شخصيات مهمّة
من أصحاب النبي والأئمّة(عليهم السلام)
محمّد أمين نجف
نبذة مختصرة عن حياة (120) صحابياً
الطبعة: الأُولى 1434ﻫ - 2013م
موسسة مسجد السهلة المعظم
ص: 1
شخصيات مهمّة
من أصحاب النبي والأئمّة(عليهم السلام)
الناشر: موسسة مسجد السهلة المعظم
العدد:
الطبعة: الأُولى 1434ﻫ - 2013م
الشابك:
«جميع الحقوق محفوظة للناشر»
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
وبعد، فإنّ دراسة الشخصيات الفذّة، والتعرّف على سيرتها العطرة، ومواقفها النبيلة، وأخلاقها الرفيعة، المتضمّنة للدروس والعبر، أمر مهم في حياة الإنسان، خاصّة للذي يسعى الارتقاء إلى المستويات الرفيعة في حياته، ونيل الكمال في الصعيد الفردي والاجتماعي، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى، فأنّ التعرّف على حياة هذه الشخصيات تزيد الإنسان فخراً واعتزازاً بطائفته ومذهبه، الذي قدّم وربّى هكذا رجالات، كما تزيده صلابة وقوّة في الدفاع عن مبادئه وقيمه التي ينتمي إليها.
من هنا كانت كتاباتي عن الشخصيات الفذّة والمهمّة في الموقع الإلكتروني (الشيعة) - التابع لمركز آل البيت(عليهم السلام) العالمي للمعلومات - على ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: عن حياة مراجعنا العظام وعلمائنا الأبرار من القرن الرابع الهجري إلى عصرنا الحاضر، وقد وضع في الموقع بعنوان: (علماء في رضوان الله)، وقد وفّقنا لطبع ترجمة (200) عالم منهم في كتاب مستقل، فطبع تحت عنوان: (علماء في رضوان الله)، كما طُبع مرّة أُخرى بعنوان: (ورثة الأنبياء(عليهم السلام)).
ص: 3
القسم الثاني: عن حياة رواة أحاديثنا وأصحاب أئمّتنا(عليهم السلام) من القرن الأوّل الهجري إلى القرن الرابع الهجري، وقد وضع هذا القسم في الموقع بعنوان: (أصحاب المعصومين(عليهم السلام))، فأحببت أيضاً نشر ترجمة (120) صحابياً منهم في كتاب مستقل، وهو هذا الكتاب الذي بين يديك أيّها القارئ العزيز.
القسم الثالث: عن حياة متعلّقي وذوي المعصومين الأربعة عشر(عليهم السلام)، والذي يشمل حياة آباء وأُمّهات، وأجداد وجدّات، وأخوة وأخوات، وأعمام وعمّات، وأخوال وخالات، وأبناء وأحفاد، وزوجات المعصومين الأربعة عشر(عليهم السلام)، ووضع في الموقع بعنوان: (ذوو المعصومين(عليهم السلام))، سائلاً المولى العلي القدير أن يوفّقني لإكماله وطبعه في كتاب مستقل قريباً، إن شاء الله تعالى.
ثمّ أنّني أودّ التنبيه إلى أُمور:
أوّلاً: لا يخفى وجود شخصيات مهمّة أُخرى تستحقّ الترجمة، ولكن المقام لم يسمح بأكثر من ذلك.
ثانياً: تمّ الاقتصار في هذا الكتاب على الشخصيات المهمّة التي لا تُنتسب إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) من الناحية النسبية أو السببية، وأمّا الشخصيات التي تُنتسب إليه(صلى الله عليه وآله) فسأضعها ضمن كتاب مستقل سيصدر إن شاء الله تعالى حول ذوي المعصومين الأربعة عشر(عليهم السلام).
ثالثاً: حاولت أن تكون الكتابة حول هذه الشخصيات بشكل مختصر ومفيد، من دون إسهاب مملّ أو اختصار مخل؛ لينتفع منه الجميع بعون الله تعالى.
ص: 4
رابعاً: حاولت أن أنقل ما يتعلّق بهذه الشخصيات من أهمّ مصادر المسلمين، وأقدمها زماناً؛ لقربها من عصر الأئمّة(عليهم السلام).
وفي الختام، أسأل المولى عزّ وجل أن يوفّقنا جميعاً لخدمة الدين الحنيف، ونصرة مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، إنّه نعم المولى ونعم النصير.
محمّد أمين نجف
18ذو الحجة 1433ﻫ
قم المقدّسة
ص: 5
أبان بن تغلب البكري(رضي الله عنه)(1)
أبو سعيد، أبان بن تغلِب بن رِباح البَكري الجُرَيري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
كان(رضي الله عنه) قارئاً من وجوه القرّاء، فقيهاً ، لغوياً، سمع من العرب وحكى عنهم، وكان مقدّماً في كلّ فن من العلوم: في القرآن والفقه والحديث والأدب واللغة والنحو.
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام) له: «يا أبان! ناظر أهل المدينة، فإنّي أُحبّ أن يكون مثلك من رواتي ورجالي»(1).
4- قال الإمام الصادق(عليه السلام) لمّا أتاه نعيه: «رحمه الله، أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان»(2).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «عظيم المنزلة في أصحابنا، لقي علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله(عليهم السلام)، روى عنهم، وكانت له عندهم منزلة وقدم»(3).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «كان قارئاً فقيهاً لغوياً نبيلاً»(4).
3- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «ثقة، جليل القدر، سيّد عصره وفقيهه، وعمدة الأئمّة(عليهم السلام)، روى عن الصادق(عليه السلام) ثلاثين ألف حديث»(5).
4- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «فوثاقة الرجل، وعظم شأنه، وجلالة قدره، متّفق عليه بين الفريقين، مستغنٍ عن البيان»(6).
ص: 7
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (130) مورداً، وفي جميع ذلك روى عن المعصوم إلّا أحد عشر مورداً، ، فقد روى أحاديث عن الإمام زين العابدين والإمام الباقر والإمام الصادق(عليهم السلام).
تفسير القرآن، صفّين، الغريب في القرآن، الفضائل، القراءات، معاني القرآن، من الأُصول في الرواية على مذهب الشيعة.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 141ﻫ.
ص: 8
أبان بن عثمان الأحمر البجلي(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الله، أبان بن عثمان الأحمر البَجلي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ من هؤلاء، وتصديقهم لما يقولون، وأقرّوا لهم بالفقه - من دون أُولئك الستّة الذين عددناهم وسمّيناهم - ستّة نفر: جميل بن درّاج، وعبد الله بن مسكان، وعبد الله بن بكير، وحمّاد بن عيسى، وحمّاد بن عثمان، وأبان بن عثمان»(2).
ص: 9
قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «وأنّه في قمّة الوثاقة والجلالة، ولذلك عدّ ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه، فعليه تعدّ رواياته صحيحة من جهته»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (700) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
له كتاب، جمع فيه أخبار ابتداء أمر النبي(صلى الله عليه وآله) من مبعثه ومغازيه ووفاته، وأخبار يوم السقيفة، وارتداد بعض القبائل.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 10
إبراهيم بن أبي البلاد الكوفي(رضي الله عنه)(1)
أبو إسماعيل، أو أبو الحسن، أو أبو يحيى، إبراهيم بن أبي البلاد الكوفي، واسم أبي البلاد يحيى بن سُليم.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «كان ثقة قارئاً أديباً»(1).
2- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «كوفي ثقة»(2).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «ثقة، أعمل على روايته»(3).
4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «لا ينبغي الريب في وثاقة المترجم وجلالته وقربه من أئمّة الهدى(عليهم السلام)، من دون غمز فيه، فالرجل ثقة جليل بلا ريب، وأحاديثه صحاح من جهته»(4).
قال(رضي الله عنه): «دخلت على أبي جعفر ابن الرضا(عليهما السلام) فقلت له: إنّي أُريد أن ألصق بطني ببطنك، فقال: هاهنا يا أبا إسماعيل، وكشف عن بطنه، وحسرت عن بطني، وألزقت بطني ببطنه، ثمّ أجلسني ودعا بطبق فيه زبيب فأكلت، ثمّ أخذ في الحديث فشكا إليّ معدته، وعطشت فاستقيت ماء فقال: يا جارية اسقيه من نبيذي، فجائتني بنبيذ مريس في قدح من صفر فشربته، فوجدته أحلى من العسل، فقلت له: هذا الذي أفسد معدتك، قال: فقال لي: هذا تمر من صدقة النبي(صلى الله عليه وآله) يُؤخذ غدوة فيصبّ عليه الماء، فتمرسه الجارية وأشربه على أثر الطعام...»(5).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (65) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد(عليهم السلام).
ص: 12
يحيى ومحمّد، وهما من رواة الحديث الثقات، ولكن محمّد قليل الرواية، ويحيى أكثر حديثاً منه.
له أصل من الأُصول الأربعمائة.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 13
إبراهيم بن أبي محمود الخراساني(رضي الله عنه)(1)
إبراهيم بن أبي محمود الخُراساني.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في خراسان باعتباره خراساني.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد(عليهم السلام).
قال(رضي الله عنه): «دخلت على أبي جعفر(عليه السلام) ومعي كتب إليه من أبيه، فجعل يقرأها، ويضع كتاباً كثيراً على عينيه، ويقول: خطّ أبي والله، ويبكي حتّى سالت دموعه على خدّيه، فقلت له: جعلت فداك، قد كان أبوك ربّما قال لي في المجلس الواحد مرّات: أسكنك الله الجنّة، أدخلك الله الجنّة.
قال: فقال: وأنا أقول: أدخلك الله الجنّة، فقلت: جعلت فداك، تضمن لي على ربّك أن يدخلني الجنّة؟ قال: نعم، قال: فأخذت رجله فقبّلتها»(2).
ص: 14
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «ثقة، روى عن الرضا(عليه السلام)»(1).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «خراساني ثقة مولى(2)»(3).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «ثقة، أعتمد على روايته»(4).
4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «المعنون من الأفراد القلائل الذين نالوا شرف دعاء الإمام(عليه السلام)، فقد دعا له الإمام الرضا(عليه السلام) أن يسكنه الله الجنّة، ويدخله الله الجنّة، والإمام الجواد(عليه السلام) أيضاً دعا له أن يدخله الله الجنّة، وهذه ميزة توجب عدّه من الثقات الأجلّاء، كيف وقد تواتر توثيقه من خبراء علم الرجال، فهو ثقة جليل، ورواياته من جهته صحاح»(5).
روى(رضي الله عنه) عن الإمام الرضا(عليه السلام) خبر فضل البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام): «إنّ المحرّم شهر كان أهل الجاهلية يُحرّمون فيه القتال، فاستُحلّت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسُبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأُضرمت النيران في مضاربنا، وانتُهب ما فيها من ثقلنا، ولم تُرع لرسول الله(صلى الله عليه وآله) حرمة في أمرنا.
ص: 15
إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا، بأرض كربٍ وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء يحطّ الذنوب العظام»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (32) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد(عليهم السلام).
له كتاب، والمراد بالكتاب ما اشتمل على روايات مسندة عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) في الأحكام الشرعية ونحوها، وقد يكون الكتاب في غير الأحكام الشرعية من التواريخ والحروب والمغازي وغيرها.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثالث الهجري.
ص: 16
أُبيّ بن كعب الأنصاري(رضي الله عنه)(1)
أبو المنذر، أُبَي بن كعب بن قيس الأنصاري الخزرجي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في المدينة باعتباره مدني.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله).
* كان من كتّاب الوحي.
*كان سيّد قرّاء القرآن الكريم.
* كان ممّن بايع النبي(صلى الله عليه وآله) في بيعة العقبة الثانية، التي كانت تضمّ سبعين رجلاً وامرأتين من الأوس والخزرج، فبايعوه وعاهدوه بنصرته وإعانته، فواعدهم(صلى الله عليه وآله) بدخول الجنّة(2).
كان(رضي الله عنه) سيّد القرّاء في زمانه، حتّى أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أُمر بالقراءة على قرائته، روي أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال لأُبي: «إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك. فقال: يا رسول الله، بأبي وأُمّي أنت، وقد ذكرتُ هناك؟ قال(صلى الله عليه وآله): نعم باسمك ونسبك. فأرعد أُبي، فالتزمه
ص: 17
رسول الله حتّى سكن وقال: (قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)»(1).
وهكذا كان أهل البيت(عليهم السلام) يقرؤن القرآن على قرائته، فقد روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «أمّا نحن فنقرأ على قراءة أُبي»(2).
1- قال السيّد علي خان المدني(قدس سره): «من فضلاء الصحابة، شهد العقبة مع التسعين، وكان يكتب الوحي، آخى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بينه وبين سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وشهد بدراً والعقبة الثانية، وبايع لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، كان يُسمّى سيّد القرّاء»(3).
2- قال السيّد بحر العلوم(قدس سره): «سيّد القرّاء، وكاتب الوحي، عقبي، بدري، فقيه، قار، أوّل مَن كتب للنبي(صلى الله عليه وآله) من الأنصار، وهو من فضلاء الصحابة، ومن أعيانهم»(4).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ الذي يتّضح من دراسة حياة
ص: 18
المترجم، ومواقفه، وتقاريظ علماء العامّة والخاصّة، والصفات التي وصفوها بها من دون غمز فيه، أنّ من المتّفق عليه جلالته وقربه من نبيّ الرحمة(صلى الله عليه وآله)، ومؤازرته لأهل البيت(عليهم السلام)، فهو صحابي، بدري، عقبي، ذو قراءة خاصّة لكتاب الله عزّ وجل، مرضية لأئمّة الهدى صلوات الله عليهم أجمعين، فوصفه بالوثاقة، بل فوق الوثاقة ينبغي أن لا يعتري فيها الشك، فهو ثقة جليل»(1).
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال: «يا أبا بكر، لا تجحد حقّاً جعله الله لغيرك، ولا تكن أوّل مَن عصى رسول الله(صلى الله عليه وآله) في وصيّه وصفيّه وصدف عن أمره، أُردد الحقّ إلى أهله تسلم، ولا تتماد في غيّك فتندم، وبادر الإنابة يخف وزرك، ولا تخصص بهذا الأمر الذي لم يجعله الله لك نفسك فتلقى وبال عملك، فعن قليلٍ تفارق ما أنت فيه وتصير إلى ربّك، فيسألك عمّا جنيت، وما ربّك بظلّام للعبيد»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث جَمّة عن
ص: 19
رسول الله(صلى الله عليه وآله).
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 19ﻫ إلى32ﻫ بالمدينة المنوّرة، ودُفن بها.
ص: 20
أحمد بن إسحاق الأشعري القمّي(رضي الله عنه)(1)
أبو علي، أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد الأشعري القمّي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في قم باعتباره قمّي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الجواد والإمام الهادي والإمام العسكري(عليهم السلام).
قال أحمد بن الحسن بن أحمد بن إسحاق القمّي: «لمّا ولد الخلف الصالح(عليه السلام) ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن علي(عليهما السلام) إلى جدّي أحمد بن إسحاق كتاب، فإذا فيه مكتوب بخطّ يده(عليه السلام) الذي كان ترد به التوقيعات عليه، وفيه: ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً، فإنّا لم نظهر عليه إلّا الأقرب لقرابته والولي لولايته، أحببنا إعلامك ليسرّك الله به، مثل ما سرّنا به، والسلام»(2).
قال(رضي الله عنه): «دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي(عليهما السلام) وأنا أُريد أن أسأله عن الخلف من بعده... فقلت له: يا ابن رسول الله، فمَن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض(عليه السلام) مسرعاً فدخل البيت، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة
ص: 21
البدر من أبناء الثلاث سنين، فقال: يا أحمد بن إسحاق، لولا كرامتك على الله عزّ وجل وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا»(1).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «وكان وافد القمّيين، وروى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن(عليهما السلام)، وكان خاصّة أبي محمّد(عليه السلام)»(2).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «كبير القدر، وكان من خواص أبي محمّد(عليه السلام)، ورأى صاحب الزمان(عليه السلام)، وهو شيخ القمّيين ووافدهم»(3).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «ثقة، كان وافد القمّيين، روى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن(عليهما السلام)، وكان خاصّة أبي محمّد(عليه السلام)، وهو شيخ القمّيين، رأى صاحب الزمان(عليه السلام) »(4).
4- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «وبالجملة، فوثاقته بل جلالته قطعية»(5).
ص: 22
5- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «اتّفاق خبراء هذا الفنّ بوثاقته وجلالته، فهو ثقة ثقة جليل، ورواياته من جهته من أعلى الصحاح»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (67) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الجواد، والإمام الهادي، والإمام العسكري(عليهم السلام).
مسائل الرجال للإمام الهادي(عليه السلام)، علل الصلاة أو علل الصوم.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثالث الهجري.
ص: 23
أحمد بن محمد الأشعري القمي(رضي الله عنه)(1)
أبو جعفر، أحمد بن محمّد بن عيسى بن عبد الله بن سعد الأشعري القمّي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في قم باعتباره قمّي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الرضا والإمام الجواد والإمام الهادي(عليهم السلام).
4- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «وكان ثقة، وله كتب»(1).
5- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «فوثاقة الرجل متّفق عليها بين الفقهاء وعلماء الرجال، متسالم عليه من غير تأمّل من أحد، ولا غمز فيه بوجه من الوجوه»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (2290) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الجواد والهادي(عليهما السلام)
الأظلة، التوحيد، الحج، فضائل العرب، فضل النبي(صلى الله عليه وآله)، المتعة، المسوخ، الناسخ والمنسوخ، النوادر.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثالث الهجري.
ص: 25
أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي(رضي الله عنه)(1)
أبو علي، أحمد بن محمّد بن عمرو بن أبي نصر البزنطي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد(عليهم السلام).
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم، وأقرّوا لهم بالفقه والعلم، وهم ستّة نفر آخر، دون الستّة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام)، منهم: يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى بياع السابري، ومحمّد بن أبي عمير، وعبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي»(2).
ص: 26
قال(رضي الله عنه): «بعث الرضا(عليه السلام) إليّ بحمار فركبته وأتيته، فأقمت عنده بالليل إلى أن مضى منه ما شاء الله، فلمّا أراد أن ينهض قال لي: لا أراك تقدر على الرجوع إلى المدينة.
قلت: أجل جعلت فداك. قال: فبت عندنا الليلة، وأغد على بركة الله عزّ وجل.
قلت: أفعل جعلت فداك. قال: يا جاريد، إفرشي له فراشي واطرحي عليه ملحفتي التي أنام فيها، وضعي تحت رأسه مخدّتي.
قال: فقلت في نفسي: مَن أصاب ما أصبت في ليلتي هذه، لقد جعل الله لي من المنزلة عنده، وأعطاني من الفخر ما لم يعطه أحداً من أصحابنا، بعث إليّ بحماره فركبته، وفرش لي فراشه وبت في ملحفته، ووضعت لي مخدّته، ما أصاب مثل هذا أحد من أصحابنا.
قال: وهو قاعد معي وأنا أُحدّث نفسي، فقال(عليه السلام) لي: يا أحمد، أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) أتى زيد بن صوحان في مرضه يعود، فافتخر على الناس بذلك، فلا تذهبنّ نفسك إلى الفخر، وتذلّل لله عزّ وجل، واعتمد على يده. فقام(عليه السلام)»(1).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «لقي الرضا وأبا جعفر(عليهما السلام)، وكان عظيم المنزلة عندهما»(2).
ص: 27
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «ثقة، جليل القدر»(1).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «وهو ثقة، جليل القدر... أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عنه، وأقرّوا له بالفقه»(2).
4- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «ثقة، جليل القدر»(3).
5- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «ممّا لا ريب فيه أنّه من أعلام الطائفة، ومن المقرّبين لدى الإمامين الرضا والجواد(عليهما السلام)، بتصريح من النجاشي والعلّامة والشيخ، وبشهادة بعض رواياته، فهو لدى التحقيق ثقة ثقة، بل أرفع شأناً من التعديل»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (788) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الكاظم، والإمام الرضا، والإمام الجواد(عليهم السلام).
كتاب النوادر، كتاب الجامع.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 221ﻫ.
ص: 28
ص: 29
إسحاق بن عمار الصيرفي(رضي الله عنه)(1)
إنّ المُسمّين بإسحاق بن عمّار اثنان: أحدهما: صاحب الترجمة، إمامي المذهب، ثقة جليل، والثاني: إسحاق بن عمّار الساباطي، فطحي المذهب، موثّق.
أبو يعقوب، إسحاق بن عمّار بن حيّان الكوفي الصيرفي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
1- عن زياد القندي قال: «كان أبو عبد الله(عليه السلام) إذا رأى إسحاق بن عمّار وإسماعيل بن عمّار قال: وقد يجمعهما لأقوام، يعني الدنيا والآخرة»(2).
ص: 30
2- قال(رضي الله عنه): «دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام) فخبّرته أنّه ولد لي غلام فقال: ألا سمّيته محمّداً؟ قال: قلت: قد فعلت. قال: فلا تضرب محمّداً ولا تسبّه، جعله الله قرّة عين لك في حياتك، وخلف صدق من بعدك»(1).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «شيخ من أصحابنا، ثقة... وهو في بيت كبير من الشيعة»(2).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «ثقة، له كتاب»(3).
3- قال السيّد بحر العلوم(قدس سره): «إسحاق بن عمّار بن حيّان من المشاهير الأعيان، وكان هو - وأخوه إسماعيل - وجهينِ موسرين»(4).
4- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «شيخ من أصحابنا، ثقة»(5).
ص: 31
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (989) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
يعقوب، محمّد، ولكلّ منهما روايات عن الأئمّة(عليهم السلام)، ذكرت في الكتب الأربعة، وغيرها.
کتاب النوادر.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 32
أسعد بن زرارة الخزرجي الأنصاري(رضي الله عنه)(1)
أبو أُمامة، أسعد بن زرارة الخزرجي الأنصاري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في المدينة باعتباره مدني.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله).
* كان ممّن شهد العقبتين وبايع فيهما.
* كان من النقباء الأثني عشر الذين اختارهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) - ليلة العقبة الثانية بإشارة من جبرائيل(عليه السلام) - نقباء لأُمّته، كعدّة نقباء نبيّ الله موسى(عليه السلام)(2).
* كان مع جماعة يتناوبون في بعث الغداء والعشاء لرسول الله(صلى الله عليه وآله) في بيت أبي أيوب الأنصاري حين ورد في المدينة(3).
ص: 33
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
تُوفّي(رضي الله عنه) في السنة الأُولى من الهجرة بالمدينة المنوّرة، ودُفن بالبقيع، قيل: هو أوّل مَن دُفن فيه.
ص: 34
أسلم أبو رافع مولى رسول الله(صلى الله عليه وآله)(1)
أبو رافع أسلم، غلبت عليه كنيته، واختُلف في اسمه، فقيل: أسلم، وقيل: إبراهيم.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، ومن أصحاب الإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
* كان غلاماً للعباس بن عبد المطّلب، ثمّ وهبه للنبي(صلى الله عليه وآله)، ولمّا بشّر أبو رافع النبي(صلى الله عليه وآله) بإسلام العباس أعتقه.
* هاجر الهجرتين - إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب(عليه السلام)، وإلى المدينة المنوّرة - وصلّى إلى القبلتين، وبايع البيعتين - بيعة العقبة وبيعة الرضوان - وشهد مع النبي(صلى الله عليه وآله) أكثر حروبه.
ص: 35
* كان بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) إلى جانب الإمام علي(عليه السلام) ثابت العقيدة، وهاجر معه إلى الكوفة، واشترك في جميع حروبه، وعيّنه(عليه السلام) مسؤولاً عن بيت المال في الكوفة.
* رجع مع الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) إلى المدينة المنوّرة بعد شهادة الإمام علي(عليه السلام)، ولا دار له بها ولا أرض، فمنحه الإمام الحسن(عليه السلام) نصف دار أبيه في المدينة.
1- عن أبي رافع قال: «ثمّ أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بيدي فقال: يا أبا رافع! كيف أنت وقوم يقاتلون عليّاً، هو على الحقّ وهم على الباطل، يكون حقّاً في الله جهادهم؟ فمَن لم يستطع جهادهم فبقلبه، فمَن لم يستطع فليس وراء ذلك شي ء.
فقلت: اُدع لي إن أدركتهم أن يُعينني الله ويقوّيني على قتالهم. فقال(صلى الله عليه وآله): اللّهم إن أدركهم فقوّه وأعِنه.
ثمّ خرج إلى الناس، فقال(صلى الله عليه وآله): يا أيّها الناس! مَن أحبّ أن ينظر إلى أميني على نفسي وأهلي، فهذا أبو رافع، أميني على نفسي»(1).
2- عن الحكم قال: «بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) أرقم بن أبي الأرقم ساعياً على الصدقة، فقال لأبي رافع: هل لك أن تُعينني وأجعل لك سهم العاملين؟ فقال: حتّى أذكر ذلك للنبي(صلى الله عليه وآله)، فذكره للنبي فقال(صلى الله عليه وآله): يا أبا رافع، إنّا أهل بيت لا تحلّ لنا الصدقة، وإنّ مولى القوم من أنفسهم»(2).
ص: 36
هنا النبي(صلى الله عليه وآله) ألحق أبا رافع ببيت الوحي والرسالة، وهذا شرف عظيم لأبي رافع.
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «وشهد مع النبي(صلى الله عليه وآله) مشاهده، ولزم أمير المؤمنين(عليه السلام) من بعده، وكان من خيار الشيعة، وشهد معه حروبه، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة»(1).
2- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «عتيق رسول الله(صلى الله عليه وآله)، صاحب أمير المؤمنين بعده، ثقة»(2).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «أبو رافع... ثقة... أعمل على روايته»(3).
4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ مَن راجع المزايا التي نالها المترجم والسجايا التي حازها، وقربه من نبيّ الرحمة(صلى الله عليه وآله) والأئمّة الهداة، وعطفهم عليه، وعدّه منهم، وانقطاعه بهم لا يشكّ في كونه من أوثق الثقات وأجلّ الرواة فتدبّر»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام)، وأحد رواة حديث الغدير.
ص: 37
1- عبيد الله بن أبي رافع، كاتب أمير المؤمنين(عليه السلام)، وأوّل مَن ألّف في الرجال.
2- علي بن أبي رافع، كاتب أمير المؤمنين(عليه السلام)، صنّف كتاباً في فنون من الفقه.
(السُنن والقضايا والأحكام) يشتمل على أبواب الفقه المختلفة، يرويه عن الإمام علي(عليه السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) بعد عام 40ﻫ.
ص: 38
إسماعيل بن علي النوبختي(رضي الله عنه)(1)
أبو سهل، إسماعيل بن علي بن إسحاق النوبختي.
ولد(رضي الله عنه) عام 237ﻫ.
تشرّف(رضي الله عنه) بلقاء الإمامين العسكري والمهدي(عليهما السلام)، بعدما دخل على الإمام العسكري(عليه السلام) وهو في مرض الموت(2).
كان(رضي الله عنه) عالماً ومتكلّماً ومؤلّفاً، ويعتبر من كبار الشيعة في القرن الرابع الهجري.
3- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «كان شيخ المتكلّمين من أصحابنا ببغداد ووجههم، ومتقدّم النوبختيين في زمانه»(1).
4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «ومن المجموع يحصل القطع بوثاقته وجلالته، بل يعدّ من الأفراد القلائل الذين حازوا تلكم الصفات والمزايا الجليلة، فهو ثقة ثقة، ورواياته تعدّ من جهته صحاحاً بلا ريب»(2).
الإرجاء، الاستيفاء في الإمامة، الأنوار في تواريخ الأئمّة(عليهم السلام)، التنبيه في الإمامة، التوحيد، الجمل في الإمامة، حدوث العالم، الرد على الغلاة، النفي والإثبات.
تُوفّي(رضي الله عنه) في شوّال 311ﻫ.
ص: 40
إسماعيل بن محمد الحميري(رضي الله عنه)(1)
أبو هاشم، وقيل: أبو عامر، إسماعيل بن محمّد بن يزيد الحِميري، المعروف بالسيّد الحميري، مع أنّه ليس علوياً ولا هاشمياً، وإنّما أُطلق عليه السيّد لقباً من أُمّه.
ولد(رضي الله عنه) عام 105ﻫ بعُمان.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام).
كان(رضي الله عنه) من أئمّة اللغة والأدب، ومن المتبحّرين في علم التفسير والفقه والفضائل، ومن خبراء وقائع العرب وأيّامهم وأنسابهم ومحاسنهم ومساويهم، بالإضافة إلى ذلك كلّه وقوفه التام على التاريخ العام، وتاريخ الإسلام بالخصوص.
كان(رضي الله عنه) في ريعان شبابه كيساني المذهب، يعتقد بإمامة محمّد بن الحنفية وغيابه، ولكن لمّا اجتمع بالإمام الصادق(عليه السلام) اهتدى إلى الحق، فصار إمامي المذهب، وترك عقيدته الباطلة، ونظم في ذلك قصائد عديدة.
ص: 41
روى الشيخ الصدوق(قدس سره) عن حيّان السراج قال: «سمعت السيّد بن محمّد الحميري يقول: كنت أقول بالغلو، وأعتقد غيبة محمّد بن علي - ابن الحنفية - قد ضللت في ذلك زماناً، فمَنّ الله عليَّ بالصادق جعفر بن محمّد(عليهما السلام) وأنقذني به من النار، وهداني إلى سواء الصراط، فسألته بعد ما صحّ عندي بالدلائل التي شاهدتها منه أنّه حجّة الله عليَّ وعلى جميع أهل زمانه، وأنّه الإمام الذي فرض الله طاعته وأوجب الاقتداء به.
فقلت له: يا ابن رسول الله، قد روي لنا أخبار عن آبائك(عليهم السلام) في الغَيبة وصحّة كونها فأخبرني بمَن تقع؟
فقال(عليه السلام): إنّ الغيبة ستقع بالسادس من ولدي، وهو الثاني عشر من الأئمّة الهداة... .
قال السيّد: فلمّا سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمّد(عليهما السلام) تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه، وقلت قصيدتي التي أوّلها:
فلمّا رأيت الناس في الدين قد غووا ** تجعفرت باسم الله فيمَن تجعفروا»(1).
1- قال(عليه السلام) له: «يا سيّد، قل بالحقّ يكشف الله ما بك ويرحمك، ويدخلك جنّته التي وعد أوليائه»(2).
ص: 42
2- قال(عليه السلام) له: «سمّتك أُمّك سيّداً ووفّقت في ذلك، أنت سيّد الشعراء»(1).
3- قال فضيل الرسّان: «دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)، بعد ما قُتل زيد بن علي(عليهما السلام)... قلت: يا سيّدي ألا أنشدك شعراً؟... قال(عليه السلام): مَن قال هذا الشعر؟
قلت: السيّد ابن محمّد الحميري، فقال(عليه السلام): رحمه الله، قلت: إنّي رأيته يشرب النبيذ... قال(عليه السلام): رحمه الله، وما ذلك عزيز على الله أن يغفر لمحبّ علي»(2).
1- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «ثقة، جليل القدر، عظيم الشأن والمنزلة»(3).
2- قال الشيخ عباس القمّي(قدس سره): «سيّد الشعراء، حاله في الجلالة ظاهر ومجده باهر»(4).
3- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «والذي يقتضيه التحقيق بعد إزالة الوسواس، هو البناء على وثاقة الرجل، وصحّة أخباره اعتماداً على شهادة آية الله العلّامة رحمه الله وكفى بها حجّة»(5).
ص: 43
كان(رضي الله عنه) من شعراء أهل البيت(عليهم السلام) المجاهرين، له فيهم مدائح جمّة لا تُعد ولا تُحصى.
قال ابن المعتزّ في طبقاته: «كان السيّد أحذق الناس بسوق الأحاديث والأخبار والمناقب في الشعر، لم يترك لعلي بن أبي طالب فضيلة معروفة إلّا نقلها إلى الشعر، وكان يملّه الحضور في مُحتشد لا يُذكر فيه آل محمّد، ولم يأنس بحفلة تخلو من ذكرهم»(1).
وقال أبو الفرج الإصفهاني في الأغاني: «لا يخلو شعره من مدح بني هاشم، أو ذمّ غيرهم ممّن هو عنده ضدّ لهم.
وروى عن الموصلي عن عمّه قال: جمعت للسيّد في بني هاشم ألفين وثلثمائة قصيدة، فخلت أن قد استوعبت شعره حتّى جلس إليَّ يوماً رجل ذو أطمار رثّة، فسمعني أنشد شيئاً من شعره فأنشدني به ثلاث قصايد لم تكن عندي، فقلت في نفسي: لو كان هذا يعلم ما عندي كلّه ثمّ أنشدني بعده ما ليس عندي لكان عجباً فكيف وهو لا يعلم؟! وإنّما أنشد ما حضره، وعرفت حينئذٍ أنّ شعره ليس ممّا يُدرك، ولا يُمكن جمعه كلّه»(2).
ديوان شعر.
ص: 44
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 171ﻫ إلى 179ﻫ بالعاصمة بغداد، ودُفن فيها.
ص: 45
إسماعيل بن مهران السكوني(رضي الله عنه)(1)
أبو يعقوب، إسماعيل بن مهران بن أبي نصر السكوني، واسم أبي نصر: زيد.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الصادق والرضا(عليهما السلام).
4- قال السيّد الخوئي(قدس سره): «لا ينبغي الريب في وثاقة الرجل، لشهادة الشيخ والنجاشي والعياشي بها»(1).
5- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «اتّفق خبراء علم الرجال على وثاقة المترجم وعدّ الرواية من جهته من الصحاح، كما واتّفق الفقهاء على الأخذ برواياته والإفتاء بها»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (126) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الصادق، والإمام الرضا، والإمام الجواد(عليهم السلام).
الإهليلجة، ثواب القرآن، خطب أمير المؤمنين(عليه السلام)، صفة المؤمن والفاجر، العلل، الملاحم، النوادر.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثالث الهجري.
ص: 47
أصبغ بن نباتة المجاشعي(رضي الله عنه)(1)
أصبغ بن نُباتة التميمي الحنظلي المُجاشِعي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
* كان من شرطة الخميس، ومن أمرائهم في الكوفة.
* عاهد الإمام علي(عليه السلام) على التضحية والفداء والاستشهاد.
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين.
* روى عهد مالك الأشتر، الذي عهده إليه الإمام علي(عليه السلام) لمّا ولّاه مصر، وروى وصية الإمام علي(عليه السلام) إلى ابنه محمّد ابن الحنفية.
* أعان الإمام علي(عليه السلام) على تغسيل سلمان الفارسي، وممّن حمل السرير لسلمان لمّا أراد أن يكلّم الموتى.
ص: 48
* كان من الثقات العشرة الذين أمر الإمام علي(عليه السلام) كاتبه عبيد الله بن أبي رافع بدخولهم عليه، حيث قال له: «أدخل عليَّ عشرة من ثقاتي. فقال: سمّهم لي يا أمير المؤمنين؟ فقال(عليه السلام): أدخل أصبغ بن نباتة...»(1).
1- قال نصر بن مزاحم المنقري(رضي الله عنه): «كان شيخاً ناسكاً عابداً، وكان إذا لقى القوم بعضهم بعضاً يغمد سيفه، وكان من ذخائر علي ممّن قد بايعه على الموت، وكان من فرسان أهل العراق»(2).
2- قال الشيخ المفيد(قدس سره): «وكان من شرطة الخميس، وكان فاضلاً»(3).
3- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «حاله في الوثاقة والجلالة والاختصاص بأمير المؤمنين(عليه السلام) أشهر من أن يذكر»(4).
4- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «من أجلّاء أصحاب الأمير(عليه السلام) وثقاته»(5).
5- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «من أوثق الثقات، وكفى فخراً وجلالة له عدّ أمير المؤمنين(عليه السلام) له من ثقاته، فالرجل ثقة ثقة ثقة، بلا ريب عندي»(6).
ص: 49
6- قال الحافظ العجلي(ت: 261ﻫ): «كوفي تابعي ثقة»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (56) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
1- «عن الأصبغ بن نباتة عن علي قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أنا مدينة الحكمة وعلي بابها، كذب مَن زعم أنّه يدخلها من غير بابها»(2).
2- «عن الأصبغ قال: نشد علي الناس في الرحبة: مَن سمع النبي(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خُم ما قال إلّا قام ولا يقوم إلّا مَن سمع رسول الله يقول.
فقام بضعة عشر رجلاً فيهم أبو أيوب الأنصاري... فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: ألا أنّ الله عزّ وجل وليي وأنا وليّ المؤمنين، ألا فمَن كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وأحبّ مَن أحبّه، وأبغض مَن أبغضه، وأعن مَن أعانه»(3).
ص: 50
3- «عن الأصبغ قال: أتينا مع علي فمررنا بموضع قبر الحسين، فقال علي: هاهنا مناخ ركابهم، وهاهنا موضع رحالهم، وهاهنا مهراق دمائهم، فتية من آل محمّد يُقتلون بهذه العرصة، تبكي عليهم السماء والأرض»(1).
مقتل الحسين(عليه السلام).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
ص: 51
أنس بن الحرث الكاهلي(رضي الله عنه)(1)
أنس بن الحرث - أو الحارث - بن نبيه الكاهلي الأسدي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي، والإمام الحسن، والإمام الحسين(عليهم السلام).
1- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «الرجل في أعلى درجات الوثاقة، وقد كساه تسليم الإمام(عليه السلام) عليه في زيارة الناحية بقوله: السلام على أنس بن كاهل الأسدي. شرفاً على شرف الشهادة»(2).
ص: 52
2- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «أقول: بخٍ بخٍ لمثل هذا الرجل العظيم، مثال السعادة والتوفيق، ففي بدء حياته ينال شرف الصحبة، وفي خاتمة حياته ينال شرف الشهادة في الدفاع عن سيّد شباب أهل الجنّة صلوات الله عليه، وبعد وفاته ينال شرف التسليم عليه من حجّة الله على الخلق أجمعين، فهو غنيّ عن التوثيق، وأجلّ من التعديل»(1).
3- قال الشيخ محمّد السماوي(قدس سره): «كان صحابياً كبيراً ممّن رأى النبي(صلى الله عليه وآله) وسمع حديثه»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
من رواياته
روى(رضي الله عنه) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) خبر قتل الحسين(عليه السلام) في كربلاء والحثّ على نصرته: «سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: إنّ ابني ذا - يعني الحسين - يُقتل بأرض يقال لها كربلاء، فمَن شهد ذلك منكم فلينصره»(3).
ص: 53
خرج(رضي الله عنه) من الكوفة ليلتحق بركب الإمام الحسين(عليه السلام)، فالتقى به عند نزوله(عليه السلام) أرض كربلاء.
جاء(رضي الله عنه) يوم العاشر من المحرّم إلى الإمام الحسين(عليه السلام) طالباً منه الرخصة للبراز والقتال، فلمّا أذن له الإمام الحسين(عليه السلام) في القتال شدّ وسطه بعمامة، ثمّ دعا بعصابة عصّب بها حاجبيه، ورفعهما عن عينيه، فلمّا نظر الإمام الحسين(عليه السلام) إليه بهذه الهيئة بكى وقال له: «شكر الله لك يا شيخ»(1).
ثمّ برز(رضي الله عنه) مرتجزاً:
قد علمت كاهلها ودودان ** والخندفيون وقيس عيلان
بأنّ قومي قصم الأقران
استُشهد(رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61ﻫ بواقعة الطف، ودُفن في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء المقدّسة.
ص: 54
أُويس القرني(رضي الله عنه)(1)
أُويس بن عامر بن جزء القَرني المرادي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي(عليه السلام)، وعدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان(2).
1- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «ليشفعن رجل من أُمّتي لأكثر من تميم ومن مضر، وإنّه أُويس القَرني»(3).
ص: 55
2- قال الإمام علي(عليه السلام): «أخبرني حبيبي رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّي أدرك رجلاً من أُمّته يُقال له أُويس القَرني، يكون من حزب الله ورسوله، يموت على الشهادة، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر»(1).
3- قال الإمام الباقر(عليه السلام): «شهد مع علي بن أبي طالب(عليه السلام) من التابعين ثلاثة نفر بصفّين شهد لهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالجنّة ولم يرهم: أويس القَرني وزيد بن صوحان العبدي وجُندب الخير الأزدي رحمة الله عليهم»(2).
4- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.
ثمّ ينادي مناد: أين حواري علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وصيّ محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فيقوم... وأُويس القَرني... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(3).
ص: 56
1- قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «وكان أُويس من خيار التابعين، لم ير النبي(صلى الله عليه وآله) ولم يصحبه»(1).
2- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «من مشاهير الأبدال، وممّن تضرب به الأمثال في كمال الإيمان والاعتدال»(2).
3- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «وقد اتّفق الفريقان على وثاقة الرجل وتقواه وزهده وعُلاه، وملأوا الكتب من مدائحه وفضائله»(3).
4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ جلالة المترجم، وتحلّيه بالصفات الملكوتية، والأخلاق المحمّدية صلى الله عليه وآله وسلم، ممّا لا يتطرّقه شك، إلّا ممّن طبع الله على قلبه، ووثاقته العظيمة لابدّ وأن يُذعن لها كلّ مَن له نصيب من الإيمان، بل الإسلام، وشهادته بين يدي سيّد المتّقين وأمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام، وكونه من حواريّيه، ومن الأركان، يرفعه عن مستوى الوثاقة إلى ما دون مرتبة العصمة»(4).
ص: 57
5- قال الحافظ أبو نعيم الإصفهاني: «فمن الطبقة الأُولى من التابعين سيّد العبّاد، وعلم الأصفياء من الزهّاد، أُويس بن عامر القَرني، بشّر النبي(صلى الله عليه وآله) به، وأوصى به أصحابه»(1).
6- قال ابن عدي: «وقد شكّ قوم فيه، ولا يجوز أن يشكّ فيه لشهرته، ولا يتهيّأ أن يحكم عليه بالضعف، بل هو ثقة صدوق»(2).
كان(رضي الله عنه) أحد الزهّاد الثمانية، الذين أعرضوا عن ملذّات الدنيا وزخارفها، وروي في زهده أنّ رجلاً من قبيلة مراد جاء إليه وقال له: «كيف أنت يا أُويس؟ قال: بخير نحمد الله، قال: كيف الزمان عليكم؟ قال: ما تسأل رجلاً إذا أمسى لم ير أنّه يُصبح، وإذا أصبح لم ير أنّه يُمسي، يا أخا مراد، إنّ الموت لم يبق لمؤمن فرحاً، يا أخا مراد، إنّ معرفة المؤمن بحقوق الله لم تبق له فضّة وذهباً، يا أخا مراد، إنّ قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقاً، والله إنّا لنأمرهم بالمعروف، وننهاهم عن المنكر فيتّخذونا أعداء، ويجدون على ذلك من الفسّاق أعواناً حتّى والله لقد رموني بالعظائم، وأيم الله لا يمنعني ذلك أن أقوم لله بالحق»(3).
ص: 58
قُتل(رضي الله عنه) بين يدي الإمام علي(عليه السلام) في حرب صفّين، فلمّا سقط نظروا إلى جسده الشريف، فإذا به أكثر من أربعين جراحة، بين طعنة وضربة ورمية.
استُشهد(رضي الله عنه) في شهر صفر 37ﻫ بحرب صفّين، ودُفن في منطقة صفّين، وقبره معروف يُزار.
ص: 59
البراء بن عازب الأنصاري الخزرجي(رضي الله عنه)(1)
أبو عامر، البَراء بن عازب الأنصاري الخزرجي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في المدينة باعتباره مدني.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ عدّ البرقي والعلّامة للمترجم من أصفياء أمير المؤمنين(عليه السلام)، وعدّ ابن أبي الحديد له من رؤساء الأنصار الذين كانوا تحت راية أمير المؤمنين(عليه السلام)، واتّفاق الخبراء من أرباب الرجال بنضاله تحت راية أمير المؤمنين(عليه السلام) في حروبه الثلاثة، وتصريحه لأمير المؤمنين(عليه السلام) بأنّه هو وأصحابه كانوا قبل اتّباعهم لأمير المؤمنين(عليه السلام) بمنزلة اليهود تخف عليهم العبادة، وإنّ بعد اتّباعهم له(عليه السلام) وقع حقائق الإيمان في قلوبهم، ومناداته بحديث الغدير، وشهادته عند استشهاده(عليه السلام) منه ومن آخرين بحديث الغدير، وإعلانه الولاء لأمير المؤمنين(عليه السلام)، وإرسال أمير المؤمنين له إلى أهل النهروان، وموقفه يوم السقيفة.. إلى غير ذلك ممّا يشهد على جلالته ووثاقته، لأدلّ دليل على قربه منه(عليه السلام) ومنزلته واعتماده عليه.
ص: 60
ومن ملاحظة مجموع ما ذكرناه ينبغي عدّه من الثقات الأجلّاء، وأنّ عدّه من الحسان هضم لحقّه، وتنقيص لرتبته، والله العالم»(1).
روى الشيخ الكشّي(قدس سره) في رجاله عن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام) «أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) قال للبراء بن عازب: كيف وجدت هذا الدين؟ قال: كنّا بمنزلة اليهود قبل أن نتّبعك، تخفّ علينا العبادة، فلمّا اتّبعناك ووقع حقائق الإيمان في قلوبنا وجدنا العبادة قد تثاقلت في أجسادنا.
قال أمير المؤمنين(عليه السلام): فمَن ثَمّ يحشر الناس يوم القيامة في صور الحمير، وتُحشرون فرادى فرادى يُؤخذ بكم إلى الجنّة»(2).
ص: 61
كان(رضي الله عنه) من الصحابة الذين قاموا وشهدوا على صحّة ما نقله الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا ناشدهم قائلاً: «أنشد الله مَن حفظ ذلك من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لما قام فأخبر به.
فقام زيد ابن أرقم، والبَراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمّار بن ياسر(رضي الله عنهم) فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: أيّها الناس إنّ الله أمرني أن أنصّب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيّي وخليفتي، والذي فرض الله عزّ وجل على المؤمنين في كتابه طاعته، فقرنه بطاعته وطاعتي، فأمركم بولايتي وولايته، فإنّي راجعت ربّي عزّ وجل خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربّي لأبلّغنها أو ليعذّبني»(1).
«عن سليمان بن مهران الأعمش قال: شهد عندي عشرة نفر من خيار التابعين أنّ البَراء بن عازب قال: إنّي لأتبرء ممّن تقدّم على علي بن أبي طالب، وأنا بريء منهم في الدنيا والآخرة»(2).
ص: 62
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) حوالي عام 72ﻫ بالكوفة.
ص: 63
البراء بن معرور الأنصاري الخزرجي(رضي الله عنه)(1)
أبو بشر، البَراء بن معرور بن صخر الأنصاري الخزرجي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في المدينة باعتباره مدني.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله).
* أوّل مَن بايع النبي(صلى الله عليه وآله) في بيعة العقبة الثانية، التي كانت تضمّ سبعين رجلاً وامرأتين من الأوس والخزرج، فبايعوه وعاهدوه بنصرته وإعانته، فواعدهم(صلى الله عليه وآله) بدخول الجنّة(2).
* كان من النقباء الاثني عشر الذين اختارهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) - ليلة العقبة الثانية بإشارة من جبرائيل(عليه السلام) - نقباء لأُمّته، كعدّة نقباء نبيّ الله موسى(عليه السلام)(3).
ص: 64
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعدما قدم المدينة انطلق بأصحابه فصلّى على قبره: «اللّهم صلّ على البَراء بن معرور، ولا تحجبه عنك يوم القيامة، وأدخله الجنّة وقد فعلت»(1).
أو قال: «اللّهم اغفر له وارحمه وارض عنه وقد فعلت»(2).
قال الإمام الصادق(عليه السلام): «جرت في البَراء بن معرور الأنصاري ثلاث من السنن، أمّا أوّليهنّ: فإنّ الناس كانوا يستنجون بالأحجار فأكل البَراء بن معرور الدباء فلان بطنه فاستنجى بالماء، فأنزل الله عزّ وجل فيه (إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ)، فجرت السنّة في الاستنجاء بالماء.
فلمّا حضرته الوفاة كان غائباً عن المدينة فأمر أن يحول وجهه إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) - وأوصى بالثلث من ماله - فنزل الكتاب بالقبلة، وجرت السنّة بالثلث»(3).
بشر، الذي أكل مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم خيبر من الشاة المسمومة؛ ليدفع عنه(صلى الله عليه وآله) الموت، فمات دونه(4).
ص: 65
تُوفّي(رضي الله عنه) في السنة الأُولى من الهجرة قبل قدوم النبي(صلى الله عليه وآله) المدينة بشهر، ودُفن بالمدينة المنوّرة، وهو «أوّل مَن مات من النقباء»(1).
ص: 66
بركة بنت ثعلبة أُم أيمن(رضي الله عنها)(1)
أُمّ أيمن، بركة بنت ثعلبة بن عمرو الحبشية.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادتها ومكانها، إلّا أنّها من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّها ولدت في الحبشة باعتبارها حبشية.
كانت(رضي الله عنها) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، وفاطمة الزهراء(عليها السلام).
كانت(رضي الله عنها) خادمة وجارية لعبد الله بن عبد المطّلب، فلمّا ولدت السيّدة آمنة رسول الله(صلى الله عليه وآله) حضنته حتّى كبر، ثمّ أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أعتقها حين تزوّج بالسيّدة خديجة(رضي الله عنها).
تزوّجت(رضي الله عنها) أوّلاً عبيد بن عمرو الخزرجي الحبشي في مكّة، فولدت له ولداً وكنّيت به، وبعد وفاته تزوّجت زيد بن حارثة الكلبي فولدت له أُسامة، فأُسامة وأيمن أخَوَان لأُم.
ص: 67
1- أيمن بن عبيد، قال عنه الشيخ الطوسي(قدس سره): «قُتل يوم أُحد، وهو من الثمانية الصابرين»(1).
2- أبو محمّد أُسامة بن زيد، أمّره رسول الله(صلى الله عليه وآله) على جيش قبيل وفاته لغزو الروم، عُرف بجيش أُسامة، ولعن مَن تخلّف عنه(2).
1- قال(صلى الله عليه وآله):«مَن سرّه أن يتزوّج امرأة من أهل الجنّة فليتزوّج أُمّ أيمن»(3).
2- قال(صلى الله عليه وآله):«هذه بقية أهل بيتي»(4).
3- قال(صلى الله عليه وآله):«أُمّ أيمن أُمّي بعد أُمّي»(5).
قال(عليه السلام): «فإنّي أشهد أنّها من أهل الجنّة»(6).
ص: 68
روي لها(رضي الله عنها) بعض الكرامات، منها ما قاله عثمان بن القاسم: «لمّا هاجرت أُمّ أيمن أمست بالمنصرف دون الروحاء فعطشت وليس معها ماء، وهي صائمة فجهدها العطش فدلي عليها من السماء دلو من ماء برشاء أبيض فأخذته فشربت منه حتّى رويت فكانت تقول: ما أصابني بعد ذلك عطش، ولقد تعرّضت للعطش بالصوم في الهواجر فما عطشت بعد تلك الشربة، وإن كنت لأصوم في اليوم الحار فما أعطش»(1).
شهدت(رضي الله عنها) أمام أبي بكر بعد تولّيه الخلافة، وغصبه فدكاً من الزهراء(عليها السلام)، وطلبه منها(عليها السلام) أن تأتيه بشهود يشهدون بأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد أعطاها فدكاً، فأتت بأُمّ أيمن، وشهدت(رضي الله عنها) بذلك، ولكنّ عمر أجابها لمّا شهدت بأحقّية الزهراء بفدك: أنت امرأة ولا نجيز شهادة امرأة وحدها(2).
تُعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روت أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، كما روت لنا عن سيرة النبي وأهل بيته(عليهم السلام).
تُوفّيت(رضي الله عنها) بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) بخمسة أشهر.
ص: 69
بريد بن معاوية العجلي(رضي الله عنه)(1)
أبو القاسم، بُريد بن معاوية العجلي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبد الله(عليهما السلام)، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأوّلين ستّة: زرارة، ومعروف بن خرّبوذ، وبُريد، وأبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمّد بن مسلم الطائفي، قالوا: وأفقه الستّة زرارة»(2).
ص: 70
1- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «بشّر المخبتين بالجنّة: بُريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير بن ليث البختري المرادي، ومحمّد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أُمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوّة واندرست»(1).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ أصحاب أبي(عليه السلام) كانوا زيناً أحياءً وأمواتاً، أعني: زرارة، ومحمّد بن مسلم، ومنهم ليث المرادي، وبُريد العجلي، هؤلاء القوّامون بالقسط، هؤلاء القائلون بالصدق، هؤلاء السابقون السابقون، أُولئك المقرّبون»(2).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «أوتاد الأرض، وأعلام الدين أربعة: محمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي، وزرارة بن أعين»(3).
4- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي(عليه السلام) إلّا زرارة، وأبو بصير المرادي، ومحمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفّاظ الدين، وأُمناء أبي(عليه السلام) على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة»(4).
ص: 71
5- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... .
ثمّ ينادي المنادي: أين حواري محمّد بن علي وحواري جعفر بن محمّد؟ فيقوم... وبُريد بن معاوية العجلي... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(1).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «ممّا لا ريب فيه أنّ المترجم في أعلى درجات الوثاقة والجلالة، وقربه من أئمّة الهدى(عليهم السلام)، وقد امتاز بفضائل ومميّزات قلّ مَن حازها من الرواة، فهو عندي ثقة ثقة، ورواياته صحاح من جهته، في أعلى درجات الصحّة»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (206) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) في أيّام الإمام الصادق(عليه السلام)، وقد تُوفّي(عليه السلام) عام 148ﻫ.
ص: 73
بريدة بن الخضيب الأسلمي(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الله، بُريدة بن الخضيب - أو الخصيب - بن عبد الله الأسلمي الخزاعي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
* كان رئيس قبيلة أسلم، فلمّا هاجر النبي(صلى الله عليه وآله) إلى المدينة مرّ بهم، فدعاهم(صلى الله عليه وآله) إلى الإسلام فأسلموا، ثمّ إلتحق بُريدة بالنبي(صلى الله عليه وآله) في المدينة المنوّرة أيّام بناء المسلمين للمسجد، وحضر مع النبي(صلى الله عليه وآله) معركة خيبر، وأبلى فيها بلاءً حسناً، كما حضر فتح مكّة.
* جعله النبي(صلى الله عليه وآله) مسؤولاً على صدقات قومه، كما جعله صاحب الراية واللواء في جيش اُسامة بن زيد.
* كان من الصحابة السابقين الذين بايعوا الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) على الخلافة، ولم يبايعوا غيره.
* كان أحد الحاضرين في تشييع السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، والصلاة عليها ودفنها ليلاً، مع أنّها أوصت أن لا يشهد جنازتها ظالم لها.
* كان مع الإمام علي(عليه السلام) لمّا استلم مقاليد الحكومة الإسلامية، وذهب معه إلى
ص: 74
العراق، وبقي فيها حتّى استُشهد(عليه السلام)، فترك العراق وذهب إلى خراسان، وبقي فيها إلى نهاية عمره.
قال(رضي الله عنه): «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أمرني سابع سبعة، فيهم أبو بكر وعمر وطلحة والزبير، فقال: سلّموا على علي(عليه السلام) بإمرة المؤمنين. فسلّمنا عليه بذلك، ورسول الله حيّ بين أظهرنا»(1).
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال:«يا أبا بكر، نسيت أم تناسيت أم خادعتك نفسك؟! أما تذكر إذا أمرنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) فسلّمنا على علي بإمرة المؤمنين، ونبيّنا(عليه السلام) بين أظهرنا؟! فاتّق الله ربّك، وأدرك نفسك قبل أن لا تدركها، وأنقذها من هلكتها، ودع هذا الأمر، ووكّله إلى مَن هو أحقّ به منك، ولا تماد في غيّك، وارجع وأنت تستطيع الرجوع، فقد نصحتك نصحي، وبذلت لك ما عندي، فإن قبلت وفّقت ورشدت»(2).
ثمّ قال بعدما رأى أبا بكر متمسّكاً بالخلافة: «ألا إنّ المدينة حرام عليّ أن أسكنها
ص: 75
أبداً حتّى أموت، وخرج بُريدة بأهله وولده، فنزل بين قومه بني أسلم»(1).
1- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «وبالجملة، فالأخبار في غيرته للحقّ، وإنكاره على لصوص الخلافة، وهجره المدينة إلى أن عاد الحقّ إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) متواترة المعنى، وهي تكشف كشفاً قطعيّاً عن قوّة إيمانه، ورسوخ ملكته، وخشونته في ذات الله، وتصلّبه في الديانة، واتّصافه بأعلى مراتب الوثاقة والعدالة، والرجل إمامي عدل ثقة بلا شبهة»(2).
2- قال ابن حجرالعسقلاني (ت: 852ﻫ): «وأخبار بُريدة كثيرة ومناقبه مشهورة»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 62ﻫ أو 63ﻫ بمدينة مرو في خراسان، ودُفن فيها.
ص: 76
برير بن خضير الهمداني المشرقي(رضي الله عنه)(1)
بُرير بن خُضير الهمْداني المشرقي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين أمير المؤمنين والحسين(عليهما السلام).
* كان من شيوخ قرّاء القرآن الكريم.
* كان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيّين.
3- قال السيّد محسن الأمين(قدس سره) : «كان بُرير زاهداً عابداً»(1).
4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ ولاءه لأهل البيت(عليهم السلام)، وتفانيه في عقيدته، كان متسالماً عليه، وإنّ جلالته ووثاقته كان معترفاً بها حتّى عند المخدّرات، فهو ثقة جليل، وزادته شهادته جلالة وقدساً تسليم الإمام(عليه السلام)(2)، فرضوان الله عليه»(3).
خرج(رضي الله عنه) من الكوفة إلى مكّة المكرّمة لمبايعة الإمام الحسين(عليه السلام) ونصرته، ثمّ سار معه(عليه السلام) إلى كربلاء، وله فيها قضايا ومواعظ تدلّ على قوّة إيمانه(رضي الله عنه)، منها:
قوله للإمام الحسين(عليه السلام): «والله يا ابن رسول الله، لقد مَنّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك، وتقطّع فيك أعضائنا، ثمّ يكون جدّك شفيعنا يوم القيامة»(4).
ص: 78
وإنّه كان يمازح عبد الرحمن بن عبد ربّه الأنصاري، «فقال له عبد الرحمن: دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل! فقال له بُرير: والله، لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً، ولكن والله إنّي لمستبشر بما نحن لاقون، والله أنّ بيننا وبين الحور العين إلّا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم، ولوددت أنّهم قد مالوا علينا بأسيافهم»(1).
قال (رضي الله عنه ) للإمام الحسين(عليه السلام): «يا ابن رسول الله، ائذن لي أن آتي هذا الفاسق عمر بن سعد فأعظه؛ لعلّه يتّعظ ويرتدع عمّا هو عليه، فقال الحسين: ذاك إليك يا بُرير. فذهب إليه حتّى دخل على خيمته، فجلس ولم يسلّم، فغضب عمر وقال: يا أخا همدان، ما منعك من السلام عليَّ! ألست مسلماً أعرف الله ورسوله، وأشهد بشهادة الحق؟
فقال له بُرير: لو كنت عرفت الله ورسوله كما تقول، لما خرجت إلى عترة رسول الله تريد قتلهم، وبعد فهذا الفرات يلوح بصفائه ويلج كأنّه بطون الحيات تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها، وهذا الحسين بن علي وإخوته ونساؤه وأهل بيته يموتون عطشاً، وقد حلت بينهم وبين ماء الفرات أن يشربوه، وتزعم أنّك تعرف الله ورسوله! فأطرق عمر بن سعد ساعة إلى الأرض ثمّ رفع رأسه وقال: والله يا بُرير، إنّي لأعلم يقيناً أن كلّ مَن قاتلهم وغصبهم حقّهم هو في النار لا محالة، ولكن يا بُرير، أفتشير عليَّ أن أترك ولاية الري فتكون لغيري، فوالله ما أجد نفسي تجيبني لذلك.
ص: 79
فرجع بُرير إلى الحسين وقال: يا ابن رسول الله، إنّ عمر بن سعد قد رضى لقتلك بولاية الري»(1).
طلب الإمام الحسين(عليه السلام) منه أن يعظ القوم، «فتقدّم بُرير فقال: يا قوم، اتّقوا الله فإنّ ثقل محمّد قد أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذرّيته وعترته وبناته وحرمه، فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون أن تصنعوه بهم؟ فقالوا: نريد أن نمكّن منهم الأمير ابن زياد، فيرى رأيه فيهم.
فقال لهم بُرير: أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه؟ ويلكم يا أهل الكوفة، أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها، يا ويلكم أدعوتم أهل بيت نبيّكم، وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد، وحلأتموهم عن ماء الفرات، بئس ما خلفتم نبيّكم في ذرّيته، ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة، فبئس القوم أنتم. فقال له نفر منهم: يا هذا ما ندري ما تقول؟
فقال بُرير: الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة، اللّهم إنّي أبرء إليك من فعال هؤلاء القوم، اللّهم ألق بأسهم بينهم، حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان. فجعل القوم يرمونه بالسهام، فرجع بُرير إلى ورائه»(2).
ص: 80
خرج(رضي الله عنه) إلى ميدان القتال وهو يقول:
أنا بُرير وأبي خُضير ** ليث يروع الأسد عند الزئر
يعرف فينا الخير أهل الخير ** أضربكم ولا أرى من ضير
كذاك فعل الخير من بُرير.
وبعدما قتل من الجيش ثلاثين رجلاً، سقط قتيلاً بضربة من بحير بن أوس الضبي.
استُشهد(رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61ﻫ بواقعة الطف، ودُفن في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء المقدّسة.
ص: 81
بلال بن رباح الحبشي(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الله، وقيل: أبو عمرو، بلال بن رباح الحبشي، مولى رسول الله(صلى الله عليه وآله).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله).
* كان من السابقين إلى الإسلام، وتحمّل الأذى الكثير في سبيل الله عندما كان في مكّة، شأنه في ذلك شأن الأبرار من الصحابة الذين أسلموا في بداية الدعوة السرّية.
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
* كان مؤذّناً لرسول الله(صلى الله عليه وآله).
* كان من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة.
ص: 82
1- قال الإمام الباقر أو الإمام الصادق(عليهما السلام): «إنّ بلالاً كان عبداً صالحاً»(1).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «رحم الله بلالاً؛ فإنّه كان يُحبّنا أهل البيت»(2).
1- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «بل الوجه استفادة توثيقه ممّا ذكر، سيّما من امتناعه من بيعة أبي بكر الذي هو أقوى دليل، وأعدل شاهد على رسوخ ملكته، وقوّة ديانته، وفضل عدالته، فالحقّ عندي أنّ حديثه من الصحاح دون الحسان، والله المستعان»(3).
ص: 83
2- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «لابدّ من الحكم بوثاقة المترجم وجلالته بناءً على التوثيق بالقرائن، وإن لم يصرّح الأصحاب بوثاقته كما هو اختيار جمع من المحقّقين، حيث إنّ من يوم إسلامه إلى يوم وفاته لم يعثر المنقّب على ناحية واحدة توحي بضعفه، أو يؤاخذ بها عليها، بل حياته طافحة بما يوجب تقديسه وتعظيمه، وتفانيه في سبيل عقيدته، ثمّ ملازمته لنبيّه العظيم(صلّى الله عليه وآله) في جميع غزواته، وولائه لأهل بيت الرسالة عليهم أفضل الصلاة والسلام، وعدم بيعته لمنتخب سقيفة بني ساعدة، بالإضافة إلى تصريح الإمام الصادق(عليه السلام) وشهادته بأنّه كان عبداً صالحاً تجعله في قمّة الوثاقة، فالمترجم إن لم يكن فوق مرتبة الوثاقة، فهو ثقة بلا ريب، والرواية من جهته صحيحة بلا شك»(1).
ص: 84
كان(رضي الله عنه) مؤذّن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولمّا تُوّفي(صلى الله عليه وآله) امتنع بلال من الأذان وقال: «لا أُؤذن لأحد بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وإنّ فاطمة(عليها السلام) قالت ذات يوم: إنّي أشتهي أن أسمع صوت مؤذّن أبي(عليه السلام) بالأذان، فبلغ ذلك بلالاً فأخذ في الأذان، فلمّا قال: الله أكبر، الله أكبر، ذكرت أباها(عليه السلام) وأيّامه فلم تتمالك من البكاء، فلمّا بلغ إلى قوله: أشهد أنّ محمّداً رسول الله، شهقت فاطمة(عليها السلام) شهقة وسقطت لوجهها وغشي عليها.
فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال، فقد فارقت ابنة رسول الله(صلى الله عليه وآله) الدنيا، وظنّوا أنّها قد ماتت، فقطع أذانه ولم يتمّه، فأفاقت فاطمة(عليها السلام) وسألته أن يتمّ الأذان فلم يفعل، وقال لها: يا سيّدة النسوان إنّي أخشى عليك ممّا تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان فأعفته عن ذلك»(1).
ص: 85
روي في مجموعة ورّام: «بينما النبي(صلى الله عليه وآله) والناس في المسجد ينتظرون بلالاً أن يأتي فيؤذّن إذ أتي، فقال له النبي(صلى الله عليه وآله): ما حبسك يا بلال؟
فقال: إنّي اجتزت بفاطمة(عليها السلام) وهي تطحن، واضعة ابنها الحسن عندها وهو يبكي، فقلت لها: أيّما أحبّ إليك إن شئت كفيتك ابنك، وإن شئت كفيتك الرحى؟ فقالت: أنا أرفق بابني، فأخذت الرحى فطحنت فذاك الذي حبسني، فقال النبي(صلى الله عليه وآله): رحمتها رحمك الله»(1).
روى العلّامة الوحيد البهبهاني(قدس سره) عن أبي البختري؛ قال: «حدّثنا عبد الله بن الحسن: أنّ بلالاً أبى أن يُبايع أبا بكر، وأنّ عمر أخذ بتلابيبه وقال له: يا بلال! هذا جزاء أبي بكر منك ان أعتقك، فلا تجيء تبايعه؟!
فقال:... فما كنت أبايع مَن لم يستخلفه رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والذي استخلفه بيعته في أعناقنا إلى يوم القيامة، فقال عمر: لا أباً لك! لا تقم معنا، فارتحل إلى الشام»(2).
ص: 86
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 17ﻫ إلى 25ﻫ بالشام.
ص: 87
بهلول بن عمرو الصيرفي(رضي الله عنه)(1)
أبو وهيب، بهلول بن عمرو الصيرفي الكوفي، المعروف ببهلول المجنون.
ولد(رضي الله عنه) في الكوفة، ولم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
كان(رضي الله عنه) من علماء وفضلاء أهل الكوفة، وكان يُفتي على مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، وعُرف بمناظراته مع أبي حنيفة وغيره.
قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ مَن يفرّ بدينه، ويحرص على إيمانه، ويمتثلّ أمر إمام زمانه عليه أفضل الصلاة والسلام بالتجنّن بغية الحفظ على عقائده، ومع ذلك لا يفتأ من الدعاية للمذهب، ونشر فضائل أهل البيت، وإرشاد الناس لما فيه صلاح دينهم، وهو بعد ذلك لا تصدر منه أيّ منقصة، لجدير بعدّه من أوثق الثقات، ومن نوادر الرجال، فالرجل عندي ثقة جليل»(2).
كان(رضي الله عنه) في قمّة الكمال والمعرفة والعقل، وللتخلّص من شرور خلفاء العبّاسيين
ص: 88
كان يتصرّف تصرّف المجانين، ويُظهر الهذيان والسفاهة، وذلك بأمر من الإمام الكاظم(عليه السلام)؛ لحفظ نفسه ودينه، والتمكّن من التصرّف على إزهاق الباطل وإظهار الحقّ عن طريق البلاهة والسفاهة، فاشتهر بالمجنون خلافاً للواقع والحقيقة؛ لعلوّ مقامه وفضله وجلالة قدره.
إن كنت تهواهم حقّاً بلا كذب ** فالزم جنونك في جدٍّ وفي لعب
إيّاك من أن يقولوا عاقل فطن ** فتبتلى بطويل الكدّ والنصب
مولاك يعلم ما تطويه من خُلق ** فما يضرّ بأن سبّوك بالكذب
كان(رضي الله عنه) شاعراً حكيماً، وكاملاً في فنون الحكم والمعارف والآداب، وله كلمات حسنة وأشعار رائقة، منها:
1- قال في مدح أهل البيت(عليهم السلام):
برئتُ إلى الله من ظالم ** لسبط النبي أبي القاسم
ودنت إلهي بحبّ الوصي ** وحبّ النبي أبي فاطم
وذلك حرز من النائبات ** ومن كلّ متّهم غاشم
بهم أرتجي الفوز يوم المعاد ** وأنجو غداً من لظى ضارم
ص: 89
2- قال في الحكمة:
يا مَن تمتّع بالدنيا وزينتها ** ولا تنام عن اللذّات عيناه
شغلت نفسك فيما ليس تدركه ** تقول لله ماذا حين تلقاه(1).
وقال أيضاً:
يا خاطب الدنيا إلى نفسه ** تنح عن خطبتها تسلم
إنّ التي تخطب غرارة ** قريبة العرس إلى المأتم(2).
وقال:
توكّلتُ على الله ** وما أرجو سوى الله
وما الرزق من الناس ** بل الرزق من الله(3).
3- قال لهارون الرشيد:
هب أن قد ملكت الأرض طرّاً ** ودان لك العباد فكان ماذا
أليس غداً مصيرك جوف قبر ** ويحثو عليك التراب هذا ثمّ هذا(4).
ص: 90
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 190ﻫ، ودُفن في بغداد.
ص: 91
ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي(رضي الله عنه)(1)
أبو حمزة، ثابت بن أبي صفية دينار الثُمالي الكوفي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام زين العابدين والإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الكاظم(عليهم السلام).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «ثقة... لقي علي بن الحسين، وأبا جعفر، وأبا عبد الله، وأبا الحسن(عليهم السلام)، وروى عنهم، وكان من خيار أصحابنا وثقاتهم، ومعتمدهم في الرواية والحديث»(1).
2- قال الشيخ الصدوق(قدس سره): «وهو ثقة عدل»(2).
3- قال الشيخ عباس القمّي(قدس سره): «الثقة الجليل، صاحب الدعاء المعروف في أسحار شهر رمضان، كان من زهّاد أهل الكوفة ومشايخها»(3).
4- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «أنّ أبا حمزة الثُمالي في غاية الجلالة والوثاقة»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (107) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام زين العابدين والإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الكاظم(عليهم السلام).
حمزة، منصور، نوح، قتلوا مع الشهيد زيد بن علي بن الحسين(عليهما السلام).
ص: 93
دعاء السحر المعروف بدعاء أبي حمزة الثُماني، رسالة الحقوق.
تفسير القرآن، النوادر، الزهد.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 150ﻫ.
ص: 94
جابر بن عبد الله الأنصاري(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الله، جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري الخزرجي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام زين العابدين(عليهم السلام).
* شهد بدراً وثماني عشرة غزوة مع النبي(صلى الله عليه وآله)، وشهد حرب صفّين مع الإمام علي(عليه السلام)، وكان من شرطة الخميس في الكوفة.
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(2).
* أدرك الإمام الباقر(عليه السلام)، إلّا أنّه تُوفّي قبل إمامته، وله من المكانة بحيث أنّ الإمام الباقر(عليه السلام) يروي عنه، حيث قال: «حدّثني جابر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولم يكذب جابر أنّ ابن الأخ يُقاسم الجد»(3).
* كان من الثلّة القليلة التي تعرف تأويل الآية الشريفة: «إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ»(4)، أي أنّه كان يؤمن بالرجعة، فإنّ من النادر أن يعتقد أحد بالرجعة في القرن الأوّل الهجري.
ص: 95
1- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ جابر بن عبد الله الأنصاري كان آخر مَن بقي من أصحاب رسول الله، وكان رجلاً منقطعاً إلينا أهل البيت»(1).
2- قال محمّد بن مسلم وزرارة: «سألنا أبا جعفر(عليه السلام) عن أحاديث فرواها عن جابر، فقلنا: مالنا ولجابر؟ فقال: بلغ من إيمان جابر أنّه كان يقرأ هذه الآية: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ)»(2).
1- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «عظيم الشأن»(3).
2- قال الشيخ حسن الجبعي العاملي(قدس سره): «تكاثرت الرواية في مدحه، وما رأيت ما يخالفها»(4).
3- قال السيّد التفرشي(قدس سره): «وأورد الكشّي في مدحه روايات كثيرة، تدلّ على علوّ مرتبته، وحسن عقيدته، وانقطاعه إلى أهل البيت(عليهم السلام)»(5).
4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «اتّفقت كلمات الخاصّة والعامّة على توثيق المترجم وتجليله وتعظيمه، فهو صحابيّ جليل، ثقة نبيل، ولم نقف على غمز فيه، مع أنّه كان من المعلنين والمتجاهرين بالولاء لأهل البيت(عليهم السلام)، والناشرين لفضائلهم»(6).
كان(رضي الله عنه) منقطعاً إلى أهل البيت(عليهم السلام)، ثابتاً على حبّهم، عن أبي الزبير قال: «رأيت جابراً متوكّأً على عصاه وهو يدور في سكك المدينة ومجالسهم وهو يقول: علي خير
ص: 96
البشر، فمَن أبى فقد كفر، يا معشر الأنصار، أدّبوا أولادكم على حبّ علي، فمَن أبى فلينظر في شأن أُمّه»(1).
وهو أوّل مَن زار قبر الإمام الحسين(عليه السلام) في أيّام أربعينيّته، وبكى عليه كثيراً.
كان(رضي الله عنه) يتلهّف للقاء الإمام الباقر(عليه السلام) لرواية سمعها عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، حيث كان يجلس في مسجد النبي(صلى الله عليه وآله) وينادي: «يا باقر العلم! يا باقر العلم! فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا والله ما أهجر، ولكنّي سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: إنّك ستدرك رجلاً منّي، اسمه اسمي، وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقراً، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول.
قال: فبينما جابر يتردّد يوماً في بعض طرق المدينة، إذ مرّ بطريق في ذاك الطريق كتّاب فيه: محمّد بن علي، فلمّا نظر إليه قال: يا غلام! أقبل! فأقبل، ثمّ قال له: أدبر! فأدبر، ثمّ قال: شمائل رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والذي نفسي بيده؛ يا غلام ما اسمك؟ قال: اسمي محمّد بن علي بن الحسين، فأقبل عليه يقبّل رأسه ويقول: بأبي أنت وأُمّي، أبوك رسول الله يقرئك السلام»(2).
ص: 97
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام)، وفاطمة الزهراء(عليها السلام)، كما روى عنه الإمام الباقر(عليه السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 78ﻫ بالمدينة المنوّرة.
ص: 98
جابر بن يزيد الجعفي(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الله، وقيل: أبو محمّد، جابر بن يزيد بن الحارث الجُعفي الكوفي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
كان بوّاباً للإمام الباقر(عليه السلام)، وقد خدم الإمام(عليه السلام) ثماني عشرة سنة.
1- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «رحم الله جابر بن يزيد الجُعفي، فإنّه كان يصدق علينا»(2).
2- قال المفضّل بن عمر الجُعفي للإمام الصادق(عليه السلام): «يا ابن رسول الله، فما منزلة جابر بن يزيد منكم؟ قال(عليه السلام): منزلة سلمان من رسول الله(صلى الله عليه وآله)»(3).
1- قال العلّامة المجلسي(قدس سره): «أنّه كان من أصحاب أسرارهما(عليهما السلام) - أي الباقر والصادق - وكان يذكر بعض المعجزات التي لا تدركها عقول الضعفاء، حصل به
ص: 99
الغلو في بعضهم، ونسبوا إليه افتراء سيّما الغلاة والعامّة»(1).
2- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «ثقة في نفسه»(2).
3- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «إنّ الرجل في غاية الجلالة ونهاية النبالة، وله المنزلة العظيمة عند الصادقينِ(عليهما السلام)، بل هو من حملة أسرارهما وبطانتهما، ومورد الطافهما الخاصّة وعنايتهما المخصوصة، وأمينهما على ما لا يُؤتمن عليه إلّا أوحدي العدول من الأسرار، ومناقب أهل البيت(عليهم السلام)»(3).
4- قال السيّد الخوئي(قدس سره): «الذي ينبغي أن يُقال: أنّ الرجل لا بدّ من عدّه من الثقات الأجلّاء لشهادة علي بن إبراهيم، والشيخ المفيد في رسالته العددية، وشهادة ابن الغضائري، على ما حكاه العلاّمة، ولقول الصادق(عليه السلام) في صحيحة زياد إنّه كان يصدق علينا»(4).
5- قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي(قدس سره): «هو ثقة جليل، صاحب الأسرار والكرامات، وله المنزلة العظيمة والمرتبة الكريمة، ويشهد على ذلك روايات الكشّي في مدحه وجلالته وكراماته»(5).
6- قال خير الدين الزركلي: «تابعي، من فقهاء الشيعة، من أهل الكوفة، أثنى عليه بعض رجال الحديث، واتّهمه آخرون بالقول بالرجعة، وكان واسع الرواية غزير العلم بالدين»(6).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (35) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام زين العابدين والإمام الباقر
ص: 100
والإمام الصادق(عليهم السلام).
التفسير، الجمل، صفّين، الفضائل، مقتل أمير المؤمنين(عليه السلام)، مقتل الحسين(عليه السلام)، النهروان، النوادر.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 128ﻫ، أو عام 132ﻫ.
ص: 101
جميل بن دراج النخعي(رضي الله عنه)(1)
أبو علي، جميل بن درّاج بن عبد الله النخعي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ من هؤلاء، وتصديقهم لما يقولون، وأقرّوا لهم بالفقه - من دون أُولئك الستّة الذين عددناهم وسمّيناهم - ستّة نفر: جميل بن درّاج، وعبد الله بن مسكان، وعبد الله بن بكير، وحماد بن عيسى، وحماد بن عثمان، وأبان بن عثمان.
قالوا: وزعم أبو إسحاق الفقيه، يعنى ثعلبة بن ميمون: أنّ أفقه هؤلاء جميل بن درّاج، وهم أحداث أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام)»(2).
قال(عليه السلام) له: «يا جميل، لا تحدّث أصحابنا بما لم يجمعوا عليه فيكذّبوك»(3).
ص: 102
1- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «له أصل، وهو ثقة»(1).
2- قال الشيخ أبو محمّد ابن فضّال(قدس سره): «شيخنا، ووجه الطائفة، ثقة»(2).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ المترجم من أشهر مشايخ الرواية، وممّن اتّفقت الكلمة على وثاقته وجلالته، وأجمع الأصحاب على تصحيح ما يصحّ عنه، وقد روى عنه أئمّة الحديث ممّن صرّحوا بأنّهم لا يروون إلّا عن الثقات، فهو على ما ذكرنا غنيّ عن التوثيق، والرواية من جهته من الصحاح المتّفقة عليها»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (570) مورداً، ورواياته عن المعصوم(عليه السلام) تبلغ (239) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
له كتاب، والمراد بالكتاب ما اشتمل على روايات مسندة عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) في الأحكام الشرعية ونحوها، وقد يكون الكتاب في غير الأحكام الشرعية من التواريخ والحروب والمغازي وغيرها.
ص: 103
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 104
جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري(رضي الله عنه)(1)
أبو ذر، جُندب بن جُنادة الغِفاري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
المتّفق عليه عند الشيعة أنّ أبا ذرّ رابع مَن أسلم من الرجال، ولكن العامّة اختلفوا في ذلك، فبين مَن قال: إنّه رابع، ومَن قال: إنّه خامس.
کان(رضي الله عنه)من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
* كان أحد الأركان الأربعة(2) الذين أثبتوا ولائهم للإمام علي(عليه السلام) بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله)، وهم: سلمان والمقداد وأبو ذرّ وعمّار(3).
* كان أحد الحاضرين في تشييع السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، والصلاة عليها ودفنها ليلاً، مع أنّها أوصت أن لا يشهد جنازتها ظالم لها.
* كان أحد المتجاهرين بمناقب أهل البيت(عليهم السلام) ومثالب أعدائهم، لم تأخذه في الله لومة لائم عند ظهور المنكر، وانتهاك المحارم.
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج
ص: 105
نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:... أبي ذر الغِفاري... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(1).
1- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «ما أظلّت الخضراء وما أقلّت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر»(2).
2- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أبو ذرّ في أُمّتي شبيه عيسى ابن مريم في زهده»(3).
3- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) للإمام علي(عليه السلام): «الجنّة تشتاق إليك، وإلى عمّار، وسلمان، وأبي ذر، والمقداد»(4).
1- قال الإمام علي(عليه السلام): «خلقت الأرض لسبعة بهم يرزقون، وبهم يمطرون، وبهم ينصرون: أبو ذرّ وسلمان والمقداد وعمّار وحُذيفة... وأنا إمامهم، وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة(عليها السلام)».
قال الشيخ الصدوق(قدس سره): «معنى قوله: خلقت الأرض لسبعة نفر، ليس يعني من ابتدائها إلى انتهائها، وإنّما يعني بذلك أنّ الفائدة في الأرض قدّرت في ذلك الوقت لمَن شهد الصلاة على فاطمة(عليها السلام)، وهذا خلق تقدير لا خلق تكوين»(5).
2- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(6).
ص: 106
1- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «هو المثل الأكبر بعد سلمان الأطهر»(1).
2- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «إنّ حال الرجل في الجلالة والثقة والورع والزهد والعظمة أشهر من الشمس، وأبين من الأمس، وفضائله لا تُعدّ، ومناقبه لا تُحصى، وإيمانه كزبر الحديد»(2).
3- قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي(قدس سره): «من أكابر الصحابة، جليل القدر عظيم الشأن»(3).
كان(رضي الله عنه) من الصحابة الذين قاموا وشهدوا على صحّة ما نقله الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا ناشدهم قائلاً: «أنشد الله مَن حفظ ذلك من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لما قام فأخبر به.
فقام زيد ابن أرقم، والبَراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمّار بن ياسر(رضي الله عنهم) فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: أيّها الناس إنّ الله أمرني أن أنصّب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيّي وخليفتي، والذي فرض الله عزّ وجل على المؤمنين في كتابه طاعته، فقرنه بطاعته وطاعتي، فأمركم بولايتي وولايته، فإنّي راجعت ربّي عزّ وجل خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربّي لأبلّغنها أو ليعذّبني»(4).
ص: 107
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال: «أمّا بعد، يا معشر المهاجرين والأنصار، لقد علمتم وعلم خياركم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: الأمر لعلي(عليه السلام) بعدي، ثمّ للحسن والحسين(عليهما السلام)، ثمّ في أهل بيتي من ولد الحسين. فأطرحتم قول نبيّكم؟ وتناسيتم ما أوعز إليكم، واتّبعتم الدنيا، وتركتم نعيم الآخرة الباقية التي لا تهدم بنيانها ولا يزول نعيمها، ولا يحزن أهلها ولا يموت سكّانها، وكذلك الأُمم التي كفرت بعد أنبيائها بدّلت وغيّرت فحاذيتموها حذو القذّة بالقذّة، والنعل بالنعل، فعمّا قليل تذوقون وبال أمركم وما الله بظلّام للعبيد»(1).
ساءه(رضي الله عنه) ما رأى من ممارسات عثمان في المدينة، وعامله معاوية في دمشق من مثل محاباته قُرباه بالأعمال المهمّة، ودفعه الأموال الطائلة، وكنز الثروات، والتبذير والإسراف، وانتهاك السُنّة النبوية، فامتعض منهما وغضب عليهما.
فنفاه عثمان إلى الشام، ولمّا وصل إلى الشام بقي هناك على نهجه في التصدّي إلى مظاهر الإسراف والتبذير لأموال المسلمين، وظلّ صامداً بالرغم من محاولات معاوية في ترغيبه في الدنيا وتطميعه.
وكان يقول: «والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله ولا سنّة نبيّه، والله إنّي لأرى حقّاً يطفأ، وباطلاً يحيا، وصادقاً مكذّباً، وأثرة بغير تقى، وصالحاً مستأثراً عليه»(2).
ص: 108
وبعد أن عجز عنه معاوية راسل عثمان في شأنه، فطلب عثمان من معاوية أن يُرجع أبا ذرّ إلى المدينة بُعنف، فأركبه معاوية على جمل بلا غطاء ولا وطاء.
ولمّا دخل المدينة منهكاً متعباً حاول عثمان أن يسترضيه بشيءٍ من المال، فرفض ذلك، وواصل انتقاده للنظام الحاكم والأسرة الأموية، فغضب عثمان وأمر بنفيه إلى الرَبَذة، ليُبعده عن الناس.
عند خروجه(رضي الله عنه) من المدينة متوجّهاً إلى منفاه (الربذة)، شايعه الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) وبعض مقرّبيه على الرغم من الحظر الذي فرضه عثمان.
وتكلّم الإمام(عليه السلام) عند توديعه كلاماً أثنى فيه على أبي ذر، وذمّ تصرّف السلطة الحاكمة.
توجّه(رضي الله عنه) إلى صحراء الربذة مع أهل بيته وغلامه جون، حيث لا ماء ولا كلأ، وهو مشرّد عن وطنه، وأخذ يستعدّ للمصير الذي أخبره به رسول الله(صلى الله عليه وآله)، حيث قال: «رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده»(1).
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 31ﻫ أو 32ﻫ بمنطقة الربذة، ودُفن فيها، وصلّى على جثمانه الصحابي الجليل مالك الأشتر.
ص: 109
ص: 110
جندب بن زهير الأزدي الغامدي(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الرحمن، جُندب بن زهير بن الحارث الأزدي الغامدي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) والإمام علي(عليه السلام).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين، وكان فيهما من قادة الجيش.
1- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «فمن التابعين الكبار ورؤسائهم وزهّادهم جُندب بن زهير»(2).
2- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «أنّ المترجم من أشراف الأزد، ومن ذوي البصائر، والنافذين في عقيدته، والمهاجرين من وطنه حماية عن الحق، وممّن ثبت على بيعته لخليفة رسول ربّ العالمين(صلى الله عليه وآله) طيلة حياته، وممّن جاهد الناكثين في حرب الجمل، والقاسطين في حرب صفّين، حتّى قضى شهيداً بين يدي سيّد الوصيين صلوات الله وسلامه عليه مدافعاً عن ولي الله، ذابّاً عن دين الله، مناصحاً لا تأخذه في الله لومة لائم،
ص: 111
فالحقّ أنّ عدّ المترجم من الحسان هضم لحقّه، وعدولاً عن الحق، فهو ممّن يستحقّ أن يعدّ ثقة جليلاً، والحديث من جهته صحيحاً»(1).
بايع(رضي الله عنه) الإمام علي(عليه السلام) بعد مقتل عثمان بن عفّان، فقد ذكر الشيخ المفيد(قدس سره) بيعة المهاجرين، ثمّ بيعة الأنصار، ثمّ بيعة الهاشميين، ثمّ قال: «ومن يلحق منهم بالذكر من أوليائهم، وعليه شيعتهم، وأهل الفضل في الدين والإيمان والعلم والفقه والقرآن المنقطعين إلى الله تعالى بالعبادة والجهاد والتمسّك بحقائق الإيمان... وجُندب الأزدي... ممّن كانوا بالمدينة عند قتل عثمان، وأطبقوا على الرضا بأمير المؤمنين(عليه السلام)، فبايعوه على حرب مَن حارب، وسلم مَن سالم، وأن لايولّوا في نصرته الأدبار، وحضروا مشاهده كلّها لا يتأخّر عنه منهم أحد، حتّى مضى الشهيد منهم على نصرته، وبقي المتأخّر منهم على حجّته حتّى مضى أمير المؤمنين(عليه السلام) لسبيله»(2).
لمّا نُدبت أزد العراق إلى قتال أزد الشام بصفّين خطب مخنف بن سليم الأزدي - رئيس أزد العراق - خطبة توجب توهين عزم أزد العراق في قتال قومهم من أزد الشام، فردّ عليه جُندب بخطبة توجب تقوية عزمهم وتشدّ قلوبهم، حيث قال مخنف: «إنّ من الخطب الجليل والبلاء العظيم أنّا صُرفنا إلى قومنا وصُرفوا إلينا، فوالله ما هي إلّا أيدينا نقطعها بأيدينا، وما هي إلّا أجنحتنا نحذفها بأسيافنا، فإن نحن لم نفعل لم نناصح صاحبنا، ولم نواس جماعتنا، وإن نحن فعلنا فعزّنا أبحنا، ونارنا أخمدنا.
فقال جُندب بن زهير: والله لو كنّا آباءهم ولدناهم أو كنّا أبناءهم ولدونا، ثمّ
ص: 112
خرجوا من جماعتنا وطعنوا على إمامنا، وآزروا الظالمين والحاكمين بغير الحق على أهل ملّتنا وديننا، ما افترقنا بعد أن اجتمعنا حتّى يرجعوا عمّا هم عليه، ويدخلوا فيما ندعوهم إليه، أو تكثر القتلى بيننا وبينهم»(1).
ومن رجزه يوم صفّين قوله:
«هذا علي والهدى حقّاً معه ** ياربّ فاحفظه ولا تضيّعه
فإنّه يخشاك ربّي فارفعه ** نحن نصرناه على مَن نازعه
صهر النبي المصطفى قد طاوعه ** أوّل مَن بايعه وتابعه»(2).
وتقدم(رضي الله عنه) يوم صفّين برايته وراية قومه وهو يقول: «والله لا أنتهي حتّى أخضّبها! فخضّبها مراراً إذ اعترضه رجل من أهل الشام فطعنه، فمشى إلى صاحبه في الرمح حتّى ضربه بالسيف فقتله»(3).
استُشهد(رضي الله عنه) في شهر صفر 37ﻫ بحرب صفّين، ودُفن في منطقة صفّين.
ص: 113
جندب بن عبد الله الأزدي(رضي الله عنه)(1)
جُندب بن عبد الله الأزدي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي(عليه السلام).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان(2).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان.
* شهد له رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالجنّة، ووصفه الإمام الباقر(عليه السلام) بجُندب الخير الأزدي وترّحم عليه.
عن جابر الجُعفي، عن الإمام الباقر(عليه السلام) قال: «شهد مع علي بن أبي طالب(عليه السلام) من التابعين ثلاثة نفر بصفّين شهد لهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالجنّة ولم يرهم: أويس القَرني وزيد بن صوحان العبدي وجُندب الخير الأزدي رحمة الله عليهم»(3).
«روى أصحاب السيرة عن جُندب بن عبد الله الأزدي قال: شهدت مع
ص: 114
علي(عليه السلام) الجمل وصفّين لا أشكّ في قتال مَن قاتله، حتّى نزلنا النهروان، فدخلني شكّ وقلت: قرّاؤنا وخيارنا نقتلهم!؟ إنّ هذا لأمر عظيم.
فخرجت غدوة أمشي، ومعي إداوة(1) ماء، حتّى برزت عن الصفوف، فركزت رمحي، ووضعت ترسي إليه، واستترت من الشمس، فإنّي لجالس حتّى ورد عليّ أمير المؤمنين(عليه السلام)، فقال لي: يا أخا الأزد، أمعك طهور؟ قلت: نعم، فناولته الإداوة، فمضى حتّى لم أره.
ثمّ أقبل وقد تطهّر فجلس في ظلّ الترس، فإذا فارس يسأل عنه، فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا فارس يريدك، قال: فأشر إليه، فأشرت إليه فجاء فقال: يا أمير المؤمنين، قد عبر القوم، وقد قطعوا النهر، فقال: كلّا ما عبروا. قال: بلى والله لقد فعلوا، قال: كلّا ما فعلوا. قال: فإنّه لكذلك، إذ جاء آخر فقال: يا أمير المؤمنين، قد عبر القوم، قال: كلّا ما عبروا. قال: والله ما جئتك حتّى رأيت الرايات في ذلك الجانب والأثقال، قال: والله ما فعلوا، وإنّه لمصرعهم ومهراق دمائهم.
ثمّ نهض ونهضت معه، فقلت في نفسي: الحمد لله الذي بصّرني هذا الرجل، وعرّفني أمره، هذا أحد رجلين، إمّا رجل كذّاب جريء، أو على بيّنة من ربّه وعهد من نبيّه، اللّهم إنّي أعطيك عهداً تسألني عنه يوم القيامة، إن أنا وجدت القوم قد عبروا أن أكون أوّل مَن يقاتله، وأوّل مَن يطعن بالرمح في عينه، وإن كانوا لم يعبروا أن أقيم على المناجزة والقتال. فدفعنا إلى الصفوف فوجدنا الرايات والأثقال كما هي.
قال: فأخذ بقفاي ودفعني، ثمّ قال: يا أخا الأزد، أتبين لك الأمر؟ قلت: أجل يا
ص: 115
أمير المؤمنين، قال: فشأنك بعدوّك. فقتلت رجلاً، ثمّ قتلت آخر، ثمّ اختلفت أنا ورجل آخر أضربه ويضربني فوقعنا جميعاً، فاحتملني أصحابي فأفقت حين أفقت وقد فرغ القوم»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام علي(عليه السلام).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
ص: 116
جون مولى أبي ذر الغفاري(رضي الله عنه)(1)
جون بن حوي، مولى أبي ذرّ الغِفاري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
* كان عبداً أسوداً، قد اشتراه الإمام علي(عليه السلام)، ووهبه لأبي ذرّ الغِفاري(رضي الله عنه)، فكان عنده يخدمه، وخرج معه عندما نُفي إلى (الربذة)، فلمّا تُوفّي أبو ذرّ رجع إلى المدينة المنوّرة، وانضمّ إلى الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، ثمّ من بعده انضمّ إلى الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)، ثمّ من بعده انضمّ إلى الإمام الحسين(عليه السلام)، وبقي ملازماً له حتّى في خروجه إلى كربلاء، وقاتل دونه حتّى قُتل، وعدّ من أصحابه(عليه السلام) الذين نالوا شرف الشهادة وطيب الريح بين يديه(عليه السلام).
* زاده شرفاً تخصيص الإمام الحجّة المنتظر(عجلّ الله تعالى فرجه) إيّاه بالتسليم عليه في زيارتي الناحية والرجبية، وفيها: «السلام على جون مولى أبي ذر الغِفاري»(2).
قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ مَن تربّى في حجر الصحابي الجليل أبي ذرّ رضوان الله تعالى عليه، وقضى حياته في ظلّ سيّدي شباب أهل الجنّة، لحريّ أن ينال الشرف العظيم - شرف الشهادة - بين يدي سيّد شباب أهل الجنّة، وشرف السلام عليه
ص: 117
من الإمام المعصوم الحجّة محمّد بن الحسن(عليهما السلام)، فأقلّ ما يُوصف به الوثاقة، فهو من أوثق الثقات، بل أرفع شأناً من ذلك»(1).
جاء(رضي الله عنه) يوم العاشر من المحرّم إلى الإمام الحسين(عليه السلام) يستأذنه للقتال.
فقال(عليه السلام) له: «أنت في إذن منّي، فإنّما تبعتنا طلباً للعافية فلا تبتل بطريقتنا.
فقال: يا ابن رسول الله، أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدّة أخذلكم، والله إنّ ريحي لمنتن، وحسبي للئيم، ولوني لأسود، فتنفّس عليّ بالجنّة، فيطيب ريحي، ويشرف حسبي، ويبيض وجهي، لا والله لا أفارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم»(2).
أذن له الإمام الحسين(عليه السلام) فبرز مرتجزاً:
«كيف ترى الفجّار ضرب الأسود ** بالسيف صلتاً عن بني محمّد
أذبّ عنهم باللسان واليد ** أرجو به الجنّة يوم المورد»(3)
فقتل خمساً وعشرين رجلاً، ثمّ سقط شهيداً في أرض كربلاء، يوم العاشر من المحرّم الحرام عام 61ﻫ.
وقف الإمام الحسين(عليه السلام) على مصرعه قائلاً: «اللّهم بيّض وجهه، وطيّب ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرّف بينه وبين محمّد وآل محمّد.
ص: 118
وروي عن الباقر(عليه السلام) عن علي بن الحسين(عليهما السلام) أنّ الناس كانوا يحضرون المعركة، ويدفنون القتلى، فوجدوا جوناً بعد عشرة أيّام يفوح منه رائحة المسك، رضوان الله عليه»(1).
ص: 119
جويرية بن مسهر العبدي(رضي الله عنه)(1)
جويرية بن مُسهر العبدي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان (رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي(عليه السلام).
* ذكره الشيخ المفيد(قدس سره) من السابقين المقرّبين من الإمام علي(عليه السلام)(2).
* كان من الثقات العشرة الذين أمر الإمام أمير المؤمنين(عليهم السلام) كاتبه عبيد الله بن أبي رافع بدخولهم عليه، حيث قال له: «أدخل عليَّ عشرة من ثقاتي. فقال: سمّهم لي يا أمير المؤمنين؟ فقال(عليه السلام): أدخل... وجويرية»(3).
قال حبّة العُرني(رضي الله عنه) - أحد أصحاب الإمام علي(عليه السلام) -: «كان جويرية بن مُسهر العبدي صالحاً، وكان لعلي بن أبي طالب صديقاً، وكان علي يحبّه، ونظر يوماً إليه وهو يسير، فناداه: يا جويرية، الحق بي، فإنّي إذا رأيتك هويتك».
وفي رواية أُخرى قال: «يا جويرية، الحق بي لا أباً لك! ألا تعلم أنّي أهواك
ص: 120
وأُحبّك»(1).
قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «وإنّي وأيم الحق لا أشكّ في أنّه نال أعلى مراتب الجلالة والوثاقة، ونصّ أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام بأنّه أحد ثقاته حجّة لا مدفع لها، فالقول بأنّه ممدوح، أو أنّه حسن، ظلم لهذا التابعي الجليل، وهضم لحقّه، وعدول عن الحقّ الصريح.
نعم شكّه في أمير المؤمنين في تأخير صلاته، وأنّه سبّه أو همّ بسبّه زلّة منه توجب سقوط منزلته، إلّا أنّ انكشاف الحقّ وظهور معجزته(عليه السلام) بردّ الشمس أوجب صلاح عقيدته، ولم يعتبر أحد من الأعلام العصمة في الراوي.. فعليه لابُدّ من عدّه ثقة لاختصاصه بإمام زمانه»(2).
قال(رضي الله عنه): «أقبلنا مع أمير المؤمنين(عليه السلام) من قتل الخوارج، حتّى إذا قطعنا في أرض بابل، حضرت صلاة العصر، قال: فنزل أمير المؤمنين ونزل الناس، فقال أمير المؤمنين: يا أيّها الناس، إنّ هذه الأرض ملعونة، وقد عذّبت من الدهر ثلاث مرّات، وهي إحدى المؤتفكات، وهي أوّل أرض عبد فيها وثن، إنّه لا يحلّ لنبي ولوصيّ نبي أن يصلّي فيها.
فأمر الناس فمالوا عن جنبي الطريق يصلّون، وركب بغلة رسول الله فمضى عليها، قال جويرية: فقلت: والله لأتبعن أمير المؤمنين ولاُقلدنّه صلاة اليوم، قال: فمضيت خلفه فوالله ماصرنا جسر سورا حتّى غابت الشمس، قال: فسببته أو هممت أن أسبّه، قال: فقال: يا جويرية، أذّن.
قال: فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فنزل ناحية فتوضّأ، ثمّ قام فنطق بكلام لا
ص: 121
أحسبه إلّا بالعبرانية، ثمّ نادى بالصلاة، فنظرت والله إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير، فصلّى العصر، وصلّيت معه، قال: فلمّا فرغنا من صلاته عاد الليل كما كان، فالتفت إليّ فقال: يا جويرية بن مسهر، إن الله يقول: (فسبّح باسم ربّك العظيم) فإنّي سألت الله باسمه العظيم فردّ الشمس»(1).
قال(رضي الله عنه): سمعت علياً(عليه السلام) يقول: أحب محبّ آل محمّد ما أحبّهم، فإذا أبغضهم فأبغضه، وأبغض مبغض آل محمّد ما أبغضهم، فإذا أحبّهم فأحبّه، وأنا أبشّرك وأنا أبشّرك وأنا أبشّرك ثلاث مرّات»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام علي(عليه السلام).
قال الإمام علي(عليه السلام) له: «وأنت - والذي نفسي بيده - لتعتلن إلى العتل ا لزنيم، وليقطعن يدك ورجلك، ثمّ ليصلبنّك تحت جذع كافر»(3).
لمّا ولي زياد بن أبيه الكوفة في أيّام معاوية طلب جويرية «فقطع يده ورجله، ثمّ صلبه إلى جذع بن مكعبر، وكان جذعاً طويلاً فكان تحته»(4).
استُشهد(رضي الله عنه)في الكوفة، ودُفن فيها.
ص: 122
ص: 123
الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني(رضي الله عنه)(1)
أبو زهير، الحارث بن عبد الله بن كعب الأعور الهمْداني الكوفي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان(2).
* كان من الثقات العشرة الذين أمر الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) كاتبه عبيد الله بن أبي رافع بدخولهم عليه، حيث قال له: «أدخل عليَّ عشرة من ثقاتي. فقال: سمّهم لي يا أمير المؤمنين؟ فقال(عليه السلام): أدخل... والحارث بن عبد الله الأعور الهمداني»(3).
* «كان من القرّاء الذين قرأوا على الإمام علي(عليه السلام) وابن مسعود، وقرأ عليه أبو إسحاق السبيعي»(4).
* أمره الإمام علي(عليه السلام) لمّا أراد الخروج إلى صفّين أن ينادي في الناس: أن أخرجوا إلى معسكركم بالنخيلة، فنادى الحارث في الناس بذلك(5).
ص: 124
* أمره الإمام علي(عليه السلام) أن ينادي في الناس عندما أغار أزلام معاوية على الأنبار في العراق من جهة الشام: «أين مَن يشتري نفسه لربّه ويبيع دنياه بآخرته؟ أصبحوا غداً بالرحبة إن شاء الله، ولا يحضر إلّا صادق النية في السير معنا، والجهاد لعدّونا»(1).
«عن الأصبغ بن نباتة قال: دخل الحارث الهمْداني على أمير المؤمنين(عليه السلام) في نفر من الشيعة، وكنت فيهم، فجعل الحارث يتأوّد في مشيته ويخبط الأرض بمحجنه، وكان مريضاً فأقبل عليه أمير المؤمنين، وكانت له منه منزلة فقال: كيف تجدك يا حارث؟
قال: نال الدهر منّي يا أمير المؤمنين، وزادني أو زاد غليلاً اختصام أصحابك ببابك، قال: وفيم خصومتهم؟ قال: في شأنك، والثلاثة من قبلك، فمن مفرطٍ غال، ومقتصدٍ تال، ومن متردّدٍ مرتاب لا يدري أيقدم أم يحجم؟
قال(عليه السلام): بحسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التالي.
قال: فقال له الحارث: لو كشفت فداك أبي وأُمّي الريب عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا.
قال(عليه السلام): قدك فإنّك امرء ملبوس عليه، إنّ دين الله لا يُعرف بالرجال بل بآية أحق فاعرف الحقّ تعرف أهله، يا حارث إنّ الحقّ أحسن الحديث، والصادع به مجاهد، وبالحقّ أخبرك فارعني سمعك، ثمّ خبّر به مَن كانت له حصافة من أصحابك.
ألا إنّي عبد الله، وأخو رسول الله، وصدّيقه الأكبر: صدّقته وآدم بين الروح
ص: 125
والجسد، ثمّ إنّي صدّيقه الأوّل في أُمّتكم حقّاً فنحن الأوّلون، ونحن الآخرون، ألا وإنّي خاصّته يا حارث وصنوه ووصيّه ووليّه وصاحب نجواه وسرّه، أُوتيت فهم الكتاب وفصل الخطاب، وعلم القرآن، واستودعت ألف مفتاح يفتح كلّ مفتاح ألف باب، يفضي كلّ باب إلى ألف ألف عهد، وأيّدت - أو قال: أمددت - بليلة القدر نفلاً، وإنّ ذلك ليجري لي وللمستحفظين من ذرّيتي، كما يجري الليل والنهار حتّى يرث الله الأرض ومَن عليها، وأُبشّرك يا حارث، ليعرفني وليي وعدوّي في مواطن شتّى: ليعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، وعند المقاسمة.
قال الحارث: وما المقاسمة يا مولاي؟ قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة صحاحاً: أقول هذا وليي فاتركيه، وهذا عدوّي فخذيه.
ثمّ أخذ أمير المؤمنين علي(عليه السلام) بيد الحارث فقال: يا حارث، أخذت بيدك كما أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بيدي، فقال لي وقد اشتكيت إليه حسد قريش والمنافقين: إنّه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل أو بحجزة - يعني عصمة من ذي العرش تعالى - وأخذت أنت يا علي بحجزتي، وأخذت ذرّيتك بحجزتك، وأخذت شيعتكم بحجزتكم، فماذا يصنع الله عزّ وجل بنبيّه، وماذا يصنع نبيّه بوصيّه؟ خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة، أنت مع مَن أحببت، ولك ما اكتسبت. قالها ثلاثاً.
فقال الحارث - وقام يجر ردائه جذلاً -: ما أُبالي وربّي بعد هذا متى لقيت الموت أو لقيني.
قال جميل بن صالح: فأنشدني أبو هاشم السيّد الحميري في كلمة له:
ص: 126
قول عليٍّ لحارث عجب ** كم ثمّ أعجوبة له حملا
يا حار همْدان مَن يمت يرني ** من مؤمن أو منافق قبلا
يعرفني طرفه وأعرفه ** بعينه واسمه وما عملا
وأنت عند الصراط تعرفني ** فلا تخف عثرة ولا زللا
أسقيك من بارد على ظمأ ** تخاله في الحلاوة العسلا
أقول للنار حين توقف للعرض ** على حرّها دعي الرجلا
دعيه لا تقربيه إنّ له ** حبلاً بحبل الوصيّ متّصلا
هذا لنا شيعة وشيعتنا ** أعطاني الله فيهم الأملا»(1).
1- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام)، وأمره أظهر من أن يخفى»(2).
2- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «لا ينبغي الريب في وثاقة الرجل وتقواه، ونقبل في المقام شهادة المخالفين في حقّه رغماً على أنف الشعبي الزنديق، الذين يقول: أما إنّ حبّ علي(عليه السلام) لا ينفعك، وبغضه لا يضرّك»(3).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «لا محيص من توثيق مَن وثّقه سيّد المتّقين أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام، بل مَن يوثّقه(عليه السلام) فهو فوق توثيق الموثّقين ثقةً وجلالةً وورعاً»(4).
4- قال أبو بكر بن أبي داود من علماء العامّة: «الحارث كان أفقه الناس، وأفرض الناس، وأحسب الناس، تعلّم الفرائض من علي»(5).
ص: 127
5 - قال ابن أبي الحديد المعتزلي(ت: 656ﻫ): «كان أحد الفقهاء، له قول في الفتيا»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام علي(عليه السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 65ﻫ.
ص: 128
حبيب بن مظاهر الأسدي(رضي الله عنه)(1)
أبو القاسم، حبيب بن مظاهر بن رئاب الأسدي الكندي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الحسين(عليهم السلام)، بالإضافة إلى أنّه رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله).
* كان(رضي الله عنه) مع الإمام علي(عليه السلام) في جميع حروبه، وكان من أصفياء أصحابه وحملة علومه، ومن شرطة خميسه.
* كان حافظاً للقرآن الكريم، وكان يختمه في كلّ ليلةٍ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.
* كان من جملة الذين كتبوا إلى الإمام الحسين(عليه السلام) لمّا امتنع من بيعة يزيد، وكان مع مسلم بن عقيل لمّا ورد الكوفة.
«قال أهل السير: جعل حبيب ومسلم بن عوسجة يأخذان البيعة للإمام الحسين(عليه السلام) في الكوفة، حتّى إذا دخلها عبيد الله بن زياد وخذّل أهلها عن مسلم بن عقيل، وتفرّق أنصاره، حبسهما عشائرهما وأخفياهما.
ص: 129
فلمّا ورد الإمام الحسين(عليه السلام) كربلاء خرجا إليه مختفيين يسيران الليل ويكمنان النهار حتّى وصلا إليه»(1).
* زاده شرفاً تخصيص الإمام الحجّة المنتظر(عجلّ الله تعالى فرجه) إيّاه بالتسليم عليه في زيارتي الناحية والرجبية، وفيها: «السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي»(2).
1- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «قُتل مع الحسين(عليه السلام)، وكان من السبعين الذين نصروه وصبروا على البلاء حتّى قتلوا بين يديه، رحمهم الله تعالى»(3).
2- قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي(قدس سره): «من خواص أصحاب أمير المؤمنين والحسن والحسين صلوات الله عليهم... في غاية الجلالة والنبالة»(4).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ المترجم في عداد خواص أمير المؤمنين(عليه السلام) ومن حملة أسراره، ويُعدّ في طبقة حُجر بن عَدي وميثم التمّار، ومع هذه الخصوصيات كيف يمكن عدّه حسناً؟! فهو عندي من أوثق الثقات، وأجلّ الرجال»(5).
كان(رضي الله عنه) ممّن علّمهم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) علم المنايا والبلايا، وهذه الحادثة خير شاهد على ذلك:
«عن فضيل بن الزبير، قال: مرّ ميثم التمّار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد، فتحدّثا حتّى اختلف أعناق فرسيهما.
ثمّ قال حبيب: لكأنّي بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطّيخ عند دار الرزق، قد
ص: 130
صُلب في حُبّ أهل بيت نبيّه(عليه السلام)، يُبقر بطنه على الخشب.
فقال ميثم: وإنّي لأعرف رجلاً أحمر له صفيدتان، يخرج لينصر ابن بنت نبيّه فيُقتل، ويُجال برأسه في الكوفة. ثمّ افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحداً أكذبُ من هذين.
قال: فلم يفترق أهل المجلس حتّى أقبل رُشيد الهجري فطلبهما، فسأل أهل المجلس عنهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا.
فقال رُشيد: رحم الله ميثماً ونسي: ويُزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم، ثمّ أدبر، فقال القوم: هذا والله أكذبهم.
فقال القوم: والله ما ذهبت الأيّام والليالي حتّى رأيناه مصلوباً على دار عمرو بن حُريث، وجيء برأس حبيب بن مظاهر قد قُتل مع الحسين(عليه السلام)، ورأينا كلّ ما قالوا»(1).
جاء(رضي الله عنه) ومعه أصحابه ليلة العاشر من المحرّم، ووقفوا عند خيام بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وخاطب السيّدة زينب(عليها السلام) بقوله:
«السلام عليكم يا معشر حرم رسول الله(صلى الله عليه وآله)، هذه صوارم فتيانكم آلوا أن لا يغمدوها إلّا في رقاب مَن يبتغي السوء فيكم، وهذه أسنّة غلمانكم آلوا أن لا يركزوها إلّا في صدور مَن يفرق بين ناديكم.
فخرج إليهم الحسين(عليه السلام) وقال: أصحابي جزاكم الله عن أهل بيت نبيّكم خيراً»(2).
ص: 131
1- جعله الإمام الحسين(عليه السلام) قائداً على ميسرة جيشه في معركة الطف، كما جعل زهير بن القين على الميمنة.
2- مزح(رضي الله عنه) يوم العاشر، «فقال له يزيد بن خضير الهمداني، وكان يقال له سيّد القرّاء: يا أخي! ليس هذه بساعة ضحك، قال: فأيّ موضع أحقّ من هذا بالسرور، والله ما هو إلّا أن تميل علينا هذه الطغام بسيوفهم فنعانق الحور العين»(1).
3- لمّا ردّ شمر بن ذي الجوشن على إحدى مواعظ الإمام الحسين(عليه السلام) قائلاً: «يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول، فقال له حبيب بن مظاهر: والله إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول، قد طبع الله على قلبك»(2).
4- لمّا صُرع مسلم بن عوسجة الأسدي، مشى إليه الإمام الحسين(عليه السلام) وحبيب بن مظاهر الأسدي، فدنا منه حبيب فقال: «عزّ عليّ مصرعك يا مسلم، أبشر بالجنّة.
فقال له مسلم قولاً ضعيفاً: بشّرك الله بخير.
فقال له حبيب: لولا أنّي أعلم أنّي في أثرك، لاحق بك من ساعتي هذه، لأحببت أن توصيني بكلّ همّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك، بما أنت أهل له في القرابة والدين.
قال: بل أنا أُوصيك بهذا رحمك الله - وأهوى بيده إلى الحسين(عليه السلام) - أن تموت دونه. قال: أفعل وربّ الكعبة»(3).
5- برز إلى المعركة وهو يقول:
«أنا حبيب وأبي مظاهر ** فارس هيجاء وحرب تسعر
ص: 132
أنتم أعدّ عدّة وأكثر ** ونحن أعلى حجّة وأقهر
وأنتم عند الوفاء أغدر ** ونحن أوفى منكم وأصبر»(1).
استُشهد(رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61ﻫ بواقعة الطف، وقبره في رواق حرم الإمام الحسين(عليه السلام) منفصل عن قبور الشهداء في كربلاء المقدّسة.
ص: 134
حجر بن عدي الكندي(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الرحمن، حُجر بن عَدِي بن معاوية الكندي، المعروف بحُجر الخير.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه)من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين(عليهم السلام).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان، وكان فيها من قادة الجيش.
* عيّنه الإمام علي(عليه السلام) أميراً على أربعة آلاف رجلاً؛ لردّ غارة الضحّاك بن قيس الفهري على أطراف العراق.
* كان أحد الذين اشتركوا في دفن أبي ذر الغِفاري(رضي الله عنه) في الربذة، والذين شهد لهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأنّهم عصابة من المؤمنين.
* كان من الذين كتبوا إلى عثمان من أهل الكوفة ينقمون عليه أُمور، ينصحونه وينهونه عنها.
ص: 135
1- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «سيُقتل بعذراء أُناس يغضب الله لهم وأهل السماء»(1).
2- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يُقتل بمرج عذراء نفر يغضب لهم أهل السماوات»(2).
1- قال(عليه السلام): «اللّهم نوّر قلبه بالتقى، واهده إلى صراط مستقيم، ليت أنّ في جندي مائة مثلك»(3).
2- قال(عليه السلام): «يا أهل العراق، سيُقتل منكم سبعة نفر بعذراء، مثلهم كمثل أصحاب الأخدود»(4).
1- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «فمن التابعين الكبار ورؤسائهم وزهّادهم... وحُجر بن عَدِي»(5).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «وكان من الأبدال»(6)،(7).
3- قال السيّد علي خان المدني(قدس سره): «يُعدّ من الرؤساء والزهّاد، ومحبّته وإخلاصه لأمير المؤمنين(عليه السلام) أشهر من أن تُذكر»(8).
4- قال السيّد محسن الأمين(قدس سره): «هو من خيار الصحابة، رئيس، قائد، شجاع، أبيّ النفس، عابد، زاهد، مستجاب الدعوة، عارف بالله تعالى، مسلّم لأمره، مطيع له، مجاهر بالحق، مقاوم للظلم، لا يبالي بالموت في سبيل ذلك»(9).
5- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «مقتضى ما سمعت كلّه، أنّ الرجل فوق الوثاقة، وفي غاية الجلالة»(10).
ص: 136
6- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «فلا مجال إلّا لتوثيقه، بل هو في قمّة الوثاقة والجلالة، وإنّي أعدّه ثقة ثقة، وثقة جليلاً»(1).
1- قال ابن سعد (ت: 230ﻫ): «وكان ثقة معروفاً»(2).
2- قال الحاكم النيسابوري (ت: 405ﻫ): «وهو راهب أصحاب محمّد(صلى الله عليه وآله)»(3).
3- قال ابن عبد البر (ت: 463ﻫ): «كان حُجر من فضلاء الصحابة»(4).
4- قال ابن الأثير (ت: 630ﻫ): «وكان مجاب الدعوة»(5).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
قال(رضي الله عنه): «قال لي علي(عليه السلام): كيف تصنع أنت إذا ضربت وأُمرت بلعنتي؟ قلت له: كيف أصنع؟ قال: العنّي ولا تبرأ منّي، فإنّي على دين الله»(6).
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: «وأمر المغيرة بن شعبة - وهو يومئذٍ أمير الكوفة من قبل معاوية - حُجر بن عَدي أن يقوم في الناس، فليلعن عليّاً(عليه السلام)، فأبى ذلك، فتوعّده، فقام فقال: أيّها الناس، إنّ أميركم أمرني أن ألعن عليّاً فالعنوه، فقال أهل الكوفة: لعنه الله، وأعاد الضمير إلى المغيرة بالنية والقصد»(7).
كتب والي الكوفة زياد بن أبيه كتاباً إلى معاوية بن أبي سفيان يذكر له عدم تحمّله
ص: 137
من وجود حُجر في الكوفة، فأمره معاوية أن يرسله إليه موثقاً بالحديد، وعندئذٍ أرسل زياد حُجراً وأصحابه إلى معاوية، ولمّا وصلوا إلى قرية عذراء جاء رسول معاوية إليهم قائلاً: «إنّا قد أُمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له، فإن فعلتم تركناكم، وأن أبيتم قتلناكم، وإنّ أمير المؤمنين يزعم أنّ دماءكم قد حلّت له بشهادة أهل مصركم عليكم، غير أنّه قد عفا عن ذلك فابرأوا من هذا الرجل نخلّ سبيلكم.
قالوا: اللّهم إنّا لسنا بفاعلي ذلك، فأمر بقبورهم فحفرت وأدنيت أكفانهم... .
ثمّ إنّ حُجراً قال لهم: دعوني أتوضّأ. قالوا له: توضّأ. فلمّا توضّأ قال لهم: دعوني أُصلّي ركعتين، فأيمُن الله ما توضّأت قطّ إلّا صلّيت ركعتين. قالوا: ليصل، فصلّى ثمّ انصرف، فقال: والله ما صلّيت صلاة قطّ أقصر منها، ولولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لأحببت أن أستكثر منها»(1).
وفي أعيان الشيعة: «قال حُجر وجماعة ممّن كان معه: إنّ الصبر على حَدّ السيف لأيسر علينا ممّا تدعونا إليه، ثمّ القدوم على الله وعلى نبيّه وعلى وصيّه أحبّ إلينا من دخول النار».
استُشهد(رضي الله عنه) عام 51ﻫ، وقيل: 53ﻫ، ودُفن في مرج عذراء - وهي قرية تبعد (25 كلم) عن دمشق -، وقبره معروف يُزار.
ماذا أقول بحُجر بعد تضحيته ** نفسي الفداء بحُجر وهو مقتول
حبّ الإمام علي كان منهله ** قد ذاب في حبّه والسيف مسلول
ص: 138
هذا الولاء وإلّا كان مهزلة ** أو لا ادعاء لكذب وهو معسول
ما أنت يا حُجر إلّا رمز تضحية ** في كلّ جيل له حمد وتهليل
كنت الشهيد وفي التاريخ مفخرة ** وذكر خصمك في التاريخ مرذول
ص: 139
ص: 140
حذيفة بن أسيد الغفاري(رضي الله عنه)(1)
أبو سُريحة، حُذيفة بن أسيد بن أمية أو آمنة الغِفاري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام الحسن(عليه السلام).
* كان ممّن بايع النبي(صلى الله عليه وآله) في بيعة الرضوان.
* أوّل مشهد شهده مع النبي(صلى الله عليه وآله) صلح الحديبية.
قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... .
ثمّ ينادي المنادي: أين حواري الحسن بن علي بن فاطمة بنت محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فيقوم...وحُذيفة بن أسيد الغِفاري...فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(2).
ص: 141
قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «عدّ الكشّي المعنون من حواري الإمام الحسن(عليه السلام)، وكذلك الشيخ المفيد في الاختصاص: 61، وعدّ ابن داود له في القسم الأوّل، يوجب الاطمئنان بكونه ثقة، وعدّ الحديث من جهته صحيحاً»(1).
1- «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): يا حُذيفة، إنّ حجّة الله عليكم بعدي علي بن أبي طالب، الكفر به كفر بالله، والشرك به شرك بالله، والشكّ فيه شكّ في الله، والإلحاد فيه إلحاد في الله، والإنكار له إنكار لله، والإيمان به إيمان بالله، لأنّه أخو رسول الله، ووصيّه، وإمام أُمّته ومولاهم، وهو حبل الله المتين، وعروته الوثقى التي لا انفصام لها، وسيهلك فيه اثنان ولا ذنب له: محبّ غال، ومقصّر.
يا حُذيفة: لا تفارقن عليّاً فتفارقني، ولا تخالفن عليّاً فتخالفني، إنّ عليّاً منّي وأنا منه، مَن أسخطه فقد أسخطني، ومَن أرضاه فقد أرضاني»(2).
2- «لمّا صدر رسول الله(صلى الله عليه وآله) من حجّة الوداع نزل الجحفة فصلّى فقال: أيّها الناس، إنّي سائلكم حين تردون عليّ الحوض عن الثقلين، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسّكوا به ولا تضلّوا، وعترتي أهل بيتي، انظروا كيف تخلّفوني فيهما، فإنّي سألت اللطيف الخبير أن لا يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض فأعطاني ذلك، ولا تشتموهم فتهلكوا»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، منها حديث الثقلين.
ص: 142
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 42ﻫ بمدينة الكوفة.
ص: 143
حذيفة بن اليمان العبسي(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الله، حُذيفة بن اليمان بن جابر العبسي، واليمان لقب لأبيه حسل.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
کان(رضي الله عنه)من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
* كان يعرف المنافقين بأعيانهم وأشخاصهم، عرفهم ليلة العقبة حين أرادوا أن ينفروا بناقة رسول الله(صلى الله عليه وآله) في منصرفهم من تبوك، وكان حُذيفة تلك الليلة قد أخذ بزمام الناقة يقودها، وكان عمّار من خلف الناقة يسوقها.
* صاحب سرّ النبي(صلى الله عليه وآله) في المنافقين.
*اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله)في معركة أُحد وما بعدها من المعارك.
* كان أحد الصحابة الذين شهدوا بيعة الغدير، وفيها بايع الإمام علي(عليه السلام).
* كان أحد الأركان(2) الأربعة الذين أثبتوا ولائهم للإمام علي(عليه السلام) بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله)، وهم: سلمان والمقداد وأبو ذرّ وحُذيفة.
* كان أحد الحاضرين في تشييع السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، والصلاة عليها ودفنها ليلاً، مع أنّها أوصت أن لا يشهد جنازتها ظالم لها.
ص: 144
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:... حُذيفة اليماني... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(1).
* شهد معركة نهاوند وفتح الجزيرة، كما كان فتح همَدان والري والدينور على يده.
1- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «حُذيفة بن اليمان من أصفياء الرحمن، وأبصركم بالحلال والحرام»(2).
2- قال الإمام علي(عليه السلام): «خلقت الأرض لسبعة بهم يرزقون، وبهم يمطرون، وبهم ينصرون: أبو ذرّ وسلمان والمقداد وعمّار وحُذيفة... وأنا إمامهم، وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة(عليها السلام)».
قال الشيخ الصدوق(قدس سره): «معنى قوله: خلقت الأرض لسبعة نفر، ليس يعني من ابتدائها إلى انتهائها، وإنّما يعني بذلك أنّ الفائدة في الأرض قدّرت في ذلك الوقت لمَن شهد الصلاة على فاطمة(عليها السلام)، وهذا خلق تقدير لا خلق تكوين»(3).
3- قال الإمام علي(عليه السلام): «ذاك امرء علم أسماء المنافقين، أن تسألوه عن حدود الله تجدوه بها عالماً»(4).
4- قال الإمام علي(عليه السلام): «قد ولّيت أُموركم حُذيفة بن اليمان، وهو ممّن أرضى بهداه، وأرجوا صلاحه»(5).
1- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «وقد عدّ من الأركان الأربعة»(6).
ص: 145
2- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «أنّ الرجل ممّا لا ينبغي الريب في وثاقته وعدالته وجلالته، وعلوّ شأنه، وارتفاع مكانه»(1).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «أعدّه من أوثق الثقات، والحديث من جهته من الصحاح»(2).
4- قال الشيخ النمازي الشاهرودي(قدس سره): «هو ممّن عُدّ الصادق والرضا(عليهما السلام) إيّاه من المؤمنين الذين لم يغيّروا، ولم يبدّلوا بعد نبيّهم، وتجب ولايتهم»(3).
1- قال ابن عساكر(ت: 571ﻫ): «ومناقبه كثيرة مشهورة»(4).
2- قال اليافعي(ت: 767ﻫ): «أحد الصحابة أهل النجدة والنجابة، الذي كان يعرف المؤمنين من المنافقين بالسرّ الذي خصّه به سيّد المرسلين»(5).
3- قال ابن حجر العسقلاني(ت: 852ﻫ): «صحابي جليل من السابقين، صحّ في مسلم عنه أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أعلمه بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة»(6).
كان(رضي الله عنه) والياً على منطقة المدائن في عهد عمر وعثمان، وأيّاماً في عهد الإمام علي(عليه السلام).
ولقائل يقول: ما هو المسوّغ لتصدّيه الولاية من قبل عمر وعثمان؟
نقول: إنّ من الصحابة والتابعين كانوا مكلّفين من قبل الإمام علي(عليه السلام) بالاشتراك في الأُمور العامّة؛ لتقوية شؤون المسلمين، وتوسيع نطاق الإسلام من خلال الاشتراك في الأمارات وقيادة الجيش لفتح البلاد.
ص: 146
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
صفوان وسعيد، استُشهدا في حرب صفّين، وكانا في جيش الإمام علي(عليه السلام).
وسعد، كان صغيراً في حياة أبيه، عاش إلى زمان التوّابين، ومن عظماء الشيعة في المدائن ورؤسائها، جاء من المدائن مع مَن تبعه من الشيعة إلى الكوفة للأخذ بثأر سيّد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام).
قال المسعودي(ت: 345ﻫ): «وقد كان حُذيفة عليلاً بالمدائن في سنة 36، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي، فقال: أخرجوني وادعوا: الصلاة جامعة. فوضع على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبي وآله، ثمّ قال:
أيّها الناس! إنّ الناس قد بايعوا عليّاً، فعليكم بتقوى الله، وانصروا عليّاً ووازروه، فوالله إنّه لعلى الحقّ آخراً وأوّلاً، وإنّه لخير مَن مضى بعد نبيّكم ومَن بقي إلى يوم القيامة»(1).
وقال الحاكم النيسابوري(ت: 405ﻫ) بسنده: «لمّا حضر حُذيفة الموت، وكان قد عاش بعد عثمان أربعين ليلة، قال لنا: أُوصيكم بتقوى الله، والطاعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب»(2).
ص: 147
تُوفّي(رضي الله عنه) في الخامس من صفر عام 36ﻫ بالمدائن في العراق، ودُفن فيها، وقبره معروف يُزار.
ص: 148
الحر بن يزيد الرياحي(رضي الله عنه)(1)
الحرّ بن يزيد بن ناجية الرياحي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام).
1- قال الشيخ محمّد السماوي(قدس سره): «كان الحرّ شريفاً في قومه جاهلية وإسلاماً»(2).
2- قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي(قدس سره): «من شهداء كربلاء مع الحسين(عليه السلام)، وقضاياه مشهورة، ومتشرّف بسلام الناحية المقدّسة والرجبية»(3).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ موقف بطلنا العظيم يوم عاشوراء ودفاعه عن سيّد شباب أهل الجنّة حتّى لفظ نفسه الأخير لا يدع مجالاً للبحث عن وثاقته وجلالته وعظيم منزلته عند الله سبحانه وتعالى، فهو ثقة جليل»(4).
كان(رضي الله عنه) من وجوه وشجعان العرب، أرسله والي الكوفة عبيد الله بن زياد مع ألف فارس؛ لصدّ الإمام الحسين(عليه السلام) من الدخول إلى الكوفة.
ص: 149
سار بجيشه لتنفيذ هذا المهمّة، فالتقى بركب الإمام الحسين(عليه السلام) عند جبل ذي حسم، ولمّا حان وقت صلاة الظهر صلّى وأصحابه خلف الإمام الحسين(عليه السلام).
ثمّ عرض عليه الإمام الحسين(عليه السلام) كتب أهل الكوفة التي يطلبون فيها منه المجيء إليهم.
فقال الحر: «فإنّا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك، وقد أُمرنا إذا نحن لقيناك ألّا نفارقك حتّى نقدّمك على عبيد الله بن زياد»(1).
ثمّ لازم ركب الإمام الحسين(عليه السلام)، وأخذ يسايره حتّى أنزله منطقة كربلاء.
لمّا رأى(رضي الله عنه) إصرار القوم على قتال الإمام الحسين(عليه السلام) بدأ يفكّر في أمره، وأقبل يدنو نحو الحسين(عليه السلام) قليلاً قليلاً، «فقال له رجل من قومه، يقال له المهاجر بن أوس: ما تريد يا ابن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فسكت، وأخذه مثل العرواء، فقال له: يا ابن يزيد، والله إنّ أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل شيء أراه الآن، ولو قيل لي مَن أشجع أهل الكوفة رجلاً ما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟
قال: إنّي والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنار، ووالله لا أختار على الجنّة شيئاً، ولو قطّعت وحرّقت. ثمّ ضرب فرسه فلحق بالحسين(عليه السلام)»(2).
وقف بين يدي الإمام(عليه السلام) معلناً توبته، قائلاً: «إنّي قد جئتك تائباً ممّا كان منّي إلى ربّي، ومواسياً لك بنفسي حتّى أموت بين يديك، أفترى ذلك لي توبة؟ قال(عليه السلام):نعم، يتوب الله عليك، ويغفر لك»(3).
ثمّ قال للإمام الحسين(عليه السلام):«[لمّا] وجّهني عبيد الله إليك خرجت من القصر
ص: 150
فنوديت من خلفي: أبشر يا حرّ بخير. فالتفت فلم أر أحداً، فقلت: والله ما هذه بشارة وأنا أسير إلى الحسين وما أحدّث نفسي باتّباعك. فقال(عليه السلام): لقد أصبت أجراً وخيراً»(1).
خاطب(رضي الله عنه) عسكر الأعداء بقوله: «أيّها القوم، ألا تقبلون من الحسين خصلة من هذه الخصال التي عرضها عليكم، فيعافيكم الله من حربه وقتاله... يا أهل الكوفة، لأُمّكم الهبل والعبر أدعوتموه حتّى إذا أتاكم أسلمتموه، وزعمتم أنّكم قاتلوا أنفسكم دونه، ثمّ عدوتم عليه لتقتلوه، أمسكتم بنفسه وأحطتم به، ومنعتموه من التوجّه في بلاد الله العريضة حتّى يأمن ويأمن أهل بيته، فأصبح كالأسير لا يملك لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضرّاً، ومنعتموه ومن معه عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهودي والنصراني والمجوسي، ويتمرّغ فيه كلاب السواد وكلابه، وها هو وأهله قد صرعهم العطش بئسما خلفتم محمّداً في ذرّيته، لا سقاكم الله يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتنزعوا عمّا أنتم عليه.
فرموه بالنبل فرجع حتّى وقف أمام الحسين(عليه السلام)»(2).
استأذن الحرُّ الحسينَ(عليه السلام) للقتال، فأذن له، فحمل على جيش عمر بن سعد، وهو يرتجز ويقول:
«إنّي أنا الحرّ ومأوى الضيف ** أضرب في أعناقكم بالسيف
عن خير مَن حَلّ بلاد الخيف ** أضربكم ولا أرى من حيف
فقتل نيفاً وأربعين رجلاً»(3).
ص: 151
ثمّ أحاطوا به من كلّ صوب وحدب، وأردوه قتيلاً، «فأتاه الحسين(عليه السلام)، ودمه يشخب، فقال:بخٍ بخٍ يا حر، أنت حرّ كما سمّيت في الدنيا والآخرة. ثمّ أنشأ الحسين(عليه السلام):
لنعم الحرّ حرّ بني رياح ** وحرّ عند مختلف الرماح
ونعم الحرّ إذ نادى حسيناً ** فجاد بنفسه عند الصباح»(1).
استُشهد(رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61ﻫ بواقعة الطف.
يقع قبره على بعد 5 كم من مدينة كربلاء المقدّسة، وشُيّدت عليه قبّة لا تزال محطّ أنظار المؤمنين، ولا نعلم سبب دفنه في هذا المكان، ويدور على الألسن أنّ قومه أو غيرهم نقلوه من أرض المعركة ودفنوه هناك.
قال السيّد نعمة الله الجزائري(قدس سرّه): «حدّثني جماعة من الثقات، أنّ الشاه إسماعيل لمّا ملك بغداد، أتى إلی مشهد الحسين(عليه السلام)، وسمع من بعض الناس الطعن علی الحر، أتى إلی قبره وأمر بنبشه، فنبشوه، فرآه نائماً كهيئته لمّا قُتل، ورأوا علی رأسه عصابة مشدود بها رأسه، فأراد الشاه - نوّر الله مضجعه - أخذ تلك العصابة لما نقل في كتب السير والتواريخ أنّ تلك العصابة هي دسمال(2) الحسين(عليه السلام) شدّ به رأس الحرّ لمّا أُصيب في تلك الواقعة، ودُفن علی تلك الهيئة، فلمّا حلّوا تلك العصابة جرى الدم حتّى امتلأ منه القبر، فلمّا شدّوا عليه تلك العصابة انقطع الدم، فلمّا حلّوها جرى الدم،
ص: 152
وكلّما أرادوا أن يعالجوا قطع الدم بغير تلك العصابة لم يمكنهم، فتبيّن لهم حُسن حاله، فأمر فبُني علی قبره بناء، وعيّن له خادماً يخدم قبره»(1).
ص: 153
الحسن بن راشد البغدادي(رضي الله عنه)(1)
إنّ المسمّين بالحسن بن راشد ثلاثة: أحدهم: صاحب الترجمة، من أصحاب الإمامين الجواد والهادي(عليهما السلام)، وهو ثقة. الثاني: من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام)، والمكنّى بأبي محمّد، وهو حسن. الثالث: الحسن بن راشد الطفاوي، من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام) أيضاً، ولم يذكر له كنية، وهو ضعيف.
أبو علي، الحسن بن راشد بن علي البغدادي، مولى آل المهلب.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في بغداد باعتباره بغدادي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الجواد والهادي(عليهما السلام).
قال محمّد بن فرج الرخجي: «كتبت إليه [أي: الإمام الهادي(عليه السلام)] أسأله عن أبي علي بن راشد، وعن عيسى بن جعفر بن عاصم، وعن ابن بند، فكتب إليّ: ذكرت ابن راشد رحمه الله، فإنّه عاش سعيداً ومات شهيداً»(2).
ص: 154
1- وصف الشيخ المفيد(قدس سره) مجموعة من الرواة، ومنهم الحسن بن راشد بأنّهم: «فقهاء... الأعلام الرؤساء، المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والأحكام، الذين لا يطعن عليهم، ولا طريق إلى ذمّ واحد منهم، وهم أصحاب الأُصول المدوّنة، والمصنّفات المشهورة»(1).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «بغدادي، ثقة»(2).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «روى عن أبي جعفر الجواد(عليه السلام)، ثقة»(3).
4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «فالمترجم ثقة جليل بلا ريب، والرواية من جهته صحيحة بلا شك»(4).
كان(رضي الله عنه) وكيلاً للإمام الهادي(عليه السلام) على بغداد والمدائن وما حولهما، فقد كتب(عليه السلام) إلى أهالي تلك المدن: «قد أقمت أبا علي بن راشد مقام علي بن الحسين بن عبد ربّه، ومن قبله من وكلائي، وقد أوجبت في طاعته طاعتي، وفي عصيانه الخروج إلى عصياني، وكتبت بخطّي»(5).
وكتب(عليه السلام) إلى علي بن بلال في سنة اثنتين وثلاثين ومأتين: «ثمّ إنّي أقمت أبا علي مقام الحسين بن عبد ربّه، وائتمنته على ذلك بالمعرفة بما عنده الذي لا يتقدّمه أحد، وقد أعلم أنّك شيخ ناحيتك، فأحببت إفرادك وإكرامك بالكتاب بذلك، فعليك بالطاعة له، والتسليم إليه جميع الحقّ قبلك، وأن تخصّ [تحضّ] موالي على ذلك، وتعرّفهم من ذلك ما يصير سبباً إلى عونه وكفايته، فذلك توفير علينا، ومحبوب لدينا، ولك به جزاء من الله وأجر...»(6).
ص: 155
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (123) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الجواد(عليه السلام).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثالث الهجري.
ص: 156
الحسن بن محبوب السراد(رضي الله عنه)(1)
أبو علي، الحسن بن محبوب بن وهب السرّاد، ويقال له: الزرّاد.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الكاظم والرضا(عليهما السلام).
* روى الحديث عن ستّين راوياً من رواة الإمام الصادق(عليه السلام).
* أحد الأركان الأربعة في عصره.
* عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم، وأقرّوا لهم بالفقه والعلم، وهم ستّة نفر آخر، دون الستّة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام)، منهم: يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى بياع السابري، ومحمّد بن أبي عمير، وعبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي»(2).
ص: 157
قال الإمام الرضا(عليه السلام) في كتابه إليه:«أنّ الله قد أيّدك بحكمة وأنطقها على لسانك، قد أحسنت وأصبت، أصاب الله بك الرشاد، ويسّرك للخير، ووفّقك لطاعته»(1).
1- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «مولى لبجيلة، كوفي، ثقة»(2).
2- قال الشيخ ابن إدريس الحلّي(قدس سره): «وهو ثقة عند أصحابنا، جليل القدر، كثير الرواية، أحد الأركان الأربعة في عصره»(3).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «كوفي، ثقة، عين، روى عن الرضا(عليه السلام)، وكان جليل القدر، يُعدّ في الأركان الأربعة في عصره»(4).
4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ المترجم أرفع شأناً وأجلّ مقاماً وأوسع شهرة من أن يحتاج إلى التوثيق، فهو من أوثق الثقات عند الطائفة الإمامية، والرواية من جهته صحيحة بلا ريب»(5).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (1518) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الكاظم، والإمام الرضا، والإمام الجواد(عليهم السلام).
التفسير، الحدود، الديات، الطلاق، العتق، الفرائض، المراح أو المزاج، المشيخة، معرفة رواة الأخبار، النكاح، النوادر.
ص: 158
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 224ﻫ.
ص: 159
الحسين بن روح النوبختي(رضي الله عنه)(1)
أبو القاسم، الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الرابع الهجري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين العسكري والمهدي المنتظر(عليهما السلام).
1- قال السيّد الخوئي(قدس سره): «هو أحد السفراء والنوّاب الخاصّة للإمام الثاني عشر(عجّل الله تعالى فرجه)، وشهرة جلالته وعظمته أغنتنا عن الإطالة في شأنه»(2).
2- قال الشيخ النمازي الشاهرودي(قدس سره): «شيخ جليل، وثقة أمين نبيل، عظيم القدر والمنزلة، وهو أجلّ من أن يصفه مثلي»(3).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ المترجم قدّس الله نفسه الزكية من الجلالة والشهرة ووكالته وقربه من الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله فرجه الشريف بمرتبة تغنينا عن التعرّض لإثبات وثاقته، فهو رضوان الله تعالى عليه النائب الخاص للإمام الحجّة في غيبته الأُولى، وذلك دليل جلالته وقداسته ووثاقته، بل هو أجلّ من ذلك»(4).
ص: 160
عيّنه الإمام المهدي(عليه السلام) سفيراً ثالثاً له في عصر الغَيبة الصغرى، بعد وفاة سفيره الثاني محمّد بن عثمان العَمري، وكانت سفارته من جمادى الأُولى 305ﻫ إلى شعبان 326ﻫ.
قال أبو علي، محمّد بن همام:«أنّ أبا جعفر محمّد بن عثمان العَمري(قدس الله روحه) جمعنا قبل موته، وكنّا وجوه الشيعة وشيوخها، فقال لنا: إن حدث عليّ حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد أُمرت أن أجعله في موضعي بعدي، فارجعوا إليه وعوّلوا في أُموركم عليه»(1).
وفي نصّ آخر قال: «هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، القائم مقامي، والسفير بينكم وبين صاحب الأمر، والوكيل والثقة الأمين، فارجعوا في أُموركم إليه، وعوّلوا في مهمّاتكم عليه، فبذلك أُمرت، وقد بلغت»(2).
كان(رضي الله عنه) قوي الإرادة، شديد الصلابة في الحق، يقول أبو سهل النوبختي: «لو كان الحجّة(عليه السلام) تحت ذيله وقرّض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه»(3).
سجن(رضي الله عنه) من سنة 312ﻫ - 317ﻫ، أيّام وزارة حامد بن العباس، بعنوان أنّ الديوان الحكومي يطلبه مالاً جزيلاً.
يعتبر من رواة الحديث في القرن الرابع الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمامين العسكري، والمهدي المنتظر(عليهما السلام).
ص: 161
تُوفّي(رضي الله عنه) في 18 شعبان 326ﻫ بالعاصمة بغداد، ودُفن فيها، وقبره معروف يُزار..
ص: 162
الحسين بن سعيد الأهوازي(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، الحسين بن سعيد بن حمّاد الأهوازي.
ولد(رضي الله عنه) في الكوفة، ولم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الرضا والإمام الجواد والإمام الهادي(عليهم السلام).
نشأ(رضي الله عنه) في الكوفة، ثمّ هاجر منها مع أخيه الحسن بن سعيد إلى الأهواز فاشتهر بالأهوازي، وبقيا فيها مدّة من الزمن لنشر تعاليم أهل البيت(عليهم السلام)، ثمّ انتقل منها إلى قم المقدّسة، فنزل عند الحسن بن أبان القمّي، وبقي فيها إلى أن تُوفّي.
1- قال الشيخ ابن النديم البغدادي(قدس سره): «الحسن والحسين ابنا سعيد الأهوازيان من أهل الكوفة... أوسع أهل زمانهما علماً بالفقه والآثار والمناقب وغير ذلك من علوم الشيعة»(2).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «صاحب المصنّفات، الأهوازي، ثقة»(3).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «ثقة، عين، جليل القدر»(4).
ص: 163
4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «لا يبقى شكّ لمَن تأمّل في روايات المعنون والكثرة الكثيرة من رواية أجلّاء الرواة والثقات عنه من اتّفاق أعلام الجرح والتعديل على وثاقته، فهو عندي ثقة ثقة، ولا مغمز فيه من أحد»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (5026) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الرضا، والإمام الجواد، والإمام الهادي(عليهم السلام).
الأشربة، البشارات، التفسير، التقية، الحدود والديّات، الخمس، الدعاء، الزهد، الفرائض، المؤمن، المثالب، المزار، المكاسب، الملاحم، المناقب.
تُوفّي(رضي الله عنه) في قم المقدّسة، ودُفن فيها، ولم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثالث الهجري.
ص: 164
حمران بن أعين الشيباني(رضي الله عنه)(1)
أبو الحسن، وقيل: أبو حمزة، حَمران بن أعين بن سنسن الشيباني الكوفي.
آل أعين أُسرة شيعية كوفية، رافقت أهل البيت(عليهم السلام) من زمن الإمام زين العابدين(عليه السلام) وإلى زمن الغَيبة الكبرى.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام زين العابدين والإمام الباقر والإمام الصادق(عليهم السلام).
كان(رضي الله عنه) من قرّاء القرآن الكريم المشهورين، ومن علماء النحو واللغة، ومن شعراء أهل البيت(عليهم السلام).
وكان عالماً حاذقاً في علوم القرآن الكريم، فقد روي عن هشام بن سالم أنّه قال:«كنّا عند أبي عبد الله(عليه السلام) جماعة من أصحابه، فورد رجل من أهل الشام، فاستأذن له، فلمّا دخل سلّم، فأمره أبو عبد الله(عليه السلام) بالجلوس، ثمّ قال: حاجتك أيّها الرجل؟
قال: بلغني أنّك عالم بكلّ ما تسأل عنه، فصرت إليك لأُناظرك، فقال أبو عبد
ص: 165
الله(عليه السلام): في ماذا؟ قال: في القرآن، وقطعه، واسكانه، وخفضه، ونصبه، ورفعه.
فقال أبو عبد الله(عليه السلام): يا حمران دونك الرجل، فقال الرجل: إنّما أُريدك أنت لا حمران، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إن غلبت حمران فقد غلبتني. فأقبل الشامي، فسأل حمران حتّى غرض وحمران يُجيبه، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): كيف رأيت يا شامي؟ قال: رأيته حاذقاً، ما سألته عن شيء إلّا أجابني فيه»(1).
1- قال الإمام الباقر(عليه السلام) له: «أنت من شيعتنا في الدنيا والآخرة»(2).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام):«ما وجدت أحداً أخذ بقولي، وأطاع أمري، وحذا حذو أصحاب آبائي غير رجلين رحمهما الله: عبد الله بن أبي يعفور، وحمران بن أعين، أمّا أنّهما مؤمنانِ خالصانِ من شيعتنا، أسماؤهم عندنا في كتاب أصحاب اليمين الذي أعطى الله محمّداً»(3).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام):«إنّه رجل من أهل الجنّة»(4).
4- قال الإمام الصادق(عليه السلام):«حمران مؤمن من أهل الجنّة، لا يرتاب أبداً، لا والله»(5).
5- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... .
ثمّ ينادي المنادي: أين حواري محمّد بن علي، وحواري جعفر بن محمّد؟ فيقوم... وحمران بن أعين... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من
ص: 166
التابعين»(1).
1- قال الشيخ أبو غالب الزاري(قدس سره): «وكان حمران من أكبر مشايخ الشيعة المفضلّين الذين لا يشكّ فيهم، فكان أحد حملة القرآن، ومَن يُعدّ ويُذكر اسمه في كتب القرآن»(2).
2- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «في أعلى طبقات الحسن والجلالة، وقد وردت فيه روايات كثيرة تدلّ على عظم محلّه وجلالة قدره، وهو من أجلّة المتكلّمين، والقرّاء المشهورين، وهو أحد الوكلاء والقوّام كما ذكره الشيخ رحمه الله»(3).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «الإنصاف أنّ سبر ما قيل في المترجم، والروايات الكثيرة في مدحه، وصفاته وكمالاته، وقربه من أئمّة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم، يوجب الجزم بوثاقته وجلالته وعظيم شأنه، فالمترجم ثقة جليل بلا ريب عندي من دون غمز فيه، ورواياته صحاح، ووثّقه بعض العامّة وضعّفه الأكثر»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (119) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
محمّد وحمزة، من أصحابي الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام)، ولكلّ منهما روايات
ص: 167
عنهما(عليهما السلام)، ذكرت في الكتب الأربعة، وغيرها.
تُوفّي(رضي الله عنه) حوالي عام 130ﻫ.
ص: 168
خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري(رضي الله عنه)(1)
أبو أيوب، خالد بن زيد بن كُلَيب الأنصاري الخزرجي النجّاري، المعروف بكنيته (أبو أيوب الأنصاري).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في المدينة باعتباره مدني.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
* أسلم قبل هجرة النبي(صلى الله عليه وآله) إلى المدينة المنوّرة.
* كان ممّن بايع النبي(صلى الله عليه وآله) في بيعة العقبة الثانية، التي كانت تضمّ سبعين رجلاً وامرأتين من الأوس والخزرج، فبايعوه وعاهدوه بنصرته وإعانته، فواعدهم(صلى الله عليه وآله) بدخول الجنّة(2).
* أقام النبي(صلى الله عليه وآله) في بيته حين قدم المدينة في الهجرة حتّى بنى مسجده ومسكنه.
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(3).
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج
ص: 169
نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:... أبي أيوب الأنصاري... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(1).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان.
1- قال الشيخ ابن مزاحم المنقري(قدس سره): «وكان سيّداً معظّماً من سادات الأنصار»(2).
2- قال السيّد بحر العلوم(قدس سره): «من أعيان الصحابة وأعاظمهم»(3).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «ينبغي عدّ المترجم من جملة الصحابة القلائل الذين لم يغيّروا ولم يبدّلوا ولم ينحرفوا عن منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، وتلك مكرمة قلّ مَن سعد بها، ومَن ألمّ بتاريخ حياته ومقاماته ومواقفه وأقواله وشهاداته ورواياته لا يشكّ بأنّه ثقة جليل، بل من أوثق الثقات، وأجلّ الصحابة، فرواياته تعدّ صحاحاً بلا ريب عندي»(4).
قال سلمان المحمّدي(رضي الله عنه): «لمّا قدم النبي(صلى الله عليه وآله) إلى المدينة تعلّق الناس بزمام الناقة، فقال النبي: يا قوم دعوا الناقة فهي مأمورة، فعلى باب مَن بركت فأنا عنده، فأطلقوا زمامها وهي تهف في السير حتّى دخلت المدينة، فبركت على باب أبي أيوب الأنصاري، ولم يكن في المدينة أفقر منه، فانطلقت قلوب الناس حسرة على مفارقة النبي(صلى الله عليه وآله).
فنادى أبو أيوب: يا أمّاه، افتحي الباب، فقد قدم سيّد البشر، وأكرم ربيعة ومضر، محمّد المصطفى، والرسول المجتبى، فخرجت وفتحت الباب وكانت عمياء، فقالت: وا
ص: 170
حسرتا، ليت كان لي عين أبصر بها إلى وجه سيّدي رسول الله، فكان أوّل معجزة النبي(صلى الله عليه وآله) في المدينة أنّه وضع كفّه على وجه أُمّ أبي أيوب فانفتحت عيناها»(1).
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال: «اتّقوا الله في أهل بيت نبيّكم، وردّوا هذا الأمر إليهم، فقد سمعتم كما سمعنا في مقام بعد مقام من نبيّ الله(صلى الله عليه وآله): إنّهم أولى به منكم»(2).
وفي رواية أُخرى أنّه قال:«اتّقوا الله عباد الله في أهل بيت نبيّكم، وأرددوا إليهم حقّهم الذي جعله الله لهم، فقد سمعتم مثل ما سمع إخواننا في مقام بعد مقام لنبيّنا(صلى الله عليه وآله) ومجلس بعد مجلس يقول: أهل بيتي أئمّتكم بعدي ويُؤمي إلى علي ويقول: هذا أمير البررة، وقاتل الكفرة، مخذول من خذله، منصور من نصره. فتوبوا إلى الله من ظلمكم إيّاه إنّ الله توّاب رحيم، ولا تتولّوا عنه مدبرين، ولا تتولّوا عنه معرضين»(3).
«عن الأصبغ قال: نشد علي الناس في الرحبة: مَن سمع النبي(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خُم ما قال إلّا قام ولا يقوم إلّا مَن سمع رسول الله يقول. فقام بضعة عشر رجلاً فيهم أبو أيوب الأنصاري... فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: ألا أنّ الله عزّ وجل وليي وأنا وليّ المؤمنين، ألا فمَن كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وأحبّ مَن أحبّه، وأبغض مَن أبغضه، وأعن مَن أعانه»(4).
ص: 171
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث كثيرة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في فضائل الإمام علي(عليه السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 50ﻫ إلى 52ﻫ بالقسطنطينية، عندما خرج لحرب الروم، ودُفن قرب سورها، وقبره معروف يُزار، وقد أخبر عنه النبي(صلى الله عليه وآله) بقوله: «يُدفن عند سور القسطنطينة رجل صالح من أصحابي»(1).
ص: 172
ص: 173
خالد بن سعيد بن العاص(رضي الله عنه)(1)
أبو سعيد، خالد بن سعيد بن العاص الأموي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
يُعدّ من المسلمين الأوائل، الذين حسن إسلامهم، أسلم هو وامرأته أمينة بنت خلف بن أسعد الخزاعية لرؤيا رآها.
روي عنه أنّه قال: «رأيت كأنّي واقف على شفا حفرة من النار، فجاء أبي يريد أن يلقيني فيها، فإذا أنا برسول الله(صلى الله عليه وآله) قد أخذ بمجامع ثوبي وجذبني إليه، وهو يقول: إليَّ إليَّ لا تلقى في النار، فانتبهت فزعاً من منامي.
وقلت: والله إنّ رؤياي هذه لحق، فخرجت أُريد رسول الله(صلى الله عليه وآله) فوافقت أبا بكر في الطريق، فسألني عن شأني فأخبرته بما رأيت فوافقني، فذهبت إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأسلمت أنا وأبو بكر في يوم واحد»(2).
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
1- قال السيّد بحر العلوم(قدس سره): «نجيب بني أُميّة، من السابقين الأوّلين، ومن
ص: 174
المتمسّكين بولاء أمير المؤمنين(عليه السلام)»(1).
2- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «فالحقّ عندي أنّ الرجل من الثقات، وأيّ ملكة أقوى من ملكة من دعاء دينه إلى المجاهدة بلسانه الأحد من السيف في قبال الألوف، والالتزام بغاية طاعة إمامه، مع أنّ تولية رسول الله(صلى الله عليه وآله) إيّاه على صدقات اليمن تعديل له، والتوقّف عن تعديل مثل هذا الرجل ظلم صريح»(2).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ بيعة الرجل المترجم ليلة العقبة، وهجرته إلى الحبشة، ومبادرته إلى الإسلام، وجهاده تحت راية نبيّ الله(صلى الله عليه وآله)، وكونه من السابقين الأوّلين إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) والمتمسّكين بولائه، وموقفه العظيم في النهي عن المنكر، وعدم موافقته للولاية من قِبَل أبي بكر، كلّ ذلك دليل وثاقته وجلالته، فالمترجم ثقة وأيّ ثقة، تغمّده الله برحمته ورضوانه»(3).
هاجر(رضي الله عنه) مع جعفر بن أبي طالب(عليه السلام) إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، وبقي فيها بضع عشرة سنة.
اشترك(رضي الله عنه) مع النبي(صلى الله عليه وآله) في فتح مكّة، وحنين، والطائف، وتبوك.
ولّاه رسول الله(صلى الله عليه وآله) صدقات اليمن، فكان هناك حتّى تُوفّي رسول الله(صلى الله عليه وآله) فترك اليمن وقدم المدينة المنوّرة، ولزم الإمام علي(عليه السلام).
ص: 175
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال:«يا أبا بكر، اتق الله فقد علمت ما تقدّم لعلي(عليه السلام) من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ألا تعلم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال لنا ونحن محتوشوه في يوم بني قريظة، وقد أقبل على رجال منّا ذوي قدر فقال:
يا معشر المهاجرين والأنصار، أُوصيكم بوصية فاحفظوها، وإنّي مؤدّ إليكم أمراً فاقبلوه، ألا إنّ عليّاً أميركم من بعدي وخليفتي فيكم، أوصاني بذلك ربّي وإنّكم إن لم تحفظوا وصيّتي فيه وتأووه وتنصروه اختلفتم في أحكامكم، واضطرب عليكم أمر دينكم، وولي عليكم الأمر شراركم، ألا وإنّ أهل بيتي هم الوارثون أمري، القائلون بأمر أُمّتي، اللّهم فمَن حفظ فيهم وصيّتي فاحشره في زمرتي، واجعل له من مرافقتي نصيباً يدرك به فوز الآخرة، اللّهم ومَن أساء خلافتي في أهل بيتي فأحرمه الجنّة التي عرضها السماوات والأرض»(1).
قيل: استُشهد في وقعة أجنادين يوم الثامن والعشرين من جمادى الأُولى 13ه، وقيل: استُشهد في مرج الصفر محرّم عام 13ه، أو 14ه.
ص: 176
ص: 177
خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين(رضي الله عنه)(1)
أبو عمارة، خُزيمة بن ثابت بن عمارة الأوسي الأنصاري، المعروف بخُزيمة ذي الشهادتين.
جعل رسول الله(صلى الله عليه وآله) شهادته كشهادة رجلين، وذلك لحادثة، وهي: أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) اشترى فرساً من إعرابي فأنكر البيع، فشهد له خُزيمة ولم يكن حاضراً عند الشراء، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أشهدتنا؟ فقال له: لا يا رسول الله، ولكنّي علمت أنّك قد اشتريت، أفأصدّقك بما جئت به من عند الله، ولا أصدّقك على هذا الإعرابي الخبيث.
قال: فعجب له رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقال: يا خُزيمة شهادتك شهادة رجلين»(2).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
ص: 178
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في معركة بدر وما بعدها من المعارك.
* كانت راية بني خطمة بيده يوم فتح مكّة.
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(1).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين.
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:... خُزيمة بن ثابت ذي الشهادتين... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(2).
1- قال السيّد علي خان المدني(قدس سره): «وكان خُزيمة من كبار الصحابة»(3).
2- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «اتّضح من خلال مواقفه المشرّفة من يوم إسلامه إلى يوم شهادته أنّه في أعلى مراتب الوثاقة والجلالة، وأنّه من القلائل الذين عصمهم الله في الفتنة العظمى بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
لم يُنقل من شعره إلّا الشيء اليسير، مع أنّه كان يجيد الشعر ويقوله منذ زمن مبكّر على عهد النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله)، فمن شعره ما نظمه في قضية تصدّق الإمام علي(عليه السلام) بالخاتم حين ركوعه في الصلاة:
«أبا حسنٍ تفديك نفسي وأُسرتي ** وكلُّ بطيءٍ في الهُدى ومُسارعِ
أيذهب مدح من محبّك ضائعاً ** وما المدح في جنب الإله بضائعِ
فأنتَ الذي أعطيتَ إذ كنتَ راكعاً ** زكاةً فَدتْكَ النفسُ يا خيرَ راكعِ
ص: 179
فأنزلَ فيك اللهُ خيرَ ولايةٍ ** وبَيّنها في مُحكماتِ الشرائعِ»(1).
وقوله يوم السقيفة:
«ما كنتُ أحسبُ هذا الأمر منتقلاً ** عن هاشم ثمّ منها عن أبي حسن
أليس أوّل مَن صلّى لقبلتكم ** وأعلم الناس بالقرآن والسنن
وآخر الناس عهداً بالنبي ** ومن جبريل عون له في الغسل والكفن
فما ذا الذي ردّكم عنه فنعرفه ** ها أنّ بيعتكم من أغبن الغبن»(2).
وقوله لمّا بُويع الإمام علي(عليه السلام) على منبر رسول الله(صلى الله عليه وآله):
«إذا نحن بايعنا عليّاً فحسبنا ** أبو حسن ممّا نخاف من الفتن
وجدناه أولى الناس بالناس إنّه ** أطبّ قريشاً بالكتاب وبالسنن
وإنّ قريشاً ما تشقّ غباره ** إذا ما جرى يوماً على الضمّر البدن
وفيه الذي فيهم من الخير كلّه ** وما فيهم مثل الذي فيه من حسن
وصيّ رسول الله من دون أهله ** وفارسه قد كان في سالف الزمن
وأوّل مَن صلّى من الناس كلّهم ** سوى خيرة النسوان والله ذو منن
وصاحب كبش القوم في كلّ وقعة ** يكون لها نفس الشجاع لدى الذقن
فذاك الذي تثنى الخناصر باسمه ** إمامهم حتّى أغيب في الكفن»(3).
وقوله يوم الجمل يخاطب عائشة:
«أعائش خلّي عن علي وعيبه ** بما ليس فيه إنّما أنت والده
وصيّ رسول الله من دون أهله ** وأنت على ما كان من ذاك شاهده
ص: 180
وحسبكِ منه بعض ما تعلمينه ** ويكفيكِ لو لم تعلمي غير واحده
إذا قيل ماذا عِبت منه رميته ** بخذل ابن عفّان وما تلك آبده
وليس سماء الله قاطرة دماً لذاك ** وما الأرض الفضاء بمائده»(1).
وقوله يوم صفّين:
«قد مرّ يومان وهذا الثالث ** هذا الذي يلهث فيه اللاهث
هذا الذي يبحث فيه الباحث ** كم ذا يُرجى أن يعيش الماكث
الناس موروث ومنهم وارث ** هذا علي مَن عصاه ناكث»(2).
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال: «يا أبا بكر، ألست تعلم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبل شهادتي وحدي ولم يرد معي غيري؟ قال: نعم، قال: فأشهد بالله أنّي سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: أهل بيتي يفرقون بين الحقّ والباطل، وهم الأئمّة الذين يُقتدى بهم»(3).
«عن الأصبغ قال: نشد علي الناس في الرحبة: مَن سمع النبي(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خُم ما قال إلّا قام، ولا يقوم إلّا مَن سمع رسول الله يقول. فقام بضعة عشر رجلاً فيهم... وخُزيمة بن ثابت... فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: ألا أنّ الله عزّ وجل وليي وأنا وليّ المؤمنين، ألا فمَن كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال مَن والاه، وعاد مَن
ص: 181
عاداه، وأحبّ مَن أحبّه، وأبغض مَن أبغضه، وأعن مَن أعانه»(1).
قال عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري: «كنت بصفّين فرأيت رجلاً أبيض اللحية معتماً متلثماً ما يرى منه إلّا أطراف لحيته يقاتل أشدّ قتال، فقلت: يا شيخ تقاتل المسلمين؟ فحسر لثامه وقال: نعم أنا خُزيمة سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: قاتل مع علي جميع مَن يقاتل»(2).
استُشهد(رضي الله عنه) في 9 صفر 37ﻫ بحرب صفّين، ودُفن في منطقة صفّين.
حسبه(رضي الله عنه) من الإكرام والتجليل ما أبّنه به الإمام علي(عليه السلام) وتلهّف عليه، وتشوّق إليه، وأثنى عليه، حيث قال: «أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحقّ! أين عمّار! وأين ابن التيّهان! وأين ذو الشهادتين - أي خُزيمة بن ثابت الأنصاري - وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية»(3).
ص: 182
ص: 183
دعبل الخزاعي(رضي الله عنه)(1)
أبو علي، دِعبل بن علي بن رزين الخُزاعي.
ولد(رضي الله عنه) عام 148ﻫ، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد(عليهم السلام).
قال(رضي الله عنه): «لمّا أنشدت مولاي الرضا(عليه السلام) قصيدتي التي أوّلها:
مدارس آيات خلت من تلاوة ** ومنزل وحي مقفر العرصات
فلمّا انتهيت إلى قولي:
خروج إمام لا محالة خارج ** يقوم على اسم الله والبركات
يميّز فينا كلّ حقّ وباطل ** ويجزي على النعماء والنقمات
بكى الرضا(عليه السلام) بكاء شديداً، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال لي: يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذينِ البيتين»(2).
ولمّا بلغ إلى قوله:
«لقد خفت في الدنيا وأيّام سعيها ** وإنّي لأرجو الأمن بعد وفاتي
قال الرضا(عليه السلام): آمنك الله يوم الفزع الأكبر»(3).
ص: 184
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «مشهور في أصحابنا»(1).
2- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «حاله مشهور في الإيمان وعلوّ المنزلة، عظيم الشأن»(2).
3- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره) : «فحسن حال الرجل وكونه من أجلّاء الشيعة وأشرافهم، ممّا لا ينبغي الريب فيه»(3).
كان(رضي الله عنه) قمّة في الشعر والأدب، فقد نعته ابن خلكان (ت: 681ﻫ) بقوله: «كان شاعراً مجيداً»(4).
وقال السيّد محسن الأمين(قدس سره): «كان شاعراً مفلقاً فصيحاً»(5).
وكان من شعراء أهل البيت(عليهم السلام) المتجاهرين في الموالاة لهم، والمتبرّئين من أعدائهم، فقد هجى الخلفاء والأمراء الذين يستحقّون الهجاء؛ بسبب سوء أفعالهم وأعمالهم من أئمّة أهل البيت(عليهم السلام).
قيل له: لماذا تهجو مَن تخشى سطوته؟ قال: «إنّي أحمل خشبتي منذ خمسين سنة ولست أجد أحداً يصلبني عليها. وهذا أكبر دليل على جرأته وإقدامه على هجاء مَن يستحقّ الهجاء في نظره، ولو أدّى به إلى الصلب»(6).
ولمّا جاءه خبر موت المعتصم، وقيام الواثق مكانه قال:
«الحمدُ لله لا صبرٌ ولا جَلَدُ ** ولا رقاد إذا أهلُ الهوى رَقَدُوا
خليفةٌ ماتَ لمْ يحزنْ لُه أحدٌ ** وآخرٌ قامَ لم يفرحْ بهِ أحدُ
ص: 185
فمرّ هذا ومرّ الشؤم يتبعه ** وقامَ هذا وقامَ الويلُ والنكدُ»(1).
وقال في زمن المأمون وهو يهجو الرشيد المدفون تحت قدمي الإمام الرضا(عليه السلام):
«قَبرانِ في طوسِ خيرِ الناسِ كُلِّهِمُ ** وقبرُ شرِّهِمُ هذا من العِبرِ
ما ينفعُ الرِجس من قُربِ الزكيِّ وما ** على الزكي بقرب الرِجسِ من ضَررِ»(2).
دخل(رضي الله عنه) على الإمام الرضا(عليه السلام) بمدينة مرو، فقال له: «يا ابن رسول الله، إنّي قد قلت فيك قصيدة، وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك. فقال(عليه السلام): هاتها. فأنشده:
مدارس آيات خلت من تلاوة ** ومنزل وحي مقفر العرصات
فلمّا انتهى إلى قوله:
وقبر ببغداد لنفس زكية ** تضمنها الرحمن في الغرفات
قال له الرضا(عليه السلام): أفلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟ فقال: بلى يا ابن رسول الله، فقال(عليه السلام):
وقبر بطوس يا لها من مصيبة ** توقد في الأحشاء بالحرقات
إلى الحشر حتّى يبعث الله قائماً ** يفرّج عنّا الهمّ والكربات
فقال دعبل: يا ابن رسول الله، هذا القبر الذي بطوس قبر مَن هو؟ فقال الرضا(عليه السلام): قبري، ولا تنقضي الأيّام والليالي حتّى تصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري، ألا فمَن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً
ص: 186
له»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمامين الرضا والجواد(عليهما السلام).
ديوان شعره، طبقات الشعراء، الواحد في مثالب العرب ومناقبها.
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 245ﻫ إلى عام 246ﻫ بنواحي الأهواز، ودُفن في مدينة شوش، وقبره معروف يُزار.
ص: 187
ص: 188
رشيد الهجري(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الله، رُشيد بن عقبة الهَجَري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام زين العابدين(عليهم السلام)، وعدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان(2).
1- قال السيّد محمّد باقر الخونساري(قدس سره): «الذي هو في درجة ميثم التمّار، ومن جملة حاملي أسرار أمير المؤمنين(عليه السلام)»(3).
2- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «لا شبهة في جلالة الرجل، وكونه من أهل العلم بالبلايا والمنايا، ولا يُعقل أن ينال هذه المرتبة العظمى إلّا عدل ثقة امتحن الله قلبه للإيمان، ورزقه ملكة عاصمة له من مخالفة الرحمن، والأخبار الناطقة بفضله وجلالته فوق حدّ الإستفاضة معنى»(4).
3- قال السيّد الخوئي(قدس سره): «هو ممّن قُتل في حبّ علي(عليه السلام)، قتله ابن زياد، ولا
ص: 189
ريب في جلالة الرجل وقربه من أمير المؤمنين(عليه السلام)، وهو من المتسالم عليه بين الموافق والمخالف، ويكفي ذلك في إثبات عظمته»(1).
كان(رضي الله عنه) ممّن علّمهم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) علم المنايا والبلايا، وهذه الحادثة خير شاهد على ذلك:
«عن فضيل بن الزبير، قال: مرّ ميثم التمّار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد، فتحدّثا حتّى اختلف أعناق فرسيهما.
ثمّ قال حبيب: لكأنّي بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطّيخ عند دار الرزق، قد صُلب في حُبّ أهل بيت نبيّه(عليه السلام)، يُبقر بطنه على الخشب.
فقال ميثم: وإنّي لأعرف رجلاً أحمر له صفيدتان، يخرج لينصر ابن بنت نبيّه فيُقتل، ويُجال برأسه في الكوفة. ثمّ افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحداً أكذبُ من هذين.
قال: فلم يفترق أهل المجلس حتّى أقبل رُشيد الهجري فطلبهما، فسأل أهل المجلس عنهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا.
فقال رُشيد: رحم الله ميثماً ونسي: ويُزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم، ثمّ أدبر، فقال القوم: هذا والله أكذبهم.
فقال القوم: والله ما ذهبت الأيّام والليالي حتّى رأيناه مصلوباً على دار عمرو بن حُريث، وجيء برأس حبيب بن مظاهر قد قُتل مع الحسين(عليه السلام)، ورأينا كلّ ما قالوا»(2).
ص: 190
«عن فضيل بن الزبير، قال: خرج أمير المؤمنين(عليه السلام) يوماً إلى بستان البرني، ومعه أصحابه، فجلس تحت نخلة ثمّ أمر بنخلة، فلقطت فأنزل منها رطب فوضع بين أيديهم، قالوا: فقال رشيد الهجري: يا أمير المؤمنين، ما أطيب هذا الرطب!
فقال: يا رُشيد، أما أنّك تصلب على جذعها. فقال رُشيد: فكنت أختلف إليها طرفي النهار أسقيها. ومضى أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: فجئتها يوماً وقد قطع سعفها، قلت: اقترب أجلي، ثمّ جئت يوماً فجاء العريف فقال: أجب الأمير. فأتيته... فلمّا دخلت القصر إذا الخشب ملقى، فإذا فيه الزرنوق، فجئت حتّى ضربت الزرنوق برجلي ثمّ قلت: لك غذيت ولي أنبت، ثمّ أُدخلت على عبيد الله بن زياد، فقال: هات من كذب صاحبك.
فقلت: والله ما أنا بكذّاب ولا هو، ولقد أخبرني أنّك تقطع يدي ورجلي ولساني.
قال: إذاً والله نكذّبه اقطعوا يده ورجله وأخرجوه. فلمّا حمل إلى أهله أقبل يحدّث الناس بالعظايم، وهو يقول: أيّها الناس سلوني فإنّ للقوم عندي طلبة لم يقضوها، فدخل رجل على ابن زياد فقال له: ما صنعت قطعت يده ورجله وهو يحدّث الناس بالعظايم؟ قال: ردّوه. وقد انتهى إلى بابه، فردّوه فأمر بقطع يديه ورجليه ولسانه وأمر بصلبه»(1).
«عن أبي حسان العجلي، عن قنوا بنت رُشيد الهجري قال: قلت لها: أخبريني بما سمعتِ من أبيك، قالت: سمعت من أبي يقول: قال: حدّثني أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال:
ص: 191
يا رُشيد، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أُميّة فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت : يا أمير المؤمنين آخر ذلك الجنّة؟
قال: بلى يا رُشيد، أنت معي في الدنيا والآخرة، قالت: فوالله ما ذهبت الأيّام حتّى أرسل إليه الدعي عبيد الله بن زياد، فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين(عليه السلام) فأبى أن يتبرّأ منه، فقال له الدعي: فبأيّ ميتة قال لك تموت؟
قال: أخبرني خليلي أنّك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرء منه، فتقدّمني فتقطع يديّ ورجليّ ولساني، فقال: والله لأكذبنّ قوله فيك، قدّموه فاقطعوا يديه ورجليه واتركوا لسانه، فحملت طوائفه لمّا قطعت يداه ورجلاه، فقلت له: يا أبه، كيف تجد ألماً لما أصابك؟
فقال: لا يا بنية إلّا كالزحام بين الناس، فلمّا حملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله، فقال: ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى أن تقوم الساعة، فإنّ للقوم بقية لم يأخذوها منّي بعد، فأتوه بصحيفة فكتب الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم. وذهب لعين فأخبره أنّه يكتب للناس ما يكون إلى أن تقوم الساعة، فأرسل إليه الحجّام حتّى قطع لسانه فمات»(1).
ص: 192
استُشهد(رضي الله عنه) في الكوفة، ودُفن فيها.
ص: 193
زرارة بن أعين الشيباني(رضي الله عنه)(1)
أبو الحسن، زرارة بن أعين بن سنسن الشيباني الكوفي.
آل أعين أُسرة شيعية كوفية، رافقت أهل البيت(عليهم السلام) من زمن الإمام زين العابدين(عليه السلام) وإلى زمن الغَيبة الكبرى.
ولد(رضي الله عنه) عام 80ﻫ، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبد الله(عليهما السلام)، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأوّلين ستّة: زرارة...»(2).
وكان علماً من أعلام الدين، ومن كبار الفقهاء والعلماء فضلاً وتقوى، وكانت له يد في الفقه والكلام والأدب والشعر، إلّا أنّه كان ضليعاً في الفقه، إذ لا يخلو باب من أبواب الفقه من حديث له.
ص: 194
1- قال الإمام الباقر(عليه السلام): «يا زرارة، حقّاً على الله أن يدخلك الجنّة»(1).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «بشّر المخبتين بالجنّة: بُريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمّد بن مسلم، وزرارة بن أعين، أربعة نجباء، أُمناء الله على حلاله وحرامه، ولولا هؤلاء لانقطعت آثار النبوّة واندرست»(2).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «أوتاد الأرض، وأعلام الدين أربعة: محمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي، وزرارة بن أعين»(3).
4- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ أصحاب أبي(علیه السلام) كانوا زيناً أحياءً وأمواتاً، أعني: زرارة، ومحمّد بن مسلم، ومنهم ليث المرادي، وبُريد العجلي، هؤلاء القوّامون بالقسط، هؤلاء القائلون بالصدق، هؤلاء السابقون السابقون، أُولئك المقرّبون»(4).
5- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي(عليه السلام) إلّا زرارة، وأبو بصير المرادي، ومحمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفّاظ الدين، وأُمناء أبي(عليه السلام) على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة»(5).
6- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... .
ثمّ ينادي المنادي: أين حواري محمّد بن علي وحواري جعفر بن محمّد؟ فيقوم... وزرارة بن أعين... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من
ص: 195
التابعين»(1).
1- قال الشيخ ابن النديم البغدادي(قدس سره): «وزرارة أكبر رجال الشيعة فقهاً وحديثاً ومعرفة بالكلام والتشيّع»(2).
2- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدّمهم، وكان قارئاً فقيهاً متكلّماً شاعراً أديباً، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين، صادقاً فيما يرويه»(3).
3- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «ثقة»(4).
4- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «ووثّقه كلّ مَن صنّف في الرجال وإن اختلفت في حاله الأخبار، فالأصحاب متّفقون على أنّ هذا الرجل بلغ من الجلالة، والعظم، ورفعة الشأن، وسموّ المكان إلى ما فوق الوثاقة المطلوبة للقبول والاعتماد، وتظافرت الروايات بذلك، بل تواترت معنى»(5).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (2211) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
عبيد ورومي وعبد الله، من الثقات الأجلّاء، والحسن والحسين ومحمّد، وكلّهم من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام).
ص: 196
الاستطاعة والجبر والعهود.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 150ﻫ.
ص: 197
زكريا بن آدم الأشعري القمّي(رضي الله عنه)(1)
أبو يحيى، زكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري القمّي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في قم باعتباره قمّي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الصادق والإمام الرضا والإمام الجواد(عليهم السلام)، وأبوه آدم كان من أصحاب الصادق(عليه السلام).
كان(رضي الله عنه) زميلاً للإمام الرضا(عليه السلام) في طريقه من المدينة إلى الحج.
1- قال علي بن المسيّب: «قلت للرضا(عليه السلام): شقّتي بعيدة، ولست أصل إليك كلّ وقت، فممّن آخذ معالم ديني؟ فقال(عليه السلام): من زكريا بن آدم القمّي المأمون على الدين والدنيا»(2).
2- قال(رضي الله عنه): «قلت للرضا(عليه السلام): إنّي أُريد الخروج عن أهل بيتي، فقد كثر السفهاء، فقال: لا تفعل، فإنّ أهل قم يُدفع عنهم بك، كما يُدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن(عليه السلام)»(3).
ص: 198
3- عن محمّد بن إسحاق والحسن بن محمّد قالا: «خرجنا بعد وفاة زكريا بن آدم إلى الحج، فتلقّانا كتابه(عليه السلام) - كتاب الإمام الجواد - في بعض الطريق:ما جرى من قضاء الله في الرجل المتوفّى - أي: زكريا بن آدم - في رحمة الله يوم ولد ويوم قبض ويوم يُبعث حيّاً، فقد عاش أيّام حياته عارفاً بالحق، قائلاً به، صابراً محتسباً للحق، قائماً بما يحبّ الله ورسوله(صلى الله عليه وآله)، ومضى رحمة الله عليه غير ناكثٍ ولا مبدّل، فجزاه الله أجر نيّته وأعطاه جزاء سعيه»(1).
4- قال عبد الله بن الصلت القمّي: «دخلت على أبي جعفر الثاني(عليه السلام) في آخر عمره، فسمعته يقول: جزى الله صفوان بن يحيى، ومحمّد بن سنان، وزكريا ابن آدم عنّي خيراً، فقد وفوا لي»(2).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «ثقة، جليل، عظيم القدر، وكان له وجه عند الرضا(عليه السلام)، له كتاب»(3).
2- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «فقيه، جليل، عظيم القدر»(4).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ وثاقة الرجل وجلالته وورعه وتقواه واختصاصه بالأئمّة الهداة المهديين صلوات الله عليهم أجمعين ممّا اتّفقت عليها الطائفة من دون غمز فيه من أحد، بل هو فوق الوثاقة المصطلحة»(5).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (40) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الرضا، والإمام
ص: 199
الجواد(عليهما السلام).
مسائل الرضا(عليه السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) بمدينة قم المقدّسة، ودُفن بمقبرة شيخان، وقبره معروف يُزار.
ص: 200
زهير بن القين البجلي(رضي الله عنه)(1)
زهير بن القين بن قيس الأنماري البَجلي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام).
* جعله الإمام الحسين(عليه السلام) قائداً على ميمنة جيشه في معركة الطف، كما جعل حبيب بن مظاهر الأسدي على الميسرة.
* زاده شرفاً تخصيص الإمام الحجّة المنتظر(عجلّ الله تعالى فرجه) إيّاه بالتسليم عليه في زيارتي الناحية والرجبية، وفيها: «السلام على زهير بن القين البَجلي القائل للحسين(عليه السلام) وقد أذن له في الانصراف: لا والله، لا يكون ذلك أبداً، أترك ابن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أسيراً في يد الأعداء وأنجو؟ لا أراني الله ذلك اليوم»(2).
1- قال الشيخ محمّد السماوي(قدس سره): «كان زهيررجلاً شريفاً في قومه، نازلاً فيهم بالكوفة، شجاعاً، له في المغازي مواقف مشهورة، ومواطن مشهودة»(3).
2- قال السيّد محسن الأمين(قدس سره): «كان زهير أوّلاً عثمانياً - أي أنّه يميل إلى عثمان
ص: 201
بن عفّان ويدافع عن مظلوميته - وكان قد حجّ في السنة التي خرج فيها الحسين إلى العراق، فلمّا رجع من الحجّ جمعه الطريق مع الحسين، فأرسل إليه الحسين(عليه السلام) وكلّمه، فانتقل علوياً وفاز بالشهادة»(1).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «المترجم من أظهر مصاديق مَن ختم له بحسن العاقبة، فبينما كان عثمانياً عدّواً لأهل البيت(عليهم السلام)، أدركته الهداية الإلهية فاستبصر واهتدى، وبذل نفسه النفيسة في سبيل الدفاع عن ريحانة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فهو ممّن استُشهد بين يدي ريحانة رسول الله سيّد شباب أهل الجنّة عارفاً بحقّه، وهو - بلا شك - يعدّ أرفع شأناً وأسمى مقاماً من التوثيق»(2).
«حدّث جماعة من فزارة ومن بجيلة قالوا: كنّا مع زهير بن القين البَجلي حين أقبلنا من مكّة، فكنّا نساير الحسين(عليه السلام) فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن ننازله في منزل، فإذا سار الحسين(عليه السلام) ونزل منزلاً لم نجد بُداً من أن ننازله، فنزل الحسين في جانب ونزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغذّى من طعام لنا، إذ أقبل رسول الحسين(عليه السلام) حتّى سلّم ثمّ دخل، فقال: يا زهير بن القين، إنّ أبا عبد الله الحسين بعثني إليك لتأتيه.
فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى كأنّ على رؤوسنا الطير، فقالت له امرأته: سبحان الله، أيبعث إليك ابن رسول الله ثمّ لا تأتيه، لو أتيته فسمعت من كلامه، ثمّ انصرفت.
فأتاه زهير بن القين، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه وثقله ورحله ومتاعه فقوّض وحمل إلى الحسين(عليه السلام)، ثمّ قال لامرأته: أنت طالق،
ص: 202
ألحقي بأهلك، فإنّي لا أُحبّ أن يصيبك بسببي إلّا خير.
ثمّ قال لأصحابه: مَن أحبّ منكم أن يتبعني، وإلّا فهو آخر العهد، إنّي سأُحدّثكم حديثاً: إنّا غزونا البحر، ففتح الله علينا وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الفارسي(رضي الله عنه): أفرحتم بما فتح الله عليكم، وأصبتم من الغنائم؟ فقلنا: نعم.
فقال: إذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم ممّا أصبتم اليوم من الغنائم. فأمّا أنا فأستودعكم الله. قالوا: ثمّ والله ما زال في القوم مع الحسين(عليه السلام) حتّى قُتل رحمة الله عليه»(1).
لمّا خطب الإمام الحسين(عليه السلام) أصحابه وأهل بيته ليلة العاشر من المحرّم، وأذن لهم في الانصراف، أجابه أصحابه بما أجابوه، وكان ممّن أجابه زهير فقال:«والله لوددت أنّي قُتلت ثمّ نُشرت ثمّ قُتلت حتّى أُقتل هكذا ألف مرّة، وأنّ الله تعالى يدفع بذلك القتل عن نفسك، وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك»(2).
وقف(رضي الله عنه) أمام جيش عمر بن سعد يوم العاشر من المحرّم قبل نشوب الحرب ووعظهم بقوله:
«يا أهل الكوفة، نذار لكم من عذاب الله نذار، إنّ حقّاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم، ونحن حتّى الآن أخوة، وعلى دين واحد، وملّة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وأنتم للنصيحة منّا أهل، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة، وكنّا أُمّة وأنتم أُمّة، إنّ الله قد ابتلانا وإيّاكم بذرّية نبيّه محمّد(صلى الله عليه وآله) لينظر ما نحن وأنتم عاملون، إنّا
ص: 203
ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد.
فإنّكم لا تدركون منهما إلّا بسوء عمر سلطانهما كلّه، ليسملان أعينكم، ويقطعان أيديكم وأرجلكم، ويمثّلان بكم، ويرقعانكم على جذوع النخل، ويقتلان أماثلكم وقرّاءكم، أمثال حُجر بن عَدي وأصحابه، وهاني بن عُروة وأشباهه.
قال [الراوي]: فسبّوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له، وقالوا: والله، لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومن معه، أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير عبيد الله سلماً.
فقال لهم: عباد الله، وإنّ ولد فاطمة(رضوان الله عليها) أحقّ بالودّ والنصر من ابن سمية، فإن لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم، فخلّوا بين هذا الرجل وبين ابن عمّه يزيد بن معاوية، فلعمري أن يزيد ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين.
قال [الراوي]: فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم وقال: اُسكت، اسكت الله نأمتك أبرمتنا بكثرة كلامك.
فقال له زهير: يا ابن البوّال على عقبيه ما أيّاك أُخاطب، إنّما أنت بهيمة، والله ما أظنّك تحكم من كتاب الله آيتين، فابشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم.
فقال له شمر: إنّ الله قاتلك وصاحبك عن ساعة.
قال: أفبالموت تخوّفني؟ فوالله، للموت معه أحبّ إليّ من الخلد معكم.
قال [الراوي]: ثمّ أقبل على الناس رافعاً صوته فقال: عباد الله، لا يغرّنّكم من دينكم هذا الجلف الخافي وأشباهه، فوالله، لا تنال شفاعة محمّد(صلى الله عليه وآله) قوماً هراقوا دماء ذرّيته وأهل بيته، وقتلوا مَن نصرهم وذبّ عن حريمهم.
ص: 204
قال: فناداه رجل فقال له: إنّ أبا عبد الله يقول لك:إقبل، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والابلاغ»(1).
حمل على جيش عمر بن سعد، وهو يرتجز ويقول:
«أنا زهير وأنا ابن القين ** أذودكم بالسيف عن حسين
إنّ حسيناً أحد السبطين ** من عترة البرّ التقيّ الزين
ذاك رسول الله غير المين ** أضربكم ولا أرى من شين
يا ليت نفسي قُسمت قسمين
وقال محمّد بن أبي طالب: فقاتل حتّى قتل مائة وعشرين رجلاً»(2)، «ثمّ رجع فوقف أمام الحسين(عليه السلام) وقال له:
فدتك نفسي هادياً مهديّا ** أليوم ألقى جدّك النبيا
وحسناً والمرتضى عليّا ** وذا الجناحين الشهيد الحيّا
فكأنّه ودّعه وعاد يقاتل، فشدّ عليه كثير بن عبد الله الشعبي، ومهاجر بن أوس التميمي فقتلاه، ولمّا صرع وقف عليه الحسين(عليه السلام)فقال: لا يُبعدنّك الله يا زهير، ولعن الله قاتلك لعن الذين مسخوا قردةً وخنازير»(3).
ص: 205
استُشهد(رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61ﻫ بواقعة الطف، ودُفن في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء المقدّسة.
ص: 206
زيد بن أرقم الأنصاري(رضي الله عنه)(1)
أبو سعد، زيد بن أرقم الأنصاري الخزرجي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في المدينة باعتباره مدني.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي، والإمام الحسن، والإمام الحسين(عليهم السلام).
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(2).
* كان من السبعة الذين وفوا بما التزموا لرسول الله(صلى الله عليه وآله) بالمودّة في القربى.
* أنكر على المغيرة بن شعبة لمّا نال من الإمام علي(عليه السلام) بقوله: «قد علمت أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان ينهى عن سبّ الموتى، فلم تسبّ عليّاً وقد مات!؟»(3).
قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّه لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله(صلى الله عليه وآله): (قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلّا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى)(4)... فقال أبو عبد الله(عليه السلام): فوالله ما وفى بها إلّا سبعة نفر: سلمان، وأبو ذر، وعمّار، والمقداد بن الأسود الكندي، وجابر بن عبد الله الأنصاري، ومولى لرسول الله(صلى الله عليه وآله) يُقال له: الثبيت، وزيد بن أرقم»(5).
ص: 207
1- قال السيّد بحر العلوم(قدس سره): «صحابي مشهور، غزا مع النبي(صلى الله عليه وآله) سبع عشرة غزوة، وأوّل مشاهده الخندق، وهو الذي أنزل الله تعالى تصديقه في سورة المنافقين لمّا أظهر نفاقهم»(1).
2- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «يُحار المرء في تقييم مثل هذه الشخصية التي ظُلمت في تقييمها، حيث قيل عنه إنّه كان مذموماً، أو أنّه لم يكن بتلك المنزلة من القرب لأهل البيت(عليهم السلام)، أو غير ذلك، ولذلك ينبغي دراسة سيرته أيّام حياته.
أمّا في زمان النبي الكريم؛ فقد جاهد تحت لوائه(صلى الله عليه وآله) سبعة عشر غزوة، وبعد أن ارتحل إلى الرفيق الأعلى كان المترجم من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)، وعدّه جمع من أعلام العامّة من خاصّة أصحابه(عليه السلام)، ففي الفتنة الكبرى كان من السابقين، وصرّحوا بأنّه قاتل في صفّين تحت راية أمير المؤمنين(عليه السلام)، وأمّا بعد وفاته(عليه السلام) فلم يكن يوماً مع أشياع بني أُميّة لعنهم الله تعالى، بل كان ممّن يشيّد بضلالهم»(2).
قال(رضي الله عنه): «كنت مع عمّي فسمعت عبد الله بن أُبيّ ابن سلول يقول: لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حَتَّى يَنفَضُّوا. وقال أيضاً: لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فذكرت ذلك لعمّي، فذكر عمّي لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، فأرسل رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى عبد الله بن أُبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فصدّقهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) وكذّبني، فأصابني همّ لم يصبني مثله، فجلست في بيتي، فأنزل الله عزّ وجل: إِذَا جَاءكَ المُنَافِقُونَ إلى قوله: هُمُ
ص: 208
الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ الله إلى قوله: لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فأرسل إليّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقرأها علي، ثمّ قال: إنّ الله قد صدّقك»(1).
كان(رضي الله عنه) من الصحابة الذين قاموا وشهدوا على صحّة ما نقله الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا ناشدهم قائلاً: «أنشد الله مَن حفظ ذلك من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لما قام فأخبر به.
فقام زيد ابن أرقم، والبَراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمّار بن ياسر(رضي الله عنهم) فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: أيّها الناس، إنّ الله أمرني أن أنصّب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيّي وخليفتي، والذي فرض الله عزّ وجل على المؤمنين في كتابه طاعته، فقرنه بطاعته وطاعتي، فأمركم بولايتي وولايته، فإنّي راجعت ربّي عزّ وجل خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربّي لأبلّغنها أو ليعذّبني»(2).
أنكر(رضي الله عنه) على عبيد الله بن زياد - والي الكوفة آنذاك - فعله في قصر الإمارة، حينما أمر بإحضار رأس الإمام الحسين(عليه السلام) في مجلس كان غاصّاً بشخصيات دينية وسياسية وعسكرية من أهل الكوفة، بالإضافة إلى سبايا أهل البيت(عليهم السلام)، وعلى رأسهم الإمام زين العابدين(عليه السلام)، فجعل(لعنه الله) ينظر إلى الرأس الشريف ويتبسّم، وفي يده قضيب يضرب به ثنايا أبا عبد الله الحسين(عليه السلام) تشفّياً، فقال له زيد - وهو شيخ كبير -: «ارفع قضيبك عن هاتينِ الشفتين، فوالله الذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رسول الله(صلى الله عليه وآله)
ص: 209
عليهما ما لا أحصيه كثرة تقبّلهما، ثمّ انتحب باكياً.
فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك، أتبكي لفتح الله؟ والله لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك، فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وصار إلى منزله»(1).
قال الراوي: «فلمّا خرج سمعت الناس يقولون: والله لقد قال زيد بن أرقم قولاً لو سمعه ابن زياد لقتله، قال: فقلت: ما قال؟ قالوا: مرّ بنا وهو يقول: ملك عبد عبداً، فاتخذهم تلداً، أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة، وأمّرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم، ويستعبد شراركم، فرضيتم بالذل، فبعداً لمَن رضى بالذل»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام)، وأحد رواة حديث الغدير.
ص: 210
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 61ﻫ إلى 68ﻫ بمدينة الكوفة، ودُفن بها.
ص: 211
زيد بن حارثة الكلبي(رضي الله عنه)(1)
أبو اُسامة، زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله).
* يُعدّ من المسلمين الأوائل، الذين حسن إسلامهم.
* آخى النبي(صلى الله عليه وآله) بينه وبين عمّه حمزة بن عبد المطّلب.
* لم يسمّ أحداً من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) في القرآن باسمه غيره.
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... وخرج أميراً في سبع سرايا.
* جعله النبي(صلى الله عليه وآله) أميراً على جيش المسلمين في غزوة مؤتة بعد شهادة جعفر الطيّار في الغزوة.
قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ أبا اُسامة في قربه من صاحب الرسالة(صلى الله عليه وآله)، وعظيم منزلته ثمّ إمرته من قبله(صلى الله عليه وآله) على الجيش، وشهادته في سبيل الدفاع
ص: 212
عن الإسلام، يرفعه إلى قمّة الوثاقة والجلالة، بل هو أجلّ من التوثيق»(1).
خرج(رضي الله عنه) مهاجراً إلى الطائف مع رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام)، وفيها ضيّق أهلها على رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ورموه بالحجارة، وأدموا رجليه، فكان زيد يقيه بنفسه.
خرجت به أُمّه أيّام الجاهلية لزيارة عشيرتها - وهو يومئذٍ ابن ثمان سنين - فأغارت عليهم الخيل وأخذوهم سبايا، وجيء به إلى سوق عكّاظ فعرضوه للبيع، فاشتراه حكيم بن حزام بن خويلد لعمّته خديجة بنت خويلد، فلمّا تزوّجها رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهبته له، فاعتقه وتبنّاه بعنوان ابن له قبل نبوّته(صلى الله عليه وآله)، ومنذ ذلك الحين دُعي بزيد بن محمّد، حتّى جاء الإسلام فنزلت الآية الكريمة: «وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ»(2)، فدُعي يومئذٍ بزيد بن حارثة، ونُسب بعد ذلك كلّ مَن تبنّاه رجل من قريش إلى أبيه(3).
زوّجه النبي(صلى الله عليه وآله) ابنة عمّته زينب بنت جحش، ليمحو عادة من عادات العرب الجاهلية، حيث كانوا يرون التزويج بالموالي عاراً لهم، ولهذا امتنع أبوها وعمّها في الوهلة الأُولى من تزويجها لزيد، ولكن لمّا نزل فيهما على بعض الروايات قوله تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا»(4)، فلم يجدا بُدّاً من إطاعة أمر رسول
ص: 213
الله(صلى الله عليه وآله).
وبعد زواجهما اشتكى زيد إلى النبي(صلى الله عليه وآله) مراراً من سوء خُلقها معه، وأراد طلاقها، ورسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول له: أمسك عليك زوجك واتق الله. ولمّا طال به الأمر طلّقها.
ثمّ أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعد ذلك تزوّج زينب لضرورة اقتضاها التشريع، وهي: محو عادة من عادات العرب الجاهلية، حيث كانوا يرون أن آثار التبنّي هو نفس آثار البنوة الحقيقية، من الميراث والنكاح وغيرهما، ولم يكن مجال لقلع هذا المفهوم الخاطئ إلّا بالإقدام على عمل أساسي لا مجال للريب ولا للتأويل فيه.
فكان زواجه(صلى الله عليه وآله) من زوجة ابنه بالتبنّي هو الوسيلة الفضلى لقلع هذا المفهوم الخاطئ من أذهانهم(1).
وأشار القرآن الكريم إلى علّة التزويج في الآية الشريفة:«فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً»(2).
اُسامة، كان أميراً على الجيش الذي جهّزه رسول الله(صلى الله عليه وآله) قُبيل وفاته لقتال الروم.
استُشهد(رضي الله عنه) في جمادى الثانية 8ﻫ بغزوة مؤتة، ودُفن بمنطقة مؤتة، وهي قرية من قرى البلقاء في حدود الشام، وقبره معروف يُزار.
ص: 214
ص: 215
زيد بن صوحان العبدي(رضي الله عنه)(1)
أبو سليمان، زيد بن صوحان بن حجر العبدي الكوفي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي(عليه السلام).
1- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «مَن سرّه أن ينظر إلى رجل يسبقه بعض أعضائه إلى الجنّة فلينظر إلى زيد بن صوحان.
قلت: قُطعت يد زيد في جهاده المشركين»(2).
2- قال الإمام الباقر(عليه السلام): «شهد مع علي بن أبي طالب(عليه السلام) من التابعين ثلاثة نفر بصفّين شهد لهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالجنّة ولم يرهم: أويس القَرني وزيد بن صوحان العبدي وجُندب الخير الأزدي رحمة الله عليهم»(3).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «لمّا صُرع زيد بن صوحان رحمة الله عليه يوم الجمل، جاء أمير المؤمنين(عليه السلام) حتّى جلس عند رأسه، فقال: رحمك الله يا زيد، قد كنت خفيف المؤنة عظيم المعونة.
ص: 216
قال: فرفع زيد رأسه إليه وقال: وأنت فجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين، فوالله ما علمتك إلّا بالله عليماً، وفي أُمّ الكتاب عليّاً حكيماً، وأنّ الله في صدرك لعظيم، والله ما قاتلت معك على جهالة، ولكنّي سمعت أُمّ سلمة زوج النبي(صلى الله عليه وآله) تقول: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: مَن كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله، فكرهت والله أن اخذلك فيخذلني الله»(1).
1- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «وكان من الأبدال»(2)،(3).
2- قال السيّد الخوئي(قدس سره): «يكفي في جلالة الرجل وعظمته مضافاً إلى شهادته بين يدي أمير المؤمنين(عليه السلام)، شهادة الشيخ بأنّه من الأبدال»(4).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ الحقّ الذي لا محيص عنه أنّ المترجم من أوثق الثقات الأبدال، ومن أشرف الشهداء الأبرار»(5).
4- قال ابن سعد (ت: 230ﻫ): «وكان ثقة قليل الحديث»(6).
5- قال ابن عبد البر (ت: 463ﻫ) نقلاً عن أبي عمر: «وكان فاضلاً ديّناً سيّداً في قومه هو وإخوته»(7).
6- قال الذهبي (ت: 748ﻫ): «كان من العلماء العبّاد»(8).
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: «لمّا نزل علي(عليه السلام) بالبصرة، كتبت عائشة إلى زيد بن صوحان العبدي: من عائشة بنت أبي بكر الصدّيق زوج النبي(صلى الله عليه وآله) إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان، أمّا بعد، فأقم في بيتك، وخذّل الناس عن علي، وليبلغني عنك ما أحب،
ص: 217
فإنّك أوثق أهلي عندي، والسلام.
فكتب إليها: من زيد بن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر، أمّا بعد، فإنّ الله أمرك بأمر وأمرنا بأمر، أمرك أن تقرّي في بيتك، وأمرنا أن نجاهد، وقد أتاني كتابك، فأمرتني أن أصنع خلاف ما أمرني الله، فأكون قد صنعت ما أمرك الله به، وصنعت ما أمرني الله به، فأمرك عندي غير مطاع، وكتابك غير مجاب، والسلام.
روى هذين الكتابين شيخنا أبو عثمان عمرو بن بحر، عن شيخنا أبي سعيد الحسن البصري»(1).
استُشهد(رضي الله عنه) عام 36ﻫ بحرب الجمل، ودُفن في أرض المعركة.
ص: 218
ص: 219
سعد بن عبد الله الأشعري القمّي(رضي الله عنه)(1)
أبو القاسم، سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمّي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في قم باعتباره قمّي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام العسكري(عليه السلام).
يُعدّ من أصحاب الأُصول التي نقل الشيخ الصدوق(قدس سره) في كتابه الفقيه عنها، وحكم بصحّتها، وأنّ عليها المعوّل، وإليها المرجع(2).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها»(3).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «جليل القدر، واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة»(4).
3- قال السيّد ابن طاووس(قدس سره): «المتّفق على ثقته وفضله وعدالته»(5).
4- قال الشهيد الثاني(قدس سره): «لا خلاف بين أصحابنا في ثقته، وجلالته، وغزارة علمه»(6).
ص: 220
5- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ جلالة المترجم ووثاقته، وقربه من الأئمّة الأطهار(عليهم السلام)، وتفانيه في إحياء المذهب، ونشر معارف أهل البيت(عليهم السلام) ممّا لا يقبل النقاش، فهو شيخ مشايخ الطائفة في عصره، ومرجع الشيعة في صقعه، وقد اتّفقت الكلمة على جلالته ووثاقته وعدالته، فعليه يعدّ من أوثق الثقات، وحديثه مجمع على صحّته»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (1142) مورداً.
احتجاج الشيعة على زيد بن ثابت في الفرائض، بصائر الدرجات، جوامع الحج، الرحمة، الرد على الغلاة، الضياء في الإمامة، الضياء في الرد على المحمّدية والجعفرية، فرق الشيعة، فضل الدعاء والذكر، فضل العرب، فضل النبي(صلى الله عليه وآله)، كتاب في فضل أبي طالب وعبد المطّلب وعبد الله، كتاب في فضل قم والكوفة، مثالب رواة الحديث، المزار، مناقب رواة الحديث، مناقب الشيعة، ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، النوادر.
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 299ﻫ إلى 301ﻫ.
ص: 221
ص: 222
سعد بن مالك أبو سعيد الخُدري(رضي الله عنه)(1)
أبو سعيد، سعد بن مالك بن سنان الخُدري الخزرجي الأنصاري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في المدينة باعتباره مدني.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله)في اثنتي عشرة غزوة، أوّلها الخندق.
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(2).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في معركة النهروان.
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:... أبي سعيد الخُدري، وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(3).
قال (عليه السلام): «كان من أصحاب رسول الله وكان مستقيماً»(4).
ص: 223
1- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «من الأصفياء»(1).
2- قال الشيخ الخطيب التبريزي(قدس سره): «كان من الحفّاظ المكثرين، والعلماء الفضلاء العقلاء»(2).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «لا يبقى شكّ لدى مَن راجع الروايات الواردة عن هذا الصحابي الجليل، ووقف على سيرته وولائه لأهل البيت(عليهم السلام)، واطّلع على شهادة الإمام الرضا عليه آلاف التحية والثناء، علم إنّه في قمّة الجلالة والوثاقة والولاء لأئمّة الدين، وهو عندي؛ أنّ عدّه في أعلى مراتب الحسن غمط لحقّه»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 74ﻫ بالمدينة المنوّرة، ودُفن بها.
ص: 225
سعيد بن جبير الأسدي(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، أو أبو عبد الله، سعيد بن جُبير بن هاشم الأسدي الكوفي، مولى بني والبة.
ولد(رضي الله عنه) حوالي عام 45ﻫ، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام زين العابدين(عليه السلام).
قال(عليه السلام): «إنّ سعيد بن جُبير كان يأتمّ بعلي بن الحسين(عليهما السلام)، وكان علي يثني عليه، وما كان سبب قتل الحجّاج له إلّا على هذا الأمر، وكان مستقيماً»(2).
1- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «ولم يكن في زمن علي بن الحسين(عليه السلام) في أوّل أمره إلّا خمسة أنفس: سعيد بن جُبير، سعيد بن المسيّب، محمّد بن جبير بن مطعم، يحيى بن أُمّ الطويل، أبو خالد الكابلي»(3).
2- قال الشيخ ابن شهرآشوب(قدس سره): «وكان يسمّى جهيد العلماء، ويقرأ القرآن في ركعتين، قيل: وما على الأرض أحد إلّا وهو محتاج إلى علمه»(4).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «فالحقّ أنّ المترجم من الثقات الأجلّاء
ص: 226
الأبرار»(1).
1- قال ابن حبّان(ت: 354ﻫ): «وكان فقيهاً عابداً ورعاً فاضلاً»(2).
2- قال ابن حجر العسقلاني(ت: 852ﻫ): «ثقة ثبت فقيه من الثالثة»(3).
قال(رضي الله عنه): «إنّ الخشية أن تخشى الله حتّى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك، فتلك الخشية، والذكر طاعة الله، فمَن أطاع الله فقد ذكره، ومَن لم يطعه فليس بذاكر، وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام زين العابدين(عليه السلام).
بعد أن ألقى عليه خالد بن عبد الله القسري - والي مكّة - القبض أرسله إلى الحجّاج بن يوسف الثقفي، وعند دخوله عليه دارت بينهما محاورة، نذكر مقتطفات منها:
يقال أنّ الحجّاج قال له: «أنت شقي بن كُسير؟ قال: أُمّي كانت أعرف باسمي، سمّتني: سعيد بن جُبير، قال: ما تقول في أبي بكر وعمر، أهما في الجنّة أو في النار؟ قال: لو دخلت الجنّة فنظرت إلى أهلها لعلمت مَن فيها، ولو دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت مَن فيها.
ص: 227
قال: فما تقول في الخلفاء! قال: لست عليهم بوكيل، قال: فأيّهم أحبّ إليك؟ قال: أرضاهم لخالقي، قال: فأيّهم أرضى للخالق؟ قال: علم ذلك عند الذي يعلم سرّهم ونجواهم، قال: أبيت أن تصدّقني؟ قال: بلى لم أُحبّ أن أُكذّبك»(1).
قال الحجّاج لسعيد(رضي الله عنه) في نهاية محاورته له: «اختر أيّ قتلة شئت؟ فقال له: بل أختر أنت لنفسك، فإنّ القصاص أمامك»(2).
عند ذلك أمر الحجّاج بضرب عنقه، «فقال سعيد: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ المُشْرِكِينَ. قال: شدّوا به لغير القبلة. قال: فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ. قال: كبّوه على وجهه. قال سعيد: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى.
فقال: اذبحوه، فقال سعيد: أما أنّي أشهد وأحاج أن لا إله إلّا الله، وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، خذها منّي حتّى تلقى بي يوم القيامة، ثمّ دعا سعيد وقال: اللّهم لا تسلّطه على أحد بعدي، فذبح على النطع»(3).
«فسقط رأسه إلى الأرض يتدحرج وهو يقول: لا إله إلّا الله، فلم يزل كذلك حتّى أمر الحجّاج مَن وضع رجله على فيه فسكت»(4).
استُشهد(رضي الله عنه) في شهر شعبان 95ﻫ، ودُفن في قضاء الحي من توابع محافظة واسط في العراق، وقبره معروف يُزار.
ص: 228
ص: 229
سعيد بن قيس الهمداني(رضي الله عنه)(1)
إنّ المُسمّين بسعيد بن قيس الهمْداني اثنان: أحدهما: صاحب الترجمة، من أصحاب الإمام علي(عليه السلام)، والثاني: من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام).
سعيد بن قيس بن معرّة الهمْداني.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
* كان سيّد همْدان وعظيمها والمطاع فيها.
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام)في حربي الجمل وصفّين.
«فوارس من همْدان ليسوا بعزل ** غداة الوغى من شاكر وشبام
يقودهم حامي الحقيقة ماجد ** سعيد بن قيس والكريم محام
جزى الله همْدان الجنان فإنّهم ** سهام العدى في كلّ يوم جمام»(2).
ص: 230
قال نصر بن مزاحم المنقري(ت: 212ﻫ): «لمّا أصبح الناس غدوا على مصافّهم، وإنّ معاوية نادى في أحياء اليمن فقال: عبوا إلى كلّ فارس مذكور فيكم، أتقوّى به لهذا الحي من همْدان، فخرجت خيل عظيمة، فلمّا رآها علي(عليه السلام) عرف أنّها عيون الرجال فنادى: يا لهمْدان.
فأجابه سعيد بن قيس، فقال له علي(عليه السلام): احمل. فحمل حتّى خالط الخيل واشتدّ القتال، وحطمتهم همْدان حتّى ألحقوهم بمعاوية فقال: ما لقيت من همْدان، وجزع جزعاً شديداً، وأسرع في فرسان أهل الشام القتل، وجمع علي(عليه السلام) همْدان فقال: يا معشر همْدان، أنتم درعي ورمحي يا همْدان، ما نصرتم إلّا الله ولا أجبتم غيره.
فقال سعيد بن قيس: أجبنا الله وأجبناك، ونصرنا نبيّ الله(صلى الله عليه) في قبره، وقاتلنا معك مَن ليس مثلك، فارم بنا حيث أحببت.
قال نصر: وفي هذا اليوم قال علي(عليه السلام):
ولو كنت بوّاباً على باب جنّة ** لقلت لهمْدان ادخلي بسلام»(1).
وبرز(رضي الله عنه) يوم صفّين قائلاً:
«لا هم ربّ الحل والحرام ** لا تجعل الملك لأهل الشام
فالعام عام ليس كالأعوام ** واليوم يوم ليس كالأيّام
والناس مرمى بهم ورامي.
قال: ثمّ حمل سعيد بن قيس ليطعنه، وركض معاوية حتّى لحق بعسكره، فانفلت ولم يصبه بشيء، فجعل سعيد يرتجز ويقول:
ص: 231
يا لهف نفسي فاتني معاوية ** والراقصات لا يعود ثانية
إلّا على ذات خصيل طاوية ** أن يعد اليوم فكفّي عالية»(1).
كانت له(رضي الله عنه) منزلة عالية ومكانة مرموقة عند الإمام الحسن(عليه السلام)، حيث أمر(عليه السلام) قائد جيشه عبيد الله بن العباس لمّا جهّزه لمحاربة معاوية أن يستشير سعيد بن قيس وقيس بن سعد الأنصاري في أُموره العسكرية، كما أمر(عليه السلام) بتأميره على الناس عند إصابة قيس بن سعد، حيث قال لابن عباس: «فإن أُصبت فقيس بن سعد على الناس، وإن أُصيب قيس فسعيد بن قيس على الناس»(2).
1- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «فمن التابعين الكبار ورؤسائهم وزهّادهم... سعيد بن قيس»(3).
2- قال السيّد محسن الأمين(قدس سره): «وكان سعيد بن قيس الهمْداني فارساً شجاعاً شاعراً من خلّص أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام)، شهد معه الجمل وصفّين، وأخباره الآتية دالّة على علوّ مقامه وخلوص ولائه»(4).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ مَن ألمّ بترجمة الرجل ومواقفه في ركاب أمير المؤمنين أرواحنا فداه، ونصيحته لإمام المسلمين، وبذل مهجته ومهجة قومه في إماتة الباطل، وإحياء السنن، وقيادته الجيوش لإماميه أمير المؤمنين والحسن(عليهما السلام)، وكذلك تأمير أمير المؤمنين(عليه السلام) له على فصيلة من الجيش، وكذا تأمير الإمام الحسن(عليه السلام) له، وأمره ابن عباس أن يشاور قيس بن سعد وسعيد بن قيس
ص: 232
الكاشف عن كمال وثوق الإمام(عليه السلام) به، وجلالة محلّه عنده، وثبوت ولائه الخالص له، إلى غير ذلك ممّا يقف عليه المراجع، علم أنّ وثاقته ممّا لا ينبغي الشكّ فيها، فهو عندي ثقة ثقة بالأمارات المذكورة»(1).
لم يُنقل من شعره إلّا الشيء اليسير، مع أنّه كان يجيد الشعر ويقوله، فمن شعره قوله يوم الجمل:
«آية حرب أضرمت نيرانها ** وكسرت يوم الوغى مرانها
قل للوصي أقبلت قحطانها ** فادع بها تكفيكها همْدانها
هم بنوها وهم إخوانها»(2).
وقوله يوم صفّين:
«هذا علي وابن عمّ المصطفى ** أوّل مَن أجابه فيما روى
هو الإمام لا يبالي مَن غوى»(3).
وقوله أيضاً يوم صفّين:
«ألا أبلغ معاوية بن صخر ** ورجم الغيب يكشفه الظنون
بأنّا لا نزال لكم عدوّاً ** طوال الدهر ما سمع الحنين
ألم تر أنّ والدنا علي ** أبو حسن ونحن له بنون
وإنّا لا نريد به سواه ** وذاك الرشد والحظّ السمين»(4).
وقوله لشُرحبيل بن السمط الكندي الذي أغواه معاوية:
«أيا شرح يا ابن السمط أصبحت راجعاً ** على العقب فانظر في رجوعك
ص: 233
للعقب»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام علي(عليه السلام).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
ص: 234
سعيد بن المسيب المخزومي(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، سعيد بن المُسيّب بن حَزن المخزومي المدني.
أُمّ سعيد، بنت عثمان بن حكيم السلمي.
ولد(رضي الله عنه) عام 15ﻫ.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام زين العابدين(عليه السلام).
1- قال الإمام زين العابدين(عليه السلام): «سعيد بن المسيّب أعلم الناس بما تقدّمه من الآثار، وأفهمهم في زمانه»(2).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «كان سعيد بن المسيّب، والقاسم بن محمّد بن أبي بكر، وأبو خالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين(عليهما السلام)»(3).
3- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... .
ثمّ ينادي المنادي: أين حواري علي بن الحسين(عليه السلام)؟ فيقوم... وسعيد بن
ص: 235
المسيّب...فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(1).
1- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «ولم يكن في زمن علي بن الحسين(عليه السلام) في أوّل أمره إلّا خمسة أنفس: سعيد بن جُبير، سعيد بن المسيّب، محمّد بن جُبير بن مطعم، يحيى بن أُمّ الطويل، أبو خالد الكابلي»(2).
2- قال الشيخ النمازي الشاهرودي(قدس سره): «وممّا ذكرناه، ظهر حسنه وكماله وقوّة إيمانه ومعرفته، فلا اعتبار لقول مَن ذمّه»(3).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ المترجم من الشيعة الأبرار، والثقات الأجلّاء، فكلّما رواه عن طرقنا من الأحاديث ينبغي عدّها من الصحاح من جهته»(4).
1- قال العجلي (ت: 261ﻫ): «تابعي، ثقة، وكان رجلاً صالحاً فقيهاً»(5).
2- قال ابن خلكان (ت: 681ﻫ): «سيّد التابعين من الطراز الأوّل، جمع بين الحديث والفقه، والزهد والعبادة والورع»(6).
3- قال الذهبي (ت: 748ﻫ): «ثقة حجّة فقيه، رفيع الذكر، رأس في العلم والعمل»(7).
4- قال الصفدي (ت: 764ﻫ): «عالم أهل المدينة بلا مدافعة»(8).
5- قال ابن حجر العسقلاني (ت: 852ﻫ): «أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار
ص: 236
من كبار الثانية، اتّفقوا على أنّ مرسلاته أصحّ المراسيل، وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه»(1).
كان(رضي الله عنه) رجلاً صالحاً زاهداً ورعاً عابداً، كما يظهر ممّا نقله ابن خلكان: «روي عنه أنّه قال: حججت أربعين حجّة، وعنه أنّه قال: ما فاتتني التكبيرة الأُولى منذ خمسين سنة، وما نظرت إلى قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة؛ لمحافظته على الصفّ الأوّل.
وقيل إنّه صلّى الصبح بوضوء العشاء خمسين سنة، وكان يقول: ما أعزت العباد نفسها بمثل طاعة الله، ولا أهانت نفسها بمثل معصية الله، ودعي إلى نيف وثلاثين ألفاً ليأخذها فقال: لا حاجة لي فيها ولا في بني مروان، حتّى ألقى الله فيحكم بيني وبينهم»(2).
بعد أن عيّن عبد الملك بن مروان ابنه الوليد ولياً للعهد، أرسل إلى واليه على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي أن يأخذ البيعة للوليد من أهل المدينة، فرفض(رضي الله عنه) مبايعة الوليد، فأمر هشام بضرب سعيد ستّين سوطاً(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (4) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام زين العابدين(عليه السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) عام94ﻫ.
ص: 237
ص: 238
سلمان الفارسي(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الله، سلمان بن عبد الله الفارسي، المعروف بسلمان المحمّدي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
* اقترح على النبي(صلى الله عليه وآله) بحفر الخندق لمّا جاءت الأحزاب لقتاله، ولمّا رأى المشركون الخندق قالوا: «هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك. فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه»(2).
* كان أحد الأركان الأربعة(3) الذين أثبتوا ولائهم للإمام علي(عليه السلام) بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله)، وهم: سلمان والمقداد وأبو ذرّ وعمّار(4).
* كان أحد الحاضرين في تشييع السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، والصلاة عليها ودفنها ليلاً، مع أنّها أوصت أن لا يشهد جنازتها ظالم لها.
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل: سلمان الفارسي... وأمثالهم رضي الله عنهم،
ص: 239
ورحمة الله عليهم»(1).
1- «لو كان الدين عند الثُريّا لناله سلمان»(2).
2- «سلمان منّا أهل البيت»(3).
3- «سلمان منّي، مَن جفاه فقد جفاني، ومَن آذاه فقد آذاني»(4).
4- «الجنّة تشتاق إليك - مخاطباً عليّاً(عليه السلام) - وإلى عمّار، وسلمان، وأبي ذر، والمقداد»(5).
1- قال الإمام علي(عليه السلام): «خلقت الأرض لسبعة بهم يرزقون، وبهم يمطرون، وبهم ينصرون: أبو ذرّ وسلمان... وأنا إمامهم، وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة(عليها السلام)».
قال الشيخ الصدوق(قدس سره): «معنى قوله: خلقت الأرض لسبعة نفر، ليس يعني من ابتدائها إلى انتهائها، وإنّما يعني بذلك أنّ الفائدة في الأرض قدّرت في ذلك الوقت لمَن شهد الصلاة على فاطمة(عليها السلام)، وهذا خلق تقدير لا خلق تكوين»(6).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «أدرك سلمان العِلم الأوّل والآخر، وهو بحر لا ينزح، وهو منّا أهل البيت»(7).
3- قال منصور بزرج: «قلت لأبي عبد الله الصادق(عليه السلام): ما أكثر ما أسمع منك يا سيّدي ذكر سلمان الفارسي! فقال: لا تقل الفارسي، ولكن قل سلمان المحمّدي، أتدري ما كثرة ذكري له؟ قلت: لا.
ص: 240
قال: لثلاث خلال: أحدها: إيثاره هوى أمير المؤمنين(عليه السلام) على هوى نفسه، والثانية: حبّه للفقراء واختياره إيّاهم على أهل الثروة والعدد، والثالثة: حبّه للعلم والعلماء، إنّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين»(1).
4- «روي أنّ سلمان الفارسي كان محدّثاً، فسُئل الصادق(عليه السلام) عن ذلك وقيل له: مَن كان يُحدّثه؟ فقال: رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين، وإنّما صار محدّثاً دون غيره ممّن كان يُحدّثانه؛ لأنّهما كانا يُحدّثانه بما لا يحتمله غيره من مخزون علم الله ومكنونه»(2).
5- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(3).
1- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «ما نشأ في الإسلام رجل من سائر الناس كان أفقه من سلمان الفارسي»(4).
2- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «حاله في علوّ الشأن، وجلالة القدر، وعظم المنزلة، وسموّ الرتبة، ورفعة المرتبة، ووفور العلم، والتقوى، والزهد، والنهى، أشهر من أن يحتاج إلى تحرير، أو ينضبط بتقرير، كيف وقد اتّفق أهل الإسلام قاطبة على علوّ شأنه، وبلغ إلى درجة أنّه نادى الموتى فأجابه منهم مجيب»(5).
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى،
ص: 241
ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال: «يا أبا بكر، إلى مَن تُستند أمرك إذا نزل بك القضاء، وإلى مَن تُفزع إذا سُئلت عمّا لا تعلم، وفي القوم مَن هو أعلم منك، وأكثر في الخير أعلاماً ومناقب منك، وأقرب من رسول الله(صلى الله عليه وآله) قرابة وقدمة في حياته، قد أوعز إليكم فتركتم قوله، وتناسيتم وصيّته، فعمّا قليل يصفوا لكم الأمر حين تزوروا القبور، وقد أثقلت ظهرك من الأوزار لو حملت إلى قبرك لقدمت على ما قدمت، فلو راجعت إلى الحقّ وأنصفت أهله، لكان ذلك نجاة لك يوم تحتاج إلى عملك، وتفرد في حفرتك بذنوبك عما أنت له فاعل، وقد سمعت كما سمعنا، ورأيت كما رأينا، فلم يروعك ذلك عمّا أنت له فاعل، فالله الله في نفسك فقد أعذر مَن أنذر»(1).
كان(رضي الله عنه) من الصحابة الذين قاموا وشهدوا على صحّة ما نقله الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا ناشدهم قائلاً: «أنشد الله مَن حفظ ذلك من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لما قام فأخبر به.
فقام زيد ابن أرقم، والبَراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمّار بن ياسر(رضي الله عنهم) فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: أيّها الناس إنّ الله أمرني أن أنصّب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيّي وخليفتي، والذي فرض الله عزّ وجل على المؤمنين في كتابه طاعته، فقرنه بطاعته وطاعتي، فأمركم بولايتي وولايته، فإنّي راجعت ربّي عزّ وجل خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربّي لأبلّغنها أو ليعذّبني»(2).
ص: 242
كان(رضي الله عنه) والياً على منطقة المدائن في عهد عمر وعثمان.
ولقائل يقول: ما هو المسوّغ لتصدّيه الولاية من قبل عمر وعثمان؟
نقول: إنّ من الصحابة والتابعين كانوا مكلّفين من قبل الإمام علي(عليه السلام) بالاشتراك في الأُمور العامّة؛ لتقوية شؤون المسلمين، وتوسيع نطاق الإسلام من خلال الاشتراك في الأمارات وقيادة الجيش لفتح البلاد.
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) والإمام علي(عليه السلام)، منها: حديث الغدير.
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 34ﻫ إلى 36ﻫ بمنطقة المدائن، جنوب العاصمة بغداد، ودُفن فيها، وقبره معروف يُزار.
تولّى الإمام علي(عليه السلام) غسله، وتكفينه، والصلاة على جثمانه، ودفنه، وقد جاء من المدينة المنوّرة إلى المدائن من أجل ذلك، وهذه القضية من الكرامات المشهورة للإمام علي(عليه السلام).
وقد نظم السيّد محمّد الأقساسي (ت: 575ﻫ) هذه الحادثة، فقال:
«أنكرتَ ليلة إذ صار الوصيّ إلى ** أرض المداين لمّا أن لها طلبا
وغسّل الطُهر سلماناً وعاد إلى ** عراص يثرب والإصباح ما وجبا
ص: 243
وقلت: ذلك من قول الغلاة وما ** ذنب الغلاة إذا لم يوردوا كذبا
فآصف قبل ردّ الطرف من سبأ ** بعرش بلقيس وافى يخرق الحجبا
فأنت في آصف لم تغل فيه بلى ** في حيدر أنا غالٍ أن ذا عجبا
إن كان أحمد خير المرسلين فذا ** خير الوصيين أو كلّ الحديث هبا»(1).
ص: 244
ص: 245
سليم بن قيس الهلالي(رضي الله عنه)(1)
أبو صادق، سُليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي.
ولد(رضي الله عنه) عام2 قبل الهجرة، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي، والإمام الحسن، والإمام الحسين، والإمام زين العابدين(عليهم السلام).
* دخل المدينة المنوّرة أيّام عمر، وتعرّف على صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وسألهم عن أخباره(صلى الله عليه وآله) وسيرته، وبقي يحتفظ بتلك الأخبار في ذاكرته، بسبب منع تدوين الحديث أيّام عمر وعثمان.
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان، وكان من شرطة الخميس.
* يُرجّح أنّه كان سجيناً في أيّام واقعة الطف.
1- قال السيّد محمّد باقر الخونساري(قدس سره): «قد كان من قدماء علماء أهل البيت(عليهم السلام) وكبراء أصحابهم... ومحبوباً لدى حضراتهم في الغاية، وحسب الدلالة على
ص: 246
رفعة مكانته عندهم وغاية جلالته... أنّه لم ينقل إلى الآن رواية في مذمّته، كما روي في مدحه وجلالته»(1).
2- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «هو من الأولياء المتنسّكين والعلماء المشهورين بين العامّة والخاصّة، وظاهر أهل الرجال أنّه ثقة معتمد عليه»(2).
3- قال السيّد حسن الصدر(قدس سره): «أوّل من كتب الحوادث الكائنة بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ثقة صدوق، متكلّم فقيه، كثير السماع»(3).
4- قال السيّد محسن الأمين(قدس سره): «إنّ المترجم... يكفي فيه عدّ البرقي إيّاه من أولياء أمير المؤمنين(عليه السلام) كما سيأتي، وكونه صاحب كتاب مشهور، وأنّه السبب في هداية أبان بن أبي عيّاش، وقول أبان: أنّه كان شيخاً متعبّداً له نور يعلوه، إلى غير ذلك»(4).
5- قال السيّد الخوئي(قدس سره): «ثقة، جليل القدر، عظيم الشأن، ويكفي في ذلك شهادة البرقي بأنّه من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام)»(5).
قال الإمام الصادق(عليه السلام): «مَن لم يكن عنده من شيعتنا ومحبّينا كتاب سُليم بن قيس الهلالي، فليس عنده من أمرنا شيء، ولا يعلم من أسبابنا شيئاً، وهو أبجد الشيعة، وسرّ من أسرار آل محمّد(عليهم السلام)»(6).
وقال الشيخ محمّد بن إبراهيم النعماني(قدس سره) (ت: 380ﻫ):«وليس بين جميع الشيعة ممّن حمل العلم ورواه عن الأئمّة(عليهم السلام) خلاف في أنّ كتاب سُليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأُصول التي رواها أهل العلم، ومن حملة حديث أهل البيت(عليهم السلام) وأقدمها... وهو من الأُصول التي ترجع الشيعة إليها ويعوّل عليها»(7).
ص: 247
وقال الشيخ عباس القمّي(قدس سره):«وهو أوّل كتاب ظهر للشيعة، معروف بين المحدّثين، اعتمد عليه الشيخ الكليني والصدوق وغيرهما من القدماء»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام علي، والإمام الحسن، والإمام الحسين، والإمام زين العابدين(عليهم السلام).
كان(رضي الله عنه) في الكوفة عندما قدم الحجّاج والياً عليها عام 75ﻫ، فطلبه ليقتله، فهرب منه إلى البصرة ثمّ إلى فارس، ووصل إلى مدينة (نوبندجان)، وآوى في تلك البلدة إلى أبان بن أبي عيّاش، ولم يلبث كثيراً حتّى مرض، ثم تُوفّي(رضي الله عنه) عام 76ﻫ بها.
ص: 248
سليمان بن صرد الخزاعي(رضي الله عنه)(1)
أبو المطرف، سليمان بن صُرد بن الجون الخزاعي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، ومن أصحاب الإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان(2).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين، وقتل في صفّين أحد أبرز فرسان جيش معاوية، وهو: حَوشب ذو ظليم الألهاني.
* كان من الأشخاص الذين راسلوا الإمام الحسين(عليه السلام)، وطلبوا منه القدوم إلى الكوفة، بعد أن تسلّم يزيد دفّة الحكم.
* كان من الأشخاص الذين سجنوا في الكوفة بأمر عبيد الله بن زياد، قبيل مجيء الإمام الحسين(عليه السلام) إلى كربلاء.
1- قال رفاعة بن شدّاد البَجلي(رضي الله عنه) (ت: 65ﻫ): «وإن رأيت ورآى أصحابنا ذلك
ص: 249
وليّنا هذا الأمر شيخ الشيعة صاحب رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وذا السابقة والقدم سليمان بن صُرد، المحمود في بأسه ودينه، والموثوق بحزمه»(1).
2- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «فمن التابعين الكبار ورؤسائهم وزهّادهم... سليمان بن صُرد»(2).
3- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «اتّفقت الخاصّة والعامّة على جلالته وزهده وشرفه ودينه، ويظهر ذلك من دراسة حياته من يوم صحبته للنبي(صلى الله عليه وآله) إلى يوم استشهاده، فلا محيص من توثيقه، فهو ثقة جليل، حشرنا الله تعالى في زمرته، وتخلّفه عن الحسين(عليه السلام) كان لاعتقال ابن زياد له وسجنه»(3).
1- قال ابن سعد (ت: 230ﻫ): «وكانت له سِنّ عالية، وشرف في قومه»(4).
2- قال ابن عبد البر (ت: 463ﻫ): «كان خيّراً فاضلاً له دين وعبادة... وكان له سنّ عالية، وشرف وقدر وكلمة في قومه»(5).
3- قال الذهبي (ت: 748ﻫ): «كان صالحاً ديّناً، من أشراف قومه»(6).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
اختير(رضي الله عنه) قائداً وزعيماً لثورة التوّابين في الكوفة ضدّ بني أُمية والمتواطئين معهم، وقد أُطلق على جماعته لقب «التوّابون»، وكان شعارهم «يا لثارات الحسين».
ص: 250
جمع(رضي الله عنه) أصحابه في النخيلة، وفي 5 ربيع الثاني 65ﻫ انطلق بهم - وهم أربعة آلاف مقاتل - قاصداً الشام، فسلك بهم طريق كربلاء لزيارة قبر الإمام الحسين(عليه السلام)، وتجديد العهد معه.
وبعد كربلاء خرج إلى الأنبار، ثمّ إلى القيارة وهيت وقرقيسيا، ثمّ إلى منطقة عين الوردة.
التقى جيشه بجيش عبيد الله بن زياد، الذي كان ذاهباً إلى العراق لإخماد الاضطرابات التي قام بها الشيعة ضدّ بني أُمية هناك، وكان هذا الجيش يبلغ عشرين ألفاً، ودارت هناك معركة كبيرة، وضرب فيها سليمان وأصحابه أروع أمثلة البطولة والصمود والتضحية(1).
استُشهد(رضي الله عنه) في 25 جمادى الأُولى 65ﻫ، على أثر سهم أصابه به يزيد بن الحصين بن نمير بمنطقة عين الوردة، ودُفن بها.
ص: 251
ص: 252
سهل بن حنيف الأنصاري(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، سهل بن حُنيف بن واهب الأنصاري الأوسي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في المدينة باعتباره مدني.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
* كان من النقباء الاثني عشر الذين اختارهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) - ليلة العقبة الثانية بإشارة من جبرائيل(عليه السلام) - نقباء لأُمّته، كعدّة نقباء نبيّ الله موسى(عليه السلام)(2).
* كان يكسّر أصنام وأوثان قومه، ويأتي بها إلى امرأة مسلمة لا زوج لها ويقول: احتطبي بهذه. وكان الإمام علي(عليه السلام) يذكر ذلك عن سهل بعد موته متعجباً به(3).
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
* كان ممّن «ثبت مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم أُحد حين انكشف الناس، وبايعه على الموت، وجعل ينضح يومئذٍ بالنبل عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): نبّلوا سهلاً فإنّه سهل»(4).
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(5).
ص: 253
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:... سهل بن حنيف... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(1).
1- قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «فجلالة الرجل وكونه فوق مرتبة الوثاقة ممّا لا ينبغي الريب فيه»(2).
2- قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ مَن يكون بدرياً، ونقيباً اختاره رسول الله(صلى الله عليه وآله) من بين أصحابه، ومَن بايع بيعة العقبة، وكونه من السابقين، وممّن شهد النبي(صلى الله عليه وآله) على الموت ووفى ببيعته، وكان ممّن بايع بيعة العقبة، وكونه من السابقين، وممّن شهد النبي(صلى الله عليه وآله) له بأنّه صدق في قتال المشركين، ومَن ولّاه أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه على المدينة وعلى فارس، وكان من السابقين إلى بيعة أمير المؤمنين(عليه السلام)، ومَن أمّره أمير المؤمنين(عليه السلام) لإمامة جماعة يوم حصر عثمان، ومَن أمّره أمير المؤمنين(عليه السلام) في صفّين على خيل أهل البصرة، ومَن فضّل عليّاً(عليه السلام) على جميع الصحابة، وممّن أنكر على أبي بكر جلوسه مجلس رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ومَن شهد الإمام الرضا(عليه السلام) له أنّه ممّن لم يغيّر ولم يبدّل بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ومضى على منهاج نبيّه(صلى الله عليه وآله)، وترضّي الإمام(عليه السلام) وترحّمه عليه.. فمثل هذا الرجل المثالي الذي جمع تلكم الأوصاف التي كلّ واحدة منها تكفي في عدّه ثقة جليلاً من دون غمز في أحد فيه، يجب عدّه ثقة ثقة جليلاً، بل أرفع وأجلّ من التوثيق، فرضوان الله تعالى عليه»(3).
ص: 254
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة حيث قال: «أشهد أنّي سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال على المنبر: إمامكم من بعدي علي بن أبي طالب، وهو أنصح الناس لأُمّتي»(1).
وفي رواية أُخرى: «أيّها الناس، هذا علي إمامكم من بعدي، ووصيي في حياتي وبعد وفاتي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي، وأوّل مَن يصافحني على حوضي، فطوبى لمَن اتّبعه ونصره، والويل لمَن تخلّف عنه وخذله»(2).
اختاره الإمام علي(عليه السلام) لولاية الشام، لكنّ جنود معاوية حالوا دون وصوله إليها، ثمّ ولّاه(عليه السلام) على المدينة المنوّرة عندما خرج لحرب الجمل، وفي يوم صفّين دعاه الإمام(عليه السلام) إلى الالتحاق به، وجعل مكانه تمّام بن عباس والياً على المدينة.
كما اختاره الإمام(عليه السلام)في حرب صفّين أميراً على خيّالة من جند البصرة، ثمّ جعله والياً عنه(عليه السلام) في بلاد فارس، ولكنّه عُزل بسبب الفوضى وتوتّر الأوضاع فيها، ثمّ رجع(رضي الله عنه) إلى الكوفة، وكان من شرطة الخميس فيها.
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
ص: 255
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 38ﻫ بمدينة الكوفة ودُفن فيها، وقام الإمام علي(عليه السلام) بتكفينه، فعن الإمام الصادق(عليه السلام):«إنّ علياً(عليه السلام) كفّن سهل بن حُنيف في برد أحمر حبرة»(1).
كما قام بالصلاة عليه، فعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «كبّر أمير المؤمنين صلوات الله عليه على سهل بن حُنيف وكان بدرياً خمس تكبيرات، ثمّ مشى ساعة ثمّ وضعه وكبّر عليه خمسة أُخرى، فصنع ذلك حتّى كبّر عليه خمساً وعشرين تكبيرة»(2).
وفي رواية قال(عليه السلام):«لو كبّرت عليه سبعين لكان أهلاً»(3).
وقال الإمام الصادق(عليه السلام): «لمّا مات جزع أمير المؤمنين(عليه السلام) جزعاً شديداً»(4).
ص: 256
ص: 257
صعصعة بن صوحان العبدي(رضي الله عنه)(1)
أبو طلحة، صعصعة بن صوحان بن حجر العبدي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي(عليه السلام).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان(2).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان.
* روى عهد مالك الأشتر من الإمام علي(عليه السلام) إلى أهل مصر.
* كان من شهود وصية الإمام علي(عليه السلام)(3).
1- قال الإمام علي(عليه السلام): «هذا الخطيب الشحشح».
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: «هذه الكلمة قالها علي(عليه السلام) لصعصعة بن صوحان العبدي رحمه الله، وكفى صعصعة بها فخراً أن يكون مثل علي(عليه السلام) يُثني عليه بالمهارة وفصاحة اللسان، وكان صعصعة من أفصح الناس»(4).
ص: 258
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما كان مع أمير المؤمنين(عليه السلام) مَن يعرف حقّه إلّا صعصعة وأصحابه»(1).
1- قال ابن عباس(رضي الله عنه): «والله يا ابن صوحان، إنّك لسليل أقوام كرام خطباء فصحاء ما ورثت هذا عن كلالة»(2).
2- قال ابن سعد (ت: 230ﻫ): «كان من أصحاب الخطط بالكوفة، وكان خطيباً... وكان ثقة قليل الحديث»(3).
3- قال ابن عبد البر (ت: 463ﻫ): «كان سيّداً من سادات قومه عبد القيس، وكان فصيحاً خطيباً عاقلاً لسناً ديناً فاضلاً بليغاً»(4).
4- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «قطعي الوثاقة وكمال الإيمان»(5).
قال(رضي الله عنه) يوم بايع الإمام علي(عليه السلام)على الخلافة: «والله، يا أمير المؤمنين، لقد زيّنت الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك، ولهي إليك أحوج منك إليها»(6).
عادهالإمام علي(عليه السلام) في مرضه فقال له: «يا صعصعة، لا تتخذ عيادتي لك أبهة على قومك، قال: فلمّا قال أمير المؤمنين(عليه السلام) لصعصعة هذه المقالة، قال صعصعة: بلى والله أعدّها منّة من الله عليّ وفضلاً، قال: فقال له أمير المؤمنين(عليه السلام): إنّي كنت ما علمتك إلّا لخفيف المؤونة حسن المعونة، قال: فقال صعصعة: وأنت والله يا أمير المؤمنين، ما علمتك إلّا بالله عليماً، وبالمؤمنين رؤوفاً رحيماً»(7).
ص: 259
قال(رضي الله عنه): «دخلت على عثمان بن عفّان في نفر من المصريين، فقال عثمان: قدّموا رجلاً منكم يكلّمني، فقدّموني، فقال عثمان: هذا !، وكأنّه استحدثني.
فقلت له: إنّ العلم لو كان بالسنّ لم يكن لي ولا لك فيه سهم، ولكنّه بالتعلّم.
فقال عثمان: هات.
فقلت: بسم الله الرحمن الرحيم: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلله عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)(1).
فقال عثمان: فينا نزلت هذه الآية.
فقلت له: فَمُر بالمعروف وانْهَ عن المنكر.
فقال عثمان: دع هذا وهات ما معك.
فقلت له: بسم الله الرحمن الرحيم: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ)(2) إلى آخر الآية.
فقال عثمان: وهذه أيضاً نزلت فينا.
فقلت له: فأعطنا بما أخذت من الله.
فقال عثمان: يا أيّها الناس، عليكم بالسمع والطاعة، فإنّ يد الله على الجماعة، وإنّ الشيطان مع الفذ، فلا تستمعوا إلى قول هذا، وإنّ هذا لا يدري مَن الله ولا أين الله.
فقلت له: أما قولك: عليكم بالسمع والطاعة، فإنّك تريد منّا أن نقول غداً: (رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا)(3).
وأمّا قولك: أنا لا أدري مَن الله، فإنّ الله ربّنا وربّ آبائنا الأوّلين.
ص: 260
وأمّا قولك: إنّي لا أدري أين الله، فإنّ الله تعالى بالمرصاد.
قال: فغضب وأمر بصرفنا، وغلق الأبواب دوننا»(1).
«عن عاصم بن أبي النجود، عمّن شهد ذلك، أنّ معاوية حين قدم الكوفة دخل عليه رجال من أصحاب علي(عليه السلام)، وكان الحسن(عليه السلام) قد أخذ الأمان لرجال منهم مسمّين بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وكان فيهم صعصعة.
فلمّا دخل عليه صعصعة، قال معاوية لصعصعة: أما والله أنّي كنت لأبغض أن تدخل في أماني، قال: وأنا والله أبغض أن أُسمّيك بهذا الاسم، ثمّ سلّم عليه بالخلافة.
قال فقال معاوية: إن كنت صادقاً فاصعد المنبر فالعن علياً! قال: فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس، أتيتكم من عند رجل قدم شرّه وأُخّر خيره، وأنّه أمرني أن ألعن علياً فالعنوه لعنه الله، فضجّ أهل المسجد بآمين.
فلمّا رجع إليه فأخبره بما قال ثمّ قال: لا والله ما عنيت غيري، ارجع حتّى تسمّية باسمه، فرجع وصعد المنبر، ثمّ قال: أيّها الناس، أنّ أمير المؤمنين أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب فالعنوا مَن لعن علي بن أبي طالب.
قال: فضجّوا بآمين، قال: فلمّا خبر معاوية قال: لا والله ما عني غيري، أخرجوه لا يساكنني في بلد، فأخرجوه»(2).
قال(رضي الله عنه) في رثاء الإمام علي(عليه السلام):
هل خبّر القبر سائليه ** أم قرّ عيناً بزائريه
ص: 261
أم هل تراه أحاط علماً ** بالجسد المستكنّ فيه
لو علم القبر مَن يواري ** تاه على كلّ مَن يليه
يا موت ماذا أردت أردت منّي ** حققّت ما كنت أتّقيه
يا موت لو تقبل افتداء ** لكنت بالروح أفتديه
دهر رماني بفقد إلفي ** أذمّ دهري وأشتكيه(1).
قام المغيرة بن شعبة والي الكوفة من قبل معاوية بنفيه(رضي الله عنه) وإبعاده إلى جزيرة أوال، وهي جزيرة البحرين اليوم بأمر من معاوية بن أبي سفيان.
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 56ﻫ إلى 60ﻫ بالبحرين، ودُفن بها، وقبره معروف يُزار.
ص: 262
ص: 263
صفوان بن يحيى البجلي(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، صفوان بن يحيى البَجلي الكوفي، المعروف ببياع السابري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد(عليهم السلام).
* كان وكيلاً للإمامينِ الرضا والجواد(عليهما السلام).
* كان من الورع والعبادة على ما لم يكن عليه أحد من طبقته.
* كان ممّن روى النصّ على إمامة الجواد من الرضا(عليهما السلام).
* كان له منزلة عظيمة عند الإمام الجواد(عليه السلام)، بدليل عندما تُوفّي أرسل(عليه السلام) حنوطاً وكفناً ليكفّنوه به، وأمر مَن يُصلّي عليه.
1- قال(عليه السلام): «رضي الله عنهما - أي: صفوان بن يحيى ومحمّد بن سنان - برضاي عنهما فما خالفاني قط»(2).
2- قال(عليه السلام): «رضي الله عنهما برضاي عنهما، فما خالفاني وما خالفا أبي(عليه السلام)
ص: 264
قط»(1).
3- قال(عليه السلام): «جزى الله صفوان بن يحيى، ومحمّد بن سنان، وزكريا بن آدم عنّي خيراً، فقد وفوا لي»(2).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «ثقة ثقة، عين... وروى هو عن الرضا(عليه السلام)، وكانت له عنده منزلة شريفة»(3).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وأعبدهم»(4).
* ألّف ثلاثين كتاباً.
* روى عن أربعين رجلاً من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام).
* عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم، وأقرّوا لهم بالفقه والعلم، وهم ستّة نفر آخر، دون الستّة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام)، منهم: يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى بياع السابري، ومحمّد بن أبي عمير، وعبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي... وأفقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى»(5).
ص: 265
كان(رضي الله عنه) شريكاً لعبد الله بن جُندب وعلي بن النعمان، «وروي أنّهم تعاقدوا في بيت الله الحرام أنّه مَن مات منهم صلّى مَن بقي صلاته، وصام عنه صيامه، وزكّى عنه زكاته، فماتا وبقي صفوان، فكان يصلّي في كلّ يوم مئة وخمسين ركعة، ويصوم في السنة ثلاثة أشهر، ويزكّي زكاته ثلاث دفعات، وكلّ ما يتبرّع به عن نفسه ممّا عدا ما ذكرناه يتبرّع عنهما مثله»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (1181) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد(عليهم السلام).
بشارات المؤمن، الحج، الزكاة، الشراء والبيع، الصلاة، الصوم، الطلاق، العتق والتدبير، الفرائض، النكاح، نوادر، الوصايا، الوضوء.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 210ﻫ بالمدينة المنوّرة، ودُفن بها.
ص: 266
ص: 267
ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي(رضي الله عنه)(1)
أبو الأسود، ظالم بن عمرو - وقيل: ظالم بن ظالم - بن سفيان الدؤلي.
ولد(رضي الله عنه) حوالي عام 16 قبل الهجرة، ومن المحتمل أنّه ولد في البصرة باعتباره بصري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي، والإمام الحسن، والإمام الحسين، والإمام زين العابدين(عليهم السلام).
1- قال السيّد عليّ البروجردي(قدس سره): «قاضي البصرة، ثقة، ابتكر النحو»(2).
2- قال الشيخ عباس القمّي(قدس سره): «وكان من سادات التابعين وأعيانهم، صحب عليّاً(عليه السلام)، وشهد معه وقعة صفّين، وهو بصري يُعدّ من الفرسان والعقلاء»(3).
3- قال الشيخ النمازي الشاهرودي(قدس سره): «هو من الفضلاء الصلحاء الفصحاء الشعراء، واضع علم النحو بأمر مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه»(4).
1- قال الجاحظ: «أبو الأسود مقدّم في طبقات الناس، كان معدوداً في الفقهاء، والشعراء، والمحدّثين، والأشراف، والفرسان، والأُمراء، والدهاة، والنحاة،
ص: 268
والحاضري الجواب، والشيعة»(1).
2- قال ابن قتيبة الدينوري (ت: 276ﻫ): «كان عاقلاً حازماً بخيلاً(2)، وهو أوّل مَن وضع العربية، وكان شاعراً مجيداً، وشهد صفّين مع علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)، وولي البصرة»(3).
3- قال الراغب الإصفهاني (ت: 502ﻫ): «أوّل مَن نقّط المصحف، وأسّس أساس النحو بإرشاد علي(عليه السلام)، وكان من أكمل الرجال رأياً وعقلاً، وكان شيعياً شاعراً، سريع الجواب، ثقة في الحديث»(4).
4- قال ابن خلكان (ت: 681ﻫ): «كان من سادات التابعين وأعيانهم، صحب علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)، وشهد معه وقعة صفّين، وهو بصري، وكان من أكمل الرجال رأياً وأسدهم عقلاً»(5).
اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين، ولم يرضَ بأبي موسى الأشعري في مسألة التحكيم، كما كان قائداً للجيش في مقاتلة خوارج البصرة(6).
كان(رضي الله عنه) أوّل مَن وضع النحو العربي، قال أبو العباس المبرّد (ت: 285ﻫ): «أوّل مَن وضع العربية ونقّط المصحف أبو الأسود، وقد سُئل أبو الأسود عمّن نهج له الطريق، فقال: تلقّيته من علي بن أبي طالب(عليه السلام)»(7).
وقال عبد الرحمن بن الأنباري(ت: 577ﻫ): «إنّ أوّل مَن وضع علم العربية، وأسّس قواعده وحدوده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأخذ عنه أبو الأسود
ص: 269
الدؤلي»(1).
وكان السبب في ظهور علم النحو ظهور اللحن في الكلام، وفي قراءة القرآن الكريم، حين ازداد الاختلاط والتشابك بين المسلمين العرب وغيرهم من المسلمين الأعاجم.
وخاصّة في البصرة حيث أنّها مركز تجاري حضاري، كثر فيه الاختلاط وظهر اللحن بأجلى صوره وشيوعه، حتّى وصل إلى بيت أبي الأسود الدؤلي حين لَحّنَت ابنته أُمامه.
كما ازداد اللحن في قراءة القرآن الكريم، وسُمعت آيات عديدة لحّنت فيها القراءة بحيث تغيّرت معانيها، وحفاظاً على القرآن الكريم من التحريف والخطأ والانحراف، وصيانة للّغة العربية وضع أبو الأسود الدؤلي أُسس علم النحو.
وهذه الأُسس هي التي أخذها عن الإمام علي(عليه السلام) إذ قال له:«الكلام كلّه ثلاثة أضرب: اسم، وفعل، وحرف»(2).
وفي رواية أنّه(عليه السلام) ألقى إليه صحيفة وقال له: «أُنْحُ نحو هذا»(3)، فلهذا سُمّي النحو نحواً.
والعمل الآخر الذي بقي خالداً هو تنقيط وتشكيل القرآن الكريم، فهو أوّل مَن نقّط وشكّل القرآن، وهناك مصحف مشكّل بخطّ الدؤلي في خزانة الكتب الرضوية في مدينة مشهد.
كان(رضي الله عنه) قمّة في الشعر والأدب، فقد نعته ابن قتيبة الدينوري (ت: 276ﻫ): بقوله:
ص: 270
«وكان شاعراً مجيداً»(1).
وقال الشيخ ابن البطريق(قدس سره): «هو من بعض الفضلاء الفصحاء من الطبقة الأُولى من شعراء الإسلام»(2).
فلم يدع(رضي الله عنه) فضيلة لأهل البيت(عليهم السلام) إلاّ وقد صاغها شعراً، وقالها بكلّ قوّة وصمود، ولم يتزحزح في كلّ المواطن والظروف عن خطّ آل البيت(عليهم السلام) والدفاع عنهم.
فمن شعره ما نظمه في رثاء الإمام علي(عليه السلام):
«ألا أبلغ معاوية بن حرب ** فلا قرّت عيون الشامتينا
أفي الشهر الحرام فجعتمونا ** بخير الناس طُرّاً أجمعينا
ومن بعد النبيّ فخير نفس ** أبو حسن وخير الصالحينا
كأنّ الناس إذ فقدوا عليّاً ** نعام جال في بلد سنينا
وكنّا قبل مهلكه بخير ** نرى فينا وصيّ المسلمينا
فلا والله لا أنسى عليّاً ** وحُسن صلاته في الراكعينا
لقد علمت قريش حيث كانت ** بأنّك خيرهم حسباً ودينا
فلا تشمت معاوية بن حرب ** فإنّ بقية الخلفاء فينا»(3).
«روي أنّ معاوية أرسل إليه هدية منها حلواء، يريد بذلك استمالته وصرفه عن حبّ أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، فدخلت ابنة صغيرة له خماسي أو سداسي عليه، فأخذت لقمة من تلك الحلواء، وجعلتها في فمّها.
فقال لها أبو الأسود: يابنتي، ألقيه فإنّه سمّ هذه حلواء، أرسلها إلينا معاوية
ص: 271
ليخدعنا عن أمير المؤمنين، ويردّنا عن محبّة أهل البيت(عليهم السلام).
فقال الصبية: قبّحه الله، يخدعنا عن السيّد المطهّر بالشهد الزعفر، تبّاً لمرسله وآكله. فعالجت نفسها حتّى قاءت ما أكلته ثمّ قالت:
أبالشهد المزعفر يا ابن هند ** نبيع عليك أحساباً ودينا
معاذ الله كيف يكون هذا ** ومولانا أمير المؤمنينا»(1).
تلقّى(رضي الله عنه) وهو في البصرة خبر استشهاد الإمام علي(عليه السلام)، فصعد المنبر، وخطب الناس، ونعى إليهم أمير المؤمنين(عليه السلام) وبكاه، ثمّ دعاهم إلى بيعة ابنه الإمام الحسن(عليه السلام) بقوله:«وقد أوصى بالإمامة بعده إلى ابن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وابنه وسليله، وشبيهه في خلقه وهديه، وإنّي لأرجو أن يُجبر الله به ما وهن، ويُسدّ به ما انثلم، ويجمع به الشمل، ويطفيء به نيران الفتنة، فبايعوه تُرشدوا. فبايعت الشيعة كلّها»(2).
ص: 272
عيّن(رضي الله عنه) في عهد الإمام علي(عليه السلام) قاضياً في البصرة، ثمّ عيّن والياً عليها بعد عبد الله بن عباس.
يُعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام علي(عليه السلام)، وأبي ذر الغِفاري.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 69ﻫ بمدينة البصرة، ودُفن بها.
ص: 273
عابس بن حبيب الشاكري(رضي الله عنه)(1)
عابس بن شبيب - أو ابن أبي شبيب - بن شاكر الهمْداني الشاكري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في معركة صفّين.
* زاده شرفاً تخصيص الإمام الحجّة المنتظر(عجلّ الله تعالى فرجه) إيّاه بالتسليم عليه في زيارتي الناحية والرجبية، وفيها: «السلام على عابس بن شبيب الشاكري»(2).
1- قال الشيخ محمّد السماوي(قدس سره): «كان عابس من رجال الشيعة، رئيساً شجاعاً خطيباً ناسكاً متهجّداً»(3).
2- قال الشيخ عليّ النمازي الشاهرودي(قدس سره): «من خلّص رجال الشيعة، رئيساً شجاعاً خطيباً ناسكاً متهجّداً، ناصراً أمير المؤمنين(عليه السلام) يوم صفّين... نال شرف الشهادة، وتشرّف بسلام الناحية المقدسة»(4).
ص: 274
كان(رضي الله عنه) من أهل المعرفة والبصيرة والإيمان، ومن دعاة الحركة الحسينية بالكوفة، فعندما نزل مسلم بن عقيل(عليه السلام) دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي(رضي الله عنه) في الكوفة، اجتمعت عنده جماعة من الشيعة، فقرأ عليهم كتاب الإمام الحسين(عليه السلام) فأخذوا يبكون، فقام عابس(رضي الله عنه) فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: «أمّا بعد، فإنّي لا أُخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في أنفسهم، وما أغرّك منهم، والله أُحدّثك عمّا أنا موطّن نفسي عليه، والله لأجيبنّكم إذا دعوتم، ولأقاتلن معكم عدوّكم، ولأضربن بسيفي دونكم حتّى ألقى الله، لا أُريد بذلك إلّا ما عند الله»(1).
ثمّ بعد أن بايعه ثمانية عشر ألفاً، كتب مسلم(عليه السلام) كتاباً إلى الإمام الحسين(عليه السلام) يسأله الإعجال في المجيء إلى الكوفة، وأعطى الكتاب بيد عابس(رضي الله عنه) ليوصله إلى الإمام الحسين(عليه السلام) في مكّة المكرّمة.
قال(رضي الله عنه) يوم عاشوراء للإمام الحسين(عليه السلام): «يا أبا عبد الله،أما والله، ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ منك، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلته، السلام عليك يا أبا عبد الله، أشهد الله إنّي على هديك وهدى أبيك»(2).
ثمّ مشى نحو القوم مصلتاً سيفه، وبه ضربة على جبينه، فأخذ ينادي: ألا رجل! ألا رجل! فقال عمر بن سعد: ارضخوه بالحجارة. فرمي بالحجارة من كلّ جانب، فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره وحمل عليهم فهزمهم، قال الراوي: فوالله لقد رأيته يطرد
ص: 275
أكثر من مائتين من الناس، ثمّ إنّهم تعطفوا عليه من كلّ جانب فقُتل، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدّة هذا يقول: أنا قتلته، والآخر يقول كذلك، فقال عمر بن سعد: لا تختصموا هذا لم يقتله انسان واحد. حتّى فرّق بينهم بهذا القول(1).
استُشهد(رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61ﻫ بواقعة الطف، ودُفن في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء المقدّسة.
ص: 276
عبادة بن الصامت الخزرجي الأنصاري(رضي الله عنه)(1)
إنّ المُسمّين بعبادة بن الصامت اثنان: أحدهما: عبادة بن الصامت الخزرجي من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والثاني: عبادة بن الصامت الغفّاري، ابن أخي أبي ذر، من أصحاب الإمام علي(عليه السلام).
أبو الوليد، عبادة بن الصامت بن قيس الخزرجي الأنصاري.
ولد(رضي الله عنه) حوالي عام 38 قبل الهجرة، ومن المحتمل أنّه ولد في المدينة باعتباره مدني.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله).
* كان ممّن بايع النبي(صلى الله عليه وآله) في بيعة العقبة الثانية، التي كانت تضمّ سبعين رجلاً وامرأتين من الأوس والخزرج، فبايعوه وعاهدوه بنصرته وإعانته، فواعدهم(صلى الله عليه وآله) بدخول الجنّة(2).
* كان من النقباء الاثني عشر الذين اختارهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) - ليلة العقبة الثانية بإشارة من جبرائيل(عليه السلام) - نقباء لأُمّته، كعدّة نقباء نبيّ الله موسى(عليه السلام)(3).
ص: 277
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(1).
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:... عبادة بن الصامت... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(2).
قال السيّد بحر العلوم(قدس سره): «من أكابر الصحابة، وعظماء الأنصار، ومن النقباء الاثني عشر، شهد العقبات الثلاث وبدراً وما بعدها من مشاهد رسول الله(صلى الله عليه وآله»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 34ﻫ ببيت المقدس، ودُفن فيها، وقبره معروف يُزار.
ص: 278
عبد الله بن أبي يعفور العبدي(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، عبد الله بن أبي يعفور العبدي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
كان (رضي الله عنه) قارئاً يقرأ في مسجد الكوفة، ومن الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام، الذين لا يُطعن عليهم، ولا طريق لذمّ واحد منهم.
1- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما وجدت أحداً أخذ بقولي، وأطاع أمري، وحذا حذو أصحاب آبائي غير رجلينِ رحمهما الله: عبد الله بن أبي يعفور، وحمران بن أعين، أمّا أنّهما مؤمنانِ خالصانِ من شيعتنا، أسماؤهم عندنا في كتاب أصحاب اليمين الذي أعطى الله محمّداً»(2).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما وجدت أحداً يقبل وصيّتي ويطيع أمري، إلّا عبد
ص: 279
الله بن أبي يعفور»(1).
3- قال ابن أبي يعفور(رضي الله عنه): «قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): والله لو فلقت رمانة بنصفين، فقلت هذا حرام وهذا حلال، لشهدت أنّ الذي قلت حلال حلال، وإنّ الذي قلت حرام حرام، فقال(عليه السلام): رحمك الله رحمك الله»(2).
4- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما أحد أدّى إلينا ما افترض الله عليه فينا إلّا عبد الله بن أبي يعفور»(3).
5- عن أبي أُسامة، قال: «دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام) لأودّعه، فقال لي: يا زيد ما لكم وللناس قد حملتم الناس على أبي؟ والله ما وجدت أحداً يطيعني ويأخذ بقولي إلّا رجلاً واحداً، رحمه الله عبد الله بن أبي يعفور، فإنّي أمرته وأوصيته بوصيّته فاتبع أمري وأخذ بقولي»(4).
6- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر...
ثمّ ينادي المنادي: أين حواري محمّد بن علي وحواري جعفر بن محمّد؟ فيقوم... وعبد الله بن أبي يعفور... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(5).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «ثقة ثقة، جليل في أصحابنا، كريم على أبي عبد الله(عليه السلام)»(6).
ص: 280
2- قال السيّد علي البروجردي(قدس سره): «وفيه روايات كثيرة في مدحه، بل بعضها يدلّ على عظم منزلته عند الصادق(عليه السلام)»(1).
3- قال الشيخ النوري الطبرسي(قدس سره): «من الفقهاء المعروفين الذين هم عيون هذه الطائفة، يُعدّ مع زرارة وأمثاله»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (78) مورداً، ، فقد روى أحاديث عن الإمام الصادق(عليه السلام).
له كتاب، والمراد بالكتاب ما اشتمل على روايات مسندة عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) في الأحكام الشرعية ونحوها، وقد يكون الكتاب في غير الأحكام الشرعية من التواريخ والحروب والمغازي وغيرها.
تُوفّي(رضي الله عنه) في حياة الإمام الصادق(عليه السلام) سنة الطاعون.
ص: 281
ص: 282
عبد الله بن بديل الخزاعي(رضي الله عنه)(1)
عبد الله بن بُديل بن ورقاء الخزاعي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله)في معركة حنين والطائف وتبوك.
* أرسله النبي(صلى الله عليه وآله) مع أخويه عبد الرحمن ومحمّد إلى اليمن؛ ليفقّهوا أهلها ويعلّموهم الدين(2).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان(3).
* كان من الصحابة الذين قاموا وشهدوا على أنّهم سمعوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول يوم غدير خُم: مَن كنت مولاه فعلي مولاه(4).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين، وكان فيها من قادة الجيش.
1- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «فمن التابعين الكبار ورؤسائهم
ص: 283
وزهّادهم... وعبد الله بن بديل»(1)(2).
2- قال السيّد علي خان المدني(قدس سره): «أسلم مع أبيه يوم الفتح أو قبله، وكانا سيّدي خزاعة، وعيبة النبي(صلى الله عليه وآله)... وكان رفيع القدر ورفيع الشأن... من أصفياء أمير المؤمنين(عليه السلام) وخلّص أصحابه»(3).
خاطب(رضي الله عنه)الإمام علي(عليه السلام)يوم صفّين قبل القتال بقوله: «يا أمير المؤمنين، إنّ القوم لو كانوا الله يريدون أو لله يعملون، ما خالفونا، ولكن القوم إنّما يقاتلون فراراً من الأسوة، وحبّاً للأثرة، وضناً بسلطانهم، وكرهاً لفراق دنياهم التي في أيديهم، وعلى إحن في أنفسهم، وعداوة يجدونها في صدورهم، لوقائع أوقعتها يا أمير المؤمنين بهم قديمة، قتلت فيها أباءهم وإخوانهم»(4).
خاطب(رضي الله عنه) عسكر الإمام علي(عليه السلام) يوم صفّين بقوله: «إنّ معاوية أدّعى ما ليس له، ونازع الأمر أهله ومَن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب، وزّين لهم الضلالة، وزرع في قلوبهم حبّ الفتنة، ولبس عليهم الأمر، وزادهم رجساً إلى رجسهم، وأنتم والله على نور من ربّكم وبرهان مبين.
قاتلوا الطغام الجفاة ولا تخشوهم، وكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب من ربّكم ظاهر مبروز؟! (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ * قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ).
وقد قاتلتهم مع النبي(صلى الله عليه وآله)، والله ما هم في هذه بأزكى ولا أتقى ولا أبر، قوموا إلى
ص: 284
عدوّ الله وعدوّكم»(1).
خرج(رضي الله عنه) إلى ميدان القتال وهو يقول:
لم يبق إلّا الصبر والتوكّل ** وأخذك الترس وسيفاً مقصل
ثمّ التمشي في الرعيل الأوّل ** مشي الجمال في حياض المنهل
والله يقضي ما يشاء ويفعل(2).
وبعدما قتل جمعاً من الجيش أحاطوا به من كلّ صوب وحدب، وأردوه قتيلاً.
قال(رضي الله عنه) للأسود بن طهمان الخزاعي وهو بآخر رمق: «أُوصيك بتقوى الله، وأن تناصح أمير المؤمنين، وتقاتل معه حتّى يظهر الحق أو تلحق بالله، وأبلغ أمير المؤمنين عنّي السلام... فأقبل أبو الأسود إلى علي(عليه السلام)، فأخبره، فقال(عليه السلام): رحمه الله، جاهد معنا عدوّنا في الحياة، ونصح لنا في الوفاة»(3).
استُشهد(رضي الله عنه) في شهر صفر 37ﻫ بحرب صفّين، ودُفن في منطقة صفّين.
ص: 285
ص: 286
عبد الله بن جندب البجلي(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، عبد الله بن جُندب البَجلي الكوفي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضا(عليهم السلام).
* كان وكيلاً للإمامينِ الكاظم والرضا(عليهما السلام).
* تعاقد مع صفوان بن يحيى البَجلي وعلي بن النعمان في بيت الله الحرام، أنّه مَن مات منهم صلّى مَن بقي صلاته، وصام عنه صيامه، وزكّى عنه زكاته(2).
قال(عليه السلام): «إنّ عبد الله بن جندب لمن المخبتين»(3).
3- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «كان مجتهداً، جليل القدر، ثقة»(1).
4- قال الشيخ النمازي الشاهرودي(قدس سره): «من مكاتبات الرضا(عليه السلام) إليه يستفاد كماله بتحملّه ما لا يتحملّه إلّا المؤمن الكامل»(2).
روى الشيخ علي بن إبراهيم القمّي(قدس سره)، عن أبيه أنّه قال: «رأيت عبد الله بن جُندب بالموقف، فلم أر موقفاً كان أحسن من موقفه، ما زال مادّاً يديه إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتّى تبلغ الأرض، فلمّا انصرف الناس قلت له: يا أبا محمّد، ما رأيت موقفاً قط أحسن من موقفك، قال: والله ما دعوت إلّا لإخواني، وذلك أنّ أبا الحسن موسى بن جعفر(عليهما السلام) أخبرني أنّه مَن دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش: ولك مائة ألف ضعف مثله، فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة لواحد لا أدري يستجاب أم لا»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (35) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الكاظم والرضا(عليهما السلام).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 289
عبد الله بن سنان بن طريف(رضي الله عنه)(1)
إنّ المسمّين بعبد الله بن سنان ثلاثة: أحدهم: صاحب الترجمة، من أصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظم(عليهما السلام). الثاني: من أصحاب الإمام الرضا والإمام الجواد(عليهما السلام). الثالث: عبد الله بن سنان الواسطي. والأخيرانِ لم نظفر لهما برواية في الكتب الأربعة.
عبد الله بن سنان بن طريف، مولى بني هاشم.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الكاظم(عليهم السلام).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) في رسالته العددية من الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام، الذين لا يُطعن عليهم، ولا طريق لذمّ واحد منهم.
* كان خازناً للمنصور والمهدي والهادي والرشيد.
ص: 290
1- قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «وكان رحمه الله من ثقات رجال أبي عبد الله(عليه السلام)»(1).
2- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «كوفي، ثقة، من أصحابنا، جليل، لا يُطعن عليه في شيء»(2).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «وكان كوفياً، ثقة من أصحابنا جليلاً، لا يُطعن عليه في شيء»(3).
4- قال ابن داود الحلّي(قدس سره): «ثقة جليل، منزّه عن الطعن»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (1146) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
كتاب الصلاة، الذي يُعرف بعمل يوم وليلة، كتاب الصلاة الكبير، كتاب في سائر الأبواب من الحلال والحرام.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 291
ص: 292
عبد الله بن شريك العامري(رضي الله عنه)(1)
أبو المحجل، عبد الله بن شريك بن عدي العامري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام زين العابدين والإمام الباقر والإمام الصادق(عليهم السلام).
1- قال الإمام الباقر(عليه السلام): «كأنّي بعبد الله بن شريك العامري عليه عمامة سوداء وذوابتاها بين كتفيه، مصعداً في لحف الجبل بين يدي قائمنا أهل البيت في أربعة آلاف مكرّون»(2).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّي سألت الله في إسماعيل أن يبقيه بعدي فأبى، ولكنّه قد أعطاني فيه منزلة أُخرى، أنّه يكون أوّل منشور في عشرة من أصحابه، ومنهم عبدالله بن شريك وهو صاحب لوائه»(3).
3- قال الإمام الكاظم(عليه السلام):«إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... .
ثمّ ينادي المنادي: أين حواري محمّد بن علي وحواري جعفر بن محمّد؟ فيقوم عبد
ص: 293
الله بن شريك العامري...فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(1).
1- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «روى عن علي بن الحسين وأبي جعفر(عليهما السلام)، وكان عندهما وجيهاً مقدّماً... وروى السيّد علي بن أحمد العقيقي ثناءاً عظيماً في حقّه»(2).
2- قال ابن حبّان(ت: 354ﻫ): «كان غالياً في التشيّع، يروي عن الأثبات ما لا يشبه حديث الثقات، فالتنكب عن حديثه أولى من الاحتجاج به»(3).
3- قال الهيثمي(ت: 807ﻫ): «وعبد الله بن شريك وثّقه أبو زرعة وابن حبّان، وضعّفه أحمد وغيره»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام زين العابدين، والإمام الباقر، والإمام الصادق(عليهم السلام).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 294
ص: 295
عبد الله بن عروة الغفاري(رضي الله عنه)(1)
عبد الله بن عُروة - أو عرزة - بن حراق الغِفاري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
* زاده شرفاً تخصيص الإمام الحجّة المنتظر(عجلّ الله تعالى فرجه) إيّاه بالتسليم عليه في زيارتي الناحية والرجبية وفيها: «السلام على عبد الله وعبد الرحمن ابني عُروة بن حراق الغِفاريين»(2).
قال الشيخ محمّد السماوي(قدس سره): «كان عبد الله وعبد الرحمن الغِفاريان من أشراف الكوفة ومن شجعانهم وذوي الموالاة منهم، وكان جدّهما حراق من أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام)، وممّن حارب معه في حروبه الثلاث»(3).
قال أبو مخنف(رضي الله عنه): «فلمّا رأى أصحاب الحسين(عليه السلام) أنّهم قد كثروا وأنّهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسيناً ولا أنفسهم، تنافسوا في أن يُقتلوا بين يديه، فجاء عبد الله وعبد الرحمن ابنا عزرة الغِفاريان فقالا: يا أبا عبد الله، عليك السلام ، حازنا العدوّ إليك، فأحببنا أن نُقتل بين يديك نمنعك وندفع عنك، قال: مرحبا بكما، أدنوا منّي،
ص: 296
فدنوا منه، فجعلا يقاتلان قريباً منه، وأحدهما يقول:
قد علمت حقّاً بنو غفّار ** وخندف بعد بني نزار
لنضربنّ معشر الفجّار ** بكلّ عضب صارم بتّار
يا قوم ذودوا عن بني الأحرار ** بالمشرفي والقنا الخطّار»(1).
استُشهد(رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61ﻫ بواقعة الطف، ودُفن في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء المقدّسة.
ص: 297
عبد الله بن مسكان(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، عبد الله بن مسكان الكوفي، مولى عنزة.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام).
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ من هؤلاء، وتصديقهم لما يقولون، وأقرّوا لهم بالفقه - من دون أُولئك الستّة الذين عددناهم وسمّيناهم - ستّة نفر: جميل بن درّاج، وعبد الله بن مسكان، وعبد الله بن بكير، وحمّاد بن عيسى، وحمّاد بن عثمان، وأبان بن عثمان»(2).
وعدّه الشيخ المفيد(قدس سره) في رسالته العددية من الفقهاء، والأعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والأحكام، الذين لا يطعن عليهم، ولا طريق إلى ذم واحد منهم.
ص: 298
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «ثقة، عين»(1).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «ثقة»(2).
3- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره):«فقيه، عين، معظّم، من الستّة الذين أجمعت العصابة على تصديقهم وثقتهم»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (279) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الصادق(عليه السلام).
الإمامة، الحلال والحرام.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 299
عبد الله بن المغيرة البجلي(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، عبد الله بن المُغِيرة البَجلي، مولى بني نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضا(عليهم السلام).
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم، وأقرّوا لهم بالفقه والعلم، وهم ستّة نفر آخر، دون الستّة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام)، منهم: يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى بياع السابري، ومحمّد بن أبي عمير، وعبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي»(2).
قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «كوفي، ثقة ثقة، لا يعدل به أحد من جلالته ودينه وورعه»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (521) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الصادق والإمام
ص: 300
الكاظم والإمام الرضا(عليهم السلام).
الزكاة، الصلاة، الفرائض، كتاب في أصناف الكلام، الوضوء.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 301
عثمان بن حنيف الأنصاري(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الله، عثمان بن حُنيف بن واهب الأنصاري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) والإمام علي(عليه السلام).
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله)في معركة أُحد وما بعدها من المعارك.
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(2).
* عيّنه الإمام علي(عليه السلام) والياً على البصرة.
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حرب الجمل.
* كان من شرطة الخميس، ومن أمرائهم في الكوفة.
أنكر(رضي الله عنه) على أبي بكر جلوسه على عرش الخلافة، وتقدّمه على الإمام علي(عليه السلام) بقوله: «سمعنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: أهل بيتي نجوم الأرض فلا تتقدّموهم، وقدّموهم فهم الولاة من بعدي، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، وأيّ أهل بيتك؟ فقال:علي والطاهرون من ولده. وقد بيّن(صلى الله عليه وآله) فلا تكن يا أبا بكر أوّل كافر به، ولا تخونوا الله
ص: 302
والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون»(1).
لمّا وصل الناكثون إلى ضواحي البصرة عسكروا، وكتبوا إلى عثمان بن حُنيف أن أخل لنا دار الامارة، لكنّه لم يجبهم على كتابهم منتظراً كتاب الإمام علي(عليه السلام)ورأيه في ذلك.
ثمّ إنّ الإمام علي(عليه السلام) بعث كتاباً إلى عثمان جاء فيه: أمّا بعد، فإنّ البغاة عاهدوا الله ثمّ نكثوا، وتوجّهوا إلى مصرك، وساقهم الشيطان لطلب ما لا يرضى الله به، والله أشدّ بأساً، وأشدّ تنكيلاً، فإذا قدموا عليك فادعهم إلى الطاعة والرجوع إلى الوفاء بالعهد والميثاق الذي فارقونا عليه، فإن أجابوا فأحسن جوارهم ما داموا عندك، وإن أبوا إلّا التمسّك بحبل النكث والخلاف، فناجزهم القتال حتّى يحكم الله بينك وبينهم، وهو خير الحاكمين، وكتبت كتابي هذا إليك من الربذة، وأنا معجل المسير إليك إن شاء الله.
ثمّ إنّ عثمان أمر أبا الأسود الدؤلي وعمران بن الحصين الخزاعي أن يسيرا الى القوم ويكلّموهم، فانطلقا حتّى وصلا إلى معسكر القوم، وكلّما عائشة وطلحة والزبير، ثمّ رجعا إلى عثمان فاخبراه برأيهم، وأنّهم يريدون قتاله.
أمر عثمان مناديه فنادى في الناس: السلاح، السلاح، فاجتمعوا إليه وأخبرهم بما في نية القوم، وأمرهم بالوقوف على أبواب المدينة لمنعهم من الدخول إليها.
أقبل طلحة والزبير من المعسكر يريدان عثمان وجداه وأصحابه قد أخذوا بأفواه السكك فمضيا بمَن معهما حتّى انتهوا إلى موضع الدبّاغين فاستقبلهم أصحاب ابن حُنيف وتقاتلا.
ص: 303
وفي الصباح من غد صفّا للحرب، وخرج عثمان بن حُنيف إليهما في أصحابه فناشدهما الله والإسلام، وأذكرهما بيعتهما علياً(عليه السلام)، فقالا: نطلب بدم عثمان، فقال لهما: وما أنتما وذاك أين بنوه؟ أين بنو عمّه الذين هم أحقّ به منكم! كلّا والله ولكنّكما حسدتماه، حيث اجتمع الناس عليه، وكنتما ترجوان هذا الأمر، وتعملان له! وهل كان أحد أشدّ على عثمان قولاً منكما، فشتماه شتماً قبيحاً.
ثمّ إنّ عثمان حمل عليهم، واقتتل الناس قتالاً شديداً، ثمّ تحاجزوا واصطلحوا على أن يكتب بينهم كتاب صلح فكتب:
هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حُنيف الأنصاري ومَن معه من المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وطلحة والزبير ومَن معهما من المؤمنين والمسلمين من شيعتهما، أنّ لعثمان بن حُنيف دار الامارة والرحبة والمسجد وبيت المال والمنبر، وأنّ لطلحة والزبير ومَن معهما أن ينزلوا حيث شاءوا من البصرة، ولا يضار بعضهم بعضاً في طريق ولا فرضة ولا سوق ولا شرعة ولا مرفق، حتّى يقدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فإن أحبّوا دخلوا فيما دخلت فيه الأُمّة، وإن أحبّوا لحق كلّ قوم بهواهم، وما أحبّوا من قتال أو سلم أو خروج أو إقامة، وعلى الفريقين بما كتبوا عهد الله وميثاقه، وأشدّ ما أخذه على نبيّ من أنبيائه، من عهد وذمة.
وختم الكتاب، ورجع عثمان بن حُنيف حتّى دخل دار الامارة وقال لأصحابه:الحقوا رحمكم الله بأهلكم، وضعوا سلاحكم، وداووا جرحاكم، فمكثوا كذلك أيّاماً.
ثمّ إنّ طلحة والزبير قالا: إن قدم علي ونحن على هذه الحال من القلّة والضعف
ص: 304
ليأخذن بأعناقنا، فأجمعا على مراسلة القبائل واستمالة العرب، فأرسلا إلى وجوه الناس وأهل الرياسة والشرف، يدعوانهم إلى الطلب بدم عثمان، وخلع علي، وإخراج ابن حُنيف من البصرة.
فبايعهم على ذلك الأزد وضبة وقيس بن عيلان كلّها إلّا الرجل والرجلين من القبيلة، كرهوا أمرهم فتواروا عنهم.
فلمّا استوثق لطلحة والزبير أمرهما، خرجا في ليلة مظلمة ذات ريح ومطر، ومعهما أصحابهما، قد ألبسوهم الدروع، وظاهروا فوقها بالثياب، فانتهوا إلى المسجد وقت صلاة الفجر، وقد سبقهم عثمان بن حُنيف إليه، وأقيمت الصلاة، فتقدّم عثمان ليصلّي بهم فأخّره أصحاب طلحة والزبير، وقدّموا الزبير، فجاءت السبابجة، وهم الشرط حرس بيت المال، فأخرجوا الزبير، وقدّموا عثمان، فغلبهم أصحاب الزبير، فقدّموا الزبير وأخّروا عثمان.
فلّما انصرف الزبير من صلاته، صاح بأصحابه المسلّحين: أن خذوا عثمان بن حُنيف، فأخذوه بعد أن تضارب هو ومروان بن الحكم بسيفيهما، فلمّا أُسر ضرب ضرب الموت، ونتف حاجباه وأشفار عينيه، وكلّ شعرة في رأسه ووجهه، وأخذوا السبابجة وهم سبعون رجلاً، فانطلقوا بهم وبعثمان بن حُنيف إلى عائشة، فقالت لأبان بن عثمان بن عفّان: اُخرج إليه فاضرب عنقه، فإنّ الأنصار قتلت أباك وأعانت على قتله.
فنادى عثمان: يا عائشة، ويا طلحة ويا زبير، إنّ أخي سهل بن حُنيف خليفة علي
ص: 305
بن أبي طالب على المدينة، وأقسم بالله إن قتلتموني ليضعن السيف في بني أبيكم وأهليكم ورهطكم، فلا يبقى أحداً منكم. فكفّوا عنه، وخافوا أن يقع سهل بن حُنيف بعيالاتهم وأهلهم بالمدينة، فتركوه.
وأرسلت عائشة إلى الزبير أن أقتل السبابجة، فذبحهم الزبير كما يذبح الغنم، وولي ذلك منهم عبد الله ابنه، وهم سبعون رجلاً، وبقيت منهم طائفة مستمسكين ببيت المال، قالوا: لا ندفعه إليكم حتّى يقدم أمير المؤمنين، فسار إليهم الزبير في جيش ليلاً، فأوقع بهم، وأخذ منهم خمسين أسيراً فقتلهم صبراً.
ثمّ أنّهم خيّروا عثمان بين أن يقيم أو يلحق بعلي، فاختار الرحيل، فخلوا سبيله، فلحق بعلي(عليه السلام)، فلمّا رآه بكى، وقال له: فارقتك شيخاً، وجئتك أمرد. فقال علي(عليه السلام): إنّا لله وإنّا إليهراجعون! قالها ثلاثا(1).
تُوفّي(رضي الله عنه) في زمن معاوية بمدينة الكوفة.
ص: 306
عثمان بن سعيد العمري(رضي الله عنه)(1)
أبو عمرو، عثمان بن سعيد العَمري الأسدي، ويقال له السمّان؛ لأنّه كان يتّجر بالسمن تستّراً من العباسيين والمخالفين، وينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل عمّار بن ياسر(رضي الله عنه).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثالث الهجري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الهادي والإمام العسكري والإمام المهدي(عليهم السلام).
يكفي في سموّ شأنه وعظيم مكانته أن اختاره الإمام المهدي(عليه السلام) سفيراً ونائباً عنه، مع وجود كوكبة من علماء الشيعة وخيارهم، وكانت له مكانة كبرى عند الشيعة، وقد اجمعوا على عدالته ووثاقته وأمانته.
* كان بوّاباً وخادماً للإمام الهادي(عليه السلام).
* كان وكيلاً للإمامينِ العسكري والمهدي(عليهما السلام).
* كانت الشيعة تحمل إليه الحقوق الشرعية والهدايا ليوصلها إلى الإمام العسكري
ص: 307
* كانت توقيعات الإمام المهدي(عليه السلام) تخرج على يديه ويد ابنه محمّد بن عثمان إلى شيعته وخواص أبيه الإمام العسكري(عليه السلام) بالأمر والنهي، والأجوبة عمّا يسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه.
1- قال الإمام الهادي(عليه السلام): «هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه فعنّي يؤدّيه»(1).
2- قال الإمام العسكري(عليه السلام): «هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي، وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّى إليكم فعنّي يؤدّي»(2).
3- قال الإمام العسكري(عليه السلام): «اشهدوا على أنّ عثمان بن سعيد العَمري وكيلي، وأنّ ابنه محمّداً وكيل ابني مهديّكم»(3).
4- خطاب الإمام المهدي(عليه السلام) لمحمّد بن عثمان عند وفاة أبيه: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، تسليماً لأمره ورضاء بقضائه، عاش أبوك سعيداً ومات حميداً، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه، فلم يزل مجتهداً في أمرهم، ساعياً في ما يقرّبه إلى الله عزّ وجل، نضّر الله وجهه وأقاله عثرته»(4).
1- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «جليل القدر، ثقة، وكيله(عليه السلام)»(5)، أي: وكيل الإمام العسكري(عليه السلام).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «ولهما (أي: له ولأبنه) منزلة جليلة عند
ص: 308
الطائفة»(1).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «ثقة، جليل القدر، وكيل أبي محمّد(عليه السلام)»(2).
عيّنه الإمام المهدي(عليه السلام) سفيراً أوّلاً له في عصر الغَيبة الصغرى، وكانت سفارته من ربيع الأوّل 260ﻫ إلى عام 265ﻫ.
وقد نصّ الإمام العسكري(عليه السلام) على وكالته وسفارته أمام جماعة من أوليائه وشيعته في سامراء(3).
كما نصّ الإمام المهدي(عليه السلام) على سفارته أمام جماعة جاءت من قم إلى دار الإمام العسكري(عليه السلام) في سامراء(4).
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 265ﻫ بالعاصمة بغداد، وُدفن فيها، وقبره معروف يُزار.
ص: 309
ص: 310
عثمان بن مظعون الجمحي(رضي الله عنه)(1)
أبو السائب، عثمان بن مظعون بن حبيب الجُمحي القرشي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلاّ أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله).
* أسلم بعد ثلاثة عشر رجلاً.
* هاجر الهجرتين - إلى الحبشة أوّلاً ثمّ إلى المدينة المنوّرة ثانياً -.
* آخى رسول الله(صلّى الله عليه وآله) بينه وبين أبي الهيثم بن التيّهان الأنصاري.
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في معركة بدر.
1- «لمّا ماتت رقية ابنة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إلحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون وأصحابه»(2)
2- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا مات عثمان: «طوبى لك يا عثمان، لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها»(3).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبّل عثمان بن مظعون(رضي الله عنه) بعد
ص: 311
موته»(1).
4- قال الإمام المهدي(عليه السلام) في زيارة الناحية: «السلام على عثمان بن أمير المؤمنين، سمِي عثمان بن مظعون»(2).
1- قال العلّامة المجلسي(قدس سره): «كان من زهّاد الصحابة وأكابرها، وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يحبّه حبّاً شديداً»(3).
2- قال الوحيد البهبهاني(قدس سره): «الزاهد العابد: الذي كان ترك الدنيا وترك اللذّات والنساء، فشكت امرأته إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فمنعه عن ذلك، وكان أخاه من الرضاع على ما هو في بالي»(4).
3- قال سعد بن أبي وقّاص: «كان عابداً مجتهداً من فضلاء الصحابة»(5).
كان(رضي الله عنه) أحد مَن حرّم الخمر على نفسه في الجاهلية، وقال: «لا أشرب شراباً يذهب عقلي، ويضحك بي مَن هو أدنى منّي، ويحملني على أن أنكح كريمتي. فلمّا حرّمت الخمر أُتي وهو بالعوالي، فقيل له: يا عثمان، قد حرّمت الخمر. فقال: تبّاً لها، قد كان بصري فيها ثاقباً»(6).
كان(رضي الله عنه) من أشدّ الناس اجتهاداً في العبادة، يصوم النهار ويقوم الليل، ووصل به الحدّ في العبادة أنّه ترك وتجنّب الشهوات بالمرّة، واعتزل النساء.
قال الإمام الصادق(عليه السلام): «جاءت امرأة عثمان بن مظعون إلى النبي(صلى الله عليه وآله) فقالت: يا
ص: 312
رسول الله، إنّ عثمان يصوم النهار ويقوم الليل. فخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) مغضباً يحمل نعليه حتّى جاء إلى عثمان فوجده يُصلّي، فانصرف عثمان حين رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال له: يا عثمان، لم يرسلني الله تعالى بالرهبانية، ولكن بعثني بالحنيفة السهلة السمحة، أصوم وأُصلي وألمس أهلي، فمَن أحبّ فطرتي فليستن بسنّتي، ومن سنّتي النكاح»(1).
قال(عليه السلام): «كان لي فيما مضى أخ في الله، وكان يعظّمه في عيني صغر الدنيا في عينه، وكان خارجاً من سلطان بطنه، فلا يتشهى ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد، وكان أكثر دهره صامتاً، فإن قال بذ القائلين، ونقع غليل السائلين، وكان ضعيفاً مستضعفاً، فإن جاء الجدّ فهو ليث عاد، وصل واد، لا يدلي بحجّة حتّى يأتي قاضياً، كان لا يلوم أحداًَ على ما لا يجد العذر في مثله حتّى يسمع اعتذاره، وكان لا يشكو وجعاً إلاّ عند برئه، وكان يفعل ما يقول، ولا يقول ما لا يفعل، وكان أن غلب على الكلام لم يغلب على السكوت، وكان على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلّم، وكان إذا بدهه أمران نظر أيّهما أقرب إلى الهوى فخالفه، فعليكم بهذه الخلائق فالزموها، وتنافسوا فيها، فإن لم تستطيعوها فاعلموا إنّ أخذ القليل خير من ترك الكثير»(2).
والمشار إليه ب-(كان لي فيما مضى أخ في الله) عثمان بن مظعون على أحد الأقوال.
ويدلّ على أنّ المراد بالأخ هنا عثمان بن مظعون ما ورد من وصف الإمام علي(عليه السلام) لعثمان بالأخ، كقوله(عليه السلام) في وجه تسمية ولده بعثمان: «إنّما سمّيته باسم أخي عثمان بن مظعون»(3).
ص: 313
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 2ﻫ بالمدينة المنوّرة، ودُفن بمقبرة البقيع، وهو أوّل مَن دُفن فيها، وصلّى رسول الله(صلى الله عليه وآله) عليه صلاة الميت.
وروي «أنّه(صلى الله عليه وآله) أمر أن يبسط على قبر عثمان بن مظعون ثوب، وهو أوّل قبر بسط عليه ثوب»(1).
وروي أيضاً أنّه(صلى الله عليه وآله) «رشّ قبر عثمان بن مظعون بالماء بعد أن سوّى عليه التراب»(2).
ص: 314
ص: 315
عدي بن حاتم الطائي(رضي الله عنه)(1)
أبو طَريف، عَدِي بن حاتم بن عبد الله الطائي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، ومن أصحاب الإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(2).
* كان من الصحابة الذين قاموا وشهدوا على صحّة ما نقله الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) حول حديث الغدير، لمّا ناشدهم قائلاً: «أُنشد الله مَن شهد يوم غدير خُم إلّا قام»(3).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان، وكان فيها من قادة الجيش(4).
* اشترك مع الإمام الحسن(عليه السلام) في حربه مع معاوية بن أبي سفيان.
1- قال ابن الأثير (ت: 630ﻫ): «كان جواداً شريفاً في قومه، معظّماً عندهم وعند غيرهم، حاضر الجواب، روي عنه أنّه قال: ما دخل عليّ وقت صلاة إلّا وأنا مشتاق
ص: 316
إليها. وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يُكرمه إذا دخل عليه»(1).
2- قال ابن كثير (ت: 774ﻫ):كان [أي: حاتم الطائي] جواداً مُمدّحاً في الجاهلية، وكذلك كان ابنه في الإسلام»(2).
3- قال خير الدين الزركلي: «أمير، صحابي، من الأجواد العقلاء، كان رئيس طي في الجاهلية والإسلام»(3).
كان(رضي الله عنه) كريماً كأبيه حاتم الذي يُضرب بكرمه المثل، وفيه قال الشاعر:
بأبه اقتدى عدي في الكرم ** ومَن يُشابه أبه فما ظلم
يقال: «أرسل الأشعث بن قيس إلى عدي بن حاتم يستعير قدور حاتم، فملأها وحملتها الرجال إليه، فأرسل إليه الأشعث: إنّما أردناها فارغة. فأرسل إليه عدي: إنّا لا نُعيرها فارغة»(4).
جاء(رضي الله عنه) مع رجال من عشيرته إلى الإمام علي(عليه السلام) لنصرته في مقاتلة الناكثين بحرب الجمل، فقام وقال:«أمّا بعد، فإنّي كنت أسلمت على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأدّيت الزكاة على عهده، وقاتلت أهل الردّة من بعده، أردت بذلك ما عند الله، وعلى الله ثواب مَن أحسن واتّقى، وقد بلغنا أنّ رجالاً من أهل مكّة نكثوا بيعتك، وخالفوا عليك ظالمين، فأتيناك لننصرك بالحق، فنحن بين يديك، فمرنا بما أحببت. ثمّ أنشأ يقول:
ونحن نصرنا الله من قبل ذاكم ** وأنت بحقّ جئتنا فستنصر
ص: 317
سنكفيك دون الناس طرّاً بأسرنا ** وأنت به من سائر الناس أجدر
فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): جزاكم الله من حيّ عن الإسلام وأهله خيراً، فقد أسلمتم طائعين، وقاتلتم المرتدّين، ونويتم نصر المسلمين»(1).
«لمّا توادع علي(عليه السلام) ومعاوية بصفّين، اختلفت الرسل فيما بينهما رجاء الصلح، فأرسل علي بن أبي طالب إلى معاوية عدي بن حاتم، وشبث بن ربعي، ويزيد بن قيس، وزياد بن خصفة، فدخلوا على معاوية، فحمد الله عدي بن حاتم وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّا أتيناك لندعوك إلى أمر يجمع الله به كلمتنا وأُمّتنا، ويحقن الله به دماء المسلمين، وندعوك إلى أفضلها سابقة، وأحسنها في الإسلام آثاراً، وقد اجتمع له الناس، وقد أرشدهم الله بالذي رأوا فأتوا، فلم يبق أحد غيرك وغير مَن معك، فانته يا معاوية من قبل أن يصيبك الله وأصحابك بمثل يوم الجمل»(2).
خرج(رضي الله عنه) مع الإمام علي(عليه السلام) إلى صفّين لمقاتلة معاوية، وقد أبلا فيها بلاء حسناً، واُصيبت إحدى عينيه في الحرب، وممّا قاله يوم صفّين:
«أقول لمّا أن رأيت المعمعه ** واجتمع الجُندان وسط البلقعه
هذا علي والهدى حقّاً معه ** يا ربّ فاحفظه ولا تضيّعه
فإنّه يخشاك ربّ فارفعه ** ومَن أراد عيبه فضعضعه
أو كاده بالبغي منك فاقمعه»(3).
ص: 318
بعدما حثّ الإمام الحسن(عليه السلام) الناس على الخروج لمقاتلة معاوية، قام(رضي الله عنه) خطيباً فقال: «أنا ابن حاتم، سبحان الله، ما أقبح هذا المقام؟ ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيّكم؟ أين خطباء مضر؟ أين المسلمون؟ أين الخوّاضون من أهل المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة؟ فإذا جدّ الجدّ فرواغون كالثعالب، أما تخافون مقت الله ولا عيبها وعارها.
ثمّ استقبل الحسن(عليه السلام) بوجهه فقال: أصاب الله بك المراشد، وجنّبك المكاره، ووفّقك لما يحمد ورده وصدره، فقد سمعنا مقالتك، وانتهينا إلى أمرك، وسمعنا منك، وأطعناك فيما قلت وما رأيت، وهذا وجهي إلى معسكري فمَن أحبّ ان يوافيني فليوافي.
ثمّ مضى لوجهه، فخرج من المسجد ودابّته بالباب فركبها، ومضى إلى النُخيلة، وأمر غلامه ان يلحقه بما يصلحه، وكان عدي أوّل الناس عسكراً»(1).
دخل(رضي الله عنه) ذات يوم على معاوية بن أبي سفيان، وعنده عبد الله بن الزبير، فقال له ابن الزبير: «يا أبا طريف، متى ذهبت عينك؟ قال: يوم فرّ أبوك منهزماً فقُتل، وضُربت على قفاك وأنت هارب، وأنا مع الحق، وأنت مع الباطل.
فقال معاوية: ما فعل الطرفان - يعني طريفاً وطرافاً وطرفة أبناءه -؟ قال: قتلوا مع أمير المؤمنين(عليه السلام). فقال له: ما أنصفك علي إذ قدّم أبناءك وأخّر أبناءه! قال: بل أنا ما أنصفته، قُتل وبقيت بعده»(2).
ص: 319
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 68ﻫ بالكوفة.
ص: 320
علي بن محمد السمري(رضي الله عنه)(1)
أبو الحسن، علي بن محمّد السمري.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الرابع الهجري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام المهدي(عليه السلام).
يكفي في سموّ شأنه وعظيم مكانته أن اختاره الإمام المهدي(عليه السلام) سفيراً عنه، مع وجود كوكبة من علماء الشيعة وخيارهم.
1- قال الشيخ الوحيد البهبهاني(قدس سره): «جلالته أشهر من أن يذكر»(2).
2- قال الشيخ عباس القمّي(قدس سره): «الشيخ المعظّم الجليل أبو الحسن، علي بن محمّد السمري رضي الله تعالى عنه، قام بأمر النيابة»(3).
3- قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي(قدس سره): «وثاقته وجلالته أشهر من أن يذكر، وأظهر من أن يحرر، وهو كالشمس في رابعة النهار»(4).
عيّنه الإمام المهدي(عليه السلام) سفيراً رابعاً له في عصر الغَيبة الصغرى، بعد وفاة سفيره
ص: 321
الثالث الحسين بن روح النوبختي، وكانت سفارته من شعبان 326ﻫ إلى شعبان 328ﻫ، وبذلك تكون سفارته أقصر السفارات، وبوفاته وقعت الغَيبة الكبرى، وصارت السفارة عامّة لمراجع الدين.
من كراماته(رضي الله عنه) الدالّة على ارتباطه واتّصاله بإلإمام المهدي(عليه السلام) أنّه عزّى جماعة من أهل قم - وهو في بغداد - بوفاة الشيخ علي بن الحسين القمّي - والد الشيخ الصدوق - فسجّلوا الساعة واليوم والشهر، فورد خبر وفاة الشيخ القمّي في قم، فكان مطابقاً لما أخبر به من حيث اليوم والساعة التي أخبر بها(1).
«بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمّد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام، فاجمع أمرك، ولا توصِ إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغَيبة الثانية، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله عزّ وجل، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي مَن يدّعي المشاهدة، ألا فمَن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم»(2).
قال الراوي: وفي اليوم السادس من وصول التوقيع مرض(رضي الله عنه)، وانتقل إلى رحمة الله تعالى، وكان آخر ما تحدّث به بعد أن سألوه: مَن وصيّك من بعدك؟ فقال: «لله أمر هو بالغه»(3).
ص: 322
تُوفّي(رضي الله عنه) في 15 شعبان 328ﻫ بالعاصمة بغداد، ودُفن فيها، وقبره معروف يُزار(1).
ص: 323
علي بن مهزيار الأهوازي(رضي الله عنه)(1)
أبو الحسن، علي بن مهزيار الأهوازي الدورقي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الرضا والإمام الجواد والإمام الهادي(عليهم السلام).
* كان ممّن روى النصّ عن الإمام الهادي(عليه السلام) على ابنه الإمام العسكري(عليه السلام)(2).
* كان وكيلاً عن الأئمّة(عليهم السلام) في بعض المناطق.
رسائله مع الإمام الجواد(عليه السلام)(3)
بعث الإمام الجواد(عليه السلام) إليه عدّة رسائل، وهي تكشف عن عظيم صلته بالإمام(عليه السلام)، وسموّ منزلته ومكانته عنده، ومن تلك الرسائل:
1- قال(عليه السلام): «قد وصل إليّ كتابك، وقد فهمت ما ذكرت فيه، وملأتني سروراً، فسرّك الله، وأنا أرجو من الله الكافي الدافع أن يكفي كيد كلّ كائد إن شاء الله».
2- قال(عليه السلام): «وقد فهمت ما ذكرت من أمر القمّيين، خلّصهم الله وفرّج عنهم، وسررتني بما ذكرت من ذلك، ولم تزل تفعل، سرّك الله بالجنّة، ورضي عنك برضائي عنك، وأنا أرجو من الله حسن العون والرأفة، وأقول: حسبنا الله ونعم الوكيل».
ص: 324
3- قال(عليه السلام): «وأسأل الله أن يحفظك من بين يديك، ومن خلفك، وفي كلّ حالاتك، فأبشر فإنّي أرجو أن يدفع الله عنك».
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «اختصّ بأبي جعفر الثاني(عليه السلام)، وتوكّل له، وعظم محلّه منه، وكذلك أبو الحسن الثالث(عليه السلام)، وتوكّل لهم في بعض النواحي، وخرجت إلى الشيعة فيه توقيعات بكلّ خير، وكان ثقة في روايته لا يُطعن عليه، صحيحاً اعتقاده»(1).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «جليل القدر، واسع الرواية، ثقة، له ثلاثة وثلاثون كتاباً»(2).
3- قال الشيخ حسن صاحب المعالم(قدس سره): «وغير ذلك من أخبار تدلّ على حال جليل وفخر عظيم»(3).
كان(رضي الله عنه) قمّة في العبادة والطاعة، وبلغ من عبادته أنّه «إذا طلعت الشمس سجد، وكان لا يرفع رأسه حتّى يدعو لألف من إخوانه بمثل ما دعا لنفسه، وكان على جبهته سجّادة مثل ركبة البعير»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (437) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام الرضا، والإمام الجواد، والإمام الهادي(عليهم السلام).
ص: 325
الأنبياء، البشارات، التفسير، الحج، الحدود، حروف القرآن، الديات، الزكاة، الصلاة، الصوم، الطلاق، الفضائل، القائم، النوادر، الوضوء.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثالث الهجري.
ص: 326
علي بن يقطين(رضي الله عنه)(1)
أبو الحسن، علي بن يقطين بن موسى، مولى بني أسد.
ولد(رضي الله عنه) عام 124ﻫ بالكوفة.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
* كان ممّن روى النصّ عن الإمام الكاظم على ابنه الإمام الرضا(عليهما السلام)(2).
1- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «ضمنت لعلي بن يقطين ألّا تمسّه النار»(3).
2- قال الإمام الكاظم(عليه السلام) له: «اضمن لي الكاهلي وعياله، وأضمن لك الجنّة. فزعم ابن أخيه (أي: ابن أخ الكاهلي): أنّ علياً لم يزل يجري عليهم الطعام والدراهم وجميع أبواب النفقات، مسبغين في ذلك، حتّى مات أهل الكاهلي كلّهم وقراباته وجيرانه»(4).
3- قال الإمام الرضا(عليه السلام): «أما أن علي بن يقطين مضى وصاحبه عنه راض(يعني أبا الحسن(عليه السلام))»(5).
ص: 327
1- قال الشيخ المفيد(قدس سره): «فممّن روى النصّ على الرضا علي بن موسى(عليهما السلام) بالإمامة من أبيه، والإشارة إليه منه بذلك، من خاصّته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته:... وعلي بن يقطين»(1).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «ثقة، جليل القدر، له منزلة عظيمة عند أبي الحسن موسى(عليه السلام)، عظيم المكان في الطائفة»(2).
3- قال الشيخ ابن شهرآشوب(قدس سره): «ومن خواص أصحابه (أي: أصحاب الإمام الكاظم) علي بن يقطين»(3).
4- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «قطعي الوثاقة والجلالة جدّاً»(4).
كان(رضي الله عنه) وزيراً للحاكم العباسي هارون الرشيد، ويذهب كُتّاب الشيعة إلى أنّ بقاءه في البلاط العباسي كان بتوصية من الإمام الكاظم(عليه السلام)؛ لحماية المظلومين، ودعم اتباع أهل البيت(عليهم السلام).
فقد قال الإمام الكاظم(عليه السلام) له: «يا علي، إنّ لله تعالى أولياء مع أولياء الظلمة ليدفع بهم عن أوليائه، وأنت منهم يا علي»(5).
كما قال(عليه السلام) له: «اضمن لي خصلة أضمن لك ثلاثاً. فقال علي: جعلت فداك، وما الخصلة التي أضمنها لك؟ وما الثلاث اللواتي تضمنهن لي؟.
قال(عليه السلام): الثلاث اللواتي أضمنهن لك: أن لا يصيبك حرّ الحديد أبداً بقتل، ولا فاقة، ولا سجن حبس. فقال علي: وما الخصلة التي أضمنها لك؟.
ص: 328
فقال(عليه السلام): تضمن أن لا يأتيك وليّ أبداً إلّا أكرمته»(1).
كما قال(عليه السلام) له: «كفّارة عمل السلطان الإحسان إلى الإخوان»(2).
من هنا وُشِي به إلى هارون مراراً، وذُكر له مذهبه واتّصاله بالإمام الكاظم(عليه السلام)، بيد أنّه سَلِم من أذاه، ولم يصل إليه سوء.
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (187) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
1- الحسن، قال الشيخ النجاشي(قدس سره) فيه: «كان فقيهاً متكلّماً، روى عن أبي الحسن والرضا(عليهما السلام)»(3).
2- الحسين، وثّقه الشيخ الطوسي والعلّامة الحلّي(4).
كتاب ما سُئل عنه الصادق(عليه السلام) من الملاحم، كتاب مناظرة الشاكّ بحضرة الصادق(عليه السلام)، مسائل عن الكاظم(عليه السلام).
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 182ﻫ بالعاصمة بغداد، ودُفن فيها.
ص: 329
ص: 330
عمار بن ياسر(رضي الله عنه)(1)
أبو يقظان، عمّار بن ياسر بن عامر، مولى بني مخزوم.
ولد(رضي الله عنه) في مكّة المكرّمة، ولم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته.
بعد أن اعتنق أبواه الدين الإسلامي تعرّضاً للتعذيب الشديد من قبل قريش، فصبرا عليه من أجل الإسلام، والدفاع عن النبي(صلى الله عليه وآله) حتّى نالا الشهادة، وعندما كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يرى تعذيبهم يعدهم بالجنّة بقوله: «صبراً يا آل ياسر، فإنّ موعدكم الجنّة»(2).
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
* كان من السابقين إلى الإسلام، وتحمّل الأذى الكثير في سبيل الله عندما كان في مكّة، شأنه في ذلك شأن الأبرار من الصحابة الذين أسلموا في بداية الدعوة السرّية.
* هاجر الهجرتين - إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب(عليه السلام)، وإلى المدينة المنوّرة - وصلّى إلى القبلتين، وبايع بيعة الرضوان.
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
ص: 331
* كان أحد الحاضرين في تشييع السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، والصلاة عليها ودفنها ليلاً، مع أنّها أوصت أن لا يشهد جنازتها ظالم لها.
* كان من المشاركين في توديع أبي ذر حين نُفي إلى الربذة، رغم المرسوم الصادر بالمنع من ذلك.
* كان أحد الأركان الأربعة(1) الذين أثبتوا ولائهم للإمام علي(عليه السلام) بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله)، وهم: سلمان والمقداد وأبو ذرّ وعمّار(2).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين، وكان فيهما من قادة الجيش.
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:... وعمّار بن ياسر... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(3).
1- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):«كلّا، إنّ عمّاراً مُلئ إيماناً من قَرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه»(4).
2- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):«دم عمّار ولحمه حرام على النار أن تأكله أو تمسّه»(5).
3- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) للإمام علي(عليه السلام):«الجنّة تشتاق إليك، وإلى عمّار، وسلمان، وأبي ذر، والمقداد»(6).
4- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):«عمّار مع الحق، والحقّ مع عمّار يدور معه حيثما دار»(7).
5- قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):«مَن عادى عمّاراً عاداه الله، ومَن أبغض عمّاراً أبغضه
ص: 332
الله»(1).
6- قال الإمام علي(عليه السلام): «خلقت الأرض لسبعة بهم يرزقون، وبهم يمطرون، وبهم ينصرون: أبو ذرّ وسلمان والمقداد وعمّار وحُذيفة... وأنا إمامهم، وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة(عليها السلام)».
قال الشيخ الصدوق(قدس سره): «معنى قوله: خلقت الأرض لسبعة نفر، ليس يعني من ابتدائها إلى انتهائها، وإنّما يعني بذلك أنّ الفائدة في الأرض قدّرت في ذلك الوقت لمَن شهد الصلاة على فاطمة(عليها السلام)، وهذا خلق تقدير لا خلق تكوين»(2).
يُعدّ من القلّة القليلة التي شهد لهم الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت(عليهم السلام) بالدرجات الرفيعة، والمراتب العالية من الإيمان.
ففي كتاب الله تعالى تُذكر ظلامته من جهة، ويوصف قلبه المؤمن بالاطمئنان من جهة ثانية، ومن جهة ثالثة يُلتمس له العذر ويصبح موقفه حكماً شرعياً، فأنزل الله عزّ وجل قوله الكريم: (إلَّا مَن أُكرِهَ وَقَلبُهُ مُطمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ)(3)، فعندها قال النبي(صلى الله عليه وآله): «يا عمّار، إن عادوا فعُد، فقد أنزل الله عزّ وجل عُذرك، وأمرك أن تعود إن عادوا»(4).
كان(رضي الله عنه) من الإثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال: «يا أبا بكر، لا تجعل لنفسك
ص: 333
حقّاً جعله الله عزّ وجل لغيرك، ولا تكن أوّل مَن عصى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وخالفه في أهل بيته، وأردد الحقّ إلى أهله تخف ظهرك، وتقل وزرك، وتلقى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو عنك راض، ثمّ يصير إلى الرحمن فيُحاسبك بعملك، ويسألك عمّا فعلت»(1).
كان(رضي الله عنه) من الصحابة الذين قاموا وشهدوا على صحّة ما نقله الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا ناشدهم قائلاً: «أنشد الله مَن حفظ ذلك من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لما قام فأخبر به.
فقام زيد ابن أرقم، والبَراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمّار بن ياسر(رضي الله عنهم) فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: أيّها الناس إنّ الله أمرني أن أنصّب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيّي وخليفتي، والذي فرض الله عزّ وجل على المؤمنين في كتابه طاعته، فقرنه بطاعته وطاعتي، فأمركم بولايتي وولايته، فإنّي راجعت ربّي عزّ وجل خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربّي لأبلّغنها أو ليعذّبني»(2).
كان شعره(رضي الله عنه) مرآة عاكسةً لما جال في قلبه، فترنّم بأمجاد إمامه أمير المؤمنين(عليه السلام) وفضائله، فكان يقول:
إنّي لعمّار وشيخي ياسر ** صاح كلانا مؤمن مهاجر
طلحة فيها والزبير غادر ** والحقّ في كفّ علي ظاهر(3).
ص: 334
وقال:
سيروا إلى الأحزاب أعداء النبي ** سيروا فخير الناس أتباع علي
هذا أوان طاب سل المشرفي ** وقودنا الخيل وهزّ السمهري(1).
وأمّا خطبه، فهي مثمرة بروائع من الكلمات والاحتجاجات الغلّابة، فنادى بالناس بعد أن تمّت البيعة لعثمان بقوله: «يا معشر المسلمين، إنّا قد كنّا وما كنّا نستطيع الكلام قلّة وذلّة، فأعزّنا الله بدينه، وأكرمنا برسوله، فالحمد لله ربّ العالمين.
يا معشر قريش، إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم! تحولونه ها هنا مرّة، وها هنا مرّة، وما أنا آمن أن ينزعه الله منكم ويضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله»(2).
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا عمّار، إنّك ستقاتل بعدي مع علي صنفين: الناكثين والقاسطين، ثمّ تقتلك الفئة الباغية.
قلت: يا رسول الله، أليس ذلك على رضا الله ورضاك؟ قال: نعم، على رضا الله ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه»(3).
برز(رضي الله عنه) إلى القتال في صفّين وقاتل قتال الأبطال، ثمّ دعا بشربة من ماء، فقيل له: ما معنا ماء، قام إليه رجل من الأنصار فسقاه شربة من لبن، لمّا شربه قال: «هكذا عهد إليّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من اللبن»(4).
ثمّ حمل على القوم فقتل منهم ثمانية عشر رجلاً، وحمل عليه ابن جَون السكوني، وأبو العادية الفزاري، فطعنه الفزاري، واحتزّ رأسه ابن جون.
ص: 335
استُشهد(رضي الله عنه) في شهر صفر 37ﻫ بحرب صفّين، وصلّى على جثمانه الإمام علي(عليه السلام)، ودُفن في منطقة صفّين(1).
حسبه(رضي الله عنه) من الإكرام والتجليل ما أبّنه به الإمام علي(عليه السلام) وتلهّف عليه، وتشوّق إليه، وأثنى عليه، حيث قال: «أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحق! أين عمّار! وأين ابن التيّهان! وأين ذو الشهادتين! - أي خُزيمة بن ثابت الأنصاري - وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية»(2).
ثمّ قال(عليه السلام) «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، إن امرؤ لم يدخل عليه مصيبة من قتل عمّار فما هو من الإسلام في شيء، ثمّ قال علي: رحم الله عمّاراً يوم يُبعث، ورحم الله عمّاراً يوم يُسأل»(3).
ص: 336
ص: 337
عمرو بن الحمق الخزاعي(رضي الله عنه)(1)
عمرو بن الحَمِق بن الكاهن أو الكاهل الخزاعي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(2).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان، وكان فيها من قادة الجيش.
* كان من شرطة الخميس، ومن أمرائهم في الكوفة.
* سقى النبي(صلى الله عليه وآله) فقال:«اللّهم متّعه بشبابه، فمرّت عليه ثمانون سنة لا يُرى في لحيته شعرة بيضاء»(3).
1- قال الإمام الحسين(عليه السلام) في رسالته إلى معاوية: «أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، العبد الصالح الذي أبلته العبادة، فنحل جسمه وصفرّت
ص: 338
لونه؟ بعدما آمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائراً لنزل إليك من رأس الجبل، ثمّ قتلته جرأة على ربّك واستخفافاً بذلك العهد»(1).
2- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.
ثمّ ينادي مناد: أين حواري علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وصيّ محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فيقوم عمرو بن الحمق...فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(2).
كان(رضي الله عنه) من المتمسّكين والموالين للإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) قولاً وعملاً، فقد قال للإمام علي(عليه السلام) في وقعة صفّين: «والله، ما جئتك لمال من الدنيا تعطينيها، ولا لالتماس السلطان ترفع به ذكري، إلّا لأنّك ابن عمّ رسول الله صلوات الله عليهما، وأولى الناس بالناس، وزوج فاطمة سيّدة نساء العالمين(عليها السلام)، وأبو الذرّية التي بقيت لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأعظم سهماً للإسلام من المهاجرين والأنصار.
والله، لو كلّفتني نقل الجبال الرواسي، ونزح البحور الطوامي أبداً حتّى يأتي علي يومي، وفي يدي سيفي أهزّ به عدوّك، وأقوي به وليّك، ويعلو به الله كعبك، ويفلج به حجّتك، ما ظننت أنّي أدّيت من حقّك كلّ الحقّ الذي يجب لك عليّ.
فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): اللّهم نوّر قلبه باليقين، واهده إلى الصراط المستقيم، ليت في شيعتي مائة مثلك»(3).
ص: 339
قال(رضي الله عنه) يوم صفّين:
«تقول عرسي لمّا أن رأت أرقي ** ماذا يهيجك من أصحاب صفّينا
ألست في عصبة يهدي الإله بهم ** لا يظلمون ولا بغياً يريدونا
فقلت إنّي على ما كان من سدر ** أخشى عواقب أمر سوف يأتينا
إدالة القوم في أمر يراد بنا ** فاقنى حياء وكفّي ما تقولينا»(1).
استُشهد(رضي الله عنه) عام 50ﻫ، وقيل: 51ﻫ، بالموصل في شمال العراق، وأُرسل برأسه إلى معاوية هدية، وهو «أوّل رأس أُهدي في الإسلام»(2).
ص: 340
عيسى بن عبد الله الأشعري القمّي(رضي الله عنه)(1)
عيسى بن عبد الله بن سعد الأشعري القمّي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في قم باعتباره قمّي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
1- عن يونس بن يعقوب قال: «كنت بالمدينة، فاستقبلني جعفر بن محمّد(عليهما السلام) في بعض أزقّتها، فقال: اذهب يا يونس، فإنّ بالباب رجلاً منّا أهل البيت، قال: فجئت إلى الباب فإذا عيسى بن عبد الله جالس، فقلت له: مَن أنت؟ قال: أنا رجل من أهل قم.
قال: فلم يكن بأسرع من أن أقبل أبو عبد الله(عليه السلام) على حمار، فدخل على الحمار الدار، ثمّ التفت إلينا فقال: اُدخلا، ثمّ قال: يا يونس، أحسب أنّك أنكرت قولي لك أنّ عيسى بن عبد الله منّا أهل البيت؟ قال: قلت: إي والله جعلت فداك، لأنّ عيسى بن عبد الله رجل من أهل قم، فكيف يكون منكم أهل البيت؟
قال: يا يونس، عيسى بن عبد الله رجل منّا حياً، وهو منّا ميّتاً»(2).
2- عن يونس بن يعقوب قال: «دخل عيسى بن عبد الله القمّي على أبي عبد
ص: 341
الله(عليه السلام)، فأوصاه بأشياء ثمّ ودّعه وخرج عنه، فقال لخادمه: أدعه، فانصرف إليه فخرج إليه فأوصاه بأشياء، ثمّ ودّعه وخرج عنه، فقال لخادمه: أدعه، فانصرف إليه فأوصاه بأشياء.
ثمّ قال له: يا عيسى بن عبد الله، إنّ الله عزّ وجل يقول: وأمر أهلك بالصلاة، وأنّك منّا أهل البيت، فإذا كانت الشمس من هاهنا مقدارها من هاهنا من العصر، فصلّ ستّ ركعات، قال: ثمّ ودّعه وقبّل ما بين عيني عيسى فانصرف»(1).
قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «ثقة، قبّل الصادق(عليه السلام) بين عينيه وقال: أنت منّا»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
أبو علي، محمّد، قال عنه الشيخ النجاشي(قدس سره): «شيخ القمّيين، ووجه الأشاعرة، متقدّم عند السلطان، ودخل على الرضا(عليه السلام) وسمع منه، وروى عن أبي جعفر الثاني(عليه السلام)، له كتاب الخطب»(3).
له مسائل عن الإمام الرضا(عليه السلام).
ص: 342
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 343
فضّة النوبية، قيل: أنّها بنت ملك الهند(1).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ومكان ولادتها، إلّا أنّها من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كانت(رضي الله عنها) خادمة وجارية من جواري رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ثمّ أهداها إلى ابنته فاطمة الزهراء(عليها السلام) بعد زواجها، فكانت تخدمها، وبعد شهادة الزهراء(عليها السلام) كانت تخدم الإمام علي(عليه السلام).
نشأت(رضي الله عنها) وتربّت في بيت النبوّة والرسالة، فنهلت من آداب أهل البيت(عليهم السلام) وأخلاقهم وعلومهم بحكم ملازمتها لمولاتها وسيّدتها الزهراء(عليها السلام)، ممّا غرس في نفسها معاني الكمال والفضيلة، فكانت على درجة من الإيمان والتقوى والزهد والورع، إضافة الى بلاغتها وحسن نطقها.
بعد شهادة السيّدة الزهراء(عليها السلام) زوّجها الإمام علي(عليه السلام) من أبي ثعلبة الحبشي، وولدت منه ولداً، ثمّ تزوّجها من بعده سليك الغطفاني(2).
ص: 344
كانت(رضي الله عنها) عارفة بمقام ومنزلة أهل البيت(عليهم السلام) حقّ المعرفة، فقد «روى ورقة بن عبد الله الأزدي قال: خرجت حاجّاً إلى بيت الله الحرام راجياً لثواب الله ربّ العالمين، فبينما أنا أطوف وإذا أنا بجارية سمراء، ومليحة الوجه، عذبة الكلام، وهي تنادي بفصاحة منطقها، وهي تقول: اللّهم ربّ الكعبة الحرام، والحفظة الكرام، وزمزم والمقام، والمشاعر العظام، وربّ محمّد خير الأنام(صلى الله عليه وآله) البررة الكرام، أسألك أن تحشرني مع ساداتي الطاهرين، وأبنائهم الغرّ المحجّلين الميامين.
ألا فاشهدوا يا جماعة الحجّاج والمعتمرين، أنّ موالي خيرة الأخيار، وصفوة الأبرار، والذين علا قدرهم على الأقدار، وارتفع ذكرهم في سائر الأمصار، المرتدين بالفخار»(1).
قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أخدم فاطمة ابنته جارية اسمها فضّة النوبية، وكانت تشاطرها الخدمة، فعلّمها رسول الله(صلى الله عليه وآله) دعاء تدعو به، فقالت لها فاطمة: أتعجنين أو تخبزين؟ فقالت: بل أعجن يا سيّدتي وأحتطب، فذهبت واحتطبت وبيدها حزمة، وأرادت حملها فعجزت، فدعت بالدعاء الذي علّمها وهو: يا واحد ليس كمثله أحد، تميت كلّ أحد، وتفني كلّ أحد، وأنت على عرشك واحد، ولا تأخذه سنة ولانوم، فجاء أعرابي كأنّه من أزدشنوءة فحمل الحزمة إلى باب فاطمة»(2).
قال الله تعالى: «يُوفُونَ بِالنّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً»، ذكر المفسّرون طبقاً لروايات وردت بهذا المضمون بأنّ الآية 5-22 من سورة هل أتى - الإنسان -
ص: 345
نزلت في بيان فضل الذين وفوا بنذرهم لله تعالى، وهم: الإمام علي، والسيّدة فاطمة الزهراء، والإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام)، وجاريتهم فضّة، الذين نذروا إن برئ الحسنان(عليهما السلام) من مرضهما أن يصوموا ثلاثة أيّام شكراً لله تعالى، ولمّا صاموا أعطوا أفطارهم يوماً لمسكين، وآخر ليتيم، ويوماً آخر لأسير قربة إلى الله تعالى، وباتوا جياعاً ثلاثة أيّام لم يذوقوا إلّا الماء في قصّة مشهورة، فجزاهم الله تعالى على عملهم هذا الجنّة(1).
كانت(رضي الله عنها) مدّة عشرين سنة لا تتكلّم إلّا بالقرآن الكريم، وهذا دليل على أنّها كانت حافظة له، قال «أبو القاسم القشيري في كتابه قال بعضهم: انقطعت في البادية عن القافلة فوجدت امرأة فقلت لها: مَن أنت ؟ فقالت: (وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)، فسلّمت عليها.
فقلت ما تصنعين ها هنا؟ قالت: (مَن يهد الله فلا مضلّ له)، فقلت: أمن الجنّ أنت أم من الإنس؟ قالت: (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ)، فقلت: من أين أقبلت؟ قالت: (تُنادون مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ)، فقلت: أين تقصدين؟ قالت: (ولله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) فقلت: متى انقطعت؟ قالت: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)، فقلت: أتشتهين طعاماً؟ فقالت: (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ)، فأطعمتها، ثمّ قلت: هرولي وتعجّلي، قالت: (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا).
فقلت: أردفك، فقالت: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا)، فنزلت فأركبتها،
ص: 346
فقالت: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا)، فلمّا أدركنا القافلة قلت لها: ألك أحد فيها؟ قالت: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ)، (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)، (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ)، (يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ)، فصحت بهذه الأسماء فإذا بأربعة شباب متوجّهين نحوها، فقلت: مَن هؤلاء منك؟قالت: (المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا)، فلمّا أتوها فقالت: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)، فكافوني بأشياء، فقالت: (والله يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ)، فزادوا عليّ، فسألتهم عنها فقالوا: هذه أُمّنا فضّة جارية الزهراء(عليها السلام)، ما تكلّمت منذ عشرين سنة إلّا بالقرآن»(1).
«لمّا حُمل [الإمام علي(عليه السلام)] من مصلّاه، والناس من حوله قد أشرفوا على الهلكة من شدّة البكاء والنحيب، وبلغوا به منزله، ومعهم ابن ملجم موثوقاً، وأقبلت فضّة أَمة فاطمة الزهراء وبيدها حربة، فقالت: أموالي ذروني أضرب عدوّ الله بهذه الحربة، فأشفي بعض جوى صدري، فقد أحرق فؤادي، وأقلق رقادي، وهيّج حزني، وأوهى ركني، وأجرى دمعي، وهتك ستري، واجتثّ أصلي وفخري، وانقضت عليه كالشهاب، فقال لها الحسن(عليه السلام): اصبري يا أمة الله، وردّها إلى الدار.
فقالت لابن ملجم: ويلك يا عدوّ الله، أفجعتنا وجميع الإسلام، فمصيرك إلى النار، ولا بأس على سيّدي فلقد قتل في جنب الله، واختنقت بعبرتها، فقال لها ابن ملجم: يا أمة الله، أبكي على نفسك إن كنت باكية، فلقد سقيته السمّ حتّى عذقه، ولو كانت هذه الضربة على من في الأرض لأفنتهم جميعاً»(2).
ص: 347
كانت(رضي الله عنها) ملازمة للسيّدة زينب(عليها السلام) بعد شهادة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، ولم تفارقها حتّى في خروجها إلى كربلاء مع أخيها الإمام الحسين(عليه السلام)، كما أنّها أُخذت معها في ركب السبايا من كربلاء إلى الشام.
وروي أنّها جاءت مع السيّدة زينب(عليها السلام) الى الشام، وبقيت ملازمة لها حتّى تُوفّيت(عليها السلام)، فجاورت قبرها بعد وفاتها، حتّى تُوفّيت.
تُوفّيت(رضي الله عنها) بالشام، ودُفنت في مقبرة باب الصغير في دمشق.
ص: 348
الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، الفضل بن شاذان بن الخليل الأزدي النيشابوري .
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في نيشابور باعتباره نيشابوري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الهادي والعسكري(عليهما السلام).
1- قال(عليه السلام): «رحم الله الفضل»(2).
2- قال(عليه السلام): «أغبط أهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان، وكونه بين أظهرهم»(3).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «كان ثقة، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلّمين، وله جلالة في هذه الطائفة، وهو في قدره أشهرمن أن نصفه»(4).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «فقيه، متكلّم،جليل القدر»(5).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «كان ثقة، جليلاً، فقيهاً، متكلّماً، له عظم شأن في هذه الطائفة»(6).
ص: 349
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (775) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الرضا والجواد(عليهما السلام).
إثبات الرجعة، الإيضاح، الإيمان، الخصال في الإمامة، العِلل، الفرائض الكبير، الفرائض الأوسط، الفرائض الصغير، مسائل البلدان، معرفة الهدى والضلالة، المعيار والموازنة، الملاحم، النجاح في عمل شهر رمضان.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 260ﻫ بمدينة نيشابور، ودُفن فيها، وقبره معروف يُزار.
ص: 350
الفضيل بن يسار النهدي(رضي الله عنه)(1)
أبو القاسم، الفضيل بن يسار النهدي، مولى لبني نهد.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبد الله(عليهما السلام)، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأوّلين ستّة: زرارة... والفضيل بن يسار»(2).
وعدّه الشيخ المفيد(قدس سره) في رسالته العددية من الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام، الذين لا يُطعن عليهم، ولا طريق لذمّ واحد منهم.
1- كان الإمام الباقر(عليه السلام) إذا دخل عليه الفضيل يقول: «بخ بخ بشّر المخبتين،
ص: 351
مرحباً بمَن تأنس به الأرض»(1).
2- كان الإمام الصادق(عليه السلام) إذا رأى الفضيل يقول: «بشّر المخبتين، مَن أحبّ أن ينظر رجلاً من أهل الجنّة، فلينظر إلى هذا»(2).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ الأرض لتسكن إلى الفضيل بن يسار»(3).
4- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ فضيلاً من أصحاب أبي، وأنّي لأحبّ الرجل أن يحبّ أصحاب أبيه»(4).
5- قال الإمام الصادق(عليه السلام): رحم الله الفضيل بن يسار، هو منّا أهل البيت»(5).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «ثقة»(6).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «بصري، ثقة»(7).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «ثقة عين، جليل القدر»(8).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (254) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
أبو محمّد، القاسم، من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام)، ومن الرواة الثقات، وله كتاب.
ص: 352
له كتاب، والمراد بالكتاب ما اشتمل على روايات مسندة عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) في الأحكام الشرعية ونحوها، وقد يكون الكتاب في غير الأحكام الشرعية من التواريخ والحروب والمغازي وغيرها.
تُوفّي(رضي الله عنه) في أيّام الإمام الصادق(عليه السلام)، علماً أن شهادته(عليه السلام) كانت عام 148ﻫ.
ص: 353
القاسم بن محمد بن أبي بكر(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، أو أبو عبد الرحمن، القاسم بن محمّد بن أبي بكر التيمي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري.
قيل: أنّها أُخت السيّدة شاه زنان بنت يزدجر ملك الفرس، زوجة الإمام الحسين(عليه السلام)، وأُمّ الإمام زين العابدين(عليه السلام)(2).
ابنة عمّه، السيّدة أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر التيمي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين زين العابدين والإمام الباقر(عليهما السلام).
* كانت ابنته أُمّ فروة فاطمة زوجة الإمام الباقر، وأُمّ الإمام الصادق(عليهما السلام).
* كانت ابنته أُمّ حكيم زوجة القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر الطيّار، وأُمّ أبو هاشم الجعفري، وداود بن القاسم.
قال(عليه السلام): «كان سعيد بن المسيّب، والقاسم بن محمّد بن أبي بكر، وأبو خالد الكابلي، من ثقات علي بن الحسين(عليهما السلام)»(3).
ص: 354
1- قال الواقدي(ت: 207ﻫ): «وكان ثقة، وكان رفيعاً عالياً فقيهاً إماماً، كثير الحديث ورعاً»(1).
2- قال العجلي(ت: 261ﻫ): «وكان من خيار التابعين وفقهائهم، مدني تابعي ثقة نزه، رجل صالح»(2).
3- قال ابن حبّان(ت: 354ﻫ): «من سادات التابعين، ومن أفضل أهل زمانه علماً وأدباً وعقلاً وفقهاً، وكان صموتاً لا يتكلّم»(3).
4- قال الشهيد الثاني(قدس سره):«أحد فقهاء المدينة المتّفق على علمه وفقهه بين المسلمين»(4).
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 102ﻫ إلى 108ﻫ بقديد - موضع قرب مكّة -، ودُفن بالمشلل.
ص: 355
قنبر مولى أمير المؤمنين(عليه السلام)(1)
أبو همدان، قنبر مولى أمير المؤمنين(عليه السلام).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي(عليه السلام).
* ذكره الشيخ المفيد(قدس سره) من السابقين المقرّبين من الإمام علي(عليه السلام)(2).
* دفع إليه الإمام علي(عليه السلام) لواء يوم صفّين في قبال غلام عمرو بن العاص الذي كان قد رفع لواء.
قال(عليه السلام): «كان قنبر غلام علي يحبّ عليّاً(عليه السلام) حبّاً شديداً»(3).
1- قال السيّد علي البروجردي(قدس سره): «فيه أحاديث دالّة على حسن حاله وخلوصه»(4).
2- قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي(قدس سره): «من خواص أصحاب أمير
ص: 356
المؤمنين(عليه السلام) ومولاه، مشكور ثقة عدل»(1).
«يا قنبر، إنّ الله تبارك وتعالى عرض ولايتنا على أهل السماوات وأهل الأرض من الجنّ والإنس والثمر وغير ذلك، فما قبل منه ولايتنا طاب وطهر وعذب، وما لم يقبل منه خبث وردئ ونتن»(2).
«روي أنّ سبعين رجلاً من الزط أتوه(عليه السلام) بعد قتال أهل البصرة يدعونه إلهاً بلسانهم، وسجدوا له، قال لهم: ويلكم، لا تفعلوا إنّما أنا مخلوق مثلكم، فأبوا عليه، فقال: فإن لم ترجعوا عمّا قلتم فيّ وتتوبوا إلى الله لأقتلنّكم.
قال: فأبوا، فخد لهم أخاديد، وأوقد ناراً، فكان قنبر يحمل الرجل بعد الرجل على منكبه فيقذفه في النار، ثمّ قال:
إنّي إذا أبصرت أمراً منكراً ** أوقدت ناراً ودعوت قنبرا
ثمّ احتفرت حفراً فحفراً ** وقنبر يخطم خطماً منكرا»(3).
ورد في صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، أنّ الإمام علي(عليه السلام) اعترض على شريح القاضي حينما ردّ شهادة قنبر، وقال: «هذا مملوك، وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلاً»(4)، ففي الصحيحة دلالة على أنّه(رضي الله عنه) كان عدلاً.
لشدّة حبّه(رضي الله عنه) وإخلاصه ودفاعه عن الإمام علي(عليه السلام) أمر الحجّاج بن يوسف
ص: 357
الثقفي بقتله، فقد روي أنّه(رضي الله عنه) سُئل: «مولى مَن أنت؟ فقال: أنا مولى مَن ضرب بسيفين، وطعن برمحين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين، ولم يكفر بالله طرفة عين...»(1)، فلمّا سمع ذلك الحجّاج أمر بقطع رأسه.
وروي عن الإمام الهادي(عليه السلام): «أنّ قنبر مولى أمير المؤمنين أُدخل على الحجّاج بن يوسف فقال له: ما الذي كنت تلي من أمر علي بن أبي طالب؟ قال: كنت أوضيه. فقال له: ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟
قال: كان يتلو هذه الآية: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. فقال الحجّاج: كان يتأوّلها علينا؟ فقال: نعم. فقال: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك؟ قال: إذاً أسعد وتشقى. فأمر به فقتله»(2).
استُشهد(رضي الله عنه) بأمر من الحجّاح الثقفي، ودُفن ببغداد، وقيل بحمص، وقبره معروف يُزار.
ص: 358
ص: 359
قيس بن سعد الأنصاري(رضي الله عنه)(1)
قيس بن سعد بن عُبادة الأنصاري الخزرجي، وأبوه سعد كان زعيم الخزرج.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، ومن أصحاب الإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
* كان من جملة العشرة الذين نصروا رسول الله(صلى الله عليه وآله).
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
* عدّه البرقي في رجاله من الاثني عشر الذين أنكروا على أبي بكر.
* كان من الذين لم يبايعوا أبا بكر بالخلافة.
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(2).
* أرسله الإمام علي(عليه السلام) مع الإمام الحسن(عليه السلام) وعمّار بن ياسر إلى أهل الكوفة مستنفريهم لمقاتلة أهل الجمل(3).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان، وكان فيها من قادة الجيش.
ص: 360
* كان من شرطة الخميس، ومن أمرائهم في الكوفة.
1- قال الإمام علي(عليه السلام) في كتابه إلى أهل مصر: «وقد بعثت إليكم قيس بن سعد أميراً فوازروه وأعينوه على الحق... وهو ممّن أرضى هديه، وأرجو صلاحه ونصيحته»(1).
2- قال الإمام الحسن(عليه السلام) له ولأصحابه المخلصين بعد صلحه مع معاوية: «صدقتم رحمكم الله، ما زلت أعرفكم بصدق النية، والوفاء بالقول، والمودّة الصحيحة، فجزاكم الله خيراً»(2).
1- قال إبراهيم بن محمّد الثقفي(قدس سره) (ت: 283ﻫ): «وكان قيس بن سعد(رحمه الله) من مناصحي علي بن أبي طالب(عليه السلام)، فلمّا قام علي استعمله على مصر»(3).
2- قال الشيخ المفيد(قدس سره): «سيّد النقباء من الأنصار»(4).
3- قال الواقدي(ت: 207ﻫ): «من كرام أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأسخيائهم ودهاتهم»(5).
4- قال ابن أبي الحديد المعتزلي(ت: 656ﻫ): «وكان قيس بن سعد من كبار شيعة أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقائل بمحبّته وولائه، وشهد معه حروبه كلّها... وكان طالبي الرأي، مخلصاً في اعتقاده وودّه»(6).
1- قال(رضي الله عنه) للإمام علي(عليه السلام) قبل حرب الجمل: «يا أمير المؤمنين، ما على الأرض
ص: 361
أحد أحبّ إلينا أن يقيم فينا منك، لأنّك نجمنا الذي نهتدي به، ومفزعنا الذي نصير إليه، وإن فقدناك لتظلمن أرضنا وسماؤنا، ولكن والله لو خلّيت معاوية للمكر، ليرومن مصر، وليفسدن اليمن، وليطمعن في العراق، ومعه قوم يمانيون قد أشربوا قتل عثمان، وقد اكتفوا بالظنّ عن العلم، وبالشكّ عن اليقين، وبالهوى عن الخير، فسر بأهل الحجاز وأهل العراق، ثمّ أرمه بأمر يضيق فيه خناقه، ويقصر له من نفسه. فقال(عليه السلام): أحسنت والله يا قيس، وأجملت»(1).
2- قال(رضي الله عنه) في الكوفة مستنفراً أهلها لمقاتلة أهل الجمل: «أيّها الناس، إنّ هذا الأمر لو استقبلنا به الشورى لكان علي أحقّ الناس به في سابقته وهجرته وعلمه، وكان قتال مَن أبى ذلك حلالاً، فكيف والحجّة قامت على طلحة والزبير، وقد بايعاه وخلعاه حسداً»(2).
3- قال(رضي الله عنه) يوم صفّين: «إنّ معاوية قد قال ما بلغكم، وأجاب عنكم صاحبكم، فلعمري لئن غظتم معاوية اليوم لقد غظتموه بالأمس، وإن وترتموه في الإسلام فقد وترتموه في الشرك، وما لكم إليه من ذنب أعظم من نصر هذا الدين الذي أنتم عليه، فجدّوا اليوم جدّاً تنسونه به ما كان أمس، وجدّواً غداً جدّاً تنسونه به ما كان اليوم، وأنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل، والقوم مع لواء أبي جهل والأحزاب»(3).
عيّنه الإمام علي(عليه السلام) والياً على مصر، وقال له: «سر إلى مصر فقد وليتكها، وأخرج إلى رحلك فاجمع فيه من ثقاتك مَن أحببت أن يصحبك حتّى تأتيها ومعك جند، فإنّ
ص: 362
ذلك أرهب لعدوّك وأعزّ لوليك، فإذا أنت قدمتها إن شاء الله فأحسن إلى المحسن، واشتد على المريب، وارفق بالخاصّة والعامّة، فإنّ الرفق يمن»(1).
خرج(رضي الله عنه) في سبع نفر من أصحابه حتّى دخل مصر فصعد المنبر، فأمر بكتاب معه من الإمام علي(عليه السلام) فقرئ على الناس، ثمّ قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه وقال: «الحمد لله الذي أمات الباطل وأحيى الحقّ وكبت الظالمين، أيّها الناس، إنّا بايعنا خير مَن نعلم بعد نبيّنا(صلى الله عليه وآله) فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنّة نبيّه، فإن نحن لم نعمل فيكم بكتاب الله وسنّة رسوله فلا بيعة لنا عليكم. فقام الناس فبايعوا، واستقامت له مصر وأعمالها»(2).
قال(رضي الله عنه) عن واقعة الغدير:
«وعلي إمامنا وإمام ** لسوانا أتى به التنزيل
يوم قال النبي مَن كنت مولاه ** فهذا مولاه خطب جليل
إنّ ما قاله النبي على الأُمّة ** حتم ما فيه قال وقيل»(3).
مبايعته للإمام الحسن(عليه السلام) وقتاله معه
بادر(رضي الله عنه) بعد شهادة الإمام علي(عليه السلام) إلى مبايعة الإمام الحسن(عليه السلام)، وصار من أصحابه والمحامين والمدافعين عنه، وحينما وجّه (عليه السلام) عبيد الله بن العباس في اثني عشر ألفاً لقتال معاوية خرج معه، ولمّا هرب عبيد الله ليلاً نحو صفوف معاوية بعد أن أرسل إليه مبلغاً من المال، صلّى قيس صلاة الصبح مكانه وقاد الجيش وبذلك سدّ خللاً كاد أن يقع.
ص: 363
وما أن سمع بطعن الإمام الحسن(عليه السلام) اغتمّ لذلك وتأسّف لتفرّق الأصحاب، وأرجع الأموال التي بعثها إليه معاوية لينحاز إليه قائلاً له: «تخدعني عن ديني!»(1)، فترك هذا الموقف وغيره من المواقف آثاره على نفس معاوية، حتّى استثناه من الشيعة في الأمان بعد صلحه مع الإمام الحسن(عليه السلام) لشدّة حقده عليه.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 60ﻫ.
ص: 364
ص: 365
قيس بن مسهر الصيداوي(رضي الله عنه)(1)
قيس بن مسهر بن خالد الأسدي الصيداوي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام).
* كان من الذين خرجوا مع الإمام الحسين(عليه السلام) من مكّة إلى كربلاء.
* زاده شرفاً تخصيص الإمام الحجّة المنتظر(عجلّ الله تعالى فرجه) إيّاه بالتسليم عليه في زيارتي الناحية والرجبية، وفيها: «السلام على قيس بن مسهر الصيداوي»(2).
حمل(رضي الله عنه) رسائل أهل الكوفة إلى الإمام الحسين(عليه السلام) بعد إعلان الإمام(عليه السلام) رفضه لمبايعة يزيد، وخروجه من المدينة إلى مكّة.
ثمّ أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) أرسله مع مسلم بن عقيل(عليه السلام) إلى أهل الكوفة؛ لأخذ البيعة له، بعد وصوله(عليه السلام) إلى مكّة المكرّمة.
ثمّ أنّ مسلم بن عقيل(عليه السلام)حمّله رسالة إلى الإمام الحسين(عليه السلام)، يخبره فيها ببيعة مَن
ص: 366
بايع من أهل الكوفة ويدعوه إلى القدوم إلى الكوفة.
ثم أنّه خرج مع الإمام الحسين(عليه السلام) من مكّة حينما خرج إلى العراق، ولمّا وصل(عليه السلام) إلى الحاجر من بطن الرمة حمّل قيس رسالة منه(عليه السلام) إلى أهل الكوفة يخبرهم فيها بقدومه عليهم(1).
ألقى القبض عليه الحصين بن نمير وهو في طريقه إلى الكوفة، حامل رسالة الإمام الحسين(عليه السلام) إلى أهل الكوفة، وعندها أتلف قيس الرسالة خوفاً على أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام)في الكوفة من القتل.
جاء به الحصين إلى عبيد الله بن زياد والي الكوفة آنذاك، الذي حاول أن يعرف منه أسماء الرجال الذين أرسل إليهم الإمام الحسين(عليه السلام)رسالته، ولكن بائت محاولته بالفشل، فغضب عليه ابن زياد غضباً شديداً، وقال له:«والله لا تفارقني أبداً أو تدلّني على هؤلاء القوم الذين كتب إليهم هذا الكتاب، أو تصعد المنبر فتسبّ الحسين وأباه وأخاه، فتنجو من يدي أو لأُقطّعنّك.
فقال قيس: أمّا هؤلاء القوم فلا أعرفهم، وأمّا لعنة الحسين وأبيه وأخيه فإنّي أفعل. قال: فأمر به فأُدخل المسجد الأعظم، ثمّ صعد المنبر، وجمع له الناس ليجتمعوا ويسمعوا اللعنة، فلمّا علم قيس أنّ الناس قد اجتمعوا وثب قائماً، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ صلّى على محمّد وآله، وأكثر الترحّم على علي وولده، ثمّ لعن عبيد الله بن زياد ولعن أباه، ولعن عُتاة بني أُمية عن آخرهم، ثمّ دعا الناس إلى نصرة الحسين بن علي»(2).
ص: 367
لمّا رأى عبيد الله بن زياد شدّة حبّه وولائه للإمام الحسين وأهل بيته(عليهم السلام)، وشدّة بغضه وكرهه له ولبني أُمية أمر بقتله، بأن يُرمى به من أعلى القصر، فرُمي به، فسقط قتيلاً مضرّجاً بدمه.
استُشهد(رضي الله عنه) في ذي الحجّة عام 60ﻫ بالكوفة، ودُفن فيها.
حسبه(رضي الله عنه) من الإكرام والتجليل ما أبّنه به الإمام الحسين(عليه السلام)، فقد روي أنّه لمّا بلغه(عليه السلام) قتل قيس استعبر باكياً، ثمّ قال: «اللّهم اجعل لنا ولشيعتنا عندك منزلاً كريماً، واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ من رحمتك، إنّك على كلّ شيء قدير»(1).
وفي رواية أُخرى: «اللّهم اجعل الجنّة لنا ولأشياعنا منزلاً كريماً، إنّك على كلّ شيء قدير»(2).
وقال فيه الكميت الأسدي: «وشيخ بني الصيداء قد فاظ قبلهم...»(3).
ص: 368
ص: 369
كميل بن زياد النخعي(رضي الله عنه)(1)
كُميل بن زياد بن نَهيك النخعي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته، إلّا أنّه من المولودين في اليمن.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان(2)، وعدّه أيضاً من السابقين المقرّبين منه(عليه السلام)(3).
* عيّنه الإمام علي(عليه السلام) والياً وحاكماً على مدينة هيت في العراق(4).
1- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «من خواصّهما - أي: خواص الإمامين علي والحسن(عليهما السلام)-»(5).
2- قال الشيخ حسن الديلمي(قدس سره): «وكان من خيار شيعته ومحبّيه»(6).
3- قال السيّد علي البروجردي(قدس سره): «وهو من أعاظم أصحابه»(7).
4- قال السيّد الخوئي(قدس سره): «جلالة كميل واختصاصه بأمير المؤمنين(عليه السلام) من الواضحات التي لا يدخلها ريب»(8).
ص: 370
5- قال الذهبي (ت: 748ﻫ): «كان شريفاً مطاعاً ثقة عابداً على تشيّعه، قليل الحديث، قتله الحجّاج»(1).
دعاء كميل(رضي الله عنه) هو دعاء الإمام علي(عليه السلام) علّمه لكميل؛ ليدعو به ليالي الجمع، وهو دعاء مشهور شريف ذو مضامين عالية.
وما جاء في هذا الدعاء من رفيع الأدب، وفنون التهجّد والعبادة؛ لدليل على ما كان يتمتّع به كميل من المعرفة العالية، والمنزلة الرفيعة، والقابليات الفذّة التي تستوعب ذلك، وكان دائم الحضور في مجلس الإمام(عليه السلام) أيّام تواجده في الكوفة.
كما كان(رضي الله عنه) كثير السؤال من الإمام(عليه السلام) في شتّى الأُمور، وكان(عليه السلام) يُجيبه عنها ويهتمّ به لا سيّما بأسئلته العلمية والفقهية ضمن سلسلة من المواعظ والحكم، على مسمع من الحاضرين ليستفيدوا منه.
كتب مالك الأشتر(رضي الله عنه) رسالة إلى عثمان، وبعثها بيد رجال يثق بهم، وفي مقدّمتهم كميل(رضي الله عنه).
وحين وصول الوفد إلى المدينة، قصدوا دار الخلافة فسلّم بعضهم على عثمان بالخلافة، وبعضهم لم يفعل، فسُئِلوا لِمَ لم تسلّموا على الخليفة بالإمرة؟ فقال كميل: «بسبب الأعمال الخطأ التي عملها، فإن عاد عنها وتاب منها وسلك نهج الصواب فهو أميرنا، وإلّا فليس بأمير لنا.
فسألوه: ما هي مطالبكم؟ وما أهدافكم؟ فقالوا: أوّلاً، أن لا نخرج من أوطاننا
ص: 371
المألوفة ولا نفارق عيالنا وأولادنا، وأن توصل إلينا رواتبنا، وأن لا يرسل إلينا شباباً أغراراً من أقاربه يتأمّرون علينا، وقد اتّبعوا أهواءهم وشهواتهم، وأن لا يُقدِّم الأشرار على الأخيار...»(1).
لشدّة حبّه(رضي الله عنه) وإخلاصه ودفاعه عن الإمام علي(عليه السلام) أمر الحجّاج بن يوسف الثقفي بقتله، فقد روي أنّه «لمّا ولي الحجّاج طلب كميل بن زياد فهرب منه، فحرم قومه عطاءهم، فلمّا رأى كميل ذلك قال: أنا شيخ كبير قد نفد عمري، لا ينبغي أن أحرم قومي عطيّاتهم، فخرج فدفع بيده إلى الحجّاج، فلمّا رآه قال له: لقد كنت أحبّ أن أجد عليك سبيلاً.
فقال له كميل: لا تصرف عليّ أنيابك ولا تهدم عليّ، فوالله ما بقي من عمري إلّا مثل كواسل الغبار، فاقض ما أنت قاض، فإنّ الموعد الله وبعد القتل الحساب، ولقد خبّرني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) أنّك قاتلي، قال: فقال له الحجّاج: الحجّة عليك إذن، فقال كميل: ذاك إن كان القضاء إليك، قال: بلى قد كنتَ فيمن قتل عثمان بن عفّان، اضربوا عنقه، فضُربت عنقه»(2).
استُشهد(رضي الله عنه) في عام 82ﻫ بالكوفة، ودُفن في منطقة الثوية، وقبره معروف يُزار.
ص: 372
ص: 373
كنكر أبو خالد الكابلي(رضي الله عنه)(1)
أبو خالد، كنكر أو وردان الكابلي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام زين العابدين، والإمام الباقر، والإمام الصادق(عليهم السلام).
* كان في بداية أمره يقول بإمامة محمّد بن الحنفية ثمّ استبصر وقال بإمامة الإمام زين العابدين(عليه السلام)(2).
* روى عن الإمام زين العابدين(عليه السلام)النص على الأئمّة الاثني عشر(عليهم السلام) وأسمائهم وفضائلهم(3).
* أمره الإمام زين العابدين(عليه السلام) بمعالجة الجارية المجنونة الجائية مع أبيها من الشام بقوله له: فخذ بأذن الجارية اليسرى ثمّ قل: يا خبيث، يقول لك علي بن الحسين: اُخرج من هذه الجارية ولا تقعد. ففعل ما أمره، فخرج عنها(4).
1- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «كان سعيدبن المسيّب، والقاسم بن محمّد بن أبي بكر، وأبو خالد الكابلي، من ثقات علي بن الحسين(عليهما السلام)»(5).
ص: 374
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ارتدّ الناس بعد الحسين(عليه السلام) إلّا ثلاثة: أبو خالد الكابلي، ويحيى بن أُمّ الطويل، وجُبير بن مطعم(1)، ثمّ إنّ الناس لحقوا وكثروا»(2).
3- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... .
ثمّ ينادي: أين حواري علي بن الحسين؟ فيقوم... وأبو خالد الكابلي... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(3).
قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «ولم يكن في زمن علي بن الحسين(عليه السلام) في أوّل أمره إلّا خمسة أنفس: سعيد بن جُبير، سعيد بن المسيّب، محمّد بن جُبير بن مطعم، يحيى بن أُمّ الطويل، أبو خالد الكابلي»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام زين العابدين والإمام الباقر والإمام الصادق(عليهم السلام).
ص: 375
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 376
لوط بن يحيى أبو مخنف الأزدي(رضي الله عنه)(1)
أبو مخنف، لوط بن يحيى بن سعيد الأزدي الغامدي الكوفي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم، وكان يسكن إلى ما يرويه»(2).
2- قال الشيخ عباس القمّي(قدس سره): «من أعاظم مؤرّخي الشيعة، ومع اشتهار تشيّعه اعتمد عليه علماء السُنّة في النقل عنه كالطبري وابن الأثير وغيرهما، وليعلم أنّ لأبي مخنف كتباً كثيرة في التأريخ والسير»(3).
3- قال السيّد الخوئي(قدس سره): «ثقة مسكون إلى روايته»(4).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام الصادق(عليه السلام).
ص: 377
أخبار ابن الحنفية، أخبار محمّد بن أبي بكر، أخذ الثار في المختار، الجمل، خطبة الزهراء(عليها السلام)، الردّة، السقيفة، الشورى، صفّين، الغارات، فتوح الإسلام، فتوح خراسان، فتوح العراق، المغازي، مقتل أمير المؤمنين(عليه السلام)، مقتل حُجر بن عِدي، مقتل الحسن(عليه السلام)، مقتل الحسين(عليه السلام)، مقتل عثمان.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 157ﻫ.
ص: 378
ليث بن البختري، أبو بصير المرادي(رضي الله عنه)(1)
أبو بصير كنية مشتركة لروايينِ شيعيينِ من أصحاب الإمام الباقر والصادق(عليهما السلام) هما: يحيى بن أبي القاسم الأسدي، وليث بن البختري المرادي.
وقد ورد اسم أبي بصير من دون قيد في سند الكثير من الروايات، حيث لا يتسنّى تحديد هوية الراوي إلّا من خلال القرائن الخارجية، والكثير من علماء الرجال يعتبر كلا الرجلينِ ثقة وموضع اعتماد.
أبو بصير، وقيل: أبو محمّد، ليث بن البختري المرادي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبد الله(عليهما السلام)، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه
ص: 379
الأوّلين ستّة: زرارة، ومعروف بن خرّبوذ، وبُريد، وأبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمّد بن مسلم الطائفي، قالوا: وأفقه الستّة زرارة، وقال بعضهم مكان أبي بصير الأسدي أبو بصير المرادي، وهو ليث بن البختري»(1).
1- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «بشّر المخبتين بالجنّة: بُريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمّد بن مسلم، وزرارة بن أعين، أربعة نجباء، أُمناء الله على حلاله وحرامه، ولولا هؤلاء لانقطعت آثار النبوّة واندرست»(2).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «أوتاد الأرض، وأعلام الدين أربعة: محمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي، وزرارة بن أعين»(3).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي(عليه السلام) إلّا زرارة، وأبو بصير المرادي، ومحمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حُفّاظ الدين، وأُمناء أبي(عليه السلام) على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا، وفي الآخرة»(4).
4- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... .
ثمّ ينادي المنادي: أين حواري محمّد بن علي وحواري جعفر بن محمّد؟ فيقوم...وأبو بصير ليث بن البختري المرادي... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(5).
ص: 380
1- قال الشيخ الغضائري(قدس سره): «وهو عندي ثقة»(1).
2- قال الشيخ ابن داود الحلّي(قدس سره): «ثقة عظيم الشأن»(2).
3- قال العلّامة المجلسي(قدس سره): «وهو المشهور بالثقة»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (57) مورداً.
له كتاب، والمراد بالكتاب ما اشتمل على روايات مسندة عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) في الأحكام الشرعية ونحوها، وقد يكون الكتاب في غير الأحكام الشرعية من التواريخ والحروب والمغازي وغيرها.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 381
ص: 382
مالك الأشتر النخعي(رضي الله عنه)(1)
مالك بن الحارث بن عبد يَغوث الأشتر النخعي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي(عليه السلام).
* عدّه الإمام الصادق(عليه السلام) من الذين يخرجون مع الإمام المهدي(عليه السلام) ويكونون بين يديه أنصاراً وحكّاماً(2).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان(3).
* عدّه الشيخ ابن شهرآشوب(قدس سره) من وجوه الصحابة وخيار التابعين(4).
* هو الذي صلّى على جثمان الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري(5).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين، وكان فيهما من قادة الجيش.
ص: 383
1- قال(عليه السلام) له: «وأنا قابل من رأيك ما كان لله رضى، وأنت من آمن أصحابي، وأوثقهم في نفسي، وأنصحهم وأراهم عندي»(1).
2- قال(عليه السلام): «لقد كان لي كما كنت لرسول الله(صلى الله عليه وآله)»(2).
1- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «فمن التابعين الكبار ورؤسائهم وزهّادهم... والأشتر»(3).
2- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «جليل القدر، عظيم المنزلة، كان اختصاصه بعلي(عليه السلام) أظهر من أن يخفى»(4).
3- قال ابن أبي الحديد المعتزلي(ت: 656ﻫ): «وكان فارساً شجاعاً رئيساً من أكابر الشيعة وعظمائها، شديد التحقّق بولاء أمير المؤمنين(عليه السلام) ونصره»(5).
4- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «حاله أشهر من أن يذكر، وكفاه قول مولاه: كان لي كما كنت لرسول الله(صلى الله عليه وآله)»(6).
عيّنه الإمام علي(عليه السلام) والياً على مصر، وجاء في كتابه(عليه السلام) إلى أهل مصر الذي أرسله بيد مالك(رضي الله عنه) ما نصّه: «أمّا بعد، فإنّي قد وجّهت إليكم عبداً من عباد الله، لا ينام أيّام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، أشدّ على الفجّار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث الأشتر أخو مذحج، فاسمعوا له وأطيعوا، فإنّه سيف من سيوف الله، لا يأتي الضريبة، ولا كليل الحد، فإن أمركم أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن
ص: 384
تقيموا فأقيموا، وإن أمركم أن تحجموا فأحجموا، فإنّه لا يقدم إلّا بأمري، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم، وشدّة شكيمته على عدوّكم، عصمكم ربّكم بالهدى، وثبّتكم باليقين»(1).
كان(رضي الله عنه) ذا قوّة خطابية فائقة، مشفوعة بحجّة واضحة، وقدرة نادرة على تقديم البراهين المقنعة والأجوبة المُفحِمة، ومن تلك الخطب خطبته التي خطبها أمام جيش الإمام علي(عليه السلام) في صفّين بقوله:«الحمد لله الذي جعل فينا ابن عمّ نبيّه، أقدمهم هجرة، وأوّلهم إسلاماً، سيف من سيوف الله صبّه على أعدائه، فانظروا إذا حمى الوطيس، وثار القتام، وتكسّر المرّان، وجالت الخيل بالأبطال، فلا أسمع إلّا غمغمة أو همهمة، فاتّبعوني وكونوا في إثري»(2).
وكان من شعره فيها:
«كلّ شيء سوى الإمام صغير ** وهلاك الإمام خطب كبير
قد أصبنا وقد أصيبت لنا اليوم ** رجال بزل حماة صقور
واحد منهم بألف كبير ** إن ذا من ثوابه لكثير
إنّ ذا الجمع لا يزال بخير ** فيه نعمى ونعمة وسرور
مَن رأى عزّة الوصي علي ** إنّه في دجى الحنادس نور
إنّه والذي يحجّ له الناس ** سراج لذي الظلام منير
مَن رضاه إمامه دخل الجنّة ** عفواً وذنبه مغفور
بعد أن يقضي الذي أمر الله ** به ليس في الهدى لخبير»(3).
ص: 385
وقال أيضاً:
«في كلّ يوم هامتي موقره ** بالضرب أبغي منة مؤخّره
والدرع خير من لباس الحبره ** يا ربّ جنّبني سبيل الفجره
فلا تجنّبني ثواب البررة ** واجعل وفاتي بأكفّ الكفرة»(1).
إنّ قرار الإمام علي(عليه السلام) بإرسال مالك إلى مصر ليتسلّم زمام القيادة فيها أحدث هزّة كبيرة لمعاوية وعمرو ابن العاص اللذان كانا يخشيان مالك أشدّ الخشية، واضعين في حسابهم الآثار المترتّبة على وصوله إلى مصر وتسلّمه زمام القيادة فيها، خاصّة أنّ الإمام قد سلّمه ميثاقاً وعهداً يستعين به في حكم مصر، من هنا سعوا للعمل على الحيلولة دون وصول مالك لمصر، ولم يكن هناك من حلّ سوى التخلّص منه من خلال وعد أحد رجالات ابن العاص أن يسقي السم لمالك مقابل اعفائه من الضراب مدى الحياة ، فقام هذا الرجل الشرير بحيلة سقى خلالها العسل المسموم لهذا القائد العظيم.
استُشهد(رضي الله عنه) عام 37ﻫ أو 38ﻫ مسموماً في طريقه إلى مصر، ودُفن فيها، وقبره معروف يُزار.
حسبه(رضي الله عنه) من الإكرام والتجليل ما أبّنه به الإمام علي(عليه السلام) وتلهّف عليه وتأسّف، وتشوّق إليه، وأثنى عليه، حيث قال: «لله درّ مالك، لو كان من جبل لكان أعظم أركانه، ولو كان من حجر كان صلداً (أي: صلباً)، أما والله ليهدّن موتك عالماً، فعلى
ص: 386
مثلك فلتبك البواكي»(1).
ثمّ قال: «إنّي أحتسبه عندك فإنّ موته من مصائب الدهر، فرحم الله مالكاً، فقد وفى بعهده، وقضى نحبه، ولقي ربّه، مع أنّا قد وطّنا أنفسنا أنّ نصبر على كلّ مصيبة بعد مصابنا برسول الله(صلى الله عليه وآله) فإنّها أعظم المصيبة»(2).
ص: 387
ص: 388
مالك بن التيهان أبو الهيثم الأنصاري(رضي الله عنه)(1)
أبو الهيثم، مالك بن التيّهان بن مالك الأنصاري، المعروف بكنيته (أبو الهيثم الأنصاري).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) والإمام علي(عليه السلام).
* كان من النقباء الأثني عشر الذين اختارهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) - ليلة العقبة الثانية بإشارة من جبرائيل(عليه السلام) - نقباء لأُمّته، كعدّة نقباء نبيّ الله موسى(عليه السلام)(2).
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
* آخى رسول الله(صلّى الله عليه وآله) بينه وبين عثمان بن مظعون الجُمحي.
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(3).
* كان هو وعمّار بن ياسر يأخذان البيعة للإمام علي(عليه السلام)(4).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين، وكان فيهما من قادة الجيش.
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج
ص: 389
نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:... وأبي الهيثم بن التيّهان... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(1).
أنكر(رضي الله عنه) على أبي بكر جلوسه على عرش الخلافة، وتقدّمه على الإمام علي(عليه السلام) بقوله: «يا أبا بكر، أنا أشهد على النبي(صلى الله عليه وآله) أنّه أقام عليّاً فقالت الأنصار: ما أقامه إلّا للخلافة، وقال بعضهم: ما أقامه إلّا ليعلم الناس أنّه وليّ مَن كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) مولاه، فقال(عليه السلام): إنّ أهل بيتي نجوم أهل الأرض فقدّموهم ولا تقدّموهم»(2).
لمّا بلغ الإمام علي(عليه السلام)مسير طلحة والزبير وعائشة من مكّة إلى البصرة خطب بالناس، وقال: «وقد بايعني هذان الرجلان طلحة والزبير فيمَن بايعني، وقد نهضا إلى البصرة ليفرّقا جماعتكم، ويلقيا بأسكم بينكم... .
فقام أبو الهيثم بن التيّهان رحمه الله وقال: يا أمير المؤمنين، إن حسد قريش إيّاك على وجهين: أمّا خيارهم فحسدوك منافسة في الفضل، وارتفاعاً في الدرجة، وأمّا أشرارهم فحسدوك حسداً أحبط الله به أعمالهم، وأثقل به أوزارهم، وما رضوا أن يساووك حتّى أرادوا أن يتقدّموك، فبعدت عليهم الغاية، وأسقطهم المضمار، وكنت أحقّ قريش بقريش، نصرت نبيّهم حيّاً، وقضيت عنه الحقوق ميّتاً، والله ما بغيهم إلّا على أنفسهم، ونحن أنصارك وأعوانك، فمرنا بأمرك، ثمّ أنشأ يقول:
إنّ قوماً بغوا عليك وكادوك ** وعابوك بالأُمور القباح
ليس من عيبها جناح بعوض ** فيك حقّاً ولا كعشر جناح
ص: 390
أبصروا نعمة عليك من الله ** وقرماً يدق قرن النطاح
وإماماً تأوي الأُمور إليه ** ولجاماً يلين غرب الجماح
حاكماً تجمع الإمامة فيه ** هاشمياً له عراض البطاح
حسداً للذي أتاك من الله ** وعادوا إلى قلوب قراح
... فجزّاه أمير المؤمنين(عليه السلام) خيراً»(1).
قال(رضي الله عنه) أبياتاً من الشعر يوم الجمل، منها:
«قل للزبير وقل لطلحة إنّنا ** نحن الذين شعارنا الأنصار
نحن الذين رأت قريش فعلنا ** يوم القليب أُولئك الكفّار
كنّا شعار نبيّنا ودثاره يفديه ** منّا الروح والأبصار
إنّ الوصي إمامنا ووليّنا ** برح الخفاء وباحت الأسرار»(2).
قال نصر بن مزاحم المنقري(ت: 212ﻫ): «وأقبل أبو الهيثم بن التيّهان، وكان من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) بدرياً نقيباً عقبياً، يسوّي صفوف أهل العراق ويقول:
يا معشر أهل العراق، إنّه ليسبينكم وبين الفتح في العاجل، والجنّة في الآجل إلّا ساعة من النهار، فأرسوا أقدامكم، وسوّوا صفوفكم، وأعيروا ربّكم جماجمكم، استعينوا بالله إلهكم، وجاهدوا عدوّ الله وعدوّكم، واقتلوهم قتلهم الله وأبادهم! واصبروا فإنّ الأرض لله يورثها مَن يشاء من عباده، والعاقبة للمتّقين»(3).
ص: 391
استُشهد(رضي الله عنه) في شهر صفر 37ﻫ بحرب صفّين، ودُفن في منطقة صفّين.
حسبه(رضي الله عنه) من الإكرام والتجليل ما أبّنه به الإمام علي(عليه السلام) وتلهّف عليه، وتشوّق إليه، وأثنى عليه، حيث قال: «أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحقّ! أين عمّار! وأين ابن التيّهان! وأين ذو الشهادتين - أي خُزيمة بن ثابت الأنصاري - وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية»(1).
ص: 392
مالك بن نويرة التميمي(رضي الله عنه)(1)
أبو حنظلة، مالك بن نويرة بن جَمرة التميمي اليربوعي .
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
1- قال المرزباني(ت: 384ﻫ): «كان شاعراً شريفاً فارساً معدوداً في فرسان بني يربوع في الجاهلية وأشرافهم، وكان من أرداف الملوك»(2).
2- قال الشيخ الوحيد البهبهاني(قدس سره): «وبالجملة أمره بالشهرة لا يحتاج إلى الذكر»(3).
نصّبه النبي(صلى الله عليه وآله) وكيلاً عنه في قبض زكاة قومه وتقسيمها على الفقراء(4)، وهذا دليل على وثاقته واحتياطه وورعه.
رفض(رضي الله عنه) مبايعة أبي بكر، وأنكر عليه تسلّمه قيادة الأُمّة أشدّ الإنكار، وعاتبه بقوله: «أربع على ضلعك، والزم قعر بيتك، واستغفر لذنبك، وردّ الحقّ إلى أهله، أما
ص: 393
تستحيي أن تقوم في مقام أقام الله ورسوله فيه غيرك، وما ترك يوم الغدير [لأحد] حجّة ولا معذرة»(1)، كما أنّه امتنع من دفع الزكاة إليه، وقام بتقسيمها على فقراء قومه.
كان(رضي الله عنه) يعتقد بإمامة وخلافة الإمام علي(عليه السلام) بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولهذا رفض مبايعة أبي بكر باعتباره غاصباً لمقام الخلافة، ومن هنا امتنع من إعطاء الزكاة إليه لأنّه خليفة غير شرعي.
إذن مالك يقرّ بوجوب الزكاة ولا ينكرها حتّى يحكم عليه بالارتداد، وإنّما ينكر دفعها وإعطائها إلى غير الحاكم الشرعي.
أرسل أبو بكر جيشاً بقيادة خالد بن الوليد لمحاربة مالك وقومه إن لم يدفعوا له الزكاة، سار خالد نحو البطاح - مقرّ سكنى مالك وقومه - حتّى وصلها ليلاً، فأخذ قوم مالك أسلحتهم للدفاع عن أنفسهم، فقالوا: إنّا لمسلمون، فقال قوم مالك: ونحن لمسلمون، فقالوا: إن كنتم مسلمين كما تقولون فضعوا السلاح، فوضع قوم مالك السلاح، ثمّ صلّى الطرفان، فلمّا انتهت الصلاة قام جماعة خالد بمباغتة أصحاب مالك، فكتّفوهم بما فيهم مالك، وأخذوهم إلى خالد بن الوليد.
وبعد حوار دار بين الطرفين، ادّعى خالد أنّ مالكاً ارتدّ عن الإسلام، وشهد لخالد اثنان من جماعته وهما: أبو عتادة الأنصاري، وعبد الله بن عمر بن الخطّاب، بأنّ مالكاً لا زال مسلماً، ولكنّ خالد لم يُلق إذناً صاغية، لا لكلام مالك ولا للشهادة التي قيلت
ص: 394
بحقّه.
فأمر بضرب عنق مالك وأعناق أصحابه، وسبي نسائهم، ثمّ قبض على أُمّ تميم (زوجة مالك) ودخل بها في نفس الليلة التي قتل فيها زوجها مالك(1).
«قدم أبو قتادة على أبي بكر فأخبره بمقتل مالك وأصحابه، فجزع من ذلك جزعاً شديداً، فكتب أبو بكر إلى خالد فقدم عليه، فقال أبو بكر: هل يزيد خالد على أن يكون تأوّل فأخطأ؟ وردّ أبو بكر خالداً، وودى مالك بن نويرة وردّ السبي والمال»(2).
«ولمّا بلغ الخبر أبا بكر وعمر، قال عمر لأبي بكر: إنّ خالداً قد زنى فارجمه، قال: ما كنت لأرجمه فإنّه تأوّل فأخطأ. قال: فإنّه قتل مسلماً فاقتله به، قال: ما كنت لأقتله به إنّه تأول فأخطأ. قال: فاعزله، قال: ما كنت لأشيم - أي لأغمد - سيفاً سلّه الله عليهم أبداً»(3).
«وذكر الزبير بن بكار أنّ أبا بكر أمر خالداً أن يفارق امرأة مالك المذكورة، واغلظ عمر لخالد في أمر مالك، وأمّا أبو بكر فعذره»(4).
استُشهد(رضي الله عنه) عام 11ﻫ أو 12ﻫ مع مجموعة من أفراد قبيلته في البطاح، بأمر خالد بن الوليد، ودُفن فيها.
ص: 395
ص: 396
محمّد بن أبي بكر(رضي الله عنه)(1)
أبو القاسم، محمّد بن أبي بكر بن أبي قُحافة التيمي.
السيّدة أسماء بنت عُميس الخثعمية، تزوّجها جعفر بن أبي طالب(رضي الله عنه)، وهاجرت معه إلى الحبشة، وبعد استشهاده في معركة مؤتة تزوّجها أبو بكر، وبعد موته تزوّجها الإمام علي(عليه السلام)، فانتقلت إلى بيته مع أولادها، وفيهم محمّد الذي كان يومئذٍ ابن ثلاث سنين.
ولد عام 10ﻫ بذي الحُلَيفة، في وقت كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد تهيّأ مع جميع أصحابه لأداء حجّة الوداع.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي(عليه السلام).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان(2).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حرب الجمل، وكان فيها من قادة الجيش،ثم تولّى إعادة عائشة - باعتبارها أُخته - إلى المدينة المنوّرة.
ص: 397
* كان من شرطة الخميس، ومن أمرائهم في الكوفة.
1- قال الإمام علي(عليه السلام): «محمّد ابني من صلب أبي بكر»(1).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «كان عمّار بن ياسر، ومحمّد ابن أبي بكر، لا يرضيان أن يُعصى الله عزّ وجل»(2).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما من أهل بيت إلّا ومنهم نجيب من أنفسهم، وأنجب النجباء من أهل بيت سوء، منهم محمّد ابن أبي بكر»(3).
4- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «فمحمّد بن أبي بكر أتته النجابة من قبل أُمّه أسماء بنت عُميس»(4).
5- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.
ثمّ ينادي مناد: أين حواري علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وصيّ محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فيقوم... ومحمّد بن أبي بكر... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(5).
3- قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي(قدس سره): «هو من حواري أمير المؤمنين(عليه السلام)... ومن خواصّه، من الأصفياء، ومن السابقين المقرّبين»(1).
عيّنه الإمام علي(عليه السلام) والياً على مصر، وجاء في كتابه(عليه السلام) إلى أهل مصر ما نصّه: «أحسنوا أهل مصر مؤازرة محمّد أميركم، واثبتوا على طاعتكم تردوا حوض نبيّكم(صلى الله عليه وآله)، أعاننا الله وإيّاكم على ما يرضيه»(2).
قيل: أنّه(رضي الله عنه) تزوّج أُخت السيّدة شاه زنان بنت يزدجر ملك الفرس، زوجة الإمام الحسين(عليه السلام)، وأُمّ الإمام زين العابدين(عليه السلام)(3).
1- القاسم من ثقات أصحاب الإمامين زين العابدين والإمام الباقر(عليهما السلام)، «أحد فقهاء المدينة المتّفق على علمه وفقهه بين المسلمين»(4)، وابنته أُمّ فروة فاطمة زوجة الإمام الباقر، وأُمّ الإمام الصادق(عليهما السلام).
2- جابر من أصحاب الإمام زين العابدين(عليه السلام).
استُشهد(رضي الله عنه) عام 38ﻫ في مصر، على يد عمرو بن العاص، الذي أرسله معاوية بن أبي سفيان مع جيش جرّار لاحتلال مصر، ثمّ وضعوه في جوف جلد حمار ميّت واحرقوه بالنار، ودُفن في القاهرة، وقبره معروف يُزار.
ص: 399
حسبه(رضي الله عنه) من الإكرام والتجليل ما أبّنه به الإمام علي(عليه السلام) وتلهّف عليه وتأسّف، وتشوّق إليه، وأثنى عليه، حيث قال: «فلقد كان إليّ حبيباً، وكان لي ربيباً»(1)، وقال:«فعند الله نحتسبه ولداً ناصحاً، وعاملاً كادحاً، وسيفاً قاطعاً، وركناً دافعاً»(2).
«قيل لعلي(عليه السلام): لقد جزعتَ على محمّد بن أبي بكر جزعاً شديداً يا أمير المؤمنين؟ قال: وما يمنعني! إنّه كان لي ربيباً، وكان لبنيّ أخاً، وكنت له والداً، أعدّه ولداً»(3).
ص: 400
ص: 401
محمّد بن أبي عمير الأزدي(رضي الله عنه)(1)
إنّ المُسمّين بمحمّد بن أبي عمير اثنان: أحدهما: صاحب الترجمة، من أصحاب الإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد(عليهم السلام)، والثاني: محمّد بن عمير البزّاز بيّاع السابري، من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام)، وتُوفّي في حياة الإمام الكاظم(عليه السلام).
أبو أحمد، محمّد بن أبي عمير زياد بن عيسى الأزدي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في بغداد باعتباره بغدادي.
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «جليل القدر، عظيم المنزلة فينا وعند المخالفين»(2).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «وكان من أوثق الناس عند الخاصّة والعامّة، وأنسكهم نسكاً، وأورعهم وأعبدهم»(3).
3- قال السيّد البروجردي(قدس سره): «ثقة، جليل القدر، عظيم المنزلة، من أوثق الناس عند الفرقتين، له مصنّفات كثيرة»(4).
ص: 402
سُجن(رضي الله عنه) في أيّام هارون الرشيد بسبب عدم كشفه عن أسماء شيعة الإمام الكاظم(عليه السلام)، وقيل: بسبب عدم قبوله منصب القضاء في إحدى المدن، وقيل: أنّه سُجن في أيّام المأمون أيضاً، وكانت مدّة سجنه أربع سنين تقريباً، كما أنّه تعرّض للجلد والضرب(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (645) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الكاظم والرضا(عليهما السلام).
الاحتجاج في الإمامة، اختلاف الحديث، الاستطاعة، البداء، التوحيد، الرضاع، الطلاق، فضائل الحج، الكفر والإيمان، المعارف، المغازي.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 217ﻫ.
ص: 403
محمد بن الحسن الصفار(رضي الله عنه)(1)
أبو جعفر، محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في قم باعتباره قمّي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام العسكري(عليه السلام).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «كان وجهاً في أصحابنا القمّيين، ثقة، عظيم القدر، راجحاً، قليل السقط في الرواية، له كتب»(2).
2- السيّد محمّد باقر الجيلاني الإصفهاني(قدس سره): «الصفّار الذي هو من أعاظم المحدّثين والعلماء، وكتبه معروفة مثل: بصائر الدرجات ونحوه»(3).
عاصر(رضي الله عنه) المراحل الأخيرة من عصر الدولة العبّاسية التي كانت تضطهد الشيعة وأئمّتهم(عليهم السلام)، وتضعهم في السجون، وبالرغم من ذلك كانت له مكتبات سرّية مع الإمام العسكري(عليه السلام)، يجيبه فيها عن استفسارات الشيعة، ثمّ يوصلها بدوره إلى أنصار الإمام(عليه السلام) ومحبّيه، وبذلك يكون قد ساهم في حفظ التراث الشيعي.
ص: 404
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (745) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمام العسكري(عليه السلام).
بصائر الدرجات، التجارات، الحدود، الخمس، الديّات، الزهد، الشهادات، الصيد والذبائح، المكاسب، الملاحم، المناقب، المواريث، الوضوء.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 290ﻫ بمدينة قم، ودُفن فيها.
ص: 405
محمد بن عثمان العمري(رضي الله عنه)(1)
أبو جعفر، محمّد بن عثمان بن سعيد العَمري الأسدي، المعروف بالخلّاني، وينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل عمّار بن ياسر(رضي الله عنه).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الرابع الهجري.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين العسكري والمهدي(عليهما السلام).
يكفي في سموّ شأنه وعظيم مكانته أن اختاره الإمام المهدي(عليه السلام) سفيراً ونائباً عنه، مع وجود كوكبة من علماء الشيعة وخيارهم، وكانت له مكانة كبرى عند الشيعة، وقد اجمعوا على عدالته ووثاقته وأمانته.
وكانت الشيعة تحمل إليه الحقوق الشرعية والهدايا ليوصلها إلى الإمام المهدي(عليه السلام)، كما كانت توقيعات الإمام المهدي(عليه السلام) تخرج على يديه إلى شيعته وخواص أبيه الإمام العسكري(عليه السلام) بالأمر والنهي، والأجوبة عمّا يسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه(2).
ص: 406
لُقّب(رضي الله عنه) بالخلّاني نسبة إلى بيعه الخل، لأنّه كان يكتسب به تستراً من العباسيين والمخالفين؛ لأداء مهمّة النيابة للإمام المهدي(عليه السلام).
وقيل: لأنّه كان حليماً ورعاً تقياً، لا يحمل حقداً على أحدٍ قط، فهو خلّ وصديق وصاحب لكلّ الناس، فاشتهر عند الناس بالخلّاني.
1- قال الإمام الحسن العسكري(عليه السلام): «العَمري - أي: عثمان بن سعيد - وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يُؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فإنّهم الثقتان المأمونان»(1).
2- قال الإمام العسكري(عليه السلام): «اشهدوا على أنّ عثمان بن سعيد العَمري وكيلي، وأنّ ابنه محمّداً وكيل ابني مهديّكم»(2).
3- قال الإمام المهدي(عليه السلام): «والابن - أي محمّد - وقّاه الله، لم يزل ثقتنا في حياة الأب رضي الله عنه وأرضاه، ونضّر وجهه، يجري عندنا مجراه، ويسدّ مسده، وعن أمرنا يأمر الابن، وبه يعمل، تولّاه الله...»(3).
4- قال الإمام المهدي(عليه السلام): «وأمّا محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه، وعن أبيه من قبل، فإنّه ثقتي، وكتابه كتابي»(4).
1- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «يكنّى أبا جعفر، وأبوه يكنّى أبا عمرو، جميعاً وكيلان من جهة صاحب الزمان(عليه السلام)، ولهما منزلة جليلة عند الطائفة»(5).
ص: 407
2- قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي(قدس سره): «جلالة شأن الرجل وعلوّ شأنه، وعظم مرتبته في الإمامية أشهر من أن يحتاج إلى بيان وإقامة برهان»(1).
عيّنه الإمام المهدي(عليه السلام) سفيراً ثانياً له في عصر الغَيبة الصغرى، بعد وفاة سفيره الأوّل عثمان بن سعيد العَمري، وكانت سفارته من 265ﻫ إلى جمادى الأُولى 305ﻫ، وبذلك تكون سفارته أطول السفارات.
سُئل(رضي الله عنه): «رأيت صاحب الأمر؟ قال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام، وهو يقول: اللّهم أنجز لي ما وعدتني... ورأيته متعلّقاً بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: اللّهم انتقم لي من أعدائك»(2).
وقال: «والله إنّ صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كلّ سنة، يرى الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه»(3).
خرج توقيع من الناحية المقدّسة إليه تعزية بوفاة أبيه عثمان بن سعيد(رضي الله عنه)، وجاء في الكتاب: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، تسليماً لأمره ورضى بقضائه، عاش أبوك سعيداً، ومات حميداً، فرحمه الله، وألحقه بأوليائه ومواليه(عليهم السلام)، فلم يزل مجتهداً في أمرهم، ساعياً فيما يقرّبه إلى الله عزّ وجل وإليهم، نضّر الله وجهه، وأقاله عثرته»(4).
وفي كتاب آخر:«أجزل الله لك الثواب، وأحسن لك العزاء، رزئت ورزئنا، وأوحشك فراقه وأوحشنا، فسرّه الله في منقلبه، وكان من كمال سعادته أن رزقه الله تعالى
ص: 408
ولداً مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره، ويترحّم عليه، وأقول الحمد لله، فإنّ الأنفس طيّبة بمكانك، وما جعله الله عزّ وجل فيك وعندك، أعانك الله وقوّاك وعضدك ووفّقك، وكان لك ولياً وحافظاً وراعياً وكافياً»(1).
تُوفّي(رضي الله عنه) في آخر جمادى الأُولى 305ﻫ بالعاصمة بغداد، ودُفن فيها، وقبره معروف يُزار في الجامع الخلّاني.
ص: 409
محمد بن علي مؤمن الطاق(رضي الله عنه)(1)
أبو جعفر، محمّد بن علي بن النعمان البَجلي الأحول، المعروف بمؤمن الطاق.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام زين العابدين والإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الكاظم(عليهم السلام).
قال(عليه السلام): «أربعة أحبّ الناس إليّ أحياء وأمواتاً: بُريد العجلي، وزرارة بن أعين، ومحمّد بن مسلم، والأحول، أحبّ الناس إليّ أحياء وأمواتاً»(2).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «وأمّا منزلته في العلم وحسن الخاطر فأشهر»(3).
2- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «وكان ثقة متكلّماً حاذقاً حاضر الجواب»(4).
3- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «ثقة»(5).
4- قال السيّد الخوئي(قدس سره): «فلا ينبغي الشك في عظمة الرجل وجلالته، وقد عرفت من الشيخ توثيقه صريحاً»(6).
ص: 410
كانت له(رضي الله عنه) حكايات لطيفة مع أبي حنيفة، منها:
1- قال له أبو حنيفة: «وقد مات جعفر بن محمّد(عليه السلام): يا أبا جعفر، إنّ إمامك قد مات. فقال أبو جعفر: لكن إمامك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم»(1).
2- قال له أبو حنيفة: «بلغني عنكم معشرالشيعة شيء؟ فقال: فما هو؟ قال: بلغني أنّ الميّت منكم إذا مات كسرتم يده اليسرى لكي يعطي كتابه بيمينه، فقال: مكذوب علينا يا نعمان! ولكنّي بلغني عنكم معشر المرجئة أنّ الميّت منكم إذا مات قمعتم في دبره قمعاً فصببتم فيه جرة من ماء لكيلا يعطش يوم القيامة. فقال أبو حنيفة: مكذوب علينا وعليكم»(2).
3- قال له أبو حنيفة:«يا أبا جعفر، تقول بالرجعة؟ فقال له: نعم، فقال له: أقرضني من كيسك هذا خمسمائة دينار، فإذا عدت أنا وأنت رددتها إليك، فقال له في الحال: أُريد ضميناً يضمن لي أنّك تعود إنساناً، فإنّي أخاف أن تعود قرداً فلا أتمكّن من استرجاع ما أخذت منّي»(3).
4- قال له أبو حنيفة: «يا أبا جعفر، ما تقول في المتعة أتزعم أنّها حلال؟ قال: نعم، قال: فما يمنعك أن تأمر نساءك أن يستمتعن ويكتسبن عليك، فقال له أبو جعفر: ليس كلّ الصناعات يرغب فيها وإن كانت حلالاً، وللناس أقدار ومراتب يرفعون أقدارهم، ولكن ما تقول يا أبا حنيفة في النبيذ أتزعم أنّه حلال؟ فقال: نعم، قال: فما يمنعك أن تقعد نساءك في الحوانيت نبّاذات فيكتسبن عليك؟ فقال أبو حنيفة: واحدة بواحدة وسهمك أنفذ.
ص: 411
ثمّ قال له: يا أبا جعفر، إنّ الآية التي في سأل سائل تنطق بتحريم المتعة والرواية عن النبي(صلى الله عليه وآله) قد جاءت بنسخها، فقال له أبو جعفر: يا أبا حنيفة، إنّ سورة سأل سائل مكّية وآية المتعة مدنية، وروايتك شاذّة ردية، فقال له أبو حنيفة: وآية الميراث أيضاً تنطق بنسخ المتعة، فقال أبو جعفر: قد ثبت النكاح بغيرميراث، قال أبو حنيفة: من أين قلت ذاك؟ فقال أبو جعفر: لو أنّ رجلاً من المسلمين تزوّج امرأة من أهل الكتاب ثمّ تُوفّي عنها ما تقول فيها؟ قال: لا ترث منه، قال: فقد ثبت النكاح بغير ميراث ثمّ افترقا»(1).
5- قال له أبو حنيفة: «لِم لَم يطالب علي بن أبي طالب بحقّه بعد وفاة رسول الله إن كان له حق؟ فأجابه مؤمن الطاق: خاف أن يقتله الجن كما قتلوا سعد بن عبادة بسهم المغيرة بن شعبة»(2).
إثبات الوصية، افعل ولا تفعل، الإمامة، الجمل في أمر طلحة والزبير وعائشة، الرد على المعتزلة في إمامة المفضول، المعرفة.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 412
ص: 413
محمّد بن مسلم الثقفي(رضي الله عنه)(1)
إنّ المسمّين بمحمّد بن مسلم خمسة، وكلّهم من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام): أحدهم: صاحب الترجمة، محمّد بن مسلم بن رياح الثقفي. الثاني: محمّد بن مسلم بن شهاب الزهري. الثالث: محمّد بن مسلم بن هرمز الطائفي. الرابع: محمّد بن مسلم العبدي. الخامس: محمّد بن مسلم الحميري.
أبو جعفر، محمّد بن مسلم بن رياح الثقفي الطائفي، نسبة للطائف.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الباقر، والإمام الصادق، والإمام الكاظم(عليهم السلام).
عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) في رسالته العددية من الفقهاء، والأعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والأحكام، الذين لا يطعن عليهم، ولا طريق إلى ذم واحد منهم.
وقال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبد الله(عليهما السلام)، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه
ص: 414
الأوّلين ستّة: زرارة... ومحمّد بن مسلم الطائفي»(1).
وكان على درجة عالية من العلم والفقاهة، بحيث عندما أراد الراوي الجليل ابن أبي يعفور من الإمام الصادق(عليه السلام) أن يعرّف له شخصاً يطرح عليه مسائله في حال عدم الوصول إلى الإمام(عليه السلام)، فعرّفه(عليه السلام) بمحمّد بن مسلم، حيث قال له: «فما يمنعك من محمّد بن مسلم الثقفي، فإنّه قد سمع من أبي وكان عنده مرضياً وجيهاً»(2).
1- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «بشّر المخبتين بالجنّة: بُريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير بن ليث البختري المرادي، ومحمّد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أُمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوّة واندرست»(3).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ أصحاب أبي(عليه السلام) كانوا زيناً أحياءً وأمواتاً، أعني: زرارة، ومحمّد بن مسلم، ومنهم ليث المرادي، وبُريد العجلي، هؤلاء القوّامون بالقسط، هؤلاء القائلون بالصدق، هؤلاء السابقون السابقون، أُولئك المقرّبون»(4).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «أوتاد الأرض، وأعلام الدين أربعة: محمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي، وزرارة بن أعين»(5).
4- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي(عليه السلام) إلّا زرارة، وأبو بصير المرادي، ومحمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفّاظ الدين، وأُمناء أبي(عليه السلام) على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة»(6).
5- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن
ص: 415
عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... .
ثمّ ينادي المنادي: أين حواري محمّد بن علي وحواري جعفر بن محمّد؟ فيقوم... ومحمّد بن مسلم الثقفي... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(1).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «وجه أصحابنا بالكوفة، فقيه، ورع... وكان من أوثق الناس»(2).
2- قال الشيخ النمازي الشاهرودي(قدس سره):«فقيه ورع جليل، ثقة بالاتّفاق، والروايات الواردة في مدحه وجلالته كثيرة تقرب من عشرين»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (2276) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام).
ص: 416
الأربعمائة مسألة في أبواب الحلال والحرام.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 150ﻫ.
ص: 417
المختار بن أبي عبيدة الثقفي(رضي الله عنه)(1)
أبو إسحاق، المختار بن أبي عبيدة بن مسعود الثقفي.
ولد(رضي الله عنه) عام 1ﻫ بالطائف.
«نشأ(رضي الله عنه) مقداماً شجاعاً يتعاطى معالي الأُمور، وكان ذا عقل وافر، وجواب حاضر، وخلال مأثورة، ونفس بالسخاء موفورة، وفطرة تدرك الأشياء بفراستها، وهمّة تعلو على الفراقد بنفاستها، وحدس مصيب، وكفّ في الحروب مجيب، مارس التجارب فحنّكته، ولابس الخطوب فهذّبته»(2).
1- قال الإمام الباقر(عليه السلام) للحكم ابن المختار: «رحم الله أباك، رحم الله أباك، ما ترك لنا حقّاً عند أحد إلّا طلبه، قتل قتلتنا، وطلب بدمائنا»(3).
2- قال الإمام الباقر(عليه السلام): «لا تسبّوا المختار؛ فإنّه قتل قتلتنا، وطلب بثأرنا، وزوّج أراملنا، وقسّم فينا المال على العسرة»(4).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت، حتّى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين(عليه السلام)»(5).
4- قال عمر بن علي بن الحسين: «إنّ علي بن الحسين(عليهما السلام) لمّا أُتي برأس عبيد الله بن
ص: 418
زياد ورأس عمر بن سعد، فخرّ ساجداً وقال: الحمد لله الذي أدرك لي ثاري من أعدائي، وجزى الله المختار خيراً»(1).
تُعرف في المختار شمائل النخوة والإباء ورفض الظلم، وتُرى فيه مواقف الشجاعة والتحدّي أحياناً، وهذا أشدّ ما تخشاه السلطات الأُموية، فألقت القبض عليه، وأودعته في سجن عبيد الله بن زياد في الكوفة.
وكان هذا تمهيداً لتصفية القوى والشخصيات المعارضة، والتفرّغ لإبادة أهل البيت بعد ذلك حيث لا أنصار لهم ولا أتباع.
وتقتضي المشيئة الإلهية أن يلتقي المختار في السجن بميثم التمّار - هذا المؤمن الصالح الذي أخذ علومه من الإمام علي(عليه السلام) - فيبشّره بقوله: «إنّك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين(عليه السلام)، فتقتل هذا الجبّار الذي نحن في سجنه - أي ابن زياد - وتطأ بقدمك هذا على جبهته وخدّيه(2).
ولم تطل الأيّام حتّى دعا عبيد الله بن زياد بالمختار من سجنه ليقتله، وإذا برسالة من يزيد بن معاوية تصل إلى ابن زياد يأمره فيها بإخراج المختار من السجن، وذلك أنّ أُخت المختار كانت زوجة عبد الله بن عمر، فسألت زوجها أن يشفع لأخيها إلى يزيد، فشفع فأمضى يزيد شفاعته، فكتب بإخراج المختار.
أوجدت ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) ردود فعل كبيرة في صفوف الأُمّة الإسلامية، فتوالت الحركات الثورية مقاومة التسلّط البغيض للزمرة الظالمة الأُموية، وعلى
ص: 419
إضعافها.
فحدثت ثورة التوّابين بقيادة سليمان بن صُرد الخزاعي، والمسيّب بن نجبة الفزاري بالكوفة، ورفعوا شعار التوبة والتكفير لتخلّفهم عن نصرة الإمام الحسين(عليه السلام)، ثمّ وقعت ثورة المختار الثقفي تحت شعار: «يا لثارات الحسين».
فأخذ المختار يقتل كلّ مَن اشترك في قتل الإمام الحسين(عليه السلام) من أهل الكوفة.
قال المنهال: «دخلت على علي بن الحسين(عليهما السلام) منصرفي من مكّة، فقال لي: يا منهال، ما صنع حرملة بن كاهل الأسدي؟ فقلت: تركته حيّاً بالكوفة.قال: فرفع يديه جميعاً، ثمّ قال(عليه السلام): اللّهم أذقه حرّ الحديد، اللّهم أذقه حرّ الحديد، اللّهم أذقه حرّ الحديد، اللّهم أذقه حرّ النار.
قال المنهال: فقدمت الكوفة، وقد ظهر المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان لي صديقاً، فكنت في منزلي أيّاماً حتّى انقطع الناس عنّي، وركبت إليه، فلقيته خارجاً من داره، فقال: يا منهال، لم تأتنا في ولايتنا هذه، ولم تهنئنا بها، ولم تشركنا فيها؟ فأعلمته أنّي كنت بمكّة، وأنّي قد جئتك الآن، وسايرته ونحن نتحدّث حتّى أتى الكناس، فوقف وقوفاً كأنّه ينظر شيئاً، وقد كان أُخبر بمكان حرملة بن كاهل، فوجّه في طلبه، فلم يلبث أن جاء قوم يركضون، وقوم يشتدّون، حتّى قالوا: أيّها الأمير البشارة، قد أُخذ حرملة بن كاهل، فما لبثنا أن جيء به، فلمّا نظر إليه المختار، قال لحرملة: الحمد لله الذي مكّنني منك، ثمّ قال: الجزّار الجزّار.
فأُتي بجزّار، فقال له: اقطع يديه. فقطعتا، ثمّ قال له: اقطع رجليه. فقطعتا، ثمّ
ص: 420
قال: النار النار. فأُتي بنار وقصب، فأُلقي عليه فاشتعل فيه النار، فقلت: سبحان الله! فقال لي: يا منهال، إنّ التسبيح لحسن ففيم سبّحت؟ فقلت: أيّها الأمير، دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكّة على علي بن الحسين(عليهما السلام)، فقال لي: يا منهال، ما فعل حرملة بن كاهل الأسدي؟ فقلت: تركته حيّاً بالكوفة، فرفع يديه جميعاً، فقال: اللّهم أذقه حرّ الحديد، اللّهم أذقه حرّ الحديد، اللّهم أذقه حرّ الحديد، اللّهم أذقه حرّ النار.
فقال لي المختار: أسمعت علي بن الحسين(عليهما السلام) يقول هذا؟ فقلت: والله لقد سمعته يقول هذا. قال: فنزل عن دابّته، وصلّى ركعتين، فأطال السجود، ثمّ قال: فركب وقد احترق حرملة»(1).
«شيّع المختارُ إبراهيمَ بن مالك الأشتر ماشياً - بعثه إلى قتال عبيد الله بن زياد -، فقال له إبراهيم: اركب رحمك الله، فقال: إنّي لأحتسب الأجر في خطاي معك، وأحبُّ أن تغبرّ قدماي في نصر آل محمّد(صلى الله عليه وآله)، ثمّ ودّعه وانصرف.
فسار ابن الأشتر إلى المدائن، ثمّ سار يريد ابن زياد... ثمّ نزل ابن الأشتر نهر الخازر بالموصل، أقبل ابن زياد في الجموع... ثمّ التقوا فحضّ ابن الأشتر أصحابه وقال: يا أهل الحقّ وأنصار الدين، هذا ابن زياد قاتل الحسين بن علي وأهل بيته(عليهم السلام)، قد أتاكم الله به وبحزبه حزب الشيطان، فقاتلوهم بنيّةٍ وصبر، لعلّ الله يقتله بأيديكم ويشفي صدوركم.
وتزاحفوا، ونادى أهل العراق: يا لثارات الحسين، فجال أصحاب ابن الأشتر جولة...ثمّ حمل ابن الأشتر عشياً فخالط القلب، وكسرهم أهل العراق فركبوهم
ص: 421
يقتلونهم، فانجلت الغمّة وقد قتل عبيد الله بن زياد، وحصين بن نمير، وشرحبيل بن ذي الكلاع... وأعيان أصحابه... .
وبعث ابن الأشتر برأس ابن زياد وأعيان مَن كان معه، فقدّم بالرؤوس والمختار يتغدّى، فأُلقيت بين يديه، فقال: الحمد لله ربّ العالمين! وضع رأس الحسين بن علي(عليهما السلام) بين يدي ابن زياد لعنه الله وهو يتغدّى، وأُتيت برأس ابن زياد وأنا أتغدّى... .
فلمّا فرغ المختار من الغداء قام فوطئ وجه ابن زياد بنعله، ثمّ رمى بها إلى مولىً له وقال: اغسلها فإنّي وضعتها على وجه نجس كافر... .
وبعث برأس ابن زياد... إلى محمّد بن الحنفية بمكّة... وقدموا بالكتاب والرؤوس عليه، فبعث - أي محمّد ابن الحنفية - إلى علي بن الحسين(عليهما السلام) فأُدخل عليه وهو يتغدّى، فقال علي بن الحسين(عليهما السلام): «أُدخلت على ابن زياد - أي حينما أُسر وجيء به إلى الكوفة - وهو يتغدّى، ورأسُ أبي بين يديه، فقلت: اللّهم لا تمتني حتّى تريني رأس ابن زياد وأنا أتغدّى، فالحمد لله الذي أجاب دعوتي»(1).
«كان المختار قد سُئل في أمان عمر بن سعد بن أبي وقّاص، فأمنه على أن لا يخرج من الكوفة، فإن خرج منها هدر دمه.
قال: فأتى لعمر بن سعد رجل فقال: إنّي سمعت المختار يحلف ليقتلنّ رجلاً، والله ما أحسبه غيرك! قال: فخرج عمر حتّى أتى الحمّام فقيل له: أترى هذا يخفى على المختار! فرجع ليلاً فدخل داره... فجاء حفص بن عمر بن سعد، فقال للمختار: يقول لك أبو حفص: أنزلنا بالذي كان بيننا وبينك.
ص: 422
قال: اجلس، فدعا المختار أبا عمرة، فجاء رجل قصير يتخشخش في الحديد فساره، ودعا برجلين فقال: اذهبا معه، فذهب فوالله ما أحسبه بلغ دار عمر بن سعد حتّى جاء برأسه، فقال المختار لحفص: أتعرف هذا؟ فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، نعم. قال: يا أبا عمرة، ألحقه به؟ فقتله. فقال المختار: عمر بالحسين، وحفص بعلي بن الحسين، ولا سواء»(1).
أبو محمّد، الحكم، وثّقه الشيخ الطوسي(قدس سره)، وهو من رواة وأصحاب الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام)(2).
استُشهد(رضي الله عنه) في شهر رمضان 67ﻫ، بعدما قاتل مصعب بن الزبير وجيشه أشدّ قتال، حيث بعثه أخوه عبد الله بن الزبير إلى العراق للانتقام من المختار، ودُفن بجوار مرقد مسلم بن عقيل(عليه السلام)، وقبره معروف يُزار.
«السلام عليك أيّها العبد الصالح، السلام عليك أيّها الولي الناصح، السلام عليك يا أبا اسحاق المختار، السلام عليك أيّها الآخذ بالثار، المحارب للكفرة الفجّار، السلام عليك أيّها المخلص لله في طاعته، ولزين العابدين(عليه السلام) في محبّته، السلام عليك يا مَن رضي عند النبي المختار، وقسيم الجنّة والنار، وكاشف الكرب والغمّة، قائماً مقاماً لم يصل إليه أحد من الأُمّة، السلام عليك يا مَن بذل نفسه في رضاء الأئمّة في نصرة العترة الطاهرين، والأخذ بثأرهم من العصابة الملعونة الفاجرة، فجزاك الله عن النبي(صلى الله عليه وآله) ومن
ص: 423
أهل بيته(عليهم السلام)»(1).
ص: 424
المفضل بن عمر الجعفي(رضي الله عنه)(1)
أبو عبد الله، المفضّل بن عمر الجُعفي الكوفي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضا(عليهم السلام).
* كان ممّن روى صريح النصّ بالإمامة من الإمام الصادق على ابنه الإمام الكاظم(عليهما السلام)(2).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من شيوخ أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام) وخاصّته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين(3).
* عدّه الشيخ الطوسي(قدس سره) من الذين اختصّوا بالإمام، وتولّوا له الأمر، وكان ممدوحاً عنده(عليه السلام)، مع حسن طريقته(4).
* عدّه الشيخ ابن شهرآشوب(قدس سره) من الثقات الذين رووا صريح النص على الإمام الكاظم بالإمامة من أبيه الإمام الصادق(عليهما السلام)(5).
ص: 425
1- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «قد أقمت عليكم المفضّل، اسمعوا منه وأقبلوا عنه، فإنّه لا يقول على الله وعليّ إلّا الحق»(1).
2- قال عبد الله بن الفضل الهاشمي: «كنت عند الصادق جعفر بن محمّد(عليهما السلام) إذ دخل المفضّل بن عمر، فلمّا بصر به ضحك إليه، ثمّ قال: إليّ يا مفضّل، فوربّي إنّي لأُحبّك وأُحبّ مَن يحبّك، يا مفضّل لو عرف جميع أصحابي ما تعرف ما اختلف اثنان»(2).
3- قال يونس بن يعقوب: «أمرني أبو عبد الله(عليه السلام) أن آتي المفضّل وأُعزّيه بإسماعيل، وقال: اقرأ المفضّل السلام وقل له: إنّا قد أُصبنا بإسماعيل فصبرنا، فاصبر كما صبرنا، إنّا أردنا أمراً وأراد الله عزّ وجل أمراً، فسلّمنا لأمر الله عزّ وجل»(3).
4- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إنّ المفضّل كان أُنسي ومستراحي»(4).
5- قال خالد بن نجيح الجوان، قال لي الإمام الرضا(عليه السلام): «ما يقولون في المفضّل بن عمر؟ قلت: يقولون فيه هبه يهودياً أو نصرانياً وهو يقوم بأمر صاحبكم، قال(عليه السلام): ويلهم ما أخبث ما أنزلوه، ما عندي كذلك ومالي فيهم مثله»(5).
6- قال الإمام الرضا(عليه السلام): «يرحم الله المفضّل، إنّه كان ليقنع بدون هذا»(6).
3- قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي(قدس سره): «صحيح الاعتقاد، ثقة، جليل»(1).
قال السيّد محسن الأمين(قدس سره): «اختلف أصحابنا في وثاقته وعدمها، بل في صحّة عقيدته وعدمها، ونُسب إلى الغلو، بل قيل: إنّه كان خطّابياً، فمَن زعم عدم وثاقته لم يقبل روايته، ومَن زعم فساد عقيدته بالغلو تبرّأ منه، وهذا دأب أصحابنا مع كلّ غال، وهو ممّا نفاخر به، وكيف كان فليس له اتّباع ينسبون إليه، على أنّ الذي رجّحه المحقّقون من أصحابنا وثاقته وبراءته من الغلو»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (106) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الصادق والإمام الكاظم(عليهما السلام).
1- توحيد المفضّل: فيه ما أملاه عليه الإمام الصادق(عليه السلام) من بحوث توحيدية، وكانت شهرته بهذا الكتاب.
2- الوصية: فيه أخبار عن الإمام الصادق(عليه السلام) فيما يتعلّق بشؤون المسلمين وحياتهم وطلباتهم، وأحداث المستقبل، وأسرار العالم السفلي والعلوي.
3- اليوم والليلة: فيه أخبار عن الأئمّة(عليهم السلام) بخصوص النوافل والأدعية.
4- علل الشرائع: فيه شرح للأحكام الشرعية، والفوائد والمنافع المترتّبة عليها.
ص: 427
5- الأهليلجية: فيه ما أملاه عليه الإمام الصادق(عليه السلام) من الرد على الكفّار.
محمّد، ذكره الشيخ الطوسي(قدس سره) من أصحاب الإمامين الكاظم والرضا(عليهما السلام)(1).
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ولمّا سمع الإمام الرضا(عليه السلام) بموته قال: «رحمه الله، كان الوالد بعد الوالد، أما أنّه قد استراح»(2).
ص: 428
ص: 429
المقداد بن الأسود الكندي(رضي الله عنه)(1)
أبو معبد، المقداد بن عمرو بن ثعلبة البهراني، المعروف بالمقداد بن الأسود الكندي، والأسود ليس أباه، بل تبنّاه في الجاهلية فنُسب إليه.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
السيّدة ضباعة بنت الزبير بن عبد المطّلب، ابنة عمّ رسول الله(صلى الله عليه وآله).
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
* كان أحد الأركان الأربعة(2) الذين أثبتوا ولائهم للإمام علي(عليه السلام) بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله)، وهم: سلمان والمقداد وأبو ذرّ وعمّار(3).
* كان أحد الحاضرين في تشييع السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، والصلاة عليها ودفنها ليلاً، مع أنّها أوصت أن لا يشهد جنازتها ظالم لها.
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:... والمقداد بن الأسود... وأمثالهم رضي الله
ص: 430
عنهم، ورحمة الله عليهم»(1).
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) للإمام علي(عليه السلام):«الجنّة تشتاق إليك، وإلى عمّار، وسلمان، وأبي ذر، والمقداد»(2).
1- قال الإمام علي(عليه السلام): «خلقت الأرض لسبعة بهم يرزقون، وبهم يمطرون، وبهم ينصرون: أبو ذرّ وسلمان والمقداد وعمّار وحُذيفة... وأنا إمامهم، وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة(عليها السلام)».
قال الشيخ الصدوق(قدس سره): «معنى قوله: خلقت الأرض لسبعة نفر، ليس يعني من ابتدائها إلى انتهائها، وإنّما يعني بذلك أنّ الفائدة في الأرض قدّرت في ذلك الوقت لمَن شهد الصلاة على فاطمة(عليها السلام)، وهذا خلق تقدير لا خلق تكوين»(3).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّه لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله(صلى الله عليه وآله): (قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى)(4)... فقال أبو عبد الله(عليه السلام): فوالله ما وفى بها إلّا سبعة نفر: سلمان، وأبو ذر، وعمّار، والمقداد بن الأسود الكندي، وجابر بن عبد الله الأنصاري، ومولى لرسول الله(صلى الله عليه وآله) يُقال له: الثبيت، وزيد بن أرقم»(5).
3- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(6).
ص: 431
1- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «من أصحاب علي(عليه السلام)، ثاني الأركان الأربعة، عظيم القدر، شريف المنزلة، جليل من خواص علي(عليه السلام)»(1).
2- قال السيّد البروجردي(قدس سره): «وفضله بين الخاص والعام أشهر من أن يحتاج إلى البيان»(2).
3- قال جدّنا الشيخ محمّد طه نجف(قدس سره): «فإنّه من أعظم الأركان، وحاله أوضح من أن يحتاج إلى بيان»(3).
4- قال السيّد الخوئي(قدس سره): «إنّ جلالة الرجل واختصاصه بأمير المؤمنين(عليه السلام) أظهر من الشمس»(4).
استشار رسول الله(صلى الله عليه وآله) أصحابه في مقاتلة قريش، فقال المقداد(رضي الله عنه): «يا رسول الله، امض إلى حيث أمرك الله فنحن معك، والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحقّ لئن سرت بنا إلى برك الغماد - يعني مدينة الحبشة - لجالدنا معك من دونه حتّى تبلغه»(5).
كان(رضي الله عنه) من الإثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال: «يا أبا بكر، إربع على نفسك،
ص: 432
وقس شبرك بفترك وألزم بيتك، وأبك على خطيئتك، فإنّ ذلك أسلم لك في حياتك ومماتك، وردّ هذا الأمر إلى حيث جعله الله عزّ وجل ورسوله، ولا تركن إلى الدنيا، ولا يغرّنّك مَن قد ترى من أوغادها، فعمّا قليل تضمحل عنك دنياك، ثمّ تصير إلى ربّك فيجزيك بعملك، وقد علمت أنّ هذا الأمر لعلي(عليه السلام)، وهو صاحبه بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقد نصحتك إن قبلت نصحي»(1).
كان(رضي الله عنه) من الصحابة الذين قاموا وشهدوا على صحّة ما نقله الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا ناشدهم قائلاً: «أنشد الله مَن حفظ ذلك من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لما قام فأخبر به.
فقام زيد ابن أرقم، والبَراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمّار بن ياسر(رضي الله عنهم) فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: أيّها الناس إنّ الله أمرني أن أنصّب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيّي وخليفتي، والذي فرض الله عزّ وجل على المؤمنين في كتابه طاعته، فقرنه بطاعته وطاعتي، فأمركم بولايتي وولايته، فإنّي راجعت ربّي عزّ وجل خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربّي لأبلّغنها أو ليعذّبني»(2).
قال الجوهري في كتابه:«أقبل المقداد بن عمرو، والناس مجتمعون فقال: أيّها الناس اسمعوا ما أقول: أنا المقداد بن عمرو، إنّكم إن بايعتم علياً سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم عثمان سمعنا وعصينا، فقام عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، فنادى: أيّها
ص: 433
الناس، إنّكم إن بايعتم عثمان سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم علياً سمعنا وعصينا، فقال له المقداد: يا عدوّ الله وعدوّ رسوله وعدوّ كتابه، ومتى كان مثلك يسمع له الصالحون»(1).
وقال جُندب بن عبد الله الأزدي: «كنت جالساً بالمدينة حيث بويع عثمان، فجئت فجلست إلى المقداد بن عمرو، فسمعته يقول: والله ما رأيت مثل ما أتى إلى أهل هذا البيت، وكان عبد الرحمن بن عوف جالساً فقال: وما أنت وذاك يا مقداد، قال المقداد: إنّي والله أُحبّهم لحبّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وإنّي لأعجب من قريش وتطاولهم على الناس بفضل رسول الله، ثمّ انتزاعهم سلطانه من أهله.
قال عبد الرحمن: أما والله لقد أجهدت نفسي لكم، قال المقداد: أما والله لقد تركت رجلاً من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون، أما والله لو أنّ لي على قريش أعواناً لقاتلتهم قتالي إيّاهم ببدر»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) والإمام علي(عليه السلام)، منها: حديث الغدير.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 33ﻫ بالجرف على ثلاثة أميال من المدينة، ودُفن بالبقيع في المدينة المنوّرة.
ص: 434
ص: 435
ميثم بن يحيى التمّار(رضي الله عنه)(1)
أبو سالم، ميثم بن يحيى النهرواني بالولادة، الأسدي بالولاء، الكوفي بالسكن، المعروف بميثم التمّار لبيعه التمر.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، وولد في النهروان بالقرب من مدينة الكوفة.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين(عليهم السلام).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من الأركان التابعين(2).
* كان من شرطة الخميس، ومن أمرائهم في الكوفة.
«كان عبداً لامرأة من بني أسد، فاشتراه أمير المؤمنين(عليه السلام) منها وأعتقه، وقال له: ما اسمك؟ قال: سالم، قال: أخبرني رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّ اسمك الذي سمّاك به أبواك في العجم ميثم. قال: صدق الله ورسوله، وصدقت يا أمير المؤمنين، والله إنّه لاسمي، قال: فارجع إلى اسمك الذي سمّاك به رسول الله(صلى الله عليه وآله) ودع سالما. فرجع إلى ميثم واكتنى بأبي سالم»(3).
ص: 436
كان(رضي الله عنه) من خطباء الشيعة بالكوفة ومتكلّميها، ومن المتبحّرين في علم التفسير لقوله لابن عباس: «سلني ما شئت من تفسير القرآن، فإنّي قرأت تنزيله على أمير المؤمنين(عليه السلام)، وعلّمني تأويله»(1).
1- قال(رضي الله عنه): «دعاني أمير المؤمنين(عليه السلام) وقال: كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أُمية ابن دعيّها عبيد الله بن زياد إلى البراءة منّي؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أنا والله لا أبرأ منك، قال: إذاً والله يقتلك ويصلبك، قلت: أصبر فذاك في الله قليل، فقال: يا ميثم، إذاً تكون معي في درجتي»(2).
2- قال الإمام الباقر(عليه السلام) لصالح بن ميثم: «إنّي أُحبّك وأُحبّ أباك حبّاً شديداً»(3).
3- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.
ثمّ ينادي مناد: أين حواري علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وصيّ محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فيقوم...وميثم بن يحيى التمّار... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(4).
«حج(رضي الله عنه) في السنة التي قتل فيها، فدخل على أُمّ سلمة(رضي الله عنها) فقالت:
ص: 437
مَن أنت؟ قال: أنا ميثم، قالت: والله لربما سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوصي بك علياً في جوف الليل.
فسألها عن الحسين، قالت: هو في حائط له، قال: أخبريه أنّي قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند ربّ العالمين إن شاء الله. فدعت له بطيب فطيّبت لحيته، وقالت له: أما إنّها ستخضّب بدم»(1).
كان(رضي الله عنه) ممّن علّمهم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) علم المنايا والبلايا، وهذه الحادثة خير شاهد على ذلك:
«عن فضيل بن الزبير، قال: مرّ ميثم التمّار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد، فتحدّثا حتّى اختلف أعناق فرسيهما.
ثمّ قال حبيب: لكأنّي بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطّيخ عند دار الرزق، قد صُلب في حُبّ أهل بيت نبيّه(عليه السلام)، يُبقر بطنه على الخشب.
فقال ميثم: وإنّي لأعرف رجلاً أحمر له صفيدتان، يخرج لينصر ابن بنت نبيّه فيُقتل، ويُجال برأسه في الكوفة. ثمّ افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحداً أكذبُ من هذين.
قال: فلم يفترق أهل المجلس حتّى أقبل رُشيد الهجري فطلبهما، فسأل أهل المجلس عنهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا.
فقال رُشيد: رحم الله ميثماً ونسي: ويُزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم، ثمّ أدبر، فقال القوم: هذا والله أكذبهم.
فقال القوم: والله ما ذهبت الأيّام والليالي حتّى رأيناه مصلوباً على دار عمرو بن
ص: 438
حُريث، وجيء برأس حبيب بن مظاهر قد قُتل مع الحسين(عليه السلام)، ورأينا كلّ ما قالوا»(1).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام علي(عليه السلام).
1- شعيب، عدّه الشيخ الطوسي(قدس سره) من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام)(2).
2- صالح، عدّه الشيخ الطوسي(قدس سره) من أصحاب الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام)(3).
3- عمران، عدّه الشيخ الطوسي(قدس سره) من أصحاب الإمامين زين العابدين والإمام الصادق(عليهما السلام)(4).
قال الإمام علي(عليه السلام) له: «والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك، ولتقطعن النخلة التي بالكناسة، فتشق أربع قطع، فتصلب أنت على ربعها، وحُجر بن عَدي على ربعها، ومحمّد بن أكثم على ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها، قال ميثم: فشككت في نفسي وقلت: إنّ علياً ليخبرنا بالغيب! فقلت له: أو كائن ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إي وربّ الكعبة، كذا عهده إليّ النبي(صلى الله عليه وآله)»(5).
وفي خبر آخر: «إنّك تُؤخذ بعدي، فتُصلب وتُطعن بحربة، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك وفمك دماً، فيخضّب لحيتك، فانتظر ذلك الخضاب، وتُصلب على باب
ص: 439
دار عمرو بن حريث عاشر عشرة، أنت أقصرهم خشبة، وأقربهم من المطهرة، وامضِ حتّى أريك النخلة التي تُصلب على جذعها.فأراه إيّاها.
فكان ميثم يأتيها فيصلّي عندها ويقول: بوركت من نخلة، لك خلقت ولي غذيت. ولم يزل يتعاهدها حتّى قطعت وحتّى عرف الموضع الذي يصلب عليها بالكوفة. قال: وكان يلقى عمرو بن حريث فيقول له: إنّي مجاورك فأحسن جواري، فيقول له عمرو: أتريد أن تشتري دار ابن مسعود أو دار ابن حكيم؟ وهو لا يعلم ما يريد»(1).
«لمّا ولي عبيد الله بن زياد الكوفة ودخلها تعلّق علمه بالنخلة التي بالكناسة فتخرق، فتطيّر من ذلك فأمر بقطعها، فاشتراها رجل من النجّارين فشقّها أربع قطع.
قال ميثم: فقلت لصالح ابني فخذ مسماراً من حديد فأنقش عليه اسمي واسم أبي ودقّه في بعض تلك الأجذاع، قال: فلمّا مضى بعد ذلك أيّام أتاني قوم من أهل السوق فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الأمير نشكو إليه عامل السوق، ونسأله أن يعزله عنّا ويولّي علينا غيره.
قال: وكنت خطيب القوم فنصت لي وأعجبه منطقي، فقال له عمرو بن حريث: أصلح الله الأمير تعرف هذا المتكلّم؟ قال: مَن هو؟ قال: ميثم التمّار الكذّاب مولى الكذّاب علي بن أبي طالب، قال: فاستوى جالساً فقال لي: ما تقول؟ فقلت: كذب أصلح الله الأمير، بل أنا الصادق مولى الصادق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين حقّاً.
فقال لي: لتبرأن من علي، ولتذكرن مساويه، وتتولّى عثمان، وتذكر محاسنه، أو لأقطعن يديك ورجليك ولأصلبنّك، فبكيت، فقال لي: بكيت من القول دون الفعل،
ص: 440
فقلت: والله ما بكيت من القول ولا من الفعل، ولكن بكيت من شك كان دخلني يوم خبّرني سيّدي ومولاي، فقال لي: وما قال لك؟ قال: فقلت: أتيت الباب فقيل لي: أنّه نائم، فناديت: انتبه أيّهاالنائم، فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك.
فقال: صدقت، وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتصلبن، فقلت: ومَن يفعل ذلك بي؟ يا أمير المؤمنين؟ فقال: يأخذك العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد. قال: فامتلأ غيظاً ثمّ قال لي: والله لأقطعن يديك ورجليك ولأدعن لسانك حتّى أكذّبك وأكذّب مولاك، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه.
ثمّ أخرج فأمر به أن يصلب فنادي بأعلى صوته: أيّها الناس مَن أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي بن أبي طالب(عليه السلام)؟ قال: فاجتمع الناس، وأقبل يحدّثهم بالعجائب.
قال: وخرج عمرو بن حريث وهو يريد منزله فقال: ما هذه الجماعة؟ قالوا: ميثم التمّار يحدّث الناس عن علي بن أبي طالب، قال: فانصرف مسرعاً فقال: أصلح الله الأمير بادر فابعث إلى هذا مَن يقطع لسانه، فإنّي لست آمن أن يغيّر قلوب أهل الكوفة فيخرجوا عليك، قال: فالتفت إلى حرسي فوق رأسه فقال: اذهب فاقطع لسانه.
قال: فأتاه الحرسي فقال له: يا ميثم! قال: ما تشاء؟ قال: أخرج لسانك فقد أمرني الأمير بقطعه، قال ميثم: ألا زعم ابن الأمة الفاجرة أنّه يكذّبني ويكذّب مولاي هاك لساني، قال: فقطع لسانه وتشحطّ ساعة في دمه ثمّ مات، وأمر به فصلب، قال صالح فمضيت بعد ذلك بأيّام، فإذا هو قد صلب على الربع الذي كنت دققت فيه
ص: 441
المسمار»(1).
قام عبيد الله بن زياد بحبس ميثم، فالتقى(رضي الله عنه) في السجن بالمختار بن أبي عبيدة الثقفي، فقال له: «إنّك تفلت، وتخرج ثائراً بدم الحسين(عليه السلام)، فتقتل هذا الذي يقتلنا»(2)، وفعلاً تحقّق ذلك بعد ستّة سنوات.
استُشهد(رضي الله عنه) في 22 ذي الحجّة 60ﻫ، أي: قبل وصول الإمام الحسين(عليه السلام) إلى كربلاء بعشرة أيّام، بمدينة الكوفة، ودُفن فيها، وقبره معروف يُزار.
السلام عليكَ أيّها العبدُ الصالح، يا ميثمَ بنَ يحيى التّمار، المطيعُ لله ولرسولهِ ولأميرِ المؤمنين ولفاطمةَ والحسنِ والحسين.. اشهدُ أنّكَ قد أقمتَ الصلاة، وآتيتَ الزكاة، وأمرتَ بالمعروف، ونهيتَ عن المنكر، وجاهدتَ في الله حقَّ جهادِهِ، وعملتَ بكتابهِ، مقتدياً بالصالحين، ومتَّبعاً للنبيين..
وأشهدُ أنّكَ قُتِلتَ مظلوماً شهيداً.. فلعنَ اللهُ مَنْ ظلمكَ، ومَنْ إفترى عليكَ، ولعنَ اللهُ مَنْ نَصَبَ لكَ العداوةَ والبغضاءَ إلى يومِ القيامةِ، وحشا اللهُ قبورَهم ناراً وأعدَّ لهم عذاباً أليماً..
جئتُك أيّها العبدُ الصالحُ زائراً قبرَكَ، مقرّاً بحقّكَ، معترفاً بفضلكَ، أسألُ اللهَ بالشأنِ الذي لكَ عندهُ أنْ يصلّيَ على محمّدٍ وآل محمّدٍ، وأنْ يقضيَ حوائجَنا في الدنيا والآخرةِ، ويجمعَنا وإيّاكُم في زمرةِ الفائزين معَ محمّدٍ وآلهِ الطاهرين، والسلامُ عليكَ
ص: 442
أيّها الشهيدُ ورحمةُ الله وبركاتُه.
ص: 443
نصر بن مزاحم المنقري(رضي الله عنه)(1)
أبو الفضل، أو أبو المفضّل، نصر بن مزاحم بن سيّار المنقري العطّار الكوفي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، وولد في الكوفة.
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «كوفي، مستقيم الطريقة، صالح الأمر، غير أنّه يروي عن الضعفاء، كتبه حسان، منها: كتاب الجمل»(2).
2- قال ابن أبي الحديد المعتزلي(ت: 656ﻫ): «فهو ثقة ثبت، صحيح النقل، غير منسوب إلى هوى ولا إدغال، وهو من رجال أصحاب الحديث»(3).
3- قال خير الدين الزركلي: «مؤرّخ، من غلاة الشيعة، كان عطّاراً بالكوفة، وولّاه أبو السرايا سوقها، ثمّ سكن بغداد»(4).
كان(رضي الله عنه) من مؤرّخي الشيعة الكبار، فقد نقل حوادث ووقائع كثيرة منها وقعة صفّين، التي تُعتبر من أهمّ مؤلّفاته، وكذلك نقل عن ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)، ونقل رواية النصّ على الأئمّة الإثني عشر(عليهم السلام)(5).
كان شيعياً ويدلّ على ذلك كثرة الروايات المنقولة عنه في الكتب التاريخية، وفي
ص: 444
إحدى الروايات الطويلة ورد أنّ الإمام الرضا(عليه السلام) قدم إلى الكوفة فلقي شيعته بها، وكان من بينهم نصر بن مزاحم الذي سأله عن آبائه جعفر الصادق وموسى الكاظم(عليهما السلام)، فأجابه الإمام الرضا(عليه السلام) عمّا سأل(1).
أخبار أبي السرايا، أخبار محمّد بن إبراهيم، أخبار المختار، الجمل، عين الوردة، الغارات، مقتل الحسين(عليه السلام)، مقتل حُجر بن عَدي، المناقب، النهروان، وقعة صفّين.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 212ﻫ.
ص: 445
هاشم المرقال(رضي الله عنه)(1)
أبو عمرو، هاشم بن عُتبة بن أبي وقّاص الزهري المدني، المعروف بالمرقال، لأنّه كان يُرقل في الحرب، أي: يُسرع.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في المدينة باعتباره مدني.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
* أسلم يوم الفتح.
* عدّه الشيخ ابن شهرآشوب(قدس سره) من وجوه الصحابة وخيار التابعين(2).
* يعتبر من رواة حديث الغدير(3).
* اشترك في معركة اليرموك، وقد ذهبت إحدى عينيه، كما اشترك في معركتي القادسية وجُلولاء، وكان فيها من قادة الجيش.
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين، وكان صاحب الراية ليلة الهرير(4).
ص: 446
1- قال ابن عبد البر (ت: 463ﻫ): «كان من الفضلاء الأخيار، وكان من الأبطال إلبهم»(1).
2- قال الخوارزمي (ت: 568ﻫ) فيه وفي عمّار بن ياسر وعبد الله بن بُديل الخزاعي:«وكانوا فرسان العراق، ومردة الحروب، ورجال المعارك، وحتوف الأقران، وأمراء الأجناد، وأنياب أمير المؤمنين، وقد فعلوا بأهل الشام ما بقى ذكره على ممر الأحقاب»(2).
3- قال ابن الأثير (ت: 630ﻫ): «كان من الشجعان الأبطال، والفضلاء الأخيار»(3).
كان(رضي الله عنه) من المسارعين والمبادرين إلى بيعة الإمام علي(عليه السلام)، فقد «قال لمّا قتل عثمان: هذه يميني لعلي وشمالي لي وقد بايعته، وكان بالكوفة وقال:
أُبايع غير مكترث علياً ** ولا أخشى أميراً أشعريا
أبايعه وأعلم أن سأرضي ** بذاك الله حقّاً والنبيا
ودخل على أبي موسى الأشعري، وهو أمير الكوفة يومئذٍ فقال: يا أبا موسى بايع لخير هذه الأُمّة بعد نبيّها علي بن أبي طالب(عليه السلام). فقال: لا تعجل حتّى تنظر ما يصنع الناس، وعلى مَن يكون اجتماعهم، فخرج من عنده وهو واضع يده اليمنى على اليسرى يقول: هذه بيعتي لخير الأُمّة بعد نبيّها علي بن أبي طالب(عليه السلام)»(4).
1- عبد الله، أخذ الراية بيده يوم صفّين بعد شهادة أبيه، ثمّ أُخذ أسيراً إلى معاوية،
ص: 447
وجرى بينه وبين عمرو بن العاص كلام أعجب معاوية، فكفّ عن قتله وأمر به إلى السجن(1).
2- عتبة، اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حرب صفّين، واستُشهد فيها.
«لمّا أراد علي(عليه السلام) المسير إلى أهل الشام دعا إليه مَن كان معه من المهاجرين والأنصار ، فحمد الله وأثنى عليه وقال:
أمّا بعد، فإنّكم ميامين الرأي، مراجيح الحلم، مقاويل بالحق، مباركو الفعل والأمر، وقد أردنا المسير إلى عدوّنا وعدوّكم فأشيروا علينا برأيكم.
فقام هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثمّ قال: أمّا بعد، يا أمير المؤمنين، فأنا بالقوم جد خبير، هم لك ولأشياعك أعداء، وهم لمَن يطلب حرث الدنيا أولياء، وهم مقاتلوك ومجاهدوك، لا يبقون جهداً مشاحة على الدنيا، وضنا بما في أيديهم منها، وليس لهم إربة غيرها إلّا ما يخدعون به الجهّال من الطلب بدم عثمان بن عفّان.
كذبوا ليسوا بدمه يثأرون، ولكن الدنيا يطلبون، فسر بنا إليهم، فإن أجابوا إلى الحقّ فليس بعد الحقّ إلّا الضلال، وإن أبو إلّا الشقاق فذلك الظنّ بهم، والله ما أراهم يبايعون وفيهم أحد ممّن يطاع إذا نهي، ولا يسمع إذا أمر»(2).
وفي خبر آخر أنّه قال: «سر بنا يا أمير المؤمنين إلى هؤلاء القوم القاسية قلوبهم، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، وعملوا في عباد الله بغير رضا الله، فأحلّوا حرامه وحرّموا حلاله، واستولاهم الشيطان ووعدهم الأباطيل ومنّاهم الأماني، حتّى
ص: 448
أزاغهم عن الهدى وقصد بهم قصد الردى، وحبّب إليهم الدنيا، فهم يقاتلون على دنياهم رغبة فيها كرغبتنا في الآخرة إنجاز موعود ربّنا.
وأنت يا أمير المؤمنين، أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه رحماً، وأفضل الناس سبقة وقدماً، وهم يا أمير المؤمنين منك مثل الذي علمنا، ولكن كتب عليهم الشقاء، ومالت بهم الأهواء، وكانوا ظالمين، فأيدينا مبسوطة لك بالسمع والطاعة، وقلوبنا منشرحة لك ببذل النصيحة، وأنفسنا تنصرك جذلة على من خالفك، وتولّى الأمر دونك، والله ما أحبّ أن لي ما في الأرض ممّا أقلت، وما تحت السماء ممّا أظلت، وأنّي واليت عدوّاً لك، أو عاديت ولياً لك.
فقال علي(عليه السلام): اللّهم أرزقه الشهادة في سبيلك، والمرافقة لنبيّك(صلى الله عليه وآله وسلم)»(1).
اشترك(رضي الله عنه) مع الإمام علي(عليه السلام) في حرب صفّين، وقد أعطى الإمام علي(عليه السلام) الراية بيده، ولا يخفى على البصير أنّ الإمام(عليه السلام) لا يعطي الراية - خصوصاً العظمى - إلّا لمتمحِّض في الإيمان.
حمل على القوم هو وأصحابه وهو يقول:
«أعور يبغي نفسه خلاصا ** مثل الفنيق لابساً دلاصا
قد جرّب الحرب ولا أناصا ** لا ديّة يخشى ولا قصاصا
كلّ امرئ وإن كبا وحاصا ** ليس يرى من موته مناصا»(2).
وفي خبر آخر قال:
ص: 449
«أعور يبغي أهله محلّا ** لا بدّ أن يفلّ أو يفلّا
قد عالج الحياة حتّى ملّا
حتّى قتل تسعة نفر أو عشرة، وحمل عليه الحارث بن المنذر التنوخي فطعنه فسقط»(1).
«خرج عمرو بن العاص فجعل يقول:
لا عيش إن لم ألق يوماً هاشماً ** ذاك الذي أجشمني المجاشما
ذاك الذي يشتم عرضي ظالماً ** ذاك الذي أقام فينا المأتما
ذاك الذي إن ينج منّي سالماً ** يكن شجى حتّى الممات لازما
قال: فما لبث عمرو أن خرج إليه هاشم المرقال وهو يرتجز ويقول:
لا عيش إن لم ألق يومي عمرا ** ذاك الذي نذرت فيه النذرا
ذاك الذي أغدرت فيه الغدرا ** ذاك الذي ما زال ينوي الغدرا
أو يحدث الله لأمر أمرا ** لا تجزعي يا نفس صبراً صبرا
ضرباً إذا شئت وطعناً شزرا ** يا ليت ما تحتي يكون قبرا
قال: ثمّ حمل هاشم على عمرو بن العاص واختلفا بطعنتين، فطعنه هاشم طعنة جرحه منها جراحة منكرة، فرجع عمرو إلى معاوية وجراحته تشخب دماً»(2).
استُشهد(رضي الله عنه) في شهر صفر 37ﻫ بحرب صفّين، وصلّى على جثمانه الإمام علي(عليه السلام)، ودُفن في منطقة صفّين(3).
ص: 450
«لمّا قتل هاشم جزع الناس عليه جزعاً شديداً، وأُصيب معه عصابة من أسلم من القرّاء، فمرّ عليهم علي(عليه السلام) وهم قتلى حول أصحابه الذين قتلوا معه فقال:
جزى الله خيراً عصبة أسلمية ** صباح الوجوه صرّعوا حول هاشم
يزيد وعبد الله بشر ومعبد ** وسفيان وابنا هاشم ذي المكارم
وعُروة لا يبعد ثناه وذكره ** إذا اخترطت يوماً خفاف الصوارم»(1).
«وفيه يقول أبو الطفيل عامر بن وائلة:
يا هاشم الخير جزيت الجنّة ** قاتلت في الله عدوّ السنّة
أفلح بما فزت به من منّة»(2).
ص: 451
ص: 452
هاني بن عروة المذحجي(رضي الله عنه)(1)
هاني بن عُروة بن نمران المِذحَجي المرادي الكوفي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
1- قال المسعودي(ت: 345ﻫ): «وهو شيخها [أي: شيخ آل مراد] وزعيمها، وهو يومئذٍ يركب في أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل، وإذا إجابتها احلافها من كندة وغيرها كان في ثلاثين ألف دارع»(2).
2- قال السيّد محمّد بن همام الدين الحسيني(قدس سره): «كان من أشراف الكوفة، وأعيان الشيعة»(3).
اشترك(رضي الله عنه) مع الإمام علي(عليه السلام) في حرب الجمل، وقال فيها:
«يا لك حرب حثّها جمالها ** قائدة ينقصها ضلالها
هذا علي حوله اقيالها»(4).
لمّا وصل مسلم بن عقيل(عليه السلام) إلى الكوفة حاملاً كتاب الإمام الحسين(عليه السلام) نزل في
ص: 453
دار المختار بن عبيدة الثقفي، ولمّا سمع(عليه السلام) بوصول عبيد الله بن زياد إلى الكوفة بعنوان والياً عليها من قبل يزيد بن معاوية وما توعّد به، خرج من دار المختار سرّاً إلى دار هاني بن عُروة ليستقرّ بها، ولكنّ جواسيس ابن زياد عرفوا بمكانه، فأمر ابن زياد بإتيان هاني بن عُروة إلى قصره.
جيء به(رضي الله عنه) إلى ابن زياد فأمره بتسليم مسلم بن عقيل إليه، فأجابه: «لا والله لا آتيك به أبداً، أجيئك بضيفي تقتله»، فقال ابن زياد: «والله لتأتيني به أو لأضربن عنقك»، فلمّا رأى ابن زياد رفضه لطلبه «فاعترض وجهه بالقضيب، فلم يزل يضرب وجهه وأنفه وجبينه وخدّه حتّى كسرأنفه، وسيل الدماء على ثيابه، ونثر لحم خدّه وجبينه على لحيته، حتّى كسر القضيب»(1)، ثمّ أمر بقتله.
استُشهد(رضي الله عنه) في الثامن أو التاسع من ذي الحجّة 60ﻫ، ودُفن بجنب جامع الكوفة في العراق، وقبره معروف يُزار.
حسبه(رضي الله عنه) من الإكرام والتجليل ما أبّنه به الإمام الحسين(عليه السلام)، فقد روي أنّه لمّا بلغه(عليه السلام) قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عُروة قال:«إنّا لله وإنّا إليه راجعون، رحمة الله عليهما»(2)، ردّدها مراراً.
«سلام الله العظيم وصلواته عليك يا هاني بن عُروة، السلام عليك أيّها العبد
ص: 454
الصالح، الناصح لله ولرسوله ولأمير المؤمنين وللحسن والحسين، أشهد أنّك قُتلت مظلوماً، فلعن الله مَن قتلك واستحلّ دمك، وحشى الله قبورهم ناراً.
أشهد أنّك لقيت الله وهو عنك راض بما فعلت، ونصحت لله ولرسوله، وبلغت درجة الشهداء، وجعل روحك مع أرواح السعداء بما نصحت لله ولرسوله مجتهداً، وبذلت نفسك في ذات الله ومرضاته، فرحمك الله ورضي عنك، وحشرك مع محمّد وآله الطاهرين، وجمعنا وإيّاك معهم في دار النعيم، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته»(1).
1- قال عبد الله بن الزبير الأسدي:
«إن كنتِ لا تدرين ما الموت فانظري ** إلى هاني في السوق وابن عقيل
إلى بطل قد هشّم السيف وجهه ** وآخر يُهوى من طمار قتيل
أصابهما أمر الأمير فأصبحا ** أحاديث مَن يسري بكلّ سبيل
ترى جسداً قد غيّر الموت لونه ** ونضح دم قد سال كلّ مسيل
فتى هو أحيى من فتاة حيية ** واقطع من ذي شفرتين صقيل
أيركب أسماء الهماليج آمناً ** وقد طلبته مذحج بذحول
تطيف حواليه مراد وكلّهم ** على رقبة من سائل ومسول
فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم ** فكونوا بغايا أرضيت بقليل»(2).
2- قال الشيخ محمّد رضا آل ياسين(قدس سره):
«إن جئت كوفان يوماً ** وطفت تلك المغاني
زر مسلم بن عقيل ** وحيّ مرقد هاني
ص: 455
تفز بما ترتجيه ** من المنى والأماني»(1).
ص: 456
هشام بن الحكم الكندي(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، هِشام بن الحكم الكندي الشيباني الكوفي البغدادي، مولى كندة، وقيل: مولى بني شيبان.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري، وولد بمدينة واسط في العراق، وقيل: بالكوفة.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
1- قال الإمام الصادق(عليه السلام):«ناصرنا بقلبه ولسانه ويده»(2).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام):«يا هِشام، لا تزال مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك»(3).
3- قال الإمام الصادق(عليه السلام):«رائد حقّنا، وسائق قولنا، المؤيّد لصدقنا، والدامغ لباطل أعدائنا، مَن تبعه وتبع أثره تبعنا، ومَن خالفه وألحد فيه فقد عادانا وألحد فينا»(4).
4- قال الإمام الرضا(عليه السلام):«رحمه الله، كان عبداً ناصحاً، أُوذي من قبل أصحابه حسداً منهم له»(5).
ص: 457
1- وصف الشيخ المفيد(قدس سره) مجموعة من الرواة، ومنهم هشام بن الحكم بأنّهم: «فقهاء... الأعلام الرؤساء، المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والأحكام، الذين لا يطعن عليهم، ولا طريق إلى ذمّ واحد منهم، وهم أصحاب الأُصول المدوّنة، والمصنّفات المشهورة»(1).
2- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «كان ثقة في الروايات، حسن التحقيق بهذا الأمر»(2).
3- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «كان من خواص سيّدنا ومولانا موسى بن جعفر(عليهما السلام)، وكانت له مباحثات كثيرة مع المخالفين في الأُصول وغيرها، وكان له أصل... فيه مدايح له جليلة، وكان ممّن فتق الكلام في الإمامة، وهذّب المذهب بالنظر»(3).
4- قال العلّامة الحلّي(قدس سره): «وهذا الرجل عندي عظيم الشأن رفيع المنزلة»(4).
برع(رضي الله عنه) في علم الكلام والجدل حتّى فاق جميع أصحابه، وكان الإمام الصادق(عليه السلام) يرجع بعض الناس إليه في المناظرة والكلام، ويشجّعه على ذلك.
له الكثير من المناظرات مع علماء عصره الذين عرفوا بقوّة المناظرة، فكان العلماء يقصدونه لذلك، وهو كذلك يقصد علماء الأمصار ورؤساء الحلقات العلمية للمناظرة؛ طلباً لإظهار الحق ودحضاً للباطل.
وقد نقلت له في الكتب مناظرات كثيرة متفرّقة تدلّ على حضور بديهيته وقوّة
ص: 458
حججه.
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (167) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
أبو محمّد، الحكم، قال عنه الشيخ النجاشي(قدس سره): «كان مشهوراً بالكلام، كلّم الناس، وحكي عنه مجالس كثيرة، ذكر بعض أصحابنا رحمهم الله أنّه رأي له كتاباً في الإمامة»(1).
الإمامة، التوحيد، الدلالة على حدث الأجسام، الرد على أصحاب الإثنين، الرد على أصحاب الطبائع، الرد على الزنادقة، علل التحريم، الفرائض، الميزان.
حاول العباسيون الفتك به(رضي الله عنه) بعد أن اشتهر بقوّته في المناظرة، وبروزه في الدفاع عن مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، فقام يحيى بن خالد البرمكي بذكر عقيدة هشام حول أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) أمام هارون الرشيد؛ حتّى يثير غضبه ومن ثمّ يحصل منه الإجازة في قتله أو سجنه.
فقال لهارون : «يا أمير المؤمنين، إنّي قد استبطنت أمر هشام، فإذا هو يزعم أنّ لله في أرضه إماماً غيرك مفروض الطاعة، قال: سبحان الله، قال: نعم، ويزعم أنّه لو أمره
ص: 459
بالخروج لخرج»(1).
فأمر هارون يحيى أن يجمع المتكلّمين ليناظروا هشام حول هذه المسألة، فجمع يحيى جمعاً من المتكلّمين وناظروا هشام أمام هارون، فلمّا سمع هارون منه هذه المقالات أمر يحيى بإلقاء القبض عليه، عندها خرج هشام إلى المدائن هارباً، ثمّ إلى الكوفة مختفياً فيها عند بشير النبّال حتّى تُوفّي.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 179ﻫ، وقيل: 199ﻫ بمدينة الكوفة، ودُفن فيها.
ص: 460
هشام بن سالم الجواليقي(1)
أبو الحكم، أو أبو محمّد، هشام بن سالم الجواليقي، مولى بشر بن مروان.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) في رسالته العددية من الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام، الذين لا يُطعن عليهم، ولا طريق لذمّ واحد منهم.
* كان أوّل مَن دخل على الإمام الكاظم(عليه السلام) بعد وفاة أبيه، واطّلع على إمامته، وأخبر أصحابه، وصرف الناس عن عبد الله الأفطح.
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (663) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام).
التفسير، الحج، المعراج.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الثاني الهجري.
ص: 462
يحيى بن أبي القاسم الأسدي، أبو بصير(رضي الله عنه)(1)
أبو بصير كنية مشتركة لروايين شيعيين من أصحاب الإمام الباقر والصادق(عليهما السلام) هما: يحيى بن أبي القاسم الأسدي، وليث بن البختري المرادي.
وقد ورد اسم أبي بصير من دون قيد في سند الكثير من الروايات، حيث لا يتسنّى تحديد هوية الراوي إلّا من خلال القرائن الخارجية، والكثير من علماء الرجال يعتبر كلا الرجلين ثقة وموضع اعتماد.
يحيى بن أبي القاسم إسحاق الأسدي الكوفي، مولى بني أسد.
أبو محمّد، ولعله كُنّي بأبي بصير لأنّه كان ضريراًً.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الكاظم(عليهم السلام).
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
ص: 463
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبد الله(عليهما السلام)، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأوّلين ستّة: زرارة، ومعروف بن خرّبوذ، وبُريد، وأبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمّد بن مسلم الطائفي، قالوا: وأفقه الستّة زرارة، وقال بعضهم مكان أبي بصير الأسدي أبو بصير المرادي، وهو ليث بن البختري»(1).
وتظهر مکانته العلمیة جلياً من خلال إرجاع الإمام الصادق(عليه السلام) الناس إليه، قال شعيب العقرقوفي: «قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): ربما احتجنا أن نسأل عن الشيء فمَن نسأله؟ قال: عليك بالأسدي، يعني أبا بصير»(2).
قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «ثقة، وجيه»(3).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الكاظم(عليهم السلام).
مناسك الحج، يوم وليلة.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 150ﻫ.
ص: 464
ص: 465
يحيى بن أُم الطويل المطعمي(رضي الله عنه)(1)
يحيى بن أُم الطويل المطعمي.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام زين العابدين(عليه السلام).
1- قال الإمام الباقر(عليه السلام): «أمّا يحيى بن أُم الطويل: فكان يظهر الفتوة، وكان إذا مشى في الطريق وضع الخلوق على رأسه، ويمضغ اللبان، ويطول ذيله، وطلبه الحجّاج فقال: تلعن أبا تراب وأمر بقطع يديه ورجليه وقتله»(2).
2- قال الإمام الصادق(عليه السلام): «ارتدّ الناس بعد الحسين(عليه السلام) إلّا ثلاثة: أبو خالد الكابلي، ويحيى بن أُم الطويل، وجُبير بن مطعم(3)، ثمّ إنّ الناس لحقوا وكثروا»(4).
3- قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... .
ثمّ ينادي: أين حواري علي بن الحسين؟ فيقوم... ويحيى بن أُم الطويل... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(5).
ص: 466
1- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه): «ولم يكن في زمن علي بن الحسين(عليه السلام) في أوّل أمره إلّا خمسة أنفس: سعيد بن جُبير، سعيد بن المسيّب، محمّد بن جُبير بن مطعم، يحيى بن أُم الطويل، أبو خالد الكابلي»(1).
2- قال السيّد علي البروجردي(قدس سره): «فحاله وجلالته أظهر من أن يشرح»(2).
كان(رضي الله عنه) من المجاهرين بالحق، فكان يقف بالكناسة في الكوفة، وينادي بأعلى صوته: «معشر أولياء الله! إنّا براء ممّا تسمعون، مَن سبّ علياً(عليه السلام) فعليه لعنة الله، ونحن براء من آل مروان وما يعبدون من دون الله، ثمّ يخفض صوته فيقول: مَن سبّ أولياء الله فلا تقاعدوه، ومَن شكّ فيما نحن عليه فلا تفاتحوه، ومَن احتاج إلى مسألتكم من إخوانكم فقد خنتموه»(3).
وكان(رضي الله عنه) يدخل مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله) حيث يجتمع المشبّهة الملحدون ويقول: «كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ»(4).
لشدّة حبّه(رضي الله عنه) وإخلاصه ودفاعه عن الإمام علي(عليه السلام) أمره الحجّاج بن يوسف الثقفي بلعن الإمام علي(عليه السلام) فامتنع، فأمر بقطع يديه ورجليه ثمّ قتله.
استُشهد(رضي الله عنه) بأمر من الحجّاح الثقفي، ودُفن في محافظة واسط في العراق.
ص: 467
ص: 468
يعقوب بن إسحاق السكيت(رضي الله عنه)(1)
أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق السكّيت الدورقي الأهوازي، والسكّيت لقب أبيه إسحاق، وعُرف أبوه بهذا اللقب لفرط سكوته.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري، وولد في الدورق، قرب مدينة الأهواز في إيران.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الجواد والهادي(عليهما السلام).
1- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «وكان وجهاً في علم العربية واللغة، ثقة، مصدّقاً لا يطعن عليه، وله كتب»(2).
2- قال السيّد علي البروجردي(قدس سره): «وهو من أجلّاء الشيعة وأصحاب الأئمّة»(3).
3- قال الشيخ عباس القمّي(قدس سره): «كان ثقة جليلاً من عظماء الشيعة»(4).
4- قال السيّد محسن الأمين(قدس سره): «كان علماً من أعلام الشيعة وعظمائهم وثقاتهم، ومن خواص الإمامين محمّد التقي وعلي النقي(عليهما السلام)، وكان حامل لواء الشعر والأدب والنحو واللغة في عصره»(5).
ص: 469
1- قال المرزباني(ت: 384ﻫ): «وكان عالماً بنحو الكوفيين، وعلم القرآن واللغة والشعر، راوية ثقة»(1).
2- قال الخطيب البغدادي(ت: 463ﻫ): «كان من أهل الفضل والدين، موثوقاً بروايته»(2).
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام الجواد(عليه السلام).
إصلاح المنطق، الأصوات، الأضداد، تهذيب الألفاظ، الطير، ما اتّفق لفظه واختلف معناه، ما صنعه من شعر الشعراء، المذكّر والمؤنّث، المقصور والممدود، النبات، الوحش.
روي أنّ المتوكّل العبّاسي كان قد ألزمه تأديب ولديه - المعز والمؤيّد - فقال له يوماً: أيّما أحبّ إليك، ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ فأجابه: والله إنّ قنبر خادم علي بن أبي طالب خير منك ومن ابنيك. فأمر المتوكّل جلاوزته، فأخرجوا لسانه من قفاه، فمات(3).
استُشهد(رضي الله عنه) في 5 رجب 244ﻫ.
ص: 470
ومن العجب أنّه نظم هذين البيتين قبل قتله بأيّام:
«يُصاب الفتى من عثرةٍ بلسانه ** وليس يُصاب المرء من عثرة الرِجل
فعثرته في القول تذهب رأسه ** وعثرته في الرِجل تبرأ في مهل»(1).
ص: 471
يونس بن عبد الرحمن(رضي الله عنه)(1)
أبو محمّد، يونس بن عبد الرحمن، مولى آل يقطين.
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الثالث الهجري.
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين الكاظم والرضا(عليهما السلام).
* رأى الإمام الصادق(عليه السلام) بين الصفا والمروة، ولم يرو عنه رواية.
* حجّ أربعاً وخمسين حجّة، واعتمر أربعاً وخمسين عمرة.
عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الشيخ الكشّي(قدس سره): «أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم، وأقرّوا لهم بالفقه والعلم، وهم ستّة نفر آخر، دون الستّة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام)، منهم: يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى بياع السابري، ومحمّد بن أبي عمير، وعبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي... وأفقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى»(2).
ص: 472
وتظهر مکانته العلمیة جلياً من خلال إرجاع الإمام الرضا(عليه السلام) الناس إليه، قال عبد العزيز بن المهتدي: «سألت الرضا(عليه السلام): إنّي لا أقدر على لقائك في كلّ وقت، فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقال: خذ عن يونس بن عبد الرحمن»(1).
1- قال الإمام الرضا(عليه السلام) له: «يا يونس، وما عليك ممّا يقولون إذا كان إمامك عنك راضياً، يا يونس حدّث الناس بما يعرفون، واتركهم ممّا لا يعرفون، كأنّك تريد أن تكذّب على الله في عرشه، يا يونس وما عليك أن لو كان في يدك اليمنى درّة، ثمّ قال الناس: بعرة، أو قال الناس: درّة، أو بعرة. فقال الناس: درّة، هل ينفعك ذلك شيئاً؟
فقلت: لا.فقال: هكذا أنت يا يونس، إذ كنت على الصواب وكان إمامك عنك راضياً لم يضرّك ما قال الناس»(2).
2- قال الإمام الرضا(عليه السلام): «ويونس في زمانه كسلمان الفارسي في زمانه»(3).
3- قال الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) حينما رأى كتابه يوم وليلة: «أعطاه الله بكلّ حرف نوراً يوم القيامة»(4).
1- قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه): «ما نشأ في الإسلام رجل من سائر الناس كان أفقه من سلمان الفارسي، ولا نشأ رجل بعده أفقه من يونس بن عبد الرحمن رحمه الله»(5).
2- قال الشيخ النجاشي(قدس سره): «كان وجهاً في أصحابنا، متقدّماً، عظيم المنزلة»(6).
3- قال الشيخ الطوسي(قدس سره): «وهو عندي ثقة»(7).
ص: 473
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (263) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الكاظم والرضا(عليهما السلام).
محمّد، ذكره الشيخ الطوسي(قدس سره) في رجاله من أصحاب الإمامين الرضا والجواد(عليهما السلام).
الاحتجاج في الطلاق، اختلاف الحج، الأدب والدلالة على الخير، البيوع والمزارعات، الجامع الكبير في الفقه، جوامع الآثار، الرد على الغلاة، علل الحديث، فضل القرآن، اللؤلؤ في الزهد، نوادر البيوع، يوم وليلة.
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 208ﻫ بالمدينة المنوّرة، ودُفن فيها.
ص: 474
ص: 475
1- إبصار العين في أنصار الحسين، محمد بن طاهر السماوي، (ت: 1370ﻫ)، تحقيق الشيخ محمد جعفر الطبسي، الطبعة الأُولى 1419ﻫ، مركز الدراسات الإسلامية لحرس الثورة.
2- اتقان المقال في أحوال الرجال، الشيخ محمد طه نجف، (ت: 1323ﻫ)، المطبعة العلوية، طبعة 1340ﻫ، النجف الأشرف.
3- الاحتجاج، أحمد بن علي الطبرسي، (ت: 560ﻫ)، تحقيق السيد محمد باقر الخرسان، منشورات دار النعمان.
4- الاختصاص، محمد بن محمد بن النعمان، المعروف بالشيخ المفيد، (ت: 413ﻫ)، تحقيق علي أكبر الغفّاري، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
5- اختيار معرفة الرجال (المعروف برجال الكشّي)، محمد بن الحسن بن علي الطوسي، (ت: 460ﻫ)، تحقيق مير داماد، محمد باقر الحسيني، السيد مهدي الرجائي، طبعة 1404ﻫ، قم، مؤسسة آل البيت.
6- الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، محمد بن محمد بن النعمان، المعروف بالشيخ المفيد، (ت: 413ﻫ)، تحقيق مؤسسة آل البيت، نشر دار المفيد.
7- إرشاد القلوب، الحسن بن محمد الديلمي، الطبعة الثانية 1415ﻫ، قم، منشورات الشريف الرضي.
8- الاستغاثة، أبو القاسم الكوفي، (ت: 352ﻫ).
9- الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ابن عبد البر القرطبي، (ت: 463ﻫ)، تحقيق الشيخ علي محمد معوض، الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الطبعة الأُولى 1415ﻫ، بيروت، دار الكتب العلمية.
10- أُسد الغابة في معرفة الصحابة، علي بن محمد بن محمد الشيباني، المعروف بابن الأثير، (630ﻫ)، طهران، منشورات إسماعيليان.
ص: 476
11- الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني الشافعي، (852ﻫ)، تحقيق الشيخ عادل أحمد، الطبعة الأُولى 1415ﻫ، بيروت، دار الكتب العلمية.
12- الأُصول الستة عشر من الأُصول الأولية، عدّة من المحدّثين، تحقيق ضياء الدين المحمودي، الطبعة الأُولى 1423ﻫ، قم، دار الحديث.
13- الأعلام (قاموس تراجم)، خير الدين الزركلي، الطبعة الرابعة عشرة 1999ﻫ، بيروت، دار العلم للملايين.
14- إعلام الورى بأعلام الهدى، الفضل بن الحسن الطبرسي، (ت: 548ﻫ)، تحقيق مؤسسة آل البيت، الطبعة الأُولى 1417ﻫ، قم، مؤسسة آل البيت.
15- أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين العاملي، (1371ﻫ)، تحقيق حسن الأمين، طبعة 1403ﻫ، بيروت، دار التعارف للمطبوعات.
16- إقبال الأعمال، علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس، (ت: 664ﻫ)، تحقيق جواد القيومي الإصفهاني، الطبعة الأُولى 1414ﻫ، مكتب الإعلام الإسلامي.
17- أقسام المولى في اللسان، محمد بن محمد بن النعمان، المعروف بالشيخ المفيد، (ت: 413ﻫ)، تحقيق محمد مهدي نجف، الطبعة الثانية 1414ﻫ، بيروت، دار المفيد.
18- الإكمال في أسماء الرجال، محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، (ت: 741ﻫ)، مؤسسة آل البيت.
19- الأمالي (أمالي الصدوق)، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق، (ت: 381ﻫ)، تحقيق مؤسسة البعثة، الطبعة الأُولى 1417ﻫ، قم، مؤسسة البعثة.
20- الأمالي (أمالي الطوسي)، محمد بن الحسن بن علي الطوسي، (ت: 460ﻫ)، تحقيق مؤسسة البعثة، الطبعة الأُولى 1414ﻫ، قم، دار الثقافة.
21- الأمالي (أمالي المفيد)، محمد بن محمد بن النعمان، المعروف بالشيخ المفيد، (ت: 413ﻫ)، تحقيق الحسين أستاذ ولي وعلي أكبر الغفّاري، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
22- أنساب الأشراف (تاريخ البلاذري)، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، (ت: 279ﻫ)، تحقيق محمد باقر المحمودي، الطبعة الأُولى 1394ﻫ، بيروت، مؤسسة الأعلمي.
ص: 477
23- بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، (ت: 1111ﻫ)، الطبعة الثانية 1403ﻫ، بيروت، مؤسسة الوفاء.
24- البداية والنهاية، ابن كثير الدمشقي، (ت: 774ﻫ)، تحقيق علي الشيري، الطبعة الأُولى 1408ﻫ، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
25- بشارة المصطفى لشيعة المرتضى، محمد بن أبي قاسم الطبري، (ت: 525ﻫ)، تحقيق جواد القيومي الإصفهاني، الطبعة الأُولى 1420ﻫ، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
26- بصائر الدرجات الكبرى، محمد بن الحسن الصفّار، (ت: 290ﻫ)، تحقيق ميرزا محسن كوجه باغي، طبعة 1404ﻫ، طهران، مؤسسة الأعلمي.
27- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، (ت: 748ﻫ)، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، الطبعة الثانية 1418ﻫ، بيروت، دار الكتاب العربي.
28- تاريخ الأُمم والملوك (تاريخ الطبري)، ابن جرير الطبري، (ت: 310ﻫ)، تحقيق نخبة من العلماء، بيروت، مؤسسة الأعلمي.
29- تاريخ بغداد أو مدينة السلام، أحمد بن علي الخطيب البغدادي، (ت: 463ﻫ)، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الأُولى 1417ﻫ، بيروت، دار الكتب العلمية.
30- تاريخ خليفة بن خياط العصقري، خليفة بن خياط العصقري، (ت: 240 ﻫ)، تحقيق الدكتور سهيل زكار، طبعة 1414ﻫ، بيروت، دار الفكر.
31- تاريخ مدينة دمشق، علي بن الحسن المعروف بابن عساكر، (ت: 571ﻫ)، تحقيق علي الشيري، طبعة 1415ﻫ، بيروت، دار الفكر.
32- تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر، (ت: 284ﻫ)، قم، مؤسسة ونشر فرهنك أهل بيت.
33- التحرير الطاووسي (المستخرج من كتاب حلّ الإشكال في معرفة الرجال)، حسن بن زين الدين العاملي الجبعي صاحب المعالم، (ت: 1011ﻫ)، تحقيق فاضل الجواهري، الطبعة الأُولى 1411ﻫ، قم، مكتبة السيد المرعشي النجفي.
34- تحف العقول عن آل الرسول، ابن شعبة الحرّاني، المتوفّى في القرن الرابع، تصحيح علي أكبر
ص: 478
الغفّاري، الطبعة الثانية 1404ﻫ، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
35- تعليقة على منهج المقال، محمد باقر الوحيد البهبهاني، (ت: 1205ﻫ).
36- تفسيرجوامع الجامع، الفضل بن الحسن الطبرسي، (ت: 548ﻫ)، تحقيق مؤسسة النشر الاسلامي، الطبعة الأُولى 1418ﻫ، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
37- تفسير العياشي، ابن عياش السلمي السمرقندي، (ت: 320ﻫ)، تحقيق هاشم الرسولي المحلّاتي، طهران، المكتبة العلمية الإسلامية.
38- تفسير فرات الكوفي، فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، (ت: 352ﻫ)، تحقيق محمد الكاظم، الطبعة الأُولى 1410ﻫ، طهران، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.
39- تفسير القمّي، علي بن إبراهيم القمّي، (ت: 329ﻫ)، تصحيح السيد طيّب الجزائري، الطبعة الثالثة 1404ﻫ، قم، مؤسسة دار الكتاب.
40- تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني الشافعي، (ت: 852ﻫ)، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الثانية 1415ﻫ، بيروت، دار الكتب العلمية.
41- التمهيد لما في المؤطّأ من المعاني والمسانيد، ابن عبد البر القرطبي، (ت: 463ﻫ)، تحقيق مصطفى بن أحمد العلوي، طبعة 1387ﻫ، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية.
42- تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، المعروف بمجموعة ورّام، ورّام بن أبي فراس المالكي، (ت: 605ﻫ)، الطبعة الثانية 1368ش، طهران، دار الكتب الإسلامية.
43- تنقيح المقال في علم الرجال، الشيخ عبد الله المامقاني، (ت: 1351ﻫ)، قم، مؤسسة آل البيت.
44- تهذيب الكمال في أسماء الرجال، يوسف المزّي، (ت: 742ﻫ)، تحقيق بشّار عوّاد معروف، الطبعة الرابعة 1406ﻫ، مؤسسة الرسالة.
45- التوّابون، إبراهيم بيضون.
46- الثقات، ابن حبّان التميمي البستي، (ت: 354ﻫ)، الطبعة الأُولى 1393ﻫ، مؤسسة الكتب الإسلامية.
47- جامع البيان (تفسير الطبري)، ابن جرير الطبري، (ت: 310ﻫ)، طبعة 1415ﻫ، بيروت،
ص: 479
دار الفكر.
48- الجمل، محمد بن محمد بن النعمان، المعروف بالشيخ المفيد، (ت: 413ﻫ)، قم، مكتبة الداوري.
49- جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية، محمد بن محمد بن النعمان، المعروف بالشيخ المفيد، (ت: 413ﻫ)، تحقيق محمد مهدي نجف، الطبعة الثانية 1414ﻫ، بيروت، دار المفيد.
50- خاتمة مستدرك الوسائل، الشيخ حسين النوري الطبرسي، (ت: 1320ﻫ)، تحقيق مؤسسة آل البيت، الطبعة الأُولى 1416ﻫ، قم، مؤسسة آل البيت.
51- الخرائج والجرائح، قطب الدين الراوندي، (ت: 573ﻫ)، تحقيق مؤسسة الإمام المهدي، قم، مؤسسة الإمام المهدي.
52- الخصال، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق، (ت: 381ﻫ)، تصحيح علي أكبر الغفّاري، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
53- خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي، المعروف بالعلامة الحلّي، (ت: 726ﻫ)، تحقيق جواد القيّومي الإصفهاني، الطبعة الأُولى 1417ﻫ، قم، مؤسسة نشر الفقاهة.
54- الدر النظيم، الشيخ يوسف بن حاتم بن فوز بن مهند الشامي المشغري العاملي، (ت664ﻫ)، مؤسسة النشر الاسلامي.
55- الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة، علي خان المدني الشيرازي الحسيني، (ت: 1120ﻫ)، الطبعة الثانية 1397ﻫ، قم، منشورات مكتبة بصيرتي.
56- ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، أحمد بن عبد الله الطبري، (ت: 694ﻫ)، طبعة 1356ﻫ، القاهرة، مكتبة القدسي.
57- ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، محمد بن مكّي العاملي الجزيني، المعروف بالشهيد الأوّل، (ت: 786ﻫ)، تحقيق مؤسسة آل البيت، الطبعة الأُولى 1419ﻫ، قم، مؤسسة آل البيت.
58- ذوب النضار في شرح الثار، جعفر بن محمد، المعروف بابن نما الحلّي، (ت: 645ﻫ)، تحقيق فارس حسّون كريم، الطبعة الأُولى 1416ﻫ، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
ص: 480
59- رجال ابن داود، الحسن بن علي بن داود الحلّي، (ت: 707ﻫ)، طبعة 1392ﻫ، النجف، المطبعة الحيدرية.
60- رجال الطوسي، محمد بن الحسن بن علي الطوسي، (ت: 460ﻫ)، تحقيق جواد القيّومي الإصفهاني، طبعة 1415ﻫ، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
61- الرجال لابن الغضائري، أحمد بن الحسين بن عبيد الله الواسطي البغدادي، المتوفّى في القرن الخامس، تحقيق السيد محمد رضا الحسيني الجلالي، الطبعة الأُولى 1422ﻫ، قم، دار الحديث.
62- رسالة في آل أعين، أبو غالب الزراري، (ت: 368ﻫ)، تحقيق السيد محمد علي الأبطحي الإصفهاني، طبعة 1399ﻫ.
63- روضة الواعظين، محمد بن فتّال النيسابوري، (ت: 508ﻫ)، تحقيق محمد مهدي حسن الخرسان، قم، منشورات الشريف الرضي.
64- السقيفة وفدك، أبو بكر الجوهري، (ت: 323ﻫ)، تحقيق محمد هادي الأميني، الطبعة الثانية 1413ﻫ، بيروت، شركة الكتبي.
65- سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، (ت: 748ﻫ)، الطبعة التاسعة 1413ﻫ، بيروت، مؤسسة الرسالة.
66- شجرة طوبى، محمد مهدي الحائري، الطبعة الخامسة 1385ﻫ، النجف، منشورات المكتبة الحيدرية.
67- شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار، النعمان بن محمد التميمي المغربي، (ت: 363ﻫ)، تحقيق السيد محمد الحسيني الجلالي، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
68- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المدائني، (ت: 656ﻫ)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الأُولى 1378ﻫ، دار إحياء الكتب العربية.
69- الشيعة وفنون الإسلام، السيد حسن الصدر، (ت: 1354ﻫ)، الطبعة الرابعة 1396ﻫ، القاهرة، مطبوعات النجاح.
70- صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، (ت: 256ﻫ)، طبعة بالأوفست 1401ﻫ، بيروت، دار الفكر.
ص: 481
71- الصحيح من سيرة النبي الأعظم، السيد جعفر مرتضى العاملي، الطبعة الرابعة 1415ﻫ، بيروت، دار الهادي.
72- الصحيفة السجادية، الإمام علي بن الحسين، تحقيق مؤسسة الإمام المهدي، الطبعة الأُولى 1411ﻫ.
73- الطبقات الكبرى، محمد بن سعد بن منيع، (ت: 230ﻫ)، بيروت، دار صادر.
74- طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال، علي أصغر محمد البروجردي، (ت: 1313ﻫ)، تحقيق السيد مهدي الرجائي، الطبعة الأُولى 1410ﻫ، قم، مكتبة السيد المرعشي النجفي.
75- العبر في خبر من غبر، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، (ت: 748ﻫ)، الطبعة الأُولى 1405ﻫ، بيروت، دار الكتب العلمية.
76- علل الشرائع، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق، (ت: 381ﻫ)، طبعة 1385ﻫ، النجف، منشورات المكتبة الحيدرية.
77- عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال، الشيخ عبد الله البحراني الإصفهاني، تحقيق مدرسة الإمام المهدي، قم.
78- عيون أخبار الرضا، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق، (ت: 381ﻫ)، تصحيح الشيخ حسين الأعلمي، الطبعة الأُولى 1404ﻫ، بيروت، مؤسسة الأعلمي.
79- الغارات، إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي، (ت: 283ﻫ)، تحقيق السيد جلال المحدّث.
80- الغدير في الكتاب والسنّة والأدب، الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني، (ت: 1392ﻫ)، الطبعة الرابعة 1397ﻫ، بيروت، دار الكتاب العربي.
81- الغيبة، محمد بن الحسن بن علي الطوسي، (ت: 460ﻫ)، تحقيق الشيخ عباد الله الطهراني، الشيخ علي أحمد ناصح، الطبعة الأُولى 1411ﻫ، قم، مؤسسة المعارف الإسلامية.
82- الفصول المختارة، محمد بن محمد بن النعمان، المعروف بالشيخ المفيد، (ت: 413ﻫ)، تحقيق السيد علي مير شريفي، الطبعة الثانية 1414ﻫ، بيروت، دار المفيد.
83- فهرس ابن النديم، محمد بن أبي يعقوب اسحاق المعروف بالوراق، (ت: 438ﻫ)، تحقيق
ص: 482
رضا تجدّد.
84- الفهرست، محمد بن الحسن بن علي الطوسي، (ت: 460ﻫ)، تحقيق جواد القيّومي الإصفهاني، الطبعة الأُولى، 1417ﻫ، مؤسسة نشر الفقاهة.
85- فهرست أسماء مصنّفي الشيعة المشتهر برجال النجاشي، أحمد بن علي النجاشي، (ت: 450ﻫ)، تحقيق السيد موسى الشبيري الزنجاني، الطبعة الخامسة 1416ﻫ، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
86- الفوائد الرجالية، السيد محمد مهدي بحر العلوم، (ت: 1212ﻫ)، تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم، الطبعة الأُولى، طهران، مكتبة الصادق.
87- قرب الإسناد، عبد الله بن جعفر الحميري البغدادي، (ت: 300ﻫ)، تحقيق مؤسسة آل البيت، الطبعة الأُولى 1413ﻫ، قم، مؤسسة آل البيت.
88- الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، (ت: 748ﻫ)، الطبعة الأُولى 1413ﻫ، جدّة، دار القبلة للثقافة الإسلامية.
89- الكافي (الأُصول والفروع)، محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني، (ت: 329ﻫ)، تصحيح علي أكبر الغفّاري، الطبعة الثالثة 1388ﻫ، طهران، دار الكتب الإسلامي.
90- الكامل في التاريخ، علي بن محمد بن محمد الشيباني، المعروف بابن الأثير، (ت: 630ﻫ)، طبعة 1399ﻫ، بيروت، دار صادر.
91- كتاب سليم بن قيس، سليم بن قيس الهلالي، (ت: 76ﻫ)، تحقيق محمد باقر الأنصاري الزنجاني.
92- كتاب الفتوح، أحمد بن أعثم الكوفي، (ت: 314ﻫ)، تحقيق علي الشيري، الطبعة الأُولى 1411ﻫ، بيروت، دار الأضواء.
93- كتاب المجروحين من المحدّثين والضعفاء والمتروكين، ابن حبّان التميمي البستي، (ت: 354ﻫ)، تحقيق محمود إبراهيم زايد.
94- كتاب الولاية، ابن عقدة الكوفي، (ت: 333ﻫ).
95- كشف المحجة لثمرة المهجة، علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس، (ت:
ص: 483
664ﻫ)، طبعة 1370ﻫ، النجف، المطبعة الحيدرية.
96- كفاية الأثر في النص على الأئمّة الإثني عشر، علي بن محمد بن علي الخزاز القمّي الرازي، (ت: 400ﻫ)، تحقيق السيد عبد اللطيف الحسيني، طبعة 1401ﻫ، قم، منشورات بيدار.
97- كمال الدين وتمام النعمة، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق، (ت: 381ﻫ)، تصحيح علي أكبر الغفّاري، طبعة 1405ﻫ، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
98- الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمّي، (ت: 1359ﻫ)، طهران، مكتبة الصدر.
99- لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور الإفريقي المصري، (ت: 711ﻫ)، الطبعة الأُولى 1405ﻫ، قم، نشر أدب الحوزة.
100- اللهوف على قتلى الطفوف، علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس، (ت: 664ﻫ)، الطبعة الأُولى 1417ﻫ، قم، الأنوار الهدى.
101- مثير الأحزان، محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلّي، (ت: 645ﻫ)، الطبعة 1369ﻫ، النجف، المطبعة الحيدرية.
102- المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة، السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي، (ت: 1377ﻫ)، تحقيق محمود البدري، الطبعة الأُولى 1421ﻫ، قم، مؤسسة المعارف الإسلامية.
103- مجمع الزوائد، ابن أبي بكر الهيثمي، (ت: 807ﻫ)، الطبعة 1408ﻫ، بيروت، دار الكتب العلمية.
104- مختصر أخبار شعراء الشيعة، محمد بن عمران المرزباني الخراساني، (ت: 384ﻫ)، تحقيق الشيخ محمد هادي الأميني، الطبعة الثانية 1413ﻫ، بيروت، شركة الكتبي.
105- المختصر في أخبار البشر (تاريخ أبي الفداء)، أبو الفداء، إسماعيل بن علي بن محمود، (ت: 732ﻫ)، تحقيق محمود ديّوب، الطبعة الأُولى 1417ﻫ، بيروت، دار الكتب العلمية.
106- مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، عبد الله بن اسعد اليافعي، (ت: 768ﻫ)، الطبعة الأُولى 1417ﻫ، بيروت، دار الكتب العلمية.
107- مروج الذهب ومعادن الجوهر، علي بن الحسين بن علي المسعودي، (ت: 346ﻫ)، الطبعة الثانية 1404ﻫ، قم، منشورات دار الهجرة.
ص: 484
108- المزار، الشيخ محمد بن جعفر المشهدي، (ت: 610ﻫ)، تحقيق جواد القيومي الإصفهاني، الطبعة الأُولى 1419ﻫ، قم، نشر القيّوم.
109- المستدرك على الصحيحين، محمد بن عبد الله النيسابوري، المعروف بالحاكم، (ت: 405ﻫ)، تحقيق يوسف المرعشلي، طبعة 1406ﻫ، بيروت، دار المعرفة.
110- مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، الشيخ حسين النوري الطبرسي، (ت: 1320ﻫ)، تحقيق مؤسسة آل البيت، الطبعة الأُولى 1408ﻫ، بيروت، مؤسسة آل البيت.
111- مستدركات علم رجال الحديث، الشيخ علي النمازي، (ت: 1405ﻫ)، الطبعة الأُولى 1412ﻫ، طهران، مطبعة شفق.
112- مستطرفات السرائر، ابن إدريس الحلّي، (598ﻫ)، الطبعة الثانية 1411ﻫ، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
113- مسند أحمد بن حنبل، أبو عبد الله، أحمد بن حنبل الشيباني، (ت: 241ﻫ)، بيروت، دار صادر.
114- مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين، الحافظ رجب البرسي، تحقيق السيد علي عاشور، الطبعة الأُولى 1419ه، بيروت، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات .
115- المصنّف، ابن أبي شيبة الكوفي، (ت: 235ﻫ)، تعليق سعيد اللحام، الطبعة الأُولى 1409ﻫ، دار الفكر.
116- المعارف، ابن قتيبة الدينوري، (ت: 276ﻫ)، الطبعة الأُولى 1407ﻫ، بيروت، دار الكتب العلمية.
117- معالم العلماء، ابن شهر آشوب المازندراني، (ت: 588ﻫ)، قم.
118- معجم رجال الحديث، السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي، (ت: 1413ﻫ)، الطبعة الخامسة 1413ﻫ.
119- معرفة الثقات، أحمد بن عبد الله العجلي، (ت: 261ﻫ)، الطبعة الأُولى 1405ﻫ، المدينة المنوّرة، مكتبة الدار.
120- مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الإصفهاني، (ت: 356ﻫ)، الطبعة الثانية 1385ﻫ، النجف،
ص: 485
منشورات المكتبة الحيدرية.
121- مقتل الحسين (مقتل أبي مخنف)، ابن مخنف الأزدي، (ت: 157ﻫ)، تحقيق الشيخ حسن الغفّاري، طبعة 1398ﻫ، قم، مكتبة السيد المرعشي النجفي.
122- مقتل الحسين (مقتل الخوارزمي)، ابن أخطب خوارزم، (ت: 568ﻫ)، تحقيق الشيخ محمد السماوي، الطبعة الأُولى 1418ﻫ، قم، دار أنوار الهدى.
123- ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار، محمد باقر المجلسي، (ت: 1111ﻫ)، تحقيق السيد مهدي الرجائي، طبعة 1407ﻫ، قم، مكتبة السيد المرعشي النجفي.
124- الملل والنحل، محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني، (ت: 548ﻫ)، تحقيق محمد سيد كيلاني، بيروت، دار المعرفة.
125- من لا يحضره الفقيه، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق، (ت: 381ﻫ)، تحقيق علي أكبر الغفّاري، الطبعة الثانية 1404ﻫ، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.
126- مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب المازندراني، (ت: 588ﻫ)، تحقيق لجنة من أساتذة النجف، طبعة 1376ﻫ، النجف، منشورات المكتبة الحيدرية.
127- مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، محمد بن سليمان الكوفي القاضي، كان حيّاً سنة 300ﻫ، تحقيق الشيخ محمد باقر االمحمودي، الطبعة الأُولى 1412ﻫ، قم، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية.
128- منية المريد في أدب المفيد والمستفيد، زين الدين بن علي العاملي، المعروف بالشهيد الثاني، (ت: 965ﻫ)، تحقيق رضا المختاري، الطبعة الأُولى 1409ﻫ، مكتب الإعلام الإسلامي.
129- ميزان الاعتدال في نقد الرجال، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، (ت: 748ﻫ)، تحقيق علي محمد البجاوي، الطبعة الأُولى 1382ﻫ، بيروت، دار المعرفة.
130- نقد الرجال، مصطفى بن الحسين الحسيني التفريشي، كان حيّاً سنة 1044ﻫ، تحقيق مؤسسة آل البيت، الطبعة الأُولى 1418ﻫ، قم، مؤسسة آل البيت.
131- نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة، الشيخ محمد باقر المحمودي، بيروت، مؤسسة
ص: 486
الأعلمي للمطبوعات.
132- الوافي بالوفيات، خليل بن ايبك الصفدي، (ت: 764ﻫ)، تحقيق أحمد الأرنأووط، تركي مصطفى، الطبعة الأُولى 1420ﻫ، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
133- وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، محمد بن الحسن الحرّ العاملي، (ت: 1104ﻫ)، تحقيق مؤسسة آل البيت، الطبعة الثانية 1414ﻫ، قم، مؤسسة آل البيت.
134- وفيات الأئمة، مجموعة من العلماء، الطبعة الأُولى 1412ﻫ، بيروت، دار البلاغة.
135- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلّكان، (ت: 681ﻫ)، تحقيق يوسف علي طويل، مريم قاسم طويل، الطبعة الأُولى 1419ﻫ، بيروت، دار الكتب العلمية.
136- وقعة صفّين، نصر بن مزاحم المنقري، (ت: 212ﻫ)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، الطبعة الثانية 1382ﻫ، المؤسسة العربية الحديثة.
137- ينابيع المودّة لذوي القربى، سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، (ت: 1294ﻫ)، تحقيق علي جمال اشرف الحسيني، الطبعة الأُولى 1416ﻫ، دار الأُسوة.
ص: 487
ص: 488
مقدمة المؤلّف
1.أبان بن تغلب البكري
2.أبان بن عثمان الأحمر البجلي
3.إبراهيم بن أبي البلاد
4.إبراهيم بن أبي محمود الخراساني
5.أبي بن كعب الأنصاري
6.أحمد بن إسحاق الأشعري القمي
7.أحمد بن محمد الأشعري القمي
8.أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي
9.إسحاق بن عمار الصيرفي
10.أسعد بن زرارة الخزرجي الأنصاري
11.أسلم أبو رافع مولى رسول الله
12.إسماعيل بن علي النوبختي
13.إسماعيل بن محمد الحميري
14.إسماعيل بن مهران السكوني
15.أصبغ بن نباتة المجاشعي
16.أنس بن الحرث الكاهلي
17.أويس القرني
18.البراء بن عازب الأنصاري الخزرجي
19.البراء بن معرور الأنصاري الخزرجي
20.بركة بنت ثعلبة - أم أيمن
21.بريد بن معاوية العجلي
ص: 489
22.بريدة بن الخضيب الأسلمي
23.برير بن خضير الهمداني المشرقي
24.بلال بن رباح الحبشي
25.بهلول بن عمرو الصيرفي
26.ثابت بن أبي صفية - أبو حمزة الثمالي
27.جابر بن عبد الله الأنصاري
28.جابر بن يزيد الجعفي
29.جميل بن دراج النخعي
30.جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري
31.جندب بن زهير الأزدي الغامدي
32.جندب بن عبد الله الأزدي
33.جون مولى أبي ذر الغفاري
34.جويرية بن مسهر العبدي
35.الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني
36.حبيب بن مظاهر الأسدي
37.حجر بن عدي الكندي
38.حذيفة بن اليمان العبسي
39.الحر بن يزيد الرياحي
40.الحسن بن راشد البغدادي
41.الحسن بن محبوب السراد
42.الحسين بن روح النوبختي
43.الحسين بن سعيد الأهوازي
44.حمران بن أعين الشيباني
ص: 490
45.خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري
46.خالد بن سعيد بن العاص
47.خزيمة بن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين
48.دعبل الخزاعي
49.رشيد الهجري
50.زرارة بن أعين الشيباني
51.زكريا بن آدم الأشعري القمي
52.زهير بن القين البجلي
53.زيد بن أرقم الأنصاري
54.زيد بن حارثة الكلبي
55.زيد بن صوحان العبدي
56.سعد بن عبد الله الأشعري القمي
57.سعد بن مالك أبو سعيد الخدري
58.سعيد بن جبير الأسدي
59.سعيد بن قيس الهمداني
60.سعيد بن المسيب المخزومي
61.سلمان الفارسي
62.سليم بن قيس الهلالي
63.سليمان بن صرد الخزاعي
64.سهل بن حنيف الأنصاري
65.صعصعة بن صوحان العبدي
66.صفوان بن يحيى البجلي
67.ظالم بن عمرو - أبو الأسود الدؤلي
ص: 491
68.عابس بن حبيب الشاكري
69.عبادة بن الصامت الخزرجي الأنصاري
70.عبد الله بن أبي يعفور العبدي
71.عبد الله بن بديل الخزاعي
72.عبد الله بن جندب البجلي
73.عبد الله بن سنان بن طريف
74.عبد الله بن شريك العامري
75.عبد الله بن عروة الغفاري
76.عبد الله بن مسكان
77.عبد الله بن المغيرة البجلي
78.عثمان بن حنيف الأنصاري
79.عثمان بن سعيد العمري
80.عثمان بن مظعون الجمحي
81.عدي بن حاتم الطائي
82.علي بن محمد السمري
83.علي بن مهزيار الأهوازي
84.علي بن يقطين
85.عمار بن ياسر
86.عمرو بن الحمق الخزاعي
87.عيسى بن عبد الله الأشعري القمي
88.فضة النوبية خادمة الزهراء
89.الفضل بن شاذان النيشابوري
90.الفضيل بن يسار النهدي
ص: 492
91.القاسم بن محمد بن أبي بكر
92.قنبر مولى أمير المؤمنين
93.قيس بن سعد الأنصاري
94.قيس بن مسهر الصيداوي
95.كميل بن زياد النخعي
96.كنكر أبو خالد الكابلي
97.لوط بن يحيى - أبو مخنف الأزدي
98.ليث بن البختري - أبو بصير المرادي
99.مالك الأشتر النخعي
100.مالك بن التيهان أبو الهيثم الأنصاري
101.مالك بن نويرة التميمي
102.محمد بن أبي بكر
103.محمد بن أبي عمير الأزدي
104.محمد بن الحسن الصفار
105.محمد بن عثمان العمري
106.محمد بن علي مؤمن الطاق
107.محمد بن مسلم الثقفي
108.المختار بن أبي عبيدة الثقفي
109.المفضل بن عمر الجعفي
110.المقداد بن الأسود الكندي
111.ميثم بن يحيى التمار
112.نصر بن مزاحم المنقري
113.هاشم المرقال
ص: 493
114.هاني بن عروة المذحجي
115.هشام بن الحكم الكندي
116.هشام بن سالم الجواليقي
117.يحيى بن أبي القاسم الأسدي - أبو بصير
118.يحيى بن أُم الطويل المطعمي
119.يعقوب بن إسحاق السكيت
120.يونس بن عبد الرحمن
* فهرس المصادر
* المحتويات
ص: 494
1- علماء في رضوان الله
نبذة مختصرة عن حياة (200) عالم، طبع عام (1430ﻫ) في (640) صفحة.
وطبع تحت عنوان «ورثة الأنبياء» عام (1430ﻫ) في (588) صفحة.
2- مناسبات إسلامية وفق السنة الهجرية
شرح مختصر ل-(120) مناسبة مهمّة تستحقّ الذكر والإحياء، طبع عام (1432ﻫ) في (552) صفحة.
3- أسئلة وأجوبة عقائدية
الإجابة على (173) سؤالاً، طبع عام (1432ﻫ) في (288) صفحة.
4- موسوعة الأسئلة العقائدية
مجموعة من الأسئلة الواردة لمركز الأبحاث العقائدية مع أجوبتها، إعداد وتحقيق، طبعت عام (1428ﻫ) في (5) مجلّدات.
5- جامع المصطلحات الفقهية عند الإمامية
مجموعة مصطلحات فقهية، إعداد وتحقيق، طبع عام (1433ﻫ) في مجلّدين.
6- موسوعة عقائد الأئمّة الأطهار / معرفة الله
طبع منها مجلّدان يتضمّنان (250) موضوعاً حول معرفة الله تعالى، أحد أعضاء لجنة الإعداد، طبعت عام (1433ﻫ).
7- شخصيات مهمّة من أصحاب النبي والأئمّة
(الذي بين يدي القارىء العزيز)، شرح مختصر ل-(120) شخصية مهمّة من أصحاب النبي والأئمّة، تأليف، طبع عام (1433ﻫ) في (...) صفحة.
ص: 495