مجالي اللطف بأرض الطف

هویة الکتاب

مَجَالِي اللُطْف بأَرْضِ الطَّفِّ

نَظْمُ

العلّامة الشَّيخِ محمّد بنِ طَاهِرِ السَّمَاوِيَ

المتوفّى سَنَة 1370ه

شَرحُ

عَلَاءِ عَبدِ النَّبِي الزُبَيْدِي

رَاجَعَهُ وَضَبَطَهُ وَقَدَّمَ لَهُ

وِحْدَةُ تَحْقِيْقِ

مَكْتَبَةِ العَتَبَةِ العَبَّاسیَّةِ المقدّسة

العَتَبَةِ العَبَّاسیَّةِ المقدّسة

قسم الشؤون الفكرية والثقافية / شعبة المكتبة

كربلاء المقدّسة/ ص.ب. (233) / هاتف: 322600، داخلي: 251

www.alkafeel.net

library@yahoo.comabbas

DS / السماوي، محمّد بن طاهر، 1292 - 1370ق.

79/9 مجالي اللطف بأرض الطف / تأليف محمّد بن طاهر السماوي؛ شرح علاء عبد النبي الزبيدي؛ راجعه وضبطه قدّم له وحدة التحقيق في مكتبة و دار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة. - كربلاء: مكتبة العتبة العباسية المقدّسة، 1432 ق. = 2011 م.

ص: 1

اشارة

العَتَبَةِ العَبَّاسیَّةِ المقدّسة

قسم الشؤون الفكرية والثقافية / شعبة المكتبة

كربلاء المقدّسة/ ص.ب. (233) / هاتف: 322600، داخلي: 251

www.alkafeel.net

library@yahoo.comabbas

DS / السماوي، محمّد بن طاهر، 1292 - 1370ق.

79/9 مجالي اللطف بأرض الطف / تأليف محمّد بن طاهر السماوي؛ شرح علاء عبد النبي الزبيدي؛ راجعه وضبطه قدّم له وحدة التحقيق في مكتبة و دار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة. - كربلاء: مكتبة العتبة العباسية المقدّسة، 1432 ق. = 2011 م.

4ك /

4024س

690 ص. – (مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة ؛ 13 ).

للكتاب عنوان آخر: نوال اللطف في تاريخ الطف.

المصادر : ص. [661] - 676 ؛ و كذلك في الحاشية.

1. السماوي، محمّد بن طاهر، 1292 - 1370ق. مجالي اللطف بأرض الطف - نقد و تفسير. 2. كربلاء - تأريخ – شعر. 3. أرجوزة في تأريخ كربلاء 4. واقعة الطف، 61 ق. - شعر 50. الحسين بن علي (ع)، الإمام الثالث 4 - 61 ق. - كرامات – شعر. 6. كربلاء – السيرة. 7. السماوي، محمّد بن طاهر، 1292-1370ق. نقد و تفسير. ألف. الزبيدي، علاء عبد النبي، شارح. ب. وحدة التحقيق في مكتبة و دار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة.ج. عنوان. د. عنوان: نوال اللطف في تأريخ الطف.

تصنيف وحدة الفهرسة حسب النظام العالمي (.L.C.C) في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة

الكتاب: مجالي اللطف بأرض الطف.

شرح: علاء عبد النبي الزبيدي.

راجعه وضبطه وقدّم له: وحدة التحقيق في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة.

الناشر: مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة.

الإخراج الطباعي والتصميم: محسن الجابري.

المدقق اللغوي: علي حبيب العيداني.

المطبعة: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات / كربلاء المقدّسة – العراق / بيروت - لبنان.

الطبعة الأولى.

عدد النسخ: 2000 نسخة.

التاريخ : 13 جمادى الأولى 1432ه- 17 نیسان 2011م.

ص: 2

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 3

ص: 4

صورة

إذا غفَرَ اللّه لِي زَلَّتِي***فيا سعْدَ صورتِيَ المُسْفِرَة

وإلا فتِلْكَ لِتِذْكَارِ مَنْ***دَعَا لي إلهي بالمَغْفِرَةً

(السماوي)

ص: 5

ص: 6

كلمة إدارة المكتبة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

مجالى اللطف بأرض الطف.

هذا الكتاب، شرحٌ لرائعة العلّامة، والمؤرّخ، والشاعر الجليل، الشيخ محمّد بن طاهر السماوي (رَحمهُ اللّه).

سطّر في ثناياها النافعَ والمهمّ فيما يخصّ تاريخ مدينة كربلاء، وعمارة المشاهد المطهّرة، وترجمة لبعض البيوتات المقيمة فيها، وبعضٍ ممّن وفدوا إليها.. والكثير من المعلومات التأريخية.

حتّى إنّ القارئ للأُرجوزة لا يملك إلّا أن يقف مأخوذاً ومنبهراً ببيان الشاعر، ومَلَكَتِه، وأُسلوبه في تخيّر الألفاظ التي بَدت منسابة مِطواعة، من جهة.

ومعجباً من كم المعلومات وتنوّع الموضوعات التي صاغها ببراعةٍ ودقةٍ، من جهة أُخرى بما يمكن أن يُعدّ وثيقة تاريخية مهمّة لهذه المدينة العظيمة.. .

على أنّ من دواعى الأمانة، القول إن هذه الأُرجوزة ليست وحيدة الشاعر العلّامة، ولا فريدة عطائه.. بل إنّ قريحة السماويّ –كما سيأتي في باب مؤلّفاته – جادت بفيوضات من التصانيف التي أرّخ فيها للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و الأئمّة الأطهار (عَلَيهِم السَّلَامُ)، كما أرّخ لعدد من المدن والحوادث، والأفراد، وبذات النَّفَس الشعري الصادح... ما يُشعر القارئ والمتصفّح بالفخر والاعتزاز بما يحويه تراث أُمّتنا من آيات

ص: 7

إلهية، تجسّدت في شخوص لَمْلَمت الحقائق وجذاذات التاريخ، وصاغتها بأرقى أساليب الكلام، وأعذبها، ووشّحتها بخالص النيات.

ما يُحمّلنا مسؤولية الكشف عنها، وتوجيه الأنظار إليها، فهي حقّاً الكنوز لمن يُقدِّر حقّ ثمنها.. .

والحمد للّه وليّ الحمد ومنه التوفيق وصلّى اللّه على النبي محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

إدارة مكتبة ودار

مخطوطات العتبة العبّاسية المقدّسة

ص: 8

توطئة

الحمد للّه رب العالمين، وأستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه توبة عبد خاضع مسكين مستكين لا يستطيع لنفسه صرفاً ولا عدلاً، ولا نفعاً ولا ضراً، ولا حياةً ولا موتاً ولا نشوراً، وصلى اللّه على نبينا محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وعترته الطيبين الطاهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ) الأخيار الأبرار، وسلم تسليماً، وبعد....

فإنه لمّا كان وما يزال لمدينة كربلاء دورها الكبير والعظيم في الحضارة والثورة والفداء، والتي يُستمد من نورها وسيرها التاريخي الكثير من دروس التضحية والتفاني والإيثار والعبر لكل أحرار العالم، ولما شاع ذكرها في أرجاء المعمورة، تتجه اليوم مجتمعات العالم لمعرفة تاريخ هذه المدينة المتفاعل اسمها دوماً مع مكنونات الوجدان الإسلامي، وما يزال المجتمع العراقي يرنو إلى معرفة تاريخ كربلاء أكثر من غيره من المجتمعات الأُخرى، لمَا لها من موقع عزيز في نفوسهم بحكم كونها مدينة عراقية، وقبل ذلك كانت تعيش في وجدانهم وضمائرهم، وقد عُجنت في طينتهم واختُلطت بدمائهم وجرت في عروقهم. إلا أنها مع ذلك بحاجة إلى مزيد من الاستقصاء للوقوف على أسرار خلودها، فرغم صدور المؤلّفات الكثيرة عن كربلاء، لكن النفوس تبقى عطشى لمعرفة المزيد والمزيد عن كربلاء الخلود كربلاء الثورة، كربلاء المأساة....

فبرز من اهتم بتسليط الأضواء الساطعة على ماضيها وحاضرها ليمكن معرفته

ص: 9

أو الوصول إليه عبر حقب تاريخها، فقد أضحت كربلاء ذاكرة صالحة لكل عصر، فاسمها يكفي لتحريك الضمائر الحرة نحو الجهاد والثورة ضد الظالمين.

ومن ثوابت التاريخ التي جادت بها مدينة كربلاء أنها كانت مصدراً لبث الوعي الحقيقي بين جنبات النفوس ومركز إشعاع لرفعة معنويات الأمة، فكانت حاثّة لمناجاتها من قبل الكُتّاب والشعراء والأدباء، وقد استأثرت باهتمامهم، فكتبوا ما أجادت به قرائحهم كتابةً ونظماً ونثراً وشعراً، نصوص أصبحت إشعاعاً يسطع في نفوس أحرار العالم ومحبي آل البيت وستبقى خالدة خلود ذكرى معركة كربلاء.

وكان ممن كتب وتميّز أسلوباً وشمولاً في تاريخها العريق، وحوادثها الجسام، ومراحل إعمارها، وتراجم شخصياتها وعشائرها وساكنيها، وممن ولّى وجهه شطرها عشقاً، ورعاية على مر الدهور في ذلك نظماً، وأجاد وأوفى هو العالم النحرير الشيخ محمّد بن طاهر السماوي (رَحمهُ اللّه) الشاعر والأديب العراقي، فقد كتب (رَحمهُ اللّه) أرجوزته الشهيرة هذه المسماة ب(مجالي اللطف بأرض الطف) في تاريخ كربلاء، التي هي واحدة من أربع أراجيز، تضمّنت إضافة إليها أراجيز لكل من: مدينة النجف الأشرف، ومدينة الكاظمية، ومدينة سامراء، كلها مطبوعة في مجلد واحد طبع في سنة ( 1360 ه)، وقد ابتدأنا بتاريخ كربلاء؛ نظراً للاهتمام الخاص والجاد الذي أولته مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة، إذ إنّ من أهم مهامها العناية بتاريخ هذه المدينة المقدّسة العزيزة على نفوس المؤمنين في جميع أنحاء العالم.

ومن المؤسف له أنّ هذا الكتاب، وعلى الرغم من أنّ الكثير من المصادر التي

ص: 10

كتبت عن كربلاء ومأساتها - في هذا القرن والقرن الماضي - قد ذكرته وأشارت إليه واستمدت منه بعض الحوادث التى كان هو مصدرها، كأن يكون عاصرها مثلاً، أو حوادث تاريخية اعتمدها هو من مصادر لم تقع بين أيدي من جاء بعده ليؤرخ لكربلاء، مع ذلك فقد ظل في طي النسيان بطبعته الأولى، ولم تمتد يد لطبعه أو شرحه مع أهميته، ولم يكن ذلك إلا لانحسار الاهتمام به في حقبة من الحقب بسبب ظروف قاهرة أبعدته عن أيدي القرّاء على اعتبار أنّ تلك الحقبة كانت عصيبة؛ بسبب ظروف قمعية مارستها أنظمة تتابعت على حكم العراق لم يكن من أولوياتها نشر الثقافة والأدب، لا بل عمدت لطمس كل ما يمت بصلة إلى أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وتراثهم.

مع تغيّر الظروف السياسية في العراق وما أنتجته من فرص مناسبة جداً من حرية الاعتقاد وإقامة الشعائر الدينية لكل أطياف الشعب العراقي، فقد فُتحت المكتبات العريقة التي تعج بها مدينة النجف وكربلاء وغيرها من المدن أمام روادها، فنهلوا من فيض علومها، وغاصوا في بحار أنوارها، فلمست أيديهم جواهر ولآلئ ثمينة حُجبت عن أعينهم دهوراً، وحرمتهم أيدي الظالمين من فيضها، فشمّروا عن سواعدهم وبذلوا جهوداً كبيرة لعرضها ونشرها لتصل إلى أيدي المؤمنين.

وكان ممن وفقهم اللّه تعالى لذلك الإخوة الأعزاء في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة، الذين بذلوا ويبذلون ما أمكنهم من جهود من أجل ذلك.

ومن هذا رأيت أن أقدم آيات الشكر والثناء لكل من: سماحة السيد ليث

ص: 11

الموسوي - رعاه اللّه – رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية، الذي أولاني ثقته وحباني مسؤولية شرح وتوثيق هذه الأرجوزة المباركة، وسماحة السيد نور الدين الموسوي - رعاه اللّه - مدير المكتبة، وأخي وعزيزي المحقق البارع أحمد علي مجيد الحلي الذي قدّمني للإخوة المسؤولين في المكتبة، واختار نيل حسن ظنه وثقته بي للتشرف في العمل على هذا الكتاب مع توجيهاته القيمة.

ولا يسعني إلا أن أشكر الإخوة العاملين في وحدة التحقيق من المكتبة؛ لجهودهم الكبيرة في تدقيق وضبط وإخراج هذا الكتاب ليرى النور، وليكون في حُلّته هذه بأيدي قرّائنا الكرام، وهم كلاً من الاخو:ة الأستاذ علي حبيب العيداني، عدي فاضل الأسدي، علي كاظم خضير، السيد ميثم مهدي الخطيب، محمّد محمّد حسن الوكيل الذين بذلوا جهوداً مباركة وقدموا لكتابنا هذا بترجمة وافية في أحوال الناظم (رَحمهُ اللّه)، فلا يسعني إلا أن أشكرهم عليها جزيل الشكر، وأن ينعم اللّه عليهم بالتوفيق والسلامة في الدنيا والآخرة.

وختاماً أود أن أشير إلى أني لا أدّعي أبداً كمال هذا المجهود، مع ما تجشمته من أعباء ثقيلة لم تكن في مخيلتي عندما بدأت العمل به، من ذلك ما عانيته في تحضير المصادر التي لم يكن أكثرها في متناول اليد، فبذلت كل جهدي في الحصول عليها، لذا ألتمس من الإخوة الباحثين والقرّاء الأعزاء العذر على ما فاتني من الموارد التي قد يلتفتوا إليها، راجياً مدّي بملاحظاتهم لأجل استدراك ما فاتني في طبعة أخرى إن شاء اللّه تعالى، داعياً الباري (عزّوجلّ) أن يتقبل مني ويتجاوز عن تقصيري، وأن تشملني دعوة صاحب الأرجوزة المباركة:

ص: 12

فَرِحِمَ اللّهُ امْرَءاً رَوَاهَا***أَوِ اسْتَفَادَ الشَيْء مِنْ فَحْوَاهَا

وَسَأَلَ اللّه القَبُوَل لِلعَمَلْ***وَالصَّفْحَ عَنْ جُرْمِي وَتَبْلِيْغَ الأَمَلْ

رحمنا اللّه تعالى وإيَّاه، وأظلنا يوم لا ظل إلا ظله، بشفاعة النبي وآله (عَلَيهِم السَّلَامُ).

والحمد للّه أولاً وآخراً، وصلى اللّه على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وآله الطيبين الطاهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ).

علاء عبد النبي الزبيدي

النجف الأشرف

15 شهر رمضان سنة 1431 ه

يوم ولادة الإمام الزكي الحسن المجتبى (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 13

ص: 14

المؤلّف في سطور

إشارة:

المؤلّف في سطور (1)

نسبه ونسبته :

«هو الشيخ محمّد بن طاهر بن حبيب بن حسین بن محسن بن ترکي الفضلي الشهير ب(السماوي)». (2)

قال السيد عبد الستار الحسني (دامت توفيقاته)«... و(الفضلي) - كما ذكروا - نسبة إلى آل فضل أحلاف المنتفق، وقد زعم بعضهم أنه تركي العنصر، كما جاء في (شعراء الغري: 475/10)، وسمعت ذلك أيضاً من سيدنا المجتهد الكبير السيد هبة الدين الشهرستاني (قدّس سِرُّه)، لكن الذي استظهره بعض المحققين أن هذا الزعم لا صحة له، وإنما جاء هذا الاشتباه من كون اسم جده الرابع (تركياً) فقيل لرهطه: (آل تركى) وهو استظهار وجيه، وكيف كان الأمر فالمرء بفضيلته لا بفصيلته:

كُنْ ابْنَ مَنْ شَنْتَ وَاتَّخذ أَدَبَا***يُغنيك مَحمُودُهُ عَن النَّسَب

إِنَّ الفَتَى مَنْ يَقُولُ: هَا أَنَا ذَا***لَيْسَ الفَتَى مَنْ يَقُولُ كَانَ أَبِي

وقد جاء عند ذكر كتابه (غنية الطلاب) من (الذريعة: 67/16) وكتابه (المُلمّة في تواريخ الأئمّة) من (الذريعة : 220/22) تلقيبه ب(العقيلي) السماوي. والظاهر أن ذلك

ص: 15


1- أخذنا ترجمة المؤلّف من النصوص الواردة في كتب التراجم.
2- شعراء الغري: 475/10.

تحريف (الفضلي) أو هو من سبق القلم وسهو الخاطر الذي لا يخلو منه إنسان.

والسماوي نسبة إلى السماوة وهي من مدن الفرات الأوسط، تقع بين الديوانية (القادسية) والناصرية ذي قار ) وتُسمّى اليوم (محافظة المثنى)، وهي غير (السماوة) القديمة المذكورة في كتب البلدان، وفي (معجم البلدان) و (المجمل) لابن فارس: سماوة كل شيء: شخصه. وقال أبو المنذر: إنما سُمّيت السماوة؛ لأنها أرض مستوية لا حجر بها، والسماوة: ماء بالبادية.

ويُنسب إليها جماعة من أهل العلم والأدب: كالشيخ أحمد آل عبد الرسول السماوي، وولده الشيخ عبد الحميد السماوي، وولده الشيخ أحمد، والشهيد السعيد الشيخ مهدي السماوي، وصديقنا العلّامة الأديب الشيخ سعد السماوي، وغيرهم». (1)

نبذة في أحوال والده :

قال السيّد جواد شبر (رَحمهُ اللّه) : كان والده الشيخ طاهر السماوي عالماً فاضلاً». (2)

ترجمه الشيخ الطهراني (رَحمهُ اللّه) في (الطبقات)، قائلاً: «هو الشيخ طاهر بن حبيب بن الحسين بن محسن الفضلي السماوي، عالم فاضل. هو والد العلّامة الشيخ محمّد السماوي المتوفّى سنة (1370) ه)، وقد حدّثني أنه هاجر به إلى النجف

ص: 16


1- مقدمة كتاب (شجرة الرياض في مدح النبي الفيّاض) : 357-358، المطبوع ضمن مجلة علوم الحديث العدد 20.
2- أدب الطف: 20/10.

في سنة (1304ه) وكان يثني على فضله. وقال: إنه كان يحضر أبحاث الأساتذة في النجف إلى أن تُوفي في حدود سنة (1320ه) وكان له أخَوان: عبد النبي، وصالح وبعض أولادهم موجود في السماوة والنجف». (1)

قال السيد عبد الستار الحسني (دامت توفيقاته): «ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أن العلّامة الكبير المحقق السيد محمّداً الصادق آل بحر العلوم طاب ثراه - وهو تلميذ السماوي وأخصّ أصحابه - ذكر في ترجمة السماوي المختصرة التي قدّم بها (الكواكب السماوية) المطبوع سنة (1360ه): أن وفاة الشيخ طاهر السماوي - المذكور - كانت في سنة (1312ه)، وليست في حدود سنة (1320ه) كما ذكر الإمام الطهراني.

وأرجح القولين قول (الصادق)؛ لأن (الكواكب...) طُبع في حياة الشيخ السماوي، ولم يُشر إلى أن التاريخ المذكور - وهو سنة 1312ه - خطأ في (جدول الخطأ والصواب) الملحق بآخر الكتاب.

وأمّا ما ذكره الإمام الطهراني من كون وفاة الشيخ (الطاهر) في نحو سنة (1320ه) فقد يكون من سهو الخاطر... واللّه تعالى أعلم.

وما جاء في (شعراء الغري: 475/10) وفي أدب الطف: 20/10)، من كون وفاة أبيه بعد عشر سنين من ولادته غير صحيح، بل كان عمره عند وفاة والده في نحو العشرين.

ص: 17


1- نقباء البشر: 970/3.

وقد جاء تلقيب جده الأول - حبيب - ب(الشيخ) في ترجمة السماوي المكتوبة في حياته في مقدمة (الكواكب)، كما ورد باسم (الشيخ حبيب) في مواضع من (الذريعة)، منها ما جاء في الكلام على (ديوان السماوي) (الذريعة: 469/9)، و(غنية الطلاب) (الذريعة: (67/16)، و (ملتقطات الصحو) (الذريعة : 196/22)، و (الملمّة في تواریخ الأئمّة) و(الكواكب السماوية) (الذريعة: 180/18)، وهذا يدل على أنه كان من أهل العلم أيضاً، لكنني لم أقف له على ترجمة؛ وقد يكون ذلك بسبب أنه لم يترك آثاراً ومصنفات تلفت أنظار الباحثين إليه». (1)

ولادته ونشأته وأسفاره :

«وُلد في السماوة في السابع والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة (1292ه)، كما جاء في ترجمته الموجزة المكتوبة في حياته في مقدمة (الكواكب السماوية) المطبوع سنة (1360ه)، وفي (أدب الطف)، وفي (شعراء الغري)، وفي (معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام)، وفي (الإجازة الجلالية) للعلّامة الكبير محمّد صادق آل بحر العلوم المنشورة في مجلة (علوم الحديث) العدد الرابع عشر سنة (1424ه)، وفي (الذريعة) عند الكلام على (ديوان السماوي) (469/9)، و (الجيد السري) (304/5)، و(تخميس الكرارية )(12/4)، و (ثمرة الشجرة) (15/5)، و(وشائح السرّاء) (93/25)، و(مكتبة السماوي) - الملحق - بقلم علي نقي المنزوي نجل صاحب الذريعة (4002/6)، وهذا هو الصحيح والمعوّل عليه.

ص: 18


1- (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق): ط علوم الحديث ع 20 / ص 360 - 361.

لكن ورد في ترجمته من (نقباء البشر ) (1) - المخطوط - أنه وُلد في سنة (1294ه)، كما ورد هذا التاريخ (1294ه) في (الذريعة: 255/3) عند ذكر (تاريخ سامراء)، وعند ذكر (أرجوزة في تاريخ المعصومين) (466/1)، وفي (130/24) عند ذكر (نزهة النوادي)، وفي (353/15) عند ذكر (عنوان الشرف).

كما ورد في (288/11) من الذريعة عند ذكر (روضة الأمان): أن ولادته في سنة (1293ه)، وجاء هذا التاريخ (1293ه) لولادته في (الأعلام) للزركلي (173/6)، وفي (الأدب العصري) لرفائيل بطي ص 151، وكل ذلك خطأ.

ومن المؤكد - بناءً على نبوغه المبكر - أنه أتقن القراءة والكتابة وشدا طرفاً من المبادئ في مسقط رأسه (السماوة)، كما كان لأبيه - العالم الفاضل - الأثر الكبير في توجيهه الوجهة العلمية الصحيحة، وصقل مواهبه، إذ مكث في السماوة عشر سنين مع والديه، ثم هاجر به أبوه إلى النجف الأشرف (2)؛ للترقي والاستزادة من العلوم والمعارف الدينية وبقي فيها ما يقرب من شهر، ثم مرض وبعد بُرئه عاد إلى السماوة وبقي سنة كاملة، ثم آب إلى النجف الأشرف سنة (1304ه)». (3)

ص: 19


1- حديثه عنه (دامت برکاته) قبل أن يُطبع، وقد طُبع أخيراً بتحقيق السيد محمّد الطباطبائي ونشر مكتبة مجلس الشورى الإسلامي، فلاحظ.
2- يبدو أن هجرته الأولى إلى النجف كانت في سنة (1303ه) كما هو المستفاد من سياق كلام مترجميه، وبعد مكوثه فيها شهراً رجع إلى السماوة وبقي فيها سنة كاملة، ثم كانت الهجرة الثانية في سنة (1304ه). (السيد عبد الستار الحسني)
3- (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق ): ط علوم الحديث ع 20 ص 361-362.

«لبث في النجف الأشرف من سنة (1304ه) إلى سنة (1312ه) بصحبة والده الذي كان من أهل العلم أيضاً، كما مرّ علي-ك. وعند وفاة والده سنة (1312ه) لم يبارح النجف بل بقي فيها إلى سنة (1322ه)، وقد يتخللها بعض الوقت الذي كان يجدد العهد فيه بزيارة مسقط رأسه - السماوة - كما هو المستفاد من قوله في ترجمة العلّامة الأديب السيد عدنان بن شبّر الغريفي من (الطليعة : 549/1)، إذ جاء فيها: (... وله منظومة... نظمها باسمي سنة إحدى عشر (كذا والصواب إحدى عشرة) بعد الألف والثلاثمئة عند نزوله عليّ في السماوة ضيفاً كريماً...). وفي سنة (1322ه) عاد إلى السماوة فبقي فيها إلى سنة (1330ه) ». (1)

المناصب التي تولّاها الشيخ (رَحمهُ اللّه) :

«وبعد عام ( 1330ه) طُلب من بغداد فعُيّن عضواً في مجلس الولاية الخاص خمس سنين، وفيها كانت الحرب العالمية الأولى فارتحل منها إلى النجف عند الاحتلال الإنكليزي. وبقي فيها إلى أن عُيّن قاضياً فبقي طيلة زمن الاحتلال وعامين من الحكم الوطني، ثمّ نُقل إلى كربلاء فبقي فيها سنتين، ونُقل إلى بغداد فبقي عشر سنوات بين القضاء والتمييز الشرعي، وأخيراً نُقل إلى النجف حس طلبه فبقي فيها سنة، واستقال على أثر سوء تفاهم وقع بينه وبين فخامة السيد محمّد الصدر أدّى إلى ذلك.

ص: 20


1- ينظر: المصدر نفسه: 367.

وقد اشتغل السماوي في الصحافة في أواخر العهد التركي حتى سقوط بغداد، كمحرّر في (جريدة الزوراء) الرسمية، وكانت تصدر باللغتين التركية والعربية فبقي فيها سنتين». (1)

وقد انتخب عضواً مراسلاً في المجمع العلمي العراقي سنة 1368ه. ولسبب استقالته المذكورة حكاية طريفة إذ كان بينه وبين السيد محمّد ابن الإمام الفقيه الحجة السيد حسن الصدر، ما قد يحصل بين الأقران من اختلاف الرأي الذي قد يُفضي - أحياناً - إلى المنافرة والمهاجرة؛ فكان ذلك سبب استقالته، واتفق أنّ هاتيك الاستقالة كانت في وقت صدور ذيل قانون (تنسيق الموظفين) غير المرغوب في بقائهم، وقد زعم بعضهم أن ذلك كان بسعي من السيد الصدر (رَحمهُ اللّه)، وفي ذلك يقول شيخ الخطباء الشيخ اليعقوبي (رَحمهُ اللّه) مداعباً الشيخ السماوي:

قُلْ للسّماوِيّ الذِي***فَلَكُ الْقَضاء به يَدُورُ

النّاسُ تَضرِبُها (الذُّيو***ل) وَأَنْتَ تَضْرِبُكَ (الصُّدُورُ)

وبعد استقالته انصرف إلى الكتابة والتصنيف.. والنسخ...». (2)

أساتذته:

أورد الشيخ الطهراني في (نقباء البشر / المجلد الخامس منه) مشايخ الناظم نقلاً عنه فقال:

ص: 21


1- شعراء الغري: 476/10.
2- (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق): ط علوم الحديث ع 20 / ص 368-369.

«قرأ الشيخ السماوي الأدبيات على الشيخ شكر البغدادي قاضي الجعفرية ومؤسس المكتب الجعفري بها.

وقرأ سطوح الفقه والأصول على السيد علي ابن السيد محمود الحسيني الأمين العاملي المتوفّى (1328ه)، وعلى الشيخ عبد الهادي ابن الحاج جواد شليلة البغدادي صاحب (لؤلؤة الميزان) المتوفّى سنة (1333ه)، وعلى الشيخ أحمد ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ عبد الرسول الحكيمي العبسي نزيل السماوة والمتوفّى سنة (1328ه)، صاحب (كشف الغوامض في الفرائض) الموجودة نسخته في مكتبة المترجَم له، وعلى الشيخ حسن الصغير الجواهري المتوفّى (1343ه) ابن الشيخ الكبير صاحب الجواهر.

وحضر بحث الخارج على الفاضل ملّا محمّد الشرابياني المتوفّى (1322ه)، وعلى الفاضل الشيخ محمّد حسن المامقاني المتوفّى (1323ه)، وعلى المولى الفقيه الحاج أغا رضا الهمذاني المتوفّى (1322ه)، وعلى العلّامة السيد محمّد بن هاشم بن شجاعت علي الهندي النجفي المتوفّى (1323ه)، واستفاد منه بعض العلوم الغريبة أيضاً، وحصلت له إجازة الرواية منه أيضاً.

وقرأ الرياضيات على الشيخ أبي المجد الرضا المدعو ب(أغا رضا الإصفهاني) المتوفّى (1362ه) أوان تشرّفه بالنجف.

[قال الشيخ أغا بزرك الطهراني]: وقد حدّثني المترجَم له نفسه بجميع ما ذكرت شفاهاً قبل نيف وعشرين سنة تقريباً أوان كونه قاضي الجعفرية». (1)

ص: 22


1- نقباء البشر في القرن الرابع عشر: 221/5-222.

ومن مشايخه الذين لم يذكرهم البحاثة الشيخ آغا بزرك الطهراني في (طبقاته)، وذكرهم السيد عبد الستار الحسني هم: العلّامة الشيخ عبد اللّه معتوق القطيفي - وقد قرأ عليه المنطق-، ذكره الشيخ الطهراني في (الذريعة: 37/26) عند ذكر (أرجوزة في الإمامة) للشيخ القطيفي المذكور، إذ قال: (قرأ عليه السماوي المنطق)، والشيخ علي ابن الشيخ باقر آل صاحب (الجواهر)، والشيخ محمد طه نجف، والشيخ فتح اللّه النمازي المعروف ب(شيخ الشريعة الإصفهاني). (1)

وذكر الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) في (الطليعة) في ترجمته للسيد الحسين بن الراضي بن الجواد بن الحسن بن أحمد الحسيني القزويني النجفي: أنه قرأ علم البيان على السيد المذكور. (2)

مَنْ أجازه مِن العلماء :

1 - الشيخ علي ابن الشيخ باقر صاحب (الجواهر) (رَحمهُ اللّه).

2- السيد محمّد الهندي (رَحمهُ اللّه).

3 - السيد حسن الصدر (رَحمهُ اللّه).

قال السيد الحسني (دامت توفيقاته): «وقد جاء في أدب الطف: 20/10): أنّ ممن أجازه بالاجتهاد الحجة السيد الحسن الصدر والشيخ علي ابن الشيخ باقر، وزاد صاحب (شعراء الغري: 476/10) السيد محمّد الهندي، وتبعهما من نقل عنهما.

ص: 23


1- ينظر: (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق ): ط علوم الحديث ع 20 / ص 363-364.
2- ينظر: الطليعة 254/1.

[وأضاف:] وأخشى أن يكون في ذلك تسامح بجعل إجازة الرواية إجازة اجتهاد؛ لأن المذكور في مقدمة (الكواكب السماوية) بمشارفة تلميذه القريب وصديقه الحميم العلّامة الكبير الحجة السيد محمّد صادق آل بحر العلوم (رَحمهُ اللّه) : «... وممن أجازه الشيخ علي ابن الشيخ باقر، والسيد محمّد الهندي، والسيد حسن صدر الدين الكاظمي».

والمتبادر منها إجازة الرواية، بل جاء النص بها صريحاً في ترجمة السماوي المذكورة في (نقباء البشر) المخطوط، حيث ذكر الشيخ الطهراني من أساتذته السيد محمّداً الهندي، وقال: «وله الرواية عن الأخير» ولو كانت معها إجازة إجتهاد لكانت أحقّ بالذكر. على أن إجازة المشايخ المذكورين للشيخ السماوي رحم اللّه الجميع بالاجتهاد غير ممتنعة في حقه؛ لما كان عليه من التضلع من الأصول والفقه، لكن الأمر على ما ترى!! وإن من كان يحضر أبحاث أولئك الأعاظم، مع قوة الاستعداد والقابلية والطموح المتناهي؛ لابد أن يحرز درجات راقية في العلوم التي استفادها من الحضور عندهم، وهكذا كان الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) في المقدمة لا السّاقة من فحول العلماء الأدباء المشاركين». (1)

عشقه للكتب واستنساخها :

قال الشيخ الطهراني (رَحمهُ اللّه) : «كان (رَحمهُ اللّه) لا يدع الاشتغال ليلاً ونهاراً، وله إلمام تام في جمع الكتب ونشرها وتكثيرها بأي نحو كان حتى أنه استنسخ لنفسه بخط يده ما يربو على مائة نسخة نفيسة عزيزة مع ابتلائه بمنصب القضاء والدخول في

ص: 24


1- (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق): ط علوم الحديث ع 20 / ص 364-366.

الدوائر من سنين، ثمّ إنه استعفى عن القضاء ولازم الاشتغال بنفسه في حدود سنة (1355ه)، وجاور مكتبته النفيسة في النجف إلى أن توفي بها...». (1)

وأضاف الشيخ (رَحمهُ اللّه) : «أنه دوّن زهاء عشرين ديواناً للشعراء الذين لم يُدوّن شعرهم قبله، وهو جمع أشعارهم من الأماكن المتباعدة، منها: ديوان السيد الحميري، وديوان الشيخ حسين نجف، وديوان الصنوبري، وديوان الشيخ البرسي، وديوان الشيخ مفلّح الصيمري، وديوان الشيخ،مغامس، وديوان أبي ذيب، وديوان الشيخ حسن قفطان، وديوان دعبل الخزاعي، وديوان ديك الجن، وديوان السيد نعمان الحلي، وديوان الشيخ شريف الكاظمي (ناظم الكرارية)، وديوان الدرمكي، وديوان العوني... إلى غير ذلك». (2)

وقال الأستاذ جعفر الخليلي: «لم يعرف التاريخ عالماً في العصور المتأخرة أحاط بالكتب القديمة وتواريخها ومواضيعها، وقيمة الكتب الأثرية ونفاستها كالشيخ محمّد السماوي، خصوصاً فيما يتعلق بالشعر والشعراء ودواوينهم، فهو في عصورنا المتأخرة كمحمّد بن إسحاق صاحب (الفهرست) في عصره، فقد كان السماوي مرجعاً فذاً في تثمين الكتب القديمة، ومظان وجودها، بل كان (فهرست) يحتاجه المؤلّفون لمعرفة بحوثهم ومواضيعها حين يريدون الإحاطة التامة بما يبحثون عنه، وقد جاءته هذه الملكة من إفناء عمره الطويل في جمع الكتب والمخطوطات بصورة خاصة، وللكتاب في نفسه منزلة ما حاكاها شيء

ص: 25


1- نقباء البشر: 222/5.
2- نقباء البشر: 224/5.

معزةً وحباً وتقديساً، ولقد روى الراوون عنه على سبيل الفكاهة قوله: إنه عمل قاضياً أكثر من ثلاثين سنة، وكان يجنّب نفسه الاتصال بغير أصدقائه الخلّص المنتقين، وكان يرفض قبول أية هدية من أي شخص، حتى وإن لم تكن له حاجة في المحكمة؛ حذراً من أن تشوب حكمه شائبة من العواطف، لقد قال: لقد حاول الكثير إغرائي بشتى الطرق فلم يفلحوا؛ لأنهم لم يكتشفوا نقطة الضعف في نفسي، ولو عرفوا قيمة الكتب عندي، ومنزلتها في نفسي، لأفسدوا لي برشوة الكتب كل أحكامي....!!». (1)

وقال فيه صاحب (أدب الطف): «وكان شديد الشغف بالاستنساخ والتأليف، كنت أسأله واستفيد منه، ودخلت عليه مرة فرأيته يكتب تفسير القرآن استنساخاً فقال لي: إني كتبت وجمعت من الدواوين الشعراء لم يُجمع شعرهم مما يربو على الخمسين شاعراً، أمّا من التفاسير فهذا التفسير السادس الذي أكتبه بخطي...». (2)

وقال الشيخ علي الخاقاني (رَحمهُ اللّه) : «وأشهر ما عُرف به – أي الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) - جمعه للكتب، فقد نمت فيه هذه الروح منذ أول عهد الشباب ونشطه على ذلك الشيخ أحمد ابن الشيخ عبد الرسول المتوفّى (1331ه)، حيث جمع مكتبة نادرة عبثت بها يد جاهلة، فقد أحرقتها الحملة البريطانية العسكرية يوم أن احتلت السماوة، ولا تزال بقية باقية منها مبعثرة عند أنجاله وأحفاده.

ص: 26


1- موسوعة العتبات المقدّسة / قسم النجف: 293/2-294.
2- أدب الطف: 22/10.

واستمر السماوي بجمع الكتب وأكثرها مما يكتبه بخطه، فقد كتب أكثر من مائتين كتاباً، وأول كتاب خطه هو (مضامير الامتحان) للسيد مهدي القزويني المتوفّى (1300ه)، واستمر يتتبع النوادر من المخطوطات، ولمّا حسُنت حاله أخذ يجمع أمّات الكتب المطبوعة والمراجع والموسوعات، حتى نالت شهرة واسعة عبرت بها الشرق، وقد كتب عنها المعنيون بالآثار أمثال جرجي زيدان في كتابه (تاريخ اللغة العربية) ». (1)

أما السيد الحسني (دامت توفيقاته) فقد قال - بعد أن ذكره بما هو أهله ونقل أقوال العلماء فيه ومدحهم إياه -: «وكل ما كان يُزنّ به ويؤخذ عليه هو حرصه الشديد على احتواء نفائس الآثار الخطية والاستثار بها، ومنع الآخرين عن الوقوف عليها، وربما زاد بعضهم قوله من أي طريق كان، وبأي وسيلة؟!

وقد نقلوا في ذلك حكايات غريبة لا يصغي ذو النصفة إلى قبولها، وإن كان ولابد فلا أقل من التوقف وإيكال البتّ بها إلى من «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُن وَمَا تُخْفي الصُّدُورُ» (2)، إذ إن ذلك من أفعال القلوب التي لا يحيط بها إلا علّام الغيوب.

[ وأضاف السيد:] وقد ربأت بنفسي عن ذكرها لما قدمت، فلا تعزنُي إلى الغفلة (3):

لَيْسَ الغَبِيُّ بِسيِّد في قَومِهِ***لكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغَابي» (4)

ص: 27


1- شعراء الغري: 477/10، وينظر: تاریخ آداب اللغة العربية: 29/4.
2- سورة غافر: آية 19.
3- وقولنا قوله دامت توفيقاته.
4- (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق)، ط علوم الحديث ع 20 / ص 370.

ثم قال السيد الحسني (دامت توفيقاته) في موضع آخر: «ومهما يكن من أمر أولئك الذين نسبوا إلى الشيخ السماوي من الحرص الشديد على عدم إيقاف أحد على نفائس محتويات مكتبته والضنّ بها على طلابها، فقد وقفت على شواهد تشير إلى أنه رحمه اللّه تعالى ما كان يبخل في إهداء بعض ما تحتويه مكتبته من الآثار الخطية، إذا ما كان ذلك الإهداء إلى أهله وفي محله، من ذلك ما ذكره الإمام الطهراني عند كلامه على كتاب (منهاج الكرامة في شرح تهذيب العلّامة) للسيد محمّد بن عطية الموسوي من (الذريعة: 173/23) إذ جاء فيها:«... نسخة الأصل عند الشيخ محمّد السماوي، وانتقل إلى حفيده (حفيد السيد محمّد بن عطية) السيد عبد الهادي الطعان النجفي بهبة من السماوي، والسماوي اشتراه من مرتضى بن محمّد ابن الميرزا محمّد علي الچهاردهي». فلاحظ كيف أن السماوي وهب هذا الأثر النفيس لأهله، مع أنه تمّلكه بالشراء الشرعي!

وجاء في (الذريعة: (108/17) أيضاً عند الكلام على (القصيدة ذات الأشباه) وشرحها للمفجع البصري - الشاعر المشهور - : «استنسخه الشيخ أحمد بن نجف علي الأميني التبريزي (والد صاحب الغدير)، وكتب عليه حواشي لنفسه، و (حواشي) للميرزا إبراهيم التبريزي، وأهداه التبريزي إلى الشيخ محمّد السماوي من تبريز إلى النجف، وقد وهبها السماوي لنا، وكتب بخطه عليه».

وجاء في (الذريعة : 299/11) أيضاً: (الروضة العبقرية في مدح الحضرة الحيدرية)، وذكر الشيخ الطهراني أنها ديوان يحتوي على (29) قصيدة بعدد الحروف في قوافيها، فكان المجموع (1351) بيتاً كتبها الناظم الشيخ محمّد السماوي بخطه، ثم قال الإمام الطهراني: «وكتب على ظهر النسخة: إهداءها لهذا الحقير (يعني نفسه)».

ص: 28

وقال العلّامة الخطيب الكبير السيد جواد آل شبّر في (أدب الطف: 22/10):«... وأذكر أن التاجر السيد حسن زيني، قال لي مرةً: يوجد ديوان جدنا السيد محمّد زيني في مكتبة الشيخ محمّد السماوي، ولعلك تستطيع شراءه لي، ولمّا أبديت ذلك للشيخ؛ قال لي: هاك الديوان، فأسرته أولى به، ولما سألته عن الثمن، قال: خذ منه ماتجود به يده». والظاهر أنه قَبِل الثمن؛ لأنه – في ذلك الوقت - كان مملِقاً، كما أشار السيد الجواد في ذيل هذه الحكاية مما لم أنقله». (1)

مكتبته :

ذكرها الشيخ الطهراني (رَحمهُ اللّه) في الذريعة فقال: «(مكتبة السماوي) مكتبة شخصية للشيخ محمّد بن طاهر السماوي المولود في (1292ه) في النجف، وهي تشتمل على ألفي مجلد مطبوع، وألف من المخطوطات، كثير منها بخط يده، وفيها كتب نفيسة». (2)

وقال العلّامة الشيخ جعفر محبوبة في ذكر مكتبة الشيخ المترجم (رَحمهُ اللّه): «خزانة جليلة فيها من النفائس المخطوطة والمطبوعة طائفة حسنة، وفيها كثير من الكتب المؤلّفة في علم الفلك والرياضيات، ومنها نسخة للمجلسي منقولة عن نسخة المصنِّف، و(شرح التذكرة) للسيد الشريف الجرجاني صاحب كتاب (التعريفات)، و(التحفة الشاهية)، و (المدخل لكوشيار) وقد كُتب سنة ( 800 ه)،

ص: 29


1- (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق)، ط علوم الحديث ع 20 / ص 375-376.
2- الذريعة 402/6.

و (شرح الجغميني) لجمال الدين التركماني وقد خُط في نحو سنة (800 ه)، و (كتاب التفهيم) للبيروني.

وفيها كثير من الدواوين الشعرية لمشاهير الشعراء المتأخرين: (كديوان السيد علي خان (صاحب) السلافة)، و (ديوان السيد المرتضى) - أربعة أجزاء -، و(ديوان عبد المحسن الصوري)، و(ديوان صر در (- وقد طُبع اليوم-، و(ديوان الأبله البغدادي)، و (ديوان الغزي)، و (ديوان السري الرفاء) وغيرها.

وفيها كتاب (الأمكنة) للغدة صاحب الأصمعي، وكتاب (نشوة السلافة) وهو ذيل على (سلافة العصر) للشيخ محمّد علي آل بشارة النجفي، والنسخة من مختصات هذه المكتبة.

وفيها تفسير (نهج البيان) لمحمّد بن الحسن الشيباني صنفه للمستظهر العباسي.

ومن كتب اللغة (ذيل الفصيح لابن فارس.

وكثير من مكتبته منسوخ بخط يده.

كان فيها كتاب (العين) للخليل بن أحمد، و المحيط في اللغة) للصاحب بن عبّاد، و(مجمل اللغة) لابن فارس و (دیوان حسان بن ثابت) بقلم قديم، وقد باعها في أخريات أيامه على مديرية الآثار العراقية والمعارف في شهر رجب سنة (1368ه)». (1)

وقال الأستاذ جعفر الخليلي فيها: «وقد ضمّت مكتبة السماوي أندر النسخ من

ص: 30


1- ماضي النجف وحاضرها: 166/1.

الكتب القديمة الثمينة، ومنها المخطوطة بخطوط أصحابها، وحين اشترى في شارع آل الشكري بمحلة العمارة،داره خصّ الطابق الثاني بهذه الكتب، ووفّر لنفسه مكاناً فسيحاً للمراجعة والعمل، وقد استخدم عدداً غير قليل من الخطّاطين في استنساخ بعض الكتب التي لم يستطع أن يظفر بها شراءً؛ لتكون في مكتبته نسخة منها، كما استعان بعدد من الذين يثق بهم لمعاونته في استخراج ما كان يريد من المواضيع من بين هذه الخزانة.

أمّا الكتب النادرة المنحصرة بمكتبته والأثيرة عنده فقد كان ينقلها بخطه، ولشدة خوفه على تلك الكتب الفريدة وحرصه عليها؛ تعلّم التجليد واشترى الأدوات اللازمة، وراح يجلدها بيديه تجليداً لا نظن أنه كان يقلّ جودة عن تجليد المجلّدين.

أمّا المطبوعات فقد كان يملك منها أعز الكتب المطبوعة في خارج العراق ب(ليدن) أو غيرها، وكل مطبوعات ( بولاق) على وجه التقريب، وقد رأينا مكتبته هذه وأفدنا منها، والذي لم يرها يستطيع أن يتبيّن قيمتها مما ترك السماوي من مؤلّفات يحتاج كل واحد إلى مئات المراجع والمصادر... .

أمّا تأسيس المكتبة فقد كان في طليعة القرن الرابع عشر، وحين توفي السماوي انحصرت الوراثة بابنته فعرضت المكتبة للبيع، فتزاحم وتنافس عل-ى شراء كتبها عدد من الأفاضل وأرباب الخزانات الخاصة، وقد ابتاعت مكتبة الإمام الحكيم منها نحو 450 كتاباً من المخطوطات، ومئات من الكتب المطبوعة، وكان عدد كتب مكتبة السماوي نحو (6000) كتاب.

ص: 31

أمّا الدواوين الشعرية فإن أغلبها قد انتقل شراءً إلى مكتبة الشيخ محمّد علي اليعقوبي، والشيخ محمّد رضا فرج اللّه، والمحامي صادق كمونة، وصالح الجعفري». (1)

أمّا الدكتور الشيخ محمّد هادي الأميني فإنه قال: «وقد عدها جرجي زيدان من أمّات المكتبات في السماوة في كتابه (تاريخ آداب اللغة العربية: 491/4)، وقال: (فيها من المخطوطات طائفة حسنة أكثرها في علم الفلك والرياضيات...)». (2)

وذكرها أيضاً السيد جواد شبّر في (أدب الطف) فقال: «وكانت مكتبة السماوي مضرب المثل وأمنية هواة الكتب، وأذكر أنه حاول أن تُشترى منه وتُوقَف وقفاً محبساً حتى ولو تنازل عن بعض ثمنها، وقال: أتمنى أن تقدّر هذه المكتبة وأتبرع بثلث قيمتها إذا حصل من يوقفها وقفاً خيرياً. وأعتقد أنه لو كان يملك القوت لأوقفها هو، ولكنه كان مملقاً، وبعد وفاته باعها الورثة وتفرّقت في عشرات من المكتبات، أخص المخطوطات التي تنيف على الألفي مخطوط...». (3)

ومما تجدر الإشارة اليه إن تركة الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) من مكتبته قد ذكرها الدكتور حسين علي محفوظ في مجلة معهد المخطوطات العربية / المجلد الرابع /

ص: 32


1- موسوعة العتبات المقدّسة / قسم النجف : 294/2، 297.
2- معجم رجال الفكر والأدب في النجف: 686/2، وينظر: تاريخ آداب اللغة العربية: 4 /129.
3- أدب الطف: 22/10.

الجزء الأول: 215-273 في مقالة له بعنوان (المخطوطات العربية في العراق) ذكر فيها أسماء نفائس المخطوطات الموجودة في بعض مكتبات العراق ومنها (تركة الشيخ السماوي في النجف) برقم (6) وعدّد منها 471 عنواناً، لم نذكرها خوف الإطالة، فمن رامها فليراجعها في المصدر المذكور.

أقوال العلماء فيه :

ذكره الشيخ علي الخاقاني فقال: «عالم جليل، وشاعر شهير، وأديب معروف...». (1)

وأضاف الشيخ (رَحمهُ اللّه) : «والسماوي شخصية علمية أدبية، فذّة، جمعت كثيراً من أصول الفضائل، وطمحت إلى أسمى الأهداف، وقد حقق أكثرها، فقد شارك في كثير من الفنون والعلوم، ودرس مبادئها، وتنوع في معارفه... .

وقال الشيخ جعفر النقدي في (الروض النضير ) ص 246: فاضل، بسقت دوحة فنونه في رياض الفضائل، وجرت جداول عيونه في غضون الكمالات ينبئك عن جليل قدره وسمو مكانه قول أستاذه السيد إبراهيم الطباطبائي، وكانت له عُلقة به:

تبَرّعَ في كَسبِ الجمالِ فَخارُهُ***ولم يَرضَ حتى بالجميلِ تَبَرُّعا

ورَبُّ القوافي السّائِراتِ كأَنَّما***أَعادَ بها (عاداً) واتْبعَ (تُبّعا)

إذا أنشِدتْ وسطَ النَّدِيّ تَحَيّرتْ***كواشح بالأنيابِ تنهَشُ أصبعا

ص: 33


1- شعراء الغرى 475/10.

له السابقاتُ الغُرُّ غارتْ وأَنجَدَتْ***ففَرَّتْ وُقُوعاً في البلاد ووُقَّعا

إذا أطلقوُا منها العنانَ لغايةٍ***تَجُزها إلى أخرى شوارِدَ نُزّعا

تَتيهُ على اللُّجمِ المثاني فتَنبَريْ***بِها اللُّجمُ تَثْنِي جَامِحَ الخيلِ أَطوَعا

فأنّى تُجارى أو يُشقُّ غُبارها***وقد وقَفَتْ عنها المُجارُونَ ضُلَّعا

فَبَرَزَ لا عثراً تَشَكّى ولا وَجيً***فلا دَعدعاً للعاثرين ولا لَعا

سَعىِ للمَعالي قَبلَ شَدَّ نطاقِهِ***فَحَلَّ ذُراها يافِعَ السِّن مُذْ سَعى

وكان كثير الملازمة لأستاذه الطباطبائي (رَحمهُ اللّه)، فقد أخذ عليه علوم الأدب وأخبار العرب، ونشّطه في كثير من الحلبات، وسانده في مختلف المناسبات، وهام في حبه والإعجاب بذكائه.

والمترجَم له عرفته منذ أن نشأت وكان في بغداد، وله صدى في نفس كل من يتذوق الآثار وجمعها والاستفادة منها، وكنت كثير التشوق لحديثه والجلوس معه، فقد كان يمثل الباحث المتتبع، ويروي القصص النادرة، ويوقفك على كثير من النكات المستملحة، وكان على دمامة خلقته رقيق الحديث، حلو المفاكهة يجيد النقل ويتنوع فيه، وقد اطلع على مجموعة كبيرة من كتب الأخبار والنوادر، وحصل على قسم وافر من المجاميع التي ندرت عند غيره، وكان له سلوك مستقل وذوق خاص... .

ذكره الأستاذ عبد الكريم الدجيلي في جريدة (اليقظة) الغراء، فقال: كان السماوي خير مَن يمثّل العالِم في المدرسة القديمة بأسلوب كلامه، وطريقة

ص: 34

حواره وهيئة،بزّته واتزانه، وتعقله. وهو إذا حضر مجلساً يأسر قلوب الحاضرين

بسرعة البادرة، وحضور النكتة، وقوة الحافظة، وسعة الخيال، فهو ينتقل بك من الشعر العالي المتسامي إلى طرف من التاريخ والأدب، ثم إلى نوادر من الحديث والتفسير، وهو إلى جانب ذلك يسند حديثه بإحكام ودقة تعبير، فيدلّك على الكتاب الذي يضم هذه النادرة أو تلك النكتة، وعلى الصحائف التي تحويها، وعلى السنة التي طبع فيها هذا الكتاب - إن كان مطبوعاً، وإلى عدد طبعاته -إن كانت متعددة-، وحتى التحريف والتشويه بين الطبعات!

وأنت إذ تستمع إليه فكأنك تصغي إلى عالم من علماء العهد الأموي أو العباسي في طريقة حواره، وأسلوب حديثه، وانتقاله من فن إلى فن، ومن علم إلى علم فهو يعيد لك عهد علم الهدى في (مجالسه)، والإمام القالي في (أماليه)، والمبرِّد في (كامله)، والجاحظ في (بيانه وتبيينه)، ولا تفارقه تلك الابتسامة التي تقرأ منها عمق التفكير، وجلال العلم، وغبار السنين، ويده إلى جانب ذلك مشغولة في علبة البرنوطي». (1)

وقال فيه العلّامة الدكتور محمّد هادي الأميني (رَحمهُ اللّه) : «عالم فاضل، شاعر جليل، مؤرّخ متتبع، متضلع في الأدب والتاريخ واللغة والشعر، عارف بالرجال وبالكتب، مؤلّف مكثر...». (2)

وقال السيد عبد الستار الحسني (دامت توفيقاته) في حقه: «للعلّامة السماوي

ص: 35


1- شعراء الغري: 476/10-477، 478-480.
2- معجم رجال الفكر والأدب في النجف: 686/2.

طيب اللّه ثراه في كتب الترجمات والمجاميع الأدبية ذكرٌ معطار، مشفوع بالثناء الجميل والإطراء والتبجيل، إذ إنه يدخل في دائرة العلوم والمعارف الإسلامية من أكثر من باب، فهو العالم، والفقيه، والأديب، والمؤرخ، والفلكي، والحيسوب، بَلةَ مشاركته في ما اصطلح على تسميته ب(العلوم الغريبة). ولم تُشَن سيرته بغميزة من حيث الإيمان والعقيدة والسلوك، بشهادة أقرب المقربين كالعلّامة (الصادق) من آل بحر العلوم (1)، و (القاضي العادل) العلّامة النقدي(2)، والمحقق الثبت الإمام الطهراني (3)، والعلّامة سيد الخطباء الشهيد السعيد السيد جواد آل شبّر (4) وأمثالهم - وناهيك بهم - وقد قيل في أمثال العرب الحكيمة: كفى قوماً بصاحبهم خبيراً». (5)

آثاره

له تصانيف جمّة، نذكر منها:

1 - إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (ط). (ذ : 65/1 رقم 322).

2- اجتماع الشمل بعلم الرمل. (شعراء الغري: 481/10).

ص: 36


1- ينظر: مقدمة كتاب (الكواكب السماوية).
2- ينظر: الروض النضير ص 246 نقلاً عن شعراء الغري: 478/10-479.
3- ينظر: نقباء البشر: 222/5، 224.
4- ينظر: أدب الطف: 18/10-27.
5- (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق) ط علوم الحديث ع 20 / ص 369 - 370.

3- أرجوزة في 200 بيت لعلها (لآلئ الأسلاك) الآتي ذكرها (شعراء الغري: 480/10).

4- الانثلاج في الاختلاج: نسخة منه في مكتبة الإمام الحكيم العامة. (1)

5- بلغة البلاغة: أرجوزة في علم البلاغة 300 بيت. (ذ: 147/3 رقم 503).

6- بلوغ الأمة في تاريخ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) : في 120 بيتاً (أرجوزة). (ريحانة الأدب: 69/3).

7- تاريخ النجف: أرجوزة اسمها التاريخي (عنوان الشرف في شيد النجف) (ذ: 291/3)، وجاءت باسم (عنوان الشرف في وشي النجف) (ذ: 353/15 رقم 2265)، أرجوزة في 1250 بيتاً، وزِيدَ عليه فصار ألف ونصف ألف (ط).

8- تخميس الفرزدقية (ذ: 10/4 رقم 26).

9 - التذكرة في مَن ملك العراق إلى هذا العصر: (أرجوزة)، وهي تكملة (المخبره) لابن الجهم في 170 بيتاً. (شعراء الغري: 480/10).

10- الترصيف في علم التصريف: (أرجوزة). (ذ: 169/4 رقم 833).

11- تسديد المتحيرة في تخميس (المحبّرة). (ذ: 208/26 رقم 1052).

12- ثمرة الشجرة في مديح العترة المطهرة : أرجوزة، (ط). (ذ: 15/5 رقم 59).

13 - جداول في معرفة التاريخ العربي والرومي. (نسخة منه في مكتبة الإمام

ص: 37


1- ذكره السيد الحسني - دامت توفيقاته - في مقدمة تحقيقه لكتاب (شجرة الرياض) المذكور نقلاً عن الشيخ كاظم الفتلاوي (رَحمهُ اللّه).

الحكيم العامة)(1).

14 - جذوة السلام في مسائل علم الكلام - يعني الأربعينية الشهيدية - : (أرجوزة).(ذ: 93/5 رقم 838).

15- جمل الآداب: في نظم كتاب عيسى بن داب في فضائل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد وردت باسم (أجمل الآداب)، منظومة في 200 بيت. (ذ: 143/5 رقم 606).

16 - الجيد السري من شعر السيد الحميري. (ذ: 304/5 رقم 1428).

17- ديوان السماوي (ذ: 9ق 469/2 رقم 2674).

18- رسالة في حياة السيد سليمان الحلي (نسخة منه في مكتبة الإمام الحكيم العامة) (2).

19- الروض الأريض. (ديوان مراسلات) (3).

20- روضة الأمان في مدح صاحب الزمان. (ذ: 288/11 رقم 1747).

21- الروضة العبقرية في مدح الحضرة الحيدرية. (ذ: 288/11 رقم 1748).

ص: 38


1- ذكره السيد الحسني - دامت توفيقاته - في مقدمة تحقيقه لكتاب (شجرة الرياض) ضمن مجلة علوم الحديث ع 20 ص 396 - 397 نقلاً عن الشيخ كاظم الفتلاوي (رَحمهُ اللّه).
2- المصدر السابق.
3- المصدر السابق.

22- روضة الهدى في مدح سيد الشهداء (عَلَيهِ السَّلَامُ). (ذ: 288/11 رقم 1749).

23- رياض الأزهار: يقرب من 15000 بيت، وفيه روضات للنبي، وكل واحد من الأئمّة، منه (شجرة الرياض في روضات النبي وثمرة الشجرة). (ذ : 318/11 رقم 1924).

24- رياض الجنان المشحون باللؤلؤ والمرجان. (ريحانة الأدب 69/3).

25- سنا الآفاق في الأوفاق.(شعراء الغري: 481/10).

26- شجرة الرياض في مدح النبي الفيّاض (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أرجوزة، (ط). (ذ: 30/13 رقم 96).

27- صدى الفؤاد إلى حمى الكاظم والجواد في تأريخ الكاظمية: أرجوزة، قيل: 700بيت، وقيل: تقرب من 1000 بیت، وقيل: 1120 بيتاً، (ط). (ذ: (280/3) ووردت باسم (نزهة النوادي) في (ذ: 130/24 رقم 648).

28 - الطليعة من شعراء الشيعة (ط). (ذ : 180/15 رقم 1197).

29- ظرافة الأحلام: في النظام المتلو بين أهل البيت الحرام في المنام فيما أنشد به النبي أو الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) في الأحلام. (ط). (ذ: 198/15 رقم 1320).

30- غنية الطلاب في معرفة الإسطرلاب: أرجوزة في 150 بيتاً. (ذ: 455/1، 67/16 رقم 332).

31- قرط السمع في الربع المُجيب: أرجوزة في 150 بيتاً. (ذ: 473/1، 76/17 رقم 398).

ص: 39

32- كشف اللثام عن قوله: (وأتِمُّوا الصيام). (ذ: 56/18 رقم 654).

33 - الكواكب السماوية في شرح الميمية الفرزدقية. (ط). (ذ: 14/14).

34 - لآلئ الأسلاك أو فرائد الأسلاك في هيئة الأفلاك: أرجوزة 200.بيت. (ذ: 506/1، 1321/16 رقم 291).

35- مجالي اللطف في أرض الطف في تأريخ كربلاء أو نوال اللطف في تاريخ الطف: أرجوزة في 1250 بيتاً.ط. (ذ: 280/3، 373/19 رقم 1664).

36- مجموع تخاميس للعلويات والكرارية وقصيدة الأشباه. (شعراء الغري: 481/10).

37- مشارق الشمسين في الطبيعي والإلهي: أرجوزة في الفلسفة العالية في 500 بيت. (ذ: 491/1، 35/21 رقم 3829).

38- الملتقط في النحو سمّاه (ملتقطات الصحو في علم النحو): أرجوزة. (ذ: 504/1).

39- ملحة الأمة إلى لمحة الأئمّة: - في تواريخهم (عَلَيهِم السَّلَامُ)-، أرجوزة. (ذ: 466/1 197/22 رقم 6681.

40 - الملمة في تواريخ الأئمّة (ذ): 220/22 رقم 6771).

41 - مناهج الوصول في علم الأصول: في 150 بيتاً. (ذ: 460/1، 350/22 رقم 7394).

42 - منظومة في الأيام التي يصح أو لا يصح فيها المنام. (نسخة منها في

ص: 40

مكتبة الإمام الحكيم العامة (1).

43- موجز تواريخ أهل البيت ووفياتهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) (ط). (2)

44 - نظم السمط في علم الخط أرجوزة. (ذ: 214/24 رقم 1112).

45- نقض المنحة الآلوسية في ردِّ الشيعة الاثني عشرية. (ذ : 290/24 رقم 1505).

46 - النيل الوافر (الوَفر - ض - ) في الجفر. (شعراء الغري: 481/10).

47- وشائح السرّاء في تأريخ سامراء: أرجوزة في 700 بيت، وردت في (ذ: 255/3 رقم 952) باسم (خلد السراء في حال سامراء) وفيها: أنها أرجوزة في 500 بیت، (ط). (3)

المجازون منه بالرواية

1 - العلّامة الكبير والمحقق البارع الخبير السيد محمّد صادق آل بحر العلوم النجفي (رَحمهُ اللّه) (ت 1399ه)، وتأريخ إجازته في ذي الحجة الحرام من سنة ( 1360ه).

ص: 41


1- المصدر السابق.
2- ذكره السيد الحسني - دامت توفيقاته - في مقدمة تحقيقه لكتاب (شجرة الرياض في مدح النبي الفيّاض) ضمن مؤلّفات الشيخ (رَحمهُ اللّه)، وقال فيه: كتيبٌ لطيف الحجم بقياس الكف، طُبع منسوباً إلى الشيخ السماوي، وقد قرأته منذ زمن غير قصير، لكن بعض من كتب عن السماوي ينفي نسبته إليه.
3- ملحوظة: الرموز المستخدمة هي ذ: الذريعة، ط: مطبوع

إجازة الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) للسيد الصادق من آل بحر العلوم (رَحمهُ اللّه) نظماً

قال السيد محمّد صادق آل بحر العلوم (رَحمهُ اللّه) في سيرته الذاتية المخطوطة ما نصه:

«... وقد نظم هذا الأخير - أي الشيخ السماوي - إجازته لي أرجوزة فقال (رَحمهُ اللّه):

أَحْمَدُ رَبِّي وَأُصَلِّي أَبَدًا***عَلَى النَّبِيِّ القُرَشِي أَحْمَدا

وَآله أَهْلِ النُّهَى وَالأَمْر***ثُمَّ أَقَوْلُ في جَوَابِ الأَمْرِ

أَجَزْتُ سَيِّدي أَخَا الفَضْلُ السَّني***(مِحمّدَ الصَّادقَ) نَجْلَ الحَسَنِ

سَلِيْلَ إِبْرَاهِيمَ طَوْدِ المَجْدِ***ابْنِ الحُسَيْنِ بن الرِّضَا بْنِ المَهْدِيْ

عَنْ شَيْخنَا المُقَدَّسِ التَّقيِّ***محمّد بْنِ هَاشم هَاشِمَ الهِنْدِيِّ

عَنْ شَيْخهِ البَحْرِ مُحمّدِ الحَسَن***مُعْطى الوَرَى جَوَاهِراً بلا ثَمَنْ

عَنْ شَيْخنَا محمّد الجَواد***عَنْ شَيْخِهِ المَهْدِي بِالإِسْنَادِ

(حَيْلُوْلَة) وَعَنْ مُعزِّ الدِّيْنِ***محمّد بْنِ الحَسَنِ القِزْويني

عَنْ عَمِّهِ محمّدِ الباقِرِ عَنْ***مُحَمّدِ المَهْدِي مِنْ آلِ الحَسَنْ

(بَحْرِ العُلُومِ) والفُنُونِ والأَثَرْ***مَنْ جَدَّدَ القَرْنَ لَهَا الثَانِي عَشَرْ

عَنْ شَيْخه مُحَمّدِ الباقِرِ عَنْ***والِدِهِ مُحَمّدِ الأَكْمَلِ مَنْ

عن شَيْخِهِ محمّد عَن الأَبِ***مُحَمّدٍ المَجْلسِيّ المَنْسَب

ص: 42

عَنْ شَيْخِهِ محمّد البَهائِي***وطَرقِهِ نَيِرة السَّنَاءِ

سِلْسِلَةٌ تُزانُ فِي محمّد***مِنْ كُلِّ شَيْخِ بِالوُقُوقِ مُسَنَد

(أَجَزْتُهُ) أَنْ يَرْوِيَ الكُتُبَ الَّتِي***صَحَّت عَلَى شَرْطِ المُجِيْزِ المُثْبِتِ

فَإِنَّهُ أَهْلَّ لِهَذَا وَمَحَلْ***والسُّوْلُ أَنْ يَدْعُو لِمَوْلَاهُ (الأَقَلْ

مُحَمّدِ بْنِ الطَّاهِرِ السَّمَاوِيْ)***عَفَا لَهُ اللّه عَنِ المَسَاوِي(1)»

2- العلّامة الحجّة المحدّث الفقيه الشيخ محمّد رضا الطبسي (ت 1405ه).

3- العلّامة المفضال الدكتور حسين علي محفوظ الكاظمي، وتأريخ إجازته الثاني من شوال سنة (1367ه).

وفاته :

«توفّي (رَحمهُ اللّه) في مكتبته النفيسة في النجف يوم الأحد الثاني من المحرم سنة (1370ه). (2) ودُفن (رَحمهُ اللّه) في الصحن الحيدري الشريف في الحجرة التي دُفن فيها العلّامة المجتهد الكبير الشيخ جواد البلاغي النجفي بالقرب من باب الفرج». (3)

ص: 43


1- السيرة الذاتية للسيد محمّد صادق آل بحر العلوم (رَحمهُ اللّه) / مخطوط.
2- نقباء البشر: 222/5.
3- (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق)، ط علوم الحديث ع 20 / ص 400

من رثاه وأرّخ وفاته (رَحمهُ اللّه) :

وقد رثاه صديقه السيد محمّد صادق بحر العلوم مؤرِّخاً جامعاً بينه وبين الشيخ جعفر النقدي، فقد توفّي الشيخ محمّد - السماوي - يوم الأحد الثاني من المحرم من سنة (1370ه)، وتوفّي الشيخ جعفر النقدي بعد ستة (1) أيام يوم السبت، الثامن من المحرم من تلك السنة، فقال السيد محمّد صادق في رثائهما:

قد دهى الكَون رنّةٌ وعويلُ***ورزايا مِثلُها ليس يُوجَدْ

ألَإِنّ الأنامَ تندبُ شجواً***شهرَ عاشورَ سِبطَ طاها محمّدْ

أَلإِنّ الأيامَ جاءت بخطبٍ***إثرَ خَطبٍ؛ فالعيشُ أضحى مُنَكَّدْ

أَبِها قد قضى الحسينُ فأرِّخ***(أقضي جعفرٌ بها ومحمّدْ)

= (1370) (2)

وممن أرّخ وفاته السيد محمّد الحلي، والشيخ علي البازي، وممن أرّخ وفاته أيضاً السيد عبد الستار الحسني، عند كتابته لترجمة الشيخ (رَحمهُ اللّه) في مقدمته لتحقيق كتاب (شجرة الرياض) للمؤلّف (رَحمهُ اللّه)، والمطبوع ضمن مجلة (علوم

ص: 44


1- في نقباء البشر أن الشيخ جعفر النقدي (رَحمهُ اللّه) قد توفي بعد 5 أيام من وفاة المترجم (رَحمهُ اللّه).
2- ينظر: نقباء البشر: 222/5، الذريعة 9ق 469/2 - 470، (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق)، ط علوم الحديث ع 20 / ص 401

الحديث : ع 20) - والذي كان لنا خير معين في مقدمتنا هذه - بأبيات عدة منها:

ومُذ قضى حامي تُراثِ الهُدى***ومِقْوَلُ الحَقِّ لَهُ خَيرُ راثْ

(أئمَّةُ الخَلْقِ) بِهِم أرَّحُوا***(مُحَمّدٌ أودى فأبكى التُّراثْ) (1)

12، 92، 21، 113، 1132

سنة 1370ه

عقِبه :

«وتوفّي عن بنتٍ واحدة زوجة الشيخ جواد الساغرجي، وانتقلت المكتبة النفيسة الفريدة في النجف إليها. وقد توفي ابنه عبد الرزاق (2) المعقب عدّة بنين قبل وفاة والده بسبع سنين أو أزيد». (3)

نماذج من شعره :

للشيخ الناظم (رَحمهُ اللّه) قصائدٌ شعريةٌ ترى فيها فناً رائعاً وذوقاً رفيعاً تموج بين أبياتها، وتجد نفسك تائهاً في بحور قوافيها حتى تأخذك أمواجها لساحل معانيها،

ص: 45


1- ينظر: (شجرة الرياض / مقدمة التحقيق)، ط علوم الحديث ع 20 / ص 401.
2- توجد في مكتبة السيد محمّد صادق آل بحر العلوم (رَحمهُ اللّه) نسخة من كتاب (مطلع السعادات في تحريم الخمر والمسكرات) كتبها حفيد المترجم الحسن بن عبد الرّزاق ابن الشيخ محمّد السماوي وهي برقم (58).
3- نقباء البشر: 222/5.

فترتسم في مهجة النظر لوحة فنية متكاملة رسمتها مخيلة شيخنا الناظم (رَحمهُ اللّه).

وللمترجَم له (رَحمهُ اللّه) ديوان شعر يقع في أكثر من أربعة آلاف بيت اقتصر فيه على النواحي الدينية، وقد وقف عليه صاحب شعراء الغري (رَحمهُ اللّه) وذكر لنا نماذجاً منه.

فمنه ما قاله الشيخ (رَحمهُ اللّه) في مدح الرسول الأعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ):

أخجلتَ جيدَ الريمِ بالالتفاتْ***وفُقْت سَلَّ السيفِ بالانصلاتْ

بسمْتَ زهواً بشتيتِ اللمى***فأيُّ شملٍ لم تدعْهُ شتاتْ

تقوّلَ الناسُ بتحقِيقِه***واللُّه قد أنبتَ ذاكَ النباتْ

ثغرٌ إذا لَحْنُ ثناياه لي***عجِبتُ للّؤلؤِ وسطَ الفراتْ

... إلى أن قال:

قد جاءَ بالقرآنِ أعظِمْ بهِ***من معجزٍ حين تحدى الغواةْ

كتابُه المنزلُ من ربِّه***وقولُه الصادعُ بالمحكماتْ

للهِ ما جاءَ بهِ أحمدٌ***و للمعاني الغرِّ بالمعجزاتْ

.. إلخ. (1)

وله يمدح الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ):

لَمَعانُ البرقِ إذا أومضْ***أمضَى بحشايَ ظُبا أومضْ

ص: 46


1- شعراء الغرى: 484/10-487.

وأسالَ جفونيَ عن قلبٍ***لولا الأضلاع عليه ارفضْ

أمسكت حشاشَتَه قبضا***بيدٍ لا تقدرُ أن تقبضْ

... إلى أن قال:

يا لؤلؤَ عقدٍ قد أغنى وسحابَ ربعٍ قد روّضْ

أنا إن أعتبْ فليَ العُتبى***لم يبقَ لخيلي من مركضْ

أتُراك تعاودُني دنفاً***حشا لصدودِك تَستعرضْ

وبجسمٍ يوهنُ من خصرٍ***يعتلُّ ومن جسمٍ يمرَضْ

حاشاكَ فأنتَ أبرُّ بمَنْ***لمْ يبدلْ منك ولمْ يعتَضْ

... إلخ. (1)

وله يرثي الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ):

كم طلعةٍ لكَ يا هلالَ محرّمِ***قد غَيّبتْ وجهَ السرورِ بمأتمِ

ما أنتَ إلا القوسُ في كَبِدَ السما***ترمي قلوبَ المسلمينَ بِأسْهُمِ

ذكَّرتَهم يومَ الطفوفِ وما نَسَوا***لكنْ تجدّدُ ذكرِهِ المتصرمِ

يومٌ بهِ زحفَ الضلالُ على الهدى***وبهِ تميّزَ جاحدٌ من مسلمِ

ص: 47


1- شعراء الغري: 495/10-496.

... إلى أن قال:

أترى أميةَ يومَ قادتْ جيشَها***ظنّتْهُ يعطيها يدَ المستسلمِ

هيهاتَ ما أَنْفُ الأبيّ بضارعٍ***للحادثاتِ من الخطوبِ الهُجُّمِ

فقضى بحكمِ حسامِه أجسادَها***لأوابدِ ونفوسَها لجهنّمِ

... إلخ. (1)

وله في رثاء أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) قصيدة مطلعها:

بكرتْ تصبّ اللومَ مزنَة***لما رأتْ قلبي وحزنَه (2)

ومن تخميساته للأشعار قوله مخمساً بيتاً واحداً من قصيدة الشيخ كاظم الأزري:

إن يقتلوكَ على شاطي الفراتِ ظما***فقدْ تزلزلَ كرسيُّ السما عِظَما

وقد بكتْكَ دماً حتى العدى ندما***(أيُّ المحاجر لا تبكي عليك دماً

أبكيتَ واللّهِ حتى محجرِ الحجرِ) (3)

ص: 48


1- شعراء الغري: 499/10-500.
2- أدب الطف: 25/10.
3- أدب الطف: 25/10. ملحوظة وللشيخ الناظم (رَحمهُ اللّه) كرامة حدثت له ببركة الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند تخميسه لأبيات قصيدة الشيخ الأزري المذكورة، فمن رامها فليراجع كتابه (ظرافة الأحلام: 148).

هذا مختصر وجيز من بعض أشعاره، وهي قطرة من بحور قوافيه، وذرة رمل من قصور شعره.

المصادر التي ترجمت للمؤلّف :

1 - إبصار العين فى أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) / المقدمة: 15-17.

2- أدب الطف: 18/10-27.

3 - الأعلام: 173/6.

4- أعلام الأدب في العراق الحديث: 88/1-91.

5- جريدة اليقظة البغدادية، مقال لعبد الكريم الدجيلي.

6- حياة الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لباقر شريف القرشي : 242.

7 - الروض النضير للشيخ جعفر النقدي: 246.

8 - ريحانة الأدب: 68/3-70

9 - شعراء الغري (النجفيات): 475/10-503.

10- طبقات أعلام الشيعة / الضياء اللامع في القرن التاسع: 173.

11- طبقات أعلام /الشيعة / نقباء البشر في القرن الرابع عشر: ق 221/5- 224 برقم 312.

12- الطليعة من شعراء الشيعة / المقدمة: 7/1-42، بقلم الأستاذ كامل سلمان الجبوري.

13- علي في الكتاب والسنّة والأدب: 98/5.

ص: 49

14 - الكواكب السماوية / المقدمة، بقلم المحقق العلّامة السيد محمّد صادق بحر العلوم (رَحمهُ اللّه).

15 - ماضي النجف وحاضرها: 166/1.

16 - مشاهير المدفونين في الصحن العلوي الشريف: 303-305.

17 - مصفى المقال في مصنفي علم الرجال: 440.

18 - معجم مؤرخي الشيعة 225/2-226.

19 - معجم المؤلّفين لعمر كحالة: 97/10.

20- معجم المؤلّفين العراقيين: 180/3-181.

21 - معجم رجال الفكر والأدب في النجف: 686/2-687.

22- مقدمة كتاب (شجرة الرياض في مدح النبي الفيّاض): 347-406، المطبوع ضمن مجلة (علوم الحديث العدد 20) بقلم العلّامة السيد عبد الستار الحسني – دامت توفيقاته -.

23 - موسوعة العتبات المقدّسة / قسم النجف: 293/2-297

النسخة المعتمدة:

إنّ ما تعرّض له تراثنا الإسلامي – وخصوصاً الشيعي - من الهجمات الشرسة الهادفة لمحو آثاره استجابة لرغبات شيطانية، هي نتاج لحقائد بدرية وحنينية و و... قد حرمتنا من درر ولآلئ ما لو وُجدت لأثرت مكتباتنا بما تقرُّ به العيون، وتبتهج به النفوس، وتتسع به مدارك العقول.

ص: 50

ومنها ما تلاعبت بها أيدي الجهّال ممن لا يفرّقون بين نتاج العلماء ولغو الجهلاء، و ما مكتبة الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه)(رَحمهُ اللّه) إلا خير مثال لما ذكرنا، فقد تناثرت دررها وتبعثرت لثالئها فحُرمنا فوائدها، وهذا ما حدا بنا إلى أن نستقصي ونبحث عن النسخة المخطوطة للكتاب، إلا أننا منينا بالخيبة حينما لم نستطع العثور عليها، فعُدنا بخُفّي حنين واضطررنا إلى اللجوء للنسخة المطبوعة فاعتمدناها، وهي الطبعة الأولى للقصيدة التي طُبعت على نفقة دار النشر والتأليف لصاحبها – صاحب مجلة الغري - شيخ العراقين آل كاشف الغطاء في النجف الأشرف، وهي في مجلد واحد في أربع أراجيز: الأولى: عنوان الشرف في وشي النجف، والثانية: مجالي اللطف بأرض الطف، والثالثة: صدا الفؤاد إلى حمى الكاظم والجواد (عَلَيهِما السَّلَامُ) والرابعة: وشائح السرّاء في شأن سامراء. وعدد صفحات الثانية - الخاصة ب- (مجالي اللطف) - 80 صفحة.

ولأننا لم نوفّق لإيجاد النسخة المخطوطة للأرجوزة المذكورة والتي عدد أبياتها (1248) كما أسلفنا، اعتمدنا - عند مراجعتنا لشرحها - في ضبط الوزن الشعري لها والتشكيل على براعة الأستاذ خالد جواد جاسم، والذي تفضّل علينا مشكوراً بهذا العمل جزاه اللّه خير جزاء المحسنين.

ومما تجدر الإشارة اليه إننا اعتمدنا عناوين الأبواب والفصول للأرجوزة على فهرست النسخة المعتمدة.

وحدة التحقيق

في

مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة

ص: 51

خطبة الكتاب وتسميته وخدمته وأنه ثمانية أبواب وأربعون فصلاً

ص: 52

بسم اللّه الرحمن الرحيم

خطبة الكتاب وتسميته وخدمته وأنه ثمانية أبواب وأربعون فصلاً

أحْمَدُكَ اللهمَّ يا مَنْ ميّزا***مِنَ البِقاعِ حيّزاً فحيّزا

وخَصّ بالرفعِ لأجلِ الساكنِ***أربعةً تعلُو عَلَى الأماكنِ

مكةَ والمدينةَ المعروفةْ***والبقعتين كربلا والكوفة (1)

حَمْداً يليقُ بجلالكُ الأعمْ***ويستزيدُ اللطفَ مِنْكَ والنِّعمْ

وأَسألُ الصلوةَ منْك الجمّةْ***على مَنِ ابْتَعَثتَه للرحمةْ

محمّدَ المختارِ من خيرِ البشرْ***وآلهِ الأئمّةِ الاثني عَشَرْ

ماعَذبَ الفراتُ في الأنهارِ***واختلفَ الليلُ معَ النهارِ

وبَعْدُ فاسمعْ هذه المجالي(2)***تؤرّخُ الطفَّ على الإجمالِ

ص: 53


1- ورد في التهذيب في حديث الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأنّ البقاع التي ضجّت هي: البيت المعمور،والغري، وكربلاء، وطوس. (ينظر: تهذيب الأحكام: 110/6 ح 12/196). وأن مراد الناظم (رَحمهُ اللّه) بالرفعة للأماكن الأربعة المذكورة أعلاه فضلها على سائر البلدان.
2- المجالي: مفردها مجلى، وجلا: فعل ماضي، يقال: جلا الأمور: أي أوضحها وكشفها. (لسان العرب: 152/14 بتصرف يسير).

ذكرتُ فيها حالَهُ وفضلَهْ***ووصفَهُ وبعضَ مَنْ قَدْ حَلَّهُ

وما بهِ قَدْ لاحَ مِنْ معاجزْ***وما عليهِ حالَ مِنْ هَزَاهرْ

ممّا استبانَ النقلُ مِنْهُ ووضَحْ***وثَبَتَ المَعْنى الذي فيهِ وصَحْ

فانتَظَمَت أبوابها ثمانيةْ***عِدادَ أبوابِ الجنانِ العاليةْ

ثمَّ خَدَمْتُ عندما العزمُ اقْتَضَى***بِها الحسينَ بْنَ عليِّ المرتضى

مؤملاً تَرْقَى إلى عُلاهُ***هديةُ العَبِدِ إلى مولاهُ

فإِنْ يُوَقَّعِ القبولُ أَعُدْ***بِفَالٍ أَيْمَنِ وطَيْرٍ أَسْعَدْ

أَوْ لَا فَلَنْ أُحْرَمَ مِنْ رِضَاهُ***وَهْوَرِضَاءُ اللّه جَلَّ اللّه

فَسَمِّها مُؤَرخاً بالحرفِ***(مجاليَ اللُّطف بأَرْض الطَّفِّ) (1)

وَهَا أَنَا أَفَيْضُ في الكتابِ***مُبْتَدِئاً مِنهُ بِه ببابٍ بابِ

وكُلُّ بَابِ فَهْوَ ذو فصولِ***تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ في المَحْصولْ

فَالبَأْبُ قَدْ رَجَزْتُهُ فِي المَرْكَز***والفَضْلُ قَدْ تَرَكْتُهُ لَمْ أَرْجُزْ

ص: 54


1- سنة 1357ه. (الناظم).

الباب الأول: في اسم الطف وما كان عليه

اشارة

ص: 55

ص: 56

إشارة:

باب في الأسماءِ وفي المعاني

وما جَرى في سالفِ الزمانِ

الطَّفُّ ما أَطَلَّ بالإشرافِ***على العراقِ وعلى الأريافِ

أو ما عَلَا فِراتُهُ منْ شَطِّ***واختَصَّ في مَثْوَى الحُسينِ السَّبْطِ (1)

وسُمِّي (الحائرُ) وَهْوَ الدائِرْ***إذْ دارَ فيهِ الماءُ وهُوَ حَائِرْ (2)

ص: 57


1- الطف ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق مشتق من ذلك. وطف الفرات شطه سمي بذلك لدنوه. وقيل : الطف ساحل البحر، وفناء الدار. والطف: اسم موضع في ناحية الكوفة. وفي حديث مقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنه يُقتل بالطف، سُمي به؛ لأنه طرف البر مما يلي الفرات، وكانت تجري يومئذ قريباً منه. (ينظر لسان العرب: 9 /221).
2- حار، يحار، حيرة، فهو حَيْران بفتح فسكون أي تحيّر في أمره. ورجل حائر بائر، إذا لم يتجه لشيء...، ومن المجاز: حار الماء في المكان: وقف وتردد كأنه لا يدري كيف يجري، كتحيّر واستحار. والحائر مجتمع الماء، يتحيّر الماء فيه، يرجع أقصاه إلى أدناه. وقيل: الحائر: المكان المطمئن يجتمع فيه الماء فيتحيّر لا يخرج منه. والحائر: كربلاء، سُميت بأحد هذه الأشياء كالحيراء، هكذا في النسخ بالمد. والذي في الصحاح وغيره: الحَيْر، أي بفتح فسكون بكربلاء أي سُميَّ؛ لكونه حُمي الحائر بها، أي بكربلاء، وهو الموضع الذي فيه مشهد الإمام الحسين (رضیَ اللّهُ عنهُ).... (تاج العروس: 320/6- 321 (مادة حير) بتصرف يسير، وينظر أيضاً: معجم البلدان2 / 208).

لَدُنْ رَأَى هارونُ ثُمَّ جَعْفَرْ***أَنْ يُحْرَثَ القَبْرُ كَما سَنَدْكُرْ (1)

وذاكَ عشرونَ ذراعاً تُضرَبْ***بمثلها فَعَمَّ أَقْصَى أَقْرَبْ (2)

ص: 58


1- هارون الرشيد خامس من حكم من بني العباس (170 - 193 ه)، ابن المهدي والخيزران، وُلد بالري، تولّى الحكم بعد مقتل أخيه الهادي، ستأتي ترجمته فلاحظ. وجعفر جعفر المتوكل بن محمّد المعتصم، عاشر مَن حكم من بني العباس (206 - 247ه)، قتله ابنه المنتصر، ستأتي ترجمته فلاحظ. ينظر ترجمتهما الباب الثالث: (في تعيين المرقد وماجرياته وفضل الزيارة).
2- حد الحائر: يشير إلى ذلك ما رواه ابن قولويه في (كامل الزيارات: 222 ح 3/325) قال: حدّثني محمّد بن عبد اللّه الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن عبد الرحمن بن الأشعث، عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سمعته يقول: «قبر الحسين بن على (عَلَيهِما السَّلَامُ) عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً مكسّراً، روضة من رياض الجنّة، وفيه معراج الملائكة إلى السماء، وليس من ملك مقرّب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل اللّه أن يزوره، ففوج يهبط وفوج يصعد». وقال الشيخ الفقيه ابن إدريس الحلي (قدّس سِرُّه) تنث في (السرائر: 1/ 342) ما نصه: «والمراد بالحائر ما دار سور المشهد والمسجد عليه دون ما دار سور البلد عليه؛ لأن ذلك هو الحائر حقيقة؛ لأن الحائر في لسان العرب الموضع المطمئن الذي يُحار الماء فيه. وقد ذكر ذلك شيخنا المفيد في (الإرشاد) في مقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لما ذكر من قُتل معه من أهله، فقال: والحائر محيط بهم إلا العباس رحمة اللّه عليه، فإنه قُتل على المسناة، فتحقق ما قلناه، والاحتياط أيضاً طريقته تقتضي ما بيّناه؛ لأنه مجمع عليه، وما عداه غير مجمع عليه» انتهى. وقال المجلسي (قدّس سِرُّه) في (بحار الأنوار: 86 /89 -90) - بعد أن ذكر كلام ابن إدريس(قدّس سِرُّه)-: «وأقول: ذهب بعضهم إلى أن الحائر مجموع الصحن المقدّس، وبعضهم إلى أنه القبة السامية، وبعضهم إلى أنه الروضة المقدّسة، وما أحاط به من العمارات القديمة من الرواق والمقتل والخزانة وغيرها. والأظهر عندي أنه مجموع الصحن القديم لا ما تجدّد منه في الدولة العلية الصفوية - شيّد اللّه أركانها-، والذي ظهر لي من القرائن وسمعت من مشايخ تلك البلاد الشريفة أنه لم يتغير الصحن من جهة القبلة ولا من اليمين ولا من الشمال بل إنما زِيد من خلاف جهة القبلة وكل ما انخفض من الصحن وما دخل فيه من العمارات فهو الصحن القديم، وما ارتفع منه فهو خارج عنه، ولعلّهم إنما تركوه كذلك ليمتاز القديم عن الجديد والتعليل المنقول عن ابن إدريس (رَحمهُ اللّه) منطبق على هذا، وفي شموله لحجرات الصحن من الجهات الثلاثة إشكال. ويدل على أن سعة الحائر أكثر من الروضة المقدّسة والعمارات المتصلة بها من الجهات الثلاث ما رواه ابن قولويه بسند حسن عن الحسن ابن عطية، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «أما إذا دخلت الحير - وفي بعض النسخ الحائر - فقل:... - وذكر الدعاء- ثم تمشي قليلاً وتُكبّر سبع تكبيرات، ثم تقوم بحيال القبر، وتقول - إلى أن قال-: ثم تمشي قليلاً وتقول... إلى قوله وترفع يديك وتضعهما على القبر...». وعن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في وصف زيارته: «حتى تصير إلى باب الحائر - أو الحير - ثم قل: -إلى أن قال: - ثمّ اخطُ عشر خُطاء ثم قف فكبر ثلاثين تكبيرة، ثم امش حتى تأتيه من قبل وجهه». وعن أبي حمزة الثمالي بسند معتبر عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في وصف زيارة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «ثم ادخل الحير - أو الحائر - وقل: -إلى قوله: - ثم امشِ قليلاً وقل: - إلى قوله: - ثم امشِ وقصّر خُطاك حتى تستقبل القبر، ثم تدنو قليلاً من القبر وتقول...» إلى آخر الخبر. فهذه الأخبار وغيرها... تدل على نوع سعة في الحائر»، انتهى كلام المجلسي (قدّس سِرُّه).

ص: 59

(وَنَيْنَوى) (1) لَقَرْيَةٌ قَديْمَة***جَدَّدَ فيها يُونسٌ أديْمَة (2)

ص: 60


1- نِيْنَوَى: بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح النون والواو، بوزن طيطوى: وهي قرية يونس بن متّى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الموصل، وفي سواد الكوفة ناحية يُقال لها: نينوى، منها: كربلاء التي أقبل فيها الحسين (رضیَ اللّهُ عنهُ). (ينظر: معجم البلدان: 5/ 339). ونینوى - التي في سواد الكوفة - كانت على نهر العلقمي، وكانت قرية عامرة في العصور الغابرة، تقع شمال شرقي كربلاء، وهي الآن سلسلة تلول أثرية ممتدة من جنوب سدة الهندية حتى مصب نهر العلقمي في الأهوار وتعرف ب(تلول نينوى). (ينظر : دائرة المعارف الشيعية (356/9)
2- الأديم الجلد المدبوغ (ينظر: مجمع البحرين: 1/ 54).

إِذْ قَذَفَتْهُ النُّونُ عارِي البَشَرَة***فأَنْبَتَ اللّه عَلَيْهِ الشَجَرَة (1)

وذاكَ في رِوايَةٍ مَعْرُوفَة***قِيْلَ بِها وَقِيلَ: بَلْ بِالْكُوْفَةٌ (2)

ص: 61


1- النون: الحوت، وصاحبها يونس بن متّى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبها،يُكنّى، والشجرة: شجرة اليقطين.
2- قال الأستاذ محمّد سعيد الطريحي - مؤلّف كتاب (يونس ذو النون)- في معرض تحقيقه لكتاب (فضل الكوفة ومساجدها) للمشهدي ص 68: «... مشهد النبي يونس بن متّى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهذا من المشاهد المقدّسة في الكوفة، حيث ورد في كثير من الكتب أن النبي يونس (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد دُفن في هذا الموضع، وورد هذا في حديث للإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن مسجد الحمراء الذي هو بجانب المشهد. وهذا المشهد الجليل - مع الأسف - لم يُقدّره الناس تقديره الذي يستحقه؛ بسبب خمول ذكر المصادر الموثوقة التي تشير إليه، ولهذا فقد قمنا بدراسته ضمن بحث كبير عن النبي يونس ذي النون وظهر لنا خلال التحرّي أنه من المشاهد القديمة، وذكره وردَ منذ زمن الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومن قدامى الرّحالة الذين زاروه السائح الهروي، قال : (وهو بالنخيلة)، وابن المستوفي قال: (وهو بالطريق الشرقي من الكوفة). كما أسِّس عند هذا المشهد سنة 479 ه مدرسة دينية على المذهب الحنفي، أسّسها أحد القادة الأتراك، وأجري لأساتذتها وطلابها جِرايات من المال، وذكر المشهد القرماني وغيره. وهناك الكثير من الأضرحة والمقامات التي تُنسب للنبي يونس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أشهرها الذي يقع فوق (تل توبة) في نينوى، ويقصده أهل الموصل للصلاة ولزيارة قبر النبي يونس (عَلَيهِ السَّلَامُ). وفي (قرية حلحول) في فلسطين قبر ليونس. وفي (بلدة كفر كنا) مقام ليونس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهي في فلسطين أيضاً. وفي (بلط) قرب نصيبين فوق الموصل، قيل: سُميت بلط؛ لأن الحوت ابتلع يونس هناك. وبين بيروت وصيداء (خان بني يونس)، يعتقد المسيحيون أن فيه نجا يونس من الموت... . وموقع المشهد الحالي بالكوفة على شاطئ الفرات، وبجانبه مسجد الحمراء القديم».

لكِنّما التَّسْمِيَةُ المَذْكُورَةْ***دَلَّتْ عَلَى الطُّرْفَة والباكُوْرَةْ

(وَكَرْبَلا) لأن فيها رَخْوا***أَوْ أَنَّها تُنْبِتُ وَرْداً أحوى (1)

ص: 62


1- كربلاء: قال ياقوت الحموي: «كربلاء بالمد، وهو الموضع الذي قُتل فيه الحسين بن علي (رضیَ اللّهُ عنهُ)، في طرف البرية عند الكوفة، فأمّا اشتقاقه فالكربلة رخاوة في القدمين، يُقال: جاء يمشي مكربلا، فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة؛ فسُميت بذلك.... والكربل: اسم نبت الحماض، وقال أبو وجرة يصف عهون الهودج: وثامر كربل وعميم دفلى***عليها والندى سبط يمور فيجوز أن يكون هذا الصنف من النبت يكثر نبته هناك فسُمي به». (معجم البلدان: 445/4). أمّا المرحوم الدكتور مصطفى جواد، فإنه يرى محاولة ياقوت الحموي بردّ (كربلاء) إلى الأصول العربية غير مجدية، حيث يقول: «وأنا أرى محاولة ياقوت الحموي رد (كربلاء) إلى الأصول العربية غير مجدية، ولا يصح الاعتماد عليها؛ لأنها من بابة الظن والتخمين، والرغبة الجامحة العارمة في إرادة جعل العربية مصدراً لسائر أسماء الأمكنة والبقاع، مع أنّ موقع كربلاء خارج عن جزيرة العرب، وأنّ في العراق كثيراً من البلدان ليست أسماؤها عربية: كبغداد، وصرورا، وجوخا، وبابل، وكوش، وبعقوبا، وأن التاريخ لم ينص على عروبة اسم (كربلاء)، فقد كانت معروفة قبل الفتح العربي للعراق، وقبل سكنى العرب هناك، وقد ذكرها بعض العرب الذين رافقوا خالد بن الوليد القائد العربي المشهور في غزوته لغرب العراق سنة (12ه / 634م). قال ياقوت الحموي: ونزل خالد - عند فتحه الحيرة - كربلاء، فشكا إليه عبد اللّه بن وشيمه النصري الذبّان، فقال رجل مِن أشجع في ذلك: لقد حبست في كربلاء مطيتي***وفي العين حتى عاد غثا سمينها إذا رحلت من منزل رجعت له***عمري وإيها إنني لأهينها ويمنعها من ماء كل شريعة***رفاق من الذبّان زرق عيونها واستطرد المرحوم جواد قائلاً]: ولقائل أن يقول: إنّ العرب أوطنوا تلك البقاع قبل الفتح العربي، فدولة المناذرة بالحيرة ونواحيها كانت معاصرة للدولة الساسانية الفارسية وفي حمايتها وخدمتها. والجواب: إنّ المؤرّخين لم يذكروا لهم إنشاء قرية سُميت بهذا الاسم - أعني كربلاء -، غير أنّ وزن كربلاء ألحق بالأوزان العربية، ونُقل «فَعْلَلا» إلى «فَعْلَلاء» في الشعر حسب، فالأول موازن لجحجحي وقرقرى وقهقرى، والثاني موازن لعقرباء وحرملاء، زِيد همزة كما زِيد برْنساء». (موسوعة العتبات المقدّسة / قسم كربلاء: 10/8 - 13). وللأستاذ أنطوان بارا رأي في لفظة ( كربلاء)، هو وكربلاء تقع على بُعد عدة كيلو مترات من مشرعة الفرات شمال غرب الكوفة، وكانت في عهد البابليين معبداً، والاسم محرّف من كلمتي (كرب) بمعنى معبد أو مصلّى أو حرم، و (أبلا) بمعنى إله باللغة الآرامية، فيكون معناها (حرم الإله). وفي تعوّذ الحسين [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] من الكرب والبلاء مرادف لفظي آخر جاء متطابقاً الى حد كبير لفظة (كربلاء) موصولة. فالكرب: هو الشدة المصحوبة بالألم والبلاء: هو النهاية وبلوة الموت. ولو نسبنا اللفظة الى مرادف آخر لوجدناها تصح بلفظة - كرٍّ، وبلاء - ومعنى الكرِّ هنا، هو أحد وجهي الهجوم والتراجع في المعارك، وهو ما يعني الهجوم (الكر)؛ لأن التراجع يعني (الفر) وهكذا يقال في وصف معركة: (قتالٌ بين كرٍّ وفر) أي بين إقدام وهروب. أما لفظة (بلاء) فمعناها متمم لمعنى لفظة (كر)، وبلاء هنا بعد لفظة كر، غير تلك البلاء بعد لفظة كرب فاللفظتان إذا عُطفتا على ما قبلهما فسر تا معنى ما سبقهما، فالبلاء بعد كرب تعني الشدة والموت. وبعد الكر، تعني المضاء والنجاح في القتال والهجوم. وهكذا يقال في وصف أحد الشجعان: (أبلى بلاء حسناً) أي: قاتل بشكل جيد وماضٍ. وعلى هذا المقياس تفسر لفظة (كر، بلاء) بمعنى: (إقدام، وبسالة). (الحسين في الفكر المسيحي: 314-315).

ص: 63

أَوْ «كُوْرُ بَابِلَ» (1) كَمَا يُقالُ***وَخَفَّفَ اللَّفْظَةَ الاِسْتِعْمالُ

ص: 64


1- کور بابل: قال الأستاذ أنطوان بار في معرض بيانه للفظة (كربلاء): «وقيل عنها قديماً: (كور بابل)، ثم اُختصرت إلى اسم كربلاء تسهيلاً للفظها، وبابل كما جاءت في نبوءة أشعيا هي (صحراء البحر)، وكانت في سهل متسع يقطعه الفرات، وفيها غدران كثيرة حتى لَيظن الناظر إليها بأنها صحراء طافية فوق بحر، فأطلق عليها هذا الاسم. وفي هذا التفسير شيء من المعقول، إذ إنّ كربلاء منطقة صحراوية حارة، وفيها الفرات وبعض الغدران وتسمية (صحراء البحر) فيها شبه كبير بتسمية (كور بابل)، فالكور معناه في العربية هو ذلك الجهاز الذي ينفخ الهواء فوق جمر الحدّاد؛ لإحماء الحديد، وبابل هي (الصحراء الحارة)، فصار اللفظ (كور بابل) يعني لهب صحراء بابل كلهب كور الحداد». (الحسين في الفكر المسيحي: 313 - 314). وقيل أيضاً: «كور بابل: كربلاء اسم قديم في التاريخ يرجع إلى عهد البابليين، وقد استطاع المؤرخون والباحثون التوصل إلى معرفة لفظة (كربلاء) من نعت الكلمة وتحليلها اللغوي، فقيل: إنها منحوتة من كلمة (كور بابل) العربية، وهي عبارة عن مجموعة قرى بابلية قديمة.... أمّا الأطلال الكائنة في شمال غربى كربلاء فتعرف ب(كربلاء (القديمة) يُستخرج منها أحياناً بعض الجِرار الخزفية، وكان البابليون يدفنون موتاهم فيها...». (دائرة المعارف الإسلامية الشيعية: 18 / 428 - 430)

(وَالغاضِريات لأنَّ غاضِرةْ***منْ أُسُدٍ قَدْ تَخِذَتْهُ حاضِرَةْ (1)

وفيهِ نَهْرٌ لَهُمُ أَوْ أَنْهُرْ***تُعْرَفُ في نسبتِهِمْ وتُشْهَرْ

ص: 65


1- الغاضرية: «بعد الألف ضاد معجمة منسوبة إلى غاضرة من بني أسد، وهي قرية من نواحي الكوفة قريبة من كربلاء (معجم البلدان: 183/4).

(ومَشْهَدُ الحُسَين) حَيْثُ اسْتُشْهدا***أَوْ حَيْثُ مَا يَشْهَدُهُ مَنْ شَهدا (1)

(وشَاطِيُّ الفراتِ) عمَّ ثمَّ خَصْ***لكنَّ هذا نادِرٌ لِمَنْ فَحَصْ

وطُولُه (الجنه) (2) (والعُرْضُ (لدم )(3)***لأَحدثِ الأرصادِ لا لِذي القِدَمْ

والحَدُّ مِنْهُ خَمْسَةُ الفراسِخْ***في مِثْلها حُرْمَةُ قَبْرِ شامِخْ (4)

وحُدَّ في أَرْبَعَةٍ بالمِثْلِ***وَوَجَّهوْهُ بازْديادِ الفَضْلِ

وذاكَ مِثْلُ ما يُوَجَّهُ الخَبَرْ***بالحائرِ المَحْدُودِ سَبْعَةَ عَشَرْ (5)

ص: 66


1- «المشهد: المكان الذي يكون مجمعاً للناس، أو مكان استشهاد الشهيد. واصطلاحاً: المكان الذي يكون فيه ضريح (مرقد) الإمام أو الولي». (معجم ألفاظ الفقه الجعفري: 392).
2- أي (33) درجة و (55) دقيقة. (الناظم)
3- أي (34) درجة و (40) دقيقة. (الناظم)
4- حريم قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عن أبي عبد اللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «حريم قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) خمسة فراسخ من أربعة جوانب القبر». (ينظر: من لا يحضره الفقيه: 2/ 579 ح 3167، تهذيب الأحكام: 6/ 71 ح 1/132).
5- وعن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً أنه قال: «حرم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذي اشتراه أربعة أميال في أربعة أميال، فهو حلال لولده ومواليه حرام على غيرهم ممن خالفهم، وفيه البركة». (ينظر: الكشكول للبهائى: 1/ 280، مستدرك الوسائل: 10/ 321). قال الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) - بعد أن أورد روايات عدة في حدّ حرم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بعضها: أنه خمسة فراسخ في مثلها، وفي بعضها: فرسخ في فرسخ، وفي أخرى: خمسة وعشرون، أو عشرون ذراعاً في كل ناحية من قبره (عَلَيهِ السَّلَامُ) - : «وليس في هذه الأخبار تناقض ولا تضاد، وإنما وردت على الترتيب في الفضل، وكان الخبر الأول غاية فيمن يحوز ثواب المشهد إذا حصل فيما بينه وبين القبر على خمسة فراسخ، ثم الذي يزيد عليه في الفضل من حصل على فرسخ، ثم الذي حصل على خمسة وعشرين ذراعاً، ثم من حصل على عشرين ذراعاً. وإذا كان المراد بها ما ذكرناه لم تتناقض ولم تتضاد». (تهذيب الأحكام: 72/6).

ص: 67

ص: 68

الفصل الأول: في أنّ الأنبياء مرّت بالطفّ

لَهُ مَعَال سَامياتُ الرُّتَبِ***قَدْ ظَهَرَتْ في سالفاتِ الحِقَبِ

لأنبياء اللّهِ جَلَّ وَعَلا***لَدَنْ يَمُرُّونَ بِأَرْضِ كَرْبَلا

فَتَغْتَدي لَهُمْ بِها عَاداتُ***كَمَا بِها أَخْبَرَتِ السَّادَات (1)

إذ ذَكَرُوا عَلَيْهِمُ السَّلَامُ***مِنْ فَضْلِهِ مَا نَقَلَ الأَعْلامُ

مَرَّ بِهِ آدَمُ يَمْشِي فَعَثَر***وسَأَل اللّهَ فَاُنْبِئَ الأَثرْ

بِأَنَّ سَبْطَ أَحْمَدٍ سَيُقْتَلُ***بِهِ فَظَلَّ بِاكِياً يَبْتَهِل (2)

ص: 69


1- السادات يعني بهم: أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
2- النبي آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء: «روي مرسلاً أنّ آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما هبط إلى الأرض لم يرَحوا، فصار يطوف الأرض في طلبها، فمرّ بكربلا فاغتمّ، وضاق صدره من غير سبب، وعثر في الموضع الذي قُتل فيه الحسين، حتى سال الدم من رجله، فرفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي هل حدث منّي ذنب آخر فعاقبتني به؟ فإني طفت جميع الأرض، وما أصابني سوء مثل ما أصابني في الأرض. فأوحى اللّه إليه: يا آدم ما حدث منك ذنب، ولكن يُقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلماً فسال دمك موافقة لدمه، فقال آدم: يا رب أيكون الحسين نبياً؟ قال: لا، ولكنه سبط النبي محمّد، فقال: ومن القاتل له؟ قال: قاتله يزيد لعين أهل السماوات والأرض، فقال آدم: فأيّ شيء أصنع يا جبرئيل؟ فقال: العنه يا آدم، فلعنه أربع مرات، ومشى خطوات إلى جبل عرفات فوجد حوا هناك». (بحار الأنوار: 242/44 ح 37).

وَمَرَّ نُوحٌ فَاسْتَدَارَ الفُلْكُ***مُضطَرباً فَخَيْفَ منْهُ الهَلْكُ

فَسَأَلَ اللّه ولَمَّا أُخبرا***ظَلَّ بحُزْن باكياً مُستَعبِرا(1)

ومَرَّ إبراهيم فيه فَكَبا***جوادُهُ حَتَّى هَوَى مُنقَلبا

فَقَالَ: يا ربِّ أكنتُ مُخطي***فقيل: لا لكنْ لِشَأْنِ السَّبْط

فَظَلَّ يَبْكِي بدموعِ العينِ***والقَلْبُ في حزنٍ على الحُسَينِ (2)

ص: 70


1- النبي نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء «رُوي أنّ نوحاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمّا ركب في السفينة طافت به جميع الدنيا، فلمّا مرّت بكر بلا أخذته الأرض، وخاف نوح الغرق، فدعا ربه وقال: إلهي، طفت جميع الدنيا وما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الأرض، فنزل جبرئيل وقال: يا نوح، في هذا الموضع يُقتل الحسين سبط محمّد خاتم الأنبياء، وابن خاتم الأوصياء، فقال: ومن القاتل له يا جبرئيل؟ قال: قاتله لعين أهل سبع سماوات وسبع أرضين، فلعنه نوح أربع مرات، فسارت السفينة حتى بلغت الجودي واستقرت عليه». (بحار الأنوار: 243/44 - 38).
2- النبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء: رُوي أن إبراهيم اللّه مرّ في أرض كربلا وهو راكب فرساً، فعثرت به وسقط إبراهيم وشُجّ رأسه وسال دمه، فأخذ في الاستغفار وقال: إلهي، أيّ شيء حدث منّي ؟ فنزل إليه جبرئيل وقال: يا إبراهيم، ما حدث منك ذنب، ولكن هنا يُقتل سبط خاتم الأنبياء، وابن خاتم الأوصياء، فسال دمك موافقة لدمه. قال: يا جبرئيل، ومن يكون قاتله؟ قال: لعين أهل السماوات والأرضين، والقلم جرى على اللوح بلعنه بغير إذن ربه، فأوحى اللّه تعالى إلى القلم: إنك استحققت الثناء بهذا اللعن فرفع إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) يديه ولعن يزيد لعناً كثيراً وأمن فرسه بلسان فصيح، فقال إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لفرسه: أيّ شيء عرفت حتى تؤمن على دعائي؟ فقال: يا إبراهيم، أنا أفتخر بركوبك عليّ، فلما عثرت وسقطت عن ظهري عظمت خجلتي، وكان سبب ذلك من يزيد لعنه اللّه تعالى» (بحار الأنوار: 243/44 ح 39).

ومَرَّ إسماعيلُ في أَنْعَامِهِ***فَامْتَنَعَ السَائِمُ عَنْ طَعَامه

فَقَالَ: يَا رَبِّ لِأَيِّ مَقْصَدْ***قيلَ: هُنا يُقْتَلُ سَبْطُ أحمد

فَظَلَّ يَبْكَيْهِ بِدَمْعِ هَتْنِ (1)***وأَضلُعٍ مَشْبوبةٍ بالحُزنِ (2)

ص: 71


1- يُقال : هتن المطر والدمع، إذا قطر متتابعاً. (ينظر: الصحاح: 2216/6).
2- النبي إسماعيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء: «روي أنّ إسماعيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) كانت أغنامه ترعى بشط الفرات، فأخبره الراعي أنها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوماً، فسأل ربّه عن سبب ذلك؟ فنزل جبرئيل وقال: يا إسماعيل سل غنمك فإنها تجيبك عن سبب ذلك ؟ فقال لها: لِمَ لا تشربين من هذا الماء؟ فقالت بلسان فصيح قد بلغنا أن ولدك الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سبط محمّد يُقتل هنا عطشاناً، فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزناً عليه، فسألها عن قاتله؟ فقالت: يقتله لعين أهل السماوات والأرضين والخلائق أجمعين، فقال إسماعيل: اللهم العن قاتل الحسين» (عَلَيهِ السَّلَامُ). (بحار الأنوار: 243/44 ح 40).

ومَرَّ مُوسى نَحْوَهُ ويُوشَعْ***فَانْقَطَعَ الشَّسْع وَسَالت إصبِعْ

فَقَالَ: يَا رَبِّ أَمِنْ ذَنّب هفا***قِيلَ: هُنا يُقْتَلُ سِبْطُ المُصْطَفَى

فَظَلَّ يَبْكِيْهِ بِقَلْبِ مُوجَعْ***وأَدْمُعِ جارية مع يوشَعْ (1)

وَمَرَّ عِیسَى بالحَواریِّينا***فَصَدَّهُم لَيْثٌ حَمَى العَرِينا

ص: 72


1- النبي موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) لو وصيه يوشع في كربلاء: «رُوي أنّ موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان ذات يوم سائراً ومعه يوشع بن نون، فلما جاء إلى أرض کربلا انخرق نعله وانقطع شراكه، ودخل الحسك في رجليه وسال دمه، فقال: إلهي، أيّ شيء حدث منّي ؟ فأوحى إليه أن هنا يقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهنا يُسفك دمه، فسال دمك موافقة لدمه، فقال ربّ، ومن يكون الحسين ؟ فقيل له : هو سبط محمّد المصطفى وابن علي المرتضى، فقال: ومَن يكون قاتله؟ فقيل : هو لعين السمك في البحار، والوحوش في القفار، والطير في الهواء، فرفع موسى يديه ولعن يزيد ودعا عليه، وأمّن يوشع بن نون على دعائه ومضى لشأنه». (بحار الأنوار: 44/ 244 ح 41).

فَقَالَ: يا رَبِّ أَمِنْ أَسْبَابِ***قِيلَ: هُنَا يُقْتَلُ لَيْثُ العَابِ

فَظَلَّ مَعْ كُلِّ حَوَارِي مَعَهُ***يَبْكِي وَيُبْكُونَ لِمَا قَدْ سَمِعَهُ (1)

ومَرَّ الأنبياء فِي تِلكَ السُّبُل***فشاركوا بالحُزْنِ هاتيك الرُّسُل (2)

ص: 73


1- النبي عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحواريوه في كربلاء: «روي أن عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان سائحاً في البراري ومعه الحواريون، فمروا بكربلا فرأوا أسداً كاسراً قد أخذ الطريق، فتقدم عيسى إلى الأسد، فقال له: لِمَ جلست في هذا الطريق؟ - وقال: - لا تدعنا نمر فيه؟ فقال الأسد بلسان فصيح: إني لم أدع لكم الطريق حتى تلعنوا يزيد قاتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). فقال عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ): ومن يكون الحسين؟ قال: هو سبط محمّد النبي الأمّي وابن علي الولي، قال: ومَن قاتله؟ قال: قاتله لعين الوحوش والذباب والسباع أجمع، خصوصاً أيام عاشورا، فرفع عيسى يديه ولعن يزيد ودعا عليه، وأمّن الحواريون على دعائه، فتنحّى الأسد الأسد عن طريقهم ومضوا لشأنهم». (بحار الأنوار: 44/ 244 ح 43).
2- النبي سليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء: «ورُوي أنّ سليمان كان يجلس على بساطه ويسير في الهواء، فمرّ ذات يوم وهو سائر في أرض كربلا، فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتى خاف السقوط، فسكنت الريح، ونزل البساط في أرض كربلاء. فقال سليمان للريح: لِمَ سكنتي ؟ فقالت: إن هنا يُقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال: ومن يكون الحسین؟ فقالت: هو سبط محمّد المختار، وابن على الكرار فقال ومن قاتله؟ قالت: لعين أهل السماوات والأرض يزيد، فرفع سليمان يديه ولعنه ودعا عليه وأمّن على دعائه الإنس والجن، فهبّت الريح وسار البساط». (بحار الأنوار: 44/ 244 ح 42).

ص: 74

الفصل الثاني: في أن نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مرّ بها وخبر أمّ سلمة

وجَاءَ نَحْوَهُ نَبِيُّ المَرْحَمَة***في خَبَرٍ رَوَتْهُ أُمُّ سَلَمَة (1)

ص: 75


1- أم المؤمنين (أم سلمة (رضیَ اللّهُ عنهُ)): هي هند بنت أبي أمية سهيل زاد الراكب بن المغيرة بن عبد اللّه ابن عمر بن مخزوم، زوجة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة ابن مالك بن خزيمة بن علقمة جذل الطعن بن فراس بن غنم بن مالك بن كنانة، زوجها الأول أبو سلمة عبد اللّه بن عبد الأسد المخزومي، أنجبت له سلمة، وعمر ودرة، وزينب. ثم تزوجها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، كانت (رضیَ اللّهُ عنهُ) أفضل أمهات المؤمنين بعد خديجة بنت خويلد (رضیَ اللّهُ عنهُ)، وهي مهاجرة جليلة ذات رأي وعقل وكمال وجمال، حالها في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) و الحسن والحسين (عَلَيهِما السَّلَامُ) أشهر من أن يُذكر، وأجلى من أن يُحرز شهد اللّه سبحانه وتعالى بفضلها ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). تُعدّ أم سلمة راوية من راويات الحديث، ويبلغ مسندها (378) حديثاً، وهي من رواة قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من كنت مولاه فعلي مولاه»، وهي من رواة حديث آية التطهير، أخرجه الشيخ الطوسي في (الأمالي)، وهي من رواة حديث الثقلين، ولها روايات أخرى. وقد أُختلف في وفاة أم سلمة (رضیَ اللّهُ عنهُ)، شأنها شأن الكثير من الصحابة. (الفصول المهمة في معرفة الأئمّة: 1/ 40 - 43 بتصرف يسير).

قالت: أتَى البيتَ صَبِيحَ المَطْلَعِ***فِي غُبرة مَزيجَةٍ بالجَزَعِ

وفِي يَدَيْهِ تُرْبَةٌ كَمَا هِي***فَقُلْتُ: مَا ذِي يَا رَسُولَ الله؟

قَالَ: أَتَى بِي جِبْرَئِيلُ كَرْبَلا***ثُمَّ أَرانِي مَصْرَعَ ابْنِي المُبْتَلَى

فَتِلْتُ مِنْ تُرْبَتِهِ المَبْرُورَةٌ***وَهَاكها فاسْتَودِعِي القارُورَة

فَإِنْ رأيتِها دِماءً تَنْعَتِلْ(1)***فَلْتَعْلَمِي أَنَّ الحُسَيْنَ قَدْ قُتِلْ

قَالَتْ: فَلَمْ تَزَلْ تَرَاهَا العَيْنُ***حَتَّى مَضَى لِكَرْبَلا الحُسَيْنُ

فَكُنتُ أرنُوها (2) صَبَاحاً ومَسَا***خَوْفاً عَلَى خَأمس أَصْحَاب الكا

وَجِئْتُها في عاشِرِ المُحرَّمْ ***وَهْيَ تَفُورُ عَنْ دَمٍ كَعَنْدَمْ (3)

ص: 76


1- غتل المكان كثر فيه الشجر فهو غتل. (القاموس المحيط: 23/4 بتصرف يسير). والظاهر أن المراد منها الكثرة، أي كثرة الدماء في القارورة.
2- الرنو: إدامة النظر مع سكون الطرف. أرنو: أي أديم النظر. (ينظر: لسان العرب: 339/14).
3- العندم: شجر أحمر، وقال بعضهم: العندم دم الغزال بلحاء الأرطى يطبخان جميعاً حتى ينعقدا فتختضب به الجواري. وقال الأصمعي:.... هو صبغ زعم أهل البحرين: أن جواريهم يختضبن به. (ينظر لسان العرب: 12/ 430).

فَصحْتُ وَيْلَتَاهُ في صَوْت رَتل(1)***فقيل : مَهيَم (2) قُلْتُ: فالسَّبْطُ قُتِلْ

فَقِيلَ: أَنَّى لَكِ هذا ؟ هَلْ قَدِمْ***طارٍ؟ فَقُلْتُ: لانْقِلابِ التُّرْبِ دَمْ

أَوْدَعَني هَذَا النَّبَا خَيْرُ البَشَرُ***ثُمَّ أَتَى الخُبْرُ فَصُدِّقَ الخَبر (3)

ص: 77


1- كلام رتل أي مرتّل حسن على تؤدة. وقيل: إنه ضد العجلة والتمكث فيه. وقيل: ترتل في الكلام أي ترسل (ينظر: لسان العرب: 11/ 265 بتصرف يسير).
2- أي: ما وراءك؟
3- إخبار أم سلمة بقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : روى الشيخ الطوسي في أماليه 314 - 316 ح 87/640 ما نصه: أخبرنا ابن خشيش، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا علي بن محمّد ابن مخلّد الجعفي من أصل كتابه بالكوفة، قال: حدّثنا محمّد بن سالم بن عبد الرحمن الأزدي، قال: حدّثني غوث بن مبارك الخثعمي، قال: حدّثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه -أبي المقدام -، عن سعيد بن جبير، عن عبد اللّه بن عباس، قال: «بينا أنا راقد في منزلي إذ سمعت صراخاً عظيماً عالياً من بيت أم سلمة زوج النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فخرجت يتوجه بي قائدي إلى منزلها، وأقبل أهل المدينة إليها الرجال والنساء، فلما انتهيت إليها قلت يا أم المؤمنين ما بالك تصرخين وتغوثين؟ فلم تجبني. وأقبلت على النسوة الهاشميات وقالت: يا بنات عبد المطلب، اسعدنني وابكين معي، فقد واللّه قُتل سيدكن وسيد شباب أهل الجنة، قد واللّه قُتل سبط رسول اللّه وريحانته الحسين فقيل : يا أم المؤمنين، ومن أين علمت ذلك؟ قالت: رأيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في المنام الساعة شعثاً مذعوراً، فسألته عن شأنه ذلك، فقال: قُتل ابني الحسين وأهل بيته اليوم فدفنتهم والساعة فرغت من دفنهم، قالت: فقمت حتى دخلت البيت وأنا لا أكاد أن أعقل، فنظرت فإذا بتربة الحسين التي أتى بها جبرئيل من كربلاء، فقال: إذا صارت هذه التربة دماً فقد قُتل ابنك، وأعطانيها النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال: اجعلي هذه التربة في زجاجة - أو قال في قارورة - ولتكن عندك، فإذا صارت دماً عبيطاً فقد قُتل الحسين، فرأيت القارورة الآن وقد صارت دماً عبيطاً تفور. قال: وأخذت أم سلمة من ذلك الدم فلطخت به وجهها، وجعلت ذلك اليوم مأتماً ومناحة على الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فجاءت الركبان بخبره، وأنه قُتل في ذلك اليوم».

رَوَاهُ عَنْها جُمْلَةُ الأكابر***كابنِ أبي الحَدِيدِ (1) والعَسَاكِرِي (2)

وَشَكَ مَنْ تَأَخَرُوا فِي الْأَزْمِنَة***بِمَوتِها قَبْلَ الحُسَيْنِ بِسَنَة (3)

تَدْفَعُهُ مَقَالَةُ الرَّاوينا***بِأَنَّها قَدْ جَازَتِ السِّتّيْنا (4)

ص: 78


1- لم اهتدِ إليه في شرح ابن أبي الحديد، ولم يُروَ عنه، وقد رواه ونحو منه معظم محدِّثي العامة والخاصة.
2- أخرج الحافظ ابن عساكر نحو هذا الحديث في (تاريخ مدينة دمشق) بأسانيد متعددة في 189/14-194 وفي 238/14 فلاحظ.
3- الطبري في (المنتخب من ذيل المذيل: 96) عن ابن عمر أنها رحمها اللّه ماتت في شوال سنة 59... .
4- تاريخ وفاة أم سلمة (رضیَ اللّهُ عنهُ) : قال ابن حجر في (الإصابة: 344/8): «قال الواقدي: ماتت في شوال سنة تسع وخمسين وصلّى عليها أبو هريرة، ولها أربع وثمانون سنة، كذا قال، وتلقّاه عنه جماعة، وليس بجيد، فقد ثبت في صحيح مسلم أنّ الحارث ابن عبد اللّه بن أبي ربيعة وعبد اللّه بن صفوان دخلا على أم سلمة في ولاية يزيد بن معاوية، فسألاها عن الجيش الذي يُخسف به... الحديث، وكانت ولاية يزيد بعد موت أبيه في سنة ستين. وقال ابن حبّان: ماتت في آخر سنة إحدى وستين بعدما جاءها الخبر بقتل الحسين بن علي. قلت: وهذا أقرب. قال محارب بن دثار: أوصت أم سلمة أن يصلّي عليها سعيد بن زيد، وكان أمير المدينة يومئذ مروان بن الحكم، وقيل: الوليد بن عتبة بن أبي سفيان. قلت: والثاني أقرب؛ فإنّ سعيد بن زيد مات قبل تاريخ موت أم سلمة على الأقوال كلها، فكأنها كانت أوصت بأن يصلّي سعيد عليها في مرضة مَرضَتْها، ثم عوفيت ومات سعيد قبلها». وقال في صفحة 407 من الجزء نفسه: «وقال أبو نعيم ماتت سنة اثنتين وستين، وهي من آخر أمهات المؤمنين موتاً. قلت: بل هي آخرهن موتاً، فقد ثبت في صحيح مسلم أن الحارث بن عبد اللّه ابن أبي ربيعة وعبد اللّه بن صفوان دخلا على أم سلمة في خلافة يزيد بن معاوية، فسألاها عن الجيش الذي يُخسف به، وكان ذلك حين جهز يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة بعسكر الشام إلى المدينة، فكانت وقعة الحرّة سنة ثلاث وستين، وهذا كله يدفع قول الواقدي». وقد ذهب الصفدي في (الوافي بالوفيات (27 /229) إلى أبعد من ذلك، إذ قال: «قال بعضهم: توفيت سنة تسع وخمسين، وهو غلط، وتوفيت في حدود السبعين للهجرة». وقال ابن كثير في (البداية والنهاية : 234/8): «قلت: والأحاديث المتقدمة في مقتل الحسين تدل على أنها عاشت إلى ما بعد مقتله، واللّه أعلم».

ص: 79

ص: 80

الفصل الثالث: في أنّ عليّا (عَلَيهِ السَّلَامُ) مرّ بها وخبر ابن عبّاس

وَجَاءَ نَحْوَهُ عَليُّ المُرتَضَى***فِي جُنْدِهِ حِيْنَ لِصِفِّينَ مَضَى

فَقَدْ رَوَى ذَانَكَ كَالصَّدُوقِ***عَن ابْن عَبّاس الفَتَى المَوْثُوقِ (1)

قَالَ: نَزَلْنَا كَرْبَلا وفينا***أبو الحُسَيْنِ يَنتَحِي صِفِّينا

فَقَامَ فِيْهَا ثُمَّ قَالَ: اطْلُبْ لِي***بَعْرَ الظَّبا الأَصْفَرَ في المَحَلَّ

ص: 81


1- عبد اللّه بن عباس (رضیَ اللّهُ عنهُ): «عبد اللّه بن العباس بن عبد المطلب (رضیَ اللّهُ عنهُ)، أمه لبانة بنت الحارث بن الحزن، أخت ميمونة زوج النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). قال العلّامة الحلي: كان محباً لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وتلميذه، حاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أشهر من أن يُخفى.... ذكروا أنه ولد بمكّة قبل الهجرة بثلاث سنين ودعا له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بالفقه والتأويل، وكان خبر هذه الأمة وترجمان القرآن وكان عمر يقربه ويشاوره مع جملة الصحابة. كُفّ بصره في أواخر عمره وتُوفّي بالطائف سنة (68ه)، وله تفسير مطبوع، ورُوي عن محمّد بن أمير المؤمنين أنه قال حين مات ابن عباس: اليوم مات رباني هذه الأمة». (الكنى والألقاب: 346/1 - 348، خلاصة الأقوال 190).

تَجِدْهُ مِثْلَ الزَّعْفَرانِ صُفْرَة***وكالعبير إِنْ شَمَمْتَ نَشْرَة

فَجِئْتُهُ بِهِ كَمَا لَهُ وَصَفْ***فَسَالَ دَمْعُ العَيْنِ مِنْهُ وَوَكَفْ (1)

قُلتُ: لماذا؟ قَالَ لِي: لَوْ تَدْرِي***لَسَألَ مِنْكَ الدَّمْعُ فَوقَ الصَّدْرِ

طَافَ بهَذا الطَّفِّ عيسى الرُّوحُ***والعُفْرُ (2) تَغْدُو وَلَهُ تَرُوْحُ

وَبَعْرُهَا مِنَ الأَريج يَدْكُو***كَأَنَّهُ فِي طِيْبِ نَشْرِ مِسْكَ

فَقَالَ: تَبْقِيْنَ بِجَنبِ الشَّطِّ؟***قالتْ: إلَى أَنْ يَفْتَكُوا بالسِّبْطِ

ثُمَّ بَكَتْ وَظَلَّ مَعْهَا يَبْكي***وَشَمَّ مِنْ أَريج ذاك المِسكِ

وقَدْ َتمَنَّى وَحَوَاریُّوهُ***بِأَنْ يَشَمَّ طِيْبَهُ أَبَوْهُ

فَحَاطَهُ لأَجْلِهِ مُنْشِي العَدَم***وَهَذه الصفْرَةُ منْ ذَاكَ القَدَم

صِرْهُ إليْكَ حَافظاً مُحِيطا***فإِنْ رَأَيْتَهُ دَمَاً عَبيْطَا

فَاعلَمْ بَأَنَّ ابْنِي الحُسَيْنَ قَدْ قُتِلْ***قَالَ ابْنُ عَبّاس: فكنتُ أَسْتَهِل (3)

حَتَّى إذا مَا الطَّفْ كَانَ كَوْنُهُ***وَجَدْتُهُ قَدْ اسْتَحَالَ لَوْنَهُ

ص: 82


1- يقال: وكف البيت بالمطر، ووكفت العين بالدمع إذا تقاطر. (ينظر: لسان العرب: 363/9).
2- العفر: من الظباء التي يعلو بياضها حمرة، قصار الأعناق. (ينظر: الصحاح: 752/2).
3- يقال: استهل هو بمعنى تبين. (ينظر: الصحاح : 752/2).

وَصَارَ كَالدَّمِ العَبِيْطِ فِي النَّدَى***فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ النَّبِيِّ اسْتُشْهِدَا

ثُمَّ أَتَانَا خَبَرُ الحُسَيْن***في ذلك الحِينِ وَذَاكَ الحِينِ (1)

ص: 83


1- ابن عباس مع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند نزوله بنينوى بشط الفرات: روى الصدوق في (أماليه: 693 - 696 ح 951/ 5) ما نصه: حدّثنا محمّد بن أحمد السناني (رضیَ اللّهُ عنهُ)، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان، قال: حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال: حدّثنا تميم بن بهلول، قال: حدّثنا علي بن عاصم، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كنت مع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في خروجه إلى صفين، فلما نزل بنينوى - وهو شط الفرات -، قال بأعلى صوته: يابن عباس أتعرف هذا الموضع ؟ فقلت له: ما أعرفه يا أمير المؤمنين فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي، قال فبكى طويلاً حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره، وبكينا معاً، وهو يقول: أوه أوه، ما لي ولآل أبي سفيان، ما لي ولآل حرب، حزب الشيطان وأولياء الكفر، صبراً - يا أبا عبد اللّه - فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم. ثم دعا بماء فتوضّأ وضوءه للصلاة وصلّى ما شاء اللّه أن يصلّي، ثم ذكر نحو كلامه الأول إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة، ثم انتبه فقال: يابن عباس، فقلت: ها أنا ذا، فقال: ألا أحدّثك بما رأيت في منامي آنفاً عند رقدتي؟ فقلت: نامت عيناك ورأيت خيراً يا أمير المؤمنين. قال: رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض، قد تقلّدوا سيوفهم، وهي بيض تلمع، وقد خَطّوا حول هذه الأرض خطة، ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض تضطرب بدم عبيط، وكأني بالحسين سخلي وفرخي ومضغتي ومخي قد غرق فيه، يستغيث فلا يُغاث، وكأنّ الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه ويقولون صبراً آل الرسول، فإنكم تُقتلون على أيدي شرار الناس وهذه الجنّة - يا أباعبداللّه - إليك مشتاقة. ثم يعزّونني ويقولون: يا أبا الحسن، أبشر، فقد أقرّ اللّه به عينك يوم القيامة، يوم يقوم الناس لربّ العالمين، ثم انتبهت هكذا. والذي نفس علي بيده، لقد حدّثني الصادق المصدّق أبو القاسم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أني سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا، وهذه أرض كرب وبلاء، يُدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلاً من ولدي وولد فاطمة، وأنها لفي السماوات،معروفة تُذكر أرض كرب وبلاء كما تُذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس. ثم قال: يابن عباس اطلب لي حولها بعر الظباء، فواللّه ما كَذبت ولا كُذبت، وهي مصفرة، لونها لون الزعفران. قال ابن عباس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديته يا أمير المؤمنين، قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي. فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) صدق اللّه ورسوله. ثم قام (عَلَيهِ السَّلَامُ) يهرول إليها، فحملها وشمّها، وقال: هي هي بعينها، أتعلم - يابن عباس - ما هذه الأبعار؟ هذه قد شمّها عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وذلك أنه مرّ بها ومعه الحواريون فرأىها هنا الظباء مجتمعة وهي تبكي فجلس عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجلس الحواريون معه فبكى وبكي الحواريون وهم لا يدرون لِمَ جلس ولِمَ بكى. فقالوا: يا روح اللّه وكلمته، ما يبكيك؟ قال: أتعلمون أيّ أرض هذه؟ قالوا: لا، قال: هذه أرض يُقتل فيها فرخ الرسول أحمد وفرخ الحرة الطاهرة البتول شبيهة أم-ي، ويُلحد فيها، طينة أطيب من المسك؛ لأنها طينة الفرخ المستشهد، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء، فهذه الظباء تكلّمني وتقول: إنها ترعى في هذه الأرض شوقاً إلى تربة الفرخ المبارك، وزعمت أنها آمنة في هذه الأرض. ثم ضرب بيده إلى هذه الصيران فشمّها وقال هذه بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها، اللهم فأبقها أبداً حتى يشمها أبوه فتكون له عزاء وسلوة، قال: فبقيت إلى يوم الناس هذا وقد اصفرت لطول زمنها، وهذه أرض كرب وبلاء. ثم قال بأعلى صوته يا ربّ عيسى بن مريم لا تبارك في قتلته، والمعين عليه والخاذل له، ثم بكى بكاءً طويلاً وبكينا معه حتى سقط لوجهه وغُشي عليه طويلاً، ثم أفاق، فأخذ البعر فصره في ردائه، وأمرني أن أصرّها كذلك، ثم قال: يابن عباس إذا رأيتها تنفجر دماً عبيطاً ويسيل منها دم عبيط، فاعلم أن أبا عبد اللّه قد قُتل بها ودُفن. قال ابن عباس: فواللّه لقد كنت أحفظها أشد من حفظي لبعض ما افترض اللّه (عزّوجلّ)عليّ، وأنا لا أحلّها من طرف كمي، فبينما أنا نائم في البيت إذ انتبهت فإذا هي تسيل دماً عبيطاً، وكان كمي قد امتلأ دماً عبيطاً، فجلست وأنا باك، وقلت: قد قُتل واللّه الحسين، واللّه ما كذبني علي قط في حديث حدّثني، ولا أخبرني بشيء قط أنه يكون إلا كان كذلك؛ لأن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره، ففزعت وخرجت، وذلك عند الفجر، فرأيت واللّه المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين، ثم طلعت الشمس فرأيت كأنها منكسفة، ورأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط، فجلست وأنا باكٍ، فقلت: قد قتل واللّه الحسين، وسمعت صوتا من ناحية البيت وهو يقول: اصبروا آلَ الرسولْ***قُتِل الفرخُ النحولْ نزلَ الروحُ الأمينْ***يبكاءٍ وعويلْ ثم بكى بأعلى صوته وبكيت، فأثبت عندي تلك الساعة، وكان شهر المحرم يوم عاشوراء لعشر مضين منه، فوجدته قُتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك، فحدّثت هذا الحديث أولئك الذين كانوا معه فقالوا: واللّه لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة، ولا ندري ما هو فكنا نرى أنه الخضر (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

ص: 84

ص: 85

ص: 86

وَشَكَ مَنْ قَالَ بِضَعْف مَا نُقل***بأَنَّهُ أَعْمَى فَكَيْفَ يَسْتَهِلْ؟

يَدْفَعُهُ أَنَّ العَمَى تَأَخَّرَا***إِذْ هُوَ مَانَعَ الحُسَيْنَ السَّفَرا

وَإِنَّهُ تَعَاهَدَ المَوالي***إِنْ نَحْنُ صَدَّقْناهُ في الأقوال (1)

ص: 87


1- يدفع ذلك أيضاً - أي العمى - ما ذكره المحدّثون والمؤرّخون ومنهم: ابن حجر في (الإصابة: 121/4)، وابن عبد البر في الاستيعاب : (3/ 934)، والصفدي في (الوافي: 17/ 123) وغيرهم: أنه تُوفّي سنة 68 وهو ابن 71، أو 72، أو 74، وأنه قد عُمي في آخر عمره، ولا يخفى أنه بين مقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) و بين وفاة ابن عباس ما يقرب من الثمان سنين، فلا يُبعد أن يكون قد عُمي في آخر سنين عمره بعد واقعة كربلاء. قال الطبري في تاريخه ما نصه: «قال أبو مخنف وحدّثني الحارث بن كعب الوالبي، عن عتبة بن سمعان أن حسيناً لما أجمع المسير إلى الكوفة أتاه عبد اللّه بن عباس فقال: يابن عم، إنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق، فبيّن لي ما أنت صانع ؟ قال: إني قد أجمعت المسير في أحد يومَي هذين إن شاء اللّه تعالى. فقال له ابن عباس: فإني أعيذك باللّه من ذلك، أخبرني رحمك اللّه أتسير إلى قوم قد قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم؟ فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسِر إليهم، وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر لهم، وعماله تجبى بلادهم، فإنهم إنما دعوك إلى الحرب والقتال، ولا آمن عليك أن يغرّوك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك، وأن يستنفروا إليك فيكونوا أشد الناس عليك. فقال له الحسين: وإني استخير اللّه وينظر ما يكون؟ قال: فخرج ابن عباس من عنده...». (مقتل الحسين لأبي مخنف : 63، عنه تاريخ الطبري: 4/ 287).

ص: 88

الفصل الرابع: في خبر هرثمة عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)

وَقَدْ رَوَوْا أَيْضاً بِأَنَّ هَرْثِمَةً***قَدْ عَادَ من صفِّينَ بَعْدَ المَلْحَمَة

مَعَ الوَصِي وأتَى لِدَارِهِ***فَقَال يَا جَرْدَاء في حِوَارِهِ

لزَوْجَةٍ تَرَى الوَصِيَّ حَيْدَرَا***وَهُوَ خِلَاف رَأْيها فِيْمَا تَرَى

لَوْ تَسْمَعِيْنَ مَا سَمِعْتُ مِنْ عَلِيْ***وَمَا رَأَيْتُ مَا اتَّخَذْتِهِ وَلِي

مَرَّ بّكَربلَا فَصَلَّى وَبَكَى***وَقَالَ: واهِ لَكَ مِنْ تُرْبِ زَكَا

يُسَاقَ مِنْهُ خَيْرُ أَهْلِ الأرْضِ***إلى جنَانِ الخُلْدِ يَوْمَ العَرْضِ

بِلَا حِسَابِ وَبِلَامِيزَانِ***ولا صِرَاطِ بَلْ إِلَى الجِنَانِ

أُولئك الذيْنَ باعُوا الأَنْفُسا***للّه واعتاضُوا الثوابَ الأَنْفَسا

ليسَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَثْیلِ***قَدْ قُتِلُوا بِطاعَةِ الجَلِيلِ

أَلَا تَرَيْنَ فِي المَقَالِ الرَّيْبَا إ***ِذْ لَيْسَ يَعْلَمُ الوَصِيُّ الغَيْبَا

قَالَتْ: فَلَا يَقُولُ إِلَّا صِدْقَا***فَهْوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَقَّا

فَمَا قَضَى مِنَ الزَّمَانِ أَمَلَهْ***إِلا وَبَعْثُ ابْنِ زِيَادِ شَملَةْ

ص: 89

وَجَاءَ كَرْبَلًا لحرب السِّبطّ***وَرَهْطه الأطهار خَير رَهْطِ

فاذَكَرَ القولُ الذي كَانَ وَعَى***وأَخْبَرَ السَّبْطَ بِمَا قَدْ سَمِعَا

قالَ: فَهَلْ تَنْصُرُنَا فَقَالَ: لا***أَخْشَى على أَخْشَى على أَهْلي وَولدي الأَجَلا

قَالَ: فَأَبْعِدُ حَيْثُ لا تَسْمَعُ لي***صَوْتاً وَلَا وَاعِيَةً مِنْ مَنْزِلي

فإِنَّ مَنْ يَسْمَعُ تِلكَ الواعِية***وَلَمْ يُجِبْ يَصْلَ بنار حامية

قَالَ: فَأَبْعَدْتُ فِي الْأَرْضِ ضَرْبا***وَمَا شَهِدْتُ مِنْهُ تلْكَ الحَرْبا

حِيْنَ وَجَدْتُ القَوْلَ مِنْ أَبِي الحَسَنُ***قَدْ صَحَّ لِي مُشَاهِداً بِذَا الزَّمَنْ

والقَوْلُ منهُ ابعُدْ عَن الحَرْب أَسَدْ***فإن هذا الشَّيْلَ مِنْ ذَاكَ الأَسَد

وَمَا أَسِفْتُ طَوْلَ عُمْرِي كَالأَسَفْ***عَلَى فَوَاتِ نَصْرِهِ حِيْنَ ازْدَلَف (1)

ص: 90


1- حديث الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن كربلاء عند منصرفه من صفين: قال الشيخ الصدوق في (أماليه : 1998 - 200 ح 7/213) حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدّثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا...، عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم، قال: «غزونا مع علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) الصفين، فلمّا انصرفنا نزل كربلاء فصلّى بها الغداة، ثمّ رفع إليه من تربتها فشمّها، ثمّ قال: واهاً لك أيتها التربة، ليحشرنّ منك أقوام يدخلون الجنّة بغير حساب. فرجع هرثمة إلى زوجته، وكانت شيعة لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: ألا أحدّثك عن وليّك أبي الحسن؟ نزل بكربلا فصلّى ثم رفع إليه من تربتها، وقال: واهاً لك أيتها التربة ليحشر منك أقوام يدخلون الجنّة بغير حساب قالت: أيها الرجل، فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقاً. فلما قدم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال هر ثمة كنت في البعث الذين بعثهم عبيد اللّه بن زياد، فلمّا رأيت المنزل والشجر ذكرت الحديث، فجلست على بعيري، ثم صرت إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسلّمت عليه وأخبرته بما سمعت من أبيه فى ذلك المنزل الذي نزل به الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال: معنا أنت أم علينا؟ فقلت: لا معك ولا عليك، خلّفت صبية أخاف عليهم عبيد اللّه بن زياد. قال: فامضِ حيث لا ترى لنا مقتلاً، ولا تسمع لنا صوتاً، فوالذي نفس الحسين بيده، لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلا كبّه اللّه لوجهه في جهنم».

ص: 91

ص: 92

الفصل الخامس: في خبر شيبان عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)

وَقَدْ رَوَوْا كَذَاكَ عَنْ شَيْبَان***وَوَصَفُوهُ بالعَدُوِّ الشَّانِي

قَالَ: أَتَى عَلِيُّ ارْضَ كَربلا***فَقَالَ: هذي أَرْضِ كَرْبِ وَبَلَا

يُقْتَلُ فيها سُعَدَاءٌ شُهَدَا***فَيَفْتَحُونَ الوَرَى بَابَ الهُدَى

لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الثّرَى مَثْیلُ***لَهُمْ بِمَا نَالُوا وَمَا أُنيْلُوا

وَسَارَ ناظراً لتلك التُربَة***فَقُلْتُ: كِذبةٌ وَرَبِّ الكَعْبَة

وَرُحْتُ فِي عِظَامِ جَابِ (1) قَدْ بُلِي***حَتَّى دَفَنَتُها بِمُنتَدَى عَلِي

وَبَعْدَ مَا جِئْنَا لِقَتْلِ نَجْلِه***وَقَتَلُوهُ قُمْتُ فِي مَحَلَّه

ثُمَّ ذَكَرْتُ لِلْأُولَى مَعِي الخَبَرْ***الخَبَرْ فَفَتَّشُوا مَعي عَلَى ذَاكَ الأَثَرْ

حَتَى وَجَدْنَاهُ بِجَنْبِ الجَسَدِ***مُقارباً لجسْمه لَمْ يَبْعُد

وَرَهْطُهُ المُسْتَشْهَدُوْنَ حَوْلَهُ***فَصَدَّقَ اللّه تَعَالَى قَوْلَهُ (2)

ص: 93


1- الجاب الحمار. (ينظر : لسان العرب: 248/1).
2- روى الطبراني في (معجمه الكبير : 3/ 111 ح 2826)، ما نصه: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الحضرمي، حدّثنا محمّد بن يحيى بن أبي سمينة، حدّثنا يحيى بن حماد، حدّثنا أبو عوانة، عن عطاء بن السائب عن ميمون بن مهرا، عن شيبان بن مخرم - وكان عثمانياً - (وفي تاريخ ابن عساكر: قال ميمون: وكان عثمانياً يبغض عليّاً)، قال: «إني لمع علي (رضیَ اللّهُ عنهُ)إذ أتى كربلاء، فقال: يُقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم شهداء إلا شهداء بدر. فقلت بعض كذباته، وثم رجل حمار ميت، فقلت لغلامي: خذ رجل هذا الحمار فأوتدها في مقعده وغيبها، فضرب الدهر ضربة، فلما قتل الحسين بن علي (رضیَ اللّهُ عنهُ)انطلقت ومعي أصحاب لي، فإذا جثة الحسين بن علي (رضیَ اللّهُ عنهُ)على رجل ذاك الحمار وإذا أصحابه ربضة حوله».

وَقَدْ رَوَى بَعْضُ بِأَنَّ سِدْرَةٌ***قَدْ أَسْنَدَ الظُّهْرُ إِلَيْهَا صَدْرَهُ

وأَنَّها كَانَتْ هي العلّامة وَصَدَقَ اللّه بِهَا كَلَامَهُ (1)

حيْنَ رَأَى شَيْبَانُ ذَلكَ الجَسَدٌ***وَهْيَ لَدَيهِ بِانْحِنَاءِ وَإِوَدْ

وَأَنَّهَا هِيَ التِي قَدْ قَطعَتْ***وَسَمِعَتْ بِهَا الرُّواةُ وَوَعَت (2)

هَذَا وَكَفْكَفْتُ عَنَانَ مَا وَرَدْ***لأَنه يُخْرِجُنِي عَنِ الصَّدَدْ

ص: 94


1- ذكر العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في (بحاره: 113/63) ما نصه: «... وأنه كانت سدرة عند قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكانت علامة قبره فقطعها بعض الخلفاء ليعمي أثر قبره، فالملعون قاطع تلك السدرة، وهي من معجزاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
2- ينظر ما ورد في حرث القبر وقطع السدرة التي بجواره (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الباب الثالث: (في تعيين القبر وماجرياته...).

الباب الثاني: في أنّ تربة الحسين شفاء

اشارة

ص: 95

ص: 96

إشارة:

بابٌ بذِكْرِ تُربةِ الحُسَيْن

فِي أنّها الشِّفا لِدَاءِ الحِينِ

قَدْ أَوْدَعَ الحَكِيمُ سِرّاً فِي الثَّرَى***وَرَبِّما أَظْهَرَ مِنْهُ الأَثَرَا

لكِنْ عَلَيْهِ أَطْلَعَ الهَادِيْنَا***لِيَنْفَعُوا دُنْيَا بِهِ وَدِينَا

فَانْظُرْ إِلَى مَعَادن الأَحْجَار***وَمَا بِهَا مِنَ السُّعُودِ الجَارِي

فَمَنْهُ جَوْهَرٌ وَمِنْهُ ذَهَبُ***وَمِنْهُ كَبْرِيْتٌ وَمَنْهُ لَهَبٍ (1)

ص: 97


1- من نِعمِه تعالى التي أودعها في الأرض: خلق اللّه تبارك وتعالى الأرض وأودع فيها من النعم والخيرات ما يعجز البشر عن عدها وإحصائها، ومن تلك النعم المعادن التي استطاع الإنسان أن يكتشف منها ما استطاع أن يكتشفه، وأن ينتفع منها وتصبح جزءاً من ضروريات حياته: كالنفط، والحديد والذهب والفضة والنحاس والكبريت... وغيرها. وخفي عليه ما خفي، وحتى المكتشَف منها لم يستطع البشر أن يدرك أسرار وخواص ومنافع بعضها، ومن تلك المعادن الأحجار الكريمة، حيث تتكون بعضها في باطن الأرض على أعماق مختلفة، وقد تتحد عناصر أخرى أو تكون في صورة حرة، مثل الألماس الذي يوجد في بعض الأحيان على عمق (160 م) تقريباً، ويخرج ضمن الحمم البركانية وناتج الزلازل الأرضية. وأمّا البعض الآخر، فتتكون في المملكة الحيوانية حيث تُستخرج من قاع البحر، مثل المرجان، واللؤلؤ الذي كان يعد من أجمل وأغلى الأحجار الكريمة في الماضي، كما تمنحنا المملكة النباتية الكهرمان الأصفر الجميل. ومن أهم تلك الأحجار وأكثرها تداولاً: الألماس، الزبرجد، الزمرد، اللؤلؤ، الفيروزج المرجان، الجزع، العقيق بأنواعه الأحمر والأصفر. أمّا خواص هذه الأحجار ومنافعها فيُستفاد من الكثير من الروايات التي تناقلها المحدِّثون والمصنفون، وقد أفردوا لها أبواباً وفصولاً، منها ما أورده الشيخ الكليني في كتابه الكافي: (6/ 470 – 472، باب العقيق، باب الياقوت والزمرد، باب الفيروزج، باب الجزع اليماني والبلور...)، فليراجع.

وَانْظُرْ إِلَى مَكَّةَ دُونَ غَيْرِها***وَرَوْضِ أَكْرَمِ المَلَا وَخَيْرِها

وَرَوْضِ عِشْرَةِ النَّبِيَّ العَرَبِي***وَمَاسِوَاهَا فِي اخْتِلَافِ الرُّتَبِ (1)

ص: 98


1- أي ما فُضّلت به أرض مكة المكرمة؛ وذلك لتشرفها بالبيت الحرام، ومقام إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومهبط الوحي والرسالة، فضلاً على ولادة ونشأة النبي الأكرم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في ربوعها وشعابها إلى غير ذلك مما خصّها اللّه تعالى دون غيرها، وأيضاً أرض المدينة المنورة؛ لتشرّفها باحتضان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ونزول الوحي، فضلاً على ضمّها لجسده الأطهر وأجساد عددٍ من أهل بيته الطاهرين: كولده إبراهيم، وبنته الصديقة الطاهرة، وأربعة أئمة من ذريته (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وغيرهم من أهل بيته، وخيار صحابتهالمنتجبين، والذين أتبعوه بإحسان (رضیَ اللّهُ عنهُ). وهنا نورد بعض ما نزل من الآيات وما ورد من الأحاديث في فضل مكة المكرمة والمدينة المنورة فضل مكة المكرمة: قال تعالى: «رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ» [إبراهيم: 37]. وقال تعالى: «وَقالُوا إِنْ نَتَّبع الهُدى مَعَكَ تُتَخَطَّفَ منْ أَرْضنا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَماً آمناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْء رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» [القصص: 57]. وقال تعالى: «إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذه البَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ وَأَمَرْتُ أَنْ أَكُونَ منَ المُسْلِمينَ» [النمل: 91] وقال تعالى: «لا أُقسِمُ بِهَذَا البَلَدِ*وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ» [البلد: 1 - 2 ]. وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إن مكة بلد عظّمه اللّه وعظم حرمته خلق مكة وحفّها بالملائكة قبل أن يخلق شيئاً من الأرض يومئذ كلها بألف عام، ووصل المدينة ببيت المقدس، ثم خلق الأرض كلّها بعد ألف عام خلقاً واحداً». (الدر المنثور للسيوطي: 124/1). وعنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) - مخاطباً لمكة -: «ما أطيبك من بلد وأحبك إليّ! ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك. (ينظر سنن الترمذي : 5/ 380 ح،4018، كنز العمال: 12/ 200 ح 34656). وعن الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «النائم بمكة كالمتهجد في البلدان». (من لا يحضره الفقيه 2/ 228 ح 2261). وعن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أحب الأرض إلى اللّه تعالى مكة، وما تربة أحب إلى اللّه (عزّوجلّ) من تربتها، ولا حجر أحب إلى اللّه (عزّوجلّ) من حجرها، ولا شجر أحب إلى اللّه (عزّوجلّ) من شجرها، ولا جبال أحب إلى اللّه (عزّوجلّ) من جبالها ولا ماء أحب إلى اللّه(عزّوجلّ) من مائها». (من لا يحضره الفقيه: 243/2 - 2304). وعنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «إنّ إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان نازلاً في بادية الشام... فأوحى اللّه إليه... ثم أمره أن يخرج إسماعيل وأمه، فقال – إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) - : يا ربّ، إلى أي مكان؟ قال: إلى حرمي وأمني، وأول بقعة خلقتها من الأرض، وهي مكة...». (ينظر: تفسير القمي: 60/1). فضل المدينة المنورة: وعنه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)]: «لكل نبي حرم، وحرمي المدينة». (مسند أحمد: 318/1). وعن رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] «إنّ اللّه تعالى أمرني أن أسمي المدينة طيبة». و عنه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] «من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل فإني أشفع لمن يموت بها». وعنه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] «إن إبراهيم حرّم مكّة ودعا لها، وحرّمتُ المدينة كما حرم إبراهيم مكّة، ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكّة». وعن رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] «المدينة مهاجري ومضجعي من الأرض، وحقّ على أمتي أن يكرموا جیرانی ما اجتنبوا الكبائر...». (ينظر: كنز العمال: 232/12 ح 34808، 238 ح 34840، 241 ح 34860، 246 ح 34885).

ص: 99

ص: 100

تجد بِبَعْضِ التُّرْبِ فَضْلاً وَشَرَفْ***لا يَنْتَهِي واصِفُهُ إِلَى سَرَفْ (1)

ص: 101


1- السجود على التربة: «عن ابن عيينة قال: سمعت رزين مولى ابن عباس يقول: كتب إليّ علي بن عبد اللّه ابن عباس (رضیَ اللّهُ عنهُ): أن ابعث إليّ بلوح من أحجار المروة أسجد عليه. وهذا الخبر يعطي تقيد علي بن عبد اللّه بالسجود على الحجر، وتبركه بحجر المروة في سجوده في صلاته...». (السجود على الأرض: 66). «قال السمهودي في كتابه (وفاء الوفاء: 2/ 544): كانوا - يعني الصحابة وغيرهم- يأخذون من تراب القبر - يعني قبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) - فأمرت عائشة فضُرب عليهم، وكانت في الجدار كوة فكانوا يأخذون منها، فأمرت بالكوة فسُدّت. ومعلوم أنّ منعها لهم لم يكن إلا ؛ لأن أخذ التراب دائماً يوجب خراب البقعة المباركة، لا لأنه شرك؛ لأنه لو كان لذلك لصرّحت به ولأنكره الصحابة، كيف والآخذ هم، فيهم الصحابي وغيره، وطبعاً بمرأى منهم وبمسمع. وفي (وفاء الوفاء) أيضاً: ج 1 ص 69 عن نزهة الناظرين للبرزنجي ص 116 ط مصر في البحث عن حرمة المدينة، وحكم إخراج ترابها قال: ويجب على من أخرج شيئاً من ذلك - يعني تراب المدينة - ردّه إلى محله، ولا يزول عصيانه إلا بذلك ما دام قادراً عليه.... وقد رُوي أنه قد دُفن حمزة في أُحد وكان يسمّى سيّد الشهداء، وصاروا يسجدون على تربته. ورُوي أيضاً: أنّ فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كانت مسبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات فكانت (عَلَيهَا السَّلَامُ) تديرها بيدها تكبّر وتسبّح إلى أن قُتل حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء، فاستعملت تربته وعملت المسابيح فاستعملها الناس، فلمّا قُتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عُدِل بالأمر إليه فاستعملوا تربته؛ لما فيها من الفضل والمزية». (السجود على الأرض: 133، وينظر مكارم الأخلاق 281، بحار الأنوار: 82/ 333). السجود على التربة الحسينية: ولمزيد من الإفادة والاستفادة أرى أن أنقل هنا ما سطّره قلم العلّامة المحقق الشيخ الأميني (قدّس سِرُّه) في كتابه (السجود على التربة الحسينية 49 – 63) قال: «وأمّا السجدة على تربة كربلاء وإتخاذها مسجداً فإن الغاية المتوخاة منها للشيعة إنما هي تستند إلى أصلين قيّمين، وتتوقف على أمرين قيمين: أوّلهما: استحسان اتخاذ المصلّي لنفسه تربة طاهرة يتيقن بطهارتها من أي أرض أخذت، ومن أي صقع من أرجاء العالم كانت وهي كلها في ذلك شرع سواء سواسية، لا امتياز لإحداهنّ على الأخرى في جواز السجود عليها، وإن هو إلا كرعاية المصلّي طهارة جسده وملبسه ومصلاه يتخذ المسلم لنفسه صعيداً طيباً يسجد عليه فيحلّه وترحاله، وفي حضره وسفره، ولاسيما في السفر. إذ الثقة بطهارة كل أرض يحلّ بها، ويتخذها مسجداً لا تتأتى له في كل موضع من المدن والرساتيق والفنادق والخانات وباحات النزل والساحات ومحال المسافرين ومحطات وسائل السير والسفر ومهابط فئات الركاب ومنازل الغرباء، أنّى له بذلك وقد يحلّ بها كل إنسان من الفئة المسلمة،وغيرها ومن أخلاط الناس الذين لا يبالون ولا يكترثون لأمر الدين في موضوع الطهارة والنجاسة. فأيّ وازع من أن يستحيط المسلم في دينه، ويتخذ معه تربة طاهرة يطمئن بها وبطهارتها يسجد عليها لدى صلاته؛ حذراً من السجدة على الرجاسة والنجاسة والأوساخ التي لا يتقرب بها إلى اللّه،قط، ولا تجوّز السنّة السجود عليها، ولا يقبله العقل السليم، بعد ذلك التأكيد التام البالغ في طهارة أعضاء المصلّي ولباسه، والنهي عن الصلاة في مواطن منها: المزبلة والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق والحمام، ومعاطن الإبل، والأمر بتطهير المساجد وتطييبها. وكأن هذه النظرة الصائبة القيّمة الدينية كانت متخذة لدى رجال الورع من فقهاء السلف في القرون الأولى، وأخذاً بهذه الحيطة المتحسنة [المستحسنة - ظ -] جداً كان التابعي الفقيه الكبير الثقة العظيم المتفق عليه مسروق بن الأجدع يأخذ أسافره [ أسفاره - ظ -] لبنة يسجد عليها، كما أخرجه شيخ المشايخ الحافظ الثقة إمام السنّة ومسندها في وقته أبو بكر بن أبي شيبة في كتابه (المصنف في المجلد الثاني في باب من كان يحمل في السفينة شيئاً يسجد عليه)، فأخرج بإسنادين: أن مسروقاً كان إذا سافر حمل معه في السفينة لبنة يسجد عليها. هذا هو الأصل الأول لدى الشيعة وله سابقة قدم منه يؤم الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان. وأمّا الأصل الثاني: فإن قاعدة الاعتبار المطردة تقتضي التفاضل بين الأراضي بعضها على بعض، وتستدعي اختلاف الآثار والشؤون والنظرات فيها، وهذا أمر طبيعي عقلي متسالم عليه، مطرد بين الأمم طراً، لدى الحكومات والسلطات والملوك العالمية برمتهم، إذ بالإضافات والنسب تقبل الأراضي والأماكن والبقاع خاصة، ومزية بها تجري عليها مقررات وتنتزع منها أحكام لا يجوز التعدي والصفح عنها. ألا ترى أن المستقلات والساحات والقاعات والدور والدوائر الرسمية المضافة إلى الحكومات، وبالأخص ما يُنسب منها إلى البلاط الملكي، ويُعرف باسم عاهل البلاد وشخصه لها شأن خاص، وحكم ينفرد بها، يجب للشعب رعايته والجري على ما صدر فيها من قانون. فكذلك الأمر بالنسبة إلى الأراضي والأبنية والديار المضافة المنسوبة إلى اللّه تعالى فإن لها شؤوناً خاصة، وأحكاماً وطقوساً، ولوازم وروابط لا مناص، ولابد لمن أسلم وجهه اللّه من أن يراعيها ويراقبها ولا مندوحة لمن عاش تحت راية التوحيد والإسلام من القيام بواجبها والتحفظ عليها، والأخذ بها. فبهذا الاعتبار المطرد العام المتسالم عليه أُنتزع للكعبة حكمها الخاص، وللحرم شأن يُخص به، وللمسجدين الشريفين: جامع مكة والمدينة أحكامهما الخاصة بهما، وللمساجد العامة والمعابد والصوامع والبِيَع التي يذكر فيها اسم اللّه في الحرمة والكرامة، والتطهير والتنجيس، ومنع دخول الجنب والحائض والنفساء عليها، والنهي عن بيعها نهياً باتاً نهائياً من دون تصور أي مسوغ لذلك قط، خلاف بقية الأوقاف الأهلية العامة التي لها صور مسوّغة لبيعها وتبديلها بالأحسن، إلى أحكام وحدود أخرى منتزعة من اعتبار الإضافة إلى ملك الملوك ربّ العالمين، فاتخاذ مكة المكرمة حرما آمناً، وتوجيه الخلق إليها، وحجّهم إليها من كل فج عميق، وإيجاب كل تلكم النسك، وجعل كل تلكم الأحكام حتى بالنسبة إلى نبتها وأبّها، إن هي إلا آثار الإضافة، ومقررات تحقق ذلك الاعتبار، واختيار اللّه إياها من بين الأراضي. وكذلك عدّ المدينة المنورة حرماً إلهياً محترماً، وجعل كل تلكم الحرمات الواردة في السنّة الشريفة لها، وفي أهلها وتربتها، ومن حلّ بها، ومن دفن فيها، إنما هي لاعتبار ما فيها من الإضافة والنسبة إلى اللّه تعالى وكونها عاصمة عرش نبيه الأعظم صاحب الرسالة الخاتمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وهذا الاعتبار وقانون الإضافة كما لا يخص بالشرع فحسب، بل هو أمر طبيعي أقرّ الإسلام الجري عليه، كذلك لا ينحصر هو بمفاضلة الأراضي، وإنما هو أصل مطرد في باب المفاضلة في مواضيعها العامة من الأنبياء والرسل، والأوصياء، والأولياء، والصدّيقين والشهداء، وأفراد المؤمنين وأصنافهم، إلى كل ما يتصور له فضل على غيره لدى الإسلام المقدس، بل هذا الأصل هو محور دائرة الوجود، وبه قوام كل شيء، وإليه تنتهي الرغبات في الأمور، ومنه تتولد الصلات والمحبات والعلائق والروابط لعدة عوامل: البغض،،والعداء والشحناء، والضغائن وهو أصل خلاف وشقاق ونفاق كما أنه أساس كل وحدة وإتحاد وتسالم ووئام وسلام، وعليه تُبنى سروح الكليات، وتتمهد المعاهد الاجتماعية، وفي أثره تُشكل الدول، وتختلف الحكومات، وتحدث المنافسات، والمشاغبات، والتنازع، والتلاكم، والمعارك، والحروب الدامية، وعلى ضوئه تتحزب الشعوب والقبائل، وتتكثر الأحزاب والجمعيات، وبالنظر إليه تُؤسس المؤسسات في أمور الدين والدنيا... وبمقاييسها يقاسي الإنسان الشدائد والقوارع والمصائب الهائلة، ويبذل النفس والنفيس دونها. هي التي جعلت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقبّل الصحابي العظيم عثمان بن مظعون وهو میت، و دموعه تسيل على خديه... . وهي التي دعت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى أن يبكي على ولده الحسين السبط، ويقيم كل تلكم المآتم ويأخذ تربة كربلاء ويشمّها ويقبّلها... . هي التي جعلت السيدة أم سلمة أم المؤمنين تصرّ تربة كربلاء على ثيابها. هي التي سوغت للصديقة فاطمة أن تأخذ تربة قبر أبيها الطاهر وتشمّها. هي التي حكمت على بني ضبة يوم الجمل أن تجمع بعرة جمل عائشة ئة أم المؤمنين وتفتها وتشمّها كما ذكره الطبري. هي التي جعلت علياً أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أخذ قبضة من تربة كربلاء لمّا حلّ بها فشمّها وبكى حتى بلّ الأرض بدموعه وهو يقول: يحشر من هذا الظهر سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب. (أخرجه الطبراني) وقال الهيثمي في (المجمع: 9/ 191): رجاله ثقات. هي التي جعلت رجل بني أسد يشمّ تربة الحسين ويبكي، قال هشام بن محمّد: لمّا أجري الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوماً وامتحى أثر القبر، فجاء أعرابي من بني أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة من التراب ويشمّه، حتى وقع على الحسين فبكى وقال: بأبي وأمي ما كان أطيبك حياً، وأطيب تربتك ميتاً، ثم بكى وأنشأ يقول: أرادوا ليخفوا قبرَه عن عداوةٍ***فطيبُ ترابِ القبر دلَّ على القبر (ينظر: تاريخ ابن عساكر: 14/ 342، كفاية الحافظ الكنجي: 293). فالفرد البشري كائناً من كان، أينما كان وحيثما كان من أيّ عنصر وشاكلة على تكثّر شواكله، واختلاف عناصره، في جميع أدوار الحياة هو أسير تلك الحكومة، ورهين لفظة: روحي،بدني، مالي، أهلي، ولدي، أقاربي، رحمي، أسرتي، تجارتي، نحلتي،ملتي طائفتي، مبدئي، داري، ملكي، حكومتي، قادتي، سادتي، إلى ما لا يُحصى من المضاف المنسوب إليه. وهذه هي حرفياً بصورة الجمع الإضافي مأكلة بين شدقي الحكومات والدول، والجمعيات، والهيئات، والأحياء، والشعوب، والقبائل، والأحزاب، والملل، والنحل، والملوك، والطوائف، والسلطات الحاكمة إلى كليات لا تتناهى. وبمجرد تمامية النسبة وتحقق الإضافة في شيء جزئي أو كلي، أو أمر فردي أو اجتماعي لدى أولئك المذكورين تترتب آثار، وتتسجل أحكام لا منتدح لأي أحد من الخضوع لها والإخبات إليها والقيام،دونها، والتقيد بها. وهذا بحث جدٌّ ناجع تنحلّ به مشكلات المجتمع في المبادئ والآراء والمعتقدات وعقود الضغينة والمحبة، وعويصات المذاهب، ومقررات الشرع الأقدس، وفلسفة مقرّبات الدين الحنيف، ومقدّسات الإسلام وشعائره والحرمات والمقامات والكرامات. فبعد هذا البيان الضافي يتضح لدى الباحث النابه الحر سر فضيلة تربة كربلاء المقدّسة، ومبلغ انتسابها إلى اللّه سبحانه وتعالى، ومدى حرمتها وحرمة صاحبها دنوا واقتراباً من العلي الأعلى، فما ظنك بحرمة تربة هي مثوى قتيل اللّه، وقائد جنده الأكبر المتفاني دونه، هي مثوى حبيبه وابن حبيبه، والداعي إليه، والدالّ عليه، والناهض له، والباذل دون سبيله أهله ونفسه ونفيسه، والواضع دم مهجته في کفّه تجاه إعلاء كلمته، ونشر توحیده و تحكيم معالمه، وتوطيد طريقه وسبيله. فأيّ من ملوك الدنيا ومن عواهل البلاد من لدن آدم وهلمّ جرا عنده قائد ناهض طاهر كريم وفيّ صادق أبي شريف عزيز مثل قائد شهداء الإخلاص بالطف الحسين المفدّى؟ لماذا لا يباهي به اللّه وكيف لا يتحفظ على دمه لديه، ولا يدع قطرة منه أن تنزل إلى الأرض لمّا رفعه الحسين بيديه إلى السماء؟ كيف لا يديم ذكره في أرضه وسمائه، وقد اتخذت محبة اللّه بمجاميع قلبه؟ وكيف لا يسوّد وجه الدنيا في عاشورائه؟ ولا يبدي بينات سخطه وغضبه يوم قتله في صفحة الوجود؟ ولماذا لم تبكِ عليه الأرض والسماء؟ كما جاء عن ابن سيرين فيما الحفاظ، ولماذا لم تمطر السماء يوم قتله دماً؟ كما جاء حديثه أخرجه جمع من متواتراً، ولماذا لم يبعث اللّه رسله من الملائكة المقرّبين إلى نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بتربة کربلائه ؟ ولماذا لم يشمّها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولم يقبّلها ولم يذكرها طيلة حياته؟ ولماذا لم يتخذها بلسماً في بيته؟ فهلمّ معي أيها المسلم، الصحيح، أفليست السجدة على تربة هذا شأنها لدى التقرّب إلى اللّه فى أوقات الصلوات أطراف الليل والنهار، أولى وأحرى من غيرها من كل أرض وصعيد وقاعة وقرارة طاهرة، أو من البسط والفرش والسجاد المنسوجة على نول هويات مجهولة؟ ولم يوجد في السنّة أيّ مسوّغ للسجود عليها. أليس أجدر بالتقرّب إلى اللّه، وأقرب بالزلفى لديه، وأنسب بالخضوع والخشوع والعبودية له تعالى أمام حضرته، وضع صفح الوجه والجباه على تربة في طيّها دروس الدفاع عن اللّه، ومظاهر قدسه، ومجلى التحامي عن ناموسه ناموس الإسلام المقدس؟ أليس أليق بأسرار السجدة على الأرض السجود على تربة فيها سر المنعة والعظمة والكبرياء والجلال اللّه جل وعلا، ورموز العبودية والتصاغر دون اللّه بأجلى مظاهرها وسماتها؟ أليس أحق بالسجود تربة فيها بينات التوحيد والتفاني دونه؟ تدعو إلى رقة القلب، ورحمة الضمير والشفقة والتعطف؟ أليس الأمثل والأفضل إتخاذ المسجد من تربة تفجرت في صفيحها عيون دماء اصطبغت بصبغة حب اللّه، وصيغت على سنّة اللّه وولائه المحض الخالص ؟ فعلى هذين الأصلين نتخذ نحن من تربة كربلاء قطعاً لمعاً وأقراصاً نسجد عليها، كما كان فقيه السلف مسروق بن الأجدع يحمل معه لبنة من تربة المدينة المنورة يسجد عليها، والرجل تلميذ الخلافة الراشدة، فقيه المدينة ومعلّم السنّة بها، وحاشاه من البدعة، ففي أيّ من الأصلين حزازة وتعسف؟ وأي منهما يضاد نداء القرآن الكريم؟ أو يخالف سنّة اللّه وسنة رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟ وأيّهما يُستنكر ويُعد بدعة؟ وأيّهما خروج عن حكم العقل والمنطق والاعتبار؟ وليس إتخاذ تربة كربلاء مسجداً لدى الشيعة من الفرض المحتّم، ولا من واجب الشرع والدين ولا مما ألزمه المذهب، ولا يفرق أيّ أحد منهم منذ أول يومها بينها وبين غيرها من تراب جميع الأرض في جواز السجود عليها، خلاف ما يزعمه الجاهل بهم وبآرائهم وإن هو عندهم إلا استحسان عقلي ليس إلا، واختيار لما هو الأولى بالسجود لدى العقل والمنطق والاعتبار فحسب كما سمعت. وكثير من رجال المذهب يتخذون معهم في أسفارهم غير تربة كربلاء مما يصح السجود عليه كحصير طاهر نظيف يوثق بطهارته أو خمرة مثله ويسجدون عليه في صلواتهم. ونحن نرى أن الأخذ بهذين الأصلين القويمين، والنظر إلى رعاية أمري الحيطة والحرمة ومراقبتهما يحتم على أهالي الحرمين الشريفين: مكة والمدينة، واللائذين بجنابهما، والقاطنين في ساحتهما أن يتخذوا من تربتهما أقراصاً وألواحاً مسجداً لهم، أخذاً بالأصلين وتخلصاً من حرارة حصاة المسجد الشريف القارصة أيام الظهائر وشدة الرمضاء، يسجدون عليها في حضرهم، ويحملونها معهم مسجداً طاهراً مباركاً في أسفارهم سيرة السلف الصالح نظراء الفقيه مسروق بن الأجدع كما سمعت حديثه، ويجعلونها في تناول يد الزائرين والحجّاج والوافدين إلى تلكم الديار المقدّسة من الحواضر الإسلامية، تقتنيها الأمة المسلمة مسجداً لها، في الحضر والسفر، وتتخذها تذكرة وذكرى اللّه ولرسوله ولمهابط،وحيه تذكرها ربها ونبيها متى ما ينظر إليها، وتشمها وتستشم منها عرف التوحيد والنبوة، وتكون نبراساً في بيوت المسلمين تتنور منها القلوب وتستضيء بنورها أفئدة أولي الألباب، ويتقرب المسلمون إلى اللّه تعالى في كل صقع وناحية في أرجاء العالم بالسجود على تربة أفضل بقعة اختارها اللّه لنفسه بيت أمن ودار حرمة وعظمة وكرامة، ولنبيه حرماً ومضجعاً مباركاً، وفيها وراء هذه كلها دعاية كبيرة قوية عالمية إلى الإسلام وإلى كعبة عبادته وعاصمة سنّته، وصاحب رسالته ذلك ومن يعظم حرمات اللّه فهو خير له عند ربه».

ص: 102

ص: 103

ص: 104

ص: 105

ص: 106

ص: 107

ص: 108

ص: 109

ص: 110

فَلَا تَشُكَّ في تُرَاب الحائر***بِأَنَّهُ المُعَظَّمُ الشَّعَائِرِ

وَهَلْ يَشُكُ خَاطِرُ ابْنِ آدَمْ***فِي تُربَةٍ رُشَتْ بِذَلِكَ الدَّمْ

وَهَلْ يَشُكُ مَنْ غَدَا مُلْتَفَتَا***إِلَى حَديث الأنبيا وَمَنْ أَتَى (1)

وَهَلْ يَشْكُ مَنْ عَلَيهِ يُمْلِي***بِفَضْلها عِتْرَةُ خَيْرِ الرُّسُلِ

فإِنَّها تُمْلَيْهِ عَنْ أَبٍ أَبِ***عَنْ جَدِّهَا الْأُمِّيِّنِ فِي الوَحْيِ النَّبِيِّ

ص: 111


1- ينظر ما مرّ في الفصل الأول والثاني والثالث من الباب الأول.

عَنْ مَقْولِ الأَمِينِ جبرائِيلِ***عَنِ الإلهِ الصَّمَدِ الجَليلِ

فاصْغِ إِلَى مَا ذَكَرَ الثِّقَاتُ***وما رَوَوْا وَليكُنِ التِفَاتُ (1)

ص: 112


1- سيأتي ما ورد في فضل تربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وإنها شفاء من كل داء، وإنها أمان، و آداب أخذها في الفصلين السادس والسابع من هذا الباب، فلينظر.

الفصل السادس: في خبر ابن قولويه عن فضل التربة الحسينية

قَدْ ذَكَرَ ابْنُ قَوْلَوَيْهِ فِي خَبَرْ***عَنْ جَعْفَرِ الصادِقِ فيما قَدْ ذَكَرْ

إِنْ فَخَرَتْ عَلَى البِلَادِ مَكَّة***بِالبَيْتِ إِذْ شَادَ الإِلهُ سَمْكَة

والكَعْبَةِ العُظمى وَبِالمَقَامِ***والحَجَرِ الأَسْوَدِ فِي النُّحامِ

وَذَكَرَتْ زَمْزَمَ والحَطيما***وَوَفْدَها الظَّاعِنَ وَالمُقيما

فَلَمْ تَكُنْ أَرْضِ لَها مُعارِضَةْ***إِذ هي بالحَمْلِ الثَّقِیلِ ناهِضَة

فقال ذُو الْجَلَالِ عَزَّ وعَلَا***لا تَفْخَرِي وَتَذْكُرِي وَلَاوَلَا

قَرِّي فإنِّي قَدْ خَلَقْتُ أَرْضًا***أَقْرَبَ مِنْكِ زُلْفَةً وَأَرْضَى

التُّرْبُ مِنْها طَيِّبٌ كَالمِسْكِ***واللَّوْنُ لَوْنُ الزَّعْفَرانِ يَحْكِي

تَعْلُوْ عَلَيْهَا قُبَّةٌ كَالكَعْبَةْ***أُجِيْبُ مَنْ يَدْعُو بِتِلْكَ القُبَّة

وَعِنْدَها القُراتُ وَهُوَ مَاءُ***مُبَارَكٌ فِي سَقْيهِ النَّمَاء

وَطَائِفُوْها زُمَرُ المَلَائِكْ***والأَنْبِيَا مَنْ عَابِدٍ وَنَاسِك

یُحْطَمُ فِيهَا الذَنْبُ للأَثَيْمِ***كَمَا تَرَيْنَ مَوْقِفَ الحَظِيْمِ

ص: 113

وَتِلْكَ كَرْبَلَا بِلَا مُشارَكَةْ***فَيَالَها مِنْ تُرْبَةٍ مُبارَكَة

وَيَا لَهَا مَنْ تُرْبةٍ ذاتِ كَرَمْ***فَضَّلَهَا اللّه عَلَى ذَاكَ الحَرَم

تُرْبَةِ قُدْسِ قَدْ زَكَت لزَاكِ***خُدَّامُهُ طَوَائِفُ الأَمْلاكِ (1)

فَكَمْ عَفَا اللّه بِهِ عَنْ مَلَكِ***أَوْقَعَهُ الذَّنْبُ بِأَهْوَى دَرَكِ

وَأَسْقَطَ الجَنَاحَ حَتَّى اسْتَشفَعا***به إِلَى رَبِّ السَّمَا فَارْتَفَعَا

كَمَا سَمِعْتَ عَنْ حَديثِ فِطرِس***وَغَيْرِهِ مِنْ مَلَكَ مُقَدَّس

فَقَدْ رَوَى فِي الكامِلِ الجَزِيلِ***عَنْ فِطرِسٍ ذَاكَ ودَرْدَائِيل ِ

ص: 114


1- خبر ابن قولويه في فضل التربة الحسينية: روی جعفر بن محمّد بن قولويه في كتابه (كامل الزيارات: 449 ح 2/675) ما نصه: حدّثني محمّد بن جعفر القرشي الرزاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن أبي سعيد القماط، عن عمر بن يزيد بياع السابري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «إنّ أرض الكعبة قالت: مَن مثلي وقد بُني بيت اللّه على ظهري، ويأتيني الناس من كل فج عميق، وجُعلتُ حرم اللّه وأمنه، فأوحى اللّه إليها: أن كُفي وقرّي، فوعزتي وجلالي ما فضل ما فُضِّلت به فيما أعطيت به أرض كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غُمست في البحر فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضّلتك ولولا ما تضمنته أرض كربلاء ما خلقتك، ولا خلقت البيت الذي افتخرتِ به، فقرّي واستقري وكوني دنِياً متواضعاً ذليلاً مهيناً، غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء، وإلا سُختُ بك وهويت بك في نار جهنم».

وَقَدْ رَوَى الشَّيْخُ الصَّدُوقِ ذَلكَا***مُفَصَّلاً فاسْتَجْلَى فيها لحالكا (1)

ص: 115


1- حدیث الملك فطرس وتمسّحه بالحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) اللّه وعودته إلى مكانه: روى الشيخ الصدوق في (أماليه: 200 ح 215/ 9)، قال: «حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار (رَحمهُ اللّه)، قال : حدّثنا أبي، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، قال: حدّثنا موسى بن عمر، عن عبد اللّه بن صباح المزني، عن إبراهيم بن شعيب الميثمي، قال: سمعت الصادق أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنّ الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) لمّا وُلد أمر اللّه (عزّوجلّ) جبرئيل أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنئ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)من اللّه ومن جبرئيل، قال: فهبط جبرئیل، فمرّ على جزيرة في البحر فيها مَلَك يُقال له: فطرس، كان من الحمَلة، بعثه اللّه (عزّوجلّ) في شيء فأبطأ عليه، فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة، فعبد اللّه تبارك وتعالى فيها سبعمائة عام حتى ولد الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ)، فقال المَلَك لجبرئيل: يا جبرئيل، أين تريد؟ قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) أنعم على محمّد بنعمة، فبعثتُ أهنئه من اللّه ومنّي، فقال: يا جبرئيل، احملني معك، لعل محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يدعو لي. قال: فحمله، قال: فلما دخل جبرئيل على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هنأه من اللّه (عزّوجلّ) ومنه، وأخبره بحال فطرس، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قل له: تمسّح بهذا المولود وعد إلى مكانك، قال: فتمسّح فطرس بالحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) وارتفع، فقال: يا رسول الله، أمَا إنّ أمتك ستقتله، وله عليّ مكافأة ألا يزوره زائر إلا أبلغته عنه، ولا يسلّم عليه مسلم إلا أبلغته سلامه، ولا يصلّي عليه مصلٍّ إلا أبلغته صلاته، ثم ارتفع». وقد ورد في الدعاء الذي يُدعى به في يوم ولادة الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «وهب لنا في هذا اليوم خير موهبة، وأنجح لنا فيه كل طلبة كما وهبت الحسين لمحمّد جدّه وعاذ فطرس بمهده، فنحن عائدون بقبره...». (ينظر : مصباح المتهجد 827).

ص: 116

الفصل السابع: في تعظيمها وكيفيّة استعمالها

هذا وإنَّ التَّرْبَ حِيْنَ شُرِّفا***بابْنِ الرَّسُوْلِ المُصْطَفَى صَارَ شِفَا

قَدْ ذَكَرَتْ ذَاكَ الأئمّة الخَبَرْ***وَجَاءَ فيه خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٌ

وَأَخْبَرَتْ بأَن كُلَّ علَّةْ***يَعْجَرُ عَنْها طِبُّ كُلِّ مَلَّةْ

فَإِن تُربَةً بقدر الحُمُصَة(1)***أَوْ دُوْنَهَا مِنْ قَبْرِهِ مُخَصَّصَةْ

يَكُوْنُ أَكْلُ مَنْ غَدَا عَلَى شَفَا***منَ الرَّدَى لَهُ دَوَاءَ وَشِفَا

وَجَرَّبَتْهُ زُمْرَةٌ فَزُمْرةَ***فَطَابَقَ الأَخْبَارَ منها الخُبْرَة

ص: 117


1- قال العلّامة المجلسي في (بحاره: 161/57) في معرض حديثه عن المقدار المجوّز للأكل من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما نصه: «... والظاهر أنه لا يجوز التجاوز في كل مرة عن قدر الحمصة، وإن جاز التكرار إذا لم يحصل الشفاء بالأول، وقد مرّ التصريح بهذا المقدار في الأخبار، وكان الأحوط عدم التجاوز عن مقدار عدسة لِمَا رواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن الناس يروون أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)قال: إن العدس بارك عليه سبعون نبياً، فقال: هو الذي تسمّونه عندكم الحمص ونحن نسميه العدس...».

مِنْ ذَلكَ العَصْر لهذا العَصْرِ***تَجْربَةٌ مِنْ أَهْلِ كُلِّ مِصرِ

أَقولُ في الأَخْبَارِ وَالمُشَاهَدَة***بِالنَّص والتجْرِيْبِ مِنِّي عَاضَدَهُ

فَكُنْ عَلَى حَالِ طُهُوْرٍ قُرْبَة***إِذَا تَنَاوَلتَ قَليلَ التُربَة (1)

ص: 118


1- كيفية أخذ الطين من قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والدعاء عنده: «يُروى في أخذ التربة: أنك إذا أردت أخذها فقم آخر الليل واغتسل والبس أطهر ثيابك، وتطيب بسعد، وادخل وقف عند الرأس، وصلِّ أربع ركعات، تقرأ في الأولى منها: (الحمد) مرة وإحدى عشرةَ مرة (الإخلاص)، وفي الثانية: (الحمد) مرة وإحدى عشرة مرة (القدر)، وتقرأ في الثالثة: (الحمد) مرة وإحدى عشرةَ مرة (الإخلاص)، وفي الرابعة: (الحمد) مرة واثنتي عشرةَ مرة (إذا جاء نصر اللّه والفتح)، فإذا فرغت فاسجد وقل في سجودك ألف مرة: شكراً شكراً، ثم تقوم وتتعلق بالضريح وتقول يا مولاي يا ابن رسول اللّه، إني آخذ من تربتك بإذنك، اللهم فاجعلها شفاء من كل داء، وعزاً من كل ذل، وأمناً من كل خوف، وغنى من كل فقر لي ولجميع المؤمنين، وتأخذ بثلاثة أصابع، ثلاث قبضات، وتجعلها في خرقة نظيفة، وتختمها بخاتم فضة فصه عقيق، نقشه (ما شاء اللّه لا قوة إلا باللّه أستغفر اللّه)، فإذا علم اللّه منك صدق النية يصعد معك في الثلاث قبضات سبعة مثاقيل لا تزيد ولا تنقص ترفعها لكل علّة، وتستعمل منها وقت الحاجة مثل الحمصة، فإنك تُشفى إن شاء اللّه». (مصباح الزائر : 257 عنه بحار الأنوار: 98/ 137).

وَاسْتَجْلِها حَمْراءَ تَجْلُو طَيْبَةْ***مَمْزُوجَةً بقصَّةٍ رَطِيْبَة

فَسَوْفَ لَا تَمْلِكُ عَيْنَاكَ البُكَا***إِذَا رَأَيْتَ اللَّوْنَ منْها والذُّكا

وَاسْتَعْمل التُّرْبَةَ عنْدَ الدّاءِ***وَعِندَمَا تَخْشَى منَ الأعْدَاءِ

فَهْيَ الدَّوا الفَنُّ لكُلِّ آفَةْ***كَمَا هِيَ الأَمْنُ مِنَ المَخَافَةْ (1)

ص: 119


1- فضل تربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وإنها شفاء من كل داء، وإنها أمان، ومن أين يؤخذ طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ وكيف يؤخذ؟ وما يقول الرجل إذا أكل من تربة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أورد ابن قولويه في (كامل الزيارات: 460 - 479 الباب 91- 95 -ح 699-731): أحاديثاً بسنده إلى الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) تتضمن فضل تربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وإنها شفاء من كل داء، وإنها أمان، ومن أين يؤخذ طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ وكيف يؤخذ؟ وما يقول الرجل إذا أكل من تربة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ ونحن نورد بعضاً منها للفائدة، قال: الباب (91) : ما يُستحب من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للّه وإنه شفاء: حدّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال عن كرام، عن ابن أبي يعفور، قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فينتفع به ويأخذ غيره فلا ينتفع به، فقال: لا واللّه الذي لا إله إلا هو ما يأخذه أحد وهو يرى أن اللّه ينفعه به إلا نفعه اللّه به». حدّثني محمّد بن عبد اللّه، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه البرقي، عن بعض أصحابنا، قال: «دفعت إلى امرأة غزلاً، فقالت: ادفعه إلى حجبة مكة ليخاط به كسوة الكعبة، قال: فكرهت أن أدفعه إلى الحجَبة وأنا أعرفهم، فلما أن صرنا إلى المدينة دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له: جعلت فداك إن امرأة أعطتني غزلاً، فقالت: ادفعه بمكة ليخاط به كسوة الكعبة فكرهت أن أدفعه إلى الحجَبة، فقال: اشترِ به عسلاً وزعفران وخذ من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) واعجنه بماء السماء، واجعل فيه شيئاً من العسل والزعفران وفرّقه على الشيعة ليداووا به مرضاهم». وحدّثني أبي، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل البصري - ولقبه فهد-، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) شفاء من كل داء». ،وعنه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن محمّد بن سليمان البصري، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: «فى طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الشفاء من كل داء، وهو الدواء الأكبر». حدّثني محمّد بن الحسين بن مت الجوهري، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخيبري، عن أبي ولاد، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: «لو أنّ مريضاً من المؤمنين يعرف حق أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحرمته وولايته، أخذ من طين قبره مثل رأس أنملة كان له دواء». (ينظر: كامل الزيارات: 460 - 465). الباب (92): إن طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للشفاء وأمان: حدّثني أبي وجماعة مشايخي (رَحمهُمُ اللّه)، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن رجل قال: «بعث إلي أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) من خراسان بثياب رزم و كان بين ذلك طين، فقلت للرسول: ما هذا؟ فقال: طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ما يكاد يوجه شيئاً من الثياب ولا غيره إلا ويجعل فيه الطين، وكان يقول: هو أمان بإذن اللّه». حدّثني محمّد بن جعفر الرزاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان عن عبد اللّه بن القاسم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «حنّكوا أولادكم بتربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإنها أمان». حدّثني أبي (رَحمهُ اللّه)، عن سعد بن عبد اللّه، عن أيوب بن نوح، عن عبد اللّه بن المغيرة، قال: حدّثنا أبو اليسع، قال: «سأل رجل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) و أنا أسمع، قال آخذ من طين قبر الحسين يكون عندي أطلب بركته، قال: لا بأس بذلك». وعنه، عن سعد عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العباس بن موسى الورّاق عن يونس، عن عيسى بن سليمان، عن محمّد بن زياد، عن عمته عمته، قالت: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «إن في طين الحائر الذي فيه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) شفاءً من كل داء، وأماناً من كلخوف». حدّثني محمّد بن جعفر عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخيبري عن أبي،ولاد عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: «لو أن مريضاً من المؤمنين يعرف حق أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحرمته وولايته، أخذ له من طين قبره على رأس ميل كان له دواء وشفاء». (ينظر: كامل الزيارات: 465 - 467). الباب (93) : من أين يؤخذ طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ وكيف يؤخذ؟ حدّثني أبي (رَحمهُ اللّه)، عن سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي، عن يونس بن رفيع، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: «إنّ عند رأس الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) لتربة حمراء، فيها شفاء من كل داء إلا السام. قال: فأتيت القبر بعد ما سمعنا بهذا الحديث، فاحتفرنا عند رأس القبر، فلمّا حفرنا قدر ذراع انحدرت علينا من عند رأس القبر مثل السهلة حمراء قدر درهم فحملناه إلى الكوفة، فمزجناه، وأقبلنا نعطي الناس يتداوون به». حدّثني أبي ومحمّد بن الحسن وعلي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى عن رزق اللّه بن العلاء، عن سليمان بن عمرو السراج، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «يؤخذ طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من عند القبر على قدر سبعين ذراعاً». حدّثني علي بن الحسين، عن علي بن إبراهيم عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: «إذا تناول أحدكم من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فليقل: اللهمّ إني أسألك بحق الملك الذي تناوله والرسول الذي بوّأه، والوصي الذي ضُمِّن فيه أن تجعله شفاء من كل داء كذا وكذا، وتسمّي ذلك الداء». حدّثني حكيم بن داود، عن سلمة، عن علي بن الريّان بن الصلت، عن الحسين بنأسد، عن أحمد بن مصقلة، عن عمه، عن أبي جعفر الموصلي: أن أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «إذا أخذت طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقل : اللهم بحق هذه التربة، وبحق الملك الموكل بها، وبحق الملك الذي كربها، وبحق الوصي الذي هو فيها، صلِّ على محمّد وآل محمّد واجعل هذا الطين شفاء لي من كل داء، وأماناً من كل خوف». حدّثني أبو عبد الرحمان محمّد بن أحمد بن الحسين العسكري بالعسكر، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن مروان، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إذا أردت حمل الطين طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاقرأ: فاتحة الكتاب والمعوذتين و«قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ»، و«قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ»، و«إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ لَيْلَة الْقَدْر»، ويس وآية الكرسي وتقول: اللهم بحق محمّد عبدك وحبيبك ونبيك ورسولك وأمينك، وبحق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عبدك وأخي رسولك، وبحق فاطمة بنت نبيك وزوجة وليك، وبحق الحسن والحسين وبحق الأئمّة الراشدين، وبحق هذه التربة، وبحق الملك الموكل بها، وبحق الوصي الذي حلّ فيها، وبحق الجسد الذي تضمنت، وبحق السبط الذي ضُمِّنت وبحق جميع ملائكتك وأنبيائك ورسلك، صلِّ على محمّد وآل محمّد، واجعل هذا الطين شفاء لي ولمن يستشفي به من كل داء وسقم ومرض، وأماناً من كل خوف. اللهم بحق محمّد وأهل بيته اجعله علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء وسقم، وآفة وعاهة وجميع الأوجاع كلها، إنك على كل شيء قدير. وتقول: اللهم ربّ هذه التربة المباركة الميمونة، والملك الذي هبط بها، والوصي الذي هو فيها، صل على محمّد وآل محمّد وسلّم وانفعني بها، إنك على كل شئ قدير». (ينظر: كامل الزيارات: 468 - 476). الباب (94): ما يقول الرجل إذا أكل من تربة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حدّثني أبي (رَحمهُ اللّه) وجماعة، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عیسی بن عبید، عن محمّد بن إسماعيل البصري، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: «طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) شفاء من كل داء، وإذا أكلته فقل: بسم اللّه وباللّه، اللهم اجعله رزقاً واسعاً، وعلماً نافعاً وشفاءً من كل داء، إنك على كل شيء قدير». قال: وروى لي بعض أصحابنا – يعني محمّد بن عيسى-، قال: نسيت إسناده، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إذا أكلته تقول: اللهم ربّ هذه التربة المباركة، وربّ هذا الوصي الذي وارته، صلِّ على محمّد وآل محمّد واجعله علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كل داء». حدّثني الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: «إذا أخذت من تربة المظلوم ووضعتها في فيك فقل: اللهم إني أسألك بحق هذه التربة، وبحق الملك الذي،قبضها والنبي الذي حضنها، والإمام الذي حلّ فيها أن تصلي على محمّد وآل محمّد، وأن تجعل لي فيها شفاءً نافعاً ورزقاً واسعاً، وأماناً من كل خوف وداء، فإنه إذا قال ذلك وهب اللّه له العافية وشفاه» ينظر) كامل الزيارات: 476- 477) الباب (95): أن الطين كله حرام إلا طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإنه شفاء: حدّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الطين، قال: فقال: «أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، إلا طين قبر الحسين فإنّ فيه شفاءً من كل داء وأمناً من كل خوف». حدّثني أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن يعقوب عن علي بن الحسن بن علي ابن فضّال، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَيهِما السَّلَامُ) قال: «إن اللّه تبارك وتعالى خلق آدم من الطين فحرّم الطين على ولده، قال: فقلت: فما تقول في طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : يحرّم على الناس أكل لحومهم ويحلّ لهم أكل لحومنا ولكن الشيء اليسير منه مثل الحمصة». (ينظر: كامل الزيارات: 478-479).

ص: 120

ص: 121

ص: 122

ص: 123

ص: 124

ص: 125

وَاسْتَعْمل السِّبْحَةَ للعِبَادَةْ***منها وللصَّلَاةِ في السَّجادةْ

فَإِنَّ أَمْلَاكَ السَّما تُصَلِّي***عَلَى مَنِ اسْتَعْمَلَها للفَضْلِ

وإِنَّ مَنْ يَنْظُرُها في يَدِهِ***كَمَنْ يَزُورُ الظُّهْرَ فِي مَرْقَدِهِ

وإِنَّ مَنْ يَحْمِلُها مُبَجَّلَا***يُبَادِرُ الأَجْرُ إِلَيْهِ مُعْجِلَا

جَاءَتْ بِهَذَا كُلَّه الأَخْبَارُ***وَاتَّضَحَتْ مِنْهَا لَنَا الآثارُ (1)

ص: 126


1- فضل السبحة من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): في رواية عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) «... ومن كان معه سبحة من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كُتب مُسبّحاً وإن لم يُسبّح بها...». (ينظر : من لا يحضره الفقيه: 1/ 268 - 829). وفي (البلد الأمين) رُوي: « أنّ من أدار تربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في يده وقال سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر، مع كل حبة كُتب له ستة آلاف حسنة، ومحي عنه ستة آلاف سيئة، ورُفع له ستة آلاف درجة، وأثبت له من الشفاعات بمثلها». (ينظر: بحار الأنوار: 340/82). قال أبو الحسن موسی بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لا تستغني شيعتنا عن أربع عن خمرة يصلّي عليها، وخاتم يتختم به، وسواك يستاك به وسبحة من طين قبر أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيها ثلاث وثلاثون حبة، متى قلّبها ذاكراً اللّه، كُتب له بكل حبة أربعون حسنة، وإذا قلبها ساهياً يعبث بها، كتب اللّه له عشرين حسنة». (ينظر : روضة الواعظين: 412). وقال المجلسي: وجدت بخط الشيخ محمّد بن علي الجباعي جد الشيخ البهائي (قدس اللّه روحهما)، نقلاً من خط الشهيد رفع اللّه درجته، نقلا من مزار بخط محمّد بن محمّد بن الحسين بن معية، قال رُوي عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنه قال: «من اتخذ سبحة من تربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إن سبح بها وإلا سبّحت في كفه وإذا حرّكها وهو ساهٍ كتب له تسبيحة، وإذا حرّكها وهو ذاكر اللّه تعالى، كتب له أربعين حسنة». وعنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: «من سبّح بسبحة من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) تسبيحة كتب اللّه له أربعمائة حسنة، ومحا عنه أربعمائة سيئة، وقُضيت له أربعمائة حاجة، ورُفع له أربعمائة درجة. ثم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): وتكون السبحة بخيوط زرق، أربعاً وثلاثين خرزة، وهى سبحة مولاتنا فاطمة الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ)، لمّا قُتل حمزة عملت من طين قبره سبحة، تُسبّح بها بعد كل صلاة» (ينظر: بحار الأنوار: 340/82). وروى الشيخ المفيد في (المزار : 150- 152) في باب فضل السبحة والتسبيح بها ما نصه: 1- روى عبد اللّه بن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن أبيه، عن الصادق جعفر ابن محمّد (عَلَيهِما السَّلَامُ) «إن فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) كانت مسبحتها من خيط من صوف مفتّل معقود عليه عدد التكبيرات، فكانت بيدها (عَلَيهَا السَّلَامُ) تديرها، تكبّر وتسبّح إلى أن قُتل حمزة بن عبد المطلب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس، فلمّا قُتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجُدّد على قاتله العذاب عُدل بالأمر عليه، فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية». 2- وروي عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: «من أدار الحجير من تربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاستغفر ربه مرة واحدة كُتب له بالواحدة سبعون مرة، وإن أمسك السبحة في يده ولم يُسبّح بها، ففي كل حبة سبع مرات». 3- وروى أبو القاسم محمّد بن علي، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «من أدار الحجير من التربة وقال: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر مع كل حبة منها، كُتب له بها ستة آلاف حسنة، ومُحي عنه ستة آلاف سيئة، ورُفع له ستة آلاف درجة، وأثبت له من الشفاعة مثلها». 4- وفي كتاب الحسن بن محبوب أنّ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) سُئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسين (عَلَيهِما السَّلَامُ) والتفاضل بينهما، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «المسبحة التي من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) تسبّح بيد الرجل من غير أن يسبّح قال: وقال: رأيت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفي يده السبحة منها، فقيل له في ذلك فقال: أما إنها أعود عليّ - أو قال: أخفّ عليّ-». 5-ورُوي: «أنّ الحور العين إذا أبصرن واحداً من الأملاك يهبط إلى الأرض لأمر ما، يستهدين التسبيح والتربة من قبر الحسين» (عَلَيهِ السَّلَامُ). انتهى من مزار الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه).

ص: 127

ص: 128

فَهْيَ إِذَنْ لِلأَمْنِ والإفضَالِ***وللشَّفا مِنْ مَرَضٍ عُضَالِ

وَقَلَّ هَذَا كُلُّهُ مِنْ تُربةْ***تَضُمْ مَنْ لَمْ يَعْصِ قَطُّ رَبَّةْ

تَضُمُّ رَيْحَانَةَ خَيْرِ مُرْسَلِ***وَسَبْطَهُ مِنْ فَاطِمٍ وَمِنْ عَلِي

تَضُمُّ مَنْ خَاصَ بِحَارَ القُدْسِ***بِطَيِّبِ الجِسْمِ وَطُهْرِ النَّفْسِ

مُنْذُ بَرَاهُ اللّه فِي التَّكْوِينِ***حَتَّى ثَوَى مُعَفَّرَ الجَبينِ

يَسْقِي تَرَابَ كَرْبَلا دِمَاءَهُ***وَلَمْ يَذُقَ مِنَ الفُرَاتِ مَاءَهُ

وَيَسْتَهِيْنُ أَنْ تَكُونَ الأَعْضَا***في اللّه قَدْ خَالَطْنَ تِلْكَ الأَرْضَا

للّهِ تِلكَ التربةُ الكَرِيمَة***رَوَتْ دَمَاهُ وَحَوَتْ أديمَهْ

وَنَالَتِ التَّعْظِيمَ وَالتَّبْجِيْلَا***مِمَّنْ حَبَاهَا فَضْلَهُ الجَزِيْلا

فَكُنْ عَلَى تعظِيمِها مُحافِظا***وَشَرِّف الشَّفَاهَ وَاللَوَاحِظَا (1)

ص: 129


1- الاستشفاء بطين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال الشيخ الطوسي في (أماليه: 318 ح 93/646) ما نصه: أخبرنا ابن خشيش، عن محمّد بن عبد اللّه، قال: حدّثني محمّد بن محمّد بن معقل القرميسيني العجلي، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الأحمري، قال: حدّثنا عبد اللّه بن حماد الأنصاري، عن زيد أبي أسامة، قال: «كنت في جماعة من عصابتنا بحضرة سيدنا الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأقبل علينا أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: إن اللّه تعالى جعل تربة جدي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) شفاءً من كل داء وأماناً من كل خوف، فإذا تناولها أحدكم فليقبلها وليضعها على عينيه، وليمرها على سائر جسده، وليقل: اللّهم بحق هذه التربة، وبحق من حلّ بها وٹوى فيها، وبحق أبيه وأمه وأخيه والأئمّة من ولده، وبحق الملائكة الحافّين به إلا جعلتها شفاءً من كل داء، وبرءاً من كل مرض، ونجاةً من كل آفة، وحرزاً مما أخاف وأحذر، ثم يستعملها. قال أبو أسامة: فإني استعملتها من دهري الأطول، كما قال ووصف أبو عبد اللّه، فما رأيت بحمد اللّه مكروهاً».

وَاجْعَلْ مَحلَّ حِفظِهَا العِمَامَة***فإنَّها أَوْفَرُ في الكَرَامَةْ

وَلَا تَمُسَّها بِغَيْرِ طُهرِ***فَهْيَ التِي تَعْرِفُها وَتَدْرِيْ

وَسَأَقُصُّ مِنْ حَدِيثِ التَّجْرِبَةْ***بَعْضَ قَضَايَا عَنْ مَزَايَا مُعْرِبَةْ

ممَّا رَوَيْتُ مُسْنَداً عَن الثَّقَة***لَنَفْسه أَوْ غَيْره مُتَّفَقَةْ

ثمَّ أُبِينُ مَا مَضَى لِي فِيها***مِنَ التَّجَارِبِ الَّتي تَكْفِيها

ص: 130

الفصل الثامن: في خبر الشيخ الطوسي عن موسى بن سريع فيها

قَدْ ذَكَرَ الطُّوسِيُّ فِي الأَمَالِي***عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ مِنَ الرِّجَالِ

بِأَنَّ مُوسَى بْنَ سَرِيْعٍ قَابَلَهْ***إِبْنُ سُرَاقِيُّونَ ثُمَّ قَالَ لَهْ:

لمَنْ عَلَى شَاطى الفُرَات قَبْرُ***يَزُورُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِفْرُ؟

قَالَ: فَقُلْتُ لِلْحُسَيْنِ بن عَلي***سبْطِ النَّبِيِّ المُصْطَفَى المُبَجَلِ:

مَاذَا دَعَاكَ للسؤال عَنْهُ؟***قال: سُأُبدِي الأمْرَ إِن تَصْنَهُ

إِنَّ ابْنَ عَيْسَى الهاشمي مُوْسَى(1)***أَضْحَى بِنُعْمَى مَا لَدَيْها بُوْسَى

ص: 131


1- موسى بن عيسى بن موسى بن محمّد العباسي الهاشمي: «أمير، من آل عباس... وليَ الحرمين للمنصور والمهدي مدة طويلة، ثم وليَ اليمن للمهدي، ووليَ مصر للرشيد (سنة 171ه)، وكان سلفه فيها علي بن سليمان قد هدم الكنائس المحدثة بمصر، فرُفع إليه أمرها، فاستشار خاصته، فقالوا: هي من عمارة البلاد، واحتجوا بأن عامة الكنائس التي بمصر ما بنيت إلا في الإسلام في زمن الصحابة والتابعين، فأذن في بنائها، فبنيت كلها. وأقام على الولاية سنة وخمسة أشهر ونصفاً، وصُرف عنها ( سنة (172ه فعاد إلى العراق، فولاه الرشيد الكوفة فدمشق، ثم أعيد ثانية إلى إمرة مصر (سنة 175ه)، وصرف (سنة 176ه)، وأعيد ثالثة (سنة 179ه)، وصُرف (سنة 180ه) فأقام ببغداد إلى أن تُوفي». (ينظر: الأعلام: 326/7).

فَذَكَرُوا القَبْرَ وَأَن التُّربَة***منْهُ شَفَاء لِلْبَلَايَا الصَّعْبَة

وَقَالَ بَعْضُ الهاشميين: أَنَا***جَرَّبَّتُها فَأَنْقَذَتْنِي مِنْ عَنَا

فَقَالَ مُوسَى هَلْ لَهَا بَقِيَّةً؟***قَالَ نَعَمْ فَأُحْضِرَتْ نَقِيَّةْ

فَاحْتَمَلَ التُّرْبَةَ مِنْ تَمَسْخُرِهُ***وَلَمْ يَبُلْ مَا بَانَ مِنْ مُؤَخَّرِهٌ

فاسْتَبَّ نَاراً وَدَعا باطَّلسْتِ***فَقَاءَ أَحْشَاهُ بذَاكِ الوَقْتِ

وَلَا أَرَاهُ بَاقياً للَيْلَةْ***فَمَاتَ منْ ساعَته بوَيلَة

قَالَ: وَكَانَ بَعْدَ ذَا يُوْحَنَّا***إِبْنُ سُرَاقِيُّونَ يَأْتِي مَعْنا

فكَمْ وَكَمْ قَدْ زَارَهُ وَصَارًا***وَهُوَ عَلَى مَا دَانَتِ النَّصَارَى

ثُمَّ اهْتَدَى لِدَيْنِنَا وَأَسْلَما***وَحَسُن الإِسْلامُ مِنْهُ وانْتَمَى (1)

ص: 132


1- حكاية موسى بن عيسى وتربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : روى الشيخ الطوسي في (الأمالي: 320 ح الأمالي: 320 - 96/649) ما نصه: أخبرنا ابن خشيش، قال: حدّثني محمّد بن عبد اللّه، قال: حدّثني الفضل بن محمّد بن أبي طاهر الكاتب، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن موسى السريعي الكاتب، قال: حدّثني أبي موسى بن عبد العزيز، قال: «لقيني يوحنا بن سراقيون النصراني المتطبّب في شارع أبي أحمد فاستوقفني، وقال لي: بحق نبيك ودينك من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة ؟ مِن هو من أصحاب نبيكم؟ قلت: ليس هو من أصحابه، هو ابن بنته، فما دعاك إلى المسألة عنه ؟ فقال له عندي حديث طريف، فقلت: حدّثني به، فقال: وجّه إلي سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل، فصرت إليه فقال لي: تعال معي، فمضى وأنا معه حتى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي، فوجدناه زائل العقل متكئاً على وسادة، وإذا بين يديه طست فيها حشو جوفه، وكان الرشيد استحضره من الكوفة، فأقبل سابور على خادم كان من خاصة موسى فقال له ويحك ما خبره؟ فقال له: أخبرك أنه كان من ساعة جالساً وحوله ندماؤه، وهو من أصح الناس جسماً وأطيبهم نفساً، إذ جرى ذكر الحسين بن علي قال يوحنا هذا الذي سألتك عنه، فقال موسى: إن الرافضة لتغلو فيه حتى أنهم فيما عرفت يجعلون تربته دواء يتداوون به. فقال له رجل من بني هاشم كان حاضراً: قد كانت بي علة غليظة فتعالجت لها بكل علاج فما نفعني، حتى وصف لي كاتبي أن آخذ من هذه التربة، فأخذتها فنفعني اللّه بها، وزال عني ما كنت أجده. قال: فبقي عندك منها شيء؟ قال: نعم، فوجه من جاء منها بقطعة، فناولها موسى بن عيسى فأخذها موسى فاستدخلها دبره استهزاء بمن تداوى بها، واحتقاراً وتصغيراً لهذا الرجل الذي هذه تربته - يعني الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)-، فما هو إلا أن استدخلها دبره حتى صاح: النار النار، الطست الطست فجئناه بالطست فأخرج فيها ما تری، فانصرف الندماء وصار المجلس مأتماً، فأقبل على سابور فقال: انظر هل لك فيه حيلة؟ فدعوت بشمعة، فنظرت فإذا كبده وطحاله ورئته وفؤاده خرج منه في الطست، فنظرت إلى أمر عظيم، فقلت: ما لأحد في هذا صنع إلا أن يكون لعيسى الذي كان يحيي الموتى، فقال لي سابور: صدقت، ولكن كن هاهنا في الدار إلى أن يتبين ما يكون من أمره، فبت عندهم وهو بتلك الحال ما رفع رأسه، فمات وقت السحر. قال محمّد بن موسى: قال لي موسى بن سريع كان يوحنا يزور قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو على دينه، ثم أسلم بعد هذا وحسن إسلامه».

ص: 133

ص: 134

الفصل التاسع: في خبر السيد نعمة اللّه فيها

وَذَكَر المُحَدِّثُ الجَزَائِرِي(1)***فَقَالَ: زُرْتُ مَعْ أَحْ لِي زَائِرِ

ص: 135


1- السيد نعمة اللّه بن عبد اللّه الجزائري الموسوي التستري: «وُلد في الصباغية، قرية من قرى الجزائر من أعمال البصرة سنة ( 1050 ه)، وتوفي سنة (1112 ه)، وكان قد توجه من تستر إلى زيارة الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثم رجع حتى وصل إلى جايدر - من أعمال الفيلية - فتُوفي بها، ودفن هناك وبُنيت عليه قبة، فوقفوا له أوقافاً، وقبره إلى الآن مزور معمور. ذكره حفيده السيد عبد اللّه فقال: كان من مبدأ نشوئه إلى آخر عمره مولعاً بطلب العلم، ونشره وترويجه، كدوداً لا يفتر عنه ولا يمل، وكان في أسفاره يستصحب ما يقدر عليه من الكتب، فإذا نزلت القافلة وضعها واشتغل بها إلى وقت الرحيل، وربما كان يطالع في الكتاب وهو راكب. وفي (تتمة أمل الآمل): أحسن من ترجمه حفيده في (تحفة العالم) وهو كتاب في التاريخ فارسي قال بعد سرد نسبه كل آباء هذا الفاضل علماء إمامية أجلاء أتقياء». (أعيان الشيعة: 226/10 - 227، وينظر في ترجمته أيضاً: أمل الآمل: 336/2 طرائف المقال: 66/1، تكملة أمل الآمل: 163/6، الكنى والألقاب: 330/2، :الأعلام 39/8، معجم المؤلّفين: 110/13، تلامذة المجلسي: 139).

حَتَى إذَا جَنَّنَا حَمَى الشَّهِيدِ***حَضَرْتُهُ فِي رَمَدِ شَدِيد

بِحَيْثُ لَا أُبْصِرُ فِيْهِ مَنْهَجِي***إلا بقائد يَرُوحُ وَيَجِي

فَجَاءَ بِي يَوْماً ضَريحَ الحائري***وَجَاءَ خَادِمٌ لِكَنْسِ الدَائِر

فَلتُ مِنْهُ بَعْضَ مَا أَصَابَا***ثُمَّ كَحَلْتُ أَعْيُنِي تُرَابَا

حَتَّى إِذَا فَتَحْتُها لَمْ أَرَمَا***عَهِدْتُ فِيْهَا حُمْرَةً أَوْ وَرَمَا

وَصِرْتُ أَرْنُوْ أَصْغَرَ الحُطَامِ***بِمُقْلَةٍ كَمُقْلَةِ القِطَامِ

وَقَدْ خَزَنَتُ الفَضْلَ فِي زُجَاجَة***أُكْحِلُ مِنْهُ العَيْنَ عِندَ الحَاجَة

فَهَا أَنَا وَالسِّنَّ نَالَتْ مِنِّي***عَيْنَايَ لَا تُناسِبَانِ سِنِّي

أَكْتُبُ مَا شِئْتُ مِنَ التَأْلَيْفِ***بِلَأسَامَةِ وَلَا تَكْلَيْف (1)

ص: 136


1- السيد نعمة اللّه الجزائري وشفائه من الرمد ببركة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): روى السيد نعمة اللّه الجزائري هذه الحكاية في كتابه (زهر الربيع: 250) إذ قال ما نصه: «وكان قد أصابني ضعف في الباصرة فحضرت زيارة عاشورا تحت قبة سيد الشهداء عليه أفضل الصلوات، فلما خرج زوّاره في اليوم الثاني أو الثالث كنس الخدَمة الروضة المطهرة عن التراب؛ ليضعوا الفرش، فوقفت أنا وجماعة تحت القبة الشريفة فثار غبار لم نتراءى من تحته، ففتحت عيني حتى امتلأت من ذلك التراب، فما خرجت من الروضة إلا وعيناي كالمصباح المتوقّد، وإلى الآن ما أعالج وجع العين إلا بالتكحل من ذلك التراب».

الفصل العاشر: في خبر السيد مصطفى الكاشي فيها

وَقَالَ ذُو الفَضْلُ الشَّهِيرُ القَاشِي***المُصْطَفَى نَجْلُ الحُسَيْن الكاشِيْ (1)

ص: 137


1- السيد مصطفى ابن السيد حسين الكاشاني الطهراني النجفي: العالم، الشاعر الأديب، أحد مشاهير علماء النجف، وُلد حدود سنة (1268ه) في كاشان، وتوفي في الكاظمية سنة (1336ه)، ودُفن بها في المقبرة التي كان أعدها لنفسه بين الإيوان القبلي وصحن قريش، وأقيمت له مجالس الفاتحة في العراق وإيران، ورثاه الشعراء. ترجم له الشيخ السماوي في (الطليعة) فقال: فاضل العصر علماً، وبحره فضلاً، وطوده حلماً، وأديب باللسانين نثراً ونظماً، رأيته شيخاً قد حلّ الدهر سبكه، وترك له تقاه ونسكه، ولكن لم يستطع مقاومة همته العالية، فهو اليوم واقف نفسه لقضاء حوائج الإخوان عند السلطان، دافع نفسه في مضائق لا يصلها كل إنسان، له ديوانا شعر ديوان بالفارسية، وديوان بالعربية كله مديح لأهل بيت النبوة (عَلَيهِم السَّلَامُ). ولد سلّمه اللّه في حدود سنة ألف ومائتين وستين كما أخبرني به ولده المذكور، وقد جاء نعيه إلى النجف وأنه تُوفي بالكاظمين لليلتين بقيتا من شهر رمضان من سنة (1332ه). (الطليعة: 322/2، أعيان الشيعة: 127/10 كلاهما بتصرف يسير، وينظر ترجمته: معارف الرجال: 13/3، أدب الطف: 18/9، الأعلام: 248/12). ملحوظة : ترجم له الكثير من الباحثين وذكروا: أن وفاة المترجَم كانت في سنة (1336ه) ليلة الثلاثاء 19 رمضان وذلك في بلد الكاظمية، ولعل الشيخ السماوي اشتبه عليه أو زلّت جرّة القلم في سنة وفاته، فالسيد ممن خرج في سنة (1333ه) إلى الجهاد متجهاً نحو البصرة والشعيبة، وقد أبلى بلاءً حسناً هناك كإخوانه أمثال: السيد الداماد، وشيخ الشريعة، والسيد مهدي الحيدري، وإخوانهم المؤمنين. و كان المترجم ممن يؤخذ برأيه وتدبيره، وعند رجوعه أقام بالكاظمية، وكان الوجه الناصع في البلد، تأتم به الناس في صلاته. (ينظر : مستدركات أعيان الشيعة : 2/ 334).

فِي سَنَةِ النَّفِيْرِ حِيْنَ عَمَّا***رِمَدتُ منْ قَبْلُ فَکِدْتُ أَعْمَى

وَلَمْ يُفِدْنِي فِي الدَّوَا مُعَالِج***مِمَّنْ لَهُ اسْمٌ فِي العِلَاحِ رَائِج

فَظَلْتُ عَامَيْنِ بِحَالٍ تُبكي***مَعْ أَنَّني لَمْ أُظْهِرِ التّشَكَّي

حَتَّى إِذَا أَعْيَتْ عَلَيَّ حِيَلي***جئْتُ إِلَى قَبْرِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِي

ثُمَّ كَحَلْتُ الطَّرْفَ منْ تُرَابِهِ***مُسْتَشْفِياً مِنْ غُبْرَةٍ تُرَى بِهِ

فَعَادَت العَيْنُ كَمَا تَرَاها***صَحِيحَةً بَعْدَ الَّذي عَرَاها (1)

ص: 138


1- شفاء السيد مصطفى الكاشي بتربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) في الطليعة (324/2) ما نصه: «أخبرني ولده الفاضل السيد أبو القاسم: أن أباه السيد مصطفى رمدت عيناه وعجز الأطباء عنها، وأيسوا منها حتى استجار بأمير المؤمنين وولده،الحسين، فأخذ من تراب قبريهما واكتحل به فبرئتا، كما ذكر في شعره، وكما رأيته أنا صحيحاً سوياً».

ثُمَّ أراني حينَ أَنْهَى كَلمَة***ديوَانَ شِعْرِهِ الذِي قَدْ نَظَمَهْ

وَفِيْهِ شِعْرٌ يَمْدَحُ الحُسَيْنا***مَديحَ شُكْرِ إِذْ أَصَحَ العَيْنا

مُكَرِّراً ذَلِكَ فِي قَصَائِدْ***بِالشُّكْرِ مِنْهُ وَهْيَ خَيْرُ شَاهِدٌ (1)

ص: 139


1- نماذج من شعر السيد مصطفى الكاشي: قال الشيخ السماوي في ترجمته (رَحمهُ اللّه) أن له ديوانا شعر ديوان في الفارسية، وديوان شعر في العربية، كله مديح لآل بيت النبوة (عَلَيهِم السَّلَامُ) منه قوله في رمد أصابه: وحُزْ الفخرَ والعُلى بعلي***واقضَينَ في مديحهِ الأوطارا أنتَ شرّفت زمزماً والمُصلّى***بل وركنَ الحطيم المستجارا حازتْ الكعبةُ التي خارها اللّهُ***بميلادِك السعيدِ فخارا لو على الأرضِ منك قطرةُ علمٍ***نزلتْ عادتْ القفارَ بحارا أنتَ مولى الورى بما نصّ خيرُ***الرُّسل يومَ الغديرِ فيكَ جهارا أيها المرتضى فداؤك كل الكونِ***لا زلتَ للورى مُستجارا رَمَد قد أذلّني عند عامٍ***وتداويتُ***فيهِ منهُ مرارا لم يزدني الدواءُ إلا سقاماً***لم يفدني العلاجُ إلا خسارا فأعِد نورها فإنَّك مولى***قد ملكتَ الأسماعَ والأبصارا قال: وهي طويلة. ومن شعره: أشمسُ أفقٍ تبدت أم مُحيّاك***والمسكُ قد ضاعَ لي أم نشرُ سريتُ والليلَ داجٍ جُنحَ ظلمته***ثُمَّ اهتديتُ ببرقٍ من ثناياكِ رميتِ قلبي بسهم الحظ فاتكةً***أما علمتِ بأنَّ القلبَ مثواكِ فتكتِ بالصبِّ من هذا الصدودِ فمن***بالصدِّ أوصاكِ أو بالفتكِ أفتاكِ كذي فقار علي يومَ سُلَّ على***أصحابِ بغيٍ وإلحادٍ وإشراكِ مولى الأنامِ الذي طافتْ بحضرته***كرامُ رسُلٍ أولي عزمٍ وأملاكِ معارجُ المصطفى الأفلاكُ يصعدها***ومنكبُ المصطفى معراجُه الزاكي وكل قصائده طوال، وله غير ذلك من مراث حسينية. (ينظر: الطليعة: 323/2 ،324).

ص: 140

الفصل الحادي عشر: في خبر الناظم فيها

وَقَدْ حَضَرْتُ حَفْرَ قَبْرِ لِعَلِيْ***ابْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ وَهَّابِ الجَلِيْ

الفائزيِّ(1) عِنْدَ بابِ الرّأسِ***خَلْفَ حَبيب ذي النَّدى والبَاسِ

فَأَخْرَجُوا فِي الحَفْرِ تُرْباً أَحْمَرًا***يَفُوْحُ مِنْهُ مَا يَفُوْقَ العَنْبَرا

وَنَلْتُ مِنْهُ قَدَراً كَثيرا***وَعُدْتُ لِلْأَهْلِ بِهِ قَرِيرا

فَمَا رَأَيْتُ سُقْماً إِلَّا وَقَدْ***شَفَيْتُ فِيْهِ كلَّ أَعْضَاءِ الجَسَدْ

مِني وَمِمَّنْ رَامَ مِنِّي وَطَلَبْ***وَحَاوَلَ الشَّفَاء مِنْ ذَاكَ السَّبَب

والتُّرْبُ حِيْنَ نَلْتُهُ رَطَيْبُ***وَكُلَّما جَفَّ يَزُولُ الطَّيبُ

لكنَّما الشَّفاء لَمْ يَخْتَلِف***حَتَّى انْزَوَى عَنِّي فَيَا لَلْأَسَفِ

ص: 141


1- هو السيد على بن سليمان بن عبد الوهاب من سلالة آل السيد يوسف الموسويين من آل زحيك الحائري، الذين هم من سلالة الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ). قال صاحب (الطليعة) فيه عند ذكر أحوال ولده ما نصّه: «كان أبو هذا الفاضل - عبد الوهاب - من خدمة الروضة الحسينية أباً فأبا، وكان ذا وجاهة وشأن عن الحكومة والأهالي...». (ينظر: الطليعة: 1/ 541).

هذا وَهَذا البَابُ جِدُّ وَاسعِ***مُجَرَّبِّ لِنَاظِرٍ وَسَامِعِ

فَإِنْ تَشَأْ فَلَاحِظِ الأَخْبَارَا(1) وإِن تَشَأْ فَجَرب الغُبَارَا

ص: 142


1- ينظر في ذلك ما أوردناه من الأخبار في الفصل السابع، والتاسع، والعاشر من الباب الثاني.

الباب الثالث: في تعيين المرقد وماجرياته وفضل الزيارة

اشارة

ص: 143

ص: 144

إشارة:

باب به التَّعْيِينُ والزَّيارةْ

وَفَضْلُها وَمَنْ أَتَى ديَارَهُ

***

لَمّا قَضَى القَتْلُ عَلَى الحُسَيْن***وَشِيْلَ رَأْسُهُ عَلَى الرُّدَيْنِي (1)

وَوَطَأَتْ خَيْلُ العدا جُثْمَانَهُ***وسِيْرَ عَنْهُ وَثَوَى مَكَانَهُ (2)

ص: 145


1- الرديني: القناة والرمح القناة الردينية، والرمح الرديني، زعموا أنه منسوب إلى امرأة السمهري تسمّى ردينة كانا يقوِّمان القنا بخط هجر. (ينظر : صحاح الجوهري : 2122/5).
2- بعض ما حدث بعد مقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال السيد ابن طاووس في (اللهوف في قتلى الطفوف: 79): «... ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه من ينتدب للحسين فيواطئ الخيل ظهره وصدره، فانتدب منهم عشرة، وهم: إسحاق بن حوبة الذي سلب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قميصه، وأخنس بن مرثد، وحكيم بن طفيل السنبسي، وعمر بن صبيح الصيداوي، ورجاء بن منقذ العبدي، وسالم بن خثيمة [ خيثمة - ظ -] الجعفي، وواحظ بن ناعم، وصالح بن وهب الجعفي، وهاني بن شبث الحضرمي، وأسيد بن مالك (لعنهم اللّه) فداسوا الحسين بحوافر خيلهم حتى رضّوا صدره وظهره. قال الراوي: وجاء هؤلاء العشرة حتى وقفوا على ابن زياد، فقال أسيد بن مالك - أحد العشرة عليهم لعائن اللّه - : نحنُ رضضنا الصدرَ بعد الظَهرِ***بكلِ يعبوبٍ شديدِ الأسرِ فقال ابن زياد: من أنتم؟ قالوا: نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتى طحنّا حناجر،صدره قال فأمر لهم بجائزة يسيرة. قال أبو عمر الزاهد: فنظرنا إلى هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعاً أولاد زناء، وهؤلاء أخذهم المختار فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا».

تَحْفُهُ مِنْ رَهْطِهِ جُسُوْمُ***كَمَا تَحُفُّ القَمَرَ النُّجُوْم (1)

ص: 146


1- وهم الذين استشهدوا معه من أهل بيته وأصحابه الكرام البررة (صلوات اللّه عليه وعليهم). فأمّا الشهداء من أهل بيته (عَلَيهِم السَّلَامُ) بحسب ما ذكره الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) فهم : «... العباس وعبد اللّه وجعفر وعثمان بنو أمير المؤمنين (عَلَيهِم السَّلَامُ)، أمهم أم البنين. وعبد اللّه وأبو بكر ابنا أمير المؤمنين (عَلَيهِم السَّلَامُ)، لهم أمهما ليلى بنت مسعود الثقفية. وعلي وعبد اللّه ابنا الحسين بن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ). والقاسم وأبو بكر و عبد اللّه بنو الحسن بن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ). ومحمّد وعون ابنا عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب رحمة اللّه عليهم. وعبد اللّه وجعفر وعبد الرحمن بنو عقيل بن أبي طالب. ومحمّد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب رحمة اللّه عليهم أجمعين. فهؤلاء سبعة عشر نفساً من بني هاشم - رضوان اللّه عليهم أجمعين - إخوة الحسين وبنو أخيه وبنو عمَّيه جعفر وعقيل، وهم كلهم مدفونون مما يلي رجلي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مشهده، حُفر لهم حفيرة وألقوا فيها جميعاً وسوي عليهم التراب، إلا العباس بن علي رضوان اللّه عليه فإنه دُفن في موضع مقتله على المسنّاة بطريق الغاضرية وقبره ظاهر، وليس لقبور إخوته وأهله الذين سمّيناهم أثر، وإنما يزورهم الزائر من عند قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويومئ إلى الأرض التي نحو رجليه بالسلام، وعلي ابن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في جملتهم، ويقال : إنه أقربهم دفناً إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). فأما أصحاب الحسين رحمة اللّه عليهم الذين قُتلوا معه، فإنهم دُفنوا حوله...». (الإرشاد: 2/ 125 - 126). ملحوظة: وقد ألفت فيهم وفي ذكر أحوالهم مصنفات عدة منها: كتاب (إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) للشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه)، وكتاب (أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) للشيخ محمّد مهدي شمس الدين وغيرها. وسيأتي في الباب السابع: في ذكر من دُفن في كربلاء وتعداد الشهداء وذكر أسمائهم، فلاحظ.

جَاءَتْ بَنُو غَاضِرَة (1) إِلَى الجُثَتْ***بَعْدَ ثَلَاثٍ لَتُوَارِيها الجَدَثْ

وأَرْبَأَتْ عَيْناً عَلَى الطَّريق***يَنْظُرُ مِنْ خَوْفٍ عَلَى الفَرِيقِ

ص: 147


1- غاضرة: بطن من الهون بن خزيمة بن مدركة من العدنانية، وهم غاضرة ابن بغض بن ريث بن غطفان بن سعد، تُنسب إليهم قرية من نواحي الكوفة، تُدعى: الغاضرية. (ينظر: معجم قبائل العرب: 874/3).

فَحَفَرَتْ إِذَاهُ كَي تُوَارِيَة***حفيْرَةً ثُمَّ أَنَتْ بِبَارِيَة

فَوَضَعَتْهُ فَوْقَهَا وأُنْزِلَا***لَمَهْبط الرُّوحِ وَمَعْرَاجِ العُلا

وَقَرَبَتْ مِنْ قَدَمَيْهِ نَجْلَهُ***وَمَنْ وَرَاهُ صَحْبَهُ وَرَجْلَهُ

وَوَارَتِ العَبَّاسَ فِي مَكَانِهِ***إِذْ لَمْ تُطقْ تَحْمِلُ مِنْ جُثْمَانه (1)دَلَالَةٌ مِنْ عَالِمٍ خَبِیرِ***بِهِ وبالأَصْحَابِ ذِي تَدْبَيْرِ

قَدْ عَلَّمَ القُبُورَ فِي عَلَائِمْ***لَمْ تَنْدَرِس إِلَى ظُهُورِ القَائِمُ (2)

ص: 148


1- قال الشيخ المفيد في (الإرشاد: 2/ 114): «ولمّا رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية إلى الحسين وأصحابه رحمة اللّه عليهم، فصلّوا عليهم، ودفنوا الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيث قبره الآن، ودفنوا ابنه علي بن الحسين الأصغر عند رجليه، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صرعوا حوله مما يلي رجلي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و جمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً، ودفنوا العباس بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) في موضعه الذي قُتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن».
2- قصة كربلاء والوقائع المتأخرة عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما قاله الإمام علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : في الرواية عن عبيد اللّه بن الفضل بن محمّد بن هلال عن سعيد بن محمّد، عن محمّد بن سلام الكوفي، عن أحمد بن محمّد الواسطي، عن عيسى بن أبي شيبة القاضي، عن نوح بن دراج، عن قدامة بن زائدة، عن أبيه قال: «قال علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بلغني يا زائدة، أنك تزور قبر أبي عبد اللّه أحياناً؟ فقلت: إن ذلك لكما بلغك. فقال لي: فلماذا تفعل ذلك ولك مكان عند سلطانك الذى لا يحتمل أحداً على محبتنا وتفضيلنا وذكر فضائلنا، والواجب على هذه الأمة من حقنا ؟ فقلت: واللّه ما أريد بذلك إلا اللّه ورسوله، ولا أحفل بسخط من سخط، ولا يكبر في صدري مكروه ينالني بسببه، فقال واللّه إن ذلك لكذلك. فقلت: واللّه إن ذلك لكذلك يقولها: ثلاثاً وأقولها: ثلاثاً. فقال: أبشر، ثمّ أبشر، ثمّ أبشر، فلأخبرنك بخبر كان عندي في النخب المخزون: إنه لمّا أصابنا بالطف ما أصابنا، وقُتل أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقُتل من كان معه من ولده وإخوته وسائر أهله، وحملت حرمه ونساؤه على الأقتاب يُراد بنا الكوفة، فجعلت أنظر إليهم صرعى ولم يواروا، فيعظم ذلك في صدري ويشتد لما أرى منهم قلقي، فكادت نفسي تخرج، وتبينت ذلك مني عمتي زينب بنت علي الكبرى. فقالت: ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وإخوتي؟ فقلت: وكيف لا أجزع وأهلع؟ وقد أرى سيدي وإخوتي وعمومتي وولد عمي وأهلي مضرّجين،بدمائهم مرمّلين بالعراء،مسلّبين، لا يُكفّنون ولا يوارون، ولا يعرج عليهم أحد، ولا يقربهم بشر كأنهم أهل بيت من الديلم والخزر، فقالت: لا يجزعنك ما ترى فواللّه إن ذلك لعهد من رسول اللّه إلى جدك وأبيك وعمك، ولقد أخذ اللّه ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها وهذه الجسوم المضرجة، وينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء لا يُدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور على كرور الليالي والأيام، وليجتهدت أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلا ظهوراً وأمره إلا علواً. فقلت: وما هذا العهد؟ وما هذا الخبر؟ فقالت: حدّثتني أم أيمن أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) زار منزل فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) في يوم من الأيام فعملت له حريرة وأتاه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بطبق فيه تمر، ثم قالت أم أيمن: فأتيتهم بعس فيه لبن وزبد، فأكل رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) من تلك الحريرة، وشرب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وشربوا من ذلك اللبن، ثم أكل وأكلوا من ذلك التمر بالزبد، ثم غسل رسول اللّه يده وعلى يصب عليه الماء، فلما فرغ من غسل يده مسح وجهه، ثم نظر إلى علي وفاطمة والحسن والحسين نظراً عرفنا فيه السرور في وجهه، ثم رمق بطرفه نحو السماء ملياً، ثم وجه وجهه نحو القبلة وبسط يديه يدعو، ثم خرّ ساجداً، وهو ينشج فأطال النشوج وعلا نحيبه وجرت دموعه، ثم رفع رأسه وأطرق إلى الأرض ودموعه تقطر كأنها صوب المطر، فحزنت فاطمة وعلي والحسن والحسين وحزنت معهم لما رأينا من رسول اللّه، وهبناه أن نسأله،حتى إذا طال ذلك قال له على وقالت له :فاطمة ما يبكيك يا رسول اللّه لا أبكى اللّه عينيك ؟ وقد أقرح قلوبنا ما نرى من حالك. فقال: يا أخي، سررت بكم - وقال مزاحم بن عبد الوارث في حديثه ههنا: - فقال: يا حبيبي، إني سررت بكم سروراً ما سررت مثله قط، وإني لأنظر إليكم وأحمد اللّه علىّ نعمته علي فيكم، إذ هبط علي جبرئيل فقال: يا محمّد، إن اللّه تبارك وتعالى إطلع على ما في نفسك، وعرف سرورك بأخيك وابنتك وسبطيك، فأكمل لك النعمة، وهنأك العطية بأن جعلهم وذرياتهم ومحبيهم وشيعتهم معك في الجنّة لا يفرق بينك وبينهم، يحيون كما تحيى، ويعطون كما تعطى حتى ترضى وفوق الرضا، على بلوى كثيرة تنالهم في الدنيا، ومكاره تصيبهم بأيدي أناس ينتحلون ملتك ويزعمون أنهم من أمتك، براء من اللّه ومنك خبطاً خبطاً وقتلاً قتلاً، شتّى مصارعهم، نائية قبورهم، خيرة من اللّه لهم ولك فيهم، فاحمد اللّه (عزّوجلّ) على خيرته وارض بقضائه، فحمدت اللّه ورضيت بقضائه بما اختاره لكم. ثم قال جبرئیل: يا محمّد إن أخاك مضطهد بعدك، مغلوب على أمتك، متعوب من أعدائك، ثم مقتول بعدك يقتله أشر الخلق والخليقة، وأشقى البرية نظير عاقر الناقة ببلد تكون إليه،هجرته وهو مغرس شيعته وشيعة ولده، وفيه على كل حال يكثر،بلواهم ويعظم مصابهم، وإن سبطك هذا - وأومأ بيده إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- المقتول في عصابة من ذريتك وأهل بيتك، وأخيار من أمتك بضفة الفرات بأرض تدعى كربلاء، من أجلها يكثر الكرب والبلاء، على أعدائك وأعداء ذريتك في اليوم الذي لا ينقضي كربه، ولا تُفنى حسرته، وهي أطهر بقاع الأرض، وأعظمها حرمة، وإنها لمن بطحاء الجنة...». (كامل الزيارات: 444، بحار الأنوار: 179/45 - 184 ح 30).

ص: 149

ص: 150

ص: 151

ثُمَّ أَتَتْ فِي يَومِ الأَرْبَعينا***عُصَابَةٌ لَهُ مُبَا يعيْنَا

فَبَاتَت اللَّيْلَةَ حَتَّى الصُّبْحاً***تَبْكِي وَتَبْكِي الخَيْلُ مَعْهَا ضَبْحَا

منْهُمْ سُلَيْمَانُ المُنْيْبُ ابْنُ صُرَدْ***وَمَنْ يُتِمُّ الأَرْبَعِيْنَ فِي العَدَدُ (1)

ص: 152


1- انتهاء سليمان بن صرد وأصحابه إلى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال أبو مخنف: حدّثنا الأعمش، قال: حدّثنا سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، قال: «لما انتهى سليمان بن صرد وأصحابه إلى قبر الحسين نادوا صيحة واحدة يا ربِّ، إنا قد خذلنا ابن بنت نبينا فاغفر لنا ما مضى منا وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم، وارحم حسيناً وأصحابه الشهداء الصديقين، وإنّنا نشهدك يا ربّ، إنّا على مثل ما قتلوا عليه، فإن لم تغفره لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. قال: فأقاموا عنده يوماً وليلة يصلّون عليه ويبكون ويتضرعون، فما إنفك الناس من يومهم ذلك يترحمون عليه وعلى أصحابه حتى صلّوا الغداة من الغد عند قبره، وزادهم ذلك حنقاً، ثم ركبوا فأمر سليمان الناس بالمسير، فجعل الرجل لا يمضي حتى يأتي قبر الحسين فيقوم عليه فيترحم عليه ويستغفر له. قال: فواللّه لرأيتهم از د حموا على قبره أكثر من ازدحام الناس على الحجر الأسود. قال: ووقف سليمان عند قبره، فكلما دعا له قوم و ترحموا عليه قال لهم المسيب بن نجبة وسليمان بن صرد: إلحقوا بإخوانكم رحمكم اللّه، فما زال كذلك حتى بقى نحو من ثلاثين من أصحابه، فأحاط سليمان بالقبر هو وأصحابه، فقال سليمان: الحمد للّه الذي لو شاء أكرمنا بالشهادة مع الحسين، اللهم إذ حرمتناها معه فلا تحرمناها فيه بعده...». (ينظر: مقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأبي مخنف : 290 - 291).

وَجَاءَ جابر لَهُ وَالعَوْفِي***عَطِيَّةٌ وَلَمْ يُبَل بالخَوْف

وَقَال الْمَسْنيْه يَعْني المَرْقَدَا***وَصَاحَ يَا فِلْذَةَ قَلْب أَحْمَدَا (1)

ص: 153


1- قصة ورود جابر بن عبد اللّه الأنصاري (رضیَ اللّهُ عنهُ) بكربلاء: قال الطبري في (بشارة المصطفى: 124 – 126 ح72): أخبرنا الشيخ الأمين أبو عبد اللّه محمّد بن شهريار الخازن بقراءتي عليه في مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شوال سنة اثنتي عشرة وخمسمائة... وساق السند إلى أن قال: عن الأعمش، عن عطية العوفي، قال: «خرجت مع جابر بن عبد اللّه الأنصاري (رَحمهُ اللّه) زائرين قبر الحسين بن علي بن أبي طالب، فلمّا وردنا كربلا دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ثم إتزر بإزار وارتدى بآخر، ثم فتح صرّة فيها سعد فنثرها على بدنه، ثم لم يخط خطوة إلا ذكر اللّه تعالى، حتى إذا دنا من القبر قال المسنيه فألمسته، فخر على القبر مغشياً عليه، فرششت عليه شيئاً من الماء، فلما أفاق قال يا حسين ثلاثاً، ثم قال: حبيب لا يجيب حبيبه، ثم قال: وأنى لك بالجواب وقد شُحطت أوداجك على أثباجك، وفرق بين بدنك ورأسك، فأشهد أنك ابن خاتم النبيين، وابن سيد المؤمنين، وابن حليف التقوى، وسليل الهدى، وخامس أصحاب الكسا، وابن سيد النقباء، وابن فاطمة سيدة النساء، وما لك لا تكون هكذا وقد غذتك كف سيد المرسلين، ورُبيت في حجر المتقين، ورضعت من ثدي الإيمان، وفُطمت بالإسلام، فطبت حياً وطبت ميتاً، غير أنّ قلوب المؤمنين غير طيبة لفراقك ولا شاكة في الخيرة لك، فعليك سلام اللّه ورضوانه، وأشهد أنك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا. ثم جال ببصره حول القبر وقال: السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين وأناخت برحله، أشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر، وجاهدتم الملحدين، وعبدتم اللّه حتى أتاكم اليقين، والذي بعث محمّداً بالحق نبياً لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه. قال عطية: فقلت له: يا جابر كيف ولم نهبط وادياً ولم نعلُ جبلاً ولم نضرب بسيف، والقوم قد فُرّق بين رؤوسهم وأبدانهم وأوتمت أولادهم وأرملت أزواجهم ؟ فقال لي: يا عطية، سمعت حبيبي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: من أحب قوماً حُشر معهم، ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم، والذي بعث محمّداً بالحق نبياً إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه، خذني نحو أبيات كوفان. فلمّا صرنا في بعض الطريق قال لي: يا عطية، هل أوصيك وما أظن أنني بعد هذه السفرة ملاقيك أحبب محب آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ما أحبهم، وابغض مبغض آل محمّد ما أبغضهم، وإن كان صواماً قواماً، وارفق بمحب محمّد وآل محمّد، فإنه إن تزل له قدم بكثرة ذنوبه ثبتت له أخرى بمحبتهم، فإن محبهم يعود إلى الجنّة، ومبغضهم يعود إلى النار». ملحوظة: قول جابر (رضیَ اللّهُ عنهُ)العطية العوفي المسنيه - يعني القبر - يدل على أنّ القبر الشريف كان قد أعلِمَ بعلامة أو كان بارزاً.

ص: 154

وَجَاءَ بَعْدَ ذَلكَ المُخْتَارُ***حِيْنَ دَعَاهُ والجنُوْدَ النَّارُ (1)

وَعَمَّرَ المَسْجِدَ فَوْقَ الجَدَثِ***فَهْوَ إِذَنْ أَوَّلُ شَيءٍ مُحْدَثِ

وَبَقِيَ المَسْجِدُ حَوْلَ المَرْقَدِ***إِذْ كَانَ قَدْ أُسِّسَ التَّعَبُّد (2)

ص: 155


1- قال - أي الراوي- : ولمّا وصل - المختار - إلى القادسية عدل عنها إلى كربلاء، واغتسل ولبس ثياب الزيارة، وسلّم على قبر الحسين، واعتنقه وقبله وبكي، وقال: يا سيدي، آليت بجدك المصطفى وأبيك،المرتضى، وأمك الزهراء، وأخيك الحسن المجتبى، ومن قتل من أهل بيتك وشيعتك في كربلاء، لا أكلت طيب،الطعام، ولا شربت لذيذ الشراب ولا نمت على وطىء المهاد، ولا خلعت عن جسدي هذه الأبراد، حتى أنتقم لك ممن قتلك، أو أقتل كما قتلت، فقبّح اللّه العيش بعدك...». (ينظر : مقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للخوارزمي: 2/ 214). ملحوظة : قول المختار: (واعتنقه وقبّله وبكي...) أيضاً يدل على أنّ القبر الشريف كان قد أعلم بعلامة، أو كان بارزاً.
2- «وفي سنة (66 ه) وعندما استولى المختار بن أبي عبيدة الثقفي على الكوفة عمّر على مرقده الشريف قبة من الجص والآجر، وقد تولّى ذلك محمّد بن إبراهيم بن مالك الأشتر، واتخذ قرية من حوله، وكان للمرقد بابان: شرقي وغربي، وبقي - على ما قيل - حتى عهد هارون الرشيد. ويقول السيد محمّد بن أبي طالب وقد كان بني على قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مسجد ولم يزل كذلك بعد بني أمية، وفي زمن بني العباس إلا على زمن هارون الرشيد، فإنه خربّه وقطع السدرة التي كانت نابتة عنده وكرب موضع القبر. ونقل سركيس: أن المختار أحاط القبر الشريف بحائط المسجد، وبنى عليه قبة بالآجر والجص ذات بابين». (دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 1/ 250- 252).

وَلَمْ يَزَلْ يُزَارُ فِي جَنَاحَ***حَتَّى أَتَى المُلْكُ إِلَى السَّفَاحِ (1)

فَبَانَ قَبْرٌ وَبَدَا مَحلُّ***وَسِدْرَةٌ مِنْ حَوْله تُظِلُّ

وَاغْتَنَمَتْ شِيْعَتُهُ الزِّيَارَةْ***فَلَمْ تَزَلَ سَرَايَةٌ (2) سَيَّارَةْ (3)

ص: 156


1- أبو العباس السفاح: «هو عبد اللّه بن محمّد بن علي بن عبد اللّه بن العباس بن عبد المطلب (104 - 136 ه / 722 - 754م)، أول خلفاء الدولة العباسية، وأحد الجبارين الدهاة من ملوك العرب. ولد ونشأ بالشراة - بين الشام والمدينة - وقام بدعوته أبو مسلم الخراساني مقوّض عرش الدولة الأموية، فبويع له بالخلافة جهراً في الكوفة سنة (132ه)، وصفا له الملك بعد مقتل مروان بن محمّد آخر ملوك الأمويين في الشام... . وكان شديد العقوبة، عظيم الانتقام، تتّبع بقايا الأمويين بالقتل والصلب والإحراق حتى لم يبق منهم غير الأطفال والجالين إلى الأندلس... ومرض بالجدري فتوفي شاباً بالأنبار..... (ينظر: الأعلام: 116/4).
2- سرّاية الليل، والجمع السرى (ينظر : مجمع البحرين: 369/2). والمقصود من (سرّاية سيّارة): هو السير بالليل.
3- لم يزل القبر الشريف بعد سقوط بني أمية بعيداً عن كل تخريب وانتهاك لحرمته؛ وذلك لانشغال بني العباس – وخاصة في مدة مُلك السفاح - بإدارة شؤون دولتهم الجديدة، وتوطيد ملكهم، ولظهورهم بادئ الأمر بشعار الطلب بثأر آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وإرجاع الحق لهم. وقد كان القائمون بالدعوة من أهل خراسان، والمعروف أن أكثر هؤلاء كانوا من أنصار آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وقد توارد الزائرون لقبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من شيعته في تلك المدة جهراً ودون خوف، بعد أن كان زواره يزورونه خفية مع يلاقونه من المصاعب والأخطار.

حتَّى إِذا المَنْصُورٌ (1) حَلَّ قَصْرًا***لابنِ هُبَيرةٍ (2) يُنَاصِي القَبْرا

ص: 157


1- المنصور العباسي (95 - 158 ه): «عبد اللّه بن محمّد بن علي بن العباس أبو جعفر المنصور: ثاني خلفاء بني العباس، ولد في الحميمة من أرض الشراة - قرب معان-، وولي الخلافة بعد وفاة أخيه السفّاح سنة (136ه)، وهو باني مدينة بغداد أمر بتخطيطها سنة (145ه) وجعلها دار ملکه بدلا من (الهاشمية) التي بناها السفّاح. وهو والد الخلفاء العباسيين جميعاً... قتل خلقاً كثيراً حتى استقام ملكه. توفي ببئر ميمون - من أرض مكة - محرماً بالحج، ودفن في الحجون – بمكة-، ومدة خلافته 22 عاماً». (ينظر: الأعلام (117/4).
2- قصر ابن هبيرة: «يُنسب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة... ابن ريث بن غطفان، كان لمّا وُلي العراق من قبل مروان بن محمّد بن مروان بنى على فرات الكوفة مدينة فنزلها، ولم يستتمها حتى كتب إليه مروان بن محمّد يأمره بالاجتناب عن مجاورة أهل الكوفة، فتركها وبنى قصره المعروف به بالقرب من جسر سورا، فلمّا ملك السفاح نزله واستتم تسقيف مقاصير فيه وزاد في بنائه وسمّاه الهاشمية، وكان الناس لا يقولون إلا قصر ابن هبيرة على العادة الأولى، فقال: ما أرى ذكر ابن هبيرة يسقط عنه، فرفضه وبنى حياله مدينة ونزلها أيضاً المنصور، واستتم بناء كان قد بقي فيها وزاد فيها أشياء وجعلها على ما أراد، ثم تحول منها إلى بغداد فبنى مدينة وسماها مدينة السلام». (معجم البلدان: 365/4).

أَغَاهُ تَوَافُدُ الأَنامِ***لِذَلِكَ المَرْقَدِ والمَقَامِ

فَنَدَبَ ابْنَ العَمَ مِنهُ مُوسَى (1)***لحَرْثِهِ فَجَاءَهُ مَرْمُوسَا

ص: 158


1- هو موسى بن عيسى بن موسى بن محمّد العباسي الهاشمي مرت ترجمته في الفصل الثامن، وفيها أنه وُلي الحرمين للمنصور والمهدي مدة طويلة، ووُلي مصر للرشيد وصُرف عنها (سنة 172ه) فعاد إلى العراق، فولاه الرشيد الكوفة فدمشق، ثم أعيد ثانية إلى إمرة مصر... . ملحوظة: إن الذي يُفهم من الأبيات المذكورة أن المنصور العباسي أراد حرث ونبش قبر الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلا أن ذلك لم يحدث. والمشهور أن نبش قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان في زمن الرشيد العباسي كما ذكرت ذلك عام-ة المصادر التاريخية، وليس في زمن المنصور والناظم (رَحمهُ اللّه) أعرف بذلك.

فَكَفْكَفَ المَنْصُوْرُ مِنْ غَلْوَائه***وَتَرَكَ البَرْدَ عَلَى انْطَوَائه (1)

ص: 159


1- كذا ذكر الناظم (رَحمهُ اللّه)، ولم أعثر على تفصيل ما ذكر وأيضاً لم يورده من كَتَب في تاريخ كربلاء، فضلاً عن أمّات مصادر التاريخ المعتبرة للخاصة والعامة، ولعلّي أعثر على ذلك مستقبلاً في الطبعة القادمة بتوفيقه تعالى. والذي نقوله وهو من اليقين الذي نقلته كتب السِيَر والتاريخ هو بغض المنصور المفرط لآل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، لذا فما رجزه لنا الناظم (رَحمهُ اللّه) من أفعال المنصور المشينة بقبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليس بالأمر البعيد. وأنقل هنا ما ذكره السيد تحسين آل شبيب في كتابه (مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)عبر التاريخ : 122 – 124) تحت عنوان: (الحائر الحسيني في عهد المنصور)، قال: «عندما تولّى العباسيون السلطة، وتمكنوا من القضاء التام على خصومهم الأمويين، أرادوا التقرب إلى العلويين، وخصوصاً في عهد السفاح الذي فسح المجال لزيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلم يزل البناء والمسجد والقبر المطهر بعيداً عن انتهاكات العباسيين في بداية دولتهم، لكن في زمن الخليفة المنصور صاروا يجاهرون بمعاداتهم للعلويين والتضييق عليهم، فنكّل المنصور بآل الحسن، فمنهم من قُتل ومنهم من هرب على وجه، متذرعاً بالثورة عليه التي قام بها محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بالمدينة، وأخوه إبراهيم الذي ثار من بعده في البصرة، كما أراد التخلص من بيعة كانت في عنقه لمحمّد بن عبد اللّه بن الحسن الملقب بالنفس الزكية. ولما انتهت هاتان الثورتان بالفشل تفرغ للتنكيل بآل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فزج عدداً كبيراً منهم في السجن، ثم تجاوز باعتداءاته على العلويين حتى طالت القبر الشريف للإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). ففي رواية صفوان الجمال قال: أخبرَني مولى لنا عن مولى لبني عباس، قال: قال لي أبو جعفر المنصور: خذ معك معولاً وزنبيلاً وامض معى قال: أخذت ما قال وذهبت معه ليلاً، حتى ورد الغرى فإذا بقبر، فقال احفر، فحفرت حتى بلغت اللحد..» (ينظر: مروج الذهب: 326/3، 328، 329).

حَتَّى أَتَى الرَّشيدُ فَاسْتَشَاطَا***إِذْ أَفْرَطَ الوَفْدُ لَهُ إِفْرَاطَا (1)

وَإِذْ مَضَى شاعرُهُ المَنْصُوْرُ***للطَّف فِي مُحَرَّمِ يَزُوْرُ (2)

ص: 160


1- قال المرزباني الخراساني في (مختصر أخبار شعراء الشيعة: 84) ما نصه: «... ولما وقع أبو عصمة الشيعي بأهل ديار ربيعة - وكان الرشيد أمره بذلك-، فأوفدت ربيعة إلى الرشيد وفداً مئة رجل فيهم النمري، فلما صاروا إلى بابه قال: تخيروا من هذه العدة النصف، ففعلوا فقال يكثرون فاختاروا منهم الربع فاستكثرهم فاختاروا عشرة النمري منهم، ثم من العشرة اثنان النمري أحدهما، فلما دخلا قال: قولا ما تريدان، فاندفع النمري... إلى أن قال له الرشيد: ويحك قل حاجتك، فقال: يا أمير المؤمنين أخربت الديار، وأخذت الأموال، وقُتل الرجال، وهُتك الحرم، فقال: اكتبوا له بكل ما يريد وأمر له بعشرة آلاف درهم ولجميع أصحابه بمثلها، واحتبسه وشخص أصحابه فقضيت حوائجهم ».
2- هو منصور بن سلمة بن الزبرقان بن شريك بن مطعم بن مالك النمري: ذكره السيد الأمين العاملي في (أعيان الشيعة) فقال: «منصور بن سلمة بن الزبرقان بن شريك بن مطعم الكبش الرخم بن مالك النمري من النمر بن قاسط من نزار. وكان عربي الألفاظ جيد الشعر وقيل: ما كسب أحد بالشعر كسبه، مدح الخلفاء مع أنه كان يسرّ التشيع، فإذا ظهر عليه أسهب بمدح بني العباس إلا أنه ظهرت أشعاره بعد موته. ... قال: ولم يأخذ أحد من الرشيد ولا تقدم عنده مثله، وأعجب به عجباً شديداً، ولقبه خال العباس بن عبد المطلب، ولم يزل عنده يقول الشعر فيه وفي عيسى بن جعفر، حتى استأذن له في أن يرى أهله برأس عين فأذن له. ومن شعره (رَحمهُ اللّه) يرثي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : متى يشفيك دمعُك من همولِ***ويبردُ ما بقلبك من غليلِ ألا يا ربَّ ذي حزنٍ تعايا***بصبرٍ فاستراح إلى العويل قتيلٌ ما قتيلُ بني زيادٍ***ألا بأبي وأمي من قتيل ِ رویدَ ابن الدعي وما أدعاه***سيلقى ما تسلف عن قليلِ غدت بيضُ الصفائحِ والعوالي***بأيدي كلِ مؤتشبٍ دخيلِ معاشرٌ أودعت أيامَ بدرٍ***صدورَهم وديعاتِ الغليلِ فلما أمكن الإسلامُ شدّوا***عليه شدةَ الحنقِ الصؤولِ فوافوا كربلاءَ مع المنايا***بمرداةٍ مسوّمةِ الخيولِ ... إلخ. ثم قال المرزباني، وقيل: إن الرشيد أنشد هذه القصيدة، فامتعض وأمر من يقتل النمري، فوجده الرسول قد مات، فقال: خلّصه الموت». (مختصر أخبار شعراء الشيعة 84-86 بتصرف يسير أعيان الشيعة: 10/ 138 وينظر في ترجمته أمالي السيد المرتضى: 184/4، الكنى والألقاب: 246/3،، معجم المؤلّفين: 13/13). ملحوظة: لم نعثر على خبر زيارة المنصور - الشاعر هذا - لقبر الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما لدينا من المصادر، والناظم (رَحمهُ اللّه) أعرف بما ذكر.

ص: 161

وَيُوْسُفٌ وأَكْثَرُ البِطَانَةْ***مِمَّنْ يَعُدُّهُمْ لَهُ أَعْوَانَهْ

فَنَكَثَ الحَبْلَ بِلَا اكْتِرَاثِ***وَمَنَعَ البُكَاءَ وَالمَرَاثي

وَقَتَل المَنْصُوْرَ حِيْنَ اسْتَأْذَنا***للشُّرْب ثُمَّ زَارَ لَيْلاً مُوهنا

وَمَا بِهِ إلى الشَّرابِ مَيْلُ***لكن ليُخْفي ما يُريدُ اللَّيْلُ

واسْتَأْصَلَ المُوْلَعَ بالزِّيَارَة***وَمَنْ بَنَى في كَربَلا دِيَارَهُ

وَقَطَع السَّدْرَةَ عِنْدَ المَبْنَى***وَلَمْ يُبَال في الحديث اللَّعْنَا (1)

ص: 162


1- قال الشيخ الطوسي في (أماليه : 325 - ح 98/651) ما نصه: أخبرنا ابن خشيش، عن محمّد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا محمّد بن علي بن هاشم الإبلي، قال: حدّثنا الحسن بن أحمد بن النعمان الوجيهي الجوزجاني نزيل قومس - وكان قاضيها-، قال: حدّثني يحيى بن المغيرة الرازي، قال: «كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق، فسأله جرير عن خبر الناس فقال: تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمر أن تقطع السدرة التي فيه، فقطعت. قال فرفع جرير يديه، فقال: اللّه أكبر، جاءنا فيه حديث عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنه قال: لعن اللّه قاطع السدرة ثلاثاً، فلم نقف على معناه حتى الآن؛ لأن القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتى لا يقف الناس على قبره». قال السيد محسن الأمين في (الأعيان: 627/1 - 628): «وبقيت هذه القبة [أي قبة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ] إلى زمن الرشيد فهدمها وكرب موضع القبر، وكان عنده سدرة فقطعها. وقال السيد محمّد بن أبي طالب الحسيني الحائري فيما حكي عن كتابه تسلية المجالس وزينة المجالس :[473/2]) وكان قد بُني عليه مسجد ولم يزل كذلك بعد بني أمية، وفي زمن بني العباس إلا على زمن هارون الرشيد فإنه خرّبه وقطع السدرة التي كانت ثابتة عنده وكرب موضع القبر، انتهى من التسلية. ويوجد إلى الآن باب من أبواب الصحن الشريف يسمّى باب السدرة، ولعل السدرة كانت عنده أو بجنبه».

وَهَدَمَ الدِّيارَ وَالآثارا***وَلَمْ يَدَعْ بِكَرْبَلا دَيَّارا

فَلَمْ تَخَفْ شَيْعَتُهُ المَنايا***واسْتَعْمَلُوا اللَّيْلَ لَهُمْ مَطَايَا

ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ الْأَهْلُوْنَا***إذ الأمينُ قَاوَمَ المَأْمُوْنَا (1)

ص: 163


1- إشارة الى ما حدث بين الأمين وأخيه المأمون من حروب وتقاتل على الخلافة بعد هلاك الرشيد، فكان نتيجة ذلك أن قتل الأمين وتولّى المأمون الخلافة، فكانت تلك مدة انشغال عن شيعة أهل البيت اللّه وفرصة لزيارة القبر المطهر بعد أن منعت أيام الرشيد، وكذلك بناء وإعمار ما تم هدمه وتخريبه. ينظر بهذا الشأن: تاريخ الطبري: 29/7 وما بعدها لسنة (196ه).

وازْدَادَ مِنْ بَعْدِ الأَمينِ فَبُنِي***وَنَزَلُوا مِنْهُ بِكُلِّ مَسْكَنِ (1)

ص: 164


1- «ولمّا جاء دور المأمون وتمكن من سرير الخلافة تنفس الشيعة الصعداء واستنشقوا ريح الحرية، ولم يتعرض لذلك. وكان المأمون يتظاهر بحبه لآل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) حباً جماً، حتى أنه استعاض بلبس السواد - وهو شعار العباسيين - بلبس الخضرة وهو شعار العلويين، وأوصى بالخلافة من بعده لعلي الرضا بن موسى الكاظم (عَلَيهِما السَّلَامُ)، ولعل ذلك كيد منه، وكان هذا الوقوع بعد قتل أخيه الأمين واسترضاء لمناصريه الخراسانيين. وقد زعم البعض أنه هو الذي شيّد قبره الشريف وبنى عليه لهذه الفترة. وفي ورود أبي السرايا بن السري بن المنصور إلى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيام المأمون عام تسعة وتسعين بعد المائة - حين قام ببيعة محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل طباطبا بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط - دليل على تشييد قبر الحسين بعد مضي الرشيد إلى طوس وبقي الحال على هذا المنوال والشيعة في حالة حسنة حتى قام حول قبره الشريف سوقاً واتخذتْ دوراً حوله، وأخذ الشيعة بالتوافد إلى قبره للسكنى بجواره...». (ينظر: بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 65- 66).

حَتَّى إذا مَا جَعْفَرُ المُلَقَّبُ***بِالمُتَوَكِّلِ (1) اسْتَطَالَ يَرْقُبُ

أَنْحَى عَلَى قَبْرِ الحُسَيْنِ فَحَرَثْ***وَأَخْرَبَ الآثَارَ مِنْهُ وَالجَدَثْ

ثُمَّ سَقَتْ مَا حَرَكَ المِيَاهُ***فَحَارَ ذَاكَ المَاءُ عَنْ سُفْيَاهُ (2)

ص: 165


1- المتوكل العباسي: هو جعفر بن محمّد بن هارون، ولُقب المنتصر باللّه، فلمّا كان في اليوم الثاني لقبه أحمد بن دُوّاد المتوكل على اللّه، بويع له وهو ابن سبع وعشرين سنة وأشهر، وقتل وهو ابن احدى وأربعين وذلك في سنة 247ه، فكانت خلافته أربع عشرة سنة وتسعة أشهر وتسع ليال أمه أم ولد خوارزمية يقال لها: شجاع. (مروج الذهب: 94/4 بتصرف يسير).
2- أيام المتوكل وهدمه لقبر الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) ذكر ذلك أبو الفرج الإصفهاني في (مقاتل الطالبيين: 395 - 396) باب ذكر أيام المتوكل جعفر بن محمّد المعتصم: «وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم، مهتماً بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظن والتهمة لهم، واتفق له أن عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الراي فيهم، فحسّن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس،قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعفى آثاره، ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلا أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة. فحدّثني أحمد بن الجعد الوشّاء، الجعد الوشّاء، وقد شاهد ذلك، قال: كان السبب في كرب قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن بعض المغنيات كانت تبعث بجواريها إليه قبل الخلافة يغنين له إذا شرب، فلما وليها بعث إلى تلك المغنية فعرف أنها غائبة، وكانت قد زارت قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وبلغها خبره، فأسرعت الرجوع، وبعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها، فقال لها: أين كنتم؟ قالت خرجت مولاتي إلى الحج وأخرجتنا معها، وكان ذلك في شعبان، فقال: إلى أين حججتم في شعبان؟ قالت: إلى قبر الحسين، فاستطير غضباً، وأمر بمولاتها فحبست، واستصفى أملاكها، وبعث برجل من أصحابه يقال له: الديزج، وكان يهودياً فأسلم إلى قبر الحسين، وأمره بكرب قبره ومحوه وإخراب كل ما حوله، فمضى ذلك وخرب ما حوله، وهدم البناء وكرب ما حوله نحو مائتي جريب، فلما بلغ إلى قبره لم يتقدم إليه أحد، فأحضر قوماً من اليهود فكربوه، وأجرى الماء حوله، ووكل به مسالح بين كل مسلحتين ميل، لا يزوره زائر إلا أخذوه ووجهوا به إليه. فحدّثني محمّد بن الحسين الأشناني قال بعد عهدي بالزيارة في تلك الأيام خوفاً، ثم عملت على المخاطرة بنفسي فيها، وساعدني رجل من العطارين على ذلك، فخرجنا زائرين نكمن النهار ونسير الليل حتى أتينا نواحي الغاضرية، وخرجنا منها نصف الليل فسرنا بين مسلحتين وقد ناموا حتى أتينا القبر فخفي علينا، فجعلنا نشمه ونتحرى جهته حتى أتيناه، وقد قُلع الصندوق الذي كان حواليه وأحرق، وأجري الماء عليه فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق، فزرناه وأكببنا عليه فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قط كشيء من الطيب، فقلت للعطار الذي كان معي أي رائحة هذه؟ فقال: لا واللّه ما شممت مثلها كشيء من العطر، فودعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدة مواضع، فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة حتى صرنا إلى القبر فأخرجنا تلك العلامات وأعدناه إلى ما كان عليه، انتهى من مقاتل الطالبيين. وذكر ابن الأثير أيضاً في (الكامل : 557 - 56 باب ذكر ما فعله المتوكل بمشهد الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)) ما نصه: «في هذه السنة - 236 ه - أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهدم ما حوله من المنازل والدور، وأن يُبذر ويُسقى موضع قبره وأن يُمنع الناس من إتيانه، فنادی عامل صاحب الشرطة بالناس في تلك الناحية من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حبسناه في المطبق! فهرب الناس وتركوا زيارته وخُرّب وزُرع. وكان المتوكل شديد البغض لعلي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولأهل بيته، وكان يقصد من يبلغه عنه أنه يتولى علياً وأهله بأخذ المال والدم، وكان من جملة ندمائه عبادة المخنث، وكان يشد على بطنه تحت ثيابه مخدة ويكشف رأسه وهو أصلع ويرقص بين يدي المتوكل، والمغنون يغنون قد أقبل الأصلع البطين خليفة المسلمين، يحكي بذلك علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والمتوكل يشرب ويضحك، ففعل ذلك يوماً والمنتصر حاضر، فأومأ إلى عبادة يتهدده، فسكت خوفاً منه، فقال المتوكل: ما حالك؟ فقام وأخبره، فقال المنتصر يا أمير المؤمنين إن الذي يحكيه هذا الكلب ويضحك منه الناس هو ابن عمك وشيخ أهل بيتك وبه فخرك، فكل أنت لحمه إذا شئت، ولا تطعم هذا الكلب وأمثال منه، فقال المتوكل للمغنين: غنوا جميعاً: غار الفتى لابن عمِهِ***رأسُ الفتى في حَرٍّ أمهِ فكان هذا من الأسباب التي استحلّ بها المنتصر قتل المتوكل. وقيل : إن المتوكل كان يبغض من تقدمه من الخلفاء المأمون، والمعتصم، والواثق في محبة علي وأهل بيته، وإنما كان ينادمه ويجالسه جماعة قد اشتهروا بالنصب والبغض لعلي، منهم: علي بن الجهم الشاعر الشامي من بني شامة بن لؤي، وعمرو بن فرخ الرخجي، وأبو السمط من ولد مروان بن أبي حفصة من موالي بني أمية، وعبد اللّه بن محمّد بن داود الهاشمي المعروف بابن أترجة. وكانوا يخوفونه من العلويين ويشيرون عليه بإبعادهم والإعراض عنهم والإساءة إليهم، ثم حسّنوا له الوقيعة في أسلافهم الذين يعتقد الناس علو منزلتهم في الدين، ولم يبرحوا به حتى ظهر منه ما كان...»، انتهى من الكامل. وذكر الذهبي في (تاريخ الإسلام: 18/17 - 19 باب هدم قبر الحسين): «وفيها - 236 ه - أمر المتوكل بهدم قبر السيد الحسين بن علي (رضیَ اللّهُ عنهُما)، وهدم ما حوله من الدور، وأن تُعمل مزارع، ومُنع الناس من زيارته وحرث وبقي صحراء. وكان معروفاً بالنصب، فتألم المسلمون لذلك، وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان و المساجد، وهجاه الشعراء دعبل وغيره. وفي ذلك يقول يعقوب بن السكيت، وقيل: هي للبسامي علي بن أحمد، وقد بقي إلى بعد الثلاثمائة: باللّه إن كانت أميةُ قد أتت***قتلَ ابن بنتِ نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثلِهِ***هذا لَعمرِك قبرُهُ مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا***شاركوا في قتلهِ، فتتبعوه رميما». انتهى. ملحوظة: وقيل: إنه لما أمر المتوكل بهدم قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإطلاق الماء عليه ليعفيه، حار الماء فكان لا يبلغه ومنها أتت تسمية الحائر. (ينظر: ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة 4/ 291، ذخيرة المعاد: 1ق 413/2، مناهج الأحكام للميرزا القمي: 762، مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 85/2).

ص: 166

ص: 167

ص: 168

حَتَّى إذا ما انْتَصَرَ المُنْتَصِرُ(1)***وَأَمنَ النَّاسُ أُعَيْدَ الأَثَرُ

وَعَادَت السُّكّانُ والدِّيَارُ***وَشُیِّدَ المَقَامُ والمَزَارُ (2)

ص: 169


1- المنتصر العباسي: هو محمّد بن جعفر المنتصر، بويع في صبيحة الليلة التي قُتل فيها المتوكل، وهي ليلة الأربعاء لثلاث خلون من شوال لسنة 247ه، ويُكنّى بأبي جعفر، وأمه أم ولد يقال لها: حبشية، رومية، واستخلف وهو ابن خمس وعشرين، مات سنة 248ه، وكانت خلافته ستة أشهر. (مروج الذهب: 141/4 بتصرف يسير). وقد ذكر ابن خلكان في (وفيات الأعيان: 350/1) أن المنتصر قتل أباه المتوكل في حادثة تُروى، ويقال: إنّ السبب هو أنّ المتوكل قدّم المعتز على المنتصر والأخير أسنّ منه.
2- قال الطوسي في (أماليه: 328) ما نصه: «إن المنتصر سمع أباه – المتوكل - يشتم فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، فسأل رجلاً من الناس عن ذلك، فقال له: قد وجب عليه القتل، إلا أنه من قتل أباه لم يطل له عمر. قال: ما أبالي إذا أطعت اللّه بقتله أن لا يطول لي،عمر، فقتله، وعاش بعده سبعة أشهر». وقال المسعودي في (مروجه: 147/4): «لم تزل الأمور على ما ذكرنا - أي في خلافة المتوكل - إلى أن استُخلف المنتصر، فأمن الناس، وتقدم بالكف عن آل أبي طالب، وترك البحث عن أخبارهم، وأن لا يمنع أحد زيارة الحيرة لقبر الحسين رضي اللّه تعالى عنه ولا قبر غيره من آل أبي طالب، وأمر برد فدك إلى ولد الحسن والحسين وأطلق أوقاف آل أبي طالب، وترك التعرض لشيعته ودفع الأذى عنهم... فقال البحتري: وإنَّ علياً لأولى بكم***وأزكى يداً عندكم من عمرِ وكلُّ له فضلُ هُو الحجو***لُ يومَ التراهنِ دونَ الغَررِ» (ينظر أيضاً: تاريخ الإسلام للذهبي: 418/18، تسلية المجالس: 474/2).

وَلَمْ يَكُنْ يُجْهَلُ ذَاكَ المَوْضِعُ***إذ الصَّوى (1) عَلَّمْنَهُ وَالأَذْرُعْ

فَفي الأُولَى قَدْ حَرَثُوْهُ جَمْهَرَةً***تَدْرَعُهُ منْ نُطَفٍ مُطَهَّرَةٌ

ثُمَّ تَغَاضَى مَنْ يَرُوْمُ العَبَثا***ليَوْمَنَا فَلَمْ يُوَازِ الجَدَثا

وَهَبْهُ لَمْ يُدْرَعْ وَلَمْ يُعَلَّم***أَفَتَرى يُجْهَلُ بَدْرُ الظُّلَمِ (2)

ص: 170


1- الصوى الأعلام من الحجارة. (ينظر: الصحاح: 2404/6).
2- روی ابن عساكر في كتابه (تاريخ مدينة دمشق: (244/14- 245) بعد ذكر السند ما نصّه: «قال هشام بن محمّد لمّا أجري الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوماً وامتحى أثر القبر فجاء أعرابي من بني أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمه حتى وقع على قبر الحسين وبكى وقال: بأبي وأمي ما كان أطيبك وأطيب تربتك ميتاً، ثم بكى وأنشأ يقول: أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه(عدوه: عداوة (- ظ -).)***فطيب تراب القبر دل على القبر» (ينظر: تهذيب الكمال للمزي: 444/6، سير أعلام النبلاء: 317/3).

أَلَمْ يَكُنْ رَيْحَانَةُ النَّبِيِّ***فِيهِ وَشِبَلُ المُرْتَضَى الوَصِيِّ

أَلا سَناً يَدْلُنَا أَلَا شَذَى***أَلَا ارْتعَادٌ يَسْتَخفُّ الجَهْبَدًا

فَكَمْ رَأَيْنَا مِنْ مُحِبُّ قَدْ ذَكَرْ***حَالَ الحَبيب ببرَاهِينِ الفكر

وَكَمْ نَظَرْنَا فِي الوَرَى مُسْتَافا(1)***قَدْ عَرَفَ المَكَانَ وَالْأَوْصَافَا

مُجَرَبَاتٌ وَمُشَاهَدَاتٌ***لَمْ تَخْتَلف بمثلها العَادَاتُ

لِذَاكَ لِمْ تَخْتَلِف الأنامُ***بِأَنَّ هَذا ذَلِكَ المَقَامُ

ص: 171


1- المستاف: الذي ينظر ما بُعدُ المكان. (ينظر : المحيط في اللغة: 391/8).

ص: 172

الفصل الثاني عشر: في ردّ من شكّ به بزيارة أبنائه

لَكِنَّ بَعْضاً جَمْجَمَ المَقُوْلاً***وَخَالَفَ المَنْقُولَ وَالمَعْقُولا

لبغضه الرَّحْمَنَ وَالنَّبيَا***محمّداً وَالمُرْتَضَى عَليَّا

وَرَوْمُهُ بِأَنْ يَصُدَّ القَوْمَا***عن قصده يا بِئْسَ ذَاكَ رَوْما

وَمَا عَلَيْه من مَزار الإنس***لَوْلَا الَّذِي فِي قَلْبِهِ مِنْ رِجْسِ (1)

ص: 173


1- من ذلك ما أورده ابن كثير الدمشقي في معرض حديثه عن قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويُشم منه رائحة التشكيك، قوله: «وأما قبر الحسين (رضیَ اللّهُ عنهُ) فقد اشتهر عند كثير من المتأخرين أنه في مشهد علي بمكان من الطف عند نهر كربلاء، فيقال: إن ذلك المشهد مبني على قبره، فاللّه أعلم. وقد ذكر ابن جرير وغيره أن موضع قتله غفي أثره حتى لم يطلع أحد على تعيينه بخبر. وقد كان أبو نعيم الفضل بن دكين ينكر على من يزعم أنه يعرف قبر الحسين...». (ينظر: البداية والنهاية: 8/ 221).

هَلْ جَهَلَتْ مَوْضِعَهُ التَّوَابَة (1)***إِذْ بَانَتِ اللَّيْلَةَ في كَابَة

وَبَاعَتِ النَّفْسَ لِأَخْذِ ثارِهِ***بِمَوْضِعٍ لَا تَدْرِي فِي آثَارِهِ (2)

أَمْ هَلْ أَتَاهُ جَابِرٌ عَنْ جَهْلِ***وَهْوَ الصَّحَابِيُّ الكَثِيرُ الفَضْلِ

وَقَالَ: المسنيه للذِي مَعَهُ***يَعْنِي بِهِ مَرْقَدَهُ وَمَضْجَعَهُ (3)

أَمْ هَلْ تَجَاهَلَ الذي لَهُ حَرَثْ***حِيْنَ رَأَى باريَةً وَسْطَ الجَدَثْ

فَرَدَّ مَا أَمَالَهُ ثُمَّ أَبَى***وَوَطَّنَ النَّفْسَ عَلَى أَنْ يَصْلُبا(4)

ص: 174


1- التوّابة: المراد بهم (التوابون) وهم الذين قصّروا عن نصرة الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمّا قدم إلى الكوفة، فلما استشهد سلام اللّه عليه ندموا وتابوا وعزموا على الأخذ بالثأر لدم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وولّوا أمرهم سليمان بن صرد الخزاعي، فخرجوا وتلاقوا مع جمع من أهل الشام في موضع يقال له: عين الوردة، فتقاتلوا وقُتل فيها سليمان بن صرد الخزاعي وأصحابه عامة. (ينظر: تاريخ اليعقوبي: 257/2، ذوب النضار: 82، أصدق الأخبار: 3). وقد مرّ ذكر قدومهم إلى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبل خروجهم للقتال فلاحظ.
2- مرّ في نفس الباب، فلينظر.
3- مرّ في نفس الباب، فلينظر.
4- إبراهيم الديزج ونبش قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). قال الشيخ الطوسي في (أماليه 326 - ح 653/ 100) ما نصه: أخبرنا ابن خشيش، عن محمّد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن محمّد بن عمار الثقفي الكاتب، قال: حدّثنا علي بن محمّد بن سليمان النوفلي، عن أبي علي الحسين بن الحسين بن محمّد بن مسلمة بن أبي عبيدة بن محمّد بن عمار بن ياسر، قال: حدّثني إبراهيم الديزج، قال: «بعثني المتوكل إلى كربلاء لتغيير قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكتب معي إلى جعفر بن محمّد بن عمار القاضي: أعلمك أني قد بعثت إبراهيم الديزج إلى كربلاء لنبش قبر الحسين، فإذا قرأت كتابي فقف على الأمر حتى تعرف فعل أو لم يفعل. قال الديزج: فعرّفني جعفر بن محمّد بن عمار ما كُتب به إليه، ففعلت ما أمرني به جعفر بن محمّد بن عمار، ثم أتيته، فقال لي ما صنعت؟ فقلت: قد فعلت ما أمِرتُ به، فلم أرَ شيئاً ولم أجد شيئاً، فقال لي: أفلا عمّقته؟ قلت: قد فعلت وما رأيت، فكتب إلى السلطان: أن إبراهيم الديزج قد نبش فلم يجد شيئاً وأمرته فمخره بالماء، وكربه بالبقر. قال أبو علي العماري: فحدّثني إبراهيم الديزج، وسألته عن صورة الأمر، فقال لي: أتيت في خاصة غلماني فقط، وإني نبشت فوجدت بارية جديدة وعليها بدن الحسين بن علي، ووجدت منه رائحة المسك، فتركت البارية على حالتها وبدن الحسين على البارية، وأمرت بطرح التراب عليه، وأطلقت عليه الماء، وأمرت بالبقر لتمخره وتحرثه فلم تطأه البقر، وكانت إذا جاءت إلى الموضع رجعت عنه، فحلفت لغلماني باللّه وبالأيمان المغلّظة لئن ذكر أحد هذا لأقتلنه».

ص: 175

أَمْ هَلْ يَرَى بناه مَنْ بَنَاهُ***منَ المُلُوكَ الصَّيْد أَوْ أَبْنَاهُ

شَادَ عَلَى غَيْرِ مَحِلَّ القَبْرِ***مَا بَيْنَ أَهْلِيهِ وَأَهْلِ الخُبْرِ(1)

أَمْ هَلْ تَرَاهُ لَمْ يَصِلُهُ الخَبَرُ***أَنْ زَارَ وَلدَهُ الذِيْنَ حَضَرُوا

كَالسَّيّد السَّجَّاد فَهْوَ حاضر***وَمَثْلُهُ منَ الحُضُور البَاقِر(2)

وَهَكَذَا أَوْلادُهُ الأَطْهَارُ***فَكُلُّهُمْ هَذَا الصَريحَ زَارُوا (3)

يَا عَجَباً أَتَجْهَلُ الأَقَارِبُ***أَبَاهُمُ وَتَعْلَمُ الأَجَانِب

وَيَدَّعِي المُشَاهِدُونَ أَمْرًا***فَيُوْسِعُ الغَائِبُ عَنه نُكْرا

وَالعَجَبُ الأَعْجَبُ أَنْ قَدْ مَارَى***بَعْضٌ وَقَالَ: المَاءُ كَيْفَ حَارَا

وَلَمْ يُمَارِ الشَّافِعِيُّ إِذْ نَقَلْ***فِي غَرَقِ الزَّوْرا وَقَالَ: لَمْ يُقَل (4)

ص: 176


1- ينظر الباب الخامس: في ذكر البناء ومن بناه، وذكر الماء والضياء.
2- أي حضور الإمام زين العابدين علي بن الحسين وابنه الإمام محمّد الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في واقعة الطف، وكان عمر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثلاث سنوات كما هو الثابت من الروايات فهما أعلم بموضع شهادته وقبره الشريف، فضلاً على أهل الغاضرية من بني أسد الذين قاموا بدفن الأجساد الطاهرة.
3- سيأتي في (الفصل الرابع عشر في زيارة أبنائه وسلاطين الزمان له).
4- ذكر اليافعي في (مرآة الجنان وعبرة اليقظان: 72/3) في حوادث سنة 466ه الغرق الكثير الذي أصاب بغداد، فقال: «وفيها - أي سنة 466ه - كان الغرق الكثير ببغداد، فهلك خلق تحت الردم، وأقيمت الجمعة في الطيار - نوع من السفن - على ظهر الماء، وكان الموج كالجبال، وغرق بالكلية بعض المحال وبقيت كأن لم يكن، وقيل: بلغ ارتفاع الماء ثلاثين ذراعاً».

قَضيَّةٌ مِنْ أَعْجَب القضايا***وَفِي الزَّوَايَا كَمْ تَرَى خَبَايَا

مَا ذَاكَ مِنْ شَكٍّ وَلَا مِنْ ظَنَّ***بَلْ مِنْ حُقَوْدٍ قَدِمَتْ وَضَغْنِ

ص: 177

ص: 178

الفصل الثالث عشر: في فضل الزيارة والزائر

زُرْهُ وَقِف بِالمَوْضِعِ النَّبِيْهِ***فَمَا تَرَى النَّفْسَ تَشْكُّ فِيْهِ

تَجِدْ حَشاً تَلْهَبُ بالضُّلُوْعِ***وَأَعْيُنا تَسْكُبُ بالدموع

زُرْهُ فَمَنْ زَارَ الحُسَيْنَ عُمْرَهُ***لَهُ بِكُلِّ حُجَّةٌ وَعُمْرَةٌ

وَضَاعِفَ البُشْرَى لِكُلِ ألف***مِنْ حُجَّةِ وَعُمْرَةِ لألف

زُرِّهُ بِحَيْثُ الخَوْفُ والأمَانُ***يُؤْمِنُكَ يَوْمَ الفَزَعِ الرَّحْمَنِ

ثُمَّ تَهَنَّأُ بِالجِنَانِ ماشِيَا***وَرَاكباً عُدَّ خُطَاكَ غَاشيا

أَلَا تُحِبُّ أَنْ تَزُورَ اللآها***فِي عَرْشِهِ وَتَنْتَدِي أَوَّاهَا

أَلَا تُحِبُّ أَنْ تُرَى مَعْ أَحْمَدِ***تَأْكُلُ مِنْ مَائِدَةٍ فِي مَقْعَدِ

أَلَا تُحبُّ أَنْ تُنَاجِيَ الصَّمَدُ***وَأَنْتَ آمِنٌ بهِ مِنَ الكَمَدْ

أَلَا تُحِبُّ أَنْ تَفُوزَ فِي رِضَا***محمّدٍ وَفَاطِمٍ وَالمُرْتَضَى

أَلَا تُحِبُّ أَنْ تَرَى محمّدا***وَآلَهُ وَأَنْتَ فِي البُشْرَى غَدا

أَلَا تُحِبُّ أَنْ تَغِي لِلْمَحْشَرِ***وَأَنْتَ مِنْ زُوَّارِهِمْ فِي مَعْشَرِ

ص: 179

أَلَا تُحِبُّ أَنْ يَكُوْنَ المُصْطَفَى*** يَدْعُوْ لَكَ اللّه تَعَالَى وَكَفَى

أَلَا تُحِبُّ أَنْ تُجَاثِيَ (1) الرُّسُلُ***كَمَا يُجَاثِي الرَّهْطُ فِي النَّادِي الرَّجُلْ

أَلَا تُحِبُّ أَنْ تُرَاحِمَ المَلَكَ***بِمَنْكِبَيْكَ وَهُوَ يَدْعُو اللّه لَكَ

أَلَا تُحِبُّ أَنْ تَسُرَّ فَاطِمَةْ***فَهيَ لِحُزْنِ وَبَكَا مُلَازِمَةْ

أَلَا تُحبُّ أَنْ تُرَى في الخُلدِ***وَأَنْتَ في ظِلِّ لِواءِ الحَمدِ

أَلَا تُحبُّ أَنْ تَطُولَ عُمْرا***وَأَنْ تُلاقِي بَعْدَ عُسْرِ يُسرا

فَهَذه التَّجَارَةُ الرَّبيْحَةْ***جَاءَتْ بهَا أَخْبارُنَا الصَّحِيحَة (2)

ص: 180


1- تجاثي: أي تجالس (ينظر: تاج العروس: 270/19).
2- وهذه جملة من الأخبار حوت ما تضمنه الفصل منها ما رواه ثقة الإسلام الكليني (رَحمهُ اللّه) المتوفّى سنة (328/ 329 ه) في (أصول الكافي: 580/4-583): باب فضل زيارة أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وفيه: 1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): ربّما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال: أحسنت يا بشير أيما مؤمن أتى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عارفاً بحقه في غير يوم عيد كتب اللّه له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات،مقبولات وعشرين حجة وعمرة مع نبي مرسل أو إمام عدل ومن أتاه في يوم عيد كتب اللّه له مائة حجة ومائة عمرة ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل، قال: قلت له: كيف لي بمثل الموقف؟ قال: فنظر إلي شبه المغضب، ثم قال لي: يا بشير، إنّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم عرفة واغتسل من الفرات ثم توجه إليه، كتب اللّه له بكل خطوة حجة بمناسكها - ولا أعلمه إلا قال: غزوة-». 2- عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عنالحسين بن المختار، عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا تعدل عشرين حجة، وأفضل من عشرين عمرة وحجة». 3- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، قال: «كنت مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فمرَّ قوم على حمير، فقال: أين يريد هؤلاء؟ قلت: قبور الشهداء، قال: فما يمنعهم من زيارة الشهيد الغريب؟ فقال رجل من أهل العراق وزيارته واجبة؟ قال زيارته خير من حجة وعمرة وعمرة وحجة حتى عد عشرين حجة وعمرة، ثم قال: مقبولات مبرورات. قال: فواللّه ما قمت حتى أتاه رجل فقال له: إني قد حججت تسع عشرة حجة فادعُ اللّه أن يرزقني تمام العشرين حجة، قال: هل زرت قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ قال: لا، قال: لزيارته خير من عشرين حجة». 4- محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن محمد بن صدقة، عن صالح النيلي قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «من أتى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عارفاً بحقه كتب اللّه له أجر من أعتق ألف نسمة، وكمن حمل على ألف فرس مسرجة ملجمة في سبيل اللّه». 5 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «وَكَّل اللّه بقبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أربعة آلاف مَلَك شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره عارفاً بحقه شيعوه حتى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غدوة،وعشية وإن مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة». 6- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إن أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الشعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له: منصور فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ولا يودّعه مودّع إلا شيعوه ولا مرض إلا عادوه، ولا يموت إلا صلوا على جنازته واستغفروا له بعد موته». 7- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أبي داود المسترق عن بعض أصحابنا، عن مثنى الحناط، عن أبي الحسن الأول (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول: «من أتى الحسين عارفاً بحقه غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر». ومنها مارواه الشيخ الصدوق في (من لا يحضره الفقيه: 579/2-582) 1 - وروى إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «ما بين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى السماء السابعة مختلف الملائكة». 2- ورُوي عن داود الرقي قال: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد، وأبا الحسن موسى بن جعفر، وأبا الحسن علي بن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهم يقولون: «من أتى قبر الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) بعرفة قلبه اللّه تعالى ثلج الصدر». 3- وقال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إنّ اللّه تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن على (عَلَيهِما السَّلَامُ) عشية عرفة، قيل له: قبل نظره إلى أهل الموقف ؟ قال: نعم، قيل له وكيف ذاك؟ قال: لأت في أولئك أولاد زنا، وليس في هؤلاء أولاد زنا». 4- وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «من زار قبر الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) جعل ذنوبه جسراً على باب داره ثم عبرها كما يخلف أحدكم الجسر وراءه إذا عبره». 5- وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «وكل اللّه (عزّوجلّ) بالحسين صلوات اللّه عليه سبعين ألف ملك يصلّون عليه في كل يوم شعثاً غبراً، ويدعون لمن زاره ويقولون: يا ربّ هؤلاء زوار الحسين افعل بهم وافعل بهم». 6- وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «من أتى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عارفاً بحقه كتبه اللّه (عزّوجلّ) في أعلى عليين». 7 وسأله زيد الشحّام فقال له: «ما لمن زار واحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)». 8- وقال موسى بن جعفر (عَلَيهِما السَّلَامُ): «أدنى ما يُثاب به زائر أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بشط الفرات إذا عرف حقه وحرمته وولايته أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر». 9- وروى الحسن بن علي بن فضال، عن أبي أيوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) قال: «مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ)، فإن زيارته تدفع الهدم والغرق والحرق وأكل السبع وزيارته مفترضة على من أقر للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالإمامة من اللّه (عزّوجلّ)». 10- وروى هارون بن خارجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «إذا كان النصف من شعبان نادى مُنادٍ من الأفق الأعلى: يا زائري قبر الحسين، ارجعوا مغفوراً لكم ثوابكم على ربكم ومحمّد نبيكم». ومنها مارواه الشيخ الطوسي في (تهذيب الأحكام: 42/6 - 53): باب فضل زيارته (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : 1- محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال حدّثنا الحسن بن متيل الدقاق وغيره من الشيوخ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن فضال، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «مروا شعيتنا بزيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإن إتيانه يزيد الرزق، ويمد في العمر، ويدفع مدافع السوء، وإتيانه مفترض على كل مؤمن يقرّ له بالإمامة من اللّه». 2- وعنه عن الحسن بن محمّد بن علان عن حميد بن زياد عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يزيد عن علي بن الحسن، عن عبد الرحمن بن كثير قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لو أن أحدكم حجّ دهره ثم لم يزر الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) لكان تاركاً حقاً من حقوق رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، لأن حق الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فريضة من اللّه تعالى واجبة على كل مسلم». 3- سعد بن عبد اللّه ومحمّد بن يحيى وعبد اللّه بن جعفر وأحمد بن إدريس جميعاً، عن الحسين بن عبيد اللّه، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن عبد الجبار النهاوندي، عن أبي إسماعيل، عن الحسين بن علي بن ثوير بن أبي فاختة قال: «قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يا حسين مَن خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) إن كان ماشياً كتب اللّه له بكل خطوة حسنة وحط بها عنه سيئة، حتى إذا صار بالحائر كتبه اللّه من المفلحين، وإذا قضى مناسكه كتبه اللّه من الفائزين حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال له: أنا رسول اللّه ربك يقرؤك السلام ويقول لك: استأنف العمل فقد غُفر لك ما مضى». 4 - أبو القاسم جعفر بن محمّد، عن محمّد بن عبد اللّه، عن الحسين بن علي بن زكريا، عن الهيثم بن عبد اللّه عن الرضا علي بن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبيه قال: قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إن أيام زائري الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) لا تُعدّ من آجالهم». 5- وعنه، عن محمّد بن عبد اللّه بن جعفر، عن أبيه، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم قال: سمعته يقول: «من أتى عليه حول لم يأت قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) نقّص اللّه من عمره حولاً، ولو قلت: إن أحدكم يموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقاً، وذلك أنكم تتركون زيارته، فلا تَدعوها يمد اللّه في أعماركم ويزيد في أرزاقكم، وإذا تركتم زيارته نقص اللّه من أعماركم وأرزاقكم، فتنافسوا في زيارته ولا تدعوا ذلك، فإن الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) شاهد لكم عند اللّه تعالى وعند رسوله وعند علي وعند فاطمة صلوات اللّه عليهم أجمعين». 6 - وعنه، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى العطار، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن عبد اللّه بن محمّد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس بن عبد الرحمن، عن قدامة بن مالك، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «من أراد زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعة مُحصت ذنوبه، كما يُمحص الثوب في الماء فلا يبقى عليه دنس، ويكتب اللّه له بكل خطوة حجة، وكل ما رفع قدمه عمرة». 7- محمّد بن يعقوب الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخيبري، عن الحسين بن محمّد القمي، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «من زار قبر أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بشط الفرات كمن زار اللّه فوق عرشه». 9 - وعنه، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن موسى بن عمر عن غسان البصري، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «قال لي: يا معاوية، لا تدع زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإن من تركه رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده أما تحب أن يرى اللّه شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعلي وفاطمة والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) أما تحب أن تكون ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويغفر له ذنوب سبعين سنة! أما تحب أن تكون غداً ممن يخرج وليس عليه ذنب يتبع به أما تحب أن تكون غداً ممن يصافحه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)!».

ص: 181

ص: 182

ص: 183

ص: 184

ص: 185

ص: 186

يَنْقُلُها المحمّدونَ البَرَرَةْ***من الأئمّة الهُدَاة الخيَرَة (1)

ص: 187


1- المحمّدون الثلاثة: وهم أصحاب الأصول الأربعة الأول، التي عليها المدار، قال الشيخ بهاء الدين العاملي (رَحمهُ اللّه) في كتابه (الحبل المتين: 7) في الأصول الأربعة ومؤلّفيها (المحمدون الثلاثة): «أمّا (الكافي) فهو تأليف ثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي عطّر اللّه مرقده، ألفه في مدة عشرين سنة. وتوفي في بغداد سنة ثمان أو تسع وعشرين وثلاثمائة ولجلالة شأنه عده جماعة من علماء العامة – كابن الأثير في كتاب (جامع الأصول) - من المجددين لمذهب الإمامية على رأس المائة الثالثة، بعدما ذكر أنّ سيّدنا وإمامنا أبا الحسن علي بن موسى الرضا - سلام اللّه عليه وعلى آبائه الطاهرين - هو المجدد لذلك المذهب على رأس المائة الثانية. وأما كتاب (من لا يحضره الفقيه) فهو تأليف رئيس المحدثين حجة الإسلام أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمي قدّس اللّه روحه. وله - طاب ثراه - مؤلّفات أخرى سواه تقارب ثلاثمائة كتاب. توفي بالري سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. وأمّا (التهذيب) و (الاستبصار) فهما من تأليفات شيخ الطائفة، أبي جعفر محمّد ابن الحسن الطوسي نوّر اللّه ضريحه. وله تأليفات أخرى سواهما في التفسير والأصول والفروع وغيرها. توفي - طيّب اللّه مضجعه - سنة ستين وأربعمائة بالمشهد المقدس الغروي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام. فهؤلاء المحمّدون الثلاثة - قدس اللّه -أرواحهم - هم أئمة أصحاب الحديث من علماء الفرقة الناجية الإمامية رضوان اللّه عليهم».

دَعْ ذَا وَلَكنَّ الهَوَى والشَّوْقا***أَمَا يَسُوقَان المُحبَّ سَوْقَا

فَمُدَّعِي الحُبِّ وَقَالِي القُرْبِ***مَذْقُ اللِّسان وَكَذُوبُ الحُبِّ

إِذَا صَدَقْتَ فاطلب الأحْبَابا***وإِنْ نَوا وَلَا تَكُنْ كَذَّابا

فَالأَرْضُ إِنْ تَبْعُدْ، طَوَاهَا الحُبُّ لَكْ***وَالبَابُ مَفْتُوْحٌ لَكُلِّ مَنْ سَلَكْ

فَزُرْ بِحُبِّ سَائِقِ أَو تَقْوَى***أَوْ لَا فَأَنْتَ كَاذِبٌ في الدَّعْوَى

ص: 188

الفصل الرابع عشر: في زيارة أبنائه وسلاطين الزمان له

لذاكَ مَا قَدْ زَارَهُ السَّجَادُ***وَوُلدُهُ الأئمّة الأَمْجَادُ (1)

ص: 189


1- زيارة الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) القبر الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : روى السيد ابن طاووس في (اللهوف في قتلى الطفوف: 114): «قال الراوي: لمّا رجع نساء الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعياله من الشام وبلغوا العراق، قالوا للدليل: مر بنا على طريق كربلاء فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبد اللّه الأنصاري (رَحمهُ اللّه)، وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد وردوا لزيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فوافوا في وقت واحد، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد فأقاموا على ذلك أياماً...». ملحوظة: ومن ذلك يتبين زيارة الإمام السجاد وأهل بيته الكرام (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وكذلك من كان مع جابر من بني هاشم وآل الرسول واجتماعهم في كربلاء لزيارة السبط الشهيد (عَلَيهِ السَّلَامُ). وكذلك يستظهر من النصوص الآتية زيارة الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) لقبر جده الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لدقة وصفه لاجزاء المرقد الطاهر. ففي رواية صفوان الجمّال عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: «إذا أردت قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء فقف خارج القبة وارمِ بطَرْفك نحو القبر، ثم أدخل الروضة وقم بحذائها من حيث يلي الرأس، ثم أخرُج من الباب الذي عند رجلي علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثم توجه إلى الشهداء، ثم امشِ حتّى تأتي مشهد أبي الفضل العباس فقف على باب السقيفة وسلّم». (ينظر: مرقد الإمام الحسين: 120). وفي حديث آخر عن الثمالي، عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «»ثم امشِ قليلاً وعليك السكينة والوقار بالتكبير والتهليل والتمجيد والتحميد والتعظيم للّه ولرسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وقَصّر خُطاك، فإذا أتيتَ الباب الذي يلي المشرق فقف على الباب وقل.... واجتهد في الدعاء ما قدرت عليه وأكثِرْ منه إن شاء اللّه، ثم تخرج من السقيفة وتقف بحذاء قبور الشهداء... ». (ينظر : بحار الأنوار: 177/98 - 188). ويروي صفوان أيضاً، عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «فإذا أتيتَ الباب فقف خارج القبة وأومِ بطرفك نحو القبر – إلى أن يقول:- ثم أدخل رجلك اليمنى القبة وأخر اليسرى...». (ينظر: بحار الأنوار: 98/ 259).

ص: 190

وَجَمَّةٌ غُرٌّ مِنَ الصَّحَابَة***والتابعينَ وَأُولي النَّجَابَة (1)

ص: 191


1- زيارة الصحابة والتابعين وأولي النجابة لقبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وزار مرقده الشريف عدد من الصحابة والتابعين وأولي النجابة نورد بعضاً منهم: جابر بن عبد اللّه الأنصاري (رضیَ اللّهُ عنهُ) : كان أوّل من زاره من الصحابة، وهو الصحابي الكبير جابر بن عبد اللّه الأنصاري (رضیَ اللّهُ عنهُ)- وكان قد كُفَّ بصره - ومعه قائده عطية العوفي، وهو المشهور. (ينظر: مصباح المتهجد 787، بحار الأنوار: 334/98، توضيح المقاصد للشيخ البهائي: 6-7). عبيد اللّه بن الحر الجعفي: وفي بعض الأخبار قيل: إن أول من زار قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد دفن الأجساد هو عبيد اللّه بن الحر الجعفي. (ينظر: مدينة الحسين: 165/1). التوّابون: وزاره التوّابون عندما قصدوا زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ربيع الأول من عام ( 65 ه) قبل رحيلهم إلى عين الوردة، وطافوا حول هذا الصندوق، وكان عددهم يقارب أربعة آلاف رجل منهم سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة. (ينظر: تاريخ الطبري: 456/4). المختار بن أبي عبيدة الثقفي: وفي سنة (66 ه) زاره المختار بن أبي عبيدة الثقفي عندما استولى على الكوفة، فعمّر على مرقده الشريف قبة من الجص والآجر، وقد تولّى ذلك محمّد بن إبراهيم بن مالك الأشتر، واتخذ قرية من حوله.... (ينظر: دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 250/1). (ينظر: أول الباب في تعيين المرقد وماجرياته وفضل الزيارة). زائدة بن قدامة (أبو الصلت الثقفي الكوفي): وممن زاره أيضاً زائدة بن قدامة (أبو الصلت الثقفي الكوفي)، وهو من أعلام المسلمين الثقات، ومن كبار الرواة عند الخاصة والعامة توفي سنة 161ه وقد زار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أواخر المائة الأولى الهجرية. (ينظر : مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 73/2). سليمان بن مهران الأعمشي: وممن زار قبره الشريف سليمان بن مهران الأعمشي في أواخر القرن الأول الهجري، وهو راوية ثقة، إذ كان يجتمع مع جمع غفير من المسلمين ليلاً، ويقصدون قبر أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في عهد طغيان بني مروان (ينظر : مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 76/2). ملحوظة: وقد روى سليمان الأعمشي حادثة لطيفة ارتأينا أن نذكرها للفائدة فقال: «كنت نازلاً بالكوفة وكان لي جار وكنت آتي إليه وأجلس عنده، فأتيت ليلة الجمعة فقلت له يا هذا ما تقول في زيارة الحسين؟ فقال: هي بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. فقمت من عنده وأنا ممتلئ عليه، فقلت في نفسي: إذا كان وقت السحر آتيه وأحدثه شيئاً من فضائل الحسين، فإن أصر على الفساد قتلته. فلمّا كان وقت السحر أتيته وقرعت عليه الباب ودعوته باسمه، فإذا بزوجته تقول لي: إنه قصد إلى زيارة الحسين من أول الليل، فسرت في أثره إلى زيارة الحسين، فلما دخلت إلى القبر إذا أنا بالشيخ ساجد للّه (عزّوجلّ) وهو يدعو ويبكي في سجوده ويسأل التوبة والمغفرة. ثم رفع رأسه بعد زمان طويل فرآني قريباً منه فسألته، يا شيخ بالأمس كنت تقول زيارة الحسين بدعة، واليوم أتيت تزوره؟! فقال: يا سليمان، لا تلمني فإني ما كنت أثبت لأهل هذا البيت إمامة حتى كانت ليلتي تلك، فرأيت رؤيا هالتني وروّعتني، فلمّا انتبهت من نومي قصدت من وقتي وساعتي إلى زيارة الحسين تائباً إلى اللّه تعالى فواللّه يا سليمان لا أفارق قبر الحسين حتى أموت». (مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 76/2-77). حسن بن محبوب البجلي: ومن جملة من زار قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في القرن الأول الهجري أيام بني أمية الراوية الشهير حسن بن محبوب البجلي. (ينظر: مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 77/2). أبو حمزة الثمالي: وممن زاره أيضاً في أواخر المائة الأولى من الهجرة المحدّث الكبير والراوية الشهير، تلميذ الإمام الباقر والإمام الصادق (عَلَيهِما السَّلَامُ)، والراوي عنهم الحديث ثابت بن أبي صفية ( دينار ) المعروف ب أبي حمزة الثمالي. (ينظر : مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 77/2). عقبة بن عميق السهمي: وقصد كربلاء في أواخر المائة الأولى الشاعر العربي المعروف عقبة بن عميق السهمي؛ الزيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ووقف بأزاء القبر ورثى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ببعض الأبيات، منها: مررتُ على قبرِ الحسين بكربلا***ففاضَ عليهِ من دموعي غزيرُها ... إلخ الأبيات الشعرية. (ينظر: مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 78/2) يحيى بن زيد الشهيد: وممن زاره أيضاً يحيى بن زيد الشهيد، حيث إنه بعد قتل أبيه - زيد الشهيد – دفنه (رَحمهُ اللّه)، ثم توجه إلى كربلاء ونزل في دار (سابق) - وهو من خاصته - بنينوى، ثم مشى راجلاً وأتى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وبقي عنده بعض يوم ثم توجه إلى خراسان مروراً بالمدائن، وخرج هناك على بني أمية حتى قُتل سنة 125ه. (ينظر: مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 79/2). جابر بن يزيد المذحجي: وممن زاره أيضاً جابر بن يزيد المذحجي، قصد كربلاء في أوائل القرن الثاني الهجري من الكوفة شاخصاً زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حتى وصل إلى شاطئ الفرات اغتسل وأدّى مراسم الزيارة عند القبر الشريف، وعرّج نحو المدينة فتتلمذ على يد الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وتخرج على يديه وصار أعلم زمانه (ينظر: مدينة الحسين : 81/2). الحسين بن حمزة الليثي الكوفي: وممن زار الحسين ابن بنت أبي حمزة الثمالي، وهو ثقة روى عن أبي عبد اللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعدّه الطوسي من رجاله، وخاله محمّد بن أبي حمزة، ذكره أصحاب كتب الرجال. (ينظر : رجال النجاشي: 54، رجال الطوسي: 182). قال - أي الحسين بن حمزة-: «خرجت في آخر زمان بني مروان إلى زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مستخفياً من أهل الشام حتى انتهيت إلى كربلا، فاختفيت في ناحية القرية حتى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحو القبر...». (كامل الزيارات: 221 ح 2/324). زيد المجنون: وممن زاره من أعلام المائة الثالثة زيد المجنون، وهو عالمٌ، فاضلٌ، أديبٌ، من أرض مصر، لُقِّب بالمجنون؛ لأنه كان يُفحم كل لبيب ويقطع حجة كل مدعِ، ولم يكن ليعي عن الجواب، بعد أن سمع أعمال المتوكل الوحشية بقبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يستطلع صبراً، فأتى إلى الكوفة والتقى ببهلول العالم، وقدموا سوياً إلى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لزيارته. (ينظر : مدينة الحسين: 87/2). محمّد بن الحسين الأشتاني: وممن زاره أيضاً من أعلام المائة الثالثة العالم الفاضل محمّد بن الحسين بن علي الشيباني المعروف ب الأشتاني، توجه إلى زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سنة ( 240ه)، وقد كان الطريق إلى كربلاء بأشد ما يكون من الخطر بسبب أوامر اللعين المتوكل، ولكن العلّامة المذكور أقدم على المجازفة بنفسه سبيلاً لزيارة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (ينظر : مدينة الحسين: 88/2). عبد اللّه بن رابية الطوري: وممن زاره أيضاً في المائة الثالثة عبد اللّه بن رابية الطوري وذلك سنة (247ه)، وهي سنة مقتل المتوكل (لعنة اللّه)، وكان شاهد عيان على أفعال أذناب المتوكل فى تخريب قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). (ينظر : مدينة الحسين: 89/2). زعيم الطائفة الزيدية يحيى بن عمر: وممن زاره أيضاً الزعيم الزيدي زعيم الطائفة الزيدية يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد ابن الإمام علي ابن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأمه فاطمة بنت الحسين بن عبد اللّه بن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب. خرج مع مَن بايعوه من أهل الكوفة، وممن كانوا يدّعون بإمامة زيد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قاصدين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فزاره، وذلك سنة ( 250ه). (ينظر : مدينة الحسين: 93/2). علي بن عاصم: وممن زاره أيضاً العالم الفاضل المحدِّث علي بن عاصم المعروف ب العاصمي في معشر من الأكارم والصحابة من المحبين لأهل البيت (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان العاصمي من المحدثين الثقات، كوفي المولد بغدادي المنشأ، وقد زاره سنة (265ه). (ينظر : مدينة الحسين 96/2) محمّد بن يحيى الشيباني: وزاره أيضاً الراوية الثقة والمحدث الفاضل محمّد ابن يحيى الشيباني سنة 286ه. (ينظر : مدينة الحسين: 98/2). وفي سنة (422ه) بدأت الوفود والقوافل زاخرة قاصدة لزيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). (ينظر : مدينة الحسين: 112/2).

ص: 192

ص: 193

ص: 194

ص: 195

وَعدَةٌ مِنْ آلِ عبَّاس الكَمِيْ (1)***مِنْ زَمَنِ السَّفَاحِ لِلمُسْتَعْصِمِ (2)

ص: 196


1- آل عباس: المراد بهم الخلفاء من بني العباس وممن تشرّف منهم بزيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (المقتفي باللّه) كما سيأتي. والكمي: اللابس السلاح، وقيل : هو الشجاع المقدم الجريء، كان عليه سلاح أو لم يكن، والجمع أكماء. (ينظر : لسان العرب: 232/15).
2- المقتفى باللّه: الخليفة العباسي المقتفي باللّه، في سنة (553ه) زار كربلاء ومرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو في طريقه لزيارة مدينة الأنبار بعد أن عبر نهر الفرات. (ينظر: المنتظم: 17/ 125).

وَمِنْ بَني بُوَيْهِ اهْلِ الشَّانِ***والطَّيِّبُونَ مِنْ بَني حَمْدَان (1)

ص: 197


1- زيارة آل بويه لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): عز الدولة البويهي: «إن أول من زار الحائر الشريف من السلاطين الديالمة هو عز الدولة البويهي، وذلك في سنة (266 ه)، ثم زار الحائر عضد الدولة البويهي في سنة (271 ه) وأقام فيه مدة. وقيل عند زيارته ما نصه: كانت زيارة عضد الدولة للمشهدين الشريفين الطاهرين: الغروي والحائري في شهر جمادى الأولى سنة(271)، وورد مشهد حائر مولانا الحسين صلوات اللّه عليه لبضع بقين من جمادى الأولى، فزاره صلوات اللّه عليه وتصدق وأعطى الناس على اختلاف طبقاتهم... ». (ينظر: تراث كربلاء: 77) الحسن بن الفضل بن سهلان الرامهرميزي: «وزار الحائر الشريف في جمادى الأولى من سنة (400ه) أبو محمد الحسن ابن الفضل بن سهلان الرامهرميزي وزير سلطان الدولة البويهي». (ينظر: مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 112/2) جلال الدولة البويهي: «وزار الحائر السلطان أبو طاهر جلال الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة البويهي سنة (431 ه)، ترافقه حاشية كبيرة من أهله وأتباعه ومواليه من الأتراك، وبضمنهم الوزير كمال الملك أبو المعالي عبد الرحيم، وكان في أكثر الطريق يمشي على قدميه طلباً لمزيد الأجر والثواب...». (ينظر: تراث كربلاء: 78). السلطان مرزبان: وممن زار الحائر الشريف السلطان مرزبان الملقب ب(أبي كاليجار) ابن سلطان الدولة البويهي في سنة (436ه). (ينظر : مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 113/2). أبو الحارث أرسلان البساسيري: وممن زاره أيضاً الوزير أبو الحارث أرسلان البساسيري التركي الملقب ب(المظفر) وزير الملك الرحيم بن أبي كاليجار البويهي وذلك سنة (451ه). (ينظر: مدينة الحسين: 113/2). بني حمدان: حمدان بن حمدون بن الحارث التغلبي الوائلي من عدنان. جد بنوه (بنو حمدان) ملوك الموصل والجزيرة وحلب في العصر العباسي، منهم: سيف الدولة الحمداني صاحب حلب وأكثر الشام وديار بكر، وأبو فراس الشاعر، وآخرون. (ينظر: الأعلام: 2/ 274). «أما تشيّع الحمدانيين فلا يختلف فيه اثنان، وقد ظهر ذلك جلياً في هجرة علماء الشيعة إليهم كالشريف أبي إبراهيم جد بني زهرة وفي مدح الشعراء لهم: كالسري والصنوبري، وكشاجم، والناشي، والزاهي وغيرهم. وفي سنة (354 ه) ضرب سيف الدولة دنانير جديدة كُتب عليها: لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فاطمة الزهراء الحسن والحسين جبريل (عَلَيهِم السَّلَامُ)». (ينظر: الشيعة في الميزان: 164).

ص: 198

وَمِنْ بَنِي دُبَيْسَ كُلُّ أَسَد***(1) وَمِنْ بَنِي شَاهِيْنَ كُلُّ مُنجِدِ (2)

ص: 199


1- زيارة بني دبيس لمرقد الإمام الحسين ( عَلَيهِ السَّلَامُ) : وفي سنة (436ه) زار القبر الشريف الأمير دبيس بن مزيد الأسدي بعد ملازمته للسلطان أبي كاليجار، وذلك في طريق الأخير من البصرة إلى بغداد، فرافقه إلى زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). (ينظر : مدينة الحسين: 113/2). «وفي سنة (513 ه) زار كربلاء الأمير دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد أبو الأعز الأسدي، وكان شجاعاً أديباً شاعراً، ملك الحلة بعد والده وحكمها زهاء 17 عاماً، وقُتل سنة (529 ه) بتحريض السلطان مسعود السلجوقي، ولما قصد كربلاء دخل الحائر الحسيني باكياً حافياً متضرّعاً إلى اللّه أن يمن عليه بالتوفيق وينصره على أعدائه، ولما فرغ من مراسيم الزيارة أمر بكسر المنبر الذي كان يخطب عليه باسم الخليفة العباسي عند صلاة الجمعة قائلاً: لا تُقام في الحائر الحسيني صلاة الجمعة ولا يُخطب هنا لأحد. ثم قصد مرقد الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في النجف وعمل ما عمل في كربلاء » (ينظر: تراث كربلاء: 79).
2- زيارة بني شاهين لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : منهم أول أمراء بني شاهين عمران بن شاهين أمير من أمراء دبيس. «تمكّن عمران بن شاهين أن يستقطع البطائح بجنوب العراق من سلطة البويهيين عام 367 ه - ومنع الخراج عنهم، ثم إن عضد الدولة وبعد أن استتبت له الأمور في بغداد، أرسل إليه بجيش عظیم فحاصروه وضيقوا عليه الخناق، وعندما عجز عمران بن شاهين عن مقاومتهم التجأ إلى قبر الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وتضرّع إلى الإمام، ورأى علياً في المنام يقول له: يا عمران، سيَقْدم العبد فناخسرو لزيارة البقعة، فلُذْ به سيُفرَّج عنك. فلمّا انتبه من نومه نذر اللّه إن نجا من عضد الدولة أن يبني مسجداً ورواقاً في حرم الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وآخر مثلهما في حرم الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). فلمّا التقى بعضد الدولة أخبره بكل ذلك، فعفی [فعفا – ظ –] عنه، وأوفى بنذره، فبنى المسجد المعروف باسمه إلى الآن والذي يقع إلى جهة الشمال من الروضة، وقد ضُمّ فيما بعد إلى الحرم». (ينظر: دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 1/ 294).

وَمِنْ بَنِي شَيْبَانَ أَوْ عَقيل***وَتَغْلِب وَكَعْبَ كلُّ قِيْل (1)

ص: 200


1- بني شيبان: «ومن أمراء الشيعة بالشام بنو ورقاء كانوا عرباً صميمين من بني شيبان، وكانوا شيعة، وبينهم وبين الحمدانيين خلطة ومراسلة بالشعر...». (ينظر: أعيان الشيعة: 1/ 188). «وكان بنو عقيل أبو الذواد محمّد بن المسيب وأخوه المقلّد وأولاده أمراء الموصل وغيرها، واتسع ملكهم وكانوا شيعة. (ينظر: أعيان الشيعة: 2/ 198). بني تغلب: «وكان بنو تغلب بن وائل من أعظم بطون ربيعة بن نزار، وكانوا من نصاری العرب في الجاهلية، لهم محل في الكثرة،والعدد، ثم كان منهم في الإسلام ثلاثة بيوت منها آل حمدان بن حمدون وحمدان هذا هو جد الأمراء الحمدانيين، وكان أميراً على قلعة ماردين القريبة من الموصل من قبل العباسيين، ثم الاستقلال أعلن عنهم سنة ( 281 ه)، وكان ذلك في خلافة المعتضد... ». (ينظر: الشيعة في الميزان: 164).

والإيْلخانيَّةٌ كُلُّ نَائرِ***وَالطَّاهِرُونَ مِنْ بَنِي الجَلائِرِي (1)

ص: 201


1- «وفي سنة (696ه) قدم العراق من بلاد الجبل السلطان محمود غازان خان ماراً بالحلة فالنجف فتوجه إلى كربلاء، حيث قصد زيارة الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وفي هذه المرحلة أمر بتوزيع آلاف من الخبز في اليوم للأشخاص المقيمين بجوار قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). و كذلك قصد السلطان غازان خان العراق سنة (698 ه)، وقدم إلى زيارة كربلاء والنجف وفي رحلته هذه كان قد عبر الفرات في 10 جمادى الأولى متوجهاً إلى الحلة ومكث بها ستة أيام وهناك أمر الخواجة شمس الدين صواب الخادم السكورجي أن يحفر نهراً من أعالي الحلة، يأخذ الماء من الفرات ويدفعه إلى مرقد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويروي سهل كربلاء اليابس القفر، ووهب غلاة هذا النهر إلى العلويين والفقراء الذين يأتون إلى المرقد الحسيني، وعددهم كان عديداً». (تراث كربلاء: 79). «وفي دور الدولة الأيلخانية الجلائرية التي تأسست إمارتها في العراق على عهد الشيخ حسن الجلائري المتوفّى سنة (757ه)، وأعقبه في الحكم نجله السلطان أويس، قام بتشييد بناية الروضة الحسينية المقدّسة. وقد زار الحائر نجله السلطان أحمد بهادر خان بن أويس الذي تم على يده بناء الروضة الحسينية الماثلة للعيان اليوم. يروي لنا بعض المؤرّخين أمّا السلطان أحمد فإنه عندما أيقن بعدم مقدرته على صد هذا الفاتح العظيم اضطر إلى ترك بغداد والانسحاب منها بجيشه الذي كان نحو ألفي مقاتل، فخرج من بغداد بعساكره ليلاً، وحمل ما قدر عليه من الأموال والذخائر، ونزل في سهل كربلاء، فاستولى تيمور على بغداد في السنة نفسها - سنة (795 ه)-، وفتك بأهلها فتكاً ذريعاً، ثم أرسل جيوشه في أثر السلطان أحمد، فدارت بين الفريقين معركة شديدة في سهل كربلاء انهزم في آخرها السلطان أحمد إلى مصر مستجيراً بسلطانها الملك الظاهر برقوق». (تراث كربلاء: 80).

وَآلُ سَلْجُوْق(1) وَآلُ الدَّنْبَلِي(2)***وَالمَالِكُوْنَ فِي أَعَالي الجَبَلِ

ص: 202


1- زيارة السلاجقة لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وزار الحائر من السلاجقة السلطان أبو الفتح جلال الدولة ملك شاه بن أبي شجاع محمّد ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق، حيث توجه قاصداً زيارة الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء سنة (479 ه)، ومعه حاشية كبيرة كان من ضمنهم الوزير خواجة نظام الملك، وقد أجزل السلطان لدى زيارته أكثر من ثلاثمائة دينار على سكان الحائر، وأمر بعمارة سوره، ثم توجه إلى النجف، حيث زار مشهد الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)» (تراث كربلاء: 78).
2- الدنابلة: «والدنابلة نسبة إلى دنبل، قال في القاموس دنبل كقنفذ قبيلة من الأكراد بنواحي الموصل منهم أحمد بن نصر الفقيه الشافعي...، وقيل : إن سلسلة نسبهم تنتهي إلى البرامكة وزراء بني العباس.... وإن مؤلّف (تاريخ بخش) الفارسي ساق نسبهم هكذا: أبو المظفر جعفر شمس الملك ابن الأمير عيسى الملقب ب(السلطان صلاح الدين يحيى كرد الأمير يحيى ابن الأمير جعفر الثاني ابن الأمير سليمان ابن الأمير الشيخ أحمد بك ابن الأمير موسى الملقب ب(ملك طاهر) ابن الأمير عيسى أول ملوك الشامات ابن الأمير يحيى - وزير هارون الرشيد - ابن قباد برمك بن داود بن برمك ابن شاهنشاه أنو شيروان. وفي كتاب (آثار الشيعة الإمامية): الدنابلة قبيلة كبيرة تتفرع عنها قبائل مختلفة الأسماء منها: قبيلة دنبلي يحيى أولاد يحيى، وقبيلة شمسكي أولاد شمس الملك، وقبيلة عيسى بكلو أولاد الأمير عيسى، وقبيلة بكزاد كان من نسل الأمير فريدون، وقبيلة أيو بخاني من سلسلة أيوب خان وغير هؤلاء كثير. تفرقوا في قاشان وخراسان وخبوشان وشيروان وكنجة وقراباع وقراجه داع بأمر المأمون العباسي والأمير تيمور والسلطان سليم، انتهى. وكانت طريقة أسلافهم التصوف، قيل: إن أحد أجدادهم بنى ألفاً ومائتي تكية للبكتاشية، وقبورهم مزارات يتبرك بها، ويظهر أن أسلافهم لم يكونوا شيعة؛ لأن فيهم من كان شافعياً، ولأن التصوف على طريقة البكتاشية كما سمعت لا يلتئم مع التشيّع، وإن كانت البكتاشية شيعة ببعض الوجوه. وفي (آثار الشيعة الإمامية) كان المعاصرون منهم للملوك الصفوية محالفين لهم،و ناصرين لاتحادهم في الطريقة ومساواتهم في المذهب، وقد وردت أسماء جملة من محدثيهم في رواة الأئمّة الاثني عشر (عَلَيهِم السَّلَامُ)، منهم محمّد بن وهبان الدنبلي له حديث يعنعن بكميل بن زياد النخعي عن علي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأورد الحديث أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري في الجزء الأول من كتاب (بشارة المصطفى لشيعة المرتضى). وكان موطنهم في كردستان ثم هجروه منذ تسعة قرون تقريباً، ونزلوا ضواحي تبريز وأحدثوا جملة قرى وقصبات، وعمّروا بلدة خوي عدة مرات وهي عاصمة ملكهم، وكانت سلطنتهم في كردستان وضواحي تبريز مستقلة إلى ظهور السلطان حيدر الصفوي، فأطاعه الأمير بهلول الدنبلي، ودخل في خدمته عن اعتقاد وإرادة، واقتفى به من بعده من أولاده وأحفاده فنجَدوا الصفوية ونصروهم وهلك أكثرهم في حروب الصفوية...، وظهر في الدنابلة الملوك والأمراء والعرفاء». (ينظر : أعيان الشيعة: 3/ 192 - 193).

ص: 203

والفارقيُّونَ عَلَى وَتِيْرَةْ(1)***وَصَاحِبُو المَوْصل والجَزِيرَةْ (2)

ص: 204


1- أحمد بن مروان بن دوستك: «صاحب ديار بكر وميافارقين كردي الأصل. يلقب ب(الملك نصر الدولة). تملّك بعد مقتل أخيه منصور سنة (401 ه)، واستمر في الملك (51 سنة). (ينظر: الأعلام: 256/1 - 257).
2- هم أمراء الموصل من الفارقيين، وبني عقيل، وبني تغلب، وبني حمدان الشيعة وغيرهم، وقد مرّ ذكرهم في نفس الفصل، فلينظر. هذا ولم نعثر على تفصيل ما قيل: من زيارة الأمراء المذكورين على ما في أيدينا من المصادر، وكما قال الناظم (كل قيل)، أي: على ما قيل من زيارتهم للحائر المطهر. ولعل الناظم (رَحمهُ اللّه) ذكر ذلك استناداً لتشّيع المذكورين، فلاحظ.

وأَرْبلٌ وَمَا وَرَاءَ أَرْبل***ممَّنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ في الجَبَلِ(1)

وَزُمْرَةٌ مِنْ أُمَرَاءِ الشَّامِ***وَمِصْرَ مِمَّنْ زَارَ بِاكْتِتَامِ (2)

ص: 205


1- «... وأربل: قلعة حصينة، ومدينة كبيرة في فضاء من الأرض واسع بسيط، ولقلعتها خندق عميق، وهي في طرف من المدينة، وسور المدينة ينقطع في نصفها...، وهي بين الزابين تعد من أعمال الموصل، وبينهما مسيرة يومين.... قام بعمارتها وبناء سورها وعمارة أسواقها وقيسارياتها الأمير مظفر الدين كوكبري بن زين الدين كوجك علي فأقام بها، وقامت بمقامه بها، لها سوق وصار له هيبة، وقاوم الملوك ونابذهم بشهامته وكثرة تجربته حتى هابوه، فانحفظ بذلك أطرافه، وقصدها الغرباء، وقطنها كثير منهم، حتى صارت مصراً كبيراً من الأمصار». (ينظر: معجم البلدان 1 /137). «أبو سعيد كوكبوري بن أبي الحسن مظفر الدين، توفي (630ه)، ونُقل إلى قلعة أربل ودُفن بها، ثم حُمل بوصية منه إلى مكة شرّفها اللّه تعالى، وكان قد أعدت له بها قبة تحت الجبل يُدفن فيها، فلمّا توجه الركب إلى الحجاز سنة (631ه) سيّروه في الصحبة، فاتفق أن رجع الحاج تلك السنة من لينة ولم يصلوا إلى مكة فردوه ودفنوه بالكوفة بالقرب من المشهد». (ينظر الغدير: 5/ 83).
2- المراد بهم بنو زهرة: «وزُهرة بضم الزاي وسكون الهاء، بخلاف اسم النجم فإنه بفتح الهاء كما عن الجمهرة، وبنو زهرة ينسبون إلى زهرة بن علي حفيد محمّد الممدوح لا إلى زهرة الأول كما ستعرف، ويقال لهم: الإسحاقيون؛ لأنهم من نسل إسحاق ابن الإمام جعفر الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهم أحد بيوتات حلب المعروفة بالشرف والعلم وفيهم النقابة، بل هم أشهر بيوتاتها وأجلها في (القاموس) بنو زهرة شيعة بحلب، وفي (تاج العروس): بل سادة نقباء علماء فقهاء محدثون كثر اللّه من أمثالهم، وهو أكبر بيت من بيوت الحسين، ثم عد جماعة منهم، ثم قال وفي هذا البيت كثرة. وعن (در الحبيب [الحبب - ظ -] في تاريخ حلب) للرضي الحنبلي: أن زُهرة هذا – يعني ابن علي بن محمّد - لا زُهرة السابق، هو الذي ينتسب إليه بنو زُهرة أحد بيوتات حلب المذكورين في تاريخ الشيخ أبي ذر، إلى أن عد من هذا البيت جماعة كانوا نقباء حلب، وتعرض لتشيع واحد منهم هو نقيبها ورئيسها وعالمها الحسن بن زهرة بن الحسن بن زهرة من أهل هذا البيت، وقال: إن أصلهم م-ن،العراق، وأول من قدم منهم حلب الإمام الكبير أبو إبراهيم محمّد ممدوح المعري، وعنه، عن خط المحب أبي الفضل ابن الشحنة عن الحافظ برهان الدين الحلبي، عن والده قال: كان أهل حلب كلهم حنفية حتى قدم شخص من العراق فظهر فيهم التشيع، وأظهر مذهب الشافعي؛ لأنهم كانوا يتسترون بمذهبه، فلم أسأله أسأله عن القادم، ثم ذكر لي مرة ثانية ثم ثالثة ثم قال لي: ما لك لا تسألني عن القادم؟ فقلت من هو ؟ قال الشريف أبو إبراهيم الممدوح. ومنه يعلم تشيع كافة بني زهرة كالنور على الطور، بل يظهر من الكلام السابق أنهم أصل التشيع بحلب... . أقول: إن بني زهرة لا تزال ذريتهم في الفوعة إلى اليوم، وهم رؤساء أجلّاء مشهورون عند الخاص والعام، إلا أنه ليس فيهم أهل علم في هذا الزمان، وعندهم کتاب نسب جلیل قدیم علیه تواقيع نقباء حلب وقضاتها في كل عصر وجيل، ومنهم في عصرنا الشريف الحاج حسن الشهير، وولده الشريف نايف آغا الشهير الذي قتل غيلة في دار ضيافته بالفوعة ليلاً، والشريف الحاج عبد الهادي الذي زارنا مراراً في دمشق، أولاها بعد الاحتلال الفرنسوي لسوريا، وكان معه كتاب النسب المذكور الذي تشرفنا برؤيته. وعليه فالظاهر أن واحداً من بني زهرة كانت قد انقرضت ذريته الذكور، فاحتاج السيد أبو المكارم حمزة صاحب الغنية إلى إثبات ذلك بوثيقة شرعية لأجل الأوقاف العظيمة التي لهم بحلب، وكانت قد اختلست بعد نزوحهم من حلب إلى الفوعة، وانقراض التشيع من حلب وشدة التعصب من أهلها على الشيعة، ولكن أخبرني بعض سادة بني زهرة المقيم الآن بحلب، أنهم سعوا بعد الاحتلال الفرنسوي لحلب في استرجاع جملة من تلك الأوقاف التي لا تزال قيودها محفوظة في سجلات الأوقاف بحلب، وهي معروفة بأعيانها فأثبتوها ليسترجعوها، وحينئذ فالذين أثبت السيد أبو المكارم انقراضهم هم بعض ذرية أبي إبراهيم لا جميعهم، ويرشد إليه ما عن (در الحبب) عن الذهبي: أن بني زهرة عنده طائفة أخرى شيعة بحلب، كانوا بيت علم، ونظم، ونثر، وكتابة، ورئاسة، ومكارم أخلاق، وحشمة، وأنهم انقرضوا». (أعيان الشيعة: 9/3). ملحوظة: لعلّ الناظم (رَحمهُ اللّه) قد ذكر زيارتهم لقبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من خلال تشيّعهم وولائهم لآل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وهذا أمر بديهي. لا يخفى على المتبّحر اللبيب أن للتشيع أثراً كبيراً في بلاد مصر، وإنها كانت مركزاً من مراكز الإشعاع الشيعي في العالم الإسلامي؛ لذا نرى أن الآثار الشيعية على تنوعها من مقامات، وقبور، ومساجد ومدارس، قد انتشرت على أراضيها، وتكونت مجتمعات عُرفت بتشيعها على مر العصور في بلداتها، فمنها: «أسنا: بلدة كبيرة بمصر، قالح صاحب (الطالع السعيد) كان التشيع بها فاشياً والرفض بها ماشياً فجف حتى خف. أسوان: ثغر من الثغور المعروفة بمصر، قال صاحب (الطالع السعيد): ولمّا كانت البلاد للعلويين غلب على أهلها التشيع، وكان بها قديماً أيضاً وقد قل ذلك واضمحل...». (ينظر: أعيان الشيعة: 195/1). ولعل الناظم (رَحمهُ اللّه) ذكر زيارتهم لقبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من خلال تشيعهم وارتباطهم بالإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقد مرت علينا شخصيات قد زارت القبر الشريف قدوماً من بلاد مصر، رغم الظروف الصعبة والقاهرة التي كانت تحيط بالقبر المقدّس، ومنهم العالم الفاضل زيد المجنون كما لُقب وقد مرت ترجمته في الفصل الرابع عشر، فليراجع.

ص: 206

ص: 207

ص: 208

والصَّفَوِيُّوْنَ بَنُوْ عَدْنَان(1)***والوَاردُونَ منْ بَني عُثْمَان (2)

ص: 209


1- زيارة الصفويين لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : السلطان إسماعيل الصفوي: «أول من زار الحائر من الصفويين السلطان إسماعيل الصفوي، وذلك بتاريخ 25 جمادى الثانية سنة (914 ه). ويروي المستر لونكريك بهذا الخصوص ما هذا نصه: فأسرع الشاه في القضاء على الحكومة الآق قويونليه التركمانية في العراق، فخضعت بغداد لحكمه في أواخر سنة ( 1508 م / 914 ه) على يد القائد حسين بك لاله...، إذ لم تكد تستقر جنوده في بغداد حتى قدم لزيارة الأضرحة المقدّسة في كربلاء والنجف». (ينظر تراث كربلاء: 81). الشاه عباس الكبير: «كما زار الحائر الشاه عباس الكبير حفيد الشاه إسماعيل الصفوي، وذلك في سنة (1032) ه / 1623م)، ويؤيد ذلك صاحب كتاب ( عالم آراي عباسي) كما في قوله : بعد ما قضى الشاه عباس زيارة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) توجه عن طريق الحلة إلى النجف للثم عتبة الحرم الحيدري تراث كربلاء: 81).
2- زياره بني عثمان لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): إشارة إلى الحكام العثمانيين، وقد زاره (عَلَيهِ السَّلَامُ) كل من: السلطان سليمان القانوني: «وفي سنة ( 941 ه /1534م) تم فتح العراق على يد السلطان سليمان القانوني الذي احتل بغداد في 18 جمادى الأولى سنة (941 ه)، وزار مرقد الإمامين الهمامين الجوادين (عَلَيهِما السَّلَامُ) في ظاهر بغداد، ثم قصد زيارة المشهدين المعظمين: أمير المؤمنين وأبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) واستمد من أرواحهما. وكانت زيارته لكربلاء في 28 جمادى الأولى من السنة المذكورة» (تراث كربلاء: 81). قبلان مصطفى باشا: «وفي بداية سنة (1088 ه) توجه الوالي قبلان مصطفى باشا إلى زيارة العتبات المقدّسة في كربلاء والنجف الأشرف، وذلك في شهر شعبان، وأنعم على الخدم، ثم عاد إلى بغداد، وعند عودته ورد أمر عزله». (تراث كربلاء: 82). السلطان حسن باشا: «ثم زار الحائر السلطان حسن باشا سنة (1117 ه/ 1705 م). يروي لنا ابن السويدي في كتابه (تاريخ بغداد) عن وصف زيارة السلطان المذكور بقوله: وفي شوال من هذه السنة رُفع اللواء بالمسير إلى كربلاء لزيارة سيد الشهداء وإمام الصلحاء، قرة عين أهل السنّة وسيد شباب أهل الجنة أبي عبد اللّه (رضیَ اللّهُ عنهُ)، وإلى زيارة الليث الجسور والشجاع الغيور، قاطع الأنفاس من ضال كالخناس أبي الفضل العباس، فدخل كربلاء وزار أصحاب الكساء...، وبقي يوماً واحداً لضيق القصبة بأحزابه وأعوانه وأصحابه، ثم ارتحل قاصداً أرض الغري». (تراث كربلاء: 82). الحاج حسن باشا: وممن زار الحائر الحاج حسن باشا والي بغداد وكانت ولايته عام (1308 ه - 1314 ه)، إذ جاء إلى كربلاء، ثم تشرف بزيارة النجف وكان قد زارها مراراً عديدة. (تراث كربلاء: 84).

ص: 210

والمَلكُ تَيْمَوْرَ كَذَا الْأَفْشَارِي***وَالرُّنْدُ وَالشَّاهَاتُ مِنْ قَاجَار (1)

ص: 211


1- الأمير تيمور الكركاني المعروف ب(تيمورلنك) المشهور: وُلد ليلة 25 شعبان سنة (736) ه)، وقيل: (728ه)، وكان مولده بظاهر کش من بلاد ما وراء النهر في قرية تسمّى (خواجة ايلغار) من أعمال كش، وتوفي ليلة الأربعاء 17 أو 19 شعبان سنة (807ه) ببلدة أطرار،- ويقال: أترارو اوترار من بلاد ما وراء النهر - وهو سائر لفتح بلاد الخطا في الصين عن 71 أو 79 سنة... ونُقل نعشه من أطرار إلى سمرقند في تابوت أبنوس، ودفن في قبة كان قد بناها لمدفنه في مدرسته، ومدة ملكه 36 سنة. و(لنك) بفتح اللام وسكون النون وكاف آخر الحروف فارسي معناه: (الأعرج)، وكان تيمور أعرج شديد العرج، و(الگرگاني) بكافين فارسيين نسبة إلى گرگان، وهي المعروفة عند العرب ب(جرجان)، فإنه كان من تلك الولاية لأنه وُلد كما سمعت بقرية من عمل كش، وكش على ثلاثة فراسخ من جرجان كما في (معجم البلدان). وفي (عجائب المقدور) أن گورگان بلغة المغول الختن، ولما استولى تيمور على ما وراء النهر صاهر الملوك فلُقب (گورگان). وقد بالغ جلّ من ذكر تيمور من المؤرخين خصوصاً ابن عربشاه والقرماني في سبّه وشتمه ولعنه كلما مر ذكره، ووصفه بأقبح الصفات، ونعته بأبشع النعوت. وقال الدحلاني في (الفتوحات الإسلامية) فيما حُكي عنه كان ظهور تيمورلنك من أشد المحن والبلايا على هذه الأمة، أفسد في الأرض وأهلك الحرث والنسل، وهو وإن كان يدعي الإسلام إلا أن قتاله مثل قتال الكفار؛ لأنه فعل أفعالاً مع المسلمين أكثر مما تفعله الكفار من القتل والأسر والتخريب، وكان رافضياً شديد الرفض، انتهى. ولا شك أن للنحلة والمذهب في ذلك دخلاً، فقد وقع في تاريخ الإسلام ما هو مثل أفعال تيمور وأفظع وأشنع، ولم نرَ هؤلاء المؤرّخين تناولوا فاعليها ببعض ما تناولوا به هذا الرجل...، نحن لا نقول أن تيمور لم يكن ظالماً، فهو طاغية ظالم كغيره من الظلمة المتغلبين، ولكننا نسأل هؤلاء المؤرّخين لماذا إذا مروا بذكر غيره من الظلمة ممن هو مثله أو أكثر منه ظلماً أو أقل – وكانت مفاسد ظلمه أضرّ على هذه الأمة - لم يتناولوه بسب ولا شتم؟! وربما التمسوا له العذر أو قالوا: إنه مأجور، وإذا مروا بذكر تيمور تناولوه بالشتم واللعن كلما ذكر ؟؟! ولا شك أن للعصبية المذهبية دخلاً في ذلك... . (أعيان الشيعة: 648/3 - 649 بتصرف يسير). زيارة الملك تيمورلنك لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وقيل: إن تيمورلنك زار مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وذلك في سنة (803ه)، وأنه قد أغدق المجاورين هدايا كثيرة، واهتم بتعمير المشهد الشريف وتزيينه وإصلاحه». (ينظر : دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 48/2). زيارة نادر شاه الأفشاري لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وممن زار كربلاء أيضا السلطان نادر شاه الأفشاري، فإنه توجه نحو العراق عن طريق خانقين إلى بغداد سنة (1156ه)، ومنها إلى الحلة، ثم منها إلى النجف دخلها يوم الأحد في الحادي والعشرين من شوال، وارتحل عنها ي-وم الجمعة، ودخل كربلاء يوم السبت، وأقام فيها خمسة أيام هو ووزراؤه وعساكره وأرباب دولته ومعه ندیمه مرزا زکی (تراث كربلاء: 82). الزندية: «... الزندية في إيران الذين ملكوا بعد الأفشاريين، وكان جلوس كريم خان على كرسي الحكم سنة (1163)، وتوفي سنة (1193)، وحكم من بعده السلطان زكي خان المتوفّى سنة (1194)، ثم صادق خان المتوفّى سنة (1196)، ثم علي مراد خان المتوفّى سنة (1199)، ثم محمّد جعفر خان المتوفّى سنة (1209).... ومحمّد جعفر خان الزندي هو الباذل للصندوق الخاتم الذي هو على قبر الإمام علي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان الابتداء بعمله سنة (1198ه) على يد محمّد حسين نجار شيرازي، وكاتب الآيات الكريمة حوله بالعاج المرصّع محمّد بن علاء الدين محمّد الحسيني وكمل عمله سنة (1202ه)...». (ينظر : معارف الرجال: 1/ 50 هامش). زيارة القاجاريين لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : السلطان ناصر الدين شاه القاجاري: «وزار الحائر السلطان ناصر الدين شاه القاجاري حفيد فتح علي شاه، وذلك في سنة (1287ه)، فقيل عن لسانه في تاريخ زيارته تشرّفنا بالزيارة، وقد دوّن ما أسعفته الذاكرة في رحلته المطبوعة بالفارسية باسم (سفرنامه ناصري). ويقال: إنّ معتمد الملك هو الذي كتب وصنّف هذه الرحلة عن لسان السلطان المذكور. جاء في (المنتظم الناصري وصف زيارته للحائر قوله في سنة (1287 ه) في شهر رمضان في الثالث عشر منه ورد السلطان ناصر الدين شاه زائراً النجف وخرج يوم العشرين منه عائداً إلى كربلاء، وأنعم على المجاورين للروضة المطهرة، وقدّم لأعتاب تلك الحضرة المقدّسة فص ألماس مكتوباً عليه سورة المُلك على يد متولي الحضرة الشريفة، انتهى» (تراث كربلاء: 82). السلطان أحمد شاه: «وفي 19 رمضان سنة (1338ه) زار الحائر السلطان أحمد شاه ابن السلطان محمّد علي شاه القاجاري ملك إيران، وزيّنت المدينة تزييناً رائعاً، وخرج الأشراف والأعيان لاستقباله». (تراث كربلاء: 84).

ص: 212

ص: 213

وَمَالِكُو العِرَاقِ مِنْ آلِ عَلِي***كَفَيْصَلِ المَاضِي وَآلِ فَيْصَل (1)

ص: 214


1- زيارة ملوك العراق لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فيصل الأول: «وزار كربلاء الملك فيصل الأول ابن شريف حسين ملك العراق، وذلك في شوال سنة ( 1339 ه / 1921م)، وذلك عند توليه عرش العراق لأول مرة، واستُقبل بحفاوة بالغة من قبل أعيان البلد ووجهائه، وزينت الشوارع والطرق بالسجاجيد الثمين». غازي الأول: «وزار الحائر ملك العراق غازي الأول، وذلك في يوم الإثنين 24 ذي الحجة سنة (1352 ه)، واستقبل بحفاوة وتكريم عظيمين». فيصل الثاني: «وزار الحائر ملك العراق فيصل الثاني مع خاله عبد الإله في اليوم السابع عشر من شهر جمادى الثانية سنة (1369 ه)، كما زاره بزيارات متتالية أخرى». (ينظر تراث كربلاء: 84- 85).

منْ كُلِّ مَلك زَارَهُ وَأَنْعَمَا***عَلَى الذي جَاوَرَهُ أَوِ انْتَمى

وأَثَرَ الآثَارَ عِنْدَ المَرْقَد***تَقَرُّباً مِنْهُ لسبْطَ أَحْمَد

فَضْلاً عَن الصُّدُورِ ثُمَّ الوُزَرَا***وَذَاكَ حَسْبُ مَنْ يَعُدُّ الأُمَرا

فَإِن َتعْدَادَهُمُ يَطُولُ***وَفي الإشارات لَهُمْ مَحْصُول (1)

ص: 215


1- بعض من زار كربلاء من الشخصيات والملوك والأمراء والرؤساء والوزراء: ونشير هنا إلى بعض من زار كربلاء من الشخصيات والملوك، والأمراء، والرؤساء، والوزراء من مختلف البقاع والبلدان، وتشرّف بزيارة العتبتين المباركتين لأبي عبد اللّه الحسين وأخيه أبي الفضل العباس نقلا عن كتابي تاريخ مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وتراث كربلاء: ابن الدواتدار: «فقد قصد الزيارة للقبر الشريف ابن الدواتدار وذلك في سنة 662ه». السلطان محمود غازان خان: «وممن زار قبر الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) السلطان محمود غازان خان وذلك سنة 696ه، وكذلك في سنة 698ه». الشيخ إبراهيم بن حمويه الجويني: «وممن تشرّف بالزيارة الشيخ إبراهيم بن محمّد بن المؤيد بن حمويه الجويني المعروف ب(صدر الدين أبو المجامع ابن سعد الدين الشافعي الصوفي، وأخذ يتلمّذ في كربلاء». (ينظر : مدينة الحسين: 129/1-130). محمّد خان اللكناهوري: «وزار الحائر السيد محمّد خان اللكناهوري أحد سلاطين الهند، وذلك في سنة (1310 ه)». مير فيض محمّد خان تالبر: «وزار الحائر في سنة (1326 ه) مير فيض محمّد خان تالبر أمير مقاطعة خير بور السند، وهو شيخ كبير ومعه عدد من وزرائه وعساكره». رضا شاه بهلوي: «وزار كربلاء سنة (1342 ه) رضا شاه بهلوي رئيس وزراء إيران وقائد الجيش الإيراني، فاستقبل استقبالاً رائعاً، ولدى عودته إلى إيران تولى العرش». الأمير عبد اللّه بن الحسين: «وزار الحائر الشريف الأمير عبد اللّه بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك في يوم الأربعاء 19 جمادى الأولى سنة (1348 ه)». الباب الثالث / الفصل الرابع عشر في زيارة أبنائه وسلاطين الزمان له.. عباس حلمي: «وزار الحائر أيضاً عباس حلمي ملك مصر السابق في رمضان سنة (1351ه)». السيد على رضا خان الرامبوري: «وزار الحائر السيد علي رضا خان الرامبوري، وذلك في يوم الأحد في الخامس والعشرين من رجب سنة (1353 ه) عائداً من النجف». السيد طاهر سيف الدين: «كما جاء الحائر أيضاً السيد طاهر سيف الدين زعيم الطائفة الإسماعيلية في الهند وأفريقيا، وذلك في سنة (1358 ه)». السلطان محمّد ظاهر: «وزار الحائر أيضاً السلطان محمّد ظاهر شاه ملك الأفغان في اليوم الخامس من جمادى الآخرة سنة ( 1369 ه) حيث توجه إلى النجف». «وبعد إعلان ثورة الرابع عشر من تموز سنة (1958م / 1378 ه) زار كربلاء عدد كبير من رؤساء وملوك الدول الإسلامية وما زالوا يزورون؛ وذلك لقدسيتها ومكانتها العلمية». (ينظر : تراث كربلاء: 84- 85). وأما في عصرنا الحاضر فقد زاره منهم مالا يحصى عدّه أو حصره.

ص: 216

ص: 217

ص: 218

الباب الرابع: في بعض معجزات ظهرت من القبر

اشارة

ص: 219

ص: 220

إشارة:

بابٌ لَنَشْرِ مُعجزات القبر

أذْكُرُ مِنْها قَطْرَةً مِنْ بَحْر

رَوَى ابْنُ قَوْلَوَيْه في الكَمَال***عَن الحُسَيْن السبط للثّمالي

قَالَ: قَصَدْتُ كَرْبَلا القُدْسِيَّة***في أُخْرَيَاتِ المُلك منْ أُمَيَّة

فِي خِيْفَةٍ مُشَمَّراً للذَّيْلِ***أَكْمِنُ يَوْمِي وَأَسِيْرُ لَيْلي

فَجِئْتُ نِصْفَ اللَّيْلِ كَيْ أَزُورًا***فَقَالَ شَخْصٌ: انْصَرِفْ مَأْجُوْرًا

فارْتَعْتُ ثُمَّ عُدْتُ قَبْلَ الفَجْرِ***فَقَالَ: لَا تَقْرَبْ لَنَحْوِ القَبْرِ

فَقُلْتُ: عوفيت لماذا إِنَّني***جئتُ منَ الكُوفَة في تَكَمُّن

وَأَخْتَشِي إِذَا تَجَلَّى الصُّبْحُ***عَلَيَّ هَاهُنَا يَحينُ الذَّبَّحُ

فَقَالَ لي: اصْطَبِرْ إِذَنْ لِيَخْرُجا***مُوسَى وَمَنْ صَاحَبَهُ فَيَعْرُجا

فَإِنَّهُ زَارَ بسَبْعَيْنَ الفا***منْ مَلَكَ السَّمَاء صَفَّاً صَفًّا

يُقَدِّسُوْنَ الأحَدَ المُعَظَمَا***وَقَدْ أَنَى أَنْ يَعْرُجُوا إِلَى السَّمَا

فَقُلْتُ مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ لِي مَلَكْ***أَحْرُسُ قَبْرَهُ وَأَسْتَغْفِرُ لَكَ

ثُمَّ أَتَيْتُ عِنْدَمَا الفَجْرُ طَلَعْ***فَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَدَّ قَبْلُ وَمَنَعْ

فَزُرْتُهُ ثُمَّ قَضَيْتُ الواجبا***وَعُدْتُ والشَّمْسُ تُريني حاجبَا

ص: 221

أُسْرِعُ فِي سَيْرِي بِالنَّهَارِ***عَنْهُ من الخيفة والحذار

فَسَلَّمَ اللّه تَعَالَى وَرَعَى***وازدَادَ مَنْ دَرَى بِشَأْني وَرَعَا (1)

ص: 222


1- زيارة الأنبياء لقبر الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال ابن قولويه في (كامل الزيارات: 221 ح 2/324): حدّثني الحسن بن عبد اللّه، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن الحسين ابن بنت أبي حمزة الثمالي، قال: «خرجت في آخر زمان بني مروان إلى زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مستخفياً من أهل الشام حتى انتهيت إلى كربلا، فاختفيت في ناحية القرية حتى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحو القبر، فلما دنوت منه أقبل نحوي رجل فقال لي: انصرف مأجوراً فإنك لا تصل إليه، فرجعت فزعاً حتى إذا كان يطلع الفجر أقبلت نحوه حتى إذا دنوت منه خرج إلي الرجل، فقال لي: يا هذا إنك لا تصل إليه، فقلت له: عافاك اللّه ولمَ لا أصل إليه؟ وقد أقبلت من الكوفة أريد زيارته فلا تحل بيني وبينه، وأنا أخاف أن أصبح فيقتلوني أهل الشام إن أدركوني هاهنا، قال: فقال لي: اصبر قليلاً، فإن موسى ابن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) سأل اللّه أن يأذن له في زيارة قبر الحسين بن على (عَلَيهِما السَّلَامُ) فأذن له، فهبط من السماء في سبعين ألف ملك، فهم بحضرته من أول الليل ينتظرون طلوع الفجر ثم يعرجون إلى السماء. قال: فقلت له: فمن أنت عافاك الله؟ قال: أنا من الملائكة الذين أمروا بحرس قبر الحسين (عَلَيهِما السَّلَامُ) والاستغفار لزواره، فانصرفت وقد كاد أن يطير عقلي لما سمعت منه، قال: فأقبلت حتى إذا طلع الفجر أقبلت نحوه، فلم يحل بيني وبينه أحد، فدنوت من القبر وسلّمت عليه، ودعوت اللّه على قتلته، وصلّيت الصبح، وأقبلت مسرعاً مخافة أهل الشام».

الفصل الخامس عشر: ذكر الشيخ الصدوق لمعجزة في الديزج

الفصل الخامس عشر: ذكر الشيخ الصدوق لمعجزة (1) في الديزج

وَذَكَرَ الطُّوْسِيُّ فِي الأَمَالِي***مُعْجِزَةٌ مُنْجِرَةَ الآمَالِ

بِأَنَّ إبْراهِيمَ يَعْنِي الدَّيْرَجا***قَالَ: أَرادَ جَعْفَرٌ أَنْ أَخْرُجَا

وأَنْبُتُ القَبْرَ بِكَرْبَلاءا***وَأَحْرُثُ الأَرْضِ وَأُجْرِي المَاءا

فَصِرْتُ لِلقَبْرِ بِمَنْ أَعْدُّهُ***مِنْ كُلِّ قَرْمٍ مُعْجَبٍ أَشُدَّهُ

وَمَعِيَ الأَكَارُ بالمَسَاحِي***فَبِتُّ لَيْلي ناظِرَ الصَّبَاحِ

فَنَبَّهَتْنِي زَعَقَاتُ الجُنْدِ***فَقُلْتُ: مَاذا لأُناس عِنْدِي؟

ص: 223


1- الأولى استخدام الكرامة بدلاً من الإعجاز في هذا المورد والموارد الأخرى من الإرجوزة والتي ستأتي لاحقاً؛ كون الثاني مختصاً بمدعي النبوة، قال الرازي في تفسيره 189/6: «المسألة الرابعة: من الناس من قال: إن طالوت كان نبياً، لأنه تعالى أظهر المعجزة على يده وكل من كان كذلك كان نبياً، ولا يقال: إن هذا كان من کرامات الأولياء...» وينظر الفرق بين المعجزة والكرامة: (تفسير الرازي: 189/6، البيان في عقائد أهل الإيمان: 33، صحيح شرح العقيدة الطحاوية: 421-422).

فَقِيْلَ: صَدَنَا عَنِ التَّقَدُّمِ***قَوْمٌ رَمَوا وُجُوْهَنَا بِأَسْهُم

وَكُلُّ مَنْ رَمَاهُمُ بِسَهْمِ***عَادَ عَلَيْهِ السَّهُمُ مِنْهُ المَرْمِي

قَالَ: فَقُمْتُ لِأَرَى الأَمْرِ الجَلِي***فَمَا رَأَيْتُ غَيْرَ مَا قَدْ قِيْلَ لِي

فارتَعْتُ مِنْ ذَا وَطَوَيْتُ كَشْحِي***وَقُلْتُ: غَادِرُوْهُمُ لِلصُّبْحِ

حَتَّى إِذا الشَّمْسُ بَدَتْ لِلْأَعْيُنِ***قَامُوْا فَهَدَمُوا جَمِيْعَ مَا بُنِي

وَنَبَعُوا القَبْرَ فَلَاحَتْ بَارِيةْ***تَسْطُعُ بِالمِسْكِ كَمِثْلِ الغَالِيَة

قُلْتُ: دَعُوهُ وَلَئِنْ لَمْ يَكْتُمِ***رَاءِ قَتَلْتُهُ عَلَى النَّكَلَّمِ

ثُمَّ حَرَثْنَا الْأَرْضِ لَكِنَّ البَقَرْ***تَأْتِي إِلَى ذَاكَ المَقَامِ وَتَذَرْ

وَكُلَّما تُضْرَبُ للكراب***تَقَهْقَرَتْ تَمْشِي عَلَى الْأَعْقَابِ

ثُمَّ مَخَرْنَا المَاءَ فَوْقَ القَبْرِ***فَحَارَ عَنْهُ واقِفاً لَا يَجْرِي

وَكُلَّما تَجْرِيِّ المِيَاهُ فَوْقَة***تَرْفَصُ عَنْهُ وَتَكُوْنُ طَوْقَة

فَلَمْ يَزَلْ يَعْجَبُ مِنْ ذَا الأَمْرِ***فِي مُدَّةِ العَيْشِ وَطُولِ العُمْرِ

حَتَّى قَضَى فِي الهَوْلِ مِمَّا يُبْصِرُ***وَجَعْفَرٌ أَوْدَى بِهِ المُنْتَصِرُ

وَذَاكَ في سَتٌ وَالأَرْبَعَيْنَا***وَالمُنَتَيْنِ فَانْظُ وَالمُنَتَيْنِ فَانْظُر السِّنيْنَا

ص: 224

وَاتَّبع الرُّواةَ في هَذا الخَبَرْ***فإنَّ كُلَّ واحد لَهُ ذَكَرْ

وَقَالَ: إِنَّ الدَّيْرَجَ المُقَدَّما***كَانَ يَهُوْديّاً وَصَارَ مُسْلما (1)

ص: 225


1- خبر إبراهيم الديزج: قال الشيخ الطوسي في (الأمالي: 327 ح 665/ 102): أخبرنا ابن خشيش قال حدّثنا محمّد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا سعيد بن أحمد ابن العراد أبو القاسم الفقيه، قال: حدّثني أبو برزة الفضل بن محمّد بن عبد الحميد، قال: «دخلت على إبراهيم الديزج وكنت جاره، أعوده في مرضه الذي مات فيه، فوجدته بحال سوء، وإذا هو كالمدهوش وعنده الطبيب، فسألته عن حاله، وكانت بيني وبينه خلطة وأنس الثقة يوجب بي والانبساط إلي، فكاتمني حاله، وأشار لي إلى الطبيب، فشعر الطبيب بإشارته، ولم يعرف من حاله ما يصف له من الدواء ما يستعمله، فقام فخرج وخلا الموضع فسألته عن حاله، فقال: أخبرك واللّه وأستغفر اللّه أن المتوكل أمرني بالخروج إلى نينوى إلى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأمرنا أن نكربه ونطمس أثر القبر، فوافيت الناحية مساء معنا الفعلة والروز كاريون معهم المساحي والمرور، فتقدمت إلى غلماني وأصحابي أن يأخذوا الفعلة بخراب القبر وحرث أرضه، فطرحت نفسي لما نالني من تعب السفر ونمت، فذهب بي النوم فإذا ضوضاء شديدة وأصوات عالية، وجعل الغلمان ينبهونني، فقمت وأنا ذعر، فقلت للغلمان: ما شأنكم؟ قالوا: أعجب شأن، قلت: وما ذاك؟ قالوا: إن بموضع القبر قوماً قد حالوا بيننا وبين القبر، وهم يرموننا مع ذلك بالنشاب، فقمت معهم لأتبين الأمر، فوجدته كما وصفوا، وكان ذلك في أول الليل من ليالي البيض، فقلت: ارموهم فرموا فعادت سهامنا إلينا، فما سقط سهم منها إلا في صاحبه الذي رمى به فقتله، فاستوحشت لذلك وجزعت وأخذتني الحمّى والقشعريرة، ورحلت عن القبر لوقتي، ووطنت نفسي على أن يقتلني المتوكل لما لم أبلغ في القبر جميع ما تقدم إليّ به. قال أبو برزة: فقلت له: قد كُفيت ما تحذر من المتوكل، قد قُتل بارحة الأولى وأعان عليه في قتله المنتصر، فقال لي: قد سمعت بذلك، وقد نالني في جسمي ما لا أرجو معه البقاء. قال أبو برزة: كان هذا في أول النهار، فما أمسى الديزج حتى مات. قال ابن خشيش قال أبو الفضل: إنّ المنتصر سمع أباه يشتم فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، فسأل رجلاً من الناس عن ذلك، فقال له: قد وجب عليه القتل، إلا أنه من قتل أباه لم يطل له عمر قال: ما أبالي إذا أطعت اللّه بقتله أن لا يطول لي عمر، فقتله وعاش بعده سبعة أشهر». وينظر : بقية ما يتعلق بإبراهيم الديزج ونبشه لقبر الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الفصل الثاني عشر من كتابنا هذا.

ص: 226

الفصل السادس عشر: في ذكره لمعجزة في هارون المعري

وَقَالَ فِيها: إِنَّ البَاقْطَانِي***حَكَى وَكَانَ كَاتبَ الدِّيوَانِ

وَكَانَ وَجْهُهُ كَمِثْل النَّفس(1)***لوناً وَجسْمُهُ كَمِثْل الطَّرْس (2)

فَقُلْتُ يَوْماً وَطَرَحْنَا الحَشْمَة:***وَجْهَكَ لِمْ خُص بِهَذِي الأَدْمَةً؟

قَالَ: سَأُنْبِيْكَ إِذا لَمْ تُخْبِر***فَقُلْتُ: لَا وَفَضْلكَ المُوَفَّر

قَالَ: خَرَجْتُ في عداد الدَّيْرَج***فَقَالَ طَيْفُ المُصْطَفَى: لَا تَخْرُج

فَمَلْتُ عَنْهُ إِذْ رَأَيْتُ النَّهْيَا***فَجَاءَنِي الدَّيْزَجُ يَدْعُو الوَحْيَا

فَقُمْتُ عَنْهُ تَابِعاً للأمْرِ***بِهَدْمِ كَرْبَلا وَحَرْثِ القَبْرِ

فَجَاءَنِي طَيْفُ الرَّسُوْلِ ثَانِيَا***وَقَالَ لِي: هَلَّا أَطَعْتَ النَّاهِيَا

وَيْلَكَ قَدْ حَرَقْتَ قَبْرَ ابْنِي الأَبَر***وَصَكَ وَجْهِي لَطْمَةٌ ذَاتُ أَثَرْ

ص: 227


1- النقس: الجرب. (ينظر: تاج العروس: 21/9).
2- الطرس : الكتاب يمحى ثم يعاد فيه، وفعله التطريس. (ينظر : كتاب العين 209/7).

فَاسْوَدَّ ذَاكَ الوَجْهُ والجسم بقي***فَهَا أَنَا بِهَيْئَة لَمْ تُسْبَقِ

أَكَادُ أَنْ أَذُوْبَ إِنْ رَآني***راءٍ بهَذا الوَجْه وَالجُثْمَان (1)

ص: 228


1- حادثة هارون المعري واسوداد وجهه: قال الشيخ الطوسي في (أماليه : 326 - 101/654): أخبرنا ابن خشيش، عن محمّد بن عبد اللّه قال: حدّثني محمّد بن إبراهيم بن أبي السلاسل الأنباري الكاتب قال: حدّثني أبو عبد اللّه الباقطاني، قال: «ضمني عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان إلى هارون،المعري، وكان قائداً من قواد السلطان أكتب له، وكان بدنه كله أبيض شديد البياض حتى يديه ورجليه كانا كذلك، وكان وجهه أسود شديد السواد كأنه القير، وكان يتفقاً مع ذلك مِدّة - المِدة بالكسر : ما يجتمع في الجرح من قيح - منتنة. قال: فلما آنس سألته عن سواد وجهه، فأبى أن يخبرني، ثم إنه مرض مرضه الذي مات فيه، فقعدت فسألته، فرأيته كأنه يحب أن يكتم عليه، فضمنت له الكتمان فحدّثني، قال: وجهني المتوكل أنا والديزج لنبش قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإجراء الماء عليه، فلما عزمت على الخروج والمسير إلى الناحية رأيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في المنام، فقال: لا تخرج مع الديزج، ولا تفعل ما أمرتم به في قبر الحسين. فلما أصبحنا جاءوا يستحثونني المسير، فسرت معهم حتى وافينا كربلاء، وفعلنا ما أمرنا به المتوكل فرأيت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في المنام فقال: ألم آمرك ألا تخرج معهم ولا تفعل فعلهم، فلم تقبل حتى فعلت ما فعلوا ؟ ثم لطمني وتفل في وجهي، لطمني وتفل في وجهي، فصار في وجهي مسو مسوداً كما ترى، وجسمي على حالته الأولى».

الفصل السابع عشر: في ذكره لمعجزة لعلي بن عاصم (رَحمهُ اللّه) في السبع

وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ مُوسَى***سَيِّدُنا أَعْني به الطَّاوُسَا

قَالَ: مَضَى عَلِيُّ بْنُ عَاصِمِ***لِكَرْبَلَا فِي مشَرِ أَكَارِمِ

مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْنِي ابْنُ زَيْدِ الدَاعِي***مَرْقَدَهُ بالشَّيْدِ والسَّيَاعِ (1)

فَجَاءَ لَيْلٌ ضَيْغَمْ فِي بَابِهِ***وَمَرَّغَ السَّاعِدَ فِي أَعْتَابِهِ

فَأُرْعِبُوا لَكِنْ عَليَّ ذَهَبا***إِلَيْهِ وَالبَاقُوْنَ دَانَوا رَهَبًا

فَوَجَدَ السَّاعِدَ مِنْهُ قَدْ نَشَبْ***فيه لَدَى الذِّرَاع أنْبُوبُ قَصَبْ

فَجَرَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ عَصَرَهْ***وَأَخْرَجَ الأُنْبُوبَةَ المُنْحَصِرَة

وَذَرَّ فَوْقَ جُرْحه رَغَامَهُ***وشَدَّهُ بِقِطعَةِ العِمَامَة

ص: 229


1- الشيّد بالكسر : كل ما طلي به الحائط من جص أو بلاط، وبالفتح: المصدر، تقول: شاده یشیده شیدا جصصه. (ينظر: لسان العرب: 244/3). والسياع: تطيينك بالجص والطين والقير، تقول: سيعت به تسييعا، أي طليتُ به طلباً رقيقاً. (ينظر لسان العرب: 170/8).

فَمَرَّغَ اللَّيْثُ مُحَيَّا وَذَهَبْ***وَشَاهَدَ الرَّهْطُ مِنْ اللَّيْثِ العَجَبْ

وَمَنْ عَليَّ حَيْثُ للَّيْثُ مَضَى***وَلا عَجِيْبٌ مِنْ تَرَى ابْن المُرتضى (1)

وَذَا عَليَّ كَانَ شَيْخ الشَّيْعَة***وَرُكْنَها فِي الكُوفَةِ المَنْيْعَة

لَكِنْ دَهَاهُ ابْنُ أَبِي الدَّواهِي***فَقِيْدَ لِلزَّوْرَاءِ فِي أَشْبَاهِ

وَزُجَّ فِي طَامُوْرَةِ لَمْ تَسْتَمِد***حَتَّى قَضَى نَحْبَاً زَمَانَ المُعْتَضِدْ

کَمَا أَفَادَ ذَلكَ الزُرَارِي***فِي وَصْف آلِ أَعْيَنَ الأَبْرارِ (2)

ص: 230


1- قصة علي بن عاصم الزاهد والسبع: قال السيد ابن طاووس: «ومن ذلك ما رأيناه في كتاب (السفراء)، وقد نقلناه بلفظه في كتاب (الكرامات)، ونذكر هاهنا بعض معناه أن علياً بن عاصم الزاهد كان يزور الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبل عمارة مشهده بالناس، فدخل سبع إليه فلم يهرب منه، ورأى كف السبع منتفخة بقصبة قد دخلت فيها، فأخرج القصبة وعصر القصبة وعصر كف السبع و شده ببعض عمامته، ولم يقف الزوار لذلك سواه. (الأمان من أخطار الأسفار: 127). ملحوظة: وكتاب (الكرامات) الذي ذكره السيد (رَحمهُ اللّه) هو من كتبه مفقودة الأثر. (ينظر عنه : الذريعة: 289/17)
2- «وكان علي بن عاصم شيخ الشيعة في وقته ومات في حبس المعتضد، وكان حُمل من الكوفة مع جماعة من أصحابه، فحبس من بينهم في المطامير فمات على سبيل ماء، وأطلق الباقون، وكان يسعى به رجل يُعرف بابن أبي الدواب (الدواهي. خ )، وله قصة طويلة». (رسالة في آل أعين: 9). المعتضد باللّه: ذكر المسعودي أحوال المعتضد في كتابه (مروج الذهب: 245/4)، قال: «وبويع أبو العباس أحمد بن طلحة المعتضد باللّه في اليوم الذي مات فيه المعتمد على اللّه عمه، وهو يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين...، وكان مع ذلك قليل الرحمة، كثير الإقدام، سفاكاً للدماء، شديد الرغبة في أن يُمثل بمن يقتله... إلى أن قال: وذكر من عذابه أنه كان يأخذ الرجل فيُكتّف وَيُقيّد فيؤخذ القطن فيُحشى في أذنه وخيشومه وفمه، وتوضع المنافخ في دبره حتى ينتفخ ويعظم جسمه ثم يُسد الدبر بشيء من القطن، ثم يُفصد وقد صار كالجمل العظيم من العرقين اللذين فوق الحاجبين، فتخرج النفس من ذلك الموضع، وربما كان يُقام الرجل في أعلى القصر مجرداً موثَقاً ويُرمى بالنشاب حتى يموت. واتخذ المطامير، وجعل فيها صنوف العذاب وجعل عليها نجاح الحرمي المتولي لعذاب الناس...».

وَفِي ثَنَايَا الطَّفِّ رَسْمُ السَّبْعِ***يَعْنُوْنَ ذَا أَوْ حَارِسَاً كَمَا ادُّعِى (1)

ص: 231


1- ما رواه الكليني في (الكافي: 465/12 - 466 ب مولد الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) ح8): الحسين بن محمّد، قال: حدّثني أبو كريب وأبو سعيد الأشج، قالا: حدّثنا عبد اللّه بن إدريس، عن أبيه إدريس بن عبد اللّه الأودي، قال: لمّا قُتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أراد القوم أن يوطئوه الخيل، فقالت فضة لزينب يا سيدتي، إن سفينة كُسر به في البحر فخرج إلى جزيرة فإذا هو بأسد، فقال: يا أبا الحارث، أنا مولى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فهمهم بين يديه حتى وقفه على الطريق، والأسد رابض في ناحية، فدعيني أمضي إليه وأعلمه ما هم صانعون غداً، قال: فمضت إليه فقالت: يا أبا الحارث، فرفع رأسه، ثم قالت: أتدري ما يريدون أن يعملوا غداً بأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ يريدون أن يوطئوا الخيل ظهره، قال فمشى حتى وضع يديه على جسد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأقبلت الخيل، فلما نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد (لعنه اللّه) فتنة لا تثيروها انصرفوا فانصرفوا»، انتهى. ملحوظة: وهذا عندي - الشارح - ضعيف جداً، ومخالف لما رُوي بالاتفاق من أن عمر بن سعد (لعنه اللّه) قد انتدب عشرة من الفرسان ليرضوا صدر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأمر من ابن زياد (لعنه اللّه)، وقد فعل. ولعمري إن قتله وقطع رأسه وسبي نسائه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأعظم، واللّه تعالى أعلم. وسيمرّ علينا شرحٌ للمقام المذكور في الفصل الثالث والثلاثين من كتابنا هذا، فليلاحظ.

ص: 232

الفصل الثامن عشر: في ذكر معجزة شاهدها قطب الدين الراوندي (رَحمهُ اللّه)

وَقَال قُطب المِلَّةِ الراوَنْدِي***في الدَّعَوات الأمنَات الرَّدِّ:

حدّثني مِنْ لَفْظه أبو الحَسَنْ***فَاضِلُ نَيْشَابُوْرَ وَهُوَ المُؤْتَمَنْ

قَالَ: رَحَلْتُ الحُسَيْن زَائرا***مَعْ رَفْقَةٍ قَدْ طَهَرُوا سَرَائِرَا

حَتَّى أَتَيْنَا لِقَرِيْبِ كَرْبُلا***فَأَسْقَطَ الفَالِجُ مِنَّا رَجُلًا

فَظَلَّ يَبْكِي وَيُنَادِي صَحْبَهُ***أَنْ يَحْمِلُوْهُ لِلْمَقَامِ حَسْبُهُ

فَانْعَطَفَتْ قُلُوْبُنَا إِلَيْهِ***وَظَلَّ كُلَّ قَائماً عَلَيْهِ

نَسْندَهُ إِنْ رَكِبَ المَطِيَّة***وَنَمْشِي جَانِبَيْهِ فِي الوَطيَّةٌ

حَتَّى وَصَلْنَا فَفَرَضْنَا بُسْطا***فيها حَمَلْنَاهُ وَزَارَ السَّبْطا

فَظَلَّ يَدْعُو والجَميعُ حاملُ***وَيَنْدَبُ الحُسَيْنَ وَهُوَ قَائِلُ

لَا تَتْرُكَنَّ هَكَذا يا سَيّدي***لَمْ تَسْعَ بِي رِجْلِي وَلَمْ تَسْعُدْ يَدِي

ثُمَّ وَضَعْنَاهُ فَقَامَ مُنْبَسِطُ***كَأَنَّهُ منَ العقَال قَدْ نَشَط

لَيْسَ بِهِ سُقْمٌ وَلَا بِهِ مَرَضْ***مِنْ بَعْدِ مَا كَانَ بِأَيْدِيْنَا حَرَضْ

ص: 233

فَانْثَالَت النَّاسُ عَلَيْهِ تَنْظُرْ***وَشَاعَ في العراق هَذَا الخَبَرُ

وَازْدَحَمَ الوُفُوْدُ كُلِّ يَسْأَلُ***عَنْ حَالَهِ وَهوَ لَهُمْ يَسْتَقْبِلُ

وَيُخْبرُ السَّائِلَ عَمَّا قَدْ حَصَلْ***حَتَّى قَفَلْنَا رَاجِعِيْنَ لِلْمَحَلْ (1)

ص: 234


1- كرامة شاهدها قطب الدين الراوندي (رَحمهُ اللّه) في قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): قطب الدين الراوندي في (الدعوات: 205 ح 558)، قال: وحدّثني الشيخ أبو جعفر النيشابوري (رضیَ اللّهُ عنهُ)قال: «خرجت ذات سنة إلى زيارة مولانا أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في جماعة، فلمّا كنا على فرسخين من المشهد أو ثلاثة أصاب رجلاً من الجماعة الفالج، وصار كأنه قطعة لحم قال وجعل يناشدنا باللّه سبحانه أن لا نخليه وأن نحمله إلى المشهد. قال: فشددناه على الدابة وأخذنا نراعيه ونحافظه فلما دخلنا المشهد على ساكنيه الصلاة والسلام وضعناه على ثوب، وأخذ رجلان من طرفي الثوب ورفعناه على القبر، وكان يدعو ويتضرع ويبكي ويبتهل ويقسم على اللّه بحق الحسين أن يهب له العافية. قال: فلما وُضع الثوب على الأرض جلس ومشى وكأنما نشط من عقال».

الفصل التاسع عشر: في ذكر السروي لمعجزة في المسترشد

وَذَكَرَ الشَّيْحُ ابْنُ شَهْرَ آشوبِ***فِي صَارِمِ المَنَاقِبِ المَخْشُوْبِ (1)

إنَّ خَليْفَةَ الوَرَى المُسْتَرْشدا(2)***مَدَّ إِلَى خَزَانَة السِّبط يَدَا

لَدُنْ أَرَادَ الحَرْبَ مَعْ مَسْعُودِ(3)***وَغَزْوَهُ بكَثرَة الجُنُود

ص: 235


1- أراد به كتاب (مناقب آل أبي طالب) لابن شهر آشوب، وقد وصفه المؤلّف (رَحمهُ اللّه) بقوله: (صارم المناقب المشخوب) أي: السيف المصقول.
2- «المسترشد باللّه الفضل (المسترشد باللّه) ابن أحمد (المستظهر باللّه) ابن المقتدي عبد اللّه بن محمّد الهاشمي العباسي، أبو منصور (485 - 529 ه / 1092 - 1135م) من خلفاء الدولة العباسية. بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه (سنة 512ه)». (ينظر: الأعلام 147/5).
3- غياث الدين السلجوقي: «أبو الفتح مسعود بن محمّد بن ملكشاه ب-ن ألب أرسلان السلجوقي الملقب غياث الدين أحد ملوك السلجوقية المشاهير.... كان مسعود المذكور قد سلّمه والده في سنة خمس وخمسمائة إلى الأمير مودود ابن التوتكين وجعله صاحب الموصل ليربيه، فلمّا قُتل مودود في سنة سبع وخمسمائة، وتولّى الأمير آق سنقر البرسقي مكانه سلّمه والده إليه أيضاً، ثم أرسله من بعده إلى جوش بك أتابك الموصل أيضاً، فلما توفي والده وتولى موضعه ولده محمود، أخذ جوش بك يحسّن لمسعود المذكور الخروج على أخيه محمود وأطمعه في السلطنة، ولم يزل على ذلك حتى جمع العساكر واستكثر منها وقصد أخاه، والتقيا بالقرب من همذان في ربيع الأول سنة أربع عشرة وخمسمائة، وكان النصر لمحمود...، تنقلت ثم الأحوال وتقلبت بمسعود المذكور واستقل بالسلطنة سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، ودخل بغداد واستوزر شرف الدين أنوشروان بن خالد القاشاني الذي كان وزير المسترشد...، وكان سلطاناً عادلاً لين الجانب كبير النفس فرّق مملكته على أصحابه، ولم يكن له من السلطنة غير الاسم، وكان حسن الأخلاق كثير المزاح والانبساط مع الناس...، وكان مع لين جانبه ما ناوأه أحد إلا وظفر به، وقتل من الأمراء الأكابر خلقاً كثيراً، ومن جملة من قتل الخليفتان: المسترشد باللّه، والراشد...، ثم أقبل مسعود على الاشتغال باللذات والانعكاف على مواصلة وجوه الراحات متكلاً على السعادة تعمل له ما يؤثره إلى أن حدث له القيء وعلة الغثيان، واستمر به ذلك إلى أن توفي في حادي عشر جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وقيل: يوم الأربعاء الثاني والعشرين من الشهر المذكور بهمذان، وماتت معه سعادة البيت السلجوقي فلم تقم له بعده راية يُعتد بها ولا يُلتفت إليها...، ودفن في مدرسة بناها جمال الدين إقبال الخادم. وقال ابن الأزرق الفارقي في (تاريخه): رأيت السلطان المذكور ببغداد في السنة المذكورة، وسار إلى همذان ومات بباب همذان، وحُمل إلى أصبهان...، ومولده يوم الجمعة لثلاث خلون من ذي القعدة سنة اثنتين وخمسمائة...». (ينظر: وفيات الأعيان: 2005 - 202).

ص: 236

وَقَالَ: مَا نَفْعُ الحُسَيْنِ بِالطَّرَف***وَهُوَ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ وَالغُرَف؟!

وَصَرْفُها في واجبات الجُنْد***خَيْرٌ منَ الخَزْنِ لَدَيْهِ عِنْدِي

فَبَاعَها وَجَهَّزَ العَسَاكرا***وَسَارَ فيْها غَازيَاً مُبَاكرًا

وَسَوَّعَ ابْنُهُ الذي قَدْ سَاعَة***فَقَتَلُوْهُ وَهُوَ فِي مَرَاغَة

وَلَمْ يُفدَّهُ الجُنْدَ وَالعَديدُ***فَإِنَّ بَطْشَ رَبَّنَا شَديدُ

وَمَا تَهَنَّا الرَّاشِدُ (1) ابْنُهُ سِوَى***أَقَلَّ مِنْ عَامٍ وَرَاهُ فَثَوَىٰ

قَتْلاً وَكُلٌّ سَحَبُوْهُ جَرًا***جَزَاءَ مَا كَانَ به تَجَرًا

أَلَيْسَ فِي المُجَرَّبِ المُتَّضَحِ***مَنْ مَدَّ لِلْوَقْفِ يَداً لَمْ يَرْبَحِ

ص: 237


1- الراشد باللّه (504 - 532 ه/ 1110 - 1138 م): «المنصور (الراشد باللّه، أبو جعفر) ابن الفضل المسترشد ابن المستظهر من خلفاء الدولة العباسية ببغداد. ولي الخلافة بعد وفاة أبيه (سنة 529 ه)». (ينظر الأعلام: 302/7).

فَكَيْفَ وَقْفٌ خَالِدٌ مُنَظَّمْ***شَعَائِرَ اللّه به تُعَظَّم(1)

ص: 238


1- حادثة المسترشد: في سنة (529 ه) كان المسترشد باللّه في حاجة للأموال؛ لغرض صرفها على الجند، فامتدت يده الخبيثة لسلب الحائر من أمواله وموقوفاته لينفقه على عساكره. وللتفصيل (ينظر: الباب السادس من الأرجوزة). وقد ذكر الحادثة ابن شهر آشوب في (مناقب آل أبي طالب: 171/2)، حيث قال: «وأخذ المسترشد من مال الحائر وكربلا والنجف وقال: إن القبر لا يحتاج إلى الخزانة، وأنفق على العسكر، فلما خرج قتل هو وابنه الراشد».

الفصل العشرون: في ذكر ابن الأثير الجزري لمعجزة ظهرت في خفاجة

وَذَكَرَ ابْنُ الجَزَرِيِّ البَاحِثُ***عَمَّا جَرَتْ فَي الكَامِلِ الحَوَادِثْ

إِنَّ خَفَاجَةَ غَرَتْ في أَسَد***غَيْظاً عَلَى صَدَقَةَ بْن مِزيَدِ

فَخَرَجَ ابْنُ عَمِّهِ قُرَيْشُ***فَاسْتَاقَهُ فِي الأَسْرِ مَعَهُ الجَيْش

وَأَطْلَقُوْهُ حُرْمَةً وَانْقَلَبُوا***لِكَرْبَلَا فَنَهَبُوا وَسَلَبُوا

فَصَدَقَ الكَبْسَ عَلَيْهِمْ صَدَقَة***وَكَرْبَلا بِسُوْرِهَا مُسَرْدَقَة

وَأَعْمَلَ الحُسَامَ في خَفَاجَة***بِحَيْثُ لَمْ يَدْرِ امْرُقٌ مِنْهَاجَه

فِي الطَّرْقِ فِي البُيُوتِ فِي الأَسْوَاقِ***في بَهَوَاتِ الصَّحْنِ فِي الرِّوَاقِ

وَلَمْ يَكُنْ يُبْقِي لَهُمْ سُوَى نَفَرْ***رَمَى بنَفْسه منَ السُّوْر وَفَر

وَرَدَّ مَا قَدْ نَهَبُوا بِالطَّفِّ***وَعَادَ في أُبَهَةٍ ولُطفِ

وَذَاكَ منْ مُعْجِزَة الحُسینِ***إِذْ نَهَبُوا الطَّفَ بِغَيْرِ دِيْنِ

وَكَانَ ذَا فِي التَّسْع للمُمَارِس***بَعْدَ الثَّمَانِينَ لِقَرْنِ خَامِس

وَذَكَرَ المُؤَرِّخُونَ الوَاقِعَة***فِي سَنَةِ التَّسْعِيْنَ لَا فِي التَّاسِعَة

ص: 239

وَقَالَ بَعْضُ إِنَّمَا قُرَيْش***أَطْلَقَهُ ابْنُ عَمِّه لَا الجَيْشُ

إِذْ كَبَسَ الطَّفَ عَلَيْهِمْ صَدَقَة***وَجَاءَ لابْن عَمَّه فَأَطْلَقَة

وَكَيْفَما كَانَ فَإِنَّ المُعْجِزَا***قَدْ بَانَ أَمْرُهُ عقاباً وَجَزَا (1)

ص: 240


1- غارة خفاجة على بلد سيف الدولة صدقة بن مزيد: قال ابن الأثير : «وفيها - سنة تسع وثمانين وأربعمائة - أغارت خفاجة على بلد سيف الدولة صدقة بن مزيد، فأرسل في أثرهم عسكراً مقدمه ابن عمه قريش بن بدران بن دبيس بن مزيد فأسرته خفاجة وأطلقوه، وقصدوا مشهد الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتظاهروا فيه بالفساد والمنكر، فوجه إليهم صدقة جيشاً، فكبسوهم وقتلوا منهم خلقاً كثيراً في المشهد حتى عند الضريح، وألقى رجل منهم نفسه وهو على فرسه من على السور، فسلم هو والفرس». (الكامل في التاريخ: 260/10).

الفصل الواحد والعشرون: في ذكر معجزة ظهرت للميرزا خليل جملة

وَحَدَّثَ النُّوْرِيُّ(1) ذُو الفَضْلِ الجَلِي***عَن شَيْخِهِ بَدْرِ التَّقَى المَوْلَى عَلِي(2)

عن الخَلِيْلِ إِذْ أَتَى لِكَرْبَلَا***مِنْ بَلَدِ الرَّيِّ بِهَا مُسْتَبْدِلَا

ص: 241


1- الميرزا حسين النوري الطبرسي (رَحمهُ اللّه) : «هو الميرزا الشيخ حسين ابن العلّامة محمّد تقي النوري الطبرسي، صاح كتاب (مستدرك الوسائل). قال عنه السيد الصدر في (تكملة أمل الآمل 512/2): كان ثقة الإسلام، ونائب الإمام صاحب الزمان، جمال السالكين، وخاتمة المحدِّثين والرجاليين، وأحد الفقهاء الماهرين، مجمع الفضائل والفواضل، والمصنّف النافع، والمستدرك الشافع. وُلد في قرية يالو سنة (1254ه)، وتوفي سنة ( 1320ه)، ألا قدّس اللّه نفسه الزكية». (ينظر ترجمته: تكملة أمل الآمل: 512/2 الفوائد الرضوية: 260/1، أعيان الشيعة 143/6، نقباء البشر: 543).
2- شیخه هو المولى علي ابن الميرزا خليل الطهراني أحد شيوخه الخمسة الذين أجازوا له الرواية.

وَكَانَ فِي الطَّبٌ هُوَ النَّطَاسِي***تَعْرِفُ ذَاكَ مِنْهُ كُلُّ النَّاسِ(1)

فاسْتَحْضَرَتْهُ عَلَويّةٌ وَقَدْ***ذَابَتْ مِنَ السُّقْمِ الذي بهَا وَقَدْ

فَقَال: هَذَا سُقُمْ يَحْتَاجُ***لِمُدَةِ يَلْزَمُها العِلَاجُ

قَالَتْ: فَكَيْفَ بِي وَكَفِّي صُفْرُ؟***فَقَالَ: عندي للدواء وَفْرُ

وانْصَاعَ فِي الصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ***يَأْتِي لَهَا بِالقُوْتِ وَالدَّوَاءِ

حَتَّى شَفَاهَا اللّه فِي شَهْرَيْنِ***وَسَقِمَ الخَلِيْلُ سُفْمَ حِيْنِ

فَبَادَرَتْ للسبط في عَويْلِ***تَدْعُو الإله في شفا الخَليل

ثُمَّ تَقُولُ أَدَّ يا جدي العوض***فَقَدْ شَفَى بِنْتَكَ مِنْ ذَاكَ المَرَضِ

فَرَأَتِ الحُسَيْنَ فِي المَنَامِ***يَقُولُ قَدْ خُلَّص مِنْ حِمَامِ

وَقَدْ حَبَاهِ اللّه فِي أَوْلَادِ***أَرْبَعَةِ لِلْعِلْمِ وَالسَّدَادِ

ص: 242


1- الميرزا خليل ابن الملا إبراهيم الطهراني النجفي الطبيب: «الميرزا خليل ابن الملّا إبراهيم الطهراني النجفي الطبيب الشهير أبو أطباء النجف، توفي في النجف سنة (1270ه) طاعناً في السن. حصل الطب اليوناني القديم فى إيران واشتهر به، وتردد كثيراً بينها وبين العراق إلى أن سكن بالنجف وكان كثير العلاقة بالعلماء المجتهدين، يداوي مرضاهم». (ينظر: أعيان الشيعة: 336/6).

فانْتَبَهَتْ وَأَسْرَعَتْ إِلَيْهِ***وَدَخَلَتْ بِنَفْسِهَا عَلَيْه

فَمُدْ رَآها قَالَ أَدَيْتِ العِوَض***مْراً وَوُلداً وَشِفَاء للمَرَض

إِنِّي سَمِعْتُ مَنْ أَتَى لِحِيْنِي***يَقُولُ لِي تُرِكْتَ لِلْحُسَيْنِ

وَقَدْ حُيَيْتَ بالشَّفَاء وَمَعَة***عُمْرٌ وإعزاز وَوُلدٌ أَرْبَعَةْ

فَعَادَتِ الرُّوحُ إِلَى جُثْمَانِي***وَنَلْتُ منْ حَبّائه الأماني(1)

ص: 243


1- شفاء الميرزا خليل الطهراني من مرضه على يد علوية متوسلة بجدها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نقل الميرزا حسين النوري (قدّس سِرُّه) من هذه الكرامة في كتابه (دار السلام فيما يتعلق بالرؤيا والمنام: 246/2- 248) عن شيخه المذكور، ونصّها: «وحدّثني دامت ظلاله على رؤوس الأنام، عن والده المرحوم (قدّس سِرُّه) قال: كان يقول: إن وجودي ووجود أولادي جميعاً من بركة علوية كانت في مشهد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قلت : وكيف ذلك؟ فقال: كنت قبل أن أتزوج في بلدة طهران، فرأيت في المنام رجلاً حسن الوجه والشمائل عليه ثياب بيض، فقال لي: إن كنت قاصداً زيارة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فعجل، فإن بعد شهرين ينسد الطريق، فلا يطير الطير وكان في همّي زيارة أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ). فلما انتبهت تأهبت لزيارة مولاي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأتيت إلى زيارته (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأرّخت الرؤيا فلم ينقص من الزمان الذي حدده إلا وقد انسدت الطرق، فعرفت صدق الرؤيا وصدق الرجل الذي أنبأني بذلك النبأ. ثم إنّ السيد (صاحب الرياض بعد أن رأى منّي معالجات حسنة في طبابة النفوس أمر الناس بالرجوع إليّ، فبقيت برهة من الزمان يرجع الناس إلي، وكنت يوماً من الأيام جالساً في المحكمة وإذا بامرأة دخلت علي مع خادمة لها، فلمّا فرغت من الناس ولم يبق أحد جاءت إليّ وأخرجت يديها، وإذا لم يبقَ فيها إلا العظم المرض الآكلة، فلما رأيت منها ذلك كرهت نفسي، فقلت لها: إن هذا مرض ليس عندي علاجه، فتأوهت وتحسّرت فخرجت فرق لها قلبي، فناديت المرأة التي كانت معها فقلت لها: من هذه؟ فقالت: إن هذه المرأة تُسمّى (صاحبة بيگم) علوية الطرفين، وزوجها كان علوياً، وجاءت من الهند مع مال عظيم لا يكاد يُحصى، (فأُصرف جميعه - ظ - ) على مولانا الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فبقيت الآن صفر اليدين لا مال لها وهي مبتلية بهذا المرض الذي تراه فقلت لها: ادعيها لأعالجها، فجاءت فشرعت في علاجها من الفصد والحجامة والمسهلات والمعاجين إلى ستة أشهر، وقد شرع نبات اللحم في يديها وما ابتلي بهذا المرض من جسدها، ولم يكمل لها السنة إلا وقد برئت كأن لم يكن فيها مرض أصلاً، فكانت العلوية تتردد إليّ وترأف بي رأفة الأم بولدها بل وأعظم، إلى أن مضت مدّة. فرأيت في المنام ذلك الرجل الذي أخبرني بانسداد الطريق، وأمرني بالتعجيل الزيارة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : يا فلان، تأهب لسفر الآخرة، فإنه لم يبقَ من عمرك إلا عشرة أيام، فانتبهت فزعاً مرعوباً، فحوقلت،واسترجعت، وقلت: هذه آخر أيامي من الدنيا، فعرضت لي في ذلك اليوم حمّى واشتدت علي إلى أن توسدت الفراش، وكانت العلوية تمرضني وتقضي ما أحتاج إليه إلى أن جاء يوم العاشر، فاجتمع الأحباب حولي، فبينا هم ينظرون إلي وأنظر إليهم وإذا أنا أرى نفسي تحولت من عالم إلى آخر، فلم أر من الجالسين حولي أحداً، وأنا في ذلك العالم وإذا بالحائط قد انشق وخرج منه شخصان كانا من الهيبة بمكان وجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي وهما لا يمساني بشيء، ولكن أرى نفسي منهما بحيث تعلّق بعروقي منهما شيء لا أستطيع وصفه، إلى أن وجدت نفسي كأنها بلغت التراقي، وإذا بالحائط قد انشق فخرج رجل فقال لهما دعاه، فقالا: نحن مأمورون، فقال لهما: إن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد شفع إلى اللّه في رجوعه إلى الدنيا، فقاما وخرجا، فرجعت إلى هذا العالم، فرأيت الجماعة الذين كانوا حولي قد تأهبوا لموتي، ففتحت عيني، فاستبشروا بي، وإذا بالعلوية قد دخلت البيت وقالت أيها الجماعة أبشروا بشفاء فلان، فإن جدي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد شفع إلى اللّه تعالى في شفائه، فقالوا لها كيف ذلك ؟ فقالت ذهبت إلى قبر جدي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتضرعت إلى اللّه تعالى في شفاء هذا المريض والشفاعة عند اللّه تعالى، فرقدت فرأيت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقلت: يا جداه، أريد شفاء فلان منك، فقال لي: إن فلاناً ق-د ان-ق-ض-ى زمان عمره، فقلت: يا سيدي، لا أفهم هذا، أريد شفاء فلان، فقال: إني أدعو اللّه تعالى فإن رأى الحكمة في إجابتي أجابني، فرفع يديه إلى السماء فدعى، ثم قال: بشري فإن اللّه تعالى قد استجاب دعائي في شفاء فلان. ثم قال والدي يا ولدي، إن للعلويات لشأناً من الشأن وإني رأيت منهن عجائب...، قال سلّمه اللّه تعالى: وكان عمر الوالد في هذه الواقعة سبعاً أو ثماني وعشرين سنة، ويوم وفاته قريباً من تسعين، فكان الموهوب ضعف المكتوب»، انتهى.

ص: 244

ص: 245

وَهُمْ عَليَّ وَالحُسَيْنُ الزَّاخِرُ***علَمُهُما وَحَسَنٌ وَبَاقرُ

وَكَانَ فِي الرَّيِّ لَهُ محمّد***يُصْدَرُ عَنْ عِلَاجِهِ وَيُوْرَدْ (1)

ص: 246


1- «كان له خمسة،أولاد ثلاثة أطباء ماهرون مشهورون و طبابتهم على الطريقة القديمة اليونانية، وهم الميرزا محمّد الطبيب الشهير في طهران، والميرزا حسن، والميرزا باقر، عاصر ناهم....، واثنان من العلماء المجتهدين المقلدين، وهما: الحاج ملا علي والحاج ميرزا حسين..... وآل خليل كثيرون في النجف وطهران وغيرهما، فيهم العلماء والفضلاء والكتاب والأطباء، أهل شهرة ونجابة». (ينظر: أعيان الشيعة: 336/6).

الفصل الثاني والعشرون: في ذكر معجزة ظهرت للسيد محمّد الهندي(رَحمهُ اللّه)

وَقَدْ حَكَى سَيِّدُنا المَولَى الأَبَر***محمّد الهِنْدِيٌّ مَشْهُورَ الخَبَرْ (1)

أَنْ زائِرَ المَرْقِدِ ذا الصَّلاح ***يَشُمُّ مِنْهُ نَكْهَةَ النُّفَّاحِ

لَيْلَةِ الجُمْعَةِ فِي وَقْتِ السَّحَرْ***مِنْ أَجْلِ تُفَاحِ الحُسَيْنِ المُشْتَهَر (2)

ص: 247


1- السيد محمّد الهندي ابن السيد هاشم الموسوي الرضوي النجفي: «السيد محمّد الهندي ابن السيد هاشم ابن میر شجاعت علي الموسوي الرضوي الشهير بالهندي النجفي، وعُرف بالهندي؛ لأن جده قدم من الهند من لكهنؤ فسكن النجف، وُلد سنة (1242 ه)، وتوفي آخر شعبان سنة (1323 ه)، ودُفن في داره بالنجف وقد تجاوز الثمانين، وأضر في آخر عمره. وأمه بنت السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى الحسيني العاملي..... قرأ على الشيخ محسن خنفر وغيره، وعمدة تلمذه في الفقه على الشيخ محسن، ثم بعد وفاته على الشيخ مرتضى الأنصاري وله منه إجازة، وكان شريك الشيخ محمّد طه نجف الفقيه الشهير في القراءة على الشيخ محسن. وكان علّامة فقيهاً أصولياً رجالياً جامعاً لشوارد العلوم» (أعيان الشيعة: 84/10).
2- رائحة التفاح تفوح من قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جاء في كتاب (مناقب آل أبي طالب: 161/3): «الحسن البصري وأم سلمة: أن الحسن والحسين دخلا على رسول اللّه وبين يديه جبرئيل، فجعلا يدوران حوله يشبهانه بدحية الكلبي، فجعل جبرئيل يومئ بيده كالمتناول شيئاً، فإذا في يده تفاحة وسفرجلة ورمانة، فناولهما وتهلّل وجهاهما وسعيا إلى جدهما فأخذها منهما فشمهما، ثم قال: صيرا إلى أمكما بما معكما وابدءا بأبيكما، فصارا كما أمرهما، فلم يأكلوا حتى صار النبي إليهم فأكلوا جميعاً، فلم يزل كلما أكل منه عاد إلى ما كان حتى قُبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). قال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): فلم يلحقه التغيير والنقصان أيام فاطمة بنت رسول اللّه حتى توفيت، فلمّا توفيت فقدنا الرمان وبَقي التفاح والسفرجل أيام أبي، فلمّا استُشهد أمير المؤمنين فُقد السفرجل وبقي التفاح على هيئته عند الحسن حتى مات في سمه، وبقيت التفاحة إلى الوقت الذي حُوصرتُ عن الماء، فكنت أشمها إذا عطشت فيسكن لهب عطشي، فلما اشتد عليّ العطش عضضتها وأيقنت بالفناء. قال علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سمعته يقول ذلك قبل مقتله بساعة، فلما ق-ضى نحبه وجد ريحها في مصرعه، فالتمست ولم يُرَ لها أثر، فبقي ريحها بعد الحسين، ولقد زرت قبره فوجدت ريحها تفوح من قبره، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر فليلتمس ذلك في أوقات السحر، فإنه يجده إذا كان مخلصاً».

قَالَ: فَزِرْتُ وَسَهِرْتُ اللَّيْلَة عِنْدَ الضَّريح لِأَنَالَ نَيْلَة

فَلَمْ أَجِدْ حَتَّى إِذا اللَّيْلُ مَضَى حزنْتُ ثُمَّ قُلْتُ يَابْنَ المُرْتَضَى

ص: 248

ظَنَنْتُنِي مِنْ صَالِحٍ الذَّرَارِي***فَلَمْ أَكُنْ مِنْ صَالِحِ الزَّوَارِ

وَفَاضَت المُقْلَةُ وَالقَلْبُ التَهَبُ***لَمَّا رَأَيْتُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ ذَهَبْ

فَلَمْ أَكُنْ إِلَّا وَفَاحَ عَرْفُ***يَنْتَشِقُ التَّفَّاحَ مِنْهُ الْأَنْفُ

فَقُمْتُ أَمْشي حَوْلَهُ وَأَبْعُدُ***إِلَى الرِّواقِ وَهُوَ لَا يُفْتَقَدُ

حَتَّى بَدَا الفَجْرُ فَلَمْ أَنْتَشِقِ***مَا كَانَ مِنْ رَائِحَةٍ وَعَبَقِ

ثُمَّ أَقَمْتُ مَاكِثاً فِي البُقْعَة***لِكَيْ أَفَوْزَ ثَانِياً فِي الجُمْعَة

فَنِمْتُ فِي بَيْنِي وَقُمْتُ سَحْرَهْ***إِلَى الوُضُوْء لِأَزُوْرَ الحَضْرَة

وَبَعْدَ مَا أَسْبَنْتُ فَاحَ الطَّيِّبُ***يَأْرُجُ تُفَاحٌ بِهِ رَطِيْبُ

وَلَمْ يَزَلْ فِي النهج والصحن وفي***مَرْقَدِهِ حَتَّى وَفَى الفَجْرُ الوَفِي

وَحَسْبُكَ الحَاكِي مِنَ اللَّيَاقَة***في العلم والإيْمَان وَالوَثَاقَة (1)

ص: 249


1- ذكر المحدث النوري في كتابه (دار السلام: 417/4) حكاية مشابهة لما أرجزه الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) في هذا الفصل فقال ما نصه: «قال أيده اللّه - أي السيد محمّد الهندي -... وأخبرني ثقة اسمه شيخ علي ابن شيخ يعقوب عمران، عن الشيخ المولى علي أنه شم رائحة التفاح فسألت اللّه سبحانه أن يمكنّني من زيارة عاشوراء في هذه السنة رجاء أن أشمها، وبحسب العادة لا سبيل إلى ذلك، فاتفق لي تيسّره بأحسن وجه، فلما كانت ليلة العاشر شممت الشبّاك من الجوانب الأربعة من أول الليل فلم أجد شيئاً، فوقفت من جهة الوجه على الشبّاك منكسر الخاطر، وقد دخل على قلبي الذل والانكسار والالتجاء، وعلى عيني جريان الدموع والبكاء، فشممتها كأطيب وأجود ما يكون من التفاح - يستريح إليها القلب - وبقيت أشمها قدر ربع ساعة ثم ذهبت، وأنا أعلم أني لست أهلاً لذلك، ولكن بفضل اللّه سبحانه وكرم الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

ص: 250

الفصل الثالث والعشرون: في ذكر معجزة ظهرت للناظم أيضا

الفصل الثالث والعشرون: في ذكر معجزة ظهرت للناظم أيضا (1)

وَقَدْ أَلَمَّ فَي يَدِي اليُسْرَى أَلَمْ***قَدْ أَوْهَنَ السَّاعِدَ مِنِّي إِذْ أَلَمْ

وَلَمْ يَزَلْ يَزْدَادُ يَوْماً يَوْمَا***بِحَيْثُ يَأْبَى أَنْ أَذُوْق نَوْمَا

وَدَامَ نِصْفَ الحَوْلِ وَهُوَ يَرْتَقِي***مِنْ رَاحَتي الساعدي لمرفقي

فَجِئْتُ لَيْلاً لِفِرَاشِي وَأَنَا***أُنْشِئُ فِي السَّبْطِ رِثَاءٌ مُحْزِنَا

وَنِمْتُ فِي أَثْنَاءِ ذَاكَ وإذَا***بِسَاعِدِي أَيْقَظَني مِنَ الأَذَى

فَقُمْتُ مُرْتَاعاً أَقُولُ سَيِّدِي***بِحَقِّ مَوْلَايَ الحُسَيْنِ اشْفِ يَدِي

قَوْلاً جَرَى بِهِ ابْتِدَاءً مَقْوَلِي***وَلَمْ يَكُنْ عَنْ فِكْرِ اوْ تَأْمُّلِ

فَلَمْ أُتمَّ القَوْلَ إِلَّا وَالأَلَمْ***زَالَ وَصَحَ سَاعِدِي مِنَ السَّقَمْ

فَغَادَرَتْني دَهْشَتِي مُفَكَرًا***هَلْ إِنَّنِي فِي يَقْطَة أَوْ فِي كَرَى

وَإِنَّنِي هَلْ كَانَ فِيَّ الوَجَعُ***أَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْ زَالَ أَوْ سَيَرْجِعُ

ثُمَّ أَقَامَ فِكْرِي انْتِبَاهُ***فَقُلْتُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللّه

ص: 251


1- أي ناظم هذه الأرجوزة المباركة (رَحمهُ اللّه).

مُعْجِزَةٌ منَ الحُسَيْنِ تُنْظَمْ***وَحَقَّهُ عِنْدَ الإله أَعْظَمُ (1)

ص: 252


1- ذكر الشيخ السماوي هله هذه القصة في كتابه «ظرافة الأحلام: 148» فقال: «إن للشيخ كاظم الأزري قصيدة في رثاء الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أبدع فيها كل الإبداع، فأخذت بمجامع الأفئدة، ومدارك الأبصار، ومسالك الأسماع، وكنت خمست منها أبياتاً سنة (1337ه )، ثم في سنة (1347ه) عزمت على تتمة التخميس، فأعملت فكري فيه، وكان نشب بي تلك السنة وجع المفاصل، فخصّ يدي اليسرى، فكان يعتريني في أغلب الأوقات بحيث يبطل حركة يدي نهاراً وليلاً حتى أن الوجع قد ينبهني من نومي لشدته، فأجلس وأعركها حتى يسكن، وبقي نحواً من ستة أشهر وهو لا يزيد إلا شدة، ولما أعملت فكري في التتمة جعلت أردد تخميسي السابق؛ ليفتح اللّه عليّ، وكنت على فراشي ليلاً فغلبني النوم وأنا أردد بقولي: أصحرتَ في الطفِّ ضرغاماً بساحته***قد استخف المنايا من رجاحِتهِ ملکتَ فاسجحْ لمكدودٍ براحتهِ***(يا من تُدار المنايا حولَ راحتِه موقوفةً بينَ قوليهِ خُذي وذَري) قُتِلتَ ظمآن لم تُبلَل ظما شفة***إلا برشف مواض أو مثقفةٍ هم يعرفونك في ذاتٍ وفي صفةٍ***(إن يقتلوك فلا عن فقد معرفةٍ الشمسُ معروفةٌ بالعينِ والأثرِ) إن يقتلوك على شاطي الفرات ظما***فقد تضعضعَ كرسيُ السّما عظما وقد بكت دماً حتى العدا ندما***(أيُّ المحاجر لا تبكي عليك دما أبكيتَ واللّهِ حتى محجَرَ الحجرِ) وما نبّهني من نومي إلا وجع يدي نصف الليل، ذلك الوجع الذي أجلسني مرتاعاً بلا شعور سوى شعوري أني جلست قابضاً بيدي اليمنى على عضد اليد اليسرى التي هي كلها وجع وكلها باطلة الحركة، قائلاً: اللهم أقسم عليك بحق الحسين أن تشفي يدي، فما هو إلا وأنا أشعر أنها برئت بتّاً، فجعلت أفكر هل بها وجع بعد أو لا، فما أحس وجعاً، فأخذتني بهرة واعترتني دهشة لذلك الحال، ثم بقيت جالساً أنتظر هل يعود علي الوجع، فلم يعد وما كدت أنام تلك الليلة من الفرح الذي تداخلني من تلك المعجزة للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثم لم يعد إلى الآن بحمد اللّه تعالى، وببركة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و وبفضل الشيخ الأزري (رضیَ اللّهُ عنهُ)فإن إحسانه بنظمه النفيس دعاني إلى التخميس».

ص: 253

ص: 254

الفصل الرابع والعشرون: في ذكر معاجز عامّة

وَمَا تَرَاهُ أَعْيُنُ المُرَاقِبِ***فِي مَرْقَدِ العَبَّاسِ مِنْ مَنَاقِب

مَا يُعْجِزُ الأَقْلَامَ بَعْدَ الأَلْسِنَة***بِكُلِّ يَوْمٍ كَانَ مِنْ كُلِّ سَنَةْ

فَكَمْ بِهِ أَعْمَى أُعَيْدَ مُبْصِرًا***وَمُقْعَدِ مَشَى صَحِيْحاً مُصْحِرا

وَكَمْ بِهِ أَبَكُمَ قَدْ تَكَلَّمَا***وَكَانَ مِنْ يَوْمِ الوِلَادِ أَبْكَما

وَكَمْ به من كاذب الیَمِين***هَوَى عَلَى الجَبَيْن لَا اليَمين

وَكَمْ بِهِ مِنْ نَاذر وَلَمْ يَف***قَدْ طَاشَ عَقْلُهُ بذَاكَ المَوْقِف

وَكَمْ بِهِ مِنْ غَادِرِ لِلْعَهْدِ***غُوْدِرَ مَقْصِياً طَوِيْلَ السُّهْدِ

وَكَمْ سَؤُولِ نَالَ مَا تَمَنَّى***مَالاً وَأَهْلاً وَغِنىً وَأَمْنَا

وَكَمْ مَريضِ قَامَ دُونَ بَاسِ***وَقَلَّ ذَا مِنْ مَرْقَدِ العَبَّاسِ

فَهْوَ أَبو الفَضْلِ المُطَهَّرُ الوَفِي***وَالمُفْتَدِي أَخَيْهِ فِي النَّفْسِ وَفِي (1)

ص: 255


1- بعض كرامات أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وهذه جملة من الكرامات تحوي ما تضمنه الفصل من الشفاء من الأمراض (العمى والشلل والخرس، وغيرها)، وقضاء الحوائج، والغنى بعد الفقر، والأمان، وغيرها من الكرامات، ببركته، منها: 1- كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في رد بصر رجل أعمى لاذ بضريحه المقدس فنجا من القتل: ذكر السيد محمّد حسن صادق آل طعمة هذه الكرامة في كتابه (أعجب القصص: 111)، فقال: «روى لي الحاج صاحب الفراتي قائلاً: إنه في إحدى السنين جاء ملكان لزيارة مدينة كربلاء المقدّسة، كان أولهم ملك تركي وهو من أبناء العامة، والآخر شيعي من إيران وأرادا زيارة حرم أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فما أن دخلا الحرم الشريف، حتى رأيا رجلاً بصيراً قد لاذ بالضريح المقدس، سألاه: ما الذي تبتغيه من جلوسك هنا؟ وما تبتغيه من توسلك هذا؟ قال: أبتغي من المولى رد بصري، فأردف الملك التركي للأعمى قائلاً: إنكم تقولون إنّ أبا الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) باب الحوائج، وهو الذي منحه اللّه تعالى هذه الهبة ليشفي المرضى، فأين أنتم عن قولكم ؟ وبعد ذلك همس الملك الشيعي الأعمى في أذنه وقال له: (أنا الملك فلان سوف نخرج من الحرم الشريف ونرجع إليك بعد هنيهة، فإذا رأيناك على هذه الحال فسوف أضرب عنقك!)، فتوسل ذلك البصير أشد التوسل بقلب ملؤه الأمل والرجاء بصاحب الضريح المقدس لشفائه وإلا سوف يُقتل. فما انتهى ذلك البصير من توسله، حتى فتح اللّه عينيه ببركة أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقام يركض ويبحث عن الملكين لإخبارهما بشفائه ونجا من القتل». 2- كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شفاء طفلة مصابة بالعمى والخرس: وذكر السيد محمّد حسن صادق آل طعمة هذه الكرامة في الكتاب المذكور: 133 فقال: «حدّث السيد يوسف السيد كريم الغريفي الموسوي أخي السيد جعفر قائلاً له: كنت ذات يوم في حرم أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و كان ذلك عام 1977م فشاهدت زائراً من أبناء لبنان ومعه زوجته وبرفقتهم طفلتهم البالغة من العمر 9 سنوات، وكانت مصابة بالعمى والخرس، ورأيتهم يطوفون حول الضريح الطاهر لأكثر من مرة ويتوسلون بباب الحوائج أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) لشفائها، وبعد إكمال مراسم الزيارة توجهوا إلى حرم أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان الأب يندب المولى بصوت عالي لشفاء ابنته حتى وصلوا عند باب الشهداء، وما إن دخلوا الصحن الشريف وإذا بالطفلة قد فتحت عينها وانطلق لسانها وأخذت تركض في باحة الصحن الشريف، وأول كلمة نطقت بها هي: (يا حسين)، فهتف الناس المرافقون له والمتواجدون في الصحن الشريف بالصلاة على محمّد وآل محمّد، وعلت أصوات الزغاريد والهلاهل وتهافتوا على البنت يقبلونها، وأخذوا يمزقون ملابسها؛ تبركاً بها على ما نالته من بركة لمسات عنوان السخاء والفضيلة أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و من شدة الفرحة والبهجة التي انتابت الأب رفع حقيبة كانت بيده مملوءة بالنقود إلى الأعلى، وتناثر ما فيها في باحة الصحن الشريف، وكان هذا كل ما يملك». 3- كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شفاء طفلة مصابة بالفالج : وكتب السيد سلمان آل طعمة في (الكرامات المنظورة: 24) يقول فيه: «روى الشيخ محمود شاكر الحائري قائلاً: حدّثني والدي فقال: في أحد أيام الصيف القائض، دخلتُ إلى حرم أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإذا برجلٍ قرويّ يحمل طفلتَه بيديه متّجهاً بها صوب ضريح أبي الفضل، أمعنتُ النظر إليه فتبيّن لي أن الطفلة مصابة بالفالج (الشلل )، ثم رأيت خروفاً يتعقب ذلك الرجل القروي. حتي إذا وصل الرجل إلى الضريح المطهر، أخذ يخاطب أبا الفضل العبّاس بلغته الدارجة، أما أنا فمضيتُ خلفه لأسمع ماذا يقول، ولأرى ماذا سيجري. سمعته يقول: «(يابو فاضل)، هذه الطفلة المريضة جِبِتْها (جئتُ بها) إلك حتّى اتشافيها، وهذه الذبيحة منذورة إلك يابو فاضل. إذا شافيت طِفِلتي فحمداً للّه وشكراً، وإذ لا فالذبيحة هم إلك (أيضاً لك)». ثمّ وضع الطفلة إلى جنب الضريح المقدّس، وتركها ومضى، وما هي إلا خُطُوات وإذا بالطفلة تعدو خلفه بابا، بابا التفتَ إليها وإذا هي سالمة قامت من مكانها وأخذت تركض خلف أبيها. قدّم الرجلُ القروي ذلك الخروف إلى خادم الروضة العبّاسية المقدّسة؛ ليذبحه ويقدّم لحمَه إلى الفقراء والموالين بثواب أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فيما أخذ الناس يتهلّلون فرحاً، وأخذن النسوة يزغردن إجلالاً لكرامة صاحب المشهد الشريف». 4-كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شفاء بنت خرساء ومشلولة: وجاء في كتاب (الكرامات المنظورة / تحت عنوان كرامات أبي الفضل العبّاس (عَلَيهِ السَّلَامُ) 23) تأليف السيد سلمان هادي آل طعمة قال: «روى الشيخ حسين نجل المرحوم الشيخ محمّد علي، الكشوان في الروضة العبّاسية المقدّسة، قال: جاء في يوم من الأيام رجلٌ مع زوجته سنة (1938م) إلى حرم أبي الفضل (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهما من سكنة أطراف كربلاء المقدّسة، رأيت الرجل حاملاً على ظهره ابنته البالغة من العمر أربعة عشر عاماً، وكانت معوّقة لا تتكلم. طلب الرجل منّي لدى دخوله الحرم الشريف أن أصطحبه إلى الداخل وأعينه على شدّ ابنته بشباك الضريح، فاستجبتُ له ودخلتُ معه هو وأهله إلى داخل الروضة المطهرة، وربطتُ البنت بشباك الضريح بقطعة من القماش، وكانت البنت ممدّودة على الأرض؛ لعجزها عن الوقوف، فدعوتُ اللّه تبارك وتعالى أن يشافيها من مرضها بحق أبي الفضل العباس سلام اللّه عليه، وتركتُها وعدتُ إلى مكاني. أذكر – والحديث ما يزال للشيخ حسين الكشوان – أني كنت واقفاً عند باب القبلة...، وبعد مضي مدةٍ قصيرة سمعتُ أصواتاً عاليةً منبعثة من داخل الحرم الشريف، بين زغاريد النسوة وصلوات على النبي وآله، وقد ملأت أجواء الحرم الطاهر، بعد لحظات جاءني الرجل والد البنت المشلولة يبحث عني، وإذ وقعت عيناه علَيّ أسرع يطلب منّي أن أرافقه إلى داخل الحرم، وهو يخبرني عن شفاء ابنته من علتها تماماً، فشكرنا اللّه تعالى، وكانت البنت مصرّةً على عدم ترك الشبّاك إلا بحضوري، وبالفعل دخلتُ الحرم مع الرجل فوجدتُ البنت واقفةً على قدميها بدون إسنادٍ من أحد، ثم خرجَتْ من الحرم مع والديها وهي تمشي بصورة طبيعيّة وفي أتم صحّة وأسعد حال، لا تشكو ألماً بفضل اللّه تعالى وكرامة أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)». 5- كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شفاء بنت خرساء: وفي حرم أبي الفضل العباس كانت هذه الكرامة، رواها رجل عن إحدى المؤمنات، وعن ذلك الرجل كتبها الأستاذ السيد محمّد حسن آل طعمة في كتابه (أعجب القصص في كرامات العبّاس (عَلَيهِ السَّلَامُ) 99)، القصة هكذا: «روى لي رجل عن إحدى المؤمنات قائلاً: في حدود سنة ( 1950م) جيء بصبية من الأعراب المحيطين بأطراف مدينة كربلاء المقدّسة إلى حرم المولى أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)؛ الطلب الشفاء منه، وكانت خرساء فأخذت الأم تتناوب بالمجيء إليه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مدة تتراوح ما بين أربعة إلى خمسة أيام، وفي ذات يوم كانت الصبية جالسة إلى جانب أمها في حضرته المقدّسة، بينما كان السادة خدمة الروضة المقدّسة منهمكين بإصلاح وتنظيف بعض المزهريات المعلقة في أعالي الجدار، وفي هذه الأثناء سقطت إحدى جزيئات هذه المزهريات على رأس هذه الصبية، فسرعان ما نطقت وأخذت تصيح وانفتح لسانها ببركة كرامة أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)». 6- كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في فضح رجل قاتل بعدما أقسم كاذباً في صحنه (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما جاء في رسالة للسيد عبد الرزاق ابن السيد محمّد رضا آل طعمة بعثها إلى السيد محمّد حسن ابن السيد صادق آل طعمة، فأوردها في كتابه (أعجب القصص في كرامات العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 173 - 174)، وهي: «روى لي السيد عبد الرزاق محمّد رضا آل طعمة برسالة بعثها لي عندما كنت في بلاد الغربة – إيران-، عن إحدى كرامات أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)... قائلاً: كنت طفلاً صغيراً أبلغ من العمر عشر سنوات أي بحدود سنة (1946م)، عندما كنت برفقة والدي السيد محمّد رضا آل طعمة في داخل الحرم العباسي المطهر سمعت ضجيجاً عند مدخل باب القبلة، فهمَّ الناس لرؤية هذا الضجيج، فتركت والدي وتسلقت الحاجز الحديدي للطارمة المقدّسة لأرى ماذا يجري؟ فشاهدت عدداً من العرب الفلاحين، ومعهم شرطي وبيده ورقة سلّمها إلى نائب سادن الروضة العباسية، وهو الذي جاء بهذا الوفد الفلاحي المرسل من قبل محكمة جزاء كربلاء، وجلسوا جميعهم في الطارمة العباسية، وانقسموا على قسمين قسم منهم إلى جهة يمين السادن وهم المشتكى عليهم، والقسم الثاني على يساره وهم أصحاب الدعوى، وطلب السادن أن يؤدي كل منهم اليمين، وكان نص اليمين كالتالي: (أحلف بحق هذا العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنني لم أقتل، ولم أدر من قتل هذا الرجل، ولم أدفع أي شخص على قتله)، فكل منهم أدى الحلف، حتى وصل الدور للشخص الخامس، فتململ قليلاً وكان يتردد في أداء الحلف، فألح عليه السادن حتى نطق متعثراً في كلامه وفي هذه اللحظة شاهدت هذا الرجل سقط على الأرض يتلوّى وهو في داخل حرم العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فرأيت على وجهه قطعة حمراء تلفت نظر، وهي أثر لطمة، فأخذ الواقفون يصلّون على النبي وآله، والنساء يزغردن فرحاً وابتهاجاً، لما رأوه بأم أعينهم وضوح القاتل للعيان ومحض كذبه، فتعالت أصوات الناس وهم يقولون: (هذه ضربة العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)). ومن الجدير بالذكر أن المحكمة آنذاك كانت ترسل من يريد الحلف والقسم في مثل هذه القضايا والشكاوى إلى مرقد أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أداء اليمين؛ لبيان الحقيقة». 7- كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هلاك رجل لم يفِ بعهده لشريكه فشكاه للعباس (عَلَيهِ السَّلَامُ): ذكرها السيد محمّد حسن صادق آل طعمة في (أعجب القصص: 242)، فقال: «روى لي الحاج علي حسين مالك قائلاً: في حدود سنة (1955م)، وفي ذات يوم اتفقت مع صديق لي على أن نستأجر حمّاماً تعود ملكيته للأوقاف، يقع في الحامية في قضاء المسيب، فاتفقنا على أن يكون المبلغ مني والشغل عليه والأرباح تقسم على نصفين بالتساوي، فمضينا بالتوكل على اللّه على هذه الحال مدة من الزمن، ولم تصلني من الأرباح أي شيء يذكر، سوى أن يأخذ الشريك منّي مبالغ طائلة؛ لتصليح ما يعطل من أدوات ومستلزمات في هذا الحمام، وفي ذات يوم أردت التحقق من هذا الأمر وأطلع أنا بنفسي على مجريات الموضوع، فذهبت إلى الحمام الكائن في مدينة المسيب ووقفت عن كثب فرأيت أنه يأتيه الزبائن من كل حدب وصوب وبشكل لا يتصور، فقلت له انقضت مدة زمنية طويلة ولم أحصل منك على أي ربح من هذا الحمّام لحد الآن، بل العكس في ذلك أنا أصرف عليه من دون جدوى! فما الذي حدث؟ فامتعظ من كلامي معه بهذه اللغة وانصرف عني وذهب، وبعد مدة وجيزة التقيته في الصحن الشريف لمولانا أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأردت معاتبته على الموضوع فقال: (روح، قابل آنه شريك وياك)، فأردفت عليه بالقول: (روح، آني بيني وبينك العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ))، فما إن مضى اليوم التالي حتى سمعت خبر وفاته، فحصلت على كل حقوقي ببركة وقفة العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) المشرفة لي». 8- كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قضاء حاجة العلّامة الأميني. وروى السيد محمّد حسن صادق آل طعمة في كتابه (أعجب القصص في كرامات العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) 149) هذه الكرامة فقال: «ذكر لي الأستاذ الأديب اللامع : الشيخ أحمد محمّد رضا الحائري عن العلّامة الشيخ محمّد رضا الحائري المازندراني قائلاً: إنه في ذات يوم استعصى على العلّامة الشيخ عبد الحسين الأميني صاحب كتاب (الغدير) كتاب كان يعده كمصدر مهم لبحوثه، فبحث عنه كثيراً فلم يجده في الأسواق، فتوسل بالإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وطلب منه أن يعثر على هذا الكتاب، وفي ذات يوم وبينما هو كذلك وإذا به قد أخذته سنة من النوم، ورأى مولى المتقين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) في عالم الرؤيا، وأخبره أن حاجتك تُقضى عند ابني العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) بكربلاء، فرحل في اليوم الثاني لزيارته (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومكث عنده حتى الظهر فلم حلاً لقضيته، فأصابه اليأس من الحصول عليه وعزم العودة إلى النجف الأشرف، وعند خروجه من باب الصحن الشريف، رأى العلّامة المحدث الشيخ مهدي المازندراني عليه الرحمة صاحب كتاب (معالي السبطين)، فسلّم عليه ودعاه إلى بيته لتناول طعام الغداء فرفض الشيخ ذلك، وبعد حوار جرى بينهما وافق الشيخ على الحضور في منزل المازندراني، جلس الاثنان لتناول الطعام، فقال الشيخ المازندراني للعلّامة الأميني: إنه قبل بضعة أيام وصلت لي مجموعة كتب من إيران، فهل لك رغبة في الاطلاع عليها؟ وعسى أن ترى ضالتك فيها، قام العلّامة الأميني بالبحث في هذه المجموعة شيئاً فشيئاً، وإذا به يرى الكتاب المطلوب الذي بحث عنه طويلاً والذي كان في مجال بحوثه، فرح الشيخ كثيراً على ما أنعم اللّه عليه ببركة مولى المتقين وابنه أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)». 9- الغنى بعد الفقر ببركته (عَلَيهِ السَّلَامُ): ذكر العلّامة الشيخ عبدالواحد المظفّر في كتابه (بطل العلقمي: 481/3) كرامة لأبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، إليك نصها: «يحدّثني الخطيب الأديب الشيخ جاسم قَسّام، عن السيد الفقيه السيد جاسم إمام جامع الصياغ في النجف وكان رجلاً صالحاً ظاهر الخشوع، وأثر الزهد عليه بيّن: أن رجلاً علوياً من سكّان بلدة الكاظمية، وكان غنياً مثريّاً يجهز الزائرين لمرقد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويُعينهم، ويزوّدهم بالأقوات وأسباب الراحة، ويبذل لهم المعونة والإسعافات بالنقليات من البغال وغيرها، ويقوم بالنفقة على من رافقه إلى زيارة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فابتلي بالفقر في بعض الأعوام. وأصابته ضائقةٌ شديدةٌ، وفاقةٌ وحاجةٌ! عجز معها عن تأدية ما كان يقوم به، واحتاج إلى ما يسد به حاجة رفقائه جرياً على عادته. فما تيسّر له لذلك ولم تَرضَ نفسه بقطع العادة فقام بكري حيوانات النقل، وأوعد المكاريين أن يوفيهم الكراء بكربلاء، واستدان من التجار ما يكفي لقوت مَن صَحِبَه إلى الزيارة موعداً لهم بالوفاء عند رجوعه. فلمّا وصل إلى الحائر الحسيني، وألقى أثقاله هناك، قصد الحرم الحسينيّ الشريف، ووقف اتجاه القبر المقدس وأنشأ يقول: جئتُ أسعى إليكَ مِن غيرِ زادٍ***قاصرَ الخَطْوِ أحمِلُ الآثاما لم يَدَع لي الحَياءُ عندك نُطقاً***ربَّما يَمْنَعُ الحياءُ الكلاما فخرج من القبر ولم ينل منه مقصوده بمقال في نفسه: أخطأت لم أجب جهة الطلب، علَيّ أن أدخل البيت من بابه، وباب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو ما أبو الفضل (عَلَيهِ السَّلَامُ). فجاء إلى ضريح أبي الفضل العبّاس (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأنشأ يقول: أبا الفضلِ أنتَ البابُ للسبِّط مِثلَما***أبوكَ عليٌّ كان باباً لأحمدا إذا أنتَ لم تُسِعفْ بمقصد وافدٍ***إلى السبطِ لم يُنجِحْ له السبطُ مَقصدَا ثم خرج من القبر، فلقي رجلاً، فناوله ورقةَ تحويل على بعض التجّار، فيها وفاءٌ بحاجته وزيادة». 1 - كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بقاء طفل على قيد الحياة في عائلة كانت لا يعيش لها مولود : وكتب السيد محمّد حسن صادق آل طعمة هذه الكرامة في (أعجب القصص: 95)، وهذا نصها: «روى لي الحاج السيد أحمد الحسيني شقيق السيد حسن الرادود، عن جدّته لأبيه قائلاً: إنه حدّثتني جدتي رحمها اللّه قائلة: رزقني اللّه تعالى سبعة أولاد، ومن المؤسف أنه لم يبلغ أحداً منهم ثلاث سنين أو أربع إلا ويمرض ويموت، وفي ذات يوم مرض والدكم وهو في الثالثة من عمره فخفت عليه خوفاً شديداً من الموت فأخذته وخرجت به من البيت بحثاً عن طبيب أو حكيم لعلاجه، فلم أرَ أحداً يُذكر؛ وذلك لشدة حرارة الجو وكان ذلك في شهر تموز في حدود عام (1905م)، وقعت في حيرة من أمري وأحزنني ذلك الأمر بشدة، وتعبت جداً وأصابني الإرهاق في جسمي، ولم أدر ما أفعل، فقررت على حين غرة أن أذهب به إلى حرم أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأتوسل به لإنقاذه، فدخلت على المولى وخاطبته بالقول: يا أبا الفضل أريد منك ابني هذا، وخرجت منه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، هذا ولم أرَ أحداً على الإطلاق في صحنه الشريف ؛ وذلك لشدة الحر، وأخذت طريقي للعودة إلى البيت، وقبل خروجي من الصحن المقدس جاءني رجل عليه هيبة وبهاء وقدسية يرتدي العمامة الخضراء، وقال لي: خالة، خُذي منّي هذا الرغيف وقلت له: إنني لست بسائلة، فأعادها وقال لي ثانية: خذيها مني، فأخذتها منه، وحين استلمتها وجدتها حارة وكأنها خرجت للتو من التنور، تعجبت لذلك أدرت وجهي لأشكره أولاً، ومن أين أتى بها ثانياً؟ فلم أجد ذلك السيد الجليل، فعلى كل حال أكلت قطعة من ذلك الرغيف فما إن أكلتها حتى وجدت نفسي على أحسن حال وصحة، بعد ما أصابني التعب والإرهاق في سبيل ولدي المريض، فأسرعت إلى المنزل وأعطيتها إلى أبيكم فأكل منها شيئاً ولم يمض عليها وقت إلا وقد برء من مرضه بالكامل، ورأيته كأنه قد نشط من عقال. وعاش (93) سنة كل ذلك كان ببركة أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)». 11- كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في إنقاذ قافلة متوجهة إلى كربلاء المقدّسة: وفي الكتاب المذكور: 145، ذكر السيد هذه الرواية فقال: «روى آية اللّه العظمى السيد ميرزا هادي الخراساني الحائري (رَحمهُ اللّه) صاحب كتاب (معجزات و کرامات) قائلاً: حكى لي الميرزا حسن اليزدي، عن والده المرحوم، حيث كنت ألتقيه في منزله الذي كان يقيم فيه مجلساً للعزاء في أكثر أيام الجمع، أنه: ذات سنة جئنا من يزد بأموال كثيرة للتشرف بزيارة كربلاء المقدّسة مع قافلة كبيرة على الجمال، وفي نصف الليل وعلى مقربة من الجبال خرج علينا شرذمة من قطاع الطرق، وكانت معي ليرات ذهبية كثيرة، وعلى الفور وضعت تلك الليرات في قنينة رضاعة طفل (الذي هو نفسه ميرزا حسن) وأعطيتها إلى أمه، وفي هذه الأثناء غار علينا قطّاع الطرق، وأحاطوا بنا من كل حدب وصوب، ومن هول تلك المصيبة علا صراخ الزوار حتى لم تكد أذناي تتحملان ذلك الصراخ بشكل أكاد أفقد سمعي، ولم يبقَ صغير ولا كبير إلا وبكى من هول تلك الفاجعة، وأخذوا يندبون ويتوسلون ويقولون: (يا أبا الفضل العباس يا قمر بني هاشم نجِّنا وخلِّصنا...)، وفجأة وفي هذا الليل المظلم وكأن قبة ذهبية قد أنارت الدنيا بجمال قمر العترة أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعليه برقع يركب فرساً قادم من بين الجبال وكأن نور وجهه قد اخترق ذلك البرقع وأنار الأودية وكل شيء من حوله كمن كان قد أنار وادي الطور الأيمن، يحمل سيف ذا الفقار وكان يلتهب ناراً وكأن صيحة مهيبة عظيمة صكت مسامع هؤلاء السرّاق كالرعد أو الزئير تهددهم وتقول: ارفعوا أيديكم وابتعدوا وإلا سوف تهلكون). جميع أهل القافلة والسرّاق رأوا في سماء جلال البررة ذلك الوجه القمري المنور، ولم يبقَ قلب إلا وقد سُرِّ من ذلك الصوت، وعلى الفور انهزم السرّاق وانسحبوا ولم يتعرض الزوار لسوء قط، وغاب المولى أبو الفضل العباس بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد هنيهة في نفس الموقع الذي كان واقفاً،فيه، وإجلالاً لتلك الكرامة والمعجزة الظاهرة ظل الزوار مستيقظين إلى الصباح في موقعهم يبكون ويناجون ويتوسلون ويبحثون عن المولى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأقاموا التعزية والزيارة ووجدوا أمتعتهم محفوظة، والقسم الذي أراد السرّاق أخذه وجدوه في مكان آخر سالماً لم يعبثوا به، إنهم تركوه وانهزموا، وهذه جملة من بركات ظهور المولى أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هذا الليل العصيب...». العالم 12- كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شفاء طفل عند ضريحه الشريف: وذكر السيد محمّد حسن هذه الكرامة في: 93-94 من كتابه المذكور فقال: «روى لي الحاج الأستاذ محمّد غفّاري كرامة عظيمة شاهدها بأم عينيه قائلاً: في حدود عام (1968م) كان عمري آنذاك (12) سنة تقريباً، كنت حينها طالباً في الصف الخامس الإبتدائي في إحدى المدارس الابتدائية في مدينة كربلاء المقدّسة، وعند عودتي كل يوم من المدرسة كعادتي كنت أتناول طعام الغذاء، وأذهب بكتبي بعد ذلك إلى حضرة أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) قرب الضريح؛ لأطالع دروسي ووظائفي اليومية هناك لبرودة الجو. وفي ذات يوم، كنت منهمكاً بمطالعة دروسي هذه، وإذا بي قد رأيت أعرابياً وزوجته قد دخلا الحرم الطاهر، ورأيت عليهم سيماء الصالحين والوقار، وكان مما لفت نظري هو أن المرأة كانت تحمل بيدها طفلها الذي كان يناهز ثماني سنين، كان قد تهدّل رأسه إلى الأسفل وكذا الحال إلى رجليه وجاءت به حتى وصلت الضريح المقدس ووضعته على الأرض، ورأيتها تدني به نحو الضريح حتى لصقته به تماماً. دخلا ولم ينبس ببنت شفة على الإطلاق، كل هذا أثار انتباهي مما جعلني أواكب أحداث القصة عن كثب، تقدمت في الحال صوب الرجل لأسأله ما القصة؟ رأيته قد وقف بانتظام وإلى جنبه زوجته أمام ضريح المولى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وخاطبه بقوله: (يابو فاضل، آنه جيتك، وجبت لك ابني أخرس أطرش شلل، أروحن فد مشوار وأرجع لك، وأريد ابني منّك). بعد ذلك فهمت ما يعتري هذا الطفل وما يعاني منه، فدعوت له كثيراً، هذا وأنا تركت مطالعة دروسي؛ لانشدادي بهذه القصة العجيبة، ولملمت كتبي ودفاتري وصرت أواكب الأحداث وما تسفر عنه النتيجة. يقول الحاج غفاري: قسماً بالعباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلم تمضِ عشرون دقيقة حتى عاد الأعرابي إلى الحرم الشريف، وفي أثناء دخوله نهض الطفل ومسك الضريح بيديه، وأخذ يدور حوله وهو يمصّ رمانات الضريح المقدس واحدة بعد الأخرى، ويسحب فمه منها، وهكذا إلى آخرها ويصيح بصوت عال: يا أبا الفضل... يا أبا الفضل... يا أبا الفضل... يا أبا الفضل....، حتى انتهى منها فتبع ذلك موجات هلاهل النساء وزغاريدهن التي عمّت أجواء الحرم الشريف، وأخذ الناس يتهافتون على الحرم زرافات زرافات؛ ليشاهدوا هذه الكرامة العظمى لأبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وانكبوا على الطفل حتى تمزقت ملابسه للتبرك به، ولما أولاه مولاه من الشفاء، وقف الأب باحترام وإجلال وإكبار أمام الضريح المقدس وكأنه كان مطمئناً من كرم العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والحصول على مراده منه بهذه العجالة فخاطبه قائلاً: (شكراً لك يابو فاضل هاي من شيمك و آنه ممنون منك، وإنت ما قصرت وما أنسه فضلك)، وخرج من الحرم الشريف بمعية زوجته وابنه المشافى بخطى رصينة مطمئنة تحف به البهجة والغبطة والسرور». 13- كرامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شفاء شاب توسلت أمه عند ضريحه المقدس: ونقلنا هذه الكرامة عن السيد محمّد حسن صادق آل طعمة في كتابه المذكور: 78، وهي: «جاء في كتاب (معالي السبطين) للمازندراني (رَحمهُ اللّه) قال: سمعت من بعض الأساتيذ أنه كان رجل من ساكني كربلاء وهو من أهل الخير والصلاح، وله ولد صالح قد مرض، فجاء به إلى الروضة المقدّسة وتوسل بالعباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) واستشفع به إلى اللّه في شفاء ابنه، فلما أصبح أقبل اليه رجل من أخلّائه وقال: رأيت رؤيا أريد أن أقصها عليك وهي هذه: كأن العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) سأل اللّه وطلب منه شفاء ابنك، فأقبل إليه ملك من قبل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول له: يا أبا الفضل لا تشفع في شفاء هذا الشاب فإنه قد بلغ الكتاب أجله، وقد انقطعت مدته وتصرّمت أيامه، فقال العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) للملك: أبلغ رسول اللّه عني السلام، وقل له: استشفع إلى اللّه وأطلب منه شفاءه، فمضى الملك ثم عاد وقال مثل كلامه الأول إلى ثلاث مرات، وأجاب العباس بمثل جوابه الأول، ففي المرة الرابعة لمّا جاء الملك وأعاد الكلام، قام العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) متغير اللون وأقبل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وقال: یا رسول اللّه، أوليس أن اللّه قد سمّاني بباب الحوائج والناس علموا ذلك، ويستشفعون ويتوسلون بي إلى الله؟ وإن لم يكن كذلك فليسلب هذا الاسم منّي. فتبسّم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وقال: ارجع أقرّ اللّه عينيك، فأنت باب الحوائج واشفع لمن شئت، وهذا الشاب المريض قد شفاه اللّه ببركتك، فانتبهت هكذا. نعم واللّه باب الحوائج ما دعته مروعة في حاجة إلا ويقضي حاجتها». ملحوظة : هذا غيض من فيض وقليل من كثير مما قد ذكروا وحكوا عن کراماته (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد أفردوا لها مجلدات من الكتب هذا ولم يتسع المقام هنا إلا لذكر اليسير منها، ومن شاء فليراجع.

ص: 256

ص: 257

ص: 258

ص: 259

ص: 260

ص: 261

ص: 262

ص: 263

ص: 264

ص: 265

ص: 266

ص: 267

ص: 268

ص: 269

ص: 270

ص: 271

ص: 272

الفصل الخامس والعشرون: في ذكر معجزة بل معجزتين ظهرتا للشيخ عبد الرحيم التستري من العبّاس (عَلَيهِ السَّلَامُ)

وَسَأَقْصُ لَكَ فِي ذَا الفَصْلِ***مَنْقَبَةً جَاءَتْ بِشَبْتِ النَّقْلِ

فَقَدْ حَكَى عَبْدُ الرَّحِيمِ التَسْتَرِي(1)***أُعْجُوبَةً بَارِزَةٌ لَمْ تُسْتَرِ

ص: 273


1- الشيخ عبد الرحيم التستري النجفي: «الشيخ عبد الرحيم التستري النجفي ابن الشيخ محمّد علي ابن الشيخ محمّد حسين ابن الشيخ عبد الكريم ابن الشيخ محمّد رضا ابن الشيخ محمّد تقي ابن الشيخ محمّد باقر صاحب (البحار)، وُلد سنة (1226ه)، وتوفي بالنجف في (12) جمادى الثانية سنة (1313ه)، ودُفن في الصحن الشريف كان عالماً، فاضلاً، محققاً مدققاً ورعاً زاهداً من مشاهير تلامذة الشيخ مرتضى الأنصاري، لزمه من ابتداء أمره إلى آخره لا يكاد يفارقه وكتب جميع أماليه، ويروي عنه بالإجازة، وقرأ أيضاً على صاحب (الجواهر) وغيرهما، خرج من النجف لدَين علاه فأقام في سبزوار بطلب من الميرزا إبراهيم السبزواري للتدريس إلى أن مات. له كتاب في الفقه في ثمانية مجلدات، كتاب في الأصول، (نتيجة الأنظار) منظومة في الأصول كبيرة لم تتم، (شمس الهدى لمن شك أو سها) منظومة...، نظم (منية المريد في آداب المفيد والمستفيد للشهيد الثاني سمّاه (محاسن الآداب). (ينظر: أعيان الشيعة: 470/7).

قَالَ: أَتَيْتُ زائراً سَبْطَ النَّبي***وَزُرْتُهُ زِيَارَةَ المُحْتَسِب

ثُمَّ أَتَيْتُ لِلأَخِ المُوَاسِي***شِبْلِ عَلِيِّ البَطَلِ العَبَّاسِ

فَرُرْتُهُ ثُمَّ جَلَسْتُ فِي المَحَلْ***فَجَاءَ زَائِرٌ لَهُ بِابْنٍ أَشَلْ

فَقَارَبَ الشَّبَاكَ وَهُوَ بَاكِ***ثُمَّ انْحَنَى بِجَانِبِ الشُبَّاكِ

وَقَالَ: يَا ذَا الشَّيْمَةِ المَعْرُوفَةْ***جِئْتُكَ مِنْ أَقْصَى نَوَاحِي الكُوفَة

أَطْلُبُ مِنْ فَضْلِكَ أَنْ تَشْفِي الوَلَدْ***حَتَّى أَعُوْدَ بِسُرُورِ لِلْبَلَدْ

ثُمَّ دَعَاهُ دَعْوَةٌ لَمْ تَحْتَجِبْ***وَصَاحَ فِيْها يَا أَبَا الفَضْلِ أَجِبْ

فَنَهَضَ ابْنُهُ وَزَالَ البَاسُ***وَقَالَ: قَدْ أَنهَضَنِي العَبَّاسُ

فَهُرِعَ النَّاسُ يُرِيدُونَ النَّظَرْ***وَفَرَّ لِلصَّحْنِ بِهِمْ مِنَ الحَذَرْ

فَوَقَفَتْنِي دَهْشَةٌ فِي الحَضْرَةْ***وَقُمْتُ بَاكِيَاً لَهُ بِعَبْرَةْ

وَقُلْتُ: يَأْتِيْكَ مُعَيْدي فَمَا***يَعُودُ إلَّا بِالمُنَى مُغْتَنمَا

وَلِي لُبانَتَانِ (1)كَمْ وَكَمْ أَجِيْ***أَرْجُوْهُمَا وَمَا أَرَى مِنْ فَرَجِ

ص: 274


1- لبانتان: مفردها،لبانة، وهي الحاجة من غير فاقة ولكن من همة. (ينظر: لسان العرب: 377/13).

أَلَسْتُ ذَا عِلْمٍ وَهَذَا جَاهِلُ***وَضَيْفُكَ السَّامِي وَهَذَا خَامِلُ

لَأَرْجِعَنَّ عَنْكَ بِالْكِمَادِ***وَلَا أَزُوْرُ بَعْدُ هذَا النَّادِي

ثُمَّ تَنَبَّهْتُ لِجَانِيِّ عَتْبِي***وَصِرْتُ أَسْتَغْفِرُ مِنْهُ رَبِّي

حَتَّى إِذَا مَا عُدْتُ فِي الزُوَارِ***إِلَى الغَرِي جَاءَنِي الأَنْصَارِي

أَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ الجَلِيْلَ المُرْتَضَى***وَوَجْهُهُ بِالابْتِسَامِ قَدْ أَضَا

وَمَدَّ كَفَّهُ بصُرَّتَیْنِ***وَقَالَ: تَانِ لِلْبَانَتَيْنِ

لِلْحَجِّ والدارِ الَّتي في النَّجَف***فَاشْرِ وَسِرْ حَجَّاً بِلَا تَكَلَّف

فَما عَجِبْتُ من أبي الفَضْلُ كَمَا***عَجِبْتُ من أَسْتَادْنَا إِذْ عَلَمَا

لِأَنَّ شبْلَ المُرْتَضَى لَمْ يَغْرُبِ***إِذَا أَنَى بِمُعْجِزٍ أَوْ مُعْجِب

بِكُلِّ يَوْمٍ بَلْ بِكُلِّ سَاعَةْ***لِمَنْ أَتَاهُ قَاصِداً رِبَاعَةْ

وَهْوَ مِنَ الشَّيْخ عَجِيْب بَيِّنُ***لَكنْ بُنُور اللّه يَرْنُو المُؤْمِنُ (1)

ص: 275


1- كرامة الشيخ عبد الرحيم التستري (قدّس سِرُّه) مع أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال الشيخ عبد الرحيم التستري (قدّس سِرُّه): «زرت الإمام الشهيد أبا عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثم قصدت أبا الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وبينا أنا في الحرم الأقدس إذ رأيت زائراً من الأعراب ومعه غلام مشلول وربطه بالشبّاك وتوسل به وتضرع، وإذا الغلام قد نهض وليس به علة وهو يصيح: شافاني العباس، فاجتمع الناس عليه وخرقوا ثيابه للتبرك بها، فلما أبصرت هذا بعيني تقدمت نحو الشباك وعاتبته عتاباً مقذعاً، وقلت: يغتنم المعيدي الجاهل منك المنى وينكفئ مسروراً، وأنا مع ما أحمله من العلم والمعرفة فيك والتأدب في المثول أمامك أرجع خائباً لا تقضي حاجتي، فلا أزورك بعد هذا أبداً! ثم راجعتني نفسي وتنبهت لجافي عتبي، فاستغفرت ربي سبحانه مما أسأت مع عباس اليقين والهداية، ولما عدت إلى النجف الأشرف أتاني الشيخ المرتضى الأنصاري قدس اللّه روحه الزاكية وأخرج صرتين وقال: هذا ما طلبته من أبي الفضل العباس اشتري داراً وحج البيت الحرام، ولأجلهما كان توسلي بأبي الفضل». (العباس للسيد عبد الرزاق المقرّم: 213).

ص: 276

الفصل السادس والعشرون: في ذكر معجزة منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ظهرت للناظم

هَذَا وَكَانَتْ لِي لبَانَةٌ وَلَنْ***تُوْجَدَ حَتَّى فِي مُضَاعَفَ الثَّمَنْ

فَزُرْتُهُ يَوْماً وَقُلْتُ بَعْدَ مَا***أَدَّيْتُ مِنْ زِيَارَتِي مَا لَزِمَا:

يَا أَسَدَ البَأْسِ وَيَا بَحْرَ الكَرَمُ***كَمْ لَكَ مِنْ مَنْقَبَةٍ بَيْنَ الأُمَمْ

وَمِنْ صِفَاتِكَ المُطِيْعُ لِلأَحَدْ***وَللرَّسُولِ وَهْيَ زُلْفَى لَا تُحَدْ

وَمَنْ أَطَاعَ اللّه رَبَّ الخَلْقِ***أَطَاعَهُ الخَلْقُ بِقَوْلِ طَلْقِ

وَلِي - فَدَتْكَ مُهْجَتِي- لُبَانَةْ***أُريدُها مَنْ كَفَّكَ المُبَانَةْ

فَمَا خَرَجْتُ مِنْ حَرَيْمِ المَرْقَدِ***إِلَّا وَقَدْ نَالَتْ لُبَانَتِي يَدِي

كَأَنَّها عَلَى الطَّرِيقِ تَنْتَظِرْ***لَا بِابْتِيَاعِ بَلْ بِأَمْرِ قَدْ قَدِرْ

وَمِنْ عَجِيْبِ أَنَّهَا مُسْتَكْمَنَةْ***عَن العُيُون مُدْ ثَلاثين سنة

وَالنَّاسُ بِالظُّنُّونِ فيها اخْتَلَفَتْ***فَقَائِلٌ بِأَنَّها قَدْ أُتلفت

وَقَائلٌ بِأَنَّها لَمْ تُتْلَف***لَكنْ نَأَتْ بِمَوْضِعِ لَمْ یُعرَفِ (1)

ص: 277


1- لم نوفق للاهتداء إلى حكاية الشيخ السماوي المذكورة نثراً فيما توفر لدينا من المصادر، ولعله (رَحمهُ اللّه) اقتصر على ذكرها نظماً في هذه الأرجوزة فلاحظ.

ص: 278

الفصل السابع والعشرون: في ذكر تعداد ما تقدّم وأنها بعض من كل

فَتِلْكَ ثِنْتَا عَشْرَةَ مُعَادِلَةْ***العَشْرُ لِلْحُسَيْنِ وَالثِّنتَانِ لَهْ

وَفِي الغُضُوْنِ مُعْجِزَاتٌ غُرَرُ***مِثْلُ الغُصُوْنِ حَمْلُهُنَّ الدَّرَرُ

فَبَعْضُها قَدْ رُويَتْ مُسَانَدَةْ***وَبَعْضُهَا قَدْ رُبِّيَتْ مُشَاهَدَةْ

وَلَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَعُدَّ مَا نُقل***عَدَدْتُ آلافاً وَقِيلَ لِي مُقِلْ

فَكَمْ لِقَوْمِيَّ مِنْ كِتَابِ قَدْ بَرَزْ***بِالمُعْجِزَاتِ ثُمَّ أَعْيَا وَعَجَزْ

كَالفَائِزِي ابْن الحُسَيْنِ المُوْسَوِي(1)***وَكَالأَديبِ ذي الكَمَالِ الرِّضَوِي (2)

ص: 279


1- هو السيد السعيد صفي الدين نصر اللّه بن الحسين الموسوي الفائزي الحائري الشهيد بقسطنطينية بعد سنة (1166)، كما يشهد به تقريظه للكرارية المنظومة في هذا التاريخ، له كتاب (الروضات الزاهرات في المعجزات بعد الوفاة). (ينظر: الذريعة: 281/11 بتصرف يسير).
2- هو السيد حسين ابن المير رشيد ابن السيد قاسم الرضوي النجفي الحائري. له کتاب (ذخائر المآل في نشر مدح المصطفى والآل) وفيه بديعيته في مدح النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)...». (ينظر: الذريعة: 7/10).

وَكَالْحُسَيْن بن مُسَاعد التَّقى(1)***وَابْنِ أَمِّيرِ الحَاجِ فِيْمَنْ قَدْ بَقي (2)

ص: 280


1- «هو السيد حسين بن مساعد بن الحسن بن المخزوم بن أبي القاسم بن عيسى الحسيني الحائري، ذكر نسبه كذلك في آخر (عمدة الطالب) الذي كتبه لنفسه وفرغ منه (25 - ع 1 - 893ه) وعليه حواش له بخطه إلى تاريخ سنة (917ه)، توجد هذه النسخة في مكتبة المرحوم الشيخ عبد الرضا آل الشيخ راضي النجفي، وله كتاب (تحفة الأبرار في مناقب أبي الأئمّة الأطهار (عَلَيهِم السَّلَامُ)) والتحفة كتاب جيد استخرجه من كتب أهل السنّة وذكر أسماءها في آخر الكتاب، وهو من مآخذ كتاب (البحار)، وينقل عنه الشيخ إبراهيم الكفعمي الذي توفي سنة (905ه)، رتبه على ثلاثين باباً، وقال في أوله بعد الخطبة: (لمّا كثر الاختلاف في مناقب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وصنّف العلماء في ذلك على قدر سعتهم، أحببت أن أجمع في ذلك كتاباً لم أسبق إليه، وأورد فيه من طرق أهل السنة والجماعة ما لا يُطعن عليه، ومن شك في شيء منه فعليه بالكتب التي أشير إليها)، وفي آخره ذكر نبذة من فضائل الزهراء البتول سلام اللّه عليها، والحسنين (عَلَيهِما السَّلَامُ)، وما ورد في الاثني عشر خليفة». (ينظر الذريعة : 405/3 - 406، أعيان الشيعة: 171/6- 173). ) ملحوظة: ونسخة العمدة موجودة الآن في مكتبة الإمام محمّد الحسين آل كاشف الغطاء (رَحمهُ اللّه) كما توجد مجموعة خطية بخطه في مكتبة الإستانة الرضوية، فلاحظ.
2- هو ابن أمير الحاج السيد محمّد بن الحسين بن محمد بن محسن.... وساق النسب... إلى أن قال ابن عبيد اللّه الأعرج بن الحسين الأصغر بن السجاد (عَلَيهِ السَّلَامُ). له (الآيات الباهرات في معجزات النبي والأئمّة الهداة (عَلَيهِم السَّلَامُ))، منظوم فيه لكل واحد منهم تسع آيات و معجزات باهرات بعدد الآيات البينات للكليم على نبينا وآله وعليه السلام...». (ينظر : الذريعة: 44/1 - 45).

وَمَنْ يَعُدُّ النَّجْمَ وَهُوَ لَامِحُ***أَوْ قَطَرَات الغَيْثَ وَهُوَ دَالحَ؟!

بَلْ مَنْ يَعُدُّ أَنْعُمَ الرَّحْمَنِ***وَلَوْ بِإِجْمَالِ عَلَى الْإِنْسَانِ؟!

فَلْنُوْصد البَابَ وَنَكْتَفِي بِمَا***كُنَّا ذَكَرْنَاهُ عَلَى مَا نُظما

ص: 281

ص: 282

الباب الخامس: في ذكر البناء ومن بناه وذكر الماء والضياء

اشارة

ص: 283

ص: 284

إشارة:

بَابٌ لذكْرِ الشَّيْد وَالْبَنَاء

وَحَالَة المياه والضَّيَاء

****

عَلِمْتُ أَنَّ الحَيَّ حَيَّ غَاضِرَةْ***هُمْ ضَرَّحُوا تِلْكَ الجُسُوْمَ النَّاضِرَة

وَأَعْلَمُوا عَلَى الضَّريحِ بِالصَّوَى***لِيُعْلَمَ الذِي بِرَبْعِهِ ثَوَى

وَلَمْ يَزَلْ مُخْتَلِفَ العِصَابَةْ***بَعْدَ مَجِيء الفِئَةِ التَّوَّابَة

وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى بَنَى***مَرْقَدَهُ المُخْتَارُ وَامْتَدَّ السَّنَا

لِأَنَّهُ قَدْ حَاطَهُ كَالمَسْجِد***فَلَمْ يَكُنْ يُنْكَرُ للتَّعَبُد(1)

ثُمَّ أَتَى المُلْكَ بَنُو العَبَّاسِ***فَقِيلَ: قَدْ زَالَ جَمِيعُ البَاسِ

حَتَّى إِذا السَّفَّاحُ بِالقُرْبِ نَزَلْ***طَالَ بِهِ الرَّجَاءَ وَازْدَادَ الْأَمَلْ

لَأَنَّهُ سَوَّدَ يُبْدِي الحُزْنَا***وَاتَّخَذُوا ذَاكَ الشَّعَارَ دينا

وَقَامَتِ الرُّثَاةُ بالنَّواحِ***تَبْكِي عَلَى الحُسَيْنِ في النَّواحِي

ص: 285


1- تقدّم تفصيل ذلك في: (الباب الثالث: في تعيين المرقد وماجرياته...)، فلينظر.

وتُنْشِدُ السَّفَاحَ ذَلِكَ الرِّثَا فَكَمْ جَثَّا للحِمْيَرِيَّ (1) وَحَثَا

فَبَدَت الشَّيْعَةُ كَالبُدُور***ونَزَلُوا من أَرْضه بدور (2)

شَيَّدُوا البِنَا عَلَيْهِ قُبَّةْ***ذَاتَ سَقِيفَةٍ لِتَأْوِي العُصْبَةٌ

ص: 286


1- السيد إسماعيل بن محمّد بن يزيد بن ربيعة الحميري: «إسماعيل بن محمّد بن يزيد بن ربيعة، ولقبه مفرع المعروف بالسيد الحميري، الشاعر المشهور، وكنيته أبو هاشم، كما ذكره الأكثر أو أبو عامر كما عن رجال الشيخ، والسيد لقبه، ولد بعمان ونشأ بالبصرة، حكاه في (لسان الميزان) عن أبي الفرج بن الجوزي في (المنتظم)، وكانت ولادته سنة (105)، وتوفي ببغداد سنة (173)، ودُفن بالجنينة. وكانت وفاته في خلافة الرشيد، وكان في بدء الأمر خارجياً ثم كيسانياً ثم إمامياً. وفي (مجالس المؤمنين): إنه كان من أكابر أهل زمانه، وأحرز قصب السبق في مضمار الفصاحة والبلاغة على أقرانه، وذكروا أن دفاتر ميمياته كانت حمل بعير. وفي (تذكرة) ابن المعتز: إنه كان للسيد أربع بنات كل واحدة منهن تحفظ أربعمائة قصيدة من قصائده، ولم يترك فضيلة ولا منقبة من فضائل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومناقبه إلا ونظم فيها شعراً، على أن فضائله ومناقبه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يحيط بها نطاق النظم والنثر». (ينظر: أعيان الشيعة: 405/3 - 407).
2- تقدّم تفصيل ذلك في: (الباب الثالث: في تعيين المرقد وماجرياته...)، فلينظر.

ثُمَّ دَعَا المَنْصُوْرَ حَقْدُ أَيد***فَثَلَّ (1) منْ أَحْقَاده المَشيد (2)

حَتَّى إِذا قَامَ وَرَاهُ المَهْدِيَّ***آمَنَهُمْ فَشِيْدَ فِي التَهَدِّي (3)

ثُمَّ دَعَا هَارُوْنَ فِرْطُ بُغْضِ***لِنَقْضِ دُوْرٍ وَلِحَرْثِ أَرْضِ (4)

وَآمَنَ الأمينُ وَالمَأْمُونُ***فَشَيْدَ وَاسْتَعْلَى به السُّكُون (5)

ثُمَّ تَنَاهَى جَعْفَرٌ بِالمَخْرِ***وَالحَرْث للأَرْض وَنَبْثَ القَبْر

لِمِانَتَينِ وَثَلاثِينَ وَسِتْ***إِذْ فُوِّضَ الأَمْرُ إِلى عِلْقٍ وَسِت (6)

حَتَّى إِذا أَخْنَى عَلَيْهِ المُنْتَصِرْ***نَادَى بِمَنْ خَافَ، أَمِنْتَ فَلْتَصِرْ

وَشَادَ مِيلاً (7) زَانَهُ الضَّرِيحُ***يَلُوحُ للزائر أَوْ يُليْحُ

ص: 287


1- ثلّ البيت: هدمه. (ينظر لسان العرب: 91/11).
2- تقدّم تفصيل ذلك في: (الباب الثالث: في تعيين المرقد وماجرياته...)، فلينظر.
3- تقدّم تفصيل ذلك في: (الباب الثالث: في تعيين المرقد وماجرياته...)، فلينظر.
4- تقدّم تفصيل ذلك في: (الباب الثالث: في تعيين المرقد وماجرياته...)، فلينظر.
5- تقدّم تفصيل ذلك في: (الباب الثالث: في تعيين المرقد وماجرياته...)، فلينظر.
6- تقدّم تفصيل ذلك في: (الباب الثالث: في تعيين المرقد وماجرياته...)، فلينظر.
7- «عام (248ه) أمر المنتصر العباسي ببناء مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإعادته إلى ما كان عليه ونصب على قبره الشريف علماً طويلاً ليستهدي الناس إليه، ودعا إلى زيارته (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعطف على آل أبي طالب وأحسن إليهم وفرّق فيهم الأموال وأرجع إليهم الأوقاف الخاصة بهم، كما أرجع فدكاً إليهم، فهب الشيعة إلى زيارته باطمئنان وراحة بال وجاوروه». (دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 286/1).

وَشَيَّدَ الشَّيْعَةً عِنْدَ الميْل***سَقيْفَةٌ للظَّلِّ وَالمَقيل

فَسَقَطَتْ سَقِيْفَةُ الأَجْدَاثِ***فِي سَنَةِ السَّبْعِيْنَ وَالثَّلَاثِ

مِنْ بَعْدِ قَرْنَيْنِ فَمَا ضَرَّتْ أَحَدْ(1)***وَهَنِئَ الزَّائِرُ بَعْدَ مَا وَرَدْ (2)

ص: 288


1- كذا ذكر الناظم (رَحمهُ اللّه) - فما ضرّت أحد-، وسيأتي أنه مات في ذلك الحادث جمع كثير من الزائرين لازدحام الروضة بالزوار؛ لأنه صادف سقوط السقيفة في يوم عرفة أو العيد من ذي الحجة.
2- يشير قوله (رَحمهُ اللّه) : (وهنئ الزائر بعد ما ورد)، إلى ما ورد في الرواية: حدّثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن الحجاج من حفظه، قال: «كنا جلوساً في مجلس ابن عمي - أبي عبد اللّه محمّد بن عمران بن الحجاج-، وفيه جماعة من أهل الكوفة من المشايخ وفيمن حضر العباسي بن أحمد العباسي، وكانوا قد حضروا عند ابن عمي يهنئونه بالسلامة؛ لأنه حضر وقت سقوط سقيفة سيدي أبي عبد اللّه الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ذي الحجة من سنة ثلاث وسبعين ومائتين. فبينا هم قعود يتحدثون إذ حضر المجلس إسماعيل بن عيسى العباسي، فلما نظرت الجماعة إليه أحجمت عمّا كانت فيه، وأطال إسماعيل الجلوس، فلما نظر إليهم قال : يا أصحابنا، أعزكم اللّه لعلّي قطعت عنكم حديثكم بمجيئي! قال أبو الحسن علي بن يحيى – وكان شيخ الجماعة ومقدماً فيهم : لا واللّه يا أبا عبد اللّه - أعزك اللّه - أمسكنا بحال من الأحوال، فقال لهم: يا أصحابنا، اعلموا أن اللّه (عزّوجلّ) سائلي عما أقول لكم وما أعتقده من المذهب، حتى حلف بعتق جواريه ومماليكه وحبس دوابه أنه ما يعتقد إلا ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) والسادة الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ووعدّهم واحداً واحداً، وساق الحديث، فانبسط إليه أصحابنا، وسألهم وسألوه... ». (ينظر : فرحة الغري: 159 - 160).

وانْتَهَزَ الدَّاعِي (1) هُنَاكَ الفُرْصَةْ***وَطَلَبَ الإِذْنَ لَهُ وَالرُّخْصَة

إِذْ كَانَ لَمْ يَدْعُ إِلَى مَنْ قَدْ وَلِي***مِنَ المُلُوكِ بَلْ إِلَى آلِ عَلِيَّ

فَزَارَ أَوَّلاً لأَرْض النَّجَف***ثُمَّ لِأَرْضِ الطَّفْ ذَاتِ الشَّرَفِ

ص: 289


1- الداعي الصغير: «هو محمّد بن زيد بن إسماعيل بن الحسن العلوي الحسني، صاحب طبرستان والديلم. ولي الإمرة بعد وفاة أخيه الحسن بن زيد (الداعي الكبير) سنة ( 270 ه)، وكانت في أيامه حروب وفتن، وطالت مدته. وكان شجاعاً، فاضلاً في أخلاقه، عارفاً بالأدب والشعر والتاريخ أصابته جراحات في واقعة له مع محمّد بن هارون من أشياع إسماعيل الساماني على باب جرجان، فمات من تأثيرها». (الأعلام: 132/6، بتصرف يسير).

وَأَرْسَلَ الكُنُوْزَ مِنْ أَرْضِ العَجَمْ***كَالسُّحْب تَرْفَضُ بِغَيْثَ انْسَجَمْ

وَشَادَ قُبَّةٌ لَهَا بَابَان***وَمِنْ حَوَالَيْها سَقيْفَتَان

وَعَمَّرَ السُّورَ بهَا وَالمَسْكَنَا***وَنَوَّلَ السَّاكِنَ مَا قَدْ أَمْكَنَا

وَتَمَّ تِلْكَ الرّازَةُ المُسْتَحْسَنَة***في المِئَتَيْنِ وَالثَّمَانِينَ سَنَةْ (1)

ص: 290


1- تهدّم بناية المنتصر للمرقد الشريف عمارة الداعي الصغير له، أحوال الشيعة في عهده: «وفي سنة (273) ه) تهدمت بناية المنتصر، ومات جمع كثير من الزائرين لازدحام الروضة بالزوار؛ لأنه صادف سقوطها في يوم عرفة أو العيد من ذي الحجة. وقيل: إنّ الموفّق - طلحة بن جعفر المتوكل - كان وراء ذلك، فقام على أثر ذلك الداعي الصغير محمّد بن زيد أمير جرجان بزيارة الحائر، وأمر بعمارة المرقد الشريف فانتهى من بنائه عام ( 280 ه)، فوضع قبة شامخة على المرقد وبابين وبنى للمرقد إيوانين كما بنى سوراً حول الحائر، ومنازل للزائرين والمجاورين. وفي سنة (282ه) أرسل محمّد بن زيد مبلغ اثنين وثلاثين ألف دينار لمساعدة العلويين والأشراف عبر واليه محمّد بن ورد القطّان بل وجعلها عليهم سنوية، فاجتمعت الشيعة من جديد وبنت دوراً حول مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويُذكر أن الداعي الصغير بالغ في فخامة البناء وحسن الريازة ودقة الصنعة في عمارة الحائر». (ينظر : دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد : 287/1 - 290). ذكر ذلك ابن الأثير في (الكامل: 474/7) في حوادث سنة (282 ه)، قال: وفيها وجه محمّد بن زيد العلوي من طبرستان إلى محمّد بن ورد العطار باثنين وثلاثين ألف دينار ليفرقها على أهل بيته ببغداد والكوفة والمدينة، فسعى به إلى المعتضد فأحضر محمّد عند بدر وسُئل عن ذلك، فأقر أنه يوجه إليه كل سنة مثل ذلك ففرقه وأنهى بدر إلى المعتضد ذلك، فقال له المعتضد: أما تذكر الرؤيا التي أخبرتك بها؟ قال: لا يا أمير المؤمنين قال رأيت في المنام كأني أريد ناحية النهروان، وأنا في جيشي إذ مررت برجل واقف على تل يصلّي ولا يلتفت إليّ فعجبت منه، فلما فرغ من صلاته قال لي أقبل فأقبلت إليه، فقال لي: أتعرفني؟ قلت: لا، قال: أنا علي بن أبي طالب، خذ هذه فاضرب بها الأرض بمسحاة بين يديه، فأخذتها فضربت بها ضربات فقال لي: إنه سيلي من ولدك هذا الأمر بعدد الضربات فأوصهم بولدي خيراً. وأمر بدراً بإطلاق المال والرجل، وأمره أن يكتب إلى صاحبه بطبرستان أن يوجه ما يريد ظاهراً، وأن يفرّق ما يأتيه ظاهراً وتقدم بمعونته على ذلك».

في زَمَنِ المُعْتَضِدِ (1) المُنْصَبٌ***بالطَّعْن في حَرْبٍ وَآلِ حَرْبِ

ثُمَّ تَوَلَّى ابْنُ بُوَيْهِ العَضُد (2)***فَاخْضَرَّ عُوْدٌ فِيْه كَادَ يَخْصُدْ

ص: 291


1- المعتضد باللّه: مرت ترجمته في الفصل السابع عشر، فلاحظ.
2- «أبو شجاع فنّاخسرو ابن ركن الدولة أبي علي الحسن بن أبي شجاع بويه المعروف ب(عضد الدولة): ذكره السيد محسن الأمين فى (أعيان الشيعة: 415/8 - 417)، فقال: «أبو شجاع عضد الدولة فناخسرو شاهنشاه ابن ركن الدولة أبي علي بن بويه الديلمي. ولد بإصفهان في ذي القعدة سنة (324 ه)، وتوفي يوم الإثنين ثامن شوال سنة (371 ه)، عن سبع وأربعين سنة وأحد عشر شهراً وثلاثة أيام ببغداد، ونُقل إلى مقبرته بالنجف فدفن فيها. كانت إمارته في العراق خمس سنين ونصفاً، وفي أيامه عُمَرت بغداد، ورفع الجباية عن قوافل الحجاج، وكثر إدرار الأرزاق والرسوم والصلات للقرّاء والفقهاء وأهل الأدب، وهذا لم يجتمع في زمن من الأزمان كما اجتمع في الدولة البويهية. وهو أول من خوطب بالملك شاهنشاه، وأول من خُطب له على المنابر مع الخلفاء، وأول من ضُرب الطبل على بابه أوقات الصلوات الخمس، وعمّر المشهد العلوي. فقد جاء في تاريخ طبرستان و رویان و مازندران وعمّر الأمير عضد الدولة فناخسرو من آل بويه مشهد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في النجف، ومشهد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء، ومشهد موسى والجواد (عَلَيهِما السَّلَامُ) في بغداد، ومشهد العسكريين (عَلَيهِما السَّلَامُ) في سامراء عمارة كثيرة، وكتب اسمه على باب مشهد علي بن أبي طالب، وكتب هناك: «وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيهِ بِالوَصِيدِ»، وفي موسم عاشوراء والغدير والمواقف الأخرى كان يحضر في المشاهد ويقوم بالمراسم التي يقوم بها الشيعة. ... وعضد الدولة هو أشهر ملوك بني بويه صيتاً وأعظمهم صولة وأغزرهم علماً وأرفعهم أدباً وأوسعهم تدبيراً وأجلّهم شأناً؛ ولذلك بلغت الحكومة البويهية ذروة ازدهارها على عهده». (ينظر ترجمته أيضاً في الكنى والألقاب: 469/2).

ص: 292

بَنَى لَهُ القُبَّةَ ذَاتَ الأَروِقَة***مُحيْطَةً عَلَى الضّريح مُحْدِقَة

وَزَيَّنَ الضَّريحَ بِالدِّيْبَاج***وَمَا عَلَا دائِرَهُ بِسَاجِ

وَشَعْشَعَ القُبَّةَ والرِّوَاقَا***وَعَمَّرَ البُيُوتَ وَالأَسْوَاقَا

وَعَصَّمَ البَلْدَةَ بالأسوَارِ***فَحَكَّتِ المِعْصَمَ بِالسِّوَارِ

وَسَاق للطَّفِّ مياهاً جَاريَه***وامْتَازَ للضَّوْء وَقُوْفاً جَارية

وَبَدَلَ المَالَ لِآلِ حَيْدَرِ***كِصُنْعِهِ البَدِيْعَ فِي أَرْضِ الغَرِي (1)

ص: 293


1- في سنة ( 367 ه) استولى عضد الدولة البويهي على بغداد، فعرّج منها على كربلاء الزيارة مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثم إنه جعل زيارته للمرقد الشريف عادة سنوية. وفي العام نفسه – 369 ه - وعندما قام عضد الدولة بزيارته التقليدية للمرقد المطهر للإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمر بتجديد بناء القبة الحسينية وروضتها المباركة، وشيّد ضريح الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالعاج، وزيّنه بالحُلل والديباج، وبنى الأروقة حوالي مرقده المقدس وعمر المدينة، وإهتم بإيصال الماء لسكّان المدينة والضياء للحائر المقدس، وعصمها بالأسوار العالية التي بلغ محيطها حوالي (2400 خطوة) وقطره حوالي (2400قدم) ، فأوصل المدينة بترعة فأحياها، وأوقف أراضي لاستثمارها لصالح إنارة الحرمين الشريفين: أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأخيه أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وبالغ في تشييد الأبنية والأسواق حوله، وأجزل العطاء لمن جاوره من العلماء والعلويين، كما أمر ببناء المدرسة العضدية الأولى، كما بني بجنبها مسجد رأس الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعلى أثر ذلك تضاعف عدد المجاورين المرقده المقدس». (دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد : 293/1، 296 - 299).

ثُمَّ أَتَى عِمْرَانَ (1) فِي زَمَانِهِ فَعَمَّرَ الرَّوَاقَ مِنْ أَمَامه

وَوَصَلَ الرَّوْضَةَ بالرِّواقِ***من الجَنُوْب وَهُوَ بَعْدُ باق

وَتَمَّ ذَا ذا فِي السَّبْعِ والسِّتِّيْنا***بَعْدَ ثَلَاثٍ قَدْ مَضَتْ مِئینا (2)

ص: 294


1- عمران بن شاهين: ذكره الذهبي في (سير أعلام النبلاء: 267/16) فقال: «عمران بن شاهين ملك البطائح كان عليه دماء، فهرب إلى البطيحة، واحتمى بالآجام يتصيد السمك والطير، فرافقه صيادون، ثم التف عليه لصوص، ثم استفحل أمره، وكثر جمعه، فأنشأ معاقل وتمكن، وعجزت عنه الدولة، وقاتلوه فما قدروا عليه، وحاربه عز الدولة غير مرة، ولم يظفروا به، إلى أن مات على فراشه سنة تسع وستين وثلاث مئة، وامتدت دولته أربعين سنة، وقام بعده ابنه الحسن مدة، لكنه التزم بمال في السنة لعضد الدولة». ينظر في ترجمته: (الكامل في التاريخ: 481/8، أعيان الشيعة: 488/2، الأعلام 5/ 70).
2- «... وفي ظل اضطراب الأوضاع السياسية في العراق وتدهورها في المدة التي سبقت دخول عضد الدولة بغداد عام (367 ه)، تمكن عمران بن شاهين إنّ يستقطع البطائح بجنوب العراق من سلطة البويهيين ومنع الخراج عنهم، ثم إن عضد الدولة وبعد أن استتبت الأمور له في بغداد أرسل إليه بجيش عظيم فحاصروه وضيقوا عليه،الخناق وعندما عجز عمران بن شاهين عن مقاومتهم التجأ إلى قبر الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وتضرع إلى الإمام، ورأى علياً في المنام يقول له: (یا عمران سيقدم العبد فناخسرو لزيارة البقعة فلذ به سيفرّج عنك)، فلمّا انتبه من نومه نذر للّه إن نجا من عضد الدولة أن يبني مسجداً ورواقاً في حرم الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وآخر مثلهما في حرم الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). فلمّا التقى بعضد الدولة أخبره بكل ذلك، فعفا عنه، وأوفى بنذره، فبنى المسجد المعروف باسمه إلى الآن والذي يقع إلى جهة الشمال من الروضة، وقد ضمّ فيما بعد إلى الحرم. أمّا الرواق الذي شيّده فيقع إلى جهة الغرب من قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو أول من ربط حزام الحائر بالرواق والظاهر أن ذلك كان في عام (368 ه)». (ذُكرت الحكاية في دائرة المعارف الحسينية/ تاريخ المراقد: 294/1، وفيها التاريخ مثبت كما في المتن، وقد ذكره السيد عبد الكريم بن طاوس في (فرحة الغري: 169) بدون تأريخ). «وذكر السيد محمّد صادق آل بحر العلوم في كتابه (السلاسل الذهبية): أنّ رواق ابن شاهين في الجانب الغربي من الحائر الشريف المعروف اليوم برواق السيد إبراهيم المجاب، وبني بجنبه مسجداً سمي باسمه، ذكره ابن بطوطة الطنجي في رحلته. وكان هذا المسجد موجوداً إلى أيام الصفويين، فاستثنوا بدمج المسجد في الصحن فأدمج الصحن، وبقي من المسجد أثره حتى اليوم، وهو محل خزن مفروشات الروضة الحسينية خلف الإيوان المعروف بالإيوان الناصري، وتم ذلك البناء - أي بناء الرواق والمسجد المعروف برواق مسجد ابن شاهين - في سنة (367 ه). وقد أدلى المرحوم السيد حسين القزويني الحائري برأيه: أنه شاهد متانة بناء هذا المسجد عند الحفريات الأخيرة في المشهد الحسيني، فكان سمك الأساس يقرب من 3 أمتار ». (ينظر: تراث كربلاء: 39).

ص: 295

وَاحْتَرَقَ السَّاجُ عُقَيْبَ الرَّابِعِ***مِنَ القُرُونِ عِنْدَ عَامٍ سَابِعِ (1)

فَشَيَّدَ البنَاءَ سُلْطَانُ الدُّوَلْ***ابْنُ بُوَيْهِ (2)وَتَنَاهَى فِي العَمَل

ص: 296


1- «وفي عام (407 ه) أصاب الحريق حرم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حيث كان مزيناً بخشب الساج؛ وذلك على أثر سقوط شمعتين كبيرتين في حرم الحسين، كما يؤكد على ذلك ابن تغري بقوله: السنة الحادية والعشرون من ولاية الحاكم منصور على مصر وهي سنة سبع وأربعمائة، وفيها احترق مشهد الحسين بن علي بكربلاء من شمعتين غفلوا عنهما». (تراث كربلاء: 39 - 40، وينظر: أعيان الشيعة: 628/1). وقد أرّخ لذلك ابن الأثير في الكامل : 295/9 في حوادث سنة 407 ه) بقوله: «في هذه السنة في ربيع الأول منها احترقت قبة مشهد الحسين والأروقة؛ وكان سببه أنهم أشعلوا شمعتين كبيرتين فسقطتا في الليل على التازير - الأعمدة التي عليها القبة - فاحترق وتعدت النار».
2- سلطان الدولة أبو شجاع بن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة بن بويه، ولي السلطنة وهو صبي له عشر سنين بعد أبيه، وبعثت إليه خلع الملك من جهة الخليفة إلى شيراز. وقدم بغداد في أثناء سلطنته. ومات بشيراز، وله اثنان وعشرون عاماً وخمسة أشهر، وكانت سلطنته ضعيفة متماسكة». (ينظر : تاريخ الإسلام: 318/28).

وَجَعَلَ البَلْدَةَ ذَاتَ سُوْر***وزيرهُ القَائِمُ بِالأُمُورِ

الحَسَنُ بْنُ الفَضْل منْ بَعْدِ سَنَةْ***فَيَا لَهُ مِنْ عَمَل مَا أَحْسَنَهْ (1)

ص: 297


1- الحسن بن الفضل: «أبو محمّد الحسن بن الفضل بن سهلان الرامهرمزي، الملقّب عميد أصحاب الجيوش وزير سلطان الدولة ابن بويه. وُلد برامهرمز في شعبان سنة (361 ه)، وقُتل سنة (414ه). وفي (مجالس المؤمنين) عن تاريخ ابن كثير: أنه كان وزير سلطان الدولة وهو الذي بنى سور الحائر الحسيني، وذكر بناءه لسور الحائر ابن الجوزي في حوادث سنة (407 ه). (أعيان الشيعة: 315/5، بتصرف يسير). قال السيد سلمان هادي آل طعمة في كتابه تراث كربلاء ما نصه: « وفيها - أي سنة 407ه - احترق مشهد الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بكربلاء من شمعتين غفلوا عنهما وجدد البناء على عهد البويهيين غب ذلك الحريق، حيث قام الحسن بن الفضل وزير الدولة البويهي بإعادة البناء نفسه مع تشييد السور». (تراث كربلاء: 40). وقد ذكر المؤرّخون ذلك - أي بناء السور - منهم ابن كثير في (البداية والنهاية: 20/12) بقوله: «وفيها - 414 ه- توفي من الأعيان... الحسن بن الفضل بن سهلان أبو محمّد الرامهرمزي، وزير سلطان الدولة، وهو الذي بنى سور الحائر عند مشهد الحسين، قُتل في شعبان منها». وكذا ينظر: تاريخ الإسلام للذهبي : 26/28: في أحداث سنة 407 ه. لحوظة: وهي العمارة السادسة، وتأتي بعد عمارة عضد الدولة البويهي المتقدم ذكره في الفصل.

ثُمَّ تَوَلّى النّاصِرُ العَبَّاسِي***فَتَى اللبَاس وَشَديدُ البَاس (1)

ص: 298


1- الناصر لدين اللّه: «أبو العباس أحمد بن المستضيء، وُلد (10) رجب سنة (553 ه)، بويع له عند وفاة أبيه سنة (575 ه) وهو ابن (23) سنة، ومدة خلافته (46) سنة و (10) أشهر و (28) يوماً، ولم يلِ الخلافة من أهل بيته أطول مدة منه. وكان في آبائه أربعة عشر خليفة، وكان نقش خاتمه «رجائي من اللّه عفوه». وكان يتشيّع ويميل إلى مذهب الإمامية. قال ابن الطقطقي: كان الناصر من أفاضل الخلفاء وأعيانهم، بصيراً بالأمور،مجرباً، سائساً، مهيباً، مقداماً، عارفاً شجاعاً. وكان يرى رأي الإمامية، طالت مدته وصفا له الملك، وأحب مباشرة أحوال الرعية بنفسه حتى كان يتمشى في الليل في دروب بغداد؛ ليعرف أخبار الرعية وما يدور بينهم، وصنّف كتباً، وسمع الحديث النبوي - صلوات اللّه على صاحبه - وأسمعه، ولبس لباس الفتوة وألبسه. ... إلى أن قال: وله كتاب في فضائل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، رواه السيد ابن طاووس في كتابه (اليقين)، عن السيد فخار بن معد الموسوي، عن الناصر... . وعن تاريخ (مختصر الخلفاء) لابن الساعي، قال:... وكان الملوك والأكابر بمصر والشام إذا جرى ذكره في خلواتهم خفضوا أصواتهم هيبة وإجلالاً، وملك من الممالك ما لم يملكه أحد ممن تقدمه الخلفاء والملوك، وخُطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصين وكان أسد بني العباس تصدع لهيبته الجبال...، إلى أن قال: وكان يتشيّع، وجعل مشهد الإمام موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمناً لمن لاذ به، فكان الناس يلتجئون إليه في حاجاتهم ومهماتهم...، ومما ينسب إليه قوله: قسماً بمكةَ والحطيمِ وزمزمِ***والراقصاتِ ومشيهنّ إلى مِنى بغضُ الوصيِّ علامةٌ مكتوبةٌ***تبدو على جبهاتِ أولادِ الزِنا من لم يوالِ في البريةِ حيدرا***سيّان عندَ اللّهِ صلّى أو زنى .. توفي الناصر أول شوال سنة (622 ه)». (ينظر: الكنى والألقاب: 233/3 - 236).

فَقَامَ فِي تَشْیِيْدِ قَبْرِ الحَائر***عَلَى يَدَيَّ خَيْرِ وَزِيْرِ نَاصِرِ

محمّدِ القُمِّيِّ (1) مِنْ خَيرِ فِئَةْ***فِي سَنَةِ العِشْرِينَ وَالسَّتِّمِئَةْ

ص: 299


1- مؤيد الدين أبو الحسن محمّد بن محمّد بن عبد الكريم المقدادي القمي: «... مؤيد الدين محمّد بن محمّد بن عبد الكريم بن برز القمي: هو قمي الأصل والمولد بغدادي المنشأ والوفاة، ينتسب إلى المقداد بن الأسود الكندي، ولد سنة (557ه)، كان (رَحمهُ اللّه) بصيراً بأمور الملك، خبيراً بأدوات الرئاسة، عالماً بالقوانين، عارفاً باصطلاح الدواوين، خبيراً بالحساب...، وقد تولى الوزارة للناصر، ثم للظاهر، ثم للمستنصر، حتى قبض عليه المستنصر وحبسه في باطن دار الخلافة مدة، فمرض وأخرج مريضاً، فمات (رَحمهُ اللّه) سنة تسع وعشرين وستمائة. ذكر مؤلّف (الحوادث) نقله من مدفنه إلى مشهد الكاظمية سنة (643ه)، قال في حوادث هذه السنة: وفي ليلة الجمعة حادي عشر رمضان نُقل مؤيد الدين أبو الحسن محمّد بن عبد الكريم بن برز القمي الوزير من مدفنه بمقبرة الزرادين بالمأمونية إلى تربة كان أنشأها بالمشهد الكاظمي، ووقف عليها وقوفاً، وذلك بعد ثلاث عشرة سنة وأحد عشر شهراً». (مستدركات أعيان الشيعة: 1 /225 -226).

فَشَادَ ذَلكَ المَقَامَ سَاجَا***مُكْتَتَباً تَخَالُهُ دِيْبَاجَا (1)

ثُمَّ بَنَى القُيَّةَ بَعْدَ الدَائِرِ***أُوَيْسٌ بنُ الحَسَنِ الْجَلَائِري (2)

ص: 300


1- عمارة الناصر لدین اللّه: (خلافته 575 ه -622ه). عمارةٌ،وسّعت، وأُضيف إليها الشيء الكثير خلال عهده الطويل وبعده، فكانت خاتمة عمارات العصر العباسي، بل أفخمها أيضاً. وقد ذكر السيد محمّد حسن آل كليدار العمارة التي حصلت للمرقد الحسيني المطهر في عهد الناصر لدين اللّه العباسي فقال ما نصه: «وقد تولّى مؤيد الدين محمّد بن عبد الكريم [بن] برر (برز - ظ -) القمي الأصل والمولد، والبغدادي النشأة والوفاة - الذي يرجع نسبه إلى المقداد [بن] الأسود الكندي صاحب الإمام علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) - ترميم قبة حرم الحسين في عام (620 ه)، وأصلح من بناء الحائر ما أفسدته الأيام، وأكسى (وأكسا - ظ -) جدران حرم الروضة والأروقة الأربعة المحيطة به بخشب الساج، ووضع صندوقاً على القبر من الخشب نفسه، وزيّنه بالديباج والطنافس الحريرية، ووزّع الخيرات الكثيرة على العلويين المجاورين للحائر». (ينظر : مدينة الحسين: 30/1).
2- أويس بن الحسن الجلائري: «الأمير القان الشيخ أويس ابن الأمير الشيخ حسن ابن الأمير حسين ابن الأمیر آق بوقا بن إيلخان، ويقال: إيلكان الأيلخاني، صاحب تبريز وبغداد، توفي في الثاني من جمادى الأولى سنة (776ه) في تبريز، وله نيف وثلاثون سنة. في (ذيل تذكرة الحفاظ) لمحمّد بن فهد الهاشمي المكي: أن أمه بنت أرغون بن هولاكو المغولي، انتهى. ... واستقل أويس بالسلطنة 17 سنة، وكان ملكاً لطيف الطبع كريم الأخلاق...، هو الذي بنى على قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) العمارة الموجودة،اليوم، أمر بها سنة (762 ه)، وتاريخها هذا موجود فوق المحراب القبلي مما يلي الرأس الشريف». (ينظر: أعيان الشيعة 512/3) وجاء في (تاريخ مرقد الحسين والعباس (عَلَيهِما السَّلَامُ): 83). «حتى تولى معز الدين أويس ابن الشيخ حسن الجلائري من أحفاد هولاكو سلطنة بغداد سنة (757 ه)، فعندئذٍ شيّد المسجد والحرم عام (767 ه)، وأقام على الضريح المطهر قبة نصف دائرية تحيط بالأروقة ترتكز على أربعة (أربع – ظ –) دعائم كبيرة عند زوايا الروضة الأربع...، وأكمله ابنه أحمد بن أويس سنة (786 ه)».

إِذْ جَاءَ مِنْ مَقَرِّه بِجُنده***يُريدُ بَغْدَادَ لِقَتْلِ عَبْدِهِ

أغْني بِهِ مَرْجَانَ إِذْ تَمَرَّدا***حَتَّى إِذَا جُنْدُ أُوَيْسٍ وَرَدَا

فَارَقَهُ مَنْ مَنَعُوْهُ الطَّاعَةْ***فَلاذَ بِالحُسَيْنِ لِلشَّفَاعَة

ثُمَّ بَنَى المَسْجِدَ وَالمَنَارَةْ***فَانْتَسَبَتْ لِلعبدِ ذِي الإمارَة

ص: 301

وَكَانَ ذَا فِي السَّبْعِ والسَّتِّيْنا***مِنْ بَعْدِ سَبْعِ قَدْ خَلَتْ مِئِيْنَا

فَأَصْدَرَ الصَّفْحَ أُوَيْسٌ وَعَفَا***عَنْ عَبْدِهِ إِذْ لَاذَ بِابْنِ الْمُصْطَفَى

وَرَدَّهُ بَعْدَ قَلِيْلٍ وَالِيَا***فَنَالَ فِي بَغْدَادَ حُكْماً تَالِيا (1)

ص: 302


1- منارة العبد: «ومنارة العبد هذه هي مأذنة مرجان (مشيّد جامع مرجان في بغداد) عبد السلطان أويس الجلائري الذي تعيّن والياً على العراق، فرفع راية العصيان ضده واستبدّ ببغداد، حتى اضطر السلطان أويس أن يسير إليه من تبريز فيقضي على حركته. وحينما فشلت الحركة التجأ إلى كربلاء مستجيراً بحرم الإمام الشهيد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فعلم أويس بذلك وصفح عنه، ثم استدعاه إليه، فأكرمه وأعاده إلى وظيفته والياً على العراق من جديد. وكان حينما استجار بالحرم المطهّر قد نذر أن يبني مأذنة خاصة في الصحن الحسيني الشريف إذا خرج ناجياً من الغمة، ففعل ذلك وبنى حولها مسجداً خاصاً، ثمّ أجرى لهما من أملاكه في كربلا وبغداد وعين التمر والرحالية أوقافاً يُصرف واردها على المسجد والمئذنة، وأصبحت تلك الأملاك الموقوفة أوقافاً حسينية منذ ذلك الوقت، وقد تمّ ذلك كله في سنة (767ه) للهجرة. وقد ظلت هذه المئذنة قائمة في مؤخرة الحائر المقدس وسط الجانب الشرقي من الصحن، وأنها كانت تُسمى (انگوشتییار)». (ينظر: موسوعة العتبات المقدّسة / قسم كربلاء: 266/8). ملحوظة : قال الخليلي في موسوعته / قسم كربلاء ج 8 هامش ص 266 ما نصه: «والصواب إنها (انكشتيار) أي إصبع التابع المحب، والمقصود بذلك هو: أن هذا أثر صغير لا يزيد على اصبع يشير إلى ولاء أحد الموالين والمحبين».

ثُمَّ بَنَى نَجْلُ أُوَيْسٍ أَحْمَدُ(1)***مَنَارَتَيْنِ فَاسْتَنَارَ المَشْهَدْ

ص: 303


1- أحمد بن أويس بن حسن الجلائري: «أحمد بن أويس بن حسن الجلائري، غياث الدين المقتول سنة (813 ه)، آخر سلاطين الدولة الجلائرية في بغداد، مغولي الأصل، مستعرب. كان أسلافه من رجال جنگیزخان وهولاکو، وآل أمر العراق إلى جده الشيخ حسن. ونشأ هو في تبريز، وعاش زمناً في بغداد، وناب عن أخيه السلطان حسين في البصرة، ثم قتل أخاه، وتولى السلطنة سنة (784 ه)، وقتل جماعة من أمراء الجيش كان يخشى انقلابهم عليه.... ولم يكد ينتظم أمره حتى ظهر في تركستان وبخارى الطاغية تيمورلنك وهاجم خراسان، فشغل السلطان أحمد بحربه، فلم يقوَ على صده فتوجه إلى حلب في نحو (400) فارس سنة (795 ه)، فاستقدمه الملك الظاهر برقوق إلى القاهرة وأكرمه، وتزوج أختاً له. ثم عاد إلى العراق وحدثت له وقائع كثيرة، وابتعد تيمورلنك عن بغداد متوغلاً في صحراء القفجاق (بلاد الدشت)، فرجع أحمد إلى بغداد واستردها سنة (797) ه) وأقام إلى سنة (802ه)، وقصد السلطان بايزيد (أبا يزيد) العثماني، فأعاد تيمور الكرّة على بغداد، واحتلها وفعل فيها الأفاعيل وانصرف، فحضر أحمد ثم انهزم إلى حلب منفرداً سنة (806ه) فقبضت عليه حكومتها؛ مجاملة لتيمور وأرسلته إلى دمشق، وجاء الخبر بهلاك تيمور في طريقه إلى الصين لفتحها سنة (807ه)، فورد الأمر من سلطان مصر بإطلاق أحمد فانكفأ متجهاً إلى تبريز فأقبل أهلها عليه واستعاد بغداد، واستقر فيها نحو خمس سنين. وثار عليه مغولي آخر اسمه الأمير قرا يوسف فقاتله، فانهزم السلطان أحمد، وأسر وقُتل خنقاً ببغداد». (الأعلام: 101/1).

حُلَّيَتَا مَنْ ذَهَب بتَلوِينْ***فَأَرَخُوْهُ (دو ستون زرّین) (1)

يَعْنُوْنَ تَارِيخاً (طَلَاهُما ذَهَبْ)(2)***ذَلِكَ لِلعُجْمِ وَهَذَا لِلْعَرَبْ

وَشُيَّدَ البَهْرُ مَعَ المَنَائِرِ***وَوُسُعَ الصَّحْنُ بِهَدْمِ الدَائِرِ (3)

ص: 304


1- 786 ه، ومعناها بالعربية: (المئذنتان الذهبيتان)، والتأريخ المنظوم بحساب الجمل هو (793ه).
2- 786 ه (الناظم)، كذا في المطبوع الذي اعتمدناه، ويظهر من حساب الجمل للجملتين السابقتين - أي (دو ستون زرّين) و(طَلاهُما ذهبْ) - أنها سنة (793 ه) وليس سنة (786ه)، وقد تبين مما سبق أنه في سنة (786ه) قد تم بناء السلطان أويس الجلائري، وفي سنة (793 ه) تم بناء المأذنتين على يد ولده السلطان أحمد الجلائري، والأخير هو مطلب الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه).
3- قال السيد عبد الحسين الكليدار في كتابه (تاريخ مرقد الحسين والعباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)) : «... حتى تولّى معز الدين أويس ابن الشيخ حسن الجلائري من أحفاد هولاكو سلطنة بغداد سنة (757ه)، فعندئذٍ شيّد المسجد والحرم عام 767( ه)، وأقام على الضريح المطهر قبة نصف دائرية تحيط بالأروقة... وأكمله ابنه أحمد بن أويس سنة (786 ه)، فقد كان الواقف عند مدخل باب القبلة من الخارج يشاهد الضريح والروضة بصورة واضحة وجليّة...، كما شيّد البهو الأمامي للروضة الذي يعرف بإيوان الذهب، ومسجد الصحن حول الروضة على شكل مربع، واعتنى عناية فائقة بزخرفة الحرم من الداخل والأروقة بالمرايا والفسيفساء والطابوق القاشاني.... كما أمر السلطان أحمد الجلائري بزخرفة المئذنتين باللون الأصفر من الطابوق القاشاني، وكتب عليهما تاريخ التشييد باللغة الفارسية (دوستون زرين) أي المئذنتان الذهبيتان)، ووافق تاريخهما حسب الحروف (793 ه). ( ينظر: تاريخ مرقد الحسين والعباس (عَلَيهِما: السَّلَامُ) 83). وفي (دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 44/2) ذكر : أنه في سنة (786ه) انتهى السلطان أحمد من بناء ما بدأه الأب والأخ، فأكمل بناء البهو الأمامي، وبدأ في العام نفسه بتشييد المئذنتين وكساهما بالطابوق القاشاني الأصفر، وأطلى قسماً منهما بالذهب ولعله كان القسم العلوي منهما، وفي سنة (793ه) تم بناء المئذنتين... .

ثُمَّ تَدَاعَى ظَاهِرُ المَنَارَةْ***للعَبْد وَاسْتَدْعَى لَهُ عُمَارَةْ

فَمَدَّ كَفَّهُ لَهَا طُهْمَاسب(1)***وَعُمَرَتْ بمَا لَهَا يُنَاسبُ

ص: 305


1- الشاه طهماسب ابن الشاه إسماعيل الصفوي: السلطان طهماسب ابن الشاه إسماعيل الأول الصفوي، (919- 984 ه)، تولى الملك في إيران سنة ( 930 ه)، وكانت مدة ملكه (54) سنة. في سنة ( 930ه /1524م) توفي الشاه إسماعيل الصفوي فخلفه ابنه طهماسب الأول. وكان العراق آنذاك قد أصبح خاضعاً للعثمانيين الذين استولوا عليه، فأرسل طهماسب جيشاً حاصر بغداد سنة ( 936 ه / 1530م)، وحاصر القلعة التي تحصّن بها حاكم بغداد ذو الفقار، واستطاع طهماسب أن يفتح القلعة وأن يقتل حاكم بغداد. وبعد أن سيطر طهماسب على بغداد والعراق، قام بزيارة المراقد المقدّسة في كربلاء. وترسّم الشاه طهماسب خطى أبيه إسماعيل في تأييد المذهب، وقد بالغ في إكرام العلماء وأهل الدين حتى جعل أمر المملكة بيد عالم العصر المحقق الثاني الشيخ علي عبد العال [الكركي]، وقال له فيما قال: أنت أولى منّي بالملك؛ لأنك نائب الإمام حقاً، وأنا عامل منفّذ، وكتب إلى جميع الولاة وأرباب المناصب بإطاعة الشيخ، والعمل بأوامره وتعاليمه، فكان الشيخ يطبق الشرع الشريف، ويقيم الحدود، كما عيّن الأئمّة للصلاة، والمدرسين في المدارس، والوعاظ لبثّ المذهب ونشره. ومن آثار الشاه طهماسب ترميم الحائر الحسيني وإصلاحه، وتوسيع الصحن، وتجديد المنارة المعروفة ب(منارة العبد). وُلد هذا الشاه سنة (919 ه)، وملك سنة (930)، ومات سنة (984)، وكانت مدة ملكه (54) سنة. (ينظر الشيعة في الميزان: 178، حضارة العراق لصالح محمّد العابد: 16/10).

ص: 306

وأُرْخَتْ مَا بَيْنَ عُجْمٍ وَعَرَبْ***(انْكِشْيارٌ) (1) تَعْنِي (خُنْصُرَ الأَحَبْ) (2)

ثُمَّ أَتَى العَبَّاسُ (3) فِي الأَمْلَاكِ***فَصَيَّرَ الصُّنْدُوْقَ فِي شُبَّاكِ

وَزَيَّنَ القُبَّةَ بِالكَاشَانِي***وَالبَهْوَ فِي شَأْنٍ يُغِيظُ الشَّانِي

وَرَوَّقَ الرِّوَاقِ والصَّحْنَ نَظَمْ***واسْتَجْلَبَ الفِرَاشَ مِنْ صُنْعِ العَجَمْ

ص: 307


1- 982ه. (الناظم).
2- 982ه. (الناظم).
3- الشاه عباس الصفوي: هو الشاه عباس الصفوي، حفيد الشاه طهماسب (979 - 1038ه). «استتب له الأمر سنة ( 996 ه)...، وكانت البلاد الإيرانية حين تولى المُلك مجزأة الأطراف، موزّعة بين الأتراك والتركمان بسوء إدارة أسلافه، فاسترجعها ووحدها تحت سلطانه.... وقد تبين له من حربه مع الأتراك أن الجيش الإيراني ينقصه التدريب والنظام، فاستقدم الخبراء الأجانب، فنظموا له الجيش على الطرق الحربية الحديثة يومذاك، ولما اطمأن إلى جيشه زحف به على بقية الأقطار التي انتزعها الأتراك من الإمبراطورية الإيرانية، واستردها قطراً بعد قطر...، وكان مع كثرة حروبه ومغازيه لا يقعده شيء عن إحياء الشعائر المذهبية، وله آثار باقية حتى اليوم في مشاهد الأئمّة بالعراق وإيران، وهو الذي بنى الحضرة العلوية في النجف وصحنها بهندسة الشيخ البهائي». (ينظر: الشيعة في الميزان (179 -182).

وَأَطْلَقَ الكَفَّ بِفَضْلٍ وافِرِ***لسادن الرَّوْضَةِ والمُجاوِرِ

لِلاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِينَ قَفَا***أَلْفًا (1) فَأَرَّخُوْهُ (بِالحُسْنِ ضَفَا) (2)

ثُمَّ أَتَى النَّادِرُ (3) وَاسْتَضافَا***طَرَائِفاً منْ غُنْمه لِطَافَا

وَزَانَ هَاتِيكَ المَبَاني المُنْشَأَةَ***في الخَمْس وَالخَمْسِيْنَ مِنْ بَعْد المِئَةْ (4)

ص: 308


1- في الأصل: (ألف)، وما أثبتناه اقتضاه الموقع الإعرابي والوزن الشعري.
2- 1032ه. (الناظم). «وفي عام (1032ه) توجه السلطان عباس الكبير إلى مدينة كربلاء ماشياً على قدميه، ولما وصل إلى باب الصحن الحسيني هرول إلى الروضة الحسينية، وطاف حول الضريح ثلاث مرات وأمر بصنع ضريح من الفضة لمرقده، وكسى (كسا - ظ -) القبة المباركة بالقاشاني الأخضر، وزخرفها من الداخل بالفسيفساء، وعمّر الروضة والصحن والأروقة أحسن تعمير، وأهدى إلى البقعة المقدّسة أفخر السجاد،وأثمنها، وبذل للعلماء والمجاورين وخدمة الروضتين وقد ألبس الضريح بالحرير الفاخر، وقد أغدق على أهالي كربلاء ». (دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 8382/2).
3- السلطان نادر شاه الأفشاري: أول ملوك السلسلة الأفشارية في إيران، وذلك بعد انتهاء الحكم الصفوي، تولى الملك ( من سنة 1148 ه إلى 1159 ه).
4- وفي عام (1155ه) أمر السلطان نادر الأفشاري بتعمير الحائر الحسيني، والصرف على العتبات المقدّسة من غنائم الهند التي استحصلها، واستغرق البناء والتعمير عاماً واحداً. وزار نادر شاه الأفشاري كربلاء مرة أخرى سنة (1156 ه/ 1743 م) مع وزرائه وعساكره، وقد أولى مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والمراقد الأُخرى في المدينة عنايته، وساهم في تحسين المدينة. (ينظر: ماضي النجف وحاضرها،222/1- 223 تراث كربلاء: 45، دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 98/2).

ثُمَّ أَنَّى مِنْ بَعْدِ سَبْعِ عَشْرَةْ***وَزَيَرُهُ الشَّهْمُ فَشَادَ الحَضْرَة

وَجَدَدَ الصُّنْدُوْقَ وَالرِّوَاقَا***وَعَلَّقَ الأَسْتَارَ وَالأَعْلَاقا

فيها ثُرَيَّا ذَاتُ ثِنْتَي عَشَرَةْ***عَيْناً لأَنْوَارٍ بِها مُنْتَشِرَةْ

تَعْقُدُ تَاجَها أَفَاعٍ صُفْرُ***وَفَوْقَهُنَّ لِلسُّكُونِ صَقْرُ (1)

وَلَمْ يَزَلْ كُلُّ مُوَالَ يَعْمُرُ***فيهِ إِلَى أَنْ جَاءَ جَافٍ أَحْقَرُ

فَشَدَّ لَا يُثْنِي هَوَاهُ الثَّانِي***وَمَزَّقَ الكِتَابَ وَالمَثَانِي

وَهَدَّمَ الشُبَّاكَ والرَّوَاقَا***واسْتَلَبَ الحُلِيّ والأَعْلاقَا

ص: 309


1- في عام (1172ه) زار الوزير حسين - وزير السلطان نادر الأفشاري - الروضة المباركة، وقام بخدمات جليلة إلى مرقد أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ). (ينظر: دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 104/2).

وقَتَلَ النَّسَاءَ وَالأَطْفَالَا***إِذْ لَمْ يَجِدْ فِي كَرْبَلَا رِجَالًا

لِأَنَّهُمْ زَارُوا الغَديرَ قَصْدَا***فَأَرَخُوْهُ (بِغَدِيرٍ) عَدَّا (1)

فَانْتَهَضَ الشَّاهُ لَهُ فَتْحٌ عَلي (2)***وأَرْخَصَ التِّبْرَ لِغَالِي العَمَلِ

ص: 310


1- 1216ه. (الناظم). جريمة الوهابية بحق أهالي كربلاء: أي ما قام به الوهابي سعود بن عبد العزيز بن محمّد بن سعود الوهابي النجدي في سنة (1216ه)، حينما جهّز جيشاً من أعراب نجد وغزا به،العراق، وحاصر مدينة كربلاء مغتنماً فرصة غياب جلّ الأهلين في النجف لزيارة الغدير، ثم دخلها يوم (18) ذي الحجة عنوة، وأعمل في أهلها السيف فقتل منهم ما بين أربعة آلاف إلى خمسة آلاف، وقتل الشيوخ والأطفال والنساء، ونهب البلد والحضرة الشريفة، وأخذ جميع ما فيها من فرش وقناديل وغيرها من الذخائر، وهدّم القبر الشريف، واقتلع الشبّاك الذي عليه. (سيأتي في الباب السادس في حوادث كربلاء وتعدادها، فليلاحظ).
2- فتح علي شاه القاجاري: «فتح علي شاه بن حسين قلي خان بن محمّد حسين خان القاجاري، توفي سنة (1250ه)، هو ثاني الملوك القاجاريين [في إيران]، وكان عندما قتل عمه أغا محمد خان في شيراز، فلما بلغه قُتل الملك توجّه إلى طهران وأخمد نيران الفتن، وفي سنة (1212ه) أعلن توليه الملك وآغا محمّد خان هو مؤسس الدولة القاجارية، وعلى يديه انقرضت الدولة الزندية بعد معارك طاحنة بين آخر ملوكها... . كان المترجَم مكرماً للعلماء مفضلاً عليهم، وفي أيامه راج سوق الأدب وظه الشعراء البارعون، ومن آثاره تذهيب أبواب الصحن والقبة المنورة في الحائر، و تفضيض الضريح الحسيني، وبناء مرقد العباس بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء...». (ينظر: أعيان الشيعة: 391/8).

وأَنْشَأَ الصُّدُوْقَ سَاجَاً وَرَقَى***وَجَعَلَ الشُّبَّاكَ فيه وَرَقَا

وَأَلْبَسَ القُبَّةَ ثَوْباً مِنْ ذَهَبْ***وَصَدْرُ إِيْوَان عَلَى البَهْوِ انْتَصَبْ

وَعَمَّرَ القُبَّةَ بِالكَاشَانِي***عَلَى أَبِي الفَضْلِ العَظِيْمِ الشَّانِ

وَجَدَ فِي تَجْدِيدِ مَا قَدْ نُهِبَا***منَ الحُسَيْنِ وَأَخيه المُجْتَبَى

وَتَمَّ ذَا فِي الأَلف والمِئْتَيْنِ***ثُمَّ الثَّلَاثِيْنَ مَعَ اثْنَتَيْنِ

بِهِمَّةِ الكاشِفِ لِلغِطَاءِ***جَعْفَرِ (1) فِي العِلْمِ وَفِي العَطَاءِ

ص: 311


1- الشيخ جعفر ابن الشيخ خضر المالكي الجناجي النجفي كاشف الغطاء: «الشيخ جعفر ابن الشيخ خضر ابن الشيخ يحيى المالكي الجناجي النجفي (قدّس سِرُّه)، الفقيه المشهور، وُلد في النجف في حدود سنة (1154ه) أو (46) كما وجدنا كليهما في بعض القيود، وتوفي يوم الأربعاء عند ارتفاع النهار في (22) أو (27) رجب سنة (1228ه)...، ودُفن في تربته المشهورة في محلة العمارة بالنجف. ...قال تلميذه صاحب (مفتاح الكرامة) في مقدمة كتابه: (الإمام العلّامة المعتبر المقدّس الحبر الأعظم). وفي (روضات الجنات): (كان من أساتذة الفقه والكلام وجهابذة المعرفة والأحكام، معروفاً بالبسالة والإحكام، مروّجاً للمذهب كما هو حقه، وبيده رتقه وفتقه، مقدّماً عند الخاص والعام، معظّماً في عيون الأعاظم والحكام، غيوراً في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقوراً عند الهزاهز والغير مطاعاً عند العرب والعجم في زمانه...). وكان مع ذلك أديباً شاعراً، وخرج إلى إيران، فاحتفى به فتح علي شاه القاجاري ووزراؤه. وصنّف باسمه کتاب (کشف الغطاء عن خفيات مبهمات الشريعة الغراء)... . وكان شديد الغيرة على الطائفة، عظيم العناية بأمورها، كثير المناهضة لخصومها، وقد انبرى للرد على الوهابيين بيده ولسانه لمّا عظم خطرهم على العراق، فردّ غاراتهم عن مدينة النجف، حتى ارتد رئيسهم سعود وأصحابه عنها خائبين، وفتحوا كربلاء عنوة ونهبوها وقتلوا أهلها...، وشرع محمّد حسن خان الصدر الإصفهاني في بناء سور على النجف على يده». (ينظر أعيان الشيعة 4/ 99 - 101، مفتاح الكرامة: 18/1، وينظر ترجمته: معارف الرجال: 233/1 رقم 109 ماضي النجف وحاضرها: 152/3، نقباء البشر: 400 رقم 807 شعراء الغري: 139/3، معجم رجال الفكر والأدب في النجف: 1041/3).

فَقَدْ سَعَى قَصْداً إِلَى طَهْرَان***وَجَدَ لِلْحُسَيْنِ فِي العُمْرَانِ

ص: 312

وَطَافَ فِي طَريقه يُحَرِّضُ***عَلَى البِنَاء مَنْ لَدَيْهِ عُرَّض(1)

ص: 313


1- الإصلاحات التي جرت لعتبات كربلاء المقدّسة على يد الشاه فتح علي القاجاري وهمة الشيخ جعفر كاشف الغطاء: جاء في (دائرة المعارف الحسينية تاريخ المراقد: 127/2، 129-131) أنه في سنة (1227ه) تضعضعت بناية المشهد فكتب أهل كربلاء إلى السلطان فتح علي شاه، فأمر بتجديدها، وتبديل صفائح الذهب وعمل الترسيم، وأهدى شبكة من الفضة لتوضع على قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأمر ببناء قبتي الحسين والعباس (عَلَيهِما السَّلَامُ)وتذهيبهما، وأرسل من يشرف على الإنفاق وعمل الترميم. وفي عام (1232ه) تم إنجاز ما بدأ به السلطان فتح علي من ترميم القبة، وإبدال صفائح الذهب المسودة بصفائح أخرى من الذهب الخالص، كما تمت الإصلاحات التي قامت بها حرم السلطان فتح علي القاجاري من تذهيب الإيوان القبلي من الروضة؛ وفاءً لنذر قطعته على نفسها عام (1229ه)، انتهى. وذكر السيد عبد الجواد الكليدار في كتابه (تاريخ كربلاء وحائر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 263) وقد جرت إصلاحات كثيرة للحائر المقدس من بعد الغارة الوهابية الفظيعة على يد السلطان فتح علي شاه القاجاري، وذلك في عام (1232 ه) بهمّة المرحوم الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء (رَحمهُ اللّه) الذي توجّه لمقابلة الشاه في طهران في أمر تعمير الحائر بعدما هدمته ونهبته الأيادي الوهابية العابثة في الحرم المقدس، ثم أخذ يتجول الشيخ في أنحاء إيران يشجع على التعمير... . وقبل هذا التاريخ قام نجله محمّد علي مرزا القاجاري بتعمير الحائر أيضاً، وتزيين الحرم وتعميره.

ثُمَّ أَتَى النَّاصِرُ لِلدِّيْنِ (1) فَعَمْ***مَشَاهِدَ القُدْسِ بِفَضْلِ وَنِعَمْ

وَابْتَاعَ دُوْراً ثُمَّ زَادَ الصَّحْنَا***وَزَادَ إِعْمَاراً وَشَادَ مَبْنَى

وَأَطْلَقَ الرَّاحَةَ بِالإِنْجَازِ***عَلَى يَدَيْ عَبْدِ الحُسَيْنِ الرّازِي (2)

ص: 314


1- أحمد ناصر الدين: «أحمد ناصر الدین شاه بن محمّد شاه بن عباس میرزا ابن فتح علي شاه... القاجاري، أحد ملوك إيران.... وُلد في صفر سنة (1247ه)، وولي الملك في (18) شوال سنة (1264ه) في تبريز، وقُتل يوم الجمعة (17) ذي القعدة سنة (1313ه) في مشهد السيد عبد العظيم الحسني قرب طهران ودفن هناك». (أعيان الشيعة: 120/3).
2- الشيخ عبد الحسين الطهراني الحائري: «الشيخ عبد الحسين الطهراني الحائري الملقب (شيخ العراقَين). توفي في الكاظمية في (22) رمضان (1286ه)، ونُقل إلى كربلاء، فدُفن في حجرة بجانب الباب الجديد المسمى ب(الباب السلطاني) على يسار الداخل إلى الصحن الشريف، وقد تجاوز عمره الستين. وكان عالماً، فقيهاً، أصولياً، رجالياً، أديباً، حافظاً للشعر العربي، حاوياً لجملة من الفنون. هاجر أبان الطلب من طهران إلى النجف الأشرف، وأخذ عن الشيخ مشكور الحولاوي، والشيخ عيسى زاهدٍ [و] صاحب (الجواهر)، ورجع بعد إجازته إلى طهران فرأس وتصدر فيها، وتقدم عند الشاه ووزرائه، وحصل له القبول عند الخاصة والعامة، ثم خرج منها بأهله وسكن كربلاء سنة (1280ه). وفوّض الشاه إليه عمارة المشاهد في كربلاء، والكاظمية، وسامراء، وأقام على تذهيب القبة في سامراء وبناء الصحن وزخرفته، وتوسعة الحرم الحائري». (أعيان الشيعة 438/7 - 439 وينظر ترجمته: الروضة البهية: 260، تكملة نجوم السماء: 86/1 خاتمة المستدرك: 114/2 تكملة أمل الآمل: 228/3 رقم 945، الكنى والألقاب: 390/2 رقم 416، الفوائد الرضوية: 384/1، معارف الرجال: 2/ 34 رقم 213، ريحانة الأدب: 329/3، الكرام البررة: 713 رقم 1307، أحسن الوديعة: 60/1، معجم رجال الفكر والأدب في النجف: 2/ 854).

لَدَى الثَّلَاثِ وَالثَمَانِيْنَ سَنَةْ***وَالمِئَتَيْنِ بَعْدَ أَلْفِ بَيْنَةْ (1)

ص: 315


1- التذهيب الثالث للقبة الحسينية، وما جرى من الإصلاحات والتوسعة في الحائر المقدس بأمر السلطان ناصر الدين القاجاري على يد الشيخ عبد الحسين الطهراني (رَحمهُ اللّه) : وفي عام (1273ه) أمر السلطان ناصر الدين القاجاري بتجديد تذهيب القبة، كما جاء تاريخها مثبتاً في الكتابة الواقعة في الجهة اليمنى من قاعدة القبة عند سطح الروضة المقدّسة... . وفي سنة (1275ه) بدأ الشيخ عبد الحسين الطهراني ببناء إيوان كبير في الجهة الغربية من الصحن في واجهة المسجد الذي أنشأه... . وفي سنة (1276ه) وجّه السلطان ناصر الدين القاجاري ثانية كبير علماء إيران الشيخ عبد الحسين الطهراني؛ لإصلاح وتجديد الصحن الحسيني الشريف، فأمر بتسقيف إيوان الذهب الذي يقع في جهة القبلة - الجنوب -... كما بدأ الطهر بالتخطيط لتوسيع الصحن من جانبه الغربي، وتجديد بنائه، فخطط لبناء مسجد، وإيوان عُرف باسم (ناصر الدين القاجاري)، ومدرستين سُميت إحداهما ب(المدرسة الزينبية)؛ لقربها من التل الزينبي، والثانية باسم (مدرسة الصدر)؛ لأنها بُنيت من ثلث الصدر الأعظم الميرزا تقي خان،النوري، وعلى أثر ذلك قام بشراء البيوت المجاورة للصحن من الجهة الغربية، فبلغت ثمانين بيتاً؛ ليلحقها بالصحن الحسيني الشريف. وفي عام (1283ه) عاد الشيخ الطهراني ثانية إلى كربلاء؛ ليشرف على منجزات ناصر الدين القاجاري، في بناء وإعمار وتوسعة المرقد الحسيني الطاهر وبالذات المسجد والإيوان الواقعين إلى الجهة الغربية من الصحن الشريف، وبذا يكون قد عمّر تمام الجانب الغربي من الصحن الشريف، وألبسه بالقاشاني الملون كما فرشه بالرخام اليزدي الأبيض، وبذلك فقد توسع الصحن بما يقرب من ستة أمتار. وفي عام (1287ه) زار السلطان ناصر الدين شاه القاجاري المرقد الحسيني... فأنعم على المجاورين للروضة الحسينية، كما أهدى للروضة المقدّسة فصاً من الألماس مكتوباً عليه سورة الملك... . (ينظر : دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد : 160/2 - 164، 170 - 174). وقد نقل الميرزا الشيخ حسين النوري في كتابه (دار السلام) حكاية عجيبة حدثت في عصر الشيخ الطهراني عند إشرافه على أعمال التوسعة التي جرت لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وبالخصوص الجهة الغربية من الصحن الشريف وهي: «لما اشترى الأستاد العلّامة الشيخ عبد الحسين الطهراني - اعلى اللّه تعالى في الخلد مقامه - الدور الواقعة في السمت الغربي من الصحن المقدس الحسيني - على ساكنه ألف سلام - المتصلة به وأدخلها فيه أمر بأن يجعل فيما زيد فيه سراديب للأموات كما في الصحن المقدس،الغروي، فصار قريباً من ستين سرداباً ما بين الصغير والكبير، واشتغل الناس بدفن أمواتهم فيه، فلما مضى على ذلك برهة انكشف أن الطاق الذي كان فوق تلك السراديب لا يطيق ثقل الناس الذي يمشون عليه، فأمر ثانياً بهدمه وبنائه ثانياً، وحيث دُفن فيها جم غفير أمر بأن يهدم واحداً ويُبنى عليه، ثم يهدم الآخر، وكل سرداب أرادوا هدمه ينزل واحد فيغطي ما وضع فيه بالتراب الذي كان فيه لذلك؛ لئلا تهتك حرمة الأموات، فاشتغلوا به، فلمّا وصلوا إلى السرداب المقابل للضريح المقدس نزل بعضهم للشغل المتقدم، فرأى أن الأموات الذين فيه قد انقلبوا فصار رأسهم الذي كان من جهة الغرب في موضع قدمهم الذي كان إلى القبر المطهر، فخرج وأخبر الناس بذلك فاجتمع خلق كثير لا يحصى، فشاهدوا جميعاً وكانوا ثلاثة أحدهم الأميرزا إسماعيل الإصفهاني النقاش، وكان من المشتغلين في الصحن، وكان ولده حاضراً، وقال: أنا أدخلت والدي في القبر ووضعته فيه، وتبيّن للناس أن هذا تأديب من اللّه تعالى عباده [ لعباده - ظ -]، لأن يعرفوا طريق الأدب وسلوك المعاشرة مع أوليائه أولياء النعم (عَلَيهِم السَّلَامُ)». (دار السلام: 150/2).

ص: 316

وَزَارَ بَعْدَ أَرْبَعٍ لِلطَّفِّ***فَوَجَدَ الشَّيْخَ وَقَدْ تُوُفِّي

ص: 317

منْ بَعْدِ مَا شَيَّدَ كَرْبَلَاءا***وَرَوْضَةَ الزَّوْرا وَسَامَرَاءا (1)

ثُمَّ اسْتَمَرَّت التَّجَدُّدَاتُ***تُقَيْمُها المُلُوكَ وَالسَّادَاتُ

فَجَدَّدَ الشُّبَّاكَ سَيْفُ الدِّينِ***طَاهِرُ (2) بِاللُّجَّيْنِ لَا اللَّجِيْنِ (3)

وَصَاغَ بِالشُّبَاكِ عِنْدَ الرَّأْسِ***دَائِرَةً مُنِيْرَةً كَالشَّمْسِ

مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرَهَا تَقْدِيرًا***وَصَبَّ فِيْهَا ذَهَباً جَدِيْرا

فَانْظُرْ لَهَا عَلَيْهِ وَهْيَ تَحْكِي***تِرْساً عَلَى دِرْعٍ بَدِيعِ الشَّبْكِ

إشَارَةً مِنْهُ إلَى افتدائهِ***بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ من أدائِهِ

ص: 318


1- تقدّم أنّ الشيخ قد توفي في سنة (1286ه)، وأنّ السلطان المذكور زار الحائر في سنة (1287ه)، وكان إنجاز التجديد والبناء سنة (1283ه)، فتكون زيارته جاءت بعد 4 سنوات من تاريخ الإنجاز، فوجد الشيخ الطهراني (رَحمهُ اللّه) قد توفي، كما ذكر الناظم (رَحمهُ اللّه).
2- السلطان سيف الدين طاهر بن محمّد برهان الدين الإسماعيلي، الداعية المطلق لطائفة البهرة الداودية الهنود.
3- اللُجين - بالضم - : الفضة. (ينظر لسان العرب: 379/13). أما اللَجِين، بفتح اللام وكسر الجيم: الخبط، وذلك أن ورق الأراك والسلم يخبط حتى يسقط ويجف ثم يدق. (ينظر : لسان العرب: 378/13).

فَلَاحَ مِنْهَا حُبُّهُ الصَّريحُ***وأرَّخُوا (قَدْ بَرَجَ الضَّرِيْحُ) (1)

وَجَدَّدَ المَنَارَةَ المُنْقَضَّة***بِالذَّهَبِ الإِبْريزِ لَا بِالفَضَّة

مِنْ بَعْدِ مَا اسْتَأْصَلَها بِالنَّقْضِ***مِنْ رَأْسِهَا إِلَى تُخُوْمِ الْأَرْضِ

وَسَلَّطَ المَاكِنَةَ المُخْتَصَّةْ***كَيْ تَمْتَحَ النَّزَّ (2) وَكَيْ تَمْتَصَّة

ثُمَّ بَنَاها مُحْكماً أَسَاسَها***مُرَخَّماً بَدَنَها وَرَاسَها

ص: 319


1- 1358ه. (الناظم). الشبّاك المقدّس لمرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): وفي سنة (1355ه) قام السلطان طاهر سيف الدين بزيارة مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كعادته، فأمر بصنع ضريح من الفضة في الهند ليقام على مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد تم صنعه عام (1358ه). وفي نفس السنة أي - 1358ه - تم نصب الشبّاك الفضي على الضريح المقدّس، وقد أقيم احتفال عظيم بهذه المناسبة حضره السلطان طاهر سيف الدين بنفسه، وأنشد الشعراء وأرّخوا صنع الضريح منهم عبد الكريم النايف، ومؤلّف الكتاب (رَحمهُ اللّه). وهناك وصف واف لهذا الشبّاك فمن أراده فليراجع (دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد : 2/ 318- 322). (ينظر : دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد : 311/2، 317).
2- النّز: ما تحلب من الأرض من الماء. (ينظر : لسان العرب: 416/5).

وَدَسَّرَ (1) المَعْدنَ فَوْقَ البَدَن***وَأَفْرَغَ الأَبْرِيزَ فَوْقَ المَعْدن

حَتَّى اجْتَلَاهَا ذَهَباً مُهَذَّبا***فَدًا وَأَرَّخُوا (أَنَارَتْ ذَهَبا) (2)

وَهُدِّمَتْ مَنَارَةُ العَبْدِ فَلَمْ***يَبْقَ لَهَا مِنْ أَثَرٍ وَلَا عَلَمْ

لقَوْلِهِمْ بِأَنَّ عَظْمَها وَهَنْ***في السِّتّ وَالخَمْسِيْنَ مِنْ هَذَا الزَّمَنْ

بَلَى تَبَقَّى مُحْكَمُ الأسَاس***شَمَالَ مَنْ يَمْضِي إِلَى العَبَّاسِ

مُتَّصِلاً مَعَ الجِدَارِ الغَرْبِي***في باب صَحْنِ السَّبْطَ أَوْ فِي القُرْب

ص: 320


1- دسر : الدفع الشديد. (ينظر : لسان العرب: 284/4).
2- 1360ه. (الناظم). المئذنة الغربية للحائر الحسيني: وفي سنة (1355ه) قام السلطان طاهر سيف الدين بزيارة مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كعادته، فرأى أنّ المئذنة الغربية للروضة الحسينية مائلة ومشرفة على السقوط، فأمر بهدمها وتشييد أخرى في محلها. وفي عام (1356ه) تم هدم المئذنة الغربية، وعندها وجدوا أصولها متينة فقرروا التشييد عليها. وقام السلطان طاهر سيف الدين أيضاً في عام ( 1360ه / 1941 م) بطلاء المئذنتين بقشرة خفيفة من الذهب من مستوى أرضية سطح الحضرة إلى قمتها. (ينظر : دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد : 311/2، 313، عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية: 127).

وَرُبَّما يُزَالُ كَالسَّبِيْل (1)***إِنْ بني الصَّحْنُ عَلَى التَّعْدِيْل (2)

ص: 321


1- هو سبيل أحمد سيأتي ذكره في الفصل التالي: (الفصل الثامن والعشرون: في ذكر الساعات ومنارة العبد والسبيل).
2- تاريخ هدم منارة العبد: إن للدكتور عبد الجواد الكليدار (رَحمهُ اللّه) قولاً في هدم هذه المئذنة التاريخية في کتابه تاريخ كربلاء وحائر الحسين (243 - 244 نورده للفائدة، وهذا نصه: عاشت هذه المئذنة التاريخية العتيدة ستة قرون نقية سالمة، بعيدة كل البعد عن الآفات والطوارئ الزمنية من يوم تشييدها في عام (767 ه) إلى عام (1354 ه) [على قول الدكتور]، وهو آخر سنة من عمرها على وجه الأرض في صحن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فتناولتها معاول الهدم في تلك السنة فهُدمت مرة واحدة من قمتها إلى أساسها في تخوم الأرض، والسبب في ذلك؛ أنهم قالوا: ظهر عليها الإعوجاج فأصبحت مائلة للانهدام فيجب هدمها قبل أن تسبب كارثة للحائر المقدّس، هذا ما سمعناه؛ لأننا كنا يومئذ خارج العراق في الاصطياف، فهدمت على الأثر تواً ولم يبق لها اليوم غير هذه الصورة التي أخذت عنها وهي في حالة التهديم، ولكن من الذي حكم في أنها مائلة للانهدام لا نعلم. وهل كانت مائلة للانهدام في الحقيقة؟ لا نعلم وعلى فرض أنها كانت مائلة إلى الانهدام وكان يجب هدمها كانت مائلة إلى الأساس وما كان يزول خطرها إلا باقتلاعها درءاً للخطر، فهل هي من جذورها؟ لا نعلم؛ لأن ذلك من الأمور الفنية والفن يقرر عندنا مصير كل شيء، فهو الذي يمكن أن يحكم هل في بقائها،خطر، أو هل هذا الخطر على فرض وجوده هو إلى حد ميلان المئذنة أو إلى حد أساسها في تخوم الأرض. تلك أمور فنية لا يمكن لأحد النقاش فيها، وربما الفن هو الذي قرر وجوب هدمها إلى الأساس، ومن يعلم؟ أمّا تقوّلات الناس عن أقوال الخبير المصري الذي استُقدم في ذلك التاريخ من مصر؛ لتنظيم شؤون الأوقاف، وجلبه صورة السجلات الأصلية من أستانبول، وعثوره فيها على قيود لأوقاف حسينية تخص مئذنة العبد المذكورة وجامعها، إلى غير ذلك من هذه الأقوال المختلفة الكثيرة التي تتقول بها الناس من ذلك الحين إلى الآن بأنها كانت هي السبب في إزالة تلك المئذنة التأريخية العتيدة من عالم الوجود، فإن كل ذلك أقوال أو شبه تكهنات لم تتمكن إلى الآن من الوصول إلى حقيقتها. غير أنه كان لمئذنة العبد وجامعها مرتبان رسميّان في العهد العثماني وفي هذا العهد، فمن أي مورد كان يُصرف عليها إذن؟ لا نعلم. وعلى كل حال، فإذا كان لتقوّلات الناس وأحاديثهم اليومية ظل من الحقيقة فلا بد وأنها تظهر، وإلا فتزول زوال المئذنة نفسها من عالم الوجود، ولم يبق منها اليوم سوى الحيّز الذي كانت تشغله في تلك الزاوية من الحائر، ولا زال محلها يتميز بلون الكاشاني الذي يختلف عن كاشاني جانبيه في اللون والصفة، وهذا كل ما بقي لها من أثر محسوس في صحن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). ...وظهرت في الآونة الأخيرة فكرة جديدة في ظاهرها وقديمة في أصلها؛ لأنها ترجع بالأصل إلى يوم هدم مئذنة العبد التاريخية قبل خمس عشرة سنة، وهذه الفكرة ترمي اليوم إلى توسيع الصحن المطهر من جهة الشرق؛ لرفع الركنين البارزين في الزاوية الجنوبية الشرقية والزاوية الشمالية الشرقية، حيث في هذه الأخيرة كانت تقع مئذنة العبد المذكورة، ولا زال أثر موقعها ظاهر على جدار الصحن باختلاف لون الكاشي الجديد المنصوب في محلها عن الكاشاني القديم المستعمل على جانبيه. فإذا رفعوا الركنين المذكورين كما هو المقصود اليوم زال نهائياً كل أثر للمئذنة المذكورة، فتصبح كأنها ما كانت في عالم الوجود ولا رآها أحد كما نبه إليه [الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) ]...». ملحوظة: اُختُلف في تاريخ هدم هذه المئذنة التاريخية، فمنهم من ذكر تاريخ هدمها في سنة (1354ه) وهو قول الدكتور عبد الجواد الكليدار في كتابه (تاريخ كربلاء وحائر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 243)، والسيد محمّد صادق آل بحر العلوم (رَحمهُ اللّه) في كتابه وفيات الأعلام (مخطوط): 366 عند ذكر وفاة حميد خان بن أسد خان حيث قال ما نصه: «توفي حميد خان ابن أسد خان المذكور سابقا في بغداد يوم (26) من ذي الحجة سنة 1363 ونقل إلى كربلا ودفن في الصحن الشريف الحسيني قرب المنارة في المقبرة وقد هدمتا سنة 1354 توسعة للصحن الشريف». وذكره بعضهم في سنة (1356ه) كالعلّامة الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) في أرجوزته المذكورة، وممن ذهب إلى هذا الرأي أيضاً الخليلي في (موسوعة العتبات المقدّسة / قسم كربلاء: 267/8) حيث قال: «وقد ظلت هذه المئذنة قائمة في مؤخرة الحائر المقدس وسط الجانب الشرقي من الصحن، حتى هدمت عن جهل وضلال في عام (1937م) [أي سنة 1356ه] بحجة ميلانها إلى الانهدام، وكانت مئذنة متينة البنيان يبلغ قطر قاعدتها حوالي عشرين متراً، وترتفع إلى ما يناهز الأربعين، كما كانت مزينة بالفسيفساء النادر والقاشاني البديع». وأمّا السيد محمّد حسن الكليدار آل طعمة فإنه ذكر في كتابه (مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): (35/1) «وفي عام (1357ه) أمر ياسين الهاشمي رئيس الوزارة العراقية يومذاك بهدم هذه المئذنة؛ بحجة استلام مديرية الأوقاف العامة تقارير تنبئ باحتمال سقوطها إذا لم يتدارك أمرها بالإصلاح، وقد قوبل أمر الهدم بالاعتراض...». وقد ترجح لدينا قول الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) في تاريخ هدمها (1356ه)؛ وذلك لأنه صاحب فن في التواريخ، ويظهر ذلك من خلال أرجوزته التي بين يديك ولأنه كان معاصراً لهذا الحدث، واللّه العالم.

ص: 322

ص: 323

ص: 324

الفصل الثامن والعشرون: في ذكر الساعات ومنارة العبد والسبيل

وَكُلُّ مَنْ شَادَ بِنَاءَ السِّبْط***شَادَ بَنَا أَخيْه بَيْنَ الرَّهْط (1)

ص: 325


1- «وتولى تشييده - مرقد العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) - كل من تولى تشييد صرح الروضة الحسينية في الأدوار المتعاقبة من ملوك وأمراء ورجال إصلاح. ويروي لنا التاريخ أن الديالمة (آل بويه)... أوّل من بادروا بتخليد ذكرى الحسين وأخيه العباس (عَلَيهِم السَّلَامُ) في كل عام في العلن وخاصة على عهد السلطان عضد الدولة البويهي الذي أعلن التشيّع، وشيّد عمارة الروضة العباسية والقبة المنورة. وقد تمصّرت كربلاء مجدداً عام (372) ه) على عهد السلطان عضد الدولة بن ركن الدولة المذكور. أمّا في عهد الصفويين فقد تقدم العمران في الروضة العباسية تقدماً محسوساً، حيث قام الشاه طهماسب الصفوي بتزيين القبة السامية بالقاشانى سنة (1032 ه)، وبنى شبّاكاً على الصندوق ونظّم الرواق والصحن، وبنى البهو أمام الباب الأولى للحرم، وأرسل الفرش الثمينة من صنع إيران. وفي سنة (1153ه) أهدى نادر شاه إلى الحرم المطهر تحفاً كثيرة، وزيّن بعض تلك المباني بالقوارير. وفي سنة (1172ه) زار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وزيره الشهم، فجدد صندوق القبر، وعمّر الرواق، وأهدى ثريا يوضع فيها الشمع؛ لإنارة الصحن الشريف. وفي عام (1236ه) أمر السلطان محمّد شاه بن عباس میرزا بن فتح علي شاه القاجاري بصنع شبّاك فضي الضريح العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ). وفي سنة (1259 ه) عمّر بقعة حرم أبي الفضل (عَلَيهِ السَّلَامُ) سلطان مملكة أود في الهند، وهو محمّد علي شاه ابن السلطان ماجد علي شاه». (ينظر: تراث كربلاء: 61 - 62).

فَهْوَ العفرنَاةُ (1) الشَّدِيدُ البَاسِ***وَمَنْ تَرَى كَالضَيْغَمِ العَبَّاسِ؟!

هَذَا وَفِي الصَّحْنَيْنِ سَاعَتَانِ***جهَة القبْلَة تُرْفَعَان

عَلَى بِنَاءِ البَابِ فِي كَرَاسِي***لَدَى الحُسَيْنِ وَلَدَى العَبَّاسِ

صَدَاهُمَا مُجَاوِزُ للْحَدِّ***جَاءَ بِكُلٍّ بَعْضُ أَهْلِ الهَنْدِ (2)

ص: 326


1- والعفرني الأسد، وهو فعلنى؛ سُمي بذلك لشدته. ولبوة عفرنى أيضاً أي شديدة... وناقة عفرناة أي قوية... وأسد عفر وعفرية وعفارية وعفریت و عفرنی شدید قوي، ولبوءة عفرناة إذا كانا جريئين، وقيل: العفرناة الذكر والأنثى من القوة والجلد. ويقال: اعتفره الأسد إذا فرسه.... ويقال: إنه لأشجع من ليث عفرين...، وقيل لكل ضابط قوي ليث عِفرين بكسر العين، والراء مشددة. (ينظر لسان العرب: 4/ 587 – 588)
2- ساعات الصحنين الحسيني والعباسي: ساعة الصحن الحسيني الشريف تعلو باب القبلة في جهة القبلة للروضة في منتصف الضلع الجنوبي. وقد رُفع هذا الباب في السنوات الأخيرة ونُصب محله باب جديد، ويُعد هذا الباب أقدم الأبواب الأخرى في الروضة الحسينية، وتجلس هذه الساعة على برج ارتفاعه من أعلى الساعة إلى مستوى أرضية الصحن (25م). أمّا الساعة التي تعلو البرج المنصوب على سطح مدخل بوابة قبلة المولى أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فتُعد من الساعات التراثية القديمة، إذ يرجع تاريخها إلى عام (1890 م)، وتوجد مثيلاتها في بناية القشلة (منطقة الحيدر خانة) في بغداد وساعة الروضة الكاظمية المقدّسة، وكانت تنتصب على مدخل هذه البوابة وعلى جانبي برج الساعة منارتان صغيرتان، كتلك الموجودة فوق الحرم الكاظمي المقدس مغلفتان بالكاشي الكربلائي، وقد أزيلتا بعد التطوير في الربع الأخير من القرن العشرين الميلادي. ارتبط مصير هذه الساعة بمصير الروضة العباسية المشرفة، فقد تعرضت الروضة المطهرة إلى القصف في العهد العثماني، وتعرضت الساعة هي الأخرى أيضاً لهذا القصف المعادي لتراث أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، مما أدى إلى تعرضها للعطل. كما تعرضت إلى التخريب خلال الانتفاضة الشعبانية عام (1991 م / 1411 ه)، بعد أن قام أزلام النظام المقبور بقصف عشوائي بالمدفعية الثقيلة طال الروضة الشريفة، حيث أصيبت القبة الطاهرة للمولى أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقذيفة مدفع ثقيل، وأصيب برج الساعة من جراء ذلك القصف الغادر. (ينظر: الفصل التاسع والعشرون والثلاثون من هذا الباب في وصف الأبواب للصحنين المطهرين).

ص: 327

وَجَاءَ الحُسَيْنِ فِي هَذِي السَنَةْ***بَعْضُهُمْ بِسَاعَةٍ مُسْتَحْسَنَةْ

فَنُصِبَتْ بَيْنَ سَبِيْلِ أَحْمَدُ***وَمَأْذَنِ العَبْدِ فُوَيْقَ الْمَسْجِدِ (1)

فَمَأْذَنُ العَبْد عَرَفْتَ حَالَهْ وَأَنَّهُ المَنَارَةُ المُزَالَة (2)

ثُمَّ السَبِيْلُ قَدْ بَنَاهُ أَحْمَدْ***إِبْنُ النَّجِيْب (3) واسْتَقَامَ يُوْرَدُ

حِيْنَ بَنَى النَّجِيْبُ فِي صَحْنِ النَّجَفْ***فَتَابَعَ الإِبْنُ أَبَاهُ وَانْعَطَفْ

فَالأَبُ فِي الأُولَى (4) وَذَا فِي الرابعة (5)***مِنْ بَعْدِ سِتَّيْنَ لَهَا مُتَابِعَة

ومِئَتَيْنِ بَعْدَ أَلْفِ الهِجْرَةْ***وَبَعْدَ مَا أَبْدَى النَّجِيْبُ الهجرةْ (6)

ص: 328


1- لم نقف على مصدرٍ يذكر تاريخاً لنصب تلك الساعة التي وصفها الناظم بالمستحسنة فيما لدينا من المصادر.
2- تقدّم في أول الباب (في ذكر البناء ومن بناه...)، فلينظر.
3- هو أحمد شكري بك نجل والي بغداد محمّد نجيب باشا. (الآتي ذكره في الأبيات الشعرية لعبد الباقي العمري، مؤرّخاً السبيل ومن أنشأه).
4- أي: سنة (1261ه).
5- أي: سنة (1264ه).
6- السبيل= (سبيل أحمد): وفي عام (1261ه) وبالتحديد في العاشر من المحرم شيّد أحمد شكري حوضاً سلسبيلاً في الجهة الجنوبية من الصحن الشريف عند مدخل باب القبلة، وعند افتتاحه وضع فيه السكّر وسقى الألوف من الزوار وأنشأ في ذلك الشاعر عبد الباقي العمري مهنئاً أحمد شكري ومؤرّخاً ذلك بقصيدة كُتبت على البلاط القاشاني ووُضعت فوق الحوض. (ينظر : دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 151/2) ملحوظة: كذا ورد تاريخ إنشاء السبيل في سلسلة المعارف الحسينية، وكذا في شعر عبد الباقي العمري والذي أرّخ تاريخ إنشائه فقال: (لأحمد الحوض مع السلسبيل) وهو يساوي (1261ه)، وقد تبيّن من شعر الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) أن تاريخ البناء كان (1264ه)، ولعلّ التاريخ الأول هو تاريخ البدء، والثاني تاريخ الإنهاء. وقد ذكر السيد محمّد حسن آل كليدار أيضاً في (مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 325/4- 326): أن إتمام ذلك أي بناء السبيل - كان في يوم عاشوراء سنة(1264ه).

فَقَبْلَ سِتٍّ (1) رَمْيَةُ النَّجِيْبِ***لِكَرْبَلَا بِالحَادِثِ العَجِيْبِ

كَمَا يَجِيءُ ذَاكَ فِي الحَوَادِثِ***عِنْدَ افْتِتَاحِ بَابِها لِلْبَاحِثِ (2)

ص: 329


1- أي: سنة (1258ه).
2- سيأتي في الباب (السادس: في حوادث كربلاء وتعدادها)، فلاحظ.

وأرَّخَ السَّيْلَ عَبْدُ البَاقِي(1)***بشعره المَشْهُور في الآفاق (2)

ص: 330


1- الشاعر عبد الباقي العمري الفاروقي الموصلي: عبد الباقي بن سليمان بن أحمد العمري الفاروقي الموصلي (1204 - 1279 ه / 1790 - 1862 م)، شاعر، مؤرّخ. وُلد بالموصل، ووُلي فيها ثم ببغداد أعمالاً حكومية، وتوفي ببغداد له (الترياق الفاروقي - ط) وهو ديوان شعره، و (نزهة الدهر في تراجم فضلاء العصر)، و (نزهة الدنيا - خ) ترجم فيه بعض رجال الموصل من معاصريه، و (الباقيات الصالحات) قصائد في مدح أهل البيت، و(أهلّة الأفكار في مغاني الابتكار). (الأعلام: 3/ 271- 272).
2- شعر عبد الباقي العمري في تأريخ السبيل: «وقال – عبد الباقي العمري - مهنئاً ومؤرخاً لما أنشأ أحمد شكري بك أفندي سليل حضرة المشير (محمّد نجيب باشا) في قصبة كربلاء في صحن حضرة سيد الشهداء الحوض والسلسبيل، وكان إتمام ذلك في يوم عاشوراء، وطرح فيه قناطير من السكر، فشرب الزوار وكانوا ألوفاً مؤلّفة، وقد أمر بتحرير هذه الأبيات فوق ذلك الحوض بالكاشي، فحررت بالخط الحسن: أحمدُ من أنشأ هذا السبيلْ***وروق المنهلَ لابنِ السبيلْ ما هو إلا ذو العلى (أحمد***شكري) له يستقصي جيلاً فجيلْ نجلَ محمّدَ النجيبُ الذي***في الوزراء ما لهُ من عديلْ محافظ الزوراء في حكمِهِ***بالعدلِ عن طرقِ الهدى لا يميلْ مشير بغداد بآرائه***معظَمُ القدر الخطيرُ الجليلْ وفي مساعيهِ الحسانِ اقتدى***مخدومُه هذا النبيهُ النبيلْ ويومَ عاشورا غداً زائراً***سليلَ ساقي الحوضِ نعمَ السليلْ من أمهِ بضعةِ طهَ التي***في العالمينَ ما لها منْ مثيلْ وجدِهِ روحِ الوجودِ الذي***تشرّفَ الروحُ بهِ جبرئيلْ فشاهدَ الزوار تأوي إلى***مشهدهِ الأعلى القبيلِ القبيلْ فأترع الحوضَ لهم سكراً***مزاجُهُ الكافورُ والزنجبيلْ حوضُ هو الكوثرُ في عينهِ***على حسينٍ مثلُ دمعي يسيلْ عذبٌ فراتٌ ذاك لكنّ ذا***ملحٌ أجاجٌ ماؤه مستحيلْ صعّدُه حزني ووجدي وقدْ***صوّبه مني البكا والعويلْ كأنّه عين الحياةِ التي***لاحظتِ الخضرَ بعمرٍ طويلْ مسلسلاً يروى حديثَ الشفا***عنْهُ وقد صحَّ شفاءُ العليلْ کم صادرٍ عنهُ وكم واردٍ***منْهُ لقد برّدَ فيهِ الغليلْ كالشهدِ في الصحنِ حلا ذوقُهُ***فراتُه بلُّ الصدى منْهُ نيلْ في كلّ ثغرٍ ساغَ سلسالُه***فشاعَ في الريِّ وفي أردبيلْ أجرى له وقفاً وفي ما جرى***قد نالَ أجراً وثواباً جزيلْ ورّق لما راقَ تاريخَهُ***(لأحمد الحوض معَ السلسبيلْ) سنة 1261 ه ». (موسوعة العتبات المقدّسة / قسم كربلاء: 227/8 - 229، وفيها (سنة 1264ه) والصحيح ما أثبتناه بحساب الجمل).

ص: 331

ص: 332

الفصل التاسع والعشرون: في ذكر أبعاد الشباك والروض والرواق والبهو والصحن

وَطُولُ مَا أَوْفَى مِنَ الشُبَّاكِ***عَلَى ضَريحِ ابْنِ النَّبِيِّ الزَّاكِي

والعَرْضُ عَشْرٌ وَثَمَانِ بِاليَدِ***يَنْتَأُ فِي الطُّولِ ضَرَيْحُ الوَلَدِ

والطُّوْلُ لِلرَّوْضَةِ بِالإضافة***يُقَارِبُ السَّتّيْنَ بِالمَسَافَة

والعَرْضِ قَدْ نَاهَزَ للخَمْسِينَا***وَذَاكَ تَقْرِيْبٌ عَلَى القَاصِيْنَا

والطُّولُ للرِّوَاقِ لا يَقلُّ***عَنِ الثَّمَانِيْنَ وَلَكِنْ يَعْلُوْ

والعَرْضُ سَبْعُوْنَ وَرَبَّما اخْتَلَفْ***بِاليَدِ لَكِنْ ذَا بِذَرْعِ انْتَلَفْ

والوَسَطُ الرّاقي من الرِّوَاقِ***عَشْرٌ عَلَى حَالَاتِهِ البَوَاقِي

والطُّوْلُ للبَهُو ثَمَانُوْنَ يُحَدْ***والعَرْضُ عَشْرٌ وَاثْنَتَانِ في العَدَدْ

وَالبَابُ في جَنَّته ثَمَانِيَةْ***مَفْتُوحَةٌ لوافد عَلَانِيَةْ

تُلْثُهُ الصَدْرُ وَمَنْ قُدَّامِهِ***بَابٌ وَآخَرُ لَدَى أَقْدَامِهِ

واثنانِ في الجَنْبَيْن باتِّفاقِ وَوَاحدٌ مِن خَلْفِ للرِّوَاقِ

ص: 333

وللرِّواق تِسْعَةٌ أَبْوَابُ***يَدْخُلُ منها الزَّائِرُ الأَوَّابُ (1)

ثُلُثُهُ فِي البَهْوِ وَالبَوَاقِي***فِي الصَّحْنِ لِلْغُرُوبِ وَالإِشْرَاقِ

وَالطُّوْلُ فِي الصَّحْنِ وَفِي المِئْتَيْنِ***ونُقِّص العَشْرُ مِنَ الجَنْبَيْنِ

وَالعَرْضُ لِلسَّبْعِيْنَ يَأْتِي وَالمِئَةْ***وَذَاكَ تَقْرِيبٌ لَهُ وَتَوْطِئَة

وَالوَسَطُ الأَكْثَرُ أَرْبَعُوْنَا***وَقَدْ يُرَى مِنْ جهةٍ مَخْزُونا

وَجَعَلُوا أَبْوَابَهُ ثَمَانِيَةْ***لَكِنَّ سَبْعَةً بَدَتْ عَلَانِيَةْ (2)

ص: 334


1- أوّاب: كثير الرجوع إلى اللّه (عزّوجلّ) من ذنبه. والأوبة: الرجوع، كالتوبة. والأوّاب: التائب. (ينظر : لسان العرب: 1/ 218 - 219).
2- هذا الوصف للعتبة الحسينية المطهرة ينطبق على المدة الزمنية التي عاصرها الناظم (رَحمهُ اللّه)، وقد أجريت خلالها وبعدها مراحل عدة من التجديد والعمران والبناء إلى أن أصبح على ما عليه في وقتنا الحاضر. لذا ارتأينا أن نورد هنا وصفين للحائر الحسيني على مشرفه أفضل التحية وأشرف السلام، أحدهما في عصر المؤلّف (رَحمهُ اللّه) والآخر في وقتنا الحاضر ابتغاءً للفائدة، فإليكهما: أ- وصف الحائر الحسيني في عصر المؤلّف: وصفُ الحائر الحسيني كما أورده السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة (رَحمهُ اللّه) (1299 ه – 1380ه) سادن الروضة الحسينية المطهرة في كتابه (بغية النبلاء في تاریخ كربلاء: 51 -55)، وهو معاصر للناظم (رَحمهُ اللّه)، وهو خير وصف من خبير، وقد نقلناه بتصرف يسير، قال: «وهو على شكل مستطيل، طوله قرابة سبعين متراً في عرض يقارب (55) متراً، وللمسجد (7) أبواب ضخمة جميلة الوضع، وعلى كل باب طاق مرتفع بالحجر المعقود بالحجر القاشاني، وكل باب ينتهي بك إلى حي من أحياء المدينة. وفناء المسجد كله فضاء واسع فسيح الأرجاء، مفروشة أرضه بالرخام الأبيض الناصع وكذلك جدرانه، فإن وجه أسفله منشأ بالرخام إلى طول مترين، وما فوق مبني بالقاشاني الجميل القطع والنحت، ويحيط بفناء الصحن جدار يحصنه قد أقيم عليه كلفتان وفي الطبقة السفلى قرابة (65) غرفة جملية أمام كل غرفة إيوان ذو سقف معقود بالقاشاني. وفي وسط فناء الصحن الروضة المقدّسة، وهو من أعجب المباني وأتقنها وأبدعها شكلاً، وأوفرها حظاً بالمحاسن، أخذت من كل بديعة بطرف، يُدخل إليها من أبواب عدة لا مجال لذكرها، وأشهر أبوابها باب القبلة، ويُطلق لفظ باب القبلة على باب الصحن الشريف، أما باب الروضة يُطلق عليه باب إيوان الذهب وهو من الفضة الفنية الصياغة، وفي جوانبه سهوات محكمة البناء، بديعة الشكل على هيئة التجاريب [المحاريب]، مرصّعة بقطع من المرايا تأخذ بمجامع القلوب، أمامه صفّة مفروشة أرضها بالرخام، وكذلك جدارها الأدنى، فإنه مؤزّر بالرخام إلى مترين رُصّع كله بالزجاج ترصيعاً هندسياً يقلّ نظيره. وسقف هذه الصفة قائم على دعائم محكمة من الساج، وهذا الباب ينتهي من الداخل إلى رواق يحيط بالحرم (الروضة) من جميع جهاتها، وعن يسارك تجد قبر حبيب بن مظاهر الأسدي وعليه مشبّك من الشبه، فتدخل باستقامة إلى باب آخر من الفضة الناصعة العجيبة الصياغة إلى مقام محكم الصنع عظيم يأخذ بتلابيب الأفهام، وتدهشك الزخارف البديعة والمرايا المتلألئة، وهو الروضة أو الحرم الذي يضم قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وطوله ( 10 ) أمتار و (40) سنتيمتراً، وعرضه (9) أمتار و (15) سنتيمتراً، وفي داخله أنواع التزاويق. ... ومما زادها بهجة وزخرفة وجود الجواهر النفيسة وقناديل الذهب والفضة، وغير ذلك من المعلّقات الغالية الثمن على القبر الشريف التي أهداها إليه ملوك الفرس وسلاطين الهند في عصور مختلفة، ما يعجز قلم البليغ من وصفها والإحاطة بكل ما هنالك من نفائس المجوهرات ونوادر الآثار. وفي وسط الحرم الشبكة المباركة، وداخلها رمم الإمام، والتدوين يُشاهد من وراء مشبّك من الفضة الناصعة، وهو ذو أربعة أركان وفي جانب الطول (5) شبابيك وفي العرض (4) شبابيك، وعرض كل شباك (80) سنتيمتراً، ويتفرع من وسط الجانب الشرقي منه مشبّك صغير من الفضة أيضاً على ضريح ابنه علي الأكبر الذي قُتل معه...، وطول مشبّك الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5) أمتار ونصف متر، وعرضه (4) أمتار ونصف متر، وارتفاعه (3) أمتار ونصف متر، وفي أعلى مشبّك الحسين (16) آنية مستطيلة الشكل مطلاة بالذهب الإبريز، وفي كل ركن من المشبكين رمانة من الذهب يبلغ طولها قرابة نصف مترٍ، وسماء ذلك الحرم مغشاة بقطع من المرايا تأخذ بمجامع القلوب على شكل لا يتمكن من أن يصفه واصف. وفي الزاوية الجنوبية من الحرم قبر الشهداء (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وهم ملحدون في ضريح واحد، وهذا الضريح وُضع علامة لمكان قبورهم، وهم في التربة التي فيها قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). ووجه تلك الزاوية مشبّك من الفضة الناصعة، طوله أربعة أمتار و (80) سنتمتراً، وهو عبارة عن (5) شبابيك، عرض كل واحد منهم (75) سنتمتراً، وارتفاعه متراً و (70) سنتمتراً. ويغطي الحرم كله قبة شاهقة مغشّاة من أسفلها إلى أعلاها بالذهب الإبريز، وفي محيطها من الأسفل (12) شبّاكاً، عرض كل شبّاك متراً واحداً من الداخل ونصف متر من الخارج، ويبلغ ارتفاع القبة من أسفلها – أي من سطح الحرم إلى أعلاها - قرابة (15) متراً، وفي هذا الجامع ثلاث مآذن كبيرة يناطحن السحاب بارتفاعهنّ صعداً في الهواء: اثنتان منها مطليتان بالذهب الوهاج، وهما حول الحرم، والثالثة مبنية بالقاشاني، وهي ملتصقة بالسور الخارجي من الجانب الشرقي. وهناك أيضاً ساعة كبيرة مبنية على برج شاهق يراها الرائي من كل مكان قصي. وصفوة القول: إن الكاتب مهما أوتي من البلاغة والفصاحة والإجادة في الوصف، لا يمكنه أن يصف كل ما في هذا المسجد الضخم من الأبنية والتزيينات». ملحوظة: مرّت ترجمة (مرجان) الذي تُنسب إليه (منارة العبد) في أبيات الباب الخامس: في ذكر البناء ومن بناه، عند ذكر بناء السلطان أويس بن الحسن الجلائري. فلينظر. أبواب الصحن الحسيني: وذكر (رَحمهُ اللّه) في صفحة (199 (171) أبواب الصحن الحسيني، بقوله: «تم في سنة (1948م) فتح ثلاثة أبواب جديدة للصحن الشريف، ويجدر بنا قبل الكلام عن هذه الأبواب ذكر أبواب الصحن الحسيني القديمة... . إنّ للصحن الحسيني ستة أبواب قديمة مصنوعة كلها من الأخشاب الفاخرة، وتعلو كلاً منها عقادة من القاشاني البديع المزخرف تزوقها آيات قرآنية أو أبيات شعرية، وتقع على جانبي مداخلها مقابر بعض العلماء والسادات، وهي: 1 - باب القبلة ويقع في الوجه القبلي للحضرة في منتصف الضلع الجنوبي منه، ويبلغ طول برج مدخله (15) متراً، وعرض قاعدته (8) أمتار. أما الباب فيبلغ ارتفاعه حوالي (5،5) متر وعرضه ثلاثة أمتار ونصف متر. ويعدّ بناؤه من أقدم الأبواب الأخرى في الحائر، وقد رُفع هذا الباب حديثاً، ونُصب في محلّه باب جديد ضخم مزخرف بالحفر البارز، وتحيط إطاراته زخارف نباتية معمولة من الخشب وقد زُوّق أعلاه بأبيات شعر بالفارسية نقشت بالميناء والفضة، وهذا الباب أكبر من سابقه، وقد نُصب في النصف من شعبان سنة (1385 ه)، وهو مُهدى من قبل خالق زادكان. 2- باب الزينبية: ويقع في الجهة الغربية من الصحن، وقد سُمّي بهذا الاسم؛ لأنه يؤدي بالخارج من الصحن إلى تل الزينبية. 3- باب السلطانية: ويقع في الجهة الغربية أيضاً، وقد سمي بهذا الاسم؛ نسبة إلى مشيّده أحد سلاطين آل عثمان وتقارب أبعاده أبعاد باب الزينبية. 4 - باب السدرة: ويقع في زاوية الصحن المطهر من الجهة الشمالية الغربية، وقد نقل لها مؤخراً باب القبلة ونصب في مدخلها، وهو مُهدى من قبل خالق زادكان. 5- بابا الصحن الصغير: وكانا قبل فتح الشارع المحيط ب(الحائر) من الجهة الشرقية، وقد بقى منهما باب واحد فقط المسمى ب(باب الشهداء)، وقد خُطّ على الكاشي الذي فوق الباب من الخارج هذه الأبيات: أبا الشهداءِ حسبي فيكَ منجىً***يقيني شرَّ عاديةِ الزمانِ إذا ما الخطبُ عبّس مكفهرّاً***وجدتُ ببابِكَ العالي أماني وها أنا قد قصدتُكَ مستجيرا***لأبلغَ فيكَ غاياتِ الأماني فلا تَرْدُدْ يديَّ وأنتَ بحرٌ***يفيضُ نداهُ بالمننِ الحسانِ 6- باب قاضي الحاجات ويقع في الجهة الشرقية للصحن الشريف، في مقابل سوق العرب، وهو من الأبواب القديمة. تحلي جبهته الخارجية زخارف من القاشاني النفيس. أما الأبواب التي نحن بصددها فهي: 7- باب الرأس الشريف: ويقع بين باب الزينبية وباب السلطانية في الضلع الغربي من الصحن الشريف، وقد أنفذ هذا الباب من الإيوان الناصري أو الحميدي، وهو إيوان معقود بديع الشكل جميل الزخرفة يحلّيه القاشاني المقرنص، وتحيطه كتائب قرآنية وأبيات شعرية أرّخت بسنة (1309ه)، ويبلغ ارتفاعه حوالي (15) متراً، وطول قاعدته السفلى (8) أمتار، وعرضها (5) أمتار، وهناك ساعة دقّاقة كبيرة فوق برج الباب. 8- باب الكرامة: يقع في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن الشريف، وهو معقود بالقاشاني الجميل أيضاً، وعليه كتائب قرآنية وأشعار فارسية. 9- باب الرجاء: ويقع في الزاوية الجنوبية من الصحن الشريف. 10- [باب الصالحين]: وفي سنة ( 1960م) قامت لجنة التعميرات بفتح باب جديد للروضة الشريفة باسم (باب الصالحين) في الجهة الشمالية من الصحن الشريف، ويقع هذا الباب في إيوان ميرزا موسى الوزير، ويجري الآن تغليف جدرانه الداخلية وعقوده بالكاشاني النفيس»، انتهى. ب- وصف الحائر الحسيني في الوقت الحاضر: أمّا وصف عمارة الروضة الحسينية في وقتنا الحاضر، فنورد هنا ما ذكره الدكتور رؤوف محمّد علي الأنصاري في كتابه القيّم ( عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية : 128 - 135)، قال: «تحتلّ الروضة الحسينية مركز مدينة كربلاء، وتتصل بمحيطها شوارع قديمة وحديثة أهمها الساحة الواسعة المكشوفة التي تتصل بالروضة العباسية، وكذلك بشارع باب القبلة أو (شارع أبو الفهد)، وشارع السدرة، وشارع باب السلطانية. إنّ تخطيط وتصميم الروضة الحسينية يُعد نموذجاً عمرانياً للروضات التي شُيدت بعد ذلك، ففي هذه الروضة سمات ومظاهر قلما نجدها مجتمعة في أبنية الأضرحة والمشاهد السابقة، فهي تُعد نقلة نوعية في تخطيطها، حيث جُعل الضريح والمسجد وما يحيط بهما من أروقة في كتلة بنائية واحدة وسط المساحة التي تشغلها أبنية الروضة. وأهم ما يميز بناء الروضة الحسينية سعتها وعظمة بنيانها وطرازها المعماري الإسلامي، وتشغل أرضاً مستطيلة الشكل طولها (125) متراً وعرضها (95) متراً، وتتكون من أبنية الحضرة التي يتوسطها الضريح الشريف، ويحيط بالحضرة صحن واسع تطل عليه من جميع الجهات الأواوين التي تعلوها أقواس مدببة الشكل، وكذلك المداخل (الأبواب). إنّ بناء الروضة الحسينية متين ومشيد من الطابوق (الآجر) والجص، ومكسو بأروع التشكيلات الزخرفية المنفذة بالذهب والفضة والمرايا والقراميد المزججة (القاشاني). أما بناية الحضرة فتحتل القسم الوسطي من الروضة، وهي على شكل مستطيل طوله (55) متراً وعرضه (45) متراً وارتفاع جدرانه الخارجية (12) متراً. تتوسط قبر الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الغرفة الضريح التي تعد بمثابة قلب الروضة، ويغطي القبر الشريف صندوق فضي ذو سقف ذهبي طوله (5) أمتار وعرضه (4) أمتار وارتفاعه (3،5) متر. أما غرفة الضريح فيبلغ طولها (14) متراً وعرضها (9،73) متر، وتقوم فوقها قبة شكلها نصف كروي مدبب الرأس مرتفعة، ترتكز على أربع دعامات ضخمة ذات مقاطع مستطيلة طول كل منها (3،50) متر وعرضها (2،50) متر، وترتفع قمة القبة حوالي (29،36) متر عن مستوى أرضية الحضرة، تجلس على رقبة أسطوانية طويلة ارتفاعها (6) أمتار ويبلغ قطرها (39، 11) متراً، تتخللها نوافذ ذات عقود مديبة عددها (12)، عرض كل منها (1،30) متر، وبين كل نافذة وأخرى مسافة (1،25) متر. أما قطر قاعدة القبة من أوسع قطر لها فيبلغ (12،22) متراً، وقد طُليت القبة من الخارج بقشرة خفيفة من الذهب، عدا نطاق من البلاط القاشاني نُقشت عليه الآيات القرآنية الكريمة، يتوج الرقبة مخطوط بلون أبيض على أرضية زرقاء داكنة، وتكسو القبة من الداخل تشكيلات زخرفية رائعة مغطاة بالكريستال وقطع من المرايا الصغيرة. ويحيط بغرفة الضريح أربعة أروقة كبيرة عرض كل منها (5) أمتار، وطول ضلعيها الشمالي والجنوبي (40) متراً، وطول ضلعيها الشرقي والغربي (45) متراً تقريباً، وأرضيتها مبلطة بالرخام الأبيض، وقد كُسيت جدرانها إلى ارتفاع مترين من الرخام نفسه، فيما كُسيت بقية الجدران والسقوف بزخارف من الكريستال وقطع من المرايا الصغيرة البديعة الصنع. ويبلغ ارتفاع سقف الأروقة (12) متراً، ويُعرف الرواق الشمالي برواق الشاه؛ لوجود مقبرة سلاطين الدولة القاجارية في أحد جوانبه، وهذا الرواق على هيئة مسجد تُقام فيه الصلاة، ويُعرف الرواق الغربي برواق السيد إبراهيم المجاب، ويُعرف الرواق القبلي برواق حبيب بن مظاهر الأسدي أحد شهداء واقعة الطف؛ وذلك لوجود قبره في الجهة الغربية من هذا الرواق ولهذه الأروقة الأربعة ثمانية أبواب تؤدي كلها إلى صحن الروضة، وأهمها الباب الرئيسي الذي يقع في وسط الرواق القبلي ويعرف بباب الذهب، وتنفتح غرف هذا الرواق من الخارج على بهو واسع يتقدم هذا القسم من الحضرة ويُعرف بإيوان الذهب، يبلغ طوله (36) متراً وعرضه (10) أمتار، ويرتفع سقف هذا الإيوان بمستوى أعلى من بقية أجزاء هذا البناء عدا القبة والمئذنتين ويبلغ ارتفاعه (15) متراً، ويستند على أعمدة من الرخام تعلوها أقواس مدببة. وقد كُسيت جدران الإيوان الأمامية بقشرة خفيفة من الذهب والفسيفساء والقاشاني، وعلى جانبي إيوان الذهب وإلى مسافة قليلة من فتحته الخارجية تقع مئذنتا الحضرة الجميلتان المطليتان من الخارج بقشرة خفيفة من الذهب وهما أسطوانيتا الشكل ويبلغ ارتفاع كل منهما عن مستوى أرضية الحضرة (33) متراً، وعن مستوى سطح بناء الحضرة إلى أعلاها (21) متراً، وقطرها (4) أمتار عند القاعدة، ويخترق جسم كل مئذنة سُلّم حلزوني يتم الدخول إليه من الطابق الأرضي للحضرة ويؤدي إلى شرفة الأذان المسقفة التي تقع في النصف العلوي من المئذنة، وتستند الشرفة على ثلاثة صفوف من المقرنصات الجميلة المتراكبة. أمّا القسم العلوي من المئذنة، والذي يعلو شرفة الأذان، فهو أسطواني الشكل أيضاً، ويتميز بطوله ومتانته، ولكنه أقل قطراً من جسم المئذنة، حيث يبلغ قطره (2،15) متر، ومتوج بقبة صغيرة بصلية الشكل ذات حافة، مؤلّفة من الفصوص المقرنصة، وتعلوها سارية معدنية مطلية بالذهب. وتحتضن الحضرة الحسينية أيضاً ضريح الشهداء الذي يقع إلى الشرق من قبر الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهذا الضريح يضم رفاتهم جميعاً، يوجد في واجهته شبّاك فضي مصنوع بدقة متناهية، طوله ( 2،60 متر وعرضه (40، 1) متر. زُينت الجدران الخارجية للروضة الحسينية بتشكيلات زخرفية رائعة من الطابوق (الآجر) والقاشاني، ويعلو الجدران شريط من القاشاني الأزرق تتخلله كتابات من الآيات القرآنية الكريمة باللون الأبيض تعكس روعة الفن المعماري الإسلامي ويبلغ ارتفاع الجدران (30، 11) متراً. وكانت تُفتح على الصحن بسلسلة من الغرف عددها (65) غرفة، يتصدر كل منها إيوان ذو عقد (قوس) مدبب، وقد زينت جدران هذه الغرف من الداخل والخارج بالفسيفساء، ومعظمها استخدم كمقابر للعلماء والشخصيات الدينية، وتقوم فوق هذه الغرف في الطابق الأول المخازن وسطح يشرف على الصحن. وفي سنة (1980م) تم الانتهاء من إزالة الكثير من هذه المقابر من قبل السلطات الحكومية، وتحويل الغرف إلى قاعات ومخازن وصحيات. إنّ صحن الروضة الحسينية ينخفض مستوى أرضيته عن مستوى أرضية الرصيف الخارجي ب( 2،30) متر، وهو مفتوح من عشرة أبواب كمداخل إلى الروضة، قسم منها قديم والقسم الآخر استحدث في السنوات الأخيرة، وواجهاتها تعلوها عقود (أقواس) مدببة ومزينة بأروع التشكيلات الزخرفية القاشانية الجميلة. وأهم الأبواب القديمة - وقد مرّ ذكرها نقلاً عن السيد الكليدار في الصفحات السابقة، وارتأينا ذكرها نقلاً عن الدكتور رؤوف محمّد علي علي الأنصاري بزياداتها المذكورة فلاحظ - هي: باب القبلة: ويقع في جهة القبلة للروضة في منتصف الضلع الجنوبي، ويبلغ عمق مدخله (18) متراً وعرضه (5،50) متر وتتقدمه بوابة ارتفاعها (6) أمتار وعرضها (4) أمتار، وقد رفع هذا الباب في السنوات الأخيرة ونُصب محله باب جديد، ويعد هذا الباب أقدم الأبواب الأخرى في الروضة الحسينية، وتعلوه ساعة كبيرة تجلس على برج ارتفاعه - من أعلى الساعة إلى مستوى أرضية الصحن - (25) متراً. باب الزينبية: ويقع في الجهة الغربية من باب القبلة، وقد سُمي بهذا الاسم؛ لأنه يؤدي بالخارج من الصحن إلى تل الزينبية، ويبلغ عمق مدخله (10) أمتار، وعرضه يتفاوت بین (50، 2) و (3،50) متر وتتقدمه بوابة ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3) أمتار. الباب السلطاني: ويقع في الجهة الغربية من الصحن، وقد سُمي بهذا الاسم؛ نسبة إلى مشيده أحد سلاطين الدولة العثمانية، ويبلغ عمق مدخله (15) متراً وعرضه في بدايته (3) أمتار وفي نهايته (6) أمتار، وتتقدمه بوابة يبلغ ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3) أمتار. باب السدرة: ويقع في زاوية الصحن من الجهة الشمالية الغربية، وقد سُمي بهذا الاسم؛ تيمناً بشجرة السدرة التي كان يستدل بها الزائرون على موضع قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويبلغ عمق مدخله (13) متراً وعرضه (3) أمتار، وتتقدمه بوابة يبلغ ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3) أمتار، وقد نُقل إليه باب القبلة القديم ونُصب في مدخله. باب الصحن الصغير (باب الشهداء): وكان يُطلق عليه أيضاً (باب الصافي)، ويقع في الجهة الشرقية من الصحن المؤدي إلى مرقد العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو من الأبواب القديمة، ويبلغ عمق مدخله (16) متراً وعرضه (3،50) متر، وتتقدمه بوابة ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3) أمتار. باب قاضي الحاجات: ويُعرف أيضاً ب(باب المراد)، ويقع في الجهة الشرقية للصحن - مقابل سوق العرب-، وهو من الأبواب القديمة أيضاً، ويبلغ عمق مدخله (16) متراً وعرضه (3،50) متر، تتقدمه بوابة ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3) أمتار. أما الأبواب الحديثة فهي: باب رأس الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وعُرف بهذا الاسم؛ لأنه يقابل موضع رأس الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويقع بين باب الزينبية والباب السلطاني في الجهة الغربية من الصحن، وقد نفذ هذا الباب من الإيوان الناصري أو الحميدي، ويبلغ ارتفاع مبنى المدخل حوالي (15) متراً، وتعلوه ساعة كبيرة تُعد تحفة معمارية رائعة، أما عمق المدخل فيبلغ (10) أمتار وعرضه يتفاوت بين ( 4،50) متر في بدايته و(6) أمتار في نهايته، و تتقدمه بوابة ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3) أمتار. باب الكرامة: ويقع في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن مقابل سوق الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الشهير الذي أزيل قسم منه سنة (1980م)، والقسم الآخر سنة (1991م)، والمدخل معقود ومزين بالقاشاني الجميل، ويبلغ عمقه (12) متراً وينحرف قليلاً في نهايته وعرضه (3،50) متر، وتتقدمه بوابة ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3) أمتار. باب الرجاء: ويقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من الصحن، مقابل خان الباشا القديم الذي شُيدت على أنقاضه الحسينية الطهرانية التي سُميت بعد ذلك بالحيدرية، والتي أزيلت عمارتها عام (1991م) من قبل الحكومة العراقية، ويبلغ عمق مدخله (16) متراً وينحرف قليلاً عند نهايته، أما عرضه فيبلغ (3،50) متر، تتقدمه بوابة ارتفاعها (5) أمتار وعرضها ( 3،50) متر. باب الصالحين: يُعد هذا المدخل من المداخل الجديدة التي فُتحت سنة (1960م) في الجهة الشمالية من الصحن، ويقع في إيوان الوزير، ويبلغ عمقه (10) أمتار وعرضه (7) أمتار، تتقدمه بوابة يبلغ ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3) أمتار. وبعد سقوط النظام البائد في 9/ 4 / 2003 م، والذي كانت إدارة العتبات المقدّسة في كربلاء والمدن الأخرى في العراق تحت إشرافه، تشكّلت لجنة من قبل المرجعية الدينية في النجف الأشرف سُميت ب(اللجنة العليا لإدارة العتبات المطهرة فى كربلاء المقدّسة)، وتألّفت اللجنة من عضوية كل من السادة العلّامة السيد محمّد الطباطبائي، والعلّامة السيد أحمد الصافي، والعلّامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي وكان الغرض من تشكيل هذه اللجنة؛ هو الإشراف على إدارة العتبات المقدّسة، وتقديم أفضل الخدمات لزائري الإمام الحسين وأخيه العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

ص: 335

ص: 336

ص: 337

ص: 338

ص: 339

ص: 340

ص: 341

ص: 342

ص: 343

ص: 344

ص: 345

ص: 346

ص: 347

ص: 348

الفصل الثلاثون: في ذكر المسافة بين المقامين والأبواب وحجر الصحن

ثُمَّ المَسَافَةُ التي تُؤَدِّي***مِنْهُ إِلَى صَحْنِ الهِزَبُرِ الوَرْدِ(1)

غَلْوَةُ سَهْمِ (2) لِمُرَيْدِ القُرْبِ***بِالمَنْهَجِ المُعْتَدِلِ المُنْصَبِّ

وَطُولُ شُبَّاكِ الهِزَبْرِ الْأَرْوَعِ***سَبْعٌ وَسِةٌ عَرْضُهُ بِالْأَذْرُعِ

وَطُولُ تِلْكَ الرَّوْضَةِ المُطَهَّرَةِ***عِشْرُونَ وَالعَرْضُ ثَمَانِي عَشَرَةً

وَطُوْلُ مَا أَوْفَى مِنَ الرِّوَاقِ***سَبْعُوْنَ وَالعَرْضُ بِسَبْعٍ بَاقِ

وَطُولُ بَهْوه يُرَى ستّيْنَا***والعَرْضُ عَشْرٌ عَدَداً مُبِيْنَا

ص: 349


1- أي مقدار المسافة المؤدية من الصحن الشريف لأبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى صحن أخيه أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) و ( الهزبر ) من أسماء الأسد. «الورد - بالفتح - : الذي يُشم، الواحدة وردة وبلونه قيل للأسد: ورد، وللفرس ورد...، الورد لون أحمر يضرب إلى صفرة حسنة في كل شيء». (ينظر لسان العرب: 456/3).
2- غلوة السهم: مقدار رمية السهم. (معجم ألفاظ الفقه الجعفري: 310).

وَطُوْلُ صَحْنِهِ المَكِينِ لِلْمِئَةْ***والثَّمَانِيْنَ عَلَيْهَا تَوْطِئَةْ

والعَرْضُ لِلْمَائَةِ والسِّتّيْنَا***وَذَاكَ عَدٌ لَمْ يَزَلْ مُبِيْنَا

وَلِلضَّريحِ خَمْسَةٌ أَبْوَابُ***فَعِنْدَ الاقدامِ اسْتَجَدَّ بَابُ

واثْنَانِ عِنْدَ الصَّدْر مَفْتُوحَانِ***وَاثْنَانِ مِنْ خَلْفٍ يُنَاوِحَانِ

وَلِلرِّوَاقِ سَبْعَةٌ فَأَرْبَعَةْ***فِي الصَّحْنِ مِنْ شَرْقٍ وَغَرْبٍ مُشْرَعَةْ

ثُمَّ ثَلاثَةٌ لَهُ فِي البَهْوِ***وَالْأَوْسَطِ السَّامِي بِها فِي الزَّهوِ

والصَّحْنُ مِثْلُهُ فَفِي الجَنُوبِ***اثنَانِ كَالشُّرُوقِ وَالغُرُوبِ

وَوَاحِدٌ فِي رُكْنِهِ الشَّمَالِي***يُقَابِلُ الجَدْيَ عَلَى اعْتِدَالِ

وَبَابُهُ القَبْلِيُّ قُطبُ دَائِرَةْ***كَبَابَي السِّبْطِ لِيَحْوِي زَائِرَة

والحُجَرُ اللاتي بإِبْوَانِ تَحُف***سَبْعُونَ فِي الصَّحْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ الغُرَفْ

وَهَذِهِ العِدَّةُ لَيْسَتْ ضَامِنَةْ***إِذْ قَدْ تَزِيْدُ فِي الزَّوَايَا الكَامِنَة (1)

ص: 350


1- هذا الوصف للعتبة العباسيّة المطهرة ينطبق على المدة الزمنية التي عاصرها الناظم (رَحمهُ اللّه)، وقد أجريت خلالها وبعدها مراحل عدة من التجديد والعمران والبناء، إلى أن أصبح على ما عليه في وقتنا الحاضر. لذا ارتأينا أن نورد وصفين للعتبة المطهرة أحدهما في عصر الناظم والآخر في وقتنا الحاضر فاليكهما: أ- وصف العتبة العباسية المطهرة في عصر الناظم: هذا الوصف هو مختصر ما أورده السيد سلمان هادي آل طعمة – وهو من القريبين لعصر المؤلّف (رَحمهُ اللّه) - في كتابه (كربلاء في الذاكرة: 18- 19)، قال: «على بعد (350) متراً من الروضة الحسينية يقع مرقد أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، الذي استُشهد مع أخيه الحسين یوم الطف. لقد تولّى تشييد صرح الروضة العباسية كل من تولّى تشييد الروضة الحسينية في الأدوار التاريخية المتعاقبة، من ملوك وسلاطين وأمراء ورجال إصلاح. تبلغ مساحة الروضة بما فيها الصحن الشريف ( 4370 م)، وهذه الروضة لا تقل روعة وبناء عن الروضة الحسينية، الأرض المفروشة بالرخام والجدران المكسوّة بالمرايا، الروضة والرواق، الإيوان الكبير، المنائر الشاهقة، القبة العالية، الصندوق البديع على القبر الشريف بشبّاكه الرائع المصنوع من الفضة والذهب الخالص الذي يُعد آية من آيات الروعة الفنية. تعلو القبر الشريف قبة ذهبية ضخمة ذات هيبة ووقار نُقشت في أسفلها الآيات القرآنية المطعّمة بالميناء،والذهب، وفي أطراف القبة مئذنتان ضخمتان، وهناك ساعة أثرية كبيرة دقاقة واقعة على باب القبلة، وقد زُينت جوانب وجدران الصحن بالفسيفساء والقاشاني التي هي من النفائس الأثرية. وللصحن ثمانية أبواب هي: باب الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، باب الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، باب الإمام صاحب الزمان (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)،باب الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ). تقع هذه الأبواب من الجهة الغربية. باب الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، باب الإمام علي بن موسى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، تقعان في الجهة الشرقية. وباب الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) المسمى حالياً ب(باب القبلة الجنوبية). أمّا في الجهة الشمالية باب يسمّى (باب الإمام الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)). يبلغ ارتفاع القبة من سطح الأرض (39) متراً، بينما يبلغ ارتفاع المنارة الواحدة (44) متراً، وتبلغ مساحة الرواق (320) متراً مربعاً. أمّا مساحة الصحن فهي (9300) متراً مربعاً، ومساحة الحرم هي (1836) متراً مربعاً. وهذه الروضة تمثّل بهاء الفن المعماري العربي الإسلامي وأصالته، حيث تُزين كل زاوية منها بزخرفة رائعة وزينة فنية،بديعة، وهي غاية فى البهاء والروعة»، انتهى. ب - وصف العتبة العباسية في الوقت الحاضر: «تقع العتبة العباسية المقدّسة إلى الشمال الشرقي من العتبة الحسينية المقدّسة بمسافة (247) متراً، بين أقرب نقطة في السور الخارجي المقابل لكل منهما وعلى امتداد منطقة بين الحرمين، وبمسافة (378) متراً بين مركزي القبتين – أي بين مركزي الشبّاكين المقدسين لسيد الشهداء الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) -، وإلى الشرق منها يقع نهر العلقمي المندرس. تعد عمارة المراقد المقدّسة جزءاً من التراث الثقافي الإنساني العالمي، وأحد أجمل الصروح الخالدة في تاريخ الحضارة الإنسانية، وقد بُنيت العتبة العباسية المقدّسة كأغلب العتبات المقدّسة في العراق على هيئة القلاع والحصون المنيعة، إذ أنشئت قبل قرون عدة وفق تلك الطرز المعمارية؛ لأسباب أمنية وأخرى بيئية مع وجود فلسفة معمارية فنية ساعدت على إنشائها وفق هذه الهيئات لما لها من إيحاءات روحية، فنجدها تتميز بوجود الأسوار التي تتخللها الأبواب الضخمة التي توحي للناظر بالهيبة والعظمة، وهذه الأسوار تضم منشآت الخدمة والمخازن حالياً والمستحدثة بعد 9/ 4 / 2003م من قبل الإدارة الجديدة - والتي كانت قبلاً تضم المقابر والمخازن فقط ودار الضيافة وغرف السدنة -، وبالتالي يبلغ عرضها أمتار عدة مع الجدران الداخلية والخارجية لها، فيما تفصلها عن مركز العتبة الباحة الرئيسية التي تسمّى الصحن الذي يتوسطه البناء الرئيسي لها وهو مركزها، وقلبها ومحور الحركة الذي تدور حوله أفلاكها، ومركز النشاط الروحي والديني لها، حيث يضم المرقد الطاهر لأبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ). شكل العتبة المطهرة: شكل العتبة من الخارج مستطيل تقريباً ذو أركان دائرية متناظرة تقريباً في (1097م) استدارتها باستثناء الزاوية الجنوبية الشرقية، حيث تبلغ مساحة العتبة (973 م) تقريباً، ويشمل ذلك مساحات مداخل الأبواب البارزة عن سور الصحن الشريف، ومحيطها (395) متراً، أبعادها عند أبعد نقطتين في أضلاع السور (120،5 متراً × 94 متراً)، يحيط العتبة من الخارج سور بارتفاع (11) متراً مشيّد من الطابوق، ومزينٌ من الخارج بأقواس داخلية وخارجية مغلفة بالطابوق الفرشي الآجر الفخاري ومطعّم بالكاشي الكربلائي المزخرف وبالنقوش الإسلامية، وفي أعلى السور كتيبة من الكاشي الكربلائي مخطوط عليها آيات قرآنية. مداخل العتبة المطهرة: للروضة المطهرة (9) مداخل هي أقرب للبوابات منها إلى الأبواب - كما تسمّى عادة، حيث تطلق الأولى على تلك الموجودة في الأبنية الضخمة كالقصور والقلاع والحصون وأبنية العتبات الشبيهة بهما من الناحية المعمارية؛ بسبب ضخامة تلك البوابات وارتفاعها النسبي عن الأنواع العادية المستخدمة للمنازل وما شابهها والمسماة الأبواب، وهذه المداخل موزعة على جميع الاتجاهات، ولكل منها تسمية خاصة بها، وبسبب أن هذه البوابات تنتصب ضمن سور ذي منشآت بعمق عدة أمتار؛ فإنها أصبحت ذات أشكال وتصاميم مميزة، وتكاد تنفرد كلاً منها بتصميم خارجي و آخر داخلي يتحكم فيه عمق منطقة السور التي يقع فيها الباب وعرضها، والتي تشكل رواقاً طويلاً أحياناً، فضلاً عن إبداع المصمم في تشكيل التكوينات الزخرفية الملائمة لكل منها كثرة أو قلة، كما يؤثر في التصميم أهمية الحقبة التي نشأ فيها، كما تفاوتت المدة الزمنية في تطوير البوابات تبعاً لما لحقها من أضرار من عدمها في حوادث الاعتداء على العتبة المقدّسة، وتتفاوت ارتفاعات المداخل ما بين (11 -12) متراً، وواجهاتها تعلوها عقود - أقواس - مدببة ومزينة بتشكيلات زخرفية رائعة من الطابوق الآجر والكاشي الكربلائي وهي كما يلي: 1- بوابة الرسول (القبلة): يقع مدخلها في الجهة الجنوبية من الروضة، ويعد المدخل الرئيسي لها وتسمّى بالقبلة؛ لوجودها في جهتها، وتؤدي بالخارج من الروضة إلى شارع العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، شكلها من الخارج على شكل قوس بديع الصنع إسلامي مدبب القمة كباقي أقواس العتبة في السور والأواوين، وقوس آخر داخله بمستوى أخفض منه عمقاً ويقع تحته فضاء البوابة، وهما في واجهة الباب من الخارج يحيطهما مستطيل، أمّا من داخل الصحن الشريف فشكلها مستطيل بداخله مستطيل أصغر منه وبنفس مستوى الواجهة، وداخله قوس بمستوى أخفض منه ثم قوس أصغر منه وبمستوى أخفض من مستوى القوس السابق، يمثل القوس الأخير مخرج رواق البوابة، وجميع أجزاء البوابة من الخارج والداخل مزينة بالطابوق المنجور المطعم بنقوش الكاشي الكربلائي. يبرز مدخل البوابة عن واجهة السور عدة أمتار بخلاف معظم المداخل، والبروز مغلف من الخارج بالطابوق المنجور المطعم بالكاشي الكربلائي، وعلى جانبي البروز قوسان للدخول أقل ارتفاعاً من القوس الرئيسي الأمامي، عرض كل منهما (2،45) متر حيث يشكل أحد جانبيه واجهة السور، ويمثل الجانب الآخر باطن إحدى ركيزتي البوابة من طرفها الشمالي، والتي يبلغ سمكها (182) متر بين الركنين الجنوبي الشرقي والشمالي الشرقي الذي يمتد باستقامة واحدة، وهو يختلف عن الجزء الغربي الذي فيه تخصر في ركن الركيزة الشمالي، حيث إن المسافة من الركن الشمالي الشرقي إلى بداية التخصر هي (1،25) متر، ثم يمتد جنوباً بعمق (40) سنتيمتراً وبعدها غرباً (59) سنتيمتراً ثم جنوباً (42، 1) متر؛ لتكوّن الركن الجنوبي الغربي الذي يشكل من خلال تخصرات بزوايا قائمة قاعدة القوسين آنفي الذكر، حيث يمتد تخصر بطول (30) سنتيمتراً عرضاً ثم يتقدم (10) سنتيمتر جنوباً ثم (10) سنتيمتر عرضاً، ثم يتقدم (10) سنتيمتر جنوباً ثم (1،44) متر عرضاً؛ ليكون ركن الركيزة الجنوبي الشرقي، فيكون مجموع عرض الركيزة في الواجهة مع تلك التخصرات (جهة الجنوب) (184) متر. تبلغ مساحة البروز الخارج عن مدخل بوابة القبلة مع الفضاء الذي يظلله (30،20م) تقريباً. في أعلى مدخل البوابة من الخارج كتيبة كُتبت عليها آية قرآنية: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّه عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً» [الأحزاب: 23]. ارتفاع مدخل البوابة الداخلي (6) أمتار تقريباً، وعرضها (3،45)متر، وطول رواقها الرابط بين خارج العتبة وداخلها يبلغ (19،77) متراً، ومساحته (30، 84م2)، ولو أضفنا للرواق البروز المذكور لأصبح طوله (24)متراً، تتقدمها بوابة خشبية ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3،62) متر، صنعت من الساج البورمي ذي الجودة العالية والمطعّم بخشب البلوط، منقوش عليها زخارف إسلامية بحفر يدوي آية في الجمال، وسقف الرواق مليء بالنقوش المغربية الإسلامية على شكل ثلاث قباب وثلاثة أقواس إسلامية. ويوجد في الرواق باب خشبي من الساج من الجهة اليمنى يؤدي إلى قاعة المكتبة القديمة، والتي ألغاها النظام الطاغوتي المقبور وإتخذها مقراً للأجهزة الأمنية ومركزاً للإعدامات خلال مدة الانتفاضة الشعبانية المباركة عام (1991 م)، وقد قامت إدارة العتبة العباسية المقدّسة بتأهيل هذه القاعة وخصصتها للاحتفالات الدينية والمحاضرات، وخصص جزء منها باستخدام قواطع الألمنيوم لبعض أقسام العتبة المقدّسة. أمّا الباب الثاني فهو لغرفة صغيرة متخذة مخزناً، وأرضية الرواق فيها سلّم متكون من سبع درجات؛ وذلك لانخفاض مستوى أرض العتبة عن أرض المدينة، ونُصب على مدخل هذه البوابة برج تعلوه ساعة دقاقة كبيرة، تُعد من الأبنية التراثية، وقد أصلحت في ظل الإدارة الجديدة بعد أن ظلت عاطلة؛ بسبب تعرضها لقذيفة من قبل أزلام النظام البائد خلال انتفاضة عام (1991م). برج الساعة: تُعد الساعة التي تعلو البرج المنصوب على سطح مدخل بوابة قبلة المولى أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الساعات التراثية القديمة، إذ يرجع تاريخها إلى عام (1890م)، وتوجد مثيلاتها في بناية القشلة (منطقة الحيدرخانة) في بغداد وساعة الروضة الكاظمية المقدّسة، وكانت تنتصب على مدخل هذه البوابة وعلى جانبي برج الساعة منارتان صغيرتان كتلك الموجودة فوق الحرم الكاظمي المقدس مغلفتان بالكاشي الكربلائي، وقد أزيلتا بعد التطوير في الربع الأخير من القرن العشرين الميلادي. ارتبط مصير هذه الساعة بمصير الروضة العباسية المشرفة، فقد تعرّضت الروضة المطهرة إلى القصف في العهد العثماني، وتعرّضت الساعة هي الأخرى أيضاً لهذا القصف المعادي لتراث أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ممّا أدّى إلى تعرضها للعطل، كما تعرّضت إلى التخريب خلال الانتفاضة الشعبانية عام (1991م/1411ه) بعد أن قام أزلام النظام المقبور بقصف عشوائي بالمدفعية الثقيلة طال الروضة الشريفة، حيث أصيبت القبة الطاهرة للمولى أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقذيفة مدفع ثقيل، وأصيب برج الساعة من جراء ذلك القصف الغادر، وأصيبت أجهزتها أيضاً بأضرار جسيمة وفُقد الكثير من أجزائها، وقد تمكن قسم الشؤون الهندسية والفنية في العتبة العباسية المقدّسة بالتعاون مع بعض الخيّرين من تصليح الساعة وإعادتها إلى الحياة، وتتم إدامتها حالياً من قبل القسم المذكور. 2- بوابة الأمير علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): تقع هذه البوابة في الجهة الجنوبية الشرقية من العتبة، ارتفاع مدخلها (4) متر وعرضه (3،23) متر، وطول رواقه الرابط بين خارج العتبة وداخلها يبلغ (20، 10) متراً ومساحته (3785) متراً، سقفه مغلف من الداخل بالكاشي الكربلائي على شكل أقواس وقباب إسلامية وفيها بعض المقرنصات، وتتقدمه بوابة خشبية ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (23،3) متر، وتزين واجهتها من الخارج زخارف إسلامية منقوشة على الطابوق الآجر؛ لتدلل على بداعة الفن المعماري الإسلامي. أمّا شكل البوابة من داخل الصحن الشريف فتظهر كقوس ارتفاعه بمستوى ارتفاع واجهة الأواوين وبنفس ارتفاعها عن سطح الأرض، ومغلفة بالكاشي الكربلائي، وتسمّى هذه البوابة حالياً ب(الكف)؛ لمواجهتها مقام كف العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) الأيسر. 3- بوابة الفرات (باب العلقمي): تقع في الجهة الشرقية من العتبة، يبلغ طول رواقه الرابط بين خارج العتبة وداخلها (10) متر ومساحته (43،78 م )، ويسمّى هذا المدخل أيضاً ب(بوابة الإمام علي بن موسى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)) أو (باب الفرات)، وهي البوابة المؤدية إلى شارع العلقمي، تتقدمه بوابة خشبية أرتفاعها (4) أمتار وعرضها (15، 4) متر واجهة المدخل من الداخل مميزة عن باقي البوابات؛ لاحتوائها على قوس على شكل ظفيرة من الكاشي الكربلائي كتلك الموجودة في واجهة البوابة من الخارج، وهو بمستوى واجهة الأواوين من حيث الارتفاع، كما أنه يحتضن قوساً أصغر منه يقع بمستوى أخفض من مستوى الواجهة، وهذا القوس أعلى من رؤوس أقواس الأواوين بكثير، حيث يضم داخله وبمستوى أخفض من مستوى القوس السابق شبّاكاً من مقرنصات الكاشي الكربلائي لممر في الطابق الثاني، ويقع تحته قوس يمثل مخرج رواق البوابة، وكل هذه التفاصيل الداخلية مغلفة بالكاشي الكربلائي. سقف المدخل الخارجي للباب مزيّن بالكاشي الكربلائي على شكل مقرنصات بديعة الشكل، وهذه البوابة تبرز عن واجهة السور عدة أمتار كبوابة القبلة، ولكنها تفرق عنها بأنها مغلفة بالكاشي الكربلائي في الواجهة وفي باطن البروز، بخلاف جانبي بوابة القبلة المغلفين بالطابوق المنجور المطعم بالكاشي الكربلائي، وقاعدتي البروز مغلفة بالمرمر، وتحوي على جانبي البروز قوسين للدخول أقل ارتفاعاً من القوس الرئيسي الأمامي عرض كل منهما (2،50) متر، إذ يشكّل أحد جانبيه واجهة السور ويمثل الجانب الآخر باطن إحدى ركيزتي البوابة من طرفها الشمالي، وهي هنا مستطيلة تقريباً يبلغ سمكها (37، 1) متر وعرضها (2،70) متر عدا الجزء المغلّف بالمرمر فهو أكثر سمكاً بقليل، وفي ركن الركيزة الداخلي الأقرب للبوابة (الجنوبي الشرقي) ظفيرة من الكاشي الكربلائي المزجج، فالركن يمثل زاوية بدرجة (45) يحتضن تلك الظفيرة النصف كروية، تبلغ مساحة البروز الخارج عن بوابة الفرات مع الفضاء الذي يظلله (44 م 2) تقريباً. وفي أعلى البوابة من الخارج كتيبة من الكاشي الكربلائي كُتبت عليها سورة الانشراح بالخط الكوفي: «بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ*وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ*الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ*وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ*فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرَاءِ*إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرَا*فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ*وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ. [الانشراح: 1 - 8] وعند مدخل الباب سقف على شكل قبة مغلف بالكاشي الكربلائي وفيه نقوش بديعة وأقواس إسلامية متداخلة، وإن الملفت للنظر أن هذه البوابة هي أعرض من بوابة القبلة بمقدار ( 40، 1) متر وكانت تلك البوابة تسمّى ب(العلقمي)؛ لمقابلتها نهر العلقمي المندرس الذي اقتفى نهر الفرات القائم حين معركة الطف والذي سُميت باسمه البوابة حالياً؛ لقدمه زمناً عن العلقمي. 4 - بوابة الإمام علي الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ): تقع هذه البوابة في الشمال الشرقي من الصحن الشريف ارتفاع مدخلها (4) أمتار وعرضه (3،85) متر، تتقدمه بوابة خشبية ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (2،70) متر، وطول رواقه الرابط بين خارج العتبة وداخلها يبلغ (22، 10) متر ومساحته (15، 47م2)، سقفه مغلف بالطابوق الآجر ومنقوش بالزخارف المغربية الإسلامية، ويوجد فيها باب يؤدي إلى سطح الروضة الأول، وهذه البوابة فُتحت حديثاً عام ( 1974م)، أمّا شكل البوابة من داخل الصحن الشريف فتظهر كقوس ارتفاعه بمستوى ارتفاع واجهة الأواوين وبنفس ارتفاعها عن الأرض ومغلفة بالكاشي الكربلائي. 5- بوابة الإمام محمّد الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ): تقع في الجهة الشمالية من الصحن يبلغ ارتفاع مدخلها ( 4،80 متر وعرضه (5،30) متر يتسع عند منتصفه ليصبح (6) أمتار، وطول رواقه الرابط بين خارج العتبة وداخلها يبلغ (11،30) متراً ومساحته (59،12م)، وفي أعلاه من الداخل قبة من الكاشي الكربلائي رائعة في زخرفتها وتتميز بارتفاعها الكبير عن القبب الداخلية التي تقع في بعض الأبواب؛ بسبب ارتفاع رواق هذه البوابة الذي يُعد الأعلى بين بقية البوابات. تتقدم المدخل بوابة خشبية ارتفاعها (4) متر وعرضها (4) متر، وأن هذه البوابة تبرز عن واجهة السور عدة أمتار كبوابتي القبلة والفرات، ولكنها تفرق عنهما بوجود إيوانين على جانبي البوابة من الخارج، ولكل منهما (3) مداخل على شكل أقواس من مقرنصات الكاشي الكربلائي، وواجهة البوابة والإيوانين وبواطنهما كلها مغلفة بالكاشي الكربلائي. المدخل الأول لكل إيوان مواز لواجهة قوس دخول البوابة الرئيسي، والمدخل الثاني شرق الإيوان، والثالث غربه وهذه المداخل على شكل أقواس إسلامية، يضم البروز بسبب وجود هذين الإيوانين أربع ركائز مغلفة بالمرمر بدل الاثنين لكل من جانبي بوابتي القبلة والفرات، عرض كل من الركيزتين الأقرب للبوابة هو (48، 1) متر، عدا المرمر الذي يغلفهما مع التحشية خلفه بسمك كبير قد يصل من كل جانب إلى أكثر من (20) سنتيمتراً كمعدل يكون سقف إيوان المدخل الرئيسي للبوابة من الداخل على شكل قبة إسلامية مزينة بالمقرنصات، منقوش عليها بالكاشي الكربلائي، وتعلوها كتيبة كُتب عليها سورة القدر، شكلها الخارجي يمثل قوساً إسلامياً مُزيناً بالكاشي الكربلائي، تعلوه كتيبة منقوش عليها سورة القدر أيضاً، وتوجد في أعلى الباب الخشبية كتيبة كُتب عليها بالكاشي الكربلائي: «اللّه نُورُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُوره كَمِشكاةٍ فيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ...» [النور: 35]. أمّا شكل البوابة من داخل الصحن الشريف فيظهر كقوس بمستوى يقترب من ارتفاع سقف الطابق الثاني مغلفة بالكاشي الكربلائي، وواجهة البوابة بنفس مستوى واجهة الأواوين من حيث الارتفاع عن الأرض الأرض. 6- بوابة الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : تقع هذه البوابة في الزاوية الشمالية الغربية من الصحن ارتفاع مدخلها (4،5) متر وعرضه (3،4) متر، وطول رواقه الرابط بين خارج العتبة والجدار المقابل للمدخل الخارجي - والمجاور ليمين الخارج من الصحن - يبلغ (17،52) متراً ومساحته (79،58م)، وعند نهاية مدخله من جهة الصحن استدارة على الجهة اليمنى طولها من الجدار المقابل لها إلى الفتحة المؤدية للصحن (5،79) متر، أمّا شكل البوابة من داخل الصحن الشريف فيظهر على شكل قوس بمستوى ارتفاع واجهة الأواوين وبارتفاع عن الأرض بنفس ارتفاعها، ومغلفة بالكاشي الكربلائي. سقف الباب من الداخل مبني بطرازين مختلفين: فالأول: يقع في الجزء الأقرب للسور من الخارج، وهو على شكل قبة من الطابوق المنجور المطعم بالكاشي الكربلائي. أمّا الثاني: فمزين بالكاشي الكربلائي على شكل أربع قباب صغيرة متجاورة، مشكلة فى الوسط بروزاً متدلياً من المقرنصات من الكاشي الكربلائي، وتوجد على جانب المدخل الأيسر من جهة القادم من ساحة بين الحرمين مجموعة صحية من عدة وحدات مع ملاحقها من المغاسل وتتقدم المدخل بوابة خشبية ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3،4) متر. 7- بوابة الإمام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ): تقع هذه البوابة في الجهة الغربية من الصحن متوسطة فيها بوابتين أخريتين، وهذه البوابات مواجهة لحرم الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد سُميت تلك البوابة تيمناً باسم الإمام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في إشارة إلى الترابط بينه وبين الثورة الحسينية، باعتبار أنّ ظهوره وإقامة دولة العدل العالمية على يديه إنما هو من ثمار تلك الثورة التي قام بها جده الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). ارتفاع مدخلها (5) أمتار وعرضه (398) متر، وطول رواقه الرابط بين خارج العتبة وداخلها يبلغ (95، 10) متراً ومساحته (1، 47 م)، فيه نقوش إسلامية غاية في الروعة على شكل قباب من الطابوق المنجور مطعمة بالكاشي الكربلائي، تتقدمه بوابة خشبية ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (398) متر، مصنوعة من الساج البورمي وفيها نقوش مزخرفة ومغلفة بالزجاج، وفي أعلى البوابة من الخارج لوحة من الكاشي كُتب عليها باب الإمام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويعلو البوابة قوس إسلامي منقوش بنصف تاج بالطابوق الفرشي الآجر. أمّا شكل البوابة من داخل الصحن الشريف فيظهر كقوس ارتفاعه بمستوى ارتفاع واجهة الأواوين، وبارتفاع عن الأرض يقترب من ارتفاع الطابق الثاني، وبداخله قوس أصغر منه يمثل مخرج رواق البوابة وهو بمستوى أخفض من واجهة القوس الأول، وفوق القوس الثاني شبّاك صغير من مقرنصات الكاشي الكربلائي ويطل على قاعة داخل الطابق الثاني تابعة لمدرسة دار العلم الدينية، والواجهة من الداخل مغلفة بالكاشي الكربلائي. 8- بوابة الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): تقع في الجهة الغربية من العتبة إذ يواجه الزائر عند خروجه من البوابة العتبة المقدّسة السيد الشهداء ل عرضها (3،13) متر وطول رواقها الرابط بين خارج العتبة وداخلها يبلغ (93، 10) متراً ومساحته (43،5 م)، تتقدمه بوابة خشبية ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3،13) متر، ومن الداخل سقفه مُزيّن بالزخرفة الإسلامية على شكل قبة من الطابوق المنجور المطعّم بالكاشي الكربلائي، والبوابة من الخارج مزينة بالمقرنصات على شكل نصف قبة عند المدخل. أمّا شكل البوابة من داخل الصحن الشريف فيظهر كقوس ارتفاعه بمستوى ارتفاع واجهة الأواوين، وترتفع عن قمتها بضعة سنتيمترات، وهي مغلفة بالكاشي الكربلائي. 9 - بوابة الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ): هذه البوابة مجاورة لباب الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الزاوية الجنوبية الغربية من الصحن الشريف، عرضها (3) أمتار وطول رواقها الرابط بين خارج العتبة وداخلها يبلغ (9،18) متر ومساحته (57، 25م)، وسقفه من الداخل منقوش بالطابوق المنجور والزخارف الإسلامية، وجدران المدخل مغلفة بالمرمر بارتفاع (2،5) متر، تتقدمها بوابة ارتفاعها (4) أمتار وعرضها (3) أمتار. أمّا شكل البوابة من داخل الصحن الشريف فيظهر كقوس ارتفاعه بمستوى ارتفاع واجهة الأواوين وبنفس ارتفاعها عن سطح الأرض ومغلفة بالكاشي الكربلائي. الصحن الشريف : هو الباحة التي تحيط بالحرم،وأروقته، وبدورها تُحاط بمنشآت السور التي كانت تضم في السابق غرف السادن والمخازن والمقابر، والتي تحولت بعد سقوطه إلى أقسام الخدمة المستحدثة، المنشأة بعد تطوير تلك الغرف وتأهيلها، وبناء طابق نصفي في أغلبها؛ ليستوعب توسعات شعب الأقسام المتزايدة في نشاطاتها. يُحاط الصحن من داخل منشآت السور بأواوين عددها (61) بضمنها الأواوين المغلّفة واجهتها بالخشب المنقوش مشكلة غرفاً أو مداخل غرف، ولو استثنيناها فيصبح المجموع (56). والإيوان: عبارة عن جزء أرضيته مستطيلة الشكل يقع أمام مداخل الغرف والقاعات الواقعة ضمن تلك المنشآت ضمن جدار السور، وهو مبني بالطراز الإسلامى وواجهته على شكل قوس مدبب النهاية من الأعلى، وباطن سقف الإيوان على شكل أقواس ملونة ومزججة متداخلة، وتغلف المساحات فيما بينها بالكاشي الكربلائي الملون بزخارف متنوعة الأشكال، مكونة شكل نصف قبة على الطراز المسمّى ب(الرسمي). وتمتاز الروضة العباسية المقدّسة بوجود بناء طابق ثاني لمنشآت السور المحيط بالصحن، والذي يبلغ عرضه (20) متراً تقريباً من الجهة الجنوبية للروضة، وبمسافات غير متساوية من الجهات الأخرى قد تصل إلى (7) أمتار في بعض الأماكن من الجهة الشمالية، والطابق يتكون من قاعات كبيرة وضخمة متخذة كمخازن وقاعات لمدرسة دار العلم التي فتحت حديثاً عند فتحت حديثاً عند تسلّم المرجعية المباركة إدارة العتبات المقدّسة، وقاعتي المضيف، وقاعة المكتبة، وقاعة اجتماعات مجلس الإدارة وغيرها من التشكيلات الفنية والإدارية. ومما تجدر الإشارة إليه أن جميع الغرف التي تحيط بالصحن الشريف كانت تُستخدم في العقود السابقة من قبل طلبة العلوم الدينية، واتخذت فيما بعد مقابر للعوائل الكربلائية المعروفة، وبعد منع الدفن في الصحن الشريف خلال السبعينيات من القرن العشرين أغلقت تلك المقابر ومنع الدفن بها، فاتخذها النظام المقبور كمقرات أمنية لجلاوزته وكان أكثرها مهملاً تملؤه الأنقاض ولا يصلح حتى للاستخدام السابق، وأنه لا يليق بالمكان المطهر وبحاجاته المستحدثة في الوقت الحاضر، إذ تحولت إلى مراكز إشعاع فكري وإعلامي وحضاري وإبداع هندسي وخدمي، ورُفعت منها كل تلك التجاوزات فضلاً عن تطويرها. يمكننا أن نقسّم الصحن إلى أربعة أجزاء وهمية، يطل كل منها على ضلع من أضلاع السور، حيث إن شكل الصحن مستطيل مساحته (4600 م 2) بدون الأروقة المؤدية له من البوابات الخارجية، ولو أضيفت له مساحتها البالغة (468 م 2) باعتبارها تابعة للصحن وظيفياً، فسيصبح المجموع (5068م)، أما مساحة السور ومنشآته بضمنها مداخل الأبواب مع أروقتها المؤدية للصحن الشريف فتبلغ (4488م)، ولو أخرجنا مساحة أروقة الأبواب باعتبار تبعيتها وظيفياً للصحن الشريف فستبلغ المساحة الصافية لتلك المنشآت ( 4020 م). مركز العتبة المطهرة: يتوسط العتبة بناء مسقف مستطيل الشكل تقريباً يضم الحرم الذي يتوسطه مرقد أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وتحيطه الأروقة التي يتقدمها من الجهة القبلية طارمة (إيوان) الذهب)، حيث يبلغ مجموع مساحة هذه المنشآت (1889) م ) تقريباً، وتحيطها باحة غير مسقفة تُسمّى (الصحن). الطارمة (بهو الذهب): هي عبارة عن مظلة كونكريتية ترتفع من المنتصف بمستوى أعلى من الجانبين مشكلة ما يشبه الجناحين للجزء العلوي منها، وترتكز الطارمة على أعمدة كونكريتية حيث تقع في مقدم الحرم من الناحية القبلية، وقد بنيت أمام إيوان الذهب إذ تشرف على الجهة الجنوبية للصحن الشريف، ولها منفذان إلى الجهتين الشرقية والغربية منه حيث كانتا كيشوانيتين، وقد ألغيتا عام (2007 م) عند إخراج الكيشوانيات خارج العتبة؛ لغرض توسيع منافذ الدخول للحرم وأروقته، وتجنباً للمخاطر الأمنية المحتملة والمترتبة على دخول أحذية الزائرين للعتبة، فضلاً عن ضمان طهارة العتبة ونظافتها، وزيادةً في احترام الزائرين لقدسيتها. تبلغ المساحة السطحية للطارمة ( 313،4 م)، وتبلغ مساحة المنطقة الأرضية التي تسقفها والمقابلة لإيوان الذهب ( 241م) ثم أضيفت لها مساحة الكيشوانيات الملغاة، يحد الطارمة من الأمام سياج مشبك من الكروم تتخلله عشر دعامات من المرمر تقابل كلاً منها عموداً من أعمدة الطارمة الكونكريتية العشرة التي ترتكز عليها، أربعة من هذه الأعمدة بارتفاع (9) أمتار مغلفة بالمرمر الأخضر نوع أونيكس بارتفاع (2) متر وباقي الارتفاع مغلف بالنحاس المغلف برقائق من الذهب، يعلو رأس كل عمود تاج من هذه الأعمدة المقرنصات المغلفة بشرائح الذهب أيضاً، وكل عمود من يحتوي على (224) طابوقة نحاسية مطلية بوزن ستة غرامات ذهب خالص (24) حبة لكل منها، أما الأعمدة الستة الأخرى فإن ارتفاع كل منها (6) أمتار ويحتوي الواحد على (160) طابوقة نحاسية مطلية بالذهب أيضاً وبالمرمر من الأسفل، وبنفس الأوزان للأعمدة السابقة لكل طابوقة، مع ملاحظة أن التاج المقرنص تبلغ مساحته (3،58) متر لكل عمود، وعلى جوانب الطارمة كُتبت آيات قرانية بالكاشي الكربلائي، وغُلّف سقف الطارمة هذا من الداخل بالمرايا المقطّعة فنياً والمشكّلة وفق زخارف نباتية وهندسية غاية في الروعة والجمال. وإنّ جدران الطارمة من الأسفل وعلى الجانبين مغلفة بالمرمر الأخضر المعرق بارتفاع (2) متر، ومن الأعلى إلى سقف الطارمة فإنها مغطاة بألواح النحاس المغلف بوريقات من الذهب، ويبلغ عدد هذه الصفائح المغلفة بالذهب (4063) قطعة. يتوسط الطارمة من جهتها الشمالية إيوان الذهب المنقوش بالأقواس الإسلامية المتقاطعة في أعلاه راسمة أشبه ما يكون بنصف قبة، وفيها مقرنصات كتبت في وسطها أسماء أصحاب الكساء (عَلَيهِم السَّلَامُ) الخمسة، كل ذلك من الذهب الخالص، وتحت هذه القبة النصفية تقع باب الذهب الرئيسية التي تنخفض داخ-لاً في الجدار ع-ن واجهة الإيوان مكونة إيواناً أصغر تعلوه مقرنصات مشكلة نصف قبة صغيرة من الذهب الخالص أيضاً. أبواب أروقة الحرم العباسي المقدس: عدد الأبواب النافذة إلى الأروقة المحيطة بالحرم العباسي ثمانية بعد أن كانت خمسة، إذ قامت إدارة الروضة المطهرة بعد سقوط النظام السابق في 9 / 4 / 2003 م باستحداث هذه الأبواب؛ لاستيعاب التزايد العددي الحاصل للزائرين الكرام، والذي يخلق في الحرم المقدس وأروقته زحاماً شديداً خاصة في الزيارات المخصوصة ليالي الجمع والزيارات المليونية التي يتزايد أعداد زائريها عاماً بعد عام في ظل انجلاء غمة الدكتاتورية عن أتباع أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) في العراق وانفتاحه على العالم الخارجي؛ الأمر الذي سهل وصول المؤمنين من خارجه إليه، وهي: الباب الأول: هو باب الذهب ويتوسط إيوان الذهب وهو يؤدي إلى وسط طارمة الروضة الشريفة، وهو الباب الرئيسي لرواق الحرم المطهر من جهة القبلة، ارتفاعه (3،5) متر وعرضه (3،25) متر مغلف برقائق الذهب ومنقوش بالمينا بزخارف إسلامية بديعة. الباب الثاني: وهو باب فضي منقوش ارتفاعه (3) أمتار وعرضه (2،73) متر، وهذا الباب مجاور لباب الذهب من الجهة الغربية، إذ يقود الداخل إلى الرواق الغربي عن طريق ممر ضيق مساحته (21، 2) متر، وهو مصنوع من الفضةبمصراعين منقوش علیه زخارف إسلامية رائعة. الباب الثالث: وهو باب خشبی منقوش ذو مصراعین، ارتفاعه (3) أمتار وعرضه (78، 2) متر، وهذا الباب مجاور لباب الذهب من الجهة الشرقية، حيث يؤدي بالزائر إلى الرواق الشرقي للحرم بواسطة ممر ضيق. الباب الرابع: يطل هذا الباب على الجهة الشرقية من الصحن، ويؤدي للرواق الشرقي للحرم، صُنع من الخشب الساج ارتفاعه (2،70) متر وعرضه (2) متر، وفُتح حديثاً بتاريخ 1 ربيع الثاني (1426 ه) الموافق 12/ 5/ 2009 م. الباب الخامس: ارتفاعه (3) أمتار وعرضه (30، 2) متر مصنوع من الفضة، وعليه نقوش إسلامية غاية في الإتقان، وهو مقابل لباب الفرات المؤدي للصحن، وقد فُتح حديثاً لينفذ إلى الرواق الشرقي من الحرم، وفُتح هذه الباب حديثاً وبالتحديد في شهر شوال (1424ه)، ومن المعلوم أن هذا الباب أصلاً هو محل دفن أسرة سادن الروضة العباسية المقدّسة السابق المرحوم السيد حسن آل ضياء الدين. الباب السادس: وينفذ هذا الباب إلى الرواق الشمالي من الحرم ويقابل من الصحن باب الإمام محمّد الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ارتفاعه (5، 2) متر وعرضه (2،30) متر، وقد سمي ب(باب أم البنين (عَلَيهَا السَّلَامُ))، وهو مصنوع من خشب الساج، وفُتح حديثاً في 13 ربيع الأول (1425ه) الموافق 2/ 2004/5 م. الباب السابع: وهو يقود الداخل إلى الرواق الغربي من الحرم، ارتفاعه (3) أمتار وعرضه (186) متر، مصنوع من الفضة، وهو مقابل لباب الإمام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) تقريباً، وعليه نقوش وزخارف إسلامية رائعة وتوجد قبضة يدوية متحركة كُتب عليها ( يا أبا عبد الله)، وفي وسط الباب نُقش عليه اسم الصانع (عمل محمّد حسين النقاش ابن المرحوم شيخ موسى). الباب الثامن: ويؤدي إلى الرواق الغربي من الحرم ارتفاعه (3) أمتار وعرضه (187) متر، هو مصنوع من الفضة وهو مقابل لباب الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ). أروقة الحرم العباسي المقدس: تحيط بالحرم المطهر أربعة أروقة يمثل كل منها ممرّاً عريضاً يستخدم لعبور الزوار، يصطف على جانبيه المصلون والعابدون منهم، وبسبب عرض الأروقة كبير - يبلغ عرض كل رواق (4،60) متر تقريباً - قياساً بالمنطقة المحيطة بالشبّاك المقدس وهي الحرم، وبسبب عرض الفتحات المؤدية له عبر الأروقة والتي يشكل كلاً منها باحة تُستخدم كاستخدام الأروقة لكبرها النسبي؛ فإن الزائر يجد تداخلاً بينها فيخال الجميع تابعاً للحرم فيستخدم كل هذه الفضاءات للعبادة، وقد بنيت الأروقة وفق طرز معمارية غاية في الروعة والإتقان إذ تجلّى فيها الإبداع بما يتناسب وعظمة المرقد الشريف، حيث شكلت سقوف الأروقة والجزء الأعلى من جدرانها المزينة بالمرايا المقطعة وفق الريازة الإسلامية آية من آيات الجمال كما يغلف باقي الجدران المرمر الراقي. وتضم الأروقة مجموعة من الغرف الواقعة حولها باستثناء الضلع الجنوبي منها، حيث تضم هذه الغرف مقابر العلماء والمشاهير من الشخصيات، وتحول قسم منها في ظل الإدارة الجديدة بعد 200949م إلى غرف لبعض الخدمات المهمة، فمنها: واحدة للاستفتاءات مقابل باب صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وينفتح منها باب صغير إلى الصحن الشريف لخدمة الزائرين المستفيدين منها، فضلاً على الباب الذي يؤدي لها من الداخل عبر أروقة الحرم المقدس. وغرفة ركنية في تقاطع الرواقين الشمالي والشرقي في شمال شرق الصحن الشريف، خُصصت لتوزيع الماء المبارك من سرداب القبر الشريف لأبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ). وخُصصت الغرفة المناظرة لها في الركن الشمالي الغربي من الصحن الشريف لورشة الثريات التابعة لقسم الشؤون الهندسية والفنية في العتبة. فيما تحولت الغرفة المقابلة لباب الإمام الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والغرفة المقابلة لباب الفرات، والغرفة الأولى في الرواق الشرقي من جهة الجنوب كأبواب تؤدي للأروقة وبالتالي إلى الحرم المقدس، من خلال فتح الجانب المطل منها على الصحن الشريف وإنشاء باب فيها، وبقي (9) غرف ما زالت تحتفظ بخصوصيتها السابقة ويمكن أن تستخدم لأعمال أخرى أيضاً لديمومة العمل الخدمي في العتبة. الرواق الجنوبي: وهو الواقع في جهة القبلة تبلغ مساحته (150م)، وفيه ثلاثة منافذ إليه: أهمها باب الذهب الرئيسي الواقع وسط إيوان الذهب والذي ورد ذكره سابقاً. أما البابان الآخران فأحدهما غرب تلك الباب ويؤدي إلى الرواق عن طريق ممر مساحته (21) متراً تقريباً بأبعاد (3) 7) متر. والآخر: الشرقي مصنوع من خشب الساج، ويؤدي إلى الرواق عن طريق ممر يشبه الممر الغربي في المواصفات، وفيه باب يؤدي إلى السطح الخاص بالحرم الذي تعلوه القبة الشريفة والمآذن. الرواق الشرقي تبلغ مساحته (150 م) تقريباً، وقد تم فيه فتح منفذين جديدين يؤديان إليه، رُكِّب في أحدهما باب من الفضة وفي الآخر باب من خشب الساج، ويحتوي الرواق أيضاً على غرفتين أخريتين إحداهما استخدمت لأعمال شبكة الكهرباء في العتبة ونُصبت فيها المحولات، والغرفة الأخرى اتخذت مخزناً لأعمال الحرم. الرواق الشمالي: وهذا الرواق كان منفصلاً عن الرواق الشرقي والغربي وكان بينه وبينهما حاجز قد رُفع فيما بعد، وفي الركن الشمالي الشرقي منه غرفة بابها من الفضة يؤدي إلى السرداب الذي يضم الجسد الطاهر للمولى أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد تم فتح بابٍ لهذا الرواق يؤدي للصحن الشريف سُمي ب(باب أم البنين) الذي ورد ذكره سابقاً، كما يضم هذا الرواق غرفة خُصّصت لأعمال تجميع وإدامة الثريات، وغرفتين أخريين تم ضمهما إلى الحرم الشريف بعد سقوط النظام السابق، بعد أن أجريت عليهما أعمال التطوير من تغليفٍ بالمرمر والمرايا بما يوافق النسج المعماري للحرم، وبالتالي أضاف هذا العمل مساحة جديدة للأروقة. الرواق الغربي: وهو متساوٍ في المساحة مع الأروقة السابقة الذكر تقريباً، وفيه منفذان إليه، ورُكَّب في الاثنين بابان من الفضة، ويوجد فيه بابان من الفضة: أحدهما يؤدي إلى غرفة السيطرة التابعة لشعبة كهرباء العتبة، فيما يؤدي الثاني لغرفة تقع مقابل جهة الرأس الشريف من المرقد، تم ضمها إلى الحرم وأروقته بعد سقوط الطاغية. الحرم العباسي المطهر الأروقة الأربعة: الجنوبي والشرقي والشمالي والغربي، تطل من جوانبها الأربعة على باحة أبعادها (12 متر × 12 متر)، يحيط الباحة من كل جهة من جهاتها الأربع جدار ضخم جداً ترتكز عليه القبة الشريفة، وقد شكلت هذه الباحة مسجداً كبيراً يقع في وسطها مكان الضريح الشريف لأبي الفضل العباس، ويُطلق على هذا المسجد (الحرم العباسي). تبلغ مساحة المسجد الحرم) والأروقة الأربعة المحيطة به مع الجدران وقاعدتي المنارتين (1576 م) تقريباً، ومحيطه جميعاً من الخارج (155،6) متراً تقريباً. يتم الدخول للحرم من الأروقة المحيطة به عن طريق عدد من الفتحات الكبيرة التي تفصل بين الجدران السميكة التي ترتكز عليها القبة، ويبلغ عددها أربع فتحات، يبلغ عرض كلاً من الشمالية والجنوبية (23، 5) متر، وعرض الشرقية (5،20) متر، والغربية (15، 5) متر، وكل فتحة تمثل باحة يمكن اعتبارها تابع-ة للحرم من الناحية الوظيفية رغم تداخلها مع الأروقة. شبّاك الضريح المقدس: تم صنع هذا الشباك بأمر من سماحة المرجع الديني الأعلى للطائفة الراحل آية اللّه العظمى السيد محسن الحكيم (قدّس سِرُّه)، ووصل إلى مدينة كربلاء المقدّسة بتاريخ 21/ 11 / 1965م، إذ تم صنعه في مدينة إصفهان الإيرانية، واستغرق العمل في صناعته أكثر من سنتين، إذ تم نصبه على موضع القبر الشريف بتاريخ 12 من شهر رمضان سنة ( 1385 ه) الموافق 12/ 1/ 1966م، وقد تشرّف سماحة آية اللّه العظمى السيد محسن الحكيم (قدّس سِرُّه) برفع الستار عن الضريح المقدس يوم الثلاثاء 15 من شهر رمضان المبارك الموافق 6 /1 /1966 م. وقد استُخدم في عمل ضريح مرقد أبي الفضل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما زنته ( 2000 كغم) من الفضة و (40) كغم من الذهب، وقد صُنع الضريح على يد أمهر الفنيين والصناعيين، وبحسب المختصين في مضمار صناعة شبابيك الأضرحة فإنه يُعد الأجمل في العالم من بين الشبابيك الموجودة على أضرحة الأئمّة وأبنائهم (عَلَيهِم السَّلَامُ). وتعلو الضريح الشريف أربع رمانات ذهبية تزين أركان السطح العلوي منه، وعلى جانبه الأيمن عند الرجلين هناك أربع رمانات ذهبية صغيرة، وفي وسطها كف من ذهب يرمز إلى كف أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومن الجانب الأيسر حيث جهة الرأس الشريف هناك خمس رمانات ذهبية، ومن جهتي سطح الضريح الشمالية والجنوبية هناك أربع رمانات ذهبية في كل منهما. يبلغ ارتفاع الضريح (25، 4) متر وعرضه (15، 4) متر وطوله (45، 5) متر، أمّا السطح السفلي فيزينه أربع مزهريات منقوشة بالمينا، وتزيّن جوانب الضريح ثلاثة أشرطة كتابية من المينا اثنان منها عليهما آيات قرآنية والثالث عليه أبيات شعرية رائعة للشاعر العلّامة الحجة المرحوم السيد محمّد جمال الهاشمي (قدّس سِرُّه)، وهي: ضريحُك مفزعُنا الأمنعُ***بِه كلُّ نازلةٍ تُدفعُ وبابُكَ للخلقِ بابُ النجاةِ***تلوذُ بعروت تلوذ بعروتهِ الروّعُ ... إلخ. الضريح الخشبي (الخاتم): هو عبارة عن صندوق مصنوع من أرقى أنواع الخشب الساج وهو مزجج، طوله (3) أمتار وعرضه (2،20) متر وارتفاعه (2) متر، وبداخله صندوق خشبي آخر مزخرف بنقوش هندية ومطعم بالمينا والعاج، وموشح بشريط كُتب عليه: «بِسمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا» [سورة الإنسان آية.1]. وتحت هذا الصندوق تقع غرفة القبر الذي يرقد فيه الجسد الطاهر لمولانا وسيدنا أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ)، إذ توجد قطعة من المرمر مستطيلة الشكل وُضعت على القبر الشريف أثناء نصب الضريح الشريف. القبة : تعلو سطح العتبة العباسية المقدّسة قبة مرتفعة يبلغ محيطها (46،5) متراً وقطرها (15) متراً - عند أعرض نقطتين فيها - وهي تتوسط المئذنتين، إذ ترتكز هذه القبة من داخل الضريح على أربعة جدران ضخمة، والقبة من داخل الحرم تحتوي على كتيبتين من الكاشي الكربلائي، السفلى عرضها (90) سنتيمتراً كتبت عليها سورة (المنافقون)، وفوقها يوجد (12) شبّاكاً والتي يفصلها واحد عن الآخر مسافة (10، 2) متر، ويغلّف جوانبها من الخارج الكاشي الكربلائي، إذ يبلغ عرض كل شبّاك ( 1،80) متر وارتفاعه (25، 3) متر، وفوق الشبابيك من الداخل توجد الكتيبة الأخرى بعرض (75) سنتيمتراً، كُتب عليها آي من الذكر الحكيم. وتقع فوقها لوحة فنية رائعة من المرايا التي قُطّعت وشُكّلت بالطرق التقليدية مكونة نقوشاً إسلامية، إذ كُتبت في قمة القبة الداخلية أسماء الأئمّة الاثني عشر بخط أسود بارز، وأما من الخارج إلى السماء فالقبة مكسوة بطابوق نحاسي مغلف بشرائح الذهب الخالص، وقد أنجز تذهيبها عام (1375 ه / 1955 م) بعد طلب العلّامة الشيخ محمد الخطيب أحد علماء كربلاء المقدّسة آنذاك من رئيس الوزراء في ذلك الوقت محمّد فاضل الجمّالي تذهيب القبة، إذ يبلغ عدد الطابوق المذهب (6418) طابوقة. ترتفع قمة القبة - عدا السارية - عن سطح الحرم (70، 20) متراً، فيما ترتفع القبة عن سطح أرض العتبة (33) متراً تقريباً، وليس (39) متراً كما ذكرت بعض المصادر. ويتكون بناء القبة من قبتين متداخلتين كما هو الحال في كل القباب المنصوبة على أضرحة المعصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ) في العراق القبة الخارجية منهما هي المغطاة بالذهب والداخلية أصغر منها، والظاهر منها للعيان هو باطنها فقط الذي يمثل باطن السقف الكائن فوق الضريح المقدس والمغلف بالمرايا، إذ تبلغ المسافة بين قمتي القبتين (9،25) متر، وهناك (12) جداراً مبنياً من الطابوق على هيئة أعمدة ساندة للقبة الخارجية، ويقع كل واحد منها بين شباكين من شبابيكها الاثني عشر من الداخل، وترتفع الشبابيك عن سطح المثمن (60) سنتيمتراً، حيث تقع تلك الشبابيك ضمن قاعدة القبة التي ترتفع عن سطح الحرم (7،55) متر والمكونة من جزئين: الأسفل وهو المثمن، ارتفاعه (1،2) متر عن سطح الحرم، بعرض (16،90) متراً بين كل ضلعين متقابلين فيه، والجزء الأعلى يستقر فوق المثمن وهو عنق القبة الدائري، حيث يبلغ قطره ( 14،90) متراً وارتفاعه (6،35) متر عن سطح المثمن، يضم هذا الجزء كتيبة قرآنية في أعلاه وهي من المينا بارتفاع (1) متر، وأسفلها شريط من الكاشي الكربلائي المنقوش وهي بارتفاع (35، 1) متر ارتفاع قمة القبة الخارجية عن قمة عنقها الدائري - أي الجزء العلوي من القبة - يبلغ (13،15) متر. المآذن: ترتفع على جانبي القبة مئذنتان ويخترق جسم كل مئذنة سُلّم حلزوني، يتم الدخول إليه من الطابق الأرضي للحضرة، ويؤدي إلى شرفة الأذان المسقفة التي تقع في النصف العلوي من المئذنة، وتستند الشرفة على صفين من المقرنصات الجميلة المتراكبة، أما القسم العلوي الذي يعلو شرفة الأذان فهو أسطواني الشكل أيضاً، ويتميز بطوله ومتانته ولكنه أقل قطراً من جسم المئذنة، إذ يبلغ قطره (2،7) متر، ومتوج بقبة صغيرة بصلية الشكل ذات حافة ومؤلّفة من الفصوص، تعلوها سارية مكونة من كرات نحاسية متفاوتة الأحجام. يكتسي نصفا المنارتين العلويتين - الكائنان فوق مظلة المؤذن - بصفائح نحاسية مغلفة بالذهب الخالص، ويبلغ عدد الصفائح النحاسية المطلية بالذهب (2016 صفيحة)، ويجري حالياً تذهيب باقي أجزاء المنارة بالذهب الخالص، وإن الذهب المستخدم في التذهيب هو من واردات العتبة، والذي جُمع خلال تسلّم المرجعية إدارتها بعد سقوط النظام الدكتاتوري، وسيطعم بالمينا للحفاظ على شكل المنارة،القديم وليبقى الاختلاف بينهما وبين منارتي مرقد سيد الشهداء (عَلَيهِ السَّلَامُ) قائماً؛ لما له من معان روحية، وليميز الزائر من بعيد بينهما كالسابق. يُذكر أن تجديد عملية التذهيب تمت عام (1948م)، وقد تم إعادة بناء الجزء العلوي للمئذنة الغربية بعد ميلانه ثم تذهيبه عام ( 1984م)، أما الجزء العلوي للمئذنة الشرقية فقد تم إعادة تذهيبه عام ( 1984م)، وانتهى العمل فيها عام (1991م)، وأمّا نصفها الأسفل فمغلف بالطابوق الآجر، وموشح بالكاشي الكربلائي بشكل فني وبتشكيلة غاية في الفن والإبداع، إذ بمجموعها ترسم كتابات بديعة بالخط الكوفي، وذلك باستخدام فسيفساء من الطابوق المنجور والآخر الملون على أشكال حلزونية تلتف حول المنارة، فالشكل الحلزوني الأبيض تُكتب عليه عبارة (يا حسين)، أمّا الأشكال الحلزونية الخضراء فمقسمة بحيث تُكتب عليها عبارات منها: (اللّه محمّد علي)، ومنها: (يا اللّه يا محمّد) وأخرى (محمّد رسول اللّه علي ولي الله). يبلغ محيط المئذنة الواحدة (11،85) متراً وقطرها (3،65) متر، مستندة على قاعدة محيطها (13،18) متراً، وترتفع عن أرضية الصحن (38،5) متراً تقريباً، وإلى نهاية أسسها ترتفع (44) متراً تقريباً. استدراك: وقبل طبع هذا الكتاب بأيام وبتاريخ 4 شعبان لعام (1431ه)، أُفتتحت منارتا مرقد أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد أن تم تذهيبهما بالكامل. سرداب القبر الشريف: يتصف الماء المبارك في سرداب الحضرة الشريفة بالعذوبة والنقاء، ويخلو من الطعم المج أو المالح الذي تتصف به المياه الجوفية عادة، وأن الذي يسير في السرداب لا يغير سيره صفاء الماء. لو أردنا البحث عن تفسير علمي واضح ومحسوس لذلك النقاء فلن نجده، ولن يبقى أمامنا سوى التفسير الغيبي المرتبط بطهر المكان ومقام صاحبه. إنّ السرداب عبارة عن نسخة من الحرم العلوي لأبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأروقته، ولكن بسبب التصاميم الإنشائية القديمة في الحقبة التي بُني فيها المرقد أواسط القرن الثامن الهجري، فإنها استلزمت أن يكون سمك الجدران في السرداب أكثر من الجدران العلوية التي تقع فوقه بنسبة كبيرة، قد تصل لأضعاف عدة؛ طبعاً لتكون قادرة على تحمل ثقل البناء الأعلى في ظل غياب التقنيات الحديثة، التي لا تقتضي إلا زيادة في سمك جدران الأسس والسرداب بشكل أكثر بقليل من الجدران العلوية. والدخول إليه عن طريق الصحن الشريف من جهته الشمالية الشرقية، من خلال باب خشبي مزخرف موجود في الجدار الخارجي للرواق الشمالي للحرم المطل على الصحن، وهذا الباب يؤدي إلى غرفة عرضها (18. 3) متر وبعمق مترين تقريباً في جدار أروقة الحرم، وهي مغلفة لارتفاع (2) متر بالمرمر، وأن للغرفة باباً آخر من الجهة المقابلة، وهو ذهبي وذو مصراعين، وقد كان فضياً وتم تبديله في عام 2007 م، إذ يؤدي إلى الرواق الشمالي للحرم، ويُعد هذا الباب هو المدخل الداخلي للسرداب وقرب هذا الباب وفي وسط الغرفة المذكورة تقريباً باب حديدي في الأرض يؤدي إلى فتحة فيها، إذ يمكن أن ندخل من خلاله إلى السرداب بواسطة سلّم ذي ثماني درجات - عدا الدرجة التي تمثل أرضية الغرفة - وهي مغلفة جميعها بالمرمر، وتوصل إلى بداية ممر بطول (4) متر وبعرض (38 1) متر، يؤدي إلى الممر الذي يدور تحت أروقة الحرم العلوي، ويمثل الممر المؤدي للممر الأخير بداية السرداب. يضيق الممر الذي يسير تحت الأروقة - والذي يمكن أن نسميه الرواق السفلي- في جهة ويتسع في أخرى بشكل غير ظاهر للعيان، فعرضه يتراوح بين(1،27) متر و (1،38) متر، وجدار الرواق السفلي الأقرب للقبر يحتوي على أواوين ذات سقف مقوّس قليلاً بنفس مستوى تقويس سقف ممر الأروقة السفلية، تحوي في بعضها عند الأرضية قبوراً، وقد ألغيت هذه الأواوين في حقب سابقة من خلال بناء جدار أمامها - والذي تم إزالته حالياً وظهرت الأواوين-، ثم بناء جدار سميك بدله كونه كان متهراً، وجعلت فيه ثقوب لتهوية تلك الأواوين، وعدد تلك الأواوين هو (13) موزعة بشكل غير متساو على الأضلاع، إذ يوجد منها: اثنان في الممر الشمالي يقعان شرق وغرب ممر التهوية الشمالي، وثلاثة في الممر الغربي وتقع جنوب ممر التهوية الغربي، وأربعة في الممر الشرقي إذ يقع اثنان شمال ممر التهوية الشرقي واثنان جنوبه، وأربعة أواوين في الممر الجنوبي موزعة مناصفة بين شرق وغرب الرواق. يشكل ركن الرواق السفلي الشمالي الشرقي نقطة الدخول إليه من الصحن الشريف عن طريق الممر الذي يدخل إليه من الدرج المذكور، والركن بزاوية (90) درجة)، بينما تكون أركان ممر الرواق الأخرى عبارة عن أضلاع بزاوية (45) درجة على الممر الرئيسي وبأطوال مختلفة، فطول جدار الركن الأقرب للصحن الشريف في الركن الشمالي الغربي هو (3،33) متر، وطوله في الركن الجنوبي الغربي (3،09) متر، وطوله في الركن الجنوبي الشرقي (3،35) متر، وفي كل ضلع من أضلاع الممر الذي يشكل الأروقة السفلى فإننا نجد ممراً بزاوية (90) درجة على ممر الرواق الذي يتفرع منه، ويمتد بمسافة بعيدة عنه إذ ينتهي بفتحة تطل على الصحن الشريف لأغراض التهوية، ولا يخلو رواق منها باستثناء القبلي (الجنوبي)، عرض ممر التهوية الشمالي هو (71، 1) متروطوله (685) متر، وعرض ممر التهوية الشرقي هو ( 60، 1) متر وطوله (6،86) متر، أمّا عرض ممر التهوية الغربي فهو (75، 1) متر وطوله ( 6،90) متر. يمكن للداخل في هذا الممر الكائن تحت الأروقة الدخول إلى ممر آخر يوازيه من جميع الجهات وأقل منه طولاً، وهو أقرب للقبر الشريف من الأول، إذ يسير تحت الممر الكائن في الحرم العلوي والذي يطوف فيه الزوار حول الشباك المقدس خلال تأدية مراسيم الزيارة، إذ يمكن أن نسميه ب(الحرم الأسفل)، وقد غلّف في تسعينيات القرن العشرين بالمرمر في جدرانه وأرضيته من خلال تثبيتها على هيكل من الألمنيوم بواسطة براغي، والذي تم تثبيته بالجدار الأصلي وتُرك بينه وبين المرمر فراغ صغير مما ضيّق من أبعاده، وهو الآن بعرض (72، 0) متر وقد يكون عرض الممر قبل التغليف حوالي متراً واحداً. وأنه الآن مغلّف حتى في السقف والأرضيات بالمرمر، إذ تبدو السقوف على شكل مستو بزوايا (45 درجة) من الجانبين، ولا يُستبعد أن يكون السقف قبل التغليف مقوساً بشكل قليل كتقوس ممر الأروقة السفلية، وأن ممر الحرم الأسفل والممرات المؤدية له ستجري عليه إن شاء اللّه نفس عمليات التقوية والتطوير التي جرت على ممر الأروقة السفلية، مما يستلزم رفع الشبكة المعدنية والمرمر المثبت عليها. يمكن الدخول إلى ممر الحرم الأسفل من خلال (3) ممرات: اثنان منها بزاوية قائمة على ممر الأروقة السفلية في الضلعين الشرقي والغربي، والثالث منحنٍ قليلاً عليه وهو الشمالي، وهو يرتفع بأرضيته عن أرضية ممر الحرم الأسفل بمسافة تصل إلى أكثر من نصف متر، بشكل أكبر من ارتفاع الممرين الآخرين، وارتفاع سقف الممر عن أرضيته أقل منالممرين الآخرين، فلا يتمكن الماشي فيه إلا من المشي راكعاً وهو تقريباً بارتفاع (1، 1) متر، وأن التواءه لا يمكن أي شخص من الدخول فيه، وربما يتمكن صبي نحيف من ذلك، بخلاف الممرين الآخرين. كلٌ من هذه الممرات يقابل ممر التهوية الواقع في جهته والمذكورة آنفاً، وتتميز مداخل هذه الممرات من جهة ممر الأروقة السفلية بأنها أعرض في البداية ثم تضيق، فعرض الممر الشمالي (0،5 ) متر في بدايته وبعمق (0،5) متر تقريباً، ثم يضيق ويستمر كذلك وبعرض (35، 0) متر تقريباً، وعرض الغربي (42، 0) متر وطوله (42، 7) متر، وعرضه في البداية ( 64، 0) متر ويضيق بعد مسافة (28، 0) متر ليصل إلى ما ذكرناه. أما الشرقي فعرضه (52، 0 ) متر وطوله (7،28) متر، وعرضه في البداية (1،55) متر ثم يضيق بعد مسافة (45، 1) متر إذ يبلغ عرضه ما ذكرناه، وأرضية هذه الممرات أقل ارتفاعاً بقليل من ممر الأروقة السفلية، وأنها بدورها أكثر ارتفاعاً من ممر الحرم الأسفل بمقدار يصل ضعف الارتفاع السابق تقريباً، لذلك فإن الداخل في السرداب يسير في ثلاثة مستويات تبدأ بالمرتفع فالأخفض والأخفض قبل مشروع التطوير المذكور. تمثل سقف السرداب أرضية الحرم العلوي وأروقته والسقف بمستوى واحد في ممر الأروقة باستثناء سقف ممر التهوية الشرقي، إذ إنه أخفض عن بقية أجزاء سقف ممر الأروقة السفلية بمقدار (15) سنتيمتراً تقريباً، وربما أضيفت طبقة کونكريتية إلى هذا السقف في حقب التعمير السابقة الأمر الذي جعلها كذلك، علماً أن سقف ممر الأروقة وممرات التهوية على شكل قوس قليل التفلطح، وهو تقريباً كقوس سقف الأواوين الموجودة في جدار الأروقة الأقرب للقبر الشريف. جدران السرداب الأصلية الداخلية ( عدا الحديثة الظاهرة للعيان ضمن مشروع التطوير المذكور أو أعمال الترميم السابقة) مبنية بالطابوق الأثري الفرشي القديم الذي يتخلل طبقاته النورة والجص أو الطين الذي يعود زمنه إلى عصور ماضية، وأضيفت إليه جدران ضيّقت من عرض الممر إلى ما هو عليه الآن (قبل التطوير المذكور) خلال مراحل الترميم السابقة، ويبدو أنه في حُقب تاريخية حديثة تم إعادة بناء بعض واجهات الجدران بالطابوق والإسمنت، أو ربما تكون هذه الجدران قد غلّفت الجدران القديمة لهذه الواجهات لغرض تقويتها، ومن الجدران التي غُلّفت واجهاتها الجدار المحيط بممر الأروقة الأبعد عن القبر الشريف فيما بقي البناء، وخلال مشروع التطوير تمت إزالة واجهات الجدران المتهرئة بأعماق تتفاوت بين (24) سنتيمتراً و (48) سنتيمتراً باستثناء الركن الشمالي الشرقي للرواق السفلي الأقرب للقبر، فقد تمت إزالة (60) سنتيمتراً منه؛ بسبب تهرء الجدار بعمق أكبر، وتم إبدالها بجدار حديث من الطابوق المثقب بسمك الجدار المزال، ثم جدار من الخرسانة المسلحة أمامه بشبكة من الحديد وسمك هذا الجدار (10) سنتيمتراً، ثم طُلي الأخير بمواد عازلة، ثم تم تغليفه بشبكة حديدية كسيت بالمرمر نوع أونيكس بلون أبيض، وهكذا للسقوف أيضاً، وتم حقن المسافة بينها وبين الطبقة العازلة - المحتوية أمامها على الشبكة الحديدية - بمادة الكونكريت، وذلك كله ضمن مشروع التطوير المذكور. عندما ندخل للحرم السفلي من ممرات الدخول الثلاثة المذكورة آنفاً يشاهد الماشي فيه أربعة دهاليز تتفرع منه، وتدخل في الجدار بإتجاه يعاكس إتجاه جدار البناء الذي يقع فيه القبر الشريف، اثنان منها في الجنوب وهما بنفس العمق إذ يبلغ (1،74) متر، بينما يبلغ عرض الدهليز الأقرب لجهة القدمين (1) متر والثاني بعرض (102) متر والمسافة بينهما (1،58) متر، أما الثالث فيقع في الشمال في قبالة الدهليز الثاني وهو بعرض (95، 0) متر وبعمق (1،72) متر ويجاوره، وفي قبالة الدهليز الأول دهليز رابع بعرض (95، 0 ) متر وبعمق أقل من بقية الدهاليز ويتميز عنها؛لأنه يمثل مخرج الممر الشمالي من جهة الضريح، والذي يدخله السائر إليه ليصل من ممر الأروقة السفلية. يقع القبر الشريف في مركز المساحة المستطيلة التي يحيطها ممر الحرم الأسفل وهي بأبعاد (5،5) متر في الشمال والجنوب و (4،90) متر في الشرق والغرب، إذ ينفتح من ممر الحرم الأسفل - وبالتحديد في الشرق منه - ممر قصير جداً بعرض ( 60، 0 ) متربإتجاه مركز المستطيل، ويقع يمين القادم من الممر الشرقي المؤدي لممر الأروقة السفلية، وجدرانه مغلفة بالمرمر - كما ذكرنا سابقاً-، وهو عبارة عن (3) درجات صاعدة عالية نسبياً، ودرجة رابعة أقل ارتفاعاً منها، إذ تؤدي إلى فتحة صغيرة مستطيلة الشكل تكفي بالكاد لدخول إنسان نحيف، حيث تقع الفتحة فى جدار مغلّف بالمرمر أيضاً، وهذه الفتحة تؤدي إلى فضاء قليل الارتفاع بحيث لا يتمكن شخص من القيام فيه ولو منحنياً، بل يستطيع الحبو فقط، حيث تتدلى من سقفه ثرية صغيرة مطلية بماء الذهب، سقف هذا الفضاء هو أرض شباك القبر الشريف، وأرضه هي سقف لغرفة أسفله تضم القبر الشريف، وفيه شبّاك من الزجاج المؤطر، والباب بأبعاد (20) سنتيمتراً والذي يمكن أن يُرى من خلاله باطن الغرفة المقدّسة، تلك التي يتوسطها القبر الشريف - أي أن الشباك يقع في سقفها-، وتقدر مساحة الفضاء بحدود (3 م)، أما الغرفة فهي بحدود (9 م) تقريباً، وهناك ثقوب في جدرانها يبدو أنها استخدمت للتهوية، إذ تؤدي لممر الحرم الأسفل ويدخل من خلالها الماء المبارك ليلامس سطح القبر الشريف حينما يرتفع منسوب الماء إلى مستواها، وتتوزع هذه الفتحات على النحو التالي: - ثلاث فتحات في واجهة الدرجة الثالثة المؤدية للفضاء المذكور: اثنتان منهما متجاورتان بارتفاع (20) سنتيمتراً تقريباً وبعرض (10) سنتيمتراً تقريباً، والثالثة تحتهما في المنتصف تقريباً بارتفاع (17) سنتيمتراً تقريباً وبعرض (10) سنتيمتراً تقريباً. - فتحتان متجاورتان يمين الداخل من الممر الشرقي المؤدي إلى ممر الحرم الأسفل، وهما فتحتان أصغر من تلك الفتحات وعلى شكل مربع تقريباً بأبعاد (10) سنتيمتراً. - ثلاث فتحات: اثنتان فوق، والثالثة تحتهما في المنتصف تقريباً وتقع يسار الداخل من الممر الشرقي المؤدي إلى ممر الحرم الأسفل بنفس مواصفات الفتحتين السابقتين. سقف الغرفة المقدّسة على شكل قبة قليلة التفلطح يرتفع مركزها عن القبر الشريف حوالي (4، 1) متر، ويقع في مركز أرضية الغرفة القبر الشريف الذي يبدو أكثر ارتفاعاً مما حوله بشكل قليل. ولم نستطع التحقق من سبب هذا الارتفاع ومقداره؛ لصعوبة الرؤية، كما بلطت الأرضية المحيطة بالقبر بالكاشي الكربلائي. ومن نعم اللّه والأسرار العجيبة هو ذلك الماء المبارك والعذب الرقراق الذي يحيط قبره الشريف، وينحدر حوله في سرداب الحضرة المطهرة لمرقده الشريف، والجميع يتساءل ما هو السر وراء تواجد هذا الماء المبارك في هذا المكان دون غيره ؟! ولا عجب في ذلك إذ إن ملامسته للمرقد الشريف الذي يضم الجثمان الطاهر للنفس الزكية المباركة لأبي الفضل (عَلَيهِ السَّلَامُ) جعلت منه ماءً مباركاً طاهراً طيباً لم يتغير طعمه، وجعل اللّه فيه الشفاء الملموس لحالات كثيرة»، انتهى. (ينظر: الموقع الرسمي للعتبة العباسية المقدّسة).

ص: 351

ص: 352

ص: 353

ص: 354

ص: 355

ص: 356

ص: 357

ص: 358

ص: 359

ص: 360

ص: 361

ص: 362

ص: 363

ص: 364

ص: 365

ص: 366

ص: 367

ص: 368

ص: 369

ص: 370

ص: 371

ص: 372

ص: 373

ص: 374

ص: 375

ص: 376

ص: 377

ص: 378

ص: 379

ص: 380

ص: 381

ص: 382

ص: 383

ص: 384

ص: 385

ص: 386

ص: 387

ص: 388

الفصل الواحد والثلاثون: في ذكر الماء ومن شق نهراً إلى كربلاء

كَانَ الفُرَاتُ منْ عَلَى الأَنْبَار***يَأْتِي إِلَى بَابِلَ وَهْوَ جَار

وَكُلُّ مَنْ يَرُومُ سَفْيَ أَرْضِهِ***يَشْقُ نَهْراً جَارِياً مِنْ عَرْضِهِ (1)

ص: 389


1- يدخل الفرات العراق عند قرية الحصيبة على بعد قليل من بلدة آلبو كمال، وبعد اجتيازه الرافدة يمر بمدينة عانة على الضفة اليمنى وبمدينة راوة على الضفة اليسرى، وكانت منطقة عانة من المراكز المهمة للأموريين، وفي جنوب بلدة حديثة يصب في الضفة الغربية من نهر مسيل وادي حوران قادماً من بادية الشام، وبعد أن يجتاز مدينة هيت - (ايتو) في النصوص المسمارية - يدخل السهل الرسوبي، وإلى الجنوب من هذه المدينة تكثر المنخفضات المائية... . ويقترب الفرات من دجلة أسفل الفلوجة بقليل حتى تبلغ المسافة بين النهرين في منطقة بغداد عشرين ميلاً، ويأخذ وادي الفرات بالارتفاع تدريجياً عن وادي دجلة نحو (7-10) أمتار، وعلى هذا تم شق مشاريع ري كبرى من الفرات إلى دجلة في العصور القديمة والحديثة، وتم شق المشاريع الحديثة بالقرب من المشاريع القديمة، مثل: جدول الصقلاوية، وأبو غريب، واليوسفية، واللطيفية، والإسكندرية، والمسيب الكبير، والتي تجري ما بين الفرات ودجلة بهيئة متوازية، وهي موازية للمشاريع القديمة مثل نهر،عیسی ونهر صرصر، ونهر ملكاه (نار شاي القديم)، ونهر كوثي، ونهر الصراة القديم. ... فقد كان نهر الفرات بعد أن يجتاز المسيب بقليل يتفرع إلى فرعين: فرع شرقي وهو نهر الحلة الذي كان هو المجرى الأصلي للفرات، وفرع غربي هو نهر الهندية والذي كان في الأصل جدولاً شُق في القرن التاسع؛ لأخذ الماء إلى الكوفة،والنجف وثم تحول فرع الحلة كله إلى فرع الهندية عام 1820م». (ينظر : موسوعة كربلاء عبر التاريخ جغرافية أنهار كربلاء: 14-17).

فَشَقَ مِنْهُ الغَاضِرِيُّوْنَ فَمَا***أَعْتَمَ أَنْ جَرَى لكَربَلا يمَا

لِيَزْرَعُوا فِيهِ وَيُدْرِكُوا السَّبَبْ***فَعُزِيَ النَّهْرُ إِلَيْهِمْ وَانْتَسَبْ

وَشَقَ فَنَا خِسْرو (1) نَهْراً رَسَمَهْ***لِكَرْبَلَا وَنَاطَهُ بِعَلْقَمَة

الأَسَدِيُّ جَدُّ آلِ العَلَقَمِيْ***فَأَصْبَحَ النَّهْرُ إِلَيْهِ يَنْتَمِي

وَانْتَظَمَتْ جَنَّاتُهُ أَلْفَافَا***فَجَعَلَ المَلْكُ لَهُ أَوْقَافَا (2)

ص: 390


1- عضد الدولة البويهي (فناخسرو)، قد مرت ترجمته وبعض من أحواله في الباب الخامس، فلينظر.
2- سبق في أول الباب أنه في سنة (367 ه) استولى عضد الدولة البويهي على بغداد، فعرج منها إلى كربلاء لزيارة مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد أمر بتجديد بناء القبة الحسينية وروضتها المباركة، وشيّد ضريح الإمام الحسين اللّه بالعاج، وعمر المدينة، واهتم بإيصال الماء لسكانها، فأوصلها بترعة فأحياها، وأوقف أراضي؛ لاستثمارها لصالح إنارة الحرمين الشريفين... . نهر العلقمي: قال السيد عبد الحسين الكليدار في كتابه (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 82 -90) ما نصّه: «ذكر المسعودي في (التنبيه والإشراف) وكاتب البريد ابن خرداذبة في (المسالك): إذا جاز عمود الفرات هيت والأنبار (يقابل الثاني الأول في الضفة الغربية) فيتجاوزهما فينقسم قسمين، منها قسم يأخذ نحو المغرب قليلاً المسمّى ب(العلقمي) إلى أن يصير إلى الكوفة. [وأضاف السيد عبد الحسين الكليدار:] و آثار العلقمي الباقي منه اليوم - على ما وقفت عليه - إذا انتهى إلى شمال ضريح عون إتجه إلى الجنوب حتى يروي الغاضرية لبني أسد - والغاضرية على ضفته الشرقية - وبمحاذاة الغاضرية شريعة الإمام جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) على الشاطئ الغربي من العلقمي. وقنطرة الغاضرية تصل بينه وبين الشريعة ثم ينحرف إلى الشمال الغربي، فيقسم الشرقي من مدينة كربلاء بسفح ضريح العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ استشهد ما يلي مسنّاته. فإذا جاوزه انعطف إلى الجنوب الشرقي من كربلاء مارّاً بقرية نينوى، وهناك يتصل النهران (نينوى والعلقمي) فيرويان ما يليهما من ضياع وقرية شفيه [والظاهر أنها (شفاثا)، ولعل التصحيف قد سرى اليها وشفاثا: موضع قريب من عين التمر]، فيتمايلان بين جنوب تارة وشرق أخرى، حتى إذا بلغا خان الحماد - منتصف الطريق بين كربلاء والغري - إتجها إلى الشرق تماماً، وقطعا شط الهندية بجنوب برس أو حرقه – وأثرهما هناك مرئي ومشهود - حتى يسقيان شرقي الكوفة. ... ولمّا كان العلقمي يروي كربلاء وساكنيه [وساكنيها من ض-] وجوه الأشراف من العلويين والمنقطعين في جوار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولم تبقَ وسيلة للاهتمام بشأنه غير تبرع أهل الفضل بالبذل، ولا بد من أن بني بويه في القرن الرابع لتشيعهم وعنايتهم بشؤون المشاهد المشرّفة؛ كانوا السبب الوحيد لبقاء حياة هذا النهر حتى منتصف القرن الخامس». وقال السيد محمّد حسن آل كليدار في استدراكه للجزء الثاني من كتابه (مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) في: 18/4 من ملحق مستدركات السلسلة الثانية ما نصّه: «ويؤخذ من أوثق المصادر التي وقفنا عليها إن كربلاء كانت تُسقى من نهر العلقمي حتى أواخر القرن العاشر الهجري...». وقال أيضاً في 16/4 نقلاً عن النويري في كتابه (بلوغ الإرب في فنون الأدب) ما نصّه: «... وبسبب تسمية هذا النهر بالعلقمي؛ ذهب فريق من المؤرّخين إلى أن القسم المحاذي لطف كربلاء، قد كلف بحفره رجل من بني علقمة بطن من تميم ثم من،دارم جدهم علقمة بن زرارة بن عدس فسُمِّي النهر ب(العلقمي)...». وللاستزادة فيما يتعلق بنهر العلقمي ينظر: (مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 106/2، و 18/4 من ملحقات الكتاب موسوعة كربلاء عبر التاريخ /جغرافية أنهار كربلاء: 85- 100، العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) المقرم: (271-274).

ص: 391

وذَاكَ إِذْ وَافَى إِلَى بَغْدَاد***وَصَارَ سُلْطَاناً عَلَى البِلَادِ

ص: 392

وَكَانَ ذَا فِي السَّبْعِ وَالسِّتِّيْنَا***كَمَا ذَكَرْتُ حَالَهُ مُبِيْنَا (1)

وَلَمْ يَزَلْ يُكْرَى بِكُلِّ عَامِ***حَتَّى انْثَنَى بِالتَّرْبِ وَالرُّغَامِ (2)

وَشَقَّ نَهْراً بَعْدَ ذَاكَ النَّاصِرُ(3)***فاسْتَبَكَتْ بِصَدْرِهِ الأَوَاصِرُ

ثُمَّ انْبَنَتْ عَلَى رَجَاء بَلْدَةْ***تُنمَى لَهُ في عَدَدَ وَعُدَةْ

وَكَانَ ذَا مَبْدَأَ سَبْعَ عَشْرَةْ***مِنْ بَعْدِ سِةٌ مِنْ مِنَاتِ الهِجْرَةْ (4)

ثُمَّ التَوَتْ مِيَاهُهُ بِالجُرْفِ***وَلَمْ يَكَدْ يَنْفَعُ أَهْلَ الطَّفِّ

حَتَّى أَعَادَ العَلْقَمِيُّ ثَانِيَا***مَحْمُودُ ثُمَّ سُمِّيَ الغَازَانِيَا

قَامَ بِهِ وَزَيْرُهُ الجُوَيْنِي(5)***عَليُّ حِيْنَ جَاءَ لِلْحُسَيْنِ

ص: 393


1- مرّ ذكره في أول الباب: (في ذكر البناء ومن بناه...).
2- الرغام: رمل مختلط بتراب، وقيل: من الرمل ليس بالذي يسيل من اليد، وقيل: دقاق التراب، وقيل: رمل يغشى البصر. (ينظر : لسان العرب : 247/12 بتصرف يسير).
3- الناصر لدين اللّه العباسي. (مرّت ترجمته في أول الباب في ذكر البناء ومن بناه...).
4- في عام (617ه) أمر الناصر لدين اللّه العباسي بإصلاح النهر الذي يمد الحائر بالماء؛ رعاية للزائرين والمجاورين. (ينظر: دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 30/2).
5- الصاحب عطاء الملك بن محمّد الجويني: «الصاحب عطاء الملك: هو علاء الدين بن بهاء الدين محمّد، وهو أخو شمس الدين محمّد، تقلّد هو وأخوه محمّد الوزارة في أيام هولاكو خان، وأيام الملك العادل أباقا خان بن هولاكو خان وأيام السلطان أحمد، كان لهما في دولته الحلّ والعقد، ونالا في دولته من الجاه والحشمة ما يجاوز الحد والوصف، وقد قاما بكثير من الخيرات، وقرّبا العلماء والأدباء، وبنيا المدارس والرباطات والخانقاهات - تكايا الصوفية-، وكانا سخيين خدمهما كثير من العلماء في مؤلّفاتهم...، كان مولد الصاحب عطاء الملك سنة (623ه)». (ينظر: هامش ماضي النجف وحاضرها: 1/ 188).

فِي سَنَةِ التَّسْعِيْنَ وَالثَّمَانِي***منْ بَعْد ستمئَة فَوَان(1)

ص: 394


1- النهر الغازاني: ذكر السيد عبد الحسين الكليدار في كتابه (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 93- 97) عن كتاب (تاريخ المغول) ما نصّه: «... اجتاح ملوك المغول الوثنيون- أسلاف غازان - العراق، فحلّوا بها الخراب والدمار، وأحالوا نضارة مروجها الخضراء إلى فيافي قاحلة جرداء، وأخليت معالمها من المتعاهدين الذين أبادتهم بربرية المغول، وأصبح العمران أثراً بعد عين، وتُركت منظومة الري وأهملت المجاري؛ لعدم وجود من يبذل الجهود ويهمّه استمرار بقائها لإرواء المدن العطشى وعلى الأخص لمثل نهر العلقمي لطول مجراه؛ لذلك أمر غازان بتجديد نهر العلقمي وتقريب مأخذه من الفرات، فبتروا أعالي مجرى النهر وأوصلوا القسم الآخر بالنهر الذي حفره غازان من فرات الحلة، ولم يستسيغوا بقاء اسم العلقمي على هذا النهر، ولا سيما وقد طرأ عليه الكثير من التغيير والتبديل فأطلقوا عليه اسم (الغازاني)؛ تخليداً لذكرى حافره غازان. ... ولم يزل عمود الفرات على جريانه صوب شط الحلة حتى بعد الألف ومائتين وثمان الهجرية، إذ حُفر نهر الهندية بتبرع المتغمد بالرحمة آصف الدولة ملك أود الهندي؛ بقصد إرواء ساحة الغري الأقدس»، انتهى من بغية النبلاء. وذُكر في (دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد : 35/2-36): «ولمّا كانت سنة (698ه) زار أيضاً السلطان محمود بن غازان مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأقام بالمدينة ستة أيام، وأمر للعلويين والمقيمين بمال كثير، وقدّم هدايا كثيرة لضريح أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وزيّن الروضة بالتحف النفيسة، وأمر بتنظيف مجرى نهر العلقمي وإعادة المياه إليه؛ لراحة المجاور والزائر، وذلك عبر عدد من مساعديه ووهب غلّات هذا النهر إلى العلويين والفقراء الذين يأتون إلى زيارة المرقد الحسيني وكان عددهم كثير...». ملحوظة : ذكر شيخنا الناظم أنّ من تولى تنظيف مجرى نهر العلقمي وإعادة المياه إليه هو وزيره علاء الدين الجويني، أما ماذكرته المصادر ومنها (تراث كربلاء: 28) هو أنّ الذي تولّى حفره هو شمس الدين أخو عطاء الدين الجويني، إذ جاء فيه ما نصّه: «ذكر ذلك ابن الفوطي في حوادث سنة ثمان وتسعين وستمائة في كتابه: (الحوادث الجامعة)] بقوله: ثم توجه - السلطان غازان - إلى الحلة، وقصد زيارة المشاهد الشريفة، وأمر للعلويين والمقيمين بمال كثير، ثم أمر بحفر نهراً بأعلى الحلة، فحُفر وسُمّي النهر الغازاني، تولى ذلك شمس الدين صواب الخادم السكورجي وغرس الدولة...».

ص: 395

وَشَقَّ نَهْراً بَعْدَ إِسْمَاعِيلُ(1)***يَنْقَعُ في نَميره الغَلِيلُ

مِنْ فَوْقِ ذَاكَ النَّهْرِ نَهْرُ النَّاصِرْ***فَمَرَّ لَا يَلْوِي كَلَمْحِ البَاصِرْ

فِي خَمْسَ عَشْرَةٍ وَرَا تِسْعِمِنَةْ***إِذْ فَتَحَ الزَّوْرَا وَنَالَ النَّهْنِئَة (2)

ص: 396


1- الشاه إسماعيل الأول ابن السلطان حيدر الحسيني الموسوي الصفوي: «الشاه إسماعيل الأول ابن السلطان حيدر الحسيني الموسوي الصفوي...، وُلد في 25 رجب سنة (892ه)، وتوفي في تبريز 19 رجب سنة ( 930 أو 931ه)، يوافق ذلك بحساب الجمل حروف (طاب مضجعه)، ودفن بمقبرة جده صفي الدين بأردبيل. قال الشيخ البهائي في رسالته (توضيح المقاصد): السلطان الأعظم حامي حوزة الإيمان قدّس اللّه روحه، وكان ابتداء سلطنته المباركة سنة (906ه) يوافق ذلك بالعربية بحساب الجمل حروف (مذهبنا حق) وبالفارسية (شمشير أئمة)، انتهى. ومدة ملكه 24 سنة، وهو أول الملوك الصفوية...، وهو الذي أظهر مذهب الإمامية في إيران، وأمر بقول: حي على خير العمل في الأذان، وكان يفتخر بترويج مذهب الإمامية وتأييده...» (ينظر : أعيان الشيعة: 3/ 321- 322).
2- وقد أشار لهذا النهر السيد البراقي في كتابه (تاريخ الكوفة: 222- 223) بقوله: «ثم إنه لما جاء الشاه عباس الأول إلى النجف لزيارة الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سنة (1032ه)، أمر بتنظيف النهر الذي حفره الشاه إسماعيل الأول من الفرات سنة زيارته مرقد جده الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهي سنة ( 914 ه)، إذ إنّه قد طُمّ في زمن محاصرة الروم أرض النجف أيام السلطان سليم، فحُفر وعُمّر وجرى الماء فيه حتى دخل مسجد الكوفة، ويُعرف هذا النهر ب(نهر الشاه)؛ نسبة إلى الشاه عباس المذكور، ويُعرف اليوم ب(نهر المكرية) أيضاً». وذكر ذلك أيضاً السيد محمّد حسن آل كليدار في (مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 18/3).

ثُمَّ عَلَا الرَّمْلُ عَلَيْهِ فَانْقَطَعْ***مِنْ الإِغَارَاتِ عَلَى تِلْكَ البُقَعْ

وَشُقَّ في الإحْدَى وَالارْبَعِيْنَا***(نَهْرا سُلَيْمَانُ) لَهُ مُعَيْنا

إِذْ فَتَحَ الزَّوْرَا وَزَارَ النَّجَفَا***وَوَاصَلَ الطَّفَ بِمَا قَدْ لَطَفَا

وانْتَسَبَتْ لَهُ السُلَيْمَانِيَّة***دَسْكَرَةٌ بجَنْبه مَبْنِيَّةٌ (1)

ص: 397


1- النهر السليماني (الحسينية) : ذكره السيد عبد الحسين الكليدار في كتابه (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 97- 99) فقال ما نصه: «... حتى ورد العراق سليمان القانوني العثماني فاتحاً أبان حكم الشاه طهماسب الصفوي الأول سنة إحدى وأربعين وتسعمائة. قال نظمي زادة في (كلشن خلفاء) في 28 جمادى الأول سنة (941 ه) قصد الملك المحمود الصفات لزيارة العتبات العاليات، واتجه نحو كربلاء والنجف، وزار مرقد سيد الشهداء المنوّر، ونال قصب سبق مرامه، وأمر بحفر نهر كبير من عمود الفرات؛ لإرواء ساحة كربلاء...، ووهب مجموع حاصلات ضياعه للمجاورين والخدمة الساكنين....، وعلى أثر جريه أحاطت بالحرم - الذيالملائكة أمناؤه - حدائق وبساتين حتى حاكى الجنان وأجلى عن قلوب ساكنيه التكليف، لِمَا اجتمع لهم من أسباب الراحة ورغد العيش على أثر تحقيق أرباب التاريخ في الماضي، بعض المهندسين البارزين حسب أقيستهم الهندسية ظهر انخفاض مستوى الفرات، وارتفاع قصبة كربلاء، كان من المستحيل جريان الماء فيه، فمن كرامة الإمام ويمن إقبال الملك العالي المقام، جرى الماء بسهولة، مما سبب إقحام المهندسين واستوجب تحسين الملأ الأعلى. أطلق على هذا النهر حسب منطوق الوثائق القديمة لبعض الحدائق بالنهر (الشريف السليماني). وفي سنة (1217 ه) حينما أراد أن يقيس أبو طالب في رحلته (مسیر طالبي) عرض شط الهندية، قال: هو على غرار نهر الحسينية الاسم الذي يُعرف به اليوم مع ما طرأ على عدوتيه من تغيير وتبديل، هو اليوم عين النهر الموجود يروي ضياع كربلاء وبساتين ضواحيها باسم (نهر الحسينية). كان منفذه الرئيسي ينتهي إلى هور السليمانية الواقع في القسم الشرقي من البلاد على مسافة بضعة أميال، والفرع الذي اختص لإرواء السكنة والمجاورين كان يطوق المدينة من ثلاث جهات، حيث الشمال والغرب ثم ينعطف نحو الجنوب ويتجه شرقاً حتى يصل إلى منفذه الرئيسي في هور السليمانية». (ينظر أيضاً: تراث كربلاء: 29-30).

ص: 398

وَشَقَّ آصفٌ (1) من المُسَیَّب***للْمَشْهَدَيْن نَهْرَ مَاء طَيِّب

أَحَاطَ بالبَلْدَة خَلْفَ السُّور***وَسَالَ فِي جِنَانِهَا وَالدُّورِ

ثُمَّ جَرَى تَوَا لِنَحْوِ الكُوفَة***وَفَاضِ فِي غِيَاضِها المَعْرُوفَة

فَعَرَفُوْهُ بالحُسَيْنيَّة في طَفَ وَفي***هندية بالنَّجَف

تَارِيخُهُ الثَّمَانِ بَعْدَ الأَلْفِ***وَالمِئَتَيْنِ أَوْ (نُبُوْغُ اللطف)(2)

ص: 399


1- آصف الدولة: «هو يحيى خان النيسابوري اللكهنوي، الملقب (آصف الدولة)، وزير السلطان محمّد الشاه ملك الهند توفي سنة (1210ه)، هو الذي شق جدول الهندية من الفرات بقصد إجراء مائه إلى النجف لري أهلها فصار ذلك الجدول نهراً كبيراً». (أعيان الشيعة: 304/10).
2- سنة 1208 ه. (الناظم). 1208 «وفي سنة (1208) أرسل يحيى خان آصف الدولة وزير محمّد شاه أحد ملوك الهند أموالاً طائلة؛ لحفر نهر من الفرات يبتدئ من بلدة المسيب ويمر بالكوفة، وسُمّي هذا النهر (نهر الهندية)، ويقال: إنه أخذ منه قناة تحت الأرض جري فيها الماء إلى منخفض النجف. ويقال: إن بعض زعماء النجف طمّ تلك القناة خوفاً من توطن أمراء الدولة العثمانية في البلدة وإجراء قوانينهم عليها...». (ينظر: أعيان الشيعة: 3/ 288). وذكر في (دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: 111/2-112): «وفي سنة 1208ه تم إعادة الماء إلى كربلاء وبناء سور لمدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشراء منازل للزائرين، وذلك بإشراف السيد علي الطباطبائي وتمويل آصف الدولة المتوفّى عام (1212ه)، وكان الطباطبائي قد كلّف تلميذه السيد دلدار علي النقوي بالهجرة من كربلاء إلى لكهنو للتحدث إلى السلطان بهذا الشأن فوصلها عام (1194ه)».

ثُمَّ غَدَا المَاءُ بِهَا يَقِلُّ***يَجِيءُ أَيَاماً وَيَضْمَحِلُّ

حَتَّى إِذَا مَا سُدَّت الهندية***في (الغَرَق) (1) المُحْرق للبَريَّة

فَاضِ بِهَا المَاءُ وَظَلَّ يَجْرِي***فَتَغْرَقُ الدُّوْرُ بِذَاكَ النَّهْرِ

ثُمَّ أَتَاحَ اللّه جَلَّ وَعَلَا***بَعْدَ الحُروب (2) للعراق فيصلا (3)

ص: 400


1- سنة 1331 ه.. (الناظم).
2- أي الحرب العالمية الأولى، والتي أصبح بعدها العراق تحت الإحتلال البريطاني، ومن ثم استقلاله وتولّي الملك فيصل الأول عرش الدولة العراقية الحديثة.
3- فيصل الأول بن الحسين بن علي الحسني الهاشمي ملك العراق: فيصل بن الحسين بن علي الحسني الهاشمي، أبو غازي ( 1300 - 1352 ه/ 1883 - 1933م)، ملك العراق من أشهر ساسة العرب في العصر الحديث. وُلد بالطائف، وترعرع في خيام بني عتيبة في بادية الحجاز، ورحل مع أبيه حين أبعد إلى الآستانة سنة (1308 ه / 1891 م )، وعاد معه سنة ( 1327 ه/ 1909م)، واختير نائباً عن مدينة جدة في مجلس النواب العثماني سنة (1913 م)، فأخذ ينتقل بين الحجاز والآستانة، وزار دمشق سنة (1916 م)، فأقسم يمين الإخلاص لجمعية (العربية الفتاة) السرية. وثار والده على الترك سنة (1916م) فتولّى فيصل قيادة الجيش الشمالي، ثم سُمّي قائداً عاماً للجيش العربي المحارب في فلسطين إلى جانب القوات البريطانية، ودخل سورية سنة (1918 م / محرم 1337 ه) بعد جلاء الترك عنها، فاستقبله أهلها استقبال المنقذ. وسافر إلى باريس نائباً عن والده في مؤتمر الصلح، وعاد إلى دمشق في أوائل سنة (1910م)، فنودي به ملكاً دستورياً على البلاد السورية سنة ( 1338 ه / 8/ 3 / 1920 م ) فاحتل الجيش الفرنسي سورية. ورحل الملك فيصل إلى أوربا، فأقام في إيطاليا مدة ثم غادرها إلى إنجلترة، وكانت الثورة على الإنجليز لا تزال مشتعلة في العراق، فدعته الحكومة البريطانية لحضور مؤتمر عقدته في القاهرة سنة ( 1921م) برئاسة ونستون تشرشل، وتقرر ترشيحه لعرش العراق، فانتقل إلى بغداد فنودي به ملكاً للعراق سنة ( 1339 ه / 1921م)، فانصرف إلى الإصلاح الداخلي بوضع دستور للبلاد، وإنشاء مجلس للأمة. وأقام العلاقات بين العراق وبريطانيا على أسس معاهدات (1922، 1926، 1927 و 1930)، وأصلح ما بين العراق وجيرانه البلاد العربية السعودية، وتركيا، وإيران وزار العاصمة التركية والعاصمة البريطانية. ثم قصد سويسرة للاستجمام فتوفي بالسكتة القلبية في عاصمتها برن بفندق بل فو، ونقل جثمانه إلى بغداد فدفن فيها». (الأعلام: 5/ 165 - 166).

فَعَمَّرَ المَشَاهِدَ المقدّسة***وَوَازَنَ المَاءَ بِهَا وَهَنْدَسَهْ

ص: 401

وَجَعَلَ المَاءَ بِهَا عَلَى قَدَرْ***إِنْ يَطْعَ صُدَّ المَاءُ عَنْهُ فَصَدَرْ

وَذَاكَ في الإحْدَى والارْبَعِيْنَا***بَعْدَ ثَلَاثَ عَشْرَة منيْنَا (1)

ص: 402


1- اهتم الملك فيصل الأول بموضوع الري إهتماماً كبيراً، وطلب من الحكومات العراقية أن تنهض بواقع الحياة الاقتصادية من خلال اهتمامها بالري، وذلك على الرغم من شحة الأموال ونقص الكادر الفني المدرب. وأن تهتم بحفر القنوات وإنشاء السدود من أجل الاستفادة القصوى وخلق ظروف جديدة أمام مستقبل الري، وكذلك التركيز على إصلاح وترميم المشاريع السابقة وإتمامها، مثل مشروع ري المسيب والناصرية الواقعين على يسار نهر الفرات إلى الشمال من سدة الهندية وعلى مسافة بضعة كيلومترات. أما ما اختصّت به مدينة كربلاء من الأعمال والمشاريع الإروائية، فقد شمل ما يلي: 1- سدّة الهندية: بدأ الإصلاح في تلك السدة عام (1921 م) بعد أن تضررت كثيراً جراء الفيضان في (كانون الأول 1920 - نيسان 1921م)، وخصوصاً الأرضية من الجهة الشرقية مع جدار السد الغاطس لنفس الجهة المذكورة، وتمت الإصلاحات بصورة غير مرضية إلى نهاية موسم عام (1925م)، إذ قامت الحكومة العراقية بإتمام ترميماتها وعلى النحو الآتي: أ- إعادة بناء أرضية السدة وأرضية السد الغاطس. ب إنشاء جدار للسد الغاطس من الخرسانة المسلحة القوية بدلاً من الجدار القديم. ج - إنشاء فتحات جديدة تتصل بالأبواب. د- إنشاء أبواب جديدة مجهزة بأسهل الوسائط بدلاً من الأبواب القديمة. ه- تجديد الوجه الخارجي للبناء، وأعمال أخرى تتعلق بالسدة. 2- جدول الحسينية في عام (1928م) أعيد إنشاء أرضية الناظم وتم بناؤها بخرسانة الإسمنت، والغرض منه إيصال مياه الشرب إلى مدينة كربلاء، وأقيم له ناظم من الآجر له ثلاث فتحات وسطى. (موقع صحيفة الجريدة الإلكتروني / العدد : 566/ 15 حزيران 2009 م بتصرف يسير).

ثُمَّ أَتَى فِي عَصْرِهِ ذُو البَاسِ***المُرْتَضَى الخَازِنُ لِلْعَبَّاسِ

نَجْلُ ضِيَاء الدِّيْن أَعْني المُوْسَوي (1)***مُوَازراً لَهُ عَلَى المَاءِ الرَّوِي

ص: 403


1- السيد مرتضى آل ضياء الدين: «هو السيد مرتضى بن مصطفى بن حسين بن محمّد علي بن مصطفى بن محمّد ابن شرف الدين بن ضياء الدين بن يحيى بن طعمة (الأول)، وهو من سلالة طعمة كمال الدين الفائزي، وكان صغير السن عند توليه السدانة سنة (1298 ه)، فتولاها نيابة عنه عمه السيد عباس السيد حسين آل ضياء الدين إلى بلوغه سن الرشد، وبقي فيها حتى وفاته سنة (1357 ه)، ومن حسناته إنشاء مشروع إسالة الماء في كربلاء المقدّسة بعد أن استهلكت المكائن القديمة. وتولّى السدانة بعد رحيله نجله السيد محمّد حسن آل ضياء الدين وانتقل إليه مشروع إسالة الماء». (البيوتات العلوية في كربلاء: 44، مدينة الحسين : 1/ 89 - 90 كلاهما بتصرف يسير).

فَجَاءَ فِي مَاكِنَةِ لِلْمَاءِ***تَسْقِي النَّمِيْرَ أَهْلَ كَرْبَلَاءِ

وَانْتَصَبَتْ في ذَلكَ النَّهْرِ الأَشَجْ***مِنْ بَعْدِ مَا بُويْعَ فِي سَبْعِ حُجَج

تَحْمِلَ مَاءً صَافِياً مَعِيْنَا***فِي سَنَةِ السَّبْعِ وَالارْبَعِيْنَا

مِنْ رَابِعِ القُرُونِ بَعْدَ الْأَلْفِ***وَنَالَ الأمْتيَازَ دُونَ خُلف

فَأَصْبَحَتْ فِي الطَّفِّ تِلْكَ المَاكِنَة***تَسْقِي مِنْ العَذَبَ بِهَا أَمَاكنَهُ

تَفيْضُ في مِيَاهِهَا وَتَسْرِيْ***بكُلِّ أَنْبُوْب شَديد الأَسْرِ (1)

ص: 404


1- ذكر السيد محمّد حسن الكليدار في كتابه (مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 90/1) إنشاء مشروع إسالة الماء في كربلاء، فقال: «ومن حسناته [أي السيد مرتضى نجل السيد مصطفى آل ضياء الدين ] إنشاء مشروع إسالة الماء في كربلاء بعد أن استُهلكت المكائن القديمة، التي كان قد تبرع بها أحد وجوه الإيرانيين إلى الروضتين الحسينية والعباسية وأودعت توليتها إليه وإلى خازن الروضة الحسينية السيد عبد الحسن آل طعمة الذي رفضها فالتزمها السيد مرتضى آل ضوي، وبعد استهلاك تلك المكائن استورد مكائن جديدة نصبها بمحلها، ومنحته الحكومة العراقية امتيازاً لإدارة مشروع إسالة الماء في كربلاء لمدة ستين عاماً، وتم على يده تأسيس هذا المشروع الإنساني الذي خلد ذكراه حتى اليوم». وذكر السيد الكليدار ايضاً أنه بعد وفاته - أي السيد مرتضى - سنة (1357ه) آل مشروع إسالة الماء في كربلاء إلى نجله السيد محمّد حسن. السقاة في كربلاء: «كان السقّاء يجلب الماء من نهر الحسينية أو نهر الهنيدية، أو من فرعين رئيسين لنهر الحسينية وهما: نهر الحلة ونهر ابن الحمزة اللذان يجريان بالقرب من قبر ابن الصخني، ويمران بمحلة باب الخان وينتهيان بالبساتين، وهناك نهر الشاخة الذي يتفرع من نهر الهندية، ويجري في محلة العباسية الغربية منتهياً بالبساتين، ومن هذه الأنهار كان السقاؤون يجلبون الماء في القِرَب التي تحملها الحمير والبغال ويبيعونه على أصحاب الدور. ويشير تكسيرا - الرحالة البرتغالي - الذي زار كربلاء سنة ( 1601م): أن السقاة الذين كانوا يسقون الماء للناس في سبيل اللّه طلباً للأجر، أو إحياء لذكرى الإمام الشهيد الذي قُتل عطشاناً في هذه البقعة من الأرض، ويقول: إنهم كانوا يدورون بقِرَبهم الجلدية الملأى بالماء، وهم يحملون بأيديهم طاسات النحاس الجميلة. ويُجلب الماء أيضاً بالعربات إلى بعض الخانات المزدحمة بالعوائل، وكان الماء يتوفر في النهر ثلاثة أشهر فقط من السنة، ويكاد ينعدم في الأشهر الأخرى، مما اضطر الأهلون إلى حفر الآبار في وسط النهر ليستقوا منها الماء ويجلبونه إلى البيوت. وقسم من الناس يشتري الماء كل يوم، ويدفع البعض أجوراً للشهر الواحد روبية ونصف وبعض الموسرين يدفعون،روبيتين، وذلك عن 30 صفيحة (تنكه) أي أن كلفتها تساوي 8 عانات في الشهر. ومعظم البيوت كانت تحوي على آبار وفي أعلى كل بئر بكرة وحبل يُسحب بواسطته الماء؛ لغسل الأواني المنزلية، وغالباً ما يكون ماء البئر بارداً صيفاً ودافئاً شتاءً. وكان يوجد في كل محلة سقاء خاص أو أكثر؛ لكي يموّن الدور بالماء، ويتقاضى راتباً شهرياً أو أسبوعياً. وإنّ أول من جلب ماكنة الماء في المدينة المرحوم السيد مرتضى آل ضياء الدين سادن الروضة العباسية وذلك في الثلاثينات، وكان مقرها في محلة باب بغداد. وعند افتتاح وعند افتتاح هذا الخزّان أقيم حفل أنشد فيه الشاعر الكربلائي المرحوم السيد حسين العلوي قصيدة مطلعها: الماءُ صافٍ كالزلالِ مقطرُ***(المرتضى) هذا وهذا (الكوثرُ) وكانت الدائرة مقابل دار السادن، وبعد توسيعها جُلب خزّان آخر يقع مقابل گراج البارودي في محلة العباسية الغربية، ثم أسست الحكومة خزّاناً ثالثاً قرب المستشفى الحسيني. وكان الاشتراك في بداية الأمر 100 فلس للشهر الواحد. ولا يزال تانكي الماء ماثلاً للعيان في محلة باب بغداد على نهر الحسينية، وكذلك مكائن التصفية والأحواض والمضخات». (كربلاء في الذاكرة 59- 60).

ص: 405

ص: 406

الفصل الثاني والثلاثون: في ذكر الضياء وكيف كان؟ وإلى أين انتهى؟

وَكَانَت الأَنْوَارُ وَالشُّمُوْعُ***تَضُوْءُ فِي الرَّوْضَةِ أَوْ تَضُوْعُ (1)

والزَّيْتُ زَيْتُ الشَّامِ وَهُوَ الرَّاقِي***يُشْعَلُ بِالقِنْدِيْلِ فِي الرِّوَاقِ

وَكَانَ دَرُّ الوَقْف في ذَاكَ الزَّمَنْ***يُنْصَبُّ في الضَّيَا وَفِي بَاقِي المُؤَنْ

ثُمَّ أَتَى الشَّمْعُ لَهُ الكَافُوْرِي***يَفيض في الكَثرَة وَالوُفُور

أَزْهَرُ في قوامه وَشَكْله***وَشَارَكَ العَسَّالَ مَاضِي نَصْله (2)

فَاسْتَعْمَلُوا لَهُ الثَّرَيَّات الجُدد***ذَوَات أَكْؤس لطافٍ وَعُدَدْ

مُلَوَّيَّاتٍ أَبْيَضَاً وَأَحْمَرا***مُذَهَبَاتٍ بالشِّفاهُ وَالعُرَى

إِذَا رَآهَا المَرْءُ ذُو التَّنْبيه***قَالَ عَلَى التَّخييل والتشبيه

كَأَنَّها أَجْنحَةُ الطَّاوُوس***أَوْ أَنَّها مَبَاس ها مَبَاسِمُ العَرُوس

ص: 407


1- تضوّع الريح تفرقها وانتشارها وسطوعها. (ينظر : لسان العرب: 229/8).
2- العسَّال: الرمح، اضطرب واشتد اهتزازه. (ينظر : كتاب العين: 333/1). شبه الناظم (رَحمهُ اللّه) الشمع وناره المضطربة واهتزازها بالرمح عند اهتزازه ولمعان نصله النافذ.

أَوْ أَنَّها اللُّؤْلُيُّ في أَسْلَاكِهَا***أَوْ أَنَّهَا النُّجُوْمُ فِي أَفْلَاكِهَا (1)

حَتَّى إِذَا جَرَى القَضَا بِمَا جَرَى***وانْتَثَرَتْ بِكَفِّ جَافِ أَحْقَرا (2)

انْتَفَضَ الفَتْحُ (3) عَلَى البُعْدِ وَهَبْ***وَجُدِّدَ الذي تَدَاعَى وَذَهَبْ

وَزَانَ بالبناء والفراش***وبالضِّيا الطَّلْق وَبِالرِّيَاش (4)

ثُمَّ اقْتَفَى النَّاصِرُ(5) تلك الهبة***فَزَادَ بالضِّياء كُلَّ تُربَةْ

ص: 408


1- في هذه الأبيات وصف الشيخ السماوي أضوية الحرم الحسيني قبل الغزو الوهابي وقد أجاد (رَحمهُ اللّه) في ذلك.
2- أي ما قام به الوهابي سعود بن عبد العزيز بن محمّد بن سعود الوهابي النجدي في سنة (1216ه)، من قتلٍ للشيوخ والأطفال والنساء، ونهبٍ للبلد والحضرة الشريفة وأخذٍ لجميع ما فيها من فرش وقناديل وغيرها من الذخائر، وهدمٍ للقبر الشريف واقتلاع الشباك الذي عليه. (سيأتي في الباب السادس: في حوادث كربلاء وتعدادها، فلينظر).
3- السلطان فتح علي شاه القاجاري، ثاني الملوك القاجاريين في إيران. (ينظر ترجمته: أول الباب في ذكر البناء ومن بناه...).
4- ينظر: (أول الباب في ذكر البناء ومن بناه...).
5- «أحمد ناصر الدین شاه ابن محمّد شاه ابن عباس میرزا ابن فتح علي شاه... القاجاري، أحد ملوك إيران...، وُلد في صفر سنة (1247 ه)، ووُلي الملك في شوال سنة (1264 ه) في تبريز، وقتل يوم الجمعة 17 ذي القعدة سنة (1313 ه) في مشهد السيد عبد العظيم الحسني قرب طهران ودفن هناك». (أعيان الشيعة: 120/3). (ينظر ما قام به السلطان المذكور من إعمار وتجديد: بداية الباب الخامس فى ذكر البناء ومن بناه...).

حِيْنَ اسْتَبَانَ مَصْرِفُ الأَوْقَافِ***لِلنُّوْرِ فِي الرَّوْضَةِ غَيْرِ كَافِ

وَأَيْنَ ذَاكَ الوَقْفُ حَتَّى يُصْرَفا؟***لَقَدْ مَضَى به الزَّمَانُ وقَفَا

وَانْتَبَهَ النَّاسُ مِنَ الهجُوْدِ***فَجَادَتِ الأَكُفُّ بِالمَوْجُوْدِ

وَلَمْ يَزَلْ يُهْدِي إِلَى الضَّريحِ***كُلُّ عَرِيْقٍ بِالوَلَا صَرِيحِ

حَتَّى لَقَدْ أَرْبُوا عَلَى مَا نَضَيا***فِي كُلِّ شَيْءٍ وَخُصُوصاً فِي الضَّيا

ثُمَّ أَتَى نَجْلُ الحُسَيْنِ فَيُصَلِّ(1)***فَشَبَّهَا مَاكِنَةٌ تَتَّصِلُ

مَاكِنَةً تَشُعُ ضَوْءاً يُجْتَلَى***بَيْنَ الأَمَاكِنِ التِي فِي كَرْبَلَا

فَضْلاً عن المراقد المُحْتَرَمَة***فَإِنّها لفَضْلِهَا مُقَدَّمَةً

وَازَرَهُ فِي جَلْبِهَا وَالي الجَبَل***مُسَاعِداً لَهُ عَلَى خَيْر عَمَل

ص: 409


1- فيصل بن الحسين بن علي الحسني الهاشمي. (تقدمت ترجمته في الفصل الواحد والثلاثين: في ذكر الماء ومن شق نهراً الى كربلاء).

وَغَاثَ فِيْها لَهْفَةَ الصَّريخِ***فَاتَّقَدَتْ كَشَعْلَة المريخ (1)

ثُمَّ رَأَى الغَازِي (2) إِنَاطَةَ العَمَل***أَعْنِي الضَّيَاءَ فِي حُكُومَةِ المَحَلْ

ص: 410


1- وفي سنة (1342ه) قام السيد عبد الحسين الحجة بجلب مولّد كهربائي لمدينة كربلاء، وعندها رُبطت التجهيزات الكهربائية للروضة الحسينية بالمولّد العام وذلك في عهد الملك فيصل الأول، ويصف السماوي إضاءة الروضة الحسينية وتطورها على يد الملوك وأرباب الخير، ثم ينسب بعض هذه الأعمال إلى الملك فيصل الأول كما في الأبيات الشعرية المذكورة. (ينظر : دائرة المعارف الحسينية: 245/2).
2- الملك غازي بن فيصل بن الحسين بن علي الهاشمي ملك العراق (1330- 1358 ه / 1912 - 1939م): «ملك،العراق، وابن ملكها، وأبو ملكها الأخير. وُلد ونشأ بمكة، وانتقل إلى بغداد حين سُمّي ولياً لعهد المملكة العراقية سنة ( 1924 م) وأرسله والده الملك فيصل الأول إلى كلية هارو في إنجلترة سنة (1927 ه)، فدرس فيها سنتين، وعاد إلى بغداد فتخرج في المدرسة العسكرية. وناب عن والده في تصريف شؤون الملك سنة (1933م)، فحدثت فتنة الآشوريين وأبوه في إنجلترة، فكان موقفه فيها حازماً. ونودي به ملكاً على العراق بعد وفاة أبيه سنة (1352 ه/ 1933 م) فاستمر إلى أن توفي في بغداد قتيلاً باصطدام سيارته وهو يقودها بعمود للتلغراف. وكان مولعاً بالرياضة والصيد. وللناس في سبب مقتله أقوال». (الأعلام: 5/ 112 - 113).

فَجَاءَ فِي مَاكِنَةٍ مَكِيْنَةْ***لَا تَعْرِفُ الوِقَارَ والسَّكيْنَة

شَعَّت بنُورٍ نَافذ الضّيَاءِ***وَمَزَّقَتْ أَرْدِيَةَ الظُّلْمَاء

تَزْهُرُ مِثْلَ الشَّمْسِ لَا المِقْبَاسِ***بِمَشْهَدِ الحُسَيْنِ وَالعَبَّاسِ

وَفِي بُيُوتِ البَلَدِ المَعْمُورِ***بِحَيْثُ كُلٌّ فِي السَّنَا وَالنُّوْرِ

فِي القَبْرِ فِي الرَّوْضَةِ فِي الرِّوَاقِ***فِي الصَّحنِ فِي البُیُوتِ في الأسْواقِ

وَتَعْتَلي بإذن تلْكَ التُّرْبَة***فَوْقَ المَنَارَتَيْنِ فَوْقَ القُبَّة

بَلْ تَرْتَقِي لِمَهْبِطِ الأَمْلَاكِ***عَلَى الضَّريحِ وَعَلى الشُّبَّاكِ

فَلَوْ نَظَرْتَ للضَّيَاءِ المُنْتَظَمْ***بَيْنَ المَنَارَتَيْنِ فِي كُلِّ حَرَم

لَخِلتَهُ مَبَاسِمَ الثَّغُوْرُ***أَوْ العُقُودَ في نُحُوْر الحُوْر

أَو النُّجُوْمَ انْتَظَمَتْ بِسمْطِ***أَو السُّيُوفَ انْتُضِيَت للسِّبْطِ

وَهْوَ فَرِيدٌ بَيْنَهُمْ مُقْتَسَمُ***وَالحُمْرةُ التِي بِها مِنْهُ الدَّمُ

تأنسُ فِي قُدُومِهِ الجِنَانُ***وَيَحْزُنُ الإِسْلَامُ والإِيْمَانُ

وَتَصْرُخُ الجِنَّ لَهُ والإنسُ***وَالمَلأُ الذِي عَلَاهُ القَدْسُ

وَأَنتَ يَا مَنْ قَلْبُهُ أُذَيْبًا***وَنَسِيَ التاريخ والتَّهْذِيبَا

ص: 411

دَعِ الصَّرِيْحَ وَاذْكُرِ التَّاريخا***(قَدْ سَمِعَ المَوْلَى لَهُ الصَّرِيْخا) (1)

ص: 412


1- 1358 ه. ( الناظم). وفي سنة 1358ه تم إنجاز ما أمر به الملك غازي الأول بوضع مولّد كهربائي لمدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) غذّى الروضة الحسينية بالتيار الكهربائي بشكل أوسع من ذي قبل. (ينظر: دائرة المعارف الحسينية: 316/2). «... وكان قبل وصول الكهرباء إلى المدينة تُضاء الطرقات والأزقة بالفوانيس، ويشير إلى ذلك جون أشر في رحلته لكربلاء سنة (1864 م).... وكان الأشخاص المكلفون بإنارة تلك الفوانيس يأتون قبيل غروب الشمس لإنارتها، وفي الصباح تُطفا،ثم تودع المهمة إلى حراس المحلة، وهؤلاء ينتسبون إلى البلدية. وفي سنة (1925م) جُلبت ماكنة كهرباء لإنارة المدينة، والموسرون هم أول من استخدموا الإنارة لبيوتهم. وفي الخمسينات وزعت البلدية الاشتراكات الأهلية، وكانت البلدية تسلّم الحراسة أي (اللزمة) ليلاً لأشخاص يقومون بهذا الواجب لقاء أجور معينة تدفعها إليهم، وهي بالتالي تستوفيها من أصحاب البيوت والمحلات وعلى الأغلب تُسلّم الحراسة لمختار المحلة أو رئيسها، كما كانت البلدية تستوفي أجور إنارة الفوانيس من الأهالي بواسطة أشخاص يُطلق عليهم الجراغجية». (ينظر : كربلاء في الذاكرة : 85- 86).

الفصل الثالث والثلاثون: في ذكر ما في ثنايا كربلا من آثار المزارات

وَفي ثَنَايَا كَرْبَلَا آثَارُ***مَقْصُوْدَةٌ فِيْها لَهَا اشْتِهَارُ

وَتِلْكَ كَالرُّخَامَةِ التي تَلِي***رَأْسَ الحُسَيْنِ فِي الجِدَارِ المُجْتَلِي

كَحَجَر البَيْت تُبيْنُ نَهْجَا***بَأْتَ مَنْ زَارَ كَمَنْ قَدْ حَجَّا(1)

وَحُجْرَةٌ فِي ضِمْنِهَا تَابُوْتُ***مِنَ الرُّخَامِ كُلُّهُ مَنْحُوْتُ

يُقَالُ إِنَّها مَحَلُّ النَّحْرِ***لِخَامِسَ الكَسَاءِ يَوْمَ العَشْرِ (2)

ص: 413


1- شبّه النّاظم هذه الرخامة بحجر البيت الحرام؛ لما لزيارة الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الفضل الكبير الوارد في أحاديث أئمة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) والمقرون أجراً بحج بيت اللّه الحرام. (ينظر ما ورد في فضل الزيارة وما لمن زار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الأجر: الباب الثالث/ الفصل الثالث عشر: في فضل الزيارة والزائر).
2- وهو المحل الذي ذُبح فيه الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وموقعه في الجنوب الغربي من هذا الرواق، ذو غرفة خاصة بابها فضي، وأرضيتها من المرمر الناصع، وفيه سرداب يعلوه باب فضي أيضاً، ويطل من هذه الغرفة شبّاك على الصحن من الخارج. (تاريخ مرقد الحسين والعباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 152). ومن الجدير بالذكر أن أقدم من ذكر هذا المحل هو السيد ابن طاووس في (مصباح الزائر: 222)، وذكرها بلفظ: (موضع القتل)، إذ قال (رَحمهُ اللّه) : «فإذا بلغت موضع القتل فقل:....». (احمد علي الحلي)

وَمَرْقَدْ يَلُوْحُ فِي شُبَّاكِ***إلَى حَبيبِ الأَسَدِيُّ الزَّاكِيْ

في وَسَط الرواق عندَ البَاب***مِنْ خَلْفِ رَأْسِ السَّيِّدِ المُنْتَابِ (1)

ص: 414


1- مرقد حبيب بن مظاهر الأسدي: «وهو أحد شهداء حادثة الطف ناصر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشهر سيفه أمام الأعداء حتى سقط صريعاً على رمضاء كربلاء، ودفن في الواجهة الغربية من الرواق الأمامي للروضة الحسينية المطهرة، وضريحه مصنوع من الفضة. وهو أجلّ شأناً من أن يوصف، ذكره الكشي في (رجاله) فقال: كان حبيب من السبعين الرجال الذين نصروا الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولقوا حبال الحديد واستقبلوا الرماح بصدورهم والسيوف بوجوههم، ويُعرض عليهم الأمان والأموال فيأتون ويقولون: لا عذر لنا عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إن قُتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومنا عين تطرف، حتى قُتلوا حوله رحمهم اللّه وحشرنا معهم برحمته في جوار مولانا الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). ولقد خرج حبيب بن مظاهر الأسدي وهو يضحك، فقال له يزيد بن حصين الهمداني - وكان يُقال له: سيد القرّاء- : يا أخي ليس هذه بساعة ضحك، قال: فأيّ موضع أحق من هذا بالسرور، واللّه ما هو إلا أن يميل علينا هؤلاء الطغاة بسيوفهم فنعانق الحور العين. ويُقال: إن حبيب بن مظاهر كان يحفظ القرآن عن ظهر قلب، وكان يشرع بتلاوة جميع القرآن من بعد صلاة عشائه حتى الفجر في كل ليلة». (ينظر تراث كربلاء : 109-110).

وَمَوْضِع فِيْهِ مَحَطُّ الرَّحْلِ***وَمَوقِعُ الخِيَامِ فِي المَحَلَّ

شِيْدَ عَلَى شَكْلٍ بَدِيعِ فِي الشَّيَم***بَيَتٌ مُطَنَّبٌ تَحُوْطُهُ الخِيَم (1)

ص: 415


1- المخيم الحسيني: «من معالم كربلاء الأثرية والأماكن المقدّسة التي يتبرك بها الزوار المخيم، ويقع في الجنوب الغربي من الحائر الحسيني... . زار كربلاء الرحالة الألماني كارستن نيبور فوصلها يوم 27 كانون الأول سنة (1765م)، ولنتركه يصف لنا ما شاهده في المخيم قال: إن هذا الموقع قد أصبح حديقة غنّاء واسعة الأرجاء، تقع في نهاية البلدة، وتشاهد فيه بركة كبيرة من الماء، وموقع هذه البركة هو نفس الموقع الذي كان الإمام العباس قد حفر فيه لإيجاد الماء فلم يعثر على شيء منه ويروي نيبور بالمناسبة أن الناس هناك كانوا يعتقدون بأن ظهور الماء في البركة بعد ذلك يُعد من المعجزات. وقد أشار إلى وجود هذه البركة الكبيرة في الموقع نفسه الرحالة البرتغالي تكسيرا الذي زار كربلاء في (1604م)، أي قبل مجيء نيبور إليها بمئة وستين سنة، كما ذكر قبل هذا... . ويروي الرّحالة أبو طالب خان في رحلته عند زيارته لكربلاء سنة (1217ه) قائلاً: وعلى بعد ربع ميل خارج المدينة قرية المخيم ومقام زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، شيّدت عليه زوجة المرحوم آصف الدولة عمارة لائقة وأقامت قربه رباط لم يتم بناؤه بسبب وفاة آصف الدولة. وعندما أتمّ السيد علي الطباطبائي المشهور ب(صاحب الرياض) بناء سور لكربلاء سنة (1217ه) بعد غارة الوهابيين، اتخذ هذا المحل مقبرة لدفن الموتى واستبدل الطرف بمحلة المخيم...، وتنص الوثائق والمستندات التاريخية القديمة التي أطلعنا عليها لدى سادات كربلاء أن محلة المخيم والقسم الشرقي من محلة باب الطاق، كانت تُعرف ب(محلة السادة آل عيسى) حتى أواخر عام (1276ه)، وقد تغير هذا الاسم إلى محلة المخيم بعد هذا التاريخ» انتهى. (ينظر: تراث كربلاء: 111). وقد ذكر السيد محمّد حسن آل كليدار الأسباب التي دعت إلى تبديل اسم الطرف من محلة آل عيسى إلى طرف المخيم في كتابه (مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 25/2) فقال ما نصّه:«... فقد قال العلّامة السيد هبة الدين الحسيني: إنه سمع من أسلافه المتقدمين أنّ نادر شاه عندما زار كربلاء في عام ( 1154ه) كان قد خيم بمعسكره في أطراف هذا الموضع - أي في طريق (الحر / كربلاء) -، فسُمّي هذا المحل فيما بعد (خيمكاه نادري)، ثم حُذفت كلمة ( نادري) وبقيت كلمة (خيمكاه)، ثم عُرّبت بكلمة المخيم في عام (1241ه) على أثر نشوب ثورة المناخور... ». ملحوظة وقد مرّ مبنى المخيم بمراحل متعددة من البناء خلال الأزمنة المتعاقبة، وقد ذكرتها أغلب المصادر التي حكت عن كربلاء ومراقدها ومقاماتها، ومنها كتاب (المراقد والمقامات في كربلاء) للحاج عبد الأمير القُرشي والذي ذكر فيما ذكره فيما يخص هذا المقام الوصف الحالي له، تضمن وصف المدخل الرئيسي (خيمة العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ))، والمحامل، وخيمة علي الأكبر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وباب الذهب، والحرم، وخيمة زوجات الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وخيمة السيدة زينب، ومقام الإمام زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وخيمة القاسم، ووصف شكل البناء والقبة الرئيسية وغيرها... ولم نذكرها تجنباً للإطالة، فمن ابتغاها فعليه بكتاب (المراقد والمقامات: 117-131).

ص: 416

وَمَوقِعٌ مُرْتَفِعَ فِي تَلِّ***مُستَشرِفُ عَلى مَكَانِ القَتْلِ

يُقَالُ: إِنَّ زَيْنَبَ العَقِيْلَةْ***جَاءَتْهُ تَرْنُو السَّبْطَ أَوْ مَقَيْلَةٌ (1)

ص: 417


1- تل الزينبية: «يقع في الجهة الغربية من الصحن الحسيني بالقرب من باب الزينبية، في مرتفع يعرف ب(تل الزينبية). ويُقال: إنّ هذا التل كان يشرف على مصارع القتلى في حادثة الطف، إذ كانت السيدة زينب الكبرى تتفقد حال أخيها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...، وتيمناً بها سُمّي هذا الموضع باسمها. والمقام عبارة عن مشبك صغير من البرونز داخله أبيات كُتبت على القاشاني، وتوجد في أعلاه أحجار من القاشاني مزينة بصور تمثل معركة الطف، وقد جدد بناؤه أخيراً سنة (1398ه)». (ينظر: تراث كربلاء: 129). المراحل التاريخية لعمارة المقام: ذكرها الحاج عبد الأمير القريشي في كتابه (المراقد والمقامات في كربلاء: 181) فقال: «تفاصيل المراحل التاريخية لهذا الصرح المبارك قد زوّدني بها فضيلة الحاج محمّد علي الحاج حسين الحلاق مشكوراً، وهي كالتالي: العمارة الأولى: كان المقام محدثاً من جدران أحد البيوت القديمة في أعلى التل، وفي الجدار فتحة مستطيلة، وعليها شباك برونزي في داخله وضع سراج (لالة)؛ لعدم وجود تيار كهربائي في تلك الحقبة الزمنية، وفي أسفل الشباك كانت هناك قاعدة يوضع عليها الشمعدان، وهو مصنوع نحاسي قديم، وأعلى الشباك قطعة من القاشاني عليها نقوش أثرية تحكي معركة الط-ف وجموع الجيوش ومصارع القتلى، وكُتب على الشباك نفسه اسم صانعه (عمل محمّد جعفر ولد عبد الحسين سنة 1339ه)، والقائم بخدمة المقام آنذاك هو السيد أبو القاسم اليزدي، وقام برعاية المقام بعده الحاج عبد الأمير ابن الشيخ صالح الأسدي آل الكشوان حتى وفاته عام (1957م)، ومن بعده أولاده كل من : الحاج سعد، والحاج عبد الحسين، والحاج صادق، والشهيد فاضل الذي أعدمه نظام الطاغية أبان الانتفاضة الشعبانية عام (1991م)، ولم نهتد إلى تاريخ تأسيس المقام واستمرت إدارة المقام بيد المذكورين حتى نهاية عام (1997م) إذ قامت وزارة الأوقاف بالسيطرة عليه، وتم تعيين الشيخ هاشم الزيدي لإدارته، وبعد سقوط النظام العفلقي المقبور عام (2003م) وتسلم المرجعية المباركة إدارة العتبات المقدّسة في كربلاء، تم ضم مقام التل الزينبي إلى إدارة العتبة الحسينية المقدّسة وهو الآن بإشرافها ورعايتها. العمارة الثانية: وفي عام (1400ه) تبرع الحاج عباس الوكيل بداره الملاصقة للمقام ودُمجت مع المقام فتمت التوسعة، وأجريت أعمال البناء والإصلاحات بتمويل من قبل الشهيد الحاج عبد الحسين جيتا الذي أعدمه النظام الصدامي المقبور وكانت البناية تتكون من حرم ومُصلّى، وقد كُتبت على الكاشي الكربلائي في أعلى المدخل الرئيسي للمقام أبيات شعرية من نظم الخطيب الحسيني المرحوم الشيخ هادي الكربلائي (رَحمهُ اللّه) : هذا المقامُ لزينبَ الكبرى العقيله***بنتِ النبيِّ ومَنْ لَه أَضحَتْ سليله ... إلخ الأبيات الشعرية. العمارة الثالثة : عام (1419ه) رغم المضايقات والجور الصدامي البغيض سعى قائمقام مركز كربلاء في حينها جناب السيد يوسف الحبوبي، الذي كان ولا يزال معروفاً بمواقفه المشرفة بخدمة المراقد المقدّسة لآل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وفقه الباري (عزّوجلّ) لكل خير ومعروف، وبجهود هذا الرجل ومثابرته تم استحصال الموافقات الخاصة بتوسيع المقام وتجديده من قبل المحسن السيد ناصر شبر، وتم إنجاز العمل عام (1420ه)، وأدناه وصف تفصيلي للبناية الحالية: يحيط بالبناء من الأمام سياج حديدي بارتفاع 2 متر، يرتكز على جدران من الطابوق مغلف بالمرمر بارتفاع 50 سنتيمتراً، تتخلله دعامات كونكريتية مغلّفة بالمرمر، والسياج له ثلاثة أبواب الباب الرئيسي: يقابل باب الزينبية في العتبة الحسينية المقدّسة، والثاني: بجوار سوق الزينبية من جهة الشمال، وآخر من الجهة الثانية لمدخل السوق من جهة اليمين. المظهر الخارجي: البناء من الخارج مغلف بالمرمر بارتفاع 3 أمتار، والواجهة مغلّفة بالكاشي الكربلائي، وتعلوها كتيبة قرآنية من الكاشي الكربلائي كتبت عليها الآية القرآنية: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّه وَرَسُولُهُ...»، وأعلى السطح توجد لوحتان ضوئيتان: الأولى كُتب عليها (السلام عليك يا زينب الكبرى)، والثانية كُتب عليها (السلام عليك يا بنت علي المرتضى). الصحن أرضيته مغلّفة بالمرمر، ويحتوي على كيشوانية وسُلّم يؤي إلى حرم النساء، وهذا الصحن تم استحداثه وضمه بعد سقوط النظام المقبور، وقامت بأعماله لجنة المشاريع في العتبة الحسينية المقدّسة، وتبلغ مساحة الصحن 180 متراً تقريباً. المدخل الرئيسي: عبارة عن طارمة أمامية ترتكز على دعامتين وسلّم مغلّف بالمرمر، ثم باب من الخشب الساج بعرض 2 متر وارتفاع 4 أمتار ذي مصراعين مزخرف بالنقوش الإسلامية، وفي الكتيبة كُتبت الآية: «إِنَّمَا يُريدُ اللّه ليُذهب...» وهي حفر على الخشب، ثم قوس من الكاشي الكربلائي الأخضر على شكل ضفيرة، ومن الأعلى مكتوب عليها مقام التل الزينبي مؤرخ رجب (1425ه)، ويوجد على يسار الباب الرئيسي مشبك على شكل قوس إسلامي من الكاشي الكربلائي الأخضر يطل على السوق الزينبي، بجواره غرفة صغيرة يوجد فيها سلّم يؤدي إلى السطح ويحوي قاطع كهرباء.... الحرم: وتبلغ مساحته 100 متراً تقريباً، وينقسم على جزأين بواسطة قاطع مزجج من الوسط، الجزء الأول منه مخصص للرجال والآخر للنساء، والحرم مغلف بالمرمر الأبيض بارتفاع،2 متر، تعلوه كتيبة من الكاشي الكربلائي كتبت عليها مجموعة من الآيات القرآنية: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّه وَرَسُولُهُ...، إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ... وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتِ...، قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً»، وفي قاطع النساء كُتبت الآية: «إنَّ في خَلْق السَّمَاوَات...»، وفوق الكتيبة مغلّف بالمرايا ونقوش إسلامية، ووسط الحرم دعامتان ترتكز عليهما القبة. المحراب: بارتفاع 4 ونصف متر تقريباً مغلف بالمرمر الأخضر الأونكس، بدايته قطعة دائرية كتب عليها الآية القرآنية: «إنَّ اللّه اصْطَفَى آدَمَ»، ثم مشبك على شكل قوس إسلامي بارتفاع 2 متر ونصف تقريباً، كتب عليه من الوسط وحوله لفظ الجلالة وأسماء الأئمّة المعصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ)، يتوسطه شباك من الفضة ذو بابين وتخريم في الوسط كُتب عليه اللّه أكبر)، والبناء من الداخل له شباكان على شكل قوس إسلامي. القبة: القبة من الخارج مغلّفة بالكاشي الكربلائي الأخضر المعرق، ومن الداخل مغلّفة بالمرايا، ولها ثلاث فتحات متخذة للتهوية، وقد انتهى العمل من التوسعات والتحسينات عام (1420ه)، وقد تسابق الشعراء في نظم قصائدهم؛ تخليداً لهذا الصرح العظيم منهم خادم الحسين الحاج محمّد علي الحاج حسين الحلاق.... وقد ذكر المؤلّف في كتابه المذكور أحوال آل الحسين، ووقوف عقيلة الطالبيين على هذا التل وجغرافية مكان هذا المقام إضافة إلى ما نقلناه، وذكر بعض الكرامات التي حصلت في هذا المقام (ينظر: المراقد والمقامات في كربلاء: 174- 190). ملحوظة: ومما تجدر الإشارة إليه أنّ الأخ الأستاذ أحمد علي مجيد الحلي قد أخبرنا بأنه قرأ في كتاب (المراقد والمزارات) للسيد جواد شبر (رَحمهُ اللّه)، أن تأسيس مقام التل الزينبي كان في عهد الشيخ زين العابدين المازندراني (قدّس سِرُّه) تثث المتوفّى سنة (1309 ه).

ص: 418

ص: 419

ص: 420

ص: 421

وَمَنْزِلٌ فِي صَدْرِهِ رُخَامَةْ***مَنْحُوْتَةٌ كَالسَّبُعِ الضُّرْغَامَةْ

بَيْنَ الحُسَيْنِ وَأَخِيه البطل***تُشيْرُ للسَّبع الذي قد اجتلي (1)

ص: 422


1- مقام شير فضة: «يقع المقام في محلة باب النجف إحدى محلات مدينة كربلاء المقدّسة داخل زقاق يسمّى زقاق شيرفضة - شير: كلمة فارسية تعني الأسد - ؛ نسبة إلى المقام المذكور. يبعد عن العتبة الحسينية المقدّسة مسافة 315 متراً...، وعن سبب اختيار الموقع نقل لي بعض الثقات أنهم سمعوا من آبائهم عن أجدادهم بأنّ المشهور أن الأسد كان يربض في هذا المكان وجاءته السيدة فضة وكلمته بشأن الأجساد، ورغم محاولاتي لمعرفة تاريخ بناء المقام إلا أنني لم اهتد إلى ذلك. ولكن المشهور أن عمره يناهز المائة وخمسين عاماً، والمقام أقيم على واجهة الدار العائدة إلى الحاج مهدي قلي وسط الزقاق، وتم تحديثه بعد سقوط نظام الطاغية المقبور عام (2003م) من قبل المحسن صاحب الدار كما هو مدوّن على جدار المقام. واجهة المقام من الأسفل مغلّفة بالمرمر الأبيض بارتفاع 1،20 متر، ومن الأعلى توجد لوحة رسم عليها صورة أسد رابض وخلفه خيام، ومن الجانب الأيسر كتيبة طولية من الكاشي الكربلائي كُتب عليها (حسين مني وأنا من حسين)، ومن الجانب الأيمن ركن الزقاق قبة مغلّفة بالكاشي الكربلائي الأخضر، وكتيبة مكتوب عليها آي من القرآن الكريم، والقبة مرتكزة على حزام اسطواني الشكل مغلف بالمرمر الأونكس الأخضر، ووسط الحزام الاسطواني شباك من الكروم توضع فيه النذور، وكذلك يوجد مصلى صغير» (المراقد والمقامات في كربلاء: 190).

وَقَبَّةٌ مِنْ حَجَرٍ مُشَيَّدِ***عَلَى شَمَال أُخْرَيَاتِ البَلَد

يُقَالُ: إِنَّ الصَّادِقَ ابْنَ الباقر***أَفاض فيها الماء غُسْلَ زَائر (1)

ص: 423


1- مقام الإمام جعفر الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «كانت الأراضي التي يقع فيها هذا المقام تُعرف ب(الجعفريات)، وهي من موقوفات الشيخ أمين الدين الخيرية، وهي ضمن الأراضي والعقارات العائدة له في الحائر الحسيني، ويرجع تاريخها إلى سنة (904 ه)، وقد شُيّد هذا المقام رمزاً تذكارياً من قبل الزعيم البكتاشي جهان دده كلامي) الشاعر الصوفي الذي كان حياً سنة (970) ه، ويُعرف المكان هذا ب(شريعة الإمام جعفر بن محمّد)، وهو المكان الذي كان يغتسل فيه الإمام جعفر الصادق في نهر الفرات قبيل زيارته للحائر، وموقعه في أراضي الجعفريات على الشاطئ الغربي من نهر العلقمي إذ يجد الزائر مزاراً مشهوراً عليه قبة عالية من القاشاني تُحيط به البساتين، والناس تقصده للزيارة والتبرك وقضاء الحاجات ومما يجدر ذكره أن هذا المقام كان المطاف الأخير للفرقة الإسماعيلية المعروفة (البهرة)، إذ لم يكن يسمح لرجالها بالدخول إلى كربلاء لزيارة العتبات المقدّسة حتى سنة (1263ه)، وذلك بعد وفاة العلّامة السيد إبراهيم القزويني صاحب (الضوابط)، إذ أجاز العلّامة الشيخ زين الدين المازندراني بإصدار فتوى للسماح لهم في الدخول إلى كربلاء، وأن المرحوم السيد يوسف السيد سليمان آل طعمة المتوفّى سنة (1288ه) استحصل موافقة والي بغداد آنذاك (السر عسكر عبدي باشا)، إذ إن السلطة العثمانية الحاكمة إذ ذاك كانت هي الأخرى تساند المنع المذهبي. والمقام المذكور يقع على طريق العربات المؤدي إلى مدينة كربلاء عبر نهر الحسينية المار بقنطرة الحديبة، وهو الطريق الرئيسي بين بغداد وكربلاء». (تراث كربلاء: 130- 131). ذكر الأستاذ جعفر الخليلي في (موسوعة العتبات المقدّسة/ قسم كربلاء: 282- 283): أن هذه الموقوفات - أي موقوفات الشيخ أمين الدين الخيرية - يعود تاريخها إلى (907ه)، وننقل إليكم نص الوقفية والتي عُثر عليها على صخرة داخل شباك الشهداء عليها كتابة تعود إلى ما يقرب من 50 سنة، والتي تتضمن وقفية قسم من أرض كربلاء المجاورة للمدينة مع ذكر الجهة الموقوف عليها، نقلاً عن الأستاذ جعفر الخليلي من كتابه المذكور، وإليك نصها: «بسم اللّه الرحمن الرحيم «وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْر تَجدُوهُ عِنْدَ اللّه إِنَّ اللّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» الحمد للّه الذي وفّق عباده الصالحين لما يقربهم إليه في الدنيا والدين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمّد وعترته الطيبين الطاهرين وبعد، فالباعث لتسطير هذه الأسطر أنه لما وفّق اللّه تعالى الشيخ المحترم الشيخ أمين الدين ابن المرحوم علي جعفر، لإحياء المعروفة بالقرمة الجعفرية البائرة العاطلة التي هي ملك جده الحاج ناصر ابن... موسى انتقلت إليه بالإرث الشرعي، التي هي من جانب الفرات الغربي من جانب مرقد الإمام ابن الإمام أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بماله ورجاله، وذلك في أيام دولة الأمير الأعظم الأسعد الأمجد الأكرم الأعدل الأرشد افتخار الأمراء والخوانين والأمم جلال الدولة والدنيا والدين (باريك بيك برناك)، وبعد إتمامها حضر لي حضرة الأمير المشار إليه وطلب منه بتصدق منه بها، بما يكون فيها من المال والديوانية من الأهوار والكرود والشواطئ والمسايح والعدد والسفينة والمطري، وما يُزرع فيها من النخل والأشجار وغيره مع حدودها بموجب ما قرر في النيشان الذي بيد الشيخ علي مصالح، ومصارف الحضرة الشريفة الحائرية الحسينية على ساكنها التحية والسلام في شمع للأضواء وشراء البواري والحصر وعمارة، وما يكون من المصالح الشرعية الضرورية حسبما يراه المتولي لذلك والناظر في المصالح الشرعية، فأجاب حضرة الأمير العادل المشار إليه مسؤوله وكتب له بذلك نيشان مطاع، فمن غيّره أو سعى في إبطاله فاللّه خصمه وحسيبه وعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، «فَمَنْ بَدَلَهُ بَعْدَ مَا سَمعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّه سَمِيعٌ عليم»، تحريراً في شهر جمادى الأولى لسنة سبع وتسعمائة (907)، وصلى اللّه على محمّد وآله وسلم» انتهى. وذكر الحاج عبد الأمير القريشي: بأن المقام وبعد الانتفاضة الشعبانية قد هُدم وسوّي بالأرض على أيدي جلاوزة البعث الصدامي، وأن البناء القديم كان عبارة عن بناء سداسي الشكل على مساحة صغيرة، ويحتوي على محراب لاتتجاوز مساحته 20 متراً وتعلوه قبة من القاشاني. وقد قام أحد شركاء الأرض التي يقع المقام ضمن حدودها بإنشاء أسس للعمارة الحالية وذلك سنة (1994م)، وبقي كرمز لغاية سقوط النظام، وكانت أجهزة النظام السابق تمنع الزائرين من الوصول هناك؛ لقربه من دائرتي الأمن والمخابرات، حيث كان المقام يقع خلفهما، انتهى. (المراقد والمقامات في كربلاء: 216 بتصرف يسير). وصف المقام حالياً: «يقع - المقام - على مساحة 600م تقريباً، وله مدخل على شكل قوس إسلامي إرتفاعه 6 أمتار تقريباً يتوسطه باب من الخشب الصاج، وفي الأمام ساحة مكشوفة لاستراحة الزائرين مساحتها 350م تقريباً، وعلى يسار الداخل تم إنشاء مجموعة صحية للرجال والنساء ومحال للوضوء، ثم يوجد ممر يؤدي إلى ساحة كبيرة متخذة مصلى مسقف بالصفائح والألمنيوم، والمصلى مقسم على قسمين للرجال والنساء وفي وسطه محراب مساحته 50م تقريباً، واجهته الأمامية مغلّفة بالكاشي الكربلائي تعلوه كتيبة موشحة بآية التطهير «بسم اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه... تطهيرًا» صدق اللّه العلي العظيم، وفي الجانبين كتبت أسماء الأئمّة المعصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ) وبعض أسماء اللّه الحسنى، يتوسط هذه الواجهة شباك مصنوع من البرونز نقش في وسطه لفظ الجلالة بشكل دائري وحوله أسماء الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ويتولّى إدارة المقام حالياً السيد محمّد جعفر بحر العلوم». (ينظر: المراقد والمقامات في كربلاء: 216-217).

ص: 424

ص: 425

وَمَرْقَدَّ للحُرِّ غَرْبَ البَلَد***بنحو ميْلَيْن نَبيَّهُ المَرْقَد

يُقَالُ: إِنَّ قَوْمَهُ رِيَاحَا***قَدْ حَمَلُوْهُ أَوْ هُنَاكَ طَاحَا (1)

ص: 426


1- مرقد الحر بن يزيد الرياحي: حينما أمر عمر بن سعد (لعنه اللّه) بعد انتهاء المعركة أن تقدم الخيل وتدوس الأجساد الطاهرة المطهرة، خرج جماعة من بني رياح بني تميم وحملوا الحر وذهبوا به إلى المكان الذي هو الآن مدفون فيه. «لو اتجهنا نحو ثلاثة أميال عن غربي كربلاء، لاحت لنا قبة من القاشاني الملون، تلك هي قبة الحر بن يزيد الرياحي التميمي...، ويقصد مثواه الأهلون للزيارة...، ويرى الزائر لدى دخوله عند باب الإيوان كتيبتين تقرأ الأولى: (تعمير الإيوان بسعي الحاج السيد عبد الحسين كليدار حضرة سيد الشهداء سنة 1330 ه)، وفي الجانب الآخر الكتيبة التالية: (قد عمّر هذا المكان بهمة آغا حسین خان شجاع السلطان الهمداني (دام ظلّه) الفاني سنة 1330). وكان أول من بذل الاهتمام بتشييد هذا القبر هو السلطان إسماعيل الصفوي الذي زار العراق عام 914 ه / 1505م)، وبنى عليه قبة وجعل له صحناً». (ينظر تراث كربلاء: 114- 115). ملحوظة: من الجدير بالذكر أن أقدم من ذكر أن الحر (رضیَ اللّهُ عنهُ) قد دُفن وحده هو عماد الدين الحسن بن علي الطبري من أعلام القرن السابع الهجري في كتابه (كامل البهائي:356/2)، إذ قال ما نصه: «... ودفنوا بقية الشهداء في قبر واحد، ودفن الحر ذووه في الموضع الذي وقع فيه... ». ملحوظة: وقد ذكر العلّامة الأكبر السيد جعفر بحر العلوم طاب ثراه معلقاً على قول العلّامة النوري (رَحمهُ اللّه) في اكتفائه لتعيين قبر الحر (رضیَ اللّهُ عنهُ) على قول الشهيد الأول في كتابه (الدروس) ما نصّه: «... وكأنه (رَحمهُ اللّه) لم يطلع على ماذكره صاحب (نزهة القلوب) حمد اللّه المستوفي [(750ه) ] المؤرّخ : (إنّ في ظاهر كربلاء قبر الحر) الذي هو جده الثامن عشر تزوره الناس، والأولاد والأحفاد أعرف بقبور أسلافهم. وما ذكره السيد الجزائري في (الأنوار) عن جماعة من الثقات: إن الشاه إسماعيل لما ملك بغداد أتى إلى مشهد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وسمع من بعض الناس الطعن على الحر، فأتى إلى قبره وأمر بنبشه فرأوه نائماً كهيئته لمّا قُتل ورأوا على رأسه عصابة مشدودة بها رأسه، فأراد الشاه أخذ تلك العصابة؛ لِما نُقل في كتب السير والتواريخ أن تلك العصابة هي دسمال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - الدسمال: المنديل الذي تمسح به اليد فارسي معرب أصله دستماليدن، أي: ما يمسح به اليد - شدّ بها رأس الحر لما أصيب في تلك الواقعة ودفن على تلك الهيئة، فلما حلّوا تلك العصابة جرى الدم من رأسه حتى امتلأ منه القبر، فلمّا شدوا عليه تلك العصابة انقطع الدم، وكلما أرادوا أن يعالجوا قطع الدم بغير تلك العصابة لم يمكنهم، فتبين لهم حسن حاله فأمر قبني على قبره بناء وعُيّن له خادماً يخدم قبره » انتهى. (ينظر: تحفة العالم: 307/1-308).

ص: 427

وَمَرْقَدَ العَوْنِ فِي الشَّمَالِ***يَبْعُدَ نَحْوَ عَشْرَة أَمْيَال

فِي قُبَّةٍ تُشَادُ بِالكَاشَانِيَ***مِنْ فَوْقِ شُبَّاكَ بَدِيْعِ الشَّان (1)

ص: 428


1- مرقد عون بن عبد اللّه بن جعفر: من المراقد المشهورة في كربلاء مرقد عون بن عبد اللّه بن جعفر. يبعد المرقد عن مركز مدينة كربلاء المقدّسة مسافة ما يقارب (10)كم، يأمّه الزوار بشكل متواصل ومكثف، إذ إن المنطقة أشبه بمحطة استراحة للزائرين، وأنها المدخل الوحيد إلى مدينة كربلاء من جهة الشمال. لقد اشتهر عون (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالكرامات وبحدوث المعجزات في مرقده، وقد تحدّث السادن عن أبرزها: أنه ذات يوم جاءت إحدى الأسر مصطحبة ابنة لها كُفّ بصرها إذ فقدته تماماً، ولكن بعد التوجه إلى اللّه بالتوسل بهذا العبد الصالح الجليل عون (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وإذا بها بعد قليل تطلب أن يؤتى لها بالمصحف، وبدأت تقرأ القرآن الكريم. وذكر السيد سلمان هادي آل طعمة في كتابه (تراث كربلاء: 116) «ما نصه:.. وقد ذكر النسّابة السيد جعفر الأعرجي الكاظمي في كتابه (مناهل الضرب في أنساب العرب) ما نصّه: كان سيّداً جليلاً مقيماً في الحائر الحسيني، وكانت له ضيعة على ثلاثة فراسخ من كربلاء، خرج إليها وأدركه الموت، فدُفن في ضيعته، وبُني على مرقده هذا المزار المشهور، وعليه قبة عالية، والناس يقصدونه بالنذور وقضاء الحاجات. ويظن الناس أنه قبر عون بن عبد اللّه بن جعفر الطيار وهو غير صحيح، إذ إنّ اسمه عون بن عبد اللّه بن جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن إدريس بن داود بن أحمد المسور بن عبد اللّه بن موسى الجون ابن عبد اللّه المحض ابن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط ابن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)».

وَكَمَحَلَّ السِّدْرَةِ المَقْطُوْعَةْ وَغَيْرِها مَنْ أُثرِ مَسْمُوْعَةْ (1)

ص: 429


1- شجرة السدر: في عهد الخليفة العباسي هارون شُيّدت العديد من الدور والأبنية إلى جوار مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكانت هناك شجرة سدر بمثابة الدليل للزوار والمسافرين وظلاً يستظلون به، إلا أن هارون الرشيد أمر بقطعها، وكانت هذه الحادثة قبل الهدم الذي وقع في عهد المتوكل عدة مرات. ونُقل أيضاً أن موسى بن عبد الملك هو الذي أمر بقطعها، وهنالك حديث منقول عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولما قال فيه ثلاث مرات: «لعن اللّه قاطع السدرة». ولم يكن الناس يعلمون معنى هذا الحديث إلى عهد هارون الرشيد، وما هي الإشارة التي يشير إليها. وللصحن الشريف باب سُمّي ب(باب السدرة)، يقع هذا الباب في أقصى الشمال الغربي من الصحن، وعُرف بهذا الاسم؛ تيمناً بشجرة السدرة التي كان يستدل بها الزائرون في القرن الأول الهجري إلى موضع قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويقابل هذا الباب شارع السدرة. (ينظر ما جرى للقبر الشريف في عهد هارون العباسي: الباب الثالث من الأرجوزة).

ص: 430

الباب السادس: في حوادث كربلا وتعدادها

اشارة

ص: 431

ص: 432

إشارة:

بابٌ لذكْر حَادثات كَرْبَلا

وَمَا رَأَتْ مِنْ كُرَب وَمَنْ بَلا

عَلِمْتَ مَا كَانَ مِنَ الأَحْوَالِ***لِكَرْبَلَا فِي سَالِفِ الأَحْوَالِ

مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِ الحُسَيْنُ أَرْضَهَا***وَسَأُبِينُ غَيْرَ تِلْكَ بَعْضَهَا

فَالحَادثُ الأَوَّلُ وَهْوَ الأعْظَمُ***قَتْلُ الحُسَيْنِ وَالذِيْنَ انْتَظَمُوا

خُزَانِ عِلْمِ اللّه أَهْلِ وَحْيِهِ***لِسَانِهِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيه

قَتْلاً بكُلِّ شَكَة (1) وَالِّ***لِشَيْخِهِمْ وَكَهْلِهِمْ وَالطَّفْلِ

بالحرّ بالظَّمَاء بالأحْجَار***بالسَّيْفِ بالعَسَّالِ بِالبَتَّارِ

وَتَرْكِهِمْ أَشْلَاءَ بالدَّكَادِكِ(2)***تُرْدِي عَلَيْهَا الخَيْلُ بِالسَّنَابِكِ

وَسَيْرِهِمْ بِالرُّوْسِ وَالسَّبَايا***منْهَا لَمَلْك جِلِّقٍ (3) هَدَايَا

ص: 433


1- الشكة: السلاح (ينظر : لسان العرب: 452/10).
2- الدكداك: من الرمل ما التبد بعضه على بعض بالأرض ولم يرتفع كثيراً، والجمع الدكادك. (ينظر : لسان العرب: 426/10).
3- جلق: وهو اسم لكورة الغوطة كلها، وقيل: بل هي دمشق نفسها، وقيل: جلق موضع بقرية من قرى دمشق... . (ينظر : معجم البلدان 1542).

فَذَلكَ الحَادِثُ لَا مَا يُسْطَرُ***بِهِ السَّمَواتِ العُلَى تَنْفَطرُ (1)

ص: 434


1- أول وأهم ما شطر لحوادث كربلاء بعد نزول الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)وأهل بيته وأصحابه (رضیَ اللّهُ عنهُ) فيها واقعة الطف الشهيرة وفاجعة مقتل ريحانة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ورجال أهل بيته وأصحابه (رضیَ اللّهُ عنهُ)، وحمل نسائه صلوات اللّه عليه سبايا إلى الشام على أحلاس أقتاب بغير وطاء مكشفات الوجوه بين الأعداء وهنّ ودائع النبوة والرسالة، يُساقون كما يُساق سبي الترك والروم. ومن أهم المصادر والمراجع التي أرخت لتلك الواقعة كتاب (مقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) للمؤرّخ الشهير لوط بن يحيى بن سعيد بن سليم بن مخنف الأزدي المتوفّى سنة (157ه)، وكتاب (تاريخ الأمم والملوك) للمؤرّخ أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري المتوفّى سنة (310 ه)، وكتاب (مقاتل الطالبيين) لأبي الفرج الإصفهاني المتوفّى سنة (356 ه)، وكتاب (مثير الأحزان) لنجم الدين محمّد بن جعفر بن أبي البقاء هبة اللّه بن نما الحلي المتوفّى سنة (645 ه)، وكتاب (اللهوف في قتلى الطفوف) للسيد علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس المتوفّى سنة (664ه)... وغيرها. ولا يكاد أي مصدر يؤرّخ لتاريخ الإسلام إلا وقد أرّخ لتلك الحادثة؛ لفضاعتها وعظمها وأثرها في مجمل الحوادث التي مرت بها الأمة الإسلامية وإلى وقتنا الحاضر. وما زالت لوعة في قلوب الملايين من المسلمين الموالين لأهل بيت النبوة والطهارة يستذكرونها فتغلي دماهم وتجري دموعهم، ويستلهمون بذكرها أروع الأمثال في التضحية والفداء في سبيل العقيدة والمبدأ.

والحادثُ الثَّاني الذي (1) أَتَى بِهِ***هَارُوْنَ في المَخْر عَلَى تُرابِهِ

وَحَرْثِ قَبْرِهِ وَقَطْعِ السِّدْرَة***وَقَتْلِهِ لِمَنْ يَزُورُ قَبْرَهُ

فَقَتَلَ المَنْصُوْرَ وَهُوَ شَاعِرُهْ***لِقَصْدِهِ فَكَيْفَ مَنْ يُجَاوِرُهُ؟! (2)

وَالحَادِثُ الثَّالِثُ فِعْلُ جَعْفَرِ***بِالهَدْمِ وَالحَرْثِ لِتِلْكَ الْأَقْبَرِ

وَالمَحْر بالمَاء عَلَى مَا قَدْ حَرَث***وَقَتْلِهِ المُجَاوِرينَ لِلْجَدَثْ(3)

وَقَدْ سَمِعْتَ مِنْ حَدِيْثِ الدَيْرَجِ***وَغَيْرِهِ كُلَّ مُرِيْعٍ مُزْعِج (4)

وَالحَادِثُ الرَّابِعُ نَهْبُ الأَسَدِي***ضَيَّةُ ذُو العَيْنِ (5) لِأَهْلِ البَلَدِ

وَسَلْبُهُ فِي الدُّوْرِ وَالأَسْوَاقِ***وَقَتْلُهُ كُلَّ فَتى يُلَاقِي

وَنَهْبُهُ مِنْ رَوْضَةِ الحُسَيْنِ***مَصُوْغَةَ النَّصَارِ وَاللُّجَيْنِ

وَعَوْدُهُ لِلْعَيْنِ مِنْ غَيْر بَصَرْ***فيقَوْمِهِ المُبْتَهجِيْنَ بالظَّفَرْ

ص: 435


1- في الأصل: (التي)، وما أثبتناه في المتن يقتضيه السياق.
2- ينظر ما اقترفه هارون العباسي من حرثه للقبر الشريف وقتله المنصور النمري شاعره في: (الباب الثالث من الأرجوزة في تعيين المرقد وماجرياته...).
3- ينظر: (الباب الثالث من الأرجوزة في تعيين المرقد وماجرياته...).
4- ينظر: الباب الرابع / الفصل الخامس عشر.
5- هو ضبّة بن محمّد الأسدي، وسيأتي ذكر أحواله.

فانْصَبَ فَنَا حَسْرُو (1) مِثْلَ الصَّقْر***عَلَيْه حَتَّى اجْتَاحَ عَيْنَ التَّمْرِ

وَفَرَّ ضَبَّةُ الشَّقِيُّ وَحْدَهُ***وَعَافَ فِيْهَا أَهْلَهُ وَجُنْدَهُ

فَاسْتَأْصَلَ الأَجْنَادَ والرَّجَالَا***وَأَسرَ النَّسَاءَ وَالعِيَالا

وَبَاعَهُمْ فِي كَرْبَلَاءَ جَهْرَا***وَقَسَّمَ الأَنْفَالَ فيهِمْ جَبْرا

وَرَدَّ مَا قَدْ سَلَبُوْهُ مِنْ حُلِي***وَخَوَّلَ العَيْنَ لِأَبْنَاءِ عَلي

وَذَاكَ في الثَّلَاثِ من مئيها***وَالتّسْع وَالسِّتِّينَ من سنيها (2)

ص: 436


1- مرت ترجمته في الباب الخامس، فلاحظ.
2- غارة ضبة بن محمّد الأسدي: «من الحوادث التي ترويها لنا الأسفار التاريخية هي غارة ضبة بن محمّد الأسدي على كربلاء سنة (369ه). فقد كان ضبّة أميراً لعين التمر، أغار على كربلاء ونهبها وحمل أهلها أسارى إلى قلعته عين التمر، وقد حدّثنا ابن الجوزي قائلاً: إنه جرى بين ضبة وبين أبي الطيب أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الشهير بالمتنبي مشاجرة عنيفة هجاه المتنبي على أثرها بقصيدة مطلعها: ما أنصفَ القومُ ضبّه***وأمَّه الطرطبّه ولمّا بلغ ضبّة مقالة أبي الطيب أقام له في الطريق رجالاً من بني أسد فقتلوه وقتلوا ولده وأخذوا من معه، وكان ذلك سنة (354ه)، غير أن عضد الدولة أبي شجاع فناخسرو سار إليه بجيش يقارب العشرة آلاف فارس، فهجم على عين التمر وحاصر قلعتها مدة من الزمن، فر خلالها ضبة قافزاً بجواده من أعلى سور القلعة، واستولى عضد الدولة على القلعة المذكورة وأخذ أهلها أسارى إلى كربلاء، وأرجع أهالي كربلاء الموجودين في أسر ضبة إلى مدينتهم، وعيّن عضد الدولة أحد العلويين رئيساً لعين التمر يدير شؤونها... . وذكر في (الكامل) أيضاً: أرسل عضد الدولة سرية إلى عين التمر وبها ضبة بن محمّد الأسدي، وكان يسلك سبل اللصوص وقطاع الطرق، فلم يشعر إلا والعساكر معه فترك أهله وماله فنجي بنفسه غريباً وأخذ ماله وأهله وملك عين التمر، وكان قبل ذلك قد نهب مشهد الحسين بكربلاء فعوقب بهذا». (تراث كربلاء 359، الكامل في التاريخ : 710/8، وينظر: المنتظم لابن الجوزي: 271/14، أعيان الشيعة: 424/8).

وَالحَادثُ الخَامِسُ مَا أَهَاجَهُ***بِنَهْبِ كَرْبَلَا بَنُو خَفَاجَة

وَذَاكَ أَنَّهُمْ أَتَوْا مِنْ غَزْوِ***واسْتَطْرَقُوا الطَّفَ بِفَرْطِ زَهْوِ

فَنَهَبُوا سُكَّانَهُ وَفَتَكُوا***وَأَخْفَرُوا دَمَامَهُ وانْتَهَكُوا

فَكَبَسَ الطَّفَ عَلَيْهِمْ صَدَقَة***وَكَلَّمَ السَّيْفُ بِهِمْ وَصَدَقَة

كَمَا سَمِعْتَهُ بمُعْجِزَاتِ***لَهُ فَأَرْخُهُ (أَبا دُعَاتي) (1)

ص: 437


1- 489 ه. (الناظم). غارة خفاجة على سيف الدولة صدقة بن دبيس الأسدي: ذكر ذلك ابن الأثير في كتابه (الكامل في التاريخ: (260/10) في حوادث سنة (489ه). (ينظر: الباب الرابع / الفصل العشرون من الأرجوزة). وذكر الحادثة أيضاً السيد سلمان هادي آل طعمة في كتابه (تراث كربلاء: 360) فقال: «في عام 479) ه) تولّى إمارة الحلة سيف الدولة صدقة بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي، حيث أغارت في زمنه خفاجة على إمارته في ربيع ( 489 ه)، ولما بلغ الخبر سيف الدولة هذا أرسل ابن عمه قريش بن بدران على رأس جيش لمحاربتهم، فاندحر جيشه ووقع أسيراً حيث أطلق سراحه بعد ذلك، وأعادت خفاجة الكرة وهاجمت كربلاء وأعملت في رقاب أهلها السيف، فغضب سيف الدولة وجهز لهم جيشاً حاصرهم في الحائر الحسيني، وقتل منهم خلقاً كبيراً، ولم يسلم منهم أحداً وأعاد الطمأنينة إلى مدينة كربلاء، ثم كرّ راجعاً إلى الحلة حيث أمر بتعويض خسائر أهل الحائر من خزانته الخاصة».

وَالحَادِثِ السَّادِسُ لِلْمُسْتَرْشِدِ(1)***إِذْ فَعَلَ الفِعْلَ الذِي لَمْ يُعْهَدِ

مَدَّ إِلَى خَزَانَة الحُسَيْن كَف***وَبَاعَ مَا قَدْ كَانَ فِيهَا مَنْ تُحَفْ

فَقِيلَ: لِمْ تَمُدُّ لِلْخِزَانَةْ***کفَّا بِلَا رَهْنٍ وَلَا ضَمَانَةْ

فَقَالَ: مَا الحُسَيْنُ بِالمُحْتَاجِ***لِكُلِّ إِكْلِيْلِ وَكُلِّ تَاجِ

وَمَا دَرَى أَوْ كَانَ فِي تَلَاهِ***بِأَنَّهَا شَعَائِرُ الإِلَهِ

ص: 438


1- المسترشد باللّه (485 - 529 ه / 1092 - 1135م). الفضل (المسترشد باللّه ابن أحمد (المستظهر بالله) ابن المقتدي عبد اللّه بن محمّد الهاشمي العباسي، أبو منصور : من خلفاء الدولة العباسية. بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه سنة 512 ه». (الأعلام: 147/5).

وَجَنَّدَ الجُنُوْدَ ثُمَّ صَارًا***لِهَمَدَانَ يَبْتَغِي انتصارا

وَيَقْتُلَ المَلْكَ بِهَا المَسْعُوْدَا (1)***فَصَادَفَ المُسْتَرْشِدُ المَوْعُوْدا

وَقَتَلُوهُ وَهُوَ فِي مُرَاغَةْ***جَزَاءَ مَا سَوَّغَهُ وَسَاغَة

وَكَانَ ذَا فِي سَنَة الخَمْسمِئَة***وَالتَّسْع وَالعِشْرِيْنَ دُوْنَ وَطِئَةٌ (2)

ص: 439


1- غياث الدين السلجوقي : ( ينظر الباب الثالث / الفصل التاسع عشر).
2- مقتل المسترشد باللّه وسببه: في سنة (529 ه)، كان المسترشد باللّه في حاجة للأموال؛ لغرض صرفها على الجند، فامتدت يده الخبيثة لسلب الحائر من أمواله وموقوفاته؛ لينفقه على عساكره. وقد ذكر هذه الحادثة ابن شهر آشوب حيث قال: «وأخذ المسترشد من مال الحائر وكربلا والنجف، وقال: إن القبر لا يحتاج إلى الخزانة وأنفق على العسكر، فلمّا خرج قُتل هو وابنه الراشد». (مناقب آل أبي طالب 1712، وينظر الباب الرابع / الفصل التاسع عشر من الأرجوزة). وذكر ابن كثير مقتل المسترشد باللّه وسببه في كتابه (البداية والنهاية: 12/ 257 - 259 في حوادث سنة (529 ه)، قال: «ثم دخلت سنة تسع وعشرين وخمسمائة فيها كانت وفاة المسترشد وولاية الراشد وكان سبب ذلك؛ أنه كان بين السلطان مسعود وبين الخليفة واقع كبير، اقتضى الحال أن الخليفة أراد قطع الخطبة له من بغداد فاتفق موت أخيه طغرل بن محمّد بن ملکشاه فسار إلى البلاد فملكه وقوي جأشه، ثم شرع يجمع ليأخذ بغداد من الخليفة، فلما علم الخليفة بذلك انزعج واستعد لذلك، وقفز جماعة من رؤس الامراء إلى الخليفة خوفاً على أنفسهم من سطوة الملك محمود، وركب الخليفة من بغداد في جحافل كثيرة فيهم القضاة ورؤوس الدولة من جميع الأصناف، فمشوا بين يديه أول منزلة حتى وصل إلى السرادق، وبعث بين يديه مقدمة وأرسل الملك مسعود مقدمة عليهم دبيس بن صدقة بن منصور، فجرت خطوب كثيرة. وحاصل الأمر أن الجيشين التقيا في عاشر رمضان يوم الإثنين فاقتتلوا قتالاً شديداً، ولم يُقتل من الصفين سوى خمسة أنفس، ثم حمل الخليفة على جيش مسعود فهزمهم، ثم تراجعوا فحملوا على جيش الخليفة فهزموهم وقتلوا منهم خلقاً كثيراً وأسروا الخليفة، ثم نُهبت أموالهم وحواصلهم من جملة ذلك أربعة آلاف ألف دينار، وغير ذلك من الأثاث والخلع والآنية والقماش...، وطار الخبر في الأقاليم بذلك. وحين بلغ الخبر إلى بغداد انزعج الناس لذلك، وزُلزلوا زلزالاً شديداً صورة ومعنى، وجاءت العامة إلى المنابر فكسروها وامتنعوا من حضور الجماعات، وخرج النساء في البلد حاسرات ينحن على الخليفة وما جرى عليه من الأسر، وتأسى بأهل بغداد في ذلك خلق كثير من أهل البلاد، وتمت فتنة كبيرة وانتشرت في الأقاليم، واستمر الحال على ذلك شهر ذي القعدة والشناعة في الأقاليم منتشرة، فكتب الملك سنجر إلى ابن أخيه يحذره غبّ ذلك عاقبة ما وقع فيه من الأمر العظيم، ويأمره أن يعيد الخليفة إلى مكانه ودار خلافته، فامتثل الملك مسعود ذلك وضرب للخليفة سرادق عظيم، ونصب له فيه قبة عظيمة وتحتها سرير هائل، وألبس السواد على عادته وأركبه بعض ما كان يركبه من مراكبه، وأمسك لجام الفرس ومشى في خدمته، والجيش كلهم مشاة حتى أجلس الخليفة على سريره، ووقف الملك مسعود فقبل الأرض بين يديه وخلع الخليفة عليه، وجيء بدبيس مكتوفاً وعن يمينه أميران وعن يساره،أميران وسيف مسلول ونسعة بيضاء، فطرح بين يدي الخليفة ماذا يرسم تطبيباً لقلبه، فأقبل السلطان فشفع في دبيس وهو ملقى يقول: العفو يا أمير المؤمنين أنا أخطأت والعفو عند المقدرة. فأمر الخليفة بإطلاقه وهو يقول: «لا تَثْريبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّه لَكُمْ»، فنهض قائماً والتمس أن يقبل يد الخليفة فأذن له فقبّلها، وأمرها على وجهه وصدره، وسأل العفو عنه وعما كان منه، واستقر الأمر على ذلك، وطار هذا الخبر في الآفاق وفرح الناس بذلك، فلما كان مستهل ذي الحجة جاءت الرسل من جهة الملك سنجر إلى ابن أخيه يستحثه على الإحسان إلى الخليفة، وأن يبادر إلى سرعة رده إلى وطنه، وأرسل مع الرسل جيشاً ليكونوا في خدمة الخليفة إلى بغداد، فصحب الجيش عشرة من الباطنية، فلما وصل الجيش حملوا على الخليفة فقتلوه في خيمته وقطعوه قطعاً، ولم يلحق الناس منه إلا الرسوم، وقتلوا معه أصحابه منهم عبيد اللّه بن سكينة، ثم أخذ أولئك الباطنية فأحرقوا، وقيل: إنهم كانوا مجهزين لقتله، فاللّه أعلم. وطار هذا الخبر في الآفاق فاشتد حزن الناس على الخليفة المسترشد، وخرجت النساء في بغداد حاسرات عن وجوههن ينحن في الطرقات، قُتل على باب مراغة في يوم الخميس سابع عشر ذي الحجة وحملت أعضاؤه إلى بغداد، وعمل عزاؤه ثلاثة أيام بعد ما بويع لولده الراشد...، وكانت مدة خلافته سبع عشرة سنة وستة أشهر وعشرين ويوماً» انتهى. بيعة الراشد بالله: أمّا ابنه (الراشد باللّه) فقد ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء: (568/19- 573) بعد أن أورد نحو ما تقدم، قال: «ولمّا قُتل المسترشد بويع بالخلافة ولده الراشد باللّه ببغداد.... لم تطل أيامه حتى خرج إلى الموصل، ثم إلى أذربيجان، وعاد إلى أصبهان، فأقام على بابها مع السلطان داود محاصراً لها، فقتلته الملاحدة هناك، وكان بعد خروجه من بغداد مجيء السلطان مسعود ابن محمّد بن ملكشاه، فاجتمع بالأعيان، وخلعوا الراشد، وبايعوا عمه المقتفي. ... قال ابن ناصر: بقي الأمر للراشد سنة، ثم دخل مسعود وفي صحبته أصحاب المسترشد الوزير علي بن طراد، وصاحب المخزن ابن طلحة، وكاتب الإنشاء ابن الأنباري، وخرج الراشد مع غلمان داره طالباً الموصل صحبة زنكي، فأحضر القضاة والشهود والعلماء عند الوزير أبي القاسم علي، وكتبوا محضراً فيه شهادة العدول بما جرى من الراشد من الظلم، وأخذ الأموال، وسفك الدماء، وشرب الخمر، واستفتي الفقهاء فيمن فعل ذلك، هل تصح إمامته؟ وهل إذا ثبت فسقه بذلك يجوز لسلطان الوقت أن يخلعه ويستبدل به؟ فأفتوا بجواز خلعه والاستبدال به، فوقع الاختيار مع الغد بحضور مسعود وأمرائه في دار الخلافة على عمه أبي عبد اللّه محمّد بن المستظهر باللّه ولقبوه ب(المقتفي)، وله أربعون سنة... . وقيل: كان قد سُقي سماً، ثم دفن بالمدينة العتيقة في حجرة من بناء نظام الملك، وجاء الخبر إلى عمه المقتفي، فعقدوا له العزاء يوماً واحداً».انتهى.

ص: 440

ص: 441

ص: 442

وَالحَادِثُ السَّابِعُ مَا قَدْ كَانَا***مَا بَيْنَ مَنْ حَلُّوا بِهَا سُكّانا

وَذَاكَ أَن سَاكِنِي المَعَالِمِ***جُلُّهُمُ مِنْ آلِ مُوسَى الكَاظِمِ (1)

ص: 443


1- السيد إبراهيم المجاب هو أول عَلَوي استوطن كربلاء: «... وكان أول عَلَوي استوطن كربلاء هو السيد إبراهيم المجاب بن محمّد العابد ابن الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، جد السادة (آل فائز) المعروفين اليوم بسادات آل طعمة وآل نصر اللّه، وآل ضياء الدين، وآل،تاجر، وآل مساعد - عوج-، وآل السيد أمين. وذكر العلّامة المرحوم السيد حسن الصدر في كتابه (نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين): أن أول من سكن الحائر في كربلاء هو السيد إبراهيم المجاب ابن محمّد العابد ابن الإمام موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو المدفون في الرواق الغربي من الحائر الحسيني المقدس، وقبره ظاهر معروف يزار. وقد أجمع المؤرّخون وعلماء النسب على أن إبراهيم المجاب الضرير الكوفي هو أول من انتقل إلى الحائر الحسيني، وآثر الاستيطان في كربلاء بعد حادثة المتوكل في أيام المنتصر العباسي سنة (247ه)، ولذا يلقب ابنه الأكبر بمحمّد الحائري؛ وذلك نسبة إلى الحائر الحسيني ومجاورته لأرض كربلاء. وفي كتاب دائرة المعارف المسمّى ب(مقتبس الأثر ومجدد ما دثر) للعلّامة الشيخ محمّد حسين الشيخ سليمان الأعلمي، المطبوع في قم، ينوه في الجزء الثاني منه ص 355 عن آل إبراهيم المجاب فيقول: الموجود في (النفحة العنبرية في آل خير البرية) التي تاريخ كتابته سنة (891 ه)، وفي (بحر الأنساب) لابن المهنا جمال الدين أحمد النسابة صاحب (عمدة الطالب) وغيرهما: إن إبراهيم المجاب - أو المجان- ابن محمّد العابد بن موسى الكاظم الكوفي الضرير، وإخوته جعفر وعبد اللّه ومحمّد الزاهد النسابة، وأخواته برية - أو نزيهة - وحكيمة وكلثوم وفاطمة وبنيه أحمد وعلي ومحمّد، وأحفاده أحمد والحسن والحسين. وبني محمّد الحائري، ومنهم: آل شيتي و آل فخار، و آل نزار، وآل باقي، وآل وهيب، وآل الصول، والأشرف، وآل أبي الفائز، وآل أبي حترش، وآل أبي الحمراء، وآل عوانة، وآل أبي فويرة وآل بلالة، وآل بشير وآل الحرث، وآل أبي رية، وآل المصارين - أو أبي المصارين - وغيرهم الذين كانوا بالحائر الحسيني أو الحلة، ومنهم علم الدين المرتضى بن عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار بن أحمد بن محمّد ابن الحسين بن محمّد بن إبراهيم المجاب، وغيرهم من الأعلام المذكورين في لب ص (502)، ومنهم آل طعمة بالحائر اليوم سنة (1357ه). وعندما زار الرّحالة الشهير ابن بطوطة مدينة كربلاء سنة (726ه) ذكر هذه السلالة العريقة - وأعني بها سلالة آل فائز - بقوله: ثم سافرنا إلى كربلاء مشهد الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ)، وهي مدينة صغيرة تحفّها حدائق النخل، ويسقيها ماء الفرات، والروضة المقدّسة داخلها، وعليها مدرسة عظيمة، وزاوية كريمة فيها الطعام للوارد والصادر، وعلى باب الروضة الحجاب والقومة لا يدخل أحد إلا عن إذنهم، فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة وعلى الضريح قناديل من الذهب، وعلى الأبواب أستار الحرير وأهل هذه المدينة طائفتان أولاد زحيك وأولاد فائز وبينهما القتال أبداً، وهم جميعاً إمامية يرجعون إلى أب واحد ولأجل فتنتهم تخربت هذه المدينة، ثم سافرنا منها إلى بغداد. أما سلالة آل زحيك فإنهم يعرفون اليوم ب- (آل ثابت، وآل دراج – النقيب-، وآل الوهاب، وآل الجلوخان) وبنو عمهم آل الأشيقر. وينتهي نسب السادة آل زحيك إلى السيد أبي محمّد عبد اللّه الحائري بن أبي الحارث محمّد بن أبي الحسن علي المعروف ب(ابن الديلمية) بن أبي طاهر عبد اللّه الذي تفرّع منه سادات (آل الأشيقر) ابن أبي الحسن محمّد المحدث من سلالة أمير الحاج إبراهيم المرتضى الأصغر ابن الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهنا يلتقي نسب القبيلتين آل زحيك وآل فائز سكان كربلاء الأصليين. ومما ذكره فضيلة المؤرّخ الشيخ محمّد علي اليعقوبي على صفحات مجلة الاعتدال السنة الرابعة الصادرة عام (1356) ص 276 في شأن (بعض بيوت کربلاء) ما نصّه: «أما البيوتات العلوية خاصة التي استوطنت كربلاء منذ أحد عشر قرناً فلا يسعفنا الاستطراد والإيجاز على استيفاء ذكرها، واستقصاء ما عثرنا عليه من تراجم نوابغها وعلمائها. وقد حدّثنا ابن بطوطة الرحالة الشهير في أوائل القرن الثامن الهجري عن طائفتين علويتين هما آل زحيك و آل فائز، وكانت بينهما وقائع وذحول في ذلك العهد، وهما اليوم من أكثر عائلات كربلاء انتشاراً وأعظم بيوتها اشتهاراً، فقد تفرّعت من أصل هاتين الأسرتين فروع عديدة، كل فرع منها يتجاوز عدده مئات النسمات، وكلهم سادة موسويون يتعاطون سدانة الروضتين الحسينية والعباسية بصورة رسمية». (ينظر: البيوتات العلوية في كربلاء للسيد إبراهيم القزويني: 8/1- 12، نزهة أهل الحرمين: 38).

ص: 444

ص: 445

فَاخْتَلَفَتْ بِنُوْ زَحَيْكَ وَبَنُو***فَائز في الرَّوْضَةِ أَي يَسْدُنُ

وَلَمْ يَزَلْ بِهَا الخِلَافُ يَقْوَى***حَتَّى رَوَى السَّيْفُ بهَا وَأَرْوَى

واتَّصَلُوا بِفِتْنَةِ تَسْتَوْقِدُ***فَخِيْفَ أَنْ يُحْرَقَ مِنْهَا البَلَدُ

فَانْفَصَلُوا كُلِّ بِوَرْدِ يُجْنَى***وَنَالَتِ الهَنَا بَنُو المُهَنَّا

وَكَانَ الِاخْتِلَافُ في تلك الفئَة***وَفَصْلُها منْها لَدَى السَّبْعمة (1)

ص: 446


1- كربلاء في دور الصراع بين فائز وزحيك: ذكر السيد محمّد حسن آل كليدار فى كتابه (مدينة الحسين) مانصّه: «(غزوة بني المهنا العلوية)... قال الراوي: في منتصف القرن الثامن الهجري وقعت في كربلاء حوادث جسام كادت تؤدي بها وبساكنيها، وذلك من جرّاء نشوب القتال بين قبيلتين علويتين من سكانها وهما آل فائز وآل زحيك؛ من أجل أن تتولى إحداهما زعامة الحائر ونقابته دام هذا الصراع بينهما أكثر من نصف قرن. كانت نتيجة هذا النزاع القبلي بينهما إلى ضياعهما حقوقهما الموروثة أب عن جد، إذ سلبتهما قبيلة بني المهنا العلوية التي جاءت غازية كربلاء، فكانت حجتها في بداءة أمرها أن تتداخل في حسم النزاع بين تينك القبيلتين، فلمّا جاءت كربلاء وترسّخت أقدامها فيها بسطت سيادتها عليها، فبهذه خابت آمال تينك القبيلتين وزادته في الطين بلة، إذ تسلّم السيد شهاب الدين أحمد بن مسهر عميد أسرة آل المهنا الغازية في سنة (756ه) نقابة الحائر، وأعطيتا [وأعطيت - ض -] سدانة الروضة الحسينية إلى الشيخ الجليل شمس الدين محمّد الحائري، وبهذه الحركة ساد كربلاء هدوءاً نسبياً دام مدة من الزمن. ثم قال السيد الكليدار حتى اصطفتا تلك القبيلتان فيما بينهما وثارا بوجه الغزاة؛ لاسترجاع حقوقهما المغصوبة، وطردوا النقيب المزبور وأسرته من كربلاء، وتولى عميد آل فائز محمّد نقابة الحائر ثانية، وتولى عميد آل زحيك السيد أبو القسم محمد ابن يحيى زحيك السدانة، فأمنت كربلاء غائلة الفتن. ينظر : مدينة الحسين : 139/2-142).

وَالحَادثُ الثَّامِنُ مَا قَدْ صَنَعَا***عَلِيُّ اعْنِي الفَاتِكَ المُشَعْشِعًا

إِبْنُ فَلَاحٍ إِذْ أَتَى بِالمَيْنِ***لمَرْقَدَي حَيْدَرَ وَالحُسَيْنِ

وَقَالَ: إِنَّ القَبْرَ الْحَيُّ جَلَلْ***وَنَهَبَ الأَعْيَانَ فِي تِلْكَ العَلَلْ

وَلَمْ يُبَقِّ لَا هُنَا وَلَا هُنَا***عَيْناً تَرَى أَوْ جَوْهَراً أَوْ مَعْدنا

وَسَارَ فِي جَمْعِ مِنَ الأُسَارَى***حَتَّى لِأُخْرَى صَارَ فِي القُصَارَى

وَذَاكَ في الثَّمَان وَالخَمْسينا من تاسع القُرُوْن في السِّنينا (1)

ص: 447


1- علي بن محمّد بن فلاح المشعشعي: ابن المشعشع، علي بن محمّد بن فلاح (سنة 863ه / 1459م)، من سلالة الإمام موسى الكاظم، من أمراء دولة المشعشعين في الأهواز والحويزة، ويلقبه صاحب الضوء اللامع بالخارجي (الشعشاع)، ويدعوه غيره ب- (المولى علي). اشترك في ما كان بين أبيه وجيوش التركمان المتسلطين على العراق من حروب، وولي الأمر في أواخر أيام أبيه، وحمل الناس على الاعتقاد بأن روح الإمام علي قد حلّت فيه، ثم ادعى الإلوهية، وأغار على المشاهد المقدّسة في العراق فنهبها، واعترض سنة (857) ه) فأخذ المحل ونهب الأموال والدواب والجمال، واستمر في إلحاده وظلمه إلى أن أصابه سهم من بعض الأتراك في بهبهان بالقرب من جبل الحجاج کيلويه فمات في حياة أبيه». (الأعلام للزركلي (9/5) حادثة مولى علي المشعشعي في كربلاء: ذكر السيد سلمان هادي آل طعمة حادثة مولى علي المشعشعي في كربلاء، بقوله: كان مولى علي بن محمّد بن فلاح المشعشعي من الذين يعتنقون مبدأ المغالاة بالإمام علي اللّه ويعتقدون بإلوهيته. تولى الحكم في حياة أبيه محم-د ب-ن ف-لاح وقاد الجيوش بنفسه واحتل كثيراً من الأراضي الواقعة في خوزستان حتى جاء إلى أواسط العراق وتمكن منها، واشترك في حرب البصرة. لقد جمع مولى علي رهط من أصحابه يقدرون حوالي خمسمائة شخص، وسلب كسوة الكعبة، وحاصر المدينة المنورة وقتل عدداً كبيراً من سكانها داخل الحرم الشريف، ثم توجه لمحاربة جيش بغداد الذي جاء لمقاتلته بقيادة (دوه بيك) ودحره، ثم توجه إلى الحلة فدخلها في الخامس من ذي القعدة، ونهب أموالها وأحرقها وهدم دورها وبقي فيها ثمانية عشر يوماً، رحل بعدها إلى النجف فدخلها فاتحاً وسلب أموالها، ودخل بفرسه إلى داخل الحرم الشريف، وكسر الصندوق الموضوع على قبر الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعمل [وأعمل – ض –] في أهلها السيف وكان ذلك في غرة ذي الحجة، ثم توجه قاصداً كربلاء في نهاية شهر ذي الحجة، فدخل الروضة الحسينية بفرسه وأمر بكسر الصندوق الموضوع على قبر الحسين وجعل الروضة المطهرة مطبخاً لطهي طعام جنوده، وعمل وأعمل ظ ] في أهلها السيف ونهب أموالها وسلب كل ما كان في الروضة المطهرة من التحف الثمينة النادرة، وأسر كثيراً من سكان كربلاء. وقد ذكر ضامن بن شدقم المدني في كتابه (تحفة الأزهار وزلال الأنهار): أن المولى علي الذي استولى على جميع الأهواز وشواطئ الفرات إلى الحلة كان غالي المذهب، جاء إلى العراق وأحرق الحجر الدائر على قبة الإمام علي، وجعل القبة مطبخاً للطعام إلى مدة ستة أشهر، وكان يقول إن الإمام علي هو الرب لا يموت. وذكر صاحب كتاب (روضات الجنات) تحت عنوان (أول قتل وقع في النجف و كربلاء): أن المشعشعي هو من ألقاب السيد مولى علي بن محمّد بن فلاح نهب المشهدين المقدسين في النجف وكربلاء، وقتل أهلهما قتلاً ذريعاً، وأسر من بقي منهم إلى دار ملكه في البصرة، وكان ذلك في شهر صفر سنة (858 ه). وبعد أن استولى مولى علي على كربلاء والنجف ولى هارباً إلى البصرة، لما علم بقدوم جيش عرمرم لمقاتلته بقيادة بير بوداق، وبقي هارباً إلى أن قتل في سنة (861 ه) على يد أحد أعوان الأمير بوداق، الذي استطاع أن يغتاله برمية سهم أردته قتيلاً عندما كان يستحم في مياه كوه كيلوية في أعمال بهبهان في إيران. وقد اختلفت الروايات في تاريخ وفاته فمنهم من يذكر سنة (863 ه)، كما ينص على ذلك كتاب (الضوء اللامع): أن علي بن محمّد بن فلاح الخارجي الشعشاع (كذا) مات سنة (863 ه) قد مرت حوادثه، وكان منفوراً من الجميع بسبب ما قام به من إهانة العتبات المقدّسة في النجف وكربلاء والقتل والتخريب». (تراث كربلاء: 363 - 365).

ص: 448

ص: 449

والحادثُ النَّاسِعُ للنَّجْدِيَّة***إِذْ دَانَ جَافَ همَجَ الجُنْديَّة

ثُمَّ عَدَا عَلَى الحُسَيْنِ وَزَحَفْ***وَأَهْلُهُ زَارُوا الغَدِيْرَ فِي النَّجَف

فَوَضَعَ السَّيْفَ بِأَشْيَاخِ البَلَد***وَبِالنَّسَا وَوَالدٍ وَمَا وَلَدْ

وَهَدَّ بَيْتاً شَادَهُ المُهَيْمِنُ***جبريلُ في دُخُوله يَسْتَأْذن

وَاسْتَلَبَ النُّضَارَ وَالطَّرَائِفَا***وَمَزَّقَ الكِتَابَ وَالصَّحَائِفَا

وَذَاكَ فِي سَنَةِ سِتَ عَشْرَة***وَمَئَيْن بَعْدَ أَلْفِ الهِجْرَة (1)

ص: 450


1- غزوة سعود بن عبد العزيز بن محمّد الوهابي النجدي لكربلاء: «في سنة (1216ه) جهز سعود بن عبد العزيز بن محمّد بن سعود الوهابي النجدي جيشاً من أعراب نجد، ويقول بعض مؤرّخي الإفرنج: إنه يقرب من ستمائة هجان وأربعمائة،فارس، وغزا به،العراق، وحاصر مدينة كربلاء مغتنماً فرصة غياب جُلِّ الأهلين في النجف لزيارة الغدير، ثم دخلها يوم (18) ذي الحجة عنوة، وأعمل في أهلها السيف فقتل منهم ما بين أربعة آلاف إلى خمسة آلاف وقتل الشيوخ والأطفال والنساء، ولم ينج منهم إلا من تمكن من الهرب أو اختبأ في مخبأ، ونهب البلد ونهب الحضرة الشريفة وأخذ جميع ما فيها من فرش وقناديل وغيرها، وهدم القبر الشريف واقتلع الشبّاك الذي عليه، وربط خيله في الصحن المطهر، ودق القهوة وعملها في الحضرة الشريفة، ونهب من ذخائر المشهد الحسيني الشيء الكثير، ثم كرّ راجعاً إلى بلاده». (ينظر: أعيان الشيعة: 1/ 629، مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 122/3 130، تراث كربلاء: 367-373).

والحادثُ العَاشِرُ مَا قَدْ أَسْجَمَا***به سُلَيْمَانُ المَنَاخُوْرُ الدِّمَا

إِذْ كَانَ قَائِداً عَلَى الجُنُوْد***مِنْ قِبَلِ الوَالِي لَهَا دَاوُد

فإِنَّ بَعْضاً مِنْ أَهالي كربلا***حَاوَلَ أَنْ يَرْأَسَها واسْتَنْبَلَا

فَجَاءَهَا وَهَدَّمَ الصَّيَاصِيَا(1)***وَعَمَّ طَائعاً بهَا وَعَاصِيَا

وَجَرَّبَ المُهْدَى مِنَ المَدَافِعِ***بِهِمْ لِيُضْرِي بَعْدُ فِي الوَقَایِعِ

فَصَدَّهُ حَرْبُ أَمير المُنْتَفَق***وَقَتْلُ جُندِهِ الجَديدُ المُرْتَفَقْ

ص: 451


1- الصياصي: القرى، وقيل: الحصون، وقيل: كل ما يُمتنع به، وقيل: القصور لأنه يتحصن بها. ينظر : لسان العرب: 474/14 بتصرف يسير).

وَذَاكَ فِي إحْدَى وَأَرْبَعَيْنَ مَعْ***أَلْفٍ وَمَ رَمَثْتَيْن سنين قَدْ وَقَع (1)

ص: 452


1- حادثة المناخور: قال السيد سلمان هادي آل طعمة في كتابه (تراث كربلاء: 373): «من أشهر الحوادث التي مرّت على كربلاء بعد حادثة الوهابيين، وعُرفت بحادثة المناخور - وهي كلمة فارسية مخففة عن مير أخور يراد بها أمير الإصطبل أو رئيس الخيلية-، وذلك في عهد الوالي داود باشا عام (1241ه 1825م)، واستمر حصارها حتى عام (1244ه / 1828م). وسببها هو أن الوالي داود باشا لما شاهد ضعف الدولة العثمانية واستقلال كثير من الولاة بولايتهم أمثال : محمّد علي باشا في مصر، واستقلال علي باشا ذلتلي تبه في ألبانيا، طمع هذا الوالي باستقلاله في العراق فأخذ يشيّد البنايات والتكايا والجوامع، ويقرب العلماء ويبالغ في إكرامهم. وقد نظم هذا جيشاً كبيراً مزوداً بأسلحة حديثة، وقد بايعته أغلب مدن العراق - عندما حاول الاستقلال - عدا كربلاء والحلة، فقد رفعتا راية العصيان ضده، وحاول إقناعهما فلم يستطع، وعند ذلك جهز جيشاً ضخماً بقيادة أمير إصطبله وأخضع الحلة واستباح حماها، وتوجه إلى كربلاء وحاصرها ثمانية أشهر، ولم يقوَ على افتتاحها، وكرّ عليها ثانية وثالثة فلم يستطع فتحها إلا بعد حصار طالت مدته أربع سنوات (1241ه - 1245ه)، وكانت نتيجتها أن أسِر نقيب كربلاء السيد حسين بن مرتضى آل دراج وأرسل إلى بغداد حيث سجنه داود باشا هناك. وقال السيد في كتابه الآخر (كربلاء في الذاكرة: 26- 27): «... وكان داود باشا قد عيّن فتح اللّه خان حاكماً لقصبة كربلاء، ووضع في المدينة حامية مؤلّفة من (500) شخص، وتشير المصادر المحلية إلى حدوث تمرد ضد الحاكم؛ بسبب سوء سلوكه وعدم احترامه لقدسية المدينة، واستخدامه القسوة في جباية الضرائب الأمر الذي دفع الكربلائيين إلى التآمر على الحاكم وقتله. وعيّن داود باشا بدلاً عنه علي أفندي لكنه لم يستطع إعادة النظام وتطبيق سياسة الشدة التي عزم داود باشا على تطبيقها، فأبدل بسليمان أغا الذي أدّت سياسته إلى حدوث الخلاف بينه وبين السيد حسين نقيب كربلاء، فعُزل أيضاً وعيّن بدله السيد عبد الوهاب محمّد علي آل طعمة، ولكن الأمور لم تستقر في المدينة، فقرر داود باشا إرسال قوة عسكرية؛ لإعادة النظام و استحصال أموال الخزينة وحلّ التشكيلات العسكرية المحلية، فحاصر المدينة عام (1824ه)».

والحادث الحادي وَرَاءَ عَشْرها***مَا صَنَعَ النَّجِيْبُ وَالِي أَمْرِهَا

إذْ جَمَعَ الجُنُودَ وَالعَشَائِرَا***وَدَارَ حَوْلَ كَرْبَلَا مُحَاصِرَا

لِأَنَّ فِيْهَا فِئَةً قَلِيْلَة***تَشْتَطُّ فِي الْأَمْرِ عَلَى القَبِيْلَة

وَمَا لَهُمْ يَدَّ عَلَيْهَا تَقْوَى***فإِنَّهُمْ أَهْلُ هُدى وَتَقْوَى

فَضَرَبَ الجَميعَ بِالمَدَافِعِ***وَلَمْ يُفِدْهُمْ عِنْدَهُ مِنْ شَافِعِ

ثُمَّ أَقَامَ مُدَّةً حَتَّى ظَفَرْ***فَسَلَّطَ السَّيْفَ وَقَالَ: لَا مَفَرْ

ص: 453

وَقَتَلَ الرِّجَالَ مِنْهُمْ وَرَدَم***بُيُوتَهُمْ فَأَرَّخُوا (غَدِيْرَ دَمْ) (1)

ص: 454


1- 1258ه. حادثة نجيب باشا: «في سنة (1258ه) شقّ أهالي كربلاء عصا الطاعة على الدولة، وأبوا أداء الضرائب والمكوس، وكان والي العراق نجيب باشا قد جهز جيشاً بقيادة سعد اللّه باشا، وسيره إلى كربلاء فحاصرها حصاراً شديداً، وأمطر المدينة بوابل قنابله ولم يساعده الحظ في افتتاحها؛ لأن سورها كان منيعاً جداً وقلاعها محكمة، لا يمكن للقائد الدنو منها، ولما أعيت به الحيل الحربية التجأ إلى الخداع فأعطى الأمان للعصاة، وضمن لهم عفو الحكومة، فأدخلوا القلاع وجاؤوا طائعين، قبض عليهم وسلّط المدافع على الجهة الشرقية، فهدم السور وأصلى المدينة ناراً حامية، ففتحها وارتكب فيها كل فظاعة وشناعة ودخل بجيشه إلى الصحن العباسي، وقتل كل من لاذ بالقبر الشريف». (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 44). وذكر هذه الحادثة السيد محسن الأمين (رَحمهُ اللّه) في معرض ترجمته للسيد عبد الوهاب ابن السيد محمّد علي سادن روضتي الحسين والعباس، قال في (أعيان الشيعة: 131/8): «... وكانت في أيامه - أي السيد عبد الوهاب المتوفّى سنة (1271ه) - فرقة في كربلاء تُسمّى (الرمازية) ديدنها الشقاوة والعصيان، فغضب الوالي على كربلاء من أجل أولئك العصاة، وسيّر جنداً لتأديبهما إلا أنهم تحصنوا في كربلاء، واتفق معهم سائر الكربلائيين فاعتصموا بالسور المحيط بكربلاء، فارتد الجند عنهم، ولمّا رأى الوالي نجيب باشا ذلك ضاعف الجند بأمثاله، وحشّد العشائر الموالية له، وقاد القوة بنفسه وحاصر كربلاء (25) يوماً، فاضطر الكربلائيون على التسليم، واحتل الوالي المدينة يوم (11) ذي الحجة سنة (1258ه)». (ينظر أيضاً حول هذه الحادثة تراث كربلاء: 376-384).

وَالحَادِثُ المُوفِي عَلَى الثّانِيِّ عَشَرْ***مَا قَدْ جَنَى الحَاكِمُ مِنْ ثِمَارِ شَرْ

إِذْ كَانَتِ الأَهْلُوْنَ تُعْطِي قَهْرًا***غَرَامَةَ النَّجِيْبِ شَهْراً شَهْرًا

فَعِنْدَمَا مَضَتْ عَلَيْهَا أَزْمَنَةْ***مُقْدَارُها خَمْسٌ وَسَتُوْنَ سَنَةْ

قَالَ بَنُوْهُمْ: مَاتَ مِنَّا الْمُجْرِمُ***وَنَحْنُ بِالطَّوْعِ فَمِمَّ نَغْرَمُ

ثُمَّ اسْتَقَالُوا فَأَبَى الإِقَالَةْ***فَحَطَّ كُلُّ مِنْهُمْ أَثْقَالَهُ

بِرَحْبَةٍ يَخْفِقُ فِيْها عَلَمُ***لِلإِنْكِلَيْزِيَّ لِئَلَّا يَغْرَمُوا

فَبَيَّتَ القَوْمُ بِلَيْلٍ غَاسِقِ***وَصُبَّ فِيْهِمْ مَطَرُ البَنَادِقِ

فَانْتَثَرُوا صَرْعَى عَلَى الرَّغَامَة***وَمَاتَ عَنْهُمْ طَلَبُ الغَرَامَة

وَانْفَصَلَ الحَاكِمُ فِي دَعْوَى الأُوَلْ***وَلَمْ يُبَرِّئْهُ سُوَى حَرْبِ الدَّوَل (1)

ص: 455


1- وقعة الزهاوي للعجم: وبعد وقوع الصلح بين الأهالي والحكومة العثمانية - بعد حادثة نجيب باشا سنة (1258ه) - قررت الحكومة فرض غرامة على البلدة، وهي أن تدفع الكسبة عن كل دكان في كل شهر ما يساوي (12) آنه إلى مدة محدودة من السنين، وبعد انتهاء المدة استمرت الحكومة على استيفاء تلك الضريبة، فامتنع الكسبة - وأكثرهم إيرانيون - عن الدفع، وقد رفعوا شكوى فلم تُسمع لهم شكاية، فالتجأوا إلى التحصن بالسفارة الإنكليزية التي كانت في كربلاء، ونصبوا الخيام حولها واستظلوا بها، وكلما نصحتهم الحكومة والعلماء والأشراف لم يقبلوا، فصممت الحكومة على تفريقهم بالقوة، وكان المتصرف يومئذ رشيد الزهاوي. وفي ليلة من أخريات شهر رمضان سنة (1324ه) أخطرهم أول الليل فلم يتفرقوا، وبينما هم نائمون في خيامهم أمر الزهاوي الشرطة أن يضربوهم بالرصاص قبل الفجر، فضربوهم وأصيب من الإيرانيين حوالي الخمسين شخصاً بين قتيل وجريح وانهزم الباقون، فهجم العسكر على خيامهم وانتُهب ما فيها». (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 47 - 48). وقيل في سبب الحادثة غير ذلك: «... وقد حدثت سنة (1324ه) فرضت السلطات العثمانية بعض الضرائب على الجاليات الأجنبية القاطنة كربلاء، ولمّا كانت الحكومة العثمانية لها معاهدات الحكومة البريطانية وروسيا القيصرية، لهذا استثنت رعايا هاتين الدولتين وطبقتها على الجالية الإيرانية. ولمّا بُلّغت الجالية الإيرانية بهذا الأمر، رفضت الإطاعة وأعلنت العصيان، فالتجأت إلى القنصلية البريطانية في كربلاء - آنذاك - مطالبين منحهم الجنسية البريطانية، فلم يُلبِ القنصل البريطاني طلبهم، وخرجوا إلى محلة العباسية الشرقية ونصبوا خيامهم حول القنصلية المذكورة معلنين احتجاجهم على هذا التصرف من قبل السلطة العثمانية، وكان المتصرف العثماني آنذاك رشيد باشا الزهاوي، فقد وسّط هذا كبار العلماء لإسداء النصح لأولئك العصاة، فلم يرعووا واستمروا على عصيانهم، فأمهلوا أياماً لير تدعوا حتى بلغ السيل الزبى، واستعدت السلطات العثمانية لإنزال ضربة قاضية بهم، وكانت الحادثة في صباح يوم السبت 8 رمضان سنة (1324ه / 1903م)، إذ هجمت عساكر العثمانيين عليهم مع أذان الفجر وأعملوا فيهم السيف، مما نجم عن مقتل اثنين وتسعين قتيلاً وفرَّ الباقون، وكانت مادة تاريخ هذه الحادثة هو (شهداء عرصة كربلاء). ومما يُذكر بهذا الصدد أن الوالي مجيد بك قد عُزل بسبب الحادثة ذاتها، وينص على ذلك البحاثة عباس العزاوي بقوله : وكان سبب عزله حركة كربلاء حين وجه رشيد باشا ابن الأستاذ محمّد فيض الزهاوي وكيل المتصرف، فوقع القتال بين العجم وبين الجند بسبب أخذ الرسوم... . وللشاعر الكربلائي محمّد حسن أبو المحاسن قصيدة يرثي بها شهداء هذه الواقعة فيقول: باللّه سَلْ عصبةً بالفرسِ قد فتكتْ***بأيِّ جرمٍ دماءُ القومِ قدْ سُفكتْ فرَّتْ من الظلمِ إشفاقاً فكانَ لها***سفكُ الدماءِ جزاءٌ إِن دَعَتْ وَشَكَتْ ... إلى أن يقول: لهفي لهم وبناتُ الرعد تمطرُهُم***بنادقاً بسمام الموتِ قد سُبِكَت قادَ الغويُّ لهم جنداً مؤلّفةً***من كلِ مارقةٍ في قتلها اشْتركَتْ فغودرَتْ منهم قتلى مطرحةً***فوق الثرى برحى الهيجاء قد عركَتْ عارينَ قد سَلَبوا منهم ثيابَهُمُ***ويحَ اللئام فما تبقى إذا ملكت» (ينظر: تراث كربلاء: 387- 388).

ص: 456

ص: 457

وَالحَادثُ الثَّالِثَ عَشْرَ فِي البَشَرْ***إِذ النَّفَيْرُ عَمَّ فِيْهِمْ وَانْتَشَرْ

فَفَرَّ كُلِّ وَأَتَى ابْنَ الْمُحْسِنِ***مِنْ آلِ كَمُّونَةَ ذِي البَيْتِ السَّنِي

فَقَامَ فَحْرُ الدِّيْنِ يَحْمِيٌّ مَنْ خَلَدْ***وَلَا يُبَالِيَّ بِحُكُومَةِ البَلَدْ

ثُمَّ رَأَى مِنْ بَعْضِ أَهْلِ كَرْبَلَا***مَا يُوْجِبُ الكَرْبَ عَلَيْهِ وَالبَلَا

فَأَطْرَدَ الأعْدَاءَ والحُكُومَة***وَصَالَ فِي أَجْنَادِه المَرْكُوْمَة

فَهَدَّمَ الدُّوْرَ وَأَصْلَى النَّارا***وَانْتُهِبَتْ آثَارُهُمْ جِهَارًا

ثُمَّ انْتَهَتْ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ الحَرْبُ***فَعَادَ كُلِّ وَتَعَفَّى الذَّنَبُ (1)

ص: 458


1- حركة على هدلة: ذكر السيد سلمان هادي آل طعمة هذه الحادثة في كتابه (تراث كربلاء: 385) فقال ما نصّه: «كان على هدلة صاحب مقهى مجاور إلى سور المدينة، وكان مأمورو الحكومة الذين يجبون الضرائب على المخضرات يقفون بالقرب من مقهاه لاستيفاء الرسوم من الفلاحين، فأخذ أحد هؤلاء يفتش امرأة ظناً منه بأنها تخبئ المخضرات في ثيابها، فصرخت واستنجدت بأهل المدينة مستثيرة حميتهم، فلم يطق علي هدلة ولا زبائنه الجالسون في المقهى صبراً على تعيير المرأة له؛ السكوتهم على ما فعل مأمور الحكومة معها، فقرروا إعلان العصيان على الحكومة. كان ذلك في 3 ربيع الأول سنة (1293ه)، حيث قاد علي هدلة جماعة من المناوئين وحرّضهم على مقاومة الحكومة. وكانت أفكار الأهالي مستعدة لتقبل أي حركة تقوم ضد السلطة، وكانت هذه العصابة تتألف من (150) شخصاً يقومون بحرب العصابات بقيادة الشخص المذكور، واصطدمت بالجيش العثماني في مواقع متعددة دحرته، حتى رنّ صداها في الأستانة وأقلق السلطان، فأصدر إرادة سنية بإرسال جيش لهدم كربلاء وقتل أهلها، وأناط قيادة الجيش بعاكف باشا - والي بغداد يومذاك - والمشير حسين فوزي، وعند وصوله إلى كربلاء لم يجدوا أثر للعصيان، فأحجم والي بغداد عن تنفيذ الإرادة السنية وخالفه المشير حسين فوزي، فرجعا للأستانة بالأمر. وبعد أخذٍ وردٍ صدر عفو عام، ورحل الجيش التركي عن كربلاء، بعد أن ألقوا القبض على موقدي الفتنة، وفُرضت أتاوة على أهل البلد لحقبة من الزمن، وكان ممن اعتقل من رجالات كربلاء: السيد جعفر آل ثابت، والسيد محمّد علي السيد عبد الوهاب آل طعمة والحاج محسن آل كمونة، والسيد إبراهيم الإصفهاني، وسُجنوا في بغداد لمدة سنة كاملة في مكان يعرف ب(القشلة) أو ( أوج قلعة)، ثم أطلق سراحهم بعد ذلك، وعندما تم الصلح بين أهالي المدينة والحكومة العثمانية قررت الحكومة غرامة على البلدة مقدارها (الشامي)، فاستاءت لها نفوس البعض من الكسبة والفلاحين؛ مما أدى إلى قيام ثورة أخرى في عام (1294ه) بقيادة السيد مهدي الأشيقر. (ينظر: مدينة الحسين : 50/5-60 بتفصيل أوسع، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 44-45).

ص: 459

فَذي ثَلَاثَ عَشْرَةَ حَوادثا***نَظَمْتُها لمَن بَغَاها باحثا

فَإِنَّها حَوادث عظَامُ***يَرْعُدُ منها القَلْبُ والعِظَامُ

وَغَيْرُها لَيْسَ بِهَذِي العَظَمَة***يَكُنْ مَنْ حَقَّه أَنْ أَنْظُمَهُ

كَمِثْل مَا طَرَا عَلَيْهَا مِنْ عَطَش***بحَيْثُ أَكْدَى (1) البثْرُ وَالنَّهْرُ عَطَش (2)

وَمَا جَرَى مَنْ غَرَقٍ عَلَيْها***فَسَاقَ مَاءً نَهْرِهَا إِلَيْها (3)

ص: 460


1- أكدى منع، وأكدى قطع، وأكدى: إذا انقطع، وأكدى النبت: إذا قصر من البرد، وأكدى العام إذا أجدب، وقيل: أكدى أي: أمسك من العطية... . (ينظر لسان العرب: 217/15 بتصرف يسير).
2- الغطش : أي الضعف في البصر. (لسان العرب: 324/6). ولعل مراد المؤلّف هو قلة ما في النهر من مياه
3- ذكر السيد محمّد حسن آل كليدار في (مدينة الحسين : 24/3) عند وصفه لعهد السلطان العثماني سليمان القانوني: أنه بعد تشرّف السلطان المذكور بتقبيل الأعتاب المقدّسة قام بتعمير وتجميل واصلاح مدينة كربلاء، إذ وجدها حائرة في حائرها بين غمرة المياه وطغيانها، إذ كان الفرات الفائض في فصل الربيع يغمر الوهاد المحيطة بالمدينة بأسرها، من دون أن تسلم العتبة المقدّسة نفسها من أخطاره. وعند هبوطه كان عشرات الآلاف من السكان والزائرين يعتمدون على الري من الآبار القذرة الشحيحة، مما حدا بالسلطان سليمان أن يأمر برفع مستوى سدة السليمانية، وإحياء نهر السليمانية المعروف اليوم ب(نهر الحسينية).

ص: 461

ص: 462

الفصل الرابع والثلاثون: في ذكر مستحدثات جديدة مبهجة

لكنَّنَي أَذْكُرُ مِنْ حَالَ البَلَدْ***مُسْتَحْدَثَات أَبْهَجَتْ كُلَّ أَحَدْ

وَهُوَ طَريقٌ ضَاءَ بِالمِقْبَاسِ***مِنْ مَرْقَدِ الحُسَيْنِ لِلعَبَّاسِ

أَحْدَثَهُ الغازي المَليكُ الحَسَنِي(1)***فَفَازَ بالحُسْنَى وَبِالفَضْلِ السَّني

يَمْتَدُّ طُولاً بِاعْتِدَالِ مُسْتَوِ***بِحَيْثُ مَنْ يَمْشِي بِهِ لَمْ يَلْتَوِ

وَيَزْدَهِي عَرْضاً فَلَا يَضِيقُ***عَلَى جَمَاهِيرِ الوَرَى الطَّرِيقُ

وَخَيْرُ مَا فِيْهِ ابتهاج العَيْن***بنظرة اللَّحْظ لقُبَّتَيْنِ

فَكُلُّ مَنْ زَارَ الحُسَيْنَ وَخَرَجْ***أَبْصَرَ أَنْوَارَ أَخِيهِ فَابْتَهَجْ

وَكُلُّ مَنْ زَارَ أَخَاهُ وَانْثَنَى***شَرَّفَ فِي نُوْرِ الحُسَيْنِ الأَعْيُنا

وَكُلُّ مَنْ مَشَى بِتِلْكَ البَقْعَةْ***رَأَى ضِيَاءَ القُبَّتِيْنِ دُفْعَ

ص: 463


1- الملك غازي بن فيصل بن الحسين بن علي الهاشمي. (تقدمت ترجمته في الباب الخامس / الفصل الثاني والثلاثون).

فَابْتَهَجَ الخَلْقَ بذَا المَجَاز***وَأَرَّحُوا (زَكَا طَريقٌ غَازي) (1)

وَمِثْلُهُ مَا شَقَّ فِي طُولِ البَلَدْ***وَجَازَ فِيْهِ شَارِعاً لَمَّا قَصَدْ

مُعَوِّضاً صَاحِبَ كُلِّ دَارِ***مَا نَقَصَتْ بِفَاضِلِ الدِّينَارِ

فَجَاءَ ذَلكَ الطَّرِيقُ السَّاجِي***مِنْهَاجَ عَدْلٍ مَا لَهُ مِنْ هَاجٍ

یَمْتَدُّ طُوْلاً نَحْوَ ثُلثِ ميلِ***عَلَى اسْتوَاءٍ وَعَلَى تَعْدِيلِ

وَيَنْجَلِي عَرْضاً بِوِسْعٍ بَاهِرِ***بِحَيْثُ لَا يَضِيقُ بِالجَمَاهِرِ

مَنْ سَارَ فِيهِ لا يَظُنُّ بَعْدَهُ***لأَنَّهُ يَرَى البَعِيدَ عِندَهُ

وَلَا يُحسُّ نَصَباً إِذَا ذَهَبْ***لِأَنَّهُ يَلْقَى النَّسَيْمَ كَيْفَ هَبْ

وَتَنْتَصِيْهِ الشَّمْسُ مِنْ طَرْفِ خَفِي***دُونَ الأَزَاهِيرِ وَدُونَ الغُرَفِ

وَهْوَ إِذَا مَا كَانَ مِنْهُ فِي طَرَف***يَرَى الذِي فِي الطَّرَفِ الثَّانِي وَقَفْ

وَمِثْلُهُ مَا شُقَّ حَوْلَ المَنْطَقَة***عَلَى الحُسَيْنيَّة طُرْقاً ضَيِّقَة

كَانَتْ إِذَا الْتَقَى بِهَا الإِثْنَان***من ضِيقِهَا تَزَاحَمَ المَان

وَهَا هِيَ اليَوْمَ إِذَا مَا يَلْتَقِي***رَكْبٌ بِهَا فِي مِثْلِهِ لَمْ يَضِقِ

ص: 464


1- 1355ه. (الناظم). كذا في المطبوع الذي اعتمدناه، ويظهر منه الصحة لأن الملك غازي توفي سنة (1358ه) وأما التاريخ المذكور فهو بحساب الجمل (1365ه).

وَمِثْلُهُ مَا شُقَّ فِي النَّخِيْلِ***من طرق واضِحَة السَّبِيلِ

لنَحْو بَغْدَادَ لنَحْو النَّجَف***لِنَحْوِ كُلِّ بَلْدَة فِي طَرَفِ (1)

وَقَبْلَ هَذَا زَمَنَ الرَّشَاد(2)***إِذْ حَكَمَ النَّاظِمُ (3) فِي بَغْدَادِ

شَقَّ بِكَرْبَلَا مِنَ الْأَزْقَة***مَا وَسَعَتْ مِنَ المَضيق طرْقَة

شَوَارِعاً سَدِيدَةً عَدِيدَةْ***تَزْهُرُ فِي المَحَلَّةِ الجَدِيدَةُ

تَشُقّهَا فِي طُوْلِها وَعَرْضِها***عَلَى نِظَامٍ وَاحِدٍ فِي أَرْضِهَا

فَهْيَ ثَمَانٍ لِثَمَانٍ تُرْجِيَ***مَخْطُوطَةً كَرُقْعَةِ الشَّطْرَنْجِ (4)

ص: 465


1- لم اهتد إلى ماذكره المؤلّف من وصف لمدينة كربلاء في أبان حكم الملك غازي فيما لدينا من المصادر. ومن المعلوم أن المؤلّف من المعاصرين له فلذا اقتصرنا على نظمه (رَحمهُ اللّه)، فلاحظ.
2- الرشاد: هو محمّد رشاد ابن الخليفة عبد المجيد الأول، (1844 - 1918م) هو أحد خلفاء الدولة العثمانية. تولى الحكم بعد خلع أخيه عبد الحميد الثاني عام (1909م)، وكان عمره (68) عاماً.
3- الناظم: هو حسين ناظم باشا، أحد الولاة العثمانيين المصلحين والمهتمين بالعمران في عهد الخليفة العثماني عبد الحميد الثاني وأخيه محمّد رشاد.
4- لم نعثر على من ذكر هذه التوسعة فيما توفر لدينا من المصادر، ولكن من المعلوم أن الناظم (رَحمهُ اللّه) هو من المعاصرين لهذه التوسعة، لذا اقتصرنا على ما ذكره من الرجز فيها. ومما يُستدرك عليه أن الوالى مدحت باشا قد أولى مدينة كربلاء اهتماماً واسعاً لذا ارتأينا أن نورد هنا: توسيع مدينة كربلاء في عهد مدحت باشا: «زار الوالي مدحت باشا كربلاء سنة (1286ه) فأولاها اهتمامه الزائد ومكث فيها زهاء ستة أيام، وأول عمل قام به هو عزل متصرفها إسماعيل باشا، الذي كان سيء الإدارة إضافة إلى بعض الموظفين المرتشين وقدمهم جميعاً إلى المحكمة، ثم بدأ بتوسيع وتحسين المدينة التي كانت تزدحم في مواسم الزيارات، فأمر بتشييد محلة جديدة، وقسم الأراضي الزراعية الواقعة على حوض نهر الرشدية بقصد تحسين مناخ البلدة؛ وعلى أثر ذلك أمر المهندسين بوضع خارطة جديدة للمدينة، على أن تباع العرصات والقطع الزراعية إلى الأهالي لكل من أراد أن يشيد داراً أو حانوتاً، أو يقوم بتشجير وزراعة تلك الأراضي المهملة. وخصص المبالغ التي تُستحصل من ريع مبيعات القطع لتنظيم طرق كربلاء المتعرجة والضيقة، وعُرفت هذه المحلة آنذاك) ب(الجديدة) وهي اليوم تدعى ب(محلة العباسية). (ينظر : مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 7/5 العراق بين احتلالین: (172/7). وأضاف السيد محمّد حسن آل كليدار فقال: «غير أن هذا المشروع لم يُنجز على حينه لأسباب عديدة...، وحينما عُيّن مظهر باشا كمتصرف للواء كربلاء أواخر سنة (1293ه) الموافق (1873م) أخذ على عاتقه إخراج تلك التصاميم التي قد وضعها المصلح الكبير مدحت باشا. إذ إن المهندس البلجيكي المسيو جون تلي المخطط لمدينة الناصرية كان قد خطط طرق العباسية في كربلاء سنة (1286ه) الموافق (1879م)، فأمر بثلم سور المدينة من الجهة الجنوبية عند الفسحة الواقعة أمام ساحة الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حالياً - أي أمام فسحة البلوش قديماً -، وفتح أمامها جادة واسعة عريضة متجهة إلى الجنوب، ثم جعل فيها شوارع عرضية متقاطعة متجهة إلى الجنوب الشرقي والجنوب الغربي من المدينة. ثم قام بتأسيس العباسية الشرقية والغربية وعند ذلك أصبحت مدينة كربلاء مكونة من بلدتين إحداهما قديمة إلى الشمال ويحيط بها سور من الشرق والغرب والشمال ومفتوحة من جهة الجنوب، حيث البلدة الجديدة ذات الأبنية الفسيحة والشوارع المتقاطعة الحديثة، ثم أخذت كربلاء في التوسع والعمران حتى أصبحت على ما هي عليه في الوقت الحاضر». وذكر ذلك الدكتور رؤوف الأنصاري في (عمارة كربلاء: 106 - 108) وأضاف: «... ويفصل بينهما - أي العباسيّة الشرقية والغربية - شارع العباس، فأصبحت لمدينة كربلاء ثمانية أطراف (محلات)، ستة أطراف منها سُميت بأسماء أبواب سور المدينة وهي: 1- محلة باب الخان: وتقع إلى الجانب الشرقي من المدينة. 2 - محلة باب الطاق: وتقع إلى الجانب الغربي من المدينة جنوب محلة باب السلالمة. 3- محلة باب بغداد وتقع إلى شمال المدينة بإتجاه الذاهب إلى بغداد. 4- محلة باب النجف وتقع في وسط المدينة بين الروضتين الحسينية والعباسية. وكانت تعرف ب(باب المشهد). 5- محلة باب السلالمة وتقع إلى شمال المدينة، غرب محلة باب بغداد. 6- محلة المخيم وتقع في الجانب الغربي من المدينة، وجنوب محلة باب الطاق. 7- محلة العباسية الشرقية: وتقع إلى الجنوب الشرقي من المدينة، وإلى الشرق من شارع العباس. 8- محلة العباسية الغربية وتقع إلى الجنوب الغربي من المدينة، وإلى غرب شارع العباس. ومن الذين أشادوا بعمران مدينة كربلاء عالم الآثار والرحّالة الأمريكي جون بيترز عند زيارته للمدينة سنة (1309ه / 1890م)، ومما قاله: إن كربلاء تقع على حافة السهل الرسوبي الخصب الذي يتصل بهضبة الجزيرة العربية، ويبلغ عدد نفوسها حوالي ستين ألف نسمة، ويبدو أنها بلدة مزدهرة. أما القسم الجديد منها الذي أنشئ خارج السور القديم ففيه شوارع واسعة وأرصفة منتظمة بحيث تبدو كأنها مدينة أوربية. وقال كذلك مع أن سور المدينة القديم مهدم فإن أبوابه –داخله - كانت لا تزال قائمة».

ص: 466

ص: 467

هَذَا لَمْ أَخْرُجْ بذا عَن الصَّدَد***المُبْتَنِي عَلَى حَوَادِثِ البَلَدْ

فَذِكْرُهُ في الحَادِثَاتِ الجَوْنِ(1)***يُبْهِجُ وَالحَدِيثُ ذُو سُجُوْنِ

ص: 468


1- «الجون الأبيض، والجون: الأسود، وهو من الأضداد، والجمع جون بالضم...». (ينظر: الصحاح : 2095/5 – 2096).

الباب السابع: في ذكر من دُفن في كربلا وتعداد الشهداء (عَلَيهِم السَّلَامُ)

اشارة

ص: 469

ص: 470

إشارة:

باب لذكْر بَعْض مَنْ قَدْ دُفنَا

بالطَّفِّ وَانْجَلَى لَهُ السَّعْدُ فَنَا

****

يَعْلَمُ كُلٌّ بالذيْنَ قَدْ هُدوا***لنُصْرَة السِّبْط وَمَعْهُ اسْتُشْهدُوا

فَهُمْ لَعَمْرِي السَّابِقُوْنَ جِدًا***وَسَأَعْدُّ القَوْمَ فَرْداً فَرْدًا

فَمِنْ أَبِي طَالِبِ وَلدَ حَيْدَرِ***خَمْسَةُ أَشْبَالِ فَعَبَّاسُ السَّرِي

عُثْمَانُ عَبْدُ اللّه جَعْفَرٌ أَبُوْ***بَكْر وَهَذَا نَجْلُ لَيْلَى الطَّيِّبُ (1)

ص: 471


1- عد الشيخ المفيد في (الإرشاد : (354/1) والعلوي في (المجدي في أنساب الطالبيين)، وابن البطريق في (العمدة : 30)، وابن الصباغ في (الفصول المهمة: 1/ 644)، والطبرسي في (إعلام الورى: 396/1)... وغيرهم، أن الذين استشهدوا من أولاد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع أخيهم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ستة، بإضافة عبيد اللّه إلى أخيه محمّد الأصغر المكنى ب(أبي بكر )، بقولهم: الشهيدين مع أخيهما الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بطف كربلاء، وأمهما ليلى بنت مسعود الدارمية. والناظم (رَحمهُ اللّه) لم يذكر السادس اعتماداً على مصادر أخرى لم تذكره في شهداء الطف، وإنما ذكرت أن عبيد اللّه كان مع مصعب بن الزبير في حربه مع المختار، وقد قتله أصحاب المختار. قال العلوي في (المجدي في أنساب الطالبيين: 17): «فأما عبيد اللّه فكان مع أخواله بني تميم بالبصرة، حتى حضر وقائع المختار فأصابه [ فأصابته – ض –] جراح وهو مع مصعب فمات، وقبره بالمذار من سواد البصرة يُزار إلى اليوم، وكان مصعب يُشنّع على المختارية ويقول: قتل ابن إمامه». كما لم يرد ذكره في الزيارة المنسوبة الى الناحية المقدّسة، والتي يرويها السيد ابن طاووس في (الإقبال: 73/3). أمّا الخمسة المذكورون فهم: الأول: العباس بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وُلد سنة ست وعشرين من الهجرة، وهو أول أولاده من أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية (عَلَيهِما السَّلَامُ)، يُلقب (قمر بني هاشم)، ويُكنى أبا الفضل، وبعده عبد اللّه، وبعده جعفراً، وبعده عثمان. وعاش العباس مع أبيه أربع عشرة سنة – حضر بعض الحروب فلم يأذن له أبوه بالنزال -، ومع أخيه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أربعاً وعشرين سنة، ومع أخيه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أربعاً وثلاثين سنة، وذلك مدة عمره، وكان (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيداً شجاعاً فارساً وسيماً جسيماً، يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الأرض. وروي عن أبي عبد اللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: «كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأبلى بلاء حسناً، ومضى شهيداً». نظر سيد العابدين علي بن الحسين (عَلَيهِما السَّلَامُ) إلى عبيد اللّه بن العباس بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاستعبر ثم قال: «ما من يوم أشد على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من يوم أشد على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من يوم أحد، قُتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد اللّه وأسد،رسوله، وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب، ولا يوم كيوم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة كلّ يتقرب إلى اللّه (عزّوجلّ) بدمه، وهو يذكرهم باللّه فلا يتعظون حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً. ثم قال: رحم اللّه العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قُطعت يداه، فأبدله اللّه (عزّوجلّ) منهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأن للعباس عند اللّه تبارك وتعالى منزلة يغبطونها [ يغبطه بها - ظ -] جميع الشهداء يوم القيامة»، انتهى. (ينظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 176). «وروى أبو مخنف أنه لمّا مُنع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه من الماء – وذلك قبل أن يجمع على الحرب - اشتد بالحسين وأصحابه العطش، فدعا أخاه العباس فبعثه في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ليلاً، فجاؤوا حتى دنوا من الماء، واستقدم أمامهم باللواء نافع فمنعهم عمرو بن الحجاج الزبيدي، فامتنعوا منه بالسيوف وملأوا قربهم وأتوا بها، والعباس بن علي ونافع يذبان عنهم ويحملان على القوم حتى خلصوا بالقِرَب إلى الحسين، فسُمّي (السقّاء) و (أبا قربة). ... قال: ووقف شمر في اليوم العاشر ناحية فنادى أين بنو أختنا، أين العباس وإخوته؟ فلم يجبه أحد، فقال لهم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أجيبوه ولو كان فاسقاً، فقام إليه العباس فقال له: ما تريد؟ قال: أنتم آمنون يا بني أختنا، فقال له العباس: لعنك اللّه ولعن أمانك، لئن كنت خالنا أتؤمنا وابن رسول اللّه لا أمان له؟ وتكلّم إخوته بنحو كلامه ثم رجعوا». (إبصار العين فى أنصار الحسين 58- 59). «قال أهل السِير: وكان العباس ربما ركز لواءه أمام الحسين وحامي عن أصحابه، أو استقى ماء فكان يُلقب ب(السقّاء) ويُكنى أبا (قربة) بعد قتله. قالوا: ولما رأى وحدة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد قتل أصحابه وجملة من أهل بيته، قال لإخوته من أمه: تقدموا لأحتسبكم عند اللّه تعالى، فإنه لا ولد لكم، فتقدموا حتى قُتلوا، فجاء إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) واستأذنه في المصال – المصاولة-، فقال له: أنت حامل لوائي، فقال: لقد ضاق صدري وسئمت الحياة، فقال له الحسين: إن عزمت فاستسق لنا ماء، فأخذ قربته وحمل على القوم حتى ملأ القربة. قالوا: واغترف من الماء غرفة ثم ذكر عطش الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فرمى بها وقال: يا نفسُ منْ بعدِ الحسينِ هوني***وبعدَه لا كنْتِ أن تكوني هذا الحسينُ واردُ المنونِ***وتشربينَ باردَ المعینِ ثم عاد فأخذ عليه الطريق، فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول: لا أرهبُ الموت إذا الموتُ زقا***حتى أوارى في المصاليتِ لقى إني أنا العباسُ أغدو بالسقا***ولا أهابُ الموت يومَ الملتقى فضربه حكيم بن طفيل الطائي السنبسي على يمينه، فبرأها، فأخذ اللواء بشماله وهو يقول: واللّه إن قطعتمُ یمیني***إني أحامي أبدا عن ديني فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبراها، فضم اللواء إلى صدره كما فعل عمه جعفر إذ قطعوا يمينه ويساره في مؤتة، فضم اللواء إلى صدره وهو يقول: ألا ترون معشرَ الفجارِ***قد قطعوا بيغيهِم يساري فحمل عليه رجل تميمى من أبناء أبان بن دارم فضربه بعمود على رأسه فخر صريعاً إلى الأرض، ونادى بأعلى صوته: أدركني يا أخي، فانقض عليه أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كالصقر، فرآه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ الجبين مشكوك العين بسهم مرتثاً بالجراحة، فوقف عليه منحنياً، وجلس عند رأسه يبكي حتى فاضت نفسه، ثم حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً فيفرون من بين يديه كما تفر المعزى إذا شد فيها الذئب، وهو يقول: أين تفرون وقد قتلتم أخي ؟! أين تفرون وقد فتتم عضدي؟! ثم عاد إلى موقفه منفرداً. وكان العباس آخر من قتل من المحاربين لأعداء الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولم يُقتل بعده إلا الغلمان الصغار من آل أبي طالب الذين لم يحملوا السلاح. وفيه يقول الكميت بن زيد الأسدي: وأبو الفضل إن ذكرهم الحل***و شفاء النفوس في الأسقامِ قتلَ الأدعياءَ إذ قتلوهُ***أكرم الشاربين صوبَ الغمام ويقول حفيده الفضل بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد اللّه بن العباس: إني لأذكرُ للعباسِ موقفَهُ***بكربلاءَ وهامُ القومِ تُخْتَطَفُ يحمي الحسينَ ويحميهِ على ظمأٍ***ولا يولّي ولا يثني فيختِلفُ ولا أرى مشهداً يوماً كمشهدِهِ***مع الحسين عليهِ الفضلُ والشرفُ أكرمْ بهِ مشهداً بانتْ فضيلتُهُ***وما أضاعَ لهُ أفعالَه خلفُ ... وقد كانت تخرج أمه - فاطمة أم البنين (عَلَيهَا السَّلَامُ)- إلى البقيع في كل يوم ترثيه وتحمل ولده عبيد اللّه، فيجتمع لسماع رثائها أهل المدينة وفيهم مروان بن الحكم، فيبكون لشجي الندبة، قولها (عَلَيهَا السَّلَامُ) : يا منْ رأى العباسَ كرْ***على جماهير ِالنقدْ ووراهُ من أبناءِ حی***در كلُّ ليث ذي لبدْ أنبئْتُ أن ابني أصيبَ***برأسِهِ مقطوعَ يدْ ويلي على شبلي أما***لَ برأسِهِ ضربُ العَمَدْ لو كانَ سيفُك في يد***يكَ لما دنا منه أحد منه: (منك - ظ -). وقولها لا تدعونّي ويكَ أمَّ البنين***تذكريني بليوثِ العرينْ كانتْ بنونٌ ليَ أدعى بهمْ***واليومَ أصبحتُ ولا مِنْ بنينْ أربعة مثلُ نسورِ الربى***قد واصلوا الموتَ بقطعِ الوتينْ تنازعَ الخرصانُ أشلاءَهم***فكلُّهم أمسى صريعاً طعينْ يا ليتَ شعري أكما أخبَروا***بأنَّ عباساً قطيعُ اليمينْ وروى جماعة عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة قال: رأيت رجلاً من بني أبان بن دارم أسود الوجه، وقد كنت أعرفه شديد البياض جميلاً، فسألته عن سبب تغيره وقلت له: ما كدت أعرفك، فقال: إني قتلت رجلاً بكربلا وسيماً جسيماً بين عينيه أثر السجود، فما بت ليلة منذ قتلته إلى الآن إلا وقد جاءني في النوم، وأخذ بتلابيبي وقادني إلى جهنم فيدفعني فيها فأظل أصيح، فلا يبقى أحد في الحي إلا ويسمع صياحي، قال: فانتشر الخبر، فقالت جارة له: إنه ما زلنا نسمع صياحه حت-ى ما يدعنا ننام شيئاً من الليل، فقمت في شباب الحي إلى زوجته فسألناها، فقالت: أمّا إذا أخبر هو عن نفسه فلا أبعد اللّه غيره، قد صدقكم، قال: والمقتول هو العباس بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ)». (إبصار العين فى أنصار الحسين: 61- 65). الثاني: عبد اللّه بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب (عَلَيهِم السَّلَامُ). «وُلد بعد أخيه - العباس - بنحو ثماني سنين، وأمه فاطمة أم البنين، وبقي مع أبيه ست سنين، ومع أخيه الحسن ست عشرة سنة، ومع أخيه الحسين خمساً وعشرين سنة، وذلك مدة عمره. قال أهل السِير: إنه لمّا قتل أصحاب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجملة من أهل بيته دعا العباس إخوته الأكبر فالأكبر، وقال لهم: تقدموا، فأول من دعاه عبد اللّه أخوه لأبيه وأمه فقال: تقدم يا أخي، حتى أراك قتيلاً وأحتسبك فإنه لا ولد لك، فتقدم بين يديه وجعل يضرب بسيفه قدماً ويجول فيهم وهو يقول: أنا ابن [ذى] النجدة والأفضال***ذاك علي الخير في الأفعالِ سیف رسول اللّه ذو النكال***في كلِّ يوم ظاهر الأهوالِ فشد عليه هاني بن ثبيت الخضر مي فضربه على رأسه فقتله». (إبصار العين فى أنصار الحسين: 67 - 68). الثالث: عثمان بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب (عَلَيهِم السَّلَامُ): «وُلد بعد أخيه عبد اللّه بنحو سنتين، وأمه فاطمة أم البنين، وبقي مع أبيه نحو أربع سنين، ومع أخيه الحسن نحو أربع عشرة سنة، ومع أخيه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثلاث وعشرين سنة، وذلك مدة عمره. ورُوي عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: «إنما سمّيته عثمان بعثمان بن مظعون أخي». قال أهلِ السير : لمّا قُتل عبد اللّه بن علي دعا العباس عثمان، وقال له: تقدم يا أخي كما قال لعبد اللّه، فتقدم إلى الحرب يضرب بسيفه ويقول: إني أنا عثمانُ ذو المفاخر***شيخي علي ذو الفعال الطاهر فرماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم فأوهطه حتى سقط لجنبه، فجاءه رجل من بني أبان بن دارم فقتله واحتز رأسه». (إبصار العين في أنصار الحسين: 68). الرابع: جعفر بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب (عَلَيهِم السَّلَامُ): «وُلد بعد أخيه عثمان بنحو سنتين، وأمه فاطمة أم البنين، وبقي مع أبيه نحو سنتين، ومع أخيه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) النحو اثنتي عشرة سنة، ومع أخيه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) نحو إحدى وعشرين سنة، وذلك مدة عمره. ورُوي أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سماه باسم أخيه جعفر؛ لحبه إيّاه. قال أهل السِير : لمّا قُتل أخوا العباس لأبيه وأمه عبد اللّه وعثمان، دعا جعفراً فقال له: تقدم إلى الحرب حتى أراك قتيلاً كأخويك فأحتسبك كما احتسبتهما، فإنه لا ولد لكم، فتقدم وشد على الأعداء يضرب فيهم بسيفه وهو يقول: إني أنا جعفرُ ذو المعالي***ابن علي الخير ذي الأفضال قال أبو الفرج: فشد عليه خولي بن يزيد الأصبحي فقتله. وقال أبو مخنف بل شد عليه هاني بن ثبيت الذي قتل أخاه فقتله». (إبصار العين في أنصار الحسين: 69 - 70). الخامس : أبو بكر بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب (عَلَيهِم السَّلَامُ). «اسمه محمّد الأصغر أو عبد اللّه، وأمه ليلى بنت مسعود الدارمية... . قيل: قتله زجر بن بدر النخعي، وقيل: بل عقبة،الغنوي، وقيل: بل رجل من همدان، وقيل: وُجد في ساقية مقتولاً لا يُدرى مَن قتله. وذكر بعض الرواة أنه تقدم إلى الحرب وقاتل وهو يقول: شيخي علي ذو الفخار الأطولْ***من هاشمٍ وهاشمٌ لم تعدلْ ولم يزل يقاتل حتى اشترك في قتله جماعة منهم عقبة الغنوي». (إبصار العين فى أنصار الحسين: 70-71).

ص: 472

ص: 473

ص: 474

ص: 475

ص: 476

ص: 477

ص: 478

ص: 479

ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْن الأَكْبَرُ***وَصَنْوَّهُ الرَّضِيْعُ فيما يُذكَرُ (1)

ص: 480


1- الأول على الأكبر ابن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وُلد في أوائل خلافة عثمان بن عفان، وروى الحديث عن جده علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما حققه ابن إدريس (قدّس سِرُّه) في (السرائر)، ونقله عن علماء التاريخ والنسب... . وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وأمها ميمونة بنت أبي سفيان ابن حرب بن أمية وأمها بنت أبي العاص بن أمية. وكان يُشبّه بجده رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في المنطق والخَلق والخُلق. وروى أبو الفرج أن معاوية قال: من أحق الناس بهذا الأمر؟ قالوا: أنت، قال: لا، أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ)، جده رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وفيه شجاعة بني هاشم، وسخاء بني أمية، وزهو ثقيف. ... ويُكنى أبا الحسن، ويُلقب بالأكبر؛ لأنه الأكبر على أصح الروايات، أو لأن للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أولاداً ستة ثلاثة أسماؤهم علي، وثلاثة أسماؤهم: عبد اللّه وجعفر ومحمّد، كما ذكره أهل النسب، فهو أكبر من علي الثالث على رواية. وروى أبو مخنف، عن عقبة بن سمعان قال: لما كان السحر من الليلة التي بات فيها الحسين عن قصر بني مقاتل أمرنا الحسين بالاستسقاء من الماء، ثم أمرنا بالرحيل ففعلنا، قال: فلما ارتحلنا عن قصر بني مقاتل، خفق برأسه خفقة، ثم انتبه وهو يقول: إنا للّه وإنا إليه راجعون والحمد للّه رب العالمين، ثم كررها مرتين أو ثلاثاً، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وكان على فرس له - فقال: إنا للّه وإنا إليه راجعون والحمد للّه رب العالمين يا أبت جُعلت فداك استرجعت وحمدت اللّه ؟ فقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا بني إني خفقت برأسي خفقة فعنّ لي فارس على فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم فعلمت أنها أنفسنا نُعيت إلينا فقال له يا أبت لا أراك اللّه سوءاً، ألسنا على الحق؟ قال بلى والذي إليه مرجع العباد قال: يا أبت، إذن لا نبالي، فقال له: جزاك اللّه من ولد خير ما جزى ولداً عن والده. قال أبو الفرج وغيره: وكان أول من قُتل بالطف من بني هاشم بعد أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) علي بن الحسين (عَلَيهِما السَّلَامُ) فإنه لمّا نظر إلى وحدة أبيه تقدم إليه وهو على فرس له يُدعى ذا الجناح، فاستأذنه للبِراز – وكان من أصبح الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً - فأرخى عينيه بالدموع وأطرق ثم قال: اللهم اشهد أنه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه، ثم صاح يابن سعد، قطع اللّه رحمك كما قطعت رحم ولم تحفظني في رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فلما فهم علي فهم علي الإذن من أبيه شد على القوم وهو يقول: أنا علي بن الحسين بن علي***نحن وبيتِ اللّهِ أولى بالنبي واللّهُ لا يحكمُ فينا ابنُ الدعي فقاتل قتالاً شديداً، ثم عاد إلى أبيه وهو يقول: يا أبت، العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد أجهدني، فبكى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : وا غوثاه أنّى لي الماء، قاتل يا بني قليلاً واصبر فما أسرع الملتقى بجدك محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيسقيك بكأسه الأوفى شربة لا تظمؤ بعدها أبداً، فكرّ عليهم يفعل فعل أبيه وجده، فرماه مرة بن منقذ العبدي بسهم في حلقه. وقال أبو الفرج: قال حميد بن مسلم الأزدي كنت واقفاً وبجنبي مرّة بن منقذ، وعلي بن الحسين يشد على القوم يمنة ويسرة فيهزمهم، فقال مرة: علي آثام العرب إن مرَّ بي هذا الغلام لأثكلن به أباه، فقلت: لا تقتله، يكفيك هؤلاء الذين احتوشوه، فقال: لأفعلن، ومر بنا علي وهو يطرد كتيبة فطعنه برمحه فانقلب على قربوس فرسه فاعتنق فرسه فكر به على الأعداء فاحتووه بسيوفهم فقطعوه. فصاح قبل أن يفارق الدنيا: السلام عليك يا أبتي، هذا جدي المصطفى قد سقاني بكأسه الأوفى وهو ينتظرك الليلة، فشد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتى وقف عليه وهو مقطّع فقال: قتل اللّه قوماً قتلوك يا بني، فما أجرأهم على اللّه وعلى انتهاك حرمة الرسول، ثم استهلت عيناه بالدموع، وقال على الدنيا بعدك العفا. وروى أبو مخنف، وأبو الفرج عن حميد بن مسلم الأزدي أنه قال: وكأني أنظر إلى امرأة قد خرجت من الفسطاط وهي تنادي يا حبيباه يابن أخياه، فسألت عنها، فقالوا: هذه زينب بنت علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فجاءت حتى انكبت عليه، فجاء الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليها وأخذ بيدها إلى الفسطاط، ورجع فقال لفتيانه: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه، ثم جاءوا به فوضعه بين يدي فسطاطه. وقُتل ولا عقب له». (ينظر : إبصار العين فى أنصار الحسين: 49 - 52). الثاني: عبد اللّه الرضيع ابن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وقوله: (وصنوه الرضيع فيما يُذكر): «عبد اللّه بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ولد في المدينة، وقيل: في الطف، ولم يصح. وأمه الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب ابن عليم بن جناب بن كلب...، وهي التي يقول فيها أبو عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لعمرُكَ إنني لأحبُّ داراً***تحِلُّ بها سكينةُ والربابُ أحبُّهما وأبذلُ جُلَّ مالي***وليسَ لعاتبٍ عندي عتابُ وكان امرؤ القيس زوّج ثلاث بناته في المدينة من أمير المؤمنين والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وقصته مشهورة، فكانت الرباب عند الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وولدت له سكينة وعبد اللّه هذا. قال المسعودي والأصبهاني والطبري وغيرهم: إن الحسين لمّا آيس من نفسه ذهب إلى فسطاطه فطلب طفلاً له ليودعه فجاءته به أخته زينب، فتناوله من يدها ووضعه في حجره، فبينا هو ينظر إليه إذ أتاه سهم فوقع في نحره فذبحه. قالوا: فأخذ دمه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بكفه ورمى به إلى السماء وقال: اللّهم لا يكن أهون عليك من دم،فصيل، اللّهم إن حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير لنا، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين، فلقد هوّن ما بي أنه بعينك يا أرحم الراحمين. قالوا: فروي عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أنه لم تقع من ذلك الدم قطرة إلى الأرض». ثم إن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حفر له عند الفسطاط حفيرة في جفن سيفه فدفنه فيها بدمائه ورجع إلى موقفه. وروى السيد الطاووسي: أنه أخذ الطفل من يدي أخته زينب فأومى إليه ليقبّله، فأتته نشابة فذبحته فأعطاه إلى أخته وقال: خذيه إليك، ثم فعل ما فعل بدمائه، وقال ما قال بدعائه. وروى أبو مخنف أن الذي رماه بالسهم حرملة بن الكاهن الأسدي. وروى غيره: أن الذي رماه عقبة بن بشر الغنوي. والأول هو المروي عن أبي جعفر محمّد الباقر (عَلَيهِما السَّلَامُ)». (إبصار العين في أنصار الحسين: 54- 55).

ص: 481

ص: 482

ص: 483

ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعَبْدُ اللّه***وَالقَاسمُ بْنُ الحَسَنِ الأَوَاه (1)

ص: 484


1- وممن حضر الطف واستشهد مع أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثلاثة من أبناء أخيه الحسن المجتبى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهم: الأول: أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ): «أمه أم ولد روى أبو الفرج أن عبد اللّه بن عقبة الغنوي قتله. وإياه عنى سليمان بن قتة بقوله: وعندَ غنيٍّ قطرةٌ من دمائِنا***سنجزيهُمُ يوماً بها حيثُ حلّتِ إذا افتقرتْ قيسٌ جبَرنْا فقيرَها***وتقتلنا قيسٌ إذا النعل زلّتِ» (إبصار العين في أنصار الحسين: 71). الثاني: عبد اللّه بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ): «أمه بنت الشليل بن عبد اللّه البجلي، والشليل أخو جرير بن عبد اللّه، كانت لهما صحبة». (إبصار العين في أنصار الحسين: 73). قال الشيخ المفيد: «ولما رجع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المسناة إلى فسطاطه تقدم إليه شمر بن ذي الجوشن في جماعة من أصحابه فأحاط به فأسرع منهم رجل يُقال له: مالك بن النسر الكندي، فشتم الحسين وضربه على رأسه بالسيف، وكان عليه قلنسوة فقطعها حتى وصل إلى رأسه فأدماه، فامتلأت القلنسوة دماً، فقال له الحسين: لا أكلت بيمينك ولا شربت بها وحشرك اللّه مع الظالمين، ثم ألقى القلنسوة ودعا بخرقة فشد بها رأسه واستدعى قلنسوة أخرى فلبسها واعتم عليها، ورجع عنه شمر بن ذي الجوشن ومن كان معه إلى مواضعهم، فمكث هنيهة ثم عاد وعادوا إليه وأحاطوا به. فخرج إليهم عبد اللّه بن الحسن بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) - وهو غلام لم يراهق – من عند النساء يشتد حتى وقف إلى جنب الحسين فلحقته زينب بنت علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) لتحبسه، فقال لها الحسين: احبسيه يا أختي، فأبى وامتنع عليها امتناعاً شديداً، وقال: واللّه لا وأهوى أبجر بن كعب إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالسيف، فقال له الغلام: ويلك أفارق عمي. يا بن الخبيثة أتقتل عمي ؟! فضربه أبجر بالسيف فاتقاها الغلام بيده فأطنها إلى الجلدة فإذا يده معلقة، ونادى الغلام يا أمتاه فأخذه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فضمه إليه وقال: يا بن أخي اصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير، فإن اللّه يلحقك بآبائك الصالحين، ثم رفع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يده وقال: اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا، ثم عدوا علينا فقتلونا». (الإرشاد: 2/ 110 - 111). الثالث: القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ): «أمه أم أبي بكر، يُقال: إن اسمها رملة». (إبصار العين في أنصار الحسين: 72). «قال حميد بن مسلم فإنا لكذلك إذ خرج علينا غلام كأن وجهه شقة قمر، في يده سيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع إحداهما، فقال لي عمر بن سعيد بن نفيل الأزدي واللّه لأشدن عليه، فقلت: سبحان اللّه، وما تريد بذلك؟! دعه يكفيكه هؤلاء القوم الذين ما يبقون على أحد منهم، فقال: واللّه لأشدن عليه، فشد عليه فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف ففلقه، ووقع الغلام لوجهه فقال: يا عماه فجلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما يجلي الصقر ثم شد شدة ليث أغضب، فضرب عمر بن سعيد بن نفيل بالسيف فاتقاها بالساعد فأطنها من لدن المرفق، فصاح صيحة سمعها أهل العسكر، ثم تنحى عنه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحملت خيل الكوفة لتستنقذه فتوطأته بأرجلها حتى مات. وانجلت الغبرة فرأيت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قائماً على رأس الغلام وهو يفحص برجله والحسين يقول: بُعداً لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك، ثم قال: عزّ واللّه على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفعك، صوت -واللّه - كثر واتروه وقلّ ناصروه، ثم حمله على صدره، فكأني أنظر إلى رجلي الغلام تخطان الأرض، فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين والقتلى من أهل بيته، فسألت عنه فقيل لي: هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)». (الإرشاد: 107/2 – 108).

ص: 485

ص: 486

وَوُلْدُ عَبْدِ اللّه نَحْلِ جَعْفَر***مثلُ محمّد وَعَوْنِ الأَكْبَر (1)

ص: 487


1- الأول: عون بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ): «أمه زينب العقيلة الكبرى بنت أمير المؤمنين... قال أهل السِير: إنه لما خرج الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من مكة كتب إليه عبد اللّه بن جعفر كتاباً يسأله فيه الرجوع عن عزمه، وأرسل إليه ابنيه، فأتياه بوادي العقيق...، ثم ذهب عبد اللّه إلى عمرو بن سعيد بن العاص عامل المدينة فسأله أماناً للحسين فكتب وأرسله إليه مع أخيه يحيى، وخرج معه عبد اللّه فلقيا الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بذات عرق، فأقرأه الكتاب، فأبى عليهما وقال: إني رأيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في منامي فأمرني بالمسير، وإني منته إلى ما أمرني به، وكتب جواب الكتاب إلى عمرو ابن سعيد ففارقاه، ورجعا، وقد أوصى عبد اللّه ولديه بالحسين واعتذر منه. قالوا: ولمّا ورد نعي الحسين ونعيهما إلى المدينة كان عبد اللّه جالساً في بيته فدخل الناس يعزونه، فقال غلامه أبو اللسلاس: هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين فحذفه عبد اللّه بنعله وقال: يابن اللخناء أللحسين تقول هذا؟! واللّه لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أقتل معه واللّه إنه لمما يسخي بنفسي عنهما ويعزيني عن المصاب بهما أنهما أصيبا مع أخي وابن عمي مواسين له صابرين معه،ثم أقبل على الجلساء فقال: الحمد للّه عزّ علي مصرع الحسين، إن لا أكن آسيت حسيناً بيدي، فقد آسيته بولدي. قال السروي: برز عون بن عبد اللّه بن جعفر إلى القوم وهو يقول: إن تنكروني فأنا ابنُ جعفرْ***شهيدُ صدقٍ في الجنانِ أزهرْ يطيرُ فيها بجناحٍ أخضرْ***كفى بهذا شرفاً في المحشرْ فضرب فيهم بسيفه حتى قتل منهم ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلاً، ثم ضربه عبد اللّه بن قطنة الطائي النبهاني بسيفه فقتله. وفيه يقول سليمان بن قتة التيمي من قصيدته التي يرثي بها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): عيني جودي بعبرة وعويلِ***واندبي إن بكيتِ آلَ الرسول ستةٌ كلُّهمْ لصلبِ عليٍّ***فد أصيبوا وسبعةٌ لعقيل واندبي إن ندبتِ عوناً أخاهُم***ليس فيما ينوبهم بخذولِ فلعمري لقد أصيب ذوو القر***بي فبكي على المصابِ الطويلِ» (إبصار العين فى أنصار الحسين: 75 77) الثاني: محمّد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ): «أمه الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة بن عائذ بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل... . قال السروي: تقدم محمّد قبل عون إلى الحرب، فبرز إليهم وهو يقول: أشكو إلى اللّهِ مِنَ العدوانِ***فعالَ قومٍ في الردى عميانِ قد بدّلوا معالمَ القرآنِ***ومحكمَ التنزيلِ والتبيانِ فقتل عشرة أنفس، ثم تعاطفوا عليه، فقتله عامر بن نهشل التميمي. وفيه يقول سليمان بن قتة... : وسميّ النبيِ غودرَ فيهمْ***قد علوهُ بصارمٍ مصقولِ فإذا ما بكيتِ عيني فجودي***بدموع تسيلُ كلَّ مسيلِ» (ينظر : إبصار العين فى أنصار الحسين: 77- 78).

ص: 488

وَوُلْدُ مَعْرُوفَ الإِبَا عَقيلِ***أَرْبَعَةٌ مِنْ كُلِّ لَيْثٍ غَيْلِ

أُولَاكَ عَبْدُ اللّه وَالرَّحْمَنِ***محمّد جَعْفَرُ يَتْلُوَانِ (1)

ص: 489


1- ممن استشهد مع أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء - غير مسلم (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذي استشهد بالكوفة - من بني عقيل بن أبي طالب (رضیَ اللّهُ عنهُ) أربعة، وهم: الأول: عبد اللّه بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ): أقول: لم يرد ذكره في طبعة (إبصار العين) التي اعتمدناها إلا أنه ورد في طبعة مكتبة أمير المؤمنين تحقيق علي جهاد الحساني، والذي اعتمد في تحقيقه على نسخة فيها استدراكات للمؤلّف (رَحمهُ اللّه) ومنها: (عبد اللّه بن عقيل). 2- عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ). 3- جعفر بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ). 4- محمّد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ). (ينظر : إبصار العين فى أنصار الحسين: 91 – 92). وقوله (رَحمهُ اللّه) : (ليث غيل)، أي: «أسد غيل: الغِيل بالكسر : شجر ملتف يُستتر فيه كالأجمة». (ينظر لسان العرب: 512/11).

ثُمَّ محمّد وَعَبْدُ اللّه***مِنْ مُسْلِمِ القَرْمِ الكَبَيْرِ الجَاه (1)

وَمِنْ مَوَالِيْهِمْ هُنَاكَ الحَارِثُ***وَمُنْجِحٌ وَسَعْدُ وَهْوَ الثَّالث

ثُمَّ سُلَيْمَانُ الفَتَى الأبرُّ***وَأَسْلَمَ وَقَارِبٌ وَنَصْرُ (2)

ص: 490


1- ممن استشهد بين يدي أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من آل عقيل ابنا مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وهما: الأول: عبد اللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ). الثاني: محمّد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ). (ينظر : إبصار العين فى أنصار الحسين: 89- 90).
2- وأمّا الشهداء من موالي آل أبي طالب من أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فهم: الأول: الحارث بن نبهان مولی حمزة بن عبد المطلب (عَلَيهِما السَّلَامُ). الثاني: منجح بن سهم مولى الحسن بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ). الثالث: سعد بن الحارث مولى علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). الرابع: سليمان بن رزین مولى الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِما السَّلَامُ). الخامس: أسلم بن عمرو مولى الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ). السادس: قارب بن عبد اللّه الدئلي مولى الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ). السابع: نصر بن أبي نيزر مولى علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). (ينظر : إبصار العين فى أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 94- 98).

وَمن رجال أَسَد وَهُمْ هُمُ***حَبِيْبُ ثُمَّ أَنَسٌ وَمُسْلِمُ

وَقَيْسُ بْنُ مُسَهَّرٍ وَعَمْرُو***وَعَبْدُهُ سَعْدٌ فَدَاهُ الحُرُ(1)

وَمِنْ بَنِي هَمْدَانَ عَمْرُو الْفَارِسُ***حَنْظَلَةٌ بُرَيْرُ ثُمَّ عَابِسُ

وَمَالَكَ أَوْ سَيْف أَوْ عَمَّارُ***زيَادٌ أَوْ حَبْشي أَوْ سَوَارُ

وَعَابِدُ الرَّحْمَنِ وَهْوَ الأَرْحَبي(2)***وَعَمْرُو جُنْدَعٍ صَرِيْحُ النَّسَبِ

ص: 491


1- بني أسد بن خزيمة ومواليهم من أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذين استشهدوا معه، وهم: الأول: حبيب بن مظاهر الأسدي الفقعسي. الثاني: أنس بن الحرث الأسدي الكاهلي. الثالث: مسلم بن عوسجة الأسدي السعدي. الرابع: قيس بن مسهر الأسدي الصيداوي. الخامس: عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي. السادس: سعد مولى عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي. (ينظر إبصار العين فى أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 99- 117).
2- في الأصل: (الأرجي)، وما أثبتناه في المتن ورد ذكره في جميع المصادر، والأرحبي بالمهملة والموحدة كالأحمدي إلى بني أرحب بطن من همدان. (ينظر : لب اللباب للسيوطي: 9).

وَفِي المَوالِي شَوْذَبٌ لشاكِرِ***ثُمَّ شَبِيْبٌ يَنْتَمِي لِجَابِرِ (1)

ص: 492


1- آل همدان ومواليهم من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) المستشهدون بين يديه، وهم: الأول: أبو ثمامة عمرو بن عبد اللّه الهمداني الصائدي. الثاني: حنظلة بن أسعد الهمداني الشبامي. الثالث: بریر بن خضير الهمداني المشرقي. الرابع: عابس بن أبي شبيب الهمداني الشاكري. الخامس والسادس: سيف بن الحرث بن سريع الهمداني الجابري، ومالك بن عبد اللّه بن سريع الهمداني الجابري. السابع: عمار بن أبي سلامة الهمداني الدالاني. الثامن: زياد بن عريب بن حنظلة أبو عمرة الهمداني الصائدي. التاسع: حبشي بن قيس الهمداني النهمي. العاشر : سوار بن منعم الهمداني النهدي الحادي عشر: عبد الرحمن بن عبد اللّه الهمداني الأرحبي. الثاني عشر : عمرو بن عبد اللّه الهمداني الجندعي. الثالث عشر: شوذب بن عبد اللّه الهمداني الشاكري (مولى لهم). الرابع عشر: شبيب مولى الحرث بن سريع الهمداني الجابري.

ومِنْ بَنِي مَدْحِجَ قَوْمِ هَانِي***جُنادةُ بْنُ الحَارِثِ السَّلْمَانِي

مُجَمَّعٌ وَعَائِدٌ وَالجَمَلِي***نَافِعٌ أَوْ يَزِيدَ بْنُ مَغْفَلِ

كَذَلِكَ الحَجَّاجُ ذُو العِبَادَةُ***وَاضِحٌ مَوْلَى أَبِي جُنَادَةْ (1)

وَمِنْ بَنِي الأَنْصَارِ عَمْرُو الكَعْبِي***وَعَبْدُ رَحْمَنِ بْنُ عَبْدِ رَبِّ

ثُمَّ نَعِيمٌ وَجَنَادَةُ الأَغَرُ***ثُمَّ ابْنُهُ عَمْرُو بِضَبْطِ لَا عُمَرُ (2)

ص: 493


1- المذحجيون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأول: هاني بن عروة المرادي. الثاني: جنادة بن الحرث المذحجي المرادي. الثالث م مجمع بن عبد اللّه المذحجي العائذي. الرابع: عائذ بن مجمع بن عبد اللّه المذحجي العائذي. الخامس: نافع بن هلال المذحجي الجملي. السادس يزيد بن مغفل المذحجي الجعفي. السابع الحجاج بن مسروق المذحجي الجعفي. الثامن واضح التركي مولى الحرث المذحجي السلماني (ينظر: إبصار العين فى أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 139 - 153).
2- الأنصار من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأول: عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري الخزرجي الكوفي الثاني: عبد الرحمن بن عبد رب الأنصاري الخزرجي. الثالث: نعيم بن العجلان الأنصاري الخزرجي. الرابع: جنادة بن كعب الأنصاري الخزرجي. الخامس: عمرو بن جنادة بن كعب الأنصاري الخزرجي. (ينظر : إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 155 - 159). استدراك: وممن استشهد مع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الأنصار ولم يذكرهم الناظم (رَحمهُ اللّه) : سعد بن الحارث الأنصاري العجلاني، وأخوه أبو الحتوف بن الحرث الأنصاري العجلاني (ينظر: الكنى والألقاب: 45/1).

وَمِنْ بَنِي کِنْدَةَ بِشْرٌ زَاهِرُ***ثُمَّ يَزِيدٌ جَدُّهُ مُظَاهِرُ

وَالحَارِثُ الكِنْدِيُّ ثُمَ جُنْدَبُ***ثُمَّ حُجَيْرَةٌ وَجُنْدَبُ الأَب(1)

ص: 494


1- الكنديون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): الأول: بشر بن عمرو بن الأحدوث الحضرمي الكندي. الثاني: زاهر بن عمرو الكندي. الثالث يزيد بن زياد بن مظاهر. الرابع: الحارث بن امرئ القيس الكندي. الخامس: جندب بن حجير الكندي الخولاني. السادس: وولده حجير بن جندب. (ينظر : إبصار العين فى أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 171 - 174).

وَمِنْ غِفَارٍ عَابِدُ الرَّحْمَنِ***وَالصِّنْوُ عَبْدُ اللّه ذُو الإِيْمَان

وَمِنْ مَوَالِيْهِمْ هُنَاكَ جَوْنُ***مَنْ طَابَ ريْحُهُ وَلُجَّ اللَّوْنَ (1)

وَمِنْ بَنِي كَلْبِ أُسُوْدُ الجَلَى***أُسُوْدُ الجَلَى لَيْتَان عَبْدُ اللّه عَبْدُ الأَعْلَى

وَسَالِمٌ ذُو السَّلْمِ وَالسَّكِينَةَ***مِنْ كَلْبِ ثُمَّ مِنْ بَنِي المَدِينَة (2)

وَمِنْ بَنِي الأَزْدِ الهُمَامُ مُسْلِمُ***وَقَاسِمٌ ثُمَّ زُهَيْرُ العَلَمُ

كَذَلكَ النُّعْمَانُ والحَلاَسُ***وَفِي المَوالِي رَافِعُ المِقْبَاس (3)

ص: 495


1- الغفاريون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): الأول والثاني: عبد اللّه بن عروة بن حراق الغفاري. وأخوه عبد الرحمن بن عروة بن حراق الغفاري. الثالث: جون بن حوي مولى أبي ذر الغفاري. (ينظر: إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 175 - 176).
2- بني كلب من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأول: عبد اللّه بن عمير الكلبي العليمي. الثاني: عبد الأعلى بن يزيد الكلبي العليمي. الثالث: سالم بن عمرو مولى بني المدينة الكلبي. (ينظر : إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 179 - 182).
3- الأزديون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأول: مسلم بن كثير الأعرج الأزدي أزد شنوءة الكوفي. الثاني: القاسم بن حبيب بن أبي بشر الأزدي. الثالث: زهير بن سليم الأزدي. الرابع: النعمان بن عمرو الأزدي الراسبي. الخامس وأخوه الحلاس بن عمرو الأزدي الراسبي. السادس: رافع بن عبد اللّه مولى مسلم الأزدي. (ينظر : إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 185 - 187).

وَمِنْ سُرَاة عَبْد قَيْس البَصْرَة***يَزيدُ وَابْنَاهُ أَتَوْا ِللنُّصْرَة

أَعْني عُبَيْدَ اللّه عَبْدَ اللّه***وَسَيْفَ بْنُ مَالك ذُو الجَاه

وَعَامِرُ بْنُ مُسْلِمٍ كَأَدْهَمِ***وَسَالِمٌ مَوْلَى الفَتَى ابْنِ مُسْلِمٍ (1)

وَمِنْ سُرَاةِ التَّيْمِ تَيْمُ اللّه***مَسْعُوْدُ وَابْنُهُ مَعَ الأَشْبَاه

ص: 496


1- العبديون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأول: يزيد بن ثبيط العبدي عبد قيس البصري. الثاني والثالث: وابناه عبد اللّه، وعبيد اللّه. الرابع سيف بن مالك العبدي البصري. الخامس: عامر بن مسلم العبدي البصري. السادس: ومولاه سالم. السابع: الأدهم بن أمية العبدي البصري. (ينظر : إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 189 - 192).

بَكْرٌ جُوَينٌ عُمَرٌ حَبَّابُ***وَفِي المَوَالِي جَابِرٌ يُصَابٌ(1)

ومِنْ بَنِي طيّئ بَدْرُ السَّعْد***عَمَّارٌ أَوْ أُمَيَّةُ بْنُ سَعْد (2)

وَمِنْ سِهَامِ تَغْلِبِ كِنَانَةْ***ثُمَّ بَنُو زُهَيْرِ ذِي الدِّيَانَة

يَعْرفُها نَاكتُهُم وَالقَاسِطُ***كُرْدُوْسُ ثُمَّ مُقْسِطٌ وَقَاسط (3)

ص: 497


1- التيميون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأول والثاني: مسعود بن الحجاج التيمي تيم اللّه بن ثعلبة. وابنه عبد الرحمن. الثالث بكر بن حي بن تيم اللّه بن ثعلبة التيمي. الرابع جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة التيمي. الخامس عمر بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التيمي. السادس الحباب بن عامر بن كعب بن تيم اللات بن ثعلبة التيمي. السابع جابر بن الحجاج مولى عامر بن نهشل التيمي تيم اللّه بن ثعلبة. (ينظر : إبصار العين فى أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 193 - 197).
2- الطائيون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأول: عمار بن حسان بن شريح الطائي. الثاني: أمية بن سعد الطائي. (ينظر : إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 197 - 198).
3- التغلبيون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأول: كنانة بن عتيق التغلبي. الثاني والثالث والرابع: قاسط بن زهير بن الحرث التغلبي. وأخواه: كردوس، ومقسط. استدراك: من لم يذكره الناظم (رَحمهُ اللّه) في أرجوزته، وذكره في كتابه (إبصار العين فى أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) : الخامس: الضرغامة بن مالك التغلبي. (ينظر : إبصار العين فى أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 199 – 200).

وَمِنْ بَنِي تَمِيمِ خَيْرُ حُرِّ***وَمِثْلُهُ حَجَّاجُ بْنُ بَدْرِ (1)

وَمِنْ سُواهُمُ سَعِيْدُ الحَنَفِي***وَقُعْنَبُ النَّمْرِيُّ ذَلِكَ الوَفِي

وابْنُ عَليَّ الهُمَامُ جَبَلَة***نَمَتْهُ شَيْبَانُ بِمَا أَوْجَبَ لَهُ (2)

ص: 498


1- التميميون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأول: الحر بن يزيد الرياحي. الثاني: الحجاج بن بدر التميمي السعدي. (ينظر : إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 203 - 212).
2- الأفراد من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): الأول: سعيد بن عبد اللّه الحنفي. الثاني: قعنب بن عمر النمري. الثالث: جبلة بن على الشيباني. (ينظر : إبصار العين فى أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 215).

وَمَنْ يُجَيْلَة زُهَيْرُ البُجَلي***وَالشَّهْمُ سَلْمَانُ مُثيرُ القسطل (1)

وَمِنْ بَنِي خَثْعَمَ عَبْدُ اللّه مَعْ***سُوَيْد بْن عَمرو ذُو الوَجْه الأَشَعْ (2)

فالطالبيّونَ عَدا الموالي***سَبْعَةَ عَشْرَ بَدْرَ لَيْل جَالِي

وَغَيْرُهُمْ مَنْ صَفْوَة الأماجِدِ***بَيْنَ الوَرَى سَبْعُونَ بَعْدَ واحد

ثُمَّ مَوَالِيهِمْ وَسَادَةُ البَشَرْ***عُدَّتُهُم تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرْ

فَهَؤُلَاءِ نَيِّف (3) فَوْقَ المِئَة***قَدْ دُفِنُوا ثُمَّ وَهُمْ خَيْرُ فِئَة

وَصَفْوَةٌ اللّه تَعَالى جِدُّهُ***فَمَنْ تُرَى مِنْ بَعْدِهِم أَعْدُّهُ؟!

ص: 499


1- البجليون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأول: زهير بن القين الأنماري البجلي. الثاني: سلمان بن مضارب الأنماري البجلي. (ينظر : إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 161 - 169).
2- الخثعميون من أنصار الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): الأول: عبد اللّه بن بشر الخثعمي. الثاني: سويد بن عمرو الأنماري الخثعمي. (ينظر : إبصار العين فى أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 169 - 170).
3- نيف: هو كل ما زاد على العقد، يقال: عشرة ونيف ومائة ونيف إلى أن يبلغ العقد الثاني. ولا يقال: نيف إلا بعد عقد. وقيل: إن النيف هو من واحد إلى ثلاث. (تاج العروس: 516/12، بتصرف يسير).

ص: 500

الفصل الخامس والثلاثون: في ذكر جملة من الملوك الذين دُفنوا فيها وتواريخهم

لَكِنَّنِي سَوْفَ أَعُدُّ جُمْلَةْ***مِنَ المُلُوكِ وَالصُّدُورِ الجُلَّة

مِنَ الذِينَ نُقلوا للطَّفِّ***أَوْ سَكَنُوا فيه لفيض اللُّطفِ

أَوْ هَاجَرُوا للعلم في الحَيَاةِ***فَأَدْرَكُوا الآمَالَ بالوَفَاة

كَالخَيّر إبراهِيْمِ المُجَاب (1)***وَوُلدِهِ الأماجِدِ الأنجَابِ

ص: 501


1- إبراهيم المجاب بن محمّد العابد بن موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إبراهيم المجاب بن محمّد العابد بن موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ). قال السيد الشريف النسابة أحمد بن علي بن الحسين الحسيني في كتابه المعروف ب (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب) (وقبر إبراهيم المجاب في الحائر معروف مشهور). وإنما لُقب أبوه محمّد ب(العابد)؛ لكثرة عبادته وصومه وصلاته – كما ذكره المفيد طاب ثراه - في (الإرشاد) وغيره». (ينظر : الفوائد الرجالية: 1/ 435). وذكر العلّامة الحجة المتتبع السيد حسن الصدر الكاظمي في رسالته (نزهة أهل الحرمين) حاكياً عن مشجرة النسابة لجمال الدين أحمد بن المهنا العبيدلي: أن قبر إبراهيم المجاب خلف قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بستة أذرع. (ينظر: نزهة أهل الحرمين: 4140).

مثل الحُسَيْن الطاهر بن مُوسَى***وَمَنْ حَمَى فِي عِزَّهِ النَّامُوسا

أَبِي الشَّرِيفَيْنِ النَّقِيْبِ الأَكْرَمِ***فِي عَصْرِهِ أَرْخْهُ (عَيْلَمْ رُمِي) (1)

ص: 502


1- 400 ه. (الناظم). الحسين بن موسى النقيب: «النقيب أبو أحمد الحسين بن موسى الأصغر يُعرف ب(الأبرش)، ابن محمّد الأعرج ابن موسى أبي سبحة بن إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ). والد الشريفين المرتضى والرضي. وُلد سنة 304 ه، وتوفي ليلة السبت لخمس ليال بقين من جمادى الأولى سنة (400 ه) عن (97) سنة...، وذلك بعد أن أضر، ووقف بعض أملاكه على البر، وصلّى عليه ابنه الأكبر الشريف المرتضى، وتوفي في ليلة مطيرة...، ودفن أولاً في داره، ثم نقل إلى مشهد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فدُفن قريباً من قبر الحسين، وورد الخبر بأن البحر قد نقص ماؤه، وقد أشار إلى ذلك أبو العلاء المعري في أثناء مرثيته له. ... في (شرح النهج) الحديدي كان جليل القدر عظيم المنزلة في دولة بني العباس ودولة بني بويه، ولُقب ب(الطاهر ذي المناقب)، وخاطبه بهاء الدولة أبو نصر ابن بويه ب(الطاهر الأوحد)، ووُليّ نقابة الطالبيين خمس دفعات، ومات وهو متقلدها بعد أن حالفته الأمراض وذهب بصره، وهو الذي كان السفير بين الخلفاء وبين الملوك من بني بويه والأمراء من بني حمدان وغيرهم. وكان مبارك الغرة، ميمون النقيبة، مهيباً نبيلاً، ما شرع في إصلاح أمر فاسد إلا وصلح على يديه، وانتظم بحسن سفارته، وبركة،همته وحسن تدبيره ووساطته...». (ينظر: أعيان الشيعة: 183/6).

وَنَجْلُهُ الرَّضِيُّ مَنْ قَدْ عُرفا***بالعِزِّ والإبَا فَفَاقِ الخَلَفا

قَضَى بِبَغْدَادَ وَفِي الكَرْخِ قُبِرْ***وَنَقَلُوْهُ بَعْدُ أَرّخ (قَدْ أُقر) (1)

ص: 503


1- 405 ه. (الناظم). الشريف الرضي: «الشريف الرضي أبو الحسن محمّد بن أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي، أخو الشريف المرتضى..... كان يُلقب ب(الرضي ذي الحسبين)، لقبه بذلك الملك بهاء الدولة، وكان يخاطبه بالشريف الأجل. مولده سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ببغداد. كان فاضلاً، عالماً شاعراً، مبرزاً. ذكره الثعالبي في (اليتيمة)، فقال: ابتدأ يقول الشعر بعد أن جاوز عشر سنين بقليل، وهو اليوم أبرع أبناء الزمان، وأنجب سادات،العراق، يتحلّى مع محتده الشريف ومفخره المنيف بأدب ظاهر وفضل باهر وحظ من جميع المحاسن وافر، ثم هو أشعر الطالبيين من مضى منهم ومن غبر على كثرة شعرائهم المفلقين، ولو قلت: إنه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق، وسيشهد بما أجريه من ذكره شاهد عدل من شعره العالي القدح الممتنع عن القدح، الذي يجمع إلى السلامة متانة وإلى السهولة رصانة، ويشتمل على معان يقرب جناها ويبعد مداها. كان أبوه يتولّى نقابة الطالبيين والحكم فيهم أجمعين والنظر في المظالم والحج بالناس، ثم ردت هذه الأعمال كلها إليه في سنة ثمانين وثلاثمائة وأبوه حي (ينظر الدرجات الرفيعة: 466 - 480).

وَنَجْلُهُ الْآخَرُ أَعْنِي المُرْتَضَى***وَمَنْ لَهُ في فَضْلِهِ فَصْلُ القَضَا

دَعَاهُ رَبُّهُ فَلَبَّى واحْتُضِرْ***وَمَعْهُمَا تَارِيحُهُ (لَقَدْ قبر) (1)

وَأَحْمَدُ الضَّبِّيُّ جَاءَتْ عُصْبَةْ***بِهِ إِلى النَّقِيبِ تَشْرِي تُربَة

فَقَالَ ضَيْف مَا لَنَا سَبِيْلُ***عَلَيْه أَرّخ (يُكْرَمُ النَّزِيلُ) (2)

ص: 504


1- 436 ه. (الناظم). الشريف المرتضى: «الشريف المرتضى أبو القاسم علي بن أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمّد ابن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) الملقب (ذا المجدين علم الهدى (رضیَ اللّهُ عنهُ)). ... وكان الشريف المرتضى (رَحمهُ اللّه) أوحد زمانه فضلاً وعلماً وفقهاً وكلاماً وحديثاً وشعراً وخطابة وكرماً وجاهاً إلى غير ذلك. قال ابن بسام الأندلسي في أواخر كتاب (الذخيرة) في وصفه: كان هذا الشريف إمام أئمة العراق بين الاختلاف والاتفاق إليه فزع علماؤها، وعنه أخذ عظماؤها، صاحب مدارسها وجماع شاردها و آنسها ممن سارت أخباره وعُرفت به أشعاره وحمدت في دين اللّه مأثوره وآثاره إلى تواليفه في الدين، وتصانيفه في أحكام المسلمين ما يشهد أنه فرع ذلك الأصل الأصيل، ومن أهل ذلك البيت الجليل... ». (ينظر: الدرجات الرفيعة: 458 – 465).
2- 398 ه. (الناظم). أحمد بن إبراهيم الضبي الكافي «أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي الملقب ب(الكافي)، الأوحد الوزير بعد الصاحب بن عباد لفخر الدولة علي بن بويه وممدوح مهيار الديلمي مات في صفر سنة (399ه) في بروجرد من أعمال بدر بن حسنويه الكردي، ودفن في مشهد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حسب وصيته.... في (معالم العلماء لابن شهر آشوب عند ذكر شعراء أهل البيت المجاهرين: الرئيس أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي من أجلّاء الكتّاب... . ... وذكره ياقوت في (معجم الأدباء) وقال: إنه لما توفي الصاحب بن عباد نظر في الأمور أبو العباس الضبي، وطلب فخر الدولة منه أن يحصل من الأعمال والمتصرفين فيها ثلاثين ألف ألف درهم،فامتنع، وكتب أبو علي الحسن بن أحمد بن حمولة وهو من أعيان الكتّاب المتقدمين الذين استخصهم الصاحب، وكان عند موت الصاحب بجرجان مع الجيوش لمدافعة قابوس بن وشمگیر، فكتب يخطب الوزارة ويبذل ثمانية آلاف ألف درهم فأجيب بالحضور، فلما قرب قال فخر الدولة لأبي العباس الضبي: قد عزمت على الخروج لتلقيه، وأمرت قوادي وأصحابي بالنزول له، ولا بد من خروجك ونزولك له، فثقل هذا القول على أبي العباس ولامه أصحابه على امتناعه عما دعاه إليه فخر الدولة أولاً، فراسله وبذل ستة آلاف ألف درهم على إقراره على الوزارة وإعفائه من الخروج، فخرج فخر الدولة ولم يخرج أبو العباس، وأشرك فخر الدولة بينهما في وزارته، وسامح كلا منهما بألفي ألف درهم، وقرر عليهما عشرة آلاف ألف، وخلع عليهما على أن يجلسا في دست واحد، ويكون التوقيع لهذا في يوم والعلّامة للآخر، ويُجعل الكتب باسميهما يُقدم عنواناتها لهذا يوماً ولهذا يوماً...». (ينظر: أعيان الشيعة: 469/2 - 471، معالم العلماء: 182، معجم الأدباء: 105/2-122).

ص: 505

وَالأَسْعَدُ الوَزِيْرُ بَعْدَماقُتِلْ***جِيءَ بِهِ لِكَرْبَلاءَ ونُقِلْ

فَعَادَ أَسْعَداً بِفَوْزِ مُرْتَفِعُ***مِثْلِ اسْمِهِ طِبْقاً فَأَرَحْهُ (تَبِعْ)(1)

وَفَلَكُ الدِّين المُسمَّى سُنْقُرًا***أَوْصَى بِنَقْلِ جِسْمِهِ لِيُقْبَرَا

بِكَرْبَلَا فَجِيءَ فِيهِ يُرْفَقُ***وأَرْخُوْهُ (سُنْقُرٌ يُوَفَّق) (2)

ص: 506


1- 472 ه. (الناظم). أسعد بن محمّد بن موسى البراوشتاني القمي: «مجد الملك أبو الفضل أسعد بن محمّد بن موسى البراوشتاني القمي. وزير السلطان بر كيارق بن ملکشاه السلجوقي. قتل سنة (492ه) كما في (تاريخ ابن الأثير) و(تاريخ دولة آل سلجوق)، وزاد الثاني: وله 51 سنة، وفي (معجم البلدان): قُتل سنة (472ه).... وفي (مجالس المؤمنين): أنه نُقل بعد شهادته ودفن في جوار مشهد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)». (ينظر : أعيان الشيعة : 299/3 – 300).
2- 606 ه. (الناظم). آقسنقر بن عبد اللّه التركي الوزيري فلك الدين: كذا ذكر الناظم (رَحمهُ اللّه) سنة وفاته، وفي (أعيان الشيعة: 88/2): «آقسنقر بن عبد اللّه التركي الوزيري فلك الدين توفي يوم الأحد (15) جمادى الأولى سنة (604ه) ببغداد، وحُمل إلى مشهد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدُفن هناك ».

ثُمَّ الأميرُ ابْنُ الأمير قَشْتَمَرْ***أَعِنِّي عَليّاً حِيْنَ وَافَاهُ القَدَرْ

جَاءَ بِهِ أَبَوْهُ لِلطَّف السَّنِي***وَقَالَ: أَرخ (فَبهِ تَحَصُّنِ) (1)

وَمَثْلُهُ أَبُوْهُ بَعْدَ مَا مَضَى***بِسَنَتَيْنِ خَلْفَهُ نَحْبَاً قَضَى

فَجِيءَللطَّفِّ بِهِ مُرْتَقيا***مَعَ ابْنِهِ أَرَّحْهُ (فَيْهِ الْتَقَيا) (2)

ص: 507


1- 635 ه. (الناظم). الأمير فخر الدين بغدي علي ابن الأمير جمال الدين قشتمر: «ونقلنا هذا من (الحوادث الجامعة) لابن الفوطي، وقال: فيها أيضاً - في سنة 635ه - توفي الأمير شرف الدين علي ابن الأمير جمال الدين قشتمر، ودُفن عند والدته بمشهد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، واستُدعي جمال الدين قشتمر إلى دار الوزارة ومعه ولده مظفر الدين محمّد وولد ولده شرف الدين علي المتوفّي وهو فخر الدين بغدي أو مغدي، فخلع على مظفر الدين وجعل أميراً على مائة فارس وعمره يومئذ ثلاث عشرة سنة، وخلع على فخر الدين بغدي أو مغدي وجعل أميراً على عدة خمسين فارساً وعمره يومئذ خمس سنين، ثم خلع على الأمير جمال الدين قشتمر كل ذلك جبراً لقلبه من فجعته بولده...». (ينظر : أعيان الشيعة: 587/3).
2- 637 ه..(الناظم). قشتمر الناصري البغدادي: «... قشتمر من مماليك قطب الدين سنجر، وانتقل منه إلى الخليفة الناصر العباسي، وكان من أمراء الجند في دولته، وارتقت حاله عنده إلى أن توفي في سنة (637ه) ببغداد، وحمل إلى مشهد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ودُفن في تربة له فيها زوجته وولده علي... ». (ينظر : أعيان الشيعة: 587/3).

وَمَثْلُهُ النِّظَامُ شَاءُ المَلِكُ***حيْنَ قَضَى وَضَاقَ فيه المَسْلَكُ

جِيءَ مِنَ الْهِنْدِ بِهِ في البُعْدِ***وَأَرَّخُوا (لاذَ بِنَجْمِ سَعْدِ) (1)

ص: 508


1- 960 ه. (الناظم). برهان نظام شاه بن أحمد شاه: كذا ذكر الناظم (رَحمهُ اللّه) سنة وفاته، وذكره السيد الأمين في (أعيان الشيعة: 557/3) قال: «برهان نظام شاه بن أحمد شاه، توفي سنة (961ه) ودفن جنب نظامشاه، ثم نُقلا إلى الحائر الحسيني فدفنا فيه، هو أحد الملوك النظامشاهية في أحمد نكر، وفي (آثار الشيعة الإمامية) أنه أول من اختار التشيع من عائلة النظام شاهية». وقال في (ج 222/10): «النظامشاهية كانوا ملوكاً في أحمد نكر من بلاد الهند، وهم عشرة ملوك، أولهم ملك حسن نظام الملك بن برهمنان ثم برهان نظامشاه بن أحمد شاه، وهو أول من اختار مذهب التشيع من أسرة النظامشاهية، وآخرهم مرتضى نظامشاه ابن شاه علي كان حياً (1016ه)، وبعده أخذت سلطنتهم في الانحطاط والزوال.

كَذَلكَ الشَّاءُ المُظَفَّرُ الفَتَى***من الفَاجَارَ إِذ المَوْتُ أَتَى

لاذَ بحصن الأمن عِنْدَ الشُّهَدَا***فَأَرَحُوا (نَجَا مُظَفَرُ الهُدَى)(1)

وَنَجْلُهُ محمّد العَلِيُّ***لَاذَ بِهِ فَ بِهِ فَرَبْعُهُ عَلِيُّ

مِنْ بَعْدِ خَلْعٍ وَبِعَادِ يَسْفَعُ***فَأَرِّخُوا (لاذَ بحصْنِ يَشْفَعُ)(2)

وَأَحْمَدُ ابْنُهُ الذي قَدْ خُلعَا***وَأَبْعَدُوهُ فِي السَّمَالَ مَوْقِعا

ص: 509


1- 1324ه. (الناظم). مظفر الدين شاه بن أحمد ناصر الدین شاه القاجاری: مظفر الدين شاه بن أحمد ناصر الدين شاه القاجاري، أحد ملوك إيران. تولّى المُلك بعد مقتل والده ناصر الدین شاه في مشهد السيد عبد العظيم الحسني قرب طهران. توفي سنة (1324ه)، ودفن في الحائر في الرواق الشمالي أو الأمامي، ويُدعى ب(رواق الملوك) الذي يحتوي على مقبرة للملوك القاجاريين. (ينظر: مكارم الآثار: 1918/6).
2- 1341ه. (الناظم). محمّد علي شاه بن مظفر الدين شاه بن أحمد ناصر الدين شاه القاجاري: القاجاري، أحد ملوك إيران، جلس على سرير الملك بعد وفاة والده - المتقدم ذكره - سنة (1324ه)، وتوفي سنة (1341ه) مخلوعاً منفياً. ودفن في الحائر في رواق الملوك. (ينظر : دوائر المعارف للإصفهاني: (61).

لَاذَ بِهِ مِنْ بَعْدِ خَلْعٍ وَسَفَرْ***وَنِعْمَ مَا أَرْخَ (لحَشْرِهِ ادَّخَرْ) (1)

ص: 510


1- 1348 ه. (الناظم). أحمد شاه بن محمّد علی شاه بن مظفر الدين شاه القاجاري: «أحمد شاه بن محمّد علي شاه بن مظفر الدين شاه بن أحمد ناصر الدين شاه القاجاري، آخر الملوك القاجارية في مملكة إيران ولد سنة (1315ه) وجلس على سرير السلطنة في (21) شعبان سنة (1327ه)، وتوفي بمدينة نيس م-ن ب-لاد فرنسا في شهر رمضان سنة (1348ه)، ونُقل إلى دمشق ومنها إلى كربلاء فدفن فيها بوصية منه وعمره (32) سنة... وكانت دولة إيران قد صارت دستورية في عهد جده مظفر الدين، وبعد موت مظفر الدين وقيام ولده محمّد علي الذي كان يبغض الدستور اتفق سراً مع روسيا وإنكلترا على مقاومة طالبي الدستور، فضرب المجلس النيابي في طهران بالمدافع وشتت شمل أهله وأظهرت روسيا له المساعدة التامة، وتوالت الحروب بينه وبين الأهلين، وانتهت بمحاصرته في طهران والتجائه إلى السفارة الإنكليزية، وخلعه ونفيه إلى أودسا من بلاد،روسيا وأقيم مكانه في الملك ولده أحمد شاه وعمره (12) سنة، وأقيم عضد الملك نائباً عنه لصغر سنه، وجعل ولي عهده أخوه محمّد حسن ميرزا، ثم خرج أحمد شاه من إيران بإيعاز من الشاه رضا البهلوي الذي كان يومئذ رئيس الوزارة وبيده الحل والعقد وليس للشاه معه أمر ولا نهي، فمر بالعراق فسورية وذهب إلى أوروبا واستمرت سلطنة القاجارية بملوكية أحمد شاه بن محمّد علي شاه وولاية العهد لأخيه محمّد حسن ميرزا إلى سنة (1344ه)، فانقرضت بتقرير المجلس النيابي الإيراني، وجاء ولي العهد ووالدته إلى سوريا فكانوا كأحد الرعايا، فسبحان من لا يدوم إلا ملكه. وعدد الملوك القاجارية سبعة: أولهم محمّد شاه بن محمّد حسن خان، وآخرهم أحمد شاه بن محمّد علي شاه، ومدة ملكهم 134 سنة من سنة ( 1210ه) إلى (1344ه)». (ينظر: أعيان الشيعة: 3/ 139).

وَالسَّيِّدُ الشَّاهُ أَميرُ الهند***محمّد فَازَ بِأَسْنَى سَعْد

زَارَ وَعَادَ فِي وُقُوع الداهية***فَأَرِّخُوا (اخْتَارَ جناناً زَاهِيَةٌ) (1)

فَهَذِهِ شِرْذِمَةٌ مِنَ الأُولَى***قَدْ مَلَكُوا وَنُقلُوا لكَرْبَلا (2)

ص: 511


1- 1336 ه. (الناظم). كذا في المطبوع الذي اعتمدناه، والتاريخ المنظوم بحساب الجمل هو 1335ه. ولم اهتدِ إلى ترجمة المذكور فيما توفر لدينا من المصادر.
2- وهناك جملة من الملوك والأمراء وأبنائهم وأحفادهم ونسائهم ممن دُفن في الحائر الحسيني الشريف ممن يضيق المقام بذكرهم، إضافة إلى التزامنا بترجمة من ذكرهم ناظم الأرجوزة (رَحمهُ اللّه).

ص: 512

الفصل السادس والثلاثون: في ذكر جملة من العلماء والمصنفين الذين دفنوا فيها وتواريخهم

وَهَاكَ أُخْرَى مِنْ مُلُوكِ العِلْمِ***مِنْ كُلِّ بَحْرٍ عَيْلَمٍ خِضَمِّ

مِثْلُ فَخَارِ بْنِ مَعَدَّ الحَائِرِي***طَوْدِ العُلُومِ وَدَلِيلِ الحَائِرِ

ثَوَى بِها فَغَتَّ (1) كُلَّ عَلَوِيْ***وَأَرْخُوْا (سَاعِدُ شَهْمٍ قَدْ لُوِي) (2)

وَأَحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ الحِليُّ***وَالصَّارِمُ المُجَرَّبُ الجَلِيُّ

ص: 513


1- الغت: أن تتبع القول القول، أو الشرب الشرب. يقال: غت القول بالقول، والشرب بالشرب، يغته غتاً: أتبع بعضه بعضاً. (لسان العرب: 63/2 بتصرف يسير).
2- 630 ه.. (الناظم). شيخ الشرف السيد شمس الدين أبو علي فِخار بن مَعدّ: «النسّابة شيخ الشرف السيد شمس الدين أبو علي فخار بن معد بن فخار بن معد بن أحمد بن محمّد بن الحسين بن محمّد بن إبراهيم المجاب بن محمّد العابد ابن مولانا الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) توفي سنة (603 ه)، وفِخار - على ما ضبطه البهائي في حواشي أربعينه بفاء مكسورة وخاء معجمة وآخره راء، ومعد بميم مفتوحة وعين مهملة ودال مشددة- كان من عظماء وقته في الدين والدنيا، ولم يخلُ منه سند من أسانيد علمائنا.قرأ على عميد الرؤساء اللغوي وابن إدريس صاحب (السرائر) وشاذان بن جبرئيل القمي...». (ينظر: أعيان الشيعة: 393/8 – 394).

ثَوَى بِحَيْثُ زَهْرَةُ الرِّيَاضِ***غَمْدٌ لَهُ فَأَرِّخُوْهُ (مَاض) (1)

ثُمَّ الحُسَيْنُ بْنُ مُساعد الأبي***وَجَامِعُ الأَخْبَارِ بَعْدَ النَّسَبِ

المُوْسَوِيُّ الحَائِرِيُّ قَدْ مَضَى***لِرَبِّهِ بِهَا فَأَرَخْهُ (قَضَى) (2)

كَذَا البَلَاغِيُّ محمّد العَلِي***وَشَارِحُ الكَافِي بِشَرْحِ مُنْجَلِ

ص: 514


1- 841 ه. (الناظم). أحمد بن محمّد بن فهد الحلي الأسدي: «جمال السالكين أبو العباس أحمد بن محمّد بن فهد الحلي الأسدي، الشيخ الأجل الثقة الفقيه الزاهد العالم العابد الصالح الورع التقي صاحب المقامات العالية والمصنفات الفائقة : (كالمهذب البارع) شرح المختصر النافع، و (الموجز)، و(التحرير)، و(عدة الداعي)، و(التحصين)، و(اللمعة الجلية) وغير ذلك. ...وُلد سنة (757ه)، وتوفي سنة (841ه)، ودُفن في جوار أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قرب (خيمكاه)، وقبره مشهور،يُزار ويُنقل عن السيد الأجل صاحب الرياض أنه ينتابه ويتبرك به». (ينظر: الكنى والألقاب: 1/ 380- 381).
2- 910 ه. (الناظم). الحسين بن مساعد بن الحسن بن المخزوم بن أبي القاسم الحسيني الحائري. (مرت ترجمته في الفصل السابع والعشرين من كتابنا، فلينظر).

أُغْمَدَ إِذْ كَانَ حُسَاماً مُنْتَضَى***بِرَوْضِهِ فَأَرِّخُوا (سَيْفٌ مَضَى)(1)

وَيُوْسُفَ بْنُ أَحْمَدَ العُصْفُورِي***مُصَنِّفُ الحَدَائِقِ المَشْهُورِ

يُونِسُ لُقْيَا وَفِرَاقاً يُوْسُفُ***أَرّخ (تَمَلَّكَ الثَّوَابَ يُوْسُف) (2)

ص: 515


1- 1000 ه. (الناظم). محمّد علي بن محمّد البلاغي النجفي: «الشيخ محمّد علي بن محمّد البلاغي النجفي، توفي في كربلاء سنة ( 1000 ه)، ودُفن في المشهد المقدس الحسيني كما عن (تنقيح المقال) لسبطه الشيخ حسن بن عباس البلاغي...، والمترجَم من وجوه علمائنا المتأخرين وفضلائنا المجتهدين، ثقة، عين صحيح، نقي الكلام، جيد التصنيف، له تلامذة فضلاء أجلاء علماء، وكتب حسنة جيدة، منها: (شرح أصول الكافي) للكليني، (شرح إرشاد العلّامة)، (حواشي التهذيب)، (حواشي الفقيه)، (حواشي أصول المعالم). وكان هذا الشيخ من تلامذة الأردبيلي». (ينظر: أعيان الشيعة: 27/10).
2- 1186 ه. (الناظم). يوسف بن أحمد بن عصفور الدرازي البحراني: «الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور الدرازي البحراني صاحب (الحدائق). توفي بكربلاء بعد ظهر يوم السبت 4 ربيع الأول سنة (1186ه)، والدرازي منسوب إلى دَراز - بالدال المهملة المفتوحة والراء المخففة بعدها ألف وزاي - من أفاضل علمائنا المتأخرين، جيد الذهن، معتدل السليقة، بارع في الفقه والحديث، وكان على طريقة الأخباريين. قال في حقه أبو علي صاحب (الرجال) عالم فاضل متبحر ماهر، محدّث، ورع، عابد، صدوق، ديّن، من أجلّة مشايخنا المعاصرين وأفاضل علمائنا المتبحرين كان أبوه الشيخ أحمد من أجلة تلامذة شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي، وكان عالماً، فاضلاً، محققاً، مدققاً، مجتهداً، صرفاً، كثير التشنيع على الأخباريين كما صرح به ولده شيخنا المذكور في إجازته الكبيرة، وكان هو (قدّس سِرُّه) أولاً أخبارياً صرفاً ثم رجع إلى الطريقة الوسطى، وكان يقول: إنها طريقة العلّامة المجلسي صاحب البحار. (ينظر : أعيان الشيعة: 317/10 - 318، منتهى المقال: 75/7).

وَالبَاقِرُ الحبْرُ الكَبِيْرُ الشَّانِ***وَالمُنْتَمِي سنخاً لبَهْبَهَانِ

قَدْ نَالَ عِنْدَ الشَّهَداءِ المُسْتَقَرْ***فَبَاقِرٌ أَرّخ (بِطُوبَاهُ ظَفَرْ) (1)

ص: 516


1- 1205 ه. (الناظم). محمّد باقر بن محمّد أكمل البهبهاني: «...شیخ الطائفة الإمامية والأصولية المؤسس الوحيد الآغا باقر بن محمّد أكمل البهبهاني، فقد حفلت سيرة هذا المجاهد بالمواهب النادرة والقابليات الفذة. ذكر الأب أنستاس ماري الكرملي بخصوص مدرسة الآغا باقر قائلاً: كان في القرن الثاني عشر مدرستان للشيعة في كربلاء تتزاحمان: مدرسة الأخبارية ومدرسة الأصولية، وكان الرجحان لمدرسة الأخبارية حتى بعث اللّه ذلك المجدد الكبير والمصلح الشهير العلّامة المعروف ب(الآغا باقر البهبهاني). نبغ ذلك العبقري في بهبهان إحدى مدن الخليج الفارسي، وبعد أن برز فيها هاجر إلى كربلاء فنفخ من روحه الطاهر في مدرسة الأصولية، فزاحمت المدرسة الأخبارية بل أخرجتها من كربلاء والنجف، وعلى يد ذلك العلّامة تأسست المدرسة الأصولية الكبرى أو دار المعلمين في النجف، وصارت تلك المدينة مدرسة عالية لتلك الطائفة، فالنجف اليوم هي. الآغا باقر البهبهاني، وكل من نبغ فيها أو ينبغ من العلماء فهم تلاميذ الآغا البهبهاني. وُلد في إصفهان سنة (1118ه وقطن برهة في بهبهان، ثم انتقل إلى كربلاء في عهد رئاسة الشيخ يوسف البحراني صاحب (الحدائق)، وحضر على أركان الملة وأقطاب الشريعة من سدنة المذهب وفحول العلماء ونشر فيها العلم، فانتهت إليه الزعامة الدينية ورئاسة المذهب الإمامي، وأخذ عنه علماء ذلك العصر: كالمولى مهدي النراقي، والمرزا أبي القاسم القمي، والمرزا مهدي الشهرستاني، والسيد محسن الأعرجي، والشيخ أبي علي الحائري، والشيخ الأكبر جعفر صاحب كشف الغطاء)، والسيد مهدي بحر العلوم وغيرهم. أجاب داعي ربه في كربلاء سنة (1205ه) وكان يوم وفاته مشهوداً...، ودفن في الرواق الشرقي من الحضرة الحسينية المعروف باسمه...، وقد صنّف ما يقرب من ستين كتاباً منها: شرحه على المفاتيح للفيض الكاشاني، وحواشيه على المدارك، وعلى شرح الإرشاد للمحقق الأردبيلي، وعلى الوافي، والمعالم والتهذيب، والمسالك على شرح القواعد، وعلى الرجال الكبير وغيرها... . تُرجم له في كثير من المصنفات وكتب الرجال والسير أهمها: أعيان الشيعة، الكنى والألقاب الكرام البررة روضات الجنات منتهى المقال، الروضة البهية الفوائد الرضوية، منتخب التواريخ، ريحانة الأدب، معارف الرجال وغيرها. (ينظر: تراث كربلاء: 259- 261). وقال السيّد الأمين في أعيانه... وصفه تلميذه السيد مهدي بحر العلوم في بعض إجازاته بقوله: شيخنا العالم العامل العلّامة، وأستاذنا الحبر الفاضل الفهّامة، المحقق النحرير، والفقيه العديم النظير بقية العلماء ونادرة الفضلاء، مجدد ما اندرس مکن طريقة الفقهاء، ومعيد ما انمحى من آثار القدماء، البحر الزاخر والإمام الباهر الشيخ محمّد باقر ابن الشيخ الأجل الأكمل والمولى الأعظم الأبجل المولى محمّد أكمل أعزه اللّه تعالى برحمته الكاملة وألطافه السابغة الشاملة. (ينظر: أعيان الشيعة،182/9 وينظر ترجمته أيضاً : الفوائد الحائرية: 11، منتهى المقال: 177/6 رقم 2852، الروضة البهية: 31، روضات الجنات: 94/2 رقم 143، خاتمة المستدرك: 2/ 47، الكنى والألقاب: 107/2 رقم 121، الفوائد الرضوية: 656/2، معارف الرجال: 121/1 رقم 52، ريحانة الأدب: 51/1، الكرام البررة: 171 رقم 360، معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء: 184 رقم 726).

ص: 517

ثُمَّ محمّد بنُ إِسْمَاعِيْل***أَبُوْ عَليٍّ سَابِقُ الرَّعِيْلِ

سَطَتْ عَلَى الدِّين به المَنيَّةْ***وَأَسْقَطَتْ فَأَرِّخُوا (شَظَيَّةٌ) (1)

ص: 518


1- 1215ه. (الناظم). محمّد بن إسماعيل بن عبد الجبار المازندراني الحائري: «الشيخ محمّد بن إسماعيل بن عبد الجبار بن سعد الدين المازندراني الحائري. المعروف ب(أبي علي) صاحب كتاب (الرجال)، وُلد بالحائر في ذي الحجة سنة (1159ه)، وتوفي سنة (1215ه) بالحائر ودُفن فيه أصل أبيه من مازندران وولد هو في الحائر وسكنه حياً وميتاً، حكى هو عن والده أن نسبه يتصل بابن سينا، وقال هو عن نفسه: مات والدي ولي أقل من عشر سنين، واشتغلت على الأستاذ العلّامة - يعني المحقق محمّد باقر البهبهاني - والسيد الأستاذ يعني السيد علي الطباطبائي - صاحب الرياض دام علاهما برهة. له من المؤلّفات: كتاب (منتهى المقال في أحوال الرجال) المعروف ب(رجال أبي علي)... ». (ينظر: أعيان الشيعة: 124/9). ملحوظة: وهناك قول آخر في وفاته (رَحمهُ اللّه)، وهو أنه توفي في النجف ودُفن فيها. (ينظر : مقدمة منتهى المقال : 38/1-39).

وَالسَّيِّدُ المَهْدِيُّ ذُو الإِيْمَانِ***وَالمُنْتَمِي لِأَرْضِ شَهْرِسْتان

قَدْ غَابَ بَدْرُ وَجْهِهِ فَمَا غَرَبْ***وَأَظْلَمُوا فَأَرِّخُوا (وَجْهُ غَرَبْ ) (1)

ص: 519


1- 1216 ه. (الناظم). الميرزا السيد مهدي الشهرستاني الموسوي: «الميرزا السيد مهدي - ويقال: محمّد مهدي - الشهرستاني الموسوي ابن الميرزا أبو القاسم المنتهي نسبه إلى الإمام موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وُلد حوالي سنة (1130ه) في إصفهان، وتوفي بكربلا في (12) صفر سنة (1216ه)، ودُفن بمقبرته التي كان قد أعدّها لنفسه في حياته في الرواق الجنوبي الشرقي من الحضرة الحسينية بجوار قبور الشهداء، والتي أصبحت فيما بعد مقبرة الأسرة الشهرستانية من أولاد المترجم وأحفاده... . ... هو من سلالة علوية عريقة أسندت إلى كثير من أفرادها الصدارة في الدولة الصفوية، منهم الميرزا السيد فضل اللّه الشهرستاني الوزير الأعظم للشاه طهماسب الأول الصفوي، والواقف للأوقاف العظيمة في كثير من مدن إيران التي خُصص ريعها على مراقد الأئمّة الأطهار (عَلَيهِم السَّلَامُ) سواء في الحجاز أو في العراق أو في إيران، وذلك حسب وثيقة الوقفية التاريخية المؤرخة في (7) رمضان سنة (963ه)، التي يبلغ طولها أكثر من عشرة أمتار والموجودة لدى حفيد المترجَم السيد صالح الشهرستاني نزيل طهران». (ينظر : أعيان الشيعة: 163/10 - 165).

وَالهَمَدَانِيُّ الشَّهِيدَ في البَلَد***أَخُو العُلُومِ وَالعُلا عَبْدُ الصَّمَدْ

بُغَاثُ نَجْد لَبَّبُوْهُ نُقْرًا***وَأَرْخُوا (قَدْ ذَبَحُوْهُ صَقْرا)(1)

ص: 520


1- 1216 ه. (الناظم). السيد عبد الصمد الحسيني الهمذاني الحائري: ذكره السيد الأمين في (أعيان الشيعة: (178) بقوله: «السيد عبد الصمد الحسيني الهمذاني الحائري من أحفاد المير السيد عليا دفين همذان، استشهد بيد الوهابيين يوم (18) ذي الحجة سنة (1216ه). كان تلميذ البهبهاني، له مؤلّف في الفقه الاستدلالي مبسوط مع مستطردات ومستطرفات خرج بتفاصيلها عن وضع كتب المصنفين، ويقال إن صاحب الرياض كان لا يعترف له بالفضل. وله كتاب (بحر المعارف في العرفان والتصوف) فارسي وعربي طُبع في بمبي وتبريز. قتله الوهابيون عند أخذهم كربلاء سنة (1216ه) فيمن قتلوا، وهو أحد العلماء العرفاء المشاهير، أخذ في كربلاء عن صاحب الرياض، واتصل بعد إقامته أربعين سنة في العراق بنور علي شاه العارف الإصفهاني وأخذ الطريقة عنه وأصبح من جملة مريديه، فانصرف إلى رياضة النفس ومجاهدتها، وأذن له بلقاء الحاج محمّد حسين الإصفهاني، ثم عاد إلى كربلاء مؤثراً المجاورة فيها فقتله الوهابيون».

وَالشَّهْمُ عَبْدُ اللّه أَعْني التَّسْتَرِي***وَذُو المَنَاقِب التي لَمْ تُسْتَرِ

حيء بِهِ مَيْتاً حَكَاهُ الحَيُّ***فَضْلاً فَأَرْخُوْهُ (غَابَ حَيُّ) (1)

ص: 521


1- 1021ه. (الناظم). عبد اللّه بن الحسين التستري: «... شيخنا الأجلّ عز الدين المولى عبد اللّه بن الحسين التستري. قال المجلسي الأول في شرح المشيخة في حقه كان شيخنا وشيخ الطائفة الإمامية في عصره العلّامة، المحقق، المدقق الزاهد العابد الورع، وأكثر فوائد هذا الكتاب من إفاداته رضي اللّه تعالى عنه حقق الأخبار والرجال والأصول بما لا مزيد عليه، وله تصانيف منها (التتميم) لشرح الشيخ نور الدين علي على قواعد الحلي سبعة مجلدات، منها يعرف فضله وتحقيقه وتدقيقه. وكان لي بمنزلة الأب الشفيق، بل بالنسبة إلى المؤمنين كافة، وتوفي (رَحمهُ اللّه) في العشر الأول من محرم الحرام، وكان يوم وفاته بمنزلة العاشوراء، وصلى عليه قريب من مائة ألف، ولم نر هذا الاجتماع على غيره من الفضلاء، ودفن في جوار إسماعيل بن زيد بن الحسن، ثم نقل إلى مشهد أبي عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد سنة، ولم يتغير حين أخرج». (ينظر: الكنى والألقاب: 119/2 - 121).

وَمِثْلُهُ عَلِيُّ الفيّاضُ***وَمَنْ لَهُ فِي خُلْدِهِ الرِّيَاضُ

جُوْزِيَ عَنْ رِيَاضِهِ بِأَسْنَى***فَأَرِّخُوا (يُجْزَى الرِّيَاضِ الحُسْنَى)(1)

ص: 522


1- 1231ه. (الناظم). السيد علي ابن السيد محمّد علي الطباطبائي الحائري صاحب (الرياض): «السيد علي ابن السيد محمّد علي بن أبي المعالي الصغير بن أبي المعالي الكبير أخي السيد عبد الكريم جد بحر العلوم الطباطبائي الحائري، وُلد في الكاظمية في (12) ربیع ربيع الأول سنة (1161ه)، وتوفي سنة (1231ه)، وجاء في تاريخ وفاته (بموت علي مات علم محمّد)، ودُفن في الرواق الشريف مما يلي مقابر الشهداء، وهو مع الآقا البهبهاني في صندوق واحد يُزار... . ...تخرّج عليه علماء أعلام وفقهاء عظام صاروا من أكابر المراجع في الإسلام: كصاحب (المقابيس)، وصاحب (المطالع)، وصاحب (مفتاح الكرامة) وأمثالهم من الأجلّة، وقد ذكروه في إجازاتهم ومؤلّفاتهم ووصفوه بأجمل الصفات... . من مؤلّفاته: (الرياض)...، رسالة (حجية الشهرة) أخرجها ولده بالمفاتيح بتمامها (شرح صلاة المفاتيح)، (رسالة في أصول الدين)، (رسالة في حجية الإجماع والاستصحاب)... ». (ينظر: أعيان الشيعة: 14/8 - 315، مقابس الأنوار: 19)

وَنَجْلُهُ محمّد المُجَاهِدُ***فَقَبْرُهُ للرَّوْضَتين رَاصِدُ

قَضَى فَحَلَّ بِالمَقَامِ المَرْضِي***وَأَرْخُوا (قَدْ نَالَ أَمْهَى أَرْضِ) (1)

وَنَجْعَةُ الفَضل شَريْفُ العُلَمَا***وَمَنْ غَدَا فِي كُلِّ فَضْلٍ عَلَما

ص: 523


1- 1242ه. (الناظم). السيد محمّد المجاهد ابن السيد على صاحب (الرياض) الطباطبائي الحائري: «السيد محمّد المجاهد ابن السيد علي صاحب (الرياض) الطباطبائي الحائري، وُلد في كربلاء في حدود سنة (1180ه)، وتوفي في قزوين عائداً من جهاد الروس سنة (1242)ه، وحمل نعشه إلى كربلا فدفن فيها، وقبره مزور مشهور عليه قبة عظيمة. في (تكملة أمل الآمل): علّامة العلماء الأعلام، وسيّد الفقهاء العظام، وأعلم أهل العلم بالأصول والكلام، تخرّج على بحر العلوم وهو صهره على ابنته الوحيدة أم أولاده الأفاضل وعلى والده صاحب (الرياض)... . له من المصنفات: (مفاتيح الأصول) مطبوع (الوسائل في الأصول)...». (ينظر: أعيان الشيعة: 443/9 تكملة أمل الآمل : 53/5 رقم 2072)

نَالَ بداره كَرِيْمَ مَثْوَى***فَأَرِّخُوا (قَدْ مَادَ عُوْدُ رَضْوَى) (1)

وَخَلَفَ بْنُ عَسْكَرِ الخُبْرِ قَضَى***وَسَلَّمَ النَّفْسَ بِطِيبٍ وَرِضَا

ص: 524


1- 1245ه. (الناظم). المولى محمّد شريف بن حسن علي المازندراني الحائري: «المولى محمّد شریف بن حسن علي المازندراني الحائري شيخ الفقهاء العظام، ومربي الفضلاء الفخام، أستاذ العلماء الفحول، جامع المعقول والمنقول، تولد في الحائر الشريف وتلمّذ على صاحب (الرياض) والسيد المجاهد، ورزق السعادة في التدريس والإفادة وكثرة التلاميذ من الفقهاء والعلماء. قال أبو محمّد الحسن صاحب ( تكملة أمل الآمل) : حدّثني شيخنا الفقيه الشيخ محمّد حسن آل يس، وكان أحد تلامذة شريف العلماء قال: كان يدرسنا في علم الأصول في الحائر المقدس في المدرسة المعروفة ب(مدرسة حسن خان)، وكان يحضر تحت منبره ألف من المشتغلين وفيهم المئات من العلماء الفاضلين ومن تلامذته شيخنا العلّامة الشيخ المرتضى الأنصاري (رَحمهُ اللّه)، وهو منقح تلك التحقيقات الأنيقة وكفى بذلك فخراً وفضلاً، وكان بعض تلامذته كالفاضل الدربندي يفضّله على جميع العلماء المتقدمين، انتهى. ...توفي في الحائر المقدس بالطاعون سنة (1245ه) (غرمه)، وقبره في دار يكون بقرب الصحن المطهر من طرف الجنوب». (ينظر: الكنى والألقاب: 361/2، تكملة أمل الآمل: 157/3).

حَلَّ بِمَثْوَى طَيِّبٍ قَدِ ازْدَلَف***فَأَرِّخُوا (بِطَيِّب ثَوَى خَلَف)(1)

ص: 525


1- 1246ه (الناظم). كذا في المطبوع الذي اعتمدناه، والتاريخ المنظوم بحساب الجمل هو (1249ه). الشيخ خلف ابن الحاج عسكر الحائري: «الشيخ خلف ابن الحاج عسكر الحائري، توفي في كربلاء سنة (1246ه)، وهي سنة الطاعون، وقيل: سنة ( 1250ه)، وكيف كان فلا شك أن وفاته في العشر الخامس بعد مائتين وألف، ودفن في دكة في الصحن الشريف قرب باب السدرة، و (طاق الشيخ خلف) في كربلا منسوب إليه، وهو من العلماء المشهورين وله ذرية في كربلا معروفون. وفي (روضات الجنات): كان من أجلّاء الفقهاء والمجتهدين والصلحاء المتورعين قرأ على صاحب (الرياض)، وكان لا يرى لمن جاء بعده كثير فضل. نعم،كان يعجبه كثرة تتبع السيد صاحب (مطالع الأنوار). له (شرح على الشرائع)، انتهى. وله كتاب (الخلاصة) تلخيص فتاوى أستاذه صاحب (الرياض) في الطهارة والصلاة من شرحه الصغير لخصها في حياته سنة (1228ه)، وله تلخيص (الرياض). وقام مقامه ولده الشيخ حسين في الإمامة وسائر الوظائف الشرعية في مسجده القريب من داره. ومن تلاميذه الشيخ عبد الجبار بن محمّد بن أحمد بن علي بن عبد الجبار الخطي البحراني، نسخ بأمر أستاذه المذكور كتاب (الاجتهاد)، و(الأخبار في الرد على الأخبارية) للآقا البهبهاني بتاريخ (1215ه)». (ينظر: أعيان الشيعة: 3346).

ثُمَّ الحُسَيْنُ صَاحِبُ الفُصول***جَانِي الفُرُوعِ غَارِسُ الأصول

قَدْ نَالَ مِنْ رَوْضَتَه مُعَرَّسَا***جَنَى به مَا كَانَ أَرِّخ (غَرَسَا) (1)

والسَّيِّدُ ابْرَاهِيمُ القزوينِي***رُكْنُ المَعَالِي وَقِوامُ الدِّينِ

ص: 526


1- 1261 ه. (الناظم). الشيخ محمّد حسين بن عبد الرحيم الرازي الحائري صاحب (الفصول): «الشيخ محمّد حسين بن عبد الرحيم الرازي الأصل الحائري المسكن والمدفن صاحب (الفصول)، توفي في كربلاء سنة (1261ه)، الفقيه الأصولي الشهير. أخذ عن أخيه الشيخ محمّد تقي صاحب (هداية المسترشدين)، وعن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر. واختار الإقامة في كربلا، فرحل إليه الطلاب وأخذ عنه جماعة من العلماء مثل: الحاج ميرزا علي تقي، والميرزا زين العابدين الطباطبائيين. وله مؤلّفات في الأصول، منها (الفصول) وهي من كتب القراءة في هذا الفن، أورد فيه مطالب القوانين وحلها واعترض عليها...، وأحفاده موجودون في كربلاء وإصفهان، خلف ولدين: الشيخ عبد الحسين مات بكربلاء، والشيخ باقر مات بإصفهان». (ينظر: أعيان الشيعة: 233/9).

قَدْ نَالَ مِنْ بَابِ الحُسَيْن حَظِّا***فَأَرْخُوْهُ (بَدْرُ نُسْك يَحْظَى)(1)

ص: 527


1- 1264ه. (الناظم). السيد إبراهيم ابن السيد محمّد باقر الموسوي القزويني: «السيد إبراهيم ابن السيد محمّد باقر الموسوي القزويني المجاور بالحائر الحسيني على مشرفه السلام. توفي في كربلاء سنة (1264ه) عن عمر ناهز الستين، ودُفن في مقبرة بجانب داره قريباً من المشهد الشريف الحسيني. كان أبوه من أهل (خومين) إحدى القرى الخمس المعروفة بمحال قزوين وسكن قزوين، وانتقل المترجم مع أبيه من محال قزوين إلى كرمانشاه، وقرأ مبادئ العلوم على من فيها من المدرسين، وأقام أبوه في کرمانشاه عند محمّد علي ميرزا من أمراء العائلة المالكة القاجارية الذي كان حاكماً فيها، وصار معلماً لأولاده. ثم انتقل مع ولده المترجم إلى كربلاء، فقرأ ولده أولاً على السيد علي صاحب (الرياض) في أواخر أيامه، ثم لازم درس شريف العلماء في الأصول. ثم هاجر إلى النجف فقرأ على الشيخ علي ابن الشيخ جعفر صاحب (كشف الغطاء) في الفقه نحو ثمانية أشهر أو سبعة عشر شهراً، وعلى أخيه الشيخ موسى. ثم عاد إلى كربلاء فابتدأ أستاذه شريف العلماء يدرّس في الفقه بعد أن كان درسه مقصوراً على الأصول، وشرع في بحث البيع الفضولي فبقي أستاذه نحو ثمانية أشهر ثم توفي، وكان المترجم اشتغل بالتدريس في حياة أستاذه حتى اجتمع في مجلس درسه نحو المائة طالب...، ومن آثاره بناء سور سامراء، فقد بُني بمسعاه. ... مؤلّفاته: (ضوابط الأصول) في مجلدين مطبوع وكان تأليفه في سنة الطاعون، (نتائج الأفكار) في الأصول بقدر المعالم، (دلائل الأحكام في شرح شرائع الإسلام في الفقه من الطهارة إلى الديات...». (ينظر : أعيان الشيعة: 2/ 204).

ثُمَّ محمّد العَلِيُّ المَرْعَشِي***وَالمُرْتَوِي مِنَ المَعَالِي المُنْتَشِي

يُنْمَى لِشَهْرِسْتَانَ مِنْ صِهْرٍ قَضَى***فَأَرِّخُوا (رُكْنُ عَلَىٍّ قُوَضَا) (1)

وَالصَّالِحُ المُقَدَّسُ ابْنُ المَهدِي***وَالمُجْتَدَى مِنَ العُلُومِ المُجْدِي

قَضَى وَنَالَ مِنْ ذُرَى الصَّحْن رُتَب***فَأَرِّخُوا (بَحْرُ الكَمَال قَدْ نَضَبْ) (2)

ص: 528


1- 1287 ه. ( الناظم). السيد محمّد علي ابن السيد محمّد حسين المرعشي الشهرستاني: هو الأمير محمّد علي ابن الأمير محمّد حسين المرعشي الشهرستاني الحائري، المتوفّى في 13 ربيع الأول سنة (1287 ه). قال السيد سلمان هادي آل طعمة: «آل المرعشي وهم سادة حسينيون اشتهروا بالعلم والفضل، وقد غلبت عليهم شهرة الشهرستاني نسبة لمصاهرتهم بأسرة آل الشهرستاني الموسويين استوطنوا كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري. ونبغ فيهم السيد محمّد حسين المرعشي الحسيني المتوفّى (1247ه)، ومنهم السيد محمّد علي ابن السيد محمّد حسين المرعشي المتوفّى سنة (1287ه...». (ينظر: تراث كربلاء: 151).
2- 1288 ه. ( الناظم). الشيخ صالح ابن الشيخ مهدي ابن الخطاط النوري الحائري: الشيخ صالح ابن الشيخ مهدي ابن الخطاط المشهور ب(آقا محمّد جعفر) ابن الأمير فضل علي خان المشهور ب(كدا علي بك) النوري الحائري. توفي بكربلاء في ذي الحجة سنة (1288ه) بعد ما ناهز المائة... كان عالماً فاضلاً، فقيهاً، ثقة، صالحاً، مشهور بذلك عند الحائريين، وله قبول عندهم وإمامة بهم. وهو من مشاهير تلاميذ السيد إبراهيم القزويني الحائري صاحب (الضوابط)، وكان مرجعاً للعرب في الحائر، لكنه يفتي برأي الشيخ مرتضى الأنصاري تورعاً واحتياطاً، مع أنه لا ينكر عليه لو ادعى الاجتهاد كما يقوله بعض المطّلعين على أحواله. وغلب عليه النسك والعبادة، وعُرف بالزهد والتقى والورع حتى صار محل ثقة العامة والخاصة، وصار الإمام الوحيد في الحائر يصلي خلفه جماعة زهاء خمسة عشر ألفاً، فتملأ الصحن الشريف الحسيني من جميع أطرافه تقريباً، فيقف هو في الزاوية الجنوبية الغربية عند باب الزينبية، وتنتهي الجماعة في الزاوية الشمالية الشرقية عند باب مدرسة حسن خان، ولم يتفق حتى الآن لأحد مثل ذلك في جميع الأزمان والعصور التي مرت على كربلاء، وتعاقبت فيها الألوف من أئمة الجماعة في الصحن الشريف الحسيني. وكان جده كدا علي بك من خوانين إيران، ومن أكابر المثريين في بروجرد وسلطان آباد، ومن قبيلة جوذرزي، ومن المنسوبين إلى آل نوبخت... ». (ينظر: أعيان الشيعة : 7/ 380).

وَالأَرْدْكَانِيُّ الجَليلُ الزَّيْنُ***بَدْرُ التَّقَى محمّد الحُسَيْنُ

حَلَّ بِهَا ثُمَّ قَضَى فِي مَنْجَعِهِ***فَأَرِّخُوا (رَاقَ جَمِيْلَ مَضْجَعه) (1)

ص: 529


1- 1302 ه. (الناظم). الملا محمّد حسين الأردكاني المعروف ب(الفاضل الأردكاني): «الملّا [محمّد] حسين الأردكاني المعروف ب(الفاضل الأردكاني)، نزيل الحائر المقدّس. توفي سنة (1302ه)...، ورثته الشعراء. كان عالماً، محققاً، وفقيها، متبحراً، وأصولياً، مؤسساً، مرجعاً في الأحكام، وملاذاً للإسلام كان سوق العلم قائماً في أيامه بالحائر، وتخرج على يده جماعة من العلماء، وكان قليل الاعتناء بالدنيا والرئاسة، ما رُئي أقل اعتناء منه في علماء عصره مع إقبال الرئاسة عليه بكليتها، زاهداً، ناسكاً، روحانياً، ربانياً، ترابي الأخلاق، كريم الطبع، هشاً بشاً كثير المداعبة وكلامه حكم وأمثال، لا يحابي أحداً يقول الحق ولا يخشى لومة لائم. يروي عن عمه وأستاذه العالم الرباني الآخوند ملا محمّد تقي الأردكاني، عن السيد باقر الرشتي». (ينظر: أعيان الشيعة: 451/5 - 452).

والشَّيْخُ زَيْنُ العَابِدِيْنَ الحَائِرِي***بَقِيَّةُ الأَطَائِبِ الأَطَاهِرِ

زَانَ بِفَرْدِ باب مَوْلَاهُ الرُّتَبْ***وَزَادَ فِي تاريخه (الشَّرْعَ ذَهَبْ ) (1)

ص: 530


1- 1309 ه. (الناظم). الشيخ زين العابدين بن مسلم البارفروشي المازندراني الحائري: «الشيخ زين العابدين بن مسلم البارفروشي المازندراني المحتد والمولد، الحائري المسكن والمنشأ والمدفن. ولد في بارفروش سنة (1227ه)، وتوفي في كربلاء 19 أو 13 أو 16 ذي القعدة سنة (1309ه) عن 82 سنة، ودُفن فيها في باب الصحن الشريف الحسيني الخارج إلى سوق البزازين العرب المسمّاة ب(باب قاضي الحاجات)، مرض يوم السبت وغُشي عليه يوم الأحد فتوفي. شيخ الفقهاء والمجتهدين وأحد مراجع المسلمين العابد الناسك، ما رئي أشد مواظبة منه على السنن والنوافل، وكان مقرراً لدرس أستاذه صاحب (الضوابط)، أصله من بارفروش – بلدة من أكبر بلاد طبرستان - وهي عاصمة بلاد مازندران. قرأ في بارفروش على المولى محمّد سعيد المازندراني البارفروشي الملقب ب(سعيد العلماء)، ثم هاجر إلى العراق في رجب سنة ( 1250ه)، وبقي مدة في كربلاء قرأ فيها على السيد إبراهيم القزويني صاحب (الضوابط) في الأصول والفقه، وعلى الشيخ محمّد حسين صاحب (الفصول) وغيرهما. وفي سنة (1258ه) هاجر إلى النجف، وقرأ على صاحب (الجواهر) وكان من أكبر تلاميذه، وعلى الشيخ علي ابن الشيخ جعفر... . ... مؤلّفاته (رسالته الكبری) (رسالته الصغرى) كلاهما لعمل المقلّدين...». (ينظر: أعيان الشيعة: 167/7 - 168).

ثُمَّ الحُسَيْنُ الهَمَدَانِيُّ قَلِي***وَجَامِعُ العِلْمِ وَخَيْرُ العَمَلِ

ثوَى هُنَاكَ فَرَأَى أَسْمَى شَرَفْ***إِذْ نَالَ فِي مَثْوَاهُ أَرّخ (الغُرَفْ) (1)

ص: 531


1- 1311 ه..(الناظم). الملا حسين قلي الهمذاني الدرجزيني النجفي الأخلاقي: «الملّا حسين قلي الهمذاني الدرجزيني النجفي الأخلاقي، توفي زائراً بكربلاء سنة (1311ه)، ودفُن في الحجرة الرابعة من الصحن الشريف على يسار الداخل من باب الزينبية، وقلي بالفارسية بمعنى الغلام أي عبد الحسين. كان فقيهاً، أصولياً، متكلّماً، أخلاقياً، إلهياً، من الحكماء العرفاء السالكين، مراقباً محاسباً لنفسه، بعيداً عن الدنيا وأسبابها والرئاسات، لم يتعرض للفتوى، ولم يتصد للزعامة، أقرّ في الفقه والأصول ما سمعه من أستاذه الشيخ مرتضى الأنصاري، وما استخرجه بنفسه. وعُرف بعلم الأخلاق، وكان يدرس فيه كل يوم صباحاً في داره، ويدرس بعده في الفقه والأصول، وكتب بعض تلاميذه ثلاثة مجلدات من تقرير بحثه الفقه: في صلاة المسافر الخلل القضاء والشهادات. ولم يكن في زمانه ولا قبله بسنين ولا بعده كذلك من يماثله في علم الأخلاق وتهذيب النفوس...، وانتفع بدرسه الأخلاقي خلق كثير من فضلاء العرب والعجم ممن أراد اللّه بهم الخير... . مؤلّفاته: تقرير بحث أستاذه الشيخ مرتضى في الأصول، مجلد في (صلاة المسافر) تقرير بحث أستاذه المذكور...، ما كان يمليه في درسه الأخلاقي جمعه بعض تلاميذه، (تذكرة المتقين) جمعها الميرزا إسماعيل بن حسين التبريزي نزيل المشهد الرضوي من كلمات الأعاظم في الأخلاق ومكاتباتهم الصادرة في آداب السلوك...». (ينظر: أعيان الشيعة: 136/6).

وَالعَلَوِيُّ ذُو التَّقَى أَبُو الحَسَنُ***شَهَابٌ كَشْمِيْرَ المُجَلِّي للدُّجَنْ

جَاءَ لَهُ طَالِبٌ عِلْمٍ وَنَفَر***مِنْ أَهْلِهِ أَرْحْهُ (بِالمُنَى ظَفَر) (1)

ص: 532


1- 1313 ه. (الناظم). «السيد أبو الحسن محمّد ابن السيد علي شاه الكشميري اللكهنوئي: السيد أبو الحسن محمّد ابن السيد علي شاه ابن السيد صفدر شاه ابن السيد صالح الرضوي القمي الكشميري اللكهنوئي، وُلد سنة (1260ه) ببلاد الهند، وتوفي بكربلاء في 24 محرم الحرام سنة (1313ه). ... ذكره السيد عالم حسين الهندي تلميذ ولده السيد محمّد باقر بن أبي الحسن محمّد المترجم في ذيل كتاب إسداء الرغائب تأليف ولد المذكور، ووصفه بالفقيه، الكامل، الأورع، الأجل، العالم العامل الزاهد، وقال: لقد وُلد بالهند سنة (1260ه)، ثم قرأ على الميرزا محمّد علي، والمفتي السيد محمّد عباس التستري، وقرأ في الفقه والأصول على السيد محمّد تقي ممتاز العلماء. ولمّا سافر المترجم إلى العراق كتب له كتاباً أصحبه إياه واثنى فيه عليه كثيراً وقال: إنه أسس في الهند عدة مدارس منها المدرسة الإيمانية أسسها سنة (1089 ه)، وجعل فيها السيد حيدر علي مدرساً، ومنها المدرسة الناظمية الملقبة ب(مشارع الشرائع)، بناها بإشارته محمّد عباس علي خان ودرّس فيها شمس العلماء السيد نجم المحسن، ومنها المدرسة الموسومة ب(سلطان المدارس) كان يدرّس فيها بنفسه. وزار أئمة العراق خمس مرات، وتوفي في سفره الخامس لزيارة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في 24 محرم سنة (1313) ه) ودُفن بكربلاء. خلّف ولدين عالمين: أحدهما السيد محمّد باقر صاحب (إسداء الرغائب)، والثاني السيد محمّد هادي. من مؤلّفاته: (شرح الفصول في علم الكلام) لم يتم وصل فيه إلى مبحث النبوة، (شرح أربعين حديثاً ) لم يتم، (حواش على الرياض) على مبحث الدماء..... (ينظر: أعيان الشيعة: 429/9 - 430).

وَالعَلَوِيُّ المَرْعَشِيُّ ابْنُ عَلي***محمّد الحُسَيْنُ ذُو الفَضْل الجَلي

ص: 533

مَضَى وَفِي جَنْبِ الحُسَيْنِ رُمسَا***أَرّخ (يَفُوْقَ مَضْجَعاً مُقَدَّسا) (1)

وَالعَلَوِيُّ المُرْتَضَى الكشميري***وَالعالِمُ النَّائِي عَنِ النَّظِيْرِ

آوَى إليه بَعْدَ بُعْدِ مَنْوَى***فَأَرْخُوْهُ (اخْتَارَ أَنْجَى مَأْوَى ) (2)

ص: 534


1- 1315 ه. (الناظم). السيد محمّد حسين بن محمّد علي الحسيني الشهرستاني الحائري «الحاج السيد ميرزا محمّد حسين بن محمّد علي بن محمّد حسين الحسيني الشهرستاني الحائري. وُلد سنة (1256ه)، وتوفي في 3 شوال سنة (1315ه)، ودفن في مقبرتهم المعروفة في المشهد الحسيني العالم الأديب له مشاركة في عدة فنون وأخذ الفقه والأصول عن الأردكاني وهو أكبر تلاميذه وأجلّهم، يروي بالإجازة عنه، وأخذ الهيئة والنجوم عن الميرزا باقر اليزدي، والحساب والهندسة والعروض عن الميرزا علام الهروي الحائري. من مصنفاته: (غاية المسؤول) في الأصول طبع في إيران، و (شوارع الأعلام في شرح شرائع الإسلام)... . ... وكان صاحب الترجمة سيّداً، وقوراً، مهيباً جليلاً، عليه سكينة ووقار، حسن المحاضرة، حلو الأخلاق... ». (ينظر: أعيان الشيعة: 232/9).
2- 1323 ه. (الناظم). السيد مرتضى الكشميري: «السيد مرتضى الكشميري ابن السيد مهدي ابن السيد كرم اللّه القمي النجفي، توفي في 13 شوال سنة (1323ه) بالكاظمية، وحُمل إلى كربلاء فدُفن في الحجرة الثالثة على يمين الخارج من الباب المعروف ب(الزينبية). ... له كتاب (أعلام الأعلام) في الرجال أكبر من (وجيزة) المجلسي». (ينظر: أعيان الشيعة: 10/ 121). ملحوظة: وقد انتقلت بعض نسخ مكتبته إلى مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة بالشراء في يوم 12 ربيع 1 من عام 1428ه، وكانت ضمن مكتبة المحقق المحامي رشيد الصفّار.

والباقِرُ العِلْمِ الطَّبَاطَبَائِي***ذُو العِلْمِ وَالمَعْرُوفِ وَالإباءِ

شِبْلُ عَلِيٌّ وَقَفَا بِجَنْبِهِ***فَأَرْخُوْهُ (قَدْ حَظَى بِقُرْبِهِ) (1)

ص: 535


1- 1331 ه..(الناظم ). السيد محمّد باقر ابن الميرزا أبي القاسم الطباطبائي الحسني الحائري: «السيد محمّد باقر ابن الميرزا أبي القاسم المعروف ب(الحجة) ابن السيد حسن المعروف ب(الحاج آقا) ابن السيد محمّد المجاهد ابن المير السيد علي صاحب (الرياض) الطباطبائي الحسني الحائري. وُلد سنة (1273) ه)، وتوفي في 11 رجب سنة (1331) ه) بكربلا، ودفن مع عمه وأبيه في مقبرتهم المعروفة مقابل مقبرة السيد محمّد المجاهد. كان عالماً فاضلاً جليلاً نبيلاً، مهيباً رئيساً، مدرساً، موصوفاً بحدة الذهن وقوة الفهم، حسن الأخلاق رأيته بكربلاء وحضرت مجلسه.... له مؤلّفات في والأصول غير مهذبة ولا مبوبة، وله (منظومة) مطبوعة مع هائية الأزري، وله عدة منظومات منها: منظومة في الكلام والأخلاق، وأخرى في النكاح، وثالثة في الحج، ورابعة في تتمة منظومة بحر العلوم أكمل بها الصلاة، وكل واحدة من الأربع تنيف على ألف بيت، وخامسة في رد قصيدة البغدادي بشأن المهدي، وسادسة في الخيارات، وسابعة في الصوم». (ينظر: أعيان الشيعة: 185/9 - 186).

وَنَجْلُهُ الصَّادقُ في الأقوال***مُهْتَصَرُ الشَّبَاب في الرِّجَال

لوَجْهِهِ حِيْنَ بَدَا الإِيْمَانُ***فَأَرِّخُوْهُ (اشْتَاقَتِ الجِنَانُ) (1)

وَمِثلُهُ الحُسَيْنُ بِدْرُ المَشْرِقِ***سَلِيْلُ زَيْنِ العابِدِينَ المُتَّقِي

ص: 536


1- 1337 ه.ذ(الناظم). السيد محمّد صادق ابن السيد محمّد باقر الطباطبائي الحسني الحائري: «السيد محمّد صادق ابن السيد محمّد باقر ابن الميرزا أبي القاسم المعروف ب(الحجة) ابن السيد حسن ابن السيد محمّد المجاهد ابن السيد على صاحب (الرياض) الطباطبائي الحسني الحائري. توفي في 23 ذي الحجة سنة (1337ه) عن 32 سنة. قرأ على والده في كربلاء، وقرأ في النجف على الشيخ ملّا كاظم الخراساني وغيره، وقام مقام أبيه بعد وفاته. له من المصنفات : (كتاب الطهارة)، (كتاب الخمس)، (كتاب الوقف)، معظم کتاب الطلاق...». (ينظر: أعيان الشيعة: 9/ 367).

قَضَى فَحَلَّ مَع أبيه مُرقبا***ببابه أَرِّخْهُ (سَعْداً غَرَبا)(1)

وَشَيْخُنا الشَّهُمُ محمّد التَّقِي***وَالمُنْتَمَى شِيْرَازَ حَيْثُ يَلْتَقِي

قَضَى وَقَازَ فِي ثَنَايَا الطَّفِّ***فَأَرِّخُوا (وَسْمُ النَّقِيُّ أُخْفِي ) (2)

ص: 537


1- 1339 ه. (الناظم). الشيخ حسين ابن الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري : «الشيخ حسين ابن الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري، توفي في شوال سنة (1339ه). كان عالماً، فاضلاً جليلاً، رأسَ بعد وفاة والده، يروي عنه بالإجازة السيد سبط الحسن اللكهنوي». (ينظر : أعيان الشيعة: 26/6، 9/ 187).
2- 1338 ه. (الناظم). الميرزا المجاهد الشيخ محمّد تقي الشيرازي: «محمّد تقي الشيرازي (... - 1338 ه /... - 1920م) محمّد تقي بن محب علي ابن محمّد علي كلشن الحائري الشيرازي مجتهد،إمامي، من أركان الثورة العراقية على الإنجليز سنة (1920م)، وأول من دعا إليها من رجال الدين. وُلد بشيراز، ونشأ في الحائر، وأقام بسامراء. وولاه حملة الفكرة الاستقلالية في النجف زعامتهم الدينية، فانتقل إلى كربلاء، وأصدر فتواه في (أن المسلم لا يجوز له أن يختار غير المسلم حاكماً عليه) فكانت الصيحة الأولى للثورة، وألف مجلساً سرياً للمشورة، أعضاؤه: مهدي الخالصي، وأبو القاسم الكاشاني، ومحمد علي هبة الدين الشهرستاني، وأحمد الخراساني، ومحمّد رضا الشيرازي. ... ودُفن بكربلاء، ورثاه كثير من الشعراء. وله كتب فقهية، منها: (حاشية المكاسب - ط)، و(رسالة صلاة الجمعة - ط)، و(رسالة الخلل - ط)، و(ديوان شعر فارسي – ط). (ينظر : الأعلام (63/6 - 64).

وَالسَّيِّدُ المُقَدَّسُ البَحْرَانِي***محمّد الرَّاقِي عَلَى الأَقْرَانِ

أُنيْلَ بِالقُرْبِ وَبِالحِجَى أُتُمْ***فَأَرِّخُوا (نُورُ الحِجَى بِهِ خُتِمْ) (1)

فَهَذه أَفَاضل تُعَدَدُ***أَجْدَاتُهُمْ بَعْدَ الذِيْنَ اسْتُشْهِدُوا

ذَكَرْتُ بَعْضَاً لَهُمُ سَبَاقُ***إِذْ لَمْ يُحِطْ بِحَصْرِهِمْ نِطَاقُ

فَكُنْ عَدَيْرِي إِنْ ذَكَرْتُ فَرْدًا***مِنْ فِئَةٍ لا تُسْتَطَاعَ عَدَا

ص: 538


1- 1355 ه.(الناظم ). السيد محمّد بن محسن بن عبد اللّه الموسوي البحراني الحائري: «السيد محمّد بن محسن بن عبد اللّه الموسوي البحراني،الحائري، وُلد سنة (1262 ه)، وتوفي يوم 2 ذي القعدة سنة (1355ه) بالحائر. درس الفقه والأصول على والده، والشيخ حسين الأردكاني، والسيد محمّد حسين المرعشي، والسيد محمّد باقر الحجة. له (الفصول البهية في أخبار الحجج المرضية)، (رسالة في الإيمان والإسلام)، (اللؤلؤة الغالية في الرد على الفرق المغالية)، (تذكرة المصاب)، (هدية العباد في تقريب زاد المعاد). (الذريعة: 15/ 230 رقم 1498 بتصرف يسير).

الباب الثامن: في ذكر نقباء كربلا والسدنة وأسر العلم والرثاة

اشارة

ص: 539

ص: 540

إشارة:

بَابٌ بِذكْرِ النَّقَبَا فِي كَرْبَلَا

وأُسَرِ العِلْمِ وَبَعْضِ النُّبَلَا

****

أَذْكُرُ مِمَّنْ خُصَّ بِالنِّقَابِة***أَوْ عَمَّ فِي سِدَانَة عُصَابَةٌ (1)

ص: 541


1- النقابة: «النقيب عريف القوم، والجمع نقباء. والنقيب: العريف، وهو شاهد القوم وضمينهم، وفي التنزيل العزيز: «وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقيباً» [المائدة: 12]. قال أبو إسحق النقيب في اللغة كالأمين والكفيل... . قال سيبويه: النقابة بالكسر الاسم، وبالفتح المصدر، مثل الولاية والولاية. ...وهو كالعريف على القوم، المقدم عليهم، الذي يتعرف أخبارهم، وينقّب عن أحوالهم أي يفتش.... وإنما قيل للنقيب نقيب؛ لأنه يعلم دخيلة أمر القوم، ويعرف مناقبهم، وهو الطريق إلى معرفة أمورهم». (ينظر : لسان العرب: 1/ 769 - 770). السدانة: السادن هنا هو منصب رئاسة خدام حرم سيد الشهداء (عَلَيهِ السَّلَامُ). «وكان هذا المنصب في العهود القديمة لأجداد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في سدانة بيت اللّه، إذ كان أجداده وآباؤه يتولون منصب سدانة الكعبة وسقاية الحجاج واستضافتهم، وكان ذلك شرفاً وفخراً لا يُضاهي، وينم عن نمط من السلطة الدينية والاجتماعية. وهكذا الحال أيضاً بشأن منصبا و سادن روضة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويقترن هذا المنصب على الدوام بالاحترام، حتى اشتهرت الكثير من الأسر بهذا اللقب، وبقيت أجيالهم تتفاخر بخدمة الحرم الحسيني». (ينظر : موسوعة عاشوراء لجواد محدثي: 229).

وَلَمْ أُوَرِّخْهُمْ وَلَمْ أُرَتّبِ***لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفْرَدَوا فِي كُتُبِ

فَالبَحْثُ وَالتَّنْقِيْبُ عَنْهُم دَاعِ***لصَرْفِ أَوْقَاتٍ بِلَا انْتِفَاعِ

وَأَذْكُرُ البيوتَ مِمَّنْ أَزْهَرا***في العِلْمِ قَرْنَا أَوْ أَقَامَ أَكْثَرا

وَلَمْ أُفَصِّلْ عُلَمَاءَ الأُسَرِ***لأَنَّها مِنْ كَثْرَةٍ لم تُحْصَرِ

فَذَاكَ شَيْءٌ مَا لَهُ تَنَاهِ***وَلَمْ يُحِط به سُوَى الإِلَهِ (1)

وَأَذْكُرُ النُّبلَ فِي الشَّعْرِ المَلِي***مِنَ الرُّثَاةِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلي

مُقْتَصِراً عَلَى ذَوي الشُّجُوْنِ***في هذه الثَّلَاثَةِ القُرُون (2)

مُؤَرِّخاً وَفَاتَهُم في كَلمَةْ***تُنْبي عَنْ عَامِ الوَفَاةِ المُؤْلِمة

وَلَمْ أُحِطْ بِهِمْ كَمَا لَمْ أُحِطِ***بِمَنْ مَضَى قَبْلَهُمْ مِنْ فَرَطِ

لذلكَ العُذر الذي قَدْ مُهَّدَا***فَلْنَبْتَدِى فِي ذِكْرِ مَا قَدْ عَهِدَا

ص: 542


1- من أراد الاستقصاء عن النقابة والنقباء فليراجع كتاب (نقباء الأشراف) للسيد عبد الرزاق كمونة / فصل كربلاء.
2- أي القرون: 12 و 13 و 14.

الفصل السابع والثلاثون: في نقباء حضرتي الحسين والعبّاس (عَلَيهِ السَّلَامُ)

لَم يَكُ رَهْطُ مِثْلَ آلِ الفَائِزِ(1)***بنَائِلِ نِقَابَةً أَوْ حَائِز

فَقَدْ مَضَتْ في كَرْبَلا قُرُونَ***مِنْهُمْ نَقِيبُ كَرْبَلَا يَكُونُ

ص: 543


1- آل فائز: «أقدم القبائل العربية العلوية في كربلاء وأنقاها نسباً، ويرجع تاريخ سكناها إلى القرن الثالث الهجري. وكان أول علوي استوطن كربلاء هو السيد إبراهيم المجاب بن محمّد العابد ابن الإمام موسى بن جعفر اللّه جد السادة آل فائز المعروفين اليوم بسادات: آل طعمة وآل نصر اللّه، وآل ضياء الدين وآل،تاجر، وآل مساعد (عوج)، وآل السيد أمين. وذكره العلّامة المرحوم السيد حسن الصدر في كتابه (نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين) فقال:... وهو المدفون في الرواق الغربي من الحائر الحسيني المقدس، وقبره ظاهر معروف يُزار. وقد أجمع المؤرّخون وعلماء النسب على أن إبراهيم المجاب الضرير الكوفي هو أول من انتقل إلى الحائر الحسيني، وآثر الاستيطان في كربلاء بعد حادثة المتوكل في أيام المنتصر العباسي سنة (247) هجرية، ولذا يُلقب ابنه الأكبر ب(محمّد الحائري)؛ وذلك نسبة إلى الحائر الحسيني ومجاورته لأرض كربلاء». (ينظر: البيوتات العلوية في كربلاء: 98).

مِثْلُ أَبِي الفَائِزِ أَوْ محمّد(1)***أَوْ طُعْمَةَ الأَوَّل(2) مَقْول النَّدِي

ص: 544


1- «وفي أواسط القرن الثامن الهجري وأوائل عام (725) ه) تولى شؤون النقابة في الحائر السيد أبو الفائز من سلالة محمّد الحائري بن إبراهيم المجاب بن محمد العابد ابن الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وذكر ذلك المرحوم السيد جعفر الكاظمي في كتابه (مناهل الضرب في أنساب العرب). وقد كان سيداً جليلاً، شهماً، غيوراً، عفيفاً ورعاً تقياً، نقي السريرة، يمتاز على سائر العلويين الساكنين في الحائر، ويتبعه أكثر من نصف سكانه. والسيد أبو الفائز محمّد هو والد السيد أحمد أبو [أبي - ظ -] هاشم الناظر لرأس العين المدفون في شفاثا أو شفيثه ويعرف ب(أحمد بن هاشم)...، وكان-ت شفاثا موطناً لسادات آل فائز في القرون الغابرة، ولهم فيها عقار وبساتين تعرف بالفائزيات، ولا تزال آثارها باقية حتى هذا اليوم... . ...وقد بقيت نقابة الأشراف في آل السيد أبي الفائز وأحفاده نسلاً بعد نسل إلى أن آل أمرها إلى حفيده السيد طعمة كمال الدين بن أحمد أبي طراس بن أبي الفائز محمّد، وكان نقيب الأشراف سيداً جليلاً يتمتع بنفوذ واسع في الحائر». (ينظر: البيوتات العلوية في كربلاء: 12- 13).
2- «السيد طعمة كمال الدين بن أحمد أبي طراس بن أبي الفائز محمّد، وكان نقيب الأشراف سيداً جليلاً يتمتع بنفوذ واسع في الحائر، كما أيّد ذلك المرحوم ضامن بن شدقم المدني المتوفّى عام (1088 ه) في كتابه ( تحفة الأزهار وزلال الأنهار)، حيث قال: إن طعمة هو ابن أبي جعفر أحمد أبو طراس المذكور من غير واسطة واللّه أعلم، ويقال لولده آل طعمة سادات أجلاء ذو أهل ورئاسة ونقابة وعظمة وجلالة بالحائر». (ينظر: البيوتات العلوية في كربلاء: 13 - 14 تاريخ مدينة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 94/1).

أَوْ شَرَف الدِّينِ الفَتَى (1) أَوْ طُعْمَةْ***أَلثَّاني***(2) أَوْ خَليفَةَ بن نعْمَة (3)

أَوِ ابْنِ دَرَاجِ الحُسَيْنِ السِّيما(4)***أو الخَليْل نَجْل إبْرَاهِيْما (5)

ص: 545


1- السيد شرف الدين بن كمال الدين طعمة بن أبي جعفر أحمد – المعروف بأبي طراس - ولي نقابة الحائر الشريف بعد وفاة والده، وليها في سنة (845 ه). (ينظر: موارد الأتحاف في نقباء الأشراف: 151/1، مدينة الحسين : 95/1).
2- السيد يحيى بن شرف الدين بن طعمة كمال الدين بن أبي جعفر أحمد، ولي نقابة الحائر الشريف سنة 899ه. (ينظر: تاريخ مرقد الحسين والعباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) 202-203، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 134-135).
3- هو السيد خليفة بن نعمة اللّه بن طعمة الثالث ابن علم الدين بن طعمة الثاني ابن شرف الدين بن طعمة الأول كمال الدين الفائزي الجد الأعلى لسادات آل طعمة اليوم. تولّى شأن النقابة في عام ( 1091) ه). (ينظر : البيوتات العلوية في كربلاء: 14-15).
4- هو السيد حسين بن مرتضى آل دراج من آل زحيك تولى السدانة بعد وفاة الخازن السيد محمّد علي ابو ردن، وتولى زعامة كربلاء بعد عودته من الأسر وتوفي بالطاعون عام ( 1247ه) ولم يعقب ذكوراً إلا ولداً واحداً توفي وانقطع نسله. (ينظر: تاريخ مدينة الحسين: 80/1، تاریخ مرقد الحسين والعباس (عَلَيهِما السَّلَامُ): 212).
5- «السيد خليل ابن السيد إبراهيم الخازن للروضة الحائرية، ذكره جامع ديوان السيد نصر اللّه الحائري فقال : الجليل النبيل السيد خليل، وقال السيد نصر اللّه يُهنّئهبمولود: الحمد للّه بدر السعد قد طلعا***ونشر مسك التهاني في الورى سطعا ... إلخ ». (ينظر: أعيان الشيعة: 336/6).

أَوْ ثَابتٍ (1) أَوْ أَحْمَدَ الحَصُوْر (2)***أَو الفَتَى المَهْديِّ (3) أَوْ مَنْصُوْر (4)

ص: 546


1- السيد ثابت بن درویش محمّد آل ثابت ويرجع نسبه إلى ثابت بن سلطان كمال الدين نقيب نقباء العراق في عام (957ه)، وكان سادنا في عام (1232 ه) وإلى ما بعد (1238) ه). (الموقع الإلكتروني للعتبة العباسية المطهرة).
2- لم اهتدِ إلى ترجمة المذكور في المصادر المتوفرة بين يدي.
3- هو السيد مهدي بن حسن بن منصور بن يونس بن حسين بن جميل بن علم الدين بن طعمة الثاني الفائزي الموسوي، وقد توفي عام (1204ه). (ينظر: البيوتات العلوية في كربلاء: 40).
4- يُحتمل كونه جد السادن السابق، وهو السيد منصور بن يونس بن حسين بن جميل بن علم الدين بن طعمة الثاني الفائزي الموسوي. واللّه تعالى أعلم. أو لعله: السيد محمّد منصور بن حسين بن محمّد قاسم الزعفراني الرضوي تولّى السدانة سنة (1106 حتى عام 1125 ه). (ينظر: تاريخ مرقد الحسين والعباس (عَلَيهِما السَّلَامُ): 210).

أَو الفَتَى العَبَّاس ذي الفَضْل السَّني(1)***وَالحَسَنِ المَاضِي الشَّبا أَوْ مُحْسِنِ (2)

لَكِنَّهُمْ قَدْ فَصَلُوا فِي نَفَرِ***مِنْ غَيْرِهِم كَأَحْمَدَ بْنِ مَسْهَرِ

مِنَ الأُولَى حَازُوا العُلا والهَيْبَة***بَنِي المُهَنَا أُمَرَاءِ طَيِّبَةْ

وَكَالنَّقيبِ الحَسَنِ الشَّعَارِ***نَجْلِ عَليَّ مِنْ بَنِي المُخْتَارِ (3)

ص: 547


1- هو السيد عباس السيد حسين آل ضياء الدين تولّى السدانة نيابة عن ابن أخيه السيد مرتضى نجل السيد مصطفى، وكان صغير السن، ستأتي ترجمته. (مدينة الحسين: 1/ 89 - 91 بتصرف يسير). (البيوتات العلوية في كربلاء: 44).
2- هو السيد محمّد حسن ابن السيد مرتضى آل ضياء الدين ويعرف ب(آغا حسن) تولّى السدانة من سنة (1257ه)، لغاية وفاته في عام (1372ه) الموافق لعام (1952) م)، ستأتي ترجمته (ينظر: البيوتات العلوية في كربلاء: 44). «شبا: شباة كل شيء حد طرفه، والجمع الشبا والشبوات». (ينظر: الصحاح : 2388/6). «وقيل شبا علا ووجهه أضاء بعد تغير». (ينظر : القاموس المحيط: 346/4).
3- بنو المختار: ... بنو المختار مختارون من خيار ذرية الرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، يتصل نسبهم الشريف بأبي علي المختار النقيب أمير الحاج، وكانت نقابة المشهد الغروي وإمارة الحج مفوضة إلى أكابر هذه السلسلة العلية، منهم: السيد الجليل نقيب نقباء ممالك العراق وخراسان شمس الدين أبو القاسم علي بن عميد الدين عبد المطلب ابن نقيب النقباء جلال الدين أبو نصر إبراهيم ابن السيد العالم الفاضل النقيب عميد الدين عبد المطلب بن شمس الدين علي الأول الذي كان آخر نقباء زمان بني العباس...، ومن أكابر متأخريهم الأمير شمس الدين علي الآخر...، وكذلك السيد الفاضل المير محمّد قاسم النسّابة المتوطن في سبزوار، والمير شرف الدين فوّض إليه الشاه حسين الصفوي نقابة النقباء في بلخ وتوابعها في زمان ظهور المشهد المنسوب إلى أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بلخ... ». (ينظر: أعيان الشيعة: 613/3).

وَابْنِ أَبِي سَعِيْدِ عَدْنَانِ النَّدَى***ثُمَّ أَبِي شَامَةَ أَعْنِي أَحْمَدَا

وَكَابْنِ كَمُوْنَةَ مَهْدِيُّ الزَّمَنْ***وَصِنْوِهِ مِنْ بَعْدِ مَا قَضَى الحَسَنْ

لَكِنَّما هَذَانِ بِالسِّدَانَة***فَازًا لما فيها منَ المَكَانَةُ (1)

ص: 548


1- آل كمونة : «آل كمونة: أسرة عربية معروفة في كربلاء، انحدرت من الشيخ عيسى كمونة الذي هاجر من ظهر الكوفة واستوطن كربلاء في أوائل القرن الثاني عشر الهجري، ظهر فيها الشيخ مهدي بن محمّد بن عيسى كمونة الذي تولى سدانة الروضة الحسينية (1258ه - 1272ه)، والشيخ ميرزا حسن بن محمّد بن عيسى كمونة الذي تولّى سدانة الروضة الحسينية بعد وفاة أخيه (1272 ه - 1292ه)...». (ينظر تراث كربلاء (194 – 195).

وبقيَتْ نقَابَةُ الأَشْرَاف***لآلِ دَرَّاجٍ (1) بِلَا انْحراف

لِأَنَّ غُصْنَ دَوْحها لايُجْنَى***إِذْ بَقِيَتْ لَفْظاً ظاً بغَيْر مَعْنَى

ثُمَّ أُعَيْدَتْ لِلْجَوادِ بْنِ الحَسَن(2)***سِدَانَةُ الحَائر بالوَجْهِ الحَسَنْ

ص: 549


1- أسرة آل دراج (آل النقيب): «من الأسر العلوية العريقة في الشهرة والشرف التي تعرف في كربلاء سابقاً بآل دراج المتفرعة من قبيلة (آل زحيك) من ذرية السيد إبراهيم المرتضى (الأصغر) ابن الإمام موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ). و استوطنت كربلاء في مطلع القرن الخامس الهجري، وما تزال دور آل النقيب في محلة آل زحيك ملاصقة للروضة الحسينية من جهة الجنوب، ولهم أملاك شاسعة في شفاثة (عين التمر) وكربلاء، تولى منهم رجال بعض المناصب الهامة فى هذه المدينة كنقابة الأشراف وسدانة الروضة الحسينية ورئاسة البلدية، وفيهم رجال فضل و علم... . ومن مشاهيرهم السيد دراج بن سليمان بن سلطان كمال الدين من آل زحيك الموسوي نقيب السادات وسادن مشهد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كان حياً سنة 1048 ه)...». (ينظر: تراث كربلاء: 152).
2- السيد جواد ابن السيد حسن آل طعمة: هو السيد جواد ابن السيد حسن بن سلمان بن درويش بن أحمد بن يحيى بن خليفة نقيب الأشراف ابن نعمة اللّه ابن العلّامة السيد طعمة علم الدين الفائزي الموسوي، وقد تولى السدانة بعد وفاة الميرزا حسن كمونة. وكان السيد جواد (رَحمهُ اللّه) طيب القلب يوزّع الهدايا التي يقدمها له الزائرون على خدمة الروضتين، وقد توفي عام (1309ه)، ودفن في المحل الذي يعرف ب(الكشكخانة) في بهو الروضة الحسينية». (ينظر: البيوتات العلوية في كربلاء: 37- 38 تاريخ مدينة الحسين : 82/1).

ثُمَّ ابْنِهِ العَلِيُّ (1) ثمَّ نَجْله***عَبْد الحُسَيْن (2) البَرِّ بَيْنَ أَهْله

ص: 550


1- السيد علي السيد جواد آل طعمة: «الحاج السيد علي السيد جواد آل طعمة، تولّى السدانة بعد وفاة والده السادن السابق وذلك عام (1309ه)، وتوفي عام (1318ه)، ودفن في مقبرة خاصة له ولأسرته في الروضة العباسية، وكان من الأتقياء الأخيار، قائم الليل يقضي معظم أوقاته في العبادة داخل الروضة الشريفة، ويفتح باب الحرم بيده وينفق أمواله على أقربائه، ويساعد الضعيف والمريض منهم ومن غيرهم، وبنى بعض القناطر على جدول نهر الحسينية». (البيوتات العلوية في كربلاء: 38- 39).
2- السيد عبد الحسين السيد علي آل طعمة: «الحاج السيد عبد الحسين السيد علي آل طعمة، وتولّى سدانة الروضة الحسينية بع-د وفاة والده عام (1318ه)، وقد سعى عام ( 1350ه) في الاعتكاف والعبادة والدراسات الخاصة فأدى إلى نقل السدانة إلى ولده السيد عبد الصالح آل طعمة، وكان عالماً فاضلاً. يملك مكتبة تعد في طليعة المكتبات العراقية كما أشار اليها كثير من المؤرّخين. وتوفي يوم 13 شوال سنة (1380ه)، وترك مؤلّفات تاريخية قيمة». (ينظر: البيوتات العلوية في كربلاء: 39).

ثُمَّ ابنه الصَّالِحِ وَهْوَ المُنْجَلِي***في حَرَمِ السِّبْطِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلي (1)

وَفِي حَرِيمِ البَطَلِ العَبَّاسِ***أَقَامَ عَبَّاسٌ حَلَيْفُ البَاس(2)

وَالمُرْتَضَى ثُمَّ ابْنُهُ الفَتَى حَسَنْ***وَهْوَ الذي يَسْدُنُ في هَذَا الزَّمَنْ (3)

ص: 551


1- السيد عبد الصالح ابن السيد عبد الحسين السيد علي آل طعمة: «السيد عبد الصالح ابن السيد عبد الحسين السيد علي آل طعمة، تولّى السدانة عام (1350ه) في زمن سدانة أبيه المتقدم ذكره، وكان والده المذكور قد سعى في الاعتكاف والعبادة والدراسات الخاصة فأدى إلى نقل السدانة إليه». (البيوتات العلوية في كربلاء: 39 بتصرف يسير).
2- ) السيد عباس آل ضياء الدين السيد مرتضى آل ضياء الدين: في عام (1298ه) تولّى سدانة الروضة العباسية السيد مرتضى السيد مصطفى آل ضياء الدين، وكان صغير السن، وقد أناب عنه في الإشراف على شؤون السدانة عمه السيد عباس آل ضوي لمدة عشر سنوات، إلى أن بلغ السيد مرتضى سن الرشد فتولّى زمام امور أمور السدانة، وتوفي عام (1357ه)، ودفن في مقبرة خاصة شُيّدت له ولأسرته في الروضة العباسية (مدينة الحسين: 1/ 89 - 91 بتصرف يسير).
3- السيد محمّد حسن السيد مرتضى آل ضياء الدين: السيد محمّد حسن السيد مرتضى آل ضياء الدين تولّى السدانة بعد وفاة والده السادن السابق عام ( 1357ه)، وكان كريماً، دمث الأخلاق عالي الهمة وتوفي عام (1372 ه). (البيوتات العلوية في كربلاء: 44).

وَانْفَرَدَتْ في عَصْرِنَا النَّقَابَةْ***لِآلِ دَرَاجٍ مِنَ العِصَابَة

فَحَازَهَا العَبَّاسُ ثُمَّ المُحْسِنُ***ثُمَّ ابْنُهُ البَاقِي عَلَيْها الحَسَنُ(1)

وَكُلُّ أُولَئِكَ آل فائز***إِلَّا الْأُولَى اسْتَثْنَيْتُهُمْ بِمَائِزِ

لَكِنَّهُمْ فَصَائِلٌ عَنْ لُحْمَةْ***كَآلِ دَرَّاجِ وَآلِ طُعْمةْ

وَآلِ نَصْر اللّه فِي التَّعْيِينِ***وَالنُّبَلَا آل ضيَاءِ الدِّيْنِ (2)

ص: 552


1- العباس: هو السيد عباس بن بهاء الدين بن احمد بن محمّد دراج بن سليمان الموسوي. (ينظر : موارد الأتحاف في نقباء الأشراف: 153/1). المحسن: هو السيد محسن بن عباس بن محسن بن محمّد كنعان بن حسن بن عباس بن بهاء الدين بن احمد بن محمّد دراج، ولي نقابة الحائر الشريف في سنة 1336ه ولما توفي وليها بعده ابنه السيد حسن. (ينظر: موارد الأتحاف في نقباء الأشراف: 154/1) الحسن: هو السيد حسن بن محسن بن عباس ولي النقابة في الحائر الشريف في سنة 1339ه بعد وفاة والده وبقيت بيده الى ان توفي سنة 1952 ميلادي والنقابة باقية في هذا البيت. (ينظر : موارد الأتحاف في نقباء الأشراف: 154/1).
2- آل نصر اللّه: «وينحدر هذا البيت من سلالة السيد نصر اللّه بن حسين بن يونس بن جميل بن علم الدين بن طعمة (الثاني) بن شرف الدين بن طعمة (الأول) كمال الدين الفائزي... . والسيد نصر اللّه الفائزي الحائري المقتول في اسطنبول سنة (1168 ه) من أبرز الشخصيات العلمية المعروفة، وقد ذكره العلّامة الشيخ عبد الحسين الأميني في كتابه (شهداء الفضيلة: ص 215) بقوله: السيد نصر اللّه بن حسين بن علي بن إسماعيل الحسيني الموسوي الحائري المعروف ب(الشهيد)، هو ممن جمع اللّه سبحانه له الحسنيين: السعادة بالعلم والتقى، والشهادة دون ما يحب اللّه ويرضى، كما أنه جامع بين المشرقين: علو النسب، والفضل المكتسب، فهو عالم، فقيه، محدث، أديب، شاعر، مشارك في علوم قلَّ من اطلع عليها أجمع. وهناك مصادر كثيرة تبحث عن شخصيته العلمية». (ينظر : البيوتات العلوية في كربلاء: 24). ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة (ج 9 ق 4 ص 1194 - 1195 رقم 7695) قال: «وهو السيد صفي الدين أو عز الدين أبو الفتح نصر اللّه بن الحسين بن علي بن إسماعيل الحسيني الموسوي الفائزي الحائري المدرس بها، والشهيد بين سنتي (1166 و 1168). قال السيد عبد اللّه الجزائري في (إجازته الكبيرة): إنه كان آية في الفهم والذكاء، وحسن التقرير، وفصاحة التعبير، شاعراً، أديباً، له ديوان حسن، وله اليد الطولى في نظم التاريخ والمقطعات وكان مرضياً مقبولاً عند المخالف والمؤالف... ». وذكره عمر كحالة في (معجم المؤلّفين 13/ 95) قال: «نصر اللّه بن الحسين بن علي بن إسماعيل الموسوي الحسيني الفائزي الحائري الشهيد (صفي الدين أبو (الفتح أديب،شاعر، عارف بالرجال. توفي في حدود سنة (1168 ه). من آثاره: (دیوان شعر)، (الإجازات)، وسلاسل الذهب)». آل ضياء الدين: «ينحدر هذا البيت من سلالة السيد محمّد بن شرف الدين بن ضياء الدين بن يحيى نقيب الأشراف ابن شرف الدين بن طعمة (الأول) كمال الدين الفائزي، وقد أوقفت الأرض المعروفة ب(بستان ضوي) في كربلاء على أفراد هذه الأسرة، وإن الوقفية لدى المؤلّف، ودونت فيها تواقيع كثيرة، والسادة آل ضياء الدين هم اليوم سدنة الروضة العباسية». (البيوتات العلوية في كربلاء: 26). «وحسب هذه الأسرة شرفاً وفخراً أنها أنجبت رجالاً بذلوا جهوداً صادقة في خدمة خزانة العتبة العباسية المشرفة والسهر على شؤون السدانة، ومنهم: 1- السيد حسين بن محمّد علي بن مصطفى بن ضياء الدين: نقيب الأشراف ابن يحيى نقيب الأشراف ابن طعمة (الثاني) نقيب الأشراف ابن شرف الدين بن طعمة (الأول) كمال الدين نقيب الأشراف الفائزي، تولّى سدانة الروضة العباسية سنة (1281 ه)، وتوفي سنة (1288 ه). 2- السيد مصطفى ابن السيد حسين آل ضياء الدين: تولّى سدانة الروضة بعد وفاة والده المذكور في أوائل سنة (1288ه) إلى أن توفي سنة (1297ه). 3- السيد مرتضى ابن السيد مصطفى آل ضياء الدين كان صغير السن عند وفاة والده، فتولّى سدانة الروضة السيد محمّد مهدي السيد محمّد كاظم آل طعمة حتى وشي به لدى الوالي، فعزل السيد محمّد مهدي المذكور، وتولى السدانة السيد مرتضى سنة (1298ه) إلى أن توفي يوم الخميس 18 ربيع الأول سنة (1357ه)... . 4- السيد محمّد حسن ابن السيد مرتضى آل ضياء الدين: تولّى السدانة بعد وفاة والده سنة (1357ه). كان من أكبر شخصيات كربلاء خلقاً ونبلاً وشهامة وكرماً، يتمتع باحترام الجميع، وله مكانة مرموقة تحوطها الهيبة والوقار، توفي يوم 16 ربيع الثاني سنة (1372ه)... . 5- السيد بدر الدين السيد محمّد حسن آل ضياء الدين: تولّى سدانة الروضة سنة (1372ه)، وقام مقام والده في تمشية أمور السدانة». (ينظر تراث كربلاء: 183 - 184).

ص: 553

ص: 554

وَآلِ ثَابِتٍ وَآلِ الشُرْفِ***وَآل وَهَّابٍ وَآلِ اللُّطفِ (1)

ص: 555


1- آل ثابت: «تنتسب هذه السلالة إلى السيد سلطان كمال الدين نقيب نقباء العراق عام (957 ه) من سلالة أبي محمّد عبد اللّه الحائري المذكور. وقد اختص بعض سادات آل ثابت بسدانة الروضة العباسية، وهم: 1- السيد محمّد علي ابن السيد درويش بن محمّد حسين بن ناصر بن نعمة اللّه بن ثابت بن سلطان كمال الدين: (1225 ه- 1229)، وهو الجد. الأعلى لآل ثابت في كربلاء وخراسان. 2- السيد ثابت ابن السيد درويش بن محمّد بن حسین آل ثابت: (1232ه -1238) 3- السيد سعيد ابن السيد سلطان بن ثابت بن درويش بن محمّد بن حسين بن ناصر آل ثابت: المتوفّى سنة (1258 ه). 4- السيد حسين ابن السيد سعيد ابن السيد سلطان آل ثابت: ويُعرف ب(نائب التولية)، وعلى أثر عزله من سدانة الروضة العباسية، أولاه ناصر الدين شاه القاجاري سدانة الروضة الرضوية في خراسان (مشهد)، وذلك في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وتُعرف هذه الأسرة في إيران ب(ثابتي)». (ينظر تراث كربلاء: 184 - 185). آل الشرف: وينتسب هذا البيت إلى السيد شرف الدين بن ضياء الدين بن يحيى نقيب الأشراف ابن شرف الدين بن طعمة (الأول) كمال الدين الفائزي. وقد مرّ ذكر عدة من اعلامهم في شرح البيت السابق. آل الوهاب: «يتفرع هذا البيت من سلالة آل السيد يوسف الموسويين المعروفين اليوم ب آل الوهاب وآل الجلوخان بنو عم السادة آل زحيك. استوطن كربلاء في مطلع القرن الخامس الهجري، وقد سُمي بآل الوهاب؛ تيمناً منهم بتخليد السيد محمّد موسى (سادن الروضة الحسينية) ابن محمّد علي بن محمّد بن حسين بن موسى بن أحمد بن محمّد بن فخر الدين بن بدر الدين بن ناصر الدين هو وأخوه السيد حسن اللذان استشهدا في حادثة الوهابيين يوم 18 ذي الحجة سنة (1216 ه)». (ينظر: تراث كربلاء: 177) آل لطيّف: «أسرة علوية تتمتع بمكانة عالية في المجتمع الكربلائي، وهي تنتسب إلى السيد عبد اللطيف بن مهدي بن خزعل بن شمس الدين بن ربيع بن محمود بن علي بن بحيى بن ناصر بن حسن بن علي بن محمّد بن علي بن جعفر بن أبو [أبي – ض –] يعلى محمّد صاحب (المجدي) ابن الحسين بن حسن الأحول ابن علي الأعرج ابن محمّد بن جعفر بن الحسن ابن الإمام موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، استوطنت كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري، وصاهرت السادة آل نصر اللّه، ودخلت ضمن خدمة الروضة المطهرة... ». (ينظر : تراث كربلاء: 189 - 190).

ص: 556

فَصَائِلٌ مَوْصُولَةٌ بِالعَالِمِ***محمّد نَجْلِ الإِمَامِ الكَاظِمِ

مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ أَبي الذُرِّيَّة***صَلَّى عَلَيْهِ خَالِقُ البَرِيَّة (1)

ص: 557


1- محمّد العابد بن موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ذكره الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في (الإرشاد: 2/ 245) فقال.... و كان محمّد بن موسى من أهل الفضل والصلاح. أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى قال: حدّثني جدي قال: حدّثتني هاشمية مولاة رقية بنت موسى قالت: «كان محمّد بن موسى صاحب وضوء وصلاة، وكان ليله كله يتوضأ ويصلّي فنسمع سكب الماء والوضوء ثم يصلي ليلا ثم يهدأ ساعة فيرقد، ويقوم فنسمع سكب الماء والوضوء ثم يصلّي ثم يرقد سويعة ثم يقوم فنسمع سكب الماء والوضوء، ثم يصلّي فلا يزال ليله كذلك حتى يصبح، وما رأيته قط إلا ذكرت قول اللّه تعالى: «كَانُوا قَليلاً منَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ» [الذاريات: 17]». وذكر ابن عنبة عقبه في كتابه (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 216- 218) فقال: «والعقب من محمّد العابد ابن موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) في إبراهيم المجاب وحده، ومنه في ثلاثة رجال: محمّد الحائري، وأحمد بقصر ابن هبيرة، وعلي بالسيرجان من،كرمان والبقية لمحمّد الحائري بن إبراهيم المجاب كذا قال الشيخ تاج الدين...».

ضَرَ الفُرُوْعَ بالإِيمَانِ***فَدَوْحُهُمْ مُغْنِ عَنِ البَيَانِ

ص: 558

الفصل الثامن والثلاثون: في أسر العلم وذكر بيوتهم الملازمة للعلم قرناً وأكثر

وَأُسَرُ العِلْمِ بِكَربلاءا***مِمَّنْ سَمَتْ أَبْنَاؤُهُ اعْتِلاءا

كَثِيرَةٌ لا سيَّما فيما سَلَفْ***إِذِ المَقَامُ لِبَنِي العِلْمِ ائْتَلَف

كَمِثْلِ أَيَّامِ الفَخَارِ العَلَوِي***وَعَصْرِ مَعْدٍ الصَّفِيِّ المُوْسَوِيِّ (1)

فَلَمْ أُطِقْ حَصْراً وَلَكِنْ أَذْكُرُ***مَنْ كَانَ فِي شُهْرَتِهِ لَا يُنْكَرُ

أمَّا بِتَصْيْفٍ لَهُ أَوْ مَعْشَرِ***فِي كَرْبَلَا وَغَيْرِها مُنْتَشِرِ

فِي الأَرْبَعِ المِنَاتِ أَعْنِي الرّاقِيَة***لِلتَّسْعِ فَالآثَارُ مِنْهُم بَاقِيَة (2)

مِثْلُ بَنِي المُساعد الأَشَدَّ***فَكَمْ لَهُمْ مِنْ أَثَرٍ فِي الرُّشْدِ (3)

ص: 559


1- سبقت ترجمته في بداية الفصل السادس والعشرين، فلينظر.
2- أي: القرون: 10 و 11 و 12 و 13.
3- آل مساعد: «وينتسب هذا البيت إلى السيد مساعد بن محمّد بن شرف الدين بن طعمة (الأول) كمال الدين الفائزي، وكان السيد مساعد بن شرف الدين حياً عام (943- 957 ه)، وهو الجد الأعلى لسادات آل شرف الدين المنقرضين اليوم، وسادات آل عوج، ويُقرأ توقيعه في الوقفيات القديمة (مساعد بن شرف الدين بن طعمة كمال الدين بن أبي الفائز الكربلائي)... . وممن تولّى سدانة الروضة الحسينية من آل مساعد هو الخازن السيد محمّد علي المعروف (أبو ردن)، وقد ورد ذكره في كتاب (مدينة الحسين: 1/ 79- 80) ما نصّه: وكان صهراً لآل دراج، وتولّى السدانة بعد خروج السيد وهاب من كربلاء على أثر واقعة المناخور، وحارب في تلك الواقعة وأبلى فيها بلاء حسناً، وتوفي عام (1244 ه)، وكانت وفاته دون أن يعقب ذكورا، وكان السيد محمّد بن أحمد بن يحيى آل طعمة – جد آل شروفي - صهراً له. و تتفرع سادات آل عوج اليوم من سلالة السيد محسن عوج بن داود بن موسى ابن مساعد بن محمّد بن مساعد بن شرف الدين بن طعمة كمال الدين الفائزي. وكان السيد محسن عوج حياً عام (1210 ه)». (ينظر: البيوتات العلوية في كربلاء: 29- 30).

وَآل طُعْمَة ذَوي الأنْسَابِ***وَالفَضْلِ فِي العُلُوْمِ وَالآداب (1)

ص: 560


1- آل طعمة: «أقدم الأسر والبيوتات العلوية التي قطنت كربلاء في منتصف القرن الثالث الهجري، يرتقي نسبها إلى السيد إبراهيم المجاب ابن السيد محمّد العابد ابن الإمام موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، الذي استوطن كربلاء سنة (247) هجرية، وهو الجد الأعلى لهذه السلالة، وكانت تُعرف في القرون السابقة بالسادة آل فائز، ولها في كربلاء وشفاثة (عين التمر) بساتين ومسقفات وعقارات، يرجع تاريخها إلى عدة قرون خلت. وقد أنجبت نقباء وسدنة وعلماء وأدباء وخطباء سجل لهم التاريخ سطوراً ذهبية لامعة. ... أمّا أشهر علماء هذا البيت هو السيد السند والكهف المعتمد السيد طعمة علم الدين الفائزي الموسوي، وهو الواقف لمقاطعة فدان السادة على أولاده الذكور سنة (1025 ه). وكان السيد طعمة (الثالث) من علم الدين هذا عالماً جليلاً، شهد له بذلك العلّامة الشيخ أحمد ابن الشيخ علي النحوي في وقفية فدان السادة التي يحتفظ بها مؤلّف الكتاب. ومن أبرز علماء الأسرة من المتأخرين السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة سادن الروضة الحسينية المتوفّى يوم 12 شوال سنة ( 1380ه) مؤلّف التصانيف التاريخية المطبوعة والمخطوطة...، وهناك مصادر كثيرة تناولت تاريخ هذه الأسرة سواء منها مطبوعة أو مخطوطة». (ينظر : تراث كربلاء: 145 - 147).

وَآلِ دَرَّاحِ الفَتَى النَّقِيْبِ***فَكَمْ لَهُمْ مِنْ فَاضِلِ أَدِيْبِ (1)

وَآلِ الافْتُونِي ذَوِي الفَضَائِلِ***مِنْ كُلِّ عَالِمٍ لَهُم وَعَامِل (2)

ص: 561


1- مرّ ذكر هذه الأسرة في الفصل السابق: (في نقباء حضرتي الحسين والعباس (عَلَيهِما السَّلَامُ))، فلينظر.
2- آل الفتوني: «من أسر العلم والفضل العربية الكربلائية، هاجرت من جبل عامل واستوطنت كربلاء في أوائل القرن الثاني عشر الهجري، ينتهي نسبها إلى الشيخ بهاء الدين العاملي. وقد عُرفت بحدبها على العلم والأدب، وكان منها العلّامة الشيخ محمّد تقي ابن بهاء الدين الفتوني،الحائري المتوفّى سنة (1183ه / 1796 م). ومنها أيضاً الشيخ علي بن محمّد بن علي بن محمّد التقي بن بهاء الدين الفتوني العاملي الحائري، المتوفّى سنة (1192 ه). ومنها أيضاً الشيخ حسين بن علي بن محمّد بن علي بن محمد التقي بن بهاء الدين الفتوني، المتولّد في كربلاء، المتوفّى بعد سنة (1179 ه)، كان واسع العلم فاضلاً أديباً، وهو مؤلّف أرجوزة (الدوحة المهدية). ومن هذه الأسرة علي الفتوني، رأيت توقيعه في وثيقة مؤرّخة غرة ذي الحجة سنة (1248ه). ومن أفراد هذه الأسرة المرحوم الحاج سلمان ابن الشيخ مهدي الفتوني الذي كانت له وظيفة خدمة بالمخيم، وتوفي يوم (1968/6/1 م)، وكان بيده فرمان (إرادة سلطانية). ولا يزال أفراد هذا البيت يقطنون كربلاء...». (ينظر: تراث كربلاء (148 – 149).

وَآلِ بَاقِرِ العُلُوْمِ ذِي الحَسَبْ***وَالمُنْتَمِي لِبَهْبَهَانَ فِي النَّسَبْ (1)

وَآلِ مَهْدِيٍّ بَني الإِيْمَانِ***وَالمُنْتَمي سُكْنَى لشَهرستان (2)

ص: 562


1- الآغا باقر بن محمّد أكمل البهبهاني: مرت ترجمته في الفصل السادس والثلاثين من الارجوزة، فلينظر.
2- آل الشهرستاني: «إحدى الأسر العلمية التي لها نصيب وافر في العلم، وصيت طائر وسمعة طيبة كربلاء وخارجها وأشهر أعلام هذا البيت العالم الجهبذ السيد مرزا محمّد مهدي الموسوي الشهرستاني أحد مراجع التقليد في عصره وهو جد الأسرة الشهرستانية اليوم الذي انتقل إلى كربلاء لتلقي العلم فيها وذلك في أواسط القرن الثاني عشر الهجري، واستوطنها واستملك فيها منذ عام (1188ه) دوراً وعقارات تقع أكثرها في حي (باب السدرة) من صحن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو جزء من محلة (آل عيسى) إحدى محلات قصبة كربلاء الثلاث آنذاك، وتوفي بها في صفر سنة (1216ه)، ودُفن في مقبرة خاصة له في الحضرة الحسينية المقدّسة خلف ضريح الشهداء. ومن هذه السلالة الكريمة السيد مرزا أبو القاسم ابن السيد محمّد مهدي الشهرستاني المذكور، المتوفّى بعد وفاة والده بمدة وجيزة. ومنها أيضاً السيد مرزا محمّد حسين ابن السيد محمّد مهدي الشهرستاني المذكور، المتوفّى بالطاعون سنة (1247ه)، وكان كوالده من فطاحل العلماء ومرجعاً للتقليد. ومنها أيضاً البحّاثة الكبير المعاصر صديقنا الوفي المتغمد بالرحمة السيد صالح الشهرستاني نزيل طهران الذي ساعدنا في كثير مما تحتفظ به مكتبته من الصكوك والمستندات والوثائق التاريخية....». (ينظر : تراث كربلاء: 142 - 143).

وَآلِ ذِي المَعَالي منْ طَبَاطَبا***أَلحَسَنيَّيْنَ السُّرَاةِ النُّجُبَا (1)

ص: 563


1- آل الطباطبائي: «بنو طباطبا سادات حسنيون من أنجال الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط ابن الإمام علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). وأول من تخرّج منها السيد أبو المعالي الصغير السيد محمّد علي ابن السيد محمّد ابن السيد عبد الكريم ابن السيد مراد، وهو أول من هاجر إلى كربلاء واستوطنها وذلك في القرن الثاني عشر الهجري طلباً للعلم، وحازت الزعامة الدينية والمرجعية في بعض الأدوار. ونبغ فيها عدد من العلماء والمحدثين منهم: السيد علي الطباطبائي الشهير بصاحب (رياض المسائل) ابن السيد محمّد علي المتوفّى سنة (1231ه)، والسيد محمّد المجاهد ابن السيد علي صاحب (الرياض) المذكور المتوفّى سنة (1242ه)، والسيد محمّد مهدي ابن السيد علي صاحب (الرياض) المذكور المتوفّى سنة (1231 ه)، والسيد مرزا علي نقي الطباطبائي المتوفّى سنة (1289ه)، والسيد زين العابدين ابن السيد حسين ابن السيد محمّد المجاهد المتوفّى يوم 8 ذي القعدة سنة (1292ه)، والسيد مرزا أبو القاسم المتوفّى سنة (1325 ه)، والسيد محمّد باقر الحجة المتوفّى سنة (1331 ه)، والسيد محمّد صادق الحجة المتوفّى سنة (1337) ه)، والسيد محمّد مهدي الحجة المتوفّى سنة (1341ه)...». (ينظر: تراث كربلاء: 144 – 145).

وَآل ذي العُلا محمّد العَلِي***المَرْعَشِي النَّسَبِ المُبَجَّلِ (1)

ص: 564


1- آل المرعشي: «وهم سادة حسينيون اشتهروا بالعلم والفضل، وقد غلبت عليهم شهرة الشهرستاني؛ نسبة لمصاهرتهم بأسرة آل الشهرستاني الموسويين استوطنوا كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري، ونبغ فيهم السيد محمّد حسين المرعشي الحسيني المتوفّى (1247 ه). ومنهم السيد محمّد علي ابن السيد محمّد حسين المرعشي المتوفّى سنة (1287ه). ومنهم السيد محمّد حسين بن محمّد علي بن محمّد حسين المرعشي المذكور المتوفّى سنة (1315ه)، وكان هذا من كبار أعلام الفضل ممن له صيت عال ومجد منيف، وكانت له خزانة كتب حوت نفائس المخطوطات ورثها عن آبائه. ومنها السيد مرزا علي ابن السيد محمّد حسين المذكور المتوفّى سنة (1344ه)، وقد حذا حذو والده في إمامة الجماعة. ومنها السيد زين العابدين ابن السيد محمّد حسين المرعشي المذكور المتوفّى سنة (1356 ه ). ومنها العالم الفاضل المعاصر السيد عبد الرضا المرعشي الحسيني الشهرستاني...». (ينظر : تراث كربلاء: 151 - 152).

وَآل ذي الفَضْل شريف العُلَمَا***وَمَنْ بمَا أَرْضَى الإِلَهَ قَدْ سَمَا (1)

ص: 565


1- المولى محمّد شريف بن حسن علي المازندراني الحائري: «شريف العلماء المولى محمّد شريف بن حسن علي المازندراني الحائري، شيخ الفقهاء العظام ومربي الفضلاء الفخام، أستاذ العلماء الفحول، جامع المعقول والمنقول. تولّد في الحائر الشريف، وتلمّذ على صاحب (الرياض) والسيد المجاهد، ورزق السعادة في التدريس والإفادة وكثرة التلاميذ من الفقهاء والعلماء... ». (ينظر: الكنى والألقاب: 361/2).

وَآل قنديل الذي أَضَاءا***في فَضْلِهِ إِذْ حَلَّ كَرْبَلاءا (1)

وَآلِ نَصْرِ اللّه ذِي الشَّهَادَةْ***مُدَرِّسِ الحَائِرِ بِالإِفادَةْ (2)

وَآلِ وَقَابِ كَبَدْرِ الدِّينِ***وَوَلَدِهِ المُغْنِينَ عَنْ تَعْيِيْنِ (3)

وَآلِ خَيْرِ الخَلَفِ ابْنِ عَسْكَرِ***والأَوْرَعِ المَعْرُوْفِ غَيْرِ المُنْكَرِ (4)

ص: 566


1- آل قنديل: «أسرة معروفة تنتسب إلى قبيلة بني أسد لها منزلة اجتماعية مرموقة، تمتهن الخدمة في الروضة الحائرية، ويُعزى سبب تسميتهم بهذا اللقب إلى أنهم كانوا يتولون إضاءة القناديل في الروضة المقدّسة...، ومن مشاهير هذه الأسرة العالم الفقيه الشيخ علي ابن الشيخ محمّد قنديل أستاذ الشاعر العالم السيد نصر اللّه الفائزي الحائري المقتول في الأستانة سنة (1158ه / 1744م)، وفضل تضلعه في العلوم على جانب عظيم...». (ينظر : عشائر كربلاء وأسرها: 504/2).
2- آل نصر اللّه ينظر الباب الثامن / الفصل السابع والثلاثون.
3- ينظر الباب الثامن / الفصل السابع والثلاثون (في نقباء حضرتي الحسين والعباس (عَلَيهِما السَّلَامُ)).
4- آل الشيخ خلف: «إحدى الأسر العلمية العربية التي تفرعت من عشيرة (الزوبع)، بالانتساب إلى جدها الفقيه الشيخ خلف بن عسكر الحائري، استوطنت كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري، رأيت شهادة بعض أعلامها في الصكوك الكربلائية. وأشهر من نبغ فيها من العلماء والمحدثين : الشيخ خلف بن عسكر المتوفّى بطاعون سنة (1246ه)، وهو أحد تلامذة السيد علي الطباطبائي صاحب (الرياض).... وأعقب ثلاثة أولاد فضلاء هم: 1- الشيخ حسين عالم فاضل، تبوأ مكانة والده في الإمامة والوظائف الشرعية، وكانت وفاته بعد سنة ( 1346 ه). وأعقب ولدين هما الشيخ علي، والشيخ صادق. 2- الشيخ عبد الحسين فاضل جليل، له مكانة سامية وشأن مرموق. أعقب ولدين فاضلين هما الشيخ باقر، والشيخ حسن. 3- الشيخ محمّد عالم فاضل، يتمتع بسمعة حسنة وذكر حميد. ولا تزال ذراريهم يقطنون كربلاء». (تراث كربلاء: 141 - 142).

وَآل عيسى الهر والذي نُبِزْ***قَاسِمٍ إِذْ كَانَ قَصِيْراً مُكْتَبَزْ (1)

ص: 567


1- آل الهر: «كانت من الأسر الأدبية المعروفة في كربلاء، وهي فخذ من عشيرة (الطهامزة) المتفرعة من قبيلة خفاجة. وإن أول من رحل منها إلى كربلاء في أوائل القرن الثاني عشر الهجري واستوطنها هو الشيخ أحمد بن عيسى الهر الحائري، وتخرج فيها رعيل من أهل الفضل والأدب، ساجلوا أدباء عصرهم وطارحوهم بأفانين الشعر، وطوّقوا أعناق الأعيان بغرر مدائحهم ومراثيهم، وقد توارثوا النبوغ والسبق في الأدب خلفاً عن سلف. اشتهر منهم: 1- الشيخ قاسم بن محمّد علي بن أحمد بن عيسى الهر الحائري: البصير أخيراً، المولود سنة (1216ه)، والمتوفّى سنة (1276ه). ... كان شاعراً لبيباً، حسن البديهة، حاز على قسط وافر من الأدب، اشترك في معظم الحلبات الأدبية التي كانت تعقد في بغداد، وكان قادراً على الارتجال. له مجموعة قصائد قالها في أغراض شتّى، دُوّنت في المجاميع المخطوطة، توفي في كربلاء ودُفن في صحن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالقرب من باب السدرة... . 2- الشيخ محمّد علي ابن الشيخ قاسم بن محمّد علي بن أحمد الحائري: الشهير بالهر، المولود سنة (1248ه)، والمتوفّى سنة (1329 ه). كان من أهل الوعظ والإرشاد أديباً بارعاً، تتلمذ على عمه الشيخ صادق ووالده الشيخ قاسم، وأخذ الخطابة لنفسه وبدأ فيها في الروضة الحسينية ثم طلب إلى البصرة والمحمرة، وكان ذا صوت جهوري أخاذ. له بضع قصائد في شتّى الأغراض وبالأخص مدائحه للسادة آل الرشتي وآل كمونة... . 3- الشيخ كاظم بن صادق بن محمّد بن أحمد الحائري: الشهير بالهر، المولود في كربلاء سنة (1257ه)، والمتوفّى بها سنة (1330ه). كان شاعراً مجيداً وهو أشهر شعراء هذا البيت وكان سريع البديهة، أعجوبة في الظرافة، سريع الإجابة، حسن الروية، له نظم رائق وشعر جزل. درس الفقه وأصوله على أعلام عصره كالشيخ زين العابدين المازندراني، والسيد محمّد حسين المرعشي الشهرستاني، والشيخ صادق ابن الشيخ خلف له ديوان شعر مخطوط حوى مجموعة قصائد في شتى الأغراض، وله في آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) مدائح كثيرة... . توفي بكربلاء سنة (1330ه)، وُدفن في الحجرة الأخيرة من الشرف الشمالي للروضة العباسية... . 4- الشيخ جعفر ابن الشيخ صادق بن محمّد علي بن أحمد الحائري: الشهير بالهر، المولود في كربلاء سنة (1267 ه)، والمتوفّى بها سنة (1347 ه). درس مبادئ العربية على أخيه الشاعر الشيخ كاظم، ودرس المعاني والبيان والمنطق على أعلام كربلاء كالشيخ زين العابدين المازندراني، والشيخ حسين الأردكاني، والسيد مرزا محمّد حسين المرعشي الشهرستاني. كان فاضلاً، أديباً، شديد الورع، له ديوان شعر مخطوط يحوي قصائد في أغراض شتى منها مديحه ورثاؤه لآل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...». ... توفي في كربلاء سنة 1347 ه)، ودُفن في الرواق الحسيني قرب صندوق صاحب (الرياض). 5- الشيخ جواد ابن الشاعر الشيخ كاظم بن صادق بن محمد علي بن أحمد الحائري: الشهير بالهر، المولود في كربلاء سنة (1297ه)، والمتوفّى بها يوم 10 محرم سنة (1347 ه). كان من أهل الفضل والأدب، وتتلمّذ على والده ودرس على حملة العلم من معاصريه في مدرسة حسن خان الدينية، نظم في الفنون الشعرية كافة، وكان يُكنّي نفسه ب(شاعر آل كمونة)، شعره تقليدي حافل بالصور الكلاسيكية وجامع الظرافة... . 6- الشيخ موسى ابن الشاعر الشيخ جعفر بن صادق بن محمّد بن علي بن أحمد الحائري: الشهير بالهر، المتوفّى سنة (1369 ه). أحد شعراء الأسرة وأفاضلها، أخذ من أبيه بعض المبادئ الأولية، وتخرج على أساتذة فضلاء. له بضع قصائد دينية وتقاريض لبعض الكتب التي كانت تُهدى إليه، غير أن شعره تقليدي ينحى منحى الأقدمين. توفي يوم 18 ذي الحجة سنة ( 1369 ه)، ودُفن في مقبرة قرب داره...». (ينظر : تراث كربلاء: 170 - 177).

ص: 568

ص: 569

وَآل زين العابدينَ الأَنْقَى***وَالمُنْجَلِيِّ بالعُلُوْمِ سَبْقَا (1)

ص: 570


1- آل المازندراني: «أسرة مشهورة بالعلم والفضل، قطنت كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري، ظهر منها علماء أجلّاء، ونبغ فيها في غضون القرن الماضي الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري أحد جهابذة الفكر الإسلامي المتوفّى سنة (1309 ه)، وانتهت إليه الرئاسة العلمية في بلده. وتعد داره ندوة علمية تضم نخبة طيبة من رجال العلم والأدب، وقد أعقب أربعة أولاد نهجوا نهجه هم: الشيخ حسين المتوفّى سنة ( 1339 ه / 1921م)، والشيخ علي، والشيخ محمّد، والشيخ عبد اللّه. ومن هذه الأسرة العالم الفاضل الشيخ أحمد ابن الشيخ حسين ابن الشيخ زين العابدين المذكور المتوفّى يوم 29 جمادى الأولى سنة (1376 ه الموافق (1/1 1957 م)، وكان من أهل العلم والصلاح معظّماً لشعائر الدين. شبّ في بيئة علمية، وتخرج على رجال عصره الأماثل. ولهذا البيت أعقاب في كربلاء وإيران، منهم: العلّامة الشيخ محمّد باقر المازندراني، والمحامي الشيخ صدر الدين الحائري، ومنهم المهندسان: فاضل الشيخ أحمد الحائري، وفضل اللّه الشيخ أحمد الحائري». (تراث كربلاء: 151).

وَآل إِبْرَاهِيمَ بَدر الدِّينِ***وَالْمُعْتَزِي سَنْخَا إِلَى قزويْنِ (1)

ص: 571


1- آل القزويني: من الأسر العلمية التي حظت بنصيب وافر من المعرفة والثقافة. استوطنت العراق في القرن الثاني عشر الهجري، واشتهر منها السيد باقر الموسوي القزويني الملقب ب(معلم السلطان)، وهو أول من هاجر إلى النجف الأشرف سنة (1185ه)، ومنها إلى كربلاء وذلك سنة (1198 ه) مع أخيه السيد محمّد علي ابن السيد عبد الكريم الموسوي القزويني الحائري، وأشهر أعلام هذه السلالة في كربلاء هو السيد إبراهيم القزويني - صاحب (الضوابط) و (الدلائل) المولود سنة (1204ه)، والمتوفّى سنة ( 1262 ه) - ابن السيد باقر الموسوي القزويني. ومنها السيد محمّد مهدي ابن السيد باقر المولود سنة (1207 ه)، والمتوفّى سنة ( 1269 ه). ومنها السيد هاشم المتوفّى سنة (1327) ه)، وولداه السيد محمّد رضا المتوفّى (1348 ه)، والسيد محمّد إبراهيم المتوفّى سنة ( 1360 ه). ومنها العالم الشاعر السيد مهدي ابن السيد محمّد طاهر ابن السيد محمّد مهدي المذكور المتوفّى سنة (1351 ه). ومنها السيد حسين القزويني أحد رجالات الثورة العراقية الكبرى المولود سنة (1288 ه)، والمتوفّى سنة (1367 ه). ومنها السيد محمّد حسن الشهير ب( آغا،میر) مؤلّف كتاب الأمانة الكبرى المتوفّى سنة ( 1380 ه). منها السيد محمّد حسين ابن السيد محمّد طاهر المولود سنة (1287 ه)، والمتوفّى سنة (1385 ه). ومنها الخطيب الشاعر السيد محمّد صالح ابن السید محمّد مهدي المتوفّى سنة (1375 ه). ومنها اليوم العالم الفاضل السيد محمّد صادق ابن السيد محمّد رضا المولود سنة (1325 ه). والبحّاثة السيد إبراهيم شمس الدين ابن السيد حسين القزويني المولود سنة (1318 ه) مؤلّف كتاب (البيوتات العلوية في كربلاء). ومنها الخطيبان الفاضلان السيد محمّد كاظم ابن السيد محمّد إبراهيم المولود 12 شوال سنة 1348 ه، والسيد مرتضى ابن السيد محمّد صادق المولود سنة (1349 ه)، وغيرهم من العلماء والأدباء. ولهذه الأسرة الكريمة فروع في أغلب المدن العراقية ولهم فرع في الكويت». (تراث كربلاء: 149 - 150).

وَآلِ قَاسِمِ الحُسَيْنِي النَّسَبْ***وَالمُنْتَمِي لِرَشْتَ مِنْ مَسْكَن أَبْ(1)

ص: 572


1- آل الرشتي: وهي من الأسر العلمية والأدبية الشهيرة، يرجع استيطانها كربلاء إلى أوائل القرن الثالث عشر الهجري، ومن أبرز أعلامها السيد كاظم ابن السيد قاسم الحسيني الرشتي المتوفّى سنة (1259ه)، ذكره الشيخ الطهراني بما نصه: «أرشد تلاميذ الشيخ أحمد الأحسائي، وحاله أشهر من أن يذكر. له تصانيف كثيرة، منها: شرح الخطبة التطنجية، واللوامع الحسينية، وأُصول العقائد، ودليل المتحرين، وشرح قصيدة عبد الباقي العمري اللامية في مدح الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كلها مطبوعة. وطبع جملة من رسائله في مجلدين، وذكر هو نفسه فهرس تصانيفه في عدة أوراق، أورده في نجوم السماء بعينه، يربو مجموعها (من الكتب والرسائل) على مائة وخمسين». (الكرام البررة: 269).

وَآلِ زَينِ الدِّين والأحْسَاءُ***أَصْلٌ وَفِي الطَّفِّ لَهُمْ أَبْنَاءُ (1)

وَآل زَيْنِ الدِّينِ مِنْ بَني الحَسَن***فَلَهُمُ الغَرِيُّ وَالطَّفْ وَطَن (2)

ص: 573


1- هم أحفاد الشيخ أحمد ابن الشيخ زين الدين ابن الشيخ إبراهيم بن صقر بن إبراهيم بن داغر بن راشد بن دهيم بن شمروخ آل صقر المطيري أو المطيرفي الأحسائي البحراني مؤسس مذهب الكشفية. (وستأتي ترجمته وشيء من أخباره في الفصل التاسع والثلاثين في رثاة الحسين(عَلَيهِ السَّلَامُ) من سكنة كربلاء وأهلها).
2- آل زيني: «إحدى الأسر المعروفة في كربلاء التي يرتقي نسبها إلى العالم الفاضل السيد زين الدين ابن السيد على ابن السيد سيف الدين من سلالة الإمام الحسن بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قد عُرفت بالانتساب إلى جدها المذكور. وهو الذي استوطن كربلاء في أواخر القرن الثاني عشر الهجري حسب ما جاء في الوثيقة المؤرخة سنة (1173 ه)، والتي تنص : أن السيد زيني ابن السيد علي بنى داراً في كربلاء واتخذها مسكناً له، وموقعها في محلة آل عيسى أي في القسم الشرقي من محلة باب الطاق اليوم، واندمج ذووه في سلك خدمة الروضتين. ومن أشهر أعلام هذا البيت السيد محمّد بن أحمد بن زين الدين بن علي المولود في النجف سنة (1148 ه)، والمتوفّى في الكاظمية سنة (1216 ه)، ويُعرف ب(الزيني البغدادي)، كان شاعراً مشهوراً من أبطال (وقعة الخميس) تلك المساجلة الأدبية التي اتفقت في عهد السيد مهدي بحر العلوم المتوفّى سنة (1212 ه)، وأوردتها المجاميع العراقية وكتب التراجم والسِير... . ومنها الأديب الشاعر السيد جواد ابن السيد محمّد ابن السيد أحمد زيني المولود سنة (1175ه)، والمتوفّى بطاعون سنة (1247 ه)، ويُعرف ب السيد جواد السياه بوش.... . ومن هذه الأسرة الخطيب الفاضل السيد عبد الرزاق ابن السيد كاظم ابن السيد جعفر ابن السيد حسين ابن السيد أحمد ابن السيد زين الدين الحسني المولود سنة (1310 ه)، والمتوفّى سنة (1373 ه). ولا يزال أفراد هذا البيت يقطنون كربلاء، ومنهم في بغداد والنجف والكاظمية. وعميد هذه الأسرة في كربلاء السيد سعيد بن أحمد زيني صاحب مكتبة السعادة». (ينظر : تراث كربلاء 165 - 167).

وَآلِ صَالِحِ القَرِيبِ منْ خَلَف***(1) وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ بَقِي وَمَنْ سَلَفْ

ص: 574


1- آل صالح: «أسرة مشهورة بالعلم والفضل وتُعرف أيضاً ب(بيت گدا علي)، استوطنت كربلاء في أواخر القرن الثاني عشر الهجري، وأشهر أعلامها: الشيخ محمّد صالح بن مهدي ابن الخطاط آغا محمّد جعفر ابن الأمير فضل علي خان المشهور ب(گدا علي بيك) النوري الحائري المتوفّى سنة (1288 ه)، كان من مراجع عصره، واشتهر بين مختلف طبقات أهل كربلاء. ومنها نجله الشيخ مهدي ابن الشيخ محمّد صالح المذكور المتوفّى سنة (1340 ه)،فاضل،جلیل اقتفى سيرة والده فى إقامة الجماعة والفتيا. ومنها أيضاً الشيخ صالح ابن الشيخ مهدي المذكور المتوفّى سنة (1352 ه)، عالم، جليل، كان يقيم الجماعة في مسجد قرب باب السدرة، وله كتاب (شرح على قانون الأصول)، وأعقابه يقطنون كربلاء، منهم: الشيخ عيسى العطار، والشيخ هادي العطار، والشيخ مرتضى ابن الشيخ صالح ابن الشيخ مهدي المذكور. ومنهم الدكتور عبد الرزاق الشهرستاني ابن الشيخ مرتضى المذكور (ينظر: تراث كربلاء: 143 – 144).

فؤُلَاءِ أُسَرٌ أَقَامُوا***عَلَى لُزُوْمِ العِلْمِ وَاسْتَقَامُوا

وَاتَّخَذُوا الْعِلْمَ لَهُمْ شِعَارًا***إذْ لَمْ يَكُنْ حَلَاهُ مُسْتَعَارًا

ص: 575

ص: 576

الفصل التاسع والثلاثون: في رثاة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من سكنة كربلاء وأهلها

أَمَّا الذينَ أَنْشَأُوا المَرَاثِي***مِنهُمُ فِي مِنَاتِهَا الثَّلَاثِ (1)

كَالشَّهيد ذي العُلا والجاه***مُدَرِّسِ الحَائِرِ نَصْرِ اللّهِ

نَجْلِ الحُسَيْنِ الفائزي المُنْتَمَى***فَكَمْ وَكَمْ مِنَ المَرَاثي نَظَما

جَاهَدَ فِي نَقْص الثلاث مُفْرَدَا***فَأَرِّخُوا (اسْتُشْهِدَ نَاصِرُ الهُدَى) (2)

ص: 577


1- أي: القرون: 12 و 13 و 14.
2- 1158ه. (الناظم). السيد نصر اللّه الحسيني الموسوي الفائزي: هو السيد نصر اللّه بن الحسين بن علي الحسيني الموسوي الفائزي، وقد مرت ترجمته في الفصل السابع والثلاثين (في أسر العلم وذكر بيوتهم...)، ولا بأس بذكر بعض ما قيل فيه: فهو من أبرز أعلام العراق في القرن الثاني عشر الهجري، فهو علم شامخ من أعلام الفكر الإسلامي، وجهبذ فذ له إحاطة شاملة بكثير من العلوم العقلية والنقلية استهل دراسته العلمية والأدبية على لفيف من فضلاء عصره، وأخذ عنه جماعة كثيرة من أهل الفضل، يُعرف تارة ب(مدرّس الطف) وتارة أخرى (مدرّس الروضة الحسينية)، استشهد في اسطنبول سنة (1168ه) كما في كثير من المراجع، وفي رواية أخرى عام (1158ه) كما ذكره الشيخ السماوي أعلاه، ومن أشعاره من قصيدة له يتفجع فيها للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأولها: يا بدوراً لم تَرْضَ أفقَ السماءِ***كيف غُيبت في ثرى كربلاءِ يا شموساً في التربَ غارتْ وكانتْ***تبهرُ الخَلْق بالسنا والسناءِ يا جبالاً شواهقاً للمعالي***كيفَ وارتْكِ تربةُ الغبراءِ يا بحاراً في عرصةِ الطفِ جنّتْ***بعدَما أروتِ الورى بالعطاءِ ومنها قوله: آهِ لا يطفئ البكاءُ غليلي***ولو أني اغترفت من دأماءِ كيف يُطفى والسبط نصبٌ لعيني***وهو في كربةٍ وفرطِ عناءِ ... إلخ. (ينظر: أعيان الشيعة: 213/10 - 219 تراث كربلاء: 256-258).

وَكَالحُسَيْنِ بْنِ الرَّشِيدِ الرَّضَوِي***رَبِّ البَدِيعِ فِي النَّظَامِ النَّبَوِي

تلْمِيذِهِ الذِي بِهِ تَخَرَّجا***وَقَدْ قَفَاهُ فِي العُلُوْمِ مَدْرَجا

سَقَاهُ دَرَّ الفَضْلِ حَتَّى رَوِيَا***أَرّخ (حُسَيْنُ بِحُسَيْنِ حَظِيَا) (1)

ص: 578


1- 1167 ه (الناظم). كذا في المطبوع الذي اعتمدناه، والتاريخ المنظوم بحساب الجمل هو (1177ه). كذا أرّخ الناظم سنة وفاته، ويأتي من ذكر غير ذلك. السيد حسين ابن الأمير رشيد بن قاسم الحسيني النقوي الرضوي: السيد الأمير حسين ابن الأمير رشيد بن قاسم الحسيني النقوي الرضوي نسباً الهندي أصلاً، النجفي ثم الحائري مسكناً ومدفناً، المنتهي نسبه إلى الإمام علي بن محمّد النقي(عَلَيهِ السَّلَامُ) توفي بكربلاء (بعد سنة 1156ه وقبل سنة 1160ه)، وفي (الطليعة) وغيرها: أنه توفي سنة (1156ه)، وفي (الذريعة): سنة (1170ه)، ولكن الباحث يعقوب سركيس نزيل بغداد يقول: إنه وجد على ظهر نسخة ديوانه أنه توفي قبل الستين وبعد (1156ه)، قال: ومنه نعلم أن وفاته لم تكن سنة (1156ه)، بل كانت بعد ذلك بمدة لا تزيد على ثلاث سنوات على أكثر تقدير؛ لأنه لم يبلغ الستين. كان عالماً فاضلاً، أديباً شاعراً، أحد شعراء العراق في القرن الثاني عشر الهجري، له بديعية على وزن وقافية البردة، وعلى غرار بديعية الصفي الحلي وأمثالها. ... له ديوان كبير اسمه (ذخائر المال في مدح النبي المصطفى والآل) جمعه في حياته وقسمه على خمسة فصول افتتحها بمدح النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فيه بديعية عدد أبياتها مائة وخمسون بيتاً خالية عن تسمية الأنواع البديعية، أولها: حيّا الحيا ربع أحباب بذي سلمِ***وملعب الحي بين البان والعَلَمَ وقصائد في مدح السيد صفي الدين أبي الفتح نصر اللّه الحائري، وسائر أساتيذه کالسید صدر الدين القمي شارح الوافية، والشيخ أحمد النحوي. .. ومن شعره قوله في أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) كما في (الطليعة): يا آل بيت الوحي إنكُمُ***أسمى الورى قدرا وأفضلُها وأدقُها علما وأوفرُها***حلما وأزكاها وأكملُها تبَّتْ يدا فِكَرٍ بغيرکُمُ***نَظَمَتْ عقودَ المدحِ أنملُها إن الرسالةَ في بيوتِكُمُ***واللّهُ أعلمُ حيثُ يجعلُها (ينظر: أعيان الشيعة 15/6 - 17، الطليعة: 255/1).

ص: 579

وَكَالهُمَامِ ابْنِ أَمِيرِ الحَاج***محمّدٍ بَدْر الهُدَى الوَهَّاجِ

تَلْمِيذِهِ الثَّانِي الذي قَدْ أُمَّه***وَصَنَّفَ المُصنِّفَاتِ الجَمَّةْ

لَهُ بِسِبْطِ المُصْطَفَى زَوَاهِرُ***فَهْوَ بِهِ قَدْ أَرْخُوْهُ (ظَافِرُ) (1)

ص: 580


1- 1181ه. (الناظم). السيد محمّد بن الحسين بن محمّد الحسيني النجفي: «السيد محمّد بن الحسين بن محمّد بن محسن بن عبد المطلب بن علي بن فاخر بن أسعد بن أحمد بن على بن أحمد بن علي بن أحمد أمير الحاج الحسيني النجفي. توفي سنة ألف ومائة ونيف وثمانين في النجف ودفن بها. كان عالماً، فاضلاً، أديباً شاعراً، تلمّذ على السيد نصر اللّه الحائري ومدحه، وله (الآيات الباهرات في مدائح النبي والأئمّة عليه وعليهم الصلوات)، شعر جعل فيه لكل معصوم تسع منظومات، ذكر في كل واحدة منها آية بالشعر أو الرجز أو الموشح أو المقامة، فمن شعره قوله في العباس بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بذلتَ أيا عباسُ نفساً نفيسةً***لنصرِ حسينٍ عزَّ بالجدِ عنْ مثلِ أبيتَ التذاذَ الماءِ قبلَ التذاذِهِ***وحسنُ فعالِ المرءِ فرعٌ عنِ الأصلِ فأنتَ أخو السبطينِ في يومِ مفخرِ***وفي يومِ بذلِ الماءِ أنتَ أبو الفضل (أعيان الشيعة: 259/9).

وَكَالفَقيه يُوْسُفَ بْن أَحْمَدا***لُؤلُؤة البَحْرَيْن مقباس الهُدَى

فَكَمْ لَهُ دُرِّ مِنَ القَصِيْدِ***يَرْمِي شَظَايَاهُ عَلَى الشَّهِيدِ

وَقَدْ مَضَى تأريحُهُ المُزْدَلَفُ***فَاذْكُرْ (تَمَلَّكَ الثَّوَابَ يُوْسُف)(1)

وَكَالحَكِيْم أَحْمَدَ الْأَحْسَانِي***سَليْلِ زَيْنِ الدِّينِ ذِي العَلَاءِ

فَكَمْ لَهُ قَصِيدَةٍ تَنْعَى الهُدَى***مِنَ الحُسَيْنِ وَكِرَامِ الشُّهَدا

حَجَ وفِي ثَرَى البَقِيعِ انْتَظَما***فَأَرِّخُوا (أَزْكَى فَقِيْدٍ عَظُمَا ) (2)

ص: 581


1- 1186ه. (الناظم). يوسف بن أحمد بن بن عصفور الدرازي البحراني: تقدمت ترجمته في الفصل السادس والثلاثون (في ذكر جملة من العلماء والمصنفين الذين دفنوا فيها وتواريخهم)، فلينظر.
2- 1243ه. (الناظم). الشيخ أحمد ابن الشيخ زين الدين الأحسائي البحراني: «الشيخ أحمد ابن الشيخ زين الدين ابن الشيخ إبراهيم بن صقر بن إبراهيم بن داغر بن راشد بن دهيم بن شمروخ آل صقر المطيري أو المطيرفي الأحسائي البحراني مؤسس مذهب الكشفية. وُلد في الأحساء في رجب سنة (1166ه)، وتوفي وهو متوجه إلى الحج بمنزل هدية قريباً من المدينة المنورة بمرض الإسهال ليلة الجمعة أو آخر ذي القعدة سنة (1241ه)، وحمل إلى المدينة المنورة ودفن في البقيع...، حُكي عمّن شاهد قبره بجنب مشهد أئمة البقيع، وعليه لوح عليه تاريخ وفاته سنة (1243ه). ... قيل: إن له من المؤلّفات ما يزيد على مائة رسالة وكتاب ذكرها تلميذه الرشتي وغيره، منها:... (شرح الحكمة العرشية) لملّاصدرا...، (مباحث الألفاظ الأصول)...، (بيان حقيقة العقل والروح والنفس بمراتبها).... (الرسالة الخاقانية) أيضاً في جواب سؤاله عن حقيقة البرزخ والمعاد والتنعم في البرزخ والجنة... ». (ينظر: أعيان الشيعة: 589/2- 594).

وَكَالفَتَى محمّد البَحْرَانِي***أغْنِي ابْنَ مَعْصُوْمِ أَخَا الْإِيْمَانِ

السَّيِّدَ الذِي يَكَادُ يَقْضِي***إِنْ ذُكِرَ السِّبْطُ لَهُ بِأَرْضِ

حَتَّى قَضَى بِحُبِّهِ المُشْتَطَّ***فَأَرِّخُوا (أَغْنَاه حُبُّ السَّبْط) (1)

ص: 582


1- 1269 ه. (الناظم). كذا في المطبوع الذي اعتمدناه، والتاريخ المنظوم بحساب الجمل هو (1169ه). السيد محمّد بن مال اللّه بن معصوم الموسوي القطيفي الحائري: «السيد محمّد بن مال اللّه بن معصوم الموسوي القطيفي الحائري، توفي كربلاء سنة (1269ه) كما أرّخه بعضهم بقوله: (غاب الحبيب محمّد عنا). في (الطليعة): كان فاضلاً أديباً، مشاركاً في الفنون محققاً في عقليتها فضلاً على نقليتها، متنسكاً، محباً لآل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولاسيّما الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) محبة شديدة، ولم يكد یُسمع من شعره في غير المراثي.... وقوله من قصيدة: قلبُ المُعَنِّى دائم الحسراتِ***والعينُ منهُ سريعةُ العبراتِ دعْ لا تلمْهُ فمابهِ متحكمٌ***لم يصغ من وله لِلَحْيِ لحاةِ لم يُشجِهِ ذِكرُ العقيقِ ورامةٌ***كلا ولا لخيامها ومهاةِ لكنْ شجاهُ مصابُ سبطِ محمّدٍ***قطبِ الإمامةِ مركزِ الآياتِ لهفي له صرعْتهُ أمةُ جدِهِ***ظمآنَ منفرداً بشطِ فراتِ خطب يقلّ لو السما انفطرتْ لَهُ***والأرضُ شُقَّتْ منهُ بالرجفات (ينظر: أعيان الشيعة: 44/10، الطليعة: 282/2). ملحوظ: له رسالة في ترجمة أستاذه السيد عبد اللّه شبر مطبوعة ضمن مجلة ميراث حديث شيعة العدد (16) وفيها : أن اسمه السيد محمّد بن السيد معصوم الموسوي القطيفي النجفي الحائري.

وَكَالأَدِيْبِ قَاسِمِ البَصِير***لُقِّب بِالهِرِّ مِنَ التَّقدِيرِ

إِبْن محمّد العَلي الحائري***فَكَمْ لَهُ بالشَّعْرِ مِنَ مَاثِرِ

ص: 583

أَرْضَاهُ ذُو الْفَيْضِ بِفَضْلٍ حَاسِمِ***فَأَرِّخُوا (زَهَا الرِّضَا لِقَاسِمِ) (1)

وَكَأَخِي الفَضْلِ محمّد العَلِيُ***أَعْنِي ابْنَ كَمُّونَةَ ذَا الْفَخْرِ الجَلِي

فَكَمْ لَهُ مِنَ النِّظَامِ الْحَاكِيْ بِزَهرِهِ كَوَاكبَ الأَفْلَاكِ

ص: 584


1- 1276ه. (الناظم). الشيخ قاسم بن محمّد علي بن أحمد الحائري: «الشيخ قاسم بن محمّد علي بن أحمد الحائري الشهير ب(الهر البصير). ولد سنة (1216ه)، وتوفي سنة (1276ه)، وأضرّ في آخر عمره. في (الطليعة) كان أديباً شاعراً تقياً، ناسكاً... . ... وقوله من قصيدة: ما أنتَ يا قلب وبيضُ الملاحْ***ووصفُ كاساتٍ وساقٍ وراحْ هلمّ يا صاحِ معي نستمعْ***حديثُ من في رُزِئِه الجنُّ ناحْ لقد قضى ريحانةُ المصطفى***بينَ ظبا البيضِ وسُمْرِ الرماحْ لهفي عليه مُذْ هوى ظاميا***موزعَ الجسم بِبيضِ الصفاحْ ثوى أبيُّ الضيمِ في كربلاءْ***ورحلُهُ فيها غدا مستباحْ هُبّوا بني عمرو العلى للوغى***بكلِّ مقدامٍ بومِ الكفاحْ نساؤكمْ بالطفِ بينَ العدى***كأنها بالنوحِ ذاتُ الجناحْ (ينظر: أعيان الشيعة: 446/8 - 447، الطليعة: 120/2).

نالَ عَلَاءً بالحُسَيْن وَشَرَف***وَحَلَّ منْ وَلَاهُ أَرّخ (بغُرَف) (1)

وَكَالجَوَادِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمُنْتَمِي***لِبَدكَتٍ نَبْراً بِكَافٍ أَعْجَمِي

الأَسَدِيِّ مِنْ أَهالي كربلا***فَكَمْ لَهُ مِنْ نَظْمِ عِقْدِ قَدْ حَلَا

بَكَى وَأَبْكَى مُقَلاً في مَحْفِلِ***فأرِّحُوا (جَنَى ريَاضِ المُقَل ) (2)

ص: 585


1- 1282ه. (الناظم). الحاج محمّد علي ابن الشيخ محمّد بن عيسى كمونة: «... الشاعر الأديب الحاج محمّد علي ابن الشيخ محمّد بن عيسى كمونة المتوفّى سنة (1282ه / 1865م)، وله ديوان شعر مطبوع سنة (1367ه 1948م)، وقد ثبت في شعره تواريخ وفيات من عاصرهم من رجال الفكر، ويضم قصائد كثيرة في رثاء ومديح آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وهو من أروع ما قاله في رثاء الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذه الأبيات: عرى فاستمر الخطب واستوعب الدهرا***مصابٌ أهاجَ الكربَ واستأصلَ الصبرا وطبّق أرجاءَ البسيطةِ حزنُهُ***وأحدثَ روعاً هولُه هوّنَ الحشرا وجاسَ خلالَ الأرضِ حتى أثارَها***إلى الجوِّ نقعاً حَجَبَ الشمسَ والبدرا ومارتْ لهُ حتى السماء وزلزلتْ***له الأرضُ وانهدتْ أخاشُبها طرا وغيرُ عجيب أن تمورُ له السماء***ومن أوجه تهوى السماءُ على الغبرا (ينظر: تراث كربلاء 195).
2- 1285 ه (الناظم). كذا في المطبوع الذي اعتمدناه، والتاريخ المنظوم بحساب الجمل هو (1275ه). الحاج جواد بذقت ابن الحاج محمّد حسين الأسدي الحائري: «الحاج جواد - ويقال محمّد - ابن الحاج محمّد حسین ابن الحاج عبد النبي ابن الحاج مهدي ابن الحاج صالح ابن الحاج علي الأسدي الحائري الشهير ب(بذقت) أو (بدگت) بالكاف الأعجمية، ولد سنة (1210ه) في كربلاء، وتوفي سنة (1281ه) كما في مسودّة الكتاب، وفي مجلة الغري توفي سنة (1285ه) واللّه أعلم، وكانت وفاته في كربلاء ودُفن بها. و بذقت) لقب جدهم الحاج مهدي أراد أن يقول عن الشمس (بزغت)، فقال لتمتمة فيه: (بذقت). في (الطليعة): كان فاضلاً، أديباً، شاعراً، محاضراً، مشهور المحبة لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ). ... وله يرثى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضا: شجتكَ الظغائنُ لا الأربعُ***وسالَ فؤادك لا الأدمعُ ولو لم يُذِبْ قلبكَ الاشتياقْ***فمِنْ أينَ يُسترسَلُ المدمعُ توسمُتها دمنةً بلقعا***فما أنتَ والدمنةُ البلقعُ تخاطبها وهي لا ترعوي***وتسألها وهي لا تسمعُ فعُدْتَ ترومُ سبيلَ السّلُوّ***علامَ قدِ انضمتِ الأضلعُ هل ارتعتَ من وقفِة (الأجر عين)***فأمسيتَ من صابِها تجرعُ فأينَكَ من موقفٍ بالطفوف***يحطُّ له الفلكُ الأرفعُ ... إلخ » (ينظر: أعيان الشيعة: 281/4 - 282، الطليعة: 202/1).

وَكَالفَتَى عَليَّ بنِ النَّاصِرِ***والشاعر السَّاكِن أَرْضِ الحَائِرِ

ص: 586

فَكَمْ لَهُ في السِّبط مِنْ قَصِيدَةْ***مَنُوْطَةٍ بِفَضلِهِ فَرِيدَةْ

حَتَّى غَدَا يَسْتَنْجِرُ الجَدَّ الوَفَا***فَأَرِّخُوا (غَدًا لبَابِ المُصْطَفَى ) (1)

وَكَالأَديب المُحْسن بن الحَسَن***إبْن أَبي الحَبِّ الخَطيب اللَّسِنِ

فَكَمْ لَهُ مِنْ سَمْط دُرِّ فِي الرِّثَا***إِذَا وَعَاهُ سَائِقُ الطَّعْن جَثَا

رَأَى الجَزَاء في الحَيَاةِ إِذْ هوْ***لَدَى الرَّدَى فَقِيلَ: أَرّخ (خُذْهُ) (2)

ص: 587


1- 1300ه. (الناظم). الشيخ علي بن ناصر الحائري ذكره الشيخ الطهراني في (الذريعة 9 ق 82/1 رقم 480)، بقوله: «الحائري، هو الشيخ علي بن ناصر الشهير ب(الأعور الحائري) المتوفّى حدود (1300ه)، يقرب ديوان الأعور من ألفي بيت في مواضيع شتى، يوجد عند الشيخ محمّد علي اليعقوبي في النجف.
2- 1305ه. (الناظم). الخطيب الشاعر محسن بن محمّد حسن بن محسن أبي الحب: «... الخطيب الشاعر محسن ابن الشيخ محمّد حسن...، المولود سنة (1305ه)، والمتوفّى نهار يوم الجمعة (5) ربيع الثاني سنة (1368ه). وكان شاعراً مكثراً مطبوعاً قوي،الحافظة، فصيحاً جريئاً، له ديوان مطبوع سجل فيه تاريخ عصره وأحداث زمانه. ومن شعره قوله في رثاء الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لاقى الصلاةَ بأرضِ الطفِ منفردا***وما له من معينٍ ناصرٍ وولي أصحابُهُ جاهدوا عنهُ وما نَكَلُوا***حتى قَضَوا بينَ منحورٍ ومنجدلِ واللّهُ منهمْ شرى قُدماً نفوسَهُمُ***فقدّموها لهُ طوعاً بلا مهلِ عبّاد ليلٍ فهم لا يهجَعُون بِهِ***فَمِنْ مصلٍّ ومِنْ داعٍ ومنتقلِ أماجدٌ كان يومَ الحربِ عيدُهُم***والموتُ عندَهُمُ أحلى منِ العسلِ شدّوا على زُمرِ الأعداء كانّهُمُ***أُسْدَ تشدُّ على جمعٍ من الهملِ». (ينظر: تراث كربلاء: 156 – 157).

وَكَمحمّد السَّعِيدِ الكُوفِي***الحَائِرِي المَسْكَنِ المَعْرُوفِ

فَهُوَ لَهُ مِنَ المَرَاشِي الطَّيِّبُ***يَنْشُقُهُ السَّامِعُ وَالخَطِيْبُ

رَامَ بُلُوغَ جَنَّةِ إِذْ يَخْطُوْ***أَرخ (يُبَلِّغُ السَّعِيْد السِّبطُ) (1)

ص: 588


1- 1319ه. (الناظم). محمّد سعيد بن محمود بن سعيد نائب خازن الروضة الحيدرية النجفي الحائري: «كان أديباً جامعاً، وشاعراً بارعاً، ومؤرخاً رائعاً، رأيته واجتمعت به، وكاتبني وكاتبته، فرأيته منه الرجل المثري من الأدب الصافي السريرة، الحسن السيرة، الأريحي الطبيعة، الظريف اللسان، النقي الجنان...، ومن شعره: وليس كيوم الطف يومٌ فإنّهُ***أسالَ من العينِ المدامعَ عندَما غداةَ استفزت آلُ حربٍ جموعَها***لحرب ابن مَنْ قَد جاء بالوحيِ مُعلِما أتحسبُ أن يستسلمُ السبطُ ملقياً***إليها مقاليدَ الأمورِ مسلّما فمذ شبتِ الهيجاءُ هبتْ لحربِها***بأُسْدِ وغيً تغشي الوطيسَ إذا حمى متى تلقَ منهم فارساً تلقَ باسلاً***شَمَر دَلَ عبْلَ المرفقين غشمشما .. إلخ من الأبيات. وُلد في النجف سنة ألف ومائتين وخمسين، ثم سكن كربلاء وتوفي ليلة الأربعاء سلخ ربيع الأول سنة ألف وثلثمائة وتسع عشرة (1319ه) بها، ودفن في صحن الحسين وهو ابن أخت عباس بن علي البغدادي». (ينظر: الطليعة: 244/2-246).

وَكَالفَتَى الوَهَّابِ لِلْفَضْلِ الرَوِي***إِبْنِ عَلِيَّ الرَّئيسِ المُرْسَوِي

شَمْسِ المَعَالِيُّ مِنْ بَنِي الوَهَّابِ***وَعَيْلَمِ العُلُومِ وَالآدابِ

قَضَى وَكَمْ مشبحية بند بسه(1)***فَأَرِّخُوا (أَرْضَاهُ حَقَّ رَبِّه) (2)

ص: 589


1- جملة فارسية تعطي معنى بالعربي: وكم من أمثال هذا العبد الكتوم النادر الوجود.
2- 1322ه. (الناظم). السيد عبد الوهاب ابن السيد علي بن سليمان آل الوهاب: «السيد عبد الوهاب ابن السيد علي بن سليمان آل الوهاب المتوفّى بالوباء سنة (1322ه)، كان على جانب عظيم من الفضل والورع والتقى، يزخر شعره بحرارة العاطفة وعمق الشعور وصدق التجربة. ومن شعره قوله في رثاء الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): ذكرتُ السيوفَ الغرَّ من آل هاشمٍ***غدتْ بسيوفِ الهندِ وهيَ تثلّمُ وتلكَ الوجوهُ الغرُّ بالطفِ أصبحت***يحطّمُها شوكُ الوشيجِ المثلمُ تساقَوا كؤوسَ الموتِ حتى انثنوا وهمْ***نشاوى على وجهِ البسيطةِ نوّمُ قَضَوا فقَضَوا حقَّ المعالي أماجداً***بيومِ بهِ الأُسْدُ الضراغمُ تحجِمُ ولم يبقَ إلا السبطُ في الجمعِ مفرداً***ولا ناصرٌ إلا حسامٌ ولهذمُ وعزمٌ إذا ما صُبَّ فوقَ يَلَمْلُمٍ***لخرَّ إذاً أو هُدّ منهُ يَلَمْلُمُ لئن عادَ فرداً بين جيشٍ عرمرمٍ***ففي كلِ عضوٍ منهُ جيشٌ عرمرمُ كأن لديهِ الحربُ إذ شبّ نارُها***حدائقَ جناتٍ وأنهارُها دمُ كأن المواضي بالدماءِ خواضباً***لديه أقاحٌ بالنقيقِ مكمّمُ كأنَّ لديهِ السمهرياتُ في الوغى***نشاوى غصونٍ هزَهُنَّ التنسُّمُ سطى فسقى العضبَ المهندَ من دمٍ***وأحشاهُ من فرطِ الغمى تتضرّمُ ... أرداه سلطان الموت نتيجة تسرب مرض الوباء الذي استفحل داؤه آنذاك، وتوفي بمقاطعة (الفراشية) وهي ضيعة قريبة من كربلاء تعود ملكيتها للسادة آل الوهاب، وهو لم يبلغ العقد الثالث من عمره، ففاضت روحه في رمضان سنة (1322ه) ونُقل رفاته إلى الروضة الحسينية ودفن بالقرب من مرقد صاحب (الرياض)». (ينظر : تراث كربلاء: 177- 178).

ص: 590

وَكَالأَديب الكاظِمِ ابْنِ الصَّادِقِ***ظَریفِ آلِ الهِرِّ فِي الحَقَائِقِ

فَشِعرُهُ كَانَ لِأَهْلِ البَيْت***مُشْتَهِرٌ كَغُرَّةِ الكُمَيْت

لَاحَ لَهُ فُلْكُ نَجَاةٍ عَاصِمُ***فَأَرِّخُوا (رَاحَ لِفُلْكِ كَاظِمْ) (1)

ص: 591


1- 1330ه (الناظم). الشيخ كاظم بن صادق بن محمّد بن أحمد الحائري: «الشيخ كاظم بن صادق بن محمّد بن أحمد الحائري الشهير ب(الهر). المولود في كربلاء سنة (1257ه)، والمتوفّى بها سنة (1330ه). كان شاعراً مجيداً، وهو أشهر شعراء هذا البيت، وكان سريع البديهة أعجوبة في الظرافة واللطافة، سريع الإجابة، حسن الروية، له نظم رائق وشعر جزل. ...له ديوان شعر مخطوط حوى مجموعة قصائد في شتى الأغراض، وله في آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) مدائح كثيرة. اسمعه في هذه القصيدة التي استهلها بالغزل: غيداءُ من بيضِ الملاحِ رداحُ***ألوتْ عنانَ القلبِ فهو جماحُ كم ذا أُكتِّمُ صبوتي فيها وذا***دمعي السفوحُ لصبوتي فضاحُ مهما تنسمْتُ الصبا سحراً فلي***قلبٌ كخفاقِ النسيمِ متاحُ باللّهِ يا قلبي المتيمَ بالضنى***كمْ فيكَ من ألمِ الغرامِ جراحُ طعنتْكَ من هيفِ القدودِ رماحُ***وبرتْكَ من نجلِ العيونِ صفاحُ وسبْتكَ من خودِ الغواني غادةٌ***فيها دماءُ العاشقينِ تباحُ ...توفي بكربلاء سنة (1330ه)، ودُفن في الحجرة الأخيرة من الطرف الشمالي للروضة العباسية...». (ينظر : تراث كربلاء: 173).

وَكَأَخَيْه جَعْفَرٍ بَدْر التَّقَى***وَهَضْبَةِ العِلْمِ التِي لَا تُرتَقَى

عَاشَ حَميْداً وَمَضَى سَعيدا***وَازْدَادَ فَضْلاً إِذْ رَثَا الشَّهيدا

فَاخَرَ فِي رِثَا الشَّهِيدِ جَهْرَا***فَأَرِّخُوا (جَعْفَرُ أَعْلَى فَحْرا) (1)

ص: 592


1- 1345ه. (الناظم). الشيخ جعفر ابن الشيخ صادق بن محمّد علي بن أحمد الحائري: «الشيخ جعفر ابن الشيخ صادق بن محمّد علي بن أحمد الحائري الشهير ب(الهر) المولود في كربلاء سنة (1267ه)، والمتوفّى بها سنة (1347ه). درس مبادئ العربية على أخيه الشاعر الشيخ كاظم، ودرس المعاني والبيان والمنطق على أعلام كربلاء كالشيخ زين العابدين المازندراني، والشيخ حسين الأردكاني، والسيد مرزا محمّد حسين المرعشي الشهرستاني. كان فاضلاً، أديباً، شديد الورع. له ديوان شعر مخطوط يحوي قصائد في أغراض شتى منها مديحه ورثاؤه لآل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)... . قال راثياً شهيد كربلاء علي الأكبر ابن الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)... : بقلبي أوقدتْ ذاتُ الوقودِ***رزايا الطفِ لا ذاتُ النهودِ شبابٌ بالطفوف قضى شهيداً***يشيبُ لِرُزئِهِ رأسُ الوليدِ شبيهُ محمّدٍ خَلْقاً وخُلقاً***وفي مشيٍ وفي لفتاتِ جيدِ ... إلى أن يقول: عليٌّ بالطفوفِ أقامَ حرباً***كحرِبك يا عليُّ معَ اليهودِ وصيَّر كربلا بدراً وأُحْداً***ونادی یا حروبَ الجدِّ عودي ...». (ينظر: تراث كربلاء: 174).

وَكَالخَطيب السيد الجَواد***وَالصَّارِمِ الهِنْدِي فِي النَّجَادِ

فَكَمْ لَهُ شعراً رَثَى الحُسَيْنَا***أَوْرَى الحَشَا فيه وَأبْكَى العَيْنَا

بَكَى وَأَبْكَى وَحَوَى الصفات***فَأَرْخُوْهُ (أَكْمَلُ الخَيْرَات) (1)

ص: 593


1- 1333ه. (الناظم). الخطيب السيد جواد ابن السيد محمّد على الحسيني الهندي الحائري: «السيد جواد ابن السيد محمّد علي الحسيني الإصفهاني الحائري الشهير ب(الهندي) الخطيب، توفي بعد مجيئه من الحج في كربلاء سنة (1333ه) ودفن فيها. كان فاضلاً تلمّذ على الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري في الفقه وكان ذاكراً لمصاب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، من مشاهير،الذاكرين خطيباً طلق اللسان، أديباً، شاعراً، رأيته في كربلاء وحضرت مجالس ذكره، وجاء إلى دمشق ونحن فيها في طريقه إلى الحجاز؛ لأداء فريضة الحج، فمن شعره قوله: ألا هل ليلةٌ فيها اجتمعنا***وما إن جاءَنا فيها ثقالُ ثقال حيثما جلسوا تراهم***جبالاً بل ودونَهُمُ الجبال وقوله في رثاء الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من قصيدة: وفارقَ طرفي طيبَ الرقادِ***وفي سهِدِه يشهَدُ الفرقدُ يطارحُ بالنوحِ وِرْقُ الحمامِ***بتذكارِكُم قلبي الموقدُ وما كانَ يُنْشَدُ من قبلكُمْ***فقيداً فلا والذي يُعبدُ سوى مَنْ بقلبي لهُ مضجعٌ***ومَن بالطفوف لهُ مشهدُ ومَن رزوُهُ ملأُ الخافقينِ***وإِن نَفَدَ الدَهرُ لا يَنْفَدُ فمَنْ يسألُ الطفَّ عن حالِهِ***یقصُّ عليه ولا يجحَدُ بأنَّ الحسينُ وفتيانَنُ***ظمايا بأكنافه استُشهِدوا مضَوا بشبا ماضياتِ السيوفِ***وما مُدَّ للذلِّ منهمُ يدُ». (أعيان الشيعة: (288/4).

وَكَالوَزِيْرِ ذِي المَعَالِي وَاللُّسَنْ***أَبِي المَحَاسِنِ ابْنِ حَمَّادِي الحَسَنْ

فَكَمْ لَهُ مِنَ المَرَاثِي وَالمَدِحْ***مَا عَذُبَتْ فِي الفَمِّ وَازْدَادَتْ مَلِحْ

ص: 594

هادي الحُسَيْنِ فَحَبَاهُ الحَقَّا***وَرَاحَ أَرْخ (بالنِّظَامِ يَرْقَى) (1)

وَكَالفَتَى المَهْدِي نَجْلِ البَاقِرِ***وَالصَّارِمِ الهِنْدِي ذِي المَآثِرِ

النَّقَويٌّ مُنتَفِي الأشعَارِ***في مَدْح سَادَات الوَرَى الأطْهَارِ

ص: 595


1- 1344ه. (الناظم). الحاج محمّد حسن بن حمادي بن مهدي الجناجي الكربلائي: «الحاج محمّد حسن بن حمادي بن مهدي من آل (أبو المحاسن) الجناجي الكربلائي، ولد حدود (1295ه)، وتوفي في جناجة يوم الخميس (13) ذي الحجة سنة (1344ه). كان شاعراً، أديباً، حسن البديهة كاتباً ناثراً، له ديوان كبير مخطوط مبوّب. درس في كربلاء على جماعة من علمائها الأعلام، وخلال الثورة العراقية انتدبه الميرزا محمّد تقي الشيرازي عن علماء كربلاء للتفاوض مع الإنكليز، وقد كان رئيساً للمجلس الملي الثوري والحكومة المؤقتة في كربلاء يومذاك. وهو أحد السبعة عشر شخصاً الذي طلبت بريطانيا تسليمهم للمحاكمة عند احتلال جنودها لمدينة كربلاء عام (1920م)، فاعتُقل مع أولئك الأشخاص في بغداد ثم في الحلة أياماً عديدة، وحُكم عليهم بأحكام مختلفة حتى صدر القرار بالعفو العام. ولما شُكلت الوزارة العراقية بعد الثورة عُيّن وزيراً للمعارف في وزارة جعفر العسكري سنة (1923م)...». (ينظر: أعيان الشيعة 150/9).

مُدَّخِراً لحَشْرِهِ حُبَّ الغُرَر***فَرْداً فَأَرَحْهُ (التَجَى للْمُدَّخَرْ)(1)

ص: 596


1- 1349ه. (الناظم). السيد مهدي ابن السيد باقر ابن السيد حسين النقوي الهندي الحائري: «السيد مهدي ابن السيد باقر ابن السيد حسين النقوي الهندي النصير آبادي الحائري، وُلد في نصير آباد من الهند (5) محرم سنة (1287ه)، وتوفي (2) رجب سنة (1349ه)، ونُقل إلى كربلاء ودُفن بها. في (الطليعة): فاضل متفنن في العلوم النقلية والعقلية بارع فيها خصوصاً الأصولية والفقهية...، وُلد في الهند وأتى مع أبيه لطلب العلم إلى العراق فسكن الحائر ونال من الفضل حظاً وافراً، وله شعر كثير أكثره في الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) جمعه في ديوان سمّاه (المختار في مديح بني المختار)... . ... وقوله: يا آلَ أحمد إنني مولاكُمُ***ويديَّ قَدْ علقتْ بحبلِ ولاكُمْ مَن ذا الذي لم يأتِكُمْ فنجا ومَنْ***ضلّ السبيلَ وتاهَ حينَ أتاكُمْ أنتُم كرامٌ لا يداني فضلَكُمْ***فضلٌ وعندَ اللّهِ ما أسماكُمْ ما استغنَتِ الدنيا بشيءِ عنكُمُ***كلا ولا ضراتُها بسواكِمْ أنتم صنائعُ ربكُمْ والخلق بعدُ***صنائعٌ لكمُ فما أغناكم ... إلخ » (ينظر: أعيان الشيعة 144/10، الطليعة: 351/2).

وَكَعَلي بن الحُسَيْن السَّعْدي***رَوْض الكَمَال وَهِلَالِ السَّعْد

فَكَمْ لَهُ مِنْ مِدْحَةِ أَنْشَاهَا***فِي السَّبْطِ خَوْفَ سَاعَةٍ يَغْشَاها

حَتَّ مَضَى نَقِيَّ قَوْبٍ سَالِمَهْ***فَأَرِّخُوا (نَقَاءَ حُسْن الخَاتِمَة) (1)

ص: 597


1- 1355ه. (الناظم). كذا في المطبوع الذي اعتمدناه، والتاريخ المنظوم بحساب الجمل هو 1347ه. على بن الحسين السعدي: «المتوفّى سنة (1355ه)، شاعر كربلائي، عُرف برثائه للإمام الحسين بن على (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كان ورعاً تقياً حسن السيرة». (معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء: 144).

ص: 598

الفصل الأربعون: في الختام والتاريخ والحمد له على التمام للنظام

فَهَؤُلَا عَقْد منَ الرِّجَال***خَتَمْتُ فيهمْ هَذه المجالي

وَمَا ذَكَرْتُ غَيْرَ مَنْ عَرَفْتُهُ***مِنْ سَاكِنِي الطَّفِّ بِمَا وَصَفْتُهُ

وَقَدْ تَرَكْتُ مِنْهُمُ الكَثِيرا***إِذْ لَمْ أَكُن بحالهمْ خَبيرا

غَيْرَ الأُولَى مِنَ القُرُونِ السَّالَفَة***فَإِنَّهَا لِشَرْطِنَا مُخَالَفَة

حَيْثُ شَرَطْنَا الوَقْتَ فِي المَرَاثِي***مِنَ المِئَاتِ الْآخِرِ الثَّلَاثِ

فالْحَمْدُ للّه عَلَى إِثْمامها***أُرْجُوْزَةً جَهَدْتُ في نظامها

لأنَّها زَوَاهِرٌ مثْلُ الشُّهُبْ***مُنْتَشَرَاتٌ بَيْنَ أَفْلاكَ الكُتُب

لَمْ تَجْتَمِعْ حَتَّى جَمَعْتُ شَمْلَهَا***ثُمَّ نَظَمْتُ بَابَها وَفَصْلَها

فَانْتَظَمَتْ أَبْيَاتُها تَسْتَوْفِي***أَلْفاً مِنَ الرَّجْزِ وَرَبِّعَ أَلْفِ (1)

وَأُرَخَتْ فِي الابْتِدَاءِ بِاسْمِها***كَمَا عَلِمْتَ فِي مَبَادِي نَظْمِها

ص: 599


1- عدد أبيات الأرجوزة هو (1248).

وأُبَدِلَتْ فِي الختم (بالنوال)***لفَضْلُها عَنْ لَفْظَة (المَجَالي) (1)

فَرَحِمَ اللّه امْرَءاً رَوَاهَا***أَوِ اسْتَفَادَ الشَّيْء مِنْ فَحْواها

وأَسْأَلُ اللّه القَبُولَ للعَمَلْ***وَالصَّفْحَ عَنْ جُرْمِي وَتَبْلَيْغَ الأَمَلْ

ثُمَّ صَلَاتَهُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ***خَاتِمة والعتِرَةِ المُبَجَّلَة

ص: 600


1- أي أن تاريخ ابتداء القصيدة (مجالي اللطف بأرض الطف) وهو يساوي (1358) كما ذكره في مقدمة الأرجوزة وختامها (نوال اللطف بأرض الطف) وهو يساوي (1360).

الفهارس العامة

إشارة:

1- فهرس الآيات القرآنية

2- فهرس الأحاديث النبوية

3- فهرس الأعلام

4- فهرس الوقائع والحوادث

5- فهرس الأمكنة والبلدان

6- فهرس البيوتات والقبائل والفرق

7- فهرس الأشعار

فهرس الحيوانات

9- فهرس المصادر والمراجع

10 - فهرس المحتويات

ص: 601

ص: 602

فهرس الآيات القرآنية

الآية / السورة / رقم / الآية / الصفحة

«وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ...» / البقرة / 110 / 424

«فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمعَهُ فَإِنَّا إِثْمُهُ إِثْمُهُ...» / البقرة / 181 / 425

«إنَّ اللّه اصْطَفَى آدَمَ...» / آل عمران / 33 / 421

«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَات...» / آل عمران / 33 / 421

«وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً» / المائدة / 12 / 541

«إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّه وَرَسُولُه...» / المائدة / 55 / 419- 420

«لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّه لَكُمْ....» / يوسف / 92 / 441

«رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ...» / إبراهيم / 37 / 99

«إنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذه الْبَلْدَة...» / النمل / 91 / 99

«وَ قالُوا إِن نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ...» / القصص / 57 / 99

«إنَّمَا يُريدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ...» / الأحزاب / 33 / 420

«قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا...» / الشورى 23 / 420

ص: 603

الآية / السورة / رقم / الآية / الصفحة

«كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ» / الذاريات / 17 / 558

«وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتِ» / المجادلة / 11 / 420

«لا أُقْسِمُ بهذا الْبَلَدِ*وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ» / البلد / 1 -2 / 99

ص: 604

فهرس الأحاديث

الحديث / الصفحة

«أحبّ الأرض إلى اللّه تعالى مكة، و...». / 100

«أحسنت يا بشير أيما مؤمن أتى...». / 180

«أدنى ما يُثاب به زائر أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)...». / 184

«إذا أخذت طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)....». / 123

«إذا أخذت من تربة المظلوم ووضعتها...». / 125

«إذا أردت حمل الطين، طين...». / 123

«إذا أردت قبر الحسين في كربلاء...». / 190

«إذا أكلته تقول: اللهم ربّ هذه التربة...». / 124

«إذا تناول أحدكم من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فليقل...».

«إذا كان النصف من شعبان نادی منادٍ...». / 184

«اشتر به عسلاً،و،زعفران، وخذ من طين...». / 120

«اصبر قليلاً، فإن موسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) سأل...». 222

ص: 605

الصفحة / الحديث

«أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير...». / 125

«ألا أحدثك بما رأيت في منامي آنفاً عند رقدتي...». / 83

«ألم آمرك ألا تخرج معهم...». / 228

«أما إذا دخلت الحير...». / 60

«إنّ إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحرم مكة ودعا لها، وحرمت...». / 101

«إن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان نازلاً في بادية الشام.. فأوحى...». / 100

«إنّ أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) شعث...». / 182

«إنّ أرض الكعبة قالت مَن مثلي وقد بني بيت اللّه...». / 114

«إن أيام زائري الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ان لا تعدل آجالهم...». / 185

«إنّ الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمّا ولد أمر اللّه جبرئيل أن...». / 115

«أنّ الحور العين إذا أبصرن واحداً من الأملاك يهبط...». / 128

«إن عند رأس الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) التربة حمراء...». / 122

«إنّ فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) كانت مسبحتها من خيط من صوف مفتّل...». / 127

«إنّ في طين الحائر الذي فيه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) شفاء من كل داء...». / 121

«إن اللّه تبارك وتعالى خلق آدم من الطين فحرم الطين على ولده...». / 125

ص: 606

الحديث / الصفحة

«إنّ اللّه تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)...». / 183

«إن اللّه تعالى جعل تربة جدي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) شفاء من كل داء...». / 129

«إنّ مكة بلد عظمه اللّه وعظم حرمته، خلق مكة...». / 99

«أنّ من أدار تربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في يده وقال...». / 126

«إنما سمّيته عثمان بعثمان بن مظعون أخي...». / 478

«أنه لم تقع من ذلك الدم قطرة إلى الأرض...». / 484

«إنّي قد أجمعت المسير في أحد يومَي هذين...». / 87

«أين يريد هؤلاء؟...». / 181

«بعث إلي أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)...». 121

«بلغني يا زائدة، أنك تزور قبر أبي عبد اللّه أحياناً...». 149

«ثم امش قليلاً وعليك السكينة والوقار بالتكبير والتهليل...». / 190

«حرم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذي اشتراه أربعة أميال في أربعة أميال...». / 66

«حريم قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) خمسة فراسخ من أربعة جوانب القبر». / 66

«حسين مني وأنا من حسين». / 422

«حنكوا أولادكم بتربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإنها أمان». / 121

ص: 607

الحديث / الصفحة

«رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء...». / 84

«زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) تعدل عشرين حجة وعمرة وأفضل...». / 181

«صيرا إلى أمكما بما معكما وابدءا بأبيكما...». / 248

«طين قبر الحسين شفاء من كل داء...». / 120

«طين قبر الحسين شفاء من كل داء وإذا أكلته...». / 124

«فامض حيث لا ترى لنا مقتلاً ولا تسمع لنا صوتاً...». / 91

«قبر الحسين بن علي عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً...». / 58

«كان عمنا العباس بن على (عَلَيهِ السَّلَامُ) نافذ البصيرة...». / 472

«لا تستغني شيعتنا عن أربع عن خمرة يصلّي عليها...». / 126

Kلا واللّه الذي لا إله إلا هو ما يأخذه...». / 119

«لعن اللّه قاطع السدرة....». / 163، 429

«لو أن أحدكم حجّ دهره، ثم لم يزر الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ)...». / 185

«لو أن مريضاً من المؤمنين يعرف حق أبي عبد اللّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)....». / 120، 122

«ما أطيبك من بلد وأحبك إلي! ولولا...». / 100

«ما بين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى السماء السابعة مختلف الملائكة». / 183

ص: 608

الحديث / الصفحة

«ما لمن زار أحدكم؟ قال كمن زار رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)...». / 184

«مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإن إتيانه يزيد...». / 184

«مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ)، فإن زيارته...». / 184

«المدينة مهاجري ومضجعي من الأرض، وحقّ على...». / 101

«المسبحة التي من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) تسبّح بيد الرجل...». / 128

«من أتى الحسين عارفاً بحقه غفر اللّه له...». / 182

«من أتى عليه حول لم يأت قبر الحسين نقّص اللّه...». / 186

«من أتى قبر الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) بعرفة، قلبه اللّه...». / 183

«من أتى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عارفاً بحقه كتب اللّه...». / 182

«من اتخذ سبحة من تربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إن سبّح بها...». / 127

«من أحبّ قوماً حُشر معهم، ومن أحب...». / 154

«من أدار الحجير من تربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فاستغفر ربه...». / 128

«من أدار الحجير من التربة وقال: سبحان...». / 128

«من أراد زيارة قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أشراً ولا بطراً...». / 186

«من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل، فإني أشفع...». / 101

ص: 609

الحديث / الصفحة

«من زار قبر أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بشط الفرات كمن زار اللّه فوق عرشه». / 186

«من زار قبر الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) جعل ذنوبه جسراً على...». / 183

«من سبّح بسبحة من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) تسبيحة، كتب اللّه...». / 127

«من كنت مولاه فعلي مولاه». / 75

«واهاً لك أيتها التربة، ليحشر منك أقوام يدخلون...». / 90

«وكل اللّه (عزّوجلّ) بالحسين صلوات اللّه عليه سبعين ألف ملك...». / 183

«وَكّل اللّه بقبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أربعة آلاف ملك شعث غير...». / 182

«ومن كان معه سبحة من طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كُتب مُسبّحاً...». / 126

«يا بشير، إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) اليوم عرفة...». / 181

«يا حسين، مَن خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)...». / 185

«يؤخذ طين قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من عند القبر على قدر سبعين ذراعاً». / 122

«يحشر من هذا الظهر سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب...». / 107

«يُقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم شهداء إلا شهداء بدر...». / 94

ص: 610

فهرس الأعلام

(أ)

آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 69، 70، 108، 125.

آغا بزرك الطهراني: 16، 17، 21، 22، 23، 24، 28، 29، 36، 572، 587.

آقسنقر بن عبد اللّه البرسقي: 236، 506، 507.

الأب انستاس ماري الكرملي: 516

أباقا خان بن هلاکو خان: 394.

أبان بن تغلب: 182.

أبان بن دارم: 475، 477، 478.

أبو إبراهيم الشريف جد بني زهرة: 198.

أبو إسحق : 541.

أبو إسماعيل: 185.

أبو بصير: 183.

أبو بكر بن أبي شيبة: 104.

أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 484.

أبو بكر بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) = محمّد أبو داود المسترق 182.

الأصغر = عبد اللّه: 471، 479.

أبو بكر الحضرمي: 120، 122.

أبو ثمامة عمرو بن عبد اللّه الهمداني الصائدي: 492.

أبو جعفر الموصلي: 123.

أبو جعفر المنصور = عبد اللّه بن محمّد بن علي بن العباس = المنصور العباسي: 157، 158، 159، 160.

أبو جعفر النيشابوري: 234.

أبو الحارث ارسلان البساسيري التركي = المظفر: 198.

أبو الحتوف بن الحرث الأنصاري العجلاني: 494.

أبو الحسن علي بن موسی الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): 121، 128، 135، 164، 183، 185، 186، 187، 229، 352، 359.

أبو الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) = أبي الحسن الأول: 126، 182، 183، 184، 185، 557.

أبو حمزة الثمالي = ثابت بن أبي صفية: 193.

أبو السرايا بن السري : 164.

أبو سعيد الأشج: 231.

ص: 611

أبو سعيد القماط: 114.

أبو سلمة = عبداللّه بن عبد الأسد المخزومي: 75.

أبو السمط : 168.

أبو شجاع = فنّاخسرو ابن ركن الدولة أبي علي الحسن = عضد الدولة: 197، 199، 200، 291، 292، 293، 294، 295، 296، 297، 390، 436، 437.

أبو طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 471.

ابو طالب خان الرّحالة: 415.

أبو طاهر جلال الدولة البويهي: 197.

أبو العباس السفاح = عبد اللّه علي بن محمد بن علی بن عبد اللّه بن العباس: 156، 158، 159.

أبو عبد الرحمن محمّد بن أحمد بن الحسينالعسكري: 123

أبو عبد اللّه = جعفر بن محمّد الصادق = الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): 53، 56 590، 60، 66، 100، 114، 115، 117، 119، 120، 121، 122، 123، 124، 125، 126، 127، 128، 129، 130، 181، 183، 182، 184، 185، 189، 190، 193، 194، 391، 472، 423.

أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) = الإمام الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 54 59 60، 62، 64، 69، 70، 72، 73، 75، 86، 77، 78، 79، 84، 86، 87، 91، 94، 102، 106، 107، 115، 122، 123، 128، 133، 136، 139، 145، 146، 147، 148، 150، 151، 152، 154، 161، 163، 170، 174، 180، 182، 183، 184، 185، 186، 192، 193، 210، 231، 234، 243، 244، 245، 248، 250، 252، 253، 275، 325، 347، 351، 413، 414، 417، 478، 479، 480، 481، 482، 483، 484، 489، 490، 491، 492، 493، 494، 495، 496، 497، 498، 499، 514، 594.

أبو عبد اللّه الباقطاني: 228.

أبو عبد اللّه البرقي: 119، 184.

أبو عصمة الشيعي: 160.

أبو العلاء المعري: 502.

أبو علي الحائري محمّد بن إسماعيل بن عبد الجبار المازندراني الحائري: 516، 517، 518، 519.

أبو علي العماري: 175.

أبو علي المختار النقيب: 547.

أبو عمر الزاهد: 146 أبو

أبو عوانة: 94.

السلطان أبو الفتح جلال الدولة: 202.

أبو فراس: 198.

أبو الفرج الأصفهاني = الإصبهاني: 165، 478، 480، 481، 482، 483، 484.

ص: 612

أبو الفرج ابن الجوزي: 286، 297، 436.

أبو الفضل = العباس بن علي بن أبي إبراهيم طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): 59، 147، 148، 256، 258، 265، 266، 267، 268، 269، 270، 274، 275، 311، 472، 473، 474، 475، 476، 477، 478، 580.

أبو الفضل ابن الشحنة 206.

أبو القاسم علي: 442.

السيّد مرزا أبو القاسم ابن السيد محمّد مهدي الشهرستاني: 563، 564.

المرزا أبو القاسم القمي: 517.

السيد أبو القاسم اليزدي : 418

أبو كريب: 231.

أبو اللسلاس: 487.

أبو مخنف = لوط بن يحيى بن سعد بن مخنف اليزدي،87، 152، 434، 473، 479، 480، 482، 484.

أبو مسلم الخراساني: 156.

أبو المقدام: 77

أبو موسى موسى بن عبد العزيز: 133.

بهاء الدولة أبو نصر بن بويه: 502.

أبو وجرة: 62.

أبو ولاد: 120، 122.

السلطان أبو يزيد العثماني: 303.

أبو اليسع: 121.

أبجر بن كعب: 485.

إبراهيم بن إسحاق النهاوندي: 122، 129.

السيد إبراهيم الأصفهاني: 459

الميرزا إبراهيم السبزواري: 273

الشيخ إبراهيم بن حمويه الجويني: 216.

إبراهيم الديزج= الديزج: 166، 174، 175، 223، 225، 226، 227، 228، 435.

إبراهيم بن شعيب الميثمي: 115.

السيّد إبراهيم شمس الدين ابن السيد حسين القزويني: 572.

السيد إبراهيم الطباطبائي: 33.

الشيخ إبراهيم الكفعمي: 280.

السيّد إبراهيم القزويني الحائري: 423، 526، 52، 529، 531، 571.

إبراهيم المجاب ابن محمّد العابد ابن موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 295، 342، 443، 444، 501، 543، 558، 560.

السيد إبراهيم المرتضى (الأصغر) ابن الإمام موسى الكاظم: 549

ابن أبي الدواب 230.

ابن أبي عمير: 117.

ابن أبي يعفور: 119.

ابن الأثير : 167، 187، 239، 240، 290، 296، 437.

ص: 613

ابن إدريس الحلي: 58.

ابن الأزرق الفارقي: 237

ابن الانباري: 442.

ابن بسام الأندلسي: 504.

ابن البطريق : 471.

ابن بطوطة الطنجي: 295، 444، 445.

ابن جرير = أبو جعفر محمّد بن جرير ابن عيينة: 101.

الطبري: 173، 434.

ابن الفوطي: 395، 507.

ابن قولویه،58 59،113، 114، 119، 221،

ابن الجوزي: 297، 436

ابن حبان: 79.

ابن حجر العسقلاني: 78، 87

ابن خرداذبة: 391

ابن خشیش 77، 129، 132، 162، 175، 225، 226، 228.

ابن خلكان: 169.

ابن الدواتدار: 215.

ابن زیاد: 89، 145، 232،146.

ابن الساعي: 298.

ابن سنان: 58.

ابن سینا 519

ابن السويدي: 210.

ابن شهر آشوب 235.

ابن الصباغ: 471.

السيّد ابن طاووس = رضي الدين علي بن طاووس: 145،189 230، 298، 414، 472.

ابن الطقطقي: 298

ابن طلحة : 442.

ابن عبد البر: 87

ابن عساکر: 78، 170

ابن عنبة = ابن المهنا جمال الدين أحمد النسابة: 444 558

ابن عیینة: 101.

ابن الفوطي: 395، 507.

ابن قولویه: 58، 59، 113، 114، 119، 221، 222.

ابن کثیر: 79، 173، 297، 139.

ابن المستوفي: 61.

ابن المعتز: 286

ابن ناصر : 442.

أحمد = حفيد إبراهيم المجاب: 444.

أحمد = ابن إبراهيم المجاب: 444.

الشيخ أحمد = والد الشيخ يوسف بن أحمد ابن إبراهيم بن عصفور الدرازي: 516.

أحمد آل عبد الرسول السماوي: 16.

أحمد بن إبراهيم الضبي الكافي: 505.

السيّد أحمد أبو هاشم: 544.

أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي: 184.

أحمد بن إدريس: 185.

أحمد بن أويس بن حسن الجلائري: 303

السلطان أحمد بهادر خان بن أويس: 201.

ص: 614

أحمد بن الجعد الوشاء: 166.

أحمد بن الحسن القطان: 90.

الحاج السيد أحمد الحسيني: 265.

الشيخ أحمد ابن الشيخ حسين ابن الشيخ زين العابدين: 570

أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي = المتنبي: 436.

الشيخ أحمد ابن الشيخ زين الدين الأحسائي البحراني: 573، 581.

أحمد شكري بك: 328، 329، 330.

العلّامة السيد أحمد الصافي: 347.

أحمد بن عبد اللّه بن محمّد: 175.

السيّد النسّابة أحمد بن علي الحسيني: 501.

أحمد علي مجيد الحلي: 12، 421.

الشيخ أحمد بن عيسى الهر الحائري: 567.

الشيخ أحمد ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ أحمد بن محمّد بن فهد الحلي: 514.

الشيخ أحمد محمّد رضا الحائري: 263.

أحمد شاه بن محمّد علي شاه القاجاري: 510، 511.

أحمد بن محمّد بن عيسی: 119، 121، 122، 181.

أحمد بن محمّد الواسطي: 148.

أحمد بن محمّد بن يحيى العطار: 115.

أحمد بن مروان بن دوستك: 204.

السيّد شهاب الدين أحمد بن مسهر: 447.

أحمد بن المستضيء = الناصر لدين اللّه = الناصر العباسي : 298، 300، 393، 508.

أحمد بن مصقلة: 123.

أحمد ناصر الدين شاه ابن محمّدشاه القاجاري: 314، 408.

الشيخ أحمد النحوي: 561، 579.

أحمد بن نصر الفقيه الشافعي: 202.

أحمد بن يحيى بن زكريا القطان: 83

أخنس بن مرثد: 145.

إدريس بن عبد اللّه الأودي: 231.

الأدهم بن أمية العبدي البصري: 496.

أرغون بن هولاكو المغولي: 301.

إسحاق بن إبراهيم: 182.

إسحاق ابن الإمام جعفر الصادق: 206.

إسحاق بن حوبة: 145.

إسحاق بن عمار 183.

أسعد بن محمّد بن موسى القمي: 506.

أسلم بن عمرو مولى الحسين (عَلَيهِما السَّلَامُ) : 491.

إسماعيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 71، 72، 100.

الأميرزا إسماعيل الأصفهاني النقاش: 317.

إسماعيل باشا: 466.

الميرزا إسماعيل بن حسين التبريزي: 532.

الشاه إسماعيل الأول ابن السلطان حيدر الحسيني الموسوي الصفوي: 396.

ص: 615

إسماعيل بن زيد بن الحسن: 522.

إسماعيل الساماني: 289

السلطان إسماعيل الصفوي: 209،.

إسماعيل بن عيسى العباسي: 288.

السيّد إسماعيل بن محمّد بن يزيد بن ربيعة الحميري = السيد الحميري: 38، 286.

أسيد بن مالك: 145.

الأصمعي: 30، 76.

الأعمش: 152، 153.

جمال الدين إقبال الخادم: 236

أم أيمن: 150

أم البنين = فاطمة بنت حزام الكلابية (عَلَيهَا السَّلَامُ) : 146، 472، 476، 477، 478.

أم سلمة = هند بنت أبي أمية: 75 77، 78، 79، 106، 248.

أم ولد= حبشية: 169.

أم ولد= شجاع: 165.

امرؤ القيس : 483.

أمية بن سعد الطائي. : 497.

السيد الأمين = السيد محسن الأمين: 161، 164، 291، 454، 508، 518، 520.

الشيخ أمين الدين: 423، 424.

أنس بن الحرث الأسدي الكاهلي: 491.

انطوان بارا: 63.

أويس بن الحسن الجلائري – السلطان أويس: 201، 300،301، 302، 304، 337.

أيوب الخزار: 184.

أيوب بن نوح: 121.

(ب)

باريك بيك برناك: 425.

الشيخ باقر = ابن الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ خلف ابن الحاج عسكر: 567.

الشيخ باقر= ابن الشيخ محمّد حسين بن عبد الرحيم الرازي الحائري: 526.

السيد باقر الرشتي: 530.

باقر شريف القرشي: 49.

باقر بن محمّد أكمل البهبهاني: 516،

السيّد باقر الموسوي القزويني: 571.

الميرزا باقر اليزدي: 246، 534

البحتري: 170

بدر بن حسنويه الكردي: 505.

السيّد بدر الدين السيّد محمّد حسن آل ضياء الدين: 555

السيد البراقي: 396.

برقوق: 202، 303

السلطان بر كيارق بن ملكشاه السلجوقي: 506.

الحافظ برهان الدين الحلبي: 206.

برهان نظام شاه بن أحمد شاه: 508.

برية أخت السيد إبراهيم المجاب: 444.

ص: 616

برير بن خضير الهمداني المشرقي : 492.

بشر بن عمرو بن الأحدوث الحضرمي الكندي : 494.

بشير الدهان: 180.

الأمير فخر الدين بغدي علي ابن الأمير جمال الدین قشتمر: 507.

بكر بن حي بن تيم ثعلبة التيمي: 497.

بكر بن عبد اللّه بن حبيب: 83.

بهاء الدين العاملي = البهائي: 187، 307، 396، 515.

بهلول : 195.

بهلول الدنبلي: 204.

بير بوداق = الأمير بوداق: 449، 450.

البيروني: 30.

(ت)

تحسین آل شبیب 159

الميرزا تقي خان النوري: 316.

الرحالة البرتغالى تكسيرا : 405، 415.

تميم بن بهلول: 83.

الأمير تيمور الگرگاني = تيمور لنك: 202، 203، 211، 212، 303، 304.

(ث)

السيد ثابت ابن السيد درویش آل ثابت: 555.

ثابت بن سلطان: 546.

الثعالبي 503

ثویر بن أبي فاختة: 60، 185.

(ج)

جابر بن الحجاج: 497.

جابر بن عبد اللّه الأنصاري: 153، 189، 191.

جابر بن يزيد المذحجي: 194.

الجاحظ : 35

الشيخ جاسم قسّام: 264.

جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 70، 71، 78، 112، 115، 151، 248.

جبلة بن علي الشيباني. : 498.

جرجي زيدان 27، 32

جرير بن عبد الحميد: 163

جرير بن عبد اللّه : 485

جعفر = أخو السيد إبراهيم المجاب: 444.

السيّد جعفر آل ثابت 459.

جعفر بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 473.

جعفر الخليلي = الخليلي: 25، 30، 424.

الشيخ جعفر ابن الشيخ صادق بن محمّد علي ابن أحمد الحائري: 569، 592.

جعفر العسكري: 595.

جعفر بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 490.

جعفر بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): 478، 479.

جعفر شمس الملك ابن الأمير عيسى: 203.

ص: 617

الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء: 311، 313 ،517.

السيد جعفر الكاظمي: 429.

جعفر المتوكل: 58، 290

الشيخ جعفر محبوبة: 29.

أبو القاسم جعفر بن محمّد: 185.

جعفر بن محمّد بن عمار القاضي: 175.

جعفر بن محمّد بن قولويه: 114.

جعفر النقدي: 33، 44، 49.

جلال الدولة البويهي= أبو طاهر جلال الدولة: 197.

جمال الدين التركماني: 30.

جمال الدین قشتمر: 507.

جنادة بن الحرث المذحجي المرادي: 493.

جنادة بن كعب الأنصاري الخزرجي: 494.

جندب بن حجير الكندي الخولاني: 494.

جهان دده: 423.

الحاج جواد بذقت ابن الحاج محمّد حسين الأسدي الحائري : 586.

السيّد جواد ابن السيد حسن آل طعمة: 549.

الشيخ جواد الساغرجي: 45.

السيد جواد شبر 16.

الشيخ جواد ابن الشيخ كاظم بن صادق بن الحائري = شاعر آل كمونة: 569.

السيد جواد ابن السيّد محمّد = السيّد جوادالسياه بوش: 574.

جواد ابن السيّد محمّد علي الحسيني الهندي الحائري: 593.

جوش بك أتابك: 236.

جون أشر: 412.

جون بيترز: 468.

جون بن حوي = مولى أبي ذر الغفاري: 495.

جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة التيمي: 497.

(ح)

الحارث بن امرئ القيس الكندي : 494.

الحارث بن عبد اللّه بن أبي ربيعة: 79.

الحارث بن كعب الوالبي : 87.

الحارث بن نبهان = مولى حمزة بن عبد المطلب (عَلَيهِ السَّلَامُ): 490.

الحباب بن عامر بن كعب التيمي. : 497.

حبشي بن قيس الهمداني النهمي: 492.

الشيخ حبيب: 18.

حبيب بن مظاهر الأسدي: 336، 342، 414، 491.

الحجاج بن بدر التميمي السعدي: 498.

الحجاج بن مسروق المذحجي الجعفي حجير بن جندب : 494.

الحر بن يزيد الرياحي: 426، 427، 498.

ص: 618

الحسن = حفيد إبراهيم المجاب: 444.

الشيخ حسن = ابن الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ خلف ابن الحاج عسكر: 567.

الميرزا حسن : 246، 267، 550.

الحسن بن أحمد بن حمولة: 505.

الحسن بن أحمد بن النعمان الوجيهي: 162.

السلطان حسن باشا: 210

ملك حسن نظام الملك بن برهمنان: 508.

الحسن البصري: 248.

حسن الجلائري: 300، 201، 303.

السيّد حسن الرادود: 265.

الحسن بن زهرة بن الحسن بن زهرة: 206.

الحسن بن زيد = الداعي الكبير: 289.

الحاج حسن الشهير: 207.

الشيخ حسن الصغير الجواهري: 22.

الشيخ حسن بن عباس البلاغي: 515.

الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى : 125، 222.

الحسن بن عطية 59

الحسن بن علي بن أبي عثمان: 185.

الحسن بن علي السكري: 90.

الحسن بن علي بن فضال: 119، 184.

الحسن بن علي بن مهزيار: 123.

الحسن بن الفضل: 297

الحسن بن متيل الدقاق: 184.

الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط ابن الإمام علي بن أبي طالب: 429، 563.

الإمام الحسن المجتبى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 13، 155، 484.

الحسن بن محبوب البجلي: 125، 128، 222.،193

الحسن بن محمّد بن علان: 185.

الشيخ حسن بن محمّد بن عيسى كمونة: 548.

الحسن بن محمّد بن يحيى: 557.

الميرزا حسن اليزدي: 267.

الحسين = حفيد السيد إبراهيم المجاب: 444.

الحاج ميرزا حسين: 246.

الشيخ حسين = الشيخ حسين ابن الشيخ خلف ابن الحاج عسكر الحائري: 525.

الشيخ حسين = نجل المرحوم الشيخ محمّد علي: 259.

الشيخ حسين الأردكاني = الفاضل الأردكاني: 529، 538، 569، 592.

السيّد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى الحسيني العاملي: 247.

الحسين بن أبي العلاء: 121.

الحسين بن أسد: 123

حسين بك لاله: 209.

الحسين بن حمزة الليثي الكوفي = الحسين ابن بنت أبي حمزة الثمالي: 194، 222.

ص: 619

آغا حسین خان شجاع: 427.

السيّد حسين ابن الأمير رشيد بن قاسم الحسيني النقوي الرضوي: 579.

الشيخ حسين ابن الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري: 537.

الحسين بن سعيد: 182.

السيد حسين بن سعيد بن سلطان آل ثابت: 556.

الشاه حسين الصفوي: 548.

الحسين بن عبد الرحمن: 83

الحسين بن عبيد اللّه : 185.

السيد حسين العلوي: 406.

الحسين بن علي بن ثوير بن أبي فاختة: 185.

الحسين بن علي بن زكريا: 185.

الشيخ حسين بن علي بن محمّد الفتوني: 562.

المشير حسين فوزي: 459.

السيّد حسين القزويني الحائري: 296، 571.

الملّا حسين قلي الهمذاني الدرجزيني: 531.

السيد حسين بن مرتضی آل دراج: 452 ،545.

الحسین بن محمّد : 175

الحسين بن محمّد القمي: 182، 186، 231.

الحسين بن المختار: 181.

السيّد حسين بن مساعد بن الحسن بن المخزوم : 280.

النقيب أبو أحمد الحسين بن موسى الأصغر ذي المناقب: 502.

حسین ناظم باشا: 465.

السيّد حسين نقيب كربلاء: 453.

الميرزا الشيخ حسين النوري الطبرسي: 241، 318، 471.

حسين وزير السلطان نادر الأفشارى: 309.

حکیم بن داود: 123.

حكيم بن طفيل السنبسى: 145 474

حكيمة = أخت السيد إبراهيم المجاب: 444.

الحلاس بن عمرو الأزدي الراسبي : 496.

حمدان بن حمدون بن الحارث التغلبي الوائلي: 198، 200.

حمدان بن سليمان النيسابوري: 186.

حمزة بن عبد المطلب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 102، 127، 128، 473، 490.

حمید بن زیاد 185

حميد بن مسلم الأزدي: 482، 486.

حنظلة بن أسعد الهمداني الشبامي: 492.

حواء: 69، 70

حيدر الصفوي: 204.

السيد حيدر علي: 533.

ص: 620

(خ)

الأستاذ خالد جواد جاسم: 51.

خالد بن الوليد: 63.

خالق زادگان: 338، 339.

خديجة بنت خويلد (عَلَيهَا السَّلَامُ) : 75.

الخضر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 331،86.

الشيخ خلف بن عسكر الحائري: 525، 566، 567.

السيّد خليفة بن نعمة اللّه بن طعمة الثالث: 545.

السيد خليل ابن السيد إبراهيم: 545.

الميرزا خليل ابن الملا إبراهيم الطهراني رافع بن عبد اللّه = مولى مسلم الأزدي: 496.

النجفي الطبيب: 242، 243.

الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف: 488.

خولي بن يزيد الأصبحي: 478، 479.

الخيبري: 120، 122، 186.

خير الدين الزركلي 19، 448.

الخيزران: 58

(د)

السد الداماد: 138.

السلطان داود باشا: 442، 452، 453.

داود الرقي: 183.

دبيس بن صدقة بن منصور: 199، 440.

السيّد دراج بن سليمان بن سلطان كمال الدين: 549

درة = بنت أبو سلمة عبد اللّه المخزومي: 75.

دعبل : 168

السيد دلدار علي النقوي: 400.

دوه بيك: 448.

(ذ)

الذهبي: 168، 207، 442، 294.

(ر)

الدكتور رؤوف محمّد علي الأنصاري: 340، 344، 467.

الراشد = الراشد باللّه = أبو جعفر ابن الفضل المستر شد،236 237، 238، 439، 442.

الرباب بنت امرئ القيس : 483.

رجاء بن منقذ العبدي: 145.

رزق اللّه بن العلاء: 122.

رزین مولی ابن عباس : 101.

رشيد باشا الزهاوي: 456، 457.

المحامي رشيد الصفار : 535.

الشيخ أبي المجد أغا الرضا الإصفهاني: 22.

رضا شاه بهلوي 216. الحاج أغا رضا الهمداني: 22

الرضي الحنبلي: 206.

رملة: 229، 434، 486.

(ز)

زائدة بن قدامة = ابو الصلت الثقفي: 192.

ص: 621

زاهر بن عمرو الكندي. : 494.

الزاهي: 198.

زجر بن بدر النخعي: 479.

مرزا زکی: 213.

زهرة بن علي حفيد محمّد الممدوح: 205.

زهير بن سليم الأزدي: 496.

زهير بن القين الأنماري البجلي: 499

زیاد بن عريب بن حنظلة: 492.

زيد أبي أسامة: 129.

زيد الشحام: 181، 183.

زيد بن علي الشهيد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 194، 195.

زيد المجنون: 195، 208.

زید بن ورقاء الجهني: 475.

السيد زين الدين ابن السيّد علي ابن السيّد سيف الدين: 573

الشيخ زين الدين المازندراني: 423.

السيّد زين العابدين ابن السيد حسين ابن السيد محمّد المجاهد: 564.

السيّد زين العابدين ابن السيد محمّد حسين المرعشي: 565.

الشيخ زين العابدين بن مسلم المازندراني الحائري: 530، 421 568، 569، 570، 592، 593.

زينب بنت أبو سلمة عبد اللّه المخزومي: 75.

زينب بنت علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) = زينب

العقيلة: 149، 231، 417، 420، 483، 484، 485، 482، 487.

(س)

السائح الهروي: 61.

سابور: 133، 134.

سالم بن خيثمة الجعفي 145

سالم بن عمرو مولى بنى المدينة الكلبي: 495.

سالم مولى عامر بن مسلم: 496.

السيد سبط الحسن اللكهنوئي: 537.

السري: 198.

السروي: 488، 489.

الحاج سعد: 418.

سعد بن الحارث الأنصاري العجلاني: 494.

سعد بن الحارث مولى علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 490

سعد بن سعد: 125.

سعد بن عبد اللّه 120، 121، 122، 124، 185.

الشيخ سعد السماوي: 16.

سعد اللّه باشا: 454

سعد مولى عمرو بن خالد الأسدي: 491.

سعود بن عبد العزيز الوهابي النجدي: 310،

السيد سعيد بن أحمد زيني: 574.

ص: 622

سعيد بن أحمد بن العراد أبو القاسم الفقيه: 225.

سعید بن جبیر: 77

سعید بن زید 79

السيد سعيد ابن السيد سلطان بن ثابت : 556.

سعيد بن عبد اللّه الحنفي. : 498.

سعيد بن محمّد: 148.

سكينة: 483.

السيّد سلطان كمال الدين: 555.

سلمان بن مضارب الأنماري البجلي: 499.

الحاج سلمان ابن الشيخ مهدي الفتوني: 562

السيد سلمان هادي آل طعمة: 257، 259، 297، 351، 429، 528، 438، 448، 458.

سلمة= ابن أبو سلمة عبد اللّه المخزومي: 75.

سلمة بن كهيل: 152.

سلیمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 73، 74.

سليمان أغا: 453.

سلیمان بن رزین مولى الحسين (عَلَيهِما السَّلَامُ) : 490

سلیمان بن صرد: 152، 174، 191.

سليمان بن عمرو السراج: 122

سليمان القانوني: 209، 397، 460، 461.

سلیمان بن قتة 484، 488، 489.

الشيخ سليمان الماحوزي: 516

سليمان بن مهران الأعمشي: 192.

السمهودي: 102

الملك سنجر: 440، 441.

سوار بن منعم الهمداني النهدي : 492.

سويد بن عمرو الأنماري الخثعمي. : 499.

سيبويه 541.

سيف بن الحرث الهمداني الجابري: 492

سيف بن عميرة: 186.

سيف بن مالك العبدي البصري : 496

(ش)

شاذان بن جبرئيل القمي: 513.

شبيب مولى الحرث بن سريع الهمداني الجابري: 493.

السيد شرف الدين بن ضياء الدين بن يحيى نقيب الأشراف: 556.

السيد الشريف الجرجاني: 29.

الشيخ شكر البغدادي: 22.

الشليل بن عبد اللّه البجلي: 485.

شمر بن ذي الجوشن: 473، 485.

شمس الدين أخو عطاء الدين الجويني: 395.

شوذب بن عبد اللّه الهمداني الشاكري: 492.

شيبان بن مخرم: 94.

(ص)

الصاحب بن عباد: 505.

الصاحب عطاء الملك بن محمّد الجويني: 393، 394.

صاحب الفراتي: 256.

ص: 623

صاحبة بيگم: 244.

الشيخ صادق = ابن الشيخ حسين ابن الشيخ خلف ابن الحاج عسكر: 567.

الشيخ صادق = عم الشيخ محمّد علي ابن

الشيخ قاسم بن محمّد علي: 568. الحاج صادق: 418.

صادق خان: 213.

الشيخ صادق ابن الشيخ خلف: 568.

السيّد صالح الشهرستاني: 520، 563.

صالح بن عقبة: 180، 181.

صالح محمّد العابد: 306.

الشيخ صالح ابن الشيخ مهدي: 528، 575.

صالح بن وهب الجعفي: 145.

المحامي الشيخ صدر الدين الحائري: 570.

السيّد صدر الدين القمي: 579

صدقة بن دبيس الأسدي = صدقة بن مزيد: 239، 240، 437، 438.

الصدوق: 81، 83، 90، 115، 223.

الصفدي: 79، 87

صفوان الجمال: 160، 190.

الصفي الحلي: 579.

الصنوبري: 198.

صواب الخادم السكورجي: 201.

الصيداوي: 145، 491.

(ض)

ضامن بن شدقم المدني: 449، 544.

ضبة بن محمّد الأسدي: 435، 436، 437.

الضرغامة بن مالك التغلبي: 498.

(ط)

طاهر بن حبيب بن الفضلي السماوي: 16، 17.

طاهر بن محمّد برهان الدين الإسماعيلي: 318، 319، 120.

الطبراني: 93، 107.

طغرل بن محمّد بن ملکشاه: 439.

طلحة بن جعفر المتوكل: 290.

طهماسب الأول = الشاه طهماسب ابن الشاه إسماعيل الصفوي: 305، 306، 307، 325، 397، 520.

الشيخ الطوسي = أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي : 67، 75، 77، 129، 132، 162، 169، 174، 184، 188، 194، 225، 228.

(ع)

عائذ بن مجمع بن عبد اللّه المذحجي: 493.

عائشة 102، 107.

عابس بن أبي شبيب الشاكري : 492.

عاتكة بنت عامر: 75

عاكف باشا: 459

السيّد عالم حسين الهندي: 533.

ص: 624

عامر بن مسلم العبدي البصري: 496

عامر بن نهشل التيمي: 489.

عبّاد بن سليمان: 125.

عبادة المخنث: 167.

السيّد عباس آل ضوي: 551.

السيّد عباس آل ضياء الدين: 403، 547، 551.

عباس حلمي: 217.

الشاه عباس الصفوي: 307

العباس بن عبد المطلب: 161.

عباس العزاوي: 457.

عباس بن علي البغدادي: 589.

السلطان الشاه عباس الكبير : 209، 308

العباس بن موسى الورّاق: 121.

الحاج عباس الوكيل: 418.

عبد الأعلى بن يزيد الكلبي العليمي: 495.

عبد الامير ابن الشيخ صالح الاسدي: 418.

عبد الأمير القرشي: 416.

عبد الباقي العمري الموصلي: 328، 329، 330.

الشيخ عبد الجبار بن محمّد بن أحمد الخطي البحراني: 525.

عبد الجبار النهاوندي: 185.

السيد عبد الجواد الكليدار: 313، 323.

الحاج عبد الحسين = ابن الحاج عبد الأمير ابن الشيخ صالح الأسدي: 418.

الشيخ عبد الحسين = ابن الشيخ محمّد حسين ابن عبد الرحيم الرازي الحائري: 526.

الشيخ عبد الحسين الأميني: 263، 553.

عبد الحسين جيتا: 418.

عبد الحسين الحجة: 410.

الشيخ عبد الحسين الطهراني شيخ العراقين: 314، 315، 317.

السيّد عبد الحسين السيد علي الكليدار آل طعمة : 304، 334، 391، 394، 397، 550، 551، 561.

عبدالحميد الثاني: 465.

الشيخ عبد الحميد السماوي: 16.

عبد الرحمن = ابن مسعود بن الحجاج التيمي: 497.

عبد الرحمن بن عبد رب الأنصاري الخزرجي: 494.

عبد الرحمن بن عبد اللّه الهمداني الأرحبي: 492.

عبد الرحمن بن عروة بن حراق الغفاري: 495.

عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 489.

عبد الرحمن بن كثير: 185.

الشيخ عبد الرحيم التستري النجفي: 273،

ص: 625

275.

كمال الملك أبو المعالي عبد الرحيم الكمي: 197.

الدكتور عبد الرزاق الشهرستاني ابن الشيخ مرتضى: 575.

السيد عبد الرزاق ابن السيد كاظم ابن السيّد جعفر: 574.

عبد الرزاق ابن السيّد محمّد رضا آل طعمة: 260.

عبد الرزاق ابن الشيخ محمّد السماوي: 45.

الشيخ عبد الرضا آل الشيخ راضي النجفي: 280.

السيّد عبد الرضا المرعشي الحسيني الشهرستاني: 565

عبد الستار الحسني: 15، 17، 19، 23، 35، 44، 50.

السيد عبد الصالح ابن السيد عبد الحسين آل طعمة: 550، 551.

السيد عبد الصمد الحسيني الهمذاني: 520.

السيد عبد الكريم جد بحر العلوم الطباطبائي: 522.

عبد الكريم الدجيلي: 34، 49.

عبد الكريم النايف: 319.

عبد اللّه = ابن يزيد بن ثبيط : 496

عبد اللّه = أخو السيد أبراهيم المجاب: 444.

الشيخ عبد اللّه = ابن الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري: 570.

عبد اللّه بن إبراهيم بن محمّد الثقفي: 127.

عبد اللّه بن إدريس: 231.

عبد اللّه بن بشر الخثعمي: 499.

السيّد عبد اللّه الجزائري: 553.

عبد اللّه بن جعفر 185 487 :

السيد أبى محمّد عبد اللّه الحائري المعروف ب (ابن الديلمية): 445.

عبد اللّه بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 146، 485

الأمير عبد اللّه بن الحسين: 216.

عبد اللّه بن الحسين التستري: 521.

عبد اللّه بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) = عبد اللّه الرضيع: 146، 483.

عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري: 58، 122، 129.

عبد اللّه بن رابية الطوري: 195.

عبد اللّه بن سنان: 122.

عبد اللّه بن صباح المزني: 115.

عبد اللّه بن صفوان 79

عبد اللّه بن عباس: 77، 81، 87.

عبد اللّه بن عروة بن حراق الغفاري: 495

عبد اللّه بن عقبة الغنوي: 484.

عبد اللّه بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ): 489.

عبد اللّه بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) : 146،

ص: 626

472، 477.

عبد اللّه بن عمير الكلبي العليمي: 495.

عبد اللّه بن القاسم: 121، 182.

عبد اللّه بن قطنة الطائي النبهاني: 488.

عبد اللّه بن محمّد بن داود الهاشمي: 168.

عبد اللّه بن محمّد الهاشمي العباسي = أبو المقتدی 235، 438.

عبد اللّه بن محمّد اليماني: 186.

عبد اللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ): 490.

عبد اللّه بن المغيرة: 121.

عبد اللّه بن وشيمه النصري: 63.

السيّد عبد اللطيف بن مهدي بن خزعل : 557.

الشيخ عبد المهدي الكربلائي: 347.

الحاج عبد الهادي: 207.

الشيخ عبد الهادي بن جواد شليلة : 22.

الشيخ عبد الواحد المظفّر: 264.

السيد عبد الوهاب ابن السيد علي آل عقيل بن أبي طالب اللّه : 146، 489.

الوهاب: 589، 453.

السر عسكر عبدي باشا: 423.

عبيد اللّه = ابن يزيد بن ثبيط : 496

عبيد اللّه بن الحر الجعفي: 191. عبيد اللّه بن زیاد = ابن زیاد 91 145، 165، 232.

عبيد اللّه بن سكينة: 441.

عبيد اللّه بن العباس بن علي : 472.

عبيد اللّه بن الفضل بن محمّد بن هلال: 148

عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان 165، 228

عتبة بن سمعان: 87.

عثمان بن عفان: 480

عثمان بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) : 146، 472، 478، 479.

عثمان بن مظعون 106، 478.

السيد عدنان بن شبّر الغريفي: 20.

عدي فاضل الأسدي: 12

عز الدولة البويهي: 197.

عضد الملك: 510

عطاء بن السائب: 94.

عطية العوفي: 153، 154، 191.

عقبة بن بشير الغنوي: 479، 484.

عقبة بن سمعان: 480

عقبة بن عميق السهمي: 193.

علاء الدين الجويني: 395.

علاء عبد النبي الزبيدي: 13.

الميرزا علام الهروي الحائري: 534.

علقمة بن زرارة بن عدس: 392.

الحاج ملا علي: 246.

الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)= أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) = حيدر

ص: 627

(عَلَيهِ السَّلَامُ) = 45، 46، 75، 81، 83، 84، 85، 90، 91، 106، 107، 123، 139، 140، 203، 219، 299، 478، 479، 483.

علي= ابن السيد إبراهيم المجاب: 444.

الشيخ علي = ابن الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري: 570.

الشيخ علي = ابن الشيخ حسين ابن الشيخ خلف ابن الحاج عسكر الحائري: 567.

المير السيد عليا: 520.

علي بن أبي أحمد الحسين = الشريف المرتضى : 502، 504.

علي بن أبي حمزة: 183.

علي بن أحمد = البسامي: 168.

علي الاصغر = علي بن الحسين : 148.

علي أفندي: 453.

علي الأكبر = علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 336،

علي باشا ذلتلي تبه: 452

الشيخ علي ابن الشيخ باقر صاحب الجواهر: 23، 24.

فخر الدولة علي بن بويه : 505.

الحاج ميرزا علي تقي: 526.

الشيخ علي ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء: 526، 527، 531.

الأمير شرف الدين علي ابن الأمير جمال

الدین قشتمر : 507

علي جهاد الحساني: 489. علي بن الجهم: 169.

السيّد علي السيّد جواد آل طعمة: 550.

علي بن الحسن = علي بن الحسن بن علي بن فضّال: 125.

الحاج علي حسين: 262.

علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) = زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ)= 148، 149، 176، 248، 472.

علي بن الحسين بن الحجاج: 288.

علي بن الحسين السعدي: 597.

الشيخ علي الخاقاني: 26، 33.

علي ابن الميرزا خليل الطهراني: 241، 243.

السيّد علي رضا خان الرامبوري: 217.

علي بن الريان بن الصلت: 123.

علي بن سليمان: 131

السيد علي بن سليمان بن عبد الوهاب: 141.

علي بن طراد: 442.

علي بن عاصم الزاهد المعروف بالعاصمي : 83، 196، 229، 230.

الشيخ علي عبد العال الكركي : 306.

علي بن عبد اللّه بن عباس: 101.

علي بن عميد الدين عبد المطلب: 548.

526 527، 531

علي العيداني: 12

علي كاظم خضير: 12.

ص: 628

السيّد علي ابن السيّد محمّد حسين: 565.

علي بن محمّد بن سليمان النوفلي: 175.

السيّد علي ابن السيّد محمّد علي الطباطبائي الحائري (صاحب الرياض) : 400، 522، 564.

الشيخ علي بن محمّد بن علي الفتوني: 562.

علي بن محمّد بن فلاح المشعشعي: 447، 448، 449، 450.

الشيخ علي ابن الشيخ محمّد قنديل: 566.

علي بن محمّد بن مخلد الجعفي: 77.

الإمام علي بن محمّد النقي: 579.

السيد علي بن السيد محمود الحسيني: 22.

علي مراد خان : 213.

الإمام علي بن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)= أبا الحسن الرضا : 183، 185، 187، 352.

الشيخ علي بن ناصر الحائري = (الأعور الحائري) : 587.

السيد مرزا علي نقي الطباطبائي: 564.

علي نقي المنزوي: 18.

علي هدلة: 458، 459.

علي ابن شيخ يعقوب عمران: 249.

عمر = ابن أبو سلمة عبد اللّه بن عبد الأسد المخزومي: 75

عمر بن آبان الكلبي: 182.

عمر بن سعد: 145، 232، 426.

عمر بن سعيد بن نفيل الأزدي: 486.

عمر بن صبيح الصيداوي: 145.

عمر بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التيمي : 497.

عمر كحالة 50 553

عمر بن يزيد بياع السابري: 114

عمار بن أبي سلامة الهمداني الدالاني: 492.

عمار بن حسان بن شريح الطائي: 497.

عمران بن شاهين: 199، 294، 295.

عمرو بن ثابت: 77

عمرو بن جنادة بن كعب الأنصاري الخزرجي: 494

عمرو بن الحجاج الزبيدي: 473.

عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي: 491.

عمرو بن سعيد بن العاص : 487.

عمرو بن عبد اللّه الهمداني الجندعي: 492.

عمرو بن الفرخ الرخجي: 168.

عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري الخزرجي الكوفي: 493.

عون بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 428، 429، 487، 488.

عیسی (عَلَيهِ السَّلَامُ): 73، 85، 134.

عيسى بن أبي شيبة القاضي: 148.

عیسی بن جعفر: 161.

الشيخ عيسى زاهد: 314.

ص: 629

عیسی بن سلیمان: 121.

الشيخ عيسى العطار: 575.

الشيخ عيسى كمونة: 548.

(غ)

غازان :393، 201، 216، 394، 395.

غازي بن فيصل بن الحسين = الملك غازي : 215، 265، 412، 410، 463، 464.

غاضرة: 65، 147، 285.

غسان البصري: 187.

غوث بن مبارك الخثعمي: 77.

(ف)

الشهيد فاضل : 418،

فاضل الشيخ أحمد الحائري: 570.

الفاضل الدربندي: 524.

فاطمة= أخت السيد أبراهيم المجاب: 444.

فاطمة بنت الحسين بن عبد اللّه بن اسماعيل: 195.

فاطمة الزهراء = الصديقة الطاهرة = فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) = الزهراء البتول: 85، 127، 198، 280.

فتح علي شاه = فتح علي شاه القاجاري: 313،312،310،213 ، 408.

فتح اللّه خان: 453.

أبو علي فِخار بن مَعدّ الموسوي: 298، 513.

السيدة فضة: 422.

الفضل بن دكين: 173.

الفضل بن محمّد بن أبي طاهر الكاتب: 132.

الفضل بن محمّد بن عبد الحميد: 225.

الفضل بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد اللّه بن العباس: 475.

فضل اللّه الشيخ أحمد الحائري: 570.

السيد فضل اللّه الشهرستاني: 520.

فطرس : 115

فيصل الأول بن حسين ملك العراق: 214، 400، 402، 410.

فيصل الثاني = فيصل بن الحسين بن علي الهاشمی: 215

الفيض الكاشاني: 517.

(ق)

قابوس بن وشمگیر: 505.

قارب بن عبد اللّه الدئلي = مولى الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 491.

قاسط بن زهير بن الحرث التغلبي: 498.

الشيخ قاسم = والد الشيخ محمّد علي بن القاسم بن الأصبغ بن نباتة: 477.

القاسم بن حبيب بن أبي بشر الأزدي: 496.

القاسم بن الحسن بن على بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) : 486، 487.

القاسم بن محمّد: 182.

الشيخ قاسم بن محمّد علي بن أحمد الحائري: 567، 568، 584.

ص: 630

القالي= أبو علي القالي: 35.

قبلان مصطفي باشا: 210.

قدامة بن زائدة 148، 149

قدامة بن مالك: 186.

قرا يوسف: 304.

القرماني: 61، 211.

قریش بن بدران بن دبيس: 240، 438

قشتمر الناصري البغدادي: 508.

قطب الدين الراوندي: 233، 234.

قطب الدین سنجر: 508.

قعنب بن عمر النمري: 498.

قيس بن مسهر الأسدي الصيداوي: 491

(ك)

کارستن نیبور: 415

الشيخ كاظم الأزري: 252، 48.

الشيخ ملا كاظم الخراساني: 536.

الشيخ كاظم بن صادق بن محمّد بن أحمد الحائري: 568، 569، 591.

الشيخ كاظم الفتلاوي: 37، 38.

السيد كاظم ابن السيد قاسم الحسيني الرشتي: 572.

كدا علي بك: 528، 529.

كردوس بن زهير بن الحرث التغلبي: 498.

کریم خان: 213.

کشاجم: 198.

الكشي: 414.

كلثوم = أخت أبراهيم المجاب: 444.

الكميت = الكميت بن زيد الأسدي: 475، 591.

كميل بن زياد النخعی: 203.

كنانة بن عتيق التغلبي: 497.

کوشیار: 29.

(ل)

لبانة بنت الحارث: 81

لغدة صاحب الأصمعي: 30.

سيد ليث الموسوي: 11.

ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي: 480.

ليلى بنت مسعود الدارمية: 146، 471، 479.

(م)

مالك بن عبد اللّه بن سريع الهمداني الجابري: 492.

مالك بن عطية: 125.

مالك بن النسر الكندي: 485.

المأمون: 163، 164، 168، 203، 287.

المبرّد: 35

المتوكل العباسي = المتوكل : 58، 167،165، 168، 169، 170، 175، 195، 225، 226، 429، 228.

مثنى الحناط: 182.

ص: 631

المجلسي: 42 59، 60، 94، 117، 127، 516، 521، 535.

المجلسي الأول: 521.

مجمع بن عبد اللّه المذحجي العائذي: 493.

الوالي مجيد بك: 457.

محارب بن دثار: 79.

الحاج محسن آل كمونة: 459.

السيد محسن الأعرجي: 517.

السيد محسن الأمين + السيد الأمين: 161، 163، 291، 454، 508، 518، 520.

آية اللّه العظمى السيد محسن الحكيم: 375.

محسن خنفر: 247.

السيّد محسن عوج بن داود بن موسى بن مساعد بن محمّد بن مساعد: 560.

محسن بن محمّد حسن بن أبي الحب: 587.

محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) = رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) = الرسول الأعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)= النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)= محمّد المصطفى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : 46، 75، 76، 77، 78، 81، 86، 98، 99، 101، 102، 106، 109، 115، 177، 125، 140، 149، 150، 154، 155، 184، 187، 198، 228، 248، 270، 271، 379، 414، 229، 480، 481، 482.

السيد أبو الفائز محمّد: 544.

الشيخ محمّد = ابن الشيخ خلف ابن الحاج عسكر: 567.

الشيخ محمّد = ابن الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري: 570.

الشاه أمير الهند محمّد: 511.

السيّد محمّد إبراهيم: 571.

محمّد بن إبراهيم بن أبي السلاسل الأنباري: 228.

محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل طباطبا: 164.

محمّد بن إبراهيم بن مالك الأشتر: 155، 191.

محمّد بن إبراهيم المجاب = محمّد الحائري: 443، 444، 447، 543، 544، 558.

أبو الحسن محمّد بن أبي أحمد الحسين = الشريف الرضي: 502، 503.

محمّد بن أبي حمزة: 194.

محمّد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ): 146، 490.

محمّد بن أبي طالب = محمّد بن أبي طالب الحسيني الحائري: 155، 163.

محمّد بن أبي عمير: 123.

محمّد بن أحمد بن داود: 184،

السيّد محمّد بن أحمد بن زین الدین بن علي = الزيني البغدادي: 574.

محمّد بن أحمد السناني: 83.

محمّد أحمد بن يحيى الأشعري: 115، 120، 560.

ص: 632

محمّد بن أحمد بن يعقوب: 125.

محمّد بن إسحاق: 25.

محمّد بن إسماعيل البصري : 120، 121، 124، 180، 186.

محمّد بن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 81.

محمّد الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) = أبي جعفر محمّد الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) = الباقر : 100، 176، 193، 194، 484.

الشيخ محمّد باقر: 273، 518، 570.

السيّد محمّد باقر ابن الميرزا أبي القاسم الطباطبائي الحسني الحائري = السيد محمّد باقر الحجة: 533، 535، 538، 564.

الشيخ محمّد باقر المازندرانی: 570.

محمّد باقر بن محمّد أكمل البهبهاني = الوحيد البهبهاني: 516، 518، 519.

الآخوند ملا محمّد تقي الأردكاني: 530.

الشيخ محمّد تقي بن بهاء الدين الفتوني الحائري: 562.

الميرزا محمّد تقي الشيرازي: 537، 595.

السيّد محمّد تقي ممتاز العلماء: 533

السيد محمّد جعفر بحر العلوم: 426.

محمّد جعفر خان الزندي: 213

محمّد بن جعفر الرزاز: 114، 121

محمّد جعفر عبد الحسين: 418.

محمّد بن جرير الطبري: 434.

السيّد محمّد جمال الهاشمي: 376.

محمّد بن الحسن : 42، 119، 122، 125، 184، 186.

الشيخ محمّد حسن آل يس: 524.

السيّد محمّد حسن آغا میر: 571.

الحاج محمّد حسن أبو المحاسن: 457، 595.

محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد 184.

محمّد حسن خان الصدر الإصفهاني: 312.

محمّد بن الحسن الشيباني: 30.

محمّد حسن صادق آل طعمة : 256، 257، 260، 262، 263، 265، 270.

محمّد بن الحسن الصفار : 119، 125.

السيد محمّد حسن الكليدار آل طعمة : 268، 300، 324، 329، 392، 397، 404، 416، 446، 460، 466.

الشيخ محمّد حسن المامقاني: 22.

السيّد محمّد حسن ابن السيّد مرتضى آل ضياء الدين: 403، 551، 547، 555.

محمّد حسن میرزا: 510.

محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب: 121.

محمّد بن الحسين الأشتياني: 195.

محمّد حسين الإصفهاني: 521.

الشيخ محمّد حسين الشيخ سليمان الأعلمي: 444.

الشيخ محمّد حسين بن عبد الرحيم الرازي

ص: 633

الحائري: 526.

محمّد بن الحسين بن مت الجوهري: 120.

السيّد محمّد بن الحسين بن محمّد الحسيني النجفي: 580.

السيّد محمّد حسين ابن السيّد محمّد طاهر: 572.

السيّد محمّد بن الحسين بن محمّد بن محسن: 280، 580.

محمّد حسين ابن السيد محمّد مهدي الشهرستاني: 563.

السيّد محمّد حسين المرعشي : 534، 538، 565، 568، 569، 292.

محمّد حسین نجار شيرازي: 213.

محمّد حسين النقاش: 371.

أغا محمّد خان: 310.

محمّد خان اللكناهوري: 216.

الشيخ محمّد الخطيب: 377.

محمّد رشاد 465

السيّد محمّد رضا آل طعمة: 261.

الشيخ محمّدرضا الحائري المازندراني: 263.

محمّد الزاهد النسابة = أخو السيد إبراهيم المجاب: 444.

محمّد بن زکریا: 90.

محمّد بن زیاد: 121.

محمّد بن زيد بن إسماعيل بن الحسن العلوي الحسني = الداعي الصغير : 289، 290.

محمّد بن سالم بن عبد الرحمن الأزدي: 77.

محمّد سعيد الطريحي: 61.

محمّد سعيد المازندراني البارفروشي: 531.

محمّد سعيد بن محمود بن سعيد: 588.

محمّد بن سلام الكوفي: 148.

محمّد بن سنان = ابن سنان: 58، 114، 181.

ملا محمّد الشرابياني: 22.

السيّد محمّد بن شرف الدين بن ضياء الدين: 588.

محمّد شريف بن حسن علي المازندراني الحائري: 524، 565.

محمّد بن شهريار الخازن 153.

محمّد صادق آل بحر العلوم: 17، 18، 24، 36، 41، 42، 43، 44، 50، 295، 323.

السيّد محمّد صادق الحجة ابن السيد محمّد باقر الطباطبائي الحسني الحائري: 536، 564.

محمّد صادق ابن السيّد محمّد رضا: 572.

محمّد صالح ابن السيّد محمّد مهدي: 572.

محمّد صالح بن مهدي ابن الخطاط : 574، 575.

السيد محمّد الصدر: 20.

محمّد طه نجف: 23، 247.

محمّد بن طاهر السماوي: 10، 29. 10، 29.

السيّد محمّد الطباطبائي: 19، 347.

ص: 634

السلطان محمّد ظاهر شاه: 217.

محمّد العابد بن موسى الكاظم: 501، 557، 558.

السيّد محمّد عباس التستري: 533.

محمّد عباس علي خان: 533.

السلطان محمّد شاه بن عباس القاجاري: 326.

محمّد بن عبد الحميد: 186.

محمّد بن عبداللّه =محمّد بن عبداللّه الحضرمي: 94، 129، 162، 175، 185، 186، 228.

محمّد بن عبد اللّه بن الحسن النفس الزكية: 159.

محمّد بن عبداللّه الحميري: 58

محمّد بن عبد اللّه بن جعفر: 186.

محمّد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) : 488.

محمّد بن علاء الدين محمّد الحسيني: 213.

الميرزا محمّد علي: 533.

أبو القاسم محمّد بن علي: 128.

السيّد محمّد علي أبو ردن: 545، 560.

محمّد علي باشا: 452.

أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمي: 188.

محمّد بن علي الجباعي : 127.

محمّد علي الحاج حسين الحلاق: 417، 421.

السيّد محمّد علي ابن السيد درويش: 555.

السيّد محمّد علي ابن السيد عبد الكريم الموسوي القزويني الحائري: 571.

السيّد محمّد علي السيد عبد الوهاب آل طعمة: 459.

محمّد علي مرزا القاجاري: 313 527.

الشيخ محمّد علي ابن الشيخ قاسم بن محمّد علي بن أحمد الحائري: 568.

السيّد أبو الحسن محمّد ابن السيد علي شاه الكشميري اللكهنوئي: 532.

محمّد علي شاه ابن السلطان ماجد علي شاه: 326.

الشيخ محمّد علي بن محمّد البلاغي النجفي: 515.

السيّد محمّد علي ابن السيّد محمّد حسين المرعشي : 528، 565.

السيد أبو المعالي الصغير السيّد محمّد عليابن السيّد محمّد ابن السيد عبد الكريم ابن السيّد مراد: 563.

الحاج محمّد علي ابن الشيخ محمّد بن عيسى كمونة: 585.

محمّد علي شاه بن مظفر الدین شاه بن أحمد ناصر الدين شاه القاجاري: 509، 510.

محمّد بن علي بن هاشم الإبلي: 162.

محمّد علي هبة الدين الشهرستاني: 537.

الشيخ محمّد علي اليعقوبي: 32، 445، 587.

ص: 635

محمّد بن عمران بن الحجاج: 288.

محمّد بن عيسى : 120، 121، 124.

الحاج محمّد غفّاري: 268، 269.

الميرزا محمّد الطبيب: 246.

محمّد فاضل الجمّالي: 377.

محمّد بن فلاح: 448.

محمّد بن فهد الهاشمي المكي: 301.

محمّد فيض الزهاوي: 457.

السيّد الفاضل المير محمّد قاسم النسّابة:548.

السيّد محمّد كاظم ابن السيد محمّد إبراهيم: 572.

السد محمّد بن مال اللّه بن معصوم الموسوي القطيفي الحائري: 582.

السيّد محمّد المجاهد: 523، 535، 564.

السيّد محمّد بن محسن بن عبد اللّه الموسوي البحراني الحائري: 538.

محمّد شاه بن محمّد حسن خان: 511.

محمّد بن محمّد بن الحسن بن معية: 127.

محمّد محمّد حسن الوكيل: 12

مؤيد الدين أبو الحسن محمّد بن محمّد بن عبد الكريم المقدادي القمي: 299، 300.

محمّد بن محمّد بن معقل القرميسيني: 129.

محمّد بن مروان: 123.

محمّد بن المستظهر باللّه = المقتفي باللّه: 196، 443.

محمّد بن مسلم: 184.

محمّد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) : 490.

محمّد بن المسيب: 200.

أبو إبراهيم محمّد ممدوح المعري: 206.

السلطان محمّد الشاه ملك الهند 399

السيد محمّد منصور بن حسين بن محمّد قاسم الزعفراني الرضوي: 546.

السيد محمّد مهدي = السيّد محمّد مهدي ابن السيد باقر: 571.

السيّد محمّد مهدي الحجة: 564.

محمّد مهدي شمس الدين: 147.

السيد محمّد مهدي السيد محمّد كاظم آل طعمة: 554.

السيّد محمّد مهدي الموسوي الشهرستاني: 519، 563.

أبو عبد اللّه محمّد بن موسى السريعي الكاتب: 132.

السیّد محمّد موسی (سادن الروضة الحسينية) ابن محمّد علي: 556.

محمّد نجيب باشا: 328، 330.

السيّد محمّد هادي: 533.

محمّد هادي الأميني: 32، 35.

محمّد بن هارون: 289.

السيد محمّد بن هاشم بن شجاعت الهندي

ص: 636

الرضوي: 22، 247.

محمّد بن ورد العطار: 290.

محمّد بن وهبان الدنبلي: 203.

محمّد بن يحيى : 180، 181، 182، 185، 186.

محمّد بن يحيى بن أبي سمينة: 94.

محمّد بن يحيى زحيك: 447.

محمّد بن يحيى الشيباني: 196.

محمّد بن يحيى العطار: 186.

محمّد بن يزيد: 185.

محمّد بن يعقوب = الشيخ الكليني الكليني: 98، 117، 180، 186، 187.

محمود = أخو أبو الفتح مسعود بن محمّد ملکشاه 236

الملك محمود: 440.

محمود شاكر الحائري: 258

السلطان محمود غازان خان 201، 216، 395.

المختار بن أبي عبيدة الثقفي: 155، 191.

الوالي مدحت باشا: 466.

مرة بن منقذ العبدي: 482.

العلّامة الشيخ مرتضى الأنصاري: 247، 273، 276، 524، 529، 532.

الشيخ مرتضى ابن الشيخ صالح ابن الشيخ مهدي: 575.

المرتضى بن عبد الحميد بن فخار بن معد : 444.

السيّد مرتضى الكشميري: 534.

السيّد مرتضى ابن السيّد محمّد صادق: 572.

السيّد مرتضى ابن السيّد مصطفى آل ضياء الدين: 404، 547، 551، 554.

مرتضی نظامشاه ابن شاه علي: 508.

مرجان = عبدالسلطان اويس الجلائري: 302.

مرزبان = أبي كاليجار ابن سلطان الدولة البويهي: 198، 199.

المرزباني الخراساني: 160، 162.

مروان بن أبي حفصة: 168.

مروان بن الحكم: 79، 476.

مروان بن محمّد: 156، 157.

مزاحم بن عبد الوارث: 150.

السيد مساعد بن محمّد بن شرف الدين بن طعمة: 559، 560.

المستر لونكريك: 209.

المسترشد باللّه = المسترشد باللّه ابن أحمد (المستظهر باللّه) ابن المقتدي عبد اللّه العباسي : 235، 236، 238، 438، 439، 442.

المستظهر العباسي: 30.

مسروق بن الأجدع: 104، 110، 111.

مسعود بن الحجاج التيمي: 497.

أبو الفتح مسعود بن محمّد بن ملکشاه =

ص: 637

مسعود السلجوقي: 199، 235، 236، 439،

مسلم بن عقبة: 79.

مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) = 489، 490.

مسلم بن عوسجة الأسدي السعدي: 491.

مسلم بن كثير الأعرج الأزدي: 495.

المسيب بن نجبة: 152، 191.

المسيو جون تلي: 466.

الشيخ مشكور الحولاوي: 314.

مصطفى جواد 63.

السيّد مصطفى ابن السيد حسين آل ضياء الدين: 554.

السيد مصطفى ابن السيد حسين الكاشي: 137، 138، 139.

مصعب بن الزبير: 471 472.

المظفر = أبو الحارث أرسلان: 198.

مظفر الدين شاه بن أحمد ناصر الدین شاه القاجاري: 509، 510.

مظفر الدين كوكبري بن زين الدين كوجك علي: 205.

مظفر الدین محمّد: 507.

معاوية: 480

معاوية بن عمار 117.

معاوية بن وهب 187.

المعتصم : 168.

المعتضد باللّه = أحمد بن طلحة بن جعفر، أبو العباس المعتضد باللّه : 201، 231، 291.

معلی بن محمّد: 182

الشيخ المفيد: 59 127، 128، 146، 148، 471، 485، 501، 557.

المقداد بن الأسود الكندي: 299، 300.

مقسط = أخو قاسط بن زهير: 498.

الملك الرحيم بن أبي كاليجار البويهي: 198.

المنتصر = المنتصر العباسي = محمّد بن جعفر المنتصر : 58، 167، 168، 169، 170، 287، 443، 543.

منجح بن سهم مولى الحسن بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ): 490.

منصور بن حازم: 186.

منصور بن سلمة بن الزبرقان المنصور النمري: 161، 160، 162، 435.

السيد منصور بن يونس بن حسين بن جميل : 546.

منيع بن الحجاج: 186.

المهدي = المهدي العباسي: 131، 158.

السيّد مهدي الأشيقر : 460.

السيّد مهدي ابن السيّد باقر ابن السيّد حسين النقوي الهندي الحائري: 596.

السيّد مهدي بحر العلوم: 517، 518، 574.

ص: 638

السيد مهدي بن حسن بن منصور بن يونس : 546.

السيد مهدي الحيدري: 138.

الشهيد السعيد الشيخ مهدي السماوي: 16.

السيد مهدي القزويني = السيد مهدي ابن السيّد محمّد طاهر: 27، 571.

مهدي قلي: 422.

الشيخ مهدي المازندراني: 263.

الشيخ مهدي ابن الشيخ محمّد صالح: 575.

الشيخ مهدي بن محمّد بن عيسى كمونة: 548.

مهدي النراقي: 517.

مودود ابن التوتكين 235.

موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) = موسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 72، 222.

الشيخ موسى = الشيخ موسى ابن الشاعر الشيخ جعفر بن صادق بن محمّد: 569.

الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) = أبا الحسن: الأول = الإمام موسى الكاظم: 126، 182، 183، 184، 448، 519.

الشيخ موسى بن جعفر كاشف الغطاء: 527.

موسى بن سریع: 131، 134.

موسى بن سعدان 121، 182.

موسى بن عبد الملك: 429.

موسى بن عمر 115، 187.

موسى بن عیسی - موسی بن عیسی بن موسى بن محمّد العباسي الهاشمي: 131، 132، 133، 158.

میثم مهدي الخطيب: 12.

میمون بن مهرا: 94.

ميمونة = ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب ابن أمية: 48081

(ن)

نادر شاه = السلطان نادر شاه الأفشاري: 212، 308، 309، 325، 416.

الناشي: 198.

ناصر الدين شاه القاجاري: 213، 214، 216، 509، 556.

ناصر شبر: 419.

نافع بن هلال المذحجي الجملي: 493.

نایف آغا الشهير: 207.

نجاح الحرمي: 231.

نجم الدین محمّد بن جعفر بن أبي البقاء : 434.

السيّد نجم المحسن: 533.

نجيب باشا 330، 454، 455.

نصر بن أبي نيزر مولى علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): 491.

السيّد نصر اللّه الحائري = السيّد صفي الدين أبي الفتح نصر اللّه الحائري: 552، 553،

ص: 639

577، 579، 580.

نظامشاه: 508.

خواجة نظام الملك: 202.

النعمان بن عمرو الأزدي الراسبي: 496.

السيد نعمة اللّه بن عبد اللّه الجزائري: 135.

نعيم بن العجلان الأنصاري الخزرجي: 494.

نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 70

نوح بن دراج: 149.

الشيخ نور الدين علي: 521

السيد نور الدين الموسوي: 12.

نور علي شاه العارف الإصفهاني: 521.

(ه)

السيد ميرزا هادي الخراساني الحائري: 267.

الشيخ هادي العطار: 575.

هادي الكربلائي: 419.

السيد هاشم: 571.

الشيخ هاشم الزيدي: 418

هارون بن خارجة: 182، 184.

هارون الرشيد = الرشيد : 58، 131، 133، 155، 158، 160، 161، 162، 163، 164، 203، 429، 430، 435.

هارون بن مسلم: 58.

هارون المعري : 228.

هاشمية مولاة رقية بنت موسى: 557

هاني بن ثبيت الخضر مي = هاني بن شبث الحضرمي: 145، 478، 479.

هاني بن عروة المرادي: 493.

هبة الدين الشهرستاني: 15، 537.

هر ثمة بن أبي مسلم: 90.

هولاکو خان 394.

هشام بن محمّد: 107، 171.

الهيثم بن عبد اللّه: 185.

الهيثمي: 107

(و)

الواثق: 168

واحظ بن ناعم: 145.

واضح التركي مولى الحرث المذحجي السلماني: 493.

الواقدي: 78، 79.

الوليد بن عتبة بن أبي سفيان: 79.

ونستون تشرشل: 401.

(ي)

ياسين الهاشمي: 324.

ياقوت الحموي: 62 63، 505.

يحيى بن حماد: 94.

يحيى خان النيسابوري اللكهنوي = آصف الدولة ملك أود الهندي: 395، 399، 400، 416.

يحيى بن زيد الشهيد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 194.

يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد

ص: 640

الشهيد: 195.

يحيى بن المغيرة الرازي: 163.

يزيد بن ثبيط العبدي عبد قيس البصري: 496.

يزيد بن حصين الهمداني: 414.

یزید بن زياد بن مظاهر 494

يزيد بن عبد الملك: 181

يزيد بن مغفل المذحجي الجعفي: 493.

الباحث يعقوب سركيس: 579.

يعقوب بن السكيت: 168.

يعقوب بن يزيد: 122.

يوحنا بن سراقيون النصراني: 133.

الشيخ يوسف بن أحمد بن عصفور الدرازي البحراني: 515.

يوسف الحبوبي: 419.

السيد يوسف السيد سليمان: 423.

يوسف السيّد كريم الغريفي الموسوي: 257.

يوشع بن نون: 72.

يونس بن رفيع: 122

يونس بن عبد الرحمن: 186.

يونس بن متى (عَلَيهِ السَّلَامُ) = يونس ذا النون = النبي یونس : 61، 62.

ص: 641

ص: 642

فهرس الوقائع والحوادث

الاحتلال الانكليزي: 20

الثورة العراقية الكبرى = الثورة العراقية : 571، 595.

حادثة المتوكل : 443، 543.

حادثة المسترشد: 238.

حادثة المناخور: 452.

حادثة مولى علي المشعشعي في كربلاء: 448.

حادثة نجيب باشا: 454.

حادثة هارون المعري: 228.

حادثة الوهابيين = جريمة الوهابية: 310، 416، 452، 556.

حرب البصرة: 448.

الحرب العالمية الأولى: 20، 400.

حركة على هدله: 458.

غارة خفاجة: 240، 437

غارة ضبة بن محمّد الأسدي: 436.

غزوة بني المهنا العلوية: 446

غزوة سعود بن عبد العزيز الوهابي: 450.

کرب قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) = هدم قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) = نبش قبر الحسين الهلال: 158، 163، 165، 166، 174، 175، 228.

فتنة الآشوريين: 410

واقعة كربلاء = واقعة الطف = معركة كربلاء = يوم عاشوراء = يوم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 10، 47، 86، 87، 176، 330، 329، 342، 343، 473.

وقائع المختار: 472.

وقعة الحرة: 79.

وقعة الخميس: 574.

وقعة الزهاوي: 455.

يوم أحد: 472.

يوم الجمل: 107.

يوم مؤتة: 473.

ص: 643

ص: 644

فهرس الأمكنة والبلدان

أحد: 102.

الأحساء: 573، 582.

أحمد نكر: 508

أذربيجان: 442.

أراضي الجعفريات: 423.

اسطنبول: 553، 578

إصفهان،237، 292، 375 442، 517، 519، 526.

ألبانيا: 452.

انجلترة = انكلترا: 401، 410، 510.

الأهواز: 448، 449.

أودسا: 510.

أوروبا: 510.

ایران: 137،213، 214، 216، 242، 256، 260، 263، 306، 307، 308، 310، 312، 313، 314، 315، 325، 375، 396، 401، 404، 408، 450، 456، 509، 510، 511، 520، 529، 534، 556، 570.

بابل 64 63، 65، 389

بادية الشام = الشام: 100، 389

بار فروش: 530، 531.

البرزخ: 582.

بروجرد: 505، 529

بستان ضوي: 554.

البصرة: 135،،138، 160، 199، 286، 303، 448، 449، 472، 496، 568.

بعقوبا: 63.

بغداد 20، 21، 34 63، 132، 157، 158، 176، 177، 187، 199، 202، 209، 210، 213، 236، 237، 286، 291، 292، 293، 294، 296، 298، 299، 301، 300، 302، 303، 304، 306، 323، 327، 328، 330، 357، 389، 390، 401، 406، 410، 423، 424، 427، 439، 440، 441، 442، 445، 448، 452، 459، 467، 468، 503، 507، 508، 536، 568، 574، 579، 595.

البقيع: 581، 476، 582.

بلاد طبرستان: 531.

بلخ: 548.

بلدة كفركنا: 61.

ص: 645

بلط: 62.

بمبي: 521.

بهبهان: 516، 562، 448، 450، 517.

بيت المقدس: 84، 99.

بيروت: 62.

تبریز:،28، 204، 301، 302، 303، 304، 314، 396، 408، 521.

تل الزينبية : 338، 345، 417.

جایدر: 135.

جبل عرفات: 70

الجديدة = محلة العباسية 405، 406، 466، 468.

الجزائر: 135

الجنة،58، 77،84، 90، 107، 151، 210، 473، 582.

جوخا: 63.

الجودي: 70.

الحائر الحسيني = الروضة الحسينية = مشهد الحسين بن علي (عَلَيهِما السَّلَامُ) قبر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 121، 141، 159، 169، 185، 197، 198، 199، 201، 202، 209، 210، 214، 215، 217، 238، 264، 290، 295، 297، 302، 306، 308، 311، 313، 315، 318، 322، 323، 325، 327، 338، 339، 340، 341، 344، 351، 393،404، 412، 415، 423، 429، 438، 439، 443، 444، 446، 447، 449، 508، 548، 550، 556، 560، 561، 568، 578، 590، 591.

الحجاز: 205، 440، 401، 520، 594.

الحرمين = بقعة الحرمين: 35284، 363، 391، 443، 446، 501، 543.

حلب 198، 206، 207، 303.

الحلة : 199، 201، 209، 213، 390، 394، 395، 405، 438، 444، 449، 452، 595.حوض نهر الرشدية: 466.

الحويزة: 448.

الحيرة: 63، 170.

خان بني يونس: 62.

خراسان: 121، 157، 194، 203، 267، 303،548، 555، 556.

الخليج الفارسي: 516.

خوزستان: 448.

دار (سابق):. 194.

دراز 515

دمشق: 78، 132، 158، 170، 173، 207، 304، 401، 433، 510، 594.

الديوانية: 16، 425.

ذات عرق: 487.

ركن الحطيم: 139.

روسيا: 456، 510.

ص: 646

ساحة الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): 467

سامراء: 10، 19، 41، 51، 318، 292، 315، 527، 537.

سبزوار: 273، 548.

سدة السليمانية: 461

سدة الهندية: 60 402

السفارة الانكليزية = القنصلية البريطانية: 456، 457، 510.

سلطان آباد: 529.

السماوة: 16،،17، 18، 19، 20، 22، 26، 32.

السيرجان 558

شارع السدرة: 340، 430

الشام: 100، 156، 169، 189، 198، 200، 298، 389، 434.

الشراة: 156.

شريعة الإمام جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 391، 423.

الشعيبة: 138

شفاثا = شفيته: 391، 544.

شیراز 537، 296، 310.

الصباغية: 135.

صحراء البحر: 65.

الصحن العباسي: 454.

صحن قریش: 137.

صرورا: 63.

صفين: 81، 89، 83، 90، 262.

صيدا: 62.

طاق الشيخ خلف: 525.

طهران،243، 246،310، 313، 31، 409، 509، 510، 520، 563.

طوس: 53، 164.

ظهر الكوفة: 548.

العراق،11، 31، 33، 37، 49، 62، 63، 87، 132، 137، 157، 158، 163، 181، 189، 199، 201، 206، 209، 212، 214، 234، 242، 292، 294، 302، 303، 306، 307، 310، 312، 321، 347، 352، 369، 377، 389، 394، 400، 401، 410، 427، 448، 449، 450، 452، 454، 503، 504، 510، 520، 521، 531، 533، 571، 596.

عرصة الطف: 578.

عين التمر: 302،3391، 436، 437، 549، 560.

عين الوردة: 174، 191.

الغاضرية : 65، 147، 391،148.

فدان السادة: 561.

الفرات = شاطئ الفرات: 48 57 62، 64، 65، 71، 83، 151، 153، 181، 184، 186، 194، 196، 201، 360، 389، 390، 394، 395، 396، 397، 398، 399، 402، 423،

ص: 647

424، 444، 449، 461.

الفراشية: 590

فرنسا: 510.

فسحة البلوش: 467.

فلسطين: 61، 401.

القادسية: 16، 155

قبر الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 213، 449.

قبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : 102.

قبر النبي يونس (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 61.

قرية حلحول: 61.

قزوین: 523، 527.

القشلة = منطقة الحيدر خانة = أوج قلعة: 327، 357، 459.

قصر بني مقاتل: 480.

قصر ابن هبيرة: 133، 157، 158، 558.

قم: 444.

قومس: 162.

کاشان: 137.

الكاظمية : 10، 39، 137، 138، 314، 264، 522،315، 535، 574.

کربلاء: 9، 10، 11، 20، 60 62، 63، 65، 69، 70، 71، 73، 78، 90، 94، 114، 147، 151، 155، 161، 175، 189، 190، 194، 195، 211، 212، 213، 214، 215، 216، 256، 264، 268، 302، 306، 311، 312، 314، 316، 375، 391، 392، 397، 398، 400، 402، 403، 404، 405، 408، 410، 412، 414، 415، 416، 422، 423، 424، 427، 428، 429، 436، 434، 437، 438، 443، 444، 445، 446، 447، 449، 450، 454، 455، 456، 459، 465، 466، 467، 475، 506، 510، 515، 517، 521، 523، 525، 526، 527، 528، 529، 530، 531، 533، 535، 537، 538، 543، 564، 566، 567، 568، 569، 570، 571، 572، 573، 574، 575، 578، 581، 584، 586، 589، 590، 591، 592، 593، 594، 595، 586.

کرمان: 558.

کرمانشاه: 527.

الكشكخانة: 550.

الكعبة : 113، 114، 139، 448.

كلية هارو: 410

كور بابل: 64 65.

كورة الغوطة: 433.

کوش: 63.

كوفان= الكوفة: 53،62، 8، 122، 131، 133، 149، 155، 156، 158، 174، 191، 192، 195، 205، 222، 230، 291، 390،

ص: 648

399، 498.

الكويت: 572.

لبنان 257.

لكهنو: 400.

مازندران: 519، 531، 292.

محل النحر: 413.

محلة آل زحيك: 549

محلة باب بغداد: 406، 467، 468.

محلة باب الخان: 405، 467.

محلة باب السلالمة: 467، 468.

محلة باب الطاق = محلة السادة آل عيسى: 416، 467، 468، 573.

محلة باب النجف = باب المشهد: 422، 467.

محلة العباسية الشرقية: 468.

محلة العباسية الغربية: 405، 468.

محلة المخيم: 416، 468.

المحمرة: 568.

المخيم الحسيني: 415.

المدائن: 194.

المدرسة الإيمانية: 533.

مدرسة حسن خان = مدرسة حسن خان الدينية: 524، 529، 569.

المدرسة الموسومة ب-(سلطان المدارس) : 533.

المدرسة الناظمية: 533

المدينة - المدينة المنورة: 53، 79، 98، 99، 100، 101، 102، 105، 110، 120، 154، 159، 289، 448، 582.

المذار: 472.

مرقد الحر بن يزيد الرياحي: 426.

مرقد حبيب بن مظاهر الأسدي: 414.

مرقد عون بن عبد اللّه بن جعفر: 428.

المروة: 101.

مسجد الحمراء: 61 62.

مشهد أئمة البقيع (عَلَيهِم السَّلَامُ): 582.

مشهد أبي الفضل العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 190.

مشهد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) = المشهد الحسيني: 66، 437،297،296،292،411، 444، 451، 502، 505، 507، 508، 522، 534، 549.

مشهد السيد عبد العظيم الحسني: 314، 409، 509.

مشهد العسكريين (عَلَيهِما السَّلَامُ) : 292

مشهد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) = المشهد الغروي المقدس: 173، 292، 547.

مشهد موسى والجواد (عَلَيهِما السَّلَامُ) : 292.

مشهد النبي يونس: 61.

مصر: 158، 195، 202، 208، 298.

مقام إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 98.

مقام زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 415، 417.

ص: 649

مقام شير فضة: 422.

مقام كف العباس الأيسر: 358.

مقام يونس (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 61.

مقبرة الأسرة الشهرستانية: 520.

مقبرة السيّد محمّد المجاهد: 535

مكة المكرمة = البيت الحرام: 98 99، 105، 413.

مكتبة السعادة: 574.

مكتبة المحقق المحامي رشيد الصفار: 535.

مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة: 10، 11، 535.

المناذرة: 63.

الموصل: 60، 62، 123، 198، 201، 202، 330، 442.

الناصرية: 16، 402 466.

نجد 204، 310، 450.

النجف: 10، 11، 16، 17، 19، 20، 22، 25، 28، 29، 43، 45، 51، 173، 199، 201، 202، 209، 210، 211، 213، 214، 217، 238، 242، 246، 247، 263، 264، 273، 276، 275، 292، 307، 310، 311، 312، 314، 347، 390، 396، 397، 399، 436،449، 450، 517، 519، 527، 531، 536، 537، 571، 574، 580، 587، 589.

النخيلة: 61.

نصيبين: 62.

نصیر آباد: 596.

نهر الحسينية = سدة السليمانية : 398، 405، 406، 424، 461، 550.

نهر الحلة: 405.

نهر ابن الحمزة: 450.

نهر العلقمي: 60، 352، 360، 391، 392،

نهر كربلاء: 173.

نهر الهندية: 405.

نیس: 510.

نینوی،60، 61، 19483، 225، 391.

هضبة الجزيرة العربية: 468.

همدان همذان 236، 237، 520.

الهند : 508، 216، 217، 244، 247، 319، 399، 533، 590، 596.

وادي العقيق: 487.

اليمن: 131.

ص: 650

فهرس البيوتات والقبائل والفرق

آل إبراهيم المجاب: 444.

آل أبو المحاسن الجناجي الكربلائي: 595.

آل أبي حترش: 444.

آل أبي الحمراء: 444.

آل أبي رية: 444.

آل أبي سفيان: 83

آل أبي طالب: 165، 170، 287.

آل أبي فويرة: 444.

آل الأشيقر : 445.

آل باقي : 444.

آل بشير: 444.

آل بلالة: 444.

آل تاجر: 443، 543.

آل ثابت 555، 445.

آل الجلوخان: 445، 556.

آل حرب: 291، 83، 589.

آل الحرث: 444.

آل الحسين: 421.

آل الشيخ خلف: 566.

آل دراج = آل النقيب: 445، 449.

آل الرسول: 86،84، 189، 488.

آل الرشتي: 568، 572.

آل زحيك: 446 549، 556.

آل زيني: 573

آل سلجوق 202.

آل الشرف: 555، 556.

آل شروفي: 560.

آل الشهرستاني: 528، 562، 564.

آل شيتي: 444.

آل صالح = بیت گدا علي : 574.

آل الصول: 444.

آل ضياء الدين: 443، 543، 552، 554.

آل الطباطبائی: 563.

آل طعمة 443، 444، 560.

آل علي : 159، 214، 289.

آل عوانة: 444.

آل عوج: 560.

آل عيسى: 416، 563، 567، 573.

آل فائز،444، 445 446، 543، 544، 552، 560.

ص: 651

آل الفتوني: 561.

آل فخار 444.

آل القزويني: 571.

آل قنديل: 566

آل الكشوان: 418.

آل كمونة: 548، 568

آل لطيف: 557

آل المازندراني: 570.

آل المرعشي: 528، 564.

آل مساعد = آل مساعد (عوج ) : 443، 543، 559، 560.

آل المصارين = أبي المصارين: 444.

آل نزار: 444.

آل نصر اللّه : 443 543، 552، 557، 566.

آل نوبخت: 529.

آل الوهاب: 445 556

آل وهيب: 444.

آل الهر: 597.

الأخباريون: 516.

الأزديون: 495.

أسرة (ثابتي): 556.

الإسماعيلية: 217، 423.

أشجع: 63.

الإمامية : 188، 298، 396، 516، 521.

بجيلة: 499.

البكتاشي: 203، 423.

بنو المختار: 547.

بنى أرحب 492.

بني أسد: 65، 107، 148، 171، 176، 391، 436، 491، 566.

بني أمية: 155، 156، 163، 169، 193، 194، 480.

بني بويه : 197، 292، 392، 502.

بني تميم: 426 472، 498.

بني حمدان: 197، 198، 204، 502، 197و

بني رياح: 426.

بني شامة : 169.

بني ضبه: 107.

بني العباس: 155، 156، 158، 159، 163، 165، 196، 202، 263، 502، 548.

بني عقيل: 204، 489.

بني كلب: 495.

بني مروان: 192، 194، 222.

بني هاشم: 133، 146، 189، 480، 481.

بني همدان: 491

البهرة : 318 423.

الترك: 401، 434.

التغلبيون: 497.

ثقیف: 480، 488.

الخثعميون: 499.

ص: 652

الخزر: 149، 493، 494.

الديلم: 149، 289، 292، 445، 505.

ربيعة: 75، 79، 161، 200، 286، 488.

الرمازية: 454.

الطائيون: 497.

الطالبيون 167، 421، 502، 503.

الطهامزة: 567

العبديون: 496.

العلويون: 159، 160، 164، 168، 201، 290، 293، 300، 392، 395، 437، 544.

الغفاريون: 495.

القاجاريون: 213، 310، 408، 509.

قبيلة بني المهنا العلوية: 446.

قبيلة جوذرزي: 529.

قبيلة خفاجة : 239، 240، 437، 438 567.

قریش: 503.

الكنديون: 494.

مذهب الكشفية: 573.

المشعشعين: 448.

الوهابيون: 312، 416، 452، 521.

ص: 653

ص: 654

فهرس الأشعار

البيت / الشعري / القافية / الشاعر / ص

( الهمزة)

یابدوراً لم ترض أفق السماء /كربلاء / السيد نصر اللّه الحائري / 578

(الباء)

كُن ابن من شئت واتخذ أدباً / النسب / .../ 15

لعمرك إنني لأحبُّ داراً / والربابُ / ينسب إلى الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) / 483

ما أنصف القوم ضبه / الطرطبه / المتنبي / 436

(التاء)

أخجلت جيد الريم بالإلتفات / بالانصلات / الشيخ السماوي / 46

باللّه سل عصبة بالفرس قد فتكت / سفکت / محمّد حسن أبو المحاسن / 457

قلب المعنَّى دائم الحسرات / العبرات / السيد محمّد بن مال اللّه بن معصوم / 583

وعند غني قطرة من دمائنا / حلت / سليمان بن قتة / 484

(الحاء)

غيداء من بيض الملاح رداح / جماح / الشيخ كاظم الحائري / 584

ما أنت يا قلب وبيض الملاح / وراحْ / الشيخ قاسم بن محمّد الحائري / 584

(الدال)

أبا الفضل أنت الباب للسِّبط مثلما / لأحمدا / رجل علوي من أهالي الكاظمية / 265

بقلبي أوقدت ذات الوقود / النهود / الشيخ جعفر الحائري/ 593

وفارق طرفي طيب / الفرقد / سید جواد الحسيني الهندي / 594

يا من رأى العباس كر / النقد ينسب إلى أم البنين (عَلَيهَا السَّلَامُ) / 476

ص: 655

البيت الشعري / القافية / الشاعر / ص

(الراء)

أرادوا ليخفو قبره عن عداوة / القبر / إعرابي من بني أسد / 107

إن تنكروني فأنا ابن جعفر / أزهر / عون بن عبد اللّه بن جعفر / 488

إني أنا عثمان ذو المفاخر / الطاهر / عثمان بن علي بن أبي طالب / 478

عرى فاستمر الخطب واستوعب الدهرا / الصبرا / الحاج محمّد علي كمونة / 585

قل للسماويِّ الذي / یدور / الشيخ اليعقوبي / 21

الماء صاف كالزلال مقطر / الكوثر / السيد حسين العلوي / 406

مررت على قبر الحسين بكربلا / غزيرها / عقبة بن عميق السهمي / 193

نحن رضضنا الصدر بعد الظهر / الأسر / أسيد بن مالك (لع) / 146

وإن عليا لأولى بكم / عمر / البحتري / 170

و ثامر كربل وعميم دفلى / يمور / ابو وجرة / 62

وحز الفخر والعلى بعلي / الأوطارا / السيد مصطفى الكاشاني / 139

(الضاد)

لمعان البرق اذا اومض / اومض / الشيخ محمّد السماوي 46

(العين)

تبرع في كسب الحمال فخاره / تبرعا / السيد ابراهيم الطباطبائي / 33

شجتك الضغائن لا الأربع / الأدمع/ الحاج جواد بذقت الحائري / 586

ضريحك مفزعنا الأمنع / تدفعُ / محمّد جمال الهاشمي / 376

(الفاء)

إني لأذكر للعباس موقفه / تختطف الفضل بن محمّد / 475

(القاف)

لا أرهب الموت إذا الموت / لقى / ينسب الى العباس بن علي / 474

ص: 656

البيت الشعري / القافية / الشاعر / ص

(الكاف)

أشمس أفق تبدت أم محياك / رياك للسيد مصطفى الكاشي / 140

(اللام)

أحمد من أنشأ هذا السبيل / السبيل / عبد الباقي العمري / 330

اصبروا آل الرسول / النحول / ينسب إلى الخضر / 86

ألا هل ليلةٌ فيها اجتمعنا / ثقال / الخطيب السيد جواد الحائري / 594

أنا ابن[ذي] النجدة والأفضال / الأفعال / عبد اللّه بن علي بن أبي طالب / 478

إني أنا جعفر ذو المعالي / الأفضال / جعفر بن علي بن أبي طالب / 479

بذلت أيا عباس نفساً نفيسةً / مثل / السيّد محمّد بن الحسين الحسيني / 580

شيخي على ذو الفخار الأطول / تعدل / أبو بكر بن علي بن أبي طالب / 479

عيني جودي بعبرة وعويل / آل الرسول / سليمان بن قتة التيمي / 488

متى يشفيك دمعك من همول / غليل / منصور بن سلمة الزبرقان / 161

هذا المقام لزينب الكبرى / سليلة / الشيخ هادي الكربلائي / 419

وسمي النبي غودر فيهم / مصقول / سليمان بن قتة / 489

یا آل بيت الوحى إنكم / أفضلها / السيد الأمير حسين الرضوي. / 579

(الميم)

ان يقتلوك على شاطى الفرات ظما /عظما / الشيخ محمّد السماوي / 48

باللّه إن كانت أمية قد أتت / مظلوما / يعقوب بن السكيت وقيل: للبسامي أحمد بن علي / 168

جئت أسعى إليك من غير زاد /الآثاما / علوي من الكاظمية / 265

حيا الحيا ربع أحباب بذي سلم /العلم /السيد الأمير حسين الرضوي / 579

ذكرت السيوف الغرَّ من آل هاشم /تثلم /السيد عبدالوهاب ابن السيد علي الوهاب / 590

ص: 657

البيت الشعري / القافية / الشاعر / ص

غار الفتى لابن عمه / أمه /المتوكل العباسي (استشهد بها) / 168

كم طلعت لك ياهلال محرم /بمأتم / الشيخ محمّد السماوي / 47

وأبو الفضل إن ذكرهم الحل /الأسقام / الكميت بن زيد الأسدي / 475

وليس كيوم الطف يوم فإنه / عندما / محمّد سعيد بن محمود الحائري / 589

يا آل أحمد إنني مولاكم / ولاكم / السيد مهدي ابن السيد باقر الهندي / 596

(النون)

أبا الشهداء حسبي فيك منجى /الزمان / ... / 339

أشكو إلى اللّه من العدوان / عمیان / محمّد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب / 489

بكرت نصب اللوم مزنة / وحزنه / الشيخ محمّد السماوي / 48

قسماً بمكة والحطيم وزمزم / منی / ينسب إلى الناصر لدين اللّه / 299

لا تدعوني ويك أمّ البنين / العرين / أم البنين (عَلَيهَا السَّلَامُ) / 476

لقد حبست في كربلاء مطيتي / سمينها / رجل من أشجع / 63

واللّه إن قطعتم يميني / ديني / ينسب الى العباس بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) / 474

يا نفس من بعد الحسين هوني / أن تكوني / ينسب الى العباس بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) / 474

(الواو)

فرحم اللّه امرءاً رواها / فحواها / الشيخ محمّد السماوي / 13

(الياء)

أصحرت في الطف ضرغاما بساحته / وذري / تخميس للشيخ السماوي / 252

ألا ترون معشر الفجار / يساري / ينسب إلى العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) / 475

أنا علي بن الحسين بن علي / بالنبي / علي الأكبر بن الحسين / 481

الحمد للّه بدر السعد قد طلعا / التهاني / السيّد نصر اللّه الحائري / 546

لاقى الصلاة بأرض الطف منفردا / وولي / محسن بن محمّد أبي الحب / 588

ص: 658

فهرس الحيوانات

أسد 73، 232، 326 349

أغنام: 71.

بعير: 286

البقر: 175، 224

الحمار = الحمير: 93، 94، 405.

الحوت: 61، 62.

الخيل = الفرس: 34 145، 146، 161، 231، 232، 426، 433، 441، 452، 457، 472.

الذئب: 475.

الذباب: 73.

الريم: 46.

السباع: 73.

السمك: 72، 294.

الصقر: 436، 475، 486.

الطير: 72 243، 294.

الظباء: 82 ، 84، 85.

ليث: 326، 486، 490.

المعزى: 475.

نسور: 476.

ص: 659

ص: 660

فهرس المصادر والمراجع

القرآن الكريم

1 - إبصار العين في أنصار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الشيخ محمّد بن طاهر السماوي(ت 1370ه)، تحقيق: علي جهاد الحسّاني، نشر: مؤسسة البلاغ - بيروت، ط 1 - 1424ه.

2 - أدب الطف: السيد جواد شبّر (ت) بعد 1401ه)، دار المرتضى - بيروت سنة 1998م.

3- الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد: أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه)، تحقيق مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث، دار المفيد - بيروت لبنان، ط 2 - 1414 ه - 1993 م.

4- الاستيعاب في معرفة الأصحاب: أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن عبد البر الأندلسي (ت 463 ه)، تحقيق: علي محمّد البجاوي، دار الجبل - بيروت، ط 1- 1412 ه.

5 - الإصابة في تمييز الصحابة الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852ه)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمّد عوض، دار الكتب العلمية - بیروت، ط 1 - 1415 ه.

6 - أصدق الأخبار في قصة الأخذ بالثار: السيد محسن بن عبد الكريم الحسيني

ص: 661

العامليت 1371ه، نشر مكتبة بصيرتي، مطبعة العرفان - صيدا، سنة 1331 ه.

7- أعجب القصص فى كرامات العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) : السيد محمّد حسن ابن السيد صادق آل طعمة.

8- الأعلام: خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين - بيروت، ط ه - 1980 م.

9 - أعيان الشيعة السيد محسن الأمين العاملي (ت (1371ه)، تحقيق: د.حسن الأمين، نشر دار التعارف / بیروت، ط 5-1403ه.

10 - إقبال الأعمال: السيّد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس (ت 664 ه)، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، نشر مكتب الإعلام الإسلامي قم- إيران، ط 1 - 1414ه.

11- الأمالي: أبو جعفر محمّد بن الحسن الشيخ الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة نشر: دار الثقافة - قم، ط 1 - 1414 ه.

12 - الأمالي أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق (ت 381ه)، تحقيق ونشر: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة، قم - إيران، ط 1 - 1417 ه.

13 - الأمالي: السيد المرتضى أبي القاسم علي بن الطاهر أبي أحمد الحسين (ت 436ه)، تحقيق السيد محمّد بدر الدين النعساني الحلبي، نشر مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي النجفي - قم، ط 1 - 1325ه.

14 - الأمان من أخطار الأسفار: السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمّد ابن طاووس (ت 664 ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم -

ص: 662

إيران، ط 1 - 1409 ه.

15 - أمل الآمل : الشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي ( ت 1104ه)، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، نشر : مكتبة الأندلس - بغداد، طبع بمطبعة الآداب - النجف الأشرف.

16 - بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار (عَلَيهِم السَّلَامُ) : الشيخ محمّد باقر المجلسي (ت 1111 ه)، نشر: مؤسسة الوفاء بيروت - لبنان، ط 2 - 1403 ه.

17 - البداية والنهاية : إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 ه)، تحقيق: علي شيري، نشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ط 1 - 1408 ه / 1988م.

18 - بشارة المصطفى لشيعة المرتضى محمّد بن علي الطبري (ت 525 ه)، تحقيق: جواد القيّومي الإصفهاني، نشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم - إيران، ط 1- 1420 ه.

19 - بطل العلقمي : الشيخ عبد الواحد المظفر (ت 1395ه)، نشر: المكتبة الحيدرية، ط 1 - 1425ه.

20 - بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: السيد عبد الحسين جواد آل طعمة (ت 1380 ه)، تحقيق: عادل الكليدار، مطبعة الإرشاد بغداد.

21 - البيوتات العلوية في كربلاء: السيّد إبراهيم حسين القزويني الموسوي الحائري مطبعة كربلاء، كربلاء سنة 1382 ه – 1963م.

22 - تاج علي العروس من جواهر القاموس: محمّد مرتضى الزبيدي (ت 1205ه)، تحقيق: علي شيري، دار الفكر للطباعة والنشر - بيروت، ط - 1414 ه.

ص: 663

23 - تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام: أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت 748 ه)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي -بيروت، ط 1 - 1407 ه - 1987م.

24 - تاريخ الأمم والملوك (تاريخ الطبري): محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ه)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان، الطبعة المقابلة على النسخة المطبوعة في ليدن 1879 م.

25 - تاريخ بغداد أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463 ه)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 - 1417 ه.

26 - تاريخ العراق بين احتلالين: عباس محمّد العزاوي (ت 1391 ه)، طبع: بغداد، 1376 ه.

27 - تاريخ كربلاء وحائر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): الدكتور عبد الجواد الكلي-دار (ت 1379ه)، نشر: المكتبة الحيدرية، طبع سنة 1418ه.

28 - تاريخ الكوفة: السيد حسين بن أحمد البراقي النجفي (ت 1332 ه)، تحقيق: ماجد بن أحمد العطية، انتشارات المكتبة الحيدرية، ط 1 - 1424 ه، مطبعة شريعت - إيران.

29 - تاريخ مرقد الحسين والعباس (عَلَيهِ السَّلَامُ): السيد سلمان هادي آل طعمة، نشر: مؤسسة الأعلمى - بيروت، ط 1 - 1416ه.

30 - تاريخ مدينة دمشق: علي بن الحسن بن هبة اللّه المعروف بابن عساكر، (ت 571ه)، تحقيق: علي شيري، دار الفكر - بيروت، ط 1 - 1415 ه.

ص: 664

31 - تاريخ اليعقوبي: أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب ابن واضح الكاتب العباسي المعروف باليعقوبي (ت 284ه)، مؤسسة ونشر فرهنگ اهل بیت (عَلَيهِم السَّلَامُ) - قم، دار صادر - بيروت.

32- تراث كربلاء: السيّد سلمان هادي آل طعمة، نشر: مؤسسة الأعلمي، بيروت، ط 2 - 1403 ه.

33 - تفسير القمي علي بن إبراهيم بن هاشم القمي (ق 4)، تحقيق: السيد طيب الموسوي الجزائري، مؤسسة دار الكتاب - قم، ط 3 - 1404ه.

34 - تكملة أمل الآمل: السيد حسن الصدر الكاظمي (ت 1354ه)، تحقيق: الدكتور حسين علي محفوظ وعبد الكريم الدباغ وعدنان الدباغ، نشر: دار المؤرخ العربي - بيروت، ط 1 - 1429ه.

35- تلامذة العلّامة المجلسي: السيد أحمد الحسيني، نشر : مكتبة آية اللّه المرعشي - قم، الطبعة الأولى 1410ه.

36 - تهذيب الأحكام: الشيخ محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق: السيّد حسن الخرسان، نشر: دار الكتب الإسلامية - طهران، ط 4- 1390 ه.

37- تهذيب الكمال في أسماء الرجال: جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي (ت 742ه) تحقيق: الدكتور بشار عواد معروف، نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، ط 4 - 1406ه.

38- توضيح المقاصد: الشيخ البهائي محمّد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي (ت 1031 ه) نشر: مكتبة آية اللّه المرعشي - قم، ط 1406ه.

ص: 665

39 - جغرافية أنهار كربلاء: مهنا رباط الدرويش المطيري، مطبعة الزمان – بغداد 1415ه.

40 - الحبل المتين: الشيخ البهائي محمّد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي (ت 1031ه) نشر: مكتبة بصيرتي - قم.

41 - الحسين في الفكر الحسيني: الاستاذ أنطوان،بارا، ط 1 - 1398ه - الكويت.

42 - خاتمة مستدرك الوسائل: الشيخ حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث - قم، ط 1 - 1415 ه.

43 - دائرة المعارف الإسلامية الشيعية: السيد حسن الأمين (ت 1422 ه)، دار التعارف للمطبوعات - بيروت الطبعة السادسة 1422ه.

44 - دائرة المعارف الحسينية / تاريخ المراقد: الشيخ محمّد صادق الكرباسي، المركز الحسيني للدراسات، لندن - المملكة المتحدة، ط 1 - 1419ه.

45 - دار السلام فيما يتعلق بالرؤيا والمنام: الميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320ه)، المطبعة العلمية، الطبعة الثالثة، قم - إيران.

46- الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة: السيّد علي خان المدني الشيرازي الحسيني (ت 1120 ه)، تقديم: السيد محمّد صادق آل بحر العلوم، نشر: مكتبة بصيرتي - قم، ط 2 - 1397 ه.

47 - الدعوات (سلوة الحزين): سعيد بن هبة اللّه المشهور بقطب الدين الراوندي (ت 573 ه)، تحقيق ونشر : مدرسة الإمام المهدي - قم، ط 1 - 1407 ه.

4 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة: الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت 1389 ه)، دار

ص: 666

الأضواء - بيروت، ط 3 - 1403 ه.

49 - ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد: العلّامة المحقق ملا محمّد باقر السبزواري (ت 1090ه)، نشر و تحقيق مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث.

50 - ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: الشهيد الأول محمّد بن جمال الدين مكي العاملي (ت 786 ه)، نشر وتحقيق : مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث - قم، ط 1 - 1419ه.

51 - ذوب النضار في شرح الثار : الشيخ جعفر بن محمّد ابن نما الحلي (ت 645ه)، تحقيق : الشيخ فارس حسون كريم، نشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين – قم، ط 1 - 1416ه.

52 - رجال السيّد بحر العلوم (الفوائد الرجالية): السيّد محمّد مهدي بحر العلوم (ت 1212 ه)، تحقيق وتعليق: السيّد محمّد صادق والسيد حسين آل بحر العلوم، نشر: مكتبة الصادق - طهران، ط 1 - 1405ه.

53- رسالة في آل أعين : أبو غالب الزراري (ت 368 ه)، شرح: السيد محمّد الموسوي الموحد الأبطحي الإصفهاني، مطبعة رباني 1399 ه.

54 - روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات: محمّد باقر الخوانساري الإصفهاني (ت 1313 ه)، نشر: المطبعة الحيدرية - طهران، سنة 1390 ه.

55 - روضة الواعظين: محمّد بن الحسن بن علي الفتال النيسابوري ( ت 508 ه)، تحقيق: حسين الأعلمي مؤسسة الأعلمي - بيروت، ط 1 - 1406 ه.

56 - السجود على الأرض: الشيخ علي الأحمدي، نشر: مركز جواد للطباعة والنشر،

ص: 667

ط 4 - 1414ه.

57 - السجود على التربة الحسينية عند الشيعة الإمامية: الشيخ عبد الحسين الأميني (ت 1390 ه)، تحقيق: السيّد محمّد عبد الحليم الصافي دار الزهراء - بيروت ط 2 - 1397ه.

58 - السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي: الشيخ محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلي (ت 598 ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط 2 - 1410ه.

59- سنن الترمذي (الجامع الصحيح): أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ه)، تحقيق: أحمد محمّد شاكر، دار إحياء التراث - بيروت.

60- سیر أعلام النبلاء: محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة التاسعة 1413ه.

61 - شجرة الرياض في مدح النبي الفيّاض: الشيخ محمّد بن طاهر السماوي (ت 1370ه)، تحقيق : السيد عبد الستار الحسني، المطبوع ضمن مجلة علوم الحديث السنة العاشرة العدد 20 لسنة 1427ه.

62 - شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد المعتزلي (ت 656 ه)، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية - القاهرة، ط 1 - 1378 ه.

63 - شعراء الغري: الشيخ علي الخاقاني (ت 1399ه)، نشر: مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي النجفي - قم، طبعة سنة 1408ه.

64 - الشيعة في الميزان الشيخ محمّد جواد مغنية، دار الشروق، بيروت.

65 - الصحاح: أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري (ت 398 ه)، تحقيق: أحمد بن

ص: 668

عبد الغفور العطار، دار العلم للملايين - بيروت، ط 4 - 1410 ه.

66 - طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال: العلّامة السيد علي أصغر بن السيد محمّد شفيع البر وجردي (ت 1313 ه)، تحقيق: السيد مهدي الرجائي نشر مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي النجفي - قم، ط 1 - 1410ه.

67 - الطليعة من شعراء الشيعة: الشيخ محمّد بن طاهر السماوي (ت 1370 ه)، تحقيق: کامل سلمان الجبوري، ط 1 - 1422 ه، دار المؤرخ العربي - بيروت / لبنان.

68 - ظرافة الأحلام في النظام المتلو في المنام لأهل البيت الحرام : الشيخ محمّد بن طاهر السماوي (ت) 1370ه)، تحقيق سعد الحداد، مركز الأمير لإحياء التراث الإسلامي - النجف، ط 1 - 1429ه.

69 – العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ): السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم (ت) 1391 ه)، تحقيق: الشيخ محمّد الحسون نشر : مكتبة الروضة العباسية، سنة 1427 ه.

70 - عشائر كربلاء وأسرها السيد سلمان هادي آل طعمة، دار المحجة البيضاء - بيروت، ط 1 - 1418ه.

71 - عمارة كربلاء (دراسة عمرانية وتخطيطية): رؤوف محمّد علي الأنصاري، ط 1- 1427ه.

72 - عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عنبة (ت 828 ه) المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف، ط 2- 1380 ه - 1961م.

73 - الغدير في الكتاب والسنة الشيخ عبد الحسين أحمد الأمينى (ت 1390ه)، دار

ص: 669

الكتاب العربي - بيروت، ط 4 - 1397 ه.

74 - فرحة الغري: السيد عبد الكريم ابن طاووس الحسني (ت 693 ه)، تحقيق: السيّد تحسين الموسوي، مركز الغدير للدراسات الإسلامية - قم، ط 1 - 1419 ه.

75 - الفصول المهمة في معرفة الأئمّة: على بن محمد بن أحمد ابن الصباغ المالكي (ت 855 ه)، تحقيق وتعليق: سامي الغريري، نشر دار الحديث - قم، ط 1- 1422 ه.

76 - فضل الكوفة ومساجدها محمّد بن جعفر المشهدي الحائري ( ق6)، تحقيق: محمّد سعيد الطريحي، دار المرتضى - بيروت.

77- الفوائد الرضوية: الشيخ عباس بن محمّد رضا القمي (ت 1359ه)، تحقيق: ناصر باقري بيد هندي نشر مؤسسة بوستان کتاب، طبع سنة 1385ه.

78 - القاموس المحيط : محمّد بن يعقوب الفيروز آبادي (ت 817 ه).

79 - الكافي: الشيخ محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (ت 328 / 329 ه )، تصحيح وتعليق: علي أكبر غفاري، دار الكتب الإسلامية - طهران، الطبعة الثالثة - 1405 ه.

80 - كامل البهائي: الشيخ الحسن بن علي بن محمّد عماد الدين الطبري(ق)، تعريب و تحقيق: محمّد شعاع فاخر انتشارات المكتبة الحيدرية، ط 1 - 1426ه.

81 - كامل الزيارات: أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمي (ت 368 ه)، تحقيق: الشيخ جواد القيّومي، مؤسسة نشر الفقاهة - قم، ط 1 - 1417 ه.

82 - الكامل في التاريخ: علي بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبد الكريم المعروف

ص: 670

بابن الأثير (ت 630 ه)، دار صادر - بيروت، ط 1385ه.

83- كتاب العين : الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 ه)، تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي و الدكتور إبراهيم السامرائي، نشر : مؤسسة دار الهجرة، ط 2 - 1409ه.

84 - كربلاء في الذاكرة: السيد سلمان هادي آل طعمة، مطبعة بغداد 1988 م.

85 - الكشكول : الشيخ البهائي محمّد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي (ت 1031ه)، نشر مؤسسة الأعلمي - بيروت، ط7-1420ه.

86 - كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): أبو عبد اللّه محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت) (658ه)، تحقيق : الشيخ محمّد هادي الأميني، نشر: شركة الكتبي - بيروت، ط 4 - 1413ه.

87- الكنى والألقاب: الشيخ عباس بن محمّد رضا القمي (ت 1359ه)، تقديم: محمّد هادي الأميني، مكتبة الصدر - طهران.

88- الكنى والألقاب: المحدّث الشيخ عباس بن محمّد رضا القمي (ت 1359 ه)، المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف 1389 ه.

89- كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: علاء الدين علي المتقي ابن حسام الدين الهندي ( ت 975 ه)، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط - 1409 ه.

90 - الكواكب السماوية: الشيخ محمّد بن طاهر السماوي (ت 1370ه).

91 - لسان العرب: أبو الفضل محمّد بن مكرم بن منظور المصري (ت 711 ه)، دار صادر - بيروت، ط 1 - 1410ه.

92 - ماضي النجف وحاضرها الشيخ جعفر آل محبوبة (ت 1377 ه)، نشر: دار

ص: 671

الأضواء - بيروت، ط 2 - 1986 م.

93 - المجدي في أنساب الطالبيين: علي بن محمّد بن علي بن محمّد العلوي (ق5)، تحقيق: أحمد المهدوي الدامغاني نشر: مكتبة آية اللّه المرعشي العامة - قم، ط 1 - 1409 ه.

94 - مجمع البحرين: فخر الدين الطريحي (ت 1085 ه)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة - قم، ط 1 - 1415ه.

95 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 ه)، دار الكتب العلمية - بيروت، طبع - 1408 ه.

96 - المحيط في اللغة: الصاحب إسماعيل بن عباد (ت 385ه)، تحقيق: الشيخ محمّد حسن آل ياسين نشر عالم الكتب - بيروت، ط 1- 1414ه.

97 - مختصر أخبار شعراء الشيعة: لأبي عبد اللّه محمّد بن عمران المرزباني الخراساني (ت 384 ه)، تحقيق: الشيخ محمّد هادي الأميني، نشر: شركة الكتبي - بيروت، ط 2 - 1413ه.

98 - مدينة الحسين (مختصر تاريخ كربلاء): السيد محمّد حسن الكليدار (ت 1416ه)، مطبعة أهل البيت - كربلاء، ط 1 - 1389ه.

99 - مرآة الجنان وعبرة اليقظان: أبو محمّد عبد اللّه بن سعد اليافعي (ت 768ه)، نشر دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 - 1417ه

100 - المراقد والمقامات في كربلاء: عبد الأمير القريشي، نشر قسم الشؤون الفكرية / العتبة العباسية المقدّسة، ط 1 - 1429ه.

ص: 672

101 - مرقد الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عبر التاريخ: السيّد تحسين آل شبيب الموسوي، دار الفقه - قم ط 1 - 1421ه.

102- مروج الذهب ومعادن الجوهر: أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي (ت 346 ه)، تحقيق: أمير مهنا، ط 1 - 1421 ه، نشر مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان.

103 – المزار: الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان (ت 413 ه)، تحقيق: محمّد باقر الأبطحي، دار المفيد - بيروت، ط 2 - 1414 ه.

104 - مستدرك الوسائل: الميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه)، تحقيق: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث الإسلامي - بيروت، ط 1 - 1408 ه.

105 - مستدركات أعيان الشيعة: السيّد حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات - ،بیروت، ط 2 - 1418ه.

106 - مسند أحمد بن حنبل: أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني (ت 241 ه)، تحقيق: عبد اللّه محمّد الدرويش، دار الفكر - بيروت، ط 2 - 1414 ه.

107 - مصباح الزائر : السيد علي بن موسى بن طاووس (ت 664ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث - قم، ط 1 - 1417ه.

108- مصباح المتهجد: الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي(ت 460ه)، نشر: مؤسسة فقه الشيعة - بيروت / لبنان، ط 1 - 1411ه.

109 - معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء: الشيخ محمّد حرز الدين، تحقيق: الشيخ محمّد حسين حرز الدين (ت 1365ه) نشر: مكتبة آية اللّه المرعشي

ص: 673

العامة - قم، سنة 1405 ه.

110 - معجم ألفاظ الفقه الجعفري: أحمد فتح اللّه، نشر: المؤلّف، طبع: مطابع المدخول - الدمام، ط 1 - 1415 ه.

111- معجم البلدان: ياقوت بن عبد اللّه الحموي الرومي البغدادي (ت 626 ه)، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط 1 - 1399 ه.

112 - معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء: السيد سلمان هادي آل طعمة، دار المحجة البيضاء - بيروت، ط 1 - 1420ه.

113 - معجم رجال الفكر والأدب في النجف: الشيخ محمّد هادي الأميني (ت 1425ه)، ط 2 - 1413ه.

114- معجم قبائل العرب: عمر رضا،كحالة دار العلم للملايين - بيروت، ط 2- 1388 ه.

115 - المعجم الكبير : سليمان بن احمد الطبراني (ت 360 ه)، تحقيق: حمدي عبد المجيد،سلفي، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط 2 - 1405 ه.

116- معجم المؤلّفين" عمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربي – بيروت.

117 - مقاتل الطالبيين: أبو الفرج الإصفهاني (ت 356 ه)، تقديم وإشراف كاظم المظفر، نشر: المكتبة الحيدرية - النجف الأشرف، ط 2 - 1385 ه.

118 - مقتل الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (اللهوف في قتلى الطفوف): السيد علي بن موسى بن طاووس (ت 664 ه)، نشر أنوار الهدى - قم، ط 1 - 1417 ه.

119 - مقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): لوط بن يحيى بن مخنف الأزدي الغامدي (ت 157 ه)،

ص: 674

تعليق حسن الغفاري، نشر: مكتبة السيد شهاب الدين المرعشي النجفي، ط - 1398ه.

120 - مقتل الحسين: الموفق بن ا المكي أخطب خوارزم (ت 568 ه)، تحقيق: الشيخ محمّد السماوي، ط 3 - 1425 ه، مطبعة مهر، نشر أنوار الهدى / إيران.

121 - مكارم الأخلاق: الشيخ أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي(ت 548ه)، نشر: الشريف الرضي، ط 6 - 1392ه

122 - من لا يحضره الفقيه: محمّد بن علي بن بابويه القمي الصدوق (ت 381ه)، تحقيق: علي أكبر غفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم، الطبعة الثانية.

123 - مناقب آل أبي طالب: محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (ت 588 ه)، تحقيق لجنة من أساتذة النجف الأشرف، نشر: المكتبة الحيدرية - النجف الأشرف، ط - 1376 ه.

124 - مناهج الأحكام: آية العظمى الميرزا أبو القاسم القمي(ت 1231ه)، تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم، ط 1 -1420ه.

125 - المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمّد بن الجوزي (ت 597 ه)، تحقيق: محمّد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 - 1412 ه.

126 - منتهى المقال في أحوال الرجال: الشيخ محمّد بن إسماعيل المعروف بأبي علي الحائري (ت 1216ه)، نشر وتحقيق مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث

ص: 675

- قم، ط 1 - 1416ه.

127 - موسوعة عاشوراء: جواد محدثي نشر: دار الرسول الأكرم - بيروت، ط 1- 1418ه

128 - موسوعة العتبات المقدّسة: جعفر الخليلي، منشورات مؤسسة الأعلمي بیروت لبنان، ط 2 - 1407ه.

129 - الموقع الإلكتروني للعتبة العباسية المطهرة.

130 - الموقع الإلكتروني لصحيفة الجريدة.

131 - الموقع الإلكتروني لشبكة كربلاء.

132 - الوافي بالوفيات خليل بن أيبك الصفدي (ت 764 ه)، تحقيق: هلموت ريتر، جمعية المستشرقين الألمانية.

133- وفاء الوفاء بأخبار المصطفى: أبو الحسن علي بن عبد اللّه السمهودي (ت 911ه)، مطبعة الآداب والمؤيد - القاهرة، سنة 1326 ه.

134 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: شمس الدين أحمد بن محمّد بن أبي بكر ابن خلكان (ت 681 ه)، تحقيق: إحسان عباس دار الثقافة - بيروت سنة 1397 ه.

ص: 676

فهرس المحتويات

مقدمة الناشر...7

توطئة...9

المؤلّف في سطور...15

نسبه ونسبته...15

نبذة في أحوال والده...16

ولادته ونشأته وأسفاره...18

المناصب التي تولاها الشيخ (رَحمهُ اللّه)...20

أساتذته ...21

من أجازه من العلماء...23

عشقه للكتب واستنساخها....24

مكتبته...29

أقوال العلماء فيه....33

آثاره...36

المجازون منه بالرواية....41

إجازة الشيخ السماوي (رَحمهُ اللّه) للسيد الصادق من آل بحر العلوم (رَحمهُ اللّه) نظماً...42

وفاته...43

ص: 677

من رثاه وأرّخ وفاته (رَحمهُ اللّه)...44

عقبه...45

نماذج من شعره...45

المصادر التي ترجمت للمؤلّف...49

النسخة المعتمدة...50

الباب الأول: في اسم الطف وما كان عليه...55

الفصل الأول: أن الأنبياء مرّت بالطفّ...69

الفصل الثاني: أن نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مرّ بها وخبر أمّ سلمة...75

الفصل الثالث: أن علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) مر بها وخبر ابن عبّاس...81

الفصل الرابع: خبر هر ثمة...89

الفصل الخامس: خبر شيبان...93

الباب الثاني: في أن تربة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)@ للشفاء...95

الفصل السادس: خبر ابن قولويه عن فضل التربة الحسينية...113

الفصل السابع: تعظيمها وكيفية استعمالها...117

الفصل الثامن: خبر الشيخ الطوسي عن موسى بن سريع فيها...131

الفصل التاسع: خبر السيد نعمة اللّه فيها....135

الفصل العاشر: خبر السيد مصطفى الكاشي فيها...137

الفصل الحادي عشر : خبر الناظم فيها....141

الباب الثالث: في تعيين المرقد وماجرياته وفضل الزيارة...143

ص: 678

الفصل الثاني عشر: ردّ من شك به بزيارة أبنائه...173

الفصل الثالث عشر: فضل الزيارة والزائر...179

الفصل الرابع عشر : زيارة أبنائه وسلاطين الزمان له...189

الباب الرابع: في بعض معجزات ظهرت من القبر...219

الفصل الخامس عشر: معجزة الديزج...223

الفصل السادس عشر : معجزة هارون المعري...227

الفصل السابع عشر : معجزة علي بن عاصم (رَحمهُ اللّه)...229

الفصل الثامن عشر : معجزة شاهدها قطب الدين الراوندي (رَحمهُ اللّه)...233

الفصل التاسع عشر : ذكر السروي لمعجزة في المسترشد...235

الفصل العشرون: ذكر ابن الأثير الجزري لمعجزة ظهرت في خفاجة...239

الفصل الواحد والعشرون: ذكر معجزة ظهرت للميرزا خليل (رَحمهُ اللّه)...241

الفصل الثاني والعشرون: ذكر معجزة ظهرت للسيد محمّد الهندي (رَحمهُ اللّه)...247

الفصل الثالث والعشرون: ذكر معجزة ظهرت للناظم أيضا...252

الفصل الرابع والعشرون: ذكر معاجز عامّة...255

الفصل الخامس والعشرون ذكر معجزة بل معجزتين ظهرتا للشيخ عبد الر. التستري من العبّاس (عَلَيهِ السَّلَامُ)....273

الفصل السادس والعشرون: ذكر معجزة منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ظهرت للناظم...251

الفصل السابع والعشرون: ذكر تعداد ما تقدّم وأنها بعض من كل....279

الباب الخامس: في ذكر البناء ومن بناه وذكر الماء والضياء

الفصل الثامن والعشرون: ذكر تشييد الساعات ومنارة العبد والسبيل...325

ص: 679

الفصل التاسع والعشرون: ذكر أبعاد الشباك والروض والرواق والبهو والصحن...333

الفصل الثلاثون: ذكر المسافة بين المقامين والأبواب وحُجر الصحن...349

الفصل الواحد والثلاثون: ذكر الماء ومن شق نهراً إلى كربلاء...389

الفصل الثاني والثلاثون: ذكر الضياء وكيف كان؟ وإلى أين انتهى...407

الفصل الثالث والثلاثون: ذكر ما في ثنايا كربلا من آثار المزارات...413

الباب السادس: في حوادث كربلا وتعدادها....431

الفصل الرابع والثلاثون: ذكر مستحدثات جديدة مبهجة...463

الباب السابع: في ذكر من دفن في كربلا وتعداد الشهداء (عَلَيهِم السَّلَامُ)....469

الفصل الخامس والثلاثون: ذكر جملة من الملوك الذين دفنوا فيها تاريخهم...501

الفصل السادس والثلاثون: ذكر جملة من العلماء والمصنفين الذين دفنوا فيها وتواريخهم...513

الباب الثامن: في ذكر نقباء كربلا والسدنة وأسر العلم والرثاة...539

الفصل السابع والثلاثون: نقباء حضرتي الحسين المال العبّاس (عَلَيهِما السَّلَامُ)...543

الفصل الثامن والثلاثون: أسر العلم وذكر بيوتهم الملازمة للعلم قرناً وأكثر...559

الفصل التاسع والثلاثون: ورثاة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مامان من الساكنة كربلاء وأهلها....57

الفصل الأربعون: الختام والتاريخ والحمد له على التمام للنظام...599

الفهارس العامّة....601

فهرس الآيات القرآنية...603

فهرس الأحاديث...605

فهرس الأعلام...611

ص: 680

فهرس الوقائع والحوادث...643

فهرس الأمكنة والبلدان....645

فهرس البيوتات والقبائل والفرق...651

فهرس الأشعار...655

فهرس الحيوانات...659

فهرس المصادر والمراجع....661

فهرس المحتويات....677

ص: 681

ص: 682

منشوراتنا

تشرّفت مكتبتنا - مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسيّة المقدّسة -

بتحقيق ومراجعة الكتب الآتية، ونشرها :

(1) العبّاس (عَلَيهِ السَّلَامُ).

تأليف: السيّد عبد الرزّاق الموسوي المقرّم (ت 1391 ه).

تحقيق: الشيخ محمّد الحسّون.

(2) المجالس الحسينيّة.

تأليف: الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373 ه).

تحقيق الأستاذ أحمد علي مجيد الحلّي.

راجعه ووضع فهارسه وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسيّة المقدّسة.

(3) سند الخصام في ما انتخب من مسند الإمام أحمد بن حنبل.

تأليف: الحجّة الشيخ شبّر محمّد بن صفر علي الهمداني (ت 1390 ه).

تحقيق: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدّسة/ الأستاذ أحمد علي مجيد الحلّي.

(4) معارج الأفهام إلى علم الكلام.

تأليف: الشيخ جمال الدين أحمد بن علي الجبعي الكفعميّ (ق 9).

تحقيق: عبد الحليم عوض الحلّي.

مراجعة وتصحيح : وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العّباسية المقدّسة.

ص: 683

(5) مكارم أخلاق النبيّ والأئمّة.

تأليف : الشيخ الإمام قطب الدين الراوندي (ت 573 ه).

تحقيق: السيّد حسين الموسوي البروجردي.

مراجعة وتصحيح وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العبّاسية المقدّسة.

(6) منار الهدى في إثبات النصّ على الأئمّة الاثني عشر النُجبا.

تأليف: الشيخ عليّ بن عبد اللّه البحرانيّ (ت 1319 ه ).

تحقيق: عبد الحليم عوض الحلّي.

:مراجعة وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العبّاسية المقدّسة.

(7) الأربعون حديثاً.

اختیار: محمّد صادق السيّد محمّد رضا الخرسان.

تحقيق: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العبّاسية المقدّسة.

(8) فهرس مخطوطات العتبة العبّاسية المقدّسة.

إعداد وفهرسة : السيّد حسن الموسوي البروجردي.

(9) الصولة العلوية على القصيدة البغدادية.

تأليف: محمّد صادق آل بحر العلوم (ت 1399 ه ).

تحقيق وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدّسة.

(10) ديوان السيد سليمان بن داود الحلي.

دراسة وتحقيق: د. مضر سليمان الحسيني الحلّي.

مراجعة: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدّسة.

ص: 684

(11) كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).

تأليف: العلّامة الميرزا المحدث حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه).

تحقيق: الأستاذ أحمد علي مجيد الحلّي.

راجعه ووضع فهارسه : وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العبّاسية المقدّسة.

(12) نهج البلاغة (المختار من كلام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ))

جمع : الشريف الرضي (ت 406 ه).

مراجعة: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدّسة.

(13) مجالي اللطف بأرض الطف. (الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ)

نظم : الشيخ محمّد بن طاهر السماوي (ت 1371 ه).

شرح: علاء عبد النبي الزبيدي

راجعه وضبطه ووضع فهارسه: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العبّاسية المقدّسة.

وسيصدر قريباً :

(14) الدرر البهيّة في تراجم علماء الإمامية.

تأليف: العلّامة محمّد صادق بحر العلوم (ت 1399 ه).

تحقيق: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدّسة.

(15) وفيّات الأعلام.

تأليف: العلّامة محمّد صادق بحر العلوم (ت 1399 ه).

تحقيق وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدّسة.

ص: 685

ص: 686

ص: 687

PREFACE

The Range of Lightness in al-Taff Land

It is a blank verse (realistic poetry) in the history of holy Karbala. It is versed in an eloquent, good style, and precise terms by sheikh Mohammadbin Dhahir al-Samawi. In common with the other blank verses were epidemic at that time. The blank verse consists of 1250 verses. It begins with a speech deals with the cause of its name. It is divided into 8 categories:

1st: The name of al-Taff and what it was.

2nd: In the meaning of al-Hussein's shrine soil is remedy.

3rd: About the shrine, what around it and the grace of pilgrimage to it.

4th: About some miracles appeared from the holy shrine.

5th: Mention the shrine building and its builder, and water and light of it.

6th: About the events of Karbala and its statistics.

7th: Mention who buried in Karbala and the martyrs' statistics (martyrs of al-Taff battle) peace be upon them.

8th: Mentioning the guardians, scholarly families, and artistic families.

Each category consists of several chapters sometimes only one chapter according to the equirement of the scientific material. The expositor aimed at explicating accounts related to historical events mentioned in the blank verse. Then returned it to its source, explanation of some great figures, and clarifying some ambiguous places and explaining some extraneous terms. Blank verse emended in a prosodic way by specialists in this field. The study section in the library and house of manuscripts of al-Abass holy shrine reviewed the explanation, enriched it, with many valuable information from diverse and rare sources, did language check, emended its text, and made technical indexes to it in order to produce it in seemly way, and the important historical works.

ص: 688

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.