لَيْلَى بِنْتِ مَسْعُوُدِ النّهْشَلِيّةِ زَوْجُ الإمامِ أَميْرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيّ ابنِ أبي طَالِبٍ (عليه السلام)

هویة الکتاب

حَيْدَر الجِدّ

لَيْلَى بِنْتِ مَسْعُوُدِ النّهْشَلِيّةِ

زَوْجُ الإمامِ

أَميْرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيّ ابنِ أبي طَالِبٍ (عليه السلام)

دراسة تاريخية تحليلية في السيرة الذاتية

إصدار مؤسسة مسجد السهلة المعظم

الطبعة الأولى - 1435 ﻫ

ص: 1

اشارة

ص: 2

مقدمة المؤسسة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيد الخلق والداعي الى الحق الرسول الأمين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين , وبعد :

في إطلالة جديدة على زاوية من زوايا تاريخ الإسلام المجيد , غفل عن الكتابة فيها المؤرخون , أو مروا بها مرور الكرام , توفق الكاتب الأديب المهندس حيدر الجد لتسليط الضوء على شخصية واحدة من المسلمات المؤمنات قضت ردحاً من حياتها في رحاب بيوت أهل بيت الوحي (عليهم السلام) , وهي السيدة ( ليلى النهشلية ) المرأة التي كتب لها أن تتشرف بالزواج من مولى المتقين وسيد الموحدين أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) .

وقد تبنت مؤسسة مسجد السهلة المعظم طباعة هذا الكتاب , بعد الإسترشاد برأي الأمين العام للمسجد المقدس السيد مضر السيد علي خان المدني , الذي بارك فكرة المباشرة بالطباعة بعد عرض

ص: 3

البحث على اللجنة الخاصة بتدقيق النصوص المعروضة على المؤسسة لطباعتها .

وكلنا أمل أن نكون قد وفقنا في اختيارنا , الذي ننطلق فيه من فكرة خدمة الإسلام العظيم والكتابة عن الشخصيات الإسلامية الخالدة .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الحاج أحمد رزاق الجنابي - مدير المؤسسة

المُقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث بالرحمة المؤيد بالنصرة المسدد بالقدرة رسول الله محمد بن عبد الله وآله الغر الميامين وبعد:

أصبحت الدراسات الخاصة بالسيرة اليوم تتخذ شكلاً ومنهجاً يختلف عما كانت عليه سابقاً، فبعد أن كانت الدراسات نمطية تقليدية لا تأتي بجديد وقوامها السرد القصصي والروائي إلا ما رصده الباحث أو المؤرخ من اختلافات بين النصوص فيعلق عليها ويستصوب منها

ص: 4

ما يراه صائباً على وفق نظرته ومعرفته ومدى استيعابه للحقيقة الموجودة في أحد النصوص، أو الغائبة كلياً عنها.

وشيئاً فشيئاً ظهرت الدراسات التحليلية لتشكل نمطاً جديداً أعاد قراءة التاريخ برمته، فالنص التاريخي أو الروائي اليوم لا يأخذ كما هو بل يتم تقطيعه وقراءة مفرداته وتحليلها ربطاً بالحوادث والأشخاص لتكون صورة جديدة مطابقة لما في النص أو مغايرة له وبذا أصبح من السهل التمييز بين مواقف الأشخاص من خلال إلقاء نظرة دقيقة فاحصة في سيرتهم مع تحليلها على وفق معايير ما يسمى بتشريح النص ومحاولة الخروج منه بحصيلة جديدة من المعلومات المهمة التي قد تغير النظرة العامة عن تلك الشخصية فتدفع عنها تهماً طالما كانت ملتصقة بها أو تضعها في دائرة الشك بعد رصد علاقاتها مع الآخرين ونمط الحياة التي كانت تسير عليه.

لقد ظهرت اليوم الكثير من الدراسات الحديثة التي تقوم على المنهج العلمي التحليلي مما أدى إلى اختلاف النظرة السائدة حول الشخصية موضوع البحث فأصبحت تُقَوّم على وفق ما نتج من تحليل لمواقفها وتاريخها كمحصلة لتلك الدراسات، فحسب النظرية الحديثة

ص: 5

يمثل الحدث كائناً يتحرك في فضاء ثلاثي الأبعاد، يتمثل البعد الأول بالشخصية، والبعد الثاني يتمثل بالزمان، أما المكان فيمثل البعد الثالث.

لقد واكبتُ الكثير من هذه الدراسات التي أوجدت في داخلي رغبة جامحة نحو انتقاء شخصية لم تتعرض لها البحوث والدراسات من قبل، ففكرت ملياً ووقع الاختيار على عمر الأطرف ابن أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) لما رأيت في سيرته من مادة دسمة ملآى بالمواقف التي تتطلب البحث والدراسة والتقويم على وفق المنهج التحليلي الجديد، فرأيت من تصدى للكتابة عنه وأنا أجمع المعلومات المتناثرة حول هذه الشخصية القلقة هنا وهناك، فطويت دون هذه الشخصية كشحاً واستقرت الفكرة عند سيرة عبيد الله ابن الإمام علي(علیه السلام)، للغموض الذي يكتنف نهايته المأساوية وكثرة ما قيل عنه بين المدح والذم، فأجمعت أمري على جعل سيرته هدفاً للدراسة، وفي أثناء جمعي لمادة البحث وجدت في سيرة (أم عبيد الله السيدة ليلى بنت مسعود النهشلية) أكثر مادة وأعم فائدة إضافة إلى كونها لم تدرس دراسة تفصيلية لحد الآن، وهي التي تشرفت باقترانها بسيد

ص: 6

الوصيين وأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(علیه السلام)، فأغلب من ذكرها أختصر ترجمتها ومر عابراً بسيرتها عند تعداد أزواج الإمام علي(علیه السلام)، فجعلت سيرة هذه السيدة محوراً للدراسة، أما سيرة ابنها عبيد الله فقد جاءت ضمناً حيث حاولنا تحليل النصوص التاريخية المتعلقة به.

لقد رصدت ما يمكن رصده وعملت بكل ما أوتيت من قوة متحرياً المصادر والكتب لكي أقف على الحقيقة دون الميل على حساب الأمانة التاريخية العلمية التي تفرض على الباحث توخي الصدق والاعتدال وتوخي الحذر في كل موضوع له صلة بالدحض والإثبات.

أود أن أقدم شكري وامتناني لسيدي العلامة الجليل السيد النبيل (عبد الستّار الحسني) الذي دأب في تشجيعي، وتقويم عملي مسدداً له بنظرته الثاقبة ورأيه الصائب، مع انشغاله واشتغاله يفسح لي من وقته فسحة، فيرى ما أكتب ويسطر بيمنه تصويباته المهمة وتعليقاته المفيدة، فجزاه الله خير الجزاء وأثابه صحة وعافية في بدنه، وأن يبقيه لنا سنداً إنه سميع الدعاء.

ص: 7

اللهم تقبل هذا الجهد واجعله في حسناتنا زيادة توجب رضاك عنا يوم نلقاك والحمد لله أولاً و آخراً وصلى الله على محمد المصطفى وآلة الأطهار.

حيدر الجد

8شوال/ ذكرى فاجعة البقيع/1431ﻫ .

النجف الأشرف

ص: 8

النسب الوضّاح

أولا: أجدادها-والدها

تنحدرُ السيدة ليلى من أصولٍ عربيةٍ محضةٍ، فهي من بني تميم تلك القبيلة العربية الأصيلة التي ملأت الدنيا برجالاتها المعروفين، فبين كريم اتخذ من مضاربه مأوى للوافدين والعابرين، وبين شجاع ألِفَ ميادين الحرب فلم يرفع للضيم شعاراً، وبين حليم عرفته العرب فجعلته حكماً فيما ينشب بينها من نزاعات ومشاكل وغير ذلك.

لقد صرّحَ كثيرٌ من المؤرخين وأرباب السير والنسابين بنسب ليلى وصولاً إلى تميم جدها الأكبر، الذي تنحدر منه الأسر التميمية، وهكذا ساقوا سلسلة النسب:

فهي ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم(1).

يُعد والدها مسعود بن خالد من وجوه النهشليين في البصرة، ولولا منزلته الرفيعة، لما تصاهر مع قيس بن عاصم السعدي شيخ

ص: 9


1- الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص56، أبن سعد، الطبقات الكبرى، 3/19.

السعديين وزعيمهم، ولكن التاريخ وقف اتجاه مسعود موقفاً صامتاً، فلم يذكر شيئاً عن سيرته إلا النزر القليل، والأعم الأغلب أن هذا التجاهل هو نتيجة لمصاهرته أمير المؤمنين(علیه السلام)، فقد حارب التاريخ علياً(علیه السلام) ومن والاه، وهذا الحال مع مسعود أيضاً ، وقد مر أبن حجر في الإصابة في ذكره عابراً فقال:(له إدراك وهو والد ليلى أمرآة علي)(1).

أما جدّها خالد بن مالك فقد كان فارساً شريفاً، كبيراً في قومه(2)، وكان أحد وجوه وفد بني تميم الذي جاء إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) سنة 9ﻫ ، مع رؤسائهم(3).

ص: 10


1- ابن حجر، الإصابة، 6/231.
2- وفيه قال الشاعر الهذيل التغلبي: فما أبتغي في مالك بعد دارم وما أبتغي في دارم بعد نهشلِ وما أبتغي في نهشل بعد خالد لطارق ليلٍ أو لضيفٍ محوّلِ أنظر: أبن حزم، جمهرة انساب العرب، ص345.
3- كان قد تنافر هو والقعقاع بن معبد التميمي إلى ربيعة بن حذار أخي أسد بن خزيمة في الجاهلية فقال لهما رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): قد عرفتكما وأراد أن يستعمل أحدهما على بني تميم فقال أبو بكر: يا رسول الله استعمل فلاناً وقال عمر: استعمل فلاناً فقال(صلی الله علیه و آله و سلم): أما لو إنكما اجتمعتما أخذت برأيكما ولكنكما تختلفان علي أحياناً فأنزل الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي...)، أنظر: ابن عبد البر، الاستيعاب، 2/،436.

أما سلمى بن جندل فقد كان سيداً، شريفاً، وفيه قال الشاعر:

تسوّد ناسٌ وليسوا بسادةٍ *** بل السيد الميمون سُلم بن جندلِ(1)

أما تميم فقد أقام دهراً وهو بغير ولد حتى قال فيه حفيده ومن ينمى إليه نسبه الشاعر الفرزدق(2):

قالت أراه واحداً لا أخاً له *** يؤمله في الوارثين الأباعدُ

لعلك يوماً أن تراني كأنما *** بنيَّ حَوَاليَّ الأسودُ اللوابدُ

فإن تميماً قبل أن يلد الحصى *** أقام زماناً وهو في الناس واحدُ(3)

وفيما تقدم من قول الفرزدق إشارة لكثرة من ولدهم تميم فقد وصفهم بالحصى.

ص: 11


1- الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص57، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق،52/131.
2- فهو الفرزدق بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيدمناة بن تميم، وقد مكث الفرزدق زماناً لا يولد له فعيرته امرأته فقال شعراً، أنظر:أبن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 15/245. وقد تمثل بهذه الأبيات الإمام الحسن العسكري(علیه السلام)، عندما سأله أحد مواليه قائلاً: سيدي أ لك ولد؟، فقال: أي والله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطاً، أما الآن فلا، أنظر: الإربلي، كشف الغمة، 3/307.
3- ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 15/245.

وتميم هو أبن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان(1).

وعلى هذا فهم يلتقون بنسب النبي محمد(صلی الله علیه و آله و سلم) في إلياس فهو (صلی الله علیه و آله و سلم) يرجع إلى مدركة بن الياس بن مضر،بينما يرجع تميم إلى طابخة أخي مدركة.

أعقب تميم ثلاثة أولاد وفيهم صارت العدة والعدد، فهم أولو نجدة وبأس عرفهم العرب وميزوا مكانتهم وهم(2):

1-عمرو بن تميم، بنوه سبعة، منهم: العنبر، الهجيم، أسيد، مالك، الحارث.

2- زيد مناة، بنوه خمسة وهم: سعد، مالك، عوف، امرؤ القيس، عامر.

3-الحارث بن تميم، جد الشقرات.

ثانياً: والدتها

ص: 12


1- كحالة، معجم قبائل العرب، 3/986.
2- ابن حزم، جمهرة انساب العرب، 196.

أما والدتها فتميمية أيضاً، فهي عُميرة(1) بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن الحارث(مقاعس) بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم(2).

يُعد قيس بن عاصم (جد ليلى لأمها) من الشخصيات المهمة والبارزة المشهورة في بني تميم، كان حليماً عاقلاً جواداً ممدوحاً كريماً، فقد قيل للأحنف بن قيس: (ممن تعلمت الحلم، قال: من عاصم بن قيس)(3)، قدم على النبي(صلی الله علیه و آله و سلم) في وفد بني تميم سنة 9ﻫ ، فأسلم فقال (صلی الله علیه و آله و سلم) كلمته المعروفة في حقه: (هذا سيّد أهل الوبر)(4) واستعمله (صلی الله علیه و آله و سلم) على صدقات قومه نزل البصرة في أواخر أيامه وتوفي بها سنة 20ﻫ (5) وقال الشاعر عبدة بن الطبيب(6) راثياً قيساً:

ص: 13


1- وأمها عناق بنت عصام بن سنان بن خالد بن منقر، وأمها بنت أعبد بن أسعد منقر، وأمها بنت سفيان بن خالد بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، أنظر: الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص56.
2- الأمين، أعيان الشيعة، 2/302.
3- ابن عبد البر، الاستيعاب، 3/1295
4- الهيتمي، مجمع الزوائد، 9/404.
5- وقد انفرد ابن كثير بقوله: توفي قيس بن عاصم المنقري سنة سبع وأربعين، أنظر: البداية والنهاية، 8/35.
6- وقيل: عبدة بن الطيب

عليك سلام الله قيس بن عاصم *** ورحمته ما شاء أن يترحّما

سلام امرئ جللته منك نعمة *** إذا زار عن شحط بلادك سلّما

فما كان قيس هلكه هلك واحد *** ولكنّه بنيان قوم تهدّما(1)

أعقب قيس من الأولاد اثنين وثلاثين ولداً وكان يكنى ب-(أبي علي)(2)، أو (أبي قبيصة) أو (أبي طليحة)(3) إلا أن التاريخ لم يذكر لنا تفصيلاً عنهم، ولكن مر عابراً في ذكر بعضهم مثل : حكيم والحُصين وطُلبة و عامر وعُبيد وعقفان والقعقاع وشماخ وقُرّة وضِرار وقُبيصة وعاصم، وسنذكر بعضهم في مقام ذكر أخوال السيدة ليلى.

ص: 14


1- السيد المرتضى، الأمالي، 1/78.
2- ابن قتيبة، المعارف، ص301.
3- الصفدي، الوافي بالوفيات، 24/214.

ديار تميم ونزولهم البصرة

ذكرنا فيما تقدم من الكلام إن النبي الكرم(صلی الله علیه و آله و سلم) قال لعاصم:(هذا سيد أهل الوبر)، وأهل الوبر هم البدو الذين يسكنون الخيام في الصحراء(1)، مع ذلك فقد كانت لهم منازل وديار معروفة في الحواضر العربية، والظاهر إنها أي ديارهم كانت قريبة من البصرة حيث أنتقل إليها التميميون بما فيهم بنو خالد الدارمي النهشلي التميمي (جد ليلى لأبيها) وقيس بن عاصم المنقري السعدي التميمي (جد ليلى لأمها)، ولم تسعفنا المصادر بذكر متى وكيف انتقلت هذه الأسر التميمية إلى البصرة؟، والظاهر والله أعلم أنهم اتخذوها وطناً لهم بعد تمصيرها على يد عتبة بن غزوان(2) سنة 14ﻫ ، وهذا ما أشارت إليه المصادر فيما تقدم ذكره في قيس بن عاصم مع أنه نزل البصرة في أواخر أيامه.

ص: 15


1- ابن هشام، سيرة، 3/128.
2- عتبة بن غزوان بن بن جابر بن وهيب الحارثي المازني، أبو عبد الله، باني مدينة البصرة، صحابي قديم الإسلام هاجر إلى الحبشة، وشهد بدراً والقادسية وجهه عمر والياً على البصرة فمصرها ثم قدم إلى المدينة لأمر فلما عاد البصرة توفي في الطريق سنة 17ﻫ ، أنظر: الزركلي، الأعلام، 4/201.

وسندرج ما وجدناه من ديار للتميميين في الجزيرة العربية:

1-مرّان: وبها قبر تميم ، تقع مرّان بين مكة والبصرة ويبعد قبر تميم عن البصرة حوالي 18 ميلاً(1).

2-أُوْد: أحد منازل بني تميم في نجد(2).

3- الدهناء: أرض من منازل تميم بنجد، متسعة إذا أخصبت أخصب العرب جميعاً(3).

4-الأدواء: موضع في ديار بني تميم بنجد(4).

5-حزوى: موضع بنجد في ديار بتي تميم(5).

6-السمن: موضع بالبادية، وهو في ديار بني تميم قرب اليمامة(6).

7-ذو عشر: وادٍ بين البصرة ومكة من ديار بني تميم(7).

ص: 16


1- الحموي، معجم البلدان، 5/95.
2- المصدر السابق، 1/277.
3- المصدر السابق، 2/493.
4- المصدر السابق، 1/127.
5- المصدر السابق، 2/255.
6- المصدر السابق، 3/251.
7- المصدر السابق، 4/125.

8-القرنتان: بين البصرة واليمامة في ديار بني تميم(1).

9-المرايض أو المراضان:مواضع في ديار بني تميم بين كاظمة والبصرة(2).

10-الدنا: من ديار بني تميم بين البصرة واليمامة(3).

11-سمنان: قرب اليمامة من ديار بني تميم(4).

12-العدان من ديار بني تميم سيف كاظمة وقيل ماء لسعد بن زيد مناة(5).

13-السبية: روضة في ديار بني تميم بنجد(6).

14-ثرمداء:ماء لبني سعد بن تميم في وادي الستارين، تقع في نجد من بلاد الوشم، على طريق الحجاز القديم،

ص: 17


1- المصدر السابق، 4/331
2- المصدر السابق، 5/96.
3- المصدر السابق، 2/475.
4- المصدر السابق، 3/251.
5- المصدر السابق، 18/371.
6- المصدر السابق، 3/187.

وهي من ديار بني تميم ينتمي إليها الصحابي الجليل قيس بن عاصم التميمي سيد أهل الوبر، وهي بلدة تاريخية(1).

مما تقدم نلاحظ أنّ التميميين كانوا يتوزعون بين نجد واليمامة وكاظمة (هي الكويت اليوم) والبصرة والبحرين، والاحتمال الأكبر أنهم من بدو نجد ولكنهم ليسوا رُحّلاً، فهم بالرغم من بداوتهم كانوا يسكنون في تجمعات عشائرية خاصة بهم في أماكن متعددة من نجد أينما توفرت عوامل الاستيطان إلى أن سكنوا البصرة وانصهروا في ضمن طبقات المجتمع البصري الذي كان يمثل مجتمعاً حضرياً توفرت فيه البيئة المناسبة للمعيشة مع أهميته كونه يمثل منطلقاً لفتوحات الجيش الإسلامي نحو الشرق.

فيما ورد من الثناء على قبائل تميم

1-قال أبو هريرة: لا أزال أحب بني تميم بعد ثلاث سمعتهن من رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم)، سمعته يقول: هم أشد أمتي على الدجال، وجاءت صدقاتهم، فقال النبي(صلی الله علیه و آله و سلم): هذه صدقات قومنا، قال:

ص: 18


1- ebtsm.net

وكانت سبية منهم عند عائشة فقال النبي(صلی الله علیه و آله و سلم): اعتقيها فإنها من ولد إسماعيل(1).

2-ونال رجل من بني تميم عند رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) يوماً فقال: لا تقل في بني تميم إلا خيراً فإنهم أطول الناس رماحاً على الدجال(2).

3-قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) فيهم: أبى الله لبني تميم إلا خيراً، هم ضخام الهام، رجح الأحلام، ثبت الأقدام، أشد الناس قتالاً للدجال وأنصار الحق في آخر الزمان(3).

4-قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): هم هضبة حمراء لا يضرهم من عاداهم(4).

5-قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): تميم كاهل مضر، وعليها المحمل(5).

6-قال أمير المؤمنين علي(علیه السلام) لعبد الله بن عباس حينما ولّاه أمر البصرة بعد أن وضعت واقعة الجمل أوزارها: (وقد بلغني

ص: 19


1- كحالة، معجم قبائل العرب، 1/130.
2- الهيثمي، مجمع الزوائد، 10/48.
3- المصدر السابق، 10/47.
4- ابن أبي أسامة، بغية الباحث، ص311.
5- الجوهري، الصحاح، 5/1814.

تنمرك(1) لبني تميم، وغلظتك عليهم،وإن بني تميم لم يغب لهم نجم إلا طلع لهم آخر، وإنهم لم يسبقوا بوغم(2) في جاهلية أو إسلام، وإنّ لهم بنا رحماً ماسة وقرابة خاصة نحن مأجورون على صلتها ومأزورون على قطيعتها...)(3).

7- قال ابن حزم في جمهرته: (تميم قاعدة من قواعد العرب)(4).

8-قال الشاعر(5):

إذا غضبت عليك تميمٌ *** حسبت الناس كلهم غضابا

9-قال الشاعر (6):

يعد الناسبون إلى تميم *** بيوت المجد أربعة كبارا

يعدّون الرباب وآل سعد *** وتيماً ثم حنظلة الخيارا

ص: 20


1- تنمر له: أي تنكر له وتغير وأوعده، الجوهري، الصحاح، 2/838.
2- الوغم: القهر، ابن منظور، لسان العرب، 12/641.
3- ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 15/125.
4- البيت من قصيدة قالها جرير يهجو الراعي النميري، أنظر: ديوان جرير، ص57.
5- الأبيات لجرير الشاعر، أنظر: ابن عبد البر، الإنباه على قبائل الرواة، ص57.
6- الأبيات لجرير الشاعر أيضاً، أنظر: المصدر السابق، ص57.

10-وقالت جروة التميمية في وصف قومها: (...هم أكثر الناس عدداً وأوسعه بلداً وأبعده أمداً، هم الذهب الأحمر والحسب الأفخر،...)(1)

أخوالها

1-طُلبة بن قيس، عُد من أصحاب أمير المؤمنين(علیه السلام) يوم صفين، معنى ذلك أنه كان حاضراً في الواقعة التي جرت سنة 37ﻫ ، وفي شعره تلمح محضه لمودة أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) حيث يقول:

إذا فاز دوني بالمودة مالك *** وصاحبه الأدنى عَدِيُّ بن حاتمِ

وفاز بها دوني شُريح بن هانئٍ *** ففيم ننادي للأمور العظائمِ

ولو قيل بعدي من علي فديته *** بنفسك يا طلب بن قيس بن عاصمِ

ص: 21


1- الأحمدي الميانجي، مواقف الشيعة، 1/409.

لقلت: نعم تفديه نفس شحيحة *** ونفدي بسعد كلها حي هاشمِ(1)

وقال عن طلبة من ترجمه: وله أشعار تفيد حسنه(2)، و ليس له من الشعر حسب تتبعي سوى القطعة التي ذكرناها آنفاً، ومنها نفهم عدة أمور:

أ-قد يكون طلبة بن قيس قد انتقل مع أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) إلى الكوفة وسكنها بعد واقعة الجمل، أو التحق به والعمدة في ذلك وجوده في واقعة صفين.

ب- نلمح في القطعة الشعرية ذكر طلبة لصفوة من أصحاب أمير المؤمنين، مثل مالك الأشتر وعدي بن حاتم وشريح بن هانئ(3)، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على كون طلبة منهم، إلا أن التاريخ لم يذكر لنا من حياته سوى نتف صغيرة عنه وعن أولاده وهم مقاتل وعامر والوليد.

ص: 22


1- الأمين العاملي، أعيان الشيعة، 7/401.
2- النمازي، مستدركات علم رجال الحديث،4/296.
3- شريح بن هانئ بن يزيد الحارثي، راجز، شجاع، من مقدمي أصحاب علي، وكان من أمراء جيشه يوم الجمل، قُتل غازياً بسجستان سنة 78ﻫ ، الزركلي، الأعلام، 3/162.

2-حكيم بن عاصم، بصري تابعي ثقة، ذكر ابن منده: أن له رؤية، وقال أبو نُعَيْمٍ: قيل إنّه ولد على عهد رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم)(1)، وقال العجلي: بصري تابعي ثقة وأبوه صحابي(2) وهو الذي روى وصية أبيه قيس عندما حضرته الوفاة(3)، كما جرى ذكره في شعر قاله أبو عاصم فيه(4).

6-الحصين بن عاصم، لم تشر النصوص إلى شيء من حياته، بل جاء في ذكر الرواة الذين يروي عنهم ابنه خليفة، وقد هاجر خليفة إلى الكوفة حتى جُعل في عداد الكوفيين، وروى عن أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) (5).

ولادتها

ص: 23


1- ابن حجر، الإصابة، 2/131.
2- معرفة الثقات، 1/317.
3- المزي، تهذيب الكمال، 7/202.
4- قال قيس بن عاصم المنقري وقد اخذ صبياً من أمه يرقصه وأمه منفوسة بنت زيد الفوارس والصبي هو حكيم ابنه: 3-أشبه أبا أمك أو أشبه حملْ *** ولا تكونن كهلّوفٍ وكلْ 4-يصبح في مضجعه قد انجدلْ *** وأرقَ إلى الخيرات زنأ في الجبلْ 5-ينظر: الزبيدي، تاج العروس، 1/168.
5- المباركفوري، تحفة الأحوذي، 3/183، الذهبي، الكاشف، 1/375 .

لم يحدثنا التاريخ شيئاً عن سنة ولادتها مطلقاً، بل طغى حادث زواجها من أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) على عموم سيرتها، وقد ذكر الشيخ محمد صادق الكرباسي في دائرة المعارف الحسينية السيدة ليلى مخمناً ولادتها نحو 22ﻫ ، دون التطرق إلى ذكر مصدر يؤيد قوله، فقد أورد: (... فربما كان لها من العمر حين زوجها نحو أربعة عشر عاماً حيث القابلية للحمل بشكل عام، وعليها فتكون ولادتها في حدود 22ﻫ والله العالم بحقائق الأمور)(1).

وقد فات الشيخ كون المراة في البلاد العربية لها القابلية على الولادة قبل هذا العمر حسب بيئتها وليس العبرة في كون عمرها نحو أربعة عشر عاماً حيث القابلية للحمل بشكل كبير، فقد تكون أصغر مما حدده الشيخ أو أكبر والله أعلم.

زواجها

لعل السيدة ليلى لم يَدُرْ في خلدها يوماً أنها ستكون زوجاً للإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام)، وسيقدر لها أن تتشرف هي وقبيلتها بهذا

ص: 24


1- دائرة المعارف الحسينية، معجم أنصار الحسين، الهاشميون، 1/216.

الصهر الذي تشرفت به الأرض ومن عليها فكيف بمن حظيت بالدخول إلى بيته والعيش معه .

لم يحدد التاريخ متى تزوج أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) بليلى بنت مسعود ؟، سوى ما ذكره الرحالة ناصر خسرو في رحلته المسماة (سفر نامه) حيث قال (....وفي البصرة ثلاثة عشر مشهداً باسم أمير المؤمنين علي صلى الله عليه وسلم جاء إلى البصرة في ربيع الأول سنة خمس وثلاثين (سبتمبر655) من الهجرة النبي عليه الصلاة والسلام وكانت عائشة رضي الله عنها قد أتت محاربة وقد تزوج أمير المؤمنين عليه السلام ليلى بنت مسعود النهشلي وكان هذا المشهد بيتها وقد أقام أمير المؤمنين اثنين وسبعين(1) يوما ثم رجع إلى الكوفة ....)(2)

ولم ندرِ علامَ اعتمد ناصر خسرو في سرد هذه المعلومات التاريخية ؟ حيث لم يشر إلى المصادر التي اخذ منها هذا الخبر .

ص: 25


1- اعتماداً على هذا القول فإن أمير المؤمنين(علیه السلام) قدم الكوفة في 12 رجب 36ﻫ ، فإذا طرحنا 72 يوماً يكون تاريخ زواجه من ليلى في الأول من جُمادى الأولى سنة 36ﻫ ، والله أعلم.
2- سفرنامة، ص148.

على أنني أؤيد ما جاء أعلاه، وإلاّ كيف التقى الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) بالنهشليين وهم يسكنون البصرة وهو بالمدينة ؟ كيف اتصل بأهلها وتم اقترانه (علیه السلام) بها ؟

ولو اعتمدنا على صحة رواية ناصر خسرو فستكون ليلى آخر النساء التي تزوج بها أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) حيث كان الفاصل الزمني بين زواجه (علیه السلام) بليلى واستشهاده على يد عبد الرحمن بن ملجم في الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة 40ﻫ سوى أربع سنوات، وعن زواجها من أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) وجدنا رأياً للسيد علي الشهرستاني مفاده: (.. وقد تزوجها(علیه السلام) بعد أن ماتت خولة -أم محمد بن الحنفية-) ولكنه حفظه الله لم يسعفنا بمصدر هذه المعلومة، ثم يضيف قائلاً (جاء في التذكرة الحمدونية وربيع الأبرار وغيرهما ما مضمونه: أن الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) تزوج ليلى النهشلية لما دخل البصرة حدود عام 35ﻫ للهجرة، وذلك ليعمق روابطه مع قبائلها، فتزوج من أعرق قبيلة فيها وهم بنو

ص: 26

دارم)(1)، و قوله حدود عام 35ﻫ فيه رأي حيث لم يدخل أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) البصرة مطلقاً في تلك السنة، نعم كان دخوله إليها سنة 36ﻫ ، أثر واقعة الجمل التي مهد لها طلحة والزبير وساندت أم المؤمنين عائشة رأيهما، وهما زوجا أختيها .

لدينا ثلاثة نصوص تتعلق بزواج أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) من ليلى وهي:

النص الأول:

(لما تزوج علي (رضي الله عنه) النهشلية بالبصرة، قعد على سريره وأقعد الحسن عن يمينه، والحسين عن شماله، واجلس محمد ابن الحنفية بالحضيض، فخاف أن يجد من ذلك فقال: يا بني أنت اِبْنِيْ وهذان ابْنَيْ رسول الله)(2).

النص الثاني:

ص: 27


1- التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي، ص384.
2- الزمخشري، ربيع الأبرار، 2/220.

(روى العوام بن حوشب عن أبي صادق قال: تزوج علي (علیه السلام) ليلى بنت مسعود النهشلية فضربت له في داره حجلة(1) فجاء فهتكها وقال: حسب أهل علي ما هم فيه )(2).

النص الثالث:

(عن مغيرة الضبي قال: لما نكح علي عليه السلام ليلى بنت مسعود النهشلي قالت: ما زلت أحب أن يكون بيني و بينه سبب منذ رأيته أقام مقاماً من رسول الله صلى الله عليه واله فذكر أنه ولدت له: عبيدالله بن علي، فبايع مصعباً يوم المختار)(3).

أما النص الأول فيبين لنا أن الزواج تم في البصرة وهذا يؤيد تماماً ما اشرنا إليه وما ذكره ناصر خسرو حيث أقام الإمام(علیه السلام) فترة في البصرة بعد انقضاء واقعة الجمل، ثم عاد إلى الكوفة وخلال فترة إقامته تزوج بالسيدة ليلى.

ص: 28


1- الحجلة:بيت يزين بالثياب والأسرة والستور، أنظر: ابن منظور، لسان العرب، 11/144.
2- المجلسي، بحار الأنوار، 41/139.
3- الثقفي، الغارات، 1/93.

نلمح في النص الثاني عبارة: (فضربت له في داره حجلة) وهي تنبي كون الزواج تم في البيت الذي نزله(علیه السلام) بالبصرة.

أما النص الثالث فيكشف لنا عن معرفة ليلى بالإمام أمير المؤمنين علي (علیه السلام) قبل أن يقدم البصرة حيث كانت تتوارد الإخبار إليها عن علو مقامه(علیه السلام) عند النبي الأكرم(صلی الله علیه و آله) وتحمل عبارة: ( منذ رأيته قام مقاماً من رسول الله) على وجهين:

1.إشارة إلى يوم الغدير حين قام أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) مقاماً من الرسول الله فصار خليفته.

2.إشارة إلى قيام أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) بحمل أعباء الخلافة .

كانت تتمنى أن تكون زوجاً للإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) فيرزقها الله منه ذرية تكون سبباً لاتصال نسبها مع النسب الهاشمي الوضاح وقد جرى لها ما أرادت فولدت أبا بكر وعبيد الله إلا أنهما لم يعقبا ذرية تذكر.

هناك رواية لم تصرح بذكر ليلى بالاسم ولكن أغلب الظن إنها المقصودة بالذكر ف-(عن عقيل بن عبد الرحمن قاضي الموصل،

ص: 29

وكانت عمته تحت عقيل بن أبي طالب، قال: حدثتني عمتي قالت: دخلت على علي بن أبي طالب بالكوفة وهو جالس على برذعة حمار منتتلة، قالت: فدخلت على (امرأة له من بني تميم) فعذلتها ولمتها وقلت لها: هذا بيتك ممتلئ ثياباً وأمير المؤمنين جالس على برذعة(1) حمار منتتلة(2)، قالت: لا تلوميني فإنّا لا نخرج إليه ثوباً إلا بعث به إلى بيت مال الله فألقي فيه)(3)، وبما إن أمير المؤمنين(علیه السلام) لم يتزوج تميمية سوى ليلى فالذي يشير إليها النص هي السيدة ليلى لا غيرها، واللهُ أعلم.

عثرنا أيضاً على نص يقول: (أن علياً نكح امرأة بالكوفة من بني نهشل متعة)(4)، فمن المستبعد أن تكون هذه المرأة النهشلية السيدة ليلى لأنها بصرية وقد تزوجها- حسب الروايات- زواجاً دائماً وليس منقطعاً.

ص: 30


1- الحلس الذي وضع تحت الرحل، الجوهري، الصحاح، 3/1184.
2- منتتلة: أي من شدة قدمها انتثر حشوها، الفيروزآبادي، القاموس المحيط، 4/54.
3- الكوفي، مناقب أمير المؤمنين(علیه السلام)، 2/72.
4- الحر العاملي، الوسائل، 21/10.

رواية زواجها بعد أمير المؤمنين الإمام علي (علیه السلام)

ذكر المؤرخون: (وكانت-أي ليلى- من الحرائر الأربع اللاتي توفي عنهن أمير المؤمنين(علیه السلام) وهن: أمامة بن أبي العاص، وأسماء بنت عميس، وليلى التميمية، وأم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية)(1).

قبل أن نتطرق لرواية زواج السيدة ليلى بعد استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي (علیه السلام) يطالعنا نص نقله ابن شهراشوب في مناقبه فقال: (وخطب المغيرة بن نوفل أمامة ثم أبو الهياج بن أبي سفيان بن الحارث فروت عن علي (علیه السلام): انه لا يجوز لأزواج النبي والوصي أن يتزوجن بغيره بعده فلم يتزوج امرأة ولا أم ولد بهذه الرواية)(2) وقد سار على ما نقله ابن شهراشوب الحاج حسين الشاكري حيث قال عند ذكره أم البنين (علیها السلام): (ولم تتزوج من غير الإمام (علیه السلام)كما أن أمامة وأسماء بنت عميس وليلى النهشلية لم يخرجن إلى أحد من

ص: 31


1- الشاكري، شهداء أهل البيت، ص10.
2- 3/90، وسنعود لاحقاً لهذه الرواية عند استعراضنا زوجات الإمام علي(علیه السلام).

بعده على الرغم ممن تقدم لخطبتهن فامتنعن)(1) ولا نعلم علام اعتمد المرحوم الحاج حسين الشاكري في إيراد هذا القول.

وأمامة هذه هي بنت أبي العاص والظاهر أنها أول امرأة تزوجها (علیه السلام) بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء (علیها السلام) وهي بنت زينب بنت الرسول الله (صلی الله علیه و آله) وقد أوصى أبوها أبو العاص إلى الزبير بن العوام بشأنها فزوجها من علي بن أبي طالب(علیه السلام). ومن ضمن وصايا الزهراء(علیها السلام) للإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) قبيل رحيلها (....يا بن عم أوصيك أولا أن تتزوج بعدي بابنة أختي أمامة فإنها تكون لولدي مثلي فان الرجال لابد لهم من النساء )(2) ولكن الذي حصل إن أمامة التي روت الحديث المتقدم في عدم جواز تزوج زوجة النبي(صلی الله علیه و آله) أو الوصي بعده قد تزوجت بعد الإمام علي(علیه السلام) فقد أورد السيد الخوئي(قدس سره) في معجمه: (إن أمامة بنت أبي العاص وأمها زينب بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله) -وكانت تحت علي ابن أبي طالب (علیه السلام) بعد فاطمة(علیها السلام)-

ص: 32


1- العقيلة والفواطم، ص119.
2- النيسابوري، روضة الواعظين، ص151.

فخلف عليها بعد علي المغيرة بن نوفل(1)(2) كما ذكر الشيخ التُستري(قدس سره) في قاموسه: (إن علياً لما حضرته الوفاة قال لأمامة بنت العاص: إني لا آمن أن يخطبك هذا الطاغية بعد موتي يعني معاوية فإن كان لك في الرجال حاجة فقد رضيت لك المغيرة بن نوفل عشيراً(3) فلما انقضت عدتها(4) كتب معاوية إلى المغيرة إن هذا قد أرسل يخطبني فإن كان لك بنا حاجة فأقبل فخطبها إلى الحسن فزوجها منه )(5)

ص: 33


1- المغيرة بن نوفل بن الحارث(الحرث) بن عبد المطلب الهاشمي، يكنى أبا يحيى ولد على عهد رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) بمكة قبل الهجرة وقيل بعدها ولم يدرك من حياة النبي غير ست سنين وهو الذي قبض على عبد الرحمن بن ملجم بعد أن ضرب الإمام أمير المؤمنين علياً(علیه السلام) على رأسه فجر التاسع عشر من شهر رمضان، تزوج امامة فأولدها يحيى، أنظر: علي خان المدني، الدرجات الرفيعة، ص187.
2- 19/305.
3- العشير: يعني الزوج لأنه يعاشر المرأة وتعاشره، الجوهري، الصحاح، 2/747.
4- وجّهتْ أمُّ الهيثم النّخعية التي رثت أمير المؤمنين الإمام علياً(علیه السلام) تعازيها لأمامة، فقالت في ضمن قصيدتها: أشاب ذؤابتي وأطال حزني *** أمامة حين فارقت القرينا تطوف بها لحاجتها إليه *** فلما استيئست رفعت رنينا أنظر: الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص27.
5- 12/189.

العمدة من ذلك أن الإمام الحسن(علیه السلام) لم يمانع في مسألة زواج أمامة من المغيرة، فلو إن الإمام أمير المؤمنين علياً(علیه السلام) قد نهى عن تزويج زوجة الوصي من بعده لكان الإمام الحسن أول من يمنع وينكر هذا الفعل ولكن نرى من النص المتقدم انه (علیه السلام) قام بتزويجها من المغيرة ولم يصرح بشي ضد ذلك .

على كل حال فقد تزوجت السيدة ليلى النهشلية بعد استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي (علیه السلام) ابن أخيه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، الذي كان متزوجاً من بنت عمه السيدة زينب بنت الإمام علي(علیه السلام) ولا مانع من الجمع بين البنت و زوجة أبيها عند رجل واحد.

وهنا تثار عدة تساؤلات منها :

هل تزوجت ليلى من عبد الله بن جعفر حينما كانت بالكوفة، أم أنها تزوجته بعد وفاة أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) والتحاقها بأهلها بالبصرة؟، فذهب عبد الله بن جعفر إلى البصرة وخطبها من أهلها ؟ أم أنها رحلت مع الإمام الحسن (علیه السلام) إلى المدينة شانها شان أزواج أمير المؤمنين (علیه السلام)اللائي كن مع أبنائهن فانتقلن مع الإمام الحسن (علیه السلام)من

ص: 34

الكوفة إلى المدينة، والاحتمال الأكبر أنها انتقلت مع الإمام الحسن (علیه السلام) إلى المدينة وهناك تم اقترانها بعبد الله بن جعفر .

ومهما يكن من أمر فقد تزوجت ليلى شانها شان أمامة، ولعل ليلى كانت أكثر شبابا من أمامة فرأت في عبد الله بن جعفر الذي عرف بالسخاء والكرم رجلا مناسبا يعينها على تحمل أعباء الحياة .

لم تتطرق المصادر الشيعية إلى خبر زواج ليلى بعد الإمام علي(علیه السلام) من عبد الله بن جعفر في حين أشارت المصادر الأخرى إلى هذا الخبر بصورة واضحة فقد ذكر ابن حجر: (جمع عبد الله بن جعفر بين امرأة علي ليلى بنت مسعود النهشلية وبين أم كلثوم بنت الإمام علي من فاطمة(علیها السلام) ، وتقدم في ترجمة عبد الله بن مهران مثل هذا الأثر لكن قال: زينب بنت علي، وجمع الزهري بين هذا الاختلاف فقال: اخبرني غير واحد إن عبد الله بن جعفر جمع بنت علي وامرأة علي فماتت بنت علي فتزوج بنتاً(1) له أخرى)(2).

ص: 35


1- لم يحدثنا التاريخ عن زواج عبد الله بن جعفر ببنت أخرى لأمير المؤمنين علي(علیه السلام) على إن هناك من يقول: إنها أم كلثوم بنت أمير المؤمنين(علیه السلام).
2- تهذيب التهذيب، 8/324.

أزواجها

الزوج الأول

تشرفت السيدة ليلى - كما أشرنا - باقترانها بسيد الوصيين وأمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام)، وماذا عسى أن نذكر من سيرته العطرة ونحن في رحابه نقف أمام بحر متلاطم الأمواج، فمن شرف النسب ينمى لأشرف شجرة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تدلت فروعها وزيّنت الدنيا بجني ثمارها.

أما سيرته فقد ملأت الآفاق وتحدثت بها الكتب ولهجت بها الألسن، وهو الذي قال فيه من قال:(ما أقول في رجل أخفى أعداؤه مناقبه حسداً، وأخفاها أحباؤه خوفاً فظهر بين ذين وذين ما ملأ الخافقين)(1).

كانت حياته(علیه السلام) عبارة عن جهاد وكفاح، فإن جنَّ ليله نراه حليف المحراب لا يفتر ولا يعتريه ضعف أو ملل يزجي بساحات الحمد آياته، ويديم للمعبود شكره وحمده، ويختار من جميل الكلام ما يبعث الأنس في خلوته مع خالقه، أَلِفَ العبادة فكان وإيّاها على تواصل

ص: 36


1- السماوي، الإمامة في ضوء الكتاب والسنة، ص129.

وتواد، واستنار بأذكار الصلاة فاستحالت ظلمة الليل ضياءاً، وإن حل النهار وألقت الشمس بأشعتها على المعمورة تحية الصباح، انتقل(علیه السلام) من محراب الروح إلى محراب الجسد، فساحات العمل والنضال وإدارة شؤون المسلمين بانتظاره، لكي يحسم موقفاً فيه لله رضا أو يحكم بحكم الأنبياء لتجري العدالة في المجتمع أو ليستنبط بئراً فيبتاع بثمنها عبداً يعتقه لوجه الله، أو ليزرع أرضاً فيحي الموات ويتكسب برزق حلال يعود به على عياله.

وعندما تستعر الحرب ويشتد ضرامها يمتشق سيفه ذا الفقار (فلا ينكفأ حتى يطأ صماخها بأخمصه)(1)، كرّاراً غير فرّار، يحمل الإسلام بين جنبيه فيذب عنه واقياً لبنيانه بمهجته، ومحامياً عن بيضته، تهابه الأبطال وتخشاه الفرسان، فكانت ترى الفرار أمام الخصم عاراً سوى الفرار من سيف علي(علیه السلام).

وكما كانت البداية مع بيت الله كانت النهاية في بيت الله، إذ ختم الله له بان يستشهد فكان مسجد الكوفة خير شاهد على تلك الخاتمة

ص: 37


1- العبارة منتقاة من خطبة فاطمة الزهراء الكبرى، أنظر:ابن طيفور، بلاغات النساء، ص13.

كما كان بيت الله الحرام شاهداً على انطلاق حياة رجل عرف الله فعبده واتقاه في كل لحظة وبكل فعل حتى أختاره جل وعلا لداره التي أعدها للمتقين.

أم أزواج أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) فهن:

1-السيدة فاطمة الزهراء(علیها السلام).

2-أمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف العبشمية(1)، كما ذكرنا تزوجها أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء(علیها السلام)، تزوجها(علیه السلام) في خلافة عمر فولدت له محمداً الأوسط، الذي استشهد في كربلاء مع أخيه الحسين(علیه السلام)(2)، لكن السيد علياً الشهرستاني يقول: (وغالب نصوص المؤرخين تخطّئ ما ذهب إليه الذهبي من أنه (علیه السلام) تزوجها في إمرة عمر بن الخطاب، لأن الزهراء(علیها السلام) استشهدت في إمرة أبي بكر بلا خلاف عند الأعلام، ثم يضيف : هذا ، وقد

ص: 38


1- ابن سعد، الطبقات، 3/20.
2- البلاذري، أنساب الأشراف، ص193.

ذكرت كتب التراجم والتاريخ أن الزبير بن العوام زوّج علياً منها، لأن والدها كان قد أوصى بابنته إلى الزبير أن يزوجها، فمكثت عند الإمام(علیه السلام) ثلاثين سنة ولم تلد له حتى استشهد)(1)، وهذا لا ينسجم مع ما تقدم من زواجها من المغيرة بعد وفاة الإمام فقد يكون عمرها كبيراً حين توفي الإمام، ولكن الذي يذكره التاريخ: أنّها تزوجت المغيرة فولدت له يحيى، وتوفيت في دولة معاوية بن أبي سفيان(2).

ذكر قطب الدين الرواندي حديثاً، انفرد به حيث قال: (وعن ابن عباس، قال: ذكر التزويج عند أمير المؤمنين فقال: إن من لذّة المعيشة أن ترى في كل عام عرساً، فقال له بعض أصحابه: وأنت لم تفعل ذلك، فقال: وكيف وعندي أربعة، قال اترك واحدة منهن، قال: عن أيّتهنّ؟ فعندي أمامة أوصتني فاطمة (علیها السلام)بتزوجها بعدها، وعندي أم البنين وهي تأتي في كل عام بابن، وعندي أسماء بنت عميس

ص: 39


1- التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي، ص329.
2- الذهبي، سير أعلام النبلاء، 1/335.

كأنها جام من ذهب، وعندي أمُّ حبيب التغلبية وهي النفس التي بين الجنبين.وفي حياة فاطمة (علیها السلام)ما تزوج بغيرها حرمة لفاطمة (علیها السلام) كما لم يتزوج رسول الله في طول زمان خديجة)(1). وهذا الحديث -إن ثبت- فيكون الإمام (علیه السلام) قد قاله قبل أن يتزوج ليلى بنت مسعود، وربما تكون الصهباء قد ماتت في حياته(علیه السلام)، لأن باقي الثلاثة وكما سنعرض بقين بعد وفاة أمير المؤمنين (علیه السلام)، فتزوج(علیه السلام) بليلى بنت مسعود والله أعلم.

3-أم البنين بنت حزام (حرام) الكلابية، وهي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، تزوجها أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) بعد وفاة السيدة فاطمة(علیها السلام)، بعدما نفّذ وصية الزهراء بزواجه من أمامة بنت أبي العاص، وقد أرسل عقيلاً خاطباً لها من أبيها والقصة مشهورة، وقد ولدت أكبر أولادها العباس(علیه السلام) سنة 26ﻫ ،

ص: 40


1- مكارم أخلاق النبي والأئمة، ص195.

معنى ذلك إن زواجها من الإمام أمير المؤمنين(علیه السلام) تحقق سنة 25 ﻫ (1)، حيث كانت في ريعان شبابها.

4-خولة(2) بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبد الله(عُبيد) بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدئل بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل المعروفة ب-( الحنفية)، من سبي بني حنيفة، حيث أغارت بنو أسد على بني حنيفة في خلافة أبي بكر فسبوا خولة بنت جعفر وقدموا بها المدينة فباعوها من علي، وبلغ قوها الخبر فقدموا المدينة على علي فعرفوها واخبروه بموضعها منهم فاعتقها ومهرها وتزوجها، فوقع الزواج في خلافة أبي بكر(3)، وإن صح ذلك فإنها المرأة الثانية التي تزوج بها الإمام(علیه السلام) بعد أمامة، وهناك من قدم زواجها من الإمام أمير المؤمنين(علیه السلام) على زواجه من أمامة حيث ذكر ابن حاتم العاملي: (ثم تزوج -

ص: 41


1- السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين، ص56.
2- خولة: الظبية، الزبيدي، تاج العروس، 14/217.
3- البلاذري، أنساب الأشراف، ص201.

أي الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام)- بعد فاطمة (علیها السلام) خولة الحنفية)(1)، وقد ذكرت هذا الحدث أسماء بنت عميس قائلة: (رأيت الحنفية سوداء حسنة الشَعر، اشتراها أمير المؤمنين بذي المجاز (سوق من أسواق العرب))(2)، هناك رواية طويلة ومختصرها: إنّ خولة من سبي مالك بن نويرة، وقد جيء بها إلى المدينة زمن خلافة أبي بكر فامتنعت أشد التمنع من أن يملك أمرها أحد، وإنها شكت أمر سبيهم عند قبر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) حيث امتنع قومها أن يعطوا صدقاتهم إلا لمن نصبه النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) من بعده، فَمَرَّ الإمام أمير المؤمنين (علیه السلام) وعلم بخبرها وكانت قد شرطت على من يملكها أن يخبرها بما رأت أمها وهي حامل بها، فأخبرها الإمام علي(علیه السلام) بالرؤيا، فقالت :نعم أنا لك عبدة، فقال (علیه السلام): بل زوجة (3). وفي هذه الرواية محل للتأمل في الجمع بين

ص: 42


1- الدر النظيم ص409.
2- ابن عنبة، عمدة الطالب، 352.
3- ابن حاتم العاملي، الدر النظيم، ص409.

مالك بن نويرة وخولة، لأن خولة ليست من سبي مالك ، فمالك يربوعي تميمي وخولة حنفية من بني بكر بن وائل، كما تبيّن هذه الرواية كونها سبيت وهي مسلمة، والمسلم لا تجري عليه أحكام السبي وهو بين المسلمين، ولعن الله يزيداً إذ سبى عترة المصطفى(صلی الله علیه و آله و سلم).

5-المُحيّاة بنت امْرِئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن جناب بن كلب، الكلبية، تزوجها أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) في خلافة عمر، حيث أسلم أباها بعد أن كان نصرانياً فزوجها من الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) ، وزوج ابنته سلمى من الإمام الحسن(علیه السلام) ، والرباب من الإمام الحسين(علیه السلام) (1).

6-الصّهْباء(2) بنت ربيعة التغلبية، وهي أم حبيب بنت ربيعة بن بجير بن العبد بن علقمة بن الحارث بن عتبة بن سعد بن

ص: 43


1- العاملي، أعيان الشيعة، 6/449.
2- الصهباء، صفة على وزن فعلاء، من الصهب وهو لون الحمرة أو الشقرة في شعر الرأس، وناقة صهباء، أي شقراء، الزبيدي، تاج العروس، 2/152.

زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن ثعلب (تغلب) بن وائل من سبي عين التمر، سباها خالد بن الوليد أيام أبي بكر حينما أغار على بني تغلب، يعد سبي عين التمر أول سبي دخل المدينة من العراق، فصارت أم حبيب إلى الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) فأولدها توأماً عمر الأكبر المعروف ب-(الأطرف) الذي تزوج من أسماء بنت عقيل بن أبي طالب، ورقية(1)، التي تزوجت مسلم بن عقيل(علیه السلام).

7-أسماء بنت عميس بن معد بن تيم بن الحارث بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن مالك بن نسر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن حلف بن أفتل الخثعمية(2)، تزوجها الإمام علي(علیه السلام) بعد وفاة زوجها أبي بكر، وكان أبو بكر قد توفي في سنة 13ﻫ (3)، أما عن تاريخ وفاتها فيقول السيد

ص: 44


1- ابن حجر، الإصابة، 8/219.
2- ابن سعد، الطبقات، 3/169.
3- المجلسي، بحار الأنوار، 29/520.

علي الشهرستاني: (توفيت أسماء بنت عميس في سنة ثمان وثلاثين للهجرة كما في بعض المصادر، وقيل: بعد الستين، ولكن أغلب المصادر ذكرت أن أمير المؤمنين الإمام علياً(علیه السلام) مات عن أربع زوجات وذكروا فيهن أسماء بنت عميس.وهذا يعني أنّها ماتت بعد سنة 40ﻫ )(1)، ويؤيد قول السيد الشهرستاني ما نقله الشيخ الطوسي في أماليه حيث قال: (عن علي بن الحسين (علیه السلام) قال: حدثتني أسماء بنت عميس الخثعمية، قالت: قَبَّلَتُ(2) جدتك فاطمة بنت رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) بالحسن والحسين(علیهما السلام)))...إلى أخر الحديث)(3)، فإذا قلنا إن علي بن الحسين ولد سنة 38ﻫ ، فلا يمكن أن تكون أسماء قد حدثت الإمام علي بن الحسين(علیه السلام) حديث قبالتها للزهراء بنفس السنة التي ولد الإمام فيها، والظاهر أن المصادر التي ذكرت خبر وفاتها

ص: 45


1- التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي، ص370.
2- أي حضرت ولادة الحسن والحسين وساعدت الزهراء حيث تحتاج المرأة وقت الولادة إلى من يساعدها من النساء.
3- ص368.

في سنة 38ﻫ ما هي إلا مصدر واحد وهو الدر المنثور، حيث أشار إلى موت أسماء حزناً عندما سمعت بمقتل ولدها محمد بن أبي بكر في مصر، ولكن حديث قبالتها للزهراء وعدها من قبل المؤرخين فيمن بقين من أزواج الإمام أمير المؤمنين علي بعد وفاته، يؤيد وفاتها بعد عام 40 ﻫ (1).

8-أم سعد(2) بنت عروة بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان الثقفية،، أبوها مسعود الثقفي، صحابي مشهور، كان كبير قومه بالطائف، ولما أسلم استأذن النبي أن يرجع إلى قومه

ص: 46


1- هناك قبر معروف لأسماء بنت عميس وولدها يحيى الملقب ب-(المعين)، يقع في قضاء الهاشمية، التابع إلى محافظة بابل، يطل القبر على نهر الجربوعية، بعد نهري السفاح والقاسم، في أراضي قبيلة (الجوازرية)، وقد حقق المرحوم الشيخ محمد حسين حرز الدين في احتمال ولو ضعيف في صحة نسبة المرقد إلى أسماء، فلم يجد ما يشير من قريب أو بعيد إلى وجود قبر لأسماء في هذه المنطقة، فاستقر به البحث إلى كونها ماتت ودفنت بالمدينة بعد أن انتقلت مع عيال الإمام علي(علیه السلام) إلى المدينة، مع انتقال الإمام الحسن(علیه السلام) من الكوفة إلى المدينة، ينظر، مراقد المعارف، 1/140.
2- وفي بعض الروايات: أم سعيد، أم مسعود.

يدعوهم إلى لإسلام، فأذن له فرجع فدعاهم إلى الإسلام فخالفوه، ورماه أحدهم بسهم فقتله سنة 9ﻫ ، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لما جاءه خبر مقتله: (مثل عروة مثل صاحب ياسين دعا قومه إلى الله فقتلوه)(1)، لم يعلم متى تزوجها أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام)، وهي عمة ليلى بنت أبي مرة زوج الإمام الحسين(علیه السلام)، وقد انفرد المزّي بقوله:(روى الزبير بن بكار: وولد عتبة بن أبي سفيان، عبد الله بن عتبة، وأمه أم سعيد بنت عروة بنت مسعود الثقفية، وأختاه لأمه أم الخير ورملة بنتا علي بن أبي طالب)(2).

9-أم شعيب الدارمية، وقيل: المخزومية، ذكرتها المصادر ولم تذكر شيئاً عنها أو عن أسرتها أو أبوها(3).

10-ليلى بنت مسعود التميمية (التي نحن بصدد الكتابة عنها).

ص: 47


1- الزركلي، الأعلام، 5/ 18، الطبقات الكبرى، 5/504.
2- تهذيب الكمال، 15/267.
3- ابن شهراشوب، مناقب آل أبي طالب، 3/89، ابن حاتم العاملي، الدر النظيم، ص411.

مما تقدم يظهر إن أزواج الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) يمكن ترتيبهن حسب الأسبقية الزمانية كالآتي: فاطمة الزهراء، أمامة بنت أبي العاص، خولة الحنفية، أسماء بنت عميس، الصهباء التغلبية، المحياة الكلبية، فاطمة ( أم البنين) الكلابية، أم سعيد الثقفية، أم شعيب الدارمية (المخزومية)، ليلى بنت مسعود النهشلية.

الزوج الثاني

أما زوجها الثاني فهو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، بحر الجود(1) وقطب السخاء(2)، ولد عبد الله بعد النبوة بثلاث سنين(3) وكان عمره يوم وفاة النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) عشر سنين(4)، أما اليعقوبي فيقول: (وأقام المسلمون بأرض الحبشة حتى ولد لهم الأولاد، وجميع أولاد

ص: 48


1- الثقفي، الغارات، 2/694.
2- ابن حبان، مشاهير علماء الأمصار، ص27.
3- ابن عنبة الحسني، عمدة الطالب، ص37.
4- ابن حجر، الإصابة، 4/37.

جعفر بن أبي طالب(علیه السلام) ولدوا بأرض الحبشة ولم يزالوا بها بأمن وسلام)(1) ومنهم من يقول إن عبد الله ولد سنة 1ﻫ .

جاء عبد الله مع أبويه جعفر بن أبي طالب(علیه السلام) وأمه أسماء بنت عميس إلى المدينة بعد عودتهم من أرض الحبشة وذلك سنة 7ﻫ ، وفيها يقول النبي(صلی الله علیه و آله): (ما أدري بأيهما أنا أشد فرحاً، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر)(2) .

لازم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في المدينة فقد روى الإمام جعفر الصادق(علیه السلام) عن أبيه الإمام محمد الباقر(علیه السلام) قوله: (بايع رسول الله(صلی الله علیه و آله) الحسن والحسين((علیهما السلام)) وعبد الله بن جعفر وهم صغار، ولم يبايع صغير قط إلّا هم)(3) وهذا ما يؤيد كونه ولد سنة 1 ﻫ ، فعبارة (وهم صغار) تبين أنه كان بعمر الحسنين((علیهما السلام))، أو قريب منهما، فالحسن(علیه السلام) ولد سنة 2ﻫ والحسين(علیه السلام) ولد سنة 3ﻫ .

ص: 49


1- اليعقوبي، تاريخ،2/30.
2- ابن عنبة الحسني، عمدة الطالب، ص35.
3- علي خان، الدرجات الرفيعة، ص168.

ولما استشهد جعفر بن أبي طالب(علیه السلام) في واقعة مؤتة عام 8 ﻫ ، ذهب رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) إلى دار جعفر، فجاءت زوجته أسماء بنت عُميس ومعها أبنائها وهم محمد وعون وعبد الله، فعزاها وصبّرها وينقل عبد الله الخبر فيقول: (أتى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بنعي أبينا جعفر فدخل علينا وقال لأمنا أسماء أين بنو أخي؟ فدعانا وأجلسنا بين يديه وذرفت عيناه فقال أمي أسماء: هل بلغك يا رسول الله عن جعفر شيء؟، قال: نعم استشهد رحمه الله فبكت وولولت وخرج رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) فلما كان بعد ثلاثة أيام دخل علينا صلوات الله عليه ودعانا فأجلسنا بين يديه كأننا أفراخ وقال: لا تبكين على أخي بعد اليوم، ثم دعا بالحلاق فحلق رؤوسنا وعقّ عنّا ثم اخذ بيد أخي محمد وقال: هذا شبيه عمنا أبي طالب، وقال لعون: هذا شبيه أبيه خلقاً وخُلقاً، واخذ بيدي فشالهما، وقال: اللهم أحفظ جعفر في أهله، وبارك لعبد الله في صفقته، فجاءته أمنا تبكي وتذكر يتمنا فقال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): أتخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟)(1).

ص: 50


1- ابن عنبة الحسني، عمدة الطالب، ص36.

عاش عبد الله عزيزاً كريماً ببركة دعاء النبي(صلی الله علیه و آله) له، ولم يدق الفقر بابه إلى حين وفاته فقد كان مقصداً لكل سائل وذي حاجة وفاقة حتى ذاع كرمه وجوده حتى لُقّبَ ب-(الجواد(1) فاشتهر بذلك وأصبح ذكره على كل لسان.

لازم عمه أمير المؤمنين وأخذ من صفاته كما لازم الحسنين وقد صحب عمه أمير المؤمنين عند مجيئه الكوفة واتخاذها عاصمة لخلافته سنة 36ﻫ .

تزوج عبد الله بعدد من النساء وهن:

1-السيدة زينب بنت علي(علیها السلام) فأولدها: علياً المعروف ب-( الزينبي) وفيه العدد والذرية، عوناً الأكبر، محمداً، العباسَ، أم كلثوم(2).

2-أم عمرو بنت خراش بن بغيض، أولدها: جعفراً الأكبر وبه كان يكنى(3).

ص: 51


1- الحلبي، السيرة الحلبية، 2/276.
2- العاملي، أعيان الشيعة،6/373.
3- القزويني، رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ، ص177.

3-جمانة بنت المُسَيّب بن نَجَبَة بن ربيعة بن رياح الفِزَاريّة، أولدها: الحسنَ، عوناً الأصغر شهيد كربلاء(1).

4-الخوصاء بنت حفصة، من بني بكر بن وائل، أولدها: أبا بكر، عبيد الله، محمداً(2).

8-أم الحسين بنت عمرو من بني صعصعة، أولدها: جعفراً، أبا سعيد(3).

9- السيدة ليلى بنت مسعود النهشلية (التي نحن بصدد سيرتها)

10-أمهات ولد عدة، أولدهن: معاوية، إسحاق، إسماعيل، قُثم، العباس(4).

ص: 52


1- يرى أبو الفرج الأصفهاني وبعض المؤرخين إن عون الأصغر قتل في واقعة الحرة ولم يقتل في واقعة كربلاء، أنظر: مقاتل الطالبيين، ص83، وكانت جمانة متزوجة من حذيفة بن اليمان قبل زواجها من عبد الله بن جعفر، ابن سعد، الطبقات الكبرى، 8/482.
2- الظاهر إن ولد الخوصاء استشهدوا بين يدي الحسين وإن رأى أغلب المؤرخين أن الذي استشهد منهم: عبيد الله ومحمد وقد رثى الشاعر سليمان بن قتّة محمداً قائلاً: 5-وسمي النبي غودر فيهم *** قد علوه بصارم مصقول 6-فإذا ما بكيت عيني فجودي *** بدموع تسيل كل مسيل 7-أنظر:التستري، قاموس الرجال، 9/366.
3- القزويني، رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ، ص177.
4- المصدر السابق.

وجدت في بعض موقع الأشراف آل الطيّار بحثاً مطولاً في حياة عبد الله بن جعفر، للكاتب حسّان بن محمد علي بن عمر الطيّار كتب خلاله موضوعاً أحببنا إيراده تحت عنوان (نظرة تأملية في زواج الجواد بالسيدة ليلى بنت مسعود) جاء فيه: (وأما ما قاله ابن سعد في الطبقات وابن عساكر في تاريخ دمشق فإني أرى أنهما لم يوفقا فيما قالا وذلك قولهم في سيدنا عبد الله بن جعفر كان قد جمع بين ليلى بنت مسعود والسيدة العقيلة زينب عليهما رضوان الله وسلامه، فهذا قول ينافي ما وثقته الثقات من أن سيدنا عبد الله بن جعفر عليه رضوان الله وسلامه لم يجمع مع العقيلة زوجة أخرى قط إلى أن انتقلت إلى الرفيق الأعلى، وإنما الجمع كان بين ليلى بنت مسعود والسيدة أم كلثوم بنت علي عليهما رضوان الله وسلامه...)(1).

ونحن بدورنا نرد على الأستاذ الطيار أن ليس هناك ضير من الجمع بين السيدة زينب وليلى بنت مسعود، لأن غاية عبد الله

ص: 53


1- ينظر الموقع: www. altayyar family.net.

بن جعفر لم تكن الزواج من أجل المتعة، بل لحفظ الأعراض كما بينها أستاذنا الطيار نفسه، ولعل الطيار يرمي إلى فكرة تشابه حالة عدم جمع أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) بين السيدة فاطمة الزهراء (علیها السلام)وامرأة أخرى في حال حياتها وحالة جمع عبد الله بن جعفر للحوراء زينب(علیها السلام) مع امرأة أخرى، والله أعلم.

لم يحضر عبد الله بن جعفر واقعة كربلاء لعذر كان لديه، وحضرت زوجته السيدة زينب وولدان له وقد استشهدا مع الحسين(علیه السلام) في كربلاء، (ولما بلغه خبر استشهادهما دخل عليه بعض مواليه يعزونه فقال مولاه: هذا ما لقيناه من الحسين فحذفه عبد الله بن جعفر بنعله وقال: يا بن اللخناء(1) أللحسين تقول هذا؟، والله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أُقتل معه والله إنه لمما يسخي بنفسي عنهما ويهون عليّ المصاب بهما

ص: 54


1- اللخناء: المرأة التي لم تختن أو من كان في فمها رائحة كريهة، ابن منظور، لسان العرب، 13/383.

أنهما أصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه ثم قال: إن لم تكن آست الحسين يدي فقد آساه ولدي)(1) .

توفي سنة 80 ﻫ كما هو مشهور ودفن بالبقيع(2) إلى جنب عمه عقيل بن أبي طالب(علیه السلام).

إخوتُها

ذكر المؤرخون إن ليلى كان لها من الإخوة ثلاثة وهم:

1.يزيد بن مسعود

2.نعيم بن مسعود

3.عبّاد بن مسعود

أما عباد فقد ذكر بصور عابرة في ترجمة العباس بن عبد الله بن عباس حيث ذكر ابن سعد في الطبقات: (فولد العباس بن عبد الله عبد الله وأمه مريم ابنة عبّاد بن مسعود بن خالد بن مالك ...)(3)

ص: 55


1- الشيخ المفيد، الإرشاد، 2/124.
2- ابن عنبة الحسني، عمدة الطالب، ص37.
3- 5/314.

أما نعيم فقد ذكر أيضا بصورة عابرة في نص منه: (وكان زياد ابن أبيه قد ولى نعيم بن مسعود النهشلي والحصين بن الحر العنبري عملاً من أعمال فارس فكتب أبو الأسود(1) إليهما كتابا يلتمس منهما الرفد فأما نعيم فقرأ كتابه ووصله وأجابه وأما الحصين فألقى كتابه ولم يقرأه فكتب إليه أبو الأسود:

حسبت كتابي إذ أتاك تعرضاً *** ليسبك لم يذهب رجائي هنالكا

وخبرني من كنت أرسلت إنما *** أخذت كتابي معرضا بشمالكا

نظرت إلى عنوانه ونبذته *** كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا

نعيم بن مسعود أحق بما أتى *** وأنت بما تأتي حقيق بذلكا

يصيب وما يدري ويخطي وما درى وكيف يكون الجهل إلا كذلكا(2)

أما يزيد وهو الأكبر والأشهر فقد كان يكنى ب-(أبي خالد) له ذكر في قضية ليس هذا محل ذكرها إضافة لورود اسمه في كتب المقاتل عند إرسال الإمام الحسين(علیه السلام) رسالة إلى أشراف البصرة.

ص: 56


1- المقصود به الشاعر المعروف أبو الأسود الدُّؤلي.
2- العاملي، أعيان الشيعة، 7/404.

كتاب الحسين(علیه السلام) إلى أشراف البصرة

أخذت الروايات التي تشير إلى هذا الكتاب اتجاهين: اتجاه مؤرخي العامة واتجاه مؤرخي الشيعة وأصحاب المقاتل منهم ولذا سوف نذكر النصين لنقارن بينهما ثم نحاول الخروج بنتيجة من هذه المقارنة .

النص كما ورد في كتب التاريخ من جهة الجمهور ولعل تاريخ الطبري من أهم وأقدم هذه المصادر التي نقلت هذا النص وهو: (كتب حسين مع مولى لهم يقال له سليمان وكتب بنسخة إلى رؤوس الأخماس بالبصرة وإلى الأشراف فكتب إلى مالك بن مسمع البكري(1) وإلى الأحنف بن قيس وإلى المنذر بن الجارود(2) وإلى مسعود بن

ص: 57


1- مالك بن مسمع بن شيبان البكري الجحدري الربعي، كان رأيه مائلاً إلى بني أمية، ثم ساير أنظمة الحكم في البصرة قدر استفادته منهم، أمّره مصعب بن الزبير على بكر بن وائل عند مسيره من البصرة لقتال المختار، ثم ما لبث أن اختلف مع مصعب بن الزبير، فهرب منه، وهدم مصعب داره، ثم اختفت أخباره، ينظر: ابن أعثم الكوفي، الفتوح، 6/285.
2- المنذر بن الجارود واسمه بشر بن عمرو بن خنيس العبدي، ولد في عهد النبي سنة 1ﻫ ، شهد الجمل مع علي، ثم ولاه اصطخر ثم بلغه عنه إساءة فعزله، ثم ولاه عبيد الله بن زياد ثغر الهند فمات هناك سنة 61ﻫ ، أنظر: الزركلي، الأعلام، 7/292، والظاهر أنه توفي في السنة التي كاتبه الحسين(علیه السلام) بها، أي بنفس السنة التي استشهد (علیه السلام) فيها.

عمرو(1) وإلى قيس بن الهيثم(2) وإلى عمرو بن عبيد الله بن معمر(3) فجاءت منه نسخة واحدة إلى جميع أشرافها: أما بعد فإن الله اصطفى محمداً صلى الله عليه و سلم على خلقه، وأكرمه بنبوته، واختاره لرسالته، ثم قبضه الله إليه، وقد نصح لعباده، وبلّغ ما أُرسل به صلى الله عليه و سلم، وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته وأحق الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك فرضينا وكرهنا الفرقة

ص: 58


1- مسعود بن عمرو بن عدي الأزدي، زعيم بني عتيك، من الأزد، كان رئيس الأزد وربيعة في البصرة، وهو الذي حامى عبيد الله بن زياد ثم سهل هربه بعد أن انتفض البصريون عليه عقيب هلاك يزيد، آل أمره أن يقف موقفاً ضد الخوارج فأضمروا له حتى استغلوا وجوده في المسجد يخطب الناس فدخلوا إليه وقتلوه وهو غافل عنهم سنة 64ﻫ ، أنظر: الزركلي، الأعلام، 7/219.
2- قيس بن الهيثم بن أسماء بن الصلت السلمي، من الخطباء الشجعان، من أعيان البصرة في صدر الإسلام كان من أنصار بني أمية فيها، ثم ناصر دعوة عبد الله بن الزبير، صحب مصعب بن الزبير في ثورته إلى مقتل مصعب، ثم تحول إلى عبد الملك بن مروان فعفا عنه وأكرمه توفي بالبصرة سنة 85ﻫ ، أنظر: الزركلي/ الأعلام، 5/209.
3- عمرو بن عبيد الله بن معمر بن عثمان بن عمرو التيمي، أبو حفص القرشي، أحد وجوه قريش وكرمائها، كان جواداً ممدوحاً ولي فتوحات كثير، ولاه عبد الله بن الزبير، البصرة ثم عزله ثم ولاه مصعب أخو عبد الله حرب الخوارج، وقد استعمله مصعب أميراً على البصرة حين توجه إلى حرب المختار، مات سنة 82ﻫ في دمشق وصلى عليه عبد الملك،، أنظر، ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 45/286، ابن عساكر، تاريخ دمشق، 45/296، 58/237.

وأحببنا العافية ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه، وقد أحسنوا وأصلحوا وتحروا الحق، فرحمهم الله وغفر لنا ولهم، وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم، فإن السنة قد أميتت، وإن البدعة قد أحييت، وإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد، والسلام عليكم ورحمة الله. فكل من قرأ ذلك الكتاب من أشراف الناس كتمه غير المنذر بن الجارود فإنه خشي بزعمه أن يكون دسيساً من قبل عبيد الله فجاءه بالرسول من العشية التي يريد صبيحتها أن يسبق إلى الكوفة وأقرأه كتابه فقدم الرسول فضرب عنقه وصعد عبيد الله منبر البصرة)(1) ما تقدم كان النص كما ذكرناه يمثل الاتجاه الأول .

أما أقدم نص لدينا من طريق الشيعة فقد وردنا بطريقين :

الطريق الأول: في كتاب مثير الأحزان لابن نما الحلي المتوفى سنة 645ﻫ

الطريق الثاني: في كتاب الملهوف على قتلى الطفوف للسيد علي بن طاوس المتوفى سنة 664ﻫ ، فقد أورد النص بنفس العبارات

ص: 59


1- 4/265.

مع تغيير طفيف في الكلمات، جاء في الكتاب حسب رواية ابن نما: (وكتب (علیه السلام) إلى وجوه البصرة منهم الأحنف بن قيس وقيس بن الهيثم والمنذر بن الجارود العبدي ويزيد بن مسعود النهشلي وبعث الكتاب مع ذراع السدوسي(1)، وقيل مع سليمان المكنى بأبي رزين(2) فيه: (إني ادعوكم إلى الله وإلى نبيه فان السنة قد أميتت، فان تجيبوا دعوتي، وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد) فلما وصل الكتاب كتموا على الرسول، إلا المنذر بن الجارود فانه آتى عبيد الله بالكتاب ورسول الحسين، لأنه خاف أن يكون الكتاب قد دسّه عبيد الله فلما قرأ الكتاب ضرب عنق الرسول. أما الأحنف بن قيس فانه كتب إلى الحسين عليه السلام: أما بعد فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون. وأما يزيد النهشلي فانه احضر بني تميم وبني حنظلة وبني سعد وقال: يا بني تميم كيف ترون موضعي منكم، وحسبي فيكم، فقالوا: أنت فقرة الظهر ،ورأس الفخر، حللت في

ص: 60


1- لم نعثر على ترجمته وقيل ذريع السدوسي .
2- اختلفوا في رسول الحسين(علیه السلام) هذا إلى البصرة بكتابه فهو هنا سليمان وكنّي بأبي رزين وهو أسم أبيه وأمه كبشة كانت تخدم في بيت أم أسحاق التيمية زوجة الحسين فتزوجها أبو رزين فولدت سليمان، الأمين، لواعج الأحزان، ص 36.

الشرف وسطاً، وتقدمت فرطاً، قال: قد جمعتكم لأمر أشاوركم فيه، واستعين بكم عليه، قالوا: نمحضك النصيحة ونجهد لك الرأي، قال: إن معاوية هلك، فأهون به هالكا ًومفقوداً انكسرت باب الجور، وأنا اقسم قسماً مبروراً لجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين، وهذا الحسين بن علي ابن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ذو الشرف الأصيل والعلم والسابقة والسن والقرابة، يعطف على الصغير، ويحنو على الكبير، فأكرم به راعي رعيته، وإمام قومٍ وجبت لله به الحجة، وبلغت به الموعظة، فلا تغشوا عن نور الحق، ولا تسكعوا في وهد الباطل، فقد كان صخر بن قيس(1) أنخذل(2) بكم يوم الجمل، فاغسلوها مع ابن رسول الله ونصرته ولا يقصر عنها إلا ورثه الله الذل في ولده والقلة في عشيرته، وهاأنذا قد لبست للحرب لامتها، وادرعت بدرعها، من لم يقتل عين ومن يهرب لم يفت فأحسنوا رحمكم الله رد الجواب فتكلّم بنو حنظلة فقالوا: يا أبا خالد نحن نبل كنانتك، وفرسان عشيرتك، إن

ص: 61


1- إشارة إلى الأحنف بن قيس وكيف ابتعد بقومه عن نصرة أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام) في واقعة الجمل.
2- وفي بعض الكتب انخزل، أنظر: السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين، ص213.

رميت بنا أصبت، وان أصبت غزوت، لا تخوض والله غمرة إلا خضناها، ولا تلقى والله شدة إلا لقيناها، ننصرك بأسيافنا، ونقيك بأبداننا، إذا شئت فقم. وتكلمت بنو سعد بن يزيد فقالوا: يا أبا خالد إن أبغض الأشياء إلينا خلافك، والخروج من رأيك، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال، فحمدنا رأيه وتكلمت بنو عامر بن تميم فقالوا : يا أبا خالد نحن بنو أبيك وحلفاؤك، لا نرضى إن غضبت، ولا نغضب إن رضيت، ولا نقطن إن ظعنت، ولا نظعن إن قطنت، والأمر إليك والمعول عليك، فادعنا نجبك، وأمرنا نُطعك، والأمر لك إذا شئت فقال: والله يا بني سعد لئن فعلتموها(1)، لا رفع عنكم السيف أبداً، ولازال سيفكم فيكم، ثم كتب إلى الحسين (علیه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فقد وصل إلي كتابك، وفهمت ما ندبتني إليه، ودعوتني له، من الأخذ بحظي من طاعتك، والفوز بنصيبي من نصرتك، وإن الله لم يخل الأرض قط من عامل عليها بخير، أو دليل على سبيل نجاة، وأنتم حجة الله على خلقه، ووديعته في أرضه، تفرعتم من زيتونة احمدية، هو أصلها، وأنتم فرعها، فأقدم سعدت بأسعد طائر، فقد ذللت لك

ص: 62


1- أي فعلتم فعلة التخاذل.

أعناق بني تميم، وتركتهم اشد تتابعا في طاعتك من الإبل الظماء لورود الماء يوم خمسها(1) وكضها، وقد ذللت لك رقاب بني سعد، وغسلت درن صدورها بماء سحابة مزن حين استهل برقها فلمع. فلما قرأ الحسين (علیه السلام) الكتاب، قال: مالك آمنك الله يوم الخوف، وأعزك وأرواك يوم العطش الأكبر، فلما تجهّز المشار إليه للخروج إلى الحسين صلوات الله وسلامه عليه، بلغه مقتله قبل أن يسير، فجزع لذلك جزعاً عظيماً لما فاته من نصره)(2) .

النقطة المشتركة بين رواية الطبري وراية ابن نما هي: (أنا ادعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلی الله علیه و آله) فإن السنة قد أميتت والبدعة قد أحييت وان تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد ).

الذي اعتقده إن هذه العبارة المشتركة هي أهم فقرة تضمنه كتاب الحسين فهي تمثل الطلب الرسمي من الإمام الحسين (علیه السلام)لمن أرسل إليهم الكتاب وسنأتي علي تبيان ذلك .

ص: 63


1- الخمس بالكسر، من إظماء الإبل، وهو أن ترد الإبل الماء اليوم الخامس، أنظر: ابن منظور، لسان العرب، 6/67. أي تركت جعلت اشتياق بني تميم لك كاشتياق الإبل إلى الماء في اليوم الخامس.
2- مثير الأحزان، ص17.

أما التشابه الأخر بين الكتابين فهو اتفاق الطبري وابن نما على شخصية رسول الحسين وهو سليمان ( أبو رزين ) وان أورد ابن نما اسما آخر وهو ذراع السدوسي الذي لا نعرف عنه شيء كما اتفقت الروايتان على ما آل إليه أمر رسول الحسين(علیه السلام) حيث ضرب عبيد الله بن زياد عنقه بعد ما أفشى المنذر بن الجارود العبدي بسره إلى ابن زياد وقد زعم المنذر إنه خاف أن يكون الأمر مدبراً من ابن زياد ليمتحن فيه أشراف ورؤساء أخماس البصرة ومن يميل إلى الحسين وقد كانت بحرية بنت المنذر تحت عبيد الله بن زياد .

إضافة إلى هذا فقد تشابهت أسماء الأشراف في روايتي الطبري وابن نما حيث ذكرا الأسماء

كالتالي :

1.الأحنف بن قيس التميمي

2.المنذر بن الجارود العبدي

3.قيس بن الهيثم السلمي

ولكنهما اختلفا في الآخرين، فقد أضاف الطبري إلى المشمولين برسالة الحسين كلاً من :

ص: 64

1.مسعود بن عمرو الازدي

2.مالك بن مسمع البكري

3.عمرو بن عبيد الله بن معمر التيمي

فيما اكتفى أبن نما بإضافة يزيد بن مسعود النهشلي إلى الثلاثة الأوائل وقد ذكر الطبري (فجاءت منه -أي الحسين(علیه السلام)- نسخة واحدة إلى جميع أشرافها (البصرة)) ولا نعلم هل إن رسول الحسين جاء إلى الأشراف فوجدهم مجتمعين وأطلعهم على فحوى الرسالة أم جعل ينتقل بين بيوت الأشراف يقراها في كل بيت ليعلم كل منهم ما يريده منه الحسين(علیه السلام) ؟ هذا إذا كان قد عيّن له الحسين أسماء الأشراف شخصياً.

لم يذكر الطبري ردّا لأهل البصرة على رسالة الحسين(علیه السلام) عدا حادثة المنذر بن الجارود العبدي التي أوردها ابن نما أيضا في حين ذكر ابن نما جوابين على رسالة الحسين(علیه السلام) الجواب الأول كان من الأحنف بن قيس التميمي الذي كتبه إلى الحسين(علیه السلام)، وفيه ما أوجز

ص: 65

بيانه وبيّنَ رأيه قائلاً (...أما بعد فاصبر إن وعد الله حق (ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون )(1) وفي هذا الرد نلحظ ما يلي :

1)طلب الأحنف من الحسين (علیه السلام) أن يصبر ولا يعجل بإعلان نهضته المباركة ولا ندري لماذا طلب الأحنف من الحسين(علیه السلام) الصبر؟ هل رأى الأحنف أن الفرصة بعد غير مؤاتية ليعلن الحسين (علیه السلام) النهضة والثورة بوجه بني أمية الذين غيروا معالم الذين وانحرفوا عن الجادة التي رسمها الله تعالى لمسيرة الإسلام ؟ أم خاف كون الرسالة أمراً مدبراً من ابن زياد كما ظنّ المنذر بن الجارود فأجاب بهذه اللهجة التي يحيطها جو من التكتم والسرية ؟ إما استشهاده بالآية الكريمة: (ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون) فربما كان الأحنف يرمي من وراء ذلك إلى تحذير الحسين (علیه السلام) من الذين سيعدونه ويوثقون أقوالهم بالوعود والعهود ثم يتخاذلون عنه سراعاً ويغدرون به .

أما الجواب الأخر الذي ذكره ابن نما الحلي فهو جواب يزيد بن مسعود النهشلي، فيزيد تربطه بالحسين (علیه السلام)صلة رحم، لأن أخت يزيد

ص: 66


1- سورة الروم/60

ليلى كانت زوجاً للإمام أمير المؤمنين علي (علیه السلام)، ولا نعلم لماذا لم يذكر الطبري اسم يزيد بن مسعود ولم يرد جوابه؟ وإذا كان اسم يزيد بن مسعود غير موجود في ضمن أسماء أشراف البصرة فلماذا أورده ابن نما؟، وعلى أي مصدر اعتمد في إدراج اسمه؟، ولكننا نرى إن الإمام الحسين(علیه السلام) توسم أن تقوم العلاقة الأسرية مع يزيد بن مسعود دوراً هاماً في شحذ همم التميميين كي يدركوا نصرته، ولعل الحجاج بن بدر العبدي كان ثمرة إرساله(علیه السلام) الكتاب إلى يزيد بن مسعود، فقد حضر كربلاء قادما ًمن البصرة بالجواب واستشهد بين يدي سيد الشهداء (علیه السلام).

قبل أن نتعرض لمضمون جواب يزيد النهشلي علينا أن نتوقف عند نص الطبري لتبين ما يلي :

1.تضمن النص مقدمة بيّن فيها الحسين (علیه السلام) اصطفاء النبي محمد(صلی الله علیه و آله و سلم)واختياره للرسالة ثم انتقاله إلى الدار الآخرة بعد ما أدى حق التبليغ ومنح النصح للعباد وقد أراد الإمام الحسين من هذه المقدمة تذكير الناس بدور النبي(صلی الله علیه و آله و سلم) في إقامة المجتمع الإسلامي وجهوده المضنية التي بذلها في سبيل الإسلام.

ص: 67

2.بين الإمام الحسين(علیه السلام) إنه من أهل بيته ووليه ووصيه ووريثه وهو أحق الناس بمقام رسول تماما كأخيه وأبيه الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) من قبل.

3.حاول الطبري أن يبين لقارئ النص إن الإمام الحسين وأباه وأخاه رضوا عن تقدم الآخرين عليهم رعاية لوحدة الأمة، وكرهاً لفرقتها وشتات أمرها، ثم يذكر عبارة ( وأحببنا العافية ) ولا ندري هل العافية تدل على حقن الدماء وعيش المسلمين في دعة أم إنها تدل على حب الحسين(علیه السلام) وأخيه الركون إلى الراحة وعدم الوقوف أمام أفعال الأمويين؟ مع العلم إن الحسين(علیه السلام) له الحق المفترض على من سلب الأمر منهم.

4.حاول الطبري أيضا إبراز حالة الترضي عند الإمام الحسين(علیه السلام) على من ابتز مكانهم بقوله حسب رواية الطبري فقد أحسنوا وأصلحوا وتحروا الحق ولا ندري من أحسن وأصلح وتحرّى الحق ؟ ثم يطلب (علیه السلام) الرحمة والغفران لهم .

نأتي الآن للنقطة المشتركة بين روايتي الطبري وابن نما فكلاهما نقل هذا الجزء من الرواية بصورة اقرب إلى التطابق بينهما

ص: 68

وهذا الجزء يمثل جوهر الرسالة حيث يبرز دعوة سيد الشهداء أشراف وأعيان البصرة إلى كتاب الله وسنته مما يعني أن الكتاب قد نبذ والسنة قد عطلت بل أميتت حسن تعبير الروايتين ولعل ما تقدم يمثل الصورة التي وصل إليها الإسلام أواخر حكم معاوية بن أبي سفيان وبداية حكم يزيد بن معاوية أما إشارة الإمام(علیه السلام) إلى إحياء البدعة فالظاهر انه (علیه السلام) كان يرمي إلى البدع التي كانت منتشرة أيام الجاهلية والتي حاول الأمويون جاهدين إعادتها وزجها في المجتمع الإسلامي كي يشغلوا الناس ويستأثروا بالملك والخراج ويتركوا الشعب يعيش في أزماته الاقتصادية والاجتماعية، ثم بيّن لهم الإمام(علیه السلام) بقوله: (وان تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبي الرشاد) ولم يعلن الإمام الحسين (علیه السلام) خلال رسالته دعوة صريحة حسب الروايتين إلى الالتحاق بنهضته المباركة بل كانت دعوته إليهم دعوة عامة مع الأخذ بنظر الاعتبار إن البصريين لم يدعوا الإمام إلى القدوم إلى مدينتهم، فالشيعة منهم يعلمون تماماً أنّ البصرة لم تكن يوماً موطنا لأتباع علي (علیه السلام) يمكن أن يكون قاعدة ينطلق منها الإمام نحو باقي المدن و الحواضر، وحتى الإمام الحسين (علیه السلام) كان يعلم

ص: 69

تماما ذلك إلا أن دعوته كانت من باب إلقاء الحجة حتى لا يكون هنالك من يقول لم يأتنا خبر من الحسين(علیه السلام) عن نهضته ولو أتى لكنّا من الملتحقين به وكانت من ثمار هذه الدعوة التحاق يزيد بن نبيط العبدي وولديه عبد الله وعبيد الله إضافة إلى عامر بن مسلم وسيف بن مالك العبدي والحجاج بن يزيد السعدي وكلهم استشهدوا بين يدي الحسين يوم العاشر من المحرم في كربلاء. وقد كانت في البصرة شخصية نسوية شعبية بارزة تدعى مارية بنت منقذ من بني عبد القيس حيث كان بيتها ملتقى لرؤساء الأخماس والأشراف واغلب الظن أن رسول الحسين سليمان أبا رزين نزل في ذلك البيت والتقى برؤساء العشائر وبلّغهم كتابه (علیه السلام) .

يتميز نص اجتماع يزيد بن مسعود النهشلي مع أبناء عشيرته بوضوح في الطرح والسرد ولا ندري لماذا تجاهل الطبري مثل هذا النص ؟ بل لم يشر إلى يزيد بن مسعود وجعل محله عمرو بن مسعود الازدي الذي أشارت الروايات في كتب التأريخ على أنه بعث الحجاج بن يزيد السعدي إلى الإمام الحسين(علیه السلام) حاملاً جوابه ولم يسلط التاريخ الضوء على طبيعة ومحتوى الرسالة وماذا ضمّن عمرو

ص: 70

الازدي رده للإمام؟، في حين يرى ابن نما الحلي وقد يضاده في الرأي السيد ابن طاوس: على أن الحجاج بن يزيد السعدي كان رسولا من يزيد بن مسعود النهشلي إلى الإمام .المطلع على مضمون اجتماع يزيد النهشلي ببني تميم وبطونهم من بني حنظلة وبني سعد سيلاحظ دقة اختيار الكلمات عند يزيد النهشلي ومنزلته الرفيعة عند قومه وقد اتبع النهشلي ما يلي:

1.التقديم والتعريف بنفسه ومنزلته وكأنما أراد أن يعرف مكانته عند القبائل الثلاث قبل مفاتحتهم بمضمون رسالة الحسين (علیه السلام) وكان الرد من القبائل ملائماً تماماً لما كان يرمي إليه يزيد حيث أعلنوا عن تقديرهم إياه واحترامهم البالغ لشخصه الكريم وإنهم معه أينما ذهب يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه وان أبدت بنو سعد تحفظاً في الرد وذكرّت يزيد النهشلي بموقف الأحنف بن قيس حينما التزم جانب الحياد في واقعة الجمل فلم يمل إلى عائشة ولا إلى الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) وقد عاب يزيد النهشلي هذا الموقف في بداية حديثه معتبراً ذلك ضرباً من التخاذل في نصرة الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام).

ص: 71

2.تبيان فضل الإمام الحسين(علیه السلام) ومنزلته الرفيعة وطاعته الواجبة وقد سبق هذا التبيان عرض لواقع يزيد بن معاوية وما هو عليه من شرب الخمور وكونه رأسا للفجور ولعل هذا الوصف هو الذي جعل الطبري يُعْرِضُ عن سرد النص واستبعاد شخصية يزيد بن مسعود النهشلي تماماً عن الشخصيات التي راسلها الإمام الحسين(علیه السلام) .

3.تركيزه على بني سعد الذين وجدوا الصلاح في إتباع طريق الأحنف فلا يميلون إلى الحسين ولا يميلون إلى يزيد وقد أكد عليهم بقوله (يا بني سعد لئن فعلتموها (أي فعل التخاذل ) لا رفع عنكم السيف أبداً ولازال سيفكم فيكم...).

عندها كتب يزيد بن مسعود كتابا للحسين(علیه السلام) بَيَّنَ فيه ما يلي :

1.انصياعه لأوامر الإمام وطاعته الكاملة وطمأنته (علیه السلام) بأنه عبَّأَ أبناء عشيرته وهيأهم لفكرة نصرة الحسين(علیه السلام).

2.عبارة (..فأقدم سعدت بأسعد طائر ...) يبدو ظاهرها أن يزيد بن مسعود فهم من نص الرسالة الإمام الحسين انه (علیه السلام) يريد القدوم إليهم في البصرة

ص: 72

3.التأكيد على موقف بني سعد فمعنى القول: (...وغسلت درن صدورها بماء سحابة مزن حتى استهل برقها ..) يدل على أن بني سعد لهم موقف سابق من الإمام الحسين(علیه السلام) أو أبيه الإمام علي (علیه السلام)، ولعلهم وقفوا إلى جانب طلحة والزبير واخذوا طريقتيهما وقد استطاع يزيد النهشلي أن يزيل أحقاد الماضي .

ينتقل النص مباشرة إلى قراءة الإمام الحسين(علیه السلام) رسالة يزيد النهشلي ودعائه له بالأمن يوم القيامة ثم يبين النص: إن يزيدَ تجهز للخروج إلى الحسين(علیه السلام) وبلغه مقتله (علیه السلام) قبل أن يسير فجزع لذلك ولم نعرف هل تجهزت معه أبناء عشيرته الذين جمعهم سابقا ؟ وإذا قال للحسين(علیه السلام) (فأقدم) أي مجيّ الإمام إلى البصرة فلماذا تجهزّ للخروج إلى الحسين ؟ هل المراد الالتحاق ببعض الطريق الموصل بين مكة والعراق ؟ هل أراد التوجه للكوفة بعد علمه أنَّ الحسين نزل كربلاء ؟.

أولادها

اشارة

رُزقت السيدة ليلى من الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) ولدين حسب ما نقلت الروايات وهما: عبيد الله وأبو بكر واختلف المؤرخون في

ص: 73

الأكبر بينهما فمنهم من قدّم عبيد الله على أبي بكر ومنهم من أخّره، ويستدل السيد علي الشهرستاني على أن عبيد الله أكبر من أخيه حيث يقول: (ليلى النهشلية، وهي المكناة بأم عبيد الله، وهذه الكنية تشير إلى أن عبيد الله هو أكبر من أخيه عبد الله المكنى بأبي بكر)(1).

أما الشيخ محمد صادق الكرباسي فقد انفرد بإضافة ولد ثالث لها من الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) هو عبد الله حيث قال: (عبد الله الأصغر شقيق لأبي بكر وعبيد الله ابني علي بن أبي طالب وليلى النهشلية ومن الجدير بالذكر أن علياً تزوجها بعد 12/7/36ﻫ بالكوفة وأنجبت عبد الله الأصغر في عام 37، كما أنجبت أبا بكر سنة 38ﻫ وعبيد الله عام 39ﻫ واستشهد عبد الله الأصغر وأبو بكر في كربلاء مع أخيهم الحسين بينما قتل عبيد الله عام 67ﻫ بالمذار)(2)، وكما نلاحظ في النص المتقدم فإن الشيخ الكرباسي لم يكتفِ بإضافة ولد آخر لها، بل عيّن محل وتاريخ زواج الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام)

ص: 74


1- التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي، ص384.
2- دائرة المعارف الحسينية، معجم انصار الحسين، الهاشميون، 1/ 217.

من السيدة ليلى، ثم عيّن تواريخ ولادة أبنائها الثلاثة دون أن يسعفنا بالمصدر الذي اعتمد عليه في تثبيت هذه المعلومات.

على أننا لا نذهب إلى ما ذهب إليه الشيخ الكرباسي حيث أجمع المؤرخون على اتحاد عبد الله وأبي بكر كليهما في شخص واحد، بما يثبت أن لليلى من الأولاد من الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) ولدين فقط، وما الاختلاف الحاصل في إثبات الاسم الحقيقي للشخصية إلا نتيجة لاختلاف التمييز بين الاسم والكنية وسنعرض لاحقاً فيما يخص أبا بكر بن علي.

أولاً: أبو بكر بن علي

أبو بكر، اختلفوا في اسمه فمنهم من قال: إن كنيته (أبو بكر) اسمه، وقال آخر: اسمه عبيد الله ولم يلتفت إلى إن أخاه من أمه وأبيه اسمه عبيد الله، في حين قال آخر: إن اسمه محمد الأصغر ويكنى ب (أبي بكر) ولا نعلم سبب هذا الاختلاف في تعيين اسمه وربما تسمية الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) لولده نفس الاسم وتمييزه عن أخيه بالأكبر والأصغر ثم تكنيته ولّدت هذا الاختلاف.

ص: 75

لم يذكر المؤرخون وكتاب السيرة شيئاً عن حياته وأحواله وسيرته بل كان الشيء المميز في ذلك كله استشهاده مع أخيه الحسين (علیه السلام) في كربلاء سنة 61ﻫ ومع ذلك فقد أورد الطبري وابن الأثير كلاهما نصاً مفاده (...شك في قتله)(1) ولهذا الشك وجهان:

الوجه الأول: أن يكون حضر الواقعة ولم يقتل فيها.

الوجه الثاني: أن لا يكون حضرها أصلا ً حاله حال أخيه عبيد الله.

عموماً فقد نقل أصحاب المقاتل والسير (...ثم تقدم إخوة الحسين عليه السلام عازمين على أن يموتوا دونه، فأول من خرج منهم أبو بكر بن علي واسمه عبيد الله(2) ، وأمه ليلى بنت مسعود بن خالد بن ربعي التميمية فتقدم وهو يرتجز:

شيخي علي ذو الفخار الأطول *** من هاشم الصدق الكريم المفضل

ص: 76


1- الطبري، تاريخ، 4/358، ابن الأثير، الكامل، 4/92، أنظر أيضاً: ابن شهراشوب، مناقب آل أبي طالب، 3/259، المجلسي، بحار الأنوار، 45/63.
2- ونلاحظ هنا الخلط أيضاً حيث جعل المؤلف أبا بكر وعبيد الله كليهما شخصاً واحداً.

هذا حسين بن النبي المرسل *** عنه نحامي بالحسام المصقل

تفديه نفسي من أخ مبجل *** يا رب فمنحني ثواب المنزل

فلم يزل يقاتل حتى قتله زحر بن بدر النخعي وقيل: عبد الله بن عقبة الغنوي)(1).

أما المدائني فقد ذكر: (وجد في ساقية مقتولا ً لا يدري من قتله، وقيل: رجل من همدان)(2).

وهذا النص ذكره أبو الفرج الأصفهاني في مقاتله ولم يشر إلى شخص المدائني من هو(3)؟، ولهذا عقب الشيخ محمد مهدي شمس الدين على هذا الرأي بقوله (وهذا التعبير من الأصفهاني يدعونا أيضا

ص: 77


1- ابن شهراشوب، مناقب آل أبي طالب، 3/255، المجلسي، بحار الأنوار، 45/36، ابن أعثم، الفتوح، 5/112، العاملي، أعيان الشيعة، 2/302.
2- الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص91.
3- علي بن محمد المدائني، عامي المذهب،وله كتب كثيرة حسنة في التاريخ، وله كتاب مقتل الحسين(علیه السلام) وكتاب الخونة لأمير المؤمنين(علیه السلام)، أنظر: الطوسي، الفهرست، ص159.

إلى الشك في شهادته في كربلاء)(1) وعبارة وجد في ساقية مقتولا لا ندري هل كان ذلك في كربلاء أم في مكان آخر؟.

على أنني أوافق الشيخ نجاحاً الطائي في طرحه حيث يقول: ( أنا أميل إلى رواية المفيد فروايته عن مقتله في كربلاء صحيحة وتطابق الواقع)(2)، ثم يعقب الشيخ الطائي ويتخلص بعد بحثه حول شخصيته بقوله: (محمد الأصغر ابن الإمام علي، شاب قتل في كربلاء لم يكن عنده كنية- أي أبو بكر- كناه الأمويون أبا بكر ثم صحفوا أسمه أبا بكر بن علي كذباً وزوراً)(3)

يرتفع اليوم مزار مشهور جنوب مدينة الحلة على بعد 6كم من جهة النجف (جهة الذهاب) ويطلق عليه (البكر ابن الإمام علي) وقد نال شهرة واسعة حتى أصبح مقصدا ً للزائرين وتبذل على عمارته أموال بين الحين والآخر وله سدنة وقُوّام، يقول الشيخ حرز الدين: (هناك قبر في نواحي الحلة اشتهر بقبر بكر بن علي بن أبي

ص: 78


1- أنصار الحسين(علیه السلام)، ص135.
2- تحريف أسماء أبناء المعصومين، ص40.
3- المصدر السابق، ص44.

طالب(علیه السلام)، يقع على يسار الذاهب إلى قرية الكفل العراقية إلى مدينة الحلة على مقربة من الطريق العام بين الكوفة والحلة على بعد ستة كيلومترات من الحلة تقريباً، وعلى تلال مرتفعة ويعرف موضع قبره في محيطه انه يقع في خيط الإمام- التاجية- مقاطعة 17 قطعة 20)(1)، يستمر الشيخ حرز الدين قائلاً: (ويذكر السيد محمد القزويني أنه رأى في المنام رؤيا فيها تأنيب لخدامه لعدم اعتنائهم بالقبر وتعميره وذلك سنة 1323ﻫ ، فأرسل عليهم وقصّ رؤياه فانبروا لتعميره، ولما كشفوا التراب والحجارة عن القبر ظهر لهم محراب عليه صخرة فقلعوها لكي تقرأ ما عليها فإذا كتابتها كوفية تصرح بأن: (هذا قبر بكر بن علي ين أبي طالب الهاشمي مات سنة ستين للهجرة النبوية على مهاجرها الثناء) فقال السيد القزويني لقيم المرقد: احتفظ بهذه الصخرة ولا تجعلها في البناء لئلا تُسرق، وكلما جاء أحدٌ يطلعونه عليها، وهي من الرخام، يميل لونها إلى الصفرة، مربعة الشكل بحجم 18×18 سانتيمتراً)(2)

ص: 79


1- مراقد المعارف، 1/198.
2- المصدر السابق، 1/197.

وقد بنوا عليه قبة صغيرة ثم شيد المرقد في أواخر العهد العثماني في العراق، ثم وسع المرقد عام 1387ﻫ وشيد من جديد فبنوا عليه قبة اكبر من الطابوق ارتفاعها بحدود تسعة أمتار ومساحة حرمه يبلغ خمسة أمتار في خمسة أمتار وعلى قبره شباك من الخشب عليه بردة خضراء وكانت على قبره لوحة كتبت عليها (هذا قبر بكر بن علي بن أبي طالب، أمه ليلى بنت مسعود بن خالد التميمية)(1).

وينقل البراقي عن الحلي بعض الكرامات للمرقد فيقول ( إن على نهر التاجية في طريق الحلة على ذي الكفل على مسافة سبعة أميال عن الحلة قبراً عليه قبة صغيرة قديمة وله أرض زراعية وقف عليه بيد قوّامه، واتفق أن رجلاً حلّياً التزم هذه الأرض الوقف من حكومة الأتراك واغتصبها من قوّامه فأصيب بنكبة عظيمة، ثم صار كل من يلتزم هذه الأرض العائدة للقبر يُصاب بنكبة فتجنبها الناس وحكومة الأتراك)(2).

ص: 80


1- المصدر السابق، 1/198.
2- المصدر السابق.

يدعي القائمون عليه أنه مرقد محمد الأصغر (البكر) بن علي بن أبي طالب وروايتهم تقول: [هناك روايتان تدلان على مكان دفنه في هذا المكان تناقلتها كتب التاريخ وكذلك عامة الناس.

الرواية الأولى: مضمونها أنه حينما برز إلى ساحة المعركة جرح فهامت به الفرس إلى هذا المكان واستشهد ودفن فيه.

الرواية الثانية: والتي أكدها الشيخ الطبرسي(قدس سره) والشيخ الأردبيلي (قدس سره) أنّ هذا الموضع مكان الدفن وهو محل مضارب أخواله بني نهشل والذين قاموا بدفنه بهذا المكان بعد استشهاده في معركة الطف: (هذه أدلة تاريخية إضافة إلى أدلة أثرية وهي العثور على صخرة أثرية قديمة وجدت في مكان الدفن عندما قام قوام المرقد الشريف في هدمه وإعادة بناءه في عام 1902م الموافق 1323هجرية وهذه الصخرة بالخط الكوفي المنقط تصرح باسمه ونسبه وسنة وفاته كما جاء في كتاب مراقد المعارف للعلامة المؤرخ الشيخ محمد حرز الدين الجزء الأول ص 196. إضافة إلى أدلة أخرى منها الشياع بين عامة الناس بأن هذا القبر هو قبر بكر بن علي بن أبي طالب(علیه السلام) وكتب على الصخرة (هذا قبر بكر بن علي بن أبي طالب

ص: 81

الهاشمي كانت وفاته سنة ستين بعد هجرة النبي على مهاجرها السلام)](1).

غاية ما في ذكرناه آنفاً مراسيل لا يعتد بها ولا يعتمد عليها لأنها رواية شفوية تناقلها الأبناء عن الآباء ولا تثبت أمام التوثيق والتحقيق العلمي الرصين الذي يعتمد على الأمور الملموسة والواقعية، ونلاحظ في الرواية ما يلي:

•إن أخوال محمد الأصغر التميميين من سكان البصرة كما بينا، ولم يسكنوا هذه المنطقة، ولم يشر التاريخ من بعيد أو قريب إلى وجود أسرة تميمية في هذه المنطقة، والمنطقة يمكن أن نعدها من أطراف الكوفة قديماً ويمكن عدها في ضمن منطقة برس التاريخية أو كوثى ربا القديمة.

•هل كان الجواد حين فر به قاصداً مضارب التميميين إذا سلمنا بصحة وجود أسرة تميمية هناك، أم

ص: 82


1- نورد هذا النص المأخوذ من نشرة تعريفية بالمرقد أعدها القائمون على خدمته.

الأقدار جعلت الجواد يسير في هذا الطريق وصولاً إلى تلك المضارب؟.

•إن وجود صخرة مكتوب عليها الاسم لا يمكن التعويل عليها بصورة مطلقة بسبب:

أ-إنّها حديثة العهد كما هو ملحوظ، وليس عليها آثار للقدم، بل يمكن تمييز الاسم بصورة واضحة جداً، فلو كانت من عام 61ﻫ أو فيما بعد لكانت قد تآكلت خصوصاً وقد كانت مدفونة تحت التراب ولانطمست معالمها ولكن تبدو واضحة جداً للعِيان.

ب-أغلب الظن أن المرقد بما فيه الصخرة لسيد علوي اسمه اسم محمد واسم أبيه أبو طالب من أسرة السادة آل الهاشمي، وما يؤيد ذلك كون المرقد لم يعرف من قبل، بل كان ظهوره قبل قرنين أو ثلاثة، فلم تتحدث عنه كتب البلدان أو السيرة أو التاريخ ولكن المشكلة في التاريخ

ص: 83

حيث لا نعلم في سنة 61ﻫ وجود أسرة هاشمية في هذه المنطقة، والله ولي العلم.

أما الشيخ محمد صادق الكرباسي فيؤكد استشهاد أبي بكر بن علي في كربلاء مع أخيه الحسين، ويعقّب على وجود الصخرة التعريفية بقوله: وقد جاء في اللوحة التي كانت على القبر عدة أمور:

1-كُتب باسم(بكر).

2-لُقّب ب-( الهاشمي) وهو غير متعارف عليه.

3-ذكر أنه مات، والغالب أن يقال عنه (قُتل).

4-أنه مات عام ستين للهجرة.

ويتبين من هذا كله أنه ليس بأبي بكر بن علي بن أبي طالب(علیه السلام) ولعل احتمال التصحيف في كل هذا جار، أما الأول فيحتمل سقوط كلمة (أبو) من أوله لكثرة الاستعمال كما هو متعارف، وأما تلقيبه ب-(الهاشمي) فليس بخطأ وإن كان المتعارف لدى القول عنهم بنو هاشم وآل أبي طالب، وأما أنه استعمل كلمة(مات) فإنه يستخدم في المقتول والمتوفى بالموت الطبيعي، وأما كونه قد مات في سنة ستين للهجرة والذي لا يطابق حادثة الطف التي وقعت عام 61ﻫ فلعله من

ص: 84

الخلاف الواقع في سنة استشهاد الإمام الحسين(علیه السلام) بين 60 و61ﻫ ، والذي يعزى إلى سببه إلى كونهم حديثي العهد بالتاريخ بالسنة الهجرية.

ومع هذا فلا يمكن البت بأنه هو أبو بكر ابن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام).

وقد احتمل حرز الدين أنه كان مع الإمام الحسين(علیه السلام) وقاتل حتى جرح وهو على فرسه فأخذه فرسه فأخذه الفرس إلى هذا المكان، ولكنه ألقى الاحتمال بصورة الترديد والاستفهام حيث قال: (هل من الممكن أن ذهب به فرسه جريحاً من الميدان في طف كربلاء وسقط قتيلاً هنا وأُقبر في هذه البقعة).

وهذا الاحتمال غير وارد إطلاقاً حيث لم يذكره أرباب المقاتل، ولم يرد له ذكر بل أنهم أكدوا استشهاده في واقعة الطف، ولو كان لبان عند دفن الإمام زين العابدين(علیه السلام) بمعاونة بني أسد الجثث الطاهرة ولحدده الإمام السجاد(علیه السلام) كما حدد غيره.

ص: 85

ولعل المرقد لغيره من الصلحاء والأولياء فوقع خطأ في تاريخ الوفاة فأحدث هذا اللبس والله العالم)(1)

ثانياً: عبيد الله بن علي

عبيد الله بن علي، لم نعثر على نص يبين متى أو أين ولد؟، والظاهر أن ميلاده كان بالكوفة، إذا أخذنا بالقول إن الإمام أمير المؤمنين علياً تزوج ليلى النهشلية بعد واقعة الجمل في البصرة أي سنة 36ﻫ وحملها معه إلى الكوفة، على ذلك فان عمره يوم استشهاد والده الإمام أمير المؤمنين علي (علیه السلام) لا يتجاوز الأربع السنين إن احتملنا حمل أمه به بعد زواجها مباشرة بالإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام)، وقد يكون عمره أقل من ذلك إذا كان أخوه أبو بكر أكبر منه والله أعلم .

لم يسلط التاريخ أضواءه علي حياة عبيد الله بن علي إلا في أربعة مواقف وهي:

1.كلامه ليلة استشهاد أبيه أمير المؤمنين (علیه السلام).

2.وجوده أم عدمه في واقعة كربلاء.

ص: 86


1- دائرة المعارف الحسينية، الحسين وأهل بيته وأنصاره، 1/ 190.

3.موقفه مع المختار بن أبي عبيد الثقفي ومصعب بن الزبير

4.عند تعريف البلدانيين لكلمة (المذار).

وسنعرض للمواقف الأربعة تباعاً فيما يلي:

أولا ً: روى أبو الجارود ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: (جمع أمير المؤمنين عليه السلام بنيه وهم اثنا عشر ذكراً فقال لهم : إن الله أحب أن يجعل في سنة من يعقوب إذ جمع بنيه وهم أثنا عشر ذكرا فقال لهم : إني أوصي إلى يوسف ،فاسمعوا له ، وأطيعوا وأنا أوصي إلى الحسن والحسين((علیهما السلام)) ، فاسمعوا لهما وأطيعوا، فقال له عبد الله ابنه : أدون محمد بن علي ؟ يعني محمد ابن الحنفية فقال له : أجرأة علي في حياتي ؟ ! كأني بك قد وجدت مذبوحا في فسطاطك لا يُدْرَى من قتلك . فلما كان في زمان المختار أتاه فقال: لست هناك، فغضب فذهب إلى مصعب بن الزبير وهو بالبصرة فقال: (ولني قتال أهل

ص: 87

الكوفة) فكان على مقدمة مصعب ، فالتقوا بحروراء(1) فلما حجز الليل بينهم أصبحوا وقد وجدوه مذبوحا في فسطاطه ، لا يُدْرَى من قتله)(2)

سوف نبدأ مع هذا الحديث من راويه أبي الجارود زياد بن المنذر الهمداني الكوفي الأعمى وقد سمي سرحوباً باسم شيطان أعمى يسكن البحر(3) قال عنه الشيخ حسن صاحب المعالم: مذموم ولا شبهة في ذمه(4)، نعم كان من أصحاب الإمام الباقر ثم أصبح زيدي المذهب ولا ندري هل هذا الحديث الذي أورده الراوندي عن أبي الجارود كان في زمن صحبته للإمام الباقر(علیه السلام) وإتباعه طريقته ومنهجه أم بعد تحوله عن المذهب الحق وسيره في خط آخر واليه تنسب الجارودية قال: وأصحابنا يكرهون ما رواه محمد بن سنان عنه

ص: 88


1- قرية بظاهر الكوفة، وقيل موضع على ميلين منها، أنظر: الحموي، معجم البلدان، 2/245. والميل يساوي 1609متراً أي تبعد حروراء عن الكوفة حوالي 3218 متراً، وإذا أخذنا بصحة هذه الرواية فإن عبيد الله ليس قتيل الذي أشار إليه أغلب المؤرخين وأرباب السير لأن المذار بعيدة جداً عن الكوفة بينما حروراء تبعد حوالي 3.2 كم عن الكوفة.
2- الراوندي، الخرائج والجرائح، 1/184.
3- الطوسي، اختيار معرفة الرجال، 2/495.
4- التحرير الطاووسي، ص221.

ويعتمدون ما رواه محمد بن بكر الارجني(1) وتوجد رواية تدل على كذبه وكفره . إذن فأبو الجارود موضع تأمّل ولا يمكن القبول بحديثه عند الرجاليين من علمائنا الأعلام إلا ّ بوروده عن طريق محمد بن بكر الارجني فقد يكون هذا الحديث أصلا ً من مرويات أبي الجارود التي أراد بها طعن عبيد الله بن علي .

في النص ورد اسم عبيد الله على صيغة عبد الله ولعل التشابه بين الاسمين ولدّ هذا الاختلاف في التسمية، أما إذا قلنا إن عبد الله الذي تكّلم غير عبيد الله فلا يمكن ذلك لأن الإمام أمير المؤمنين علياً(علیه السلام) أولد أم البنين عبد الله أخا العباس بن علي وقد قتل مع الحسين(علیه السلام) في كربلاء كما نصت عليه جميع كتب المقاتل والسير، معنى ذلك إن أمير المؤمنين(علیه السلام) قصد عبيد الله، أما مقاطعة عبيد الله لأبيه- إن صح الحديث عن أبي الجارود- فنلحظ فيها :

1.ليس من الأدب أن يقاطع الابن أباه خصوصاً في ذلك الوضع المحزن، فالإمام(علیه السلام) يعاني آلام السم التي أخذت منه كل مأخذ بسبب ضربة المجرم عبد الرحمن بن ملجم على رأسه الشريف، وهو

ص: 89


1- الحلي، خلاصة الأقوال، ص348.

(علیه السلام) على وشك توديع عياله والتحاق بالآخرة حيث رضوان الله تعالى، فعياله كلهم مجتمعون وجلون مخيم عليهم الحزن والكآبة والأسى، بما فيهم أم عبيد الله ليلى بنت مسعود وأخوه أبو بكر.

2.عبارة (..أدون محمد بن علي ) تعني استفهام عبيد الله بن علي من أبيه عن وضع محمد ابن الحنفية بمعنى إن عبيد الله أراد أن يفهم هل الحسن والحسين يأتيان بعد محمد ابن الحنفية ؟ في الذي دفع عبيد الله لهذا السؤال ولعل الذي دفعه لهذا السؤال هو محبة الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) لابنه محمد فقد ظن عبيد الله أن الإمام(علیه السلام) لن يتحدث أبداً عن محمد ابن الحنفية لتقدمه عنده مما دفعه لتأكيد هذا الظن أو نفيه .

3.رد الإمام أمير المؤمنين علي (علیه السلام) كان شديداً مما يدل على امتعاضه (علیه السلام) البالغ من كلام عبيد الله وترى ذلك في عبارة (أجرأة عليّ في حياتي ) فقد عدّ الإمام أمير المؤمنين علي (علیه السلام) مداخلة عبيد الله واستفساره عن تقدم محمد على الحسنين (علیه السلام) ضربا من الجرأة لذا اخبر الإمام عن مغيب حدث فعلا فقد آل أمر عبيد الله

ص: 90

إلى أن يقتل تلك القتلة الغامضة وقد سدل التاريخ على حياته بقوله ولا يدري من قتل!.

ويبقى ما ذكرناه رهيناً بمعرفة متى ولد عبيد الله؟ فإذا صَحَّتْ رواية زواج الإمام أمير المؤمنين علي(علیه السلام) من ليلى بنت مسعود بعد واقعة الجمل سنة 36ﻫ فقد تكون الرواية برمتها موضعا للشك فمن المستبعد أن يكون عبيد الله الذي لم يبلغ الخامسة من عمره أن يتحدث بهذه الكلمة في جو مشحون بالحزن إضافة للصمت الذي أطبق على الجالسين كي يسمعوا من الإمام آخر كلمات يقولها (علیه السلام) قبل رحيله عن الدنيا .

وقد ساند رأينا الباحثُ الدكتور نعمة ساهي الموسوي حيث يقول في أبي الجارود: (صاحب الأخبار الغيبية عن الإمام علي(علیه السلام) بمصير ولده عبيد الله والتي يظهر فيها الحرص على ظهور عبيد الله منذ البداية مخالفاً ومعارضاً لخط الإمام علي(علیه السلام)، وعدم احترامه لوصية أبيه وإمامه)(1)، ويرى الموسوي إن هذه الرواية (التي أوردناها) (مجانبة للصواب ويستبعد حدوثها فعلاً، بدلالة تفرد رواية

ص: 91


1- الشيعة في البصرة، ص128

أبي الجارود بهذا الخبر، والأخذ بنظر الاعتبار كون هذه الشخصية من رؤوس الزبيرية الأمر الذي يعزز قناعة الباحث بوضع هذه الرواية تلفيقاً وكذباً انسجاماً مع ميول الراوي)(1)، كما يؤيد الدكتور الموسوي ما تبنيناه من عمر عبيد الله حين استشهاد أبيه فيقول: (إن عمر عبيد الله بن علي عند وفاة والده لم يتجاوز الأربع سنوات، فزواج الإمام علي(علیه السلام) تم بعد معركة الجمل عام 36ﻫ ووفاته عام 40ﻫ ليكون عمر عبيد الله بن علي الصغير مانعاً له دون الحديث والتدخل السافر في قطع وصية الإمام علي(علیه السلام) والاعتراض عليها وكل ذلك في ظل التربية الخاصة لأهل هذا البيت في تفردهم بالاحترام والخلق والأدب العالي)(2)، أما الشيخ الكرباسي فينفي تماماً فكرة اعتراض عبيد الله كلام أبيه ويقول: (إذا كان عبيد الله بهذا المستوى من الاعتراض على أبيه وأنه لم يكن من أولياء الله فكيف يكون مرقده مهوى المؤمنين ومصدراً للكرامات التي ملأت خافقي المنطقة كما تذكر بعض المصادر حيث تقول: (إن مما يلفت النظر إلى قبره كان

ص: 92


1- المصدر السابق.
2- المصدر السابق.

ولا يزال تظهر عنده كرامات كبعض قبور الأولياء.. وقبره يقع بين قبائل النوافل والبدغنام ونخش محفوظاً بينهم للكرامات التي تظهر عنده فلا يجسر أحد منهم على مدّ يده إلى لقبره من وقوفات وأموال ونذورات)(1).

وإننا إذ نؤيد الشيخ الكرباسي في عدم التعويل على حديث أبي الجاورد، إلا إنه لا يمكن الاستدلال بكرامات القبر على ضرورة كون المدفون فيه من الأولياء، فاعتقاد العامة ربما يكون حتى في شخص من عُرض الناس وعامتهم يوجب لديهم الاهتمام بقبره وسرد كرامات له لا عدد لها منها ما هو صحيح ومنها ما هو من الخيال وما تنسجه كلمات الأفواه.

عموماً فقد انفرد حديث أبي الجارود في ذكر مصير عبيد الله كونه وجد مقتولاً في فسطاطه.

ثانياً: اختلف المؤرخون في إثبات وجود عبيد الله في كربلاء مع أخيه الحسين أو عدم وجوده فقد أورد الشهيد الأول(قدس سره) في مزاره:

ص: 93


1- دائرة المعارف الحسينية، معجم أنصار الحسين، الهاشميون، 2/257.

(السلام على عبيد الله ابن أمير المؤمنين)(1) فعدّه في جملة الشهداء يوم طف كربلاء ووافقه الشيخ المفيد(قدس سره) حيث ذكر: (محمد الأصغر المكنى بأبي بكر وعبيد الله الشهيدين مع أخيهما الحسين بالطف وأمهما ليلى بنت مسعود الدرامية)(2) بالرغم من إن المؤرخين متفقون على عدم استشهاد عبيد الله في واقعة كربلاء بل بقي حتى عام 67ﻫ وذهب ضحية المواجهة الدامية بين المختار الثقفي ومصعب بن الزبير .

ولا نعلم هل قدم عبيد الله كربلاء ثم بقي في جملة الباقين وان كنت استبعد بقاء احد من رجال الأسرة العلوية عدا الإمام زين العابدين (علیه السلام) والحسن المثنى ابن الإمام الحسن(علیه السلام) ؟ والأرجح عندنا أن عبيد الله بقي في المدينة ولم يلتحق بالركب الحسيني بغض النظر عن موقفه من الإمام الحسين(علیه السلام) سواء أكان محبا له مطيعا ً لأمره أو غير ذلك، وقد خلط الخوارزمي في مقتله بين عبيد الله وعمر الأطرف ابن الإمام علي(علیه السلام) حيث يقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين في

ص: 94


1- ص149.
2- الإرشاد، 1/355.

ترجمة عمر بن علي بن أبي طالب:(ذكره الخوارزمي في عداد من برز وقاتل ويظهر منه أن أمه ليلى بنت مسعود فيكون أخا أبي بكر بن علي الذي تقدم لأبيه وأمه)(1)، وعمر ليس شقيقاً لأبي بكر لأمه فعمر ابن الصهباء التغلبية التي تزوجها الإمام أمير المؤمنين علي وهي من سبي عين التمر أسرها خالد بن الوليد وجاء بها مع قومها.

ولكن الشيخ محمد صادق الكرباسي يقول: (يبدو أنه-أي عبيد الله- حضر معركة الطف مع أمه وجرح ولكنه سلم وبقي على قيد الحياة وانخرط في صفوف بثأر أخيه الحسين (علیه السلام) من بني أمية)(2) وهذا رأي شخصي للشيخ الكرباسي فالذي حضر كربلاء هو عبد الله بن علي شقيق العباس(علیه السلام) لأمه وأبيه، كما ان التاريخ لم يذكر لنا حضور ليلى بنت مسعود كربلاء ولم يحدثنا بجرح عبيد الله في كربلاء، ولا ندري كيف انخرط عبيد الله في صفوف الثائرين على حكم الأمويين والطالبين بثأر الحسين(علیه السلام)؟!.

ثالثا ً: موقفه من المختار ومصعب بن الزبير

ص: 95


1- أنصار الحسين، ص136.
2- دائرة المعارف الحسينية، معجم أنصار الحسين، الهاشميون، 2/259.

لعل هذا الموقف من أهم ما سلطه التاريخ على حياة عبيد الله بن علي فقد أورد المؤرخون هذه الحادثة إيجازا ً وإسهابا ً وكانت النتيجة المترتبة على موقف عبيد الله أن تكون حياته ثمناً لذلك الموقف ولم يكشف لنا فيما بعد عن الجهة المستفيدة من تصفية عبيد الله وان كان البعض يشير إلى ذلك إجمالا ً كقول أبي الفرج الأصفهاني بعد أن نفى مقتله مع الحسين(علیه السلام) في كربلاء:( قتله أصحاب المختار بن أبي عبيد ...)(1) ينقل محمد بن سعد في طبقاته خبر عبيد الله بن علي كما يلي: (وكان عبيد الله بن علي قدم من الحجاز على المختار بالكوفة وسأله فلم يعطه وقال: أقدمت بكتاب من المهدي(2)؟ قال: لا، فحبسه أياما ثم خلى سبيله وقال: اخرج عنا. فخرج إلى مصعب بن الزبير بالبصرة هاربا من المختار فنزل على خاله نعيم بن مسعود التميمي ثم النهشلي وأمر له مصعب بمائة ألف درهم، ثم أمر مصعب بن الزبير الناس بالتهيؤ لعدوهم ووقت للمسير وقتاً، ثم عسكر ثم انقلع من معسكره ذلك واستخلف على عبيد الله بن علي بن

ص: 96


1- مقاتل الطالبيين، ص57.
2- المراد ب-(المهدي) محمد ابن الحنفية.

أبي طالب في أخواله وسار خاله نعيم بن مسعود مع مصعب. فلما فصل مصعب من البصرة جاءت بنو سعد بن زيد مناة بن تميم إلى عبيد الله بن علي فقالوا: نحن أيضا أخوالك ولنا فيك نصيب فتحول إلينا فإنا نحب كرامتك. قال: نعم. فتحول إليهم فأنزلوه وسطهم وبايعوا له بالخلافة وهو كاره يقول: يا قوم لا تعجلوا ولا تفعلوا هذا الأمر. فأبوا فبلغ ذلك مصعباً فكتب إلى [عبيد الله] بن عمر بن عبيد الله بن معمر(1) بعجزه ويخبره غفلته عن عبيد الله بن علي وعما أحدثوا من البيعة له، ثم دعا مصعب خاله نعيم بن مسعود فقال: لقد كنت مكرماً لك محسناً فيما بين وبينك فما حملك على ما فعلت في ابن أختك وتخلفه بالبصرة يؤلب الناس ويخدعهم؟ فحلف بالله ما فعل وما علم من قصته هذه بحرف واحد. فقبل منه مصعب وصدقه، وقال مصعب: قد كتبت إلى عبيد الله ألومه في غفلته عن هذا. فقال نعيم بن مسعود: فلا يهيجه أحد أنا أكفيك أمره وأقدم به عليك. فسار نعيم حتى أتى البصرة فاجتمعت بنو حنظلة وبنو عمرو بن تميم فسار بهم حتى أتى بني سعد فقال: والله ما كان لكم في هذا الأمر الذي صنعتم خير وما

ص: 97


1- هو عمرو بن عبيد الله التيمي الذي تقدمت ترجمته.

أردتم إلا هلاك تميم كلها فادفعوا إلي بن أختي. فتلاوموا ساعة ثم دفعوه إليه فخرج حتى قدم به على مصعب فقال: يا أخي ما حملك على الذي صنعت؟ فحلف عبيد الله بالله ما أراد ذلك ولا كان له به علم حتى فعلوه، ولقد كرهت ذلك وأبيته. فصدقه مصعب وقبل منه. وأمر مصعب بن الزبير صاحب مقدمته عباداً الحبطي(1) أن يسير إلى جمع المختار فسار فتقدم وتقدم معه عبيد الله بن علي بن أبي طالب فنزلوا المذار، وتقدم جيش المختار فنزلوا بإزائهم فبيتهم أصحاب مصعب بن الزبير فقتلوا ذلك الجيش فلم يفلت منهم إلا الشريد. وقتل عبيد الله بن علي بن أبي طالب تلك الليلة)(2).

وقد اكتفينا بهذا النص الذي أورده ابن سعد لأنه يرتكز في طرحه على تحركات عبيد الله فيما كانت كتب التاريخ ترد خبر المواجهة مصعب بن الزبير العسكرية الدامية مع المختار بن أبي عبيد الثقفي بصورة مسهبة ولا يرد فيها ذكر عبيد الله بن علي إلا

ص: 98


1- عباد بن الحصين بن يزيد بن عمرو الحبطي التميمي، أبو جهضم،فارس تميم في عصره، ولي شرطة البصرة أيام مصعب بن الزبير، وكان مع مصعب أيام قتل المختار رحل إلى كابل فقتله العدو هناك، أنظر: الزركلي، الأعلام، 3/257.
2- 5/118.

ضمنا ً. المتتبع للنص أعلاه يلاحظ بين ثناياه أسئلة نحاول الإجابة عندها بصورة سريعة وهي :

1.ما السبب الذي جعل عبيد الله يترك الحجاز ويقدم على المختار في الكوفة ؟ ولماذا الكوفة بالذات دون غيرها ؟

2.ما الذي سأله عبيد الله من المختار ولم يعطه إياه؟

3.من يقصد المختار بقوله (المهدي) ؟ هل هو محمد ابن الحنفية أم علي ابن الحسين ؟

4.لماذا حبس المختار عبيد الله ثم أطلقه

5.ما الذي دفع بعبيد الله كي يلتحق بمصعب بن الزبير

6.لماذا تخلف عبيد الله ولم يلتحق بجيش مصعب ؟

7.ما هو دور نعيم بن مسعود في البصرة ؟

8.هل تقدم عبيد الله مع الجيش مصعب رغبة أم رهبة ؟

9.كيف قتل عبيد الله ؟

قبل أن نجيب عن السؤال الأول يجب معرفة كون المختار بن أبي عبيد الثقفي قد ظهر بالكوفة ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأخر سنة 66ﻫ ، وقتل على يد مصعب بن الزبير

ص: 99

بالكوفة أيضا في سنة 67ﻫ ،أو بداية سنة 68ﻫ ، ومعنى ذلك إن عبيد الله وفد على المختار خلال هذه الفترة، وهذه الفترة كانت كثيرة الاضطرابات في البلاد الإسلامية فقد سيطر عبد الله بن الزبير على الحجاز وصفى له ملكه وقد محمد ابن الحنفية في مكان ما مع جمع من الهاشميين ولما تبادرت أنباء الحبس إلى المختار جهز جيشا وبعثه ليستنقذ ابن الحنفية من الحبس.

أخال أن السبب الذي جعل عبيد الله يترك الحجاز ويقدم الكوفة هو توارد أخبار ظهور التوابين، وازدياد قوة نفوذ الشيعة في الكوفة حفّز عبيد الله ليفكر بصورة جدية في القدوم على المختار، فالمختار ينادي بثأر الحسين وآل بيته مما جعل عبيد الله يتوقع أن يكون شخصاً مهماً وان يغدق عليه المختار بالعطاء باعتباره ممثل العلويين الوحيد في الكوفة التي بعثت بكتبها ورسلها إلى الحسين قبل عهد غير بعيد وهاهو اليوم عبيد الله اخو الحسين (علیه السلام) وابن أبيه بين ظهرانيهم فماذا سيقدمون له، وربما كان يفكر عبيد الله أن يكون الرجل المؤهل لقيادة الكوفيين في تسلم الخلافة التي كانت متمثلة بوالده الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام) في يوم من الأيام، وهناك سبب يتبادر إلى الذهن وهو ربما

ص: 100

كان عبيد الله مطارداً من قبل سلطة عبد الله بن الزبير مطلوباً عندها، ففر من الحجاز خوفاً من أن يسجن كما سجن أخوه محمد ابن الحنفية من قبل ولم يحدد التاريخ عن نوع العلاقة القائمة بين عبيد الله بن علي وأخويه محمد ابن الحنفية وعمر الأطرف خصوصاً بعد استشهاد أخيهم الإمام الحسين بن علي (علیه السلام). أما بشان السؤال الثاني فلم يسلط التاريخ على ما سأله عبيد الله من المختار الثقفي فهل طلب مالا ً مثلا ً؟ هل طلب رئاسة وسيادة ؟ ولا نعلم أيضا لماذا رفض المختار إعطاء عبيد الله شيئاًً في حين تذكر الروايات إن المختار كان يبعث بالمال والصلات لمحمد ابن الحنفية والإمام علي بن الحسين (علیه السلام) هل تبادر إلى مسامع المختار موقفاً سيئاً لعبيد الله فسجله ضده، ولعل السؤال الثالث يدعم مثل هذه الفكرة حيث سأله المختار أقدمت بكتاب من المهدي، والمقصود بالمهدي هو محمد ابن الحنفية حيث كان المختار يرى انه الإمام بعد أخيه الحسين المفترض الطاعة وإنما لقب بالمهدي لأنه سوف يغيب ويظهر آخر الزمان فيهدي الناس وهو رأي الفرقة الكيسانية التي اندثرت ولم يعد لها مؤيدين ولسنا هنا بصدد التعرض لهذه القضية بالتفصيل . ولو كان عبيد الله مبعوثاً من أخيه

ص: 101

محمد لكان المختار قد استقبله بوجه غير الوجه الذي رأيناه فيه، ولكان انزله منزلاً كريماً، والغريب في الأمر أن المختار قام بسجنه مما يدل على ارتيابه بشان قدوم عبيد الله ثم ما لبث أن أطلقه وأخرجه من الكوفة فما الذي حدا بالمختار أن يقوم بما قام ؟ لعله خاف من التفاف الكوفيين حول عبيد الله وتركهم إياه، والله أعلم بما تنطوي عليه السرائر.

أما السؤال الخامس ففي جوابه تكملة طبيعية نتوقعها من عبيد الله فبعد أن يئس من المختار ورفده توجه نحو البصرة وذلك للأسباب التالية :

1.تعد البصرة الحاضرة العلمية الاجتماعية المرموقة التي تقف نداً للكوفة في الرأي والموقف وكلاهما يمثلان وجه العراق الحقيقي حينها.

2.وجود أخواله وأهل أمه ليلى وهم التميميون الذين يشكلون نسبة عالية من التركيبة السكانية في البصرة، حيث مصدر القوة والكثرة والعدد، والظاهر أنَّ نعيم بن مسعود خال عبيد الله كان مطاعاً في قومه كبيراً في البصرة متصلاً بمصعب بن الزبير لذا فقد

ص: 102

استغل مصعب الموقف فوصل عبيد الله بصلة مالية كبيرة تضمن ولاءه فيكون موقفه على عكس موقف المختار وقد انفرد الجاحظ بنقل نص عن الأحنف بن قيس حيث ورد فيه (قال الأحنف بن قيس: لما قدم عبيد الله بن علي بن أبي طالب وهو قتيل المختار بن أبي عبيد في أيام فتنة ابن مخربة العبدي(1)، ما هذا الذي انتم فيه ؟ قالوا : قدم عبيد الله بن علي يدعو الناس قال :إن كان لابد فجنبوها حسنا ً وأبا حسن فانا لم نجد عندهم علما بالحرب ولا ايالة(2) للمال )(3).

تستوقفنا عبارة (..قدم عبيد الله بن علي يدعو الناس ) في خبر الأحنف فهل كان عبيد الله يدعو الناس إلى نفسه أم إلى مصعب بن الزبير ؟ وإذا كان يدعو لنفسه فكيف يطمئن إليه مصعب

ص: 103


1- المقصود به المثنى بن مخربة العبدي، ثائر من أشراف البصرة وشجعانها، كان من رجال علي بن أبي طالب، ثم تجهز المثنى وخرج مع التوابين للأخذ بثأر الحسين، ولما فشلت حركة التوابين، عاد إلى البصرة، ثم التحق بالمختار سنة 66ﻫ عندما ثار طالباً بدم الحسين في الكوفة، اختفت أخباره بعد مقتل المختار، أنظر: الزركلي، الأعلام، 5/276.
2- الايالة: السياسة، ابن منظور، لسان العرب، 11/34.
3- الحديث نفسه ورد عن الأحنف عندما جاءه رسول الحسين، أنظر: ابن قتبية، غريب الحديث، 2/217، أما هذا الحديث الذي أوردناه في المتن فقد انفرد الجاحظ بإيراده، أنظر: العثمانية، ص96.

ويغدق عليه ويتركه في البصرة بين عشيرة أمه ويمضي لملاقاة المختار ؟ والظاهر أنّ الذي خاف منه مصعبٌ قد تحقق، فقد انثال بنو سعد التميميون يبايعون عبيد الله أميراً عليهم مما حدا بمصعب أن يلتقي نعيماً ليعرب له عن قلقه إزاء موقف ابن أخته .أما عن التحاق عبيد الله بمقدمة جيش مصعب فلا ندري لماذا تقدم عبيد الله مع طلائع الجيش هل أراد أن يبين صدق إخلاصه لمصعب ؟ أم أراد أن يظهر للعدو والمتمثل بالمختار انه غير مكترث بما أبداه له من تجاهل وجفاء حينما ورد عليه في الكوفة . ولعل أهم نقطة يجب التوقف عندها هي من قتل عبيد الله ؟ لنستطلع معا المصادر التاريخية ونجد ماذا سجلت حول حادثة مقتل عبيد الله؟.

1.(فخرج نفر من أهل الكوفة فقدموا البصرة يستغيثون بهم ويستنصروهم على المختار(1)، فخرج أهل البصرة مع مصعب

ص: 104


1- وما يؤيد هذه الرواية: هرب موسى بن طلحة بن عبيد الله من المختار إلى البصرة مع وجوه من أهل الكوفة، أنظر: المروزي، كتاب الفتن، ص88. معنى ذلك أن هناك الكثير من الشخصيات التي خافت توعد المختار لقتلة الحسين(علیه السلام) فهربت من الكوفة وان لم تكن قد اشتركت بالخروج مع معسكر الأمويين في كربلاء، وربما أيدت قتل الحسين(علیه السلام) باللسان لا باليد فخافت عقوبة المختار الذي آلى على نفسه أن لا يدع قاتلاً للحسين أو من ذهب لحربه إلا و 2.اقتص منه جزاءً على جريمته.

فقاتلوه بالكوفة، فقتل المختار عبيد الله بن علي وهو لا يعرف في عسكر مصعب، وقتل معه محمد بن الأشعث بن قيس)(1).

3.(وكان عبيد الله بن علي بن أبي طالب مع مصعب بن الزبير فجعل مصعب يقول :يا أيها الناس المختار كذاب، وإنما يغرنكم بأنه يطلب بدم آل محمد، وهذا ولي الثأر يعني عبيد الله بن علي يزعم انه مبطل فيما يقول)(2).

4.(فلما أصبح المصعب، اقبل يسير بمن معه من أهل البصرة، ومن خرج إليه من أهل الكوفة، فاخذ بهم نحو السبخة فمر بالمهلب، فقال له المهلب: يا له فتحاً ما أهنأه! لو لم يكن محمد بن الأشعث قتل، قال مصعب: صدقت فرحم الله محمداً(3) ، ثم سار غير بعيد ثم قال (مصعب): يا مهلب قال : لبيك أيها الأمير قال: هل علمت

ص: 105


1- ابن قتيبة، المعارف، ص401.
2- اليعقوبي، تاريخ، 2/263.
3- وإنما ترحّم مصعب على محمد بن الأشعث لأن محمداً أبن أم فروة أخت أبي بكر ومحمد أمه أسماء بنت أبي بكر، فمحمد أبن عمة أسماء أم (مصعب بن الزبير)، فلاحظ.

إن عبيد الله بن علي بن أبي طالب قد قتُل، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون قال المصعب: أما انه كان ممن أحب أن يرى هذا الفتح ثم لا نجعل لا نفسنا أحق بشيء مما نحن فيه أتدري من قتله قال : لا قال : إنما قتله من يزعم انه لأبيه شيعة أما أنهم قتلوه وهم يعرفونه)(1).

5.(وحمل مالك بن عمر النهدي في الرجالة عند المساء، على ابن الأشعث حملة منكرة، فقتل ابن الأشعث وعامة أصحابه وقتل عبيد الله بن علي بن أبي طالب...).(2)

من النصوص الأربعة المتقدمة نستنتج ما يلي:

1-فيما تقدم لم نلحظ كون عبيد الله كان في خيمته وقُتل فيها، نعم لم يُعرف قاتله وكلا الجانبين (جيش المختار) و(جيش مصعب) يتبرءان من قتله حتى قُيّدت هذه الحادثة ضد مجهول، أما أبن اعثم الكوفي فقد أوضح في فتوحه قائلاً: (ولحق رجل منهم من أهل الكوفة عبيد الله بن علي بن أبي

ص: 106


1- الطبري، تاريخ، 4/567.
2- ابن خلدون، تاريخ، 3/30، وقد أورد ابن الأثير اسمه مالك بن عبد الله وليس مالك بن عمر، أنظر:الكامل في التاريخ، 4/270.

طالب وهو لم يعرفه فضربه من وراءه ضربة على عاتقه جدله صريعاً)(1)، وبذا فإن الأقرب للواقع أنَّ عُبيد الله قتل في ساحة الحرب على حين غرّة، والرجل الذي قتله من أهل الكوفة، نستنتج من ذلك: إن القاتل إما أن يكون من الذين التحقوا بجيش مصعب من الكوفة، الذين اشتركوا بقتل الحسين(علیه السلام) وهربوا إلى البصرة فآواهم مصعب وضمهم على جيشه، أو يكون القاتل من جيش المختار القادم من الكوفة، وليس من الضروري أن يكون ذلك بأمر المختار، فقد يكون لهذا القاتل دافع شخصي لقتل عبيد الله، مستغلاً وجوده في جيش المختار، ذلك الجيش الذي ينادي بثارات الحسين، وقد يكون دسيسة من مصعب، وضعه في جيش المختار ليقتل عبيد الله وبذا يضرب مصعب عصفورين بحجر واحد، يتخلص من عبيد الله -كما سنبين ذلك لاحقاً في الفقرة(5)- ويشيع بين الجيشين فكرة مفادها إن شيعة أبيه هم الذين قتلوه.

ص: 107


1- الفتوح، 6/288.

2- إن الذين اشتركوا في حرب الحسين، قد تتبعهم المختار، وقتل ثلة كبيرة منهم، منهم من هرب إلى البصرة، حيث وجد في مصعب ملاذا ً آمناً، يستقر عنده وسوف يلتحق بجيش مصعب الذي سيقصد الكوفة لإسقاط إمارة المختار لاحقاً، وفي ذلك نجد مدى فعالية جهاز الاستخبارات عند المختار، حيث طارد قتلة الحسين (علیه السلام) مطاردة عنيفة، فلم يسلم منهم أحد، خصوصاً الرموز الذين كان لهم الدور الفاعل في قيادة العمليات الحربية في كربلاء .

3- من النتائج التي ترتبت على اصطدام جيش المختار مع جيش مصعب القادم من البصرة، مقتل محمد بن الأشعث وهو شخصية معروفة على مستوى الكوفة، فقد أعان على قتل مسلم بن عقيل، ثم التحق بالجيش الأموي المتوجه إلى كربلاء، وهناك شارك في سلب الحسين وهذا يدل على إن أكثر رجال جيش مصعب كانوا ممن اشترك بالحرب في كربلاء ضد الحسين(علیه السلام)، فلما أحسوا ببطش المختار آثروا

ص: 108

اللجوء إلى البصرة، والالتحاق بجيش مصعب، كما بينا ذلك سابقاً.

4- استغلال مصعب وجود عبيد الله إلى جانبه في الدعاية، حيث أشاع أمراً وهو: إن عبيد الله هو أخو المقتول في كربلاء، وهو أولى بطلب دمه، وإدراك ثأره، ووجوده مع مصعب دلالة على أن الجيش المقابل (جيش المختار) هو المعادي للحسين(علیه السلام)، وهنا فمصعب يغالط نفسه ويحاول خلط الأوراق، فإذا كان جيشه يتكون من قادة الحرب في كربلاء فكيف يكون طالبا لثأر الحسين ؟!.

5- في النص الثالث ومن خلال محاورة مصعب مع المهلب نلاحظ عبارة مصعب (...إنما قتله من يزعم انه لأبيه شيعة أما أنهم قتلوه وهم يعرفونه).

رابعاً: أما كلمة المذار وفيها أشارة إلى قبره فأول من أشار إلى ذلك ياقوت الحموي (ت656ﻫ ) في معجم البلدان، حيث قال: (المذار: بالفتح، وآخره راء، في ميسان بين واسط والبصرة وهي قصبة ميسان، بينها وبين البصرة مقدار أربعة أيام، وبها

ص: 109

مشهد عامر كبير جليل عظيم، قد انفق على عمارته الأموال الجليلة، وعليه الوقوف وتساق إليه النذور، وهو قبر عبيد الله بن علي بن أبي طالب، وأهلها كلهم شيعة ...)(1).

كان ياقوت حياً قبل 626ﻫ ، ومن هذا يستدل على قدم المرقد الذي أشار إليه، فهو علم بارز، تزوره الناس وتنذر له النذور، من ذلك الوقت وقد شاطره الرأي ابن عبد الحي البغدادي في مراصد الإطلاع(2)، ثم تبعه في ذكر المذار السيد ابن عنبة الحسني المتوفى سنة 828ﻫ ، حيث ذكر تحت عنوان مصحف بخط علي عليه السلام احترق قائلاً: (وقد رأيت أنا مصحفاً بالمذار في مشهد عبيد الله بن علي بخط أمير المؤمنين عليه السلام في مجلد واحد وفي آخره بعد تمام كتابة القرآن المجيد: بسم الله الرحمن الرحيم كتبه على بن أبي طالب). لكن الواو تشبه بالياء في ذلك الخط كما حكياه لي عن المصحف بالمشهد

ص: 110


1- معجم البلدان، 5/88.
2- 3 / 1247.

الغروي، واتصل بي بعد ذلك أن مشهد عبيد الله احترق واحترق المصحف الذي فيه)(1) .

أما السيد عبد الرزاق كمونة فيقول : (ما زال مشهد عبيد الله بن علي قائماً في هذه البقعة وهو يزار، وبالقرب منه تلول يقال لها البجه(2) ترقى آثارها إلى العصرين الساساني والإسلامي ونظن أنها مدينة المذار القديمة)(3).

في حين ذكر الشيخ محمد حرز الدين محدداً المرقد بقوله: (واليوم مرقده يقع على أحد فرعي نهر دجلة بين العزيزية وقلعة صالح ضمن لواء العمارة أحد ألوية العراق الجنوبية، وهو عامر مشيّد عليه قبّة عالية وحرمه قديم البناء)(4).

ص: 111


1- عمدة الطالب، ص21.
2- يقول الباحث نعيم ياسر الياسري :(...وأراضي الأهوار منبسطة سلسة سهلة، ليس فيها إلا تلال من مواقع مدن أثرية قديمة هنا وهناك، كآثار البجة في الجنوب الشرقي من قلعة صالح، والتي كانت عاصمة الدولة الميسانية، والتي حكمها ثلاثة وعشرون ملكاً، امتدت من البصرة إلى الكوت، وبالقرب منها مزار الإمام عبد الله بن علي بن أبي طالب) مقالة، بعنوان (ميسان عاصمة الأهوار الشرقية)، مقالة منشورة على شبكة الانترنت: www.al-murakeb-aliraqi.com.
3- كمونة، مشاهد العترة الطاهرة، ص236.
4- مراقد المعارف،2/48.

وقد ذكر العمري في ترجمة عبيد الله قوله: (أبو علي عبيد الله ابن النهشلية، وكان مع أخواله بني تميم بالبصرة حتى حضر وقائع المختار، فأصابته جراح وهو مع مصعب، فمات وقبره بالمزار من سواد الكوفة يُزار إلى الآن)(1).

والظاهر أن كلمة المذار حرّفت إلى (المزار)، وهو من فعل النسّاخ وجُعلت من سواد الكوفة، وليست هي من سواد الكوفة، بل كما عيّنها الحموي في ميسان بين واسط والبصرة.

وسار على نهج العمري النسابة الأعرجي في مناهل الضرب فقال: (عبيد الله أمه ليلى، أحد رجالات بني تميم وكان مع مصعب بن الزبير فقتله المختار بن أبي عبيد الثقفي في المصاف، ولا بقية له وأبو بكر قُتل مع أخيه الحسين (علیه السلام))(2)، ولا ندري كيف أثبت السيد الأعرجي كون عبيد الله قُتل بسيف المختار؟، وقد صرحت المصادر كونه مجهول القاتل، أو قُتل بسيف مصعب بن الزبير خوفاً من التحاقه بمعسكر المختار.

ص: 112


1- المجدي في أنساب الطالبيين، ص17.
2- ص86.

كما نجهل أين المصاف التي أشار إليها الأعرجي؟، وقد تكون المذار فصُحفت إلى المصاف، أو كان يقصد بالمصاف، جمع المصف، وهو موقف الحرب(1)، أي قتل عند اصطفاف الجيش استعداداً للحرب والله أعلم. ما قدمناه حول شخصية عبيد الله بن علي نجد من يقول: (لم يقتل عبيد الله بن علي يوم المذار بل قتل في كربلاء بيد الأمويين)، فإذا قتل بيد الأمويين بكربلاء فمن صاحب القبر بالمذار؟، وإلى من يشير من كتب فيما قدمنا من كلام؟ فلاحظ.

يقول الكرباسي: (ومن المفروض أن عبيد الله بن علي(علیه السلام) قد تزوج في حدود عام 55ﻫ ، إلا أنه لا عقب له)(2)، وقد اعتمد الكرباسي في قوله هذا على أبن قتيبة في معارفه، حيث يقول: أم عبيد الله فقد قتله المختار ولا عقب له. ولا ندري كيف افترض ابن قتيبة أن تكون سنة زواجه 55ﻫ ؟، وليس هناك

ص: 113


1- ابن منظور، لسان العرب، 9/194.
2- دائرة المعارف الحسينية، معجم أنصار الحسين، الهاشميون، 2/266.

مصدر واضح يمكن اعتماد فيما أشار إليه ابن قتيبة وأيده الشيخ الكرباسي.

أما بالنسبة لذرية ليلى من عبد الله بن جعفر فقد ذكر سبطُ ابن الجوزي في تعداد ذرية عبد الله بن جعفر ونسائه:(..وصالح ويحيى لا بقية لهما وهارون وموسى لا بقية لهما أيضا وجعفر وأم أبيها وأم محمد وأمهم ليلى بنت مسعود..)(1).

أما ابن قتيبة فقال في المعارف: (وصالحاً وموسى وهارون ويحيى وأم أبيها أمهم ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي خلف عليها بعد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ..)(2) وهو ما نص عليه البلاذري في انساب الأشراف(3) والظاهر من النصوص أعلاه أن الذكور من ذرية ليلى لم يعقبوا جميعهم، سواء أكانوا من الإمام أمير المؤمنين علي (علیه السلام) أو من عبد الله بن جعفر بن أبي طالب . يبقى

ص: 114


1- العاصمي المكي، سمط النجوم العوالي في أبناء الأوائل والتوالي، 3/74.
2- المعارف، 124.
3- ص68.

الإشكال في إثبات البنات من ذرية ليلى ففي النصوص المتقدمة من يحصر البنات في أم أبيها فقط والآخر يضيف لأم أبيها أم محمد.

فيما يخص أم محمد فقد ذكرها ابن عساكر قائلاً: (أم محمد بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، كانت زوج يزيد بن معاوية، أخبرنا أبو الحسين ابن الفرّاء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا، قالوا: أخبرنا أبو جعفر ابن المُسْلمة، أنا أبو طاهر المُخَلّص، نا أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزبير بن بكّار قال: في تسمية ولد عبد الله بن جعفر، قال: ويحيى وهارون وصالح الأكبر وموسى، وأم محمد كانت عند يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وأمهم جميعا ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي ابن سلمي بن جندل بن أبير بن نهشل. أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي قال: أخبرني أبو بكر الخطيب، أنا أبو نعيم الحافظ، نا سليمان بن أحمد، نا أحمد بن شاهين البغدادي، نا مصعب بن عبد الله الزبيري، قال: خطب يزيد بن معاوية بنت عبد الله بن جعفر ذي الجناحين إلى أبيها، فزوجه فلما أهديت إليه من المدينة إلى الشام خرج يتلقاها وأنشأ يقول :

ص: 115

جاءت بها دهم(1) البغال وشهبها *** مسيرة في جوف قرٍّ مسترِ

مقابلة بين النبي محمد *** وبين علي والجواد ابن جعفرِ

منافيّةٌ غراء جادت بودها *** لعبد منافيٍّ أغر مشهرِ

فلما بلغت أبياته عبد الله بن جعفر، قال: ما أراه ينسى نفسه في كل حال)(2).

القصة أعلاه نقلها ابن عساكر عن كتاب نسب قريش للزبير بن بكّار، ففي الجزء 69ص171 ذكر اسمها: زينب بنت عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب، ثم يعود في الجزء70ص261 ليذكر نفس القصة لام محمد بن عبد الله الزبيري، وهو مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عم الزبير بن بكار قال الجزري :(كان فقيها عالما، إلا انه كان منحرفاً عن علي (علیه السلام)، مات سنة 236 وهو صاحب كتاب نسب قريش)(3).

ص: 116


1- الدهمة: السواد، ابن منظور، لسان العرب، 5/1924.
2- تاريخ دمشق، 69/172.
3- التستري، قاموس الرجال، 10/86.

ومما لاشك فيه فان هذا الخبر من موضوعات الزبيري، حيث أراد أن يقول: (إن بني هاشم لم تنقطع علاقتهم مع يزيد بن معاوية بالرغم من قتله الحسين، فعبد الله بن جعفر مجرد أن خطب يزيد ابنته بعثها إليه هدية خالصة، وهل يجدر بعبد الله بن جعفر الموتور بابن عمه وشقيق زوجته وبولديه المستشهدين مع خالهما الحسين في كربلاء أن يدفع ابنته الغالية هدية ليزيد بن معاوية ؟، ولعل الانحراف الذي كان سائداً في أسرة الزبيريين عن علي وآله جعل مصعب الزبيري يكتب ويثبت ما كان يراه صائبا من وجهة نظره.أما ما يخص أم أبيها بنت عبد الله بن جعفر، فقد ذكرها المؤرخون في أزواج علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، فمنهم من قال: إنها أعقبت أم حبيب بنت علي(1)، ومنهم من قال: أعقبت عبد الله وعبيد الله، ومنهم من قال: لها ولد واحد فقط هو عبد الله الأكبر ولم يكن له عقب(2)، وقد روت أم أبيها عن أبيها عبد الله بن جعفر وعن الحسن المثنى بن الإمام الحسن الزكي(علیه السلام)، وعن الحسن بن محمد ابن الحنفية، وعن

ص: 117


1- ابن سعد، الطبقات الكبرى، 5/313.
2- المصدر السابق، ص312

الإمام علي بن الحسين(علیه السلام). أما عن تزويجها بعلي بن عبد الله بن العباس فينقل النص: (لم يزل علي بن عبد الله بن العباس أثيرا ً عند عبد الملك بن مروان، كريماً عليه، حتى طلّق عبد الملك أم أبيها بنت عبد الله، فتزوجها علي، فتغيّر له، وثقلُ عليه، فبسط لسانه بذمه، وقال: إنما صلاته رياء وسمعة)(1).

وفاتها

كما أغفلت المصادر ذكر سنة ولادة ليلى، فقد أغفلت وفاتها على أن بعض المؤرخين ذكروا أنها حضرت كربلاء مع ولديها، وإن صحت هذه الرواية، فالأرجح بقاؤها حيةً بعد واقعة الطف سنة 61ﻫ ، في حين نرى الشيخ الكرباسي يذكر: (ومقتضى أن ليلى النهشلية أنجبت لعبد الله بن جعفر خمسة من الأولاد، أنها عاشت بعد علي أكثر من ستة أعوام، وأقل التقادير أن زواجها من عبد الله تم في صفر عام 41ﻫ ، وإذا كان ذلك في المدينة فلا بد أن يكون وصولها إلى المدينة

ص: 118


1- ابن الأثير، الكامل في التاريخ، 5/257.

مع ركب الإمام الحسن(علیه السلام) في شهر رجب عام 41ﻫ وعليه فإنها كانت على قيد الحياة حتى عام 47ﻫ )(1).

لا نعلم لماذا عيّن الشيخ عام 47ﻫ بالذات؟ لتكن السيدة ليلى على قيد الحياة تيقناً قبله وهل يشكّل عام 47ﻫ علامة بارزة يمكن أن نستدل بها على حياتها أو مماتها؟.

وقفة لابد منها

لقد بذل الشيخ محمد صادق الكرباسي جهداً استثنائياً في إنجازه موسوعة(دائرة المعارف الحسينية) التي أرادها دائرة للمعارف بمعنى الكلمة تتضمن كل ما كتب عن الحسين(علیه السلام) شعراً ونثراً، مقالة وبحثاً لتكن مصدراً متكاملاً يقدم للقارئ تراثاً حسينياً يختزل مئات من السنين أبدع خلالها المبدعون كل في مجاله ليقدم نتاجاً متميزاً يغطي واقعة الطف خصوصاً وما يتعلق بالإمام الحسين(علیه السلام) بشكل عام.

وإننا حين نسلط ضوء النقد الموضوعي على بعض كتابات الشيخ فلا يعني مطلقاً أننا نقلل من شأن ما ذهب إليه وما توصل، بل

ص: 119


1- الكرباسي، دائرة المعارف الحسينية، معجم أنصار الحسين، الهاشميون، 1/216.

الكثير مما توصل إليه فيما يخص السيدة ليلى وولديها توصلنا إليه فالتقينا في نقطة واحدة ورائدنا التحقق والبحث وكما نناقش الشيخ فيما يرده من عبارات فإننا نثبت ونستدل بما وجده ومحصه، وسنذكر أدناه نصاً مما وقف عليه شيخنا الكرباسي، وحلله وأثبته تأكيداً لما ذكرناه آنفاً:

ذكر الشيخ أبن شهراشوب المتوفى سنة 588ﻫ في المناقب لدى عدّه أزواج أمير المؤمنين(علیه السلام) وأولاده ما نصه: (ومن الهملاء بنت مسروق النهشلية أبو بكر وعبد الله)(1).

وقد نقل كلامه هذا حسب الظاهر من كتاب الأنوار(2)، وهذا العنوان ورد لأكثر من كتاب يحتمل أن يكون قد نقل عنه وهو كالتالي:

1-الأنوار: في تواريخ الأئمة الأطهار لإسماعيل بن علي بن إسحاق النوبختي المتوفى سنة 311ﻫ .

2-الأنوار: في تاريخ الأئمة الأطهار محمد بن همام بن سهيل الإسكافي المتوفى سنة 336ﻫ .

ص: 120


1- 3/89.
2- الكرباسي، دائرة المعارف الحسينية، معجم أنصار الحسين، الهاشميون، 1/216.

3-الأنوار: في تواريخ الأئمة الأطهار لعلي بن هبة الدين بن عثمان الموصلي من علماء القرن السادس الهجري.

وبما أنه منفرد بالنقل فاحتمال التصحيف بين: (الهملاء بنت مسروق النهشلية) وبين(ليلى بنت مسعود النهشلية) وارد بل متعين لما قلنا لعدم تطرق أحد إلى ذلك، ويحتمل أن تكون الهملاء صفة أو لقباً لليلى، ومع هذا فلا بد من القول في بتصحيف (الهملاء) أيضاً لأنه لا توجد شخصية سميت بهذه التسمية حسب استقرائنا لمعاجم الرواة والأعلام، كما لم نجد ما يناسبها من المعاني في اللغة العربية، فلذلك نحتمل ان تكون المفردة تصحيف ل-(الهملاج) يقال: دابة هملاج إذا كانت حسنة السير في سرعة وبخترة(1)، وربما كانت ليلى النهشلية في مشيتها كذلك فلقبت أو وصفت بذلك ، والله أعلم.

وأما اسم أبيها فكل من ذكرها ذكر بأنها ابنة مسعود إلا في هذا المورد مما يؤكد إمكانية تصحيف(مسروق) عن (مسعود)،

ص: 121


1- ابن منظور، لسان العرب، 2/393.

وبالأخص فإن النسبة إلى القبيلة واحدة وأسماء الأبناء (عبد الله وأبو بكر) واحدة)(1)

ص: 122


1- الكرباسي، دائرة المعارف الحسينية، معجم أنصار الحسين، الهاشميون، 1/216.

النتائج

1- عدم صحة ما ذهب إليه البعض من عدم حلّية تزويج زوج الوصي بعد وفاته، وإجراء ما لا يحل لزوج النبي على زوج الوصي، حيث أثبتت الدراسة زواج أمامة بنت أبي العاص بعد وفاة أمير المؤمنين الإمام علي(علیه السلام).

2-صحة رواية زواج السيدة ليلى من عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وقد نتج عن هذا الزواج ذرية ولكنها انقرضت، كما انقرضت ذريتها من الإمام أمير المؤمنين علي بمقتل ولديها أبي بكر وعبيد الله.

3-تثبيت كون السيدة ليلى آخر من تزوج الإمام علي، وقد وقع الزواج بالبصرة، عقيب واقعة الجمل، ثم حملها معه إلى عاصمته الجديدة الكوفة.

4-عدم وجود شقيق ثالث لأبي بكر وعبيد الله باسم عبد الله.

5-عدم صحة رواية تجرؤ عبيد الله بن علي على أبيه في آخر أيام حياته، وإثبات صغر سنه حين استشهاد والده، حيث تم

ص: 123

رد رواية أبي الجارود التي أراد بها تشويه صورة عبيد الله بن علي.

6-عدم صحة نسبة القبر الموجود في الحلة إلى أبي بكر بن علي، ويمكن نسبته إلى علوي تطابق اسمه واسم أبيه مع أبي بكر بن علي.

7-لم يقتل عبيد الله في فسطاطه كما ادعى أبو الجارود، بل قتل في ساحة الحرب غدراً.

8-المسئول الأول والأخير في مقتل عبيد الله بن علي هو مصعب بن الزبير وبراءة المختار من دمه، وقد زجّ به في الحرب ليبين للناس أن أخا الحسين معه في حربه ضد المختار، فلما نفذت هذه الوسيلة بعث له من اغتاله، مستغلاً انشغال الفريقين بالقتال، ثم أدعى إن شيعة أبيه هم الذين قتلوه.

9-صحة القبر المنسوب لعبيد الله بن علي في المذار، وقد أكدت هذه الصحة المصادر البلدانية والتاريخية.

ص: 124

المصادر

*القرآن الكريم

1-ابن أبي الحديد، عز الدين بن هبة الله، شرح نهج البلاغة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1378ﻫ /1959م.

2-ابن الأثير، علي بن أبي الكرم محمد، الكامل في التاريخ، دار صادر للطباعة والنشر، 1385ﻫ /1965م.

3-ابن حزم، أبو محمد علي بن سعيد الأندلسي، جمهرة انساب العرب، تحقيق وتعليق: إ. ليفي بروفنسال، دار المعارف بمصر، مجموعة ذخائر العرب/2.

4-ابن شهراشوب، محمد بن علي، المناقب، المكتبة الحيدرية ومطبعتها، النجف الأشرف، 1376ﻫ /1956م.

5-ابن طاوس، علي بن موسى بن جعفر، اللهوف في قتلى الطفوف،أنوار الهدى، قم.

6-ابن طيفور، أبو الفضل بن أبي طاهر، بلاغات النساء، منشورات مكتبة بصيرتي، قم.

ص: 125

7-ابن عبد البر النمري، يوسف بن عبد الله بن محمد، الاستيعاب.

8-ابن عبد البر النمري، يوسف بن عبد الله بن محمد، الإنباه على قبائل الرواة.

9-ابن عنبة الحسني، أحمد بن علي، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم، دار الأندلس، النجف الأشرف، مطبعة الديواني، بغداد.

10-ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، المعارف.

11-ابن كثير الدمشقي، إسماعيل، البداية والنهاية، حققه وودقق أصوله وعلق حواشيه، علي شيري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1408ﻫ /1988م.

12-ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، أدب الحوزة، قم، 1405ﻫ .

13-ابن نما الحلي، محمد بن جعفر بن أبي البقاء، مثير الأحزان، مثير الأحزان، منشورات المطبعة الحيدرية، النجف، 1369ﻫ / 1950م.

ص: 126

14-ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، حقق أصلها وضبط غرائبها وعلق عليها: محمد محيي الدين عبد الحميد، مكتبة محمد علي صبيح وأولاده، القاهرة، 1383ﻫ / 1963م.

15-أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين، مقاتل الطالبيين، منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها، النجف الأشرف، 1385ﻫ /1965م.

16-الأحمدي الميانجي، علي، مواقف الشيعة، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الأولى، 1416ﻫ .

17-الأربلي، علي بن عيسى، كشف الغمة في معرفة الأئمة، دار الأضواء، بيروت، الطبعة الثانية، 1405/1985م.

18-الأعرجي،جعفر، مناهل الضرب، تحقيق مهدي الرجائي، مكتبة السيد المرعشي النجفي، مطبعة حافظ، قم، الطبعة الأولى، 1419.

ص: 127

19-الأمين العاملي، محسن بن عبد الكريم، أعيان الشيعة، حققه وأخرجه: حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت.

20-الأمين العاملي، محسن، لواعج الأحزان، مطبعة العرفان، بيروت.

21-البغدادي، صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق، مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، تحقيق وتعليق محمد علي البجاوي، دار إحياء الكتب العربية، الطبعة الأولى، 1374ﻫ -1955م.

22-البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر، أنساب الأشراف، حققه محمد باقر المحمودي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الأولى، 1394ﻫ / 1974م.

23-التستري، محمد تقي، قاموس الرجال، مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، الطبعة الأولى، 1419ﻫ .

ص: 128

24-التميمي البستي، محمد بن حبّان، مشاهير علماء الأمصار، حققه ووثقه وعلق عليه: مرزوق علي إبراهيم، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، المنصورة، الطبعة الأولى، 1411ﻫ /1991م.

25-الثقفي الكوفي، إبراهيم بن محمد، الغارات، تحقيق السيد جلال الدين المحدث.

26-الجاحظ، عمرو بن بحر، العثمانية، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1374ﻫ / 1955م.

27-جرير، ديوان، شرحه وضبط نصوصه وقدّم له د. عمر فاروق الطبّاع، دار الأرقم بن أبي الأرقم، بيروت، 1417ﻫ / 1997م.

28-الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح، تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الرابعة، 1407ﻫ / 1987م.

ص: 129

29-الحر العاملي، محمد بن الحسن، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، تحقيق مؤسسة آل البيت لأحياء التراث، قم، 1414ﻫ .

30-حرز الدين،محمد، مراقد المعارف، حققه حفيده الشيخ محمد حسين حرز الدين، مطبعة الآداب، النجف 1391ﻫ / 1971م.

31-الحضرمي المغربي، عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، تاريخ، منشورات مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1391ﻫ /1971م.

32-الحلي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال، تحقيق: جواد القيومي، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الأولى، 1417ﻫ .

33-الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1399ﻫ / 1979م.

34-خسرو، ناصر ، سفر نامه.

ص: 130

35-الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف في معرفة من له حديث في الكتب الستة، قابله وعلق عليه وخرّج نصوصه: محمد عوامة و أحمد محمد نمر الخطيب،دار القبلة للثقافة الإسلامية،مؤسسة علوم القرآن، جدّة، الطبعة الأولى، 1413ﻫ /1992م.

36-الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، أشرف على تحقيقه وخرج أحاديثه: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة التاسعة، 1413ﻫ /1993م.

37-الراوندي، قطب الدين، الخرائج والجرائح، تحقيق ونشر مؤسسة المهدي، قم.

38-الراوندي، سعيد بن هبة الله، مكارم النبي والأئمة، تحقيق حسين الموسوي، قسم الشؤون الفكرية، العتبة العباسية المقدسة، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الأولى، 1430ﻫ /2009م.

39-الزبيدي، محمد مرتضى بن محمد، تاج العروس، تحقيق علي شيري، دار الفكر، بيروت، 1414ﻫ / 1994م.

ص: 131

40-الزركلي، خير الدين، الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة، 1985م.

41-الزمخشري، محمود بن عمر، تحقيق عبد الأمير مهنا، مؤسسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الأولى، 1412ﻫ / 1992م.

42-السماوي، محمد بن طاهر بن محمد، إبصار العين في أصحاب الحسين، تحقيق الشيخ محمد جعفر الطبسي، مركز الدراسات الإسلامية لحرس الثورة الإسلامية، 1419ﻫ .

43-السماوي، مهدي، الإمامة في ضوء الكتاب والسنة، دار الزهراء، بيروت.

44-الشاكري، حسين، العقيلة والفواطم، مطبعة ستارة، قم.

45-الشاكري، حسين، شهداء أهل البيت، مطبعة ستارة، قم، 1420ﻫ .

46-شمس الدين، محمد مهدي، أنصار الحسين، الدار الإسلامية، الطبعة الثانية، 1401ﻫ / 1981م.

ص: 132

47-صاحب المعالم، حسن بن زين الدين، التحرير الطاووسي، تحقيق فاضل الجواهري، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم، 1411ﻫ .

48-الصفدي، خليل بن أيبك، الوافي بالوفيات.

49-الطائي،نجاح، تحريف أسماء أبناء المعصومين، دار الهدى لإحياء التراث، قم، 1432ﻫ /2011م.

50-الطبري، محمد بن جرير، تاريخ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت.

51-الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال، تحقيق السيد مهدي الرجائي، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم، 1404ﻫ .

52-الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال، تحقيق السيد مهدي الرجائي، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، مطبعة بعثت، قم.

ص: 133

53-الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية، مؤسسة البعثة، نشر دار الثقافة، قم، الطبعة الأولى، 1414ﻫ .

54-الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست، تحقيق جواد القيومي، مؤسسة نشر الفقاهة، مطبعة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الأولى، 1417ﻫ .

55-العاصمي المكّي، عبد الملك بن حسين بن عبد الملك، سمط النجوم العوالي في أبناء الأوائل والتوالي، تحقيق الشيخ عادل عبد المعبود والشيخ علي محمد معوّض، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1419ﻫ /1998م.

56-العجلي الكوفي، أحمد بن عبد الله بن صالح، معرفة الثقات، مكتبة الدار، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1405ﻫ /1985م.

57-العسقلاني، أحمد بن بن علي بن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة، دراسة وتحقيق وتعليق الشيخ عادل أحمد

ص: 134

عبد المعبود والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1415ﻫ / 1995م.

58-العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، تهذيب التهذيب، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1404ﻫ / 1982م.

59-علي خان المدني، علي صدر الدين، الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة، قدم له السيد محمد صادق بحر العلوم، منشورات مكتبة بصيرتي، قم، الطبعة الثانية، 1397ﻫ .

60-العمري النسابة، علي بن محمد بن علي، المجدي في أنساب الطالبيين، تحقيق د. أحمد المهدوي الدامغاني، إشراف د. محمود المرعشي، منشورات آية الله المرعشي العامة، قم.

61-الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، دار العلم للجميع، بيروت.

62-القزويني، لطيف، رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ.

ص: 135

63-كحالة، عمر رضا، معجم قبائل العرب، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثانية، 1388ﻫ /1968م.

64-الكرباسي، محمد صادق بن محمد، دائرة المعارف الحسينية، المركز الحسيني للدراسات، لندن المملكة المتحدة، الطبعة الأولى، 1429ﻫ /2008م.

65-كمونة، عبد الرزاق بن حسن، مشاهد العترة الطاهرة وأعيان الصحابة والتابعين، مطبعة الأداب، النجف، 138ﻫ /1968م.

66-الكوفي، محمد بن أعثم، كتاب الفتوح، تحقيق: علي شيري، دار الأضواء، بيروت، الطبعة الأولى، 1411ﻫ / 1991م.

67-الكوفي، محمد بن سليمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين، تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، الطبعة الأولى، قم، 1412ﻫ .

ص: 136

68-المباركفوري، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1410ﻫ / 1990م.

69-المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان، 1403ﻫ / 1983م.

70-المرتضى، علي بن الحسين، الأمالي، صححه وضبط ألفاظه وعلق حواشيه: أحمد بن الأمين الشنقيطي، قم، الطبعة الأولى، 1403ﻫ .

71-المروزي، نعيم بن حماد، كتاب الفتن، حققه وقدم له: الدكتور سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، 1414ﻫ /1993م.

72-المزي، جمال الدين أبو الحجاج، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، حققه وضبط نصه وعلق عليه: الدكتور بشار عواد معروف، الطبعة الرابعة، 1406ﻫ /1985م.

73-المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، تحقيق مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم.

ص: 137

74-الموسوي، نعمة ساهي، الشيعة في البصرة، رسالة دكتوراه غير منشورة، مقدمة إلى مجلس كلية الآداب، جامعة البصرة، 1430ﻫ /2009م.

75-النمازي الشاهرودي، علي، مستدركات علم رجال الحديث، مطبعة شفق، طهران، الطبعة الأولى، 1412ﻫ .

76- النيسابوري، محمد بن الفتال، روضة الواعظين، قدم له السيد محمد مهدي الخرسان، المكتبة الحيدرية، منشورات الرضي، قم.

77-الهروي، القاسم بن سلّام، غريب الحديث، تحت مراقبة: الدكتور محمد عبد المعيد خان، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، الطبعة الأولى، 1384ﻫ / 1964م.

78- الهيثمي، علي بن أبي بكر، بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، حققه وعلق عليه: مسعد عبد الحميد محمد السعدني، دار الطلائع للنشر والتوزيع والتصدير، القاهرة.

ص: 138

79-الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، دار الكتب العلمية، بيروت، 1408ﻫ /1988م.

80-اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ، دار صادر، بيروت.

81- اليماني الموسوي، محمد كاظم بن أبي الفتوح، النفحة العنبرية في أنساب خير البرية، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، مكتبة المرعشي النجفي، مطبعة حافظ، قم، الطبعة الأولى، 1419ﻫ .

ص: 139

المحتويات

المقدمة ..........................................................

النسب الوضاح، أولا: أجدادها- والدها.........................

ثانيا: والدتها.....................................................

ديار تميم ونزولهم البصرة.........................................

فيما ورد من الثناء على قبائل تميم..................................

أخوالها..........................................................

ولادتها..........................................................

زواجها..........................................................

رواية زواجها بعد أمير المؤمنين...................................

أزواجها.........................................................

الزوج الأول.....................................................

الزوج الثاني.....................................................

إخوتها...........................................................

كتاب الإمام الحسين إلى أشراف البصرة...........................

أولادها: أولاً- أبو بكر بن علي...................................

ص: 140

ثانياً- عبيد الله بن علي............................................

وفاتها............................................................

وقفة لابد منها...................................................

نتائج الدراسة....................................................

المصادر..........................................................

الفهرس.........................................................

ص: 141

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.