقي، محمد الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، راجعه ونقحه محمد عوض ابراهيم بك وعلي الجارم بك، ط المعارف - مصر 1938م، ص91.
2- الحسن بن علي(عليهماالسلام)، ج 11، ص 237 .
3- ولد هنري 1886م في فرنسا، ويعتبر من علماء الاستشراق الذين قدموا دراسات قيمة عن الثقافات الشرقية، وقد نقل إلى اللغة الفرنسية بأمانة ودقة روائع الأدب الفارسي والعربي. كان أستاذاً بجامعة الجزائر سنة 1916م - 1927م ومديراً للمدرسة الوطنية للغات الشرقية سنة 1927م وعضواً في مجمع الكتابات والأدب، والمجمع العلمي بدمشق. له آثار عديدة منها: روضة الورد للسعدي الشيرازي 1919 م ، والإسلام المذاهب والمؤسسات القضائية 1930م، وتحقيق كتاب الاكتفاء للكلاعي في جزأين 1933م ، وحسن التصرف في تقاليد الشيعة، ونصوص عبرية عربية في فاس، وتفسير أبي الفتح الرازي 1950م ، وملامح الحج إلى مكة في الشعر الفارسي، وقصائد رثاء الأئمة عند الشيعة، وماسينيون وايران وكتاب الخصائص، والموازنة لحمزة الأصفهاني وغيرها، توفي سنة 1969م. طبقات المستشرقين، ص193.

بعدم أهليته للخلافة، وأنه فكّر بأخذ المال من معاوية مقابل تخليه عن الخلافة، قائلاً:

بعد موت علي(عليه السلام)نادى أتباعه بولده الحسن(علیه السلام)كخليفة، وهو غير أهل لذلك – ربما كان مصدوراً – ولم يكن يُفكّر إلا بأن يحمل معاوية على أن يدف له الكثير من المال مقابل تخليه عن الخلافة. وقد انسحب إلى المدينة ومات فيها وهو لا يزال شاباً» (1).

ويكفي للرد على كلام (ماسيه) هذا، أن نذكر هنا تعليقه للعلامة محمد جواد مغنية إذ يقول:

«ذكر أهل التراجم والسير أن الحسن(علیه السلام)كان أعبد الناس وأزهدهم في المال. واتفق المؤرخون جميعاً، ومنهم اليعقوبي والطبري وابن الاثير وغيرهم على ان الجيش الذي تجمع لحرب معاوية مع الحسن(علیه السلام)انتفض عليه، ووثب به وانتهب مضاربه حتى انتزعوا البساط من تحته، وطعنوه في فخذه وناداه الناس من كل جانب (البقية البقية وأمضِ الصلح ) ، كما في رواية ابن الاثير (2) ، فلم ير بدأ من التسليم، والحال هذه، وبماذا يقاتل إذا كان أصحابه حرباً عليه لا على عدوه ؟ ! وكان أصحاب معاوية وجيشه يداً واحدة، وأطوع له من بنانه، فالصلح لا مفر منه سوى أقاتل أم لم يقاتل. وما دام الأمر كذلك فمن الخير أن يحقن الدماء، وأن يملي هو شروط الصلح على معاوية قبل أن يمليها معاوية عليه. وإذا تأملنا هذه الشروط وجدناها أشبه بشروط الغالب على المغلوب، فقد

ص: 119


1- ماسيه، هنري، الإسلام، علق عليه وقدم له د. مصطفى الرافعي و الشيخ محمد جواد مغنية، ط الاولى - 1960م، ص 67 (2) اسد الغابة ، ج 2 ، ص 14 .

اشترط عليه أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، وأن لا يبايع أحداً من بعده، وأن يترك سب أبيه ، وأن يكون الناس آمنين حيث كانوا من أرض الله، وأن لا يأخذ ما في بيت مال الكوفة، وكل هذه المواد على معاوية، وليست له، وإذا لم يف بها فقد لزمته الحجة، وأثبت على نفسه بنفسه الخيانة وعدم الأهلية للحكم على الناس (1).

8 - بوجينا غايانة ستشيجفسكا

8 - بوجينا غايانة ستشيجفسكا (2):

تعتبر المستشرقة البولونية (بوجينا ) من أبرز المستشرقين التي عمدت إلى إنصاف الامام الحسن(عليه السلام) في صلحه معاوية، وأشارت إلى النظرة الثاقبة والصائبة لفكر مع الإمام الذي درس الظروف التي أحاطت بالحرب من كل الجوانب دراسة واقعية بعيداً عن الفتن والاحقاد، فَعَمِدَ إلى الألفة دون الفرقة، وهو مصداق – والكلام لبوجينا - لحديث النبي محمد(صلي الله عليه و آله و سلم) في كونه السيد الذي سيُصلح الله على يديه بين فئتين من المسلمين، قائلةً:

بعد مقتل علي(عليه السلام)بايع شيعته ابنه الحسن(علیه السلام)وأقام في الخلافة 6 أشهر ولم يخضع معاوية له فكادت تكون بينهما حروب كما كان في أيام أبيه، ولكن الحسن(علیه السلام)فكّر في الأمر ونظر إلى الظروف نظرةً صائبة، وكان يكره الفتن ويجب للمسلمين الألفة. فرأى خير المسلمين أن يتنازل عن الخلافة إلى معاوية وصالحه على شروط رضيها الطرفان، وكتب إلى معاوية

ص: 120


1- الإسلام، ص 98 .
2- بوجينا غايانة ستشيجفسكا، مستشرقة بولونية، سافرت إلى مصر بعد أنهت الدراسات العليا في كلية الحقوق وفي معهد اللغات الشرقية حيث تعمقت بدراسة اللغة العربية ووقفت على التقاليد الشرقية. قامت بالتدريس في جامعة الازهر عام 1961م بعد أن عرضت عليها وزارة التربية و ا تعليم بالتدريس فيها حيث كانت أول فتاة تدخلها وبعد ذلك فتحت أبوابه للإناث. ينظر : تاريخ الدولة الإسلامية وتشريعها، المقدمة.

بالبيعة وسلّم إليه الكوفة في أواخر ربيع الأول سنة 41. وبذلك تمَّ ما قاله الرسول(صلی الله علیه و آله و سلم) في الحسن(علیه السلام)إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يُصلح به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين (1).

ثم تطرّق (بوجينا ) إلى هدوء أحوال المسلمين بعد هذا الصلح، مما جعل المسلمون يُطلقون على هذا العام ب- ( عام الجماعة ) ، بقولها :

وهدأت الأحوال وسُميَّ المسلمون ذلك العام عام الجماعة« وهو عامهم الحادي والأربعين» (2).

إنّ اصطلاح بعض المؤرخين على هذه التسمية؛ نظراً لاجتماع كلمة المسلمين بعد الفرقة، ووحدتهم بعد الاختلاف، إلا ان هذه التسمية جاءت من باب تسمية الضد، إذ وقع المسلمون منذ ذلك الوقت في شرّ عظيم من تبدل السنن الالهية التي جاء بها النبي الكريم محمد (صلى الله عليه و أله وسلم) من اغتصاب للخلافة الإسلامية التي انتقلت بالوراثة من ظالم إلى ظالم حتى اغرقت بلاد المسلمين في الدماء، وفي ذلك يقول الجاحظ : فعندما استوى معاوية على الملك، واستبدّ على بقيّة الشورى، وعلى جماعة المسلمين من الانصار والمهاجرين في العام الذي سمّوه ( عام الجماعة) ، وما كان عام الجماعة، بل كان عام فرقة وقهر وجبرية وغلبة، والعام التي تحوّلت فيه الإمامة ملكاً كسرويّاً، والخلافة منصباً قيصرياً (3).

ومنذ ذلك اليوم انفتح باب الباطل والجور على مصراعيه، ولاقى أتباع أهل

ص: 121


1- ستشيجفسكا، بوجينا، تاريخ الدولة الإسلامية وتشريعها ، ط الاولى – التجارية – بيروت 1966م، ص96
2- ستشيجفسكا، بوجينا، تاريخ الدولة الإسلامية وتشريعها، ط الاولى – التجارية – بيروت 1966م ، المصدر نفسه، ص 96 .
3- الجاحظ، عمرو، رسالة في بني أمية، مصحح: محمود عرنوس، ط الابراهيمية - مصر 1937م، ص 293 .

البيت من الظلم والعناء ما لم يشاهده أحدٌ في التاريخ، وفي ذلك وصف ابن أبي الحديد ما جرى بعد عام الصلح ، قائلاً : فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن على فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه أو طريدٌ في الأرض»(1).

9 - هنري لامنس

9 - هنري لامنس(2).

اشتهر البلجيكي ( لامنس ) كما ذكرنا سابقاً، إنّه من أبرز المستشرقين الذين كتب بابتعاد تام عن الحقائق التاريخية، إذ كان شديد التعصب ضد الإسلام، وبالخصوص على صاحب الرسالة النبي العظيم محمد(صلي الله عليه و آله) وعلى آل بيته الغُر الميامين، وقد عُرفَ بين الباحثين في التاريخ الإسلامي بأنه رجلٌ بعيد عن النزاهة بافتقاره إلى الأمانة العلمية في نقل النصوص.

إنّ الأفكار المغرضة والشبهات التي تبناها (لامنس) كثيرة من بينها، نظرته في الصلح الذي وقع بين الامام الحسن(عليه السلام) ومعاوية بن أبي سفيان، إذ يعتقد إنّ الامام الحسن(عليه السلام) تنازل عن الخلافة مقابل حفنة من الأموال، متناسياً أنّ خزانة الكوفة كانت في قبضة الإمام يتصرف فيها حيثما أراد، وهو – أي الإمام – في غنى عن أموال معاوية، وليس بحاجة لها، ولكنه أراد أن يعقد الأمور ويضعها في ميثاق شرف؛ خوفاً من انّ الحقوق سوف تُسلب في ظل نظام الاستعباد الأموي، وهي دلالة على براعة الحسن(علیه السلام)في الاحتفاظ بحقه الشرعي. وإليك عزيزي القارئ ترهات (لامنس) التي كانت مدفوعة بدافع الحقد والعداء لآل بيت النبي محمد (صلى الله عليه و أله وسلم)، إذ يقول:

ص: 122


1- شرح نهج البلاغة، ج 11، ص 46 .
2- مرت ترجمته سابقاً.

((وبويع للحسن بعد مقتل عليّ(علیهماالسلام)، فحاول انصاره أن يقنعوه بالعودة إلى قتال أهل الشام، وقلّب هذا الإلحاح من جانبهم حفيظة الحسن(علیه السلام)القعيد الهمة، فلم يعد يفكر إلا في التفاهم مع معاوية، كما أدّى إلى وقوع الفرقة بينه وبين أهل العراق، وانتهى بهم الأمر إلى اتخان امامهم اسماً ، لا فعلاً بالجراح، فتملكت الحسن(علیه السلام)منذ ذلك الوقت فكرة واحدة الوصول إلى اتفاق مع الأمويين، وترك له معاوية أن يُحدد ما يطلبه جرّاء تنازله الخلافة، ولم يكتفِ الحسن(علیه السلام)بالمليوني درهم التي طلبها معاشاً لأخيه الحسين(عليه السلام)، بل طلب لنفسه خمسة ملايين درهم أخرى ودخل كورة في فارس طيلة حياته، وعارض أهل العراق بعد ذلك من تنفيذ الفقرة الأخيرة من هذا الاتفاق بيدَ إنّه أجيب إلى كل ما سأله حتى ان حفيد النبي(صلي الله عليه و أله و سلم)اجترأ فجاهر بالندم على انه لم يُضاعف طلبه، وترك العراق مشيعاً بسخط الناس عليه ليقبع في المدينة)) (1).

إنّ هذا الفكر اللامنسي لحادثة مهمة في التاريخ الإسلامي دليل عدم خضوعه لحرية الفكر واحتضان الدليل حول مجريات أحوال تلك الاحداث؛ إذ لابد على الباحث المنصف من الوقوف على العوامل التي أحاطت بالإمام ودعته إلى المسالمة مع خصمه، وعليه أن يحيط بأطراف المسألة من جميع نواحيها ليخرج بنتيجة للهدنة تكون هي الأصوب إلى الواقع.

10 - يوليوس فلهوزن

خصَصَّ المستشرق (فلهوزن) (2). كتاباً أفرده لدراسة أحوال الخوارج أسماه

ص: 123


1- دائرة المعارف الإسلامية، ج 7، ص 58 .
2- يوليوس فلَهوزِن عالم ألماني، ولد في مدينة هاملن على نهر الفايزر (وستفاليا) في 17 مايو 1844 ، ودرس اللاهوت في مدينة جوتينجن، ومن هذه المدينة بدأ حياته الأكاديمية سنة 1870 مدرساً في ميدان تاريخ نقد التوراة، وفي سنة 1872 صار أستاذاً للاهوت في جامعة جرايفسفالد، لكنه استقال من هذه الوظيفة في سنة 1882 ، وفي سنة 1885 انتقل إلى جامعة مار بورج فصار أستاذاً للغات الشرقية في مدينة هالة، وفي سنة 1892 انتقل إلى جامعة جوتينجن، وتوفي في 7 يناير 1918م، من آثاره: تاريخ اليهود، ومحمد(صلي الله عليه و آله) في المدينة، والتمهيد للتاريخ الإسلامي في ستة أجزاء، وديوان الهذليين، وأديان عرب الجاهلية، ودراسة عن أبي فراس الحمداني، وفتوح ايران، والاحزاب المعارضة في الإسلام قديما دينا وسياسة، والعرب والروم، والخوارج والشيعة، ومنذ 1887 اشتغل بتحقيق الطبري، فعرف شخصيات الرواة فيه وحللها وعدها وجرحها. ينظر : معجم أسماء المستشرقين، ص 517 - 518 .

الخوارج والشيعة)، وقد أشار فيه بعد أن ذكر الحوادث والأحوال التي جرت بين الامام علي(عليه السلام) ومعاوية من جانب، والخوارج من جانب آخر. ثم ذكر أنّ الابن الأكبر للإمام على ألا وهو الحسن(علیه السلام)قد خيب آمال أنصار ذلك الأب، بالطريقة التي تنازل بها عن الخلافة، مما دعاهم إلى الالتجاء لأخيه الامام الحسين(عليه السلام) ، قائلاً:

«توفي أكبر أبناء علي(عليه السلام)من فاطمة((سلام الله علیها))، وهو الحسن، في سنة 49ه. وكان قد خيب آمال أنصار أبيه بالطريقة التي تنازل بها عن الخلافة وفقد احترامهم له، فاتجهت أبصارهم إلى أخيه الأصغر: «الحسين(عليه السلام)» (1).

ولا أحسبُ أنّ (فلهوزن) بإشارته إلى خيبة الأمل التي صاحبت أنصار الامام علي(عليه السلام) يقصد أنصاره المخلصين، وإنما أولئك الرجال المنافقين من الخوارج الذين تغلغلوا بين صفوف جيش الإمام في الكوفة، بيد أن المؤمنين من رجاله لا يفقدون احترامهم له على العكس من غيرهم المنافقين؛ لأنهم يعتقدون تمام الاعتقاد بأنّهُ إمام معصوم مفترض الطاعة، وانّ الإمام المعصوم لا يرتكب الخطأ، ولا يفعل إلا ما فيه الخير والصلاح لجميع الأمة، فكما أنّ صُلح الرسول محمد(صلي الله عليه و آله)مع المشركين في قصة

ص: 124


1- فلهوزن، يوليوس الخوارج والشيعة ترجمة عبد الرحمن بدوي، ط النهضة – مصر 1958م، ص 159 .

الحديبية لا يتطرّقه الشك، فكذلك صُلح الإمام مع خصمه، فإنّه محفوفٌ بالمصلحة العامة لعموم المسلمين.

وقد كان (فلهوزن) في كتابه تاريخ الدولة العربية» منصفاً تجاه الامام الحسن(عليه السلام) إلى حدٍ ما، فقد اعتبره زاهداً لا يجد في القتال بُداً في اراقة دماء المسلمين، على العكس من بعض المستشرقين الذين رأوا بأنَّ تنازل الإمام لمعاوية كان بدافع الطمع في الأموال، قائلاً:

في أثناء استعداد معاوية للحرب قامت ثورة على الحسن، بعد أن كان قد بويع على الخلافة بعد أبيه. ولكن الحسن(علیه السلام)كان زاهداً في الحرب، لا يرى القتال، رغم أنه كان وراءه أربعون ألف رجل كانوا قد بايعوا عليا(عليه السلام) على الموت. والتمس الحسن(علیه السلام)سبيلاً إلى مصالحة معاوية، وتنازل عن الخلافة بعد نصف عام. وهذا هو المعروف بالإجمال معرفة واضحة»(1).

ويثبت (فلهوزن) بعد الرجوع إلى روايات المؤرخين من مصادر المسلمين في تفصيل ما جرى بعد مقتل الامام علي(عليه السلام) ويشير إلى آرائه التي تُخالف آراء بعض أولئك المؤرخين، وقد عمد إلى طرح الروايات بالتفصيل، قائلاً:

لكن الروايات في تفصيل ما جرى بعد مقتل علي(عليه السلام)مضطربة، وفيها فجوات. فيحكي عن الزهري (2) ما يلي:

ص: 125


1- فلهوزن، يوليوس، تاريخ الدولة العربية، ترجمة: د. محمد عبد الهادي أبو ريده و د. حسين مؤنس، ط القاهرة - 1958م ، ص 99 .
2- محمد بن مسلم بن عبد الله ابن شهاب الزهري، من بني زهرة بن كلاب، أبو بكر، ولد سنة 58ه- / 678م ، أول من دوّن الحديث، وأحد أكابر الحفاظ والفقهاء، تابعي، من أهل المدينة، كان يحفظ ألفين ومئتي حديث توفي سنة 124ه- - 742م. الاعلام ، ج 7، ص79.

126

كانَ على قد أسند إلى قيس بن سعد قيادة الجيش ووعده بولاية اذربيجان مكافأةً له (1). وعزل الأشعث عن هذه الولاية. وكان قيس يريد الحرب ولكن الحسن(علیه السلام)كان لا يرى القتال، وكان يُريد أن يأخذ لنفسه ما استطاع من معاوية. وقد عرف أن قيساً لا يوافقه على رأيه، فنزعه وأمر عبد الله بن عباس (الطبري ج 2 ص 1-2، قارن ج 1 ص 3392).

وكان الحسن(علیه السلام)لما بايعه أهل العراق على الخلافة طفقَ (2) يشترط عليهم : إنكم سامعون مطيعون، تُسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت؛ فارتابَ أهل العراق في أمرهم، حين اشترط عليهم هذا الشرط ، وقالوا: ما هذا لكم بصاحب، وما يُريد القتال فلم يلبث الحسن(علیه السلام)بعدما بايعوه إلا قليلاً حتى طعن طعنةً أشوته(3)، فازداد لهم بغضاً وازداد منهم ذعراً. ولا يذكر الزهري التفاصيل المناسبة التي أدت إلى هذه الطعنة. على انه لما قامَ للحسن(علیه السلام)الدليل على موقف أهل العراق منه ، كاتب معاوية وأرسل إليه بشروط ووعداً إن وفى له بها، أن يسمع له ويطيع. وأعطاه معاوية ما شرط، فتنازل الحسن(علیه السلام)عن الخلافة لقاء مال كثير. وكان معاوية، قبل أن يقع بيده كتاب الحسن، قد أرسل إلى الحسن(علیه السلام)بصحيفة بيضاء، وقد ختم عليها في أسفلها بختمه وكتب إليه أن يشترط فيها ما شاء، فهو له فأراد الحسن(علیه السلام)أن يأخذ أضعاف ما كان قد شرط أولاً، فلم يعطه معاوية ذلك (الطبري ج 2 ص 5 فما بعدها). أما عبيد الله بن عباس فإنه لما علم بما أراد الحسن(علیه السلام)أن يأخذه لنفسه من معاوية لم يُبالِ بأنه كان قائد الجيش ، وكتب إلى معاوية يسأله الأمان ويشترط لنفسه على الأموال التي كان قد أخذها . فشرط ذلك له معاوية؛ فترك جنده

ص: 126


1- قال فلهوزن المعروف عن سعد أنه كان لا يسأل أجراً ولا مكافأة عما يفعل.
2- (طفق طفقاً لزم زطفق يفعل كذا يطفق طفقاً: جعل يفعل وأخذ. ينظر لسان العرب، ج 10، ص 225 ، مادة: طفق).
3- أشوته : أي جعلته كاللحم المشوي كالقديد.

بغير قائد ولحق بمعاوية.

ولمّا صالح الحسن(علیه السلام)معاوية كتب الحسن(علیه السلام)إلى قيس بن سعد يدعوه إلى الدخول في طاعة معاوية، فقام قيس خطيباً فيمن كان معه من الجيش، وخيّرهم بين أن يدخلوا في طاعة إمام ضلال، أو أن يُقاتلوا مع غير إمام. فاختاروا الأولى وبايعوا لمعاوية، وانصرف عنهم قيس.

وفي رواية أخرى للزهري إنه بعد أن صالح الحسن(علیه السلام)وعبيد الله بن عباس معاوية، ترك عبيد الله جيشه بلا أمير، اجتمعت الشرطة وأمرت قيس بن سعد على أنفسهم، وتعاهدوا هو وهم على قتال معاوية حتى يشترط لشيعة على ولمن كان اتبعه الأمان على أموالهم ودمائهم وما أصابوا في الفتنة. ولما انتهى معاوية من مصالحة الحسن بن عباس خلَصَ لمكايدة قيس، فأرسل إليه يقول : على طاعة مَن تُقاتل، وقد بايعني الذي أعطيته طاعتك ؟؟ فأبى قيس أن يلين، حتى أرسل إليه معاوية بسجل قد ختم عليه في أسفله، وقال له أن يكتب في السجل ما شاءَ فهو له وأراد عمرو بن العاص أن يغري معاوية بأن يُحارب قيساً ولكن معاوية ظنَّ بدماء أهل الشام وظنَّ أنه لن يُقاتل قيساً حتى لا يجد قتاله بداً. أما قيس فلم يشترط في السجل المختوم بختم معاوية إلا الأمان لشيعته على ما أصابوا من الدماء والأموال ولم يسأل معاوية في السجل مالاً. فأعطاه معاوية ما سأل ولم يرضَ قيساً أن يجعل شخصه محل مساومة.

أما البكائي(1) ، فهو ينقل عن عوانة (2) غير ذلك (الطبري ج 2 ص 2-4 )، فيقول:

ص: 127


1- زياد بن عبد الله بن طفيل القيسي العامري البكائي، أبو محمد، من أهل الكوفة، راوي السيرة النبوية عن محمد بن اسحاق وعنه رواها عبد الملك بن هشام الذي رتبها ونسبت إليه، توفي سنة 183 ه- – 799م. الاعلام ، ج 3، ص 54
2- عوانة بن الحكم بن عوانة بن عياض، من بني كلب أبو الحكم مؤرخ، من أهل الكوفة. ضرير. كان عالما بالأنساب والشعر، فصيحاً. واتهم بوضع الأخبار لبني أمية. قال ياقوت: وعامة أخبار المدائني عنه . له كتاب في " التاريخ وسيرة معاوية، توفي سنة 147ه- - 764م. الاعلام ، ج 5 ، ص 93 .

لم يكن قيس قائداً للجيش كله، بل لاثني عشر ألف رجل في المقدمة (وهم الشرطة)، وبقيت له الإمرة عليهم إلى ما بعد مقتل علي(عليه السلام)أيضاً. وخرج الحسن(علیه السلام)بنفسه في الجيش كله حتى نزل المدائن، وبعث قيساً أمامه على مقدمته لكي يُلاقي معاوية في مسكن). وبينا الحسن(علیه السلام)في المدائن إذ نادى منادٍ في المعسكر: ألا إن قيس بن سعد قد قُتِلَ، فانفروا! فنفر الناس ونهبوا سرادق الحسن، وخرج الحسن(علیه السلام)ناجياً بنفسه حتى نزل المقصورة البيضاء بالمدائن. ومن هنالك بعث إلى معاوية يطلب الصلح، رغم معارضة أخيه الحسين(عليه السلام)(1)، وحصل من معاوية على ما أراد أن يأخذ ما في بيت مال الكوفة، وكان خمسة الاف ألف درهم، والخراج الجاري من دار ابجرد (2)، والوعد من

ص: 128


1- كان موقف سيد الشهداء الامام الحسين(عليه السلام) من قضية الصلح كموقف أخيه الحسن(علیه السلام). فكان يرى ضرورة المهادنة، ولزوم المسالمة، وأنه ليس من الحكمة، فتح باب الحرب مع معاوية، فإنه يجلب الويلات على المسلمين؛ وذلك لتفلل الجيش الذي نزح به الإمام، وما ورد من الموضوعات والافتراءات التي وضعها المؤرخون ماهي إلا أكاذيب أرادت التقليل من حكمة الإمام ؛ لأن الامام الحسين(عليه السلام) كان عالما بالعلل والاسباب التي ألجأت أخاه إلى الصلح، فإن رأيه في الصلح كان موافقا وملازما لرأي أخيه ولا يختلف عنه، ويدل ذلك أن الامام الحسن(عليه السلام) لما أبرم الصلح أقبلت إلى الامام الحسين(عليه السلام) طائفة من الزعماء والوجوه يطلبون منه أن ينقض ما أبرمه أخوه، فأبى وامتنع، ولو كان رأيه كما يقول القرشي مخالفا لرأي أخيه لأجابهم إلى ذلك، ولما انتقل الامام الحسين(عليه السلام) الى حظيرة القدس، وقد رفعت اليه طوائف من زعماء العراق عدة رسائل يطلبون اعلان الثورة على معاوية فامتنع من إجابتهم وقال لهم : مادام معاوية في قيد الحياة فلا أتحرك بكل شيء، وإذا مات نظرت في الأمر. ينظر ارشاد ،المفيد، ج 2، ص 21 ؛ الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام) ، ج 11 ، ص 245 - 246 .
2- ما اشترط عليه من أموال دار ابجرد هي من الاموال التي تجلب إلى الدولة والتي يسمى بعضها بالفيء، وهي من الاموال المأخوذة من الاراضي المفتوحة عنوة، وهي تصرف على المصالح العامة، وقسم آخر من الاموال يسمى بالصدقة وهي الضرائب المالية التي فرضها الإسلام على الاغنياء، وقد كره الامام الحسن(عليه السلام) أن يأخذ من هذه الاموال لنفسه أو لشيعته، وخص ما يأخذه لهم من دار ابجرد؛ لأنها قد فتحت عنوة، وما فتح عنوة فهو ليس بصدقة، وبذلك قد اختار لشيعته من الاموال ما هو أبعد عن الشبهة الشرعية، وهي خراج ابجرد التي هي للمسلمين. ينظر : القرشي، الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام) ، ج 11 ، ص 240

معاوية ألا يُشتمَ علي، ومعاوية يسمع ذلك (1).

أما عند اليعقوبي (ج 2 ص 254 فما بعدها) فنجد الحكاية على نحو آخر: وجّه الحسنُ عبيد الله بن عباس في اثني عشر الف رجل لقتال معاوية، وجعل قيساً مشيراً له ليعمل بأمره ورأيه فحاول معاوية أن يُفسد قيساً فلم يفلح ولكنه استطاع أن يضم إليه عبيد الله بأن أعطاه ألف ألف درهم، فصار إليه في ثمانية الاف رجل وكان الحسن(علیه السلام)جملة الجيش في المدائن، فأرسل معاوية إليه المغيرة بن شعبة ومفاوضين آخرين، فلما خرج هؤلاء من عند الحسن(علیه السلام)أذاعوا في المعسكر انه قد أجابَ إلى الصلح فعند ذلك وثب الجند بالحسن(علیه السلام)وانتهبوا مضاربه وما فيها، فركب الحسن(علیه السلام)فرساً ومضى إلى قلعة ساباط، ولكن الجرّاح ابن سنان (وفي رواية ابن قبيصة كان قد كمن له، فجرحه بمعول في فخذه ولوى لحيته، فحُمِل إلى المدائن وقد نزف نزفاً شديداً واشتدت به العلة؛ وفي أثناء ذلك تفرّق عنه أصحابه واستولى معاوية على العراق، فلم يبق أمام الحسن(علیه السلام)أخيراً إلا أن يتنازل عن الخلافة والدينوري (ص 230) فما بعدها) يحكي مثل ذلك، وإن كانت روايته تختلف عن رواية اليعقوبي بعض الاختلاف، فهو يقول إن اليمن وربيعة الكوفة خلّصوا الحسن(علیه السلام)في ساباط من أيدي مضر الكوفة.

على أنّ عوانة واليعقوبي متفقان في الرواية بالإجمال، وهما يُخالفان الزهري.

ص: 129


1- قال فلهوزن: عند الطبري في بعض المواضع شوائب لهاتين الحكايتين، ففي ج 1 ص 8 وما بعدها و ج 7 ص15، نجد إن الأربعين ألف رجل ليست هي الشرطة، بل الجيش كله. وبحسب روايات الزهري كان لقيس وابن عباس مرة الجيش كله.

130

وحكاية الزهري للحوادث ليست واضحة تماماً، وهي تختلف عن رواية غيره اختلاف لا يسهل تفسيرها؛ فهو أحياناً يفصل بين طعن الحسن، من حيث زمانه ومكانه، وبين نهب سرداقه، وهو أحياناً أخرى يربط بين الحادثين أما بعض الاختلافات الأخرى فيمكن تفسيرها بأنها مغرضة. فنحن نجد أن اليعقوبي والدينوري أيضاً حريصان على تبرئة الحسن(علیه السلام)وإلقاء التبعية على أهل الكوفة (الدينوري ص 242 س15). أما عند الزهري فيظهر الحسن(علیه السلام)في ضوء غير جميل. فأما الخلاف الأكبر الذي يتجلى فيه الغرض فهو المتعلق بمسلك عبد الله بن العباس جد الأسرة العباسية. ولا غرو أنه في عهد الخلافة العباسية كان من يقول الحق عن هذا القديس يُعرّض نفسه للأذى. وعلى الأقل كان لابد أما إظهار الدور الذي لعبه في صورة أحسن مما كان أو السكوت عن الدور جملة.

ويؤخذ من رواية الزهري، وهو راوية من أقدم الرواة، توفي قبل العصر العباسي، إن عبد الله بن عباس عرف ما أراده الحسن(علیه السلام)من مصالحة معاوية فسبقه وأخذ الأمان من معاوية واشترط لنفسه على ما أصابَ من أموال. ثم بعث إليه معاوية خيلاً عظيمة، فخرج إليهم ليلاً حتى لحق بهم ونزل معسكر أهل الشام، وترك الجيش الذي كان عليه بلا أمير. وعوانه يسكت في هذه النقطة. أما اليعقوبي فهو يذكر بدلاً من عبد الله المشهور أخاه الأصغر عبيد الله بن عباس.

وقد عرف المدائني اختلاف الرواة حول ما إذا كان عبد الله أو عبيد الله هو الذي انتقل إلى جانب معاوية أيام الحسن(علیه السلام)(الطبري ج 1 ص 3456، وقارن ص 3453)؛ فليس الأمر مجرد خلافات في الاسم بين المخطوطات مرجعها إلى الناسخ»(1).

ص: 130


1- تاريخ الدولة العربية، ص 99 - 104 .

ثم يُتابع (فلهوزن) سرد الروايات المختلفة إلى أن يقول:

فالأموال التي يقول الزهري إنه أصابها وإن معاوية أعطاها له كانت أموالاً من بيت مال البصرة، وكذلك الخمسة آلاف ألف التي أعطيت للحسن(علیه السلام)كانت هي بيت مال الكوفة. ويؤيد هذا ما يقوله أبو عبيدة (الطبري ج 1 ص 3453 - 3456، وهو يتفق مع الزهري على أن عبد الله بعد مقتل علي(عليه السلام)خرج من البصرة وشخص إلى الحسن، وإنه عند ذلك حمل معه مالاً وهو يستهل الأمر على كل حال بأن يقول : إنها كانت أرزاقاً قد اجتمعت له وأنه حمل معه مقدار ما اجتمع له. ومعنى هذا أنه لم يأخذ أكثر مما قد استحقه رزقاً له» (1).

ثم أخذ (فلهوزن) يسترسل بتلك الروايات المختلفة حول تاريخ الصلح بين الطرفين، وعلى إثرها استلم معاوية الحكم، قائلاً :

ودانت الجماعة الإسلامية كلها لمعاوية في النصف الأول من سنة 41 ه-، في صيف 661م. ولكن الروايات مضطربة في تحديد تاريخ ذلك . فأما الياس النصيبي فيقول: إن الحسن(علیه السلام)تنازل عن الخلافة لمعاوية يوم الاثنين 21 ربع الأول سنة 41 ه-، أي الاثنين 26 يوليو سنة 661م. أما الواقدي فيقول : الطبري ج 2 ص 9) إنّ معاوية دخل الكوفة في غرة ربيع الآخر سنة 41 ه- (اغسطس سنة 661م). وفي رواية لا يذكر صاحبها الطبري (ج 2 ص 8 ) إن الصلح بين الحسن(علیه السلام)ومعاوية تم في شهر ربيع الآخر. وإن معاوية دخل الكوفة في غرة جمادى الاولى . أما المدائني فيقول: إنّه دخل الكوفة لخمس بقين من ربيع الأول أو لخمس بقين من جمادى الأولى سنة 41ه- (الطبري ج 2 ص 7).

لكنه على كل حال كان في الكوفة في شهر رجب، لأنه من هناك كان يراسل بسر بن

ص: 131


1- تاريخ الدولة العربية، ص 105.

أرطأة في البصرة، وذهب بسر إلى البصرة في رجب وبقى فيها ستة أشهر (الطبري ج 2 ص 12). على أنّ معاوية ولّى المغيرة بن شعبة على الكوفة في جمادى الأولى سنة 41 ه- « (الطبري ج 2 ص 111 و 114 ) (1)

ص: 132


1- تاريخ الدولة العربية، ص 106 .

الخاتمه

وأخيراً وبعد أن وصلنا في هذه الرحلة مع المستشرقين، وما رسمت أناملهم لوحة الصلح الذائعة الصيت في التاريخ الإسلامي بين الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام) ومعاوية بن أبي سفيان؛ إذ حاولنا في هذه الدراسة أن نوصل للقارئ الكريم بعض معالم تلك الرسوم والتي برزت من خلال آرائهم ومواقفهم الصريحة، ومما تقدّم من معلومات وارده في هذه الدراسة، وما توصل إليه البحث من استنتاجات يمكن إدراجها في النقاط الآتية:

1 - اتسمت أغلب الدراسات الاستشراقية التي تناولت الصلح بالتحامل المبني على أُسس مخطؤءة على الامام الحسن(عليه السلام) ، بعضها مستمد من الخلفيات الفكرية لأصحابها فتكون بذلك أحكاماً متعمّدة وقاسية والبعض الآخر ناتج عن جهل بالحقائق التاريخية.

2 - يمكن تشخيص الاسباب التي دفعت بالمستشرقين إلى إتباع هذا المنهج إلى صنفين هما:

الأول يتعلق بالمسلمين أنفسهم؛ إذ ورد على لسان بعض رواة الحديث التعمّد في الاساءة إلى الشخصية الرسالية والسماوية ومنها شخصية الرسول محمد(صلي الله عليه و آله)، من خلال ما نسبوا إليه من أحاديث وأعمال تتنافر مع أبسط القواعد الاخلاقية، وكان الدافع في هو الظهور بالوجه الحسن أمام ذوي السلطان والجاه فإذا تجرأ أولئك الرواة على

ص: 133

رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) فكيف بحفيده الحسن(علیه السلام) الذي نسبوا إليه الافتراءات الكثيرة ، والتي عليه واله عن حقد وبغض عميق.

الثاني: يتعلّق بالمستشرقين أنفسهم، وما كانوا يحملون من أفكار قد تكون مسبقه عن الإمام ، أو إنها ناتجه عن سوء فهم أو حقد، أو رجوعهم إلى روايات أموية، وقد تمت الإشارة إلى جميعها في الصفحات المتقدمة من البحث .

3- كان أغلب المستشرقين المتحاملين على الامام الحسن(عليه السلام) أُحادي النظرة، بسبب اعتمادهم على منهل واحد في إيرادهم للأحداث التاريخية التي وقعت قبل وبعد الصلح، والمتعلقة بطرفٍ معين دون اللجوء والأخذ بما ورد في مصادر الطرف الآخر المعني بهذه الحادثة، وهذا مما سبب ارباكاً وتشويشاً في نقل مجريات الأحداث، وعدم وقوفهم على الحقيقة العلمية التي يجب على الباحث أن يتوخاها .

4 - تعامل أغلب المستشرقين مع الأسباب الظاهرة من أسباب الصلح والدواعي من إيقاف الحرب بين الطرفين، فكانت الاستنتاجات الاستشراقية عاريةً عن الصحة، تميل ميلان الهوى في نقد الإمام بصورة واضحة بعيدة عن التحليل العلمي.

5- الإساءة المتعمدة لشخصية الامام الحسن(عليه السلام) ، وإلصاق التهم الواهية، واستعمال الكلمات النابية عند بعضهم وخاصةً المستشرق المتهور (لامنس)، الذي ما فتيء أن ذهب إلى رسم صورة مشوّهة عن الحسن(علیه السلام)، وهذا ليس بغريب على لامنس؛ لأنَّ الصور التي رسمها من قبل النبي الأعظم محمد(صلي الله عليه و أله و سلم) تنبيء عن دخيلة نفسه المريضة تجاه النبي واله صلوات الله عليهم أجمعين، ويبدو ان لامنس وغيره ممن لفٌ لفّهم قد احتفظوا بعبارات المديح والاطراء ليجعلوها من نصيب معاوية بن أبي

ص: 134

سفيان، فإنّهم بذلك قد وظفوا أنفسهم في خدمة سلاطين الجور، وهم بذلك ساروا وراء أهوائهم الشخصية.

6 - بزوغ ظاهرة الشك في كتابات المستشرقين حول الامام الحسن(عليه السلام) وصلحه مع معاوية، ولاسيما بما يتعلّق في بنود الوثيقة، ودواعي الإمامة من إيراد هكذا نصوص إلا لأمور دنيوية تُقلل من شأن الإمام (عليه السلام)

7- لم تخل دوائر المعارف الاستشراقية من ذكر للإمام الحسن(علیه السلام)في مفردات راد تلك الموسوعات؛ لعلمها بأهمية هذه الشخصية في التاريخ الإسلامي، ولكنها في الوقت نفسه لم تعمّد إلى إنصافها، بل ذهبت إلى إلصاق التهم والنيل منها.

8- يلمس القارئ الكريم في تلك الكتابات التعصب الديني الواضح تجاه النبي محمد(صلي الله عليه و آله و سلم)وأهل بيته الكرام والمتمثل في شخصية أبي محمد الحسن الزكي يعود إلى التبشير الواسع لنقد الرسالة المحمدية(صلى الله عليه و أله وسلم).

9 - إنّ معظم المستشرقين لم يستطيعوا تكوين فكرة صحيحة عن الامام الحسن(عليه السلام) وبالأحرى لم يكن لديهم التوجه نحو تكوين تلك الفكرة؛ لقصورهم الذهني، ولجهلهم في معرفة الحقائق.

10- يمكن توجيه القنوات المعرفية والفكرية من مواقف المستشرقين حول شخصية الامام الحسن(عليه السلام) والصلح مع معاوية إلى ثلاثة اتجاهات هي:

الاتجاه الأول : التنكيل والبغض وإيكال التُهم للإمام ، وهم الأغلبية.

الاتجاه الثاني : الدراسات المحايدة، وقد جاءت نتيجة تنبه بعض المستشرقين إلى مغالطات عدد من زملائهم الذين أحاطوا الامام الحسن(عليه السلام) بآرائهم البعيدة عن

ص: 135

الانصاف.

الاتجاه الثالث: الجانب المعتدل، وقد استطاعوا من الظهور بمظهر المنصف أو العادل تجاه الإمام لاتباعهم منهج البحث العلمي في دراستهم للتاريخ الإسلامي وهم أقلية.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين تمّ الانتهاء من بحثنا هذ الموسوم ب- ( صلح الامام الحسن(عليه السلام) في فكر المستشرقين) ا في يوم الأحد 3 جمادى الآخر 1434ه- الموافق 14 نيسان 2013م.

ص: 136

المصادر

1 - القرآن الكريم.

2 - البخاري، أبو عبد الله محمد بن اسماعيل، (ت256ه- / 870م ) . صحيح البخاري ( ط دار الفكر للطباعة - استانبول 1401ه- ) .

3- البيهقي، أبو بكر احمد بن الحسين، (ت 458 ه- / 1066م). السنن الكبرى (ط) دار المعارف النظامية - الهند - 1344 ه- ) .

4 - الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى ، ( ت 297 ه- / 910م ) . الجامع الصحيح ، ( ط دار احياء التراث الإسلامي – بيروت – 1421ه- ).

5- ابن ماجه أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، (ت 275 ه- / 889 م). سنن ابن ماجه تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ( ط دار الفكر للطباعة - استانبول).

6 - ابن حنبل، أحمد بن حنبل، (ت 241 ه- / 856 م ) . مسند أحمد ط دار صادر - بيروت - لبنان ) .

7 - ابن عبد البر، يوسف أحمد بن عبد الله النمري، (ت 463 ه-/ 1071م). الاستيعاب :تحقيق علي محمد البجاوي ( ط الاولى - دار الجيل بيروت ، 1412ه-).

ص: 137

8- ابن الأثير علي بن أبي الكرم، (ت 630ه- / 1233م). اسد الغابة ( ط دار الكتاب العربي - بيروت - لبنان ) .

9 - النيسابوري أبو الحسين مسلم بن الحجاج ، ( ت 261 ه- / 875 م ) . صحيح مسلم ، ط دار احياء التراث الإسلامي – بيروت – 1420ه- ).

10 - شتيسفسكا، يوجينا غيانة. دائرة المعارف الإسلامية، ترجمة: محمد ثابت افندي وآخرون، (ط قم – د . ت ) .

11 - الجزائري، نعمة الله بن عبد الله الحسيني (ت 1112ه- / 1701م). الأنوار النعمانية، تحقيق: عيسى بن سعيد و عمران بن علي، (ط شركة جاب – تبريز)

12 - المجلسي، محمد باقر بن محمد تقي (ت 1111 ه- / 1700م). بحار الأنوار، تحقيق: هداية الله المسترحمي ، ط الثالثة - بيروت 1983 م ) .

13 - الديار بكري، حسين بن محمد ابن الحسن، (ت966ه- / 1559م). تاريخ الخميس، ( ط مصر – 1383ه- ) .

14 - الأمين، محسن بن عبد الكريم العاملي (ت 1371 ه- / 1952م). أعيان الشيعة، تحقيق : حسن الأمين، (ط الثانية - بيروت ) .

15 - الطبرسي، أبي علي الفضل بن الحسن، (ت548ه- / 1153م ). إعلام الورى بأعلام الهدى، تحقيق: مؤسسة آل البيت (عليه السلام)لإحياء التراث، ( ط الاولي – قم 1417 ه )

ص: 138

16 - القرشي، باقر شريف القرشي، (ت1432ه- / 2011ه-). الامام الحسن بن علي(عليهماالسلام)، تحقيق: محمد مهدي القرشي، ط الاولى – دار المعروف- قم 1430ه- ) .

17 - الصدوق، أبي جعفر محمد بن علي، (ت381ه- / 991م). الامالي، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية - قم ( ط الاولى - 1417ه-).

18 - ابن كثير ، أبي الفداء اسماعيل بن كثير ، (ت774ه- / 1373م). البداية والنهاية، تحقيق: علي شيري (ط) الاولى - دار احياء التراث العربي - بيروت 1408 ه- ) .

19 - ابن عساکر، علي بن الحسن الشافعي، (ت571ه- / 1176م). تاريخ مدينة دمشق تحقيق علي شيري (ط) دار الفكر - بيروت 1415ه- ) .

20 - ابن شهر آشوب، محمد بن علي المازندراني، (ت588 ه- / 1192م ). مناقب آل أبي طالب(عليهم السلام)، تحقيق: لجنة من أساتذة النجف الاشرف (ط) الحيدرية - النجف الاشرف 1956م).

21 - النيسابوري أبي عبد الله الحاكم النيسابوري، (ت 405 ه- / 1015م). مستدرك الحاكم، تحقيق: يوسف المرعشلي، ط دار المعرفة - بيروت ) .

22 - المسعودي، أبي الحسن علي بن الحسين(عليهماالسلام)، (ت346ه- / 957م ) .

ص: 139

مروج الذهب، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، ط مصر - 1948 1م) .

23 - المكي، محمد بن علي عطية الحارثي، (ت 386ه- / 996م ) . قوت القلوب ، ( ط البابي - مصر - 1961م).

24 - آل ياسين راضي بن عبد الحسين بن باقر، (ت 1372 ه- / 1953م). صلح الحسن(علیه السلام)، ( ط الزهراء - بغداد 1953م ).

25 - الزركلي، خير الدين الزركلي (ت 1410ه- / 1990م). الاعلام، (ط) الخامسة - دار العلم للملايين - بيروت 1980م).

26 - اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، (ت284ه- / 897م ). تاريخ اليعقوبي ، ( ط دار صادر - بيروت ) .

27 - أبي الفتوح، محمد كاظم بن أبي الفتوح الموسوي،ت النفحة العنبرية في أنساب خير البرية، تحقيق: مهدي الرجائي، ( ط طهران - 1419ه- ).

28 - المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي، (ت 845ه- / 1441م). اتعاض الحنفاء بأخبار الائمة الفاطميين الخلفاء، تحقيق: جمال الدين الشيال ، ( ط القاهرة - 1967م).

29 - البخاري، أبو نصر سهل بن عبد الله بن داود، (ت341ه- / 953م ). سر السلسلة العلوية تقديم : محمد صادق بحر العلوم (ط الحيدرية - النجف الاشرف - 1963م).

ص: 140

30 - الهمداني، حميد بن أحمد المحلي، (ت 652 ه- / 1254م). الحدائق الوردية ، ( ط دار اسامة - دمشق - 1985م ) .

31 - ابن الجوزي يوسف بن قزاوغلي سبط، (ت654ه- / 1256م). تذكرة الخواص، (ط) الاولى - دار العلوم - بيروت 2004 م ) .

32 - ابن أبي الحديد عبد الحميد بن هبة الله، ( ت 656 ه- / 1258م ) . شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل ابراهيم، ط الثانية - دار احياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي – 1962م ).

33- الاصفهاني، أبو الفرج علي بن الحسين، ( ت356ه- / 967م ). مقاتل الطالبيين، تقديم واشراف : كاظم المظفر ، ( ط الحيدرية – النجف الاشرف

1965م).

34 - ابن قتيبة، أبي محمد عبد الله بن مسلم الدينوري، (ت276ه- / 980م). الامامة والسياسة، تحقيق: د. محمد الزيني (ط مؤسسة الحلبي ) .

35 - ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني (ت 582 ه- / 1186م). تهذيب التهذيب ، ( ط الاولى - دار الفكر - بيروت 1404ه-).

36 - القندوزي، سليمان بن ابراهيم الحنفي (ت 1294ه- / 1877م). ينابيع المودة لذوي القربى، تحقيق: سيد علي جمال أشرف، ( ط الاولى – دار الاسوة - 1416ه- ).

ص: 141

37 - المفيد محمد بن محمد النعمان العكبري (ت 413 ه- / 1022م). الامالي، تحقيق: الحسين استاد ولي و علي أكبر الغفاري، (ط) الثانية - دار المفيد - بيروت 1414ه- ).

38 - المفيد محمد بن النعمان العكبري (ت 413 ه- / 1022م). ،الارشاد، تحقيق : مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، ط الثانية - دار المفيد بيروت 1414ه-).

39 الراوندي، قطب الدين سعيد بن هبة الله (ت573 ه- / 1178م). الخرائج و الجرائح، تحقيق: مؤسسة الإمام المهدي (ط) الاولى - العلمية - قم

.1409ه-).

40 - البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر، (ت) 279ه- / 893م ) . أنساب الأشراف، تحقيق: محمد باقر المحمودي ، (ط) الأولى – مؤسسة البلاغ -

بيروت 1974م).

41 - الطبري، أبي جعفر محمد بن جرير، (ت 210ه- / 826م ). تاريخ الأمم والملوك، تحقيق نخبة من العلماء الأجلاء، (ط مؤسسة الاعلمي -

بيروت - لبنان ) .

42 - ابن الأثير، أبي الحسن علي بن أبي الكرم ت 630ه- / 1233م). الكامل في التاريخ ، ط دار صادر - بيروت 1966م ).

ص: 142

43 - الدينوري، أبي حنيفة أحمد بن داوود، (ت282ه- / 895م ). الأخبار الطوال، تحقيق: عبد المنعم عامر ، (ط) الأولى – دار احياء التراث العربي -

بيروت 1960م).

44 - ابن الصباغ، علي بن محمد بن أحمد المالكي، ت 855ه- / 1451م). الفصول المهمة في معرفة الأئمة، تحقيق: سامي الغريري (ط) الاولى - دار الحديث - قم 1422ه- ).

45 - الطبراني، أبي القاسم سليمان بن أحمد، (ت) 360ه- / (971 م ) المعجم الكبير، تحقيق: حمدي عبد الحميد السلفي (ط) الثانية - دار احياء التراث العربي - بيروت 1404 ه- ).

46 - بيترسن، ايلرلنغ ليدوك. علي(عليه السلام)ومعاوية في الرواية العربية المبكرة، ترجمة: عبد الجبار ناجي، (ط الأميرة – بيروت 2009م ) . 200م).

47 - الأميني، عبد الحسين أحمد، ( ت 1390 ه- / 1970م).

48 - الغدير في الكتاب والسنة والأدب (ط) الرابعة - دار الكتاب العربي - بيروت 1977م).

49 - الحكيم، حسن عيسي، (معاصر ). المستشرقون ودراساتهم للسيرة النبوية، (ط القضاء - النجف الاشرف (1986م.

50 - نقره ، التهامي نقره، (معاصر ) .

ص: 143

مناهج المستشرقين، (ط) التربية العربي لدول الخليج - 1985م).

51 - دانتي، الجيري دانتي ( ت 721 ه- / 1321م ) . الكوميديا الإلهية، ترجمة: حسن عثمان ، ط دار المعارف - مصر 1955م ) .

52 - ايرفنج، واشنطن ايرفنج. محمد وخلفاؤه، ترجمة: د. هاني يحيى (ط) المركز الثقافي العربي - بيروت 1999م).

53- مراد، الدكتور يحيى مراد (معاصر) . معجم أسماء المستشرقين، (ط) الاولى - دار الكتب العلمية - بيروت 2004م ) .

54 - سورديل، دومينيك سورديل الإسلام في القرون الوسطى ترجمة علي المقلد، ط دار التنوير بيروت 2007م).

55- دومينيك و جانين سورديل الحضارة الإسلامية في عصرها الذهبي، (ط - بيروت - لبنان ).

56 - إلياد ميرسيا الياد تاريخ المعتقدات والأفكار الدينية، ترجمة: عبد الهادي عباس، ط دار دمشق دمشق – 1987 م ).

57 - الرازي، محمد بن ادريس الرازي، ( ت 327ه- / 939م ). تفسير الرازي، تحقيق: أسعد محمد الطيب ، ( ط صيدا - المكتبة العصرية ) .

ص: 144

58 - سيديو، ل . أ. تاريخ العرب العام، ترجمة: عادل زعيتر ) دار احياء الكتب العربية - القاهرة 1948م).

59 - جيوم الفريد جيوم. الإسلام، ترجمة: محمد(صلي الله عليه و آله) مصطفى (ط القاهرة - 1985م ) .

60 - جياد، حاتم كريم جياد (معاصر). الامام علي(عليه السلام) في كتابات المستشرقين، (ط) الإولى - دار الضياء - النجف الاشرف 2011م).

61 - الدار قطني، أبي الحسن علي بن عمر بن أحمد، (ت 385ه- / 995م ) . علل الحديث، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله السلفي، (ط الأولى – دار طيبة - الرياض 1405ه- ) .

62 - الأميني، عبد الحسين بن أحمد التبريزي، (1390ه- / 1970م). ثمرات الأسفار إلى الأقطار، تحقيق: مركز الأمير لإحياء التراث الإسلامي، (ط) الاولى - ايران 2008م ).

63 - بدوي، عبد الرحمن بدوي بدوي محمود، ت1423ه- / 2002م). موسوعة المستشرقين، (ط) الاولى - دار العلم للملايين - بيروت 1984م ) .

64 - رونلدسون، دوايت . م . رونلدسون. عقيدة الشيعة، ترجمة: ع . م ، (ط مؤسسة المفيد - بيروت 1990 م ) .

ص: 145

65 - المزي، أبي الحجاج يوسف المربي، (ت 742ه- / 1342م). تهذيب الكمال تحقيق د. بشار عواد معروف (ط) الثالثة - مؤسسة الرسالة - بيروت 1988 م ).

66 - النسائي، أحمد بن شعيب بن علي، (ت303ه- / 916م ). سنن النسائي (ط) الاولى - دار الفكر - بيروت 1930م ).

67- الحموي، أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله البغدادي، (ت626ه-/ 1229م). معجم البلدان، (ط دار احياء التراث العربي – بيروت 1979م ).

68 - جماعة من المستشرقين. دائرة المعارف الإسلامية ترجمة: أحمد الشنيناوي وابراهيم زكي خورشيد وعبد الحميد يونس وحافظ جلال (ط) بوذرجمهري – طهران 1933م).

69 - ابن منظور، جمال الدين محمد بن مکرم، ت711ه- / 1312م). لسان العرب، (ط قم - محرم 1405 ه- ) .

70- حتي، فيليب حتي. تاريخ العرب ترجمة ادوارد جرجي وجبرائيل جبور، (ط لبنان - 1974 ) .

71 - الشهرستاني أبي الفتح محمد بن عبد الكريم ، (ت 548ه- / 1153م). الملل والنحل تحقيق محمد سيد كيلاني، ط دار المعرفة - بيروت ) .

72 - الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد، (ت 450 ه- / 1058م).

ص: 146

الاحكام السلطانية، (ط) الاولى - مصطفى البابي الحلبي – مصر 1380ه- ).

73- ابن خلدون، عبد الرحمن المغربي، (ت 808 ه- / 1405م). مقدمة ابن خلدون (ط) دار الكتاب - بيروت 1960م).

74 - العلوي، محمد بن عقيل بن عبد الله ، ت 1350 ه- / 1931). النصائح الكافية (ط) الحيدرية - النجف الاشرف 1386ه-).

75 - نتنج ، انتوني نتنج ، ( ) العرب انتصاراتهم وامجاد الإسلام، ترجمة: راشد البراوي، (ط مكتبة الانجلو المصرية - القاهرة 1974م).

76 - الاربلي، علي بن عيسى بن أبي الفتح، (ت693 ه- / 1294م). كشف الغمة ، ( ط دار الاضواء - بيروت ).

77 - فضل الله محمد جواد (معاصر). صلح الامام الحسن(عليه السلام) اسبابه ونتائجه، ط دار المثقف المسلم، قم - د . ت ) .

78 - ،کونسلمان جرهارد کونسلمان (معاصر) سطوع نجم الشيعة، ترجمة: محمد أبو رحمة (ط) الاولى – مكتبة مدبولي – القاهرة

(1992م).

79 - الكليني، أبي جعفر محمد بن يعقوب، (ت329ه- / 941م ). الكافي، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري (ط) الخامسة - حيدري - طهران 1363ه-).

ص: 147

80 - القمي، عباس القمي، (ت 1359 ه- / 1940م). الكنى والالقاب، تقديم: محمد هادي الأميني، ط مكتبة الصدر – طهران ).

81 - المسعودي، أبي الحسن علي بن الحسين (ت346ه- / 957م ). التنبيه والاشراف (ط) دار صعب - بيروت - لبنان ).

82 - ،بروکلمان، کارل بروکلمان تاريخ الشعوب العربية العرب والامبراطورية العربية)، ترجمة: د. نبيه أمين فارس و منير البعلبكي (ط) الثانية - دار العلم للملايين – بيروت 1953م).

83 - الطقطقي، محمد بن علي ابن طباطبا، (ت 709ه- - 1309 م ) . الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية راجعه ونقحه محمد عوض

ابراهيم بك وعلي الجارم بك، (ط المعارف - مصر 1938 م ).

84- ماسيه، هنري ماسيه. الإسلام، علق عليه وقدم له د. مصطفى الرافعي و الشيخ محمد جواد مغنية، (ط الاولى - 1960م).

85 - ستشيجفسكا، بوجينا غايانة ستشيجفسكا . تاريخ الدولة الإسلامية وتشريعها، ط الاولى – التجارية – بيروت 1966م ).

ص: 148

86 - الجاحظ، عمرو بن بحر بن محبوب، (ت 255 ه- / 869م ). رسالة في بني أمية، مصحح: محمود عرنوس، ط الابراهيمية – مصر 1937م ).

87 - فلهوزن، يوليوس فلهوزن ( ت 1336 ه- / 1918م). تاريخ الدولة العربية من ظهور الإسلام إلى نهاية الدولة الاموية، ترجمة: د. محمد عبد الهادي أبوريده و د. حسين مؤنس، (ط القاهرة – 1958م ).

88- فلهوزن، يوليوس فلهوزن ، ت 1336 ه- / 1918م). الخوارج والشيعة، ترجمة: عبد الرحمن بدوي، (ط النهضة - مصر 1958م ) .

89 - الخوئي، أبو القاسم ، أبو القاسم الموسوي، (ت1411ه- / 1991م). معجم رجال الحديث، (ط) الخامسة - 1992 م ) .

90 - الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان، (ت748ه- / 1374م). سير أعلام النبلاء، تحقيق: محمد نعيم العرقسوسي و مأمون صاغرجي، (ط

التاسعة - دار الرسالة - بيروت 1993م).

91 - بيترسن، أيلر لنغ ليدوك بيترسن (معاصر). علي(عليه السلام)ومعاوية في الرواية العربية المبكرة، ترجمة: عبد الجبار ناجي (ط) الاميرة ، بيروت 2009 م ).

92 - الطهراني ، اغا بزرك محسن بن علي (ت 1389 ه- / 1970م). الذريعة ، (ط) دار الأضواء - بيروت - لبنان ) .

ص: 149

93 - عبد السادة والحساني، رسول كاظم وكريم جهاد، (معاصرين). موسوعة شعراء الغدير ، (ط) الاولى - التعارف 2010 م).

94 - جماعة. الموسوعة العربية الميسرة ، (ط) الدار القومية - مصر - 1965م).

95 - حمدان الدكتور عبد الحميد صالح حمدان، (معاصر)، طبقات المستشرقين، (ط) مصر - مكتبة مدبولي ).

96 - العقيقي، نجيب العقيقي، (معاصر). المستشرقون، (ط) الخامسة - دار المعارف - القاهرة 2006م).

97 - ال عيال مصطفى ال عيال (معاصر). دانتي، مجموعة أقرأ ، ط دار المعارف - مصر 1956م ) .

98 - شرف الدين عبد الحسين شرف الدين العاملي (ت 1377 ه- / 1957م). صلح الحسن(علیه السلام)( ط بيروت - لبنان ) .

99 - العلوي، محمد بن عقيل الحسيني (ت 1350 ه- / 1923م). النصائح الكافية لمن يتولى معاوية، (ط) الحيدرية - النجف الاشرف 1966م).

المصادر الأجنبية:

1 - دائرة المعارف الامريكية

2- Hastinjs, james, Encyclopedia of Religion and Ethics.

3 - Sir William Muir, Muhomwt and Islam, The Religious Tract Society

ص: 150

4 - Edward. Browne, Enchycloedia of religion and Ethics, vol, IIP. 299

5 - Leonard Binder, The Ideolocical Revolution in the middle east. -De- partment of political science university of chiicago. p.32.

6 - N, Soderblorn, Encyclopaedia of religion, and Ethics, vol, Vii,p 183 7

7-8- Wollaston,o.p.t.p.

المجلات والدوريات :

1 - الصباح، رشا حمود، (معاصر ) . التصورات الأوربية للإسلام في العصور الوسطى وتأثيرها في الكوميديا الإلهية، مجلة عالم المعرفة، م 11، ع3، (ط 1980م).

الانترنيت:

1 - موقع weke medea ، الموسوعة الحره 2011م.

ص: 151

ص: 152

المحتويات

الإهداء ...7

مقدمة ...9

الفصل الأول

بين يَدَي الامام الحسن(عليه السلام) ...15

المبحث الأول: في البيت المحمدي(صلى الله عليه و أله وسلم)...15

النسب الوضاح: ...16

الولادة الميمونة: ... 16

ألقابه : ...17

أخلاقه وعبادته : ...17

الملامح والعبقرية ...18

زوجاته ...20

أولاده: ...22

وريث الخلافة الوحيد: ...23

الإمام يُحذر الشيعة: ...25

تولّي القيادة السياسية والشرعية: ...26

المبحث الثاني: الصلح العلوي(عليه السلام) الأموي في التاريخ الإسلامي ...27

الحرب الباردة بين الطرفين: ...27

ص: 153

الإمام يدعو إلى السلم: ...31

التوجه نحو الحرب: ...31

معاوية ودور الترغيب والترهيب: ...33

اغراء القبائل ... ونشر الذعر : ...35

تفكك جيش الإمام: الصلح أسبابه ودواعيه ...36

أسباب الصلح ...39

صلح الحسن(علیه السلام)في فكر المستشرقين ...40

بنود الصلح ...41

نقض معاوية عهود الصلح ...42

الفصل الثاني

الصلح في المنظومة الاستشراقية - سبابه... ونتائجه ...45

الأقلام الاستشراقية لماذا تكتب؟ ...47

المبحث الأول: المناهج الاستشراقية لسيرة أهل البيت (عليهم السلام)...51

المناهج المعتدلة : ...55

الاستخلاف لآل علي(عليه السلام)في الحكم: ...61

المبحث الثاني: موقف المستشرقين من الامام الحسن(عليه السلام) ...63

الفصل الثالث

الصلحُ وآراء المستشرقين ...71

المبحث الأول: دوائر المعارف الاستشراقية ...73

أولاً : دائرة المعارف الإسلامية: ...75

ثانيا : دائرة المعارف الامريكية: ...83

ص: 154

الأصل من غلاف دائرة المعارف الامريكية ...85

الأصل من صفحة الدائرة الخاصة بالامام الحسن(عليه السلام) ...86

ثالثاً : دائرة المعارف البريطانية: ...87

الأصل من غلاف دائرة المعارف البريطانية ...90

الأصل من صفحة الدائرة الخاصة بالامام الحسن(عليه السلام) ...91

المبحث الثاني: آراء مؤرخي المستشرقين بين الدراسة والتحليل ...93

1 - فيليب حتي : ...94

2 - انطوني ناتنج: ...100

-3 شتور :ثمان ...106

4 - جرهارد کونسلمان ...106

ه - دوايت .م. رونلدسن: ...110

6 - کارل بروکلمان ...116

7- هنري ماسيه ...118

- بوجينا غايانة ستشيجفسكا : ...120

9 - هنري لامنس: ...122

10 - يوليوس فلهوزن ...123

الخاتمة ...133

المصادر ...137

ص: 155

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.