القيود الوافية في شرح الشافية
لِمُحَمَّدٍ مُعِينِ الدِّينِ بْنِ كَمَالِ الدِّينِ الفَسَائِيّ
ت1134ه-
دِرَاسَةٌ وَتَحْقِيقٌ
م.دعَلِيّ عَبَّاس عُلَيوي الأَعْرَجِيّ
موسسة مسجد السهلة المعظم
كلية الاداب - جامعة القادسية
ص: 1
الى أمّي فاطمةَ الزَّهراء أمّ أبيها، مولاتي نظرة رحيمة يوم لا ينفع مالٌ أوْ بنون إلاّ من أتى الله بحبّكِ.
الى أمّي أمّ فاضل سيّدة الرجال كنت أتمنى أن تشهدي هذا اليوم الذي طالما تمنيته، طوبى لك على حُسنِ الخاتمة.
الى أمّ محمّد زوجي الكريمة والفاضلة، صبرت عليّ كثيرا، فجزاك اللهُ عنّي خير الجزاء .
ولو كلّ النساء كمثل هذي لفضّلت النساءُ على الرجال
عليّ
ص: 2
بِسمِ اللهِ الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّآ أنزلنَاهُ قُرآنَاً عَربِيَاً لَعلَّكُم تَعقِلُونَ *
يوسف / 2
ص: 3
يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ
صدق الله العلي العظيم
يوسف / 88
يقول العماد الأصفهاني( رحمه الله تعالى)
(( إني رأيتُ أنّهُ لا يكتبُ أحدٌ كتاباً في يومه، إلاّ قال في غده: لو غُيِّرَ هذا لكانَ أحسن، ولو زيِدَ هذا لكان يُستحسنُ، ولو قُدِّمَ هذا لكان أفضل، ولو تُرِكَ هذا لكانَ أجمل وهذا من أجملِ العبرِ، وهو دليلٌ على استيلاءِ النقصِ على جملةِ البشر)). خريدة القصر وجريدة العصر: 1 / 5 .
ص: 4
ص: 5
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ، سُبْحَانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيْمِ، سُبْحَانَ مَنْ لَبِسَ الْبَهْجَةَ وَالْجَمَالَ، سُبْحَانَ مَنْ تَرَدَّى بِالنُّورِ وَالْوَقَارِ، سُبْحَانَ مَنْ يَرَى أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا، سُبْحَانَ مَنْ يَرَى وَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاء، سُبْحَانَ مَنْ هُوَ هَكَذَا لا هَكَذَا غَيْرُهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيْبِيْنَ الطَّاهِرِيْنَ.
وَبَعْدُ.....
فَإِنَّ النُّهُوضَ بِتَحْقِيقِ النُّصُوصِ الْعَرَبِيَّةِ الإِسْلامِيَّةِ الْقَدِيْمَةِ هُوَ أَحَدُ وُجُوهِ النُّهُوضِ بِهَذِهِ الأُمَّةِ، وَهُوَ صُوْرَةٌ لِتَجْدِيْدِ الذِّكْرَى - ذِكْرَى رِجَالِهَا الْذِيْنَ ضَرَبُوا أَكْبَادَ الإِبِلِ، وَشَمَّرُوا عَنْ سَوَاعِدِهِمْ؛ لِيُعْطُونَا عُصَارَةَ أَفْكَارِهِمْ، وَأَحْرَزُوا فِي عُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُخْتِلَفَةِ تَفَوُّقًا تَشْهَدُ لَهُمْ بِهِ كُتُبُهُمْ الْتِي ظَلَّتْ حَتَّى الْيَومِ مَصْدَرَ تَدْرِيْسٍ وَإِفْهَامٍ.
وَيُعَدُّ مَتْنُ الشَّافِيَةِ لأَبِي عَمْرُو عُثْمَانَ الْمَالِكِيِّ، الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْحَاجِبِ (ت646 ﻫ) مِنْ أَفْضَلِ الْمُتُونِ الْتِي وَصَلَتْ إِلَيْنَا فِي عِلْمِ التَّصْرِيْفِ، فَقَدْ جَمَعَ فِيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ خُلاصَةَ مَنْ سَبَقَهُ مِمَّنْ كَتَبُوا فِي عِلْمِ التَّصْرِيْفِ، وَقَدْ حَظِيَ بِعِنَايَةِ الدَّارِسِيْنَ، فَقَدَ شَرَحَهُ جُمْلَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ، أَضْخَمُهَا شَرْحًا،
ص: 6
وَتَبْوِيْبًا، وَإِسْهَابًا هُوَ شَرْحُ الرَّضِيِّ الاسْتِرْبَادِي(ت686ﻫ)، وَأَصْغَرُهَا شَرْحُ النَّظَّامِ النَّيْسَابُوريِّ(مِنْ أَعْلامِ الْقَرْنِ التَّاسِعِ الْهِجْرِيِّ).
وَقَدْ جَاءَ شَرْحُ الْعَلاَّمَةِ كَمَالِ الدِّيْنِ، مُحَمَّدٍ بْنِ مُعِيْنِ الدِّيْنِ مُحَمَّدٍ الفَسَائِيِّ الْقَنَويِّ، الشِّيْرازِيِّ، الشَّهِيْرِ ب-(الْمِيْرزَا كَمَالا) وَسَطًا بَيْنَ الإِطَالَةِ وَالاخْتِصَارِ، بَيْنَ الإِطَالَةِ الْتِي تَجْعَلُ الدَّارِسَ يَمَلُّ مِنْ كَثْرَةِ التَّشَعُّبَاتِ وَالتَّفْرِيْعَاتِ، وَالاخْتِصَارِ الْذِي يَذْهَبُ بِبَعْضِ مَا كَانَ يُرِيْدُ الْمَاتِنُ مِنْ أَغْرَاضٍ.
وَإِنَّ اشْتِمَالَ الْكِتَابِ عَلَى ثَرْوَةٍ لُغَوِيَّةٍ جَدِيْرَةٍ بِالدِّرَاسَةِ، وَالتَّأَمُّلِ، كَانَتْ حَافِزًا لِي، لاخْتِيَارِ(الْقُيُودِ الْوَافِيَةِ فِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ، دِرَاسَةٌ وَتَحْقِيْقٌ)، مَوْضُوعًا لِلْبَحْثِ، والتّحقيقِ؛ خِدْمَةً لِلُغَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيْمِ.
وَكَانَتِ الْكِتَابَةُ فِيْ قِسْمَيْنِ رَئِيْسَيْنِ: الْقِسْمُ الأَوَّلُ: وَ هُوَ يتَكوَّنُ مِنْ خَمْسَةِ فُصُولٍ وَخَاتِمَةٍ، الأَوَّلُ: الْعَلاَّمَةُ الْفَسَائِيُّ حَيَاتُهُ وَآثَارُهُ، فَتَحدَّثْتُ فِيْهِ عَنِ اسْمِهِ، وَنَسَبِهِ، وَوِلادَتِهِ، وَأَخْلاقِهِ، وَأَلْقَابِهِ، وَشُيُوخِهِ، وَتَلامِيْذِهِ، وَآثَارِهِ، ثُمَّ وَفَاتِهِ.
وَتَكَلَّمْتُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي عَلَى مَنْهَجِ الْعَلاَّمَةِ الْفَسَائِيِّ، وَطَرِيْقَتِهِ فِي الشَّرْحِ، فَأَتْبَعْتُهُ بِوَصْفٍ عَامٍّ لِلْكِتَابِ، ثُمَّ ذَكَرْتُ الْمَوَارِدَ الْتِي اعْتَمَدَهَا فِي شَرْحِهِ فَكَانَتْ فِي شِقَّيْنِ( الأَعْلامِ وَالْكُتُبِ).
أَمَّا الْفَصْلُ الثَّالِثُ، فَكَانَ مِنْ نَصِيْبِ أُصُولِ النَّحْوِ فِي الْقُيُودِ الْوَافِيَةِ، وَتَنَاوَلْتُ فِيْهِ أُصُولَ النَّحْوِ(السَّمَاعَ، وَالقِيَاسَ، وَالإِجْمَاعَ)، ثُمَّ أَرْدَفْتُهُ بِتَعْلِيْلاتِهِ
ص: 7
الْتِي كَانَتْ وَاحِدَةٌ تَخُصُّ الْمَتْنَ، وَأُخْرَى يَذْكُرُهَا لِلْمُصَنِّفِيْن فِي هَذَا الْعِلْمِ، وَبَعْدَهَا أَتْبَعْنَا الذِّكْرَ بِالْمَذْهَبِ الْذِي يَرَاهُ فِي عِلْمِ التَّصْرِيْفِ.
وَالْفَصْلُ الرَّابِعُ كَانَ مِنْ نَصِيْبِ الشَّوَاهِدِ، فَقَدْ تَنَوَّعَتْ شَوَاهِدُهُ مَا بَيْنَ(قُرْآنٍ كَرِيْمٍ، وَقِرَاءَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ، وحَدِيْثٍ نَبِويٍّ شَرِيْفٍ، وَأَشْعَارٍ، و لُغَاتٍ أَوْ لَهَجَاتٍ، وأَمْثَالٍ، وَكَلامِ الْفُصَحَاءِ).
أَمَّا الْفَصْلُ الْخَامِسُ فَقَدْ كَانَ فِي نُقطتين، الأُولَى: لِضَبْطِ الْكَلِمَاتِ الْتِي كَانَ يَسْتَشْهِدُ بِهَا الْفَسَائِيُّ وَطَرِيْقَةِ ضَبْطِهَا، فَثَمَّةَ طَرِيْقَتَانِ لِذَلِكَ(طَرِيقَةُ الْوِزَانِ، وَوَصْفُ الْكَلِمَةِ بِحَرَكَاتِهَا).
وَالثَّانِيَةُ: لِلْخِلافِ الصَّرْفِيِّ فِي شَرْحِ الْقُيُودِ الْوَافِيَةِ، وَكَانَ لِتَنَاوُلِ الْعَلاَّمَةِ الْفَسَائِيِّ لآرَاءِ الْعُلَمَاءِ وَطَرِيْقَةِ عَرْضِهِ لَهَا، وَتَرْجِيْحِهِ.
وَبَعْدَ هَذِهِ الْمَسِيْرَةِ جَاءَتِ الْخَاتِمَةُ الْتِيْ عَرَضْتُ فِيْهَا نَتَائِجَ الْبَحْثِ.
أَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: فَهُوَ فِي شِقَّيْنِ: الأَوَّلِ: تَحْقِيْقُ الْمَتْنِ، فَقَدْ قُمْتُ بِتَحْقِيْقِ الْمَتْنِ؛ لِيَظْهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ مُتُونِ الشَّافِيَةِ، وَبَعْضِ الشُّرُوحِ الْتِي اسْتَنَدَتْ إلَى بَعْضِ الْمُتُونِ، وَأَشَرْتُ إِلَى الْفُرُوقِ فِي هَامِشِ التَّحْقِيْقِ.
الثَّانِي: تَحْقِيْقُ الْقُيُودِ الْوَافِيَةِ، وَهُوَ الشَّرْحُ الْمَزْجِيُّ لَهَا، مُقَدِّمًا لِذَلِكَ بِوَصْفٍ عَامٍّ لِلْمَخْطُوطَاتِ الْتِي اعْتَمَدْتُهَا فِي التَّحْقِيْقِ ،وَالْمَنْهَجِ الْذِيْ سِرْتُ عَلَيْهِ.
ص: 8
وَبَعْدَ إِتْمَامِ الْمَتْنِ أَتْبَعْتُ تَحْقِيْقِي بِمُكَمِّلاتِهِ، فَكَانَتِ الْفَهَارِسُ الْعِلْمِيَّةُ لِ-(الْقُرآنِ الْكَرِيْمِ، والْقِرَاءَاتِ الْقُرآنِيَّةِ، وَالْحَدِيْثِ النَّبَوِيِّ، وَالأَشْعَارِ، وَاللُغَاتِ أَوِ الْلَهَجَاتِ، وَالأَمْثَالِ وَكَلامِ الفُصَحَاءِ، وَالأَعْلامِ).
وَأَمَّا الصُّعُوبَاتُ الْتِي وَاجَهَتْ تَحْقِيْقِي هَذَا تَمَثَّلَتْ بِقِلَّةِ الْمَصَادِرِ الْتِي تَرْجَمَتْ لِلْعَلامَةِ الْفَسَائِيِّ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ بِذِيْ عِقْبٍ، وَلِكَوْنِهِ مِمَّنْ تَنَاوَلَ الْعُلُومَ اللُغَويَّةَ وَالأَدَبِيَّةَ فِي مَيْدَانِ الدَّرْسِ الْحَوْزِيِّ، فَلَمْ تَكُنْ شُهْرَتُهُ كَشُهْرَةِ أَرْبَابِ الْحَدِيْثِ النَّبَوِيِّ، وَعِلْمِ الأُصُولِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْعُلُومِ الْحَوْزَيَّةِ.
وَلا يَسَعُنِي - وَأَنَا أَكْتُبُ مُقَدِّمَةَ هَذَا الْبَحْثِ - أَنْ أَتَقَدَّمَ بِخَالِصِ الشُّكْرِ إِلَى الأُسْتَاذِ الدُّكْتُورِ شَاكِرِ هَادِي التَّمِيْمِيِّ؛ فَقَدْ كَانَتْ لقِرَاءَتُهُ مُسَوَّدَاتِ الْبَحْثِ الأَثَرُ الْكَبِيْرُ لِوُصُولِهِ إِلَى مَا وَصَلَ إِلَيْهِ، أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَمُدَّ فِي عُمُرِهِ لِمَا فِيهِ خَيْرٌ وَصَلاحٌ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ
أَرْجُو أَنْ أَكُونَ قَدْ وُفِّقْتُ في عَمَلِي هَذا، فَهُوَ فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْعَرَبِيَّةِ أَشْرَفُهَا مِنْزِلَةً، وَأَصْعَبُهَا مَغْرِفًا كَمَا يَقُولُ العَلاَّمَةُ ابْنُ جِنَّي، فَإِنْ أَصَبْتُ فَبِفَضْلِ اللهِ، وَإِنْ أَخْطَأْتُ فَمِنْ نَفْسِي.
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنِ.
عَلِيُّ الأَعْرَجِيُّ
ص: 9
ص: 10
الْعَلاَّمَةُ الْفَسَائِيُّ، حَيَاتُهُ وَآثَارُهُ
ص: 11
عَنْ حَيَاتِهِ وَنَسَبِهِ سِوَى مَا ذَكَرْنَا(1)، وَتَذْكُرُ الْمَصَادِرُ أَنَّهُ كَانَ صِهْرًا لِلعَلاَّمةِ الْمَجْلِسيِّ الأَوَّلِ وَحَسْب(2)، وَيَبْدُو أَنَّهُ لَمْ يُعْقِبْ(3).
قَالَ المِيرْزَا حَيْدَرُ عَلِيٍّ الْمَجْلِسيُّ(ت1214ﻫ) فِي خِتَامِ رِسَالَتِهِ الْتِي كَتَبَهَا عَامَ 1194ﻫ:(وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَبْنَاءِ مِيْرزَا كَمَالِ الْفَسَائِيِّ، وَفِي حَالِ وُجُودِ أَحَدِهِمْ فَلا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ)(4)، وَمِنْ هَذَا الْكَلامِ إِمَّا أَنَّهُ أَعْقَبَ لَكِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ ذُرِّيتِهِ أَحَدٌ، أَوْ لا عَقِبَ لَهُ إِطْلاقًا.
يَقُولُ الْمُحَدِّثُ النُّورِيُّ(ت1320ﻫ)(.....وَالرَّابِعَةُ مِنْ بَنَاتِ الْمَوْلَى الْمَجْلِسيِّ كَانَتْ تَحْتَ الْفَاضِلِ الآمِيرْزَا كَمَالِ الدِّيْنِ الْفَسَوِيِّ شَارِحِ الشَّافِيَةِ، وَلَمْ يُعْلَمْ عَقِبُهُ، قَالَ صَاحِبُ الْمَآثِرِ وَفَخْرِ الأَوَاخِرِ آغَا مُحَمَّدُ بَاقِرِ الهَزَارُ جْرِيْبِي
ص: 13
فِيْ إِجَازَتِهِ لِبَحْرِ الْعُلُومِ: قَالَ أُسْتَاذُنَا وَشَيْخُنَا الأَجَلُّ الأَوْحَدُ الْحَاجُّ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ فِي إِجَازَتِي: فَلْيَرْوِ الْوَلَدُ الأَعَزُّ عَنِّي بِتِلْكَ الأَسَانِيْدِ وَغَيْرِهَا مَا قَرَأْتُهُ عَلَى شَيْخِنَا الْمُحَقِّقِ الْوَرِعِ الْعَلاَّمَةِ مِيْرزَا كَمَالِ الدِّيْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ مُعِيْنِ الدِّينِ الْفَسَوِيِّ الْفَارِسِيِّ مِنَ التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِ، وَمَا قَرَأْتُهُ عَلَى شَيْخِنَا الْمُدَقَّقِ الْفَائِقِ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْبَادِي، مَوْلانَا مُحَمَّدِ مَهْدِي ابْنِ مَوْلانَا مُحَمَّدِ مَادِي الْمَازِنْدَرَانِيْ مِنْ كِتَابِ نَهْجِ الْبَلاغَةِ وَغَيْرِهِ، وَمَا سَمِعْتُ مِنَ الْفَاضِلِ الْكَامِلِ الْمُحَقِّقِ مَوْلانَا مُحَمَّدِ شَفِيْعِ الْجَيْلانِيِّ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْفَقِيْهُ الْجَلِيلُ الآمِيْرزَا إِبْرَاهِيمُ الْقَاضِي أَقُولُ: وَأَرْوِي عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشِيْخَتِي الْذِيْنَ صَادَفْتُهُمْ أَوْ قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ مُؤَلَّفَاتِهِمْ، مِنْهُمُ الْعَلاَّمَةُ الْجَلِيلُ الْوَرِعُ، الْمُحَقِّقُ، الْفَقِيْهُ، الْمُفَسِّرُ، الأَدِيْبُ، الْمُتَكَلِّمُ الْمَوْلَى كَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ بْنُ مُعِيْنِ الدِّيْنِ مُحَمَّدٍ الْفَسَوِيِّ "قُدِّسَ سِرُّهُ"، وَأَرْوِي عَنْهُ مِنْ مُؤلَّفَاتِهِ الأَدَبِيَّةِ مُنَاوَلَةً(1) انْتَهَى، وَبِالجُمْلَةِ: فَهُوَ مِنْ أَجِلَّةِ العُلَمَاءِ الْمَعْرُوفِيْنَ)(2).
ص: 14
يَقُولُ المُلاّ(1) مُحَمَّدُ صَالِحٍ المَازِنْدَرَانِيُّ(2)(ت1181ﻫ)(وَأَمَّا أَبْنَاءُ الْمَرْحُومِ الْمَغْفُورِ لَهُ الْعَلاَّمَةِ مِيرْزَا كَمَالِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ الْفَسَائِيِّ، فَأَمْرُهُمْ مَجْهُولٌ)(3).
أَقُولُ: وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ الْذِي مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يُذْكَرْ نَسَبَ الْعَلاَّمةِ الفَسَائِيِّ، وَلَمْ تُطْبَعْ مُؤلَّفَاتُهُ إِلَى الآنِ؛ فَذُرِّيَةُ الرَّجُلِ هُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِنَشْرِ تُرَاثِهِ، والتَّرْوِيجِ لَهَا رَفْعَا لِذِكْرِهِ وَذِكْرِهِمْ.
الْفَسَائِيُّ، الْفَسَوِيُّ، الْمِيرْزَا كَمَالا،(كَمَالُ الدِّيْنِ، مُعِيْنُ الدِّينِ)، الْقَنَوِيُّ، وَسُنبيِّنُ كُلاّ مِنْ هَذِهِ الأَلْقابِ:
جَاءَ فِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ(4):(فَسَا: بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ، كَلِمَةٌ عَجْمِيَّةٌ، وَعِنْدَهُمْ بَسَا بِالْبَاءِ، وَكَذَا يَتَلَفَّظُونَ بِهَا، وَأَصْلُهَا فِي كَلامِهِمْ: الشَّمَالُ مِنَ الرِّيَاحِ، مَدِيْنَةٌ بِفَارِسٍ أَنْزَهُ مَدِيْنةٍ بِهَا، فِيْمَا قِيْلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ شِيْرازٍ أَرْبَعُ مَرَاحِلَ، وَهِيَ فِي الإِقْلِيْمِ الرَّابِعِ، طُولُهَا سَبْعٌ وَسَبْعُونَ دَرَجَةً وَرُبْعٌ، وَعَرْضُهَا ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ دَرَجَةً
ص: 15
وَثُلْثَانِ، قَالَ الإِصْطَخْرِيُّ: وَأَمَّا كَوْرَةُ دَارِابْجُرْدْ، فَإِنَّ أَكْبَرَ مُدُنِهَا فَسَا، وَهِيَ مَدِيْنَةٌ مُفْتَرِشَةُ الْبِنَاءِ، وَاسِعَةُ الشَّوَارِعِ تُقَارِبُ فِي الْكِبَرِ شِيْرَازَ، وهِيَ أَصَحُّ هَوَاءً مِنْ شِيْرَازَ، وَأَوْسَعُ أَبْنِيَةً، وَبِنَاؤُهُمْ مِنْ طِيْنٍ وَأَكْثَرُ الْخَشَبِ فِي أَبْنِيَتِهِمُ السَّرْوُ، وَهِيَ مَدِيْنَةٌ قَدِيْمَةٌ، وَلَهَا حِصْنٌ وَخَنْدَقٌ وَرَبْضٌ، وَأَسْوَاقُهَا فِي رَبْضِهَا، وَهِيَ مَدِيْنَةٌ يَجْتَمِعُ فِيْهَا مَا يَكُونُ فِي الصَّرُودِ وَالْجَرُومِ مِنَ الْبَلَحِ وَالرَّطَبِ، وَالْجَوْزِ وَالأُتْرُجِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَبَاقِي مُدُنِ دَارِابْجُرْدْ مُتَقَارِبَةٌ، وَبَيْنَ فَسَا وَكَازَرُون ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ، وَمِنْ شِيْرَازَ إِلَى فَسَا سَبْعَةٌ وَعُشْرُونَ فَرْسَخًا، وَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْمُوَازَنَةِ الْمَنْسُوبِ إِلَى مَدِيْنَةِ فَسَا مِنْ كَوْرَةِ دَارِابْجُرْدِ يُسَمَّى بَسَاسِيريَّ، وَلَمْ يَقُولُوا فَسَائِيُّ(1)، وَقَوْلُهُمْ بَسَاسِير مِثْلُ قَوْلِهِمْ: كَرَمْ سِيْر، وَسِرْدْسِيْر، وَكَذَلِكَ النِّسْبَةُ إِلَى كِسْنَا - نَاحِيَةٌ قُرْبَ نَائِينَ - كِسْنَاسِيريُّ.)(2)
هَكَذَا ضَبَطَهَا فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ - بِالفَتْحِ وَالقَصْرِ- وَقَدْ ضَبَطَهَا الحميريُّ فِي الرَّوْضِ الْمِعْطَارِِ(3) بِتَشْدِيدِ ثَانِيهِ، وَالْقَصْرِ - فَسّا - وَالنَّسَبُ إِلَيْهَا فَسّويُّ(4) .
ص: 16
إِلاَّ أَنَّ مُعْظَمَ العُلَمَاءِ ضَبَطَهَا بِالفَتْحِ وَالقَصْرِ مِنْ دُونِ التَّشْدِيدِ، قَالَ السَّمْعَانيُّ(ت 562ﻫ)(الفَسَويُّ: بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالسِّينِ، هَذِهِ النِّسْبةُ إِلَى فَسَا، وَهِيَ بَلْدةٌ مِنْ بِلادِ فَارِسٍ يُقَالُ لَهَا بَسَا(1)، خَرَجَ مِنْهَا جَمَاعَةٌ كَثِيرةٌ مِنَ الْعُلَماءِ والرَّحَّالِينَ، مِنْهُمْ: أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيانَ بْنِ جَوَانِ الْفَسَويِّ الفَارِسِيِّ، كَانَ مِنَ الأَئِمَّةِ الكِبَارِ مِمَّنْ جَمَعَ وَرَحَلَ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَصَنَّفَ)(2).
جَاءَ فِي لُبِّ اللُبَابِ للسُّيُوطيِّ(ت911ﻫ)(الفَسَويُّ: بِفَتْحَتَيْنِ إِلَى فَسَا، مَدِيْنَةٌ بِفَارِسٍ).
1- وَثِيْمَةُ بْنُ مُوسَى بْنِ الفُرَاتِ الفَارِسِيِّ الفَسَوِيِّ أَبُو يَزِيدٍ، كَانَ أَصْلُهُ مِنْ فَارِسٍ، وَخَرجَ مِنْهَا إِلَى البَصْرَةِ، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى مِصْرَ، وَخرَجَ مِنْهَا إِلَى الأَنْدُلُسِ تَاجِرًا، وَكَانَ يَتَّجِرُ فِي الوِشيّ، وَصَنَّفَ كِتَابًا فِي (أَخْبَارِ الرَّدَّةِ) وَجوَّدَ، وَعَادَ
ص: 17
مِنَ الأَنْدُلِسِ إِلَى مِصْرَ، وَكَتَبَ عَنْهَ، ذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ بْنُ يُونُسَ فِي (الْغُرَبَاءِ)، وَقَالَ: إِنَّهُ مَاتَ بِمِصْرَ فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنَ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَماءَتَيْنِ، قَالَ: وَلَهُ عِقْبٌ بِمِصْرَ إِلَى الآنَ، مِنْهُمْ: وَثِيْمةُ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ وَثِيْمَةِ بْنِ مُوسَى بْنِ الفُرَاتِ، أَبُو حُذَيْفَةَ، وُلِدَ هُوَ وَأَبُوهُ عُمَارةُ بِمِصْرَ، وسَمَعَ مِنْ أَبِيهِ، ومِنْ غَيْرِهِ(1).
2- يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ، أَبُو يُوسُفَ الْفَارِسِيُّ الْحَافِظُ، رَوَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَالْقَعْنَبِيِّ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: التَّرْمَذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ بْنِ دُرُسْتُويهَ، وخَلْقٍ(2).
وَثَّقَهُ ابْنُ حَبَّانٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمَاءَتَينِ، لَهُ:كِتَابُ (الْمْعِرفَةِ وَالتَّارِيخِ)(3).
قَالَ الذَّهَبِيُّ:الإِمَامُ الحَافِظُ، الحُجَّةُ، الرَّحَّالُ، مُحَدِّثُ إِقْلِيمِ فَارِسٍ، وَلَهُ تَارِيخٌ كَبِيرٌ، جَمُّ الْفَوائِدِ(4).
وَفِي لِسَانُ الْمِيزَانِ:النَّظَرُ إِلَى عَليٍّ عِبَادَةٌ، رَوَاهُ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ(5)
3- أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ بْنِ دُرُسْتُويهَ بْنِ المَرْزِبَانِ، الفَارِسِيِّ الفَسَوِيِّ النَّحْوِيِّ، كَانَ عَالِمًا فَاضِلاً أَخَذَ فَنَّ الأَدَبِ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ، وَعَنِ الْمُبَرِّدِ، وَغَيْرِهِمَا بِبَغْدَادَ، وَأَخَذَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَفَاضِلِ كَالدَّارْقَطْنِيِّ وَغَيْرِهِ، وَكَانَتْ
ص: 18
وُلادَتُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمَاءَتَينِ، وَتُوفِيَ يَومَ الاثْنَينِ لِتِسْعٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ، وقِيلَ لِستٍّ بَقِينَ مِنْهُ، سَنَةَ سَبْعٍ وأَرْبَعينَ وَثلثْماءَةِ بِبَغْدادَ "رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى"، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ كِبَارِ المُحَدِّثِينَ وَأَعْيَانِهِمْ(1).
وَدُرُسْتُوْيَهْ: بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلةِ، وَالرَّاءِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلةِ، وَضَمِّ التَّاءِ المُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقِهَا وَسُكُونِ الوَاوِ، وفَتْحِ اليَاءِ المُثنَّاةِ مِنْ تَحْتِهَا، وبَعْدَهَا هَاءٌ سَاكِنَةٌ، هَكَذَا قَالَهُ السَّمْعَانِيُّ(2)، لهُ تَصَانِيْفُ مِنْهَا: كِتَابُ خَبَرِ قِسِّ بْنِ سَاعِدَةَ، وشَرْحُ الفَصِيْحِ، وَغَرِيْبُ الْحَدِيثِ، وَتفْسِيرُ كِتَابِ الجَرَمِيِّ، وَغَيْرُهُ(3).
4- الْحَسَنُ بْنُ سُفْيانَ الْفَسَوِيِّ، الحَافِظُ: صَاحِبُ المُسْنَدِ والأَرْبَعِينَ، فَثِقَةُ مُسْنَدٌ، وَفِي لِسَانِ الْمِيزَانِ(4): مَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي ثَوْرٍ، وَكَانَ يُفْتِي بِمَذْهَبِهِ، وَكَانَ عَدِيْمَ النَّظِيرِ، تُوفِي سَنَةَ ثَلاثٍ وخَمْسينَ وثَلاثماءَةٍ، وفِي لِسَانِ المِيْزانِ: قَدْ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ زَكَريَّا بْنِ شَيْبَانَ، وابْنُ عُقْدَةٍ، وَقَالَ: كَانَ مِنْ رِجَالِ الشِّيْعَةِ، وَلَهُ كِتَابُ النَّوَادِرِ(5).
5- مُحَمَّدٌ بْنُ سَهْلٍ بْنِ كُرْدِيٍّ الْبَصْرِيِّ، الْفَسَوِيِّ، حَدَّثَ عَنِ البُخَارِيِّ بِتَارِيخِهِ الكَبِيرِ، رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدانَ الشِّيرَازِيِّ، وَفِي اللِسَانِ: قَالَ أَبُو الوَلِيدِ البَاجِي، مُحَمَّدٌ بْنُ سَهْلٍ: مَجْهُولٌ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ عَرَّفَهُ غَيْرُهُ، وهُوَ مُوثَّقٌ(6).
ص: 19
6- مُحَمَّدٌ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الفَسَوِيِّ، أَبُوعَبْدِ اللهِ، يُعْرَفُ بِخَاطِفٍ، صَاحِبُ أَبِي بَكْرٍ بْنِ السرَّاجِ، وَرَوَى عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ وَغَيْرِهِ(1).
7- أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ سُلَيْمانَ بْنِ أَبَانٍ الفَارِسِيِّ النَّحْويِّ؛ فَارِسُ مَيْدانِ العِلْمِ والأَدَبِ، والذِي يَنْسِلُ إِلَى فَضْلِهِ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ، الَمَرْجُوعُ إِلَى تَحْقِيقَاتِهِ الرَّشِيقَةِ فِي الْكُتُبِ الأَدَبيَّةِ، والقَوَاعِدِ العَرَبِيَّةِ(2)، وُلِدَ بِمَدِينَةِ فَسَا، وَاشْتَغَلَ بِبَغْدَادَ، وَدَخَلَ إِلَيْهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَثلثماءَةٍ، وَكَانَ إِمامُ وَقْتِهِ فِي عِلْمِ النَّحْوِ، ودَارَ البِلادَ، وأَقَامَ بِحَلَبَ عِنْدَ سَيْفِ الدَّولَةِ بْنِ حَمْدَانَ مُدَّةً، وكَانَ قُدُومُهُ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وأَرْبَعِينَ وثلَثمَاءَةٍ، وجَرَتْ بَيْنَهُ وبَيْنَ أَبِي الطَّيبِ المُتَنبِّي مَجَالِسَ، ثُمَّ انتَقَلَ إِلَى بِلادِ فَارِسٍ، وَصَحِبَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ ابْنَ بُويهْ، وتقَدَّمَ عِنْدَهُ، وعَلَتْ مَنْزِلَتُهُ حَتَّى قَالَ عَضُدُ الدَّولَةِ: أَنَا غُلامُ أَبِي عَلِيٍّ الفَسَوِيُّ فِي النَّحْوِ، وصَنَّفَ لَهُ كِتَابَ الإِيْضاحِ، وَالتَّكْمِلَةِ فِي النَّحْوِ، وَقِصَّتُهُ فِيهِ مَشْهُورَةٌ(3).
8- أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ المُبَارَكِ الفَسَوِيِّ الفَارِسِيِّ، مُحَدِّثٌ(4)، مِنَ الرُّواةِ الثِّقاتِ.
9- الْحسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عُثْمانَ الفَسَوِيِّ(5)، وقَدْ رَوَى عَنْ يَعْقُوبَ رَوَاياتٍ مِنْهَا مَا َرَواهُ الحَافِظُ الحَاكِمُ الحَسْكَانِيُّ، قَالَ:أَخَبْرنَا عُقَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَليٌّ، قَالَ:
ص: 20
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُوعَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عُثْمانَ الفَسَوِيِّ بِالبصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يعْقُوبُ بنُ سُفْيانَ الفَسَوِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ قَعْنَبٍ، عَنْ مَالِكٍ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فِي قَوْلِهِ تعَالَى:(اتَّقُوا اللهَ)التوبة/،119 قَالَ: أَمَرَ اللهُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ بأَجْمَعِهِمْ أَنْ يَخَافُوا اللهَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ:(وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) يَعْنِي: مُحَمَّدًا وَأَهْلَ بَيْتِهِ(1).
10- نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُوعَبْدِ اللهِ الشِّيرَازِيُّ الفَارِسِيُّ الفَسَويُّ، يُعْرَفُ بِابْنِ مَريَمَ خَطِيبِ شِيْرازَ، وأَدِيْبِهَا، وَعَالِمِهَا، ومَنْ يُرْجَعُ إِلَى رَأْيِهِ فِي الأُمُورِ الشَّرْعيَّةِ، ولَهُ " تَفِْسيرُ القُرآنِ " فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَقَدْ جَوَّدَهُ، و" شَرْحُ الإِيْضَاحِ"، وَكَانَ حَيًّا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَخَمسمَاءَةٍ(2)، وفِي مُعْجَمِ الأُدَباءِ: قُرِيءَ عَلَيْهِ سَنَةَ خَمْسٍ وسِتِّينَ وَخَمْسماءَةٍ، وتُوفِّيَ بَعْدَهَا(3).
11- رُوزْبَهَانُ بْنُ أَبِي النَّصْرِ، الفَسَوِيُّ الشِّيْرازِيُّ، أَبُومُحَمَّدٍ البَقْلِيُّ (ت 606 ﻫ)، عَالِمٌ صُوفِيٌّ، مُشَارِكٌ فِي التَّفْسِيرِ، وَالفِقْهِ والكَلامِ، وغَيْرِ ذلِكَ، لَهُ تَصَانِيفُ، مِنْهَا: المُوشَّحُ فِي المَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ، وتَرْجِيحُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ بِالدَّلِيلِ، عَرَائِسُ البَيَانِ فِي حَقَائِقِ القُرآنِ، وغَيْرِ ذلِكَ(4).
12- أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ يَعْقُوبَ، أَبُو الحُسَينِ الفَسَوِيُّ، شَيْخٌ مُقْرِىءٌ، قَرَأَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ حَمْدُون السَّرْخَسِيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الأَهْوَازِيُّ(5).
ص: 21
13- الشَّيْخُ مُحمَّدُ تَقِي بْنُ مُحمَّدٍ مؤْمِنٍ، الشَّريْفُ الفَسَوِيُّ مَلَكَ نُسخَةً مِنْ كِتَابِ " إِيضَاحِ الاشْتِبَاهِ " للْعلاَّمَةِ الحِلِّيِّ فِي شِيْرازَ، وَكَتَبَ عَلَيْهَا بَعْضَ الحَوَاشِي اليَسِيرةِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضْلِهِ وَتتبُّعِهِ، والظَّاهِرُ إنَّهُ مِنْ أَعْلامِ القَرْنِ الثَّالثِ عَشَر(1).
14- أَحْمَدُ بْنُ مُحمَّدٍ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، أَبُو بَكْرٍ الفَسَوِيُّ المَعْرُوفُ بِاللاقِطيِّ(2).
15- طَلْحَةُ بْنُ خَلَفٍ بْنِ الهَيْثَمِ، أَبُو الفَرَجِ الْفَسَوِيُّ، ويُقالُ السَّامِريُّ، المُقْرِئُ بِالرَّي، رَوَى القِرَاءَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّقَّاشِ، وأَبِي بَكْرٍ بنِ مَقْسَمٍ، رَوَى القِرَاءةَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ أَحْمدَ العَطَّارِ، وعَلِيٍّ بنِ مُحمَّدٍ بْنِ سَعِيدٍ الصَّرْصريِّ(3).
16- إِسْحاقُ بْنُ سَعْدٍ بْنِ الحَسَنِ بْنِ سُفْيانَ الْفَسَوِيِّ، مُحَدِّثٌ(4).
وَغَيْرُهُمْ كَثِيرٌ، فَقَدْ أَنْجَبَتْ هَذِهِ المْدِينةُ كَثِيرًا مِنَ العُلَماءَ، الفُقَهَاءَ، والمُحَدِّثِينَ، والقُرَّاءَ.
الْمِيرزَا: تَتَكَوَّنُ هَذِهِ اللَفْظَةُ مِنْ مَقْطَعَينِ بِحَسَبِ قولِ الدَّكْتُورِ مُحَمَّدِ التّونَجي(5): الأَوّلُ هُوَ مِرْد، وَتعْنِي صَاحِبَ النَّخْوَةِ وَالحَمِيَّةِ وَالشُّجَاعَ، والمِقْدَامَ،
ص: 22
وَالرَّجُلَ البَطَلَ، والثَّانِي: زَاز(1)، وَتعْنِي الذَّكِيَ الخَفِيفَ، وعِنْدَ جَمْعِهِمَا يَكُونُ البِنَاءُ مِرْدْزَاز، فَنُحِتَتِ الكَلِمَةُ فَسَقَطَ الدَالُ؛ لاستِثْقَالِهِ، والزَّايُ فِي آخِرِ الكَلِمَةِ، فَصَارَتِ الكَلِمَةُ: ميرْزَا بَعْدَ إِشْبَاعِ الكَسْرَةِ التِي فِي المِيمِ.
وهُوَ لَقَبٌ يُطْلقُ الآن عَلَى مَنْ كَانَتْ والِدَتُهُ عَلَويَّةً، وأَبوُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وقَدْ عُرِفَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ فِي الأَوْساطِ الحَوْزِيةِ، فِي النَّجَفِ الأَشْرَفِ، وغَيْرِهَا.
وَكَأنَّهُ قَدِ اكْتَسَبَ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنْ أُمِّهِ العَلَويَّةِ ذَاتِ الأَصْلِ الشَّامِخِ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْذِي دَعَا الْعَرَبُ إِلَى التَّكْنِيَةِ: الإِجْلالُ عَنِ التَّصْرِيحِ بِالاسْمِ بِالكِنَايَةِ عَنْهُ، ثُمَّ تَرَقَّوا عَنِ الكُنَى إِلَى الأَلْقَابِ الحَسَنَةِ التِي هِي أَضْدادُ مَا يُتَنَابَزُ بِهِ مِمَّا نَهَى اللهُ عَنْهُ وَسَمَّاهُ فُسُوقًا، فَقَلَّ مِنَ المَشَاهِيرِ فِي الجَاهِليَّةِ والإِسْلامِ مَنْ لَيْسَ لَهُ لَقَبٌ، وَلَمْ تَزَلْ الأُمَمُ كَلُّهَا مِنَ العَرَبِ والْعَجَمِ تَجْرِي فِي المُخَاطَبَاتِ والمُكَاتَبَاتِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيْرٍ(2).
أَمَّا كَمَالُ الدِّينِ: فَسَبَبُ هَذا اللَقَبِ وأَمْثَالِهِ، مَا ذَكَرَهُ الجَلالُ السُّيُوطيُّ فِي الأَوَّلِيَّاتِ: أَوَّلُ مَا حَدَثَ التَّلْقِيبُ بِالإِضَافَةِ إِلَى الدِّينِ فِي القَرْنِ الرَّابِعِ؛
ص: 23
وَسَبَبُهُ:أَنَّ التُّركَ لمَّا تَغَلَّبُوا عَلَى الخِلافَةِ تَسَمَّوا بِشَمْسِ الدَّوْلَةِ، ونَاصِرِ الدَّوْلَةِ إِلَى غَيْرِ ذلِكَ، فَتَشَوَّقَتْ نُفُوسُ بَعْضِ العَوَامِ إِلَى تِلْكَ الأَسْمَاءِ فَلَمْ يَجِدُوا إِلَيْهَا سَبِيلاً، فَرَجِعُوا إِلَى أَمْرِ الدِّينِ، ثُمَّ فَشَا ذَلِكَ حَتَّى أَنِسَ بِهِ النَّاسُ، وَتَوطَّنُوا عَلَيْهِ(1).
الْقَنَوِيُّ: هذِهِ النِّسْبةُ تَفَرَّدَ بِذِكْرِهَا: مُحْسِنُ آغَابُزُرْك صَاحِبَ الذَّرِيعَةِ(2)، وَعُمَرُ رِضَا كَحَالَةَ، فِي مُعْجَمِ المُؤلِّفِينَ(3)، وهذِهِ النِّسْبةُ غَرِيْبَةٌ؛ فَلَرُبَّمَا تَكُونَ تَصْحِيفًا لِلْفَسَوِيِّ، وَقَعَ فِيْهِ صَاحِبُ الذَّرِيْعَةِ، فَنَقَلَهُ عَنْهُ مُصَحَّفًا عُمَرُ كَحَالةَ، ومَهْمَا يَكُنْ مِنْ أَمْرٍ فَقَدْ وَرَدَتْ أَمَاكِنُ قَرِيْبةٌ مِنْ هَذا اللفْظِ بَعِيدةٌ عَنِ المُصنِّفِ، وهِيَ:
1- إِقْنَا: بِكَسرِالهَمزَةِ، وتَسْكِينِ القَافِ، ونُونٌ: بَلَدٌ بِالصَّعِيدِ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَفْطٍ يومٌ وَاحِدٌ، يُضَافُ إِلَيِهَا كَوْرةٌ، وأَهْلُهَا يُسَمُّونَهَا: قَنَا، بِغَيْرِ أَلِفٍ(4)، وَهِيَ كَلِمَةٌ ذَاتُ أَصْلٍ قِبِطِيٍّ، كَذَا ذَكَرَهَا يَاقُوتُ(5).
ص: 24
2- قِنَّا: بِالكَسْرِ، ثُمَّ التَّشْدِيدِ، والقَصْرِ: نَاحِيَةٌ مِنْ شَهْرَزُور (1).
3- قُنَّا: بِضَمِّ أَوَّلِهِ، ثُمَّ التَّشْدِيدِ، وَالْقَصْرِ: دِيْرِ قُنَا: مِنْ نَواحِي النَّهْرَوَانِ قُرْبَ الصَّافِيةِ، وقَدْ ذُكِرَ فِي الدِّيرةِ، قَالَ يَاقُوتُ: وَإِنَّمَا أُعِيدَ ههُنا؛ لأَنَّ النِّسبةَ إِليْهَا قُنَائِيُّ، وقَدْ نُسِبَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَكَابِرِ الكُتَّابِ(2).
4- قَنَا: مَوْضِعُ بِاليَمَنِ، وفِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ: قَالَ أَبُو زِيَادٍ: وَمِنْ مِيَاهِ بَنِي قُشَيْرٍ قَنَا، وَأَخْبَرَنا رَجُلٌ مِنْ طَيِّء مِنْ سُكَّانِ الْجَبَلَيْنِ أَنَّ القَنَا جَبَلٌ فِي شَرْقَي الحَاجِرِ، وَفِي شَمَالِه جَبَلانِ صَغِيرَانِ يُقَالُ لَهُمَا صَائِرَتَا قَنَا، وَقَنَا أَيْضًا: جَبَلٌ لِبَنِي مُرَّةَ مِنْ فَزَارَةَ(3).
5- الْقَنَوْنِيُّ: بِفَتْحَتَيْنِِ، أوكَسْرِ النون الأولى إلى قَنِين(4)، والقُنْيُنيُّ: بضمِّ القَافِ، وَاليَاءِ المَنْقُوطَةِ باثْنتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا بَيْنَ النُّونَينِ، هذِهِ النِّسْبَةُ إِلَى قَنِين(5) أَيْضًا، وَقَنِينُ: بَطْنٌ مِنْ تَغْلُبَ(6).
ص: 25
شُيُوخُ الفَسَائِيِّ الْذِيْنَ تَلْمَذَ لَهُمْ قِلَّةٌ، وَعَادَةً يَقُومُ التِّلْمِيذُ بِذِكْرِ أَشْيَاخَهُ الْذِيْنَ قَدْ تَلْمَذَ لَهُمْ، أَمَّا الْفَسَائِيُّ لَمْ يَذْكُرْ سِوَى عَالِمٍ وَاحِدِ، وَهُوَ العَلاَّمَةُ الْمَجْلِسِيُّ صَاحِبُ الْبِحَارِ(ت1111ﻫ)، وَهُوَ مُحَمَّدُ بَاقِرٍ بْنُ مُحَمَّدِ تَقِيِّ بْنِ مَقْصُودِ عَلِيٍّ الشَّهِيرِ بِالمَجْلِسيِّ، وَهَذا الشَّيْخُ كَانَ إِمَامًا فِي وَقْتِهِ فِي عِلْمِ الْحَدِيْثِ وَسَائِرِ الْعُلُومِ، شَيْخُ الإِسْلامِ فِي أَصْفَهَانَ، رَئِيْسًا فِيْهَا بِالرِّئَاسَةِ الدِّيْنِيَّةِ وَالدُّنْيَويَّةِ، إِمَامًا فِي الْجُمْعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَهُوَ الْذِي رَوَّجَ الْحَدِيثَ وَنَشَرَهُ وَلا سِيَمَا فِي الدِّيَارِ الْعَجْمِيَّةِ، وَتَرْجَمَ لَهُمْ أَحَادِيثَ الْعَرَبِيَّةِ بِأَنْوَاعِهَا بِالفَارِسِيَّةِ(1)، ذَكَرَهُ الْعَلاَّمَةُ الفَسَائِيُّ فِي مَجْمُوعَتِهِ(بَيَاضِ الكَمَالِيِّ)، بِمَوْلانَا الْمَجْلِسِيِّ " سَلَّمَهُ اللهُ"(2).
وَأَمَّا العَالِمُ الْذِي ذَكَرَتْهُ كُتُبُ التَّرَاجُمِ، فَهُوَ نَجِيبُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ السَّرَاوِيُّ ذَكَرَهُ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ(3)، أنَّ الفَسَائِيَّ كَانَ يَرْوِي عَنْهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْعَلاَّمةُ جَعْفَرُ السُّبْحَانِيُّ فِي مَوْسُوعَتِهِ: طَبَقَاتِ الفُقَهَاءِ(4)عَالِمًا آخَرَ، وَهُوَ مُحَمَّدُ مَسِيحَ بْنُ اسْمَاعِيلَ الفَسَوِيِّ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِذِكْرِهِ.
ص: 26
تَلامِيْذُ العَلاَّمةِ الفَسَائِيِّ "رَحِمَهُ اللهُ" قَلِيلُونَ؛ فَالاتِّجَاهُ السَّائِدُ عِنْدَ طُلابِ العُلُومِ الدِّيْنيَّةِ(الحَوْزيَّةِ) هُوَ الفِقْهُ والأُصُولُ، والْعُلُومُ التِي تَبَنَّاهَا وَأَلَّفَ فِيْهَا هِي عُلُومُ اللُغَةِ والأَدَبِ - كَمَا سَنَرَى فِي آثَارِهِ -
1- الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الكَاشَانِيُّ الأَصْبَهانيُّ(1)(تُوفِيَ أَوَاخِرَ القَرنِ الثَّانِي عَشَرِ الهِجْريِّ)، وَهُوَ مُحَمَّدٌ بْنُ مُحَمَّدِ زَمَانٍ بْنِ الحُسَينِ بْنِ الرِّضَا بْنِ حُسَامِ الدِّينِ المُنَجِّمِ الكَاشَانِيِّ الأَصْبَهَانِيِّ، عَالِمٌ كَبِيْرٌ، وفَاضِلٌ لَهُ تَوَغُلٌ فِي الفَلْسَفَةِ الإِلَهيَّةِ والعُلُومِ العَقْليَّةِ والمَسَائِلِ الرِّياضيَّةِ والفَلَكِيَّةِ، فَضْلاً عَنْ مَعْرِفَتِهِ التَّامَّةِ بِالعُلُومِ النَّقْليَّةِ والمَعَارِفِ الإِسْلاميَّةِ كَالتَّفْسِيرِ، والفِقْهِ، والأُصُولِ، وَالحَدِيْثِ وَغَيْرِهَا، لَهُ كِتَابُ( مِرْآةِ الأَزْمَانِ) (2).
2- الْقَاضِي مِيرْزَا إِبْرَاهِيمُ الأَصْفَهَانِيُّ، الْذِي يَرْوِي عَنِ السَّيدِ الأَمِيرِ مُحَمَّدِ حُسَينٍ الخَاتُون آبَادِي ابْنِ بِنْتِ العَلامَةِ المَجْلِسِيِّ، يقُولُ:(أَقُولُ: وَأَرْوِي عَنْ جَمَاعَةٍ، عَنْ مَشِيْخَتِي الْذِينَ صَادَفْتُهمْ وَقَرأْتُ عَلَيْهِمْ مؤلَّفَاتِهِمْ، مِنْهُمُ العَلاَّمةُ
ص: 27
الْجَلِيلُ، الْوَرِعُ الْمُحَقِّقُ، الفَقِيهُ، المُفَسِّرُ، الأَدِيبُ المُتَكلِّمُ الْمَوْلَى كَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ بْنُ مُعِينِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ الفَسَوِيِّ قُدِّسَ سِرُّهُ)(1).
3- مُحَمَّدُ رَضِيِّ بْنُ مِيرزَا مُحَمَّدِ مَسِيحِ الطَّبِيبِ(2)، وقَدْ قامَ مُحمَّدُ رِضِي بِقِرَاءَةِ كِتَابِ( المُطوَّلِ للتَّفتَازانِيِّ) فِي دَرْسِ العَلاَّمةِ الفَسَائِيِّ، وَقَدْ أيَّدَ العَلامَةُ الفَسَائِيُّ هَذَا الكِتَابَ مِنْ خِلالِ الإِمْضَاءِ عَلَى إِنْهَاءِ الدِّرَاسَةِ(3).
4- نُورُ الدِّينِ عَلِيُّ السَّراويُّ، ذَكَرَهُ فِي رَوْضَاتِ الجَنَّاتِ أنَّهُ كَانَ يرْوِي عَنِ العَلاَّمَةِ الفَسَائِيِّ(4).
5- إِبْراهِيْمُ بْنُ غِيَاثِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ الخَوَارِزْمِيِّ (ت1160ﻫ)(5).
هَذا مَا ذَكَرْتْهُ كتُبُ التَّراجُمِ والسِّيَرِ عَنْ تَلامِيذِ العَلامَةِ الفَسَائِيِّ" رَحِمَهُ اللهُ".
ص: 28
الْعَلاَّمَةُ الفَسَائِيُّ مِنَ العُلَمَاءِ الْذِينَ اشْتَهَرُوا بِالْعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ كَالصَّرْفِ وَالنَّحْوِ وَالبَلاَغَةِ، وَقَدْ مَدَحَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ أَدِيْبٌ مُفَسِّرٌ(1)، قَالَ عَنْهُ فِي رَوْضَاتِ الجَنَّاتِ(2): كَانَ الفَسَائِيُّ مِنْ أَشْهَرِ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ.
وَأطْراهُ الْمُحْسِنُ آغَابُزُرك الطَّهْرانِيُّ بِقَوْلِهِ: كَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - شَيْخًا مُحَقِّقًا، وَأَدِيبًا مُفَوَّهًا(3).
وَقَالَ فِي رَيْحَانَةُ الأَدَبِ(4): مِنْ عُلَمَاءِ الإِمامَيَّةِ فِي القَرنِ الثَّانِي عَشَرِ الهِجْريِّ، وَصِهْرُ المُحدِّثِ المَجْلِسيِّ، وصَاحِبُ يَدٍ بَيْضَاءَ فِي الفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ، وَأَدِيبٌ فَاضِلٌ.
وَقَالَ عَنْهُ الْمُحَدِّثُ النَّيسَابُورِيُّ: كَانَ العَلاَّمَةُ الفَسَائِيُّ مِنْ أَجَلِّ الْمَشَايِخِ(5).
ص: 29
وَقَالَ الشَّيْخُ جَعْفَرُ السُّبْحَانِيُّ: المِيْرزَا كَمَالُ الفَسَوِيُّ، مِنْ عُلَماءِ الإِمَاميَّةِ، كَانَ فَقِيهًا مُفسِّرًا أَدِيبًا، مُتَكلِّمًا، أَحَاطَ بالْعُلومِ العَقْلِيَّةِ والنَّقْلِيَّةِ، ونَظْمِ الشِّعْرِ، وَبَرَعَ فِي حَلِّ مُعْضِلاتِ المَسَائِلِ وَغَوَامِضِهَا، وَامْتَازَ بِحُسْنِ التَّحْرِيرِ(1).
تَجَاوَبْنَ بِالأَرْنَانِ وَالزَّفَرَاتِ *** نَوَائِحُ عُجْمُ اللفْظِ وَالنَّطُقَاتِ(1)
أَوَّلُ الشَّرْحِ (إِنَّ أَطْيَبَ زَهْرٍ انْفَتَقَتْ عَنْهُ أَكْمَامَ الأَذْهَانِ) فَرَغَ مِنْهُ بِأَصْبَهَانَ 14 شهر رَمَضَانَ سَنَةَ 1103ﻫ، وطُبِعَ بِطَهْرانَ سَنَةَ 1308ه- بِمُبَاشَرِةِ الشَّيْخِ الآغَا جَمَالِ الدِّينِ بْنِ العَلاَّمةِ الشَّيْخِ مُحمَّدِ تَقِي ابْنِ العَلاَّمةِ المَوْلَى مَحْمُود العِرَاقِيِّ المَيْثَمِي، نَزِيلِ طَهْرانَ، والمَدْفُونِ فِي النَّجَفِ الأَشْرَفِ قُرْبَ مَدْرَسَةِ السَّيِّدِ البُروجُرْدِيِّ(2) .
وَقَدْ قَامَ بِتَحْقِيقِهِ السَّيِّدُ عَبْدُ اللهِ الْحَمَز فِي مِصْرَ(3).
2- شَرْحُ شَوَاهِدِ المُطَوَّلِ للتَّفْتَازَانِيِّ، وَقَدْ قَامَ تِلْمِيذُهُ مُحَمَّدُ رَضِي بِقِراءَةِ كِتَابِ(المُطَوَّلِ للتَّفْتَازَانِيِّ)، وَقَدْ أَيَّدَ الفَسَائِيُّ هَذا الكِتَابَ مِنْ خِلالِ الإِمْضَاءِ عَلَى إِنْهَاءِ الدِّرَاسَةِ(4)، وَفِي (التَّذْكِرَةِ): إِنَّهُ لَمْ يُكْتَبْ مِثْلُهُ(5) .
ص: 31
3- شَرْحُ قَصِيْدَةِ الحِمْيَريِّ(1) العَيْنَيَّةِ(2)، مُستَهَلُّهَا :
لامَ عَمْرو بِاللَوَى مَرْبِعُ طَامِسَةً أَعْلامُهُ بَلْقَعُ(3)
نُسْخَةٌ مِنْهُمَا فِي مَكْتَبَةِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بَيَانِ الوَاعِظِينَ الأَصْفَهَانِيِّ(4) .
ص: 32
4- بَيَاضُ الكَمَالِيّ: فِي مَبَاحِثَ مُتَفَرِّقَةٍ، أَكْثَرُهَا فَوَائِدُ رِجَالِيَّةٌ تَارِيخِيَّةٌ بِخَطِّ المُؤلِّفِ دَوَّنَهَا وَصِيَةً إِلَى بَعْضِ وِلْدِهِ، أَوْ أَحَدِ تَلامِيذِهِ، أَوْ أَصْدِقَائِهِ؛ إِذْ إِنَّ أَكْثَرَ عُنْوَانَاتِ تِلْكَ الفَوائِدِ صِيْغَةُ الخِطَابِ المُفْرَدِ، بِقَوْلِهِ:(عَلَيْكَ بِمُطَالَعَةِ الكِتَابِ الفُلانِيِّ الْذِي أَلَّفَهُ فُلانٌ فِي مَوْضُوعِ كَذَا، ويُوجَدُ عِنْدَ فُلانٍ)، أَوْ قَوْلُهُ:(عَلَيْكَ بِتَصْنِيفِ كَذَا فِي مَوْضُوعِ كَذَا) دَوَّنَهَا فِي حَيَاةِ العَلاَّمةِ المَوْلَى مُحَمَّدِ بَاقِرٍ المَجْلِسِيِّ؛ لأَنَّهُ يُعَبِّرُ عَنْهُ بِمَوْلانَا "سَلَّمَهُ اللهُ"، يَزِيدُ مَجْمُوعُ أَبْياتِهِ عَلَى الأَلْفِ بَيْتٍ، قَالَ صَاحِبُ الذَّرِيعَةِ: رَأَيْتُهُ فِي مَكْتَبَةِ السَّيِّدِ مُحَمَّدِ عَلِيٍّ هِبَةِ الدِّينِ الشَّهْرِسْتَانِيِّ(1).
5- الْعُجَالَةُ فِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ: وهُوَ الشَّرْحُ الكَبِيرُ المَزْجِيُّ(2)عَلَى شَافِيَةِ ابْنِ الحَاجِبِ، فَرَغَ مِنْهُ 1108ﻫ، أَوَّلُهُ:(الْحَمْدُ للهِ الْذِيْ أَمَالَ قُلُوبَنَا بِرَحْمَتِهِ إِلَى صَرْفِ الْهِمَمِ نَحْوَ اقْتِنَاءِ الْكَمَالِ)، وَعَلَيْهِ حَوَاشٍ كَثِيرةٌ مِنْهُ، كُتِبَتْ عَلَى النُّسْخَةِ فِي حَيَاةِ المُؤلِّفِ بِعُنْوانِ: مِنْهُ مُدَّ ظِلُّهُ الْعَالِي، وَتَارِيخُ الكِتَابَةِ 1126ﻫ، آخِرُهُ: وَلْيَكُنْ هَذِهِ آخِرَ العُجَالَةِ التِي أُرِيدُ تَعْلِيقَهَا عَلَى هَذِهِ الرِّسالَةِ، يُوجَدُ أَرْبَعُ نُسَخٍ
ص: 33
مِنْ هَذَا الشَّرْحِ فِي مَكْتَبَةِ الأَوْقَافِ العَامَّةِ بِالأرقامِ(2647- 2648- 2649- 2650)(1)،وَنُسْخةٌ فِي مَكْتَبَةِ الهَيْأَةِ العَامَّةِ لِلآثَارِ بالرَّقْمِ(3176)(2)، ونُسَخٌ فِي مَكْتَبَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ، ومَكْتَبَةِ الإِمَامِ الحَكِيمِ فِي النَّجَفِ الأَشْرفِ، ونُسَخٌ فِي مَكْتَباتِ إِيْرانِ(3) العَامَّةِ والخَاصَّةِ(4)؛ إِذْ لِهَذا الشَّرْحِ صَدًى أَكْثَرُ مِنَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ(5)، قَامَ بِنَشْرِ الكِتَابِ سَعْدِي مَحْمُود هُورمَاني، دَارِ إِحْسانٍ للنِّشرِ- قُم - إِيران، 1419ﻫ، ط1، وط 2عام 1429ﻫ.
6- شَرْحُ الكَافِيَةِ(6)، وَقَدْ سَمَّاهُ المُصَنِّفُ: القُيُودُ الوَافِيَةُ فِي شَرْحِ الكَافِيَةِ، وهُوَ الجُزْءُ الأَوَّلُ مِنْ شَرْحِهِ لِكَافِيَةِ ابْنِ الحَاجِبِ وشَافِيَتِهِ، تُوجَدُ مِنْهُ نُسْخَةٌ يَتِيمَةٌ بِخَطِّ المُؤلِّفِ فِي مَكْتَبَةِ المَرْعَشِيِّ فِي إِيْران، بِالرَّقْمِ (124نحو - عربي)(7).
ص: 34
7- الْقُيُودُ الوَافِيَةُ فِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ(1)، وَهُوَ الكِتَابُ الْذِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَحْقِيقِهِ، وَسُنُفَصِّلُ الْحَدِيْثِ فِيْهِ لاحِقًا.
8- دِيْوانُ كَمَالا: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي نِسْبَةِ هَذا الدِّيوَانِ إِلَى العَلاَّمَةِ الفَسَائِيِّ، فَقَدَ تَرَدَّدَ صَاحِبُ الذَّرِيعَةِ فِي نِسْبَتِهِ، فَمَرَّةً: إِلَى كَمَالِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ بْنِ المُلاّ مُحَمَّدِ حُسَيْنٍ الفَسَائِيِّ الشِّيْرَازِيِّ، وأُخْرَى إِلَى الْمُصَنِّفِ، قَالَ فِي الذَّرِيعَةِ: (دِيْوانُ كَمَالِ فَسَائِي شِيْرَازِي، هُوَ كَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ بْنُ المُلاَّ مُحَمَّدِ حُسَيْنِ الفَسَائِيِّ الشِّيْرَازِيِِّ، وَظَاهِرُهُ إِنَّ كَمَالا فِي زَمَنِ تَأْلِيفِ النَّصرِ آبَادِي1083ه- كَانَ شَابًّا وَفِي أَوَائِلِ تحْصِيلِهِ، وإِنَّهُ كَانَ مُتَأخِّرًا عَنِ المِيْرزَا كَمَالا الْذِي هُوَ صِهْرُ المَوْلَى مُحَمَّدِ تَقِي المَجْلِسيِّ المُتوفَّى 1070ه- عَلَى بِنْتِهِ، وَهُوَ كَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ بْنُ مُعِينِ الدِّينِ مُحَمَّدِ الفَسَائِيِّ شَارِحُ قَصِيدَةِ دِعْبِلٍ الذِي فَرَغَ مِنْهُ 1103ه- وغَيْرُهَا مِنَ التَّصَانِيفِ مِثْلُ(البَيَاضِ الكَمَالِي)، وَيُحْتَمَلُ اتِّحَادُهُمَا، وَكَوْنُ مُحَمَّدِ حُسَيْنِ فِي نُسْخَةِ النَّصر آبَادِي تَصْحِيفَ مُحَمَّدِ مُعِينٍ المُعبَّرَ عَنْهُ بِمُعِينِ الدِّينِ مُحمَّدٍ فِي شَرْحِ القَصِيدَةِ والإِجَازَاتِ)(2).
ص: 35
قَالَ الحَزِينُ فِي تَذْكِرَتِهِ: إِنَّ كَمَالَ الدِّينِ الحُسَينيُّ تِلْمِيذُ مَسِيحِ الأَنَامِ الفَسَائِيِّ مَاتَ 1134ه- وَلَهُ:(شَوَاهِدُ مُطَوَّلٍ) مَوْجودَةٌ فِي (سپهسالار) كَمَا فِي فَهَرَسِهَا 2 : 426 و(حَاشِيَةُ المَعَالِمِ) وَ(حَلُّ شُبْهَاتِ الكَاتِبِيِّ)، وكَانَ أُسْتَاذُ الحَزِينِ، وأَوْرَدَ شِعْرَهُ الذِي تَتَبَّعَ فِيهِ قَصِيدَةَ الخَاقَانِيِّ الشِّيْنيَّةِ، وُلِدَ بِكَاشَانَ، وَسَكَنَ أَصْفَهَانَ، وَمَاتَ حِيْنَ حِصَارِ أَصْفَهَانَ(1).
9- حَلُّ شُبْهَاتِ الكَاتِبِيِّ القُزْوِينِيِّ، وَهَذا الكِتَابُ أَيْضًا مُخْتَلَفٌ فِيْهِ كَمَا الكِتَابِ السَّابِقِ(2).
اخْتُلِفَ فِي سَنَةِ وَفَاةِ العَلاَّمَةِ الفَسَائِيِّ - عَلَى وَجْهِ التَّحْديدِ - فَلَمْ تَصِلْ أَيُّ مَعْلُوماتٍ عَنْ يَومِ وِلادَتِهِ، ولا يَومِ وَفَاتِهِ، فَعَنْ المُحْسِنِ آغَا بُزُرْكُ الطَّهْرانِيُّ إِنَّ تَأْلِيفَ العُجَالَةِ قَدْ كَانَ فِي 1108ه- ، وَشَرْحِ القُيُودِ الوَافِيَةِ قَدْ تَمَّ فِي 23 جُمَادَى الأَوَّلِ 1118ه- ، وَيذْكُرُ " رَحِمَهُ اللهُ": كُتِبَتْ عَلَى النُّسْخَةِ - نُسْخَةَ العُجَالَة ِ- فِي حَيَاةِ الْمُؤلِّفِ(مِنْهُ مُدَّ ظِلُّهُ العَالِي)، وَتَارِيخُ الكِتَابَةِ 1126ه- آخِرُهُ: وَلِيَكُنْ هَذِهِ آخِرَ العُجَالَةِ التِي أُرِيدُ تَعْلِيقَهَا عَلَى هَذِهِ الرِّسَالَةِ(3) .
ص: 36
عَلَى هَذَا تَكُونُ سَنَةُ وَفَاتِهِ بَعْدَ 1126ه-
ثَمَّةَ شَخْص يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَنْ نَعْنِيهِ، وَهُوَ بِحَسَبِ الذَّرِيعَةِ(1) كَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ بْنُ المُلاَّ مُحَمَّدِ حُسَيْنٍ الفَسَائِيِّ الشِّيْرَازِيِّ الْذِي احْتَمَلَ صَاحِبُ الذَّرِيعَةِ (اتِّحَادَهُمَا)(2) أَيْ: مَعَ العَلاَّمَةِ الفَسَائِيِّ إِذَا قُلْنَا بِالتَّصْحِيفِ فَتَكُونُ سَنَةُ وَفَاتِهِ - تَحْدِيدًا - 1134ه- فِي فِتْنَةِ الأَفْغَانِ حِيْنَ حَاصَرُوا أَصْفَهَانَ(3).
ص: 37
1- مَنْهَجُ الْعَلاَّمَةِ الْفَسَائِيِّ وَطَرِيْقَتُهُ
2- وَصْفُ الْكِتَابِ الْمَخْطُوطِ
3- مَوَارِدُ الْقُيُودِ الْوَافِيَةِ
أ - الأَعْلامُ
ب - الْكُتُبُ
ص: 38
لَقَدْ شَرَحَ الْفَسَائِيُّ الشَّافِيَةَ مَرَّتَينِ، المَرَّةُ الأُوْلَى بِشَرْحٍ كَبِيرٍ وَهُوَ العُجَالَةُ، وَالثَّانِيَةُ بِشَرْحٍ صَغِيرٍ، وَهُوَ القُيُودُ الوَافِيَةُ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي مُقَدِّمَةِ القُيُودِ الوَافِيَةِ السَّبَبَ الرَّئِيسَ لِشَرْحِهِ، وهُوَ تَعْلِيمُ القُرْآنِ الكَرِيمِ وَإِدْرَاكُ مَعَانِيهِ، قَال:(إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ أَنَّ تَعْلِيمَ القرآن الْذِيْ فِيهِ تَلْخِيصُ الْبَيَانِ، وَأَسْرارُ الْبَلاغَةِ، وَدَلائِلُ الإِعْجَازِ، وَمِفْتَاحُ العُلُومِ، وَوَسَائِلُ الإِيْجَازِ، لا يُهْتَدَى بِهُدَاهُ إِلاّ بِمَعْرِفَةِ خَوَاصِّهِ وَمَزَايَاهُ، وَلا سَبِيلَ إِلَيْهَا إِلاَّ صَرْفُ الهِمَّةِ نَحْوَ تَحْصِيلِ العُلُومِ العَرَبِيّةِ وَالْمَعَارِفِ الأَدَبِيّةِ لاَ سِيَمَا عِلْمُ التّصْرِيفِ الْذِيْ هُوَ أُمُّهَا؛ فَحَدَانِي ذَلِكَ إِلَى مُمَارَسَةِ ذَلِكَ العِلْمِ وَمُدَارَسَتِهِ وَمُطَالَعَةِ مُخْتَصَرِهِ وَمَبْسُوطِهِ)(1).
وَقَدْ ذَكَرَ نَتِيجَةَ ذَلِكَ(2)
أنَّهُ الأَجْرُ غَيْرُ المَمْنُونِ(يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ)الشعراء/88.
وَكَانَ لا بُدَّ مِنْ مَتْنٍ يَكُونُ مِحْوَرًا فَكَانَ اخْتِيارُ(مُقَدِّمَةٍ مَشْهُورَةٍ لِلشَّيْخِ الْمُشْتَهِرِ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، نَاصِبِ القَوَانِينِ فِي الْمَنَاصِبِ الشَّيْخِ اِبْنِ الْحَاجِبِ، وَجَدْتُهَا شَافِيَةً لِلطُّلاّبِ عَنِ الاِسْتِفْهَامِ، كَافِيَةً فِي إِفَادَةِ الغَرَضِ مِنَ
ص: 39
ذَلِكَ الْعِلْمِ عَلَى أَبْلَغِ النِّظَامِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْظِمَ فِي سِلْكِ التَّحْرِيرِ مَا اسْتَفْدْتُهُ فِي دَلَالَةِ فَحْوَاهَا، وَصَحِيحَةٌ فِي إِفَادَةِ مَغْزَاهَا)(1).
وَطَبِيعَةُ هَذَا الشَّرْحِ أنَّهُ كَانَ(كَافِلاً لِتَفْصِيلِ المُجْمَلِ وَإِيضَاحِ المُفَصَّلِ مُذَلِّلا لِلصِّعَابِ مِنْ غَيْرِ إِيجَازٍ وَإِطْنَابٍ)(2).
وَوَضَعَ الفَسَائِيُّ لِشَرْحِهِ عُنْوانًا عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ سَبَقَهُ، وَهُوَ وَضْعُ عُنْوانٍ يَتَطَابَقُ فِيهِ العُنْوانُ مَعَ المُعَنْوَنِ، وَهُوَ القُيُودُ الوَافِيَةُ، قَالَ فِي مُقَدَّمِةِ شَرْحِهِ:(وَسَمَّيْتُهُ بِالقُيُودِ الوَافِيةِ)(3).
وَقَدِ اعْتَذَرَ الفَسَائِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِهِ عَنِ الخَلَلِ الذِي يُصَاحِبُ الطَّبيعَةَ البَشَريَّةَ، وَقَدْ رَجَا(مِنَ النَّاظِرِ إِلَيْهِ العَفْوَ عَنِ الخَلَلِ فِي إِيرادِ المَرَامِ وَعَلَى اللهِ التّوكّلُ وَبِهِ الإِعْتِصَامُ)(4).
أَمَّا عَنْ تَارِيخِ شَرْحِهِ الشَّافِيةَ وَمَكَانَهُ، فَقَدْ ذَكَرَ الفَسَائِيُّ "رَحِمَهُ اللهُ" فِي نِهَايَةِ النُّسْخَةِ الأُمِّ:(هَذَا آخِرُ مَا أَرَدْتُ إِيْرادَهُ عَلَى سَبِيلِ الاستِعْجالِ، وَوَقَعَ
ص: 40
الفُرَاقُ مِنْهُ فِي مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ الجُمْعَةِ ثَالِثِ وَعَشَرَ مِنْ شَهْرِ جُمَادى الأُوْلَى سَنَةَ ثَمَانٍ عَشَرَ وَمَاءَةٍ وَأَلْفٍ فِي بَلْدَةِ أَحْمَدِ آبادَ).
وَقَدْ ذَكَرَ فِي الذَّرِيعَةِ(1)
أَنَّهُ بَدَأَ بِتَأَلِيفِهِ:(سَنَةَ 1114ه- وانْتَهَى مِنْ هَذَا الشَّرْحِ فِي23 ج 1 - 1118 ﻫ)، أَمَّا شَرْحُ العُجَالةِ فَيْسْبِقُ هَذَا الشَّرحَ بِكَثِيرٍ فَقَدْ فَرَغَ مِنْهُ 1108ه- ، وَعِلَيهِ حَوَاشٍ كَثِيرةٍ مِنْهُ (2).
وَلَمْ يَذْكُرْ الفَسَائِيُّ أَنَّهُ أَلَّفَ شَرْحَهُ لأَحَدٍ مَا؛ وَإِنَّمَا كَانَ تَأْلِيفُهُ لِطَلَبَةِ العُلُومِ الدِّينيَّةِ؛ فَقَدْ كَانَ يَرْتَادُ حَلَقَتَهُ جُمْلَةٌ مِنْ طَلَبَةِ العُلُومِ الدِّينِيَّةِ، كَمَا قَامَ بِشَرْحِ شَوَاهِدِ المُطَوَّلِ للتَّفتَازَانِيِّ(3)، وهَذِهِ العُلُومُ(النَّحْوُ، وَالصَّرْفُ، وَالبَلاغَةُ) مِنْ المُقَدِّمَاتِ التِي يَدْرسُهَا طَالِبُ العُلُومِ الحَوْزِيِّةِ؛ للوُصُولِ إِلَى مَرْحَلَةِ الاجتِهَادِ أَوْ عَلَى الأَقَلِّ مَرْحَلَةٍ عُلْيَا مِنْ مَرَاحِلِ التَّحْصِيلِ الحَوْزِيِّ.
أَمَّا عَنِ الطَّريقَةِ التِي اتَّخَذَهَا الفَسَائِيُّ وَسَارَ عَلَيْهَا فِي شَرْحِهِ، فَهِيَ طَرِيقَةُ (الشَّرْحِ المَزْجِيِّ)، فَثَمَّةَ نَوْعَانِ مِنَ الشُّرُوحِ(الْمَتْنُ وَالهَامِشُ، أَوْ الْمَتْنُ والشَّرْحُ)و( الشَّرْحُ الْمَزْجِيُّ).
ص: 41
فَطَرِيقَةُ المَتْنِ والهَامِشِ، هِيَ الطَّرِيقَةُ المُثْلَى والمَشْهُورَةُ لَدَى العُلَماءِ المُتَقدِّمِينَ، وَكَذَا مَنْ شَرَحَ الشَّافِيةَ أَمْثَالِ الشَّارِحِ الرَّضِيِّ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ سَهْلةٌ تَقُومُ عَلَى النَّظَرِ إِلَى الْمَتْنِ وَجَعْلِهِ مِحْوَرًا لِلْكَلامِ، وَيَكُونُ فِي مُنَاقَشَةِ المَتْنِ وَذِكْرِ الآرَاءِ الْتِي تَخُصُّ المَوْضُوعَ مِنْ دُونِ ذِكْرِ المَتْنِ غَالِبًا، وَأَوَّلُ كِتَابِ فِي العَرَبِيَّةِ، وهُوَ كِتَابُ سِيبويْهِ شُرِحَ بِهَذهِ الطَّريقَةِ كَمَا هُوَ شَرْحُ أَبِي سَعِيدٍ السِّيرَافِيِّ عَلَيْهِ.
أَمَّا طَرِيقَةُ الشَّرْحِ المَزْجِيِّ فَهِيَ طَرِيقَةٌ أَوْجَدَهَا المُتَأَخِّرُونَ مِنْ عُلَمَاءِ اللُغَةِ تَقُومُ عَلَى مَزْجِ المَتْنِ بِالهَامِشِ مَعَ وَضْعِ خَطٍّ عَلَى المَتْنِ؛ لِيَتَميَّزَ مِنَ الشَّرحِ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ أَشْبَهُ بِوَضعِ النُّقَاطِ عَلَى الحُرُوفِ؛ فَقَدْ يَتَخلَّلُ النَّصُّ غُمُوضٌ وَتَعْقِيدٌ وَرُبَّمَا تَسَاؤُلاتٌ، عِنْدَهَا يَقُومُ الشَّارِحُ بِتَوضِيحِهَا فِي أَثْنَاءِ ذِكْرِهِ اللَفْظَ المَأْخُوذَ مِنَ المَتْنِ، وفِيمَا يَأْتِي بَعْضُ الأَمْثِلَةِ، قَالَ فِي مُقَدِّمَةِ الشَّرْحِ عِنْدَ ذِكْرِ المِيْزانِ الصَّرفيِّ((وَيُعَبَّرُ عَنْهَا) عَنِ أُصُولِ الأَسْماءِ والأَفْعالِ إِنْ أُرِيدَ تبيُّنُهَا وتميُّزُها(بِالْفَاءِ وَالْعَيْنِ وَالْلامِ)(1).
وَقَدْ يَشْرَحُ وَيُبيِّنُ - بِحَسَبِ طَريِقَتِهِ بِالمَزْجِ - بَعْضَ الشَّخْصِيَّاتِ؛ رُبَّمَا تَحَارُ أَيُّهُمْ تُرَجِّحُ، مِثْلُ ذِكْرِهَ الأَخْفَشَ، قَالَ:((وَأَبُو الْحَسَنِ) الأَخفشُ (يُسَكِّنُ مَا
ص: 42
أَصْلُهُ السُّكُونُ) تنبيهًا علَى الأَصلِ (فَيَقُولُ: غَدْوِيٌّ، وَحِرْحِيٌّ) بسكونِ ثانيهِمَا)(1)، فَعِنْدَمَا تَسْمَعُ هَذهِ الكُنْيَةَ إِلَى أَيِّهِمْ يَذْهَبُ ذِهْنُكَ؟.
وَقَدْ لا يَكْتَفِي بِمَا عِنْدَ المَاتِنِ مِنْ ذِكْرِ الشَّخصِيَّاتِ، كَقَوْلِهِ:((كَأَخٍ، وَابْنٍ عِنْدَ سيبويهِ)، والخَلِيلِ، فيقالُ: أَخَويٌّ، وبَنَوِيٌّ بحذفِ التَّاءِ وردِّ اللامِ لمَا فيهَا منْ رائحةِ التأنيثِ)(2)، فَهُنَا قَدْ ذَكَرَ ابْنُ الحَاجِبِ سيبويهِ وَحْدَهُ، وَقَدْ أَضَافَ الفَسَائِيُّ اسْمَ الخَلِيلِ لِهَذهِ الظَّاهِرَةِ؛ لِكَي لا يُظَنُّ أنَّ سيبويهِ فَقَطْ مَنْ يَذْهَبُ هَذَا المَذْهَبَ.
وَكَذَا عِنْدَ ضَبْطِ الأَلْفَاظِ التِي يَسْتَشهِدُ بِهَا المَاتِنُ؛ فَهُوَ يَقُومُ بِشَرحِهَا، إِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً، قَالَ:(وَإِنْ كَانَ مِنْ تلْكَ الحُروفِ (كَانَ حِلْتِيْتٌ) - وهُوَ صُمْغُ الأَنجُذَانِ - (فِعْلِيْلاً) لِتَكْرارِ لامِهِ كَمَا فِي شِمْلِيْلٍ (لاَ فِعْلِيْتًا) مَعَ احتِمَالِ أَنْ يكُونَ (فِعْلِيْتًا) لِوجُودِهِ فِي كَلامِهِمْ كَعِفْرِيْتٍ، (وَسُحْنُونٌ) وهُوَ أَوَّلُ الرِّيحِ والمَطَرِ (وَعُثْنُونٌ) وهُوَ رَأْسُ الْلِحيَةِ بِضَمِّ الفَاءِ فيْهِمَا(فُعْلُولٌ لا فُعْلُونٌ))(3).
أَوْ ضَبْطِهَا إِنْ كَانَ فِي تَلَفُّظِهَا عُسْرٌ أَوْ وُجِهَةُ نَظَرٍ، قَالَ:((وَزَادَ الأَخْفَشُ نَحْوَ جُخْدَب) بضمِّ الجيمِ وسُكونِ الخَاءِ المُعْجَمةِ وفتحِ الدَّالِ لنَوعٍ مِنَ الجَرادِ
ص: 43
علَى الخَمْسةِ، وعِنْدَ سيبويهِ كَبُرْثُنٍ، نَحْوُ عُنْدُدٍ، وَسُؤْدَدٍ، ودُخْلَلٍ مُلحقًا بِقَرينَةِ عَدَمِ الإِدْغامِ يؤيِّدُ رَأْيَ الأخْفَشِ)(1).
يَنْقَسِمُ شَرْحُ الفَسَائِيِّ - عَلَى مَتْنِ الشَّافِيةِ - عَلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ، وَهِيَ:
الأَوَّلُ: خُطْبَةُ الشَّارِحِ: وَفِيهَا بَدَأَ بِالبسْمَلةِ، فَحَمَدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ الصَّلاةَ عَلَى رَسُولِهِ وآلِهِ، فِي عِبَارَةٍ مُختَصَرةٍ؛ لِلدُّخولِ إِلَى غَرَضِ تَأْلِيفِ هَذَا الكِتَابِ، وهُوَ تَعْلِيمُ القُرآنِ الكَرِيمِ:(وَلا سَبِيلَ إِلَيْهَا إِلاَّ صَرْفُ الهِمَّةِ نَحْوَ
ص: 44
تَحْصِيلِ العُلُومِ العَرَبِيّةِ وَالْمَعَارِفِ الأَدَبِيّةِ لاَ سِيَمَا عِلْمُ التّصْرِيفِ الْذِيْ هُوَ أُمُّهَا)(1).
وَبَعْدَ ذِكْرِ الغَرَضِ مِنْ تَأْلِيفِ الشَّرحِ، ذَهَبَ إِلَى ذِكْرِ صَاحِبِ المُقَدِّمَةِ التِي يَنْوِي شَرْحَهَا، وَهُو ابْنُ الحَاجِبِ:(فَنَظَرْتُ إِلَى مُقَدِّمَةٍ مَشْهُورَةٍ لِلشَّيْخِ الْمُشْتَهِرِ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، نَاصِبِ القَوَانِينِ فِي الْمَنَاصِبِ الشَّيْخِ اِبْنِ الْحَاجِبِ)(2).
والغَرَضُ مِنَ اخْتِيارِ هَذهِ المُقَدِّمَةِ؛ كَونُهَا جَامِعَةً مَانِعَةً، وَقدْ عَبَّرَ عَنْ ذلِكَ بأَنَّهَا (شَافِيةٌ كَافِيةٌ):(وَجَدْتُهَا شَافِيَةً لِلطُّلاّبِ عَنِ الاِسْتِفْهَامِ، كَافِيَةً فِي إِفَادَةِ الغَرَضِ مِنَ ذَلِكَ الْعِلْمِ عَلَى أَبْلَغِ النِّظَامِ)(3).
وَقَدْ ذَكَرَ فِي خُطْبَتِهِ أَيْضًا أَنَّ هَذَا الشَّرحَ قَدْ فَصَّلَ المُجمَلَ، وَوَضَّحَ المُفَصَّلَ مِنْ غِيْرِ إِيجَازٍ وإِطْنابٍ(4)، فَشرْحُ العَلاَّمةِ الفَسَائِيِّ لا هُوَ بِكَثَافَةِ شَرْحِ الرَّضِي وإِطْنَابِهِ، وَلا بِقَلَّةِ النَّظَّامِ النَّيْسَابُورِيِّ واخْتِصَارِهِ، فَقَدْ جَاءَ الشَّرْحُ(كَافِلاً لِتَفْصِيلِ المُجْمَلِ وَإِيضَاحِ المُفَصَّلِ مُذَلِّلا لِلصِّعَابِ مِنْ غَيْرِ إِيجَازٍ وَإِطْنَابٍ)(5).
ص: 45
وَذَكَرَ فِي المُقَدِّمَةِ أَيْضًا مَنْهَجَهُ فِي تَفْسِيرِ الأَلْفَاظِ الغَامِضَةِ، وَتَرْكِ المُهْمَلةِ التِي جَاءَ لِغَرضِ الرِّياضَةِ وَحَسْب كَمَا فِي الأَمْثِلَةِ المَصْنُوعَةِ، ومَسَائِلَ التَّمْرِينِ.
وَالغَرَضُ مِنْ هَذَا المَنْهَجِ هُوَ رِعَايَةُ الاخْتِصَارِ.
وَلا يَلْبَثُ أَنْ يَعْتَذِرَ عَنِ(الخَلَلِ فِي إِيرادِ المَرَامِ)(1)،
وَهَذِهِ هِيَ نَبْرةُ التَّواضُعِ المَعْرُوفَةِ لَدَى العُلَمَاءِ الكِبَارِ، وَهُوَ دَيْدَنُ كُلِّ بَاحِثٍ، ودَارِسٍ مُحْتَرَمٍ.
وَهُوَ فِي خُطْبَتِهِ هَذِهِ لَمْ يَغْفَلْ عَنِ إِيضَاحِ مَعَالِمِ مَنْهَجِهِ القَائِمِ علَى التَّوسُّطِ بَيْنَ الإِكْثارِ المُمِلِّ والإِيْجَازِ المُخِلِّ، والوُقُوفِ عِنْدَ المَوَاضِعِ المُشْكِلَةِ الوَارِدَةِ فِي مَتْنِ الشَّافِيَةِ.
الثَّانِي: شَرْحُ المُقَدِّمَةِ الأُوْلَى: لِشَرْحِ الشَّافِيةِ فِي أَحْوَالِ أَبْنِيةِ الكَلِمِ، وَهِيَ مُقَدِّمَةُ التَّصْرِيفِ وتُمثِّلُ مُعْظَمَ الكِتَابِ، قَاَل بَعْدَ انْتِهَائِهِ مِنْ مَبْحَثِ الحَذْفِ(هَذا آخِرُ مَا أَرَدْنَا إِيْرَادَهُ مِنْ أَحْوَالِ أَبْنِيةِ الْكَلِمِ)(2).
وَقَدْ رَاعَى الفَسَائِيُّ تَرْتِيبَ الشَّافِيَةِ، وَتَسلْسُلَ مَوادِّهَا؛ فَفِي شَرْحِهِ المُقَدِّمَةَ الأُولَى أَتَى عَلَى جُلِّ مَوْضُوعَاتِهَا، وَهِيَ: مَعْنَى التَّصْرِيفِ، وَأنْواعُ الأَبْنِيَةِ، وَالمِيزَانُ الصَّرْفِيُّ، وَالقَلْبُ المَكَانِيُّ، وَالصَّحِيْحُ وَالمُعْتَلُّ، وَأَبْنِيَةُ الاسْمِ الثُّلاثِيِّ
ص: 46
المُجرَّدِ، وَأَبْنِيةُ الاسْمِ الرُّبَاعِيِّ، وَأَبْنِيَةُ الاسْمِ الخُمَاسِيِّ، وأَبْنِيَةُ الاسْمِ المَزِيدِ فِيْهِ، وَأَحْوالُ الأَبْنِيَةِ، وَالفِعْلُ المَاضِي وَأَبْنِيتُهُ، والمُضَارِعُ وَأَبْوابُهُ، والصِّفَةُ المُشَبَّهَةُ، وَالمَصْدَرُ واسْمُ المَرَّةِ، وأَسْمَاءُ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ، واسْمُ الآلَةِ، وَالمُصَغَّرُ، وَالمَنْسُوبُ، وَالجَمْعُ وَأَنْواعُهُ، والتِقَاءُ السَّاكِنَينِ، والابْتِدَاءُ والوَقْفُ، والاسْمُ المَقْصُورُ والمَمْدُودُ، وذُو الزِّيَادَةِ، والإِمَالةُ، وتَخْفِيفُ الهَمْزَةِ، والإِعْلالُ، والإِبْدالُ، والإِدْغَامُ، وخَتَمَهَا بِالحَذْفِ.
وَقَدْ أَلْحَقَ بأَحْوالِ أَبْنِيةِ الكَلِمِ مَبْحَثًا، وَهُوَ(مَسَائِلُ التَّمْرِينِ)؛ إِذْ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالمُقدِّمَةِ الأُولَى، قَالَ:(وَهَذهِ مَسَائِلُ وَضَعَها أهْلُ هَذهِ الصِّناعَةِ؛ للتَّمْرِينِ، والعَادةُ أَلْحقْنَاهَا بِأَحْوالِ الأَبْنِيةِ)(1).
الثَّالِثُ: شَرْحُ المُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ، وهِيَ مُقدِّمَةُ الخَطِّ؛ إِذْ لَهَا تَعَلُّقٌ بِطَريقَةِ الكِتَابَةِ وصَوَابِ رَسْمِ الحَرْفِ، فَهُوَ قَدْ بَدَأَ بِتَعْرِيفِ الخَطِّ، وَالأَصْلِ فِي كِتَابَةِ الحُرُوفِ، ثَمَّ ذَكَرَ كتَابَةَ الهَمْزةِ أَوَّلاً وَوَسطًا وآخِرًا، وَالوَصْلِ والفَصْلِ، والزّيَادَةِ والنَّقْصِ.
وَبذلِكَ يَكُونُ الشَّارِحُ قَدِ استَوْعَبَ مَوْضُوعَاتِ الشَّافِيةِ فَلَمْ يُهمِلْ مِنْهَا شَيئًا، أَوْ يَتْركْهُ مِنْ دُونِ تَحْليلٍ أَوْ مُنَاقَشةٍ أَوْ بَيانٍ، خَلا المَوضُوعَاتِ التِي
ص: 47
عَرَّجَ علَى ذِكْرِهَا فِي شَرْحِ الكَافِيَةِ، وَهِيَ ك-(الأَمْرِ، وَاسْمِ الفَاعِلِ، واسْمِ الْمَفْعُولِ، وافْعَلِ التّفْضِيلِ)(1)
فَهُوَ يَذْكُرُ دَائِمًا أَنَّهَا( تَقَدَّمَتْ فِي مقدّمَةِ الإعْرابِ)(2).
اخْتَلَفَتْ مَوَارِدُ القُيُودِ الوَافِيَةِ فِي شَتَّى مَصَادِرِهَا اللُغَويَّةِ، وَهَذا أَمْرٌ طَبيعِيٌّ فِي شَخْصيَّةِ العَلاَّمَةِ الفَسَائِيِّ الذِي كَرَّسَ اهتِمَامَهُ لِشَرْحِ الكُتُبِ اللغَويَةِ
ص: 48
والبَلاغِيَّةِ، فَضْلاً عَنْ كَوْنِهِ شَاعِرًا مُتذوِّقًا للشِّعْرِ، وَقَدْ كَانَتْ مَصَادِرُهُ كُتُبَ نَحْوٍ ولُغَةٍ ومُعْجَمَاتٍ.
ويُمكِنُ حَصْرُ مَوَارِدَ القُيُودِ الوَافِيَةِ فِي شِقِّينِ: أ - الأَعْلامُ ، ب - الكُتُبُ، مُعزِّزِينَ مَا نَقُولُهُ بالأَمثِلَةِ.
كَانَ لبُعْدِ العَلاَّمةِ الفَسَائِيِّ عَنْ عَصْرِ المُشَافَهَةِ، والرِّوَايَةِ عَنِ العُلَمَاءِ الأَثَرُ الكَبِيرُ بِجَعْلِ الأَعْلامِ المَوْرِدَ الأَسَاسِ الذِي اعْتَمَدَهُ فِي القُيُودِ الوَافِيَةِ؛ إِذْ نَقَلَ كَثِيرًا مِنَ الآرَاءِ عَنْ عُلَمَاءٍ مَعْرُوفِينَ، كِبَارٍ أَمْثالِ الخَلِيلِ، وسِيبويْهِ، وثَعْلَبٍ، وأبِي عَليٍّ الفَارسيِّ، والمُبرِّدِ، وابْنِ جِنِّي، والشَّلُوبين، وعُلَماءٍ غَيْرِ مَشْهُورينَ شُهْرَةَ السَّابِقِينَ كَالأَيجِي والمَهْدَوِيّ، كَمَا يُمْكِنُ عَدُّ القُرَّاءِ مِنْ مَصَادِرِهِ؛ فَهُمْ يُمثِّلُونَ بِيئَتَهُمُ التِي تَنْعَكِسُ فِي قِرَاءاتِهِمْ، وَمِنَ القُرَّاءِ حَمْزةُ، وخَلَفٌ، وابنُ عَامِرٍ، وقُنْبُلٌ، وابنُ ذَكْوانٍ، وقَالَونَ، مِنَ السَّبْعَةِ وغَيْرِهَا.
ص: 49
وَقَدْ نَقَلَ الفَسَائِيُّ عَنِ البَصْريينَ والكُوفِيينَ، ومِمَّنْ خَلَطُوا المَذْهَبينِ، وعِنْدَ التَّحْقِيقِ تَبيَّن أنَّ مَا عَزَاهُ إِلَيْهِمْ مَوْجودٌ فِي كُتُبِهِمْ ومِنْ آرائِهِمْ، وفِيمَا يَأْتِي أَسْمَاءُ الأَعْلامِ الذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي القُيُودِ الوَافِيةِ مَرتَّبِينَ حَسَبَ التَّسلسُلِ التَّارِيخيِّ:
عبد الله بن أبي إسحاق الزيادي الحضرمي (ت 117ﻫ)
عبد الله بن عامر بن زيد، أبو عمران اليحصبي الشامي (118ﻫ)
عبد الله بن كثير الداري المكي، أبو معبد (ت120ﻫ)
عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي(ت 128ﻫ)
أبو أيوب السختياني (131ﻫ)
أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب التيمي البصري ( ت144ﻫ)
عيسى بن عمر(149ﻫ)
أبو عمرو بن العلاء( ت154ﻫ)
حمزة بن حبيب بن عمارة التيمي ( ت 156ﻫ)
الخَلِيل بن أحمد الفراهيدي ( ت175ﻫ)
عبد الحميد بن عبد المجيد أبو الخطاب (ت177ﻫ)
حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي( 180ﻫ)
سيبويهِ( ت 180ﻫ)
يونس ( ت0 18ﻫ)
ص: 50
علي بن حمزة الكسائي ( ت 189ﻫ)
عثمان ين سعيد المصري الملقب بورش( ت 197ﻫ)
يحيى بن المبارك اليزيدي ( ت202ﻫ)
قطرب ( ت206ﻫ)
يحيى بن زياد الفراء( ت207ﻫ)
أبو عمرو الشيباني( ت208ﻫ)
معمر بن المثنى أبو عبيدة ( ت210ﻫ)
سعيد بن أوس أبو زيد الأنصاري (ت 215ﻫ)
سعيد بن مسعدة الاخفش( ت215ﻫ)
عبد الملك بن قريب الأصمعي (ت 216ﻫ)
علي بن الحسين وقيل ابن المبارك الختلي أبو الحسن البغدادي المعروف باللحياني(ت210ﻫ)
خلف بن هشام البزار ( ت 220ﻫ)
قالون، عيسى بن مينا بن وردان (ت 220ﻫ)
صالح بن إسحاق، الجرمي( ت225ﻫ)
عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان القرشي الفهري (ت242ﻫ)
ابن السكّيت (ت244ﻫ)
ص: 51
بكر بن محمد بن بقية
المازني ( ت248ﻫ)
أبو حاتم السجستاني ( ت في حدود 250ﻫ)
أحمد بن محمد بن عبد الله البزّي ( ت250ﻫ)
محمد بن يزيد المبرّد ( ت286ﻫ)
أحمد بن يحيى ثعلب ( 291ﻫ)
محمد بن عبد الرحمن بن محمد المكي المخزومي الشهير بقنبل (ت291ﻫ)
محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو الحسن ابن كيسان ( ت299ﻫ)
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد السري الزجاج( ت311ﻫ)
محمد بن السري ابن السراج( ت316ﻫ)
الحسن بن عبد الله أبو سعيد السيرافي( ت368ﻫ)
الأزهري (ت 370ﻫ)
أبو عبد الله الحسين بن احمد بن خالويه الهمذانيّ ( 370ﻫ)
أَبُوعليٍّ الفارسي (ت377ﻫ)
ابن جني ( ت392ﻫ)
اسماعيل بن حماد الجوهري ( ت 393ﻫ)
أحمد بن عمار أبو العباس المهدوي( ت 403ﻫ)
أحمد بن محمد بن الحسن، أبو علي المرزوقي( ت421ﻫ)
ص: 52
مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار الأندلسي القيسي(ت437ﻫ)
عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني (471ﻫ)
حسين بن أحمد بن حسين الزوزني ( ت486ﻫ)
ابن الطراوة (ت 528ﻫ)
الزمخشري( ت 538ﻫ)
شريح بن محمد بن شريح بن أحمد، أبو الحسن الرعيني ( ت539ﻫ)
القاسم بن فِيرُّة بن خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي( ت590ﻫ)
ابن الأثير (606ﻫ)
أبو البقاء (ت 616ﻫ)
يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكاكي( ت626ﻫ)
ابن يعيش بن أبي السرايا محمد بن علي( ت643ﻫ)
الأندلسي أبو علي الشلوبيني ( ت645ﻫ)
أبو الفضائل رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدويّ الصغانيّ(ت650ﻫ)
علي بن مؤمن بن محمد، الحضرمي الإشبيلي الشهير بابن عصفور (ت669ﻫ)
محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني ( ت672ﻫ)
ص: 53
الرّضيّ الاستربادي (ت 686ﻫ)
محمد بن يوسف بن علي بن يوسف ابن حيان الغرناطي الأندلسي( 745ﻫ)
عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار،أبو الفضل عضد الدين الإيجي (ت756ﻫ)
وفِي الآتِي أَمْثِلَةٌ مُنْْتخبَةٌ للأَعْلامِ(1):
1- سيبويهِ: جَاءَ فِي أَبْنِيَةِ الاسْمِ المَزِيدِ((وَلِلمَزِيدِ فِيهِ) مُطْلقًا (أَبْنِيةٌ كَثِيرةٌ) نُقِلَ عَنْ سيبويهِ(2)
ثلثمائةٌ وثمانيةٌ، وزِيدَ بَعْدَهُ نَيّفٌ وثَمَانونَ)(3).
ونَقَلَ الفَسَائِيُّ عَنْ سيبويهِ مَسْألَةَ نَقْلِ اللُغَةِ مُتَسائِلاً فِيمَا إِذَا كَانَ الأَمْرُ مَوْكُولاً إِلَى السَّمَاعِ:(وَهلْ يجوزُ نقلُ أيِّ لغةٍ أردتَ إِلَى هَذا البابِ أَمْ موْكُولٌ إِلَى السَّماعِ ؟ فيهِ خِلافٌ: ذَهَبَ سيبويهِ إِلَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ:" وَلَيسَ فِي كُلِّ شَيءٍ يَكُونُ هَذا أَلا تَرَى أَنَّكَ لا تَقُولُ نازَعَنِي فَنَزَعْتُهُ أَنْزِعُهُ"(4)).
ص: 54
وَنَقلَ الفَسَائِيُّ أَيْضًا عَنْهُ مَسْألةَ بِنَاءِ (فَعُولٍ) قال:(حُكِيَ عنْ سيبويهِ: لمْ يأتِ الفَعُولُ - بفتحِ الفاءِ - مصدرًا إلاّ خمسةَ أحرفٍ: الوَضُوءُ، والوَلُوعُ، والطَهُورُ، والوَقُودُ، والقَبُولُ)(1).
2- يُونُسُ: جَاءَ فِي بَابَ المَنْسُوبِ(2):((وَجَاءَ
أُمَيِّيٌّ) بالياءينِ المشدّدتينِ وفتحِ الميمِ فِي المَضمومِ (بِخِلافِ) المفتوحِ نحوُ (غَنَوِيٍّ) إلاّ أنّ يونُسَ حكَى الياءَينِ المُشدّدتينِ فِي المفتوحِ أيضًا)(3).
وَنَقَلَ عَنْ يُونُسَ فِي مَبْحِث الجَمْعِ جَمْعَ صَيِغةِ (فَعَلٍ) على (أَفْعُلٍ)(4)
قال: ((وَأَزْمُنٍ)، وأَنْوُرِ، وأَنْيُبٍ، بضمِّ العينِ، قالَ يونُسُ إِذا كانَ فَعَلٌ مؤنَّثًا بغيرِ تاءِ فجمعُهُ علَى أَفْعُلٍ، هوَ القياسُ وسيبويهِ شاذٌّ)(5).
3- الْمُبرِّدُ: جَاءَ فِي بَابِ الجَمْعِ(6)
((وَأَنْعُمٍ) أي: وعَلَى أَنْعُمٍ فِي نِعْمَةٍ، وأَشُدٍّ فِي شِدَّةٍ، قالَ المُبّردُ: أَنْعُمٌ جَمْعُ نُعْمٍ كقُفْلٍ)(7).
ص: 55
وَنَقلَ عَنْهُ جَوَازَ الوَجْهَينِ فِي(إذن)(1)
قال((وَفِي إِذَنْ) فيقالُ إذًا تشبيهًا لهَا بسابِقِهَا...... ؛ فإنَّ نونَهُ عندَهُما نفسُ الكلِمَةِ ك-(أن ولن) وأَجازَ المُبرَّدُ الوجْهينِ)(2).
1- عَلِيٌّ بْنُ حَمْزَةَ الكِسَائِيُّ: ذَكَرَهُ الفَسَائِيُّ عِنْدَ ذِكْرِ الخِلافِ فِي جَمْعِ أَشْيَاءَ(3)،
قَالَ:((وَقَالَ الكِسَائِيُّ) هِيَ (أَفْعَالٌ) جمعُ شَيْءٍ كَبَيْتٍ وَأبياتٍ، ومُنِعَ صَرفُها لِتوهّمِ أنّها كحمراءَ، وفيه مع الضعْفِ، ومعَ أنّهُ مستلزمٌ لمنعِ صرفِ نحوِ: أبناءَ وأسماءَ أيضًا أنّها جمعت على أشاوى، وأفعالٌ لا يُجمعُ علَى أَفاعَلٍ)(4).
ص: 56
وَنَقلَ المُصنِّفُ رَأْيهُ فِي أَصْلِ الرُّباعِيِّ والخُماسِيِّ(1)؛
إِذْ قَالَ:(قَالَ الفرّاءُ والكِسائيُّ: أصلُ الرُّباعيِّ والخُماسيِّ، الثُّلاثيُّ إِلاّ أنَّ الفَرَّاءَ ذَهَبَ إِلَى زِيادَةِ الحَرْفِ الأَخِيرِ والحَرْفيْنِ الأَخِيريْنِ، والكِسائيُّ إِلَى زِيَادةِ مَا قَبْلَ الآخِرِ فِي الرُّباعيِّ مَعَ اتِّفاقِهِمَا عَلَى أنَّ وَزْنَ جَعْفَرٍ فَعْلَلٌ، ووزْنَ سَفَرْجَلٍ فَعَلْلَلٌ، وعلَى أنَّ الزَّائِدَ يُعبَّرُ عنْهُ بِلَفْظِهِ) (2).
2- يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: نَقَلَ الفَسَائِيُّ رَأْيَهُ فِي مَصْدَرِ الفِعْلِ إِذَا كَانَ مَفْتُوحَ العَيْنِ(3)،
قَالَ:((وَقَالَ الْفَرّاءُ إِذَا جَاءَكَ فَعَلَ) بفتحِ العينِ (مِمَّا لَمْ تَسْمَعْ مَصْدَرَهُ فَاجْعَلْهُ) أي مصدر(فَعْلاً) كفَلْسٍ (لِلْحِجَازِ) لازمًا كانَ أمْ مُتعدِّيًا(وفُعُولاً) كدُخُولٍ للنَّجْدِ كَذلِكَ)(4).
وَنَقلَ عَنْهُ فِي تَوْجِيهِ قَوْلِهِ تَعَالَى:(وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ)الروم/3 قال(5)(
قَالَ الفَرَّاءُ: يَجُوزُ أنْ يكونَ في الأصلِ: غَلَبَتِهِمْ بالتّاءِ)(6).
ص: 57
3- أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ: ذَكَرَهُ المُصنِّفُ عِنْدَ ذِكْرِهَ صِيغَةً نَادِرَةً(1)،
قال:(وقَهْقَارٌ لَمْ يُنْقلْ إِلاَّ مِنْ ثَعْلَبٍ)(2).
وَنَقلَ عَنْهُ صِيغَةَ بِناءَينِ نَادِريْنِ هُمَا ( إِبِدٌ و بِلِزٌ) (3)،
قال:( قالَ ثَعْلبٌ: لمْ يأتِ مِنَ الصِّفاتِ عَلَى (فِعِلٍ) إلاّ حَرْفانِ: امْرأةٌ إِبِدٌ أي وَلود، وأَتانٌ ِبلِزٌ، أي: ضَخْمٌ، وفِيهِ بُعْدٌ) (4).
1- أَبُو عَلِيٍّ الشَّلُوبِينِيُّ: وفِيهِ نَقَلَ عَنْهُ تردُّدَهُ فِي بَحْثِ المُصغَّرِ، قَالَ(5):((وَالأَلِفِ
وَالنُّونِ الْمُشَبَّهَتَيْنِ بِهِمَا) بألفَي التَّأنيثِ فِي منعِ دخولِ تاءِ التأنيثِ علَى مدخولِهِمَا معهُمَا، وإنَّما لمْ يكسرْ لِمشابهتهِمَا بهِمَا، وفِي حكمهِ العلمُ المُرتجلُ ويعلمُ ذلكَ المنعُ منْ أنَّ ألفَهُ فِي الجمعِ تقلبُ ياءً وإنْ لمْ يعلمْ ذلكَ، قالَ السِّيرافيُّ(6)،
وأبوعليٍّ(7):
لا تقلبُ حمْلاً علَى بابِ سكران، وتردَّدَ الأندلسيُّ) (8).
ص: 58
وَفِي مَسَائِلَ التِّمْرِينِ، فِي إِعْلالِ(أُحَيٍّ) كإِعْلالِ قَاضٍ، قَالَ:((وَمَنْ قَالَ: أُحَيٍّ) بالكسْرةِ رفعًا وجرًّا أي: حُذفتْ ياؤُهُ/186 إِعْلالاً كقَاضٍ كأَبِي عمْرو(1)، وحَكَاهُ الأندلُسيُّ)(2).
2- عَلِيٌّ بْنُ مُؤْمِنٍ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عُصْفُورٍ: نَقَلَ عَنْهُ العَلاَّمَةُ الفَسَائِيُّ وُجُوبَ كِتَابَةِ(إذَنْ) عَلَى حَالِهَا(3)،
قَالَ:((وَفِي إِذَنْ) فيقالُ إذًا تشبيهًا لهَا بسابِقِهَا خلافًا للمازنيِّ، وابنِ عصفُورٍ؛ فإنَّ نونَهُ عندَهُما نفسُ الكلِمَةِ ك-(أَنْ ولَنْ)) (4).
وَنقَلَ عَنْهُ أَيْضًا الخِلافَ فِي الزَّائِدِ فِي نَحْوِ( كَرَّمَ)، أَهُوَ الأَوَّلُ أَمِ الثَّانِي، قَالَ: ((وَقَالَ الْخَلِيْلُ) وابنُ عُصفورٍ هوَ (الأَوَّلُ)؛ إذِ الحُكمُ بزيادةِ السَّاكنِ أوْلى) (5).
ص: 59
3- مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ابْنُ مَالِكٍ: نَقَلَ عَنْهُ الفَسَائِيُّ فِي مَبْحَثِ الإِمَالَةِ، قَالَ:(وكَذا لا يُمالُ إنْ كانَ الفاصِلُ أكثرَ منْ واحِدٍ كشيْبانَ إلاَّ أنْ يكُونَ الثَّانِي منْهُما هاءً والأوَّلُ غيرَ مضمومةٍ كيَدِهَا فإنَّها حِيْنَئذٍ تُمالُ كَمَا صَرّحَ بهِ ابنُ مالِكٍ فِي التَّسهيلِ) (1).
وفِي مَبحَثِ تَخْفيفِ الْهَمْزِ(2)،
نَقلَ عَنهُ قَولَهُ:(وقالَ ابنُ مالِكٍ إنَّ (سَالَ) بالتَّخفيفِ ليْس بمهْمُوزٍ بلْ مُعتلُّ العيْنِ ك-(هَابَ)، ومُرادِفٌ ل-(سَأَلَ) مهموزِ العيْنِ) (3).
2- اسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ الجَوْهَرِيُّ: إِنَّ أَكْثَرَ المَوارِدِ التِي فَسَّرَ فِيهَا الفَسائِيُّ الأَلفَاظَ كَانَتْ أغْلَبُها مِنْ مُعْجَمي الصِّحَاحِ، والقَامُوسِ المُحِيطِ(1)، قَالَ:(قالَ فِي الصِّحاحِ: إِذا خرجَ نخْلتانِ أوْ ثلاثٌ منْ أصلٍ واحِدٍ فكلُّ واحِدٍ منهنَّ صنوٌ) (2).
قَالَ الفَسَائِيُّ(3):((وَجَبْأَةٌ) قيلَ كجبْهَةٍ، وفِي الصِّحاحِ كغِرَدَةٍ، وجَبْءٍ كفَلْسٍ، نوعٌ منَ الكمءِ) (4).
3- الزِّمَخْشَرِيُّ: وَقَدِ اسْتَنَدَ إلَيْهِ الفَسَائِيُّ فِي مَسْأَلَةِ(آجَرَ)، ولِمرَّةِ واحِدَةٍ(5)، قَالَ:(وَقالَ فِي الأَساسِ: آجَرَنِي دارَهُ إيْجارًا فهُوَ مؤْجِرٌ ولا تَقُلْ مُؤاجِرٌ؛ فانَّهُ خطأٌ وقبِيحٌ، ثُمَّ قالَ: وليْسَ آجَرَ هَذا(فَاعَلَ) بلْ (أفْعَلَ) وإنَّما الذِيْ هو(فَاعَلَ) آجَرَ الأَجِيْرَ مُؤاجَرَةً انتهى) (6).
ص: 61
1- عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ: استشْهَدَ الفَسائِيُّ بِقِراءَةِ ابْنِ عَامِرٍ فِي مَواطِنَ عِدَّةٍ(1)،
قَالَ ((وُقِفَ عَلَى لَكِنَّا هُوَ اللهُ بِالأَلِفِ)؛ لأنّهُ فِي الأصلِ (لكنْ أنَا) وهوَ
ضميرُ الشَّأْنِ وأثبتَ ابنُ عامِرٍ الألفَ فيهِ وصْلاً(2) أيضًا إيذانًا فِي أوَّلِ الأمرِ بأنَّ أصلَهُ (لكنْ أَنَا) بالتَّخفيفِ).
قَالَ فِي مَواضِعِ اجتِمَاعِ الهَمْزتَينِ:((وَفِي كَلِمَتَيْنِ) أي: وإنِ اجْتَمَعَتَا فِي كَلِمتيْنِ سَواءٌ كانَتَا مُتحرِّكتيْنِ مُتَّفِقَتيْنِ أمْ لا أوْ كانتِ الأُولى سَاكِنةً أوِ الثَّانيةُ نحوُ: شاءَ ايْتَمِن(يَجُوزُ تَحْقِيْقُهُمَا)؛ لأَصالتِهِ، وهوَ مُختارُ الكُوفيينَ وابنِ عامِرٍ)(3).
2- عَبْدُ اللهِ بْنُ كَثِيرٍ الدَّارِيُّ: قَالَ الفَسائِيُّ(4):((وَمِيْمِ الْجَمْعِ) أي: ولا فيهِ أيضًا؛ إذْ منْ سكَّنَها وصْلاً نحوُ(لَكُمْ دِينُكُمْ)الكافرون/6 وهوَ الأكثرُ ظاهرٌ أنْ لا
ص: 62
حركةَ لهَا ينبِّهُ عليْهَا وقفًا، وكَذا منْ حرَّكَها وصْلاً ووصلَها بواوٍ أوْ ياءٍ كابنِ كثير) (1).
قَالَ الفَسائِيُّ(2):(وقرأَ ابنُ كثيرٍ:(وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي)الرعد/7،(وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالِي)الرعد/11 لزوالِ مُوجِبِ حذفِ الياءِ عندَ الوقفِ، وأمَّا السَّاكنُ ما قبلَ آخرِهِ كظبْي، ودلْوٍ فهوَ كالصحيحِ) (3).
3- عَاصِمٌ بْنُ أَبِي النُّجُودِ: ولَمْ يذكُرْهُ إِلاَّ مَرَّةًَ واحِدَةً، قَالَ الفَسَائِيُّ(4):(وعنْ حمزةَ، وعاصمٍ كسرُ الأوَّلِ فِي مثلِ هذا الموضِعِ إنْ كانَ منْ حُروفِ (لتنود) والنونُ شاملةٌ للتنوينِ أيضًا، نحوُ (قُلْ ادْعُوا)الأعراف/195، (قَالَتْ اخْرُجْ)يوسف/31، (أَنِ اعْبُدُونِي)يس/61، (أَوِ انْقُصْ) المزمل/3، (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ)الأنبياء/41،(مَحْظُوراً * انظُرْ)الإسراء/20-21).
ص: 63
الكُتبُ هِيَ المَورِدُ الثَّانِي مِنْ مَوَارِدِ القُيُودِ الوَافِيةِ التِي اعْتَمَدَهَا الفَسائِيُّ فِي شَرْحِهِ، وقَدْ كَانَ يَذْكُرُ الكِتابَ بالشَّهْرةِ بِمُحَاذَاةِ شُهْرَةِ صَاحِبِهِ، أَوْ لأَنَّ شُهرَةَ الكِتَابِ أَصْبَحتْ أَشْهرَ مِنْ شُهرَةِ مُصنِّفِهِ، وهَذِهِ الكُتبُ: ارتِشافُ الضَرَبِ لأَبي حَيَّان(1)،
وأَسَاسُ البَلاغَةِ، والكَشَّافُ والمُفصَّلُ للزِّمَخْشَريِّ(2)،
والإِيضَاحُ فِي شَرْحِ المُفَصَّلِ، والكَافِيةُ لابْنِ الحَاجِبِ، والتَّسهِيلُ وشَرْحُهُ لابْنِ مَالِكٍ، والشَّاطِبيَّةُ للشَّاطِبيِّ، وشَرْحُ المُفصَّلِ لابْنِ يَعِيش(3)،
والصِّحَاحُ للجوهَريِّ، والعَينُ للخَلِيلِ، والقَامُوسُ المُحِيطُ للفَيْروزْآباديِّ، والمِفْتَاحُ للسَّكَاكيِّ(4)، وفِيمَا يأْتِي طَائِفَةٌ مِنَ الكُتُبِ التِي نَقَلَ عَنْهَا:
1- الْمُفصَّلُ للزِّمَخْشَرِيِّ: وهُوَ أَكْثرُ الكُتُبِ التِي اعْتَمَدهَا الفَسائِيُّ فِي نُقُولاتِهِ(5)، قَالَ فِي تَخِفِيفِ(كذّاب)(ونُسِبَ التخفيفُ فِي المفصّلِ إلى بعضِ النَّاسِ منَ العربِ)(6).
ص: 64
وَقَالَ أَيضًا:((وَجَاءَ) عَلَى خِلافِ القياسِ من (يفعُل) بالضمِّ على مَفْعِلٍ بالكسرِ(المَنْسِكُ، وَالْمَفْرِقُ، وَالْمَجْزِرُ، وَالْمَنْبِتُ، وَالْمَطْلِعُ، وَالْمَشْرِقُ، وَالْمَغْرِبُ، وَالمَرْفِقُ، وَالْمَسْقِطُ، وَالمَسْكِنُ، وَالْمَسْجِدُ، وَالْمَنْخِرُ) والأخيرُ غيرُ مذكورٍ في المفصّلِ)(1).
2- الشَّاطِبَيَّةُ للشَّاطِبيِّ: قَالَ الفسائيُّ(2):(وُجِدَ فِي بعضِ نُسَخِ الشَّاطبيَّةِ هكذا:
وَفِي هَاءِ تَأْنِيثٍ وَميمِ الْجمْعِ قَلَّ وعَارِضِ شَكْلٍ لمْ يكُونَا لِيَدْخُلا
وَفِي هَاءِ المُذكَّرِ وَبعضُهُمْ يَرَى لَهُمَا فِي كُلِّ حَالٍ مُحَلِّلا) (3).
3- الْمِفْتَاحُ للسَّكَاكِيِّ : قَالَ الفَسائِيُّ(4):(وإنْ كانتِ الياءُ فِي الفعلِ فالحذفُ حَسَنٌ ك-(أَكْرَمَنِ)الفجر/15،و(أَهَانَنِ)الفجر/16 بسُكونِ النُّونِ فيهِمَا، والظاهِرُ منَ المِفْتاحِ(5) والمفصَّلِ إنَّها لا تُحذفُ عندَ منْ حرَّكَها فِي الوصلِ ولعلَّ ذلكَ؛ لأنَّ سَبَبَ الحذْفِ هوَ الفرقُ بينَ الوصلِ والوقفِ، وهوَ حاصلٌ إذا تحركتْ بإسكانِهَا).
ص: 65
4- الْقَامُوسُ المُحِيطُ لِلْفَيرُوزْآباديِّ: والصِّحَاحُ للجوْهَريِّ اعْتَمدَهَا الفَسَائِيُّ اعْتِمادًا كَامِلاً فِي تَفْسيرِ المُفْردَاتِ، قَالَ(1):((صَعْفُوقٌ)
لا غيْرُهُ، لَوْ سلَّمْنَا كونَهُ عَرَبيًّا، والنَّادِرُ لا يَلْحقُ بِهِ شيْءٌ لَمْ يَثْبتْ غيْرُهُ، قَالَ فِي القَامُوسِ: لَيْسَ فِي الْكَلامِ فَعْلُولٌ سُواهُ)(2).
وَقَالَ(3):(قالَ
في القاموسِ: دَأَلَ كَمَنَعَ دَأْلاً وَدَأَلاَنًا: أَسْرَعَ)(4).
ص: 66
ص: 67
أ- أُصُولُ النَّحْوُ فِي الْقُيُودِ الوَافِيَةِ
1- السَّمَاعُ
2- الْقِيَاسُ
3- الإِجْمَاعُ
ب - التَّعْلِيلُ
ج - مَذْهَبُهُ وَآرَاؤُهُ
ص: 68
السَّمَاعُ فِي اللُغَةِ:(اسْمُ مَا استلذَّتْ الأُذُنُ مِنْ صَوتٍ حَسَنٍ)(1)، وهُوَ( مَا سَمِعْتَ بِهِ فَشَاعَ)(2).
وعَلَى هَذا يَكُونُ السَّمَاعُ فِي اللُغَةِ مَقْصُورًا عَلَى المنْطُوقِ مِنَ الكَلامِ دَونَ المكْتُوبِ مِنْهُ.
أَمَّا فِي الاصْطِلاحِ فَهُوَ:(الكَلامُ الفَصِيحُ المنْقُولُ بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ الخَارِجِ عَنْ حَدِّ القِلَّةِ إِلَى حَدِّ الكَثْرَةِ)(3).
وقَدْ فَصَّلَ السُّيوطِيُّ(ت911ﻫ) تَعْرِيفَ السَّمَاعِ ذَاكِرًا طَرائِقَ النَّقْلِ(مَا ثَبَتَ فِي كَلامِ مَنْ يُوثَقُ بِفَصَاحَتِهِ, فَشَملَ كَلامَ اللهِ وهُوَ القُرآنِ، وكَلامَ نبيِّهِ - صَلَى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ- وكَلامَ العَرَبِ قَبْلَ بِعْثَتِهِ وفِي زَمَنِهِ وبعْدَهُ إِلَى أَنْ فَسَدتِ الأَلْسِنَةُ بِكَثْرةِ المولَّدِينَ، نَظْمًا ونَثْرًا) (4).
ص: 69
وَيُعَدُّ السَّماعُ أصْلاً مِنْ أُصولِ اللغَةِ العَربيَّةِ ورُكْنًا أَساسيًّا مِنْ أَركَانِهَا، وهُوَ الخُطوةُ الأُولَى الصَّحيحَةُ لِقِيامِ أيّةِ دِراسَةٍ لُغويَّةٍ صَحيحَةٍ؛ ذلِكَ أنَّ اللُغةَ تؤخَذُ وتُسْتَقْرى مِنْ طَرِيقِ السَّمَاعِ(1).
اتَّبعَ عُلَماءُ العَربيَّةِ منْهَجًا يقُومُ فِي أُصُولِهِ عَلَى السَّمَاعِ والنَّقْلِ عَنِ العَرَبِ المَشْهُودِ لَهُمْ بالفَصَاحَةِ والبَيَانِ، وكَانَ لِكُلٍّ مِنَ البَصْريينَ والكُوفيينَ نَصِيبٌ مِنْ هَذا السَّمَاعِ، وإِنْ كَانَ هُناكَ تَفاوُتٌ بينَ المَدْرستينِ، فَالتَفَاوُتُ مَردُّهُ إِلَى مقْدَارِ المَسْمُوعِ, فَكَانَ طَابِعُ المَذْهَبِ الكُوفيِّ يتّجِهُ نَحْوَ توسِيعِ دَائِرةِ قِياسِهِمْ واستِشْهادِهِمْ(2)، وكَانَ مِنْ سِمَاتِ المَذْهَبِ البَصْريِّ اعتِمَادُ الأَغْلَبِ الشَّائِعِ فِي كَلامِ العَرَبِ, وتحكُّمُ المَقَاييسِ العَقْليَّةِ فِي تَقْعيدِ القَوَاعِدِ النَّحْويَّةِ, ومَا خَرَجَ عَنْ هَذِهِ القَواعِدِ تأوَّلُوهُ أَوْ وَصَفُوه بالنُّدُورِ، أَوِ الشُّذُوذِ(3).
وَالسَّمَاعُ عِنْدَ الفَسَائِيِّ لا يخْرِجُ عمَّا اعْتَادَهُ النُّحاةُ، وأَجْمَعُوا عَلَيهِ مِنْ ضَرُورَةِ الأَخْذِ بِالمسْمُوعِ إِذَا أُحْرِزَ مَا اشْتَرطُوهُ فِيهِ مِنْ صِفَةِ الفَصَاحَةِ، ووثَاقَةِ النَّقْلِ.
ص: 70
وقَدْ جَاءَ مَوقِفُ العَلاَّمَةِ الفَسائِيِّ مُنسَجِمًا مَعَ مَوقِفِ البَصريينَ مِنْهُ ومِنْ غَيرِهِ مِنَ الأَدلِّةِ النَّحويَّةِ والأُصولِ النَّحويَّةِ التِي استَنَدُوا عَلَيْهَا، وفِي مَا يأْتِي الأَمثِلَةُ، قَالَ(1) فِي بَحْثِ المَنْسُوبِ:(....وعندَ الفرَّاءِ إنَّ المضافَ إِليهِ إنْ كانَ معروفًا نسبتَهُ والمضافُ يعرفُ بهِ كابنِ الزُّبيرِ وابنِ عبَّاسٍ يُنسبُ إليهِ وإلاّ كعبدِ القَيْسِ وامرِئ القيسِ إِلى الأوَّلِ(2)، ونحوُ: قُلْتُ قِياسُهُ قَوْلِيٌّ بحذفِ الثَّانِي وهوَ الضَّميرُ وكسرِ اللامِ ورجوعِ السَّاقطةِ للسَّاكنينِ، وهوَ المَسموعُ عنِ العربِ علَى مَا قالَهُ سيبويهِ)(3).
وَقدْ يُخالِفُ المَسمُوعُ المَقِيسَ، وهُوَ مَا ذَكَرهُ فِي مَبْحثِ الجَمْعِ فِي صِيَغِ جُمُوعٍ سُمِعَتْ، وهِيَ مُخَالِفَةٌ للقِياسِ:((وَنَحْوُ: أَرَاهِطَ، وَأَبَاطِيْلَ، وَأَحَادِيثَ، وَأَعَارِيضَ، وَأَقَاطِيعَ، وَأَهَالٍ، وَلَيَالٍ، وَحَمِيرٍ وَأَمْكُنٍ) جموعٍ لفظًا ومعنًى ولها آحادٌ منْ لفظِهَا إِلاّ أنَّها جاءتْ (عَلَى غَيْرِ الوَاحِدِ مِنْهَا) فإنَّ القياسَ يقتضِي أنْ يكونَ تلكَ الأمثلةُ جمعًا لأرهُطٍ، وإبطيلٍ، وأُحدوثَةٍ، وإعريضٍ، وإقطيعٍ، وأهلاةٍ، وليلاةٍ، وحُمْرٍ، ومَكْنٍ كفَلْسٍ لا لرهْطٍ، وباطِلٍ، وحديثٍ، وعَروضٍ،
ص: 71
وقطيعٍ، وأهلٍ، وليلةٍ وحمارٍ ومكانٍ، وهي جاءتْ جموعُها علَى خلافِ القياسِ سمعًا)(1).
وقَدْ يَذْكُرُ مَنْ سَمِعَ مِنَ الأَعْرابِ، قَالَ فِي مَبْحَثِ التِقَاءِ السَّاكِنَينِ(2):((وَالضَّمِ فِي رُدُّهُ) فيمَا اتَّصلتْ بهِ هاءٌ مضمومةٌ للواحِدِ المذكَّرِ؛ لأنَّها خفيةٌ فكأنَّ الواوَ الملفوظةَ وليتِ المدغمَ فيهِ وفِي بعضِ النُّسخِ (عَلَى الأَفْصَحِ) وقولُهُ: (والْكَسْرُ لُغَيَّةٌ) فيهِ مُغْنٍ عنْهُ وهذهِ اللغَةُ سمِعَها الأَخفَشُ، فتقلبُ الواوُ الملفوظَةُ ياءً لكسرةِ ما قبلَها) (3).
وَقَدْ يكُونُ هُناكَ مَسمُوعٌ نسبيُّ الاستِعْمالِ؛ لكنَّهُ يُحفَظُ ولا يُقَاسُ عَلَيهِ(4):((وَأَمَّا نَحْوُ: يَتَسِعُ، وَيَتَقِي)(5) بِتخْفيفِ الفوقانيَّةِ المفْتُوحَةِ فيْهِمَا أي:
ص: 72
حذْفُ التَّاءِ الأُولَى المُدْغمةِ لكثْرَةِ الاستعْمَالِ سمْعًا فيْهِمَا، وكَذا فِي تَخِذَ(فَشَاذٌّ) والقِياسُ تخْفِيفُهُ بالإِدْغامِ لإمْكَانِهِ، وكَذا اسمُ الفَاعِلِ، والمفْعُولِ، والأَمْرِ ونحوِهَا منَ الثَّلاثِ، وَعَلَيْهِ جَاءَ:
زِيَادَتُنَا نَعْمَانُ لا تَنْسَينَّهَا *** تَقِ اللهِ فِيْنَا وَالْكِتَابِ الْذِي تَتْلُو) (1)
وَهُوَ فِي اللُغَةِ:(قَاسَ الشَّيءَ يقِيسُهُ قَيْسًا وَقِيَاسًا، واقْتَاسَهُ و قَيَّسَهُ إِذَا قَدَّرَهُ عَلَى مِثالِهِ) (2)، أَمَّا فِي الاصطِلاحِ:(هُوَ حَمْلُ مَجْهُولٍ عَلَى مَعْلُومٍ مَعَ وَحْدَةِ الإِخَالَةِ)(3)،
والمقصود بالإخالة المناسبة؛ إذْ لابدَّ مِنْ مُنَاسَبةٍ بَينَ المَقِيسِ والمَقِيسِ عَلَيهِ حَتَّى يَكُونَ القِياسُ تامّا.
ص: 73
وَالقِيَاسُ يُمثِّلُ مُعظَمَ مَسائِلِ النَّحْوِ؛ لِذَا عُرِّفَ بِأَنَّهُ:(عِلْمٌ مُستَخْرَجٌ بِالمَقَاييسِ)(1)
وَلِلْقِياسِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: أَصْلٌ وَهُوَ المَقِيسُ عَلَيْهِ, وَفَرْعٌ وهُوَ المَقِيسُ، وحُكْمٌ وهُوَ مَا يَسْرِي عَلَى المَقِيسِ، أَوْ هُوَ إِلحَاقُ المَقِيسِ بِالمَقِيسِ عَلَيْهِ لِعِلَّةٍ يظنُّهَا القَائِسُ مَوْجُودَةً فِي رُكْنَي القِيَاسِ: الأَصْلِ والفَرْعِ، والعِلَّةُ، وهُوَ الجَامِعُ بَيْنَ طَرَفِي القِيَاسِ، وهُوَ السَّبَبُ الذِي تَحقَّقَ فِي المَقِيسِ عَلَيهِ؛ فَأَوْجَبَ للمقِيسِ الحُكْمُ(2).
إِنَّ للقِيَاسِ النَّحويِّ أَهمّيَّةً بًالغَةً فِي عُلُومِ العَربيَّةِ، فهُوَ رُكْنٌ يُتوسَّلُ بِهِ إِذَا تَعذَّرَ السَّمَاعُ(3)، وقَدْ يُلجَأُ إِلَيهِ مَعَ وجُودِهِ(4)، ولَوْلا القِيَاسُ لَضَاقَتِ اللُغَةُ عَلَى ناطقِيهَا، فَهُوَ وَسيلَةٌ تمكِّنُ الإِنسانَ مِنَ النُّطْقِ بِمَا لا حَصْرَ لَهُ مِنَ الكَلِمَاتِ والجُمَلِ مِنْ دُونِ أَنْ يكُونَ سمِعَهَا مِنْ قَبْلُ(5).
ص: 74
وحِينَ نَنْظُرُ إِلَى الفَسائِيِّ نَجِدُهُ يَتَناوَلُ عِبارَاتِ القِيَاسِ فِي شَرْحِهِ مِنْ ذلِكَ قَولُهُ فِي اجتِمَاعِ إِعْلالَينِ؛ وهوَ مَكْروهٌ عِنْدَ اللغويينَ:(جاءٍ: أصلُه جَايِئ بتقْدِيمِ اليَاءِ عَلَى الهَمْزةِ، قَالَ الخَلِيلُ: نُقِلتِ الْلامُ مَوْضِعَ العَيْنِ؛ لِئلاَّ يُؤدِّي إِلَى اجتِماعِ الهمْزتَينِ فَصَارَ جاءَي كَفَالَعٍ، وعُومِلَ مُعاملةُ قَاضٍ(1)، وقَالَ سيبويهِ لا بَأْسَ باجتِمَاعِهِمَا؛ لِعَدمِ بقائِهِ فَإِنَّهُ إِذَا اجتَمَعَتَا قُلِبتِ الثَّانِيةُ ياءً لكسْرةِ الأُولى، فَصَارَ جَاءِي كفَاعِلٍ وعُومِلَ مُعاملةُ قَاضٍ(2)،
ورَجَّحَ أَبُوعليٍّ(3)
رأْيَ الخَلِيلِ؛ لأنَّهُ يؤدِّي إِلَى إِعْلالَينِ؛ لأنَّ الإِعْلاليْنِ إِذَا كَانَا عَلَى القِياسِ أَوْلى مِنْ وَاحِدٍ لاعليْهِ)(4).
قَالَ فِي الْخِلافِ حَوْلَ(شيء)، وجَمْعِهَا((وَقَالَ الفَرّاَءُ) أصلُ شيءٍ شيٌّ بتشديد الياء كبيّنٍ جُمِعَ على أفعلاء فصار أشْيِئَاء، والأخفشُ أنّ شَيَاءَ بالتَّخفيفِ جُمِعَ علَى أَشْيِئاءَ علَى خِلافِ القِياسِ(5)، وعلى التقديرينِ حذفتِ الهمزةُ الأولى وهي لامُه كراهةَ الهمزتين بينهما ألفٌ (فَهِيَ أَفْعَاءٌ أَصْلُهَا
ص: 75
أَفْعِلاءُ) غير منصرف للممدودة، وفيهِ أنَّ أصلَهَا لَوْ كَانَ شَيَّاءَ بالتَّشْديدِ لَكَانَ استِعْمالُهُ شَائِعًا كبيِّنٍ وإنَّ حَذْفَ الهمْزةِ فِي مِثْلِهَا لا يؤدِّي قِياسٌ عَليْهِ وإنَّ تَصْغِيرَ أشْياءَ أُشَيْئاءُ لا شُئَيْآت كفُعَيلاتٍ، وهَذا قِياسُ جَمْعِ القِلَّةِ واسْمِ الجَمْعِ، وقِياسُ جَمْعِ الكَثْرةِ أَنْ يُردَّ عنْدَ التَّصغِيرِ إِلَى المُفرَدِ)(1).
وَالنَّاظِرُ إِلَى هَذِهِ المَسْأَلةِ والخِلافِ فِيْهَا يَجِدُ أَنَّ الفَسَائِيَّ يَستَنِدُ فِي مَقُولاتِهِ وردُودِهِ عَلَى القِيَاسِ.
وَفِي مَعَانِي الأَبْنِيَةِ تسَاءَلَ فِي مَسْأَلةِ الأَخْذِ بِهَا أَيْ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ، يَكُونُ الأَمْرُ مَوْكُولاً إِلَى السَّمَاعِ أَمْ إِلَى القِيَاسِ؟، قَالَ:(....ثُمَّ تلكَ الزِّياداتُ هلْ هِيَ قِيَاسٌ مُطَّرِدٌ أضربُ، ونصَّرَ أَمْ مَوكُولٌ إِلَى السَّمَاعِ؟ فيْهِ خِلافٌ، ذَهَبَ الأَخْفَشُ إِلَى الأَوَّلِ، وَعَنْ سَائِرِ المُحقِّقِينَ(2) إِلَى الثَّانِي، وَكَذَا استِعْمَالُهُ فِي المُعيَّنِ؛ فَلا يُرَادُ مِنْ (أَذْهَبَ) أزالهُ الذِّهابُ)(3).
وَهكَذا لا تَجِدُ مَوْضِعًا إِلاَّ والمصنِّفُ تَناوَلَ فِيهِ القِيَاسَ وبِوَاسِطَتِهِ يرجِّحُ الرَّأْيَ الذِي يتَبنَّاهُ.
ص: 76
أَصْلٌ مِنْ أُصُولٍ أَرْبَعٍ لاستِنْبَاطِ الحُكْمِ الشَّرْعِيِّ(1)،
وهُوَ:(اتِّفَاقُ المُجتَهِدينَ مِنْ أُمَّةِ مُحمَّدٍ – صَلَى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسلَّمَ- فِي عَصْرٍ عَلَى أَمْرٍ دِينيٍّ) (2).
إِذًا هُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الفِقْهِ نُقِلَ إِلَى اللُغَةِ؛ فَأَخَذَ بِهِ اللغويُّونَ، وهُوَ قَلِيلٌ.
وَهُوَ عِنْدَ اللغويينَ إِجْماعُ البَصْريينَ والكُوفيينَ عَلَى مَسأَلةٍ مِنَ المَسائِلِ يكُونُ الحُكْمُ فِيهَا قَولاً واحِدًا(3)،
ويكُونُ الإِجْماعُ حُجَّةً - كَمَا يَرَى ابنُ جِنِّي - (إِذَا أَعْطَاكَ خَصْمُكَ يَدَهُ أَلاَّ يُخَالِفَ المَنْصُوصَ، والمَقِيسَ عَلَى المَنْصُوصِ؛ فَأَمَّا إِنْ لَمْ يُعْطِ يَدَهُ بِذلِكَ فَلا يكُونُ إِجْمَاعُهمْ حُجَّةً عَلَيهِ)(4).
ص: 77
وقَدْ أَورَدَ الفَسَائِيُّ الإِجْماعَ فِي قَوْلِ المُصنِّفِ فِي نُدورِ بِنَاءِ(فِعِل)، قَالَ:((وَنَحْوُ إِبِلٍ وَ بِلِزٍ يَجُوزُ فِيهِ إِبْلٌ وَ بِلْزٌ) كحِبْرٍ (وَلا ثَالِثَ/ 9 لَهُمَا)،لأِبِلٍ وبِلِزٍ يعتمدُ عليهِ)(1).
وَقَدْ أيَّدَ الفَسَائِيُّ قولَهُ بِقَولِ الزَّوزَنيِّ صَاحِبِ شَرحِ المُعلَّقاتِ السَّبْعِ(2):(قَالَ
الزوزنيُّ: أجمعَ البصريونَ على أنّهُ لمْ يأتِ على فِعِلٍ منَ الأسماءِ إلاّ إِبِلٌ ومنَ الصفاتِ إلا بِلِزٌ)(3).
بَعْدَهَا ذَكَرَ خَرْقينِ للإِجمَاعِ، الأَوَّلُ: مَا حَكَاهُ الكوفيُّونَ وهُوَ إِطِلٌ، والثَّاني: للسِّيرافيِّ، وهُوَ حِبِرٌ فهو(غَيْرُ مُعْتَمَدٍ عَلَيهِ)(4)،
ويتأوَّلُ الأمرَ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:(ومُرادُ المُصنِّفُ مِن نحْوِ إِبِلٍ وبِلِزٍ أنَّ نحوَهُمَا علَى تقْديرِ ثُبوتِهِ أَوْ عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَهُ كَذا، أَوْ لا فَرْعَ آخَرَ لهُمَا؛ أيْ: لِنحْوِ عُنُقٍ وإِبِلٍ ومَا يُشَاكِلُهُ كَبِلِزٍ فَيَكُونُ إِيماءً إِلَى الفَرْعِ الثَّانِي فِي نَحْوِ عَضْدٍ، وإِلَى أَنَّ الخِلافَ الواقِعَ فِي نَحْوِ: قُفُلٍ غَيْرُ مُعْتمدٍ عَلَيهِ عِندَهُ، وفيهِ تكلُّفٌ عَلَى إيرادهِ المثالين في ذلك البناء دونَ سائرِ الأبنيةِ قرينةً على أنّ مرادَه هو ما ذكر أولاً لا هَذا.
ص: 78
وقِيلَ: لا فَرْعَ آخَرَ لإبِلٍ وبِلِزٍ، وفيْهِ أنَّ نَحْوَ عُنُقٍ أيْضًا كذلك، وقِيلَ أي لا ثَالِثَ لهُمَا فِي جَوَازِ إِسْكانِ عَيْنِهِ، وفيه أنَّ نحْوَ آبَ عَنْهُ، وقيلَ إِبِلٌ تَصْحِيفُ إِبِدٍ بالدَّالِ، والمُرادُ أنَّهُ لا ثالِثَ لهُمَا فِي الصِّفاتِ، قالَ ثَعْلبٌ: لمْ يأتِ مِنَ الصِّفاتِ عَلَى (فِعِلٍ) إلاّ حَرْفانِ: امْرأةٌ إِبِدٍ أي وَلود، وأَتانٌ ِبلِزٍ(1)،
أي: ضخْمٌ، وفِيهِ بُعْدٌ)(2).
وَفِي أَبْنِيةِ المَصْدَرِ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الإِجْماعِ بِقَولِهِ:( لَم يأْتِ عَلَى كَذا إِلاَّ كَذَا عَددًا)، قَالَ الفَسَائِيُّ " رحمه الله":(حُكِيَ عنْ سيبويهِ(3):
لمْ يأتِ الفَعُولُ - بفتحِ الفاءِ - مصدرًا إلاّ خمسةَ أحرفٍ: الوَضُوءُ، والوَلُوعُ، والطَهُورُ، والوَقُودُ، والقَبُولُ)(4)، فُهُناكَ إِجْماعٌ وِتْرٌ لَمْ يُخْرقْ، مُتَّفَقٌ عَلَيهِ مِنَ الفَرِيقينِ، و يَدلُّكَ الاستِقْراءُ عَلَى ذلِكَ.
فَهَذانِ المَوْضِعَانِ وحَسْب ذَكَر الفَسَائِيُّ فِيهِمَا الإِجْماعَ.
ص: 79
سُئِلَ الخَلِيلُ عَنِ العِلَلِ التِي يَعْتلُّ بِهَا عَنِ العَرَبِ أَخَذْتَهَا أَمِ اخْتَرعْتَهَا مِنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ:(إِنَّ العَرَبَ نَطَقتْ عَلَى سَجِيَّتِهَا وطِبَاعِهَا، وعَرَفْتْ مَواقِعَ كَلامِهَا، وقَامَ فِي عُقُولِهَا عِلَلُهُ، وإِنْ لَمْ يُنقَلْ ذلِكَ عَنْهَا، واعْتَلَلْتُ أَنَا بِمَا عِنْدِي أَنَّهُ عِلَّةٌ لِمَا عَلّلْتُهُ مِنْهُ فَإنْ أَكُنْ أَصَبْتُ العِلَّةَ فَهُوَ الذِي التَمَسْتُ)(1).
وَالتَّعْلِيلُ هُوَ مَعْرِفَةُ السَّبَبِ الذِي جَاءَ مِنْ أَجْلِهِ هَذَا الحُكْمُ أَوْ ذاَكَ البِنَاءُ، وَلَيْسَ مَا ذَهَبَ إِلَيهِ بَعْضُ البَاحِثِينَ(2)مِنْ
أَنَّهُ ركْنٌ مِنْ أَرْكَانِ القِيَاسِ بَلِ الرُّكْنُ هُوَ(الإِخَالَةُ)؛ أَيْ: المُنَاسَبَة، وتكُونُ فِي نَوْعَينِ: عِلَّةٌ تامَّةٌ، وعِلَّةُ المُشَابَهَةِ(3).
والتَّعْلِيلُ الذِي مَضَى بِهِ الفَسَائِيُّ يَسيرُ فِي اتِّجَاهَيْنِ(4):
الأَوَّلُ: تَعْلِيلُ المَتْنِ - مَتْنَ الشَّافِيةِ - قَالَ فِي تَعْلِيلِ تَعْريِفِ التَّصْرِيفِ (......وَالإِعْرابُ والبناءُ وخرجَا بِقَوْلِهِ:(الْتِي لَيْسَتْ بِإِعْرَابٍ) أي: الأحوالُ التِي ليْستْ بإعرابٍ ولا بِناءٍ أيضًا، والمُرادُ مِنْ أبْنيةِ الكَلمِ وحُروفِهَا المُرتَّبةِ معَ اعتبارِ أَصالتِهَا، وزيادتِهَا، وعدَدِها، وحَرَكاتِها، وسكناتِها، كُلٌّ فِي مَوْضِعهِ،
ص: 80
وكذلك الحُروفُ والحَرَكاتُ والسَّكَناتُ مادّةَ الكلمةِ وعُلِمَ منْ ذلكَ حَدُّهُ وهوَ ظاهر)(1).
قَالَ فِي مَبْحَثِ الفِعْلِ المُضَارِعِ(2):((وَمَنْ
قَالَ: طَوَّحْتُ، وأَطْوَحُ، وَتَوّهْتُ وَأَتْوَهُ) بالواوِ فيهمِا وَهذا دليلٌ على كونِهِما واوينِ لبقائِها في بنائَي التّفضيلِ والتفعيلِ،(فَطَاحَ يَطِيْحُ، وَتَاهَ يَتِيهُ شَاذٌّ عِنْدَهُ)(3)
وَالقياسُ: يَطُوحُ، ويَتُوهُ، والقائِلُ الجوهَرِيُّ(4)،ومنْ
قالَ: إنّهُما واويّانِ منْ بابِ (حسِبَ) وهوَ الخليلُ(5) فهُما على القياسِ، وكَذا عندَ منْ قالَ إنّهما يائيانِ، فقوله: (أَوْ مِنَ التَّدَاخُلِ) كما فِي بَعْضِ النُّسَخِ بأنْ يكونَ الماضِي مأخوذًا منَ الواويِّ، والآتِي منَ اليائِي فيهِ أنّهما إنْ ثبتَ كونُهما ياءَينِ فلا فرقَ بينَ الماضِي والمضارعِ، فلا حاجَةَ إِلى ارتكابِ التّداخُلِ؛ لمجيءِ باعَ يبيعُ فالصوابُ عدمُهُ)(6).
ص: 81
وَقَالَ فِي عَدَمِ تَصْغِيرِ الضَّمَائِرِ، والعِلَّةُ مِنْ ذلِكَ:((وَرَفَضُوْا) منَ الأسماءِ المبنيَّةِ (الضَّمَائِرَ) مطلقًا ولمْ يصغّرُوهَا؛ لأنَّ التَّصغيرَ كالتَّوصيفِ، والضميرُ لا يوصفُ لغَلَبةِ شِبْهِ الحروفِ عليهَا لشدّةِ احتياجِها إِلى انْضمامِ كلمةٍ أُخرى، أي: المَرْجِعُ)(1).
وَهَكَذا يُعلِّلُ الفَسَائِيُّ للمِتْنِ مَا استَطَاعَ، ومَا دَعَتِ الحَاجَةُ إِلَى ذَلِكَ.
الثَّانِي: تَعْليلُ الآرَاءِ التِي يَذْكُرُهَا للمُصنِّفِينَ الذِينَ لَدَيهِمْ آراءٌ لَهَا عَلاقَةٌ بِالمَتْنِ، قَالَ فِي أبْنِيةِ المَصْدَرِ(2):((وَأَمَّا مَا جَاءَ عَلَى) زنةِ (مَفْعُولٍ كَالْمَيْسُورِ، وَالْمَعْسُورِ، وَالْمَجْلُودِ، وَالْمَفْتُونِ) بمعنَى اليُسْرِ، والعُسْرِ، والجَلْدِ أي الصبر، والفتنةُ (فَقَلِيلٌ) حتَّى أنّ سيبويهِ أنكرهُ، وذهبَ إلى أنَّ الميسورَ صفةُ الحالِ؛ أي الحالُ الذيْ يوسَرُ فيهِ(3)، وكذا البواقِي، والمفتونُ فِي قولهِ تَعَالَى(بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ) القلم/6 اسمُ مفعولٍ والباءُ مزيدةٌ)(4).
فَهُنَا يُعلِّلُ المُصنِّفُ لِرأْيِ شَيْخِ النُّحَاةِ، ويَذْكُرُ شَاهِدًا لِذَلِكَ.
ص: 82
قَالَ فِي مَبْحَثِ التَّصْغِيرِ حِيْنَ يُعَلِّلُ النَّسَبَ إِلَى المُضَافِ:(وَكَذَا الألفُ والنونُ كزَعفرانَ وضارِبانَ، والواوُ والنونُ، والألفُ والتاءُ ك-(ضاربون وضاربات)؛ لكونِها علَى حرفينِ، وتاءُ التأنيثِ لتحركِها فإنَّ الجميعَ بمنزلةِ اسمٍ ضُمَّ إلى آخر، هذا غيرُ حالةِ العلميةِ عندَ سيبويهِ وتابعيهِ خلافًا للمبرّدِ، والواوُ والنونُ في (عشرون) وأمثالِه كجزءِ الكلمِةِ عندَ يونسَ، وإنْ لمْ يكنْ علمًا؛ لأنّهُ ليسَ بجمعٍ(1)،
وأمّا المقصورةُ فإنَّها لوحدتِهَا وسكونِهَا كأنَّها ميِّتةٌ لا تصلحُ لأنْ تكونَ كلمةً برأسِها بلْ هيَ كبعضِ الحروفِ المزيدةِ في البِنْيَةِ، وعُلِمَ منْ هذَا أنَّ الأسماءَ المركَّبةَ لا يُصغَّرُ إلاّ الصَّدرُ منهَا كبُعيلبكَ، وحُضَيْرَموتَ، وأُبيِّ عمرُو، بتشديدِ الياءِ وخُميسةَ عشرَ، والفرّاءُ يُصغّرُ الثانِي في الكُنَى، نحوُ: أَبِي عُمَيْرٍ، وأُمِّ الحُكَيْمِ)(2).
وَقَالَ فِي تَوْجِيهِ بَعْضِ القِرَاءاتِ القُرآنِيَةِ:(وَ نحوُ(إِلَى الْهُدَى اتِنَا)(3)الأنعام/71،(الَّذِيتُمِنَ)(4)البقرة/283،(يَقُولُوذَنْ لِي)(5)التوبة/49،
بالألِفِ
ص: 83
والياءِ فيها، وَلا يُتصَّورُ بيْنَ بيْنَ فِي هَذهِ الصُّورِ؛ إذْ لا حركَةَ لَهَا لِتُجْعلَ بينَها وبينَ حرفِ حركَتِهَا، وحيْثُ لا يُتَصوَّرُ المشْهُورُ لا يُتَصوَّرُ غيْرُهُ، ولا الحذْفُ؛ لأنّه إنَّما هوَ بعْدَ إِلْقاءِ حَرَكَتِها علَى مَا قبْلَها ليدلَّ عليْهَا، والحَرَكةُ لا تُلْقى علَى المُتحرِّكِ، وإنْ كانتِ الهمْزةُ ساكِنةً للوقْفِ وما قبلَها ساكِنًا)(1).
وَهَكَذا تَكُونُ تَعْلِيلاتُهُ وتَوْجِيهَاتُهُ لِكَلامِ المُصنِّفِينَ فِي هَذَا العِلْمِ(2).
كَانَتْ آرَاءُ المُتَأَخِّرِينَ مَمْزوجَةً مِنْ رَأْيَي المَدْرَسَتَينِ(البَصْرةِ والكُوفَةِ)، ولِهَذَا التَّوجُّهِ مِيزَةٌ وَهِيَ الابْتِعَادُ عَنِ التَّعصُّبِ المَذْهَبِيِّ الذِي شَاعَ بَيْنَ المُتقدِّمِينَ مِنَ النَّحْويينَ، وذَلِكَ إِبَّانَ القُرونِ الأُولَى مِنْ تَارِيخِ النَّحْوِ العَرَبِيِّ، وظُهُورِ مَنَاهِجِ دِرَاسَتِهِ، ولاسِيَمَا مَا كَانَ مِنَ الخِلافِ المَشْهُورِ بَيْنَ البَصْريينَ وَالكُوفِيينَ الذِي امْتَلأتْ بِهِ مُصنَّفَاتُ الفَريِقَينِ، وَمَا(الإِنْصَافُ وائتِلافُ النُّصْرَةِ) إِلاّ دَلَيلٌ عَلَى ذلِكَ.
ص: 84
والفَسَائِيُّ نَقَلَ عَنِ البَصْريينَ ثَلاثَ عَشْرَةَ مَرَّةً(1)،
وعَنِ الكُوفِيينَ(2)
كَذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُ يَذْكُرُ سيبويهِ مَقْرُونًا بِذِكْرِ الكُوفِيينَ خَمْسَ مَرَّاتٍ(3)،
وذِكْرِ البَصْريينَ والكُوفِيينَ والبَغْدادِيينَ مَقْرُونينَ مَرَّةً وَاحِدَةً(4)،
وَكَانَتْ أَغْلبُ نُقُولاتِهِ؛ لِغَرضِ التَّوثِيقِ لا الخِلافِ، وإِنْ كَانَ يَرى بَعْضَ مَا تَبنَّاهُ الكُوفِيونَ غَيْرَ مُعْتَمدٍ عَلَيهِ(5)، فَهُوَ يَذْهبُ المَذْهَبَ البَصْريِّ، وهَذَا وَاضِحٌ فِي كُلِّ نُقولاتِهِ وآرائِهِ، قَالَ فِي تَصْغِيرِ فِعْلِ التَّعجُّبِ:((وَنَحْوُ: مَا أُحَيْسِنَهُ شَاذٌّ) عندَ البصريينَ(6)
القائلين: بأنَّ أفعُلَ التعجبِ فعلٌ، وتبعَهُم المُصنِّفُ، وأمّا الكوفيونُ(7)
فلمّا رأوهُ مجرّدًا عنْ معنَى الحدوثِ والزمانِ مشابِهًا لأَفعُلِ التَّفضيلِ معنًى، قالوا إنّهُ اسمٌ فيهِ معنى الصِّفةِ فصغَّروها،(وَالْمُرَادُ) مِنهُ عندهُمْ هوَ (الْمُتَعجَّبُ مِنْهُ) وهوُ مفعولُ (أُحيسنَ) فِي قولِكَ: مَا أُحَيْسِنَ زيدًا يعنِي أنَّ المرادَ هو تحقيرُ المتعجَّبِ منهُ باعتبارِ وصفِ الحُسْنِ؛ وكأنَّه قيلَ هوَ حُسَيْنٌ، وهذا لا يُفْهَمُ منْ قولِنَا: ما
ص: 85
أَحْسَنَ زُيَيْدًا، وقدْ يُقالُ: إنَّ المرادَ أنّهُ شاذٌّ عندَهُما، أمَّا عندَ البصريينَ فظ؛ لأنه فعل، وأمَّا عندَ الكُوفيينَ(1)؛
فلأنَّ المرادَ منهُ هوَ تحقيرُ الْمتعجَّبِ منهُ، فالقياسُ يقتضِي أنْ يقالَ: ما أَحْسَنَ زُيَيْدًا، لكنْ لمّا لمْ يُعلمْ منهُ أنَّ المرادَ هو تحقيرُه باعتبارِ وصفِ الحُسنِ قيلَ: مَا أُحَيْسِنَهُ على خلافِ القِياسِ(2))(3).
قَالَ فِي أَصَالَةِ لَفْظَي(موسى وإنسان):((وَمُوسَى) الحَديدُ، قالَ البصْريُّونَ(4) هوَ (مُفْعَلٌ مِنْ أَوْسَيْتُ أَيْ: حَلَقْتُ) وجازَ عندَ السِّيرافيِّ منْ أَسَوْتُ الجُرْحَ(5)؛ أي: أصْلحتُهُ فأَصلُهُ مُؤْسَى بضمِّ الميمِ وسُكونِ الهمزةِ وفتحِ السِّينِ،(وَالكُوفِيُّونَ)هو(فُعْلَى) بعكْسِهِ بِزيادَةِ المِيْمِ وأَصالَةِ الألِفِ (مِنْ مَاسَ) يمِيسُ قُلبتِ الياءُ واوًا؛ لانْضِمامِ مَا قبلَها، أي: تبخْترَ؛ لأنَّ المُزَيَّنَ يتَبخْتَرُ، والأَوَّلُ أرجَحُ لأكثَريَّةِ (مُفْعَلٍ) منْ (فُعْلَى) ولأنّهُ مُنْصرفٌ معَ التَّنكيرِ بِخلافِ
ص: 86
(فُعْلَى) ولأَنسبيَّةِ مُوسى الحِديدِ إِلى الحَلْقِ وهيَ مؤنَّثٌ سَماعيٌّ خلافًا لأَبي سَعيدٍ(1)، وأمَّا مُوسى اسمُ رجُلٍ فذهبَ أَبو عَمرُو(2)إِلى أنَّهُ (مُفعَلٌ)؛ لانْصِرافِهِ إذا نُكِّرَ، والكِسائيُّ(3): (فُعْلَى) والألِفُ للإلحاقِ بجُخْدُبٍ.
(وَإِنْسَانٌ) عنْدَ البصريينَ(4) (فِعْلانٌ) بأَصَالةِ الهمزةِ وزِيادةِ الألفِ والنُّونِ بِدليلِ أمثلَةِ اشْتقاقِهِ كأِنْسٍ كحِبْرٍ، وأُنَيْسٍ وأُناس؛ فإنَّها بمعنَى الإنسانِ والهمزةُ فيْهَا أصليَّةٌ اتِّفاقًا (مِنَ الأُنْسِ)؛ لأنَّهُ يُؤْنسُ بخِلاف الوحْشِ، وقيلَ: منَ الإيناسِ وهوَ الإبصارُ؛ لأنّهُ يُبصَرُ بِخِلاف الجنِّ.
(وَقِيْلَ: إِفْعَانٌ) بِزيادَةِ الثَّلاثِ (مِنْ نَسِيَ) أصلُهُ: أُنْسيَانٌ كأُفْعِلانِ حُذفتْ لامُهُ منْ غيرِ قِياسٍ؛ (لِمَجِيءِ أُنَيْسِيَانِ) فِي تصْغيرِهِ وهوَ (أُفَيْعِلانُ)
ص: 87
لا(فُعَيْلِيانُ) والثَّانِي بعيدٌ؛ لشُذوذِ حذفِ الياءِ، والشُّذوذِ في التَّصغيرِ أرْجحُ من إرادَةِ النِّسيانِ منَ الإنْسانِ والقائلُ أكثرُ الكُوفيينَ(1))(2).
أَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنِ البَصريينَ والكُوفِيينَ والبَغْدادِيينَ مَقْرونِينَ، فِي مَبْحَثِ الإِعْلالِ فِي:قَلْبِ الْوَاوِ يَاءً؛ لاجْتِمَاعِهَا وَالْيَاءَ:((وَيُكْسَرُ مَا قَبْلَهَا) مَا قبْلَ الياءِ المُدغمةِ (إِنْ كَانَ مَضْمُومًا(3))؛ لأنَّ الانْتِقالَ منَ الضمَّةِ إِلى الياءِ بلْ إِلى الكسْرةِ ثَقيلٌ بِخِلافِ الفتْحةِ؛ فالْواوُ المُنقلِبةُ عنِ الهمْزةِ كمَا فِي الروْيةِ أوْ عنِ الألِفِ كما فِي بُويِعَ، وتُسُويرَ، والياءُ المُنْقلِبةُ عنِ الواوِ كمَا فِي ديْوانٍ أصلهُ دِوّانٌ لا يُعلُّ، وكَذا يدْعُو، يضْرِبُ، ويرْمِي واقِدُ، وسَويرٌ، كرَحِيلٍ، وقِوْي بكسْرِ الفاءِ وسُكونِ العيْنِ مُخففُ قَوِيَ كعَلِمَ و(لِلرُّيَّا تَعْبُرُونَ)يوسف/43، كما حكَاهُ الكِسائيُّ(4)عنْ/151البعْضِ شَاذٌّ (كَسَيِّدٍ) أصلُهُ سَيْوِدٌ كفَيْعِلٍ بكسْرِ العيْنِ عنْدَ البصْريينَ(5) وضمِّها عنْدَ البغْداديينَ(6) ونُقلَ إِلى الكسْر)
مِمَّا تَقدَّمَ نَتبيَّنَ أنَّ الفَسائِيَّ كَانَ بَصريَّ المَذْهَبِ يلْتَزِمُ ببصريّتِهِ، ويُدافِعُ عَنْهَا ويردُّ دَعْوى الكُوفِيين ويفنِّدُ أدلَّتَهمْ بقوْلِهِ:(غير معتمد عليه)(1).
أَمَّا آراءِ الفَسَائِيِّ الصَّرفِيَّةِ، فَلا يَعْدُو مُعْظَمُها أَنْ يَكُونَ تَرْدِيدًا لآرَاءِ مَنْ تقدَّمَهُ مِنَ النَّحْويينَ، وبِخَاصَّةٍ آرَاءِ البَصْريينَ الذِينَ كَانَ يَمِيلُ إِلَيهِمْ مَيْلاً شَدِيدًا، وكَانَ حِينَمَا يُرِيدُ أَنْ يقُولَ رَأْيَهُ يُبيِّنَهُ بِقَوْلِهِ:(أَقُولُ) فَقَدْ وَرَدَ ذلِكَ ستَّ مَرَّاتٍ(2).
قَالَ فِي مَبْحَثِ التَّصغِيرِ، بعْدَ عَرْضِهِ آراءَ العُلَماءِ فِي تَصْغِيرِ(أَحْوى)، والخِلافِ فِي صَرْفِهِ؛ فَسيبويهِ والمُبرِّدُ ويونُسُ يَرَونَهُ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ للوصفيِّةِ ووزْنِ الفِعْلِ، وتعْلِيلُهُ:(وهوَ وإنْ زالَ بحذفِ اللامِ إلاّ أنّ الهمزةَ مرشدةٌ إليهِ كياءِ
ص: 89
(يَعِدُ) ويَرَى علمينِ؛ فإنّهما غيرُ منصرفينِ اتِّفاقًا، فهمْ يقولونَ: أُحَيُّ بضمِّ الياءِ المشددةِ الغير(1)
المنونة رفعًا وفتحِها نصبًا وجرًا)(2).
وَعِيْسَى بْنُ عُمَرَ يَصْرِفُه؛ (لنُقصانِ الكلمةِ عنْ وزنِ الفعلِ نقصانًا لازمًا كمَا في خيرٍ وشرٍّ، ويقولُ أُحيٌّ، وأحيًّا، وأَحيٍّ بالحركاتِ والتنوينِ)(3)، ويردّ الفسائي على هذا الرأي (وفيه: إنّ قياسَهُما معَ الفارقِ؛ لبقاءِ الزيادةِ فِي أوَّلهِ بخلافِهِمَا)(4)
وأَبُو عَمْرُو بْنُ العَلاءِ يَرَى أَنْ (يُقالُ (أُحَيٍّ) بالكسرِ والتنوينِ رفعًا وجرًا، وأُحيَّيًا نصبًا ويردُّ معَ الإضافةِ واللامِ)(5).
بَعْدَ هَذَا العَرْضِ يُدْلِي بِرَأْيِه؛ إِذْ يقُولُ:(وأقولُ: بعدَ إثباتِ مَا قالاهُ يمكنُ أنْ يكونَ (عَلَى الأَفْصَحِ) متعلِّقا ب-(حُذِفَتْ) ثمَّ هذهِ كلُّها علَى تقديرِ قلبِ الواوِ فِي أُحَيْوَى ياءً كأُسيدٍ (وَ) أمّا (عَلَى قِيَاسِ أُسَيْوِدَ) بتصحيح الواوِ فهوَ (أُحَيْوٍ) بإثباتِ الواوِ المنوّنةِ المكسورةِ رفعًا بعدَ الياءِ المخفَّفةِ، وأُحَيْوَى بالفتح نصبًا
ص: 90
وجرًا، ولا اختلافَ إذنْ؛ لأنّهُ نشأَ منَ اجتماعِ الياءاتِ وهيَ علَى هذا التقديرِ لا يجتمعُ)(1).
وَقَالَ فِي مَبْحَثِ الإِعْلالِ فِي حَمْلِ فَتْحَةِ (يَسَعُ وَيضَعُ) عَلَى العُرُوضِ والخِلافِ فِيهَا، قَالَ(2):(أقولُ:
والحقُّ إنَّ حمْلَ فتْحَتِها عليْهِ موكُولٌ علَى السَّماعِ؛ ولِذا لمْ تعْرُضْ فِي (وَعَدَ) منْ بابِ (ضَرَبَ) وعينُهُ عيْنٌ، وإنَّما تُحذفُ منْ (يَذَرُ) بِالفتْحِ؛ لأنَّهُ بِمعْنَى (يَدَعُ) وشريكُهُ فِي إماتَةِ ماضِيهِ، والحذْفُ دليلٌ علَى أنَّ فاءَهُما واوٌ، وأمَّا يَجُدُ(3) بِالضمِّ فأمّا شَاذٌّ أوْ أصلُهُ يَجِدُ بالكسْرِ) (4).
ص: 91
شَوَاهِدُ الْقُيُودِ الْوَافِيَةِ
1- الْقُرآنُ الْكَرِيمُ
2- القِرَاءَاتُ القُرْآنِيَّةُ
3- الْحَدِيثُ النَّبَويُّ
4- الأَشْعَارُ
5- اللُغَاتُ أَوِ اللَهَجَاتُ
6- الأَمْثَالُ وَكَلامُ الفُصَحَاءِ
ص: 92
تُعَدُّ الشَّوَاهِدُ مِنْ أَهمِّ المَصَادِرِ التِي اعْتَمَدَهَا عُلَماءُ العَربيَّةِ فِي إِثْباتِ قَوَاعِدِهِمْ اللغَويَّةِ؛ إِذْ إِنَّها تَدْخِلُ فِي مَوْضُوعِ السَّمَاعِ الذِي يُعدُّ أَحَدُ أَهَمِّ الأُصُولِ التِي رَكَنَ إِلَيْهَا النُّحَاةُ واللغويونَ، وعَوَّلُوا عَلَيْهَا فِي الاستِدْلالِ؛ لإِثْباتِ أَحْكَامِهِمْ وتَعْلِيلِهَا ذلِكَ أَنَّ الشَواهِدَ أَفْضَلُ طَرِيقٍ إِلَى ضَبْطِ اللُغَةِ ومَعْرِفَةِ أسَالِيبِهَا وَتَراكِيبِ أَلْفَاظِهَا.
ص: 93
وَعَلَى الرُّغْمِ مِنْ أَنَّ شَرْحَ القُيودِ الوَافِيةِ، هُوَ الشَّرْحُ الأَصْغَرُ للفَسَائِيِّ فَقَدْ تَنَوعَتْ شَوَاهِدَهُ فَكَانَتْ، مَا بَيْنَ قُرْآنٍ، وقِرَاءاتٍ، وَحَدِيثٍ نَبَويٍّ، وأَشْعَارٍ، ولُغَاتِ القَبَائِلِ، وأَمْثَالٍ.
(القُرآنُ الكَرِيمُ هُوَ الكَلامُ المُعْجِزُ المُنْزَّلُ وَحْيًا عَلَى النَّبيِّ (صَلَى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ) المَكْتُوبُ فِي المَصَاحِفِ، المَنْقُولُ عَنْهُ بالتَّواتِرِ، المُتعبَّدُ بِتِلاوَتِهِ)(1).
أَمَّا الشَّاهِدُ القُرْآنِيُّ فهُوَ الدَّلِيلُ النَّقْلِيُّ بِنَصِّ المُصْحَفِ، ولَفْظِهِ(2)، فَأَلْفَاظُ القُرآنِ الكَرِيمِ لُبُّ كَلامِ العَرَبِ، وزُبْدَتُه، ووَاسِطَتُهُ، وكَرَائِمُهُ، وعَلَيْهَا اعتِمَادُ الفُقَهَاءِ والحُكَمَاءِ فِي أَحْكَامِهِمْ وحِكَمِهم، وإِلَيْهَا مَفْزَعُ حُذَّاقِ الشُّعَراءِ والبُلَغَاءِ فِي نَظْمِهِمْ ونَثْرِهِمْ(3)، وإِنَّ اللُغَةَ إِذَا وَرَدتْ فِي القُرآنِ فَهِيَ أَفْصَحُ مِمَّا فِي غَيْرِ القُرآنِ لا خِلافَ فِي ذَلِكَ البتَّةَ(4)، لِهَذا كَانَ النَّصِيبُ الأَكْبَرُ مِنَ استِشْهَادَاتِ الفَسائِيِّ هُوَ مِنَ القُرآنِ الكَريمِ، فَقَدْ كَانَ يَتَناوَلُ النَّصَّ القُرآنيِّ بالذِّكْرِ حِينَمَا
ص: 94
يُرِيدُ الاحتِجَاجَ إِلَى حُكْمٍ أوْ إِلَى إِثْباتِ قَاعِدَةٍ أَوِ استِدْلالٍ، مِنْ ذلِكَ فِي بَحْثِ المَنْسُوبِ حِينَ استَشْهَدَ بِثَلاثِ آيَاتٍ قُرآنِيةٍ:((وَجَاءَ فَاعِلٌ أَيْضًا بِمَعْنَى ذِيْ كَذَا، كَتَامِرٍ، وَلاَبِنٍ، وَدَارِعٍ، وَنَابِلٍ) ولا يكونُ جاريًا علَى الفعلِ فَلا يؤنَّثُ، وقدْ يجيءُ اسمُ الفاعِلِ منْ غيرِ الثُّلاثيِّ بمعنَى ذِي كَذا نحوُ(السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ)المزمل/18 دونَ مُنفطرةٍ أي: ذاتُ انفطارٍ، وكَذا مُرضعٌ أي ذاتُ إرضاعٍ، وكَذا (بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ)البقرة/68، وحائِضٌ، وطالقٌ)(1).
قَالَ فِي مَبْحَثِ ذِي الزِّيَادَةِ فِي مَسْأَلَةِ اشتِقَاقِ(ملأك)، قَالَ:((قِيْلَ: مَفْعَلٌ) بِأَصالَةِ اللامِ والهمْزةِ والكافِ وزِيادةِ الميمِ (مِنَ الأَلُوْكَةِ) بفتحِ الهمْزةِ وضمِّ اللامِ وسُكونِ الواوِ، وهيَ الرِّسالةُ فإنَّ المَلِكُ رسولٌ كمَا قالَ تعَالَى:(جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً)فاطر/1، فأصلُهُ: مَألُكٌ بالفتْحِ والسُّكونِ والضمِّ نُقِلتْ فاؤُهُ وهيَ الهمْزةُ، موضِعَ العيْنِ، ولمْ يُصرَّحْ باسْمِ قائِلِهِ وهوَ الكِسَائيُّ(2)؛ لأنَّ ارتِكابَ القلْبِ خِلافُ الظاهرِ، بعيدٌ)(3).
وَقَدِ استَشْهَدَ مُستدلاًّ عَلَى(عَدوٍّ) كَونُهَا صِيغَةَ مَا يُجمَعُ عَلَى لَفْظِ مُفْرَدِهِ، قَالَ (ويستوِي المُذكَّرُ والمؤنَّثُ فِي هذا البابِ والتَّاءِ فِي عَدوَّةٍ حمْلاً علَى ضِدّهِ،
ص: 95
وهوَ الصَّديقُ وفِي فَرُوقَةٍ، ونحوهِ للمُبالَغةِ (وَعَلَى وُدَدَاءَ) بالضمِّ والفتحِ/72 لكنَّهُ شاذٌّ، وفِي المُضاعَفِ أشذُّ (وَأَعْدَاءٍ) فِي عدوٍّ وقدْ يجمعُ علَى لفظِ مُفردِهِ نحوُ:(هُمُ الْعَدُوُّ)المنافقون/4 (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي)الشعراء/77)(1).
القِراءَةُ القُرْآنِيِّةُ: تَعْنِي وَجْهًا مِنْ مُحْتَمَلاتِ النَّصِّ القُرْآنِيِّ(2)،
وهِيَ لَيْستْ أَلْفَاظُ الوَحْي(3)؛
إِذْ لا يَعْقِلُ أَنْ تَكُونَ القِرَاءاتُ مِنَ الوَحْي؛ فَهُمَا حَقِيقَتَانِ مُتَغايِرَتَانِ؛ فَالقُراءاتُ غَيْرُ القرآنِ، فَالقِرَاءاتُ بَيْنَ مَا هُوَ اجتِهَادٌ مِنَ القَارِئ، وَمَا هُوَ مَنْقُولٌ بِخَبَرِ الوَاحِدِ(4)، وغَيْرُ ذلِكَ(5)
.
ص: 96
وَقَدِ استَشْهَدَ الفَسَائِيُّ بِالقِراءَةِ القُرآنيَّةِ لإِثْباتِ صَحَّةِ بِنَاءٍ، كَقَوْلِهِ فِي بِنَاءِ(ضُعَافَى) ((وَقَدْ ضُمَّتْ أَرْبَعَةٌ) منَ الجموعِ معَ جوازِ الفتحِ فيهَا أيضًا وهيَ (كَكُسَالَى، وَسُكَارَى، وَعُجَالَى، وغُيَارَى) فِي كَسْلانَ، وسَكْرانَ، وعَجْلانَ، وغَيْرانَ، منْ غارَ عليهِ يغَارُ غَيْرةً، وقُرِئَ: (ذُرِّيَّةً ضُعَافَى)النساء/9 بالضمِّ(1) فلا وجهَ للحصرِ)(2).
وَقَالَ فِي قَلْبِ الوَاوِ يَاءً فِي مَبْحَثِ الإِعْلالِ:(....وكَذا يدْعُو، يضْرِبُ، ويرْمِي واقِدُ، وسَويرٌ، كرَحِيلٍ، وقِوْي بكسْرِ الفاءِ وسُكونِ العيْنِ مُخففُ قَوِيَ كعَلِمَ و(لِلرُّيَّا تَعْبُرُونَ)يوسف/43، كما حكَاهُ الكِسائيُّ(3)عنْ/151البعْضِ شَاذٌّ
ص: 97
(كَسَيِّدٍ) أصلُهُ سَيْوِدٌ كفَيْعِلٍ بكسْرِ العيْنِ عنْدَ البصْريينَ(1) وضمِّها عنْدَ البغْداديينَ(2) ونُقلَ إِلى الكسْرِ)(3).
وَقَالَ "رحِمَهُ اللهُ" فِي مَبْحَثِ تَخْفِيفِ الهَمْزِ:((وَعَلَى الأَقَلِّ جَاءَ عَادَ لُّوْلَى(4))
فِي قولِهِ تَعَالى (أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى)النجم/50 بإِدغَامِ النُّونِ السَّاكنةِ فِي التَّنوينِ فِي لامِ (لُوْلَى) كَمَا فِي(مِنْ لَكَ) وَعلَى الأكثَرِ قِيلَ (عَادَنِ لُولَى)(5)
بكسْرِ النُّونِ وحذْفِ الهمْزةِ وضمِّ اللامِ المُخفَّفةِ، ولمْ يدْغِمْ؛ إذْ لا يُدغَمُ السَّاكِنُ فِي السَّاكِنِ)(6).
ص: 98
تَبَايَنَتْ آرَاءُ النُّحاةُ أَمَامَ قَضيَّةِ الاستِشْهَادِ بِالحَدِيثِ النَبويِّ الشَّرِيفِ، وعَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذلِكَ فهُمْ لَمْ يرفضُوه كلِّيًّا، وفِي الوَقْتِ نَفْسِهِ تحرَّجُوا مِنَ الاستِنَادِ إِلَيهِ شَاهِدًا إِلَى مَا يَذْهَبُونَ؛ وذلِكَ لِعَامِلَينِ:الأوَّلُ:إِنَّ أَرْبابَ الحَدِيثِ جَوَّزُوا النَّقْلَ بِالمَعْنَى(1)،الثَّانِي:
وُقُوعُ اللحْنِ فِي الحَدِيثِ؛ فَكَثِيرٌ مِنْ رُواتِهِ كَانَ مِنَ المَوالِي(2).
أَقُولُ: إِذَا ثَبَتَ صُدورُ الحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ(صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ) فَلا بَأْسَ بِالاستِنَادِ إليه شَاهِدًا، فَعُلَماءُ اللُغَةِ لَمْ يَنْظُرُوا إِلَى قَوَّةِ الحَدِيثِ، مِنْ مُتَواتِرٍ ومُسْتَفِيضٍ، ومُوثَّقٍ، وَآحَادٍ، ومُرْسَلٍ، وضَعِيفٍ؛ والأَوْلى لَهُمُ الأَخْذُ بِالمُتَواتِرِ، والمُستَفِيضِ؛ فَكِلاهُمَا قَطْعِيُّ الصُّدُورِ عَنِ الرَّسُولِ(صَلَى اللهُ علَيهِ وآلِهِ) لَفْظًا ومَعْنًى، وَلَوْ أَنَّهُم نَظَرُوا إِلَى دَرَجَةِ الحَدِيثِ لَمَّا تَحَرَّجُوا مِنَ الاستِشْهَادِ بِهِ.
ص: 99
أَمَّا الفَسَائِيُّ فَلَمْ يَذكُرْ فِي شوَاهِدِهِ إِلاّ حَدِيثًا وَاحِدًا وهُوَ( لَيْسَ مِنَ امْبِرٍّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرٍ) فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِهِ عَنِ إِبْدالِ لامِ التَّعْرِيفِ مِنْ المِيمِ، وقَدْ ذَكَرَ ابنُ الحَاجِبِ أنَّهَا طائيِّةٌ(1).
أَقُولُ: إِنَّ هَذَا الحَديثَ قَدْ رُوِيَ بطَرائِقَ شتَّى: لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيامُ فِي السَّفَرِ(2)،
وَلَيْسَ البِرُّ الصِّيامَ فِي السَّفَرِ(3)، وَلَيْسَ البِرُّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ(4)،
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُبَيدٍ أَنَّ النبيَّ(صَلَى اللهُ علَيهِ وآلِهِ) لَمْ يقُلْ فِي هَذَا الحَدِيثِ: لَيْسَ مِنَ البِرِّ(5)، وقَدْ جَاءَ فِي اللِسَانِ(6): وَأَمَّا مَا يُرْوَى مِنَ أَنَّ النَّمِرَ بْنَ تَوْلَبٍ(ت14ﻫ)، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ، صَلىَ اللهُ عَلَيهِ وآله وسلَّمَ، يقُولُ: لَيْسَ مِنَ امْبرِّ امْصِيامُ فِي امْسَفَرِ، يُرِيدُ: لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيامُ فِي السَّفَرِ،
ص: 100
فَإِنَّهُ أَبْدلَ لامَ المَعْرِفَةِ مِيمًا، وهُوَ شاذٌّ لا يَسُوغُ، حَكَاهُ عَنْهُ ابنُ جِنِّي، قَالَ: ويُقَالُ إِنَّ النَّمِرَ بنَ تَوْلَبٍ لَمْ يَروِ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَى اللهُ علَيهِ وآلِهِ وسلَّمَ، غَيْرَ هذَا الحَدِيثِ، وفِي مُغْنِي اللَبِيبِ(1):
إنَّ هذِهِ اللُغَةَ مختصَّةٌ بالأَسْمَاءِ التِي لا تُدْغِمُ لامَ التَّعْرِيفِ فِي أوَّلِهَا نَحْوَ: غُلامٍ وكِتَابٍ، بِخِلافِ رَجُلٍ ونَاسٍ ولِبَاسٍ، وحَكَى لَنَا بَعْضُ طَلَبةِ اليَمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ فِي بِلادِهِمْ مَنْ يقُولُ: خُذِ الرُّمْحَ، واركَبِ امفَرَسَ، ولَعلَّ ذلِكَ لغَةٌ لِبَعضِهِمْ، لا لِجَميعِهِمْ.
نَستَنْتِجُ مِمَّا سَبَقَ أنَّ هَذا الحَدِيثَ(لَيْسَ مِنَ امْبرِّ امْصِيامُ فِي امْسَفَرِ) لَمْ تَروِهِ سِوَى كتُبِ اللُغَةِ، وقَدِ اضْطَرَبتِ التَّوْجِيهاتُ اللغويَّةُ فِيهِ، وأَمَّا كُتُبُ الحَدِيثِ المَشْهُورَةِ فَلَمْ تَروِهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ.
اتَّبَعَ علَمَاءُ العَربيَّةِ منهَجًا مُتشدِّدًا للاستِشْهَادِ بالشِّعْرِ، فَقَدِ استِقْصَوا القَبَائِلَ العَربيَّةَ فَوصَفُوا بعْضَها بالفَصَاحَةِ وآخَرَ بِعَكْس ذلِكَ، ومِنَ القَبَائِلِ التِي أخَذُوا عَنْهَا، قُرَيشُ، وقَيْسُ، وتَمِيمُ، وأَسَدُ وهُذَيلُ، وبَعْضُ كُنَانَةٍ وبَعْضُ الطَّائِيينَ، أمَّا غَيْرُها مِنَ القَبائِلِ مِمَّنْ جَاوَرتِ الأُمَمَ الأُخْرَى أَوِ اخْتَلَطَتْ بِهِمْ كَلَخْمَ وجَذَامَ وقُضَاعَةَ؛ فَقَدْ وُصِفَتْ بِفَسادِ الأَلْسِنَةِ فَلا يحتجُّ بأَشْعَارِهَا، ومَنْ
ص: 101
تَسَاهَلَ وأَخَذَ عنْهُمْ مُستَشْهِدًا كَانْ عُرضَةً للنَّقْدِ مِنَ النُّحَاةِ الآخَرِينَ(1)، كَذلِكَ قَامَ النُّحاةُ بِتَحْديدِ زَمَنِ الاحتِجَاجِ، فَكَانَ الزَّمَنُ قَدْ تَحدَّدَ فِي سَنَةِ 150ه- وقَدْ توقَّفَ عِنْدَ الشَّاعِرِ إِبراهِيمَ بْنِ هَرَمَة(ت176ﻫ)(2).
اسْتَشهَدَ الفَسَائِيُّ بِطَائِفَةٍ لا بَأْسَ بِهَا مِنَ الأشْعَارِ، فَاستِشْهادُهُ كَانَ بالشِّعْرِ الجَاهِلِيِّ والإِسْلاميِّ وشِعْرِ الشُّعَراءِ المُخَضرمَينَ والأَمَويِّ، وبَعْضِ الشِّعْرِ الذِي كَانَ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ، ومِنْ ذلِكَ مَا جَاءَ فِي مَبْحَثِ الإِدْغامِ فِي جَوَازِ الوَجْهَينِ فِي (اضْطَلَمَ)، قَالَ:((وَجَوَازًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي اضْطَلَمَ) فيْمَا كَانَ ظَاءً مُعجَمةً، والوجْهانِ قلْبُ الأُولَى ثانِيًا وبِالعكْسِ فيُقَالُ: اظَّلَمَ مُعجمَةً ومُهملةً (وَجَاءَتِ الثَّلاثُ) أي: الوجْهانِ، والبَيَانُ فِي قوْلِ زُهيرٍ:
هُوَ الْجَوادُ الْذِِي يُعْطِيكَ نائِلَهُ *** عَفْوًا وَيُظْلَمُ أَحْيَانًا فَيَظْطَلِمُ)(3)
ص: 102
النائِلةُ: المَالُ، وعفْوًا أي: بِسُهولَةٍ، ويُظلَمُ أحيانًا أي: يُطلَبُ منْهُ فِي غيْرِ موقِعِ الطَّلَبِ، فيظْطَلِمُ، أي يتَحمَّلُ ذلِكَ)(1).
وَقالَ فِي بَحْثِ المُصغَّرِ مُستَشْهِدًا بِقَولِ لَبِيدٍ عَلَى صَحَّةِ بِنَاءِ التَّصْغِيرِ للتَّعْظيمِ (ويجِيءُ للتَّعظيمِ كَقولِهِ:
وُكُلُّ أُنَاسٍ سَوْفَ يَدْخُلُ بَيْنَهُمْ *** دُوَيْهِيَّةٌ تَصْفَرُّ مِنْهَا الأَنَامِلُ(2)
الدَّاهيةُ: الموتُ، وهو أمرٌ عظيمٌ، وقالَ الأكثرُ: هوَ علَى حقيقتِهِ؛ لاحتقارِ الناسِ لهَا وتهاونِهِمْ بهَا)(3).
وذكَرَ بيْتًا لِذِي الرِّمَّةِ هُو بِمَثَابَةِ كَلامٍ شَاذٍّ لا يُقَاسُ عَلَيهِ، قَالَ:((وَصُيّم وقيّم) بِضمِّ الأوَّلِ وفتْحِ الثَّانِي بعيْنينِ مُشدّدتيْنِ كرُكَّعٍ جمْعا صائِمٍ وقائِمٍ فَشَاذٌّ؛ إذْ أصلُهُما صُوَّمٌ وقُوَّمٌ، والقِياسُ عَدَمُ الإِعلالِ لعَدَمِ المُقْتَضِي ، وَقَوْلُهُ:
أَلا طَرَقَتَْنا مَيّةُ ابنةُ مُنْذِرٍ *** فَمَا أَرَّقَ النُيّامَ إِلاّ سَلامُهَا(4)
ص: 103
أَشَذُّ منْ صُوَّمٍ وقُوَّمٍ لكونِ الواوِ أبعدَ منَ الطَرْفِ، وأَرَّقَ كفَرَّحَ أيْقَظَ، والنُيَّامُ بضمِّ النُّونِ وتشْديدِ الياءِ جمْعُ نائِمٍ مفعُولُهُ أصلُهُ النُّوَّامُ، وهوَ القِياسُ فيْهِ)(1).
استَأْثَرَ القُيُودُ الوَافِيَةِ بِطَائِفَةٍ لا بَأْسَ بِهَا للاستِشْهادِ باللُغاتِ أَوِ اللَهَجَاتِ، فَتَارةً ينسِبُهَا وأُخْرَى لا، مِنْ ذلِكَ قَولُهُ:(.......فَلا يُقالُ جاءَنِي زيْدُو، ومررْتُ بزيدِي (عَلَى الأَفْصَحِ)؛ لأنَّهُ يؤدِّي إِلى الثِّقَلِ/91بلْ يوقَفُ عليْهَا بالإسْكانِ، ويقالُ: جاءَنِي زيدْ، ومررتُ بزيدْ بإسكانِ الدَّالِ فيهِما، وأبُو الخطَّابِ حكَى تجويزَهُ عنْ أزدِ السُّراةِ(2)؛ لِبيَانِ الإعرابِ)(3).
وَقَالَ فِي رَدِّ بَعْضِ الأَبْنِيَةِ إِلَى بَعْضٍ(4):((وَقَدْ يُرَدُّ بَعْضٌ) منْ تلكَ الأوزانِ (إِلَى بَعْضٍ) آخرَ مِنْها عندَ بَنِي تميم(5) خِلافًا للحِجَازِيينَ، والأَوّلُ هُوَ
ص: 104
الأَصْلُ، والثَّانِي الفَرْعُ وإنْ كَانَ أَصْلاً بِالنِّسْبَة إِلَى كَلِمَةٍ أُخْرَى، هَذا عِنْدَ البَصْريينَ وعِنْدَ الكُوفيينَ كُلٌّ مِنْهَا لُغَةٌ بِرَأْسِها) (1).
و استَشْهَدَ أَيْضًا فِي استِعْمَالِ بِنَاءٍ شَاذٍّ وَرَدَ عَنْ أَحَدِ الفُصَحَاءِ، قَالَ:((وَشَذَّ رَحُبَتْكَ الدَّارُ) (2)
حيثُ عَدّى بِالنفسِ (أيْ: رَحُبَتْ بِكَ الدَّارُ) يعني كانَ في الأصلِ متعدّيًا، حذفتِ الباءُ لكثرةِ الاستعمالِ واستعمالُه بدونِها كَما جاءَ منْ نصرِ بنِ سيّار، وحَكاهُ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ هُذيلَ أيضًا خلافَ الأصلِ، و لعلُّه لتضمّنهِ معنى وَسِعَ)(3).
تُعَدُّ الأَمْثالُ صُورَةً نَاصِعَةً للبِنَاءِ اللُغَويِّ والنَّحْويِّ؛ لأَنَّ المَثَلَ نُقِلَ كَمَا قِيلَ أَوّلاً مِنْ دُونِ تَغْييرٍ فِي لَفْظِهِ، وإِنْ كَانَ بَعضُها مِنَ الشَّاذِّ الذِي لا يُقاسُ عَلَيهِ.
ص: 105
لَمْ يستشْهِدِ الفَسائِيُّ بالأَمثَالِ، وإِنَّمَا رَدَّدَ أَمثَالَ المصنِّفِ صَاحِبِ المَتْنِ، وهُمَا مَثَلانِ قَدِ استشْهَدَ بأوَّلِهِمَا فِي مَعَانِي صِيغَةِ(استَفْعَلَ) للصَّيرورَةِ والتَّحوُّلِ، قَالَ: ((وَلِلتّحَوِّلِ) وَلا يَكُونُ إِلاَّ لازمًا (نَحْوُ: اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) أي: صارَ الطِّينُ حَجَرًا أَمَّا حقيقةً، أوْ مِثلَهُ فِي الصَّلابَةِ (وَإنَّ البِغَاثَ بِأَرْضِنَا)- مُثلَّثَةُ البَاءِ ضِعَافُ الطَّيْرِ- (تَسْتَنْسِرُ)(1)،
تَصِيرُ كَالنَّسْرِ فِي القُوَّةِ)(2).
والثَّانِي فِي مَبْحَثِ التِقَاءِ السَّاكِنينِ، قَالَ:((وَحَلَقَتَا الْبِطَانِ شَاذٌّ) بإثباتِ ألفِ التَّثنيةِ، والقِياسُ حذفُها؛ لأنَّ الأوّلَ وإنْ كانَ حرفَ مدٍّ لكنَّ الثَّانِي غيرُ مُدغمٍ فيهِ، وليسَا فِي كَلِمَةٍ واحدةٍ.
والأصْلُ: التقتْ حَلَقَتا البِطَانِ(3)، والبِطَانُ: بكسرِ الباءِ، الحِزامُ الذيْ يُجعَلُ تحتَ بطنِ البعيرِ وفيهِ حَلَقتانِ، وهذا مثلٌ يُضربُ فِي الشِّدَّةِ؛ إذْ هُما لا يلتقيانِ إلاّ عندَ غَايةِ هَزالِ البعيرِ)(4).
ص: 106
أمَّا مَا وَرَدَ مِنْ كَلامِ الفُصَحاءِ فِي القُيودِ الوَافِيَةِ مَا ذَكَرهُ فِي مَعَانِي الأَبنيَةِ، قَالَ (وبِمَعْنَى تَصْييرِ الفَاعِلِ مفْعولَه عَلَى مَا هُوَ عَلَيهِ، نحوُ(سُبْحَانَ مَنْ ضَوّأَ الأَضْوَاءَ)(1)
أي: جعلها أضواءً)(2).
وقَالَ فِي مَبْحَثِ الوَقْفِ فِي الوُقُوفِ عَلَى تَاءِ التَّأْنِيثِ، قَالَ:((وَفِي الضَّارِبَاتِ) أي: إبدالُها هاءً فيهَا، وفِي نحوِهَا كمَا حكَى قُطْرُبٌ عنْ بعضِ طيّءٍ(3) (كيفَ البنُونَ والبَنَاهْ) مستندًا بكونِهَا مفيدةً لمعنَى التَّأنيثِ فتُشبِهُ المفردُ،(ضَعِيفٌ)؛ لأنَّها غيرُ خالِصَةٍ للتَّأنيثِ لِمَا فيهَا منْ معنَى الجمعيَّةِ أيضًا)(4).
وقَالَ فِي مَبْحثِ ذِي الزِّيادَةِ(5) فِي لَفظَةِ(مَعَدٍّ) بِزيادَةِ إِحْدى الدَّالينِ لا زيادة الميم، قَالَ:((وَمَعَدٌّ) بفتحِ الميمِ والعيْنِ وتشْديدِ الدَّالِ لِمعدٍّ بنِ عدنانَ أَبِي العَرَبِ (فَعَلاًّ) بِزيادَةِ إِحْدى الدَّالينِ كمَا ذهبَ إِليهِ سيبويهِ لا (مَفْعَلاً) معَ كثْرةِ
ص: 107
مجيئِهِ (لِمَجِيءِ تَمَعْدَدُوا) فِي قوْلِ عُمَرَ، حيْثُ قالَ (اخْشوْشِنُوا وَتَمَعْدَدُوا)(1) أي: تَشبَّهُوا بمَعَدٍّ بنِ عدنانَ ودَعُوا التنعُّمِ وزِيِّ العَجَمِ، فلوْ حَكَمَ بِزيادَةِ الميْمِ لزمَ بناءُ (تَمَفْعَلٍ) فهوَ لا نظِيرَ لهُ كما صرَّح بهِ سيبويهِ)(2).
ص: 108
1- ضَبْطُ الكَلِمَةِ فِي القُيُودِ الوَافِيَةِ
أ- طَرِيقَةُ الوِزَانِ
ب - وَصْفُ الكَلِمَةِ بِحَرَكَاتِهَا
2 - الْخِلافُ الصَّرْفِيُّ فِي القُيُودِ الوَافِيَةِ
3- مسائل صوتية في ضوء علم اللغة الحديث
ص: 109
اجتَهَدَ عُلَماءُ اللُغَةِ فِي ضَبْطِ الكَلِمَاتِ لِمَعْرِفَةِ المَعانِي المُرادَةِ مِنْهَا؛ ولِكَي لا تخْتِلَطَ بأَلْفَاظٍ أُخْرى مُقَارِبَةٍ لَهَا بِالبِنَاءِ، وقَدْ سَارَ هَذا الغَرَضُ جَنْبًا
ص: 110
إِلَى جَنْبٍ مَعَ أَوَّلِ مُعْجَمٍ عَربيٍّ وهُوَ العَيْنُ للخَلِيلِ بنِ أَحْمدِ الفَراهيديِّ، وأَخَذهُ العُلَماءُ الذِينَ جَاؤُوا بعْدَهُ، وكَانَتْ عِلَّةُ هَذا الضَّبطِ عَدَمَ وُجُودِ الحَرَكاتِ، وهَذا أَحَدُ أَسْبابِ نُشوءِ القِراءاتِ القُرآنيِّةِ أَيْضًا؛ فَقَدْ كَانتِ الكَلِمَةُ القُرآنيَّةُ تُكْتَبُ عاريةً عَنِ الحَرَكاتِ القِيَاسيَّةِ فِي وزْنِهَا وَفِي إِعْرابِهَا، ورُبَّمَا يحَارُ القَارِئُ فِي وَزنِ الكَلِمةِ وفِي حَرَكَتِهَا فِيمَا إِذَا كَانَتْ الكَلِمَةُ محتَمِلَةً لِوُجوه، مِثْلُ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ والكسِائِيِّ:(قَالَ اعْلَمْ أنّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٍ)البقرة/259، بصِيغَةِ الأَمرِ، والبَاقُونَ بِصِيغَةِ المُتكلِّمِ(1)،
وقِراءَةِ نَافِعٍ:(ولا تَسأَلْ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ)البقرة/119، بِصِيغَةِ النَّهِي، والبَاقُونَ بِصِيغَةِ المُضَارِعِ المَبنيِّ للمَجْهُولِ(2).
وقَدْ سَلَكَ المُعجَميُّونَ طَرِيقَيْنِ لِضَبْطِ الكَلِمَةِ فِي المُعْجَمَاتِ العَربيَّةِ، وقَدِ استَعْملَهُمَا العَلاَّمةُ الفَسائِيُّ فِي ضَبْطهِ الكَلِمَاتِ، وهُمَا: أ: طَرِيقَةُ الوِزَانِ، ب - وَصْفُ الكَلِمَةِ بِحَرَكَاتِهَا.
ص: 111
وهِيَ الطَّرِيقَةُ المُثْلَى لِضَبْطِ الكَلِمَةِ فِي المُعْجَمَاتِ العَربيَّةِ عَلَى وِزَانِ كَلِمَةٍ مَشْهُورةٍ، ولَمْ يضْبِطُوا عَلَى الوَزْنِ؛ لأنَّهُ يوقِعُهُمْ بالدَّوْرِ؛ لأنَّ الوَزْنَ هُوَ أَيضًا يَحْتاجُ إِلَى أَنْ يُضْبَطَ، وقَدْ سَلَكَ الفَسَائِيُّ هَذَا الطَّريقَ فِي ضَبْطِ الكَلِمَاتِ؛ ويُلاحَظُ أَنَّهُ يَستَنِدُ عَلَيهِ فِي المَسائِلِ الخِلافَيَّةِ، ولِرفْعِ الاشتِبَاهِ، قَالَ:((لِقَوْلِهِمْ: أَعْيَادٌ) فِي جمعِهِ لا أَعْوَادٌ؛ لئلاّ يشتبَهُ بجمعِ عُوْدٍ كقُفْلٍ فإنَّهُ أَعْوَادٌ كَما أنَّ تصغيرَهُ عُوَيْدٌ حمْلاً للضدِّ علَى الضدِّ، وفيهِ إيماءٌ إلَى جمعِ عيدٍ أيضًا)(1).
ص: 112
قَالَ:((وَغِرَدَةٌ) بالكسرِ والفتحِ فِي غَرْدٍ، ضَرْبٌ منَ الكَمَأَةِ(1)،
هَذا عندَ الفرّاءِ وقالَ الكِسَائِيُّ: جَمْعُ غِرَدٍ كعِنَبٍ (وَسُقُفٌ) كعُنُقٍ فِي سَقْفٍ عندَ الأَخفشِ، وعندَ الفرَّاءِ: جمعُ سَقِيفٍ)(2).
وقَالَ فِي الخِلافِ فِي وَزْنِ(جَخْدَبٍ) (3):((وَزَادَ
الأَخْفَشُ نَحْوَ جُخْدَب) ....... وعِنْدَ سيبويهِ(4)
كَبُرْثُنٍ، نَحْوُ عُنْدُدٍ، وَسُؤْدَدٍ ، ودُخْلَلٍ مُلحقًا بِقَرينَةِ عَدَمِ الإِدْغامِ يؤيِّدُ رَأْيَ الأخْفَشِ)(5).
قَالَ فِي مَبْحَثِ الجَمْعِ:((وَأَنْعُمٍ) أي: وعَلَى أَنْعُمٍ فِي نِعْمَةٍ، وأَشُدٍّ فِي شِدَّةٍ، قالَ المُبّردُ: أَنْعُمٌ جَمْعُ نُعْمٍ كقُفْلٍ(6)، وقيلَ أشُدٌّ جمعُ شَدٍّ بالفتحِ كأَكْلُبٍ)(7).
وقَالَ أَيضًا:((وَتِيَرٍ) كعِنَبٍ فِي تارةٍ، أصلُها تَيْرَةٌ، وقيلَ تَوْرَةٌ (وَبُدْنٍ) كقُفْلٍ فِي بَدَنَة، وجاءَ كعُنُقٍ فِي الصحيحِ)(8).
ص: 113
وهَكَذا يَضْبِطُ الفَسَائيُّ الأَبنيَةِ بِهذِهِ الطَّريقَةِ فِي المَسَائِلِ الخِلافِيَّةِ وحَسْب، وقَدِ استَعْملَهَا بِقِلَّةٍ(1).
وهِيَ الطَّريقَةُ الأَكثَرُ شُيوعًا فِي القُيودِ الوَافِيةِ، استعْمَلَهَا الفَسائِيُّ فِي ضَبْطِ الكَلِمَاتِ التِي يتمثَّلُ بِهَا فِي الشَّرحِ، قَالَ(2) " رحِمَهُ اللهُ":((وَخَرْنُوبٌ) بِفَتْحِ الفَاءِ المُعْجَمةِ، نَبْتٌ يُدَاوَى بِهِ (ضَعِيْفٌ) مَنَعَ الْجَوهَرِيُّ فَتْحَهُ، والقَوِيُّ ضَمُّهُ أَوْ خُرُّوبٌ بِتشْديدِ الرَّاءِ(3).
وقَالَ أيْضًا((وَجُعِلَ الدُّئِلُ) بِضَمِّ الدَّالِ وكَسْرِ الهَمْزَةِ، عَلمٌ ابنُ عَلَمِ أبِي قَبيلةٍ)(4)
ص: 114
وَقَالَ:((وَهِيَ فَلْسٌ، فَرَسٌ، كَتِفٌ عَضُدٌ) بفتحِ الفاءِ وسُكونِ العينِ، وفتحِها وكسرِها وضمِّها (حِبْرٌ، عِنَبٌ إِبِلٌ) بكسرِ الفاءِ، وسكونِ العينِ وفتحِها وكسرِهَا،(قُفْلٌ صُرَدٌ عُنُقٌ) بضمِّ الفاءِ وسكونِ العينِ وفتحِها وضمِّها)(1).
وقَالَ:((بُرْثُنٌ) بضمِّهِمَا وسُكونِه لمِخْلَبِ الأَسَدِ (دِرْهَمٌ) بِكسْرِ الأَوَّلِ وسُكونِ الثَّانِي وفتْحِ الثَّالِثِ، معْرُوفٌ، (قِمَطْرٌ) بكَسْرِ القَافِ وفتْحِ المِيمِ وسُكونِ الطَّاء، لِمَا يُصَانُ فِيْهِ الكُتُبُ)(2).
وَقَالَ:((سَفَرْجَلٌ) بالفتْحَتينِ والسُّكونِ والفتْح ِ(قِرْطَعْبٌ) بالكسْرِ والسُّكونِ والفتْحِ والسُّكونِ، (جَحْمَرِشٌ) بالفتْحِ والسُّكونِ والفتْحِ والكَسْرِ(قُذَعْمِلٌ) بالضمِّ والفتْحِ والسُّكونِ والكَسْرِ، لِثَمَرةٍ مَعْروفَةٍ ودابَّةٍ، والعَجُوزِ والإبِلِ الضَّخِمَةِ)(3).
وقال أيضا ((وَخُزَعْبِيلٌ) بالضمِّ والفتْحِ والسُّكونِ والكَسْرِ، البَاطِلُ (وَقِرْطَبُوسٌ) بالكَسْرِ والسُّكونِ والفتْحِ والضمِّ، الدَّاهِيةُ، وجَاءَ كعَضْرَفُوطٍ أيْضًا
ص: 115
عَلَى قِلَّةٍ (وَقَبَعْثَرًى) بالفتْحَتينِ والسُّكونِ والفَتْحتَينِ، الجَمَلُ الضَّخْمُ، والأَلِفُ فِيهِ لِزيادَةِ الْبِناءِ كَكِتابٍ)(1).
إِنَّ الدِّراسَةَ الصَّرفِيَّةَ مِنْ أَرْوعِ الدِّراسَاتِ فِي الفِكْرِ العَربيِّ، فَهَذا القِسْمُ مِنْ دِرَاسَةِ اللُغَةِ أَفْردتِ الصَّرفيينَ العَرَبَ بِمَكانٍ لا يُدانِيهِ أَيُّ مَكَانٍ آخَر فِي
ص: 116
عَالَمِ اللُغويينَ قَدِيمًا وحَدِيثًا ومَا يَزَالُ كَشفُهُمْ عَنْ هَذَا النِّظَامِ مَوْضِعَ إِعْجَابِ وَاحْتِرامِ فِي نَظَرِ اللغويينَ فِي مُختَلَفِ أَنْحَاءِ العَالَمِ(1).
ولِهَذَا التَّعمُّقِ الكَبِيرِ فِي هذَا الفَرْعِ مِنَ العَربِيَّةِ نَشَأَ الخِلافُ، وسَببهُ الرَّئِيسُ (مُشكِلَةُ الأَصْلِ والفَرْعِ)(2).
وثَمَّةَ أَسبَابٌ أُخْرى لِهَذا الخِلافِ قَدْ تَكُونُ اجتِمَاعِيَّةً، وثَقَافيَّةً، ومنهجيَّةً، وفِكْريَّةً، وأُمُورٌ مرتبِطَةٌ بالكِيَانِ اللغَويِّ(3).
ويَرَى الدَّكتُورُ شَوقِي ضَيف أَنَّ الأَخفَشَ(ت215ﻫ) هُوَ الذِي فَتَحَ أَبوابَ الخِلافِ(4).
لكنَّ هَذا الرَّأْيَ غَيْرُ دَقيقٍ؛ لأنَّ هناك خِلافًا سَبَقَ الأَخفَشَ حَصَل بينَ - عَلَى سَبيِلِ المِثَالِ - الكِسَائِيِّ وسِيبويه، وقبْلَهُ بينَ الرُّؤَاسيِّ والخَلِيلِ؛ فَالخِلافُ بَدَأَ حسْبَ مَا نظنُّ منَ الأيَّامِ الأُولَى للتَّنظِيرِ المَنْهجيِّ لكلِّ إِمَامٍ مِنَ أَئمَّةِ
ص: 117
المَدَارِسِ، ولَهُ تَأَثيرٌ أُخِذَ مِنْ أئمَّةِ المَذَاهِبِ، ولا سِيمَا أَبو حَنِيفَة النَّعْمانُ(ت150ﻫ) القائل:(خَيْرُ النَّاسِ مَنْ عَلِمَ بِاختِلافِ النَّاسِ)(1).
فَنُزعَةُ الخِلافِ نفْسيَّةٌ هَدَفُها السِّباقُ، والمُنَافَسَةُ، والمِرانُ عَلَى هَذهِ الأُمورِ وبالتَّالِي تطويرُها؛ لِتَكُونَ أَوثَقَ فِي النُّفُوسِ وأَمْرَنَ فِي الدُّرُوسِ.
أَمَّا الفَسائيُّ فَقَدْ ذَكَرَ مَسائِلَ الخِلافِ فِي شَرْحِهِ عِنْدِ ذِكْرِهِ وَزْنَ بِنَاءٍ، أَوْ ظَاهِرةً منَ الظوَاهِرِ السِّياقيَّةِ، قَالَ فِي(2) :
1- أَشْيَاءُ:((نَحْوُ: أَشْيَاءَ فَإِنَّهَا لَفْعَاءُ) ؛ إذْ يُصَغّرُ عَلَى أُشَيْئَاءَ اسم جمع، أصلُهَا شَيآءُ غيْرُ منْصَرِفٍ للأَلِفِ الممْدُودةِ قُدِّمتِ اللامُ عَلَى الفَاءِ كَراهِيةَ اجتِماعِ الهمْزَتينِ، بيْنَهُمَا حَاجِزٌ غَيْرُ حَصِينٍ وهُوَ الألِفُ، وهَذا رَأْيُ الخَلِيلِ وسيبويهِ(3)
واخْتارَهُ المُصنِّفُ.
ص: 118
(وَقَالَ الكِسَائِيُّ) هِيَ (أَفْعَالٌ) جمعُ شَيْءٍ كَبَيْتٍ وَأبياتٍ، ومُنِعَ صَرفُها لِتوهّمِ أنّها كحمراءَ، وفيه مع الضعْفِ، ومعَ أنّهُ مستلزمٌ لمنعِ صرفِ نحوِ: أبناءَ وأسماءَ أيضًا أنّها جمعت على أشاوى، وأفعالٌ لا يُجمعُ علَى أَفاعَلٍ(1).
(وَقَالَ الفَرّاَءُ) أصلُ شيءٍ شيٌّ بتشديد الياء كبيّنٍ جُمِعَ على أفعلاء فصار أشْيِئَاء، والأخفشُ أنّ شَيَاءَ بالتَّخفيفِ جُمِعَ علَى أَشْيِئاءَ علَى خِلافِ القِياسِ)(2).
وبعد ذكره الخلاف يوجه الفسائي كلام الفريقين ثمَّ يقول: (وعلى التقديرينِ حذفتِ الهمزةُ الأولى وهي لامُه كراهةَ الهمزتين بينهما ألفٌ (فَهِيَ أَفْعَاءٌ أَصْلُهَا أَفْعِلاءُ) غير منصرف للممدودة، وفيهِ أنَّ أصلَهَا لَوْ كَانَ شَيَّاءَ بالتَّشْديدِ لَكَانَ استِعْمالُهُ شَائِعًا كبيِّنٍ وإنَّ حَذْفَ الهمْزةِ فِي مِثْلِهَا لا يؤدِّي قِياسٌ عَليْهِ وإنَّ تَصْغِيرَ أشْياءَ أُشَيْئاءُ لا شُئَيْآت كفُعَيلاتٍ، وهَذا قِياسُ جَمْعِ القِلَّةِ واسْمِ الجَمْعِ، وقِياسُ جَمْعِ الكَثْرةِ أَنْ يُردَّ عنْدَ التَّصغِيرِ إِلَى المُفرَدِ ويُصغَّرُ ويُجْمعُ
ص: 119
جمْعَ السَّلامَةِ وأنَّ جمْعَهَا أَشَاوَى و أفْعِلاءُ أيْضًا كأَفْعالٍ لا يُجْمعُ عَلَى أَفَاعِلَ بِخِلافِ فَعْلاءَ نَحْوِ: صَحْراءَ وصَحَارَى)(1).
أَقُولُ:إِنَّ الخِلافَ القَائِمَ فِي هذِهِ اللفْظَةِ سَببُهُ أُمورٌ، مِنْهَا: الوَاقِعُ اللغَويُّ لِهَذهِ اللفْظَةِ؛ إِذْ هِيَ عَلَى أَلسِنَةِ العَرَبِ غَيْرُ مَصْروفَةٍ(2)،
واللغَةُ العَربيَّةُ تَكْرَهُ تَوالِي الأَمْثالِ(3)،والتَّعامُلُ
اللغَويُّ لِلسَانِ العَربيِّ يَسِيرُ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مَعَ استِعْمالِ مِعْيارِ الخِفَّةِ، فَأَصْلُهُ: شَيْئَاءُ استثقلت الهمزتان فقلبت الأولى الى أول الكلمة(4).
وفِيمَا يَأْتِي الخِلافُ بَيْنَ أَسَاطِينِ العِلْمِ ونَبْدأُ مِنَ البَصْرةِ بِقَولِ الخَلِيلِ وسِيبوَيه ومَنْ تَبِعَهُمْ، قَالَ الخَلِيلُ:(الشَّيءُ وَاحِدُ الأَشْياءِ، وَالْعَرَبُ لا تَصْرِفُ أَشْياءَ، وينْبَغِي أَنْ يكُونَ مَصْرُوفًا؛ لأَنَّهُ عَلَى حَدِّ فَيءٍ وأَفْياءَ.....إِنَّمَا كَانَ أَصْلُ بِنَاءِ شَيْءٍ: شَيِّئ بِوَزْنِ فَيعِل، ولكنَّهُمُ اجتَمَعُوا قَاطِبَةً عَلَى التَّخْفِيفِ كَمَا اجتَمَعُوا عَلَى تَخْفِيفِ مَيَّتٍ، وَكَمَا خَفَّفُوا السَّيِّئَةِ....فَلَمَّا كَانَ الشَّيءُ مُخفَّفًا وهُوَ
ص: 120
اسْمُ الآدَمِيينَ وغَيرِهِمْ مِنَ الخَلْقِ جُمِعَ عَلَى فَعْلاءَ فَخُفِّفَ جَمَاعتُهُ كَمَا خُفِّفَ وَحداتُهُ، ولَمْ يقُولُوا: أَشْيِئَاءُ ولكنْ أَشْيَاءُ، والمَدَّةُ الآخِرةُ زِيَادةٌ كَمَا زِيدَتْ فِي أَفْعِلاءَ.......وَقَالَ قَومٌ فِي أَشْياءَ: إِنَّ العَرَبَ لَمَّا اختَلَفتْ فِي جَمْعِ الشَّيءِ، فَقَالَ بعضُهمْ: أَشْيِئَاءُ، وقَالَ بعضُهمْ: أَشَاوَاتُ، وقَالَ بعضُهمْ: أَشَاوَى، ولمَّا لَمْ يَجِيءْ عَلَى طَرِيقَةِ فَيءٍ وأَفْياءَ ونحْوِهِ، وَجَاءَ مُختلِفًا عُلِمَ أنَّهُ قُلِبَ عَلَى حَدِّهِ....وَقَالَ الخَلِيلُ: أَشْياءُ اسمٌ للجَمِيعِ كأَنَّ أَصلَ فَعْلاءَ شَيئَاءُ، فاستًثقِلَتِ الهَمْزتَانِ فَقُلِبتِ الهَمْزةُ الأُولَى إِلَى أَوَّلِ الكَلِمَةِ فَجُعِلتْ لَفْعاءَ كَمَا قَلَبُوا أَنْوُق، فَقَالُوا : أَينَق...)(1).
وَهَذا هُوَ قَوْلُ جَمِيعِ البَصرِيينَ إِلاَّ الزَّيَّادِي(ت257ﻫ) وأَبَا حَاتِمٍ السَّجِستانيِّ(ت 255 ﻫ)(2).
ص: 121
وَالمُتأَمِّلُ يَرَى أَصْلَها عِنْدَهُمْ: شَيْئَاءَ بِزِنَةِ فَعْلاءَ، فَحَصلَ قَلْبٌ مَكَانيٌّ بأَنْ قُدِّمَتِ اللامُ قَبْلَ الفَاءِ؛ فاستَثْقلُوا اجتِمَاعَ هَمْزتَينِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ قَوِيٌّ فَقُدِّمَتِ الهَمْزةُ(1).
أَمَّا الكُوفِيونَ فَقدْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ أَشْياءَ وَزْنُهُ أَفْعَاءُ، والأَصْلُ أَفْعِلاءُ(2)؛
فَأَصْلُ شَيْءٍ شيِّءٌ.
وذَهَبَ الكِسَائِيُّ إِلَى أَنَّ (أَشْيَاءَ) أَفْعَالٌ بِمَنْزِلَةِ(أَبْياتٍ)(3)،
وذَهَبَ مَعَهُ إِلَى هَذَا الرَّأْيِ أَبُو عُبَيدٍ القَاسِمُ بْنُ سَلاَّمٍ(4)،
وأَبُو حاتِمٍ السَّجِستَانيُّ(5).
وَالفَرَّاءُ إِلَى أَنَّهَا(أَفْعِلاءُ)؛ لأَنَّ (أَصْلَ شَيءٍ عَلَى مِثَالِ شَيِّعٍ، ثُمَّ جُمِعَ عَلَى أَفْعِلاءَ، مِثْل لَيِّنٍ وأَلْيِنَاءَ)(6)، فَهِيَ أَفْعاءُ أَصْلُهَا أَفْعِلاءُ(7)،
مَحْذُوفَةُ الْلامِ(8)،
وهَذا غَيْرُ وَارِدٍ أي:(شَيِّء) بالتَّشْدِيدِ لا فِي النَّثْرِ وَلا فِي الشِّعْرِ(9).
ص: 122
والذِي أَرَاهُ أنَّ قَوْلَ الكِسَائِيِّ أَرْجحُ الآرَاءِ؛ لأَنَّهُ أَخْذٌ بِظَاهِرِ الأَمْرِ، وبَعِيدٌ عَنِ التَّكلُّفِ المُحتَمَلِ مِنْ حَذْفٍ وقَلْبٍ وفَرَضِيَّاتٍ(1).
2-أَوَّلٌ: قَالَ الفَسَائِيُّ:((وَأَوَّلُ أَفْعَلَ) لا (فَوْعَلَ) كمَا قالَهُ الكُوفيُّونَ(2) معَ غَلَبةِ زِيادَةِ الواوِ الثَّانيةِ فِي الكَلِمةِ بعْدَ الهمْزةِ؛ (لِمَجِيءِ الأُوْلَى) فِي الواحِدَةِ (وَالأُوَلِ) في جمعِهَا كمَا هوَ شأْنُ (أَفْعَلَ) التَّفضيلِ لا أوَّلةً وأَوائِلَ كمَا هوَ مقتضَى (فَوْعَل) نحوُ: جَوْهَرٍ، وجَوَاهِرَ، ثُمَّ اخْتلفُوا فِي أصْلِهِ:
ص: 123
(وَالصَّحِيْحُ إنّهُ مِنْ وَوَلَ) بِمعنَى سَبَقَ فأُدغِمتِ الواوُ فِي الواوِ بعْدَ زِيادَةِ الهمْزَةِ،(لاَ مِنْ وَأَلَ) بِمعنَى تَبَادَرَ ولا مِنْ آلَ بمعنَى رَجَعَ؛ فيلزمُ الشُّذوذُ وهو قلبُ الهمزةِ واوًا)(1).
كَانَ لِطَبِيعَةِ الاشتِقَاقِ أَوْ عَدَمِهِ الأَثَرُ البَالِغُ فِي الخِلافِ الْذِي حَصَلَ فِي هَذَا اللَفْظِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَاهُ غَيْرَ مُشَتقٍّ(2)،
وهُمْ جُمْهورُ البَصْريينَ؛ لأنَّهُمْ يَرَونَ أَنَّ الفَاءَ والعَيْنَ لا يكُونَانِ وَاوَينِ أَوْ دَالَينِ(3)؛
لِقِلَّةِ بَابِ (دَدَنٍ).
إِلاَّ أَنَّ إِجْمَاعَ البَصْرِيينَ أَبْطَلَهُ الخُروجُ عَنْهُ، قَالَ الرَّضيُّ:((أما (أَوَّلُ)، فَمذْهَبُ البَصْريينَ أَنَّهُ (أَفْعَلُ) ثُمَّ اختلَفُوا عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوالٍ: جُمْهورُهُمْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَرْكِيبِ(وَوَلٍ) كَدَدَنٍ، وَلَمْ يُستَعْملْ هَذا التَّركِيبُ إِلاَّ فِي (أَوَّلٍ) ومُتصرِّفَاتِهِ، وَقَالَ بَعضُهُمْ: أَصْلُهُ:أَوْأَلٌ، مِنْ: وَأَلَ، أَيْ: نَجَا؛ لأَنَّ النَّجَاةَ فِي السَّبْقِ، وقِيلَ:
ص: 124
أَصْلُهُ أَأْوَلٌ مِن:آلَ، أَيْ: رَجَعَ؛ لأَنَّ كُلَّ شَيءٍ يَرْجِعُ إِلَى أَوَّلِهِ، فَهُوَ أَفْعَلُ بِمَعنَى المَفْعُولِ، كَأَشْهَرَ، وأَحْمَدَ، فَقُلِبَتْ فِي الْوَجْهَينِ: الهَمْزَةُ وَاوًا قَلْبًا شَاذًّا)(1).
ومِنْهُمْ مَنْ يَرَاهُ مُشتقًّا، وهُمْ جُمْهُورُ الكُوفِيينَ؛ فَهُو مِنْ (وَأَلَ) قُلِبَتِ الهَمْزةُ مَوْضِعَ الفَاءِ، أَوْ(أَأَلَ) كَمَا ذَكَرَ الزُّبَيديُّ(2).
قَالَ الرَّضِيُّ:(وَقَالَ الكُوفِيونَ: هُوَ فَوْعَلُ مِنْ: وَأَلَ، فَقُلِبَتِ الهَمْزَةُ إِلَى مَوْضِعِ الفَاءِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَوْعَلُ، مِنْ تَرْكِيبِ: وَوَلٍ، فَقُلِبتِ الوَاوُ الأُولَى هَمْزةً، وتَصْرِيفُهُ كَتَصْريفِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ)(3).
والمُصنِّفُ الفَسَائِيُّ يَذْهَبُ مَذْهِبَ البَصْريينَ فِي أَنَّ أَصْلَ(أَوَّلٍ) هُوَ الجَذْرُ(وَوَلٌ) بِمَعْنى سَبَقَ، فَأُدْغِمتِ الوَاوُ فِي الوَاوِ بَعْدَ زِيَادَةِ الهمْزَةِ، وقَدْ نَفَى الزِّنَةَ الثَّانِيةَ(وَأَلَ) - بِمَعْنَى تَبَادَرَ - وَ(أَأَلَ) - بِمَعْنَى رَجَعَ -؛ لأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ذلِكَ الشُّذُوذِ وهُوَ قَلْبُ الهَمْزَةِ واوًا(4)؛ لأَنَّ الشَّائِعَ هُوَ العَكْسُ، وهُوَ قَلْبُ الوَاوِ هَمْزَةً.
ص: 125
ثُمَّ يُعلِّلُ مُتبنَّاهُ بِمَجِيءِ الأُوْلَى فِي مُفْردِهِ، والأُوَلُ فِي جَمْعِهِ، ولا يُقَالُ أَوَّلَةٌ(1)،
قَالَ الرَّضِيُّ:(وأَمَّا قَوْلُهُمْ:أَوَّلَةٌ، وأَوَّلَتَانِ، فَمِنْ كَلامِ العَوَامِ ولَيْسَ بِصَحِيحٍ)(2).
وَهَكَذا يَقُومُ المُصنِّفُ فِي مَسائِلِهِ الخِلافِيَّةِ جمِيعًا بِعَرْضِ نُتَفٍ مِنْ أَقْوالِ الخَصْمَينِ، وكَذلِكَ نُتَفٌ مِنَ الأدلَّةِ التِي يتبنَّاهَا هُوَ مَا يَتَماشَى مَعَ المَذْهَبِ الذِي يَرَاهُ، وهُوَ المَذْهَبُ البَصريُّ(3).
تَوْطِئَةٌ:
ص: 126
يُعَدُّ الخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الفَراهِيديِّ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ أُصُولَ عِلْمِ الأَصْوَاتِ عِنْدَ العَرَبِ فِي مُقدِّمَةِ كِتَابِهِ(العَيْنِ) فَقَدْ بَيَّنَ فِي مُقدِّمَتِهِ آراءَهُ الصَّوْتيَّةَ مِنْ مَخَارِجَ وصِفَاتٍ للأَصْواتِ؛ بَلْ إَنَّ اسْمَ مُعْجَمِهِ يَحْمِلُ هَذهِ الصِّفَةَ؛ فَتَرتِيبُهُ عَلَى أَسَاسِ المَخْرَجِ مِنْ أَرْوَعِ الإِشَارَاتِ الصَّوتيَّةِ فهُوَ يَبْدأُ مِنْ أَقْصَى الحُروفِ مَخْرجًا مُنتَهِيًّا بأَقْربِهَا مَخْرجًا(1)، فَقَدْ كَانَ عَلَى أَسَاسِ رُؤيَةٍ صَوتيَّةٍ دَقِيقَةٍ.
وَجَاءَ مِنْ بَعْدِهِ أَنْبَهُ طلاَّبِهِ سيبويهِ؛ فَإِنَّهُ استَلْهَمَ أفْكَارَ أُستَاذِهِ وصَاغَهَا وطَوَّرَها بِشَكْلٍ يتَّسِمُ بالشُّمُولِ والدِّقَّةِ فِي تَحلِيلاتِهِ وتَقْسِيمَاتِهِ لِصِفَاتِ الأَصْواتِ، ولا سِيَمَا فِي (بَابِ الإِدْغَامِ)، فَقدْ تَنَاوَلَ هذِهِ الأَصْواتَ بِالوَصْفِ مِنْ حَيثُ المَخْرجِ، وطَرِيقَةِ النُّطْقِ، والْجَهْرِ، والهَمْسِ، والتَّفْخِيمِ، والتَّرقِيقِ، ناظِرًا إِلَى هذِهِ الدِّرَاسَةِ مِنْ وَجْهَينِ: الأَوَّلُ: سُلُوكُ الصَّوْتِ فِي السِّيَاقِ، وقَدْ تَناوَلَهُ فِي (بَابِ الإِدْغَامِ)، الثَّانِي: النَّظَرُ إِلَى الصَّوْتِ فِي حَالَةِ عُزلَةٍ عَنِ السِّيَاقِ.
ومِنْ بَعْدِ هذَينِ العَلَمينِ جَاءَ علَمٌ كَبيرٌ مِنْ أَعْلامِ الفِكْرِ اللغويِّ العَربيِّ، فَبعْدَ أنْ كَانَتِ الدِّرَاسَةُ الصوتيَّةُ مُجرَّدَ مُقدِّمَةٍ(2) أَوْ مَجْمُوعَةِ آرَاءٍ تُقَالُ فِي شُتَاتٍ مِنَ الكِتَابِ(3) جَعَلَ لَهَا كِتَابًا مُستقلاً أَلا وهُوَ(سِرُّ صِنَاعَةِ الإِعْرابِ) للعَالِمِ
ص: 127
الكَبيرِ ابْنِ جِنِّي، فَوَضعَ مَا يُشبِهُ نَظريَّةَ الصَّوتِ اللغويِّ عِنْدَ العَرَبِ؛ بِسَببِ الجُهْدِ الكَبِيرِ الذِي بَذَلَهُ فِي دِرَاسَةِ الجَانِبِ الصَّوتيِّ فَأضْفى لَوْنًا مِنَ الدِّقَّةِ، بيَّنَ أَنَّها دِرَاسَةٌ لُغويَّةٌ مُهمَّةٌ يَجِبُ عَلَى كُلِّ عَالِمٍ اتِّباعُهَا عِنْدَ دِرَاسَةِ اللغَةِ؛ إِذْ تكلَّمَ عَلَى الصَّوْتِ بِكَلماتٍ عِلميَّةٍ لَها مفْهُومُها المُحدَّدُ فَضْلاً عَنْ تَناولِهِ الأَصْواتَ العَربيَّةَ مِنْ مُعظَمِ جِهَاتِهَا، وائتِلافَها فِي تَرْكِيبِ الأَلْفاظِ.
أَمَّا عُلمَاءُ اللغَةِ المُتأخِّرُونَ فَلَمْ يخْرجُوا عَمَّا ذَكَرهُ المُتقدِّمُونَ فَكانَتْ دِرَاسَتُهمْ لِلأَصواتِ تَسِيرُ عَلَى طَرِيقِ الخَلِيلِ وسيبويهِ، ومَا ذَكَرهُ الفَسائِيُّ فِي القُيودِ الوَافِيَةِ دَلِيلٌ عَلَى مَا نَدَّعِي، قَالَ فِي بَابِ الإِدْغَامِ:((وَمَخَارِجُ الْحُرُوفِ سِتَّةَ عَشَرَ تَقْرِيْبًا، وإِلاَّ فَلِكُلٍّ مَخْرَجٌ) فِي الحَقيقَةِ؛ إذِ اخْتِلافُ الحُروفِ إنَّما هوَ بِاخْتِلافِ مَواضِعِ تكوُّنِهَا المُسمَّاةِ بالمَخَارِجِ لا بِمَا هُوَ بِمنْزِلَةِ المادَّةِ لهَا وهُوَ الصَّوتُ السَّاذِجُ؛ لأنَّهُ غيْرُ مخْتَلِفٍ ولا باخْتِلافِ الجَهْرِ والليْنِ ونحْوِهِمَا؛ لأَنَّ الحرْفَ الواحِدَ قدْ يُجْهرُ ويُخْفَى، (فَلِلْهَمْزَةِ وَالْهَاءِ وَالأَلِفِ أَقْصَى الْحَلْقِ) هَذا تَرتِيبُ سيبويهِ(1) منْ أَقْصَى الحَلْقِ مُتدرِّجًا إِلى أنْ ينْتَهِيَ إِلى مَا مخْرجُهُ الشَّفَةُ، وهُوَ صَرِيحٌ فِي أنَّ مخْرَجَ الهَاءِ أقْصَى مِنْ مَخْرجِ الألِفِ عنْدَهُ، وذَهَبَ
ص: 128
الأَخْفشُ(1) إِلى أنَّ مخْرَجَهُمَا واحِدٌ، وأَبُو حيَّان(2) إِلى أنَّ مخْرجَهُمَا واحِدٌ، (وَلِلْعَيْنِ وَالْحَاءِ وَسَطُهُ) وَسَطُ الحلْقِ والحَاءِ أَدْنَى إِلى الفَمِ)(3).
يُحْمَدُ لَهُ - كَحَالِ المُتأَخِّرِينَ مِنْ عُلَمَاءِ اللُغَةِ - أَمْرانِ: جَمْعُ الآرَاءِ ، وذِكْرُهِ الخِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ، فَمُهمَّتُهُ التَّرجِيحُ عَلَى الأَكْثَرِ.
وقَدِ اختَرْنَا مَسأَلَتينِ مِنْ المَسائِلِ التِي ذَكَرهَا المُصنِّفُ:
الأُولَى: فِي بَابِ مُشتَرَكٍ بَيْنَ الإِدْغَامِ والتِقَاءِ السَّاكِنَينِ، قَالَ الفَسائِيُّ:((وَدَأَبَّةٌ، وَشَأَبَّةٌ) بفتحِ الألفِ المُنقلبةِ إِلى الهمزةِ والباءِ المُشددةِ فِي دابَّةٍ وشابَّةٍ بتحريكِ الأوَّلِ بِحَركَةِ الثَّانِي فِي الجميعِ، وكذا (وَلاَ الضَّأَلِينَ)الفاتحة/7، بفتحِ الهمزةِ بعدَ الضَّادِ كمَا فِي قِراءَةِ أبِي أيُّوب؛ وذلكَ لكراهَتِهِمْ مطلقَ التقاءِ السَّاكنينِ (بِخِلاَفِ نَحْوِ: تَأْمُرُونِّي)(4) وتُمُودَّ مِمّا كانَ أوَّلُهُما واوًا، ودُوَيبّةِ، وخُوَيْصَّةِ ممّا كانَ ياءً فإنّهُ لا تقلِبُ الأوّلُ منَ السَّاكنينِ همزةً، ولا يصيرُ متحرِّكًا؛ لقلّةِ وقوعِهَا بالنِّسبةِ إِلَى الألِفِ)(5).
ص: 129
أَقُولُ: ثَمَّةَ مَقطَعٌ تَفِرُّ مِنْهُ العَربيَّةُ وهُو المَقطَعُ المَديدُ(ص ع ع ص)(1)، وهَذا المَقْطَعُ يتمثَّلُونَ لَهُ ب-( الضَّالِّينَ، تُمُودَّ ، مُدْهَامّتانِ)، فهوَ يوجَدُ فِي أَوَّلِ الكَلِمَةِ، وَوَسَطِهَا، وآخِرِهَا كَمَا فِي(ضَالِّينَ) و(مُدْهَامّتانِ) ، وهو منْبورٌ فِي الفُصحَى دائِمًا(2)، وتفرُّ مِنْهُ العَربيَّةُ إِلاّ إِذَا سَبَقَ الصَّوتَ الأَوَّلَ مِنَ المُدغَمِ صَوتُ مَدٍّ، وكَذَا عِنْدَ الوَقْفِ(3).
وسنفصِّلُ الأَمْرَ فِي قِرَاءَةِ أَبي أَيُّوبَ(وَلاَ الضَّأَلِينَ)الفاتحة/7، يقولُ ابنُ جِنِّي فِي المحتَسَبِ:( ...فالتَقَى سَاكِنَانِ، الألِفُ والْلامُ الأُولَى المُدغَمَةُ، فَزِيدَ فِي مدَّةِ الأَلِفِ واعتمُدتْ وطأَةُ المَدِّ فَكَانَ ذلِكَ نَحوًا مِنْ تَحرِيكِ الألِفِ؛ وذلِكَ أنَّ الحَرفَ يزِيدُ صَوتًا بحَركَاتِهِ، كَمَا يَزِيدُ صَوتُ الألِفِ بإِشْباعِ مَدَّتِهِ) (4).
ويؤكِّدُ ابنُ جِنِّي هَذا الأَمْرَ، وهُوَ(وَطْأةُ المَدِّ) فِي مَوضِعٍ آخَرَ مِنَ الخَصَائِصِ سمَّاهُ(فَضْلَ اعتِمَادٍ وإِبَانَةٍ)، قَالَ:(الألِفُ إِذَا أُشْبِعَ مدُّهَا صَارَ ذلِكَ كَالحَرَكَةِ فِيهَا نَحْوَ: شابَّةٍ، دابَّةٍ، وادهَامَّتْ والضَّالِّينَ...... وقَرأَ نافِعُ: مَحْيايْ،
ص: 130
ومماتي بسُكُونِ اليَاءِ مْنْ مَحْيايْ، واليَاءُ إِذَا وَقَعتْ بَعْدَ الأَلِفِ احتِيجَ إِلَى فَضْلِ اعتِمَادٍ وإِبَانَةٍ، فأُشبِهَتْ حِينئِذٍ الحَرْفَ المُدْغَمَ)(1).
تجْدُرُ الإِشَارَةُ أَنَّ هَذَا المَقْطَعَ وهُوَ المَدِيدُ(ص ع ع ص) لا يتَّسِعُ لَهُ الشِّعْرُ العَربيُّ ويتَّسِعُ لَهُ النَّثْرُ(2)،
وذلِكَ حِينَ يُقْفَلُ المَقْطَعُ بِالصَّحِيحِ نَفْسِهِ الذِي يفْتَحُ المَقْطَعَ التَّالِي، وفي الآتِي توْضِيحُ ذلِكَ فِي الكِتَابَةِ الصَّوتيَّةِِ(3):
ضَالِّينَ: ض -ً ل ل -ٍ ن -َ
أصلها: ضالِلين : ض -ً ل -ِ ل -ٍ ن -َ
ولِكَراهَةِ المقْطَعِ المَديدِ فِي العَربيَّةِ(4)،
يُتخلَّصُ مِنْهُ بِشَقِّهِ، وذلِكَ بإِقْحامِ الهَمْزَةِ(5) في المقطع فينتج عن ذلك مقطعان مفتوحان(6):
ض -ً ء ل -ٍ ن -َ
ص: 131
وهَذا الهَمْزُ يُسمَّى بِ-(همْزِ التَّوتُّرِ) أَوِ الهَمْزِ الشَّاذِّ، كَمَا فِي قِرَاءَةِ أَبِي أَيُّوبِ السَّختَيانِيِّ(1).
الثَّانيَةُ: بَابُ الإِعْلالِ بِالقَلْبِ،إِعْلالُ الفَاءِ، قَالَ الفَسائِيُّ:((الْفَاءُ) أيْ: فَاءُ الكلِمةِ إنْ كانَتْ حرفَ علَّةٍ حُكمُهَا إنَّهُ (تُقْلَبُ الْوَاوُ هَمْزَةً) للتَّخْفِيفِ (لُزُومًا فِي نَحْوِ: أَوَاصِلَ) مُكسَّرُ واصِلٍ، أصلُهُ وَوَاصِلُ، (وَأُوَيْصِلٍ) مُصغَّرِهِ، أصلُهُ وُوَيْصِلٌ(2)،(وَالأُوَلِ) جمْعُ أُولَى، مُؤنّثُ أوّلٍ، أصْلُهُ (وَوَلٌ) أي: فيْمَا اجتَمَعَتْ فيهِ الواوانِ(3)، ولمْ يكُنْ قبلَهُما حرفٌ زائِدٌ، لكنْ لا (إِذَا تَحَرَّكَتِ) الأُولَى فقَطْ بلِ (الثَّانِيَةُ) أيضًا (بِخِلافِ) مَا إِذا لمْ تتحرَّكِ الثَّانيةُ نحوُ:(وُوْرِيَ) مجهولُ وَارَى الشَّيءَ إذا استترَهُ؛ فإنَّ قلْبَها غيْرُ لازِمٍ لحُصولِ بعْضِ الخِفَّةِ باعْتبارِ سُكونِ الثَّانِيةِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلامِ الفارِسيِّ حيثُ قالَ: وإنْ كانتِ الثَّانيةُ غيْرَ لازِمةٍ لِمَا يلْزَمُ إِبْدالُ الأولَى منْها همزَةً كمَا فِي (وُوْرِيَ) إنَّهُ ذَهَبَ إِلى لُزومِ الإِبدالِ إنْ كانَتِ الثَّانيةُ لازِمةً، أي: أصليَّةٌ غيْرُ مُنقلِبةٍ عنْ شَيْءٍ سَواءٌ كانَتِ الثَّانيةُ
ص: 132
مُتحرِّكةً أمْ لا(1)(وَجَوَازًا
فِي) المضْمومةِ الواقِعَةِ فاءً (نَحْوُ أُجُوْهٍ، وَأُوْرِيَ)أي: إنْ لمْ تجْتمعِ الواوانِ أوِ اجْتمَعَتْ، ولمْ تتحرَّكِ الثَّانيةُ، وأَصلُ أُجُوهٍ وُجُوهٌ، وأُوْرِيَ وُوْرِيَ)(2).
وفِيهَا قَلب الوَاوَينِ إِذَا كَانَا فِي أَوَّلِ الكَلامِ، مِثْلُ( ووَاصِل، و وورِيَ، ووْلَى)، فَعِنْدَ القُدَماءِ تُقلَبُ الوَاوُ الأُولَى هَمْزةً - لُزومًا- عَلَى شَرْطِ تَحرُّكِ الثَّانِيةِ، إِلاّ َأنَّهُ ذَكَرُوا جَوازَ القَلْبِ فِي( وورِيَ)(3)،
لأَنَّ الوَاوَ الثَّانِيَةَ مِدَّةٌ مُنقَلِبةٌ عَنْ حَرفٍ زَائدٍ؛ لِكَونِهَا عَارِضَةً مِنْ جِهَتَينِ: الأُولَى جِهَةُ الزِّيَادَةِ، والثَّانِيَةُ: مِنْ جِهَةِ انقِلابِهَا عَنِ الألِفِ؛ ولِكَونِ المَدِّ مُخفِّفًا لِبَعضِ الثِّقَلِ(4)،
ويكُونُ التَّفْصِيلِ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:
أ- وَوَاصِل: وَيشْتَرطُ: لَيْستْ ثَانِيهمَا مَدَّةً غَيْرَ أَصلِيَّةٍ، وَكانَتْ مُتحرِّكَةً يَكُونُ عَلَى أَوَاصِلَ بِقَلْبِ الوَاوِ الأُولَى هَمْزةً.
ص: 133
وهُوَ هُنا يبْدأُ بِالحَركَةِ؛ وهُو مَا لَمْ يجْرِ عَلَيهِ اللِسَانُ العَربيُّ(1)،
ولأَجلِ تَفَادِي هَذا النَّوعَ مِنَ الكَلِماتِ يُنبَرُ المَقطَعُ الأَوَّلُ بأَنْ يُقلَبَ همْزةً، وفيما يأتي الكتابة الصوتية لِيبِينَ لَكَ الأَمْرُ:
وَوَاصِل --- أَوَاصِل
و-َو-ًص-ِل ---- ء-َو-ًص-ِل
حَصَلَ القَلْبُ هُنا؛ لِصُعُوبَةِ البَدْءِ بِحَركَةٍ مُزدَوِجَةٍ(2)، وهُوَ الأَمْرُ الذِي تَتَجنَّبَهُ العَربيَّةُ؛ فَيؤْتَى بالهَمْزةِ لتَصحِيحِ بِدَايَةِ المَقْطَعِ(حتى يصير عربيا سليما، وأمارة على أن النبر في اللغة قد يتخذ صورة الضغطة الحنجرية)(3).
ب - وُوْرِيَ: عنْدَما تَكُونُ الوَاوُ الثَّانيَةُ لَيسَتْ بأَصليِّةٍ؛ لأنَّ الوَاوَ الثَّانِيةَ مَدَّةٌ منقَلِبةٌ عَنْ حَرْفٍ زَائِدٍ؛ عَارِضَةٌ، فَالأَصْلُ:
وَارَى ---- وُوْرِيَ (عَلَى البِنَاءِ لِلمَجْهولِ)
وبِناؤُهَا المَقْطعيُّ:
و-ًر-ً ----- و-ُر-ِي-َ
ص: 134
الْوَاوُ الثَّانِيةُ هيَ حَرَكَةٌ مِنْ جِنْسِ الأُولَى(ضمَّةٌ طَويلَةٌ) وهِي حَرَكةُ البِنَاءِ للمفْعُولِ، وقَدْ تحمَّلَتِ العَربيَّةُ هَذَا البِنَاءَ؛ لِعُروضِهِ فَ-(هذِهِ الكَلِمَةُ لَمْ تبْدأْ بِواوَينِ بَلْ بِوَاوٍ واحِدَةٍ متلوَّةً بضمَّةٍ طَويلَةٍ، هِيَ ضَمَّةُ البِنَاءِ للمَفْعُولِ)(1).
ج - وُوْلَى: وَهُنا تَكُونُ الوَاوُ الثَّانِيةُ أصليَّةً، ولا فَرْقَ بَيْنَ(وُوْرِيَ، و وُوْلَى) وهَذَا النَّوعُ مِنَ الكَلِماتِ لَمْ يجتمع فِيهِ واوانِ بَلْ هِيَ وَاوٌ وحركتُها، إِلاَّ أَنَّ فِي(وُوْلَى) جَاءَ التَّعْويضُ عَنِ العَينِ السَّاقِطَةِ(2)،
وفِي الآتِي البِنَاءُ المَقْطعَيُّ:
وُوْلى ---- أُوْلى
و-ُول-ً ---- و-ُ-ُ ل-ً ---- ء -ُل-ً
كَمَا يَراهَا الدَّكتُورُ عَبْدُ الصَّبُورِ شَاهِينَ(3):
Wuwlaa------ wuulaa------- uulaaُ
لِهَذا هُمِزَ المَقْطعُ الأوَّلُ للتَّخلُّصِ مِنَ التَّجَانُسِ الثَّقِيلِ الذِي توهَّمَهُ الصَّرفيُّونَ واوَينِ؛ بِسَببِ خلْطِهِمْ بيْنَ الرَّمْزِ الكِتَابيِّ ومدلُولِهِ الصَّوتيِّ(4).
ص: 135
ويَرَى (مَاريُوبَاي) أنَّ اجتِمَاعَ صوتي علَّةٍ مِنْ غَيْرِ توسُّطِ سَاكِنٍ يُسبِّبُ صُعَوبَةً للمتكلِّمِ؛ لِذَا مِنَ السَّهْلِ علَيْهِ أنْ يحوِّلَ العِلَّةَ الأُولَى إِلَى صَوتٍ انحِدَاريٍّ(1).
ص: 136
يقُولُونَ إِنَّ الأَعْمَالَ بِالخَواتِيمِ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ قَدْ وُفِّقْتُ لإِكْمَالِ هَذَا العَمَلِ المُضنِي، وأَنْ يَكُونَ الخِتَاُم مِسْكًا لا سِيَمَا وهُوَ فِي أَصْعَبِ عُلُومِ العَربيَّةِ، وأدقِّهَا وهو(عِلْمُ التَّصْرِيفِ)، وفِي الآتِي عَرْضٌ لأَهَمِّ نَتَائِجِ البَحْثِ:
1- تَحدَّثَتِ الدِّرَاسَةُ عَنْ حَيَاةِ العَلاَّمَةِ الفَسَائِيِّ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ قِلَّةِ المَصَادِرِ التِي ذَكَرتْهُ، وفِيهَا: أَنَّهُ صِهْرُ العَلاَّمَةِ المَجْلِسيِّ الأَوَّلِ(مُحمَّدِ تَقِي) والِدِ العَلامَةِ المَجْلِسيِّ (صَاحِبِ البِحَارِ)، وَعنْدَ اللِقَاءِ بالعَلاَّمَةِ الكَبِيرِ(بَاقِرِ شَريفٍ القُرَشيِّ) فِي مَكْتَبةِ الإِمَامِ الحَسَنِ(عَلَيهِ السَّلامُ) فِي النَّجَفِ الأَشْرفِ أَكَّدَ هَذَا الأَمْرَ، وقَالَ:(لَمْ تُترْجِمْ لَهُ الكُتُبُ؛ لِكَونِهِ لَمْ يُعْقِبْ).
2- وَأَيْضًا ذَكَرتِ الدِّرَاسَةُ السَّبَبَ الثَّانِي لِقِلَّةِ المَصَادِرِ المُتَرجِمَةِ للمُصنِّفِ، وهُوَ اهتِمَامُهُ بِالعُلُومِ اللغَويَّةِ التِي تُعدُّ مِنْ مُقدِّمَاتِ العُلُومِ الدِّينيَّةِ فِي الحَوزَاتِ العِلْميَّةِ.
ص: 137
3- بَيَّنَتِ الدِّرَاسَةُ النِّسَبَ والالقابَ التِي اشتَهَرَ بِهَا المُصنِّفُ، وهِيَ:(الفَسَويُّ، وَالفَسَائِيُّ، وَ الْمِيرْزَا، وَكَمَالُ الدِّينِ، وَمُعِينُ الدِّينِ)، والأَصْلَ اللغَويَّ لِهَذِهِ الأَلفَاظِ.
4- ذَكَرْنَا شُيوخَهَ، وهُمُ المَشَايِخُ الذِينَ تَأثَّرَ بِهِمْ وانْعَكَستْ كِتَابَاتُهُ بِسَبَبٍ مِنْهُمْ، وتَلامِيذَهُ الذِينَ تَأثَّرُوا بِهِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ سَارَ عَلَى سَمْتِهِ، وآخَرَ تَحَرَّفَ الفِقْهَ والأُصَولَ.
5- وَكَانَ لا بُدَّ منْ ذكر منْ تَتَبَّعَ ذِكْرَهُ وقَرَأَ كِتَابَاتِهِ، وكَانَتْ أَقْوالُ العُلَماءِ فِيهِ؛ لِتَعْكِسَ جَانِبًا مِنَ الجَوَانِبِ المَخْفِيَّةِ فِي شَخْصيَّتِهِ.
6- وَمِنْ آثَارِهِمْ تَعْرفُهُمْ، وَضَّحَتِ الدِّرَاسَةُ الآثَارَ التِي ذَكَرتْهَا المَصَادِرُ مَنْسوبَةً إِلَى المُصنِّفِ، وهيَ تِسعَةُ مُؤلَّفَاتٍ، وَقَدْ غَلَبَ علَيْهَا الطَّابِعُ الأَدبيُّ - اللُغَويُّ.
7- أَمَّا مَذْهَبُهُ اللغَويُّ فَكَانَ بَصريًّا، فَقدْ أَظْهَرتِ الدِّرَاسَةُ أَنَّهُ كَاَن شَديدَ المَيْلِ إِلَى المَذْهَبِ البَصريِّ كَثَيرَ الاستِنَادِ إِلَيهِ، والاحتِجَاجَ بأَقْوالِ أَعْلامِهِ، ولا سِيَمَا سيبويهِ الذِي فَاقَ غَيْرَهُ فِي الذِّكْرِ، وقَدْ نَجِدُهُ يأْخُذُ بِبَعضٍ مِنْ أَقْوالِ الكُوفِيينَ عنْدَمَا تتضِحُ لهُ الحُجَّةُ، ويقُومُ البُرهَانُ.
ص: 138
8- تَنَاوَلَتِ الدِّرَاسَةُ مَنهَجَ العَلاَّمةِ الفَسائِيِّ وطَريقَتَهُ فِي الشَّرحِ، وكانَتْ طَريقَةُ( الشَّرحِ المَزجِيِّ)، وهِيَ الطَّريقَةُ التِي كاَنَتْ متَّبعةً عنْدَ المتأخِّرينَ مِنْ عُلَماءِ اللُغَةِ، ثُمَّ تَلا ذلِكَ وصْفٌ عَامٌّ للكِتَابِ.
9- وَقَدْ ذَهَبْنَا إِلَى مَوَارِدَ القُيُودِ الوَافِيةِ، فَكَانَتْ(أَعْلامًا وكُتُبًا)، وهُمَا مِنْ مَصَادِر العُلَماءِ البَعِيدينَ عَنْ عَصْرِ المُشَافَهَةِ والسَّمَاعِ.
10- وَقَدْ تَنَاوَلْتُ أُصُولَ النَّحْوِ فِي القُيُودِ الوَافِيَةِ مِنْ قِيَاسٍ وسَمَاعٍ، وتَعْلِيلاتِهِ التِي ذَكَرَهَا فِي شَرْحِهِ، والتِي تَعْكِسُ مَدَى تَأَثُّرِهِ بالمَنْطِقِ الطَّبِيعِيِّ لا الصُّورِيِّ الذِي هُوَ أَقْرَبُ إِلَى مَنْطِقِ اللُغَةِ.
11- وَوَضَّحْنَا مَصَادِرَ الاستِشْهَادِ فِي شَرْحِ القُيُودِ، فَكَانَت:(القُرْآنَ الكَرِيمَ، والقِرَاءَاتِ القُرْآنيِّةَ، وَالحَدَيثَ النَّبَويَّ، وَالأَشْعَارَ، واللُغَاتِ أَوِ اللَهَجَاتِ، وَالأَمْثَالَ وَكَلامَ الفُصَحَاءِ).
12- وَعِنْدَمَا يُرِيدُ الفَسَائِيُّ أَنْ يَتَمثَّلَ لا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَلْفاظٍ مُستعْمَلَةٍ عِنْدَ العَرَبِ، وهَذهِ الأَلْفَاظُ تَحْتاجُ إِلَى ضَبْطٍ، فَكَانَت طَرِيقَتانِ: طَرِيقَةُ الوِزَانِ، وَوَصْفُ الكَلِمَةِ بِحَرَكَاتِهَا، وهُمَا طَرِيقَتانِ مِثَالِيَّتانِ لِضَبْطِ الكَلِمَةِ فِي المُعْجَمَاتِ العَربيَّةِ.
ص: 139
13- وَلِكَي تَتِمَّ الدِّرَاسَةُ النَّظَريَّةُ - التَّطْبيقيَّةُ، ألْحَقْتِ بِالدِّرَاسَةِ الخِلافَ الصَّرفِيَّ فِي القُيُودِ الوَافِيةِ.
14- قُمْنَا بِضَبْطِ المَتْنِ - نَظَرًا لِلفُروقِ بَيْنَ الشُّرِوحِ والمُتُونِ - عَلَى تَحْقِيقَينِ، الأَوَّلُ رَمَزْنَا لَهُ(عُثْمانَ)، وهُو لِمُحمَّدٍ حَسَن عُثْمان، والثَّانِي لِدَرويشٍ الجُويْدِي، وَقَدْ رَمَزْنَا لَهُ(دَرْويشَ).
15- لَمْ يَسْلَمْ شَرْحُ القُيُودِ مِنْ بَعْضِ الأَخْطَاءِ التِي أَشَرْنَا إِلَى بَعْضِهَا فِي هَامِشِ التَّحْقِيقِ ك-(الغَيْرِ المَمْنونِ)والتَّعْلِيلِ ب-(حَيْثُ الظرفيّة) مِثْلِ( حَيْثُ جَاءَتْ) والصَّوَابُ(إِذْ جَاءَتْ)، وَكَذا عَدَمُ المُطَابَقَةِ لا سِيَمَا فِي التَّذْكِيرِ والتَّأْنِيثِ.
16- تَنَاوَلَ الفَسَائِيُّ الأَلْفَاظَ العَربِيَّةَ فِي تَمْثِيلاتِهِ، لكنَّهُ فِي أحْيانٍ يَتَمثَّلُ بِبَعْضِ الأَلْفَاظِ الفَارسيَّةِ ك-(يالْ اسْبْ) و( آذردرخت) ويفسِّرُهَا بالنَّظِيرِ العَربيِّ.
17- رَجَعَ العَلاَّمَةُ الفَسَائِيُّ إِلَى مَصَادِرَ الفَريقَينِ(بَصريينَ وكُوفيينَ)، واستَنَدَ إِلَى بَعْضِ المَصَادِرَ المَخْطُوطةِ ك-(الشَرْحِ المَنْسُوبِ للمصنِّفِ).
ص: 140
18- وَأَخِيرًا فَهَذا الشَّرحُ هُوَ الثَّانِي مِنْ شُرُوحِ العَلاَّمَةِ الفَسَائِيِّ للشَّافِيَةِ، فهُوَ لَيْسَ كبِيرًا كَكِبَرِ شَرْحِ الرَّضِيِّ الاسترباذِي، ولا صَغِيرًا صِغَرَ شَرْحِ النَّظَّامِ النَّيْسابوريِّ.
وَالحَمْدُ للهِ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ يُحْيِي ويُمِيتُ، ويُمِيتُ ويُحْيِي، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٍ.
كان تحقيق النّص في هذا المخطوط وفقا للخطوات الآتية:
أ - اخترت نسخة مكتبة الحكيم العامة أصلا من بين نسختي التحقيق لأَسْبابٍ بُيَّنَت فِي وَصْفِ المَخْطُوطَاتِ.
ص: 141
ب - قَابَلْتُ بَيْنَ النُسْخَتَينِ(الأَصْلِ) والنُسْخَةِ(م)، وأَتممتُ النَّقْصَ، أَوْ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ سَقَطٍ فَأَصْلَحتَهُ، وَمَيزتُهُ بَأَنْ جَعَلْتهُ بَيْنَ عَاضِدَتَينِ [ ]، وأَشَرتُ فِي هَوَامِشِ التَّحْقِيقِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيهِ فِي الأَصْلِ.
ج - نَبَّهْتُ عَلَى مَا فِي النُّسخَةِ الأُخْرَى مِنَ اخْتِلافَاتٍ بَيْنَها وبَيْنَ الأَصْلِ، زِيَادَةٍ كانت، أَوْ نَقْصٍ، أَوْ تَحْرِيفٍ، أَوْ تَصْحِيفٍ، أَوْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ، وَأَثْبَتُّ ذَلِكَ فِي هَوَامِشِ التَّحْقِيقِ.
د - قُمْتُ بِتَحْقِيقِ المَتْنِ -مَتْنَ الشَّافِيَةِ- عَلَى تَحْقِيقَينِ، الأَوَّلُ: لِمُحمَّد حَسَن عُثْمَان، والثَّانِي لِدَرْويشِ الجُويدِي.
ه- - خَرَّجْتُ الآيَاتِ القُرآنِيَّةِ مِنَ المُصحَفِ الشَّرِيفِ، وذَكَرتُ اسْمَ السُّورَةِ، ورَقْمَهَا، ورَقْمَ الآيَةِ.
و- وَثَّقْتُ القِراءاتِ القُرآنِيَّةَ مِنْ كُتبِ القِراءَاتِ، وبَعْضِ كُتُبِ عُلُومِ القُرآنِ والتَّفَاسِيرِ.
ز- رَجَعْتُ إِلَى كُتُبِ الحَدِيثِ كالصِّحَاحِ، وكُتُبِ السُّنَنِ؛ لِتَوثِيقِ الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ.
ح - اعتَمَدتُ فِي تخْرِيجِ الأَشْعَارِ، والأَرْجَازِ عَلَى دَواوِين الشُّعَراءِ ومَجَامِيعِهِم الشِّعْريَّةِ أَوْ عَلَى كُتُبِ الأَدَبِ والنَّحْوِ والشَّوَاهِدِ وكُتُبِ التُّراثِ
ص: 142
الأُخْرَى، ونَسَبْتُ مَا لَمْ يَنْسِبْهُ الشَّارِحُ مِنَ الأَبْيَاتِ إِلَى أَصْحَابِهَا مَا استَطَعْتُ إِلى ذلِكَ سَبِيلاً، وأَشَرْتُ إِلَى مَا لَمْ يُعْرَفْ قَائِلُهُ مِنْهَا، وذَكَرتُ الرِّوَاياتِ المُختِلَفَةَ التِي وَرَدتْ فِي هذِهِ الأَبْياتِ فِي هَامِشِ التَّحْقِيقِ.
ط - خَرَّجْتُ الأَمْثَالَ مِنْ كُتُبِ الأَمْثَالِ، كَمَا خَرَّجْتُ أَقْوالَ العَرَبِ مِنْ مَظانِّهَا ككُتُبِ النَّحْوِ وغيْرِهَا مِنْ كُتُبِ التُّرَاثِ ومَصَادِرِهِ.
ي - حَصَرْتُ النُّصُوصَ المَنْقُولَةَ عَنِ الكُتُبِ التِي اعْتَمَدَها الشَّارِحُ مَصَادِرَ لشَرْحِهِ سَوَاءٌ مَا صَرَّحَ هُوَ بالنَّقْلِ عَنْهَا أَوْ مَا أَغْفَلَ ذِكْرَهَا، وتَوصَّلَ البَحْثُ إِلَى مَعْرِفَتِهَا، وقَدْ أَشَرتُ إِلَى تلْكَ الكُتُبِ ومَواضِعَ النَّقْلِ عنْهَا فِي هَوامِشِ التَّحْقِيقِ.
ك - وَثَّقْتُ أَقْوالَ النَّحويينَ واللُغَويينَ وغَيرَهُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَى كتُبِهِمْ عَلَى قَدْرِ المُستَطَاعِ وإِلاّ فَبِالرُّجُوعِ إِلَى الكُتُبِ التِي نَقَلتْ عَنْهُمْ .
ل - رَاجَعْتُ المُعْجَماتِ اللغَويَّةَ ولا سِيَما(الصِّحَاحُ) وَ(القَامِوسُ المُحِيطُ) الذينِ اعتمدَهُما الشَّارِحُ كثِيرًا فِي إِيرَادِ المُفْردَاتِ اللغَويَّةِ ومَعَانِيهَا للتَّأكُّدِ مِمَّا أَوْرَدَهُ مِنْهَا وضَبْطِ شكْلِهَا.
ص: 143
ص - وَضَّحْتُ مَعَانِيَ الأَلْفَاظِ الصَّعْبةِ والغَرِيبَةِ التِي بَدَا أَنَّ فِيهَا حَاجَةً إِلَى إِيْضَاحٍ، وذلِكَ بِالرُّجُوعِ إِلَى المُعْجَماتِ اللغَويَّةِ كالعَيْنِ، والصِّحَاحِ، ولِسَانِ العَرَبِ وغَيرِهَا، وكَذَا الأَلْفَاظُ الأَعْجَميَّةِ.
ع - تَرْجمْتُ لِلأَعْلامِ مِنَ النُّحَاةِ واللُغَويينَ والقُرَّاءِ الذِينَ وَرَدَ ذِكرُهُمْ فِي الكِتَابِ، بالرُّجُوعِ إِلَى كُتُبِ التَّرَاجِمِ والطَّبَقَاتِ.
ف - عَرَّفْتُ بِالأَمَاكِنِ والمَوَاضِعِ والمُدُنِ التِي أَوْرَدَها الشَّارِحُ فِي كِتَابِهِ، بِالرُّجُوعِ إِلَى الكُتُبِ المُصنَّفَةِ فِي هَذَا المَجَالِ كمُعْجَمِ مَا استُعْجِمَ، ومُعْجَمِ البُلْدانِ، ومَرَاصِدَ الإِطْلاعِ وغَيرِهَا.
س - الإِشَارَةُ إِلَى نِهَايَةِ الصحيفة فِي المَخْطُوطِ بالرَّمْزِ / .
ق - قُمْتُ بِتَحرِيكِ النَّصِّ المُحقَّقِ كُلِّهِ.
ر - وَضَعْتُ للنَّصِّ المُحقَّقِ فَهَارِسَ عِلْميَّةً؛ لِيسْهُلَ الرُّجُوعُ إِلَيهَا، وتتَضمَّنَ فٍهْرِسًا لِلآيَاتِ القُرآنيَّةِ، والقِراءَاتِ القُرآنيَّةِ والأَحَادِيثِ النَّبويَّةِ، وأَقْوالِ الفُصَحاءِ مْنَ العَرَبِ، والأَشْعَارِ، والأَعْلامِ، وأَسْماءِ الكُتُبِ الوَارِدَةِ فِي المَخْطُوطِ.
ش - حَلَلْتُ رُمُوزَ مُختَصَراتِ المُصنِّفِ، وَوَضَعْناهَا مَقْرُوءَةً مِنْ دُونِ اختِصَارٍ، وَالمُخْتَصَراتُ هيَ:
ص: 144
ظ : ظاهر ، أوالظاهر
فظ: فظاهر
كك: كذلك
المص: المصنف
ح: حينها أو حينئذٍ
يق: يقال
الثا: الثاني
الش:الشيخ الرضي أو الشارح الرضي
رض: رضوان الله عليه
تع: تعالى
اه : انتهى
ص: 145
ص: 146
اعْتَمَدْتُ فِي تَحْقِيقِ شَرْحِ القُيُودِ الوَافِيَةِ للعَلاَّمةِ الفَسَائِيِّ عَلَى نُسْخَتَينِ خَطِّيتَينِ، كِلتاهُمَا بِخَطِّ المُؤلِّفِ:
الأُولَى: نُسْخَةُ مَكْتَبةِ آيَةِ اللهِ السَّيِّدِ مُحْسِنِ الحَكِيم، ورَقْمُهَا( 2183- ) وهِيَ النُّسْخةُ الأَقْدَمُ، كَمَا ذَكَرَهَا المُحْسِنُ آغَا بُزُركُ فِي الذَّرِيعَةِ، قَدْ كُتِبَ عَلَى حَوَاشِيهَا تَعْلِيقَاتٍ وتَوضِيحَاتٍ، ومَكتُوبٌ أَيْضًا( عَنْهُ مُدَّ ظِلُّهُ العَالِي) كَانَ الفَرَاغُ مِنْهَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي آخِرِ الشَّرْحِ سنة 1118ه- يقُولُ:(هَذَا آخِرُ مَا أَرَدْتُ إِيْرادَهُ عَلَى سَبِيلِ الاستِعْجالِ، وَوَقَعَ الفُرَاقُ مِنْهُ فِي مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ الجُمْعَةِ ثَالِثَ وَعَشَرَ مِنْ شَهْرِ جُمَادى الأُوْلَى سَنَةَ ثَمَانٍ عَشَرَ وَمَاءَةٍ وَأَلْفٍ فِي بَلْدَةِ أَحْمَدِ آبادَ فِي تِلْكَ الأَوْرَاقِ عَلَى يَدَيْ).
وَقَدْ وَقَعَ اختِيَارُنَا عَلَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ النُّسخَةُ هِيَ النُّسخَةَ الأَمَّ(الأَصْلَ)؛ لِكَونِهَا أَقْدَمَ مِنَ النُّسخَةِ الأُولَى، ولِكَونِ ألْفَاظِهَا أَوْضَحَ مِنَ النُّسخَةِ الثَّانِيَةِ، وخَالِيَةً مِنَ السَّقَطِ.
أَمَّا أَورَاقُهَا فَعَدَدُهَا(201 وَرَقَةً) كُتِبَتْ بِخَطٍّ فَارسيٍّ وَاضِحٍ، بِلا صَفْحَةِ عُنْوَانٍ، وتَحْتَوي علَى نِظَامِ التَّعْقِيبَةِ، وقِيَاسُها(5،13×19)، وعَدَدُ السُّطُورِ( 18 سَطرًا فِي الصحيفة الوَاحِدَةِ)، مِنَ القَطْعِ المُتَوسِّطِ ، وقَدْ
ص: 147
حَافَظَ عَلَى هذَا النَّمَطِ باستِثْنَاءِ الصحيفة الأُولَى، فَعَددُ أُسطُرِهَا(15 سَطْرًا).
الثَّانِيةُ: نُسْخَةُ مَكْتَبةِ آيَةِ اللهِ المَرعَشيِّ النَّجَفيِّ فِي مَدِينَةِ قُمْ – إِيْران بِالرَّقْمِ (4110- صَرف عربي)، وقَدْ رَمَزْنَا لَهَا بِالرمْزِ(م)، أَوْراقُها(176 ورقَةً) كُتِبتْ بِخَطٍّ فَارِسيٍّ وَاضِحٍ، وعَدَدُ أسْطُرِ الصَّحيفةِ الوَاحِدَةِ(17 سطْرًا) عَدَا الصحيفة الأُولَى فَعَددُهَا(10سطُورٍ)، وهوَ مِنَ القَطْعِ المُتوسِّطِ، ويُوجَدُ فِيهَا صَفَحَةُ عُنْوانٍ، وَتَحْتَوِي عَلَى نِظَامِ التَّعْقِيبَةِ، وثَمَّةَ اختِلافٌ بَيْنَ المُقدِّمَتيْنِ، وهُوَ زِيَادَةٌ مِنْ هذِهِ النُّسْخَةِ:(الشَّهِيرِ بِعَبْدِ البَاقِي حُوسِبَ حِسَابًا يَسِيرًا، وأُوتِيَ كِتَابَهُ فِي يَمِينِهِ، يَقُولُ: إِنِّي لَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الجُزْءِ الأَوَّلِ مِنَ القُيُودِ الوَافِيَةِ فِي شَرْحِ مُقدِّمَةِ ابْنِ الحَاجِبِ، أَرَدْتُ أَنْ أَشْرَعَ فِي الجُزْءِ الثَّانِي مِنْهَا فِي شَرْحِ مُقدِّمَتِهِ الْلاحِقَةِ بِهَا فِي عِلْمِ التَّصْرِيفِ، فَجَاءَ الحَمْدُ للهِ...).
مَلْحَظ:
الأَوَّلُ: تُوجَدُ نُسْخَةٌ فِي مَكْتَبَةِ آيَةِ اللهِ السَّيدِ مُحسِنِ الحَكِيمِ بِعُنْوانِ: القُيودُ الوَافِيةِ فِي شَرْحِ الشَّافِيةِ بالرَقْمِ(457 صَرف - عَربي)، وعِنْدَ التَّدْقِيقِ تَبيَّنَ
ص: 148
أَنَّهُ كِتَابُهُ( العُجَالَةُ فِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ)، وهُوَ الشَّرْحُ الثَّانِي والأَكْبَرُ لِشَافِيَةِ ابْنِ الحَاجِبِ، وهُوَ بِنَسْخِ العَلامَةِ السَّيدِ هَاشِمْ بْنِ مُحمَّدٍ عَلِيٍّ المُوسويِّ.
ص: 149
الصحيفة الأولى والثانية من نسخة مكتبة آية الله الحكيم" رحمه الله"
ص: 150
الصحيفة الأخيرة من نسخة مكتبة آية الله الحكيم " رحمه الله "
ص: 151
الصحيفة الأولى والثانية من نسخة مكتبة آية الله المرعشي" رحمه الله "
ص: 152
الصحيفة الأخيرة من نسخة مكتبة آية الله المرعشي" رحمه الله "
ص: 153
ص: 154
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ ِللهِ الْمَنْعُوتِ بِكَمَالِ الْجَلالِ وَالْجَبَرُوتِ، وَالصَّلوة والسَّلاَمُ عَلَى أَفْضَلِ مَنْ ذَرَأَ وَبَدَأَ(1)
فِي عَالَمَي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ وَ(2)آلِهِ
وَعِتْرَتِهِ الْذِينَ اجْتَبَاهُمُ اللهُ فِي أَخَصِّ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتِ.
أَمَّا بَعْدُ(3) فَإنَّ الْعَبْدَ المُحْتاجَ إِلَى رَحْمَةِ رَبِّهِ الْبَاقِي(4) كَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الفَسَائِي "غُفِرَ لَهُ"، يَقُولُ: إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ أَنَّ تَعْلِيمَ القرآن الْذِيْ فِيهِ تَلْخِيصُ الْبَيَانِ، وَأَسْرارُ الْبَلاغَةِ، وَدَلائِلُ الإِعْجَازِ، وَمِفْتَاحُ العُلُومِ، وَوَسَائِلُ الإِيْجَازِ(5)،
لا يُهْتَدَى بِهُدَاهُ إِلاّ بِمَعْرِفَةِ خَوَاصِّهِ وَمَزَايَاهُ، وَلا سَبِيلَ إِلَيْهَا إِلاَّ صَرْفُ الهِمَّةِ
ص: 155
نَحْوَ تَحْصِيلِ العُلُومِ العَرَبِيّةِ وَالْمَعَارِفِ الأَدَبِيّةِ لاَ سِيَمَا عِلْمُ التّصْرِيفِ الْذِيْ هُوَ أُمُّهَا؛ فَحَدَانِي ذَلِكَ إِلَى مُمَارَسَةِ ذَلِكَ العِلْمِ وَمُدَارَسَتِهِ وَمُطَالَعَةِ مُخْتَصَرِهِ وَمَبْسُوطِهِ رَجَاءً لِلْأجْرِ الغير(1)
الممنونِ (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ)الشعراء/88.
فَنَظَرْتُ إِلَى مُقَدِّمَةٍ مَشْهُورَةٍ لِلشَّيْخِ الْمُشْتَهِرِ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، نَاصِبِ القَوَانِينِ فِي الْمَنَاصِبِ الشَّيْخِ اِبْنِ الْحَاجِبِ(2)،
وَجَدْتُهَا شَافِيَةً لِلطُّلاّبِ عَنِ الاِسْتِفْهَامِ، كَافِيَةً فِي إِفَادَةِ الغَرَضِ مِنَ ذَلِكَ الْعِلْمِ عَلَى أَبْلَغِ النِّظَامِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْظِمَ فِي سِلْكِ التَّحْرِيرِ مَا اسْتَفْدْتُهُ فِي دَلَالَةِ فَحْوَاهَا، وَصَحِيحَةٌ فِي إِفَادَةِ مَغْزَاهَا، فَجَاءَ بحَمْدِ للهِ كَافِلاً لِتَفْصِيلِ المُجْمَلِ وَإِيضَاحِ المُفَصَّلِ مُذَلِّلا لِلصِّعَابِ مِنْ غَيْرِ إِيجَازٍ وَإِطْنَابٍ.
وَالْتَزْمْتُ فِي بَيَانِ الأَلْفَاظِ أَنْ أُبَيّنَ الْمُعْجَمَةَ وَأُهْمِلَ المُهْمَلَةَ رِعَايَةً لِلإِخْتِصَارِ/1.
ص: 156
وَسَمَّيْتُهُ بِالقُيُودِ الوَافِيةِ(1)،
وَالرَّجاءُ مِنَ النّاظِرِينَ إِلَيْهِ العَفْوَ عَنِ الخَلَلِ فِي إِيرادِ المَرَامِ وَعَلَى اللهِ التّوكّلُ وَبِهِ الإِعْتِصَامُ.
قال المصنف*:(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ(2)
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمين والصّلوةُ والسَّلامُ عَلَى نَبيِّهِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ(3)، وبعد(4)...
فَقَدْ سَأَلَنِي مَنْ لاَ يَسَعُنِي مُخَالَفَتُهُ أَنْ أُلْحِقَ بِمُقَدِّمَتِي فِي الإِعْرَابِ مُقَدِّمَةً فِي التَّصْرِيفِ عَلَى نَحْوِهَا، وَمُقَدِّمَةً فِي الْخَطِّ، فَأَجَبْتُهُ سَائِلاً مُتَضَرِّعًا أَنْ يَنْفَعَ بِهِمَا، كَمَا نَفَعَ بِأُخْتِهِمَا وَاللهُ الْمُوَفِّقُ).
(التَّصْرِيْفُ): أَيْ: عِلمُهُ (عِلْمٌ بِأُصُولٍ) بِقَوانينَ كُلِّيّةٍ وضَوابطَ مُنطبقَةٍ علَى الجُزْئياتِ، فتلكَ القَوانِينُ هِيَ التَّصْريفُ، وقدْ يُطْلَقُ اسْمُ العِلْمِ علَى العِلمِ بِالمَسَائِلِ لا عليْهَا فَلا حَاجَةَ إِلى قَوْلِنا: أيْ: عِلْمُهُ، (يُعْرَفُ بِهَا) بِتلكَ الأُصولِ(5).
ص: 157
(أَحْوَالُ أَبْنِيةِ الْكَلِمِ) هيَ الهَيْآتُ العَارِضَةُ(1)بِاعْتِبارِ
كَونِهَا مَصْدرًا، أوْ مَاضِيًا، أوْ مستقْبَلاً، والْتِقاءَ السَّاكِنينِ، والإِدغامَ، سواءٌ كانَا فِي كَلِمةٍ أوْ لا.
وَالإِعْرابُ والبناءُ وخرجَا بِقَوْلِهِ:(الْتِي لَيْسَتْ بِإِعْرَابٍ) أي: الأحوالُ التِي ليْستْ بإعرابٍ ولا بِناءٍ أيضًا، والمُرادُ مِنْ أبْنيةِ الكَلمِ وحُروفِهَا المُرتَّبةِ معَ اعتبارِ أَصالتِهَا، وزيادتِهَا، وَعدَدِها، وحَرَكاتِها، وسكناتِها، كُلٌّ فِي مَوْضِعهِ، وكك الحُروفُ والحَرَكاتُ والسَّكَناتُ مادّةَ الكلمةِ وعُلِمَ منْ ذلكَ حَدُّهُ وهوَ ظ .
وغايتُه: وهوَ أنَّ (أَكْرَمَ) ليْسَ كَ-(دَحْرَجَ) وإنْ جُعِلا ك-(ضربَ).
وموْضُوعُهُ: وهوَ أبنيةُ الكَلِمِ، وهيَ كما سَيَجِيءُ العَشَرَةُ، والخَمْسَةُ، والأرْبَعةُ الآتِيةُ للاسْمِ المُجَرَّدِ والثَّلاثَةُ، والوَاجِدةُ لِفعْلِهِ، وكَذا مَا هوَ لِمَزيدِهِمَا ففَعَلَ بفتْحَتينِ منَ الأبْنيةِ باعْتِبارِ أنَّهُ منَ الثَّلاثةِ ومنْ أحْوالِهَا باعْتبارِ كونِهِ فِعْلاً ماضِيًا ومَا يُردُّ عَليْهِ: إنَّ الأُصُولَ التِي يُعْرفُ بِها أَبْنِيةُ المَاضِي والمضَارِعِ وغيرِهِمَا لا أَحْوالُها تَصْرِيفٌ بِلا خِلافٍ؟!!.
جَوَابُهُ: إنَّ المُرادَ مِنْ تِلْكَ الأَبْنِيةِ إنْ كانَ هيَ باعْتِبارِ كوْنِها مَاضِيًا أوْ غيرَهُ فهُوَ الأَحْوالُ وإلاّ فَلا نُسلِّمُ أنَّ تلكَ الأُصولَ تَصْريفٌ، والجَوابُ: بأنَّهَا أَحوالٌ طارِئَةٌ علَى بناءِ المَصادِرِ معَ أَنَّها أَبْنِيةٌ مُسْتأنَفَةٌ بعْدَ هَدْمِ بِناءِ المَصَادِرِ، مُسْتلْزِمٌ لأَنْ لا يُعدُّ المَصَادرُ منْ أحْوالِ الأَبنِية، والمصنف عدَّها منْهَا، وبأنّ إِضافةَ الأَحوالِ إِلى الأَبْنيةِ بَيَانِيّةٌ، لا يُناسِبُ كلامَ المصنف حيْثُ
ص: 158
بيّنَ الأَبْنِيةَ أوَّلاً منْ بَابِ المُقدِّمةِ ثُمّ أحْوالَها كمَا سَتطَّلِعُ عَليْهِ(1)، والمصنف بيّنَ الأَبْنِيةَ أوَّلاً بأقْسامِهَا، وقالَ:
(وَأَبْنِيَةُ الاسْمِ الصولأُصُولِ) أَي: الأَبْنيةُ الأَصليَّةُ لِلاسمِ المُتمكِّنِ - مِنَ التصرُّفِ والاشتِقاقِ فيْهِ بِقَرينَةِ أنَّ هَذا الكِتَابَ فِي عِلْمِ التَّصْرِيفِ - ثَلاثَةٌ بِحَسَبِ الاستِقراءِ(2):
(ثُلاثِيَّةٌ، وَرُبَاعِيَّةٌ، وَخُمَاسِيَّةٌ)/2
وقَدْ يَقِلُّ؛ إِذْ عَدَمُ الفَاصِلَةِ بِمَا جَازَ فِيْهِ الحَرَكَةُ والسُّكونُ بيْنَ المُبتَدأِ وهوَ مُتحرِّكٌ والموقُوفِ عَلَيهِ وهُوَ سَاكِنٌ مَكْرُوهٌ، وعَدَمُ الزَّائِدِ؛ لِِئلاَّ يوْهَمَ أنَّهُ كَلِمَتانِ.
(وَأَبْنِيَةُ الْفِعْلِ) الأُصُولُ (ثُلاثِيَّةٌ، وَرُبَاعِيَّةٌ)؛ لِئلاَّ يُرتَقى لِسَببٍ مَا يَزِيدُ عَليْهِ ويصِيرَ كجزْئهِ كالضَّمائِرِ الْمرفُوعَةِ أوْ لا كَحُروفِ المُضارَعَةِ ونَحْوِهَا إِلَى الثِّقَلِ، وَقَدْ يَعْرضُهُمَا النُّقْصانُ كيَدٍ وقِ.
(وَيُعَبَّرُ عَنْهَا) عَنِ أُصُولِ الأَسْماءِ والأَفْعالِ إِنْ أُرِيدَ تبيُّنُهَا وتميُّزُها(بِالْفَاءِ وَالْعَيْنِ وَالْلامِ) وإِنْ أُبْدِلَتْ، فيُقَالُ: نَعَم، وقَاَلَ، وَفَرَسٌ عَلَى وزْنِ فَعَل خِلافاً لِعبْدِ القَاهِرِ(3) فإِنَّهُ جوَّزَ(4)
أنْ يُقَالَ: قَالَ عَلَى وَزْنِ فَالَ(5)
(وَمَا زَادَ)عَلَى الثَّلاثَةِ
ص: 159
إِنْ كَانَ أَصِيلاً يعبَّرُ عنْهُ (بِلامٍ ثَانِيَةٍ) إِنْ كَانَ واحِدًا كجعْفَرٍ ودَحْرَجَ علَى وَزْنِ (فَعْلَلَ)، (وَثَالِثَةٍ) إِنْ كَانَ اثنَيْنِ كَجَحَمْرَشٍ(1)
علَى وزْنِ فَعَلْلَلٍ، وإِنَّما عُبِّرَ عنْهَا بِهَا؛ لأَنَّهَا أَعمُّ الأَفْعَالِ مَعْنًى، وإِنَّمَا لَمْ يُكرَّرْ إِلاَّ الْلامُ؛ لأَنَّ الزَّائِدَ فِي حُكْمِ المُلْحقِ بالآخِرِ.
(وَيُعَبَّرُ عَنِ الزَّائِدِ) علَى الأُصُولِ مُطْلقًا لِفَائدةٍ (بِلَفْظِهِ) بِلفْظِ ذلِكَ الزَّائدِ إِلاَّ فِي المُصغَّرِ كَمَا سَيجيءُ(2)، فيُقالُ: ضَارِبٌ، وضارَبَ عَلَى وزْنِ فاعَِل (إِلاَّ الْمُبْدَلَ عَنْ تَاءِ الافْتِعَالِ) كَالطَّاءِ فِي اِضْطَرَبَ والدَّالِ في ازْدَجَرَ ونحوِهِمَا (فَإِنَّهُ) أي: ذلِكَ المُبدَلُ يُعبَّرُ عَنْهُ (بِالتَّاءِ) تنْبِيهًا عَلَى الأَصْلِ، فيُقَالُ: اضْطَربَ، وازْدَجَرَ عَلَى وزْنِ (افْتَعَلَ) لا افْطَعَلَ وافْدَعَلَ(3).
(وَإِلاَّ الْمُكَرَّرَ لِلإِلْحَاقِ أَوْ لِغَيْرِهِ)(4) أي: لِغَيرِ الإِلْحَاقِ كَالتَّكْثيرِ والتَّعْديةِ ونحوِهِمَا (فَإِنَّهُ) أي: ذلِكَ الزَّائِدُ المُكَرَّرُ لِلإِلحاقِ أَوْ لِغيْرهِ فاءً كَانَ أَوْ عيْنًا أَوْ
ص: 160
لامًا لا يُعبَّرُ عنْهُ بِلفْظِهِ بَلْ (بِمَا تَقَدَّمَهُ) علَى أيِّ تقْديرٍ، فيُقالُ: قَرْدَدٌ علَى (فَعْلَلٍ) لا فَعْلَدٍ وقَطَّعَ على (فَعَّلَ) لا (فعْطَلَ)(1)، وإِلاَّ المُدغمُ فِي أصليٍّ فِإِنّهُ بِمَا تَأخَّرَهُ ك-(ادَّارَكَ)و(ازّيّنَ) فإِنَّهُما علَى (افَّاعَلَ وَافَّعَّلَ) بِتشْديدِ الفاءَيْنِ وعيْنِ الثَّانِي/ 3، لا ادْفاعَلَ وازّفْعَلَ وإِلاَّ فِي المُصغَّرِ كمَا سَيَجِيءُ.
(وَإِنْ كَانَ) الزَّائدُ لِلتَّكْرارِ(مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ) أي (سألتمُونِيْهَا) التِي قدْ تُزَادُ لِغَيرِ التَّكْرارِ أيْضًا فَكَيْفَ غيْرُهَا الَّذِيْ لا تُزَادُ إِلاَّ لِلتَّكْرارِ (إِلاَّ بِثَبْتٍ) ودَلِيلٍ عَلَى أَنَّ المقْصُودَ هُوَ زِيَادةُ تلْكَ الحُروفِ فَوَافَقَتْ لِمَا قبْلَها فِي التَّكْرارِ فإِنَّهُ حِيْنَئِذٍ يُعبَّرُ عَنْهُ بِلفظهِ.
(وَمِنْ ثَمَّ) أي: مِنْ أَجْلِ أَنَّ المُكرَّرَ للإِلحَاقِ يُعبَّرُ عَنْهُ بِمَا تَقدَّمَهُ، وإِنْ كَانَ مِنْ تلْكَ الحُروفِ (كَانَ حِلْتِيْتٌ) - وهُوَ صُمْغُ الأَنجُذَانِ(2)
(فِعْلِيْلاً) لِتَكْرارِ لامِهِ كَمَا فِي شِمْلِيْلٍ(3) (لاَ فِعْلِيْتًا) مَعَ احتِمَالِ أَنْ يكُونَ (فِعْلِيْتًا) لِوجُودِهِ فِي كَلامِهِمْ كَعِفْرِيْتٍ، (وَسُحْنُونٌ) وهُوَ أَوَّلُ الرِّيحِ والمَطَرِ(4)(وَعُثْنُونٌ)
وهُوَ رَأْسُ
ص: 161
الْلِحيَةِ بِضَمِّ الفَاءِ فيْهِمَا(1)(فُعْلُولٌ
لا فُعْلُونٌ(2))
لا لِذلِكَ المذْكُورِ فقَطْ مِنْهُ وَجَبَ التَّعْبِيرُ عَنِ المُكرَّرِ بِمَا تقدَّمَهُ بَلْ (لِذَلِكَ وَلِعَدَمَهِ) أيْضًا أي: عَدَمُ فُعْلُونٍ أَوْ عَدَمُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ النُّونَ مِنْهُمَا لَيْستْ زائِدةً للتَّكْرارِ؛ لِعَدَمِ مَجِيءِ (فُعْلُونٍ) فهُمَا فُعْلُولٌ لا فُعْلُونٌ بالطَّريْقِ الأُولَى، والأوَّلُ مُلحَقٌ بِقِنْديلٍ والأَخِيرانِ بِغُضْروفٍ(3).
(وَسَحْنُونٌ) بالفتْحِ أوْ عَدَمُ دَلِيلٍ عَلَى أنَّ النُّونَ فيْهِمَا ليْسَتْ زائِدةً للتَّكْرارِ؛ لِعَدَمِ مجِيءِ فَعْلُونٍ (إِنْ صَحَّ الفَتْحُ(4))
إِذِ المشْهُورُ ضَمُّهُ (فَفَعْلُونٌ كَحَمْدُونٍ(5))
بالفتْحِ، عَلمُ رَجُلٍ (وَهُوَ) أي: هَذا الوَزْنُ(مُخْتَصٌّ بِالْعَلَمِ) لَيْسَ الْمقْصُودُ فيْهِ تَكْرارَ النُّونِ بَلْ زِيْدتِ اتِّفاقًا (لِنُدُورِ فَعْلُولٍ وَهُوَ) أي: الفَعْلُولُ النَّادِرُ (صَعْفُوقٌ(6))
لا غيْرُهُ، لَوْ سلَّمْنَا كونَهُ عَرَبيًّا، والنَّادِرُ لا يَلْحقُ بِهِ شيْءٌ لَمْ يَثْبتْ
ص: 162
غيْرُهُ، قَالَ فِي القَامُوسِ: " لَيْسَ فِي الْكَلامِ فَعْلُولٌ سُواهُ"(1)، ولَمَّا كَانَ ههُنا مَظنَّةُ أنْ يُق(2):
جَاءَ غَيْرُ ذلِكَ النَّادرِ أيْضًا (فَعْلُولٌ) آخَرُ غيْرُهُ وهُوَ خَرْنُوبٌ أَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ:
(وَخَرْنُوبٌ) بِفَتْحِ الفَاءِ المُعْجَمةِ، نَبْتٌ يُدَاوَى بِهِ (ضَعِيْفٌ) مَنَعَ الْجَوهَرِيُّ(3)
فَتْحَهُ، والقَوِيُّ ضَمُّهُ أَوْ خُرُّوبٌ بِتشْديدِ الرَّاءِ(4).
(وَسَمْنَانُ) بِفتْحِ السِّينِ، مَاءٌ لِبَنِي رَبِيَعةٍ(5)(فَعْلانٌ)
كَسَحْنُونٍ (وَخَزْعَالٌ(6)
نَادِرٌ) لا يلْحَقُ بِهِ شَيْءٌ، وقَهْقَارٌ لَمْ يُنْقلْ إِلاَّ مِنْ ثَعْلَبٍ(7)،
والثَّابِتُ هُوَ قَوْلُ
ص: 163
الجَوْهَرِيِّ(1)،
القَهْقَرُّ بِتَشْديْدِ الرِّاءِ، الحَجَرُ الصَّلِبُ(2)، ولَكَ أَنْ تقُولَ: لَعَلَّهُ مُلْحَقٌ بالمُضَاعَفِ الرُّباعِيِّ كَخَلخَالٍ وزِلْزَالٍ، وهُوَ غيْرُ نَادِرٍ.
(وَبُطْنَانُ)(3) بِضمِّ البَاءِ المُوحَّدةِ(4)(فُعْلانٌ)
سَواءٌ كَانَ/4 جَمْعُ بطْنٍ كَمَا ذَهَبَ إِليْهِ الأَكْثرُ(5) مِنْهُمْ الش(6)
الرَّضيُّ(7)
" رض" أَوْ مُفْردٌ كَمَا ذَهَبَ إِليْهِ المُصنِّفُ وَمنْ تَبِعَهُ؛ لِعَدَمِ مَجِيءِ فُعْلالٍ بالضمِّ(8)
مِنْ أَبْنِيةِ الْجَمْعِ(9).
ص: 164
(وَقُرْطَاسٌ(1)
ضَعِيْفٌ) لا يلْحَقُ بِهِ شَيءٌ، والْفَصِيحُ الكَسْرُ(مَعَ أَنَّهُ نَقِيْضُ ظُهْرَانٍ)؛ لأَنَّهُ ظاهِرُ الرِّيشِ، وهُوَ باطِنُها وحَمْلُ أَحَدِ النَّقِيضيْنِ علَى الآخَرِ شَائِعٌ وظَهَرَ أَنَّ الظُهْرانَ لا تكْرَارَ فِيْهِ.
(ثُمَّ إِنْ كَانَ قَلْبٌ فِي الْمَوْزُونِ قُلِبَتِ الزِّنَةُ) قَلْبًا (مِثْلَهُ) لِيَظْهَرَ تَرتِيبُ حُروفِهِ الأَصليَّةِ، والمُرادُ مِنَ القلْبِ هَهُنَا تغْييرُ مَواضِعِ حُرُوفِ الأُصُولِ بالتّقْدِيمِ والتّأَخِيرِ(كَقَوْلِكَ في آدُرٍ(2)
أَعْفُلٌ) كَمَا سَيَذْكُرُ.
(وَيُعْرَفُ الْقَلْبُ) أي: كَونُ اللفْظِ مقْلُوبًا بِستَّةِ أَوْجُهٍ، وإِنْ أَمْكَنَ إِرْجاعُ بَعْضِ الأَمْثِلَةِ مِنْهَا إِلَى الآخَرِ.
(بِأَصْلِهِ) بِمَصدرِ المَوزُونِ المَقلُوبِ، وهُوَ الفَرْعُ الَّذِيْ وَقَعَ فِيْهِ القَلْبُ ويُسمَّى بِالْمَقلوبِ باعْتِبارِ القلْبِ فِي بعْضِ حُروفِهِ، وقَدْ يُسمَّى بالمقْلُوبِ إِليْهِ بِالفَرْعِ، وهُوَ قَبْلَ وُقُوعِ التَّغْييرِ فِيْهِ وَيُسمَّى(3)
بالمَقْلُوبِ مِنْهُ وبالأَصْلِ أيْضًا(4)(كَنَاءَ
يَنَاءُ) بِتقْدِيمِ الأَلِفِ المُنقَلِبَةِ عَنِ اليَاءِ عَلَى الهَمْزَةِ (مَعَ النَّأْيِ) الذِيْ هُوَ مَصْدَرُهُ، والهَمْزةُ فِيْهِ مُتقَدِّمةٌ، فَهُوَ عَلَى وَزْنِ فَلَعَ(5).
ص: 165
(وَبِأَمْثِلَةِ اشْتِقَاقِهِ) الكَلِماتُ المُشتَقَّةُ مِمَّا اشْتُقَّ مِنْهُ المقْلُوبُ (كَالْجَاهِ)(1)
مِنَ الوَجْهِ عَلَى (عَفْلٍ) بدليل توجّهَ وأَوْجَهَ ووَجْهٍ ونحْوِهَا (وَالْحَادِي) مِنَ الوَاحدِ نُقلَتِ الْواوُ إِلَى الآخِرِ وقُدِّمَتِ الْحاءُ عَلَى الأَلِفِ لِئَلا يلْزَمَ الابْتِداءُ بالسَّاكِنِ فَصَارَ حَادِوْ كَعَالِفٍ انقَلَبِتِ الوَاوُ المُتطرِّفةُ ياءً لِكسْرةِ مَا قَبْلَهَا وهَذَا بِدَلِيلِ وَحَّدَ وتَوَحَّدَ ونحْوِها (وَالْقِسِيِّ) جمْعِ قَوْسٍ، أَصلُهَا قُوُوسٌ، ولَمَّا كَانَ اجتِماعُ الوَاويْنِ والضمَّتيْنِ مكْرُوهًا؛ نُقِلَتِ الْلامُ مَوْضِعَ الْعيْنِ فَصَارَ قُسُووٌ كَفُلُوعٍ، قُلِبَتِ الْواوُ الْمُتطرِّفةُ يَاءً ثُمّ مَا قَبْلَهَا؛ لِكونِهِ مُجْتَمِعًا مَعَ اليَاءِ وسَاكِنًا، وقُلِبتْ ضمَّةُ السِّينِ ثُمَّ القَافُ كَسْرةً للإِتْباعِ وذلِكَ بِشَهادَةِ تَقوَّسَ وَأَقْوَاسٍ ونحوِهِمَا، فَهُوَ عَلَى فَِلِيعٍ(2).
(وَبِصَحَّتِهِ) بِعَدَمِ/ 5 جرَيانِ الإِعلالِ فِيه َمعَ وُجُودِ سَببِهِ (كَأَيِسَ)(3)
فإِنَّ عَدمَ قَلْبِ اليَاءِ فِيْهِ ألِفًا مَعَ تحرُّكِها وانفِتاحِ مَا قَبْلَها ك-(هَابَ) دَلِيلٌ عَلَى أنَّهُ مقْلُوبُ أَصْلٍ لَيْسَ فِيْهِ سَبَبُ الإِعْلالِ وهُوَ يَأَسَ فَهُوَ عَلَى (عَفِلَ).
(وَبِقِلَّةِ اسْتِعْمَالِهِ) أي: المقْلُوبُ بالنِّسبَةِ إِلَى المَقْلُوبِ مِنْهُ (كَآرَامٍ)(4)
جَمْعُ ريمٍ، وهُوَ الظَبْيُ الأَبْيضُ(5)
(وَآدُرٍ) جَمْعُ دَارٍ، أَصلُهُمَا: أراامٌ وأَدْوُرٌ قُلبَتْ عيْنُهُمَا مَوْضِعَ الفَاءِ، وقُلِبَتِ واوُ أَدْوُرٍ ألِفًا بعْدَ قلْبِهَا هَمزَةً، ولَمَّا كَانَ استِعْمالُ الأَصْلِ فِيْهِمَا أَكْثرَ عُلِمَ أنَّهُمَا عنْهُمَا عَلَى (أَعْفالٍ وأَعْفُلٍ)(6).
ص: 166
(وَبِأَدَاءِ تَرْكِهِ) تَرْكِ القلْبِ أَمَّا (إِلَى) اجتِمَاعِ (هَمْزَتَيْنِ) وهُوَ ثَقِيلٌ (عِنْدَ الْخَلِيْلِ) وذلِكَ فِي الأَجْوفِ المَهْموزِ الْلامِ (كَجَاءٍ) أصلُه جَايِئ بتقْدِيمِ اليَاءِ عَلَى الهَمْزةِ، قَالَ الخَلِيلُ(1): نُقِلتِ الْلامُ مَوْضِعَ العَيْنِ؛ لِئلاَّ يُؤدِّي إِلَى اجتِماعِ الهمْزتَينِ فَصَارَ جاءَي كَفَالَعٍ، وعُومِلَ مُعاملةُ قَاضٍ(2)، وقَالَ سيبويهِ(3)
لا بَأْسَ باجتِمَاعِهِمَا؛ لِعَدمِ بقائِهِ فَإِنَّهُ إِذَا اجتَمَعَتَا قُلِبتِ الثَّانِيةُ ياءً لكسْرةِ الأُولى، فَصَارَ جَاءِي كفَاعِلٍ وعُومِلَ مُعاملةُ قَاضٍ(4)،
ورَجَّحَ أَبُوعليٍّ(5)
رأْيَ الخَلِيلِ؛ لأنَّهُ يؤدِّي إِلَى إِعْلالَينِ؛ لأنَّ الإِعْلاليْنِ إِذَا كَانَا عَلَى القِياسِ أَوْلى مِنْ وَاحِدٍ لاعليْهِ(6).
(أَوْ إِلَى مَنْعِ الصَّرْفِ بِغَيْرِ عِلَّةٍ عَلَى الأَصَحِّ) فيُقلبُ لِئَلاّ يُؤدِّي إِليْهِ (نَحْوُ: أَشْيَاءَ فَإِنَّهَا لَفْعَاءُ)(7)؛
إذْ يُصَغّرُ عَلَى أُشَيْئَاءَ اسم جمع، أصلُهَا شَيآءُ
ص: 167
غيْرُ منْصَرِفٍ للأَلِفِ الممْدُودةِ قُدِّمتِ اللامُ عَلَى الفَاءِ كَراهِيةَ اجتِماعِ الهمْزَتينِ، بيْنَهُمَا حَاجِزٌ غَيْرُ حَصِينٍ وهُوَ الألِفُ، وهَذا رَأْيُ الخَلِيلِ وسيبويهِ(1)
واخْتارَهُ المُصنِّفُ(2).
(وَقَالَ الكِسَائِيُّ(3))
هِيَ (أَفْعَالٌ) جمعُ شَيْءٍ كَبَيْتٍ وَأبياتٍ، ومُنِعَ صَرفُها لِتوهّمِ أنّها كحمراءَ، وفيه مع الضعْفِ، ومعَ أنّهُ مستلزمٌ لمنعِ صرفِ نحوِ: أبناءَ وأسماءَ أيضًا أنّها جمعت على أشاوى، وأفعالٌ لا يُجمعُ علَى أَفاعَلٍ(4).
(وَقَالَ الفَرّاَءُ(5))
أصلُ شيءٍ شيٌّ بتشديد الياء كبيّنٍ جُمِعَ على أفعلاء فصار أشْيِئَاء(6)،
والأخفشُ(7)
أنّ شَيَاءَ بالتَّخفيفِ جُمِعَ علَى أَشْيِئاءَ علَى خِلافِ القِياسِ(8)/6
ص: 168
وعلى التقديرينِ حذفتِ الهمزةُ الأولى وهي لامُه كراهةَ الهمزتين بينهما ألفٌ (فَهِيَ أَفْعَاءٌ أَصْلُهَا أَفْعِلاءُ) غير منصرف للممدودة، وفيهِ أنَّ أصلَهَا لَوْ كَانَ شَيَّاءَ بالتَّشْديدِ لَكَانَ استِعْمالُهُ شَائِعًا كبيِّنٍ وإنَّ حَذْفَ الهمْزةِ فِي مِثْلِهَا لا يؤدِّي قِياسٌ عَليْهِ(1) وإنَّ تَصْغِيرَ أشْياءَ أُشَيْئاءُ لا شُئَيْآت كفُعَيلاتٍ، وهَذا قِياسُ جَمْعِ القِلَّةِ واسْمِ الجَمْعِ، وقِياسُ جَمْعِ الكَثْرةِ أَنْ يُردَّ عنْدَ التَّصغِيرِ إِلَى المُفرَدِ ويُصغَّرُ ويُجْمعُ جمْعَ السَّلامَةِ وأنَّ جمْعَهَا أَشَاوَى و أفْعِلاءُ أيْضًا كأَفْعالٍ(2)
لا يُجْمعُ عَلَى أَفَاعِلَ بِخِلافِ فَعْلاءَ نَحْوِ: صَحْراءَ وصَحَارَى.
ثُمَّ إِنَّ قَولَهُ (عَلَى الأَصَحِّ) إمّا مُتعّلقٌ ب-( أَدَاءِ) والمُرادُ مِنَ الأَصحِّ هُوَ رأْيُ الكِسائيِّ بالنِّسبةِ إِلَى رَأْيِ الفَرّاءِ؛ إذِ الوَارِدُ علَيْهِ أَقلُّ مِنَ الوَاردِ عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْتَ، أوْ ب-(يُعْرَفُ) والمُرادُ مِنْهُ هُو رأْيُ الخَلِيلِ وسيبويهِ، وبِناؤُهُ عَلَى أَنَّ (أَفْعاءَ) ليْسَ مِنْ صِيَغِ المُؤنَّثِ الممْدُودِ و(أَفْعِلاءَ) فِي حُكْمِ المَعْدُومِ.
(وَكَذلِكَ الْحَذْفُ) فِإنْ كَانَ حَذْفٌ فِي الموْزُونِ حُذفتِ الزِّنَةُ مِثْلُهُ (كَقَوْلِكَ فِي قَاضٍ فَاعٍ) بِحَذفِ الْلامِ (إِلاَّ أَنْ يُبَيَّنَ) أي: أُرِيدَ بَيانَ الأَصْلِ (فِيْهِمَا) فِي المقْلُوبِ والمحْذُوفِ، فَلا يُقْلبُ ولا يَحذِفُ الزِّنةَ، ويُقالُ: أَشْياءُ عَلَى (فَعْلاءَ)، وقَاضٍ عَلَى فَاعِلٍ(3).
ص: 169
(وَتَنْقَسِمُ) الأَبْنِيةُ الأَصْليَّةُ مُطلقًا (إِلَى صَحِيحٍ وَمُعْتَلٍ) وكُلٍّ مِنْها إِلَى مَهْموزٍ، وهُوَ مَا يكُونُ أَحَدُ أُصولِهِ همْزةً، وغيرِهِ وإِلَى المُضَاعَفِ، وهُوَ فِي الثُّلاثيِّ مَا يكُونُ عيْنُهُ مِنْ جِنْسٍ ومَا فاؤُهُ وعيْنُهُ مِنْ جِنْسٍ كَدَدَنٍ(1)،
وهوَ نادِرٌ جِدًّا لا يُدغمُ إِلاَّ أنْ يُزادَ همْزةً فِي الأَوَّلِ ك-(الأَوَّلِ).
وأمَّا ما فاؤُهُ ولامُهُ مُتماثِلانِ كَقَلِقٍ لا يُسمَّى مُضاعَفًا، وفِي الرُّباعيِّ مَا فاؤُهُ ولامُهُ الأُولَى وعيْنُهُ ولامُهُ الثَّانِيةُ مِنْ جِنْسٍ وغيْرهُ، والرُّباعيُّ اِسمًا كَانَ أَوْ فِعْلاً لا يكُونُ مهْمُوزَ الفَاءِ ولا مُعتلاًّ، نَعَمْ يكُونُ مُضاعَفًا كَوسْوَسَ وحَوْقَلَ(2)
وبَيْطَرَ(3)
مُلْحَقَانِ بالرُّباعيِّ والخُماسيِّ لا يكُونُ مُضاعَفًا، وقَدْ يَجيءُ مُعتلَّ الفَاءِ أَوْ مهْمُوزَهُ كَوَرِنْتَلٍ(4)
واصْطَبْل(5)
عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ خُماسيًّا.
ص: 170
(فَالْمُعْتَلُّ مَا فِيهِ) فِي جَوهَرِهِ (حَرْفُ عِلَّةٍ) واحِدةً كانَتْ أَوْ أَزيدَ، وهِيَ الوَاوُ/7 والألفُ والياءُ، سواءً كَانَ مَهْموزًا أَوْ مُضاعَفًا أَمْ لا، وإنَّما سُمّيتْ بِهَا؛ لأنَّهَا لا تَسْلمُ عَلَى حالِها فِي أَكْثرِ المَواضِعِ بِخِلافِ الصَّحيحِ، والهَمزةُ وإِنْ كَانَتْ كذلِكَ إِلاَّ أَنَّ وَجْهَ التَّسمِيةِ لا يُحَبّبُ(1)
اطّرَادُها، وإنَّما قُلْنَا فِي جوْهَرِهِ؛ لِئلاّ يُردَّ نحوُ: يَضْرِبُ، وأكرمُ، وفرَّحَ.
(وَالصَّحِيحُ بِخِلافِهِ) أي: مَا لا يكُونُ فيهِ حرْفُ علَّةٍ سَواءً كانَ فيهِ همْزةٌ أوْ تضعِيفٌ أمْ لا، ثُمّ حَرفُ العِلَّةِ إنْ لمْ يتعَدَدْ فلا يخلُو أمّا أنْ يكونَ فِي موضِعِ الفّاءِ، أوِ العَيْنِ أوِ اللامَ .
(فَالْمُعْتَلُّ بِالْفَاءِ مِثَالٌ) لمماثلته الصحيح في كون ماضيهِ - وهو أصلُ المضارع - خالِيةً عَنِ الإعلالِ.
(وَبِالْعَيْنِ أَجْوَفُ) لِخلوِّ عينِ ماضيه عن الحرفِ الصحيح(2)
السالم عن الإعلال (وَذُو الثَّلَاثَةِ) يكون ماضيه على ثلاثة أحرف في الواحد المتكلم، وهو ابتداءُ الصّرفِ عندهمْ (وَبِالَلاَمِ مَنْقُوصٌ)؛ لنُقصانِ آخرهِ عنه، أو عن قبولِ بعضِ الحركاتِ كالجزمِ والرفعِ والنصبِ.
(وَذُو الأَرْبَعَةِ)؛ لكونهِ على أربعةٍ مع اعتلالِ لامِه، وهو أحرى بالتّغْييرِ منَ العينِ، وإنْ تعددَ فإنْ كانَ اثنين، فإمّا أنْ يكونَ بينهما فاصلةٌ بِصحيحٍ أو لا، والثاني ما أشار إليه بقوله: (وَبِالفَاءِ وَالعَيْنِ) كَيومٍ وَوَيْلٍ ولا يبنى منه فعلٌ، (أَوْ بِالعَيْنِ وَالَلامِ) اسمًا كان كحيّ أو فعلاً ك-(طَوَى)، (لفيف مقرون)
ص: 171
لالتفافِ حرفي العلّةِ فيه، والأّولُ ما أشارَ إليه بقوله: (وَبِالْفَاءِ وَالْلامِ لَفِيْفٌ مَفْرُوقٌ) ك-(وَقَى) وإنْ كانَ ثلاثة فلم يجيءْ منهُ إلاّ واوٌ وياءٌ ولم يذكرْهُ لقلّتهِ(1).
(وَلِلاسْمِ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ عَشَرةُ أَبْنِيَةٍ) استقراءً (وَالْقِسْمَةُ) العقليّةُ (تَقْتَضِي اثْنَي عَشَرَ) بناءً؛ لأنَّ الفاءَ لا تكونُ إلاّ متحركةً؛ لتعذرِ الابتداءِ بالسَّاكنِ أو لتعسّرهِ(2)،
والحركاتُ ثلاثٌ، واللامُ مَحِلُّ الإعرابِ والبناءِ، والعينُ يجوزُ فِيها الحركاتُ الثلاثُ(3)
والسّكونُ (سَقَطَ مِنْهَا) مِنَ الاثْنَي عَشَرَ(4)، (فُعِلٌ وفِعُلٌ)(5)
بضمِّ الفاءِ وكسرِ العينِ والعكس(اِسْتِثْقَالاً)؛ لاستثقالِ الخُروجِ منَ الثقيلِ إلى ثقيلٍ يُخالفُهُ، والثَّاني/ 8 أثقلُ؛ ولِذا لمْ يجيءْ لا في الأسماءِ ولا في الأفعالِ، وأمّا ما لا يخالفُهُ كإبِل وعُنُق فلا ثقلَ فيهِ بهذهِ المثابة ولا عبرة في رفع يضرب مثلاً لعدم لزومهِ والنقض بالدُئِل(6) والحِبُك(7)
غير وارد(8).
(وَجُعِلَ الدُّئِلُ) بضمّ الدالِ وكسرِ الهمزةِ، علمٌ ابنُ علمِ أبِي قَبيلةٍ (مَنْقُولاً) من الفعل الماضي المجهول ، قالَ في القاموسِ: دَأَلَ كَمَنَعَ دَأْلاً وَدَأَلاَنًا:
ص: 172
أَسْرَعَ(1)، ولَوْ سَلّمْنا أنّهُ اسمُ جنسٍ لدويبةٍ شبيهةٍ بابن عُرسٍ كما قيلَ(2)؛ فالنقلُ فيهِ جائزٌ أيضًا إلاّ أنّه قليلٌ(3)
.
(والحِبُك(4))
بكسر الحاءِ وضمِّ الموحّدةِ، الطريقُ في الرملِ (إِنْ ثَبَتَ) كما في القراءةِ الشاذّةِ(5)
(فَعَلَى تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ)، أي الحِبِك بكسرتين وهو المفرد والحُبُك بضمتين وهو الجمع (فِي حَرْفَي الكَلِمَةِ) الواحدةِ لا الكلمتينِ ك-(قنِط يقنِط) بالكسر فيهما فإنّهُ جاءَ من بابي ضرَب وعلِم فأُخذَ ماضيه من الثاني ومضارعه من الأول، و كأنّ المتكلّمَ أرادَ أنْ يقولَ: حبِكِ كإِبِل ولمّا تلفّظ بالحاء ذُهِلَ وتوهّمَ أنّهُ يتكلّم بالجمع فضمّ الباء(6).
(وَهِيَ فَلْسٌ، فَرَسٌ، كَتِفٌ عَضُدٌ) بفتحِ الفاءِ وسُكونِ العينِ، وفتحِها وكسرِها وضمِّها (حِبْرٌ، عِنَبٌ إِبِلٌ) بكسرِ الفاءِ، وسكونِ العينِ وفتحِها وكسرِهَا،(قُفْلٌ صُرَدٌ عُنُقٌ) بضمِّ الفاءِ وسكونِ العينِ وفتحِها وضمِّها.
ص: 173
(وَقَدْ يُرَدُّ بَعْضٌ) منْ تلكَ الأوزانِ (إِلَى بَعْضٍ) آخرَ مِنْها عندَ بَنِي تميم(1)
خلافًا للحجازيين، والأوّلُ هو الأصلُ، والثاني الفرعُ وإنْ كان أصلاً بالنسبة إلى كلمة أخرى، هذا عند البصريين وعند الكوفيين(2) كلٌّ منها لغةٌ برأسِها.
(فَفَعِلٌ) بفتحِ الفاءِ وكسرِ العينِ إنْ كانَ (مِمَّا ثَانِيهِ حَرْفُ حَلْقٍ كَفَخِذٍ يَجُوزُ فَخْذٌ وفِخْذٌ و فِخِذٌ) كفَلْسٍ وحِبْر وإِبِل (وَكَذلِكَ الفِعْلُ) يجوزُ فيهِ الوجوهُ الثلاثةُ إنْ كانَ عينُه مكسورًا حرفُ حلقٍ (كَشَهِدَ) وسَعِدَ.
(وَنَحْوُ كَتِفٍ يَجُوزُ فِيهِ) وَجهانِ (كَتْفٌ وكِتْفٌ) وكذا عَلِمَ (وَنَحْوُ عَضُدَ يَجُوزُ فِيهِ عَضْدٌ)(3) كفَلْس وعُضْد كقُفْل؛ لكنّه ضعيفٌ غيرُ معتمدٍ عليهِ عندَ المُصنِّفِ.
(وَنَحْوُ عُنُقٍ يَجُوزُ فِيهِ عُنْقٌ) كقُفْل (وَنَحْوُ إِبِلٍ وَ بِلِزٍ يَجُوزُ فِيهِ إِبْلٌ وَ بِلْزٌ) كحِبْرٍ (وَلا ثَالِثَ/ 9 لَهُمَا)،لأِبِلٍ وبِلِزٍ يعتمدُ عليهِ، قالَ الزوزنيُّ(4)
: " أجمعَ البصريونَ على أنّهُ لمْ يأتِ على فِعِلٍ منَ الأسماءِ إلاّ إِبِلٌ ومنَ الصفاتِ إلا بِلِزٌ"(5)
انتهَى.
ص: 174
وأمّا حِبِرٌ(1)
بكسرتين - كما نُقِلَ عَنِ السِّيرافيِّ -(2)، وإِطِلٌ(3)
كَمَا حَكَاهُ الكوفِيونَ، وإِبِطٌ وإِقِطٌ وإِبِدٌ(4) وحِبِكٌ غَيرُ مُعتَمدٍ عليْهِ، ومُرادُ المُصنِّفُ مِن نحْوِ إِبِلٍ وبِلِزٍ أنَّ نحوَهُمَا علَى تقْديرِ ثُبوتِهِ أَوْ عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَهُ كَذا، أَوْ لا فَرْعَ آخَرَ لهُمَا؛ أيْ: لِنحْوِ عُنُقٍ وإِبِلٍ ومَا يُشَاكِلُهُ كَبِلِزٍ فَيَكُونُ إِيماءً إِلَى الفَرْعِ الثَّانِي فِي نَحْوِ عَضْدٍ، وإِلَى أَنَّ الخِلافَ الواقِعَ فِي نَحْوِ: قُفُلٍ غَيْرُ مُعْتمدٍ عَلَيهِ عِندَهُ، وفيهِ تكلُّفٌ عَلَى إيرادهِ المثالين في ذلك البناء دونَ سائرِ الأبنيةِ قرينةً على أنّ مرادَه هو ما ذكر أولاً لا هَذا.
وقِيلَ: لا فَرْعَ آخَرَ لإبِلٍ وبِلِزٍ، وفيْهِ أنَّ نَحْوَ عُنُقٍ أيْضًا كذلك، وقِيلَ أي لا ثَالِثَ لهُمَا فِي جَوَازِ إِسْكانِ عَيْنِهِ، وفيه أنَّ نحْوَ آبَ عَنْهُ، وقيلَ إِبِلٌ تَصْحِيفُ إِبِدٍ بالدَّالِ، والمُرادُ أنَّهُ لا ثالِثَ لهُمَا فِي الصِّفاتِ، قالَ ثَعْلبٌ(5):
لمْ يأتِ مِنَ الصِّفاتِ عَلَى (فِعِلٍ) إلاّ حَرْفانِ: امْرأةٌ إِبِدٌ أي وَلود، وأَتانٌ ِبلِزٌ(6)،
أي: ضخْمٌ، وفِيهِ بُعْدٌ.
ص: 175
(وَنَحْوُ قُفْلٍ يَجُوزُ فِيهِ قُفُلٌ)(1) كعُنْقٍ تخْفيفًا (عَلَى رَأْيٍ) رأي عِيسَى بنِ عُمَر(2) ومَنْ تَبِعَهُ(3)
(لِمَجِيءِ عُسُرٍ وَيُسُرٍ) كَعُنُق، وحُكِيَ عَنِ الأَخفَشِ(4)
إنَّ نَحْوَ فُعْلٍ كقُفْلٍ إنَّما يكونُ ثقيلاً محتاجًا إلى التَّخْفيفِ بِتحرُّكِ العَينِ إِذَا لَمْ يكُنْ صِفةً كحُمْرةٍ أَوْ معتلَّ العيْنِِ كسُوقٍ(5).
(وَلِلرّبَاعِيِّ الْمُجَرَّدِ) أيْ لاِسْمِهِ(6)(خَمْسَةٌ)
والقِسْمَةُ تقتضِي ثمانيةً وأربعينَ بناءً من ضربِ اثني عشر في أربعة، اللامُ الأولى سَقَطَ منها ثلاثةٌ؛ لالتقاءِ الساكنينِ(7)، وأربعون استقراءً وَهي:(جَعْفَرٌ) بفتحِ الأوّلِ والثالثِ، وسكونِ الثاني للنهرِ الصّغيرِ(8)،(زِبْرِجٌ)
بكسرهِما وسُكُونِهِ، الزِّيْنَةُ(9).
ص: 176
(بُرْثُنٌ) بضمِّهِمَا وسُكونِه لمِخْلَبِ الأَسَدِ(1)(دِرْهَمٌ)
بِكسْرِ الأَوَّلِ وسُكونِ الثَّانِي وفتْحِ الثَّالِثِ، معْرُوفٌ.
(قِمَطْرٌ) بكَسْرِ القَافِ وفتْحِ المِيمِ وسُكونِ الطَّاء، لِمَا يُصَانُ فِيْهِ الكُتُبُ(2).
قالَ الفرّاءُ والكِسائيُّ(3):
أصلُ الرُّباعيِّ والخُماسيِّ، الثُّلاثيُّ إِلاّ أنَّ الفَرَّاءَ ذَهَبَ إِلَى زِيادَةِ الحَرْفِ الأَخِيرِ والحَرْفيْنِ الأَخِيريْنِ، والكِسائيُّ إِلَى زِيَادةِ مَا قَبْلَ الآخِرِ فِي الرُّباعيِّ مَعَ اتِّفاقِهِمَا عَلَى أنَّ وَزْنَ جَعْفَرٍ فَعْلَلٌ، ووزْنَ سَفَرْجَلٍ فَعَلْلَلٌ، وعلَى أنَّ الزَّائِدَ يُعبَّرُ عنْهُ بِلَفْظِهِ، وسيبويهِ أنَّهُما غيْرُهُ(4).
(وَزَادَ الأَخْفَشُ(5)
نَحْوَ جُخْدَب) بضمِّ الجيمِ وسُكونِ الخَاءِ المُعْجَمةِ وفتحِ الدَّالِ/10 لنَوعٍ مِنَ الجَرادِ(6)علَى
الخَمْسةِ، وعِنْدَ سيبويهِ(7)
كَبُرْثُنٍ، نَحْوُ عُنْدُدٍ(8)،وَسُؤْدَدٍ(9)،
ودُخْلَلٍ(10)مُلحقًا
بِقَرينَةِ عَدَمِ الإِدْغامِ يؤيِّدُ رَأْيَ الأخْفَشِ.
ص: 177
(وَأَمَّا جَنَدِلٌ)(1) بالفتْحتَينِ والكَسْرةِ لِمَوضِعٍ فِيهِ حِجَارةٌ(2)(وعُلَبِطٌ)(3)بالضمِّ
والفتْحِ والكَسْرِ(فَتَوَالِي الْحَرَكاتِ) المُسْتكْرهُ فِي كَلِمةٍ واحِدةٍ للثِّقلِ (حَمَلَهُمَا عَلَى بَابِ جَنَادِلَ وَعُلَابِطَ) (4)
أي: علَى أنَّهُما مُخَفّفَا جَنادِل بفتح الأوَّلِ جَمْعُ جَنْدَل كَجَعْفَرٍ وعُلابِطَ بضمِّها لفْظٌ مُفردٌ مِنْ مَزيدِ الرُّباعيِّ بِحذْفِ الأَلِفِ منْهُما، ونُقِلَ الضمُّ والفتحُ في جَنْدَلٍ أيضًا وضمُّ الأوَّلِ وكسْرُ ما بَعْدَ الأَلِفِ فِي جَنَادِلَ وعُلابِطَ، فَسَقَطَتِ الأَلِفُ فيْهِمَا للتَّخْفيفِ كَمَا أنَّ عَرَتُنا(5)
بفتْحِ العيْنِ والرَّاءِ وضمِّ التَّاءِ وعَرْتَنًا بِسُكونِ الرَّاءِ مُخفَّفا عَرَنْتَنٍ بحذفِ النُّونِ، وكَذا عَرَتَن بِثَلاث فَتَحاتٍ بالنِّسبةِ إِلَى عَرْتَنٍ، وهُدَبِد(6)
بالضمِّ والفتْحِ والكَسْرِ بالنِّسبةِ إِلَى هُدَابِد(7).
ص: 178
(وَلِلْخُمَاسِيِّ أَرْبَعَةٌ(1)) والقِسمةُ تقْتَضِي مِئةً واثْنينِ وتسْعينَ سَقَطَ البَواقِي، وزِيدَ هُنْدَلِع(2)
بالضمِّ والسُّكونِ والفتْحِ والكَسْرِ لِبقْلَةٍ(3) والحَقُّ زِيادةُ النُّونِ وهِيَ (سَفَرْجَلٌ(4))
بالفتْحَتينِ والسُّكونِ والفتْح ِ(قِرْطَعْبٌ(5))
بالكسْرِ والسُّكونِ والفتْحِ والسُّكونِ، (جَحْمَرِشٌ(6))
بالفتْحِ والسُّكونِ والفتْحِ والكَسْرِ(قُذَعْمِلٌ) بالضمِّ والفتْحِ والسُّكونِ والكَسْرِ، لِثَمَرةٍ مَعْروفَةٍ ودابَّةٍ، والعَجُوزِ والإبِلِ الضَّخِمَةِ(7).
(وَلِلمَزِيدِ فِيهِ) مُطْلقًا (أَبْنِيةٌ كَثِيرةٌ) نُقِلَ عَنْ سيبويهِ(8)
ثلثمائةٌ وثمانيةٌ، وزِيدَ بَعْدَهُ نَيّفٌ وثَمَانونَ، ولا مَانعَ مِنَ الزِّيادَةِ أيْضًا؛ لأَنَّ الزّائِدَ إِمَّا واحِدٌ أوِ اثْنانِ أوْ ثَلاثَةٌ أَوْ أَرْبعةٌ قَبْلَ الفَاءِ أَوِ الْعَينِ أَوِ الْلامِ الأُولَى أَوِ الثَّانِيةِ أَوْ بعْدَها مُجْتَمِعةً أوْ مُتَفرِّقَةً؛ فَالأَوْلَى الاقتِصَارُ عَلَى قَانُونٍ يمْتازُ بهِ الزَّائِدُ عَنِ الأَصليِّ
ص: 179
كَمَا هُوَ مذْكُورٌ فِي مَحلِّهِ(1)،
ولَمَّا كَانَ مَزِيدُ الخُماسيِّ قَلِيلاً ولا يَتَجاوَزُ الزَّائِدُ فِيهِ وهُوَ المدَّةُ قَبْلَ الآخِرِ أوْ ألِفٌ بعْدَهُ بِلا تَاءٍ بِخِلافِ الرُّباعيِّ؛ فإِنَّهُ يرْتقِي إِلَى ثَلاثٍ، والثُّلاثِيُّ إِلَى أَرْبعٍ، بيَّنهُ بِقوْلِهِ:(وَلَمْ يَجِيءْ فِي الْخُمَاسِيِّ إِلاَّ عَضْرَفُوطٌ) بالفتْحِ والسُّكونِ والفتْحِ والضمِّ، مُذكَّرُ دُويْبةٍ كَسامٍّ أَبْرصٍ(2)/11.
(وَخُزَعْبِيلٌ) بالضمِّ والفتْحِ والسُّكونِ والكَسْرِ، البَاطِلُ(3)(وَقِرْطَبُوسٌ)
بالكَسْرِ والسُّكونِ والفتْحِ والضمِّ، الدَّاهِيةُ، وجَاءَ كعَضْرَفُوطٍ أيْضًا عَلَى قِلَّةٍ(4)(وَقَبَعْثَرًى)
بالفتْحَتينِ والسُّكونِ والفَتْحتَينِ، الجَمَلُ الضَّخْمُ(5)،
والأَلِفُ فِيهِ لِزيادَةِ الْبِناءِ كَكِتابٍ كمَا صَرَّحَ بهِ الزَّمخْشَريُّ(6)
فِي شَرْحِ الحَاوِي(7)
لا للإِلْحاقِ كمَا قَالَه
ص: 180
الجَوْهَريُّ(1)؛ إِذْ لَيْسَ للسُّداسيِّ بِناءٌ أَصليٌّ يلْحَقُ بهِ شَيءٌ ولا للتَّأْنِيثِ؛ لأنَّهُ قَدْ يُنوَّنُ، وقَدْ تلْحقُهُ التَّاءُ.
(وَخَنْدَرِيْسٌ(2)عَلَى
الأَكْثَرِ) وهُوَ القَوْلُ بأَصَالَةِ نُونِهِ(3)؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الزِّيادَةِ، وقِيْلَ(4)
بِزيادَتِهَا؛ لِيَكُونَ مَزيِدُ الرُّباعيِّ؛ لأنَّ الأَصلَ هُوَ عَدَمُ الزِّيادَةِ فيْمَا لا يكُونُ الوَزْنُ نادِرًا وإِلاَّ كهَذا فَالأَصلُ هُوَ الزِّيادَةُ، والجَوابُ مَنْعُ النُّدْرةِ لِمَجيءِ بَرْقَعِيدٍ(5)،
وسَلْسَبِيلٍ(6)،
وجَعْفَلِيقٍ(7)،
وعَلْطَبِيسٍ(8)،
ونحْوِهَا فِي مَزِيدِ الخُماسيِّ وأيْضًا الحُكمُ بالزِّيادَةِ إنَّما يكُونُ أَوْلَى فيْمَا يكُونُ أبْنِيةُ المَزِيدِ فيْهِ أكثْرَ مِنْ أَبْنِيةِ الأُصولِ بِكَثِيرٍ وذلِكَ فِي الخُماسيِّ ممْنُوعٌ و الظَّاهرُ أنَّهُ لا خِلافَ فِي مَجِيءِ هَذا الوزْنِ فِي مَزِيدِ الخُماسيِّ، وإنَّما الخِلافُ فِي أنَّ خَنْدَريسًا وهُوَ الخَمْرُ القَدِيمَةُ هَلْ هُوَ (فَعْلَلِيلٌ) أَمْ (فَنْعَلِيْلٌ) فَلَوْ ذَكَرَ بَدَلَ خَنْدَرِيْسٍ بَرْقَعِيدًا لاسْتَراحَ
ص: 181
مِنْ قَوْلِهِ: (عَلَى الأَكْثَرِ)(1)،
إِلاَّ أنَّ هَذا البَيَانَ لايُفهَمُ مِنْهُ ولَمْ يذْكُرْ مَرْزَنْجُوشًا(2)؛
لكوِنهِ مُعْرَّبًا ولا قَبَعْثَراةً، ولا قَرْعْبْلانةً(3)؛
لِنَدرتِهِما، وبَعْدَ الفَرَاغِ عَنْ بَيانِ الأَبْنِيةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْوَالِهَا، وَقَالَ:
(وَأَحْوَالُ الأَبْنِيةِ قَدْ يَكُونُ(4)
لِلْحَاجَةِ) إليهَا لِكونهَا موقوفًا عليهَا، وذلِكَ أمَّا باعتِبَارِ تعيُّنِ المَعْنَى(كَالْمَاضِي، وَالْمُضَارِعِ وَالأَمْرِ، وَاسْمَي الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَالصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ ،وَأَفْعَلِ التّفْضِيلِ، وَالْمَصْدَرِ، وَاسْمَي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَالآلَةِ، وَالمُصَغَّرِ، وَالْمَنْسُوبِ، وَالْجَمْعِ) أَوْ باعْتِبارِ توقُّفِ التلفُّظِ عَلَيْهَا، وهُوَ أمَّا ضَرُوريٌّ(5) نحوُ(الْتِقَاءِ السَّاكِنَينِ وَالابْتِدَاءِ) أَوِ استحسانًا(6) (وَ) هُوَ نَحْوُ (الْوَقْفِ)؛ فإنَّهُ عَلَى السُّكونِ أَحْسَنُ عِنْدَهُمْ مِنْهُ عَلَى الحَرَكَةِ وإنْ أَمْكَن.
(وَقَدْ تَكُونُ لِلتّوَسُّعِ)(7) فِي الكَلامِ الحَاصِلِ مِنْ كَثْرَةِ الأَبْنِيةِ فيُتوسَّعُ بِهَا فِي الشِّعْرِ والسَّجَعِ ونحوِهِمَا لا للحَاجَةِ.
ص: 182
(كَالْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ) إِذَا لَمْ يكُنْ حُصولُهُمَا/ 12باقتِضاءِ الإِعلالِ كالمُصْطَفى والإِعْطاءِ (وَذِي الزِّيَادَةِ) إِذَا لَمْ يكُنْ لِحَاجَةٍ كزِيَاداتِ اسْمَي الفَاعِلِ والمفْعُولِ ونحْوِهِمَا.
(وَقَدْ تَكُونُ لِلْمُجَانَسَةِ كَالإِمَالَةِ، وَقَدْ تَكُونُ لِلاسْتِثْقَالِ كَتَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ، وَالإِعْلالِ، وَالإِبْدَالِ، وَالإِدْغَامِ، وَالْحَذْفِ) وسَيَجِيءُ تَفْصِيلُ الجَمِيعِ عَلَى التَّرْتِيبِ إِنْ شَاءَ(1) اللهُ تَعَالَى(2).
(الثُّلاثِيُّ(3)الْمُجَرَّدُ
ثَلاثَةُ أَبْنِيَةٍ)؛ إِذِ الابْتِداءُ بالسَّاكِنِ مُمْتَنِعٌ؛ والفتْحَةُ أَخَفُّ الحَرَكاتِ وضمّةُ المجْهُولِ وكسْرتُهُ وكسْرَةُ شهِدَ عَارِضيةٌ(4)،
وآخِرهُ مَبْنيٌّ عَلَى الفَتْحِ، والوَسَطُ مُتحرِّكٌ؛ لِئَلاَّ يَلْزمَ التِقَاءُ السَّاكِنيْنِ فِي (فعلن) إِلَى الآخِرِ، فَهِيَ ثَلاثٌ:
(فَعَل، وَفَعِلَ، وَفَعُل) والأوَّلُ يجِيءُ عيْنُ مُضارعِهِ مضْمومةً، ومكْسُورةً، والثَّانِي مفْتُوحةً ومكْسُورةً، وكُلٌّ مِنْها يكُونُ مُتعدّيًا ولازِمًا(نَحْوُ قَتَلَهُ، وَضَرَبَهُ، وَقَعَدَ، وَجَلَسَ) ولمْ يذْكُرْ (يفعَل) مفْتوحَ العَيْنِ؛ لأنَّهُ فَرعُهُمَا كَمَا سَيُبيِّنُ (وَشَرِبَهُ، وَوَمِقَهُ، وَفَرِحَ، وَوَثِقَ) واللازِمُ فِي الثَّانِي أَكْثَرُ، والثَّالِثُ لمَّا لَمْ يَجِيءْ إِلاَّ لازِمًا مَضْمومَ العَيْنَ فِي المُضارِعِ ككرُمَ لَمْ يَذكُرْ إلاَّ مِثالا، وقالَ (وَكَرُمَ)
ص: 183
وفِي كَلامِهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ مُضارِعَ (فَعِلَ) مَكْسورَ الْعَيْنِ إِنَّما يَجِيءُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، إِذَا كَانَ مِثَالاً.
(وَلِلمَزِيدِ فِيهِ) أي: للثُّلاثيِّ الْمَزيْدِ فِيهِ مِنَ الفِعْلِ (خَمْسَةٌ وَعُشْرُونَ) بِناءً مِنْهَا (مُلْحَقٌ بِدَحْرَجَ نَحْوُ: شَمْلَلَ(1)،
وَحَوْقَلَ(2)،
وَبَيْطَرَ، وَجَهْوَرَ(3)،
وقَلْنَسَ، وَقَلْسَيَ(4))،
وَشَرْيفَ(5)
أي: فَيْعَلَ، بَدَلَ قَلْنَسَ، أي: فَعْنَلَ(6) عِنْدَ السَّكَّاكيِّ(7)،
بِزيَادَةِ حَرْفٍ واحِدٍ فِي الجميعِ (وَمُلْحَقٌ بِتَدَحْرَجَ نَحْوُ: تَجَلْبَبَ(8)،
وَتَجَوْرَبَ(9)،
ص: 184
وَتَشَيْطَنَ(1)،
وَتَرَهْوَكَ(2)،
وَتَمَسْكَنَ(3)،
وَتَغَافَلَ، وَتَكَلَّمَ) بِزِيَادَةِ حَرفَينِ، هَذا عِنْدَ المُصنِّفِ والزَّمخشَريِّ(4)،
وعِندَ سَائِرِ المُحَقّقِينَ(5)
إنَّ الأَلِفَ فِي نَحْوِ(6):
تَغَافَلَ، والتَّضْعِيفَ فِي نَحْوِ(7)
تَكلََّمَ فنحوُهُمَا(8)
لَيْسَا للإِلْحاقِ بَلْ لِمَعانٍ أُخرَ سَتَجِيءُ؛ إذِ الحَرْفُ المَزيدُ لإِفَادَةِ مَعْنًى لَيْس للإِلْحاقِ وَبِهِ اعْتَرَفَ الش الرضيُّ" رض"(9)،
والملْحَقُ لا يَعْرُضُهُ الإِدْغامُ؛ لِئلاَّ يَنكَسِرَ وَزْنُ المُلْحقِ بهِ بِخِلافِ نَحْوِ: تَمَادَّ وَتَكلّمَ، وكَذا الْمِيمُ فِي (تَمَسْكَنَ) عنْدَ بَعْضٍ.
ص: 185
(وَمُلْحَقٌ بِاحْرَنْجَمَ(1)
نَحْوُ: اِقْعَنْسَسَ(2)،
وَاسْلَنْقَى(3)) بزيادةِ ثَلاثَةِ أَحْرُفٍ، ولا ثالِثَ لَهُمَا؛ إِذْ لَيْسَ فِي (اسْتَخْرَجَ) نونٌ زائِدةٌ بَعْدَ حَرْفَينِ فَيُتَوهَّمُ أنَّهُ مُلْحقٌ بِهِ/13.
(وَغَيْرُ مُلْحَقٍ نَحْوُ: أَخْرَجَ، وَجَرَّبَ، وَقَاتَلَ) بزيادةِ حرفٍ واحدٍ (وَانْطَلَقَ، وَاقْتَدَرَ) بزيادةِ حرفينِ.
(وَاسْتَخْرَجَ، واشْهَابَّ، واشْهَبَّ(4)،
واغْدَوْدَنَ(5)،
وَاعْلَوَّطَ(6)) بزيادةِ ثلاثةِ أحرفٍ إلاّ اشْهَبَّ؛ فالأنسبُ أنْ يقالَ: واشْهَبّ، واشْهَابَّ، واسْتَخْرَجَ.
ص: 186
والغالبُ فيهِ أنْ يكونَ للونِ أوِ العيبِ اللازمينِ الحسيينِ(1)،
وفي (اشْهَابَّ) العارضين فإنْ قيلَ: شرطُ الإلحاقِ اتحادُ المصدرينِ، وجاءَ إكرامٌ كدحراجٍ فلِمَ لمْ يُجعلْ مُلحقًا بهِ؟.
قلتُ: لمعتمدٍ في مصدرِ (فَعْلَلَ) هو(فَعْلَلَهُ)؛ لاطّراده في نحو:عَرْبَدَ(2)،
وقَحْطَبَ(3)،
وقد أجيبَ : بأنَّ شرطَ اتحادِ المصدرينِ أوِ المصادرِ مع أنَّ الشّرطَ قدْ يكونُ أعمَّ.
(وَاسْتَكَانَ) بمعنى ذلّ وَخضعَ(4)(قِيلَ:
افْتَعَلَ مِنَ السُّكونِ فَالْمَدُّ شَاذٌّ) جِيءَ بهِ للإشباعِ، والهمزةُ والتّاءُ زائدتانِ.
(وَقِيلَ اسْتَفْعَلَ مِنْ كَانَ) أمّا مِنَ (الكونِ)(5) وهو الحالةُ، أوِ (الكَيْنِ)(6)،
وهو لحمٌ داخلُ الفرجِ، والسِّينُ زائدةٌ للانتقالِ؛ أي من حالةِ العِزِّ إلى الذُّلِّ، أوْ صارَ مِثْلَ الكَيْنِ في الحقارةِ والذُّلِّ(7)، وعلى أيّ تقديرٍ (فَالْمَدُّ قِيَاسِيٌّ)؛ لانقلاب العين إليها.
ص: 187
(فَفَعَلَ) مفتوحُ العينِ جاءَ (لِمَعَانٍ كَثيِرةٍ) لخفّتِهِ(1).
(وَبَابُ الْمُغَاَلَبَةِ)(2)وهوَ ما يُذكرُ بعدَ المُفَاعَلةِ لبيانِ أَنّ أحدَ الفاعلين يغلبُ الآخرَ في معنى المصدرِ؛ فإنّهُ للمشاركةِ ك-(اسْتَعْلَمَهُ) فلا يكونُ إِلاّ متعدّيًا (يُبْنَى عَلَى فَعَلْتُهُ أَفْعُلُهُ)(3)
بفتحِ العينِ في الماضي، وضمِّها في الآتي، وإنْ كانَ منْ غيرِ هذا البابِ.
(نَحْوُ كَارَمَنِي فَكَرَمْتُهُ أَكْرُمُهُ) أيْ: وقعَ منهُ الكرمُ بالنسبةِ إليَّ ومنّي بالنسبةِ إليهِ وأنا غلبتُه في الكرمِ، وكذا: ضَارَبَنِي فَضَرَبْتُه، بفتحِ العينِ في الماضِي وضمِّها في المُستقبلِ.
وَهلْ يجوزُ نقلُ أيِّ لغةٍ أردتَ إِلَى هَذا البابِ أَمْ موْكُولٌ إِلَى السَّماعِ ؟ فيهِ خِلافٌ: ذَهَبَ سيبويهِ إِلَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ:" وليس في كل شيء يكون هذا ألا ترى أنك لا تقول نازعني فنزعته أنزعه"(4).
(إِلاّ بَابَ وَعَدْتُ، وَبِعْتُ، وَرَمَيْتُ) وكذا يَسَرْتُ(5)/14؛ (فإنّه) أي المثالِ مطلقًا، والمعتلُّ العينِ واللامِ الياءيينِ(6)(أفعِلُهُ
بِالكَسْرِ) فِي المُضَارِعِ، وأمّا الماضِي، فَالصَّحيحُ وغيرُه سيّانٌ.
ص: 188
(وَعَنِ الْكِسَائِي(1) فِي نَحْوِ شَاعَرْتُهُ فَشَعَرْتُهُ) أي فيمَا كانَ عينُهُ أوْ لامُهُ حرفَ حلقٍ (أَشْعَرُهُ) بالفتحِ في الآتي(2)، وحكَى أبو زيدٍ(3):
شَاعَرْتُهُ فَشعَرْتُهُ أَشْعُرهُ، فَاخَرْتُهُ فَفَخَرْتُهُ أَفْخُرُهُ(4)
الضمَّ، وهو مختارُ المحقّقِينَ(5).
(وَفَعِلَ) مكسورُ العينِ (تَكْثُرُ فِيهِ الْعِلَلُ، وَالْأَحْزَانُ، وَأَضْدَادُهَا، نَحْوُ(6)
سَقِمَ، وَمَرِضَ وَحَزِنَ، وَفَرِحَ) والمرادُ: إنّ كثيرًا ما تجيءُ تلكَ الأعراضُ منْ هَذا البابِ لا أنّ هذا البابَ أكثرُه في تلكَ الأعراضِ وإلا لقالَ تكثرُ في العللِ(7).
(وَتَجِيءُ الأَلْوَانُ وَالْعُيُوبُ وَالْحُلِيُّ كُلُّهَا عَلِيْهِ) على ما يُشَاهِدُهُ الحِسُّ في أعضاءِ الحَيَوانِ(وَقَدْ جَاءَ أَدُِمَ وَسَمُِر) منَ الألوانِ (وَعَجُِفَ وَحَمُِقَ وَحَُرِقَ(8)
وَعَجُِمَ وَرَعُِنَ) منَ العيوبِ ومَلُِحَ منَ الحُليِّ (بِالكَسْرِ وَالضَّمِّ)(9)،
وقدْ تَجيءُ
ص: 189
الأمراضُ والأوجاعُ أيضًا على (فَعُل) بالضمِّ بشرطِ أنْ لا يكونَ لامُهُ ياءً إلاّ مَا شَذَّ.
(وَفَعُلَ) مضمومُ العينِ (لأَفْعَالِ الطَّبَائِعِ) أي الصادرةُ عنِ الطبيعةِ (وَنَحْوِهَا) ممّا كانَ لهُ لَبْثٌ مثلُ: مَكُثَ ك-(حَسُنَ).
(وَقَبُحَ، وَكَبُرَ،وَصَغُرَ، َوِمْن َثمَّ) من أجل أنّ هذا البابَ يكونُ غالبًا للغرائزِ، وهي لازمةٌ لصاحبِها لا تتعدَّى عنهُ (كَانَ لاَزِمًا).
(وَشَذَّ رَحُبَتْكَ الدَّارُ) حيثُ عَدّى بِالنفسِ (أيْ: رَحُبَتْ بِكَ الدَّارُ(1))
يعني كانَ في الأصلِ متعدّيًا، حذفتِ الباءُ لكثرةِ الاستعمالِ واستعمالُه بدونِها كَما جاءَ منْ نصرِ بنِ سيّار(2)،
وحَكاهُ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ(3)
هُذيلَ أيضًا خلافَ الأصلِ، و لعلُّه لتضمّنهِ معنى وَسِعَ(4) .
ص: 190
(وَأَمَّا بَابُ سُدْتُهُ) كقُْلتُهُ (فَالصَّحِيحُ أَنَّ الضَمَّ لِبَيَانِ بَنَاتِ الْوَاوِ) أي: لبيانِ أنّهُ واويٌّ (لَا لِلنَقْلِ) كما نُقِلَ عنِ الكِسائي(1)
أنّ الأجوفَ الواويَّ نُقِلَ أوّلاً الى (فَعُلَ) بالضمِّ، ثُمَّ نُقلتِ الضّمةُ إلى الفاءِ، وحُذفتِ العينُ؛ إذْ /15 لَوْ كانَ الأمرُ كك للزمَ مثلُ ذلكَ في بابِ (خَافَ) بلْ ضَمُّ الفاءِ بعدَ حذفِ الألفِ للدَّلالةِ عَلى الواوِ(2).
(وَكَذَلِكَ بَابُ بِعْتُهُ)(3)؛
فإنَّ الكسرةَ فيهِ أيضًا لبيانِ بناتِ الياءِ، لا للنقلِ فإنْ قِيلَ: فَلِمَ أَجريتمْ مثلَ ذلكَ فِي الأجوفِ الواوي مِنْ بابِ (عَلِمَ) قلنا:
(وَرَاعَوا فِي بَابِ خِفْتُ بَيَانَ الْبِنْيَةِ) أي: كسروها؛ لبيانِ أنّهُ مكسورُ العينِ لأهميّةِ ذلكَ، ولمْ يراعُوا بيانَ بناتِ الواوِ، فيضمّوا فاءَها- ولمّا لمْ يكُنْ بدٌّ في الزيادةِ إذا لمْ تكنْ لغرضٍ لفظيٍّ - كالإلحاقِ - منْ غرضٍ معنويٍّ وإلّا لكانتْ عَبَثًا(4)،
أشارَ المُصِّفُ إِلَى بَيَانِ الأَغْراضِ، وَقَالَ:
(وَأَفْعَلَ لِلتعْدِيَةِ غَالِبًا) أي: الغالبُ فيهِ أنْ يجعلَ المجرّدُ واللازمُ متعديًا إلى واحدٍ، والمتعدّي إلى واحدٍ إلى اثنين، وإلى اثنين إلى ثلاثٍ، وَمعنى التّعديةِ هوَ أنْ يُضمّنَ المجرّدُ معنى الجعلِ، والتصييرِ، ثُمّ يُجْعلُ فاعلُ أصلهِ مفعولاً لا بمعنى الجعلِ المستفادِ من الهمزةِ وفاعِلاً لأصلِ الحدثِ على ما كانَ (نَحْوُ أَجْلَسْتُهُ) أي: جَعلتُهُ جالسًا، والضميرُ الذي هو مفعولُ الجعلِ هو
ص: 191
فاعلُ الجلوسِ، وأحضرتُ زيدًا النهْرَ، أي جعلتُهُ حاضرًا لهُ، فالأوّلُ مجعولُ مفعولِ الجعلِ والثا: محضُور مفعولِ لأصلِ الفعلِ، وأعلمتُهُ زيدًا فاضلاً؛ أي: جعلتهُ عالمًا بِأنَّ زيدًا فاضلٌ، والثلاثيُّ إنْ كانَ لازمًا ومتعّديًا، نَحْوُ: حَزِنَ زيدٌ، وَحَزِنْتَهُ، فالهمزةُ إنّمَا تدخلُ لازمهُ(1).
(وَلِلتَّعْرِيضِ) أي: لجعلِ فاعلِ المجرّدِ مفعولَه في معرضِ أصلِ الحدثِ(نَحْوُ أَبَعْتُهُ) أي:عَرَضْتُهُ للبيعِ(2).
(وَلِصَيْرُورَتِهِ) أي: فاعل افعل (ذَا كَذَا) صاحبُ شيءٍ سواءً كانَ ذلكَ الشيءُ هوَ مَا اشتُقَّ منهُ الفعلُ:(نَحْوُ أَغَدَّ البَعِيرُ) أي: صارَ البعيرُ ذا غُدّةٍ(3)،
أوْ صاحبُ مَا اشتُقَّ منهُ: نَحْوُ أَجْرَبَ الرّجُلُ أي: صارَ ذا إبلٍ ذاتِ جَربٍ(4)،(وَمِنْهُ)
أي من (أَفْعَلَ) الذي للصيرورة (أَحْصَدَ الزّرْعُ)أي: جاءَ وقتُ حصادهِ ولمْ يُحْصَدْ بعدُ، لا أنّ الزَّرعَ/16صارَ ذا حَصادٍ(5).
(وَلِوُجُودِهِ) أي:لأنَّ الفاعلَ وَجَدَ مفعولَه (عَلَى صِفَةٍ) تشتقُّ منهُ أصلَ الفعلِ، أمّا بمعنى المفعولِ - إنْ كانَ متعديًا، أوِ الفاعلِ إنْ كانَ لازِمًا(نَحْوُ: أَحْمَدْتُهُ، وَأَبْخَلْتُهُ) أيْ وجدتُهُ محمودًا، ووجدتهُ بخيلاً، أيْ ذا بُخْلٍ(6).
ص: 192
(وَللسّلْبِ) أي: سلبُ الفاعلِ أصلَ الفعلِ عنِ المفعولِ (نَحْوُ أَشْكَيْتُهُ) أي: أَزَلْتُ شِكَايَتهُ، وهو في هذا البابِ كثيرٌ في المعاني، وفي بابِ التفعيلِ في الأعيانِ (وَبِمَعْنَى فَعَلَ) معَ إفادةِ تقريرٍ، وتأكيدٍ سواءٌ كانَ متعدّيًا(نَحْوُ: قِلْتُهُ) بكسرِ القافِ (وَأَقَلْتُهُ) فإنّهما بمعنى فَسَخْتُهُ(1)
مع تأكيدٍ في الثاني(2)،
أوْ لازمًا، نَحْوُ: بَطُؤَ(3)،
وأَبْطَأَ، وقدْ يجيءُ (أفعل) لجعلِ الشيءِ نفسَ ذاتهِ، نَحْوُ: أَهديتُهُ أي: جعلتَهُ هديةً، وللدعاء، نَحْوُ: أسقيتَهُ أي: دعوتُ لهُ بالسّقيا، ولمطاوع (فَعَّلَ) نَحْوُ: فَطَّرتُهُ فأفطرَ(4)،
ولغيرِ ذلك.
(وَفَعّلَ لِلتكْثِيرِ غَالِبًا) أي: لتكثيرِ أصلِ الفعلِ سواءٌ كانَ متعديًا، أوْ لازمًا، والأولُ ما لا بتعدّدِ المفعولِ، أو بهِ، والثاني ما لا بتعدد الفاعل، أو به،(نَحْوُ غَلّقْتُ) البابَ (وَقَطَّعْتُ) الثّوبَ(وَجَوَّلْتُ، وَطَوَّفْتُ، وَمَوَّتَ الْمَالَ) فلا يقالُ: ذبّحتُ هذهِ الشَّاةَ، ولا موّتتُ الإبلَ(5).
ص: 193
(وِلِلتّعْدِيَةِ) إلى واحدٍ إنْ كانَ مجرّدُه لازمًا، أوْ متعدّيًا إلى واحدٍ (نَحْوُ: فَرَّحْتُهُ)(1)
أو متعدّيًا إلى واحدٍ، نَحْوُ:غَلّقْتُ، و قَطّعْتُ، فلا يفيدُ إلا التكثيرَ، وإلى اثنين إنْ كانَ متعدّيًا إلى اثنين، نحو:علّمتُ زيدًا الفقهَ، إلاّ أنّ الثاني يُحْمَلُ على الأوّلِ في المجرّدِ دونَ المزيدِ فيهِ، ولا تتعدّى إلى ثلاثٍ غالبًا، ومنه ما جعلوهُ في الحقيقةِ قِسمًا آخرَ، وقالُوا: يجيءُ فَعّلَ لِنسبةِ المفعولِ إلى أصلِ الفعلِ كقولهِم:(فَسّقْتُهُ) أي: جعلته فاسقًا، وهذا لازمُ معناهُ الحقيقيّ وهو نسبتُه إليهِ لا فاعلاً له كفرّحتُه(2).
(وَلِلسّلْبِ نَحْوُ: جَلَّدْتُهُ، وَقَرَّدْتُهُ(3)،
وَبِمَعْنَى فَعَلَ، نَحْوُ: زِلْتُهُ وَزَيَّلْتُهُ) منْ زَالَ ك-(باع) أي: فَرَّقَ/ 17، ويجيءُ بمعنى (صَارَ) ذا أصلِهِ، نحوُ: وَرَّقَ، أي: صَار ذا ورقٍ، وبمعنى صيرورةِ فاعلِهِ أصله المشتق منه، نحو: روّضُ المكانُ أي صارَ روضًا، وبمعنى تصييرِ الفاعلِ مفعولَه على ما هوَ عليهِ، نحوُ( سُبْحَانَ مَنْ ضَوّأَ الأَضْوَاءَ)(4)
أي: جعلها أضواءً، وبِمعنى وقوعِ الفِعْلِ في المشتقِّ هو منهُ، نحوُ: صَبّحَ أي: أَتَى صَبَاحًا، وبمعنى المشي إلى الموضعِ المشتقّ هوَ منهُ، نحوُ كوّفَ أي: مشى إلى الكُوفةِ إلى غيرِ ذلك(5).
ص: 194
(وَفَاعَلَ)(1) يجيءُ (لِنِسْبَةِ أَصْلِهِ) المشتقِّ هو منهُ يعني مصدرَ ثُلاثيهِ (إِلَى أَحَدِ الْأَمْرِيْنِ)أي الشّيئينِ فإنَّ الأمرَ كَثيرًا ما يستعملُ بمعنى الشّيءِ، ويقعُ على الأشخاصِ كَما يقعُ على المعانِي (مُتَعَلِّقًا) حالٌ عنِ الضّميرِ الراجعِ إلى (فاعلَ) يجيءُ (بِالآخَرِ) منَ الأمرينِ كَزيدٍ وعمرو في (ضارب زيدٌ عمرا)(2)
مثلاً، وذلك التعلّقُ إنّما هو (لِلْمُشَارَكَةِ) التي تضمّنها (فاعَلَ)، وَقولُه (صَرِيحًا)(3)
تمييزٌ من قولهِ: لنسبتهِ إلى أحدِ الأمرينِ، وحاصل المعنى إنّ (فَاعَلَ) يجيء لنسبة أصله إلى أحد الأمرين من حيثُ التّصريح ما لكونه متعلقًا بالآخر؛ لأجلِ المشاركةِ التي هو منضمٌّ لها (فَيَجِيءُ الْعَكْسُ) أي نسبتهُ إِلى الآخَرِ متعلّقًا بالأوّلِ (ضِمْنًا، نَحْوُ ضَارَبْتُهُ، وَشَارَكْتُهُ)؛ فِإنَّ الضّمِيرَ المرفوعَ فاعلٌ ومشارِكٌ - بالكسر - صريحًا، ومفعولٌ ومشارَك بالفتحِ ضِمنًا.
(وَمِنْ ثَمَّ) أي: منْ أجلِ أنّهُ متعلّقٌ بالآخَرِ صريحًا (جَاءَ غَيْرُ الْمُتَعَدِّي) إذا نُقلَ إِلى فاعَلَ (مُتَعَدّيًا) إلى واحدٍ (نَحْوُ: كَارَمْتُهُ)(4)
فمنْ جَعَلَ (متعلّقًا) حالاً عن أصلِهِ أُشْكِلَ(5) عليهِ الأمرُ؛ إذِ المُتعدِّي - كمَا هوَ مذكورٌ في مُقدِّمةِ الإِعرابِ - مَا يتوقُّف فَهمُه عَلى مُتعلٍّق(6)،و
ظَهَرَ أنَّ الذِي(7)
يتوقّف فهمُه على
ص: 195
المشارَك - بالفتح - في (كارَمْتُهُ) هو (فاعَل)؛ لتضّمنِهِ معنى المشاركة لا الكرم؛ لكونِه لازمًا، وكذا منْ جَعلهُ حالاً عن (أحد الأمرين)؛ لأنَّ أحدَ الأمرينِ في (ضارَبَ زيدٌ عمرا) ليس متعلّقًا بالآخر متعلّقًا ناشئًا عن (فاعَل).
(وَالْمُتَعَدِّي) قبلَ النقلِ (إِلَى وَاحِدٍ مُغَايِرٍ لِلْمُفَاعَلِ)/ 18بفتحِ العينِ وهو المشاركِ أي إِلى ما يكونُ صالحًا لأنْ يكونَ مشاركًا، وإنْ كانَ صالحًا للمفعُولِيّة لأصلِ الفعلِ، نَحْوُ: جَذَبْتُ الثّوبَ، جاءَ(1) (مُتَعَدِّيًا إِلَى اثْنَيْنِ) أحدهُما مفعولُ أصلِ الفعلِ، وثانِيهما المشاركُ (نَحْوُ:جَاذَبْتُهُ الثَّوْبَ) فإنَّ مشارَكةَ الثوبِ للفاعلِ في الجذبِ غيرُ معقولٍ (بِخِلافِ) ما كانَ مشارَكتُه لهُ معقولاً، نَحْوُ:(شَاتَمْتُهُ) فيكتفِي بمفعولٍ واحدٍ(2).
(وَبِمَعْنَى فَعَّلَ) بالتثقيلِ،أي للتكثيرِ (نَحْوُ: ضَاعَفْتُهُ)(3)
بِمعْنَى (ضَعَّفْتُهُ).
(وَبِمَعْنَى فَعَلَ) معَ المبالغةِ (نَحْوُ: سَافَرْتُ) بمعنى سَفَرْتُ، أي: خرجتُ إلى السَّفَرِ، وناولتُهُ الشيءَ بمعنى نُلْتُهُ ك-(قُْلتُهُ) أي: أعطيتُهُ، ولمْ يجيءْ (سفرتُ) عند شارح(4)
المفصّل(5)،
ولمْ يساعدْهُ غيرُهُ(6).
ص: 196
وبمعنى جعلِ الشيءِ ذا أصلِهِ، نحو: عافاكَ اللهُ أي: جعلكَ ذا عافيةٍ(1).
(وَتَفَاعَلَ لِمُشَارَكَةِ أَمْرِينِ فَصَاعِدًا فِي) كَونهِما فَاعِلَي (أَصْلِهِ صَرِيحًا) ويكونُ كلُّ منهما مفعولاً للآخر ضمنًا، فكلاهما مرفوعان هنا على الفاعلية بخلاف (فَاعَلَ) فإنّ أحدَهما فاعلٌ ومرفوعٌ والآخرَ مفعولٌ ومنصوبٌ صريحًا، ويدلّ على العكسِ ضمنًا، قال المالكي: فاعَل لاقتسامِ الفاعلية والمفعولية لفظًا، والاشتراك فيهما معنًى، وتفاعلَ للاشتراك في الفاعلية لفظًا وفيها وفي المفعولية معنًى(2)، (نَحْوُ: تَشَارَكَا) أي: زيدٌ وعمرُو، وفي باب (فاعَلَ) تقول شاركَ زيدٌ عمرا(3).
(وَمِنْ ثَمَّ) أي منْ أجلِ أنّ المقصودَ هنا تشاركُهما في الفاعلية صريحًا (نَقَصَ مَفْعُولاً عَنْ فَاعَلَ) فَإنْ كانَ فاعَلَ متعدّيًا إِلى اثنينِ كانَ تفاعَلَ متعدّيًا إِلى ثانِيهِما، وَيدخلُ الأوّلُ في الفاعِل، نحوُ: نازعتُكَ الحديثَ، وتَنازَعْنا الحديثَ، وإنْ كانَ متعدّيًا إِلى واحدٍ لمْ يتعدَّ نحوُ: ضَاربتُكَ وتَضَاربْنَا؛(وَلِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْفَاعِلَ أَظْهَرَ) أَوْهَمَ الغيرَ لغرضِ (أَنَّ أَصْلَهُ حَاصِلٌ لَهُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ)
ص: 197
عنهُ واقعًا (نَحْوُ: تَجَاهَلَ، وَتَغَافَلَ، وَبِمَعْنَى فَعَلَ/19نَحْوُ: تَوَانَيْتُ) وونيتُ، أيْ: ضَعفْتُ(1).
(وَيَجِيءُ(2)
مُطَاوِعَ فَاعَلَ، نَحْوُ: بَاعَدْتُهُ فَتَباعَدَ)، ومعنَى المُطاوعةِ: تَأَثُّرُ أحدِ الفعلينِ المشتقّينِ عنْ أصلٍ واحدٍ عنِ الآخرِ الدَّالِّ على التّأثيرِ، وهو قدْ يكونُ لازمًا، نحوَ: كسرتُهُ فانكسرَ؛ أي: تأثّرَ بالكسرِ، وقدْ يكونُ متعدّيًا نحوَ: علّمتهُ الفقْهَ فتعلّمَ أيِ الفقهَ(3).
(وَتَفَعّلَ لِمُطَاوَعَةِ فَعَّلَ)(4)
بالتّشديدِ الذيْ هوَ لِلتكثيرِ (نَحْوُ: كَسَّرْتُهُ فَتَكَسَّرَ) وقدْ يجيءُ لمطاوعةِ (فَعّلَ) الذيْ للتّعْديةِ، نحوُ:علّمتُهُ فتعلّمَ، والأغلبُ في مطاوعتِهِ هوَ ثلاثيهِ نحوُ: فرّحتهُ ففرِحَ وعلّمتهُ فعلِمَ، وقدْ يجيءُ مطاوعةَ (فَعَّلَ) للنسبةِ، نحوَ: فسَّقْتُهُ فَتَفسّقَ.
(وَلِلتّكَلُّفِ) والفرقُ بينهُ وبينَ (تَفَاعَلَ) أنّه في التفاعُلِ بمعنى إظهارِ الفعلِ منْ غيرِ أنْ يريدَ ممارستَهُ الفعلَ، وتحصيلَهُ بخلافِ التفعُّلِ (نَحْوُ: تَشَجَّعَ، وَتَعَلَّمَ(5))
والظّاهرُ مِنْ كلامِ المصنّفِ - بقرينةِ المُقابلةِ - أنّ هذا المعنَى والأربعَ التّاليةُ له لغيرِ المطاوعةِ، والش الرضيُّ "رض" صرّحَ بأنّ هذا المعنَى–
ص: 198
بحسب التقدير- لمطاوعة (فَعَّلَ) الذيْ هوَ للنّسبةِ كأنّهُ قِيلَ: شجّعتُهُ أي: نسبتهُ إلى الشَّجاعةِ فتشجّعَ؛ أيْ: انْتسبَ لها(1).
(وَلِلاتِّخَاذِ، نَحْوُ: تَوَسَّدَ) التُّرابَ، أي: أخذهُ وِسادةً، وعندهُ هذا- بحسبِ التقديرِ- مطاوعُ (فَعَّلَ) الذيْ هوَ لجعلِ الشّيءِ ذا أصلهِ، وهوَ يتعدّى إلى اثنينِ فيتعدّى إلى واحدٍ كأنّهُ قيلَ: وسّدتهُ التّرابَ، أي: صيّرتهُ ذا وسادةٍ هي التراب فتوسّدَ أي: صارِ ذا وسادةٍ هي الترابُ(2).
(وَلِلتّجَنُّبِ) عنْ أصلِ الفعلِ (نَحْوُ: تَأَثَّمَ، وَتَحَرَّج) أيِ اجْتنبَ الإثمَ والحَرَجَ، وهذا عنده - بحَسَبِ التَّقْدِيرِ- مُطَاوعُ (فَعَّلَ) الذيْ هوَ للسّلبِ كأنّهُ قِيلَ: أثّمتهُ أي أزلتُ عنهُ الإثمَ فتأثّمَ(3).
(وَلِلْعَمَلِ الْمُتَكَرِّرِ فِي مُهْلَةٍ)(4)
أي: للدّلالةِ على أنّ أصلَ الفعلِ حصلَ مرّةً بعدَ مرّةٍ (نَحْوُ: تَجَرَّعْتُهُ) أي: شَرِبْتَهُ جُرْعَةً بَعْدَ جُرْعَةٍ، وهَذا عِنْدَهُ - بِحَسَبِ التَّقْدِيرِ- لِمُطَاوَعَةِ (فَعَّلَ) للتَّكْثِيرِ(وَمِنْهُ تَفَهَّمَ) وإِنَّما فَصَلَهُ؛ لأَنَّ التَّكْرارَ فيْهِ لَيْسَ ظَاهِرًا مَحْسُوسًا.
(وَبِمَعْنَى اسْتَفْعَلَ) سَواءٌ كَانَ لِمَعْنَى الطَّلَبِ أَوِ الاعْتِقَادِ فِي الشَّيءِ أَنَّهُ/20علَى صِفَةِ أَصْلِهِ (نَحْوُ: تَكَبَّرَ، وَتَعَظَّمَ) وقدْ يَجِيءُ بِمَعْنَى صَيْرورةِ الشَّيءِ ذا أَصلِهِ ك-(تألّمَ) فَيَكُونُ مُطَاوِعَ (فَعّلَ) الذِي لِجَعْلِ الشَّيءِ ذا أَصلِهِ، ثُمَّ الأَحْرى لِلمُصنِّفِ القائلِ بأَنَّ هَذا الْبَابَ وَمَا قَبْلَهُ مِنَ المُلْحَقَاتِ أَنْ لا يَذْكُرَهُمَا
ص: 199
هُنَا كَمَا لَمْ يَذْكُرْ سَائِرَ المُلْحَقَاتِ إِلاَّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَجِيئَهُما بِهَذهِ المَعَانِي لَمَّا كَانَتْ ثَابِتَةً ذَكَرَهُمَا، وإِنْ كَانَ مُقويًّا لِقَولِ الْخَصْمِ(1).
(وَانْفَعَلَ لازمٌ ) اتِّفاقًا (مُطَاوِعُ فَعَلَ) غَالِبًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلعِلاجِ (نَحْوُ: كَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ، وَقَدْ جَاءَ مُطَاوِعُ أَفْعَلَ، نَحْوُ: أَسْفَقٌتهُ) أيْ: رَدَدْتُهُ فَانْسَفَقَ(2)
(وَأَزْعَجْتُهُ) أيْ: (فَانْزَعَجَ، قَلِيلاً، وَيَخْتَصُّ بِالْعِلَاجِ وَالتَّأْثِيرِ)(3)
أيْ: الأَفعَالُ الظَّاهِرةُ لِلعُيونِ، فَلا يُقَالُ: عَلَّمْتُهُ فَانْعَلمَ(4)
بِخِلافِ (تَفَعّلَ)(وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: اِنْعَدَمَ(5)
خَطَأٌ ) وَكَذا غَمَمْتُهُ فَانْغَمَّ(6).
ص: 200
(وَافْتَعَلَ لِلْمُطَاوَعَةِ غَالِبًا) قَالَ سيبويهِ: البَابُ فِي المُطَاوَعَةِ (اِنْفَعَلَ)،(وَافْتَعَلَ) قَلِيلٌ(1)(نَحْوُ:غَمَمْتُهُ
فَاغْتَمَّ) وَكَثِيرًا مَا يَجِيءُ فِي مُطاوَعَةِ مَا كَانَ فَاؤُهُ لامًا أَوْ رَاءً أَوْ وَاوًا أَوْ مِيْمًا أَوْ نُونًا(2).
(وَلِلاتِّخَاذِ، نَحْوُ: اشْتَوَى)أي: اتّخَذَ الشَّوى لِنفْسِهِ(وَبِمَعْنَى تَفَاعَلَ(3)
نَحْوُ: اجْتَوَرُوا، وَاخْتَصَمُوا)أيْ: تَجَارُوا، وَتخَاصَمُوا، ولِكَونِهِ بِمَعْنَى مَا لا إِعْلالَ فِيْهِ لا يُعَلُّ(4)، (وَلِلتَّصَرُّفِ) أيْ: الاجْتِهَادُ فِي تَحْصِيلِ أَصْلِهِ (نَحْوُ: اكْتَسَبَ)(5)
أي: اجْتهَدَ فِي الكَسْبِ، هَذا عِنْدَ سيبويهِ(6)، وعِنْدَ غَيْرِهِ(7)
لا فَرْقَ بَيْنَ (اكْتَسَبَ وَكَسَبَ)(8).
ص: 201
(وَاسْتَفْعَلَ لِلسُّؤالِ غَاِلبًا، إِمَّا صَرِيحًا، نَحْوُ: اسْتَكْتَبْتُهُ)(1) أي: طلبتُ منهُ الكِتابةَ حقيقةً (أَوْ تَقْدِيرًا، نَحْوُ: اسْتَخْرَجْتُهُ) يُقالُ: اسْتخْرجتُ الوَتَدَ منَ الجِدارِ، أي: اجتهدتُ فِي إِخراجهِ؛ إذْ لا يمكنُ الطلبُ حقيقةً(2).
(وَلِلتّحَوِّلِ) وَلا يَكُونُ إِلاَّ لازمًا (نَحْوُ: اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) أي: صارَ الطِّينُ حَجَرًا أَمَّا حقيقةً، أوْ مِثلَهُ فِي الصَّلابَةِ (وَإنَّ البِغَاثَ بِأَرْضِنَا)- مُثلَّثَةُ البَاءِ ضِعَافُ الطَّيْرِ(3)- (تَسْتَنْسِرُ)(4)،
تَصِيرُ كَالنَّسْرِ فِي القُوَّةِ/21
(وَبِمَعْنَى فَعَلَ) معَ المُبالغةِ (نَحْوُ: قَرَّ وَاسْتَقَرَ)(5)، وقِيلَ فيهِ معنَى الطَّلبِ؛ أي: طلبُ القَرارِ مِنْ نَفْسِهِ.
وَلِلاعتِقَادِ فِي الشَّيءِ أنُّه عَلَى صِفَةِ أَصْلِهِ، نَحْوُ: اسْتَكْرمتُهُ؛ أي: اعتقدْتُ فيهِ الكَرَمَ.
ثُمَّ تلكَ الزِّياداتُ هلْ هِيَ قِيَاسٌ مُطَّرِدٌ أضربُ، ونصَّرَ أَمْ مَوكُولٌ إِلَى السَّمَاعِ(6)؟ فيْهِ خِلافٌ، ذَهَبَ الأَخْفَشُ إِلَى الأَوَّلِ، وَعَنْ سَائِرِ المُحقِّقِينَ(7)
إِلَى
ص: 202
الثَّانِي، وَكَذَا استِعْمَالُهُ(1)
فِي المُعيَّنِ؛ فَلا يُرَادُ مِنْ (أَذْهَبَ) أزالهُ الذِّهابُ، وجَمِيعُ هَذهِ الأَبْوابِ يَجِيءُ مُتعَدّيًا إِلاَّ انْفَعلَ وافْعلَّ، وافْعَالَّ، وَإِنَّما لَمْ يذْكُرْ (اشهبّ واشهابَّ واغدودن واعلوّط)؛ لأَنَّهَا لا تَجِيءُ إِلاَّ للمُبَالَغَةِ(2).
(وَلِلرُّبَاعِيِّ المُجَرَّدِ بِنَاءٌ وَاحِدٌ) فَإِنَّ طَرَفي المَاضِي مفْتُوحَانِ، وَكَذا لامُهُ الأُولَى لِرفعِ التقاءِ السَّاكنينِ، في نحوِ: دحرجْنَ، وأمثالِهِ، والفتحةُ أخفُّ وعينُه ساكنةٌ؛ لِئلاّ يلزمُ توالِي الحركاتِ الأربعِ، ويَجِيءُ مُتعدِّيًا ولازِمًا(نَحْوُ: دَحْرَجْتُهُ، وَدَرْبَخَ) بِالبَاءِ المُوحَّدةِ، والخَاءِ المُعْجَمةِ(3)
(أَيْ: خَضَعَ(4)،
وَلِلْمَزِيدِ فِيْهِ ثَلَاثَةٌ(5):
تَدَحْرَجَ) بِزيادةِ التَّاءِ قَبلَ الفَاءِ (وَاحْرَنْجَمَ) بِزِيَادةِ الهَمْزةِ والنُّونِ (وَاقْشَعَرَّ) بزيادةِ الهَمزَةِ وتَكْريرِ الْلامِ (وَهِيَ) أي: الثَّلاثُ المذكُورَةُ (لاَزِمَةٌ) لِكَونِهَا لِمُطَاوعَةِ (فَعْلَلَ) المُتعَدِّي.
ص: 203
(الْمُضَارِعُ) إنّما يحصلُ (بِزِيَادَةِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ) أي: أَتينَ (عَلَى) أَوّلِ (الْمَاضِي) لِتغيُّرِ زَمانِهِ، وهِيَ مضْمُومةٌ فِي الرُّباعيِّ، مفْتُوحةٌ فِيمَا سِواهُ صَرّحَ بِه فِي مُقدِّمَةِ الإِعْرابِ(1)،(فِإِنْ كَانَ) المَاضِي (مُجَرَّدًا عَلَى فَعَلَ) مفْتُوحَ العَيْنِ (كُسِرَتْ عَيْنُهُ) عَيْنَ المُضَارعِ ك-(ضَرَبَ يَضْرِبُ)(أَوْ ضُمَّتْ) كَ-(نَصَرَ يَنْصُرُ) (أَوْ فُتِحَتْ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ، أَوِالْلامُ حَرْفَ حَلْقٍ) وهيَ الهمزةُ، والهاءُ، والعينُ، والحاءُ، والغينُ، والخاءُ، ك-(سأَلَ يسأَلُ) ومنَعَ يمنَعُ، وإنّما اشترطَ ذلكَ؛ ليعارضَ نقلُ حرفِ الحلقِ خِفَّةَ الفَتْحَةِ، ولِذا اتَّفَقَ الصَّرفِيونَ(2) عَلَى أَنَّ كُلِّ فَتْحٍ فِي عَيْنِ مُضَارعِ (فَعَلَ) مَفْتُوحَ العينِ إنّما هوَ لأجلِ حرفِ الحلقِ، ولولاها لكانتْ إمّا مكسورةً أوْ مضمومةً/22،وليسَ يلزمُ كلّما كانتِ العينُ أوِ اللامُ حَرْفَ حلقٍ أنْ يكونَ مفتوحَ العينِ ك-(دخَل يدخُلُ)، ونَحَتَ ينْحِتُ، إذِ الشّرط قدْ يتحققُ بدونِ المشروطِ بخلافِ العكسِ.
(غَيْرَ أَلِفٍ)على تقديرِ كونِها حرفَ حلقٍ؛ لأَنّها غيرُ أصليّةٍ وَإلاّ لزمَ سكونُ العينِ أوِ اللامِ، بلْ منقلبةٌ إمّا عنِ الواوِ أوِ الياءِ؛ بسببِ الفتحةِ فلوْ كانتْ سببًا للفتحةِ لزمَ الدورُ(3)، قِيلَ: المرادُ منهُ الاحترازَ عنْ مثلِ: قالَ،
ص: 204
ودعَى، وباعَ، ورمَى؛ أي: لا يُقالُ في مضارعِهِما يُقالُ، ويُدعَى، ويُباعُ، ويُرمَى، بفتحِ حرفِ المضارعِ والعينِ في الكلِّ لحرفِ الحلقِ - وهو الألف - وأَمّا يَخافُ، ويَرضَى فَعينُ ماضيِهما مكسورةٌ، وفيهِ إنّهُ لا حاجةَ إليهِ لِمَا عرفتَ منْ عدمِ ورودِ نَحوِ: دَخَلَ يَدْخُلُ، ونَحَت ينحِتُ، على أنّ عينَ (دعى)، ولامَ (باعَ) حرفُ حلقٍ اتّفاقًا.
(وَشَذَّ أَبَى يَأْبَى)(1) بفتحِ العينِ فيهِمَا؛ لفُقدانِ الشَّرطِ، وإنَّما لمْ يعتبرُوا حرفَ الحلقِ فاءً؛ لضعفِهِ بالسّكونِ فِي المُضارعِ فلا يُعارِضُ خِفّةَ الفتحةِ.
(وَأَمَّا قَلَى يَقْلَى(2))
بفتحِ عينيهِمِا (فَعَامِرِيَّةٌ)(3) وَالفَصِيحُ ك-(يرمي)، ونقلَ قلِيَ ك-(علِم)، فيمكنُ أنْ يُقالَ: إنّه منَ التَّداخُلِ، ولا يبعدُ أنْ يكونَ طائيًا(4)
فإنّهمْ جوّزوا قلبَ الياءِ المفتوحةِ الواقعةِ فِي الآخِرِ ألِفًا، وإنْ كانَ ما قبلَهَا مَكْسُورًا(5).
(وَرَكَنَ يَرْكَنُ) بفتحهِا فيهِما(6)
(مِنَ التَّدَاخُلِ) فإنّهُ جاءَ منْ بابَي (نَصَر،وعَلِمَ) فأخذَ الأوّلُ منَ الأوّلِ والثّاني منَ الثّانِي(7).
ص: 205
(وَلَزَمُوا الضَّمَّ) أي: ضمُّ العينِ (فِي الأَجْوَفِ بِالْوَاوِ، وَالْمَنْقُوصِ بِهَا) بالواوِ- إنْ كانَ عينُ ماضِيها مفتوحةً بقرينةِ المقامِ - ك-(يقول ويدعو)(وَالْكَسْرَ فِيهِمَا) فِي الأجوفِ وَالمنقوصِ (بِالْيَاءِ) ك-(يبيعُ ويرمِي) بالشرطِ المذكورِ فلا يردُ نحو: يخافُ؛ وذلكَ لمناسبةِ الضَّمِّ الواوَ والكسرِ الياءَ، ولئلا يلزمُ التباسُ الواويِّ باليائِي وبالعكسِ ضرورةَ انقلابِ الواوِ ياءً للكسرةِ والياءِ واوًا للضّمةِ(1).
(وَمَنْ قَالَ: طَوَّحْتُ، وأَطْوَحُ، وَتَوّهْتُ وَأَتْوَهُ) بالواوِ فيهمِا وَهذا/ 23 دليلٌ على كونِهِما واوينِ لبقائِها في بنائَي التّفضيلِ والتفعيلِ،(فَطَاحَ يَطِيْحُ، وَتَاهَ يَتِيهُ شَاذٌّ عِنْدَهُ)(2)
وَالقياسُ: يَطُوحُ، ويَتُوهُ، والقائِلُ الجوهَرِيُّ(3)،ومنْ
قالَ: إنّهُما واويّانِ منْ بابِ (حسِبَ) وهوَ الخليلُ(4) فهُما على القياسِ، وكَذا عندَ منْ قالَ إنّهما يائيانِ، فقوله: (أَوْ مِنَ التَّدَاخُلِ)(5)
كما فِي بَعْضِ النُّسَخِ بأنْ يكونَ الماضِي مأخوذًا منَ الواويِّ، والآتِي منَ اليائِي فيهِ أنّهما إنْ ثبتَ كونُهما
ص: 206
ياءَينِ فلا فرقَ بينَ الماضِي والمضارعِ، فلا حاجَةَ إِلى ارتكابِ التّداخلِ؛ لمجيءِ باعَ يبيعُ فالصوابُ عدمُهُ(1).
(وَلَمْ يَضُمُّوا) عينَ المضارعِ (فِي المِثَالِ) مطلقًا؛ لئلا يجتمعَ الثقلاءُ أي: الياءُ معَ الياءِ، والضمّة أوِ الواوُ والضمَّةِ، فلا يُقالُ ييسُر ولا يوعُد بضمِّ عينِهما إلّا أنْ يكونَ منْ باب (حسُنَ) ك-(وسُم) فإنّ مضارعَه لا يجيءُ إِلاَّ مضْمُومَ العينِ(2).
(وَوَجَدَ يَجُدُ)(3)
بضمِّ عينِ المضارعِ (ضَعِيفٌ) عامريٌّ، والفصيحُ الكسرُ(4)،
وحذفُ الواوِ عندَهمْ إمّا لأنّهُ مكسورُ العينِ فِي الأصلِ، وبعدَ حذفِ الواوِ ضُمّتْ عينُهُ، أوْ لأنَّ الضَّمةَ والكسرةَ سواءٌ عندَهمْ فِي إيجابِ حذفِ الواوِ الواقعةِ بعدَ الياءِ المفتوحةِ، ويَشكلُ الأمرُ في (وَجَهَ يَوْجِهُ) وَلكََ أنْ تجعلَ كلاّ منْ ضمِّ العينِ، وحذفِ الواوِ بلا علّةٍ علةَ التَّضعيفِ.
(وَلَزَمُوا الضََّمَّ فِي الْمُضَاعَفِ الْمُتَعَدِّي، نَحْوُ: يَشُدُّ، وَيَمُدُّ)؛ لأنَّ لامَهُ مضمومةٌ(5)،
وَكثيرًا ما تلحقهُ هاءُ الضَّميرِ المُشْبَعِ إِلى الواوِ، نَحْوُ: يَشُدُّهُ،
ص: 207
وَيَمُدُّهُ، وهوَ كثيرُ الاستعمالِ بخلافِ لازِمهِ ، فلا يثقلُ، قالَ المصنِّفُ فِي الشَّرحِ المنسوبِ إِليهِ(1)
(وَ) قدْ (جَاءَ) أربعةُ أفعالٍ (بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ(2)
نَمَّهُ يَنُمُّهُ، وَبَتَّهُ يَبُتُّهُ، وَعَلَّهُ يَعُلُّهُ، وَشَدَّهُ يَشُدُّهُ)(3)
وزِيدَ عليهَا هَرَّهُ يَهُرُّهُ، ولَزموا الكسرَ فِي المُضاعَفِ اللازمِ ك-(عَفَّ يَعِفُّ)، وكَلَّ يَكِلُّ إلاّ مَا استثنى ك-(عَضَّ يَعَضُّ) بالفتحِ.
(وَإِنْ كَانَ) المَاضِي (عَلَى فَعِلَ) مكسورِ العينِ (فُتِحَتْ عَيْنُهُ) فِي المستقبلِ صحيحًا كانَ أمْ لا؛ لِيتحقّقَ التّخالُفُ بينهُ وَبينَ الماضِي لفظًا أيضًا، وَالفتحُ أخفُّ منَ الضَّمِّ، نَحْوُ: عَلِمَ يَعلَمُ (أَوْ كُسِرَتْ إِنْ كَانَ مِثَالاً) واويًا فَتُحْذَفُ،وتحصلُ الخفّةُ، نحوُ: وَمَقَ يَمِقُ، وَوَرَثَ يَرِثُ، وَوَرَمَ يَرِمُ، وَوَلِيَ يَلِي، ونحوِهَا، وليسَ كلُّ مثالٍ واويٍّ مكسورِ العينِ فِي الماضِي مكسورَ العينِ فِي المضارعِ/ 24، ك-(وَرِعَ يَوْرَعُ)، ووَحِرَ يَوْحَرُ(4)،
ونحوِهِما، وَإنْ جاءَ فيهَا الكسرُ أيضًا، وجاءَ الكسرُ فِي مضارعِ (فَعِلَ) مكسورِ العينِ منْ غيرِ المثالِ فِي الواويِّ أربعةُ أمثلةٍ: حَسِبَ يَحْسِبُ، ونَعِمَ يَنْعِمُ، ويَئِسَ يَيْئِسُ، وَيَبِسَ يَيْبِسُ(5)، والفتحُ فِيها أكثرُ.
ص: 208
(وَطَيّءُ تَقُولُ فِي(1)
بَقِيَ يَبْقَى) ك-(عَلِمَ يَعْلَمُ) بَقَى يَبْقَى، بقلبِ الياءِ فِي الماضِي ألفًا معَ عدمِ انفتاحِ ما قبلَها- كما مرّ- ولذا يقولونَ: دُعَا فِي دُعِيَ المَجهولِ(2)
(وَأَمَّا فَضِلَ يَفْضُلُ، وَنَعِمَ يَنْعُمُ) بكسرِ العينِ فِي الماضِي وضمِّها فِي المُضارعِ (فَمِنَ التَّدَاخُلِ) فإنَّ الأوَّلَ جاءَ منْ بابَي عَلِمَ ونَصَرَ، والثا عَلِمَ وحَسُنَ، هذا في فضلٍ من الفَضالةِ بمعنَى البقيّةِ لا ضدَّ النّقصِ فإنّهُ ك-(نَصَرَ)، وأمّا نَكِلَ يَنْكُلُ(3)
ك-(فَضِلَ يفضُلُ) حكاهُ أبو عُبيدة(4)،
والمشهورُ أنّهُ ك-(نَصَرَ) أو من التداخلِ؛ لأنّهُ جاء ك-(نَصَرَ وضَرَبَ وعَلِمَ)(5).
ص: 209
(وَإِنْ كَانَ) الماضِي (عَلَى فَعُلَ) مضمومِ العينِ (ضُمِّتْ)(1) عينُ مضارعِهِ لا غيرَ ك-(كَرُمَ يَكْرُمُ؛ لأنّهُ موضوعٌ للصفاتِ اللازمةِ فاخّتيرَ فيهِ حركةٌ تستلزمُ انضمامَ الشَفَتينِ، وكادَ يكادُ بضمِّ العينِ فِي الماضِي وفتحِها في المضارعِ شاذٌّ، والقياسُ أنّهُ ك-(خافَ) لا يقالُ من ضَبَطَ (كُدْتُ) بضمِّ الكافِ، لعلّهُ أرادَ أنّهُ مفتوحُ العينِ والضمِّ للدَّلالةِ على الواوِ ك-(قُلْتُ)؛ لأنّا نقولُ:إنَّ مضارعَهُ مفتوحُ العينِ اتّفاقًا، فلا يكونُ ماضيهُ مفتوحَ العينِ لعدمِ حرفِ الحلقِ(2).
(وَإِنْ كَانَ) الماضِي (غَيْرَ ذَلِكَ) أي: الثلاثيّ المُجرّد (كُسِرَ مَا قَبْلَ الآخِرِ) فِي المضارعِ(3)،
نحوُ: صَرَفَ يَصْرِفُ، ودحرجَ يدحرِجُ (مَا لَمْ يَكُنْ أَوَّلُ مَاضِيهِ تَاءً زَائِدَةً، نَحْوُ: تَعَلَّمَ، وَتَجَاهَلَ، وَتَدَحْرَجَ(4)، فَلا تُغَيَّرُ(5))
الفتحَ الذيْ كانَ فِي ماضِيهِ لِئلاّ يشتبهَ أمرُ مخاطبِ الأوّلِ بمضارعِ التّفعيلِ، والثانِي بالمفاعلِةِ، والثّالثِ بمجرّدِهِ(6).
ص: 210
(أَوْ لَمْ يَكُنِ الْلامُ مُكَرَّرَةً، نَحْوُ: احْمَرَّ، وَاحْمَارَّ، فَيُدْغَمُ، وَمِنْ ثَمَّ): منْ أجلِ أنَّ المضارعَ يحصلُ بزيادةِ الحروفِ المذكورةِ على الماضِي بلا تغييرٍ سِوى كسرِ ما قبلَ الآخِرِ(1).
(كَانَ أَصْلُ مُضَارِعِ أَفْعَلَ: يُؤفْعِلُ)(2)
وكذا (افتعل وانفعل) وأمثالهما ممّا فِي أوّلِه همزةٌ زائدةٌ (إِلاَّ أَنَّهُ) يؤفعل (رُفِضَ) بحذفِ همزتِهِ المزيدةِ، وقِيلَ: يَفْعَلُ(لِمَا يَلْزَمُ(3))
لوْ قِيلَ: يؤفعل (مِنْ تَوَالِي هَمْزَتَيْنِ فِي الْمُتَكَلِّمِ) والواحدِ، وهوَ ثقيلٌ(فَخُفِّفَ)(4)
بالإسقاطِ لا بقلبِهَا واوًا، وهوَ القياسُ/ 25؛ لِحصولِ التَّخفيفِ البليغِ، وحملَ أخوانُه عليهِ(وَقَوْلُهُ) قولَ الشاعر:
شَيْخٌ عَلَى كُرْسِيّهِ مُعَمَّمًا *** (فَإِنَّهُ أَهْلٌ لأنْ يُؤَكْرَمَا)(5)
(شاذٌّ)، والقياسُ حذفُ الهمزةِ.
واعلمْ أنّ غيرَ الحِجازيينَ جوّزُوا كسرَ غيرِ الياءِ منَ الحروفِ المُضارعةِ(6)
منَ الثلاثي المعلومِ المكسورِ العينِ فِي المَاضِي كَ-(تِعْلَمُ، وإِعْلَمُ وَنِعْلَمُ) بِكَسْرِ
ص: 211
حُرُوفِ المُضَارعةِ تنْبِيهًا عَلَى كَسْرِ الْعَيْنِ، ولَمْ يَكْسُرُوا الفَاءَ؛ لأنَّ أَصلَها فِي المُضَارعِ السُّكونُ، ولا الْعينَ؛ لِئَلاّ يلْتَبِسَ مفْتوحُ الْعَيْنِ بِمَكْسُورِها، ولا الياءَ استِثْقالاً إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الفَاءُ وَاوًا، فَانْقَلَبَتْ يَاءً، نَحْوُ: يِيْجَلُ، أوْ ياءً؛ فتَحْصَلُ الخِفَّةُ ولا فِي مفْتُوحِ العَيْنِ؛ إِذْ لا حَاجَةَ إِلَيْهِ إِلاَّ أَبَى؛ فإِنَّ شُذوذَهُ جَرّأَهُمْ عَلَى شُذوذٍ آخرَ، فَقَالُوا فِي مُضَارعِهِ يِيْبَى، وَلَمْ يجوِّزُوا الضمَّ فِي مُضارِعِ (فَعُلَ) مَضْمومِ الْعَينِ؛ لاستِثْقالِ الضمَّتَيْنِ فَإِنَّ مُضَارِعَهَ لَيْسَ إِلاَّ مضْمُومَ الْعينِ كَمَا مَرَّ.
(وَالأَمْرُ، وَاسْمُ الفَاعِلِ، واسْمُ الْمَفْعُولِ، وافْعَلُ التّفْضِيلِ تَقَدَّمَتْ) فِي مقدّمَةِ الإعْرابِ(1).
ص: 212
والمرادُ مَا يَتَعلّقُ بِبنائِها؛ لئلا يردَ أنَّها تقدّمتْ، وهِيَ (مِنْ نَحْوِ: فَرِحَ) مكسورِ العينِ بشرطِ أنْ يكونَ منَ الهيجاناتِ الباطنةِ غيرَ الحرارةِ والامتلاءِ(1)،
جاءتْ (عَلَى فَرِحٍ) كَكَتِفٍ (غَالِبًا)، ومنهُ البطِرِ، والأشِرِ والقَلِقِ، والسَلِسِ، وكذا الأدواءُ الباطنةُ وعيوبُها، كالوجعِ والنكدِ والعََسََرِ(2).
ص: 213
(وَقَدْ جَاءَ مَعَهُ) معَ الكسرِ الضمُّ أيضًا (فِي بَعْضِهَا، نَحْوُ: نَدُسٍ(1)،
وَحَذُرٍ، وَعَجُلٍ) ككتِفٍ وعَضُدٍ (وَجَاءَتْ) منهُ (عَلَى سَليِمٍ) وهو في المضاعفِ والناقصِ اليائِيّ أكثرُ (وَشَكْسٍ) كفَلْسٍ (وَحُرٍّ) بضمّ الأوّلِ (وَصِفْرٍ) كَحِبْرٍ (وَغََيُورٍ)(2) بفتحِ أوّلهِ، (وَمِنَ الأَلْوَانِ وَالْعُيُوبِ) الظاهرةِ (وَالْحُلِيِّ عَلَى أَفْعَلَ) بفتحِ العينِ فِي المذكّرِ وفَعْلاءَ فِي المؤنّثِ جمعُها كأسبقِ وأعرَجِ(3).
(وَمِنْ نَحْوِ كَرُمَ) جاءتْ (عَلَى كَرِيمٍ غَالِبًا، وَجَاءَتْ عَلَى خَشِنٍ، وَحََسَِنٍ، وَصَعْبٍ وصُلْبٍ) ككتفٍ، وفَلْسٍ، وقُفْلٍ (وَجََبَانٍ) بفتحِ الأوّلِ (وَشُجَاعٍ) بضمِّها وتخفيفِ العينِ فيهِما (وََوََقُورٍ) بفتحِ الواوِ منْ وقر وقارًا (وجُنُبٍ) كعُنُقٍ، (وَهِيَ) أي الصفةُ المشبّهةُ (مِنْ فَعَلَ) مفتوحِ العينِ (قَلِيلَةٌ)/ 26؛ لقّلةِ بناءِ اللازمِ المستمرِّ منهُ.
(وَجَاءَ نَحْوُ: حَرِيصٍ) منْ (حَرَصَ) ك-(ضَرَبَ) (وَأَشْيَبَ) من شابَ كباعَ (وَضَيِّقٍ) كسيّدٍ من (ضاقَ) ك-(باعَ)، وهَذا لا يُبنى إلاّ منَ الأجوفِ، وقدْ يخفّفُ بحذفِ الثانِي (وَتَجِيءُ مِنَ الْجَمِيعِ) أي فعَُِل إنْ كانَ (بِمَعْنَى الْجُوعِ، وَالْعَطَشِ، وَضِدِّهِمَا عَلَى فَعْلاَنَ)(4)
بفتحِ الفاءِ (نَحْوُ: جَوْعَانَ، وَشَبْعَانَ، وَعَطْشَانَ، وَرَيَّانَ) لكنْ معنَى الجوع ِوالعطشِ - منْ غيرِ (فَعِلَ) مكسورِ العينِ - قليلٌ(5).
ص: 214
اسمُ الحدثِ الْجارِي علَى الفعلِ ك-(ويلاً لهُ) و(ويحًا لهُ) ليسَ مصدرًا، وإنْ وقعَ مفعولاً مطلقًا.
وَالفرقُ بينَ المصدرِ واسمِ المصدرِ- عند الأزهري(1)
أنَّ المصدرَ يدلُّ علَى الحدثِ بنفسِهِ واسْمُهُ بواسطِتِهِ، فمدلُولُ المصدرِ هوَ الحدثُ، ومدلولُ اسمِهِ هوَ لفظُ المصدرِ(2)، وقيلَ: لا فرقَ بينَهُما بحسبِ المعنَى الاّ أنّ اسمَ المصدرِ ليسَ
ص: 215
علَى أوزانِ مصدرِ فعلِهِ، وقيلَ: المصدرُ موضوعٌ لفعلِ أمرٍ، أوِ الانفعالِ بهِ، واسمُه لأصلِهِ ذلكَ الأمرُ، كالاغْتسالِ، والغُسلِ؛ فإنَّ الاوّلَ عبارةٌ عنْ إيجادِ أمورٍ مخصوصةٍ، والثانِي عنْ نفسِها، وبعبارةٍ أخرَى: المصدرُ يدلُّ على الحدثِ واسمُهُ علَى الهيأةِ الحاصلةِ بسببِهِ، مثلُ: (رفّتن ورفتان)(1).
(أَبْنِيَةُ الثُّلاَثِيِّ الْمُجَرَّدِ كَثِيرَةٌ) والمشهورُ منهَا أربعٌ وثلاثونَ (نَحْوُ: قَتْلٍ، وفِسْقٍ، وشُغْلٍ) كفَلْسٍ، وحِبْرٍ وقُفْلٍ (وَرَحْمَةٍ، وَنِشْدَةٍ(2)،
وَكُدْرَةٍ) هكذا بزيادةِ التَّاءِ (وَدَعْوَى، وَذِكْرَى، وَبُشْرَى، وَلَيَّانٍ، وَحِرْمَانٍ، وَغُفْرَانٍ) كذلكَ(3) إلاّ أنَّ فتحَ الفاءِ فِي لَيَّانٍ نادرٌ، والمحكيُّ عنْ أبِي زيدٍ كسرُها(4) (وَنَزَوَانٍ) بفتحتينِ (وَطَلَبٍ) كفَرَسٍ (وَخَنِقٍ) ككتِفٍ (وَصِغَرٍ) كعِنَبٍ (وَهُدًى) كصُرَدٍ (وَغَلَبَةٍ) بفتحتينِ (وَسَرِقَةٍ) بالفتحِ والكسرِ (وذَهَابٍ وَصِرَافٍ وَسُؤَالٍ) بالفتحِ، والكسرِ، والضّمِّ وكذا (زَهَادَةٍ، وَدِرَايَةٍ، وَبُغَايَةٍ، وَدُخُولٍ) بالضمّتينِ (وَوَجِيفٍ، وَقَبُولٍ) بفتحِ أوّلهِما، حُكِيَ عنْ سيبويهِ: لمْ يأتِ الفَعُولُ - بفتحِ الفاءِ - مصدرًا إلاّ خمسةَ أحرفٍ: الوَضُوءُ، والوَلُوعُ، والطَهُورُ، والوَقُودُ، والقَبُولُ(5).
ص: 216
(وَصُهُوبَةٍ)(1) بضمِّ الفاءِ (وَمَدْخَلٍ، وَمَرْجِعٍ) بفتحِ الميمِ الزّائدةِ وفتحِ العينِ فِي الأوّلِ، وكسرِها فِي الثّانِي، وفِي بعضِ الشُّرُوحِ: مُدخَل - بضمِّ الميمِ وفتحِ الخاءِ المعجمةِ - مصدرٌ ميميٌّ من (أدخلَهُ)، ومَكْرُمةٌ - بضمِّ العينِ - نادرٌ(2).
(وَمَسْعَاةٍ) بفتحِ الميمِ (وَمَحْمِدَةٍ)(3) بفتحِ الميمِ الأولَى وكسرِ الثانيةِ (وَكَرَاهِيَةٍ) بفتحِ الأوّلِ.
وليستِ الرَّحمةُ للمرّةِ، ولا النِّشدةُ للهيأةِ، وإنْ وافقَتَا في الوزنِ[ما يصاغ لهما](4)
وتلكَ الأوزانُ سماعيّةٌ إلاّ مَدْخَلٌ، وجاءَ غيرُها أيضًا كالفَعَلُوتِ، والتفعُّلِ، والفَيْعلُولَةِ، والفَعْلُولَةِ، والفَعِيلَةِ، والفُعْلِينَةِ، والفَاعُولَةِ، والتَفْعِلَةِ، والفُعْلَلِ، نحوُ: الجَبروتِ والنّدراء والكَيْنونةِ، أصلُهُ: كيّنونةٌ بالتّشديدِ، والشّيْخُوخَةِ، والفَصِيحَةِ(5)، والبُلْهَنِيَةِ(6)، والضَّارورة، والتَّهْلِكَةِ، وَالسُّؤْدَدِ، إلى غيرِ ذلكَ.
(إِلاَّ أَنَّ الْغَالِبَ فِي فَعَلَ) مفتوحِ العينِ (الْلازِمِ)/ 27بشرطِ أنْ لا يكونَ منَ الأدواءِ والأصواتِ، والاضطرابِ هوَ أنْ يجيءَ مصدرُهُ على فُعُولٍ بضمِّ الفاءِ
ص: 217
(نَحْوُ: رَكَعَ عَلَى رُكُوعٍ) ودَخَلَ علَى دُخُولٍ (وَفِي الْمُتَعَدِّي) أنْ يجيءَ علَى فَلْسٍ (نَحْوُ: ضََرَبَ عَلَى ضَرْبٍ)(1)
ونَصَرَ على نَصْرٍ، ومَنَعَ علَى مَنْعٍ(2).
(وَفِي الصَّنَائِعِ وَنَحْوِهَا) منْ أيّ بابٍ كانتْ على فِعالَةٍ بكسرِ الفاءِ (نَحْوُ: كَتَبَ عَلَى كِتَابَةٍ) وصاغَ علَى صِياغَةٍ، وكذا الحِياكةُ، والخِياطةُ، والبِطالَةُ، وجاءَ بالفتحِ أيضًا كالوَكالةِ، والدََّلالةِ، والوَلايةِ(3).
(وَفِي الاضْطِرَابِ، نَحْوُ: خَفَقَ عَلَى خَفَقَانٍ) بالفتحتينِ، ومنهُ الجَوَلانُ (وَفِي الأَصْوَاتِ، نَحْوُ: صَرَخَ عَلَى صُرَاخٍ) بضمِّ الصادِ، وكذا فحَّ وبكَى، وجاءَ الكسرُ أيضًا سِيمَا فِي السِّماتِ كالعِراضِ(4)،
وهوَ الوسْمُ علَى العُنُقِ، وكَذا الجِنابُ، والكِشاحُ، أي: الوسمُ علَى الجَنْبِ والكَشْحِ، والفَعِيلُ أيضًا كالنَّهيقِ، وَالضمُّ سِيمَا فِي الأدواءِ كالسُعالِ، والدُوارِ، والعُطاسِ، والصُداعِ إنْ لمْ يكنْ منْ بابِ(عَلِمَ) وإلاّ فكفرَسٍ كَوَرَم وَمرَض.
(وَقَالَ الْفَرّاءُ إِذَا جَاءَكَ فَعَلَ) بفتحِ العينِ (مِمَّا لَمْ تَسْمَعْ(5)
مَصْدَرَهُ فَاجْعَلْهُ) أي مصدر (فَعْلاً) كفَلْسٍ (لِلْحِجَازِ)(6)
لازمًا كانَ أمْ مُتعدِّيًا (وفُعُولاً) كدُخُولٍ للنَّجْدِ(7)
كذلك(8)
.
ص: 218
(وَنَحْوُ: هُدًى) بضمِّ الأوّلِ (وقِرًى) بكسرِهِ(1)
(مُخْتَصٌّ بِالْمَنْقُوصِ) إذا كانَ ماضيُهُ على فِعَلٍ مفتوحِ العينِ، فلا ينقضُ ب-(صِغَرٍ)(2).
(وَنَحْوُ: طَلَبٍ مُخْتَصٌّ بِيَفْعُلُ) يعنِي لمْ يجيءْ منهُ (فَعَلَ) مفتوحُ العينِ مصدرٌ علَى فَعَلٍ كفَرَسٍ إلاّ ومضارعُهُ مضمومُ العينِ (إِلاَّ جَلَبَ الْجُرْحُ ، والغَلَبَ) فإنَّ عينَ مضارعِهِما مكسورةٌ وهُما كفَرَسٍ، وقالَ الفرّاءُ فِي قولِهِ تعَالَى (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ)الروم/3: يجوزُ أنْ يكونَ في الأصلِ: غَلَبَتِهِمْ بالتّاءِ(3) ، وعنْ أبِي زيدٍ (غَلِبَهم)(4)
بكسرِ اللامِ.
(وَفَعِلَ)أي الغالبُ فِي (فَعِلَ) مكسورِ العينِ (الْلازِمِ) بشرطِ أنْ لا يكونَ منَ الألوانِ والعيوبِ، نحوُ (فَرِحَ عَلَى فَرَحٍ) كفَرَسٍ (وَالْمُتَعدّي، نَحْوُ: جَهِلَ عَلَى جَهْلٍ) كفَلْسٍ (وَفِي الأَلْوَانِ، وَالْعُيُوبِ، نَحْوُ: سَمِرَ، وَأَدِمَ) وَكَدِرَ(عَلَى سُمْرَةٍ، وأُدْمَةٍ) وكُدْرَةٍ بضمِّ/28الأوّلِ وسُكونِ الثّانِي(5).
ص: 219
وفي (فَعُلَ) مضمومِ العينِ، وهوَ لازمٌ كمَا مَرَّ (نَحْوُ: كَرُمَ عَلَى كَرَامَةٍ غَالِبًا) بفتحِ الأوّلِ (وَعِظَمٍ) كَعِنَبٍ و(كَرَمٍ) كفرسٍ (كَثِيرًا)(1)
وهوَ واسِطةٌ بينَ الغالبِ والنادِرِ، وهوَ فُعالٌ بالضَمِّ(2).
(وَالْمَزِيدُ فِيهِ) وهنَّ خمسةٌ وعشرون بناءً كمَا مرَّ (وَالرُّبَاعِيُّ) مُطلقًا مصادرها (قِيَاسٌ، فَنَحْوُ: أَكْرَمَ عَلَى إِكْرَامٍ) أي: يكسرُ أوّلُ ماضيه، ويُزادُ ألفٌ قبلَ آخرهِ وكذَا كلُّ بابٍ أوّلُهُ همزةُ الوصلِ إلاّ أنهُ يكسرُ ما بعدَ ساكنِهِ الأوّلُ أيضًا، واطمأنَّ طمأنِينةً ك-(أنبتَ نباتا)، وألفُ نحوِ: اِحْمارّ، وواوُ نحوِ: اغدودنَ تبدلُ ياءً وألفُ اسلنقى همزة (وَنَحْوُ: كَرَّمَ عَلَى تَكْرِيمٍ، وَتَكْرِمَةٍ) بالفتحِ وَالسُّكونِ، والكسرِ فيهِمَا، والأوَّلُ فِي غيرِ النّاقِصِ مطَّردٌ قياسًا، والثَّانِي موقوفٌ عَلَى السَّماعِ، وظاهرُ كلامِ سيبويهِ أنَّ الثّانِي لازمٌ فِي المهموزِ الْلامِ، والناقص كَتخْطِئَةٍ وتعزِيَةٍ(3)،
وإنّ أصلَ تفعيلٍ فعّالٌ؛ جعلُوا التاءَ فِي أوّلهِ عوضًا منَ الحرفِ الزّائدِ، والياءُ في منزلةِ ألف فَعَّالٍ(4).
(وَجَاءَ كِذَّابٌ) بتثقيلِ العينِ عَلى القِياسِ (وَكَذَابٌ) بالتخفيفِ أيضًا، قالَ الش الرّضِي "رض": وأمّا كِذَابٌ - بالتخفيفِ - مصدر كَذّبَ فلمْ أسمعْ بهِ،
ص: 220
والأولَى فِي قولِهِ تَعَالَى (وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً)النبأ/28 في قراءةِ التخفيفِ(1)
إنه مصدرُ (كَاذَبَ) أُقيمَ مقامَ مصدرِ (كذَّب) كما في قوله تعَالَى:(وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)المزمّل/8 انتهى(2).
وهوَ الظّاهِرُ مِنَ الكشَّافِ(3)
أيضًا، ونُسِبَ التخفيفُ فِي المفصّلِ إلى بعضِ النَّاسِ منَ العربِ(4).
(وَالْتَزَمُوا الْحَذْفَ، وَالتَّعْوِيضَ فِي نَحْوِ: تَعْزِيَةٍ، وَإِجَارَةٍ، وَاسْتِجَارَةٍ(5)) يعنِي قالُوا مصدرُ (فعّل) إذا كانَ ناقصًا هو تفعلةٌ - كما مرّ - كتعزيةٍ، والأصلُ فيهِ تعزيٌّ كتفعيلٍ حُذفتِ الياءُ الأولَى وأُبدلتِ(6) الهاءُ منهَا؛ لثقلِ الياءِ المُشدّدةِ، وقدْ جاءَ مشدّدًا بلا تعويضٍ علَى قلّةٍ، كقولهِ(7):
فَهْيَ تُنَزِّي دَلْوَهَا تَنْزِيّا *** [كَمَا تُنَزّي شَهْلَةٌ صَبِيّا]
وفِي شرحِ المُفصّلِ إنّهُ علَى أصلهِ بلا حذفٍ وتعويضٍ كتكْرِمَةٍ(8).
ص: 221
ومصدرُ (أفعلَ) إذا كانَ أجوفًا قلبتْ عينُه ألفاً كماضيه، وحذفتِ الألفُ الثانيةُ عندَ الخليلِ وسيبويهِ؛ لكونِهَا زائدةً والأُولَى(1)
عندَ الأخفشِ والفرّاءِ(2)؛
لأنّها هِي التي تُحذفُ فِي ماضِيهِ إذا التقَى ساكنانِ/ 29، ثمّ عُوِّضَ عنهَا الهاءُ، وكذا مصدرُ (استفعل)، وعندَ سيبويهِ يجوزُ فِي إجارةٍ أنْ لا يعوّضَ عنهَا الهاءُ(3)
كمَا فِي (أَقَامَ الصَّلاةَ)البقرة/177، وعندَ الفرّاءِ إذا كانَ مُضَافًا(4)
وإلاّ لا، وهلْ يجوزُ حذفُ التاءِ فِي نحوِ التَّعزيةِ فِي حالٍ، قالَ سيبويهِ لا لعدمِ السَّماعِ(5).
(وَنَحْوُ: ضَارَبَ عَلَى مُضَارَبَةٍ) بضمِّ الميمِ، وفتحِ الرَّاءِ (وَضِرَابٍ) بالكسرِ والتخفيفِ، وهوَ لمْ يجيءْ فِي نحوِ ياسَرَ للثقلِ.
(وَمِرَّاءٌ شَاذٌّ) والقِياسُ التَّخفيفُ(6).
(وَجَاءَ قِيْتَالٌ) أيضًا وفِعَالٌ عندَ سيبويهِ مقصورٌ منهُ؛ لكونِهِ قياسًا والياءُ فيهِ مكانَ ألفِ فاعل(7).
(وَنَحْوُ: تَكَرّمَ): أي كلُّ بابٍ في أولِهِ تاءٌ ك-(تفعّل وتفاعَل وتفَعْلَلَ) وملحقاتِها (عَلَى تَكَرُّمٍ) (8)
أي:على صيغةِ ماضيهِ بضمِّ ما قبلَ آخرهِ إلاّ فِي
ص: 222
النّاقصِ؛ فإنّهُ تكسرُ عينُه نحوُ: تمنِّيا، سواءٌ كان يائيًا أو واويًا؛ لأنّ قلبَ الواوِ المتطرِّفةِ ياءً، والضمَّةِ التي قبلَها كسرةً واجبٌ عندَهم، وكذا التَفاعُل كتحامِيا.
(وَجَاءَ تِمِلاّقٌ) بزيادةِ الألفِ قبلَ آخرَ ماضيهِ مع كسرِ الأولينَ (وَالْبَاقِي) منَ الأبنيةِ الخمسةِ والعشرينَ (وَاضِحٌ)؛ لأنهُ إمّا ملحقٌ ب-(دحرجَ)، وسيجيءُ حكمُهُ، والملحقُ حكمُهُ حكمَ الملحقِ بهِ أوْ لا، وقدْ مرَّ بيانُهُ.
(وَنَحْوُ: التَّرْدَادِ وَالتّجْوَالِ)(1) بفتحِ الأوّلِ فيهِمَا (وَالحِثِّيْثَى)(2)
بكسرِ الحاءِ والثَّاءِ المثلَّثةِ المشدّدةِ، والألفُ المقصورةُ بعد الثاءِ الثانيةِ، وكذَا (الرِّمِّيَّا لِلتَّكْثِيرِ)(3)
أي تلكَ المصادرُ للثلاثِي بُنِيتْ للْمُبالغَةِ والتكثيرِ في مصادرِها الأصليةِ - أي الرَّدُّ والجَولانُ والحَثُّ والرَّمي - الكثرة(4) هذا عندَ سيبويهِ(5).
قال الكوفيون: أصلُ التّفْعَالِ التّفْعِيلِ الذيْ يفيدُ التكثيرِ، قلبتْ ياؤهُ ألفًا(6)، وفيهِ إنّهُ منتقضٌ بمكسورِ التاءِ كتِلْعَابِ وتِبْيانٍ وتِلْقَاءِ بالكسرِ ليسَا بمصدرينِ بُنيا للمبالغةِ؛ بلْ اسمانِ أُقيمَا مقامَ مصدريهِمَا عندَ سيبويهِ(7)
كما أُقيمَ غارةً مقامَ إغارةٍ، وعطاءً مقامَ إعطاءٍ، وقيلَ مصدرانِ علَى الشّذوذِ.
ص: 223
(وَيَجِيءُ الْمَصْدَرُ مِنَ الثُّلاَثِيِّ الْمُجَرَّدِ أَيْضًا عَلَى مَفْعَلٍ) بفتحِ الميمِ والعينِ (قِيَاسًا مُطَّرِدًا) فِي جميعِ الأمثلةِ يقالُ لهُ المصدرُ الميميُّ (كَمَقْتَلٍ، وَمَضْرَبٍ) إِلاّ المثالَ الواويَّ فانَّهُ مكسورُ العينِ، ونُقِلَ مَوْجَلٌ بالفتحِ في جميعِ الأمثلةِ، وهوَ غيرُ ثابتٍ عندَ سيبويهِ(1)،
نعمْ إنْ كانَ معتلَّ اللامِ أيضًا، أوْ كانتِ الواوُ سالمةً كالمَوْلى والمَوّدّةِ فمفتوحٌ اتِّفاقًا/،30 وإلاّ الناقصُ والأجوفُ بشرطِ التاءِ كالمعصيةِ والمعيشةِ.
و(حَتَّى مَطْلِعِ الْفَجْرِ)القدر/5 بالكسرِ(2)
مصدرٌ عندَ سيبويهِ أي: طلوعُهُ(3)،
ولا يبعدُ أنْ يكونَ اسمَ زمانٍ، وجاء مَحمَِدَة، ومَذَِمَّة، ومَعجَِزة، ومَظْلَِمة، ومَحْسََِبة، ومَضَِنَّة بفتحِ العينِ وكسرِهَا(4)، والمَكبِرُ، والمَيسِرُ، والمَحيِضُ، والمَقيِلُ، والمَرجِعُ، والمَجِيءُ، والمَبيِتُ، والمَثيِبُ، والمَعيِبُ، والمَزيِدُ، والمَصيِرُ، والمَعرفِةُ، والمَغفِرةُ، والمَعذِرةُ، والمَعصِيةُ، والمَعيِشةُ بالكسرِ(5).
(وَأَمَّا مَكْرُمٌ، وَمَعُوْنٌ، وَلا غَيْرَهُمَا) مضمومُ العينِ فنادرانِ (حَتَّى جَعَلَهُمَا الْفَرَّاءُ جَمْعًا لِمَكْرُمَةٍ، وَمَعُوْنَةٍ) ومُنعَ كونُهما مصدرينِ(6)،
وجاءَ المعُذِرة(7)
بالضمّ والكسر والميسَُرة بالضمِّ والفتحِ، والمقَِدُرة والمهلَُِكة بالحركات(8).
ص: 224
(وَمِنْ غَيْرِهِ)، منْ غيرِ الثلاثيِّ المجرَّدِ مطلقًا (يَجِيءُ عَلَى زِنَةِ الْمَفْعُولِ مِنْ بَابِهِ كَمُخْرَجٍ، وَمُسْتَخْرَجٍ) ومُدَحْرَجٍ، ومُتَدَحْرِجٍ(1).
(وَكَذَلِكَ الْبَوَاقِي(2)) منَ الأبوابِ (وَأَمَّا مَا جَاءَ عَلَى) زنةِ (مَفْعُولٍ كَالْمَيْسُورِ، وَالْمَعْسُورِ، وَالْمَجْلُودِ، وَالْمَفْتُونِ) بمعنَى اليُسْرِ، والعُسْرِ، والجَلْدِ أي الصبر، والفتنةُ (فَقَلِيلٌ) حتَّى أنّ سيبويهِ أنكرهُ(3)،
وذهبَ إلى أنَّ الميسورَ صفةُ الحالِ؛ أي الحالُ الذيْ يوسَرُ فيهِ(4)، وكذا البواقِي، والمفتونُ فِي قولهِ تَعَالَى(بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ) القلم/6 اسمُ مفعولٍ والباءُ مزيدةٌ(5).
والمكروهةُ ليسَ مصدرًا بدليلِ الهاءِ، بلْ هوَ الشَّيءُ المكروهُ.
(وَفَاعِلَةٌ): أي مَا جاءَ منْ مصدرِ الثُّلاثيِّ عَلَى زِنةِ فاعِلَةٍ (كَالْعَافِيَةِ، وَالْعَاقِبَةِ، وَالْبَاقِيَةِ، وَالْكَاذِبَةِ) بمعنَى المُعافاةِ، والمُعاقبة، والبقاءِ، والكَذِبِ (أَقَلُّ) مِمّا جاءَ عَلَى زنةِ مفعولٍ بلْ أنكرَ البعضُ مجيئَهُ وَأَوّلَ تلكَ الألفاظَ(6).
ص: 225
(وَنَحْوُ: دَحْرَجَ عَلَى دَحْرَجَةٍ، وَدِحْرَاجٍ بِالْكَسْرِ)(1) فِي الثَّانِي وهوَ غيرُ مطّردٍ بخلافِ الأوَّلِ، والتاءُ فيهِ عندَ سيبويهِ عِوضٌ عنَ الألفِ الذيْ هوَ القِياسُ فِي غيرِ الثُّلاثيِّ المُجرّدِ(2).
(وَنَحْوُ: زَلْزَالٍ(3)) أي مصدرُ الرُّباعيِّ المُضاعَفِ يَجِيءُ (بِالْفَتْحِ، أَوِ الْكَسْرِ) ولمْ يجيءِ الفتحُ إلاّ فيهِ.
ص: 226
(وَالْمَرَّةُ مِنَ الثُّلاَثِيِّ الْمُجَرَّدِ الْذِيْ(1)
لاَ تَاءَ فِيهِ) فِي مَصدرِه منْ أيِّ بابٍ كانَ يجيءُ (عَلَى فَعْلَةٍ) بفتحِ الفاءِ، وزيادةِ التاءِ، وحذفِ الزوائدِ (نَحْوُ: ضَرْبَةٍ، وَقَتْلَةٍ).
(وَبِكْسْرِ الْفَاءِ لِلنَّوْعِ)(2) أي: نوعُ صدورِ ذلكَ الفعلِ عنْ فاعلِهِ، نحوُ: ضربةٍ، وقتلةٍ (وَمَا عَدَاهُ)/ 31، وهوَ الثُّلاثِيُّ المُجرّدُ الذيْ فيهِ التاءُ، والثُّلاثِيُّ المزيدُ فيهِ، والرباعيُّ المجرّدُ والمزيدُ فيهِ (عَلَى الْمَصْدَرِ) فإنْ كانَ ذا
ص: 227
مصدرينِ، ك-(دحرجَ) فَعلَى المصدرِ(الْمُسْتَعْمَلِ) إنْ كانتْ فيهِ تاءٌ كنِشدةٍ(1)،
واستقامةٍ، ودحرجةٍ.
وفِي بعضِ النُّسخِ (كإِنَاخَةٍ)(2)،
وفيهِ إشعارٌ بذلكَ الشَّرطِ(3).
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي المصدرِ المُستعملِ (تَاءٌ زِدْتَهَا) كَانطلاقةٍ، وتدحرجةٍ، والفرقُ إذنْ منَ القرائنِ كنشدةٍ واحدةٍ، ونشدةٍ لطيفةٍ، والظّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ المُصَنِّفِ إنَّ المرّةَ والنوعَ في الثُّلاثيِّ المجرّدِ الذيْ فِي مصدرهِ تاءٌ كدِرايةٍ منْ دريتُ على المصدرِ، وقالَ الش الرضي(4)
"رض": لمْ أعثرْ فِي مُصنَّفٍ علَى ما قالهُ المصنف بلْ أطلقَ المصنّفونَ أنّ المرّةَ منَ الثلاثيِّ المجرّدِ على فَعْلَةٍ، قالَ سيبويهِ(5)
إذا أردتَ الواحدةَ(6)
من الفعلِ جئتَ بها أبدًا على فَعْلَةٍ علَى الأصلِ؛ لأنّ أصلَ المصادرِ فَعْلٌ، هذا قولُهُ، انتهى.
(وَأَتَيْتُهُ إِتْيَانَةً، وَلَقِيْتُهُ لِقَاءَةً(7)
شَاذٌّ)(8)؛ لأنَّ مصدرَهُما إتيانٌ ولقاءٌ، والقياسُ أتْيَةٌ ولَقْيَةٌ؛ لأنَّ القياسَ فيمَا لا تاءَ فِي مصدرِه منَ الثّلاثيِّ المجرّدِ هوَ فَعْلَةٌ.
ص: 228
(اِسْمَا(1)
الزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ مِمَّا) منَ الفعلِ الثلاثيِّ المجرّدِ الذيْ (مُضَارِعُهُ مَفْتُوحُ الْعَيْنِ، أَوْ مَضْمُومُهَا، وَمِنَ الْمَنْقُوصِ) يائيًّا كانَ أمْ واويًّا، وإنْ كانَ مكسورَ العينِ، وكَذا إنْ كانَ معَ النُقصانِ مثالاً واويًّا أيضًا (عَلَى مَفْعَلٍ) بفتحِ الميمِ والعينِ (نَحْوُ: مَشْرَبٍ، وَمَقْتَلٍ، ومَرْمًى)، ومَرْعًى، ومَوْلًى، ولمْ يضمّوا مضمومَ العينِ؛ لثقله.
(وَمِنْ مَكْسُورِهَا) أي العين،(وَالْمِثَالُ) الواويُّ واليائيُّ(2) (عَلَى مَفْعِلٍ) بكسرِالعينِ (نَحْوُ: مَضْرِبٍ، وَمَوْعِدٍ)(3)وجاءَ
اليائيُّ كالصحيحِ كميسرةٍ بالفتحِ (وَجَاءَ) عَلَى خلافِ القياسِ من (يفعُل) بالضمِّ على مَفْعِلٍ بالكسرِ(المَنْسِكُ، وَالْمَفْرِقُ، وَالْمَجْزِرُ، وَالْمَنْبِتُ، وَالْمَطْلِعُ، وَالْمَشْرِقُ، وَالْمَغْرِبُ، وَالمَرْفِقُ، وَالْمَسْقِطُ، وَالمَسْكِنُ، وَالْمَسْجِدُ، وَالْمَنْخِرُ) والأخيرُ غيرُ مذكورٍ في المفصّلِ(4).
ويعذرُ عنْ هذا الخروجِ عنِ القياسِ بأنّ هذهِ الألفاظَ خارجةٌ عمّا هو الأصلُ في اسمِ المكانِ؛ إذِ المنسكُ اسمٌ لموقعِ النُّسُكِ المخصوصةِ لا المطلقةِ، وهو الأصلُ وكذا المفرِقُ لوسطِ الرأسِ لا لكلِّ موضعٍ/ 32 يفرقُ فيه الشعرُ، والمَجْزِرُ لموضعِ نحرِ الإبلِ لا للجزرِ مطلقًا، وكذا البواقي.
ص: 229
قالَ سيبويهِ: لمْ تذهبْ بالمسجدِ مذهبَ الفعلِ، ولكنَّك جعلتهُ اسمًا لبيتٍ(1).
قالَ الش الرضيُّ "رض" :يعني أنَّكَ أخرجتَهُ عمّا يكونُ عليهِ اسمُ الموضعِ؛ وذلكَ لأنّكَ تقولُ المَقتِلُ لكلِّ موضعٍ يقعُ فيه القتلُ، ولا تقصدُ بهِ مكانًا دونَ مكانٍ ولا كذلكَ المسجدُ؛ فانَّك جعلتهُ اسمًا لما يقعُ فيه السجودُ ويشترطُ أنْ يكونَ بناءً علَى هيأةٍ مخصوصةٍ فلمْ يكنْ مبنيًا علَى الفعلِ(2)
المُضارِعِ"(3).
فإنّ مطلقَ الفعلِ لا اختصاصَ بهِ بموضعٍ دونَ موضعٍ، ولوْ أردتَ موضعَ السّجودِ وموقعَ الجبهةِ منَ الأرضِ سواءً كانَ في المسجدِ أوْ في غيرِهِ فتحتَ العينَ؛ لكونهِ - إذنْ -
مبنيًا علَى الفعلِ؛ لكونهِ مطلقًا كالفعلِ(4).
(وَأَمَّا مِنْخِر)(5) بكسرتينِ (فَفَرْعٌ) أي: كسرُ الأوّلِ فرعٌ لكسرِ الثانيِ، وفِي الأصلِ بفتحِ الأوَّلِ (كَمِنْتِنٍ) فإنّهُ فرعٌ لمُنْتِن(6) اسمِ فاعلٍ منْ أنتنَ كأكرمَ (وَلاَ غَيْرَهَمَا)(7) لندورِ هذا الوزنِ، ونُقِلَ عنْ سيبويهِ: مِغْيِرة بكسرتين للإتباع(8)، وأمّا مِطبَخٌ، ومِربَدٌ - بكسرِ ميمهما وفتح بائهما- شاذٌّ، وقالَ سيبويهِ: ليسا موضِعَ
ص: 230
الطَّبخِ والرُّبودِ على الإطلاقِ بلْ للموضعِ المعمولِ للطبخِ ومجلسِ(1) الإبلِ، والربودُ: الإقامةُ(2).
(وَنَحْوُ: الْمَظَنَّةِ، وَالْمَقْبَرَة فتحًا، أَوْ(3)
ضَمًّا لَيْسَ بِقِيَاسٍ) أَمّا الفتحُ - وإنِ اقتضاهُ ضمُّ عينِ المضارعِ - إلاّ أنّ القياسَ عدمُ التاءِ، وأمّا الضمُّ فهوَ أشذُّ، وفي بعضِ النُّسخِ (وَنَحْوُ: الْمِظِنّة)(4) كسرًا، وعلَى هذا فهوُ مثلُ المُقبرةِ ضمًّا أشذُّ.
(وَمَا عَدَاهُ) أي: ما عدا الثُّلاثيّ المجرّد مطلقًا (فَعَلَى لَفْظِ الْمَفْعُولِ) كَمَخْرَجٍ، ومَكتبٍ، ومُدحرِجٍ، ومتدحرِجٍ، ومُحرنجِمٍ، فيحتملُ كلٌّ منها أربعةُ معانٍ، و(5)إذا
كَثُرَ الشيءُ بالمكانِ قيلَ: مَفْعَلَة بفتحِ الميمِ والعينِ كمَسْبَعٍَة إلاّ أنّهُ ليسَ بقياسٍ مطّردٍ فلا يقالُ مَضْبَعَةً، ويشترطُ أنْ لا يكونَ على ثلاثةِ أحرفٍ كثعلبٍ؛ فإنّهُ يقالُ: مكانٌ كثيرُ الثعالبِ، أوْ مكانٌ معقرِبٌ بكسرِ اللامِ الأُولى.
ص: 231
(الآلَةُ) اسمٌ مشتقٌّ منَ الفعلِ المُتعدِّي الثُلاثيِّ المُجرّدِ لِمَا يُستعانُ بهِ فِي ذلكَ الفعلِ ويجيءُ (عَلَى مِفْعَلٍ، وَمِفْعَالٍ، وَمِفْعَلَةٍ) بكسرِ الميمِ وفتحِ العينِ فيها، وقيلَ الأخيرُ موقوفٌ علَى السَّماعِ، وقدْ يجيءُ على فِعَالٍ أيضًا (كَالْمِحْلَبِ) لآلةِ تحصيلِ الْحليبِ، أي الظرفُ، والمِفتاحُ لآلةِ الفتحِ(1).
(وَالْمِكْسَحَةِ) المِكنسَةِ، والخِياطُِ لآلةِ الخيطِ، ونُقلَ مجيئُها علَى فَعُولٍ كقَطوعٍ وسَحورٍ(وَنَحْوُ: المُسْعُطِ) لِمَا يُسْعَطُ بهِ؛ أي: يدخلُ بهِ الدّواءُ فِي الأنفِ(2)،
(وَالْمُنْخُلِ) لمَا يُنخلُ بهِ الشَّيءُ، (وَالْمُدُقِّ) لمَا يُدقُّ بهِ، (وَالْمُدْهُنِ) لمَا يُجعلُ فيهِ الدهنُ، (وَالْمُكْحُلَةِ) لمَا فيهِ الكُحلُ (وَالمُحْرُضَةِ) لمَا فيهِ الأشنانُ بضمِّ الأوِّل والثَّالثِ فِي الجميعِ (ليس بقياس) والقياسُ كسرُ الأوّلِ، وفتحُ الثالثِ، وهذهِ الستُّ ذكرَها الزِّمخشريُّ فِي المُفصّلِ(3).
وقالَ: سيبويهِ لمْ يذهبوا/ 33 بها مذهبَ الفعلِ، ولكنَّها جُعلتِ اسْمًا لِهذهِ الأَوعيةِ(4)،
ولكنَّ سيبويهِ قالَ جاءَ خمسةُ أحرفٍ ولمْ يعدَّ المُحرُضةَ منها، وقالَ الجوهريُّ: المِحرَضةُ بكسرِ الميمِ وفتحِ الراءِ(5)، وقالَ ابنُ يعيش: لا أعرفُ الضَّمَّ فيهَا(6)،
وأمّا مِكْحَلٌ كمِحْلَبٍ فآلةُ الكَحْلِ كالفَلْسِ، وكَذا البواقِِي.
ص: 232
(الْمُصَغَّرُ) هوَ الاسْمُ (الْمَزِيدُ فِيهِ) ياءً كانَ أمْ غيرَها (لِيَدُلَّ عَلَى تَقْلِيلٍ) فِي مفهومِهِ إِمّا حَقِيقَةً: كرُجَيلٍ، وكُلَيبٍ، ومنهُ: قُبيلٌ؛ أي زمانٌ قبل هذا قبلَ قليلِهِ، وكذا بُعَيدٌ وفُويقٌ، ودُوينٌ، واللُتيّا، واللُذيّا.
أو مَجازًا: لِلتَّلَطُّفِ، أو للشَّفَقَةِ كبُنَي، أو لِلمَلاحَةِ: كحُسينٍ، ونحوُ: ضُويربٍ، وأُسيودٍ؛ الغالبُ فيهِ تحقيرُ الوصفِ(1) ، ويجيءُ للتَّعظيمِ(2)
كقولِهِ:
وُكُلُّ أُنَاسٍ سَوْفَ يَدْخُلُ بَيْنَهُمْ دُوَيْهِيَّةٌ تَصْفَرُّ مِنْهَا الأَنَامِلُ(3)
ص: 233
الدَّاهيةُ: الموتُ، وهو أمرٌ عظيمٌ، وقالَ الأكثرُ: هوَ علَى حقيقتِهِ؛ لاحتقارِ الناسِ لهَا وتهاونِهِمْ بهَا(1).
أوْ للتَّهكُّمِ، وقدْ يكونُ لنقصانِ المِقدارِ كَجُبيلٍ، أوِ العددِ كدُريهماتٍ، وأمّا خُويلدَينِ فَلا يعودُ التصغيرُ إلى العددِ بلْ يرادُ اثنانِ محقَّرانِ، وخصّصْنا الاسمَ بالذِّكرِ؛ لِيُخرِّجَ الفعلَ والحرفَ.
(فَالْمُتَمَكِّنُ) لا المبهمُ (يُضَمُّ أَوَّلُهُ وَيُفْتَحُ ثَانِيهُ، وَبَعْدَهُمَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ) إنْ كانَ ثُلاثيًا، (وَيُكْسَرُ مَا بَعْدَهَا) مَا بعدَ الياءِ (فِي الأَرْبَعَةِ) فيمَا زادَ علَى ثلاثةِ أحرفٍ أصليًّا كانَ كجُعيفرٍ، ومُجيمرٍ أمْ لا كضُويربٍ؛ وذلكَ لأنَّ بعدَ الياءِ في الثلاثةِ هو حرفَ الإعرابِ لا يجوزُ أنْ يكونَ لازمَ الكسرِ بخلافِ الأربعةِ وما زادَ، وأمّا إنْ كانَ في آخرِ المُصّغرِ حرفانِ منْ جنسٍ واحدٍ كأُصيمٍّ(2) زالتِ الكسرةُ بالإدغامِ، ويُعدُّ هذا منْ بابِ التقاءِ السَّاكنينِ علَى حدِّهِ(3)؛
لأنَّ السَاكنَ الأوّلَ وهوَ الياءُ بمنزلةِ حرفِ المدِّ وإنْ لمْ يكُنْ قبلَها كسرةٌ للزومِ سكونِهِ، وبعضُهمْ جوّزَ كسرَ أوّلِهِ في ذواتِ الياءِ، كشُييخٍ كمَا جوزهُ بعضُهمْ في الجمعِ كبُيوتٍ(4).
ص: 234
(إِلاَّ فِي تَاءِ التَّأْنِيثِ) لوجودِ فتحِ ما بعدَها؛ للخِفّةِ كطُلَيْحَةٍ(1) (وَأَلِفَي التَّأْنِيثِ) المقصورةِ والممْدودةِ؛ لأنَّ الكسرةَ موجبةٌ لانقلابِ الألفِ - وهيَ علامةُ التأنيثِ - ياءً وذلكَ غيرُ جائزٍ إلاّ اضطرارًا، كحُبلى، وحُميراءَ، واحترزَ بالتأنيثِ عنهُما للإلحاقِ بعدَ كسرةِ التصغيرِ؛ أي: قبلَ الآخرِ فإنَّهُ يصغَّرُ فالزائدُ على ثلاثةٍ أصليَّةٍ يحذفُ منهُ ما زادَ على أربعةٍ وكذا على أربعةٍ أصليةٍ(2)
كعَلْقى ملحقٌ بجعفرٍ وعلياءِ بقرطاسٍ، والمنقلبتانِ عنِ الواوِ/34أوِ الياءِ الأصليةِ، كعصًى، وكِساءٍ، ورداءٍ، وعنِ الممدودةِ التي يكونُ همزتُهُ أَصليةً واقعةً بعدَ الألفِ كقُرّاءٍ.
(وَالأَلِفِ وَالنُّونِ الْمُشَبَّهَتَيْنِ بِهِمَا)(3) بألفَي التَّأنيثِ فِي منعِ دخولِ تاءِ التأنيثِ علَى مدخولِهِمَا معهُمَا، وإنَّما لمْ يكسرْ لِمشابهتهِمَا بهِمَا، وفِي حكمهِ العلمُ المُرتجلُ ويعلمُ ذلكَ المنعُ منْ أنَّ ألفَهُ فِي الجمعِ تقلبُ ياءً وإنْ لمْ يعلمْ ذلكَ، قالَ السِّيرافيُّ(4)،
وأبوعليٍّ(5):
لا تقلبُ حمْلاً علَى بابِ سكران(6)
، وتردَّدَ الأندلسيُّ(7)،
فيقالُ في نحوِ: سَرحانَ، وسُلطانَ، وشيطانَ، وعُثمانَ: لفرخِ
ص: 235
الحَبارَى(1)، وسعدانَ: نبتٌ(2):
سُريحِينَ، وسُليْطينَ وشُييطِينَ، وعُثيمينَ، وسُعيدينَ؛ لدخولِ تاءِ التأنيثِ على مدخولِها بخلافِ: عثمانَ، وسعدانَ علمينِ، وسلمانَ، وعِمرانَ، ونحوهِمَا، فيقالُ: عُثيمانُ، وسُعيدانُ، وسُليمانُ، وعُميرانُ، واشتُرطَ في تلكَ الثلاثِ وقوعُها رابعةً احترازًا عنْ نحوِ: دَحَيْرِجَةٍ، وجُحَيْجِبٍ، وخُنَيْفِسَاءَ، وزُعيفرانٍ، في دحرجةٍ، وجَحْجَبٍ(3)،
وخُنفُساءَ، وزَعفَرانٍ؛ فإنّ ما بعدَ الياءِ مكسورٌ فيهَا.
(وَأَلِفُ أَفْعَالٍ جَمْعًا)؛ لإبقاءِ علامةِ الجمعِ كأُجيْمَالٍ، وإنْ سُمّي بهِ بخلافِ نحوِ: إدخالٍ، وإخْراجٍ(4).
(وَلاَ يُزَادُ) الاسْمُ الذيْ يُصغّرُ (عَلَى أَرْبَعَةٍ)(5) أي: أربعةِ أحرفٍ؛ لئلاّ يلزمَ الثقلُ (وَلِذَلِكَ(6))
المذكورِ منْ أنّهُ لا يُرتقى منَ الرباعيِّ، (لَمْ يَجِيءْ فِي غَيْرِهَا)
ص: 236
غيرِ تلكَ الصُّورِ الأَربعِ (إِلاَّ فُعَيْلٌ) فِي الثُّلاثيِّ كَرُجَيلٍ (وَفُعَيْعِلٌ) فِي الرُّباعيِّ كدُرَيهِمٍ (وَفُعَيْعِيْلٌ)(1)
في الرُّباعيِّ الذيْ قبلَ آخرهِ مدّةٌ كدُنَينيرٍ، وعُصيفيرٍ، وقُنيديلٍ، والمرادُ بها حصرُ صورِ الحروفِ والحَركاتِ(2) لا بحسبِ زيادةِ الحُروفِ وأصالتِهَا، وعُنَيكَبِيتٌ في عَنْكَبوتٍ شاذٌّ، وأمّا في تلكَ الأربعِ فجاءَ غيرُها أيضًا، وهذا التقريرُ ظاهرٌ(3) منْ كلامِ الش الرضيّ(4)،
وقيلَ: لا يزادُ ما يفتحُ فيهِ بعدَ الياءِ علَى هذهِ الأَربعِ.
(وَإِذَا صُغِّرَ الْخُمَاسِيُّ عَلَى ضَعْفِهِ)(5)
لا يمكنُ حذفُ ياءِ التَّصغيرِ؛ لكونِهَا علامةَ التصغيرِ، وإنْ كانتْ زيادةُ الثقلِ بينهَا (فَالأَوْلَى) مَا ذَهبَ إليهِ سيبويهِ، وأكثرُ المُحقِّقينَ(6)
وهوَ(حَذْفُ) الحرفِ (الْخَامِسِ) منهُ؛ إذْ بسببهِ صارتِ الكلمةُ خماسيةً ثقيلةً فتصيرُ علَى أربعةٍ، فيقالُ: جُحَيْمرٌ فِي جَحَمْرَشٍ، وفُرَيْزِدٌ فِي فَرَزْدَقٍ.
(وَقِيلَ) بلْ حذفُ الزائدِ، أي الذيْ هوَ(7)
منْ حروفِ سألتمونيها(وَمَا أُشْبِهَ الزَّائِدَ) فيقالُ: جُحَيْرِشٌ، وفُرَيْزِقٌ؛ لِمشابهةِ الدَّالِ التاءَ فِي المخرجِ، وهذا القولُ منقولٌ عنْ بعضِ العربِ(8)/
35.
ص: 237
(وَسَمِعَ الأَخْفَشُ(1)سُفَيْرِجَلٌ)
بإثباتِ الخمسةِ(2)، و بقاءِ(3)
فتحِ الجيمِ كما كانتْ(4)،
ويقلُّ كسرُها أيضًا، وقالَ الخليلُ: لوْ كنتَ محقِّرًا للخُماسيِّ بلا حذفِ شيءٍ منهُ لسكَّنتَ الحرفَ الذيْ قبلَ الآخرِ(5).
(وَيُرَدُّ) الاسمُ الذيْ حصلَ فيهِ سببُ القلبِ قبلَ التَّصغيرِ وزالَ عنهَا إذا صُغِّرَ (نَحْوُ: بَابٍ، وَنَابٍ، وَمِيْزَانٍ، وَمَوْقِظٍ إِلَى أَصْلِهِ) إنْ كانَ معلومًا (لِذَهَابِ الْمُقْتَضِي) لِلقلبِ فإنَّ مقتضِي انقلابِ واوِ بَوَبَ، وَياءِ نَيَبَ، وواوِ مِوْزَانٍ وياءِ مُيْقَظٍ إلى الألفِ، والياءِ، والواوِ هوَ فتحُ الباءِ والنونِ، وكسرُ الميمِ وضمُّها معَ فتحِ الأولينِ وسكونِ الثانيينِ، وهوَ زالَ للزومِ ضمِّ الأوّلِ وفتحِ الثاني فِي المُصغّرِ، فيقالُ: بُويْبٌ(6) ونُيَيْبٌ(7)
ومُوَيْزِينٌ(8)
ومُييقِظٌ(9)،
وبعضُ العربِ
ص: 238
يجعلُ الياءَ في نحوِ: نُيَيْبٍ واوًا؛ لمناسبةِ الضَّمّةِ، والبعضُ يكسرُ الأوّلَ؛ لمناسبةِ الياءِ وإلاّ كصابٍ اسمِ شجرٍ(1)،
قالَ سيبويهِ: تقلبُ واوًا؛ لمناسبةِ الضمّةِ(2)،
والأَخفشُ ياءً؛ لخفَّتِها(3).
(بِخِلافِ) مَا لا يزولُ منهُ(4)
المُقتضِي، نحوُ:(قَائِمٍ(5)،
وَتُرَاثٍ(6)،
وَأُدَدٍ(7))
بالهمزةِ المضمومةِ، والدّالينِ أبي قبيلةٍ منَ اليمنِ(8)؛ فإنَّ مقتضِي انقلابِ عينِ قائمٍ همزةً هوَ كونُه اسمَ فاعلٍ منَ الأجوفِ، وواوِ وِراثٍ تاءً، وواوِ وددٍ همزةً هو ضمُّها، وهوَ غيرُ زائلٍ حينَ التصغيرِ؛ إذ قلبُ الواوِ المضمومةِ في أوّلِ الكلمةِ تاءً وألفًا قياسٌ عندَهمْ فيقالُ: قُويْئِمٌ، وتُريْثٌ - بالتاءِ - وأُدَيْدٌ - بالهمزة - بدونِ الردِّ إلى الأصلِ وإنَّما لمْ يعيدُوا عِيْدًا إلى عِوْدٍ كحِبرٍ وهوَ أصلُه (وَقَالُوْا
ص: 239
عُيَيْدٌ) في تصغيرِهِ لا عُوَيْدٌ، معَ أنَّ مقتضَى انقلابِ واوِهِ ياءً وهوَ سكونُها وانكسارِ ما قبلَها زائلٌ عندَ التصغيرِ كمَا فِي مِيْزَانٍ رِعَايَةً (لِقَوْلِهِمْ: أَعْيَادٌ) فِي جمعِهِ لا أَعْوَادٌ؛ لئلاّ يشتبَهُ بجمعِ عُوْدٍ كقُفْلٍ فإنَّهُ أَعْوَادٌ كَما أنَّ تصغيرَهُ عُوَيْدٌ حمْلاً للضدِّ علَى الضدِّ، وفيهِ إيماءٌ إلَى جمعِ عيدٍ أيضًا(1).
(وَإِنْ(2)) لمْ يحصلْ فيهِ سببُ القلبِ قبلَ التصغيرِ فيردُّ إلى الأصلِ بلْ (كَانَتْ) فيهِ (مَدَّةٌ) زائدةٌ (ثَانِيَةٌ فَالْوَاوُ) فينقلبُ واوًا إنْ لم يكنْ إيَّاها؛ لانضمامِ ما قبلَها وتصيرُ مفتوحةً (نَحْوُ: ضُوَيْرِبٍ فِي ضَارِبٍ، وَضُوَيْرِيبٍ فِي ضِيْرَابٍ) وطُوَيْمِيرٍ فِي طُومَارٍ(3).
والمرادُ من المدّةِ إذا أُطلقَ هوَ الألفُ والواوُ والياءُ بشرطِ سكونِها وكونُ حركةِ ما قبلَها من جنسِها فالألفُ مدّةٌ أبدًا، وإنْ كانتِ المدَّةُ الثانيةُ أصليةً فإنْ كانتْ واوًا أوْ ياءً فبقيتَا علَى حالِهِمَا/36 كقُيَْيرٍ، وعُوَيْدٍ فِي قيرٍ وعُوْدٍ وإلاّ فيردُّ إلى أصلِها كما مرَّ فِي نحوِ بابٍ.
(وَالاسْمُ) الذيْ يكونُ (عَلَى حَرْفَيْنِ) أصليينِ؛ لحذفِ أحدِ أصولِهِ (يُرَدُّ مَحْذُوفُهُ) إذا صُغِّرَ؛ ليُمكنَ بناءُ فعيلٍ والأصليُّ أولى بالعوْدِ (تَقُولُ فِي) تصغيرِ ما كانَ المحذوفُ منهُ فاءً نحوُ:(عِدَةٍ، وَكُلٍ اسمًا) لا فعلَ أمرٍ (وُعَيْدَةٌ، وَأُكَيْلٌ) بردِّ الفاءينِ المحذوفتينِ وهمَا الواوُ والهمزةُ، وكذا خُذْ، ووجودُ
ص: 240
التاءِ في وُعَيَْدَةٍ معَ ردِّ الواوِ وهيَ عوضٌ عنهَا؛ لأنَّها في أصلِ الوضعِ كلمةٌ أخرى منضمّةٌ إليهَا ككَرْبٍ في مَعْدِ يكَرِبٍ، فلا يتمُّ بناءُ التصغيرِ بها ولا اعتدادَ عليها؛ ولذا يوقفُ عليهَا هاءً، وكيفَ لا ولا يتمُّ بناءُ التصغيرِ بهَا فيمَا إذا كانتْ عِوضًا عنِ اللامِ كأُختٍ وبِنتٍ؛ لكونِها كلمةً أُخرى غيرَ الأُولَى - كما سيجيءُ - علَى أنَّها لمْ تقعْ موقعَ المعوِّضِ عنهَا، وإنّما قلنا بردِّ الهمزةِ الأصليةِ في (كُلٍ) لا همزةِ الوصلِ؛ لأنّه إنّما احتيجَ إليها لسكونِ الفاءِ وهيَ - حينَ التصغيرِ - متحرّكةٌ وفي ما كانَ المحذوفُ منهُ عينًا، نحوُ (سَهٍ، وَمُذٍ اسْمًا) لا حرفًا فإنَّ التصغيرَ من خواصِّ الاسمِ كما مرَّ (سُتَيْهٌ(1)،
وَمُنَيْذٌ) بردِّ العينينِ المحذوفتينِ وهُمَا التاءُ والنونُ إنْ كانَ أصلُ مُذٍ منذًا كما هو التحقيقُ(2)،
وجاءَ في سَهٍ لُغيّانِ أُخريانِ: سَتٌ بحذفِ اللامِ وهيَ الهاءُ، واسْتٌ(3)
بحذفِ اللامِ، وهيَ الهاءُ وزيادةُ الهمزةِ المكسورةِ، وفِي ما كانَ المحذوفُ منهُ لامًا، نحوُ:(دَمٍ، وَحِرٍ) بكسرِ الحاءِ (دُمَيٌّ، وَحُرَيْحٌ) بردِّ اللامينِ المحذُوفتيَنِ، وهُما
ص: 241
الياءُ والحاءُ، والحِرْحُ: كالحِبْرِ بالحاءَينِ بينَهُما راءٌ: الفَرْجُ(1)، وقيلَ أصلُ دَمٍ: دَمْوٌ صُغّرَ على دُمَيْوٍ، قُلبتِ الواوُ ياءً؛ لاجتماعِهِمَا معَ سكونِ السّابقِ فأُدغمتْ وعلَى الأوَّلِ جاءَ كفَلْسٍ، وفَرَسٍ وعلَى الثانِي كالثانِي، هذا إِذا كانتِ المحذوفةُ معلومةً وكذا كونُها فاءً أوْ عيْنًا أوْ لامًا وإلاّ زيدتْ ياءً فِي آخرِهِ؛ إذْ أكثرُ ما يحذفُ منَ الثُلاثيِّ هوَ اللامُ و الأَكثرُ إمّا واوٌ أوْ ياءٌ، والواوُ إذا كانتْ قبلَها ياءٌ ساكنةٌ تقلبُ ياءً فيُجاءُ بهَا أوَّلُ الأمرِ، وكَذا إِذا كانتْ الكلمةُ موضوعةً علَى حرفينِ كمِنْ، ومَنْ، وإِنْ، وأَنْ أَعلامًا، فتقول مُنَي، وإنَِي.
(وَكَذَلِكَ بَابُ ابْنٍ، وَاسْمٍ)(2) ممَّا حُذفَتْ لامُهُ وأُبدلتْ منهَا همزةُ الوصلِ فِي أوّلهِ، وبابُ (أُخْتٍ، وَبِنْتٍ، وَهَنْتٍ)/37 ممَّا حُذفتْ لامُهُ وأُبدلتْ منهَا التاءُ فِي آخرِهِ، وإنّما يردُّ المحذوفُ فيهِمَا؛ لأنَّ همزةَ الوصلِ غيرُ لازمةٍ؛ لسقوطِهَا فِي الدَّرجِ فلا يمكنُ بناءُ فُعَيْلٍ منهُ وكذا التّاءُ في الآخرِ لمَا فيها منْ رائحةِ التأنيثِ؛ لاختصاصِ الإبدالِ بالمؤنَّثِ، والدليلُ علَى كونِ الهمزةِ والتاءِ بدلينِ منَ اللامِ إنَّهما لا تُجامِعَانَهُ وتُكتبُ التاءُ طويلةً، ويقفونَ عليهَا تاءً لا كطلحةٍ، فتقول: بُنَي، وسُمَي، وأُخَيّة، وبُنيّة، وهُنيّة(3)
أصلُها بَنَوٌ كفَرَسٍ، وسِمْوٌ، كحِبْرٍ، أو قُفْلٌ، وأُخْوَةٌ وبَنْوَةٌ، وهَنْوَةٌ قلبتْ واوُها ياءً بعدَ التَّصغيرِ وأدغمتْ لمَا مرَّ.
ص: 242
(بِخِلافِ بَابِ مَيْتٍ)(1) مُخفّفُ ميّتٍ (وَهَارٍ)(2)
أصلُها هائرٌ حذفتِ الألفُ للتخفيفِ كخَلَفٍ، وخالفٍ فصارَ هَوِرٌ ككتِفٍ فانقلبتِ الواوُ ألِفًا (وَنَاسٍ)(3)
أصلُهُ أُناسٌ ممّا بقيَ منهُ بعدَ الحذفِ ما يمكنُ بناءُ فُعَيْلٍ منهُ فلا يجبُ الردَّ فتقولُ: مُيَيْتٌ، وهُوَيْرٌ، ونُوَيْسٌ كقُفَيْلٍ، وقدْ جُوِّزَ الردُّ أيضًا فقيلَ مُيَّيْتٌ، وهُوَيَّرٌ، وأُنَيَّسٌ مشدّدةٌ كفُعَيْعِلٍ، ولا يقالُ هُوَيْئِرٌ بالهمزةِ كمَا فِي قُويْئِمُ؛ لأنَّ ألِفَ فاعِلٍ فيهِ محذوفةٌ بخلافِ قُوَيْئِمٍ، فإذا رددْتَها انقلبتْ واوًا بعدَ الهاءِ والأصليةُ بعدَ الياءِ، وهيَ تقلبُ ياءً وأدغمتْ.
(وَإِذَا وَلِيَ يَاءَ التَّصْغِيرِ وَاوٌ) كعُرْوَةٍ(4)، وهذا بيانُ ما وجبَ فيهِ القلبُ والإدغامُ بسببِ التَّصغيرِ(أَوْ أَلِفٌ مُنْقَلِبَةٌ) ولوْ عنْ واوٍ كعَصا(5)
(أَوْ زَائِدَةٌ) كرِسالةٍ(6)
(قُلِبَتْ) تلكَ الحروفُ حينَ التَّصغيرِ (يَاءً)؛ لأنَّ المآلَ بالآخرةِ إليهَا فاجتمعَ ياءانِ فأُدغمتْ، هذا إِذا لمْ يكُنْ بعدَ الواوِ أوِ الألفِ حرفانِ يقابلانِ العينَ واللامَ في فُعَيْعِلُ، وإلاّ كمُقاتِلٍ وتُقُوتِلٍ، واحميرارٍ حينَ العلميةِ تحذفانِ، ويقالُ: مُقيتِلٌ، وتُقيتِلٌ، وحُميرِرٌ،(وَكَذَلِكَ الْهَمْزَةُ الْمُنْقَلِبَةُ) عنِ الألفِ المنقلبةِ
ص: 243
عنِ الواوِ أوِ الياءِ الواقعةِ (بَعْدَهَا) بعدَ الألفِ المنقلبةِ أوِ الزَّائدةِ التَّالِيةِ لياءِ التَّصغيرِ؛ فإنَّها أيضًا تقلبُ ياءً وتدغمُ كعطاءٍ.
(نَحْوُ: عُرَيَّةٍ، وَعُصَيَّةٍ، وَرُسَيِّلَةٍ) وعُطيٍّ؛ لأنَّ الواوَ فِي عُرَيْوَةٍ اجتمعتْ معَ الياءِ السَّاكنةِ السَّابقةِ فأُبدلتْ(1) ياءً وأُدغمتْ وألفُ عَصًا ورِسَالَةٍ قلبتْ ياءً ضرورةَ الاضطرارِ علَى تحريكِهَا، وبيانُ/ 38 عُطَيٍّ سيجيءُ.
(وَتَصْحِيحُهَا فِي بَابِ أُسَيِّدٍ، وَ جُدَيِّلٍ)(2)
أي: عدمُ إعلالِ واوِ أسودٍ، وجَدوَلٍ حينَ التصغيرِ بأنْ يقالَ: أُسَيْوِدٌ، وجُدَيْوِلٌ (قَلِيلٌ) لا تُنقضُ بهِ القاعدةُ المذكورةُ، وهذا إنْ اجتمع ياءانِ (فَإِنِ اتَّفَقَ اجْتِمَاعُ ثَلاَثِ يَاءاتٍ حُذِفَتِ الأَخِيرَةُ) أي الياءُ الأخيرةُ اتِّفاقًا (نَسْيًا عَلَى الأَفْصَحِ) أي منْ غيرِ اعتمادٍ عليهَا فيدورُ الإعرابُ علَى ما قبلَها ويُضمُّ رفعًا ويفتحُ نصبًا ويكسرُ جرًّا وإعلالاً علَى رأي أَبي عمرو(3)
فُيكسرُ رفعًا وجرًّا تقديرًا كقاضٍ(4).
ص: 244
(كَقَوْلِكَ فِي عَطَاءٍ) بالهمزةِ، أصلُهُ عَطَاوٌ بالواوِ (وَإِدَاوَةٍ) كرِسالةٍ وهيَ المِطْهَرةُ (وَغَاوِيَةٍ) بالمُعجمةِ منَ الغِوايةِ (وَمُعَاوِيَةَ) أي في تصغيرِهَا (عُطَيٌّ)(1) بتشديدِ الياءِ فإنَّ ألفَهُ لمّا انقلبتْ ياءً - لمَا مرَّ- رجعتِ الهمزةُ إلى أصلِها وهو الواوُ وانقلبتِ الواوُ ياءً؛ لتطرّفِها وانكسارِ ما قبلَها فَصَارَ عُطَييّ بالياءاتِ الثلاثِ حذفتِ الأخيرةُ نسيًا ويدورُ الإعرابُ الثالثُ على الثانيةِ.
(وَ) كذا (أُدَيَّةٌ)(2)
وانقلبتْ واوُهُ ياءً؛ لانكسارِ ما قبلَها.
(وَغُوَيَّةٌ) فإنَّ ألفَ غاويةٍ كألفِ ضاربٍ انقلبتْ واوًا وصارَ غُوَيْوِيَة فانقلبتِ الواوُ الأخيرةُ ياءً؛ لعدمِ انضمامِ ما قبلَها فاجتمعتْ وحذفتِ الأخيرةُ.
(وَمُعَيَّةٌ)(3) بحذفِ ألفِ مُعاويةَ؛ ليمكنَ بناءُ فُعَيْعِلٍ منهُ، وقلبتْ واوُهُ ياءً لسكونِ ياءِ التصغيرِ وحذفِهَا.
(وَقِيَاسُ أَحْوَى) كأسودٍ صفةً مشبهةً منَ الحُوَّةِ وهي لونٌ يشابِهُ الكُميتةَ إذا صغّرَ (أُحَيُّ) بضمِّ الهمزةِ وفتحِ الحاءِ، وتشديدِ الياءِ، أصلُهُ: أُحَيْوِو كأُسيودٍ قلبتِ الواوُ الأخيرةُ ياءً؛ لانكسارِ ما قبلَها والأُولى ياءً لما سبقَ فِي عُروَةٍ فاجتمعتِ الياءاتُ وحذفتِ الأخيرةُ نسيًا، وهوَ عندَ سيبويهِ(4)،
والمبرّدِ(5)،
ويونُسَ(6)
ص: 245
(غَيْرُ مُنْصَرِفٍ) للوصفيةِ ووزنِ الفعلِ وهوَ وإنْ زالَ بحذفِ اللامِ إلاّ أنّ الهمزةَ مرشدةٌ إليهِ كياءِ (يَعِدُ) ويَرَى علمينِ؛ فإنّهما غيرُ منصرفينِ اتِّفاقًا، فهمْ يقولونَ: أُحَيُّ بضمِّ الياءِ المشددةِ الغير(1)
المنونة رفعًا وفتحِها نصبًا وجرًا.
(وَعِيسَى) بنُ عمرُو أستاذُ الخليلِ وافقهُ فِي الحذفِ نسيًا إلا أنّهُ (يَصْرِفُهُ) لنُقصانِ الكلمةِ عنْ وزنِ الفعلِ نقصانًا لازمًا كمَا في خيرٍ وشرٍّ، ويقولُ أُحيٌّ، وأحيًّا، وأَحيٍّ بالحركاتِ والتنوينِ، وفيه/39 إنّ قياسَهُما معَ الفارقِ؛ لبقاءِ الزيادةِ فِي أوَّلهِ بخلافِهِمَا(2).
(وَقَالَ أَبُو عَمْرُو) بنُ العلاءِ لا تحذفُ الثالثةُ فيمَا أوّلهُ شبهُ حرفِ المضارعةِ نسيًا بلْ يحذفُ معَ التنوينِ حذفَ قاضٍ ويُقالُ (أُحَيٍّ) بالكسرِ
ص: 246
والتنوينِ رفعًا وجرًا، وأُحيَّيًا نصبًا ويردُّ معَ الإضافةِ واللامِ، ويقالُ الأُحَييُ(1)،
قالَ الش الرضيُّ: قالَ: أندلسيٌّ(2)
والجوهريُّ(3)
إنَّ تركَ الحذفِ مذهبُ الكوفيينَ، وأَنا أَرَى ما نَسَبا إِليهم وهمًا منهُما(4).
وأقولُ: بعدَ إثباتِ مَا قالاهُ يمكنُ أنْ يكونَ (عَلَى الأَفْصَحِ) متعلِّقا ب-(حُذِفَتْ) ثمَّ هذهِ كلُّها علَى تقديرِ قلبِ الواوِ فِي أُحَيْوَى ياءً كأُسيدٍ (وَ) أمّا (عَلَى قِيَاسِ أُسَيْوِدَ) بتصحيح الواوِ فهوَ (أُحَيْوٍ) بإثباتِ الواوِ المنوّنةِ المكسورةِ رفعًا بعدَ الياءِ المخفَّفةِ، وأُحَيْوَى بالفتح نصبًا وجرًا، ولا اختلافَ إذنْ؛ لأنّهُ نشأَ منَ اجتماعِ الياءاتِ وهيَ علَى هذا التقديرِ لا يجتمعُ وكذا علَى هذا القياسِ يقالُ: غُوَيْوِيَّةٌ، ومُعَيْوِيَّةٌ فِي غاويةٍ ومعاويةَ(5).
هَذا بيانُ ما وقعَ فيهِ التغييرُ بالقلبِ والحذفِ، وأمَّا ما وقعَ فيهِ بالزِّيادةِ، فمنْ جملتهِ المؤنثُ، وهوَ أمَّا حقيقيٌّ: إنْ كانَ فِي مقابلِهِ مذكرٌ منَ الحَيَوانِ كناقةٍ، أوْ لفظيٌّ وهوَ ما في لفظِهِ علامةُ التأنيثِ منَ التاءِ والألفِ الممدودةِ أوِ المقصورةِ حقيقةً أوْ حكمًا كالحرفِ الرابعِ في المؤنثِ السَّماعيِّ الذيْ كانَ رباعيَّا فِي الأصلِ أوْ تقديرًا وهوَ كالاسمِ الثُلاثيِّ الذيْ لا يكونُ فيهِ علامةُ التأنيثِ وهوَ مؤنثٌ سماعًا فنقولُ:
ص: 247
(وَيُزَادُ فِي(1)
الْمُؤَنَّثِ الثُّلاثِيِّ) إذا صُغّرَ إنْ كانَ (بِغَيْرِ تَاءٍ تَاءٌ) إذِ المصغّرُ بمنزلةِ الموصوفِ والصِّفةِ فكما تلحقُ التاءُ في صفةِ المؤنثِ المُعنْوَنِ تلحقُ فيهِ أيضًا (كَعُيَيْنَةٍ وَأُذَيْنَةٍ)(2)
فِي عينٍ وأُذُنٍ إلاّ أنْ يسمّى بهِ مذكرٌ خلافًا ليونُسَ(3) بخلافِ مذكرٍ يسمَّى بهِ مؤنثٌ وهوَ ثلاثيٌّ كزُيَيْدَةٍ فِي زَيْدٍ وإلاّ أنْ يؤديَ إلَى التباسٍ كخَمْسٍ وأمثالِهِ فإنّ منْ لحوقِ التاءِ التبسَ بمصغّرِ المذكرِ وكَذا بقَرٌ إنْ ثبتَ تأنيثُهُ فإنَّه اسمُ جنسٍ تلحقُ التاءُ بواحدِهِ فلوْ أُلحقَتْ بمصغّرِهِ لالتبسَ بواحدهِ، ونحوُ: أُخْتٍ، وبِنْتٍ إذا سُمِّيَ بهِ مذكرٌ حذفتْ تاؤُهُ.
(وَعُرَيْبٌ(4)،
وَعُرَيْسٌ(5)
شَاذٌّ) فِي عَرَبٍ وعِرْسٍ، والقياسُ بالتاءِ لمَا فيهِمَا منَ التأنيثِ، والعِرْسُ كالحِبْرِ إمرأةُ الرَّجلِ، ويُقرأُ كقُفلٍ وهو طعامُ الوليمةِ(6)،
ولا تزادُ التاءُ في نابٍ بمعنَى المُسنَّةِ منَ الإبلِ(7) لطولِ نابِهَا وفرَسٍ(8)؛
إذِ الأولُ مذكرٌ
ص: 248
بالقياسِ إلَى ما هوَ موضوعٌ لهُ وهوَ بعضُ الأسنانِ، والثانِي يقعُ علَى المذكَّرِ أيضًا فيغلّبُ.
وأمّا حَرْبٌ(1)
فقالَ المبرّدُ/40 قدْ يذكّرُ(2)،
والمَازنيُّ(3)
إنّه فِي الأصلِ مصدرٌ(4)،
وعلَى أيِّ تقديرٍ يقالُ حُرَيْبٌ للغَلَبةِ.
(بِخِلافِ) الاسمِ المؤنثِ (الرُّبَاعِيِّ) الذيْ لا تاءَ فيهِ فإنَّهُ لا تزادُ فيهِ التاءُ بلْ يحذفُ منهُ ما زادَ علَى أربعةٍ تخفيفًا (كَعُقَيْرِبٍ) فِي عَقْرَبٍ إلاّ أنْ يعرضَهُ بالتَّصغيرِ عارضٌ يعودُ بهِ إلى الثلاثةِ فتُزادُ التاءُ، نحوُ: سُمَيّةٍ في سماءٍ،
ص: 249
وعُقَيْبَةٍ فِي عِقَابٍ، وزُنَيْبَةٍ فِي زَيْنَبٍ، فإنَّ في الأوَّلِ اجتمعتِ الياءاتُ، والأَخيرانِ في الأصلِ ثلاثيانِ.
(وَقُدَيْدِيمَةٌ، وَوُرَيِّئَةٌ شَاذٌّ)(1)في قدّامٍ ووراءَ، والقياسُ عدمُ التاءِ (وَتُحْذَفُ أَلِفُ التَّأْنِيثِ الْمَقْصُورَةِ غَيْرُ الرَّابِعَةِ) أي: الخامسةُ وما فوقَها بخلافِ نحوِ: حُبْلَى؛ لأنَّ الحرفَ الأصليَّ تَحذفُ خامسهُ للتَّخفيفِ فكيفَ بالزائدةِ فينصرفَ مدخولُها (كَجُحَيْجِبٍ، وَحُوَيْليٍّ)(2)
بتشديدِ الياءِ فِي (جَحْجَبَى، وَحُولاَيَا) بفتحِ الجيمينِ وسكونِ الحاءِ بينَهُما والباءِ الموحّدةِ في الأوّلِ قبيلةٌ منَ الأنصارِ، وقيلَ اسمُ سيّدٍ فِي قومِهِ وفتحِ الحاءِ وسكونِ الواوِ والتحتانيَّةِ قبلَ الآخرِ فِي الثانيِ اسمُ رجلٍ وعلمُ مكانٍ(3)،
فإنّهُ لمّا صغّرَ وصارتِ الحاءُ مضمومةً واللامُ مكسورةً؛ ليصيرَ علَى فُعَيْعِيل انقلبتِ الألفُ بعدَ اللامِ ياءً؛ لِسُكونِهَا وانكسارِ ما قبلَها وأُدغمتْ في الياءِ الأخيرةِ وبرْدرايا(4)
لِموضعٍ ردّ إلى الأربعةِ بحذفِ الزوائدِ ويُصغَّرُ على بُرَيْدِرٍ، وإنْ كانَ معَ الألفِ المقصورةِ الخامسةِ ألفٌ ثالثةٌ كحُبارَى يجوزُ حذفُ الخامِسةِ فيصغَّرُ علَى حُبيّرٍ بتشديدِ التحتانيةِ، أو الثالثةِ
ص: 250
فعلَى حُبيرى كحُبَيْلى، ونُقِلَ عنْ عِيسَى بنِ عُمَرَ إبدالُ الأخيرةِ منَ التاءِ فعلَى حُبَيِّرَةٍ(1).
(وَتَثْبَتُ الْمَمْدُودَةُ مُطْلَقًا) سواءً كانَ فِي الثُّلاثيِّ أوْ فِيمَا زادَ خلافًا لابنِ الانباريِّ فإنَّهُ يَحذفُ الممْدُودَةَ غيرَ الرَّابعةِ ويُبْدِلُ منهَا التاءَ(2)،(ثُبُوتَ)
الاسمِ (الثَّانِي فِي بَعَلْبَكَّ)(3)
مثلُه كحُميراءَ، وخُنَيفَساءَ، وكذا الألفُ والنونُ كزَعفرانَ وضارِبانَ، والواوُ والنونُ، والألفُ والتاءُ ك-(ضاربون وضاربات)؛ لكونِها علَى حرفينِ، وتاءُ التأنيثِ لتحركِها فإنَّ الجميعَ بمنزلةِ اسمٍ ضُمَّ إلى آخر، هذا غيرُ حالةِ العلميةِ عندَ سيبويهِ وتابعيهِ خلافًا للمبرّدِ، والواوُ والنونُ في (عشرون) وأمثالِه كجزءِ الكلمِةِ/41عندَ يونسَ، وإنْ لمْ يكنْ علمًا؛ لأنّهُ ليسَ بجمعٍ(4)،
وأمّا المقصورةُ فإنَّها لوحدتِهَا وسكونِهَا كأنَّها ميِّتةٌ لا تصلحُ لأنْ تكونَ كلمةً برأسِها بلْ هيَ كبعضِ الحروفِ المزيدةِ في البِنْيَةِ، وعُلِمَ منْ هذَا أنَّ الأسماءَ المركَّبةَ
ص: 251
لا يُصغَّرُ إلاّ الصَّدرُ منهَا كبُعيلبكَ، وحُضَيْرَموتَ، وأُبيِّ عمرُو، بتشديدِ الياءِ وخُميسةَ عشرَ، والفرّاءُ يُصغّرُ الثانِي في الكُنَى، نحوُ: أَبِي عُمَيْرٍ، وأُمِّ الحُكَيْمِ(1).
(وَالْمَدَّةُ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ كَسْرَةِ التَّصْغِيرِ) بعدَ الكسرةِ الحادثَةِ فِي المُصغَّرِ بعدَ يائِهِ فِي ذِي الأَربعةِ مطلقًا (تَنْقَلِبُ يَاءً إِنْ لَمِ يَكُنْ إِيَّاهَا) أي: ياءً؛ لسكونِهَا وانكسارِ مَا قبلَها سواءٌ كانَ ألفًا أوْ واوًا (نَحْوُ: مُفَيْتِيْحٍ) فِي مِفْتَاحٍ (وَكُرَيْدِيْسٍ)(2)
فِي كُرْدُوسٍ، وهوَ جماعةُ الخيلِ(3)،
وعُصَيْفِيْرٍ فِي عُصْفُورٍ، فإنْ كانتْ ياءً أوْ غيرَ واقعةٍ بعدَ الكسرة بقيتْ علَى حالِها كمُنَيْدِيْلٍ، وقُنَيْدِيْلٍ، وحُمَيْرَاءَ، وسُكَيْرَانَ، والمرادُ منَ المدّةِ ما يشتملُ اللينُ أيضًا كجُلَيْلَيْنٍ في جَلَّونٍ بتشديدِ اللامِ المفتوحةِ، وكَذا المتحرِّكةُ كتُرَيْقَيَّةٍ فِي تَرْقُوَةٍ، وأَمّا الواقعةُ ثانيةً أو ثالثةً فقدْ مرَّ حيثُ قال: فإنْ كانتْ مدّةً ثانيةً فالواوُ، وإِذا وَلِيَ ياءَ التَّصغيرِ واوٌ أَوْ أَلِفٌ، أه.
(وَذُو الزِّيَادَتَيْنِ غَيْرُهَا) غيرُ المدّةِ الرَّابعةِ واللينِ الرابعِ أيضًا (مِنَ الثُّلاثِيِّ يُحْذَفُ أَقَلُّهُمَا فَائِدَةً)؛ لأنَّ الخُماسيَّ يحذفُ منهُ الأصليُّ فكيفَ بالزَّائدِ، ولا حاجةَ إلى حذفِهِمَا، وأمَّا ذُو الزِّيادةِ الواحدةِ فإنَّها لا تحذفُ سواءً كانَ فِي
ص: 252
الأوَّلِ أوْ فِي الوَسطِ أوْ فِي الآخِرِ، نحوُ: أَسْوَدٍ، ومَقْتَلٍ، وكَوْثَرٍ، وجَدْوَلٍ، وخَاتِمٍ وعَجُوزٍ، وكَبِيرٍ، وحِمَارٍ، وحُبْلَى
(كَمُطَيْلِقٍ، وَمُغَيْلِمٍ، وَمُضَيْرِبٍ، وَمُقَيْدِمٍ، فِي مُنْطَلِقٍ، وَمُغْتَلِمٍ، وَمُضْطَرِبٍ(1)،
وَمُقَدَّمٍ)(2)
بإثباتِ المِيمِ فِيهَا؛ لكونِها مبيّنةً لكونِهَا اسمَ فاعلٍ بخلافِ الزيادةِ الأُخرى فإنَّها موضحةٌ؛ لكونِها منْ بابِ الافْتِعَالِ أوِ الانْفِعَالِ، أوْ غيرِهِمَا، وذلكَ أقلُّ فائدةٍ منهُ، وفِي بعضِ النُّسَخِ و(مُضَارِبٍ) بدلُ (مُضْطَرِبٍ) هذا إِذا لمْ يكونا متساويينِ فِي الفائدةِ(3).
(فَإِنْ تَسَاوَتَا(4)
فَمُخَيَّرٌ) أنتَ فِي حذفِ أيِّهمَا شِئْتَ/42(كَقُلَيْسِيَّةٍ)(5)
بحذفِ النُّونِ وانقلابِ الواوِ ياءً؛ لانكسارِ ما قبلَها (وَقُلَيْنِسَةٍ(6))
بحذفِ الواوِ فِي تصغيرِ قُلنْسُوةٍ، (وَحُبَيْنِطٍ) بحذفِ الألفِ (وَحُبَيْطٍ) بحذفِ النُّونِ فِي حَبَنْطَى بفتحِ الْحاءِ والباءِ الموحَّدةِ وسكونِ النُّونِ قبلَ الطَّاءِ: القصيرُ البطنِ(7)، ثُمَّ علَى الثَّاني صارتِ الألفُ - وهيَ للإلحاقِ بسَفْرَجلٍ - منقلبةً إلَى الياءِ؛ لانكسارِ ما قبلَها للتَّصغيرِ فأُعِلَّ إعلالَ قاضٍ وليعلَمَ أنَّ الفضلَ فِي الحرفِ يكونُ إمّا منْ وقوعِهِ فِي الأوَّل ثُمَّ الأوّل أوْ منْ كونِهِ دالاًّ علَى المعنَى المقصودِ منَ اللفظِ،
ص: 253
أوْ منْ عدمِ اطِّرادِ ازْديادِهِ أوْ منْ عدمِ اطِّرادِ ازديادِهِ بعدَ ازديادِ ذلكَ الحرفِ، أوْ منْ كونِهِ مُكرَّرًا للإلحاقِ أوْ لغيرِهِ أوْ منْ كونِهِ مُتحرِّكًا، والمصنف لمَّا اعتبرَ الفضلَ فِي الفائدةِ حَكَمَ بتساوِي الحرْفينِ منهُمَا وإِلاّ فَالآخرُ الأقربُ إليهِ أَحرى بالحذفِ، وكَذا السَّاكنُ فأينَ التَّساوِي ؟.
وفِي نحوِ: قبائِلَ، وعجائِزَ علمينِ خلافٌ، ذهبَ الخليلُ وسيبويهِ إلَى حذفِ الأَلفِ؛ لضَعفِها فيقالُ: قُبَيْئِيْلٌ، وعُجَيْئِزٌ(1).
ويُونُسُ(2) إلَى حذفِ الهمزةِ؛ لقُربِها الطرفَ، فيقالُ: قُبَيِّلٌ، وعُجَيِّزٌ بتشديدِ الياءِ، ونحوُ: مَطايَا مُطَيٌّ علَى التَّقديرينِ؛ إذْ علَى الأوَّلِ انقلبتِ الألفُ الثانيةُ ياءً؛ لكسرةِ مَا قبلَها، وتُحذفُ نسيًا وتحذفُ الأولى وعلَى الثَّانِي تحذفُ الياءُ التِي هيَ بدلٌ منَ الهمزةِ، وتقلبُ الأُولى ياءً مكسورةً كمَا في حِمارٍ، وكذَا الثّانيةُ؛ لكسرةِ ما قبلَها تحذفُ الياءُ الثالثةُ.
(وَذُو) الزَّوائدِ (الثَّلاَثِ) منَ الثُّلاثيِّ (غَيْرُهَا تُبَقَّى الْفُضْلَى) منَ الثلاثِ ويُحذفُ الثِّنتانِ والثَّلاثُ في ذِي الزوائدِ الأربعِ كاستخراجٍ (كَمُقَيْعِسٍ فِي
ص: 254
مُقْعَنْسِسٍ(1))
بحذفِ النون وأَحَدِ السِّينينِ؛ لكونِ الميمِ أفضلَ، هذا مختارُ سيبويهِ(2)، وعندَ المُبّردِ(3)
تُحذفُ الميمُ؛ لأنَّ السِّينَ للإلحاقِ بحرفٍ أصليٍّ.
وإنَّما اختارَ المُصَنِّفُ مُختارَ سيبويهِ؛ لأنَّ السينَ الثانيةَ طرفٌ والأُولى قريبةٌ منهُ، والميمُ لهَا قوةُ التصدرِ، وإنْ كانتْ إحداهُما مَدّةً تحذفُ كمُقَيْدِيْمٍ فِي مَقادِيمٍ إلاّ المدّةَ المعهودةَ فإنَّها تقلبُ ياءً كَتُمَيْلِيقٍ(4)
فِي تِمِلاّق وهمزاتُ الوصلِ مطلقًا تحذفُ ثمَّ بعدَ الحذفِ والقلبِ إنْ بقِيَ زائدتانِ تبقَى الفُضْلى وإنْ بقِيَ واحدةً تبقَى علَى حالِها كفُتَيْقِيْرٍ، وحُرَيْجِيْمٍ فِي افْتقارٍ واحْرنجامٍ بخلافِ إِكرامٍ/ 43فيُقالُ: أُكَيْرِيْمٌ، وسقوطُ السِّينِ فِي استخراجٍ أَوْلَى منَ التاءِ؛ لأنَّ سُخَيْرِيجًا كَسُفَيْعِيْلٍ لا نظيرَ لهُ بخلافِ تُخَيْرِيجٍ؛ لمجيءِ تُجَيْفِيفٍ(5)، وكذا سقوطُ الياءِ والنُّونِ في اشْهَِيْبَابٍ، واغْدَِيْدَانٍ، واقعِنْسَاسٍ أَوْلى منْ مُضعَّفِ الأصليِّ فتقولُ: شُهَيْبِيْبٌ، وغُدَيْدِيْنٌ، وقُعَيْسِيْسٌ، وفِي اعْلِوَّاطٍ عُلَيِّيْطٌ بحذفِ الهمزةِ وإِحدَى الواوينِ وفي اضطرابٍ ضُتَيْرِبٌ بردِّ التَّاءِ الأَصليةِ وحُمِلَ استبرقُ علَى استخرجَ؛ لكونِهِ أشبهَ بهِ منْ غيرِهِ وحَكَمَ بزيادةِ الثَّلاثِ الأُوَلِ فَحُذفتِ الثِّنتانِ منهَا غيرَ ألفِهِ لفضلِهِ بالتَّصدّرِ وعدمِ كونِهِ للوصلِ وقيلَ: أُبَيْرِقُ.
ص: 255
(وَتُحْذَفُ زِيَادَاتُ الرُّبَاعِيِّ كُلُّهَا مُطْلَقًا) سواءٌ كانَ إحْداها فُضلَى أمْ لا؛ لِيُمكنَ بناءُ فُعَيْعِلٍ منهُ (غَيْرَ الْمَدَّةِ) الواقعةِ بعدَ كسرةِ التَّصغيرِ، فإنَّها تُقلبُ ياءً ولا يحلُّ لبناءِ فُعَيْعِيلٍ منهُ (كَقُشَيْعِرٍ فِي مُقْشَعِرٍّ) بحذفِ الميمِ والرَّاءِ الزائدةِ معَ فضلِ الميمِ؛ لأنَّها تدلُّ علَى كونِهِ اسمَ فاعلٍ.
(وَحُرَيْجِيْمٍ فِي احْرِنْجَامٍ)(1)
ودُحَيْرِجٍ فِي مُدَحْرِجٍ، وحُريْجِمٍ فِي مُحْرَنْجِمٍ، وتَحْذِفُ أوَّلَ المُكرَّرِ في أوَّلِ قُشْعَرِيرةٍ، ويقالُ: قُشَيْعِيْرَةٌ.
وفِي إِبراهيمَ، وإسماعيلَ، قالَ سيبويهِ: بُرَيْهِيْمُ، وسُمَيْعِيْلُ(2) ردًّا لهُ إِلى الرُّباعيِّ، يعنِي: بَرْهَمَ، وسَمْعَلَ، والمُبرّد: أُبَيْرِيْهُ، وأُسَيْمِيْعُ، إِلى الخُماسيِّ يعني: إِبْرَهَمَ، وإِسْمَعَلَ، كَإِصْطَبْلٍ(3)؛
لأنَّ الهمزةَ إنْ كانتْ قبلَ أَربعةِ أُصولٍ فَهيَ أَصليةٌ، وكذَا تُحذفُ زياداتِ الخُماسيِّ معَ الخامسِ الأَصليِّ، فيقالُ: قُرَيْطِبٌ فِي قَرْطَبُوسٍ.
(وَيَجُوزُ التَّعْوِيضُ عَنْ حَذْفِ الزَّائِدِ(4))
علَى الأَربعةِ مُطلقًا (بِمَدَّةٍ بَعْدَ الْكَسْرَةِ فِيْمَا لَيْسَتِ الْمَدَّةُ فِيْهِ كَمُغَيْلِيْمٍ فِي مُغْتَلِمٍ) وقُشَيعِيرٍ فِي مُقشعرٍّ، وسُفَيرِيجٍ فِي سَفَرْجَلٍ، وفيمَا فيهِ لا كاحْرنْجامٍ، وهذا التعويضُ نسبهُ سيبويهِ إِلى يونُسَ(5)، وإنْ لمْ يعوّضْ يقالُ: مُغَيْلِمٌ، وقُشَيْعِرٌ، وسُفَيْرِجٌ بلا مدٍّ.
ص: 256
(وَيُرَدُّ جَمْعُ الْكَثْرَةِ، لاَ اسْمُ الْجَمْعِ): وهوَ اسمٌ مفردٌ يكونُ معناهُ جمعًا منْ غيرِ تَغيّرٍ فِي اللفظِ ولا اسمِ الجنسِ، والفرقُ بينَهما إنَّهُ يطلقُ علَى الواحدِ والاثنينِ بخلافِ اسمِ الجمعِ (إِلَى جَمْعِ قِلَّتِهِ) ضَرورةَ التنافِي/44 بينَ الكثرةِ والتَّصغيرِ، وأوزانُه: أَفْعُلُ، وأفْعَالُ، وأفْعِلَة، وفَعَلَة (فَيُصَغَّرُ) جمعُ القلَّةِ (نَحْوُ: غُلَيْمَةٍ فِي غِلْمَانٍ) المردودِ إِلى غَلَمَةٍ (أَوْ) يُردُّ (إِلَى وَاحِدِهِ) وهوَ غُلامٌ (فَيُصَغَّرُ) الواحدُ ويقالُ: غُلَيِّمٌ (ثُمَّ يُجْمَعُ) ذلكَ الواحدُ المُصَغَّرُ (جَمْعَ السَّلامَةِ)؛ لأنّهُ إنْ لمْ يكنْ معرَّفًا باللامِ فهوَ فِي حُكْمِ جمعِ القِلَّةِ علَى الأكثرِ (نَحْوُ: غُلَيِّمُونَ)(1) بتشديدِ الياءِ.
(ودُوَيْرَاتٍ)(2) جمعُ دُوَيْرَةٍ، مُصغّرُ دارٍ جمعُ كثرتِهِ دُؤْرٌ، وعلى الأوَّلِ تَردُّها علَى أَدْؤُرٍ(3)،
وتقول: أُدَيْرٌ، ولا يجمعُ بالواوِ والنونِ إلاّ منْ كانَ عاقِلاً مذكرَ اللفظِ والمعنَى وغيرُه بالألفِ والتاءِ فإنْ لمْ يكُنْ لهُ جمعُ قلّةٍ مثلِ: شُعَراءَ، ومساجِدَ تعيّنَ الثاني(4)،
فيقالُ: شُويْعِرُونَ، ومُسَيْجِدَاتُ، وأمّا ما لا يجمعُ واحدُه جمعَ السَّلامةِ كسُكارَى، وحُمْر فبالألفِ والتاءِ بلا ردٍّ إِلى الواحدِ كسُكيراتٍ، وحُميراتٍ.
وجمعُ القلّةِ، وجمعُ السَّلامةِ، واسمُ الجِنْسِ، واسمُ الجمعِ سواءٌ وُجِدَ فِي تركيِبِه واحدٌ كراكبٍ، ورَكْبٍ، أمْ لا كقَومٍ، ونَفَرٍ يُصَغَّرُ علَى لفظِها: كأُكَيْلِبٍ،
ص: 257
وأُجَيْمَالٍ، وأُقَيْفِزَةٍ، وغُلَيْمَةٍ، وضُويْرِبُونَ، وضُويْرِبَاتٍ، وتُمَيْرٍ، ورُكَيْبٍ، وقُوَيْمٍ، ونُفَيْرٍ، فِي أَكْلُبٍ، وأَجمَالٍ، وأَقفِزَةٍ، وغَلَمَةٍ، وضَارِبُونَ، وضَارِباتٍ، وتَمْرٍ، ورَكْبٍ، وقَوْمٍ، ونَفَرٍ.
نعمْ قدْ يجوزُ ردُّ جمعِ القِلّةِ إِلى واحدِهِ وتصغيرِهِ: ككُلَيْباتٍ، وجُمَيْلاتٍ، وقُفَيزاتٍ، وغُليْمُونَ، وقالَ الأخفشُ: رَكْبٌ جمعُ راكبٍ فتصغيرُه عندَه علَى رُكَيْبُونَ(1)،
ونحوُ: عبَاديدٍ بمعنَى متفرقاتٍ فمَا لا يستعملُ واحدُهُ يردُّ إِلى مَا يجوزُ أنْ يكونَ واحدُه فإنّ واحدَ فَعاليلَ إمّا فُعْلولٌ، أوْ فِعْلِيلٌ، أوْ فِعْلالٌ وعلى أيِّ تقديرٍ يُصغَّرُ علَى عُبيْدٍ ويجمعُ علَى عُبَيْدِيدُونَ، أوْ عُبَيْدِيدَاتٍ(2)،
وأمَّا أُصْلانُ - بالضمِّ - جمعُ كثرةِ أصيلٍ، وهوَ وقتُ العصرِ يُصغّرُ علَى خلافِ القياسِ على لفظِهِ، ويُقالُ: أُصَيْلانٌ تشبيهًا لهُ بعُثْمَانَ، وقلبُ نونِهِ لامًا شاذٌّ علَى شاذٍّ.
ونحوُ: سِنِينَ، وأَرَضينَ يُصغّرُ علَى سُنيّاتٍ، وأُرَيْضاتٍ؛ إذِ الواوُ والنونُ فيهِمَا عوضٌ منَ التاءِ الذّاهبةِ فِي سَنَةٍ والمقدَّرةِ في أرضٍ.
ص: 258
(وَمَا جَاءَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَأُنَيْسِيَانٍ)(1) فِي إنسانٍ وهوَ فِعْلانٍ منَ الإِنسِ (وَعُشَيْشِيَةٍ)(2)
فِي عَشِيَّةٍ بقلبِ إِحدى الياءاتِ الثلاثِ فِي مُصغَّرِهِ شينًا معجمةً؛ لوجودِهَا فِي الكلمةِ.
وأُغَيْلِمَةٍ فِي غَلَمَةٍ/45،(وَأُصَيْبِيَةٍ) فِي صِبْيَةٍ جمعَي قلَّةٍ لغُلامٍ وصَبيٍّ علَى توهُّمِ أنَّ الأصلَ فِي فُعالٍ وفَعيلٍ أنْ يُجمعَ علَى أَفْعِلَةٍ فِي القلَّةِ (شَاذٌّ) والقياسُ أُنَيْسِيَنٌ كسُرَيْحِينِ،وعُشِيَّةٌ - بحذفِ الياءِ الثالثةِ - وغُليْمةٌ، وصُبَيَّةٌ، ومنْ قالَ: إنسانٌ إفعانٌ منْ نَسِيَ، أصلُه أَنسيانٌ كزَعفرانٍ فأُنيسيانٌ مصغّرُهُ علَى القياسِ.
(وَقَوْلُهُمْ: أُصَيْغِرُ مِنْكَ، وَدُوَيْنَ هَذَا، وَفُوَيْقَ(3)؛
لِتَقْلِيلِ مَا بَيْنَهُمَا)(4)
منَ الفضْلِ فهوَ لتحقيرِ الوصفِ والفضلِ لا الذَّاتِ المتّصفةِ بهَا وكذا كلُّ صفةِ كأُسَيْوِدٍ، وضُوَيْرِبٍ - كما مرّ- ونحوُ: بُزَيْزِيْزٍ، وعُطَيْطِيْرٍ فِي بزّازٍ، وعَطّارٍ؛ لتحقيرِ الصَّنعتينِ(5).
(وَنَحْوُ: مَا أُحَيْسِنَهُ(6)
شَاذٌّ) عندَ البصريينَ(7) القائلين: بأنَّ أفعُلَ التعجبِ فعلٌ، وتبعَهُم المصنّفُ، وأمّا الكوفيونُ(8) فلمّا رأوهُ مجرّدًا عنْ معنَى الحدوثِ
ص: 259
والزمانِ مشابِهًا لأَفعُلِ التَّفضيلِ معنًى، قالوا إنّهُ اسمٌ فيهِ معنى الصِّفةِ فصغَّروها.
(وَالْمُرَادُ) مِنهُ عندهُمْ هوَ (الْمُتَعجَّبُ مِنْهُ) وهوُ مفعولُ (أُحيسنَ) فِي قولِكَ: مَا أُحَيْسِنَ زيدًا يعنِي أنَّ المرادَ هو تحقيرُ المتعجَّبِ منهُ باعتبارِ وصفِ الحُسْنِ؛ وكأنَّه قيلَ هوَ حُسَيْنٌ، وهذا لا يُفْهَمُ منْ قولِنَا: ما أَحْسَنَ زُيَيْدًا، وقدْ يُقالُ: إنَّ المرادَ أنّهُ شاذٌّ عندَهُما، أمَّا عندَ البصريينَ فظ؛ لأنه فعل، وأمَّا عندَ الكُوفيينَ(1)؛
فلأنَّ المرادَ منهُ هوَ تحقيرُ الْمتعجَّبِ منهُ، فالقياسُ يقتضِي أنْ يقالَ: ما أَحْسَنَ زُيَيْدًا، لكنْ لمّا لمْ يُعلمْ منهُ أنَّ المرادَ هو تحقيرُه باعتبارِ وصفِ الحُسنِ قيلَ: مَا أُحَيْسِنَهُ على خلافِ القِياسِ(2).
ليُعلمْ: أنّ أفعلَ التّعجبِ أمّا على وزنِ فعلِ الماضِي منْ بابِ الأفعالِ أوْ علَى وزنِ فعلِ أمرِهِ الحاضِرِ، والثا يتعدَّى إلَى مفعولِهِ بالياءِ، وقالَ أبو حيانٍ(3)
ص: 260
فِي ارتشافِهِ(1)
تصغيرُ الأوّلِ مطَّردٌ عندَ سيبويهِ بخلافِ الثا(2) فإنَّهُ لا يصغّرُ إلاّ عندَ ابنِ كَيْسَانٍ(3).
(وَنَحْوُ: جُمَيْلٍ، وَكُعَيْتٍ لِطَائِرَيْنِ، وَكُمَيْتٍ لِلْفَرَسِ)(4) ليسَ بتصغيرٍ حقيقةً بلْ فِي الأصلِ (مَوْضُوعٌ عَلَى التَّصْغِيْرِ) بلْ قُصِدَ إلى التَّحقيرِ(5)،
وقدْ يقالُ اختيارُ تلكَ الصيغةِ؛ لكونِ الصِغَرِ منْ لوازمِها أمّا الأولانِ فظ؛ لأنَّ الأوّلَ طيرٌ شَبيهٌ بالعُصفورِ(6)
والثا هوَ البُلبلُ(7)
أوْ شبيهُهُ، كمَا قالَ المُبرِّدُ، وأمّا الثَّالثُ فلأنَّ الكُمَيْتَةَ لونٌ دونَ سوادِ الأَدْهَمِ، فكأنَّهُ الدُّهمةُ الصغيرةُ القليلةُ وإنْ كانَ فوقَ حُمرةِ الأشقرِ(8)،
ولمّا جرتِ العادةُ أنْ يجمعَ المُصغّرُ جمعَ السَّلامةِ ولم يكنْ لهَا مكبرٌ وضعًا جُمعَ جمعَ المكسَّرِ قُدِّرَ لهُمَا أقربُ الأوزانِ إلى المصغّرِ
ص: 261
وهو جُميل، وكُعَت كصُرد فيجمَعَا على جِملانٍ وكِعتانٍ بكسرِ الفاءِ وللثالثِ أَكْمَتٌ كأحمرَ فعلَى/46كُمْتٍ كحُمْرٍ.
(وَتَصْغِيْرُ التَّرْخِيْمِ) مختصٌّ بذِي الزِّيادةِ وإنّما سُمِّي بهِ؛ لأنَّ التَّرخيمَ فِي اللُغةِ التقليلُ، وحروفُ المصغّرِ بسببِ حذفِ الزوائدِ تصيرُ قليلاً(1)وهو(أَنْ يُحْذَفَ(2) كُلُّ الزَّوَائِدِ) علَى الثَّلاثةِ أوِ الأربعةِ الأَصليينِ(3)(ثُمَّ
يُصَغَّرُ كَحُمَيْدٍ فِي أَحْمَدَ) ومحمَّدٍ، ومحمودٍ، والالتباسُ يُدفعُ بالقرائنِ(4)
وهوَ غيرُ جارٍ فِي غيرِ العَلمِ عندَ الفرّاءِ(5) خلافًا للبصريينَ(6).
الاحتياجِ إِلى المُشارِ إِليهِ والصلةِ وهيَ لا تصغَّرُ فمَا يُشابِهَهَا إنْ صُغِّرَ فالأنسبُ أنْ يكونَ بينَهُ وبينَ غيرِهِ منَ الأسماءِ المُتمكِّنةِ فرقٌ والمصنف أشارَ إِلى الفرقِ بقوله: (فَأُلْحِقَ قَبْلَ آخِرِهِمَا يَاءٌ، وَزِيْدَ آخِرِهِمَا أَلِفٌ)(1)
عوضٌ مَا فِي المُتمكِّنِ منَ الياءِ وضمُّ الأوّلِ وإنْ كانَ أوَّلُهُ مضمومًا بقيتِ الضمَّةُ وزيدتِ الألفُ عوضًا عنْها أيضًا، وإنْ كانِ فِي آخِرِهِ ألفٌ تقلبُ ياءً (فَقِيْلَ: ذَيَّا، وَتَيَّا) بفتحِ الأَوَّلِ وتشديدِ الياءِ فيهِمَا فِي تصغِيرِ: ذَا، وَ تَا، وذَيَانِ، وتَيَان فِي ذانٍ وتانٍ بإلحاقِ الياءِ والألفِ وانقلابِهَا ياءً خلافًا لِسيبويهِ(2)؛ فإنَّ الألفَ المحذوفةَ منْ ذَاوتَا يعودُ عندَهُ.
(والّلَذيّا واللَّتيا)(3) في تصغير الذي والتي وحكي ضم الأول فيهما جمعاً بين العوض والمعوّض عنه.
(وَاللَّذَيَّانِ، وَاللَّتَيَّانِ) واللذيَّنِ واللتيَّنِ بفتحِ الياءِ المشّددةِ، واللّذانِ، واللّتانِ، واللّذيْنِ، واللّتيْنِ بحذفِ ألفِ التَّعويضِ؛ لالتقاءِ السَّاكنينِ.
(وَاللَّذَيُّوْنَ) بضمِّ الياءِ واللَّذَيِّيْنَ بكسرِها فِي الذِينَ، ولكَ أنْ تقولَ اللَّذيانِ، واللَّتيانِ، واللّذيونَ فِي تثنيةِ اللَّذيَّا، واللُّتيَّا وجمعِهِ بحذفِ ألفِ التَّعويضِ؛ لالتقاءِ السَّاكنينِ والذَّالُ المعجمةُ فِي الجميعِ مفتوحةٌ عندَ سيبويهِ، وعندَ الأخفشِ
ص: 263
اللذيَّون، واللتيَّون، واللذيَّين، واللتَيَّين - ك-(المُصْطَفَوْن) والمُصْطَفَيْنَ(1)
بفتحِ الياءِ المشّددةِ مطلقًا، فالفرقُ(2)
بينَ التَّثنيةِ والجمعِ إنَّما هوَ فتحُ النُّونِ وكسرُها.
(وَاللُتَيَّاتُ) فِي جمعِ اللُّتَيَّا بحذفِ الألفِ هذا عندَ سيبويهِ(3)، وعندَ الأخفشِ(4)
يُجمعُ الْتِيْ أوَّلاً علَى الْلاتِي، ثُمَّ صُغِّرَ قِياسًا علَى لُوَيْتا مفتوحةِ اللامِ بقلبِ الألفِ واوًا، وحذفِ الياءِ وزيادةِ الألفِ والياءِ(5)،
واختلافُ مصغّرِ الذينَ إعرابًا دونَه لمَا فيهِ منْ شائبةِ التَّمكُنِ، وقولُنا: ما جاءَ تصغيرُه منهُما احترازٌ عمّا لا يجوزُ فيهِ التَّصغيرُ منْهُما ك-(ثُمَّ)، ومَا، وذِيْ، وذَهْ، وذُو الطائيَّة، ونحوِهَا.
وتصغيرُ: أُولا، وأُولاء أُولَيّا، وأُوليّاءُ بتشديدِ الياءِ؛ إذِ الألفُ فيهَا تقلبُ ياءً وأُدغمتِ الياءُ الملحقةُ قبلَ الآخرِ فيهَا كمَا فِي عطاءٍ، والألفُ في آخرِهِمَا عوضٌ عنِ الضَّمَّةِ فإنّ الضمَّةَ الموجودةَ فيهما هيَ التيْ كانتْ فيهِمَا ليستْ للتَّصغيرِ، وهلِ الألفُ فِي الممدودةِ مزيدةٌ قبلَ الآخرِ وهوَ الهمزةُ أمْ بعدَهُ؟.
فيهِ خلافٌ ذهبَ/47 المُبرّدُ إِلى الأوَّلِ؛ إذْ بعدَ انقلابِ الهمزةِ أيضًا ياءً وحذفِها - لمَا مرَّ فِي عطاءٍ - صارتْ أُوْلَيا والتبسَ بمصغّرِ أُولا مقصورًا(6)،
ص: 264
والزَّجَّاجُ(1)
إِلى الثَّاني؛ إذْ أصلُ الهمزةِ عندَهُ الألفُ فبعدَ الياءِ الزائدةِ اجتمعتْ ثلاثُ ألِفاتٍ: ألفُ أُولاءِ، والألفُ التيْ هيَ أصلُ الهمزةِ والألفُ الملحقةُ بالآخرِ قلبتْ أُوْلَيْهَا ياءً كحُمَيْرٍ، وثالثُها همزةً كحَمْرَاءَ(2).
(وَرَفَضُوْا) منَ الأسماءِ المبنيَّةِ (الضَّمَائِرَ(3))
مطلقًا ولمْ يصغّرُوهَا؛ لأنَّ التَّصغيرَ كالتَّوصيفِ، والضميرُ لا يوصفُ لغَلَبةِ شِبْهِ الحروفِ عليهَا لشدّةِ احتياجِها إِلى انْضمامِ كلمةٍ أُخرى، أي: المَرْجِعُ.
(وَنَحْوُ: مَتَى، وَأَيْنَ(4)،
وَمَنْ، وَمَا، وَحَيْثُ، وَمُنْذُ، وَمَعَ، وَغَيْرِ، وَحَسْبُكَ)(5) وسُوا وسَواءٍ، ونحوِهَا معَ أنَّ بعضَها ناقصٌ عنْ ثلاثةِ أحرُفٍ، وفِي مُذْ ومَكانٍ كفايةٌ عنْ مُنْذ، وحيثُ، وأمّا مُذْ اسمًا فقدْ مضَى وحرفًا فيصغّرُ لغلبةِ اسميَّتهِ للتصرّفِ فيهَا بحذفِ النُّونِ وغيرٌ: متوغّلٌ فِي معنَى الحرفيةِ، مثل: إِلاَّ الاستثنائية؛ ولذا لا يدخلُه اللامُ ولا يثنَّى ولا يجمعُ إلاّ شاذًّا، وحَسْبُكَ: بمعنى: اكففْ؛ ولذا لا يُصغَّرُ أسماءُ الأفعالِ (وَالاسْمُ عَامِلاً عَمَلَ الْفِعْلِ) سواءً كانَ اسمُ فاعلٍ، أوْ مفعولٍ، أو صفةٍ مشبَّهةٍ بخلافِ المصدرِ؛ لأنَّهُ لا يعملُ
ص: 265
لمشابهةِ الفعلِ بلْ لتضمينِهِ معنَى الحدثِ (فَمَنْ ثَمَّ جَازَ ضُويْرِبٌ(1))
فِي تصغيرِ ضارِبٍ لعدمِ كونِهِ عامِلاً (وَامْتَنَعَ ضُوَيْرِبٌ زَيْدًا)(2).
واعلمْ: أنَّ المقلوبَ إذا صُغِّرَ لا يردُّ إلى أصلِهِ، فيقالُ: قُسَيٍّ فِي تصغيرِ قِسِيٍّ علمًا، وإنّ الزَّمانَ المحدودَ كالشهرِ، واليومِ ونحوِهِمَا؛ إنّما يُصغَّرُ باعتبارِ اشتمالِهِ علَى أشياءَ يُستصغرُ لأجلِها الزَّمانُ منَ المسارِ وغيرِه.
وغيرَهُ(3) كالوقتِ، والزمان أمّا لذلك أو لتقليلِهِ فِي نفسِهِ، ولا يُصَغَّرُ أمسُِ، وغدُ وأسماءُ الشُّهورِ وأيَّامُ الأُسبوعِ خلافًا للمازنيِّ(4).
ص: 266
(الْمَنْسُوْبُ) فِي الاصْطلاحِ هوَ الاسْمُ (الْمُلْحَقُ آخِرُهُ يَاءٌ)؛ لِشَباهةِ النِّسْبَةِ الإِضَافَةَ بِحسبِ المعنَى، واخْتِيرتِ الياءُ؛ لِخفّة حروفِ اللينِ وأَخفّيّةِ الياءِ بالنسبةِ إِلى الواوِ، وكونُها قابلةً للإعرابِ بخلافِ الألفِ (مُشَدَّدَةٌ)؛ لئلا تلتبسَ بياءِ المُتكلّمِ، مكسورٌ ما قبلَها/48؛ للتوطئةِ لهَا (لِتَدُلَّ) الياءُ (عَلَى نِسْبَتِهِ) أي: المُلحقُ آخرُهُ ياءٌ، وهوَ المنسوبُ إِليهِ إنْ لُوحِظَ مُنفرِدًا، وباعتبارِ كونِه مُركَّبًا منَ المنْسوبِ إِليهِ، والياءُ منسوبٌ، أي (إِلَى الْمُجَرَّدِ عَنْهَا) عنِ الياءِ أوْ نسبةِ الشَّخْصِ المنسوبِ بهِ المعلومِ أَبًا كانَ أوْ صِناعةً، أوْ بلدًا، وإنْ قُرِئَ يدلُّ عَلى صِيغَةِ المُذكَّرِ الغائبِ، فَفَاعلُهُ الإلحاقُ المفهومُ منَ المُلحَقِ، واحتُرِزَ بهِ عنِ الياءِ المُلحقةِ للدَّلالةِ علَى الوَحْدةِ كتاءِ تمرةٍ، نحوُ: مَجوسِي، أوْ علَى المبالغَةِ كتاءِ العلاّمةِ، نحوُ: أَحمَري، أوْ للدَّلالةِ علَى شيءٍ كتاءِ غُرفةٍ، نحوُ: كُرسِي؛ فإنَّها لمجرّدِ الزِّينةِ هذا علَى الأغلبِ وقدْ يُزادُ قبلَ الياءِ ألفٌ عِوَضًا عنِ التَّشديدِ كيمانٍ فِي النِّسبةِ إِلى اليمنِ، وقدْ يُنسبُ علَى غيرِ هذا الوجهِ كَبَتّاتٍ(1)،
وتَامِرٍ كمَا سيجيءُ.
(وَقِيَاسُهُ) أي: الأمرُ الْجارِي فيهِ قياسًا مُطَّرِدًا هو (حَذْفُ تَاءِ التَّأْنِيْثِ) لا أَلفِهِ؛ لئلاّ يلزمَ وقوعُ تاءِ التَّأنيثِ وَسَطًا؛ ولئلاّ يؤديَ إِلى اجتماعِ التَّاءَينِ إذا كانَ المنْسوبُ إِلى ذِي التاءِ مؤنثًا بالتَّاءِ، نحوُ: امْرأةٍ كُوفيَّةٍ، فاطَّردَ فِي المُذكَّرِ أيضًا كرجُلٍ كوفيٍّ (مُطْلَقًا) سواءً كانَ ذُو التَّاءِ علمًا كمكَّةَ أوْ لا كغُرفةٍ، وسواءً كانتِ التاءُ فِي مؤنَّثٍ حقيقيٍّ كعَزّةٍ علمِ امرأةٍ، أوْ لا كحمزةٍ، وبعدَ الألفِ
ص: 267
فِي الجمعِ المُؤنَّثِ،أو(1)
لا وتُحذفُ منْ نحوِ: أُخْتٍ، وبِنْتٍ وإنْ لمْ تكُنْ للتَّأنيثِ لمَا فيهَا منْ شائبةِ التَّأنيثِ، وكذا يُحذفُ كلُّ ياءٍ مشدَّدةٍ مزيدةٍ فِي الآخِرِ سواءً كانتْ للنسبةِ، أوْ لا فيُقالُ: بصريٌّ، ومجوسيٌّ، وأحمريٌّ، وكُرسيٌّ فِي النِّسبةِ إِلى بصرِي، ومجُوسِي، وأَحمرِي، وكُرسِي(2).
(وَزِيَادَةِ التَّثْنِيَةِ) أي: حذفُ الألفِ والنُّونِ، أوِ الياءِ والنُّونِ مذكَّرًا كانَ ك-(مُسْلِمَانِ)، ومُسلِمينِ، أوْ مؤنثًا ك-(مُسلمتَانِ)، ومُسلمتَيْنِ (وَالْجَمْعِ) السّلامةِ، أي: وحذفُ زيادةِ الجمعِ، وهوَ الواوُ والنُّونُ، أوِ الياءُ والنُّونُ، أوِ الألفُ والتَّاءُ؛ لأنَّ النُّونَ علامةُ تمامِ الكلمةِ، وياءُ النَّسبةِ كالجُزءِ منهَا فيلزمُ اجتماعُ(3)
الإعرابَيْنِ المختلفينِ حركةً وحرفًا فِي نحوِ: مُسلمَانِيٍّ، ومُسْلِمُونِيٍّ، والمُتساوِيَيْنِ فِي نحوِ: مُسلمانِيَانِ، ومُسلمُونِيُونَ، ومُسْلِمَيِّنيْنِ، وأمّا زيادةُ الجمعِ المؤنَّثِ، فالتَّاءُ قدْ مضَى دليلُها، والألفُ؛ لأنَّها معَ التَّاءِ فِي إِفادةِ الْجمعِ والتَّأنيثِ كشيءٍ واحدٍ لا ينْفصلُ أحدُهُما عنِ الآخرِ(4)
ثبوتًا وزَوالاً (إِلاّ) ما يكونُ كلٌّ منَ التثنيةِ والجمعِ (عَلَمًا قَدْ أُعْرِبَ بِالْحَرَكَاتِ)/49، فإنَّ زِيادتَهُما حينئذٍ يجوزُ إثباتُها؛ لأنَّها فِي حُكمِ أجزاءِ الكلمةِ حيثُ جُعِلَ المجموعُ عَلَمًا، وح أُعْرِبَتِ النُّونُ بالحركاتِ كغِسْلِين (فَلِذَلِكَ جَاءَ) فِي النِّسبةِ إِلى قِنَّسرينَ(5)
بالنونِ المُشدّدةِ
ص: 268
المفتوحةِ بعدَ القافِ المكسورةِ عَلمُ بُقْعَةٍ (قِنَّسْرِيٌّ ) بحذفِ الياءِ والنُّونِ (وَقِنَّسْرِيْنِيٌّ) بإثباتِهِمَا، فإنّهُ جاءَ مُعربًا بالحُروفِ فيقالُ: هذا قِنَّسْرون، ورأيتُ قِنَّسْرِين، ومَرَرْتُ بقِنَّسْرِين، ومُعربًا بالحركةِ، ويقالُ: هذا قنَّسرينُ - بضمِّ النُّونِ الأخيرةِ - ورأيْتُ قنَّسرينَ، ومررْتُ بِقنَّسرينَ بفتحِها فِي الحالتينِ؛ لكونِهِ غيرَ منصرفٍ للعلميةِ والتَّأنيثِ المَعنويِّ هذا وأمَّا الأمرُ الْجارِي فيهِ لكنْ لا قياسًا مطَّرِدًا فَشَرعَ المُصنِّفُ فِي تَفْصِيلِهِ.
وقالَ:(وَيُفْتَحُ) الحرفُ (الثَّانِي فِي(1)
نَحْوِ: نَمِرٍ، وَدُئِلٍ) أي: فِي الاسمِ الثُّلاثيِّ المكسورِ العينِ سواءٌ كانَ مفتوحَ الفاءِ، أوْ مضمومَها فالمكسورُ الفاءِ بالطريقِ الأُولَى، فيقالُ: نَمَريٌّ، ودُئَلِيٌّ، وإِبَلِيٌّ بفتحِ العينِ فيهِمَا؛ وذلكَ لأنَّ الاسمَ الثُّلاثيَّ مَبنيٌّ علَى الخِفَّةِ فلوْ بَقِيَ مكسورَ العينِ ويكسرُ لامُهُ أيضًا للياءِ وتلحقُهُ الياءُ المشدّدةُ استولتِ الثُّقلاءُ علَى البناءِ المطلوبِ منهُ الخِفَّةُ، وأمّا نحوُ: عَضُدي، وعُنُقي وإنْ استولتْ فِي الثقلاءِ إلاّ أنّ تغايرَها هوَّنَ الأمرَ؛ لعدمِ تنفّرِ الطَّبعِ منَ المُختلفاتِ(2) (بِخِلافِ) مَا لمْ يكُنْ بناءُ الكلمةِ علَى الخِفّةِ، ولا يُتدارَكُ بهذَا القدرِ بأنْ يكونَ زائدهُ علَى الثُّلاثيِّ فإنَّهُ بقيَ على الأصلِ بلا
ص: 269
خلافٍ إنْ كانَ رباعيًّا فِي الأصلِ أوْ ثُلاثيًّا فِي الأصلِ ولمْ يكنْ ثانيهِ ساكنًا، أوْ كانَ زائدًا علَى أربعةِ أُصولِ، نحوُ: جَحَمْرَشِيٍّ، وأمّا إنْ كانَ ساكنًا ولمْ يكنْ زائدًا عليهَا نحوُ: (تَغْلُبِيٍّ)، ومَغْرِبِيٍّ بكسرِ ثالثِهِمَا، فيبقَى علَى الكسرِ (عَلَى الأَفْصَحِ) (1)
وهوَ قولُ الخليلِ فَتَغْلَبِيٌّ بفتحِ اللامِ شاذٌّ عندَهُ(2)، خلافًا للمُبرّدِ فإنَّهُ قالَ: السَّاكنُ كالميّتِ المَعدومِ فحُكمُ هذا الرُّباعيِّ حُكْمُ الثُّلاثيِّ(3).
(وَتُحْذَفُ الْيَاءُ، وَالْوَاوُ) تخفيفًا، وتُفتحُ العينُ منْ (فَعِيْلَةَ، وَفَعُولَةَ بِشَرْطِ صَحَّةِ الْعَيْنِ، وَنَفْيِ التَّضْعِيْفِ كَحَنَفِيٍّ) فِي حَنِيفةَ (وَشَنَئِيٍّ) فِي شَنُوءَةَ، أبو قبيلةٍ باليمنِ(4)
هذا رأيُ سيبويهِ(5)،
والمُبرِّدُ(6):
فرّقَ بينَ الياءِ والواوِ كمَا فرّقوا بينَ
ص: 270
نَمِرٍ، وعَضُدٍ، وذهبَ/50 إِلى أنَّ النسبةَ إلى فَعُولٍ وفَعُولةٍ مطلقًا فَعُولِيٌّ، نسبَ أبو حيّان(1) هذا القولَ إِلى الأخفشِ والجَرمي(2)
أيضًا، ونُقِلَ عنِ ابنِ طَراوَةٍ(3)
بَقَاءُ ضمّةِ ما قبلَ الواوِ(4)
(وَ) كَذا (مِنْ فُعَيْلَةَ) بضمِّ الفاءِ وفتحِ العينِ (غَيْرَ مُضَاعَفٍ، كَجُهَنِيٍّ(5))
فِي جُهَيْنَةَ(6)
(بِخِلافِ شَدِيْدِيٍّ) فِي شديدةٍ للتّضعيفِ (وَطَوِيْلِيٍّ) فِي طَويلةٍ، وبَييعِيٍّ فِي بييعةَ، وكدوديٍّ فِي كدودةَ(7)، وقَوولِيٍّ فِي قوولةَ؛ لعدمِ صحّةِ العينِ وكَذا مَديديٌّ فِي مُدَيدةَ بضمِّ الفاءِ وفتحِ العينِ؛ فإنّهما لا تحذفانِ؛ لأنَّ بعدَ
ص: 271
الحذفِ إنْ أُدغمَ وانْقلبَ حرفُ العلّةِ ألفًا بعدتِ الكلمةُ عنْ أصلِهَا جدًّا وإلاّ لزمَ خلافُ الضّابطةِ، ولمْ يحذفْ فِي غيرِ ذِي التاءِ فرقًا بينَهُما ولمْ يُعكسْ؛ لأنَّ المؤنَّثَ تحذفُ تاؤهُ ففتحَ بابَ الحذفِ؛ ولأنَّهُ أثقلُ، ولمْ يشترطْ صحّةَ العينِ فِي فُعيلةَ بالضمِّ لعدمِ انفتاحِ ما قبلَ حرفِ العلّةِ فيلزمُ قلبُهُ ألفًا.
(وَسَلِيْقِيٌّ) فِي سُليْقَةَ(1)
مطلقًا (وَسَلِيْمِيٌّ) في سُلَيْمَةَ إِذا استُعمِلَ (فِي) قبيلةٍ(2)
مِنَ (الأَزْدِ، وَعُمَيْرِيٌّ) فِي عُميرةَ(3) إِذا استُعملَ (فِي) قبيلةٍ منْ (كَلْبٍ شَاذٌّ(4))
والقياسُ: سَلَقِيٌّ، وسَلَمِيٌّ، وعُمَرِيٌّ بحذفِ الياءِ وإنْ سُمّيَ بهَا شخصٌ أوْ قبيلةٌ غيرُها قيلَ: سَلَمِيٌّ وعُمَرِيٌّ علَى القِياسِ، و(عُبَدِيٌّ، وَجُذَمِيٌّ) بضمِّ الأوّلِ وفتحِ الثَّاني فيهُما (فِي) النِّسبةِ إِلى (بَنِي عُبَيْدَةَ(5))
طائفةٌ منْ بَنِي عَديٍّ (وَبَنِي(6)
جَذِيْمَةَ(7))
بفتحِ الأوّلِ فيْهُما (أَشَذُّ)؛ لأنَّ ضمَّ الفاءِ المفتوحةِ إخراجٌ للكلمةِ عنْ أصلِها بخلافِ إبقاءِ الياءِ، وإنْ سُمِّيَ بهمَا غيرُهما قيلَ: عَبْدِيٌّ، وجَذْمِيٌّ بالفتحِ والحذفِ هذهِ كلُّها فِي فَعَيْلَةَ بالفتحِ.
ص: 272
(وَخُرَيْبِيٌّ) فِي خُرَيْبَةَ بضمِّ الخاءِ المعجمةِ وفتحِ الرَّاءِ موضعٌ تسُمّى بُصْرَةُ الصُّغرى(1)،
(شَاذٌّ) والقياسُ حذفُ الياءِ كمَا فِي جُهَنِيٍّ.
(وَثَقَفِيٌّ) فِي ثَقِيفَ بفتحِ الأوَّلِ (وَقُرَشِيٌّ)(2)
فِي قُرَيْشَ (وَفُقَمِيٌّ) فِي فُقَيْمَ(3) إِذا استُعملَ (فِي كِنَانَةَ، وَمُلَحِيٌّ) فِي مُلَيح بضمِّ الأولِ وفتحِ الثانِي فِي الثَّلاثةِ إِذا استُعملَ الأخيرُ (فِي خُزَاعَةَ شَاذٌّ) والقياسُ فِي الكلِّ إبقاءُ الياءِ؛ لعدمِ الهاءِ فيهَا.
وأمّا المنسوبُ إِلى قومٍ آخرينَ كفُقَيْمَ بنِ جُريرٍ(4)،
ومُلَيْحَ بنِ الهونِ(5)
أوْ/ 51 مُليح بنِ عمْرو بنِ ربيعةَ(6)
فعلَى القياسِ وينسبُ إلى سيبويهِ أنّهُ قالَ هُذَلَيٌّ
ص: 273
في هُذَيْلَ(1)،
قالَ السِّيرافيُّ: هذا البابُ عندِي لكثرتهِ كالخارجِ عنِ الشُّذوذِ؛ وذلكَ خاصّةٌ فِي العربِ الذينَ بِتُهامةَ(2)
وما يقربُ منهَا؛ لأنّهُم قالُوا: قُرشيٌّ، ومُلَحيٌّ، وهُذَلِيٌّ، وفُقَمِيٌّ، ثمَّ قالَ: والعلِّةُ اجتماعُ ثلاثِ ياءاتٍ معَ الكسرةِ فِي الوسطِ(3).
وخَصَّ أبو حيّان(4)
جوازَ حذفِ الياءِ بقُرَشِيٍّ؛ لشِيُوعِهِ.
ص: 274
(وَتُحْذَفُ الْيَاءُ) الزائدةُ فِي فَعِيل، وفُعَيل بفتحِ الفاءِ وكسرِ العينِ، وضمِّها وفتحِها (مِنَ الْمُعْتَلِّ الْلاّمِ مِنَ الْمُذَكَّرِ،وَالْمُؤَنَّثِ) بخلافِ الصحيحِ فإنَّ الياءَ إنَّما تُحذفُ فيهِ منَ المؤنَّثِ (وَتُقْلَبُ الْيَاءُ الأَخِيْرَةُ) وهيَ لامُ الكلمةِ (واوًا) وتبْدلُ الكسرةُ فتحةً؛ وذلكَ للحذفِ والقلبِ والإبدالِ؛ لئلا يجتمعَ الياءاتُ معَ تحرّكِ ما قبلَها والكسرتانِ (كَغَنَوِيٍّ)(1)
فِي حَيٍّ منْ غَطَفَانَ(2)وعُتَيْهَ
(وَقُصَوِيٍّ، وَأُمَوِيٍّ) بالضمِّ فيهمَا فِي قُصيٍّ علمِ رجلٍ وأميَّة قبيلةٌ منْ قُريشَ (وَجَاءَ أُمَيِّيٌّ) بالياءينِ المشدّدتينِ وفتحِ الميمِ فِي المَضمومِ (بِخِلافِ) المفتوحِ نحوُ: (غَنَوِيٍّ) إلاّ أنّ يونُسَ حكَى الياءَينِ المُشدّدتينِ فِي المفتوحِ أيضًا(3).
قالَ السِّيرافيُّ: إنَّ بعضَهمْ يقولُ عُدِيّيّ بكسرِ الدَّالِ قبلَ الياءينِ المُشدّدتينِ إلاّ أنَّه أثقلُ منْ أُمَيِّيٍّ؛ لزيادةِ الكسرةِ فيهِ(4) (وَأَمَوِيٌّ) بفتحِ الهمزةِ كمَا نَقَلَ سيبويهِ عنْ بعضِ(5)، (شَاذٌّ) والقياسُ ضمُّها.
(وَأُجْرِيَ تَحَوِيٌ فِي تَحِيَّةَ مُجْرَى غَنَوِيٍّ) فِي الحذفِ والقلبِ والإبدالِ؛ لكونِهِ مثلَهُ فِي الحَرَكاتِ والسَّكناتِ معَ أنَّهُ علَى وزنِ تَفْعِلَةَ لا فَعِيلَةَ هذا حكمُ فُعَيْلَ، وفُعَيْلَةَ، وفُعَيْلَ، وفَعِيْلَةَ منَ المعتلِّ اللامِ.
(وَأَمَّا) فَعُولُ منهُ (نَحْوُ: عَدُوٍّ، فَعَدُوّيٌّ اتِّفَاقًا)(6)
بضمِّ الدَّالِ وتشديدِ الواوِ، (وَنَحْوُ:(7)
عَدُوَّةٍ) فيهِ خلافٌ (قَالَ المُبَرِّدُ مِثْلُهُ) أي: بإثباتِ حرفِ المدِّ وحذفِ
ص: 275
التَّاءِ(1) (وَقَالَ سيبويهِ: عَدَوِيٌّ) بحذفِ إِحدَى الياءَينِ وفتحِ الدَّالِ(2) كمَا فِي حُنَيْفَ فرقًا بينَ المذكَّرِ والمؤنَّثِ، وقدْ سبقَ أنَّ مخالفةَ المُبرّدِ لِسيبويهِ لا اختصاصَ لهَا بنحوِ: عَدُوَّةٍ فَتُذَكرُ.
(وَتُحْذَفُ الْيَاءُ الثَّانِيَةُ فِي(3))
كُلِّ اسمٍ يكونُ قبلَ آخرِهِ الصَّحيحِ ياءٌ مشدّدةٌ مكسورةٌ سواءً كانَ علَى وزنِ فَيْعِل، أوْ مُفَعِّل، أوْ غيرِ ذلكَ، نحوُ: (سَيِّدٍ، وَمَيِّتٍ، وَمُهَيِّمٍ(4))
اسمِ فاعلٍ (مِنْ هَيَّمَ) الْحُبُّ زيدًا إِذا جعلَهُ مُتحيِّرًا(5)،
و/52 سَيِّدٍ وحُمَيِّرٍ، أوْ غَيرِ ذلكَ؛ كراهةَ اكتنافِ ياءينِ مُشدّدتينِ لحرفٍ واحدٍ مكسورٍ يكونُ ما قبلَه أيضًا مكسورًا فِي آخرِ الكلمةِ واللائقُ بهِ التَّخفيفُ، ولا يجوزُ حذفُ إِحدى ياءَيِّ النِّسبةِ؛ لأنَّهما معًا علامةٌ.
ولا تُغيَّرُ كسرةُ الحرفِ الصَّحيحِ للزومِها، ولا حذفُ الأُولى السَّاكنةُ لصعوبةِ النُّطقِ بياءٍ مكسورةٍ، بعدَها مكسورٌ، بعدَهُ ياءٌ مشدّدةٌ معَ أنَّ القياسَ يقتضِي انقلابُه ألِفًا، وذلكَ مُستلزِمٌ لكثرةِ التغيّرِ فَبقِيَ الحرفُ الأَخيرُ للحذفِ، ولا تُحذفُ فِي نحوِ: مبيَّنٍ اسمِ مفعولٍ؛ لعدمِ الثِّقَلِ.
ص: 276
(وَطَائِيٌّ شَاذٌّ)(1)والقِياسُ طَيئِيٌّ بهمزِ الآخِرِ - كسَيدي مُخفَّفةً - أَصلُهُ طَيِّئِيٌّ كسيِّدي بالتشديدِ فإنْ كانتِ الياءُ المنقلبةُ إِلى الألِفِ للتَّخفيفِ هوَ الأَوْلى، والمحذوفُ هوَ الثَّانيةُ فهوَ خِلافُ القِياس؛ لأنَّ الياءَ إنَّما تُقلبُ ألفًا إِذا كانتْ مُتحرِّكةً، وإنْ كانَ عكسَ ذلكَ فهوَ أيضًا خلافُ القِياسِ؛ لأنَّ القياسَ هوَ حذفُ الثَّانيةِ.
(فَإِنْ كَانَ نَحْوُ: مُهيِّمٍ تَصْغِيْرَ مُهَوِّمٍ) اسمِ فاعِلٍ منْ هوَّمَ الرَّجلُ إِذا نَعَسَ(2)
(قِيْلَ: مُهَيِّيْمِيٌّ بِالتَّعْوِيْضِ) أي: أُوتِيَ بالياءِ عوضَ الواوِ، فإنَّ ياءَ التَّصغيرِ إذا جِيءَ بِها حُذفتْ إِحدى الواوينِ كإِحدى الدَّالينِ فِي مُقَدَّمٍ، وقيلَ: مُهَيْوِمِيّ، فأُبدلتِ الياءُ منَ الواوِ فصارَ مُهَيِّمِيَّ(3)،
ثُمّ أُوتِيَ بياءٍ ساكنةٍ بعدَ الياءِ المُشدّدةِ عوضُ الواوِ كمَا مرَّ جوازُهُ عنِ المُصنِّفِ فِي بحثِ المُصغّرِ لكنَّهُ واجبٌ هُنا عندَه وعندَ صاحبِ المُفصّلِ(4)؛
لِئلا يلزمَ اكتنافُ المُشددتينِ بحرفٍ واحدٍ فتُحذفُ الياءُ الثانيةُ - كما مرّ- ويلتبسُ بالمنْسوبِ علَى مُهيِّمٍ المكبرِ اسمِ فاعِل (هَيَّمَ) وإنّمَا يجوزُ زيادةُ الياءِ معَ كسرتينِ وأَربعِ ياءاتٍ أُخر؛ لأنَّ السُّكونِ بلا إدغامٍ(5)
كالاسْتراحةِ، ثُمَّ الاسمُ المُلحقُ بهِ ياءُ النِّسبةِ قدْ يكونُ آخرُهُ معتلاًّ أَمّا بالألِفِ أوْ بالياءِ والواوِ أوْ بالهمْزةِ.
ص: 277
(وَتُقْلَبُ الأَلِفُ الأَخِيْرَةُ الثَّالِثَةُ) مُطلقًا (وَالرَّابِعَةُ الْمُنْقَلِبَةُ) عنْ واوٍ أَصليَّةٍ أوْ ياءٍ أصليَّةٍ وفِي حُكمِها الأصليَّةُ الغيرُ(1)
المنقلبةِ (وَاوًا)؛ لأنَّها لا تقبلُ الكسرةَ اللازمةَ قبلَ الياءِ، وإنَّما لمْ تقلبْ همزةً؛ لأنَّ حروفَ العلَّةِ بعضُها أولى ببعضٍ ولا ياءً لِئلا تجتمعَ الياءاتُ والكسرةُ علَى أنَّ أصلَها إنْ كانَ ياءً فالرجوعُ إليهِ أوْلى وإنَّما لمْ تُحذفْ؛ لوجوبِ بقاءِ فتحةِ ما قبلَها ككسرةِ قاضٍ فرقًا بينَ المَحذوفةِ/ 53 إِعلالاً، والمحذوفةِ نسيًا كيَدِي، ودَمِي فينْهَدمُ ما ثبتَ منْ لزومِ كسرِ ما قبلَ ياءِ النِّسبةِ (كَعَصَوِيٍّ، وَرَحَوِيٍّ) فِي عصا(2)
ورَحَى منَ العَصْوِ والرَّحْيِ، ومَتَويٌّ، وأَذَويٌّ فِي متَى وإِذا عَلَمينِ.
(وَمَلْهَوِيٍّ، وَمَرْمَوِيٍّ) فِي ملْهًى ومَرْمًى منَ اللهوِ والرمْيِ، وكَلَويٌّ وحَتَوِيٌّ فِي كلاّ وحتّى، والأوَّلانِ مثالانِ للثَّالثةِ المُنقلبةِ عنِ الواوِ والياءِ، والثَّانيانِ للأصليَّةِ، والثَّالثانِ للرابعةِ المُنقلبةِ عنهُما، والأخيرانِ للرَّابعةِ الأَصليَّةِ.
(وَيُحْذَفُ غَيْرُهُمَا(3)) غيرُ الثَّالثةِ والرابعةِ المُنقلبةِ سواءٌ كانتْ رابعةً زائدةً للتَّأنيثِ أوْ للإلحاقِ أوْ خامسةً، أوْ سادسةً مطلقًا (كَحُبْلِيٍّ، وَجَمَزِيٍّ)(4)
فِي حُبلَى بسكونِ الثَّانِي(5)،
وجَمَزَى بفتحِهِ: ضربٌ منَ الحركةِ السَّريعةِ ومنَ الجَمازةِ، والأَرطى، والزَّفرى، قالَ الش الرَّضي "رض": الأَشهرُ الأَجودُ قلبُها واوًا إنْ كانتْ منقلبةً، أوْ للإلحاقِ، أوْ أصليَّةً، وإنْ كانتْ للتَّأنيثِ فالأَشْهرُ حذْفُها(6).
ص: 278
(وَمُرَامِيٍّ)، ومصطَفِيٍّ، قالَ يونُسُ: الخامسةُ المُنقلبةُ إنْ كانَ قبلَها حرفٌ مشدّدٌ كمُعلّى فهوَ كالرابعةِ فِي جوازِ الإبقاءِ والحذفِ(1) (وَقَبَعْثَرِيٍّ، وَقَدْ جَاءَ فِي حُبْلَى(2)) أي: فِي الرابعةِ التيْ لا تكونُ منقلبةً ويكونُ ما قبلَ اللامِ مدخولُها ساكنًا (حُبْلَوِيٌّ) بقلبِ الألفِ واوًا تشبيهًا لهَا بالمُنقلِبَةِ والأَصليَّةِ (وَحُبْلاوِيٌّ) بالفصلِ بينَ اللامِ والواوِ بالألِفِ تشبيهًا لهَا بالممدودةِ: كصَحْراوِيٍّ، قالَ الش الرَّضيُّ "رض": وكمَا جازَ تشبيهُ ألفِ التَّأنيثِ بالمُنقلبةِ، والأصليَّةِ والتيْ للإلحاقِ جازَ تشبيهُ المنقلبةِ والأصليَّةِ، والتيْ للإلحاقِ بألفِ التَّأنيثِ المقصورةِ فِي الحذفِ فتقولُ: مَلْهِيٌّ، وحَتِّيٌّ، وأَرْطِيٌّ، وبألِفِ التَّأنيثِ الممدودةِ، فتقولُ: مَلْهاوِيٌّ، وحَتّاوِيٌّ، وأَرْطَاوِيٌّ(3).
(بِخِلافِ) مَا كانَ مُتحرِّكًا (نَحْوُ: جَمَزَى) فإنّ الحذفَ فيهِ متحتّمٌ كالألفِ الخامِسةِ؛ إذِ الحركةُ بمنزلةِ حرفٍ آخرَ، فَالألِفُ فِي حُكمِ الخَامِسةِ؛ ولِذَا أُقيمَ حركةُ الوسطِ فِي سَقَرٍ، وقَدَمَ مقامَ الحرفِ الرابعِ فِي زَيْنَبَ، وجُعلتْ شرطًا لتحتّمِ التَّأثيرِ فِي منعِ الصَّرفِ، فمُصْطَفَوِيٌّ شاذٌّ.
(وَتُقْلَبُ الْيَاءُ الأَخَيْرَةُ الثّاَلِثَةُ الْمَكْسُورُ مَا قَبْلَهَا واوًا، وَيُفْتَحُ مَا قَبْلَهَا)؛ لِئلا يجتمعَ الياءاتُ والكسرتانِ (كَعَمَوِيٍّ، وَشَجَوِيٍّ) فِي عَمٍ للْجاهلِ(4)/54،
وشَجٍ للْحزينِ(5)
أصلُهُما: عَمِيَ وشَجِيَ، ككَتِفٍ رُدّتْ ياءُهُما المحذوفةُ وقُلِبَتَا واوًا وفُتِحَ
ص: 279
مَا قبلَهما وعُومِلا معاملةَ قاضٍ ولم تقلبِ الواواتُ المُتحركةُ المفتوحُ ما قبلَها فِي تلكَ الأمثلةِ ألِفًا؛ للزومِ انكسارِ مَا قبلَ ياءِ المُتكلّمِ، ولمْ يُحذفْ؛ لِئلاّ يبقَى علَى حرفينِ(1).
(وَتُحْذَفُ) الياءُ الأَخِيرةُ (الرَّابِعَةُ) المكسورُ ما قبلَها مطلقًا (عَلَى الأَفْصَحِ)(2)،
وهوَ قولُ الخليلِ وسيبويهِ(3)
(كَقَاضِيٍّ) بالتَّشديدِ فِي قاضي بالتَّخفيفِ خلافًا للمُبرّدِ(4)
فإنَّهُ يَقلِبُ الياءَ واوًا، ويقولُ: قَاضَوَيٌّ بفتحِ ما قبلَ الآخرِ كما سبقَ فِي تَغْلُبَ.
(وَيُحْذَفُ مَا سِوَاهُمَا كَمُشْتَرِيٍّ) ومُستسقِيٍّ بلا خلافٍ، والواوُ المضمومُ ما قبلَها تقلبُ ياءً والضمَّةُ كسرةً فيصيرُ كعَمٍ وقاضٍ، فيقالُ: سَرَوِيٌّ كَعَمَوِيٍّ فِي سَرْوَةٍ، وعَرَقِيٌّ وقمْحَدِيٌّ كقاضيٍّ، ومُشْتَرِيٌّ فِي عُرْقُوَةٍ، وقَمَحْدُوَةٍ، وإنَّما خصّصَ المصنف المكسورَ مَا قبلَها وخصّصْنا المضمومَ مَا قبلَها بالذِّكرِ؛ لأنَّ مَا قبلَهما إنْ كانَ مفتوحًا تُقلبانِ ألفًا، ومَا قبلَ الياءِ إنْ كانَ مضمومًا تُبدلُ ضمّتُهُ كسرةً، ومَا قبلَ الواوِ إنْ كانَ مكسورًا انقلبَ ياءً كمَا سيجيءُ(5) في بابِ الإِعلالِ.
(وَبَابُ مُحَيٍّ)(6)
كمُصْرَفٍ أي: كلُّ بابٍ وقعتْ ياؤُه خامسةً بعدَ الياءِ المُشدّدةِ المكسورِ (جَاءَ عَلَى مُحَوِيٍّ) بحذفِ الخامِسِ وإِحدَى المُشدّدةِ وقلبِ
ص: 280
الأَخيرةِ واوًا؛ لِئلا يلتقيَ الياءانِ المُشدَّدتانِ (وَ)عَلَى(مُحَيِّيِّ) بإثباتِ المشدَّدةِ وعدمِ القلبِ(كَأُمَوِيٍّ) بضمِّ الأوَّلِ وفتحِ الثا (وَأُمَيِّيٍّ) بالياءَينِ المُشدّدتينِ.
هذَا حُكمُ الياءِ وَالواوِ لامَينِ إِذَا كَانَ قبْلَهُما مُتحرِّكًا.
(وَنَحْوُ: ظَبْيَةٍ، وَقِنْيَةٍ، وَرُقَيَةٍ) مِمّا وقعتِ الياءُ ثالثةً بعدَ الصَّحيحِ السَّاكنِ (وَغَزْوَةٍ، وَعُرْوَةٍ، وَرِشْوَةٍ) ممَّا وقعتِ الواوُ كذلِكَ (عَلَى الْقِيَاسِ عِنْدَ سيبويهِ) والخليلِ(1)
بعدَ حذفِ التَّاءِ، فإنَّ مَا قبلَ حرفِ العِلّةِ فِي النَّاقصِ إِذا كانَ ساكنًا، كانَ حُكمُهُ حُكمَ الصَّحيحِ، فيقالُ: ظَبْييٌّ، وقِنْييٌّ، ورُقْييٌّ، وغَزْويٌّ، وعُرْويٌّ، ورِشْويٌّ، بسكونِ العينِ فِي الجميعِ، وفِي الإتيانِ بالأمثلِةِ الثلاثةِ إيماءٌ إِلى أنَّ فتحَ الفاءِ وضمَّها وكسرَها لا عبرةَ بهَا.
(وَزِنَوِيٌّ) بكسرِ الأوَّلِ وفتحِ الثا فِي النِّسبةِ إِلى زِنْيةَ، وبنُو زِنْيَةِ(2) طائفةٌ، (وَقُرَوِيٌّ) بفتحِهِمَا فِي قَريةٍ (شَاذٌّ) عندَهُ والقياسُ السكونُ وعدمُ قلبِ الياءِ واوًا.
(وَقَالَ يُونُسُ)(3)
فِي ذِي التَّاءِ يائيًّا كانَ أوْ واويًّا (ظَبَوِيٌّ، وَغَزَوِيٌّ) بفتحِ العينِ فيهِمَا وقلبُ الياءِ فِي اليائيِّ واوًا؛ لِئلا تجْتمعَ الياءاتُ(4)/55
.
(وَاتَّفَقَا) أي: سيبويهِ ويونُسُ(5)
(فِي بَابِ غَزْوٍ، وَظَبْيٍ(6))
أي: علَى عدمِ تغييرِ عديمِ التَّاءِ مطلقًا.
ص: 281
(وَبَدَوِيٌّ شَاذٌّ) اتِّفاقًا فِي بَدْوٍ، والقياسُ سكونُ الدَّالِ؛ لتجرّدهِ عنِ التَّاءِ(1).
(وَبَابُ طَيٍّ، وَحَيٍّ) فِي مَا آخِرُهُ ياءٌ مُشَدّدةٌ بعدَ حرفٍ واحِدٍ سواءٌ وقعتِ الياءُ الثَّالِثَةُ بعدَ الواوِ المُنْقَلِبَةِ إِلى الياءِ المُدغمةِ فيهَا بالياءِ الأَصليَّة (تُرَدُّ) الياءُ (الأُوْلَى) المُنقلبةُ عنِ الواوِ والياءِ، وسكونِ السَّابقِ (إِلَى أَصْلِهَا) وهوَ الواوُ؛ لِئلاّ تَجتمِعَ الياءاتًُ (وَتُفْتَحُ(2))؛
لئلاّ يبقَى سببُ انقلابِهَا ياءً، وتبقَى علَى حالِهَا إنْ لمْ تكُنْ منقلبةً عنْها، وتُقلبُ الياءُ الثانيةُ فِي الصُّورتينِ واوًا تخْفيفًا (نَحْوُ: طَوَوِيٍّ، وَحَيَوِيٍّ) منْ طويتُ، وحَييْتُ، ولمْ تقلبْ ألِفًا؛ لعُروضِ حركتِهَا وحركةِ ما قبلَها ولذا لمْ تُقلبِ العينُ فيهِمَا ألفًا علَى أنَّ اللامَ إِذا كانتْ حرفَ علّةٍ لمْ تقلبِ العينُ ألِفًا سواءٌ كانتْ مكسورةً ك-(طوِي)، أوْ مفتوحةً ك-(هوَى).
(بِخِلاَفِ) ذِي الواوِ الثَّالثةِ الواقعةِ بعدَ الواوِ سواءٌ لمْ تكنْ ذا التاءِ أوْ كانَ نحوُ: (دَوِّيٍّ، وَكَوِّيٍّ) فِي دوٍّ وهوَ الباديةُ(3)، وكوٍّ وهو ثقبُ البيتِ(4)؛
إذْ ليسَ اجتماعُ الواوينِ والياءينِ كاجتماعِ الياءاتِ فِي الثِقَلِ.
(وَمَا آخِرُهُ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ بَعْدَ ثَلاَثَةٍ) أي: الياءُ الخامسةُ التِي يكونُ السَّاكنُ قبلَها ياءً (إِنْ كَانَ فِي نَحْوِ: مَرْمِيٍّ) أي: أصليَّةٌ (قِيْلَ: مَرْمَوِيٌّ، وَمَرْمِيٌّ) أي:
ص: 282
يجوزُ حذفُ إحداهُما وقلبُ الآخرِ واوًا، وفتحُ مَا قبلَ الواوِ وحذفُها استثقالاً فيصيرُ المنسوبُ والمنسوبُ إليهِ علَى لفظٍ واحدٍ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الياءُ المُشدّدةُ (زَائِدَةً حُذِفَتْ) سواءٌ وقعتْ بعدَ ثلاثةٍ أوْ أربعةٍ، (كَكُرْسِيٍّ)(1)
فِي كُرسِي (وَبَخَاتِيٍّ فِي بَخَاتِيَّ اسْمِ رَجُلٍ) وتصيرُ الصُورتانِ فيهِمَا واحدةً وإنْ كانَ جمعُ بُخْتِي(2)
نوعٍ منَ الإبلِ رُدَّ إِلى الواحدِ وخرجَ عمّا نحنُ فيهِ منْ بيانِ ما لا يختلفُ فِي آخرِهِ إلاّ الياءُ وهوَ غيرُ منصرفٍ علَى تقديرِ الجَمعيَّةِ وهو ظاهرٌ، وكَذا علَى تقديرِ العلميةِ؛ لعدمِ تأثيرِها كما لا ينصرفُ مصابيحُ وإنْ سُمِّيَ به رجلٌ، وعلى تقديرِ النَّسبةِ منصرفٌ؛ لعدمِ كونِ الياءِ المشدّدةِ إذنْ منْ بِنيةِ الكلمةِ ونقَصَ عنْ صيغةِ (مَصابِيحَ).
وأمّا نحوُ: اسْكنْدَرِيَّةَ، وقَسْطَنْطِيْنَةَ فَحَذْفُ التاءِ علامةُ النِّسبةِ، ومَا آخرُه ياءٌ أوْ واوٌ /56مُشدّدةٌ بعدَ اثنينِ كغنيٍّ، وعَدُوٍّ مرَّ بيانُهُ، ومَا آخرُهُ واوٌ مُشدّدةٌ بعدَ ثلاثةٍ كَمَدعوٍّ قيلَ علَى مَدْعَوِيٍّ.
(وَمَا آخِرُهُ هَمْزَةٌ بَعْدَ أَلِفٍ) لا يخلُو الألِفُ: إِمّا زائدةٌ أوْ لا، وعلَى الأوِّلِ (إِنْ كَانَتِ) الهمزةُ مَزِيدةً (لِلتَّأْنِيثِ قُلِبَتْ وَاوًا) كَحمْراويٍّ فِي حمراءَ، وإنْ سُمِّيَ بهَا مذكرٌ فرقًا بينَهَا - وهيَ زائدةٌ - وبينَ الأصليِّ المَحْضِ ولمْ تقلبْ ياءً كراهةَ اجتماعِ الياءاتِ والكسرةِ.
ص: 283
(وَصَنْعَانِيٌّ)(1) فِي صنْعَا، بلدٌ باليمنِ(2)
(وَبَهْرَانِيٌّ) فِي بهراءَ، قبيلةٌ منْ قُضاعةَ(3) (وَرَوْحَانِيٌّ) فِي رَوْحَاءَ، موضعٌ قربَ [ال]مدينةِ(4)
(وَجَلُوْلِيٌّ) فِي جَلولاءَ (وَحَرُوْرِيٌّ) فِي حَرُورَاءَ، موضعانِ بالعراقِ(5)
(شَاذٌّ) كلٌّ منهَا، والقياسُ: صَنْعَاوِيٌّ، وبهْرَاوِيٌّ، وروْحَاوِيٌّ، وجَلُولاوِيٌّ، وحَرُورَاوِيٌّ.
(وَإِنْ كَانَتْ أَصْلِيَّةً) محضةً (تَثْبِتُ(6) عَلَى الأَكْثَرِ كَقُرَّائِيٍّ) فِي قُرّاءٍ، ومنهُم منْ يقلبُها واوًا(7)
(وَإِلاَّ) تكون(8)
الهمزةُ زائدةً محضةً للتأنيثِ ولا أصليةً محضةً بلْ تكونُ إمّا منقلبةً عنْ حرفٍ أصليٍّ ككساءٍ، ورَواءٍ، أوْ مُلحقةً بحرفٍ أصليٍّ
ص: 284
كعلباءَ، وحرباءَ، فإنَّ لهُما نسبةً إلى الأصليّ الصِرْفِ باعتبارِ أنّ أحدَهُما منقلبةٌ عنْ أصليٍّ والأُخرَى ملحقةٌ بأصليٍّ هوَ قِرطاسُ ونسّبهُ إِلى الزائدِ الصِرْفِ منْ حيثُ أنّ عينَ الهمزةِ فيهِمَا ليستْ لامَ الكلمةِ كمَا فِي قُرَّاءٍ، ورِضاءٍ.
(فَالْوَجْهَانِ) أي: يجوزُ إبقاؤُها علَى حالِها وقلبُها واوًا، وإنْ سُمِّيَ بهِ مُؤنَّثٌ؛ إذِ التَّأنيثُ للعلميةِ لا لِلهمزةِ (كَكِسَائِيٍّ)، ورِدَائِيٍّ، (وَعِلْبَائِيٍّ(1))،
وحَربَائِيٍّ، وكِسَاوِيٍّ، ورَدَاوِيٍّ، وعِلْبَاوِيٍّ، وحَرْبَاوِيٍّ.
وعلَى الثا لا يتغيّرُ كمائِيٍّ فِي ماءٍ أصلُهُ: مَوَهَ، قُلبتِ الواوُ ألفًا، والهاءُ همزةً، فكِسَاوِيٍّ شَاذٌّ(2).
(وَبَابُ سِقَايَةٍ: سِقَائِيٌّ بِالْهَمْزَةِ) أي: الياءُ الغيرُ(3)
الثالثةِ الواقعةِ بعدَ الألفِ الزّائدةِ تُقلبُ همزةً؛ لِئلاَ تَجْتَمِعَ الياءاتُ لا واوًا؛ لِئلاّ يلزمَ البُعدُ والتَّغايُرُ دُفعةً.
(وَبَابُ شَقَاوَةٍ: شَقَاوِيٌّ) بالواوِ؛ لعدمِ لُزومِ الثقلِ (وَبَابُ رَايٍ، وَرَايَةٍ: رَايِيٌّ، وَرَائِيٌّ، وَرَاوِيٌّ)(4) أي: الياءُ الثَّالثة الواقعةُ بعدَها، وهيَ مُنقلبةٌ عنْ أصْليٍّ يجوزُ إبقاؤُها وقلبُها همزةً، وَواوًا(5).
ص: 285
(وَمَا كَانَ عَلَى حَرْفَيْنِ) وكانَ فِي الأصلِ ثُلاثيًّا (إِنْ كَانَ مُتَحَرِّكَ الأَوْسَطِ أَصْلاً) فِي أصلِ الوضعِ ولوْ حُكمًا كشَاةٍ للغَنمِ/ 57 أصلُها شَوْهَةٌ بسكونِ العينِ، فَحُرِّكَتْ لتُقلبَ ألفًا، فيُقالُ: شَاهِيٌّ (وَالْمَحْذُوفُ) هوَ (الْلامُ) إِعلالاً سواءٌ كانَ معتلَّ اللامِ، أوْ لا، وأمّا لا إعلالاً فإنْ كانَ عينُه حرفَ علَّةٍ تُبدلُ منْها قبلَ النِّسبةِ حرفٌ صحيحٌ ك-(في وفو وفا) أصلُهَا فَوَهٌ كفَرَسٍ، تُقلبُ إليهِ بلا ردِّ المحذوفِ ويقالَ: فَمِيٌّ.
(وَلَمْ يُعَوَّضْ هَمْزَةُ الْوَصْلِ(1)) عندَ اللامِ المحذوفةِ فِي أوَّلهِ، كأَبٍ، وأَخٍ، وسَتٍ، أصلُها: أبُو، وأخُو، وسَتَهٌ، مُتحرّكُ الأواسطِ بخلافِ ساكنِ الوَسَطِ، كغدٍ أصلُها: غَدْوٌ كفَلْسٍ، والمحذوفُ العينِ: كَسَهٍ أصلُها سَتَهٌ، والمحذوفُ الفاءِ كعِدَةٍ أصلُها وِعْدَةٌ، ومَا عُوِّضَ عنْ لامِهِ همزةٌ كابنٍ أصلُه بَنْوٌ، وفِي دمٍ خلافٌ ذهبَ سيبويهِ(2)،
والأَخفشُ(3)
إلى أنَّ أصلَه دَمْوٌ بسكونِ الوَسطِ، والمُبرِّدُ(4)
بتحرُّكِهِ.
(أَوْ(5) كَانَ الْمحْذُوفُ فَاءً، وَهُوَ مُعْتَلُّ الْلامِ) لا صحيحُها فإنَّهُ لمْ يجبْ ردُّهُ كشِيَةٍ أصلُها وِشْيَةٌ بالكسرِ والسُّكونِ، وهيَ لونٌ يُخالِفُ لونَ الجِسمِ ويُخالِطُهُ حُذِفَتْ فاؤُها كمَا فِي عِدَةٍ، قالَ سيبويهِ(6)
(وَجَبَ رَدُّهُ) ردُّ المحذوفِ فِي الصُّورَتينِ فِي الأُولَى بِشرطِ تحرُّكِ الوسَطِ أصْلا وحذفِ اللامِ بلا تعويضِ
ص: 286
الهمزةِ، فإنَّ حذفَ اللامِ معَ تغييرِ حركةِ العينِ بِطَرَيَانِ الكسرةِ اللازمةِ قبلَ ياءِ النِّسبةِ مُستلزِمٌ للإحجامِ، وفِي الثَّانيةِ بِشرطِ كونِ المحذوفِ فاءً وهوَ معتلُّ اللامِ؛ لانعدامِ مُعرَبٍ علَى حرفينِ، وهوَ معتلُّ اللامِ (كَأَبَوِيٍّ، وَأَخَوِيٍّ، وَسَتَهِيٍّ فِي سَتٍ) لا فِي سَهٍ كمَا سَيجيءُ، ودَمَوِيٍّ عندَ المُبرّدِ(1)
بردِّ الأَعجازِ (وَوِشَوِيٍّ) بكسرِ الواوِ وفتحِ الشِّينِ المُعجمةِ (فِي شِيَةٍ) أصلُها وِشْييٌّ كحِبْرِيٌّ بردِّ الواوِ؛ تنبيهًا علَى الأصلِ وقلبِ الياءِ(2)
واوًا تخفيفًا، وفتحِ الشِّين؛ إذْ سُكونُها لا يجامعُ الواوَ؛ لأنَّهُ موجبٌ لحذفِهَا وكذا ذُو، وذَا، وذِي، وذَاتٌ بمعنَى صاحبٍ وصاحبةٍ أصلُها ذَوَي كفَرَسٍ عندَ سيبويهِ والأخفشِ(3)
قُلبتْ تاؤُه واوًا؛ لِئلاّ يجتمعَ الياءاتُ، وقُلبتِ العينُ فِي ذَا وذِي إلَى أصلِهَا، فيُقالُ: ذَوَوِيٌّ(4)،
وحُمِلَ ذاتُ الشَّيءِ بمعنَى حقيقَتِهِ علَى الذَّاتِ بمعنَى صاحبِهِ، فأُلحِقَ فيهَا ذَوَوِيٌّ؛ ولذا حَكَمَ ابنُ هشامٍ(5)
بأنَّ قَوْلَ المُتكلِّمِ: ذَاتِيٌّ لحْنٌ، ولَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: نَحْنُ جَعَلْنا هَذا اللَفْظَ اسْمًا لِمَا لَيْسَ بِخَارجٍ عَنِ الشَّيءِ؛ وَلِذَا نُطْلِقُهُ عَلَى نَفْسِ الذَّات(6)
أيضًا.
ص: 287
(وَقَالَ الأَخْفَشُ) (1) فِي الثَّانيةِ (وِشْيِيٌّ) بالكسرِ والسُّكونِ والياءِ (عَلَى الأَصْلِ) كقِنْيَيٍّ، وقالَ الفرّاءُ(2):
شِيَوِيٌّ كعَدَوِيٍّ علَى مَا سيجيءُ.
(وَإِنْ كَانَتْ لاَمُهُ صَحِيْحَةً)/ 58أي: لامُ مَا كانَ علَى حرفينِ (وَالْمَحْذُوفُ غَيْرَهَا) غيرَ اللامِ فاءً كانَ أوْ عينًا (لَمْ يُرَدَّ) المحذوفُ (كَعِدِيٍّ) فِي عِدَةٍ (وَزِنِيٍّ) فِي زِنَةٍ،أصلُها وِزْنَةٌ (وَسَهِيٍّ فِي سَهٍ) أصلُها سَتَهٌ؛ لبقاءِ سببِ الحذفِ وهوَ كسرُ الفاءِ فِي الأَوَّلينِ، والفرقُ بينَ المحذوفِ العينِ واللامِ فِي الثَّالثِ؛ ولأنّ الباقِي بعدَ التَّاءِ حرفانِ صحيحانِ.
(وَجَاءَ عَِدوِيٌّ)(3) فِي عِدَةٍ (وَلَيْسَ) هذا (بِرَدٍّ) للفاءِ المحذوفةِ كمَا ظنَّهُ الفرّاءُ وإلاّ يقال: وِعْدِيٌّ بلْ عِوَضٌ عنْها(4).
(وَمَا سِوَاهُمَا) مَا سِوَى مَا يجبُ فيهِ الرَّدُّ ويمتنعُ (يَجُوزُ فِيهِ الأَمْرَانِ) الردُّ وعدمُهُ (نَحْوُ: غَدِيٍّ، وَغَدَوِيٍّ)؛ لِفُقدانِ تحرّكِ الأوسطِ وكونِ المحذوفِ هوَ اللامُ، وكذا دَمِيٌّ ودَمَوِيٌّ عندَهُما (وَابْنِيٍّ، وَبَنَوِيٍّ)؛ لفقدانِ عدمِ تعويضِ الهمزةِ وكونِ المحذوفِ هو اللامُ، واسْمِيٍّ وسِمِيٍّ؛ لفقدانِهُما (وَحِرِيٍّ، وَحِرْحِيٍّ) فِي حرِحٍ كحِبْرٍ؛ لفقدانِ كونِ المحذوفِ فاءً واعتلالِ اللامِ، فأقسامُ ما كانَ علَى حرفينِ وكانَ فِي الأصلِ ثُلاثيًّا ثلاثةٌ؛ لأنَّ المحذوفَ فيهِ أمّا الفاءُ، أوِ العينُ، أوِ اللامُ، والأولُ: إنْ كانَ صحيحَ اللامِ يمتنعُ الردُّ وإلاَّ يجبُ، والثانِي:
ص: 288
منحصرٌ فِي سَهٍ، قيلَ ومُذْ أيضًا، وفيهِمَا يمتنعُ والثالث: إنْ وجدتْ فيهِ الشَّرائطُ المذكورةُ فِي وجوبِ الردِّ أوِ امتناعِهِ وجبَ أوِ امتنعَ وإلاَّ فالاختيارُ؛ وليعلمْ أنّ ما يُردُّ لامُهُ، وأصلُ عينِهِ السُّكونُ عندَ سيبويهِ(1) تنبيهًا علَى كونِهَا محلَّ الحركاتِ بعدَ حذفِ اللامِ والفتحةُ أخفُّها.
(وَأَبُو الْحَسَنِ) الأَخفشُ(2)
(يُسَكِّنُ مَا أَصْلُهُ السُّكُونُ) تنبيهًا علَى الأَصلِ (فَيَقُولُ: غَدْوِيٌّ، وَحِرْحِيٌّ) بسكونِ ثانيهِمَا(3)، ومَا كانَ فِي الأصلِ ثنائيًّا فهوَ فِي الأصلِ مبنيٌّ، وإنّما تَنْسِبُ إِلَيهِ بَعْدَ جَعْلِهِ عَلَمًا فإنْ نُسِبَ إليهِ وهوَ علَمٌ للفظِهِ ثقلُ حرفِهِ الثَّانِي ككَمّيَّةٍ، ولَوّيٍّ، وذوِّيٍّ بتشديدِ مَا قبلَ الياءِ فِي: كمْ، ولوْ، وذُو اسمِ إشارةٍ ومنهُ مائِيٌّ، وذائِيٌّ فِي مَا، وذا اسمِ إشارةٍ؛ إذِ الألفُ إذا ثُقِّلَتْ واحتيجتْ إلى تحريكِ الثانِي تُبدلُ همزةً علَى الأَقوى وواوًا على ضعفٍ، فمَاوِيٌّ ضعيفٌ، وكذا كيْ وذِي وفِي ، لكنْ عوملَ فيهَا معاملةُ بابِ حيٍّ؛ لِئلا تجتمعَ الياءاتُ، فيقالُ: كَيَوِيٌّ، وذَيَوِيٌّ، وفَيَوِيٌّ، وإنْ نُسبَ إليهِ وهو علمٌ فإنْ كانَ حرفُهُ الثانِي صحيحًا لا يثقَّلُ كَمِنِيٍّ بتخفيف النُّونِ فِي مِنْ، وإلاّ ثُقِّلَ إنْ جُعِلَ علمًا قبلَ النِّسبةِ.
(وَأُخْتٌ، وَبِنْتٌ)(4) مؤنَّثُ أَخٍ، وابنٍ؛ أي: الاسمُ الثُّلاثيُّ المجرّدُ الذيْ عوضتِ التاءُ عنْ/ 59لامِهِ المحذوفِةِ (كَأَخٍ، وَابْنٍ عِنْدَ سيبويهِ) والخليلِ(5)،
ص: 289
فيقالُ: أَخَويٌّ، وبَنَوِيٌّ بحذفِ التَّاءِ وردِّ اللامِ لمَا فيهَا منْ رائحةِ التأنيثِ (وَعَلَيْهِ كِلَوِيٌّ) بكسرِ الكافِ وفتحِ اللامِ فِي كِلْتَا كَكِلا أصلُهُ كِلَوِيٌّ كذِكْرى، فالألفُ للتأنيثِ والتاءُ بدلٌ الواوِ؛ ليدّلَ علَى التأنيثِ إذا أُبدلتِ الياءُ منَ الألفِ فِي نحوِ كلتيهِمَا ففيهِ شائبةُ تأنيثٍ، فإِذا نُسبَ إليهِ رُدّتِ الواوُ ويفتحُ ما قبلَه فيقلبُهُ ألفًا كمَا فِي كِلا ويحذفُ الألفُ المقصورةُ وجوبًا كمَا فِي حَمْرِيٍّ (وَقَالَ يُونُسُ) (1)
يجوزُ (أُخْتِيٌّ، وَبِنْتِيٌّ) بإثباتِ التاءِ؛ لكونِها عِوضًا عنِ المحذوفِ لا للتأنيثِ كمَا فِي تُراثٍ (وَعَلَيْهِ كِلْتِيٌّ، وَكِلْتَوِيٌّ، وَكِلْتَاوِيٌّ) كحُبِلَى.
(وَالْمُرَكَّبُ) الغيرُ(2)
الإِضافيِّ (يُنْسَبُ إِلَى صَدْرِهِ) ويحذفُ جزؤُه الثانِي أمّا الحذفُ فلِلخِفّةِ وأمّا الجزءُ الثَّانِي فلأنَّهُ منشأُ الثقلِ وموضعُ التَّغييرِ، وأمّا فِي المُركبِ دونَ المفردِ الثقيلِ كقرْعَبْلانة؛ لعدمِ الفصلِ فيهِ (كَبَعْلِيٍّ، وَتَأَبَّطِيٍّ) فِي بَعْلَبَكَ، وتَأبَّطَ شَرًّا (وَخَمْسِيٍّ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَمًا) واثنيٍّ وثَنَوِيٍّ فِي اثنيْ عشَرَ كاسميٍّ وسِمِيٍّ، وأجازَ الجَرميُّ النِّسبةَ إلى أيِّهما كانَ فجازَ بَكِيٌّ(3)
أيضًا، وقد ينسبُ إليهِما كبَعْلَبَكِيٍّ، ورامِيَةٍ هُرْمُزِيَّةٍ فِي رامِ هُرْمُزٍ (وَلاَ يُنْسَبُ إِلِيهِ) إِلى خَمْسَةَ عَشَرَ وأَمثالِهِ (عَدَدًا)؛ لكونِهَا معًا مقصودًا بالنِّسبةِ فلا يجوزُ الحذفُ ولا الإبقاءُ للثقلِ، وأجازَ أبُو حاتِمٍ(4)
إلحاقَ الياءِ بكلٍّ منَ الجُزأَيْنِ، نحوُ: أَحَدي
ص: 290
عَشْرِي(1) بفتحِ الهمزةِ والحاءِ وسكونِ الشينِ، إِلى آخِرِ المُركباتِ، ويقولُ فِي مؤنثِهِ أي: إحْدى عشَر، كحِبْرِيٍّ وعَشْرِيٍّ كفَلْسِيٍّ.
والمركَّبُ (الْمُضَافُ إِنْ كَانَ الثَّانِي مَقْصُودًا أَصْلاً) فِي أَصلِ الوضعِ كالكُنى المُتيمنّةِ بهَا للطفلِ المولودِ الآنَ والذيْ كانَ أبٌ أوِ ابنٌ مسمًّى باسمٍ (كَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي عَمْرٍو) وأمِّ ذرٍّ (قِيْلَ: زُبَيْرِيٌّ، وَعَمْرَوِيٌّ(2))
وذَرِّيٌّ أي: يُنسبُ إلَى جزئِهِ الأخيرِ ويحذفُ الأَوْلى تخفيفًا؛ لِئلا يلتبسَ المقصودُ (وَإِنْ) لمْ يكُنْ للثانِي مسمًّى فِي الخيالِ ولا هوَ مقصودًا أصلاً بلْ (كَانَ كَعَبْدِ مَنَافٍ، وَامْرِئِ الْقَيْسِ) حُذِفَ الثَّانِي لمَا مرَّ، و(قِيْلَ: عَبْدِيٌّ وامْرِيٌّ(3)) وقدْ يُحذفُ الأوّلُ علَى خلافِ القِياسِ فِي هذا أيضًا لرفعِ الالتباسِ ويقالُ مَنافِيٌّ، قالَ الخليلُ حينَ سألهُ سيبويهِ عنْ مَنافِيٌّ فِي قولِهِمْ: عبدُ مَنَافِيٍّ، أمّا القياسُ كمَا ذكرتُ لكَ/60 إلاّ أنَّهمْ قالُوا: مَنَافِيٌّ خوفَ اللبسِ(4)؛
وذلكَ لكونِ الثانِي مقْصودًا لهُم تعنُّتًا منهُم فإنّ مَنَافًا(5) اسمُ صنمٍ مشهورٍ عندَهمْ انتهى.
ص: 291
وعندَ سيبويهِ إنَّ المُضافَ إنْ كانَ واحدًا مُشتركًا كأَبي مُحمّدٍ، وابنِ عليٍّ، وأَبِي الحَسَنِ يُنسبُ إِلى الثّانِي وإلاّ فإِلى الأوَّلِ(1)، وعندَ الفرَّاءِ إنَّ المضافَ إِليهِ إنْ كانَ معروفًا نسبتَهُ والمضافُ يعرفُ بهِ كابنِ الزُّبيرِ وابنِ عبَّاسٍ يُنسبُ إليهِ وإلاّ كعبدِ القَيْسِ وامرِئ القيسِ إِلى الأوَّلِ(2)،
ونحوُ: قُلْتُ قِياسُهُ قَوْلِيٌّ بحذفِ الثَّانِي وهوَ الضَّميرُ وكسرِ اللامِ ورجوعِ السَّاقطةِ للسَّاكنينِ، وهوَ المَسموعُ عنِ العربِ علَى مَا قالَهُ سيبويهِ(3)،
وقالَ الجَرميُّ:(4)
يقالُ رَجُلٌ كُنْتِيٌّ؛ لكونِ الضميرِ المرفوعِ كجُزءِ الفِعلِ فكأنَّهُما كلمةٌ واحدةٌ، وقدْ يجيءُ شاذًّا فِي الاسمِ المُضافِ إِلى غيرِهِ أنْ يؤخذَ منَ المُضافِ والمُضافِ إليهِ الفاءُ والعينُ بحيثُ يصيرُ علَى فَعْلَلٍ، فيقالُ فِي عبدِ الشَّمسِ: عَبْشَمِيٌّ إلاّ أنْ يكونَ العينُ حرفَ علَّةٍ فيحذفُ ويؤخَذُ بدلّهَا اللامُ فيقالُ فِي عبدِ الدَّارِ: عَبْدَرِيٌّ، وفِي امْرِئ القيسِ: مَرْقَسِيٌّ(5).
(وَالْجَمْعُ) المُصحّحُ إِذا نُسبَ مرّ حكمُهُ فِي أوَّلِ البابِ.
والمُكَسَّرُ إنْ كانَ باقيًا علَى الجمعيَّةِ بأنْ لا يصيرَ علَمًا (يُرَدُّ إِلَى الْوَاحِدِ)؛ إذِ المقصودُ أنَّ بينَه وبينَ هذا الجنسِ نسبةً وذلكَ يحصلُ بالواحِدِ وإنْ كانَ واحدُهُ جمْعًا يردُّ إِلى واحدِهِ، كَكَلْبِيٍّ فِي أَكالِيبَ جمعِ أكْلُبٍ جمعِ كَلْبٍ
ص: 292
(فَيُقَالُ فِي كُتُبٍ، وَصُحُفٍ، وَمَسَاجِدَ، وَفَرَائِضَ: كِتَابِيٌّ، وَصَحَفِيٌّ) كحَنَفِيٍّ بالفَتحتينِ بالردِّ إِلى صَحِيفةٍ(وَمَسْجِدِيٌّ، وَفَرَضِيٌّ) كصَحَفيٍّ، وكذا إنْ كانَ الواحدُ اسمَ جمعٍ كالنِّساءِ جمعِ نِسْوَةٍ، وهيَ اسمُ جمعٍ، فيقالُ: نِسْوِيٌّ، وأمّا اسمُ الجنسِ واسمُ الجمعِ فإِلى لفظِهِ كتَمْرِيٍّ، ورَهْطِيٍّ، وإنْ جاءَ منْ لفظِهِ مَا يُطلقُ علَى واحدِهِ كرَاكِبٍ فِي رَكْبٍ، وكَذا مَا لمْ يُستعمَلْ واحدُهُ كالعَبادِيدِ، وهوَ الجمعُ المتفرّقةُ فِي الذَّهابِ والمجيءِ(1)،
والعربُ ليسَ واحدًا للأعرابِ؛ لأنَّه غيرُ العَجمِ سواءٌ كانَ فِي الباديةِ أمْ لا والأعرابُ سكَّانُ البَوَادِي والجمعُ الذيْ لهُ واحدٌ غيرُ قياسيٍّ كمحاسنَ، قالَ أبُو زيدٍ مَحاسِنيٌّ(2)،
وغيرُه حَسَنِيٌّ(3).
(وَأَمَّا مَسَاجِدُ عَلَمًا، فَمَسَاجِدِيٌّ) بدونِ الردِّ إِلى الواحدِ وإلاَّ فالمقصودُ (كَكِلابِيٍّ، وَأَنْصَارِيٍّ(4))
فإنَّهما أيضًا لا يردَّانِ إِلى الواحدِ(5)؛
لأنَّهما صارا كأنَّهما عَلَمانَ (وَمَا جَاءَ عَلَى غَيْرِ مَا ذُكِرَ فَشَاذٌّ) كرازيٍّ فِي النِّسبةِ إِلى الرَّيِّ، ومَروزِيٍّ إِلى مَرْوٍ، وعُلويٍّ بالضمِّ إِلى عاليةٍ، موضعٌ قربَ المدينةِ، وبِصرِيٍّ بالكسرِ إلى البَصْرةِ، ودُهريٍّ بالضمِّ للرجلِ المُسنِّ المسمّى فرقًا بينَه وبينَ الدَّهريٍّ منْ أهلِ الإلحادِ، وأَفَقيٍّ بالفتحتينِ إِلى الأُفق، وبَدَوِيٍّ إِلى باديةٍ إِلى غيرِ ذلكَ.
ص: 293
وأَزَليٌّ منسوبٌ إِلى الأزَلِ، وفِي القاموسِ: أوْ أصلُهُ يَزَلِيٌّ منسوبٌ إِلى لَمْ يزلْ أُبدلتِ/61 الياءُ ألفًا؛ للخفّةِ كمَا قالُوا فِي الرُّمحِ المنسوبِ إِلى ذِي يزنٍ أَزْنِيٌّ(1)،
وثُلاثيٌّ منسوبٌ إِلى ثلاثةٍ لا للفظِ المنسوبِ إلى ثلاثٍ بمعنَى ثلاثةٍ ثلاثةٍ، وكذا أخواتُهُ.
ثُمّ قدْ يلحقُ ياءَ النسبةِ أبعاضُ الجَسَدِ دلالةً علَى عِظَمِهَا فتجيءُ أمّا علَى فُعالٍ بالضمِّ كأُنافِيٍّ فِي عظيمِ الأنفِ، أو مزيدًا فِي آخرِهَا ألفٌ ونونٌ كلحْيانِيٍّ فِي طويلِ اللحْيَةِ، وليسَ البناءانِ علَى القياسِ فإذا سَمَّيتَ بهَا ونسبتَ رجعتَ إلى القياسِ.
(وَكَثُرَ مَجِيءُ فَعَّالٍ بِالتَّشْدِيدِ فِي الْحِرَفِ)(2) جمعِ حِرْفَةٍ سواءٌ كانَ منْ جهةِ البيعِ، أوِ القيامِ بماِلهِ، أوْ باستعمالِهِ، أوْ لاتصافِهِ بهِ، أو لكونِهِ مالكَهُ، أوْ غيرِ ذلكَ فَلا يكونُ للمبالغَةِ (كَبَتَّاتٍ) لبائعِ البتِّ، وعاملِهَا وهيَ الكساءُ (وَعَوَّاجٍ) لصاحبِ العاجِ (وَثَوَّابٍ) لعامِلِ الثَّوبِ وبائعِهِ (وَجَمَّالٍ) لصاحبِ الجملِ.
(وَجَاءَ فَاعِلٌ أَيْضًا بِمَعْنَى ذِيْ كَذَا، كَتَامِرٍ، وَلاَبِنٍ، وَدَارِعٍ، وَنَابِلٍ) ولا يكونُ جاريًا علَى الفعلِ فَلا يؤنَّثُ، وقدْ يجيءُ اسمُ الفاعِلِ منْ غيرِ الثُّلاثيِّ بمعنَى ذِي كَذا نحوُ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ)المزمل/18 دونَ مُنفطرةٍ أي: ذاتُ انفطارٍ، وكَذا مُرضعٌ أي ذاتُ إرضاعٍ، وكَذا (بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ)البقرة/68، وحائِضٌ، وطالقٌ، (ومنهُ: (عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ)الحاقة/21 أي: ذاتُ رِضًى، فالتاءُ للمبالغَةِ.
ص: 294
(وَطَاعِمٌ كَاسٍ)(1) أي: ذُو طَعَامٍ، وذُو كِسْوةٍ، وهوَ ذمٌّ والمرادُ أنْ ليسَ لهُ فضلٌ غيرَ أنَّهُ يأكلُ ويلبسُ، هذا عندَ الخليلِ(2)،
وعندَ الفرَّاءِ(3)
بمعنَى المفعُولِ ك-(مَاءٍ دَافِقٍ)الطارق/6، أي: مرضيَّةٍ، ومطعومٍ، ومكسوٍّ، ونُسبَ إِلى سيبويهِ: إنَّ طاعِمًا بمعنَى اسمِ الفاعِلِ مسلوبًا عنهُ معنَى الحُدوثِ(4)،
والفرقُ بينَ فَعَّالٍ وفَاعِلٍ: إِنَّ المُزاوَلَةَ والدَّوامَ معتبرانِ فِي الأوَّلِ بِخلافِ الثَّاني(5).
ص: 295
(الْجَمْعُ، الثُّلاثِيُّ) قالَ الش الرَّضِيُّ "رض": الجمعُ: لا إِعرابَ لهُ، ولا لِقولِهِ: "الثُّلاثِيُّ"؛ لأنَّهُما اسْمانِ غيرُ مُركَّبينِ، كما تقولُ: بابٌ، فَصلٌ، ويجوزُ أنْ يرتفعَا علَى أنَّ كلَّ واحدٍ منهُما خبرُ المبتدأِ أي: هذا بابُ الجمعِ، وهذا بابُ الثُّلاثيُّ، كيفَ يجمعُ(1)
انتهى.
ثُمَّ الجمعُ إِمّا صحيحٌ لا يتغيّرُ بناءُ واحدِهِ، أوْ مكسَّرٌ بخلافِهِ.
وأيضاً، إمّا جمعُ قلَّةٍ - لا يطلقُ علَى أقلِّ منْ ثلاثةٍ أوْ منَ اثنينِ وأزيدِ منْ عشَرةٍ ذكرنَا أوزانَهُ وزادَ الفرّاءُ: ظُلَم وسِدَر وقِرَدَة(2) - أوْ جمعُ كثرةٍ يطلقُ علَى إِحدى عَشَرَ وما زادَ/62.
ومُرادُ المصنِّفُ منَ الجمعِ هُنا هوَ المُكسّرُ؛ إذِ الصَّحيحُ بُيِّنَ فِي مُقدِّمةِ الإعرابِ، ولا يذكرُ هُنا مُفصَّلاً، فنقولُ: (الْغَالِبُ فِي نَحْوِ فَلْسٍ) أنْ يُجمعَ (عَلَى أَفْلُسٍ) بضمِّ العينِ فِي القِلَّةِ (وَفُلُوسٍ) فِي الكَثْرةِ (وَبَابُ ثَوْبٍ) أي: المعتلُّ منهُ وكونُهُ واويًّا كمَا هوَ المُتبادَرُ ليسَ بمنظورٍ للمُص بلْ يشتملُ اليائيَّ أيضًا كبيْتٍ (عَلَى أَثْوَابٍ)، وأَبيَاتٍ بلْ جاءَ الصَّحيحُ أيضًا عليهِ علَى قلَّةٍ كأَفرادٍ كما العكسُ كأثْوُبٍ وأَعْيُنٍ.
ص: 296
(وَجَاءَ زِنَادٌ) بكسرِ الفاءِ فِي جمْعِهِ عندَ الضَّرُورَةِ (فِي غَيْرِ بَابِ سَيْلٍ) أي: الأجوفُ اليائِيُّ صحيحًا كانَ كزِنَادٍ، ونِعَالٍ - فِي زَنْدٍ هوَ حديدٌ يُؤخَذُ منهُ النارُ(1)
- ونَعْلٍ، أوْ مُضَاعَفًا كصِكَاكٍ فِي صَكٍّ(2)، أوْ ناقِصًا كَدِلاَءٍ، وظِبَاءٍ فِي دَلْوٍ وظَبْيٍ، أوْ أجوفًا واويًّا كثِيَابٍ فِي ثَوْبٍ تُقلبُ الواوُ ياءً؛ لكسرةِ ما قبلَها ولِذا لمْ يجيءْ فِي بابِ سَيْلٍ؛ لئلاّ يلتبسَ بالواويِّ فهُو علَى سُيُولٍ، وضِيافٌ فِي ضَيْفٍ شاذٌّ والقياسُ ضُيُوفٌ، وأَضْيافٌ(3).
(وَ) جاءَ (رِئْلاَنٌ) بالكسرِ والسُّكونِ فِي رِئْلٍ، وهوَ وَلَدُ النَّعَامَةِ(4)
(وَبُطْنَانٌ) بِالضمِّ والسُّكونِ فِي بَطْنٍ (وَغِرَدَةٌ) بالكسرِ والفتحِ فِي غَرْدٍ، ضَرْبٌ منَ الكَمَأَةِ(5)، هَذا عندَ الفرّاءِ وقالَ الكِسَائِيُّ: جَمْعُ غِرَدٍ(6) كعِنَبٍ (وَسُقُفٌ) كعُنُقٍ فِي سَقْفٍ عندَ الأَخفشِ، وعندَ الفرَّاءِ: جمعُ سَقِيفٍ(7)
(وَأَنْجِدَةٌ شَاذٌّ) فِي نَجْدٍ ولمْ يجيءْ غيرُه، وقالَ الجوهريُّ: هوَ جمعُ نُجُودٍ، جمعُ نَجْدٍ(8)،
وهوَ المكانُ المُرتفِعُ.
ص: 297
(وَ) فِي (نَحْوِ حِمْلٍ) كَحِبْرٍ صحيحًا كانَ أمْ لا (عَلَى أَحْمَالٍ) فِي القلَّةِ، وفِي الكثْرةِ أيضًا علَى قلَّةٍ (وَحُمُولٍ) بالضمِّ فِي الكثرةِ الاّ الاجوفُ الواويُّ عندَ الش الرَّضيِّ "رض" (وَجَاءَ) نادرًا (عَلَى قِدَاحٍ) - إلاّ الأجوفُ اليائيُّ عندَهُ "رض"- (وَأَرْجُلٍ، وصِنْوَانٍ(1)،
وَذُؤْبَانٍ، وَقِرَدَةٍ) وَضَرِيسٍ(2)،
عندَ الضرورةِ فِي: قِدْحٍ، وهوَ سهمٌ لا يركبُهُ نصْلٌ(3)، ورَجُلٍ، وصِنْوٍ، وذِئْبٍ، وقِرْدٍ، وضِرْسٍ، قالَ فِي الصِّحاحِ: إِذا خرجَ نخْلتانِ أوْ ثلاثٌ منْ أصلٍ واحِدٍ فكلُّ واحِدٍ منهنَّ صنوٌ(4).
أقولُ: فالألِفُ والنُّونُ إذنْ يكونُ علامةً للتثنيةِ فنقولُ: صِنْوانِ، وصِنْوينِ، رفعًا ونصبًا، وجرًّا - بكسرِ النونِ - وللجمعِ ترفعُ النونُ وتنصِبُ وتجرُّ.
(وَنَحْوُ قُرْءٍ) كقُفْلٍ (عَلَى أَقْرَاءٍ) فِي القلّةِ، وإنْ كانَ معتلَّ العينِ كأكوازٍ وأَكوابٍ وأفعُلٍ كأَرْكُنٍ شاذٌّ (وَقُرُوءٍ) فِي الكثرةِ بشرطِ أنْ لا يكونَ معتلَّ العينِ، وقدْ يُكسرُ فِي الكَثْرةِ علَى أفْعالٍ كأَرْكَانٍ وأجْزاءٍ
(وَجَاءَ) قلِيلاً (عَلَى قِرَطَةٍ، وَخِفَافٍ)/63 بالكسرِ وهوَ فِي المُضاعفِ أكثرُ (وَفُلْكٍ) كقُفْل، فِي قُرْطٍ، وهوَ مَا يُعلَّقُ فِي شَحْمَةِ الأُذُنِ(5)، وخَفِّ الإنسانِ لا البعيرِ فإنَّهُ علَى أَخْفافٍ(6)، فَفُلْكٌ جاءَ مفردًا وجمعًا، قالَ اللهُ تَعَالَى (فِي الْفُلْكِ
ص: 298
الْمَشْحُونِ)الشعراء/119، و(كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ)يونس/22، فالضمَّةُ فيهِ جمعًا كما فِي أُسْدٍ ومفردًا كمَا فِي قُفلٍ.
(وَبَابُ عُوْدٍ) أي: المعتلُّ العينِ منْ هذا البابِ ولا يكونُ إلاّ واويًّا كعُوْدٍ وحُوْتٍ يكسَرُ (عَلَى عِيْدَانٍ)، وحِيْتَانٍ فِي الكثرةِ، وجاءَ غيرُ الأجوفِ أيضًا، نحوُ: حُشٍّ بضمِّ الحاءِ وتشديدِ الشِّينِ المُعجمةِ: البُستانُ، علَى فِعْلانٍ بالكسرِ والسُّكونِ كحِشَّانٍ(1).
(وَنَحْوُ جَمَلٍ) كفَرَسٍ (عَلَى أَجْمَالٍ) فِي القِلّةِ أجوفًا كانَ كأَتْواجٍ أمْ لا ولمْ يجيءْ جمعُ القِلّةِ ولا جمعُ الكثرةِ فِي مُضاعَفِ هذا البابِ إلاّ هوَ (وَجِمَالٍ) بالكسرِ فِي الكثْرةِ - إنْ لمْ يكُنْ أجوفًا - وقدْ تلحقُهُ التَّاءُ كحِجَارَةٍ.
(وَبَابُ تَاجٍ) أي: الأجوفُ مِنهُ (عَلَى تِيْجَانٍ) فِي الكثرةِ علَى الأكثرِ.
(وَجَاءَ عَلَى ذُكُورٍ) فِي الذَّكَرِ لنوعٍ منَ الحديدِ، قيلَ: وإنْ كان بمعنى العُضْوِ أيضًا، والمشهورُ إنَّهُ علَى مذاكيرَ(2)
علَى خلافِ القِياسِ، فإنْ كانَ أجوفًا تُحذفُ عينُه كسُوقٍ ونُوبٍ (وَأَزْمُنٍ)، وأَنْوُرِ، وأَنْيُبٍ، بضمِّ العينِ، قالَ يونُسُ إِذا كانَ فَعَلٌ مؤنَّثًا بغيرِ تاءِ فجمعُهُ علَى أَفْعُلٍ، هوَ القياسُ وسيبويهِ شاذٌّ(3).
(وَخِرْبَانٍ) بكسرِ الخاءِ المُعجمةِ وسُكونِ الرَّاءِ فِي خَرَبٍ لذكرِ الحَبَارى(4)، وهوَ فِي الأجوفِ أكثرُ (وَحُمْلانٍ) بالضمِّ والسُّكونِ فِي حَمَلٍ (وَجِيْرَةٍ) بالكسرِ
ص: 299
والسُّكونِ فِي جَارٍ(وَحِجْلَى) بالكسرِ والسُّكونِ فِي حَجَلٍ(1)،
ولا نظيرَ لهُ إلاّ الظِّرْبَى فِي ظَرِبَانٍ بالطَّاءِ المُعجمةِ: دُويبةٌ(2)،
وعنِ الأصمعيِّ(3)
إِنَّ حِجْلَى مفردٌ بمعنَى حَجَلٍ(4).
(وَنَحْوُ: فَخِذٍ عَلَى أَفْخَاذٍ فِيْهِمَا) فِي القلَّةِ والكثرةِ (وَجَاءَ عَلَى نُمُورٍ، وَنُمُرٍ) بالضمَّتينِ فِيهمَا فِي نَمِرٍ (وَنَحْوُ: عَجُزٍ) كعَضُدٍ (عَلَى أَعْجَازٍ) فيهِمَا (وَجَاءَ سِبَاعٌ) كرِجَالٍ فِي الكثرةِ (وَلَيْسَ رَجْلَةُ) بالفتحِ والسُّكونِ (بِتَكْسِيرٍ) للرِجْلِ كما ظنّهُ(5)
ابنُ السَّراجِ(6)
بلْ اسمُ جمعٍ لهُ أوْ للرَّاجلِ.
ص: 300
(وَنَحْوُ: عِنَبٍ عَلَى أَعْنَابٍ فِيْهِمَا، وَجَاءَ أَضْلُعٌ) فِي القِلّةِ (وَضُلُوعٌ) فِي الكثرةِ وضِلَعٌ كعِنَبٍ لغةٌ فِي ضِِلْعٍ كحِبْرٍ (وَنَحْوُ: إِبِلٍ عَلَى آبَالٍ فِيْهِمَا) أي: فِي نحْوِهِ.
(وَفَي نَحْوِ: صُرَدٍ عَلَى صِرْدَانٍ فِيْهِمَا) بالكسرِ والسُّكونِ (وَجَاءَ أَرْطَابٌ) فِي قلَّةِ رَطَبٍ (وَرِبَاعٌ) بالكسرِ فِي كثرةِ رَبْعٍ للفصيلِ ينتِجُ فِي الرَّبيعِ(1)
(وَنحْوُ: عُنُقٍ/64عَلَى أَعْنَاقٍ فِيْهِمَا، وَامْتَنَعُوا) فِي القلّةِ (مِنْ أَفْعُلٍ) بضمِّ العينِ (فِي الْمُعْتَلِّ الْعَيْنِ) واويًّا كانَ أمْ يائيًّا فِي أيِّ بناءٍ منَ العَشَرَةِ؛ لثِقَلِ الضمَّةِ علَى حرفِ العلَّةِ.
(وَأَقْوُسٌ، وَأَنْيُبٌ، وَأَثْوُبٌ، وَأَعْيُنٌ شَاذٌّ(2)) والقِياسُ أفْعَالٌ فِي الجميعِ.
(وَامْتَنَعُوا مِنْ فِعَالٍ) بالكسرِ فِي أيِّ بابٍ كانَ (فِي الْيَاءِ) فِي الأَجوفِ اليائيِّ (دون الواو)؛ لمجيءِ حِياضٍ و ثِيابٍ أمّا ضِيافٌ شاذٌّ كما مّر (كَفُعُولٍ) كمَا امتنعُوا منْ فُعُولٍ بالضمِّ (فِي الْوَاوِ دُونَ الْيَاءِ)؛ لمجيءِ عُيُونٍ وسُيُولٍ.
(وَفُؤُوْجٌ) فِي فَوْجٍ (وَسُؤُوْقٌ) فِي ساقٍ أصلُه سَوَقٌ كفَرَسٍ (شَاذٌّ) والقِياسُ أَفْواجٌ وسُوُقٌ كأُسُدٍ.
ص: 301
(الْمُؤَنَّثُ) بالتاءِ (نَحْوُ: قَصْعَةٍ) بالفتحِ والسُّكونِ (عَلَى قِصَاعٍ) بالكسرِ (وَبُدُورٍ) بالضَّمِّ (وَبِدَرٍ) كعِنَبٍ فِي بَدْرَةٍ، وكَذا خِيَمٌ.
(وَنُوَبٍ) كَصُرَدٍ فِي الأَجوفِ الواويِّ كنَوْبةٍ(1)، وكَذا النَّاقِصُ شاذًّا كقُرًى فِي قريةٍ (وَنَحْوُ: لِقْحَةٍ) بالكسرِ والسُّكونِ (عَلَى لِقَحٍ) كعِنَبٍ (غَالِبًا) صَحيحًا كانَ أمْ لا وذكرَ غيْرُ سيبويه لُقَحَ كصُرَدٍ (وَجَاءَ عَلَى لِقَاحٍ) بالكسرِ قليلاً، قالَ الجوهريُّ: لِقَاحٍ جَمْعِ لَقُوحٍ وهيَ الحَلوبُ(2) (وَأَنْعُمٍ) أي: وعَلَى أَنْعُمٍ فِي نِعْمَةٍ، وأَشُدٍّ فِي شِدَّةٍ، قالَ المُبّردُ: أَنْعُمٌ جَمْعُ نُعْمٍ كقُفْلٍ(3)، وقيلَ أشُدٌّ جمعُ شَدٍّ بالفتحِ كأَكْلُبٍ، أوْ شِدٍّ بالكسرِ كأَذْؤُبٍ ولمّا لمْ يستعمِلْ شدَ ولا شِد فهوَ كأَبابِيلَ لمْ يستعملْ واحدُهُ(4).
(وَنَحْوُ: بُرْقَةٍ) بالضمِّ والسُّكونِ، أرضٌ ذاتُ حِجَارةٍ(5) (عَلَى بُرَقٍ) كصُرَدٍ (غَالِبًا) وقدْ يُستعملُ فِي القليلِ أيضًا كثلاثِ غُرَفٍ، ولمْ يجيءْ فِي الأجوفِ غيرُهُ (وَجَاءَ) شَاذًّا (عَلَى حُجُوزٍ) وحُجْزَةٌ: بضمِّ الحاءِ، وسكونِ الجيمِ، وفتحِ الزَّاءِ المُعجمةِ، موضعُ التكّةِ(6).
ص: 302
(وَبِرَامٍ) بالكسرِ فِي بُرمَةٍ: قِدْرٌ منَ الحَجَرِ(1)، وفِعَالٌ: لمْ يجيءْ فِي أَجوفِهِ وكَثُرَ فِي مُضَاعَفِهِ.
(وَنَحْوُ: رَقَبَةٍ) بالفتحتينِ (عَلَى رِقَابٍ) بالكسرِ قياسًا(وَجَاءَ عَلَى أَيْنُقٍ) كأَقْوُسٍ بتقديمِ الياءِ علَى النُّونِ فِي ناقةٍ، وآكُمٍ فِي أَكَمَةٍ للتلِّ منَ الحِجارةِ(2)، أصلُه أَنْوُق وقدمتِ الواوُ على النونِ؛ لثقلِ الضمَّةِ عليهَا وأُبدلتْ ياءً فعلَى أَعْفُلٍ كَذا /65فِي الصحاحِ نقلَهُ يعقوبٌ(3) عنْ بعضِ الطائيينَ(4)، وقيلَ: حُذِفَتْ وعوّضتْ عنها الياءُ فعلَى أَيْفُلٍ (وَتِيَرٍ) كعِنَبٍ فِي تارةٍ، أصلُها تَيْرَةٌ، وقيلَ تَوْرَةٌ(5) (وَبُدْنٍ) كقُفْلٍ فِي بَدَنَة(6)، وجاءَ كعُنُقٍ فِي الصحيحِ.
ص: 303
(وَنَحْوُ: مَعِدَةٍ) بالفتحِ والكسرِ، وهو [ك]نَقِمَةٍ، أي ما كان على كَلِمَةٍ وجاء على كَسْرَهِ(1) أيضًا اتِّفاقًا، وهوَ قليلٌ غيرُ مستمرٍّ كمَا صرَّح بهِ السِّيرافيُّ(2) (عَلَى مِعَدٍ) ونِقَم كعِنَبٍ وهوَ فِي الحقيقةِ جمعُ فَعْلَةٍ ككسْرةٍ، وأمَّا غيرُها ممَّا لمْ يجئْ عليهَا إلاّ عندَ تميم(3) فَقَطْ ككَلِمَةٍ، وخَلِفَة وغيرِهُما فعلَى كَتِفٍ لا غيرَ، وظهرَ منهُ توجيهُ كلامِ منْ ضَبَطَ(4) مِعَدًا فِي كلامِ المُصنِّفِ علَى عِنَبٍ(5) كَالش الرضيِّ "رض"، ومنْ ضبطَهُ علَى كَتِفٍ كبعضٍ آخرَ منَ الشَّارحينَ(6)، فالمُرادُ منْ نحوِ هوَ كَلِمَةٌ وخَلِفَةٌ ونحوهما، وفِي القامُوسِ: يُجْمَعُ مَِعَِد ككَتِف وعِنَب ومُعَد بالضمِّ(7).
(وَنَحْوُ: تُخَمَةٍ) بالضمِّ والفتحِ (عَلَى تُخَمٍ) كَصُرَدٍ بحذفِ التَّاءِ.
(وَإِذَا صُحِّحَ بَابُ تَمْرَةٍ ) بالفتحِ والسُّكونِ كَقَصْعَةٍ أي: إِذا جُمِعَ هذا البابُ صحيحًا كانَ أمْ معتلَّ اللامِ كَرَكْوَةٍ(8)، وظَبْيَةٍ جمعَ الصحيحِ (قِيْلَ: تَمَرَاتٌ)،
ص: 304
ورَكَوَاتٌ، وظَبْيَاتٌ (بِالْفَتْحِ) بفتحِ العينِ فرقًا بينَهُ وبينَ الصِّفةِ ولمْ يعكِسْ؛ لأنَّ الاسمَ لخفَّتهِ أوْلى بالتغييرِ (وَ) جاءَ (الإِسْكَانُ فِيْهِ ضَرُورَةٌ) فِي الشِّعرِ (وَالْمُعْتَلُّ الْعَيْنِ) منْهُ إِذا صَحَّ (سَاكِنٌ) عينُهُ؛ لِئلاّ يلزمَ انقلابُها ألفًا فيتغيَّرَ البناءُ كجَوْزاتٍ وبيْضاتٍ (وَهُذَيْلٌ تُسَوِّي) بينَ الأجوفِ وغيرِهِ فِي لُزومِ الفتحِ ولا يقلبُها ألفًا؛ لعُروضِ حركتِهَا(1).
(وَبَابُ كِسْرَةٍ) بالكسرِ والسُّكونِ كلِقْحَةٍ (عَلَى كَِسَرَاتٍ بِالفَتْحِ وَالْكَسْرِ) أي: جازَ فتحُ عينِهِ؛ للخِفَّةِ وللفرقِ المَذْكورِ وكسرِهَا أيضًا عندَ غيرِ الفراءِ للإتباعِ(2).
(وَالْمُعْتَلُّ الْعَيْنِ) منْهُ مُطلقًا (وَالْمُعْتَلُّ الْلامِ بِالْوَاوِ يُسْكَنُ، وَيُفْتَحُ) عينُهُ كديَْماتٍ فِي دِيْمَةٍ منْ دامَ(3) ك-(قالَ)، وبِيْعَاتٍ فِي بِيْعَةٍ، معبدُ النَّصارى(4)، ورَشْواتٍ فِي رِشْوَةٍ بسكونِ الياءِ المُنقلبةِ عنِ الواوِ والياءِ الأَصليةِ والشينِ(5) وفتحِها ولا يكسرُ؛ لثقل الكسرةِ علَى الياءِ المكسورِ ما قبلَها؛ ولِئلاّ يلزمَ انقلابُ الواوِ ياءً.
وذكرَ السِّيرافيُّ فِي جوازِ الكسرِ أيضًا فِي النَّاقِصِ اليائيِّ كَجِزيةٍ وقِنْيَةٍ(6).
ص: 305
(وَنَحْوُ: حُجْرَةٍ) بالضمِّ والسُّكونِ كبُرْقَةٍ (عَلَى حُجُرَاتٍ بِالضَّمِّ) للإتباعِ/66(وَالْفَتْحِ) لِلخفَّةِ والفرقِ لا الكسرِ؛ لثقلِ نحوِ دُئِلٍ.
(وَالْمُعْتَلِّ الْعَيْنِ) منهَا ولا يكونُ إلاّ واويًّا؛ لانْضمامِ ما قبلَها (وَالْمُعْتَلِّ الْلامِ بِالْيَاءِ يُسْكَنُ، وَيُفْتَحُ) العينُ فيهِمَا، نحوُ: دُوْلاتٍ بسكونِ الواوِ وفتحِها فِي دُولةٍ بالضمِّ وكذا رُقْيَاتٌ فِي رُقْيَةٍ وإنْ كانَ ناقصًا واويًّا كعُروَةٍ جازَ الضمُّ أيضًا؛ إذْ ليسَ ثقلُ وقوعِ الواوِ بعدَ الضمتينِ بمثابَةِ ثقلِ وقوعِ الياءِ بعدَهُما لمَا بينَهُما منَ التَّنافِي (وَقَدْ تُسْكَنُ(1)) العينُ (فِي تَمِيْمٍ فِي حُجْرَاتٍ، وَكِسْرَاتٍ) رعايةً للأصلِ دونَ تَمَراتٍ؛ إذْ ليسَ ثقلُ حركةِ العينِ بعدَ الفتحةِ كثقلِها بعدَ الضمَّةِ والكسرةِ (وَالْمُضَاعَفُ سَاكِنٌ) وسطُهُ (فِي الْجَمِيْعِ) المفتوحِ الفاءِ ومضمُومِها ومكسورِها؛ لأنَّ الحركةَ توجِبُ فكَّ الإدغامِ، والواجبُ فِي المُضاعَفِ الواجِبِ فيهِ الإدغامُ؛ لاجتماعِ المَثَلين، نحو: شَدّاتٍ، وغَدّاتٍ، ورَدّاتٍ فِي شَدّةٍ، وغَدّةٍ وردّةٍ.
هذا حكمُ جمعِ المُؤنَّثِ السالمِ الثُّلاثيِّ المجرَّدِ إنْ كانَ اسمًا ساكنَ الوسَطِ.
(وَأَمَّا الصِّفَاتُ) سواءٌ كانتْ مفتوحَ الفاءِ أوْ مكسورِهَا أوْ مضمومِها إذَا صُحِّحتْ (فَبِالإِسْكَانِ) سكونِ العينِ لا غيرَ نحوِ: صَعْبَاتٍ وصِغْراتٍ، وصُلْباتٍ (وَقَالُوا لَجَبَاتٌ، وَرَبَعَاتٌ) بفتحِ عينيْهِمَا معَ أنَّ كونَهُما صِفَتينِ يقتضِي الإسكانُ إِمَّا( لِلَمْحِ اسْمَيَّةٍ أَصْلِيَّةٍ) أي: للنظرِ إِليهِمَا كمَا اعترفَ بهِ الجَوهريُّ(2)، أوْ لمَا قالَهُ الفَارسيُّ منْ أنَّهُم قالُوا لَجَبَاتٌ بتحريكِ الوسَطِ؛ لأنَّ
ص: 306
منهُم منْ يقولُ لَجَبَةٌ بالتَّحريكِ فاتَّفقوا فِي الجمعِ(1)، وقالَ الش الرضيُّ "رض": لمْ أرَ فِي موضعٍ أنَّ لَجْبَة فِي الأصلِ اسمٌ بلَى قيلَ ذلكَ فِي رَبْعَةٍ(2)، واللَجْبَةُ الشَّاةُ التيْ أَتَى عليهَا بعدَ نِتاجِهَا أربعةُ أشهرٍ فجفَّ لبنُها، ورَبْعَةٌ امرأةٌ لا تكونُ طويلةً ولا قصيرةً(3).
(وَحُكْمُ نَحْوِ أَرْضٍ، وَأَهْلٍ، وَعُرْسٍ، وَعِيْرٍ) منَ الأسماءِ المُؤنَّثةِ بتقديرِ التَّاءِ إنْ أُريدَ جمعُها جمعَ السَّلامةِ (كَذَلِكَ) أي: يجوزُ فيهِ الأوجُهُ المذكورةُ فالأوَّلانِ كتَمَراتٍ، ويجوزُ الإسْكانُ فِي أهْلاتٍ؛ للوصفيَّةِ الأصليَّةِ، وعُرْساتٍ كحُجْراتٍ إنْ كانَ جمعُ عُرْسٍ كقُفْلٍ وعُنُقٍ، طعامُ الوليمةِ ككِسَراتٍ إنْ كانَ جمعُ عِرْسٍ كحِبْرٍ، امرأةُ الرجلِ، وعِيَراتٍ كدِيَماتٍ، وهيَ الإبلُ التيْ عليهَا الأحمالُ(4).
(وَبَابُ سَنَةٍ) أي: الأسماءُ المحذوفةُ الأعجازِ التيْ فيهَا تاءٌ/67 كَسَنةٍ بالفتحِ أصلُها سَنَوَةٌ أوْ سَنَهَةٌ، وقُلَةٌ بالضمِّ أصلُها قَلْوَة بالفتحِ والسُّكونِ ضمَّتْ دلالةً علَى الواوِ، وَثُبَةٌ بتقديمِ المُثلثةِ المضمومةِ علَى المُوحَّدةِ المفتوحةِ،
ص: 307
أصلُها ثَبْوَةٌ كَفَلْسَةٍ، وقيلَ ثُبَيَةٌ كصُردةٍ، وعِضَةٌ، وهَنَةٌ (جَاءَ فِيهِ) الجمعُ بالواوِ والنُّونِ علَى خِلافِ القياسِ فيقالُ (سِنُونَ) أُبدلتْ فتحتُها كسرةً؛ لئلاّ يكونَ صحيحًا محضًا (وَقِلُونَ) بالكسرِ لذلك(1)، وجاءَ بالضمِّ علَى الأصلِ؛ ليدلَّ علَى الواوِ (وَثُبُونَ(2)) بالضمِّ (وَسَنَوَاتٌ، وَعَضَوَاتٌ) بالفتحِ فيهِمَا ورَدُّ اللامِ (وَثُبَاتٌ، وَهُنَاتٌ) والسَّنةُ: العامُ، والقُلَة والمِقْلاء: عُودانِ يلعبُ بِهِمَا الصِبيانُ، الثَّانيةُ الكبيرةُ التيْ يُضربُ بهَا، والأُولى الصَّغيرةُ(3)، والثُّبَةُ: الجماعةُ(4)، والعِضَةُ بالكسرِ، قطعةٌ منَ الشيءِ إنْ كانَ أصلُها عِضْوَةٌ، والشَّجَرُ إنْ كانَ أصلُها عِضْهَةً(5)، والهُنْوَةُ الشَّيءُ اليسيرُ، وهَنُ المرأةِ فرجُها (وَجَاءَ آمٍ كَآكُمٍ) فِي جمعِ أَمَةٍ بالتحريكِ، وهيَ المملوكةُ أصلُها: أَمَوَة كَغَلَبةٍ جُمعتْ علَى أَفْعُلٍ بضمِّ العينِ قُلبتِ الهمزةُ الثَّانيةُ ألِفًا كَآمنٍ، والواوُ ياءً، والضمَّةُ كسرةً، وأُعلَّ إعلالُ قاضٍ كمَا أنَّ الأَكَمةَ كالغَلَبَةِ، وهيَ التلُّ تجمعُ علَى أَفْعُلٍ كجَبَلٍ وأَجْبُلٍ، وقلبتْ همزتُها الثَّانيةُ ألِفًا.
(الصِّفَةُ): الثُّلاثيُّ المُجرّدُ والمذكَّرُ الذيْ يكونُ صحيحًا (نَحْوُ: صَعْبٍ) كفَلْسٍ كُسِرَ (عَلَى صِعَابٍ) بالكسرِ(غَالِبًا) ولا يُكسرُ علَى أَفْعُلٍ بضمِّ العينِ؛ لأنّ الغالبَ أنَّ للوصفِ موصوفًا يبيّنُ بهِ القلَّةُ والكَثرةُ (وَبَابُ شَيْخٍ عَلَى
ص: 308
أَشْيَاخٍ) أي: الأجوفُ اليائيُّ منهُ (وَجَاءَ ضِيْفَانٌ) بالكسرِ فِي ضَيْفٍ، وفِي غيرِ الأجوفِ أيضًا (وَوُغْدَانٌ) بالضمِّ فِي وَغْدٍ وهوَ اللئيمُ(1)، وجاءَ كضِيفَانٍ أيضًا (وَكُهُولٌ)، وشُيُوخٌ كدُخُولٍ (وَرِطَلَةٌ) بكسرِ الأوَّلِ وفتحِ الثَّاني فِي رَطْلٍ، وهوَ الشَّابُّ النَّاعِمُ(2) (وَشِيْخَةٌ) بالكسرِ والسُّكونِ (وَوُرْدٌ) كقُفْلٍ فِي وِرْدٍ وهو الفَرَسُ الأشقرُ(3) (وَسُحُلٌ) كعُنُقٍ فِي سَحْلٍ وهوَ/68الثَّوبُ الأبيضُ منَ القُطْنِ اليمنيِّ(4) (وَسُمَحَاءُ) بالضمِّ والفتحِ فِي سَمِحٍ وهوَ الكريمُ.
(وَنَحْوُ: جِلْفٍ) كحِبْرٍ (عَلَى أَجْلاَفٍ كَثِيْرًا وَ)علَى (أَجْلُفٍ) بضمِّ العينِ (نَادِرٌ، وَنَحْوُ حُرٍّ) كقُفْلٍ (عَلَى أَحْرَارٍ، وَنَحْوُ: بَطَلٍ) كفَرَسٍ (عَلَى أَبْطَالٍ، وَحِسَانٍ) بالكسرِ، وهوَ الغالِبُ فيهِ عندَ سيبويهِ(5) (وَإِخْوَانٍ) بكسرِ الهمزةِ، وهيَ ألفًا وسُكونِ الحاءِ المُعجمةِ فِي أَخٍ (وَذُكْرَانٍ) بالضمِّ فِي ذَكَرٍ (وَنُصُفٍ) كعُنُقٍ، وجاءَ كقُفْلٍ أيضًا فِي نُصْفٍ.
(وَنَحْوُ: نَكِدٍ) كَكَتِفٍ (عَلَى أَنْكَادٍ، وَوِجَاعٍ) فِي وَجَعٍ (وَخُشُنٍ) كعُنُقٍ فِي خَشِنٍ، وهوَ قَليلٌ (وَجَاءَ وَجَاعَى) بالفتحِ فِي وَجَعٍ (وَحَبَاطَى) فِي حَبَطٍ، وهوَ المُنتفِخُ البطنِ(6) (وَحَذَارَى) فِي حَذِرٍ، وهَذا الجمعُ كثيرٌ فِي فَعْلانَ كسَكْرانَ.
(وَنَحْوُ: يَقُظٍ) كعَضُدٍ (عَلَى أَيْقَاظٍ) وحكَى أبُو عمرٍ الشَّيبانيِّ: يَقُظٌ ويِقَاظٌ(7) كسَبُعٍ وسِبَاعٍ، قالَ الش الرضيُّ "رض": الحقُّ أنَّ يِقاظًا جمعُ يَقْظَانٍ كعِطاشٍ(8)
ص: 309
(وَبَابُهُ التَّصْحِيْحُ) نَحْوُ: يَقِظُونَ، قيلَ: لمْ يجيءْ منهُ علَى أفْعالٍ إلاّ هوَ ونَجِدٌ وهوَ الشُّجاعُ(1).
(وَنَحْوُ: جُنُبٍ) كعُنًُقٍ (عَلَى أَجْنَابٍ) وحُكِيَ جُنْبانٌ أيضًا بالضمِّ والسُّكونِ فأعمُّ الأوزانِ فِي جُمُوعِ الصِّفاتِ الثُّلاثيِّ هوَ أَفْعَالٌ وبعدَها فِعَالٌ ولمْ يذكرْ مكسّرَ نحوِ: صُرَدٍ، وعِنَبٍ، وإِبِلٍ فِي الصفاتِ؛ لعدمِ مجيئِهِ.
(وَيُجْمَعُ الْجَمِيعُ(2)) منَ الأوزانِ السبْعةِ (جَمْعَ السَّلاَمَةِ لِلْعُقَلاءِ الذُّكُورِ) بلْ هوَ الأصلُ فيهَا؛ لمشابَهَتِهَا الأفعالَ وعملُها عملَها فيلحقُ بها ما يلحقُ بِها منَ الواوِ والنُّونِ ومَا يتبعُهُ منَ الألفِ والتاءِ؛ لأنَّ الضمائرَ المستكنةَ تتصلُ بهَا فالحقُّ أنْ يكونَ فِي لفظِهَا ما يدلُّ علَى استكنانِهَا وذلكَ مفقودٌ فِي الكثيرِ إلاَّ أنَّهم كسرُوا بعضَها؛ لكونِها كالجوامدِ وإنْ شابهتِ الفعلَ ولذا كانَ تكسيرُ اسمي الفاعِلِ والمفعولِ فِي غيرِ الثُّلاثيِّ المُجرَّدِ أقلَّ منهُمَا فيهِ؛ لمُشابهِتِها مضارعَهُما لفظًا أيضًا وهُما فِي الثُّلاثيِّ المُجرَّدِ أقلُّ منَ الصفاتِ المشبَّهةِ لكثرةِ شباهتِهِما بالفعلِ بالنِّسبةِ إليهَا، قالَ الش الرضيُّ "رض": واعلمْ أنَّ الأسماءَ أشدُّ تمكنًا فِي التَّكسيرِ، والصفاتُ محمولةٌ عليهَا/69، فإذا اشتبَهَ عليكَ تكسيرُ شيءٍ منَ الصفاتِ فإنْ كنتَ فِي الشِّعرِ فاحملْها علَى الأسماءِ وكسِّرْها تكسيرَها، وإلاّ فلا يجمعُ إلاّ جمعَ السَّلامِةِ(3).
ص: 310
(وَأَمَّا مُؤَنَّثُهُ) أي: الجميعُ (فَبِالأَلِفِ وَالتَّاءِ لا غَيْر، نَحْوُ: عَبْلاتٍ، وَحَذِرَاتٍ، وَيَقُظَاتٍ) لا يجمعُ جمعَ تكسيرٍ (إِلاّ نَحْوَ: عَبْلَةٍ) وفِي بعضِ النُّسَخِ (وكَمْشَةٍ)(1) أي: بابُ فَعْلَةٍ بالفتحِ والسُّكونِ (فَإِنَّهُ جَاءَ عَلَى عِبَالٍ، وَكِمَاشٍ) مكسرًا، وكَذا بابُ فَعَلةٍ بالفتحتينِ إنْ كانَ مذكرُهُ يكسرُ علَى فِعَالٍ كحَسَنةٍ وحِسَانٍ بِخلافِ بَطَلَةٍ صرّحَ بهِ سيبويهِ(2).
(وَقَالُوا عِلَجٌ) كعِنَبٍ (فِي جَمْعِ عِلْجَة) بالكسرِوالسكونِ.
والعَبْلَةُ: المرأةُ التامَّةُ الخُلقِ(3)، والكَمْشَةُ: النَّاقةُ الصغيرةُ الضَّرعِ(4)، والعِلَجُ كُفّارُ العَجَمِ(5)، هذا بيانُ جمعِ الثُّلاثيِّ المُجرّدِ اسمًا وصفةً مُذكرًا ومؤنَّثًا، وأمَّا المزيدُ فيهِ فنقولُ:
(وَمَا زِيَادَتُهُ مَدَّةٌ ثَالِثَةٌ) ألفًا كانتْ أوْ ياءً أوْ واوًا فهوَ أيضًا إمّا اسمٌ مذكرٌ أوْ مؤنَّثٌ وإمَّا صِفَةٌ كك (الاِسْمُ) المُذكرُ إنْ كانتْ مدّتُهُ الثالثةُ ألفًا (نَحْوُ: زَمَانٍ) بالفتحِ يُكسَّرُ (عَلَى أَزْمِنَة غَالِبًا) فِي القِلَّةِ، وجاءَ فِي الكثرةِ أيضًا وهوَ المُطَّردُ فِي كثرةِ النَّاقِصِ وقلَّتهِ كمَا صرّحَ بهِ الش الرضيُّ "رض" كسماءٍ ودواءٍ؛ وذلكَ لكراهةِ التغييرِالذيْ يتأدَّى الأمرُ إِليهِ لوْ جُمِعَ علَى عُنُقٍ بأنْ يقالَ سُمٍ ودُوٍ فإنَّه مستلزمٌ لكونِ الكثيرِ علَ حرفينِ(6).
ص: 311
(وَجَاءَ) فِي الكثرةِ (قُذُلٌ) كعُنُقٍ في قِذَالٍ وهوَ ما بينَ فِقْرةِ القَفَا إِلى الأُذُنِ(1)، وجاءَ كقُفْلٍ أيضًا تخفيفًا عندَ تميم(2) (وَغِزْلانٌ) بالكسرِ والسكونِ فِي غزالٍ (وَعُنُوقٌ) بالضمِّ فِي عَنَاق، وهي أُنثى ولدِ المَعْزِ(3)، وإيرادُهُ فِي جمعِ فَعَالٍ المؤنَّثِ كمَا فعلَهُ سيبويهِ(4).
(وَنَحْوُ: حِمَارٍ) بالكسرِ يكسَّرُ (عَلَى أَحْمِرَةٍ) للقلّةِ (وَحُمُرٍ) كعُنُقٍ للكثرةِ (غَالِبًا) وكقُفْلٍ عندَ تميم(5)، ولمْ يجيءْ فِي الأجوفِ الواويِّ سِواهُ كَبُوْنٍ فِي بيانٍ(6) بخلافِ الثَّاني كعُيُنٍ بالضمتينِ، ولمْ يجيءْ منهُ المُضاعَفِ، والنَّاقِصُ منهُ أَفْعِلَةٌ لا غيرَ وقدْ يقالُ ثلاثةُ جُدُرٍ وأربعةُ كُتُبٍ (وَجَاءَ صِيْرَانٌ) بالكسرِ كغِلمانٍ فِي صِوارٍ، وهوَ القطيعُ منْ بَقَرِ الوحشِ أصلُهُ صِوْرَانٌ(7) (وَشَمَائِلُ) فِي شَمَالٍ ولمْ يجيءْ غيرُهُ فِي مؤنثه كرسائلَ.
(وَنَحْوُ: غُرَابٍ) بالضمِّ يكسَّرُ (عَلَى أَغْرِبَةٍ) غالبًا (وَجَاءَ قُرُدٌ) كعُنُقٍ فِي قُرَادٍ حمْلاً للمضمومِ الفاءِ علَى مكسورِهَا (وَغِرْبَانٌ) بالكسرِ (وَزُقَّانٌ) بضمِّ/
ص: 312
70 الزاءِ المُعجمةِ وتشديدِ القافِ فِي زُقَانٍ(1) بالتخفيفِ وهوَ السِكَّةُ، ومثلُهُ حُورانٌ فِي حُوارٍ ولا ثالثَ لهُما (وغِلْمَةٌ) بالكسرِ والسكونِ فِي غُلامٍ (قَلِيلٌ) والشّائِعُ أَغْلِمَةٌ.
(وَذُبُّ نَادِرٌ)؛لأنَّ فُعَالاً إذا كانَ مضاعَفًا كذُبَابٍ لا يجمعُ علَى عُنُقٍ مدغمًا لِما سَيجيءُ إلاّ عندَ من جوَّزَ السكونَ فِي حُمْرٍ(2).
(وَجَاءَ فِي مُؤَنَّثِ الثَّلاثَةِ) المَذكُورةِ أَفْعُلٌ بالضمِّ، ولمْ يجيءْ هَذا فِي مُذكَّرِهَا لا أنَّ الأوزانَ السابقةَ لمْ يجيءْ فِي المُؤنَّثِ فإنّ عَناقًا وشَمالاً مُؤنثانِ، فيقالُ (أَعْنُقٌ) فِي عَناقٍ بالفتحِ (وَأَذْرُعٌ) فِي ذِراعٍ بالكسرِ (وَأَعْقُبٌ(3)) فِي عُقَابٍ بالضمِّ هذا بشرطِ عدمِ ظهورِ التاءِ، وإلاّ كجِمَالةٍ، وصَلايةٍ، وذُؤابةٍ فبِالألفِ والتاءِ أوْ علَى فَعَائِلَ.
(وَأَمْكُنٌ شَاذٌّ)؛ لأنَّ المكانَ مُذكَّرٌ؛ ولأنَّ ميمَهُ زائدةٌ وهوَ ليسَ بِفعَالٍ فِي الأصلِ بلْ مَفْعَلٌ منَ الكونِ.
(وَنَحْوُ: رَغِيْفٍ) أي: إنْ كانتْ ياءً يكسَّرُ (عَلَى أَرْغِفَةٍ) فِي القِلَّةِ (وَرُغُفٍ) كعُنُقٍ (وَرُغْفَانٍ) فِي الكثرةِ (غَالِبًا، وَجَاءَ أَنْصِبَاءُ) كأغنياءَ فِي نَصيبٍ.
(وَفِصَالٌ) بالكسرِ فِي فَصيلٍ (وَأَفَائِلٌ) فِي أََفِيلٍ، وهوَ الإبلُ الصغيرُ(4) حمْلاً لهُ علَى فَعَيلَةٍ كمَا حُمِلَ فَعِيلةٌ عليهِ، ويُجمعُ علَى فُعُلٍ كصُحُفٍ وسُفُنٍ
ص: 313
(وَظِلْمَانٌ) بالكسرِ والسُّكونِ فِي ظليمٍ لذكرِ النَّعامةِ(1) (قَلِيلٌ) حكاهُ أَحمدُ بنُ َيحْيى، ومنهُ صَبِيٌّ وصِبْيانٌ.
(وَرُبَّمَا جَاءَ مُضَاعَفُهُ) كسَريرٍ (عَلَى سُرَرٍ) كصُرَدٍ، حكاهُ أبُو زيدٍ(2)، وأبُو عُبيدة(3) عن بعضِ النَّاسِ، والأشهرُ كعُنُقٍ.
(وَنَحْوُ: عَمُودٍ) أي: كانتْ واوًا وليسَ أوَّلُهُ إلاّ مفتوحًا كفَعِيلٍ، يُكسَّرُ علَى (أَعْمِدَةٍ) فِي القلَّةِ (وَعُمُدٍ) كعُنُقٍ فِي الكثرةِ (وَجَاءَ قِعْدَانٌ) بالكسرِ فِي كثرةِ قَعُودٍ، وهوَ إِبِلٌ(4) (وَأَفْلاءٌ) كأعداء فِي فَلُوٍّ كعدوٍّ، وهوَ ولدُ الفرسِ(5)، وهذَا فِي النَّاقِصِ الواويِّ بخلافِ عُمُدٍ وقِعْدانٍ، وجاءَ فيهِ فُعُولاً أيضًا علَى قلّةٍ (وَذَنَائِبُ) فِي ذَنُوبٍ، وهوَ الدَّلْوُ المملوُّ منَ الماءِ(6)، وأَمّا إنْ سُمِّيَ بشيءٍ منْ تلكَ الأبنيةِ ولمْ يعلمْ تكسيرُها كُسِّرَ علَى القِياسِ، فيقالُ فِي نداءٍ علمًا أنْديةٌ، وكَذا سائرُ الأَمثلةِ.
ص: 314
(الصِّفَةُ) مِمّا زيادتُه مدّةٌ ثالثةٌ/71علَى التَّرتيبِ المذْكورِ (نَحْوُ: جَبَانٍ عَلَى جُبَنَاءَ) بالضمِّ والفتحِ (وَصُنُعٍ) كعُنُقٍ فِي صَنَاعٍ، وهِي المرأةُ الحَاذِقةُ(1)، وهوَ الأصلُ فِي فَعَالٍ عندَ سيبويهِ(2)؛ لأنّهُ جعلَهُ بمنزلةِ فَعُولٍ وقدْ يسكَّنُ العينُ فِي بناتِ الواوِ، كعَوَانٍ، وعُوْنٍ كقُفْلٍ (وجِيَادٍ) بالكسرِ فِي جَوَادٍ - الفرسُ - علَى قِلّةٍ.
(وَنَحْوُ: كِنَازٍ) بالكسرِ (عَلَى كُنُزٍ) كعُنُقٍ غالبًا، ويستوِي فِي مُفردِهِ المُذكَّرُ والمؤنَّثُ، يقالُ: ناقَةٌ كِنَازٌ، وجَمَلٌ كِنَازٌ أي: كثيرُ اللحمِ(3)، وكَذا لِكَاكٌ، يقالُ: رجلٌ لِكَاكٌ وامرأةٌ لِكَاكٌ(4)، وهوَ مقابلُهُ (وَهِجَانٍ) بالكسرِ للِبِيضِ منَ الإبلِ(5)، فالكسرُ فِي الواحِدِ ككِتابٍ، وفِي الجمعِ كرِجالٍ، هَذا عندَ الخليلِ وسيبويهِ فإنَّهما يقولانِ: هَذا هِجانٌ، وَهذانِ هِجانانِ، وهؤلاءِ هِجانٌ(6).
وعندَ الجَرميِّ اسمُ جنسٍ، فيقالُ: هَذا هِجانٌ، وهذانِ هِجَانٌ، وهؤلاءِ هِجَانٌ(7) إجْراءً لهُ مُجرى المصدرِ، وقسْ عليهِ الشَّمالَ والدِلاصِ.
ص: 315
(وَنَحْوُ شُجَاعٍ) بالضمِّ والفتحِ (عَلَى شُجَعَاءَ) بالضمِّ والفتحِ (وَشِجْعَانٍ، وَشُجْعَانٍ(1)) بالكسرِ والضمِّ والسُّكونِ حمْلاً لهُ علَى فعيلٍ؛ لكونِهِ عديلَهُ فِي بعضِ المَواضِعِ، نحوُ: طُوَالٍ، وطَوِيلٍ، وطُوَالَةٍ، وطَوِيلَةٍ.
(وَنَحْوُ: كَرِيمٍ) بِمعنَى الفَاعِلِ (عَلَى كُرَمَاءَ) كشُجعاءَ، وإنْ لمْ يكُنْ أجوفًا ولا مُضاعَفًا كطويلٍ وشديدٍ، ولا ناقصًا، وحكَى الفرّاءُ فِي سَرِيٍّ سُرَوَاءِ(2).
(وَكِرَامٍ) بالكسرِ، والأجوفُ مُطلقًا يكسَّرُ عليهِ كثيرًا (وَنُذُرٍ) كعُنُقٍ فِي نَذِيرٍ (وَثُنْيَانٍ) بالضمِّ والسكونِ فِي ثنَِيٍّ (وَخِصْيَانٍ) بالكسرِ والسُّكونِ فِي خَصِيٍّ (وَأَشْرَافٍ) بالفتحِ والسُّكونِ فِي شَريفٍ (وَأَصْدِقَاءَ) فِي صديقٍ، وهوَ فِي النَّاقصِ مُطلقًا، والمُضاعَفُ كثيرٌ كأغنياءَ، وأقوياءَ، وأَشدَّاءَ (وَأَشِحَّةٍ) فِي شَحيحٍ يختصُّ بالمُضاعَفِ (وَظُرُوفٍ) فِي ظَرِيفٍ عندَ الجَرمِيِّ(3) بدليلِ التَّصغيرِ، وعندَ الخليلِ جمعُ ظَرْفٍ بمعنَى ظَرِيفٍ(4)، وإنْ لمْ يُستعملْ كمَا أنَّ مَذاكيرَ جمعُ مِذْكَارٍ بمعنَى ذَكَرٍ، وإنْ لمْ يستعملْ، وعندَ الش الرضيِّ "رض" اسمٌ للجمْعِ(5).
ص: 316
(وَنَحْوُ: صَبُورٍ) لا يكونُ فاؤُهُ إلاّ مفتوحَةً كسابِقِهِ، ولا يُجمعُ جمعَ الصحيحِ ويُكسَّرُ (عَلَى صُبُرٍ(1)) كعُنُقٍ، وجاءَ كقُفْلٍ أيضًا كما مرَّ، ويستوِي المُذكَّرُ والمؤنَّثُ فِي هذا البابِ والتَّاءِ فِي عَدوَّةٍ حمْلاً علَى ضِدّهِ، وهوَ الصَّديقُ وفِي فَرُوقَةٍ(2)، ونحوهِ للمُبالَغةِ (وَعَلَى وُدَدَاءَ) بالضمِّ والفتحِ/72 لكنَّهُ شاذٌّ، وفِي المُضاعَفِ أشذُّ (وَأَعْدَاءٍ) فِي عدوٍّ وقدْ يجمعُ علَى لفظِ مُفردِهِ نحوُ:(هُمُ الْعَدُوُّ)المنافقون/4 (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي)الشعراء/77.
(وَفَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ بَابِهِ فَعْلَى) بالفتحِ والسكونِ، أي: هوَ الأصلُ فيهِ بشرطِ أنْ يكونَ منَ الآفاتِ الواردَةِ علَى الحيِّ (كَجَرْحَى، وَأَسْرَى، وَقَتْلَى) فِي جريحٍ، وأَسيرٍ، وقتيلٍ فَلا يقالُ فِي حميدٍ: حَمْدَى، ويُحملُ عليهِ فَعِلٌ ككَتِفٍ، فيقالُ فِي زَمِنٍ زَمْنَى.
(وَجَاءَ أُسَارَى) بالضمِّ علَى قِلّةٍ (وَشَذَّ قُتَلاءُ، وَأُسَراءُ) بالضمِّ والفتحِ فيهِمَا (وَلا يُجْمَعُ) هَذا الفَعِيلُ (جَمْعَ تَصْحِيحٍ، فَلا يُقَالُ: جَرِيْحُونَ، وَلاَ جَرِيحَاتٌ؛ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ فَعِيْلٍ الأَصْلِ) أي: الذيْ بِمعنَى فَاعِلٍ، فإنَّهُ يقالُ فيهِ كريمُونُ، والأصلُ بِالتَّصحيحِ أَجدرُ.
(وَنَحْوُ: مَرْضَى) فِي مريضٍ، وهوَ بمعنَى فاعِلٍ خلافِ الأصلِ (مَحْمُولٌ عَلَى جَرْحَى)؛ لتَناسُبِهِما لفظًا ومعنًى بلْ (وَإِذَا حَمَلُوا عَلَيْهِ) علَى فعيلٍ بِمعنَى مَفْعولٍ (هَلْكَى(3)) فِي هَالِكٍ (وَمَوْتَى) فِي ميِّتٍ (وَجَرْبَى) فِي أَجربٍ؛ لتَوافُقِهِما
ص: 317
فِي المعنَى، وهوَ إصابةُ الضررِ مع تخالُفِ اللفظِ (فَهَذا أَجْدَرُ) منهُ بالحملِ عليهِ معَ التَّوافُقِ فيهِمَا (كَمَا حَمَلُوا أَيَامَى) فِي أَيِّمٍ بالتَّشديدِ، وهوَ الذيْ لا زوجَ لهُ منَ الرجالِ والنِّساءِ (وَيَتَامَى) فِي يتيمٍ لمَا فيهَا منْ معنَى الآفَةِ علَى (وَجَاعَى، وَحَبَاطَى) فِي وَجَعٍ وحَبَطٍ تشبيهًا لفَعِلٍ ككَتِفٍ بفعْلان؛ فإنّ أَصْلَ فَعَالَى أنْ يكونَ جمعَ فَعْلان، وفِي عِبارتِهِ لطفُ الاختصارِ حيثُ بيّنَ بالضِمنِ بعضَ الاوزانِ المحمولةِ علَى الأُخرَى.
(الْمُؤَنَّثُ) منَ الصفةِ التيْ مَدّتُهُ الثَّالثةُ ياءٌ، ولا يكونُ إلا مفتوحَةُ الفاءِ (نَحْوُ: صَبِيحَةٍ عَلَى صِبَاحٍ، وَصَبَائِحَ(1)) والأوَّلُ: مختصٌّ بالصفةِ، والثاني: يوجَدُ فِي الاسمِ الذيْ هوَ علَى وزنِهِ كسَفائِنَ فِي سفينةٍ، وجاءَ فيهَا سُفُنٌ كعُنُقٍ أيضًا.
(وَجَاءَ) فِي الصفَةِ (خُلَفَاءُ) أيضًا (وَجَعْلُهُ جَمْعَ خَلِيْفٍ) بلا تاءٍ (أَوْلَى(2)) منْ جعلِهِ جمعَ خليفَةٍ بالتاءِ، وجُعِلَ التاءُ للمبالغةِ لا للتأنيثِ، ومنهُمْ منْ قالَ: إنّ خليفةً صفةُ المذكَّرِ فيجوزُ فيهِ خلائِفُ رعايةً لتأنيثِ لفظِهِ، وخُلفَاءُ ككُرَمَاءَ؛ لكونِهِ فِي حُكمِ خَليفٍ بلا تاءٍ.
(وَنَحْوُ: عَجُوزٍ) أي: الصفةُ التيْ يكونُ مدَّتُهُ الثالثةُ واوًا، وقُصِدَ بهَا المؤنَّثُ كُسِّرَ (عَلَى عَجَائِزَ) وقدْ يكسَّرُ علَى فُعَّلٍ بضمِّ الفاءِ وفتحِ العينِ المُشدّدةِ كخُلَّصٍ فإنْ/ 73 دخلتْهُ التَّاءُ للمبالغَةِ فبِالألِفِ والتاءِ، ونَحْوُ: رِسَالةٍ علَى رسائلَ فقطْ كمَا مرَّ.
ص: 318
(فَاعِلٌ الاسْمُ) أي: الاسمُ المذكَّرُ الذيْ لزيادتِهِ ألفٌ ثانيةٌ، وعينُهُ مكسورةٌ، وإنّما أخَّرهُ عنْ سابقِهِ؛ لقلَّةِ أبحاثِهِ بالنِّسبةِ إليهِ (نَحْوُ: كَاهِلٍ) بكسرِ العينِ وفتحِها أيضًا (عَلَى كَوَاهِلَ) غالبًا تُقلبُ ألِفُه واوًا تشبيهًا للتكسِيرِ بالتَّصغيرِ، وكَذا فِي الأمثلةِ الآتيةِ.
(وَجَاءَ حُجْرَانٌ) بالضمِّ والسكونِ فِي حاجِرٍ لمَا يسْكُنُ فيهِ الماءُ منْ شَفَةِ الوادي(1) (وَجِنَّانٌ) بالكسرِ والتَّشديدِ فِي جانٍّ، وجَاء فَواعِيلُ، وأَفْعِلَةٌ كبَواطِيلَ، وأَوْدِيةٍ، فلمْ يذكرْها؛ لقلَّتِها وإنِ انتقلَ فاعِلٌ منَ الصفةِ إِلى الاسمِ يُجمعُ علَى فُعْلانٍ غالبًا كرُكْبَانٍ فِي: هذا الرَّاكِبُ.
(الْمُؤَنَّثُ) بالتَّاءِ منهُ (نَحْوُ: كَاثِبَةٍ عَلَى كَوَاثِبَ) ويسمَّى بِالفارسيةِ يالْ اسب(2).
(وَقَدْ نَزَّلُوا فَاعِلاَءَ) أي: المؤنَّثُ بالألفِ (مَنْزِلَتَهُ) منزلةَ المؤنثِ بالتاءِ؛ لاشتراكِهِما فِي زيادةِ علامةِ التَّأنيثِ فِي فَاعِلٍ (فَقَالُوا قَوَاصِعُ، وَنَوافِقُ) فِي قاصِعَاءَ، ونافِقَاءَ (وَدَوَامُّ) بتشديدِ الميمِ، أصلُهُ دوامِمٌ فِي دامّاءَ بالتشديدِ، أصلُهُ: دامِمَاءُ كلٌّ منها اسمُ حُجرةٍ منْ حُجَرِ اليربوعِ(3) (وَسَوابٍ) فِي سَابِيَاءَ، أصلُه: سَوابِي أُعلَّ إعلالَ قاضِ، وهيَ الجِلدةُ التيْ تخرجُ معَ الولدِ(4).
ص: 319
(الصِّفَةُ) منهُ أمّا مُذكَّرٌ أوْ مؤنَّثُ المذكرِ (نَحْوُ: جَاهِلٍ عَلَى جُهَّلٍ، وَجُهَّالٍ غَالِبًا) بضمِّ الأوَّلِ وتشديدِ الثانِي فيهِمَا (وَعَلَى فَسَقَةٍ) بِالفتحتينِ (كَثِيرًا) ويقالُ: فِي خَوَنةٍ خانَةٌ أيضًا (وَعَلَى قُضَاةٍ) ودُعَاةٍ (فِي الْمُعْتَلِّ الْلامِ) يعنِي إذا كُسِّرَ النَّاقِصُ مُطلقًا ضُمَّ أولُهُ؛ ليعادِلَ ثقلُ الضمَّةِ خفَّةَ انقلابِ لامِهِ ألفًا؛ ولئلاّ يشتبِهَ بنحوِ: نواةٍ مُفردًا، وعندَ المُبرِّدِ اسمُ جمعٍ(1) (وَعَلَى بُزُلٍ) كعُنُقٍ فِي بازِلٍ للبعيرِ الذي انشقَّ نابُهُ(2) تشبيهًا لهُ بفَعُولٍ، وجاءَ علَى قُفْلٍ عندَ بنِي تميم، والأجوفُ يُسكَّنُ عينُهُ اتِّفاقًا، وكسرتِ الفاءُ فِي اليائيِّ كعِيْطٍ فِي عائِطٍ(3) (وَشُعَراءَ) بالضمِّ والفتحِ فِي شاعِرٍ تشبيهًا لهُ بفَعيلٍ، والأكثرُ إنَّما يجيءُ عليهِ فيما دلَّ علَى مدحٍ أو ذمٍّ (وَصُحْبَانٍ) بالضمِّ والسكونِ فِي صاحِبٍ تشبيهًا لهُ بفاعِلٍ الاسمِ (وَتِجَارِ) بالكسرِ والتَّخفيفِ فِي تاجِرٍ (وَقُعُودٍ) بالضمِّ فِي قَاعِدٍ، وذلكَ إنَّما هوَ فيْمَا مصدرُهُ أيضًا عَلَى فُعُولٍ.
(وَأَمَّا فَوَارِسُ) فِي فارسٍ (فَشَاذٌّ) عندَ سيبويهِ(4)، ومنْ تبعَهُ؛ لأنَّ مؤنثَ فاعِلٍ الصفةِ كنَائِمةٍ يجمعُ علَى فَواعِلَ، فيلزمُ اشتراكُهُما فاشتباهُهُما إلاَّ أنْ يكونَ وصفًا لغيرِ/74 العُقلاءِ؛ لأنّهُ مُلحقٌ بالمؤنثِ عندَهمْ.
(وَالْمُؤَنَّثُ: نَحْوُ: نَائِمَةٍ عَلَى نَوَائِمَ، وَنُوَّمٍ) بضمِّ الأوَّلِ وفتحِ المُشدَّدةِ بعدَهُ (وَكَذَلِكَ حَوَائِضُ، وَحُيَّضٌ) أي: ما يكونُ التاءُ فيهِ مقدَّرةً كحائِضٍ، ثمَّ الاسمُ.
ص: 320
(الْمُؤَنَّثُ بِالأَلِفِ رَابِعَةً(1)) مَقصُورةً كانتْ أمْ ممْدودةً إنْ لمْ يكُنْ فُعْلَى أَفْعَل ولا فَعْلاء أَفْعَل، فالمُطَّردُ فيهِ هوَ الجمعُ السَّلامةِ وقدْ يكسَّرُ أمَّا بالجمعِ الأَقصَى إنْ كانَ وضعُ أَلِفِهِ علَى اللُزوم، نحوُ: دَعْوَى علَى دَعَاوَى، أوْ لأنّهُ إنْ لمْ يكُنْ عليهِ ولمْ يذْكرْ مذكَّرُهُ؛ لعدمِ مجيئِهِ (نَحْوُ: أُنْثَى عَلَى إِنَاثٍ) بالكسرِ (وَنَحْوُ: صَحْرَاءَ) بالممْدودةِ (عَلَى صَحَارَى) بفتحِ الأوَّلِ وقصرِ الآخِرِ بِزيادةِ الألفِ بعدَ الحاءِ، كما فِي مِصباحِ ومَصَابيحَ، وقلبِ الألفِ بعدَ الراءِ ياءً؛ لمُناسَبَتهِ(2) الكسرةَ اللازمةَ بعدَ ألِفِ الجمعِ والهمزةِ ألفًا، وهيَ أصلُها لما سيجيءُ؛ لذهابِ علَّةِ قلبِهَا إِلَيها، وهيَ وقوعُها بعدَ الألِفِ وقلبُها ياءً للمُناسَبَةِ؛ لِئلاّ يلتقيَ السَّاكِنانِ وحذفُ الياءِ الأُولى؛ لاستثْقالِهم الياءَ المُشدّدةَ فِي الجمعِ الأَقصى معَ عدمِها فِي المُفردِ وإبدالُ الثَانِيَةِ ألفًا؛ لتسلمَ منَ الحذفِ عندَ التنوينِ فرقًا بينَ الياءِ المُنقلبةِ عنِ الألفِ للتأنيثِ وغيرِها كمَرمى، وقيلَ: رجعتِ الهمزةُ إِلى أصلِها وهيَ الألفُ بعدَ قلبِ الألفِ قبلَها ياءً؛ لزوالِ موجبِ انقلابِها همزةً، ثمَّ انقلبتْ ياءً وأُدغمتْ فِي الياءِ، فيقالُ: صَحَارِيٌّ بكسرِ الراءِ قبلَ الياءِ المُشدّدةِ، وقيلَ لمْ ترجعْ بلْ حذفتِ الياءُ الثانيةُ، ويقالُ صَحَارِي بالكسرِ وهذهِ صَحارٍ كَجَوارٍ.
(الصِّفَةُ) بالألفِ رابعةً (نَحْوُ: عَطْشَى) بالفتحِ فيمَا كانَ لهُ مذكَّرٌ بالألفِ والنُّونِ (عَلَى عِطَاشٍ) بالكسرِ (وَنَحْوُ: حَرْمَى) بفتحِ الحاءِ وسُكونِ الراءِ والمقصورةِ بغيرِ الميمِ، الشَّاةُ التيْ تشتهِي الفَحْلَ(3)، فيمَا لمْ يكُنْ لهُ ذلكَ علَى
ص: 321
(حَرَامَى) بالفتحِ والألفِ (وَنَحْوُ بَطْحَاءَ) بالفتحِ والسُّكونِ والمدِّ (عَلَى بِطَاحٍ) بالكسرِ (وَنَحْوُ: عُشَرَاءَ) بالضمِّ والفتحِ والمدِّ، النَّاقةُ الحامِلةُ بعدَ عشَرَةِ أشهرٍ(1) (عَلَى عِشَارٍ) بالكسرِ (وَفُعْلَى أَفْعَلَ، كالصُّغْرَى(2) عَلَى الصُّغَرِ) كالصُّرَدِ، وفَعْلاءُ أفْعَلُ كالحَمْراءِ علَى الحُمْرِ كالقُفْلِ، ولمْ يُجْمعا أقْصى الجُموعِ، وإنَّما لمْ يُجمعِ البطحاءُ علَى البُطْحِ معَ مجيءِ أَبْطُحٍ؛ لِغَلَبَتِهِ الاسميةَ بحيثُ لا يُعتبرُ فيهِ الوصفُ ولِذا صُرِفَ بِخلافِ سوداءَ (وَبِالأَلِفِ خَامِسَةً) إنْ كانتْ مقصورةً تُحذفُ ويُجمعُ مدخولُها جمعَ التَّصحيحِ/75 بالسمعِ (نَحْوُ: حُبَارَى عَلَى حُبَارَيَاتٍ) قالَ فِي القاموسِ: الحُبَارَى طائرٌ للذكرِ والأُنْثَى، والواحدِ والجمعِ وألفُه للتأنيثِ، وغلَطَ الجوهريُّ؛ إذْ لوْ لمْ يكُنْ لهُ لانصرفتْ(3) انتهى.
وإنْ كانتْ ممدودةً كقَاصِعَاءَ، وخُنْفُساءِ يجوزُ جمعُها بالألفِ والتَّاءِ بقلبِ الهمزةِ واوًا نحوُ: قاصِعَاواتٍ، وخُنْفَسَاواتٍ ويجوزُ حذفُ الممدودةِ وجمعُ مَا هيَ فيهِ أَقْصى الجُموعِ كقواصِعَ وخَنَافِسَ، وإنْ كانتْ سادسَةً أوْ فوقَهَا حُذفتْ كحَوالٍ(4) فِي حَوْلايا.
(وَأفْعَلُ: الاِسْمُ كَيْفَ تَصَرَّفَ) حركةُ همزتِهِ وعينِهِ (نَحْوُ: أَجْدَلٍ، وَإِصْبَعٍ، وَأَحْوَصٍ عَلَى أَجَادِلَ، وَأَصَابِعَ، وأَحَاوِصَ) والأحوصُ فِي الأصلِ صِفةٌ؛ لأنَّ
ص: 322
الحَوَصَ(1) ضِيقٌ فِي مُؤخَّرِ العينينِ(2) جمعُهُ فُعْلٌ كما سيجيءُ ولمَّا جُعِلَ عَلَمًا كسِّرَ علَى أَفَاعِلَ (وَقَوْلُهُمْ: حُوْصٌ) فِي جمعِه كمَا فِي قولِ الشَّاعِرِ(3) إنّمَا هوَ (لِلَمْحِ الْوَصْفِيَّةِ) الأصليَّةِ فلوْ جُعِلَ عَلَمًا لذيْ عَقْلٍ، قيلَ أحْوَصونَ، وأحوصاتٌ.
(وَأَفْعَلُ: الصِّفَةُ، نَحْوُ: أَحْمَرَ عَلَى حُمْرَانٍ، وَحُمْرٍ(4)) بالضمِّ والسكونِ فيهِمَا (وَلاَ يُقَالُ: أَحْمَرُونَ) أي: لا يُجمعُ جمعَ الصَّحيحِ إِلاّ لضرورةِ الشِّعرِ؛ (لِتَمَيُّزِهِ عَنْ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ) ولمْ يُعكسْ؛ لأنَّهُ لكونِهِ أصلاً أجدرَ بالتَّصحيحِ (وَلاَ حَمْرَاواتٌ؛ لأَنَّهُ فَرْعُهُ) وأَجازَ ابنُ كيسانٍ الجمعَ الصحيحِ اختيارًا أيضًا(5) (وَجَاءَ الْخَضْرَاوَاتُ) معَ أنَّ القِياسَ يقتضِي عدمهُ لامتناعِ أخضرون؛ (لِغَلَبَتِهِ اسْمًا) للبقُولِ (وَنَحْوُ: الأَفْضَلِ) أي: إنْ كانَ أفعلُ للتَّفضيلِ يُجمعُ (عَلَى الأَفَاضِلِ، وَالأَفْضَلِيْنَ).
ص: 323
(وَ(1)نَحْوُ: شَيْطَانٍ، وَسُلْطَانٍ، وَسِرْحَانٍ) أي: الاسمُ الجنسُ الذيْ زِيدتْ فيهِ الألفُ والنُّونُ سواءٌ كانَ مفتوحَ الفاءِ، أوْ مضْمومَها، أوْ مكسورَها ساكنَ العينِ أوْ متحركًا كالسَبُعانِ بضمِّ الباءِ، والظَرِبَانِ بكسرِ الرَّاءِ يكسَّرُ (عَلَى شَيَاطِيْنَ، وَسَلاَطِيْنَ، وَسَرَاحِيْنَ(2))، وسَباعِينَ، وظَرابِينَ إلاّ أنْ يكونَ علمًا مُرتجَلاً كسَلْمانٍ، وحَمدانٍ، وعُثمانٍ، وعَفّانٍ فإنَّهُ لا يُجمعُ إِلاّ جمعَ السَّلامةِ، ويقالُ: سَلْمانُونَ، ونحوه ، فشَيْطانٌ منْ شاطَ بمعنَى هَلَكَ فشيَاطِينُ علَى فَعَالِينَ(3)/76 وإنْ كانَ منَ شَطَنَ(4) بمعنَى بَعُدَ فَفَياعِيلُ وقدْ مرَّ أنَّ ظَرِبَانَ قدْ يجمعُ علَى ظِرْبَى بالكسرِ كحِمْلَى ولا ثالثَ لهُما وفِي بعضِ النُّسَخِ هكذا: وفعلانُ الاسم نحوُ شيطانٍ(5) الخ(6) (وَجَاءَ سِرَاحٌ) بالكسرِ فِي سِرْحانٍ تشبيهًا لهُ بغَرْثَانٍ وغَِرَاثٍ وبالفتحِ أيضًا علَى قولٍ.
(وَالصِّفَةُ) أي: فَعْلانُ الصفةُ إِذا كانَ مفتوحَ الفاءِ ومؤنّثُهُ فَعْلَى (نَحْوُ: غَضْبَانَ) وسَكَرَانَ يكسَّرُ مذكَّرُهُ ومؤنَّثُهُ (عَلَى غِضَابٍ) بالكسرِ (وَسَكَارَى)
ص: 324
بالفتحِ ولا يُجمعُ جمعَ الصَّحيحِ فِي غيرِ الضَّرورةِ(1)، وإنْ كانَ مؤنَّثهُ بالتَّاءِ يُجمعُ جمعَ السَّلامةِ أيضًا قياسًا عندَ سيبويهِ سماعًا عندَ غيرِهِ، فيقالُ: ندامٍ، ونَدَامَى، ونِدْمَانُونَ، ونِدْمَانَاتٌ(2)، وأمَّا مضمومُ الفاءِ كخُمْصَانٍ(3) فعلَى فِعَالٍ فقطْ إلاَّ عُريانَ، فإنَّهُ لكونِهِ بمعنَى العارِي يُجمعُ جمعُه وهوَ العُراةُ.
(وَقَدْ ضُمَّتْ أَرْبَعَةٌ) منَ الجموعِ معَ جوازِ الفتحِ فيهَا أيضًا وهيَ (كَكُسَالَى، وَسُكَارَى، وَعُجَالَى، وغُيَارَى) فِي كَسْلانَ، وسَكْرانَ، وعَجْلانَ، وغَيْرانَ، منْ غارَ عليهِ يغَارُ غَيْرةً، وقُرِئَ: (ذُرِّيَّةً ضُعَافَى)النساء/9 بالضمِّ(4) فلا وجهَ للحصرِ.
(وَفَيْعِلٌ) أي: مَا زِيدتْ بعدَ فائِهِ ياءٌ (نَحْوُ: مَيِّتٍ)، وجَيِّدٍ، وبَيِّنٍ يكسَّرُ مذكَّرُهُ ومؤنَّثهُ (عَلَى أَمْوَاتٍ، وَجِيَادٍ، وَأَبْيِنَاءَ) أي: عَلَى أَفْعَالٍ، وفِعَالٍ، وأفْعِلاءَ، وعندَ سيبويهِ لمْ يجيءْ فَيْعِلٌ بكسرِ العينِ إِلاّ فِي الأَجوفِ وبفتحِهَا إِلاّ فِي الصَّحيحِ العينِ كحيدرٍ(5)، وذَهَبَ الفرّاءُ إِلى أنَّ أصلَ ميِّتٍ مَوِيْتٌ ككَرِيمٍ
ص: 325
أُخِّرتْ عينُه عنِ الياءِ وقُلبتْ ياءً؛ لاجتماعِهَا معَ الواوِ وسُكونِ الأوَّلِ، وكَذا أمثالُهُ وطويلٌ شاذٌّ عندَهُ(1).
(وَنَحْوُ: شَرَّابُونَ) بالفتحِ (وَحُسَّانُونَ) بالضمِّ (وَفِسِّيْقُونَ) منْ أبنيةِ المُبالغةِ التيْ لا يستوِي فيهِ المذكَّرُ والمؤنَّثُ (وَمَضْرُوبُونَ، وَمُكْرِمُونَ، ومُكْرَمُونَ) مَا جَرى علَى الفِعْلِ منَ اسمِ الفاعِلِ والمفعُولِ وأوَّلُه ميمٌ (اسْتُغْنِيَ فِيْهَا بِالتَّصْحِيْحِ) عنِ التَّكسيرِ بِمشابَهَةِ الفعلِ لفظًا ومعنًى، والتَّاءُ فِي منْصُورةٍ أخرجتْهُ عنْ كمالِ المُشابَهَةِ فجُمِعَ علَى مَنَاصِيرَ (وَجَاءَ عُوَاوِيْرُ) فِي عَوَّارٍ منْ صيغِ المُبالغةِ بضمِّ العينِ وتشديدِ الواوِ، الجَبَانُ(2) (وَمَلاَعِيْنُ، وَمَيَامِيْنُ، وَمَشَائِيْمُ، وَمَيَاسِيْرُ، وَمَفَاطِيْرُ، وَمَنَاكِيْرُ، وَمَطَافِلُ، وَمَشَادِنُ) فِي ملعُونٍ، وميْمُونٍ، ومشْؤومٍ، ومُوسِرٍ، ومُفطِرٍ، ومُنكَرٍ، ومُطْفَلٍ، وهيَ الظبيةُ التيْ معَهَا طفلُها(3)، ومَشْدَنٌ، وهوَ ولدُ الظبيةِ إذَا قوَى وطلعَ قِرنَاهُ(4)، وجاءَ الأخيرانِ علَى مفاعيلَ أيضًا هذا بيانُ/77جموعِ الثُّلاثيِّ بأقسامِهَا.
(وَالرُّبَاعِيُّ نَحْوُ: جَعْفَرٍ، وَغَيْرِهِ) منَ الأوزانِ الأربعِ أوِ الخمسِ (عَلَى جَعَافِرَ قِيَاسًا) مُطَّرِدًا سواءٌ كانَ للقلَّةِ أوْ الكثرةِ إلاّ المؤنَّثَ بالتاءِ، فإنّهُ فِي القلَّةِ يُجمعُ جمعَ الصحيحِ علَى قولٍ، فيقالُ: فِي جُمْجُمَةٍ جَمَاجِمُ، وجُمْجُمَاتٌ،
ص: 326
وكَذا مَا علَى عددِ حروفِهِ منَ الثُّلاثيِّ المزيدِ كمُكْرَمَةٍ وأَنْمُلَةٍ فيقالُ: مَكَارِمُ، ومُكْرَمَاتٌ، وأَنَامِلُ، وأنْمُلاتٌ.
(وَنَحْوُ: قِرْطَاسٍ) أي: الرُّباعيُّ الذيْ زِيدَ قبلَ آخرِهِ حرفُ مدٍّ (عَلَى قَرَاطِيْسَ) فيقالُ فِي عُصْفورٍ، وقِنْديلٍ، عصَافِيرُ، وقَنَادِيلُ (وَمَا كَانَ عَلَى زِنَتِهِ) زنةَ الربَاعيِّ باعتبارِ عددِ الحروفِ لا أنْ يكونَ مثلَهُ فِي الحَركاتِ والسَّكَناتِ وأصالةِ الحروفِ بقرينِةِ قولِهِ (مُلْحَقًا) كانَ بالرُّباعيِّ كالثلاثةِ الأُوَلِ منَ الأمثلِةِ الآتيةِ، وقِرْواحٍ وقِرطاطٍ أوْ غيرَ مُلحقٍ بهِ كالأمثلِةِ الباقِيةِ (بِمَدَّةِ) قبلَ آخرِهِ كالثَّلاثةِ الأَخيرةِ (أَوْغَيْرِ مَدَّةٍ) كالخمسةِ الأُوَلِ (يَجْرِي مُجْرَاهُ) خبرُ (مَا) أي: مُجْرى الرُّباعِيِّ فإنْ لمْ يكُنْ قبلَ آخرِهِ مدّةٌ (نَحْوُ: كَوْكَبٍ، وَجَدْوَلٍ) وهوَ النهرُ الصَّغيرُ كجَعفرٍ (وَعِثْيَرٍ) بالعينِ والتَّاءِ المثلثةِ والياءِ المُثنَّاةِ منْ تحتِ، كَدرْهَمٍ وهوَ الغُبارُ(1) (وَتَنْضُبٍ) بالفتحِ والسكونِ والضمِّ، شَجَرٌ(2)و(مِدْعَسٍ) كدِرْهَمٍ وهوَ الرمحُ فعلَى فَعَالِلَ ككواكبَ، وجداولَ، وعثَايرَ، وتَناضُبَ، ومَدَاعِسَ (وَ) إنْ كانَ (نَحْوُ: قِرْوَاحٍ) بالكسرِ، أرضٌ مستويةٌ(3) مُلحقٌ بقِرطاسٍ علَى تقديرِ كسرِ القافِ فيهِ (وَقُرْطَاطٍ) البردَعَةُ(4) ملحقٌ بهِ علَى تقديرِ ضمِّهَا (وَمِصْبَاحٍ) فعلَى فَعَاليلَ كقَرَاويحَ، وقَراطِيطَ، ومَصابيحَ، ونحوُ: فَعَالٍ، وفَعِيلٍ، وفَعُولٍ، وفَاعِلٍ ليسَ منْ أوزانِ الرباعيِّ ولا مقاربًا لهَا فَلا يُجمعُ
ص: 327
جمعَهُ بلْ لهَا جموعٌ معيّنةٌ كما سبقَ نعمْ قدْ يجيءُ شَمالٌ علَى شَمَائِلَ كمَا مرَّ، وكِلاّبٌ وكلّوبٌ علَى كَلابِيبَ(1)، وفِي بعضِ النُّسخِ هكذا (مُلْحَقًا أَوْغَيْرَ مُلْحَقٍ بِغَيْرِ مَدَّةٍ) وعلَى هذَا فقولُهُ: بغيرِ مدّةِ منهُ تتمةُ الأخيرِ؛ إذِ المدّةُ لا يكونُ للالحاقِ واحترزَ بهِ عمّا كانَ الزائدُ حرفَ مدٍّ كالأمثلِةِ الأربعِ المذكورةِ.
(وَنَحْوُ: جَوَارِبَةٍ/78، وَأَشَاعِثَةٍ، فِي الأَعْجَمِيِّ، وَالْمَنْسُوبِ) إنْ أُلحِقَتِ التاءُ فِي الجمْعِ فهُما كالجورَبِ والأَشعَثِيِّ إلاَّ أنَّ إلحاقَها فِي الأوّلِ أكثرُ؛ لمجيءِ كيالِجِ فِي كيْلَجٍ، وهوَ رُباعيٌّ أعجميٌّ وفِي الثانِي مطردٌ، وجاءَ جواربُ تشبيهًا بالجمعِ العربيِّ كمساجِدَ، ونحوِ: بَرابِرَةَ، وسَيَابِجَةَ فِي بَرْبرِيٍّ وسَيْبَجِيٍّ اجتمعَ فيهِ الأمرانِ وقدْ يُجاءُ بالتَّاءِ فِي أقصَى الجموعِ؛ لتأكيدِ الجمعيّةِ كالملائِكَةِ وفِي الفَرازِنَةِ(2) أمّا دليلُ العُجمةِ أوْعِوضٌ عنِ الياءِ فِي المُفردِ، وفِي أُناسِيَةٍ أمّا عِوَضٌ عنْ إحدى ياءَي أُناسيِّ أوْ لتأكيدِ الجمعيةِ، ومدّةُ المُفردِ فِي نحوِ: تبريزيٍّ، وبغداديٍّ، وشِيرازيٍّ وبهلوليٍّ تُحذفُ استثقالاً فيقالُ: تبَارِزَةٌ، وبغادِدَةٌ، وشَيارِزَةٌ، وبَهَالِلَةٌ.
(وَتَكْسِيْرُ الْخُمَاسِيِّ مُسْتَكْرَهٌ كَتَصْغِيْرِهِ) فِي السِعَةِ (بِحَذْفِ خَامِسِهِ ) أوْ مَا فِي حُكمِهِ ممَّا يشبُهُ الزائدانِ كانَ، وكانَ قريبًا بالآخرِ فيقالُ: فِي فَرزْدَقٍ فَرازِدُ، أوْ فَرازِقُ ومعنَى العبارَةِ، أمّا أنّهُ مُستكرهٌ بسببِ استلزامِهِ حذفَ حرفِ أصليٍّ منهُ يعنِي خامِسَهُ فبيّنَ كيفيةَ تكسيرِهِ ضِمنًا، أوْ إنْ سُئِلَ كيفَ كُسِّرَ وصُغِّرَ عندَ الضَّرورةِ، قيلَ: يُحذفُ خامِسُهُ.
ص: 328
(وَنَحْوُ: تَمْرٍ، وَحَنْظَلٍ، وَبَطِّيْخٍ مِمَّا يُمَيِّزُهُ وَاحِدُهُ) عنْ كثيرِهِ (بِالتَّاءِ لَيْسَ يُجْمَعُ عَلَى الأَصَحِّ) وهوَ رأيُ البصريينَ(1) بلِ اسمُ جنسٍ وُضِعَ للمَاهِيةِ معَ قطعِ النَّظرِ عنِ المُشخِّصاتِ يقعُ علَى القليلِ والكثيرِ بلفظِ مفردهِ فَإذا قُصِدَ التَّنصيصُ علَى كونِهِ مفردًا لَحِقَتْهُ التَّاءُ، ومُقابِلُ (الأَصَحِ) رأيُ الكوفيينَ(2)، وهوَ أنّ عديمَ التَّاءِ منهُ جمعٌ، واحدُهُ ذو التاءِ وفيهِ أنّهُ لوْ كانَ جمعًا لرُدَّ إِلى واحِدهِ إذا صُغِّرَ لما صَحَّ، نحوُ: تَمْرٍ، طِيْبٍ، ونَخْلٍ مُنْقَعِرٍ كمَا لا يصحُّ رجالٌ فاضِلٌ ولمَّا جازَ أنْ نقولَ: أَكلتُ عِنَبًا إذا أكلتَ واحِدةً أوْ ثنتينِ، ومَا لا يقعُ منهُ إلاّ علَى الجمعِ كالكَلِمِ فهوَ بحَسبِ الاستعمالِ لا الوضعِ هذا ثمَّ اسمُ الجنسِ سواءٌ كانَ ثلاثيًّا أوْ غيرَهُ كنَعَامٍ وسَفَرْجَلٍ إذا جُمِعَ جمعَ القلّةِ لَحِقَتْهُ الألفُ والتاءُ وإذا جُمِعَ جمعَ الكثرةِ جُرِّدَ عنِ التاءِ وقدْ يُكسّرُ /79ذو التاءِ من فَعْلٍ كفَلْسٍ على فِعَالٍ صحيحًا كانَ أمْ لا كطَلْحَةَ وطِلاحٍ، وخَيْمَةَ وخِيَامٍ، ورَوْضَةٍ ورِياضٍ، وصَعْوَةٍ وصِعَاوٍ، وعلَى فُعُولٍ أيضًا كصَخْرَةٍ وصُخورٍ، ومنْ فِعْلٍ كحِبْرٍ علَى عِنَبٍ كسِدْرَة وسِدَرٍ ومنْ فُعْلٍ كقُفْلٍ علَى صُرَدٍ كدُرَّةٍ ودُرَرٍ، ومنهُ فَعَلٌ كفَرَسٍ علَى فِعَالٍ وأَفعُلٍ وأفْعَالٍ كثَمَرةٍ وثِمَارٍ، وأَكَمَةٍ وآكُمٍ، وشَجَرةٍ وأشجارٍ، والاسمُ المُفردُ الذيْ يقعُ علَى الجمعِ، وفِي آخرِهِ ألفٌ ممدودةٌ أوْ مقصورةٌ كحَلْفَى وبُهْمَى وصفٌ بالواحِدَةِ إذا قُصِدَ الوحدةُ، ولا تلحقُهُ التاءُ؛ لِئلاَّ
ص: 329
يجتمعَ علامَتا تأنيثٍ، فَبُهْمَاةٌ شاذٌّ عندَ سيبويهِ(1) واتباعِهِ خلافًا للأخفشِ فإنَّ ألفَ بُهْمَى ليسَ للتأنيثِ عندَهُ بلْ للالحاقِ بِبَرْقَعٍ فهوَ عندَهُ منونٌ منْصَرِفٌ(2) (وَهُوَ) أي: ما يميّزُ واحدُهُ عنْ كثيرهِ بالتَّاءِ (غَالِبٌ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ) منَ المخْلُوقاتِ، وأمَّا المصنوعُ فلا يشتركُ اسمُ الجنسِ فِي عدمِ كونِها جمعًا بلْ حُكمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الأسماءِ (وَنحْوُ: سَفِينٍ، وَلَبِنٍ، وَقَلَنْسٍ) فِي اسمِ جنسِ سَفينةٍ، ولَبِنَةٍ، وقَلَنْسُوةٍ (لَيْسَ بِقِيَاسٍ)؛ لكونِها مصنوعةً والقياسُ: سفائِنُ، وسُفُنٌ، ولبائِنُ، ولِبَانٌ، وقَلانِسُ، وقِلاسٌ (وَكَمْأَةٌ، وَكَمْءٌ) بفتحِ الكافِ وسكونِ الميمِ قبلَ الهمزةِ، نبْتٌ (وَجَبْأَةٌ) قيلَ كجبْهَةٍ، وفِي الصِّحاحِ كغِرَدَةٍ، وجَبْءٍ كفَلْسٍ، نوعٌ منَ الكمءِ(3) (عَكْسُ تَمْرَةٍ، وَتَمْرٍ) أُوتِيَ بالتاءِ فِي الجمعِ، وجُرِّدَ عنهَا فِي الواحِدِ علَى المشْهورِ، وقيل: كتمرٍ وتمْرةٍ، وقالَ الخليلُ:(4) الكَمَأَةُ اسمٌ للجمعِ فهوَ بالنِّسبةِ إِلى كمْءٍ كركْبٍ إِلى راكِبٍ فَلا يقعُ علَى القليلِ والكثيرِ كتمْرٍ بلْ هوَ مثلُ رجالٍ فِي المعنَى، ومثلُهُ: فَقْعَةٌ وفَقَعٌ، وجَبْأَةٌ وجَبْءٌ.
(وَنَحْوُ: رَكْبٍ) كفَلْسٍ (وَحَلَقٍ) كفَرَسٍ( وَجَامِلٍ، وَسَرَاةٍ) بالفتحِ (وَفُرْهَةٍ) بالضمِّ والسُّكونِ (وَغَزِيٍّ، وَتُؤَامٍ) كغُلامٍ (لَيْسَ بِجَمْعٍ) لراكبٍ، وحَلَقَةٍ، وجَمَلٍ،
ص: 330
وسَرِيٍّ كغِنَيٍّ، وهوَ السيِّدُ، وفَارهِ فَرَسٍ، وغازي، وتوْأمٍ كجعفرٍ (عَلَى الأَصَحِّ) وهوَ رأيُ سيبويهِ بلْ أسماءُ جموعٍ(1).
والفرقُ: إنّ اسمَ الجمعِ مفردٌ وموضوعٌ لمعنَى الجمعِ بخلافِ الجمعِ، وقالَ الأخفشُ(2)/80 كلّما يفيدُ معنَى الجمعِ علَى وزنِ فَعْلٍ وواحدُهُ اسمُ فاعِلٍ كصَحْبٍ وشَرْبٍ فِي صاحِبٍ وشارِبٍ واحدُه ذلكَ الفاعِلُ.
وتذكيرُ الضميرِ العائِدِ إليهَا غَالبًا وتصغيرُها علَى ألفاظِها دليلانِ لسيبويهِ، وأمّا ما لا لفظَ فِي تركيبِهِ يقعُ(3) علَى المُفردِ كالغَنَمِ والإبِلِ، ونحوهِما فهوُ اسمُ جمعٍ اتِّفاقًا.
(وَنَحْوُ: أَرَاهِطَ، وَأَبَاطِيْلَ، وَأَحَادِيثَ، وَأَعَارِيضَ، وَأَقَاطِيعَ، وَأَهَالٍ، وَلَيَالٍ، وَحَمِيرٍ وَأَمْكُنٍ) جموعٍ لفظًا ومعنًى ولها آحادٌ منْ لفظِهَا إِلاّ أنَّها جاءتْ (عَلَى غَيْرِ الوَاحِدِ مِنْهَا) فإنَّ القياسَ يقتضِي أنْ يكونَ تلكَ الأمثلةُ جمعًا لأرهُطٍ، وإبطيلٍ، وأُحدوثَةٍ، وإعريضٍ، وإقطيعٍ، وأهلاةٍ، وليلاةٍ(4)، وحُمْرٍ، ومَكْنٍ كفَلْسٍ لا لرهْطٍ، وباطِلٍ، وحديثٍ، وعَروضٍ، وقطيعٍ، وأهلٍ، وليلةٍ وحمارٍ ومكانٍ، وهي جاءتْ جموعُها علَى خلافِ القياسِ سمعًا.
ص: 331
(وَقَدْ يُجْمَعُ الْجَمْعُ) فَلا يُطلقُ عَلَى أقلِّ منْ تسعةٍ أوْ أربعَةٍ عندَ منْ جوّزَ إطلاقَ الجمعِ علَى اثنينِ إلاّ مجازًا، وهَذا ليسَ بمُطَّردٍ عندَ سيبويهِ(1) ومن تبِعَهُ؛ ولذا أتَى بقدْ وضابطتُهُ فِي التكثيرِ أنْ يقدَّرَ الجمعُ واحدًا فجُمِعَ وفِي الصحيحِ أن تلحقَهُ الألفُ والتاءُ (نَحْوُ: أَكَالِبَ) جمعُ أكْلُبٍ جمعِ كلبٍ كإصبعٍ علَى أصابعَ (وَأَنَاعِيمَ) جمعُ أنعامٍ جمعِ نَعَمٍ كقِرطاسٍ بالفتحِ علَى قراطيسَ (وَجَمَائِلَ) جمعُ جِمَالٍ بالكسرِ جمعِ جَمَلٍ كشَمَالٍ علَى شمَائِلَ (وَجِمَالاتٍ) مثلِهِ (وَكَلابَاتٍ) جمعُ كِلاب جمعِ كَلْبٍ (وَبُيُوتَاتٍ) جمعُ بُيُوتٍ جمعِ بَيْتٍ (وَحُمُرَاتٍ) جمعُ حُمْرٍ كعُنُقٍ جمعِ حِمَارٍ (وَجُزُرَاتٍ) جمعُ جُزُرٍ كعُنُقٍ جمعِ جزورٍ.
وجمعُ الجمعِ فِي القِلّةِ أكثرُ إِلاّ أنْ يكونَ مُصحَّحًا فإنَّهُ فِي الكثرةِ أكثرُ.
ص: 332
(الْتِقَاءُ السَّاكِنَيْنِ يُغْتَفَرُ) فِي مَواضِعَ أَربعٍ (فِي الْوَقْفِ مُطْلَقًا) سواءٌ كانَ مُدغمًا كَ-(مَدَّ) بسكونِ الدَّالِ المُشدَّدةِ أوْ لا، وسواءً كانَا فِي كلمةٍ ك-(زيدا) أوْ لا ك-(أضربْهْ) بسكونِ الباءِ والهاءِ، وسواءً كانَ الأوّلُ حرفُ لينٍ ك-(المُؤْمِنُون)، والمُؤمِنينَ والمُؤْمِناتِ، والْفَوْتِ، والليْثِ، أوْ لا كعَمْرْ، وبَكْرْ؛ لأنَّ الوقفَ للراحِةِ ومُشَارَفَتُها/81 تُهوِّنُ أمرَ ثقلِ الْتقاءِ السَّاكِنينِ، لكنَّ أولَهُما إنْ كانَ صَحيحًا كبِشْرْ، وبَكْرْ، ونحوِهِما أُوتِي بكسرةٍ غيرِ مُشْبَعَةٍ فِي الأوَّلِ بحيثُ تُوهِمُ السَّامِعَ بلْ المتكلِّمَ أيضًا أنّهُ ساكنٌ وبعدَ تخليةِ الطبْعِ وسجيَّتِهِ والتفطُّنِ علَى أنَّهُ
ص: 333
مكسورٌ كسرةً خفيَّةً كمَا أنَّ فِي الفَارسيَّةِ إِذا حذفتْ ألفَ اشْتَر، وقيلَ شْتَر بسكونِ الشِّينِ المُعجمةِ تلفظُ بكسرةٍ مَا، لا عنْ شعُورٍ.
(وَفِي الْمُدْغَمِ قَبْلَهُ لِيْنٌ فِي كَلِمَةٍ) واحِدَةٍ؛ لأنَّ اللِسانَ يرْتَفِعُ بالمُدغَمِ والمُدغَمِ فِيهِ ارتفاعَةً واحِدةً فيصيرُ كأنَّهُما حرفٌ واحِدٌ متحرِّكٌ.
والمُرادُ منَ اللينِ هوَ حرفُ العلَّةِ الذيْ كانَ ساكنًا فإِنْ كانتْ حركةُ مَا قبلَهُ مُوافِقَةً لهُ سمِّيَ حرفَ المدِّ، فالألِفُ حرفُ مدٍّ بدَا لِلُزومِ الفتحِ قبلَها بخلافِهِما، وقدْ يطلقُ عليهَا حرفَ المدِّ واللِينِ مطلقًا، وتُسمَّى تلكَ الثَّلاثَ إِذا كانتْ ساكنةً وكانتْ حركَةُ ما قبلَهُ منْ جنْسِهَا مصوتةً ومَا سِوى تلكَ الثلاثِ صامِتةً.
وقولُهُ (فِي كَلِمَةٍ) احترازٌ عنْ نحوِ(فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ)المائدة/44، وخافَا اللهَ، وخَافُوا اللهَ، وخَافِي اللهَ؛ لأنَّ السَّاكِنَ الأوَّلَ فِي مكانٍ يليقُ بهِ الحذفُ وهوَ الآخِرُ، فالتَّخفيفُ وعدمُ ارتكابِ كُلفةٍ مَا أوْلَى فيتحرَّكُ السَّاكنُ الأوَّلُ إنْ لمْ يكُنْ مَدّةً كالأوّلِ، ويُحذفُ إنْ كانَ كالبواقِي.
(نَحْوُ: خُوَيْصَّةٍ) بتشديدِ الصَّادِ، تصغيرُ خَاصَّةٍ.
(وَالضَّالِيْنَ، وَتُمُودَّ الثَّوْبُ) مَجْهُولُ ( تَمَادَّ، وَتَمَادَدَا)، وإِذا اجتمعَ الوقفُ، وكونُ الأوّلِ حرفَ لينٍ والثَّانِي مُدْغَمًا فيهِ، كدَوَابٍّ اجتمعَ ثَلاثُ سواكِنٍ، واجتماعُها فِي الفارسيَّةِ كثيرٌ، نحوُ: وَسْتْ، كَيْتْ، مَاسْتْ(1)، وفِي الزَّائدِ مُمتَنعٌ.
ص: 334
(وَ)كذا يُغتفَرُ (فِي نَحْوِ مِيْمْ، قَافْ، عَيْنْ(1)) نُوْنْ (مِمَّا بُنِيَ لِعَدَمِ التَّرْكِيبِ وَقْفًا) كصادٍ فِي (كهيعص)مريم/1، (وَوَصْلاً) كعيْن فيها؛ فإنَّ الواضِعَ وضعَ أسماءَ حُروفِ التَّهجِّي وسمَّى كُلاّ مِنْها باسمِ أوَّلِ ذلكَ الحرفِ؛ لتعليمِ الصِّبيانِ والجُهَّالِ لا لوقوعِهَا مُركَّبةً، وهمْ يقُولونَ: مِيْمَ مثَلاً بسكونِ الآخِرِ، ولمْ يتكلَّموا حتَّى يتميّزَ عنِ الغيرِ فيقولونَ: نُوْنْ.
وكَذا الأصواتُ كغَاقْ، والأسماءُ المعدودَةُ كاثنيْنْ وخَمسيْنْ، ونحوِهِما كزيْدْ، عَمْرْو، بَكْرْ، سَعِيْدْ، ثَمُوْدْ، عَادْ.
(وَفِي نَحْوِ: آلْحَسَنُ عِنْدَكَ، وَأَيْمُنُ اللهِ يَمِيْنُكَ) مِمّا دخلتْ همزةُ الاستفهامِ علَى ما أوّلُه همزةُ وصلٍ مفتوحةٍ، سواءٌ كانتْ جزءَ/82 حرفِ التَّعريفِ أوْ لا؛ إذْ لا يجوزُ حذفُ همزةِ الوصلِ بأنْ يُقالَ: الحسنُ، وأيمُنُ اللهِ.
(لِلإِلْبَاسِ) لإلبَاسِ الاسْتِخْبارِ بالخَبَرِ فَإنَّ حَرَكةَ الهمزتَينِ مُتفقتانِ، فإذَنْ لا بُدَّ إمّا منْ قلبِ الثَّانيةِ ألفًا، وتجويزِ التقاءِ السَّاكنينِ بينَها وبينَ مَا بعدَ الهمزةِ وهوَ مُختارُ المحقِّقينَ(2)، ومنْهُم المُصنِّفُ.
أوْ تسْهيلِ الثَّانيةِ بينَ الهمزةِ والأَلفِ.
ص: 335
(وَنَحْوُ: لاهَا اللهِ، وإيِ اللهِ جَائِزٌ(1)) أي: يجوزُ التقاءُ السَّاكنينِ؛ لنيابَةِ الهاءِ منابَ واوِ القَسَمِ، وهوَ كالجُزءِ منَ الكلِمَةِ فكأنَّهُما فِي كلمةِ واحِدةٍ، وواوُ القَسَمِ فِي الثَّانِي محذوفٌ، وقيلَ: حُذفتِ الألفُ فِي الأوّلِ والياءُ فِي الثَّانِي.
(وَحَلَقَتَا الْبِطَانِ شَاذٌّ) بإثباتِ ألفِ التَّثنيةِ، والقِياسُ حذفُها؛ لأنَّ الأوّلَ وإنْ كانَ حرفَ مدٍّ لكنَّ الثَّانِي غيرُ مُدغمٍ فيهِ، وليسَا فِي كَلِمَةٍ واحدةٍ.
والأصل: التفتْ حَلَقَتا البِطَانِ، والبِطَانُ: بكسرِ الباءِ، الحِزامُ الذيْ يُجعَلُ تحتَ بطنِ البعيرِ وفيهِ حَلَقتانِ، وهذا مثلٌ يُضربُ فِي الشِّدَّةِ؛ إذْ هُما لا يلتقيانِ إلاّ عندَ غَايةِ هَزالِ البعيرِ(2).
(وَإِنْ كَانَ) السَّاكِنانِ (غَيْرَ ذلِكَ) المَذْكُورِ منَ الوقفِ والمُدغمِ قبلَه لينٌ، والبَاقِيينِ، (وَأَوَّلُهُمَا) أي: السَّاكنينِ (مَدَّةٌ) سواءً كانَا فِي كلمةٍ أوْ فِي كلمتينِ سواءٌ كانتِ الثانيةُ كالجزءِ منَ الأُولى أوْ مُستقلَّةٍ فِي التّلفُّظِ (حُذِفَتِ) المَدّةُ إنْ لمْ يؤدي الحذفُ إِلى اللبسِ (نَحْوُ: خَفْ، وَقُلْ، وَبِعْ) أمثلةٌ لمَا كانَا فِي كلمةٍ.
(وَتَخْشَيْنَ) كتَقْفَيْنَ للواحدةِ المُخاطبةِ؛ لانقلابِ اللامِ ألفًا وحذفِهَا (وَاغْزُوا) أصلُه اغزُووا ك-(انصُرُوا).
(وَارْمِي) أصلُهُ ارْمِيِي ك-(اضربي).
(وَاغْزُنَّ، وَاغْزِنَّ(3)) لمّا كانتِ الثَّانيةُ كالجُزءِ منَ الأُولى.
ص: 336
(وَيَخْشَى الْقَوْمُ، وَيغْزُو الْجَيْشُ، وَيَرْمِي الْغَرَضَ) كالفَرَسِ بالغينِ والضَّادِ المُعجمتينِ: الهَدَفُ(1)، فإنّهُ مفعولٌ بحذفِ الأواخِرِ فيهَا، ألفًا كانَ أوْ واوًا أو ياءً لما لمْ يكُنْ، وإنْ أدَّى إِليه حُرِّكَ الثَّاني ك-(مُسلمانِ) فإنَّ النونَ ساكنةٌ فِي الأصلِ، فلوْ حُذفَ الأوّلُ لألتبَسا بالمُفردِ المنْصوبِ والمرفوعِ المنونينِ.
وفِي نحوِ: يضربانِ، ويضربُونَ، وتضربِينَ بالمُفردِ المؤكَّدِ بالنونِ الخفيفةِ، ولوْ حُرِّكَ لانقلبَ الألفُ همزةً وصارتِ الواوُ مضمومةً والياءُ مكسورةً؛ لمناسبةِ ما قبلَهُما فصَارَتَا ثَقيلتينِ/83، وكَذا قدْ أدَّى إليهِ إنْ كانَ الأوَّلُ حرفَ لينٍ؛ ولذا لمْ يحذفْ بلْ حُرِكَ كمَا سيذكرُهُ المصنف، وإنَّما حُذفتِ المدَّةُ؛ لأنَّها بالحذفِ أَحرى علَى أنَّ حذفَ الثَّاني فِي نحوِ: لمْ يَخَفْ، ولمْ يقُلْ، ولمْ يبِعْ يؤدّي إِلى بقاءِ الكلمةِ على حرفٍ واحدٍ إنِ التقَى ساكنًا(2)، وحُذفَ كَ-(لمْ يخَ القوم).
(وَالْحَرَكَةُ فِي نَحْوِ: اخْشَوُا اللهَ، وَخَفِ اللهَ، وَاخْشَوُنَّ، وَاخْشَيِنَّ، غَيْرُ مُعتدٍّ بِهَا)؛ لكونِها عارضةً أُوتِيَ بهَا للسَّاكنِ الذيْ بعدَها منفصلٌ عنهَا وهوَ اللهُ فِي الأَولييْنِ، والنونُ الثقيلةُ فِي الثّانييْنِ، فلا يلزمُ إعادةُ العينِ المحذوفةِ في (خَفِ) ولا اللامِ المحذوفَةِ فِي البواقِي، والإنفصالُ فِي الأولييْنِ ظ، وكَذا فِي الثَّانيينِ فإنَّ النونَ المتَّصلةَ فِي الضميرِ البارزِ كالكلمةِ المُنفصلةِ علَى مَا قرّرهُ فِي مُقدِّمةِ الإعرابِ.
ص: 337
(بِخِلافِ خَافَا، وَخَافَنَّ)؛ لاتِّصالِ مَا بعدَها بالكلمةِ اتصالَ الجَزاءِ، أمّا في (خَافَا) فظ ؛ لأنَّ الفاعلَ شديدُ الاتِّصالِ بالفعلِ، وأمَّا فِي (خَافَنَّ) فلأنَّ النُّونَ المتَّصلةَ بالضميرِ المُستَتِرِ كالمتَّصلِ، هذا حكم ما أولهما مدّة .
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَوَّلُهُما (مَدَّةً) سواءٌ كانَ لينًا أمْ لا(1) (حُرِّكَ) أي: الأوّلُ؛ لأنّهُ الذيْ يمنعُ سكونَهُ منَ التلفُّظِ بالساكنِ الثانِي ولمْ يُحذفْ؛ لأنَّهُ لمْ يكُنْ حرفَ علَّةٍ لمْ يَجُزْ حذفُهُ وانْ كانَ، ولمْ يكُنْ حرفَ مَدٍّ بلْ لينٌ يوجبُ حذفُهُ للالتباس؛ إذْ لا ضمَّةَ قبلَ الواوِ، ولا كسرةَ قبلَ الياءِ تدلُّ عليهَا إلاّ تنوينُ العلمِ الموصوفِ بابنٍ مضافًا إلى عَلَمٍ آخرَ كزيدٍ بنِ عمرُو، ونونُ الخفيفة فإنّهما يُحذفانِ وكذا نونُ (لَدُنْ) غَالِبًا ويجوزُ كسرُهُ أيضًا، نحوُ: لَدُنِ الصَّباحِ، وأمّا غيرُ هذا التَّنوينِ فحذفُهُ لغةً، وعليها:(أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ)(2) الاخلاص/1-2، و(وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارَ) يس/40، بحذفِ التنوينِ فيهِما ونصبِ النَّهارِ(3)
ص: 338
(نَحْوُ: اذْهَبِ اذْهَبْ) بكسرِ الباءِ الأُولَى (وَلَمْ أُبَلِهْ) بضمِّ الهمزةِ وفتحِ الباءِ الموحَّدةِ وكسرِ اللامِ، وأصلُه: أُبَالِي حذفتِ الياءُ ب-(لمْ) ثمَّ سكَّنَ اللامُ ب-(لمْ) تشبيهًا بمَا لمْ يُحذفْ منهُ شيءٌ، فسقطتِ الألفُ؛ لالتقاءِ السَّاكنينِ ثمَّ بالحاقِ هاءِ السَّكتِ وهيَ ساكنةٌ الْتقى السَّاكنانِ فكُسِرَ الأوّلُ، ولا يبعُدُ أنْ يُقالَ: حُذفَتِ الياءُ(1) كمَا فِي (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ)الفجر/4، فاللامُ ب-(لمْ)؛ لِئلاَّ يلزمَ إعمالُ (لمْ) مرَّتينِ.
(وَ(ألم * اللهُ)آل عمران/1-2 عندَ منْ أوصلَ (ألم) باللهِ ولمْ يجعلْهُ آية(2) خلافًا لأبِي بَكْرٍ(3) (وَاخْشُوا اللهَ، وَاخْشَِي اللهَ) والسَّاكنُ الأوّلُ فِي هذَينِ المِثالينِ/84 حرفُ الِلين بِخلافِ الأمثلةِ السَّابقَةِ، واختارُوا الفتحَ فِي المِيمِ والضمَّ فِي الواوِ لمَا سيجيءُ.
ص: 339
(وَمِنْ ثَمَّ) منْ أجلِ أنَّ الأوّلَ إنْ لمْ يكُنْ حرفَ مدٍّ سواءٌ كانَ حرفَ لينٍ أمْ لا حُرِّكَ فِي غيرِ الصُّورِ المذكُورةِ (قِيْلَ: اخْشَوُنَّ، وَاخْشَيِنَّ) بتحريكِهِما؛ لأنَّهُما معَ كونِهِما حرفَي لينٍ ليسَا منَ الصُّورِ المذْكُورةِ، أي: ممّا جازَ فيهِ التقاءُ السَّاكنينِ كخُويْصّةٍ معِ اشتراكِهِما معَهُ فِي كونِ الأوّلِ منهُما حرفَ لينٍ والثانِي مُدغَمًا فيهِ (لأَنَّهُ) أي: السَّاكنُ الثانِي هُنا (كَالْمُنْفَصِلِ) لمَا مرَّ بخلافِ خُويْصَّةٍ، ثُمَّ الساكنُ الأوّلُ إنْ لمْ يكُنْ حرفَ مدٍّ حُرِّكَ.
(إِلاَّ فِي نَحْوِ انْطَلْقَ، وَلَمْ يَلْدَهُ)(1) بسكونِ اللامِ وفتحِ ما قبلَها فيهِما وما بعدَها فِي الثَّانِي، فإنّهُ لمْ يحرِّكِ الأوّلَ فيهِما بلِ الثَّانِي؛ لأنَّ أصلَ انْطَلْقَ: انْطَلِقْ بكسرِ العينِ وسُكونِ اللامِ فأسْكنُوا العينَ لغرضِ تشبيهِ طَلِقٍ بكَتِفٍ عندَ بنِي تميم للتَّخفيفِ(2) فالْتقَى السَّاكنانِ: العينُ واللامُ فلوْ فَتَحوا العينَ فاتَ ذلكَ الغرضُ ففَتَحُوا اللامَ اتباعًا للطاءِ، وكَذا لمْ يَلْدَهُ.
(وَ) إِلاّ (فِي نَحْوِ رُدَّ، وَلَمْ يَرُدَّ فِي تَمِيم) فإنَّ الأوّلَ لوْ حُرِّكَ فاتَ الغَرَضُ وهوَ التَّخفيفُ بالإدغامِ فحرَّكُوا الثَّانِي، وأمّا الحِجازيُّونَ(3) فلا يُدغِمُونَ فِي المُضاعَفِ السَّاكنِ لامُهُ (مِمَّا) أي: إِلاّ فِي نحوِ: انْطَلْقَ، ولمْ يلْدَ، ورُدّ، ولمْ يَرُدَّ مِمّا (فُرَّ مِنْ تَحْرِيكِهِ) تحريكُ الأوّلِ (لِلتَّخْفِيْفِ) لغرضِ التَّخفيفِ (فَحُرِّكَ الثَّانِي) كمَا بيَّنَّاهُ.
ص: 340
(وَقِرَاءَةُ حَفْصٍ(1): وَيَتَّقْهِ(2)) بسكونِ القافِ وكسرِ الهاءِ (لَيْسَتْ مِنهُ) ممَّا فُرَّ من تحريكُ الأوّلِ فيهِ للتَّخفيفِ فحُرِّكَ الثَّانِي (عَلَى الأَصَحِّ) وهوَ رأيُ عبدِ القاهرِ(3) فإنَّه قال: أصلُهُ يتَّقِيهِ والهاءُ ضميرُ مفعولٍ راجعٌ إِلى اللهِ حُذفتِ الياءُ جزمًا وسُكِّنتِ القافُ تخفيفًا، تشبيهًا لِتَقِه فِي كَتِفٍ فلا التقاءَ ساكنينِ ولا تحريكَ لرفعِهِ.
وقالَ الزِّمخشريُّ وأبُوعليٍّ(4): أصلُه يتَّقِ أُلحقتْ هاءُ السَّكتِ الساكنةُ فُخُفِّفتْ بحذفِ حركةِ القافِ فالْتقَى السذَاكنانِ وحرِّك الثَّانِي وهو هاءُ السَّكتِ وضعَّفهُ المصنف(5)؛ لبُعدِ تحريكِ/85 هاءِ السَّكتِ.
وأمّا قِراءَةُ غيرِ حَفْصٍ فالقافُ مُحرَّكةٌ فليسَ مِمَّا يُظنُّ فيهِ(6) أنّهُ التقَى السَّاكنانِ فهِيَ أيضًا ليستْ منْهُ(7).
ص: 341
(وَالأَصْلُ) فِي السَّاكنِ الذيْ نقصِدُ§ِفي ( م) يقصد على المبني للمجهول .(1).وهي قراءة حمزة والكسائي. ينظر:النشر:1/274، مجمع البيان:1/28، شرح الرضي:2/241.(2).ينظر: كتاب سيبويه:4/194(كما قلت في مذ اليوم فضممت ولم تكسر لأن أصلها أن تكون النون معها وتضم هكذا جرت في الكلام ) وينظر: الارتشاف: 2/722، شرح الرضي: 2/241.(3).وهي قراءة أبي عمرو ويعقوب واليزيدي والحسن . ينظر: اتحاف فضلاء البشر: 124، النشر في القراءات العشر:1/274، شرح الرضي :2/241، همع الهوامع:1/204.
(وَكَاخْتِيَارِ الْفَتْحِ فِي ألمَ * الله) وهَذا مُختارُ الخَليلِ وسائرِ المُحقِّقينَ، وأَوْجبَهُ سيبويهِ(1)، وأجازَ الأخفشُ الكسرَ(2) أيضًا علَى الأصلِ، وبهِ قرأَ عمْرو بنُ عبيدٍ(3) وفي تلكَ الفتحةِ خلافٌ، وذهبَ فِي الكشَّافِ(4) إلى أنَّها فتحةُ همزةِ اللهِ نُقلتْ إلى ميم ميم بعدَ حذفِ الهمزةِ؛ للتَّخفيفِ، وأسماءُ حروفِ التهجّي إِذا رُكِّبتْ كانَ تركيبُهُ غيرَ تركّبِ الإعرابِ، ولا اتِّصالَ بينَها معنًى بلْ كلٌّ منْها يجرِي مُجرَى الكلمِةِ الموقوفِ عليْهَا وإنْ كانَ بينَها اتِّصالٌ.
وَالمُصنِّفُ(5) إِلى أنّها كالأَسماءِ المعْدُودةِ ليستْ أواخِرُها كأَواخِرِ الكلِمِ الموقُوفِ عليهَا فإِذا سقطتِ الهمزةُ فِي الدَّرجِ سقطتْ معَ حركتِهَا كسائرِ همزاتِ الوصلِ وحركَةِ الميمِ بالفتحِ؛ لتفخيمِ الجلالةِ؛ ولئلاّ يلزمَ توالِي الأمثالِ إذ قيلَ: ميمْ ميمْ ياءْ قبلَها كسرةٌ.
(وَكَجَوازِ الضَّمِّ) أي: ضمُّ السَّاكنِ الأوَّلِ (إِذَا كَانَ بَعْدَ الثَّانِي مِنْهُمَا) منَ السَّاكنينِ (ضَمَّةٌ أَصْلِيَّةٌ فِي كَلِمَتِهِ) فِي كلمةِ السَّاكنِ الثَّانِي (نَحْوُ: (وَقالَتُ اخْرُجْ)يوسف/31، وقَالَتُ اغْزِي) فإنَّ الزاءَ وإنْ كانتْ مكسورةً ألآنَ إلاّ أنَّها فِي الأصلِ وهوَ اغْزُوِي مضمُومةٌ، وقالَ المُبرِّدُ: لا يُستحْسنُ ضمُّ الأوّلِ إذا
ص: 343
كانَ قبلَهُ كسرةٌ، نحوُ (وَعَذَابٍ * ارْكُضْ) ص/41-42؛ لثقلِ الخُروجِ عنِ الكسرةِ إِلى الضمَّةِ(1).
وعنْ حمزةَ(2)، وعاصمٍ(3) كسرُ الأوَّلِ فِي مثلِ هذا الموضِعِ إنْ كانَ منْ حُروفِ (لتنود) والنونُ شاملةٌ للتنوينِ أيضًا، نحوُ (قُلْ ادْعُوا)الأعراف/195، (قَالَتْ اخْرُجْ)يوسف/31، (أَنِ اعْبُدُونِي)يس/61، (أَوِ انْقُصْ) المزمل/3، (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ)الانبياء/41،(مَحْظُوراً * انظُرْ)الاسراء/20-21، وقدْ يُضمُّ أوَّلُ السَّاكنينِ وإنْ لم يكُنْ بعدَ ثانِيهِما ضمّةً أصليةً/ 86 تَبَعًا لضمَّةِ مَا قبلَه، نحو: قلُ اضْربْ بضمِّ اللامِ.
(بِخِلاَفِ: إِنِِ امْرُؤٌ(4)، وَقَالَتِ ارْمُوا، وَ إِنِ الْحُكْمُ(5)) فإنَّ الضمَّةَ فيهَا ليستْ بأصليَّةٍ، أَمّا ضمَّةُ الرَّاءِ؛ فلأنَّها تختلفُ رفعًا ونصبًا وجرًّا، وأمَّا ضمَّةُ الميمِ فظاهرٌ، وأمّا ضمَّةُ الحاءِ؛ فلأنَّها ليستْ فِي كلمةِ ساكنِ الثَّانِي؛ إذْ حرفُ
ص: 344
التَّعريفِ كلمةٌ برأسِها وأيضًا الضمَّةُ لازمةُ الحُكمِ، وأمّا الحاءُ المضْمومةُ فليستْ بلازمِةٍ للامِ التَّعريفِ بلْ لكَ أنْ تقولَ: إِنَ الفَرَس، وإنَ الحُكم بفتحتين.
(وَاخْتِيِارِهِ) أي: وكاختيارِ الضمِّ (فِي اخْشَوُا الْقَوْمَ) أي: فِي واوِ الجمْعِ إِذا انْفتحَ مَا قبلَها؛ لأنَّ الضمَّ مناسبٌ للواوِ ولأنَّ المحذوفَ قبلَها مضمومٌ سواءٌ كانَ واوًا أوْ ياءً، وليماثِلَ حركاتِ ما قبلَ النُّونِ فِي الجمعِ المُذكَّرِ فِي جميعِ الأبوابِ، نحوُ: اضْرِبُنَّ، واغْزُنَّ، وارْمُنَّ، واخْشَوُنَّ وفتحُ ذلكَ الواوِ مجوَّزٌ عندَ أبِي حيَّان لِما قُرِئَ شَاذًّا(1) (اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ)البقرة/16، بفتحِ الواوِ (عَكْسُ) واوِ (لَوِ اسْتَطَعْنَا) فإنَّ المُختارَ فيهَا الكسرُ؛ للإيذانِ بأنَّها ليستْ بضميرٍ، والكسرُ هوَ الأصلُ ولا دَاعِيَ للضمِّ.
(وَكَجَوازِ الضَّمِّ، وَالْفَتْحِ) والكسرِ، وهوَ الأصلُ (فِي نَحْوِ: رُدُّ، وَلَمْ يَرُدُّ) فيمَا مضارعُهُ مضمومُ العينِ أَمّا الضمُّ فَللاتباعِ فَلا يجوزُ فِي غيرِ مَضمومِ العينِ، وأَمّا الفتحُ فلِلخِفَّةِ(2) (بِخِلاَفِ رُدِّ الْقَوْمَ) مِمّا الْتقى ساكنًا بعدَهُ فإنَّهُما لا يجُوزانِ فيهِ (عَلَى الأَكْثَرِ) ومنْهُمْ منْ جوَّزَ الفتحَ ومنهُمْ الضمَّ(3)، وهوَ ضعيفٌ.
(وَكَوُجُوبِ الْفَتْحِ فِي نَحْوِ: رُدَّهَا) أي: فيمَا اتَّصلتْ بهِ هاءٌ بعدَها ألفٌ؛ لأنَّ الهاءَ خفيّةٌ فكأنَّ الألِفَ وليتِ المُدغمَ فيهِ (وَالضَّمِ فِي(4) رُدُّهُ) فيمَا اتَّصلتْ بهِ هاءٌ مضمومةٌ للواحِدِ المذكَّرِ؛ لأنَّها خفيةٌ فكأنَّ الواوَ الملفوظةَ وليتِ المدغمَ
ص: 345
فيهِ وفِي بعضِ النُّسخِ (عَلَى الأَفْصَحِ) وقولُهُ: (والْكَسْرُ لُغَيَّةٌ) فيهِ مُغْنٍ عنْهُ وهذهِ اللغَةُ سمِعَها الأَخفَشُ (1) فتقلبُ الواوُ الملفوظَةُ ياءً لكسرةِ ما قبلَها.
(وَغُلِّطَ ثَعْلَبٌ(2) فِي جَوَازِ الْفَتْحِ(3)) فيهِ قِياسًا علَى رُدَّ؛ لأنَّ الواوَ فيهِ موجودةٌ والهاءُ حاجزٌ غيرُ حصينٍ وفِي بعضِ النُّسخِ (لِكَوْنِهِ) أي: الفتحُ فِي مثلِهِ (ضَعِيْفًا) وقالَ الش الرضيُّ "رض": القياسُ لا يمنعُهُ؛ لأنَّ مجيءَ الواوِ السَّاكنةِ بعدَ الفتحَةِ غيرُ قليلٍ كقَوْلٍ وطَوْلٍ(4).
(وَالْفَتْحُ) أي: (وَ)كَوجوبِ الفتحِ (فِي نُونِ/87 مِنْ مَعَ الْلامِ) لامِ التَّعريفِ؛ لكثرةِ استعمالِهِ (نَحْوُ: مِنَ الرَّجُلِ) بخلافِ هلِ الرّجلُ؛ لقلَّة استعمالِهِ (وَالكَسْرُ ضَعِيْفٌ) فيهَا لثقلِ اجتماعِ الكسرتَينِ (عَكْسُ مِنِ ابْنِكَ) أي: معَ غيرِ لامِ التَّعريفِ وإنَّها حينئذٍ مكسورةٌ علَى الأصلِ؛ لقلَّةِ استعمالِهِ، والفتحُ ضعيفٌ.
(وَعَنْ) نونُهُ مكسورةٌ (عَلَى الأَصْلِ) مع أيِّ ساكِنٍ كانَ لقلَّةِ استعمالِهِ (وَعَنُ الرَّجُلِ بِالضمّ) بضمِّ النُّونِ اتباعًا للجيمِ كمَا حكاهُ الأَخفشُ(5) (ضَعِيْفٌ) لوجودِ الفاصلِ.
(وَجَاءَ فِي الْمُغْتَفَرِ) منَ التقاءِ السَّاكنينِ،أي:ما يكونُ سكونُ الثّانِي للوقفِ، أوّلُهما غيرُ حروفِ اللينِ وما يكونُ الثَّانِي مُدغمًا فيهِ والأوّلُ ألفاً (النَّقُرْ) كعَضُدٍ رفعًا فِي نَقْرٍ كفَلْسٍ (وَمِنَ النَّقِرْ) كالكَتِفِ جرًّا ومنهُ (وَتَوَاصَوْا
ص: 346
بِالصَّبِرِ) العصر/3، بكسر الباءِ كمَا قرأهُ أبو عمرُو(1)، لا رأيتُ النَّقَرْ كالفَرَسِ نصبًا (وَاضْرِبُهْ) بضمِّ الباءِ في (اضْرِبُهْ) فعلِ الأمرِ (وَدَأَبَّةٌ، وَشَأَبَّةٌ(2)) بفتحِ الألفِ المُنقلبةِ إِلى الهمزةِ والباءِ المُشددةِ فِي دابَّةٍ وشابَّةٍ بتحريكِ الأوَّلِ بحركةِ الثَّانِي فِي الجميعِ، وكذا (وَلاَ الضَّأَلِينَ)الفاتحة/7، بفتحِ الهمزةِ بعدَ الضَّادِ كمَا فِي قِراءَةِ أبِي أيُّوب(3)؛ وذلكَ لكراهَتِهِمْ مطلقَ التقاءِ السَّاكنينِ (بِخِلاَفِ نَحْوِ: تَأْمُرُونِّي)(4) وتُمُودَّ مِمّا كانَ أوَّلُهُما واوًا، ودُوَيبّةِ، وخُوَيْصَّةِ ممّا كانَ ياءً فإنّهُ لا تقلِبُ الأوّلُ منَ السَّاكنينِ همزةً، ولا يصيرُ متحرِّكًا؛ لقلّةِ وقوعِهَا بالنِّسبةِ إِلَى الألِفِ.
ص: 347
(الابْتِدَاءُ: لاَ يُبْتَدَأُ) أي: لا يُؤخَذُ بالنُّطقِ بعدَ الصَّمتِ (إِلاَّ بِمُتَحَرِّكٍ)؛ لتَعَذُّرِ الابْتداءِ بالسَّاكنِ بشهادةِ الحسِّ والبَداهَةِ، واتِّفاقِ كلمةِ الجميعِ خلافًا لابْنِ جِنِّي(1)، حيثُ قالَ: مُتّعَسِّرٌ(2) جاءَ فِي الفارسيَّةِ، نحوُ: شْتَر، وشْتَابْ، وقدْ سبقَ أنَّها مكسورةٌ كسرةً خفيَّةً (كَمَا لاَ يُوقَفُ) اصْطلاحًا (إِلاَّ عَلَى سَاكِنٍ) والمُرادُ بالمُتحرِّكِ: هوَ أنْ يكونَ الحرفُ الصامِتُ بحيثُ يمكنُ أنْ يُوجَدَ عقيبَهُ
ص: 348
مُصوِّتٌ، وبالسَّاكنِ أنْ يكونَ بحيثُ لا يمكنُ، بهِ صَرَّحَ السَّيدُ(1) " قُدِّسَ سرِّهُ" ثُمَّ قالَ: ولا خِلافَ فِي أنَّ السَّاكنَ إذا كانَ حرفًا مُصوِّتًا لمْ يمكنْ الابتداءُ بهِ إنَّما الخلافُ فِي الابتداءِ بالسَّاكنِ الصَّامتِ(2).
قَالَ صَاحِبُ المواقِفِ(3): قدْ مَنَعَهُ قومٌ للتَّجْرِبَةِ، وجوَّزهُ آخرونَ؛ لأنَّ ذلكَ ربَّما يختصُّ بلُغَةٍ كالعربيَّةِ ويجوزُ فِي أُخرى(4)، قالَ شَارِحُهُ "قدِّس سرُّهُ": لا يجوزُ ذلكَ لا؛ لأنَّهُ ممتنِعٌ فِي نفسِهِ بلْ لأنَّ لغَتَهُمْ موضوعةٌ علَى غايةٍ منَ
ص: 349
الإحكامِ وفِي الابتداءِ بالسَّاكنِ نوعُ لكْنَةٍ؛ ولذا لمْ يجوِّزوا الوقفَ علَى المُتحركِ معَ إمكانِهِ بكلامِهِمْ(1).
(فَإِنْ كَانَ الأَوَّلُ سَاكِنًا) وذلكَ فِي الأسْماءِ، أمَّا سماعيٌّ أوْ قِياسيٌّ وإِلى الأوَّلِ أشارَ بقولِهِ:
(وَذَلِكَ فِي عَشَرَةِ أَسْمَاءٍ مَحْفُوظَةٍ: وَهِيَ ابْنٌ، وَابْنَةٌ، وَابْنُمٌ، واسْمٌ، وَاسْتٌ، وَاثْنَانِ، وَاثْنَتَانِ، وَامْرُؤٌ، وَامْرَأَةٌ، وَايْمُنُ اللهِ) فإِنَّ أوائِلَها وهيَ مَا بعدَ الهمْزاتِ فيهَا ساكنةٌ للتَّخْفيفِ(2) سماعًا، وإنْ لمْ يكُنْ أَواخِرُها محْذوفةً كالثَّلاثِ الأخيرةِ.
والأصلُ: بَنَوٌ وبَنَوَةٌ بالفتْحتينِ، وابْنٌ، فبَنَوٌ(3) زيدتِ الميمُ للتأكيدِ كزُرْقُم فِي أَزْرَقٍ، وتختلفُ حركَةُ النُّونِ بحركَةِ الميمِ إعرابًا.
وسِمْوٌ كحِبْرٍ وقُفْلٍ عندَ البصريينَ، ووَسْمٌ عندَ الكوفِيينَ(4)، وقيلَ: أُسمٌ بضمِّ الهمزةِ.
وَسَتَهٌ: كفَرَسٍ.
وثَنَيَان وثَنْيَتَان بالفتحتين، ومَرْءٌ ومَرْأَة(5).
والأخيرُ عندَ البصريينَ (أَفْعُلُ) بضمِّ العينِ منَ اليُمْنِ فمفردٌ كآنُكٍ(6)، وآجُرّ(7) والكوفيين: جمعُ يَمِينٍ؛ لعدمِ مجيءِ المُفردِ علَى هَذا الوزنِ وهُما
ص: 350
عَجْميانِ عندَهُم/88 ولا يُقاسُ عليْهَا يَدٌ ودمٌ ونحوُهُما فإنْ قيلَ تسكينُ الأوّلِ للتَّخفيفِ بعدَ إسقاطِ الأعجازِ أوْ لا ينافِيهِ إدخالُ الهمزةِ سِيَمَا وهيَ متحرِّكةٌ، قلنا: هذهِ الحركةُ ومعروضُهَا ليسَ لهُمَا اعتبارٌ؛ لسقُوطِهِمَا فِي الدَّرجِ، وإِلى الثا بقولِهِ:
(وَفِي كُلِّ مَصْدَرٍ بَعْدَ أَلِفِ فِعْلِهِ الْمَاضِي أَرْبَعَةٌ فَصَاعِدًا، كَالاقْتِدَار، وَالاسْتِخْرَاجِ) وَأَخواتِهِمَا بخلافِ إكرامٍ إلاّ أنَّ التَّخفيفَ أَحْرى بِالثَّقيلِ؛ فالهمْزةُ فيهِ وفِي ماضيهِ وأمْرِهِ للقطعِ.
(وَفِي أَفْعَالِ تِلْكَ الْمَصَادِرِ مِنْ مَاضٍ، وَأَمْرٍ) كاقْتَدرَ، واسْتخْرَجَ، واقْتَدِرْ، واسْتَخْرِجْ وكذا اطَّيَّر، واثّاقلَ ومصدريْهِمَا.
(وَفِي صِيْغَةِ أَمْرِ الثُّلاَثِيِّ) إذا لمْ يتحرَّكِ الفاءُ فِي المُضارعِ ك-(قُلْ، وبِعْ، وخَفْ، وعُدّ، ومِدّ، ونحوها.
(وَفِي لاَمِ التَّعْرِيْفِ) عندَ سيبويهِ(1) القائلِ بأنَّهُ هوَ اللامُ خلافًا لمنْ قالَ إنَّهُ الهمزةُ المفتوحَةُ كالمُبرِّدِ(2)، أوِ المجْمُوعُ كالخليلِ(3) (وَمِيْمِهِ) عندَ طيّءٍ(4) (أُلْحِقَ) جزاءُ الشَّرطِ، أي: إنْ كانَ الأوّلُ ساكنًا كمَا فِي تلكَ الأسماءِ والأفعالِ وهذَيْنِ
ص: 351
الحرفَيْنِ، أُلْحِقَ (فِي الابْتِدَاءِ خَاصَّةً هَمْزَةُ وَصْلٍ مَكْسُورَةٍ)؛ لِئلاّ يُبتدأَ بالسَّاكنِ، وكونِ الكسرةِ مناسبةً للسُّكونِ كما مرَّ بخلافِ مَا إِذا لمْ يُبتدأْ بهِ؛ لوقوعِ شيءٍ قبلَهُ، وهلِ الهمزةُ مكسورةٌ فِي الأصلِ أوْ ساكنةٌ متحركةٌ بمَا هوَ الأصلُ منَ الكسرِ، فيهِ خِلافٌ ذهبَ سيبويهِ(1) إِلى الأوَّلِ، والكُوفيونَ(2) إِلى الثَّانِي.
(إِلاّ فِيْمَا بَعْدَ سَاكِنِهِ ضَمَّةٌ أَصْلِيَّةٌ، فَإِنَّهَا تُضَمُّ) تَبَعًا لتلكَ الضَّمَّةِ (نَحْوُ: اُقْتُلْ، اُغْزِ، اُغْزِي(3) ) فإنَّ كسرَ الزَّاءِ عارضيٌّ، وضمَّةَ فاءِ (انْطُلق) علَى صِيغةِ المَجْهولِ أصليَّةٌ بالنِّسبةِ إلى هذا البناءِ.
(بِخِلاَفِ: ارْمُوا)؛ لعروضِ ضمَّةِ الميمِ (وَإِلاَّ فِي لامِ التَّعْرِيْفِ) وميمِهِ (وَاَيْمُنُ اللهِ فَإِنَّهَا) أي: همزةُ الوصلِ (تُفْتَحُ) فيهَا تخفيفًا؛ لكثرةِ استعمالِهَا، وحكَى يونُسُ عنْ بعضِ العربِ (اِيمِن) بكسرِ الهمزةِ(4).
(وَإِثْبَاتُهَا وَصْلاً لَحْنٌ، وَشَذَّ فِي الضَّرُورَةِ) أي: الهمزةُ؛ إذِ لا ابتداءَ بسَاكِنٍ.
(وَالْتَزَمُوا جَعْلَهَا أَلِفًا لا بَيْنَ بَيْن/89عَلَى الأَفْصَحِ فِي آلْحَسَنُ عِنْدَكَ؟، وَاَيْمُنُ اللهِ يَمِيْنُكَ؟) يعنِي جُوّزَ جعلُ الهمزةِ المُلحقةِ بلامِ التَّعريفِ وايْمُنُ اللِه بَيْنَ بَيْن لكنْ علَى الأَفصحِ هوَ التزامُ جعْلِها ألفًا؛ لأنَّ التقاءَ السَّاكنينِ مُغتَفَرٌ فيهِمَا، وأمَّا حذفُها فلمْ يَجُزْ (لِلَّبْسِ) لِلَبْسِ الاسْتخْبَارِ بالخَبَرِ كمَا مرَّ بِخِلافِ
ص: 352
(أَصْطَفَى الْبَنَاتِ)الصافات/153، بفتحِ الهمزةِ؛ لظُهورِ أَنَّها للاستِفهامِ لا الوصلِ وإلاّ كانتْ مكسورةً.
(وَأَمَّا سُكُونُ هَاءِ: وَهْوَ، وَهْيَ، وَفَهْوَ، وَفَهْيَ، وَلَهْوَ، وَلَهْيَ) تشبيهًا لهَا بِعَضُدٍ، وكَتِفٍ (فَعَارِضٌ فَصِيْحٌ) ليسَ بأصليٍّ فيُؤْتَى بهمزةِ الوصلِ (وَكَذَلِكَ لامَ الأَمْرِ) إِذا كانَ معَ الواوِ أوِ الفاءِ تشبيهًا لهَا بكَتِفٍ (نَحْوُ: وَلْيُوفُوا(1) )، وَفلْيعملْ.
(وَشُبِّهَ بِهِ: أَهْوَ، وَأَهْيَ(2)، ثُمَّ لْيَقْضُوا(3)) بسُكونِ اللامِ كمَا قرأهُ الكِسائيُّ(4) ؛لاشتراكِ الأولييْنِ الأولييْنِ فِي الوزنِ وإنْ لمْ يبلُغَا مبْلَغَهُمَا فِي كثرةِ الاستعمالِ والأخيرِ الأخيرِ فِي اتِّصالِ حرفِ العطفِ بهِ والشَّباهةِ بكَتِفٍ وإنْ لمْ يكُنْ مثلهُ؛ لأنّ (ثُمّ) كلمةٌ مستقلةٌ يمكنُ أنْ يوقَفَ عليْهَا بخلافِهِ؛ ولِذا استقبَحَهُ البصريون(5).
ص: 353
(وَنَحْوُ: أَنْ يُمِلَّ هُوَ(1)) بسُكونِ الهاءِ(2) كمَا قرأهُ قالُون(3) تشبيهًا لهُ بعَضُدٍ (قَلِيْلٌ) بالنِّسبةِ إِلى سابقِهِ بعدَ كونِ السَّابقِ حرفَ عطفٍ يُجاءُ بِها لِيدُلَّ علَى اجتماعِ مَا قبلَها لِمَا بعدَها.
ص: 354
(الْوَقْفُ):الحبسُ(1)، وفِي الاصْطِلاحِ (قَطْعُ الْكَلِمَةِ) مُطلقًا (عَمَّا بَعْدَهَا) إنْ كانَ بعدَهَا كلِمةٌ، وإِلاّ فقطعُ الكلمةِ أي: السُّكوتُ علَى آخرِهَا لتمَامِهَا (وَفِيْهِ وُجُوهٌ) أحدَ عشَرَ كلُّها حَسِنَةٌ إِلاّ أنَّها (مُخْتَلِفَةٌ فِي الْحُسْنِ، وَالْمَحَلِّ) وهوَ مَا يُذكرُ بعدَ كلِّ وجهٍ مُصدَّرًا ب-(في) وقدْ يشتركُ أكثرُ منْ وجهٍ فِي محلٍّ واحِدٍ.
(فَالإِسْكَانُ الْمُجَرَّدُ) منَ الوُجوهِ أي: الخالِي عنِ الرومِ والإشمامِ يكونُ (فِي الْمُتَحَرِّكِ) معربًا كانَ أمْ مبنيًا، مُنونًا أمْ غيرَهُ غيرَ المنْصُوبِ المُنونِ عندَ المصنف(2) خلافًا لآخَرينَ(3)، وقدَّمَهُ لأَصالَتِهِ؛ لكونِهِ أبلغَ فِي الاستراحةِ.
(وَالرَّوْمُ) منْها أيضًا يكونُ (فِي الْمُتَحَرِّكِ؛ وَهُوَ أَنْ تَأْتِي بِالْحَرَكَةِ خَفِيَّةً) أي: ترومُ الحركةَ لتبيِّنَ مَا حُرِّكَ الآخرُ بهِ ولا تُشبعُهَا وعلامتُهُ خطٌّ بعدَ الكلمةِ عَرَضًا هكَذا زيد~.
ص: 355
(وَهُوَ فِي الْمَفْتُوحِ) أي: المنصوبُ الغيرُ منوّنِ(1) (قَلِيْلٌ) أنكرهُ الفرّاءُ والقُّراءُ(2)؛ لخفَّةِ الفتحَةِ وعُسْرِ الإتيانِ بهَا خفيَّةً، ونُقِلَ عنْ سيبويهِ(3)تَجويزَهُ لا فِي القرآن، وفِي المُنوَّنِ ك-(رَجُلاً) لا يجوزُ إِلاّ عنْدَ ربيعةَ(4).
(وَالإِشْمَامُ) منْهَا يكونُ (فِي الْمَضْمُومِ) والمرْفُوعِ فقطْ، ونُسبَ إِلى الكُوفيينَ تجويزَهُ فِي المكسورِ والمجْرورِ قالَ الش الرضيُّ "رض" الظاهِرُ أنَّهُ وهْمٌ(5) (وَهُوَ أَنْ تَضُمَّ الشّفَتَيْنِ بَعْدَ الإِسْكَانِ) وتصويرُ الضمِّ بالصُّورةِ التيْ تعْرضُ لهُ عندَ التلفُّظِ بالضمَّةِ لا ينطقُ بهَا ولا يدركُهُ الأَعْمى(6)، علامتُهُ نُقطةٌ بينَ يدِي الحرفِ.
(وَالأَكْثَرُ(7) أَنْ لا رَوْمَ وَلا إِشْمَامَ فِي هَاءِ التَّأْنِيثِ) المُبدلِ عنْ تائِهَا كرَحْمَه؛ إذْ لا حركةَ لهَا فينبَّهُ عليهَا بِهِمَا بلْ هيَ للتَّاءِ المعدُومَةِ بخلافِ ما لمْ يبْدَلْ فِي أُخْتٍ وبِنْتٍ(8).
(وَمِيْمِ الْجَمْعِ) أي: ولا فيهِ أيضًا؛ إذْ منْ سكَّنَها وصْلاً نحوُ(لَكُمْ دِينُكُمْ)الكافرون/6 وهوَ الأكثرُ ظاهرٌ أنْ لا حركةَ لهَا ينبِّهُ عليْهَا وقفًا، وكَذا
ص: 356
منْ حرَّكَها وصْلاً ووصلَها بواوٍ أوْ ياءٍ كابنِ كثيرٍ(1)؛ لأنَّ المقصُودَ منْهُمَا هوَ بيانُ حركِةِ آخرِ الكلِمَةِ/90، وآخرُ الكلمَةِ واوٌ ساكِنَةٌ أوْ ياءٌ ساكِنَةٌ(2) قدْ حُذِفَتَا، أوْ لأنَّهُما مُختَّصتانِ بآخرِ الكلمةِ، والميمُ وسطُها عندَهُ فلا وجهَ لهُما ولا يقاسُ هذا علَى (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ)القمر/6،
إِلى شيءٍ ونحوِهِ؛ إذْ حركةُ ما قبلَ الياءِ المَحْذُوفَةِ أصليَّةٌ ههُنا بخلافِهَا ثُمَّ.
(وَالْحَرَكَةِ الْعَارِضَةِ) أي: وَلا فيْهَا أيضًا نحوُ: (ادْعُوا اللهَ) الإسراء/ 110 و(مَنْ يَشَأْ اللهُ)الانعام/39؛ إذِ الآخرُ فِي الأصلِ ساكنٌ والحركةُ عارِضَةٌ؛ لِئلاّ يلتقيَ السَّاكنانِ وقولُهُ:(وَالأَكْثَرُ) مُشعِرٌ بوُقوعِ الخِلافِ فيهِ، وقالَ الش الرضيُّ "رض": لمْ أَرَ أحدًا منَ القُرّاءِ، ولا منَ النُّحاةِ ذَكَرَ أنَّهُ يجوزُ الرَّومُ والإشْمامُ فِي أَحَدِ الثَّلاثَةِ المذْكُورَةِ(3)، ثمَّ قالَ مَا حاصلُهُ:
إنَّ الشَّاطِبيَّ(4) ألْحَقَ الضَّميرَ المُذكَّرَ بتلكَ الثَّلاثِ، والخلافُ إنّما هوَ فيهِ لا فيْهَا ونَقَلَ قَوْلَ الشَّاطِبي هكذا:
ص: 357
وَفِي هَاءِ تَأْنِيثٍ وَميمِ الْجمْعِ قُلْ *** وعَارِضِ شَكْلٍ لمْ يكُونَا لِيَدْخُلا
وَفِي الْهَاءِ للإِضْمارِ قَوْمٌ أبَوْهُمَا *** وَمِنْ قَبْلِهِ ضمٌّ أوِ الكسْرُ مُثِّلا
أوُ امّاهُما واوٌ وياءٌ وبعضُهم *** يُرَى لهُمَا في كلِّ حالٍ مُحَلِّلا(1)
وهذا صريحٌ فِي مُدَّعاهُ وَ(قُلْ) فعلُ أمرٍ ومرادُهُ منْ (عَارِضِ الشَّكلِ) الحركةُ العارِضةُ ومنَ (الهَاءِ) للإِضمارِ، الضميرُ المذكَّرُ وأَبوا ك-(رَمُوا) والضَّميرُ، التثنيةُ للرومِ والإشمامِ فِي جميعِ المواضِعِ إلاَّ فِي (أمّاهُما) فإنَّهُ للضمِّ والكسرِ (ومنْ قبلِهِ) حالٌ والضميرُ للاضمارِ، والمُرادُ منْ (مثِّلا) عينُهُما ومنْ (أمّاهُمَا) الواوُ والياءُ و(واوٌ، وياءٌ) بدلٌ منهُ، أقول:
وُجِدَ فِي بعضِ نُسَخِ الشَّاطبيَّةِ(2)هكذا:
وَفِي هَاءِ تَأْنِيثٍ وَميمِ الْجمْعِ قَلَّ *** وعَارِضِ شَكْلٍ لمْ يكُونَا لِيَدْخُلا
وَفِي هَاءِ المُذكَّرِ وَبعضُهُمْ يَرَى *** لَهُمَا فِي كُلِّ حَالٍ مُحَلِّلا
ولفظَةُ (قَلَّ) فعلٌ ماضٍ ك-(مدَّ) وعلَى هَذا يكونُ سَنَدُ المُصنِّفِ(3) لكنَّ الأوَّلَ أصوبُ؛ إذْ يلزمُ فِي كلامِهِ علَى الثا تشْويشٌ واضْطرابٌ فإنْ أُوِّلَ كلامُهُ علَى هَذا، صَريحٌ فِي أنَّ الخِلافَ إنَّما هوَ فِي الأوّلينِ وفِي الثَّانييْنِ (لمْ يكُونَا لِيدْخُلا) فِي قولِهِ (وبعضُهْم ...الخ(4)) تصريحٌ بأنَّهُ إنَّما هوَ فِي الجميعِ، ولا
ص: 358
يقالَ لعلَّ مرادَهُ أنَّهُ (قلَّ لمْ يكُونا ليدخلا) فِي تلكَ الأربَعِ؛ لأنَّا نقولُ فلا يناسبُهُ قولُه: (وبعْضُهُمْ يَرى) ولا قولَ المصنف: (وَالأَكْثَرُ) بلِ المناسبَةُ لهُما هوَ عكسُ مَا قالا.
(وَإِبْدَالُ الأَلِفِ) منْهَا يكونُ( فِي الْمَنْصُوبِ الْمُنَوَّنِ) إنْ لم يكُنْ آخرُهُ تاءَ تأْنيثٍ فإنَّ حكمَهُ سيجيءُ، أي: تَقلبُ تنوينَهُ ألفًا للتخْفيفِ ك-(رأيتُ زيْدًا) بالألِفِ، وبنُو ربيعَة(1) يحذِفُونَ التَّنوينَ ويقفُونَ علَى المنْصُوبِ بالسُّكونِ كمَا فِي المرفوعِ والمجرورِ فيقُولُونَ رأيتْ زيدْ بسكونِ الدَّالِ.
(وَفِي إِذَنْ(2)) فيقالُ إذًا تشبيهًا لهَا بسابِقِهَا خلافًا للمازنيِّ(3)، وابنِ عصفُورٍ(4)؛ فإنَّ نونَهُ عندَهُما نفسُ الكلِمَةِ(5) ك-(أن ولن) وأَجازَ المُبرَّدُ الوجْهينِ(6).
(وَاضْرِبَنْ(7)) أي: النُّونُ الخفيفَةُ للتَّأكيدِ بشرطِ فتحِ مَا قبلَها لِمَا مَرَّ (بِخِلافِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ) المنوَّنينِ (فِي الْوَاوِ وَاليَاءِ) أي: فِي إِبدالِهِمَا منْهُما فَلا
ص: 359
يُقالُ جاءَنِي زيْدُو، ومررْتُ بزيدِي (عَلَى الأَفْصَحِ)؛ لأنَّهُ يؤدِّي إِلى الثِّقَلِ/91بلْ يوقَفُ عليْهَا بالإسْكانِ، ويقالُ: جاءَنِي زيدْ، ومررتُ بزيدْ بإسكانِ الدَّالِ فيهِما، وأبُو الخطَّابِ(1) حكَى تجويزَهُ عنْ أزدِ السُّراةِ؛ لِبيَانِ الإعرابِ(2)، وأمَّا النُّونُ الخفيفَةُ إنْ كانَ ما قبلَها مضمومًا أوْ مكسورًا ك-(اُغْزُنْ واغْزِن) فقدْ تحُذفُ وقفًا وأُعيدتِ الواوُ والياءُ المحذوفَتينِ، ويقالُ: اغْزُوا، واغْزُوِي، قالَ المُصنّفُ فِي مُقدِّمةِ الإعرابِ: والمُخفَّفةُ فِي الوقفِ فيردُّ مَا حُذفَ والمفتوحُ ما قبلَها يُقلَبُ ألفًا.
(وَيُوقَفُ(3) عَلَى الأَلِفِ فِي بَابِ عَصًا، وَرَحًى بِالاتِّفَاقِ(4)) فِي المُنوَّنِ المقْصُورِ، وهلِ الأَلفُ فِي الأحوالِ الثَّلاثِ أصليَّةٌ أوْ ألفُ التنوين، أي مبدلةٌ منهُ أوْ فِي الرفْعِ والجرِّ أصليَّةٌ، وفِي النَّصبِ ألفُ التَّنوينِ، فيهِ خِلافٌ:
والأَوَّلُ: رأيُ المُبرِّدِ(5)، والثَّانِي: المَازِنيِّ(6)، والثَّالثُ: أبِي عليٍّ(7)ونُسِبَ إِلى صاحِبِ الكِتابِ(8) أيضًا، قالَ الش الرضيُّ "رض": وليْسَ فيهِ دلالةٌ عليْهَا(9).
ص: 360
(وَقَلْبُهَا) أي: قلبُ الألِفِ المُبدلةِ منَ التَّنوينِ (وَقَلْبُ كُلِّ أَلِفٍ) غيرِهَا سَواءٌ كانتْ للإلحَاقِ كَمِعْزًى، أوْ للتَّأنيثِ كَحُبْلَى أوْ لغيرِهَا ك-(يضربهأْ ويضربهمأْ)(1)،(هَمْزَةً) فِي الوقْفِ بأنْ يُقالَ: رأيْتُ رَجلأْ بِالوقْفِ علَى الهمْزَةِ السَّاكنَةِ بعدَ اللامِ المفْتُوحَةِ كمَا ذَهَبَ إليهِ البعضُ(2)(ضَعِيْفٌ) واستدلَّ القائِلُون بهِ عليهِ بأنَّ مخرجَ الألفِ متَّسعٌ وفيهَا المدُّ البالِغُ، فإِذا وقفتْ عليهَا يهْوي الصَّوتُ إِلى أنْ ينتَهِيَ آخرُها موضِعَ الهمزةِ بخلافِ مَا إذا وُصِلَ بِهَا غيرُها بلْ قالُوا ذلِكَ فِي الواوِ والياءِ أيضًا(3)لا إنَّهُ أقلُّ، قالَ الخليلُ: ولذا كتبُوا الألِفَ بعدَ الواوِ فِي نحوِ: ضَرَبُوا(4).
(وَكَذَلِكَ قَلْبُ أَلِفِ(5) نَحْوِ: حُبْلَى) أي: أَلِفُ التَّأنيثِ، وكَذا غيْرُهَا (هَمْزَةً، أَوْ وَاوًا) كمَا قالَ بعضُ طيّءٍ(6)،(أَوْ يَاءً) كمَا قالَ بعْضُ قَيْسٍ(7)، فَلا يُقَالُ: هَذهِ
ص: 361
حُبْلَأْ، أوحُبْلَو أوْ حُبْلَي، ولوْ قالَ: وقلبُ كُلِّ ألفٍ همزةً أوْ واوًا أوْ ياءً ضعيفٌ لكانَ أقصرُ.
(وَإِبْدَالُ تَاءِ التَّأْنِيثِ الإِسْمِيَّةِ هَاءً) منْهَا يكونُ (فِي(1) رَحْمَةٍ عَلَى الأَكْثَرِ) أي: إِذا كانَ آخرُ الاسْمِ المُفردِ تاءَ التَّأنيثِ أُبدلتْ هاءً عندَ سيبويهِ، والفرّاءِ، وابنِ كيْسانٍ(2) ونُظرائِهِمِ القائِلينَ بأنَّ هذهِ التَّاءَ أصلٌ، فرقًا بينَها وبينَ تاءِ التَّأنيثِ فِي الفعلِ ولوْ عَكَسَ لالْتَبَسَ بالضَّميرِ المفعُولِ أوْ بينَها وبينَ التَّاءِ لغيرِ التَّأنيثِ فِي الاسْمِ سواءٌ كانتْ زائِدةً كعِفْريْتٍ وعنْكَبُوتٍ، أوْ أصليَّةً كوقْتٍ وسمْتٍ، وإنَّما قُلبتْ هاءً؛ لأنَّ فيهَا همسًا ليسَ فِي التَّاءِ وهوَ أنسبُ بحالِ الوقفِ وهوَ موضِعُ الاسْتِراحَةِ(3).
وقالَ ثعلبُ(4) ما حاصلُهُ: إنّ الهاءَ فِي تأنيثِ الاسْمِ هوَ الأصل تُقلبُ تاءً فِي الوصلِ؛ لئلاّ يقالَ رأيتُ شَجَرها(5)/92 فالْتبسَ بالضميرِ المُؤنَّثِ ورجعتْ وقفًا إِلى أصلِهَا وهوَ الهاءُ، وأمَّا فِي تأنيثِ الفعلِ فَلا خلافَ فِي أنَّها الأصلُ وأنَّها لا تُبدلُ هاءً وعنْ أبِي الخطَّابِ: إنّ بعضَ العربِ يقفونَ على نحوِ:
ص: 362
رحمةٍ أيضًا بالتَّاءِ(1) (وَتَشْبِيْهُ تَاءِ هَيْهَاتَ بِهِ) بتاءِ التَّأنيثِ الإسميَّةِ؛ لتشبيهِهِ بنحوِ: قَوْقَاة لفظًا، أي: إبدالُ تائِها هاءً فِي الوقْفِ كما قرأهُ الكِسائيُّ(2)(قَلِيلٌ)؛ لكونِهِ مُلحقًا بالفعْلِ لكونِهِ اسمَ الفعلِ فكَمَا لا يُوقَفُ فِي نحوِ" قَامَتْ وَبَعُدَتْ بالهاءِ فكَذا فيهِ والتعبيرُ عنِ التَّاءِ بالهاءِ كمَا فِي أكثرِ النُّسخِ باعتبارِ المَآلِ.
(وَفِي الضَّارِبَاتِ) أي: إبدالُها هاءً فيهَا، وفِي نحوِهَا كمَا حكَى قُطْرُبٌ(3)عنْ بعضِ طيّءٍ(4) (كيفَ البنُونَ والبَنَاهْ) مستندًا بكونِهَا مفيدةً لمعنَى التَّأنيثِ فتُشبِهُ المفردُ،(ضَعِيفٌ)؛ لأنَّها غيرُ خالِصَةٍ للتَّأنيثِ لِمَا فيهَا منْ معنَى الجمعيَّةِ أيضًا، واتَّفقُوا علَى الوقْفِ علَى تاءِ أختٍ تاءً معَ رائحَةِ التَّأنيثِ فيهَا؛ لتخالُفِهِ تاءَ التأنيث لفظًا باعتبارِ سكونِ مَا قبلَها وهيَ بمنزلَةِ لامِ الكلمَةِ؛ لكونِهَا بدَلاً منْها بخلافِ تاءِ الجمعِ؛ إذِ الألفُ بمنزلَةِ الفتْحةِ، وهيَ فيهِ زائدةٌ محضةٌ.
ص: 363
والفرقُ بينَ القليلِ والضَّعيفِ إنَّ الأوّلَ فصيحٌ قلَّ استعمالُه بِخلافِ الثَّاني.
(وَعِرْقَاتٌ(1)) بالكسرِ والسُّكونِ بمعنَى الأصلِ(2)(إِنْ فُتِحَتْ تَاؤُهُ فِي النَّصْبِ) أي: إنْ كانَ مُفردًا (فَبِالْهَاءِ) كَسِعْلاة(3)و(إِلاّ) يكُنْ مفتوحًا بلْ يكونُ مكسورًا كمَا هوَ شأنُ جمعِ المؤنّثِ (فَبِالتَّاءِ)؛ لكونِهِ جمعًا.
(وَأَمَّا ثَلاثَهَ أَرْبَعَهْ) أي: إبدالُ التَّاءِ عنْ ثلاثةٍ هاءً لا فِي حالةِ الوقفِ بلْ (فِيْمَنْ حَرّكَ) الهاءَ منْها، وأوصلَهَا بالرَّاءِ (فَلأَنَّهُ نَقَلَ حَرَكَةَ هَمْزَةِ الْقَطْعِ) أي: همزةُ أربعٍ إليْها (لَمَّا وَصَلَ) ثلاثهَ بأربعَهْ فهوَ فِي حُكمِ الوقْفِ فإنْ لمْ يوقفْ لفظًا فالوصلُ أُجريَ مجرى الوقْفِ وعلَى هذا يُقالُ: جاءَنِي ثلاثَهَ أربعَهْ، ومررْتُ بثلاثَهَ أربعَهْ بفتحِ هاءِ ثلاثَهَ، وهذا القولُ حكاهُ سيبويهِ(4) نَقَلَ المُبرِّدُ عنِ المازنيِّ منْعَ وقوعِهِ(5) (بِخِلافِ أَلمَ الله فَانِّهُ) عندَ المُصنِّفِ (لَمَّا وَصَلَ) وسقطتِ الهمزةُ وحركْتَها.
ص: 364
(الْتَقَى سَاكِنَانِ) ففَتحُوا المِيمَ لِما علمتْ خلافًا لصاحِبِ الكشَّافِ(1) كمَا مرَّ(2) وحكَى الكسائيُّ عنْ بعضِ العربِ سقوطَ همزةِ الوصْلِ فِي الدَّرجِ وبقاءِ حركتِهَا، ومنْهُ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمَ * الْحَمْدُ لِلَّهِ) الفاتحة/1-2. / 93، بفتحِ ميمِ (الرحيمَ) كما فِي القراءَةِ الشَّاذَّةِ(3).
ص: 365
(وَزِيَادَةُ الأَلِفِ) منْها يكونُ (فِي أَنَا) ضميرُ المتكلِّمِ، وفِي حيْهَلٍ أيضًا عندَ سيبويهِ(1)، وقالَ الكوفيونَ(2): ألِفُ أَنَا جزءُ الكلمَةِ (وَمِنْ ثَمَّ) منْ أجلِ زيادَةِ الألفِ آخرِ أَنَا وقْفًا (وُقِفَ عَلَى لَكِنَّا هُوَ اللهُ (3) بِالأَلِفِ)؛ لأنّهُ فِي الأصلِ (لكنْ أنَا) وهوَ ضميرُ الشَّأْنِ وأثبتَ ابنُ عامِرٍ(4) الألفَ فيهِ وصْلاً(5) أيضًا إيذانًا فِي أوَّلِ الأمرِ بأنَّ أصلَهُ (لكنْ أَنَا) بالتَّخفيفِ، وإنَّما لمْ يثبتْ غيرُه؛ لأنّهُ إنْ كانَ مُشدّدًا لمَا كانَ الضميرُ الواقعُ بعدَهُ مرفوعًا و(أنا) منفَصِلاً بلْ منصوبًا متَّصِلاً، نحو: لكنَّهُ وهذا كافٍ للإيذانِ بهِ، ولا يُقالُ: لعلَّ ضميرَ الشَّأنِ وهو
ص: 366
اسمُ (لكنْ) مَحذوفٌ وجُمْلَةُ (هُوَ اللهُ رَبِّي) خبرُهُ؛ لأنَّا نقولُ حذفُهُ منصوبًا ضعيفٌ إلاّ معَ (إن) إِذا خُففتْ صرَّحَ بهِ فِي مُقدِّمةِ الإعراب(1).
(وَمَهْ، وَأنَهْ قَلِيلٌ) يعني: حذفُ ألِفِ (ما) و(أنا) والوقوفُ عليهَا بِالهَاءِ، قليلٌ والأولُ: منقولٌ(2) عنْ أَبي ذُؤَيبٍ(3)، والثَّاني: مذهبُ بعضِ طيّءٍ(4).
(وَإِلْحَاقُ هَاءِ السَّكْتِ) منْهَا قِسْمانِ (لاَزِمٌ) وذلكَ يكونُ (فِي نَحْوِ: رَهْ وَقِهْ) فيْمَا كانَ علَى حرْفٍ واحِدٍ ولوْ بعدَ الإعلالِ، ولمْ يكُنْ كجُزءِ ما قبلَه بأنْ لا يكونَ قبلَه شيءٌ ليتحقَّقَ الابتداءُ بالمُتحرِّكِ والوقفُ علَى السَّاكنِ (وَمَجِيءُ مَهْ، وَمِثْلُ مَهْ) أي: وفِي نحوِهِمَا (فِي) قولِكَ (مَجِيءُ مَ جِئْتَ، وَمِثْلُ مَ أَنْتَ)
ص: 367
أي: فيْمَا يكونُ قبلَهُ كلمةٌ مستقلَّةٌ لا يكونُ كالجُزءِ منْهَا بِخلافِ ما إِذا كانتْ معَ ما قبلَها كلفظٍ واحِدٍ نحوِ: غُلامِي، وكَذا حتَّى ما؛ فإنَّهُ منَ القِسمِ الآتي.
(وَجَائِزٌ) وذلكَ يكونُ (فِي نَحْوِ: لَمْ يَخْشَهْ، وَلَمْ يَغْزُهْ، وَلَمْ يرْمِهْ(1)) فلكَ أنْ تلحقَهَا نظرًا إِلى أنَّ حركاتِهَا دالَّةٌ علَى المحذُوفِ، فلوْ وُقِفَ بالسُّكونِ ذهبَ الدليلُ والمدلُولِ وأن لا تلحقَها نظرًا إلى أنَّها ليستْ علَى حرفٍ واحِدٍ وهذهِ أمثلةٌ لمَا حُذِفَ آخرُهُ للجزْمِ (وَغُلامِيَهْ) عندَ منْ يحرّكُ ياءَ المُتكلِّمِ وهوَ مِثالٌ لِمَا لمْ يُحذفْ آخرُهُ وفِي نُسخةٍ (ضَرَبَنِيهْ، وعَلامَهْ، وحتّى مَهْ، وإِلامَهْ(2)) لِمَا حُذِفَ لا للجزمِ، ومعنى (نَحْوُ: لَمْ يَخْشَهْ) أي: (مِمَّا حَرَكَتُهُ غَيْرُ إِعْرَابِيَّةٍ) فتعرفُ بالعامِلِ ولا يحتاجُ إِلى البيانِ (وَلاَ مُشَبَّهَةٍ بِهَا) لجريِهِ مُجراهُ بِخلافِ مَا حركتُهُ إِعرابيَّةٌ ك-(جاءَنِي زيد) أوْ مُشبَّهَةٌ بِهَا (كَالْمَاضِي، وَبَابِ يَا زَيْدُ، وَلاَ رَجُلَ) فإنَّهُ لا يجوزُ إلحاقُها فِي هذهِ الصُورِ؛ إذْ لا اهتمامَ فِي حركتِهَا؛ لتغيُّرِها فيرتكبَ بزيادةِ حرفٍ لا معنَى لهُ ولأنَّها فِي اللأكثرِ منْ حرفٍ بلْ منْ حرفينِ فلا يلزمُ الابتداءُ بالسَّاكنِ، وإنَّما قلْنا: بأنّ حركةَ الماضِي وبابَ (يا زيدُ ولا رجلَ) مشبهَةٌ بِها؛ لأنَّ الأصلَ فِي البناءِ السكونُ، والفتحةُ/94حادِثةٌ فِي الماضِي تشبيهًا لهُ باسمِ الفاعِلِ، والضمَّةُ والفتحَةُ فيهَا بحدُوثِ (يا ولا) تزولانِ بزوالِهِمَا فتكونُ شبيهةً بالإعرابِ، وكَذا جائزٌ فيهِمَا (وَفِي نَحْوِ: هَهُناهْ، وَهَؤُلاَهْ) أي: وكَذا جائزٌ فيهِمَا وفِي وازيداهُ منَ الأسماءِ والحروفِ المبنيَّةِ التيْ تكونُ فِي آخرِها ألفٌ بشرطِ أنْ لا يورِثَ الالتباسَ بالمُضافِ ك-(فتاهُ وحبلاه).
ص: 368
(وَحَذْفُ الْيَاءِ) منْها، والوقفُ علَى ما قبلَها بالسُّكونِ يكونُ (فِي نَحْوِ: الْقَاضِي) أي: النَّاقِصِ الغيرِ(1) المُنوَّنِ (وَغُلامِي) أي: ياءُ المُتكلِّمِ فِي الاسمِ بشرطِ تحريكِ مَا قبلَ آخرِهِمَا سواءً (حُرّكَتْ) ياءُ المتكلِّمِ حالَ الوصلِ (أَوْ سُكَّنَتْ)؛ إذِ الياءُ المكسورُ مَا قبلَها ثقيلةٌ، فيقالُ: جاءَنِي القاضْ، وغُلامْ بسُكونِ آخرِهِمَا، وإنْ كانتِ الياءُ فِي الفعلِ فالحذفُ حَسَنٌ ك-(أَكْرَمَنِ)الفجر/15،و(أَهَانَنِ)الفجر/16 بسُكونِ النُّونِ فيهِمَا، والظاهِرُ منَ المِفْتاحِ والمفصَّلِ(2) إنَّها لا تُحذفُ عندَ منْ حرَّكَها فِي الوصلِ ولعلَّ ذلكَ؛ لأنَّ سَبَبَ الحذْفِ هوَ الفرقُ بينَ الوصلِ والوقفِ، وهوَ حاصلٌ إذا تحركتْ بإسكانِهَا.
(وَإِثْبَاتُهَا) أي: الياءُ فِي القاضِي وغلامِي (أَكْثَرُ) منْ حذفِها؛ إذِ الياءُ ساكنةٌ والسُّكونُ مطلوبٌ فِي الوقْفِ، هذا كلُّه إنَّما هوَ فِي حَالَتَي الرَّفعِ والجرِّ أمَّا حالةُ النَّصبِ فالإثباتُ والسُّكونُ اتِّفاقًا (عَكْسُ قَاضٍ) أي: النَّاقصُ المُنونُ فإنَّ حذفَها فيهِ أكثرُ منْ إثباتِهَا بشرطِ أنْ لا يكونَ منصوبًا فإنَّ تنوينَ منصوبِهِ تُقلبُ ألفًا وجوبًا خلافًا لبنِي ربيعة(3)، وقرأَ ابنُ كثيرٍ(4):(وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي)الرعد/7، (وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالِي)الرعد/11 لزوالِ مُوجِبِ حذفِ الياءِ عندَ الوقفِ، وأمَّا السَّاكنُ ما قبلَ آخرِهِ كظبْي، ودلْوٍ فهوَ كالصحيحِ.
ص: 369
(وَإِثْبَاتُهَا فِي نَحْوِ: يَامُرِي اتِّفَاقٌ)؛ لأنَّهُ فِي الأصلِ (مُرْئِي) كمُكْرِمٍ نُقلتْ كسرةُ الهمزةِ إِلى الراءِ وحُذفتْ، وحُذفتْ ضمَّةُ(1) الياءِ استثقالاً فلوْ حُذفتِ الياءُ منهُ لزمَ الحذفُ بعدَ الحذفِ بلا علَّةٍ موجبةٍ لهُ، وبقاءُ الكلمَةِ علَى حرفٍ واحِدٍ أصليٍّ بخلافِ جاءَني مرّ بالحذفِ فإنَّ الحذفَ إذنْ مقتضي الإعلالِ للتنوينِ، وأمَّا غيرُهُ منَ الأسماءِ النَّاقصةِ التيْ يدخلُها حرفُ نداءٍ، نحوُ: يا قاضي، فذهبَ الخليلُ(2)، والمبرِّدُ(3) إِلى اثباتِ الياءِ، ويونسُ(4) إلى حذفِهَا؛ لبقاءِ الكلمةِ بعدَ الحذفِ علَى حرفينِ أصليينِ، وقوَّاهُ سيبويهِ(5) أيضًا، وقلبُهَا ألفًا فِي نحوِ: يا غُلامَا، وحذفُها فِي نحوِ: يا غُلامِ، أكثرُ.
(وَإِثْبَاتُ الْوَاوِ وَالْيَاءِ) السَّاكنتينِ فِي الفعلِ النَّاقصِ ك-(يدعُو، ويرْمِي) لا الألفُ ك-(يرضى).
(وَحَذْفُهُمَا فِي الْفَوَاصِلِ، وَالْقَوَافِي) فِي مقاطعِ الآي وأَواخِرِ الأبياتِ (فَصِيحٌ) أمّا الإثباتُ/95؛ لِئلاّ يلتبسَ بالمجْزُومِ وأمَّا الحذفُ فلمُراعاةِ التَّجانُسِ، نحوُ:(وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ) الفجر/4، وفِي غيرِهَا تعيّنَ الإثباتُ إلاّ مخالفًا للقياسِ، نحوُ: (مَا كُنَّا نَبْغِ)الكهف/64 (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ)هود /105.
ص: 370
(وَحَذْفُهُمَا فِيْهِمَا) أي: الواوُ والياءُ فِي الفَواصِلِ والقَوافِي (فِي نَحْوِ: لَمْ يَغْزُوا، وَلَمْ تَرْمِي) أي: الجمعُ المذكَّرُ والواحِدَةُ المُخاطَبَةُ (وَصَنَعُوا قَلِيْلٌ)؛ لئلاَّ يلزمَ الالتباسَ، وفِي غيرِهَا لا يجوزُ ونُسبَ إِلى سيبويهِ:
[لا يُبْعِدُ الله أصْحَاباً تَرَكْتُهُمُ] *** لمْ أدْرِ بَعدَ غَداةِ البَيْنِ ما صَنَعْ(1)
(وَحَذْفُ الْوَاوِ) وإسْكانُ ما قبلَها واجبٌ وقْفًا، (فِي نَحْوِ: ضَرَبَهُ، وَضَرَبَهُمْ فِيمَنْ أَلْحَقَ) الواوَ بهِمَا وصْلا، يقول: ضَرَبهو، وضَرَبَهمو كما يقولُ: منْ لمْ يلحقْها بهِمَا، فيقالُ: ضَرَبَهْ، وضَرَبَهُمْ بسُكونِ آخرِهِمَا، هكَذا فسّرهُ بعضُ الشَّارحينَ(2) اقتداءً بالمُفصَّل(3)، وعندَ الش الرضيِّ "رض" ومنْ تبِعَه (فِيْمَنْ أَلْحَقَ) مُتعلّقٌ بالأخيرِ والأوّلُ أي: ضميرُ المُفردِ لا بدَّ لهُ منَ الصِّلةِ إلاّ أنْ يُضطرَّ الشَّاعرُ، وأمَّا غيرُ المتحرِّكِ مَا قبلَهُ فإنْ كانَ ما أصلُهُ غيرُ صحيحٍ فلا يُتلفَّظُ بالصلةِ اتِّفاقًا ك-(عَصَاهْ، وذو قوَّهْ) وفيهِ وإلاّ فتلفَّظَ بِها سيبويهِ:
ص: 371
ك-(أَصَابَتَهٌو، ومِنْهُو) خلافًا للمبرِّدِ؛ لأنَّ الهاءَ لخفائِهَا كالعدَمِ فكأنَّهُ يلتقِي السَّاكنانِ بِخلافِ الألِفِ فِي نحوِ: منْهَا، وعليْهَا فإنَّهُ يُتَلَفَّظُ بها بلا خلافٍ(1).
(وَالْيَاءُ فِي(2) تِهِ، وَهَذِهِ) والوقفُ عليهِمَا بالسُّكونِ واجبٌ، وقدْ يُحذفُ وصْلاً أيضًا علَى قلّةٍ، ثُمَّ لا يخفَى أنَّ حذفَ الواوِ والياءِ وإثباتَهُما مطلقًا علَى مَا قرَّرْنا وجهٌ واحِدٌ مختلِفُ المَحَلِّ، والوُجوهُ إِحْدى عَشَرَ كمَا قُلْنا، وبهِ ذهبَ الأكثرُ وجعلَ الفاضِلُ المترجِمُ(3) اثباتَهُما وحذفَهُما فِي الفَواصِلِ والقَوافِي وجْهًا آخرَ، وكَذا حذفُهُما فِي نحوِ ضربَهْ، وتِهْ، وذِهْ والوجُوهُ عندهُ ثلاثةُ عشَرَ.
(وَإِبْدَالُ الْهَمْزَةِ) الواقعَةِ آخرَ الكلمَةِ (حَرْفًا مِنْ جِنْسِ حَرَكَتِهَا) منْهَا (عِنْدَ قَوْمٍ) أي: ليسَ ذلكَ الوجْهُ باتِّفاقيٍّ للكلِّ وهوَ يكونُ فيْمَا كانَ قبلَ الآخِرِ فيهِ مفتوحًا أوْ ساكِنًا فإنْ كانَ مفتوحًا بقيَ علَى حالِهِ، وإنْ كانَ ساكنًا وهوَ الأكثرُ سُكِّنَ الآخرُ وحُوِّلتْ حركتُهُ إليهِ سواءٌ كانَ ما قبلَهُ مفتوحًا أوْ مضمُومًا أوْ مَكْسورًا.
(مِثْلُ: هَذَا الْكَلَوْ) بفتحِ الكافِ واللامِ وسُكونِ الواوِ وقفًا، فِي هَذا الكََلأ كالفَرَسِ، وهوَ العِشْبُ (وَالْخَبُوْ) بفتحِ الخاءِ المُعجمَةِ، وضمِّ الموحَّدةِ فِي الخَبْأِ كالفَلْسِ، وهوَ مَا خَبِيَ.
(وَالْبُطُوْ) بالضمَّتينِ فِي البُطْؤِ كالقُفْلِ (وَالرِّدُوْ) بكسرِ الراءِ وضمِّ الدالِ و سكونِ الثانِي فِي الرِّدْءِ كالحِبْرِ (وَرَأَيْتُ الكَلا، وَالخَبَا، وَالبُطَا، وَالرِّدَا) بفتحِ مَا قبلَ الآخِرِ فِي الأوَّلِ أصالةً والبواقِي انْتقالاً.
ص: 372
(وَمَرَرْتُ بِالكَلَيْ، وَالْخَبِيْ، وَالبُطِيْ، وَالرِّدِيْ) بكسرِ ما قبلَ الآخِرِ /96 لا فِي الأوَّلِ فانَّهُ فيهِ مفتوحٌ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هَذا الرِّدِيْ) بالكسرتينِ بإبدالِ الهمزةِ ياءً رفعًا (وَمِنَ البُطُوْ) بالضمّتينِ، بإبدالِ الهمزةِ واوًا جرًّا فيتبِعُ حركةَ مَا قبلَ السَّاكنِ، وهمْ ناسٌ منْ بنِي تميم(1).
(وَالتَّضْعِيْفُ) معَ السُّكونِ فيْها يكونُ (فِي الْمُتَحَرِّكِ الصَّحِيحِ غَيْرِ الْهَمْزَةِ الْمُتَحَرِّكِ مَا قَبْلَهُ، نَحْوُ: جَعْفَرّ) بتشديدِ الراءِ وقفًا، وإنْ لمْ يوجَدْ إحدى تلكَ الشرائِطِ الأربَعِ ك-(ضربْتُ، والقاضِي، والكَلأ، وبَكْر) لا يضعَّفُ لكونِ الوقفِ بالتَّضعيفِ كالعِوضِ عنِ الحركَةِ السَّاقِطَةِ بسببِ الوقفِ، والتَّضعيفُ فِي حرْفِ العلَّةِ ثقيلٌ، وكَذا اجتماعُ الهمزتينِ وثلاثُ سواكنٍ، وأَجازَهُ عبدُ القاهِرِ(2) فِي سعيدّ، وثمودّ(وَهُوَ) أي: التَّضعيفُ (قَلِيْلٌ)؛ لأنَّهُ تثقيلٌ فِي موضِعِ التَّخفيفِ، وهوَ لا يكونُ فِي المنْصُوبِ المُنوَّنِ إِلاّ عندَ ربيعة(3) القائلةِ بحذْفِ التَّنوينِ وغيرِهِمْ يَقلِبُونَ التَّنوينَ ألفًا فلا تضعيفَ.
(وَنَحْوُ: القَصَبَّا) فِي قولِ الشَّاعرِ:
[كأنّهُ السيلُ إذَا اسْلَحَبَّا] *** أوْ كَالحَرِيقِ وافَقَ القَصَبَّا(4)
(شَاذٌّ ضَرُورَةً) فِي الشِّعرِ وإلاّ فقلبُ التَّنوينِ ألفًا كما مرّ كافٍ؛ إذِ التَّضعيفُ لبيانِ حركَةِ الوصلِ كالرَّومِ والإشمامِ، وعندَ التحرُّكِ لا حاجةَ إليهِ.
ص: 373
(وَنَقْلُ الْحَرَكَةِ) منْها مطلقًا عنِ الموقُوفِ عليهِ إِلى السَّابقِ عليهِ للجمعِ بينَ السُّكونِ، وبيانُ الحركَةِ يكونُ (فِيْمَا قَبْلَهُ) فِي آخَرَ قبلَهُ (سَاكِنٌ)؛ ليقبلَ تلكَ الحركَةَ بشرطِ أنْ لا يكونَ مُدغمًا فيلزمُ فكُّ الإدغامِ كالشدِّ والمدِّ (صَحِيْحٌ) بخلافِ زيدٍ؛ لثقَلِ الحَرَكَةِ علَى حرفِ العلَّةِ سواءٌ كانَ الآخِرُ همزةً أوْ لا بشرطِ أنْ لا يؤدِي إِلى حُبِك ودِئُل (إِلاّ الْفَتْحَةَ) عندَ البعضِ(1)، فإنَّها لا تنتقلُ فِي أيِّ حرفٍ كانَ بلْ يُغتفَرُ حذفُها لخِفَّتِها.
(إِلاّ فِي الْهَمْزَةِ) فإنَّ فتحتَها تُنقلُ إِلى مَا قبلَها بشرطِ السُّكونِ والصَّحةِ وأنْ لا يكونَ منونًا (مِثْلُ هَذا بَكُرْ، وَخَبُؤ) كعَضُدٍ بسكونِ الآخِرِ لانتقالِ ضمَّةِ آخرِهِ إِلى مَا قبلَهُ (وَمَرَرْتُ بِبَكِرْ، وَخَبِئْ) ككَتِفٍ بسُكونِ الآخِرِ (وَرَأَيْتُ الْخَبَأْ) كالفَرَسِ.
(وَلاَ يُقَالُ: رَأَيْتُ الْبَكَرْ) كالفَرَسِ؛ إذْ ليسَ آخرُهُ همزةً فتنقلُ فتحتُها إِلى العينِ (وَلاَ هَذَا حِبُرْ) كحِبُكْ (وَلاَ مِنْ قُفِلْ) كدُئِلْ لِمَا ذُكِرَ (وَيُقَالُ: هَذَا الرِّدُؤْ، وَمِنَ الْبُطِئْ)/97، أي: و(2)منْهُم منْ يجوِّزُ نقلَ حركةِ الآخِرِ إنْ كانَ همزةً إِلى مَا قبلَهُ للتَّخفيفِ، وإنْ أدَّى إِلى حِبُكْ، ودُئِلْ.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَفِرُّ) منْهُما فِي المهمُوزِ أيضًا (فَيُتْبِعُ) بجعْلِ الحركَةِ المنقُولَةِ إِلى العينِ تابعًا إِلى حركَةِ الفاءِ، فيقولُ: هذا الرِّدِئْ بالكسرتينِ، ومنَ البُطُؤْ بالضمَّتينِ.
ص: 374
(الْمَقْصُورُ: مَا) اسمٌ مُتمكِّنٌ (آخِرُهُ أَلِفٌ) للتَّأنيثِ، أوْ للإلحَاقِ، أوْ منقلبَةٌ عنْ واوٍ أوْ ياءٍ أصليَّتينِ (مُفْرَدَةٌ) بلا همْزةٍ معَها (كَالْعَصَا(1)، وَالرَّحَى) فنحوُ: رَمَى، وإِلاّ، ومَا، وزيدا وقفا، وبُطُؤ، وصحراءَ ليسَ مقصورًا؛ لأنَّ الأوليينِ: ليسَا باسمٍ، والثَّالثُ: بمتمكَّنٍ، والرَّابعُ: ألفَهُ منقلَبةً عنِ التَّنوينِ وهوَ عارضٌ للكلمَةِ، والخَّامسُ: آخرُهُ همزةٌ، والسَّادسُ: ألفُهُ ليستْ بمفردَةٍ.
(وَالْمَمْدُودُ: مَا كَانَ بَعْدَهَا)، بعدَ الألِفِ، وهِيَ زائدةٌ (فِيْهِ) فِي آخِرِهِ (هَمْزَةٌ) منقلبَةٌ عنْ واوٍ أوْ ياءٍ وعنْ ألِفٍ يكُونُ للتَّأنيثِ، أوْ للإلحَاقِ (كَالكِسَاءِ، وَالرِّدَاءِ) والحمْراءَ، والعِلبَاء، فنحوُ: جاءَ، وهؤلاءِ، وماءٍ، وجَاءٍ اسمِ فاعِلٍ ليْسَ
ص: 375
بممدودٍ؛ إذِ الأوَّلُ فِعْلٌ والثَّانِي غيرُ مُتمكِّنٍ، والثَّالثُ ألِفُهُ غيرُ زائِدَةٍ، والرابعُ همزتُهُ فِي الوسَطِ وإنْ أُطلِقَ عليْهَا: المقصورَ والممْدودَ فَعلَى سبيلِ المُسامَحَةِ(1).
ووجْهُ التسميةِ: إنَّ الأَلفَ فِي الثَّانِي تُمَدُّ للهمزةِ بخِلافِهَا فِي الأَوَّلِ، والحقُّ عندَ سيبويهِ(2)ومنْ تبِعَهُ أنَّ الهمزةَ فِي الأصلِ ألفُ تأنيثٍ كحُبْلَى، زيدتْ قبلَها ألفٌ كمَا فِي كتابٍ، وحُركتِ الثَّانيةُ؛ لالتقاءِ السَّاكنينِ ولم يتحركِ الأُولى ولمْ يُحذفْ؛ لِئلاّ يفوتُ غرضُ المَدِّ ولمْ تُقلبِ الثَّانيةُ واوًا أوْ ياءً؛ لأنَّهُما فِي مثلِ هذا الموْضِعِ تُقلبانِ ألفًا ككِساءٍ ورِداءِ، ثُمَّ كلٌّ منهُمَا قياسيٌّ وسماعيٌّ.
(وَالْقِيَاسِيُّ مِنَ الْمَقْصُورِ مَا(3)يَكُونُ) ناقِصًا ويَكُونُ (قَبْلَ آخِرِ نَظِيْرِهِ مِنَ الصَّحِيْحِ فَتْحَةٌ، وَمِنَ الْمَمْدُودِ مَا يَكُونُ قَبْلَهُ أَلِفًا) أي: مَا قبلَ آخِرِ نَظيرِهِ منَ الصحيحِ وعَلى هَذا (فَالْمُعْتَلُّ الْلامِ مِنَ أَسْمَاءِ الْمَفَاعِيْلِ مِنْ غَيْرِ الثَّلاثِيِّ الْمُجَرَّدِ) مُطلقًا (مَقْصُورٌ، كَمُعْطًى، وَمُشْتَرًى)، ومُسْتَقْصى، ومُسَمّى، ومرامًى، ومُنْجلًى عنْهُ وغيرِهَا (لأَنَّ نَظَائِرَهَا) منَ الصحيحِ (مُكْرَمٌ، وَمُشْتَرَكٌ) بفتحِ مَا قبلَ الآخِرِ، وكَذا سائرُ الأمثلةِ، وعدمُ التَّصريحِ بمُستخْرجٍ مثلاً قرينةٌ علَى أنَّ مُسْتَقْصى ليسَ في المتنِ كمَا فِي بعضِ النُسخِ/98.
(وَأَسْمَاءِ الزَّمَانِ، وَالمَكَانِ، وَالْمَصْدَرِ) الميميِّ، وكَذا المعتلُّ اللامِ منْها مقصورٌ لكنْ لا اسمَ زمانٍ ومكانٍ ومصدرٍ ميميٍّ بلْ (مِمَّا قِيَاسُهُ مَفْعَل، أَوْمُفْعَل) أي: بفتحِ العينِ سواءٌ كانتِ الميمُ مفتوحَةً فإنَّ اسمَي الزمانِ والمكانِ
ص: 376
منْ منقوصِ الثُّلاثي والمَصدرِ الميميِّ منْ غيرِ الثُّلاثيِّ كك، أوْ مضمُومةً فإنّها منْ غيرِها علَى زِنةِ المفعُولِ منْ بابِهِ بخلافِ نحوِ: معْصِيَةٍ (كَمَغْزًى، وَمُلْهًى؛ لأَنَّ نَظَائِرَهُمَا) منْهُ (مَقْتَلٌ) بفتحِ الميمِ والتَّاءِ (وَمَخْرَجٌ) بفتحِ الميمِ وفتحِ الراءِ.
(وَالْمَصْدَرُ مِنْ فَعِلَ) كعَلِمَ (فَهُوَ أَفْعَلُ،أَوْ فَعْلانُ) مفتوحُ الفاءِ (أَوْ فَعِلٌ) ككَتِفٍ، أي: وكَذا المُعتلُّ اللامِ منَ المصدرِ منْ بابِ (فَعِلَ) وكانتِ الصفةُ المُشبَّهةُ علَى أَحَدِ تلكَ الأوْجُهِ الثَّلاثةِ فهوَ مقصورٌ (كَالعَشَى) قَالَ فِي القامُوسِ: سوءُ البصرِ بالليلِ والنَّهارِ عشَى كرضى، عشى وهوَ عَشٍ، وأَعْشى(1).
(وَالصَّدَى) العطشُ، قالَ فيهِ: صدًى كرضى، فهوَ صَدٍ وصَادٍ وصَدْيان(2) (وَالطَّوَى) قالَ فيهِ: رجلٌ طيّانٌ لمْ يأكُلْ شيئًا، طَوَى كرضى، طوَى وأَطْوَى، فهوَ طاوٍ وطَوٍ فإنْ تعمَّدَ ذلكَ فطوَى كرمى(3)؛ (لأَنَّ نَظَائِرَهَا) منَ الصحيحِ (الحَوَلُ، وَالعَطَشُ، وَالْفَرَقُ(4)) بالفتحتينِ فِي الجميعِ، يقالُ: حَوَلَ حوْلاً فهوَ أحولُ وعَطِشَ عَطَشًا فهوَ عطشَان وعطِشٌ وفَرَقَ فَرَقًا أي: خافَ فهوَ فرِقٌ؛ فاللفُّ والنشرُ(5) على ترتيبٍ، وإنْ قدَّمَ الطَّوَى علَى الصَّدَى كمَا فِي بعضِ النُّسخِ.
ص: 377
نعمْ إنْ قدَّمَ الفَرَقَ علَى العطشِ كمَا فِي المُفصَّلِ(1) لمْ يكُنْ علَى ترتيبٍ.
(فَعْلاَنُ، وَفَعِلٌ) وإنْ لمْ يكُنْ النَّعتُ علَى أحَدِ تلكَ الأوجُهِ فليسَ بمقصُورٍ كفَنَى فَنَاءً، فهُوَ فانٍ وكَذا إنْ لمْ يكُنِ الفاءُ والعينُ فِي المصدَرِ مفتُوحَينِ كخَزَى خِزْيًا كحِبْرٍ، فهو خَزْيانُ.
(وَالْغَرَاءُ) بفتحِ الغينِ المُعْجمَةِ قبلَ الراءِ والألفِ الممدُودةِ كمَا حكاهُ سيبويهِ(2) (شَاذٌّ)؛ لأنَّهُ مصدرَ غِرَى بالكسرِ فهوُ غَرٍ، والقياسُ غَرَى بالقصرِ(3).
(وَالأَصْمَعِيُّ يَقْصُرُهُ(4)) علَى القِياسِ (وَجَمْعِ فُعْلَةٍ) أي: وكَذا المعتلُّ اللامِ منْ جمعِ فُعْلَةٍ بالضمِّ والسُكُونِ (وَفِعْلَةٍ) بالكسرِ والسُّكونِ (كَعُرًى، وَجِزًى) جمعَي عُروةٍ، وجِزْيةٍ مقصورٌ (لأَنَّ نَظَائِرَهَا قُرَبٌ) كصُرَدٍ، جمعُ قُرْبَةٍ بالضمِّ بمعنَى الدُنُوِّ والقَرابَةِ فِي الرَّحِمِ (وَقِرَبٌ) كعِنَبٍ، جمعُ قِرْبَةٍ بالكسرِ ما يُسقَى بهِ بفتحِ مَا قبلَ الآخِرِ منْهَا.
(وَنَحْوُ: الإِعْطَاءِ، وَالرِّمَاءِ، وَالاشْتِراءِ، وَالاحْبِنْطَاءِ) منَ المصادرِ النَّواقصِ لا غيرَهَا كالمُرَاماةِ (مَمْدُودٌ/99؛ لأَنَّ نَظَائِرَهَا: الإِكْرَامُ، وَالطِّلابُ، وَالافْتِتَاحُ، وَالاحْرِنْجَامُ) ومَا قبلَ الآخِرِ فِي الجميعِ ألفٌ زائِدةٌ، وكَذا الانْجِلاءُ، والاسْتلقاءُ، والارْعُواءُ، والاحْوِيْواءُ.
ص: 378
(وَأَسْمَاءِ الأَصْوَاتِ) النَّواقِصِ (الْمَضْمُومِ أَوَّلُهَا، كَالعُوَاءِ) صوتُ الذِّئبِ (وَالثُغَاءِ) صوتُ الشَّاةِ(1)ممْدودٌ بِخِلافِ مفتوحِ الفَاءِ كالدَّواءِ.
(لأَنَّ نَظَائِرَهُمَا(2): النُّبَاحُ، وَالصُّرَاخُ) بالألِفِ قبلَ الآخِرِ (وَ) كَذا (مُفْرَدِ أَفْعِلَةٍ) النَّاقصِ (نَحْوُ: كِسَاءٍ) بكسْرِ الأوَّلِ، مفردُ أكسِيَةِ (وَقَبَاءٍ) بفتْحِهِ، مفردُ أقبيَةٍ، ممدودٌ (لأَنَّ نَظَائِرَهَا حِمَارٌ) بالكسرِ، وأَحْمِرةٌ (وَقَذَالٌ) بالفتحِ، وأَقْذِلَةٌ (وَأَنْدِيَةٌ شَاذٌّ) فِي جمعِ نَدَى بالقصرِ، والقِياسُ إنّهُ جمعُ نِداءٍ بالمَدِّ.
(وَالسَّمَاعِيُّ) منْها (نَحْوُ: الْعَصَا(3)،وَالرَّحَى، وَالْخَفَاءِ، وَالأَبَاءِ) القَصَبُ(4)بالفتحِ فِي الْجَميعِ (مِمَّا لَيْسَ لَهُ نَظِيْرٌ) أي: منَ ناقصٍ لا يكونُ لهُ نظيرٌ منَ الصَّحيحِ (يُحْمَلُ) النَّاقصُ (عَلَيْهِ) كمَا بيَّنَّا فِي القِياسيِّ.
(ذُو الزِّيَادَةِ: حُرُوفُها) أيْ: حروفُ الزِّيادةِ (الْيَوْمَ تَنْسَاهُ، أَوْ سَأَلْتَمُونِيْهَا، أَوِ السِّمَانَ هَوَيْتُ)، أوْ أَمانٌ وتَسْهيلٌ، أوْهمْ يتساءَلُونَ، أوْ لمْ يأْتِنا سهوٌ، ونحوُ ذلِكَ وقولُنَا: (حُرُوفُهَا) تلكَ العَشَرةُ (أيْ) هيَ (الْتِيْ لاَ تَكُونُ الزِّيَادَةُ لِغَيْرِ الإِلْحَاقِ، وَالتَّضْعِيْفِ إِلاَّ مِنْهَا) إِلاّ أنَّها لا تَكُونُ إِلاّ زائدةً؛ فإنَّها قدْ تكونُ بعضُ الأصُولِ فِي الكلِماتِ بلْ كلُّها ك-(سَأَلَ، ونَامَ) وههُنا كلامٌ، وهوَ: إنَّ
ص: 379
الزِّيادةَ لغيرِ التَّضعيفِ لا يكونُ إِلاّ منْهَا سواءٌ كانتْ للإِلحَاقِ كجدْوَلٍ، أوْ لا ك-(قَاتَلَ).
وأمَّا التِي تكُونُ لهُ قدْ تكُونُ منْهَا، وقدْ يكُونُ منْ غيرِهَا سواءٌ كانتْ للإِلْحاقِ ك-(شَمْلَلَ، وجلْبَبَ) أمْ لا ك-(جَمَّعَ وجَرَّبَ) بتشديدِ العينِ فيهِمَا، فلوْ لمْ يذكرِ الإلحَاقَ لكانَ أوْلى.
(وَمَعْنَى الإِلْحَاقِ: أَنَّهَا(1) زِيْدَتْ لِغَرَضِ جَعْلِ مِثَالٍ عَلَى مِثَالٍ أَزْيَدَ مِنْهُ؛ لِيُعَامَلَ مُعَامَلَتُهُ) فِي التَّصريفِ، والتَّصغيرِ، والتَّكسيرِ، وغيرِهَا، إنْ مسّتِ الحاجَةُ إِلى مِثْلِ ذلكَ التَّركِيبِ فِي شِعْرٍ وسَجَعٍ؛ ولِذا لا يُعلُّ ولا يُدغَمُ وقدْ تفيدُ الزِّيادةُ فِي تغْييرِ المعْنَى؛ فإنَّ معْنَى (حَوْقَلَ) غيرُ معْنى (حَقَلَ) بلْ قدْ يفيدُ أصلُ المعْنى كواوِ كوْكَبٍ فإنَّهُ بِدُونِهَا لا معنَى لهُ إِلاّ أنَّ إفادَتَها غيرُ مطَّرِدةٍ بِخِلافِ زِيادةِ هَمْزةِ (أَفْعَل) اسمِ تفْضيلٍ، ومِيمِ (مَفْعَلٍ) ونحوِهَا.
(فَنَحْوُ قَرْدَدٍ)/100وهوَ المَكانُ الغَلِيظُ(2)(مُلْحَقٌ) بجعْفَرٍ، ويُصغَّرُ تصغيرُهُ، ويكسَّرُ تكسيرُهُ (وَنَحْوُ: مَقْتَلٍ غَيْرُ مُلْحَقٍ) بهِ معَ مجيءِ مُقَيْتَلٍ ومُقَاتِلٍ (لِمَا ثَبَتَ مِنْ قِيَاسِهَا لِغَيْرِهِ) منْ قياسِ زِيادَةِ المِيمِ لِغيرِ الإِلْحَاقِ كدَلالَتِهَا علَى الْمصْدرِ والزَّمانِ والمَكانِ ولِمَا هوَ المشْهُورُ منْ أنَّ حرفَ الإِلحَاقِ لا يكُونُ فِي الأوَّلِ.
(وَنَحْوُ: أَفْعَلَ، وَفَعَّلَ، وَفَاعَلَ كَذَلِكَ) غيرُ مُلحَقٍ؛(لِذَلِكَ) لِمَا ثَبَتَ منْ قِياسِهَا لِغيْرِهِ (وَلِمَجِيءِ مَصَادِرِهَا مُخَالِفَةً) وذلِكَ دليلُ عدمِ الإِلحاقِ ومجِيءِ (إِفْعَالٍ، وَفَعَّالٍ، وَفَيْعَالٍ) كدِحْراجٍ لا يدلُّ علَى الإلْحاقِ؛ إذِ المُخالفَةُ فِي بعضِ
ص: 380
التَّصرُفاتِ يكفِي فِي عدمِ الإِلحَاقِ، وكَذا نحوِ: حِمَارٍ غيرُ مُلحقَةٍ بقمْطَرٍ؛ لأنَّهُ يُجمعُ علَى فَعَالِلَ كقَمَاطِرَ بخِلافِهِ.
(وَلاَ تَقَعُ الأَلِفُ لِلإِلْحَاقِ فِي الاسْمِ حَشْوًا) ثانِيةً كانتْ أوْ ثالِثَةً، أوْ رابِعَةً (لِمَا يَلْزَمُ) لوْ وقعتْ (مِنْ تَحْرِيْكِهَا) فِي التَّصغِيرِ، والتَّكسِيرِ وذلكَ مُستلْزِمٌ لانْقِلابِهَا ياءً كَكُتَيْبٍ، و ضُوَيْرِبٍ فِي كِتابٍ وضِيْرابٍ، أوْ واوًا ككُويْتِبٍ فِي كاتِبٍ وهَذا مُخِلٌّ بالتَّناسُبِ التَّامِّ بينَ المُلحَقِ والمُلحَقِ بهِ الذيْ فيهِ حرفٌ صحيحٌ قابِلٌ للحَرَكَةِ بلا قلْبٍ.
و(الاسْمِ) احترازٌ عنِ الفعْلِ كألِفِ (تَفَاعَلَ) فإنَّها للإلحاقِ ب-(تَفَعْلَلَ) عندَ المُصنِّف(1)؛ لأنَّ الفعْلَ لا يُصغَّرُ ولا يكسَّرُ و(حَشْوًا) عنِ الواقِعَةِ فِي الآخِرِ؛ فإنَّها قدْ لا تتحرَّكُ كسَلْمَى، وبُشْرَى ويكونُ الإعرابُ تقديريًّا، وأمَّا فِي الأوَّلِ فلا يقعُ لِئلاَّ يلزَمَ الابتداءُ بالسَّاكنِ وههُنا بحْثٌ وهوَ أنّ الألِفَ للإلْحاقِ، يقَعُ حشْوًا عنْدَ المُصنِّفِ(2) فِي مصدَرِ بابِ تَفَاعَلَ واسْمَي فاعِلِهِ ومفعُولِهِ ولوْ تَبَعًا وتُحذَفُ فِي التَّصغِيرِ وإِذا جازَ ذلِكَ فيْهَا فلِمَ لا يجوزُ أنْ يكونَ فِي عَلابِطٍ أيضًا للإلحاقِ بقَذْعَمَلٍ وتُحذَفُ فِي المُصغَّرِ وعُلِمَ منْ قوْلِهِ: (لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيْكِهَا) مُطلقًا، غيرُ صَحيحٍ، وفِي كِتابٍ وضِيْرابٍ للإِلحاقِ بقَمْطَرٍ، وقَرْطَعَبٍ، وتُقلبُ ياءً، وفِي خاتِمٍ للإِلحاقِ بجعْفَرٍ وتُقلَبُ واوًا.
ص: 381
(وَيُعْرَفُ الزَّائِدُ(1)) بوُجُوهٍ ثلاثَةٍ (بِالاشْتِقَاقِ، وَعَدَمِ النَّظِيْرِ، وَغَلَبَةِ الزِّيَادَةِ فِيْهِ) فِي ذلِكَ الحرْفِ الزَّائِدِ.
ومعنَى معْرفَةِ الزَّائدِ بالاشْتِقاقِ: هوَ أنْ يكُونَ فِي تلكَ الكلِمَةِ حرفٌ منْ تلكَ العَشَرَةِ وليْسَ فِي المُشتقِّ منْهُ ك-(ضَرَبَ، وضَارِبٍ، ويَضْرِبُ).
ومعْنَى عدمِ النَّظيرِ: إنَّ منْ حَكَمَ بأَصالَةِ حرفٍ أوْ زِيادَتِهِ لزمَ بناءٌ غيرُ موجُودٍ أوْ نادِرٍ فِي كَلامِهِمْ كنونِ/101 قُرُنْفُلٍ؛ فإِنَّهَا لوْ كانتْ أصليَّةً لزمَ بِناءُ (فُعُلُّلٍ) بضمِّ اللامِ المُشدَّدةِ.
ومعْنَى غَلَبةِ الزِّيادَةِ: إنّ الغَالِبَ فِي كَلامِهِمْ هوَ زيادَةُ هَذا الحرفِ كالهمْزَةِ إِذا وَقَعَتْ أوَّلاً بعدَهَا ثلاثةُ أُصُولٍ ك-(أَكْرَمَ، وأَحْمَرَ، واقشعرّ) .
والاشتقاقُ: إِمّا صغِيرٌ إِنْ كانَ بينَ اللفظينِ مُشارَكَةٌ فِي الحُروفِ، والمعْنَى، وترتيبِ الحُروفِ الأصليَّةِ ك-(ضربَ، وضَاربٍ).
أوْ كَبيرٌ إِنْ كانَ بينَهُما مُشارَكَةٌ فِي الأَولييْنِ فقطْ ك-(جَذَبَ وجَبَذَ).
أوْ أكبرُ إِنْ كَان فِي الثَّانِي، وإنْ كانَ بعْضُ الحُروفِ فِي أَحَدِهِمَا قريبًا منْ بعْضِ الحُروفِ فِي الآخَرِ مَخْرجًا ك-(نَعَقَ(2)، ونَهَقَ).
(وَالتَّرْجِيْحُ) لِدَليلِ زيادَةِ هَذا الحرْفِ أوْ أَصالَتِهِ، وزيادَةُ الآخَرِ يُطلَبُ (عِنْدَ التَّعَارُضِ) تَعارُضُ الاشْتقاقِ معَ أَحَدَ الأخيريْنِ أوْ أحدُهُمَا معَ الآخِرِ، ويُعرفُ بمُقتَضَاهُ كمَا سَيُفصِّلُهُ، وقُرِئَ (التَّرْجِيْحِ) بالجرِّ عطفًا علَى (الاشْتِقَاقِ) فيكونُ وجهًا رابِعًا.
ص: 382
(وَالاشْتِقَاقُ الْمُحَقَّقُ) أي: الواضِحُ القَريبُ الظَّاهِرُ (مُقَدّمٌ) علَى عَدَمِ النَّظيرِ، وغَلَبةِ الزِّيادةِ فإنْ دلَّ ذلكَ الاشتِقاقُ علَى زِيادَةِ حرفٍ فِي كلِمَةٍ حُكِمَ عليهِ بالزِّيادَةِ لِذلكَ الاشْتِقَاقِ، سواءٌ دلَّ عدمُ النَّظيرِ وغلبَةُ الزيادَةِ أيضًا علَى زيادَتِهِ أوْلا؛ (فَلِذَلِكَ حَكَمَ بِثُلاثِيَّةِ عَنْسَلٍ) وهيَ النَّاقَةُ السَّريعَةُ(1)؛ أي: بزِيادَةِ النُّون ِعلَى (فَنْعَلٍ) لاشتقاقِهِ منَ العَسَلانِ، وهوَ السُّرْعَةُ؛ لأنَّهُ(2) لوْ كانتِ النُّونُ أصليَّةً وكانَ علَى (فَعْلَلٍ) منَ العَنَسِ، وهيَ النَّاقةُ الصَلِبَةُ لزَمَ زيادَةُ اللامِ فِي الآخِرِ كزَيْدَلٍ وهوَ نادِرٌ؛ إذْ لِقائِلٍ أنْ يقُولَ كلٌّ منَ النُّونِ واللامِ أصليَّةٌ، (وَشَأْمَلٍ، وَشَمْأَلٍ) وهيَ رِيحُ الشَّمالِ(3)بِزيادَةِ الهمْزةِ فيْهِمَا علَى وزْنِ (فَأْعَلٍ، وفَعْأَلٍ)؛ لاشتقاقِهِمَا منْهُ، والزياداتُ فِي تلكَ الثَّلاثةِ لإلحاقِهَا بجعْفَرٍ (وَنِئْدِلٍ) الكَابوسُ(4)بِزيادَةِ الهمْزةِ علَى (فِنْعِلٍ) لاشتِقَاقِهِ منَ النَّدَلِ وهوَ الاخْتِلاسُ؛ لأنَّ النَّيْدَلاَنَ بِمعناهُ، والياءُ فيهِ زائِدةٌ لِكونِها معَ ثلاثَةِ أصُولٍ، وزِيدَتِ الهمزةُ لإلحاقِهِ بِزِبْرِجٍ، (وَرَعْشَنٍ) المُرتَعِشُ علَى (فَعْلَنٍ) منَ الرَّعَشِ(5) للإِلحاقِ بِجعْفرٍ (وَفِرْسِنٍ) مُقدَّم خَفِّ البعِيرِ(6)علَى (فِعْلِنٍ) منَ الفَرَسِ كالفَلْسِ بِمعنَى الدقِّ،
ص: 383
مُلحقٌ بِزِبْرِجٍ (وَبِلَغْنٍ) البلاغةُ علَى فِعَلْنٍ منَ البَلاغَةِ(1) مُلحَقٌ بقِِمَطْرٍ بِزيادَةِ النُّونِ فِي الجميعِ.
(وَحُطَائِطٍ، وَدُلاَمِصٍ، وَقُمَارِصٍ) الرَّجُلُ القصيرُ(2)، والبَرّاقُ(3)، واللبنُ الحامِضُ(4) على (فُعائِلٍ، وفُعَامِلٍ، وفُمَاعِل) منَ الحطِّ وهوَ القِصَرُ، والدّلَصُ وهوَ الدِّرعُ البرَّاقةُ، والقَرْصُ وهوَ الأخذُ بالمِخْلَبِ بضمِّ الأوائِلِ وكسرِ مَا قبلَ الأَواخِرِ (وَهِرْمَاسٍ) الأَسَدُ(5)على (فِعْمَالٍ) بكسرِ الفاءِ وسُكونِ العينِ منَ الهرْسِ وهوَ الدَّقُّ (وَزُرْقُمٍ) الأزْرَقُ منَ الزَرَقِ علَى (فُعْلُمٍ) ملحقٌ ببُرثُنٍ زيدتِ الميمُ فيْهَا (وَقِنْعَاسٍ) البعيرُ العَظيمُ(6) منَ القَعَسِ، وهوَ الثَبَاتُ علَى (فِنْعَالٍ) بِزيادَةِ النُّونِ/102علَى وزْنِ هِرْمَاسٍ (وَفِرْنَاسٍ(7)) كَهِرْمَاسٍ وزنًا، ومعنًى، واشتِقاقًا على (فِعْنَالٍ).
(وَتَرْنَمُوتٍ) ترنُّمُ القوْسِ منَ الرَنَمِ كالفَرَسِ، وهوَ الصَّوتُ(8) علَى وزْنِ (تَفْعَلُوتٍ) بفتْحِ الأوَّلِ والثَّالثِ وسُكُونِ الثَّانِي وضمِّ الرابِعِ.
(وَكَانَ) عطفُ علَى (حَكَمَ)
ص: 384
(أَلَنْدَدٌ) بسكُونِ الثَّالثِ وفتحِ البَواقِي، الشَّديدُ الخُصُومَةِ (أَفَنْعَلاً) منَ اللَدَدِ، وهو شدَّةُ الخُصومَةِ(1) لا (أَفَعْلَلاً) منَ اللندِ لا (فعنللا) منَ الأَلَدِ (وَمَعَدٌّ) بفتحِ الميمِ والعيْنِ وتشْديدِ الدَّالِ لِمعدٍّ بنِ عدنانَ أَبِي العَرَبِ(2) (فَعَلاًّ) بِزيادَةِ إِحْدى الدَّالينِ كمَا ذهبَ إِليهِ سيبويهِ لا (مَفْعَلاً) معَ كثْرةِ مجيئِهِ (لِمَجِيءِ تَمَعْدَدُوا(3)) فِي قوْلِ عُمَرَ، حيْثُ قالَ (اخْشوْشِنُوا وَتَمَعْدَدُوا)(4) أي: تَشبَّهُوا بمَعَدٍّ بنِ عدنانَ ودَعُوا التنعُّمِ وزِيِّ العَجَمِ، فلوْ حَكَمَ بِزيادَةِ الميْمِ لزمَ بناءُ (تَمَفْعَلٍ) فهوَ لا نظِيرَ لهُ كما صرَّح بهِ سيبويهِ(5).
(وَلَمْ يُعْتَدَّ بِتَمَسْكَنَ، وَتَمَدْرَعَ، وَتَمَنْدَلَ)، وَتمَغْفَرَ بِزِيَادَةِ الميْمِ فيْهَا اتِّفاقًا (لِوُضُوحِ شُذُوذِهِ) شُذوذُ كلٍّ منْهَا، والفصيحُ: هوَ تَسكَّنَ، وتدرَّعَ، وتندَّلَ، وتغَفَّرَ
ص: 385
بِتشْديدِ مَا قبْلَ الآخِرِ فيْهَا فَلا يَردُ أنَّ (تَمَفْعَلا) ليسَ ممَّا لا نظيرَ لهُ، ومنْ قالَ: تَمسْكَنَ إِلى آخرِهِ كأنَّهُ توهَّمَ أصالَةُ الميمِ فيْهَا؛ فمِسْكينٌ عندهُ (فِعْلِيْلٌ)، وكَذا مِنْدِيْلٌ، ومِدْرَعَةٌ (فِعْلَلَةٌ)، ومغفُورٌ (فَعْلُولٌ).
(وَمَرَاجِلُ) بفتْحِ الميمِ وكسْرِ الْجيمِ، جمعُ مُرْجَلٍ بالضمِّ والسُّكونِ والفتحِ، ثوبٌ(1).
(فَعَالِلا(2)) لا (مَفَاعِلا) بزيادَةِ الميمِ فِي الأوَّلِ كمَا تقتضِيْهُ غَلَبةُ الزِّيادةِ؛ إذا كانَ بعدَها ثلاثةُ أحرُفٍ لقولِهِمْ وفِي بعْضِ النُّسخِ: (لِمَجِيءِ ثَوْبٌ مُمَرْجَلٌ) ذُو صُوَرٍ فلوْ كانتِ الميمُ زائدِةً لكانَ (مُمَفْعَلاً) ولمْ يوجَدْ.
(وَضَهْيَأَ) بفتحِ الضَّادِ المُعجمةِ والتَّحتانيَّةِ قبلَ الهمزةِ وسُكونِ الهاءِ فِي الوسَطِ، المرأَةُ المُشبَّهةُ بِالرَّجُلِ(3) (فَعْلأَ) عندَ سيبويهِ(4) بِزيادَةِ الهمزَةِ لا (فَعْلَلا) كجَعْفَرٍ ولا (فَعْيَلاً) كما اختارَهُ الزَّجَّاجُ(5)(لِمَجِيءِ ضَهْيَاءَ) كَحَمْراءَ للتيْ لا تحيضُ للاتِّفاقِ علَى عدَمِ انْصِرافِهِ للمدُودَةِ وعدَمِ مجِيءِ (فَعْيَال)
ص: 386
(وَفَيْنَانٌ فَيْعَالاً) منَ الفَنَنِ بِزيادَةِ الياءِ، وهوَ الغُصنُ والشَّعرُ، يقالُ: رجلٌ فَينَانٌ أي: حَسِنُ الشَّعرِ طويلُهُ لا (فَعْلانًا) منَ الفيْنِ للسَّاعَةِ كمَا اخْتارهُ الجَوهَريُّ(1) معَ غَلَبةِ زيادَةِ الألِفِ والنُّونِ بعدَ الأَلفِ (لِمَجيءِ فَنَنٍ) للغُصْنِ؛ فاشتِقاقُهُ منْهُ أوْلى وأثبتُ منَ اشتقاقِهِ منْهُ فلا (فَعْلالاً) كخَلْخَالٍ؛ لنَدْرتِهِ فِي غيرِ المُضاعَفِ.
(وَجُرَائِضٌ) بضمِّ الجيمِ وكسْرِ التَّحتانيَّةِ المُنقَلِبَةِ همزةً قبلَ النِّهايةِ المُعجَمَةِ، الإِبِلُ الضَخيمُ(2)، (فُعَائِلاً) لا (فُعَالِلاً) معَ غَلَبَتِهِ كعُلابِطٍ؛ (لِمَجِيءِ جِرْوَاضٍ) بِمعنَى جُرائِضٍ(3)/103وليس فيه همزة.
(وَمِعْزًى) بكسْرِ الميْمِ وسُكونِ العيْنِ قبلَ الرَّاءِ المُعجَمَةِ (فِعْلًى) بأَصالَةِ الميمِ وزِيادةِ المقْصُورةِ لا (مِفْعَلاً) ولا (فِعْلَلاً) كدِرْهَمٍ معَ غَلَبَتهِ(4)؛(لِقَوْلِهِمْ مَعْزٌ) والميمُ فيهِ أصليَّةٌ اتِّفاقًا،(وَسَنْبَتَةٌ) بسُكونِ النُّونِ بينَ السينِ والمُوحَّدةِ المَفْتوحَتيْنِ، حيْنٌ منَ الدَّهرِ(5) (فَعْلَتَةً) لا (فَعْلَلَةً) ولا (فَنْعَلَةً)؛ (لِقَوْلِهِمْ: سَنَبٌ)
ص: 387
لبُرهَةٍ منَ الدهرِ، قالَ الش الرضيُّ: لا منعَ منَ الحُكمِ بِزيادَةِ نونِهِ؛ لأنَّ السَّبْتَ أيضًا هوُ الحِينُ منَ الدَّهرِ(1).
(وَبُلَهْنِيَةٌ) بضمِّ المُوحَّدةِ وفتْحِ اللامِ وسُكونِ الهاءِ وكسرِ النُّونِ وفتحِ التَّحتانيَّةِ، سُهولَةُ العيْشِ(2)(فُعَلْنِيَةً) لا (فُعَلْلِلَةً) ولا (فُعَلْلِيَةً)؛ لأنَّها مأْخوذةٌ (مِنْ قَوْلِهِمْ: عَيْشٌ أَبْلَهُ) كأَحمرَ، أي: أوسَعُ، فغيرُ الثَّلاثةِ الأُوَلِ زائِدةٌ.
(وَالعِرَضْنَةُ) بكسرِ العيْنِ وفتحِ الرَّاءِ وسُكونِ الضَّادِ الُمعجمَةِ وفتحِ النُّونِ، النَّاقةُ الماشِيةُ عرضَ الطَّريقِ(3) (فِعَلْنَةً) معَ نُدورِهَا لا (فِعَلَلَةً) معَ شُيوعِهَا كقِمَطْرَةٍ؛ (لأَنَّهُ مِنَ الاعْتِرَاضِ) وهوَ (افْتِعَالٌ) اتِّفَاقًا.
(وَأَوَّلُ(4) أَفْعَلَ) لا (فَوْعَلَ) كمَا قالَهُ الكُوفيُّونَ(5) معَ غَلَبةِ زِيادَةِ الواوِ الثَّانيةِ فِي الكَلِمةِ بعْدَ الهمْزةِ؛ (لِمَجِيءِ الأُوْلَى) فِي الواحِدَةِ (وَالأُوَلِ) في جمعِهَا كمَا هوَ شأْنُ (أَفْعَلَ) التَّفضيلِ لا أوَّلةً وأَوائِلَ كمَا هوَ مقتضَى (فَوْعَل) نحوُ: جَوْهَرٍ، وجَوَاهِرَ، ثُمَّ اخْتلفُوا فِي أصْلِهِ (وَالصَّحِيْحُ إنّهُ مِنْ وَوَلَ) بِمعنَى سَبَقَ
ص: 388
فأُدغِمتِ الواوُ فِي الواوِ بعْدَ زِيادَةِ الهمْزَةِ،(لاَ مِنْ وَأَلَ) بِمعنَى تَبَادَرَ ولا مِنْ آلَ بمعنَى رَجَعَ؛ فيلزمُ الشُّذوذُ وهو قلبُ الهمزةِ واوًا(1).
(وَإِنْقَحْلٌ) بكسرِ الهمزةِ وسُكونِ النُّونِ وفتحِ القَافِ و سُكونِ الحاءِ، الشَّيخُ اليابِسُ(2) (إِنْفَعْلاً) لوُضوحِ اشتقاقِهِ (مِنْ قَحَلَ، أَيْ: يَبَسَ) لا (إِفْعَلاّ) بتشديدِ اللامِ وأَصالةِ النُّونِ كإِصْطَبْلٍ معَ غلَبَةِ زِيادةِ الهمْزةِ فِي أوَّلِ الرُّباعِيِّ وَلا (فِعْلَلاً) كقِرْطَعْبٍ.
(وَأُفْعُوَانٌ) بسُكونِ الفاءِ بيْنَ الهمْزةِ والعيْنِ المضمُومتيْنِ، ذكَرُ الأفْعَى (أُفْعُلانًا) لا (أُفْعُوالاً)؛ لعدَمِ مجيئِهِ ولا (فُعْلُوانًا)؛ (لِمَجِيءِ أَفْعًى) فِي مُؤنَّثهِ علَى (أَفْعَلٍ).
ص: 389
(وَإِضْحِيَانُ) بكسْرِ الهمْزةِ والحاءِ وسُكونِ الضَّادِ المُعجمةِ بينَهُما، يُقالُ: يومٌ إِضْحِيَانٌ، أي: يومٌ لا غَيمَ فيهِ (إِفْعِلانًا) لا (فِعْلِيَانًا ولا (إِفْعِيَالا)؛ لوضوحِ كونِهِ مُشتقًّا (مِنَ الضُّحَى)؛ ولعدمِ ثُبوتِهِمَا.
(وَخَنْفَقِيْقٌ) بفتحِ الخاءِ المُعجمَةِ والفَاءِ وسُكونِ النُّونِ بينَهُما، الدَّاهيةُ(1)(فَنْعَلِيلاً) لا (فَعْلَلِيْلاً)؛ لوُضوحِ اشتقَاقِهِ (مِنْ خَفَقَ) إِذا اضْطربَ.
(وَعَفَرْنَى) بفتْحِ العيْنِ والفاءِ وسُكونِ الرَّاءِ قبلَ النُّونِ، الأَسدُ القَوِيُّ(2)(فَعَلْنى) بِزيادَةِ النُّونِ، والأَلفُ للألحاقِ/104بِسَفرجَلٍ معَ نُدرتِهِ؛ لوضوحِ اشْتقاقِهِ (مِنَ العَفَرِ) وهوُ التَّمريغُ بالتُّرابِ لا(فَعَلْلَى) فيكونُ الألِفُ للتَّأنيثِ، ويكونُ غيرُ منصرِفٍ، هذا حكْمُ الاشْتقَاقِ بالقِياسِ إِلى قِسمَيْهِ أعنِي: عدمَ النَّظيرِ، وغلَبةَ الزيادَةِ، وأمّا بِالقياسِ إِلى اشْتقاقٍ آخَرَ.
(فَإِنْ رَجَعَ إِلَى اِشْتِقَاقَيْنِ وَاضِحَيْنِ) بلا مُرجِّحٍ (كَأَرْطًى) شجَرٌ يُدبغُ بِورقِهِ(3) (وَأَوْلَقٍ) الجُنونُ (حَيْثُ قِيْلَ) فِي الأوَّلِ (بَعِيْرٌ آرِطٌ) كفَاعِلٍ (وَرَاطٍ) كقَاضٍ إِذا أَكَلَ الأَرْطَى (وَأَدِيْمٌ) جِلدٌ (مَأْرُوطٌ وَمَرْطِيٌّ) كمفعُولٍ، ومقفيٌّ إِذا دُبِغَ بهِ (وَ) فِي الثَّانِي (رَجُلٌ مَأْلُوقٌ، وَمَوْلُوقٌ) بإِثباتِ الهمْزةِِ وحذْفِ الواوِ وبِالعكْسِ (جَازَ الأَمْرَانِ) كونُ الأوَّلِ (فَعْلَى) بأصالةِ الهمْزةِ وزِيادةِ المقْصورَةِ للالحاقِ بجَعْفرٍ، أوْ (أَفْعَلَ) بِالعكسِ والثَّانِي (فَوْعَلاً) بأصالةِ الهمزةِ وزِيادَةِ الواوِ، أوْ (أَفْعَلَ) بِالعكْسِ.
ص: 390
وقولُهُ:(وَاضِحَيْنِ) قرينَةٌ علَى أنَّ المُرادَ منَ (الْمُحَقَّقِ) هوَ الواضِحُ كمَا فسَّرنَاهُ، ومنْ فسَّرهُ بما لا يُعارِضُهُ اشتِقاقٌ آخرُ أَصلاً كما أنَّ الواضِحَ ما يعارِضُهُ ويَكُونانِ متساوييْنِ فِي الوُضوحِ يردُ عليهِ النَّقضُ بِبعضِ الأمثلَةِ المذْكُورةِ فِي الاشتقاقِ المُحقَّقِ كعَنْسَلٍ وأَلَنْدَدٍ.
(وَكَحَسَّانٍ، وَحِمَارٍ قَبَّانٍ) بفتحِ الأوَّلِ وتشديدِ الثَّانِي فيهِمَا فانَّهُ يجوزُ فِي كلٍّ منْهُما الأَمرانِ (حَيْثُ صُرِفَ وَمُنِعَ) فعلَى الأوَّلِ: مُشتقَانِ منَ الحُسْنِ والقَبَنِ، وهوَ الذَّهابُ فِي الأرضِ(1) علَى (فَعَّالٍ)، وعلى الثانِي: منَ الحِسِّ والقَبَبِ وهوَ يَبَسُ الجِلدِ علَى (فَعْلانٍ) وكلاهُمَا سيَّانٌ، وأنكَرَ الْجوهَريُّ صرفَ قَبَّانٍ(2)، وابنُ مالكٍ(3) صرفَ حَسّانٍ(4).
ص: 391
(وَإِلاّ) وإنْ لمْ يُرجَعْ إِلى اشْتقاقينِ واضِحيْنِ بلْ إِلى مَا أَحدُهُما أَوضحُ وأَرْجحُ (فَالأَكْثَرُ(1)التَّرْجِيْحُ) للأَوضَحِ (كَمَلأَكٍ) بِفتحِ المِيمِ والهمْزةِ وسُكونِ اللامِ بينَهُما وفِيهِ اشْتِقاقَاتٌ ثلاثٌ:
(قِيْلَ: مَفْعَلٌ) بِأَصالَةِ اللامِ والهمْزةِ والكافِ وزِيادةِ الميمِ (مِنَ الأَلُوْكَةِ) بفتحِ الهمْزةِ وضمِّ اللامِ وسُكونِ الواوِ، وهيَ الرِّسالةُ فإنَّ المَلِكُ رسولٌ كمَا قالَ تعَالَى:(جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً)فاطر/1، فأصلُهُ: مَألُكٌ بالفتْحِ والسُّكونِ والضمِّ نُقِلتْ فاؤُهُ وهيَ الهمْزةُ، موضِعَ العيْنِ، ولمْ يُصرَّحْ باسْمِ قائِلِهِ وهوَ الكِسَائيُّ(2)؛ لأنَّ ارتِكابَ القلْبِ خِلافُ الظاهرِ، بعيدٌ.
وقالَ:(ابْنُ كَيْسَان: فَعْأَلٌ) بِأَصالةِ المِيمِ واللامِ والكَافِ وزِيادةِ الهمْزةِ (مِنَ الْمُِلْكِ) بِكسْرِ الميْمِ؛ لأنَّ بعضَ المِلكِ مالِكُ بعضِ الأُمورِ أوْ بضمِّهَا بِمعنَى السَّلطنَةِ كأنَّ بعضَهُمْ سُلطانٌ علَى ما جعلَهُ اللهُ موكَّلاً عليهِ، وهوَ قَليلٌ(3).
وقالَ:(أَبُوعُبَيْدَةٍ/105مَفْعَلٌ مِنْ لأَكَ أَيْ: أَرْسَلَ) بِأصالَةِ اللامِ والهمْزةِ والكَافِ وزِيادةِ الميْمِ بِدونِ النَّقلِ مَصدرٌ بمعْنى مَفْعُولٍ(4)، وهَذا أَرجَحُ عندَ الش الرضيُّ "رض"؛ لِسَلامَتِهِ عنِ القلْبِ(5)؛ ولأنَّهُ غيرُ قليلٍ، والأوَّلُ عِندَ بعْضٍ(6)؛
ص: 392
لسَلامتِهِ عن جعلِهِ مصدرًا بِمعنَى مفْعُولٍ؛ ولِعدمِ ثُبوتِ لأَكَ بمعْنى أَرْسلَ معَ شُيوعِ القلبِ وعلَى أيِّ تقديرٍ إِذا خُفِّفَ بحذفِ الهمْزِ صارَ مَلِكًا.
(وَمُوسَى) الحَديدُ، قالَ البصْريُّونَ(1) هوَ (مُفْعَلٌ مِنْ أَوْسَيْتُ أَيْ: حَلَقْتُ) وجازَ عندَ السِّيرافيِّ منْ أَسَوْتُ الجُرْحَ(2)؛ أي: أصْلحتُهُ فأَصلُهُ مُؤْسَى بضمِّ الميمِ وسُكونِ الهمزةِ وفتحِ السِّينِ،(وَالكُوفِيُّونَ)هو(فُعْلَى) بعكْسِهِ بِزيادَةِ المِيْمِ وأَصالَةِ الألِفِ (مِنْ مَاسَ) يمِيسُ قُلبتِ الياءُ واوًا؛ لانْضِمامِ مَا قبلَها، أي: تبخْترَ؛ لأنَّ المُزَيَّنَ يتَبخْتَرُ، والأَوَّلُ أرجَحُ لأكثَريَّةِ (مُفْعَلٍ) منْ (فُعْلَى) ولأنّهُ مُنْصرفٌ معَ التَّنكيرِ بِخلافِ (فُعْلَى) ولأَنسبيَّةِ مُوسى الحِديدِ إِلى الحَلْقِ وهيَ
ص: 393
مؤنَّثٌ سَماعيٌّ خلافًا لأَبي سَعيدٍ(1)، وأمَّا مُوسى اسمُ رجُلٍ فذهبَ أَبو عَمرُو(2)إِلى أنَّهُ (مُفعَلٌ)؛ لانْصِرافِهِ إذا نُكِّرَ، والكِسائيُّ(3): (فُعْلَى) والألِفُ للإلحاقِ بجُخْدُبٍ.
(وَإِنْسَانٌ) عنْدَ البصريينَ(4) (فِعْلانٌ) بأَصَالةِ الهمزةِ وزِيادةِ الألفِ والنُّونِ بِدليلِ أمثلَةِ اشْتقاقِهِ كأِنْسٍ كحِبْرٍ، وأُنَيْسٍ وأُناس؛ فإنَّها بمعنَى الإنسانِ والهمزةُ فيْهَا أصليَّةٌ اتِّفاقًا (مِنَ الأُنْسِ)؛ لأنَّهُ يُأْنسُ(5) بخِلاف الوحْشِ، وقيلَ: منَ الإيناسِ وهوَ الإبصارُ؛ لأنّهُ يُبصَرُ بِخِلاف الجنِّ.
(وَقِيْلَ: إِفْعَانٌ) بِزيادَةِ الثَّلاثِ (مِنْ نَسِيَ) أصلُهُ: أُنْسيَانٌ كأُفْعِلانِ حُذفتْ لامُهُ منْ غيرِ قِياسٍ؛ (لِمَجِيءِ أُنَيْسِيَانِ(6)) فِي تصْغيرِهِ وهوَ (أُفَيْعِلانُ)
ص: 394
لا(فُعَيْلِيانُ) والثَّانِي بعيدٌ؛ لشُذوذِ حذفِ الياءِ، والشُّذوذِ في التَّصغيرِ أرْجحُ من إرادَةِ النِّسيانِ منَ الإنْسانِ والقائلُ أكثرُ الكُوفيينَ(1).
(وَتَرَبُوتٌ) بفَتْحتينِ (فَعَلُوتٌ مِنَ التُّرابِ عِنْدَ سيبويهِ(2)) لا (تَفَعُولٌ) كمَا فِي الصِّحاحِ منْ رَبَتَ الصَّبيُ إِذا ربَّاهُ(3)؛(لأَنَّهُ) أي: التَّرَبُوتُ (الذَّلُولُ) حَمَلاً كانَ أوْ ناقَةً، والمَسْكَنَةُ تُناسِبُ التُّرابَ كمَا قالَ تعالَى( مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ)البلد/16، معَ أنَّ زِيادةَ التَّاءِ بعدَ الواوِ فِي مثلِ هَذا البِناءِ كَثيرٌ كمَلَكُوتٍ، وجَبَرُوتٍ، وقيلَ: الأصلُ دَرَبُوتٌ منَ الدِّرْبَةِ، ولمْ يعتبرْهُ سيبويهِ؛ إذِ الأَصلُ عدمُ الإبدالِ(4).
(وَقَالَ) سيبويهِ(5) (فِي سُبْرُوتٍ) بالضمِّ والسُّكونِ، الأرْضُ القفْرُ والدَّليلُ الحَاذِقُ(6) (فُعْلُولٌ) مُلحقًا بعُصفورٍ؛ لكثْرةِ نَظائِرِهِ كغُضروفٍ وصُندوقٍ (وَقِيلَ)
ص: 395
فُعْلُوتٌ مُشتقٌّ (مِنَ السَّبْرِ) بِمعنَى الاخْتبارِ/106والامْتِحانِ وقطعِ المَسافةِ تَرجيحًا للاشْتقاقِ معَ نُدرَتِهِ(1).
(وَقَالَ فِي تِنْباَلَةٍ) بالكسْرِ والسُّكونِ (فِعْلالَةٍ)؛ لكثْرتِهِ كسِرْداحٍ(2)(وَقِيْلَ) تِفْعَالَةٌ معَ نُدرتِهِ (مِنَ النَّبْلِ للصِّغَارِ؛ لأَنَّهُ) تِنْبالَةٌ (الْقَصِيْرُ) فيناسِبُ الصِّغارَ، ولمْ يعتبرْهُ سيبويهِ؛ لِقلَّتهِ(3).
(وسُرِّيَّةٌ) بضمِّ السِّينِ وكسْرِ الرَّاءِ المُشدَّدةِ قبلَ الياءِ المُشَدَّدةِ، الأَمَةُ المدْخُولُ بِها(4)، أمَّا فِي الأصْلِ مُضاعَفةٌ أوْ ناقِصَةٌ، وعلَى الأوَّلِ فيْهَا خِلافٌ (قِيْلَ) إنَّها فُعْليَّةٌ (مِنَ السِّرِّ) بِمعنَى مَخفيَّةٍ أوْ الجُماعِ؛ لأنَّها تخْفى عنِ الحُرَّةِ أوْ للجُماعِ لا الخدمةِ، والياءُ للنِّسبةِ وضمُّ السِّينِ كمَا فِي دُهريٍّ، فالياءُ مُشدّدةٌ زِائدةٌ.
وقالَ الأخْفشُ(5): إنَّها منَ السُّرورِ؛ لأنَّهُ يُسرُّ بِها، أصلُها: سُرورةٌ بِضمِّ السِّينِ وتشديدِ الرَّاءِ كفعّولَةٍ قُلبتِ الراءُ الأَخيرةُ ياءً، ثُمّ الواوَ للمُناسَبةِ وأُدغمتْ
ص: 396
وانْكسرَ ما قبلَها، فهيَ فَعيلَةٌ منْ فَعّولَةٍ، وعلَى الثَّانِي قيلَ: من السَّرّي بمعنَى خِيارِ الشَّيءِ(1).
(وَقِيْلَ) واويٌّ (مِنَ السَّرَاةِ) بمعنَى أعلَى الشَّيءِ فهيَ أمَّا سُرَيّأَةٌ أوْ سُرَوَّأة بضمِّ السِّينِ وفتحِ الرَّاءِ وتشديدِ الياءِ المفْتُوحةِ، أوِ الواوِ المفْتوحةِ وفتْحِ الهمْزةِ قبلَ التَّاءِ، وعلَى التَّقديرينِ: فهِيَ فعيِّلَةٌ بانْقِلابِ الواوِ فِي الواويِّ ياءً وإدغامُهَا، وفُعْلِيَّة أرْجحُ لكثْرتِهَا كحُريَّةٍ وندرةِ البواقِي وقلَّتِها.
(وَمَؤُونَةٌ مِنْ مَانَ يَمُونُ) أي: عمِلَ المؤْنَةَ، أصلُهُ: مَوونَةٌ بالواوينِ مفعولَةٌ قُلبتِ الأُولَى همزَةً كمَا فِي أَدْؤُرٍ(وَقِيْلَ) مَفْعُلَةٌ بضمِّ الفاءِ وسُكونِ العينِ بزِيادَتِهَا (مِنَ الأَوْنِ) وهوَ أحَدُ جَانِبَي الخُرجِ والعَدْلِ (لأَنَّهَا ثِقَلٌ) أصلُهُ: مأْوُنَةٌ كمَفْعُلَةٍ بسُكونِ الهمْزةِ وضمِّ الواوِ، نُقلتْ حركَةُ الواوِ إِلى الهمْزةِ قياسًا(2).
(وَقَالَ الفَرَّاءُ(3)) مفُعْلَةٌ بضمِّ الفاءِ وسُكونِ العَيْنِ (مِنَ الأَيْنِ) بالفتحِ والسُّكونِ، وهوَ الإِعياءُ، أصلُهُ: مأْيُنَةٌ كمفْعُلَةٍ بضمِّ العينِ، نُقلتِ الضمَّةُ إِلى الهمْزةِ فتُقلَبُ واوًا والأَوَّلُ أظهرُ وأرجَحُ؛ لمُناسَبَتِهِ معناهُ اللُغويِّ وهوَ مَا يُحْتاجُ إِليهِ.
(وَأَمَّا مَنْجَنِيقٌ) فالياءُ فيهِ زِائِدةٌ البتّةَ ثُمَّ الاحْتمالاتُ فيهِ سبْعَةٌ؛ لأنَّ الزائِدَ فيهِ أمَّا: المِيمُ والنُّونُ الأُولى فَمَنْفَعِيلٌ، أوِ الميمُ والنُّونُ الثانِيةُ فَمَفْعَنِيلٌ، أوِ النُّونانِ فَفَنْعَنِيل، أوِ الميْمُ فقَطْ فَمَفْعَلِيلٌ، أوِ النُّونُ الأُولى فقَطْ فَفَنْعَلِيلٌ/107،أوِ
ص: 397
الثَّانِيةُ فقطْ فَفَعْلَنِيلٌ، أوِ الخَامِسةُ أصليَّةٌ فَفَعْلَلِيلٌ، وَلا يجُوزُ زِيادةُ الثَّلاثَةُ فيكونَ علَى مَنْفَنِيلٍ؛ لاسْتلزامِهِ كونَ الأُصولِ أقلَّ منْ ثلاثٍ وإِذا عرفتَ هَذا (فَإِنِ اعْتُدَّ بِجَنَقُونَا) أي: بأنَّ الماضِي منْهُ جَنَقَ كمَا حكاهُ الفرَّاءُ، وأبُو عُبيدَة(1)(فَمَنْفَعِيلٌ) هوَ بِزيادَةِ المِيمِ والنُّونِ الأُولى، وجَنَقَ بِمعنَى رَمَى بِالمَنْجَنِيقِ(2)(وَإِلاّ) يعتدَّ بهِ؛ لِقلَّةِ زِيادَةِ حرْفينِ فِي أَوَّلِ اسمٍ غيرِ جارٍ علَى الفِعْلِ كمُنْكَسِرٍ (فَإِنِ اعْتُدَّ بِمَجَانِيقَ) فِي جمْعِهِ (فَفَنْعَلِيْلٌ) هوَ منْ مَجْنَقَ، وهوَ مُختارُ سيبويهِ(3)؛ إذْ سُقوطُ النُّونِ فِي الجمْعِ مُشْعِرٌ بِزيَادَتِها، فالمِيمُ أَصليَّةٌ؛ لِئلاَّ يلْزمَ زِيادةُ حرفينِ فِي الأوَّل.
ص: 398
(وَإِلاَّ فَإِنِ اعْتُدَّ بِسَلْسَبِيْلٍ) لكنْ لا علَى قولِ الفَرَّاءِ(1)منْ أنَّهُ فَعْلَنِيْلٌ بلْ (عَلَى الأَكْثَرِ) وهوَ القوْلُ بِزيَادَةِ الياءِ فقطْ كمَا فِي برْقَعِيْدٍ، ونحوُ: (فَفَعْلَلِيْلٌ) منْ مَنْجَنَقَ (وَإِلاَّ فَفَعْلَنِيْلٌ) منْ مَنْجَقَ، ومَفْعَلِيْلٌ منْ نَجْنَقَ غيرُ ثابِتٍ؛ إِذِ المِيمُ لا تُزادُ فِي الأوَّلِ معَ أرْبَعةِ أُصُولٍ بعدَهَا، وفَنْعَنِيْلٌ منْ مَجَقَ، ومَفْعَنِيْلٌ منْ نَجَقَ نادرانِ.
(وَمَجَانِيْقُ يَحْتَمِلُ الثَّلاثَةَ)؛ لأنَّ الألِفَ والياءَ زائِدتانِ البتَّةَ، ثمَّ الزائِدُ أمّا المِيمُ فمَفَاعِيلُ، أوِ النُّونُ فَفَعَانِيْلُ، أوْ هُمَا أَصليَّتانِ فَفَعَالِيْلُ، وهوَ الأَقْوى عنْدَ سيبويهِ(2)وَلا يجُوزُ زِيَادَتُهُما لِمَا مَرَّ.
(ومَنْجَنُونٌ مِثْلُهُ) مِثلُ مَنْجَنِيقٍ فِي الاحْتمالاتِ؛ (لِمَجِيءِ مَنْجَنِيْنٍ) وهوَ يَحتَملُ تلكَ الأوجُهَ السَّبعَ وتشتَرِكُ معَهُ فِي المعْنَى، وهوَ الدُّولابُ(3).
(إِلاَّ فِي مَنْفَعِيْلٍ) فإنَّهُ ليْسَ مثلَهُ؛ لعَدمِ مجيءِ جنَّ كمَا جاءَ جَنَقَ (وَلَوْلاَ مَنْجَنِيْنٌ) وهوَ كمَنْجَنِيْقٍ، أي: وإنَّما قُلنا:(لِمَجِيءِ مَنْجَنِيْنٍ)؛ لأنَّهُ لوْلاهُ (لَكَانَ) منْجنُونٌ (فَعْلَلُولاً كَعَضْرَفُوطٍ)؛ لكَثرةِ مجيئِهِ بِخلافِ غيرِهِ (وَخَنْدَرِيْسٌ كَمَنْجَنِيْنٍ) فِي احْتمالِ زِيادةِ النُّونِ فيكونُ (فَنْعَلِيْلاً)،وأصالَتِهَا فتكونُ (فَعْلَلِيْلاً) وعلَى الأوَّلِ رُباعيٌّ مُلحقٌ بِبرْقَعيدٍ، وعلَى الثَّانِي خُماسيٌّ.
ص: 399
ولمّا فَرغَ/108عنْ بيانِ الاشْتِقاقِ بأقْسامِهِ شرعَ فِي بَيانِ (عَدَمِ النَّظيرِ) وقالَ:
(فَإِنْ فُقِدَ الاشْتِقَاقُ) مُطلقًا (فَبِخُرُوجِهَا عَنِ الأُصُولِ) أي: فيُعرفُ الزَّائدُ بِخُروجِ الكَلمةِ وزْنًا إنْ كانَ أصليًّا لا زائدًا عنِ الأَوزانِ المَشْهُورةِ للرُّباعيِّ والخُماسِيِّ مُجرَّدينِ أمْ لا.
(كَتَاءِ تَتْفُلٍ، وَتَرْتُبٍ) فإنَّهُ لوْ حَكمَ بأَصالَتِها فيْهِمَا لكَانَا علَى (فَعْلُلٍ) بالفتْحِ والسُّكونِ والضمِّ، ولمْ يجيءْ لهُ نظِيرٌ فِي الرُّباعيِّ بِخلافِ (تَفْعُلٍ) فإنَّ المَزيدَ فيهِ لا يُعتَبرُ فيهِ أنْ يكونَ واجدَ النَّظيرِ، والأوَّلُ: وَلَدُ الثَّعلبِ(1)والثَّانِي: الشَّيءُ الثَّابِتُ(2)، وقرأَ الجوهريُّ تُرْتَب علَى وزْنِ جُخْدَب(3)، وهوَ أيضًا ليسَ منَ الأوْزانِ المشْهُورةِ لهُ.
(وَنُونُ(4)كُنْتَأْلٍ) بضمِّ الكافِ وسُكونِ النُّونِ والهمْزةِ وفتْحِ التَّاءِ بينَهُما، القصِيرُ(5)، وجاءَ بالألِفِ عِوضَ الهمْزةِ.
(وَكَنْهَبُلٍ) بفتْحِ الكافِ والهاءِ وسكونِ النُّونِ وضمِّ المُوحَّدةِ، شَجَرٌ(6)؛ فإنَّهُ لوْ حَكَمَ بأَصالَتِهِمَا فيْهِمَا لزَم (فُعْلَلُّ أوْ فَعْلاّلٌ وفَعْلََّلُ) وهما ممّا لا نظيرَ لهُ بِخِلافِ (فَنْعَلٍّ أوْ فَنْعَألٍ وفَنْعَلُلٍ).
ص: 400
(بِخِلافِ) نُونِ (كَنَهْوَرٍ) بفتحِ الكافِ والنُّونِ والواوِ وسُكونِ الهاءِ فيْهَا، العظيمُ منَ السَّحابِ(1) فإنَّ الحُكمَ بأَصالةِ نُونِهِ وزيادَةِ واوِهِ علَى (فَعَلْوَلٍ) للإِلحاقِ بسَفَرْجَلٍ لا يخرجُهُ عمَّا لا نظيرَ لهُ.
(وَنُونِ خُنْفَسَاءَ) بالضمِّ والسُّكونِ والفتْحِ، عطفٌ علَى نُونِ كُنْتَأْلٍ (وَقُنْفَخْرٍ) بضمِّ القَافِ وسُكونِ النُّونِ وفتحِ الفاءِ وسُكونِ الخَاءِ المُعجمَةِ قبلَ الرَّاءِ، الضَّخيمُ الجُثَّةِ(2)؛ فإنَّها لوْ كانتْ أصليَّةً فيْهِمَا لكانَ الأوَّلُ (فُعْلَلاَءَ)، والثَّانِي (فُعْلَلاً) ولا نظيرَ لهُما بِخلافِ (فُنْعَلاءَ) و(فُنْعَلٍّ).
(أَوْ) يُعرفُ الزَّائدُ لا بِخُروجِ الكلِمةِ باعْتِبارِ هَذا الوزنِ عنِ الأُصولِ بلْ (بِخُرُوجِ زِنَةٍ أُخْرَى لَهَا) عنْهَا إنْ لمْ يحكُمْ بِزيَادَتهِ (كَتَاءِ تُتْفُلٍ، وَتُرْتُبٍ) بضمِّ الأوَّلِ والثَّالثِ فيْهِمَا (مَعَ تَتْفُلٍ وَتَرْتُبٍ) بالفتْحِ فإنَّهُ لوْ حَكَمَ بأَصالتِهَا فيْهِمَا حينَ الضمِّ لكانَ لهُمَا نظيرٌ هوَ بُرْثُنٌ، وأمّا حينَ الفتْحِ فَلا فَحَكمَ بِزيادَتِهَا(3)فيْهِما ضمًّا تَبَعًا لهُما فتحًا.
(وَنُونِ قِنْفَخْرٍ) بالكسْرِ (مَعَ قُنْفَخْرٍ) بالضمِّ فَإنَّ للأوَّلِ نظيرًا هوَ قِرْطَعْبٌ بِخلافِ الثَّانِي (وَخُنْفُسَاءَ) بضمِّ ثالِثِهَا (مَعَ خُنْفُسَاءَ) فإِنَّ لهُ نظيرًا هوَ قُرْفَصَاءُ/109لِضرْبٍ منَ القُعُودِ علَى وزْنِ بُرْثُنٍ المُلْحقُ بالألِفِ الممْدُودةِ.
ص: 401
(وَهَمْزَةِ أَلَنْجَجٍ) بفتحِ الهمزةِ واللامِ والجِيمِ الأُولَى وسُكونِ النُّونِ قبلَها، عودٌ يُداوَى بهِ(1)(مَعَ أَلَنْجُوجٍ) بِمعناهُ فإنَّ الأوَّلَ لهُ نظيرٌ علَى تقْديرِ أَصالتِهَا هوَ سَفَرْجَلٌ بِخِلافِ الثَّانِي.
(فَإِنْ خَرَجَتَا(2)) أي: الزِّنَتانِ سَواءُ حَكمَ بِزيادَةِ حرفٍ منْهَا أوْ أَصالَتِهِ عنِ الأُصولِ ولا يكُونُ لهَا نظِيرٌ علَى التَّقديرينِ (فَزَائِدٌ أَيْضًا)؛ لِكَثرةِ أوزانِ المَزيدِ فِيهِ بِحيثُ لا يُضبَطُ بِخلافِ المُجرَّدِ (كَنُونِ نَرْجِسٍ) فإنَّهُ لمْ تجيءْ (نَفْعِل ولا فَعْلِِل) بكسرِ مَا قبلَ الآخِرِ فِي الأَسماءِ (وَ) نونِ (حِنْطَأْوٍ) العظيمُ البطْنِ(3) فإنَّ واوَهُ زائِدةٌ عندَ المُصنِّفِ تبعًا لسِيبويهِ(4) فهُوَ أمّا (فِنْعَلْوٌ أوْ فِعْلَلْوٌ) ولا نَظيرَ لهُما.
وقدْ يُقالُ: لا، ثُمَّ إنَّ (فِنْعَلْوًا) لا نظيرَ لهُ بلْ نظيرُهُ كِنْثَأْوٌ، أي: العظيمُ اللِحيةِ(5)، وأيضًا لِمَ لا يجُوزُ أنْ يكُونَ علَى (فِعْلَلٍّ) كقِرْطَعْبٍ كمَا ذهَبَ إِليهِ السِّيرافيُّ(6).
(وَنُونِ جُنْدَبٍ) نوعٌ منَ الجَرادِ (إِذَا لَمْ يَثْبُتْ جُخْدَبٌ) وإنْ ثَبتَ كما قالَهُ الأَخفشُ(7) فغيرُ زائِدةٍ (إِلاَّ أَنْ تَشِذَّ الزِّيَادَةُ) أي: يُؤدِي زِيادةُ الحرْفِ إِلى شُذوذِهِ
ص: 402
فإنَّهُ لا يحكُمُ بِزيادَتِهِ ولوْ خرجَ عنِ الأُصولِ بأَصالَتِهِ (كَمِيْمِ مَرْزَنْجُوشٍ دُونَ نُونِهَا؛ إِذْ لَمْ تُزَدِ الْمِيْمُ أَوَّلاً خَامِسَةً) واقعَةً قبلَ أربعةِ أُصولٍ فِي اسمٍ غيرِ جارٍ علَى الفِعْلِ كمُدحْرِجٍ قياسًا بخِلافِهَا فهوَ (فَعْلَنْلُولٌ)(1) لا (مَفْعلّولٌ) ولا (فَعلَلُّولٌ).
(وَنُونِ بَرْنَاسَاءَ) بفتْحِ المُوحَّدةِ وسُكونِ الرَّاءِ، الإِنسانُ(2)، عطْفٌ علَى (مِيْمِ مَرْزَنْجُوشٍ)؛ لِشذوذِ زِيادةِ النُّونِ المتحرِّكةِ ثالثةً كما صرَّح بهِ الأكثرُ(3)فهو (فَعْلالاءُ) لا (فَعْنَالاءُ) هذا صريحُ كلامِ أكثرِ الشَّارحينَ، وهوَ أظهرُ وصريحُ كلامِ الش الرضيِّ "رض" وهو أنَّهُ معطوفٌ علَى (نُونِ نَرْجِسٍ) وهو (فَعْنَالاءُ)(4)لا (فَعْلالاءُ) قيلَ: وهوَ أظهرُ لمَا سَيجيءُ عنِ المُصنِّفِ منَ الحُكمِ بغَلَبةِ زِيادَتِهَا إِذا وَقعتْ ثالِثَةً(5)، وفِيهِ أنّ غَلَبةَ زيادَتِها ثالثةً مَشرُوطٌ بكونِها ساكنةً كمَا هوَ الظَّاهِرُ منَ الأمثِلَةِ وصرّحَ بهِ أكثرُ الشَّارحينَ(6) بلِ المُصنِّفُ أيضًا فِي بعضِ النُّسخِ التيْ شاهدتُها.
(وَأَمَّا كُنَأَبِيْلٌ) علمُ أرضٍ غيرُ مُنصرفٍ (فَمِثْلُ خُزَعْبِيْلٍ) فِي زِيادةِ الياءِ فقطْ؛ لِعدمِ مجيءِ (فُنْعَلِيْلٍ وفَعْأَلِيلٍ وفَنْأَعِيلٍ) وفيهِ أنَّهُ بالألِفِ لا بالهمْزةِ والألِفِ الواقَعةِ فِي الوسَطِ لا يكونُ للإِلحاقِ عندَ المُحقِّقينَ(7) ولِذا ذكرهُ فِي
ص: 403
المُفصَّلِ(1)فِي مزيدِ الرُّباعيِّ الذيْ زِيدَ فيهِ حرفانِ بينَهُما فارِقٌ، ولمْ يُخالفْهُ المُصنِّفُ فِي شرحِهِ(2).
ولمَّا فرَغَ منْ بيانِ (عَدَمِ النَّظِيْرِ) شَرَعَ فِي:
(بَيَانِ غَلَبَةِ الزِّيَادَةِ)
(فَإِنْ لَمْ تَخْرُجِ) الكلمةُ ولا زِنةٌ أُخرَى لهَا عنِ الأُصولِ لا علَى تقديرِ الأَصالةِ ولا /110علَى تقديرِ الزِّيادةِ (فَبِالْغَلَبَةِ) فتُعرفُ الزِّيادةُ بغَلَبَتِهَا(كَالتَّضْعِيْفِ) أي: زِيادةُ حرفٍ منْ جِنْسِ أُصولِ الكلِمَةِ (فِي مَوْضِعٍ أَوْ مَوْضِعَيْنِ مَعَ ثَلاثَةِ أُصُولٍ لِلإِلْحَاقِ، أَوْ(3) غَيْرِهِ) فإنَّ الغَالبَ فِي التَّضعيفِ فِي موضعٍ أوْ موضِعينِ للإلْحاقِ أوْ لا معَ ثَلاثَةِ أُصولٍ هوَ زِيادةُ أَحدِ المُتجانِسيْنِ وإنْ لمْ يكُنْ منْ حُروفِ الزِّيادةِ (كَقَرْدَدٍ) بِزيادَةِ الدَّالِ إلحاقًا بجَعْفَرٍ ولِذا لا يُدغَمُ (وَمَرْمَرِيسٍ) الدَّاهيةُ العظِيمةُ(4)علَى (فَعْفَعِيْلٍ) كُررتْ فاؤُهُ وعيْنُهُ إلحاقًا بِسَلْسَبِيْلٍ.
(وَعَصَبْصَبٍ) الشَّديدُ(5)على (فَعَلْعَلٍ) كُررتْ عينُهُ ولامُهُ إلحاقًا بسَفْرجلٍ (وَهَمَّرِشٍ) العجُوزةُ المُسنَّةُ(6)علَى (فَعَّلِلٍ) كُرِرتْ عينُهُ إلحاقًا بجَحْمرَشٍ عندَ الخليلِ وسيبويهِ(7)، ولا للإِلحاقِ عندَ بعضٍ (وَعِنْدَ الأَخْفَشِ(8)) لمْ يُكررْ بلْ
ص: 404
(أَصْلُهُ هَنْمَرِشٌ كَجَحْمَرَشٍ) بأصَالةِ الجميعِ (لِعَدَمِ فَعَّلِلٍ) بتشديدِ العينِ بِزيادَةِ إِحْدى مِيميْهِ بلْ لا يلحقُ الرُّباعيُّ مُطلقًا بجَحْمَرَشٍ عندهُ ثمَّ (قَالَ: وَلِذَلِكَ) أي: لعَدمِ مجيءِ (فعّللٍ) فالتبسَ هوَ بهِ (لَمْ يُظْهِرُوا) النُّونَ وأَدغَمُوهَا فِي الميمِ معَ عدمِ وجوبِهِ إِذا كانَتَا فِي كَلمةٍ كأَنْمُلَةٍ بخِلافِ مَا إِذا كانَتَا فِي كلمَتيْنِ نحوُ: منْ مالِكَ فإنَّهُ واجِبٌ.
(وَالزَّائِدُ فِي نَحْوِ: كَرَّمَ) فِي كلِّ مُضاعَفٍ يكونُ أحدُ حرفَي التَّضعيفِ زَائِدًا مُدغمًا كانَ أمْ لا هوَ الحرفُ (الثَّانِي) عندَ أبِي عليٍّ(1)، ويُونُسَ(2)، واختارَهُ المصنف؛ لأنَّ الزائِدَ فِي قَرْدَدٍ هو الدَّالُ الثَّانيةُ لكونِهَا مُقابِلَةً لِلْلامِ الثَّانيةِ فِي جعْفرٍ فكَذا جميْعُ المُضعَّفاتِ حمْلاً عليهِ (وَقَالَ الْخَلِيْلُ(3)) وابنُ عُصفورٍ(4)هوَ (الأَوَّلُ)؛ إذِ الحُكمُ بزيادةِ السَّاكنِ أوْلى (وَجَوَّزَ سيبويهِ(5)الأَمْرَيْنِ)؛ لتَساوِي
ص: 405
دَليلِهِمَا، وحكَى أبُو حَيّان عنِ ابنِ مالِكٍ أنَّهُ فِي المُدغَمِ هوَ الأوَّلُ وفِي غيرِهِ الثَّانِي جمعًا بينَ الدَّليلينِ(1).
(وَلاَ يُضَاعَفُ(2)الْفَاءُ وَحْدَهَا) بالاستِقراءِ عندَ البصريينَ ومنْهُم سيبويهِ(3) كضَضْربٍ أي: لا يُزادُ حرفٌ منْ جنْسِ الفاءِ؛ فإنَّهُ مستلزِمٌ للإِدغامِ المُوجِبِ للابْتداءِ بالسَّاكنِ وإِدخالُ الهمزةِ قدْ يُوجِبُ الاشْتباهُ كمَا فِي تاهَ يتيهُ فإنَّ فاءَهُ إنْ كُررتْ وأُدخلتِ الهمزةُ وقيلَ: أتّاهُ التبسَ بالافْتعَالِ، ولا معَ الفصْلِ كَضرْضَبٍ إِلاَّ معَ تضعِيفِ العينِ كَمَرْمَرِيسٍ؛ ولِذا يُكرهُ كونُ الفاءِ والعينِ مِثلَيْنِ كيَيَنٍ فإنْ زِيدتْ فِي أوّلِهِ همزةٌ كأوّلٍ أوْ فُصِلَ بأجنبيٍّ ككَوْكَبٍ قلّتْ كراهتُهُ ولا كراهِيةَ فِي الفاءِ واللامِ كالواوِ/111.
(وَنَحْوُ: زَلْزَلَ، وَصِيْصِيَةٍ(4)) بكسرِ الصَّادينِ، الحِصْنُ(5) (وَقَوْقَيْتُ) منْ قَوْقَى الدِّيكُ قوقاةً إِذا صَاحَ(6)، (وَضَوْضَيْتُ) منَ الضَّوضاةِ بمعنَى الصِّياحِ(7) مِمّا يُتَوهَّمُ كونهُ مُضَاعفًا وليسَ بمُضاعفٍ (رُبَاعِيٌّ وَلَيْسَ بِتَكْرِيرٍ لِفَاءٍ، وَلاَ
ص: 406
عَيْنٍ لِلْفَصْلِ) أي: ليسَ نحوُ: زَلزَلَ وأمثَالِهِ - مِمّا كُررتْ فاؤُهُ وعينُهُ معًا؛ لوجُودِ الفصلِ بينَ الحرفِ وما كُرِّرَ منهُ - بأصليٍّ كمرْمَريسٍ؛ لأنَّهُ يؤدِّي إِلى أنْ يكُونَ علَى (فَعْفَعَ) بلا لامٍ، (وَلاَ بِذِي زِيَادَةٍ لإِحْدَى حَرْفَي لِيْنٍ) وذلِكَ (لِرَفْعِ التَّحُكُّمِ)؛ إذْ ليسَ أحدُهما أوْلَى منَ الآخَرِ فِي اسْتِحقاقِ ذلِكَ الحُكمِ وأيضًا لوْ حكَمْنا بِزيادَةِ الأُولى لصارتِ الكلمَةُ منْ بابِ يَيَنٍ أوِ الثَّانيةُ منْ بابِ قَلِقٍ - وكلاهُما قليلٌ - ولا لكليْهِمَا؛ لاسْتلزامِهِ بقاءَ الكلمةِ علَى حرفينِ (وَكَذَلِكَ سَلْسَبِيْلٌ خُمَاسِيٌّ) ولا تكرارَ فِي فائِهِ ولا فِي عينِهِ معَ الفصلِ لِمَا ذُكِرَ وفِي بعضِ النُّسخِ(1)(عَلَى الأَكْثَرِ) أي: لا علَى قولِ منْ ذَهَبَ إِلى أنَّهُ مزيدُ الرُّباعِي علَى وزنِ (فَعْفَلِيْلٍ) بتكريرِ الفاءِ (وَقَالَ الكُوفِيُّونَ) والزَّجَّاجُ(2) منَ البصريينَ يجوزُ تضعيفُ الفَاءِ وحدَها(3)، إنّ (زَلْزَلَ مِنْ زَلَّ، وَصَرْصَرَ مِنْ صَرَّ، وَدَمْدَمَ مِنْ دَمَّ) فِي الأَصلِ ثُلاثيَّةٌ كُررتْ فاؤُها وإنَّما قالُوا بهِ (لاتِّفَاقِ الْمَعْنَى) معنَى زَلَّ وزَلزلَ، وكَذا البَواقِي أي: بشَهادَةِ الاشْتقاقِ، وهوَ أقْوى مَا يُعرفُ بهِ الزَّائِدُ منَ الأصْلِ.
(وَكَالْهَمْزَةِ) عطْفٌ علَى (كَالتَّضْعِيْفِ)/112أي: فإنْ لمْ تخرُجْ فَبِالغَلَبةِ كالهمْزةِ الواقِعَةِ (أَوَّلاً مَعَ ثَلاثَةِ أُصُولٍ فَقَطْ) فإنَّ الغَالِبَ زِيادَتُها ك-(أُكرِمُ
ص: 407
وأَكْتُبُ) إِلاّ أنْ يكُونَ معلومَ الأَصالَةِ كأَرنَبٍ (فَأَفْكَلٌ أَفْعَلٌ) لا (فَعْلَلٌ) وهوَ الرعْدُ(1).
(وَالْمُخَالِفُ) القائلُ بأنَّ ما لمْ يُعلمْ بالاشْتقاقِ زِيادةُ همزتِهِ المُصدرةِ بِها حَكَمَ بأَصَالتِها (مُخْطِئٌ)؛ لأنَّهُ إنْ سُمِّيَ بهِ لكَانَ غيرُ منْصرفٍ كأحمرَ عندَ سيبويهِ(2)، فلوْ كانَ (فَعْلَلاً) لكانَ منْصرِفًا وأيضًا لوْ كانَ لجاءَ فِي بابِ (فعلل فعلله) مَا أولُهُ همزةٌ(3).
(وَإِصْطَبْلٌ فِعْلَلٌّ كَقِرْطَعْبٍ) لكونِها معَ أكثرِ منْ ثلاثةِ أُصولٍ وأمر فعل لكونِها معَ أقلِّ منْها.
(وَالْمِيْمُ كَذَلِكَ) يُزادُ غالبًا أوَّلاً معَ ثلاثةِ أصولٍ بعدَها (وَمُطَّرِدَةٌ) زِيادتُها (فِي الْجَارِي عَلَى الْفِعْلِ) كاسمَي الفاعِلِ والمفعُولِ، والزمَانِ والمكانِ، والمصْدرِ، وإنْ كانَتَا معَ أزْيدِ منْ ثلاثةِ أُصولٍ: كإكْرامٍ، واستخراجٍ، واحْرنجَامٍ، ومُكرمٍ، ومستخْرجٍ، ومدحْرجٍ، ومُقامٍ بخِلافِ نحوِ: مرَزنْجُوشٍ وهمَا فِي غيرِ الأوَّلِ أصليَّتانِ إلاّ بثَبْتٍ كحمْراءَ وزُرقُمٍ وشَمْأَلٍ(4).
(وَالْيَاءُ زِيْدَتْ) غالبًا (مَعَ ثَلاثَةٍ فَصَاعِدًا) سواءٌ كانتْ فِي الأوَّلِ ك-(يَضْربُ) أوْ فِي الوسَطِ كرحيمٍ، أوْ فِي الآخِر كليالِي (إِلاَّ فِي أَوَّلِ) الاسمِ (الرُّبَاعِي) فإنَّها فيهِ غيرُ زائدةٍ (إِلاَّ فِيْمَا يَجْرِي عَلَى الْفِعْلِ) ففِي الفعْلِ بالطَّريقِ الأوْلى ك-(يُدحرِجُ) علمًا وفِعْلاً فإنَّها فيهِ زائِدةٌ؛ (ولذلكَ) أي: ولأنّها لا
ص: 408
تُزادُ فِي أوَّلِ الرُّباعِي إلاَّ فيْما يَجرِي مُجرى الفِعلِ(1) (كَانَ يَسْتَعُورٌ) اسمُ شخصٍ وبَلَدٍ(2) (فَعْلَلُولاً) بأصالةِ الياءِ (كَعَضْرَفُوطٍ) لا (يَفْعَلُولاً) بزيادتِها؛ فإنَّها وقعتْ أوَّلاً قبلَ أربعةِ أُصولٍ فيْمَا ليسَ جاريًا علَى الفِعْلِ(3) (وسُلَحْفِيَةٌ) بالضمِّ والفتحِ والكسرِ، دُويْبَةٌ(4)،(فُعَلِّيَةً) بِزيادةِ الياءِ، لا (فُعْلَلَةً) بأَصالَتِها؛ لعدَمِ وقوعِهَا أوَّلاً وكذا خَيْتَعُورٌ، وسَلْسَبِيلٌ ونحوِهِمَا.
(وَالْوَاوُ وَالأَلِفُ) لمْ تُزادا معَ اثْنينِ كوَعْدٍ، وسَوْطٍ، ودَلْوٍ، وغَزَا، و(زِيْدَتَا مَعَ ثَلاثَةٍ فَصَاعِدًا إِلاَّ فِي الأَوَّلِ) فِي أوَّلِ الكلِمةِ، أمَّا الواوُ فلِعَدمِ السَّماعِ ولأَنَّها تُقلبُ همْزةً إنْ كانتْ مكسُورةً أوْ مضمُومةً كَوِشاحٍ ووُجُوهٍ، وكَذا إنْ كانتْ مفتوحةً فتَصيرُ مضْمومةً لعلَّةٍ كالتَّصغيرِ ونحْوهِ وعلَى أيِّ تقْديرٍ يوجِبُ الالْتباسُ، وأمَّا الألِفُ فلسُكونِهَا ككوثرٍ، وعَروضٍ وعُصفورٍ وقَرْطَبوسٍ، وضارِبٍ، وحِمارٍ، وسِرداحٍ، وحَبَنْطَى، وقَبَعْثَرَى ونحوِها.
(وَلِذَلِكَ كَانَ/113وَرَنْتَلٌ) الدَّاهيةُ (كَجَحَنْفَلٍ) فِي كونِهِ (فَعَنْلَلاً لا وَفَنْعَلاً) وهوَ– بفتحِ الجيمِ والحَاءِ والفاءِ وسُكونِ النُّونِ بينَ الأخيريْنِ – الغَليْظُ الشَّفةِ(5).
ص: 409
(وَالنُّونُ كَثُرَتْ) مزيْدةً بشرْطِ أنْ يكُونَ (بَعْدَ الأَلِفِ) الزَّائدةِ الواقِعةِ (آخِرًا) وحَصلَ منْ دُونِها ثَلاثةُ أُصولٍ أوْ أكثرُ، والأَصلُ أنْ يكُونَ فِي الصِّفاتِ كسكْرانَ وزَعْفرانَ، وقدْ يكُونُ فِي الأسماءِ كعِمرانَ بِخلافِ مَا ثبتَ أصالتُهُ كفيْنانٍ منَ الفَنَنِ.
(وَ) كَذا كثُرتْ بشرْطِ أنْ تكونَ (ثَالِثَةً سَاكِنَةً، نَحْوُ: شَرَنْبَثٍ) كغَضَنْفَرٍ، الغَلِيظُ الكَتِفيْنِ والرِّجْلينِ(1)(وَعُرُنْدٍ) بالضَّمتيْنِ، قالَ الش الرضيُّ "رض": ينْبَغِي أنْ يُضمَّ إِليهِ قيدٌ آخرُ بأنْ يقُولَ: فيكُونُ بعدَ النُّونِ حرْفانِ كشَرَنْبَثٍ، أوْ أكثرُ كَجِعْنَطَارٍ، وأمَّا ما ذكَرهُ منْ عُرُنْدٍ فليسَ النُّونُ فيهِ منَ الغَوالِبِ بلْ إنَّما عرفْنَا زيادتُهُ بالاشْتقاقِ؛ لأنَّهُ بِمعنَى العَرَنْدَدِ والعَرَدِ أي: الصَّلبُ، وأيضًا لوْ جَعلْنا النُّونَ فِي عُرُنْدٍ أصليَّةً لزَمَ زيادةُ بِناءٍ فِي أبنِيةِ الرُّباعِي المُجرَّدِ(2)،انتهى.
(وَاطَّرَدَتِ) النُّونُ الزائِدةُ (فِي الْمُضَارِعِ) ك-(نَفْعَلُ) (وَالْمُطَاوِعِ) ك-(انْفعَلَ وافْعنللَ) وفِي سائرِ مَا يتفرَّعُ عليْهِمَا.
(وَالتَّاءُ) اطَّردتْ زِيادتُهُ (فِي تَفْعِيْلٍ، وَنَحْوِهِ) منَ التَّفعُّلِ، والتَّفاعُلِ، والتَّفعْلُلِ، والافْتِعالِ، والاسْتفْعالِ، والتّفْعالِ، والتَّفْعِلةِ(3)، وما يتفرَّعُ عليْها.
(وَفِي(4)رَغَبُوتٍ، وَجَبَرُوتٍ)، ومَلَكُوتٍ، ونحوِهَا أي: فِي الآخِرِ بعدَ الواوِ الزَّائدةِ، وقبلَهُما ثلاثةُ أُصُولٍ أوْ أزيدُ، وسيبويهِ جعَلَ الزِّيادةَ فِي مثْلِهِ معروفَةً بالاشْتقاقِ لا منَ الغَوالِبِ ولذَا قالَ: سَبْرُوتٌ فَعَلُولٌ(5).
ص: 410
(وَالسِّيْنُ) زيادتُهُ (اطَّرَدَتْ فِي اسْتَفْعَلَ، وَشَذَّتْ فِي أَسْطَاعَ) بفتْحِ الهمْزةِ وقطْعِهَا، واختَلَفُوا فِي وجْهِ شُذوذِهِ (قَالَ سيبويهِ هُوَ) فِي الأصلِ (أَطَاعَ) منْ بابِ الأفعالِ، والسِّينُ عِوضٌ عنِ الفَائِتِ، وهو تحرُّكُ العينِ كالهاءِ في إِهراقٍ، والشَّاذُّ هوَ ذلكَ التَّعويضُ (فَمُضَارِعُهُ يُسْطِيْعُ بِالضَّمِّ) كمَا هوَ القِياسُ فِي بابِ الافعالِ، أصلُهُ يُطِيعُ ك-(يُقيمُ)(1).
(وَقَالَ الْفَرَّاءُ) هُوَ فِي الأَصلِ (اسْتَطَاعَ) منْ بابِ الاسْتِفْعالِ وَ(الشَّاذُّ فَتْحُ الْهَمْزَةِ، وَحَذْفُ التَّاءِ فَمُضَارِعُهُ)/114يَسْطِيعُ (بِالْفَتْحِ) أَصْلُهُ: يسْتَطِيعُ، وإِنَّما خَالَفَهُ ظنًّا مِنْهُ أنَّهُ قالَ: جُعِلَ السِّينُ عِوَضًا عنْ حَرَكَةِ الْعينِ؛ فقالَ: كيْفَ يُعوَّضُ منَ الشَّيءِ والمُعوَّضُ منْهُ - وهوَ الفتْحةُ المنْقُولةُ إِلى الفَاءِ - باقٍ وفيهِ أنَّ التحرُّكَ غيْرُ الحَركَةِ فَظ إِنَّ تَحرُّكَ العيْنِ غيرُ باقٍ بتَحرُّكِ الفاءِ(2).
(وَعَدُّ سِيْنِ الكَسْكَسَةِ) هيِ الْتيْ تَلْحقُ كافَ الخِطابِ للمُؤنَّثِ إبقاءً للكسْرَةِ الفَارِقَةِ بينَهَا وبيْنَ المُذكَّرِ وقْفًا عنْدَ بكْرٍ(3)منْ
حرُوفِ الزِّيادةِ كَمَا فعلَهُ صَاحِبُ المُفَصّلِ(4) غلطٌ (لاسْتِلْزَامِهِ) عَدُّ (شِيْنِ الكَشْكَشَةِ) المُعجَمةِ كمَا هوَ عنْدَ بنِي
ص: 411
تَميمٍ(1)أيضًا
منْهَا؛ لِعدَمِ الفرْقِ بينَها، وهيَ ليْستْ منْ حُروفِ الزِّيادةِ بلْ هُما حَرْفا(2)
معنًى كالهَاءِ عنْدَ المُبرِّدِ كمَا سَيجيءُ، والمخْتارُ فِي ضبْطِهِمَا هوَ فتْحُ الكافَيْنِ علَى أنَّهُما مصدرٌ كالبسْمَلةِ؛ لِلإِتْيانِ بِهِمَا، وقيْلَ: بالكسْرِ علَى الحِكايَةِ؛ إِذْ هُمَا إنَّما يكُونانِ فِي الكَافِ الْتِي لخِطابِ المُؤنَّثِ، وهِي مكْسورةٌ.
(وَأَمَّا الْلامُ فَقَلِيْلَةٌ) زيادتُهَا (كَزَيْدَلٍ، وَعَبْدَلٍ) فِي زيْدٍ وعبْدٍ (حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ فِي فيْشَلَةٍ) وهِي رأْسُ الذَّكَرِ(3)
(فَيْعَلَةٌ مَعَ) مَجيءِ (فَيْشَةٍ) بِلا لامٍ بِمعْناهَا بِزيادَةِ الياءِ وأَصَالةِ اللامِ (وَفِي هَيْقَلَةٍ(4))
فَيْعَلَةٌ (مَعَ هَيْقٍ) وهوَ الذَّكرُ منَ النَّعامِ(5) (وَفِي طَيْسَلٍ مَعَ طَيْسٍ لِلْكَثِيْرِ) منْ كُلِّ شَيءٍ (وَفِي فَحْجَلٍ كَجَعْفَرٍ) فِي أَصالَةِ جميعِ الحُروفِ (مَعَ أَفْحَجَ) وهوَ الذِي يتَدانَى صدْرُ قَدَميهِ ويتبَاعَدُ عَقْبُهُمَا(6)،
والقائِلُ هوَ الجَرْمِيُّ(7)
والحقُّ عنْدَ المُصنِّفِ وسائرِ المُحقِّقينَ(8) هوَ زِيادتُها فِي الْجمِيعِ، نعمْ لاتُزادُ أوَّلاً وَلا حشْوًا بِحَسبِ الاسْتِقراءِ، ولا يُردُّ لامُ ذِلكِ وهُنَالِكَ؛ لأنَّها حرفُ معنًى كالتَّنوينِ.
ص: 412
(وَأَمَّا الْهَاءُ فَكَانَ الْمُبَرِّدُ(1)لاَ
يَعُدُّهَا مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ، وَلا يَلْزَمُهُ نَحْوُ: اخْشَهْ، فَإِنَّهَا) أي: الهاءُ فيْهَا (حَرْفُ مَعْنًى) لا يمْتَزجُ بِمَا قَارَنْتَهُ بِحيثُ يَدخُلُ فِي البِنْيةِ بلْ كلمةٌ متَّصلةٌ بكَلمةٍ (كَالتَّنْوِيْنِ، وَبَاءِ الْجَرِّ، وَلامه) جيء بها للْوقْفِ (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ نَحْوُ: أُمَّهَاتٍ) فِي أُمَّاتٍ جمْعُ أُمٍّ؛ فإنَّهَا غيرُ أصليَّةٍ زِيدتْ فِي الإنْسانِ فرقًا بينَهُ وبينَ البَهائِمِ وقد يجيءُ العكْسُ (وَنَحْوُ: أُمَّهَتِي خِنْدِفُ وَ إِلْيِاسُ أَبِي(2))
مكانَ أمِّي ولمْ يقْطَعِ الهمزةَ للوزْنِ (وَأُمٌّ فُعْلٌ بَدَلِيْلِ الأُمُومَةِ) فِي مصدَرِهِ فَالهاءُ زائِدةٌ/115.
(وَأُجِيْبَ) عنْهُ منْ قِبلِ المُبرِّدُ (بِجَوَازِ أَصَالَتِهَا بِدَلِيْلِ تَأَمَّهْتُ) فُلانةً أي: أخذتُها أُمًّا كمَا حكاهُ الخَليلُ فِي عيْنِهِ(3) (فَتَكُونُ) الأُمُّ فِي الأَصلِ أُمَّهةٌ، (أُمَّهَةٌ فُعَّلَةً) بضمِّ الفاءِ وفتْحِ العيْنِ المُشدّدةِ (كَأُبَّهَةٍ ثُمَّ حُذِفَ الْهَاءُ) التِي هِي اللامُ وقدَّر تاءَ التَّأنيثِ كمَا فِي قِدرٍ فصَارَ أُمًّا كفُعٍّ بضمِّ الفاءِ وتشْديدِ العيْنِ، وفيهِ أنَّهُ مستلزِمٌ لأنْ يكونَ الأمُومَةُ فُعُوعَةً، وأصلُهُ وهوَ أُمومَهَةٌ فُعُوعَلَةٌ، واتَّفقُوا علَى أنَّ الأُمومةَ فُعُولَةٌ وعلَى أنَّ فُعُوعَلَةً غيْرُ موجُودٍ.
ص: 413
(أَوْ) يُقالُ فِي الْجَوابِ (هُمَا) أيْ: الأُمُّ والأمَّهُ (أَصْلانِ) ليْسَتِ الهَاءُ فِي الأَخيرِ زائدَةً (كَدَمْثٍ) بالفتْحِ والسُّكونِ (وَدِمْثَرٍ) كَدِرْهَمٍ، المَكانُ الليِّنُ(1)،
وليْستِ الراءُ منْ حُروفِ الزِّيادةِ؛ فليْسَ الأوَّلُ مأخوذًا منَ الثَّانِي بلْ هوَ ثلاثيٌّ، والثَّانِي رُباعيٌّ.
(وَثَرَّةٍ، وَثَرْثَارٍ) بفتْحِ الثَّاءِ المُثلَّثَةِ وتشْديدِ الرَّاءِ المفْتُوحةِ، يُقالُ: عينٌ ثَرَّةٌ أي: كثيرةُ المَاءِ(2)،
وليستِ الثَّاءُ الثَّانيةُ فِي الثَّانِي مَزيدةً كمَا ذهَبَ إِليهِ الكُوفيُّونَ(3)؛
لمَا مرَّ (وَلُؤْلُؤٍ، وَلآّلٍ) كضَرّابٍ، بائِعُ اللُؤلُؤِ ليسَ منَ اللُؤْلُؤِ؛ لأنَّ فعّالاً للنِّسبةِ لمْ يجيءْ إِلاّ منَ الثُّلاثيِّ وليستْ همْزتُهُ الثَّانيةُ مَزيدةً لِقلَّتهِ، نحوُ: سَلِسٍ (وَيَلْزَمُهُ) أيضًا (نَحْوُ: أَهْرَاقَ إِهْرَاقَةً) فِي أَرَاقَ إِرَاقةً ك-(أَقَامَ إقامةً) زِيدتِ الهَاءُ عنْدَ سيبويهِ(4)عِوضًا
كالسِّينِ فِي اسْطاعَ، وجَاءَ هَراقَ بإبْدالِ الهمْزةِ هاءً يُهْريقُ بإبْقاءِ الهَاءِ التِي هيَ بدلُ الهمْزةِ؛ لعدَمِ لزُومِ اجْتماعِ الهمْزتينِ فِي
ص: 414
التكلُّمِ، ولوْ تُرِكَ (نَحْوُ) لكانَ أوْلَى؛ إذْ لا ثانِيَ لهُ، وللمُبرّد(1)أنْ
يقُولَ: يَجُوزُ أنْ يكونَ الهَاءُ بَدَلاً عنِ الهمْزةِ ثُمَّ جِيءَ بِهَا ذُهولاً عنْ كونِهَا بَدَلاً عنْها.
قالَ (أَبُو الْحَسَنِ)(2)
الأَخفَشُ (هِجْرَعٌ لِلطَّوِيْلِ(3))
مُشْتقٌّ (مِنَ الْجَرَعِ) كالفَرَسِ وهوَ (لِلْمَكَانِ السَّهْلِ، وَهِبْلَعٌ لِلأَكُولِ مِنَ الْبَلْعِ) وهوَ الابْتِلاعُ(4)، فالهَاءُ مَزيدَةٌ فيْهِمَا وهُما علَى وزْنِ (هِفْعَلٍ) كدِرْهَمٍ (وَخُولِفَ(5))
بأَنَّهُما (فِعْلَلٌ)؛ لبُعدِ هَذا الاشْتِقاقِ إِلاّ أنَّ الأوَّلَ أبعدُ.
(وَقَالَ الْخَلِيْلُ(6)الْهِرْكَوْلَةُ) بالكسْرِ والسُّكونِ والفتْحِ والسُّكونِ (لِلضَّخْمَةِ، هِفْعَوْلَةٌ) منَ الرَّكلِ، وهوَ الضَّربُ بالرِّجلِ/116الواحِدةِ؛ (لأَنَّهَا تَرْكُلُ فِي مَشْيِهَا) لا تقْدِرُ أنْ تمْشِيَ خفِيفًا؛ لضَخَامَتِهَا، فالهَاءُ فيْهَا مُزيدةٌ (وَخُولِفَ) بأنَّ هَذا الاشْتِقاقَ بَعيدٌ؛ لِقلَّةِ زِيادَةِ الهَاءِ بلْ هِي (فِعْلَوْلَةٌ) منَ الهرْكَلَةِ، وهِي المشيُ بِالكِبَرِ.
(فَإِنْ تَعَدَدَ) الحَرْفُ (الْغَالِبُ) زِيادتُهُ معَ عَدمِ الاشْتِقاقِ، وكَانَ (مَعَ ثَلاثَةِ أُصُولٍ) حتّى يمْكِنَ الحُكمُ بِالزِّيادةِ (حُكِمَ بِالزِّيَادَةِ فِيْهَا) فِي الحُروفِ المُتعدِّدةِ إنْ كانتْ أكثرُ منْ اثنينِ كقَيْقُبان، اسمُ شَجَرٍ يُقالُ لهُ أَزَاذْدُرْخْتُ(7) (أَوْ فِيْهِمَا)
ص: 415
إنْ لمْ يكُنْ (كَحَبَنْطًى) منْ حَبَطَ أي: انتَفَخَ، بِزيادةِ النُّونِ والألِفِ الغَالبِ زِيادَتُهُما.
(فَإِنْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا) بِالحُكمِ عليهِ بِالزِّيادَةِ؛ لِبَقاءِ الكَلمةِ علَى حَرفَينِ إنْ حُكِمَ عليْهَا بِالزِّيادَةِ (رُجِّحَ) الزَّائدُ فيْهَا (بِخُرُوجِهَا) بِخُروجِ الكلِمَةِ عنْ بِنيَتِهِمْ لوْ حُكِمَ علَى الآخَرِ بالزِّيادَةِ (كَمِيْمِ مَرْيَمَ، وَمِدْيَنَ) دونَ يائِهِمَا؛ لِمَجيءِ (مَفْعَلٍ) دونَ فَعِيلٍ (وَهَمْزَةِ أَيْدَعٍ) وهوَ الزَّعفَرانُ(1)
لا ياؤُهُ؛ لكثْرةِ (أَفْعَلٍ) وقلّة (فَيْعَلٍ) وهوَ ضيغَمٌ، وصيْقَلٌ (وَيَاءِ تيَّجَانٍ(2))
بالجيمِ بعدَ التَّحتانيَّةِ المُشدّدةِ المفْتُوحةِ عندَ سيبويهِ(3)دونَ
تائِهِ الفَوقانيَّةِ؛ لمجيءِ (فَعَّلانٍ) كهيّبان دون (تَفْعِلانٍ) وهوَ الذِيْ يقعُ فيْمَا لا يعنِيهُ علَى أنَّ الحُكمَ بِزيادةِ التَّاءِ مُستلزِمٌ لِبناءِ دَدَنٍ، ولوْ حَكَمَ بِزيادِتِهَا لكانَ علَى (تَفْعِلانٍ) بِدونِ الفَاءِ، وهوَ لا يجُوزُ، ونُقِلَ كسْرُ التَّحتانيَّةِ عنْدَ ابْنِ يَعيش(4)، ولا(5)
يجوِّزُهُ المرْزُوقيُّ(6).
ص: 416
(وَتاءِ عِزْوِيتٍ) بالعيْنِ والزَّاءِ المُعجمَةِ منَ العِزْوِ، طَائِرٌ(1)، دونَ واوِهِ؛ لِوُجودِ فِعْلِيْتٍ دونَ (فِعْوِيلٍ) وقدْ مَرَّ أنَّ الواوَ لا تكُونُ أصليَّةً معَ ثَلاثَةِ أُصُولٍ غيرِهَا فِي الوَسَطِ فَلا يكُونُ (فِعْلِيلاً) أيضًا.
(وَطَاءِ قَطَوْطًى) وهوَ مُقَاربةُ الْخَطْوِ(2)
(وَلامِ ادْلوْلَى) أيْ: أسْرعَ(3)
(دُوْنَ أَلِفِهِمَا؛ لِعَدَمِ فَعَوْلَى) علَى الأوّلِ (وَافْعَوْلَى(4))
علَى الثَّانِي دُونَ (فَعَوْعَلٍ) كعَثَوْثَلٍ، و(إِفْعَوْعَلَ) ك-(إِعْشَوْشَبَ) وفيهِ إنَّ الحُكْمَ بِزِيادةِ الطَّاءِ إِنَّما يصحُّ إِذا كانتْ زِيَادَتُهَا للتَّكرارِ، والطَّاءُ الأُولَى عيْنٌ، وتكْرارُ الفاءِ والعيْنِ لا يجُوزُ معَ الفصْلِ.
(وَوَاوِ حَوْلايَا دُوْنَ يَائِهَا)؛ لِخُروجِ كُلٍّ مِنْ (فَوْعَالا، وفَعْلايَا) عنِ الأَوْزانِ المشْهُورةِ إِلاّ أنَّ زِيادةَ الواوِ السَّاكنةِ أغلبُ منْ زِيادَةِ اليَاءِ المُتحرِّكةِ/117معَ مجِيءِ (فَوْعَالا) علَى قلّةٍ كَزَوْعَالا، وهوَ النَّشاطُ(5).
(وَأَوَّلِ يَهْيَرِّ، وَالتَّضْعِيْفِ) أي: الياءُ الأُولى منْهُ وإِحدَى الرَّاءَيْنِ (دُوْنَ) الياءِ (الثَّانِيَةِ)؛ لِوُجودِ (يَفْعَلَّ) ك-(يَحْمَرَّ) دُونَ (فَعْيَلَّ).
قَالَ الجَوهَريُّ: يَهْيَرُّ بِتشْديدِ الرَّاءِ، صُمْغُ الطَّلْحِ(6)، ولوْ حَكَمَ بِزِيادةِ اليَاءَيْنِ وأصالةِ الرَّاءَينِ لكانَ علَى (يَفْيَعْلُ) وهو أيضًا غيرُ موجُودٍ.
ص: 417
(وَهَمْزَةُ أَرْوَنَانَ دُوْنَ وَاوِهَا)؛ لِمجيءِ (أفْعَلانَ) دونَ (فَعْوَلانِ)، يُقالُ: يومٌ أَرْوَنانُ كزَعْفَرانٍ، أي: شَديدُ الحَرِّ(1)(وَإِنْ
لَمْ يَأْتِ) أَفْعَلانُ (إِلاَّ أَنْبَجَانٌ) فقَطْ لكنْ لمَّا وُجِدَ لهُ مِثالٌ ولوْ كَانَ واحدًا كَانَ الحمْلُ عليْهِ أوْلَى مِمَّا لمْ يوجَدْ لهُ مِثالٌ أصْلاً، وهوَ بِفتْحِ الهمْزةِ وسُكُونِ النُّونِ وفتْحِ الباءِ المُوحَّدةِ(2)قبلَ
الجِيمِ، العَجِينُ المُنْتَفِخُ(3).
ونَقلَ ابْنُ الأَثيرِ(4)كسْرَ
الباءِ(5)،
ونُقِلَ الخاءُ المعْجمَةُ بعْدَ الباءِ المُوحَّدةِ قبلَها نُونٌ ساكِنةٌ بدلَ الجِيمِ، وإنْ لم يتعين أَحدُهُما.
ص: 418
(فَإِنْ خَرَجَتا) أي: الكَلِمتَينِ اللتيْنِ حُكِمَ علَى أحدِهِمَا بِزيادةِ هذهِ علَى الأخْرى بِزيادةِ تلكَ (رُجِّحَ) الزَّائدُ (بِأَكْثَرِهِمَا) زِيادةً (كَالتَّضْعِيْفِ فِي تَيّفَانٍ(1))
بالنِّسبةِ إِلى تائِهِ المُثنَّاةِ الفوقانيَّةِ معَ أنَّ (فَعّلانًا) بتشديدِ العيْنِ مثلُ (تفْعِلانٍ) فِي أنَّهُما لا يُوجَدانِ فِي كَلامِهِمْ، لكنَّ زِيادةَ التَّضعِيفِ أكْثرُ، يُقالُ: جاءَنِي تَيِّفانٌ، ذلكَ بِفتحِ المُثنَّاةِ الفوقَانيَّةِ وكسرِ التَّحتانيَّةِ المُشدّدةِ قبْلَ الفاءِ ثُمَّ الألفِ والنُّونِ، أي: أوَّلُهُ.
(وَالْوَاوِ فِي كَوَأْلَلٍ) القصيرُ(2)بِالنِّسبةِ
إِلى همْزتِهِ معَ عدَمِ (فَوْعَلَلٍ وفَأْعَلَلٍ)؛ لأنَّ زِيادَتَهُما أكثرُ فأَرْجحُ، فأُلحِقَ بِسفرْجَلٍ.
(وَنُونِ حِنْطَأْوٍ، وَوَاوِهَا) بِالنِّسبةِ إِلى نُونِهِ وهمْزَتِهِ أوْ همْزتِهِ وواوِهِ معَ أنَّ كُلاّ منْ (فِنْعَأْلٍ، وفِنْعَلْوٍ، وفِعْلأْوٍ) غيرُ موجُودٍ لكنَّ الوسطَ أكثرُ.
(فَإِنْ لَمْ تَخْرُجِ) الزِّنةُ عنْهَا (فِيْهِمَا) فِي التَّقديريْنِ، فالحُكمُ بزيادةِ أَحَدِهِمَا مُحتاجٌ إِلى مُرجِّحٍ وهوَ أمّا الإِظْهارُ الشَّاذُّ، أوْ شُبْهةُ الاشْتقاقِ، أوِ الأَغْلبيَّةُ أوِ الأَقْيسيَّةُ فإنْ لمْ تثبتْ فبِشُبهةُ الاشْتقاقِ (رُجِّحَ) الزَّائدُ (بِالإِظْهَارِ الشَّاذِّ) بِلُزومِهِ علَى تقْديرِ زِيادَةِ الآخِرِ وهو أنْ لا يُدغمُ المُتجانِسانِ الواقعتانِ فِي كَلِمةٍ وإنْ ثبتتْ فَالأقْوى عندَ المصنف ومنْ شَاكَلَهُ إنّهُ رُجِّحَ بالإظهارِ الشَّاذِّ(3).
ص: 419
(وَقِيْلَ بِشُبْهَةِ الاشْتِقَاقِ) وهِي توافِقُ البِناءَ بناءَ كَلامِهِمْ فِي الحُروفِ الأُصُولِ منْ غيْرِ أنْ يُعْلمَ المُوافقةُ فِي المعْنَى الأَصليِّ أصْلاً.
(وَمِنْ ثَمَّ اخْتُلِفَ فِي يَأْجَجٍ) علمُ قبيلةٍ(1)(وَمَأْجَجٍ)
علمُ مكانٍ(2)بفتْحِ
الجِيمِ فيْهِمَا علَى المشْهُورِ.
فمنْ رجّحَ الإِظهارَ الشَّاذَّ قالَ: إِنَّهُما (فَعْلَلٌ) بِزيادةِ/118الجيْمِ الثَّانيةِ إلحاقًا بِجعفرٍ؛ لِئلاّ يلزمَ الإِظْهارُ الشَّاذُّ وهو فكُّ الإِدغامِ فِي الحُروفِ الأَصليَّةِ.
ومنْ رَجّحَ شُبهةَ الاشْتقاقِ [قال]: إنَّهُما (يَفْعَلُ ومَفْعَلٌ) غيرُ منْصَرفينِ إِذا صحَّ مستعملٌ فِي كَلامِهِمْ.
(وَنَحْوُ: مَحْبَبٍ(3)) بفتْحِ الميمِ والمُوحَّدةِ الأُولى وسُكونِ الحاءِ بينَهَا، اسمُ رجُلٍ (يُقَوِّي) الوجْهَ (الضَّعِيْفَ) أي: الأخذُ بشُبهةِ الاشْتِقاقِ، لاتِّفاقِهِمْ علَى كونِهِ (مَفْعَلاً لا فعللاً) بزِيادةِ اللامِ تضعيفًا للإلحاقِ.
(وَأُجِيْبَ بِوُضُوحِ اشْتِقَاقِهِ) منَ الحبِّ(4)عندَ
الخصْمِ، ولا نِزاعَ فِي وُجوبِ الأخذِ بالاشْتقاقِ إِذا كَانَ واضِحًا بِخِلافِ مَا إِذا كانَ شبْهةُ اشْتقاقٍ، ولكَ أنْ تقُولَ اشتِقاقُ يَأْجٍ منْ أجَّ أيضًا واضِحٌ (فَإِنْ ثَبَتَتْ) شُبهةُ الاشْتِقاقِ (فِيْهِمَا) فِي التَّقديريْنِ، وكانَ إِظهارٌ شاذٌّ (فَبِالإِظْهَارِ اتِّفَاقًا) فتعيَّنَ التَّرجيْحُ بالإِظْهارِ
ص: 420
الشَّاذِّ (كَدَالِ مَهْدَدَ) اسمُ امْرأَةٍ(1)؛
فإنَّهَا لوْ كانتْ أصليَّةً وكانتِ المِيمُ زائِدةً لكَانَ الإِدغامُ لازِمًا وفكُّ الإِدغامِ شَاذًّا فهوَ (فَعْلَلُ) منَ المهْدِ لا (مَفْعَلُ) من الهدِّ معَ ثُبوتِ كُلٍّ منْهَا.
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ(2)إِظْهَارٌ) شاذٌّ فِي شيءٍ منَ التَّقديرينِ فَلا يخلُو أمّا منْ شُبهةِ اشتقاقٍ فِي أحدِهِمَا أوْ فِي كليْهِمَا أوْلى فِي هَذا ولا فِي ذاكَ، والمصنف أشَارَ إِلى حُكمِ الأوَّلِ بقولِهِ: (فَبِشُبْهَةُ الاشْتِقَاقِ) رُجِّحَ أَحَدُهُمَا (كَمِيْمِ مَوْظَبَ) أرضٌ(3)
دونَ واوِهِ فإنّ (مَفْعَلاً وفَوْعَلاً) ثابِتانِ لكنْ مَظَبَ لا يُستعمَلُ بِخِلافِ وَظَبَ بمعْنَى دامَ اتِّفاقًا(وَمَعْلَى) أي: وكَذا مِيْمُ مَعْلَى، اسمُ رجلٍ دونَ ألفِهِ؛ لقلَّةِ مجيءِ مَعْلَى بِخلافِ عَلَوَ ومَعَلَ الشيءَ أي: أخَذَهُ بالسُّرعةِ نادرٌ(4)هذا
إِذا لمْ يعارضْهَا أغْلبُ الوزْنينِ فِي الآخَرِ.
(وَفِي تَقْدِيْمِ أَغْلَبِهِمَا) أغلبُ الوزْنَينِ عنْدَ تعارُضِ أغلبيَّةِ الوزْنِ وشُبهةِ الاشْتقاقِ (عَلَيْهَا) علَى شُبهةِ الاشْتِقاقِ والحمْلِ علَى كثرةِ النَّظائِرِ كمَا هوَ رأيُ الأخفشِ(5)(نَظَرٌ)؛
إذْ يمكِنُ أنْ يكُونَ الردُّ إِلى أغلَبِ الوزنَيْنِ مُؤديًا إِلى مهْمَلٍ بِخِلافِ شُبهةِ الاشْتقاقِ (وَلِذَلِكَ) المذْكُورِ منْ رأْيِ الأَخفشِ (قِيْلَ: رُمَّانٌ فُعَّالٌ)
ص: 421
من رَمَن أي: أَقامَ ؛(لِغَلَبَتِهَا فِي نَحْوِهِ) أي: غَلَبتُهُ زِنةَ (فُعَّالٍ) فِي نحوِ: رُمَّانٍ، وهوَ النابتُ منَ الأرضِ كالتّفَّاحِ، والكُرَّاثِ، والحُمّاص، والقائلُ هوَ الأخفشُ(1).
وقالَ الخَليلُ(2)
إنّهُ فُعْلانُ منْ رمَّهُ بمعنَى أَكَلَهُ وأصْلَحَهُ(3) غيرُ منْصَرفٍ؛ لأنَّ رَمَنَ بِمعنَى أَقَامَ غيْرُ ثابِتٍ، فهوَ مُهملٌ أوْ فِي حُكمِهِ وإِلى الثَّانِي بقولِهِ: (فَإِنْ ثَبَتَتْ فِيْهِمَا) أي: شُبْهَةُ الاشْتِقاقِ فِي الوزْنينِ (رُجِّحَ بِأَغْلَبِ الْوَزْنَيْنِ) إِنْ كانَ أحدُهُمَا أغْلبَ ولمْ ينْدُرا (وَقِيْلَ: بِأَقْيَسِهِمَا) وإنْ كانَ غيرُ/119أغْلَب.
(وَمِنْ ثَمّ اخْتُلِفَ فِي مَوْرَقٍ) بفتْحِ الميمِ والرَّاءِ، اسمُ رجلٍ(4)
فَجَعلهُ بعضُهمْ (مَفْعَلاً) منْ وَرَقَ لأغْلبيَّتهِ بِالقياسِ إِلى (فَوْعَلٍ)، وبعضُهُمْ (فوْعَلاً) منْ مَرَقَ؛ لأنَّ القِياسَ فِي (مَفْعَلٍ) إنْ كانَ مِثالاً واويًّا أنْ يُكسرَ عينُه كموعِدٍ (دُونَ حَوْمَانٍ) الأرضُ الغليظَةُ(5)؛
لأنَّ (فَعْلاناً) أكثرُ منْ (فَوْعَالٍ) ولا مُخالَفَةَ قِياسٍ فيهِ فهُوَ منْ حَوَمَ بمعنَى الدَّوْرِ لا حَمَنَ، وحَمْنَةُ اسمْ امرأةٍ(6).
(فَإِنْ نَدَرَا) أي: الوزْنانِ (احْتَمَلَهُمَا) اللفْظُ (كَأَرْجُوَان) بسكُونِ الراءِ بينَ الهمْزةِ المفتوحَةِ والجيمِ المضْمُومةِ(7) يقالُ لهُ بالفارسيَّةِ (أرغوان)(8)، فإنَّهُ يحتمِلُ
ص: 422
أنْ يكونَ (أَفْعُلانًا) منْ رجوْتُ، و(فَعْلُوانًا) منَ الأرْجِ، وأمّا (أَفْعُوالٌ) فلمْ يثبُتْ فيهِ، والمُرادُ منَ النُّدرةِ: القِلَّةُ فلا يرِدُ أنَّ الكَلامَ ممّا لا يُخْرجُ الوزْنانِ عنِ الأوْزانِ المشْهُورةِ وإِلى الثَّالِثِ بِقولِهِ:
(فَإِنْ فُقِدَتْ شُبْهَةُ الاشْتِقَاقِ فِيْهِمَا) فِي تقْديرِ الأصَالَةِ والزِّيادةِ (فَبِالأَغْلَبِ) فُرجِّحَ بالأغْلبِ إنْ كانَ أحدُهُمَا يغلِبُ الآخَرَ (كَهَمْزَةِ أَفْعًى، وَأَوْتَكَانٍ) الرَّجلُ القَصيرُ(1)،
فإنَّ (أَفْعَلَ) أكثرُ من (فَعْلَى) وإنْ لمْ يُوجدْ (فَعَى) ولا (أَفَعَ)، وكَذا (أَفْعَلانٌ) أكثرُ منْ (فَوْعَلانٍ)، وإنْ كانَ وَتَكَ وأَتَكَ مهمليْنِ.
(وَمِيْمِ إِمَّعَةٍ) بكسْرِ الهمْزَةِ وفتْحِ المِيمِ المُشدّدةِ؛ فإنَّ إمّعَ، ومِمَّعَ مُهملانِ و(فَعْلةٌ) أكثرُ منْ (إِفْعلةٍ)(2).
(فَإِنْ نَدَرَا) بِلا أغلبيَّةِ أَحَدِهِمَا(احْتَمَلَهُمَا) اللفْظُ (كَأُسْطُوَانَةٍ) فإنّها (أُفْعُوالَةٌ) منْ سَطَنَ، أوْ (فُعْلُوانَةٌ) منْ أَسَطَ، أوْ (أُفْعُلانَةٌ) منَ سَطَوَ، وهيَ تحتمِلُ الأوليينِ (إِنْ ثَبَتَتْ أُفْعُوالَةٌ) كما يُقالُ فِي أُقْحُوانَةٍ (وَإِلاّ) أي: وإنْ لمْ تثبُتْ أفعوالة (فَفُعْلُوانَةٌ) منْ أَسَطَ (لا أُفْعُلانَةٌ) منْ سَطَوَ؛ (لِمَجِيءِ أَسَاطِيْنَ) فِي جمْعِها اتِّفاقًا، فلوْ كانتْ أُسطُوانةٌ على (أُفعلانةٍ) لكانتِ الطَّاءُ عينُها والواوُ لامُها، فإنْ قيلَ: إنّ الواوَ تُحذفُ والألِفُ تقلبُ ياءً فيكونُ أساطينُ على (أفاعينَ) ولامُ الثُّلاثِي لا يُحذفُ فِي الجمْعِ وإنْ قِيلَ: إنَّ الألِفَ تُحذفُ والواوَ
ص: 423
تُقلبُ ياءً فيكونُ علَى (أفاعلن) وهوَ مفقُودٌ فِي أوزانِ الجمُوع، والمفْرُوضُ هوَعدمُ ثُبوتِ (أُفْعُوالَةٍ)؛ ليكونَ علَى (أفاعيلَ) من سَطَنَ فينبغِي أنْ يكُونَ علَى (فعالين) منْ أَسَطَ فيكونُ علَى (فُعْلُوانَةٍ) فقطْ كما هوَ رأيُ الأخْفَشِ(1)،
فيكونُ خارِجًا عَمَّا نحْنُ فيْهِ؛ إِذْ لا يَحْتَمِلُ إِلاّ وزْنًا واحِدًا، هوَ (فُعْلُوانَةٌ)/120.
ص: 424
(الإِمَالَةُ) فِي الأَصْلِ مصْدرُ أَمَالَهُ بِمعْنَى أَعْدَلَ بِهِ إِلى غيْرِ الجِهَةِ الْتِي هِي فيْهَا(1).
وفِي الاصْطِلاحِ (أَنْ يُنَحَى) أي: يُمَالُ (بِالْفَتْحَةِ نَحْوَ الْكَسْرَةِ) جانِبِها، ويُبالَغُ فِي ذلكَ الميْلِ؛ لتمْتَازَ عنِ التَّرْقيقِ، وهو لا يكُونُ إِلاّ فِي الفتْحةِ قبْلَ الأَلفِ، والباءُ للتَّعديةِ إِلى المفعُول الثَّانِي المُقدَّمِ علَى الأوَّلِ القائِمِ مقامَ الفاعِلِ، وهو (نَحْوَ) ثُمَّ إنْ كانَتِ الفتْحةُ قبلَ الألِفِ يلْزمُ إِمالةُ الألِفِ نحوَ الياءِ أيضًا إِذِ الألِفُ المحْضِ إنَّما يكُونُ بعْدَ الفتْحِ المَحضِ فلا حَاجَةَ إِلى أنْ يُقالَ: وبِالألِفِ نحوَ الياءِ.
وَلا إِمالةَ عنْدَ الحِجازِيينَ، وبنُو تَميمٍ يُصرّونَ عليْهَا(2)
(وَسَبَبُهَا) أي: مُجوِّزُهَا (قَصْدُ الْمُنَاسَبَةِ؛ لِكَسْرَةٍ) واقعَةٍ قبلَ الكَلمةِ المُمَالةِ أوْ بعْدَها؛ لتَصيرَ الأصواتُ المُتناسِبةُ منْ نَمَطٍ واحِدٍ (أَوْ يَاءٍ) واقِعةٍ قبْلَها،(أَوْ لِكَوْنِ الأَلِفِ مُنْقَلِبَةً) عنْ واوٍ (مَكْسُورٍ أَوْ) عنْ (يَاءٍ) وإِنْ لمْ يكُنْ مكسُورةً.
والحاصِلُ: إنَّ الإِمالَةَ أمّا لقصْدِ المُناسَبةِ، وهوَ قِسمانِ أوْ للتَّنبيهِ علَى أصْلِ الأَلِفِ وهوَ أيضًا قِسْمانِ (أَوْ) للتَّنبِيهِ علَى كوْنِ الأَلفِ (صَائِرَةً يَاءً مَفْتُوحَةً) فِي بعْضِ الأحْوالِ (أَوْ لِلْفَوَاصِلِ) أي: لقَصدِ مُناسَبةِ فَاصِلةٍ لفَاصِلَةٍ مُمَالةٍ (أَوْ) لِقصدِ مُناسَبةِ إِمَالَةٍ (لإِمَالَةٍ) واقِعَةً (قَبْلَهَا عَلَى وَجْهٍ) لا علَى اتِّفاقٍ منْهُمْ عليْهِ فأَقْسَامُهَا الأُوَل سبْعٌ:
ص: 425
(فَالْكَسْرَةُ) منَ السَّبْعَةِ إنَّما تُؤثَرُ (قَبْلَ الأَلِفِ) إنْ كانَتْ فِي (نَحْوِ عِمَادٍ، وَشِمْلالٍ) مِمَّا كانَتِ الواسِطةُ بيْنَ حرفِ الحَرَكةِ والألِفِ حرْفًا واحِدًا أوِ اثْنيْنِ، أوَّلُهُما سَاكِنٌ؛ وذلِكَ لأنَّ الفصْلَ لازِمٌ لِلزومِ انْفِتاحِ مَا قبْلَ الألِفِ فلوْ كانَ الفاصِلُ حرْفينِ ولمْ يكُنْ أوَّلُهُما ضعيفًا لِسُكُونِهِ أوْ كانَ أزيدَ بعُدتِ الكسْرةُ عنِ الألِفِ، فنحوُ عِنَبًا، وشِمِلاّلٍ بالتَّشديدِ، النَّاقةُ المُسرعَةُ لا يُمالانِ، وإنْ كانَ الفاصِلُ حرْفينِ متَحرِّكينِ يكُونُ أحَدُهُما الهاءَ نحوُ: ينْزَعُهَا، قالَ الشارحُ الرضيُّ "رض": فإنَّ ناسًا منَ العَرَبِ كثِيرًا يُميْلُهَا؛ لخَفاءِ الهاءِ(1).
(وَنَحْوُ: دِرْهَمَانِ) بسُكونِ النُّونِ مِمَّا يكُونُ الواسِطةُ أزيدَ (سَوَّغَهُ خَفَاءُ الْهَاءِ مَعَ شُذُوذِهِ) فإنَّ الهاءَ؛ لخَفائِهَا كالمعْدُومِ لا اعْتدادَ بِهَا إِلاّ أنْ يكُونَ قبْلَها ضمَّةٌ ك-(يَضْرِبُهَا) ثُمَّ إنْ كانتِ الكسْرةُ فِي كَلمةٍ أُخرَى نحوُ لِزيْدٍ مَالٌ جَازتْ علَى قِلَّةٍ/121إِلاّ أنْ تكُونَ الثَّانيةٌ لفْظَ (اللهِ) نحوُ: لِعبْدِ اللهِ فإنَّهَا فيْهَا أكثرُ إِذا كانَتْ إحْداهُمَا أوْ كِلاهُما غَيْرُ مُستقِلَّتينِ، نحوُ: مِنّا وبِنا إِلاّ أنْ يكُونَ المكسُورُ راءً؛ فإنَّ كسْرتَهَا مُؤثِّرةٌ وإنْ كانَتْ عارِضيَّةً.
(وَبَعْدَهَا) إنْ كانتْ (فِي نَحْوِ: عَالِمٍ) مِمَّا وَلِيتِ الكسْرةَ اللازِمةَ الألِفُ فِي تلكَ الكَلمةِ بِلا فصْلٍ، وأمّا فِي غيْرِ تلكَ الكلِمَةِ ك-(غُلاما بِشْرٍ)، فالتَّحقيقُ لا، وكَذا إنْ كانَ فَصلٌ نحوَ: علَى أَجْرٍ بِلا خِلافٍ، ونحوُ: دِرْهَمانِ بكسْرِ النُّونِ يجُوزُ أنْ يكُونَ للكسْرَةِ المُتقدِّمةِ أوِ للمُتأخِّرةِ (وَنَحْوُ: مِنْ كَلامٍ قَلِيْلٌ؛ لِعُرُوضِهَا) لِعُروضِ كسْرةِ المِيمِ (بِخِلافِ مِنْ دَارٍ) فإنَّ عُروضَ الكسْرةِ ههُنا مُغْتفرٌ (لِلرَّاءِ)؛ لأنَّ فيْهَا تكْرارًا فِي المخْرجِ، والكسْرةُ فيْهَا حُكمُهَا حُكْمُ الكسْرتيْنِ تَجْبِرُ ضَعفَ العُروضِ (وَلَيْسَ مُقَدَّرُهَا الأَصْلِيُّ) أي: الكسْرةُ المُقدَّرةُ الأصليَّةُ
ص: 426
(كَمَلْفُوْظِهَا) فِي إِفادةِ الإِمالةِ (عَلَى الأَفْصَحِ كَجَادٍّ، وَجَوَادٍّ) بتشْديدِ الدَّالينِ؛ فإنَّ الدَّالَ الأُولى فيْهِمَا زَالتْ كسْرتُهَا لُزومًا للإِدغامِ فِي الأَحْوالِ الثَّلاثِ، وأَجازَ بعضُهُمْ نظرًا إِلى الأصلِ، وأمَّا المُقدَّرةُ المُتقدِّمةُ ك-(مَرَرْتُ بِأَحْمَدَ رَاكِبًا) فليْسَ كَملْفُوظِهَا اتِّفاقًا(1).
(بِخِلافِ سُكُونِ الْوَقْفِ) نحوُ: مِنْ مَالٍ، بالسُّكونِ فإنَّ ذلكَ السُّكونَ ليْسَ كالأوَّلِ فِي القوّةِ يزُولُ فِي الوصْلِ فهِيَ كملْفُوظِهَا سِيَمَا إنْ كانَ السَّاكنُ راءً، نحوُ: فِي الدَّارِ فإنَّها فيْهِ أقْوى لِمَا مرَّ.
(وَلا تُؤَثِّرُ الْكَسْرَةُ فِي) إِمالَةِ الألِفِ (الْمُنْقَلِبَةِ عَنْ وَاوٍ) سَواءٌ كانتْ قبلَهَا أوْ بعْدَها (نَحْوُ: مِنْ بَابِهِ وَ) مِنْ (مَالِهِ) بِلا إِمالةٍ فيْهَما؛ لكَونِ الألِفِ فيْهِمَا مُنْقلبةً عنِ الواوِ بِدليلِ أبْوابٍ وأمْوالٍ (وَالْكِبَا) بِالإِمالَةِ (شَاذٌّ)؛ لِكونِ ألِفِهِ منَ الواوِ بِدليلِ كَبوْتُ البيْتَ أي: كنسْتُهُ(2)
والمُصنِّفُ فِي قولِهِ هَذا تابِعٌ لِصاحِبِ المُفصَّلِ(3)، وصريحِ كلامِ سيبويهِ(4)
حيثُ قالَ: ومِمَّا يمِيلونَ ألِفَهُ قولُهُمْ: مررْتُ بِبابِهِ، وأخذْتُ منْ مَالِهِ فِي موضِعِ الجرِّ، شبَّهُوهُ بكاتِبٍ وساجِدٍ، ثُمّ قالَ: والإِمالَةُ فِي هَذا أضعفُ؛ لأنَّ الكسْرَةَ لا تلزمُ، وقالَ: إنَّما يُمالُ (مالٍ) إِذا كُسرتِ اللامُ بعْدَها، إنَّهُ لمْ يفرِّقْ فِي تأْثيرِ الكسْرةِ بيْنَ الألِفِ المُنقلِبةِ عنْ
ص: 427
واوٍ/122وبيْنَ غيرِهَا وإِلاّ لقالَ: مُمْتَنِعةٌ لكونِ ألِفِهِ عنْ واوٍ(1)
لا لأنَّ الكسْرَةَ لا تلزَمُ، اللهُمَّ إِلاّ أنْ يتَسنَّدَ بقوْلِهِ: أضْعَفُ، فإنَّ فيهِ إشعارًا مَا بِأنَّ عُروضِ الكسْرةِ دليلُ الأضعفيَّةِ وذلِكَ لا يُنافِي ضعفَهَا معَ لزُومِهَا وفِي بعضِ النُّسخِ (نحو مصدر بالواو فشاذ خبره) أي: شذ الثالث أو الثلاث (كَمَا شَذَّ الْعَشَا) مُمالةً، وهوَ بِالفتْحِ والقصْرِ، مصْدرُ أَعْشَى والألِفُ عنِ الواوِ لقولِهِمْ: امْرأةٌ عشْواءُ(2).
(وَالْمَكَا) جِحْرُ الضَّبِ(3)
(وَبَابٌ، وَمَالٌ، وَالحَجَّاجُ) علمًا لا صِفةً منَ الحَجِّ (وَالنَّاسُ) برفعِ الجميعِ (بِغَيْرِ(4)سَبَبٍ)
منَ الكسْرةِ فِي الجمِيعِ معَ أنَّ ألفَ الأخيرينِ غيرُ منْقَلبةٍ عنْ واوٍ وياءٍ (وَأَمَّا(5)الرِّبَا)
معَ كونِ ألِفِهِ عنْ واوٍ كالمَكَا؛ لأنَّهُ منْ رَبَى يرْبُو(6) (فَلأَجْلِ الرَّاءِ) أي: وقوعُ الإِمالةِ فيهِ لأجلِ مَا فِي الرَّاءِ منَ التَّكرارِ كما مرَّ.
(وَالْيَاءُ) منْهَا (إِنَّمَا تُؤَثِّرُ) فِي إِمالةِ الألِفِ إنْ كانتْ (قَبْلَهَا) قبْلَ الألِفِ وكانتْ (فِي نَحْوِ: سَيَالٍ) بالفتْحِ، نَوْعٌ منَ الشَّجرِ(7)(وَشَيْبَانَ)
وهوَ (فَعْلانُ) منَ الشَّيبِ، علمٌ، أي: كانتْ متَّصلةً بِها أوْ منْفصلَةً بحرْفٍ واحِدٍ وهِي ساكِنةٌ؛ لأنَّها شَبِيهَةٌ بالكسْرةِ فتقْوى علَى العَمَلِ، وكَذا المُتحرِّكِ كالحَيَوانِ علَى الأَقْوى،
ص: 428
وكَثُرتْ فِي نحْوِ: سَيَّالٍ بتَشْديدِ الياءِ، وعِيالٍ بالكسْرِ والتَّخفيفِ ودونَهُما: هُيامٌ بالضمِّ وإنْ كانتْ بعدَهَا وكانتْ مكسُورةً كسائِرٍ، ومُبايِعٍ تُمالُ الألِفُ لقوَّةِ مقْتَضيْهَا وإِلاّ فَلا كالتَّبايُعِ والمُبايَع، وكَذا لا يُمالُ إنْ كانَ الفاصِلُ أكثرَ منْ واحِدٍ كشيْبانَ إلاَّ أنْ يكُونَ الثَّانِي منْهُما هاءً والأوَّلُ غيرَ مضمومةٍ كيَدِهَا فإنَّها حِيْنَئذٍ تُمالُ كَمَا صَرّحَ بهِ ابنُ مالِكٍ فِي التَّسهيلِ، بِخِلافِ نحْوِ: هذهِ يَدُهَا، وقالَ أبُو حيَّان(1): لا تُمالُ إلاّ أنْ يكونَ الثَّانِي منْهُما هاءً، ومَا قبْلَ الياءِ مفتُوحًا.
(وَالْمُنْقَلِبَةُ) أي: الأَلِفُ المُنْقلبَةُ منْهَا يكُونُ (عَنْ مَكْسُورٍ) أي: تكُونُ مُمالةً إنْ كانتْ مُنقلِبةً عنْ واوٍ مكسُورةٍ فِي الفِعْلِ (نَحْوُ: خَافَ)؛ لإِعادةِ كسْرتِها فِي (خِفْتُ) لا فِي الاسْمِ نحوُ: رجلُ مَالٍ، أي: كثيرُ المالِ؛ فإنَّ كسرةَ واوِ مَوِلَ وهو أصلُهُ لا تُعادُ أبدًا ولا تقَعُ الألِفُ/123المنقَلبةُ عنْ واوٍ مكسورةً فِي الاسْمِ والفعْلِ إِلاّ عيْنًا (وَعَنْ يَاءٍ) أي: المُنقَلِبةُ عنْ ياءٍ منْهَا تُمالُ فِي الاسمِ والفعْل عيْنًا أوْ لامًا مفتوحةً كانتِ الياءُ أمْ لا.
(نَحْوُ: نَابٍ، وَالرَّحَى، وَسَالَ، وَرَمَى) والألفُ فِي الجميعِ منْقلبةٌ عنِ الياءِ بدليلِ أنْيابٍ، ورَحَيانِ، وسُيَيْلٍ، ويرْمِي.
(وَالصَّائِرَةُ) أي: الألفُ الصَّائِرةُ فِي بعضِ الأحوالِ (يَاءً مَفْتُوحَةً) منْها إنّما تُمالُ فِي آخِرِ الفعْلِ سَواءٌ كانتْ عنْ واوٍ أوْ ياءٍ (نَحْوُ: دَعَا(2))،
ورَمَى؛ لأنَّها تصيرُ ياءً مفتُوحةً فِي المجْهولِ وفِي آخرِ الاسمِ أيضًا إنْ كانتْ عنْ ياءٍ رِعايةً للأصلِ كالْفَتَى، وكَذا الزائدةُ للتَّأنيثِ أوْ للإلحاقِ، أوْ لزِيادةِ البِناءِ وذلِكَ
ص: 429
نحوُ: (حُبْلَى، وَالْعُلَى)، وأَرَطَى، وقَبَعْثَرى بِدليلِ صيْرُورَتِهِمَا ياءً مفتُوحةً فِي بعضِ الأحوالِ ك-(حُبليانِ، وعُليَا، وأرْطيانِ، وقَبَعْثَريانِ) وكَذا ألِفُ نحوِ: سَكاَرى؛ لأنَّها تُقلبُ ياءً فِي المُثنَّى عنْدَ العَلَميَّةِ وإنْ كانتْ عنْ واوٍ تُمالُ إنْ كانتْ رابِعةً أوْ فوقَها كالأعْلى والمُصْطفَى بِدليلِ مثنَّاهُما، وإنْ كانتْ ثالِثةً كالعَشَا فَلا، وشَذّ اعتبارُ صيرورَتِها ياءً فِي المُصغَّر نحوُ: عُشَيَّةٍ؛ لأنَّ سُكونَ مَا قبلَها يبعدُها عنْ صُورةِ الألفِ (بِخِلافِ جَالَ) منَ الجَوَلانِ (وَحَالَ) منَ الحَوَلِ معَ مجيءِ جَيَلَ وحَيَلَ؛ لأنَّ الآخِرَ محلُّ التَّغييرِ بِخِلافِ الوَسَطِ ولأنَّ ألفَهُمَا فِي المجْهُولِ تصيرُ ياءً ساكِنةً لا مفْتوحةً.
(وَالْفَوَاصِلُ) منْها (نَحْوُ: وَالضُّحَى )الضُّحى/1، فإِنَّ ألِفهُ تُمالُ لا بسببٍ فيهِ بلْ لرِعايةِ الإمالَةِ فِي سَجَى وقَلَى (وَالإِمَالَةُ) منْهَا (نَحْوُ: رَأَيْتُ عِمَادًا) فإنَّ الألفَ بعدَ الدَّالِ تُمالُ وقْفًا؛ لإمالةِ الالِفِ قبْلَها، وشَذَّ إمالتُهَا لإِمالةِ مَا بعْدَها كاليَتَامَى؛ إذِ الألفُ الثَّانيةُ قدْ تُمالُ لصيْرُورتِها ياءً مفتُوحةً فِي التَّثنيةِ فإنَّ الجمْعَ قدْ يثنَّى وقدْ يُجمعُ وقدْ يُمالُ(1) الأوَّلُ للثَّانِي بشْرطِ أنْ يكُونَ فتْحهُ علَى الهمْزةِ نحوُ: رأَى، ونَأَى بإِمالةِ فتْحةِ الرَّاءِ والنُّونِ لإِمالةِ الهمزةِ تخفيفًا وإمالةِ ميْمِ مَهَارَى؛ لِخفاءِ الهاءِ لا للإِمالةِ.
(وَقَدْ تُمَالُ أَلِفُ التَّنْوِيْنِ(2)فِي
نَحْوِ: رَأَيْتُ زَيْدًا) معَ عَدمِ إِمالةٍ قبلَها وعدمِ سببٍ آخَرَ/124، قيلَ: لعلَّ ذلِكَ لأجْلِ الياءِ، ولِذا لا يُمالُ رأيْتُ عبْدًا إِلاّ عنْد البعْضِ تشْبيهًا لهُ بنَحوِ حُبْلَى(3).
ص: 430
أقولُ: هَذا إِنّما يتمُّ إنْ لمْ يكُنْ تأثيرُ الياءِ مشْروطًا بأَصالَةِ الألِفِ، والمشْهورُ هوَ هَذا.
(وَالاسْتِعْلاءُ فِي غَيْرِ بَابِ خَافَ، وَطَابَ، وَصَغَى(1)مَانِعٌ)
عنِ الإِمالةِ واقعًا (قَبْلَهَا) قبلَ الألفِ واقعًا (يَلِيْهَا فِي كَلِمَتِهَا)؛ لمُضادَّةِ الاسْتِعلاءِ الإمالةَ ك-(قَاعِدٍ، وظالِمٍ، وخَامِدٍ، وصاعِدٍ، وضامِرٍ، وغائِبٍ، وطالِبٍ)، والمُرادُ منْهُ: بابُ خَافَ، وطَابَ، وصغى الألفُ التِي تنكِسرُ ما قبلَها فِي بعْضِ التَّصرفاتِ، وهيَ التِي إنْ كانتْ عينًا تكُوُنُ مُنْقلبةً عنْ واوٍ مكسُورةٍ أوْ عنْ ياءٍ مُطلقًا، وإنْ كانتْ لامًا تكونُ منقلبةً عنْ أحدِهِمَا مطلقًا؛ لأنَّ انكِسارَ مَا قبلَها فِي بعضِ التَّصرُّفاتِ سببٌ قويٌّ يُعادِلُ استعلاءَ تلكَ الأحرفِ، وكَذا الألِفُ التِي تكُون حرفَ الاسْتعلاءِ قبْلَها فِي كلِمةٍ أُخرَى وذلِكَ لا يمكِنُ أنْ يكُونَ يلِيهَا وإلاّ لزَم الابتداءُ بالسَّاكِنِ كرابِطِ سالمٍ، وكَذا إنْ لمْ يكُنْ يلِيهَا وكانَ الفاصِلُ بينَ حرفِ الاستِعلاءِ والألِفِ حرفيْنِ أوْ أزيدَ كصَفَحاتِي(2).
(وَبِحَرْفَيْنِ) أي: ومانعٌ إنْ كانَ مفصُولاً عنْها بحرْفينِ أحدُهُما نفسُهُ، والثَّانِي حرفُ الألِفِ (عَلَى رَأْيٍ) سَواءٌ كانَ مفتُوحًا كقواعِدَ وظَوالِمَ، أوْ مَضمُومًا كخُفافٍ، أوْ مكْسُورًا كخِلافٍ وضِعافٍ، أو سَاكِنًا كمِصْباحٍ وإِقْبالٍ ونحوِهَا هَذا إنْ لمْ يكُنْ ذلِكَ الحرفُ مكسُورًا أوْ ساكنًا بعدَ مكسُورٍ وإنْ كانَ فلا يُمنعُ عنْدَ الأكثرِ(3)، نحوُ: صِعَابٍ ومِصْبَاحٍ وبعدَهَا أي: (وَ) مانِعٌ إنْ وَقَعَ
ص: 431
(بَعْدَهَا يَلِيْهَا فِي كَلِمَتِهَا) كوَاقدٍ (وَبِحَرْفٍ) اتِّفاقًا كنافقٍ (وَبِحَرْفَيْنِ عَلَى الأَكْثَرِ) كمَعَالِيقَ(1)،
وفِي كلِمةٍ أُخرَى علَى خِلافٍ، كعِمادِ قاسِمٍ، ومنْها صِراطٌ.
(وَالرَّاءُ غَيْرُ الْمَكْسُوْرَةِ إِذَا وَلِيَتِ الأَلِفَ قَبْلَهَا) نحوُ: رَاشِدٍ، ولا تكُونُ إلاَّ مفْتُوحةً أوْ بعدَهَا نحوُ: هذا حِمارٌ، ورأَيْتُ حِمَارًا (مُنِعَتِ) الإمالةُ (مَنْعَ) الحُروفِ (الْمُسْتَعْلِيَةِ) إيَّاهَا لتكْرارِها فِي غيْرِ بابِ خافَ وطابَ وصَغَى (وَتَغْلِبُ) الرَّاءُ (الْمَكْسُورَةُ) الواقعَةُ (بَعْدَهَا) بعدَ الألفِ بِلا تباعُدِ الحُروفِ (الْمُسْتَعْلِيَةَ وَ) الرَّاءَ (غَيْرَ الْمَكْسُورَةِ) المَانِعتانِ عنِ الإِمالةِ بشرْطِ تأخُّرِ الألفِ عنْهَا (فَيُمَالُ طَارِدٌ، وَغَارِمٌ، وَمِنْ قَرَارِكَ) بخلافِ نحوِ: طالِبٍ و فارِقٍ.
(فَإِذَا تَبَاعَدَتِ) الرَّاءُ عنِ الألِفِ (فَكَالْعَدَمِ فِي الْمَنْعِ) إنْ لم تكُنْ مكسُورةً (وَ)فِي (الْغَلَبِ) إنْ كانتْ (عِنْدَ الأَكْثَرِ) بِشرطِ تأخُّرِها/125عنِ الألِفِ (فَيُمَالُ هَذا كَافِرٌ) ورأيتُ كافِرًا بِسببِ كسْرةِ الفاءِ، وعدَمِ مانعيَّةِ الراءِ الغيرِ(2)
المكسورةِ المفصولَةِ بالفاءِ (وَيُفْتَحُ) أي: لا يُمالُ (مَرَرْتُ بِقَادِرٍ، وَبَعْضُهُمْ يَعْكِسُ) ويفخِّمُ كافِرًا، ويميلُ: مررْتُ بقَادِرٍ (وَقِيْلَ) العكسُ (هُوَ الأَكْثَرُ(3))
وإنْ كانتِ الرَّاءُ مُتقدِّمةً عليْهَا متباعِدةً جازَ الوجهانِ إنْ لمْ تكُنْ مكسُورةً، وإنْ كانتْ لا تغلِبُ المُستعلَى سَواءٌ كانَ قبلَ الألِفِ كَرِقابٍ أوْ بعدَهَا كرِواقٍ.
(وَقَدْ تُمَالُ(4))
فتحةُ (مَا قَبْلَ هَاءِ التَّأنِيثِ فِي الْوَقْفِ) فِي الاسمِ إنْ كانتْ مُبدلَةً عنْ تائِهَا؛ لتَشابِهِهَا الألفَ فِي المخْرجِ والخَفاءِ وإِفادةِ التَّأنيثِ ولزومِ
ص: 432
الفتْحةِ قبلَها (وَتَحْسُنُ) إمالتُهُ (فِي نَحْوِ رَحْمَةٍ) ممَّا لمْ يكُنْ مَا قبْلَ الهاءِ راءً، ولا حرفَ استعلاءٍ (وَيَقْبُحُ(1)
فِي الرَّاءِ نَحْوُ: كُدْرَةٍ)؛ إذْ إمالةُ فتحتِهَا كإِمالةِ فتحتينِ كمَا مرَّ (وَيَتَوَسَّطُ(2))
بينَ الحُسنِ والقُبحِ (فِي الاسْتِعْلاءِ نَحْوُ حُقّةٍ(3))؛
إذْ ليْستْ فتْحةُ المُستعلَى كفَتْحتينِ، ورُوِيَ عنِ الكِسائيِّ(4)إِمالةُ
مَا قبلَ الهاءِ مُطْلقًا سَواءٌ كانَ منْ حُروفِ الاسْتعلاءِ أمْ لا وإنْ كانتْ للسَّكتِ نحوُ: ( كِتَابِيَهْ)الحاقة/25، (مَالِيَهْ)الحاقة/28 إِلاّ إِذا كانَ ألِفًا كالصَّلوةِ، وذهَبَ طائِفةٌ إِلى إِمالةِ مَا قبْلَ الهاءِ إِلاّ أنْ يكونَ أحدُ السَّبعةِ والألِفِ، والعيْنِ، والحاءِ.
(وَالْحُرُوفُ لاَ تُمَالُ)؛ لِعَدمِ تصرُّفِهَا (فَإِنْ سُمِّيَ بِهَا فَكَالأَسْمَاءِ) فَإِنْ كانَ فيْهَا سببٌ أُميلَتْ كَهَلاّ، وإِلاّ، وحتّى فإنَّ الألِفَ المُتطرِّفةَ الرابعةَ فيْهَا يُحكَمُ عليْهَا بأنَّها عنْ ياءٍ كما فِي حُبْلَى؛ ولِذا تُثنَّى علَى: حَتَّيانِ، وإِليَّانِ، وأمَّا إِلى فإنْ كانتِ الكسْرةُ مؤثِّرةً فِي الألفِ المُنقلبةِ عنِ الواوِ فَتُمالُ بِدليلِ مُثنَّاهَا وهوَ إِلَوَانِ، وإِلاّ كمَا هوَ رأيُ المُصنِّفِ والزِّمخْشريِّ(5)
فَلا، وكَذا لوْ سُمِّيَ ب-(مَا، ولا، وعل، وعدا).
ص: 433
(وَأُمِيْلَ بَلَى، وَيَا) النِّدائيَّةُ (وَلاَ) فِي (إِمَّالاَ) بتشديدِ الميمِ وفتْحِ الهمْزةِ المكْسورةِ فِي الأصْلِ؛ لخِفَّتهِ وإنْ لمْ تُسمِّ بِهَا؛ (لِتَضَمُّنَهَا الْجُمْلَةَ) فإنَّ (بلَى) فِي جَوابِ أَ قامَ زيْدٌ ؟ بِمنْزِلةِ (قامَ زيدٌ) و(يا) بِمنْزِلةِ (اُدعو) وأصلُ (إمّا لا)، إِنْ ما لا بكسْرِ الهمْزةِ حرفُ شرطٍ و(ما) صلةٌ تقولُ لزيدٍ اضْربْ عمْرو فإنِ امتنَعَ تقولُ لهُ (إما لا) فاخرُجْ أي: لا تضربْهُ فاخرُجْ فإنْ كانتْ (لا) مُنفِردةً/126من (إمّا) لا تُمالُ خِلافًا لقُطربٍ(1).
(وَغَيْرِ الْمُتَمَكِّنِ كَالْحَرْفِ) فِي عَدَمِ الإِمالةِ إِلاّ إِذا سُمِّيَ بهِ وكانَ فيهِ سببُ الإِمالةِ (وَذَا، وَأَنَّى، وَمَتَى) منَ الأسماءِ الغيرِ(2)
المُتمكِّنةِ (كَبَلَى) فِي جَريانِ الإِمالةِ, إنْ لمْ يُسمَّ بِها؛ إذْ (ذا) توصفُ وتُصغَّرُ، وأنّى ومَتَى تقُومانِ مَقامَ الْجُملةِ كمَا تَقُولَ أنَّى ومتَى لِمنْ قالَ لكَ: كذا دينارا، أوْ سَارَ القومُ مَقامَ قولِكَ أنَّى لِي كَذا، ومتَى سَارَ القومُ.
(وَأُمِيْلَ عَسَى؛ لِمَجِيءِ عَسَيْتُ)لا يلْحقُهُ عدمُ تصرُّفهِ بالأسماءِ الغير(3)المتمكِّنةِ
فإنّ التَّصرّفَ فِي الفعْلِ وإنْ كانَ غيرُ مُتصرَّفٍ فيهِ أقْوى منَ التَّصرُّفِ فِي الاسمِ الغيرِ المتمكِّنِ(4)،
والحرْفُ لانقلابِ ألِفهِ واوًا عندَ لُحوقِ الضَّميرِ إنْ كانَ واويًّا، وياءً إنْ كانَ يائيًّا وأُميلتْ أسماءُ حُروفِ التَّهجِّي، وإنْ كانتْ معَ الاسْتعلاءِ نحوُ: بَا، تَا، طَا، ظَا معَ كونِهَا مَبنيَّةً ك-(إِذا وما)؛ لأنَّها وُضعتْ لأنْ توقفَ عليْهَا بِخِلافِهِمَا فأُميلَتْ لِبيانِ ألفاتِهَا كمَا قُلبتْ ألفُ أفْعَى
ص: 434
ياءً فِي الوقفِ؛ ولِذا لا تُمالُ مدًّا نحوُ: با ولا؛ لأنَّها إذنْ لايكونُ موقوفًا عليْهَا نحوُ: طالِبٍ وظالِمٍ.
(وَقَدْ تُمَالَ الْفتْحَةُ مُنْفَرِدَةً) عنِ الألِفِ وهاءِ التَّأنيثِ بالراءِ المكسُورَةِ الواقعةِ بعدَها بِلا فصْلٍ سٌواء كانتِ الفتْحةُ علَى الرَّاءِ أوْ علَى حرفِ الاسْتِعلاءِ أوْ علَى غيْرِهِمَا وسَواءٌ كانَ قبلَ المفتُوحِ ألِفٌ أوْ لا، وسَواءٌ كانَ المفتُوحُ فِي كلمةِ الرَّاءِ المكسُورةِ أمْ لا (نَحْوُ: مِنَ الضَّرَرِ، وَمِنَ الكِبَرِ، وَمِنَ الْمُحَاذَرِ(1))
بفتْحِ الذَّالِ المُعجمَةِ، ومنَ الصِّغَرِ، وَخَبْطَ رِياحٍ، وإنْ كانَ بعْدَ الراءِ المكْسُورةِ حرفُ اسْتِعلاءٍ ك-(فَرَقَ) لا تُمال الفتْحةُ السَّابقَةُ عليْهَا، وقدْ تُمالُ الفتْحةُ إنْ كانتِ الرَّاءُ المكسُورةُ منْفَصِلةً عنْهَا، نحْوُ: مِنْ بَكْرٍ، واعْتَبرَ ابْنُ مالِكٍ تطرُّفِ الرَّاءِ فِي بعضِ كُتُبهِ.
وقدْ تُمالُ الضمَّةُ أيضًا فِي نحْوِ مِن سُرُرٍ، ومِنْ عُمْرٍ كعُنُقٍ وقُفْلٍ، ولمْ يذكرْهُ؛ لِعَدمِ اعْتِنائِهِ بهِ ولِعَدمِ صِدْقِ حَدِّ الإِمالةِ المذكُورِ سَابقًا عَليْهِ.
ص: 435
(تَخْفِيْفُ الْهَمْزِ يَجْمَعُهُ الإِبْدَالُ، وَالْحَذْفُ، وَبَيْنَ بَيْنَ) ويُقالُ لَهُ التَّسْهيلُ والتَّرْقِيقُ أيضًا/127اسْمانِ جُعِلا واحِدًا، وبُنِيا علَى الفتْحِ، ويُعلَمُ منَ الضَّميرِ أنَّهُ لا ينْقَسمُ إِلى غيرِهَا كقولِكَ: الاسْمُ يجْمَعُهُ المُعْربُ والمبْنيُّ بِخِلافِ: يجْمعُ المنْصَرفُ وغيرُ المنْصرفِ؛ فإنَّ الشَّيءَ قدْ يجمعُ شيئًا ويجمَعُ غيرَهُ أيضَا(1).
ومعنَى بيْنَ بيْنَ (أَيْ بَيْنَهَا) بَيْنَ الهمْزةِ (وَبَيْنَ حَرْفِ حَرَكَتِهَا) وهوَ الألِفُ والواوُ والياءُ؛ لأنَّها أمَّا مفتوحَةٌ أوْ مضمُومةٌ أوْ مكْسُورةٌ (وَقِيْلَ: أَوْ حَرْفِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا) والأَوَّلُ: بيْنَ بَيْنَ المشْهُورُ ك-(سُئِل) المجْهُولِ بيْنَ الهمْزةِ والياءِ، والثَّانِي:البَعِيدُ ك-(سُؤِلَ)(2)بيْنَها
والواوِ.
وهمْزةُ بيْنَ بَيْنَ سَاكنةٌ عندَ الكُوفيينَ، ومتَحرِّكةٌ عنْدَ غيْرِهِمْ(3)، حركَةٌ ضَعِيفةٌ تقْرُبُ إِلى السُّكونِ.
ص: 436
(وَشَرْطُهُ) شرْطُ تخْفيفِ الهمْزَةِ مُطلقًا (أَنْ لاَ تَكُوْنَ) الهمْزةُ (مُبْتَدَأً بِهَا) أي: فِي ابْتِداءِ الكَلامِ، نحوُ: اكْتَسبَ، لا الكلِمةِ، نحوُ: قدِ اكْتَسبَ إِذِ الأَصلُ فيْهِ هوَ بيْنَ بيْنَ، والسَّاكنُ لا يُبتدأُ بهِ وكَذا ما يُقارِنُهُ، وهَرَقْتُ وهيَّاكَ شاذَّانِ، والمحذُوفُ للتَّخْفيفُ فِي خُذْ هوَ الثَّانيةُ، ثُمَّ الأُولى للاسْتِغناءِ عنْهُ (وَهِيَ) أي: الهمْزةُ التِي يُرادُ تخفِيفُهَا (سَاكِنَةٌ، وَمُتَحَرِّكَةٌ، فَالسَّاكِنَةُ) يكونُ مَا قبلَها مُتحرِّكًا؛ لِئلاّ يلتقيَ السَّاكِنانِ فإذا خُفِّفتْ (تُبْدَلُ بِحَرْفِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا) سَواءٌ كانَ فِي تلْكَ الكلِمةِ والهمزَةُ فِي الوَسَطِ (كَرَاسٍ، وَبِيْرٍ وَسُوْتُ) ك-(قُلْتُ) منْ سَاءَ أوْ فِي الآخِرِ كلمْ يَقْرَأْ، ولمْ يُقرِئْ، ولمْ يرْدُؤْ، أوْ فِي غيْرِ تلكَ الكلِمَةِ (وَ)نحوُ(إِلَى الْهُدَى اتِنَا)(1)الأنعام/71،(الَّذِيتُمِنَ)(2)البقرة/283،(يَقُولُوذَنْ لِي)(3)التوبة/49، بالألِفِ والياءِ فيها، وَلا يُتصَّورُ بيْنَ بيْنَ فِي هَذهِ الصُّورِ؛ إذْ لا حركَةَ لَهَا لِتُجْعلَ بينَها وبينَ حرفِ حركَتِهَا، وحيْثُ لا يُتَصوَّرُ المشْهُورُ لا يُتَصوَّرُ غيْرُهُ، ولا الحذْفُ؛ لأنّه إنَّما هوَ بعْدَ إِلْقاءِ حَرَكَتِها علَى مَا قبْلَها ليدلَّ عليْهَا، والحَرَكةُ لا تُلْقى علَى المُتحرِّكِ، وإنْ كانتِ الهمْزةُ ساكِنةً للوقْفِ وما قبلَها ساكِنًا، يجِيءُ حُكْمُهَا.
ص: 437
(وَالْمُتَحَرِّكَةُ إِنْ كَانَ قَبْلَهَا سَاكِنٌ) غَيْرُ قابِلٍ للحَرَكةِ أصْلاً (وَهُوَ) أي: ذلِكَ السَّاكنُ (وَاوٌ، أَوْيَاءٌ) مدَّتانِ (زَائِدَتَانِ لِغَيْرِ الإِلْحَاقِ)/128فِي بِنْيةِ الكَلمِ، وكَذا يَاءُ التَّصغيرِ معَ أنَّها ليْستْ بِمدَّةٍ (قُلِبَتِ(1))
الهمْزةُ (إِلَيْهِ) إِلى ذلِكَ السَّاكنُ (وَأُدْغِمَ) السَّاكِنُ (فِيْهَا) فِي الهمْزةِ (كَخَطِيَّةٍ) بتشْديدِ اليَاءِ، أصلُهَا خَطِيْئَةٌ بالهمزةِ بعْدَ الياءِ،(وَمَقْرُوَّةٍ) بتشْدِيدِ الوَاوِ، أصلُهَا مقْرُوءَةٌ بالهمْزةِ بعْدَ الواوِ (وَأُفَيِّسٍ) بِتشْديدِ اليَاءِ المكْسُورةِ بعْدَ الفَاءِ المفْتُوحةِ، أصْلُهَا أَفْيَاسٌ، مُصغَّرُ أَفْؤُسٍ، جمْعُ فَأْسٍ(2)، بَلدٌ بِالمغْرِبِ بِخِلافِ مَا إِذا كانَتَا أصْليَّتينِ كسُوءٍ وسَيِّء(3)، أوْ زَائِدَتينِ فِي غيْرِ بِنْيةِ الكَلمِ، نحوُ: اتْبَعُوا أمْرَهُمْ، واتْبعِي أمْرَهُ، أوْ غيرَ مدَّتينِ كسُوءٍ وشيءٍ، وإِنّما تعيَّنَ الإِبدالُ معَ مَا فيْهِ منْ نقْلِ حركَتِهَا إِلى مَا قبْلَهَا دلالةً عليْهَا وهُوَ لا يقْبَلُهَا فرْضًا، وبيْنَ بيْنَ يلْزمُ منْهُ شِبْهُ سَاكِنيْنِ.
ص: 438
(وَقَوْلُهُمُ الْتُزِمَ) ذلِكَ القلْبُ والإِدْغامُ (فِي نَبِيٍّ، وَبَرِيَّةٍ غَيْرُ صَحِيْحٍ)؛ لأَنَّ كُلاًّ منْهُمَا بِالهمْزَةِ عنْدَ المَدَنِيينَ(1)،
وتَبِعَهُم ابْنُ ذكْوانٍ الشَّامِي(2)فِي
الثَّانِي (وَلَكِنَّهُ كَثُرَ) حيثُ جَعَلَ سيبويهِ عَدمَهُ ردِيئًا وجَعَلَ النبيَّ منَ النَّبأِ بِالهمْزةِ(3)معَ
أنَّهُ جُمِعَ علَى أنْبِياءَ، و(أَفْعِلاءُ) جمْعُ (فَعِيْلٍ) إِذَا كانَ ناقِصًا كأَصْفِياءَ وإلاَّ فَعَلى (فُعَلاءَ) كَكُرَمَاءَ؛ وذلِكَ أنَّهُ لمَّا رَأَى أنَّ الهمْزةَ فيْهِ تُبْدلُ ياءً فِي الصِفةِ وتُخفَّفُ فِي المصْدَرِ وهوَ النُّبوَّةُ جعَلَ حُكْمَهُ حُكمَ النَّاقصِ، وأيْضًا ذَهَبَ إِلى رَداءَةِ نبُوءةٍ بِالهمْزَةِ(4)،
ويَظهَرُ منْ هَذا إنَّ القِراءاتِ السَّبعَ ليْسَتْ بِمُتواتِرةٍ عنْدهُ(5).
(وَإِنْ كَانَ) قبْلَهَا (أَلِفًا فَبَيْنَ بَيْنَ الْمَشْهُورُ) بينَ الألِفِ والهمْزةِ إنْ كانَتْ مفْتُوحةً كقِراءةٍ، والواوُ إنْ كانتْ مضْمُومةً كالتساؤُلِ والياءُ إنْ كانتْ مكْسُورةً كسائِلٍ لا غيرَ؛ لامْتِناعِ الإِبدالِ إذِ الألِفُ لا يُدْغمُ ولا يُدْغَمُ فيْهَا، والحذْفِ
ص: 439
لأنَّهُ إنَّما يتحقَّقُ بِنقْلِ الحَرَكةِ والألِفُ لا تقْبَلُها، وبيْنَ بيْنَ البَعيْد؛ لعَدَمِ تحرُّكِ مَا قبْلَهَا ولا يلْزمُ الْتِقاءُ السَّاكِنيْنِ لعَدَمِ سلْبِ الحركَةِ بالكُليَّةِ عنْدَ الأكْثرِ(1).
(وَإِنْ كَانَ) قبْلَهَا فِي تلْكَ الكلِمةِ أمْ لا ( حَرْفًا صَحِيْحًا/129أَوْ مُعْتَلاًّ غَيْرَ ذَلِكَ) المذْكُورِ منْ كونِهِ واوًا أوْ ياءً مَزِيدَتَيْنِ لغيْرِ الإِلحاقِ، أوْ ألفًا أي: يكُونُ قابِلاً لِلحَرَكةِ (نُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَيْهِ، وَحُذِفَتْ) وإنْ كانتِ الحَرَكةُ ضمَّةً أوْ كسْرةً وما قبْلَها واوًا أوْ ياءً؛ لأَنَّهُما ليْسَتَا فِي الأصْلِ بِحرْفَي عِلَّةٍ بِخِلافِ هذا قاضِي ومرَرْتُ بِقاضِي؛ لأنَّ الإِعْرابَ معَ عُروضِهِ أَلزَمُ؛ لأنَّهُ غيْرُ منْقُولٍ (نَحْوُ: مَسَلَةٍ) بفتْحِ السِّينِ والْلامِ فِي مسْأَلةٍ
(وَالْخَبَ) بِتحْرِيكِ المُوحَّدةِ فِي خَبْأٍ كفَلْسٍ (وَشَيٍ، وَسَوٍ) بِتحْريكِ التَّحْتانيَّةِ والواوِ، فِي شَيءٍ وسُوءٍ بسُكونِهِمَا والهمزةِ (وَجَيَلٍ) كَفَرَسٍ فِي جَيْأَلٍ كجعْفرٍ، اسمٌ لِلضَّبعِ(2) (وَحَوَبةٍ(3))
بِفتْحِ الواوِ فِي حَوْأَبَةٍ بسُكونِهَا، مَاءٌ علَى طَريقِ الْبَصْرةِ(4)(وَأَبُوَّ
يُّوبَ(5))
بفتْحِ الهمْزةِ والواوِ المُشَدَّدةِ وضمِّ المُوحَّدةِ والتَّحتانيَّةِ المُشَدَّدةِ، أي: إدْغامُ آخرِ الكَلمَةِ فِي الواوِ واليَاءِ المُبْدلتيْنِ عنِ الهمْزةِ المفْتُوحةِ فِي صدْرِ الكَلِمَةِ بعْدَهَا(وَذُوَ مْرِهِمْ) بضمِّ الذَّالِ المُعْجمةِ وفتْحِ الواوِ وسُكونِ المِيمِ فِي (ذُوأَمْرِهِمْ).
ص: 440
(وَاتَّبِعيَ مْرَهُ) بفتْحِ التَّحتانيَّةِ وسُكُونِ المِيْمِ فِي اتَّبِعِي أَمْرَهُ (وَقَاضُوَ بِيْكَ) بفتْحِ الواوِ وكسْرِ الْمُوحَّدةِ فِي (قَاضِوْ أَبِيْكَ) بِسُكونِ الْواوِ وفتْحِ الْهمْزةِ، أصله: قَاضُونَ، وقدْ تقدَّمُ الهمْزةُ اسْتِكْراهًا للحذْفِ، ويُقالُ: يأْسَلُونَ فِي يَسْأَلُونَ، وقدْ تُنقلُ حركتُهَا إِلى آخِرِ كلِمةٍ مُتحرِّكةٍ بحَركةٍ بِنائيَّةٍ ك-(قَالِ اسْحقُ) بكسْرِ الْلامِ وحذْفِ الهمْزةِ، وهوَ شاذٌّ، وقدْ تُسكَّنُ ويُحذفُ بعدَ الألِفِ الواقِعَةِ آخِرَ كَلِمةٍ أُخْرى، فَإِنْ كَانَ بعْدَ الهمْزةِ ساكنًا حُذِفتِ الأَلِفُ؛ لالْتِقاءِ السَّاكنيْنِ ك-(مَحَسَن) فِي (مَا أَحْسَنَ) وإِلاَّ فَلا كمَأْشَدَ فِي (مَا أَشَدَّ) وجَوَّزَ الكُوفيُّونَ(1)إبدالَها
حرفَ عِلَّةٍ منْ دُونِ نقْلِ الحَرَكَةِ.
(وَقَدْ جَاءَ بَابُ شَيْءٍ، وَسَوْءٍ) مِمَّا كَانَ السَّاكِنُ فيْهِ واوًا أصليَّةً أوْ ياءً أصْليَّةً (مُدْغَمًا أَيْضًا) تشْبِيهًا لِخَطيَّةٍ ومقْرُوَّةٍ، فيُقالُ: شَيٌّ، وسَوٌّ بتَشْدِيدِهِمَا(وَالْتُزِمَ ذَلِكَ) المَذْكُورُ منَ النَّقلِ والحذْفِ (فِي بَابِ يَرَى، وَأَرَى يُرِي؛ لِلْكَثْرَةِ) سَواءٌ كانَ منَ الرُؤيةِ أوِ الرأْيِ أوِ الرؤْيا.
(بِخِلافِ/130يَنْأَى) كيَمْنَعُ(وَأَنْأَى يُنْئِي) كأكرمَ؛ فإنَّهُ جائِزٌ غيْرُ مُلتزَمٌ لِقِلَّتهِ بِالنِّسبةِ إليْهِ وكَذا رَأَى مقْرُونًا بِتاءِ الخِطابِ معَ همْزةِ الاسْتفهَامِ تشْبيهًا لهَا بِهمْزةِ الأفعالِ، نحوُ أَرَيْتُكَ، وجُوِّزَ معَ هلْ أيضًا تشبِيهًا لَهَا بِالهمْزَةِ.
(وَكَثُرَ فِي سَلْ لِلْهَمْزَتَيْنِ) فإنَّ أصلَهُ اِسْأَلْ بِخِلافِ اِجْأَرْ(2) لِمَا ذكرْنَا فِي يَرَى وينْأَى؛ ولأنَّ السِّينَ الفاصِلَةَ بيْنَ الهمْزَتينِ أضْعفُ منَ الْجيمِ لهمْسِهَا،
ص: 441
وحَكَى الأخْفَشُ(1) اِسَلْ بِحذْفِ الثَّانيةِ بعْدَ نقْلِ حرَكَتِهَا إِلى السِّينِ وبقاءِ الأُولَى كمَا يُقالُ: الْحَمَر فِي الأَحْمَرِ، وحَكَمَ السِّيرافيُّ(2)بِفَسادِهِ؛
لأنَّ الأصْلَ فِي هَذا الِّسينِ الحَرَكةُ، وفِي لامِ التَّعريْفِ السُّكونُ.
(وَإِذَا وُقِفَ عَلَى) الهمْزَةِ المُتَحرِّكَةِ (الْمُتَطَرِّفَةِ وُقِفَ بِمُقْتَضَى الْوَقْفِ بَعْدَ التَّخْفِيْفِ) أي: تَخْفيفُ الهمْزةِ، أَمَّا بِنقْلِ حَرَكَتِهَا إِلى مَا قبْلَهَا وحذْفِهَا، أوْ قَلْبِهَا إِلى قبْلَها وإِدْغامِهِ فيْهَا كأنَّهُ لمْ يُوقَفْ عليْهَا؛ إِذْ حَالةُ الوصْلِ أقدَمُ (فَيَجِيْءُ فِي هَذا الْخَبُ) بالفتْحِ والضمِّ، مُخفَّفُ خَبْأٍ بِالنَّقْلِ والحذْفِ.
(وَبَرِيٌّ) بضمِّ التَّحتانيَّةِ المُشدَّدةِ فِي الآخِرِ، مُخفَّفُ بَرِيءٍ كشَرِيفٍ بالهمْزةِ، بِالقلْبِ والإِدغامِ (وَمَقْرُوٌّ) بضمِّ التَّحْتانيَّةِ المُشدَّدةِ فِي الآخِرِ، مُخفَّفُ مَقْرُوءٍ كمفْعُولٍ، بِالقلْبِ والإِدْغامِ (السُّكُونُ، وَالرَّوْمُ، وَالإِشْمَامُ)؛ إِذِ الثَّلاثَةُ جائِزَةٌ فِي المَضْمومِ وإِنْ كانَ مُتعدِّدًا (وَكَذَلِكَ(3)شَيْءٌ،
وَسَوْءٌ) مرْفُوعيْنِ بفتْحِ أوَّلِهِمَا سَواءٌ (نُقِلَتْ) حرَكَةُ همزَتِهَا إِلى مَا قبْلَهَا، وحُذِفتْ عَلَى قَوْلٍ (أَوْ أُدْغِمَتْ) فيْمَا قُلِبتِ الهمْزةُ إِليْهِ علَى آخَر(إِلاَّ أَنَّ مَا قَبْلَهَا أَلِفٌ)أي: الهمْزةُ المُتطرِّفةُ التِي قبْلَها ألِفٌ كقُرَّاءٍ؛ فإنَّكَ قدْ عرفْتَ أنَّها تُخفَّفُ بيْنَ بيْنَ المشْهورِ فَإِذَنْ (إِذَا وُقِفَ) عليْهَا (بِالسُّكُونِ وَجَبَ قَلْبُهَا أَلِفًا)، وجَازَ الْتِقاءُ السَّاكِنينِ؛ لأنَّهُ في الوقف، وإنَّما ذلِكَ الوُجُوبُ؛ (إِذْ لا نَقْلَ) إذْ لا حَرَكةَ حيْنَ خُفِّفتْ بيْنَ بيْنَ، وأيضًا؛ لأنَّ قبْلَها ألِفٌ وهيَ غيْرُ قابِلَةٍ لِلحَرَكةِ (وَتَعذَّرَ/131التَّسْهِيْلُ)؛
ص: 442
لأنَّ الوقْفَ عليْهَا إِنَّما هوَ بالسُّكونِ فرْضًا (فَيَجُوزُ) إذنْ بعْدَ قَلْبِهَا أَلِفًا (الْقَصْرُ) بِحذْفِ إِحْدى الأَلِفيْنِ؛ لاجْتِماعِ المِثْليْنِ والتِقاءِ السَّاكِنيْنِ (وَالتَّطْوِيْلُ) إِشْعارًا بِالأصْلِ، والتِقَاءُ السَّاكِنيْنِ فِي الوقْفِ مُغْتَفَرٌ، وَلا يَجُوزُ الرَّوْمُ ولا الإِشْمَامُ؛ إذِ الرَّوْمُ إبْقاءُ بعْضِ الحَرَكةِ، والإِشْمامُ أَقَلُّ منْهُ والمفرُوضُ الوقْفُ بالإسْكانِ (وَإِنْ وُقِفَ بِالرَّوْمِ) لا بِالسُّكونِ (فَالتَّسْهِيْلُ) مُتَعيَّنٌ لا غيْر (كَالْوَصْلِ) إنْ كانَتْ مضْمُومةً ووُقِفَ عليْهَا بالإِشْمامِ فَكَالوقْفِ بِالسُّكونِ، وإنْ كانتْ منْصُوبةً مُنوَّنةً ك-(دَخَلْتُ عِشَاءً)، وسمِعْتُ دُعَاءً، ولا يجِيءُ فيْهَا تلكَ الفُروعُ؛ لِعَدَمِ كونِهَا مُتطرِّفةً بلْ بقلبِ التَّنويْنِ ألِفًا.
(وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا) قبْلَ الهمْزَةِ المُتَحركَةِ (مُتَحَرِّكٌ) فِي تلكَ الكَلمةِ، أوْ كلمةٍ سَابقةٍ عليْهَا (فَتِسْعٌ) فَالاحْتِمالاتُ تِسْعُ، همْزةٌ (مَفْتُوحَةٌ، وَقَبْلَهَا الثَّلاثُ، وَمَكْسُورَةٌ كَذَلِكَ، وَمَضْمُومَةٌ كَذَلِكَ، نَحْوُ: سَأَلَ، وَمِائَةٍ، وَمُؤَجَّلٍ، وَسَئِمَ) ككَتِفٍ (وَمُسْتَهْزِئِيْنَ، وَسُئِلَ) المجْهُولِ (وَرَؤُوفٍ، وَمُسْتَهْزِئُونَ، وَرُؤُوسٍ)، وقالَ أحْمدُ أو إبْراهيْمُ أوْ أخْتُهُ، وهَذا مَالُ أحمَدَ أو إِبراهيْمَ أو أخْتِهِ وبغُلامِ أحْمدَ أوْ إبراهيْمِ أوْ أخْتِهِ (فَنَحْوُ: مُؤَجَّلٍ وَاوٌ) إِذَا خُفِّفَ (وَنَحْوُ: مِائَةٍ يَاءً) وإنَّما قُلْنا بِالإِبْدالِ فيْهَا إِذِ الحذْفُ لا بدَّ فيهِ منْ نقْلِ الحَرَكةِ، والمتَحرِّكُ لا يقْبلُ الحَرَكةَ، وبيْنَ بيْنَ المشْهُورُ يَصِيرُ بيْنَ الهمْزةِ والألِفِ، وكمَا اسْتَحَالَ مجِيءُ الألِفِ بعْدَ الكسْرةِ والضمِّ فَكَذا مَا يُشابِهُ الألفَ، والبعِيدُ مسْتلْزِمٌ لتَوالِي الضمَّتينِ أوِ الكسْرَتيْنِ(1).
(وَنَحْوُ: مُسْتَهْزِئُونَ، وَسُئِلَ بَيْنَ بَيْنَ الْمَشْهُورُ)؛ لِكونِهِ أصْلاً فِي الجمِيعِ لحُصُولِ التَّخفِيفِ، وبقاءِ الأَثَرِ، ولا اضْطِرارَ إِلى العُدولِ عنْهُ فَجَعَلَ
ص: 443
الهمْزَةَ بيْنَ نفْسِهَا، والحرْفُ المُجانِسُ لِحَرَكتِهَا وهوَ الواوُ فِي الأوَّلِ والياءُ فِي الثَّانِي (وَقِيْلَ) بيْنَ بيْنَ (الْبَعِيْدُ) فيُجْعلُ بينَ نفْسِهَا والياءِ والواوِ؛ فإنَّ المُناسبَةَ لحَرَكةِ مَا قبْلَهَا أدْخَلُ فِي سُهولَةِ النُّطْقِ، والقَائِلُ أبوالحَسَنِ، قيْلَ هوَ الأخْفَشُ(1)،
وقالَ أبُو حيَّان(2)
هوَ أبُو الحَسَنِ الشُّريْحُ(3)
والأخْفَشُ يقلبُهَا فِي الأوَّلِ ياءً، وفِي الثَّانِي واوًا.
(وَالْبَاقِي) وهوَ خمْسةٌ (بَيْنَ بَيْنَ الْمَشْهُورُ) بِلا خِلافٍ لما مرَّ/132(وَجَاءَ مِنْسَاةٌ، وَسَالَ) بِإبْدالِ الهمْزةِ المفتُوحِ مَا قبْلَها ألفًا، قالَ سيبويهِ: ليْسَ ذا بِقياسٍ مُثْبتٍ(4)،
وقالَ ابنُ مالِكٍ(5)إنَّ
(سَالَ) بالتَّخفيفِ ليْس بمهْمُوزٍ بلْ مُعتلُّ العيْنِ ك-(هَابَ)، ومُرادِفٌ ل-(سَأَلَ) مهموزِ العيْنِ، وقالَ أبُوالبقاءِ(6)سَالَ
مُساوَلةً ك-(خَافَ)(7).
ص: 444
(وَنَحْوُ: الْوَاجِيْ) بسُكونِ اليَاءِ (وَصْلاً) مُخفَّفُ واجِيء بِالهمْزةِ، والقِياسُ فيْهِ وصْلاً هوَ بيْنَ بيْنَ كمَا ذُكِرَ، وأمَّا وقْفًا كقوْلِ الشَّاعرِ:
وَكُنْتَ أَذَلَّ مِنْ وَتَدٍ بِقَاعٍ *** (يُشَجِّجُ رَأْسَهُ بِالْفِهْرَواجِيْ)(1)
بِسُكونِ اليَاءِ (فَعَلَى الْقِيَاسِ)؛ إذْ قِياسُ الهمْزةِ إِذا كانَتْ موقُوفًا عليْهَا بِالسُّكونِ وكَانَ مَا قبْلَهَا مكْسُورًا أنْ تُقلَبَ ياءً كمَا مرَّ(خِلافًا لِسيبويهِ(2))
فَإِنَّهُ لمْ يُعتَدْ بِالسُّكونِ العَارِضِ وقْفًا، وذَهَبَ إِلى أنْ تُجْعلَ بيْنَ بيْنَ.
والْقاعُ: الْمُسْتوِي مِنَ الأرْضِ(3)،
والْفِهرُ: بكسْرِ الفاءِ، الحَجَرُ، والْواجِي الدَّاقُّ(4).
(وَالْتَزَمُوا) فِي الأمْرِ منْ أَخَذَ وأَكَلَ (خُذْ، وَكُلْ) بِحذْفِ الهمْزةِ الأصليَّةِ ثُمَّ همزةِ الوصْلِ استغناءً عنْهَا(عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ) والقِياسُ قَلبُ الثَّانِيةِ واوًا،
ص: 445
وإنَّما التَزَمُوا ذلِكَ؛ (لِلْكَثْرَةِ) لِكثْرةِ اسْتعْمالِهِمَا(وَقَالُوا: مُرْ) فِي الأمْرِ منْ أَمَرَ (وَهُوَ أَفْصَحُ مِنْ اُؤْمُرْ) لكنَّهُ غيرُ ملْتزَمٌ؛ لكوْنِهِ أقلَّ اسْتعْمَالاً منْهُمَا، هَذا إِذا كَانَ مُبتدأٌ بهِ.
(وَأَمَّا وَأْمُرْ، فَأَفْصَحُ مِنْ وَمُرْ) فَإِنَّ سَبَبَ الحذْفِ - وهوَ اجْتِماعُ الهمْزتيْنِ - مفقُودٌ إِذَا وقعَتْ فِي الدَّرْجِ، وإنَّما ذَكَرَ هَذا هُنَا معَ كونِهِ أنسَبَ بِمَا سيأْتِي منْ قولِهِ: (والْهَمْزَتَانِ فِي كَلِمَةٍ... الخ)؛ لِمُناسَبَتهِ معَ منْساةٍ، وسَلْ، والواجِي فِي كونِ الحذْفِ فيْهِ خِلافَ القِياسِ.
(وَإِذَا خُفِّفَ بَابُ هَمْزَةِ(1)الأَحْمَرِ)
بِنقلِ حرَكَتِهَا إِلى اللامِ قبْلَها، وحذْفِها، والمُرادُ كُلُّ همْزةِ وصْلٍ وَقَعتْ بعْدَ لامِ التَّعريفِ (فَبَقَاءُ هَمْزَةِ الَلامِ أَكْثَرُ) أي: ذَهَبَ الأَكْثرُ إِلى عَدَمِ الاعْتدادِ بِتلْكَ الحَرَكةِ المُنْتَقِلةِ إِلى الْلامِ؛ لعَدَمِ لُزُومِ ذلِكَ الانْتِقالِ؛ ولأنَّ الأصْلَ فِي هذهِ الْلامِ هوَ السُّكونُ؛ ولأنَّ حرْفَ التَّعريفِ فِي مَعْرِضِ الزَّوَالِ(2)(فَيُقَالُ:
اَلَحْمَرُ) بِإِثْباتِ الهمْزةِ الأُولَى؛ لِئلاّ يلْزَمَ شِبْهُ الابْتِداءِ بالسَّاكِنِ(وَ/133لَحْمَرُ)، أَيْ: وَيُقَالُ عَلَى الأقلِّ بِحذْفِهَا اعْتِمادًا عليْهَا وجَعَلَهَا كالْلازِمِ (وَعَلَى الأَكْثَرِ قِيْلَ: مِنَ لَحْمَرِ بِفَتْحِ النُّوْنِ) والْلامِ؛ لِئلاّ يلْزَمَ شِبْهُ التِقاءِ السَّاكنيْنِ بيْنَ النُّونِ والْلامِ، فلوِ اعْتمدَ عليْهَا قيْلَ: منْ لَحْمَرِ بسُكونِ النُّونِ كمَا يُقالُ منْ لَحْمٍ (وَفِلَحْمَرِ بِحَذْفِ الْيَاءِ) فلوِ اعْتمدَ عليْهَا قيْلَ: فِي لَحْمَرِ كمَا يُقالُ: فِي دَارِكَ، وعنِ الكِسَائِيِّ والفرّاءِ(3)إنَّ
منْهُمْ منْ يقلِبِ الهمْزةَ لامًا ويقولُ اللَّحْمَرُ، واللَّرْضُ فِي الأحْمرِ والأرْضِ.
ص: 446
(وَعَلَى الأَقَلِّ جَاءَ عَادَ لُّوْلَى(1))
فِي قولِهِ تَعَالى (أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى)النجم/50 بإِدغَامِ النُّونِ السَّاكنةِ فِي التَّنوينِ فِي لامِ (لُوْلَى) كمَا فِي (مِنْ لَكَ) وعلَى الأكثَرِ قِيلَ (عَادَنِ لُولَى)(2) بكسْرِ النُّونِ وحذْفِ الهمْزةِ وضمِّ اللامِ المُخفَّفةِ، ولمْ يدْغِمْ؛ إذْ لا يُدغَمُ السَّاكِنُ فِي السَّاكِنِ (وَلَمْ يَقُولُوا: اِسَلْ، وَلا اُقُلْ) بلْ سَلْ، وقُلْ معَ أنَّ الأكثَرَ هُوَ عَدَمُ الاعْتِدادِ بِالحَرَكةِ المُنتقِلةِ منْ حرفٍ إِلى قبْلِهِ فَكَأنَّهُ يلزَمُ الابْتداءُ بالسَّاكنِ فِي سَلْ وقُلْ؛ (لاِتِّحَادِ الْكَلِمَةِ) فإِنَّ سينَ سَلْ منْ كلمةِ الهمزةِ كمَا أنَّ قافَ قُلْ منْ كَلِمةِ الواوِ بِخِلافِ لامِ التَّعريفِ فَإِنَّها كَلِمةٌ أُخْرى غيْرُ التِي فِي أوَّلِهَا الهمزةُ التِي نُقِلتْ حَرَكتُهَا إِلَى اللامِ فِي معْرِضِ الزَّوالِ.
وأيضًا الأصلُ فيْهَا السُّكونُ كمَا مرَّ، وأيضًا نقْلُ حَركَةِ واوِ (اُقْوُلْ) إِلى القافِ واجِبٌ بِخلافِهَا وبِخِلافِ اسْأَلْ؛ ولِذا حَذْفُ الهمْزةِ فِي (اُقُلْ) واجِبٌ اتِّفاقًا، وبقاؤُها فِي الأَحْمَرِ أكثَرُ، وفِي (اِسَلْ) خِلافٌ ذَهَبَ سيبويهِ(3)إِلى
وُجُوبِ
ص: 447
الحذْفِ فيهِ أيضًا، وأجَازَ الأَخْفشُ(1)عَدَمَهُ،
وبِناءُ هَذا الكَلامِ إنَّما هوَ علَى رأْيِ منْ أَخَذَ (قُلْ) مِنْ (يقُولُ) قبْلَ الإِعلالِ.
هَذا بَيانُ الْهمْزَةِ الْواحِدَةِ.
(وَالْهَمْزَتَانِ) إنِ اجْتمَعَتَا (فِي كَلِمَةٍ) واحِدَةٍ فهُوَ عَلَى ثلاثةِ أقْسامِ؛ إذْ لا يجُوزُ سكُونُهُمَا فَلا بُدَّ منْ تحرُّكِهِمَا أوْ تحرُّكِ أحَدَهِما وح فتقُولُ (إِنْ سَكَنَتِ الثَّانِيَةُ وَجَبَ قَلْبُهَا) بحرْفٍ يُجانِسُ حَرَكةَ مَا قبْلَها؛ لتعسُّرِ النُّطقِ بِالهمْزتَيْنِ سِيَمَا والثَّانيةُ ساكِنةٌ والثِّقَلُ إنَّما حَصَلَ منْها(كَآدَمَ، وَاِيْتِ(2)،
وَأُوْتُمِنَ(3))
إنْ كانَ آدمُ عَربِيًّا(4)،
وتُقلبُ الألِفُ المُبدَلةُ عنِ الهمْزَةِ واوًا أوْ ياءً إنْ وَقَعَ بعدَهَا ضمِيرٌ كمَا يُقلَبُ ألِفُ دَعَى ورَعَى إليْهِمَا فِي المُخاطَبِ والمُتكلِّمِ، وإنْ كانتِ الهمْزةُ الثَّانِيةُ رابِعةً تُقلبُ ياءً ك-(قَرْأَيْتُ) فِي قَرْأَأْتُ ك-(دَحْرَجْتُ).
(وَلَيْسَ آجَرَ) كقَاتَلَ (مِنْهُ) مِمَّا اجْتَمعَ فِيهِ همْزتَانِ ثانِيهِمَا ساكنٌ كآدمَ؛ (لأَنَّهُ فَاعَلَ لا أَفْعَلَ) فتَكُونُ ألِفُهُ مُنقلِبةً عنْ همْزةٍ أصليَّةٍ، بلْ زائِدةٌ (لِثُبُوتِ يُؤَاجِرُ) فِي مُضارِعِهِ لا يُؤْجَرُ(وَمِمَّا قُلْتُهُ فِيْهِ) فِي إِثْباتِ أنَّهُ منْ بابِ فَاعَلَ لا أَفْعَلَ هَذان البيْتانِ:
(دَلَّلْتُ ثَلاثًا عَلَى أَنَّ يُؤْجَ- /134 رَ لا يَسْتَقِيْمُ مُضَارِعَ آجَرْ)
ص: 448
فيَكُونُ منْ بَابِ أَفْعَلَ
(فِعَالَةُ جَاءَ وَالإِفْعَالُ عزَّ *** وَصَحَّةُ آجَرَ تَمْنَعُ آجَرْ)
يعْنِي أوَّلُها: إنَّ إجارةً كفِعَالة جَاءَ فِي مصْدَرِهِ نحوُ: كَاتبْتُهُ كِتابَةً وكِتابًا؛ وذلِكَ دليلٌ علَى أنَّهُ منْ بابِ (فَاعَلَ)؛ لأنَّ ذلكَ الوزنَ مخْصوصٌ بِمصدرِ هَذا الْبابِ، ولمْ يجيءْ مصْدرُ بابِ (الإِفعالِ) عليْهِ، وفيهِ أنّ إجارةً، وكِتابةً لِلمرّةِ كتسْبيحَةٍ، والمرَّةُ فيْمَا زادَ علَى الثَّلاثَةِ وتُبنَى منْ مصَادِرِهَا المشْهُورةِ المُطَّرِدةِ كمَا مرَّ، ولا يُقالُ: قَاتلْتُهُ قِتَالَةً بلْ مُقاتَلَةً، وأيضًا لوْ كانَ مصدرًا لَجَازَ أنْ يُقالَ فِي غيرِ المرَّةِ إِجَارًا بِلا تَاءٍ كَقِتالٍ، ولمْ يجُزْ علَى أنَّهُ يجُوزُ أنْ يكُونَ مصدرُ أَجَرَ المُجرَّدِ؛ لأنَّهُ كالضَّائِعِ نحوُ: كَتَبَ كِتابَةً.
وثانِيْهَا: إنَّ مجيءَ (إِفْعَالٍ) فِي مصدَرٍ عزيزٌ، وفيهِ إنّ المُرادَ منْ (عَزَّ) إنْ كانَ هوَ القلَّةُ فغيْرُ مُجْدٍ وإنْ كانَ هوَ العَدَمُ فممْنُوعٌ؛ إذْ صَريحٌ فِي الْعيْنِ: آجَرْتُ ممْلُوكِي أُوْجِرُهُ إيْجَارًا، فهُوَ مُؤْجَرٌ(1)، وفِي الصِّحاحِ: إنّهُ يُقالُ: آجرْتُهُ بيْتِي أُؤْجِرُهُ إيْجارًا، أي: أكْريْتُهُ إيَّاهُ(2)،
وقالَ فِي الأَساسِ: آجَرَنِي دارَهُ إيْجارًا فهُوَ مؤْجِرٌ ولا تَقُلْ مُؤاجِرٌ؛ فانَّهُ خطأٌ وقبِيحٌ، ثُمَّ قالَ: وليْسَ آجَرَ هَذا (فَاعَلَ) بلْ (أفْعَلَ) وإنَّما الذِيْ هو (فَاعَلَ) آجَرَ الأَجِيْرَ مُؤاجَرَةً(3) انتهى، أي: عَقَدَ مَعَهُ عقْدَ الإِجارةِ، وصَارَ أَجيْرُهُ، وأمَّا آجَرَهُ بِمعْنَى أعْطَاُه أَجْرَهُ فهوَ منْ بابِ (أفعل).
ص: 449
وثَالِثُهَا: إنَّ صحَّةَ كونِ آجَرَ منْ بَابِ (فَاعَلَ) تمنَعُ كونُهُ منْ بابِ (أفعل) قالَ فِي الشَّرحِ: إنَّ آجَرَ فَاعَلَ ثَابِتٌ بِالاتِّفاقِ، وفَاعَلَ ذُو الزيادةِ لا بُدَّ أنْ يكُونَ مبنيًّا منَ الثُّلاثيِّ لا منْ ذِي زِيادَةٍ آخَرَ قَالَ: فآجَرَ هوَ فَاعَلَ يكُونُ مبنيًّا منْ أَجَرَ الثُّلاثِيِّ لا الذِيْ هوَ (أفعل) فثَبَتَ آجَرَ الثُّلاثِيُّ ولا تَثْبِتُ أَجَرَ أفعل(1)
انْتهَى.
أَقولُ: ولا يخفى حالُهُ؛ فإنَّهُ مُستلْزِمٌ لعَدَمِ مجيءِ أَكْرَمَ؛ لأنَّ كَارَمَ مبنيٌّ منْ كَرُمَ، وكَذا سائرُ الأبوابِ فِي الأمْثِلةِ، قالَ الش الرضيُّ "رض": فَإذَا تَقرَّرَ مَا ذَكرْنَا ثَبَتَ أنَّ (أفعلَ وفاعَلَ) منْ تركيبِ أَجَرَ ثابِتانِ، وكُلُّ واحِدٍ منْهُمَا بِمعنَى آخَر؛ فَأَفْعَلَ بِمعْنَى أَكْرَى، وفَاعَلَ بِمعْنى عَقَدَ معَ آخَر عقْدَ الإِجارَةِ(2)انْتَهَى.
(وَإِنْ تَحَرَّكَتِ) الثَّانيةُ (وَسَكَنَ مَا قَبْلَهَا) أي: الأُولى، ولمْ يكُنِ الثَّانيةُ فِي مَوضِعِ اللامِ بِقَرينَةِ قوْلِهِ (كَسَئَّالٍ) كضَرَّابٍ لِلمُبالَغةِ (تَثْبُتُ) الثَّانِيةُ وأُدْغمتِ الأُولَى فيْهَا تُخفَّفُ بالإِبدالِ لا بِالحذْفِ؛ إذْ يشْتَبِهُ المُثْقَّلُ بِالمخفَّفِ ولا /135بيْنَ بيْنَ المشْهُورِ؛ لأنَّ الهمْزةَ تصيْرُ قريبَةً منَ الألِفِ ويلْزَمُ شِبْهُ التِقاءِ السَّاكِنينِ ولا غيْرهُ بِسكُونِ الأُولَى وإنْ كانَ فِي موضِعِ الْلامِ قُلِبتْ ياءً مُطلقًا كِقرَأيٍ علَى قِمَطْرٍ، أصلُهُ قِرْأَأَ بالهمْزتيْنِ.
(وَإِنْ تَحَرَّكَتِ) الثَّانيةُ (وَتَحَرَّكَ مَا قَبْلَهَا) أيضًا (فَقَالُوا) أي: النُّحاةُ(3)(وَجَبَ
قَلْبُ الثَّانِيَةِ يَاءً إِنِ انْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا أَوِ انْكَسَرَتْ)، أي: الثَّانيةُ، وإنْ لمْ يكُنْ مَا قبْلَهَا مكْسُورًا (وَوَاوًا فِي غَيْرِهِ) غيْرِ مَا ذُكِرَ (نَحْوُ: جَاءٍ) أصلُهُ: جَايِئٌ بِالياءِ
ص: 450
ثُمَّ الهمْزةِ، قُلبتِ الياءُ همزَةً لِمَا سَيجِيءُ فِي بائِعٍ، وقُلبتِ الهمْزةُ الثَّانيةُ ياءً؛ لانْكِسارِ مَا قبْلَهَا وأُعِلَّ كقَاضٍ (وَأَيمَّةَ) بالياءِ بعْدَ الهمْزةِ جمْعُ إِمامٍ، أصلُهُ: أَأْمِمَةٌ بفتْحِ الهمْزةِ الأُولى وسُكونِ الثَّانيةِ وكسْرِ المِيمِ الأُولَى وفتْحِ الثَّانيةِ، نُقِلَتْ كسْرةُ المِيْمِ إِلى الهمْزةِ الثَّانيةِ وأُدْغِمتِ الميْمُ فِي الميْمِ وقُلبتْ أَلِفُهُ الثَّانيةُ ياءً؛ لانْكِسَارِهَا(وَأُوَيْدِمٍ) أَأْيْدِمٌ، مُصغَّرُ آدَمَ (وَأَوَادِمَ) أصلُهُ: اءادَمَ مُكسَّرةٌ قُلبتِ الثَّانيةُ فيْهِمَا واوًا؛ لعَدَمِ الانْكسَارِ، هَذا إِذا لمْ يكُنِ الهمْزَةُ آخِرَ الكلِمةِ وإلاّ تًقلبُ ياءً، وإنْ لمْ يكُنْ أَحدُهُمَا مكْسُورًا فيُقالُ قَرْأَى كسَكْرَى.
(وَمِنْهُ خَطَايَا) جَمْعُ خطيئَةٍ، أصلُهَا خَطَايِئ بِالياءِ ثُمَّ الهمزةُ قُلبتْ ياءُ فعيلَةٍ فِي هَذا الجمْعِ الأقْصَى همزةً كقَبائِلَ فَصَارَ (فِي التَّقْدِيْرِ الأَصْلِيِّ) وهوَ رأْيُ سيبويهِ(1)خَطَائِئ
بالهمْزتيْنِ، قُلِبتِ الثَّانيةُ ياءً؛ لانْكسَارِ مَا قبْلَها ثُمَّ الأُولى ثمَّ قُلِبتِ الياءُ الأَخِيرةُ ألِفًا لِمَا سيَجِيءُ فِي الإعْلالِ (خِلافًا لِلْخَلِيْلِ(2))
فَإِنَّ همزَةَ خَطَائِئ عنْدهُ قُدِّمتْ علَى يائِهَا وتُعمَلُ معامَلَةُ خَطَاءَي فَلا تَجْتَمِعُ الهمْزَتانِ فليْسَ عنْدَهُ منْهُ، وكَذا جَاءَ كمَا صَرَّحَ فِي أوَّلِ الكِتابِ.
(وَقَدْ صَحَّ) عنْدَ القُرّاءِ(3)(التَّسْهِيْلُ)
أي: بيْنَ بيْنَ الهمزةِ الثَّانيةِ (فِي نَحْوِ أَئِمَّةٍ، وَالتَّحْقِيْقُ) أيْضًا أي: إِبْقاؤُهُمَا عَلَى حَالِهِمَا، ولمْ يجِيءْ عنْدَهُمْ مَا وَجَبَ
ص: 451
عندَ النُّحاةِ(1) منْ قلْبِ الثَّانيةِ ياءً صَريْحَةً (وَالْتُزِمَ فِي بَابَ أُكْرِمُ) واحِدُ المُتكلِّمِ منْ (أُفْعِلُ)(حَذْفُ) الهمزَةِ (الثَّانِيَةِ) والقِياسُ قلبُهَا واوًا (وَحُمِلَ عَلَيْهِ أَخَوَاتُهُ) من: نُكْرِمُ، وتُكْرمُ، ويُكْرِمُ والقِياسُ إثْباتُهَا فيْهَا(2).
(وَقَدِ الْتُزِمَ(3)قَلْبُهَا
مُفْرَدَةً) أي: لا معَ همْزةٍ أُخْرَى (يَاءً مَفْتُوحَةً فِي بَابِ مَطَايَا) جمْعُ مَطِيَّةٍ، أصلُهَا مَطْيِوَةٌ بِالفتْحِ والسُّكُونِ والكسْرِ والفتْحِ/136منَ المَطْوِ وهوَ السُّرعةُ فِي السَّيْرِ قُلبتْ واوُهُ ياءً؛ لاجْتِماعِهِمَا وسُكونُ السَّابقِ لانْتقالِ حَرَكَتِهِ إِلى مَا قبْلَهُ أوْ لِتطرُّفِهَا وعدَمِ انْضِمامِ مَا قبْلَهَا، وجُمِعَ جمعُ الأقْصَى عَلَى مَطَايِي بِياءَينِ قُلِبتِ الأُولَى همْزِةً كمَا فِي قَبائِلَ ثُمَّ عُومِلَ مُعامَلةُ خَطَايَا، أوْ منَ الأصْلِ عَلَى مَطَايِو فَانْقَلَبتِ الواوُ ياءً كمَا فِي رَضِيَ، والياءُ همزَةً كمَا فِي قَبَائِلَ ثُمَّ عُومِلَ مُعاملَةُ خَطَايَا(4).
(وَمِنْهُ خَطَايَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ) قولِ سيبويْهِ(5)القائِلِ
بِاجْتِماعِ الهمْزتيْنِ فإنَّ الهمْزةَ الثَّانيةَ فِي خَطَائِئ قُلبَتْ ياءً عَلَى القِياسِ، وأُعِلَّ إِعلالُ مَطَائِي بِالهمزَةِ والياءِ، وقولِ الخَليلِ(6)القائِلِ
بعَدَمِهِ فإنَّ ياءَ خَطَايِئ بَالياءِ ثُمَّ الهمزةِ تُقْلبُ موضِعَ همزَتِهِ وبِالعكْسِ، وأُعِلَّ إِعلالُ مَطَائِي.
ص: 452
(وَفِي كَلِمَتَيْنِ) أي: وإنِ اجْتَمَعَتَا فِي كَلِمتيْنِ سَواءٌ كانَتَا مُتحرِّكتيْنِ مُتَّفِقَتيْنِ أمْ لا أوْ كانتِ الأُولى سَاكِنةً أوِ الثَّانيةُ نحوُ: شاءَ ايْتَمِن(يَجُوزُ تَحْقِيْقُهُمَا)؛ لأَصالتِهِ، وهوَ مُختارُ الكُوفيينَ وابنِ عامِرٍ(1).
(وَتَخْفِيْفُهُمَا) لِمَا فيْهِ منْ مُقْتضَى التَّخفيْفِ، وذلِكَ رأْيُ الحِجَازيينَ(2)أمَّا
الأُولى فَعَلَى مُقتَضَى قِياسِ التَّخْفيفِ لوِ انْفَردتْ منَ الحذْفِ، والقلْبِ، والتَّسهيْلِ، وأمَّا الثَّانيةُ فَعلَى مُقْتضَاهُ أمَّا قبْلَ تخْفِيفِ الأُولى أوْ بعْدَهُ فنحْوُ: قاري أَبيْكَ تُقلَبُ الأُولَى ياءً كمائة، والثَّانيةُ أمَّا واوًا كَأَوادِمَ أوْ بيْنَ بيْنَ كسُئِلَ (وَتَخْفِيْفُ إِحْدَاهُمَا عَلَى قِيَاسِهَا) المُحقَّقِ، وهَذا مذْهبُ المُحقِّقيينَ.
قالَ أبُو عمْرُو(3) ويخَفَّفُ الأُولى علَى حسَبِ مُقتَضَاهَا منَ الثَّلاثِ؛ لأنَّ الآخرَ أحْرى بالتَّغْييرِ ولأنَّ المِثْليْنِ إنْ لمْ يكُونَا همْزتيْنِ وقعَ التَّغييرُ فِي أَوَّلِهِمَا كمَا فِي دِيْوان؛ فإنَّهُ فِي الأصْلِ دِوْوَانُ، وذلِكَ يُناسِبُ أنْ يَقَعَ التَّغْييرُ فِي أوَّلِ الهمْزتيْنِ أيضًا.
والخَليلُ(4)الثَّانيةُ
لحُصُولِ الثِقَلِ بهِ فإنْ كَانَتَا مُتحرِّكَتينِ فبإحْدى التِّسعِ كَمَا إِذَا كَانَتَا فِي كلِمَةٍ واحِدةٍ ونقْلُ حرَكَتِهَا إلَى الأُولى وحذفُها إنْ كانَتِ الأوْلى ساكِنةً.
ص: 453
وأبُو عمْرُو قَلَبَها إِلى مَا يُجانِسُ حَرَكةَ مَا قبْلَها، وحَكَى أبُو زيْدٍ(1) جَوَازَ إِدْغامِهَا فِي الثَّانيةِ أيضًا إنْ كانتِ الأُولى ساكِنةً هَذا إِذا لمْ يكُن الأُولى مبتدأً بِهَا وإِنْ كانتْ كالهمْزةِ الاسْتِفهامِيَّةِ ولمْ يكُنِ الثَّانيةُ همْزةَ وصْلٍ تُخفَّفُ الثَّانيةُ وِفاقًا علَى قِياسِ مَا إِذا كانَتَا فِي كَلِمَةٍ واحِدةٍ كأَئِمَّةٍ، وإنْ كانتْ فإنْ كانتْ مكْسُورةً أوْ مضمُومَةً حُذِفتْ نحْوُ اصْطفَىَ واصْطُفيَ وإِلاّ قُلِبتِ الثَّانيةُ ألفًا أوْ سُهِّلتْ نحوُ: آلآن.
(وَقَدْ جَاءَ(2) فِي " يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى) صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ "(3)(الْوَاوُ أَيْضًا فِي) الهمزةِ (الثَّانِيَةِ) المكسُورةِ أي: قلبُهَا واوًا؛ لانْضِمامِ مَا قبْلَها، وذَهَبَ سيبويهِ إِلى تسْهِيلِهَا بيْنَ الهمْزةِ واليَاءِ(4).
(وَجَاءَ فِي) الهمْزتيْنِ(الْمُتَّفِقَتَيْنِ) فِي الحركَةِ المُجْتمعتيْنِ فِي الكلِمتيْنِ (حَذْفُ إِحْدَاهُمَا) أوَّلُهُما عنْدَ أبِي عمْرُو(5)مطْلَقًا/137
وعنْدَ قَالُونَ والبَزِّي(6)إنْ
ص: 454
كانَتَا مفتُوحتَيْنِ، وتسْهيلُ الأوْلى كجِنْسِ حَرَكَتِهَا إنْ لمْ يكُنْ وثانِيْهِمَا عنْدَ الغيْرِ.
(وَقلْبُ الثانية) حرفًا يُجانِسُ حَرَكةَ مَا قبْلَهَا (كَالسَّاكِنَةِ) فَتُقلَبُ فِي (جَاءَ أَحَدَهُمُ)(1)المؤمنون/99
ألفًا(2)،
وفِي: مِنْ تِلْقاءِ إِبِلِهِمْ ياءً، وفِي: هُمْ أوْلِياءُ أوْلئِكَ واوًا، وهذا رأْيُ وِرْشٍ(3)،
وقُنْبُلٍ(4).
ص: 455
(الإِعْلالُ: تَغْيِيْرُ حَرْفِ الْعِلَّةِ) لا الْهمْزةِ ولا غيْرِهَا؛ (لِلتَّخْفِيْفِ) لا لِغيْرِهِ ك-(أَبُوكَ، أَبَاكَ، أبِيْكَ، مُسْلِمُونَ، مُسْلِميْنَ)، ونحْوِهَا، ولا لَهُ بِلا عِلَّةٍ مُوجِبَةٍ لهُ، وإنْ كَانَ مُطَّرِدًا كحذْفِ لامِ يَدٍ ودَمٍ بِخِلافِ ألِفِ عَصًا وياءِ قَاضٍ،(وَيَجْمَعُهُ الْقَلْبُ، وَالْحَذْفُ، وَالإِسْكَانُ)
والقَلْبُ: هوَ إِبْدالُ بعْضِ تلْكَ الحُرُوفِ بِبَعْضٍ، وتَخْتَصُّ تلْكَ الثَّلاثُ بِالقلْبِ والبَواقِي بالإبْدالِ، وقدْ يُسْتعْملُ القلْبُ فِي الهمْزةِ أيْضًا.
(وَحُرُوفُهُ) أي: حُروفُ الإِعْلالِ (الأَلِفُ، وَالْوَاوُ، وَالْيَاءُ)(1)وإنَّما
سُمِّيتْ بِهَا؛ لِعَدمِ بَقائِهَا عَلَى حَالٍ كالْعَليلِ، وإنَّمَا اخْتِيرَ تلْكَ الأَحْرُفُ لغَايةِ خِفَّتِهَا بِحيثُ لا تتَحمَّلُ أدْنَى ثِقَلٍ؛ ولِكثْرَتِها ولوْ باعْتِبارِ الحَرَكاتِ الثَّلاثِ(2)(وَلاَ
يَكُونُ الأَلِفُ أَصْلاً فِي) اسْمٍ (مُتَمَكِّنٍ، وَلاَ فِي فِعْلٍ) مُجرَّدٍ أصْلاً (وَلَكِنْ) تكُونُ مُنْقلِبةً (عَنْ وَاوٍ، أَوْ يَاءٍ) بِالاسْتِقراءِ؛ ولأَنَّ أوَّلَ الاسمِ لا يمْكِنُ أنْ يكُونَ ألِفًا لِتعذُّرِ
ص: 456
الابْتِداءِ بالسَّاكِنِ، وآخِرُهُ مَحَلُّ الإِعرابِ، والْعيْنُ لا بُدَّ منْ تحرُّكِهَا فِي التَّصغِيرِ، وكَذا الْلامُ الأولَى فِي الرُّبَاعِي، وأمَّا الثَّانِيةُ فِي الخُماسِيِّ فهِيَ مُتعَقَّبُ الإِعرابِ فِي التَّصْغِيرِ والتَّكْسيْرِ، وأمَّا الفعْلُ الثُّلاثيُّ فَلِلُزومِ تحرُّكِ حروفِهِ الثَّلاثِ لِمَا مرَّ، والرُّباعيُّ لاتِّباعِهِ الثُّلاثِيَّ(1)،
ولِئلاّ تشْتَبهَ بِالمُفاعَلَةِ ولا يلزَمَ التِقاءُ السَّاكِنينِ فِي بعْضِ أمْثِلتِهِ، وفِي غيْرهِمَا قدْ تكُونُ أصْلاً ك-(مَهْمَا، وإذا).
(وَقَدِ اتَّفَقَتَا)أي: الواوُ والياءُ فِي أنََّهُما يَقَعَانِ (فَاءَيْنِ كَوَعْدٍ، وَيُسْرٍ، وَعَيْنَيْنِ كَقَوْلٍ، وَبَيْعٍ وَلامَيْنِ كَغَزْوٍ، وَرَمْيٍ، وَتُقَدَّمُ(2)كُلُّ
وَاحِدَةٍ عَلَى الأُخْرَى فَاءً وَعَيْنًا كَوَيْلٍ، وَيَوْمٍ)، ووَيْحٍ، ووَيْسٍ ويَوْحٍ، ووَيْبٍ ولا سابِعَ لَهَا.
(وَاخْتَلَفَتَا فِي أَنَّ الْوَاوَ تَقَدَّمَتْ عَيْنًا عَلَى الْيَاءِ لاَمًا)، كطَوَى (بِخِلافِ الْعَكْسِ) بأَنْ يكُونَ العيْنُ ياءً/138واللامُ واوًا؛ لأنَّ الوجْهَ أنْ يكُونَ حرفُ الأَخِيرِ أخفُّ مِمَّا قبلَهُ، نعَمْ قدْ يكُونُ العيْنُ واللامُ ياءَيْنِ ك-(فَيَّ وحَيَّ) بتشْديدِ الياءِ، وواويْنِ ك-(قَوَّ(3)، وبوَّ(4))
وهوَ قلِيلٌ؛ ولِذا قالُوا: أصْلُ ذَا اسْمِ الإِشارةِ ذَوَى لاَ ذَوَو (وَوَاوُ حَيَوَانٍ) ليْسَتْ بِأصليَّةٍ فيلْزمُ وقوعُهَا لامًا بعْدَ الياءِ عيْنًا؛ لِعَدمِ
ص: 457
نظِيرِهِ فِي كلامِهِمْ بلْ أصلُهُ حَيَيَانٌ مِنْ حَيَّ والواوُ (بَدَلٌ مِنْ(1)يَاءٍ)
لِتَوالِي الياءَينِ وإِنَّما أُبدلتِ الثَّانيةُ؛ لأنَّ التَّوالِي المُسْتكْرهُ حَصَلَ منْهَا هَذا عنْدَ سيبويهِ(2)
خِلافًا لِلمَازِنِيِّ(3)؛
فإنَّ الواوَ عنْدَهُ أصْلٌ، وقال: وليْسَ فِي حَيَيْتُ دَليلٌ علَى كونِ الثَّانيةِ ياءً لجَوازِ أنْ يكُونَ ك-(رضَيْتُ).
(وَأَنَّ الْيَاءَ وَقَعَتْ فَاءً، وَعَيْنًا فِي يَيْنٍ)، اسمُ وَادٍ(4)،
قَالَ الش الرضيُّ: ولا أعْلَمُ لهُ نظِيرًا، بلْ كوْنُ الفاءِ والعيْنِ منْ جِنْسٍ واحِدٍ قَليلٌ نَادِرٌ فِي غيْرِ حُروفِ العِلَّةِ أيضًا، وتقلُّ الكَراهةُ لوُقُوعِ الفصْلِ بينَهُما نحوُ: كَوْكَبٍ، وبِحُصولِ مُوجِبِ الإِدغامِ كمَا فِي أوّلٍ(5).
(وَفَاءً، وَلاَمًا فِي يَدَيْتُ) أي: أصبْتُ يدَهُ أوْ أنْعمْتُ عليْهِ بِلا خِلافٍ فيْهِمَا(6)
(بِخِلافِ الْوَاوِ) فَإِنَّها لا تَقَعُ فاءً وعيْنًا(إِلاّ فِي أَوَّلٍ عَلَى الأصَحِّ) وهوَ القوْلُ بِاشْتِقاقِهِ مِنْ (وَوَل) كما مرَّ فِي ذِي الزِّيادَةِ (وَإِلاّ فِي الْوَاوِ عَلَى وَجْهٍ) وهوَ مَا اخْتارَهُ أبُوعَلَيٍّ(7)
منْ أنَّ أصلَها (ويَوَ) بواويْنِ بينَهُما ياءٌ قُلِبتْ عينُهُ وهي الياءُ ألِفًا فهوَ يقُولُ فِي بَابِ (التفْعِيلِ) منْها ويَّيتُ الواوَ، وأصلُهُ ويَّوْتُ
ص: 458
قُلبتِ الواوُ الواقِعةُ رابعَةً ياءَ كما فِي أعطيْتُ وفِي المُصغَّرِ منْها وُيِّيَةٌ كقُديْمَةٍ، أصلُهَا ويْيَوَةٌ قُلبتِ الواوُ الأخِيرةُ ياءً وأُدغِمتْ ياءُ التَّصغِيرِ فيْهَا.
(وَأَنَّ الْيَاءَ وَقَعَتْ فَاءً، وَعَيْنًا، وَلامًا فِي يَيَّيْتُ) الياءَ بِتضْعِيفِ العيْنِ أي: كتبتُهَا(1)(بِخِلافِ
الْوَاوِ) فإنَّهَا لا تقَعُ فاءً وعيْنًا ولامًا (إِلاَّ فِي) لفْظِ (الْوَاوِ عَلَى وَجْهٍ) وهوَ مَا اخْتارَهُ الأخْفَشُ(2)منْ أنَّ أصلَهَا (ووو) بِثلاثِ واواتٍ قُلِبتْ عيْنُهُ ألِفًا، فهُوَ يقُولُ فِي بابِ (التفْعِيلِ) منْها أَوَيْتُ الواوَ، أصلُهُ (وَوَوْتُ) قُلِبتْ واوُهُ الواقِعةُ صدْرًا همْزةً، والأخيْرةُ ياءً كمَا فِي (أعطيْتُ)، وفِي المُصغَّرِ مِنْها أُوَيّةٌ أصلُهَا وُوَيْوَةٌ(3)
قُلِبتِ الواوُ الأُولَى همْزةً، والواقِعةُ/139بعدَ ياءِ التَّصغِيرِ يَاءً، وأُدغِمتْ، وقولُهُ فِي يَيّيَْتُ ليْسَ باتِّفاقِي بلْ غيْرُ أبِي عليٍّ يقُولُ: أصْلُ الألِفِ والهمْزةِ فِي الحُروفِ المُعْجمَةِ - التِيْ ثانِيْهَا ألِفٌ وثالِثُهَا ياءٌ أوْ همْزَةٌ - هُوَ الْياءُ، فيُقالُ ييّيتُ اليَاءَ، وبيّيْتُ البَاءَ، وتَيَّيْتُ التَّاءَ، ونحوُ ذلِكَ، ويُقالُ فِي جمْعِهَا: أَيِيَاءُ، وأَبِيَاءُ، وأَتِيَاءُ، وهوَ يقُولُ: أصْلُ الألِفِ هوَ الواوُ، فيقُولُ: يَوَيْتُ الياءَ، وبَوَيْتُ البَاءَ، وتَوَيْتُ التَّاءَ، ويقُولُ فِي جمْعِهَا: أَيْواءُ، وأَبْواءُ، وأَتْواءُ(4)إِلى
غيْرِ ذلِكَ، وأمّا فيْمَا يكُونُ بعْدَ الألِفِ حرفًا صحِيحًا كَدالِ فالواوُ اتِّفاقًا، فيُقالُ: دَوَّلْتُ الدَّالَ؛ لأكْثريَّةِ بابِ دارٍ منْ بابِ نابٍ، ويُقالُ فِي الجمْعِ أدْوالٌ.
ص: 459
(الْفَاءُ) أيْ: فَاءُ الكلِمةِ إنْ كانَتْ حرفَ علَّةٍ حُكمُهَا إنَّهُ (تُقْلَبُ الْوَاوُ هَمْزَةً) للتَّخْفِيفِ (لُزُومًا فِي نَحْوِ: أَوَاصِلَ) مُكسَّرُ واصِلٍ، أصلُهُ وَوَاصِلُ، (وَأُوَيْصِلٍ) مُصغَّرِهِ، أصلُهُ وُوَيْصِلٌ(1)،(وَالأُوَلِ)
جمْعُ أُولَى، مُؤنّثُ أوّلٍ، أصْلُهُ (وَوَلٌ) أي: فيْمَا اجتَمَعَتْ فيهِ الواوانِ(2)،
ولمْ يكُنْ قبلَهُما حرفٌ زائِدٌ، لكنْ لا (إِذَا تَحَرَّكَتِ) الأُولَى فقَطْ بلِ (الثَّانِيَةُ) أيضًا (بِخِلافِ) مَا إِذا لمْ تتحرَّكِ الثَّانيةُ نحوُ:(وُوْرِيَ) مجهولُ وَارَى الشَّيءَ إذا استترَهُ؛ فإنَّ قلْبَها غيْرُ لازِمٍ لحُصولِ بعْضِ الخِفَّةِ باعْتبارِ سُكونِ الثَّانِيةِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلامِ الفارِسيِّ حيثُ قالَ: وإنْ كانتِ الثَّانيةُ غيْرَ لازِمةٍ لِمَا يلْزَمُ إِبْدالُ الأولَى منْها همزَةً كمَا فِي (وُوْرِيَ) إنَّهُ ذَهَبَ إِلى لُزومِ الإِبدالِ إنْ كانَتِ الثَّانيةُ لازِمةً، أي: أصليَّةٌ غيْرُ مُنقلِبةٍ عنْ شَيْءٍ سَواءٌ كانَتِ الثَّانيةُ مُتحرِّكةً أمْ لا(3)(وَجَوَازًا
فِي) المضْمومةِ الواقِعَةِ فاءً (نَحْوُ أُجُوْهٍ، وَأُوْرِيَ)أي: إنْ لمْ تجْتمعِ الواوانِ أوِ اجْتمَعَتْ، ولمْ تتحرَّكِ الثَّانيةُ، وأَصلُ أُجُوهٍ وُجُوهٌ، وأُوْرِيَ وُوْرِيَ.
(وَقَالَ الْمَازِنِيُّ(4))
تُقلبُ همْزةً قِياسًا (فِي نَحْوِ إِشَاحٍ) أي: فِي الْواوِ الواحِدَةِ المكْسُورةِ المصدَّرِ بِهَا، وقالَ غيْرُهُ(5): سَمَاعًا فيهِ وفِي إِعاءٍ، وإِلدةٍ، وإِفادةٍ فِي وِشاحٍ، ووِعاءٍ، ووِلْدةٍ، ووِفادةٍ (وَالْتَزَمُوهُ) أي: قَلبُ الواوِ
ص: 460
همْزةً/140(فِي الأُوْلَى) أصلُهُ: وُوْلى معَ سُكونِهَا (حَمْلاً عَلَى الأُوَلِ) وقِياسًا عنْدَ الفَارِسيِّ(1).
(وَأَمَّا أَنَاةٌ) فِي وَنَاةٍ وهيَ المرْأةُ التِي فيْهَا فُتَورٌ(2)(وَأَحَدٌ)
فِي وَحَدٍ وأَجَمٍ فِي وَجَمٍ (وَأَسْمَاءُ) إِذا كانَ عَلَمُ امْرأةٍ بِمعْنى حسُنِ الوجْهِ كمَا هَوَ عنْدَ سيبويهِ؛ فإنَّهُ عنْدَهُ (فَعْلاءُ) منَ الوَسَامَةِ، أصلُهُ وَسْمَاءُ(3)(فَعَلَى
غَيْرِ الْقِيَاسِ) يعنِي قَلْبَ الْواوِ فِي تلْكَ الأمْثلةِ همزةً ليْسَ علَى القِياسِ وِفاقًا لِخفَّةِ الواوِ المفْتُوحةِ بلْ موكُولٌ إِلى السَّماعِ، وعنْدَ المُبرِّدِ(4)
عَلَمٌ منْقُولٌ مِنَ الجمْعِ، واخْتارَ المُصنِّفُ مُختارَ سيبويهِ؛ لأنَّ التَّسمِيةَ بِالصِّفةِ أكثَرُ منْها بِالجمْعِ، وهِيَ غيْرُ منْصَرفةٍ، أمَّا علَى الأوَّلِ فَلألفِ التَّأنيثِ، وأمّا علَى الثَّانِي فَلِلْعلميَّةِ والتَّأنِيثِ المعْنويِّ.
(وَتُقْلَبَانِ) أي: الواوُ والياءُ (تَاءً فِي نَحْوِ: اتَّعَدَ، وَاتَّسَرَ) أي فيْمَا لا يكُونُ مهْمُوزَ الفاءَينِ فِي الأصلِ (بِخِلافِ ايْتَزَرَ) أصلُهُ إئْتَزَرَ، فَلا تُقلبُ ياؤُهُ تاءً، فيُقالُ اتَّزَرَ، وكَذا ايْتَمَنَ وكَذا فِي تُراثٍ، وتِجاهٍ، وتوْلَجٍ، وتَتْرى، وأتْلَجَ، وتَكِلانٍ، وتُخْمةٍ، وتُهْمةٍ، وتُقاةٍ، وتقْوى، وأُختٍ، وبِنتٍ، وهَنَتٍ، وتوْرِيةٌ فإنَّهُ (فَوْعِلَةٌ)(5)، منْ وَرَى لا (تَفْعِلَة) كمَا ذَهَبَ إليْهِ الكُوفيُّونَ(6).
ص: 461
(وَتُقْلَبُ الْوَاوُ يَاءً إِذَا انْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا، وَالْيَاءُ واوًا إِذَا انْضَمَّ مَا قَبْلَهَا) بِشرطِ كونِهِمَا فاءَينِ أوْ عيْنيْنِ ساكِنتيْنِ غيْرِ مُدغَمَتينِ (نَحْوُ: مِيْزَانٍ، وَمِيْقَاتٍ) وقيلَ: منَ وَزْنٍ ووقْتٍ وقوْلٍ (وَمُوقِظٍ، وَمُوْسِرٍ)، وكُوْلَلٍ منْ (يَقِظِ ويَسَار وكَيْلٍ)، وأمَّا إنْ كانَتَا مُتحرِّكتيْنِ كعِوَضٍ ومَيْسَرٍ، أوْ مُدغَمتيْنِ كاجْلوّاذٍ(1)، وقُيَّلٍ كَسُكَّرٍ فَلا إِلاّ أنْ يكُونَ الواوُ عينَ مصدَرٍ مُعلٍّ فعْلُهُ ك-(قامَ قِيَامًا) أوْ جمْعٍ مُعلٍّ واحِدُهُ كَدِيَمٍ(2)، وإنْ كانَتَا لاميْنِ فَتُقلبُ الواوُ، وإنْ كانتْ مُتحرِّكةً كالدَّاعِي مِن دَاعِو بِخِلافِ الياءِ فإنَّها بِكسْرِ الضمِّ كالتَّرامِي بلْ إنْ كانتْ واوًا قبلَهَا ضمَّةٌ قُلبتْ ياءً، والضمَّةُ كسْرةً كالتَّغازِي؛ لأنَّ الآخرَ مَحلُّ التَّخفِيفِ.
(وَتُحْذَفُ الْوَاوُ مِنْ نَحْوِ: يَعِدُ، وَيَلِدُ؛ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ يَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَكَسْرَةٍ أَصْلِيَّةٍ)؛ لِلخفَّةِ بِخِلافِ: يُوعَدُ مجْهُولُ المُجرَّدُ، ويُوعِدُ معلُومُ الافْعالِ؛ لحُصولِ بعْضِ الخِفَّةِ منَ الفتْحةِ والضمَّةِ المُجانِسةِ للوَاوِ (وَمِنْ ثَمَّ) أي: منْ أجْلِ/141أنَّ الواوَ تُحذفُ فِي مثْلِ هَذا الموضِعِ (لَمْ يُبْنَ(3)وَدَدْتُ
بِالْفَتْحِ) أي: المِثالُ مِمَّا كانَ عينُهُ ولامُهُ منْ جِنْسٍ واحِدٍ (لِمَا يَلْزَمُ مِنْ إِعْلالَيْنِ فِي يَدُّ) بالتَّشديدِ، وهوَ مُستكْرهٌ، وإنَّما قَالَ بِالفتْحِ؛ لأنَّ مُضارِعَ (فعَلَ) بالفتْحِ منَ المِثالِ الواوِيِّ لا يجِيءُ مضمُومَ العيْنِ ولا مفْتُوحِهَا أيضًا؛ لأنَّهُ لا يكُونَ إِلاّ معَ حرفِ الحلْقِ فبقِيَ أنْ يكُونَ مكسُورَ العيْنِ (وَحُمِلَ أَخَوَاتُهُ نَحْوُ: تَعِدَ، وَنَعِدَ، وَأَعِدَ(4)،
ص: 462
وَصِيْغَةُ أَمْرِهِ عَلَيْهِ؛ وَلِذَلِكَ حُمِلَتْ فَتْحَةُ يَسَعُ وَيضَعُ)، ويَدَعُ، ويَطَأُ، ويَقَعُ (عَلَى الْعُرُوضِ) وقِيلَ: إنَّها فِي الأصْلِ مكسُورِ العيْنِ، والفتْحُ إنَّما عَرَضَ لِحرفِ الحَلْقِ(1).
أقولُ: والحقُّ إنَّ حمْلَ فتْحَتِها عليْهِ موكُولٌ علَى السَّماعِ؛ ولِذا لمْ تعْرُضْ فِي (وَعَدَ) منْ بابِ (ضَرَبَ) وعينُهُ عيْنٌ، وإنَّما تُحذفُ منْ (يَذَرُ) بِالفتْحِ؛ لأنَّهُ بِمعْنَى (يَدَعُ) وشريكُهُ فِي إماتَةِ ماضِيهِ(2)،
والحذْفُ دليلٌ علَى أنَّ فاءَهُما واوٌ، وأمَّا يَجُدُ بِالضمِّ فأمّا شَاذٌّ أوْ أصلُهُ يَجِدُ بالكسْرِ(3)كمَا
مرَّ.
(وَيَوْجَلُ عَلَى الأَصْلِ) أي: ولِذلِكَ حُمِلتْ فتْحةُ يَوْجَلُ عَلَى الأَصْلِ وَإِلاّ حُذِفتْ فَاؤُهُ (وَشُبِّهَتَا) أي: الفتْحةُ التِي فِي (يَسَعُ) والتِي فِي يوجَلُ (بِالتَّجَارِي، وَالتَّجَارِبِ) أي: بكسْرةِ راءِ التَّجارِي، وراءِ التَّجارِبِ فِي أنَّ الأُولى عارضيَّةٌ، أصلُهُ تجَارُي بالضمِّ كتضارُبٍ، والثَّانيةُ أصلُهُ لأنَّهُ جمعُ تَجْرِبَةٍ.
(بِخِلافِ الْيَاءِ) الواقِعَةِ بينَهُمَا (فِي يَيْسِرُ، وَيَيْئِسُ(4))
ونحوِهِمَا سَواءٌ لمْ يكُنْ بعدَهُما همْزةً أوْ كانتْ فإنَّها لا تُحذفُ؛ لخِفَّةِ اليَاءِ بِالنِّسبةِ إِلى الواوِ (وَقَدْ جَاءَ) فيْمَا كَانَ بعْدَ اليَاءِ همْزةٌ (يَئِسَ) بحذْفِ الياءِ (وَيَاءَسَ) بقلْبِهَا ألفًا لِلخِفَّةِ (كَمَا جَاءَ يَاتَعِدُ(5))
فِي يوْتَعِدُ، والقِياسُ يَتَعِدُ.
ص: 463
وفِي بعْضِ النُّسخِ (وَعَلَيْهِ جَاءَ مُوْتَعِدُ، وَمُوْتَسِرُ، لُغَةُ الشَّافِعِيِّ(1))
أي: كانَ تكلُّمُهُ مُوافِقًا لِهَذِهِ اللُّغةِ معَ فَصَاحَتِهِ(2).
(وَشَذَّ فِي مُضَارِعِ وَجِلَ: يَيْجَلُ، ويَاجَلُ وَيِيْجَلُ) أي: قلْبُ الواوِ ياءً، أو ألِفًا معَ انْفِتاحِ طَرفِهَا وقلبِهَا ياءً معَ انْكِسارِ حرْفِ المُضارِعِ، والقِياسُ يَوْجَلُ ويظهَرُ منْ كَلامِ السَّيرافيِّ(3)، والفارِسيِّ(4) قِياسُ يَاجَلُ أيضًا.
(وَتُحْذَفُ الْوَاوُ) لا الياءُ لِمَا مرَّ (مِنْ نَحْوِ: الْعِدَةِ، وَالْمِقَةِ(5))أي:
المصْدرُ إِذا وقَعتْ فاءً بِشرطِ أنْ تكُونَ مكسُورةً، وأنْ يُحذفَ منْ مُضارِعِهِ بِخِلافِ نَحْوِ:
ص: 464
وِحْدَةٍ، ووِصَالٍ بِالكسْرِ، مَصدَرُ واصلَ، وأيضًا بِشرطِ كسْرِ عيْنِ ذلِكَ المصْدرِ؛ لأنَّ السَّاكِنَ/142إِذا حُرِّكَ حُرِّكَ بِالكسْرِ، أوْ يُقالُ: إنَّ حذفَ الوَاوِ شَرْطُهُ نقْلُ حرَكَتِهَا إِلَى العيْنِ، والعيْنُ المفْتُوحةُ فِي المُضارِعِ لِحرْفِ الحلْقِ جَازَ فيْهَا- فِي المصْدرِ- الفتْحُ كسَعَةٍ، والكسْرُ كهِبَةٍ، وصُلَةٍ بالضمِّ شَاذٌّ(1).
(وَنَحْوُ: وِجْهَةٍ قَلِيْلٌ) والأكْثَرُ جِهَةٌ، وَجِهَةُ مَجيئِهِ الإِشعارُ بأنَّهُ اسْمٌ لِمكانٍ يُتَوجَّهُ إِليْهِ لا بِمعْنَى التَّوجُّهِ(2)،
ولمْ يذْكُرِ الألِفَ؛ لأنَّها تَقَعُ فاءً لسُكونِهَا ولمْ يقْلبْ إِليْهَا واوٌ أوْ ياءٌ، وإنْ كانَ قبْلَها مفْتُوحًا ك-(اسْتوْثَقَ)؛ لأنَّ الفاءَ يُغتَفرُ فيْهَا أدْنَى ثِقَلٍ بِخِلافِ العيْنِ واللامِ.
(الْعَيْنُ): إنْ كانَتْ واوًا، أوْ ياءً (تُقْلَبَانِ أَلِفًا) للتَّخْفيفِ (إِذَا تَحَرَّكَتَا مَفْتُوحًا مَا قَبْلَهُمَا أَوْ فِي حُكْمِهِ) أي: حُكْمُ المُتحرِّكِ المفْتُوحِ مَا قبْلَهُ كالسَّاكِنِ الذِي يكُونُ ماضِي ثُلاثِيهِ مفْتُوحًا أوِ الْمُتحرِّكِ الذِي يكُونُ مَا قبْلَهُ فِي حُكْمِ المفْتُوحِ كأَعْيُنٍ فإنَّ مَا قبْلَ اليَاءِ مفتُوحٌ فِي مفْردِهِ (فِي اسْمٍ ثُلاثِيٍّ، أَوْ فِعْلٍ(3)ثُلاثِيٍّ
أَوْ) فِعْلٍ (مَحْمُولٍ عَلَيْهِ) علَى الفعْلِ الثُّلاثيِّ (أَوِ اسْمٍ مَحْمُولٍ عَلَيْهِمَا) عَلَى الفِعْلِ الثُّلاثِي أوْ عَلَى المحْمُولِ عليْهِ (نَحْوُ: بَابٍ، وَنَابٍ، وَقَامَ، وَبَاعَ، وَأَقَامَ، وَأَبَاعَ، وَالإِقَامَةِ، وَالاسْتِقَامَةِ، وَمُقَامٍ، وَمَقَامٍ(4))
بضمِّ المِيمِ
ص: 465
وفتحِهَا، أمْثِلةٌ للاسْمِ الثُّلاثيِّ واويًّا ويائيًّا، وفعْلُهُ كك، والفِعْلُ المحْمُولُ علَى الفعْلِ الثَّلاثيِّ كك(1)،
والاسْمُ المحْمُولُ علَى الفعْلِ المحْمُولِ علَى الفِعْلِ الثُّلاثيِّ وهوَ أَقَامَ، والاسْمُ المحْمولُ علَى الفِعْلِ الثُّلاثيِّ وهوَ قَامَ، ولمْ يقُلْ هَيُؤَ يهْيُؤُ منْ بابِ حَسُنَ معَ وُجودِ شَرْطِ الإعلالِ؛ لأنَّهُ مسْتلْزمٌ لأنْ يُقالَ فِي مُضارِعِهِ يَهُوءُ ك-(يسُوءُ)وهوَ أثقلُ منَ الأصلِ(2).
(بِخِلافِ قَوْلٍ، وَبَيْعٍ) فإِنَّهُما ساكِنتَانِ فيْهِما قبلَ بِناءِ المَاضِي منْهُما، والسُّكُونُ مُوجِبٌ لِخِفَّتِهِمَا(وَطَائِيٌّ(3)،
وَيَاجَلُ شَاذٌّ) فِي طيئي بالتَّخْفيفِ كَسَيْدِي ويَوْجَلُ؛ لسُكونِهِمَا (وَبِخِلافِ) مَا كَانَ مُتحرِّكًا، ولكِنْ لمْ يكُنْ مَا قبْلَهُما مفْتوحًا ولوْ حُكمًا أي: لمْ يكُنْ مَا قبْلَهُما قابِلاً لِلحَرَكَةِ كالألِفِ وحرْفِ التَّضعيفِ نحوِ:) قَاوَلَ، وَبايَعَ، وَقَوَّمَ، وَبَيَّنَ، وَتَقَوَّمَ، وَتَبَيَّنَ، وَتَقَاوَلَ، وَتَبَايَعَ) فإنَّ مَا قبْلَهُما فيْهَا ساكِنٌ غيرُ مفْتُوحٍ فِي الثُّلاثيِّ وقبْلَهُما همْزةٌ فِي نحْوِ: قَائِلٍ وبائِعٍ؛ لأنَّهُما يَعْملُ عَمَلَ فِعْلِهِمَا، وهُمَا مِنْ بَابِهِمَا.
(وَنَحْوُ: الْقَوَدِ، وَالصَّيَدِ) كالفَرَسِ، والأوَّلُ القَصَاصُ(4)،
والثَّانِي مصدرُ الأصْيَدِ وهوَ الذِي لا يرْفَعُ رأسَهُ كِبَرًا(5)(وَأَخْيَلَتِ)
النَّاقةُ أي: وَضَعتْ خَيَالاً قُربَ وَلَدِهَا، وهوَ خَشَبةٌ عليْها ثِيابٌ سَوْداءُ لِيفْزَعَ منْهُ الذِّئبُ(6)(وَأَغْيَمَتِ)
السَّماءُ أي:
ص: 466
صارتْ ذاتَ غيْمٍ (وَأَغْيَلَتِ) المرأةُ أي: أرْضَعتْ علَى حَبَلٍ(1)،
واسْتصْوَبَ، واسْترْوحَ/143، واسْتحوذَ (شَاذٌّ) خَالَفُوا القِياسَ، وهوَ قلْبُ الواوِ ألِفًا والياءِ ألِفًا؛ لتَحرُّكِهِمَا وانْفِتاحِ مَا قبْلَهُما ولوْ حُكمًا فِي البعْضِ تنبيهًا علَى الأصْلِ، وجَاءَ مُعَلُّهُ أيضًا إِلاَّ أغْيَلَتْ واسْترْوَحَ، واسْتَحْوَذَ، قالَ سيبويهِ: لا مَنْعَ مِنْ إِعْلالِهَا، وإنْ لمْ يُسْمعْ لأنَّ الإِعلالَ كثِيرٌ مُطَّردٌ(2)، وقالَ أبُو زيْدٍ التَّصحِيحُ قِياسٌ فِي بابَي الأفعالِ والاسْتِفْعالِ إِذَا لمْ يكُنْ لهُمَا فِعْلٌ ثُلاثيٌّ(3).
(وَصَحَّ بَابُ قَوِيَ) بكسْرِ العيْنِ، أصلُهُ قَوِوَ بدَليلِ قُوّةٍ(4)(وَهَوَى(5))
بفتحِها أي: لمْ تُقلبْ عينُ مَا عيْنُهُ ولامُهُ حرفا عِلَّةٍ ألِفًا (لِلإِعْلالَيْنِ)؛ لاسْتلْزامِهِ إيّاهُمَا؛ إذِ الاشْتِغالُ بإعْلالِ الْلامِ أسْبقُ فَقُلبتْ لامُ قَوِوَ ياءً كمَا فِي رَضِيَ، ولامُ هَوَى ألِفًا كمَا فِي رَمَى فلَوْ قُلِبتْ عيْنُهُما ألِفًا لزَمَ إِعْلالانِ(6).
(وَبَابُ طَوِيَ، وَحَيِيَ) بكسْرِ عينِهِمَا معَ عَدَمِ لُزومِ الإِعْلاليْنِ؛ (لأَنَّهُ فَرْعُهُ) فَرعُ هَوَى؛ لأنَّ (فَعَلَ) مفتُوحَ العيْنِ أصْلٌ فِي الأفعَالِ؛ لِخِفَّتِهِ، وذَهَبَ المازنيُّ إِلى أنَّ لامَ حَيِيَ فِي الأصْلِ واوٌ، فعَدَمُ إِعلالِ عيْنِهِ عنْدَهُ لِلُزومِ
ص: 467
الإعْلاليْنِ لا الفرْعيَّةِ(1)(أَوْ
لِمَا يَلْزَمُ) علَى تقْديرِ إِعْلالِ العيْنِ (مِنْ يَقَايُ، وَيَطَايُ، وَيَحَايُ(2))
كيَخَافُ فِي مُضارِعِ قَوَى، وطَوَى، وحَيَى، وذلِكَ مرفُوضٌ عنْدَهُمْ، ولمْ يذْكُرْ مُضارعَ هَوَى؛ لأنَّهُ مكْسُورُ العيْنِ، والمُضارِعُ فِي الأَجْوفِ إِذا سُكِّنتْ عيْنُ ماضِيهِ بقلْبِها ألِفًا سُكِّنتْ عيْنُهُ أمّا بِقلبِها ألفًا أيضًا إنْ كانَ مفْتوحَ العيْنِ، أوْ بِنقْلِ حَرَكَتِهَا إِلى مَا قبْلَها، نعَمْ لوْ لمْ يُراعَ سِبْقُ إِعْلالِ اللامِ وأُعلِّتْ عيْنُهُ ك-(طَاحَ)، وقيلَ فِي مُضارِعِهِ يَهِي ك-(يَطِيْحُ) شَاذًّا لَزمَ استعْمالُ المرفُوضِ(3).
(وَكَثُرَ الإدْغَامُ فِي بَابِ حَيِيَ) كعَلِمَ معلُومًا كانَ أمْ مجهُولاً(لِلْمِثْلَيْنِ) واسْتَندَ منْ أنْكَرهُ بأنَّ القِياسَ أنْ يُدغَمَ فِي مُضارِعِهِ أيضًا، وضمُّ اليَاءِ وإنْ لمْ يكُنْ مُستثْقَلاً فِي الأسْماءِ ك-(كُرسيُ) رفعًا إِلاّ أنَّهُ لمْ تُوجَدْ فِي آخِرِ المُضارِعِ؛ لأنَّهُ مَحَلُّ الإِعرابِ، والفِعْلُ ثَقِيلٌ.
(وَقَدْ يُكْسَرُ الْفَاءُ) إِذا أدْغِمَ بِنقْلِ حَرَكةِ العيْنِ إِليْها، قالَ الش الرضيُّ(4)
"رض" يعنِي فِي (حِيَّ) المبنيِّ للفاعِلِ، والظاهر إنّهُ غَلَطٌ نقلَهُ مِنَ المُفصَّلِ(5)،
وإنّما أورَدَهُ سيبويهِ(6)
فِي المبْنِي للمفعُولِ, انْتَهى.
ص: 468
(بِخِلافِ بَابِ قَوِيَ) أي: مَا كَانَ عيْنُهُ ولامُهُ واوًا، فإنَّهُ لا يدْغمُ؛ (لأَنَّ الإِعْلالَ) وهوَ قلبْ واوِهِ ياءً إنَّما هوَ (قَبْلَ الإِدْغَامِ) أمَا لأوَلِيَّةِ/144 إِعْلالٍ الآخِرِ أوْ لوُجُوبِ الإِعلالِ واستِحْسانِ الإِدغَامِ فلمْ يبْقَ مثْلانِ فأَدْغَمَ (وَلِذَلِكَ) أي: لأجْلِ أنَّ الإِعلالَ قبْلَ الإِدْغامِ (قَالُوا) فِي مُضارِعِ حَيِيَ وقَوِيَ (يَحْيَى، وَيَقْوَى) بقلْبِ الْلامِ ألِفًا؛ لانْفِتاحِ مَا قبْلَهَا (وَاحْوَاوَى يَحْوَاوِي) أصْلُهُ: احْوَاوَوَ افْعَيْلالٌ(1)
مِنَ الحُوّة بالضمِّ، وهوَ سَوادٌ إِلى الخُضْرةِ أوْ حُمرةٍ إِلى السَّوادِ(2)(وَارْعَوَى)
عَنِ السُّوءِ (يَرْعَوِي) ارْعِواوًا كفَّ عنْهُ، أصلُهُ ارْعَوَوَ، افْعَلالٌ منْ رَعَوَ (فَلَمْ يُدْغِمُوا) فيْهَا، ولمْ يقُولُوا يحيّ ويقوّ ك-(يَعَضُّ) وَلا احْواوّ كاحْمارَّ ولا ارعوَّ كاحْمرَّ (وَجَاءَ احْوِيْوَاءُ)(3)فِي
مصْدرِهِ علَى الأَصْلِ (وَاحْوِيَّاءُ) مُشدَّدةُ الياءِ بِقلْبِ الواوِ الثَّانيةِ ياءً؛ لاجْتِماعِهَا معَ الياءِ وسكُونِ السَّابقِ (وَمَنْ قَالَ اشْهِبَابٌ)(4)فِي
مصْدرِ اشْهَابَّ بحذْفِ الباءِ (قَالَ احْوِوَاءُ كَاقْتِتَالٍ) فِي مصْدَرِ احْوَاوِي بِحذْفِ الياءِ وعدمِ الإِدغامِ، وإنْ كانَ هَذا منْ بابِ الافعيْلالِ وذاكَ منْ
ص: 469
بابِ الافتِعالِ (وَمَنْ أَدْغَمَ اقْتِتَالاً(1))
وقالَ قِتّالٌ بكسْرِ القَافِ؛ لأنَّ السَّاكنَ إذَا حُرِّكَ حُرِّكَ بالكسْرِ أوْ بِنقْلِ حَرَكةِ أوَّلِ المِثْليْنِ إِليْهِ وتشدِيدِ التَّاءِ وحذْفِ الهمْزةِ للاستغْناءِ عنْهُ (قَالَ حِوّا(2))
بكسْرِ الحاءِ وتشْديدِ الْواوِ وحذْفِ الهمْزةِ.
(وَجَازَ الإِدْغَامُ فِي أُحْييَ، وَاسْتُحْيِيَ(3))
مجْهُوليْنِ، فيُقالُ أُحيَّ واسْتُحْيَّ بتشْديدِ الياءِ ولمْ يكثُرْ كثْرَةَ الإِدغامِ فِي حيَّ معَ اشْتِراكِهِمَا فِي اجْتِماعِ المِثْليْنِ؛ لأنَّ مَا قبْلَ المِثْليْنْ فيْهِمَا ساكنٌ بِخِلافِهِ، ولمْ يجُزْ فِي مُضارِعِهمَا؛ لأنَّ آخرَهُ أوَّلاً تُقلَبُ ألِفًا لانْفِتاحِ مَا قبْلَهُ (بِخِلافِ أَحْيَى وَاسْتَحْيَى) معلُوميْنِ؛ لِسبْقِ إِعلالِ الْلامِ علَى إِدْغامِ العيْنِ (وَأَمَّا امْتِنَاعُهُمْ فِي يُحْيِي، ويَسْتَحْيِي) كيُكْرِمُ ويسْتخْرِجُ معلُوميْنِ معَ عَدمِ الإعْلالِ فِي الآخِرِ لانْكِسارِ العيْنِ (فَلِئَلاّ يَنْضَمَّ مَا رُفِضَ ضَمُّهُ) منَ الياءِ (وَلَمْ يَبْنُوا مِنْ بَابِ قَوِيَ مِثْلَ ضَرَبَ وَلا شَرُفَ) أي: لمْ يبْنُوا مَا كَانَ عيْنُهُ ولامُهُ واويْنِ منْ بابَي ضَرَبَ وشَرُفَ بلْ عَلِمَ فقطْ (كَرَاهَةَ قَوَوْتُ) بفتحِ الواوِ الأُولَى (وَقَوُوْتُ) بضمِّها أي: اجْتِماعُ الواويْنِ بِلا إِعْلالٍ/145وإِدْغامٍ بِخِلافِ اجْتِماعِ الياءَينِ، أوِ الواوِ والياءِ(4).
ص: 470
(وَنَحْوُ: الْقُوَّةِ، وَالصُّوَّةِ) علَمٌ فِي الطَّريقِ(1)(وَالْبَوِّ)
جِلدُ وَلَدِ(2)البَعِيرِ
الممْلوِّ منَ الْحشِيشِ(3)(وَالْجَوِّ)
الْهواءُ(4)بِضمِّ
أوَّلِ الأولييْنِ وفتْحِ أوَّلِ الثَّانيينِ والواوِ المُشدَّدةِ بعدَهَا(مُحْتَمِلٌ لِلإِدْغَامِ) صالحٌ لهُ فيجُوزُ اجْتِماعُ الواويْنِ فيْهَا؛ لِحُصولِ الخِفَّةِ منْ سُكُونِ أوَّلِهِمَا بِخِلافِ قَوَوْتُ؛ فإنّهُ لا يحتَمِلُ إِدغامَ الواويْنِ وهوَ فِعْلٌ أثْقلُ منَ الاسْمِ ففِيهِ ثِقَلٌ فِي ثِقَلٍ، وقُرِئ (مُحْتَمَلٌ) بفتْحِ مَا قبْلَ الآخِرِ علَى أنَّهُ اسمُ مَكَانٍ(5).
(وَصَحَّ بَابُ مَا أَفْعَلَهُ)أي: أفْعُلُ التَّعجُّبِ معَ كَونِهِ فِعْلاً علَى الأصحِّ، وقِيلَ: مَا أقْوَلَهُ، بسُكونِ القافِ وفتحِ الواوِ، وكَذا مَا أَبْيَعَهُ، وكَذا إنْ كَانَ فِعْلُ التَّعجُّبِ علَى صِيْغةِ الأمْرِ ك-(أَقْوِلْ بِهِ) وأبْيِعْ بِهِ(6)(لِعَدَمِ
تَصَرُّفِهِ) فإنَّهُ لمْ يجِيءْ لهُ تثْنِيةٌ ولا جمْعٌ ولا مؤنَّثٌ؛ ولِذا شَابَهَ الأسماءَ وصارَ كأفْعُلِ التَّفْضيلِ وأفْعُلِ الصِّفةِ وإنَّما يُعلُّ لامُهُ ويُقالُ مَا أَرْمَاهُ؛ لأنَّ إِعلالَ اللامِ ليْسَ للحَمْلِ علَى الفِعْلِ واللامُ مَحَلُّ التَّغْيِيرِ (وَأَفْعَلُ) مِنْهُ (مَحْمُولٌ عَلَيْهِ) أي: أفْعُلُ التَّفْضِيلِ محمُولٌ علَى أفْعُلِ التَّعجُّبِ فِي أنَّهُ لا يُعَلُّ لِمَا بينَهُما مِنَ التَّناسُبِ فِي أنَّهُما
ص: 471
غَيْرُ مَبْنيّان(1)منَ
اللوْنِ والعيْبِ وفِي أنَّهُما مُخْتصَّانِ بالثُّلاثِيِّ(2)
المجَرَّدِ (أَوْ) لا يُعلُّ (لِلَّبْسٍ بِالْفِعْلِ) فإنَّهُ لوْ قيلَ زَيْدٌ أَقالَ منْ عمْرُو، وأَبَاعَ مِنْهُ لالْتَبَسَ بمَا فِي بَابَ الأفعالِ، وإِنَّما لمْ يعْكِسْ؛ لأنَّ إِعلالَ أَقَالَ كإِعْلالِ قَالَ والأنْسبُ مُشَابَهةِ الفِعْل للفِعْلِ فهَذا عطْفٌ علَى (مَحْمُولٌ)، ويُحتَملُ أنْ يكُونَ عطفًا علَى (عَدَمِ تَصَرُّفِهِ)(3).
(وَازْدَوَجُوا، وَاجْتَوَرُوا(4))
أي: يصُحُّ بابُهُمَا معَ وُجودِ سبَبِ الإِعْلالِ؛ (لأَنَّهُ بِمَعْنَى تَفَاعَلُوا) وليْسَ فيْهِ سبَبُ الإِعْلالِ بِخِلافِ أَجَارَ؛ فإِنَّهُ ليْسَ بِمَعْناهُ (وَبَابُ اعْوَارَّ، وَاسْوَادَّ لِلَّبْسِ) فإنَّ الواَو إِذا انْقلبتْ ألِفًا؛ لكَونِها مُتحرِّكةً مفتوحًا مَا قبْلَها حُكْمًا لَزَمَ تَحرُّكُ الفَاءِ وحذْفُ إِحْدى الأَلِفيْنِ؛ لالْتِقاءِ السَّاكنيْنِ، وحذَفَ الهمْزَةَ الواقِعةَ أوَّلاً؛ لِلاسْتِغْناءِ عنْها فبقيَ: عَارَ وسَادَ، والْتَبَسَ (افْعَالّ) ب-(فَاعَلَ) (وَعَوِرَ، وَسَوِدَ(5))
كَعَلِمَ؛ (لأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ) أي: كُلٌّ منْهُمَا لِكُلٍّ منْهُمَا.
(وَمَا يُصَرَّفُ(6)
مِمَّا صَحَّ صَحِيْحٌ أَيْضًا كَأَعْوَرْتُهُ، وَاسْتَعْوَرْتُهُ، وَمُقَاوِلٍ،/146وَمُبَايِعٍ، وَعَاوِرٍ، وَأَسْوَدَ) ونحْوِهَا (وَمَنْ قَالَ: عَارَ) أي: ذَهَبَ إِلى إِعْلالِ المُجرَّدِ منْهَا (قَالَ: أَعَارَ، وَاسْتَعَارَ، وَعَائِرٌ) بِالهمْزةِ (وَصَحَّ تَقْوَالٌ،
ص: 472
وَتَسْيَارٌ(1)) بِضمِّ أوَّلِهِمَا وسُكونِ ثانِيْهِمَا، مصدَرا: قَالَ وسَارَ مُعْتلَّيْنِ (لِلَّبْسِ) بِالمُضارِعِ المجْهُولِ أوِ المعْلُومِ منْ بابِ خَافَ؛ فإِنَّ الحَرَكةَ غيْرُ مضْبُوطةٍ فِي الأكْثَرِ (وَمِقْوَالٌ، وَمِخْيَاطٌ لِلَّبْسِ) فَإِنَّهُ لوْ قيْلَ: مِقَالٌ، ومِخَاطٌ لالْتَبسَ مِفْعَال بِمفْعَلٍ.
(وَمِقْوَلٌ، وَمِخْيَطٌ) بكسْرِ المِيمِ وفتْحِ العيْنِ (مَحْذُوفَانِ مِنْهُمَا) منْ مِقْوَالٍ، ومِخْيَاطٍ؛ فلِذَا لا يُعْتلاَّنِ (أَوْ لأَنَّهُمَا(2))
إنْ سلَّمْنَا أنَّهُما بِناءانِ مُسْتأْنَفانِ لكنَّهُمَا (بِمَعْنَاهُمَا) فلَمْ يعْتلاّ كمَا لمْ يعْتلاّ.
(وَأُعِلَّ نَحْوُ: يَقُومُ، وَيَبِيْعُ، وَمَقُوْمٍ)، بِهِ (وَمَبِيْعٍ بِغَيْرِ ذلِكَ) المذْكُورِ منْ أنَّهُما تُقْلبانِ ألِفًا إِذا تَحَرَّكَتَا وكَانَ مَا قبْلَهُما فِي حُكمِ المفْتوحِ؛ لكونِهِ مفْتُوحًا فِي الماضِي (لِلَّبْسِ) ب-(يَخَافُ) وبِمفْعَلٍ (وَ) صَحَّ (نَحْوُ: جَوادٍ، وَطَوِيلٍ، وَغَيُورٍ) معَ تحرُّكِ حرْفِ العِلَّةِ فيْهَا وانْفِتاحِ مَا قبْلَها أمَّا (لِلإِلْبَاسِ بِفَاعِلٍ، أَوْ بِفَعَلَ(3))
فإنَّ السَّاكنَ الثَّانِي بعْدَ الإِعْلالِ إنْ تحرَّكَ بعْدَ قلْبِهِ همْزةً صَارَ جَاءَد، وطَائِل، وغاءَر، والْتبَسَ بفَاعِلٍ ولوْ حُذِفتِ الألِفُ صارَ جَادَ وطَيَلَ وغَوَرَ والْتَبَسَ الأوَّلُ بفَعَلَ - محرَّكِ العيْنِ - والثَّانيانِ بِفَعْلٍ - ساكنِ العيْنِ - ولوْ حُذِفَ السَّاكنُ الثَّانِي الْتَبسَ الْجمِيعُ بِفَعَلَ مُتحرِّكِ العيْنِ(4) كَفَرَسٍ، وبِفَعَلَ الماضِي أيْضًا منْ جَاد يجُودُ، وطَالَ يطُولُ، وغَارَ يَغارُ بلْ عنْدَ الوقْفِ بقَاضٍ أيضًا منْ جَدَاهُ أي:
ص: 473
سَألَهُ بِالعَطَاءِ(1)، وطَلاهُ بِالدُّهنِ، وغَراهُ أي: ألْصَقَهُ بِالغِراءِ(2)بِالكسْرِ
فَفَعَلَ فِي كَلامِ المصنف يشْتَمِلُ السَّاكنَ الوَسَطِ ومُتحرِّكِهِ اسْمًا وفعلاً.
(أَوْ لأَنَّهُ لَيْسَ بِجَارٍ عَلَى الْفِعْلِ) قالَ فِي المُفصَّلِ(3): الصِّفةُ المُشبَّهةُ هِي التِي ليْستْ منَ الصِّفاتِ الجَاريَّةِ (وَلاَ مُوَافِقٍ لَهُ(4))
بأَنْ يُوازِنَهُ حَرَكَةً وسُكونًا، والاسْمُ الزائِدُ عَلَى الثَّلاثةِ شَرْطُ إِعلالِ عيْنِهِ أمَّا الجَرَيانُ علَى الفِعْلِ فِي العَمَلِ والدَّلالةُ عَلَى الحُدوثِ أوِ المُواقفةُ لهُ فِي الحَركَةِ والسُّكونِ معَ مُخالَفةٍ مَا.
(وَنَحْوُ: الْجَوَلانِ، وَالْحَيَوانِ،/147وَالصَّوَرَىَ(5)،
وَالْحَيَدَى(6))
نوعَانِ منَ المشِْي أيضًا، صَحِيحٌ معَ تحرُّكِ حرفِ العِلَّةِ وانْفِتاحِ ما قبْلَها(7)(لِلتَّنْبِيْهِ
بِحَرَكَتِهِ عَلَى حَرَكَةِ مُسَمَّاهُ، وَنَحْوُ(8)الْمَوَتانِ؛
لأَنَّهُ نَقِيْضُهُ) وحمْلُ أحَدِ النَّقيْضيْنِ علَى الآخَرِ شائِعٌ(9)(أَوْ
لأَنَّهُ) أي: كُلٌّ منْهُما(لَيْسَ بِجَارٍ عَلَى الْفِعْلِ،
ص: 474
وَلاَ مُوَافِقٍ لَهُ(1)) كإِقَامةٍ، ومُقامٍ، وهَذا الوجْهُ أوْجَهُ منْ قوْلِهِ (لِلتَّنْبِيْهِ) كمَا لا يخْفَى.
(وَنَحْوُ: أَدْوُرٍ، وَأَعْيُنٍ) جمْعَي دَارٍ وعيْنٍ(2)أيضًا
صَحِيحٌ (لِلإِلْبَاسِ) بِالفعْلِ الماضِي منْ (أفْعُل) إنِ انْقَلَبَ حرفُ العلَّةِ فيْهِما ألِفًا، وبِمُضارعِ دَارَ إِنْ نُقلتْ حَرَكتُها إِلى مَا قبْلَها(أَوْ لأَنَّهُ لَيْسَ بِجَارٍ) عَلَى الفِعْلِ كمَا مرَّ (وَلاَ مُخَالِفٍ) لهُ؛ لأنَّهُ ك-(انْصُرْ) حرَكَةً وسُكونًا، ولا بُدَّ فِي إِعلالٍ مَا يُوازِنُ الفِعْلَ ولا يكُونُ جارِيًا عليْهِ منْ نوعِ مُخالِفِهِ.
(وَنَحْوُ: جَدْوَلٍ(3)) للنَّهرِ (وَخِرْوِعٍ(4))
لِنبتٍ يُقالُ لهُ بِالفارسيَّةِ (بِيْد انْجير)(5) .
(وَعُلْيَبٍ) اسمُ وادٍ(6)أيضًا
صُحِّحَ؛ (لِمُحَافَظَةِ الإِلْحَاقِ) بِجعْفَرٍ، ودِرْهَمِ، وجُحْدَبٍ إنْ ثبتَ، وإلاَّ فمُلحقٌ أيضًا كسُؤدَدٍ؛ إذِ المُلحقُ لوْ أُعِلَّ بَطُلَ غَرَضُ الإِلحاقِ كمَا مرَّ إِلاّ أنْ يكُونَ مَحَلُّ التَّغييرِ آخِرَ الكَلِمةِ (أَوْ لِلسُّكُونِ الْمَحْضِ) فإنَّ سُكونَ مَا قبْلَ حرْفِ العِلَّةِ لازِمٌ فيْها فهُوَ ليْسَ بِمفْتوحٍ ولا فِي حُكمِهِ.
ص: 475
(وَتُقْلَبَانِ)أي: الواوُ والياءُ ألِفًا، والألِفُ (هَمْزَةً فِي نَحْوِ: قَائِمٍ، وَبَائِعٍ الْمُعْتَلِّ فِعْلُهُ بِخِلافِ عَاوِرٍ)، وصَائِدٍ؛ لِعَدمِ اعتِلالِ فِعلِهِمَا (وَنَحْوُ شَاكٍ(1))
كقَاضٍ علَى وزْنِ (فَالِعٍ) رفعًا وجرًّا، أصلُهُ شَاوِكٌ نُقِلتِ العيْنُ موضِعَ الْلامِ (وَشَاكٌ) بِالرَّفعِ علَى وزْنِ (فَالٍ) بحذْفِ العيْنِ (شَاذٌّ) والقِياسُ شائِكٌ بالهمْزةِ.
(وَفِي نَحْوِ: جَاءٍ قَوْلانِ، قَالَ الْخَلِيْلُ: مَقْلُوبٌ كَالشَّاكِيْ(2)،
وَقِيْلَ عَلَى الْقِيَاسِ(3))
كمَا مرَّ.
(وَفِي نَحْوِ) أي: وتُقلَبَانِ همْزةً (فِي نَحْوِ: أَوَائِلَ، وَبَوَائِعَ، مِمَّا وَقَعَتَا بَعْدَ أَلِفِ بَابِ مَسَاجِدَ، وَقَبْلَهَا) قبلَ الأَلِفِ (وَاوٌ أَوْ يَاءٌ) فهِيَ مُحاطةٌ أمَّا بِواويْنِ كأَوائِلَ جمْعُ أوَّلٍ، أوْ ياءَيْنِ كخَيايِرَ جمْعُ خيِّرٍ بالتَّشديدِ، أوْ بمُختلِفتيْنِ كبَوايِعَ جمْعُ بايِعةٍ، وسَياوِقَ جمْعُ سيِّقةٍ(4)بالتَّشديدِ
أصلُهُ سَيْوِقَةٌ منَ السوْقِ، والأوَّلُ
ص: 476
ثَقِيلٌ وِفاقًا، وكَذا/148البَواقي عنْدَ سيبويهِ والخَليلِ(1)
قِياسًا عليْه خِلافاً لِلأَخْفشِ(2)
فانَّ غيْرَ الواويْنِ ليْسَ بِمثابةِ الواويْنِ فِي الثِّقلِ عنْدَهُ.
(بِخِلافِ عَوَاوِيْرَ) جمْعُ عُوّارٍ(3)
كرُمّانٍ، الْجَبَانُ (وَطَوَاوِيْسَ) جمْع طَاووسٍ، وكَذا بَيايِيْعَ جمْعُ بيَّاعٍ، وقَياوِيْمَ جمْع قُيَّامٍ؛ لِبُعدِ المُكْتنفيْنِ عنِ الطَّرفِ(4)(وَضَيَاوِن
شَاذٌّ(5))
جمعُ ضيْوِنٍ، والقِياسُ ضَيائِنُ بِالهمْزةِ خِلافاً لِلأخْفشِ(6)لِمَا
مرَّ.
(وَصَحَّ عَوَاوِرُ، وَأُعِلَّ عَيَائِيْلُ) بِالهمْزةِ معَ أنَّ القِياسَ العكْسُ؛ (لأَنَّ الأَصْلَ عَوَاوِيْرُ فَحُذِفَتْ(7))
ياؤُهُ (وَعَيَائِلُ) بِدونِ اليَاءِ (فَأُشْبِعَ) عيَائِلُ، أي: كسْرتُهُ، وحَصَلتِ الياءُ، فهُمَا علَى مُقْتضَى القِياسِ.
(وَلَمْ يَفْعَلُوهُ) أي: لمْ تُقْلَبْ همْزَةً (فِي بَابِ مَقَاوِمَ، وَمَعَايِشَ؛ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ) بيْنَ هَذا البابِ، وهُما فيْهِ أصليَّانِ (وَبَيْنَ وَسَائِلَ(8)وَعَجَائِزَ،
وَصَحَائِفَ)(9)مَا
كانَتَا فيْهِ زائِدتيْنِ، والزَّائِدُ أوْلَى بِالتَّغْييرِ.
ص: 477
(وَجَاءَ مَعَائِشُ(1))،
وَمَنائِرُ جمْعُ مَنارَةٍ (بِالْهَمْزَةِ عَلَى ضَعْفٍ) والفَصِيحُ الياءُ والواوُ (وَالْتُزِمَ هَمْزَةُ مَصَائِبَ) جمْعُ مُصيْبةٍ، وهِيَ فِي الأَصلِ مُصْوِبةٌ كمُكْرِمةٍ بكسْرِ الرَّاءِ، والقِياسُ مَصَاوِبُ؛ لِكونِ الواوِ أصليَّةً كمَقاوِمَ تشبيْهًا لِمفْعَلَةٍ بفَعِيلَةٍ علَى خِلافِ القِياسِ(2).
(وَتُقْلَبُ يَاءُ فُعْلَى) بِالضَّمِّ (اسْمًا، وَاوًا فِي نَحْوِ: طُوْبَى، وَكُوْسَى)؛ لأجْلِ الضمَّةِ والأصلُ: طُيْبَى، وكُيْسَى بضمِّ الأوَّلِ، مؤنَّثُ أطيَبِ، وأكْيسُ ضدُّ الأحْمَقِ(3)
وهُمَا اسْمانِ؛ لأنَّهُما لا يُستعْمَلانِ صِفةً بِغيْرِ اللامِ(4)(وَلاَ
تُقْلَبُ) واوًا
ص: 478
(فِي الصِّفَةِ) فرقًا بيْنَها وبيْنَ الاسْمِ (وَلَكِنْ يُكْسَرُ مَا قَبْلَهَا فَتَسْلَمُ الْيَاءُ نَحْوُ: مِشْيَةٍ حِيْكَى) ذاتُ تَبخْتُرٍ(1) و(قِسْمَةٌ ضِيزَى)النجم/22، فيْها جَوْرٌ(2)،
وإنَّما لمْ يعكِسْ؛ لأنَّ الصِّفةَ أثْقلُ فنَاسَبَ أسهلَ التَّغييريْنِ، فإنْ قُلتَ منْ أيْنَ ظَهَرَ أنَّها بِضمِّ الفَاءِ فِي الأصْلِ قُلتُ: لأنَّ فِعلَى بالكسْرِ لا يكُونُ صِفَةً إِلاّ عِزْهَاةُ(3) بالتَّاءِ صَرَّحَ بهِ سيبويهِ(4)(وَكَذَلِكَ
بَابُ بِيْضٍ(5))
أي: جمعُ فَعْلاءَ، والأصْلُ كقُفْلٍ وفِي بعْضِ النُّسخِ (لِلفَرْقِ) أي: بينَهَا وبيْنَ الاسْمِ كمَا قُلْنا: ولمْ يعكِسْ؛ لأنَّ الجمْعَ ثَقِيلُ وقلبُ الياءِ واوًا أيضًا ثَقِيلٌ فَلا يُناسِبُهُ (وَاخْتُلِفَ) فِي الياءِ التِي قبْلَهَا ضمَّةٌ (فِي غَيْرِ ذَلِكَ) المذْكُورِ مِمَّا لا خِلافَ فيْهِ منْ قلْبِ ياءِ فُعْلَى وتغييرِ حرَكَةِ فُعْلَى الصِّفةِ وفُعْلِ الجمْعِ /149، (فَقَالَ سيبويهِ(6):
الْقِيَاسُ الثَّانِي)؛ لِقلّةِ التَّغييرِ (فَنَحْوُ: مَضُوْفَةٍ شَاذٌّ عِنْدَهُ) والقِياسُ مَضِيْفَةٌ، أصلُهُ مَضْيُفَةٌ بضمِّ الياءِ.
ص: 479
(وَنَحْوُ: مَعِيْشَةٍ) عنْدهُ (يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعِلَةً) بكسْرِ العيْنِ نُقلتْ كسْرتُهَا إِلى الفَاءِ (وَمَفْعُلَةً) بضمِّها نُقلتِ الضمَّةُ إِليْها وقُلبتْ كسْرةً(1)(وَقَالَ
الأَخْفَشُ(2):
الْقِيَاسُ الأَوَّلُ)؛ لاتِّفاقِهِمْ علَى أنَّ الفَاءَ إِذا كَانَ جَاءَ مَا قبْلَها مضْمُومًا تُقلبُ واوًا كموْسِرٍ وأُجيْبَ بأنَّهُ مخْصُوصٌ بالفاءِ لِلبُعدِ عنِ الآخِرِ (فَمَضُوْفَةٌ(3)قِيَاسٌ
عِنْدَهُ، وَمَعِيْشَةٌ مَفْعِلَةٌ) بالكسْرِ لا غيْرَ (وَإِلاَّ لَزَمَ مَعُوْشَةٌ) كمَضُوفَةٍ(4).
(وَعَلَيْهِمَا) علَى المذْهبيْنِ (لَوْ بُنِيَ مِنَ الْبَيْعِ مِثْلُ تُرْتُبٍ) منَ الأجوفِ اليائيِّ علَى وزنِ بُرثُنٍ (لَقِيْلَ تُبِيْعٌ) كيُقيُمٍ عنْدَ سيبويهِ بِنقْلِ الضمَّةِ إِلى البَاءِ المُوحَّدةِ وتليْها كسْرةٌ؛ لمُناسبَتِهِ الياءَ (وَتُبُوعٌ) بِالضمَّتينِ عندَ الأخْفشِ(5)
بِنقْلِهَا إِليْهَا، وقلْبُ الياءِ واوًا لِمُناسَبَتِهَا.
(وَتُقْلَبُ الْوَاوُ) المتَحرِّكةُ الواقِعةُ عيْنًا (الْمَكْسُورُ مَا قَبْلَهَا فِي الْمَصَادِرِ يَاءً) وفِي غيْرِهَا كَالعِوَضِ لا (نَحْوُ: قِيَامًا، وَعِيَاذًا، وَقِيَمًا) بِتخْفيفِ الياءِ لا لأنَّ حقَّها ذلِكَ فإنَّ الواوَ إنْ كانتْ مُتحرِّكةً قويَتْ بِسببِ الحَرَكةِ بحيْثُ لا
ص: 480
تقدرُ(1) كسرةُ مَا قبْلَها علَى قلْبِها، وكَذا الياءُ المضْمُومُ مَا قبْلَها؛ ولِذا لا تُقلبُ واوًا فِي نحْوِ التَّرامِي بلْ (لإِعْلالِ أَفْعَالِهَا) يعنِي قامَ وعاذَ بإِعلالٍ ما فذلكَ القلبُ إنّما هوَ بِالعَرَضِ.
(وَحَالَ حِوَلاً)(2)بِالكسْرِ
والفتْحِ (كَالْقَوَدِ) فِي الشُّذوذِ والْقِياسُ حِيَلا وقَادةً (بِخِلافِ مَصْدَرِ نَحْوِ لاَوَذَ) فإنَّهُ لا يُقلبُ؛ لأنَّ فَاعَلَ لا يُعلُّ، فيُقالُ: لِواذًا، وكَذا قِوَام(3).
(وَفِي نَحْوِ: جِيَادٍ، وَدِيَارٍ، وَرِيَاحٍ، وَتِيَرٍ، وَدِيَمٍ(4))
جمْعُ جيّدٍ، ودارٍ، ورِيحٍ، وتارةٍ، وديمة تُقلبُ أيضًا (لإِعْلالِ الْمُفْرَدِ)؛ لأنَّها فِي الأصْلِ جَيْوِد، ودَوَر، ورَوَح، وتَوَرَة، ودومة، وعنْدَ الجوهريِّ تيْرةٌ(5).
(وَشَذَّ طِيَالٌ) جمْعُ طويلٍ(6)؛
لَعَدمِ إِعلالِ مُفردِهِ، والقِياسُ طِوالٌ، وكَذا جِيادٌ منْ جادَ الفَرَسُ إِلاّ أنَّ الأوَّلَ لا يُستعْملُ/150
بِخِلافِ الثَّانِي.
ص: 481
(وَصَحَّ رِوَاءٌ(1)) كغِضابٍ بالكسْرِ (جَمْعُ رَيَّانٍ) معَ إِعلالِ مُفردِهِ؛ إذْ أصلُهُ رَوْيَانٌ (كَرَاهَةَ إِعْلالَيْنِ) فإنَّ أصلَهُ رِوايٌ قُلبتْ ياؤُهُ همزةً كرِداءٍ فلوْ قُلبتْ واوُهُ ياءً اجْتَمَعَ إِعلالانِ (وَنِوَاءٌ جَمْعُ نَاوٍ(2)) أيضًا صحَّ؛ لِعدمِ اعتِلالِ مُفردِهِ؛ لِئلاّ يجْتَمِعَ إعْلالانِ(3).
(وَفِي نَحْوِ: رِيَاضٍ، وَ ثِيَابٍ(4)) جمْعَي روْضَةٍ وثوْبٍ أيضًا تُقلبُ معَ عدَمِ كوْنِهِمَا مصْدريْنِ وعدمِ اعْتِلالِ مُفْرديْهِمَا؛ (لِسُكُونِهَا فِي الْوَاحِدِ) أي: الواوُ، والسُّكونُ يجْعَلُهُمَا كالميْتةِ ففيْهِ نوعٌ منَ الإِعلالِ (مَعَ) وُقُوعِ (الأَلِفِ) فِي الْجمْعِ (بَعْدَهَا) بعْدَ الواوِ، وهيَ فِي الجمْعِ واقِعةٌ بعدَ الكسْرةِ، وذلِكَ سَبَبُ ثِقَلِها لطُولِ النُّطقِ بِهَا فنَاسَبَ أنْ يُخفَّفَ بقَلْبِها ياءً (بِخِلافِ عِوَدَةٍ، وَكِوَزَةٍ)(5) بكسرِ أوَّلِهِما وفتْحِ ثانِيْهِما، جمْع عُودٍ(6) وكُوزٍ؛ لفُقدانِ الألِفِ بعْدَها.
ص: 482
(وَأَمَّا ثِيَرةٌ) فِي جمْعِ ثَوْرٍ (فَشَاذٌّ)؛ لِفُقدانِها بعْدَها، والقِياسُ ثِوَرةٌ، والحاصِلُ إنَّ الواوَ المكْسُورَ مَا قبْلَها تُقلَبُ ياءً فِي المَصَادرِ المُعلَّةِ أَفْعالُها، والجُموعِ المُعلَّةِ مفْرداتُها والسَّاكنةِ عينُ مُفرَداتِها بِالشَّرطِ المذْكُورِ.
(وَتُقْلَبُ الْوَاوُ عَيْنًا أَوْ لامًا أَوْ غَيْرَهُمَا(1)) كواوِ الجمْعِ والمفْعُولِ (إِذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ يَاءٍ) أصليَّةٍ و زائِدةٍ مُتأخِّرةٍ أوْ مُتقدِّمةٍ فِي كَلِمةٍ واحِدةٍ أوْ مَا فِي حُكمِهِ كواوِ الْجمْعِ معَ ضمِيرِ المُتكلِّمِ بِشرْطِ أَصالةِ ذاتِ السَّابِقِ وأَصالةِ الاجْتِماعِ (وَسَكَنَ السَّابِقُ) منْهُما أيُّها كانَ سُكونًا أصليًّا (يَاءً، وَتُدْغَمُ) للتَّخْفِيفِ بأدْنَى مُناسبَةٍ، هِي كونُهُما منْ حُروفِ المدِّ واللِينِ ولمْ يعكِسْ؛ لأنَّ الواوَ المُشدّدةَ ليْستْ بأَخفَّ منَ الواوِ والياءِ (وَيُكْسَرُ مَا قَبْلَهَا) مَا قبْلَ الياءِ المُدغمةِ (إِنْ كَانَ مَضْمُومًا(2))؛ لأنَّ الانْتِقالَ منَ الضمَّةِ إِلى الياءِ بلْ إِلى الكسْرةِ ثَقيلٌ بِخِلافِ الفتْحةِ؛ فالْواوُ المُنقلِبةُ عنِ الهمْزةِ كمَا فِي الروْيةِ أوْ عنِ الألِفِ كما فِي بُويِعَ، وتُسُويرَ، والياءُ المُنْقلِبةُ عنِ الواوِ كمَا فِي ديْوانٍ أصلهُ دِوّانٌ لا يُعلُّ، وكَذا يدْعُو، يضْرِبُ، ويرْمِي واقِدُ، وسَويرٌ، كرَحِيلٍ، وقِوْي بكسْرِ الفاءِ وسُكونِ العيْنِ مُخففُ قَوِيَ كعَلِمَ و(لِلرُّيَّا تَعْبُرُونَ)يوسف/43، كما حكَاهُ الكِسائيُّ(3)عنْ/151البعْضِ شَاذٌّ (كَسَيِّدٍ) أصلُهُ سَيْوِدٌ كفَيْعِلٍ بكسْرِ العيْنِ عنْدَ البصْريينَ(4) وضمِّها عنْدَ البغْداديينَ(5) ونُقلَ إِلى الكسْرِ.
ص: 483
(وَأَيَّامٍ)(1)جمعُ يوْمٍ، أصلُهَا أيْوامٌ كأفعَالٍ (وَدَيَّارٍ)(2)أصلُهُ دَيْوارٌ كفيْعالٍ (وَقَيَّامٍ)(3)أصلُهُ قَيْوامٌ كفيْعالٍ (وَقَيُّومٍ)(4)أصلُهُ قيْوومٌ كفَيْعُولٍ (وَدُلَيَّةٍ)(5) تصْغِيرُ دَلْوٍ أصلُهُ دُلَيْوَة (وَطَيٍّ)(6) مصدَرُ طويْتُ طَوى (وَمَرْمِيٍّ) أصلُهُ مَرْمُويٌ( وَمُسْلِمِيَّ رَفْعًا) أصلُهُ بعْدَ إسْقاطِ النُّونِ للإضافةِ مُسْلِمُوي (وَجَاءَ لُيٌّ فِي(7)أَلْوَى(8)) أَفْعَلٍ الصِّفةِ (بِالضَّمِّ) تنبِيهًا علَى الأصْلِ كحُمْرٍ (وَالْكَسْرِ) أيضًا
ص: 484
للمُناسبَةِ (وَأَمَّا ضَيْوَنٌ) كفيْعلٍ (وَحَيْوَةٌ) كفَعْلةٍ، واوُهُ منْقلِبةٌ عنِ الياءِ، أصليَّةٌ عنْدَ المازِنيِّ(1)(وَنَهُوٌّ) عنِ المنْكرِ أي: مبالِغٌ فِي النَّهيِ عنْهُ، أصلُهُ نهُويٌ كصَبُورٍ (فَشَاذٌّ) والقِياسُ ضيِّنٌ وحيَّةٌ، ونَهْيٌ بِقلْبِ ضمَّةِ الهاءِ كسْرةً (وَصُيّم وقيّم) (2)بِضمِّ الأوَّلِ وفتْحِ الثَّانِي بعيْنينِ مُشدّدتيْنِ كرُكَّعٍ جمْعا صائِمٍ وقائِمٍ (فَشَاذٌّ)؛ إذْ أصلُهُما صُوَّمٌ وقُوَّمٌ، والقِياسُ عَدَمُ الإِعلالِ لعَدَمِ المُقْتَضِي ،(وَقَوْلُهُ:
[أَلا طَرَقتَْنا مَيّةُ ابنةُ مُنْذِرٍ] *** فَمَا أَرَّقَ النُيّامَ إِلاّ سَلامُهَا)(3)
(أَشَذُّ) منْ صُوَّمٍ وقُوَّمٍ لكونِ الواوِ أبعدَ منَ الطَرْفِ، وأَرَّقَ كفَرَّحَ أيْقَظَ، والنُيَّامُ بضمِّ النُّونِ وتشْديدِ الياءِ جمْعُ نائِمٍ مفعُولُهُ أصلُهُ النُّوَّامُ، وهوَ القِياسُ فيْهِ.
(وَتُسَكَّنَانِ، وَتُنْقَلُ حَرَكَتُهُمَا فِي نَحْوِ: يَقُوْمُ، وَيَبِيْعُ)(4)إِلى مَا قبْلَهُما اتْباعًا للأصْلِ، وهوَ الماضِي معَ أنَّ القِياسَ أنْ لا تُعَلاّ إِذا سُكِّنَ مَا قبْلَهُما،
ص: 485
ويُشتَرطُ أنْ يكُونَ السَّاكنُ الذِي نُقلتِ الحَرَكةُ إِليْهِ مُتحرِّكًا فِي الأَصلِ لا كَقَالَ وقَوْلٍ، ولمْ يُعلاّ بِإِعلالِ الأصلِ (لِلَبْسِهِ بِبَابَ يَخَافُ) فإنَّ أوْزانَ الفِعْلِ إنَّما يعلمُ بِحَركَاتِ الْعيْنِ.
(وَمَفْعُل، وَمَفْعِلٌ) بضمِّ العيْنِ وكسْرِها (كَذَلِكَ) للاتباعِ كمَصُونٍ ومَبِيتٍ (وَمَفْعُولٌ كَذلِكَ) أيضًا (نَحْوُ: مَقُوْلٍ، وَمَبِيْعٍ) فالْتقَى السَّاكِنانِ (وَالْمَحْذُوفُ) منْهُما فِي الواويِّ (عِنْدَ سيبويهِ(1)) هوَ (وَاوُ مَفْعُولٍ)؛ لأنَّها المحْذُوفُ فِي اليائِي؛ لِثُبوتِ الياءِ بعدَ الإِعلالِ، ولوْ حَكَمَ بِأنَّ الياءَ فيهِ مُنقلبةٌ عنِ الواوِ لَزَمَ كثْرَةُ الإِعلالِ، فَكَذا فِي الواويِّ أوْ؛لأنَّ الأصلَ أَحْرى/152 بِالثُّبوتِ، وكونَهُ اسمَ مفعُولٍ يُعْلمُ منَ المِيمِ.
(وَعِنْدَ الأَخْفَشِ)(2)هوَ(الْعَيْنُ)؛ لِكثْرةِ حذفِها فِي سائِرِ الأمثلةِ (وَانْقَلَبَتْ وَاوُ مَفْعُولِ عِنْدَهُ) فِي اليائيِّ (يَاءً لِلْكَسْرَةِ) فإنَّ ضمَّةَ العيْنِ لمّا نُقلتْ إِلى الفَاءِ أُبدلتْ بِالكسْرَةِ لأجْلِ الياءِ قبْلَ حذْفِ الياءِ وبعْدَ حذْفِهَا؛ لالتِقاءِ السَّاكنينِ قُلبتِ الواوُ ياءً للكسْرةِ (فَخَالَفَا أَصْلَيْهِمَا) فإنَّ الأصلَ عنْدَ سيبويهِ فِي التِقاءِ السَّاكنيْنِ هوَ حذْفُ الأوَّلِ إِذا كَانَ حرْفَ مَدٍّ أوْ لينٍ وهُنا حَكَمَ بِحذفِ الثَّانِي،
ص: 486
ولعلَّ وجْهُهُ أنَّ الأوَّلَ يُحذَفُ إِذا لمْ يكُنِ الثَّانِي أيضًا حرْفَ مدٍّ أوْ لِينٍ وأمّا إنْ كَانَ وكانَ الإِعلالُ علَى تقْديرِ حَذْفِ الثَّانِي أقلُّ فَلا(1).
وَعِندَ الأَخفَشِ هوَ أنَّ الياءَ السَّاكنةَ تُقلبُ واوًا؛ لانْضِمامِ مَا قبْلَها، وإنْ كانَتْ مِمّا تبْقَى، وهُنا حَكَمَ بِقلْبِ الضمَّةِ كسْرةً لأجْلِ الياءِ معَ كوْنِها مِمّا يُحذَفُ، ولعلَّ وجْهَهُ أنَّ الأمرَ كك(2) إنْ لمْ يلْزمِ اشْتباهٌ وإنْ لَزمَ فَلا(3).
(وَشَذَّ مَشِيْبٌ)(4)منَ الشَّوْبِ (وَمَهُوْبٌ)(5)من الهيْبَةِ، والقِياسُ مَشُوبٌ، ومَهِيْبٌ (وَكَثُرَ نَحْوُ: مَبْيُوعٍ)(6) أي: إثباتُ الياءِ فِي اليائيِّ، وذلِكَ رأيُ بنِي تميم(7)(وَقَلَّ(8) مَصُوونٌ) لمَا مرَّ أنَّ الواويْنِ أثْقلُ منَ الواوِ والياءِ، ومَنَعَ سيبويهِ(9) مَجِيئَهُ، وحَكَى الكِسائيُّ(10) خاتَمٌ مَصُووغٌ، وقالَ الْجوهريُّ(11) لمْ تجيءْ إلاّ
ص: 487
حرْفانِ: ثَوْبٌ مَصُوونٌ، ومِسْكٌ مدُووفٌ أي: مبْلُولٌ، وقوْلٌ مقُوولٌ كفَرَس مقُوودٌ ضَعيفٌ.
(وَتُحْذَفَانِ فِي نَحْوِ: قُلْتُ، وَبِعْتُ، وَقُلْنَ، وبِعْنَ)؛ لالتِقاءِ السَّاكنيْنِ (وَيُكْسَرُ الأَوَّلُ) أي: الفاءُ (إِنْ كَانَتِ الْعيْنُ يَاءً)؛ ليدُلَّ عليْهَا (أَوْ وَاوًا مَكْسُورَةً)؛ لِيدُلَّ علَى أنَّها مكسُورةٌ وإنَّ الفِعْلَ منْ بابِ عَلِمَ (وَيُضَمُّ فِي غَيْرِهِ) ك-(بُعْتُ وخُفْتُ وقُلْتُ)(1).
(وَلَمْ يَفْعَلُوهُ) أي: لمْ يكْسُروا الفَاءَ (فِي لَسْتُ)(2)معَ أنَّ (ليْسَ) يائيٌّ مُخفَّفُ (لَيِسَ) كعَلِمَ ففيْهِ سَبَبانِ لكسْرِ الفَاءِ (لِشِبْهِ(3)الْحَرْفِ) فِي العَمَلِ فَلا يَتَصَّرفُ فيْهِ كمَا لا تتَصرَّفُ فيْهِ كمَا تَرَى فِي لَيْتَ.
(وَمِنْ ثَمَّ) أي: منْ أجْلِ أنَّهُ كالحرْفِ( سَكّنُوا الْيَاءَ) المكْسُورةَ (فِي لَيِسَ) كعَلِمَ، ولمْ يقْلِبوهَا ألِفًا للتَّخفِيفِ ك-(هَابَ)/153، وإنَّما قُلنَا: منْ بَابِ عَلِمَ؛ لأنَّ عيْنَ الفِعْلِ لا يجُوزُ سُكونُها أصَالةً، وفَعَلَ بفتْحِ العيْنِ(4)لا يتغيَّرُ بأنْ تُسكَّنَ عيْنُهُ، وبِضمِّها شاذٌّ، ومرَّ فِي صدْرِ الكِتابِ أنَّ فَعِلَ بالكسْرِ يجُوزُ إسْكانُ عيْنِهِ.
(وَفِي(5)قُلْ وَبِعْ) أي: ويُحْذفانِ فيْهِمَا وفِي سائِرِ المجْزُوماتِ (لأَنَّهُ) أي: قُلْ وبِعْ علَى التَّرْتيبِ مُنْتزَعٌ (عَنْ تَقُولُ، وَتَبِيعُ) فتُحذَفانِ بعْدَ نقْلِ حرَكَتِهِمَا
ص: 488
إِلى ما قبْلَهُما؛ لالْتِقَاءِ السَّاكِنيْنِ (وَفِي الإِقَامَةِ، وَالاسْتِقَامَةِ)؛ لأنَّهُما تُقلبَانِ ألِفًا تَبَعًا لأَقَامَ واسْتَقامَ كمَا مرَّ فتُحْذَفانِ؛ لالتِقاءِ السَّاكنيْنِ، هَذا عنْدَ الأَخْفشِ(1)وهوَ المُختارُ عِنْدَهُ، وعِنْدَ الْخَليلِ وسِيبويْه(2)المَحذُوفَةُ هِي الزَّائِدةُ كواوِ مفْعُولٍ.
(وَيَجُوزَ الْحَذْفُ) حذْفُ العيْنِ (فِي نَحْوِ سَيِّدٍ، وَمَيِّتٍ، وَكَيِّنُونَةٍ، وَقَيِّلُولَةٍ) بتشْديدِ الياءاتِ فتُخفَّفُ(3) إِلاّ أنَّهُ فِي الأَخِيرينِ لازِمٌ إِلاّ فِي ضَرورةِ الشِّعرِ(4) بِخِلافِ الأوَّلينِ.
(وَفِي بَابِ قِيْلَ، وَبِيْعَ ثَلاثُ لُغَاتٍ: الْيَاءُ، وَالإِشْمَامُ، وَالْوَاوُ) أمّا الأوّلُ: فلأنّهُ الأصْلُ فِي بِيعَ فكَسرُوا الفَاءَ لِتسْلَمَ العيْنُ، وحُمِلَ قِيلَ عليْهِ، وأمّا الثَّانِي: فَللإيماءِ إِلى كونِهِ مجْهولاً مضمومَ الفَاءِ فِي الأصْلِ معَ رِعايةِ اليَاءِ أيضًا، وكَذا قِيْل، وأمّا الثَّالثُ: وهوَ مُختارُ الأخْفشِ فلأنَّهُ الأصلُ فِي قَوَلَ فُحمِلَ بُوَعَ عليْهِ(5).
(فَإِنِ اتَّصَلَ بِهِ) ببَابِ قِيْلَ وبِيْعَ (مَا يُسَكِّنُ لامَهُ) وعيْنُهُ محْذوفَةٌ؛ لالتِقاءِ السَّاكنيْنِ (نَحَوُ: بُعْتَ يَا عَبْدُ، وَقُلْتَ يَا قَوْلُ) أي: كَانَ قَرينَةً علَى كونِهِ
ص: 489
مجْهُولاً (فَالْكَسْرُ) فِي الأوَّلِ (والإِشْمَامُ) فِي الأوَّلِ والثَّانِي (وَالضَّمُّ) فِي الثَّانِي؛ لسُقوطِ مُوجِبِ الكسْرَةِ وهُوَ اليَاءُ(1).
(وَبَابُ انْقِيْدَ، وَاخْتِيْرَ مِثْلُهُ(2)) مِثلُ بابِ قِيْلَ وبِيْعَ فِي جَوازِ ثَلاثِ لُغاتٍ فيْهِ، اليَاءُ، والإِشْمامُ، وَالواوُ(3)(فِيْهِمَا) فِي اليائيِّ والواويِّ؛ إذْ تِيْرَ و قِيْدَ كبِيْعَ وقِيْلَ بِلا فرْقٍ (بِخِلافِ بَابِ أُقِيمَ، واسْتُقِيمَ)(4)فإِنَّ حُكمَهُ حُكمُ يُقيمُ ويسْتقِيمُ؛ لسُكونِ مَا قبْلَهُما فِي الأصلِ ففيْهِما الكسْرُ لا غيرَ.
(وَشَرْطُ إِعْلالِ الْعَيْنِ فِي الاسْمِ غَيْرِ الثُّلاثيِّ، وَالْجَارِي عَلَى الْفِعْلِ) كَالمصْدَرِ واسْمَي الفَاعِلِ والمفعُولِ (مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ) سَابِقًا هوَ (مُوَافَقَةُ الْفِعْلِ حَرَكَةً، وَسُكُونًا)؛ لأَصالةِ الفِعْلِ/154 فِي الإِعْلالِ (مَعَ مُخَالَفَتِهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ بِنْيَةٍ مَخْصُوصَتَيْنِ بِهِ)(5)؛ لِئلاّ يلْتَبِسَ بِهِ بعْدَ الإِعلالِ، وأمَّا فِي الثُّلاثيِّ كبَابٍ ونَابٍ، والجارِي عليْهِ كإِقامَةٍ، ومُقيْمٍ ومَقامٍ، وبايِعٍ ومبِيعٍ ونحوِهَا فَلا (فَلِذَلِكَ لَوْ بَنَيْتَ مِنَ الْبَيْعِ مِثْلَ مَضْرِبٍ) بفتْحِ الأوَّلِ وكسْرِ الثَّالثِ (وتِحْلِئٍ)(6)بكسْرِ الأوَّلِ
ص: 490
والثَّالثِ وسُكونِ الثَّانِي (قُلْتَ مَبِيْعٌ، وَتِبِيْعٌ مُعَلاًّ)(1)؛ لِمُوافََقتِهِمَا للفِعْلِ حَركةً وسُكونًا؛ إذِ الأوَّلُ ك-(تَضْرِبُ)، والثَّانِي ك-(اضْرِبْ) فِي الحرَكَةِ والسُّكونِ، والأوَّلُ يُخالِفُ الفِعْلَ فِي زِيادةِ المِيْمِ فِي أوّلِهِ، والثَّانِي فِي البِنْيةِ المخْصُوصةِ وهيَ تِفعِلٌ بكسْرِ التَّاءِ والعيْنِ (وَمِثَلَ تَضْرِبُ) أي: لوْ بَنَيْتَ منهُ مثلَ تَضرِبُ بفتحِ التَّاءِ وكسْرِ الرَّاءِ (قُلْتَ تَبْيِعٌ) بِسُكونِ الثَّانِي وكسْرِ الثَّالثِ (مُصَحَّحًا) لا تِبْيِعٌ بالعكْسِ؛ إِذْ لا مُخالَفَةَ أَصْلاً فَالتَبَسَ بِهِ.
(الْلامُ)أيْ: لامُ الكَلِمَةِ إنْ كانَتْ حَرْفَ عِلَّةٍ (تُقْلَبَانِ أَلِفًا إِذَا تَحَرَّكَتَا) بأيِّ حَرَكةٍ كَانَتْ (وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهُمَا) سَواءٌ كانَتْ فِي الفِعْلِ أوْ فِي الاسْمِ الجَارِي عليْهِ أوِ المُوازِنِ لهُ لا لأنَّ الْلامَ مَحَلُّ التَّغْييرِ تؤثِّرُ العِلَّةُ الضَّعيْفةُ فيْها بِخِلافِ العيْنِ هَذا (إِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهَا مُوجِبٌ لِلْفَتْحِ)(2) أي: لِفتْحِهِمَا، وإنْ كَانَ فَلا تُقلَبانِ (كَغَزَا، وَرَمَى) مِثالٌ لِلفعْلِ الماضِي واويًّا ويائيًّا (وَيَقْوَى، وَيَحْيَى) لِلفعْلِ المُضارِعِ (وَعَصًا، وَرَحًى) لِلاسْمِ (بِخِلافِ غَزَوْتُ، وَرَمَيْتُ، وَغَزَوْنَا، وَرَمَيْنَا، وَيَخْشَيْنَ، وَيَأْبَيْنَ(3)) جمْعَي المؤنَّثِ؛ لِعَدمِ تحرُّكِها فيْهَا بِخِلافِ المُفردَةِ المُخَاطَبَةِ(4)(وَ) بِخِلافِ (غَزْوٍ، وَرَمْيٍ) مصْدَريْنِ؛ لِعَدمِ تحرُّكِ مَا قبْلَهُما (وَبِخِلافِ غَزَوَا، وَرَمَيَا، وَعَصَوَانِ، وَرَحَيَانِ)(5) معَ تحَرُّكِهِمَا وانْفِتاحِ مَا قبْلَهُمَا
ص: 491
(لِلإِلْبَاسِ) فإنَّ القلْبَ فيْهَا مُوجِبٌ للحذْفِ وهوَ لِلالْتِباسِ بِالمُفْردِ، وذلِكَ فِي الأوَّلييْنِ ظاهِرٌ وفِي الأَخيريْنِ عنْدَ الإِضَافَةِ، والألِفُ هوَ المُوجِبُ لِلفتْحِ وإنَّما جِيءَ بِحرْفِ العطْفِ فِي (غَزْوٍ، وَرَمْيٍ) بِخِلافِ تلكَ الأمْثِلةِ؛ لأنَّ تحرُّكَهَا وانْفِتاحَ مَا قبْلَهُما منْ بِناءِ الكَلِمَةِ بِخِلافِ مُوجِبِ الفتْحِ؛ ولِذا فَصَلهُ/155عنْهُما، وفَصّلَ مَا يتفرَّعَُ عليْهِ عمَّا يتفرَّعُ عليْهِمَا.
(وَاخْشَيَا نَحْوُهُ) فِي عَدَمِ قَلْبِ لامِهِ ألِفًا مَعَ تحرُّكِهَا وانْفِتاحِ مَا قبْلَها لكنْ لا للإِلبَاسِ بلْ؛ (لأَنَّهُ مِنْ بَابِ لَنْ تَخْشَيَا(1))؛ إِذِ الأمْرُ مأْخُوذٌ منَ المُضارِعِ، والياءُ فيْهِ لوْ تُقلَبُ وتحْذَفُ بَقِيَ لنْ يخْشَى، ولمْ يبْقَ فَرْقٌ بيْنَ المُفرَدِ والتَّثْنِيةِ (وَاخْشَيَنَّ) لِلمُفردِ المُذكَّرِ أيْضًا نحوَهُ؛ (لِشِبْهِهِ بِذَلِكَ) الذِي هوَ نحْوُهُ أي: اخْشَيَا أوْ الذِي هُوَ مِنْ بابِهِ أي: لنْ تخْشَيَا إذِ النُّونُ فيْهِ كَالألِفِ فيْهِ فِي وُجُوبِ فتْحِ مَا قبْلَها (بِخِلافِ اخْشَوا) لِلجمْعِ المذكَّرِ الحَاضِرِ (وَاخْشَوُنَّ) لَهُ مُؤكَّدًا بالنُّونِ الثَّقيلةِ (وَاخْشَي) بفتْحِ الشِّينِ لِلمُفْردةِ المُخاطَبَةِ (وَاخْشَيِنَّ) لهَا مُؤكَّدًا بِهَا؛ فإنَّها ليْستْ نحوهُ، تُقلَبُ لامُهَا ألِفًا وتُحذَفُ؛ إِذْ لا مانِعَ فيْهَا، وضُمَّتِ الواوُ فِي اخْشَوُنَّ، وكُسِرتِ الياءُ فِي اخْشُنَّ؛ لالتِقاءِ السَّاكنَيْنِ، ولا تُحْذفَانِ لكونِهَا – أيْ النُّونُ – كلِمَةً بِرَأْسِهَا.
(وَتُقْلَبُ الْوَاوُ يَاءً) تخْفِيفًا (إِذَا وَقَعَتْ) ثالِثةً (مَكْسُورًا مَا قَبْلَهَا) وإنْ وَقَعَتْ فِي حُكمِ الوَسَطِ بأنْ يلْحَقَ الكَلِمةَ حرفٌ لازِمٌ كغَزَيانِ (أَوْ رَابِعَةً فَصَاعِدًا، وَلَمْ يَنْضَمَّ مَا قَبْلَهَا) ولم يجز قلبها ألفاً إمّا لسكونها كأغزيت أو للإلباس كيرضيان جزماً ولم يصرْ كالوسَطِ كذَرَوانِ (كَدُعِيَ، وَرَضِيَ) الأوّلُ علَى صِيغةِ المجْهُول، مِثالانِ للشَّقِّ الأوّلِ، الأَوّلُ لِمَا كانتِ الكسْرةُ عارِضيَّةً؛ فإنَّ أصلَهُ
ص: 492
المعلُومُ والثَّانِي أصليَّةٌ (وَالْغَازِي، وَأَغْزَيْتُ، وَتَغَزَّيْتُ، وَاسْتَغْزَيْتُ، وَيُغْزَيَانِ، ويَرْضَيَانِ) أمثلِةٌ للشِّقِّ الثَّانِي اسْمًا كانَ أوْ فِعْلاً رابِعةً أوْ خَامِسةً أوْ سادِسةً، مكْسُورًا مَا قبْلَها أوْ مفْتُوحًا عَارِضيَّةً أوْ أصليّةً.
(بِخِلافِ يَدْعُو، وَيَغْزُو)؛ لانْضِمامِ مَا قبْلَها فيْهِمَا.
(وقِنْيَةٌ)(1)علَى تقْديرِ كوْنِهِ واويًّا فِي الأصْلِ (وَهْوَ ابْنُ عَمِّي دِنْيًا)(2) أي: قريبًا منَ الدُّنوِّ (شَاذٌّ)؛ لسُكونِ مَا قبْلَهُما، والقِياسُ قِنْوةٌ ودِنْوا.
(وَطَيِّءُ تَقْلِبُ الْيَاءَ فِي بَابِ رَضِيَ، وَبقِيَ، وَدُعِيَ أَلِفًا)(3)؛ لاسْتثْقالِهِمِ الكسْرةَ قبْلَ الياءِ فقَلَبُوهَا فتْحةً، والياءَ ألِفًا، وذلِكَ مَخْصوصٌ بالأفعَالِ(4) بِخِلافِ نَحْوِ قَاضِي، والأَوَّلُ مِثالٌ للياءِ المُنقلبَةِ عنِ الواوِ، والثَّانِي للأصليَّةِ، والثَّالِثُ للكسْرةِ العَارضَةِ، وحُكِيَ عنهُمْ نَاصَاةٌ فِي نَاصِيَةٍ(5).
ص: 493
(وَتُقْلَبُ الْوَاوُ) الواقِعةُ (طَرَفًا بَعْدَ ضَمَّةٍ) أصليَّةٍ لازِمةٍ/156(فِي كُلِّ) اسْمٍ (مُتَمَكِّنٍ يَاءً) تخْفِيفًا بِخِلافِ نَحْوِ: يَغْزُو، وهُوَ، وذُو(1)، وبِخِلافِ نَحوِ: خُطُواتٍ بضمِّ الطَّاءِ فإنَّها قدْ تُسكَّنُ، وكَذا أبُوك ونحوِهِ(2)(فَتَنْقَلِبُ الضَّمَّةُ كَسْرَةً) للياءِ (كَمَا انْقَلَبَتْ فِي التَّرَامِي، وَالتَّجَارِي فَتَصِيرُ مِنْ بَابِ قَاضٍ مِثْلُ أَدْلٍ، وَقَلَنْسٍ) الأوَّلُ: جمْعُ دَلْوٍ، أصلُهُ أَدْلُوٌ كأَبْحُرٍ صَارَ بعْدَ القلْبِ والإِبدالِ يُقالُ: هَذهِ أَدْلٍ، ورأَيْتُ أَدْلِيًا، ومررْتُ بِأَدْلٍ(3)، والثَّانِي: اسْمُ جِنْسٍ لِقَلَنْسَوة كتمْرٍ، تمرةٌ، أصلُهُ قَلَنْسوٌ صَارَ بعْدَها قَلَنْس(4)،
يُقالُ هَذهِ قَلَنْسٌ، ورَأَيْتُ قَلَنْسِيًا، ومَرَرْتُ بِقَلَنْسٍ (بِخِلافِ قَلَنْسُوةٍ، وَقَمَحْدُوَةٍ) وهيَ مَا خَلْفَ الرَّأسِ(5)؛ لِعَدَمِ تطرُّفِها.
قالَ الش الرضيُّ "رض" : وفِي حُكْمِ الطَّرفِ: بأنْ يأْتِي بعْدَها حَرْفُ غيْرُ لازِمٍ كتَاءِ التَّأنِيثِ غيْرِ لازِمَةٍ نحوُ: التّغازِيةِ أوِ ألِفِ تثْنِيةٍ كالتَّغازِيانِ فِي مُثنَّى التَّغازِي(6).
(وَبِخِلافِ الْعَيْنِ) فإِنَّها إنْ كانَتْ واوًا بعْدَ ضمَّةٍ لمْ تُقْلبْ ياءً (كَالْقُوَبَاءِ، والخُيَلاءِ)، بفتْحِ حرْفِ العِلَّةِ وضمِّ مَا قبْلَهُ فيْهِمَا، والأوَّلُ: دَاءٌ(7) والثَّانِي:
ص: 494
الكِبَرُ(1)، وإنَّما ذَكَرَ الثَّانِي معَ أنَّ الكَلامَ فِي الواوِ المضْمُومِ مَا قَبْلَهَا؛ لأنَّ اليَاءَ أيْضًا كَالواوِ فِي وُجُوبِ قَلْبِ ضمَّةِ مَا قبْلَها كَسْرةً(2).
(وَلا أَثَرَ لِلْمَدَّةِ الْفَاصِلَةِ) بيْنَ الواوِ والضمَّةِ (فِي الْجَمْعِ) وهيَ فيْهِ كالْعَدَمِ (إِلاَّ فِي الإِعْرَابِ نَحْوُ: عُتِيٍّ، وَجُثِيٍّ)(3) بِالضمِّ والكسْرِ والتَّشديدِ فيْهِمَا، جمْعُ عاةٍ وجَاثٍ، والأَصْلُ عُتُوو، وجُثُوو كقُعُودٍ قُلِبتِ الواوُ الأَخيرةُ ياءً؛ لضمَّةِ مَا قبْلَ الواوِ الأُولَى؛ إِذْ لا أَثَرَ لِلمدَّةِ الفَاصِلَةِ كمَا سَمِعْتَ الآنَ فاجْتَمَعَتِ الواوُ واليَاءُ، والسَّابِقةُ السَّاكِنةُ تُقلَبُ ياءً وأُدْغِمتْ فِي اليَاءِ فَقُلبتِ الضمَّةُ كسْرةً(4)، تقُولُ: جَاءَنِي عُتِيٌّ، ورَأَيْتُ عُتِيًّا، ومَرَرْتُ بِِعُتِيٍّ بِالجرِّ لا كَقاضٍ؛ لتَأْثِيرِ المدَّةِ الفَاصِلَةِ فِي الإِعْرابِ، وكَذا جُثيٌّ والجَاثِي: الجالِسُ علَى الرُّكْبَتيْنِ(5)(بِخِلافِ الْمُفْرَدِ(6)) فإنَّها فيْهِ مُؤثِّرةٌ فِي عَدَمِ القلْبِ؛ لِخفَّتِهِ بِالنِّسبةِ إِلى الجمْعِ نحوُ (عُتُوّاً كَبِيراً)الفرقان/21، فإنَّه مصدرٌ علَى فُعُولٍ.
ص: 495
(وَقَدْ تُكْسَرُ الْفَاءُ لِلاتْبَاعِ، فَيُقَالُ: عِتيٌّ، وَجِثيٌّ) بكسْرِ الأوّلِ منْهُما تَبَعًا لِكسْرةِ العيْنِ.
(وَنَحْوُ نُحُوٍّ) كقُبُوٍّ جمْعُ نَحْوٍ(1)(شَاذٌّ) والقِياسُ الياءُ.
(وَقَدْ جَاءَ نَحْوُ: مَعْدِيٍّ، وَمَغْزِيٍّ كَثِيْرًا)(2)وهُما واويَّانِ اسْما مفْعُولٍ منَ العُدوانِ/157والغزْوِ (وَالْقِيَاسُ الْوَاوُ)؛ لِكوْنِهِمَا مُفرديْنِ، ونحوُ: مَرْضِيٍّ أكثَرُ منْ مرْضُوٍّ اتْباعًا لِلْماضِي.
(وَتُقْلَبَانِ هَمْزَةً إِذَا وَقَعَتَا طَرَفًا بَعْدَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ نَحْوُ: كِسَاءٍ وَرِدَاءٍ) والأصلُ كِسَاو ورِدَاي، قُلبتِ الواوُ واليَاءُ ألِفًا؛ لتحرُّكِهِمَا وانْفِتاحِ مَا قبْلَهُما أمّا لِعَدمِ تأْثِيرِ الألِفِ أوْ لِكونِها كالْفَتْحةِ فالْتَقَى السَّاكِنانِ فَحرَّكُوا الثَّانيةَ وصيَّرُوها همْزةً، ولمْ يحْذِفُوها؛ لِئلاّ يلتَبِسَ بنَأَى ينْأَى منْ بابِ مَنَعَ(3)(بِخِلافِ رايٍ(4)وَثَايٍ) اسمُ جنْسِ رايةٍ، وهيَ العَلَمُ وثَايَةٍ بالثَّاءِ المُثلَّثةِ، وهِيَ مأْوَى الإِبِل والغَنَمِ(5)؛ فإِنَّ الألِفَ
ص: 496
فيْهِمَا مُنْقَلِبةٌ عنِ الواوِ الأصليَّةِ فليْستْ زائِدةً، وأيْضًا لوِ انْقَلَبتْ ياؤُهُما همْزةً لَزَمَ الإِعلالانِ فِي كَلِمَةً(1).
(وَيُعْتَدُّ بِتَاءِ التَّأْنِيْثِ قِيَاسًا) فإِنْ وَقَعَتْ بعْدَهُما لا يكُونَا طَرَفينِ بِشرْطِ لُزومِهَا بِخِلافِ مَا إِذا كَانَتْ فَارِقةً بيْنَ المُذكَّرِ والمُؤنَّثِ فِي الصِّفاتِ كسَقَّاءَةٍ بتَشْديدِ القافِ، مُؤنَّثُ سَقّاءٍ (نَحْوُ: شَقَاوَةٍ، وَسِقَايَةٍ) مصدرُ شَقَى وسَقَى، فَلا يُقالُ شقَاءَةٌ وسِقَاءةٌ بالهمْزةِ، وكَذا ألِفُ التَّثنِيةِ إنْ كانتْ لازِمةً كالثَّنايانِ(2) لعِقَالِ البَعِيرِ(3).
(وَنَحْوُ صَلاءَةٍ) حَجَرٌ(4) (وَعَظَاءَةٍ) بالظاءِ المُعْجمةِ بعْدَ العيْنِ، دُويْبَةٌ(5) (وَعَبَاءَةٍ) ضَرْبٌ منَ الأكْيِسةِ(6) (شَاذٌّ) والقِياسُ الياءُ؛ لِكثْرةِ لُزومِ تَاءِ الوحْدةِ فِي المَصَادِرِ، وقدْ يجيءُ بالياءِ ولعلَّ اللُزومَ غيْرُ مَرْضيٍّ عندَ منَ أَعلَّهَا(7).
والياءُ واوًا؛ ليحْصُلَ التَّعْديلِ بفتْحِ الأوّلِ وواوِ الآخِرِ (بِخِلافِ الصِّفَةِ نَحْوُ صَدْيَا)(1)مُؤنَّثُ صَدْيَانٍ (وَرَيَّا) مُؤنَّثُ رَيَّانٍ فرْقًا بيْنَ الاسْمِ والصِّفةِ ولمْ يعكسْ؛ لأنَّ الاسمَ لِخِفَّتهِ بالنِّسبةِ إِلى الصِّفةِ أوْلَى بِالتَّغييرِ أوْ لأنَّ الاسْمَ أقْدمُ(2) فَعَدلَ، ولمَا وَصَلَ إِلى الصِّفةِ قُلبتْ بِلا قَلْبٍ للفَرْقِ.
(وَتُقْلَبُ الْوَاوُ يَاءً فِي فُعْلَى) بالضمِّ (اسْمًا كَالدُّنْيَا، وَالْعُلْيَا) مؤنَّثُ الأدْنى، والأعْلى منَ الدُّنوِّ والعُلوِّ؛ لِتحْصِيلِ التَّعديلِ كمَا ذُكِرَ، وإنَّما حَكَمَ سيبويهِ(3) بأنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الأسماءِ؛ لأنَّهُما لا يَقَعانِ وصْفًا إِلاّ حَالةَ التَّعريْفِ، ولا يُقالُ دارُ دُنْيَا، فخَرَجتْ عنِ الوصْفيَّةِ الصِّرْفةِ وصَارَتْ كالأسماءِ.
(وَشَذَّ(4)الْقُصْوَى) مؤنَّثُ أقْصَى (وَحُزْوَى) بِالحَاءِ المضْمُومةِ والزَّاءِ المُعجمةِ السَّاكنَةِ، موْضِعٌ(5)، والقِياسُ الياءُ (بِخِلافِ الصِّفَةِ) المَحْضةِ (كَالْغُزْوَى) مُؤنَّثُ الأَغْزَى فإنَّ واوَهَا لا تُقْلَبُ ياءً، قالَ الش الرضيُّ "رض" :
ص: 498
فَعَلى مذْهبِ سيبويهِ الغُزْوَى وكُلُّ مُؤنَّثٍ لأفعلِ التَّفضيلِ/158لامُهُ واوٌ، قِياسُهُ الياءُ؛ لجرْيِها مجْرى الأَسْماءِ(1).
(وَلَمْ يُفْرَقْ فِي فَعْلَى) بالفتْحِ (مِنَ الْوَاوِ) بيْنَ الاسْمِ والصِّفةِ فَلا تُقلبُ واوُها يَاءً لا فِي الاسْمِ (نَحْوُ: دَعْوَى وَ)لا فِي الصِّفةِ نحوُ (شَهْوَى)(2)؛ لِحُصولِ الاعْتِدالِ بِخفَّةِ الفتْحةِ وثقَلِ الواوِ (وَلا فِي فُعْلَى) بِالضمِّ (مِنَ الْيَاءِ) بينَهُما فَلا تُقلبُ ياؤُها واوًا لا فِي الاسْمِ ولا فِي الصِّفةِ (نَحْوُ: الْفُتْيَا، وَالْقُضْيَا)(3)؛ لِحُصولِ الاعْتدَالِ بِثِقَلِ الضمَّةِ وخِفَّةِ الياءِ، وفِعْلَى بِالكسْرِ لا تُقلبُ واوُهُ ياءً، ولا ياؤُهُ واوًا لا فِي الاسْمِ ولا فِي الصِّفةِ؛ لأنَّ الكسرةَ ليْستْ ثقِيلةً كالضمَّةِ وَلا خَفِيفةً كالفتْحةِ فحَصَلَ لَهَا اعْتِدالٌ معَ الواوِ والياءِ.
(وَتُقْلَبُ الْيَاءُ إِذَا وَقَعَتْ بَعْدَ هَمْزَةٍ) وَقَعَتْ (بَعْدَ أَلِفٍ) كَائِنَةٍ (فِي بَابِ مَسَاجِدَ) لا مَصَابِيحَ (وَلَيْسَ مُفْرَدُهَا كَذَلِكَ أَلِفًا) أي: تُقْلبُ الياءُ ألفًا فِي مِثْلِ هَذا الموْضِعِ تخْفِيفًا بِشْرطِ أنْ لا يكُونَ فِي مُفْرَدِهِ، واقِعةً بعْدَ همْزةِ بعْدَ ألِفٍ (وَالْهَمْزَةُ) أي: وتقلبُ الهمْزةُ فيهِ (يَاءَ)؛ لانْكِسارِ مَا قبْلَها (نَحْوُ: مَطَايَا، وَرَكَايَا)(4)جمْعُ رَكْيةٍ فِي الأَصْلِ رَكَيْوَةٌ، يُقالُ: رَكَوْتُ البِئْرَ إِذَا أَصْلَحْتُها.
ص: 499
(وَخَطَايَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ) فيهِ قَولُ الخَليلِ، وقوْلُ سيبويهِ(1) كمَا مرَّ بيَانُهُ فِي تخْفِيفِ الهمْزةِ (وَصَلايَا جَمْعِ الْمَهْمُوزِ، وَغَيْرِهِ) غيرِ المهْمُوزِ، أي: صَلاءَةٌ وصَلايَةٌ؛ فإِنَّ صَلاءَةً إِذا جُمِعَ هَذا الْجمْعُ صَارَ صَلايِئ بِالياءِ ثُمَّ الهمْزةِ، وبعْدَ إِعْلالِهِ كصَحَائِفَ صَارَ صَلائِئ بِالهمْزتيْنِ، وبعْدَ إِعلالِ صَحَائِفَ أُعلَّ إِعْلالُ المذْكورِ.
(وَشَوَايَا جَمْعِ شَاوِيَةٍ)(2)اسمُ فاعِلٍ منْ شَوَى، أصلُهُ شَواوَى قُلِبتِ الواوُ الثَّانيةُ همزَةً كأَوائِلَ، فَوَقَعتِ اليَاءُ بعْدَ همْزةٍ واقِعةً بعْدَ ألِفِ مَسَاجِدَ فَأُعِلَّ إِعلالُ المذْكُورِ، ولمْ تُقلبْ واوُ شَاوِيةٍ همزةً؛ لأنَّهَا لمْ تُعلَّ فِي فعْلِهَا، وهوَ شَوَى.
(بِخِلافِ شَوَاءٍ جَمْعِ شَائِيَةٍ مِنْ شَأَوْتُ)(3)مهمُوزُ العيْنِ مُعتلُّ اللامِ بِمعْنَى سَبَقَتْ؛ فإنَّ الياءَ فِي الجمْعِ، وهوَ شَواءَي بالهمْزةِ ثُمَّ الياءِ، وإنْ كانتْ واقِعَةً بعْدَ همْزةٍ بعدَ ألِفِ مسَاجِدَ، ويلْزَمُ قلْبُها ألِفًا إِلاَّ فِي مُفرَدِهَا أيْضًا كك فلمْ تُقلبْ بلْ أُعِلَّ إِعْلالُ قَاضٍ.
(وَبِخِلافِ شَوَاءٍ، وَجَوَاءٍ جَمْعَي شَائِيَةٍ، وَجَائِيَةٍ)(4) مُعتليُّ العيْنينِ مهموزيُّ اللاميْنِ منْ شَاءَ/159 يَشَاءُ، وجَاءَ يَجِيءُ فإنَّ اليَاءَ فيْهِمَا لا تُقْلبُ ألِفًا (عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيْهِمَا)، لأنَّ أَصلَهُمَا شَوايِئ وجَوايِئ بِالياءِ، ثُمَّ الهمزةِ قُلبَتْ ياؤُهُ
ص: 500
موضِعَ لامِهِ عنْدَ الخَليلِ، وأَعِلَّ إِعلالُ أوائِلَ، وقُلِبتْ همْزتُهُ الثَّانيةُ ياءً عندَ سيبويهِ؛ لكسْرَةِ مَا قَبْلَهَا فَصَارَ شَواءَي بِالهمْزَةِ ثُمَّ الياءِ، وعَلَى أيِّ تقْدِيرٍ وَقَعَتِ الياءُ بعْدَ همْزَةٍ بعْدَ ألِفِ بَابِ مَسَاجِدَ، وإنَّما لمْ تُقلَبِ الياءُ فيْهِمَا ألِفًا؛ لأنَّ مُفردَهُمَا فِي الأصْلِ شايِئَةٌ، وجَايِئَةٌ بِاليَاءِ ثُمَّ الهمْزَةِ فَأُعلَّ إِعْلالُ بائِعٍ فَصَارا شاءَءَ، وجَاءَء(1)بِالهمْزتيْنِ تُقلبُ الأخِيرةُ منْهُما ياءً؛ لانْكِسارِ مَا قبْلَها، فَوَقعتِ الياءُ فيهِ أيْضًا بعْدَ همْزَةٍ واقِعَةٍ بعْدَ الألِفِ.
(وَقَدْ جَاءَ أَدَاوَى، وَعَلاوَى، وَهَرَاوَى) جمْعُ إِداوَةٍ، وهِيَ المِطْهَرةُ(2)، وعَلاوَةٌ وهِيَ مَا يُعلَّقُ عَلَى البَعِيرِ بعْدِ حِمْلِهِ(3)، وهُرَاوَةٌ وهِي العَصَا(4)، والقِياسُ أَدَايَا، وعَلايَا، وهَرَايَا، أصلُها أَدَايِو، وعَلايِو، وهِرايِو كرسايلَ فِي رِسالةٍ قُلبتِ الواوُ ياءً؛ لانْكسَارِ مَا قبْلَهَا، والياءُ الأُولى همْزةً كمَا فِي صَحائِفَ، وخَالَفُوا تلْكَ القَاعدةَ ووَضَعُوا الواوَ مكانَ الهمْزةِ وقَلَبُوا الياءَ أَلِفًاً تَخْفِيفًا (مُرَاعَاةً لِلْمُفْرَدِ) تطْبِيقًا لهُ فِي وُقُوعِ الواوِ بعْدَ الألِفِ فيْهِ.
(وَتُسَكَّنَانِ) أي: الواوُ واليَاءُ (فِي بَابِ يَغْزُو، وَيَرْمِي مَرْفُوعَيْنِ) دُونَ يَرْضَى وَيَخْشَى (وَفِي(5)الْغَازِي، وَالرَّامِي مَرْفُوعًا، وَمَجْرُورًا) معرَّفيْنِ بِاللامِ أوْ
ص: 501
بِالإِضَافةِ؛ لِرفْعِ ثِقَلِهِمَا عليْهِمَا لا منْصُوبًا نحوَ: لنْ يغْزُو، ورأَيْتُ الغَازِي، وتُقلَبُ الواوُ فِي الاسْمِ ياءً؛ لانْكِسارِ مَا قبْلَها بِخِلافِ الفِعْلِ لِعَدَمهِ فيْهِ.
(وَالتَّحْرِيْكُ فِي الرَّفِعِ، وَالْجَرِّ فِي الْيَاءِ شَاذٌّ) والثَّانِي مُخْتصٌّ بِالاسْمِ بِخِلافِ الأوّلِ، (كَالسُّكُونِ فِي النَّصْبِ وَالإِثْبَاتِ فَيْهِمَا) فِي الواوِ وَالياءِ (وَفِي الأَلِفِ فِي الْجَزْمِ) والِقِياسُ فِي اليَاءِ رفْعًا وَجَرًّا السُّكونُ، وكَذا فِي واوِ يغْزُو ونحْوِهِ، وأيْضًا النَّصبُ وَفِي الثَّلاثةِ جَزْمًا الحَذْفُ.
(وَتُحْذَفَانِ فِي مِثْلِ يَغْزُوْنَ، وَيرْمُونَ، وَاغْزُنّ يَا قَوْمُ، وَاغْزِنَّ يَا امْرَأَةُ، وارْمُنَّ وارْمِنَّ(1))؛ لالتِقَاءِ السَّاكِنيْنِ، بِخِلافِ مَا كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَحَرِّكًا ك-(اخْشُونَّ واخْشِينَّ).
(وَنَحْوُ: يَدٍ، وَدَمٍ، وَاسْمٍ، وَابْنٍ وَأَخٍ، وَأُخْتٍ لَيْسَ بِقِيَاسٍ)(2) وَالقِياسُ يدِي، ودَمُو، وسِمْوٌ، وبَنَو، وأَخُو عَلَى الأَصْلِ؛ إِذْ لا عِلَّةَ لِلحذْفِ ولا تُقْلبُ الواوُ تَاءً فِي أخْتٍ هَذا إِنْ كانَتِ العَيْنُ سَاكِنَةً/160وإنْ كانتْ مفْتُوحَةً فَالقِياسُ قلبُهَا أَلِفًا لكنْ حُذِفتِ اللامُ فيْهَا علَى غيْرِ القِياسِ تَخْفِيفًا؛ لِكَثْرَتِها.
ص: 502
ص: 503
(الإِبْدَالُ) فِي الاصْطِلاحِ (جَعْلُ حَرْفٍ) منَ الحُروفِ الآتِيةِ (مَكَانَ) حَرفٍ آخَرَ (غَيْرِهِ) لا للإدْغامِ، فَاءً كَانَ أَمْ عيْنًا أمْ لامًا، أوْ زائِدًا.
فَليْسَ إِعادَةُ حرْفٍ مَكَانَ نفْسِهِ كجَعْلِ الْواوِ المحْذُوفَةِ فِي أَبٍ مَكَانَ نفْسِهَا إِذَا قِيْلَ أَبَويٌّ، أوْ جَعْلِ حرْفٍ عِوضًا عنْ آخَرَ فِي غيْرِ مَكَانِهِ، كتَاءِ عِدَةٍ عِوضُ واوِهِ، أوْ جعْلِ غيْرِ تلْكِ الحُروفِ مَكَانَ غيْرِهِ، كالظَّاءِ المُعجَمَةِ مَكَانَ تاءِ (افْتَعَلَ)، بإبْدالٍ.
(وَيُعْرَفُ) الإِبدَالُ(بِأَمْثِلَةِ(1)اشْتِقَاقِهِ) اشتِقاقِ مَا وَقَعَ فيْهِ الأِبْدالُ (كَتُرَاثٍ،(2) وَأُجُوهٍ(3)) فإِنَّ الوِراثةَ، وَوَرِثَ، ووَارِثَ، والوجْهَ، والوجُوهَ، والمُواجَهَةَ أوَّلُهُ علَى كوْنِ تَاءِ تُراثٍ وهمْزَةِ أُجوهٍ مُبدَلَتَيْنِ عنِ الواوِ.
(وَبِقَلَّةِِ اسْتِعْمَالِهِ كَالثَّعَالِي) فِي جمْعِ ثَعْلبٍ بِالنِّسبَةِ إِلى ثَعْلَبٍ، فيُعْلمُ أَنَّ الْياءَ مِنَ البَاءِ(4).
(وَبِكَوْنِهِ) أي: ذلِكَ اللَفْظُ (فَرْعًا) لِلفْظٍ آخَر (وَالْحَرْفُ(5)) المُبدلُ مِنْهُ (زَائِدٌ) فِي الأصْلِ، فُيعْلَمُ أنَّ الزَّائِدَ فِي الأصْلِ أصلُ الزَّائِدِ فِي الْفَرعِ (كَضُوَيْرِبٍ) مُصغَّرِ ضَارِبٍ.
(وَبِكَوْنِهِ فَرْعًا، وَهُوُ) أي: الحرْفُ المُبدَلُ مِنْهُ (أَصْلٌ) فِي الفرْعِ (كَمُوَيْهٍ)(6) تَصْغِيرِ مَاءٍ، وهوَ يَردُّ الأشياءَ إِلى أُصولِهَا فيدلُّ عَلَى أنَّ الألِفَ والهمْزةَ فِي
ص: 504
مَاءٍ مُبْدَلَتانِ منَ الواوِ والهَاءِ، وهَذا دَلِيلٌ علَى إِبْدالِ مَا فِي الأصْلِ وهوَ المُكبَّرُ مِمَّا فِي الفَرعِ بِعكْسِ السَّابِقِ.
(وَبِلُزُومِ بِنَاءٍ مَجْهُولٍ) فِي الكَلامِ، لوْ لمْ يحكُمْ بالإِبْدالِ (نَحْوُ: هَرَاقَ، وَاصْطَبَرَ، وَادَّارَكَ)(1) فإِنَّا لوْ لَمْ نَحكُمْ بِكوْنِ أُصولِهَا أَرَاقَ، واصْتَبَرَ، وتَدَارَكَ لَزَمَ بِناءُ (هَفَعَلَ، وافْطَعَلَ، وافَّاعَلَ) فِي كَلامِهِمْ.
(وَحُرُوفُهُ) عنْدَ سيبويهِ(2)، وابْنِ جِنِّي(3) إِحْدى عَشَرَ، يجْمَعُها (أجد طويت منها) وعند المص أربعة عشر تجمعها(أَنْصِتْ يَومَ جَدُّ طَاهٍ زَلَّ) لا لِمعْنَى أنَّها مُبْدلةٌ أبدًا بَلْ بِمعْنَى أَنَّ لا تُبْدلُ مِنَ الآخِرِ إلاّ هذهِ، وقيلَ: ثَمَانِيةَ عَشَرَ بِزِيادةِ البَاءِ المُوحَّدةِ والثَّاءِ المُثلَّثةِ والعيْنِ والفَاءِ عليْهَا.
(وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) صَاحِبِ المُفصّلِ(4) إنَّها ثَلاثةَ عَشَرَ، يجْمَعُها(5):(اسْتَنْجِدْهُ يَوْمَ طَالَ) أي: حُروفُ الزِّيادةِ، والْجِيمُ، والدَّالُ، والطَّاءُ/161(وَهْمٌ)(6) فِي شيْئَينِ
ص: 505
(فِي نَقْصِ الصَّادِ، والزَّاءِ) المُعجمةِ كمَا وَقَعَ عنْ صاحِبِ الكِتابِ؛ أي: سيبويهِ(1) أيْضًا (لِثُبُوتِ صِراطٍ، وَزَقَرٍ)(2) بَدَلَ سِراطٍ وسَقَرٍ.
(وَفِي زِيَادَةِ السِّيْنِ) لشَهادةِ الاسْتِقراءِ عَلَى عَدَمِ إِبدالِها عنْ غيْرِهَا فِي قوْلِ منْ يُعتَمَدُ عليْهِ، وقَولهُ فِي المُفصّلِ(3):" السِّينُ إِذا وَقَعتْ قبْلَ غيْنٍ أوْ خَاءٍ أوْ قَافٍ أوْ طَاءٍ جَازَ إِبدالُها صَادًا، وإِذا وَقَعتْ قبْلَ الدَّالِ ساكنَةٌ أُبدلتْ زاءً خالصة" ، صَريْحٌ فِي أنَّ الصَّادَ والزَّاءَ تُبدلانِ منْهَا كمَا سيَجِيءُ عنِ المصنف أيضًا، وأمَّا كونُها مُبدَلَةً عنْ آخَر وهُوَ مَا نحنُ فيْهِ فَلا.
(وَلَوْ أَوْرَدَ اِسّمَعَ) وقيْلَ إنَّ السِّينَ وَقَعتْ بَدَلاً عنِ التَّاءِ فَهِيَ منْها (وَرَدَ اِذَّكَرَ، وَاظَّلَمَ) ويُقالُ إنَّ الذَّالَ والظَّاءَ المُعجَمَتيْنِ وَقَعَتا بَدَليْنِ عنِ التَّاءِ معَ أَنَّهُما لَيْسَتا منْهَا اتِّفاقًا، وإنِّما لمْ يُعَدّا(4) منْهَا؛ لأنَّ المقْصُودَ بِالذاتِ فيْهِمَا هوَ الإِدْغام ِلِقُربِ مَخْرجِهِمَا منَ التَّاءِ، وكَذا السِّينُ، ولمَّا لمْ يكُنْ للإِدغَامِ فِي المُتقَارِبيْنِ إِلاَّ بِجعلِهِمَا مُتمَاثِليْنِ قُلبَتِ التَّاءُ سينًا، وذَالاً،، وظاءً، ولوْ أوْرَدَ (مسْدُود) بدل (مشْدود) بالشِّينِ المُعْجَمةِ، وكَذا سَدَّهُ وشَدَّهُ، رُدَّ بِعَدمِ الاعْتِنَاء عَليْهِمَا(5).
ص: 506
(فَالْهَمْزَةُ: تُبْدَلُ مِنْ حُرُوفِ الْلِيْنِ، وَالْعَيْنِ، وَالْهَاءِ فَمِنَ الْلِيْنِ)(1) قِسْمانِ، قِسْمٌ (إِعْلالٌ لازِمٌ) وهُوَ (فِي نَحْوِ: كِسَاءٍ، وَرِدَاءٍ، وَقَائِلٍ، وَبَائِعٍ، وَأَوَاصِلَ) أيْ: فِي كُلِّ واوٍ وَقَعتْ لامًا بعْدَ أَلِفٍ زائِدةٍ، أوْ عيْنًا كَك وأُعِلَّ فِعلُهُ، أوْ فَاءً وبعْدَهَا وَاوٌ أَصليَّةٌ غيْرُ مُنْقلِبةٍ، وإنَّمَا غيّرَ التَّرتيبِ؛ لأنَّ التَّغييرَ فِي الْلامِ أوْلَى منَ العيْنِ وفيْها منَ الفَاءِ، وحُكمُ عَليَاوٍ مِمَّا كَانَتِ الواوُ فيْهِ زائِدَةً حَكْمُ كِسَاوٍ، فَيُقالُ: عَلْياءُ.
(وَ) قِسمٌ (جَائِزٌ) وهُوَ (فِي(2)أُجُوهٍ، وَأُوْرِيَ) أي: فِي كُلِّ واوٍ مضْمُومَةٍ ضمَّةً لازِمةً أمَّا فِي الوَسَطِ كالنَّئورِ(3) بِالهمْزةِ بيْنَ النُّونِ والْواوِ فِي النَّوورِ بِالْواويْنِ أوْ فِي الأوَّلِ سَواءٌ لمْ يكُنْ بعْدَهَا واوٌ زائِدةٌ مُنقلِبةٌ عنْ حرْفٍ كأُجوهٍ فِي وُجُوهٍ، أوْ كانَتْ ك-(أُوْرِيَ) فِي (وُوْرِيَ)، وكَذا الواوُ المُتصدِّرةُ المكْسُورةُ عِنْدَ المَازِنيِّ نحوُ: إِشاحٍ فِي وِشَاحٍ كمَا مرَّ فِي الإِعْلال(4).
ص: 507
(وَأَمَّا نَحْوُ: دَأَبَّةٍ، وَشَأَبَّةٍ)(1)بِالهمْزةِ المفْتُوحةِ فِي دَابَّةٍ وشابَّةٍ بالأَلفِ (وَالْعَأْلَمِ وَالْخَأْتَمِ) بالهمزةِ كمَا رُوِيَ عنِ العجَّاجِ(2) فِي عالِمٍ وخاتِمٍ بالألِفِ(3).
(وَبَأْزٍ) بهمْزِ العيْنِ كمَا نَقَلَ اللحْيانيُّ(4) فِي بَوْزٍ بِدليلِ أَبْوازٍ(5).
(وَشِئْمَةٍ) فِي شِيْمَةٍ باليَاءِ(6)(وَمُؤْقِدٍ) فِي مَوْقِدٍ بالواوِ(7)(فَشَاذٌّ) والقِياسُ غيْرُ الهمْزةِ فِي الْجَمِيعِ.
ص: 508
(وَأُبَابُ بَحْرٍ) فِي عُبابِ بحْرٍ بضمِّ العيْنِ قبْلَ المُوحَّدةِ، وهوَ مُعظَمُ المَاءِ(1)، أي: إِبدالُها منَ العيْنِ (أَشَذُّ)؛ لِعَدَمِ ثُبوتِهِ (وَمَاءٌ) فِي مَوهٍ/162أي: إِبْدالُها منَ الهَاءِ (شَاذٌّ لازِمٌ) وجمْعُهُ بالهَاءِ أكْثَرُ(2).
(وَالأَلِفُ) تُبْدلُ (مِنْ أُخْتَيْهَا) الواوِ واليَاءِ (وَالْهَمْزَةُ(3) فَمِنْ أُخْتَيْهَا لازِمٌ فِي نَحْوِ: قَالَ، وَبَاعَ)، ودَعَى، ورَمَى، وبَابِ لا القَوَدَ كمَا سَبَقَ (وَ) فِي (آلٍ عَلَى رَأْيٍ)، رأيِ منْ قَالَ: أصلُهُ أَوَلٌ بِالواوِ، وهُوَ الكِسائيُّ(4).
(وَنَحْوُ: يَاجَلُ) أي: إِبْدالُ الْواوِ السَّاكِنةِ المفْتُوحِ مَا قبْلَها ألِفًا (ضَعِيْفٌ) لِمَا مرَّ.
(وَطَائِيٌّ) أي: إبْدالُ اليَاءِ السَّاكنَةِ المفْتُوحِ مَا قبْلَهَا ألِفًا (شَاذٌّ) لِكنَّهُ (لازِمٌ) فِي طَيِّءٍ.
ص: 509
(وَمِنَ الْهَمْزَةِ فِي نَحْوِ: رَأْسٍ) أي: الهمزَةُ السَّاكِنةُ المفتُوحُ مَا قبْلَهَا، وذلِكَ لازِمٌ فيْهِ عنْدَ الحِجَازيينَ، وفِي مَا يجتَمِعُ فيْهِ الهمْزَتَانِ كآدَمَ عنْدَ الْجَميعِ.
(وَمِنَ الْهَاءِ فِي آلٍ عَلَى رَأْيٍ) رأيِ القائِلِينَ بأنَّ أصلَهُ أَهْلٌ، وهُمُ البصْريِّونَ،(1) وقدْ تُبدلُ منَ النُّونِ وقفًا فِي المُنوَّنِ المنْصُوبِ والمُلحَقِ بهِ النُّونُ الخفِيفةُ المفْتوحُ مَا قبْلَهَا، وإِذَنْ ك-(رأيْتُ زيْدًا) و(لَنَسْفَعًا)العلق/15 وإِذًا.
(وَالْيَاءُ) التَّحتانيَّةُ تُبْدلُ (مِنْ أُخْتَيْهَا، وَالْهَمْزَةِ، وَمِنْ أَحَدٍ(2)الْمُضَاعَفِ، وَالنُّوْنِ، وَالْعَيْنِ، وَالْبَاءِ) المُوحَّدةِ (وَالسِّيْنِ، وَالثَّاءِ) المُثلَّثةِ (فَمِنْ أُخْتَيْهَا لازِمٌ فِي نَحْوِ: مِيْقَاتٍ، وَغَازٍ(3))(4)فِي الواوِ السَّاكنَةِ أوِ المُتطرِّفةِ المكْسُورِ مَا قبْلَهَا (وَأَدْلٍ(5)) فِي الْواوِ المُتطرِّفةِ المضْمُومِ مَا قبْلَهَا فِي مُتمكِّنٍ، ولمْ يوجَدْ فِي بعْضِ النُّسَخِ (وَقِيَامٍ، وَحِيَاضٍ) فِي واوٍ مكْسُورٍ مَا قبْلَها يكُونُ عيْنًا، أمَّا فِي مصْدَرٍ أُعِلَّ فِعْلُهُ أوْ فِي جمْعٍ يكُونُ عيْنُ مُفردِهِ ساكِنًا، ويُشتَرَطُ فِي الأَخِيرِ كونُهَا قبْلَ الألِفِ، وفِي بعْضِ النُّسخِ (وِدِيَمٍ، وَسَيِّدٍ، وَأَغْزَيْتُ)(6) أي: فِي واوٍ واقِعةٍ عيْنًا فِي جمعِ مَا قُلبَتْ عينُهُ بِشرْطِ كسْرِ مَا قبْلَهَا، ووَاوٍ جُمِعتْ معَ الياءِ بِشْرطِ سُكونِ الأُولى منْهُما، ووَاوٍ رابِعةٍ مُتطرِّفةٍ يكُونُ مَا قبْلَهَا مفتُوحًا.
ص: 510
(وَشَاذٌّ) أي: ضَعيفٌ (فِي نَحْوِ: حُبْلَى) بِاليَاءِ بعْدَ اللامِ (وَصُيَّمٍ) كَرُكَّعٍ جمعِ صَايِمٍ (وَصِبْيَةٍ)(1)بالكسْرِ والسُّكونِ (وَيَيْجَلُ) والأصلُ فيْهَا الْوَاوُ (وَمِنَ الْهَمْزَةِ) واجِبٌ فِي نحْوِ: إِيتٍ مطَّردٌ غيْرُ لازمٍ (فِي نَحْوِ: ذِيْبٍ) بالياءِ فِي ذِئْبٍ بالهمْزَةِ.
(وَمِنَ الْبَاقِي مَسْمُوعٌ كَثِيْرٌ فِي نَحْوِ أَمْلَيْتُ، وَقَصَّيْتُ) بدلُ أَمْلَلْتُ(2)، وقَصّصْتُ بتشْديدِ الصَّادِ الأُولَى، تفْعِيلٌ منْ قَصَّ أظْفارهُ(3)، فإنَّ اللامَ الثَّانيةَ فِي الأوَّلِ/163سَاكِنٌ لا تدْغمُ الأُولَى فيْهَا، والصَّادُ الثَّالثةُ لا تُدغَمُ فيْهَا؛ لِئلاّ تُسكَّنَ المُشدّدةُ فأُبْدِلَتَا ياءً تخْفِيفًا، وقدْ تُبدلُ منْ أوَّلِ حرْفَي التَّضعِيفِ فِي (فِعّالٍ) بكسْرِ الفَاءِ وتشْديدِ العيْنِ، غيرُ مصدرٍ نحوُ: كِذّابٍ كدِيْماسٍ(4)،ودِيباجٍ، ودِيْنارٍ، وقِيْراطٍ، فإِنَّ الأصْلَ فيْهَا دِمَّاسٌ، ودِبَّاجٌ، وقِرَّاطٌ، بدَليلِ دَمَامِيسٍ، ودَبَابِيجٍ، ودَنَانِير، وقَرَارِيْطٍ، خِلافًا لِمنْ قَالَ دَيايِسٌ ودَبَاييْجٌ(5).
ص: 511
(وَفِي نَحْوِ: أَنَاسِيٍّ)(1)بِتشْديدِ اليَاءِ فِي أَنَاسِينَ، جمْعُ إِنسانٍ لا إِنْسيٍّ بالتَّشديدِ كمَا قالَهُ المُبرِّدُ(2)(وَأَمَّا الضَّفَادِي، وَالثَّعَالِي، وَالسَّادِي، وَالثَّالِي) فِي الضَّفادِعِ والثَّعالِبِ، والسَّادِسِ، والثَّالِثِ، أي: إبدالُهُمَا منَ الأرْبَعَةِ الأَخِيرةِ (فَضَعِيْفٌ)؛ لِعَدَمِ السَّماعِ ممَّنْ يُوثَقُ بهِ، وقدْ تُبدَلُ منَ الجِيمِ كثَيَرةٍ فِي شَجَرةٍ(3).
(وَالْوَاوُ) تُبْدلُ (مِنْ أُخْتَيْهَا وَمِنَ الْهَمْزَةِ، فَمِنْ أُخْتَيْهَا لازِمٌ فِي نَحْوِ: ضَوَارِبَ) جمْعُ ضَارِبَةٍ (وَضُوَيْرِبٍ) تصغِيرُ ضَارِبٍ، وكَذا ضَوْرَبَ وتَضَورَبَ، وإِنَّما قُلبتِ الألِفُ فِي التَّكسيرِ واوًا حمْلاً عليْهَا فِي التَّصغِيرِ؛ لأَنَّهُما منْ واوٍ واحِدٍ(4).
(وَرَحَوِيٍّ، وَعَصَوِيٍّ)، وملْهَوِيٍّ، ومرْمَوِيٍّ، أي: الألِفُ الثَّالثَةُ أوِ الرَّابعةُ سَواءٌ كانَتْ عنْ واوٍ أوْ ياءٍ قبْلَ ياءِ النِّسْبةِ.
(وَمُوْقِنٍ، وَطُوْبَى، وَبُوْطِرَ) أصلُها: مُيْقِنٌ منْ أَيْقَنَ، وطِيْبَى منْ طَابَ، وبيْطَرَ منْ بيْطَرَهُ ومنْهُ البيْطَارُ(5)؛ أي: الياءُ السَّاكِنةُ المضْمُومُ مَا قبْلَهَا بعْدَهَا حَرْفانِ أوْ أكْثَرُ إِلاّ بُيْضَانَ، وحُيْكَى، وضُيْزَى، وقولُنَا: حرْفانِ أوْ أكْثَرُ احْتِرازٌ عنْ بُيْضٍ.
ص: 512
(وَبَقْوَى) منْ بَقْيَا، يُقَالُ: أَبْقَى عليْهِ، أي: أَشْفَقَ أي: كُلُّ ياءٍ هِيَ لامٌ فِي فَعْلَى (وَشَاذٌّ ضَعِيْفٌ) إِبْدالُها منَ اليَاءِ (فِي هَذَا أَمْرٌ مَمْضُوٌّ عَلَيْهِ، وَنَهُوٌّ(1) عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجِبَاوَةٍ)(2) منْ مَضَى كَرَمَى، ونَهْوَى، وجَبَيْتُ الخَرَاجَ؛ أي: جَمَعْتُهُ، والقِياسُ فِي الجَميعِ الياءُ (وَمِنَ الْهَمْزَةِ) وُجُوبًا فِي نَحْوِ: أُومِنَ، وحَمْراويٍّ، وحمْراوانِ، وحمْراواتٍ، وَجَوازًا (فِي نَحْوِ: جُوْنَةٍ، وَجُوَنٍ)(3) كصُرَدٍ فِي الأصْلِ بِالهمْزةِ، وظَاهِرُ كَلامِ الْجَوْهَريِّ(4) أنَّهَا واويَّةٌ فِي الأصْلِ.
(وَالْمِيْمُ) تُبْدلُ (مِنَ الْوَاوِ، وَالْلامِ، وَالنُّوْنِ، وَالْبَاءِ(5)) الموحّدةِ (فَمِنَ الْوَاوِ لازِمٌ فِي فَمٍ وَحْدَهُ) أصلُهُ فَوَهٌ بِدليلِ أَفْواهِ، وحُذِفتِ الهَاءُ لِخَفَائِهَا، وأُبْدِلَ الواوُ ميْمًا؛ لِيسْلَمَ عنِ السُّقوطِ فيبْقَى المُعْرَبُ علَى حرْفٍ(6)، وعنْدَ الأخْفَشِ(7) قُلِبتْ لامُهُ أي: الهاءُ عيْنًا فَصَارَ فَهْوًا كفَلْعٍ/ 164حُذِفتِ الواوُ وجُعلتِ الهاءُ ميْمًا.
(وَضَعِيْفٌ فِي لامِ التَّعْرِيْفِ، وَهِيَ طَائِيَّةٌ) رُوي عنْهُ "صلعم" ( لَيْسَ مِنَ امْبِرٍ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرٍ)(8).
ص: 513
(وَمِنَ النُّونِ لازِمٌ) لا مُطْلقًا بلْ (فِي نَحْوِ: عَنْبَرٍ، وَشَنْبَاءَ(1)) أي: إِذَا كانَتْ سَاكِنةً قبْلَ البَاءِ الموحَّدةِ فِي تلْكَ الكَلِمَةِ، فيُقالُ: عَمْبَرٌ، وشَمْبَاءُ(2) كحَمْراءَ، مؤنَّثُ أشْنَبَ منَ الشَّنَبِ، وهُوَ حِدَّةُ الأسْنَانِ(3)، وفِي غيْرِهَا كَسَمِيعٍ بَصِيرٍ؛ لِتَعسُّرِ التَّصرِيحِ بالنُّونِ السَّاكِنةِ قبْلَ البَاءِ المُوحَّدةِ؛ لِوُجوبِ خَفَائِهَا معَ غيْرِ حَرْفِ الحَلْقِ، والنُّونُ الخفيَّةُ هِي الغُنَّةُ التِي مُعتَمَدُهَا الألِفُ، والبَاءُ شَفَويَّةٌ ويَتَعسَّرُ اعْتِمَادانِ مُتَوالِيانِ علَى مَخْرجَي النَفَسِ المُتَباعِديْنِ، فَقُلبتْ حَرفًا مُتَوسِّطًا بينَ النُّونِ والباءِ وهُوَ المِيْمُ(4).
ص: 514
(وَضَعِيْفٌ فِي الْبَنَامِ، وَطَامَهُ اللهُ عَلَى الْخَيْرِ)(1) أي: إِبْدالُها منَ النُّونِ المُتحرِّكةِ، وأصْلُ بَنَامٍ بَنَانٌ، وهِيَ أطْرَافُ الأَصَابعِ(2)، وأصْلُ طَامَه طَانَهُ أي جَبَلَهُ- خَلَقَهُ- عَلَيْهِ(3).
(وَمِنَ الْبَاءِ) الموحَّدةِ (فِي بَنَاتِ مَخْرٍ)(4) سَحَابٌ بِيْضٍ يأْتِينَ قبْلَ الصَّيفِ، أصلُهُ بَخَرٌ منَ البُخارِ (وَ) فِي (مَا زِلْتَ رَاتِمًا)(5)أي: راتِبًا أي: مُقِيمًا (وَمِنْ كَثَمَ) أصلُهُ كَثَبٌ بالثَّاءِ المُثلَّثةِ، أي: قُرْبٌ(6).
(وَالنُّونُ مِنَ الْوَاوِ، وَالْلامِ شَاذٌّ فِي صَنْعَانِيٍّ، وَبَهْرَانِيٍّ(7)، وَضَعِيْفٌ فِي لَعَنَّ) أي: تُبدلُ النُّونُ مِنْهُمَا فَقَطْ لكنَّهُ شَاذٌّ فيْهَا وفِي أَخَواتِهِمَا كَمَا عَلِمتَ فِي المنْسُوبِ، وضَعيْفٌ فيْهِ بَدَلَ لَعلَّ، وقيلَ لعنَّ أيضًا أصلٌ؛ إِذِ التَّصرّفُ فِي الحرفِ قلِيلٌ(8).
ص: 515
(وَالتَّاءُ) الفوقانيَّةُ تُبْدَلُ (مِنَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ) التَّحتانيَّةِ (وَالسِّيْنِ، وَالْبَاءِ) المُوحَّدةِ (وَالصَّادِ) وقدْ تُبدلُ منَ الطَّاءِ كقسّاطٍ فِي قسْطاطٍ (فَمِنَ الْوَاوِ، وَالْيَاءِ لازِمٌ فِي نَحْوِ: اتّعَدَ، وَاتّسَرَ عَلَى الأَفْصَحِ)، وغيْرُ الأفْصَحِ ايتَعَدَ وايْتَسَرَ.
(وَشَذَّ(1) فِي نَحْوِ:(2)أَتْلَجَهُ) فِي أوْلَجَهُ(3) (وَفِي طَسْتٍ) فِي طسَّ بتشْديدِ السِّينِ؛ لِمَجيءِ طُسوسٍ فِي جمْعِهِ لا طسْوةٍ(4)، وإنَّما قالَ (وَحْدَهُ)؛ لأنَّ الإِبدالَ فِي ستٍّ، وهوَ فِي الأصْلِ سِدْسٌ، إنَّما هوَ لأجْلِ الإِدْغامِ، وشِرارُ النَّاتِ بدَلُ شِرارِ النَّاسِ نَادِرٌ غيْرُ فَصِيحٍ.
(وَفِي الذَّعَالِتِ، وَلِصْتٍ ضَعِيْفٌ)(5) أي: إِبْدالُ التَّاءِ منَ البَاءِ والصَّادِ فيْهِمَا ضَعِيفٌ، وَالقويُّ ذَعَالِبُ، ولِصٌّ بِالباءِ والصَّادِ بِلا إِبْدالٍ، والغَالبُ بالذَّالِ المُعجمةِ والعيْنِ والباءِ المُوحدةِ مُخفَّفُ ذَعَالِيبَ/165، وهي قِطَعُ الخرْقِ جمْعُ ذَعْلُوبٍ(6).
ص: 516
(وَالْهَاءُ) تُبدلُ (مِنَ الْهَمْزَةِ، وَالأَلِفِ، وَالْيَاءِ) التَّحْتانيَّةِ (وَالتَّاءِ) الفوقانيَّةِ (فَمِنَ الْهَمْزَةِ مَسْمُوعٌ فِي هَرَقْتُ، وَهَرَحْتُ(1)، وَهَيَّاكَ(2)، وَلَهِنَّكَ(3) وهِنْ فَعَلْتَ فِي طَيِّءٍ(4)) وغيرُهُمْ لا يقْلِبونَ همزَةَ إنِ الشَّرطيةِ هَاءً (وَهَذَا الْذِيْ؟) بِفتحِ الهَاءِ، بدلُ أَرَقْتُ، وأَرَحْتُ وإِيّاكَ، ولأَنَّكَ، بفتْحِ اللامِ وكسرِ الهمْزَةِ، وإنْ فَعَلْتَ فَعَلْتُ.
(وَأَذَا الْذِيْ) بالهمزَةِ الاسْتفْهاميَّةِ (وَمِنَ الأَلِفِ) وإبدالُها منَ الألِفِ (شَاذٌّ فِي أَنَهُ، وَحَيَّهَلَهْ) بدَلُ أَنَا(5)، وحَيْهَلا(6).
(وَفِي مَهْ مُسْتَفْهِمًا)(7) بَدَلُ (مَا) لا غيرِهَا(8)(وَفِي يَا هَنَاهُ عَلَى رَأْيٍ) رأيِ البصْريينَ(9)؛ فإنَّهُمْ يقُولُونَ: أَصلُهُ هَنَاوٌ بِالواوِ بدَلِيلِ هَنَواتٍ، قُلبتِ الواوُ ألِفًا
ص: 517
فالتَقَى الألِفَانِ، ولمْ تقلَبِ الأَخِيرةُ همْزةً ككِساءٍ؛ لِئلاّ يلْتَبِسَ بهَنَاءٍ بالهمزةِ مِنَ التهْنِيةِ، فَقُلبتْ هَاءً لقُربِهِمَا مخْرجًا، وعنْدَ الكُوفييْنَ(1) والأَخفَشِ(2) وأَبِي زيْدٍ(3)، الهاءُ للسَّكْتِ كمَا فِي يا زيْدَاهُ، وقيْلَ أصليَّةٌ.
(وَمِنَ الْيَاءِ) التَّحتانيَّةِ (فِي هَذِهِ)(4)بدلُ هذِي للإِشَارةِ إِلى المُؤنَّثِ (وَمِنَ التَّاءِ) الفَوقانيَّةِ (فِي بَابِ رَحْمَهْ وَقْفًا) كما مرَّ فِي الوقْفِ.
(وَالْلامُ) إبْدالُهَا (مِنَ النُّونِ، وَالضَّادِ) المُعْجَمَةِ (فِي أُصَيْلالٍ) بدلُ أُصيْلانٍ، تصغِيرُ أَصْلانٍ، جمْعُ أَصيلٍ، وهُوَ مَا بينَ العصْرِ والمغْرِبِ كرَغَيفٍ ورُغفَانٍ (قَلِيْلٌ) والأكْثَرُ أُصيْلانٌ(5).
ص: 518
(وَفِي الْطَجَعَ رَدِيءٌ) والصَحِيحُ اضْطَجَعَ(1).
(وَالطَّاءُ) تبْدَلُ (مِنَ التَّاءِ) الفوقَانيَّةِ وهوَ (لازِمٌ فِي نَحْوِ: اصْطَبَرَ) أي: فِي تاءِ الافْتِعالِ إَذَا كَانَ فَاؤُهُ إِحْدَى [ال]حُروفِ المُستعلِيةِ المُطبقةِ، وهِيَ الصَّادُ، والضَّادُ، والطَّاءُ، والظَّاءُ إذِ التَّاءُ مُهْمسَةٌ لا تُناسِبُ الإِطباقَ فاخْتَارُوا مُسْتعلِيًا مِنْ مخْرَجِهَا؛ لِحُصُولِ التَّناسُبِ (وَشَاذٌّ فِي حُصْطُ) بَدَلُ حُصْتُ كقُلتُ منَ الحَوَصِ، وهُوَ الخِياطةِ(2)؛ إذِ التَّاءُ كلمِةٌ وتغييرُها مُوجبٌ لانهِدامِهَا بالكُليَّةِ، وبنُو تَميم يجوِّزُونَهُ بِشرْطِ كونِ لامِ الكَلِمَةِ إِحْدى الأَربَعِ.
(وَالدَّالُ) إِبْدالُها (مِنَ التَّاءِ) الفوقانيَّةِ (لازِمٌ فِي نَحْوِ: ازْدَجَرَ، وَادَّكَرَ)(3) فِي تَاءِ (افْتَعَلَ) إذَا كَانَ فاؤُهُ زاءً أوْ ذالاً مُعجَمتيْنِ، وكَذا إنْ كَانَ دَالاً نَحْوُ: ادَّرَأَ ولمْ يُدْغَمِ الأوَّلُ؛ لِبُعدِ مخْرجِهِمَا (وَشَاذٌّ فِي نَحْوِ: فُزْدُ، وَاجْدَمَعُوا(4)، وَاجْدَزَّ/166، وَدَوْلَجٍ(5)) بدلُ فُزْتُ، واجْتَمَعُوا، واجْتَزَّ، وتوْلَجٍ لِكِناسِ الوحْشِ(6).
ص: 519
(وَالْجِيْمُ) تُبدَلُ (مِنَ الْيَاءِ) التَّحتانيَّةِ (الْمُشَدَّدَةِ فِي الْوَقْفِ نَحْوُ: فُقَيْمِجٍّ) بضمِّ الفَاءِ وفتْحِ القَافِ وسُكونِ التَّحتانيَّةِ وكسْرِ الميْمِ وتشْديدِ الجِيمِ (وهو شاذٌّ) والقياس فُقيْميٌّ(1) بتشْديدِ التَّحتانيَّةِ (وَ) إبدالُهُ (مِنْ غَيْرِ الْمُشَدَّدَةِ فِي نَحْوِ(2):
لاَ هُمَّ إِنْ كُنْتَ قَبِلْتَ حُجَّتِجْ)
[فلا يزال شاحجٌ يأتيكَ بِجْ *** أقمرُ نهَّاتٌ يُنَزِّي وَفْرَتِجْ]
بدلُ حُجَّتِي (أَشَذُّ)؛ لِبُعدِ الْجِيمِ - وهِي شَديدةٌ - عنِ الياءِ سِيَمَا ولمْ تكُنْ مُشدَّدةً (وَفِي(3)نَحْوِ قَوْلِهِ(4):
ص: 520
حَتَّى إِذَا مَا أَمْسَجَتْ وَأَمْسَجَا)
أَصلُهُمَا أَمْسيْتُ وأَمْسَيَا (أَشَذُّ) منْ حُجْتِجْ؛ لأنَّ اليَاءَ فِي الأوَّلِ مُقدَّرةٌ غيرُ موقُوفٍ عليْهَا، وفِي الثَّانِي مُقدَّرةٌ؛ لأنَّها تُقلَبُ ألِفًا، والألِفُ بعْدَ الجِيمِ للإِشْباعِ.
(وَالصَّادُ) تُبدلُ (مِنَ السِّيْنِ الْتِي بَعْدَهَا غَيْنٌ أَوْ خَاءٌ) مُعْجَمَتانِ (أَوْ قَافٌ أَوْ طَاءٌ جَوَازًا نَحْوُ: أَصْبَغَ، وَصَلَخَ وَمَسُّ صََقَرٍ، وَصِرَاطٍ)(1) فِي أَسْبَغَ، وسَلَخَ و(مَسَّ سَقَرَ)القمر/48، وسِراط؛ لأنَّ هَذهِ الأربعَ مجْهُورةٌ مُستعْلِيةٌ، والسَّينُ مهمُوسةٌ مخفَّفةٌ، والخُروجُ منْهَا إِليْها ثَقِيلٌ، فأَبْدلُوا مِنَ السِّينِ صادًا؛ لِيوافِقَهَا فِي الاستِعْلاءِ والسِّين فِي الهمْسِ والصَّفيرِ، ويُعلَمُ منْهَا أنَّ الإِبدالَ جَاءَ سَواءٌ كانَتْ تِلْكَ الأحرفُ متَّصلةً بالسِّينِ أوْ مُنفَصلةً بحرْفٍ أوْ حرفيْنِ، وكَذا بثَلاثَةِ كمَصَالِيقَ، وبعْدهَا احتِرازٌ عنْ نحْوِ قَسَتَ.
(وَالزَّاءُ) المُعجمةُ تُبدلُ(مِنَ السِّيْنِ وَالصَّادِ الْوَاقِعَتَيْنِ قَبْلَ الدَّالِ سَاكِنَتَيْنِ) لِلمُناسَبَةِ بيْنَ الدَّالِ والزَّاءِ المُعجمَةِ فِي الجَهْرِ(نَحْوُ: يَزْدِلُ، وَهَذَا(2) فَزْدِي أَنَهْ) بدلُ يَسْدِلُ(3) ك-(يُكْرِمُ) مِنَ الإِسدالِ، وهوَ الإِرخاءُ، وفَصْدِي(4)، وأَنَهْ تَأكِيدٌ لليَاءِ، وكَذا يَصْدِرُ، ويَصْدُقُ.
ص: 521
(وَقَدْ ضُوْرِعَ بِالصَّادِ الزَّاءُ) أي: جَعَلَ الصَّادَ مُشابِهًا للزَّاءِ المُعجَمَةِ بأنْ يُجاءَ بالصَّادِ نَحْوَ الزَاءِ ويُشربُ صوتُهَا (دُوْنَهَا) دونَ السِّينِ؛ فإنَّها تُقلَبُ زاءً صَريحَةً؛ لِعَدَمِ الإِطباقِ فيْهَا فيُحافِظُ بخِلافِها.
(وَضُورِعَ) الزَّاءُ (بِهَا) بالصَّادِ (مُتَحَرِّكَةً) أيْضًا (نَحْوُ: صَدَقَ، وَصَدَرَ) يعنِي إِذَا كانَتِ الصَّادُ مُتحرِّكةً قبْلَها الدَّالُ، ثُمَّ صوتُ الزاءِ، ولا تُقلَبُ زاءً صَرِيحةً؛ إذِ الحَرَكَةُ فاصِلةٌ بينَهُمَا (وَالْبَيَانُ) أي: الإِتيانُ بالصَّادِ مُطلقًا، والسِّينُ ساكِنةٌ بِلا قلْبٍ وشَرابِ صوتٍ (أَكْثَرُ فِيْهِمَا) فِي/167السَّينِ والصَّادِ مِنَ الإِبدالِ والمُضَارَعَةِ، وفِي بعْضِ النُّسخِ (مِنْهَا) بَدَلُ (فِيْهِمَا).
(وَمَسُّ زَقَرٍ كَلْبِيَّةٌ) يعْنِي أنَّ قبِيلَةَ كَلْبٍ(1) يَقلِبُ السِّينَ المتَحرِّكةَ الواقِعةَ قبْلَ القَافِ زاءً كمَا يقلِبُها غيرُهمْ صادًا؛ لأنَّ القَافَ مجهُورةٌ والسينَ مهمُوسَةٌ، فأَبْدلُوها منْها لِمُناسَبَةِ الزاءِ السِّينَ فِي المخْرَجِ والقَافَ فِي الجهْرِ.
(وَأَجْدَرُ، وَأَشْدَقُ بِالْمُضَارَعَةِ قَلِيْلٌ) يعنِي أنَّ الْجِيمَ والشِّينَ المُعجمةَ الواقِعتيْنِ قبلَ الدَّالِ يُشمَّانِ صوتَ الزَّاءِ علَى قِلَّةٍ بالنِّسبةِ إِلى البَيَانِ، قالَ سيبويهِ(2): " الْبَيَانُ أكْثَرُ وأَعَزُّ، وهَذا عَرَبِيٌّ كَثِيْرٌ" ، ولا تُجْعلانِ زاءً خالِصةً
ص: 522
كالصَّادِ والسِّينِ؛ لِعَدمِ كونِهِمَا منَ مخْرَجِهِمَا، وقدْ يُفسَّرُ قولُ المُصنِّفِ بأنَّ إشْمَامَ أَحَدِهِمَا صَوتَ الآخَرِ قَلِيْلٌ، وفِيْهِ بُعْدٌ.
ص: 523
(الإِدْغَامُ) فِي اللُغةِ، الإدْخالُ(1)، وفِي الإِصطِلاحِ (أَنْ تَأْتِيَ بِحَرْفَيْنِ سَاكِنٍ فَمُتَحَرِّكٍ) بِالأَصَالةِ بعْدهُ بِلا مُهلَةٍ، ولوْ بِالحَرَكةِ فِي الأوَّلِ بِخِلافِ مَدَدْتُ (مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ) أوْ فَكٍّ، ولوْ بِنقْلِ اللِسانِ منْ مَحَلِّ الأوَّلِ إِلى مَحَلِّ الثَّانِي كَمَدَّ بتخْفِيفِ الدَّالِ الأُولَى السَّاكنةِ وفتْحِ الثَّانيةِ بلْ هُوَ الإتْيانُ بِهِمَا دُفعَةً بحيْثُ يَصِيرا حرْفًا واحدًا مُشَدّدًا يكُون زَمانُ النُّطقِ بِهِ أقْصَرَ منَ النُّطقِ بِهِمَا وأطْولَ مِنَ النُّطقِ بأَحَدِهِمَا، قالَ الش الرضيُّ "رض": هُوَ الإتْيانُ بِحَرفٍ واحِدٍ معَ اعتِمادٍ عَلَى مخْرَجَهِ قَويٍّ "(2).
(وَيَكُونُ فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ(3)، وَالْمُتَقَارِبَيْنِ) بعْدَ أنْ يَصِيرا مِثْلينِ (الْمِثْلانِ) الإِدغامُ فيْهِمَا واجِبٌ (عِنْدَ سُكُونِ الأَوَّلِ) فِي تلْكَ الكلِمةِ كمَدَّ أوْ فِي آخِرِ سابِقِهِ ك-(اضْرِبْ بِعَصَاكَ)البقرة/60 (إلاّ(4)فِي الْهَمْزَتَيْنِ) فِي كلِمةٍ واحِدةٍ فإنَّ ثانِيَهُمَا يقْلُبُ ياءً للتَّخفِيفِ، نحْو: قِرَأْيٍ كَقِمَطْرٍ (إِلاّ فِي نَحْوِ: سَأَّلَ، وَدَأّاثٍ)
ص: 524
كضَرَّابٍ لِلمُبالَغَةِ فإِنَّ الهمْزَةَ فيْهَا لا تُخففُ، والدأثُ اسمُ وادٍ(1)، قالَ الصغَّانيُّ(2) إنّهُ عَلَى وزْنِ كَلامٍ(3)، وهُوَ خِلافُ المشْهورِ.
وفِي كَلِمتيْنِ حُذِفتِ الأُولَى عِنْدَ الخَلِيلِ ويُونُسَ(4)، ونُقِلَ عنْ ابنِ أبِي إسحقَ(5) تحقِيقُهُما، وعنْدَ سيبويهِ(6) يجِبُ الإِدغامُ إذنْ إِنْ كانَتِ الأُولى مُتحرِّكةً ك-(أقْرِأْ أَبَاكَ)، وإلاّ ك-(قَرَأَ أبوك) فلا.
ص: 525
(وَاِلاَّ فِي الأَلِفِ) عطْفٌ عَلَى استِثْناءِ الأَوّلِ (لِتَعَذُّرِهِ)؛ لتعذُّرِ الإدْغامِ لاستِحالَةِ تحرُّكِهَا فتُقلَبُ الثَّانِيةُ همْزةً كقَائِلٍ وبائِعٍ؛ فإِنَّ حرْفَ العِلَّةِ يُقلَبُ ألِفًا، ثُمَّ همزَةً، وكَذا صَحْراءُ؛ لأنَّ أصْلَهُ القَصْرُ زِيْدَ الألِفُ للمدِّ ثمَّ تُقلبُ همزَةً لتعذُّرِ الإِدغَامِ.
(وَإِلاَّ فِي/168نَحْوِ: قُوْوِلَ)(1) كَقُوَيِلَ لا لِمَا قَالَهُ الخَليلُ وسيبويهِ(2) منْ كوْنِ الواوِ عارضيَّةً؛ لأنَّ العارِضَ إنْ كَانَ لازِمًا فهُوَ فِي حُكْمِ الأصليِّ؛ لِذا يُدغَمُ أُوُّلٌ معَ عُروضِ الوَاوِ كمَا هوَ رأْيُ الكُوفيينَ(3) بلْ (لِلإِلْبَاسِ) بمجْهُولِ بابِ التَّفْعِيلِ.
(وَفِي نَحْوِ: توْوِي)(4) مُضارِعُ أَوَى إيوَاءً (وَرِيْيَا)(5) وهُوَ المنْظَرُ الحَسنُ (عَلَى الْمُخْتَارِ إِذَا خُفِّفَ) أي: إذَا كَانَ الأوَّلُ منْهُما همْزَةً فِي الأَصْلِ فَخُفِّفَ
ص: 526
فقُلِبَ واوًا أوْ ياءً فإنَّهُ لا يُدغَمُ معَ سُكونِ الأوَّلِ؛ لأنَّ الواوَ الأولَى فِي (تُوْوِي) والياءَ الأُولى فِي (رِيْيَا) مُبدَلَتانِ عنِ الهمْزةِ فلمْ يُعْتدَّ بهِمَا؛ لِعُروضِهِمَا وعدمِ لُزومِهِمَا فكأنَّهُ لمْ يجتَمِعْ مِثْلانِ؛ لأنَّهُ فِي حُكمِ اجْتِماعِ الهمْزةِ معَ الواوِ واليَاءِ وأَجَازَ بعضُهُمْ الإِدغامِ نَظَرًا إِلى الظَّاهِرِ.
(وفي نحو: قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ)البقرة/246 (وفِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)المعارج/4 أي: فيْمَا كَانَتَا فِي كَلِمتيْنِ أَوَّليْهِمَا مَدَّةٌ بِخِلافِ مَغْزُوٍّ، ومرْمِيٍّ، والتَّفصِيْلُ: إنَّ الوَاوَ واليَاءَ إنْ وَلِيْهُمَا مثْلُهُمَا فإنْ لمْ يَكُونَا مَدَّتيْنِ وَجَبَ الإدْغامُ سَواءٌ كانَتَا فِي كلِمةٍ ك-(قَوّلَ) وسَيَّرَ أوْ لا ك-(تَولَّوا) واستغْنَى اللهُ واخشيْ يَا فُلانةُ، وإِنْ كَانَتَا فإنْ كَانَتَا فِي كَلِمَةٍ وَجَبَ الإِدغامُ سَواءٌ كانَ أصلُ الثَّانِي حرْفًا آخَرَ كمَقْروٍّ ومرميٍّ، وعلى أوَّلاً كغزْوٍّ ورميٍّ، وإِنْ كَانَا فِي كَلِمتيْنِ لا يجُوزُ ك-(قالُوا ومَا، وفِي يَوْمٍ)، وإنْ كَانَ الأصلُ الأُولَى مِنْهَا حرفًا آخَرَ قُلِبَ إِليْهِمَا فإنْ كَانَ القلْبُ لأجْلِ الإِدْغامِ وَجَبَ كمَرْمِيٍّ وإِلاَّ فَلا يخْلُو أمَّا أنْ يكُونَ القلْبُ لازِمًا أوْ لا، وعَلَى الثَّانِي لا يُدغَمُ عَلَى المُخْتَارِ، وعَلَى الأوَّلِ إِنْ كَانَ الإدْغامُ مُوجِبًا للإِلْباسِ لا يَجُوزُ قُوْوِلَ وإِلاَّ أُدْغِمَ كأيّنَةٍ(1) عَلَى أَفْعِلَةٍ منَ الأيْنِ، أصلُهُ: أُوْيِنَةٌ.
ص: 527
(وَعِنْدَ تَحَرُّكِهِمَا) أيضًا واجِبٌ إنْ وَقَعَا (فِي كَلِمَةٍ، وَلاَ إِلْحَاقَ، وَلاَ لَبْسَ نحو: رَدَّ ويَرُدُّ) بِخِلافِ (طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ)التوبة/87، وقَرْدَدٍ(1)،وسُرُرٍ لِمَا سَيجِيءُ (إِلاَّ فِي حَيِيَ)(2)ك-(عَلِمَ) (فَإِنَّهُ فِيْهِ جَائِزٌ) أي: الإِدْغامُ لا واجِبٌ؛ لاسْتِكْراهِ ضمَّ يائِهِ فِي المُستقْبلِ كمَا مرَّ فِي الإِعلالِ.
(وَإِلاَّ فِي نَحْوِ: اقْتَتَلَ، وَتَتَنَزَّلُ، وَتَتَبَاعَدُ)(3)أي: فيْمَا يكُونُ المِثْلانِ فِي الوَسَطِ وفِي الأوَّلِ (وَسَيَأْتِي) الكَلامُ فيْهِ.
(وَتُنْقَلُ حَرَكَتُهُ) حَرَكةُ أوَّلُ المِثليْنِ إِلى مَا قبْلَهُ فِي كَلِمةٍ واحِدةٍ (إِنْ كَانَ قَبْلَهُ سَاكِنٌ غَيْرُ لِيْنٍ) غيرُ حرْفِ/169 مَدٍّ سَواءٌ كَانَ حَرْفَ لِيْنٍ نحوُ: يودُّ أوْ لا (نَحْوُ: يَرُدُّ) وأمَّا إِنْ لمْ يكُنْ سَاكِنَ كمَدَّ أوْ كَانَ، وكَانَ حَرْفَ مَدٍّ كمادّ وتُمُوّد، وفِي حُكْمِهِ ياءُ التَّصْغِيرِ كخُوَيصَّةٍ سُلِبَتْ حَرَكَتُهُ، والتِقَاءُ السَّاكِنيْنِ فيْهَا مُغْتَفَرٌ كمَا علِمْتَ.
(وَسُكُونُ الْوَقْفِ كَالْحَرَكَةِ) فلا امْتِناعَ فِي إِدْغامِ رَدَّ إِذا وقفْتَ عليْهِ، وسيجِيءُ حُكْمُ رُدَّ فعلِ أمْرٍ.
(وَنَحْوُ: (مَكَّنَنِي(4)، وَيُمَكِّنُنِي، وَمَنَاسِكَكُمْ(5))البقرة/200(وَمَا سَلَكَكُمْ(6))المدثر/42 مِنْ بَابِ كَلِمَتَيْنِ) ك-(طَبَعَ عَلَى) فَلا يجِبُ الإِدغامُ بلْ
ص: 528
يجُوزُ؛ فإِنَّ نونَ الوِقَايةِ والضَّمِيرَ المجْرُورِ والمنصوبِ المُتصِلتيْنِ كلِمةٌ أُخْرى حَقِيقَةً.
(وَمُمْتَنِعٌ فِي الْهَمْزَةِ عَلَى الأَكْثَرِ، وَفِي الأَلِفِ عِنْدَ سُكُونِ الثَّانِي بِغَيْرِ(1)الْوَقْفِ) سواءٌ كانَتَا فِي كلِمةٍ أوْ فِي كلِمتيْنِ (نَحْوُ: ظَلِلْتُ، وَرَسُولُ الْحَسَنِ)(2) فإِنَّ مَا قبْلَ ضمِيرِ الفاعِلِ المُتحرِّكِ لا يتحرَّكُ، وكَذا لامُ التَّعْريفِ وقَدْ يُحذَفُ الأوَّلُ منْهُمَا، فيُقَالُ: عَلْمَاءِ فِي عَلَى المَاءِ(3)، وهُوَ شَاذٌّ.
(وَتَمِيْمٌ(4) تُدْغِمُ نَحْوَ: رُدَّ، وَلَمْ يَرُدَّ) ويحرَّكُ الثَّانِي بالفتْحِ والكسْرِ وبالضمِّ أيْضًا إنْ كَانَ مضَارِعُهُ مضْمومَ العيْنِ، والحِجَازيُّونَ(5) لا يُدْغِمونَ (وَ) ممْتَنِعٌ
ص: 529
أيْضًا (عِنْدَ الإِلْحَاقِ وَالْلَبْسِ(1)، نَحْوُ: قَرْدَدٍ، وَسُرُرٍ) فإِنَّ الأوَّلَ لوْ أُدغِمَ فاتَ الغَرَضُ منَ الإِلحاقِ وهوَ تَوافُقُ الوزْنِ، والثَّانِي لوْ أُدْغِمَ لالْتَبَسَ عُنُقٌ بقُفْلٍ(2).
(وَعِنْدَ سَاكِنٍ صَحِيْحٍ) يكُونُ (قَبْلَهُمَا فِي كَلِمَتَيْنِ نَحْوُ: قَرْمِ مَالِكٍ)(3) فإنَّهُ لوْ أُدغِمَ لَوَجَبَ نَقْلُ حَرَكةِ ميْمِ الأُولَى إِلى مَا قبْلَهَا؛ لِئلاّ يلتقِيَ سَاكِنانِ ويلْزَمُ تغييرُ الكَلِمَةِ عنْ بِنائِهَا(4) فِي كَلِمة ٍلا كأَصَمّ(5).
(وَحُمِلَ قَوْلُ الْقُرَّاءِ عَلَى الإِخْفَاءِ) يعْنِي مَا أَجَازهُ أبُو عمْرُو(6) منَ الإِدغامِ فِي قولِهِ تعَالَى(شَهْرُ رَمَضَانَ)البقرة/185، لَيْسَ مُرادُهُ منْهُ هوَ الإِدغامَ حقِيقةً بلْ إِخْفاءُ أَحَدِ الرَّاءيْنِ فِي الآخَرِ اخْفاءً يُشبِهُ الإِدْغامَ؛ لأنَّهُ رُويَ عنْهُ الإِشمامُ والرَّومُ فيْهِ (وَجَائِزٌ فِيْمَا سِوَى ذَلِكَ) المذْكُورِ منَ الوَاجِبِ والمُمْتَنعِ، والحَاصِلُ
ص: 530
إنَّ المِثْلينِ إنْ كَانَ أوَّلُهُمَا ساكِنًا والثَّانِي مُتحرِّكًا يجِبُ الإِدْغامُ مُطلقًا فِي الهمْزتيْنِ/170 وفِي الواويْنِ والياءيْنِ عَلَى مَا فصَّلناهُ، وإنْ كَانَ عكسُ ذلِكَ يمْتنعُ، وإنْ كَانَا مُتحرِّكينِ وكَانَا فِي كَلِمَةٍ وليْسَ أَحَدُهُمَا للإِلْحاقِ يجبْ سَواءٌ كَانَ مَا قبْلَهُما مُتحرِّكًا أوْ لا حرفَ مدٍّ أوْ لا، إِلاَّ ما استُثنِيَ، وإنْ كَانَ للإِلحَاقِ أوْ وَقَعَ الالْتِباسُ أوْ يكُونُ ما قبْلَ الأوَّلِ ساكِنًا غيْرَ مدَّةٍ فِي كَلِمتيْنِ يمْتَنِعْ، وإنْ كانَ مَا قبْلَهُما مُتحرِّكًا أوْ مدَّةً فِي كَلِمتيْنِ أوْ فِي حُكْمِ الانْفِصالِ يجُوزُ.
(الْمُتَقَارِبَانِ: وَنَعْنِي بِهِمَا مَا تَقَارَبَا فِي الْمَخْرَجِ، أَوْ فِي صِفَةٍ تَقُومُ مَقَامَهُ) فِي الشِّدَّةِ، والرَّخَاءِ، والجَهرِ، والهمْسِ، ونحْوِهَا، ولمَّا كَانَ المقْصُودُ موقُوفًا عَلَى بَيَانِ المَخَارجِ والصِّفاتِ أشَارَ إِلى الأوَّلِ بقَولِهِ:
(وَمَخَارِجُ الْحُرُوفِ سِتَّةَ عَشَرَ تَقْرِيْبًا، وإِلاَّ فَلِكُلٍّ مَخْرَجٌ) فِي الحَقيقَةِ؛ إذِ اخْتِلافُ الحُروفِ إنَّما هوَ بِاخْتِلافِ مَواضِعِ تكوُّنِهَا المُسمَّاةِ بالمَخَارِجِ لا بِمَا هُوَ بِمنْزِلَةِ المادَّةِ لهَا وهُوَ الصَّوتُ السَّاذِجُ؛ لأنَّهُ غيْرُ مخْتَلِفٍ ولا باخْتِلافِ الجَهْرِ والليْنِ ونحْوِهِمَا؛ لأَنَّ الحرْفَ الواحِدَ قدْ يُجْهرُ ويُخْفَى(1).
(فَلِلْهَمْزَةِ وَالْهَاءِ وَالأَلِفِ أَقْصَى الْحَلْقِ) هَذا تَرتِيبُ سيبويهِ(2) منْ أَقْصَى الحَلْقِ مُتدرِّجًا إِلى أنْ ينْتَهِيَ إِلى مَا مخْرجُهُ الشَّفَةُ، وهُوَ صَرِيحٌ فِي أنَّ مخْرَجَ
ص: 531
الهَاءِ أقْصَى مِنْ مَخْرجِ الألِفِ عنْدَهُ، وذَهَبَ الأَخْفشُ(1) إِلى أنَّ مخْرَجَهُمَا واحِدٌ، وأَبُو حيَّان(2) إِلى أنَّ مخْرجَهُمَا واحِدٌ.
(وَلِلْعَيْنِ وَالْحَاءِ وَسَطُهُ) وَسَطُ الحلْقِ والحَاءِ أَدْنَى إِلى الفَمِ خِلافًا للمهْدَويِّ(3) والشرع(4).
(وَ لِلْغَيْنِ وَالْخَاءِ) المُعجَمَتيْنِ (أَدْنَاهُ) عَلَى التَّرتِيبِ عنْدَ سيبويهِ خِلافًا للمكِّي(5) وقَالَ الخَليلُ: "وأَقْصَى الحُروفِ كُلِّهَا فِي الحلْقِ العيْنُ، وأرْفَعُ منْهَا
ص: 532
الحَاءُ، وبعْدَهَا الهَاءُ، ثُمَّ بعْدَهُمَا إِلى الفَمِ الغيْنُ والحَاءُ، والخَاءُ أرْفَعُ منَ الغيْنِ المُعْجمةِ"(1).
(وَلِلْقَافِ أَقْصَى الْلِسَانِ وَمَا فَوْقَهُ مِنَ الْحَنَكِ) الأعْلَى (وَ لِلْكَافِ مِنْهُمَا) مِنْ أقْصَى اللِسَانِ ومَا فوْقَهُ (وَمَا يَلِيْهِمَا) منْ جَانِبِ الفَوقِ وعِنْدَ الشرعِ، مَخْرَجُ الكَافِ مخْرجُ القَافِ، ومخْرَجُها أقْصَى مِمَّا ذَكَرَ بلْ قَريْبٌ منْ مخْرَجِ الخَاءِ المُعْجَمَةِ.
(وَ لِلْجِيْمِ وَالشِّيْنِ) المعْجَمَةِ (وَالْيَاءِ)(2)التَّحتانيَّةِ (وَسَطُ الْلِسَانِ، وَمَا فَوْقَهُ مِنَ الْحَنَكِ)، الأوَّلُ أقْربُ إِلَى الحَلْقِ والثَّالثُ إِلى خَارِجِ الفَمِ.
(وَلِلضَّادِ) المُعجَمَةِ (أَوَّلُ إِحْدَى حَافَّتَيْهِ) جانِبيْهِ (وَ مَا يَلِيْهِمَا مِنَ الأَضْرَاسِ)(3) والمُرادُ بأوَّلِ الحَافَّةِ مَا يَلِي أَصْلَ اللِسَانِ، والأكثَرُ يُخرِجُونهُ منَ الأيْسَرِ(4)خِلافًا لسيبويهِ(5)، والسِّيرافيِّ(6).
والأَضْراسُ ستَّةَ عَشَرَ سِنًّا، خَلْفَ الضَّواحِكِ ثمانِيةٌ منْهَا فِي الفكِّ الأعْلَى يَمِينًا وَيَسَارًا، وثَمانِيةٌ منْهَا فِي الأسْفلِ كك، ثَلاثٌ منْهَا فِي كُلِّ جِهَةٍ منْ فوْقٍ وتحْتٍ أي: اثْنَي عَشَرَ منْهَا يُسمَّى طَواحِنٌ، والأرْبعُ الأخيْرةُ أَضْراسُ العَقْلِ، والضَّواحِكُ أرْبعٌ فِي الأَعْلَى، والأَسفَلُ كَذلِكَ خَلْفَ الأنْيابِ وهِيَ أَربعٌ كك خَلْفَ
ص: 533
الرُّباعيَّاتِ وهِي أرْبعٌ كك خَلْفَ الثَّنَايَا، وهِيَ أَرْبعٌ: اثْنانِ منْهَا مُتَلاصِقٌ منْ قُدَّامٍ ومنْ فوْقٍ، واثْنانِ منْهَا كك مِنْ تحْتِ، والْمجْمُوعُ اثْنانِ وثلاثُونَ.
(وَلِلامِ مَا دُونَ طَرَفِ الْلِسَانِ) مَا يقْرُبُ رأْسَهُ (إِلَى مُنْتَهَاهُ) أي: رأْسُهُ (وَ مَا فَوْقَ ذلِكَ) منَ الحَنَكِ، وعنْدَ سيبويهِ(1)، ومَنْ تَبِعَهُ كصَاحِبِ المُفصَّلِ(2) مِنْ بيْنَ أَدْنَى حَافَّةِ اللِسانِ إِلى مُنْتَهَى طَرَفِهِ وبيْنَ مَا يلِيهَا مِنَ الْحَنكِ الأَعْلَى مِمَّا فوْقَ الضَّاحِكِ والنَّابِ والرُّباعيَّةِ، والثَّنيةُ لا مِنْ نفْسِ الِلسانِ وحافَّةِ اللِسانِ.
(وَ لِلرَّاءِ مِنْهُمَا) مِمَّا دونَ ذلِكَ (مَا يَلِيْهِمَا) منْ جانِبِ رأْسِ اللِسَانِ (وَ لِلنُّونِ مِنْهُمَا مَا يَلِيْهِمَا) فالنُّونُ أقْربُ إِلَى رأْسِ اللِسانِ مِنَ الرَّاءِ (وَ لِلطَّاءِ وَ الدَّالِ وَ التَّاءِ) الفوقانيَّةِ (طَرَفُ الْلِسَانِ وَ أُصُولُ الثَّنَايَا وَ لِلصَّادِ وَ الزَّاءِ) المُعجَمَةِ (وَ السِّيْنِ طَرَفُ الْلِسَانِ وَالثَّنَايَا) مِنْ غيْرِ أنْ يتَّصِلَ طَرَفُ اللِسانِ بِالثَّنَايَا (وَ لِلظَّاءِ وَ الذَّالِ) المُعجَمَتيْنِ (وَ الثَّاءِ) المثلَّثةِ (طَرَفُ الْلِسَانِ وَ طَرَفُ الثَّنَايَا) العُلْيَا، أي: رؤُوسُهَا ولمْ تقُلِ الثِّنيتيْنِ؛ لأنَّ التلفُّظَ بالجمْعِ أَخفُّ، والمُرادُ معْلُومٌ كَذا فِي شَرْحِ المُفصَّلِ(3)، والجمْعُ باعْتِبارِ الأَشخَاصِ.
ص: 534
(وَ لِلْفَاءِ بَاطِنُ الشَّفَةِ السُّفْلَى وَ طَرَفُ الثَّنَايَا الْعُلْيَا)، وقَالَ الفَرَّاءُ(1) مَا بيْنَ الشَّفَتيْنِ (وَ لِلْبَاءِ وَ الْمِيْمِ وَ الْوَاوِ مَا بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ) قَالَ الخَلِيلُ(2) الفَاءُ، والبَاءُ والمِيمُ شَفَويَّةٌ، واليَاءُ والواوُ والأَلفُ والهمْزَةُ هوائيَّةٌ.
(وَمَخْرَجُ الْمُتَفَرِّعِ) عَلَى الحُروفِ المذْكُورةِ (وَاضِحٌ) فإِنَّهُ حَرفٌ يحْدِثُ/171مِنْ إشْرابِ صوتِ غيْرِهِ (وَالْفَصِيْحُ ثَمَانِيَةٌ: هَمْزَةُ بَيْنَ بَيْنَ) وهِيَ (ثَلاثَةٌ) بيْنَ الهمْزةِ والأَلفِ بينَهَا وبيْنَ الواوِ وبينَهَا وبيْنَ اليَاءِ.
(وَ النُّونُ الْخَفِيَّةُ) المُخْرجَةُ عنِ الخيْشُومِ (نَحْوُ: عِنْدَكَ) ونُقِلَ عنْ سيبويهِ الخفِيفَةُ(3)؛ لسُكُونِهَا.
(وَ أَلِفُ الإِمَالَةِ) نحْوُ: رَمَى، وَسمَّاهَا سيبويهِ ألِفَ التَّرخِيمِ(4) (وَلامُ التَّفْخِيْمِ) وهِيَ الواقِعَةُ بعْدَ الصَّادِ أوِ الطَّاءِ أوِ الظَّاءِ بِشَرْطِ فتْحِهَا أوْ سُكونِهَا نَحْوُ: يَصْلَوْنَ، وطَلَّقْتُمْ وأَظْلَمَ، وقِيلَ بعْدَ الضَّادِ أيضًا نحْوُ: ضَلَلْتُمْ، وقِيْلَ بيْنَ الحرْفيْنِ المُسْتعْلَيْنِ أيْضًا، نحْوُ: خَلَطُوا، وخَلَصُوا، وكَذا لامُ اللهِ إِذا كَانَ بعْدَ
ص: 535
ضمَّةٍ أوْ فتْحةٍ وذَكَرَ سيبويهِ(1) ألِفَ التَّفْخيمِ فِي المُسْتحسَنَةِ وهِي التِي يُنْحَى بِهَا نَحْوُ الوَاوِ كالصَّلوةِ، والزَّكوةِ، والحيَوةِ، وهِي لُغَةُ الحِجَازييْنَ، ولِذَا تُكْتَبُ بِالواوِ عِنْدَهُمْ.
(وَالصَّادُ كَالزَّاءِ)(2)المُعجَمَةِ، نَحوُ صَدَقَ (وَالشِّيْنُ) المُعجَمَةُ (كَالْجِيْمِ)(3)إِذَا كانَتْ ساكِنةً قبْلَ الدَّالِ كمشْدُودٍ.
(وَأَمَّا الصَّادُ كَالسِّيْنِ)(4) كسُبْغٍ فِي صُبْغٍ (وَالطَّاءُ كَالتَّاءِ)(5) كسُلتَانٍ فِي سُلْطانٍ (وَالْفَاءُ كَالْبَاءِ) وهِي كَثِيرةٌ فِي العَجَمِ(6) (وَالضَّادُ) المُعْجمةُ (الضَّعِيْفَةُ)(7) المائِلَةُ إِلى الظَّاءِ المُعجَمَةِ (وَالْكَافُ كَالْجِيْمِ)(8) كجَافِرٍ فِي كَافِرٍ (فَمُسْتَهْجَنَةٌ) لِمَا سَيجيءُ,
ص: 536
(وَأَمَّا الْجِيْمُ كَالْكَافِ) كرَكُلٍ فِي رَجُلٍ (وَالْجِيْمُ كَالشِّيْنِ) المُعجَمَةِ كشَمَلٍ فِي جَمَلٍ (فَلا يَتَحَقَّقُ)(1)؛ لِعَدَمِ الفَرْقِ بيْنَهُ وبيْنَ الشِّينِ كَالجِيْمِ والكَافِ كالجِيمِ، وإِلى الأَشْهرِ منَ الثَّانِي بِقَولِهِ:
(وَمِنْهَا الْمَجْهُورَةُ، وَالْمَهْمُوسَةُ، وَمِنْهَا الشَّدِيْدَةُ، وَالرَّخْوَةُ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمِنْهَا الْمُطْبِقَةُ، وَالْمُنْفَتِحَةُ، وَمِنْهَا الْمُسْتَعْلِيَةُ، وَالْمُنْخَفِضَةُ، وَمِنْهَا حُرُوفُ الذَّلاقَةِ، وَالْمُصْمِتَةُ، وَمِنْهَا حُرُوفُ الْقَلْقَلَةِ، وَالصَّفِيْرِ، وَالْلَيِّنَةُ، وَالْمُنْحَرِفُ، وَالْمُكَرَّرُ، وَالْهَاوِي، وَالْمَهْتُوتُ، فَالْمَجْهُورَةُ مَا يَنْحَصِرُ جَرْيُ النَّفَسِ مَعَ تَحَرُّكِهِ) وتكَرُّرِهِ فإنَّ النَّفَسَ مَرْكِبُ الصَّوتِ فإِذَا قَوِيَ اعْتِمَادُ النُّطقِ عَلَى مَخْرَجِ الحرْفِ حلْقيًّا كَانَ أمْ غيْرَهُ يَحْبِسُ النَّفَسَ والصَّوتَ فَلا بُدَّ فِي الإِسْماعِ مِنَ الاتْباعِ بِصوْتٍ مِنَ الصَّدْرِ؛ لِتُفْهَمَ فيَحْصِلُ الجهْرُ وارتِفاعُ الصَّوتِ، وإِنِّمَا قَالَ (مَعَ تَحَرُّكِهِ)؛ لأنَّ التَّكْرارَ مَعَ السُّكونِ مُحالٌ، وإنِّمَا قُلنَا بِتكرُّرِهِ؛ لأنَّ النَفَسَ يجْرِي عُقيْبَ الواحِدِ بِلا فصْلٍ وظُنَّ أنَّهُ مَعَهُ وليْسَ حَابِسًا لَهُ(2).
(وَهِيَ مَا عَدَا حُرُوفَ سَتَشْحَثُكَ خَصَْفَهْ)، يجْمَعُهُ (ظلّ قَوٍّ رَبض إذْ رَبض إذْ غَزَا جُندٌ مُطيعٌ) والشحْثُ الإِلحاحُ(3)، وخَصفَةٌ اسمُ امرأَةٍ، والقَوُّ بالفتْحِ، المَكَانُ الخَالِي، والرَّبضُ الحَظِيرةُ(4).
ص: 537
(وَالْمَهْمُوسَةُ بِخِلافِهَا) يجْرِي كمَا يجْرِي الصَّوتُ، والهمْسُ الإِخْفاءُ (وَمَثَلاً بَققَقَ وَكَكَكَ) فإِنَّ النَفَسَ يُحبَسُ فِي كُلٍّ مِنَ الأوَّلِ ويخْرُجُ معَ جهْرٍ وصوْتٍ بِخِلافِ الثَّانِي مَعَ قُرْبِ مخْرَجِ القَافِ والكَافِ فكيْفَ بِالمُتَبَاعِديْنِ.
(وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فَجَعَلَ الضَّادَ، وَالظَّاءَ، وَالذَّالَ، وَالزَّاءَ) المُعجَمَاتِ (وَالْعَيْنَ، وَالْغَيْنَ، وَالْيَاءَ) التَّحتانيَّةَ (مِنَ الْمَهْمُوسَةِ، وَالْكَافَ، وَالتَّاءَ مِنَ الْمَجْهُورَةِ، وَرَأَى أَنَّ الشِّدَّةَ تُؤَكِّدُ الْجَهْرَ) وهُمَا مِنَ الشَّدِيدةِ فَيَكُونَا مِنْهُما.
(وَالشَّدِيْدَةُ مَا يَنْحَصِرُ جَرْيُ صَوْتِهِ عِنْدَ اسْكَانِهِ) لا تحرُّكِهِ كالمجْهُورةِ، فليْسَ الأمْرُ كمَا رَأَى، وقولُهُ (فِي مَخْرَجِهِ) مُتَعلِّقٌ ب-(يَنْحَصِرُ) (فَلا يَجْرِي)/172 جَريَ الرَّخوةِ وَمَا بينَهُمًا،(يَجْمَعُهَا أَجِدُكَ قَطَبْتَ) مِنَ القُطُوبِ، وهُوَ العُبوسُ، أوْ منْ قَطَبَ الشَّرابَ إِذَا مَزَجَهُ بِغَيْرِهِ(1).
(وَالرَّخْوَةُ بِخِلافِهَا وَمَا بَيْنَهُمَا مَا لا يَتِمُّ الانْحِصَارُ، وَلا الْجَرْيُ، وَيَجْمَعُهَا لَمْ يَرُوْعُنَا، وَمُثِّلتْ) بِتلْكَ الثَّلاثِ عَلَى التَّرتِيبِ (بِالْحَجِّ، وَالطَّشِّ(2)، وَالخَلِّ) بِسُكونِ أَواخِرِهَا؛ فإنَّكَ تَجِدُ صَوتَكَ فِي الأوَّلِ محْصُورًا ساكِنًا بحيْثُ لا يتمكَّنُ مِنْ مَدِّ صوْتِكَ، وفِي الأَخِيْرِ جَارِيًا وفِي الوَسَطِ مُتوسِّطًا.
(وَالْمُطْبَقَةُ مَا يَنْطَبِقُ عَلَى مَخْرَجِهِ الَحَنَكُ) ومَا فِي حُكمِهِ مِنَ الأَضْراسِ كَمَا فِي الضَّادِ المُعجَمَةِ أي: يَصِيرُ كَالطَّبَقِ عليْهِ وهذه التَّسميةُ مَجازٌ؛ لأنَّ تلْكَ الحُروفَ مُطْبَقٌ عليْهَا(3)(وَهِيَ الصَّادُ، وَالضَّادُ، وَالطَّاءُ، وّالظَّاءُ، وَالْمُنْفَتِحَةُ بِخِلافِهَا) ينْفَتِحَ مَا بيْنَ اللِسانِ والحَنَكِ عنْدَ النُّطقِ بِهَا، وهِيَ مَا عَدَاهَا.
ص: 538
(وَالْمُسْتَعْلِيَةُ مَا يَرْتَفَعُ الْلِسَانُ بِهَا إِلَى الْحَنَكِ) عنْدَ النُّطقِ بِهَا (وَهِيَ الْمُطْبَقَةُ، وَالْخَاءُ، وَالْغَيْنُ) الْمُعجَمَتانِ (وَالْقَافُ) يجْمَعُها (قظ فص ضغط) وهَذهِ الثَّلاثُ وإنِ ارْتَفَعَ بِهَا الْلِسانُ لكنْ لا يَصِلُ إِلى حَدِّ الإِطْباقِ (وَالْمُنْخَفِضَةُ بِخِلافِهَا) وهِيَ غيْرُهَا.
(وَحُرُوفُ الذَّلاَقَةِ مَا لا يَنْفَكُّ رُبَاعِيٌّ أَوْ خُمَاسِيٌّ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا؛ لِسُهُولَتِهَا)؛ لِسُهولَةِ تلْكَ الحُروفِ عَلَى اللِسانِ وسُرعَةِ النُّطقِ بِهَا، والذَّلاقَةُ بِمعْنَى الخِفَّةِ(1) (وَيَجْمَعُهَا مُرْ بِنَفَل)، والنَفَلُ بالتَّحْريكِ الغنِيمَةُ(2)(وَالْمُصْمِتَةُ بِخِلافِهَا) أي: حُروفُ الذَّلاقَةِ، والمُصمِتُ مَا لا جوْفَ لَهُ فيكُونُ ثَقِيلاً؛ سُمِّيتْ بِهَا لِثِقَلِهَا عَلَى اللِسانِ أوْ (لأَنَّهُ صُمِتَ عَنْهَا فِي بِنَاءٍ رُبَاعِيٍّ أَوْ خُمَاسِيٍّ مِنْهَا) بأَنْ يكُونَ جَمِيعُ حُروفِهِ منْها إِلاّ نَادِرًا كالعسْجَدِ(3)، والدَّهْدَقَةِ(4)، والزَّهْزَقَةِ(5)، والعَسْطُوسِ(6).
(وَحُرُوفُ الْقَلْقَلَةِ مَا يَنْضَمُّ إِلَى الشِّدَّةِ) الكَائنَةِ (فِيْهَا ضَغْطٌ) عَصْرٌ (فِي الْوَقْفِ)، والقلقلَةُ صَوتُ الأَشياءِ اليَابِسةِ، وجَاءَ قلقَلَهُ بِمعْنَى حَرَّكَهُ (وَيَجْمَعُهَا قَدْ طُبِجَ)، والطَبَجُ بالجِيمِ، الضَّربُ علَى الشَّيءِ الأجْوفِ كالطَّبلِ(7)، وأمَّا الذَّالُ،
ص: 539
والزَّاءُ، والضَّادُ، والظَّاءُ المُعجمَاتُ يخْرُجُ معَهَا فِي الوقْفِ مِثْلُ النَّفْحَةِ، ولمْ يَصِلْ إِلى حَدِّ الضَّغْطِ.
(وَحُرُوفُ الصَّفِيْرِ مَا يُصْفَرُ بِهَا)؛ لأنَّهَا خَارِجةٌ منْ بيْنِ الثَّنايَا وطَرَفِ اللِسانِ فُيحْصَرُ الصَّوتُ ويُسمَعُ/173صوتٌ يِشْبِهُ الصَّفِيرَ (وَهِيَ الصَّادُ، وَالزَّاءُ) المُعْجمةُ (وَالسِّيْنُ).
(وَالْلَيِّنَةُ: حُرُوفُ الْلِيْنِ) تَخْرُجُ بِلا كُلفَةٍ عَلَى اللِسَانِ؛ لاتِّسَاعِ مَخَارِجِهَا، وهِيَ كَمَا مَرَّ: الأَلِفُ والوَاوُ واليَاءُ بِشرْطِ فتْحِ مَا قبْلَهَا.
(وَالْمُنْحَرِفُ: الْلامُ) يُسمَّى بهِ؛ (لأَنَّ الْلِسَانَ يَنْحَرِفُ بِهِ) إِلى داخِلِ الحَنَكِ.
(وَالْمُكَرَّرُ: الرَّاءُ) يُسمَّى بِهِ؛ (لِتَعَثُّرِ الْلِسَانِ بِهِ) عِنْدَ الوقْفِ، أي: انزِلاقُهُ.
(وَالْهَاوِي: الأَلِفُ) أي: ذا الهواءِ كالابن يُسمَّى بهِ؛ (لاتِّسَاعِ هَوَاءِ الصَّوْتِ بِهِ).
(وَالْمَهْتُوتُ: التَّاءُ)، وعنْدَ الخَليلِ(1)، وأَبِي الفتْحِ(2) الهَاءُ تُسمَّى بِهِ؛ (لِخَفَائِهَا) وسُرعَةِ النُّطقِ بِهَا بِلا صُعوبَةِ، والهَتُّ اسْراعُ الكَلامِ.
ولمَّا فَرَغَ عَنْ بَيَانِ المَخَارِجِ والصِّفاتِ ذَكَرَ مُقدِّمةً لِبَيَانِ كيْفَيَّةِ الإِدغامِ، ومُقدِّمةً لِبَيَانِ مَا لَمْ يَجُزْ إدْغامُهُ فِي مُقَارَنَةٍ، وأَشَارَ إِلى الأوَّلِ بِقَوْلِهِ:
(وَمَتَى قُصِدَ إِدْغَامُ الْمُتَقَارِبَيْنِ فَلا بُدَّ مِنَ الْقَلْبِ(3)) قَلْبِ أَحَدِهِمَا إِلى الآخَرِ؛ لِيَصِيرا مِنْ جنْسٍ واحِدٍ فتُدغَمُ (وَالْقِيَاسُ قَلْبُ الأَوَّلِ) منْهُمَا؛ لأنَّهُ
ص: 540
يتغيَّرُ بِالسُّكونِ فهُوَ أوْلَى بالتَّغْييرِ (إِلاَّ لِعَارِضٍ) فيُقلَبُ الثَّانِي كمَا (فِي نَحْوِ: اذْبَحَّتُوْدًا) فِي اذْبَحْ عَتُودًا، وهُوَ ولَدُ المَعْزِ(1)،(وَاذْبَحَّاذِهِ) فِي اذْبَحْ هَذهِ؛ فإنَّ الحَاءَ فيْهِمَا لمْ تُقلبْ عيْنًا ولا هاءً بلْ عُكِسَ الأمْرُ؛ لأنَّ حرْفَ الحلْقِ أعْلاهَا أخفُّ من أنَْزلِهَا فِي الحلْقِ، والمقْصُودُ مِنَ الإِدْغامِ التَّخْفِيفُ(2)(وَفِي جُمْلَةٍ) أي: إِلاَّ لِعارضٍ فِي جُملةِ الحُروفِ المُبدَلةِ (مِنْ تَاءِ الافْتِعَالِ)، فإنَّ الأوَّلَ لا يُقلبُ (لِنَحْوِهِ) لنحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ السَّبَبِ، وهوَ الأخفيَّةُ فإنَّ مَا قبْلَ تَاءِ الافْتِعَالِ فِي تلْكَ الصُّورِ أَخفُّ منْ تَاءِ الافتِعَالِ (وَلِكَثْرَةِ تَغَيُّرِهَا) تغيُّرِ تَاءِ الافتعَالِ لغيْرِ الإدْغامِ أيْضًا ك-(اضْطَرَبَ واصْطَبَرَ) فيُقالُ فِي اسْتَمَعَ اسَّمَعَ لا اتَّمَعَ.
(وَمَحُّمْ) بِضمِّ الحَاءِ المُشدَّدةِ (فِي مَعَهُمْ ضَعِيْفٌ) نُقِلَ عنْ بعْضِ بَنِي تَمِيمٍ(3) بِقلْبِ الهَاءِ والعيْنِ حَاءً(وَسِتٌّ أَصْلُهُ سِدْسٌ)(4) بِدليلِ سُديْسٍ وأَسداسٍ (شَاذٌّ) كمحُّمْ (لازِمٌ)؛ لأنَّ اتِّحادَ الفَاءِ والْلامِ قَليلٌ مُستكْرهٌ سِيْمَا معَ كثْرَةِ استعْمَالِ اللفْظِ، ولوْ قُلبتْ دالُهُ سيْنًا لَزَمَ اجتِماعُ ثَلاثِ سيْناتٍ، ولَوْ عَكَسَ زَالَ فَضيلةُ صفِيرِ السِّينِ فقُلِبَا ثالِثًا يُناسِبُهُمَا فِي المخْرَجِ والهمْسِ/174، وإِلى الثَّانِي بقوْلِهِ:
ص: 541
(وَلا يُدْغَمُ(1)مِنْهَا) مِنَ الحُروفِ المُتقارِبَةِ إنْ وَقَعَ اثْنانِ مِنْهَا (فِي كَلِمَةٍ) واحِدةٍ سَواءٌ كَانَ أُوَّلُهُما سَاكِنةً أوْ متحرِّكةً (مَا يُؤَدِّي إِلَى لَبْسٍ بِتَرْكِيْبٍ آخَرَ، نَحْوُ: وَطَدَ) الرَّجُلُ، أي: حَكَمَ(2)(وَوَتَدَ) أي: ضَرَبَ الوَتَدَ(3)( وَشَاةٍ زَنْمَاءَ)(4)المَزنِمَةُ شيْءٌ يُقْطَعُ مِنْ أُذْنِ الشَّاةِ والبعِيرِ فيُتركُ مُعلَّقًا(5)؛ فإنَّه لوْ أدْغمْتَ الطَّاءَ والتَّاءَ فِي الدَّالِ والنُّونَ فِي المِيمِ لمْ يعْلَمْ أنَّهُما غيْرانِ فِي الأَصْلِ أمْ لا، وكَذا قِنْوانٌ، وصِنْوانٌ، وبُنْيَانٌ، ودُنْيَا، ونحوِهَا(6)بِخِلافِ مَا إِذَا وَقَعَتَا فِي كَلِمتيْنِ نحْوُ: أمّا فِي أنْ مَا فإنَّ الكَلِمتيْنِ فِي معرِضِ الانفِكاكِ، واللبْسُ يزُولُ بِهِ.
(وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَقُولُوا: وَطْدًا، وَلا وَتْدًا) بِسُكونِ العيْنِ فِي مصدَرِهَا بلْ قَالُوا: طِدَةٌ وتِدَةٌ كعِدَةٍ (لِمَا يَلْزَمُ مِنْ ثِقَلٍ) لوْ لمْ يُدغَمْ (أَوْ لَبْسٍ) لوْ أُدْغِمَ (بِخِلافِ نَحْوِ: امَّحَى، وَاطَّيَّرَ)، بتشْديدِ المِيمِ فِي الأَوّلِ، والطَّاءِ واليَاءِ فِي الثَّانِي؛ فإنَّهُ لا التِباسَ فيهِمَا إذْ لمْ يجِيءْ (افّعّلَ) بِتشْديدِ الفَاءِ أوِ الفَاءِ والعيْنِ (وَجَاءَ وَدٌّ
ص: 542
فِي وَتِدٍ) بكسْرِ العيْنِ (فِي تَمِيْمٍ)(1) فَإِنَّهُمْ يُسكِّنُونَ عيْنَ نحْوِ كتْفٍ فيُدْغِمُونَهُ بِخِلافِ وَطَدٍ؛ لِفَواتِ فَضِيلةِ الإِطْباقِ.
(وَلَمْ تُدْغَمُ حُرُوفُ (ضَوِيَ مِشْفَرٌ) فِيْمَا يُقَارِبُهَا؛ لِزِيَادَةِ صِفَتِهَا) فَلَوْ أُدْغِمتْ لمْ تُبْقِ عَلَى فَضيلَةِ تلْكَ الصِّفةِ، وأُدْغِمتْ فيْمَا يماثلُهَا لِعَدَمِ فَوَاتِهَا، وصِفَةُ الأوَّلِ الاستِطَالةُ، والثَّانيينِ اللِينُ، والرَّابعُ الغُنَّةُ، والخَامِسُ التَّفَشِّي والانْتِشارُ؛ لِزِيادَةِ رخوتِهَا، والسَّادِسُ التَّأْفِيفُ، وهُوَ صوتٌ يخْرُجُ منَ الفَمِ معَ النُّطقِ بِهَا، والسَّابعُ التَّكرُرُ(2).
(وَنَحْوُ: سَيِّدٍ، وَلَيَّةٍ) فِي سيْوِدٍ، ولَيْوَةٍ بالفتْحِ والسُّكونِ فيْهِمَا(إِنَّمَا أُدْغِمَا) أي: الواوُ واليَاءُ معَ كونِهِمَا منْ هَذهِ الحُروفِ؛ (لأَنَّ الإِعْلالَ) وهُوَ قلْبُ واوِهِمَا يَاءً؛ لاسْتِثقَالِ اجتِماعِهِمَا وسُكونِ السَّابقِ (صَيَّرَهُمَا مِثْلَيْنِ) فأُدْغِمَتَا وُجُوبًا مِنْ بَابِ إِدْغامِ المِثْليْنِ لا المُتَقارِبيْنِ، والأظْهرُ أنَّهُمَا أُدْغِمَتَا؛ لِتَمَاثُلِهِمَا فِي الليْنِ، ومُطَّجِعٌ فِي مضْطَجِعٍ كمَا نَقَلَهُ سيبويهِ(3) عنِ البعْضِ نَادِرٌ.
(وَأُدْغِمَتِ النُّونُ فِي الْلامِ والرَّاءِ؛ لِكَرَاهَةِ نَبْرَتِهَا) وهِيَ رفْعُ صوْتٍ مُستكرْهِهِ لِلسَّمعِ وذَهابِ الغُنَّةِ كمَا ذَهَبَ إِليهِ الأكْثَرُ/175؛ لِتقارِبِهَا معَهُمَا مخْرَجًا وصِفةً، وهِيَ كونُهَا مجهُورةً وبيْنَ الشَّديدَةِ والرَّخوةِ وعدَمِهِ كمَا هُوَ عنْدَ البعْضِ؛ لِصَونِ فَضِيلةِ النُّونِ.
ص: 543
(وَفِي الْمِيْمِ) أيْضًا مَعَ بَقَاءِ غُنَّتِهَا(وَإِنْ لَمْ يَتَقَارَبَا؛ لِغُنَّتِهَا) غُنَّةِ المِيمِ فَهُمَا مِثْلانِ فِي تلْكَ الصِّفَةِ (وَفِي الْيَاءِ(1)) التَّحتانيَّةِ (وَالْوَاوِ) مَعَ عَدَمِ القُرْبِ؛ (لإِمْكَانِ بَقَائِهَا) بَقَاءِ الغُنَّةِ للنُّونِ فَتبْقَى عَلَى فضيْلَتِهَا بِخِلافِ مَا لوْ أُدغِمَتْ فِي الجِيمِ مَعَ قُربِ مَخْرَجِهَا؛ لِمَخْرجِ اليَاءِ، وبعْضُهُمْ يتْرِكُ الغُنَّةَ معَهُمَا اقتِصَارًا فِي الإِدغامِ التَّامِّ عَلَى التَّقَارُبِ فِي المخْرَجِ والصِّفَةِ.
(وَقَدْ جَاءَ (لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ)(2)النور/62،وَ(اغْفِرْ لِي)(3)الأَعراف/151و(نَخْسِفْ بِهِمُ)(4)سبأ/9)أي: إِدغَامُ حُروفِ (ضَوِيَ مِشْفَرٌ)، ولعّلَ المُرادَ هُوَ الإِخفاءُ توسُّعًا وإِلاّ لزَمَ التِقَاءُ السَّاكِنيْنِ عَلَى غيْرِ حَدَّهِ فِي الأوَّلِ (وَلاَ) تُدغَمُ (حُرُوفُ الصَّفِيْرِ فِي غَيْرِهَا)، صَوْنًا لِفَضيلَةِ الصَّفيرِ، ويُدْغمُ بعضُهَا فِي بعْضٍ (وَلاَ الْمُطْبَقَةُ فِي غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ إِطْبَاقٍ عَلَى الأَفْصَحِ) لِمَا مرَّ ومَعَ الإِطباقِ جَوَّزَهُ أبُو عمْرُو(5) فِي(فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ)الزمر/56 (وَلاَ حَرْفُ حَلْقٍ فِي أَدْخَلَ مِنْهُ) فِي الحلْقِ فيلْزَمُ إِدغَامُ الأسْهلِ فِي الأثْقَلِ (إِلاَّ
ص: 544
الْحَاءَ فِي الْعَيْنِ، وَالْهَاءِ)(1) كمَا سَيَجيءُ (وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا فِيْهِمَا) فِي العيْنِ والهَاءِ (اذْبَحَّتُوْدًا، وَاذْبَحَّاذِهِ) بِقلْبِ الثَّانِي أوَّلاً لا العكسُ، بأنْ يقُولُوا: إِذْبّعتُودًا، واذبّهذِهِ رِعايةً للتَّخفِيفِ ولمَّا علِمْتَ المُقدِّمتيْنِ فنشْرَعُ فِي أَحكَامِ الإِدْغامِ مُفصَّلاً عَلَى ترتِيبِ مَخَارِجِ الحُروفِ ونقُولُ:
(فَالْهَاءُ) تُدغَمُ (فِي الْحَاءِ) نحوُ: اجْبَهْ حّاتِمًا(2)؛ لِقُربِ مخْرَجيِهِمَا ولأنَّهُمَا مهمُوسَتَانِ رَخْوتانِ، ولا تُدغَمُ فِي العيْنِ؛ لجهْرِهَا ولا فِي الهَاءِ إِلاَّ علَى قِلَّةٍ نَحْوُ كَهَّ السُّلطَانُ(3)، ولمْ يذكرِ الهمْزةَ ولا الألِفَ؛ لأنَّهُما لا تُدغَمَانِ(4).
(وَالْعَيْنُ فِي الْحَاءِ)؛ لقُربِهِمَا مخرَجًا كارْفَعْ حّاتِمًا، قَالَ سيبويهِ: الإِدغَامُ والإِظْهارُ كِلاهُمَا حَسَنٌ (وَالْحَاءُ فِي الْهَاءِ، وَالْعَيْنِ بِقَلْبِهِمَا حَاءَيْنِ) لِمَا عَلِمْتَ، ولا تُدْغمُ فيْمَا فوقَهَا؛ لأنَّ أقْرَبَهُ إليْهَا مخْرجًا هوَ الغيْنُ المُعجَمَةُ وهِيَ
ص: 545
مجْهُورةٌ، والهَاءُ مهمُوسَةٌ، والبَوَاقِي بعِيدَةٌ عنْهَا(وَجَاءَ (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ)آل عمران/185، بقلْبِ الحَاءِ عيْنًا، رَوَاهُ اليَزِيديُّ(1) عنْ أَبِي عمْرُو(2).
(وَالْغَيْنُ فِي الْخَاءِ، وَالْخَاءُ فِي الْغَيْنِ)(3) المُعجمَتَينِ، نحوُ: أبلِغْ خَلِيلي، واسْلَخْ غَنَمكَ، بقلْبِ/176 الأوَّلِ ثانِيًا مَعَ كوْنِ العيْنِ أدْخَلَ فِي الحلْقِ؛ لأنَّ مخرجَهُمَا قَرِيبٌ منَ اللِسَانِ فَكَانَ حُكْمُهُمَا غيْرَ حُكْمِ سَائِرِ حُروفِ الحلْقِ؛ ولِذَا لمْ يجُزْ ذلِكَ فِي الحَاءِ والعيْنِ(4).
(وَالْقَافُ فِي الْكَافِ،وَالْكَافُ فِي الْقَافِ) نحوُ:(خَلْقُكُمْ)(5) لقمان/28و(لَكَ قَالَ )البقرة/30؛ لِقُربِ مخْرَجيْهِمَا، وتقارُبُهُمَا فِي الشِّدَّةِ والبَيَانِ فِي الجمِيعِ أَحْسَنُ إِلاَّ فِي القَافِ فِي الكَافِ.
ص: 546
(وَالْجِيْمُ فِي الشِّيْنِ)(1)المُعجَمَةُ؛ لقُربِهِمَا فِي المخْرَجِ نحوُ:اَخْرِجْ شيئاً ولا تُدْغمُ فِي اليَاءِ؛ لِقلَّةِ تَقارُبِهِمَا ولا الشِّينُ فِي الجِيْمِ، ولا فِي اليَاءِ التَّحتانيَّةِ، ولا هَذهِ فِي أحَدِهِمَا؛ لأنَّ الشِّينَ واليَاءَ منْ حُروفِ (ضَوِيَ مِشْفَر)، وأَدْغَمَ أَبُو عمْرُو الجيْمَ فِي التَّاءِ الفوقانيَّةِ فِي قولِهِ تعالى(ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ)(2) المعارج/3-4، والشِّينَ فِي السِّينِ فِي قولِهِ تعالى (ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً)الإسراء/42، والسِّينَ فِي الشِّينِ فِي قولِهِ (الرَّأْسُ شَيْباً) (3)مريم/4 والضَّادَ المعجَمَةَ فِي الشِّينِ فِي قولِهِ تعالى (لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ)النور/62، وجَاءَ إِدغَامُ التَّاءِ فِي الجيْمِ فِي (وَجَبَتْ جُنُوبُهَا)(4)الحج/36، والجمِيْعُ نادِرٌ.
(وَالْلامُ الْمُعَرِّفَةُ تُدْغَمُ وُجُوبًا فِي مِثْلِهَا) فِي الْلامِ مِثلَ اللحْمِ والْلَبَنِ (وَفِي ثَلاثَةَ عَشَرَ حَرْفًا)وهِيَ التَّاءُ، والثَّاءُ، والنُّونُ، والدَّالُ إِلى الظَّاءِ؛ لِمُشابَهَةِ هَذهِ الحُروفِ اللامَ فِي كونِهَا مِنْ طَرَفِ اللِسَانِ إِلاّ الضَّادَ والشِّينَ المعجمتَينِ،
ص: 547
والأُولَى لِرَخاوَتِهَا اسْتَطَالَتْ حَتَّى اتَّصَلَتْ بِمَخْرَجِ اللامِ، والثَّانِيةُ بِمَخْرَجِ الطَّاءِ (وَغَيْرُ الْمُعَرِّفَةِ لازِمٌ) إدْغامُها(فِي نَحْوِ: بَلْ رَانَ)(1)المطفِّفين/14، فِي لامِ بلْ، وهَلْ، وقُلْ معَ الرَّاءِ فِي القُرآنِ، وفِي غيْرِهِ لا (وَجَائِزٌ فِي الْبَوَاقِي)(2) لكنْ فِي التَّاءِ، والدَّالِ، والزَّاءِ المُعجمَةِ، والسِّينِ، والصَّادِ، والطَّاءِ أَحْسَنُ ثُمَّ فِي الثَّاءِ المثلَّثةِ، والظَّاءِ، والذَّالِ المُعجَمَتينِ، ثُمَّ فِي الضَّادِ، والشِّينِ المُعجَمَتيْنِ، وفِي النُّونِ قَبِيْحٌ.
(وَالنُّونُ السَّاكِنَةُ تُدْغَمُ وُجُوبًا فِي حُرُوفِ يرمُلُون)إلاَّ (قِنْوَانٌ)الأنعام/99، و(صِنْوَانٌ)الرعد/4، و(بُنْيَانٌ)الصف/4، ودنيا(وَالأَفْصَحُ إِبْقَاءُ غُنَّتِهَا) غُنَّةِ النُّونِ (فِي الْوَاوِ، وَالْيَاءِ، وَذَهَابُهَا(3)) ذَهَابُ غنَّتِهَا (فِي الْلامِ، وَالرَّاءِ) وفِي المِيمِ، والنُّونُ تبْقَى بِلا خِلافٍ، ورَوَى خَلَفٌ عنْ حمْزَةَ الإِدغامَ بِدونِ الغُنَّةِ فِي الوَاوِ واليَاءِ، وإنَّمَا أظْهَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ القُرّاءِ - منْهُمْ حَفْصٌ(4)- النُّونَ فِي (يس*
ص: 548
وَالْقُرْءَانِ)يس/1-2، وحَمْزةُ النُّونَ فِي (طَسم)(1)الشُّعراءُ/1، للإِشعارِ بِنيَّةِ الوقْفِ فِي أَسْماءِ حُروفِ التَّهجِّي (وَتُقْلَبُ مٍِيْمًا) إِذَا وَقَعَتْ (قَبْلَ الْبَاءِ) الموحَّدةِ/177(وَتَخْفَى فِي غَيْرِ حُرُوفِ الْحَلْقِ) التِي تظْهَرُ منْهَا فِي غيْرِ هَذهِ السَّبْعِ (فَتَكُونُ لَهَا خَمْسَةُ(2)أَحْوَالٍ) الإِدغامُ معَ الغُنَّةِ، ومَعَ ذَهَابِهَا، والقَلْبُ، والإِظهارُ، وحَالةٌ بيْنَ الإِدغَامِ والإِظهارِ تُسمَّى بالإِخْفاءِ (وَ) النُّونُ (الْمُتَحَرِّكَةُ تُدْغَمُ) بعْدَ إِسْكانِهَا (جَوَازًا) فِي حُروفِ (يَرْمَلُونَ) عَلَى التَّفْصِيلِ المذْكُورِ، ويظْهَرُ فِي البَواقِي، وجَوَّزَ سيبويهِ(3) إخْفاءَهَا بعْدَ سكُونِهَا فيْمَا يُخْفَى فيْهَا السَّاكِنةُ قِياسًا لكنِّهُ صرَّحَ بأنَّهُ غيْرُ مسْمُوعٍ.
(وَالطَّاءُ، وَالدَّالُ، وَالتَّاءُ) الفوقَانيَّةُ (وَالظَّاءُ، وَالذَّالُ، وَالثَّاءُ)(4)المُثلَّثةُ (تُدْغَمُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ)؛ لِقُربِ مَخارِجِهَا واشتِرَاكِهَا فِي الصَفِيرِ إِلاّ تَاءَ (افْتَعَلَ، وتَفعَّلَ، وتَفَاعَلَ) وسيجيءُ حكْمُهَا(وَفِي الصَّادِ، وَالزَّاءِ) المُعجَمَةِ (وَالسِّيْنِ) أيْضًا بِخِلافِ العكْسِ لِلقُربِ وعَدَمِ الصَّفيرِ، وفِي الشِّينِ والضَّادِ المُعجَمَتينِ أيْضًا.
ص: 549
(وَالإِطْبَاقُ فِي(1)فَرَّطْتُ) ونحْوِهِ ك-(أحطْتُ) وبسطْتُ (إِنْ كَانَ مَعَ إِدْغَامٍ) صَرِيحٌ بأنْ تُقلبَ الطَّاءُ تاءً، وتُدغَمُ فِي التَّاءِ كمَا مَضَى تجويزُهُ منْ أَبِي عمْرُو(فَهُوَ) غَيْرُ ثَابِتٍ عنْدَ المُحقِّقينَ(2)؛لأنَّهُ (إِتْيَانٌ بِطَاءٍ أُخْرَى،وَجَمْعٌ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ)؛ لأنَّ الطَّاءَ السَّابِقَةَ أُبدِلَتْ تَاءً فَلا بدَّ منْ طَاءٍ أُخْرَى؛ لتبْقَى فَضِيلةُ الإِطباقِ، وهِي سَاكِنةٌ، والتَّاءُ المُدغمَةُ المُبدلةُ عنِ الطَّاءِ السَّابقَةِ أيْضًا سَاكِنةٌ، فالْتَقَى السَّاكِنانِ، فالمُرادُ مِنَ الإِدغَامِ فيْهِ هُوَ الإِخفَاءُ تَوسُّعًا.
(بِخِلافِ غُنَّةِ النُّونِ فِي مَنْ يَقُولُ) ونحْوِهِ؛ فإنَّهَا باقِيةٌ معَ إِدغامِ النُّونِ فيْمَا لا غُنَّةَ فيْهِ لانَّهَا صَوتٌ يخْرُجُ منَ الخيْشُومِ، والنُّونَ مِنَ الفمِ فيُمكنُ تحقُّقُ الغُنَّةُ بِدونِهَا بأنْ تُشرَبَ اليَاءُ المضعَّفَةُ غُنَّةً فِي الخيْشُومِ، وإِنْ لمْ يتحقَّقِ النُّونُ بِلا غُنَّةٍ، والتَّاءُ المُضعَّفةُ لا يمْكِنُ أنْ تُشرَبَ إطْباقًا.
(وَالصَّادُ، وَالزَّاءُ) المُعْجَمَةُ (وَالسِّيْنُ تُدْغَمُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ)(3)؛ لِقُربِ مَخارِجِهَا واشتِراكِهَا فِي الصَّفِير، وفِي بعْضِ النُّسخِ:(فإنْ أُدغِمَتِ الصَّادُ فِي أُخْتَيْهَا فَالأَوْلَى إِبْقَاءُ الإِطْبَاقِ).
(وَالْبَاءُ) المُوحَّدةُ تُدْغَمُ (فِي الْمِيْمِ وَالْفَاءِ)(4)؛ لتَقَارُبِهِمَا معَهُمَا مخْرَجًا لا لأنَّهُما منْ (ضَوِيَ مِشْفَرٌ) وإِدْغامُها فِي(نَخْسِفْ بِهِمُ)سبأ/9 كمَا رُوِيَ عنِ الكِسائيِّ ضَعِيْفٌ(5).
ص: 550
(وَقَدْ تُدْغَمُ تَاءُ افْتَعَلَ(1)) لا لُزُومًا فِي عيْنِهَا/178 إنْ كَانتْ تَاءً (فَيُقَالُ قَتَّلَ)(2) بفتْحِ القَافِ والتَّاءِ المُشدَّدةِ الفوقانيَّةِ، أصلُهُ اقْتَتَلَ نُقِلتْ حَرَكةُ التَّاءِ الأُولَى إِلى القَافِ وأُدغِمتْ فِي الثَّانيةِ وحذفِتِ الأَلِفُ استغْناءً عنْها، مُضارِعُهُ يَقَتِّل بفتْحتينِ وكسْرِ التَّاءِ المُشدّدةِ (وَقِتَّلَ) أيضًا بكسْرِ القَافِ وفتْحِ التَّاءِ المُشدَّدةِ، حُذِفَتْ حَرَكةُ التَّاءِ الأُولَى للإِدْغامِ وحُركَتِ القافُ بالكسْرِ؛ لِئلاّ يلتَقِيَ السَّاكِنانِ، وحُذفَتِ الألِفُ لِمَا مَرَّ، مضارعه يَقَتِّلُ(3) بفتْحِ اليَاءِ وكسْرِ القَافِ الفَوقانيَّةِ المُشدّدةِ (وَعَلَيْهِمَا) وعَلَى التَّقدِيريْنِ عَلَى التَّرتِيبِ يُقالُ فِي جمْعِ اسْمِ فاعِلِهِ (مُقَتِّلُونَ) بالضمِّ والفتْحِ والكسْرِ (وَمُقِتِّلُونَ) بالضمِّ والكسْرتينِ، وإنَّما أَشَارَ إِلى عَدَمِ اللُزومِ بِ-(قَدْ)؛ لأنَّ التَّاءَ المَزيْدَةَ غيرُ لازِمَةٍ لِلكَلِمَةِ فكأَنَّ المِثْلَينِ فِي كَلِمتيْنِ، نعَمْ يجِبُ فِي نحْوِ: اتْركْ أوْ وَقَعتَا فِي الأَخِيرِ، وأمَّا مُرَدّفِينَ فِي الأصْلِ مُرْتَدِفِينَ بمعْنَى مُستَدِيريْنَ، قُلِبتْ تاؤُهُ الفوقانيَّةُ دالاً وأدْغِمتْ وكُسِرتِ الرَّاءُ؛ لالتِقَاءِ السَّاكنيْنِ، وجَازَ فتحُهَا.
ص: 551
(وَجَاءَ(1) مُرُدِّفِينَ﴾الأنفال/9 بضَمِّ المِيمِ والرَّاءِ وكسْرِ الدَّالِ المُشدَّدةِ فِي لُغَةِ أَهلِ مكَّةَ(2)(لِلإِتْبَاعِ)(3)، وقَرأَ السَّبعةُ(4) (مُرْدَفِينَ) كمُكْرمِينَ، وكَذا مُقْتَلونَ، ولا يَجُوزُ كسرُ المِيمِ للاتْباعِ بِخِلافِ حُروفِ المُضارِعَةِ؛ فإِنَّهَا قدْ تُكْسَرُ لكنْ لا لِلاتْباعِ إِلاَّ الياءَ ك-(يِيْجَلُ) ومنْهُ قِراءةُ (أَمَّنْ لا يِهِدِّي)(5)يونُس/35، بكسْرِ اليَاءِ (وَتُدْغَمُ الثَّاءُ) المُثلَّثةُ إنْ وقَعَتْ فَاءً فِي بَابِ الافْتِعالِ (فِيْهَا) فِي تاءِ افْتَعَلَ (وُجُوبًا) وعنْدَ سيبويهِ(6)جَوازًا (عَلَى الْوَجْهَيْنِ) عَلَى قَلبِ الأوَّلِ إِلى الثَّانِي، وهوَ مُقتَضَى القِياسِ وبالعَكْسِ (نَحْوُ: اثَّأَرَ) بالمُثلَّثةِ (وَاتَّأَرَ)(7)بِالفَوقانيَّةِ (وَتُدْغَمُ فِيْهَا السِّيْنُ) الواقِعةُ فاءً أيضًا، وهِيَ مِنْ حُروفِ الصَّفِيرِ، وقدْ مرَّ أنَّها لا تُدغَمُ فِي غيْرِهَا صَوْنًا لِفَضيلَةِ الصَّفِيرِ فَيَكُونُ ذلِكَ الإِدغامُ شَاذًّا، فقُلِبتِ التَّاءُ سيْنًا
ص: 552
وأُدْغِمتْ فيْهَا صوْنًا لِتلْكَ الفضِيلَةِ فَيَكُونُ(شَاذًّا عَلَى الشَّاذِّ نَحْوُ اسّمَعَ) فِي اسْتَمَعَ؛ (لامْتِنَاعِ اتَّمَعَ)(1)كمَا يقْتَضِيهِ القِياسُ فَزَالَ أَحَدُ الشُّذوذَينِ بِالأَخِيرِ.
(وَتُقْلَبُ) تاءُ افْتَعَلَ إنْ وَقَعَتْ (بَعْدَ حُرُوفِ الإِطْبَاقِ طَاءً) وهِي الصَّادُ، والضَّادُ، والطَّاءُ، والظَّاءُ؛ لأنَّها شَديدةٌ مهمُوسةٌ وغيْرُ الصَّادِ/179منْ هذهِ الأَرْبَعِ(2) مجهُورةٌ، وغيْرُ الطَّاءِ رَخوَةٌ فإنْ لمْ تُدْغَمْ تَعَسَّرَ النُّطقُ بِهَا وإنْ أُدغِمَ فَاتَتْ فَضِيلةُ الإِطباقِ (فَتُدْغَمُ) الفوقانيَّةُ بعْدَ قلبِهَا طَاءً؛ لِقُربِهِمَا مخْرَجًا (فِيْهَا) فِي حُروفِ الإِطباقِ (وُجُوبًا فِي اطَّلَبَ)(3) أي: فيْمَا كَانَ حرْفُ الإِطباقِ طَاءً؛ لاجْتِماعِ المِثْلَينِ (وَجَوَازًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي اضْطَلَمَ) فيْمَا كَانَ ظَاءً مُعجَمةً، والوجْهانِ قلْبُ الأُولَى ثانِيًا وبِالعكْسِ فيُقَالُ: اظَّلَمَ مُعجمَةً ومُهملةً (وَجَاءَتِ الثَّلاثُ) أي: الوجْهانِ، والبَيَانُ فِي قوْلِ زُهيرٍ:
هُوَ الْجَوادُ الْذِِي يُعْطِيكَ نائِلَهُ عَفْوًا (وَيُظْلَمُ أَحْيَانًا فَيَظْطَلِمُ)(4)
ص: 553
النائِلةُ: المَالُ، وعفْوًا أي: بِسُهولَةٍ، ويُظلَمُ أحيانًا أي: يُطلَبُ منْهُ فِي غيْرِ موقِعِ الطَّلَبِ، فيظْطَلِمُ، أي يتَحمَّلُ(1) ذلِكَ (وَشَاذًّا عَلَى الشَّاذِّ) عَطْفٌ عَلَى (وُجُوبًا)(فِي اصْطَبَرَ، وَاضْطَرَبَ(2))(3) أي: فيْمَا كَانَ صَادًا أوْ ضَادًا، والشُّذوذُ الأوَّلُ إدْغامُ حرفِ الصَّفيرِ وحرفِ(ضَوِيَ مِشْفَرُ) فِي غيْرِهِ، والثَّانِي فِي قلْبِ الثَّانِي وارتُكِبَ الثَّانِي؛ (لامْتِنَاعِ اطَّبَرَ، وَاطَّرَبَ) بقلْبِ الأوَّلِ إِلى الثَّانِي؛ لِذَهابِ الصَّفيرِ والاستِطالَةِ، والشُّذوذُ الثَّانِي يدْفَعُ مضرَّةَ الأوَّلِ.
(وَتُقْلَبُ مَعَ الدَّالِ، وَالذَّالِ، وَالزَّاءِ)(4)المُعْجَمَتانِ إنْ وقَعْنَ فاءً (دَالاً)؛ لأنَّها كمَا مرَّ شديْدةٌ مهمُوسةٌ، والدَّالُ رَخوةٌ، والأَخِيرانِ مجهورَتانِ رَخْوتَانِ، والدَّالُ يُناسِبُ التَّاءَ فِي المخْرَجِ والأَخيْريْنِ فِي الجَهَارَةِ فارتَفَعَ المُنَافَاتُ والثِقَلُ (فَتُدْغَمُ وُجُوبًا فِي ادَّانَ) منِ الدَّينِ لِمَا مرَّ فِي اطَّلَبَ (وَقَوِيًّا) أي: فصِيْحًا(5)(فِي ادَّكَرَ) بالدَّالِ فِي الذِّكْرِ بقلْبِ المعجَمَةِ مهمَلَةً والإِدْغامَ.
(وَجَاءَ اذَّكَرَ) بِالمُعجَمَةِ، الثَّانِي أوَّلاً، والإِدغامُ عَلَى خِلافِ القِياسِ، وفِي بعْضِ النُّسخِ (وَاذْدَكَرَ) بالمُعْجَمةِ ثُمَّ المُهملَةِ، وهَذا مِمَّا رَواهُ أبُو عمْرُو ومَا
ص: 554
قبْلَهُ سيبويهِ(1)(وَضَعِيْفًا فِي ازَّانَ) مِنَ الزَّينِ بقلْبِ الدَّالِ زاءً مُعجَمَةً؛ (لامْتِنَاعِ ادَّانَ) بِقلْبِ الزَّاءِ المُعجَمَةِ دَالاً؛ لِفَواتِ صَفِيرِهَا.
(وَنَحْوُ: خَبَطُّ، وَحُصْطُ، وَفُزْدُ(2)، وَعُدُّ فِي خَبَطْتُ، وَحُصْتُ(3)، وَفُزْتُ، وَعُدْتُ(4)) أي: قلْبُ تَاءِ الضَّميرِ الواقِعَةِ بعْدَ الطَّاءِ والصَّادِ مِنَ المُطْبِقَةِ طَاءً، والواقِعَةِ بعْدَ الزَّاءِ المُعجَمَةِ والذَّالِ دَالاً/180، وإِدْغامُها إمَّا وُجوبًا كَمَا فِي الأوَّلِ والرَّابِعِ أوْ لا كَمَا فِي الثَّانِي والثَّالِثِ تشْبِيهًا لتَاءِ الضَّمِيرِ بِتَاءِ الافتِعَالِ؛ لِشِدَّةِ اتِّصالِهَا بِالفِعْلِ (شَاذٌّ) والقِياسُ عَدَمُ التَّشبِيهِ فَلَوْ قُلِبتِ الطَّاءُ صادًا، والدَّالُ زاءً مُعجَمَةً فهُوَ شَاذٌّ عَلَى الشَّاذِّ، ولَوْ عُكِسَ فَاتَ فَضِيلَةُ صفِيرِهِمَا، وحَكَى السِّيْرافيُّ(5) الذَّالَ المُعجمَةَ أيضًا ك-(أخذْتُ) ولمْ يحْكِ سيبويهِ(6) سِوى الدَّالِ، وخَبَطْتُ الشَّجَرَ، أي: ضَرَبْتُهَا بِالعَصَا؛ ليَسْقُطَ وَرَقُهَا، وخُصْتُ مِنَ الخَوصِ، وهُوَ الخِيَاطَةُ، وفُزْتُ منَ الفَوْزِ، وعُدْتُ منَ العَوْدِ.
ص: 555
(وَقَدْ تُدْغَمُ تَاءُ تَتَنَزَّلُ، وَتَتَنَابَزُوا)(1) أي: تاءُ مُضارِعِ المعلُومِ منْ بابَي التفعُّلِ، والتَّفاعُلِ ومَا يُشتقُّ مِنْهُ فيْمَا بعْدَهَا للتَّخْفِيفِ(2)(وَصْلاً) عنْدَ الوصْلِ بكَلِمةٍ مُتقدِّمةٍ؛ لِئلاّ يلْزَمَ الابْتِداءُ بالسَّاكِنِ فَاحتِيجَ إِلى همْزةِ الوصْلِ؛ إذْ حُروفُ المُضارِعَةِ لا بُدَّ لَهَا مِنَ التَّصدُّرِ لا تدْخلُهُ الهمْزةُ كمَا لا تدخُلُ اسمَ الفَاعِلِ (وَلَيْسَ قَبْلَهَا سَاكِنٌ صَحِيْحٌ) الواوُ لِلحالِ أي: تُدغمُ وصْلاً وكَانَ قبْلَها مُتحرِّكٌ نحو: قَالَ تَّنَزَّلَ، وقالَ تَّنَابَزُوا، أو ساكِنٌ غيْرُ صَحيحٍ نحوُ: قَالُوا تَّنزَّلَ، وقَالا تَّنَابَزُوا أوْ قُولِي تَّتَابَعَ فحذَفَ لالْتِقاءِ السَّاكِنينِ واكتَفَى بِحَرَكتِهِ، وإنْ كَانَ قبْلَها سَاكِنٌ صَحِيحٌ سَواءٌ كانَ لِيْنًا نحوُ: لو تَّنَابَزُوا أوْ غيرِهِ نحوُ: هل تَّنابزُون لابُدَّ منْ تحرِيكِ ذلِكَ السَّاكِنِ؛ لِدَفْعِ التِقاءِ السَّاكِنينَ عَلَى غيْرِ حَدِّهِ وفَاتَ الغَرَضُ فلَوْ قَالَ غيْرُ مدَّةٍ لَكَانَ أتمَّ، وقَرَأَ البزّيُّ (هَلْ تَربَّصُونَ)(3)التوبة/52، و(كُنْتُمْ تَمَنَّوْن)(4)آل عمران/143، و(شَهْرٍ * تَنَزَّلُ)(5)القدر/3-4، ونحوَ ذلِكَ مُدغَمًا.
وتُدغَمُ (تَاءُ تَفَعَّلَ، وَتَفَاعَلَ) فِي المصْدَرِ ومَا يُؤْخَذُ منْهُ (فِيْمَا تُدْغَمُ فِيْهِ التَّاءُ) وهُوَ خمْسةٌ مِنَ الستَّةِ المذكُورةِ سابِقًا أعنِي: الثَّاءَ المثلَّثةَ، والدَّالَ،
ص: 556
والذَّالَ، والطَّاءَ، والظَّاءَ، والثَّلاثةُ هِيَ الصَّادُ، والسِّينُ، والزَّاءُ المعْجمةُ ثُمَّ الضَّادُ والشِّينُ المُعجَمَتانِ؛ لاستِطَالَتِها، ثُمَّ الجيْمُ؛ لمُشَارَكَتِهَا الشيْنَ فِي المخْرَجِ، ولِذا قَدْ تُدغَمُ فِي التَّاءِ فِي(ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ)المعارج/3-4، وبالعكْسِ فِي(وَجَبَتْ جُنُوبُهَا)الحج/36.
(فَيَجِبُ لَهَا هَمْزَةُ الْوَصْلِ ابْتِدَاءً نَحْوُ: اطَّيَّرُوا، وَازَّيَّنُوا، وَاثَّاقَلُوا، وَادَّارَؤُوا) وأمَّا فِي الدَّرْجِ نحْوُ: واطَّيَرُوا، وازَّيَّنَتْ ونحْوِهِمَا فَلا.
(وَنَحْوُ اسْطَّاعَ مُدْغَمًا) بتَشْديدِ الطَّاءِ (مَعَ بَقَاءِ صَوْتِ/181السِّيْنِ) كَمَا قَرَأَهُ حمْزةُ(1) (نَادِرٌ)(2)؛ لِتأْدِيتِهِ إِلى التِقَاءِ السَّاكِنيْنِ عَلَى غيْرِ حَدِّهِ، ولا تُنْقلُ حَرَكَةُ التَّاءِ إِلى السِّينِ؛ لِلُزومِ سُكونِهَا فِي هَذا البَابِ.
(الْحَذْفُ الإِعْلالِيُّ) وهُوَ مَا يكُونُ مُطَّرِدًا لِعلَّةٍ (وَالتَّرْخِيْمِيُّ) وهُوَ مَا لا يكُونُ كَذلِكَ كمَا فِي يَدٍ ودَمٍ (قَدْ تَقَدَّمَ(3)) كُلٌّ منْهُمَا الأوَّلُ فِي هَذا الكِتابِ، والثَّانِي فِي الكَافِيةِ (وَجَاءَ غَيْرُهُ فِي) مُضارِعِ (تَفَعَّلَ، وَتَفَاعَلَ) وتَفَعْلَلَ تخْفِيفًا،
ص: 557
وهوَ أكثَرُ منَ الإدْغامِ لِمَا مرَّ، والمحْذُوفَةُ هِيَ الثَّانيةُ عنْدَ سيبويهِ(1)؛ لأنَّهُ منْشَأُ الثِقَلِ ولأنَّ الأوَّلَ عَلامَةُ كوْنِهِ مُضارِعًا، والأُولَى عنْدَ الكُوفيينَ(2)؛ لأنَّ الثَّانيةَ مَنْشأُ مَا أَفَادَهُ البَابُ كالتَّكلُّفِ مَثَلاً، وهَذا الحذْفُ مشْرُوطٌ بكونِهَا معلُومةً كمَا يُشعِرُ بهِ قولُهُ (تَفَعَّلَ، وَتَفَاعَلَ) علَى صِيغَةِ المعلُومِ؛ إذِ المجهُولُ إنْ حُذِفتْ تاؤُهُ الأُولَى الْتَبَسَ بمعْلُومِهِ، وإنْ حُذفَتِ الثَّانِيةُ الْتَبَسَ الأوَّلُ بِمعلُومِ التَّفعِيلِ، والثَّانِي بالمُفَاعَلَةِ، والثَّالِثُ بتَفَعْلَلَ.
(وَفِي نَحْوِ: مَسْتَ، وَأَحَسْتُ، وَظَلْتُ)(3) فِي: مَسَسْتُ، وأَحْسَسْتُ، وظَلَلْتُ، والطَّرفانِ مِنْ بَابِ عَلِمَ فَجَازَ كسْرُ أوَّلِهِمَا بانْتِقالِ حَرَكَةِ العيْنِ إِليْها؛ لِبَيَانِ البِنْيةِ، وفتحُهُ لِعَدَمِهِ (وَفِي اسْطَاعَ يَسْطِيْعُ(4)) فِي: استَطاعَ يستَطِيعُ(5).
(وَجَاءَ يَسْتِيْعُ)(6) بِحذفِ الفَاءِ وإِبقاءِ تاءِ اسْتَفْعَلَ لمُناسَبَةِ التَّاءِ السِّينَ فِي الهمْسِ.
ص: 558
(وَقَالُوا بَلْعَنْبَرِ(1)، وَعَلْمَاءِ، وَمِلْمَاءِ) بكسْرِ المِيمِ (فِي بَنِي الْعَنْبَرِ، وَعَلَى الْمَاءِ، وَمِنَ الْمَاءِ) قَالَ سيبويهِ: هَذَا الحذْفُ قِياسُ كُلِّ قَبيلَةٍ يظْهَرُ فيْها اللامُ المعرِّفةُ فِي اللفْظِ بِخِلافِ نحْوِ بَنِي النَّجَّارِ(2).
(وَأَمَّا نَحْوُ: يَتَسِعُ، وَيَتَقِي)(3) بِتخْفيفِ الفوقانيَّةِ المفْتُوحَةِ فيْهِمَا أي: حذْفُ التَّاءِ الأُولَى المُدْغمةِ لكثْرَةِ الاستعْمَالِ سمْعًا فيْهِمَا، وكَذا فِي تَخِذَ(فَشَاذٌّ)
ص: 559
والقِياسُ تخْفِيفُهُ بالإِدْغامِ لإمْكَانِهِ، وكَذا اسمُ الفَاعِلِ، والمفْعُولِ، والأَمْرِ ونحوِهَا منَ الثَّلاثِ (وَعَلَيْهِ جَاءَ
[ زِيَادَتُنَا نَعْمَانُ لا تَنْسَينَّهَا] *** تَقِ اللهِ فِيْنَا وَالْكِتَابِ الْذِي تَتْلُو)(1)
فإِنَّهُ بَنَى منْ يَتَقِي بفتْحَتينِ وتخفِيفِ التَّاءِ معَ كونِهِ شاذًّا حذْفَ حرْفِ المُضارِعِ والياءِ فِي الأَخِيرِ جزْمًا، وأمَّا فِي المَاضِي فَلا تُحذَفُ التَّاءُ إِلاَّ فِي ماضِي يَتَقِي، فيُقالُ تَقِيَ ك-(رَمِي) بحذْفِ الهمْزةِ استغْناءً عنْهَا، وليْسَ منْ بَابِ رَمَى يرْمِي وإِلاَّ لَقِيلَ فِي مضارِعِهِ يَتَقِي ك-(يرْمِي) وفِي أمْرِهِ اتَقِ، وفِي اسْمِ فاعِلِهِ ومفعُولِهِ تَاقٍ ومُتَقَى/182، ثُمَّ فيهِ خِلافٌ، قالَ المُبرِّدُ(2) أصلُ تَقَى وَقَى حُذفَتِ الواوُ والتَّاءُ مَزِيدةٌ، فوزْنُهُ (تَعَلَ)، والزجَّاجُ التَّاءُ بَدَلٌ عنِ الواوِ كتُراثٍ(3).
(بِخِلافِ تَخِذَ يَتْخَذُ) كعَلِمَ (فَانَّهُ) ليْسَ مُخفَّفًا عنِ اتَّخَذَ يتَّخِذُ بلْ (أَصْلٌ) بِمعْنَى أَخَذَ كمَا ذَهَبَ إِليهِ الفارسيُّ(4) وإِلاّ لَكَانَ ماضِيهُ مفتُوحَ العيْنِ ومضارعُهُ مكسُورُها، ثُمَّ ذَهَبَ الجوهَريُّ إِلى أنَّ أصْلَ اتخَذَ: ائْتَخَذَ قُلِبتِ الثَّانيةُ ياءً كَبِيْرٍ ثُمَّ الياءُ تاءً، وأُدغِمتْ ك-(اتَّعَدَ) ولمَّا كَثُرَ استِعْمالُهُ ظُنَّ أنَّ التَّاءَ أصليَّةٌ، فقَالُوا
ص: 560
تَخِذَ يتْخَذُ(1) كعَلِمَ يَعْلَمُ، وفيْهِ إنَّ قلْبَ الياءِ المنْقَلبةِ عنِ الهمْزَةِ تاءً ك-(ايْتَزَرَ) خِلافُ القِياسِ كمَا مرَّ، فالأظْهرُ إنَّهُ (افتِعَالٌ) منْ تَخَذَ كاتْجَرَ.
(وَاسْتَخَذَ) مأْخُوذٌ منِ (اسْتَتْخَذَ)(2) بالتَّاءَينِ استِفْعالٌ منْ تَخِذَ عُومِلَ مُعاملةُ اسْطَاعَ (وَقِيْلَ إِبْدَالٌ(3)) أي: السِّينُ بَدَلٌ (مِنْ تَاءِ اتَّخَذَ) الأُولَى؛ لكونِهِمَا مهمُوسَتَينِ(وَهُوَ أَشَذُّ) منْ يَتَسِعُ و يَتَقِي؛ لأنَّ العَادَةَ لِلفِرارِ مِنَ المُتقارِبيِنِ إِلى الإدْغامِ للتَّخْفِيفِ، وفيْهُمَا عَدَلُوا منْهُ إِلى الحذْفِ، وهوَ وإنْ كَانَ شاذًّا إِلاَّ أنَّهُ شَائِعٌ كمَا حُذِفَ الواوُ فِي مُضارِعِ مُجرَّدِهِمَا، وههُنَا عَدَلُوا مِنَ الأَخَفِّ وهوَ الإِدْغامِ إِلى الأَثْقَلِ وهُوَ الإِبْدالُ، وقدْ يُقالُ: إنَّ الإِبدالَ أَشَذُّ مِنْ جَعْلِهِ مُخفَّفَ استَتْخَذَ.
(وَنَحْوُ: تُبَشِّرُونِي، وَتُبْشِّريْنِي) بالتَّثْقِيلِ والتَّخفِيفِ (وَإِنِّي) أي: حُكمُ نُونِ الوِقايةِ وحذْفِهَا وإِثبَاتِهَا (قَدْ تَقَدَّمَ) فِي مُقدِّمةِ الإِعرابِ، فانظُرْ إِلَيْهَا.
هَذا آخِرُ مَا أَرَدْنَا إِيْرَادَهُ مِنْ أَحْوَالِ أَبْنِيةِ الْكَلِمِ(4).
ص: 561
وَهَذهِ مَسَائِلُ وَضَعَها أهْلُ هَذهِ الصِّناعَةِ؛ للتَّمْرِينِ، والعَادةُ أَلْحقْنَاهَا بِأَحْوالِ الأَبْنِيةِ، فَنقُولُ:
(مَعْنَى قَوْلِهِمْ: كَيْفَ تَبْنِي مِنْ كَذَا مِثْلَ(1)كَذا) قَالَ الْجُمْهورُ(2) إِنَّهُ (إِذَا رَكَّبْتَ مِنْهَا زِنَتَهَا، وَعَمِلْتَ مَا يَقْتَضِيْهِ الْقِيَاسُ) مِنَ القلْبِ، وَالحَذْفِ، والإِدْغَامِ، والإِعْلالِ، إنْ كَانَتِ الكلِمَةُ الأَخِيرةُ مُحتَاجَةً إِليْهَا (فَكَيْفَ تَنْطِقُ بِهِ) بِهَذا اللفْظِ بعْدَ تلْكَ الأَعْمَالِ، فتقُولُ كَذا، وأمَّا الزِّيادةُ، فقَالَ الش الرضيُّ "رض": لا خِلافَ أنَّهُ يُزادُ فِي الفَرْعِ كَمَا زِيْدَ فِي الأَصْلِ إِلاَّ إِذا كَانَ المَزيْدُ عِوَضًا مِنَ المحْذُوفِ فيكُونُ فيْهِ الخِلافُ كهمْزَةِ الوصْلِ فِي (اسْمٍ)، وكَذا لا خِلافَ أنَّهُ تُقلَبُ فِي الفرْعِ كمَا فِي الأصْلِ فيُقالُ عَلَى وزْنِ أَيِسََ مِنَ الضَّرْبِ رَضِبَ(3). انْتَهَى .
والضَّمِيرُ فِي (مِنْهَا) و(زِنَتَهَا) راجِعٌ إِلَى الكَلِمَةِ؛ لأَنَّ كَذا/183 فِي المَوضِعَيْنِ عِبارةٌ عنْهَا.
وهَلْ يَجُوزُ بِناءٌ لمْ تبْنِهِ العَربُ ك-(ضَرْبَبَ) مَثَلاً، قَالَ الجَرميُّ(4):لا، وسيبويهِ(5): نَعمْ؛ لأنَّهُ للإِمتِحانِ لا لِلمعْنَى.
وَأَجازَ الأَخفَشُ(6) صوْغَ وزْنٍ لمْ يثبُتْ فِي كَلامِهِمْ كضُرْبَبٍ بِضمِّ الأوَّلِ أوِ الثَّالثِ لأنَّهُ أدْخلُ فِي إِمتِحانِ الفهْمِ، خِلافاً لِسيبويهِ، ولا بُدَّ منْ تَفَاوُتِ
ص: 562
الصِّيْغتيْنِ فَلا يُقالُ: كيْفَ بُنِي منْ نَصَرَ ضَرَبَ، ولاَ مِنْ ضَرَبَ يَنْصُرُ؛ لأنَّهُ بِمنْزلهِ أنْ يُقالَ: كيْفَ يُبْنَى مِنَ الماضِي مضَارِعُهُ ولا يُبْنَى النَّاقِصُ منَ الزَّائِدِ، فَلا يُقالُ: كيْفَ يُبْنَى أَشُدُّ بضمِّ الشِّينِ المُعجَمَةِ وتشْدِيدِ الدَّالِ مِثْلَ رَمَى بِخِلافِ العكْسِ، فتَقُولُ: أَرُمْيٌ فِي قِياسِ قَوْلِ الجمْهُور: هوَ إنَّ القِياسَ إنْ لمْ يقتَضِ القلْبَ أوِ الحذْفَ أوِ الإِدغامَ أوِ الإِعْلالِ فِي الفَرْعِ لا يُعمَلُ بِهِ فيْهِ، وإنْ وَقَعَ فِي الأَصْلِ قِياسًا أوْ غَيْرَ قِياسٍ.
(وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَلِيٍّ)(1)هوَ إنّ معْنَاهُ (أَنْ تَزِيْدَ) فِي الفَرْعِ مَا زِيْدَ فِي الأَصْلِ مُطْلقًا(وَتَحْذِفَ) فِي الْفَرْعِ مَا حُذِفَ (فِي الأَصْلِ قِيَاسًا) ومَا حُذِفَ فِي الأَصْلِ مِنْ غيْرِ قِياسٍ، لمْ يُحْذَفْ فِي الفَرْعِ (وَقِيَاسُ قَوْلِ آخَرِيْنَ(2)) هوَ أنْ تُزادَ، وتُحْذفَ فِي الفَرْعِ مَا زِيْدَ ،وحُذِفَ فِي الأَصْلِ قِياسًا (وغير قياس(3)) أيْضًا إِلاَّ أنْ يكُونَ الزِيادَةُ فرْعَ الحذْفِ؛ فإِنَّ حُكْمَهُ إِذنْ حُكْمُهُ، وذلِكَ ظاهرٌ، وأمَّا القلبُ والإِدْغامُ فِي الأصلِ، فإنْ كَانَ لهُمَا فِي الفَرْعِ سَبَبُ قلْبٍ وأُدغِمَ وإِلاَّ لا بِلا خِلافٍ لأَحَدٍ ، فيُقالُ عَلَى وزْنِ أَوَائِلَ مِنَ القتْلِ أَقَاتِلُ، ونحْوُ: مقاتل عَلَى وَزْنِ مَسَارٍ، وفِي بَعْضِ الشُّروحِ هكَذا:(وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَلِيٍّ أَنْ تَزِيْدَ فِي بَيَانِ مَعْنَاهَا عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ قَوْلِكَ لا عَلَى قَوْلِكَ مِنْ غَيْرِ قِيَاسٍ)(4)اه.
ص: 563
(وَقِيَاسُ قَوْلِ آخَرِيْنَ) هوَ أنْ تزِيدَ فِي معْناهَا عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ قوْلِ أَبِي عَليًّ عَلَى قوْلِكَ أوْ غيْرِ قِياسٍ، وهَذا وإنْ كَانَ أقْرَبُ إلاَّ أنَّ تقْرِيرَنَا أوْفَى؛ إذْ يظْهَرُ منْهُ حُكْمُ الزِّيادَةِ أيْضًا بِخِلافِهِ، ولِمَا علِمْتَ أنَّ الإِعلالَ، والقلْبَ والإِدغَاَم إِنْ كَانَ فِي المُمثَّلِ أي: الأَصلِ وكَان لَهَا سبَبٌ فِي الصِّيغَةِ المبنيَّةِ وهِيَ الفَرْعُ وَقَعَ كُلٌّ مِنْها فيْهَا، وإِنْ لمْ يكُنْ لَهَا سبَبٌ فِي الفَرْعِ لمْ يَتَعيَّنْ فِيْهِ، وكَذلِكَ إنْ لمْ يكُنْ فِي الأَصْلِ معَ كونِهَا فِي الفَرْعِ بِلا خِلافٍ؛ أي: ليْسَ إِعْلالُ الفَرْعِ وقلْبِهِ وإدْغامِهِ مُبتَنِيًا عَلَى إِعلالِ الأَصلِ وقلْبِهِ وإِدْغامِهِ، وإنَّ الزِّيادةَ توْقَعُ فِي الفَرْعِ إِنْ كانَتْ واقِعةً فِي الأصْلِ مُطلقًا أي: الزِّيادةُ فِي الفَرْعِ مُبتنٍ علَى الزِّيادَةِ فِي الأَصلِ، وإنَّ الحذْفَ فيْهِ ثَلاثُ مَذاهِبَ:
الأَوَّلُ(1): لِلجمْهُورِ(2)فإِنَّهُم قَالُوا لا يُحْذفُ فِي الفَرْعِ إلاَّ مَا يقْتَضِيْهِ القِياسُ ولا تنْظُرْ إِلَى الحذْفِ الثَّابِتِ فِي الأَصْلِ سَواءٌ كَانَ الحذْفُ قِياسيًّا أوْ غيْرَ قِياسيٍّ أي: ليْسَ الحذْفُ فِي الفرْعِ مبْنِيًّا عَلَى الحذْفِ فِي الأَصْلِ.
والثَّانِي(3): لأَبِي عَليٍّ فإِنَّهُ قال: تحْذِفُ فِي الفرعِ مَا يُحذَفُ فِي الأصلِ قِياسًا، وإنْ لمْ يكُنْ حذْفُهُ فِي الفَرْعِ قِياسيًّا.
والثَّالِثُ: لآخَرِينَ فإنَّهُمْ قَالُوا: يُحذَفُ مِنْهُ مَا يُحذَفُ فِيْهِ قِياسًا وغيْرَ قِياسٍ.
ص: 564
(فَمِثْلُ مُحَوِيٍّ) بضمِّ المِيمِ وفتْحِ الحَاءِ وكسْرِ الوَاوِ، أصلُهُ مُحْيِيٌ كمُصْرِفٍ، اسمُ فاعِلٍ منْ حيَّ تحْيَّةً معَ إِلْحاقِ ياءِ النِّسبةِ إِليْهِ مِمَّا كَانَ الحذْفُ فيْهِ قِياسًا إِذَا بُنِيَ (مِنْ ضَرَبَ) قَالَ الجمهُورُ(1)(مُضَرِبِيٌّ) بِضمِّ الأوَّلِ وفتْحِ الثَّانِي وكَسْرِ الثَّالِثِ مُشدَّدًا، أوْ تشدِيدِ التَّحتانيَّةِ بعْدَ المُوحَّدةِ؛ لأنَّ حذْفَ إِحْدى الراءَيْنِ ليْسَ بِقِياسٍ كحذْفِ اليَاءِ الأَخِيرةِ، وقلْبُ المُشدَّدةِ واوًا مُخفَّفةً فِي الأَصْلِ لِمَا مَرَّ فِي المنْسُوبِ.
(وَقَالَ أَبُوعَلِيٍّ) وهؤُلاءِ(2)الآخَرونَ/184(مُضَرِيٌّ)؛ لِيُوازِنَ مُحَوِيًّا؛ لأنَّ حذْفَ إِحْدَى الياءَيْنِ قِياسٌ، وإنْ لمْ يكُنْ حذْفُ إِحْدَى الرَّاءيْنِ قِياسًا(3).
(وَمِثْلُ اسْمِ وَغْدٍ) إِذَا بُنِيَ (مِنْ دَعَا) عَلَى قوْلِ أَبِي عَلِيٍّ، والجُمْهُورِ(دُعْوٌ) كقُفْلٍ أوْ حِبْرٍ؛ لأَنَّ الاسْمَ فِي الأَصلِ، أمَّا سُمْوٌ بالضمِّ أوْ سِمْوٌ بالكسْرِ حُذِفتْ لامُهُ وعُوِّضَتْ عنْهَا الهمْزةُ فِي أوَّلِهِ غيْرُ قِياسٍ(وَدَعْوٌ) كفَلْسٍ؛ إذْ أصْلُ غَدٍ غَدَوٌ حُذفتْ لامُهُ منْ غيْرِ قِياسٍ (لاَ اِدْعٌ) كاسْمٍ (وَلاَ دَعٌ) كَغَدٍ (خِلافًا لِلآخَرِيْنَ) القائِليْنَ بِحذْفِ مَا حُذِفَ فِي الأَصْلِ منْ غيْرِ قِياسٍ أيْضًا، فأَبُو عليٍّ وافَقَ الجُمهُورَ(4) فيْمَا كَانَ الحذْفُ فِي الأَصلِ مِنْ غيْرِ قِياسٍ، والآخَريْنَ فيْمَا كَانَ فيْهِ قِياسًا، وهَذا ثَمَرةُ الخِلافِ.
ص: 565
(وَمِثْلُ صَحَائِفَ إِذَا بُنِيَ مِنْ دَعَا دَعَايَا بِاتِّفَاقٍ؛ إِذْ لاَ حَذْفَ فِي الأَصْلِ)(1) فَوَقَعَ الخِلافُ، بَلْ أُعِلَّ علَى مُقتَضَى القِياسِ، وهوَ قلْبُ همْزَتِهِ الواقِعَةِ بعْدَ ألِفِ بَابِ مَسَاجِدَ ياءً، وأَصلُ دَعَايَا دَعَاءِو قُلبتِ الواوُ ياءً لانكِسارِ مَا قبْلَهَا واليَاءُ ألِفًا، والهمزَةُ ياءً عَلَى مُقتَضَى القِيَاسِ.
(وَمِثْلُ عَنْسَلٍ)(2) إِذَا بُنِي (مِنْ عَمِلَ) عنْدَ الجَمِيعِ (عَنْمَلٌ، وَمِنْ بَاعَ، وَقَالَ بَنْيَعٌ، وَقَنْوَلٌ بِإِظْهَارِ النُّوْنِ فِيْهِنَّ) أي: عَدَمُ إِدْغامِهَا فِي الْمِيمِ، واليَاءِ، والوَاوِ (لِلإِلْبَاسِ بِفَعَّلَ) مُشدَّدةِ العيْنِ؛ فإِنَّهُ وإنْ كَانَ مُختصًّا بِالأَفْعالِ إِلاَّ أَنَّهُ قدْ يُظنُّ أنَّهُ عَلَمٌ مُنكَّرٌ.
(وَمِثْلُ قِنْفَخْرٍ) فِنْعَلٍّ، رُباعِيٌّ زِيدَتْ فِيْهِ النُّونُ للإِلحَاقِ بِقِرْطَعْبٍ إِذَا بُنِيَ (مِنْ عَمِلَ، عِنْمَلٌّ، وِمِنْ بَاعَ، وَقَالَ بِنْيَعٌّ، وَقِنْوَلٌّ بِالإِظْهَارِ) بإِظْهارِ النُّونِ وتشْدِيدِ أَواخِرِهِنَّ (لِلإِلْبَاسِ بعِلَّكْدٍ فِيْهِنَّ) لوْ أُدْغِمتْ، وقِيلَ: عِمَّلٌّ، وَبِيَّعٌّ، وَقِوَّلٌّ بِتشْديدِ وَسَطَهُنَّ وآخِرهُنَّ؛ فإِنَّهُ لَمْ يُدْرَ أَهُوَ مِثْلُ قِنْفَخْرٍ وأُدغِمَ أو مِثلُ عِلَّكْدٍ، والعِلَّكْدُ بكسْرِ العيْنِ وفتْحِ الْلامِ المُشدَّدةِ وسُكونِ الكَافِ المُخفَّفةِ قبْلَ الدَّالِ، البَعِيْرُ الغَلِيْظُ الشَّدِيدُ العُنُقِ(3).
(وَلا يُبْنَى مِثْلُ جَحَنْفَلٍ)(4)بِتقدِيمِ الجِيْمِ عَلَى الحَاءِ، الغَليظُ الشَّفةِ (فَعَنْلَلٌ)/185رُباعيٌّ زِيدَتْ فيْهِ النُّونُ إِلحاقًا بِسَفَرْجَلٍ (مِنْ كَسَرْتُ، أَوْ جَعَلْتُ) أَوْ سَمِنْتُ؛ (لِرَفْضِهِمْ مِثْلَهُ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ ثِقَلٍ) لوْ لمْ يُدغِمِ النُّونَ السَّاكِنةَ فِي
ص: 566
الرَّاءِ، واللامِ، والنُّونِ، وقِيلَ: كَسَنْرَرٌ(1)، جَعَنْلَلٌ، وسَمَنْنَنٌ (أَوْ لَبْسٍ) بِشَفَلَّح بِفتْحِ الشِّينِ المُعجَمَةِ والفَاءِ، والْلامِ المُشدَّدةِ، ثَمَرٌ(2)، لوْ أُدْغِمَ، وقيْلَ: كَسَنَّرَ، وجَعَنَّلَ، وسَمنَّنَ.
(وَمِثْلُ أُبْلُمٍ) بِضمِّ الهمْزةِ والْلامِ وسُكُونِ المُوحَّدةِ بيْنَهُما، وَرَقُ شَجَرِ المُقْلٍ(3)، إِذَا بُنِيَ (مَنْ وَأَيْتُ) مِنَ الوَأْيِ، وهُوَ الوَعْدُ(4) (أُوْءٍ)(5) بِضَمِّ الهمْزةِ وسُكُونِ الوَاوِ وكَسْرِ الهمْزَةِ الثَّانِيةِ رَفْعًا وجَرًّا، أصْلُهُ أُوْأُي(6) كأُبْلُمٍ، قُلِبتِ الضَّمةُ كسْرةً كمَا فِي التَّرامِي، وأُعِلَّ إِعْلالُ قاضٍ.
(وَ) إِذَا بُنِيَ مِثلُهُ (مِنْ أَوَيْتُ) مِنْ أَوَى إِلَى المنْزِلِ إِذَا وَصَلَ إِليْهِ (أُوٍّ) بضمِّ الهمْزةِ (مُدْغَمًا) أي: بِتشْديدِ الوَاوِ، وإنَّما يَشتَمِلُ عَلَى الإِدْغامِ؛ (لِوُجُوبِ الْوَاوِ) المُنقَلِبَةِ عَنِ الهمْزَةِ، أي: لِوُجوبِ حُصُولِهَا فيْهِ فإنَّ أصلَهُ أُءْوِي قُلبتِ الهمْزةُ الثَّانِيةُ واوًا ك-(أُومِنَ)، وأُدْغِمتِ الواوُ فِي الوَاوِ وأُبدِلتْ ضمَّةُ الواوِ كسْرةً كمَا فِي التَّرامِي وعُومِلَ مُعاملَةُ قَاضِ (بِخِلافِ تُؤْوِي) فإنَّ الإِدغامَ ليْسَ بواجِبٍ فيْهِ لِمَا مَرَّ فِي بحْثِ الإِدغامِ.
ص: 567
(وَمِثْلُ إِجْرِدٍ) بكسْرِ الهمْزةِ والرَّاءِ وسُكُونِ الجيْمِ بينَهُما: نَبْتٌ(1)، إِذَا بُنِيَ(مِنْ وَأَيْتُ: إِيْءٍ) بكسْرِ الهمْزةِ وسُكُونِ التَّحتانيَّةِ بعْدَهَا همْزةٌ مكسُورةٌ مُنوَّنةٌ، أَصلُهُ إِوْإي(2) كإِجْرِدٍ قُلبتِ الواوُ ياءً كميِزانٍ وأُعِلَّ إِعلالُ قَاضٍ، فيُقالُ إِئْيًا نصْبًا.
(وَمِنْ أَوَيْتُ: إِيُّ) بكسْرِ الهمْزةِ وتشْديدِ اليَاءِ المُنوَّنةِ المضمُومةِ رفْعًا، أصلُهُ إأْوِيُ بهمزَةٍ مكسُورةِ ثُمَّ ساكِنةٍ بعْدَهَا واوٌ مكسُورةٌ بعْدَهَا ياءٌ، قُلبتِ الهمْزَةُ الثَّانيةُ ياءً كإِيْمانٍ والواوُ ياءً وأُدغِمتْ فِي اليَاءِ كمَا فِي سيِّدٍ فاجتََمَعتِ الياءاتُ، حُذفَتِ الأَخِيرةُ نسْيًا وأُعرِبتِ المُشدَّدةُ بالحَرَكاتِ هَذا (فِيْمَنْ قَالَ: أُحَيُّ) بالضمَّةِ رفْعًا والفتْحةِ نصْبًا والكسْرةِ جرًّا أي: حُذِفتْ ياؤُهُ نسْيًا كسيبويهِ، وعِيْسى بنِ عُمَر(3)، وكمَا مرَّ فِي المُصغَّرِ.
(وَمَنْ قَالَ: أُحَيٍّ) بالكسْرةِ رفعًا وجرًّا أي: حُذفتْ ياؤُهُ/186 إِعْلالاً كقَاضٍ كأَبِي عمْرو(4)، وحَكَاهُ الأندلُسيُّ(5)، والجوهَريُّ(6)عنِ الكوفييْنَ (قَالَ: إِيٍّ) بالكسْرةِ فِي الحَالتيْنِ، وإيًّا فِي النَّصبِ.
ص: 568
(ومِثْلُ إِوَزَّةٍ)(1) بكسْرِ الهمْزَةِ وفتْحِ الوَاوِ والزَّاءِ المُعجَمَةِ المُشدَّدةِ، طَيْرُ المَاءِ، أصلُهُ إِوْزَزَةٌ كإِصْبَعَةٍ إِذَا بُنِيَ (مِنْ وَأَيْتُ: إِيْئَاةٌ) بكسْرِ الهمْزَةِ وسُكونِ اليَاءِ قبْلَ الهمْزَةِ الممْدُودةِ، أصلُهُ إوْأَيَة كإوْززَةٍ، قُلبتْ واوُهُ ياءً كميْزانٍ وياؤُهُ ألِفًا؛ لِتَحرُّكِهَا وانفِتَاحِ مَا قبْلَهَا، فَخَالَفَ إِوَزَّةً صُورةً (وَمِنْ أَوَيْتُ: إِيَّاةٌ مُدْغَمًا) أي: بِكسْرِ الهمْزةِ وتشْدِيدِ اليَاءِ أصلُهُ إِئْوَيَةٌ، قُلبتْ همزَتُهُ الثَّانيةُ ياءً والواوُ ياءً كسيِّدٍ، واليَاءُ الثَّالثَةُ ألِفًا؛ لِتحرُّكِهَا وانفِتَاحِ مَا قبْلَهَا، وأُدغِمتِ اليَاءُ فِي اليَاءِ.
(وَمِثْلُ اطْلَخَمَّ)(2)الليْلُ إِذَا أَظْلَمَ(3) ك-(اطْمَأَنَّ) إِذا بُنِيَ (مِنْ وَأَيْتُ: إِيْأَيًّا) بكسْرِ الهمْزةِ وسُكونِ التَّحتانيَّةِ بعْدَهَا وفتْحِ الهمْزَةِ بينَهَا وبيْنَ التَّحتانيَّةِ المُشدَّدةِ قبْلَ المقْصُورَةِ، أصلُهُ أَوْأَييّ بِثَلاثِ ياءاتٍ كاطْلَخَمَّ(4) قبْلَ الإِدغَامِ قُلِبتِ الواوُ ياءً والتَّحتانيَّةُ الأخِيرةُ ألِفًا وأُدْغِمَتِ التَّحتانيَّةُ الأُوْلَى فِي الثَّانِيةِ، فَخَالَفَ اطْلَخَمَّ صُورَةً.
(وَمِنْ أَوَيْتُ: إِيْوَيًّا) بِكسْرِ الهمْزةِ وسُكُونِ التَّحتانيَّةِ وفتْحِ الوَاوِ وتشْدِيدِ التَّحتانيَّةِ، أصلُهُ إِءْوَييٌّ كاطلخَمَّ قُلبتِ الهَمْزةُ الثَّانِيةُ ياءً والتَّحتانيَّةُ الأَخِيرةُ ألِفًا، وأُدْغِمتِ اليَاءُ فِي اليَاءِ(5).
(وَسُئِلَ أَبُوعَلِيٍّ عَنْ مِثْلِ مَا شَاءَ اللهُ(6)إِذَا بُنِيَ مِنْ أَوْلَقَ، فَقَالَ: مَا أَلِقَ الإِلاقُ)، فإنَّ شَاءَ فِي الأَصْلِ عَلَى وَزْنِ (فَعَلَ)، واللهُ الإِلهُ عنْدَ المُحقِّقينَ
ص: 569
ومنْهُمْ سيبويهِ(1) فَعَبَّرَ عنْهُما بِمَا يوازِنُهُمَا، وإنَّما لمْ يحذِفِ الهمْزةَ الثَّانيةَ المكسُورَةَ فِي الإِلاقِ معَ أنَّ حذْفَها فِي الأَصلِ قِياسٌ كمَا فِي الْحَمَرِ؛ لأنَّ غَلَبةَ الحذْفِ فِي الإِلهِ شاذَّةٌ، وكَذا إِدْغامُ الْلامِ فِي الْلامِ؛ لأنَّهُما مُتحرِّكَانِ فِي أوَّلِ الكَلِمَةِ وخَاصَّةً مَعَ عُروضِ الْتِقائِهِمَا (وَالْلاّقُ) أي: وقَالَ مَا أَلِقَ اللاّقُ بِنَاءً (عَلَى الْلَفْظِ) لفْظِ اللهِ (وَالأَلَقُ) أي: وقَالَ مَا أَلِقَ الأَلَقُ بفتحَتيْنِ، وإنَّما قَالَ ذلِكَ بناءً (عَلَى وَجْهٍ) آخَرَ جوَّزَهُ سيبويهِ أيْضًا، وهوَ أنَّ أَصلَ لفْظِ اللهِ لاهَ منْ لاهَ يَلِيْهُ ليْهًا كَفَرَسٍ، بِمعْنَى اسْتَتَرَ(2)، ولمَّا لَمْ يكُنْ سَبَبُ انْقِلابِ العيْنِ ألِفًا وهُوَ كونُها يَاءً مُتحرِّكةً ههُنا موْجُودًا عبَّرَ عنْهُ بالأَصلِ، وإِذَا عَلِمْتَ ذلِكَ اِعْلم أنَّ أَباعَلِيٍّ (بَنَى) كَلامَهُ فِي الأَجوِبَةِ/187الثَّلاثَةِ (عَلَى أَنَّهُ) أي: أَوْلَقَ (فَوْعَلَ) والهمْزةُ أصليَّةٌ والواوُ زَائِدةٌ كجوْهَرٍ، ومنْ عَكَسَ بأنْ بَنَى عَلَى أنَّهُ (أَفْعَلَ) كأَحْمَرَ يقُولُ: مَا وَلَقَ الوَلاّقُ، واللاّقُ والوَلَقُ.
(وَأَجَابَ) أَبُوعَليٍّ حيْنَ سُئِلَ عنْهُ مَا تقُولُ (فِي بِاسْمٍ) إِذَا بُنِيَ منْ أَوْلَقَ (بِإِلْقٍ، أَوْ بِأُلْقٍ) كَحِبْرٍ أوْ قُفْلٍ؛ فإنَّ أصْلَهُ أمَّا سِمْوٌ أوْ سُمْوٌ، وبِناءُ ذلِكَ الجَوابِ أيْضًا (عَلَى ذلِكَ(3)) المذْكُورِ منْ أنَّهُ عنْدَهُ (فَوْعَلٌ) وإِلاَّ فالْجَوابُ وُلْقٌ أوْ وِلْقٌ، وحَذَفَ اللامَ وهُوَ الواوُ فِي الأصْلِ لا يوجِبُ حذفُهَا فِي الفرْعِ عنْدَهُ كما مرَّ.
ص: 570
(وَسَأَلَ أَبُوعَلِيٍّ ابْنَ خَالَوَيْهِ(1) عَنْ مِثْلِ مُسْطَارٍ) بِضمِّ المِيمِ، وهُوَ الخمْرُ(2) قِيلَ روميٌّ مُعرَّبٌ(3)، وقِيلَ عَرَبيٌّ اسمُ مفعُولٍ مِنَ اسْتَطارَ سُمِّيَ بِهِ؛ لِغَلَيانِهِ، أصْلُهُ مُسْتَطْيِرٌ كَمُسْتَخْرِجٍ اسْمِ مفْعُولٍ قُلِبتِ اليَاءُ ألِفًا بعْدَ نَقْلِ فتحَتِهَا إِلَى مَا قبْلَها، وحُذِفتِ التَّاءُ منْهَا كَمَا فِي اسْطَاعَ إِذَا بُنِيَ مِنْ (آءَةٍ)(4) بِالأَلْفِ الممْدُودةِ والهمْزةِ المفْتُوحَةِ، شَجَرَةٌ أصلُهَا أَوَأَةٌ كشَجَرَةٍ إِذِ الأَلِفُ فِي موضِعِ العيْنِ إِذَا أُشْكِلَ أمرُهَا، قَالَ سيبويهِ(5) أَصْلُهَا الواوُ (فَظَنَّهُ) ابْنُ خَالَويْه (مُفْعَالاً) مِنْ سَطَرَ (وَتَحَيَّرَ) فِي الجَوابِ (فَقَالَ أَبُوعَلِيٍّ: مُسْآءٌ) بِضمِّ المِيمِ وسُكُونِ السِّينِ، فالهمْزَةِ والأَلِفِ المَمْدُودةِ عَلَى وزْنِ مُسْطَارٍ (أَجَابَ(6)عَلَى أَصْلِهِ) وهُوَ أَوَأَةٌ، فَإِذَا بُنِيَ مِنْهُ يكُونُ أصْلُهُ مُسْتَاوِءٌ(7) كمُستَخْرِجٍ، اسْمُ مفعُولٍ قُلِبتِ الوَاوُ ألِفًا؛ لِتَحرُّكِها
ص: 571
وانفِتَاحِ مَا قبْلَها حُكْمًا وحُذِفتِ التَّاءُ كَمُسْتَطَاعٍ؛ لاجْتِماعِهَا مَعَ الطَّاءِ، وإِنْ لمْ يَجِبِ الحذْفُ فِي الفَرْعِ؛ لِفُقْدانِ الطَّاءِ فَصَارَ مُسَاءً (وَعَلَى الأَكْثَرِ) قَطْعُ النَّظَرِ عنِ الأَصْلِ، وقِيْلَ فِي الجَوَابِ (مُسْتَئاءٌ) كَمُسْتَقَامٍ بِلا حَذْفِ التَّاءِ؛ لِعَدَمِ المُقْتَضِي.
(وَسَأَلَ ابْنُ جِنِّي ابْنَ خَالَوَيْهِ عَنْ مِثْلِ كَوْكَبٍ)(1) إِذَا بُنِيَ (مِنْ وَأَيْتُ مُخَفَّفًا) همْزَتَهُ (مَجْمُوعًا جَمْعَ السَّلامَةِ مُضَافًا إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ، فَتَحَيَّرَ أَيْضًا) كَمَا تَحيَّرَ فِي جَوابِ أَبِي عَلِيٍّ (فَقَالَ ابْنُ جِنِّي: أَوَيٌّ) بِفتْحِ الهمْزَةِ والوَاوِ وتشْدِيدِ اليَاءِ، أَصلُهُ وَوْأَيٌ كَكَوْكَبٍ، قُلبتِ اليَاءُ ألِفًا/188 كَرَمَى، والوَاوُ الأُولى همْزةً كأَوَاصِلَ، ونُقِلتْ حَرَكَةُ الهمْزةِ إِلَى الوَاوِ وحُذِفتْ تخْفِيفًا، فَصارتْ أَوَى كَفَتَى، فَجَمَعَ بِالواوِ والنُّونِ فَصَارَ أُوُونَ عَلَى قِياسِ (مُصْطَفونَ)، ومُصْطَفيْنَ، أُضِيفَ إِلى ياءِ المُتكلِّمِ، وسَقَطتِ النُّونُ فَصَارَ أَوَوْيَّ أوْ أَوَيَّ بِفتْحِ الأَوَّليْنِ وسُكونِ الثَّالثِ قبْلَ اليَاءِ المفْتُوحةِ قُلِبتِ الواوُ السَّاكِنةُ ياءً؛ لاجْتِماعِهَا وأُدْغِمتْ فيْهَا فَصَارَ أَوَيَّ.
وَلَهُ وَجْهٌ آخَر، وهُوَ أنْ ينْقِلَ حَرَكةَ همْزةِ وَوْأي إِلى الواوِ، ويحْذِفَ للتَّخْفيفِ ثُمَّ تُحذَفُ ضمَّةُ ياءِ وويُ ثُمَّ الياءَ كمَا فِي قَاضِي فَصَارَ وَوَىً كَفَتًى، ثُمَّ يُجمَعُ ك-(فَتُونَ) ثُمَّ تُحذَفُ نُونُهُ بالإِضافةِ إِلى ياءِ المُتكلِّمِ، ولمَّا جَمَعَت الواوَ والياءَ وكانَ السَّابِقُ ساكِنًا قُلِبتْ ياءً، وقُلبتْ واوُهُ الأُولى هَمْزةً كَأَواصِلَ.
(وَمِثْلُ عَنْكَبُوتٍ) إِذا بُنِيَ (مِنْ بِعْتُ) قِيْلَ (بَيْعَعُوتٌ) بِتكْريرِ اللامِ للإِلحاقِ والتَّعبيرِ عنِ الواوِ والتَّاءِ المَزِيدتينِ بِهِمَا فِي الفَرْعِ أيْضًا هَذا إِذَا كَانَ عنْكَبوتٌ
ص: 572
(فَعْلَلُوتَ) وهُوَ المشْهُورُ(1)، وإِنْ كَانَ (فَنْعَلُوتٌ) كمَا يُشْعِرُ بهِ كَلامُ الجوهريِّ(2) قِيْلَ: يَنْبَعُوتٌ.
(وَمِثْلُ اطْمَأَنَّ)(3) إِذَا بُنِيَ مِنْهُ قِيْلَ (اِبْيَعَّعَ) بِتشْديدِ العيْنِ الأُولَى عنْدَ المازنيِّ(4) لِوُجوبِ إِدغامِ أوَّلِ المِثلَينِ إنْ كَانَ ساكِنًا فِي الثَّانِي، والثَّانيةِ عنْدَ الأَخفَشِ(5)؛ لِيكُونَ كَالمُلحَقِ ب-(اقْشَعرَّ) (مُصَحَّحًا) أي: لا تقْلبُ عيْنُ فِعْلِهِ ألِفًا؛ لأَنَّ توسُّطِ حرْفِ العِلَّةِ بيْنَ ساكِنينِ يمْنَعُ الإِعلالَ ك-(اسْودَّ)، ووقُوعُ اليَاءِ ههُنا بيْنَهُمَا عَلَى الأوَّلِ رأْيُ المَازنيِّ ظاهرٌ، وعَلَى الثَّانِي رأْيُ الأَخفَشِ بِاعْتِبارِ الأَصلِ، ولا يَبْعدُ الإِعلالُ حمْلاً عَلَى ثُلاثِيهِ، والتِقَاءُ هذيْنِ السَّاكِنينِ جَائِزٌ كمَا فِي (الضَّالِّينَ) الفاتِحَة/7.
(وَمِثْلُ اِغْدَوْدَنَ)(6) إِذَا بُنِيَ (مِنْ قُلْتُ) قِيْلَ (اِقْوَوَّلَ) أصلُهُ اقْوَوْوَلَ أُدْغِمتْ واوُ الوَسطِ فِي الأَخِيرِ؛ لِسُكُونِهَا (وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ) الأَخْفشُ(7) (اقْوَيَّلَ) بِتَشديدِ الياءِ المفتُوحةِ بعْدَ الواوِ استثْقالاً (لِلْوَاوَاتِ) بقلْبِ الوَاوِ الأَخِيرةِ ياءً؛ لِقُربِهَا مِنَ الطَّرَفِ، وكَذَا الوَسَطُ؛ لِكوْنِها ساكِنَةً قبْلَ اليَاءِ وإِدغَامِهَا فيْهَا.
ص: 573
(وَمِثْلُ اُغْدُوْدِنَ) المجهُولِ إِذَا بُنِيَ مِنْ قُلْتُ، وبِعْتُ، قيْلَ (اُقْوُوْوِلَ، وَاُبْيُويْعَ مُظْهَرًا) بِلا إِدْغامٍ أمَّا فِي الأَوَّلِ فَلأَنَّ الوَاوَ الثَّانيةَ حرْفُ مَدٍّ بِمنْزِلَةِ الأَلِفِ فِي الخِفَّةِ فَلا تُدْغَمُ، وكَذا الوَاوُ بعْدَ اليَاءِ فِي الثَّانِي فَلا يُقْلَبُ ياءً فأُدْغِمتْ؛ لِئَلاَّ يلْتَبِسَ مجهُولُ بَابِ (افْعَوعَلَ) ببَابِ (افْعَوَّلَ)(1).
(وَمِثْلُ مَضْرُوبٍ مِنَ الْقُوَّةِ مَقْوِيٌّ)(2) أَصلُهُ مَقْوِوْوٌ قُلِبتِ الواوُ المُتطرِّفةُ ياءً؛ لِفُقدانِ الضمَّةِ قبْلَهَا ثُمَّ عُومِلَ مُعاملةُ مَرْمِيِّ/189وأُبدلَتِ الضمَّةُ كسْرةً.
(وَمِثْلُ عُصْفُورٍ)(3)مِنْهَا (قُوِّيٌّ) بضمِّ القَافِ وكسْرِ الوَاوِ المُشدَّدةِ قبْلَ اليَاءِ المُشدَّدةِ أصلُهُ قُوْوُوْو كعُصْفُورٍ قُلبتِ الواوُ الأَخِيرةُ ياءً؛ لِتَطرُّفِها وعَدَمِ انْضِمامِ مَا قبْلَها، وكَذا الثَّالثَةُ لاجْتِماعِهَا مَعَ اليَاءِ، وأُدْغِمتِ الأُولَى فِي الثَّانيةِ؛ لِسُكونِهَا، وأُبدِلَتِ الضمَّةُ كسْرةً لِمَا مَضَى(وَ) مِثْلُ عُصْفُورٍ (مِنَ الْغَزْوِ: غُزْوِيٌّ) بِالضمِّ والسُّكونِ والكسْرِ وتشْدِيدِ التَّحتانيَّةِ، أصلُهُ غُزْوُوِو.
(وَمِثْلُ عَضُدٍ مِنْ قَضَيْتُ: قَضٍ)(4)بِفتْحِ القَافِ وكسْرِ الضَّادِ المُعجَمَةِ المنوَّنةِ، أصلُهُ قَضُيَ كعَضُد أُعِلَّ إعلالُ تَرامٍ، مصْدَرُ تَرامَيْنَا أي: قُلبتْ ضمَّتُها كسْرةً؛ لِوقُوعِهَا قبلَ اليَاءِ المُتطرِّفَةِ، وحُذِفتِ اليَاءُ كمَا فِي قَاضٍ.
(وَمِثْلُ قُذَعْمِلَةٍ)(5) منْهُ (قُضَيَّةٌ، كَمُعَيَّةٍ فِي التَّصْغِيْرِ) أصلُهُ قُضَيَّيَةٌ بِثَلاثِ يَاءاتٍ، أوَّلُها ساكِنٌ وثانِيهَا مكْسُورٌ وثَالِثُها مفْتُوحٌ، حُذِفتِ الأَخِيرةُ نَسْيًا، وفُتِحتِ الثَّانِيةُ؛ لِوُقُوعِهَا قبْلَ تاءِ التَّأْنِيثِ، وأُدْغِمتِ الأُولَى فيْهَا.
ص: 574
(وَمِثْلُ قُذَعْمِيْلَةٍ) بزِيادةِ المدَّةِ بعْدَ المِيمِ إِذا بُنِيَ مِنْهُ قِيلَ (قُضَوِيَّةٌ) بأَرْبعِ ياءاتٍ كقُذعْمِيلَةٍ، حُذفتِ الأُولَى وقُلبتِ الثَّانيةُ واوًا كمَا فِي أَمَويٍّ، وأُدغِمتِ الثَّالثةُ فِي الرَّابعةِ، وتقُولُ: قُضيَّيَّةٌ بالياءَينِ المُشدَّدتيْنِ.
(وَمِثْلُ حَمَصِيْصَةٍ)(1) بِفتْحِ الحَاءِ والمِيمِ والصَّادِ الثَّانيةِ بعْدَ التَّحتانيَّةِ، بَقْلَة(2)، إِذَا بُنِيَ مِنْ قضيْتُ قِيْلَ (قَضَوِيَّةٌ) أصلُهُ قَضَيِيْيَةٌ بِثَلاثِ ياءاتٍ أوَّلُها مكْسورٌ وثانِيهَا سَاكِنٌ وثالِثُها مفْتُوحٌ (فَتُقْلَبُ) الأُولَى واوًا (كَرَحَويَّةٍ) كمَا مرَّ، وتُدغمُ الثَّانيةُ فِي الثَّالِثةِ.
(وَمِثْلُ مَلَكُوتٍ)(3) إِذَا بُنِيَ منْهُ قِيلَ (قَضَوتُ(4)) أصلُهُ قَضيُوتٌ كَمَلكُوتٍ قُلبتِ الياءُ المُتحرِّكةُ المفتُوحُ مَا قبْلَها ألِفًا، وحُذِفتْ؛ لالتِقَاءِ السَّاكنيْنِ، وجَازَ عدَمُ الإِعلالِ؛ لخُروجِ الاسْمِ بِتلْكِ الزِّيادةِ عنْ مُوازَنَةِ الفِعْلِ.
(وَمِثْلُ حَجَمْرَشٍ)(5) إِذَا بُنِيَ مِنْهُ قِِيْلَ ( قَضْيَيٍ) كجَعْفَرٍ بالجرِّ والتَّنوينِ رفْعًا وجرًّا أصلُهُ قَضَيَيٌّ بِثَلاثِ ياءاتٍ كجَحَمْرَشٍ أُعِلَّ كقَاضٍ، ولَكَ أنْ تحْذِفَ الثَّالثةَ نَسْيًا وتقْلِبَ الثَّانيةَ ألِفًا فتَصِيرُ قَضَياا أوْ تقْلِبُ الثَّانيةَ واوًا وتعْمَلَ بِهِ عَمَلَ قَاضٍ وتقُولُ قَضْيَو.
ص: 575
(وَمِنْ حَيَيْتُ)أي: إِذَا بُنِيَ مِثْلُ جَحَمْرَشٍ منْهُ قِيْلَ (حَيَّوٌ) بِفتْحِ الحَاءِ والتَّحْتانيَّةِ المُشدَّدةِ وآخِرِهِ كقَاضٍ، أصلُهُ حَيَيْيَّ كجَحَمْرَشٍ بأَربَعِ ياءاتٍ أُعِلَّ الأَخيرُ كَقَاضٍ، وأُدغِمتِ الأُولَى فِي الثَّانيةِ وقُلِبتِ الثَّالِثَةُ واوًا كَحَيَوانٍ، ولَكَ حَذْفُ الرَّابِعَةِ نسْيًا وقَلْبُ الثَّالثةِ ألِفًا/190ك-(قَالَ).
(وَمِثْلُ حِلِبْلابٍ)(1) بِكَسرِ الحَاءِ واللامِ وسُكونِ المُوحَّدةِ، نَبْتٌ(2)، إِذَا بُنِيَ مِنْهُ مِثْلُ (قِضِيْضَاءٌ) كحِلْبْلابٍ، آخِرُهُ ألِفٌ ممْدُودةٌ، أصلُهُ قِضِيْضَايٌ؛ لأَنَّ العيْنَ واللامَ فِي حِلِبْلابٍ مُكرَّرتانِ، فكَذا فِيْهِ تُقلَبُ اليَاءُ المُتطرِّفةُ ألِفًا ثُمَّ همْزةً كَرِداءٍ، وكَذا حَالُ الوَاوِ المُتطرِّفَةِ كَكِساءٍ، فإِنْ بُنِيَ مِنْ غَزَوْتُ قِيْلَ غِزِيْزَاءٌ.
(وَمِثْلُ دَحْرَجْتُ)(3) إِذَا بُنِيَ (مِنْ قَرَأَ) قِيْلَ (قَرْأَيْتُ) أصلُهُ قَرْأَأْتُ قُلبتِ الهمْزةُ الثَّانِيةُ ألِفًا ك-(آمَنَ) ثُمَّ ياءً؛ لأنَّ الألِفَ قبْلَ تاءِ الضمِيرِ تُقْلَبُ واوًا ك-(دَعَوْتُ) أوْ ياءً ك-(رَمَيتُ)، ولا يَجُوزُ الياءُ هُنَا؛ لِكونِهَا رابِعَةً.
(وَمِثْلُ سِبَطْرٍ) كَقِمَطْرٍ للطَّويْلِ مِنَ المَاءِ وغيْرِهِ(4)، إِذَا بُنِيَ منْ قَرَأَ قِيْلَ (قِرَأْيٌ) أصلُهُ قِرَأْأٌ بتكْريرِ اللامِ وهِيَ الهمْزَةُ قُلِبتِ الأَخِيرةُ ياءً؛ إِذْ وُقوعُ الْلامِ ياءً أكْثَرُ مِنْ وُقُوعِهِ واوًا بِعَكْسِ العيْنِ، وإِنَّما لمْ تُقلَبِ الأُولَى واوًا؛ لأنَّ الطَّرَفَ أوْلَى بالتَّغْييرِ.
(وَمِثْلُ اِطْمَأْنَنْتُ) إِذَا بُنِيَ مِنْ قَرَأَ قِيْلَ (اِقْرَأْ يَأْتُ) ك-(اطْمَأْنَنْتُ) أصلُهُ اقْرأأأتُ بِثَلاثِ هَمْزاتٍ قُلِبَتِ الثَّانيةُ ألِفًا ك-(آمَنَ)، والألِفُ ياءً كمَا فِي قَرْأَيْتُ
ص: 576
(وَمُضَارِعُهُ يَقْرَئِيْءُ كَيَقْرَعِيْعُ) (1) أصلُهُ يَقْرَأِأْأُ بِثَلاثِ هَمْزاتٍ، أوَّلُهَا سَاكِنةٌ، وثَانِيْهَا مكْسُورةٌ نُقِلَتْ كسْرَتُهَا إِلَى الأُولَى وقُلِبتْ ياءً كمَا فِي إِيْمانٍ، ولمْ يُدْغِمُوها فِي الثَّالِثَةِ فَيَصِيْر يَقْرَأِأَّ ك-(يَطْمَئِنَّ)؛ لأَنَّ الهمْزَةَ فِي مِثْلِهِ لا تُدْغَمُ.
بأسْمائِهَا، فَقَولُكَ اكتُبْ زَيْدًا؛ أي: صُورةُ ذلِكَ اللفْظِ بِحُرُوفٍ تُعَدَّدُ بأَسمائِهَا أَعنِي زايًا دالاً، وهِيَ زِيْ، ولا الشَّخصُ المسمَّى بِهِ (إِلاَّ أَسْمَاءَ الْحُرُوفِ إِذَا قُصِدَ بِهَا الْمُسَمَّى، نَحْوُ قَوْلِكَ: اكْتُبْ جِيْمْ، عَيْنْ، فَا، رَا فَإِنَّكَ) لا تُصوِّرُ تلْكَ الأَلْفاظَ بِحُروفِ هِجَائِهَا أَعْنِي ج ي م ع ي ن، وأَخواتِهَا بلْ تُصوِّرُ المُسمَّى بِهَا (تَكْتُبُ هَذِهِ الصُّورَةَ جَعْفَر) فإِنَّ المُرادَ هُوَ مُسمَّى تلْكَ الأَلفَاظِ لا نفْسِهَا، وكَذا كُلُّ مَا يُمْكِنُ كِتابَةُ مُسمَّاهُ أي: لمْ يكُنْ كَزَيْدٍ ورجُلٍ نَحوُ اكْتُبِ الشِّعْرَ أوِ اكتُبِ القُرآنَ أي: مَا يُطْلَقُ عليْهِ الشِّعرَ، نحوُ(1):
أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللهَ بَاطِلُ *** [وَكُلُّ نَعِيْمٍ لا مَحَالَةَ زَائِلُ]
أَوِ القرآن نحو:(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)الفاتحة/1-2 لا لفظَ الشِّعرِ والقُرآنِ، ولا ش ي ن و ق ا ف ونحوُها الاّ أنْ يدُلَّ قَرينةٌ عَلَى أنَّ المُرادَ هوَ الاسْمُ، وقولُهُ: جيْمْ، عيْنْ، فا، را ليْسَ بِمُعربٍ معَ أنَّها مُركَّبةٌ/191معَ عامِلِهَا؛ لِئلاّ يُظنَّ المُرادُ هو المُسمَّى، ولمْ يعْطِفْ تنْبِيهًا عَلَى اتِّصالِ بعْضِها بِبعْضٍ، وإِنَّما تُكتَبُ هَذهِ الصَّورةُ؛ (لأَنَّها(2)) أي: تلْكَ الصُّورةُ هيَ (مُسَمَّاهَا) مُسمَّى جِيْمْ، عَيْنْ، فَا، رَا (خَطًّا وَلَفْظًا) فإِنَّ أوَّلَ حَرْفٍ منْ جعْفَرٍ خطًّا وتَلَفُّظًا هوَ ج لا الْجِيمْ، (وَلِذلِكَ) المذْكُورِ مِنْ كونِهَا مُسمَّاهَا.
ص: 578
(قَالَ الْخَلِيْلُ لَمَّا سَأَلَهُمْ)(1) أي: سَأَلَ أَصْحابَهُ (كَيْفَ تَنْطِقُونَ بِالْجِيْمِ مِنْ جَعْفَرٍ، فَقَالُوا: جِيْمْ، فَقَالَ: إِنَّمَا نَطَقْتُمْ بِالاسْمِ وَلَمْ تَنْطِقُوا بِالْمَسْؤُولِ عَنْهُ) أي: المُسمَّى (وَالْجَوَابُ: جَهْ؛ لأَنَّهُ الْمُسَمَّى) وهُوَ المسْؤولُ عنْهُ فإِنَّ المُرادَ مِنْ كُلِّ اسمٍ هُوَ مُسمَّاهُ لا لفْظِهِ ولا حُروفِ هِجائِهِ إنْ أَمْكَنَ نحوُ: ضَرَبْتُ زَيْدًا بِخِلافِ قَرَأْتُ زَيْدًا، وكَتَبْتُهٌ.
(فَإِنْ سُمِّيَ بِهَا) بأَسْماءِ الحُروفِ (مُسَمًّى آخَرُ) كَمَا إِذَا سُمِّيَ شَخْصٌ بِعيْنٍ مَثَلاً (كُتِبَتْ كَغَيْرِهَا) بِحُروفِ هِجَائِهِ، فَتُكتَبُ عيْنْ كَمَا تَكْتِبُ زَيْدْ (وَفِي الْمُصْحَفِ) أي: فِي فَواتِحِ بعْضِ(2) السُّوَرِ كُتِبَتْ (عَلَى أَصْلِهَا) وهُوَ المُسمَّيَّاتُ (عَلَى الْوَجْهَيْنِ نَحْوُ:( يَس)1/يس، وَ(حَم)غافر/1(3).
الأوَّلُ: إنَّها أسْماءٌ لِحُروفِ التَّهجِّي، وهُوَ رأْيُ صَاحِبِ الكشَّافِ(4)، فإِنَّهُ قَالَ: المُرادُ بِهَا التَّنْبيهُ عَلَى أنَّ القُرآنَ مُركَّبٌ مِنْ هَذهِ الحُروفِ كأَلْفاظِكُمْ فَعَارِضُوهُ إنْ قَدِرْتُمْ.
والثَّانِي: إنَّها أَسماءٌ لِمُسمَّيَّاتٍ أُخرَ كمَا قِيلَ: إنَّ (طَه ويَس) إِسمانِ لِلنَّبيِّ (عَليْهِ السَّلامُ) و(ق) لجبل و(ن) للدَّواةِ إِلَى غيْرِ ذلِكَ مِمَّا قِيلَ فيْهَا، وقِياسُ الثَّانِي أنْ تُكْتَبَ: ياسين حاميم(5).
ص: 579
(وَالأَصْلُ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ أَنْ تُكْتَبَ بِصُورَةِ لَفْظِهَا بِتَقْدِيْرِ الابْتِدَاءِ(1)وَالْوَقْفِ عَلَيْهَا، وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَ) نحو: مِنَ ابْنِكَ بالهمْزةِ معَ سُقوطِهَا بالدَّرجِ؛ لأنَّها عَلَى تقْديْرِ الابْتِِداءِ بهِ ثابِتةً، وكَذا كُتِبَ (نَحْوُ: رَهْ زَيْدًا، وَقِهْ زَيْدًا) مِمَّا كَانَ فِي الأَصْلِ عَلَى حَرْفٍ (بِالْهَاءِ، وَمِثْلُ مَهْ أَنْتَ، وَمَجِيءَ مَهْ جِئْتَ) مِمَّا كَانَ فِي الأَصْلِ عَلَى حَرْفَينِ (بِالْهَاءِ أَيْضًا) مَعَ سقُوطِهَا فِي التلفُّظِ إِذْ لابُدَّ منْهَا فِي الوقْفِ كمَا مرَّ.
(بِخِلافِ) مَا إِذَا اتَّصَلتْ (ما) الاستِفهَاميَّةُ بِحرْفِ (الْجَارِّ، نَحْوُ: حَتَّامَ، وَإِلامَ، وَعَلامَ)(2)؛ فإِنَّه لا يلْزَمُ الوقْفُ عليْهَا بالهَاِء؛ (لِشِدَّةِ الاتِّصَالِ بِالْحُرُوفِ) فَصَارَتْ مَعَها كَلفْظٍ واحِدٍ، نحوُ: غُلامٍ، وكَلامٍ.
(وَمِنْ ثَمَّ) منْ أَجلِ شِدَّةِ اتِّصالِ (مَا) بِهَا (كُتِبَتْ مَعَهَا) مَعَ (مَا) الاستِفهَاميَّةِ (بِأَلِفَاتٍ) (3) وحقُّهَا أنْ تُكتَبَ بِاليَاءِ.
(وَكُتِبَ مِمَّ، وَعَمَّ) مِنْ وعَنْ مَعَ مَا (بِغَيْرِ نُونٍ) كأَمَّحَى فِي انْمَحَى (فَإِنْ قَصَدْتَ إِلَى الْهَاءِ)/192 أي: إنْ أَرَدْتَ حيْنَ قَولِكَ: مِمَّ جِئْتَ، و(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ)النبأ/1، إنَّك لوْ وَقَفْتَ عَلَى (مِمَّ، وَعَمَّ) أُلْحِقَ(4) بِهَا هاءُ السَّكْتِ (كَتَبْتَهَا) أيْ: الهاءُ؛ لأنَّكَ حيْنَها اعْتَبرتَ (ما) مُستَقِلَّةً بِنفْسِهَا ورَدَدْتَ اليَاءَ فِي
ص: 580
حتَّى مَهْ، وإِلَى مَهْ، وعَلَى مَهْ (وَغَيْرَهَا) غيْرَ اليَاءِ أي: النُّونُ فِي مَنْ مَهْ، وعَنْ مَهْ (إِنْ شِئْتَ) الرَّدَّ وإِلاّ فَلا ،وأمّا الهَاءُ فَوَجَبَ الإِتْيانُ بِهَا حِيْنَ الرَّدِّ.
(وَمِنْ ثَمَّ) مِنْ أجْلِ أنَّ بِناءَ الكِتابَةِ عَلَى الوقْفِ (كُتِبَ أَنَا زَيْدٌ بِالأَلِفِ)(1)؛ لأنَّهُ حيْنَ الوقْفِ عليْهِ كُتِبَ بِهَا كمَا مرَّ (وَمِنْهُ (لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ)الكهف/38 عنْدَ مَنْ لمْ يقرأْهُ بالأَلِفِ(2)؛ لأنَّ أصْلَهُ (لَكِنْ أَنَا).
(وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَتْ تَاءُ التَّأْنِيثِ فِي نَحْوِ: رَحْمَةٍ، وَقَمْحَةٍ هَاءً) وهِي البُرُّ(3) هَذا فيْمَنْ وَقَفَ بِالهَاءِ (وَفِيْمَنْ وَقَفَ بِالتَّاءِ) عليْهِ كَتُبْتُ (تَاءً بِخِلافِ أُخْتٍ، وَبِنْتٍ، وَبَابِ قَائِمَاتٍ) أي: الجمْعُ المؤنَّثُ السَّالِمُ (وَبَابِ قَامَتْ هِنْدٌ) أي: الفِعْلُ المُتَّصِلُ بِهِ تاءُ التَّأْنِيثِ، فإِنَّ الجَمِيعَ تُكْتَبُ بالتَّاءِ؛ إِذْ توقَفُ عليْهَا بالتَّاءِ لِمَا مرَّ، نَعَمْ مَنْ قَالَ: ( كيف البنون والبناه)(4) يَكْتُبُهَا بِالهَاءِ.
(وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَ الْمُنَوَّنُ الْمَنْصُوبُ بِالأَلِفِ)؛ فإِنَّهُ توقَفُ عليْهِ بِهَا (وَغَيْرُهُ بِالْحَذْفِ) بِحذْفِ الأَلِفِ إذْ لا يُوقَفُ عليْهِ بهَا مبْنيًّا كَانَ أوْ مُعْربًا غيْرَ مُنوَّنٍ أوْ مُنوَّنًا غيْرَ منْصوبٍ.
ص: 581
(وَإِذًا بِالأَلِفِ عَلَى الأَكْثَرِ) أي: كُتِبَ بِهَا خِلافًا لِلْمازِنيِّ(1) كمَا مرَّ (وَاضْرِبَنْ(2)) للمُفرَدِ المذكَّرِ الحَاضِرِ المؤكَّدِ بالنُّونِ الخَفِيفَةِ أيْضًا (كَذَلِكَ)؛ لأنَّهُ يوقَفُ عليْهَا اتِّفاقًا (وَكَانَ قِيَاسُ اضْرِبُنْ)(3) للجمْعِ المذكَّرِ الحَاضِرِ المؤكَّدِ بِهَا أنْ تُكْتَبَ (بِوَاوٍ وَأَلِفٍ وَ) قِياسُ (اضْرِبِنْ) المُخاطَبَةِ المؤكَّدِ بِهَا أنْ تُكْتَبَ (بِيَاءٍ، وَهَلْ تَضْرِبُنْ) يا رِجالُ (بِوَاوٍ وَنُونٍ، وَهَلْ تَضْرِبِنْ) يا امْرأةُ (بِيَاءٍ وَنُونٍ)؛ لأنَّ المحْذُوفَ لأَجلِ النُّونِ الخَفِيفةِ واوًا كَانَ أمْ ياءً أمْ مُركَّبًا مِنْ أَحَدِهِمَا، ومِنَ النُّونِ رُدَّ عنْدَ الوقْفِ عليْهَا، ويُقالُ: اضْرِبُوا، اضْرِبِي، هَلْ يضْرِبُونَ، هَلْ تَضْرِبيْنَ (وَلَكنَّهُمْ كَتَبُوهُ عَلَى لَفْظِهِ) بالنُّونِ؛ (لِعُسْرِ تَبَيُّنِهِ)(4) عَلَى الكُتَّابِ؛ فإِنَّهُ أمْرٌ لا يعْلَمُهُ إلاَّ مَهَرَةُ عِلْمِ الإِعْرابِ (أَوْ لِعَدَمِ تَبَيُّنِ قَصْدِهَا) المقْصودِ منْهَا، وهُوَ التَّأكِيدُ حتَّى للمَهَرةِ، لأنَّ تلْكَ الكَلِماتِ بِلا نونِ التَّأْكيدِ أيْضًا كك صُورةً (وَقَدْ يَجْرِي اضْرِبَنْ) بِفتْحِ البَاءِ (مُجْرَاهُ) مُجْرى مَا خَالَفَ القِياسَ وكُتِبَ/193بالنُّونِ حمْلاً عَلَى إِخوَتِهِ، وخَوْفًا مِنَ اللَبْسِ بالتَّثْنِيةِ.
(وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَ بَابُ قَاضٍ بِغَيْرِ يَاءٍ، وَبَابُ الْقَاضِي بِالْيَاءِ عَلَى الأَفْصَحِ فِيْهِمَا)(5)، وهُوَ الوقْفُ عَلَى الأوَّلِ رفْعًا وجرًّا بِدُونِ اليَاءِ بِخِلافِ الثَّانِي(6).
ص: 582
(وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَ نَحْوُ: بِزَيْدٍ، وَلِزَيْدٍ، وَكَزَيْدٍ مُتَّصِلاً؛ لأَنَّهُ لا يُوقَفُ عَلَيْهِ)(1) أي: عَلَى مَا عُلِمَ ضِمْنًا أنَّهُ كُتِبَ متَّصِلاً يعْنِي البَاءَ، واللامَ، والكَافَ، بِخِلافِ مِنْ وفِي.
(وَكُتِبَ: نَحْوُ: مِنْكَ، وَمِنْكُمْ، وَضَرَبَكُمْ مُتَّصِلاً)(2) معَ أنَّهُ يوقَفُ علَيْهِمَا؛ (لأَنَّهُ لا يُبْتَدَأُ بِهِ) بالضمِيرِ المتَّصِلِ، واجتَمَعَ الأَمْرانِ فِي بِكَ ونَحْوِهِ.
(وَالنَّظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ) الأَصلِ فِي شيْئيْنِ (فِيْمَا لاَ صُوْرَةَ لَهُ تَخُصُّهُ)(3)وهوَ الهمْزةُ بَلْ مُشتَركَةٌ، وقَدْ تُستَعَارُ لَهُ صُورةُ غيْرِهِ مِنَ الوَاوِ واليَاءِ؛ فَهِيَ تُكتَبُ أَمَّا بِالوَاوِ أوِ اليَاءِ أَوِ الأَلِفِ أوِ الهمْزةِ، والأَلفُ الأَخِيرةُ صُورةُ الهمْزَةِ أَصَالةً؛ إِذْ قِياسُ حُروفِ التَّهجِّيِ أنْ يكُونَ أوَّلَ حرْفٍ مِنْ حُروفِ أَسْمَائِهَا إِلاَّ أنْ تكُونَ تِلْكَ الصُّورةُ لا تخصُّها بلْ مُشْتركَةٌ بينَهَا وبيْنَ الأَلِفِ (وَفِيْمَا خُوْلِفَ) بِهِ الأَصلُ الذِي كَانَ حَقُّ الخطِّ أنْ يكُونَ علَيْهِ أَمَّا (بِوَصْلٍ، أَوْ زِيَادَةٍ، أَوْنَقْصٍ، أَوْ بَدَلٍ) كمَا سَيَجِيءُ مُفصَّلاً.
(فَالأَوَّلُ الْمَهْمُوزُ(4)) والهمْزةُ لمَّا كثُرَ تخْفِيفُها سِيْمَا عِنْدَ الحِجَازيينَ(5)، وتُكْتبُ بِصُورةِ غيْرِهَا، استَعَارُوا لَهَا صُورةَ العيْنِ البتْراءِ؛ لِقُربِ مخْرَجِهِمَا؛
ص: 583
لِيتعيَّنَ كونُهَا همزةً (وَهُوَ أَوَّلٌ، وَوَسَطٌ، وَآخِرٌ) يعْنِي مَا فِيْهِ الهمْزَةُ أمَّا مهْمُوزُ الأوَّلِ، أوِ الوَسَطِ أوِ الآخِرِ.
(فَالأَوَّلُ أَلِفٌ) فِي الكِتابةِ (مُطْلَقًا) مفتُوحةً كانَتْ أوْ مضْمُومةً أوْ مكْسُورةً، أَصليَّةً أوْ مُنقَلِبةً، وَصْلاً أوْ قطْعًا (نَحْوُ: أَحَدٍ، وَأُحُدٍ، وَإِبِلٍ)، وأَكرَمَ، وانْصُرْ، واضْرِبْ؛ إِذِ الهمْزةُ المُبتَدَأُ بِهَا لا تُخفَّفُ.
(وَالْوَسَطُ إِمَّا سَاكِنٌ(1) فَبِحَرْفِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا، مِثْلُ: يَأْكُلُ، وَيُؤْمِنُ، وَبِئْسَ) الرَّجُلُ هو؛ إذْ تَخْفيفُهَا كذلك.
(وَأَمَّا مُتَحَرِّكٌ قَبْلَهُ سَاكِنٌ، فَيُكْتَبُ بِحَرْفِ حَرَكَتِهِ، مِثْلُ: يَسْأَلُ، وَيَلْؤُمُ، وَيَسْئِمُ(2))، ك-(يُكرِمُ) مِنَ السَّآمَةِ، وهِيَ المَلالُ، هَذا عِنْدَ المُحقِّقِينَ(3).
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذِفُهَا) مُطلقًا (إِنْ كَانَ تَخْفِيْفُهَا بِالنَّقْلِ)، والحذْفِ، نحوُ: مَسَلةٍ فِي مسأَلةٍ (أَوِ الإِدْغَامِ) نحْوُ: خَطيَّةٍ فِي خَطِيئَةٍ؛ لِيُطابِقَ الخطَّ اللفْظُ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذِفُ الْمَفْتُوحَةَ فَقَطْ) لِكثْرتِهَا نحوُ: يَسَل بِخِلافِ نحوِ: يلُؤُمُ ويُسْئِمُ.
(وَالأَكْثَرُ عَلَى حَذْفِ الْمَفْتُوحَةِ) فَقطْ (بَعْدَ الأَلِفِ) لا ساكِنٌ آخِرُ (نَحْوُ: سَالَ(4)) فِي سَاءَلَ كفَاعَلَ مُفاعَلَةً.
ص: 584
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذِفُهَا فِي الْجَمِيْعِ) أيْ: الهمْزةُ المتوسِّطَةُ/194السَّاكِنُ مَا قبْلَها فِي جمِيعِ الصُّورِ (وَإِمَّا مُتَحَرِّكُ وَقَبْلَهُ مُتَحَرِّكٌ، فَيُكْتَبُ عَلَى مَا يُسَهَّلُ) ويحْصُلُ التَّخْفِيفُ (فَلِذَلِكَ كُتِبَ نَحْوُ: مُؤَجِّلٍ بِالْوَاوِ، وَنَحْوُ: فِئَةٍ بِالْيَاءِ)؛ إِذْ تخفِيفُها كذلِكَ.
(وَكُتِبَ نَحْوُ: سَأَلَ، وَلَؤُمَ، وَيَئِسَ) كمنَعَ، وكَرُمَ، وعَلِمَ (وَمِنْ مُقْرِئُكَ) اسمُ فاعِلٍ مِنْ بابَ الأَفعالِ (وَرُؤُوسٍ بِحَرْفِ حَرَكَتَهِ) لِمَا مرَّ (وَجَاءَ فِي سُئِلَ) مجْهولاً (وَيُقْرِئُكَ)، معْلُومًا مِنْ بابِ الأَفعالِ (الْقَوْلانِ) قوْلُ سيبويهِ(1)، وهُوَ إِنَّهُ بِحرْفِ حَرَكَتهِ عَلَى مُقْتَضَى بيْنَ بيْنَ الْمشْهُورِ، وقَوْلِ الأَخْفَشِ(2) وهُوَ إِنَّهُ بِحَرْفِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَى مُقْتَضَى بيْنَ بيْنَ البَعِيْدِ.
(وَالآخِرُ: إِنْ كَانَ مَا قَبْلَهُ سَاكِنًا حُذِفَ نَحْوُ: خَبْءٌ، خَبْئًا، خَبْءٍ)(3)، رفْعًا، ونَصْبًا، وَجَرًّا، والأَلِفُ فِي الوَسَطِ ليْسَتْ عنِ الهمْزَةِ بلْ كَمَا رأيْتُ زيْدًا (وَإِنْ كَانَ) مَا قبْلَهُ (مُتَحَرِّكًا كُتِبَ بِحَرْفِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهُ كَيْفَ كَانَ) الآخِرُ- وهُوَ همْزَةٌ - ساكِنًا أمْ متحرِّكًا (مِثْلُ: قَرَأَ، وَيُقْرِئُ) كيُكْرِمُ (وَرَدُؤَ) ككرُمَ (وَلَمْ يَقْرَأْ، وَلَمْ يُقْرِئْ، وَلَمْ يَرْدُؤْ) إنْ كانَتِ الهمْزةُ المُتطرِّفةُ بِحيْثُ يجُوزُ الوقْفُ عَلَيْهَا.
(وَالطَّرَفُ الْذِيْ لا يُوْقَفُ عَلَيْهِ لاتِّصَالِ غَيْرِهِ) بِهِ كَضَميرٍ مُتَّصِلٍ أوْ تاءِ تأْنِيثٍ (كَالْوَسَطِ) بالتَّفْصِيلِ المذْكُورِ، ولمَّا فَرَضْنَا أنَّهُ لا يُوقَفُ عليْهِ فهُوَ إِمَّا مُتَحرِّكٌ قبلَ ساكِنٍ (نَحْوُ: جُزْؤُكَ، وَجُزْأَكَ، وَجُزْئِكَ) رفْعًا، ونصْبًا، وجرًّا، والجزْءُ ضِدُّ الكُلِّ أُضِيفَ إِلَى الكَافِ، وهَذا مِثالٌ لِلأَصلِي (وَنَحْوُ: رِدَاؤُكَ، وَرِدَاءَكَ،
ص: 585
وَرِدَائِكَ) كَذلِكَ، وهَذا مِثالٌ للمُنقَلِبِ، أوْ مُتحرِّك (وَ)هُوَ (نَحْوُ: يَقْرَؤُهُ) كيمْنعُهُ (وَيُقْرِئُكَ) كيُكْرِمُكَ.
وقَولُهُ (إِلاَّ فِي نَحْوِ: مَقْرُوءَةٍ، وَبَرِيْئَةٍ(1)) استِثْناءٌ لِمَا كَانَ تخْفِيفهُ بالإِدْغامِ؛ فَإِنَّ المُدغمَ والمُدغَمَ فيْهِ كُتِبَا عَلَى حرْفٍ واحِدٍ كَمَا مَرَّ فِي نَحْوِ: خَطِيَّةٍ (بِخِلافِ الأَوَّلِ الْمُتَّصِلِ بِهِ غَيْرُهُ، نَحْوُ: بِأَحَدٍ، وَلأَحَدٍ، وَكَأَحَدٍ) فإِنَّهُ ليْسَ كَالوَسَطِ تُكتَبُ بالأَلِفِ.
(بِخِلافِ لِئَلاّ)(2) فإِنَّ همزَةَ إِنَّ بعْدَ اتِّصالِ الْلامِ بِهِ لا تُكتبُ بالأَلِفِ كمَا هُوَ حقُّهُ بلْ باليَاءِ لا فِي حُكْمِ الوسَطِ كمَا فِي فِئَةٍ؛ وذلِكَ إِمَّا (لِكَثْرَتِهِ) فِي الكَلامِ (أَوْ لِكَرَاهَةِ(3) صُوْرَتِهِ) وهي: لِأَلَا.
(وَبِخِلافِ لَئِنْ)/195 فإنَّهُ أيْضًا تُكتَبُ باليَاءِ (لِكَثْرَتِهِ) فِي كَلامِهِمْ(4).
(وَكُلُّ هَمْزَةٍ بَعْدَهَا حَرْفُ مَدٍّ كَصُورَتِهَا) التِي كُتِبَ بِهَا(تُحْذَفُ) لاستِثْقالِ اجتِماعِ المِثْلَينِ خَطًّا كاستثْقَالِهِ لفْظًا وَسَطًا كانَتْ نَحْوُ رَءوف أمْ طَرَفًا (نَحْوُ: خَطَأً فِي النَّصْبِ) بأَلِفٍ واحِدةٍ، وهِيَ ألِفُ التَّنْوينِ (وَمُسْتَهْزِءُونَ)(5) بواوِ الجمْعِ فَقَطْ (وَمُسْتَهْزِئِيْنَ) بِياءِ الجمْعِ فَقَطْ، وحُذِفَ الأَلِفُ والواوُ واليَاءُ التِي هِيَ
ص: 586
صُورةُ الهمْزَةِ (وَقَدْ تُكْتَبُ بِالْيَاءِ) كمستهْزِئِيْنَ؛ إِذْ لا ثِقَلَ فِي اجتِماعِ الياءَيْنِ كمَا فِي الوَاوِ بيْنَ الأَلِفيْنِ.
(بِخِلافِ قَرَأَا، وَيَقْرَأَانِ لِلَّبْسِ)(1) فإِنَّ حذفَ إِحْدى الأَلِفينِ التِباسُ الأَوَّلِ بِالمُفردِ والثَّانِي بالجمْعِ المُؤنَّثِ (وَبِخِلافِ مُسْتَهْزِئَيْنِ فِي الْمُثَنَّى؛ لِعَدَمِ الْمَدِّ)(2) لِفَتحِ مَا قبْلَ الياءَ، وللش الرضيِّ "رض" نَظَرٌ فِي تأْثِيرِ المَدِّ فِي الخَطِّ، والأَوجَهُ عِنْدهُ هُوَ أنَّ الهمْزةَ فِي أَصْلِ مُستهْزِئَينِ وهُوَ مُستهْزِئانِ ثابِتةٌ فَحُمِلَ الفرْعُ عليْهِ بِخِلافِ الجَمعِ، وقَدْ يُقالُ: لِلفَرقِ بيْنَهُ وبينَ الجمْعِ، والجمْعُ أَحْرى بالتَّخْفِيفِ(3).
(وَبِخِلافِ) المهْمُوزِ الْلامِ المُضافِ إِلى يَاءِ المُتكلِّمِ (نَحْوُ: رِدَائِيْ(4)) فإِنَّ اليَاءَ التِي هِيَ صُورةُ الهمْزةِ لا يُحذَفُ فِيْهِ (فِي الأَكْثَرِ؛ لِمُغَايَرَةِ الصُّوْرَةِ) صورةَ الياءَينِ فِي الكِتابَةِ فَلا يَجْتَمِعُ المِثلانِ بِخِلافِ مُستَهْزِئَيْنِ (أَوْ لِلْفَتْحِ الأَصْلِيِّ) فِي اليَاءِ فَإِنَّ حَقَّ مَا هُوَ موضُوعٌ عَلَى حَرْفٍ واحِدٍ كياءِ المُتكلِّمِ وهمزَةِ الاستِفْهامِ ولامِ الابتِداءِ هُوَ الفتْحُ، فَخَرَجَتْ عنْ كونِهَا مَدَّةً.
ص: 587
(وَبِخِلافِ) المهمُوزِ الْلامِ المزِيدِ فِي آخِرِهِ يَاءُ النِّسبَةِ (نَحْوُ: حِنَّائِيٍّ)(1) فإِنَّها لا تُحذَفُ فيْهِ أيْضًا (فِي الأَكْثَرِ لِلْمُغَايَرَةِ) فِي الصُّورةِ (وَالتَّشْدِيْدِ) الذِي أخْرَجَهَا عنْ كوْنِهَا مدّةً (وَبِخِلافِ لَمْ تَقْرَئِيْ) للواحِدَةِ المُخاطَبَةِ مِنَ قَرَأَ (لِلْمُغَايَرَةِ وَالْلَبْسِ) بِ-(لَمْ تَقْرِي) ك-(لَمْ تَرْمِي)، والثَّانِي عَلَى أَرْبعةِ أَقسامٍ؛ لأنَّهُ إِمَّا بِالوصْلِ والزِّيادةِ أوِ النَّقصِ أوِ البَدَلِ كمَا سَبَقَ، فَنَقُولُ:
(وَأَمَّا الْوَصْلُ: فَقَدْ وَصَلُوا الْحُرُوفَ وَشِبْهَهَا) مِنَ الأَسماءِ التِي فيْهَا مَعنَى الشَّرطِ والاستِفْهامِ (بِمَا الْحَرْفِيَّةِ)(2) غيْرِ المصْدَريَّةِ؛ فإِنَّها وإِنْ كَانتْ حرفيَّةً عنْدَ الأَكثَرِ إِلاَّ أَنَّها تُكتَبُ مُنفَصلةً إيماءً إِلَى أنَّها مَعَ مَا بَعدَهَا كاسمٍ واحِدٍ ومِنْ تَمَامِهِ لا مَعَ مَا قبْلَهَا نَحْوُ: إنْ مَا صَنَعْتَ عَجِيبٌ، أيْ: صُنعُكَ (نَحْوٌ: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ)طه/98، وَأَيْنَمَا تَكُنْ أَكُنْ، وَكُلَّمَا أَتَيْتَنِي أَكْرَمْتُكَ)/196 والأصْلُ انفِصالُ (مَا) عنْهَا والمُخالَفةُ؛ لكونِهَا غيْرَ مستقلَّةٍ كالتَّتمةِ لِمَا قبْلَهَا.
(بِخِلافِ إِنَّ مَا عِنْدِي حَسَنٌ، وَأَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي، وَكُلَّ مَا عِنْدِي حَسَنٌ)(3) أي: الاسِميَّةُ الموصُولةُ لاستِقْلالِهَا (وَكَذلِكَ مِنْ مَا، وَعَنْ مَا فِي الْوَجْهَيْنِ) فإنْ كانَتْ (مَا) حرفيَّةً وُصِلتْ نحو:(مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ)نوح/25، و(عَمَّا قَلِيلٍ)المؤمنون/40، وإِلاَّ لا كَأَخذْتُ من ما أخذتَهُ، وبعُدتْ عَنْ مَا رَأيتُهُ.
ص: 588
(وَقَدْ تُكْتَبَانِ) أي: مِمَّا وعمَّا (مُتَّصِلَتَيْنِ مُطْلَقًا) سواءٌ كانَتْ (ما) إِسميَّةً أوْ حرفيَّةً (لِوُجُوبِ الإِدْغَامِ) وهُوَ غَايةُ الاتِّصالِ لفْظًً فَنَاسَبَ الكِتابةَ اللفْظُ.
(وَلَمْ يَصِلُوا مَتَى) بِمَا، وإِنْ كانتْ حرفيَّةً نحوُ: مَتَى ترْكَبْ أرْكَبْ (لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَغْيِيْرِ الْيَاءِ) أي: قلْبُها ألِفًا بأَنْ يُقالَ مَتامَا نحْوُ: عَلامَ، وحتَّامَ؛ ولِقلَّةِ استِعْمالِهِ.
(وَوَصَلُوا أَنِ النَّاصِبَةَ لِلْفِعْلِ مَعَ لا) نحوُ:(لِئَلَّا يَعْلَمَ)الحديد/29، (بِخِلافِ) أنِ (الْمُخَفَّفَةِ، نَحْوُ: عَلِمْتُ أَنْ لا يَقُومُ)؛ لأنَّ المُخفَّفةَ فِي الأَصلِ مُشدَّدةٌ تدْخُلُ فِي ضَميرِ الشَّأنِ، فالتَّقْديرُ: علِمْتُ أنَّهُ لا يقُومُ فَخفَّفَ وحَذَفَ الضَّمِيرَ، وهُوَ اسمُها بِخِلافِهَا.
(وَوَصَلُوا إِنِ الشَّرْطِيَّةَ بِلا وَمَا، نَحْوُ:(إِلاَّ تَفْعَلُوهُ)الأنفال/73،(وَإِمَّا تَخَافَنَّ)الأنفال/58) دونَ المُخفَّفةِ الزائِدةِ؛ لِكثْرةِ استِعمالِ الشَّرطيَّةِ وتأثِيرِهَا فِي الشَّرطِ (وَحُذِفَتِ النُّونُ فِي الْجَمِيْعِ) أي: لم تكتب ظاهرةً هكَذا مِنْما ونحوهَا بلْ مُدغمةٌ (لِتَأْكِيْدِ الاتِّصَالِ) وإِنَّما صَرَّحَ بِذلِكَ؛ لأنَّ المذْكُورَ سابِقًا هُوَ الاتِّصالُ وهُوَ غيْرُ الإِدغَامِ.
(وَوَصَلُوا نَحْوَ: يَوْمَئِذٍ، وَحِيْنَئِذٍ فِي مَذْهَبِ الْبِنَاءِ)(1) بِناءِ الظَّرفِ؛ فإِنَّهُ دلِيلُ شِدَّةِ الاتِّصال، وفِي مذْهَبِ الإِعْرابِ أيْضًا يُكْتَبانِ متَّصِلَيْنِ حمْلاً عَلَى البِناءِ؛ لأَنَّهُ الأَكثرُ (فَمِنْ ثَمَّ كُتِبَتِ الْهَمْزَةُ) مِنْ إِذْ (يَاءً) أي: منْ أَجلِ شِدَّةِ اتِّصالِ الطَّرفِ بإِذْ وكونِ الهمْزَةِ بِمنْزِلَةِ الوَسَطِ كمَا فِي يَئِسَ وإِلاّ فحقُّها أنْ تُكتَبَ ألِفًا كإِبِلٍ.
ص: 589
(وَكَتَبُوا نَحْوَ: الرَّجُلَ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ مُتَّصِلاً) أمَّا عَلَى رأْيِ سيبويهِ(1) القائِلِ بأَنَّ حرْفَ التَّعريفِ هُوَ اللامُ وحْدَها ظاهر؛ لأَنَّ الكَلِمَةَ الواحِدةَ غيْرُ مُستقلَّةٍ فتُكْتبُ منْفَصلةً وأمَّا عَلَى رأْيِ الخَليلِ(2) القائِلِ بأنَّهُ (ال) كهَلْ ؛(لأَنَّ الْهَمْزَةَ كَالْعَدَمِ)؛ لِسُقوطِهَا فِي الدَّرجِ (أَوِ اخْتِصَارًا لِلْكَثْرَةِ)؛، لِكثرةِ استِعمالِهِ بِخِلافِ هَلْ وبَلْ.
(أَمَّا الزِّيَادَةُ فَإِنَّهُمْ زَادُوا بَعْدَ وَاوِ الْجَمْعِ الْمُتَطَرِّفَةِ فِي الْفِعْلِ أَلِفًا)(3) سواءٌ كانَتِ الواوُ متَّصِلةً بهِ (نَحْوُ: أَكَلُوا، وَشَرِبُوا)/197أوْ لا نحوُ: نَصَرُوا (فَرْقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَاوِ الْعَطْفِ) هَذا فِي الْمُنفصِلةِ وفِي المُتَّصِلةِ؛ لاطِّرادِ الحُكمِ، هَذا الوجْهُ ذَكَرَهُ الأخفشُ، وقِيلَ لِتَمييزِ ضَميرِ المفْعُولِ ك-(ضَرَبوهُمْ) عنْ ضمِيرِ التَّأْكِيدِ ك-(ضَرَبُواهمْ) ثُمَّ اطَّرَدَ فِي عَديمِ الضَّميرِ أيْضًا، وللخَلِيلِ(4) وجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ فِي الوقْفِ.
(بِخِلافِ نَحْوِ: يَدْعُو، وَيَغْزُو)(5) فإِنَّها ليْستْ للجمْعِ، ولا يتمُّ جوهَرُ الكَلمةِ بِدونِهَا فَلا يلْتَبِسُ بواوِ العطْفِ، وبِخِلافِ نحْوِ: يضْرِبونَ لِعَدَمِ تطرُّفِهَا.
ص: 590
(وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَ ضَرَبُوا هُمْ فِي التَّأْكِيْدِ بِأَلِفٍ، وَفِي الْمَفْعُولِ بِغَيْرِ أَلِفٍ) فإِنَّها عَلَى تقْدِيرِ الأوَّلِ مُتطرِّفةٌ بِخِلافِ الثَّانِي (وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا فِي نَحْوِ: شَارِبُوا الْمَاءِ)(1)، اسمِ فاعِلٍ خِلافًا للأَكثَرِ؛ لِقلَّةِ اتِّصالِهَا بالاسْمِ فَلا مُبالاة باللبْسِ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذُفُهَا فِي الْجَمِيْعِ) فِي الاسْمِ و الفِعلِ؛ لِنُدورِ الالتِبَاسِ مَعَ وُجُودِ القَرائِنِ.
(وَزَادُوا فِي لَفْظِ مَائَةٍ أَلِفًا فَرْقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِنْهُ وَأَلْحَقُوا الْمُثَنَّى)(2)أي: مائَتانِ ومائَتيْنِ (بِهِ) بالمُفردِ مَعَ عَدَمِ الالتِبَاسِ بقاءً لِصُورةِ المُفرَدِ (بِخِلافِ الْجَمَعِ) نحوُ: مِئاتٍ ومَئِينِ؛ لِزَوالِ صُورَةِ المُفْردِ لسُقُوطِ التَّاءِ.
(وَزَادُوا فِي عَمْرٍو وَاوًا)(3) إِذَا كَانَ عَلَمًا لا مُفردَ، عَمُورُ الأَسنانِ(4) وهُو مَا بينَهَا مِنَ اللحْمِ ولا مَا هُوَ بِمعْنَى القَسَمِ نحوُ: لَعَمْرِكَ (فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُمَرَ مَعَ الْكَثْرَةِ) كثْرةِ استِعْمالِهِمَا، ولَمْ يعْكِسْ؛ لأَنَّهُ لِتَحرُّكِ وَسَطِهِ وللْعِلَّتينِ المعْلُومتيْنِ فيْهِ ثَقِيلٌ (وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَزِيْدُوهُ فِي النَّصْبِ) فَإِنَّهُ لِعَدَمِ انْصِرافِهِ غيْرَ مُنوَّنٍ؛ فَغيرَ ذِي ألِفٍ بِخِلافِ عمْرٍو فَلا التِباسَ، وكَذا المعرَّفُ باللامِ؛ لأنَّ عُمَرَ لا تدخلُهُ
ص: 591
اللامُ فِي كَلامِهِمْ، واخْتَارُوا الواوَ عَلَى الياءَ؛ لِئلاَّ يلْتَبِسَ بالمُضافِ إِلى يَاءِ المُتكلِّمِ، وعَلَى الأَلِفِ لِئلاَّ يلْتَبِسَ بالمنْصُوبِ(1).
(وَزَادُوا فِي أُوْلَئِكَ وَاوًا فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِلَيْكَ)(2) والاسمُ أوْلَى بالتصرُّفِ مِنَ الحرْفِ، وهِيَ مُناسَبَتُهُ لِضمَّةِ الهمْزةِ (وَأُجْرِيَ أُوْلاءَ عَلَيْهِ) مَعَ عدَمِ الالتِبَاسِ سواءٌ كَانَ معَ الهَاءِ أمْ لا، وفِي بعْضِ النُّسخِ:
(وَزَادُوا فِي أُوْلِي(3) وَاوًا فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِلَى، وَحُمِلَ(4) أُوْلُو عَلَيْهِ، وَأَمَّا النَّقْصُ فَإِنَّهُمْ كَتَبُوا كُلَّ مُشَدَّدَةٍ مِنْ كَلِمَةٍ حَرْفًا وَاحِدًا نَحْوُ: مَدَّ، وَشَدَّ، وَادَّكَرَ(5))؛ لِيُطابِقَ الخطَّ اللفْظُ بِخِلافِ نحوِ: واشكرْ رَبَّكَ.
(وَأُجْرِيَ نَحْوُ: قَتَتُّ) بِتشْديدِ التَّاءِ الأَخيرةِ (مُجْرَاهُ) مَعَ عَدَمِ كوْنِ المُدغمِ فيْهِ عَنْ كَلِمتينِ(6)؛ لأنَّ الضَّميرَ المتَّصِلَ الفَاعِلَ كجُزءِ الفِعْلِ والمُمَاثَلةُ مُتحقِّقةٌ والقتُّ بالقَافِ وتشْديدِ الفوْقانيَّةِ، رفْعُ الحَديثِ إِشاعَةً وإِفْسادًا(7).
ص: 592
(بِخِلافِ نَحْوِ: وَعَدْتُ، وَأَجْبَهَهُ) لِعَدمِ المُمَاثَلَةِ/198ولأَنَّ اتِّصالَ المفعُولِ ليْسَ بِمَثابَةِ اتِّصالِ الفَاعِلِ (وَبِخِلافِ لامِ التَّعْرِيْفِ مُطْلَقًا) سواءٌ كانَ بعْدَهَا لامٌ (نَحْوُ وَالْلَحْمُ)(1) أوْ لا (نَحْوُ: وَالرَّجُلُ؛ لِكَوْنِهِمَا كَلِمَتَيْنِ) وليْسَ اتِّصالُ اللامِ الثَّانيةِ بالأُولى كاتِّصالِ الضَّميرِ الفَاعلِ المتَّصِلِ مَعَ أَنَّهُ تُكتبُ نحو قَتَتُّ بِثَلاثِ تاءاتٍ (وَلِكَثْرَةِ اللَبْسِ) فإِنَّهُ لَوْ كَتَبَ (الّحْم وارّجل) بِتشْديدِ الْلامِ والرَّاءِ اشتَبَهَ بِالمُجرَّدِ عنِ اللامِ إِذَا دَخَلتْ عليْهِ همزَةُ الاستِفْهامِ أوِ النِّداءِ.
(بِخِلافِ الَّذِيْ، وَالَّتِيْ، وَالَّذِيْنَ؛ لِكَوْنِهَا)(2) أي: اللامُ لازِمةً لِهَا بِحيْثُ (لا يَنْفَصِلُ) فَلا يلْتِبسُ بالمُجرَّدِ والدَّاخِلِ عليْهِ.
(وَنَحْوُ: الْلَذِيْنِ فِي التَّثْنِيَةِ) تُكتَبُ (بِلامَيْنِ لِلْفَرْقِ) بيْنَ التَّثنيَةِ والجَمْعِ، والتَّنبيْهِ لِقلَّتِهِ أوْلَى بالزِّيادةِ (وَحُمِلَ الْلَتَيْنِ) واللَذانِ واللَتَانِ (عَلَيْهِ) مَعَ عَدَمِ الالتِبَاسِ.
(وَكَذَلِكَ الْلاؤُوْنَ وَأَخَوَاتُهُ)(3) أي: الْلاتِي والْلَواتِي، ونحوُهَا كُتِبَ بِلاميْنِ حمْلاً عَلَى اللاءِ الذِي لوْ كُتِبَ بِلامٍ واحِدةٍ الْتَبَسَ بأَلا.
ص: 593
(وَنَحْوُ: مِمَّ، وَعَمَّ، وَإِمَّا وَإِلاَّ لَيْسَ بِقِيَاسٍ) والقِياسُ أنْ تُكتَبَ بِحَرْفينِ، وقَدْ مَرَّ وجْهُ كِتابَتِهِمَا حَرفًا واحِدًا.
(وَنَقَصُوا مِنْ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)الفاتحة/1، الألِفَ؛ لِكَثْرتِهِ بِخِلافِ(بِاسْمِ رَبِّكَ)الواقعة/74، وَنَحْوِهِ(1)) وأُجرِيَ بِسمِ اللهِ وبِسمِ اللهِ أقْرأُ أوْ أكتُبُ و(بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا)هود/41، مُجْراهَا.
(وَكَذلِكَ الأَلِفُ مِنَ اسْمِ اللهِ(2)، وَالرَّحْمَنِ(3) مُطْلَقًا) سَواءٌ كَانَا فِي البسْمَلةِ أمْ لا لِكثْرَتِهَا.
(وَنَقَصُوا مِنْ نَحْوِ: لِلرَّجُلِ، وَلِلدَّارِ جَرًّا أَوِ ابْتِدَاءً الأَلِفَ)(4) سواءٌ كانَتِ اللامُ جارَّةً أوِ ابْتِدائيَّةً (لِئَلاَّ يَلْتَبِسَ بِالنَّفِي) أي: بِنحْوِ لا لرجُلِ (بِخِلافِ بِالرَّجُلِ وَنَحْوِهِ) مِثْلِ كالرَّجُلِ لِعَدَمِ الالتِبَاسِ (وَنَقَصُوا مَعَ)(5) نقْصِ (الأَلِفِ، وَالْلامِ) أيْضًا (مِمَّا فِي أَوَّلِهِ لامٌ، نَحْوُ: لِلَّحْمِ، وَلِلَّبَنِ كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ ثَلاثَ لامَاتٍ) لامِ الجرِّ، أوِ الابتِدائيَّةِ، ولامِ التَّعريفِ، ولامِ الكَلِمَةِ.
ص: 594
(وَنَقَصُوا مِنَ أَبْنُكَ بَارٌّ فِي الاسْتِفْهَامِ)(1) أي: بِفتْحِ الهمْزةِ، ومعْنَاهٌ: هلِ ابنُكَ ذُو بِرٍّ (وَ) كَذا (أَصْطَفَى الْبَنَاتِ)الصافات/153، أَلِفَ الْوَصْلِ)
كَراهَةَ اجتِماعِ الأَلفينِ وإشعارًا بِوجوبِ حذفِهَا لفْظًا.
(وَجَاءَ فِي نَحْوِ: آلَّرجُلُ؟ أَمْرَانِ)(2) حذفُ همْزةِ الاستِفْهامِ لِمَا مَرَّ، وإِثباتُها دُليلٌ علَى إِثباتِهِمَا لفْظًا؛ لِئلاّ يشتَبِهَ الاستِفْهامُ بالخَبَرِ.
(وَنَقَصُوا مِنَ ابْنٍ إِذَا وَقَعَ صِفَةً بَيْنَ عَلَمَيْنِ أَلِفَهُ مِثْلُ: هَذَا زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو)(3)؛ لِكثْرتِهِ/199(بِخِلافِ: زَيْدٌ ابْنُ عَمْرٍو) ويَا ابْنَ أَخِي، ورجُلُ ابْنُ زَيْدٍ؛ لانتِفاءِ الوصفيَّةِ والعَلَميَّةِ (وَبِخِلافِ الْمُثَنَّى) نحوُ: زيدٌ وعَمْرُو ابنَا بكْرٍ ذَهَبَا؛ لِقلَّتِهِ.
(وَنَقَصُوا أَلِفَ هَا مَعَ الإِشَارَةِ نَحْوُ: هَذَا، وَهَذِهِ، وَهَذَانِ، وَهَؤُلاءِ)(4) لكثْرةِ استِعْمالِها(بِخِلافِ: هَاتَانِ وَهاتَي؛ لِقِلَّتِهِ؛ فَإِنْ جَاءَتِ الْكَافُ رُدَّتْ أَلِفُهَا نَحْوُ:
ص: 595
هَاذَاكَ، وَهَاذَانِكَ؛ لاتِّصَالِ الْكَافِ)(1) بهِ، وهِيَ لِكونِهَا حرْفًا واحِدًا تَصيرُ كالجُزءِ مِنَ الكَلِمةِ، فلوْ نقَصَتِ الألفُ عنِ الهَاءِ تَصيرُ الهاءُ كلِمةً واحِدةً كالجُزءِ منْهَا لَزَمَ امتِزاجُ الكَلِماتِ.
(وَنَقَصُوا الأَلِفَ مِنْ ذَلِكَ، وَأُوْلَئِكَ(2)، وَمِنْ الثَّلَثِ وَالثَّلَثِيْنَ(3)) مَعَ الكثْرةِ للاختِصارِ.
(وَنَقَصَ كَثِيْرٌ) مِنَ الورَّاقِ (الْوَاوَ مِنْ دَاوُدَ)(4)؛ لِئلاَّ يجتَمِعَ الوَاوَانِ (وَالأَلِفَ مِنْ إِبْرَهِيْمَ، وَإِسْمَعِيْلَ، وَإِسْحَقَ)(5)؛ لِكثرتِهَا مَعَ كوْنِهَا أعْلامًا (وَبَعْضُهُمُ الأَلِفَ مِنْ عُثْمَانَ، وَسُلَيْمَنَ، وَمُعَوِيَةَ)(6) لِمَا مَرَّ، ونُقِلَ عنْ وُرَّاقِ الكُوفةِ أَنَّهمْ كانُوا ينقُصونَ الأَلفَ المُتوسِّطةَ إِذا كانَتْ مُتَّصِلةً بِمَا قبْلَها نحوُ: الكَفِريْنَ، والنَّصريْنَ، وسُلطنٍ، وأمثالِهَا بِخِلافِ: قَوَّامونَ، والرَّاسِخُونَ ونحوِهَا(7).
ص: 596
(وَأَمَّا الْبَدَلُ فَإِنَّهُمْ كَتَبُوا كُلَّ أَلِفٍ رَابِعَةً فَصَاعِدًا فِي اسْمٍ أَوْ فِعْلِ يَاءً) دَلالَةً عَلَى الإِمالَةِ وَعَلَى انْقِلابِهَا يَاءً كَالمغْزَى، والْمُصْطَفى، والمُسْتَصْفَى،
وأَغْزَى، واصْطَفَى، واسْتَصْفَى (إِلاَّ فِيْمَا قَبْلَهَا يَاءٌ) كالمَحْيَا وأَحْيَا كَرَاهَةَ اجتِمَاعِ اليَاءَيْنِ (إِلاَّ فِي يَحْيَى، وَرَيَّى(1) عَلَمَيْنِ(2))؛ فإِنَّهُما تُكْتبانِ ياءً فَرْقًا بيْنَ العَلَمِ وغيْرِهِ، والعَلَمُ باليَاءِ أَحرى لِقلَّتِهِ فيتحمَّلُ الثِقَلَ (وَأَمَّا) الألِفُ (الثَّالِثَةُ، فَإِنْ كَانَتْ عَنْ يَاءٍ كُتِبَتْ يَاءً) كَفَتَى، وَرَمَى (وَإِلاَّ فَالأَلِفُ) كَعَصًا وَغَزَا.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتِبُ الْبَابَ) أي: المقْصُورُ (كُلَّهُ) ثالِثةً كانَتْ أوْ فوْقَهَا عنِ اليَاءِ أوْ عنْ غيرِهَا (بِالأَلِفِ)(3) رِعَايةً لِمقْتَضَى القِياسِ، وتُكتَبُ الصَّلوةُ، والزَّكَوةُ بِالوَاوِ دَلالةً عَلَى التَّفْخِيمِ (وَعَلَى تَقْدِيْرِ كَتْبِهِ) أي: المقْصُورُ (بِالْيَاءِ) رِعَايةً للأصْلِ (فَإِنْ كَانَ مُنَوَّنًا فَالْمُخْتَارُ إِنَّهُ كَذلِكَ) أي: بِاليَاءِ (وَهُوَ قِيَاسُ الْمُبَرِّدِ(4)، وَقِيَاسُ الْمَازِنِيِّ(5) بِأَلِفٍ، وَقِيَاسُ سِيْبَويْه(6)) أنْ تكْتِبَ (الْمَنْصُوبَ بِأَلِفٍ وَمَا سِوَاهُ بِيَاءٍ، وَيتَعَرَّفُ الْوَاوُ مِنَ الْيَاءِ)إِذَا انْقَلَبَتَا ألِفًا (بِالتَّثْنِيَةِ نَحْوُ/200 فَتَيَانِ، وَعَصَوَانِ، وَبِالْجَمْعِ نَحْوُ: الْفَتَيَاتِ، وَالْقَنَوَاتِ، وَبِالْمَرَّةِ نَحْوُ: رَمْيَةٍ، وَغَزْوَةٍ، وَبِالنَّوْعِ نَحْوُ: رِمْيَةٍ، وغِزْوَةٍ، وَبِرَدِّ الْفِعْلِ إِلَى نَفْسِكَ) أي: بِيَاء المُتكلِّمِ مِنْهُ (نَحْوُ: رَمَيْتُ، وَغَزَوْتُ، وَبِالْمُضَارِعِ) إنْ كَانَ مَكْسُورَ العيْنِ أوْ مَضْمُومِهَا
ص: 597
(نَحْوُ: يَرْمِي، وَيَغْزُو) والمفْتُوحُ تُقلَبُ لامُهُ أَلِفًا كَحَتَّى، ويَرْضَى (وَبِكَوْنِ الْفَاءِ وَاوًا نَحْوُ: وَعَى)؛ لأَنَّ مَا فَاؤُهُ واوٌ لا يكُونُ لامُهُ واوًا إِلاَّ الواوَ (وَبِكَوْنِ الْعَيْنِ واوًا نَحْوُ: شَوَى) إِذْ لَمْ يوجَدْ مَا يكُونُ عينُهُ ولامُهُ واوًا (إِلاَّ مَا شَذَّ نَحْوُ: القُوَى، وَالصُّوَى) كالصُرَدِ، جمْعُ قُوَّةٍ وصُوّةٍ بِتشْديْدِ الْوَاوِ.
(فَإِنْ جُهِلَ) أي: لمْ يُتعرَّفِ الواوُ منَ الياءِ؛ لِفُقدانِ العَلامَاتِ المذْكُورةِ (فَإِنْ أُمِيْلَتْ فَالْيَاءُ) فَيُكتَبُ بِهَا (نَحْوُ: مَتَى(1) وإِلاَّ فَالأَلِفُ، وَإِنَّمَا كَتَبُوا لَدَى بِالْيَاءِ)(2) مَعَ جَهَالَةِ حَالِهِ وعدَمِ إِمَالَتِهِ؛ لِقَولِهِمْ لَدَيْكَ حِيْنَ الإِضافَةِ.
(وَكِلا) بِكَسْرِ الكَافِ وَتخْفِيفِ الْلامِ (تُكْتَبُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ)(3) الأَلِفِ وَالْيَاءِ، (لاحْتِمَالِهِ) فإِنَّ قَلْبَ أَلِفِهِ يَاءً فِي كِلْتَا دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهَا واوًا كمَا فِي أُخْتٍ وإِمالَتُها دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهَا ياءً؛ فإِنَّ الأَلِفَ الثَّالِثَةَ عنْ واوٍ لا تُمَالُ نَحْوَ الكَسْرَةِ فِي الأَوَّلِ لِمَا مَرَّ مِنْ شُذُوذِ إِمَالَةِ الْكَبَا(4).
ص: 598
(وَأَمَّا الْحُرُوفُ فَلَمْ يُكْتَبْ مِنْهَا بِالْيَاءِ غَيْرُ بَلَى)(1)؛ لِمَجيءِ إِمالَتِهَا (وَإِلَى، وَعَلَى)؛ لِقولِهِمْ: إليْكَ وعَلَيْكَ (وَحَتَّى)؛ لِكَونِهَا بِمعْنَى إِلَى فِي الغَايَةِ والانْتِهَاءِ، والْحصْرُ لِعَدَمِ الوجْهِ فِي البَوَاقِي.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِيْنَ، والْحمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، أمَّا بعْدُ..
حَمْدًا عَلَى آلائِهِ والصَّلَوةُ وَالسَّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، يقُولُ الْعَبْدُ الْمُحْتَاجُ إِلَى رَحْمَةِ رَبَّهِ الْغَنِيِّ، هَذَا آخِرُ مَا أَرَدْتُ إِيْرادَهُ عَلَى سَبِيلِ الاستِعْجالِ، وَوَقَعَ الفُرَاقُ مِنْهُ فِي مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ الجُمْعَةِ ثَالِثِ وَعَشَرَ مِنْ شَهْرِ جُمَادى الأُوْلَى سَنَةَ ثَمَانٍ عَشَرَ وَمَاءَةٍ وَأَلْفٍ فِي بَلْدَةِ أَحْمَدِ آبادَ فِي تِلْكَ الأَوْرَاقِ عَلَى يَدَيْ فِي أَوَّلِ زَوَالِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، اثْنيْنِ وَعِشْرِيْنَ شَهْرَ شَعْبَانِ الْمُعَظَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمَاءَةٍ بَعْدَ أَلْفٍ(2)/201.
ص: 599
1- القرآن الكريم
2- القراءات القرآنية
3- الحديث النبوي
4- الأشعار
5- الأثر
6- الأمثال
7- الأعلام
8-القبائل
9- الأماكن
10- الكتب
ص: 600
الآية = السورة/رقمها = الصحيفة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمَ * الْحَمْدُ لِلَّهِ = الفاتحة : 1- 2 = 147،295،306
الضَّالِّينَ = الفاتحة:7 = 291
لَكَ قَالَ = البقرة: 30 = 272
اضْرِبْ بِعَصَاكَ = البقرة: 60 = 257
بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ = البقرة: 68 = 98
بِهِمِ الأَسْبَابُ = البقرة : 166 = 131
أَقَامَ الصَّلاةَ = البقرة: 177 = 48
شَهْرُ رَمَضَانَ = البقرة: 185 = 261
وَمَنَاسِكَكُمْ = البقرة:200 = 260
قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ = البقرة: 246 = 131،259
ألم * اللهُ = آل عمران:1-2 = 129
كُنْتُمْ تَمَنَّوْن = آل عمران: 143 = 279
فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ = آل عمران: 185 = 272
فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ = المائدة : 44 = 125
مَنْ يَشَأْ اللهُ = الأنعام: 39 = 141
ص: 601
قِنْوَانٌ = الأنعام : 99 = 273
اغْفِرْ لِي = الأعراف: 151 = 271
قُلْ ادْعُوا = الأعراف : 195 = 132
هُمُ الْمُؤْمِنُونَ = الأنفال : 4 = 131
وَإِمَّا تَخَافَنَّ = الأنفال : 58 = 303
إِلاَّ تَفْعَلُوهُ = الأنفال : 73 = 303
هَلْ تَربَّصُونَ = التوبة: 52 = 279
طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ = التوبة : 87 = 259
كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ = يونس :22 = 102
أَمَّنْ لا يِهِدِّي = يونس: 35 = 276
بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا = هود: 41 = 306
يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ = هود : 105 = 151
وَقالَتُ اخْرُجْ = يوسف: 31 = 132
صِنْوَانٌ = الرعد: 4 = 273
مَحْظُوراً * انظُرْ = الإسراء: 20-21 = 132
ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً = الإسراء : 42 = 273
ادْعُوا اللهَ = الإسراء : 110 = 141
لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ = الكهف : 38 = 297
مَا كُنَّا نَبْغِ = الكهف : 64 = 151
ص: 602
كهيعص = مريم : 1 = 126
الرَّأْسُ شَيْباً = مريم: 4 = 273
إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ = طه: 98 = 302
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ = الأنبياء: 41 = 132
وَجَبَتْ جُنُوبُهَا = الحج: 36 = 273 ، 279
عَمَّا قَلِيلٍ = المؤمنون : 40 = 303
جَاءَ أَحَدَهُمُ = المؤمنون : 99 = 209
لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ = النور : 62 = 271 ، 273
طَسم = الشعراء: 1 = 274
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي = الشعراء : 77 = 114
يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ = الشعراء : 88 = 1
فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ = الشعراء : 119 = 102
وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ = الروم: 3 = 46
نَخْسِفْ بِهِمُ = سبأ: 9 = 271 ، 275
خَلْقُكُمْ = لقمان:28 = 272
جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً = فاطر : 1 = 165
يس* وَالْقُرْءَانِ = يس: 1-2 = 274 ، 296
ص: 603
وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارَ = يس: 40 = 128
أَنِ اعْبُدُونِي = يس: 61 = 132
أَصْطَفَى الْبَنَاتِ = الصافات:153 = 306
وَعَذَابٍ * ارْكُضْ = ص :41-42 = 132
فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ = الزمر: 56 = 271
حَم = غافر :1 = 296
قِسْمَةٌ ضِيزَى = النجم :22 = 226
أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى = النجم : 50 = 203
يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ = القمر: 6 = 141
مَسَّ سَقَرَ = القمر: 48 = 255
بِاسْمِ رَبِّكَ = الواقعة :74 = 306
لِئَلَّا يَعْلَمَ = الحديد:29 = 303
بُنْيَانٌ = الصفّ : 4 = 273
هُمُ الْعَدُوُّ = المنافقون : 4 = 114
بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ = القلم : 6 = 50
عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ = الحاقة:21 = 98
كِتَابِيَهْ = الحاقة :25 = 194
مَالِيَهْ = الحاقة:28 = 194
ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ = المعارج:3-4 = 273، 279
ص: 604
وفِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ = المعارج: 4 = 259
مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْنوح : 25 = 302
أَوِ انْقُصْالمزمل: 3 = 132
وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاًالمزمل :8 = 47
السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ = المزمل :18 = 98
وَمَا سَلَكَكُمْ = المدثر: 42 = 260
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ = النبأ : 1 = 297
بَلْ رَانَ = المطففين: 14 = 273
مَاءٍ دَافِقٍ = الطارق:6 = 99
وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ = الفجر:4 = 129 ، 151
أَكْرَمَنِ = الفجر:15 = 150
أَهَانَنِ = الفجر: 16 = 150
مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ = البلد:16 = 167
لَنَسْفَعًا = العلق:15 = 247
شَهْرٍ * تَنَزَّلُ = القدر:3-4 = 279
لَكُمْ دِينُكُمْ = الكافرون:6 = 141
أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ = الإخلاص:1-2 = 128
ص: 605
القراءة = السورة / رقمها = الصحيفة
وَلاَ الضَّأَلِينَ = الفاتحة: 7 = 134
اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ = البقرة:16 = 133
الَّذِيتُمِنَ = البقرة:283 = 196
ذُرِّيَّةً ضُعَافَى = البقرة: 9 = 120
إِلَى الْهُدَى اتِنَا = الأنعام: 71 = 196
يَقُولُوذَنْ لِي = التوبة:49 = 197
لِلرُّيَّا تَعْبُرُونَ = يوسف:43 = 209
وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي = الرعد:7 = 150
وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالِي = الرعد:11 = 150
أَصْطَفَى الْبَنَاتِ = الصافات: 153 = 138
عَادَنِ لُولَى = النجم:50 = 203
وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً = النبأ:28 = 47
حَتَّى مَطْلِعِ الْفَجْرِ = القدر:5 = 49
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبِرِ = العصر:3 = 134
ص: 606
لَيْسَ مِنَ امْبِرٍّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَر = 249
القافية = القائل = الصحيفة
القَصَبَّا = رؤبة = 153
بِالْفِهْرَواجِيْ = عبد الرحمن بن حسان = 202
بِجْ = مجهول = 254
وَأَمْسَجَا = العجاج = 254
صَنَعْ = مجهول = 151
زَائِلُ = لبيد = 295
تَتْلُو = عبد الله بن همام السلوليّ = 282
الأَنَامِلُ = لبيد = 56
يُؤَكْرَمَا = أبو حيان الفقعسي = 40
فَيَظْطَلِمُ = زهير بن أبي سلمى = 277
سَلامُهَا = ذو الرمة = 230
صَبِيّا = مجهول = 47
ص: 607
سُبْحَانَ منْ ضَوّأَ الأَضْوَاءَ = 28
كيفَ البنُونَ والبَنَاهْ = 145
اخْشوْشِنُوا وَتَمَعْدَدُوا = 160- 161
إن البغاث بأرضنا تستنسر = 33
حَلَقَتَا الْبِطَانِ = 127
ص: 608
العلم = الصحيفة
ابن الأثير = 183
ابن الانباري = 68
اِبْنِ الْحَاجِبِ = 2
ابن الزبير = 96
ابن السراج = 103
ابن الطراوة = 82
ابن جني = 135،244، 268،291
ابن خالويه = 290،291
ابن ذكوان = 198
ابن عامر = 148، 207
ابن عباس = 96
ابن عصفور = 143،174
ابن كثير = 141،150
ابن كيسان = 74،144،165
ابن مالك = 164،174،190،202
ابن هشام = 93
ابن يعيش = 30،55،181،264
أبو البقاء = 202
أبُو الحَسَنِ الشُّريْحُ = 201
أبو الخطاب = 143،145
أبو أيوب = 134
أبو حاتم = 96
أبو حيان = 74،82،84،133،174،190،262
أبو ذؤيب = 148
ص: 609
أبو عمرو الشيباني = 109
أبو عمرو بن العلاء = 63،65،134،208، 261، 271،272،274،288
أَبُوعليٍّ الفارسي = 9،10 ،25،57،107، ،144130،174،211،213،216،283،285،286،289،290
الأخفش = 10، 15، 16،33،،5947،60،76،77،82،94،101،124،131،133،134،168،172،174،180،185،187،200
201،204،212،224،226،227،231،233،249،252،262،284،292،300،303
أُدَد = 60
الأزهري = 43
الأصمعي = 102
امرؤ القيس = 105
الأندلسي (الشلوبين) = 57،65،288
الأيجي ( صاحب المواقف) = 136
البزّي = 208،279
ثَعْلَبٍ = 7، 15،112،133،145،170
ص: 610
الجرجاني = 135
الجرمي = 82،97،113،114 ،179 ،284
الْجَوهَرِيُّ = 6 ، 7 ،18 ،36،55،65،101،104،107،162،164،170،182،228،،288232
حَفْص = 130،274
حمزة = 132،273،274،280
خلف = 273
الخَلِيل = ، 10، 11، 37،65،70،81،، 88 ،989،95،96،99،113،123،131،136،137،144،173،174،179،181،185،206،207،208،224،233، 258،262،264، 268،295،303،304
الرَّضيُّ = 7، 22، 31،47،52،53،58،65،87،101،106،107،109،110،111،114،133، 141،144،151،162،165،170،172،177،188،205،211،219،237،240، 257،284
الزجاج = 77، 161،175،282
الزمخشري = 18، 22، 55 ، 130،147،178،189،194،244، 264،296
زهير ابن أبي سلمى = 277
الزوزني = 14
السكاكي = 21
سيبويهِ = 9، 11، 16،24،32،33،44،46،47،48،49،51،52،53،54،55،59،60،64،68،70،71،72،74،76،77،81،83 ،85،88،89،94،95،96،97،99،102،104،109،110،113،117،123،124،131،136،137،141،144،1
ص: 611
46،150،151،
154،156،160،161،167،169،172،173،174،176،177،178،180،181،189،198،201،202،204،206،207
،211،213،218 ،219،224،226،227،232،233،239،240،241،244،256، 258،262،263، 264، 265،270،272،274،276،278،281،282،284،288،289،300،303،308
السيرافي = ،5714،84،85،105،106،166،200،216،263،278
الشاطبي = 141
الشافعي = 216
الشرع = 262، 263
الصغَّانيُّ = 257
عاصم = 132
عبدالله ابن أبي اسحق = 258
عبْد القَاهِرِ = 4، 130،152
العجاج = 245
عمر بن الخطاب = 160
عمرو بن عبيد = 131
عيسى بن عمر = 15،65،288
ص: 612
الفاضل المترجم = 152
الفراء = 10،11،16،45،46،47،48،68،75،94،96،99،100،101، 41،144،150،،169168،178،203،264
فُقَيْمَ بنِ جُريرٍ = 83
قالون = 139،208
قُصيّ = 84
قطرب = 145،194
قنبل = 209
الكسائي = 11،16،24، 26،101،145،147،165،166،193،203،229،232،246،275
اللحياني = 246
المازني = 67،78،143،144،146،211،230،291،298،308
المبرد = 64،67،70، 71،75،77،81،85،88،93،104،132،136،137،144،146،150،179،180،213،248
المرزوقي = 181
مَعَدّ بن عدنانَ = 161
مكي ابن أبي طالب = 262
ص: 613
مليْحَ بنِ الهونِ = 83
المهدوي = 262
نصر بن سيار = 25
ورش = 209
اليزيدي = 272
يعقوب ( ابن السكيت) = 105
يونس = 64،66،68،70،72،85،87،89،95،102،138،150،258،282،308
القبيلة = رقم الصحيفة
أزد السُّراةِ = 143
أمية = 84
بكر = 178
ص: 614
بهراء = 91
تغلب = 81،88
بنو تميم = 14،105،111،116،129،152،178،232،253،260، 269،270
َثقِيف = 83
جَذِيْمَةَ = 83
جُهَيْنَة = 82
الحجاز = 14، 40،45،130،207،260،299
حنيفة = 81
خُرَيْبَة = 83
رَبِيَعةٍ = 7 ، 140 ،142 ،150 ،152
خُزَاعَةَ = 83
بنُو زِنْيَة = 89
سُليْقَةَ = 82
سُلَيْمَةَ = 82
شنوءة = 81
طيّء = 77،86،145،148
ص: 615
عامر = 27
عُبَيْدَة = 83
عَديّ = 83
بنو عُقيلٍ = 133
عُميرة = 82
بنو العنبر = 282
غطَفَانَ = 84
ُفقَيْمَ = 83،84
قُرَيْشَ = 83،84،85
قضاعة = 91
قيس = 144
َكلْب = 82،256
كِنَانَة = 83
مُلَيح = 83،84
بنو النجار = 282
نجد = 45
هذيل = 25،83
ص: 616
المكان = الصحيفة
اسْكنْدَرِيَّة = 91
البصرة = 79،98،199
بعلبك = 68
تهامة = 84
جلولاء = 91
حروراء = 91
حضرموت = 68
حوأب = 199
الرَّيّ = 98
ص: 617
صنعاء = 91
عالية = 98
العراق = 91
فاس = 197
قَسْطَنْطِيْنَة = 91
قنسرين = 80
الكوفة = 79
المدينة = 91،98
مَرْو = 98
المغرب = 197
ص: 618
اليمن = 60،79،81،91
اسم الكتاب = الصحيفة
الارتشاف = 74
أساس البلاغة = 205
الإيضاح = 173، 205
التسهيل = 190
ص: 619
الشَّاطبيَّة = 142
شرح الحاوي = 18
شرح المفصل = 30،47، 264
الشرح المنسوب للمصنف = 37
الصحاح = 101، 105، 205
العين = 205
ص: 620
القاموس = 6، 13،98،118،155
الكشاف = 47،131،147،296
المفتاح = 150
المفصل = 47،55،150،151،155،173،189،219،223،244، 264
مقدمة الإعراب = 29، 35، 41،100،128،،283148
ص: 621
ص: 622
- القرآن الكريم.
-ائتلاف النصرة في اختلاف الكوفة والبصرة: عبد اللطيف بن أبي بكر الشرجي الزبيدي (ت802ﻫ) تحقيق د. طارق الجنابي، ط1، عالم الكتب، بيروت (1407ﻫ-1987م).
-الإبدال، ابن السكّيت: أبو يوسف يعقوب بن السكّيت (ت244ﻫ)، تحقيق د. محمد محمد شرف، الهيأة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة (1398ﻫ-1978م).
ص: 623
-الإبدال: أبو الطيّب اللغويّ، عبد الواحد بن علي (ت351ﻫ)، تحقيق وشرح عز الدين التنوخي مطبعة الترقي – دمشق (1381ﻫ-1962م).
-إبراز المعاني من حرز الأماني في القراءات السبع: أبو شامة المقدسي، عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم (ت665ﻫ)، تحقيق إبراهيم عطوة عوض، دار الكتب العلمية، بيروت (د.ت).
- أبو عثمان المازني مذاهبه في النحو والصرف، د.رشيد العبيدي، مطبعة سلمان الاعظمي، بغداد، 1969م.
- الاجتهاد والحياة، حوار على الورق، مجموعة علماء ومفكرين، حوار آية الله محمد حسين فضل الله، بيروت - لبنان، 1996م.
- أحكام القران، الإمام حجة الإسلام أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص(ت370ﻫ) ضبط نصه وخرج آياته عبد السلام محمد علي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان،ط1، 1994م.
-إبن عصفور والتصريف: د. فخر الدين قباوة، ط1، دار الأصمعي، حلب (1391ﻫ- 1971م).
-ابن يعيش وشرح المفصل: د. عبد اللطيف محمد الخطيب، ط جامعة الكويت.
-إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر: البنا، شهاب الدين احمد بن محمد بن عبد الغني الدمياطي (ت1117ﻫ) وضع حواشيه أنس مهره، ط3، دار الكتب العلمية، بيروت (1427ﻫ- 2006م).
- أدب الإملاء والاستملاء، لأبي سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور التيمي السمعاني(ت562ﻫ) ، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية.
ص: 624
-أدب الكاتب: ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري (ت276ﻫ)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط4، مطبعة السعادة، مصر (1382ﻫ-1963م).
-أدب الكتّاب: الصولي، أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله (ت335ﻫ)، شرح وتعليق احمد حسن بسج، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1415ﻫ-1994م).
-ارتشاف الضرب من لسان العرب: أبو حيان الأندلسي، أثير الدين محمد بن يوسف بن علي (ت745ﻫ)، دراسة وتحقيق د. رجب عثمان محمد، ط1، مطبعة المدني، القاهرة (1418ﻫ- 1998م).
-ارتقاء السيادة في علم أصول النحو: يحيى الشاوي المغربي الجزائري (ت1096ﻫ)، تحقيق د. عبد الرزاق السعدي، مطبعة النواعير، الرمادي (1411ﻫ-1990م).
-إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك: ابن قيّم الجوزية، برهان الدين إبراهيم بن محمد بن أبي بكر (ت751ﻫ) تحقيق محمود نصار، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1425ﻫ- 2004م).
- إرشاد المريد الى مقصود القصيد للضبّع، ويسمى(شرح شعلة على الشاطبية)
-أساس البلاغة: الزمخشري، جار الله أبو القاسم محمود بن عمر(ت538ﻫ)،تحقيق: عبد الرحيم محمود، دار المعرفة، بيروت - لبنان (1982م).
الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر(ت463ﻫ)، بهامش الإصابة، دار إحياء التراث العربي/ ط1، 1328ﻫ.
ص: 625
-أسرار العربية: أبو البركات الانباري، عبد الرحمن بن محمد (ت577ﻫ) تحقيق محمد بهجت البيطار (مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق)، مطبعة الترقي، دمشق (1377ﻫ- 1957م).
-الأشباه والنظائر في النحو: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت911ﻫ) وضع حواشيه غريد الشيخ، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1422ﻫ-2001م).
-الاشتقاق: ابن السراج، أبو بكر محمد بن السري (ت316ﻫ)، تحقيق محمد صالح التكريتي، ط1، مطبعة المعارف، بغداد (1973م).
- اشتقاق أسماء الله، لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي، تحقيق: د.عبد الحسين المبارك، مؤسسة الرسالة، ط2، 1986م، بيروت.
-إصلاح المنطق: ابن السكيت، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق (ت244ﻫ)، تحقيق احمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون، ط3، دار المعارف، مصر (1970م).
-الأصنام: ابن الكلبي، أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب (ت204ﻫ) تحقيق الأستاذ احمد زكي (نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب) نشر الدار القومية للطباعة، القاهرة (1343ﻫ- 1924م).
- أصول التفكير النحوي، د.علي أبو المكارم ، ط1، دار غريب - القاهرة، 2006م .
-الأصول في النحو: ابن السراج، أبو بكر محمد بن سهل (ت316ﻫ)، تحقيق د. عبد الحسين الفتلي، ط4، مؤسسة الرسالة، بيروت (1420ﻫ-1999م).
ص: 626
-إعراب ثلاثين سورة من القرآن: ابن خالويه، أبو عبد الله الحسين بن احمد (ت370ﻫ)، دار التربية للطباعة والنشر (د.ت).
-إعراب القرآن المنسوب غلطاً إلى الزجاج [الصحيح هو لجامع العلوم علي بن الحسين الباقولي (ت543ﻫ)] تحقيق ودراسة إبراهيم الإبياري، ط3، دار الكتاب اللبناني، بيروت (1406ﻫ- 1986م).
-إعراب القران: النحاس، أبو جعفر احمد بن إسماعيل (ت338ﻫ)، تحقيق د. زهير غازي زاهد، مطبعة العاني، بغداد (1979م).
-الأعلام، خير الدين الزركلي (ت1976م) ط3، دار العلم للملايين، بيروت (1979م).
-أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين، تحقيق حسن الأمين، ط5، دار التعارف للمطبوعات، بيروت (1420ﻫ-2000م).
-الأغاني: أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين (ت356ﻫ) شرح الأستاذ عبد أ. علي مهنا، ط4، دار الكتب العلمية، بيروت (1422ﻫ، - 2002م).
-الأفعال: ابن القطاع، أبو القاسم علي بن جعفر السعدي (ت515ﻫ)، ضبط إبراهيم شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1424ﻫ-2002م).
-الأفعال: ابن القوطية، أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز الأندلسي (ت367ﻫ)، تقديم إبراهيم شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1424ه- - 2003م).
-الاقتراح في علم أصول النحو: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن (ت911ﻫ)، تحقيق وتعليق احمد محمد قاسم، ط1، مطبعة السعادة، القاهرة (1396ﻫ-1976م).
ص: 627
-الاقتضاب في شرح أدب الكتاب: ابن السيد البطليوسي، أبو محمد عبد الله (ت521ﻫ)، تحقيق مصطفى السقا ود. حامد عبد المجيد، دار الشؤون الثقافية، بغداد (1990م).
-الإقناع في القراءات السبع: ابن الباذش، أبو جعفر احمد بن علي بن احمد الأنصاري (ت540ﻫ) تحقيق د. عبد المجيد قطامش، ط1، جامعة ام القرى، مكة المكرمة (1422ﻫ- 2001م).
- إكمال الإكمال، الأمير الحافظ ابن ماكولا(ت486ﻫ)، دار الكتاب الإسلامي، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، د. ت.
-الألفاظ الفارسية المعرّبة: أدي شير الكلداني، المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين، بيروت(1908م).
-أمالي ابن الحاجب، أبي عمرو عثمان بن عمر النحوي (ت646ﻫ)، تحقيق د. فخر صالح سليمان قدارة، دار عمار، عمان، الأردن (1409ﻫ-1989م).
-أمالي ابن الشجري، هبة الله بن علي بن حمزة العلوي (ت542ﻫ)، تحقيق د. محمود محمد الطناحي، ط1، مطبعة المدني، المملكة العربية السعودية (1413ﻫ-1992م).
-الأمالي، القالي، أبي علي إسماعيل بن القاسم (ت356ﻫ)، دار الفكر.
- الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، أسد حيدر، دار النهضة، بيروت - لبنان.
-إنباه الرواة على أنباه النحاة: القفطي، جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف (ت646ﻫ) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط1، المكتبة العصرية، بيروت (1424ه- - 2004م).
ص: 628
-الانتصاف في ما تضمنه الكشاف من اعتزال: ابن المنير الاسكندرانيّ، ناصر الدين احمد بن محمد (ت683ﻫ) مطبوع بهامش ((الكشاف)) للزمخشري، ط1، منشورات البلاغة، مطبعة القدس، قم – إيران (1413ﻫ).
-الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، أبو البركات الانباري، كمال الدين عبد الرحمن بن محمد (ت577ﻫ) .....
-الأنموذج في النحو، الزمخشري: محمود بن عمر (ت538ﻫ) ط، دار الآفاق الجديدة، بيروت (1401ﻫ-1981م).
-أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، ابن هشام الأنصاري، جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف (ت761ﻫ) تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط5، مطبعة السعادة، مصر (1386ﻫ-1967م).
-إيجاز التعريف في علم التصريف، ابن مالك جمال الدين أبو عبد الله محمد بن مالك الطائي (ت672ﻫ) تحقيق د. حسن احمد العثمان، ط1، مؤسسة الريان، بيروت (1425ه- - 2004م).
-الإيضاح في شرح المفصل: ابن الحاجب النحوي، أبو عمرو عثمان بن عمر (ت646ﻫ)، تحقيق د. موسى بناي العليلي، مطبعة العاني، بغداد (1402ﻫ-1982م).
-الإيضاح في علل النحو: الزجاجي، أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق (ت337ﻫ)، تحقيق د. مازن المبارك، ط5، دار النفائس، بيروت (1406ﻫ-1986م).
ص: 629
-البارع في اللغة: القالي، أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي (ت356ﻫ) تحقيق هاشم الطعان، ط1، مكتبة النهضة، بغداد (1975م).
- بحار الأنوار للمجلسي، مطبعة الآداب النجف الاشرف، 1975م.
-البحر المحيط (التفسير الكبير): أبو حيان الأندلسي، أثير الدين محمد بن يوسف (ت745ﻫ)، ط2، دار إحياء التراث العربي (1411ﻫ-1990م).
-البرهان في علوم القرآن: الزركشي، بدر الدين محمد بن عبد الله (ت794ﻫ) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط1، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة (1376ه- - 1957م).
-بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: السيوطي عبد الرحمن بن أبي بكر (ت911ﻫ) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت (د.ت).
-البلغة في تاريخ أئمة اللغة: الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب (ت817ﻫ) اعتناء ومراجعة بركات يوسف هبّود، ط1، المكتبة العصرية، بيروت (1422ﻫ-2001م).
- البيان في تفسير القران، المدخل، وفاتحة الكتاب، للسيد الخوئي، دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع،ط4، 1975م.
-البيان في غريب إعراب القران: أبو البركات الانباري، كمال الدين عبد الرحمن بن محمد (ت577ﻫ) تحقيق د. طه عبد الحميد طه، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة (1400ﻫ- 1980م).
ص: 630
-تاج العروس من جواهر القاموس: الزبيدي، محبّ الدين أبو الفيض السيد محمد مرتضى الحسيني (ت1205ﻫ) تحقيق علي شيري، دار الفكر، بيروت (1414ﻫ-1994م).
-التبيان في إعراب القرآن (إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن): أبو البقاء العكبري، عبد الله بن الحسين (ت616ﻫ)، تحقيق إبراهيم عطوة عوض، ط1، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر (1380ﻫ-1961م).
- التبيان في البيان، للإمام الطيبي(ت743ﻫ) تحقيق ودراسة، د عبد الستار حسين زموط، دار الجيل - بيروت، ط1، 1996م.
- التبيان في تفسير القران، للشيخ الطوسي(ت460ﻫ)، تحقيق وتصحيح: أحمد حبيب قيصر العاملي، آداب النجف الاشرف.
-تحصيل عين الذهب من معدن جوهر الأدب في علم مجازات العرب: الأعلم الشنتمري، أبو الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى (ت476ﻫ)تحقيق د.زهير عبد المحسن سلطان، ط1، دار الشؤون الثقافية، بغداد (1992م).
- تذكرة الحفاظ للحافظ شمس الدين الذهبي (748ﻫ) دار إحياء التراث العربي ، بيروت - لبنان.
- تذكرة المعاصرين، الشيخ علي الحزين، طبعة حجرية .
تراجم الرجال، السيد أحمد الحسيني الاشكوري، قم، مكتبة آية الله المرعشي، 1414ﻫ.
ص: 631
-تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، ابن مالك جمال الدين ابو عبد الله محمد بن مالك (ت672ﻫ) تحقيق محمد كامل البركات، دار الكتاب العربي، القاهرة (1387ه- - 1967م).
-تصحيح الفصيح: ابن درستويه، عبد الله بن جعفر (ت347ﻫ)، تحقيق عبد الله الجبوري، ط1، مطبعة الإرشاد بغداد (1395ه- - 1975م).
-التصريف الملوكي: ابن جني، أبو الفتح عثمان بن جني (ت392ﻫ) تصحيح محمد سعيد النعسان، ط2، دار المعارف للطباعة، دمشق (د.ت).
-التعريفات: السيد الشريف الجرجاني، أبو الحسن علي بن محمد (ت816ﻫ)، وضع حواشيه محمد باسل عيون السود، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت (1424ﻫ-2003م).
-تفسير الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن) الطبري، ابو جعفر محمد بن جرير (ت310ﻫ)، ط4، دار المعرفة للطباعة، بيروت (1400ﻫ- 1980م).
-تفسير القرآن العظيم: ابن كثير الدمشقي، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير (ت774ﻫ)، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي (د.ت).
-تفسير القرطبي: أبي عبد الله محمد بن احمد الأنصاري (ت671ﻫ)، تحقيق سالم مصطفى البدري، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت (1424ه- - 2004م).
-تقريب النشر في القراءات العشر: ابن الجزري، شمس الدين أبو الخير محمد (ت833ﻫ) تحقيق إبراهيم عطوة عوض، دار الحديث، القاهرة (1425ﻫ-2004م).
ص: 632
-التكملة: أبو علي الفارسي، الحسن بن احمد بن عبد الغفار (ت377ﻫ) تحقيق د. كاظم بحر المرجان، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل (1401ﻫ-1981م).
-التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية: الصغاني، الحسن بن محمد (ت650ﻫ) تحقيق عبد العليم الطحاوي، دار الكتب، القاهرة (1970م).
- تلامذة العلامة المجلسي،أحمد الحسيني، قم المقدسة - إيران . د. ت .
- التمهيد في علوم القرآن لمحمد هادي معرفة، قم المقدسة، التابعة لجماعة المدرسين.
-تهذيب الأسماء واللغات: النووي، أبو زكريا محيى الدين بن شرف (ت676ﻫ)، عنيت بنشره والتعليق عليه شركة العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية، دار الكتب العلمية، بيروت (د. ت).
-تهذيب إصلاح المنطق: الخطيب التبريزي، يحيى بن علي (ت502ﻫ) تحقق د. فوزي عبد العزيز مسعود، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد (1991م).
-تهذيب التهذيب: ابن حجر العسقلاني (ت852ﻫ) ضبط صدقي جميل، ط1، دار الفكر، بيروت (1415ﻫ-1995م).
- تهذيب الكمال في أسماء الرجال، جمال الدين يوسف المزي (ت742ﻫ)، تحقيق: بشار عواد، مؤسسة الرسالة- بيروت.
ص: 633
-تهذيب اللغة: الأزهري، أبو منصور محمد بن احمد (ت370ﻫ)، إشراف محمد عوض مرعب، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت (1421ه- - 2001م).
-التوطئة: لأبي علي الشلوبيني (ت645ﻫ)، تحقيق يوسف احمد المطوع، دار التراث العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1973م.
-جامع البيان في القراءات السبع المشهورة: أبو عمرو الداني، عثمان بن سعيد (ت444ﻫ) تحقيق محمد صدوق الجزائري، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1426ﻫ-2005م).
-الجبال والأمكنة والمياه: الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر (ت538ﻫ)، تحقيق السيد محمد صادق آل بحر العلوم، المطبعة الحيدرية، النجف (د.ت).
-جمال القرّاء وكمال الإقراء: علم الدين السخاوي، أبو الحسن علي بن محمد (ت643ﻫ) تحقيق د. عبد الكريم الزبيدي، ط1، دار البلاغة، بيروت (1413ه- - 1993م).
-الجمل في النحو: الزجاجي، أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق (ت337ﻫ)، تحقيق وتقديم د. علي توفيق الحمد، ط4، مؤسسة الرسالة، بيروت (1408ﻫ-1988م).
-جمهرة الأمثال: أبو هلال العسكري، الحسن بن عبد الله بن سهل (ت395ﻫ) ضبط د. احمد عبد السلام، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1408ﻫ-1988م).
ص: 634
-جمهرة اللغة: ابن دريد، أبو بكر محمد بن الحسن (ت321ﻫ) تعليق إبراهيم شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1426ﻫ-2005م).
-حاشية الجاربردي لابن جماعة، عزّ الدين محمد بن احمد المعروف بابن جماعة (ت816ﻫ)، المطبوع بهامش شرح الشافية للجاربردي، ط3، عالم الكتب، بيروت (1404ﻫ-1984م)
-حاشية العلامة الصبان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك: الصبان، محمد بن علي (ت1206ﻫ)، ط3، مطبعة أمير، قم، إيران (1419ﻫ).
-الحجة في القراءات السبع: ابن خالويه، أبو عبد الله الحسين بن احمد (ت370ﻫ) تحقيق د. عبد العال سالم مكرم، ط2، دار الشروق، بيروت (1397ﻫ-1977م).
-الحجة للقراء السبعة أئمة الأمصار بالحجاز والعراق والشام الذين ذكرهم أبو بكر بن مجاهد: أبو علي الفارسي، الحسن بن احمد بن عبد الغفار (ت377ﻫ) وضع حواشيه وعلق عليه كامل مصطفى الهنداوي، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1421ﻫ-2001م).
-حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: الحافظ ابو نعيم احمد بن عبد الله الاصفهاني (ت430ﻫ) تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت (1423ه- - 2002م).
- حياة الفاضل الهندي، مركز المصطفى، قم المقدسة، د.ت.
ص: 635
-خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب: البغدادي، عبد القادر بن عمر (ت1093ﻫ)، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، ط1، مكتبة الخانجي، القاهرة (1418ه- - 1997م).
-الخصائص: ابن جني، أبو الفتح عثمان بن جني (ت392ﻫ)، تحقيق محمد علي النجار، ط2، دار الهدى، بيروت (د.ت).
-الدر المصون في علوم الكتاب المكنون: السمين الحلبي، شهاب الدين أبو العباس بن يوسف بن محمد (ت756ﻫ)، تحقيق علي محمد معوض وآخرين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1414ه- - 1994م).
-دقائق التصريف: المؤدب، القاسم بن محمد بن سعيد (من علماء القرن الرابع الهجري)، تحقيق د. احمد ناجي القيسي ورفيقيه، مطبعة المجمع العلمي العراقي (1987م).
-ديوان الأدب: الفارابي، أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم (ت350ﻫ) تحقيق د. احمد مختار عمر، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة (1494ﻫ-1974م).
-ديوان الأعشى، دار صادر، بيروت (1414ﻫ-1994م).
-ديوان الحطيئة، برواية وشرح ابن السكِّيت، تقديم حنّا نصر الحِتي، ط1، دار الكتاب العربي، بيروت (1415ﻫ-1995م).
- ديوان السيد الحميري ( ت173ﻫ) تحقيق وشرح شاكر هادي شكر، د. ت.
ديوان دعبل بن علي الخزاعي(ت246ﻫ)، شرح حسن حمد، 1994م.
ص: 636
-ديوان رؤبة، نشره وليم بن الورد البروسي (في مجموع أشعار العرب ج2)، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت (1979م).
-ديوان زهير بن أبي سلمى، دار صادر، بيروت (1384ﻫ-1964م).
-ديوان شعر ذي الرمة، وهو غيلان بن عقبة العدوي، عني بتصحيحه كارليل هنري هيس مكارتني، طبع على نفقة كلية كمبريج في مطبعة الكلية (1337ﻫ-1919م).
-ديوان العجاج، رواية عبد الملك بن قريب الأصمعي وشرحه، تحقيق د. عزة حسن، دار الشرق بيروت (د.ت).
-ديوان لبيد بن ربيعة العامري، دار صادر، بيروت (1386ﻫ-1966م).
- الذريعة الى تصانيف الشيعة، محسن اغابزرك الطهراني، ط1، 1378ه- - 1959م، النجف العراق.
- ذكر أخبار أصفهان، للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني، ليدن، مطبعة بريل، 1934م.
- رجال الشيعة في أسانيد السنة، محمد الطبسي، د.ط، د ت.
-الرسالة: الإمام الشافعي، محمد بن إدريس (ت204ﻫ)، تحقيق وشرح احمد محمد شاكر، ط1، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر (1358ﻫ-1940م).
ص: 637
-رسالة الملائكة: أبو العلاء المعرّي، تحقيق محمد سليم الجندي، المكتب التجاري للطباعة، بيروت (د.ت).
-روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات: الميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري (ت1313ﻫ)، ط1، الدار الإسلامية، بيروت (1411ﻫ-1991م).
-الروض المعطار في خبر الأقطار (معجم جغرافي): ابن عبد المنعم الحميري، أبو عبد الله محمد بن عبد المنعم (توفي قبل 920ﻫ) تحقيق د. احسان عباس، ط2، مكتبة لبنان، بيروت (1984م).
- رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين، تحقيق: محسن العاملي، ط1، 2000م ، قم المقدسة .
- ريحانة الأدب في تراجم المعروفين بالكنية أو اللقب للميرزا محمد علي المدرس، د،ت.
زاد المسير في علم التفسير: ابن الجوزي، أبو الفرج جمال الدين عبد الرحمن بن علي (ت597ﻫ) نشر محمد زهير الشاويش، ط1، المكتب الإسلامي للطباعة، دمشق (1384ﻫ-1964م).
-الزاهر في معاني كلمات الناس: ابن الانباري، أبو بكر محمد بن القاسم (ت328ﻫ) تحقيق د. حاتم صالح الضامن، ط2، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد (1987م).
ص: 638
-الزينة في الكلمات الإسلامية العربية: أبو حاتم الرازيّ، احمد بن حمدان (ت322ﻫ)، معارضة وتعليق د. حسين بن فيض الله الهمداني، مطبعة الرسالة، القاهرة (1958م).
-السبعة في القراءات: ابن مجاهد، أبو بكر احمد بن موسى بن العباس البغدادي (ت324ﻫ) تحقيق د. شوقي ضيف، ط2، دار المعارف، القاهرة (1980م).
-سر صناعة الإعراب: ابن جنّي، أبو الفتح عثمان بن جني (ت392ﻫ)، دراسة وتحقيق د. حسن هنداوي، ط1، دار القلم، دمشق (1985م).
-سمط اللآلي في شرح أمالي القالي: أبو عبيد البكري، عبد الله بن عبد العزيز (ت487ﻫ) تحقيق عبد العزيز الميمني، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1417ﻫ-1997م).
- سنن أبي داود، سليمان ابن الاشعث السجستاني، تحقيق: محمد اللحام، بيروت دار الفكر، 1410ﻫ.
- سنن الدارمي، عبد الله بن بهرام الدارمي، اعتنى به: محمد أحمد دهمان، دمشق، مطبعة الاعتدال.
- سنن النسائي، تحقيق: أحمد علي ، القاهرة ، 1312ه- .
-سير أعلام النبلاء، الذهبي أبو عبد الله شمس الدين محمد بن احمد (ت748ﻫ) تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1425ﻫ-2004م).
ص: 639
- الشافية، لابن الحاجب، تحقيق، الدكتور أحمد حسن عثمان، ط1 بيروت 1998م.
- الشافية، لابن الحاجب، تحقيق الدكتور درويش الجويدي، ط1، بيروت، 2008م.
-شذرات الذهب في أخبار من ذهب: ابن العماد الحنبلي، أبو الفلاح عبد الحي (ت1089ﻫ)، ط2، دار المسيرة، بيروت (1399ﻫ-1979م).
-شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: ابن عقيل، بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي (ت769ﻫ) تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط14، مطبعة السعادة، مصر (1384ﻫ-1964م).
-شرح الاشموني على ألفية ابن مالك [المسمى منهج السالك إلى ألفية ابن مالك]: الأشموني علي بن محمد (ت929ﻫ) المطبوع بهامشه حاشية الصبان، ط3، مطبعة أمير، قم – إيران (1419ﻫ).
-شرح التسهيل: ابن مالك، جمال الدين محمد بن مالك (ت672ﻫ)، تحقيق محمد عبد القادر عطا وطارق فتحي السيد، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1422ﻫ-2001م).
-شرح تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد: المرادي، الحسن بن قاسم (ت749ﻫ) دراسة وتحقيق د. ناصر حسين علي، ط1، دار سعد الدين للطباعة (1428ﻫ).
-شرح التصريح على التوضيح: الشيخ خالد بن عبد الله الأزهري (ت905ﻫ)، تحقيق محمد باسل عيون السود، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت (1427ﻫ-2006م).
ص: 640
-شرح جمل الزجاجي: ابن خروف، أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خروف الإشبيلي (ت609ﻫ) تحقيق ودراسة د. سلوى محمد عرب، مطابع جامعة أم القرى، مكة المكرمة (1419ﻫ).
-شرح جمل الزجاجي (الشرح الكبير): ابن عصفور، علي بن عصفور الإشبيلي (ت669ﻫ) تحقيق د. صاحب أبو جناح، مطابع دار الكتب، جامعة الموصل (1400ﻫ-1980م).
-شرح الرضي على الكافية: الاستراباذي، رضي الدين محمد بن الحسن (ت686ﻫ) تصحيح وتعليق يوسف حسن عمر، جامعة قار يونس، منشورات مؤسسة الصادق، طهران (1398ﻫ-1978م).
-شرح شافية ابن الحاجب: الاستراباذي، رضي الدين محمد بن الحسن (ت686ﻫ) تحقيق محمد نور الحسن ورفيقيه، دار الكتب العلمية، بيروت (1395ﻫ-1975م).
- شرح شعلة على الشاطبية، شرح الشاطبية المسمى إرشاد المريد الى مقصود القصيد للضبع، دار الكتب العلمية ، بيروت - لبنان، د.ت.
-شرح عمدة الحافظ وعدّة اللافظ: ابن مالك، جمال الدين أبو عبد الله محمد بن مالك (ت672ﻫ) تحقيق عدنان عبد الرحمن الدوري، مطبعة العاني، بغداد (1397ﻫ-1977م).
-شرح الفصيح: ابن هشام اللخمي، أبو عبد الله محمد بن احمد بن هشام (ت577ﻫ) دراسة وتحقيق د. مهدي عبيد جاسم، ط1، مطبعة فنون، بغداد (1409ﻫ-1988م).
ص: 641
-شرح الفصيح: الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر (ت538ﻫ) تحقيق ودراسة د. إبراهيم بن عبد الله الغامدي، مطابع جامعة أم القرى، مكة المكرمة (1417ﻫ).
-شرح القصائد المشهورات، الموسومة بالمعلقات، صنعة النحاس أبي جعفر احمد بن محمد بن إسماعيل المرادي (ت338ﻫ)، دار الكتب العلمية، بيروت (د.ت).
-شرح الكافية الشافية: ابن مالك، جمال الدين أبو عبد الله محمد بن مالك (ت672ﻫ)، تحقيق د. عبد المنعم احمد هريدي، دار المأمون للتراث.
-شرح كتاب سيبويه: السيرافي، أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان (ت368ﻫ)، تحقيق:أ.د حمد حسن مهدي، علي سيد علي دار الكتب العلمية، ط1، 2007م.
-شرح اللمع: جامع العلوم أبو الحسن علي بن الحسين بن علي النحوي الباقولي الاصفهاني (ت543ﻫ) دراسة وتحقيق د. محمد خليل الحربي، ط1، دار الشؤون الثقافية، بغداد (2002م).
-شرح المراح في التصريف: العيني، بدر الدين محمود بن احمد (ت855ﻫ)، تحقيق د. كاظم عبد الستار جواد مطبعة الرشيد (1990م).
-شرح المعلقات السبع: الزوزني، أبو عبد الله الحسين بن احمد (ت486ﻫ)، ط3، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر (1379ﻫ-1959م).
-شرح المفصّل: ابن يعيش، موفق الدين يعيش بن علي النحوي (ت643ﻫ)، طبع عالم الكتب، بيروت (د.ت).
ص: 642
-شرح المفصل في صنعة الإعراب الموسوم ب-((التخمير)): الخوارزمي، صدر الأفاضل القاسم بن الحسين (ت617ﻫ) تحقيق د. عبد الرحمن سلمان العثيمين، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت (1990م).
-شرح النظام على شافية ابن الحاجب: النظام النيسابوري، حسن بن محمد (من أعلام القرن التاسع الهجري)، ط6، مطبعة الأمير، قم – إيران (1385ش – 1427ﻫ).
-شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل: شهاب الدين الخفاجي، أحمد بن محمد (ت1069ﻫ) تصحيح وشرح د. محمد كشاش، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1418ﻫ-1998م).
-الشوارد في اللغة: الصغاني، رضي الدين الحسن بن محمد (ت650ﻫ) تحقيق عدنان عبد الرحمن الدوري، مطبعة المجمع العلمي العراقي (1403ﻫ-1983م).
-الشواهد والاستشهاد في النحو: عبد الجبار علوان، ط1، مطبعة الزهراء، بغداد (1396ﻫ-1976م).
-الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية، الجوهري، إسماعيل بن حماد (ت397ﻫ) تحقيق احمد عبد الغفور عطار، ط3، دار العلم للملايين، بيروت (1404ﻫ-1984م).
-صحيح البخاري: أبي عبد الله بن إسماعيل (ت256ﻫ)، مطبوعات محمد علي صُبيح، مصر (د.ت).
ص: 643
-صحيح مسلم، ابي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري (ت261ﻫ)، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، (1421ﻫ-2001م).
- طبقات أعلام الشيعة، للمحسن اغا برزك الطهراني، ، ط1، بيروت - لبنان، 1413ﻫ.
- طبقات الحفاظ للسيوطي (ت911ﻫ) ط 1، دار الكتب العلمية، 1403ه- .
-طبقات الشافعية: الأسنوي، جمال الدين عبد الرحيم (ت772ﻫ)، تحقيق د. عبد الله الجبوري، ط1، مطبعة الإرشاد، بغداد (1390ﻫ-1970م).
-طبقات المفسرين: الحافظ شمس الدين محمد بن علي بن احمد الداوودي (ت945ﻫ) ضبط عبد السلام عبد المعين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1424ﻫ-2002م).
- طرائف المقال،السيد علي البروجردي، قم المقدسة - ايران، د. ت.
-علل النحو، ابن الوراق: أبو الحسن محمد بن عبد الله (ت381ﻫ) دراسة وتحقيق د. محمود جاسم الدرويش مطبعة إبداع للتصميم والطباعة، بغداد (2002م).
-عمدة الكتّاب: النحاس، أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل (ت338ﻫ) بعناية بسام عبد الوهاب الجاتي، ط1، دار ابن حزم، بيروت (1425ﻫ-2004م).
ص: 644
-العين: الفراهيدي، الخليل بن احمد (ت175ﻫ) تحقيق د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي مطابع الرسالة، الكويت (1980)، ودار الحرية للطباعة، بغداد (1981م).
-الغاية في القراءات العشر: الحافظ أبو بكر احمد بن الحسين بن مهران الأصفهاني (ت381ﻫ) دراسة وتحقيق محمد غياث الجنباز، ط2، دار الشواف، الرياض (1411ﻫ-1990م).
-غاية النهاية في طبقات القراء: الجزري، شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد (ت833ﻫ) عني بنشره ج برجستراسر، ط1، مكتبة الخانجي، القاهرة (1351ﻫ-1932م).
-غريب الحديث: ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري (ت276ﻫ)، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1408ﻫ-1988م).
-غريب الحديث: الهروي، أبو عبيد القاسم بن سلام (ت224ﻫ)، ط2، دار الكتب العلمية بيروت (1424ﻫ-2003م).
-غيث النفع في القراءات السبع: السفاقسي، علي بن محمد (ت1118ﻫ) تحقيق احمد محمود عبد السميع، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1425ﻫ-2004م).
-الفائق في غريب الحديث: الزمخشري، جار الله محمود بن عمر (ت538ﻫ) ضبط حواشيه إبراهيم شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1417ﻫ-1996م).
ص: 645
-الفسر، شرح ابن جني الكبير على ديوان المتنبي، صنعة أبي الفتح عثمان بن جنّي (ت392ﻫ) تحقيق د. رضا رجب، ط1، دار الينابيع، دمشق (2004م).
- فصول في فقه العربية، رمضان عبد التواب،مكتبة الخانجي، ط6 ،1420ه- ، 1999م.
-الفصيح: ثعلب، أبو العباس احمد بن يحيى (ت291ﻫ) تحقيق ودراسة د. عارف مدكور دار المعارف، مصر (د.ت).
-فقه اللغة وسر العربية: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل (ت429ﻫ) تحقيق د. جمال طلبة، دار الكتب العلمية، بيروت (1422ﻫ-2001م).
- فهرست مكتبة آية الله الكلبايكاني، إعداد لجنة البحوث في مكتبة الكلبايكاني.
- فهرس مكتبة آية الله المرعشي، أحمد الحسيني، قم المقدسة، 1364 ش.
- الفيض القدسي في ترجمة العلامة المجلسي: للمحدث النوري،د ت، دط .
-القاموس المحيط والقابوس الوسيط: الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب (ت817ﻫ)، ط2، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة (1317ﻫ-1952م).
- قراءات أهل البيت القرآنية، مجيب الرفيعي، د.ت .
- القراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة، حازم سليمان الحلي ، مطبعة القضاء، النجف الاشرف، 1987م.
ص: 646
-القياس في اللغة العربية: محمد الخضر حسين، ط2، دار الحداثة، بيروت (1983م).
-القياس النحوي بين مدرستي البصرة والكوفة: محمد عاشور السويج، ط1، دار الكتب الوطنية بنغازي (1986م).
الكاشف من له رواية في الكتب الستة، للذهبي(748ﻫ)، تحقيق: عزت عطية، موسى الموشي، دار الكتب الحديثة، القاهرة.
-كتاب سيبويه: أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (ت180ﻫ)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، ط3، عالم الكتب (1403ﻫ-1983م).
-كتاب الكتاب: ابن درستويه، عبد الله بن جعفر (ت347ﻫ) تحقيق د. إبراهيم السامرائي ود. عبد الحسين الفتلي، دار الكتب الثقافية، الكويت (1397ﻫ-1977م).
-الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: الزمخشري، جار الله محمود بن عمر (ت538ﻫ)، ط1، منشورات البلاغة، مطبعة القدس، قم، إيران (1413ﻫ).
- الكشاف عن خزائن الأوقاف، أسعد طلس، مطبعة العاني - بغداد، 1953م.
-كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: حاجي خليفة (كاتب جلبي)، مصطفى بن عبد الله (ت1067ﻫ)، دار إحياء التراث العربي.
-الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها: القيسي، ابو محمد مكي بن ابي طالب (ت437ﻫ)، تحقيق عبد الرحيم الطهروني، دار الحديث، القاهرة (1428ﻫ- 2007م).
-كشف المشكل في النحو: الحيدرة اليمني، علي بن سليمان (ت599ﻫ) تحقيق د. هادي عطية مطر مطبعة الإرشاد، بغداد (1404ﻫ-1984م).
ص: 647
-الكنى والألقاب: الشيخ عباس القمي، عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم (ت1359ﻫ) المطبعة الحيدرية، النجف الاشرف (1389ﻫ-1969م).
-لبّ اللباب في تحرير الأنساب: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن (ت911ﻫ)، تحقيق محمد احمد عبد العزيز، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1411ﻫ-1991م).
-لسان العرب: ابن منظور، جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم المصري (ت711ﻫ)، دار صادر، بيروت (1374ﻫ-1955م).
- لسان الميزان، ابن حجر العسقلاني(852ﻫ) مؤسسة الاعلمي - بيروت ،1406ه- .
-اللغة العربية معناها ومبناها: د. تمام حسان، ط4، عالم الكتب، القاهرة (2004م).
-لمع الأدلة في أصول النحو: أبو البركات الأنباري عبد الرحمن بن محمد (ت577ﻫ) تحقيق سعيد الأفغاني، مطبعة الجامعة السورية، دمشق (1957م).
-اللمع في العربية: ابن جنّي، أبو الفتح عثمان بن جنّي (ت392ﻫ) تحقيق حامد المؤمن، ط1، مطبعة العاني، بغداد (1402ﻫ-1982م).
-ليس في كلام العرب: ابن خالويه، الحسين بن احمد (ت370ﻫ) تحقيق احمد عبد الغفور عطار، ط2، مكة المكرمة (1399ﻫ-1979م).
ص: 648
-ما ينصرف ومالا ينصرف: الزجاج، أبو إسحاق إبراهيم بن السري (ت311ﻫ)، تحقيق هدى محمود قراعة، مطابع الأهرام التجارية، القاهرة (1391ﻫ-1971م).
-المبدع في التصريف: أبو حيان الأندلسي محمد بن يوسف بن علي (ت745ﻫ)، تحقيق د. عبد الحميد السيد طلب، ط1، دار العروبة للنشر، الكويت (1402ﻫ-1982م).
-المبهج في تفسير أسماء شعراء الحماسة: ابن جني، أبو الفتح عثمان بن جني (ت392ﻫ) تحقيق د. حسن هنداوي، ط1، دار القلم، دمشق (1407ﻫ-1987م).
-المثلث: ابن السيد البطليوسي، أبو محمد عبد الله بن محمد (ت521ﻫ)، تحقيق صلاح مهدي الفرطوسي، دار الحرية للطباعة، بغداد (1982م).
-مجاز القرآن: أبو عبيدة، معمر بن المثنى (ت210ﻫ) تحقيق د. محمد فؤاد سزكين، ط1، مطبعة السعادة، مصر (1374ﻫ-1954م).
-مجمع الأمثال: الميداني، أبو الفضل احمد بن محمد بن احمد (ت518ﻫ) تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار القلم، بيروت (د.ت).
-مجمع البيان في تفسير القرآن: الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن (ت548ﻫ) تحقيق السيد هاشم الرسولي المحلاتي، دار التراث العربي، بيروت (1379ﻫ-1959م).
- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد نور الدين علي بن ابي بكر الهيثمي(807ﻫ) تحقيق: عبد الله محمد درويش، دار الفكر، بيروت لبنان، 1412ﻫ.
ص: 649
-المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها: ابن جني (ت392ﻫ) دراسة وتحقيق محمد عبد القادر عطا، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1419ﻫ-1998).
-المحكم في نقط المصاحف لأبي عمرو الداني ، تحقيق الدكتور: عزة حسن، دمشق، 1960م.
-مختار الصحاح: الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر (ت666ﻫ)، دار الرسالة، الكويت (1403ﻫ-1983م).
-مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع: ابن خالويه، أبو عبد الله الحسين بن احمد (ت370ﻫ) عني بنشره ج. برجشتراسر، وقدم له آرثر جفري، دار الهجرة (د.ت).
-المخصص: ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل (ت458ﻫ)، دار الفكر (د.ت).
- المخطوطات اللغوية في المتحف العراقي، أسامة ناصر النقشيندي، د. ت.
- المدارس النحوية، شوقي ضيف، دار المعارف، مصر، 1968م.
- مدخل إلى نحو اللغات السامية المقارن، موسكاتي، ترجمه وقدم له: مهدي المخزومي، عبد الجبار المطلبي،عالم الكتب، ط1، 1993م.
- مدخل التفسير، فاضل اللنكراني، قم المقدسة إيران ، د. ت.
- المدرسة القرآنية، تأليف السيد محمد باقر الصدر، المؤتمر العالمي للشهيد الصدر، ط2، 1424ه- .
-المذكر والمؤنث: ابن الانباري، أبو بكر محمد بن القاسم (ت328ﻫ) تحقيق د. طارق عبد عون الجنابي، ط1، مطبعة العاني، بغداد (1978م).
ص: 650
-المذكر والمؤنث: أبو حاتم السجستاني، سهل بن محمد (ت255ﻫ) تحقيق د. حاتم صالح الضامن، ط1، دار الفكر، دمشق (1418ﻫ-1997م).
-المذكر والمؤنث: المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد (ت285ﻫ)، تحقيق د. رمضان عبد التواب ود. صلاح الدين الهادي، ط2، منشورات مكتبة الخانجي، القاهرة (1417ﻫ-1996م).
-مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان: اليافعي، أبو محمد عبد الله بن أسعد بن علي اليمني المكي (ت768ﻫ) وضع حواشيه خليل المنصور، ط1، دار الكتب العلمية بيروت (1417ﻫ-1997م).
- مرآة الكتب، ثقة الاسلام الشهيد التبريزي، 1369ش.
-مراتب النحويين: أبو الطيب اللغوي، عبد الواحد بن علي الحلبي (ت351ﻫ) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مكتبة نهضة مصر، القاهرة (د.ت).
-مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع: صفي الدين البغدادي، عبد المؤمن بن عبد الحق (ت739ﻫ) تحقيق علي محمد البجاوي، ط1، دار الجيل، بيروت (1412ﻫ-1992م).
-المزهر في علوم اللغة وأنواعها: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن (ت911ﻫ) تحقيق محمد احمد جاد المولى ورفيقيه، دار الفكر للطباعة، بيروت (د.ت).
-المسائل الشيرازيات: أبو علي الفارسي، الحسن بن احمد بن عبد الغفار (ت377ﻫ)، تحقيق د. حسن بن محمود هنداوي، ط1، كنوز إشبيليا، المملكة المغربية، الرباط (1424ﻫ-2004م).
ص: 651
-المسائل العسكريات: أبو علي النحوي الحسن بن احمد (ت377ﻫ)، دراسة وتحقيق علي جابر المنصوري، ط1، مطبعة الجامعة، بغداد (1982م).
-المسائل المشكلة، المعروفة بالبغداديات: أبو علي الفارسي (ت377ﻫ) دراسة وتحقيق صلاح عبد الله السنكاوي، مطبعة العاني، بغداد (د.ت).
-المساعد على تسهيل الفوائد (شرح ابن عقيل على كتاب التسهيل لابن مالك): ابن عقيل، عبد الله بن عقيل العقيلي (ت769ﻫ) تحقيق د. محمد كامل بركات، ط2، مطابع جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية (1422ﻫ-2001م).
-المستقصى في أمثال العرب: الزمخشري، جار الله محمود بن عمر (ت538ﻫ)، ط3، دار الكتب العلمية بيروت (1407ﻫ-1987م).
-مسند الإمام احمد بن حنبل (ت241ﻫ)، رقّم أحاديثه محمد عبد السلام عبد الشافي، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1413ﻫ-1993م).
-مشكل إعراب القرآن: القيسي، أبو محمد مكي بن أبي طالب (ت437ﻫ) دراسة وتحقيق د. حاتم صالح الضامن، دار الحرية للطباعة، بغداد (1395ﻫ-1975م).
-المطالع السعيدة في شرح الفريدة: السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن الكمال (ت911ﻫ) تحقيق د. نبهان ياسين حسين، دار الرسالة، بغداد (1977م).
-معاني القراءات: الأزهري، أبو منصور محمد بن احمد (ت370ﻫ)، تحقيق الشيخ احمد فريد المزيدي، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1420ﻫ-1999م).
ص: 652
-معاني القرآن: الأخفش الأوسط، أبو الحسن سعيد بن مسعدة (ت215ﻫ)، تحقيق د. هدى محمود قراعة، ط1، مطبعة المدني، مصر (1411ﻫ-1990م).
-معاني القرآن: الفراء، أبو زكريا يحيي بن زياد (ت207ﻫ)، تحقيق محمد علي النجار، الهيئة المصرية للكتاب (2000م).
-معاني القرآن وإعرابه: الزجاج أبو إسحاق إبراهيم بن سري (ت311ﻫ) شرح وتحقيق د. عبد الجليل عبده شلبي، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأزهرية، القاهرة (1394ﻫ-1974م).
-معجم الأدباء [إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب]: ياقوت الحموي، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي (ت626ﻫ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت (د.ت).
- المعجم الأصولي: محمد صنقور علي، ط2، 1426ه- - 2005م، قم.
-معجم المؤلفين: تراجم مصنفي الكتب العربية: عمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربي، بيروت (د.ت).
-معجم البلدان: ياقوت الحموي (ت626ﻫ) تحقيق فريد عبد العزيز الجندي، دار الكتب العلمية، بيروت.
-المعجم الذهبي (فرهنك طلائي)، معجم فارسي – عربي: د. محمد التونجي، ط1، دار العلم للملايين، بيروت (1969م).
-معجم القراءات: د. عبد اللطيف الخطيب، ط1، دار سعد الدين للطباعة، دمشق (1422ﻫ-2002م).
ص: 653
- المعجم الكبير، سليمان بت أحمد الطبراني (ت 360ﻫ)، وزارة الاوقاف العراقية.
-معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع: البكري، أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز (ت487ﻫ) تحقيق جمال طلبة، دار الكتب العلمية، بيروت (1418ﻫ-1998م).
معجم المعربات الفارسية منذ بواكير العصر الجاهلي حتى العصر الحاضر، راجعه الدكتور السباعي محمد السباعي، ط2، دار ناشرون 1998م
-معجم مقاييس اللغة: ابن فارس، أبو الحسين احمد بن فارس بن زكريا (ت395ﻫ)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الكتب العلمية، قم – إيران (د.ت).
-المعرّب من الكلام الأعجمي، على حروف المعجم: الجواليقي، أبو منصور موهوب بن احمد بن محمد (ت540ﻫ) تحقيق احمد محمد شاكر، ط2، مطبعة دار الكتب، مصر (1389ﻫ-1969م).
-معرفة القراء الكبار على الطبقات والإعصار: الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن احمد (ت748ﻫ) تحقيق د. طيار آلتي قولاج، ط1، طبع بالأوفست بمطابع مديرية النشر والطباعة والتجارة، أنقرة، تركيا (1416ﻫ-1995م).
-مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ابن هشام الأنصاري، جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف (ت761ﻫ) تحقيق د. مازن المبارك ومحمد علي حمد الله، مراجعة سعيد الأفغاني، ط5، دار الفكر، بيروت (1979م).
ص: 654
-مفتاح العلوم: السكاكي، أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر (ت626ﻫ) تحقيق أكرم عثمان يوسف، ط1، مطبعة الرسالة، بغداد (1402ﻫ-1982م).
-المفتاح في الصرف: الجرجاني عبد القاهر بن عبد الرحمن (ت471ﻫ) تحقيق د. علي توفيق الحمد، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت (1407ﻫ-1987م).
-مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد (ت حدود 425ﻫ) تحقيق صفوان عدنان داوودي، ط1، دار القلم، بيروت (1416ﻫ-1996م).
-المفصّل في علم العربية: الزمخشري، جار الله محمود بن عمر (ت538ﻫ)، ط2، دار الجيل، بيروت (د.ت).
-المقتصد في شرح الإيضاح: عبد القاهر الجرجاني (ت471ﻫ) تحقيق د. كاظم بحر المرجان، المطبعة الوطنية، عمّان (1982م).
-المقتضب: المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد (ت385ﻫ)، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة (د.ت).
-المقرّب: ابن عصفور، علي بن مؤمن (ت669ﻫ)، تحقيق د. احمد عبد الستار الجواري وعبد الله الجبوري، مطبعة العاني، بغداد (1986م).
- مقياس الهداية في علم الدراية، للمامقاني، ط1، قم - ايران .
- مناهج الكافية في شرح الشافية، زكريا الانصاري، د.ت ، د. ط .
-الممتع في التصريف: ابن عصفور الإشبيلي (ت669ﻫ) تحقيق د. فخر الدين قباوة، ط4، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت (1398ﻫ-1978م).
-من تاريخ النحو: سعيد الأفغاني، دار الفكر، بيروت (د.ت).
ص: 655
-المنصف(شرح تصريف المازني): ابن جنّي، أبو الفتح عثمان بن جني (392ﻫ) تحقيق إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين، ط1، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر (1373ﻫ-1954م).
- من لا يحضره الفقيه، محمد بن علي بن الحسين (ت 381ﻫ)، دار الكتب الإسلامية ، طهران.
-موسوعة طبقات الفقهاء، تأليف اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق – عليه السلام- إشراف العلامة الفقيه جعفر السبحاني، ط1، مطبعة اعتماد، قم- إيران (1419ﻫ).
-موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث الشريف: د. خديجة الحديثي، دار الطليعة للطباعة، بيروت (1981م).
-نزهة الألبَّاء في طبقات الأدباء: أبو البركات الانباري، عبد الرحمن بن محمد (ت577ﻫ) تحقيق د. إبراهيم السامرائي، مطبعة المعارف، بغداد (1959م).
-نزهة الطرف في علم الصرف: الميداني، احمد بن محمد (ت518ﻫ)، ط1، دار الآفاق الجديدة، بيروت (1401ﻫ-1981م).
-نسب قريش: الزبيري، أبو عبد الله المصعب بن عبد الله بن المصعب (ت236ﻫ) عني بنشره إ. ليفي بروفنسال، ط1، مطبعة شريعة (1427ﻫ-1385 ه- ش).
ص: 656
-النشر في القراءات العشر: الجزري، أبو بكر محمد بن محمد الدمشقي (ت833ﻫ)، تصحيح الأستاذ علي محمد الصباغ (طبع بالأوفست، مكتبة المثنى، بغداد) (د.ت).
-النكت في تفسير كتاب سيبويه: الاعلم الشنتمريّ، أبو الحجاج يوسف بن سليمان (ت476ﻫ) تحقيق زهير عبد المحسن سلطان، ط1، منشورات معهد المخطوطات العربية، الكويت (1407ﻫ-1987م).
-نكت الهِميان في نُكَت العِميان: الصفديّ، صلاح الدين خليل بن أيبك (ت764ﻫ)، عني بطبعه أسعد طرابزوني الحسيني (1404ﻫ-1984م).
-النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد (ت606ﻫ) اعتناء وتصحيح محمد أبو فضل عاشور، دار إحياء التراث العربي، بيروت (1422ﻫ-2001م).
-النوادر في اللغة: أبو زيد الأنصاري، سعيد بن أوس بن ثابت (ت215ﻫ)، تعليق وتصحيح سعيد الشرتوني اللبناني، ط2، دار الكتاب العربي، بيروت (1387ﻫ-1967م).
- النوادر في اللغة: أبو زيد الأنصاري، سعيد بن أوس بن ثابت (ت215ﻫ)، تحقيق ودراسة: الدكتور: محمد عبد القادر احمد، دار الشروق، ط1، 1981م.
ص: 657
-هدية العارفين، أسماء المؤلفين وآثار المصنفين: البغدادي، إسماعيل باشا بن محمد أمين (ت1339ﻫ)، وكالة المعارف، استانبول (1951م) (أوفست مكتبة المثنى – بغداد).
-همع الهوامع في شرح الجوامع: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن (ت911ﻫ)، تحقيق احمد شمس الدين، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت (1427ﻫ-2006م).
-الوافي بالوفيات: الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك (ت764ﻫ) تحقيق احمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث العربي، بيروت (1420ﻫ-2000م).
- وسائل الشيعة، الى تحصيل مسائل الشريعة، محمد بن الحسن الحر العاملي، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، د. ت.
-الوسيط في تفسير القرآن المجيد: الواحدي، أبو الحسن علي بن احمد النيسابوري (ت468ﻫ) تحقيق الشيخ عادل احمد عبد الموجود وآخرين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت (1415ﻫ-1994م).
-وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين احمد بن محمد بن أبي بكر (ت681ﻫ) تحقيق د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت.
- الخلاف الصرفي في العربية، أطروحة ماجستير: ناصر سعيد العيشي، كلية الآداب - جامعة المستنصرية،2000م.
ص: 658
- السماع عند النحاة في ضوء علم اللغة الحديث، مهند رحيم جاسم رسالة ماجستير، كلية الآداب - جامعة القادسية،2003م.
- الشاهد القرآني عند النحاة حتى نهاية ق4 الهجري، رسالة دكتوراه، د.عبد الإله علي جويعد، كلية التربية للبنات، 1999م.
- شرح الشافية للجاربردي(ت746ﻫ)، دراسة وتحقيق، حسين عيدان مطر، رسالة دكتوراه، كلية الآداب - جامعة الكوفة، 2009م.
- شرح الشافية: ابن الحاجب، أبو عمرو عثمان بن عمر (ت646ﻫ) نسخة مكتبة آية الله المرعشي النجفي في قم - إيران، رقم (10946 - نحو عربي): ويذكره بالشرح المنسوب إلى المصنف.
- مجموعة محاضرات ألقاها الأستاذ الدكتور جواد كاظم عناد، كلية الآداب - جامعة القادسية: للعام الدراسي:2009- 2010م: مدونتي الخاصة.
- الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام(224ﻫ) جلبها مشكورا من تركيا الدكتور أمير الخالدي - رئيس قسم اللغة التركية السابق - جامعة بغداد، وهي في مكتبة طوبقابو سراي - قسم أحمد الثالث تحت الرقم143.
- لقاء مع الشيخ باقر شريف القرشي بتاريخ 7/1/2011م، الموافق2/صفر/1432ه- في مكتبة الإمام الحسن الكبرى - النجف الأشرف.
- ما قيل في كلمة أشياء، د : هاشم طه شلاش، المورد، العدد الثالث: 1998م .
ص: 659