ارشادات و نصائح للفتيان

هوية الكتاب

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة

لمؤسسة المعارف الاسلامية

الطبعة الأولى

1996م - 1416 ه

---------------------------------

هوية الكتاب

إسم الكتاب:... ارشادات ونصائح للفتيان

تأليف: ...رضا فرهاديان

المترجم: ... ابراهيم الخزرجي

النشر: ...مؤسسة المعارف الإسلامية

صف الحروف: ...مؤسسة المعارف الإسلامية

الطبعة: ... الأولى 1416 ه.ق

المطبعة: ... پاسدار اسلام

العدد : ...2000 نسخة

عنوان واسم المؤلف: ارشادات و نصايح للفتيان [کتاب]/رضا فرهاديان

تفاصيل المنشور: قم: مؤسسة المعارف الإسلامية، 1375

مواصفات المظهر: 84ص.

حالة الفهرسة: في انتظار الفهرسة (معلومات التسجيل)

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 3420645

ص: 1

اشارة

ارشادات ونصائح للفتيان

ص: 2

رضا فرهاديان

ارشادات ونصائح للفتيان

-1-

ترجمة: ابراهيم الخزرجي

ص: 3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 4

إنّ حياة اليوم هي حياة مدرسية، والإنسان بإرادته يعين مصير نفسه سعادةً أو شقاءٌا، فإن أردتم أن تكونوا أعزّاء مرفوعي الرأس لا بد لكم من اغتنام ثمرة العمر بتفجير طاقات الشباب فيكم، وسيروا في طريق تحصيل العلم والعمل وكسب المعارف بجد وحزم .

الإمام الخميني (قدس سره)

ص: 5

ص: 6

مقدمة الكتاب:

إنّ الشاب ومن أجل أن يدرك نفسه ادراكاّ صحيحاّ ويتعرف على المحيط الٌذي يعيش فيه، يحتاج الى من يهديه ويرشده الى السبيل، حيث أنه في تكامل ورشد مستمرين، إذ يرافق هذا التكامل الجسمي - وبشكل طبيعي - حالات وتطورات نفسية وعاطفية، وهكذا يستمر جسم الشاب في تكامله وبشكل غير ارادي، وفي قبال هذا التكامل تکاملاّ روحيا ونفسياّ آخر.

ويأخذ هذا التكامل وضعه الطبيعي، إذا ما كان الشاب من الناحية الفكرية والاعتقادية على جاده الصواب، متمشياّ بذلك مع قانون النظام الكوني.

ولذا يحتاج الشاب ومن أجل أن يتكامل روحياّ في بناء شخصيته الى هداية وارشاد مرشدين صلحاء يفكروا في خيره وصلاحه.

ويحتاج الشاب من جهة أخرى الى التأمل في نفسه وسلوكه وأفعاله وردود فعله عما يحدث حوله، فهو في حاجة الى أن يتعلم كيف يعيش؟ خصوصا بعد ما يدرك نفسه، ويرى أن له وجوداّ، حيث يتساءل: من أنا؟ وأين أعيش؟ وكيف ينبغي أن أكون ؟

ولا بد له من جواب مقنع لذلك، ليتمكن على ضوئه أن يخطو خطوات عقلائية مدروسة، ويكون له مستقبلا مشرقا وضاء.

يقول أحد الأخصائيين في علم النفس(1)

ص: 7


1- الدكتور الانجليزي المعروف في علم النفس: استاس چسر .

«انٌي وبعد التحقيقات الكثيرة التي أجريتها على عدة من المرضى لغرض التعرف على أسباب أمراضهم، توصلت الى أن هؤلاء جميعا لم يتطبعوا في مرحلتي الصبا والبلوغ على طريقة الحياة في المجتمع، ولم يرشدهم أحد بالمقدار الكافي، فإن أكثر هؤلاء اليوم آباء وأمهات، ولهم بنين أيضا، حيث ينقلون أمراضهم النفسية الى أبناءهم من دون ارادة منهم لذلك أو علم».

والشاب يكون عاده خالي الذهن لكونه لا يملك التجربة الكافية، ولعدم مساعدة عمره لذلك، ولم تمر عليه التوائب بعد، فيكون بذلك قد لاقی مقدار يسير من تلك المشاكل، ولذا فالفرصة لم تسنح له في تشويش صفحة ذهنه الصافية ، فهو يتذكر - أكثر من غيره - ما مر عليه من حوادث وأمور، لحداثته وقرب عهده بمرحلة الطفولة، ويتحسس بعض سلوكه في تلك المرحلة السابقة، فيعرف أسباب ذلك السلوك ويعالج السقيم منه بسهولة تامة.

إن أمام الشاب شطرأ غير يسير من عمره يمكنه فيه بعد التعرف على نفسه سد الطريق أمام التصرفات الرعناء فيما يواجهه في المستقبل من حوادث .

ص: 8

الخطوة الأولى

إن أهم ما يلزم على الشاب معرفته قبل تعرف على المحيط وظواهره - هو معرفته لنفسه، فإن معرفة النفس والالتفات إليها سر من اسرار هذا النظام، إذ أن الانسان مضافا الى علمه وشهوده للأشياء التي حوله، يجد أن لنفسه علماً آخر، وهو العلم الحضوري(1) ، الذي يتمكن من خلاله الالتفات الى نفسه بصورة أكيدة، ويحاول على ضوءه تقييم ما يصدر عنه من تصرفات وأفعال، أفضل مما يقيم به ظاهرة من الظواهر الكونية، فيدرس سلوكه ويضعه تحت الاختبار والتحقيق العلمي . فإن الإنسان قد يخطأ في ما يكتسبه من علوم ومعارف، غير أنه لا يمكن أن يخطأ في إدراك نفسه(2) ، فإنه بمعرفته لنفسه وإصلاحها يصلح جميع أفعاله، وتكون له حينئذِ القدرة على تحمل الانتصار والثبات عند الانكسار والاندحار في شؤون الحياة، من دون أن يبدي ضعفا من نفسه، إنه

ص: 9


1- العلم الحضوري: هو إدراك كل منّا لنفسه بمحض التفاته إليها ومن دون واسطة، ويسمى هذا الإدراك (علماً حضورياً) وأما العلم الحصولی: فهو عبارة عن حضور صور الأشياء لدى الذهن بواسطة ادراك الحواس لها، ومن ثم نتعقلها، راجع کتاب: المنهج الجديد في تعليم الفلسفة للاستاذ الشيخ مصباح، بحث العلم الحضوري، الجزء الاول.
2- قال تعالى:«بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ » القيامة: 14.

يتمكن بقوة الايمان والتوكّل على الله تعالى من تجاوز كلّ ذلك بعزم راسخ، فإن اغترّ بتوفيقه ونجاحه أو يأس عند خذلانه كانا عليه وبالأ وخطراً عظيما.

فلو اراد الشباب الأعزاء سعادة الدنيا فعليهم بمراجعة أنفسهم والتعرّف على معايبهم، وازالتها الواحد تلو الآخر.

إن على الشباب بعد تجاوزهم لمرحلة الطفولة أن لا يستهينوا بمرحلة البلوغ الجديدة، ولا بد لهم . من المعرفة التامة في هذا المقطع الحساس والمليء بالأحداث، وعليهم بالمراقبة المستمرة من أجل أن يتجاوزوا هذه المرحلة بسلام.

إننا وبعد مطالعة حياة القادة العظام - الّذين كانوا منشأ الخير في مجتمعاتهم يهدوهم الی سبيل المعرفة والعدل والتوحيد - نقف على أمر هام، وهو أن تجاوز هؤلاء لمرحلة البلوغ الحساسة بنجاح وموفقية ينبيء عن سلامتهم الفكرية وصفاء أنفسهم، حيث تجاوزوا تلك المرحلة بمعرفة تامة وبصيرة نافذة، واغتنموا ما استطاعوا من استعدادهم، فسلكوا منهجاً تفجرت به طاقاتهم حيث ارتقوا سلّم الكمال، وبذلك كانوا منشأ الخير لأنفسهم ولمجتمعاتهم.

فالتأمل في حياة العلماء والقادة الاجتماعيين والدينيين من الأنبياء (عليهم السلام) وغيرهم، يساعد الشاب على اتخاذ الموقف المناسب عند حدوث المشاكل في جميع مراحل الحياة ويعلّمه كيفية مواجهتها، وبذلك ستتفجر طاقاته جميعا.

وأما غير هؤلاء الأعاظم من المنحرفين الّذين هم مادّة الفساد والضلال -

ص: 10

لأنفسهم ومجتمعاتهم - فنجد أنهم كانوا منحرفين في مرحلة البلوغ الحساسة، قد تلوث وجودهم بآثام المعاصي، فانمحقت بذلك شخصياتهم تماما .

إن عدم معرفة الشباب بأمور ما يتعلق بمرحلة البلوغ يوجب التزلزل في شخصيته والاختلال في روحيته ونفسيته، ويكون مستقبله مظلماَ ومبهماَ.

ص: 11

ص: 12

نظرة نحو المستقبل

إن أمامكم ايها الشباب فرصاَ كثيرة في المستقبل، لكم فيها حق التمتع واغتنامها متى شئتم، ولكن كيف؟ ولأي هدف ؟

إن هناك أعمالا هامة تنتظركم في المستقبل، من قبيل معاشرة الأصدقاء والقرناء، والتردد مع أولي القربى والأرحام، وكيفية معاملتهم، وانتخاب نوع القسم الدراسي، والسعي في كسب المقام الاجتماعي، وكيفية أداءه على أحسن وجه، الى آخر ذلك.

وخلاصة الكلام: أنكم ستفكرون في يوم ما بأمر زواجكم و تشکيل بيت عائلي، وتربية البنين، وقد تواجهون ايضا أمور أخرى، من قبيل: اليأس، وضيق الصدر، الهم والحزن، والمرض و...، ولعلكم في يوم ذقتم طعم الانكسار واليأس.

إن تحمل هذا اليأس والغم في هذه المرحلة قد يكون صعباَ على الشاب، حيث قد يتصور أنه المحزون الوحيد في هذا العالم، ولا يخطر بباله معاناة الكثير من الناس لمثل هذه الابتلاء آت في حياتهم، إذ أن مثل تلك الحوادث تُصيب الانسان على حين غرّة، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، إلّا أنّ تلك الابتلاءات معنی خاصا، إنها ليست مجرد حوادث تصيب الإنسان من دون أي هدف فيها، إن وراءها هدف محددة، فعن النبي (صلى الله عليه و آله) إنّه قال: «البلاء للظالم أدب وللمؤمن امتحان وللأولياء درجة»(1)

ص: 13


1- بحار الانوار: ج 81 ص108.

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام):

«المؤمن يبتلى بأنواع البلاء»(1)

إن الشاب المؤمن بإدراكه الصحيح لنفسه ولما حوله يعتبر جميع تلك الابتلاءات اللاختيارية جسراً وسلّماً في رقيه، وسببا في هذا الامتحان الإلهي، حيث تكون سعادته رهينة موفقيته في ذلك، فإن تجاوزها عن بصيرة من أمره استطاع أن يبني لنفسه مستقبلاً زاهراً.

ان الحوادث والوقائع التي جرت على كبار القادة الاجتماعيين والدينيين - أخذاّ من الشيخ الأنصاري، والإمام الخميني، العلّامة الطباطبائی - قدّست اسرارهم - الى علماء الطبيعة كأنشتاين ، وأديسون، وباستور و..، كلّها لسان حال لحقيقة واحدة، وهي: أن هؤلاء تمكنوا من تجاوز تلك العقبات بسبب ما لديهم من رؤئ صحيحة حول الواقع وسلوك صحيح و معقول تجاهها.

وبشكل عام، لو كان لنا هدفاّ واعتقاداّ صحيحين، فإنهما سيورثان الاطمئنان في أنفسنا، ونأنس بهما، ويعطيانا قوة نتمكن بها من السّعي الحثيث الذي ندخل به ساحة الصراع، و به نتقدم الى الأمام، وبذلك نكون مسرورين بما حصلنا عليه في تحقيق ذلك الهدف.

الرؤية للواقع

إن الإنسان يميل بطبعه الى التغاضي وإغماض النظر عن تقاعسه وتكاسله وعدم قيامه بالمسؤولية، ويحاول تحميل الآخرين ما يصيبه من

ص: 14


1- ميزان الحكمة: ج1ص 484.

عواقب بسبب تقصيره، إنه لا يرى في نفسه عيوباّ، وهو ليس بصدد رفعها، وهذا احساس موجود في الكثير منا. فالتجربة أثبتت إننا نرغب في أن نرى أعمالنا كما تحب نحن ونرید لاكما هي على حقيقتها إننا لا نرغب في التفكير ولو قليلا من أجل رفع عيوبنا، في الوقت الذي يكون التفكير فيها موجبة لاجتناب تکرار الخطأ والوقوع فيها مستقبلا، فلو امتلكنا هذه النظرة الصحيحة نكون كل يوم قد تقدمنا خطوة نحو الكمال ورفع العيوب.

فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:

«معرفة النفس أنفع المعارف». .

بل أناط النبي (صلى الله عليه و آله) معرفة الخالق بمعرفة النفس، فقال: «من عرف نفسه فقد عرف ربه».

فإن الانسان ما لم يعرف نفسه، ويحدد هدفه، ويعرف أسباب رغباته وميوله الباطنية ويحللها تحليلا صحيحا، ولم يعرف الهدف من الخلقة والايجاد، لم يتمكن من تقييم ومعرفة مشاكل الحياة بشكل صحيح، ولا من إبداء نظر صحيح قبالها .

أهم مراحل الحياة

إن مرحلة الشباب من أهم مراحل الحياة، التي لو كان الشاب على بصيرة منها، و تعرُف على ما يحدث في بدنه - وبدن غيره من الشاب - من تغيرات لتجاوزها بسهولة، إن أهم أعراض و مختصات هذه المرحلة هو ظهور الشهوات والأهواء الجنسية لدى الشاب، ولا يؤمن على الشاب عدم المعصية إن كان

ص: 15

جاهلاً بامور و مسائل هذه المرحلة، فلو تعرف على مسائلها - سواء بنظرته الواقعية عنها أو باستهداء من جهة معنيّة ببيان الأمور العامة التي تخص مرحلة البلوغ و مسائل تكثير النسل التي أودع الله تعالی جهازها في جميع الموجودات أعم من الانسان والحيوان والنبات من أجل حفظ و بقاء نسلها بشكل منطقي صحيح يكون احتمال الانحراف فيه حينئذ ضعيف جدا.

إن على الشاب أن يعرف قدر شبابه في هذه المرحلة الخطيرة ولا يشغل نفسه وفكره بالتعرف على المسائل الجنسية التي تسبب انحرافه بشكل غير مباشر، فإن البحث والتأمل المفرط في هذه الأمور يوجب إثارة الغرائز والوساوس الشيطانية في نفسه، فيختل بذلك برنامجه الدراسي وتوازنه في حياته ويكون في حيرة وضلال، وأخيرا ستذهب من يده تلك الاستعدادات وطراوة الشباب من دون مبرر لذلك.

أعراض البلوغ في الجسم

إن أعراض هذه المرحلة تظهر في بدن الشاب في جملة من التغيرات الفيزيولوجية، فتوجد في أبدان البنين والبنات وضعا جديدة تماما، بحيث يشتد نشاط الغدد الداخلية والخارجية المترشحة لديهم(1) ، وتكون وظيفة الأعراض

ص: 16


1- قد ثبت علمياً أن البدن في حاجة لجميع ما ترشحه الغدد الداخلية والخارجية، وللغدد الجنسية سواء عند الرجل أو المرأة ترشحات مشابهة أيضا، اما الترشحات الداخلية وهي الهرمونات الجنسية - كالتنسترون و الروجسترون والاستروجن - فلها ضرورة ملحة في القيام ببعض النشاطات البايلوجية في البدن حين البلوغ الجنسي، وأما الترشحات الخارجية عند الرجل فهي عبارة عن غدد تناسلية (المني) تحتوي على مادة الإسبرماتوزوئيد التي يكون البدن في غنى عنها إلا أنها مؤثرة في تكاثر النسل، راجع كتاب: البلوغ للدكتور أحمد الاردوبادي.

الأولية للبلوغ هي التناسل .

والسبب في حصول هذه التغيرات هو ظهور غدد فقالة في البدن كغدة الهيبوفيز آدرنال الواقعة أعلى الكليتيين، و غدد جنسية اخرى.(1).

وهذه التحولات هي طليعة التكامل البدني، التي قد لا يلتفت إليها في باديء الأمر، إلا أن تكون محسوسة بلحاظ الوضع الظاهري، خلافاً لها في مرحلة الطفولة، وتنعكس تلك التغيرات على سلوكه في حالاته النفسية تماماً.

والبلوغ الطبيعي عند البنين يبدأ بلوغهم (15 سنة) وعند البنات ببلوغهن (9 سنوات)، حيث تطرأ تغيّرات محسوسة في بدن اكثر الشباب تستمر معهم الى آخر عمرهم ولكن بصورة بطيئة، والذي يكون محسوس أكثر من أي شيء آخر من تلك التغيّرات هو طول القامة، وزيادة الوزن، ونمو العضلات والمفاصل السريع، ولأعضاء البدن الداخلية، تکاملاً مشابهاً . ومن تلك العوارض البارزة ظهور الشعر في الوجه وبعض أعضاء البدن، ويكون الصوت عند البنين مزدوجة، وعلامة بلوغهم هي الاحتلام في النوم.(2)،

ص: 17


1- أن الآثار الجسمية والظاهرية للبلوغ عند البنين والبنات - كغلظة الصوت وقوة العضلات عند البنين - تحتاج الى نشاط الغدد الجنسية (البويضيات) والی ترشح مادة الهرمون، وهذه المادة تبدأ بعد الترشح وبواسطة دوران الدم في جميع أعضاء وخلايا البدن، وذلك بايجاد تغييرات في تلك الأعضاء الجنسية التي يعبر عنها جميعا بالآثار والعلامات الجنسية الثانوية، ويقابل هذه علامات و آثار توجد مع الانسان منذ تولده، حيث تكون علامة على ظهور الجنس فيه وتسمى بالعلامات الجنسية الأولية، المصدر السابق: ص 46
2- الاحتلام: عبارة عن إنزال المني في النوم، ولا عدد ثابت للاحتلام بل يتفاوت من شخص لآخر، وهو أمر طبيعي يوجب التوازن الجسمي والنفسي في الشاب، والاحتلام غالبا ما يظهر في مراحل البلوغ الأولى، وقد يتأخر لأسباب وظروف جغرافية مثل الماء والهواء و القومية، فلو ابتلي شاب بتوالي الاحتلام ليلية أو في أغلب الليالي، ويستمر على ذلك كان له على بدنه مضاعفات كضعفه البدني والنفسي، وهناك أمور بمراعاتها يمكن الحد من الاحتلام المكرر وهي: تناول وجبة قليلة من الطعام ليلياً وعدم التملّي، الإمتناع عن تناول ما يثير الجنس کالروائح الحارة والمواد السُكرية، تخلية المثانة بالتدرر قبل النوم، عدم التفكير بما يثير الغريزة من الأفكار التي قد تجر بالشاب الى بروز تشنّجات روحية وعصبية لديه، والاسحار صباحاً، فإنه بعد الالتزام بهذه الأمور يرجع بالاحتلام الى حالته الطبيعية، فإن لم يرجع الى الوضع الطبيعي - كما عند ضعيفي البنية من الشباب ذلك - يتحتّم مراجعة الطبيب للحدّ من ذلك، البلوغ للدكتور أحمد الأردوبادي ص 160.

ويتفاوت ظهور هذه العلامات في الأشخاص كما يتفاوت زمانها .

أعراض البلوغ النفسية والروحية

البلوغ في الواقع عبارة عن التغير والتحول السريع الذي يعم بدن الشاب بأسره، فهو نوع تولد جدید، به يكون الشاب شخصا آخر، لما تعرض عليه من روح جديدة و علامات جسمية تجعله يختلف تماما عن المرحلة السابقة .(1)

وللشاب رغبات وأمنيات متضادة، إنه يحب أن يكون مع رفقائه في حين يحب الخلوة بنفسه، فإن صبي الامس الذي كان كله حيوية ونشاط صار اليوم شابا حساسأ سريع الانفعال، ولهذه التغيرات الجسمية تأثير كبير في ايجاد أرضية التحولات النفسية لديه، إن الشاب وبعد ظهور القوة الجنسية يكون حساسا بالنسبة للجنس المخالف، إنه يحب التطلع على الأشياء ومعرفتها

ص: 18


1- قد يتفق غالباً شكاية الوالدين والمعلمين من الصبي الّذي وصل سن البلوغ فيقولون مثلاّ: «إنا لا نستطيع التعرّف على ما يريده هذا الصبي إنه قد تغير تماما» الدكتور مسروب بالايان اخصّائي في البلوغ.

فيصاب بالحيرة.

وكونه حساًساً سريع التأثر يكون سبباً في ابداءه لرد الفعل السريع تجاه الآخرين، إنه قد يغرق في التفكير تارة ويفكر في كلام الآخرين أخرى، سريع الانعطاف يتخذ من أقرانه أسوة له يقتدي به في أفعاله .

إن الشاب وبلحاظ أعراض المرحلة السّابقة - من النمو والاستقرار النسبي - يكون قد واجه تحولاً سريعاً ومفاجاً، فهو يمارس افعاله تبعاً لميله وأغراضه الباطنية، إنه يحبُّ البروز والتحرر"،(1) إنه قد واجه في علاقاته الاجتماعية نوعا من التكلکّأ والاضطراب، فهو يحاول إظهار طاقاته الباطنية بنحو ما، وجميع هذه الأمور - من حب إظهار الشخصية والتملك والتصنّع في العلاقات مع الآخرين هو من أفعاله الظاهرة والبارزة، إنّه يحبُّ غالباً التنويه باسمه في الملأ، ويرغب باناطة مسؤولية إليه، أو القيام بدور ما.(2).

قد يكون للشاب في هذه المرحلة شخصية متزلزلة، يفقد فيها أحيانا الثقة بالآخرين، إنه نافذ الصبر لا يتحمل عبأ أي شيء، يريد أن يعيش مستقلا، فعلى ابويه ومعلميه ادراك مثل هذا الشاب، وأن يتعاطفوا معه بمودة، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه و آله) في وصيته للوالدين والمعلمين بالشباب إنه قال:

«أوصيكم بالشبان خيرا فإنهم أرق أفئدة»(3).

ص: 19


1- عندما يصل الشاب الى مرحلة البلوغ يواجه أموراً من قبيل: الحرية والاستقلال والتحرر الفكري، يقول الدكتور اودلوم: «إن ما يحصل من تغيّر جلي في مرحلة الشباب - مما يلفت النظر - هو تغيّر الأخلاق والأفعال وحسّ التحرر والاستقلال، الذي له الأثر البالغ والواسع في حياته» راجع کتاب: البلوغ، للدكتور أحمد الأردوبادي ص 22.
2- إن أفضل ما يتمكن الشاب من القيام به في هذه المرحلة المهمة هو مشارکته للجماعة في النشاطات المدرسية، ليتمكن بذلك من إبراز خلاقيته الثقافية والفنية في هذا المجال .
3- ميزان الحكمة: ج 5 ص 5.

تكامل الشاب الذهني والعقلي

إن للشاب في هذه المرحلة تكاملاً ملحوظاّ يتمكنُ به بلوغ قمة التحول العقلي، بنحو يتمكن ممارسة التفكير الذهني بشكل صحيح، فإن الّذي امتاز به المتقدمون على الشباب هو التجربة، بحيث يتمكنوا من توجيه ما يقومون به بسهولة، لوجود نوع من التكافؤ بين عقولهم وقدراتهم الذهنية وبين أعمالهم، بحيث تتخذ أعمالهم طابعاّ خاصاّ، وتخرج عن إطار الطابع العام السّابق - حسب ذوقه ورغبته فيلتجأوا الی انتخاب أحد الأعمال الفنيّة أو الثقافية التي يحبوها، وأما الشاب فهو وان كانت له قدرة على التفكير ويحاول التخلص بنفسه عن قيود المحسوس والملموس اللذان هما من مختصات مرحلة الطفولة، إلّا أنه قد يشكك في بعض الأمور ويحاول تجديد نظره فيما يعتقده مرة أخرى ولكن عن طريق إقامة البرهان ليصدق به، ولذا أوجب الاسلام على الشاب في مرحلة البلوغ والتكليف رفض أي تقليد أعمى ولو لوالديه، إنه يحتاج الى الاستدلال العقلي على أصول دينه، لينفذ التصديق بها إلى أعماق نفسه، ولكي لا يتزلزل اعتقاده عند مواجهته الابتلاءات فيشكك أو يتردد، إن عليه أن يعرف أن الحياة ليست مجرد الأكل والشرب حسب، فلا يليق به السّعي وراء لذاته وشهواته كما كان يسعى لها في زمان الصبا، بل هناك هدفاّ سامياّ لا بد له من تحقيقه بسلوكه الطريق الكمال.

إن عليه أن يتعرف على الحياة حسب ما جاء في توصيات وتعليمات

ص: 20

قادة ومعلمي البشرية جمعاء محمد و آله الطاهرين (عليهم السلام أجمعين)، من أجل ترسيم خطوط جديدة في الحياة .

بروز هوية الشاب

يواجه الشاب في هذه المرحلة تحولاً صعباً، يحيط بوجوده من جهات ثلاث: التحول البايلوجي، والتحول النفسي والروحي، والتحول الاجتماعي .

أما التحول البايلوجي: فيواجه الشاب فيه تغيّراً ملحوظاً يكون توأما مع الدغدغات الجنسية، والشاب يحاول فيه في الوهلة الأُولى أن يأنس هذه التغيرات الجمسية والجنسية الجديدة، ويحاول في التحول الاجتماعي: ايجاد نوع من الارتباط بمحيطه، بالمشاركة في الأعمال الجماعية، وباظهار رغبته بالمشاركة وأنه عضو لتلك الجماعة، فيؤمن عن هذا الطريق احتياجاته الاجتماعية.

إن أهم شيء في التحول الروحي للشاب هو عثوره على هويته وانيته إذ أنه لا يملك تصورة صحيحة عن نفسه، ولكنه سيرئ لنفسه وجودة جديدة بالتدريج.

إن على الشاب ان يربط حاضرة الجديد بالماضي من مراحل حياته، لكي تتخذ شخصيته الفردية قالباً جديداً، والشاب قد يتغلب عليه الشعور بحالات تعرض عليه خصوصا في حالات خلوته فيفكر ويتساءل: من أنا ؟ وما هذا العالم المحيط بي؟ وكيف علاقتي بالعالم؟ وما هو موقعي من العالم؟ وما هو

ص: 21

هدفي ؟ وكيف ينبغي لي أن أكون؟ ومنشأ جميع هذه التساؤلات هو بروز هويته الشخصية، حيث يواجه في الجواب عنها اضطراب وحيرة، فإنه بعد البحث عن شخصيته يصل إلى نتيجة وهي: أنه لا بد له من معرفة أي الأمور مهمة وأي الأفعال حميدة؟ ويحتاج الى معرفة الموازين الصحيحة ليتمكن على ضوئها من معرفة صحة أفعاله وأفعال الآخرين ومن تقييمها.(1)

فلو طوى تطوره الذهني مسيره الطبيعي على اساس من النظرة الصحيحة سيحصل الشاب على جواب منطقي و معقول لتلك الأسئلة، وستتخذ شخصيته رونق فردي و اجتماعية جديدة، يكون الشاب على اساسه واثقة بنفسه . وفي هذه المرحلة يتجلى دور الدين الأساسي في التوجيه الصحيح للشاب لمعرفة الله تعالى الذي هو مبدأ الكمال المطلق، وتربية نفسه وروحه وقيادة شخصيته .

فالشاب وبعد أن يعرف الجواب عن هذه الاسئلة الصعبة واقعة والبسيطة ظاهرا - وذلك لأنها نابعة من ضمير الشاب فجأة فتعرض على صفحة ذهنه - يكون مطمئن النفس ويخرج عن حالة الحيرة والاضطراب، وبذلك سترتدي شخصيته لباس جدید تقوی به ارادته، فهو باقتداءه بنماذج من الشخصيات

ص: 22


1- لو لم يتمكن الشاب من التحقيق الدقيق في الأمور الكونية، ولم يتعرف على أصول النظرة الاسلامية للعالم، ستتغلب على عقله - وهو في أهم مراحل حياته - الأفكار الجافة ويكون عقله عشاً لأنواع التخيلات والأحلام الذهبية، وفي مثل تلك الأحوال يصعب على الشاب معرفة سبيل الحق من الباطل، أو تشخيص الموقف الصحيح عن الغير صحيح، لكونه غارقا في أحلام مرحلة الشباب، فهو بذلك يكون قد انفصل تماما عن ادراك الحقائق والمسلمات في عالم الخارج، وهو جاهل بمبدأ الكمال ومفيض الوجود، غافل عن اسباب التكامل والقرب إليه تعالی .

الدينية العظيمة، ينهض وبهمة عالية ليصرف معظم طاقاته في هذه المرحلة في طريق تهذيب نفسه وتهذيب الآخرين.

الخوف لدى الشاب

تشير ارقام التجربة والتحقيق الى أن أغلب المخاوف الوهمية التي لا أساس لها في مرحلة الطفولة من قبيل الخوف من الظلمة، والخلوة، ومن الحيوانات و... تزول في مرحلة الشباب ويحل محلها مخاوف جديدة خاصة بالمرحلة الفعلية الجديدة، ومخاوفها عادة تكون مما يتعلق بأداء واجباته المدرسية، ومن احساس النقص والعجز والتسرع في تحصيل منصب اجتماعي، وهذه غالبا هي مخاوف مرحلتي الصبا والشباب، وقد يكون اضطرابه ناشئا من حواره مع اصدقائه أو أقربائه أو من مطالعته لبعض الكتب، أو من سماع الأخبار من وكالات الأنباء، فهو في قلق دائم من نتائج امتحاناته التي يخاف أن لا يوفق فيها، ويخاف من الفشل الذي قد يصيبه في المستقبل جزاء أداءه للتكاليف المدرسية المنوطة اليه، فيحقر ويعاتب على ذلك.

إنه يخاف التحقير في مجلس الدرس فيهزأ به الأستاذ والتلاميذ، فلا يتمكن من الدفاع عن نفسه .

ومن جهة أخرى، فالشاب كما يجب أن يعيش مستقلا وبعيدا عن والديه فهو كذلك يحبهما ويرى لنفسه ارتباطأ بهما، فيستولي عليه خوف فقدانهما أو مرضهما أو ابتلائهما ببلاء، وهكذا يكون الشاب مضطربة مما قد يواجهه من الوضع الاقتصادي والمالي لعائلته، إنه في قلق من الفقر والاحتياج، بل في قلق

ص: 23

حتى من وضع سلامته البدنية لئلا يمرض، أو لا يجد عملاً مناسباً له، أو لا يكون في مستوى المسؤولية، فيفقد شخصيته في المستقبل، إنه في حذر مما قد يمس حيثيته الاجتماعية والأخلاقية، فيحاول الشاب في مثل هذه الظروف أن يهرب من مواجهة الواقع لقلقه بأنه قد يكون فردا غير لائق في المجتمع.

وهذا الخوف والاضطراب من المستقبل المبهم والحياء والهروب من واقع الحياة والياس الناشيء من مشاكل الماضي كل ذلك يجعل من شخصيته شخصية متزلزلة، ولذا قد يبتلى بالقلق النفسي والروحي دائماً.

فالشاب يحتاج وأكثر من أي وقت آخر الى مقر أمن لتفكيره، ومحل لاتكائه الروحي، ليخرج من الاضطراب والقلق فيما يتعلق بالحاضر والمستقبل، وليتمكن من الاستمرار في الحياة باطمئنان أكثر.

وذكر الله تعالى في هذه الأحوال يُعطي الشاب اطمئناناً قلبياً، وجلاء باطنياً، ويُضيء ميله للدين المستبطن في فطرته نقطة الأمل في قلبه، ويحدّ من اضطرابه الروحي.

فإن التجربة أثبتت أن الشباب المؤمنون بالله تعالى المتوكّلون عليه لا سبيل للخوف والاضطراب الى قلوبهم، ويكون لهم حضوراً ملحوظاً في مختلف مراحل الحياة، ويقفون بعزم وارادة فولاذيين في مواجهة المصاعب بنحو يُبهر الآخرين شجاعتهم وصلابتهم، وما شهدته ساحات الحرب في السّنوات الأخيرة - بين العراق و ايران - خير شاهد على ذلك، إذ شهدنا كيف أن شاباَ في مقتبل العمر مجرداَ من السلاح قد أسر عدداً من مسلحي الأعداء، وساقهم الى مقر وحدته بمفرده .

ص: 24

الغضب عند الشاب

الغضب عند الشاب عبارة عن حالة هجومية دفاعية، تظهر عند تعرض مصالحه للخطر، أو عندما يمنعه مانع من الوصول الى بغيته، أو عند عجزه عن إتمام عمل ما.

وردود الفعل بابراز الغضب تختلف من شاب لآخر، فإنه يظهر عند البعض في أوائل البلوغ خاصّة بشكل تمرُد وعصيان، وعند البعض الآخر.

بشكل صياح بصوت عال، وعند آخرين بشكل سكوت وإقطاب في الوجه أو بالانزواء والتأوه، وهكذا يظهر بأشكال أخرى مختلفة من قبيل: وكزه للأرض برجله وضربه للباب والحائط.

ومدة الغضب عند الشباب اكثر منها عند الصبيان، إذ أن الغضب قد يكون ناشئ من أمور قد حرم منها الشاب ولم تتحقق فيها آماله، ولم يتمكن من تحقيق ارادته الآنية فيها، فمثلا يريد الرقود فیصدوه عنه، أو يوقظوه من نومه الهانيء، أو يفعل فعلا يكون عاجزة عن اتمامه، أو يقع وعائلته مظلومين في المجتمع، أو تؤخذ حوائجه ولوازمه من دون اذنه، إلى غير ذلك.

والغضب قد يكون ايضأ ناشئا من العوامل الطبيعية، كتغير درجة الهواء إلى البرودة، أو الحرارة الشديدتين وغيرهما من العوامل الأخرى، وقد يكون ناشئة من معاملة وسلوك الوالدين مع الشاب.

وعلى الشاب في كل ذلك أن يحافظ على هدوء ويتسلط على أعصابه، ويحاول أن لا يفقد توازنه بسرعة، فإن عليه و قبل القيام بأي رد فعل أن يُفكر

ص: 25

بعاقبة ذلك، إذ أن إرخاء العنان للغضب يُوجب حالة انهيار الأعصاب تدريجياً، ومن ثم يفقد العقل سيطرته، ويكون ضعيفاً، وايضاً فإن الإفراط في الغضب يجعل من الانسان مجنوناً، حيث يصدر منه كلّ ما لا يسمح بصدوره العقل، فعن الصادق (عليه السلام) أنه قال:

«الغضب مفتاح كل شر.»(1)

وعن النبي (صلى الله عليه و آله) إنه قال:

«الغضب يُفسد الإيمان كما يُفسد الخل العسل».(2)

فعلى الشاب أن يُهذّب غضبه في علاقاته مع أبويه واصدقائه والّذين هم أقل منه منزلة، هذا في غير مواطن الحق وإلا فلا يحل له السكوت عن الباطل بل يجب عليه إظهار غضبه ولكن بشكل طبيعي فيدافع عن الحق من غير أن يخرج عن جادة الصواب، فقد روي عن علي (عليه السلام) أنه قال:

«كان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يغضب للدنيا، فإن أغضبه الحقّ لم يعرف أحداً ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له».(3)

الحب عند الشاب

إن الحب والصداقة من العواطف الهامة جداً والقيّمة لو وجدت عند الشاب في مرحلة البلوغ، واظهار عاطفة الحبّ والإحساس بها تجاه الآخرين من الزملاء وغيرهم، علامة من علائم احتياج الشاب الطبيعية، فإن حبّه وعلاقته

ص: 26


1- بحار الانوار: ج 73 ص 266.
2- اصول الكافي: ج 3.
3- ميزان الحكمة: ج 7 ص 24.

بالجنس المخالف إنما يظهر في هذه المرحلة، وهذا الحب هو من آيات الرحمة الإلهية التي أودعها الله تعالى في الشباب من أجل إحكام النظام العائلي بعد انتخاب الزوجة في المستقبل.

وهذا الاحساس في الحقيقة هو الحجر الأساس في تشكيل العلاقات الاجتماعية في المستقبل، وفي ايجاد النظام والحياة العائلية المستقبلية، قال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً»(1)

أحكام مرحلة البلوغ

إن البنت- في الشريعة المقدسة - تبلغ بإكمال تسع سنوات قمرية، والولد بإكمال خمسة عشر سنة قمرية، ، فلو احتلم الشاب قبل اتمام الخمسة عشر أو عرض على عانته الشعر الناعم فقد بلغ سن التكليف أيضاً. وتجب الصلاة والصيام والتقليد - بأخذ أحكام ما يبتلی به من مرجع جامع للشرائط - على كلّ من بلغ.

ثم إن علامات البلوغ لا تختص بالانسان فقط بل أوجدها الله تعالی في جميع موجودات العالم من الانسان والحيوان والنبات، حيث أوجدها في كلً منها بنحو خاص - يتلائم ووجوده .

والبلوغ ظاهرة عجيبة في هذه الكائنات، إذ أنها بعد تكاملها بالبلوغ يكون فيها استعداد الحمل و الإيلاد للجنس المماثل بشكل طبيعي، وتظهر هذه

ص: 27


1- الروم: 21.

العلامة على شكل الاحتلام في الشاب .

إن الإنسان هو أشرف المخلوقات، وبروز حالة الاحتلام فيه هو آية من آيات قدرة الله، فعلى الشاب أن يتعرف على هذه الحالة وأحكامها والالتزام بها، وبيان الحال فيها:

أن الشاب عند تشافه بالبلوغ تعرض عليه حالة خاصة يلازمها خروجى المني منه في حال النوم، التي يستيقظ الشاب غالباً بعدها، فلا ينبغي له الاضطراب من ذلك، لأن الله تعالی بایجاده للعضو التناسلي في الانسان، و بجعله متكاملاً في مرحلة الشباب بالبلوغ، يُريد أن يقرّ بذلك عين الانسان بأن لك ايها الانسان استعداداً لن تكون أباً في المستقبل، من أجل أن يتكاثر نسلك.

و بالاحتلام يكون الشاب قد دخل عرصة التكليف وجرى عليه الحكم، فعليه أن يغتسل من الاحتلام مباشرة وأن يأتي بالغسل طبقاً لصورته الشرعية، ليكون طاهر الجسم تقي الروح، ويستحب له أن يقول عند الاغتسال: اللهم طهرني وطهر قلبي، فإنه بذلك يحصل على الاطمئنان، وتجب عليه حينئذٍ الصلاة وجميع الأحكام التي تجب على غيره من المكلفين.

ثم إن الشاب بذلك يكون قد دخل مرحلة جديدة من حياته وله عند الله تعالى المقام والمنزلة الخاصة، فإنه بعد أن توجه إليه خطاب المولى تبارك و تعالی، عليه أن يلبي ذلك بالاجابة، لقوله تعالى «وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ».(1).

ويكون الشاب حينئذٍ محاسباً على كلِّ ما يصدر منه في هذه المرحلة من أقوال وأفعال وحركات بل وحتى ما يخطر عليه بالبال، فلو كان الشاب مهتدياً بنور الحق ممتثلاً للشريعة الإلهية ومتمشياً مع نظام الخلقة، يكون بذلك قد

ص: 28


1- طه 14

اقترب في كل يوم من عمره الثمين من الكمال والسعادة الأبدية .

إن على الشاب ان يعرف قدر جوهرة شبابه، ودرك هذه المرحلة الحساسة المليئة بالوقائع والأحداث، وعليه أن يعتبر نفسه في محضر الحقّ تعالى، فيرى الله حاضرة، فيستمد منه العون في صلاته، ويدعوه ليتمكن من مواجهة جميع المشاكل والصعوبات في المستقبل ويقف بصلابة، ويتغلب عليها، قال تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (1)». وفي آية أخرى «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ »(2)

ص: 29


1- (60غافر)
2- البقرة: 186.

ص: 30

أهمية مرحلة البلوغ في نظر الاسلام

إن لهذا المقطع من حياة الانسان في نظر الاسلام الأهمية البالغة - ففي الحديث عن النبي (صلى الله عليه و آله) إنه قال: «إن لله مَلَكاً ينزل في كلِّ ليلة فينادي: يا أبناء العشرين جدّوا واجتهدوا» - الّذي على أساسه تبتني شخصية الشاب الفردية والاجتماعية، وللمنهج الاسلامي في التربية تأكيد على ضرورة تخطي الشاب لهذه المرحلة بمعرفة ونزاهة نفس، فان النزاهة ديدن الأنبياء خصوصا في مرحلة الشباب .

إن الشاب في هذا المقطع من حياته لا يدري ماذا يفعل وما الّذي يحدث في وجوده من تغيرات عامة، تشمل بدنه وروحه، فإنها تحدث بسرعة وبصورة شمولية مما تجعله مضطربة في علاقاته مع أهل بيته والآخرين.

ولذا فهو في هذا المقطع من حياته أحوج ما يكون الى المحبة، إنه يبحث عما يتكأ عليه في مواجهة مشاكله الروحية والنفسية، فهو يتوقع من الآخرين أن يحترموه ويجعلوه مورد رعايتهم ويحسبوا له حساباً .

قال النبي (صلى الله عليه وآله):

«الولد سيّد سبع سنين، وعبد سبع سنين، ووزیر سبع سنين»(1)، فإنه

ص: 31


1- مکارم الاخلاق: ص 222.

(صلّى الله عليه وآله) جعل المرحلة الثالثة من مراحل التربية - أي السبع سنوات الأخيرة - وهي مرحلة البلوغ والشباب بداية الحياة، وأوصى (صلوات الله عليه) الوالدين والمعلمين أن ينظروا للشاب في هذه السنين نظرة الرجال، فيعتمدوا عليه ويستشيروه في أعمالهم، ويأخذوا برأيه وينيطوا به مسؤولية ما، لتتفتح شخصيته، فإن الشاب يعتبر نفسه كسائر أعضاء عائلته من دون أي فرق، فيتوقع احترام الآخرين له، فقد أوصى النبي (صلى الله عليه و آله) بالشبان فقال:

«أوصيكم بالشبّان خيراً ).(1).

إن الاسلام أعطى للشاب شخصية، والتاريخ يشهد بذلك، لقد أولى النبي (صلی الله عليه وآله) قيادة جيش المسلمين في أواخر حياته أسامة بن زيد - وكان شابا - حينما أرادوا التوجه لمحاربة الروم،.

وجرت سيرة أكابر بعض العلماء على اقامة احتفال لكلّ من بلغ التكليف يدعو فيه الأكابر، فيعرّف ذلك الشاب بأنه قد أدرك سن البلوغ، فيبارك له حضور المجلس ذلك ويهنّئوه، وكأن لسان حالهم يقول للشاب: إنّ هذه المرحلة في حياتك هي بداية الحياة الجديدة والثمينة بالنسبة اليك، إنك اليوم كسائرنا، صرت مخاطباّ بخطاب الحق تعالى، وتوجهت إليك المسؤولية ولا بد لك من اتخاذ الموقف بنفسك، إنك كبرت، ولا ينبغي لك التعدي لحدود الله في مجيئك، ورواحك، وقعودك ، وقيامك وفي علاقاتك مع الآخرين، وهكذا يعاملوه معاملة الرجل الرشيد .

ص: 32


1- ميزان الحكمة: ج 1 ص 349

وهذا الأمر يساعد على تربية وتهذيب الشاب روحياً ونفسياً، ويهيئه تدريجياً لقبول الوظائف الخطيرة ومسؤوليات الحياة في المستقبل.

وهنا نرى من المناسب نقل ما أفاده السيد ابن طاووس (ره) أوحدي علماء القرن السادس الّذي وفق للتشرّف بخدمة حضرت ولي الأمر (عج) حيث قال في كتابه کشف المحجة فيما يتعلق بمرحلة البلوغ والتكليف مخاطباً ولده:

«وإن بقيت حيّاً على ما عودّني الله جلّ جلاله من رحمته وعنايته، فإنني أجعل يوم تشريفك بالتكليف عيداً أتصدّق فيه بمائة وخمسين ديناراً، عن كلّ سنة بعشرة دنانير إن كان بلوغك بالسنين، واشتغل بذلك في خدمته، وانما هو ماله جل جلاله وأنا مملوك وأنت عبده، ثم تذكر يا ولدي محمد جلال مقامه وكمال انعامه، بأن جعلك أهلاً لأن يبعث إليك رسلاً" من ملائكته حفظة (1)»بما شرّفك به من طاعته، وتجميلاً لذكرك باظهار ما تقرب به من خدمته بين الملا الأعلى من خاصته، وليكونوا لك شهوداً على مقدّس حضرته يوم اجتماع الخلائق لمحاسبته ، فوقهم يوم بلوغك ورشادك حقّ قصدهم وخدمتك بغاية اجتهادك ، وصاحبهم أحسن مصاحبة في سائر الأوقات، ولا يسمعوا منك إلّا جميلاً، فإن غفلت في ليلك أو نهارك عنه، وآثرت عليه من ليس فيه بدل منه، فتب في الحال من غير إهمال، وتصدق بصدقة تطفيء عنك نيران الذنب، فإن صدقة السرّ تطفىء غضب الرب.

فاذا وصلت الى الوقت الذي شرقك الله جل جلاله يا ولدي محمد بكمال العقل، وهو جل جلاله أهل من استصلاحك لمجالسته و مشافهته ودخول مقدّس

ص: 33


1- قال تعالی :«مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ق (18)

حضرته لطاعته، فليكن ذلك الوقت عندك مؤرخاً محفوظاً من افضل أوقات الأعياد، وكلّما أوصلك عمرك المبارك إليه في سنة من السّنين فجدد شكراً وصدقات و خدمات لواهب العقل الدّال لك على شرف الدّنيا والمعاد».(1)

ص: 34


1- کشف المحجة لثمرة المهجة: ص142و 147

الميول والغرائز الباطنية والعوامل الخارجية

إن في الإنسان انجذاباً نحو غرائز مختلفة أودعها الله تعالى فيه من أجل هدف سامي، فالشاب في هذه المرحلة مضافاً الى رغبته في تناول الطعام والاستراحة وسائر الغرائز الجنسية قد جُهّز بالقوّة العاقلة والفاكرة اللّتان يسعى من خلالهما الحصول على كماله المنشود.(1)

ولا ينبغي للشاب تلبية جميع رغباته وطموحاته التي تخطر على باله، بل لا بدّ له من التأمل الكافي في عواقب ما يصبو لتحقيقه، والبحث عن جوانب ذلك بدقّة، ومن ثم يتخذ التصميم المعقول تجاه ذلك، لأن النفس الإنسانية ما تزال في معرض الدعوة الى أفعال الخير المحمودة والى افعال الشر والوساوس الشيطانية (2)

ص: 35


1- إن القوّة العاقلة والمدركة وإن كانتا في تكامل، إلّا أن العقل لما كان محتاجة للعلم والتجربة فهو لا يتكامل إلا بهما، وذلك بالتدريج کي يصل الى الكمال، ولذا لا ينبغي للشاب أن يغفل عن الاستشارة والمطالعة، فإن نقطة الضعف فيه هي فقدانه للبصيرة في الأمور، فهو. بتقويته لقوة العقل يتمكن من الحد لقوة الخيال، إذ أن الخيال هو جولان الفكر خارج الحدود والموازين العقلانية والمنطقية، ولذا فإن قوة الخيال عند الشاب - ولأسباب مذكورة في علم النفس - تكون قوية، (للمهندس علي سادات).
2- ان جميع هذه القوى والغرائز والميول آلات ووسائل بيد العقل يمكنه تسخيرها عندالقيام بالنشاطات الحيوية التي لها دخل في تكامل الانسان في مختلف شؤون الحياة، فإن القوة العاقلة لو كانت قوية بنحو تميز الخير من الشر والمصلحة من المفسدة وتفرض سلطانها على سائر القوى يكون للانسان حینئیر مسيرة صحيحة يهدیه نحو السعادة الأبدية،إلا أنه لو أخلى الميدان الغرائزه وشهواته وعواطفه قضى عندئين على العقل ولو تدريجية،وسيكون مغلوبة لهواه، مما يجر بالانسان الى أنواع الإنحطاط والتسافل الخلقي فيكون أضل من الحيوان، ويكون مصيره الشقاوة الأبدية .

فإن الذي يكون منتصرا في ساحات المواجهة الباطنية هو ذلك الانسان الذي يرجح جانب العقل على ما سواه، والقرآن الكريم حافل بالتأكيد على ضرورة التفكير بعواقب الأمور والاستهداء بنور العقل، قال تعالى: «كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»(1)

ومع بروز الغرائز الجنسية في هذه المرحلة يكون الشاب عرضة للوساوس الشيطانية ولذلك يكون مكلفة، ويكون لنزاهته وطهارته في هذه المرحلة قيمة خطيرة، فقد ورد في الحديث الشريف:

«إن الله تعالى يباهي بالشاب العابد ملائكته فيقول: انظروا إلى عبدي ترك شهوته لأجلي». (2)

وقد يواجه الشاب في هذه المرحلة العديد من المشاكل والصعوبات التي لها دور في صقل شخصيته عند مواجهته الكثير من الامتحانات الإلهية، فإن الشاب كما يمكنه تهيئة أرضية سعادته وكماله كذلك يمكنه أن يُهيىء لنفسه أرضية الشقاء والسقوط وذلك بسبب ما يواجهه في محيط حياته، فإنه قد يواجه أناس عصاة منحطين لا تقيد لهم بشییء ، ويواجه أيضاً في معاشرته اليومية نساء وفتيات ماجنات لا يراعين جانب الإلتزام بالشّرع الأقدس، مما يساعد أكثر على إنحراف الشاب.

فعلى الشاب في مثل هذه الأحوال أن يكون حذراً دائماً، وأن يعرف قدر

ص: 36


1- البقرة: 262، وقد وردت في القرآن أكثر من مائة آية مباركة تحت الانسان على التفكر في الأفعال وفي الظواهر الكونية.
2- میزان الحكمة: ج 5 ص 9.

سلامته و طهارته الروحية، وأن لا يلوث نفسه بارتكاب المعاصي ويحاول ضبط نفسه، فإن النظرة الواحدة تفتح على الشاب بابا وسيع للانحراف، فمن لم يتمكن من صيانة نظره عن المحرمات لم يكن موفقأ في تهذيب غريزته الجنسية.

فالخطوة الأساسية الأولى التي لا بد من الالتفات إليها في مقام تهذيب الشهوة هو الحذر من سرح النظر الى المحرمات، التي حذر القرآن الكريم منها في قوله تعالى: «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ »(1).

ثم إن النظر المحرّم قد يكون مقدمة للانحراف عند التفكير به واستذکار ما نظر إليه، لأن ما يُورّثه النظر المحرم هو بقاء المقاطع المهيجة في الذهن مما يجعل ارادة ومشاعر الانسان تحت سلطان الشهوة فيكون أسيراً لها. فعلى الشاب أن يغضّ من النظر الى غير المحارم، ولو اتفق له ذلك عن غير عمد فلا يركز عليه، ويحاول أن يُلهي نفسه بالنظر الى غيره، ويمتنع عن النظر مرة أُخرى، ولا يشارك في المجالس التي تحمله على النظر القهري، فإن عواقب النظر الطويل والمستمر أخطر بكثير من النظر الآني المنقطع کنظر العابر في الشوارع والطرقات، (2)فعن النبي (صلى الله عليه و آله):

«ان النظر سهم من سهام الشيطان فمن تركه لله أبدله الله ايماناً وجد

ص: 37


1- النور: 30.
2- مما ينبغي الالتفات اليه هو أن مراعاة جانب الحرمة في النظر المتبادل بين الرجل والمرأة لا يختص بغير المحيط العائلي بل لا بد من مراعاته أيضاً في المحيط العائلي وبين الاقرباء، فإن مجرد كون الشاب والشابة قد تربيا في محل واحد منذ الصغر لا يضمن عدم ارتكابهما للحرام، للمزيد راجع کتاب : البلوغ وكتاب: نگاه پاك زن ونگاههای آلوده به او» تأليف الدكتور الاردوبادي.

حلاوته في قلبه»، وعن الصادق (عليه السلام) أيضاً:

«اتق النظر فإنه يزرع الشهوة في القلب ويُلقي بصاحبه في الفتنة».

ومما يساعد ايضا على تحريك الغريزة الجنسية هو القوة المتخيلة والمفكرة التي يكون الغرض الأساس من ايداعها في الانسان هو التأمل والتدبر في الخلق، إلا أن الإنسان قد يخطىء في كيفية الانتفاع بها بالنحو الصحيح، فتقع هي أيضا تحت سلطان الغريزة الجنسية والوساوس الشيطانية، فيلتجأ الانسان بسببها الى الطريق اللامشروع، فإن التفكير أحياناً بما یوجب الانحراف ولو اللحظة يكفي في خروج الإنسان عن الحالة الطبيعية وفي إثارة غرائزه الجنسية .

وبناءاً على ذلك، فإنه كما يلزم عليه كف نظره عن المحرمات كذلك يلزم کف قوته المفكرة والمتخيلة عن التخيل والتفكير بكل ما يحرم اشتغال الفكر به، فإنه بمجرد خطور ذلك على باله لا بد له من صرف التفكير بها الى التفكير بشيء آخر ومحاولة نسيان ما يشغل فكره.(1).

فالشاب من أجل أن يتخلص من جميع الميولات والأهواء المنحرفة لا بد له من تقوية القوة العاقلة والاهتداء بنورها بكل وجوده، واجتناب كل ما يكون منشأ لانحرافه، وتخلية السبيل للعقل ويحاول أن يعضده بالايمان بالله

ص: 38


1- لكي لا تخطر الأفكار المنحرفة والمهيّجة للشهوة في ذهن الانسان، لا بدّ من الاشتغال بذكر الله وعدم الغفلة عنه، وصرف الفراغ في مجالات أخرى مفيدة ومثمرة، حتى لا يبقى مجال للتفكير بالوساوس والتخيّل للمشاهد المثيرة للشهوة، فإن العطالة منشأ جميع الانحرافات - خصوصاً أيام العطلة الصيفية - ولذا نوصي الطلاب الأعزاء من الشباب بملا أوقات فراغهم بإعداد برامج صحيحة، كالمطالعة في المكتبات او الاشتغال في مجال التحقيق العلمي أو المجالات الفنية والمهنية التي تربي فيهم روح الابتكار والاكتشاف، ولا ينبغي لهم أن يغفلوا عن المشاركة في المجالات الرياضية البدنية السّليمة.

تعالى وإقامة الشعائر من العبادات والأدعية المأثورة، ليتمكن من مواجهة جميع أهوائه الباطنية والعوامل الخارجية المؤثرة في انحرافه ويحاول تهذيبها، ولا ينقاد لها انقياد الأعمى والأصم.

الرؤية الواقعية

لا ينبغي أن تكون الغريزة الجنسية بعد استيقاظها عند الشاب في خدمة و تحت تأثير الأفكار المنحطة والتخيلات الرديئة، لكي ينظر إليها بأنها ظاهرة قبيحة وغير مرغوب فيها عند الانسان، كلًا إنها آية - وكما أسلفنا - من آيات الله تعالى، الغرض منها إستمرار وبقاء النسل البشري، ومن وراءها هدف سامي وهو حفظ التعادل لنظام الوجود.

ثم إن كون الشاب بالغاً لا يعني أنه قد تكامل من جميع الجهات، الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية، وإنه قد حصل على ما يمكنه من الإقدام على الزواج و تشکيل بيتاً عائلياً، بل يحتاج الشاب الى وقت أكثر يتكامل وينضج فيه من جميع تلك الجهات، ليتمكّن من ايجاد فضاء عائلي.

وظهور الغريزة الجنسية عند الشاب هي بمثابة البشارة في التكامل الطبيعي للشاب الذي يتمكن معه في المستقبل القريب أن يكون كسائر من تجاوز مرحلة الشباب بموفقية، ليبني حينئذٍ بيتاً عائلياً جديداً. ولا ينبغي للشاب قبل تکامله بالبلوغ البحث عن الغريزة الجنسية أو عمّا يتعلق بمسائل الزواج فإن المبالغة في البحث عن ذلك والتفكير المفرط فيها

ص: 39

يوجب انحراف الشاب الفكري واختلال أو انعدام اطمئنانه النفسي وعدم توفيقه في دراسته .

وعلى الشاب ايضاً اغتنام الفرص في هذه المرحلة والاستفادة مهما أمكن من خلال البرامج التي يعدُها لنفسه بدقّة، فإن ما حصل عليه العلماء الأعظام إنما هو رهين ما اغتنموه وعملوا به في شبابهم، فاستحصلوا نتيجة مطالعاتهم وتجاربهم الكثيرة التي أقاموها في علوم شتئ على نتائج علميهٍ مثمرة .(1)

ولا بد للشاب أن يكون فطناً مرخي العنان للعقل في جميع شؤونه، متسلطاً على عواطفه وغرائزه، لكي يدرك الأمور إدراكاً صحيحاً.

إن الشاب لا بد من أن يعرف سبب نشوء شهواته ورغباته، فإن كانت موافقة للعقل والشرع عمل بها وإلّا أعرض عنها.

وعليه ايضاً في هذه المرحلة بالذات أن يُوجد في نفسه الأنس بالخلوة مع الله فيطلب من الله تعالى العون، لأن الانسان لم يكن بهذا الحدُ- في غير هذا المقطع - مورداً لتوجّه وعناية الحقّ تعالی، لان الشاب بعد في ريعان العمر لم يرتكب ذنباً ولا معصية، وصفحة قلبه طاهرة وبيضاء، فإن أذنب وتاب من فوره

ص: 40


1- لو طالعنا حياة الشخصيات العلمية للمحققين والنوابغ من العلماء الدينيين والمفكرين الكبار لوجدناهم جميعا قد اعتزلوا الملاهي والملاعب، ولبّوا حاجاتهم الغريزية - بالموقع المناسب - عن الطريق المشروع والمعقول بالصبر والتحمل، فإنه من المحال أن يدّعي مدعٍ بأنه في الوقت الذي صار فيه غرضاً للهوى وقد أخذت الأهواء منه مأخذها، ومع ذلك كله لم يؤثر عليه من جهة الدّرس والمطالعة والتحقيق العلمي، ومن المحال أيضاً تحقق مثل ذلك خصوصاً في مرحلة الشباب، وهؤلاء العظماء كانوا من جملة من عاش بطهارة و نزاهة وتقوى ولم يضحّوا بعظمتهم الروحية ومقاماتهم المعنوية في سبيل النفس والشهوة، لمزيد من البيان راجع کتاب: البلوغ، للدكتور الاردوبادي .

كانت توبته مقبولة عند الله تعالى، فإن ما حصل عليه الأكابر من العلماء إنما هو نتيجة نزاهتهم وتقواهم في هذه المرحلة، فما يلزم على الشاب في هذه المرحلة هو تقوية ارتباطه بالله من أجل الحصول على مقام روحي رفيع .

فإن ما جرى في حرب ايران والعراق من حوادث أثبت كيف أتی الشباب وهم في ريعان شبابهم واجبهم في جبهات الحق بعشق دافق وقلب مفعم، ايماناً بالله تجاه شعبهم، فكانت قلوبهم مليئة بالفرح، والابتسامة طافحة على وجوههم من دون أن يغلبهم العناء، وبعد ذلك جدّوا في بناء البلاد بدراية كاملة، ووضعوا أقدامهم في طريق الكمال والقرب الإلهي، وطووا في عشية وضحاها ما ينبغي لهم طيه في مائة عام .

أوقات الفراغ

إن أيام الشباب تنقضي بسرعة من دون أن تعود، فعلى الشاب اغتنام أوقات فراغه، بتنظيم برنامج يمكنه من خلاله بناء وتهذيب روحه ونفسه، وعليه أن يبذل غاية جهده من أجل استمراره في الدرس والحصول على عمل مناسب في المستقبل، وأن يعرف قدر ما يمر عليه من فرص وأيام الشباب الثمينة وأن لا يفرّط في تضييعها.(1)

فقد ورد عن علي (عليه السلام) أنه قال:

«بادر شبابك قبل هرمك»(2) وعنه أيضا: «ما سعد من لم يغتنم وقته».

ص: 41


1- قال الامام الخميني (قدس الله روحه): (أصلحوا أنفسكم قبل فوات الأوان بالهرم).
2- غرر الحكم: ص 340

فعلى الشاب أن يستفيد من أقواته طبق برنامج منظم لكي لا تكون أوقات فراغه مرتعا للشيطان ووساوسه، باغتنام الفرص في النشاطات الرياضية والسفرات السياحية التي لها دخل في تقوية البدن و صفاء الروح، لأن السياحة المشروعة تخرج الانسان من الضجر والكسل الذي يحصل بممارسة الأعمال باستمرار، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:

«السّرور يبسط النفس ويثير النشاط».(1)

والّذي يؤسف له أن بعض الشباب لا يعرفون كيف يغتنمون أوقات فراغهم، حيث أنهم قد يرتكبون في أيام عطلهم وفراغهم معاصي وذنوب، ويقدمون على ارتكاب أعمال محرمة و غير مشروعة، فيعدّوا لأنفسهم ولغيرهم أسباب الحسرة والندامة .

فالشاب يمكنه الاستفادة من فرصه بعد التحصيل الدراسي في المجالات الرياضية والأعمال الفنّية مع أفضل أصدقائه الجديدين، ولذا نقترح عليه القيام بجملة من النشاطات:

1- ممارسة النشاطات الرياضية الخفيفة بشكل منظم يومياً، أو القيام في كلّ اسبوع ببعض الرياضات الثقيلة، کتسّلق الجبال، أو كرة السّلة أو كرة القدم أو المصارعة، ولا ينبغي صرف تمام أوقات الفراغ بالرياضة، بل لا بد من برنامج يمكنه بواسطته القيام بأعماله بشكل صحيح.

2- إن على كلّ شاب أن يتعرف على مزاجاته وطاقاته، فيسعى في تهذيبها وتربيتها حسب ما يخصص لها من وقت، فمثلا يمكنه اغتنام ما لديه من استعداد في الرسم والتصوير والخط والشعر والميكانيك والالكترونيك وغيرها،

ص: 42


1- غرر الحکم، ص157.

وذلك بعد الفراغ من المطالعة ومن أجل رفع العناء منها، وبذلك يحيي بعض الفرص التي قد بقى بلا استفادة أو انتفاع فهو بتخصيص الوقت لها يمكنه الانتفاع بها على أحسن وجه.

وأما السر في ضرورة الاشتغال بالنشاطات الفنية فهو انها:

أولاً: تضفي لقدرة الانسان قدرة اخرى .

ثانياً: - وهي مهمة أيضاً أن الاهتمام بها يبعث على تلطيف الروح، وبذلك تخرج الحياة عن حالة الجفاف وانعدام الروح، ويكون لشخصية الانسان حينئذ أبعاد مختلفة في التكامل.

ثالثاً: ثم إنه مضافا إلى مطالعته للكتب الدراسية والكتب المفيدة الأخرى، لا بد له من توسعة معلوماته من خلال الاشتغال بالمجالات الاعتقادية والأخلاقية والتأريخية والسياسية، وهكذا الاشتغال بتحصيل المعلومات العامة كتعلم أحكام التجوید وقراءة القرآن، وتعلم اللغات الأجنبية، ليكون له بذلك بعدأ في النظر لمختلف المجالات.

رابعاً: إن لبعض النشاطات الفنّية والمهنية في الحياة أهمية بالغة، ولا بأس بصرف أوقات الفراغ في تعلّمها، وهي من قبيل: إصلاح الآلات والأجهزة الميكانيكية والكهربائية و..، والقيام بهذه الأعمال يُعدّ أرضية الحياة السّعيدة في المستقبل، فلا بد من التأمل في جوانب هذا الأمر المهم واعداد برنامج منظّم لذلك، تتفجر به طاقاته الفكرية والفنية والعلمية ليكون له نظر واقعي، وشخصية متكاملة وليصل بذلك الى الكمال الإنساني المنشود .

ص: 43

النظم عند الشباب

من أهم الأمور التي ينبغي على الشاب رعايتها هي النظم في أمره، حيث أن توفيقاته في المستقبل جميعاً رهينة كونه مراعياّ لنظم أمره في شؤون حياته . فإن الانسان في ظل نظم الأمر يمكنه أن يعرف كيف ينبغي له أن يعيش؟ وكيف ينبغي اغتنام أوقات الفراغ بالنحو الأفضل ؟

وأما النظم فهو عبارة عن القيام بالأعمال - على نسق واحد - طبق هدف معين، بنحو يتمكن معه الانسان عند المراجعة لما قام به من أعمال أن يحصل على معرفتها ومعرفة موضوعاتها بيسر وسهولة من دون أن يتحيّر فيها ويضيّع وقته من أجل العثور عليها.

فإن رعاية المقررات والقوانين المتداولة في الحياة، ووضع كلّ شيء في محله، والقيام بالأعمال في أوقاتها المناسبة كلها نماذج للنظم المذكور.

وللنظم شمولية ومصداقية في جميع أمور الحياة، فمن مصاديقه: ارتداء الملابس، النظافة، الأكل، النوم، الاستياك، معاشرة الأصدقاء والأقرباء، الكتابة، وضع الكتب في مواضعها، المطالعة، حفظ الأسرار والمعلومات، اکتساب العلوم، وكيفية التفكير و...

فعلى الشاب أن يعرف متى يجب أن ينام ومتى يستيقض وأي وقت يطالع؟ وأي زمان يخرج للنزهة ويمارس النشاط الرياضي؟ ومتى يقوم بالأعمال المنزلية المنوطة به، فيعيّن مکان و زمان كلّ شيء بالموقع المناسب،

ص: 44

ويُعدّ برنامجاً منظماً لذلك، ويضع كلّ شيء في موضعه، ليتمكّن عند مراجعته من العثور عليه ولا يصاب بالحيرة والاضطراب . إن جميع القوى الذهنية -المدركة - والعقلية للشاب قد رتبت ترتيبة منسجمة، مما يكون ذلك سببا لنجاح الشاب في دروسه المستقبلية.

هذا ويكون للحياة من جهة أخرى في ظل النظم قانوناً، ويكون لجميع النشاطات والافعال نظام، مما يتيسر بذلك القيام بها، وبه تحل عقد المشاكل بسرعة، وبذلك يخرج الشاب من الاضطراب في أعماله ويتخلص من المطالعة المكررة للمواضيع، بالخصوص مواضيع الكتب المدرسية.

إن الهدف الأساس من مراعاة النظم في الحياة هو عدم اتلاف الوقت، والحصول على معيار صحيح لخزن المعلومات في الذهن.

والنظم أيضاً في الحياة من الجانب النفسي يجعل الشاب عند تحصيله الدراسي للعلوم خاضعا لمعيار وضابطة محددة، يكون التعلم على اساسها منظمة بنحو يكون انسجام بين تلك المعلومات في الحافظة الذهنية للشاب، بحيث ركلما أراد استحضار معلوماته السابقة يستطيع بمراجعتها العثور على ما يريد بسرعة، لحضور تلك المعلومات في ذهنه.

ولهذا الأمر تأثير هام في حياة الشاب المستقبلية، خصوصاً في المرحلة الدراسية التي يستعد فيها للدخول في الامتحانات العامة، التي تعد له ارضية الدخول في الجامعة.

ثم إن النظم دخيل في سلامة الفكر وصحة البدن واعتدال الروح، وفي عدم رعاية النظم عواقب وخيمة تنعكس على سلوك الفرد، تستدعي انفصاله عن نظام الطبيعة الذي بني على اساس النظام.

ص: 45

والانسان برعايته للنظم يكون منسجما مع الطبيعة، وفي ذلك تتهيء اسباب سلامته الروحية فيكون له اطمئنانة نفسية خاصا، وهكذا يكون لأفكاره ابداع ملحوظ مما توجد فيه أرضية تفجر طاقاته الفنية والعلمية والثقافية .

إن أغلب الذين لا يراعون النظم في حياتهم يكونون حادي المزاج سريعي التأثر، وتكون أفعالهم غير موزونة لأن ذلك أوجد في ردودهم الفعلية - النفسية أو الأخلاقية - تأثير متقاب"، وأوجد فيهم ايضا الضعف في إرادتهم مما سبب لهم عروض الكثير من الانتكاسات في نشاطاتهم المدرسية، فإن التجربة أثبتت أن لعدم رعاية النظم في النشاطات العضلية والفكرية والعاطفية تأثيراً سلبياً، تظهر ردود فعله في مرحلة الشباب حين البلوغ بشكل أوضح وأشدّ.

ثم إن في عدم النظم اتلافا للوقت و العمر، ويُوجد في الانسان حس عدم الارتياح، ويوجب ظهور الشك والترديد ويجعل المزاج مضطرباً، ولذا كان للنظم ورعايته في جميع الاعمال و اُمور الحياة بنظر سيّد المتقين علي (عليه السلام) أهمية بالغة، حيث قال في آخر لحظات عمره الشريف - وهي لحظات حساسة لا يشار فيها إلا للأمر الخطير - في مقطع من وصيته التاريخية مخاطباً ولديه الحسن والحسين (عليهما السلام) وجميع ولده:

«أُوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم امركم».

ص: 46

معاشرة الأصدقاء

إن مما يوجب التكامل في الشخصية اجتماعياً وتأصيل القيم الأخلاقية والمعنوية عند الشاب هو معاشرة ومجالسة الأصدقاء المتدينين، فإن انتخاب الزملاء المتفوّقين في الدرس والاخلاق يساعد على نجاح الشاب في المستقبل، ومجالسة هؤلاء الأصدقاء الجيدين والمعتمدين ومشاورتهم في الأمور الدراسية والسياسية والثقافية والتعرف على آرائهم له أثراً بالغاً في رفع روح التعاطف الاجتماعية والأخلاقية و ترقّي الفكر لديهم، بشرط أن يكون هؤلاء الأصدقاء مصداقاً للحديث الشريف:

«المؤمن مرآة اخيه المؤمن»، فيسعى بعضهم في رفع عيوب البعض الآخر، فإن الجدية في ذلك توجب ارتقاء الجميع.

وأما معاشرة أراذل الأصدقاء المنحرفين في الغالب أخلاقياً فيوجب الإنحراف ويمنع عن تكامل الشاب، فإن هؤلاء يسعون وبجد في تعبئة ما لديهم من مشاعر فاسدة و تجارب - صحيحة أو خاطئة، سواء كانت لهم أو لغيرهم - في أذهان الشباب الطيبين فيوردوهم حياض الانحراف والضلال. فإنه قد يکون لرفيق السّوء دوراّ في تغيير مصير رفيقه بشكل عام، وإخراجه عن جادة الصواب تماماً، وإدخاله في ورطة الفساد المهلكة وفي تيه الضلال و الانحراف الجنسي، فيعدّ له أسباب سوء الخط وظلمة المستقبل، ولذا حذّر القرآن الكريم من معاشرة مثل هؤلاء لأن في ذلك الحسرة والندامة، كما وصف ذلك في قوله

ص: 47

تعالى: «يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (1)» وبذلك يمكن - ضمن جعل ما تقدم أصلاً مسلًماً - الاشارة الى أمر هام وأساسي من مرحلة الشباب وهو أمر البحث عن الصديق الصالح وكيفية انتخابه بنحو لو لم يدقق في ذلك و يحتاط لم يكن لسائر ما يقوم به أثراً مفيداً ومثمراً.

علاقة الشباب مع والديهم

لا بد للشباب الأعزاء أن يعرفوا أن أبويهما ليسا معصومين عن الخطأ، فإن فيهما ما يُحمد من الصفات وما يذم، وعندهم نقاط من الضعف ايضأً، فلو انكشفت للشاب نقاط الضعف في أبويه فيما يرتبط بعمل ولدهما أو فيما يتعلق بسلوكهما معه، فالأفضل أن يعاملهما بما يطابق الواقع، وان يعدّ ذلك منهما أمراً طبيعياً، وعليك أيها الشاب أن لا تنسى لوالديك الخصال الحميدة والطيبة والخالية عن التكلف بالنسبة اليك، خصوصا ما يبذلاه من العناية منذ نعومة أظفارك وحتى الآن، فإن عليك أن تضع كلّ ذلك نصب عينيك لتعرف قدرهما ومنزلتهما، فإن وسائل الرفاه في المجتمع تتفاوت بالنسبة للأفراد، مما يخفى أمر ذلك على بعض الآباء لجهلهم أو لعدم اطلاعهم على ما يتعلق بالشباب من امور، إذ لم يعرفوا السّلوك الصحيح الذي يجب ان يعاملوا به أبناءهم، فإن عليكم أيها الشباب أن تعملوا بنصائح والديكما وتعليماتهم لكم الصادرة من صميم قلوبهم برحابة صدر، فإن نصائحهم حاكية عن تجاربهم في سنوات عديدة، ولو كان سلوكهم معكم حاداّ أحياناً فغضوا النظر عنه، وأظهروا لهم عدم تأثركم منهم، وإن

ص: 48


1- الفرقان: 28.

كانت لهم شخصيات متزلزلة فبادروا الى تذكيرهم بذلك بصورة غير مباشرة، وحاولوا جلب رضاهم دائما، فإن الله تعالی اوصانا في القرآن بهما خيرا، ونهانا عن التفوه بأيسر القول لهما، فقال تعالى: «فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا »(1)، ولفظة اُفٍّ حاكية عن التنفّر وضيق الصدر، وهي منهي عنها .

ص: 49


1- الاسراء: 23.

ص: 50

التقوى عند الشباب

إن قيمة كل إنسان - وقبل كل شيء - بمقدار حبه لآماله وأهدافه في الحياة، ولتقواه ارتباط بكونه أنه واقعا الى أي حد متسلط في ضبط نفسه، وإلى أي حد له اعتماد على نفسه فإن الشاب إذا أراد أن يكون ذو إرادة صلبة لا بد له من مواجهة رغباته وشهواته بالصبر والتحمل، ومعالجتها بعقله وتدبيره، وبذلك يتمكن من حل مشاكله الواحدة تلو الأخرى، وازاحتها عن طريقه بغلبته لهواه (1)

إن على الشاب أن يعلم أنه دائماً في معرض الابتلاء بالشهوات، ولا يمكنه مقاومتها إلّا بتأصيل الإيمان في وجوده ورعايته للتقوى، ليتغلّب على القدرة الباطنية - الأهواء والوساوس الشيطانية - وعلى العدو الخارجي - عوامل الانحراف من قبيل رفقاء السوء ..

ص: 51


1- لا يمكن للإنسان أن يكون انساناً إلا عن طريق التقوى، لأن النفس تميل بشكل طبيعياً الى اللذات والشهوات، فإن لم يتمكن الانسان من مقاومة شهواته يهبط تدريجيا الى حضيض الحيوانية، إذ أن الانسانية عبارة عن الوقوف بصلابة أمام الأهواء النفسانية الشريعة الزوال، وعدم الاستسلام لها، ليتيسّر له تهذيب وتربية استعداداته الروحية والمعنوية، ولولا التقوى لكان الطريق أمام التكامل مسدودة، ولذا فإن من لوازم الوصول الى أي نحو من الكمال هو التقون بمواجهة الأهواء والشهوات وبعد تحمل المشاق والمصاعب سيكون الفرج بالراحة والخلاص ««إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ».

فان ارتكب الشاب ذنباً عن غفلة تاب إلى الله تعالی عنه ، وصمم على القلع عنه، لكي لا يتخذ عمله القبيح قالباً يستولي على وجوده، أو يرسخ في نفسه - بكونه عادة طارئة وثانوية -، إنه لا بد أن يعرف أن له القدرة على إصلاح سلوكه، وفي حال كونه قادر على ذلك فهو أكثر من غيره يكون بعيدة عن التعصب في غير محله، والقرآن الكريم بعد بيان ما قد يرتكبه الانسان من الذنوب جعل التوبة طريق الحل الوحيد في إصلاح السّلوك .(1)

فعن النبي (صلى الله عليه و آله) إنه قال:

«التوبة هو أن يتوب الرجل من ذنب وينوي أن لا يعود اليه أبداً« (2)فالشاب لا ينبغي أن يُعدّ ذنبه - وإن كان يسيراً- صغيراً، لكي لا يكون فعل الذنب ملكة راسخة في نفسه،(3) وعن النبي (صلى الله عليه و آله) ايضاً أنه قال:

«ما من شيء أحبُ إلى الله تعالى من شاب تائب».(4)

وعنه (عليه السلام):

«من أطاع نفسه في شهواتها فقد أعانها على هلكتها»(5)، فإن للنفس ميلاً نحو الشهوات،(6) والانسان قادر على الأخذ بزمامها باتجاه الفضائل لو توکّل بذلك على الله تعالى وكان مؤمناً، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال:

ص: 52


1- قال تعالى: «إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ النور (5)»
2- ميزان الحكمة: ج 1 ص 552.
3- الملكة: عبارة عن صفة راسخة في النفس - كالعادة يكون تغييرها مشکل جدا بل ممتنع غالبأ.
4- ميزان الحكمة: ج 5 ص 5.
5- غرر الحکم:
6- قال تعالى: «إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي يوسف (53)»

«أكره نفسك على الفضائل فإن الرذائل أنت مطبوع عليها»(1)، ثم قال (عليه السلام):

«فاز من لم يُطع شهواته».

إن على الشاب - برعايته للتقوى - إعداد نفسه لحياة المستقبل، وأن يعلم أن هذه المرحلة ستنقضي بسرعة، وسيكون في القريب رجلا رشيدا، تناط به مسؤولية اجتماعية ويشكل حياة عائلية، إن عليه أن يكون فطنأ كيسة، ويعلم أن التوفيق لقبول وأداء المسؤولية الاجتماعية والعائلية يكون حليف أولئك الذين تجاوزوا مرحلة البلوغ والشباب بنزاهة وطهارة وكانوا في حصن واقي من الشهوات، واولئك الذين سينالوا السعادة في المستقبل لأدائهم الحقوق الفردية والاجتماعية - العائلية والزوجية - .

ص: 53


1- المستدرك: ج 2 نقلا عن ميزان الحكمة ص 31.

ص: 54

عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:

«إن العبد لا تزول قدماه يوم القيامةحتى يُسأل: عن عمره فيا أفناه ومن شبابه فيما أبلاه»

ص: 55

ص: 56

الشذوذ الجنسي وكيفية علاجه

اشارة

ص: 57

ص: 58

المقدمة:

إن زيغ وتعدي الانسان لحدود وقوانين الطبيعة الحاكمة لنظام الكون يُسمی انحرافاً، وإن الغريزة التي سر ايداعها في البشر بقاء النسل والخير والكمال يمكن أن لا ينتفع بها الانسان بالشكل المطلوب.(1)

ومحاولة إرضاء النفس بعملية الاستمناء، نوع من انواع الانحراف الجنسي المضعف للجسم والروح، وهذا النوع من الشهوة مغاير تماما لطبع الانسان (2)

وهكذا تُضعف هذه العادة القبيحة - وقبل كل شيء - ارادة الشاب و تمحق شخصيته، وبذلك تتهييء أرضية الضعف في القوى المدركة والعقلية، ويسرع إليه الهرم قبل أوانه"(3)

ص: 59


1- لا يخفى امکان عروض شذوذ و انحرافات اُخرى في هذه السنين من حياة الشاب، مثل الانحراف في العقيدة والانحراف السياسي، والاجتماعي - الهروب من المنزل أو المدرسة أو التسكع في الطرقات والاقتصادي - السرقة والرشوة - والسبب في الجميع أما يعود الى رفيق السوء أو المحيط الفاسد.
2- للفيلسوف الألماني كانت في كتاب: التربية والتعليم ص 78، ترجمة الدكتور غلام حسين شکوهی، طباعة جامعة طهران.
3- واليك مضرات الاستمناء نقلا عن كتاب البلوغ للدكتور أحمد الأردوبادي، استاذ في جامعة طهران: (إن المبتلين بهذه العادة القبيحة يكونوا - وبسبب الاعراض الروحية والجسمية لذلك - اُناساً ضعيفی البنية وكسالى يستولي اليأس والقنوط عليهم، ومعقدين روحية، يسيئون الظن بالآخرين، ويصابون بنوع من الاضطراب والكآبة)، واضرار الاستمناء كثيرة يمكننا بيانها على شكل نقاط بإختصار: 1- حركة البويضات المستمرة المؤدية الى الحركة المفرطة للغدد الجنسية الموجبة لفقدان التعادل والهرم في غير أوانه. 2 - الاستمناء المفرط يؤدي الى الضعف العام في القوى البدنية والروحية المؤدي الى الهرم السّريع. 3 - انه بسبب شدّة جريان الدم في الأعضاء التناسلية يصاب الدماغ ومراكز البدن الحساسة بفقر ولعدة مراة في الدم، وهكذا يوجب الاستمناء المكرر اضطراب روحية وضعف في الأعصاب وأعراض أخرى. 4- يسبب الجمود الفكري والاختلال في الحافظة وضعفها وضعف الارادة . 5- يسبب ضعف البصر وقلة الاشتهاء وضعف العظام والآلام المفصلية . 1- حدة المزاج والضعف العصبی - لمراحل طويلة وتحت شرائط خاصة - وارتعاش اليد، الذي ينتهي الى الشلل لبعض أعضاء البدن بل لجميعها. 7- ضعف القوة الجنسية والانزال المستمر. 8- إن هذا النوع من الشذوذ الغير طبيعي يسبب خللا بعد الزواج غالبا، إذ قد لا يتمكن الشاب من الاقتراب والإنزال الطبيعي، مما قد يؤدي إلى مشاكل أخرى تضر بالعلاقات الزوجية والحياة المشتركة، وأحد علامات ذلك عدم التوفيق في الحياة الزوجية . 9 - العزلة واليأس واللّامسؤولية في الأمور المهمة، الغم والحزن روحياً، وأعراض أخرى قد تظهر وتشتدّ فتؤدّي الى حب الأذى للآخرين. 10 - الفقر في الدّم المسبب عن تحريك العضو التناسلي اصطناعياً. 11 - التورم في مجرى النطفة. 12- تورم الجانب السفلي للمجرى البولي . 13 - الاسترخاء في العضو التناسلي بنحو يفقد قدرة الحفاظ على المني والإدرار . 14 - عروض الصداع والدوران في الرأس والتصفير في الاذن . 15 - العجز في الجهاز العصبي. . 16 - التأثر السريع وحدّة المزاج في التعامل مع الآخرين.

ثم إن العيش في ظل ظروف المحيط المهيّج وغير السّالم يساعد على

ص: 60

ظهور الميول والشهوات التي يحاول الشيطان تزيينها في نفوس الشباب، بنحو يميل الشاب الى ارتكاب المعصية من حيث لا يشعر بالوسوسة .

فينهض العقل من صميم الانسان لمواجهة ما یرید ارتكابه، فيستعمل الشيطان في المقابل المرغبّات والمهيّجات الجنسية فيدعو الشاب لإرضاء شهوته ولو عن طريق غير مشروع، ودعوة الشيطان هذه في مقابل دعوة العقلاء والعلماء والمصلحين والأنبياء (عليهم السلام) فإن هؤلاء يستندون في دعوتهم الى العقل والفطرة وحبّ الخير، حيث دعوا الانسان للإرضاء الجنسي المشروع والمنطقي في تلبية هذه الغرائز.

وهذه الحرب والخصومة (1)بين العقل والشهوة، الايمان وهوى النفس، القوة الإلهية والقوة الشيطانية مستمرة في وجود الانسان، و تشتد في مرحلة الشباب خاصة وتستمر حتى آخر العمر، فإن كانت الغلبة لأحداها مال الانسان اليها وتربى عليها، فإن تغلب العقل والايمان كان الانسان مهتديا فائز، وان تغلب الشيطان والشهوة كان ضالا وفي خسران مبين، فإن التفس الأمارة تريد التغلب بالوساوس الشيطانية على العقل وتجعله أسيرة تحت إمرتها في تحقيق ما تريد، فتسوقه في طريق لا يعلم عقباه، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال:

«عدو العقل الهوى»(2) وقال: «عبد الشهوة أسير لا ينفك اسره»(3)

ص: 61


1- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال: «النفس متجاذبة بين العقل والهوى» ميزان الحكمة: ج 6 ص 405.
2- ميزان الحكمة: ج 6 ص 436 .
3- غرر الحكم.

وقال: «كم من عقل أسير تحت هو أمير»(1).

هذا ومن جهة أخرى يريد العقل مستمد العون من الايمان - أن يمسك بزمام النفس و السيطرة عليها، وهدايتها الى سبيل الخير والكمال وسلامة الجسم والروح، وبذلك يكون الانسان دائما في معرض التجاذب بين العقل والهوى، الخير والشر، النزاهة والمعصية، الهداية والضلال، وتستمر هذه الحرب هجومة ودفاعا بينهما، فإن الذي ينجو من هذا الصراع الباطني فقط هو الانسان المسلح بسلاح الايمان والتقوى الذي بادر منذ الشباب في جهاد و تهذیب نفسه. ولا بد للشاب من أن يعلم أن طريق النجاة ممكن - وذلك بالاتكاء على القدرة المطلقة للحق تعالی والتوكل عليه فإنه المنجي للضعفاء من تلاطم البلايا بأن يدعو(2) ويتضرع لتستنقذه أيدي النجاة من هذا البلاء، والتاريخ حافل بمن تغلب من الاتقیاء على أهوائه الباطنية والنفسية والاجتماعية من أشد صراع، فخرج من ذلك مرفوع الراس وعاش جميع مراحل حياته بشرف و افتخار.

الرؤية الصحيحة

لقد قص القرآن الكريم حديث يوسف (عليه السلام) وإنه كيف كان في مرحلة الشباب الحساسة في معرض أشد بلاء وأخطر صراع تاريخي في حياته، فخرج من هذا الامتحان الإلهي بعزم راسخ و ايمان قوي مرفوع الرأس، وارتقى

ص: 62


1- ميزان الحكمة: ج 10 ص 379.
2- ان الدعاء خاصة سبب التكامل في الانسان، قال تعالى: (وادعوني أستجب لكم) وقال: (وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون.)

ذروة الشرف والعفاف، فصار أسوة للشباب لكونه الانسان الكامل والخالد الذكر.

إن الشاب المؤمن وبسبب النظرة الصحيحة التي استلهمها من الإسلام يعلم أن كل ما يصيبه يحمل عنوان الابتلاء الإلهي - إن لم يكن هو المسبب ذلك لنفسه . الهدف منه ترقي و تكامل الانسان، ففي الحديث الشريف:

البلاء للظالم أدب وللمؤمن امتحان وللأولياء درجة».(1)

وعن علي (عليه السلام):

المؤمن يّبتلى بأنواع البلاء).(2)

وبعد مراجعتنا لحياة القادة والعلماء الأعاظم وعلى مر التاريخ نجد أن الكثير منهم قد عالج الحوادث والمشاكل على اختلافها بالعقل والتدبير الصحيح، فكانت توفیقاتهم فيما بعد رهينة ذلك الصبر والاستقامة اللذان أبدوهما في مواجهة الصعوبات التي مروا بها في مرحلتي الصبا والشباب من عمرهم.

الحب والشباب

قد يساء الفهم من العواطف التي توجد غالبا في مرحلة الشباب، والتي تحمل عادة عنوان «العشق أو الحب» فتحرف الشاب عن صراط الكمال، والحب نوع من الميل فيه جذب قوي يحصل بعلاقة بين الانسان وموجود آخر،

ص: 63


1- بحار الانوار: ج 81 ص 108.
2- ميزان الحكمة: ج 1 ص 484

في تحقيق هدف معين، فإن كان منشأ ذلك العشق إلهياً، كان من أرفع ما يسمو به الانسان روحية، ومن أوضح مصاديق الوجود، وأما لو كان منشأه غريزياّ وشهوانياّ شيطانياً، فهو من مظاهر النفس الأمارة التي تضعف الإيمان والعقل، بحيث يكون العاشق مجنون من أجل الوصول إلى معشوقه، من غير أن يهمه عن أي طريق يصل إليه ولو عن طريق غير مشروع، أو فضحه العشق وسقط عن أعين الناس.(1)

فعلى الشباب أن يحذروا الوقوع في مثل هذه الحبائل الخطرة التي ترتدي لباس العشق الطاهر وتقف في طريقهم، تلك الحبائل التي يصعب الخلاص منها بعد الوقوع فيها:

فإنه قد لا يمكن التكفير عن لحظة من الغفلة، وحسن الظن والتسليم أمام الألفاظ المغرية والخالية عن المغزى في العمر كله، والمحرومين من هذه العاطفة خاصة يستسلمون بسرعة لهذا الحب الكاذب فيقعون في أحضان المنحرفين. فلو أن الشاب والشابة - بعد بلوغهما - حاولا بناء صرح الزواج المقدس على اساس نزيه، ولم يلوثاه بمفاسد الإنحراف الجنسي، وتمكنا من حفظ عواطفهما النزيهة الى زمان مناسب، وكانت علاقتهما صحيحة وعلى بينة تامة، أو قائمة على أسس ومعايير قيمة، ستكون التعادة حينئذ من نصيبهما قطعا، لأن الأساس الذي أقاما علاقاتهما عليه له منشأ إلهي معنوي، ولا ينهدم صرح مثل

ص: 64


1- نعم ان الغفلة عن معرفة الهدف من الخلقة والايجاد والطريق الصحيح المنتهي إليه يجعل من الانسان أضل من الحيوان بل شر من الدواب: «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ » الأنفال: 22.

هذا البناء بعد تشکيل فضاء عائلي لإحكام اُسّه.

فالتسرّع في الإقدام على مثل هذا الأمر في أوائل عمر الشباب يوجب الحيرة والفضيحة وسوء العاقبة للشاب لان الحب إنما يكون ذو قيمة إذا كان قائمة على أساس الإيمان بالله، مع أخذ شرائط أخرى بعين الاعتبار من قبيل الاستعداد الروحي والاقتصادي ووضع العمل، فإن مثل هذا الإقدام سيکون موفق وينبيء بمستقبل مشرق وسعيد، وفي غير ذلك ستكون تلك العلاقات - غير العقلائية - التي لا تستتبع تفكير منطقية علاقات - وللأسف الشديد - غير مشروعة، تكون غالبأ عن طريق الرسائل والاتصالات الهاتفية واللقاءات في الأزقة والطرقات، ولذا لا تدوم مثل تلك العلاقات وذلك الحب سوى أياما ثم يزول، حيث تكون آخر مرحلة من تلك العلاقات عبارة عن إرضاء النفس وتلويثها بالمعصية من دون أي قيد أو شرط، وسرعان ما تنطفىء نائرة الشهوة بالفرقة، وبعد زمن قليل يودع كل شيء الى النسيان، ويتبدل «العشق الحارق» الى ندم وغم وحسرة وعار وضياع منذ اوائل العمر وحتى آخر مراحل الحياة حيث يستتبعها اختلالات وعدم توازن في الحياة .

إن سدّ الباب بوجه العقل وفتحه للشهوة يعمي البصر ويصم السّمع، بنحو لا يلتفت الى عواقب فعله الخطيرة إلّا بعد الإنتهاء من الفعل، فإن عاره سيكون محجوباً عليه ابتداءً، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:

«رُبّ شهوة ساعة تُورث حزناً طويلاً»).(1)

ص: 65


1- ميزان الحكمة: ج 10 ص 381.

أسباب ظهور الانحراف الجنسي

إن لبروز الإنحراف الجنسي عن طريق العلاقات اللّامشروعة أسباباً، نذكر منها ما يلي:

1- ردائة الظروف العائلية الظروف البيئية .

2 - انعدام الحرمة بين الرجل والمرأة، وعدم مراعاة كل منهما حدود الآخر.

3- جهل الوالدين بأحكام الدين في علاقاتهما مع بعضهما .

4 - مجالسة ومنادمة المنحرفين من الأقرباء .

5 - عدم وجود برنامج لقضاء أوقات الفراغ.

6- التردد على أماكن الفساد والنظر المحرم.

7- استماع مقالات المنحرفين المغرضة فيما يتعلّق بالامور الجنسية والبلوغ، واكتساب معلومات خاطئة عن ذلك.

8- التخلّف الذهني وعدم التوفيق في المجال الدراسي .

9- خطور الأفكار المنحرفة في ساعات الخلوة .

10 - النظر الى الصور المهيّجة الغريزة الجنسية .

11- ضعف الايمان وعدم التربية الدينية الصحيحة.

12 - مجالسة رفقاء السوء والمنحرفين.

فإن جميع هذه العوامل يمكن أن تزرع بذرة الانحراف الجنسي في نفس الشاب، ولو أردنا استخلاص القول في ذلك لا بد أن نقول: إن عدم الاستهداء

ص: 66

بطريقة الحياة الاسلامية والاستنان بسننها في المجال العائلي والاجتماعي سواء ذلك في أوقات الفراغ أو في أوقات العمل - يؤدي الى هذه الانحرافات، وهكذا لو أردنا التحقيق عن جذور الإنحراف الجنسي - من قبيل الارتباط اللامشروع بين الشاب والشابة، الميل الى الجنس المماثل، والاستمناء لوجدنا أن أصل ذلك يرجع الى العوائل التي لا تراعي أحكام الشريعة الاسلامية خصوصا في علاقات الرجل والمرأة، والشاب والشابة، فإن هذه العوائل تكون مبتلاة بنحو من أنحاء الانحراف .(1)

ص: 67


1- إن في الاسلام موضوعين لا بد من التأمل فيهما بدقة، الأول: «حق الناس» حيث أن الاسلام لم يجز الاعتداء على الآخرين في حقوقهم، الثاني: «العلاقة بغير المحارم من النساء» سواء كان بالنظر، أو بالتردد معهن، أو الكلام، أو التوقف معهن ولو من أجل تعليم الشريعة، فإن نظر الرجل الى بدن المرأة الأجنبية - سواء كان مع القصد للالتذاذ أو بدونه حرام، وأما النظر الى وجهها وكفيها فحرام لو كان بقصد اللذة، فعن الصادق (عليه السلام): كم من نظر أعقب حسرة طويلة» لمزيد من البيان راجع آثار النظر في كتاب: نگاه پاك زن - تأليف الدكتور أحمد الاردوبادي.

تحذير

لو لم يلتفت الشاب حين ابتلاءه بمرض الاستمناء والعلاقات الجنسية اللامشروعة الى خطورة انحرافه ولم يحاول ترك ذلك ستتحول تلك الحالة الى عادة متأصلة في وجوده وقاتلة له، تدنس شبابه الطاهر، وتسلب منه طراوة الشباب و تقضي على جميع طاقاته واستعداداته، بنحو لو استمر على ذلك الحالكانت عواقب أموره وخيمة جدا، والشارع المقدس حذر عن ذلك الاستمناء -وحرمه، لأنه يمرض الانسان ويلقي به في نار جهنم.

والذي ينبغي على الشاب معرفته أن ما هو أخطر من ذلك عليه هو اليأس والقنوط الذي لا ينبغي فتح الباب أمامه عند مجابهة هذه العادة القبيحة، فإن اليأس بشكل سد عظيمة يمنع من خلاص المبتلين ونجاتهم، فعلى الشاب أن يلتفت الى مخاطر وأضرار ذلك وأن لا يبدي اليأس أو الفتور أو الاضطراب، بل لا بد من الإقدام على الترك والثقة بنجاة الله تعالی له، وعليه أن يعلم أنه لو كان له قصد الترك واقعا سيكون التوفيق حليفه من دون ريب في ذلك، بل و حتی يمكنه أن يكون في زمرة المتقين والمحسنين، وبالخلاص من ذلك تعود إليه الحياة الطاهرة وطراوة الشباب من جديد ويخطو في طريق التكامل والسعادة .

ص: 68

عودة الى الذات

إن على الشاب المبتلى بالانحراف الجنسي - كإقامة العلاقات الغيرمشروعة - أن يعلم أنه قادر على ترك هذا العمل الشنيع إن صمم على التوبة تصميم جدية، ما دام في ريعان الشباب، ولم يتأصل ذلك في وجوده، إنه بالاستعانة بالله على الترك وقليلا من الهمة يتمكن من ترك هذا العمل المضر بصحته والمفسد لشبابه الذي هو رأس ماله، ليرجع الى حياته الطبيعية الطاهرة، وعلى أي حال لا بد من أن يعلم أن الإسلام إنما حرم ونهى عن مثل هذه الأعمال من أجل مصلحة في ذلك تعود للفرد نفسه والمجتمع.

أحكام الانحراف الجنسي في الإسلام

1 - إن الاستمناء من الذنوب الكبيرة الموجبة للحدّ.

2 - إن ثبت اللّواط بإقرار أحدهما - اللّائط او الملوط به - أو بشهادة عدل، ترتب عليه ما يلی:

الف: لو كان أحدهما صبياً والآخر بالغاً، كان على الصبي التعزير تأديباً له، وعلى البالغ الحدً.

ب : لو لم يؤدّي اجتماعهما الى إيقاب ضُربا مائة سوط.

ج : لو أدّى اجتماعهما الى إيقاب وكانا بالغين فحكمهما معاّ القتل .

د: يتخيّر الحاكم في قتلهما أحد أمور:

ص: 69

1- الضرب بالسيف .

2- الإلقاء من شاهق كالجبل - موثق اليدين والرجلين .

3- الإحراق بالنار.

4 - الرجم.

5- أو يلقي عليه جدار .

وأما الحدّ الشرعي للرجل الزاني إذا كان غير محصن فمائة سوط، فإن أقيم الحد على أحدهما ثلاثا قتل في الرابعة، وحد الزاني والزانية إن كانا محصنين فالرجم.

إن هذه العقوبات الصعبة لهذا النوع من المفاسد يكشف عما يوليه الاسلام من الأهمية لذلك، من أجل الحفاظ على المجتمع وصيانته من الانزلاق في مهاوي تلك الانحرافات.

سبيل العلاج

على الشاب المبتلى بمرض الاستمناء المهلك أن يعود إلى نفسه بدلاّ من اليأس (1)والهروب من قبول الواقع واللّجوء الى الخيال، وأن يفكر عقلائياّ في ذلك، ويضع مرة اّخرى ما يترتب على هذه الأعمال الشنيعة من عواقب وخيمة و مهلكة نصب عينيه، ففي الحديث أن رجلاّ تشرّف بالحضور عند الإمام

ص: 70


1- القنوط من رحمة الله من الذنوب الكبيرة المنهي عنها: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا وهو الغفور الرحيم .)

الصادق (عليه السلام) فقال للإمام: مسکين فلان قد ابتلي بإتيان الصبيان ولا يتمكن من ترك ذلك.

فقال عليه السلام منتهراّ له: «ما تقول ! أو يجرأ على ارتكاب ذلك في الملأ فقال: لا، فقال (عليه السلام): فإنه قد فعل ذلك باختيار منه».

وفي الحديث عن عليّ (عليه السلام) يصف فيه صلابة المؤمن و استقامته أنه كالجبل الراسخ الّذي لا يزول. فلو أن المبتلى بذلك تأمل في عواقب عمله في الدنيا من جهة وعذاب الآخرة من جهة أخرى لعاد الى نفسه ورای أن جميع أفعاله بمرأ ومسمع من الله تعالى إنه بصير خبير، ومن ثم سيصمّم على ترك ذلك، إنه لا بد أن يعلم أن من سعادته أنه قد أدرك خطورة ذلك العمل المنحرف قبل أن يتأصل في وجوده، فهو يستطيع بالتوكّل على الله تعالی ترك ذلك، وعليه أن لا يعتبر نفسه طريد رحمة الله بل عليه أن يكون راجياّ رحمة وعفو ربّه الكريم .

ص: 71

ص: 72

إلفات نظر

لا بد وقبل الاقلاع عن أي فعل وعادة متأصلة قبيحة من إزالة العوامل المشجّعةلذلك أولاّ، ليتمكن الانسان من الترك بسهولة ومن هنا نهي عن حضور مجالس الخمر، لأن ذلك يزرع في النفس الميل الى الشرب.

ص: 73

ص: 74

وصايا عملية

حيث أن هذا الفعل يُعدّ من جملة الذنوب الكبيرة، ينبغي للشاب أن يتطهر من دنسه بإسباغ الوضوء وصلاة ركعتين، وأن يتوجه لطلب العفو والتوبة والاستغفار من ذلك الى ربّه الكريم، فيستمدُّ منه العون(1) على الترك، وبعد ذلك نوصيه بالقيام بما يلي:

1- يحاول الابتعاد عن المواضيع والاماكن المهيّجة لشهوته ويجتنب عن الخلوة بنفسه.

2- ترک ارتداء الملابس الضيقة والملاصقة للبدن، واجتناب ملامسة الاعضاء الحساسة لبدنه أو بدن الآخرين.

3- اجتناب النظر المحام الى النساء الأجنبيات.

4 - تهذيب الأفكار والتخيّلات التي تعرض على ذهنه بوضع الحد لها، لأن الله تعالی عالم بها، ويأخذ على نفسه عهد بعدم التفكير إلا بما يوافق العقل والشرع، ليفوز بحسن العاقبة، فإن تخيل الأمور المهيّجة الدائم يثير الغريزة ويحركها، يسلب من الانسان قوته البدنية ويجعله متخلّفاً عن إدراك المسائل الواقعية للحياة (2)

ص: 75


1- قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) وقال: «ادعوني أستجب لكم». .
2- إن تسلط الغريزة الجنسية كما أنه يورث التخلف الذهني والغفلة عن القيام بكثير من الأعمال وله تأثير سلبي في جميع الأحوال كذلك يمنع عن التكامل الفكري والنشاط الذهني، وهذا التخلف والاختلال في الحواس يکون في جميع شؤون الحياة منها الأعمال المدرسية، وفي مجلس الدرس عند ما يشرح الاستاذ مسألة علمية دقيقة التي يتألم التلميذ كثير من عدم تمکنه ادراکها ، ولذا فإن تخلية الميدان للغريزة الجنسية تصول بالتخيلات والافكار المنحرفة ذنبأ لا يغتفر، وقد اثبتت التجربة أن الشباب الذين أودعوا زمام عقولهم وفكرهم بيد الشهوات والغرائز، هم من المتخلفين فکرية ولذا فان هؤلاء يفقدون لذة الاشتياق الى الدرس أو أي مطالعة أخرى، وأخيرا سيفقدون أفضل ساعات وأيام عمرهم مما سيكون ذلك سببا لحسرتهم وندامتهم حيث لا تنفع ندامة.

5 - باعتبار أن مرحلة الشباب من أخطر مراحل الحياة لا بد من وضع برنامج لأعماله وأوقاته في اللّيل والنهار ويخصص وقتاً لاستراحته من الواجبات المدرسية والنشاطات العلمية والأعمال الفنية والنزهية، ويحاول أن يذهب للرقاد عندما يستولي عليه النعاس تماما لينام بسرعة.

6- يحاول ایجاد أرضية الموفقية لنفسه في المستقبل بمطالعة الكتب المفيدة والنافعة بالتردد المستمر للمكتبات.

7- يحاول الإلتحاق بالفرق الرياضية والمشاركة الفعالة في ذلك، وايضاً يشارك في القيام بالنشاطات الفكرية والتعليمية والثقافية والدينية لمساعدة تلك الأمور في زيادة ایمانه و موفقيته بترك المعاصي، فإن المشاركة الهادفة والمفيدة تستوفي قسطاً وافراً من قوة الشاب وتمنع من حصول المهيجات الجنسية فإن أكثر المبتلين بالميل للشهوات يفضّلون الإنزواء، في مشاركة مثل هؤلاء في الامور الاجتماعية وفرق تلاوة القرآن التي تُقام في المساجد والمدارس، و ايجاد العلاقة مع المؤمنين الأثر البالغ في تقوية ايمانهم ونشاط روحهم.

8- يحاول معاشرة المؤمنين الطيّبين ومجالستهم والتردد معهم قدر الامكان، وأن يصلي الفريضة جماعة في أول وقتها، ويحاول الهروب من مجالسة ومرافقة رفقاء السّوء والمنحرفين ولو كانوا من أقرباءه المقرّبين.

ص: 76

1- يحاول أن يكون على وضوء دائم، وعندما يريد الرقاد يقرأ سورتي الفلق والناس، وآية الكرسي بتوجه و حضور قلب کامل، وينام ذاكر لله تعالى .

10 - يحاول الصيام في الاسبوع مرة أو مرتين، فإن ذلك يقربه من الله ويزيد في ايمانه وإرادته كثيراّ.(1)

11 - تنظيم برنامج غذائي صحيح، يحاول فيه اجتناب تناول الأغذية المهيّجة والمقوية - الأعذية الحارّة - بإستمرار مثل الجوز والتمر والكشمش والفستق والبطيخ والبصل والحلويات ويكثر من تناول الأعذية الباردة.

12 - إن يعطف ذهنه على التفكير بأمر الزواج وحياة المستقبل وعليه أن يعلم أن هذه الأيام العصيبة ستنقضي ويأتي ذلك اليوم الذي سينتخب فيه الزوجة الصالحة، فلا بد من أن يتدارك ما يضمن سعادة المستقبل له بحسن الاستفادة من طاقاته واستعداداته فإنه أحوج ما يكون في ما يأتي من الأيام الى السّلامة البدنية والنفسية .

ص: 77


1- إن الصيام هو أفضل طريق للعلاج، فإن الصيام الحقيقي يوجب ضعف القوة الشهرية وفي المقابل يقوي الايمان والارادة والأخلاق، ويزيد في التكامل الملكوتي للانسان فعن النبي صلى الله علیه و آله انه قال: «يا معشر الشبان من استطاع منكم الباه فلیتزوج فإنه أغضى للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فليصم فان الصوم له وجاء» ثم إنه قد يتفق هیجان الغريزة لسبب ما، فسيشعر الإنسان بعدم طاقته للتحمل، بحيث لو صبر على ذلك لرأي أن تلك الأهواء سرعان ما تزول، فهي أكثر ما يمكن أن تبقى اسبوع واحدة ثم تزول، فإن رأى أن لا عزم له في مقاومتها فعليه بصيام أيام أخرى، إذ أن الصيام لا ينحص بشهر رمضان فقط بل هناك أياما يستحب صيامها كما ورد بذلك نصوص عن أئمة الهدى (عليهم السلام) وكان الأعاظم مقيدون بصيامها، وفي مفاتیح الجنان للشيخ عباس القمي تفصيل صيام تلك الأيام، ولأجل معرفة فوائد الصيام في نظر العلم المعاصر، راجع کتاب: اهميت روزه از نظر علم روز«» البحث الرابع: «تعديل ميل جنسی با روزه داری» تأليف الدكتور احمد الاردوبادي.

13 - على الشاب أن يأنس بذكر الله تعالى، يقول عزوجل: « أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (1)»

ويجب على الذين تخلّصوا من مخالب هذه العادة المشؤومة أن يعرفوا قدر شبابهم بالسعي الحثيث في الحفاظ عليه بالابتعاد عن جميع الوساوس الشيطانية، وبالابتعاد عن المحيط الفاسد وعن مجالسة ومعاشرة المنحطّين والمنحرفين.

وقد يحدث ما يوهن عزم هؤلاء، إلّا أنهم بالايمان والتوكّل على الله تعالى والسّعي الحثيث يمكنهم أن يستقيموا ويجدّدوا الأمل من أجل الخلاص من ذلك ويحافظوا على نزاهتهم وطهارتهم .

ص: 78


1- الرعد: 28.

شذرات من أحاديث النبي الكريم (صلی الله عليه وآله وسلم)...

شذرات من أحاديث النبي الكريم (صلی الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) فيما يتعلق بالشباب.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

«أوصيكم بالشبّان خيراً فإنهم أرقّ أفئدة ان الله بعثني بشيراً ونذيراً فحالفني الشبّان وخالفني الشيوخ ثم قرأ:

« فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ (1)

قال علي (عليه السلام):

«بادر شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك» (2)

عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) في قوله تعالى:

«ولا تنس نصيبك من الدنيا».

قال: لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك وغناك أن تطلب به الآخرة (3)

قال أبو عبدالله (عليه السلام):

كان فيما وعظ به لقمان ابنه: يا بنيّ واعلم أنك ستُسأل غداً إذا وقفت بين

ص: 79


1- شباب قريش: ص 1.
2- روضة الكافي: ص 93 وغرر الحكم: ص 340
3- الكافي: ج 2 ص 454.

يدي الله عزّوجل عن أربع: شبابك فيما أبليته، وعمرك فيا أفنيته، ومالك ممّا اكتسبته وفيما أنفقته"(1)

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) يا أبا ذر اغتنم خمسا قبل خمس؛ شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك).(2)

قال علي (عليه السلام):

شيئان لا يعرف فضلهما إلّا من فقدهما: الشباب و العافية .(3)

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، وفي الشبيبة قبل الكبر، وفي الحياة قبل الممات .(4)

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

إن لله ملكاّ ينزل في كل ليلة فينادي يا أبناء العشرين جدّوا واجتهدوا.(5)

وعن النبي (صلى الله عليه و آله):

سبعة يّظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: الإمام العدل، وشاب نشأ في عبادة الله ...(6)

قال علي (عليه السلام):

ص: 80


1- الكافي: ج 2 ص 135.
2- روضة الكافي: ص 93.
3- غرر الحكم: ص 449.
4- بحار الانوار: ج 15 ص 236
5- المستدرك : ج 2 ص 35.
6- الكافي: ج 6 ص 47

من کرمت عليه نفسه لم يهنها بالمعصية .(1)

قال علي (عليه السلام):

كم من شهوة ساعة أورثت حزناّ طويلا) .(2)

قال رسول الله (صلى الله علیه و آله):

ما من شيء أحبُّ إلى الله من شاب تائب (3).

ص: 81


1- غرر الحكم: ص 677
2- المستدرك: ج 2 ص 532.
3- المستدرك: ج 2 ص625

ص: 82

فهرس الموضوعات

الموضوع الصفحة

مقدمة الكتاب ... 7

الخطوة الأولى... 9

نظرة نحو المستقبل... 13

الرؤية للواقع ... 14

أهم مراحل الحياة ... 15

أعراض البلوغ في الجسم ... 16

اعراض البلوغ النفسية والروحية... 18

تكامل الشاب الذهني والعقلي... 20

بروز هوية الشاب... 21

الخوف لدى الشاب ... 23

الغضب عند الشاب ... 25

الحب عند الشاب ... 26

احکام مرحلة البلوغ... 27

أهمية مرحلة البلوغ في نظر الاسلام ... 31

الميول والغرائز البانطية والعوامل الخارجية ... 35

الرؤية الواقعية ... 39

اوقات الفراغ ... 41

النظم عند الشباب ... 44

معاشرة الاصدقاء... 47

ص: 83

علاقة الشباب مع والديهم ... 48

التقوى عند الشباب ... 51

الشذوذ الجنسي وكيفية علاجه ... 57

المقدمة ... 59

الرؤية الصحيحة... 62

الحب والشباب... 63

اسباب ظهور الانحراف الجنسي ... 66

تحذير ... 68

عودة الى الذات ... 69

احكام الانحراف الجنسي في الاسلام ... 69

سبيل العلاج ... 70

إلفات نظر...73

وصايا عملية ... 75

شذرات من أحاديث النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) فيما يتعلق بالشّباب ... 79

ص: 84

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.