الإسراء والمعراج الكامل

هویة الکتاب

الإسراء والمعراج الكامل

تأليف

عبد الرسول زين الدين

موسسة مسجد السهلة المعظم

ص: 1

اشارة

الإسراء والمعراج الكامل

تأليف

عبد الرسول زين الدين

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

* سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (الاسراء/1والنجم7-10)

***

* قالت الملائكة : يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى لما أن خلقكم أشباح نور من سناء نوره ومن سناء عزه ، وجعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه عرض ولايتكم علينا ، ورسخت في قلوبنا ، فشكونا محبتك إلى الله ، فوعد ربنا أن يريناك في السماء معنا ، وقد صدقنا وعده . (تفسير فرات : 134)

***

* قال الامام الرضا (عليه السلام) ان المسيح عليه السلام قال : إنه لا يصعد إلى السماء إلا من نزل منها ، إلا راكب الجمل فإنه يصعد وينزل . (المحتضر ص 44)

***

* قال ابو عبد الله عليه السلام : ولولا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر ان يبلغه (مختصر بصائر الدرجات ص 166)

***

* قال الشاعر عبد الباقي العمري :

وسبع السماوات أجرامها *** لغير عروجك لم تخرق

وعن غرض القرب منك السهام *** لدى قاب قوسين لم تمرق

وأسرى بك الله حتى طرقت *** طرائق بالوهم لم تطرق

ورقاك مولاك بعد النزول *** على رفرف حف بالتمرق

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليريه من عجائب ملكوته بعد أن اشتاقت تلك العوالم لجمال نوره وبهاء ظهوره وليلزمهم عيانا ما إفترض عليهم من نبوة الخاتم وولاية وصيه عليهما أفضل الصلاة والتسليم

والصلاة على محمد عبده ورسوله الذي بعثه من أكرم الجراثيم ، وأطيب الأعراق ، ،وزفّ إليه عرائس أسرار الملكوت ليلة الاسراء، لولاه ما خلق فراش الارض وحجال الافلاك ، كان للنبيين في الميلاد لاحقاً كون انعقاده في رحم النبوة سابقاً وعلى اله الطيبين الاطهار اناء الليل واطراف النهار .

إن المتأمل في حياة نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله يرى من إشراقات نوره الذي غمر عالم الإمكان ما لايمكن وصفه وأنى للبشر أن يحيطوا بمقام هذا المخلوق المحبوب والمراد الأول لله سبحانه وتعالى ، وفي كل لحظة من حياته وكل حركة منه وسكنه حكم وعلم ونور وخير وبركة .

ومن هنا فإنه صلى الله عليه وآله كان مراد جميع العوالم ،وكل من دخل عرصة الإمكان ،سواء من الجماد ام من الحيوان ، بشراً كان أم حجراُ فان جاذبية نوريته وخيره لم تدع لموجود محيص أو إنفكاك عن التعلق به والتشوق له مهما كانت النفوس ترين بالخطايا والحادثات تتوالى والحال

كيف يرجى الخلاص منهن إلا *** بذمام من سيد الرسل طه

ما تناهت عوالم العلم إلا *** واإلى ذات أحمد منتهاها

ولقد أدبه ربه فاحسن تأديبة حتى توجه بتاج (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ثم بعثه على اتم الطبائع فكانت له البراق فناداه أقبل فاقبل فجاءه التكريم : انت المراد وانت المريد ما خلقت خلقا أحب إلي منك لولاك لما خلقت الافلاك ، عبدي أنت مثلي أنا أقول للشيى كن فيكون جعلتك مثلي تقول للشيى كن فيكون .

وأراه من آياته الكبرى، ثم اصطفاه بالمحبة فسماه الحبيب فصلى عليه وأمر خلقه بالصلاة عليه (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللهم صلي على محمد وآل محمد .

وأرسله للعالمين نذيراً (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)

فملكه الخلق وولاه أمورهم قائماً فيهم مقامه (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)

ووعد أهل عالم الغيب أن يشرفهم بلقائه في السماء، فكان المعراج والإسراء

ولا شك أن رحلة نبينا محمد صلى الله عليه وآله إلى السماء ولقاءه بالملائكة والأنبياء ودخوله الجنة والنار وإجتيازه الحجب والسرادقات ، والجلوس تحت ظل سدرة المنتهى وشجرة طوبى والتنسم من أنوار العرش ومناجاة الله هناك من أعظم البركات علينا

ص: 3

وعلى أهل عالم الغيب ، وما أرسل نبينا صلوات الله عليه وآله إلى أهل السماء إلا داعياً ومبشراً لعموم منطوق الاية.

فصلى بالنبيين والملائكة فبشروه بالخيرات لامته، واطلع هناك- وهو المطلع قبل ذلك - على مقامات سيد الوصيين وأولاده الطاهرين عليهم صلاة المصلين ابد الابدين .

فكانت بحق رحلة إعجازية لم تكن لسواه من الأنبياء السابقين .

وقد كثرت المؤلفات في الإسراء والمعراج بين الجامع لأخبارها وبين المدافع عن المعراج الراد على شبهات إبليس وأعوانه.

فأحببت أن أضع كتاباً شاملاُ في أخبار المعراج يكون عدة لي عند عروج روحي لذلك العالم ولجميع إخواني المؤمنين .

فكان هذا الكتاب الذي بين يدي القارى الكريم والذي جعلته على عدة فصول في وصف العروج والبراق وسير النبي صلى الله عليه وآله في السماوات وإطلاعه على أهل ذلك العالم من سكان السماوات والملائكة والجنان والنيران ، ثم لقاءه بربه وما ناجاه به وكيفية صلاته هناك .

ثم ختمته بمعاني العروج ودفع شبهات المضلين ورد الوضاعين في أحاديث المعراج

أسال الله أن يكون ذخيرة لي وللمؤمنين يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم ، وأن يتجاوز عن زللي وكبير جرمي ويغفر عظيم ذنبي ويقبل مني اليسير ويعفو عن الكبير والكثير إنه نعم القدير رؤوف رحيم

والحمدلله رب العالمين أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً

عبد الرسول زين الدين

ص: 4

الفصل الأول: مسائل أولية حول المعراج

تاريخ المعراج

1 - قال في المنتقى : كان الاسراء قبل الهجرة بسنة وشهرين ، وذلك سنة ثلاث وخمسين من الفيل (1).

2 - في ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان قبل الهجرة بستة أشهر كان الاسراء برسول الله وقيل : في السابع عشر من شهر رمضان ليلة السبت ، وقيل : ليلة الاثنين من شهر ربيع الأول بعد النبوة بسنتين ، وفي كتاب التذكرة في ليلة السابع والعشرين من رجب السنة الثانية من الهجرة كان الاسراء (2).

3 – وفي تفسير علي بن إبراهيم : في سنة أربع من الهجرة . حولت القبلة إلى الكعبة ، كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي بمكة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي ، فلما عرج به إلى السماء أمر بالصلوات الخمس فصارت الركعتان في غير المغرب للمسافر وللمقيم أربع ركعات (3).

4- عروجه صلى الله عليه وآله من مكة إلى بيت المقدس ومن بيت المقدس إلى السماوات كما صرح به القرآن (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) إن الله تبارك وتعالى عرج بنبيه محمد صلى الله عليه وآله من الأرض إلى السماء في ليلة السبت والاثنين لسبع عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأول أو شهر رمضان أو شهر رجب وذلك في السنة الثانية من البعثة (4).

من عقيدتنا الاقرار بالمعراج

5 - قال الصادق (عليه السلام) : ليس من شيعتنا من أنكر أربعة أشياء : المعراج ، والمسائلة في القبر ، وخلق الجنة والنار ، والشفاعة(5).

6 - عن الرضا (عليه السلام) أنه قال : من كذب بالمعراج فقد كذب رسول الله (صلى الله عليه وآله) (6).

ص: 5


1- بحار الأنوار ج 18 ص 299
2- بحار الأنوار ج 18 ص 315
3- تفسير القمي : 61 و 62، بحار الأنوار ج 19 ص 191
4- شجرة طوبى ج 2 ص 227،قال المجلسي (رحمه الله) : اعلم إن خروجه إلى بيت المقدس ثم إلى السماء في ليلة واحدة بجسده الشريف مما دلت عليه الآيات والأخبار المتواترة من طرق الخاصة والعامة ، وإنكار أمثال ذلك وتأويلها بالعروج الروحاني أو بكونه في المنام ناشىء أما من قلة التتبع في آثار الأئمة الطاهرين أو من قلة التدين وضعف اليقين وانخداع بتسويلات المتفلسفين
5- بحار الأنوار ج 18 ص 309
6- بحار الأنوار ج 18 ص 309

7 - عن الرضا (عليه السلام) قال : من أقر بتوحيد الله وآمن بالمعراج ، والمسائلة في القبر والحوض والشفاعة وخلق الجنة والنار والصراط والميزان والبعث والنشور ، والجزاء والحساب فهو مؤمن حقا وهو من شيعتنا أهل البيت (1).

علة المعراج

8- عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ، : لأي علة عرج الله بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومنها إلى حجب النور ، وخاطبه و ناجاه هناك والله لا يوصف بمكان ؟ فقال عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يجري عليه زمان ، ولكنه عز وجل أراد أن يشرف به ملائكته وسكان سماواته ، ويكرمهم بمشاهدته ، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه ، وليس ذلك على ما يقول المشبهون ، سبحان الله وتعالى عما يشركون (2).

كم مرة عرج برسول الله

9- عن أبي عبد الله عليه السلام قال عرج بالنبي صلى الله عليه وآله إلى السماء مائة وعشرين مرة مامن مرة الا وقد أوصى الله النبي صلى الله عليه وآله بولاية على والأئمة من بعده أكثر مما أوصاه بالفرايض (3).

*- سئل السيد كاظم الرشتي،وهل هذه الرواية التي رواها بعض المحدثين انه صلى الله عليه وآله واله عرج به مائة وعشرون مرة معتبرة ام لا ؟ فقال : روى ثقة الاسلام في الكافي انه سئل ابو بصير ابا عبد الله عليه السلام كم عرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال مرتين(4) وهذا الحديث الذي ذكر جنابك واقعية اذ لا منافاة لكرامة النبي صلى الله عليه وآله على الله سبحانه واراد تشريفه صلى الله عليه وآله وآله بمشاهدة آياته وظهور عظمته وتشرف الموجدات كافة بقرب ظهوره صلى الله عليه وآله لها في مقام القطبية والا ففي المقام الاعلى كل الوجود بالنسبة اليه صلى الله عليه وآله سواء ليس شيء اقرب اليه من شيء .

والوجه في هذا العدد الخاص ان الاكوان الثلاثة التي هي اللاهوت والناسوت والواسطة(5) الجامعة بينها قد ظهرت فيها أي في كل من الثلاثين الطبائع الاربع(6) وذلك

ص: 6


1- بحار الأنوار ج 18 ص 309
2- التوحيد ص 175، علل الشرائع ج 1 ص 132، بحار الأنوار ج 3 ص 315
3- بصائر الدرجات ص 99، الخصال ص 600 ، بحار الأنوار ج 23 ص 69، المحتضر ص 244 ، الصراط المستقيم ج 2 ص 40
4- اصول الكافي 1 / 443 .
5- اللاهوت عالم التجرد ويشمل العقل والروح والنفس والطبيعة وجوهر الهباء .واما الناسوت فعالم الاجسام والواسطة هي البرزخ وهو المثال .
6- اعلم ان الانسان خلق من عشر قبضات من الافلاك التسعة ومن الارض واديرت كل قبضة ثلاث دورات فتتم بها قابليتها . ففي اللاهوت عشر قبضات وفي الناسوت عشر قبضات وفي الواسطة الجامعة عشر قبضات , فهذه ثلاثون وهي الثلاثون ليلة لميقات موسى عليه السلام . وهذه الثلاثون في الطبائع الاربع الحرارة والرطوبة والبرودة واليبوسة فيكون مئة وعشرون . فاذا قيل عرج به مئة وعشرون فهذا تأويله واذا قيل مرتين فبحسب العالمين الغيب والشهادة .

مائة وعشرون فعروجه صلى الله عليه وآله بعدد مراتب الوجود المتشعبة المتحققة من فاضل مراتبه والجمع بين هذه الرواية وما تقدم في رواية الكافي ان المرتين عبارة عن العالمين عالم الغيب وعالم الشهادة عالم الاجمال وعالم التفصيل فلا منافاة .

10 - عن علي بن أبي حمزة قال : سأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر فقال : جعلت فداك كم عرج برسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال : مرتين فأوقفه جبرئيل موقفا فقال له : مكانك يا محمد فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط ولا نبي ، إن ربك يصلي فقال : يا جبرئيل وكيف يصلي ؟ قال : يقول : سبوح قدوس أنا رب الملائكة و الروح ، سبقت رحمتي غضبي ، فقال : اللهم عفوك عفوك ، قال : وكان كما قال الله قاب قوسين أو أدنى ، فقال له أبو بصير : جعلت فداك ما قاب قوسين أو أدنى ؟ قال : ما بين سيتها إلى رأسها(1) فقال : كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق ولا أعلمه إلا وقد قال : زبرجد ، فنظر في مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة ، فقال الله تبارك وتعالى : يا محمد ، قال : لبيك ربي قال : من لامتك من بعدك ؟ قال : الله أعلم قال :علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين قال ثم قال أبو عبد الله لأبي بصير : يا أبا محمد والله ما جاءت ولاية علي عليه السلام من الأرض ولكن جاءت من السماء مشافهة (2).

معراج قبل الغدير بايام

11 - عن عبد الله بن عباس ، قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري به إلى السماء ، انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له النور ، وهو قول الله عز وجل : (خلق الظلمات والنور) ، فلما انتهى به إلى ذلك النهر قال : له جبرئيل (عليه السلام) : يا محمد ، اعبر على بركة الله ، فقد نور الله لك بصرك ، ومد لك أمامك ، فإن هذا نهر لم يعبره أحد ، لا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ، ثم أخرج منه ، فأنفض أجنحتي ، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا مقربا ، له عشرون ألف وجه وأربعون ألف لسان ، كل لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر . فعبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، حتى انتهى إلى الحجب ، والحجب خمسمائة حجاب ، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام ، ثم قال : تقدم يا محمد . فقال له : يا جبرئيل ، ولم لا تكون معي ؟ قال : ليس لي أن أجوز هذا المكان . فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما شاء الله أن يتقدم ، حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى : أنا المحمود ، وأنت محمد ، شققت اسمك من اسمي ، فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتكته انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك ، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا

ص: 7


1- قوله : إلى رأسها ، لعله كان إلى وسطها ، أو إلى مقبضها فصحف لان سية القوس بالكسر مخففة : ما عطف من طرفيها ، ذكره الفيروزآبادي ، وقال : ألقاب : ما بين المقبض والسية ، ولكل قوس قابان ، والمقدار ، كالقيب انتهى . والخفق : التحرك والاضطراب ، ثم أمر جبرئيل بالوقوف وما كلمه (صلى الله عليه وآله) به لعله كان قبل مفارقته ، أو يقال : فارقه في المكان وكان بحيث يراه ويكلمه ، والأول أظهر ، مع أنه يمكن أن يكون هذا في بعض المعارج ، وسم الإبرة : ثقبها ، وهي كناية عن قلة ما ظهر له من معرفة ذاته وصفاته بالنسبة إليه تعالى وإن كان غاية طوق البشر .
2- الكافي ج 1 ص 442 ، التحصين ص 548 ، بحار الأنوار ج 3 ص 307، الجواهر السنية ص 213

، وأنك رسولي ، وأن عليا وزيرك . فهبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فكره أن يحدث الناس بشئ كراهية أن يتهموه ، لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية ، حتى مضى لذلك ستة أيام ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) ، فاحتمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك حتى كان يوم الثامن ، فأنزل الله تبارك وتعالى عليه (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : تهديد بعد وعيد ، لأمضين أمر الله عز وجل ، فإن يتهموني ويكذبوني ، فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة . قال : وسلم جبرئيل على علي بإمرة المؤمنين ، فقال علي (عليه السلام) : يا رسول الله ، أسمع الكلام ولا أحس الرؤية . فقال : يا علي ، هذا جبرئيل ، أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني . ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلموا عليه بإمرة المؤمنين ، ثم قال : يا بلال ، ناد في الناس أن لا يبقى غدا أحد إلا عليل إلا خرج إلى غدير خم ، فلما كان من الغد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجماعة أصحابه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة ، وإني ضقت بها ذرعا مخافة ان تتهموني وتكذبوني حتى أنزل الله علي وعيدا بعد وعيد ، فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله إياي ، إن الله تبارك وتعالى أسرى بي وأسمعني وقال : يا محمد ، أنا المحمود ، وأنت محمد ، شققت اسمك من اسمي ، فمن وصلك وصلته ، ومن قطعك بتكته ، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك ، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا ، وأنك رسولي ، وأن عليا وزيرك . ثم أخذ (صلى الله عليه وآله) بيدي علي بن أبي طالب ، فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما ، ولم ير قبل ذلك ، ثم قال : أيها الناس ، إن الله تبارك وتعالى مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله . فقال الشكاك والمنافقون والذين في قلوبهم مرض وزيع : نبرأ إلى الله من مقالة ليس بحتم ، ولا نرضى أن يكون علي وزيره ، هذه منه عصبية . فقال سلمان والمقداد وأبو ذر وعمار بن ياسر : والله ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) ، فكرر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك ثلاثا ، ثم قال : إن كمال الدين وتمام النعمة ورضا الرب بإرسالي إليكم ، بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب (1).

مدة مسيره بالمعراج

12- في حديث اليهودي مع امير المؤمنين عليه السلام في معاجز الانبياء قال له اليهودي : فإن هذا سليمان قد سخرت له الرياح ، فسارت به في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر ؟ قال له علي عليه السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل من هذا : إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام ، في أقل من ثلث ليلة ، حتى انتهى إلى ساق العرش ، فدنى بالعلم فتدلى من الجنة رفرف أخضر ، وغشى النور بصره فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده ، ولم يرها بعينه ، فكان كقاب قوسين بينه وبينها أو أدنى ،

ص: 8


1- الأمالي ص 435 ، روضة الواعظين ص 55 ، المحتضر ص 250 ، بحار الأنوار ج 37 ص 109 و ج 56 ص 248

فأوحى الله إلى عبده ما أوحى ، وكان فيما أوحى إليه : الآية التي في سورة البقرة قوله : (لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير) وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلى أن بعث الله تبارك وتعالى محمدا ، وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها ، وقبلها رسول الله وعرضها على أمته فقبلوها ، فلما رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها ، فلما أن سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه ، فقال : (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) - فأجاب صلى الله عليه وآله مجيبا عنه وعن أمته – (والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله) فقال جل ذكره لهم الجنة والمغفرة على أن فعلوا ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : أما إذا فعلت ذلك بنا (فغفرانك ربنا وإليك المصير)، يعني المرجع في الآخرة ، قال : فأجابه الله عز وجل قد فعلت ذلك بك وبأمتك (1).

مبدء انطلاقة للمعراج

13 - روى الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال : بينا أنا راقد في الأبطح ، وعلي عن يميني ، وجعفر عن يساري ، وحمزة بين يدي ، وإذا أنا بحفيف أجنحة الملائكة : وقائل يقول : إلى أيهم بعثت يا جبرئيل ؟ فقال : إلى هذا - وأشار إلي - وهو سيد ولد آدم ، وهذا وصيه ووزيره وختنه وخليفته في أمته وهذا عمه سيد الشهداء حمزة ، وهذا ابن عمه جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة مع الملائكة ، دعه فلتنم عيناه ، ولتسمع أذناه ، ويعي قلبه ، واضربوا له مثلا : ملك بنى دارا ، واتخذ مأدبة وبعث داعيا ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : فالملك الله ، والدار الدنيا ، والمأدبة الجنة ، والداعي أنا ، قال : ثم أركبه جبرئيل البراق ، وأسرى به إلى بيت المقدس ، وعرض عليه محاريب الأنبياء وآيات الأنبياء ، فصلى ورده من ليلته إلى مكة ، فمر في رجوعه بعير لقريش (2).

14- قال السدي والواقدي : الاسراء قبل الهجرة بستة أشهر بمكة في السابع عشر من شهر رمضان ليلة السبت بعد العتمة من دار أم هاني بنت أبي طالب ،

وقيل من بيت خديجة ،

وروي من شعب أبي طالب .

اما الحسن وقتادة فقد قالا : كان من نفس المسجد .

لكن ابن عباس يقول : هي ليلة الاثنين في شهر ربيع الأول بعد النبوة بسنتين

فالأول معراج العجائب والثاني معراج الكرامة(3)

عروج مع البعثة

15- لما بلغ عمره الشريف إلى سبع وثلاثين سنة كان يرى في نومه كأن آتيا يأتيه فيقول : يا رسول الله صلى الله عليه وآله والنبي في غاية الخضوع والخشوع لله تعالى منكر ذلك في نفسه فلما طال عليه الامر كان يوما بين الجبال يرعى غنما لأبي طالب فنظر إلى

ص: 9


1- الاحتجاج ج 1ص 327 ، بحار الأنوار ج 18 ص 342 و ج 3 ص 320
2- بحار الأنوار ج 18 ص 337
3- مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 153

شخص كبير الجثة ، عظيم الخلقة وهو يقول : يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له : من أنت ؟ قال : أنا جبرئيل أرسلني الله إليك ليتخذك رسولا ، وكان جبرئيل يعلمه الشئ بعد الشئ حتى تم له أربعون سنة فنزل عليه جبرئيل في صورته الأصلية بين جبال مكة فقال صلى الله عليه وآله من أنت يرحمك الله فلم أر شيئا أعظم منك خلقا وأحسن منك وجها قال : أنا روح الأمين المنزل على جميع النبيين والمرسلين أقرأ يا محمد قال : لست بقاري فغمزه جبرئيل غمزا شديدا وقال : أقرأ يا محمد قال : وما أقرأ ولست بقاري فغمزه مرة أخرى كاد النبي صلى الله عليه وآله أن يغشى عليه ، وقال : (أقرأ بسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم) ثم قرأ عليه الآيات وبلغه جميع ما أمر الله به قال صلى الله عليه وآله : فحفظتها بأجمعها ووجدتها في قلبي كالنقش في الحجر ، ثم عرج إلى السماء ونزل عليه يوم الثاني مع ميكائيل ومع كل واحد منهما سبعون الف ملك وأتى بكرسي من الياقوت قوائمه من الزبرجد الأخضر ، والدر الأبيض والنبي صلى الله عليه وآله على جبل بمكة نائم وعن جانبيه علي عليه السلام وجعفر فلم ينبهاه أعظاما له فقال ميكائيل : إلى أيهما بعثت ؟ قال : إلى الأوسط فلما أنتبه أدى جبرئيل الرسالة عن الله ثم أخذ بيده وأجلسه على الكرسي ووضع تاجا على رأسه وأعطى لواء الحمد بيده وقال : أصعد وأحمد الله فصعد وحمد الله بما يستحق له فصعد جبرئيل إلى السماء ونزل النبي عن الكرسي وكان كل شئ يسجد له ويقول له بلسان فصيح : السلام عليك يا نبي الله وكان ذلك يوم الاثنين في السابع والعشرين من رجب (1).

اين صار القميص الذي اسرى به

16 - عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين عليه السلام فقال للعباس : يا عم محمد تأخذ تراث محمد وتقضي دينه وتنجز عداته ؟ فرد عليه فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي إني شيخ كثير العيال قليل المال من يطيقك وأنت تباري الريح ، قال : فأطرق صلى الله عليه وآله هنيئة ثم قال : يا عباس أتأخذ تراث محمد وتنجز عداته وتقضي دينه ؟ فقال بأبي أنت وأمي شيخ كثير العيال قليل المال وأنت تباري الريح . قال : أما إني سأعطيها من يأخذها بحقها ثم قال : يا علي يا أخا محمد أتنجز عدات محمد وتقضي دينه وتقبض تراثه ؟ فقال : نعم بأبي أنت وأمي ذاك علي ولي ، قال : فنظرت إليه حتى نزع خاتمه من أصبعه فقال : تختم بهذا في حياتي ، قال : فنظرت إلى الخاتم حين وضعته في أصبعي فتمنيت من جميع ما ترك الخاتم . ثم صاح يا بلال علي بالمغفر والدرع والراية والقميص وذي الفقار والسحاب والبرد والأبرقة والقضيب قال : فوالله ما رأيتها غير ساعتي تلك - يعني الأبرقة - فجيئ بشقة كادت تخطف الابصار فإذا هي من أبرق الجنة فقال : يا علي إن جبرئيل أتاني بها وقال : يا محمد اجعلها في حلقة الدرع واستدفر بها مكان المنطقة ثم دعا بزوجي نعال عربيين جميعا أحدهما مخصوف والآخر غير مخصوف والقميصين : القميص الذي أسري به فيه والقميص الذي خرج فيه يوم أحد ، والقلانس الثلاث : قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين والجمع ، وقلنسوة كان يلبسها ويقعد

ص: 10


1- شجرة طوبى ج 2 ص 226

مع أصحابه . ثم قال : يا بلال علي بالبغلتين : الشهباء والدلدل ، والناقتين : العضباء والقصوى والفرسين : الجناح كانت توقف بباب المسجد لحوائج رسول الله صلى الله عليه وآله يبعث الرجل في حاجته فيركبه فيركضه في حاجة رسول الله صلى الله عليه وآله وحيزوم وهو الذي كان يقول : أقدم حيزوم والحمار عفير فقال : أقبضها في حياتي . فذكر أمير المؤمنين عليه السلام أن أول شئ من الدواب توفي عفير ساعة قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقباء فرمى بنفسه فيها فكانت قبره . وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إن ذلك الحمار كلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : بأبي أنت وأمي إن أبي حدثني ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال : يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم ، فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار . (1)

اختلاف فرق الاسلام في المعراج

17 - مناقب ابن شهرآشوب : اختلف الناس في المعراج :

فالخوارج ينكرونه ،

وقالت الجهمية : عرج بروحه دون جسمه على طريق الرؤيا ،

وقالت الامامية والزيدية والمعتزلة بل عرج بروحه وبجسمه إلى بيت المقدس ، لقوله تعالى : (إلى المسجد الأقصى)

وقال آخرون: بل عرج بروحه وبجسمه إلى السماوات ، روي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وجابر و حذيفة وأنس وعائشة وأم هانئ ، ونحن لا ننكر ذلك إذا قامت الدلالة ، وقد جعل الله معراج موسى (عليه السلام) إلى الطور : (وما كنت بجانب الطور) ولإبراهيم إلى السماء الدنيا (وكذلك نري إبراهيم) ولعيسى (عليه السلام) إلى الرابعة : (بل رفعه الله إليه) ولإدريس إلى الجنة : (ورفعناه مكانا عليا) ومحمد (فكان قاب قوسين)وذلك لعلو همته ، فلذلك يقال : المرؤ يطير بهمته ، فتعجب الله من عروجه : (سبحان الذي أسرى بعبده) وأقسم بنزوله : (والنجم إذا هوى) فيكون عروجه ونزوله بين تأكيدين (2)

لكن الواقع لا احد يعرف يدرك تلك الحقيقة العظمى ،

قيل : جاء رجل الى الامام جعفر بن محمد الصادق فقال : صف لي المعراج .فقال : كيف اصف لك مقاما لم يسع فيه جبرئيل مع عظم محله؟(3)

افتخار اهل البيت بفضيلة المعراج

18- روي أنه جاء في الخبر ان الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام كان ذات يوم هو وزوجته فاطمة عليه السلام يأكلان تمرا في الصحراء إذا تداعبا بينهما بالكلام فقال علي : عليه السلام يا فاطمة إن النبي صلى الله عليه وآله يحبني أكثر منك فقالت واعجبا منك يحبك أكثر مني وانا ثمرة فؤاده وعضو من أعضائه وغصن من أغصانه وليس له ولد

ص: 11


1- الكافي ج 1 ص 236 ، علل الشرائع ج 1 ص 166
2- بحار الأنوار ج 18 383
3- الاحاديث النادرة / مخطوط

غيري فقال لها علي عليه السلام يا فاطمة إن لم تصدقيني فأمضي بنا إلى أبيك محمد صلى الله عليه وآله قال فمضينا إلى حضرته صلى الله عليه وآله فتقدمت وقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله أينا أحب إليك انا أم علي صلى الله عليه وآله

قال النبي صلى الله عليه وآله: أنت أحب إلي وعلي أعز علي منك

فعندها قال سيدنا ومولانا الامام على ابن أبي طالب عليه السلام: ألم أقل لك انا ولد فاطمة ذات التقى

قالت فاطمة : وأنا ابنة خديجة الكبرى

قال علي : عليه السلام وأنا ابن الصفا

قالت فاطمة : أنا ابنة سدرة المنتهى

قال علي : وأنا فخر الورى

قالت فاطمة : وأنا ابنة من (دنى فتدلى وكان من ربه قاب قوسين أو أدنى)

قال علي : وأنا ولد المحصنات

قالت فاطمة : أنا بنت الصالحات والمؤمنات

قال علي : خادمي جبرائيل

قالت فاطمة : وأنا خاطبني في السماء راحيل وخدمتني الملائكة جيلا بعد جيل

قال علي : وأنا ولدت في المحل البعيد المرتقى

قالت فاطمة : وانا زوجت في الرفيع الاعلى وكان ملاكي في السماء

قال علي : أنا حامل اللواء

قالت فاطمة : وأنا ابنة من عرج به إلى السماء

قال علي : أنا ابن صالح المؤمنين

قالت فاطمة : وأنا ابنة خاتم النبيين

قال على: وأنا الضارب على التنزيل

قالت فاطمة : وأنا صاحبة التأويل

قال علي : وأنا شجرة تخرج من طور سينين

قالت فاطمة : وأنا الشجرة التي تخرج اكلها أعني الحسن والحسين عليهم السلام

قال علي : وأنا المثاني والقرآن الحكيم

قالت فاطمة : وأنا ابنة النبي صلى الله عليه وآله الكريم

قال علي : وأنا النبأ العظيم

قالت فاطمة : وأنا ابنة الصادق الأمين

قال علي : وأنا الحبل المتين

قالت فاطمة : وأنا ابنة خير الخلق أجمعين

قال علي : أنا ليث الحروب

قالت فاطمة : أنا من يغفر الله به الذنوب

قال علي : وأنا المتصدق بالخاتم

قالت فاطمة : وأنا ابنة سيد العالم

قال علي : أنا سيد بني هاشم

قالت: أنا ابنة محمد المصطفى

قال علي : أنا الامام المرتضى

ص: 12

قالت فاطمة : أنا ابنة سيد المرسلين

قال علي : أنا سيد الوصيين

قالت فاطمة : أنا ابنة النبي العربي

قال علي : وأنا الشجاع الكمي

قالت فاطمة : وأنا ابنة احمد النبي صلى الله عليه وآله

قال على: أنا االبطل الأروع

قالت فاطمة : أنا الشفيع المشفع

قال على: أنا قسيم الجنة والنار

قالت فاطمة : أنا ابنة محمد المختار

قال على: أنا قاتل الجان

قالت فاطمة : أنا ابنة رسول الملك الديان

قال على: أنا خيرة الرحمن

قالت فاطمة : وأنا خيرة النسوان

قال على : وانا مكلم أصحاب الرقيم

قالت فاطمة : وأنا ابنة من ارسل رحمة للمؤمنين وبهم رؤوف رحيم

قال على : وانا الذي جعل الله نفسي نفس محمد صلى الله عليه وآله حيث يقول في كتابه العزيز(وأنفسنا وأنفسكم)

قالت فاطمة : وانا الذي قال في(ونساؤنا ونساؤكم وأبناؤنا وأبناؤكم)

قال على : انا علمت شيعتي القرآن

قالت فاطمة : وأنا يعتق الله من أحبني من النيران

قال : انا شيعتي من علمي يسطرون

قالت فاطمة : وانا من بحر علمي يغترفون

قال على انا الذي اشتق الله تعالى اسمى من اسمه فهو العالي وانا على

قالت فاطمة : وانا كذلك فهو الفاطر وانا فاطمة

قال علي : عليه السلام انا حياة العارفين

قالت فاطمة : انا مسلك نجاة الراغبين

قال على: وانا الحواميم

قالت فاطمة : وانا ابنة الطواسين

قال على: وانا كنز الغنى

قالت فاطمة : وانا الكلمة الحسنى

قال على : انا بي تاب الله على آدم في خطيئته

قالت فاطمة : وانا بي قبل الله توبته

قال على: انا كسفينة نوح من ركبها نجا

قالت فاطمة : وانا أشاركك في الدعوى

قال على انا طوفانه

قالت فاطمة : وانا سورته

قال على: وانا النسيم المرسل لحفظه

قالت فاطمة : وانا مني انهار الماء واللبن والخمر والعسل في الجنان

ص: 13

قال على: وانا الطور

قالت فاطمة : وانا الكتاب المسطور

قال على : وانا الرق المنشور

قالت فاطمة : وانا البيت المعمور

قال على: وانا السقف المرفوع

قالت فاطمة : وانا البحر المسجور

قال على: انا علم النبيين

قالت فاطمة : وانا ابنة سيد المرسلين من الأولين والآخرين

قال على: انا البئر والقصر المشيد

قالت فاطمة : انا منى شبر وشبير

قال علي : وانا بعد الرسول خير البرية

قالت : انا البرة الزكية

فعندها قال النبي صلى الله عليه وآله : لا تكلمي عليا فإنه ذو البرهان

قالت فاطمة : انا ابنة من انزل عليه القرآن

قال علي : انا البطين الأصلع

قالت فاطمة : انا الكواكب الذي يلمع

قال النبي صلى الله عليه وآله: فهو الشفاعة يوم القيامة

قالت فاطمة : وانا خاتون يوم القيامة

فعند ذلك قالت فاطمة : لرسول الله صلى الله عليه وآله لا تحام لابن عمك ودعني وإياه

قال علي: يا فاطمة انا من محمد صلى الله عليه وآله عصبته ونخبته

قالت فاطمة : وانا لحمه ودمه

قال علي : انا الصحف

قالت فاطمة : وانا الشرف

قال على : وانا ولي زلفي

قالت فاطمة : وانا الخمصاء الحسناء

قال علي : وانا نور الورى

قالت فاطمة : وانا الزهراء

فعندها قال النبي صلى الله عليه وآله لفاطمة: يا فاطمة قومي وقبلي رأس ابن عمك فهذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل مع أربعة آلاف من الملائكة يحامون مع علي عليه السلام وهذا اخى راحيل ودردائيل مع أربعة آلاف من الملائكة ينظرون بأعينهم قال فقامت فاطمة الزهراء فقبلت رأس الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وقالت يا أبا الحسن بحق رسول الله صلى الله عليه وآله معذرة إلى الله عز وجل واليك والى ابن عمك قال فوهبها الامام عليه السلام وقبلت يد أبيها عليه وعليهم السلام (1)

19- قال الأوزاعي : لما اتي بعلي بن الحسين ورأس أبيه إلى يزيد بالشام قال لخطيب بليغ : خذ بيد هذا الغلام فائت به إلى المنبر وأخبر الناس بسوء رأي أبيه وجده وفراقهم

ص: 14


1- الفضائل ص 79

الحق وبغيهم علينا ، قال : فلم يدع شيئا من المساوئ إلا ذكره فيهم ، فلما نزل قام علي بن الحسين فحمد الله بمحامد شريفة وصلى على النبي صلاة بليغة موجزة ثم قال : يا معشر الناس فمن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا اعرفه نفسي ، أنا ابن مكة ومنى ، أنا ابن مروة والصفا ، أنا ابن محمد المصطفى ، أنا ابن من لا يخفى ، أنا ابن من علا فاستعلى فجاز سدرة المنتهى وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن من صلى بملائكة السماء مثنى مثنى ، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، انا ابن علي المرتضى ، انا ابن فاطمة الزهرا ، انا ابن خديجة الكبرى ، انا ابن المقتول ظلما أنا ابن المحزوز الرأس من القفا ، أنا ابن العطشان حتى قضى ، أنا ابن طريح كربلاء ، أنا ابن مسلوب العمامة والرداء ، أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء ، أنا ابن من ناحت عليه الجن في الأرض والطير في الهواء ، أنا ابن من رأسه على السنان يهدى ، أنا ابن من حرمه من العرق إلى الشام تسبى ، أيها الناس ان الله تعالى وله الحمد ابتلانا أهل البيت ببلاء حسن ، حيث جعل راية الهدى والعدل والتقى فينا ، وجعل راية الضلالة والردى في غيرنا ، فضلنا أهل البيت بست خصال : فضلنا بالعلم والحلم والشجاعة والسماحة والمحبة والمحلة في قلوب المؤمنين ، وآتانا ما لم يؤت أحدا من العالمين من قبلنا ، فينا مختلف الملائكة وتنزيل الكتب . قال : فلم يفرغ حتى قال المؤذن : الله أكبر ، فقال علي : الله أكبر كبيرا ، فقال المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال علي بن الحسين : أشهد بما تشهد به . فلما قال المؤذن : أشهد أن محمدا رسول الله ، قال علي : يا يزيد هذا جدي أو جدك ؟ فان قلت جدك فقد كذبت وإن قلت جدي فلم قتلت أبي وسبيت حرمه وسبيتني ؟ ثم قال : معاشر الناس هل فيكم من أبوه وجده رسول الله ؟ فعلت الأصوات بالبكاء . فقام إليه رجل من شيعته يقال له المنهال بن عمرو الطائي . وفي رواية : مكحول صاحب رسول الله فقال له : كيف أمسيت يا بن رسول الله ؟ فقال : ويحك كيف أمسيت ؟ أمسينا فيكم كهيئة بني إسرائيل في آل فرعون يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، وأمست العرب تفتخر على العجم بأن محمدا منها ، وأمسى آل محمد مقهورين مخذولين فإلى الله نشكو كثرة عدونا ، وتفرق ذات بيننا ، وتظاهر الأعداء علينا (1)

وأسرى بي إليه

20 - وروي أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : أعطاني الله - جل جلاله - خمسا وأعطى عليا خمسا : أعطاني جوامع الكلم وأعطى عليا جوامع العلم ، وجعلني نبيا وجعله وصيا ، وأعطاني الوحي وأعطاه الإلهام ، وأسرى بي إليه وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي ونظرت إليه ، وأعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل . (2)

ابليس والاسراء

21- عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال كنت مع رسول الله صبيحة الليلة التي أسري به فيها و هو بالحجر يصلي ، فلما قضى صلاته وقضيت صلاتي سمعت رنة شديدة ،

ص: 15


1- مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 304
2- المحتضر ص 193

فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنة ؟ قال : ألا تعلم ؟ هذه رنة الشيطان ، علم أنه أسري بي الليلة إلى السماء فأيس من أن يعبد في هذه الأرض (1).

ص: 16


1- › شرح النهج لابن أبي الحديد 3 : 254 ، بحار الأنوار ج 18 ص 223

الفصل الثاني: صفة البراق

له جناحان من خلفه

22 - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : أتى جبرئيل (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالبراق أصغر من البغل ، وأكبر من الحمار ، مضطرب الاذنين ، عينه في حافره ، وخطاه مد بصره ، فإذا انتهى إلى جبل قصرت يداه ، وطالت رجلاه فإذا هبط طالت يداه ، وقصرت رجلاه ، أهدب العرف الأيمن ، له جناحان من خلفه (1)

فاستصعب عليه

23 - عن أنس ، أن النبي (صلى الله عليه وآله) أتي بالبراق ليلة أسري به مسرجا ملجما ليركبه ، فاستصعب عليه ، فقال له جبرئيل : ما يحملك على هذا ، فوالله ما ركبك أحد قط أكرم على الله منه قال : فارفض عرقا . (2)

انشد محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد على قوم ذكروا الأنساب :

ان العباد تفرقوا من واحد *** فلأحمد السبق الذي هو أفضل

هل كان يرتحل البراق أبوكم *** أم كان جبريل عليه ينزل(3)

جبريل يلطم البراق

24- عن عبد الصمد بن بشير قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : أتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو بالأبطح بالبراق ، أصغر من البغل ، وأكبر من الحمار ، عليه ألف ألف محفة من نور ، فشمس البراق حين أدناه منه ليركبه ، فلطمه جبرئيل (عليه السلام) لطمة عرق البراق منها ، ثم قال : أسكن فإنه محمد ، ثم رف به من بيت المقدس إلى السماء فتطايرت الملائكة من أبواب السماء ، فقال جبرئيل : الله أكبر ، الله أكبر ، فقالت الملائكة عبد مخلوق ، قال : ثم لقوا جبرئيل فقالوا : يا جبرئيل من هذا ؟ قال : هذا محمد فسلموا عليه ، ثم رف به إلى السماء الثانية فتطايرت الملائكة فقال جبرئيل : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، فقالت الملائكة : عبد مخلوق ، فلقوا جبرئيل فقالوا : من هذا ؟ فقال : محمد ، فسلموا عليه ، فلم يزل كذلك في سماء سماء ، ثم أتم الاذان ، ثم صلى بهم رسول الله في السماء السابعة وأمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم مضى به جبرئيل (عليه السلام) حتى انتهى به إلى موضع فوضع إصبعه على منكبه ، ثم رفعه ، فقال له : امض يا محمد ، فقال له : يا جبرئيل تدعني في

ص: 17


1- بحار الأنوار ج 18 ص 309
2- جامع البيان الطبري ج 15 ص 20
3- مناقب آل أبي طالب : ج 2 ص 42.

هذا الموضع ؟ قال : فقال له : يا محمد ليس لي أن أجوز هذا المقام ، ولقد وطئت موضعا ما وطئه أحد قبلك ، ولا يطأه أحد بعدك ، قال : ففتح الله له من العظيم ما شاء الله ، قال : فكلمه الله : (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) قال : نعم يا رب (والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفر انك ربنا وإليك المصير) قال تبارك وتعالى : (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) قال محمد : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) قال : قال الله : يا محمد من لامتك بعدك ؟ فقال : الله أعلم ، قال : علي أمير المؤمنين ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : والله ما كانت ولايته إلا من الله مشافهة لمحمد (صلى الله عليه وآله) (1)

فوق الحمار ودون البغل

25- ابن عباس في خبر : ان جبرئيل أتى النبي صلى الله عليه وآله وقال : ان ربي بعثني إليك وأمرني أن آتيه بك فقم فان الله يكرمك كرامة لم يكرم بها أحد قبلك ولا بعدك فأبشر وطب نفسا ، فقام وصلى ركعتين فإذا هو بميكائيل وإسرافيل ومع كل واحد منهما سبعون الف ملك فسلم عليهم فبشروه فإذا معهم دابة فوق الحمار ودون البغل خده كخد الانسان وقوائمه كقوائم البعير وعرفه كعرف الفرس وذنبه كذنب البقر رجلاها أطول من يديها ولها جناحان من فخذيه خطوتها مد البصر وإذا عليها لجام من ياقوتة حمراء ، فلما أراد أن يركب امتنعت فقال جبرئيل : انه محمد ، فتواضعت حتى لصقت بالأرض فأخذ جبرئيل بلجامها وميكائيل بركابها فركب ، إذا هبطت ارتفعت يداها وإذا صعدت ارتفعت رجلاها فنفرت العير من دفيف البراق ونادي رجل في آخر العير : ان يا فلان ان الإبل قد نفرت وان فلانة ألقت حملها وانكسرت يدها ، فلما كان ببطن البلقاء ، عطش فإذا لهم ماء في آنية فشرب منه والقى الباقي ، فبينا هو في مسيره إذ نودي عن يمين الطريق : يا محمد على رسلك ، ثم نودي عن يساره : على رسلك فإذا هو بامرأة استقبلته وعليها من الحسن والجمال ما لم ير لاحد وقالت : قف مكانك حتى أخبرك ، ففسر له إبراهيم الخليل لما رآه جميع ذلك فقال : منادي اليمين داعية اليهود فلو أجبته لتهودت أمتك ومنادي اليسار داعية النصارى فلو أجبته لتنصرت أمتك والمرأة المتزينة هي الدنيا تمثلت لك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ، فجاء جبرئيل إلى بيت المقدس فرفعها فأخرج من تحتها ثلاثة أقداح : قدحا من لبن وقدحا من عسل وقدحا من خمر فناوله من قدح اللبن فشرب فناوله قدح العسل فشرب ثم ناوله قدح الخمر فقال : قد رويت يا جبرئيل ، فقال : أما انك لو شربته ضلت أمتك (2)

ويسمى برقة

26 - عن الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) لما بدأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتعليم الاذان أتى جبرئيل (عليه السلام) بالبراق فاستعصت عليه ، ثم أتى بدابة يقال لها : برقة فاستعصت. فقال لها

ص: 18


1- بحار الأنوار ج 18 ص 398
2- مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 153

جبرئيل : اسكني برقة ، فما ركبك أحد أكرم على الله منه ، قال (صلى الله عليه وآله) : فركبتها حتى انتهيت إلى الحجاب الذي يلي الرحمان عز وجل ، فخرج ملك من وراء الحجاب فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، قال (صلى الله عليه وآله) قلت : يا جبرئيل من هذا الملك ؟ قال : والذي أكرمك بالنبوة ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي هذه ، فقال الملك : الله أكبر ، الله أكبر ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي أنا أكبر ، أنا أكبر ، قال (صلى الله عليه وآله) : فقال الملك : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي أن الله لا إله إلا أنا : فقال (صلى الله عليه وآله) : فقال الملك : أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي أنا أرسلت محمدا رسولا ، قال (صلى الله عليه وآله) : فقال الملك : حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي ، ودعا إلى عبادتي ، قال (صلى الله عليه وآله) : فقال الملك : حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي ، ودعا إلى عبادتي ، فقال الملك : قد أفلح من واظب عليها ، قال (صلى الله عليه وآله) فيؤمئذ أكمل الله عز وجل لي الشرف على الأولين والآخرين (1)

تسخير البراق

27- في دعاء الندبة عند وصف النبي صلى الله عليه وآله قال : إِلى أَنْ إِنْتَهَيْتَ بِالأَمْرِ إِلى حَبِيبِكَ وَنَجِيبِكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله فَكانَ كَما انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ وصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ وَأَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ. قَدَّمْتَهُ عَلى أَنْبِيائِكَ وَبَعَثْتَهُ إِلى الثَّقَلَينِ مِنْ عِبادِكَ وَأَوْطأْتَهُ مَشارِقَكَ وَمَغارِبَكَ وَسَخَّرْتَ لَهُ البُراقَ وَعرَجْتَ بِرُوحِهِ إِلى سَمائِكَ وَأوْدَعْتَهُ عِلْمَ ماكانَ وَمايَكُونُ إِلى انْقَضاء خَلْقِكَ، ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرائِيلَ وَمِيكائِيلَ وَالمُسَوِّمِينَ مِن مَلائِكَتِكَ وَوَعَدْتَهُ أَنْ تُظْهِرَ دِينَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ، وَذلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ أَوَّلَ بَيْتٍ وَُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً، وَقُلْتَ: إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.. (2)

*- وفي دعاء ليلة الجمعة ويوم عرفة: أَسأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ الَّذِي تَجَلَّيْتَ بِهِ لِلْجَبَلِ فَجَعَلْتَهُ دَكّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقا .... وَبِاسْمِكَ الَّذِي سَخَّرْتَ بِهِ البُراقَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله إِذْ قالَ تَعالى : سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرامِ إِلى المَسْجِدِ الأقْصى (3).

ص: 19


1- صحيفة الرضا : 19 و 20، بحار الأنوار ج 18 383
2- شجرة طوبى ج 2 ص 228
3- مفاتيح الجنان ، ص 397 .

* - خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس في مسجد الكوفة ، فقال : الحمد لله الذي لا من شئ كان ، ولا من شئ كون ما قد كان ، مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته وبما وسمها به من العجز على قدرته ، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه ، لم يخل منه مكان فيدرك بأينية ، ولا له شبه مثال فيوصف بكيفية ولم يغب عن علمه شئ فيعلم بحيثية مبائن لجميع ما أحدث في الصفات ، وممتنع عن الادراك بما ابتدع من تصريف الذوات وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرف الحالات ، محرم على بوارع ثاقبات الفطن تحديده و على عوامق ناقبات الفكر تكييفه ، وعلى غوائص سابحات الفطر تصويرة لا تحويه الأماكن لعظمته ، ولا تذرعه المقادير لجلاله ، ولا تقطعه المقائيس لكبريائه ، ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه ، وعن الأفهام أن تستغرقه وعن الأذهان أن تمثله ، قد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول ، ونضبت عن الإشارة إليه بالاكتناه بحار العلوم ، ورجعت بالصغر عن السمو إلى وصف قدرته لطائف الخصوم واحد لا من عدد ، ودائم لا بأمد ، وقائم لا بعمد ، ليس بجنس فتعادله الأجناس ، ولا بشبح فتضارعه الأشباح ، ولا كالأشياء فتقع عليه الصفات ، قد ضلت العقول في أمواج تيار إدراكه ، وتحيرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليته وحصرت الأفهام عن استشعار وصف قدرته ، وغرقت الأذهان في لجج أفلاك ملكوته مقتدر بالآلاء وممتنع بالكبرياء ومتملك على الأشياء فلا دهر يخلقه ولا وصف يحيط به ، قد خضعت له ثوابت الصعاب في محل تخوم قرارها ، وأذعنت له رواصن الأسباب في منتهى شواهق أقطارها مستشهد بكلية الأجناس على ربوبيته وبعجزها على قدرته ، وبفطورها على قدمته ، وبزوالها على بقائه ، فلا لها محيص عن إدراكه إياها ، ولا خروج من إحاطته بها ، ولا احتجاب عن إحصائه لها ولا امتناع من قدرته عليها ، كفى بإتقان الصنع لها آية ، وبمركب الطبع عليها دلالة و بحدوث الفطر عليها قدمة وبإحكام الصنعة لها عبرة ، فلا إليه حد منسوب ، و لا له مثل مضروب ، ولا شئ عنه محجوب ، تعالى عن ضرب الأمثال والصفات المخلوقة علوا كبيرا . وأشهد أن لا إله إلا الله إيمانا بربوبيته ، وخلافا على من أنكره ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله المقر في خير مستقر ، المتناسخ من أكارم الأصلاب ومطهرات الأرحام المخرج من أكرم المعادن محتدا ، وأفضل المنابت منبتا ، من أمنع ذروة ، وأعز أرومة ، من الشجرة التي صاغ الله منها أنبياءه وانتجب منها أمناءه الطيبة العود ، المعتدلة العمود ، الباسقة الفروع ، الناضرة الغصون ، اليانعة الثمار الكريمة الحشا ، في كرم غرست ، وفي حرم أنبتت ، وفيه تشعبت ، وأثمرت ، و عزت ، وامتنعت ، فسمت به وشمخت حتى أكرمه الله عز وجل بالروح الأمين والنور المبين والكتاب المستبين ، وسخر له البراق ، وصافحته الملائكة ، وأرعب به الأباليس ، وهدم به الأصنام والآلهة المعبودة دونه ، سنته الرشد ، وسيرته العدل وحكمه الحق ، صدع بما أمره ربه ، وبلغ ما حمله ، حتى أفصح بالتوحيد دعوته وأظهر في الخلق أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، حتى خلصت له الوحدانية وصفت له الربوبية ، وأظهر الله بالتوحيد حجته ، وأعلى بالاسلام درجته ، واختار الله عز وجل لنبيه

ص: 20

ما عنده من الروح والدرجة والوسيلة ، صلى الله عليه عدد ما صلى على أنبيائه المرسلين ، وآله الطاهرين (1) .

عليها تاتيه صلى الله عليه واله الملائكة

*- عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ملك - ليس له بالأرض عهد - على البراق ومعه قطيفة من إستبرق ، فقال : إن الله جل وعز يخيرك بين أن يجعلك عبدا رسولا ، أو ملكا رسولا متواضعا ، قال : فنظر إلى جبرئيل فأومى إليه بيده أن يتواضع ، فقال : عبدا رسولا متواضعا ، فقال الرسول : مع أنه لا ينقصك مما عند ربك شيئا ، قال : ومعه مفاتيح خزائن الأرض (2) .

دون علي عليه السلام في القوة

* - قال محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة : سألت جعفر بن محمد عليه السلام فقلت له يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد ان أسألك عنها فقال : ان شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني وان شئت فسل ، قال : قلت له يا بن رسول الله وبأي شئ تعرف ما في نفسي قبل سؤالي ؟ فقال بالتوسم والتفرس أما سمعت قول الله عز وجل (ان في ذلك لآيات للمتوسمين) وقول رسول الله صلى الله عليه وآله اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ، قال : فقلت له يا بن رسول الله فأخبرني بمسألتي قال : أردت ان تسألني عن رسول الله صلى الله عليه وآله لم لم يطق حمله علي عليه السلام عند حط الأصنام من سطح الكعبة مع قوته وشدته وما ظهر منه في قلع باب القموص بخيبر والرمي به إلى ورائه أربعين ذراعا وكان لا يطيق حمله أربعون رجلا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يركب الناقة والفرس والحمار ، وركب البراق ليلة المعراج وكل ذلك دون علي في القوة والشدة ، قال : فقلت له عن هذا والله أردت ان أسألك يا بن رسول الله فأخبرني فقال : ان عليا عليه السلام برسول الله تشرف وبه ارتفع وبه وصل إلى أن اطفأ نار الشرك وأبطل كل معبود من دون الله عز وجل ولو علاه النبي صلى الله عليه وآله لحط الأصنام لكان عليه السلام بعلي مرتفعا وتشريفا وواصلا إلى حط الأصنام ولو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه ألا ترى ان عليا عليه السلام قال : لما علوت ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله شرفت وارتفعت حتى لو شئت ان أنال السماء لنلتها أما علمت أن المصباح هو الذي يهتدى به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله ، وقد قال علي عليه السلام أنا من احمد كالضوء من الضوء ، أما علمت أن محمدا وعليا صلوات الله عليهما كانا نورا بين يدي الله عز وجل قبل خلق الخلق بألفي عام وان الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعب منه شعاع لامع فقالت : إلهنا وسيدنا ما هذا النور ؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم هذا نور من نوري أصله نبوة وفرعه إمامة ، أما النبوة فلمحمد عبدي ورسولي واما الإمامة فلعلي حجتي ووليي ولولاهما ما خلقت خلقي ، اما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله رفع يد علي عليه السلام بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعله مولى المسلمين وإمامهم وقد احتمل الحسن والحسين عليهما السلام يوم حظيرة بني النجار فلما قال له بعض أصحابه ناولني أحدهما يا رسول الله قال : نعم الراكبان وأبوهما خير منهما ، وانه صلى الله عليه

ص: 21


1- التوحيد ، ص 69 .
2- الكافي :ج 2 ص 122 ، البحار :ج 72 ص 128. مشكاة الأنوار في غرر الأخبار ,ص 398

وآله كان يصلي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته فلما سلم قيل له يا رسول الله لقد أطلت هذه السجدة فقال صلى الله عليه وآله ان ابني ارتحلني فكرهت ان أعاجله حتى ينزل ، وإنما أراد بذلك صلى الله عليه وآله رفعهم وتشريفهم فالنبي صلى الله عليه وآله إمام ونبي وعلي عليه السلام إمام ليس بنبي ولا رسول فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوة . قال محمد بن حرب الهلالي : فقلت له زدني يا بن رسول الله فقال إنك لأهل للزيادة ان رسول الله صلى الله عليه وآله حمل عليا عليه السلام على ظهره يريد بذلك أنه أبو ولده وإمام الأئمة من صلبه كما حول ردائه في صلاة الاستسقاء وأراد ان يعلم أصحابه بذلك انه قد تحول الجدب خصبا ، قال : قلت له زدني يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : احتمل رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام يريد بذلك ان يعلم قومه انه هو الذي يخفف عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله ما عليه من الدين والعدات والأداء عنه من بعده ، قال : فقلت له يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله زدني فقال : احتمله ليعلم بذلك انه قد احتمله وما حمل إلا لأنه معصوم لا يحمل وزرا فتكون أفعاله عند الناس حكمة وصوابا وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي يا علي ان الله تبارك وتعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي وذلك قوله تعالى (ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر)ولما أنزل الله عز وجل إذا اهتديتم وعلي نفسي وأخي أطيعوا عليا فإنه مطهر معصوم لا يضل ولا يشقى ثم تلا هذه الآية : (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وان تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) . قال محمد بن حرب الهلالي : ثم قال جعفر بن محمد عليه السلام أيها الأمير لو أخبرتك بما في حمل النبي صلى الله عليه وآله عليا عند حط الأصنام من سطح الكعبة من المعاني التي أرادها به لقلت ان جعفر بن محمد لمجنون فحسبك من ذلك ما قد سمعت فقمت إليه وقبلت رأسه وقلت الله أعلم حيث يجعل رسالته(1).

وعوذها جبريل عليه السلام

* قال السيد بن طاووس : وجدنا العوذة للفارس والفرس في كتاب مشتمل على احراز جليله ومهمات جميله دافعه للأخطار وتصلح للأسفار وهي بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ وأعيذ دابه فلان فلان المعروف بكذا وكذا وسائر دوابه من الخيل دهمها وشقرها وكميتها واغرها ومحجلها وحصنها وحجورها من المشش والرهش والرعش والدعص والرهصة والرضة وخفقان الفؤاد ورعده الصفاق والدخس وبلع الريش وبلع الخيس والحران والخذلان ووجع الجوف والربو في الريش ومن الطرفة والصدمة والعثار والحمرة في الآماق والحمر والنهر وسائر الاعلال في البهائم دفعت عيون السوء عنها في سائر جسومها ولحمها ودمها ومخها وعظمها وجلدها وجوفها وعرقها وعصبها وشعرها ووبرها وظاهرها وباطنها بالإحاطة الكبرى وبأسماء الحسنى وبكلماته العظمى من الامتناع من الأكل والشرب والتغصص والالتواء والضربان والخفقان ومن جرح بالحديد ووخز بالشوك وحرق بالنار أو بخلب ومن وقع نصال السهام وأسنة الرماح ومن الغوامر واللواذع واللوادغ والواسع ومن ضربة موهنة ودفعة محطمة وسقطة موجعة وعثرة معرجة ووقعة مؤلمة أعيذه وراكبه بما استعاذ جبرئيل وعوذ به النبي (صلى الله عليه واله) البراق وبما عوذ فرسه السحاب وبما عوذ به علي (عليه السلام) فرسه لزاز

ص: 22


1- علل الشرائع : ج 1 ص 173 .

وعوذ به شمعون الصفار فرسه الطماح وبما عوذ به الكليم فرسه الذي عبر في اثره البحر عوذت هذه الدابة وصاحبها وموضعها ومرعاها وسائر ما له من الكراع والراتع من الهامة والسامة والعين اللامة من سائر السباع والهوام ومن كل أذية وبلية ومن الشهور والدهور والردة والغرق والحرق والوباء ومدارك الشقاء بالعقد العظيمة والأسماء الأولية العلية من كل عين عيانه بسوء ومن شر العيانين ومن أعين الجن والإنس أجمعين بسم الله رب العالمين بسم الله عالم السر واخفى بسم الله الاعلى وبأسماء الله الكبرى سرادق علم الله وفي حجب ملكوت الله الذي يحيى الأموات وبها رفعت السماوات وبأسماء الله أضاءت بها الشمس وارتفع بها العرش من سائر ما ذكرت وما لم أذكر وما علمت وما لم اعلم ورفعت عنها سائر العيون الناظرة والعادية والخواطر الخاطرة والصدور الواغرة بلا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم وهو حسبي ونعم الوكيل(1)

وجه ها مثل وجه آدمي

28- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : سخر الله لي البراق وهو خير من الدنيا بحذافيرها وهي دابة من دواب الجنة

ليست بالقصير ولا بالطويل

وجهها مثل وجه آدمي ،

وخدها كخد الفرس ،

وحوافرها مثل حوافر الخيل ،

وذنبها مثل ذنب البقر

فوق الحمار ، ودون البقر ،

عرفها من لؤلؤ مسموط

وأذناها زبرجدتان خضراوان ،

وعيناها مثل كوكب الزهرة تتوقدان مثل النجمين المضيئين

لها شعاع مثل الشمس

ينحدر من نحرها الجمان

مطوية الخلق ،

طويلة اليدين والرجلين

لها جناحان من خلفها مكللا بالدر والياقوت ،

وخطاه مد بصره

، تسمع الكلام وتفهمه

، فإذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه ،

فإذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه ،

ص: 23


1- الأمان من أخطار الأسفار والأزمان , ص 83 .

وعليه لجام من ياقوتة حمراء ،

وسرجه من ياقوتة حمراء ،

وركابه من درة بيضاء ،

مزمومة بسبعين الف زمام من ذهب

مكتوب بين عينيه لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه وآله

فلو أذن الله تبارك وتعالى لها لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة ،

وهي أحسن الدواب لونا

وتكنى أبا هلال . (1)

أسكن فما ركبك نبي قبلي ولا يركبك نبي بعدي

29- فنزل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل مع كل واحد منهم سبعون الف ملك ومعهم البراق . فلما أراد رسول الله أن يركب أمتنع البراق فقال جبرئيل : أسكن فما ركبك نبي قبلي ولا يركبك نبي بعدي فلم يسكن فقال جبرئيل : أسكن فإنما يركبك خير البشر أحب خلق الله إليه فما سكن وتضعضع فلطمه جبرئيل وقال : إنه محمد صلى الله عليه وآله ولم يكن ليسكن إلا بعد إن شرط ليكون هو مركوبه في يوم القيامة فعند ذلك سكن وتواضع فأخذ جبرئيل بلجامه ، وميكائيل بركابه ، وإسرافيل سوى ثيابه ، وهذا ركوب رسول الله صلى الله عليه وآله جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وإسرافيل أمامه ، (2)

مضطرب الاذنين عيناه في حوافره

30 - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : لما أسري بي نزل جبرئيل (عليه السلام) بالبراق وهو أصغر من البغل ، وأكبر من الحمار ، مضطرب الاذنين ، عيناه في حوافره ، خطاه مد بصره ، له جناحان يحفزانه من خلفه ، عليه سرج من ياقوت ، فيه من كل لون ، أهدب العرف الأيمن ، فوقفه على باب خديجة ، ودخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فمرح البراق ، فخرج إليه جبرئيل فقال : أسكن فإنما يركبك خير البشر ، أحب خلق الله إليه ، فسكن ، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فركب ليلا وتوجه نحو بيت المقدس ، فاستقبل شيخا فقال: هذا أبوك إبراهيم ، فثنى رجله وهم بالنزول ،فقال جبرئيل : كما أنت ، فجمع ما شاء الله من أنبيائه ببيت المقدس فأذن جبرئيل ، فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصلى بهم . ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) في قوله :(فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك) : هؤلاء الأنبياء الذين جمعوا فلا تكونن من الممترين قال : فلم يشك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يسأل . (3)

مركب النبي صلى الله عليه واله يوم القيامة

31- عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : يا أيها الناس ! نحن في القيامة ركبان أربعة ليس غيرنا . فقال له قائل : بأبي أنت وامي يا رسول الله ! من الركبان ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنا على البراق ، وأخي

ص: 24


1- الاحتجاج ج 1 ص 55 ، شجرة طوبى ج 2 ص 228
2- شجرة طوبى ج 2 ص 228
3- الخرائج والجرائح ج 1 ص 84

صالح على ناقة الله التي عقرها قومه ، وإبنتي فاطمة على ناقتي العضباء ، وعلي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة ; خطامها من لؤلؤ رطب ، وعيناها من ياقوتتين حمراوين ، وبطنها من زبرجد أخضر ، عليها قبة من لؤلؤة بيضاء ، يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها ، ظاهرها من رحمة الله ، وباطنها من عفو الله إذا أقبلت زفت وإذا أدبرت زفت ، و هو أمامي على رأسه تاج من نور يضيء لأهل الجمع ، لذلك التاج سبعون ركنا ، كل ركن يضيء كالكوكب الدري في افق السماء ، وبيده لواء الحمد وهو ينادي في القيامة : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فلا يمر بملأ من الملائكة إلا قالوا : نبي مرسل ، ولا يمر بنبي إلا قال : ملك مقرب . فينادي مناد من بطنان العرش : يا أيها الناس ! ما هذا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا حامل عرش ، هذا علي بن أبي طالب . وتجيء شيعته من بعده فينادي مناد لشيعته : من أنتم ؟ فيقولون : نحن العلويون . فيأتيهم النداء : أيها العلويون ! أنتم آمنون ، ادخلوا الجنة مع من كنتم توالون . (1)

قال العوني :

انا منهم على البراق معد *** وابنتي فاطم تباري مسيري

تحتها يوم ذاك ناقتي العضباء *** تطوي الفجاج طي المغير

وأخي صالح على ناقة الله *** امامي في العالم المحشور

وعلي على ذلول من الجنة *** ما خطب نعتها باليسير(2)

32- في رواية أخرى : إن البراق لم يكن يسكن لركوب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا بعد شرطه أن يكون مركوبه يوم القيامة (3)

من دواب الجنة

33 - عن ابن عباس قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله) في جواب نفر من اليهود : سخر الله لي البراق ، وهو خير من الدنيا بحذافيرها ، وهي دابة من دواب الجنة ، وجهها مثل وجه آدمي ، وحوافرها مثل حوافر الخيل ، وذنبها مثل ذنب البقر ، فوق الحمار ، ودون البغل ، سرجه من ياقوته حمراء وركابه من درة بيضاء ، مزمومة بسبعين ألف زمام من ذهب ، عليه جناحان مكللان بالدر والجوهر والياقوت والزبرجد ، مكتوب بين عينيه : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، محمد رسول الله . (4)

أحسن الدواب لونا

34 - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن الله سخر لي البراق ، وهي دابة من دواب الجنة ، ليست بالقصير ولا بالطويل ، فلو أن الله تعالى أذن لها لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة ، وهي أحسن الدواب لونا . (5)

ص: 25


1- الخرائج والجرائح ج 1 ص 84
2- مناقب آل أبي طالب : ج 3 ص 30.
3- الخرائج والجرائح ج 1 ص 84
4- بحار الأنوار ج 18 ص 315
5- بحار الأنوار ج 18 ص 315

تسمع الكلام وتفهمه

35 - عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ما في القيامة راكب غيرنا ، ونحن أربعة ، فقام إليه العباس بن عبد المطلب فقال : من هم يا رسول الله ؟ فقال : أما أنا فعلى البراق ، ووجهها كوجه الانسان وخدها كخد الفرس ، وعرفها من لؤلؤ مسموط ، واذناها زبرجدتان خضراوان ، وعيناها مثل كوكب الزهرة ، تتوقدان مثل النجمين المضيئين ، لها شعاع مثل شعاع الشمس ، ينحدر من نحرها الجمان ، مطوية الخلق ، طويلة اليدين والرجلين ، لها كنفس الآدميين ، تسمع الكلام وتفهمه ، وهي فوق الحمار ودون البغل الخبر. (1)

يكنى أبا هلال

36 - سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن كنية البراق ، فقال : يكنى أبا هلال (2)

يركبه الامام المهدي عليه السلام

37- عن علي بن الحسين عليهما السلام في ذكر القائم عليه السلام في خبر طويل قال : فيجلس تحت شجرة سمرة ، فيجيئه جبرئيل في صورة رجل من كلب ، فيقول : يا عبدالله ما يجلسك ههنا ؟ فيقول : يا عبدالله إني أنتطر أن يأتيني العشاء فأخرج في دبره إلى مكة وأكره أن أخرج في هذا الحر قال : فيضحك فاذا ضحك عرفه أنه جبرئيل قال : فيأخذ بيده ويصافحه ، ويسلم عليه ، ويقول له : قم ويجيئه بفرس يقال له البراق فيركبه ثم يأتي إلى جبل رضوى ، فيأتي محمد وعلي فيكتبان له عهدا منشورا يقرؤه على الناس ثم يخرج إلى مكة والناس يجتمعون بها . قال : فيقوم رجل منه فينادي أيها الناس هذا طلبتكم قد جاءكم ، يدعوكم إلى ما دعاكم إليه رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : فيقومون ، قال : فيقوم هو بنفسه ، فيقول : أيها الناس أنا فلان بن فلان أنا ابن نبي الله، أدعوكم إلى مادعاكم إليه نبي الله فيقومون إليه ليقتلوه ، فيقوم ثلاثمائة وينيف على الثلاثمائة فيمنعونه منه خمسون من أهل الكوفة ، وسائرهم من أفناء الناس لا يعرف بعضهم بعضا اجتمعوا على غير ميعاد . (3)

براق آخر للمؤمنيين

*- روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه واله) أنه قال نزل جبرئيل وكنت أصلي خلف المقام قال فلما فرغت استغفرت الله تعالى لأمتي فقال لي جبرائيل (عليه السلام) يا محمد أراك حريصا على أمتك والله تعالى رحيم بعباده فقال النبي (صلى الله عليه واله) لجبرئيل (عليه السلام) يا أخي أنت حبيبي وحبيب أمتي علمني دعاء تكون أمتي تذكروني به من بعدي فقال لي جبرائيل يا محمد أوصيك أن تأمر أمتك تصومون ثلاثة أيام البيض من كل شهر الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وأوصيك يا محمد أن تأمر أمتك أن يدعو بهذا الدعاء الشريف فإن حملة

ص: 26


1- بحار الأنوار ج 18 ص 315
2- بحار الأنوار ج 18 ص 315
3- إثبات الهداة: ج 3 ص 582 ب 32 ف 59 ح 771،البحار: ج 52 ص 306، الكتاب المبين 4/335

العرش يحملون العرش بهذا الدعاء وببركته انزل إلى الأرض واصعد إلى السماء وهذا دعاء مكتوب على أبواب الجنة وعلى حجراتها وعلى شرفاتها وعلى منازلها وبه تفتح أبواب الجنة وبهذا الدعاء يحشر الخلق يوم القيامة بأمر الله عز وجل ومن قرأ هذا الدعاء من أمتك يرفع الله عز وجل عنه عذاب القبر ويؤمنه من الفزع الأكبر ومن آفات الدنيا والآخرة ببركته ومن قرأ ينجيه الله من عذاب النار ثم سئل رسول الله (صلى الله عليه واله) جبرائيل عن ثواب هذا الدعاء قال جبرئيل (عليه السلام) يا محمد لقد سألتني عن شيء لا أقدر على وصفه ولا يعلم قدره إلا الله يا محمد لو صارت أشجار الدنيا أقلاما والبحار مدادا والخلائق كتابا لم يقدروا على ثواب قارئ هذا الدعاء ولا يقرأ هذا عبد وأراد عتقه إلا أعتقه الله تبارك وتعالى وخلصه من رق العبودية ولا يقرأ مغموم إلا فرج الله همه وغمه ولا يدعو به طالب حاجة إلا قضاه الله عز وجل له في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى ويقيه الله موت الفجأة وهول القبر وفقر الدنيا ويعطيه الله تبارك وتعالى الشفاعة يوم القيامة ووجهه يضحك ويدخله الله عز وجل ببركة هذا الدعاء دار السلام ويسكنه الله في غرف الجنان ويلبسه الله من حلل الجنة التي لا تبلي ومن صام وقرأ هذا الدعاء كتب الله عز وجل له ثواب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وإبراهيم الخليل وموسى الكليم وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم أجمعين قال النبي (صلى الله عليه واله) لقد عجب من كثرة ما ذكر جبرئيل (عليه السلام) من الثواب لقارئ هذا الدعاء ثم قال جبرئيل (عليه السلام) يا محمد ليس أحد من أمتك يدعو بهذا الدعاء في عمره مرة واحدة إلا حشره الله يوم القيامة ووجهه يتلألأ مثل القمر ليلة تمامه فيقول الناس من هذا أنبي هو فيخبرهم الملائكة بأن ليس هذا نبيا ولا ملكا بل هو عبد من عبيد الله تعالى من ولد آدم قرأ في عمره مرة هذا الدعاء فأكرمه الله عز وجل بهذه الكرامة ثم قال جبرئيل للنبي (صلى الله عليه واله) يا محمد من قرأ هذا الدعاء خمس مرات حشر يوم القيامة وأنا واقف على قبره ومعي براق من الجنة ولا أبرح واقفا حتى يركب على ذلك البراق ولا ينزل عنه إلا في دار النعيم خالدا مخلدا ولا حساب عليه في جوار إبراهيم (عليه السلام) وفي جوار محمد (صلى الله عليه واله) وأنا ضامن لقارئ هذا الدعاء من ذكر وأنثى أن الله تعالى لا يعذبه وإن كان ذنوبه أكثر من زبد البحر وقطر المطر وورق الشجر وعدد الخلائق من أهل الجنة وأهل النار وإن الله عز وجل يأمر أن يكتب للذي يدعو بهذا الدعاء ثواب حجة مبرورة وعمرة مقبولة يا محمد ومن قرأ هذا الدعاء عند وقت النوم خمس مرات على طهارة فإنه يراك في منامه وتبشره بالجنة ومن كان جائعا أو عطشانا ولا يجد ما يأكل ولا ما يشرب أو كان مريضا ويقرأ هذا الدعاء فإن الله تعالى يفرج عنه ما هو فيه ببركة هذا الدعاء ويطعمه ويسقيه ويقضي له حوائج الدنيا والآخرة ومن سرق له شيء أو أبق له عبد فيقوم ويتطهر ويصلي ركعتين أو أربع ركعات ويقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وسورة الإخلاص مرتين فإذا سلم يقرأ هذا الدعاء ويجعل الصحيفة بين يديه أو تحت رأسه فإن الله تعالى يجمع المشرق والمغرب ويرد العبد الآبق ببركة هذا الدعاء إن شاء الله تعالى وإن كان يخاف من عدو فيقرأ هذا الدعاء على نفسه فيجعله الله تعالى في حرز حريز ولا يقدر عليه أحد ولا أعداؤه وما من عبد قرأه وعليه دين إلا قضاه الله عز وجل وسهل له من يقضيه عنه إن شاء الله تعالى وإن قرأه عبد مؤمن مخلص لله عز وجل على جبل لتحرك الجبل بإذن الله تعالى ومن قرأه بنية خالصة على الماء لجمد الماء ولا تعجب من هذا الفضل الذي ذكرته في هذا الدعاء فإن فيه اسم الله تعالى الأعظم وإنه إذا قرأه القارئ

ص: 27

وسمعه الملائكة والجن والإنس فيدعون لقاريه وإن الله تعالى يستجيب منهم دعاءهم وكل ذلك ببركة الله عز وجل تعالى وبركة هذا الدعاء وإن من آمن بالله ورسوله فيجب أن لا يغاش قلبه بما ذكر في هذا الدعاء وإن الله يرزق من يشاء بغير حساب ومن قرأه أو حفظه أو نسخه فلا يبخل به على أحد من المسلمين وقال رسول الله (صلى الله عليه واله) ما قرأت هذا الدعاء في غزوات إلا ظهرت ببركته على أعدائي وقال (صلى الله عليه واله) من قرأ هذا الدعاء أعطي نور الأولياء في وجهه وسهل له كل عسير ويسر له كل يسير وقال الحسن البصري لقد سمعت في فضل هذا الدعاء أشياء ما أقدر أن أصفها ولو أن من يقرأه ضرب برجله على الأرض لتحركت الأرض وقال سفيان الثوري ويل لمن لا يعرف حق هذا الدعاء فإن من عرف حقه وحرمته كفاه الله عز وجل كل شدة وإن قرأه مديون قضى الله ديونه وسهل له كل عسر ووقاه كل محذور ودفع عنه كل سوء ونجاه من كل مرض وعرض وأزاح عنه الهم والغم فتعلموه وتعلموه فإن فيه الخير الكثير وهذا الدعاء الموصوف هو الدعاء الثاني في هذا الكتاب سبحان الله العظيم وبحمده تقول ثلاث مرات سبحانه من إله ما أملكه وسبحانه من مليك ما أقدره وسبحانه من قدير ما أعظمه وسبحانه من عظيم ما أجله وسبحانه من جليل ما أمجده وسبحانه من ماجد ما أرأفه وسبحانه من رؤوف ما أعزه وسبحانه من عزيز ما أكبره وسبحانه من كبير ما أقدمه وسبحانه من قديم ما أعلاه وسبحانه من عال ما أسناه وسبحانه من سني ما أبهاه وسبحانه من بهي ما أنوره وسبحانه من منير ما أظهره وسبحانه من ظاهر ما أخفاه وسبحانه من خفي ما أعلمه وسبحانه من عليم ما أخبره وسبحانه من خبير ما أكرمه وسبحانه من كريم ما ألطفه وسبحانه من لطيف ما أبصره وسبحانه من بصير ما أسمعه وسبحانه من سميع ما أحفظه وسبحانه من حفيظ ما أملاه وسبحانه من ملي ما أوفاه وسبحانه من وفي ما أغناه وسبحانه من غني ما أعطاه وسبحانه من معط ما أوسعه وسبحانه من واسع ما أجوده وسبحانه من جواد ما أفضله وسبحانه من مفضل ما أنعمه وسبحانه من منعم ما أسيده وسبحانه من سيد ما أرحمه وسبحانه من رحيم ما أشده وسبحانه من شديد ما أقواه وسبحانه من قوي ما أحكمه وسبحانه من حكيم ما أبطشه وسبحانه من باطش ما أقومه وسبحانه من قيوم ما أحمده وسبحانه من حميد ما أدومه وسبحانه من دائم ما أبقاه وسبحانه من باق ما أفرده وسبحانه من فرد ما أوحده وسبحانه من واحد ما أصمده وسبحانه من صمد ما أملكه وسبحانه من مالك ما أولاه وسبحانه من ولي ما أعظمه وسبحانه من عظيم ما أكمله وسبحانه من كامل ما أتمه وسبحانه من تام ما أعجبه وسبحانه من عجيب ما أفخره وسبحانه من فاخر ما أبعده وسبحانه من بعيد ما أقربه وسبحانه من قريب ما أمنعه وسبحانه من مانع ما أغلبه وسبحانه من غالب ما أعفاه وسبحانه من عفو ما أحسنه وسبحانه من محسن ما أجمله وسبحانه من جميل ما أقبله وسبحانه من قابل ما أشكره وسبحانه من شكور ما أغفره وسبحانه من غفور ما أكبره وسبحانه من كبير ما أجبره وسبحانه من جبار ما أدينه وسبحانه من ديان ما أقضاه وسبحانه من قاض ما أمضاه وسبحانه من ماض ما أنفذه وسبحانه من نافذ ما أرحمه وسبحانه من رحيم ما أخلقه وسبحانه من خالق ما أقهره وسبحانه من قاهر ما أملكه وسبحانه من مليك ما أقدره وسبحانه من قادر ما أرفعه وسبحانه من رفيع ما أشرفه وسبحانه من شريف ما أرزقه وسبحانه من رازق ما أقبضه وسبحانه من قابض ما أبسطه وسبحانه من باسط ما أهداه وسبحانه من هاد ما أصدقه وسبحانه من صادق ما أبداه

ص: 28

وسبحانه من بادئ ما أقدسه وسبحانه من قدوس ما أظهره [ ما أطهره ] وسبحانه من ظاهر [ من طاهر ] ما أزكاه وسبحانه من زكي ما أبقاه وسبحانه من باق ما أعوده وسبحانه من عواد [ معيد ] ما أفطره وسبحانه من فاطر ما أرعاه وسبحانه من راع ما أعونه وسبحانه من معين ما أوهبه وسبحانه من وهاب ما أتوبه وسبحانه من تواب ما أسخاه وسبحانه من سخي ما أبصره وسبحانه من بصير ما أسلمه وسبحانه من سليم ما أشفاه وسبحانه من شاف ما أنجاه وسبحانه من منج ما أبره وسبحانه من بار ما أطلبه وسبحانه من طالب ما أدركه وسبحانه من مدرك ما أشده وسبحانه من شديد ما أعطفه وسبحانه من متعطف ما أعدله وسبحانه من عادل ما أتقنه وسبحانه من متقن ما أحكمه وسبحانه من حكيم ما أكفله وسبحانه من كفيل ما أشهده وسبحانه من شهيد ما أحمده وسبحانه هو الله العظيم وبحمده والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم دافع كل بلية وهو حسبي ونعم الوكيل وقال سفيان الثوري ويل لمن لا يعرف حرمة [ حق ] هذا الدعاء فإن من عرف حق هذا الدعاء وحرمته كفاه الله عز وجل عنه كل شدة وصعوبة وآفة ومرض وغم ببركة هذا الدعاء فتعلموه وعلموه ففيه البركة والخير الكثير في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى(1)

ص: 29


1- مهج الدعوات ومنهج العبادات , ص 79 .

الفصل الثالث: طي المنازل في الاسراء

انطلق من الابطح

38 - روى الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال : بينا أنا راقد في الأبطح ، وعلي عن يميني ، وجعفر عن يساري ، وحمزة بين يدي ، وإذا أنا بحفيف أجنحة الملائكة : وقائل يقول : إلى أيهم بعثت يا جبرئيل ؟ فقال : إلى هذا - وأشار إلي - وهو سيد ولد آدم ، وهذا وصيه ووزيره وختنه وخليفته في أمته وهذا عمه سيد الشهداء حمزة ، وهذا ابن عمه جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة مع الملائكة ، دعه فلتنم عيناه ، ولتسمع أذناه ، ويعي قلبه ، واضربوا له مثلا : ملك بنى دارا ، واتخذ مأدبة وبعث داعيا ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : فالملك الله ، والدار الدنيا ، والمأدبة الجنة ، والداعي أنا ، قال : ثم أركبه جبرئيل البراق ، وأسرى به إلى بيت المقدس ، وعرض عليه محاريب الأنبياء وآيات الأنبياء ، فصلى ، ورده من ليلته إلى مكة ، فمر في رجوعه بعير لقريش . (1)

الاسراء الى السماء مباشرة

39 - عن إسماعيل الجعفي قال : كنت في المسجد الحرام قاعدا وأبو جعفر (عليه السلام) في ناحية ، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة ، وإلى الكعبة مرة ، ثم قال : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) وكرر ذلك ثلاث مرات ، ثم التفت إلي فقال : أي شئ يقول أهل العراق في هذه الآية يا عراقي ؟

قلت : يقولون ، أسرى به من المسجد الحرام إلى البيت المقدس ،

فقال : ليس هو كما يقولون ، ولكنه أسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء (2)، وقال : ما بينهما حرم ، قال : فلما انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل ،

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا جبرئيل أفي مثل هذا الموضع تخذلني ؟

فقال : تقدم أمامك ، فوالله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه خلق من خلق الله قبلك ،

فرأيت ربي وحال بيني وبينه السبحة . (3)

ص: 30


1- بحار الأنوار ج 18 ص 337
2- قوله (عليه السلام) : من هذه إلى هذه ، أي المراد بالمسجد الأقصى البيت المعمور ، لأنه أقصى المساجد ، ولا ينافي ذهابه أولا إلى بيت المقدس
3- قوله : فرأيت ربي ، أي بالقلب أو عظمته ، ويحتمل أن يكون رأيت بمعنى وجدت ، وقوله : وحال حالا ، أي ألفيته وقد حيل بيني وبينه ، وفي بعض النسخ من نور ربي ، ولعل المراد بالسبحة تنزهه وتقدسه تعالى ، أي حال بيني وبينه تنزهه عن المكان والرؤية ، وإلا فقد حصل غاية ما يمكن من القرب . قال الجزري : سبحات الله جلاله وعظمته ، وهي في الأصل جمع سبحة ، وقيل : أضواء وجهه ، وقيل : سبحات الوجه : محاسنه انتهي ، وإيماؤه إلى الأرض وحط رأسه كان خضوعا لجلاله تعالى ، ووضع اليد كناية عن غاية اللطف والرحمة ، وإفاضة العلوم والمعارف على صدره الأشرف ، والبرد عن الراحة والسرور ، وفي بعض النسخ يده أي يد القدرة

قال : قلت : وما السبحة جعلت فداك ؟

فأومأ بوجهه إلى الأرض وأومأ بيده إلى السماء وهو يقول : جلال ربي ، جلال ربي ثلاث مرات

قال قال : يا محمد ،

قلت : لبيك يا رب ،

قال : فيم اختصم الملا الاعلى ؟

قال : قلت : سبحانك لا علم لي إلا ما علمتني ،

قال : فوضع يده بين ثديي فوجدت بردها بين كتفي ، قال : فلم يسألني عما مضى ولا عما بقي إلا علمته ،

فقال : يا محمد فيم اختصم الملا الاعلى (1)؟

قال : قلت : يا رب في الدرجات ، و الكفارات ، والحسنات ،

فقال : يا محمد إنه قد انقضت نبوتك ، وانقطع أكلك ، فمن وصيك ؟

فقلت : يا رب إني قد بلوت خلقك فلم أر فيهم من خلقك أحدا أطوع لي من علي ،

فقال : ولي يا محمد ،

فقلت : يا رب إني قد بلوت خلقك فلم أر من خلقك أحدا أشد حبا لي من علي بن أبي طالب ،

قال : ولي يا محمد ، فبشره بأنه راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونور لمن أطاعني ، والكلمة الباقية التي ألزمتها المتقين ، من أحبه أحبني ، ومن أبغضه أبغضني ، مع ما أني أخصه بما لم أخص به أحدا ،

فقلت : يا رب أخي وصاحبي ووزيري ووارثي ،

فقال : أنه أمر قد سبق ، إنه مبتلى ومبتلى به ، مع ما أني قد نحلته ونحلته ونحلته ونحلته أربعة أشياء ، عقدها بيده ، ولا يفصح بها عقدها . (2)

40 - عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما عرج بي ربي جل جلاله أتاني النداء يا محمد ! قلت : لبيك رب العظمة لبيك فأوحى الله عز وجل إلي : يا محمد فيم اختصم الملا الأعلى ؟ قلت : إلهي لا علم لي : فقال لي : يا محمد هلا اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك ، فقلت : إلهي ومن أتخذ ؟ تخير لي أنت يا إلهي فأوحى الله إلي يا محمد قد اخترت لك من الآدميين عليا فقلت : إلهي ابن عمي فأوحى الله إلي يا محمد إن عليا وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة و صاحب حوضك يسقي من ورد عليه من مؤمني أمتك . ثم أوحى الله عز وجل يا محمد إني قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين حقا حقا أقول يا محمد لأدخلن الجنة جميع أمتك إلا من أبى ، فقلت : إلهي وأحد يأبى دخول الجنة ؟ فأوحى الله عز وجل : بلى ، فقلت : فكيف يأبى ؟ فأوحى الله عز وجل إلي يا محمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك وجعلته منك بمنزلة

ص: 31


1- › روي عن ابن عباس ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال : قال لي ربي : أتدري فيم يختصم الملا الاعلى ؟ فقلت : لا ، قال : اختصموا في الكفارات والدرجات ، فأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات ، ونقل الاقدام إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة وأما الدرجات فإفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والصلاة بالليل والناس نيام
2- تفسير القمي ص 572

هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك وألقيت محبة في قلبك وجعلته أبا ولدك فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في حياتك فمن جحد حقه جحد حقك ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يواليك ومن أبى أن يواليك فقد أبى أن يدخل الجنة . فخررت لله ساجدا شكرا لما أنعم إلي . فإذا مناد ينادي : ارفع يا محمد رأسك وسلني أعطك فقلت : يا إلهي أجمع أمتي من بعدي على ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ليردوا علي جميعا حوضي يوم القيامة فأوحى الله عز وجل إلي يا محمد إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم وقضاي ماض فيهم لأهلك به من أشاء واهدي به من أشاء وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك ، على أهلك وأمتك ، عزيمة مني ولا يدخل الجنة من عاداه وأبغضه وأنكر ولايته بعدك فمن أبغضه أبغضك ومن أبغضك فقد أبغضني ومن عاداه فقد عاداك ومن عاداك فقد عاداني ومن أحبه فقد أحبك ومن أحبك فقد أحبني وقد جعلت له هذه الفضيلة وأعطيتك أن اخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى بن مريم يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا أنجي به من الهلكة واهدي به من الضلالة وأبرئ به الأعمى وأشفي به المريض . فقلت : إلهي وسيدي متى يكون ذلك فأوحى الله عز وجل : يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل وكثر القتل وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة والخونة وكثر الشعراء واتخذ أمتك قبورهم مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وكثر الجور والفساد وظهر المنكر وأمر أمتك به ونهى عن المعروف واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وصار الأمراء كفرة وأوليائهم فجرة وأعوانهم ظلمة وذوو الرأي منهم فسقة وعند ذلك ثلاثة خسوف : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وخراب البصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج وخروج رجل من ولد الحسين بن علي وظهور الدجال يخرج من المشرق من سجستان وظهور السفياني فقلت : إلهي ما يكون بعدي من الفتن ؟ فأوحى الله إلي وأخبرني ببلاء بني أمية لعنهم الله ومن فتنة ولد عمي وما هو كائن إلى يوم القيامة فأوصيت بذلك ابن عمي حين هبطت إلى الأرض وأديت الرسالة ولله الحمد على ذلك كما حمده النبيون وكما حمده كل شئ قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة . (1)

41- عنه صلى الله عليه وآله قال : لما أسرى بي إلى السماء قيل لي : فيم اختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : لا أدرى فعلمني ، قال : في إسباغ الوضوء في السبرات ، ونقل الاقدام إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة . يعنى بالسبرات البرودات ،(2)

*- سئل الامام جعفر الصادق عليه السلام عن معنى قوله تعالى (فأوحى إلى عبده ما أوحى) قال : سر الحبيب مع الحبيب ، ولا يعلم سر الحبيب إلا الحبيب(3).

*- روى الفاضل البسطامي في كتابه ذخيرة العباد عن بعض الكتب المعتبرة انه جاء في الاخبار المعراجية ان ملكاً في السماء الرابعة قال للنبي (صلى الله عليه واله) صليت ركعتين في عشرين الف سنة كنت خمسة الاف سنة في القيام وخمسة الاف سنة في الركوع وخمسة الاف سنة في السجود وخمسة الاف سنة في التشهد وقد وهبت ثوابه

ص: 32


1- بحار الأنوار ج 51 ص 68
2- دعائم الإسلام ج 1 ص 100
3- الاحاديث النادرة / مخطوط

لامتك .قال (صلى الله عليه واله) للملك : اتزعم ان امتي محتاجون الى ذلك الثواب ؟ بعزة ربي ان لكل واحد من عصاة امتي اذا صلى عليّ مرة من الثواب اكثر من عبادتك هذه(1) .

42 - عن إسماعيل الجعفي ، قال : كنت في المسجد الحرام قاعدا وأبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام في ناحية ، فرفع رأسه إلى السماء مرة ، وإلى الكعبة مرة ، ثم قال : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) فكرر ذلك ثلاث مرات ثم التفت إلي وقال : أي شئ يقول أهل العراق في هذه الآية يا عراقي ؟ قلت : يقولون أسري به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس . قال : ليس كما يقولون ، لكنه أسري به من هذه - يعني الأرض - إلى هذه - وأومى بيده إلى السماء وما بينهما - ثم قال : إن الله تبارك وتعالى لما أراد زيارة نبيه صلى الله عليه وآله بعث إليه ثلاثة من عظماء الملائكة : جبرئيل وميكائيل وإسرافيل رفعته معهم حمولة من حمولته تعالى ، يقال لها البراق . فأخذ له جبرئيل عليه السلام بالركاب ، وأخذ ميكائيل عليه السلام باللجام ، وكان إسرافيل عليه السلام يسوي عليه ثيابه ، فتصاعد به في العلو في الهواء ، فانفتحت لهم السماء الدنيا والثانية والثالثة والرابعة ، فلقي فيها إبراهيم عليه السلام فقال له : يا محمد ، أبلغ أمتك السلام وأخبرهم أن أهل الجنة مشتاقون إليهم . ثم تصاعد بهم في الهواء ، ففتحت لهم السماء الخامسة والسادسة ، واجتمعوا عند السابعة . ثم فتح لهم فتصاعد بهم في الهواء حتى انتهى إلى سدرة المنتهى وهو الموضع الذي لم يكن يجوزه جبرئيل عليه السلام وقد تخلف صاحباه قبل ذلك ، وكان يأنس بجبرئيل مالا يأنس بغيره . فلما تخلف جبرئيل عليه السلام قال : يا جبرئيل ! في هذا الموضع تخذلني ؟ فقال له : تقدم أمامك ، فوالله لقد بلغت مبلغا ما بلغه خلق لله عز وجل قبلك . ثم قال الله تعالى : يا محمد . قلت : لبيك يا رب . قال : فيم اختصم الملا الاعلى ؟ قلت : سبحانك لاعلم لي إلا ما علمتني . فوضع يده بين ثدييه ، فوجد بردها بين كتفيه . قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قال الله تبارك وتعالى : يا محمد ، من وصيك ؟ فقلت : يا رب إني قد بلوت خلقك فلم أجد أحدا أطوع لي من علي . فقال : ولي يا محمد . فقلت : يا رب قد بلوت خلقك فلم أر فيهم أنصح لي من علي . فقال : ولي يا محمد . فقلت : لم أر فيهم أشد حبا لي من علي . فقال : ولي يا محمد ، بشره أنه راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونور من أطاعني ، والكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أحبه أحبني ، ومن أبغضه أبغضني ، مع أني أخصه ببلاء ما لم أخص به أحدا . فقلت : يا رب أخي وصاحبي ووارثي ! قال : إنه سبق في علمي أنه مبتلى ومبتلى به مع أني أنحلته أربعة أشياء : العلم والفهم والحكم والحلم . (2)

43 - عن عيسى بن داود ، بإسناده يرفعه إلى أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده علي عليهم السلام في قوله عز وجل (إذ يغشى السدرة ما يغشى) قال : النبي صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى ربه قال : وقف بي جبرئيل عند شجرة عظيمة لم أر مثلها ، على كل غصن منها ملك ، وعلى كل ورقة منها ملك ، وعلى كل ثمرة منها ملك ، وقد تجللها نور من نور الله تعالى ، فقال جبرئيل : هذه سدرة المنتهى ، كان ينتهي الأنبياء قبلك إليها ، ثم لا يجاوزونها ، وأنت تجوزها إن شاء الله ، ليريك من آياته الكبرى ،

ص: 33


1- الاحاديث النادرة / مخطوط
2- نوادر المعجزات ص 66

فاطمئن أيدك الله بالثبات حتى تستكمل كرامات ربك ، وتصير إلى جواره ، ثم صعد بي إلى تحت العرش ، فدنا إلي رفرف أخضر ، فرفعني الرفرف بإذن الله إلى ربي ، فصرت عنده ، وانقطع عني أصوات الملائكة ودويهم ، و ذهبت المخاوف والروعات ، وهدأت نفسي واستبشرت ، وجعلت أنتبه وأنقبض ، و وقع علي السرور والاستبشار ، وظننت أن جميع الخلق قد ماتوا ، ولم أر غيري أحدا من خلقه ، فتركني ما شاء ثم رد علي روحي فأفقت ، وكان توفيقا من ربي أن غمضت عيني ، فكل بصري ، فجعلت أبصر بقلبي كما أبصر بعيني بل أبعد وأبلغ ، فذلك قوله تعالى : (ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى) وإنما كنت أبصر من خيط الإبرة نورا بيني وبين ربي ، لا تطيقه الابصار ، فناداني ربي فقال الله تبارك وتعالى : يا محمد ، قلت : لبيك ربي وسيدي وإلهي لبيك ، قال : هل عرفت قدرك عندي ؟ وموضعك ومنزلتك لدي ؟ قلت : نعم يا سيدي ، قال : يا محمد هل عرفت موقعك مني وموقع ذريتك ؟ قلت : نعم يا سيدي ، قال : فهل تعلم يا محمد فيم اختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : يا رب أنت أعلم وأحكم وأنت علام الغيوب ، قال : اختصموا في الدرجات والحسنات فهل تدري ما الدرجات والحسنات ؟ قلت : أنت أعلم يا سيدي وأحكم ، قال : إسباغ الوضوء في المفروضات ، والمشي بالاقدام إلى الجماعات ، معك ومع الأئمة من ولدك ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة وإفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والتهجد بالليل و الناس نيام . ثم قال : (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) قلت : (والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) قال : صدقت يا محمد (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) فقلت : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا و ارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) قال : ذلك لك يا محمد ولذريتك ، يا محمد ، قلت : لبيك ربي وسعديك سيدي وإلهي ، قال : أسألك عما أنا أعلم به منك : من خلفت في الأرض بعدك ؟ قلت ، خير أهلها أخي وابن عمي وناصر دينك والغاضب لمحارمك إذا استحلت وهتكت غضب النمر إذا اغضب : علي بن أبي طالب ، قال : صدقت يا محمد اصطفيتك بالنبوة ، وبعثتك بالرسالة ، وامتحنت عليا بالشهادة على أمتك ، وجعلته حجة في الأرض معك وبعدك ، وهو نور أوليائي ، وولي من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين يا محمد وزوجته فاطمة ، فإنه وصيك ووارثك ووزيرك ، وغاسل عورتك ، وناصر دينك ، والمقتول على سنتي وسنتك ، يقتله شقي هذه الأمة . قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ثم إن ربي أمرني بأمور وأشياء ، وأمرني أن أكتمها ، ولم يؤذن لي في إخبار أصحابي ، ثم هوى بي الرفرف فإذا أنا بجبرئيل يتناولني منه حتى صرت إلى سدرة المنتهى ، فوقف بي تحتها ، ثم أدخلني جنة المأوى ، فرأيت مسكني و مسكنك يا علي فيها ، فبينما جبرئيل يكلمني إذ علاني نور الله ، فنظرت من مثل مخيط الإبرة إلى ما كنت نظرت إليه في المرة الأولى ، فناداني ربي جل جلاله : يا محمد ، قلت : لبيك ربي وإلهي وسيدي ، قال : سبقت رحمتي غضبي لك ولذريتك ، أنت صفوتي من خلقي ، وأنت أميني وحبيبي ورسولي ، وعزتي وجلالي لو لقيني جميع خلقي يشكون فيك طرفة عين أو ينقصونك أو ينقصون صفوتي من ذريتك لأدخلنهم ناري ولا أبالي ، يا محمد علي أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم ، أبو السبطين المقتولين ظلما ، ثم فرض علي الصلاة وما أراد تبارك وتعالى ، وقد كنت قريبا

ص: 34

منه في المرة الأولى مثل ما بين كبد القوسين إلى سيته ، فذلك قوله تعالى : (قاب قوسين أو أدنى) من ذلك . (1)

معرفة البيت المقدس

44- عن يعقوب بن جعفر قال : كنت عند أبي إبراهيم عليه السلام وأتاه رجل من أهل نجران اليمن من الرهبان ومعه راهبة ، فاستأذن لهما الفضل بن سوار ، فقال له : إذا كان غدا فأت بهما عند بئر ام خير ، قال : فوافينا من الغد فوجدنا القوم قد وافوا فأمر بخصفة بواري ، ثم جلس وجلسوا فبدأت الراهبة بالمسائل فسألت عن مسائل كثيرة ، كل ذلك يجيبها ، وسألها أبو إبراهيم عليه السلام عن أشياء ، لم يكن عندها فيه شئ ، ثم أسلمت ثم أقبل الراهب يسأله فكان يجيبه في كل ما يسأله ، فقال الراهب : قد كنت قويا على ديني وما خلفت أحدا من النصارى في الارض يبلغ مبلغي في العلم ولقد سمعت برجل في الهند ، إذا شاء حج إلى بيت المقدس في يوم وليلة ، ثم رجع إلى منزله بارض الهند فسألت عنه بأي أرض هو ؟ فقيل لي : إنه بسبذان وسألت الذي اخبرني فقال : هو علم الاسم الذي ظفر به آصف صاحب سليمان لما أتى بعرش سبأ وهو الذي ذكره الله لكم في كتابكم ولنا معشر الاديان في كتبنا ، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام : فكم لله من اسم لا يرد ؟ فقال الراهب : الاسماء كثيرة فأما المحتوم منها الذي لا يرد سائله فسبعة ، فقال له أبو الحسن عليه السلام : فأخبرني عما تحفظ منها ، قال الراهب لا والله الذي أنزل التوراة على موسى وجعل عيسى عبرة للعالمين وفتنة لشكر اولي الالباب وجعل محمدا بركة ورحمة وجعل عليا عليه السلام عبرة وبصيرة وجعل الاوصياء من نسله ونسل محمد ما أدري ، ولو دريت ما احتجت فيه إلى كلامك ولا جئتك ولا سألتك ، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام : عد إلى حديث الهندي ، فقال له الراهب : سمعت بهذه الاسماء ولا أدري ما بطانتها ولا شرايحها ولا أدري ما هي ولا كيف هي ولا بدعائها ، فانطلقت حتى قدمت سبذان الهند ، فسألت عن الرجل ، فقيل لي : إنه بنى ديرا في جبل فصار لا يخرج ولا يرى إلا في كل سنة مرتين وزعمت الهند أن الله فجر له عينا في ديره وزعمت الهند انه يزرع له من غير زرع يلقيه ويحرث له من غير حرث يعمله ، فانتهيت إلى بابه فأقمت ثلاثا ، لا أدق الباب ولا اعالج الباب ، فلما كان اليوم الرابع فتح الله الباب وجاءت بقرة عليها حطب تجر ضرعها ، يكاد يخرج ما في ضرعها من اللبن فدفعت الباب فانفتح فتبعتها ودخلت ، فوجدت الرجل قائما ينظر إلى السماء فيبكي وينظر إلى الارض فيبكي وينظر إلى الجبال فيبكي ، فقلت : سبحان الله ما أقل ضربك في دهرنا هذا ، فقال لي : والله ما أنا إلا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرك ، فقلت له : اخبرت أن عندك اسما من أسماء الله تبلغ به في كل يوم وليلة بيت المقدس وترجع إلى بيتك ، فقال لي : وهل تعرف بيت المقدس ؟ قلت : لا أعرف إلا بيت المقدس الذي بالشام ؟ قال : ليس بيت المقدس ولكنه البيت المقدس وهو بيت آل محمد صلى الله عليه وآله ، فقلت له : أما ما سمعت به إلى يومي هذا فهو بيت المقدس ، فقال لي : تلك محاريب الانبياء ، وإنما كان يقال لها : حظيرة المحاريب ، حتى جاءت الفترة التي كانت بين محمد وعيسى صلى الله عليهما وقرب البلاء من أهل الشرك وحلت النقمات في دور الشياطين فحولوا وبدلوا ونقلوا تلك الاسماء وهو قول الله تبارك وتعالى البطن لآل محمد والظهر مثل :(إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها

ص: 35


1- بحار الأنوار ج 36 ص 162 ، تفسير البرهان 4 : 230

من سلطان) فقلت له : إني قد ضربت إليك من بلد بعيد ، تعرضت إليك بحارا وغموما وهموما وخوفا وأصبحت وأمسيت مؤيسا إلا أكون ظفرت بحاجتي ، فقال لي : ما أرى امك حملت بك إلا وقد حضرها ملك كريم ولا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بامك إلا وقد اغتسل وجاء ها على طهر ولا أزعم إلا أنه قد كان درس السفر الرابع من سحره ذلك ، فختم له بخير ، ارجع من حيث جئت ، فانطلق حتى تنزل مدينة محمد صلى الله عليه وآله التي يقال لها : طيبة وقد كان اسمها في الجاهلية يثرب ، ثم اعمد إلى موضع منها يقال له : البقيع ، ثم سل عن دار يقال لها : دار مروان ، فانزلها وأقم ثلاثا ثم سل عن الشيخ الاسود الذي يكون على بابها يعمل البواري وهي في بلادهم اسمها الخصف ، فالطف بالشيخ وقل له : بعثني إليك نزيلك الذي كان ينزل في الزاوية في البيت الذي فيه الخشيبات الاربع ، ثم سله عن فلان بن فلان الفلاني وسله أين ناديه وسله أي ساعة يمر فيها فليريكاه أو يصفه لك ، فتعرفه بالصفة وسأصفه لك ، قلت : فإذا لقيته فاصنع ماذا ؟ قال : سله عما كان وعما هو كائن وسله عن معالم دين من مضى ومن بقي ، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام : قد نصحك صاحبك الذي لقيت ، فقال الراهب ما اسمه جعلت فداك ؟ قال : هو متمم بن فيروز وهو من أبناء الفرس وهو ممن آمن بالله وحده لا شريك له وعبده بالاخلاص والايقان وفر من قومه لما خافهم ، فوهب له ربه حكما وهداه لسبيل الرشاد وجعله من المتقين وعرف بينه وبين عباده المخلصين وما من سنة إلا وهو يزور فيها مكة حاجا ويعتمر في رأس كل شهر مرة ويجيئ من موضعه من الهند إلى مكة ، فضلا من الله وعونا وكذلك يجزي الله الشاكرين ، ثم سأله الراهب عن مسائل كثيرة ، كل ذلك يجيبه فيها وسأل الراهب عن أشياء ، لم يكن عند الراهب فيها شئ ، فأخبره بها ، ثم إن الراهب قال : أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فتبين في الارض منها أربعة وبقي في الهواء منها أربعة ، على من نزلت تلك الاربعة التي في الهواء ومن يفسرها ؟ قال : ذاك قائمنا ، ينزله الله عليه فيفسره وينزل عليه ما لم ينزل على الصديقين والرسل والمهتدين ، ثم قال الراهب ، فأخبرني عن الاثنين من تلك الاربعة الاحرف التي في الارض ما هي ؟ قال : اخبرك بالاربعة كلها ، أما أولهن فلا إله إلا الله وحده لا شريك له باقيا ، والثانية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله مخلصا ، والثالثة نحن أهل البيت ، والرابعة شيعتنا منا ونحن من رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله من الله بسبب ، فقال له الراهب ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن ما جاء به من عند الله حق وأنكم صفوة الله من خلقه وأن شيعتكم المطهرون المستبدلون ولهم عاقبة الله رب العالمين ، فدعا أبو إبراهيم عليه السلام بجبة خز وقميص قوهي وخف وقلنسوة ، فأعطاه إياها وصلى الظهر وقال له : اختتن ، فقال : قد اختتنت في سابعي (1)

45- عن سلام الحناط ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : سألته عن المساجد التي لها الفضل ، فقال : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) قلت : والمسجد الأقصى جعلت فداك ؟ فقال : ذاك في السماء ، إليه أسري رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت ان الناس يقولون أنه بيت المقدس ، فقال : مسجد الكوفة أفضل منه . (2)

ص: 36


1- الكافي ج 1 ص 478
2- - مزار المشهدي ص 152 ، مستدرك الوسائل ج 3 ص 408

والنجم إذا هوى

46 - تفسير علي بن إبراهيم : والنجم إذا هوى قال : النجم رسول الله صلى الله عليه وآله ، إذا هوى لما أسري به إلى السماء ، وهو في الهواء (1)

*- في تفسير القرطبي عند قوله تعالى (والنجم إذا هوى) قال الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام (والنجم) يعني محمدا صلى الله عليه واله (إذا هوى) إذا نزل من السماء ليلة المعراج (2) .

*- قال الامام جعفرالصادق عليه السلام : من تمام النعمة على نبيه (صلى الله عليه واله وسلم)ان جعله حبيبه ,واقسم بحياته ,ونسخ به شرائع الرسل اجمع ,وعرج به الى المحل الادنى ,وحفظه في المعراج حتى ما زاغ وما طغى,وبعثه الى الاسود والابيض ,وحل له ولامته الغنائم ,وجعله شفيعا مشفعا ,وجعله سيد ولد ادم ,وقرن ذكره بذكره,ورضاه برضاه,وجعله احد ركني التوحيد .فهذا وامثاله من تمام النعمة عليه ,وعلى امته به وبمكانه(3).

فزيد له في النهار ساعة

47- عن ابن إسحاق : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله وأخبر قومه بالرفقة والعلامة التي في العير ، قالوا : متى تجئ ؟ قال : يوم الأربعاء ، فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينظرون وقد ولى النهار ولم تجئ ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله فزيد له في النهار ساعة وحبست عليه الشمس . (4)

عروج من كربلاء

48- عن ابي عبد الله عليه السلام قال : يا مفضل ان بقاع الأرض تفاخرت ففخرت كعبة البيت الحرام على بقعة كربلا فأوحى الله إليها ان اسكني كعبة البيت الحرام ولا تفتخري على كربلا فإنها البقعة المباركة التي نودي موسى منها من الشجرة وانها الربوة التي آوت إليها مريم والمسيح عليهم السلام وفيها غسلت مريم عيسى عليهما السلام واغتسلت من ولادتها وانها خير بقعة عرج رسول الله صلى الله عليه وآله منها وقت غيبته وليكونن لشيعتنا فيها حياة إلى ظهور قائمنا عليه السلام (5)

وعد الهي لاهل السماء بزيارة النبي لهم

54 - عن أبي ذر الغفاري ، عن النبي صلى الله عليه وآله في خبر طويل في وصف المعراج ساقه إلى أن قال : - قلت : يا ملائكة ربي هل تعرفونا حق معرفتنا ؟ فقالوا : يا نبي الله وكيف لا نعرفكم وأنتم أول ما خلق الله ؟ خلقكم أشباح نور من نوره في نور من سناء عزه ، ومن سناء ملكه ، ومن نور وجهه الكريم ، وجعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه ، وعرشه على الماء قبل أن تكون السماء مبنية ، والأرض مدحية ، ثم خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، ثم رفع العرش إلى السماء السابعة فاستوى على عرشه

ص: 37


1- . تفسير القمي : 658 . الروضة : 379 ،بحار الأنوار ج 16 ص 88
2- الاحاديث النادرة / مخطوط
3- الاحاديث النادرة / مخطوط
4- بحار الأنوار ج 17 ص 359
5- مختصر بصائر الدرجات ص 186، بحار الأنوار ج 53 ص 12

وأنتم أمام عرشه تسبحون وتقدسون وتكبرون ، ثم خلق الملائكة من بدء ما أراد من أنوار شتى ، وكنا نمر بكم وأنتم تسبحون وتحمدون وتهللون وتكبرون وتمجدون و تقدسون ، فنسبح ونقدس ونمجد ونكبر ونهلل بتسبيحكم وتحميدكم وتهليلكم وتكبيركم وتقديسكم وتمجيدكم ، فما انزل من الله فإليكم وما صعد إلى الله فمن عندكم ، فلم لا نعرفكم ؟ اقرأ عليا منا السلام - وساقه إلى أن قال - : ثم عرج بي إلى السماء السابعة ، فسمعت الملائكة يقولون لما أن رأوني : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، ثم تلقوني وسلموا علي ، وقالوا لي مثل مقالة أصحابهم ، فقلت : يا ملائكة ربي سمعتكم تقولون : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، فما الذي صدقكم ؟ قالوا : يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى لما أن خلقكم أشباح نور من سناء نوره ومن سناء عزه ، وجعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه عرض ولايتكم علينا ، ورسخت في قلوبنا ، فشكونا محبتك إلى الله ، فوعد ربنا أن يريناك في السماء معنا ، وقد صدقنا وعده . الخبر . (1)

*- في كتاب معتبر قال:ان جبرئيل خاطبه الله سبحانه في ليلة المعراج وقال له ان محمدا قد احتجبته وسترته بسبعين الف حجاب وستر خذ عنه في هذه الليلة حجابا واحدا لينظر الى وجهه اهل عالم الملكوت فاخذت عن وجهه سترا واحدا من تلك الاستار والحجب فظهر منه نور زال به نور جميع ذوي الانوار فلم يبق للعرش نور ولاللكرسي نور ولاللشمس نور ولا للقمر نور ولا للكواكب ثم نودي محمد من عند رب العزة : يا محمد الى اين تكون مهموما لامتك فقد اخذ عنك هذه الليلة ستر واحد وحجاب واحد من سبعين الف حجاب قد اضمحل عند نورك نور العرش ونور الكرسي ونور اللوح والقلم ونور الشمس والقمر ونور الكواكب فغدا يوم القيامة قد يؤخذ ويسلب عنك جميع تلك الحجب فلا تعجب ان يضمحل في جنبه جميع المعاصي (2) .

مرور بابة

49 - عن النبي صلى الله عليه وآله قال : لما عرج بي إلى السماء مررت بأرض بيضاء كافورية شممت بها رائحة طيبة ، فقلت : يا جبرئيل ما هذه البقعة ؟ قال : يقال لها آبة عرضت عليها رسالتك وولاية ذريتك فقبلت ، وإن الله يخلق منها رجالا يتولونك ويتولون ذريتك فبارك الله عليها وعلى أهلها . (3)

اسراء الى كربلاء

50- قالت أم سلمة رضي الله عنها : خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عندنا ذات ليلة فغاب عنا طويلا ثم جاءنا ، وهو أشعث اغبر ويده مضمومة ، فقلت له : يا رسول الله ما لي أراك أشعثا مغبرا ؟ فقال : أسرى بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق ، يقال له كربلا فرأيت فيه مصرع الحسين وأهلي ، وجماعة من ولدى وأهل بيتي فلم أزل القط دمائهم فها هي في يدي وبسطها إلي ، وقال لي : خذيه واحتفظي به فأخذته فإذا هو شبه تراب احمر فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها ، فلما خرج الحسين عليه السلام من مكة متوجها نحو العراق وكنت اخرج القارورة في كل يوم وليلة فأشمها وانظر

ص: 38


1- تفسير فرات : 134. بحار الأنوار ج 15 ص 8
2- طوالع الانوار :ج1ص124
3- بحار الأنوار ج 57 ص 228

إليها ثم اذكر بمصابه ، فلما كان يوم العاشر من المحرم أخرجتها في أول النهار وهي بحالها ثم عدت إليها آخر النهار فإذا هو دم عبيط فصحت في بيتي وبكيت وكظمت غيظي مخافة ان يسمع أعدائهم بالمدينة فيسروا بالشماتة فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتى جاء الناعي بنعيه فحقق ما رأيت . (1)

سلم من ذهب قوائمه من فضة

51- ابن عباس في خبر : وهبط مع جبرئيل ملك لم يطأ الأرض قط مع مفاتيح خزائن الأرض فقال : يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول هذه مفاتيح الأرض فان شئت فكن نبيا عبدا وإن شئت فكن نبيا ملكا فقال : بل أكون نبيا عبدا ، فإذا سلم من ذهب قوائمه من فضة مركب باللؤلؤ والياقوت يتلألأ نورا وأسفله على صخرة بيت المقدس ورأسه في السماء فقال له : اصعد يا محمد ، فلما صعد إلى السماء رأى شيخا قاعدا تحت شجرة وحوله أطفال فقال جبرئيل عليه السلام : هذا أبوك آدم إذا رأى من يدخل الجنة من ذريته ضحك وفرح وإذا رأى من يدخل النار من ذريته حزن وبكى ، ورأي ملكا باسر الوجه وبيده لوح مكتوب بخط من النور وخط من الظلمة فقال : هذا ملك الموت ، ثم رأى ملكا قاعدا على كرسي فلم ير منه من البشر ما رأى من الملائكة فقال جبرئيل : هذا مالك خازن النار كان طلقا بشرا فلما اطلع على النار لم يضحك بعد فسأله أن يعرض عليه النار فرأى فيها ما رأى ، ثم دخل الجنة ورأي ما فيها وسمع صوتا : آمنا برب العالمين ، قال : هؤلاء سحرة فرعون ، وسمع : لبيك اللهم لبيك ، قال : هؤلاء الحجاج وسمع التبكير فقال : هؤلاء الغزاة ، وسمع التسبيح قال : هؤلاء الأنبياء ، فلما بلغ إلى سدرة المنتهى فانتهى إلى الحجب فقال جبرئيل : تقدم يا رسول الله ليس لي أجوز هذا المكان ولو دنوت أنملة لاحترقت(2)

سرى داعيا

52- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) انطلق بي جبرئيل (عليه السلام) ليلة أسري بي فدعوت يأجوج ومأجوج فلم يجيبوني فهم في النار مع المشركين من ولد آدم وإبليس (3)

ريحا مثل ريح المسك الأذفر

53 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء وجد ريحا مثل ريح المسك الأذفر ، فسأل جبرئيل عنها فأخبره أنها تخرج من بيت عذب فيه قوم في الله حتى ماتوا ، ثم قال له : إن الخضر كان من أبناء الملوك فآمن بالله وتخلى في بيت في دار أبيه يعبد الله ، ولم يكن لأبيه ولد غيره ، فأشاروا على أبيه أن يزوجه فلعل الله أن يرزقه ولدا فيكون الملك فيه وفي عقبه ، فخطب له امرأة بكرا وأدخلها عليه فلم يلتفت الخضر إليها ، فلما كان اليوم الثاني قال لها : تكتمين علي أمري ؟ فقالت : نعم ، قال لها : إن سألك أبي هل كان مني إليك ما يكون من الرجال إلى النساء فقولي : نعم

ص: 39


1- روضة الواعظين ص 193
2- مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 153
3- شرح أصول الكافي المازندراني ج 12 ص 294

، فقالت : أفعل ، فسألها الملك عن ذلك فقالت : نعم ، وأشار عليه الناس أن يأمر النساء أن يفتشنها ، فأمر فكانت على حالتها ، فقالوا : أيها الملك زوجت الغر من الغرة (1) ، زوجه امرأة ثيبا ، فزوجه ، فلما أدخلت عليه سألها الخضر أن تكتم عليه أمره ، فقالت : نعم ، فلما أن سألها الملك قالت : أيها الملك إن ابنك امرأة فهل تلد المرأة من المرأة ؟ ! فغضب عليه فأمر بردم الباب عليه فردم ، فلما كان اليوم الثالث حركته رقة الآباء فأمر بفتح الباب ففتح فلم يجدوه فيه ، وأعطاه الله من القوة أن يتصور كيف شاء ، ثم كان على مقدمة ذي القرنين ، وشرب من الماء الذي من شرب منه بقي إلى الصيحة ، قال : فخرج من مدينة أبيه رجلان في تجارة في البحر حتى وقعا إلى جزيرة من جزائر البحر ، فوجدا فيها الخضر قائما يصلي ، فلما انفتل دعاهما فسألهما عن خبرهما فأخبراه ، فقال لهما : هل تكتمان علي أمري إن أنا رددتكما في يومكما هذا إلى منازلكما ؟ فقالا : نعم ، فنوى أحدهما أن يكتم أمره ، ونوى الآخر إن رده إلى منزله أخبر أباه بخبره ، فدعا الخضر سحابة فقال لها : احملي هذين إلى منازلهما ، فحملتهما السحابة حتى وضعتهما في بلدهما من يومهما ، فكتم أحدهما أمره . وذهب الآخر إلى الملك فأخبره بخبره فقال له الملك : من يشهد لك بذلك ؟ قال : فلان التاجر ، فدل على صاحبه ، فبعث الملك إليه فلما أحضروه أنكره وأنكر معرفة صاحبه ، فقال له الأول : أيها الملك ابعث معي خيلا إلى هذه الجزيرة واحبس هذا حتى آتيك بابنك ، فبعث معه خيلا فلم يجدوه ، فأطلق عن الرجل الذي كتم عليه . ثم إن القوم عملوا بالمعاصي فأهلكهم الله وجعل مدينتهم عاليها سافلها ، وابتدرت الجارية التي كتمت عليه أمره والرجل الذي كتم عليه كل واحد منهما ناحية من المدينة ، فلما أصبحا التقيا فأخبر كل واحد منهما صاحبه بخبره ، فقالا : ما نجونا إلا بذلك ، فآمنا برب الخضر ، وحسن إيمانهما وتزوج بها الرجل ، ووقعا إلى مملكة ملك آخر وتوصلت المرأة إلى بيت الملك ، وكانت تزين بنت الملك فبينا هي تمشطها يوما إذ سقط من يدها المشط فقالت : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فقالت لها بنت الملك : ما هذه الكلمة ؟ فقالت لها : إن لي إلها تجري الأمور كلها بحوله وقوته ، فقالت لها : ألك إله غير أبي ؟ فقالت : نعم وهو إلهك وإله أبيك ، فدخلت بنت الملك إلى أبيها فأخبرت أباها بما سمعت من هذه المرأة ، فدعاها الملك فسألها عن خبرها فأخبرته ، فقال لها : من على دينك ؟ قالت : زوجي وولدي ، فدعاهم الملك وأمرهم بالرجوع عن التوحيد فأبوا عليه ، فدعا بمرجل من ماء فسخنه وألقاهم فيه وأدخلهم بيتا وهدم عليهم البيت ، فقال جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وآله : فهذه الرائحة التي تشمها من ذلك البيت . (2)

54- عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله بينا هو على البراق وجبرئيل معه إذ نفخته رائحة مسك ، فقال : يا جبرئيل ما هذا ؟ فقال : كان في الزمان الأول ملك له أسوة حسنة في أهل مملكته ، و كان له ابن رغب عما هو فيه وتخلى في بيت يعبد الله ، فلما كبر سن الملك مشى إليه خيرة الناس وقالوا : أحسنت الولاية علينا ، وكبرت سنك ، ولا خلفك إلا ابنك وهو راغب عما أنت فيه ، وإنه لم ينل من الدنيا ، فلو حملته على النساء حتى يصيب لذة الدنيا لعاد ، فاخطب كريمة له ، فزوجه جارية لها أدب

ص: 40


1- قوله : (زوجت الغر من الغرة) لعله بكسر الغين من الغرة بمعنى الغفلة ، والبعد عن فطنة الشر ، كما ورد في الخبر ، المؤمن غر كريم . ومنه الحديث : عليكم بالابكار فإنهن أغر غرة ..
2- بحار الأنوار ج 13 ص 296

وعقل ، فلما أتوا بها وحولوها إلى بيته أجلسوها وهو في صلاته ، فلما فرغ قال : أيتها المرأة ليس النساء من شأني ، فإن كنت تحبين أن تقيمي معي وتصنعين كما أصنع كان لك من الثواب كذا وكذا ، قالت : فأنا أقيم على ما تريد ، ثم إن أباه بعث إليها يسائلها هل حبلت ؟ فقالت : إن ابنك ما كشف لي عن ثوب فأمر بردها إلى أهلها وغضب على ابنه وأغلق الباب عليه ووضع عليه الحرس ، فمكث ثلاثا ثم فتح عنه فلم يوجد في البيت أحد ، فهو الخضر عليه الصلاة والسلام . (1)

السير في السماء

55- وفي حديث: أنه جاءه بمحمل جلس فيه ، ذي حلق وسلاسل ، وكلما بلغ سماء زيد له في محمله سلاسل وحلقا . (2)

56- ذكره الرضا (عليه السلام) من قول المسيح عليه السلام : إنه لا يصعد إلى السماء إلا من نزل منها ، إلا راكب الجمل فإنه يصعد وينزل . (3)

57 - وروي أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) عرج به مائة وعشرين مرة . وما يكون إدريس النبي (عليه السلام) بأرفع من نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن الله - سبحانه - يقول : (ورفعناه مكانا عليا) . (4)

المرور بقم وطرد ابليس منها

58 - عن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) ، عن أبيه عن جده ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء الرابعة نظرت إلى قبة من لؤلؤ لها أربعة أركان ، وأربعة أبواب ، كلها من إستبرق أخضر ، قلت : يا جبرئيل ما هذه القبة التي لم أر في السماء الرابعة أحسن منها ، فقال : حبيبي محمد ! هذه صورة مدينة يقال لها قم تجتمع فيها عباد الله المؤمنون ينتظرون محمدا وشفاعته للقيامة و الحساب ، يجري عليهم الغم والهم والأحزان والمكاره ، قال : فسألت علي بن محمد العسكري (عليه السلام) متى ينتظرون الفرج ؟ قال : إذ ظهر الماء على وجه الأرض (5)

59 - عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن أبيه عليهم السلام قال ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما : أسري بي إلى السماء حملني جبرئيل على كتفه الأيمن ، فنظرت إلى بقعة بأرض الجبل حمراء أحس لونا من الزعفران ، وأطيب ريحا من المسك ، فإذا فيها شيخ على رأسه برنس ، فقلت لجبرئيل : ما هذه البقعة الحمراء التي هي أحسن لونا من الزعفران ، وأطيب ريحا من المسك ، قال : بقعة شيعتك وشيعة وصيك علي ، فقلت : من الشيخ صاحب البرنس ؟ قال : إبليس ، قلت : فما يريد منهم ؟ قال يريد أن يصدهم عن ولاية أمير المؤمنين ، و يدعوهم إلى الفسق والفجور ، فقلت : يا جبرئيل أهو بنا إليهم ، فأهوى بنا إليهم أسرع من البرق الخاطف .

ص: 41


1- بحار الأنوار ج 13 ص 302
2- المحتضر ص 42 44
3- المحتضر ص 44
4- المحتضر ص 44
5- الاختصاص ص 101 ، بحار الأنوار ج 18 ص 309 و ج 57 ص 207

والبصر اللامح ، فقلت : قم يا ملعون ، فشارك أعداءهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم ، فإن شيعتي وشيعة علي ليس لك عليهم سلطان فسميت قم . (1)

المرور بالكوفة

60 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسرى الله به قال له جبرئيل (عليه السلام) : أتدري أين أنت يا رسول الله ؟ الساعة أنت مقابل مسجد الكوفان ، قال : فاستأذن لي ربي عز وجل حتى آتيه فاصلي فيه ركعتين ، فاستأذن الله عز وجل فأذن له (2)

61 - عن هارون بن خارجة قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : يا هارون كم بين منزلك وبين المسجد الأعظم ؟ فقلت : قريب ، قال : يكون ميلا ؟ فقلت : أظنه أقرب فقال : فما تشهد الصلاة كلها فيه ؟ فقلت : لا والله جعلت فداك ربما شغلت : فقال لي : أما إني لو كنت بحضرته ما فاتتني فيه صلاة ، قال : ثم قال هكذا بيده : ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد صالح إلا وقد صلى في مسجد كوفان حتى محمد (صلى الله عليه وآله) ليله أسري به مر به جبرئيل فقال : يا محمد هذا مسجد كوفان ، فقال استأذن لي حتى أصلي فيه ركعتين ، فاستأذن له فهبط به وصلى فيه ركعتين ، ثم قال : أما علمت أن عن يمينه روضة من رياض الجنة ، وعن يساره روضة من رياض الجنة ؟ أما علمت أن الصلاة المكتوبة فيه تعدل ألف صلاة في غيره ؟ والنافلة خمس مائة صلاة ؟ والجلوس فيه من غير قراءة القرآن عبادة ؟ قال : ثم قال هكذا بإصبعه فحركها : ما بعد المسجدين أفضل من مسجد كوفان . (3)

62 - عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال لي : يا هارون بن خارجة كم بينك وبين مسجد الكوفة يكون ميلا ؟ قلت : لا ، قال : فتصلي فيه الصلوات كلها ؟ قلت : لا ، فقال : أما لو كنت بحضرته لرجوت ألا تفوتني فيه صلاة وتدري ما فضل ذلك الموضع ؟ ما من عبد صالح ولا نبي إلا وقد صلى في مسجد كوفان حتى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسرى الله به قال له جبرئيل (عليه السلام) : تدري أين أنت يا رسول الله الساعة أنت مقابل مسجد كوفان ، قال : فاستأذن لي ربي حتى آتيه فاصلي فيه ركعتين فاستأذن الله عز وجل فأذن له وإن ميمنته لروضة من رياض الجنة وإن وسطه لروضة من رياض الجنة وإن مؤخره لروضة من رياض الجنة وإن الصلاة المكتوبة فيه لتعدل ألف صلاة وإن النافلة فيه لتعدل خمسمائة صلاة وإن الجلوس فيه بغير تلاوة ولا ذكر لعبادة ولو علم الناس ما فيه لاتوه ولو حبوا . قال سهل : و روى لي غير عمرو أن الصلاة فيه لتعدل بحجة وأن النافلة فيه لتعدل بعمرة . (4)

63 - قال النبي صلى الله عليه وآله : لما أسري بي مررت بموضع مسجد الكوفة وأنا على البراق ومعي جبرئيل عليه السلام فقال لي : يا محمد انزل فصل في هذا المكان ، قال : فنزلت فصليت فقلت : يا جبرئيل أي شئ هذا الموضع ؟ قال : يا محمد هذه كوفان وهذا

ص: 42


1- علل الشرائع ج 2 ص 572، بحار الأنوار ج 57 ص 207و ج 60 ص 238
2- بحار الأنوار ج 18 ص 304
3- بحار الأنوار ج 18 ص 404
4- الكافي ج 3 ص 490 ، روضة الواعظين ص 337، المحاسن ج 1 ص 56

مسجدها ، أما أنا فقد رأيتها عشرين مرة خرابا وعشرين مرة عمرانا ، بين كل مرتين خمسمائة سنة . (1)

64 - عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا بن مسعود ، لما أسري بي إلى السماء الدنيا ، أراني مسجد كوفان ، فقلت : يا جبرئيل ما هذا ؟ قال : مسجد مبارك ، كثير الخير ، عظيم البركة ، اختاره الله لأهله ، وهو يشفع لهم يوم القيامة . (2)

65 - عن المفضل بن عمر قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) بالكوفة أيام قدم على أبي العباس فلما انتهينا إلى الكناسة قال : ههنا صلب عمي زيد رحمه الله ثم مضى حتى انتهى إلى طاق الزياتين وهو آخر السراجين فنزل وقال : أنزل فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول الذي خطه آدم (عليه السلام) وأنا أكره أن أدخله راكبا قال : قلت : فمن غيره عن خطته ؟ قال : أما أول ذلك الطوفان في زمن نوح (عليه السلام) ثم غيره أصحاب كسرى ونعمان ثم غيره بعد زياد بن أبي سفيان ، فقلت : وكانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح (عليه السلام) فقال لي : نعم يا مفضل وكان منزل نوح وقومه في قرية على منزل من الفرات مما يلي غربي الكوفة قال : وكان نوح (عليه السلام) رجلا نجارا فجعله الله عز وجل نبيا و انتجبه ونوح (عليه السلام) أول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء ، قال : ولبث نوح (عليه السلام) في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله عز وجل فيهزؤون به ويسخرون منه ، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم فقال : (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) فأوحى الله عز وجل إلى نوح أن اصنع سفينة وأوسعها وعجل عملها فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده فاتى بالخشب من بعد حتى فرغ منها . قال : المفضل ثم انقطع حديث أبي عبد الله (عليه السلام) عند زوال الشمس ، فقام أبو عبد الله (عليه السلام) فصلى الظهر والعصر ، ثم انصرف من المسجد فالتفت عن يساره وأشار بيده إلى موضع دار الداريين وهو موضع دار ابن حكيم وذاك فرات اليوم ، فقل لي : يا مفضل و ههنا نصبت أصنام قوم نوح (عليه السلام) يغوث ويعوق ونسرا ثم مضى حتى ركب دابته . فقلت : جعلت فداك في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها ؟ قال : في دورين ، قلت : وكم الدورين ؟ قال : ثمانين سنة . قلت : وإن العامة يقولون : عملها في خمسمائة عام ، فقال : كلا كيف والله يقول : (ووحينا). قال : قلت : فأخبرني عن قول الله عز وجل : (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور) فأين كان موضعه ؟ وكيف كان ؟ فقال : التنور في بيت عجوز مؤمنة في دبر قبلة ميمنة المسجد ، فقلت له : فإن ذلك موضع زاوية باب الفيل اليوم . ثم قلت له : وكان بدء خروج الماء من ذلك التنور ؟ فقال : نعم إن الله عز وجل أحب أن يرى قوم نوح آية ، ثم إن الله تبارك وتعالى أرسل عليهم المطر يفيض فيضا وفاض الفرات فيضا والعيون كلهن فيضا فغرقهم الله عز ذكره وأنجى نوحا ومن معه في السفينة . فقلت له : كم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء وخرجوا منها ؟ فقال : لبثوا فيها سبعة أيام ولياليها وطافت بالبيت أسبوعا ثم استوت على الجودي وهو فرات الكوفة .

ص: 43


1- تهذيب الأحكام ج 3 ص 250 ، من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 231
2- المزار للمشهدي ص 147 ، وعنه في البحار ج 100 ص 394 ح 27 . مستدرك الوسائل ج 3 ص 403

فقلت له : إن مسجد الكوفة قديم ؟ فقال : نعم وهو مصلى الأنبياء (عليهم السلام) ولقد صلى فيه رسول (صلى الله عليه وآله) حين أسري به إلى السماء فقال له جبرئيل (عليه السلام) : يا محمد هذا مسجد أبيك آدم (عليه السلام) ومصلى الأنبياء (عليهم السلام) فأنزل فصل فيه ، فنزل فصلى فيه ، ثم إن جبرئيل (عليه السلام) عرج به إلى السماء . (1)

66- عن فضيل الأعور ، عن ليث بن أبي سليم ، قال : استقبلته وقد صلى الناس العصر ، فقال : اني لم أصل الظهر بعد فلا تحبسني وامض راشدا ، قال : قلت له : لم اخرتها إلى الساعة ، قال : كانت لي حاجة في السوق فأخرت الصلاة حتى أصلي في المسجد للفضل الذي بلغني فيه ، قال : فرجعت فقلت : اي شئ رويت فيه ، قال : أخبرني فلان عن فلان عن عائشة ، قالت : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : عرج بي إلى السماء ، واني هبطت إلى الأرض فاهبطت إلى مسجد أبي نوح (عليه السلام) وأبي إبراهيم وهو مسجد الكوفة ، فصليت فيه ركعتين ، قال : ثم قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ان الصلاة المفروضة فيه تعدل حجة مبرورة ، والنافلة تعدل عمرة مبرورة . (2)

67 - تفسير العياشي : لقد صلى في مسجد الكوفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث انطلق به جبرئيل على البراق : فلما انتهى به إلى وادي السلام وهو ظهر الكوفة ، وهو يريد بيت المقدس قال له : يا محمد هذا مسجد أبيك آدم (عليه السلام) ، ومصلى الأنبياء ، فأنزل فصل فيه ، فنزل رسول الله فصلى ، ثم انطلق به ، إلى بيت المقدس فصلى ، ثم إن جبرئيل (عليه السلام) عرج به إلى السماء . (3)

68- عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن المساجد التي لها الفضل ، فقال : المسجد الحرام ومسجد الرسول ، قلت : والمسجد الأقصى ! ؟ جعلت فداك فقال : ذاك في السماء إليه أسري رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقلت : إن الناس يقولون إنه بيت المقدس ، فقال : مسجد الكوفة أفضل منه . (4)

69 - حدثنا أبو كريب ، قال : سمعا أبا بكر بن عياش ، ورجل يحدث عنده بحديث حين أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال له : لا تجئ بمثل عاصم ولا زر قال : قال حذيفة لزر بن حبيش قال : وكان زر رجلا شريفا من أشراف العرب ، قال : قرأ حذيفة (سبحان الذي أسرى بعبده من الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله ، لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) وكذا قرأ عبد الله ، قال : وهذا كما يقولون : إنه دخل المسجد فصلى فيه ، ثم دخل فربط دابته ، قال : قلت : والله قد دخله ، قال : من أنت فإني أعرف وجهك ولا أدري ما اسمك ، قال : قلت : زر بن حبيش ، قال : ما عملك هذا ؟ قال : قلت : من قبل القرآن ، قال : من أخذ بالقرآن أفلح ، قال : فقلت : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله) قال : فنظر إلي فقال : يا أصلع ، هل ترى دخله ؟ قال : قلت : لا والله ، قال حذيفة : أجل والله الذي لا إله إلا هو ما دخله ، ولو دخله لوجبت عليكم صلاة فيه ، لا والله ما نزل عن البراق

ص: 44


1- الكافي ج 8 ص 279 ، مستدرك الوسائل ج 3 ص 401 ، بحار الأنوار ج 11 ص 333 ، بحار لأنوار ج 97 ص 386
2- كامل الزيارات ص 78 ، وسائل الشيعة ج 5 ص 260، بحار الأنوار ج 97 ص 402
3- تفسير العياشي 2/279
4- العياشي ج 2 ص 277 . بحار الأنوار ج 97 ص 405

حتى رأى الجنة والنار ، وما أعد الله في الآخرة أجمع وقال : تدري ما البراق ؟ قال : دابة دون البغل وفوق الحمار ، خطوه مد البصر . (1)

في مسجد السهلة

70- عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : سمعته يقول لابي حمزة الثمالي : يا أبا حمزة ، هل شهدت عمي ليلة خرج ؟ قال : نعم ، قال : فهل صلى في مسجد سهيل ؟ قال : واين مسجد سهيل ؟ لعلك تعني مسجد السهلة ؟ قال : نعم قال : لا ، قال : اما انه لو صلى فيه ركعتين ثم استجار الله لاجاره سنة ، فقال له أبو حمزة الثمالي : هذا مسجد السهلة ؟ قال : نعم ، فيه بيت ابراهيم : عليه السلام ، الذي كان يخرج منه إلى العمالقة ، وفيه بيت ادريس الذي كان يخيط فيه ، وفيه مناخ الراكب ، وفيه صخرة خضراء فيها صورة جميع النبيين ، وتحت الصخرة الطينة التى خلق الله عزوجل منها النبيين ، وفيها المعراج ، وهو الفاروق الاعظم موضع منه ، وهو ممر الناس ، وهو من كوفان ، وفيه ينفخ في الصور ، واليه المحشر ، ويحشر من جانبه سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب ، اولئك الذين افلج الله حججهم ، وضاعف نعمهم ، فهم المستبقون الفائزون القانتون ، يحبون أن يدرؤا عن أنفسهم ويحلون بعدل الله عن لقائه ، وأسرعوا في الطاعة فعملوا ، وعلموا أن الله بما يعملون بصير ، ليس عليهم حساب ولا عذاب ، يذهب الضغن ، يطهر المؤمنين ، ومن وسطه سار جبل الاهواز ، وقد أتى عليه زمان وهو معمور (2)..

مدة مسيره بالمعراج

71 - قال اليهودي لامير المؤمنين عليه السلام : فإن هذا سليمان قد سخرت له الرياح ، فسارت به في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر ؟ قال له علي عليه السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل من هذا : إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام ، في أقل من ثلث ليلة ، حتى انتهى إلى ساق العرش ، فدنى بالعلم فتدلى من الجنة رفرف أخضر ، وغشى النور بصره فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده ، ولم يرها بعينه ، فكان كقاب قوسين بينه وبينها أو أدنى ، فأوحى الله إلى عبده ما أوحى ، وكان فيما أوحى إليه : الآية التي في سورة البقرة قوله : لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلى أن بعث الله تبارك وتعالى محمدا ، وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها ، وقبلها رسول الله وعرضها على أمته فقبلوها ، فلما رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها ، فلما أن سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه ، فقال : (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) فأجاب صلى الله عليه وآله مجيبا عنه وعن أمته (والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله) فقال جل ذكره لهم الجنة والمغفرة على أن فعلوا ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : أما إذا فعلت ذلك بنا ، ف(غفرانك

ص: 45


1- جامع البيان الطبري ج 15 ص 21
2- مستدرك الوسائل ج 3 ص 415

ربنا وإليك المصير) ، يعني المرجع في الآخرة ، قال : فأجابه الله عز وجل قد فعلت ذلك بك وبأمتك ، (1)

ص: 46


1- الاحتجاج ج 1ص 327 ، بحار الأنوار ج 18 ص 342 و ج 3 ص 320

الفصل الرابع: سير في السماوات

رأيت ليلة المعراج ، لوحين

72 - قال النبي (صلى الله عليه وآله) : (رأيت ليلة المعراج ، لوحين في احدهما فاتحة الكتاب ، وفي الثاني جملة القرآن وتضئ منه ثلاثة انوار ، فقلت : يا جبرئيل ما هذه الانوار ؟ قال : نور { قل هو الله احد } ، وسورة يس ، وآية الكرسي) . (1)

ثم مضى من سماء الى سماء

73 - عن شريك بن أبي نمر ، قال : سمعت أنسا يحدثنا عن ليلة المسرى برسول الله (صلى الله عليه وآله) من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام ، فقال أولهم : أيهم هو ؟ قال أوسطهم : هو خيرهم ، فقال أحدهم : خذوا خيرهم ، فكانت تلك فلم يرهم حتى جاءوا ليلة أخرى فيما يرى ثلاثة والنبي (صلى الله عليه وآله) تنام عيناه ، ولا ينام قلبه . وكذلك الانبياء تنام أعينهم ، ولا تنام قلوبهم

ثم ركب البراق ، فسار حتى أتى به إلى بيت المقدس فصلى فيه بالنبيين والمرسلين إماما ،

ثم عرج به إلى السماء الدنيا ، فضرب بابا من أبوابها ، فناداه أهل السماء : من هذا ؟ قال : هذا جبرائيل ، قيل : من معك ؟ قال : محمد ، قيل : أو قد بعث إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : فمرحبا به وأهلا ، يستبشر به أهل السماء ، لا يعلم أهل السماء بما يريد الله بأهل الارض حتى يعلمهم ، فوجد في السماء الدنيا آدم ، فقال له جبرائيل : هذا أبوك ، فسلم عليه ، فرد عليه ، فقال : مرحبا بك وأهلا يا بني ، فنعم الابن أنت ،

ثم مضى به إلى السماء الثانية ، فاستفتح جبرائيل بابا من أبوابها ، فقيل : من هذا ؟ فقال : جبرئيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم قد أرسل إليه ، فقيل : مرحبا به وأهلا ، ففتح لهما فلما صعد فيها فإذا هو بنهرين يجريان ، فقال : ما هذان النهران يا جبرائيل ؟ قال : هذا النيل والفرات عنصرهما ثم

عرج به إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبرائيل بابا من أبوابها ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرئيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أو قد بعث إليه ؟ قال : نعم قد بعث إليه ، قيل : مرحبا به وأهلا ، ففتح له فإذا هو بنهر عليه قباب وقصور من لؤلؤ وزبرجد وياقوت ، وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله ، فذهب يشم ترابه ، فإذا هو مسك أذفر ، فقال : يا جبرائيل ما هذا النهر ؟ قال : هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك في الآخرة

ثم عرج به إلى الرابعة ، فقالوا له مثل ذلك

ثم عرج به إلى الخامسة ، فقالوا له مثل ذلك

ثم عرج به إلى السادسة ، فقالوا له مثل ذلك

ثم عرج به إلى السابعة ، فقالوا له مثل ذلك ،

وكل سماء فيها أنبياء قد سماهم أنس ،

ص: 47


1- مستدرك الوسائل ج 4 ص 334

فوعيت منهم إدريس في الثانية ،

وهارون في الرابعة ،

وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه ،

وإبراهيم في السادسة ،

وموسى في السابعة بتفضيل كلامه الله ، فقال موسى : لم أظن أن يرفع علي أحد ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله ،

حتى جاء سدرة المنتهى ، ودنا الجبار رب العزة ، فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما شاء ، وأوحى الله فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كل يوم وليلة ، ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه ، فقال : يا محمد ماذا عهد إليك ربك ؟ قال : عهد إلي خمسين صلاة على أمتي كل يوم وليلة قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك ، فارجع فليخفف عنك وعنهم ، فالتفت إلى جبرائيل كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار إليه أن نعم ، فعاد به جبرائيل حتى أتى الجبار عز وجل وهو مكانه ، فقال : رب خفف عنا ، فإن أمتي لا تستطيع هذا فوضع عنه عشر صلوات ثم رجع إلى موسى عليه السلام فاحتبسه ، فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ، ثم احتبسه عند الخمس ، فقال : يا محمد قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من هذه الخمس ، فضعفوا وتركوه ، فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبصارا وأسماعا ، فارجع فليخفف عنك ربك ، كل ذلك يلتفت إلى جبرئيل ليشير عليه ، ولا يكره ذلك جبرئيل ، فرفعه عند الخمس ، فقال : يا رب إن أمتي ضعاف أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم ، فخفف عنا قال الجبار جل جلاله : يا محمد ، قال : لبيك وسعديك ، فقال : إني لا يبدل القول لدي كما كتبت عليك في أم الكتاب ، ولك بكل حسنة عشر أمثالها ، وهي خمسون في أم الكتاب ، وهي خمس عليك فرجع إلى موسى ، فقال : كيف فعلت ؟ فقال : خفف عني ، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها قال : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من هذا فتركوه فارجع فليخفف عنك أيضا ، قال : يا موسى قد والله استحييت من ربي مما أختلف إليه قال : فاهبط باسم الله ، فاستيقظ وهو في المسجد الحرام . (1)

74- أبو بصير قال : سمعته يقول : ان جبرئيل احتمل رسول الله حتى انتهى به إلى مكان من السماء ثم تركه فقال له : ما وطأنبي قط مكانك . وروي انه رأى في السماء الثانية عيسى ويحيى ، وفي الثالثة يوسف ، وفي الرابعة إدريس ، وفي الخامسة هارون ، وفي السادسة الكروبيين ، وفي السابعة خلقا والملائكة وفي حديث أبي هريرة : رأيت في السماء السادسة موسى وفي السابعة إبراهيم . (2)

75- ابن عباس : ورأي ملائكة الحجب يقرؤن سورة النور وخزان الكرسي يقرؤن آية الكرسي وحملة العرش يقرؤن حم المؤمن ، قال : فلما بلغت قاب قوسين نوديت بالقرب .

76- وفي رواية : انه نودي الف مرة بالدنو وفي كل مرة قضيت لي حاجة ثم قال لي : سل تعط ، فقلت : ياب اتخذت إبراهيم خليلا وكلمت موسى تكليما على بساط الطور وأعطيت سليمان ملكا عظيما فماذا أعطيتني ؟ فقال : اتخذت إبراهيم خليلا واتخذتك حبيبا

ص: 48


1- جامع البيان الطبري ج 15 ص 6
2- مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 153

وكلمت موسى تكليما على بساط الطور وكلمتك على بساط النور وأعطيت سليمان ملكا فانيا وأعطيتك ملكا باقيا في الجنة . (1)

77- وروي انا المحمود وأنت محمد شققت اسمك من اسمي فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتلته انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك واني لم ابعث نبيا إلا جعلت له وزيرا وانك رسولي وان عليا وزيرك . (2)

78- وروي انه لما بلغ إلى السماء السابعة نودي : يا محمد انك لتمشي في مكان ما مشى عليه بشر فكلمه الله تعالى فقال : (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) فقال : نعم يا رب والمؤمنون كل آمن بالله) ، فقال الله : (لا يكلف الله نفسا) الآية ، فقال : (ربنا لا تؤاخذنا) السورة ، فقال : قد فعلت ، ثم قال : من خلفت لامتك من بعدك ؟ فقال : الله أعلم ، قال : ان علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ويقال أعطاه الله في تلك الليلة أربعة رفع عنها علم الخلق : (فكان قاب قوسين) ،. (3)

الوان من العقوبات مختلفة

اشارة

79- عن أبي العالية الرياحي ، في قول الله عز وجل : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله ، لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) قال : جاء جبرائيل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ومعه ميكائيل بفرس فحمل عليه كل خطوة منه منتهى طرفه وأقصى بصره . قال : فسار وسار معه جبرائيل عليه السلام ،

قال : ثم سار حتى أتى بيت المقدس ، فنزل فربط فرسه إلى صخرة ، ثم دخل فصلى مع الملائكة فلما قضيت الصلاة . قالوا : يا جبرئيل من هذا معك ؟ قال : محمد ، فقالوا : أو قد أرسل ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الاخ ونعم الخليفة ، ونعم المجئ جاء

قال : ثم لقي أرواح الانبياء فأثنوا على ربهم ، فقال إبراهيم : الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظيما ، وجعلني أمة قانتا لله يؤتم بي ، وأنقذني من النار ، وجعلها علي بردا وسلاما ثم إن موسى أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي كلمني تكليما ، وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي ، وجعل من أمتي قوما يهدون بالحق وبه يعدلون ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعل لي ملكا عظيما وعلمني الزبور ، وألان لي الحديد ، وسخر لي الجبال يسبحن والطير ، وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب ثم إن سليمان أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي سخر لي الرياح ، وسخر لي الشياطين ، يعملون لي ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب ، وقدور راسيات ، وعلمني منطق الطير ، وآتاني من كل شئ فضلا ، وسخر لي جنود الشياطين والانس والطير ، وفضلني على كثير من عباده المؤمنين ، وآتاني ملكا عظيما لا ينبغي لاحد من بعدي ، وجعل ملكي ملكا طيبا ليس علي فيه حساب ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعلني كلمته وجعل مثلي مثل آدم خلقه من تراب ، ثم قال له : كن فيكون ، وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل ، وجعلني أخلق من الطين كهيئة الطير ، فأنفخ فيه ، فيكون طيرا بإذن الله ، وجعلني أبرئ الاكمة والابرص ، وأحيي الموتى

ص: 49


1- مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 153
2- مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 153
3- مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 153

بإذن الله ، ورفعني وطهرني ، وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان علينا سبيل قال : ثم إن محمدا (صلى الله عليه وآله) أثنى على ربه ، فقال : كلكم أثنى على ربه ، وأنا مثن على ربي ، فقال : الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين ، وكافة للنا س بشيرا ونذيرا ، وأنزل علي الفرقان فيه تبيان كل شئ ، وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس ، وجعل أمتي وسطا ، وجعل أمتي هم الاولون وهم الآخرون ، وشرح لي صدري ، ووضع عني وزري ورفع لي ذكري ، وجعلني فاتحا خاتما قال إبراهيم : بهذا فضلكم محمد .

ثم أتى إليه بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها ، فأتى بإناء منها فيه ماء ، فقيل : اشرب ، فشرب منه يسيرا ثم دفع إليه إناء آخر فيه لبن ، فقيل له : اشرب ، فشرب منه حتى روى ثم دفع إليه إناء آخر فيه خمر ، فقيل له : اشرب ، فقال : لا أريده قد رويت فقال له جبرئيل (صلى الله عليه وآله) : أما إنها ستحرم على أمتك ، ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا القليل ،

في سماء الدنيا

ثم عرج به إلى سماء الدنيا ، فاستفتح جبرائيل بابا من أبوابها ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرائيل ، قيل : ومن معك ؟ فقال : محمد ، قالوا : أو قد أرسل إليه ، قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الاخ ونعم الخليفة ، ونعم المجئ جاء فدخل فإذا هو برجل تام الخلق لم ينقص من خلقه شئ ، كما ينقص من خلق الناس ، على يمينه باب يخرج منه ريح طيبة ، وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة ، إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه ضحك واستبشر ، وإذا نظر إلى الباب الذي عن شماله بكى وحزن ، فقلت : يا جبرئيل من هذا الشيخ التام الخلق الذي لم ينقص من خلقه شئ ، وما هذان البابان ؟ قال : هذا أبوك آدم ، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة ، إذا نظر إلى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر ، والباب الذي عن شماله باب جهنم ، إذا نظر إلى من يدخله من ذريته بكى وحزن

في السماء الثانية

ثم صعد به جبرئيل (صلى الله عليه وآله) إلى السماء الثانية فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قا : جبرائيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد رسول الله ، فقالوا : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الاخ ونعم الخليفة ، ونعم المجئ جاء ، قال : فإذا هو بشابين ، فقال : يا جبرئيل من هذان الشابان ؟ قال : هذا عيسى ابن مريم ، ويحيى بن زكريا ابنا الخالة ،

في السماء الثالثة

قال : فصعد به إلى السماء الثالثة ، فاستفتح ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبرائيل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الاخ ونعم الخليفة ، ونعم المجئ جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل قد فضل على الناس كلهم في الحسن ، كما فضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، قال : من هذا يا جبرائيل الذي فضل على الناس في الحسن ؟ قال :

هذا أخوك يوسف

ص: 50

في السماء الرابعة

ثم صعد به إلى السماء الرابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال جبرائيل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الاخ ونعم الخليفة ، ونعم المجئ جاء قال : فدخل ، فإذا هو برجل ، قال : من هذا يا جبرئيل ؟ قال : هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا .

في السماء الخامسة

ثم صعد به إلى السماء الخامسة ، فاستفتح جبرائيل ، فقالوا : من هذا ؟ فقال : جبرائيل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أو قد أرسل إليه قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الاخ ونعم الخليفة ، ونعم المجئ جاء

ثم دخل فإذا هو برجل جالس وحوله قوم يقص عليهم ، قال : من هذا يا جبرئيل ومن هؤلاء الذين حوله ؟ قال : هذا هارون المحبب في قومه ، وهؤلاء بنو إسرائيل

في السماء السادسة

ثم صعد به إلى السماء السادسة ، فاستفتح جبرائيل ، فقيل له : من هذا ؟ قال : جبرائيل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الاخ ونعم الخليفة ، ونعم المجئ جاء فإذا هو برجل جالس ، فجاوزه ، فبكى الرجل ، فقال : يا جبرائيل من هذا ؟ قال : موسى ، قال : فما باله يبكي ؟ قال : تزعم بنو إسرائيل أني أكرم بني آدم على الله ، وهذا رجل من بني آدم قد خلفني في دنيا ، وأنا في أخرى ، فلو أنه بنفسه لم أبال ، ولكن مع كل نبي أمته

في السماء السابعة

ثم صعد به إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبرائيل ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرائيل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الاخ ونعم الخليفة ، ونعم المجئ جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل أشمط جالس عند باب الجنة على كرسي ، وعنده قوم جلوس بيض الوجوه ، أمثال القراطيس ، وقوم في ألوانهم شئ ، فقام هؤلاء الذين في ألوانهم شئ ، فدخلوا نهرا فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شئ ، ثم دخلوا نهرا آخر ، فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شئ ، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلو فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شئ ، فصارت مثل ألوان أصحابهم ، فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم ، فقال : يا جبرئيل من هذا الاشمط ، ثم من هؤلاء البيض وجوههم ، ومن هؤلاء الذين في ألوانهم ، وما هذه الانهار التي دخلوا ، فجاءوا وقد صفت ألوانهم ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم أول من شمط على الارض ، وأما هؤلاء البيض الوجوه : فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شئ ، فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر شيئا ، فتابوا ، فتاب الله عليهم ، وأما الانهار : فأولها رحمة الله ، وثانيها : نعمة الله ، والثالث : سقاهم ربهم شرابا طهورا

عند سدرة المنتهى

ص: 51

قال : ثم انتهى إلى السدرة ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة منها مغطية للامة كلها ، قال : فغشيها نور الخلاق عزوجل ، وغشيتها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجرة ،

قال : فكلمه عند ذلك ، فقال له : سل ، فقال : اتخذت إبراهيم خليلا ، وأعطيته ملكا عظيما ، وكلمت موسى تكليما ، وأعطيت داود ملكا عظيما ، وألنت له الحديد ، وسخرت له الجبال ، وأعطيت سليمان ملكا عظيما ، وسخرت له الجن والانس والشياطين ، وسخرت له الرياح ، وأعطيته ملكا لا ينبغي لاحد من بعده ، وعلمت عيسى التوراة والانجيل ، وجعلته يبرئ الاكمه والابرص ، ويحيي الموتى بإذن الله ، وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل . فقال له ربه : قد اتخذتك حبيبا وخليلا ، وهو مكتوب في التوراة : حبيب الله وأرسلتك إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا ، وشرحت لك صدرك ، ووضعت عنك وزرك ، ورفعت لك ذكرك ، فلا أذكر إلا ذكرت معي ، وجعلت أمتك أمة وسطا ، وجعلت أمتك هم الاولون والآخرون ، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة ، حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي ، وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم ، وجعلتك أول النبيين خلقا ، وآخرهم بعثا ، وأولهم من يقضى له ، وأعطيتك سبعا من المثاني ، لم يعطها نبي قبلك ، وأعطيتك الكوثر ، وأعطيتك ثمانية أسهم الاسلام والهجرة ، والجهاد ، والصدقة ، والصلاة ، وصوم رمضان ، والامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وجعلتك فاتحا وخاتما ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : فضلني ربي بست : أعطاني فواتح الكلم وخواتيمه ، وجوامع الحديث ، وأرسلني إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا ، وقذف في قلوب عدوي الرعب من مسيرة شهر ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي ، وجعلت لي الارض كلها طهورا ومسجدا ، قال : وفر ض علي خمسين صلاة فلما رجع إلى موسى ، قال : بم أمرت يا محمد ، قال : بخمسين صلاة قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الامم ، فقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع النبي (صلى الله عليه وآله) إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشر ، ثم رجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : بأربعين ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الامم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال فرجع إلى ربه ، فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : أمرت بثلاثين ، فقال له موسى : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الامم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى فقال : بكم أمرت ؟ قال : بعشرين ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الامم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الامم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع على حياء إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه خمسا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : بخمس ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الامم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت فما أنا راجع إليه ، فقيل له : أما إنك كما صبرت نفسك على خمس صلوات فإنهن يجزين عنك خمسين صلاة ، فإن كل حسنة بعشر أمثالها ، قال : فرضي

ص: 52

محمد (صلى الله عليه وآله) كل الرضا ، فكان موسى أشدهم عليه حين مر به ، وخيرهم له حين رجع إليه . (1)

ملك موكل يحرس السماء يقال له إسماعيل

80- في حديث أبي سعيد : ثم جئ بالمعراج الذي تعرج فيه أرواح بني آدم فإذا هو أحسن ما رأيت ألم تر إلى الميت كيف يحد بصره إليه فعرج بنا فيه حتى انتهينا إلى باب السماء الدنيا ، فاستفتح جبرائيل ، فقيل من هذا ؟

قال : جبرئيل ؟

قيل : ومن معك ؟

قال : محمد ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟

قال : نعم ، ففتحوا وسلموا علي ، وإذا ملك موكل يحرس السماء يقال له إسماعيل ، معه سبعون ألف ملك مع كل ملك منهم مئة ألف ، ثم قرأ : وما يعلم جنود ربك إلا هو وإذا أنا برجل كهيئته يوم خلقه الله لم يتغير منه شئ ، فإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته ، فإذا كانت روح مؤمن ، قال : روح طيبة ، وريح طيبة ، اجعلوا كتابه في عليين وإذا كان روح كافر قال : روح خبيثة وريح خبيثة ، اجعلوا كتابه في سجيل ، فقلت : يا جبرائيل من هذا ؟ قال : أبوك آدم ، فسلم علي ورحب بي ودعا لي بخير وقال : مرحبا بالنبي الصالح والولد الصالح ،(2)

ترتيب الانبياء في السماوات

81- في حديث أبي سعيد : ثم جئ بالمعراج الى ان قال : قال صلى الله عليه وآله : ثم صعدنا إلى السماء الثانية ، فإذا أنا بيوسف وحوله تبع من أمته ، ووجهه كالقمر ليلة البدر ، فسلم علي ورحب بي ،

ثم مضينا إلى السماء الثالثة ، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى ، يشبه أحدهما صاحبه ، ثيابهما وشعرهما ، فسلما علي ، ورحبابي

ثم مضينا إلى السماء الرابعة ، فإذا أنا بإدريس ، فسلم علي ورحب وقد قال الله : (ورفعناه مكانا عليا)

ثم مضينا إلى السماء الخامسة ، فإذا أنا بهارون المحبب في قومه ، حوله تبع كثير من أمته فوصفه النبي (صلى الله عليه وآله) : طويل اللحية تكاد لحيته تمس سرته ، فسلم علي ورحب

ثم مضينا إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى بن عمران فوصفه النبي (صلى الله عليه وآله) فقال : كثير الشعر لو كان عليه قميصان خرج شعره منهما قال موسى : تزعم الناس أني أكرم الخلق على الله ، فهذا أكرم على الله مني ، ولو كان وحده لم أكن أبالي ، ولكن كل نبي ومن تبعه من أمته

ثم مضينا إلى السماء السابعة ، فإذا أنا بإبراهيم وهو جالس مسند ظهره إلى البيت المعمور فسلم علي وقال : مرحبا بالنبي الصالح والولد الصالح ، فقيل : هذا مكانك ومكان

ص: 53


1- جامع البيان الطبري ج 15 ص 10
2- تفسير الصنعاني ج2/367

أمتك ، ثم تلا :(إن أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوا وهذا النبي والذين آمنوا ، والله ولي المؤمنين) (1)

مواقع الانبياء في السماوات

82- وروي أنه رأى في السماء الثانية عيسى ويحيى ،

وفي الثالثة يوسف ،

وفي الرابعة إدريس ،

وفي الخامسة هارون ،

وفي السادسة الكروبيين ،

وفي السابعة خلقا وملائكة . (2)

83- في حديث أبي هريرة : رأيت في السماء السادسة موسى ،

وفي السابعة إبراهيم . (3)

لقاء يوسف عليه السلام

84- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : رأيت في السماء الثانية ليلة المعراج رجلا صورته على صورة القمر ليلة البدر فقلت لجبرئيل : من هذا ؟ فقال هذا أخوك يوسف الصديق ولقد أعطاه الله الجمال ما هو غير معهود للبشر (4)

سبقني علي إلى السماء الرابعة

85- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مررت ليلة أسري بي إلى السماء فإذا أنا بملك جالس على منبر من نور والملائكة تحدق به فقلت : يا جبرئيل من هذا الملك ؟ قال : ادن منه وسلم عليه . فدنوت منه وسلمت عليه ، فإذا أنا بأخي وابن عمي علي بن أبي طالب . فقلت : يا جبرئيل سبقني علي إلى السماء الرابعة ؟ ! فقال لي : يا محمد ؟ لا ، ولكن الملائكة شكت حبها لعلي فخلق الله تعالى هذا الملك من نور على صورة علي ، فالملائكة تزوره في كل ليلة جمعة ويوم جمعة سبعين ألف مرة يسبحون الله ويقدسونه ويهدون ثوابه لمحب علي . (5)

ماشطة آل فرعون وأولادها

86- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة ، فقلت لجبرئيل : ما هذه الرائحة ؟ قال : هذه ماشطة آل فرعون وأولادها كانت تمشطها فوقعت المشطة من يدها فقالت : بسم الله ، فقالت بنت فرعون : أبي ؟ فقالت : لا بل ربي وربك ورب أبيك ، فقالت : لأخبرن بذلك أبي ، فقالت : نعم ، فأخبرته فدعا بها وبولدها وقال : من ربك ؟ فقالت : إن ربي وربك الله ، فأمر بتنور من نحاس فأحمي فدعا بها وبولدها ، فقالت : إن لي إليك حاجة ، قال : وما هي ؟ قالت : تجمع عظامي وعظام

ص: 54


1- جامع البيان الطبري ج 15 ص 18
2- بحار الأنوار ج 18/ 383
3- بحار الأنوار ج 18/ 383
4- شجرة طوبى ج 1 ص 24
5- كفاية الطالب ص 51 ،الغدير ج 2 ص 320

ولدي فتدفنها . قال : ذاك لك لمالك علينا من حق ، فأمر بأولادها فألقوا واحدا واحدا في التنور حتى كان آخر ولدها وكان صبيا مرضعا ، فقال : اصبري يا أماه إنك على الحق ، فألقيت في التنور مع ولدها . (1)

لقاء الانبياء

87- عن ابن عباس ، وقد ورد في الحديث أنه قال : رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شبوة ، ورأيت عيسى بن مريم رجلا مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس . (2)

السماوات مشحونة بكرام ملائكة الله

88- عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما مررت في ليلة أسري بي بشئ من ملكوت السماوات ولا على شئ من الحجب من فوقها إلا وجدتها كلها مشحونة بكرام ملائكة الله تعالى ينادون : هنيئا لك يا محمد فقد أعطيت ما لم يعط أحد قبلك ولا يعطاه أحد بعدك أعطيت علي بن أبي طالب عليه السلام أخا ، وفاطمة زوجته بنتا ، والحسن والحسين أولادا ومحبيهم شيعة . يا محمد إنك أفضل النبيين ، وعلي أفضل الوصيين ، وفاطمة سيدة نساء العالمين ، والحسن والحسين أكرم من دخل الجنان من أولاد المرسلين ، وشيعتهم أفضل من تضمنته عرصات القيامة ، يشتملون على غرف الجنان وقصورها ومتنزهها ، فلم يزالوا يقولون ذلك في مصدري ومرجعي ، فلو لا أن الله تعالى حجب عنها آذان الثقلين لما بقي أحد إلا سمعها . (3)

هاتف من السماوات

89 - عن إبراهيم النخعي ، أنه قال . لما أسرى برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء هتف به هاتف من السماوات : يا محمد إن الله عز وجل يقرئ عليك السلام ، ويقول لك أقرئ علي بن أبي طالب مني السلام . (4)

ديك ملكوتي في السماء الرابعة

90- عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : رأيت ليلة أسري بي في السماء الرابعة ديكا من زبرجدة بيضاء وعيناه ياقوتتان حمراوان ورجلاه من الزبرجد الأخضر ، وهو ينادي (لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ولي الله ، فاطمة وولداها الحسن والحسين صفوة الله ، يا غافلين أذكروا الله ، على مبغضيهم لعنة الله) . (5)

جبرائيل ينسب النبي لاهل السماء

ص: 55


1- بحار الأنوار ج 13 ص 163
2- بحار الأنوار ج 13 ص 3
3- مائة منقبة ص 61 ، غاية المرام : 45 ح 54 . ورواه في كنز الكراجكي : 208 عن ابن شاذان ، عنه البحار : 25 / 361 ح 31 و ج 38 / 152 ح 125 واثبات الهداة : 3 / 633 ح 864
4- شرح الأخبار ج 2 ص 415
5- اليقين ص 391 ، البحار : ج 37 ص 47 ب 50 ح 24

91 - عن أبي جعفر الثاني ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله خلق الاسلام ، فجعل له عرصة ، وجعل له نورا ، وجعل له حصنا ، وجعل له ناصرا : فأما عرصته فالقرآن ، وأما نوره فالحكمة ، وأما حصنه فالمعروف ، وأما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا ، فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم فإنه لما أسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل عليه السلام لأهل السماء استودع الله حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب الملائكة فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة ، ثم هبط بي إلى أهل الأرض ، فنسبني إلى أهل الأرض فاستودع الله حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي ، فمؤمنوا أمتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم القيامة ألا فلو أن الرجل من أمتي عبد الله عز وجل عمره أيام الدنيا ثم لقي الله عز وجل مبغضا لأهل بيتي وشيعتي ما فرج الله صدره إلا عن نفاق . (1)

على ابواب السماء

92 - عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ما بال أقوام يلومونني في محبتي لأخي علي بن أبي طالب ، فوالذي بعثني بالحق نبيا ما أحببته حتى أمرني ربي - جل جلاله - بمحبته ثم قال : ما بال أقوام يلوموني في تقديم علي بن أبي طالب ؟ فوعزة ربي ما قدمته حتى أمرني ربي بتقديمه وجعله أمير المؤمنين وأمير امتي وإمامها . أيها الناس ! إنه لما عرج بي إلى السماء السابعة وجدت على باب السماء مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين . ولما صرت إلى حجب النور رأيت على كل حجاب مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ابن أبي طالب أمير المؤمنين . ولما صرت إلى العرش وجدت على كل ركن من أركانه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين . (2)

قبة علي عليه السلام

93 - عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليلة عرج بي رأيت قبة مثل ياقوتة خضراء معلقة بين السماء والأرض : لا دعامة من تحتها ولا علاقة من فوقها ، لها مصراعان ، عل كل مصراع سبعون حوراء ، على كل حوراء سبعون حلة ، يرى مخ ساقهن من وراء الحلل كما يرى الخمر في الزجاجة البيضاء . فقلت لجبرئيل عليه السلام : يا خليلي ! لمن هذه القبة ؟ قال : لرجل من قريش . فقلت في نفسي : أنا الرجل القريشي ، فسألت : من هو الرجل ؟ فقال : لرجل يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، كرار غير فرار . فقلت لجبرئيل : حبيبي ! من هذا ؟ قال : علي بن أبي طالب (3)

بكاء الكروبين في السماء الرابعة

ص: 56


1- الكافي ج 2 ص 46 . بشارة المصطفى ص 193، بحار الأنوار ج 65 ص 341
2- المحتضر ص 251 ، بحار الأنوار ج 27 ص 12
3- نوادر المعجزات ص 70، اليقين في امرة المؤمنين : 177 عن كفاية الطالب : 189 ، وص 179 عن خصائص النطنزي ، وص 185، المحتضر : 148

94 - وعنه (صلى الله عليه وآله) قال : (لما عرج بي إلى السماء الرابعة ، سمعت بكاء فقلت : يا جبرئيل ما هذا ؟ قال : هذا بكاء الكروبيين على أهل الذنوب(1)

الورد من عرق النبي ليلة المعراج

95 - عن الصفار ولم يحفظ إسناده قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء سقط من عرقي فنبت منه الورد فوقع في البحر ، فذهب السمك ليأخذها ، وذهب الدعموص ليأخذها ، فقالت السمكة : هي لي ، وقال الدعموص : هي لي ، فبعث الله عز وجل إليهما ملكا يحكم بينهما ، فجعل نصفها للسمكة ، وجعل نصفها للدعموص . (2)

96 - عن الحسن بن المنذر يرفعه قال : لما أسري بالنبي صلى الله عليه وآله إلى السماء حزنت الأرض لفقده وأنبتت الكبر(3) فلما رجع إلى الأرض فرحت وأنبتت الورد ، فمن أراد أن يشم رائحة النبي صلى الله عليه وآله فليشم الورد .

في حديث آخر : لما عرج بالنبي صلى الله عليه وآله عرق فتقطر عرقه إلى الأرض فأنبتت من العرق الورد الأحمر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر . (4)

97- عن الفردوس ، عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : الورد الأبيض خلق من عرقي ليلة المعراج ، والورد الأحمر خلق من جبرئيل ، والورد الأصفر من براق . (5)

سير في السماوات

98 - عن زيد بن علي قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : كنت نائما في الحجر إذ أتاني جبرئيل فحركني تحريكا لطيفا ، ثم قال لي : عفا الله عنك يا محمد قم واركب ، ففد إلى ربك ، فأتاني بدابة دون البغل ، وفوق الحمار ، خطوها مد البصر ، له جناحان من جوهر ، يدعى البراق ، قال : فركبت حتى طعنت في الثنية إذ أنا برجل قائم متصل شعره إلى كتفيه ، فلما نظر إلى قال : السلام عليك يا أول ، السلام عليك يا آخر ،

ص: 57


1- مستدرك الوسائل ج 11 ص 240، جامع أحاديث الشيعة ج 13 ص 331
2- علل الشرائع ج 2 ص 601،الخصال 1 : 129 ، بحار الأنوار ج 18 ص 404و ج 73 ص 146 قال الصدوق - رحمه الله - : قال أبي رضي الله عنه : وترى أوراق الورد تحت جلناره وهي خمسة : اثنتان منها على صفة السمك ، واثنتان منها على صفة الدعموص ، وواحدة منها نصفها على صفة السمك ، ونصفها على صفة الدعموص وقال المجلسي : المراد بأوراق الورد الأوراق الخضر الملتصقة بالأوراق الحمر المحيطة بها قبل انفتاحها ، فاثنتان منها ليس على طرفيهما ريشة على مثال ذنب الدعموص ، واثنتان منها على طرفيهما رياش على مثال ذنب السمك ، وواحدة منها على أحد طرفيها رياش دون الطرف الآخر ، فنصفها يشبه السمك ، ونصفها يشبه الدعموص ، والدعموص : دويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذا نشت ، ذكره الفيروزآبادي وجلنار معرب گلنار ورد الرمان ، والمراد هنا الغلاف الذي ينشق عن الورد .
3- الكبر - محركة - شجر الاصف أو هو أصل ، قبل هو لغة عبرية .
4- مكارم الأخلاق ص 47، بحار الأنوار ج 73 ص 147
5- مكارم الأخلاق ص 47، بحار الأنوار ج 73 ص 147

السلام عليك يا حاشر ، قال : فقال لي جبرئيل : رد عليه يا محمد ، قال : فقلت : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، قال : فلما أن جزت الرجل فطعنت في وسط الثنية إذا أنا برجل أبيض الوجه ، جعد الشعر ، فلما نظر إلي مثل تسليم الأول ، فقال جبرئيل : رد عليه يا محمد ، فقلت : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته . قال : فقال لي : يا محمد احتفظ بالوصي - ثلاث مرات - علي بن أبي طالب المقرب من ربه ، قال : فلما جزت الرجل وانتهيت إلى بيت المقدس إذا أنا برجل أحسن الناس وجها وأتم الناس جسما ، وأحسن الناس بشرة ، فلما نظر إلي قال : السلام عليك يا بني ، و السلام عليك يا أول ، مثل تسليم الأول ، قال : فقال لي جبرئيل : يا محمد رد عليه ، فقلت وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، قال : فقال لي : يا محمد احتفظ بالوصي - ثلاث مرات - علي بن أبي طالب المقرب من ربه ، الأمين على حوضك ، صاحب شفاعة الجنة ، قال فنزلت عن دابتي عمدا ، قال : فأخذ جبرئيل بيدي فأدخلني المسجد فخرق بي الصفوف والمسجد غاص بأهله ، قال : فإذا بنداء من فوقي : تقدم يا محمد ، قال : فقدمني جبرئيل فصليت بهم ، قال : ثم وضع لنا منه سلم إلى السماء الدنيا من لؤلؤ ، فأخذ بيدي جبرئيل فرقى بي إلى السماء ، فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا ، قال : فقرع جبرئيل الباب ، فقالوا له : من هذا ؟ قال : أنا جبرئيل ، قالوا : من معك ؟ قال : معي محمد ، قالوا : وقد ارسل ؟ قال : نعم ، قال : ففتحوا لنا ، ثم قالوا : مرحبا بك من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المختار ، خاتم النبيين ، لا نبي بعده ، ثم وضع لنا منها سلم من ياقوت موشح بالزبرجد الأخضر قال : فصعدنا إلى السماء الثانية فقرع جبرئيل الباب فقالوا مثل القول الأول ، وقال جبرئيل : مثل القول الأول ، ففتح لنا ، ثم وضع لنا سلم من نور محفوف حوله بالنور . قال : فقال لي جبرئيل : يا محمد تثبت واهتد هديت ، ثم ارتفعنا إلى الثالثة و الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة بإذن الله ، فإذا بصوت وصيحة شديدة ، قال : قلت : يا جبرئيل ما هذا الصوت ؟ فقال لي : يا محمد هذا صوت طوبى قد اشتاقت إليك ، قال : فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : فغشيني عند ذلك مخافة شديدة ، قال : ثم قال لي جبرئيل : يا محمد تقرب إلى ربك ، فقد وطئت اليوم مكانا بكرامتك علي الله عز وجل ما وطئته قط ، ولولا كرامتك لأحرقني هذا النور الذي بين يدي ، قال ، فتقدمت فكشف لي عن سبعين حجابا ، قال : فقال لي : يا محمد ، فخررت ساجدا وقلت : لبيك رب العزة لبيك ، قال : فقيل لي : يا محمد ارفع رأسك وسل تعط ، واشفع تشفع ، يا محمد أنت حبيبي وصفيي ورسولي إلى خلقي ، وأميني في عبادي ، من خلفت في قومك حين وفدت إلي ؟ قال : فقلت : من أنت أعلم به مني : أخي وابن عمي وناصري ووزيري وعيبة علمي ومنجز عداتي ، قال : فقال لي ربي : وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وقدرتي على خلقي لا أقبل الايمان بي ولا بأنك نبي إلا بالولاية له ، يا محمد أتحب أن تراه في ملكوت السماء ؟ قال : فقلت : ربي ! وكيف لي وقد خلفته في الأرض ؟ قال : فقال لي : يا محمد ارفع رأسك ، قال : فرفعت رأسي وإذا أنا به مع الملائكة المقربين مما يلي السماء الاعلى ، قال : فضحكت حتى بدت نواجدي قال : فقلت : يا رب اليوم قرت عيني ، قال : ثم قيل لي : يا محمد ، قلت : لبيك ذا العزة لبيك ، قال : إني أعهد إليك في علي عهدا فاسمعه ، قال : قلت : ما هو يا رب ؟ فقال : علي راية الهدى ، وإمام الأبرار ، وقاتل الفجار ، وإمام من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين ، أورثته علمي وفهمي ، فمن أحبه فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، إنه مبتلى ومبتلى به ، فبشره بذلك يا محمد ، قال : ثم أتاني جبرئيل (عليه السلام) قال :

ص: 58

فقال لي : يقول الله لك : يا محمد (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) ولاية علي بن أبي طالب ، تقدم بين يدي يا محمد ، فتقدمت فإذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر واليواقيت ، أشد بياضا من الفضة ، وأحلى من العسل وأطيب ريحا من المسك الأذفر ، قال : فضربت بيدي فإذا طينه مسكة ذفرة ، قال : فأتاني جبرئيل فقال لي : يا محمد أي نهر هذا ؟ قال : قلت : أي نهر هذا يا جبرئيل ؟ قال هذا نهرك ، وهو الذي يقول الله عز وجل : (إنا أعطيناك الكوثر) إلى موضع (الأبتر) عمرو بن العاص هو الأبتر ، قال : ثم التفت فإذا أنا برجال يقذف بهم في نار جنهم ، قال : فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال لي : هؤلاء المرجئة والقدرية والحرورية وبنو أمية والنواصب لذريتك العداوة ، هؤلاء الخمسة لا سهم لهم في الاسلام . قال : ثم قال لي : أرضيت عن ربك بما قسم لك ؟ قال : فقلت : سبحان ربي اتخذ إبراهيم خليلا ، وكلم موسى تكليما ، وأعطى سليمان ملكا عظيما ، وكلمني ربي واتخذني خليلا ، وأعطاني في علي أمرا عظيما ، يا جبرئيل من الذي لقيت في أول الثنية ؟ قال : ذاك أخوك موسى بن عمران (عليه السلام) ، قال : السلام عليك يا أول ، فكنت مبشرا أول البشر ، والسلام عليك يا آخر ، فأنت تبعث آخر النبيين ، والسلام عليك يا حاشر ، فأنت على حشر هذه الأمة ، قال : فمن الذي لقيت في وسط الثنية ؟ قال : ذاك أخوك عيسى بن مريم ، يوصيك بأخيك علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فإنه قائد الغر المحجلين وأمير المؤمنين ، وأنت سيد ولد آدم ، قال : فمن الذي لقيت عند الباب : باب بيت المقدس ؟ قال : ذاك أبوك آدم يوصيك بوصيك : بابنه علي بن أبي طالب (عليه السلام) خيرا ، ويخبرك أنه أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين ، قال : فمن الذي صليت بهم ؟ قال : أولئك الأنبياء والملائكة عليهم السلام ، كرامة من الله أكرمك يا محمد ، ثم هبط إلى الأرض . قال : فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث إلى أنس بن مالك فدعاه ، فلما جاءه قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ادع عليا فأتاه ، فقال : يا علي أبشرك ؟ قال : بماذا ؟ قال : أخوك موسى وأخوك عيسى وأبوك آدم صلى الله عليهم ، فكلهم يوصي بك ، قال : فبكى علي وقال: الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا ، ثم قال : يا علي ألا أبشرك ؟ قال : قلت : بشرني يا رسول الله ، فقال : يا علي نظرت بعيني إلى عرش ربي عز وجل فرأيت مثلك في السماء الاعلى ، وعهد إلي فيك عهدا ، قال : بأبي وأمي يا رسول الله ، أوكل ذلك كانوا يذكرون إليك ؟ قال : فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا علي إن الملا الاعلى ليدعون لك وإن المصطفين الأخيار ليرغبون إلى ربهم جل وعز أن يجعل لهم السبيل إلى النظر إليك وإنك لتشفع يوم القيامة ، وإن الأمم كلهم موقوفون على حرف جهنم ، قال : فقال علي : يا رسول الله فمن الذي كانوا يقذف بهم في نار جهنم ؟ قال : أولئك المرجئة والحرورية والقدرية وبنو أمية ومناصبك العداوة ، يا علي هؤلاء الخمسة ليس لهم في الاسلام نصيب . (1)

السير في السماء الدنيا

99- ابن عباس في خبر : إن جبرئيل أتى النبي (صلى الله عليه وآله) وقال : إن ربي بعثني إليك ، وأمرني آن آتيه بك ، فقم فإن الله يكرمك كرامة لم يكرم بها أحدا قبلك ولا بعدك ، فأبشر وطب نفسا ، فقام وصلى ركعتين ، فإذا هو بميكائيل وإسرافيل ، ومع كل واحد منهما سبعون ألف ملك ، فسلم عليهم ، فبشروه فإذا معهم دابة فوق الحمار ، ودون

ص: 59


1- بحار الأنوار ج 18 ص 393

البغل خده كخد الانسان ، وقوائمه كقوائم البعير ، وعرفه كعرف الفرس ، وذنبه كذنب البقر رجلاها أطول من يديها ، ولها جناحان من فخذيه ، خطوتها مد البصر ، وإذا عليها لجام من ياقوتة حمراء ، فلما أراد أن يركب امتنعت ، فقال جبرئيل : إنه محمد ، فتواضعت حتى لصقت بالأرض ، فأخذ جبرئيل بلجامها ، وميكائيل بركابها ، فركب فلما هبطت ارتفعت يداها ، وإذا صعدت ارتفعت رجلاها ، فنفرت العير من دفيف البراق ينادي رجل في آخر العير أن يا فلان إن الإبل قد نفرت ، وإن فلانة ألقت حملها ، وانكسر يدها . فلما كان ببطن البلقاء عطش فإذا لهم ماء في آنية فشرب منه ، وألقى الباقي ، فبينا هو في مسيره إذا نودي عن يمين الطريق : يا محمد على رسلك ، ثم نودي عن يساره : على رسلك ، فإذا هو بامرأة استقبلته وعليها من الحسن والجمال ما لم ير لاحد ، وقالت : قف مكانك حتى أخبرك ، ففسر له إبراهيم الخليل (عليه السلام) لما رآه جميع ذلك ، فقال : منادي اليمين داعية اليهود . فلو أجبته لتهودت أمتك ، ومنادي اليسار داعية النصارى ، فلو أجبته لتنصرت أمتك والمرأة المتزينة هي الدنيا ، تمثلت لك ، لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ، فجاء جبرئيل إلى بيت المقدس فرفعها فأخرج من تحتها ثلاثة أقداح : قدحا من لبن ، وقدحا من عسل ، وقدحا من خمر ، فناوله قدح اللبن فشرب ، ثم ناوله قدح العسل فشرب ، ثم ناوله قدح الخمر فقال : قد رويت يا جبرئيل فقال : أما إنك لو شربته ضلت أمتك . (1)

المرور بالسماوات

100 - عن أبي بصير قال : سمعت الصادق (عليه السلام) يقول : إن جبرئيل (عليه السلام) احتمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهى به إلى مكان من السماء ، ثم تركه ، وقال : ما وطئ نبي قط مكانك . وقال النبي (صلى الله عليه وآله) أتاني جبرئيل وأنا بمكة فقال : قم يا محمد ، فقمت معه ، وخرجت إلى الباب ، فإذا جبرئيل ومعه ميكائيل وإسرافيل ، فأتى جبرئيل بالبراق ، وكان فوق الحمار ودون البغل ، خده كخد الانسان وذنبه كذنب البقر ، وعرفه كعرف الفرس ، وقوائمه كقوائم الإبل ، عليه رحل من الجنة ، وله جناحان من فخذيه ، خطوه منتهى طرفه ، (2)

فقال : اركب فركبت ومضيت حتى انتهيت إلى بيت المقدس ، ولما انتهيت إليه إذا الملائكة نزلت من السماء بالبشارة والكرامة من عند رب العزة ، وصليت في بيت المقدس - وفي بعضها بشرني إبراهيم في رهط من الأنبياء ، ثم وصف موسى وعيسى صلوات الله عليهما

ثم أخذ جبرئيل بيدي إلى الصخرة ، فأقعدني عليها ،

فإذا معراج إلى السماء لم أر مثلها حسنا وجمالا ،

فصعدت إلى السماء الدنيا ورأيت عجائبها وملكوتها ، وملائكها يسلمون علي ،

ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فرأيت بها يوسف (عليه السلام) ،

ثم صعدت إلى السماء الرابعة فرأيت فيها إدريس (عليه السلام) ،

ثم صعد بي إلى السماء الخامسة فرأيت فيها هارون (عليه السلام) ،

ثم صعد بي إلى السماء السادسة فإذا فيها خلق كثير يموج بعضهم في بعض وفيها الكروبيون ،

ص: 60


1- بحار الأنوار ج 18 383
2- قوله (عليه السلام) : خطوه منتهى طرفه ، أي كان يضع كل خطوة منه على منتهى مد بصره

قال : ثم صعد بي إلى السماء السابعة فأبصرت فيها خلقا وملائكة .

وفي حديث آخر : قال النبي (صلى الله عليه وآله) : رأيت في السماء السادسة موسى (عليه السلام) ،

و رأيت في السابعة إبراهيم (عليه السلام) ،

ثم قال : جاوزنا متصاعدين إلى أعلى عليين - ووصف ذلك إلى أن قال : - ثم كلمني ربي وكلمته ، ورأيت الجنة والنار ، ورأيت العرش و سدرة المنتهى ،

ثم قال : رجعت إلى مكة ، فلما أصبحت حدثت به الناس ، فأكذبني أبو جهل والمشركون ، وقال مطعم بن عدي : أتزعم أنك سرت مسيرة شهرين في ساعة ؟ أشهد أنك كاذب ، ثم قالت قريش : أخبرنا عما رأيت ، فقال : مررت بعير بني فلان وقد أضلوا بعيرا لهم ، وهم في طلبه ، وفي رحلهم قعب من ماء مملو فشربت الماء فغطيته كما كان ، فسألوهم هل وجدوا الماء في القدح ، قالوا هذه آية واحدة ، فقال (صلى الله عليه وآله) : مررت بعير بني فلان فنفر بعير فلان فانكسرت يده فسألوهم عن ذلك ، فقالوا : هذه آية أخرى ، قالوا : فأخبرنا عن عيرنا ، قال : مررت بها بالتنعيم ، وبين لهم أحوالها وهيئاتها ، قالوا : هذه آية أخرى . (1)

قصور علي في السماوات

101 - عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما عرج بي إلى السماء الدنيا إذا أنا بقصر من فضة بيضاء على بابه ملكان ، فقلت : يا جبرئيل سلهما لمن هذا القصر ؟

فسألهما فقالا : لفتى من بني هاشم ،

فلما صرت في السماء الثانية إذا أنا بقصر من ذهب أحمر أحسن من الأول على بابه ملكان فقلت يا جبرئيل سلهما لمن هذا القصر فسألهما فقالا لفتى من بني هاشم

فلما صرت إلى السماء الثالثة إذا أنا بقصر من ياقوتة حمراء على بابه ملكان ، فقلت : يا جبرئيل سلهما ، فسألهما فقالا : لفتى من بني هاشم .

فلما صرت في السماء الرابعة إذا أنا بقصر من درة بيضاء على بابه ملكان فقلت : يا جبرئيل سلهما ، فسألهما فقالا : لفتى من بني هاشم ،

فلما صرت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بقصر من درة صفراء على بابه ملكان ، فقلت : يا جبرئيل سلهما لمن هذا القصر ؟ فسألهما فقالا : لفتى من بني هاشم ،

فلما صرت إلى السماء السادسة إذا أنا بقصر من لؤلؤة رطبة مجوفة على بابه ملكان ، فقلت : يا جبرئيل سلهما ، فسألهما لمن هذا القصر ؟ فقالا لفتى من بني هاشم ،

فلما صرت إلى السماء السابعة إذا أنا بقصر من نور عرش الله تبارك وتعالى على بابه ملكان ، فقلت : يا جبرئيل سلهما لمن هذا القصر ؟ فسألهما فقالا : لفتى من بني هاشم ،

فسرنا فلم نزل ندفع من نور إلى ظلمة ، ومن ظلمة إلى نور حتى وقفت على سدرة المنتهى فإذا جبرئيل (عليه السلام) ينصرف ، قلت : خليلي جبرئيل في مثل هذا المكان ! أو في مثل هذا السدرة ! - تخلفني وتمضي ؟ فقال : حبيبي ، والذي بعثك بالحق نبيا إن هذا المسلك ما سلكه نبي مرسل ولا ملك مقرب ، أستودعك رب العزة وما زلت واقفا حتى قذفت في بحار النور ، فلم تزل الأمواج تقذفني من نور إلى ظلمة ، ومن ظلمة إلى نور

ص: 61


1- مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 153

حتى أوقفني ربي الموقف الذي أحب أن يقفني عنده من ملكوت الرحمان فقال عز وجل : يا أحمد قف ، فوقفت منتفضا مرعوبا ، فنوديت من الملكوت : يا أحمد ، فألهمني ربي فقلت : لبيك ربي وسعديك ، ها أنا ذا عبدك بين يديك ، فنوديت : يا أحمد العزيز يقرأ عليك السلام ، قال : فقلت : هو السلام وإليه يعود السلام ، ثم نوديت ثانية يا أحمد ، فقلت : لبيك وسعديك سيدي ومولاي ، قال : يا أحمد (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه) فألهمني ربي فقلت(آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) فقلت :(قد سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) فقال الله عز وجل : (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) فقلت : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) فقال الله عز وجل : قد فعلت ، فقلت : (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا) فقال : قد فعلت : فقلت : (ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) فقال الله عز وجل : قد فعلت ، فجرى القلم بما جرى ، فلما قضيت وطري من مناجاة ربي نوديت : إن العزيز يقول لك : من خلفت في الأرض ، فقلت : خيرها ، خلفت فيهم ابن عمي ، فنوديت يا أحمد من ابن عمك ؟ قلت أنت أعلم علي بن أبي طالب ، فنوديت من الملكوت سبعا متواليا : يا أحمد استوص بعلي بن أبي طالب ابن عمك خيرا ، ثم قال : التفت ، فالتفت عن يمين العرش فوجدت على ساق العرش الأيمن مكتوبا : لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ، محمد رسولي ، أيدته بعلى يا أحمد شققت اسمك من اسمي ، أنا الله المحمود الحميد ، وأنا الله العلي ، وشققت اسم ابن عمك علي من اسمي يا أبا القاسم امض هاديا مهديا ، نعم المجئ جئت ونعم المنصرف انصرفت ، وطوباك ، وطوبى لمن آمن بك وصدقك ، ثم قذفت في بحار النور فلم تزل الأمواج تقذفني حتى تلقاني جبرئيل (عليه السلام) في سدرة المنتهى ، فقال لي : خليلي نعم المجئ جئت ، ونعم المنصرف انصرفت ماذا قلت ؟ وماذا قيل : لك ؟ قال : فقلت : بعض ما جرى ، فقال لي : وما كان آخر الكلام الذي القي إليك ؟فقلت له : أن نوديت : يا أبا القاسم ! إمض هاديا مهديا فطوبى لك وطوبى لمن آمن بك وصدقك . فقال لي جبرئيل (عليه السلام) : ألم تستفهم ماذا أراد بأبي القاسم ؟ قلت : لا يا روح الله . فنوديت : يا أحمد ! إنما كنيتك بأبي القاسم لأنك تقسم الرحمة مني بين عبادي يوم القيامة . فقال لي جبرئيل : هنيئا مريئا لك يا حبيبي ، والذي اختصك بالرسالة و اختصك بالنبوة وبعثك ما أعطي الله هذا آدميا قبلك . ثم انصرفنا فجئناإلى السماء السابعة فإذا القصر على حاله ، فقلت حبيبي جبرئيل : سل الملكين : من الفتى من بني هاشم ؟ فسألهما : فقالا : علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله . ثم نزلنا سماء سماء نسأل عن الفتى ملائكة تلك القصور فيقولون : علي بن أبي طالب . (1)

*- عن عبد الرحمن بن عوف قال:قال رسول الله (صلى الله عليه وال وسلم):لما أسري بي وكشف لي الجنة رأيت قصور علي بن أبي طالب ,كا لكوكب الدري ,وما مررت بمكان الا وسمعت فيه :هذا مؤيد بابن عمه علي ,أيده الله(2).

قصور الذاكرين في السماوات

ص: 62


1- المحتضر ص 258 ، بحار الأنوار ج 18 ص 309
2- طوالع الانوار:ج2ص289

102- قال النبي صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى سماء الدنيا ، مررت على قصر من جوهرة حمراء ، الحديث (1)فقلت : يا حبيبي جبرئيل لمن هذا القصر ؟

قال : لمن يصلي فرض الصبح ويقول بعده (يا باسط اليدين بالرحمة ، ارحمني) أربعين مرة .

ولما عرج به إلى السماء الثانية مر بقصر له سبعون بابا إلى آخره قال : يا حبيبي جبرئيل لمن هذا ؟

فقال : لمن صلى الظهر وقال بعدها (يا واسع المغفرة اغفر لي) سبعين مرة .

ولما عرج به إلى السماء الثالثة مر على قصر معلق في الهواء إلى آخره فقال : يا حبيبي جبرئيل لمن هذا ؟

فقال : لمن صلى العصر وقال بعدها : (لا إله إلا الله قبل كل أحد ، لا إله إلا الله بعد كل أحد لا إله إلا الله يبقى ربنا ويفنى كل أحد) سبع عشر مره

ولما عرج به إلى السماء الرابعة مر على قصر من اللؤلؤ وشرائفه من زبرجد - الخ - فقال : يا أخي جبرئيل لمن هذا ؟

قال : لمن صلى المغرب وقال بعدها (يا كريم العفو انشر علي رحمتك يا أرحم الراحمين) أربعين مرة .

ولما عرج به إلى السماء الخامسة مر على قصر من ارجوان الخ قال : يا حبيبي لمن هذا ؟ قال : لمن صلى العشاء الآخرة وقال بعدها (يا عالم خفيتي اغفر لي خطيئتي) سبعين مرة .

ولما عرج بي إلى السماء السادسة مررت على قبة بيضاء ، قلت : لمن هذا ؟

قال : لمن انتبه بالليل وقال : (يا حي يا قيوم يا حي لا يموت ، ارحم عبدك الخاطئ المعترف بذنبه يا أرحم الراحمين) ثلاث مرات .

ولما عرج بي إلى السماء السابعة مررت على قصر من لؤلؤة بيضاء الخ فقلت : لمن هذا يا حبيبي جبرئيل ؟

قال : لمن يقرء كل يوم (سبحان الله بعدد ما خلق ، سبحان الله بعدد ما هو خالق إلى يوم القيامة) خمس عشرة مرة . والحمد لله رب العالمين . (2)

الكتابة على السماوات

103 - عن جابر الأنصاري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما عرج بي إلى السماء السابعة وجدت على كل باب سماء مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين

ولما صرت إلى حجب النور رأيت على كل حجاب مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين

ولما صرت إلى العرش وجدت على كل ركن من أركانه مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين . (3)

ص: 63


1- كذا الحديث في جميع الاصول التي نقلته عن اختيار السيد ابن باقي والظاهر ان السيد قد اختصره كما يظهر من متنه
2- بحار الأنوار ج 83 ص 52 ، مستدرك الوسائل ج 5 ص 121
3- بحار الأنوار ج 18 ص 304و ص 299

اسطوانة الدين

104 - عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى السماء إذا أنا بأسطوانة أصلها من فضة بيضاء ووسطها من ياقوتة وزبرجد ، وأعلاها من ذهبة حمراء ؟

فقلت : يا جبرئيل ما هذه ؟

فقال : هذا دينك أبيض واضح مضئ .

قلت : وما هذه وسطها ؟

قال : الجهاد

قلت : فما هذه الذهبة الحمراء ؟

قال : الهجرة ، ولذلك علا إيمان علي عليه السلام على إيمان كل مؤمن . (1)

فزج بي في النور زجة

105 – عن عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي ابن أبي طالب عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما خلق الله خلقا أفضل مني ولا أكرم عليه منى ، قال : علي عليه السلام فقلت يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل فقال يا علي ، ان الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك ، وان الملائكة لخدامنا وخدام محبينا . يا علي ، (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا)بولايتنا ، يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنة ولا النار ، ولا السماء ولا الأرض ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة ، وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه ، لان أول ما خلق الله عز وجل خلق أرواحنا فانطقنا بتوحيده وتحميده ، ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة إنا خلق مخلوقون ، وانه منزه عن صفاتنا ، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا ، فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا ، لتعلم الملائكة ان لا إله إلا الله وإنا عبيد ولسنا بآلهة يجب ان نعبد معه أو دونه ، فقالوا : لا إله إلا الله ، فلما شاهدوا كبر محلنا كبرنا لتعلم الملائكة ان الله أكبر من أن ينال عظم المحل إلا به ، فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العز والقوة قلنا لا حول ولا قوة إلا بالله لتعلم الملائكة ان لا حول لنا ولا قوة إلا بالله ، فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا الحمد لله لتعلم الملائكة ما يحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمته ، فقالت الملائكة : الحمد لله فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده ، ثم إن الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبة وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا واكراما . وكان سجودهم لله عز وجل عبودية ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون ، وانه

ص: 64


1- بحار الأنوار ج 18 ص 342 و ج 40 ص 2 ، معاني الأخبار ص 113

لما عرج بي إلى السماء أذن جبرئيل مثنى مثنى ، وأقام مثنى مثنى ، ثم قال لي تقدم يا محمد ، فقلت له يا جبرئيل أتقدم عليك ؟ فقال : نعم ، لان الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه على ملائكته أجمعين ، وفضلك خاصة . فتقدمت فصليت بهم ولا فخر ، فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل تقدم يا محمد وتخلف عنى ، فقلت يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني ؟ فقال يا محمد : ان انتهاء حدى الذي وضعني الله عز وجل فيه إلى هذا المكان فان تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدي حدود ربى جل جلاله فزج بي في النور زجة(1) حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله من علو ملكة فنوديت يا محمد ، فقلت : لبيك ربي وسعد يك تباركت وتعاليت ، فنوديت يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلي فتوكل ، فإنك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجتي على بريتي ، لك ولمن أتبعك خلقت جنتي ، ولمن خالفك خلفت ناري ، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتهم أوجبت ثوابي ، فقلت يا رب : ومن أوصيائي ، فنوديت يا محمد : أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي ، فنظرت وأنا بين يدي ربى جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثنى عشر نورا ، في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصي من أوصيائي ، أولهم : علي بن أبي طالب ، وآخرهم مهدي أمتي ، فقلت يا رب هؤلاء أوصيائي من بعدي ؟ فنوديت يا محمد هؤلاء أوليائي وأوصيائي وحججي بعدك على بريتي وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك ، وعزتي وجلالي ، لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم كلمتي ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولأمكننه مشارق الأرض ومغاربها ، ولأسخرن له الرياح ، ولأذللن له السحاب الصعاب ، ولأرقينه في الأسباب ، ولأنصرنه بجندي ولأمدنه بملائكتي حتى تعلو دعوتي ويجتمع الخلق على توحيدي ، ثم لأديمن ملكه ، ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة . (2)

عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من النار

106- روى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد قال : لما أسري بالنبي صلى الله عليه وآله رأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من النار كلما التفت رآه فقال جبرئيل عليه السلام : ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن طفيت شعلته وصرفته ؟ ؟ قل : أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما ينزل إلى الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن (3).

ص: 65


1- زج به على المجهول أي دفع ورمي .
2- علل الشرائع ج 1 ص 5 ، حلية الأبرار ج 1 ص 9 ، بحار الأنوار ج 26 ص 335 و ج 57 ص 303 و ج 81 ص 107 و ج 52 ص 311 ، عيون أخبار الرضا (ع) ج 2 ص 236 ، كمال الدين وتمام النعمة ص 254 ، وسائل الشيعة ج 5 ص 420، مستدرك الوسائل ج 6 ص 510
3- بحار الأنوار ج 60 ص 328

الفصل الخامس: مشاهدة احوال الملائكة

ملك القطر واحصاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله

107 - عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : أسري بي ليلة المعراج إلى السماء ، فرأيت ملكا له ألف يد ، لكل يد الف إصبع ، وهو يحاسب ويعد بتلك الأصابع ، فقلت لجبرئيل : من هذا الملك ؟ وما الذي يحاسبه ؟

قال : هذا ملك موكل على قطر المطر ، يحفظها كم قطرة تنزل من السماء إلى الأرض ، فقلت للملك ، أنت تعلم مذ خلق الله الدنيا ، كم قطرة نزلت من السماء إلى الأرض ؟

فقال : يا رسول الله ، فوالله الذي بعثك بالحق إلى خلقه ، غير اني اعلم كم قطرة نزلت من السماء إلى الأرض ، اعلم تفصيلا كم قطرة نزلت في البحر ، وكم قطرة نزلت في البر ، وكم قطرة نزلت في العمران ، وكم قطرة نزلت في البستان وكم قطرة نزلت في السبخة وكم قطرة نزلت القبور ،

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : فتعجبت من حفظه وتذكره حسابه ،

فقال : يا رسول الله حساب لا أقدر عليه بما عندي من الحفظ والتذكر والأيدي والأصابع ، فقال : اي حساب هو ؟

فقال : قوم من أمتك يحضرون مجمعا ، فيذكر اسمك عندهم ، فيصلون عليك ، فانا لا أقدر على حصر ثوابهم (1)

ملائكة لا تعلم شيئا غير الطاعة

108- قال رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة أسري بي إلى السماء رأيت في السماء السابعة ميادين كميادين أرضكم هذه ، ورأيت أفواجا من الملائكة يطيرون لا يقف هؤلاء لهؤلاء ولا هؤلاء لهؤلاء قال : فقلت لجبرئيل :

من هؤلاء ؟

فقال : لا أعلم ،

فقلت : من أين جاؤوا ؟

فقال : لا أعلم .

فقلت : وأين يمضون ؟

فقال : لا أعلم ،

فقلت : سلهم ،

فقال : لا أقدر ، ولكن سلهم أنت يا حبيب الله ،

قال : فاعترضت ملكا منهم ، فقلت له : ما اسمك ؟

فقال : كيكائيل ،

فقلت : من أين أتيت ؟

ص: 66


1- مستدرك الوسائل ج 5 ص 355

فقال : لا أعلم ،

فقلت : وأين تمضي ؟

فقال : لا أعلم

فقلت : وكم لك في السير ؟

فقال : لا أعلم ، غير أني يا حبيب الله أعلم أن الله سبحانه يخلق في كل ألف سنة كوكبا ، وقد رأيت ستة آلاف كوكب خلقن وأنا في السير . (1)

ملائكة في سوق

109- في بعض كتب التذكير أن النبي صلى الله عليه وآله حين عرج به رأى الملائكة في موضع بمنزلة سوق بعضهم يمشي تجاه بعض ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله أنهم إلى أين يذهبون ؟ فقال جبرئيل عليه السلام : لا أدري إلا أني أراهم منذ خلقت ، ولا أرى واحدا منهم قد رأيته قبل ذلك ، ثم سألوا واحدا منهم ، وقيل له : منذ كم خلقت ؟ فقال : لا أدري غير أن الله تعالى يخلق كوكبا في كل أربعمائة ألف سنة ، فخلق مثل ذلك الكواكب منذ خلقني أربعمائة ألف كوكب . (2)

جنود الملائكة

110 - عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله حدثهم عن ليلة أسري به ، قال : فصعدت أنا وجبرئيل إلى السماء الدنيا فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا ، وبين يديه سبعون ألف ملك ، مع كل ملك جنده مائة ألف ، وتلا هذه الآية (وما يعلم جنود ربك إلا هو) . (3)

ملك على صورة علي

111 - عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال : سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : ليلة أسرى بي ربي عز وجل رأيت في بطنان العرش (4) ملكا بيده سيف من نور يلعب به كما يلعب علي بن أبي طالب (عليه السلام) بذي الفقار ، وإن الملائكة إذا اشتاقوا إلى علي بن أبي طالب نظروا إلى وجه ذلك الملك فقلت : يا رب هذا أخي علي بن أبي طالب وابن عمي ؟ فقال : يا محمد هذا ملك خلقته على صورة علي يعبدني في بطنان عرشي ، تكتب حسناته وتسبيحه وتقديسه لعلي بن أبي طالب إلى يوم القيامة . (5)

112- جاء في الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأى في السماء لما عرج به ملكا على صورة أمير المؤمنين ،(6)

ص: 67


1- بحار الأنوار ج 54 ص 338
2- بحار الأنوار ج 56 ص 206
3- بحار الأنوار ج 56 ص 200 ،الدر المنثور : ج 6 ص 276.
4- قال الجزري : فيه ينادي مناد من بطنان العرش ، أي من وسطه ، وقيل : من أصله ، وقيل : البطنان جمع بطن وهو الغامض من الأرض ، يريد من دواخل العرش
5- عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 139، بحار الأنوار ج 18 ص 352و ج 39 ص 108 ، العقد النضيد والدر الفريد القمي ص 31، الجواهر السنية ص 253 ، كشف الغمة : 40
6- بحار الأنوار ج 18 ص 300و ج 26 ص 305، كنز الفوائد ص 259 260

113- عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لما أسري بي إلى السماء ما مررت بملا من الملائكة إلا سألوني عن علي بن أبي طالب حتى ظننت أن اسم علي في السماء أشهر من اسمي ، فلما بلغت السماء الرابعة نظرت إلى ملك الموت فقال لي : يا محمد ما خلق الله خلقا إلا أقبض روحه بيدي ما خلا أنت وعلي ، فإن الله جل جلاله يقبض أرواحكما بقدرته ، فلما صرت تحت العرش نظرت فإذا أنا بعلي بن أبي طالب واقفا تحت عرش ربي فقلت : يا علي سبقتني ؟ فقال لي جبرئيل (عليه السلام) : يا محمد من هذا الذي يكلمك ؟ قلت : هذا أخي علي بن أبي طالب ، قال لي : يا محمد ليس هذا عليا ، ولكنه ملك من ملائكة الرحمان خلقه الله على صورة علي بن أبي طالب عليه السلام ، فنحن الملائكة المقربون كلما اشتقنا إلى وجه علي بن أبي طالب زرنا هذا الملك لكرامة علي بن أبي طالب على الله سبحانه (1).

114 - عن ابن عباس والحديث مختصر : لما عرج بالنبي صلى الله عليه وآله إلى السماء رأى ملكا على صورة علي حتى لا يفاوت منه شيئا ، فظنه عليا ، فقال : يا أبا الحسن سبقتني إلى هذا المكان ؟ فقال جبرئيل عليه السلام : ليس هذا علي بن أبي طالب هذا ملك على صورته ، وإن الملائكة اشتاقوا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فسألوا ربهم أن يكون من علي صورته فيرونه (2).

115 - عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله) ليلة أسري بي إلى السماء فبلغت السماء الخامسة نظرت إلى صورة علي بن أبي طالب فقلت : حبيبي جبرئيل ما هذه الصورة ؟ فقال جبرئيل : يا محمد اشتهت الملائكة أن ينظروا إلى صورة علي فقالوا : ربنا إن بني آدم في دنياهم يتمتعون غدوة وعشية بالنظر إلى علي بن أبي طالب حبيب حبيبك محمد ، وخليفته ووصيه وأمينه فمتعنا بصورته قدر ما تمتع أهل الدنيا به فصور لهم صورته من نور قدسه عز وجل ، فعلي (عليه السلام) بين أيديهم ليلا ونهارا يزورونه وينظرون إليه غدوة وعشية (3)

قال الوراق القمي :

علي الذي لما تشوق في السما *** إلى وجهه سكانها شوق محرم

على خلقه ذو العرش صور ملكا *** وقال لهم زوروا الولي المطهم

وقال العبدي :

يا من شكت شوقه الاملاك إذ شغفت *** بحبه وهواه غاية الشغف

فصاغ شبهك رب العالمين فما *** ينفك من زائر منها ومعتكف

وله أيضا :

لقد أعطيت ما لم يعط خلقا *** هنيئا يا أمير المؤمنينا

إليك اشتاقت الاملاك حتى *** تحنت من تشوقها حنينا

ص: 68


1- بحار الأنوار ج 18 ص 299 و ج 26 / 305 ، مدينة المعاجز ج 2 ص 310 مائة منقبة لابن شاذان : 32 ح 13 . الكراجكي في كنزه : 2 / 142
2- مناقب آل أبي طالب 1 : 400 . النهاية 2 : 123 . بحار الأنوار ج 39 ص 98
3- بحار الأنوار ج 18 ص 299

هناك برا لها الرحمن شخصا *** كشبهك لا يغادره يقينا

وله أيضا :

صور الله لاملاك العلى *** مثله أعظمه في الشرف

وهي ما بين مطيف زائر *** ومقيم حوله معتكف

هكذا شاهده المبعوث في *** ليلة المعراج فوق الرفرف

وقال العوني :

وفي خبر صحت روايته لهم *** عن المصطفى لا شك فيه فيستبرا

بأن قال لما أن عرجت إلى السماء *** رأيت بها الاملاك ناظره شزرا

إلى نحو شخص حين بيني وبينه *** لعظم الذي عاينته منه لي خيرا

فقلت حبيبي جبرئيل من الذي *** تلاحظه الاملاك قال لك البشرى

فقلت وما من ذاك قال علي الرضا *** وما خصه الرحمن من نعم فخرا

تشوقت الاملاك إذ ذاك شخصه *** فصوره الهادي على صور أخرى

فمال إلى نحو ابن عم ووارث *** على جذل منه بتحقيقه خبرا(1)

رأى جبرئيل وله ستمائة جناح

116- عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه رأى جبرئيل عليه السلام ليلة المعراج وله ستمائة جناح (2).

ملك اسمه علي ساجد تحت العرش

117- عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء وصرت أنا وجبرئيل إلى السماء السابعة قال جبرئيل : يا محمد هذا موضعي ، ثم زخ بي في النور زخة ، فإذا أنا بملك من ملائكة الله تعالى في صورة علي عليه السلام اسمه علي ساجد تحت العرش يقول : اللهم اغفر لعلي وذريته ومحبيه وأشياعه وأتباعه والعن مبغضيه وأعاديه وحساده إنك على كل شئ قدير(3).

يزوره كل يوم سبعون ألف ملك

118 - عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله قال : ليلة أسري بي إلى السماء الرابع رأيت صورة علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت : يا جبرئيل هذا علي ؟ فأوحي إلي بأن هذا ملك خلقه الله في صورة علي بن أبي طالب عليه السلام يزوره كل يوم سبعون ألف ملك ، يسبحون ويكبرن وثوابهم لمحبي علي بن أبي طالب عليه السلام . (4).

ص: 69


1- مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 73
2- الخصال ص 153
3- بحار الأنوار ج 39 ص 97
4- بشارة المصطفى : 196 ، بحار الأنوار ج 39 ص 110

119 - عن أبي عبد الله عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي إنه لما أسري بي إلى السماء تلقتني الملائكة بالبشارات في كل سماء حتى لقيني جبرئيل عليه السلام في محفل من الملائكة فقال : لو اجتمعت أمتك على حب علي ما خلق الله عز وجل النار ، يا علي إن الله تبارك وتعالى أشهدك معي في سبعة مواطن حتى آنست بك ، أما أول ذلك فليلة أسري بي إلى السماء قال لي جبرئيل عليه السلام : أين أخوك يا محمد ؟ فقلت : خلفته ورائي ، فقال : ادع الله عز وجل فليأتك به ، فدعوت الله عز وجل فإذا مثالك معي وإذا الملائكة وقوفا صفوفا ، فقلت : يا جبرئيل من هؤلاء ؟ قال ، هؤلاء الذين يباهي الله عز وجل بهم يوم القيامة ، فدنوت فنطقت بما كان وبما يكون إلى يوم القيامة ، والثانية حين أسري بي إلى ذي العرش عز وجل قال جبرئيل عليه السلام : أين أخوك يا محمد ، فقلت خلفته ورائي ، فقال : ادع الله عز وجل ، فإذا مثالك معي ، وكشط لي عن سبع سماوات حتى رأيت سكانها وعمارها وموضع كل ملك منها ، والثالثة حين بعثت إلى الحق فقال لي جبرئيل عليه السلام : أين أخوك ؟ فقلت : خلفته ورائي ، فقال : ادع الله عز وجل فليأتك به ، فدعوت الله عز وجل فإذا أنت معي ، فما قلت لهم شيئا ولا ردوا علي شيئا إلا سمعته ووعيته ، والرابعة خصصنا بليلة القدر وأنت معي فيها وليست لاحد غيرنا والخامسة ناجيت الله عز وجل ومثالك معي ، فسألت فيك فأجابني إليها إلا النبوة فإنه قال : خصصتها بك وختمتها بك ، والسادسة : لما طفت بالبيت المعمور كان مثالك معي ، والسابعة هلاك الأحزاب على يدي وأنت معي . يا علي إن الله أشرف إلى الدنيا فاختارني على رجال العالمين ، ثم اطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين ، ثم اطلع الثالثة فاختار فاطمة على نساء العالمين ، ثم اطلع الرابعة فاختار الحسن والحسين والأئمة من ولدهما على رجال العالمين . يا علي إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن فآنست بالنظر إليه إني لما بلغت بيت المقدس في معارجي إلى السماء وجدت على صخرتها : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته به فقلت : يا جبرئيل ومن وزيري ؟ فقال : علي بن أبي طالب ، فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها ، لا إله إلا الله أنا وحدي ومحمد صفوتي من خلقي أيدته بوزيره ونصرته به فقلت : يا جبرئيل ومن وزيري ؟ فقال : علي بن أبي طالب ، فلما جاوزت السدرة وانتهيت إلى عرش رب العالمين وجدت مكتوبا على قائمة من قوائم العرش لا إله إلا الله أنا وحدي محمد حبيبي وصفوتي من خلقي أيدته بوزيره وأخيه ونصرته به . يا علي إن الله عز وجل أعطاني فيك سبع خصال : أنت أول من ينشق القبر عنه معي ، وأنت أول من يقف معي على الصراط فتقول للنار خذي هذا فهو لك وذري هذا فليس هو لك ، وأنت أول من يكسى إذا كسيت ويحيى إذا حييت ، وأنت أول من يقف معي عن يمين العرش ، وأول من يقرع معي باب الجنة وأول من يسكن معي عليين ، وأول من يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون . (1).

مر أمتك بالحجامة

ص: 70


1- أمالي ابن الشيخ : 50 و 51، بحار الأنوار ج 40 ص 35

120 - قال النبي (صلى الله عليه وآله) : في ليلة أسري بي إلى السماء ، ما مررت بملأ من الملائكة الا قالوا : يا محمد ، مر أمتك بالحجامة (1).

الملائكة يقسمون على الله بعلي لقضاء حوائجهم

121 - تفسير الإمام العسكري عليه السلام : لقد أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوما وقد غص مجلسه بأهله ، فقال : أيكم اليوم أنفق من ماله ابتغاء وجه الله ؟ فسكتوا ، فقال علي عليه السلام : أنا خرجت ومعي دينار أريد أشتري به دقيقا فرأيت المقداد بن أسود وتبينت في وجهه أثر الجوع ، فناولته الدينار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : وجبت ، ثم قام آخر فقال : قد أنفقت اليوم أكثر مما أنفق علي ، جهزت رجلا وامرأة يريدان طريقا ولا نفقة لهما ، فأعطيتهما ألف درهم فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا : يا رسول الله مالك قلت لعلي : وجبت ولم تقل لهذا وهو أكثر صدقة ؟ فقال رسول الله : أما رأيتم ملكا يهدي خادمه إليه هدية خفيفة فيحسن موقعها ويرفع محل صاحبها ، ويحمل إليه من عند خادم آخر هدية عظيمة فيردها ويستخف بباعثها ؟ قالوا : بلى ، قال : فكذلك صاحبكم علي دفع دينارا منقادا لله سادا خلة فقير مؤمن ، وصاحبكم الآخر أعطى ما أعطى معاندة لأخي رسول الله ، يريد به العلو على علي بن أبي طالب عليه السلام فأحبط الله عمله وصيره وبالا عليه ، أما لو تصدق بهذه النية من الثرى إلى العرش ذهبا أو لؤلؤا لم يزدد بذلك من رحمة الله إلا بعدا ، ولسخط الله تعالى إلا قربا ، وفيه ولوجا و اقتحاما . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فأيكم اليوم دفع عن أخيه المؤمن بقوته قال علي عليه السلام : أنا مررت في طريق كذا ، فرأيت فقيرا من فقراء المؤمنين قد تناوله أسد فوضعه تحته وقعد عليه ، والرجل يستغيث بي من تحته ، فناديت الأسد : خل عن المؤمن ، فلم يخل ، فتقدمت إليه فركلته برجلي ، فدخلت رجلي في جنبه الأيمن وخرجت من جنبه الأيسر ، فخر الأسد صريعا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : وجبت ، هكذا يفعل الله بكل من آذى لك وليا ، يسلط الله عليه في الآخرة سكاكين النار وسيوفها ، يبعج بها بطنه ويحشى نارا ، ثم يعاد خلقا جديدا أبد الآبدين ودهر الداهرين . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : وأيكم اليوم نفع بجاهه أخاه المؤمن ؟ فقال علي عليه السلام : أنا ، قال : صنعت ماذا ؟ قال : مررت بعمار بن ياسر وقد لازمه بعض اليهود في ثلاثين درهما كانت له عليه ، فقال عمار : يا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله يلازمني ولا يريد إلا إيذائي واذلالي لمحبتي لكم أهل البيت . فخلصني منه بجاهك ، فأردت أن أكلم له اليهودي فقال : يا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله أنا أجللك في قلبي وعيني ، . من أن أبذلك لهذا الكافر ولكن اشفع لي إلى من لا يردك عن طلبه ، فلو أردت جميع جوانب العالم أن يصيرها كأطراف السفرة لفعل ، فاسأله أن يعينني على أداء دينه ويغنيني عن الاستدانة ، فقلت : اللهم افعل ذلك به ثم قلت له : اضرب إلى ما بين يديك من شئ حجرا أو مدرا ، فإن الله يقلبه لك ذهبا إبريزا ، فضرب يده فتناول حجرا فيه أمنان ، فتحول في يده ذهبا ، ثم أقبل على اليهودي فقال : وكم دينك ؟ قال : ثلاثون درهما ، قال : فكم قيمتها من الذهب ؟ قال : ثلاثة دنانير ، فقال عمار : اللهم بجاه من بجاهه قلبت هذا الحجر ذهبا لين لي هذا الذهب لأفصل قدر حقه ، فألانه الله عز وجل له ، ففصل له ثلاثة مثاقيل وأعطاه ، ثم جعل ينظر إليه وقال : اللهم إني

ص: 71


1- مستدرك الوسائل ج 13 ص 89

سمعتك تقول : (إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى) ولا أريد غنى يطغيني ، اللهم فأعد هذا الذهب حجرا بجاه من بجاهه جعلته ذهبا بعد أن كان حجرا ، فعاد حجرا فرماه من يده وقال : حسبي من الدنيا والآخرة موالاتي لك يا أخا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله تعجبت ملائكة السماوات من فعله ، وعجت إلى الله تعالى بالثناء عليه ، فصلوات الله من فوق عرشه يتوالى عليه ، فأبشر يا أبا اليقظان فإنك أخو علي في ديانته ، ومن أفاضل أهل ولايته ، ومن المقتولين في محبته ، تقتلك الفئة الباغية ، وآخر زادك من الدنيا صاع من لبن ، ويلحق روحك بأرواح محمد وآله الفاضلين ، فأنت من خيار شيعتي . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فأيكم أدى زكاته اليوم ؟ قال علي عليه السلام : أنا يا رسول الله ، فأسر المنافقون في أخريات المجلس بعضهم إلى بعض يقولون : وأي مال لعلي حتى يؤدي منه الزكاة ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أتدري ما يسر هؤلاء المنافقون في أخريات المجلس ؟ قال علي عليه السلام : بلى ، قد أوصل الله تعالى إلى اذني مقالتهم يقولون : وأي مال لعلي حتى يؤدي زكاته ؟ كل مال يغنم من يومنا هذا إلى يوم القيامة فلي خمسه بعد وفاتك يا رسول الله ، وحكمي على الذي منه لك في حياتك جائز ، فإني نفسك وأنت نفسي ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كذلك هو يا علي ، ولكن كيف أديت زكاة ذلك ؟ فقال علي عليه السلام : علمت بتعريف الله إياي على لسانك أن نبوتك هذه سيكون بعدها ملك عضوض وجبرية ، فيستولي على خمسي من السبي والغنائم فيبيعونه ، فلا يحل لمشتريه ، لان نصيبي فيه ، وقد وهبت نصيبي فيه لكل من ملك شيئا من ذلك من شيعتي ، فيحل لهم منافعهم من مأكل ومشرب ، ولتطيب مواليدهم ، فلا يكون أولادهم أولاد حرام ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما تصدق أحد أفضل من صدقتك ، ولقد تبعك رسول الله في فعلك أحل لشيعته كل ما كان من غنيمة وبيع من نصيبه على واحد من شيعتي ، ولا أحله أنا ولا أنت لغيرهم . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فأيكم اليوم دفع عن عرض أخيه المؤمن ؟ قال علي عليه السلام : أنا يا رسول الله ، مررت بعبد الله بن أبي وهو يتناول عرض زيد بن حارثة فقلت له : اسكت لعنك الله ، فما تنظر إليه إلا كنظرك إلى الشمس ، ولا تتحدث عنه إلا كتحدث أهل الدنيا عن الجنة ، فإن الله تعالى قد زادك لعائن إلى لعائن لوقيعتك فخجل واغتاظ فقال : يا أبا الحسن إنما كنت في قولي مازحا ، فقلت له : إن كنت جادا فأنا جاد وإن كنت هازلا فأنا هازل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : قد لعنه الله عز وجل عند لعنك له ، ولعنته ملائكة السماوات والأرضين والحجب والكرسي والعرش ، إن الله يغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك ، ويعفو عند عفوك ، ويسطو عند سطوتك . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أتدري ما سمعت من الملا الا على فيك ليلة أسري بي يا علي ؟ سمعتهم يقسمون على الله تعالى بك ويستقضونه حوائجهم ويتقربون إلى الله تعالى بمحبتك ، ويجعلون أشرف ما يعبدون الله به الصلاة علي وعليك وسمعت خطيبهم في أعظم محافلهم وهو يقول : علي الحاوي لأصناف الخيرات ، المشتمل على أنواع المكرمات ، الذي قد اجتمع فيه من خصال الخير ما قد تفرق في غيره من البريات ، عليه من الله تعالى الصلاة والبركات والتحيات ، وسمعت الاملاك بحضرته والاملاك في سائر السماوات والحجب والعرش والكرسي والجنة والنار يقولون

ص: 72

بأجمعهم عند فراغ الخطيب من قوله : آمين اللهم وطهرنا بالصلاة عليه وعلى آله الطيبين (1).

جاوزت الكروبيين والملائكة الصافين

122 - عن سفيان الثوري ، قال : حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : أنه ليلة أسري بي إلى الله تعالى عرجت سماءا سماءا ، وجاوزت الكروبيين والملائكة الصافين وجاوزت موضعا لم ينته إليه جبرئيل عليه السلام ، وبلغت طوبى وسدرة المنتهى فأوحى إلي ربي ما أوحى . فقالت لي حملة العرش : بم بعثت يا محمد ؟ . فقلت : بولايتي وولاية أخي علي بن أبي طالب (2).

جبرئيل في محفل من الملائكة

123 - عن جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال : قال لي أبي علي بن أبي طالب عليه السلام : ألا أبشرك يا أبا عبد الله ؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين . قال : قال لي جدك رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء لقيتني الملائكة ، ملائكة سماء سماء بالبشارة من الله عز وجل ، ولما صرت إلى السماء الرابعة لقيني جبرئيل في محفل من الملائكة ، فقال لي : يا محمد ، لو اجتمعت أمتك على حب علي بن أبي طالب لما خلق الله النار (3).

ملائكة يقال لهم الأوابون

124 - عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لما أسري بي إلى السماء سمعت صوتا يتبعه ريح فسمعت السدرة وهي تنادي : واشوقاه إلى علي بن أبي طالب ؟ فقلت : يا جبرئيل ما هذا ؟ قال : سدرة المنتهى قد اشتاقت إلى ابن عمك . قال : وإذا أنا بملائكة عليهم أقراط من ذهب وأكاليل من جوهر وفوق الإكليل الدر والياقوت فقلت : يا جبرئيل ما هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ملائكة يقال لهم الأوابون قال : فسمعتهم يقولون : محمد خير الأنبياء وعلي خير الأوصياء . وإن الله عجن طينتي وطينة علي وطينة فاطمة من ماء الحيوان ثم خلق نورا فقذفه فأصابني وأصاب عليا وأصاب فاطمة وأصاب أهل ولايتنا فمن أصابه ذلك النور هدي لولاية علي ومن لم يصب ذلك النور ضل عن ولاية علي ! فنحن محرمون على النار (4).

كلمات تعلمها من جبرائيل

125 - عن أنس بن مالك ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ، يوم الأحد في شهر ذي القعدة ، فقال : يا أيها الناس ، من كان منكم يريد التوبة ؟ قلنا : كلنا نريد التوبة يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وآله : اغتسلوا وتوضأوا ، وصلوا أربع ركعات ، واقرؤوا في كل ركعة : فاتحة الكتاب مرة ، وقل هو الله أحد ثلاث مرات ، والمعوذتين مرة

ص: 73


1- تفسير الامام العسكري عليه السلام : 30، بحار الأنوار ج 41 ص 18
2- نوادر المعجزات ص 70
3- نوادر المعجزات ص 75، الطوسي في أماليه : 255 ح 9 ، عنه البحار : 18 / 388 ح 97 و ج 40 / 35 ح 70 والبرهان : 2 / 403 ح 36 .
4- مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ج 1 ص 239

، ثم استغفروا سبعين مرة ، ثم اختموا بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ثم قولوا : يا عزيز يا غفار ، اغفر لي ذنوبي ، وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت - ثم قال - ما من عبد من أمتي ، فعل هذا ، إلا نودي من السماء ، يا عبد الله استأنف العمل ، فإنك مقبول التوبة ، مغفور الذنب ، وينادي ملك من تحت العرش : أيها العبد ، بورك عليك ، وعلى أهلك وذريتك ، وينادي مناد آخر : أيها العبد ، ترضى خصماؤك يوم القيامة ، وينادي ملك آخر : أيها العبد ، تموت على الايمان ، ولا يسلب منك الدين ، ويفسح في قبرك ، وينور فيه ، وينادي مناد آخر : أيها العبد ، يرضى أبواك وإن كانا ساخطين ، وغفر لأبويك لك وذريتك ، وأنت في سعة من الرزق في الدنيا والآخرة ، وينادي جبرئيل : أنا الذي آتيك مع ملك الموت ، أن يرفق بك ، ولا يخدشك أثر الموت ، إنما تخرج الروح من جسدك سلا) قلنا : يا رسول الله ، لو أن عبدا يقول هذا في غير الشهر ، فقال صلى الله عليه وآله : مثل ما وصفت ، وإنما علمني جبرئيل هذه الكلمات ، أيام أسرى بي . (1)

لقاء مع خازن النار

126 - عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث أسري به لم يمر بخلق من خلق الله إلا رأى منه ما يحب من البشر واللطف والسرور به حتى مر بخلق من خلق الله ، فلم يلتفت إليه ولم يقل له شيئا ، فوجده قاطبا عابسا ، فقال : يا جبرئيل ما مررت بخلق من خلق الله إلا رأيت البشر واللطف والسرور منه إلا هذا ، فمن هذا ؟ قال : هذا مالك خازن النار ، وهكذا خلقه ربه ، قال : فإني أحب أن تطلب إليه أن يريني النار فقال له جبرئيل (عليه السلام) : إن هذا محمد رسول الله وقد سألني أن أطلب إليك أن تريه النار ، قال : فأخرج له عنقا منها فرآها ، فلما أبصرها لم يكن ضاحكا حتى قبضه الله عز وجل (2)

127- عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله لم يمر ما مر بملك من الملائكة الا استبشر به حتى مر بملك لم يستبشر به كما استبشرت به الملائكة ولم يقل له شيئا فوجده قاطبا عابسا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا جبرئيل : ما مررت بملك بخلق من الملائكة خلق الله الا استبشر بي رأيت البشر واللطف والسرور منه الا هذا الملك فمن هذا ؟ قال فقال يا رسول الله : هذا مالك خازن جهنم النار وهكذا جعله الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسله ان يرنيها خلقه ربه قال : فانى أحب أن تطلب إليه ان يريني النار فقال له جبرئيل عليه السلام يا مالك ان هذا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد قال لي انه لم يمر بملك من الملائكة الا استبشر به غيرك فقلت : ان هذا مالك خازن جهنم وهكذا جعله الله وقد سئلني أن أسألك أن تريها إياه ان تريه إياها قال : فكشف له طبقا من أطباقها قال : فما افتر رسول الله صلى الله عليه وآله ضاحكا حتى مات (3)

128- ابن عباس في خبر : وهبط مع جبرئيل ملك لم يطأ الأرض قط ، معه مفاتيح خزائن الأرض ، فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول هذه مفاتيح خزائن الأرض فإن شئت

ص: 74


1- مستدرك الوسائل ج 6 ص 396
2- الأمالي ص 696 ، روضة الواعظين ص 508،بحار الأنوار ج 18 ص 342
3- كتاب الزهد ص 99 ، بحار الأنوار ج 8 ص 284

فكن نبيا عبدا وإن شئت فكن نبيا ملكا ، فقال : بل أكون نبيا عبدا فإذا سلم من ذهب قوائمه من فضة ، مركب باللؤلؤ والياقوت ، يتلألأ نورا وأسفله على صخرة بيت المقدس ، ورأسه في السماء ، فقال لي : اصعد يا محمد فلما اصعد السماء رأى شيخا قاعدا تحت الشجرة و حوله أطفال فقال جبرئيل : هذا أبوك آدم ، إذا رأى من يدخل الجنة من ذريته ضحك وفرح وإذا رأى من يدخل النار من ذريته حزن وبكى ، ورأي ملكا باسر الوجه وبيده لوح مكتوب بخط من النور ، وخط من الظلمة ، فقال : هذا ملك الموت ، ثم رأى ملكا قاعدا على كرسي ، فلم ير منه من البشر ما رأى من الملائكة ، فقال جبرئيل : هذا مالك خازن النار كان طلقا بشرا ، فلما اطلع على النار لم يضحك بعد ، فسأله أن يعرض عليه النار فرأى فيها ما رأى ، ثم دخل الجنة ورأي ما فيها ، وسمع صوتا : آمنا برب العالمين ، قال : هؤلاء سحرة فرعون ، وسمع لبيك اللهم لبيك ، قال : هؤلاء الحجاج ، وسمع التكبير قال : هؤلاء الغزاة ، وسمع التسبيح قال : هؤلاء الأنبياء ، فلما بلغ إلى سدرة المنتهى فانتهى إلى الحجب فقال جبرئيل : تقدم يا رسول الله ، ليس لي أن أجوز هذا المكان ، ولو دنوت أنملة لاحترقت . (1)

129 - عن أبي أيوب المؤدب ، عن أبيه - وكان مؤدبا لبعض ولد جعفر بن محمد عليهما السلام قال : لما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخل المدينة رجل من ولد داود على دين اليهودية فرأى السكك خالية ، فقال لبعض أهل المدينة : ما حالكم ؟ فقيل له : توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال الداودي : أما إنه توفي اليوم الذي هو في كتابنا ثم قال : فأين الناس ؟ فقيل له : في المسجد ، فأتى المسجد فإذا أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن عوف و أبو عبيدة بن الجراح والناس قد غص المسجد بهم فقال : أوسعوا حتى أدخل ، وأرشدوني إلى الذي خلفه نبيكم ، فأرشدوه إلى أبي بكر فقال له : إنني من ولد داود على دين اليهودية ، وقد جئت لا سأل عن أربعة أحرف ، فإن خبرت بها أسلمت ، فقالوا له : انتظر قيلا ، وأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعض أبواب المسجد . فقالوا له : عليك بالفتى فقام إليه فلما دنا منه قال له : أنت علي بن أبي طالب ؟ فقال له علي (عليه السلام) : أنت فلان بن داود ؟ قال : نعم ، فأخذ على يده وجاء به إلى أبي بكر فقال له اليهودي : إني سألت هؤلاء عن أربعة أحرف فأرشدوني إليك لأسألك قال : اسأل قال : ما أول حرف كلم الله تعالى به نبيكم لما أسري به ورجع من عند ربه ؟ وخبرني عن الملك الذي زحم نبيكم ولم يسلم عليه ، وخبرني عن الأربعة الذين كشف عنهم مالك طبقا من النار وكلموا نبيكم ، وخبرني عن منبر نبيكم أي موضع هي من الجنة ؟ قال علي (عليه السلام) : أول ما كلم الله به نبينا (صلى الله عليه وآله) قول الله تعالى : (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) ؟ قال : ليس هذا أردت قال فقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (والمؤمنون كل آمن بالله) قال : ليس هذا أردت قال : اترك الامر مستورا . قال لتخبرني أو لست أنت هو ؟ قال : أما إذ أبيت فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما رجع من عند ربه والحجب ترفع له قبل أن يصير إلى موضع جبرئيل (عليه السلام) ناداه ملك : يا أحمد قال : لبيك قال : إن الله تعالى يقرء عليك السلام ويقول لك : اقرأ على السيد الولي فقال الملك : علي بن أبي طالب (عليه السلام) . قال اليهودي : صدقت والله إني لأجد ذلك في كتاب أبي فقال علي (عليه السلام) : وأما الملك الذي

ص: 75


1- بحار الأنوار ج 18 383

زحم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فملك الموت جاء من عند جبار من أهل الدنيا ، قد تكلم بكلام عظيم فغضب لله ، فزحم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يعرفه فقال جبرئيل (عليه السلام) : يا ملك الموت هذا رسول الله أحمد حبيب الله (صلى الله عليه وآله) ، فرجع إليه فلصق به واعتذر ، وقال : يا رسول الله إني أتيت ملكا جبارا قد تكلم بكلام عظيم فغضبت لله ولم أعرفك ، فعذره ، وأما الأربعة الذين كشف عنهم مالك طبقا من النار فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآله مر بمالك ولم يضحك قط فقال جبرئيل (عليه السلام) يا مالك هذا نبي الرحمة ، فتبسم في وجهه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) مره يكشف طبقا من النار فكشف طبقا فإذا قابيل ونمرود وفرعون وهامان فقالوا : يا محمد اسأل ربك أن يردنا إلى دار الدنيا حتى نعمل صالحا ، فغضب جبرئيل وقال بريشة من ريش جناحه فرد عليهم طبق النار ، وأما منبر رسول الله فإن مسكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جنة عدن هي جنة خلقها الله تعالى بيده ومعه فيها اثنا عشر وصيا ، وفوقه قبة يقال لها الرضوان ، وفوق قبة الرضوان منزل يقال لها الوسيلة ، وليس في الجنة منزل يشبهه ، هو منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) . قال اليهودي : صدقت والله إنه لفي كتاب أبي داود يتوارثونه واحد بعد واحد حتى صار إلي ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنه الذي بشر به موسى (عليه السلام) وأشهد أنك عالم هذه الأمة ووصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) . قال : فعلمه أمير المؤمنين شرائع الدين . (1)

ملك الموت مشغول في قبض الأرواح

130 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء رأيت ملكا من الملائكة بيده لوح من نور لا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه ، ثبه كهيئة الحزين ، فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟ ! فقال : هذا ملك الموت ، مشغول في قبض الأرواح ، فقلت : ادنني منه يا جبرئيل لأكلمه ، فأدناني منه فقلت له : يا ملك الموت أكل من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه ؟ قال : نعم ، قلت : وتحضرهم بنفسك ؟ قال : نعم ، ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي ومكنني منها إلا كدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء ، وما من دار في الدنيا إلا وأدخلها في كل يوم خمس مرات ، وأقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم : لا تبكوا عليه فإن لي إليكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد ، قال رسول الله : كفى بالموت طامة يا جبرئيل ! فقال جبرئيل : ما بعد الموت أطم وأعظم من الموت ! (2)

لقاء بملك الموت

131 - عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري بي إلى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلا قاعدا ، رجل له في المشرق ،

ص: 76


1- كتاب الغيبة ص 100،بحار الأنوار ج 10 ص 23 و ج 30 ص 99
2- تفسير علي بن إبراهيم 26، بحار الأنوار ج 6 ص 141و ج 56 ص 249

ورجل في المغرب ، وبيده لوح ينظر فيه ويحرك رأسه ، فقلت : يا جبرئيل من هذا ؟ فقال : ملك الموت (1).

كتابة على جبهة ملك

132- عن محمد بن الحنفية عن النبي صلى الله عليه وآله : لما عرج بي رأيت في السماء ملكا مكتوب على جبهته : أيد الله محمدا بعلي . فتعجبت فقال الملك : إنه مكتوب قبل الدنيا بألفي عام (2).

مع دردائيل

133 - عن ابن عباس قال : سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول : ليلة عرج بي إلى السماء شاء ربي أن يرفعني حتى وقفني في السماء السابعة ، ثم انقطع عني جبرئيل . فقلت : حبيبي جبرئيل ! في مثل هذا الموضع يترك الخليل خليله ؟ فقال : كل ملك منا له مقام معلوم لا يقدر أن يتخطاه إلى الأمام قدما واحدا وإلا احترق بالنور . فإذا أنا بالنداء من أمامي : سر يا أحمد فأنا خليلك أنا ميكائيل ، فسار بي ما شاء الله وعلم ، ثم انقطع عني . فقلت : حبيبي ميكائيل ! أفي هذا الموضع يترك الخليل خليله ؟ فقال : نحن الصافون ولكل ملك منا مقام لا يقدر أن يزول منه وإلا احترق بالنور . فإذا أنا بالنداء من أمامي : سر يا محمد أنا خليلك أنا دردائيل ، فسار بي علم الله ومشيته ، ثم انقطع عني . فقلت : يا دردائيل ! في مثل هذا الموضع يترك الخليل خليله ؟ فقال : نحن الحافون من حول العرش لا نقدر أن نسلك الجبروت وإلا احترقنا بالنور . وإذا بصوت خمدت الأصوات من دونه وهدأ كل شيء لجبروته وسكن كل شيء لعزته يقول : ادن مني يا أحمد . فدنوت خطوة كان مقدارها خمسمائة عام ، فناداني ربي ادن يا أحمد أنا ربك أنا الله . فدنوت ، فكلمني ربي من وراء حجاب بكلام كأنه من لسان علي بن أبي طالب ، فاختلج في سري أن عليا يخاطبني ، فناداني : يا أحمد ! قد اطلعت على سرك : ظننت أن عليا يخاطبك ، يا أحمد ! أنا ربك أنا الله وأنا على كل شيء قدير ، أتحب أن اريك عليا ؟ قلت : أي وعزتك يا رب . فأمر الله - تعالى - أن تنخرق الحجب ، والسماوات أن تنفتح وما كان من الأرض مرتفعا أن يخفض وما كان منخفضا أن يرتفع ، فنظرت من عرش ربي إلى الأرض ، فرأيت سرير علي وعلي واقف يصلي وفاطمة عن يمينه والحسن والحسين عن شماله يصلون بصلاته والملائكة تنزل عليهم أفواجا أفواجا تقف في نورهم وتسمع قرائتهم . فناداني ربي : يا أحمد ! وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وارتفاعي في علو مكاني ; لقد اطلعت على سرك وما استكن في صدرك فلم أجد أحدا أحب إليك من علي في سرك فخاطبتك بلسانه لتطمئن إلى الكلام وتهدأ في الخطاب ، ولو خاطبتك بلسان الجبروت لما استطعت أن تسمع ، وهؤلاء إشتققت أسماءهم من أسمائي ; فهذا علي وأنا العالي ، وهذه فاطمة وأنا الفاطر ، وهذا الحسن وأنا المحسن ، وهذا الحسين وأنا ذوالحسنى ; فهؤلاء خيرتي من عبادي ، وصفوتي من أوليائي ، لا يتوسل إلي أحد بهم خاصته إلا أوجبت وسيلته وأقلت عثرته وكشفت كربه ، بعد أن يعرف فضلهم عندي ويبرأ من أعدائهم ، فأنا وليهم في الدنيا

ص: 77


1- عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 35،بحار الأنوار ج 18 ص 352 و ج 6 ص 141و ج 56 ص 252
2- الصراط المستقيم ج 1 ص 243

والآخرة ، وأنا ولي من والاهم وعدو من عاداهم ، من أحبهم فعليه صلواتي ورحمتي ، ومن أبغضهم فعليه غضبي ولعنتي (1).

ملكا نصفه من نار ونصفه من ثلج

134- عن محمد بن الحنفية قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : لما عرج بي إلى السماء رأيت في السماء الرابعة أو السادسة ملكا نصفه من نار ونصفه من ثلج وفي جبهته مكتوب : أيد الله محمدا بعلي . فبقيت متعجبا . فقال لي ذلك الملك : ممن تعجب ؟ كتب الله في جبهتي ما ترى قبل خلق الدنيا بألفي عام (2).

135 - عن محمد بن الحنفية قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى السماء رأيت في السماء الرابعة والسادسة ملكا نصفه من نار ، ونصفه من ثلج ، وفي جبهته مكتوب : أيد الله محمدا بعلي ، فبقيت متعجبا . فقال لي الملك : مم تعجب (يا محمد ؟ إن عليا له فضائل أكثر من هذا ما ترى) كتب الله في جبهتي ما ترى خلقت محمدا وعليا قبل الدنيا بألفي عام (3).

بكاء جبرائيل

136- عن سعد بن عبادة الأنصاري (رحمه الله) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لما عرج بي إلى السماء فكنت من ربي بقاب قوسين أو أدنى ، سمعت النداء من قبل الله عزوجل : يا محمد ، من تحب ممن معك في الأرض ؟ فقلت : يا رب أحب من يحبه العزيز ويأمرني بحبه ، فسمعت النداء من الله تعالى : يا محمد ، أحب عليا فإني أحبه وأحب من يحبه . فرجعت إلى السماء الرابعة ، فلقيني جبرئيل (عليه السلام) فقال لي : يا رسول الله ، ما قال لك العزيز وما قلت له ؟ فقلت : حبيبي جبرئيل سمعت النداء من قبل الله تعالى : يا محمد ، من تحب ممن معك في الأرض ؟ فقلت : أحب من يحبه العزيز ومن يأمرني بحبه ، فبكى جبرئيل حتى علا منه النحيب وقال : والذي بعثك بالحق نبيا ، لو أن أهل الأرض كلهم يحبون عليا كما يحبه أهل السماء لما خلق الله نارا يعذب بها أحدا (4).

137 - سعد بن عبادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى السماء وقفت عن ربي كقاب قوسين أو أدنى سمعت النداء من قبل الله : يا محمد من تحب ممن معك في الأرض ؟ فقلت : يا رب أحب من تحبه وتأمرني بمحبته ، فقال : يا محمد أحب عليا فإني أحبه وأحب من يحبه ، فلما رجعت إلى السماء الرابعة تلقاني جبرئيل فقال لي : ما قال لك رب العزة وما قلت له ؟ فقلت : حبيبي جبرئيل قال لي كيت وكيت ، وقلت له كيت وكيت قال : فبكى جبرئيل وقال : يا محمد والذي بعثك بالحق نبيا لو أن أهل الأرض يحبون عليا كما يحبه أهل السماوات لما خلق الله نارا يعذب بها أحدا (5).

ص: 78


1- فضائل الشيعة حديث : 136 ،البحار : 65 / 76 ،تفسير فرات : 370، المحتضر ص 146
2- المحتضر ص 177 ، مدينة المعاجز ج 2 ص 407
3- مدينة المعاجز ج 2 ص 408
4- العقد النضيد والدر الفريد ص 26
5- أمالي الطوسي : 233 . مناقب آل أبي طالب 2 : 30 . الروضة : 11 . الفضائل : 117 . كشف الغمة : 28 . كشف الغمة : 29 . الروضة : 39 و 40 . بحار الأنوار ج 39 ص 248

عزرائيل يسال عن علي

138 – عن ابي الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، عن أبي أحمد بن عبد الله بن عامر ، قال : حدثني علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين بن علي ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي ، لما عرج بي إلى السماء ، سلم علي ملك الموت ثم قال لي : يا محمد ، ما فعل ابن عمك علي ؟ قلت : وكيف سألتني عنه يا عزرائيل ؟ قال : إن الله تعالى أمرني أن أقبض أرواح الخلائق كلهم إلا أنت وابن عمك فالله تعالى يقبض أرواحكما بيده (1)

149 - عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى السماء ، ما مررت بصف من الملائكة إلا سألوني عن علي بن أبي طالب حتى ظننت أن اسمه في السماء أشهر من اسمي . ثم مررت على ملك الموت وهو ينظر في اللوح ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، ثم قال لي : يا محمد ! ما فعل علي بن أبي طالب ؟ قلت : حبيبي ! من أين تعرف علي بن أبي طالب ؟ فقال لي : ما خلق الله تعالى خلقا إلا وأنا أتولى قبض روحه ما خلاك وخلا علي ابن أبي طالب ، فان الله عز وجل يتولى قبض أرواحكما (2).

سلام الملائكة على علي

140 - عن ابن عباس قال : لما زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) فاطمة تحدثن نساء قريش وغيرهن وعيرتها ، وقلن : زوجك رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عائل لا مال له ، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا فاطمة أما ترضين ؟ إن الله تبارك وتعالى اطلع اطلاعة إلى الأرض فاختار منها رجلين : أحدهما أبوك ، والآخر بعلك ، يا فاطمة كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله مطيعين من قبل أن يخلق الله آدم (عليه السلام) بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق آدم قسم ذلك النور بجزءين جزء أنا ، وجزء علي ، ثم إن قريشا تكلمت في ذلك وفشا الخبر ، فبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) فأمر بلالا فجمع الناس ، وخرج إلى مسجده ورقي منبره يحدث الناس بما خصه الله تعالى من الكرامة ، وبما خص به عليا (عليه السلام) وفاطمة عليها السلام ، فقال : يا معشر الناس إنه بلغني مقالتكم ، وإني محدثكم حديثا فعوه واحفظوا مني واسمعوه ، فإني مخبركم بما خص الله به أهل البيت ، وبما خص به عليا من الفضل والكرامة ، وفضله عليكم ، فلا تخالفوه فتنقلبوا على أعقابكم ،(ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) . معاشر الناس ! إن الله قد اختارني من خلقه فبعثني إليكم رسولا ، واختار لي عليا خليفة ووصيا . معاشر الناس ! إني لما أسري بي إلى السماء فما مررت بملا من الملائكة في سماء من السماوات إلا سألوني عن علي بن أبي طالب وقالوا : يا محمد إذا رجعت إلى الدنيافاقرأ عليا وشيعته منا السلام ، فلما وصلت إلى السماء السابعة وتخلف عني جميع من كان معي من ملائكة السماوات وجبرئيل (عليه السلام) ،

ص: 79


1- نوادر المعجزات ص 66، عنه البحار : 37 / 37 ح 6 .في قرب الإسناد : 48
2- نوادر المعجزات ص 71، تأويل الآيات : 2 / 562 ح 28 ، والبحار : 18 / 282 باب 3

والملائكة المقربين ، ووصلت إلى حجب ربي دخلت سبعين ألف حجاب ، بين كل حجاب إلى حجاب من حجب العزة والقدرة والبهاء والكرامة والكبرياء والعظمة والنور والظلمة والوقار حتى وصلت إلى حجاب الجلال فناجيت ربي تبارك وتعالى وقمت بين يديه ، وتقدم إلي عز ذكره بما أحبه وأمرني بما أراد ولم أسأله لنفسي شيئا ، وفي علي (عليه السلام) إلا أعطاني ، ووعدني الشفاعة في شيعته وأوليائه . ثم قال لي الجليل جل جلاله : يا محمد من تحب من خلقي ؟ قلت : أحب الذي تحبه أنت يا ربي ، فقال لي جل جلاله : فأحب عليا فإني أحبه وأحب من يحبه ، وأحب من أحب من يحبه ، فخررت لله ساجدا مسبحا شاكرا لربي تبارك وتعالى ، فقال لي : يا محمد علي وليي وخيرتي بعدك من خلقي ، اخترته لك أخا ووصيا ووزيرا وصفيا وخليفة وناصرا لك على أعدائي ، يا محمد وعزتي وجلالي لا يناوي عليا جبار إلا قصمته ولا يقاتل عليا عدو من أعدائي إلا هزمته وأبدته . يا محمد إني اطلعت على قلوب عبادي فوجدت عليا أنصح خلقي لك ، وأطوعهم لك ، فاتخذه أخا وخليفة ووصيا ، وزوجه ابنتك ، فإني سأهب لهما غلامين طيبين طاهرين تقيين نقيين ، فبي حلفت ، وعلى نفسي حتمت أنه لا يتولين عليا وزوجته وذريتهما أحد من خلقي إلا رفعت لواءه إلى قائمة عرشي وجنتي وبحبوحة كرامتي وسقيته من حظيرة قدسي ، ولا يعاديهم أحد أو يعدل عن ولايتهم يا محمد إلا سلبته ودي وباعدته من قربي ، وضاعفت عليهم عذابي ولعنتي يا محمد إنك رسولي إلى جميع خلقي ، وإن عليا وليي ، وأمير المؤمنين ، وعلى ذلك أخذت ميثاق ملائكتي وأنبيائي وجميع خلقي ، وهم أرواح من قبل أن أخلق خلقا في سمائي وأرضي محبة مني لك يا محمد ولعلي ولولدكما ولمن أحبكما وكان من شيعتكما ولذلك خلقته من طينتكما ، فقلت : إلهي ! وسيدي ! فاجمع الأمة ، فأبي علي وقال : يا محمد إنه المبتلى والمبتلى به وإني جعلتكم محنة لخلقي ، أمتحن بكم جميع عبادي وخلقي في سمائي وأرضي وما فيهن ، لا كمل الثواب لمن أطاعني فيكم وأحل عذابي ولعنتي على من خالفني فيكم وعصاني ، وبكم أميز الخبيث من الطيب ، يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت آدم ، ولولا علي ما خلقت الجنة لأني بكم أجزي العباد يوم المعاد بالثواب والعقاب ، وبعلي وبالأئمة من ولده أنتقم من أعدائي في دار الدنيا ، ثم إلي المصير للعباد والمعاد ، واحكمكما في جنتي و ناري ، فلا يدخل الجنة لكما عدو ، ولا يدخل النار لكما ولي وبذلك أقسمت على نفسي ، ثم انصرفت فجعلت لا أخرج من حجاب من حجب ربي ذي الجلال والاكرام إلا سمعت النداء من ورائي : يا محمد احبب عليا ، يا محمد أكرم عليا ، يا محمد قدم عليا ، يا محمد استخلف عليا ، يا محمد أوص إلى علي ، يا محمد واخ عليا ، يا محمد أحب من يحب عليا ، يا محمد استوص بعلي وشيعته خيرا ، فلما وصلت إلى الملائكة جعلوا يهنؤوني في السماوات و يقولون : هنيئا لك يا رسول الله كرامة لك ولعلي . معاشر الناس ! علي أخي في الدنيا والآخرة ، ووصيي وأميني علي سري وسر رب العالمين ووزيري وخليفتي عليكم في حياتي وبعد وفاتي ، لا يتقدمه أحد غيري ، وخير من أخلف بعدي ، ولقد أعلمني ربي تبارك وتعالى أنه سيد المسلمين ، وإمام المتقين ، وأمير المؤمنين ووارثي ووارث النبيين ، ووصي رسول رب العالمين وقائد الغر المحجلين من شيعته وأهل ولايته إلى جنات النعيم ، بأمر رب العالمين ، يبعثه الله يوم القيامة مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون ، بيده لوائي لواء الحمد ، يسير به أمامي وتحته آدم وجميع من ولد من النبيين والشهداء والصالحين إلى جنات النعيم ، حتما من الله ، محتوما

ص: 80

من رب العالمين وعد وعدنيه ربي فيه ، ولن يخلف الله وعده ، وأنا على ذلك من الشاهدين (1).

141 - عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يخاطب عليا عليه السلام ويقول : يا علي إن الله تبارك وتعالى كان ولا شئ معه فخلقني وخلقك روحين من نور جلاله ، فكنا أمام عرش رب العالمين نسبح الله ونقدسه ونحمده ونهلله ، وذلك قبل أن يخلق السماوات والأرضين ، فلما أراد أن يخلق آدم خلقني وإياك من طينة واحدة من طينة عليين وعجننا بذلك النور وغمسنا في جميع الأنوار وأنهار الجنة ، ثم خلق آدم واستودع صلبه تلك الطينة والنور ، فلما خلقه استخرج ذريته من ظهره فاستنطقهم وقررهم بالربوبية ، فأول خلق إقرارا بالربوبية أنا وأنت والنبيون على قدر منازلهم و قربهم من الله عز وجل ، فقال الله تبارك وتعالى : صدقتما وأقررتما يا محمد ويا علي وسبقتما خلقي إلى طاعتي ، وكذلك كنتما في سابق علمي فيكما ، فأنتما صفوتي من خلقي ، والأئمة من ذريتكما وشيعتكما وكذلك خلقتكم ، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله يا علي فكانت الطينة في صلب آدم ونوري ونورك بين عينيه ، فما زال ذلك النور ينتقل بين أعين النبيين والمنتجبين حتى وصل النور والطينة إلى صلب عبد المطلب فافترق نصفين ، فخلقني الله من نصفه واتخذني نبيا ورسولا ، وخلقك من النصف الاخر فاتخذك خليفة ووصيا ووليا ، فلما كنت من عظمة ربي كقاب قوسين أو أدنى قال لي : يا محمد من أطوع خلقي لك ؟ فقلت : علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقال عز وجل : فاتخذه خليفة ووصيا فقد اتخذته صفيا ووليا ، يا محمد كتبت اسمك و اسمه على عرشي من قبل أن أخلق الخلق محبة مني لكما ولمن أحبكما وتولاكما وأطاعكما فمن أحبكما وأطاعكما وتولاكما كان عندي من المقربين ، ومن جحد ولايتكما وعدل عنكما كان عندي من الكافرين الضالين ، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله يا علي فمن ذا يلج بيني وبينك وأنا وأنت من نور واحد وطينة واحدة ؟ فأنت أحق الناس بي في الدنيا والآخرة ، وولدك ولدي ، وشيعتكم شيعتي ، وأولياؤكم أوليائي ، وأنتم معي غدا في الجنة (2).

ملك بصورة علي

142 - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : ليلة أسري بي وصرت إلى السماء الرابعة ، نظرت فإذا بملك شبيه بعلي بن أبي طالب ، فقلت له : ألم اخلفك في أمتي ! ؟ قال : فتبسم جبرئيل عليه السلام ضاحكا وقال لي : يا محمد ، شبهته بابن عمك ؟ فقلت : نعم . فقال : والذي بعثك بالحق نبيا لقد خلق الله عز وجل هذا الملك في صورة علي ابن أبي طالب عليه السلام من حبه لعلي . (3)

قراءة الملائكة للقران

ص: 81


1- تأويل الآيات ج 1 ص 272 ، كشف اليقين : 158 وعنه البحار : 18 / 397 ح 101 و ج 40 / 18 ح 36 وعن المحتضر : 143 ،الخصال : 2 / 600 ح 3 وعنه البحار : 18 / 387 ح 96 و ج 23 / 69 ح 4 وعن بصائر الدرجات : 79 ح 10 وفى نور الثقلين : 3 / 98 ح 7 عن الخصال وأخرجه في البرهان : 2 / 394 ح 3 وحلية الأبرار : 1 / 209 عن البصائر و بحار الأنوار ج 18 ص 398
2- كنز الفوائد : 374 و 375 . المحتضر : 129 . بحار الأنوار ج 25 ص 3
3- نوادر المعجزات ص 73

143- عن ابن عباس :

ورأي ملائكة الحجب يقرؤون سورة النور ،

وخزان الكرسي يقرؤون آية الكرسي

وحملة العرش يقرؤون حم المؤمن ،

قال : فلما بلغت قاب قوسين نوديت بالقرب (1).

مفارقة جبرائيل له

144 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما عرج برسول الله صلى الله عليه وآله انتهى به جبرئيل إلى مكان فخلى عنه ، فقال له : يا جبرئيل تخليني على هذه الحالة ؟ فقال : امضه فوالله لقد وطئت مكانا ما وطئه بشر وما مشى فيه بشر قبلك(2)

145- أبو بصير قال : سمعته يقول : إن جبرئيل احتمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهى به إلى مكان من السماء ، ثم تركه ، وقال له : ما وطئ نبي قط مكانك (3).

146 - عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : لما أسري به رفعه جبرئيل بإصبعيه وضعهما في ظهره حتى وجد بردهما في صدره ، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخله شئ ، فقال : يا جبرئيل أفي هذا الموضع ؟ قال : نعم إن هذا الموضع لم يطأه أحد قبلك ، ولا يطأه أحد بعدك قال : وفتح الله له من العظمة مثل سم الإبرة ، فرأى من العظمة ما شاء الله ، فقال له جبرئيل يا محمد ان ربك يصلى ، قال قلت : جعلت فداك وما كان صلاته ؟ فقال كان يقول : سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبى(4).

وقف النبي موقفا ما وقفه ملك قط

147- عن علي بن أبي حمزة قال : سأل أبو بصير أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا (حاضر) فقال : جعلت فداك كم عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ فقال : مرتين فأوقفه جبرئيل موقفا فقال : له مكانك يا محمد فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط ولا نبي إن ربك يصلي ، فقال : يا جبرئيل وكيف يصلي ؟ قال : يقول : سبوح قدوس أنا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبي فقال : اللهم عفوك عفوك قال : وكان كما قال الله : (قاب قوسين أو أدنى) فقال له أبو بصير : جعلت فداك ما قاب قوسين أو أدنى ؟ قال : ما بين سيتها إلى رأسها فقال : كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق ولا أعلمه إلا وقد قال : زبرجد فنظر في مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة فقال الله تبارك وتعالى : يا محمد ، قال : لبيك ربي ، قال : من لامتك من بعدك ؟ قال : الله أعلم ، قال : علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين . قال : ثم قال أبو عبد الله (عليه

ص: 82


1- بحار الأنوار ج 18 383
2- الكافي ج 1 ص 442
3- تفسير العياشي ج 2 ص 280،بحار الأنوار ج 18 383
4- بحار الأنوار ج 18 383

السلام) لأبي بصير : يا أبا محمد والله ما جاءت ولاية علي (عليه السلام) من الأرض ولكن جاءت من السماء مشافهة(1).

ملك من وراء الحجاب يؤذن

148 - عن الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) لما بدأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتعليم الاذان أتى جبرئيل (عليه السلام) بالبراق فاستعصت عليه ، ثم أتى بدابة يقال لها : برقة فاستعصت. فقال لها جبرئيل : اسكني برقة ، فما ركبك أحد أكرم على الله منه ، قال (صلى الله عليه وآله) : فركبتها حتى انتهيت إلى الحجاب الذي يلي الرحمان عز وجل ، فخرج ملك من وراء الحجاب فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، قال (صلى الله عليه وآله) قلت : يا جبرئيل من هذا الملك ؟ قال : والذي أكرمك بالنبوة ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي هذه ، فقال الملك : الله أكبر ، الله أكبر ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي أنا أكبر ، أنا أكبر ، قال (صلى الله عليه وآله) : فقال الملك : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي أن الله لا إله إلا أنا : فقال (صلى الله عليه وآله) : فقال الملك : أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي أنا أرسلت محمدا رسولا ، قال (صلى الله عليه وآله) : فقال الملك : حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي ، ودعا إلى عبادتي ، قال (صلى الله عليه وآله) : فقال الملك : حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي ، ودعا إلى عبادتي ، فقال الملك : قد أفلح من واظب عليها ، قال (صلى الله عليه وآله) فيؤمئذ أكمل الله عز وجل لي الشرف على الأولين والآخرين (2).

149 - عن هشام بن سالم ، عن الصادق (عليه السلام) ، قال : (قال النبي (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي وانتهيت إلى سدرة المنتهى - إلى أن قال - : فإذا ملك يؤذن ، لم ير في السماء قبل تلك الليلة : فقال : الله أكبر الله أكبر ، فقال الله : صدق عبدي أنا أكبر فقال : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال الله تعالى : صدق عبدي انا الله لا إله غيري ، فقال : أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله فقال الله : صدق عبدي إن محمدا عبدي ، ورسولي أنا بعثته وانتجبته ، فقال : حي على الصلاة حي على الصلاة ، فقال : صدق عبدي دعا إلى فريضتي فمن مشى إليها راغبا فيها محتسبا كانت كفارة لما مضى من ذنوبه ، فقال : حي على الفلاح حي على الفلاح ، فقال الله : هي الصلاح ، والنجاح ، والفلاح ، ثم أممت الملائكة في السماء ، كما أممت الأنبياء في بيت المقدس (3).

150 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى ، سمعت الاذان فإذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة ، فقال : الله أكبر الله أكبر ، فقال الله عز وجل صدق عبدي أنا أكبر ، فقال :

ص: 83


1- الكافي : 1 / 442 ح 13 .
2- صحيفة الرضا : 19 و 20، بحار الأنوار ج 18 383
3- بحار الأنوار ج 81 ص 138 ، مستدرك الوسائل ج 4 ص 40

أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال الله : صدق عبدي أنا الله الذي لا إله غيري ، فقال : أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله . فقال الله : صدق عبدي إن محمدا عبدي ورسولي أنا بعثته وانتجبته ، فقال حي على الصلاة حي على الصلاة ، فقال الله صدق عبدي ودعا إلى فريضتي ، فمن مشى إليها راغبا فيها محتسبا كانت له كفارة لما مضى من ذنوبه ، فقال : حي على الفلاح حي على الفلاح فقال الله هي الصلاح والنجاح والفلاح ، ثم أممت الملائكة في السماء كما أممت الأنبياء في بيت المقدس . قال : ثم غشيتني صبابة فخررت ساجدا فناداني ربي إني قد فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة ، وفرضتها عليك و على أمتك ، فقم بها أنت في أمتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله فانحدرت حتى مررت على إبراهيم فلم يسألني عن شئ حتى انتهيت إلى موسى ، فقال : ما صنعت يا محمد صلى الله عليه وآله فقلت : قال ربي فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة ، وفرضتها عليك وعلى أمتك ، فقال موسى : يا محمد إن أمتك آخر الأمم وأضعفها ، وإن ربك لا يرده شئ ، وإن أمتك لا يستطيع أن تقوم بها ، فارجع إلى ربك فاسئله التخفيف لامتك . فرجعت إلى ربي حتى انتهيت إلى سدرة المنتهى فخررت ساجدا ثم قلت : فرضت على وعلى أمتي خمسين صلاة ولا أطيق ذلك ولا أمتي فخففت عني ، فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى وأخبرته فقال ارجع لا تطيق ، فرجعت إلى ربي فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فأخبرته . فقال : ارجع ، وفي كل رجعة أرجع إليه أخر ساجدا حتى رجع إلى عشر صلوات فرجعت إلى موسى وأخبرته فقال : لا تطيق ، فرجعت إلى ربي فوضع عني خمسا فرجعت إلى موسى وأخبرته فقال : لا تطيق ، فقلت : قد استحييت من ربي ، ولكن أصبر عليها . فناداني مناد : كما صبرت عليها فهذه الخمس بخمسين : كل صلاة بعشر ، و من هم من أمتك بحسنة يعملها فعملها كتب له عشرا ، وإن لم يعمل كتبت له واحدة ، ومن هم من أمتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة ، وإن لم يعلمها لم أكتب عليه شيئا ، فقال الصادق عليه السلام : جزى الله موسى عن هذه الأمة خيرا . (1).

ص: 84


1- من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 197 ،تفسير علي بن إبراهيم ص 375 ، بحار الأنوار ج 79 ص 256 و ج 18 ص 319 ، الخصال ج 1 ص 129 . دعائم الإسلام ج 1 ص 132

الفصل السادس: الدخول الى الجنة والنار

اولا: الجنة

غرفا في أعلى الجنة

151- عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال : في ليلة المعراج رأيت غرفا في أعلى الجنة ، فقلت : لمن هي ؟ قال للكاظمين الغيظ ، وللعافين عن الناس ، وللمحسنين . (1).

قال احد علماء المعرفة: الجنة و النار الآن موجودتان في غيب هذه السماء و الارض وجود الشجرة في النواة و تخرج عنها بالتربية و التنمية و التسقية و ان شئت قلت موجودتان مميزتان في اخروية هذه الدنيا و غيب غيبها و باطن باطنها بالفعل عند الله سبحانه يراها و يسمعها عيانا و قد رآها رسول الله صلى الله عليه و آله ليلة المعراج لانه مر في صعوده على حقيقة كل شئ و رأى كل شئ حين يخلق قال الله سبحانه مااشهدتهم خلق السماوات و الارض و لا خلق انفسهم و ماكنت متخذ المضلين عضدا و هم الاعضاد و الاشهاد سلام الله عليهم لانهم العادلون الهادون فافهم (2)

قصور المصلين الصلوات الخمس

152- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ان الله عزوجل ، امر جبرئيل ليلة المعراج ، فعرض علي قصور الجنان ، فرأيتها من الذهب والفضة ، ملاطها المسك والعنبر ، غير اني رأيت لبعضها شرفا عالية ، ولم ار لبعضها ، فقلت يا جبرئيل ما بال هذه بلا شرف كما لسائر تلك القصور ؟ فقال : يا محمد هذه قصور المصلين فرائضهم ، الذين يكسلون عن الصلاه عليك وعلى آلك بعدها ، فان بعث مادة لبناء الشرف ، من الصلاة على محمد وآله الطيبين ، بنيت له الشرف ، والا بقيت هكذا ، فيقال حتى يعرف في الجنان : ان القصر الذي لا شرف له ، هو الذي كسل صاحبه بعد صلاته ، عن الصلاة على محمد وآله الطيبين ، ورأيت فيها قصورا منيعة مشرفة عجيبة الحسن ، ليس لها امامها دهليز ، ولا بين يديها بستان ، ولا خلفها ، فقلت : ما بال هذه القصور لا دهليز بين يديها ولا بستان خلف قصراها ؟ فقال : يا محمد ، هذه قصور المصلين الصلوات الخمس ، الذين يبذلون بعض وسعهم في قضاء حقوق اخوانهم المؤمنين دون جميعها ، فلذلك قصورهم مستترة ، بغير دهليز امامها ، ولا بساتين خلفها) (3).

قصر فاطمة في الجنة

ص: 85


1- مستدرك الوسائل ج 9 ص 14
2- الفطرة السليمة
3- مستدرك الوسائل ج 5 ص 19

153- عن ابن عباس ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال : لما أسري بي ودخلت الجنة بلغت إلى قصر فاطمة فرأيت سبعين قصرا من مرجانة حمراء مكللة باللؤلؤ أبوابها وحيطانها وأسرتها من عرق واحد (1).

طيبة التربة ، عذبة الماء

154- عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (رأيت إبراهيم عليه السلام ليلة أسري بي ، فقال : يا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - اقرأ أمتك مني السلام ، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة ، عذبة الماء ، وأنها نبعان ، وغراسها قول(سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة الا بالله) (2).

ما مررت بباب من أبواب الجنة إلا ورأيت مكتوبا

155– عن ابن عباس قال : والله ما سمينا علي أبي طالب أمير المؤمنين حتى سماه رسول الله ، كنا نحن مارين في أزقة المدينة يوما إذ أقبل علي بن أبي طالب فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، فقال : وعليك السلام يا أمير المؤمنين ، كيف أصبحت ؟ فقال : أصبحت ونومي خطرات ويقظتي فرغات وفكرتي في يوم الممات ، قال ابن عباس : فعجبت من قول رسول الله صلى الله عليه وآله في علي فقلت : يا رسول الله ما الذي قلت في ابن عمي ؟ أحبا له أم شيئا من عند الله قال : لا والله ما قلت فيه شيئا إلا رأيت بعيني ، قلت : وما الذي رأيت يا رسول الله ؟ قال : ليلة أسري بي في السماء ما مررت بباب من أبواب الجنة إلا ورأيت مكتوبا عليه : علي بن أبي طالب أمير المؤمنين من قبل أن يخلق آدم بسبعين ألف عام . (3)

اطفال الشيعة في كفالة ابراهيم

156 - عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال : لما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السماء صعد على سرير من ياقوته حمراء مكللة من زبرجدة خضراء ، تحمله الملائكة ،

فقال جبرئيل : يا محمد أذن ،

فقال : الله أكبر ، الله أكبر ،

فقالت الملائكة الله أكبر ، الله أكبر

فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ،

فقالت الملائكة : نشهد أن لا إله إلا الله ،

فقال : أشهد أن محمدا رسول الله ،

فقالت الملائكة : نشهد أنك رسول الله ، فما فعل وصيك علي ؟

قال : خلفته في أمتي ،

قالوا : نعم الخليفة خلفت ، أما إن الله عز وجل فرض علينا طاعته ،

ثم صعد به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة مثل ما قالت ملائكة السماء الدنيا ،

ص: 86


1- بحار الأنوار ج 43 ص 75
2- الوسائل : 30 : 173 .، بحار الأنوار 108 : 54 . نهاية الدراية ص 332
3- بحار الأنوار ج 37 ص 339

فلما صعد به إلى السماء السابعة لقيه عيسى (عليه السلام) فسلم عليه ، وسأله عن علي ، فقال له خلفته في أمتي ،

قال : نعم الخليفة خلفت ، أما إن الله فرض على الملائكة طاعته ،

ثم لقيه موسى (عليه السلام) والنبيون نبي نبي فكلهم يقول له مقالة عيسى (عليه السلام) ،

ثم قال محمد (صلى الله عليه وآله) : فأين أبي إبراهيم ؟

فقالوا له ، هو مع أطفال شيعة علي ، فدخل الجنة فإذا هو تحت الشجرة لها ضروع كضروع البقر ، فإذا انفلت الضرع من فم الصبي قام إبراهيم فرد عليه

قال : فسلم عليه وسأله عن علي ، فقال : خلفته في أمتي ،

قال : نعم الخليفة خلفت ، أما إن الله فرض على الملائكة طاعته ، وهؤلاء أطفال شيعته سألت الله عز وجل أن يجعلني القائم عليهم ففعل ، وإن الصبي ليجرع الجرعة فيجد طعم ثمار الجنة وأنهارها في تلك الجرعة (1)

157 - عن عبد الرحمن بن غنم قال : لما أسري بالنبي صلى الله عليه وآله مر على شيخ قاعد تحت شجرة وحوله أطفال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من هذا الشيخ يا جبرئيل ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم عليه السلام قال : فما هؤلاء الأطفال حوله ؟ قال : هؤلاء أطفال المؤمنين حوله يغذوهم . (2)

158- عن علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهما السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء لقيني أبي نوح عليه السلام فقال : يا محمد من خلفت على أمتك ؟ فقلت : علي بن أبي طالب . فقال : نعم الخليفة خلفت . ثم لقيني أخي موسى فقال : يا محمد من خلفت على أمتك ؟ فقلت : عليا فقال : نعم الخليفة خلفت . ثم لقيني أخي عيسى عليه السلام فقال : يا محمد من خلفت على أمتك ؟ فقلت : عليا عليه السلام . فقال : نعم الخليفة خلفت . قال : فقلت لجبرئيل عليه السلام : يا جبرئيل مالي لا أرى أبي إبراهيم عليه السلام ؟ قال : فعدل بي إلى حظيرة ، فإذا فيها شجرة ، لها ضروع كضروع الغنم ، وإذا ثم أطفال كلما خرج ضرع من فم واحد رده إليه فقال : يا محمد من خلفت على أمتك ؟ فقلت : عليا . فقال : نعم الخليفة خلفت ، وإني يا محمد سألت الله تعالى أن يوليني غذاء أطفال شيعة علي ، فأنا أغذيهم إلى يوم القيامة (3)

لا حول ولا قوة إلا بالله غرس الجنة

159- أبو أيوب الأنصاري عنه صلى الله عليه وآله : ليلة أسري بي مربي إبراهيم عليه السلام فقال : مرامتك أن يكثروا من غرس الجنة فإن أرضها واسعة وتربتها طيبة ، قلت : وما غرس الجنة ؟ قال : لا حول ولا قوة إلا بالله (4).

في وسطها قصرا من ياقوتة حمراء

ص: 87


1- بحار الأنوار ج 18 ص 299
2- بحار الأنوار ج 6 ص 229
3- مائة منقبة ص 172 ، عنه البحار : 27 / 121 ح 102 ، وغاية المرام : 69 ح 21
4- بحار الأنوار ج 8 ص 149

160- روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال : لما أسرى بي إلى السماء ودخلت الجنة رأيت في وسطها قصرا من ياقوتة حمراء ، فاستفتح لي جبرئيل بابه فدخلت القصر فرأيت فيها بيتا من درة بيضاء ، فدخلت البيت فرأيت في وسطه صندوقا من نور مقفل بقفل من نور . فقلت : يا جبرئيل ما هذا الصندوق ؟ وما فيه ؟ فقال جبرئيل : يا حبيب الله فيه سر لا يعطيه الا لمن يحب ، فقلت : افتح لي بابه ؟ فقال : أنا عبد مأمور فسئل ربك حتى يأذن في فتحه ، فسألت الله ، فإذا النداء من قبل الله يا جبرئيل افتح له بابه ، ففتحه ، فرأيت فيه الفقر والمرقعة ، فقلت يا سيدي ومولاي ما هذا المرقع والفقر ؟ فنوديت يا محمد هذان اخترتهما لك ولامتك من الوقت الذي خلقتهما ولا أعطيهما الا لمن أحب ، وما خلقت شيئا أعز منهما ، ثم قال (عليه السلام) : قد اختار الله لي الفقر والمرقع ، وانهما أعز شئ عنده . فلبسها النبي (صلى الله عليه وآله) وتوجه الله بها ، فلما رجع من المعراج ألبسها عليا (عليه السلام) بإذن الله وأمره ، فكان يلبسها ويرقعها بيده رقعة رقعة ، حتى قال : والله رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها ، وألبسها بعده لابنه الحسن ثم الحسين (عليهما السلام) ثم لبسها أولاد الحسين (عليهم السلام) ، فلبسها واحد بعد واحد حتى اتصلت بالمهدي (عليه السلام) فهي معه مع سائر مواريث الأنبياء (عليهم السلام) (1).

جارية من جواري علي بن أبي طالب

161- عن أبي سعيد الخدري ، ، عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ليلة أسري بي إلى السماء أدخلت الجنة فرأيت نورا ضرب به وجهي ، فقلت لجبرئيل : ما هذا النور الذي رأيته ؟ قال : يا محمد ليس هذا نور الشمس ولا نور القمر ، ولكن جارية من جواري علي بن أبي طالب عليه السلام اطلعت من قصرها فنظرت إليك وضحكت ، فهذا النور (من ثناياها) ، وهي تدور في الجنة إلى أن يدخلها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (2).

قصر من لؤلؤ فراشه من ذهب

162 - عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لما أسري بي انتهى بي إلى قصر من لؤلؤ فراشه من ذهب يتلألأ فأوحى إلي ربي وأمرني في علي بثلاث : إنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين (3).

*- وقال النبي (صلى الله عليه واله وسلم):قال الله تعالى ليلة اسري بي :(يامحمد ,بشر ابن عمك عليا انه امير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وسيد العرب ,وانه امين هداة الله ,شفاعته بمنزلة شفاعتك ,وهو معك في اعلى عليين ,منزلك ومنزله واحد ,منزلك في

ص: 88


1- عوالي اللئالي ج 4 ص 129 ، رواه في المجلي مرآة المنجى ص 404 ، نقلا عن بعض شراح نهج البلاغة . مصابيح الأنوار ، ج 2 / 396 ، حديث : 221
2- مائة منقبة ص 133 ،غاية المرام : 18 ح 18 ، اليقين في امرة أمير المؤمنين : 61 . الخوارزمي في المناقب : 227 ، مقتل الحسين : 39 ، كفاية الطالب : 321 اليقين : 20 واثبات الهداة : 4 / 64 ح 482 ، المحتضر : 99
3- مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ج 1 ص 211، اليقين ص 470

الفردوس الاعلى ,وهو اخوك ,خلقتكما من طينة واحدة وخلقت شيعتكما من طينتكما ,وخلقتكما سيدين,انت يامحمد سيد ولد ادم وعلي سيد العرب) (1).

سبعين ألف مدينة

163 - عن أنس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء ليلة المعراج ، رأيت تحت العرش سبعين ألف مدينة ، كل مدينة كدنياكم ، وملائكة ناشري أجنحتهم ، يسبحون الله ، ويهللونه ، ويقولون : اللهم اغفر للذين يحضرون صلاة الجمعة ، اللهم اغفر للذين يغتسلون يوم الجمعة (2).

باب قراء اية شهد الله

164 - عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال : من قرأ (شهد الله) مرة واحدة ، حرم الله ثلث جسده على النار ، ومن قرأها مرتين ، حرم الله ثلثي جسده على النار ، ومن قرأها ثلاث مرات ، حرم الله جميع جسده على النار .

ورأي (صلى الله عليه وآله) ، ليلة أسري به ، باب الجنة مغلقا على عبد ، ثم رآه مفتوحا ، فسأل عن ذلك ، فقيل : لأنه قرأ (شهد الله انه لا اله الا هو) (3).

خلقت جنة عدن بيدي

165- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : رأيت ليلة أسرى بي مكتوبا على قائمة من قوائم العرش انا الله لا إله إلا أنا وحدي ، خلقت جنة عدن بيدي محمد صفوتي من خلقي أيدته بعلي ونصرته بعلي (4).

نهر في الجنة

166 - عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي : يا علي إنه لما أسرى بي رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأشد استقامة من السهم ، فيه أباريق عدد النجوم ، على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدر الأبيض ، فضرب جبرئيل بجناحيه إلى جانبه فإذا هو مسكة ذفرة ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده إن في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون والآخرون بمثله ، يثمر ثمرا كالرمان ، يلقى الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة ، والمؤمنون على كراسي من نور وهم الغر المحجلون أنت إمامهم يوم القيامة على الرجل منهم نعلان شراكهما من نور يضئ أمامهم حيث شاء وا من الجنة ، فبينا هم كذلك إذ أشرفت عليه امرأة من فوقه تقول : سبحان الله ! يا عبد الله أما لنا منك دولة ؟ - فيقول : من أنت ؟ - فتقول : أنا من اللواتي قال الله تعالى : فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة

ص: 89


1- مكارم اخلاق النبي والائمة، ص210
2- مستدرك الوسائل ج 6 ص 89
3- مستدرك الوسائل ج 4 ص 338
4- روضة الواعظين ص 116، شرح الأخبار ج 2 ص 380

أعين جزاء بما كانوا يعملون ثم قال : والذي نفس محمد بيده إنه ليجيئه كل يوم سبعون ألف ملك يسمونه باسمه واسم أبيه (1).

مكتوب على ستور ابواب الجنة

167 - بكر بن أحنف قال : حدثتنا

فاطمة بنت علي بن موسى الرضا عليه السلام قالت : حدثتني

فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر عليهما السلام قلن حدثتنا

فاطمة بنت جعفر بن محمد عليهما السلام قالت : حدثتني

فاطمة بنت محمد بن علي عليهما السلام قالت : حدثتني

فاطمة بنت علي بن الحسين عليهما السلام قالت : حدثتني

فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي عليهما السلام عن أم كلثوم بنت علي عليه السلام عن

فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من درة بيضاء مجوفة ، وعليها باب مكلل بالدر و الياقوت ، وعلى الباب ستر فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الباب لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي القوم وإذا مكتوب على الستر بخ بخ من مثل شيعة علي ؟ فدخلته فإذا أنا بقصر من عقيق أحمر مجوف ، وعليه باب من فضة مكلل بالزبرجد الأخضر ، وإذا على الباب ستر ، فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الباب محمد رسول الله علي وصي المصطفى وإذا على الستر مكتوب : بشر شيعة علي بطيب المولد . فدخلته فإذا أنا بقصر من زمرد أخضر مجوف لم أر أحسن منه ، وعليه باب من ياقوتة حمراء مكللة باللؤلؤ وعلى الباب ستر فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الستر شيعة علي هم الفائزون ، فقلت : حبيبي جبرئيل لمن هذا ؟ فقال : يا محمد لابن عمك ووصيك علي بن أبي طالب عليه السلام يحشر الناس كلهم يوم القيامة حفاة عراة إلا شيعة علي ويدعى الناس بأسماء أمهاتهم ما خلا شيعة علي عليه السلام فإنهم يدعون بأسماء آبائهم فقلت : حبيبي جبرئيل وكيف ذاك ؟ قال : لأنهم أحبوا عليا فطاب مولدهم (2).

قصري الحسنين

168 - روي ان الحسن الزكي لما دنت وفاته ونفدت أيامه وجرى السم في بدنه واعضائه وتغير لون وجهه ومال بدنه إلى الزرقة والخضرة فبكى الحسن عليه السلام فقال له أخوه الحسين عليه السلام : مالي ارى لون وجهك مائلا إلى الخضرة ؟ فبكى الحسن عليه السلام وقال له : يا أخي لقد صح حديث جدي في وفيك ثم مد يده إلى أخيه الحسين واعتنقه طويلا وبكيا كثيرا . فقال الحسين عليه السلام : يا أخي ما حدثك جدي وما ذا سمعت منه . فقال : اخبرني جدي رسول الله - صلى الله عليه وآله - انه قال : لما مررت

ص: 90


1- المحاسن ج 1 ص 180 ، فضائل الشيعة ص 35 ، بحار الأنوار ج 8 ص 138، تأويل الآيات ج 2 ص 441 ،تفسير البرهان : 3 / 285 ح 7. أمالي الطوسي : 1 / 77 و ج 2 / 71 وعنه البحار : 7 / 238 ح 3 البحار : 35 / 25 ح 21 وفي البحار : 27 / 150 ح 17 أمالي المفيد : 311 بشارة المصطفى : 17 وكشف الغمة : 1 / 142 . البحار : 23 / 382 ح 77
2- بحار الأنوار ج 65 ص 76

ليلة المعراج بروضات الجنان ومنازل أهل الايمان فرايت قصرين عاليين متجاورين على صفة واحدة لكن أحدهما من الزبرجد الاخضر والاخر من الياقوت الاحمر فاستحسنتهما وشاقني حسنهما . فقلت : يا أخي جبرائيل لمن هذان القصران ؟ فقال : أحدهما لولدك الحسن والآخر لولدك الحسين . فقلت : يا أخي جبرئيل فلم لا يكونان على لون واحد ؟ فسكت ولم يرد علي جوابا ، فقلت له: يا أخي لم لا تتكلم . فقال : حياء منك يا محمد ، فقلت له : بالله عليك الا ما اخبرتني ، فقال : اما خضرة قصر الحسن فانه يسم ويخضر لونه عند موته واما حمرة قصر الحسين فانه يقتل ويذبح ويخضب وجهه وشيبه وبدنه من دمائه ، فعند ذلك بكيا وضج الناس بالبكاء والنحيب على فقد حبيبي الحبيب (1).

شجرة الحسنين

169 - حكى عروة البارقي ، قال : حججت في بعض السنين فدخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدت رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا وحوله غلامان يافعان وهو يقبل هذا مرة وهذا أخرى فإذا رآه الناس يفعل ذلك امسكوا عن كلامه حتى يقضي وطره منهما وما يعرفون لأي سبب حبه إياهما . فجئته وهو يفعل ذلك بهما فقلت : يا رسول الله هذان ابناك . فقال : انهما ابنا ابنتي وابنا أخي وابن عمي وأحب الرجال إلي ومن هو سمعي وبصري ومن نفسه نفسي ونفسي نفسه ومن احزن لحزنه ويحزن لحزني . فقلت له : لقد عجبت يا رسول الله من فعلك بهما وحبك لهما . فقال لي : أحدثك أيها الرجل انه لما عرج بي إلى السماء ودخلت الجنة انتهيت إلى شجرة في رياض الجنة فعجبت من طيب رائحتها . فقال لي جبرائيل : يا محمد لا تعجب من هذه الشجرة فثمرها أطيب من ريحها فجعل جبرئيل عليه السلام يتحفني من ثمرها ويطعمني من فاكهتها وانا لا أمل منها ، ثم مررنا بشجرة أخرى من شجر الجنة فقال لي جبرائيل : يا محمد كل من هذه الشجرة فإنها تشبه الشجرة التي اكلت منها الثمر فإنها أطيب طعما وأزكى رائحة . قال : فجعل جبرائيل عليه السلام يتحفني بثمرها ويشمني من رائحتها وانا لا أمل منها فقلت : يا أخي جبرائيل ما رأيت في الأشجار أطيب ولا أحسن من هاتين الشجرتين . فقال لي : يا محمد أتدري ما اسم هاتين الشجرتين ؟ فقلت : لا أدري . فقال : إحداهما الحسن والأخرى الحسين ، فإذا هبطت يا محمد إلى الأرض من فورك فات زوجتك خديجة وواقعها من وقتك وساعتك فإنه يخرج منك طيب رائحة الثمر الذي اكلته من هاتين الشجرتين فتلد لك فاطمة الزهراء ، ثم زوجها أخاك عليا فتلد له ابنين فسم أحدهما الحسن والاخر الحسين . قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ففعلت ما امرني به أخي جبرائيل فكان الامر كما كان فنزل إلي جبرائيل بعد ما ولد الحسن والحسين عليهما السلام فقلت له : يا جبرائيل ما أشوقني إلى تينك الشجرتين . فقال لي : يا محمد إذا اشتقت إلى الاكل من ثمر تينك الشجرتين فشم الحسن والحسين عليهما السلام . قال : فجعل النبي صلى الله عليه وآله كلما اشتاق إلى الشجرتين يشم الحسن والحسين ويلثمهما وهو يقول : صدق أخي جبرائيل ثم يقبل الحسن والحسين ويقول : يا أصحابي اني أود اني أقاسمهما حياتي لحبي لهما فهما ريحانتي من الدنيا . فتعجب الرجل من وصف النبي صلى الله عليه وآله الحسن والحسين فكيف لو

ص: 91


1- مدينة المعاجز ج 3 ص 331

شاهد النبي من سفك دماءهم وقتل رجالهم وذبح أطفالهم ونهب أموالهم وسبي حريمهم فالويل لهم من عذاب يوم القيامة وبئس المصير (1).

على اوراق شجرة الفردوس

170 - عن أبي ذر رحمه الله ، عن النبي صلى الله عليه وآله في خبر المعراج قال : ثم عرج بي إلى السماء السادسة فتلقتني الملائكة وسلموا علي وقالوا لي مثل مقالة أصحابهم ، فقلت : يا ملائكتي تعرفوننا حق معرفتنا ؟ فقالوا : بلى يا نبي الله لم لا نعرفكم وقد خلق الله جنة الفردوس وعلى بابها شجرة ليس فيها ورقة إلا عليها مكتوب حرفان بالنور : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب عروة الله الوثيقة ، وحبل الله المتين ، وعينه في الخلائق أجمعين ، و سيف نقمته على المشركين . فاقرأه منا السلام وقد طال شوقنا إليه(2).

حور يسلمن على النبي

171- عن النبي صلى الله عليه وآله قال : مررت ليلة اسرى بي بنهر حافتاه قباب المرجان فنوديت منه : السلام عليك يا رسول الله ، فقلت : يا جبرئيل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء حور من الحور العين استأذن ربهن عز وجل أن يسلمن عليك فأذن لهن ، فقلن ، نحن الخالدات فلا نموت ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، أزواج رجال كرام . ثم قرأ صلى الله عليه وآله : حور مقصورات في الخيام لم يطمثهن انس ولا جان الآية (3).

مساكن الشيعة

172- عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لما أسري بي إلى السماء السابعة قال لي جبرئيل : تقدم يا محمد أمامك - وأراني الكوثر - وقال : يا محمد هذا الكوثر لك دون النبيين ، فرأيت عليه قصورا كثيرة من اللؤلؤ والياقوت والدر ، وقال : يا محمد هذه مساكنك ومساكن وزيرك ووصيك علي بن أبي طالب و ذريته الأبرار . قال : فضربت بيدي إلى بلاطه فشممته فإذا هو مسك ، وإذا أنا بالقصور لبنة ذهب ولبنة فضة (4).

رائحة الجنة

173- وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال : قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنك لتلثم فاطمة وتكثر منها وتدنيها منك وتفعل بها ما لا تفعله مع إحدى بناتك الأخر ؟ ! فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن جبرئيل أتاني بتفاحة من تفاح

ص: 92


1- المنتخب للطريحي : 359، مدينة المعاجز ج3 ص 328،بحار الأنوارج 43 ص 314
2- بحار الأنوار ج 8 ص 174
3- تفسير القمي ص 375 . أمالي المفيد ص 142 . أمالي الطوسي ج 1 ص 189 . بحار الأنوار ج 8 ص 107
4- تفسير القمي ص 375 . أمالي المفيد ص 142 . أمالي الطوسي ج 1 ص 189 . بحار الأنوار ج 8 ص 26

الجنة فأكلتها فتحولت ماء في صلبي ، ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة ; فأنا أشم منها رائحة الجنة (1).

ما مكتوب على الجنة

174 - وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنة فإذا مثبت على ساق العرش الأيمن : لا إله إلا أنا وحدي ، غرست جنة عدن بيدي وأسكنتها ملائكتي ، محمد صفوتي من خلقي ، أيدته بعلي (2).

175 - عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا : (لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة أمة الله ، على باغضهم لعنة الله (3).

على أوراق شجرة الجنة

176- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لما عرج بي إلى السماء وعرضت علي الجنة ، وجدت على أوراق شجرة الجنة : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب ولي الله ، الحسن والحسين صفوة الله عليهم صلوات الله (4).

اصل فاطمة من الجنة

177- قال النبي (صلى الله عليه وآله) : لما عرج بي إلى السماء اخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلتها فتحول ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة وفاطمة حوراء أنسية ، فلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي(5).

فاطمة ثمرة من الجنة

ص: 93


1- علل الشرائع : 1 / 183 ،المحتضر ص 238
2- المحتضر ص 251 ، كشف الغمة : 1 / 329 وعنه البحار : 38 / 345 و ج 27 ص 11. حلية الأولياء : 3 / 27 ،مدينة المعاجز ج 2 ص 393، الغدير ج 2 ص 50 ، الطبري في الرياض 2 ص 172 ،ذخاير العقبى ص 69 ،والخوارزمي في المناقب ص 254 ،كنز العمال 6 ص 158
3- الأمالي الطوسي ص 355 ، الفضائل ص 82 ، الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ص 64، ابن المغازلي في المناقب : 91 ، والعمدة : 121 ، وذخائر العقبى : 66 . في مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب عن الترمذي : 2 / 185 . الذهبي في ميزان الاعتدال : 2 / 217 . رواه ابن المغازلي في المناقب : 37 ، الفصول المهمة : 38 كتاب الأربعين الشيرازي ص 471، مقتل الحسين ص 108 ، وكفاية الطالب ص 274 . إحقاق الحق 9 : 135 عنه . إحقاق الحق 9 : 492 . الجواهر السنية ص 298 ، مدينة المعاجز ج 2 ص 354 ، أمالي الصدوق : 17 ح 7 وعنه البحار : 39 / 37 ح 7 ، حلية الأبرار : 2 / 119 ح 2، كشف الغمة : 1 / 94 و 526 ، وعنه البحار : 43 / 303 والعوالم : 16 / 50 ح 14، الغدير ج 2 ص 314
4- الروضة في فضائل أمير المؤمنين ص 59 ، عنه البحار : 27 / 8 ح 17 ، مقتل الحسين (عليه السلام) : 108 ، المناقب : 214 ، لسان الميزان : 5 / 70 ، كفاية الطالب : 423 ، ميزان الاعتدال : 2 / 217 ، وفرائد السمطين : 2 / 73 ح 396 ، وإحقاق الحق : 9 / 257 ، تاريخ بغداد : 1 / 259 ، مدينة المعاجز : 4 / 30 ح 117 ، وص : 31 ح 118 ، وج 2 / 354 ح 597 ، وص 355 ح 599 ، عن كشف الغمة : 1 / 94 و 526 ، مائة منقبة : 87 ح 54 ، أمالي الطوسي : 365 .
5- روضة الواعظين ص 149

178- روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال لما عرج بي جبريل (عليه السلام) إلى ربي ورأيت كل ما رأيته في الملكوت ودخلت الجنة وناداني كل ما فيها من شئ حتى ثمارها ، وأخذ حبيبي جبريل (عليه السلام) تفاحة من تفاح الجنة ، فقال لي يا رسول الله ربك يقرئك السلام ، ويقول لك : خذ هذه التفاحة فإن من مائها إذا تخلق تفاحة الدنيا والآخرة ، وهي فاطمة ابنتك ورأيت النار وما فيها ثم هبطت إلى الدنيا فوافيت خديجة (عليها السلام) فحملت بفاطمة (1).

179- وصدق هذا الخبر في التفاحة قول عائشة وقد دخل عليها بالمدينة نسوة من العراقيات وعندها نسوة من الشاميات فقلن لها يا عائشة نسألك عن خروجك على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على ضلال استحللت قتاله أم على حق فبغيت عليه فقالت عائشة ويحكن يا عراقيات لقد سألتنني عن الداهية الدهياء والطامة العظمى ، ان عليا (عليه السلام) كان لله ناصرا ولدين الله ثابتا قائما بالحجة وخليفة النبوة وأديب الملائكة وقريع الوحي يسمعه بكرة وعشيا ويعيه في اذن واعية ، وحجته على خلقه والباب بينهم وبينه وما عسى أن أقول في أبي الحسن وقد اشتبكت رحمه برسول الله (صلى الله عليه وآله) كاشتباك الأصابع المتشابكة بالأوصال المتحابكة فصارت النفس واحدة وأودعت جسمين فما يفارق جسم رسول الله ويرى ثقل حبيبه وخليله وقرة عينه الذي كان أحب الناس إليه مريم الكبرى والحوراء التي أفرغت من ماء الجنة من تفاحة في صلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقحت أكرم لقح وانتجبت أكرم من نجب فهو وابناه كبعض فضل الله لأن عليا (عليه السلام) أعلاهم فضل من الله ومنزلة عند الله ورسوله وسماكن مسلمات وجعلكن مؤمنات وهداكن سبلا ، وجعل الأرض لكن مهادا وذللا فقلن الشاميات فما بال علي أمير المؤمنين يلعنه معاوية على منابر الشام ؟ فقالت : ويلكن يا شاميات ان معاوية احتقب بخزيه إلى خزيكن وبعماه إلى عماكن والله لولا أني اكره لأمرت بنفيكن أخرجن يا ناريات (2).

سير في الجنة

180 - كانت فاطمة (عليها السلام) لا يذكرها أحد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أعرض حتى آيس الناس منها ، فلما أراد أن يزوجها من علي أسر إليها فقالت : يا رسول الله أنت أولى بما ترى غير أن نساء قريش تحدثني عنه أنه رجل دحداح البطن ، طويل الذراعين ، ضخم الكراديس ، أنزع عظيم العينين والسكنة مشاشار كمشاشير البعير ضاحك السن ، لا مال له . فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا فاطمة أما علمت أن الله أشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين ، ثم اطلع فاختار عليا على رجال العالمين ، ثم اطلع فاختارك على نساء العالمين ؟ . يا فاطمة إنه لما أسري بي إلى السماء وجدت مكتوبا على صخرة بيت المقدس : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أيدته بوزيره ، ونصرته بوزيره ، فقلت لجبرئيل : ومن وزيري ؟ فقال : علي بن أبي طالب . فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها : إني أنا الله لا إله إلا . إنا وحدي ، محمد صفوتي من خلقي أيدته بوزيره ، ونصرته بوزيره ، فقلت لجبرئيل : ومن وزيري ؟ قال : علي بن أبي طالب (عليه السلام) . فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين ، وجدت

ص: 94


1- الهداية الكبرى ص 176
2- الهداية الكبرى ص 176

مكتوبا على قائمة من قوائم العرش : أنا الله لا إله إلا أنا محمد حبيبي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره . فلما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار علي وما في الجنة قصر ولا منزل إلا وفيها فتر منها وأعلاها أسفاط حلل من سندس وإستبرق يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط في كل سفط مائة ألف حلة ما فيه حلة تشبه الأخرى على ألوان مختلفة ، وهو ثياب أهل الجنة ، وسطها ظل ممدود ، عرض الجنة كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسوله ، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مائة عام فلا يقطعه وذلك قوله (وظل ممدود) وأسفلها ثمار أهل الجنة وطعامهم متدلل في بيوتهم يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار الدنيا وما لم تروه ، وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها ، وكلما يجتني منها شئ نبتت مكانها أخرى ، لا مقطوعة ، ولا ممنوعة ، ويجري نهر في أصل تلك الشجرة تنفجر منها الأنهار الأربعة (أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى) . يا فاطمة إن الله أعطاني في علي سبع خصال : هو أول من ينشق عنه القبر معي ، وهو أول من يقف معي على الصراط فيقول للنار خذي ذا وذري ذا ، وأول من يكسى إذا كسيت ، وأول من يقف معي على يمين العرش ، وأول من يقرع معي باب الجنة ، وأول من يسكن معي عليين ، وأول من يشرب معي من الرحيق المختوم (ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) . يا فاطمة هذا ما أعطاه الله عليا في الآخرة وأعد له في الجنة إذا كان في الدنيا لا مال له . فأما ما قلت : إنه بطين ، فإنه مملوء من علم خصه الله به وأكرمه من بين أمتي . وأما ما قلت : إنه أنزع عظيم العينين فإن الله خلقه بصفة آدم (عليه السلام) . وأما طول يديه فإن الله عز وجل طولها يقتل بها أعداءه وأعداء رسوله ، وبه يظهر الله الدين ولو كره المشركون ، وبه يفتح الله الفتوح ، ويقاتل المشركين على تنزيل القرآن والمنافقين من أهل البغي والنكث والفسوق على تأويله . ويخرج الله من صلبه سيدي شباب أهل الجنة ، ويزين بهما عرشه . يا فاطمة ما بعث الله نبيا إلا جعل له ذرية من صلبه وجعل ذريتي من صلب علي ، ولولا علي ما كانت لي ذرية . فقالت فاطمة : يا رسول الله ما أختار عليه أحدا من أهل الأرض ، فزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال ابن عباس عند ذلك : والله ما كان لفاطمة كفو غير علي (عليه السلام) (1).

نفقة بناء الجنة

181 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعان بيضاء ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وربما أمسكوا ، فقلت لهم : مالكم ربما بنيتم وربما أمسكتم ؟ فقالوا : حتى تجيئنا النفقة ، فقلت لهم : وما نفقتكم ؟ فقالوا : قول المؤمن في الدنيا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فإذا قال : بنينا ، وإذا أمسك أمسكنا (2).

182- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء ، دخلت الجنة فرأيت فيها قيعان ، ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وربما أمسكوا ،

ص: 95


1- تفسير القمي : 653 . أمالي ابن شيخ : 121 . بحار الأنوار ج 18 ص 404 و ج 43 ص 99
2- تفسير القمي ص 413 ،أمالي الطوسي ج 2 ص 88 . علل الشرايع ج 2 ص 185 . عيون الأخبار ج 2 ص 84 . بحار الأنوار ج 8 ص 123و ج 90 ص 169

فقلت لهم : ما بالكم قد أمسكتم ؟

فقالوا : حتى تجيئنا النفقة ،

فقلت : وما نفقتكم ؟

قالوا : قول المؤمن : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فإذا قال : بنينا ، وإذا سكت أمسكنا (1).

183- عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما اسرى بي إلى السماء دخلت الجنة فر أيت فيها قيعانا(2) بقعا (يققا) من مسك ، ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة ذهب ولبنة فضة وربما أمسكوا ، فقلت لهم : مالكم ربما بنيتم وربما أمسكتم ؟ فقالوا أمسكنا حتى تجيئنا النفقة قلت : وما نفقتكم ؟ قالوا : قول المؤمن (سبحان الله والحمد لله ولا اله ا لا الله والله أكبر) وإذا قالهن بنينا ، وإذا سكت وأمسك أمسكنا (3).

قيعان الجنة

184 - القطب الراوندي في دعواته : في معراج النبي صلى الله عليه وآله : (انه مر على إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ، فناداه من خلفه ، فقال : يا محمد ، اقرأ أمتك عني السلام ، وأخبرهم ان الجنة ماؤها عذب ، وتربتها طيبة ، قيعان يقق ، غرسها : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة الا بالله ، فمر أمتك فليكثروا من غرسها) (4).

قصر من ياقوت احمر

185- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا من ياقوت أحمر يرى داخله من خارجه وخارجه من داخله من نوره ،

فقلت : يا جبرئيل لمن هذا القصر ؟

قال : لمن أطاب الكلام ، وأدام الصيام ، وأطعم الطعام ، وتهجد بالليل والناس نيام (5).

186 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت قصرا من ياقوته حمراء يرى داخلها من خارجها ، وخارجها من داخلها ، من ضيائها ، وفيها بيتان در وزبرجد ،

فقلت : يا جبرئيل لمن هذا القصر ؟

فقال : هذا لمن أطاب الكلام ، وأدام الصيام ، وأطعم الطعام ، وتهجد بالليل والناس نيام ،

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا رسول الله وفي أمتك من يطيق هذا ؟

فقال : ادن مني يا علي فدنا منه ،

ص: 96


1- أمالي الطوسي 2 : 88 ،تفسير القمي 2 : 53 ،بحار الأنوار ج 18 ص 82 و ج 8 ص 177 و ج 90 ص 83،وسائل الشيعة ج 7 ص 188
2- القاع : المستوى من الأرض جمع قيعان واقواع بقع جمع البقعة : وهي القطعة من ا لأرض اليقق : المتناهى في البياض
3- عدة الداعي ص 249
4- دعوات الراوندي ص 16 ، وعنه في البحار ج 93 ص 175 ح 21 ، مستدرك الوسائل ج 5 ص 326
5- بحار الأنوار ج 18 ص 282 ، و ج 8 ص 190

فقال : تدري ما أطاب الكلام ؟

قال : الله ورسوله أعلم ،

قال : من قال : سبحان ، الله ، والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، أتدري ما أدام الصيام ؟

قال : الله ورسوله أعلم ،

قال : من صام رمضان ولم يفطر منه يوما ، وتدري ما إطعام الطعام ؟

قال : الله ورسوله أعلم

، قال : من طلب لعياله ما يكف به وجوههم عن الناس ، وتدري ما التهجد بالليل والناس نيام ؟

قال : الله ورسوله أعلم

قال : من لم ينم حتى يصلي العشاء الآخرة ، ويعني بالناس نيام ، اليهود والنصارى ، فإنهم ينامون فيما بينهما (1).

الراضية المرضية

187- وقال (صلى الله عليه وآله) : لما أسرى بي إلي سبع سماواته أخذ جبرئيل بيدي وأدخلني الجنة ، وأجلسني على درنوك من درانيك الجنة ، وناولني سفرجلة فانفلقت نصفين ، وخرجت منها حوراء ، فقامت بين يدي

وقالت : السلام عليك يا محمد ،

السلام عليك يا أحمد ،

السلام عليك يا رسول الله ،

فقلت : وعليك السلام ، من أنت ؟

قالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع : أعلاي من الكافور ، ووسطي من العنبر وأسفلي من المسك ، عجنت بماء الحيوان ، قال لي ربي : كوني فكنت (2).

188- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال : لما عرج بي إلى السماء أهدى إلى جبرئيل عليه السلام سفرجلة ، فكسرتها فخرجت منها حورية . فقالت : السلام عليك يا رسول الله ، فقلت : وعليك السلام ، من تكونين ؟ فقالت : إ ن الله سبحانه وتعالى خلقني من ثلاثة أشياء فأولي من الكافور ، ووسطي من العنبر . وأخرى من المسك ، ووكلني برسم خدمة ابن عمك علي بن أبي طالب عليه السلام (3).

ص: 97


1- الأمالي الطوسي ص ،258 وسائل الشيعة ج 7 ص 189 ،بحار الأنوار ج 90 ص 168 و ج 93ص 367 وج 73 ص 184 و ج 80 ص 49
2- عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 29 ، شرح الأخبار ج 2 ص 471 ، نوادر المعجزات ص 75 ذخائر العقبى ص 90 وفيه فكنت أقلبها إذ انفلقت وخرجت منها حوراء ، المحتضر ص 244 ،بحار الأنوار ج 18 ص 282 و ج 39 ص 229 كشف الغمة : 40 . صحيفة الرضا عليه السلام : 6 و 7 .
3- الروضة في فضائل أمير المؤمنين ص 61 ، عنه البحار : 39 / 229 ح 4 ، صحيفة الرضا (عليه السلام) : 96 ح 30 وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) : 2 / 26 ج 7 ، عنه البحار : 66 / 178 ج 41 ، كشف الغمة 1 / 138 ، وابن أبي الحديد في شرحه : 9 / 280 ، الصدوق في أماليه : 154 ح 12 ، عنه البحار : 18 / 332 ح 35 وج 40 / 4 ح 8 ، فرائد السمطين : 1 / 88 ح 57 ، ذخائر العقبى : 90 ، والخوارزمي في المناقب : 210 ، وابن المغازلي ، في المناقب : 401 ح 645 ، والقندوزي في ينابيع المودة : 136 ،

189 - عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ليلة أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة ، وأجلسني على درنوك(1)

من درانيك الجنة ، فناولني سفر جلة فانفلقت بنصفين فخرجت منها حوراء كأن أشفار عينها مقاديم النسور(2) ، فقالت : السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا محمد ، فقلت : من أنت يرحمك الله ؟ قالت أنا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلاثة أنواع : أسفلي من المسك . وأعلاي من الكافور ووسطي من العنبر . وعجنت بماء الحيوان ، قال الجليل : كوني فكنت ، خلقت لابن عمك ووصيك ووزيرك علي بن أبي طالب (3).

شجرة من نور في الجنة

190 - عن ابن عباس قال : دخلت عايشة على رسول الله وهو يقبل فاطمة فقالت له : أتحبها يا رسول الله ؟ قال أما والله لو علمت حبي لها لازددت لها حبا ، انه لما عرج بي إلى السماء الرابعة اذن جبرئيل وأقام ميكائيل ثم قيل لي اذن يا محمد ، فقلت : أتقدم وأنت بحضرتي يا جبرئيل ؟ قال نعم ان الله عز وجل فضل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلك أنت خاصة ، فدنوت فصليت باهل السماء الرابعة ثم التفت عن يميني فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفها جماعة من الملائكة ثم أنى صرت إلى السماء الخامسة ومنها إلى السادسة فنوديت يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك علي فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنة فإذا أنا بشجرة من نور أصلها ملكان يطويان الحلل والحلى ، فقلت حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة ؟ فقال هذه لأخيك علي بن أبي طالب وهذان الملكان يطويان له الحلى والحلل إلى يوم القيامة ، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي فلما ان هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء انسية فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة فاطمة (عليها السلام) (4).

ص: 98


1- قال الفيروزآبادي : الدرنوك : بالضم : ضرب من الثياب أو البسط والطنفسة
2- المقاديم : جمع مقدمة وهو من كل شئ أوله وناصيته ومن الوجه ما استقبلت منه والمراد هنا بقرينة النسور ، المناسر - مناقر السباع من الطيور - شبه الأشفار في انحنائها بها الريش الذي في مقدم جناح الطائر ، وتسمى القوادم أيضا
3- الأمالي ص 249 ، عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 29 ، مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ج 1 ص 232،بحار الأنوار ج 18 ص 332 و ج 8 ص 177 و ج 40 ص 4و ج 90 ص 83
4- عيون المعجزات ص 49 183 ، المحتضر ص 238 ، مدينة المعاجز ج 2 ص 413 ، بحار الأنوار ج 8 ص 188و ج 43 ص 5 ، وسائل الشيعة ج 5 ص 439، دلائل الامامة ص 146 ، علل الشرائع : 183 / 2 . مناقب ابن المغازلي : 369 / 416 ، كشف الغمة 1 : 463 ،ذخائر العقبى : 44 ، ونزهة المجالس 2 : 227 رجال النجاشي : 262 / 686 ،الخصال : 387 / 73 و : 394 / 98 : ،ي عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 46 / 174 ، ومعاني الأخبار : 64 / 14 ، وعلل الشرائع : 178 / 1 و : 179 / 5 ، وأمالي الطوسي 1 : 300 ، وبشارة المصطفى : 184 ، مناقب ابن المغازلي : 65 / 92 ، ومناقب ابن شهرآشوب 3 : 329 ، ذخائر العقبى : 26 ، وفرائد السمطين 2 : 57 / 384 ، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1 : 51 ، ونور الأبصار : 96 .

شجرة تحمل الحلي والحلل

191- عن فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها الحسين بن علي (عليه السلام) قال : حدثنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما دخلت الجنة رأيت فيها شجرة تحمل الحلي والحلل ، أسفلها خيل بلق وأوسطها حور عين ، وفي أعلاها الرضوان ، قلت : يا جبرئيل لمن هذه الشجرة ؟ قال : هذه لابن عمك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فإذا أمر الله بدخول الجنة يؤتى بشيعة علي حتى ينتهي بهم إلى هذه الشجرة فيلبسون الحلي و الحلل ، ويركبون الخيل البلق ، وينادي مناد : هؤلاء شيعة علي ، صبروا في الدنيا على الأذى ، فحبوا في هذا اليوم بهذا (1).

قصر للامام الحسن عليه السلام

192- عن حذيفة بن اليمان قال : دخلت عائشة على النبي صلى الله عليه وآله وهو يقبل فاطمة صلوات الله عليها ، فقالت : يا رسول الله أتقبلها وهي ذات بعل ؟ فقال لها : أما والله لو علمت ودي لها إذا لازددت لها ودا ، وأنه لما عرج بي إلى السماء فصرت إلى السماء الرابعة أذن جبرئيل وأقام ميكائيل ، ثم قال لي : ادن ، فقلت : أدنو وأنت بحضرتي ؟ فقال لي : نعم إن الله فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضلك أنت خاصة ، فدنوت فصليت بأهل السماء الرابعة ، فلما صليت وصرت إلى السماء السادسة إذا أنا بملك من نور على سرير من نور ، عن يمينه صف من الملائكة وعن يساره صف من الملائكة ، فسلمت فرد علي السلام وهو متكئ ، فأوحى الله عز وجل إليه : أيها الملك سلم عليك حبيبي وخيرتي من خلقي فرددت السلام عليه وأنت متكئ ؟ وعزتي وجلالي لتقومن ولتسلمن عليه ولا تقعد إلى يوم القيامة ، فوثب الملك وهو يعانقني ويقول : ما أكرمك على رب العالمين يا محمد ! فلما صرت إلى الحجب نوديت آمن الرسول بما انزل إليه فالهمت فقلت : والمؤمنون كل آمن بالله وكتبه ورسله ثم أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي وأدخلني الجنة وأنا مسرور ، فإذا أنا بشجرة من نور مكللة بالنور ، وفي أصلها ملكان يطويان الحلي والحلل إلى يوم القيامة ، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بقصر من لؤلؤة بيضاء لا صدع فيها ولا وصل ، فقلت : حبيبي لمن هذا القصر ؟ قال : لابنك الحسن ، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بتفاح لم أر تفاحا أعظم منه ، فأخذت تفاحة ففلقتها ، فإذا أنا بحوراء كأن أجفانها مقاديم أجنحة النسور ، فقلت لها : لمن أنت ؟ فبكت ثم قالت : أنا لابنك المقتول ظلما الحسين بن علي ، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد الزلال وأحلى من العسل ، فأكلت رطبة منها وأنا أشتهيها ، فتحولت الرطبة نطفة في صلبي ، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء إنسية ، فإذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها (2).

ص: 99


1- بحار الانوار ج8/129
2- بحار الأنوار ج 37 ص 81 ، العوالم الإمام الحسين (ع) ص 121

ثانيا: النار

عقاب الذين يأكلون لحوم الناس

193- عن النبي صلى الله عليه وآله قال : مررت ليلة أسري بي بقوم لهم أظفار من نحاس يخدشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ قال : هم الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم وقيل : إنما سقط لحم وجوههم لأنهم كاشفوهم بوجوههم الشديدة من غير استحياء من الله ومنهم (1).

عقاب الذين ينامون عن صلاة العشاء

194 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء مضيت بأقوام ترضخ رؤسهم بالصخر فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال : هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء (2).

عقاب الذين يأكلون الربا

195 - وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء ، رأيت أقواما يريد أحدهم أن يقوم ولا يقدر عليه من عظم بطنه ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ قال : هؤلاء (الذين يأكلون الربا ، لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) ، وإذا هم بسبيل آل فرعون ، يعرضون على النار غدوا وعشيا ، يقولون : ربنا متى تقوم الساعة (3).

196- وعنه (صلى الله عليه وآله) : أنه رآى ليلة أسري به رجالا بطونهم كالبيت الطحم ، وهم على سابلة آل فرعون ، فإذا أحسوا بهم قاموا ليعتزلوا عن طريقتهم ، فمال بكل واحد منهم بطنه فيسقط حتى يطأهم آل فرعون مقبلين ومدبرين فقلت لجبرئيل : من هؤلاء ؟ قال : آكلة الربا (4).

عقاب الذين يغتابون الناس

197- عن أنس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : مررت ليلة أسري بي ، على قوم يخمشون وجوههم بأظفارهم ، فقلت : يا جبرئيل من هؤلاء ؟ فقال : هؤلاء الذين يغتابون الناس ، ويقعون في أعراضهم (5).

عقاب الخطباء

ص: 100


1- بحار الأنوار ج 72 ص 154
2- تفسير القمي ص 371 . قرب الإسناد ص 32 . علل الشرائع ج 2 ص 28 ،بحار الأنوار ج 79 ص 213
3- تفسير القمي 1 : 94 . 19 - مجمع البيان 1 : 390 ، وسائل الشيعة ج 18 ص 122 ،مستدرك الوسائل ج 13 ص 330
4- مستدرك الوسائل ج 13 ص 332
5- مجموعة ورام ص 115 ، مستدرك الوسائل ج 9 ص 119، عوالي اللئالي ج 1 ص 276، بحار الأنوار ج 72 ص 222

198- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : رأيت ليلة أسرى بي قوما تقرض شفاههم بالمقاريض كلما قرضت وفت ، فقال جبرائيل : هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون مالا يفعلون . لأنهم قالوا بأفواههم فعوقبوا فيها (1).

199 – عن النبي قال (صلى الله عليه وآله) : رأيت ليلة أسري بي إلى السماء قوما تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، ثم ترمى ، فقلت : يا جبرئيل من هؤلاء ؟ فقال : خطباء أمتك ، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون (2).

عقاب الذين يامرون بالخير ولا ياتوه

200- روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : مررت ليلة أسري بي بقوم تقرض شفاههم بمقارض من نار ، فقلت : من أنتم ؟ قالوا : كنا نأمر بالخير ولا نأتيه ، وننهي عن الشر ونأتيه (3).

الوان من العذاب

201 - عن عبد الرحمان بن غنم قال : جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدابة دون البغل وفوق الحمار ، رجلاها أطول من يديها . خطوها مد البصر . فلما أراد أن يركب امتنعت فقال جبرئيل (عليه السلام) : إنه محمد ، فتواضعت حتى لصقت بالأرض قال : فركب ، فكلما هبطت ارتفعت يداها ، وقصرت رجلاها فمرت به في ظلمة الليل على عير محملة فنفرت العير من دفيف البراق فنادى رجل في آخر العير غلاما له في أول العير : يا فلان إن الإبل قد نفرت ، وإن فلانة ألقت حملها وانكسر يدها ، وكانت العير لأبي سفيان . قال : ثم مضى حتى إذا كان ببطن البلقاء قال : يا جبرئيل قد عطشت ، فتناول جبرئيل قصعة فيها ماء فناوله فشرب ، ثم مضى فمر على قوم معلقين بعراقيبهم بكلاليب من نار ، فقال : ما هؤلاء يا جبرئيل ؟

فقال : هؤلاء الذين أغناهم الله بالحلال فيبتغون الحرام

قال : ثم مر على قوم تخاط جلودهم بمخائط من نار ، فقال : ما هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال هؤلاء الذين يأخذون عذرة النساء بغير حل ، ثم مضى فمر على رجل يرفع حزمة من حطب كلما لم يستطع أن يرفعها زاد فيها ، فقال : من هذا يا جبرئيل ؟

قال : هذا صاحب الدين يريد أن يقضي فإذا لم يستطع زاد عليه ،

ثم مضى حتى إذا كان بالجبل الشرقي من بيت المقدس وجد ريحا حارة وسمع صوتا ، قال ما هذه الريح يا جبرئيل التي أجدها وهذا الصوت الذي أسمع ؟

قال : هذه جهنم ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : أعوذ بالله من جهنم ،

ثم وجد ريحا عن يمينه طيبة ، وسمع صوتا فقال : ما هذه الريح التي أجد ؟وهذا الصوت الذي أسمع ؟

فقال : هذه الجنة ، فقال : أسأل الله الجنة ،

ص: 101


1- المجازات النبوية ص 245
2- أمالي الطوسي 2 : 140 ، وسائل الشيعة ج 16 ص 151 ، مستدرك الوسائل ج 12 ص 205، بحار الأنوار ج 69 ص 223
3- بحار الأنوار ج 69 ص 223

قال : ثم مضى حتى انتهى إلى باب مدينة بيت المقدس وفيها هرقل ، وكانت أبواب المدينة تغلق كل ليلة و يؤتى بالمفاتيح وتوضع عند رأسه ، فلما كانت تلك الليلة امتنع الباب أن ينغلق ، فأخبروه فقال : ضاعفوا عليها من الحرس ، قال : فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل بيت المقدس فجاء جبرئيل (عليه السلام) إلى الصخرة فرفعها فأخرج من تحتها ثلاثة أقداح : قدحا من لبن ، وقدحا من عسل ، وقدحا من خمر ، فناوله قدح اللبن فشرب ، ثم ناوله قدح العسل فشرب ، ثم ناوله قدح الخمر فقال : قد رويت يا جبرئيل ،

قال : أما إنك لو شربته ضلت أمتك وتفرقت عنك .

قال : ثم أم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجد بيت المقدس بسبعين نبيا ، قال : وهبط مع جبرئيل (عليه السلام) ملك لم يطأ الأرض قط ، معه مفاتيح خزائن الأرض ، فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول : هذه مفاتيح خزائن الأرض ، فإن شئت فكن نبيا عبدا ، وإن شئت نبيا ملكا ، فأشار إليه جبرئيل (عليه السلام) أن تواضع يا محمد ،

فقال : بل أكون نبيا عبدا ،

ثم صعد إلى السماء فلما انتهى إلى باب السماء استفتح جبرئيل (عليه السلام) ، فقالوا : من هذا ؟

قال : محمد ، قالوا : نعم المجئ جاء ،

فدخل فما مر على ملا من الملائكة إلا سلموا عليه ودعوا له وشيعه مقربوها ، فمر على شيخ قاعد تحت شجرة و حوله أطفال ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من هذا الشيخ يا جبرئيل ؟

قال : هذا أبوك إبراهيم ،

قال : فما هؤلاء الأطفال حوله ؟

قال : هؤلاء أطفال المؤمنين حوله يغذوهم ،

ثم مضى فمر على شيخ قاعد على كرسي إذا نظر عن يمينه ضك وفرح ، وإذا نظر عن يساره حزن وبكى ، فقال : من هذا يا جبرئيل ؟

قال : هذا أبوك آدم ، إذا رأى من يدخل الجنة من ذريته ضحك وفرح ، وإذا رأى من يدخل النار من ذريته حزن وبكى ،

ثم مضى فمر على ملك قاعد على كرسي فسلم عليه فلم ير منه من البشر ما رأى من الملائكة ، فقال : يا جبرئيل ما مررت بأحد من الملائكة إلا رأيت منه ما أحب إلا هذا ، فمن هذا الملك ؟

قال : هذا مالك خازن النار ، أما إنه قد كان من أحسن الملائكة بشرا ، وأطلقهم وجها ، فلما جعل خازن النار اضطلع (1)فيها اضطلاعة فرأى ما أعد الله فيها لأهلها ، فلم يضحك بعد ذلك ،

ثم مضى حتى إذا انتهى حيث انتهى فرضت عليه الصلاة خمسون صلاة ، قال : فأقبل فمر على موسى (عليه السلام) فقال : يا محمد كم فرض على أمتك ؟

قال : خمسون صلاة قال : ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عن أمتك ،

ص: 102


1- اضطلع فيها ، أي تمكن وتوجه للعمل بما امر فيها ، والاضطلاع افتعال من الضلاعة وهي القوة ، يقال اضطلع بحمله ، أي قوي عليه ونهض به ، ولا يبعد أن يكون في الأصل اطلع فيها اطلاعة ،

قال : فرجع ثم مر على موسى (عليه السلام) فقال : كم فرض على أمتك ؟

قال : كذا وكذا ، قال : فإن أمتك أضعف الأمم ، ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عن أمتك فإني كنت في بني إسرائيل ، فلم يكونوا يطيقون إلا دون هذا ،

فلم يزل يرجع إلى ربه عز وجل حتى جعلها خمس صلوات ، قال : ثم مر على موسى (عليه السلام) فقال : كم فرض على أمتك ؟

قال : خمس صلوات ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عن أمتك ، قال : قد استحييت من ربي مما أرجع إليه ،

ثم مضى فمر على إبراهيم خليل الرحمان فناداه من خلفه فقال : يا محمد اقرأ أمتك عني السلام وأخبرهم أن الجنة ماؤها عذب ، وتربتها طيبة قيعان(1) بيض غرسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ولا حول ولا وقوة إلا بالله فمر أمتك فليكثروا من غرسها ،

ثم مضى حتى مر بعير يقدمها جمل أورق ، ثم أتى أهل مكة فأخبرهم بمسيره ، وقد كان بمكة قوم من قريش قد أتوا بيت المقدس فأخبرهم : ثم قال : آية ذلك أنها تطلع عليكم الساعة عير مع طلوع الشمس ، يقدمها جمل أورق ، قال : فنظروا فإذا هي قد طلعت ، و أخبرهم أنه قد مر بأبي سفيان وأن إبله نفرت في بعض الليل ، وأنه نادى غلاما له في أول العير : يا فلان إن الإبل قد نفرت ، وإن فلانة قد ألقت حملها ، وانكسر يدها ، فسألوا عن الخبر فوجدوه كما قال (صلى الله عليه وآله) (2).

202- وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم التفت إلى الأنبياء ببيت المقدس ، فقال : بما تشهدون ؟

قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وعلي أمير المؤمنين ،

ثم عرج به إلى السماء السابعة ، حتى كان قاب قوسين أو أدنى فرفعت الحجب له فمشى فنودي يا محمد إنك لتمشى في مكان ما مشى عليه بشر قبلك فكلمة الله عز وجل

فقال : (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) .

قال (صلى الله عليه وآله) نعم يا رب والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير ،

فقال الله عز وجل (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا إلى آخر الآية

فقال عز وجل قد فعلت ثم قال له من خلفت على أمتك من بعدك

فقال (صلى الله عليه وآله) الله اعلم .

قال له : علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ،

فكانت إمامته مشافهة من الله جل ذكره لنبيه عليه وآله الصلاة والسلام (3).

عذاب النساء في الاخرة

ص: 103


1- القيعان جمع القاع وهي أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام
2- أمالي الصدوق ص 114 ، بحار الأنوار ج 18 ص 337 و ج 79 ص 252
3- روضة الواعظين ص 55

203- عن امير المؤمنين عليه السلام قال : دخلت انا وفاطمة على رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدته يبكي بكاءاً شديداً فقلت فداك ابي وامي يارسول الله ماالذي ابكاك فقال : ياعلي ليلة اسرى بي الى السماء رايت نساء من امتي في عذاب شديد فانكرت شانهن ، فبكيت لما رايت من شدة عذابهن .

ورايت امراة معلقة بشعرها يغلي دماغ راسها .

ورايت امراة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها .

ورايت امراة معلقة بثديها ،

ورايت امراة تاكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها .

ورايت امراة شدت رجلاها الى يديها وقد سلط عليها الحيات والعقارب .

ورايت امراة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ راسها من منخرها وبدنها متقطع من الجذام والبرص .

ورايت امراة معلقة برجلها في تنور من نار .

ورايت امراة قطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخرها بمقاريض من نار

ورايت امراة يحرق وجهها ويداها وهي تاكل امعاؤها .

ورايت امراة راسها راس خنزير وبدنها بدن حمار، وعليها الف الف لون من العذاب

ورايت امراة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها ، والملائكة يضربون راسها وبدنها بمقامع من نار .

فقالت فاطمة عليها السلام : حبيبي وقرة عيني اخبرني ما كان عملهن وسيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب ، فقال صلى الله عليه وآله يابنيتي :

اما المعلقة بشعرها فانها كانت لا تغطي شعرها من الرجال .

واما المعلقة بلسانها فانها كانت تؤذي زوجها .

واما المعلقة بثديها فانها كانت تمتنع من فراش زوجها .

واما المعلقة برجليها فانها كانت تخرج من بيتها بغير اذن زوجها .

واما التي كانت تاكل لحم جسدها فانها كانت تزين بدنها للناس .

واما التي شدت يداها الى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فانها كانت قذرة الوضوء قذرة الثياب ، وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ولا تتنظف وكانت تستهين بالصلاة .

واما العمياء الصماء الخرساء فانها كانت تلد من الزنا فتعلقه في عنق زوجها .

واما التي تقرض لحمها بالمقاريض فانها تعرض نفسها على الرجال .

واما التي كانت تحرق وجهها وبدنها وهي تاكل امعاءها فانها كانت قوادة .

واما التي كان راسها خنزير وبدنها بدن حمار فانها كانت نمامة كذابة .

واما التي كانت صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فانها كانت نواحة حاسدة ,

ثم قال : ويل لامراة اغضبت زوجها وطوبى لامراة رضي عنها زوجها (1) .

الوان من العقوبات مختلفة

ص: 104


1- عيون الاخبار 2 / 11 . بحار الأنوار ج 18 ص و ج 8 ص 308 ،352و ج 78 ص 90 و ج 100 ص 245 ، وسائل الشيعة ج 20 ص 212

204- عن أبي العالية الرياحي ، في قول الله عز وجل : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله ، لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير قال : جاء جبرائيل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ومعه ميكائيل بفرس فحمل عليه كل خطوة منه منتهى طرفه وأقصى بصره . قال : فسار وسار معه جبرائيل عليه السلام ،

فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم ، كلما حصدوا عاد كما كان ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : يا جبرائيل ما هذا ؟ قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله ، تضاعف لهم الحسنة بسبع مئة ضعف ، وما أنفقوا من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين

ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر ، كلما رضخت عادت كما كانت ، لا يفتر عنهم من ذلك شئ ، فقال : ما هؤلاء يا جبرائيل ؟ قال : هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة المكتوبة

ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع ، وعلى أدبارهم رقاع ، يسرحون كما تسرح الابل والغنم ، ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها ، قال : ما هؤلاء يا جبرائيل ؟ قال : هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم ، وما ظلمهم الله شيئا ، وما الله بظلام للعبيد

ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدور ، ولحم آخر نئ قذر خبيث ، فجعلوا يأكلون من النئ ، ويدعون النضيج الطيب ، فقال : ما هؤلاء يا جبرئيل ؟ قال : هذا الرجل من أمتك ، تكون عنده المرأة الحلال الطيب ، فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا ، فتأتي رجلا خبيثا ، فتبيت معه حتى تصبح .

قال : ثم أتى على خشبة في الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ، ولا شئ إلا خرقته ، قال : ما هذا يا جبرئيل ؟ قال : هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه . ثم قرأ : ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون . . . الآية

. ثم أتى على رجل قد جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها ، وهو يزيد عليها ، فقال : ما هذا يا جبرائيل ؟ قال : هذا الرجل من أمتك تكون عنده أمانات الناس لا يقدر على أدائها ، وهو يزيد عليها ، ويريد أن يحملها ، فلا يستطيع ذلك

ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد ، كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شئ ، قال : ما هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال : هؤلاء خطباء أمتك خطباء الفتنة يقولون ما لا يفعلون

ثم أتى على جحر صغير يخرج منه ثور عظيم ، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع ، فقال : ما هذا يا جبرئيل ؟ قال : هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ، ثم يندم عليها ، فلا يستطيع أن يردها

ثم أتى على واد ، فوجد ريحا طيبة باردة ، وفيه ريح المسك ، وسمع صوتا ، فقال : يا جبرائيل ما هذه الريح الطيبة الباردة وهذه الرائحة التي كريح المسك ، وما هذا الصوت ؟ قال : هذا صوت الجنة تقول : يا رب آتني ما وعدتني ، فقد كثرت غرفي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ، ولؤلؤي ومرجاني ، وفضتي وذهبي ، وأكوابي وصحافي وأباريقي ، وفواكهي ونخلي ورماني ، ولبني وخمري ، فآتني ما وعدتني ، فقال : لك كل مسلم ومسلمة ، ومؤمن ومؤمنة ، ومن آمن بي وبرسلي ، وعمل صالحا ولم يشرك بي ، ولم يتخذ من دوني أندادا ، ومن خشيني فهو آمن ، ومن سألني أعطيته ، ومن أقرضني

ص: 105

جزيته ، ومن توكل علي كفيته ، إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد ، وقد أفلح المؤمنون ، وتبارك الله أحسن الخالقين ، قالت : قد رضيت

ثم أتى على واد فسمع صوتا منكرا ، ووجد ريحا منتنة ، فقال : ما هذه الريح يا جبرئيل وما هذا الآصوات قال : هذا صوت جهنم ، تقول : يا رب آتني ما وعدتني ، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي ، وسعيري وجحيمي ، وضريعي وغساقي وعذابي وعقابي وقد بعد قعري واشد احري ، فآتني ما وعدتني ، قال : لك كل مشرك ومشركة ، وكافر وكافرة ، وكل خبيث وخبيثة ، وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب ، قالت : قد رضيت(1).

قوم لهم مشافر كمشافر الابل

205- في حديث أبي سعيد : ثم جئ بالمعراج الى ان قال : ثم نظرت(يعني النبي صلى الله عليه وآله) فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الابل ، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ، ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار يخرج من أسافلهم ، قلت : يا جبرئيل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما .

ثم نظرت فإذا أنا بقوم يحذي من جلودهم ويرد في أفواههم ، ثم يقال : كلوا كما أكلتم ، فإذا أكره ما خلق الله لهم ذلك ،

قلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟

قال : هؤلاء الهمازون اللمازون الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم بالسب

ثم نظرت فإذا أنا بقوم على مائدة عليها لحم مشوي كأحسن ما رأيت من اللحم ، وإذا حولهم جيف ، فجعلوا يميلون على الجيف يأكلون منها ويدعون ذلك اللحم ،

قلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟

قال : هؤلاء الزناة عمدوا إلى ما حرم الله عليهم ، وتركوا ما أحل الله لهم

ثم نظرت فإذا أنا بقوم لهم بطون كأنها البيوت وهي على سابلة آل فرعون ، فإذا مر بهم آل فرعون ثاروا ، فيميل بأحدهم بطنه فيقع ، فيتوطئوهم آل فرعون بأرجلهم ، وهم يعرضون على النار غدوا وعشيا

قلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟

قال : هؤلاء أكلة الربا ، ربا في بطونهم ، فمثلهم كمثل الذي يتخبطه الشيطان من المس

ثم نظرت ، فإذا أنا بنساء معلقات بثديهن ، ونساء منكسات بأرجلهن ،

قلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

قال : هن اللاتي يزنين ويقتلن أولادهن(2).

ما كتب على ابواب النيران والجنان

206- عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء أمر بعرض الجنة والنار علي ، فرأيتهما جميعا ، رأيت الجنة وألوان نعيمها ، ورأيت النار وألوان عذابها . فلما رجعت قال جبرئيل (عليه السلام) : هل قرأت يا رسول الله ما كان مكتوبا على أبواب الجنة ؟ وما كان مكتوبا على أبواب النار ؟

فقلت : لا ،

ص: 106


1- جامع البيان الطبري ج 15 ص 10
2- جامع البيان الطبري ج 15 ص 18

فقال جبرئيل (عليه السلام) : ان للجنة ثمانية أبواب ، على كل باب منها أربع كلمات ، كل كلمة منها خير من الدنيا وما فيها لمن تعلمها واستعملها ، وان للنار سبعة أبواب ، على كل باب منها ثلاث كلمات ، كل كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن تعلمها وعرفها .

قلت : يا جبرئيل ارجع معي لأقرأها ، فرجع معي جبرئيل (عليه السلام) ، فبدأ بأبواب الجنة ،

فإذا على الباب الأول مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله ، لكل شئ حيلة وحيلة طيب العيش في الدنيا أربع خصال : القناعة ، ونبذ الحقد ، وترك الحسد ، ومجالسة أهل الخير .

وعلى باب الثاني منها مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، على ولي الله ، لكل شئ حيلة وحيلة السرور في الآخرة أربع خصال : مسح رأس اليتيم ، والتعطف على الأرامل ، والسعي في حوائج المسلمين ، وتعهد الفقراء والمساكين .

وعلى الباب الثالث منها مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله ، لكل شئ حيلة ، وحيلة الصحة في الدنيا أربع خصال : قلة الكلام ، وقلة المنام ، وقلة المشي ، وقلة الطعام .

وعلى الباب الرابع منها مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليبر بوالديه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت .

وعلى الباب الخامس منها مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله ، من أراد أن لا يذل فلا يذل ، ومن أراد أن لا يشتم فلا يشتم ، ومن أراد أن لا يظلم فلا يظلم ، ومن أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى ، فليستمسك بقول الله لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله .

وعلى الباب السادس منها مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله ، من أحب أن يكون قبره واسعا فسيحا ، فلينق المساجد . ومن أحب أن لا يأكله الديدان تحت الأرض ، فليكنس المساجد . ومن أحب أن لا يظلم لحده ، فلينور المساجد . ومن أحب أن يبقي طريا تحت الأرض فلا يبلى جسده ، فليشتر بسط المساجد .

وعلى الباب السابع منها مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله ، بياض القلب في أربع خصال : في عيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وشراء أكفان الموتى ، ودفع القرض .

وعلى الباب الثامن منها مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله ، من أراد الدخول من هذه الأبواب الثمانية ، فليتمسك بأربع خصال : الصدقة ، والسخاء ، وحسن الأخلاق ، وكف الأذى عن عباد الله عز وجل .

ثم جئنا إلى أبواب النار ،

فإذا على الباب الأول منها مكتوب ثلاث كلمات : لعن الله الكذابين ، لعن الله الباخلين ، لعن الله الظالمين .

وعلى الباب الثاني منها مكتوب ثلاث كلمات : من رجا الله سعد ، ومن خاف الله آمن ، والهالك المغرور من رجا سوى الله وخاف غيره .

ص: 107

وعلى الباب الثالث منها مكتوب ثلاث كلمات : من أراد أن لا يكون عريانا في القيامة : فليكس الجلود العارية . ومن أراد أن لا يكون جائعا يوم القيامة ، فليطعم الجوعان في الدنيا . ومن أراد أن لا يكون عطشانا في القيامة ، فليسق العطشان في الدنيا .

وعلى الباب الرابع منها مكتوب ثلاث كلمات : أذل الله من هان الاسلام ، أذل الله من أهان أهل بيت نبي الله ، أذل الله من أعان الظالمين على ظلم المخلوقين .

وعلى الباب الخامس منها مكتوب ثلاث كلمات : لا تتبع الهوى ، فان الهوى يجانب الايمان . ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك ، فتسقط من عين ربك . ولا تكن عونا للظالمين ، فان الجنة لم تخلق للظالمين .

وعلى الباب السادس منها مكتوب ثلاث كلمات : أنا حرام على المتهجدين ، أنا حرام على الصائمين ، أنا حرام على المتصدقين .

وعلى الباب السابع منها مكتوب ثلاث كلمات : حاسبوا نفوسكم قبل أن تحاسبوا ، وبخوا نفوسكم قبل أن توبخوا ، وادعوا الله عز وجل قبل أن تردوا عليه و لا تقدرون على ذلك (1)

207 - وروي أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ليلة اسري بي إلى السماء أمر الله - عز وجل - بعرض الجنة والنار علي ، فرأيتهما جميعا ، رأيت الجنة وألوان نعيمها ، ورأيت النار وألوان عذابها ، ورأيت على كل باب من أبواب الجنة الثمانية مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله (2).

ان النبي دخل الجنة ورأي النار

208 - عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : قلت لعلي ابن موسى الرضا (عليه السلام) : يا بن رسول الله ، ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث : إن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة . فقال (عليه السلام) : يا أبا الصلت ، إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) على جميع خلقه من النبيين والملائكة ، وجعل طاعته طاعته ، ومتابعته متابعته ، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته ، فقال عز وجل : (من يطع الرسول فقد أطاع الله) ، وقال : (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) ، وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله جل جلاله . ودرجة النبي (صلى الله عليه وآله) في الجنة أرفع الدرجات ، فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله ، فقد زار الله تبارك وتعالى . قال : فقلت له : يا بن رسول الله ، فما معنى الخبر الذي رووه : أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله ؟ فقال (عليه السلام) : يا أبا الصلت ، من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر ، ولكن وجه الله أنبياءه ورسله وحججه (صلوات الله عليهم) ، هم الذين بهم يتوجه إلى الله وإلى دينه ومعرفة ، وقال الله عز وجل : (كل من عليها فإن ويبقى وجه ربك) ، وقال عز وجل : (

ص: 108


1- فرائد السمطين 1 : 239 ، الروضة في فضائل أمير المؤمنين ص 175 ، بحار الأنوار ج 8 ص 144 ، مدينة المعاجز ج 2 ص 358 ، مستدرك الوسائل ج 7 ص 266 ، كتاب الأربعين الماحوزي ص 360
2- المحتضر ص 189، أمالي الطوسي : 355 ، الخصال : 1 / 323 ، إرشاد القلوب : 2 / 234 ، الصراط المستقيم : 1 / 248 ، الطرائف : 1 / 64 ، كشف الغمة : 1 / 94 ، كشف اليقين : 459 ، مائة منقبة : 87 ، اليقين : 391

كل شئ هالك إلا وجهه) فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه (عليهم السلام) في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة . وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) : من أبغض أهل بيتي وعترتي ، لم يرني ولم أره يوم القيامة . وقال (عليه السلام) : إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني . يا أبا الصلت ، إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ، ولا يدرك الابصار والأوهام . قال : فقلت له يا بن رسول الله ، فأخبرني عن الجنة والنار ، أهما اليوم مخلوقتان ؟ فقال : نعم ، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد دخل الجنة ورأي النار لما عرج به إلى السماء . قال : فقلت له : فإن قوما يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقين ؟ فقال (عليه السلام) : ما أولئك منا ولا نحن منهم ، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي (صلى الله عليه وآله) وكذبنا ، وليس من ولايتنا على شئ ، وخلد في نار جهنم ، قال الله عز وجل : (هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن) ، وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل (عليه السلام) فأدخلني الجنة ، فناولني من رطبها فأكلته ، فتحول ذلك نطفة في صلبي ، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء إنسية ، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة (1).

ص: 109


1- الأمالي ص 545 ، التوحيد ص 117 ، عيون أخبار الرضا (ع) ج 2 ص 105 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ج 1 ص 361 ، بحار الأنوار ج 4 ص 2 و ج 8 ص 119 و ج 43 ص 4، الاحتجاج ج 2 ص 190

الفصل السابع: شجرة طوبى وسدرة المنتهى والحجب

اولا: سدرة المنتهى

فإذا ورقها مثل اذان الفيلة

209- عن مالك بن صعصعة رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل اذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال هجر (1).

وهبت منها ريح

210 - عن أبي جعفر عليه السلام قال :قال رسول الله عليه السلام : لما أسري بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى شممت وهبت منها ريح نبقها ، فقلت لجبرئيل : ما هذا ؟ فقال : هذه سدرة المنتهى ، اشتاقت إلى ابن عمك حين نظرت إليك ، فسمعت مناديا ينادي من عند ربي : محمد خير الأنبياء والمرسلين ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب خير الأولياء عليهم الصلاة والسلام وأهل ولايته خير البرية ، جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، رضي الله عن علي وأهل ولايته ، هم المخصوصون برحمة الله ، الملبسون نور الله ، المقربون إلى الله ، طوبى لهم ثم طوبى ، يغبطهم الخلائق يوم القيامة بمنزلتهم عند ربهم (2).

الورقة منها تظل الدنيا

211- ابي جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال رسول الله لما أسري بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى قال : إن الورقة منها تظل الدنيا ، وعلى كل ورقة ملك يسبح الله ، يخرج من أفواههم الدر والياقوت ، تبصر اللؤلؤ مقدار خمس مائة عام ، وما يسقط من ذلك الدر والياقوت يخرجونه ملائكة موكلين به ، يلقونه في بحر من نور ، يخرجون كل ليلة جمعة إلى السدرة المنتهى - فلما نظروا إلي رحبوا بي وقالوا : يا محمد مرحبا بك ، فسمعت اضطراب ريح السدرة وخفقة أبواب الجنان قد اهتزت فرحا لمحبيك ، فسمعت الجنان تنادي : وا شوقاه إلى علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (3).

تشتاق إلى علي بن أبي طالب

212 - عن الصادق جعفر بن محمد بن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء سمعت صوتا وهو يقول : وا شوقاه إلى علي بن

ص: 110


1- نصب الراية ج 1 ص 175
2- تفسير فرات : 219 ، بحار الأنوار ج 36 ص 146
3- قرب الإسناد : 48 و أمالي الصدوق : 138 . علل الشرائع : 116 ،بحار الأنوار ج 37 ص 37

أبي طالب عليه السلام . فقلت لجبرئيل : يا جبرئيل ما هذا ؟ قال : هذه سدرة المنتهى(1) تشتاق إلى ابن عمك علي بن أبي طالب . فلما دنوت منها إذا أنا بملائكة عليهم تيجان من ذهب ، وأكاليل من جوهر وهم يقولون : محمد خير الأنبياء ، وعلي خير الأوصياء . فقلت : يا جبرئيل ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الشفاعون لمن تولى علي بن أبي طالب عليه السلام (2).

ثمار قضبانها ثداء معلقة يقطر من بعضها اللبن

213 - محمد بن القاسم المفسر ، عن أحمد بن الحسن الحسيني . عن الحسن بن علي عن أبيه ، عن جده الرضا ، عن أبيه موسى (عليهما السلام) قال : سأل الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) عن بعض أهل مجلسه ، فقيل : عليل ، فقصده عائدا وجلس عند رأسه فوجده دنفا ، فقال له أحسن ظنك بالله ، قال : أما ظني بالله فحسن ، ولكن غمي لبناتي ، ما أمرضني غير غمي بهن ، فقال الصادق (عليه السلام) : الذي ترجوه لتضعيف حسناتك ومحو سيئاتك فارجه لاصلاح حال بناتك ، أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : لما جاوزت سدرة المنتهى وبلغت أغصانها وقضبانها رأيت بعض ثمار قضبانها ثداء معلقة يقطر من بعضها اللبن ، ومن بعضها العسل ومن بعضها الدهن ، ويخرج عن بعضها شبه دقيق السميذ ، وعن بعضها الثياب ، وعن بعضها كالنبق ، فيهوي ذلك كله نحو الأرض ، فقلت في نفسي : أين مقر هذه الخارجات عن هذه الثداء ، وذلك أنه لم يكن معي جبرئيل ، لأني كنت جاوزت مرتبته ، واختزل دوني ، فناداني ربي عز وجل في سري ، يا محمد هذه أنبتها من هذا المكان الأرفع لأغذو منها بنات المؤمنين من أمتك وبنيهم ، فقل : لآباء البنات لا تضيقن صدوركم على فاقتهن فإني كما خلقتهن أرزقهن (3).

عندها فارقه جبرائيل

214 - عن حبيب السجستاني قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله عز وجل : ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى فقال لي : يا حبيب لا تقرأ هكذا اقرأ ثم دنا فتدانى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى - الله - إلى عبده - يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أوحى يا حبيب إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما فتح مكة ، أتعب نفسه في عبادة الله عز وجل والشكر لنعمه في الطواف بالبيت ، وكان

ص: 111


1- قال الشيخ احمد الاحسائي : سدرة المنتهى الشجرة الكلية وشجرة العلم وشجرة الأسماء والصفات وشجرة الحروف الكونية وسدرة المنتهى شجرة في السماء السابعة غشيها نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم المعراج وكان لجبرائيل عليه السلام ستمائة جناح وقيل ستمائة ألف جناح فغمس نفسه في عين الحيوان فانتفض فخلق الله من كل قطرة من كل ريشة ملكا على هيئة الجراد من الذهب فيصعدون إلى سدرة المنتهى ويغشونها فيسبحون الله بلفظ واحد (سبحان الملك القدوس ذي الجلال والإكرام) وقيل سدرة المنتهى شجرة طوبى أغصانها من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وسميت بذلك لانتهاء كل ملك مقرب إليها ونبي مرسل وهي في السماء السادسة والسابعة وقيل الذي يغشيها فراش الذهب وقيل نور مثل جراد الذهب ، واعلم أن الذهب يراد به الاعتدال وطبع الهيولي الثانية لأن السدرة حكم الأولى ويغشيها حكم الثانية
2- نوادر المعجزات ص 65
3- بحار الأنوار ج 18 ص 352

علي (عليه السلام) معه ، فلما غشيهم الليل انطلقا إلى الصفا والمروة يريدان السعي ، قال : فلما هبطا من الصفا إلى المروة وصارا في الوادي دون العلم الذي رأيت غشيهما من السماء نور فأضاءت لهما جبال مكة ، وخشعت أبصارهما ، قال : ففزعا لذلك فزعا شديدا ، قال : فمضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى ارتفع عن الوادي ، و تبعه علي (عليه السلام) . فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأسه إلى السماء فإذا هو برمانتين على رأسه ، قال : فتناولهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فأوحى الله عز وجل إلى محمد : يا محمد إنها من قطف(1) الجنة فلا يأكل منها إلا أنت ووصيك علي بن أبي طالب ، قال : فأكل رسول الله إحداهما ، وأكل علي الأخرى ، ثم أوحى الله عز وجل إلى محمد (صلى الله عليه وآله) ما أوحى . قال أبو جعفر (عليه السلام) : يا حبيب ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى يعني عندها وافى به جبرئيل حين صعد إلى السماء ، قال : فلما انتهى إلى محل السدرة وقف جبرئيل دونها ، وقال : يا محمد إن هذا موقفي الذي وضعني الله عزو جل فيه ، ولن أقدر على أن أتقدمه ، ولكن امض أنت أمامك إلى السدرة ، فوقف عندها ، قال : فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السدرة ، وتخلف جبرئيل (عليه السلام) . قال أبو جعفر (عليه السلام) : إنما سميت سدرة المنتهى لان أعمال أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محل السدرة والحفظة الكرام البررة دون السدرة يكتبون ما ترفع إليهم الملائكة من أعمال العباد في الأرض ، قال : فينتهون بها إلى محل السدرة ، قال : فنظر رسول الله فرأى أغصانها تحت العرش وحوله ، قال : فتجلى لمحمد نور الجبار عز وجل ، فلما غشي محمدا (صلى الله عليه وآله) النور شخص ببصره وارتعدت فرائصه(2) ، قال : فشد الله عز وجل لمحمد قلبه ، وقوى له بصره ، حتى رأى من آيات ربه ما رأى ، وذلك قول الله عز وجل : ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى قال : يعني الموافاة (3)، قال : فرأى محمد (صلى الله عليه وآله) ما رأى ببصره من آيات ربه الكبرى ، يعني أكبر الآيات ، قال أبو جعفر (عليه السلام) : وإن غلظ السدرة بمسيرة مائة عام من أيام الدنيا ، وإن الورقة منها تغطي أهل الدنيا ، وإن لله عز وجل ملائكة وكلهم بنبات الأرض من الشجر والنخل ، فليس من شجرة ولا نخلة إلا ومعها من الله عز وجل ملك يحفظها وما كان فيها ، ولولا أن معها من يمنعها لاكلها السباع وهوام الأرض إذا كان فيها ثمرها ، قال : وإنما نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يضرب أحد من المسلمين خلاه تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت لمكان الملائكة الموكلين بها ، قال : ولذلك يكون للشجر والنخل انسا إذا كان فيه حمله ، لان الملائكة تحضره (4).

المناجاة عند ها

215 - عن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليه السلام قال : بينما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله جلوس في مسجده بعد وفاته عليه السلام يتذاكرون فضل رسول الله

ص: 112


1- قطف الثمرة : قطعها ، والقطف بالكسر : العنقود ، واسم للثمار المقطوفة ،
2- والفريصة : لحمة بين جنبي الدابة وكتفها لا تزال ترعد ،
3- ، قوله : يعني الموافاة ، أي المراد بقوله : رآه رؤية النبي (صلى الله عليه وآله) جبرئيل بعد مفارقته عند السدرة وموافاته له ، فاللام للعهد ، أي الموافاة التي مرت الإشارة إليه
4- بحار الأنوار ج 18 ص 367

صلى الله عليه وآله إذ دخل علينا حبر من أحبار يهود أهل الشام قد قرأ التوراة والإنجيل والزبور ، وصحف إبراهيم والأنبياء ، وعرف دلائلهم ، فسلم علينا وجلس ، ثم لبث هنيئة ، ثم قال : يا أمة محمد ما تركتم لنبي درجة ولا لمرسل فضيلة إلا وقد تحملتموها لنبيكم ، فهل عندكم جواب إن أنا سألتكم ؟

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : سل يا أخا اليهود ما أحببت فإني أجيبك عن كل ما تسأل بعون الله تعالى ومنه ، فوالله ما أعطى الله عز وجل نبيا ولا مرسلا درجة ولا فضيلة إلا وقد جمعها لمحمد صلى الله عليه وآله ، وزاده على الأنبياء والمرسلين أضعافا مضاعفة ، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ذكر لنفسه فضيلة قال : ولا فخر وأنا أذكر لك اليوم من فضله من غير إزراء على أحد من الأنبياء ما يقر الله به أعين المؤمنين ، شكرا لله على ما أعطى محمدا صلى الله عليه وآله الآن ، فاعلم يا أخا اليهود إنه كان من فضله عند ربه تبارك وتعالى وشرفه ما أوجب المغفرة والعفو لمن خفض الصوت عنده ، فقال جل ثناؤه في كتابه : (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم) ثم قرن طاعته بطاعته فقال : (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) ثم قربه من قلوب المؤمنين وحببه إليهم ، وكان يقول صلى الله عليه وآله : حبي خالط دماء أمتي فهم يؤثروني على الآباء وعلى الأمهات وعلى أنفسهم ولقد كان أقرب الناس وأرؤفهم ، فقال تبارك وتعالى : (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) وقال عز وجل : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) والله لقد بلغ من فضله صلى الله عليه وآله في الدنيا ومن فضله صلى الله عليه وآله في الآخرة ما تقصر عنه الصفات ، ولكن أخبرك بما يحمله قلبك ، ولا يدفعه عقلك ولا تنكره بعلم إن كان عندك ، لقد بلغ من فضله صلى الله عليه وآله أن أهل النار يهتفون ويصرخون بأصواتهم ندما أن لا يكونوا أجابوه في الدنيا ، فقال الله عز وجل : (يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا) ولقد ذكره الله تبارك وتعالى مع الرسل فبدأ به وهو آخرهم لكرامته صلى الله عليه وآله ، فقال جل ثناؤه : (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح)وقال : (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) والنبيون قبله ، فبدأ به وهو آخرهم ، ولقد فضله الله على جميع الأنبياء ، وفضل أمته على جميع الأمم فقال عز وجل : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)

فقال اليهودي : إن آدم عليه السلام أسجد الله عز وجل له ملائكته ، فهل فضل لمحمد صلى الله عليه وآله مثل ذلك ؟

فقال عليه السلام : قد كان ذلك ، ولئن أسجد الله لآدم ملائكته فإن ذلك لما أودع الله عز وجل صلبه من الأنوار والشرف ، إذ كان هو الوعاء ، ولم يكن سجودهم عبادة له ، وإنما كان سجودهم طاعة لأمر الله عز وجل وتكرمة وتحية ، مثل السلام من الانسان على الانسان ، واعترافا لآدم عليه السلام بالفضيلة ، وقد أعطى الله محمد صلى الله عليه وآله أفضل من ذلك ، وهو أن الله صلى عليه ، وأمر ملائكته أن يصلوا عليه ، وتعبد جميع خلقه بالصلاة عليه إلى يوم القيامة ، فقال جل ثناؤه : (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) فلا يصلي عليه أحد في حياته ولا بعد وفاته إلا صلى الله عليه بذلك عشرا ، وأعطاه من الحسنات عشرا ، بكل صلاة صلى عليه ، ولا يصلي عليه أحد بعد وفاته إلا وهو يعلم بذلك ويرد على المصلي والمسلم مثل ذلك ، ثم إن

ص: 113

الله عز وجل جعل دعاء أمته فيما يسألون ربهم جل ثناؤه موقوفا عن الإجابة حتى يصلوا فيه عليه صلى الله عليه وآله ، فهذا أكبر وأعظم مما أعطى الله آدم عليه السلام ، ولقد أنطق الله عز وجل صم الصخور والشجر بالسلام والتحية له ، وكنا نمر معه صلى الله عليه وآله فلا يمر بشعب ولا شجر إلا قالت : السلام عليك يا رسول الله ، تحية له ، وإقرار بنبوته صلى الله عليه وآله ، وزاده الله عز وجل تكرمة بأخذ ميثاقه قبل النبيين ، وأخذ ميثاق النبيين بالتسليم والرضا والتصديق له ، فقال جل ثناؤه : (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم) وقال عز وجل : (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال : أقررتم و أخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) و قال الله عز وجل : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)وقال الله تعالى : (ورفعنا لك ذكرك) فلا يرفع رافع صوته بكلمة الاخلاص : بشهادة أن لا إله إلا الله حتى يرفع صوته معها بأن محمدا رسول الله في الأذان والإقامة والصلاة والأعياد والجمع ومواقيت الحج وفي كل خطبة حتى في خطب النكاح وفي الأدعية ،

ثم ذكر اليهودي مناقب الأنبياء وأمير المؤمنين عليه السلام يثبت للنبي صلى الله عليه وآله ما هو أعظم منها ، تركنا ذكرها طلبا للاختصار

حتى وصل إلى أن قال اليهودي : فإن الله عز وجل ناجى موسى على جبل طور سيناء بثلاثمائة وثلاثة عشر كلمة يقول لها فيها : (يا موسى إني أنا الله) فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك ؟

قال علي عليه السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله ناجاه الله جل ثناؤه فوق سبع سماوات رفعه عليهن ، فناجاه في موطنين : أحدهما عند سدرة المنتهى ، وكان له هناك مقام محمود ، ثم عرج به حتى انتهى إلى ساق العرش ، فقال عز وجل : (ثم دنى فتدلى) ودنى له رفرفا أخضر أغشي عليه نور عظيم حتى كان في دنوه كقاب قوسين أو أدنى ، وهو مقدار ما بين الحاجب إلى الحاجب ، وناجاه بما ذكره الله عز وجل في كتابه ، قال تعالى : (لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) وكانت هذه الآية قد عرضت على سائر الأمم من لدن آدم إلى أن بعث محمد صلى الله عليه وآله فأبوا جميعا أن يقبلوها من ثقلها ، وقبلها محمد، فلما رأى الله عز وجل منه ومن أمته القبول خفف عنه ثقلها ، فقال الله عز وجل : (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) ثم إن الله عز وجل تكرم على محمد ، وأشفق على أمته من تشديد الآية التي قبلها هو وأمته فأجاب عن نفسه وأمته فقال : (والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله) فقال الله عز وجل : لهم المغفرة والجنة إذا فعلوا ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) يعني المرجع في الآخرة ، فأجابه قد فعلت بتائبي أمتك قد أوجبت لهم المغفرة ، ثم قال الله تعالى : أما إذا قبلتها أنت وأمتك وقد كانت عرضت من قبل على الأنبياء والأمم فلم يقبلوها فحق علي أن أرفعها عن أمتك ، فقال الله تعالى : (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت) من خير (وعليها ما اكتسبت) من شر ، ثم ألهم الله عز وجل نبيه أن قال : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) فقال الله سبحانه : أعطيتك لكرامتك يا محمد ،

ص: 114

إن الأمم السالفة كانوا إذا نسوا ما ذكروا فتحت عليهم أبواب عذابي ، و رفعت ذلك عن أمتك ،

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا) يعني بالآصار الشدائد التي كانت على الأمم ممن كان قبل محمد ، فقال عز وجل : لقد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة ، وذلك أني جعلت على الأمم أن لا أقبل فعلا إلا في بقاع الأرض التي اخترتها لهم وإن بعدت ، وقد جعلت الأرض لك ولأمتك طهورا ومسجدا ، فهذه من الآصار وقد رفعتها عن أمتك ،

وقد كانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس ، فمن قبلت ذلك منه أرسلت على قربانه نارا تأكله ، وإن لم أقبل ذلك منه رجع به مثبورا ، وقد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها ومساكينها ، فمن قبلت ذلك منه أضاعف له الثواب أضعافا مضاعفة ، وإن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه به عقوبات الدنيا ، وقد رفعت لك عن أمتك وهي من الآصار التي كانت ،

وكانت الأمم السالفة مفروضا عليهم صلاتها في كبد الليل وأنصاف النهار ، وهي من الشدائد التي كانت ، وقد رفعتها عن أمتك ، وفرضت عليهم صلاتهم في أطراف الليل والنهار في أوقات نشاطهم ،

وكانت الأمم السالفة مفروضا عليهم خمسون صلاة في خمسين وقتا ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، وقد رفعتها عن أمتك ،

وكانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة واحدة ، وسيئتهم بسيئة واحدة ، وجعلتك لامتك الحسنة بعشر أمثالها ، والسيئة بواحدة ،

وكانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة لم تكتب لهم ، وإذا هم بالسيئة كتبتها عليهم و إن لم يفعلها ، وقد رفعت ذلك عن أمتك ، فإذا هم أحدهم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه ، وإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ،

وكانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم ، وجعلت توبتهم من الذنب أن احرم عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم ،

وكانت الأمم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد المائة سنة ، و المأتي سنة ، ثم لم أقبل توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة ، وقد رفعت ذلك عن أمتك ، وإن الرجل من أمتك ليذنب المائة سنة ثم يتوب ويندم طرفة عين فأغفر له ذلك كله و أقبل توبته ،

وكانت الأمم السالفة إذا أصابهم إذا نجس قرضوه من أجسادهم ، وقد جعلت الماء طهورا لامتك من جميع الأنجاس ، والصعيد في الأوقات ،

وهذه الآصار التي كانت عليهم رفعتها عن أمتك .

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم إذ قد فعلت ذلك بي فزدني ، فألهمه الله سبحانه أن قال : (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) قال الله عز وجل : قد فعلت ذلك بأمتك ، وقد رفعت عنهم عظيم بلايا الأمم ، وذلك حكمي في جميع الأمم أن لا أكلف نفسا فوق طاقتها ،

قال :(واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا)

قال : قال الله تعالى : قد فعلت ذلك بتائبي أمتك ،

ثم قال : (فانصرنا على القوم الكافرين)

قال الله عز وجل : قد فعلت ذلك ، وجعلت أمتك يا محمد كالشامة البيضاء في الثور الأسود ، هم القادرون ، وهم القاهرون ، يستخدمون ولا يستخدمون لكرامتك ، وحق علي

ص: 115

أن اظهر دينك على الأديان حتى لا يبقى في شرق الأرض ولا غربها دين إلا دينك ، ويؤدون إلى أهل دينك الجزية وهم صاغرون ، (ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى)

فهذا أعظم يا أخا اليهود من مناجاته لموسى عليه السلام على طور سيناء ، ثم زاد الله لمحمد صلى الله عليه وآله أن مثل النبيين فصلى بهم وهم خلفه يقتدون به ، ولقد عاين تلك الليلة الجنة والنار ، وعرج به إلى سماء سماء ، فسلمت عليه الملائكة ، فهذا أكثر من ذلك .

قال اليهودي : فإن الله عز وجل ألقى على موسى محبة منه ،

فقال عليه السلام له : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله ألقى عليه محبة منه ، فسماه حبيبا ، وذلك أن الله تعالى جل ثناؤه أرى إبراهيم صورة محمد وأمته ، فقال : يا رب ما رأيت من أمم الأنبياء أنور ولا أزهر من هذه الأمة ، فمن هذا ؟

فنودي هذا محمد حبيبي ، لا حبيب لي من خلقي غيره ، أجريت ذكره قبل أن أخلق سمائي وأرضي وسميته نبيا وأبوك آدم يومئذ من الطين ، و أجريت فيه روحه ، ولقد ألقيت أنت معه في الذروة الأولى وأقسم بحياته في كتابه ، فقال جل ثناؤه : (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) أي وحياتك يا محمد ، وكفى بهذا رفعة وشرفا من الله عز وجل ورتبة ،

قال اليهودي : فأخبرني عما فضل الله به أمته على سائر الأمم ،

قال عليه السلام : لقد فضل الله أمته صلى الله عليه وآله على سائر الأمم بأشياء كثيرة أنا أذكر لك منها قليلا من كثير ،

من ذلك قول الله عز وجل : (كنتم خير أمة أخرجت للناس)

ومن ذلك أنه إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلق في صعيد واحد سأله الله عز وجل النبيين هل بلغتم ؟ فيقولون : نعم ، فيسأل الأمم فيقولون : ما جاءنا من بشير ولا نذير ، فيقول الله جل ثناؤه وهو أعلم بذلك للنبيين : من شهداءكم اليوم ؟ فيقولون : محمد و أمته ، فتشد لهم أمة محمد بالتبليغ ، وتصدق شهادتهم ، وشهادة محمد صلى الله عليه وآله فيؤمنون عند ذلك ، وذلك قوله تعالى :(لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) يقول : يكون محمد عليكم شهيدا أنكم قد بلغتم الرسالة ،

ومنها أنهم أول الناس حسابا ، وأسرعهم دخولا إلى الجنة قبل سائر الأمم كلها .

ومنها أيضا أن الله عز وجل فرض عليهم في الليل والنهار خمس صلوات في خمسة أوقات : اثنتان بالليل ، وثلاث بالنهار ، ثم جعل هذه الخمس صلوات تعدل خمسين صلاة ، وجعلها كفارة خطاياهم ، فقال عز وجل : (إن الحسنات يذهبن السيئات) يقول : صلاة الخمس تكفر الذنوب ما اجتنبت الكبائر .

ومنها أيضا أن الله تعالى جعل لهم الحسنة الواحدة التي يهم بها العبد ولا يعملها حسنة واحدة يكتبها له ، فإن عملها كتبت له عشر حسنات وأمثالها إلى سبعمائة ضعف فصاعدا .

ومنها أن الله عز وجل يدخل الجنة من أهل هذه الأمة سبعين ألفا بغير حساب ، ووجوههم مثل القمر ليلة البدر ، والذين يلونهم على أحسن ما يكون الكوكب الدري في أفق السماء ، والذين يلونهم على أشد كوكب في السماء إضاءة ، ولا اختلاف بينهم ولا تباغض بينهم .

ص: 116

ومنها أن القاتل منهم عمدا إن شاء أولياء المقتول أن يعفوا عنه فعلوا ، وإن شاؤوا قبلوا الدية ، وعلى أهل التوراة وهم أهل دينك يقتل القاتل ولا يعفى عنه ، ولا تؤخذ منه دية ، قال الله عز وجل : (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة).

ومنها أن الله عز وجل جعل فاتحة الكتاب نصفها لنفسه ، ونصفها لعبده ، قال الله تعالى : قسمت بيني وبين عبدي هذه السورة ، فإذا قال أحدهم : (الحمد لله) فقد حمدني ، وإذا قال : (رب العالمين) فقد عرفني ، وإذا قال : (الرحمن الرحيم) فقد مدحني ، وإذا قال : (مالك يوم الدين) فقد أثني علي ، وإذا قال : (إياك نعبد وإياك نستعين) فقد صدق عبدي في عبادتي بعد ما سألني ، وبقية هذه السورة له .

ومنها أن الله تعالى بعث جبرائيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله أن بشر أمتك بالزين والسناءوالرفعة والكرامة والنصر .

ومنها أن الله سبحانه أباحهم صدقاتهم يأكلونها ، ويجعلونها في بطون فقرائهم يأكلون منها ويطعمون ، وكانت صدقات من قبلهم من الأمم المؤمنين يحملونها إلى مكان قصي فيحرقونها بالنار .

ومنها أن الله عز وجل جعل الشفاعة لهم خاصة دون الأمم ، والله تعالى يتجاوز عن ذنوبهم العظام لشفاعة نبيهم صلى الله عليه وآله .

ومنها أن يقال يوم القيامة : ليتقدم الحامدون ، فتقدم أمة محمد صلى الله عليه وآله قبل الأمم ، وهو مكتوب أمة محمد الحامدون ، يحمدون الله عز وجل على كل منزلة ، ويكبرونه على كل نحد ، مناديهم في جوف السماء له دوى كدوي النحل .

ومنها أن الله لا يهلكهم بجوع ، ولا يجمعهم على ضلالة ، ولا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ، ولا يساخ ببقيتهم ، وجعل لهم الطاعون شهادة.

ومنها أن الله جعل لمن صلى على نبيه عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورد الله سبحانه عليه مثل صلاته على النبي صلى الله عليه وآله .

ومنها أنه جعلهم أزواجا ثلاثة أمما ، فمنهم ظالم لنفسه ، ومنهم مقتصد ، ومنهم سابق بالخيرات ، والسابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب ، والمقتصد يحاسب . حسابا يسيرا ، والظالم لنفسه مغفور له إنشاء الله .

ومنها أن الله عز وجل جعل توبتهم الندم والاستغفار والترك للاصرار ، وكانت بنو إسرائيل توبتهم قتل النفس .

ومنها قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله : أمتك هذه مرحومة ، عذابها في الدنيا الزلزلة والفقر .

ومنها أن الله عز وجل يكتب للمريض الكبير من الحسنات على حسب ما كان يعمل في شبابه وصحته من أعمال الخير ، يقول الله سبحانه للملائكة : استكتبوا لعبدي مثل حسناته قبل ذلك ما دام في وثاقي.

ومنها أن الله عز وجل ألزم أمة محمد صلى الله عليه وآله كلمة التقوى ، وجعل بدؤ الشفاعة لهم في الآخرة .

ومنها أن النبي صلى الله عليه وآله رأى في السماء ليلة عرج به إليها ملائكة قياما وركوعا منذ خلقوا ، فقال : يا جبرئيل هذه هي العبادة ، فقال جبرئيل : صدقت يا محمد ، فاسأل ربك أن يعطي أمتك القنوت والركوع والسجود في صلاتهم ، فأعطاهم الله تعالى ذلك

ص: 117

، فأمة محمد صلى الله عليه وآله يقتدون بالملائكة الذين في السماء ، قال النبي صلى الله عليه وآله : إن اليهود يحسدونكم على صلاتكم وركوعكم وسجودكم . (1)

ثانيا: شجرة طوبى

هي سدرة المنتهى

216- عن جابر بن عبد الله الانصاري قال : لما زوج رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة من علي عليه السلام اتاه اناس من قريش فقالوا : انك زوجت علياً بمهر خسيس فقال لهم : ما انا زوجت علياً ولكن الله تعالى اسرى بي عند سدرة المنتهى فاوحى الله عز وجل الى السدرة ان انثري فنثرت الدر والجواهر على الحور العين فهن يتهادينه ويتفاخرون به ويقلن : هذا من نثار فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله (2) .

217- عن الباقر عليه السلام قال : اوحى الله تعالى اليه (أي النبي صلى الله عليه وآله) اني قد زوجت علياً بفاطمة في سمائي تحت ظل عرشي وجعلت جبرائيل خطيبها وميكائيل وليها واسرافيل القابل عن علي ، وامرت شجرة طوبى فنثرت عليهم اللؤلؤ الرطب والدر والياقوت والزبرجد الاحمر والاخضر والاصفر والمناشير المخطوطة بالنور فيها امان للملائكة مذخور الى يوم القيامة وجعلت نحلتها من علي خمس الدنيا وثلثي الجنة (3) .

218- عن سفيان الثوري ، قال : حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : أنه ليلة اسري بي إلى الله تعالى عرجت سماءا سماءا ، وجاوزت الكروبيين والملائكة الصافين وجاوزت موضعا لم ينته إليه جبرئيل عليه السلام ، وبلغت طوبى وسدرة المنتهى فأوحى إلي ربي ما أوحى . فقالت لي حملة العرش : بم بعثت يا محمد ؟ . فقلت : بولايتي وولاية أخي علي بن أبي طالب (4).

اصلها في دار النبي و علي صلوات الله عليهما

219- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما دخلت الجنة رايت فيها شجرة طوبى اصلها في دار علي عليه السلام وما في الجنة قصر ولا منزل الا وفيها فتر منها واعلاها اسفاط حلل من سندس واستبرق يكون للعبد المؤمن الف الف سفط في كل سفط مائة الف حلة ما فيها حلة تشبه الاخرى على الوان مختلفة وهو ثياب اهل الجنة ، وسطها ظل ممدود عرض الجنة كعرض السماء والارض اعدت للذين امنوا بالله ورسله ، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مائة عام فلا يقطعه وذلك قوله [ وضل ممدود ] واسفلها ثمار اهل الجنة وطعامهم متذلل في بيوتهم ،يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة مما رايتم في دار الدنيا وما لم تروه وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها ، وكلما يجتني منها شيء نبت مكانها اخرى (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) (الواقعة:33) ويجري نهر في اصل تلك الشجرة تنفجر منها الانهار الاربعة ، انهار من ماء غير اسن ، وانهار من لبن لم يتغير طعمه ، وانهار من خمر لذة للشاربين ، وانهار من عسل مصفى (5) .

ص: 118


1- › إرشاد القلوب 2 : 217 ، بحار الأنوار ج 16 ص 340 و ج 79 ص 274و ج 89 ص 269
2- التهذيب ص414 بحار الأنوار 8 / 181 .
3- دلائل الإمامة ص18 .
4- نوادر المعجزات ص 71
5- تفسير القمي / 341 .

فركة من شجرة طوبى

220 - الشعبي قال : سمعت الحارث الأعور قال : سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ليلة عرج بي إلى السماء فرك لي جبرئيل فركة(1) من شجرة طوبى فنزلت إلى الأرض فواقعت خديجة ابنة خويلد فعلقت بابنتي فاطمة فهي حوراء إنسية لا يخرج منها الأذى كما يخرج من النساء . (2)

كلام شجرة طوبى

221- عن الصادق عليه السلام عن ابائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله : لما اسري بي الى السماء فصرت في السماء الدنيا حتى صرت في السماء السادسة فاذا انا بشجرة لم ار شجرة احسن منها ولا اكبر منها ، فقلت لجبرائيل : يا حبيبي ما هذه الشجرة ، قال : هذه طوبى يا حبيبي ، فقال : فقلت ما هذا الصوت الجهوري ، قال صوت طوبى : قلت : أي شيء تقول ؟ قال تقول : واشوقاه اليك يا علي بن ابي طالب (3) .

222 - عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء فصرت في السماء الدنيا حتى صرت في السماء السادسة فإذا أنا بشجرة لم أر شجرة أحسن منها ولا أكبر منها ، فقلت لجبرئيل : يا حبيبي ما هذه الشجرة ؟ قال : طوبي يا حبيبي ، قال : فقلت : ما هذا الصوت العالي الجهوري ؟ قال : هذا صوت طوبى ، قلت : أي شئ يقول ؟ قال : يقول : وا شوقاه إليك يا علي بن أبي طالب عليه السلام (4).

فاطمة عليها السلام من ثمارها

223 - عن الصادق (عليه السلام) قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكثر تقبيل فاطمة (عليها السلام) فأنكرت ذلك عائشة ، فقال : رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا عائشة إني لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى ، وناولني من ثمارها فأكلته . فحول الله ذلك ماء في ظهري ، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فما قبلتها قط إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها (5).

رائحة طوبى

224 - عن أبان بن تغلب قال : كان النبي صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة قال : فعاتبته على ذلك عائشة فقالت : يا رسول الله إنك لتكثر تقبيل فاطمة ! فقال لها : ويلك لما أن عرج بي إلى السماء مربي جبرئيل على شجرة طوبى فناولني من ثمرها فأكلتها فحول

ص: 119


1- يقال : فرك الثمرة : دلكها وحكها حتى ينقلع قشرها
2- مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ج 2 ص 191
3- تفسير فرات / 73 .
4- بحار الأنوار ج 8 ص 150
5- بحار الأنوار ج 18 ص 367

الله ذلك إلى ظهري ، فلما أن هبطت إلى الأرض واقعت بخديجة فحملت بفاطمة عليها السلام ، فما قبلت فاطمة إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها (1).

225- عن ابي عبد الله عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها وعلى ابيها وبعلها واولادها الف الف التحية والسلام فانكرت ذلك عائشة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا عائشة اني لما اسري بي الى السماء دخلت الجنة فادناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فاكلته فحول الله ذلك ماء في ظهري فلما هبطت الى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبلتها قط الا وجدت رائحة شجرة طوبى فيها (2) .

226 - عن سلمان رضي الله عنه قال : قال بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله : يا رسول الله مالك تحب فاطمة حبا ما تحب أحدا من أهل بيتك ؟ قال إنه لما اسرى بي إلى السماء انتهى بي جبرئيل عليه السلام إلى شجرة طوبى ، فعمد إلى ثمرة من أثمار طوبى ففركه بين إصبعيه ، ثم أطعمنيه ، ثم مسح يده بين كتفي ، ثم قال : يا محمد إن الله تعالى يبشرك بفاطمة من خديجة بنت خويلد ، فلما أن هبطت إلى الأرض فكان الذي كان فعلقت خديجة بفاطمة ، فأنا إذا اشتقت إلى الجنة أدنيتها فشممت ريح الجنة ، فهي حوراء إنسية (3).

كل ورقة منها تغطي الدنيا وما فيها

227- عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وآله :لما اسرى بي فدخلت الجنة فاذا انا بشجرة كل ورقة منها تغطي الدنيا وما فيها ، تحمل الحلي والحلل والطعام ما خلا الشراب ، وليس في الجنة قصر ولا دار ولا بيت الا فيه غصن من اغصانها ، وصاحب القصر والدار والبيت حلية وحلله وطعامه منها فقلت : يا جبرائيل ما هذه الشجرة ؟ قال : هذه طوبى فطوبى لك ولكثير من امتك قلت : فاين منتهاها (يعني اصلها) قال في دار علي بن ابي طالب ابن عمك عليه السلام (4) .

مر بي جبرئيل على شجرة طوبى

228 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان النبي (صلى الله عليه وآله) يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام ، فعاتبته على ذلك عايشة ، فقالت : يا رسول الله إنك لتكثر تقبيل فاطمة ! فقال لها : إنه لما عرج بي إلى السماء مر بي جبرئيل على شجرة طوبى فناولني من ثمرها فأكلته ، فحول الله ذلك ماء إلى ظهري ، فلما أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فما قبلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها (5)

ثالثا: الحجب

من السدرة إلى حجب النور

ص: 120


1- بحار الأنوار ج 8 ص 142
2- تفسير القمي ص341 بحار 8 / 120 . و ج 43 ص 6
3- بحار الأنوار ج 8 ص 151
4- تفسير فرات ص72 .
5- بحار الأنوار ج 18 ص 315

229 - عن عبد الله بن عباس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما عرج بي إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومن السدرة إلى حجب النور ، ناداني ربي جل جلاله : يا محمد ، أنت عبدي وأنا ربك ، فلي فاخضع ، وإياي فاعبد ، وعلي فتوكل ، وبي فثق ، فإني قد رضيت بك عبدا وحبيبا ورسولا ونبيا ، وبأخيك علي خليفة وبابا ، فهو حجتي على عبادي ، وإمام لخلقي ، به يعرف أوليائي من أعدائي ، وبه يميز حزب الشيطان من حزبي ، وبه يقام ديني ، وتحفظ حدودي ، وتنفذ أحكامي ، وبك وبه وبالأئمة من ولده أرحم عبادي وإمائي ، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي ، وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا ، وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي ، وإياه أظهر على الاسرار والضمائر بإرادتي ، وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني ، ذلك ولي حقا ، ومهدي عبادي صدقا (1).

حتى انتهى إلى الحجب

230 - عن عبد الله بن عباس قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري به إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له : النور ، وهو قول الله عز وجل : (خلق الظلمات والنور) فلما انتهى به إلى ذلك النهر فقال له جبرئيل : يا محمد اعبر على بركة الله ، فقد نور الله لك بصرك ، ومدلك أمامك ، فإن هذا نهر لم يعبره أحد ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ثم أخرج منه فأنفض أجنحتي ، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك و تعالى منها ملكا مقربا له عشرون ألف وجه ، وأربعون ألف لسان ، كل لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر ، فعبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهى إلى الحجب ، والحجب خمسمائة حجاب ، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام ، ثم قال : تقدم يا محمد ، فقال له : يا جبرئيل ولم لا تكون معي ! قال : ليس لي أن أجوز هذا المكان ، فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما شاء الله أن يتقدم ، حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى : أنا المحمود وأنت محمد ، شققت اسمك من اسمي ، فمن وصلك وصلته ، ومن قطعك بتكته(2) ، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك ، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا ، وأنك رسولي ، وأن عليا وزيرك (3)

قطع سبعة حجب

231- عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام أن النبي صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء قطع سبعة حجب فكبر عند كل حجاب تكبيرة فأوصله الله عز وجل بذلك إلى منتهى الكرامة (4).

دخلت سبعين ألف حجاب

ص: 121


1- الأمالي ص 731، بحار الأنوار ج 23 ص 127 و ج 51 ص 65، الجواهر السنية ص 235
2- البتك : القطع .
3- بحار الأنوار ج 18 ص 342 ، الجواهر السنية ص 227
4- من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 305، وسائل الشيعة ج 6 ص 22

232- عن ابن عباس قال : لما زوج رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام فاطمة عليها السلام تحدثن نساء قريش وغيرهن وعيرنها وقلن : زوجك رسول الله صلى الله عليه وآله من عائل لا مال له . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله : يا فاطمة ، أما ترضين أن الله تبارك وتعالى اطلع اطلاعة إلى الأرض فاختار منها رجلين أحدهما أبوك والآخر بعلك . يا فاطمة ، كنت أنا وعلي نورين بين يدي الله عز وجل مطيعين من قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق آدم قسم ذلك النور جزئين : جزء أنا وجزء علي . ثم أن قريشا تكلمت في ذلك وفشى الخبر فبلغ النبي صلى الله عليه وآله فأمر بلالا فجمع الناس وخرج إلى مسجده ورقي منبره يحدث الناس بما خصه الله تعالى من الكرامة وبما خص به عليا وفاطمة عليهما السلام ، فقال : يا معشر الناس ، إنه بلغني مقالتكم ، وأني محدثكم حديثا فعوه واحفظوه مني واسمعوه ، فإني مخبركم بما خص به أهل البيت وبما خص به عليا من الفضل والكرامة وفضله عليكم ، فلا تخالفوه فتنقلبوا على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين . معاشر الناس ، إن الله قد اختارني من خلقه فبعثني إليكم رسولا ، واختار لي عليا خليفة ووصيا . معاشر الناس ، إني لما أسري بي إلى السماء وتخلف عني جميع من كان معي من ملائكة السماوات وجبرئيل والملائكة المقربين ووصلت إلى حجب ربي دخلت سبعين ألف حجاب ، بين كل حجاب إلى حجاب ، من حجب العزة والقدرة والبهاء والكرامة والكبرياء والعظمة والنور والظلمة والوقار ، حتى وصلت إلى حجاب الجلال ، فناجيت ربي تبارك وتعالى وقمت بين يديه وتقدم إلي عز ذكره بما أحبه وأمرني بما أراد ، لم أسأله لنفسي شيئا في علي عليه السلام إلا أعطاني ، ووعدني الشفاعة في شيعته وأوليائه ، ثم قال لي الجليل جل جلاله : يا محمد ، من تحب من خلقي ؟ قلت : أحب الذي تحبه أنت ، يا ربي . قال لي جل جلاله : فأحب عليا فإني أحبه وأحب من يحبه . فخررت لله ساجدا مسبحا شاكرا لربي تبارك وتعالى . فقال لي : يا محمد ، علي وليي وخيرتي بعدك من خلقي ، اخترته لك أخا ووصيا ووزيرا وصفيا وخليفة وناصرا لك على أعدائي . يا محمد ، وعزتي وجلالي ، لا يناوي عليا جبار إلا قصمته ، ولا يقاتل عليا عدو من أعدائي إلا هزمته وأبدته . يا محمد ، إني اطلعت على قلوب عبادي فوجدت عليا أنصح خلقي لك وأطوعهم لك ، فاتخذه أخا وخليفة ووصيا وزوجه ابنتك ، فإني سأهب لهما غلامين طيبين طاهرين تقيين نقيين . فبي حلفت وعلى نفسي حتمت ، إنه لا يتولين عليا وزوجته وذريتهما أحد من خلقي إلا رفعت لوائه إلى قائمة عرشي وجنتي وبحبوحة كرامتي ، وسقيته من حظيرة قدسي ولا يعاديهم أحد ويعدل عن ولايتهم يا محمد إلا سلبته ودي وباعدته من قربي وضاعفت عليهم عذابي ولعنتي . يا محمد ، إنك رسولي إلى جميع خلقي وإن عليا وليي وأمير المؤمنين ، وعلى ذلك أخذت ميثاق ملائكتي وأنبيائي وجميع خلقي من قبل أن أخلق خلقا في سمائي وأرضي محبة مني لك يا محمد ، ولعلي ولولدكما ولمن أحبكما وكان من شيعتكما ولذلك خلقتهم من خليقتكما . فقلت : إلهي وسيدي ، فاجمع الأمة عليه . فأبى علي وقال : يا محمد ، إنه المبتلى والمبتلي به ، وإني جعلتكم محنة لخلقي ، أمتحن بكم جميع عبادي وخلقي في سمائي وأرضي وما فيهن لأكمل الثواب لمن أطاعني فيكم . وأحل عذابي ولعنتي على من خالفني فيكم وعصاني ، وبكم أميز الخبيث من الطيب . يا محمد ، وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت آدم ، ولولا علي ما خلقت الجنة لأني بكم أجزي العباد يوم المعاد بالثواب والعقاب ، وبعلي وبالأئمة من ولده انتقم من أعدائي في دار الدنيا . ثم إلى المصير للعباد

ص: 122

والمعاد وأحكمكما في جنتي وناري ، فلا يدخل الجنة لكما عدو ولا يدخل النار لكما ولي ، وبذلك أقسمت على نفسي . ثم انصرفت فجعلت لا أخرج من حجاب من حجب ربي ذي الجلال والإكرام إلا سمعت في النداء ورائي : يا محمد قدم عليا ، يا محمدا استخلف عليا ، يا محمد أوص إلى علي ، يا محمد وأخ عليا ، يا محمد أحب من يحب عليا ، يا محمد استوص بعلي وشيعته خيرا . فلما وصلت إلى الملائكة جعلوا يهنئونني في السماء ويقولون : هنيئا لك يا رسول الله بكرامة لك ولعلي . معاشر الناس ، علي أخي في الدنيا والآخرة ووصيي وأميني على سري وسر رب العالمين ووزيري وخليفتي عليكم في حياتي وبعد وفاتي . لا يتقدمه أحد غيري وخير من أخلف بعدي . ولقد أعلمني ربي تبارك وتعالى أنه سيد المسلمين وإمام المتقين وأمير المؤمنين ووارثي ووارث النبيين ووصي رسول رب العالمين وقائد الغر المحجلين من شيعته وأهل ولايته إلى جنات النعيم بأمر رب العالمين . يبعثه الله يوم القيامة مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون ، بيده لوائي لواء الحمد يسير به أمامي ، وتحته آدم وجميع من ولد من النبيين والشهداء والصالحين إلى جنات النعيم حتما من الله محتوما من رب العالمين ، وعد وعدنيه ربي فيه ولن يخلف الله وعده وأنا على ذلك من الشاهدين (1).

سرى بي إلى حجب النور

233- عن جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه قال : حدثني أبي الحسين بن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء سرى بي إلى حجب النور ، كلمني ربي جل جلاله فقال لي : يا محمد بلغ علي بن أبي طالب عليه السلام مني السلام وأعلمه انه حجتي بعدك على خلقي ، به أسقي عبادي الغيث ، وبه أدفع عنهم السوء وبه أحتج عليهم يوم يلقوني . فإياه فليطيعوا ، ولامره فليأتمروا ، وعن نهيه فلينتهوا ، أجعلهم عندي في مقعد صدق وأبيح لهم جنتي ، وإن لم يفعلوا أسكنتهم ناري مع الأشقياء من أعدائي ثم لا أبالي (2).

حتى صرت إلى حجاب ربي

234 - عن ابن عباس قال : كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ ذكر أبو بكر وعمر ولم يذكر علي (عليه السلام) ، فاحمر وجهه ونبط العرق الذي بين عينيه وسال العرق على خده ، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقذفه بيده على الأرض ، ثم التفت إلي وقال : يا بن عباس ! إنه - والله - لما اسري بي إلى السماء السابعة ناداني جبرئيل : يا أحمد ! تقدم ، فلو أن أحدا من خلق ربي تقدم إلى هذا الموضع سواك لاحترق بالنور ، فأدليت إلى رفرفة خضراء جعلت تخفض بي وترفعني حتى صرت إلى حجاب ربي ، فإذا جميع ما خلق ربي كحلقة درع في فلاة ، وإذا بمناد ينادي : يا أحمد ! من خلفت على امتك ؟ فقلت : أخي علي بن أبي طالب . فإذا بالنداء يقول : نعم الأخ أخوك يا أحمد علي سيد الوصيين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم ، وهو سيف نقمتي ،

ص: 123


1- اليقين ص 424 ، البحار : ج 18 ص 397 ب 3 ح 101 ، وج 40 ص 18 ب 91 ح 36 . تأويل الآيات : 749، المحتضر ص 252
2- مائة منقبة ص 54 ، الجواهر السنية ص 274 ، بحار الأنوار ج 38 ص 138

ولولاه ما عرف أوليائي من أعدائي ، به عذبت المنافقين في أسفل درك من ناري ، وبه أدخلت المؤمنين جنتي . يا محمد ! أحبه فإني أحبه واحب من أحبه (1).

عبور نهر النور

235- قال ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسرى به إلى السماء انتهى به جبرئيل عليه السلام إلى نهر يقال له النور وهو قول الله تعالى : (خلق الظلمات والنور) فلما انتهى إلى ذلك النهر فقال له جبرئيل : يا محمد اعبر على بركة الله فقد نور الله لك بصرك ومد لك أملك فإن هذا نهر لم يعبره أحد لا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ثم اخرج منه فأنفض أجنحتي فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تعالى منها ملكا مقربا له عشرون الف وجه ، وأربعون الف لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر ،

فعبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهى إلى الحجب ، والحجب خمسمائة حجاب من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام ثم قال له : تقدم يا محمد

فقال له ولم لا تكون يا جبرئيل معي ؟

قال : ليس لي أن أجوز هذا المكان فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما شاء الله ان يتقدم حتى سمع ما قال الرب تعالى : أنا المحمود وأنت محمد شققت اسمك من اسمى فمن وصلك وصلته ومن قطعك قطعته انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك وانى لم ابعث نبيا إلا جعلت له وزيرا وإنك رسولي وان عليا وزيرك فهبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكره أن يحدث الناس بشئ كراهة ان يتهموه لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية (2).

فأوحى إلي من وراء الحجاب

236 - عن أبي عبد الله (صلى الله عليه وآله) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لقد أسرى ربي بي فأوحى إلي من وراء الحجاب ما أوحى ، وشافهني إلى أن قال لي : يا محمد من أذل لي وليا فقد أرصد لي بالمحاربة ، ومن حاربني حاربته ،

قلت : يا رب ومن وليك هذا ؟ فقد علمت أن من حاربك حاربته ،

قال : ذاك من أخذت ميثاقه لك ولوصيك ولذريتكما بالولاية (3).

237 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لقد أسرى بي فأوحى الله إلي من وراء الحجاب(4) ما أوحى ، وشافهني من دونه بما شافهني ، فكان

ص: 124


1- المحتضر ص 146
2- روضة الواعظين ص 55
3- الكافي ج 2 ص 353، وسائل الشيعة ج 12 ص 269 ،بحار الأنوار ج 18 ص 304، و ج 72 ص 158 و ج 72 ص 146،الجواهر السنية ص 209، مستدرك الوسائل ج 9 ص 99
4- قال العلامة المجلسي : من وراء الحجاب كان المراد بالحجاب الحجاب المعنوي وهو إمكان العبد المانع لان يصل العبد إلى حقيقة الربوبية أو كان خلق الصوت أولا من وراء حجاب ثم ظهر الصوت في الجانب الذي هو صلى الله عليه وآله فيه ، وهو المراد بالمشافهة وفي بعض النسخ فشافهني فيمكن أن يكون الفاء للتفسير وللترتيب المعنوي فكلا هما كان بالمشافهة ، والمراد بها عدم توسط الملك . وقيل : المراد بالحجاب الملك ، وبالمشافهة ما كان بدون توسط الملك ، في القاموس شافهه : أدنى شفته من شفته ، وفي الصحاح المشافهة المخاطبة من فيك إلى فيه ، قوله : أن قال في بعض النسخ فشافهني أن قال فكلمة أن مصدرية والتقدير بأن قال : فقد علمت الفاء للبيان من أخذت كأن المراد به الاخذ مع القبول . ويقول احمد الاحسائي رسالة في معنى الحجاب وانواع الحجب: والحجب على أقسام منها: حجب عقلية وهي المعاني المعقولة ومعنى كونها حجباً ان المعاني فيها كثرة معنوية وتشخصات عقلية غير متمايزة بالصور وان تمايزت في المعنى ولونها البياض ولها أوقات دهرية وأمكنة نورية فبسبب وجود أمكنتها وأوقاتها وتعددها تكون حاجبةً للنفس عن مشاهدتها البساطة الحقيقية. ومنها حجب روحية وهي مبادىء صور تلك المعاني العقلية وتسمى في الأصطلاح بالرقائق وهي متمايزة في الجملة بنوع من التصوير لأن صورها غير تامة التخطيط ولونها أصفر وهي أشد حجباً من المعاني. ومنها حجب نفسانية وهي صور تلك المعاني العقلية بتمام تخطيطها فهي تامة التمايز ولونها أخضر وهي أشد حجباً من الرقائق. ومنها حجب طبيعية وهي مراكب تلك الصور النفسانية الذاتية وحواملها المائعة وهي أشد من الصور حجباً ولونها أحمر. ومنها حجب هيولانية وهي أوعية تلك الطبيعة وأشد حجباً منها ولونها كمداً وجميع هذه الحجب أوقاتها الدهر والزمان وأمكنتها النور كالعقلية إلا أنها تترتب في العلو والشرف والتجرد على حسب ترتيبها كما ذكرنا. ومنها حجب مثالية وهي هذه المقادير التي تدركها الأبصار وترى في المرايا وغيرها وهي بين الدهر فأعلاها متعلق بالدهر وأسفلها منغمس في الزمان ومعنى هذا أنها في الدهر بذاتها وفي الزمان بالتبعية لما تتعلق به من الأجسام ومكانها بذاتها وراء محدد الجهات وبتبعيتها في جوفه لتعلقها بالأجسام وهي أشد مما سبق حجباً ولونها خضرة عميقة تميل الى السواد. ومنها حجب جسمانية وهي الأجسام من العلوية والسفلية الجمادية والنامية والحيوانية ولونها السواد وهي أشد حجباً مما سبق ووقتها الزمان وحيزها المكان وهو مقصد المتحرك. ومنها حجب عرضية كالألوان والحركات والأضافات والنسب والشؤون والأعراض والمطالب والشهوات والآلام وما أشبه ذلك مما هو راجع الى النفس والنساء والبنين والأموال وغير ذلك وهي أغلظ الحجب وأكثفها وأشدها حجباً ولونها السواد الحالك الذي لايهتدي فيه السائر إلا بمصباح مضيء وسراج منير فهذه ثمانية حجب كلما كان أسفل كان أغلظ. ومنها حجاب النفس وهو محيط بجميع تلك فهو أولها وأخرها وأوسطها وكلها وأصعبها خرقاً وفيه جمع الوان الموجودات وله جميع أمكنتها وأوقاتها فافهم فهذه الحجب الثمانية كلما خرقت منها حجاباً انكشف لك ما وراءه حتى تصل الى حجاب النفس فأذا خرقته عرفت ربك وتجلى لك في فؤادك بنور عظمته

فيما شافهني أن قال : يا محمد ، من أذل لي وليا فقد أرصد لي بالمحاربة ومن حاربني حاربته ، قال : فقلت : يا رب ومن وليك هذا ؟ - فقد علمت أنه من حاربك حاربته ، فقال : ذلك من أخذت ميثاقه لك ولوصيك ولورثتكما بالولاية (1)

رابعا: البيت المعمور

اشارة

238 - عن الحسين بن الوليد ، عمن ذكره قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : لأي علة أحرم رسول الله من الشجرة ولم يحرم من موضع دونه ؟ قال : لأنه لما أسري به إلى السماء وصار بحذاء الشجرة وكانت الملائكة تأتي إلى البيت المعمور بحذاء المواضع التي هي مواقيت سوى الشجرة ، فلما كان في الموضع الذي بحذاء الشجرة نودي : يا محمد ، قال : لبيك ، قال : ألم أجدك يتيما فآويت ووجدتك ضالا فهديت ، قال النبي (صلى الله عليه

ص: 125


1- المحاسن ج 1 ص 136، بحار الأنوار ج 72 ص 146

وآله) : إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك فلذلك أحرم من الشجرة دون المواضع كلها (1).

الصلا ة بالنبيين

239 - أبي جعفر (عليه السلام) قال : لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السماء فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلاة فأذن جبرئيل وأقام ، فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وصف الملائكة والنبيون خلف محمد (صلى الله عليه وآله) (2).

خامسا: العرش

رحما معلقة بالعرش

240 - عن أبي الحسن الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء رأيت رحما متعلقة بالعرش تشكو رحما إلى ربها ، فقلت لها : كم بينك وبينها من أب ؟ فقالت : نلتقي في أربعين أبا (3).

تعلقت بساق العرش

241 - عن ابن عباس قال : خرج من المدينة أربعون رجلا من اليهود قالوا : انطلقوا بنا إلى هذا الكاهن الكذاب حتى نوبخه في وجهه ونكذبه ، فإنه يقول ، أنا رسول رب العالمين ، وكيف يكون رسولا وآدم خير منه ونوح خير منه وذكروا الأنبياء عليهم السلام - فقال النبي صلى الله عليه وآله لعبد الله بن سلام : التوراة بيني وبينكم فرضيت اليهود بالتوراة فقال اليهود : موسى خير منك . قال النبي صلى الله عليه وآله ولم ؟ قالوا : لأن الله عز وجل كلمه بأربعة آلاف كلمة ولم يكلمك بشئ . فقال النبي صلى الله عليه وآله . لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك . قالوا : وما ذاك ؟ قال : هو قوله عز وجل (سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) وحملت على جناح جبرائيل حتى انتهيت إلى السماء السابعة فجاوزت سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ، حتى تعلقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش إني أنا الله لا إله إلا أنا السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الرؤف الرحيم ورأيته بقلبي وما رأيته بعيني ، فهذا أفضل من ذلك قالت اليهود : صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة (4).

مسطور بخط جلي حول العرش

ص: 126


1- علل الشرائع ج 2 ص 433 ، من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 199 ، المقنع : 68 ،بحار الأنوار ج 18 ص 372و ج 96 ص 128 ، وسائل الشيعة ج 11 ص 311
2- بحار الأنوار ج 18 ص 304
3- الخصال ص 540، وسائل الشيعة ج 21 ص 507، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 254 / 5، مستدرك الوسائل ج 15 ص 205، بحار الأنوار ج 71 ص 91
4- الاحتجاج ج 1 ص 55 ،بحار الأنوار ج 18 ص 342 و ج 9 ص 290و ج 16 ص 326

242 - وقال أبو عبد الله (عليه السلام) : مسطور بخط جلي حول العرش : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين (1).

ص: 127


1- المحتضر ص 251 ، شواهد التنزيل : 1 / 77 ، معاني الأخبار : 114 ، الأمالي للطوسي : 516. بصائر الدرجات : 79 ، الصراط المستقيم : 2 / 40 ، الخصال : 2 / 600. البحار : 27 / 11 ، ، كشف الغمة : 1 / 329 . اليقين : 233

الفصل الثامن: الصلاة المعراجية

الوضوء من عين صاد

243 - عن سفيان بن السعيد الثوري ، قال : قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام : يا ابن رسول الله ما معنى قول الله عز وجل : (ألم) و (المص) و(الر) و (المر) و (كهيعص) و (طه) و (طس) و(طسم)و (يس) و (ص) و (حم) و (حمعسق) و (ق) و(ن) ؟ قال عليه السلام :

أما (ألم) في أول البقرة فمعناه : أنا الله الملك ،

وأما (ألم) في أول آل عمران فمعناه : أنا الله المجيد ،

و (المص) فمعناه : أنا الله المقتدر الصادق ،

و (الر) فمعناه : أنا الله الرؤوف ،

و (المر) فمعناه : أنا الله المحيي المميت الرازق ،

و(كهيعص) معناه : أنا الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد ،

وأما (طه) فاسم من أسماء النبي صلى الله عليه وآله ومعناه : يا طالب الحق الهادي إليه (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) بل لتسعد به ،

وأما (طس) فمعناه : أنا الطالب السميع ،

وأما (طسم) فمعناه : أنا الطالب السميع المبدئ المعيد ،

وأما(يس) فاسم من أسماء النبي صلى الله عليه وآله ، ومعناه : يا أيها السامع للوحي (والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم) ،

وأما (ص) فعين تنبع من تحت العرش وهي التي توضأ منها النبي صلى الله عليه وآله لما عرج به ، ويدخلها جبرئيل عليه السلام كل يوم دخلة فيغتمس فيها ثم يخرج منها فينفض أجنحته فليس من قطرة تقطر من أجنحته إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا يسبح الله ويقدسه ويكبره ويحمده إلى يوم القيامة ،

وأما (حم) فمعناه : الحميد المجيد ،

وأما(حمعسق) فمعناه : الحليم المثيب العالم السميع القادر القوي ،

وأما (ق) فهو الجبل المحيط بالأرض وخضرة السماء منه وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها ،

وأما (ن) فهو نهر في الجنة قال الله عز وجل : أجمد فجمد فصار مدادا ، ثم قال عز وجل للقلم : اكتب فسطر القلم في اللوح المحفوظ ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة . فالمداد من نور والقلم قلم من نور واللوح لوح من نور .

وقال سفيان : فقلت له : يا ابن رسول الله بين لي أمر اللوح والقلم والمداد فضل بيان ، وعلمني مما علمك الله ،

فقال : يا ابن سعيد لولا أنك أهل للجواب ما أجبتك فنون ملك يؤدي إلى القلم وهو ملك ، والقلم يؤدي إلى اللوح وهو ملك ، واللوح يؤدي إلى إسرافيل ، وإسرافيل يؤدي إلى

ص: 128

ميكائيل ، وميكائيل يؤدي إلى جبرئيل ، وجبرئيل يؤدي إلى الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم .

قال : ثم قال لي : قم يا سفيان فلا آمن عليك (1).

فرض الاذان

244 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال : ما تروي هذه الناصبة ؟ فقلت : جعلت فداك في ماذا ؟ فقال : في أذانهم وركوعهم وسجودهم ، فقلت : إنهم يقولون : إن أبي بن كعب رآه في النوم ، فقال : كذبوا فإن دين الله عز وجل أعز من أن يرى في النوم ، قال : فقال له سدير الصيرفي : جعلت فداك فأحدث لنا من ذلك ذكرا ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : إن الله عز وجل لما عرج بنبيه (صلى الله عليه وآله) إلى سماواته السبع أما أوليهن فبارك عليه والثانية علمه فرضه فأنزل الله محملا من نور فيه أربعون نوعا من أنواع النور كانت محدقة بعرش الله تغشي أبصار الناظرين أما واحد منها فأصفر فمن أجل ذلك اصفرت الصفرة وواحد منها أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة وواحد منها أبيض فمن أجل ذلك ابيض البياض والباقي على ساير عدد الخلق من النور والألوان في ذلك المحمل حلق وسلاسل من فضة ،

ثم عرج به إلى السماء فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجدا و قالت : سبوح قدوس ما أشبه هذا النور بنور ربنا ،

فقال جبرئيل (عليه السلام) : الله أكبر الله أكبر ،

ثم فتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة فسلمت على النبي (صلى الله عليه وآله) أفواجا وقالت : يا محمد كيف أخوك إذا نزلت فاقرءه السلام ؟،

قال النبي (صلى الله عليه وآله) : أفتعرفونه ؟

قالوا : وكيف لا نعرفه وقد اخذ ميثاقك وميثاقه منا وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا وإنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا - يعنون في كل وقت صلاة - وإنا لنصلي عليك وعليه ،

قال : ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا يشبه النور الأول وزادني حلقا وسلاسل وعرج بي إلى السماء الثانية فلما قربت من باب السماء الثانية نفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت : سبوح قدوس رب الملائكة و الروح ما أشبه هذا النور بنور ربنا

فقال جبرئيل (عليه السلام) أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله . فاجتمعت الملائكة وقالت : يا جبرئيل من هذا معك ؟

قال : هذا محمد (صلى الله عليه وآله) قالوا : وقد بعث ؟

قال : نعم قال النبي (صلى الله عليه وآله) فخرجوا إلي شبه المعانيق (2)فسلموا علي وقالوا : اقرأ أخاك السلام ،

قلت : أتعرفونه ؟

ص: 129


1- معاني الأخبار ص 22
2- المعانيق : جمع المعناق وهو الفرس الجيد العنق ، وفي الخبر : فانطلقنا إلى الناس معانيق أي مسرعين .

قالوا : وكيف لا نعرفه وقد اخذ ميثاقك وميثاقه وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا وإنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا - يعنون في كل وقت صلاة –

قال : ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه الأنوار الأولى ، ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فنفرت الملائكة وخرت سجدا وقالت : سبوح قدوس رب الملائكة والروح ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا ؟

فقال جبرئيل (عليه السلام) : أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمد رسول الله . فاجتمعت الملائكة وقالت : مرحبا بالأول ومرحبا بالآخر ومرحبا بالحاشر(1) ومرحبا بالناشر محمد خير النبيين وعلي خير الوصيين .

قال النبي (صلى الله عليه وآله) : ثم سلموا علي وسألوني عن أخي ،

قلت : هو في الأرض أفتعرفونه ؟

قالوا : وكيف لا نعرفه وقد نحج البيت المعمور كل سنة وعليه رق أبيض فيه اسم محمد واسم علي والحسن والحسين والأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم إلى يوم القيامة وإنا لنبارك عليهم كل يوم وليلة خمسا - يعنون في وقت كل صلاة - ويمسحون رؤوسهم بأيديهم

قال : ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه تلك الأنوار الأولى ثم عرج بي حتى انتهيت إلى السماء الرابعة فلم تقل الملائكة شيئا وسمعت دويا كأنه في الصدور فاجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء وخرجت إلي شبه المعانيق

فقال جبرئيل (عليه السلام) : حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح .

فقالت الملائكة : صوتان مقرونان معروفان ،

فقال جبرئيل (عليه السلام) : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة

فقالت الملائكة : هي لشيعته إلى يوم القيامة ،

ثم اجتمعت الملائكة وقالت كيف : تركت أخاك ؟ فقلت لهم : وتعرفونه ؟

قالوا : نعرفه وشيعته وهم نور حول عرش الله و إن في البيت المعمور لرقا من نور فيه كتاب من نور فيه اسم محمد وعلي والحسن والحسين والأئمة وشيعتهم إلى يوم القيامة لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل وإنه لميثاقنا وإنه ليقرء علينا كل يوم جمعة ،

ثم قيل لي : ارفع رأسك يا محمد فرفعت رأسي فإذا أطباق السماء قد خرقت والحجب قد رفعت ،

ثم قال لي : طأطأ رأسك انظر ما ترى فطأطأت رأسي فنظرت إلى بيت مثل بيتكم هذا وحرم مثل حرم هذا البيت لو ألقيت شيئا من يدي لم يقع إلا عليه ، فقيل لي : يا محمد إن هذا الحرم وأنت الحرام ولكل مثل مثال ،

ثم أوحى الله إلي : يا محمد ادن من صاد فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك فدنى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من صاد وهو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن فتلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الماء بيده اليمنى فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمين

ص: 130


1- الحاشر : من ألقاب النبي صلى الله عليه وآله لمعانقته مع الحشر كما أثر عنه أنه قال : (أنا والساعة كهاتين) وأشار إلى السبابة والوسطى . الناشر : من ألقاب أمير المؤمنين عليه السلام لأنه ينشر ويفرق من أهل الجنة والنار .

ثم أوحى الله عز وجل إليه أن اغسل وجهك فإنك تنظر إلى عظمتي ثم اغسل ذراعيك اليمنى واليسرى فإنك تلقى بيدك كلامي ثم امسح رأسك بفضل ما بقي في يديك من الماء ورجليك إلى كعبيك فإني أبارك عليك وأوطيك موطئا لم يطأه أحد غيرك فهذا علة الاذان والوضوء ،

ثم أوحى الله عز وجل إليه يا محمد استقبل الحجر الأسود وكبرني على عدد حجبي فمن أجل ذلك صار التكبير سبعا لان الحجب سبع فافتتح عند انقطاع الحجب فمن أجل ذلك صار الافتتاح سنة والحجب متطابقة بينهن بحار النور وذلك النور الذي أنزله الله على محمد (صلى الله عليه وآله) فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلاث مرات لافتتاح الحجب ثلاث مرات فصار التكبير سبعا والافتتاح ثلاثا ، فلما فرغ من التكبير والافتتاح أوحى الله إليه سم باسمي فمن أجل ذلك جعل بسم الله الرحمن الرحيم في أول السورة

ثم أوحى الله إليه أن احمدني ، فلما قال : الحمد لله رب العالمين ، قال النبي في نفسه شكرا ، فأوحى الله عز وجل إليه قطعت حمدي فسم باسمي فمن أجل ذلك جعل في الحمد الرحمن الرحيم مرتين فلما بلغ ولا الضالين قال النبي (صلى الله عليه وآله) : الحمد لله رب العالمين شكرا فأوحى الله إليه قطعت ذكري فسم باسمي فمن أجل ذلك جعل بسم الله الرحمن الرحيم في أول السورة

ثم أوحى الله عز وجل إليه اقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك وتعالى : قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ،

ثم أمسك عنه الوحي فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الواحد الاحد الصمد فأوحى الله إليه : لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ،

ثم أمسك عنه الوحي فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : كذلك الله كذلك الله ربنا فلما قال ذلك أوحى الله إليه اركع لربك يا محمد فركع فأوحى الله إليه وهو راكع قل : سبحان ربي العظيم ففعل ذلك ثلاثا ،

ثم أوحى الله إليه أن ارفع رأسك يا محمد ففعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقام منتصبا فأوحى الله عز وجل إليه أن اسجد لربك يا محمد فخر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساجدا فأوحى الله عز وجل إليه قل : سبحان ربي الأعلى ففعل ذلك ثلاثا ثم أوحى الله إليه استو جالسا يا محمد ففعل فلما رفع رأسه من سجوده واستوى جالسا نظر إلى عظمته تجلت له فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمر به فسبح أيضا ثلاثا فأوحى الله إليه انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من العظمة فمن أجل ذلك صارت الصلاة ركعة وسجدتين

ثم أوحى الله عز وجل إليه اقرأ بالحمد لله فقرأها مثل ما قرء أولا

ثم أوحى الله عز وجل إليه اقرأ إنا أنزلناه فإنها نسبتك ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة وفعل في الركوع مثل ما فعل في المرة الأولى ثم سجد سجدة واحدة فلما رفع رأسه تجلت له العظمة فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمر به فسبح أيضا ،

ثم أوحى الله إليه ارفع رأسك يا محمد ثبتك ربك فلما ذهب ليقوم قيل : يا محمد اجلس فجلس فأوحى الله إليه يا محمد إذا ما أنعمت عليك فسم باسمي فالهم أن قال : بسم الله وبالله ولا إله إلا الله و الأسماء الحسنى كلها لله ،

ثم أوحى الله إليه يا محمد صل على نفسك وعلى أهل بيتك فقال : صلى الله علي وعلى أهل بيتي وقد فعل

ص: 131

ثم التفت فإذا بصفوف من الملائكة والمرسلين والنبيين فقيل : يا محمد سلم عليهم ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فأوحى الله إليه أن السلام والتحية والرحمة والبركات أنت وذريتك ،

ثم أوحى الله إليه أن لا يلتفت يسارا وأول آية سمعها بعد قل هو الله أحد وإنا أنزلناه آية أصحاب اليمين و أصحاب الشمال فمن أجل ذلك كان السلام واحدة تجاه القبلة ومن أجل ذلك كان التكبير في السجود شكرا وقوله : سمع الله لمن حمده لان النبي (صلى الله عليه وآله) سمع ضجة الملائكة بالتسبيح والتحميد والتهليل فمن أجل ذلك قال : سمع الله لمن حمده ومن أجل ذلك صارت الركعتان الأوليان كلما أحدث فيهما حدثا كان على صاحبهما إعادتهما فهذا الفرض الأول في صلاة الزوال يعني صلاة الظهر (1).

فرض الاذان في المعراج

245 - عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين بن علي صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده انه سئل عن قول الناس في الأذان ، ان السبب كان فيه رؤيا رآها عبد الله بن زيد ، فأخبر بها النبي (صلى الله عليه وآله) ، فأمر بالأذان ، فقال الحسين (عليه السلام) الوحي ينزل على نبيكم وتزعمون أنه اخذ الأذان عن عبد الله بن زيد ، والأذان وجه دينكم وغضب (عليه السلام) وقال بل سمعت أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول : اهبط الله عز وجل ملكا ، حتى عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله) وساق حديث المعراج بطوله إلى أن قال - فبعث الله ملكا لم ير في السماء قبل ذلك الوقت ولا بعده ، فأذن مثنى مثنى وأقام مثنى وذكر كيفية الأذان ثم قال قال جبرئيل للنبي (صلى الله عليه وآله) : يا محمد هكذا أذن للصلاة (2)

246- عن زرارة والفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله فبلغ البيت المعمور حضرت الصلاة فأذن جبرئيل عليه السلام وأقام فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وصف الملائكة والنبيون خلف رسول الله صلى الله عليه وآله قال : فقلنا له كيف اذن ، فقال الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان لا إله إلا الله اشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح حي على خير العمل حي على خير العمل الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله لا إله إلا الله ، والإقامة مثلها إلا أن فيها قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة بين حي على خير العمل حي على خير العمل وبين الله أكبر الله أكبر فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله بلالا فلم يزل يؤذن بها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله (3).

تفسير الاذان

ص: 132


1- الكافي ج 3 ص 482 ، الجواهر السنية ص 123 ، حلية الأبرار ج 1 ص 421 ، مدينة المعاجز ج 1 ص 97
2- دعائم الاسلام ج 1 ص 147 . عوالي اللآلي ج 1 ص 328 ح 76 . مستدرك الوسائل ج 4 ص 17، بحار الأنوار ج 81 ص 156
3- تهذيب الأحكام ج 2 ص 60،الاستبصار ج 1 ص 305 ، وسائل الشيعة ج 5 ص 415

247 - عن الأصبغ بن نباتة ، عن محمد بن الحنفية أنه ذكر عنده الاذان فقال : لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) إلى السماء وتناهى إلى السماء السادسة نزل ملك من السماء السابعة لم ينزل قبل ذلك اليوم قط ،

فقال : الله أكبر ، الله أكبر ،

فقال الله جل جلاله : أنا كذلك ،

فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ،

فقال الله عز وجل : أنا كذلك لا إله إلا أنا .

فقال : أشهد أن محمدا رسول الله ،

قال الله جل جلاله : عبدي وأميني على خلقي اصطفيته برسالاتي ،

ثم قال : حي على الصلاة ،

قال الله جل جلاله : فرضتها على عبادي ، وجعلتها لي دينا ،

ثم قال : حي على الفلاح ،

قال الله جل جلاله : أفلح من مشى إليها وواظب عليها ابتغاء وجهي ،

ثم قال : حي على خير العمل ،

قال الله جل جلاله : هي أفضل الأعمال وأزكاها عندي ،

ثم قال : قد قامت الصلاة ،

فتقدم النبي (صلى الله عليه وآله) فأم أهل السماء ، فمن يومئذ تم شرف النبي (صلى الله عليه وآله) (1).

248 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) وحضرت الصلاة فأذن جبرئيل (عليه السلام)

فلما قال : الله أكبر ، الله أكبر ،

قالت الملائكة : الله أكبر ، الله أكبر ،

فلما قال : أشهد أن لا إله إلا الله ،

قالت الملائكة خلع الأنداد ،

فلما قال : أشهد أن محمدا رسول الله ،

قالت الملائكة : نبي بعث ،

فلما قال : حي على الصلاة ،

قالت الملائكة : حث على عبادة ربه ،

فلما قال : حي على الفلاح ،

قالت الملائكة : أفلح من اتبعه (2).

249- عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: كنا جلوسا في المسجد إذ صعد المؤذن المنارة فقال: الله أكبر، الله أكبر فبكى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وبكينا

ص: 133


1- معاني الأخبار ص 42، بحار الأنوار ج 18 ص 342و ج 81 ص 141، مستدرك الوسائل ج 4 ص 70
2- من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 281 ،معاني الأخبار ص 387، بحار الأنوار ج 18 ص 342 و ج 81 ص 143 ، وسائل الشيعة ج 5 ص 417

لبكائه، فلما فرغ المؤذن قال: أتدرون ما يقول المؤذن ؟ قلنا: الله ورسوله ووصيه أعلم قال: لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ! فلقوله (الله أكبر) معان كثيرة

منها أن قول المؤذن: (الله أكبر) يقع على قدمه وأزليته وأبديته وعلمه وقوته وقدرته وحلمه وكرمه وجوده وعطائه وكبريائه.

فإذا قال المؤذن (الله أكبر) فإنه يقول: الله الذي له الخلق والامر و بمشيته كان الخلق، ومنه كل شئ للخلق، وإليه يرجع الخلق، وهو الأول قبل كل شئ لم يزل، والآخر بعد كل شئ لا يزال، والظاهر فوق كل شئ لا يدرك، والباطن دون كل شئ لا يحد، وهو الباقي وكل شئ دونه فان.

والمعنى الثاني: الله أكبر، أي العليم الخبير عليهم بما كان ويكون قبل أن يكون.

والثالث: الله أكبر، أي القادر على كل شئ يقدر على ما يشاء، القوي لقدرته، المقتدر على خلقه، القوي لذاته، قدرته قائمة على الأشياء كلها، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.

والرابع: الله أكبر، على معنى حلمه وكرمه، يحلم كأنه لا يعلم، ويصفح كأنه لا يرى، ويستر كأنه لا يعصى، لا يعجل بالعقوبة كرما وصفحا وحلما. والوجه الآخر في معنى (الله أكبر)أي الجواد جزيل العطاء كريم الفعال .

والوجه الآخر الله أكبر فيه نفي صفته وكيفيته كأنه يقول: الله أجل من أن يدرك الواصفون قدر صفته الذي هو موصوف به، وإنما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله، تعالى الله عن أن يدرك الواصفون صفته علوا كبيرا.

والوجه الآخر (الله أكبر) كأنه يقول: الله أعلى وأجل، وهو الغني عن عباده، لا حاجة به إلى أعمال خلقه.

وأما قوله: (أشهد أن لا إله إلا الله) فإعلام بأن الشهادة لا تجوز إلا بمعرفته من القلب كأنه يقول: أعلم أنه لا معبود إلا الله عز وجل وأن كل معبود باطل سوى الله عز وجل وأقر بلساني بما في قلبي من العلم بأنه لا إله إلا الله وأشهد أنه لا ملجأ من الله إلا إليه ولا منجا من شر كل ذي شر وفتنة كل ذي فتنة إلا بالله. وفي المرة الثانية (أشهد أن لا إله إلا الله)معناه: أشهد أن لا هادي إلا الله ولا دليل لي إلى الدين إلا الله و اشهد الله بأني أشهد أن لا إله إلا الله واشهد سكان السماوات وسكان والأرضين وما فيهن من الملائكة والناس أجمعين وما فيهن من الجبال والأشجار والدواب والوحوش وكل رطب ويابس بأني أشهد أن لا خالق إلا الله ولا رازق ولا معبود ولا ضار ولا نافع ولا قابض ولا باسط ولا معطي ولا مانع ولا ناصح ولا كافي ولا شافي ولا مقدم ولا مؤخر إلا الله، له الخلق والامر، وبيده الخير كله، تبارك الله رب العالمين.

وأما قوله: (أشهد أن محمدا رسول الله) يقول: اشهد الله أنه لا إله إلا هو وأن محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه ونجيه أرسله إلى كافة الناس أجمعين بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، واشهد من في السماوات والأرض من النبيين والمرسلين والملائكة والناس أجمعين أن محمدا سيد الأولين والآخرين.

وفي المرة الثانية (أشهد أن محمدا رسول الله) يقول: أشهد أن لا حاجة لأحد إلا إلى الله الواحد القهار الغني عن عباده والخلائق والناس أجمعين، وأنه أرسل محمدا إلى الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، من أنكره وجحده ولم يؤمن به أدخله الله عز وجل نار جهنم خالدا مخلدا لا ينفك عنها أبدا. وأما قوله: (حي على الصلاة) أي هلموا إلى خير أعمالكم ودعوة ربكم، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم، وإطفاء ناركم التي

ص: 134

أوقدتموها، وفكاك رقابكم التي رهنتموها، ليكفر الله عنكم سيئاتكم، ويغفر لكم ذنوبكم، ويبدل سيئاتكم حسنات، فإنه ملك كريم ذو الفضل العظيم، وقد أذن لنا معاشر المسلمين بالدخول في خدمته، والتقدم إلى بين يديه.

وفي المرة الثانية (حي على الصلاة) أي قوموا إلى مناجاة الله ربكم، وعرض حاجاتكم على ربكم، وتوسلوا إليه بكلامه، وتشفعوا به، وأكثروا الذكر والقنوت والركوع والسجود والخضوع والخشوع، وارفعوا إليه حوائجكم، فقد أذن لنا في ذلك.

وأما قوله: (حي على الفلاح) فإنه يقول: أقبلوا إلى بقاء لا فناء معه، ونجاة لا هلاك معها، وتعالوا إلى حياة لا موت معها، وإلى نعيم لا نفاد له، وإلى ملك لا زوال عنه، وإلى سرور لا حزن معه، وإلى أنس لا وحشة معه، وإلى نور لا ظلمة معه، وإلى سعة لا ضيق معها، وإلى بهجة لا انقطاع لها، وإلى غنى لا فاقة معه، وإلى صحة لا سقم معها، وإلى عز لا ذل معه وإلى قوة لا ضعف معها، وإلى كرامة يا لها من كرامة، واعجلوا إلى سرور الدنيا والعقبى، ونجاة الآخرة والأولى.

وفي المرة الثانية (حي على الفلاح) فإنه يقول: سابقوا إلى ما دعوتكم إليه، وإلى جزيل الكرامة، وعظيم المنة، وسني النعمة، و الفوز العظيم، ونعيم الأبد في جوار محمد صلى الله عليه وآله في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

وأما قوله (الله أكبر) فإنه بقول: الله أعلى وأجل من أن يعلم أحد من خلقه ما عنده من الكرامة لعبد أجابه وأطاعه وأطاع أمره وعبده وعرف وعيده واشتغل به وبذكره وأحبه وآمن به واطمأن إليه ووثق به وخافه ورجاه واشتاق إليه ووافقه في حكمه وقضائه ورضي به.

وفي المرة الثانية (الله أكبر) فإنه يقول: الله أكبر وأعلى وأجل من أن يعلم أحد مبلغ كرامته لأوليائه وعقوبته لأعدائه ومبلغ عفوه وغفرانه ونعمته لمن أجابه وأجاب رسوله، ومبلغ عذابه ونكاله وهو انه لمن أنكره وجحده.

وأما قوله (لا إله إلا الله) معناه: لله الحجة البالغة عليهم بالرسول والرسالة و البيان والدعوة، وهو أجل من أن يكون لأحد منهم عليه حجة، فمن أجابه فله النور والكرامة، ومن أنكره فإن الله غني عن العالمين، وهو أسرع الحاسبين.

ومعنى (قد قامت الصلاة) في الإقامة أي حان وقت الزيارة والمناجاة وقضاء الحوائج ودرك المنى والوصول إلى الله عز وجل وإلى كرامته وعفوه ورضوانه وغفرانه.

وقد روي في خبر آخر أن الصادق عليه السلام سئل عن معنى (حي على خير العمل) فقال: خير العمل الولاية.

وفي خبر آخر خير العمل بر فاطمة و ولدها (1).

ائتمام جميع اهل العوالم بالنبي صلى الله عليه واله

250 - عن هشام بن سالم ، عن الصادق (عليه السلام) قال : لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) حضرت الصلاة فأذن وأقام جبرئيل ، فقال : يا محمد تقدم ، فقال

ص: 135


1- معاني الاخبار 75 وهذا الحديث في تفسير معاني فصول الاذان وان لم يكن من اخبار المعراج انما ذكرناه لعموم فائدته

رسول الله : تقدم يا جبرئيل ، فقال له : إنا لا نتقدم الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم (عليه السلام) (1).

اول صلاة فرضها الله عليه صلاة الظهر يوم الجمعة

251 - عن محمد بن حمزة قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : لأي علة يجهر في صلاة الفجر وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة ، وسائر الصلوات مثل الظهر والعصر لا يجهر فيها ؟ ولأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القرآن ؟ قال : لان النبي (صلى الله عليه وآله) لما أسري به إلى السماء كان أول صلاة فرضه الله عليه صلاة الظهر يوم الجمعة(2)، فأضاف الله عز وجل إليه الملائكة تصلي خلفه ، وأمر الله عز

ص: 136


1- علل الشرائع : 183 / 2 - الباب 147، بحار الأنوار ج 18 ص 404 و ج 26 ص 338 و ج 81 ص 168 ، وسائل الشيعة ج 5 ص 439
2- سئل الشيخ احمد الاحسائي اعلى الله مقامه : كيف التطبيق بين ما اجمع عليه من ان الاسراء وقع ليلاً وان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) صلى والنبيين صلوة الظهر ركعتين. فقال: ان هذه المسئلة بل كل ما يتعلق بمسائل المعراج صعب جداً لا تعرفه العقول وانما تعرفه الافئدة التي هي نور الله، ولكن لما كان لكل مسئلة جواب وجب ان اشير الى شيء مجمل وهو : ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ليلة المعراج مر على كل شيء خلقه الله من عالم الغيب والشهادة والدنيا والاخرى في الوقت الذي خلقه الله تعالى فيه، فهذا جواب سؤالك وغيره في كل ما يتعلق بامر المعراج ، واما ذكر بعض التفصيل فانه (صلى الله عليه واله وسلم) ليلة المعراج مرَّ على العقل الكلي الذي هو اول ما خلق الله في حال تكوين الله سبحانه له واشهده خلقه وعلى الحشر والقيمة حين قامت وعلى نفخة الصعق ونفخة الفزع الحاصل ما في ملك الله شيء خلقه الله من الانوار والجواهر والاعراض والذوات والصفات إلا وقد وقف عليه حين كونه وفي مدَّة بقائه وحين فنائه في الدنيا والاخرة ،فمر على الزوال حين زالت الشمس فصلى ركعتين ،لأنّ الصلوة فرضت ركعتين، وصلى المغرب والعشاء والصبح وغير ذلك وبيانه انه قبل النبوة كان يرعى الغنم فسمع هدةعظيمة وجفلت الغنم ثم بعد النبوة بسنتين او باربع او خمس او سبع او تسع على اختلاف روايات الفريقين عرج الى السماء فسمع هدة عظيمة فسئل جبريئل (عليه السلام) عنها؟ فقال هذه صخرة القيتها في جهنم منذ سبعين سنة والان وصلت قعر جهنم وهو يهودي مات تلك الساعة وعمره سبعون سنة حين كان يرعى الغنم فسمع النبي (صلى الله عليه واله وسلم) صوت موته اعني وقوعه في جهنم بالقاء جبرئيل عليه السلام وهو الذي سمع ليلة المعراج بعد ذلك بكم سنة سمع الصوت ليلة المعراج في الدقيقة التي سمعه قبل ذلك والسماع واحد والمسموع واحد في وقت واحد وقس على هذا كل شيء من امر المعراج واما الجواب على الظاهر ،فاعلم ان الليل عبارة عن ظلمة ظل الارض وهو مخروط الظل، وهذا انما يوجد الى ما يقرب من فلك الزهرة ثم يعدم فلما تجاوز فلك الزهرة كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، فلما زالت الشمس صلى الظهر، ومثال محاذاته مثل للزوال مثل ما ذكر علماء الهيئة كالبهائي في تشريح الافلاك: انه يمكن ان يكون يوم واحد يوم السبت عند رجل ويوم الجمعة عند آخر بناء على كرية الارض عند قوم، بان يفرض رجل قاعد على وجه الأرض والاخر يسير مع الشمس وأخر يعاكس سير الشمس فاذا اجتمعوا كان ذلك اليوم الذي اجتمعوا فيه عند الساير مع الشمس يوم الخميس لأن الشمس لم يغرب عنه فهو في يوم الاجتماع الأول ،وعند القاعد يوم الجمعة، لان الشمس غربت عنه يوم الخميس وطلعت يوم الجمعة عليه ،وعند المعاكس لها يوم السبت لأنها لما غربت يوم الخميس قابلها من المشرق فغربت عنه فلما طلعت تحت الأرض طلعت عليه فهو يوم الجمعة فلما وصلت المشرق وصل هو المغرب فغربت عنه يوم الجمعة فلما طلعت من المشرق وطلع هو من المغرب طلعت عليه يوم السبت، فالمعاكس كانت عليه ثلاثة ايام بما فيها من العبادات فصلى الظهر تحت الارض لوجود الزوال عنده كما فعل (صلى الله عليه واله وسلم) فافهم. (الشيخ احمد الاحسائي مجدد الحكمة الاسلامية ج3)

وجل نبيه (صلى الله عليه وآله) أن يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله ، ثم افترض عليه العصر ، ولم يضف إليه أحدا من الملائكة ، وأمره أن يخفي القراءة لأنه لم يكن وراءه أحد ، ثم افترض عليه المغرب ، ثم أضاف إليه الملائكة فأمره بالاجهار ، وكذلك العشاء الآخرة ، فلما كان قرب الفجر افترض الله عز وجل عليه الفجر ، وأمره بالاجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة ، فلهذه العلة يجهر فيها فقلت : لأي شئ صار التسبيح في الأخيرتين أفضل من القراءة ؟ قال : لأنه لما كان في الأخيرتين ذكر ما يظهر من عظمة الله عز وجل فدهش وقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فلذلك العلة صار التسبيح أفضل من القراءة (1).

صلى العشاء في السماء و الفجر بمكة

252 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى العشاء الآخرة ، وصلى الفجر في الليلة التي أسري به بمكة (2).

الوصف الشامل للوضوء والصلاة وفيه العلل الباطنية

253- عن إسحاق بن عمار قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) ، كيف صارت الصلاة ركعة وسجدتين وكيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين ؟ فقال : إذا سألت ، عن شئ ففرغ قلبك لتفهم ، إن أول صلاة صلاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قدام عرشه جل جلاله ، وذلك أنه لما أسرى به فقال : يا محمد ، ادن من صاد فاغسل مساجدك وطهرها ، وصل لربك ، فتوضأ وأسبغ وضوءه ثم استقبل عرش الجبار تبارك وتعالى قائما فأمره بافتتاح الصلاة ففعل فقال : يا محمد اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين إلى آخرها ففعل ذلك ثم أمره أن يقرأ نسبة ربه عز وجل ، بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد ثم أمسك عنه القول فقال : كذلك الله ، كذلك الله ، كذلك الله ، فلما قال : ذلك قال : اركع يا محمد ، لربك فركع فقال له وهو راكع : قل : سبحان ربي العظيم وبحمده ففعل ذلك ثلاثا ثم قال له : ارفع رأسك يا محمد ، ففعل فقام منتصبا بين يدي الله فقال له : اسجد يا محمد لربك فخر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساجدا فقال : قل : سبحان ربي الأعلى وبحمده ففعل ذلك ثلاثا فقال له : استو جالسا يا محمد ، ففعل ، فلما استوى جالسا ذكر جلال ربه فخر لله ساجدا من تلقاء نفسه ، لا لأمر أمره به ربه عز وجل ، فسبح الله ثلاثا فقال : انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من عظمة ربه جل جلاله فقال له : اقرأ يا محمد ، وافعل كما فعلت في الركعة الأولى ، ففعل ذلك ، ثم سجد سجدة واحدة فلما رفع رأسه ذكر جلالة ربه تبارك وتعالى الثانية فخر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساجدا من تلقاء نفسه ، لا لأمر أمره ربه عز وجل ، فسبح أيضا ، ثم قال له : ارفع رأسك ثبتك الله ، واشهد أن لا إله إلا الله ،

ص: 137


1- من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 308 ، بحار الأنوار ج 18 ص 367 ، وسائل الشيعة ج 6 ص 83، علل الشرائع ج 2 ص 322 ، بحار الأنوار ج 82 ص 77 ، مستدرك الوسائل ج 4 ص 193
2- بحار الأنوار ج 18 383

وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، اللهم صل على محمد وآل محمد وارحم محمدا وآل محمد ، كما صليت وباركت وترحمت ومننت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم تقبل شفاعته وارفع درجته ، ففعل ، فقال له : سلم يا محمد ، واستقبل ربه تبارك وتعالى مطرقا فقال : السلام عليك فأجابه الجبار جل جلاله فقال : وعليك السلام يا محمد . قال : أبو الحسن (عليه السلام) وإنما كانت الصلاة التي أمرها بها ركعتين وسجدتين وهو (صلى الله عليه وآله) إنما سجد سجدتين في كل ركعة كما أخبرتك من تذكره لعظمة ربه تبارك وتعالى فجعله الله عز وجل فرضا ،

. قلت : جعلت فداك وما صاد الذي امر أن يغتسل منه ؟

فقال : عين ينفجر من ركن من أركان العرش ، يقال له : ماء الحياة ، وهو ما قال الله عز وجل : (ص والقرآن ذي الذكر) إنما أمره أن يتوضأ ويقرأ ويصلي (1).

علة التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات

254 - عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال : قلت له : لأي علة صار التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات أفضل ؟ ولأي علة يقال في الركوع : سبحان ربي العظيم وبحمده ويقال في السجود : سبحان ربي الأعلى وبحمده قال : يا هشام إن الله تبارك وتعالى خلق السماوات سبعا ، والأرضين سبعا ، والحجب سبعا ، فلما أسرى بالنبي (صلى الله عليه وآله) وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى ، رفع له حجاب من حجبه ، فكبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعل يقول الكلمات التي تقال في الافتتاح ، فلما رفع له الثاني كبر فلم يزل كذلك حتى بلغ سبع حجب ، وكبر سبع تكبيرات ، فلذلك العلة تكبر للافتتاح في الصلاة سبع تكبيرات ، فلما ذكر ما رأى من عظمة الله ارتعدت فرائصه ، فانبرك على ركبتيه ، وأخذ يقول : سبحان ربي العظيم وبحمده فلما اعتدل من ركوعه قائما نظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضع خر على وجهه وهو يقول : سبحان ربي الأعلى وبحمده فلما قال سبع مرات سكن ذلك الرعب ، فلذلك جرت به السنة (2).

نزل بالصلاة عشر ركعات

255 - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : لما عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله) نزل بالصلاة عشر ركعات ، ركعتين ركعتين فلما ولد الحسن والحسين زاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبع ركعات شكرا لله فأجاز الله له ذلك وترك الفجر لم يزد فيها لضيق وقتها لأنه تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار فلما أمره الله بالتقصير في السفر وضع عن أمته ست ركعات وترك المغرب لم ينقص منها شيئا وإنما يجب السهو فيما زاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمن شك في أصل الفرض في الركعتين الأولتين استقبل صلاته (3).

ص: 138


1- علل الشرائع : 335 / 2 - الباب 32 ،المحاسن : 323 / 64 ،الخصال : 284 / 35 ،بحار الأنوار ج 18 ص 367 ، وسائل الشيعة ج 5 ص 468 ، بحار الأنوار ج 79 ص 266 ، علل الشرائع ج 2 ص 312 ، أربعين الشهيد : 44 / 15 . 9 - التهذيب 2 : 325 / 1332 ،
2- علل الشرائع ج 2 ص 332 ،بحار الأنوار ج 18 ص 367 و و ج 82 ص 103 وج 81 ص 355 ، وسائل الشيعة ج 6 ص 328 ، مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 429
3- الكافي ج 3 ص 486 ، وسائل الشيعة ج 4 ص 50، بحار الأنوار ج 43 ص 257

ملاقاة موسى وتخفيف الصلاة

256 - عن زيد بن علي (عليه السلام) ، قال : سألت أبي سيد العابدين (عليه السلام) فقلت له : يا أبه ، أخبرني عن جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لما عرج به إلى السماء وأمره ربه عز وجل بخمسين صلاة ، كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران (عليه السلام) : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك لا تطيق ذلك ؟ فقال : يا بني ، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يقترح على ربه عز وجل ولا يراجعه في شئ يأمره به ، فلما سأله موسى (عليه السلام) ، ذلك وصار شفيعا لامته إليه ، لم يجز له رد شفاعة أخيه موسى (عليه السلام) ، فرجع إلى ربه يسأله التخفيف ، إلى أن ردها إلى خمس صلوات . قال : فقلت له : يا أبه ، فلم لم يرجع إلى ربه عز وجل ولم يسأله التخفيف من خمس صلوات ، وقد سأله موسى (عليه السلام) أن يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف ؟ فقال : يا بني ، أراد (صلى الله عليه وآله) أن يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلاة ، لقول الله عز وجل : (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) ، ألا ترى أنه (صلى الله عليه وآله) لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال : يا محمد ، إن ربك يقرئك السلام ويقول : إنها خمس بخمسين ، ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ؟ قال : فقلت له : يا أبه ، أليس الله تعالى ذكره لا يوصف بمكان ؟ فقال : بلى ، تعالى الله عن ذلك . فقلت : فما معنى قول موسى (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : ارجع إلى ربك ؟ فقال : معناه معنى قول إبراهيم (عليه السلام) : (إني ذاهب إلى ربى سيهدين) ومعنى قول موسى (عليه السلام) : (وعجلت إليك رب لترضى) ومعنى قوله عز وجل : (ففروا إلى الله) يعني حجوا إلى بيت الله . يا بني ، إن الكعبة بيت الله ، فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله ، والمساجد بيوت الله ، فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه ، والمصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله جل جلاله ، وأهل موقف عرفات هم وقوف بين يدي الله عز وجل ، وإن الله تبارك وتعالى بقاعا في سماواته ، فمن عرج به إلى بقعه منها فقد عرج به إليه ، ألا تسمع الله عز وجل يقول : (تعرج الملائكة والروح إليه) ، ويقول عز وجل في قصة عيسى (عليه السلام) : (بل رفعه الله إليه) ، ويقول عز وجل : (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) ؟(1).

257 - عن أنس قال : فرضت على النبي (صلى الله عليه وآله) ليلة أسري به الصلاة خمسين ، ثم نقصت فجعلت خمسا ثم نودي يا محمد : إنه لا يبدل القول لدي فإن لك بهذه الخمس خمسون (2).

ص: 139


1- التوحيد ص 176 ،الأمالي ص 543 ، علل الشرائع ج 1 ص 132 ، من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 198 ، وسائل الشيعة ج 4 ص 16 ، بحار الأنوار ج 3 ص 320 و ج 79 ص 251
2- الخصال ص 269 ، بحار الأنوار ج 18 ص 404 و ج 79 ص 258، وسائل الشيعة ج 4 ص 17

الفصل التاسع: شهود مقامات اهل البيت في المعراج

اشارة

258 - عن الأعمش عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السلام) قال : فلما ضربه اللعين ابن ملجم ، على رأسه صارت تلك الضربة في صورته التي في السماء فالملائكة ينظرون إليه غدوة وعشية ، ويلعنون قاتله ابن ملجم ، فلما قتل الحسين بن علي (عليه السلام) هبطت الملائكة وحملته حتى أوقفته مع صورة علي في السماء الخامسة فكلما هبطت الملائكة من السماوات من علا وصعدت ملائكة السماء الدنيا فمن فوقها إلى السماء الخامسة لزيارة صورة علي والنظر إليه وإلى الحسين بن علي مشحطا بدمه لعنوا يزيد وابن زياد ومن قاتلوا الحسين بن علي (عليه السلام) إلى يوم القيامة . قال الأعمش قال لي جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ، هذا من مكنون العلم ومخزونه لا تخرجه إلا إلى أهله (1).

259 - عن ابن عباس ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لما أسري بي إلى السماء ما مررت بملاء من الملائكة إلا سألتني عن علي بن أبي طالب ، حتى ظننت أن اسم علي بن أبي طالب في السماوات أشهر من اسمي ، فلما بلغت السماء الرابعة ونظرت إلى ملك الموت قال لي : يا محمد ! ما خلق الله خلقا إلا وأنا أقبض روحه إلا أنت وعلي ، فإن الله جل جلاله يقبض أرواحكما بقدرته وجزت تحت العرش إذ أنا بعلي بن أبي طالب واقفا تحت العرش ، فقلت : يا علي سبقتني ؟ فقال جبرئيل : من هذا الذي تكلمه يا محمد ؟ فقلت : هذا علي بن أبي طالب ، فقال : يا محمد ! ليس هذا علي بن أبي طالب ، ولكنه ملك من الملائكة خلقه الله تعالى على صورة علي بن أبي طالب عليه السلام فنحن الملائكة المقربون كلما اشتقنا إلى وجه علي بن أبي طالب عليه السلام زرنا هذا الملك ، لكرامة علي بن أبي طالب على الله سبحانه وتعالى ونستغفر الله لشيعته (2).

اولا: مقام سيد الوصيين

علم عليا كل ما اسري به

260 - قال رجل لأبي جعفر عليه السلام : يا بن رسول الله لا تغضب علي ! قال : لماذا ؟ قال : لما أريد أن أسألك عنه ، قال : قل ، قال : ولا تغضب ، قال : ولا أغضب قال : أرأيت قولك في ليلة القدر : وتنزل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء ، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله قد علمه ، أو يأتونهم بأمر كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه ؟ وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله مات وليس من علمه شئ إلا وعلي عليه السلام له واع . قال أبو جعفر عليه السلام : ما لي ولك أيها الرجل ؟ ومن

ص: 140


1- المحتضر ص 255 ، بحار الأنوار ج 18 ص 304 و ج 45 ص 228
2- مائة منقبة ص 32 ،بحار الأنوار ج 57 ص 302

أدخلك علي ؟ قال : أدخلني القضاء لطلب الدين ، قال : فافهم ما أقول لك ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون ، وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر ، وكذلك كان علي بن أبي طالب عليه السلام قد علم جمل العلم ، ويأتي تفسيره في ليالي القدر كما كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله . قال السائل : أوما كان في الجمل تفسير ؟ قال : بلى ، ولكنه إنما يأتي بالامر من الله تبارك وتعالى في ليالي القدر إلى النبي صلى الله عليه وآله وإلى الأوصياء : افعل كذا وكذا لأمر قد كانوا علموه ، أمروا كيف يعملون فيه ، قلت : فسر لي هذا ، قال : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وآله إلا حافظا لجملة العلم وتفسيره ، قلت : فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو ؟ قال : الامر واليسر فيما كان قد علم . قال السائل : فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا ؟ قال : هذا مما أمروا بكتمانه ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عز وجل ، قال السائل : فهل يعلم الأوصياء ما لم يعلم الأنبياء ؟ قال : لا ، وكيف يعلم وصي غير علم ما أوصى إليه ؟ قال السائل : فهل يسعنا أن نقول : إن أحدا من الأوصياء يعلم ما لا يعلم الآخر ؟ قال : لا ، لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه ، وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد . قال السائل : وما كانوا علموا ذلك الحكم ؟ قال : بلى قد علموه ، ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شئ منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة قال السائل : يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا . قال أبو جعفر عليه السلام : من أنكره فليس منا . قال السائل : يا أبا جعفر أرأيت النبي صلى الله عليه وآله هل كان يأتيه في ليالي القدر شئ لم يكن علمه ؟ قال : لا يحل لك أن تسألني عن هذا ، أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبي ولا وصي إلا والوصي الذي بعده يعلمه ، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله عز وعلا أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلا أنفسهم . قال السائل : يا بن رسول الله كيف أعرف إن ليلة القدر تكون في كل سنة ؟ قال : إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة ، فإذا أنت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه . وقال : قال أبو جعفر عليه السلام : لما يزور من بعثه الله عز وجل للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأرواحهم أكثر مما أن يزور خليفة الله الذي بعثه للعدل والصواب من الملائكة ، قيل : يا با جعفر وكيف يكون شئ أكثر من الملائكة ؟ قال : كما شاء الله عز وجل . قال السائل : يا أبا جعفر إني لو حدثت بعض الشيعة بهذا الحديث لأنكروه قال : كيف ينكرونه ؟ قال : يقولون : إن الملائكة عليهم السلام أكثر من الشياطين ، قال : صدقت افهم عني ما أقول ، إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلالة ويزور إمام الهدى عددهم من الملائكة حتى إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الأمر خلق الله ، أو قال : قيض الله عز وجل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولي الضلالة فأتوه بالإفك والكذب حتى لعله يصبح فيقول : رأيت كذا وكذا ، فلو سأل ولي الأمر عن ذلك لقال : رأيت شيطانا أخبرك بكذا وكذا حتى يفسر له تفسيرها ويعلمه الضلالة التي هو عليها . وأيم الله إن من صدق بليلة القدر لعلم أنها لنا خاصة لقول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي صلوات الله عليه حين دنا موته : هذا وليكم من بعدي فان أطعتموه رشدتم ولكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر ومن آمن بليلة القدر ممن على غير رأينا فإنه لا يسعه في الصدق إلا أن يقول : إنها لنا ، ومن لم يقل فإنه كاذب ، إن الله عز وجل أعظم من أن ينزل الامر مع الروح والملائكة إلى كافر فاسق . فإن قال : إنه ينزل

ص: 141

إلى الخليفة الذي هو عليها فليس قولهم ذلك بشئ ، و إن قالوا : إنه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شئ إلى غير شئ ، وإن قالوا وسيقولون : ليس هذا بشئ ، فقد ضلوا ضلالا بعيدا (1).

اسم علي في اربع مواطن

261- عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن :

فلما بلغت البيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرة بها : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي وزيره .

ولما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت عليها : إني أنا الله لا آله إلا أنا وحدي ، محمد صفوتي من خلقي أيدته بعلي وزيره ونصرته به .

ولما انتهيت إلى عرش رب العالمين فوجدت مكتوبا على قوائمه : إني أنا الله لا إله إلا أنا ، محمد حبيبي من خلقي ، أيدته بعلي وزيره ونصرته به ،

فلما وصلت الجنة وجدت مكتوبا على باب الجنة : لا إله إلا أنا ، ومحمد حبيبي من خلقي أيدته بعلي وزيره ونصرته به (2).

غدير خم في المعراج

262- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليلة أسري بي إلى السماء السابعة سمعت نداء من تحت العرش : إن عليا آية الهدى ووصي حبيبي ، فبلغ. فلما نزلت من السماء نسيت ذلك فأنزل الله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) الآية (3).

بيان اصل خلق علي

263 - قال ابن عباس : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : لما اسري به إلى السماء السابعة وأهبط إلى الأرض مخاطبا لعلي بن أبي طالب : يا علي ! إن الله - تبارك وتعالى - كان ولا شيء معه ، خلقني وخلقك زوجين من نور جلاله ، فكنا أمام عرش رب العالمين نسبح الله ونقدسه ونحمده ونهلله قبل أن يخلق السماوات والأرضين ، فلما أراد الله - عز وجل - أن يخلق آدم خلقني وإياك من طينة واحدة من طينة عليين وعجننا بذلك النور وغمسنا في جميع الأنهار وأنهار الجنة ، ثم خلق آدم واستودع صلبه تلك الطينة والنور ، فلما خلقه استخرج ذريته من ظهره واستنطقهم وقررهم بربوبيته ، فأول ما خلق أقر لله بالربوبية والتوحيد أنا وأنت ، ثم النبيون على قدر منازلهم وقربهم من الله ، فقال الله - تبارك وتعالى - : صدقتما وأقررتما ، يا محمد ويا علي ، وسبقتما خلقي إلى طاعتي ، وكذلك كنتما في سابق علمي فيكما ، فأنتما صفوتي والأئمة من ذريتكما وشيعتكما ، ولذلك خلقتكما . ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له (عليه السلام

ص: 142


1- أصول الكافي 1 : 249 ، بحار الأنوار ج 25 ص 80
2- الغدير ج 2 ص 50
3- مائة منقبة ص 89 ، غاية المرام : 207 ح 13 وص 334 ح 5 ، ومدينة المعاجز : 160 ح 445 . وأخرجه في مصباح الأنوار : 49 ،شواهد التنزيل : 1 / 187 ح 242 ،فرائد السمطين : 1 / 158

) : فكانت تلك الطينة في صلب آدم ، ونوري ونورك فيما بين عينيه ، فما زال النور ينتقل فيما بين أعين النبيين والطينة في أصلابهم حتى وصلا إلى صلب عبد المطلب وبين عينيه ، فافترقا نصفين ، فخلقني من نصف واتخذني نبيا ورسولا ، وخلقك من النصف الآخر واتخذك خليفة على خلقه ووليا . فلما كنت من عظمته - جل جلاله - كقاب قوسين أو أدنى قال لي : يا محمد ! من أطوع خلق الله لك ؟ فقلت : علي بن أبي طالب . قال : فاتخذه خليفة ووصيا بعد أن اتخذته صفيا ووليا . يا محمد ! كتبت اسمك واسم علي على عرشي من قبل أن أخلق خلقي محبة مني لكما ولمن أحبكما وتولاكما وأطاعكما ; فمن أحبكما وأطاعكما وتولاكما كان عندي من المقربين ومن جحد ولايتكما وعدل عنكما كان عندي من الكافرين الضالين . ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا علي ! فمن ذا يلج بيني وبينك وأنا وأنت من نور واحد وطينة واحدة ، وأنت أحق الناس بي في الدنيا والآخرة ، وولدك ولدي ، وشيعتك شيعتي ، وأولياءك أوليائي ، وهم معك غدا في الجنة جيراني (1)

السؤال عن علي

264- ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) : يا علي ! أنت صاحب حوضي ، وصاحب لوائي ، ومنجز عداتي ، وحبيب قلبي ، ووارث علمي ، وأنت مستودع مواريث الأنبياء ، وأنت أمين الله في أرضه ، وأنت حجة الله على بريته ، وأنت ركن الإيمان ، وأنت مصباح الهدى ، وأنت منار الدجى ، وأنت العلم المرفوع لأهل الدنيا ; من تبعك نجا ومن تخلف عنك هلك ، وأنت الطريق الواضح ، وأنت الصراط المستقيم ، وأنت قائد الغر المحجلين ، وأنت يعسوب الدين والمؤمنين ، وأنت مولى من أنا مولاه ، وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة ; لا يحبك إلا طيب الولادة ، ولا يبغضك إلا خبيث الولادة ، وما عرج بي ربي - عز وجل - إلى السماء قط وكلمني ربي إلا قال لي : يا محمد ! إقرء عليا مني السلام وعرفه أنه إمام أوليائي ونور أهل طاعتي ; فهنيئا لك يا علي هذه الكرامة (2).

سلام الملائكة على علي

265 - عن أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) قال : كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في منزل ام سلمة وهو يحدثني وأنا مستمع لحديثه إذ دخل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فلما بصر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أشرق وجهه نورا وسرورا ، ثم ضمه إليه وقبل بين عينيه ، ثم التفت إلي وقال :

يا أبا ذر ! هل تعرف هذا الرجل حق معرفته ؟

فقلت : يا رسول الله ! هذا أخوك وابن عمك وزوج البتول وأبو الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة . فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا أبا ذر ! هذا الإمام الأزهر ، ورمح الله الأطول ، وباب الله الأكبر ; من أراده فليدخل الباب

ص: 143


1- المحتضر ص 251 ، تأويل الآيات : 162 أمالي الصدوق : 354 المجلس 56 حديث : 10 روضة الواعظين : 1 / 55
2- المحتضر ص 141 ، أمالي الصدوق : 180، بشارة المصطفى : 65 . بحار الأنوار ج 38 ص 100و ج 40 ص 52، الجواهر السنية ص 272

يا أبا ذر ! هذا القائم بقسط الله ، والذاب عن حرم الله ، والناصر لدين الله ، وحجة الله على خلقه في الامم السالفة كلها ، كل امة فيها نبي اخذ العهد عليه بولايته .

يا أبا ذر ! إن الله جعل على كل ركن من أركان عرشه سبعة آلاف ملك ليس لهم تسبيح ولا عبادة إلا الدعاء لعلي بن أبي طالب وشيعته والدعاء على أعدائه .

يا أبا ذر ! تول عليا فما يبين بعدي حق من باطل ولا مؤمن من كافر إلا به ، ولولاه لما عبد الله - تعالى - ; لأنه ضرب رؤوس المشركين حتى أسلموا وعبدوا ، ولولا ذلك ما كان ثواب ولا عقاب .

يا أبا ذر ! هذا راية الهدى ، والعروة الوثقى ، وإمام أوليائي ، ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمها الله - تعالى - المتقين ; فمن أحبه كان مؤمنا ومن أبغضه كان كافرا ، ومن ترك حبه وولايته كان ضالا ومن جحد حقة كان مشركا .

يا أبا ذر ! يؤتى بجاحد علي يوم القيامة أعمى أصم أبكم يتكبكب ظلمات القيامة وفي عنقه طوق من نار ، لذلك الطوق ثلاثمأة شعبة ، على كل شعبة شيطان يبصق في وجهه ، ويكلح من جوف قبره إلى النار .

قال أبو ذر : فقلت : فداك أبي وامي زدني . فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) :

يا أبا ذر ! لما عرج بي فصرت إلى السماء الدنيا أذن ملك من الملائكة وأقام الصلاة وأخذ بيدي جبرئيل فقدمني وقال : يا محمد ! صل بالملائكة . فصليت بسبعين صفا ، الصف ما بين المشرق إلى المغرب ، لا يعلم عددهم إلا الله - تعالى - . فلما قضيت الصلاة إلتفت فإذا شرذمة من الملائكة يسلمون علي ويقولون : يا محمد ! لنا إليك حاجة . فظننت أنهم يسألوني الشفاعة فإن الله - تعالى - فضلني بالحوض والشفاعة على جميع الأنبياء . فقلت : ما حاجتكم يا ملائكة ربي ؟

قالوا : إذا رجعت إلى الأرض فاقرأ عليا منا السلام وأعلمه أن شوقنا إليه قد طال .

فقلت : يا ملائكة ربي ! أتعرفوننا حق معرفتنا ؟

قالوا : ولم لا نعرفكم - يا رسول الله - وأنتم أول خلق خلقه الله - تعالى - ، خلقكم أشباح نور من نوره ، وجعل لكم مقاعد في ملكوته بتسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وتقديس وتمجيد ، ثم خلق الملائكة ، فكنا نمر بأرواحكم فنسبح بتسبيحكم ونحمد بتحميدكم ونهلل بتهليلكم ونكبر بتكبيركم ونقدس بتقديسكم ونمجد بتمجيدكم ، فما نزل من الله فإليكم وما صعد إلى الله فمن عندكم ، فاقرأ عليا منا السلام .

قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : ثم عرج بي إلى السماء الثانية ،

فقالت الملائكة مثل مقالة أصحابهم .

فقلت : أتعرفوننا يا ملائكة ربي ؟

قالوا : لم لا نعرفكم وأنتم صفوة الله - تعالى - من خلقه وخزان دينه ، وأنتم العروة الوثقى والحجة العظمى ، فاقرأ عليا منا السلام .

ثم عرج بي إلى السماء الثالثة ، فقالت الملائكة لي مثل مقالة أصحابهم . فقلت : أتعرفوننا ؟

فقالوا : ولم لا نعرفكم ونحن نمر بالعرش وعليه مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أيده بعلي بن أبي طالب فعلمنا أن علي ولي الله ; فاقرأه منا السلام .

ثم عرج بي إلى السماء الرابعة ، فقالت الملائكة مثل مقالة أصحابهم . فقلت : أتعرفوننا ؟

ص: 144

قالوا : ولم لا نعرفكم وأنتم شجرة النبوة ، وبيت الرحمة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وعليكم ينزل جبرئيل بالوحي من الجليل ; فاقرأ عليا منا السلام .

ثم عرج بي إلى السماء الخامسة فقالت الملائكة مثل مقالة أصحابهم . فقلت : أتعرفوننا ؟

فقالوا : ولم لا نعرفكم وأنتم باب المقام ، وحجة الخصام ، وعلي فصل القضاء ، وصاحب العصا ، وقسيم النار غدا ، وسفينة النجاة ; من ركبها نجا ومن تخلف عنها تردى ، وأنتم الدعائم لتخوم الأقطار والأعمدة وفساطيط السجاف الأعلى وكواهله ; فاقرأ عليا منا السلام .

ثم عرج بي إلى السماء السادسة ، فقالت الملائكة مثل مقالة أصحابهم . فقلت : أتعرفوننا ؟

قالوا : ولم لا نعرفكم وقد خلق الله جنة الفردوس وعلى بابها شجرة ما فيها ورقة إلا عليها مكتوب بالنور : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله وعروته الوثقى وحبله المتين .

ثم عرج بي إلى السماء السابعة فسمعت الملائكة يقولون : الحمد لله الذي صدقنا وعده . ثم قالوا : يا رسول الله ! إن الله - تبارك وتعالى - خلقكم أشباح نور من نوره وعرض علينا ولايتكم فقبلناها وشكرنا الله على ما من به علينا من محبتكم ; أما أنت فقد وعدنا ربنا أن يريناك في السماء وقد فعل ، وأما علي فخلق - سبحانه - لنا ملكا في صورته فأقعده على يمين عرشه على سرير مرصع بالدر والجوهر ، عليه قبة من لؤلؤة بيضاء يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها بلا علاقة من فوقها ولا دعامة من تحتها ، قال لها صاحب العرش جل جلاله: قومي بقدرتي ، فقامت ، فكلما إشتقنا إلى رؤية علي نظرنا إلى ذلك الملك في ذلك الموضع .

قال أبو ذر : فقلت : يا رسول الله ! لقد اعطي علي فضلا كثيرا .

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (1).

الاخبار عن مقام علي

266 - عن عبد الله بن أسعد بن زرارة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : انتهيت ليلة أسري بي إلى السدرة المنتهى وأوحي إلي في علي ثلاث : أنه إمام المتقين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم . (2)

267 - عن علي بن محمد بن الطيب بإسناده قال : قال رسول الله : لما كان ليلة أسري بي إلى السماء إذا قصر أحمر من ياقوت يتلألأ ، فأوحي إلي في علي أنه سيد المسلمين ، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين (3)

ص: 145


1- تأويل الآيات : 2 / 781 , وعنه البحار : 40 / 55 ح 90 . وأورده في المحتضر : 77. وأخرج قطعة منه في البحار : 8 / 174 ح 122 عن تفسير فرات : 133 . 141، مدينة المعاجز ج 2 ص 395
2- الخصال ص 115 ، روضة الواعظين ص 108، مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 263، العمدة ص 268 ، مناقب ابن المغازلي ص 105 ، اليقين ص 481، كتاب الأربعين الشيرازي ص 41 ،بحار الأنوار ج 18 ص 398 و ج 38 ص 112و38 ص 154
3- اليقين ص 481 ، المناقب لابن المغازلي : ص 104 ح 147 ، وأورده في البحار : ج 18 ص 402 ب 3 ح 105 وأيضا : ج 40 ص 22 ب 91 ، ذيل ح 38 بحار الأنوار ج 18 ص 398 ، كتاب الأربعين الشيرازي ص 41

268 - روي عن الطاهرين عليهم السلام في تفسير قوله تعالى : (وكان قاب قوسين أو أدنى) أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما عرج به إلى السماء ، رفع الله تعالى الحجاب بينه وبين علي ، حتى نظر إلى حيث وضع صلى الله عليه وآله قدمه (1)

269- عن ابن عباس قال : قال رسول صلى الله عليه وآله : والذي بعثني بالحق بشيرا و نذيرا ما استقر الكرسي والعرش ولا دار الفلك ولا قامت السماوات والأرضون الا بعد أن كتب الله عليها : لا إله إلا الله محمد رسول لله علي ولي الله ثم قال إن الله تعالى لما عرج بي إلى السماء واختصني بلطيف ندائه قال : يا محمد ، قلت : لبيك ربي وسعديك ، فقال : أنا المحمود وأنت محمد ، شققت اسمك من اسمي وفضلتك على جميع بريتي ، فانصب أخاك عليا علما لعبادي يهديهم إلى ديني . يا محمد اني قد جعلت المؤمنين أخص عبادي وجعلت عليا الأمير عليهم فمن تأمر عليه لعنته ومن خالفه عذبته ومن أطاعه قربته . يا محمد إني قد جعلت عليا إمام المسلمين ، فمن تقدم عليه أخزيته ، ومن عصاه استجفيته ، فاني جعلت عليا سيد الوصيين ، وقائد الغر المحجلين وحجتي على الخلق أجمعين (2).

270 - عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : (ما ضل صاحبكم وما غوى) يقول : ما ضل في علي وما غوى وما ينطق فيه عن الهوى وما كان ما قال فيه إلا بالوحي الذي أوحي إليه ، ثم قال(علمه شديد القوى) ثم أذن له فوفد إلى السماء ، وقال : (ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الاعلى ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى) وكان بين لفظه وبين سماع محمد (صلى الله عليه وآله) كما بين وتر القوس وعودها (فأوحى إلى عبده ما أوحى) فسئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك الوحي ، فقال : أوحي إلي أن عليا سيد المؤمنين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وأول خليفة يستخلفه خاتم النبيين (3).

271 - عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى نوديت : يا محمد استوص بعلي خيرا ، فإنه سيد المسلمين وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين يوم القيامة (4).

سوال الانبياء على م بعثوا

ص: 146


1- الثاقب في المناقب - ص 142، فضائل شاذان بن جبرائيل 5 / 168 ، بشارة المصطفى : 41 ، الخصال : 393 / 57 ، أمالي الطوسي 1 : 191 و 192 ، روضة الواعظين : 109 ،
2- مائة منقبة ص 47 ، غاية المرام : 165 ح 51 و : 586 ح 77 و : 613 ح 8 . ورواه الكراجكي في الكنز 185 ، البحار : 26 / 263 ح 48 و ج 27 ص 7 و ج 38 / 151 ح 124 ، واثبات الهداة : 3 / 632 ح 861 ، وروضات الجنات : 6 / 184 . الصدوق في الأمالي : 22 ح 6، التحصين ص 567 ، اليقين ص 239 ، مدينة المعاجز ج 2 ص 401 ، الجواهر السنية ص 300
3- تفسير القمي : 561 . بصائر الدرجات : 30 و 31 ، بحار الأنوار ج 18 ص 404
4- الأمالي المفيد ص 173، التحصين ص 597 ، الجواهر السنية ص 261 ، بحار الأنوار ج 18 ص 409 و ج 40 ص 34

272 - عن أبي الربيع قال : حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام) في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب فنظر نافع إلى أبي جعفر (عليه السلام) في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال نافع : يا أمير المؤمنين من هذا الذي قد تداك عليه الناس فقال : هذا نبي أهل الكوفة هذا محمد بن علي ، فقال : أشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي نبي ، قال : فاذهب إليه وسله لعلك تخجله فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفر (عليه السلام) فقال : يا محمد بن علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وقد عرفت حلالها وحرامها وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي ، قال : فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه فقال : سل عما بدا لك ، فقال : اخبرني كم بين ، عيسى وبين محمد (صلى الله عليه وآله) من سنة قال : أخبرك بقولي أو بقولك ؟ قال : أخبرني بالقولين جميعا ، قال : أما في قولي فخمسمائة سنة وأما في قولك فستمائة سنة قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل لنبيه : (واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون) من الذي سأل محمد (صلى الله عليه وآله) وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة ؟ قال : فتلا أبو جعفر (عليه السلام) هذه الآية : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا) فكان من الآيات التي أراها الله تبارك وتعالى محمدا (صلى الله عليه وآله) حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ثم أمر جبرئيل (عليه السلام) فأذن شفعا وأقام شفعا وقال في أذانه : حي على خير العمل ، ثم تقدم محمد (صلى الله عليه وآله) فصلى بالقوم فلما انصرف قال لهم : على ما تشهدون وما كنتم تعبدون ؟ قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله ، أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، فقال نافع : صدقت يا أبا جعفر ، فأخبرني عن قول الله عز وجل : (أ ولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) ؟ قال : إن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم إلى الأرض وكانت السماوات رتقا لا تمطر شيئا وكانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا فلما أن تاب الله عز وجل على آدم (عليه السلام) أمر السماء فتقطرت بالغمام ثم أمرها فأرخت عزاليها ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار وتفهقت بالأنهار فكان ذلك رتقها وهذا فتقها ، قال نافع : صدقت يا ابن رسول الله ، فأخبرني عن قول الله عز وجل : (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات) أي أرض تبدل يومئذ ؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام) : أرض تبقى خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الله عز وجل من الحساب ، فقال نافع : إنهم عن الاكل لمشغولون ؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام) : أهم يومئذ أشغل أم إذ هم في النار ؟ فقال نافع : بل إذ هم في النار قال : فوالله ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فاطعموا الزقوم ودعوا بالشراب فسقوا الحميم ، قال : صدقت يا ابن رسول الله ولقد بقيت مسألة واحدة ، قال : وما هي ؟ قال : أخبرني عن الله تبارك وتعالى متى كان ؟ قال : ويلك متى لم يكن حتى أخبرك متى كان ، سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ثم قال : يا نافع أخبرني عما أسألك عنه ، قال : وما هو ؟ قال : ما تقول في أصحاب النهروان فإن قلت : إن أمير المؤمنين قتلهم بحق فقد ارتددت وإن قلت : إنه قتلهم باطلا فقد كفرت ، قال : فولى من عنده وهو يقول : أنت والله أعلم الناس حقا حقا ، فأتى هشاما فقال له : ما صنعت ؟ قال :

ص: 147

دعني من كلامك هذا والله أعلم الناس حقا حقا وهو ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حقا ويحق لأصحابه أن يتخذوه نبيا . (1)

273 - في أجوبة الزنديق المنكر للقرآن : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وأما قوله : (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) فهذا من براهين نبينا (صلى الله عليه وآله) التي آتاه الله إياها ، وأوجب به الحجة على سائر خلقه ، لأنه لما ختم به الأنبياء وجعله الله رسولا إلى جميع الأمم وسائر الملل خصه بالارتقاء إلى السماء عند المعراج ، وجمع له يومئذ الأنبياء فعلم منهم ما أرسلوا به ، وحملوا من عزائم الله وآياته وبراهينه ، وأقروا أجمعين بفضله وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده ، وفضل شيعة وصيه من المؤمنين و المؤمنات الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم ، ولم يستكبروا عن أمرهم ، وعرف من أطاعهم وعصاهم من أممهم ، وسائر من مضى ومن غبر ، أو تقدم أو تأخر (2).

274- عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم : لما عرج بي إلى السماء فلما وصلت إلى السماء الدنيا ، قال لي جبرئيل عليه السلام : يا محمد ، صلى الله عليه وآله وسلم صل بملائكة السماء الدنيا ، فقد أمرت بذلك . فصليت بهم ، وكذلك في السماء الثانية ، وفي الثالثة ، فلما صرت في السماء الرابعة ، رأيت بها مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي . فقال جبرئيل عليه السلام) : تقدم وصل بهم . فقلت : يا أخي ، كيف أتقدم بهم ومعهم أبي آدم ، وأبي إبراهيم ؟ فقال : إن الله قد أمرك أن تصلي بهم ، فإذا صليت بهم ، فاسألهم بأي شئ بعثوا به في وقتهم وفي زمانهم ؟ ولم نشروا قبل أن ينفخ الله في الصور ؟ فقال : سمعا وطاعة لله ثم صلى بهم عليهم السلام ، فلما فرغ من صلاته بهم . قال لهم جبرئيل عليه السلام : يا أنبياء الله بم بعثتم ؟ ولم نشرتم الآن ؟ فقالوا بلسان واحد : بعثنا ونشرنا لنقر لك يا محمد ، بالنبوة ، ولعلي بن أبي طالب عليه السلام بالإمامة (3).

*- في كتاب النخب :سئل الباقر عن قوله تعالى (فسئل الذين يقرءون الكتب من قبلك)من هؤلاء ؟فقال:قال رسول الله: لما أسري بي الى السماء الرابعة أذن جبرائيل وأقام جميع النبيين والصديقين والشهداء والملائكة وتقدمت وصليت بهم فلما انصرفت قال جبرائيل قل لهم : بم تشهدون قالوا : (نشهد أن لااله الاالله وأنك رسول الله وأن عليا أمير المؤمنين).قال أمير المؤمنين :الجاحد لولايتنا كافر الجاحد لفضلنا كافر والغاضب لحقنا كافر لانه لافرق بين نور الربوبية ونور الولاية لان الولاية جزء من التوحيد وجزء من النبوة وبينهما تلازم مستمر(4) .

تكليم علي من السماء

275 - عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : أعطاني الله تعالى خمسا ، وأعطى عليا خمسا : أعطاني جوامع الكلم ، وأعطى عليا جوامع العلم ،

ص: 148


1- الكافي ج 8 ص 120 ، بحار الأنوار ج 18 ص 304 و ج 10 ص 161، مستدرك الوسائل 4 ص 48
2- بحار الأنوار ج 18 ص 367
3- الروضة في فضائل أمير المؤمنين ص 64، أمالي المفيد : 66 ، عنه البحار : 40 ج 42 / 79
4- طوالع الانوار:ج2ص254

وجعلني نبيا ، وجعله وصيا ، وأعطاني الكوثر ، وأعطاه السلسبيل ، وأعطاني الوحي ، وأعطاه الالهام ، وأسري بي إليه ، وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي ونظرت إليه ، قال : ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت له : ما يبكيك فداك أبي وأمي ؟ فقال : يا ابن عباس إن أول ما كلمني به أن قال : يا محمد انظر تحتك ، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت ، وإلى أبواب السماء قد فتحت ، ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي ، فكلمني وكلمته ، وكلمني ربي عز وجل ، فقلت : يا رسول الله بم كلمك ربك ؟ قال : قال لي : يا محمد إني جعلت عليا وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك ، فأعلمه ، فها هو يسمع كلامك فأعلمته وأنا بين يدي ربي عز وجل فقال لي : قد قبلت وأطعت ، فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه ، ففعلت فرد عليهم السلام ، ورأيت الملائكة يتباشرون به ، وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنؤوني وقالوا لي : يا محمد والذي بعثك بالحق لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عز وجل لك ابن عمك ، ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض ، فقلت : يا جبرئيل لم نكس حملة العرش رؤوسهم ، ؟ فقال : يا محمد ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ، ما خلا حملة العرش ، فإنهم استأذنوا الله عز وجل في هذه الساعة فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب فنظروا إليه ، فلما هبطت جعلت اخبره بذلك وهو يخبرني به ، فعلمت أني لم أطأ موطئا إلا وقد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه . قال ابن عباس : فقلت : يا رسول الله ! أوصني . فقال : عليك بحب علي بن أبي طالب . فقلت : يا رسول الله ! أوصني . فقال : عليك بمودة علي بن أبي طالب ، فوالذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي ، وهو - تعالى - أعلم ، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان فيه ، وإن لم يجيء بولايته لم يسأله عن شيء وأمر به إلى النار . يا بن عباس ! والذي بعثني بالحق نبيا ، إن النار لأشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا وإن الجنة لأشد سرورا بمن يحب عليا . يا ابن عباس ; لو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغض علي ، ولن يفعلوا ، لعذبهم الله . قلت : يا رسول الله ; وهل يبغضه أحد ؟ قال : يا ابن عباس نعم ، يبغضه قوم يذكرون أنهم من أمتي ، لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيبا . يا ابن عباس ; إن من علامة بغضهم تفضيلهم من هو دونه عليه ، والذي بعثني بالحق نبيا ، ما بعث الله نبيا أكرم عليه مني ، ولا وصيا أكرم عليه من وصيي علي . قال ابن عباس : فلم أزل له كما أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصاني بمودته ، وإنه لأكبر عملي عندي . قال ابن عباس : فلما مضى من الزمان ما مضى ، وحضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الوفاة حضرته . فقلت له : فداك أبي وأمي يا رسول الله ; قد دنا أجلك ، فما تأمرني ؟ فقال : يا ابن عباس ، خالف من خالف عليا ، ولا تكونن لهم ظهيرا ولا وليا . قلت : يا رسول الله ; فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته ؟ قال : فبكى (عليه السلام) حتى أغمي عليه . ثم قال : يا ابن عباس ، قد سبق فيهم علم ربي ، والذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وأنكر حقه حتى يغير الله ما به من نعمة . يا ابن عباس ، إذا أردت أن تلقى الله وهو عنك راض ، فاسلك طريقة علي بن أبي طالب ، مل معه حيث مال ، وإرض به إماما ،

ص: 149

وعاد من عاداه ، ووال من والاه . يا ابن عباس ، إحذر أن يدخلك شك فيه ، فان الشك في علي كفر بالله تعالى (1)

حوار في شان علي

276 - عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء ثم من السماء إلى السماء ثم إلى سدرة المنتهى أوقفت بين يدي ربي عز وجل ، فقال : يا محمد ، فقلت : لبيك ربي وسعديك ، قال : قد بلوت خلقي فأيهم ؟ ؟ وجدت أطوع لك ؟ قال : قلت : رب عليا ، قال : صدقت يا محمد ، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك ويعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون ، قال : قلت اختر لي ، فإن خيرتك خير لي ، قال : قد اخترت لك عليا فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا ونحتله علمي وحلمي وهو أمير المؤمنين حقا ، لم ينلها أحد قبله ولا أحد بعده ، يا محمد علي راية الهدى ، وإمام من أطاعني ، ونور أوليائي ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أحبه فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، فبشره بذلك يا محمد ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : رب ! فقد بشرته ، فقال علي : أنا عبد الله ، وفي قبضته إن يعذبني فبذنوبي لم يظلمني شيئا ، وإن يتم لي ما وعدني فالله أولى بي ، فقال : اللهم أخل قلبه ، واجعل ربيعه الايمان بك ، قال : قد فعلت ذلك به يا محمد ، غير أني محنته بشئ من البلاء لم أختص به أحدا من أوليائي ، قال : قلت : رب ! أخي وصاحبي ، قال : إنه قد سبق في علمي أنه مبتلى ومبتلى به ، ولولا علي لم يعرف أوليائي ، ولا أولياء رسلي . قال محمد بن مالك : فلقيت نصر بن مزاحم المنقري فحدثني عن غالب الجهني عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء ، وذكر مثله سواء . قال محمد بن مالك : فلقيت علي بن موسى بن جعفر عليهما السلام فذكرت له هذا الحديث فقال : حدثي به أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين بن علي ، عن علي عليهم السلام قال : قال : رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء ثم من السماء إلى السماء ، ثم إلى سدرة المنتهى (2).

تعين الولاية لعلي

277 - عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في حديث طويل يقول فيه : إن الله تبارك وتعالى لما أسرى بنبيه (صلى الله عليه وآله) قال له : يا محمد إنه قد انقضت نبوتك ، وانقطع أكلك (3)، فمن لامتك من بعدك ؟

فقلت : يا رب إني قد بلوت خلقك فلم أجد أحدا أطوع لي من علي بن أبي طالب

فقال عز وجل : ولي يا محمد ، فمن لامتك ؟

ص: 150


1- الأمالي للطوسي : 104 ، المحتضر ص 251
2- أمالي ابن الشيخ : 218 و 219 . المحتضر : 147، التحصين ص 542 ، الجواهر السنية ص 271 ، بحار الأنوار ج 36 ص 159 و ج 37 ص 291 و ج 24 ص 181، اليقين ص 159 ، العقد النضيد والدر الفريد ص 84 ، كتاب الأربعين الشيرازي ص 88، مدينة المعاجز ج 2 ص 425
3- هذا الخبر يدل على ان هناك اسراء قبل وفاة النبي صلى الله عليه واله بقليل

فقلت : يا رب إني قد بلوت خلقك فلم أجد أحدا أشد حبا لي من علي بن أبي طالب ،

فقال عز وجل : ولي يا محمد ، فأبلغه أنه راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونور لمن أطاعني (1).

امير المؤمنين كان الرفيق في المعراج

278 - عن ابن حماد ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : بينما أنا في الحجر إذ أتاني جبرئيل فهمزني برجلي فاستيقظت فلم أر شيئا ، ثم أتاني الثانية فهمزني برجلي فاستيقظت ، فأخذ بضبعي فوضعني في شئ كوكر الطير ، فلما طرقت ببصري طرفة ، فرجعت إلي وأنا في مكان ! ، فقال : أتدري أين أنت ؟ فقلت : لا يا جبرئيل ، فقال : هذا بيت المقدس ، بيت الله الأقصى ، فيه المحشر والمنشر ، ثم قام جبرئيل فوضع سبابته اليمنى في أذنه اليمنى فأذن مثنى مثنى ، يقول في آخرها : حي على خير العمل مثنى مثنى ، حتى إذا قضى أذانه أقام الصلاة مثنى مثنى ، وقال في آخرها : قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، فبرق نور من السماء ففتحت به قبور الأنبياء فأقبلوا من كل أوب يلبون دعوة جبرئيل ، فوافى أربعة آلاف وأربعمائة نبي ، وأربعة عشر نبيا فاخذوا مصافهم ولا أشك ان جبرئيل سيتقدمنا ، فلما استووا على مصافهم أخذ جبرئيل بضبعي ، ثم قال لي : يا محمد تقدم فصل بإخوانك ، فالخاتم أولى من المختوم ، فالتفت عن يميني وإذا أنا بأبي إبراهيم (عليه السلام) عليه حلتان خضراوان ، وعن يمينه ملكان ، وعن يساره ملكان ، ثم التفت عن يساري وإذا أنا بأخي ووصيي علي بن أبي طالب ، عليه حلتان بيضاوان ، عن يمينه ملكان ، وعن يساره ملكان ، فاهتززت سرورا ، فغمز بي جبرئيل (عليه السلام) بيده ، فلما انقضت الصلاة قمت إلى إبراهيم (عليه السلام) فقام إلي فصافحني ، وأخذ بيميني بكلتا يديه ، وقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والابن الصالح ، والمبعوث الصالح في الزمان الصالح ، وقام إلى علي بن أبي طالب فصافحه وأخذ بيمينه بكلتا يديه ، وقال : مرحبا بالابن الصالح ، ووصي النبي الصالح يا أبا الحسن ، فقلت له : يا أبت كنيته بأبي الحسن ولا ولد له ؟ فقال : كذلك وجدته في صحفي ، وعلم غيب ربي باسمه علي ، وكنيته بأبي الحسن والحسين ، ووصي خاتم أنبياء ربي . ثم أصبحنا بالأبطح نشطين لم يباشرنا عناء وإني محدثكم بهذا الحديث ، وسيكذب قوم ، وهو الحق فلا تمترون (2).

ص: 151


1- الأمالي ص 565،بحار الأنوار 38 : 104 / 28 ،معاني الأخبار : 125 / 1 ، الجواهر السنية ص 228 .
2- بحار الأنوار ج 18 ص 315 ، تأويل الآيات ج 1 ص 265 ، سعد السعود ص 99 قال علي بن طاووس : لعل هذا الاسراء كان دفعة أخرى غير ما هو مشهور ، فإن الاخبار وردت مختلفة في صفات الاسراء ، ولعل الحاضرين من الأنبياء كانوا في هذه الحال دون الأنبياء الذين حضروا في الاسراء الآخر ، لان عدد الأنبياء الأخيار مائة ألف نبي وأربعة وعشرون نبيا ، ولعل الحاضرين من الأنبياء كانوا في هذه هم المرسلون ، أو من له خاصية وسر مصون ، وليس كل ما جرى من خصائص النبي وعلي صلوات الله عليهما عرفناه ، وكلما يحتمله العقل وذكره الله جل جلاله لا يجوز التكذيب في معناه ، وقد ذكرت في عدة مجلدات ومصنفات أنه حيث ارتضى الله جل جلاله عبده لمعرفته وشرفه لخدمته فكلما يكون بعد ذلك من الانعام والاكرام فهو دون هذا المقام ، ولا سيما أنه برواية الرجال الذين لا يتهمون في نقل فضل مولانا علي ابن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام

279 - عن بريدة قال : كنت جالسا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي معه إذ قال : يا علي ألم أشهدك معي سبع مواطن ؟ حتى ذكر الموطن الرابع : ليلة الجمعة ، أريت ملكوت السماوات والأرض رفعت لي ، حتى نظرت إلى ما فيها ، فاشتقت إليك فدعوت الله ، فإذا أنت معي ، فلم أر من ذلك شيئا إلا وقد رأيت . (1)

280- عن أنس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما عرج بي إلى السماء دنوت من ربي عز وجل حتى كان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى فقال : يا محمد من تحب من الخلق ؟ قلت : يا رب عليا ، قال : التفت يا محمد ، فالتفت عن يساري فإذا علي بن أبي طالب (2).

اقول : العجب من الحر العاملي رحمه الله كيف تاول الحديث في جواهره قائلا : يعني انه رآه في الأرض ، فإن الله كشف الغطاء بينهما حتى تحادثا كما ورد في غيره من الأحاديث ، مع انه قد ورد في الحديث : وقام إلى علي بن أبي طالب فصافحه وأخذ بيمينه بكلتا يديه ، وقال : مرحبا بالابن الصالح ، ووصي النبي الصالح يا أبا الحسن .

*- عن النبي ,قال : لما عرج بي الى السماء فوصل الى مشامي في قاب قوسين عطر لم أشم قط بعد الى أن وضع علي أقدامه على كتفي فأدركت واستشممت ذلك العطر من قدم علي (عليه السلام) (3).

*- قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مابلغت شيئا ليلة المعراج ولارايته الا بلغه علي بن ابي طالب وراه وهو في الارض (4).

صناديق كتب فضائل علي بن أبي طالب

281- تحفة الملوك: للسيد الولي نعمة اللّه الحسيني الرضوي، مرفوعاً عن ابن عباس، عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، إنّ النبي (صلى الله عليه وآله)، لما عرج الى السماء السابعة، رآى قطار جمال تحت سدرة المنتهى فقال: حبيبي جبرئيل، مذ كم عام هذا القطار؟فقال: أخي محمد، من مقدار أربعة آلاف عام.فقال: يا حبيبي جبرئيل، أي شيء حمل هذا القطار.فقال يا محمد: ما أعلم، واذا بنداء من قبل اللّه تعالى: برّك يا محمد جملاً وانظر ما حمل هذا القطار.

قال الراوي: لهذا الحديث، فبرّك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جملاً، فاذا هي صناديق كتب فضائل علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه (5).

وقد نظم هذا الخبر الشاعر الشريف فلاح الكاظمي في الكرارية قائلا:

ظهرت معاجزه لاملاك السما *** وراته قبل ظهوره في الاظهر

وبدا فصور شخصه فيها لهم *** ليروا سنا ذاك المحيا الانور

كم عاكف منهم عليه وصاعد *** شوقاً اليه ونازل متحدر

ص: 152


1- بحار الأنوار ج 18 ص 404
2- الأمالي الطوسي ص 352 عنه البحار : 18 / 408 ح 114 ، و ج 40 / 33 ح 65 ، الجواهر السنية ص 259 ، مدينة المعاجز ج 2 ص 415 ،
3- طوالع الانوار:ج2ص279، الصراط المستقيم 1/243,ف24,مع اختلاف في بعض الالفاظ.
4- طوالع الانوار:ج2ص167
5- صحيفة الابرار

قد افعم السبع الطباق وطبق الس- *** بع الشداد بذكره فتذكر

ذاك الذي من فوق اقطار السما *** سرت القطار بفضله المتوفر

تمشى الوئيد به كان حمولها *** زبر الحديد مشت بها في مرمر

لم يدر اولها ولم يدرك لها *** تال ولم توصف لنا وتقدر

تسرى مدى الازمان لم تنفذ ولم *** ينفذ لطول زمانه ويغير

ذا ما راه الطهر طه ليلة ال- *** معراج فاحذر ان تشك وتمترى(1)

* - قال رسول الله لما أسري بي الى السماء رأيت تحت العرش فضاء وسعيا مملوءا من نياق الجنة لا يرى أولها ولا آخرها وعليها أحمال وعلى كل ناقة جارية وزمام كل ناقة بيد غلام من غلمان الجنة وسئلت عن جبرئيل عن هذه النوق وأحمالها قال هذه جهاز أبنتك فاطمة الى دار علي وقلت له ما هذه الأحمال فقال لا أدري فقلت له أنخ واحدة منها وفعل و رأيت حملها مملوءا من الكتب كل حمل مشتمل على ألف كتاب وكل كتاب فيه ألف فضيلة من فضايل أمير المؤمنين وقرأت فضيلة من فضائله وإذا كتب فيها أن الله عز وجل خلق سبعين ألف عالم وفي كل عالم سبعين ألف بلد وفي كل بلد سبعين ألف مسجد وفي كل مسجد سبعين ألف محراب وفي كل محراب يصلي أمير المؤمنين عليه السلام صلوة الجمعة

عهد إلى ربي في علي كلمات

282 - عن الصادق ، عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء عهد إلى ربي في علي ثلاث كلمات ، فقال : يا محمد ، فقلت : لبيك ربي ، فقال : إن عليا إمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، ويعسوب المؤمنين (2).

294 - عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ليلة أسري بي إلى السماء كلمني ربي جل جلاله ، فقال : يا محمد ، فقلت : لبيك ربي ، فقال : إن عليا حجتي بعدك على خلقي وإمام أهل طاعتي من أطاعه أطاعني ، ومن عصاه عصاني ، فانصبه علما لامتك يهتدون به بعدك (3).

283 - عن الصادق (عليه السلام) قال : لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) وانتهى إلى حيث أراد الله تبارك وتعالى ناجاه ربه جل جلاله ، فلما أن هبط إلى السماء الرابعة ناداه يا محمد ، قال : لبيك ربي ، قال : من اخترت من أمتك يكون من بعدك لك خليفة ؟ قال : اختر لي ذلك فتكون أنت المختار لي ، فقال : اخترت لك خيرتك علي بن أبي طالب (4).

ص: 153


1- موسوعة شعراء الغدير : ج4 ص 352
2- الأمالي ص 563، بحار الأنوار ج 18 ص 342 ، الجواهر السنية ص 227
3- بحار الأنوار ج 18 ص 342
4- الأمالي الصدوق ص 687، بحار الأنوار 61 : 248 / 1 و ج 38 ص 107 ، الجواهر السنية ص 234

284 - عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : يا علي ، أنت إمام المسلمين ، وأمير المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين ، وحجة الله بعدي على الخلق أجمعين ، وسيد الوصيين ووصيي سيد النبيين . يا علي ، إنه لما عرج بي إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومنها إلى حجب النور ، وأكرمني ربي جل جلاله بمناجاته ، قال لي : يا محمد ؟ قلت : لبيك ربي وسعديك ، تباركت وتعاليت ، قال : إن عليا إمام أوليائي ، ونور لمن أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أطاعه أطاعني ، ومن عصاه عصاني ، فبشره بذلك . فقال علي (عليه السلام) : يا رسول الله ، بلغ من قدري حتى إني أذكر هناك ! فقال : نعم يا علي ، فاشكر ربك ، فخر علي (عليه السلام) ساجدا شكرا لله على ما أنعم به عليه ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ارفع رأسك يا علي ، فإن الله قد باهى بك ملائكته . وصلى الله على محمد وآله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل(1).

285 - عن الربيع صاحب المنصور ، قال : بعث المنصور إلى الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يستقدمه لشئ بلغه عنه ، فلما وافى بابه خرج إليه الحاجب فقال : أعيذك بالله من سطوة هذا الجبار ، فإني رأيت حرده عليك شديدا ، فقال الصادق (عليه السلام) : علي من الله جنة واقية تعينني عليه إن شاء الله ، استأذن لي عليه ، فاستأذن فأذن له ، فلما دخل سلم فرد (عليه السلام) ، ثم قال له : يا جعفر ، قد علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لأبيك علي بن أبي طالب : لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح ، لقلت فيك قولا لا تمر بملا إلا أخذوا من تراب قدميك ، يستشفون به . وقال علي (عليه السلام) : يهلك في اثنان ولا ذنب لي : محب غال ، ومفرط قال قال ذلك اعتذارا منه أنه لا يرضى بما يقول فيه الغالي والمفرط ، ولعمري إن عيسى بن مريم (عليه السلام) لو سكت عما قالت فيه النصارى لعذبه الله ، ولقد تعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان ، وإمساكك عن ذلك ورضاك به سخط الديان ، زعم أوغاد الحجاز ورعاع الناس أنك حبر الدهر وناموسه ، وحجة المعبود وترجمانه ، وعيبة علمه وميزان قسطه ، مصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة إلى ضياء النور ، وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدك في الدنيا عملا ، ولا يرفع له يوم القيامة وزنا ، فنسبوك إلى غير حدك ، وقالوا فيك ما ليس فيك ، فقل فإن أول من قال الحق جدك ، وأول من صدقه عليه أبوك ، وأنت حري أن تقتص آثارهما وتسلك سبيلهما . فقال الصادق (عليه السلام) : أنا فرع من فروع الزيتونة ، وقنديل من قناديل بيت النبوة ، وأديب السفرة ، وربيب الكرام البررة ، ومصباح من مصابيح المشكاة التي فيها نور النور وصفو الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر . فالتفت المنصور إلى جلسائه ، فقال : هذا قد أحالني على بحر مواج لا يدرك طرفه ، ولا يبلغ عمقه ، يحار فيه العلماء ، ويغرق فيه السبحاء ، ويضيق بالسابح عرض الفضاء ، هذا الشجى المعترض في حلوق الخلفاء ، الذي لا يجوز نفيه ، ولا يحل قتله ، ولولا ما يجمعني وإياه شجرة طاب أصلها ، وبسق فرعها ، وعذب ثمرها ، وبوركت في الذر ، وقدست في الزبر ، لكان مني إليه مالا يحمد في العواقب لما يبلغني من شدة عيبه لنا وسوء القول فينا . فقال الصادق (عليه السلام) : لا تقبل في ذي رحمك

ص: 154


1- الأمالي ص 375 ، التحصين ص 563، الجواهر السنية ص 226 ، بحار الأنوار ج 38 ص 99

وأهل الرعاية من أهل بيتك قول من حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار ، فإن النمام شاهد زور وشريك إبليس في الاغراء بين الناس ، وقد قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) . ونحن لك أنصار وأعوان ، ولملكك دعائم وأركان ، ما أمرت بالعرف والاحسان ، وأمضيت في الرعية أحكام القرآن ، وأرغمت بطاعتك لله أنف الشيطان ، وإن كان يجب عليك في سعة فهمك وكثرة علمك ومعرفتك بآداب الله أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، فإن المكافي ليس بالواصل ، إنما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها ، فصل رحمك يزد الله في عمرك ، ويخفف عنك الحساب يوم حشرك . فقال المنصور : قد صفحت عنك ، لقدرك ، وتجاوزت عنك لصدقك ، فحدثني عن نفسك بحديث أتعظ به ، ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات . فقال الصادق (عليه السلام) : عليك بالحلم فإنه ركن العلم ، واملك نفسك عند أسباب القدرة ، فإنك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا ، أو تداوى حقدا ، أو يحب أن يذكر بالصولة ، اعلم بأنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به إلا العدل ، ولا أعرف حالا أفضل من حال العدل ، والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر . فقال المنصور : وعظت فأحسنت ، وقلت فأوجزت ، فحدثني عن فضل جدك علي بن أبي طالب (عليه السلام) حديثا لم تؤثره العامة ، فقال الصادق (عليه السلام) : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء عهد إلي ربي جل جلاله في علي (عليه السلام) ثلاث كلمات ، فقال : يا محمد . فقلت : لبيك ربي وسعديك . فقال عز وجل : إن عليا إمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، ويعسوب المؤمنين ، فبشره بذلك . فبشره النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك ، فخر علي (عليه السلام) ساجدا شكرا لله عز وجل ، ثم رفع رأسه فقال : يا رسول الله ، بلغ من قدري حتى أني أذكر هناك ؟ قال : نعم ، وإن الله يعرفك ، وإنك لتذكر في الرفيق الأعلى . فقال المنصور : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (1).

286 - عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) : يا علي ، أنت صاحب حوضي ، وصاحب لوائي ، ومنجز عداتي ، وحبيب قلبي ، ووارث علمي ، وأنت مستودع مواريث الأنبياء ، وأنت أمين الله في أرضه ، وأنت حجة الله على بريته ، وأنت ركن الايمان ، وأنت مصباح الدجى ، وأنت منار الهدى ، وأنت العلم المرفوع لأهل الدنيا ، من تبعك نجا ، ومن تخلف عنك هلك ، وأنت الطريق الواضح ، وأنت الصراط المستقيم ، وأنت قائد الغر المحجلين ، وأنت يعسوب المؤمنين ، وأنت مولى من أنا مولاه ، وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة ، لا يحبك إلا طاهر الولادة ، ولا يبغضك إلا خبيث الولادة ، وما عرج بي ربي عز وجل إلى السماء قط وكلمني ربي إلا قال لي : يا محمد ، اقرأ عليا مني السلام ، وعرفه أنه إمام أوليائي ، ونور أهل طاعتي ، فهنيئا لك يا علي على هذه الكرامة (2).

287 - عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم وهو في مسجد قباء والأنصار مجتمعون : يا علي ، أنت أخي وأنا

ص: 155


1- الأمالي ص 709 ، الجواهر السنية ص 230 ، بحار الأنوار ج 47 ص 168
2- الأمالي ص 382

أخوك ، يا علي أنت وصيي ، وخليفتي ، وإمام أمتي بعدي ، وإلى الله من والاك ، وعادى الله من عاداك ، وأبغض الله من أبغضك ، ونصر الله من نصرك ، وخذل الله من خذلك . يا علي ، أنت زوج ابنتي ، وأبو ولدي . يا علي ، إنه لما عرج بي إلى السماء عهد إلي ربي فيك ثلاث كلمات ، فقال : يا محمد . قلت : لبيك ربي وسعديك ، تبارك وتعاليت . فقال : إن عليا إمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، ويعسوب المؤمنين (1).

ثانيا: فاطمة الزهراء

وهبت لابنتك اسما من أسمائي

288- عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليلة أسري بي إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى فقال لي جبرئيل : تقدم يا محمد فدنوت دنوة ، والدنوة : مد البصر ، فرأيت نورا ساطعا فخررت لله ساجدا ، فقال لي : يا محمد من خلفت في الأرض ؟ قلت : يا رب أعدلها وأصدقها وأبرها علي بن أبي طالب وصيي ووارثي وخليفتي في أهلي ، فقال لي : أقرئه مني السلام ، وقل له : إن غضبه عز(2) ، ورضاه حكم ، يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا العلي الاعلى ، وهبت لأخيك اسما من أسمائي فسميته عليا ، وأنا العلي الاعلى ، يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا ، فاطر السماوات والأرض ، وهبت لابنتك اسما من أسمائي فسميتها فاطمة ، وأنا فاطر كل شئ ، يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا الحسن البلاء ، وهبت لسبطيك اسمين من أسمائي ، فسميتهما الحسن والحسين ، وأنا الحسن البلاء ، قال : فلما حدث النبي صلى الله عليه وآله قريشا بهذا الحديث قال قوم : ما أوحى الله إلى محمد بشئ ، وإنما تكلم عن هوى نفسه ، فأنزل الله تبارك وتعالى تبيان ذلك : (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى) إلى آخر الآيات (3).

زواج الزهراء في السماء

289 - عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : لما زوج رسول الله فاطمة من علي أتاه أناس من قريش فقالوا إنك زوجت عليا بمهر قليل ! فقال : ما أنا زوجت عليا ، ولكن الله زوجه ليلة أسري بي إلى السماء ، فصرت عند سدرة المنتهى ، أوحى الله إلى السدرة : أن انثري ما عليك ، فنثرت الدر والجوهر والمرجان ، فابتدر الحور العين فالتقطن ، فهن يتهادينه ويتفاخرن به ، ويقلن : هذا من نثار فاطمة بنت محمد . فلما كانت ليلة الزفاف ، أتى النبي ببغلته الشهباء ، وثنى عليها قطيفة ، وقال لفاطمة : اركبي . وأمر سلمان أن يقودها ، والنبي يسوقها ، فبينا هم في بعض الطريق إذ سمع النبي وجبة ، فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفا من الملائكة ، وميكائيل في سبعين ألفا ، فقال النبي : ما أهبطكم إلى الأرض ؟ ! قالوا : جئنا نزف فاطمة إلى زوجها علي ابن أبي طالب . فكبر جبرئيل وميكائيل ، وكبرت الملائكة ، ، وكبر رسول الله ، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة

ص: 156


1- الأمالي ص 34، بحار الأنوار ج 38 ص 102
2- غضبه عز ، أي سبب لعزة الدين وغلبته ، ورضاه عن أحد حكم بإيمانه أو حكمة ، فهو العزيز الحكيم
3- كنز الفوائد : 367 ، بحار الأنوار ج 24 ص 323

. قال علي (عليه السلام) : ثم دخل إلى منزله ، فدخلت إليه ، ودنوت منه ، فوضع كف فاطمة الطيبة في كفي وقال : ادخلا المنزل ، ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما . قال علي : فدخلت أنا وهي المنزل ، فما كان إلا أن دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وبيده مصباح ، فوضعه في ناحية المنزل ، ثم قال : يا علي ، خذ في ذلك القعب ماء من تلك الشكوة . قال : ففعلت ، ثم أتيته به ، فتفل فيه (صلى الله عليه وآله) تفلات ، ثم ناولني القعب ، فقال : اشرب . فشربت ، ثم رددته إلى رسول الله ، فناوله فاطمة ، ثم قال : اشربي حبيبتي فجرعت منه ثلاث جرعات ، ثم ردته إلى أبيها ، فأخذ ما بقي من الماء ، فنضحه على صدري وصدرها ، ثم قال : (إنما يريد الله ليذهب) إلى آخر الآية . ثم رفع يديه وقال : يا رب ، إنك لم تبعث نبيا إلا وقد جعلت له عترة ، اللهم فاجعل عترتي الهادية من علي وفاطمة . ثم خرج . قال علي : فبت بليلة لم يبت أحد من العرب بمثلها ، فلما أن كان في آخر السحر أحسست بحس رسول الله (صلى الله عليه وآله) معنا ، فذهبت لأنهض ، فقال لي : مكانك يا علي ، أتيتك في فراشك رحمك الله . فأدخل (صلى الله عليه وآله) رجليه معنا في الدثار ، ثم أخذ مدرعة كانت تحت رأس فاطمة ، ثم استيقظت فاطمة فبكى ، وبكت ، وبكيت لبكائهما ، فقال لي : ما يبكيك يا علي ؟ قال : قلت : فداك أبي وأمي ، لقد بكيت وبكت فاطمة ، فبكيت لبكائكما . قال نعم : أتاني جبرئيل فبشرني بفرخين يكونان لك ، ثم عزيت بأحدهما ، وعرفت أنه يقتل غريبا عطشانا . فبكت فاطمة حتى علا بكاؤها ، ثم قالت : يا أبه ، لم يقتلوه وأنت جده ، وأبوه علي ، وأنا أمه ؟ قال : يا بنية ، لطلبهم الملك ، أما إنه سيظهر عليهم سيف لا يغمد إلا على يد المهدي من ولدك . يا علي ، من أحبك وأحب ذريتك فقد أحبني ، ومن أحبني أحبه الله ، ومن أبغضك وأبغض ذريتك فقد أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه الله ، وأدخله النار (1).

تفاحة خلقها الله بيده منذ ثلاثمائة ألف عام

290 - عن الفضل بن شاذان ذكره في كتاب مسائل البلدان يرفعه إلى سلمان الفارسي قال : دخلت على فاطمة عليها السلام والحسن والحسين يلعبان بين يديها ففرحت بهما فرحا شديدا ، فلم ألبث حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : يا رسول الله أخبرني بفضيلة هؤلاء لازداد لهم حبا ، فقال : يا سلمان ليلة أسري بي إلى السماء إذ رأيت جبرئيل في سماواته وجنانه ، فبينما أنا أدور قصورها وبساتينها ومقاصرها إذ شممت رائحة طيبة ، فأعجبتني تلك الرائحة فقلت : يا حبيبي ما هذه الرائحة التي غلبت على روائح الجنة كلها ؟ فقال : يا محمد تفاحة خلقها الله تبارك وتعالى بيده منذ ثلاثمائة ألف عام ما ندري ما يريد بها ، فبينا أنا كذلك إذ رأيت ملائكة ومعهم تلك التفاحة ، فقال : يا محمد ربنا السلام يقرء عليك السلام وقد أتحفك بهذه التفاحة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : فأخذت تلك التفاحة فوضعتها تحت جناح جبرئيل ، فلما هبط إلى الأرض أكلت تلك التفاحة ، فجمع الله ماءها في ظهري ، فغشيت خديجة بنت خويلد فحملت بفاطمة من ماء التفاحة ، فأوحى الله عز وجل إلي أن قد ولد لك حوراء إنسية فزوج النور من النور : النور فاطمة من نور علي فإني قد زوجتها في السماء وجعلت خمس الأرض مهرها ، ويستخرج فيما بينهما

ص: 157


1- دلائل الامامة ص 100 ،نوادر المعجزات : 94 / 14 ، مدينة المعاجز : 148 ، من لا يحضره الفقيه 3 : 253 / 1 ، وأمالي الطوسي 1 : 263 . مدينة المعاجز : 148، مستدرك الوسائل ج 14 ص 196 ، مكارم الأخلاق ص 207 ، المحتضر ص 241 ، بحار الأنوار ج 43 ص 104، و ج 100 ص 266

ذرية طيبة وهما - سراجا الجنة - : الحسن والحسين ، ويخرج من صلب الحسين أئمة يقتلون ويخذلون ، فالويل لقاتلهم وخاذلهم (1).

291- عن عايشة قالت : قلت : يا رسول الله ما لك إذا جعلت لسانك في فيها كأنك تريد أن تلعقها عسلا ؟ قال : لما أسري بي إلى السماء أدخلني جبرائيل الجنة فناولني تفاحة فأكلتها ، فصارت نطفة في ظهري ، فلما نزلت من السماء واقعت خديجة ففاطمة من تلك النطفة فكلما اشتقت إلى تلك التفاحة قبلتها

292- ثم قال : أخرجه أبو سعد في شرف النبوة وفيه أيضا عن ابن عباس كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكثر القبلة لفاطمة ، فقالت له : إنك تكثر تقبيل فاطمة ؟ : فقال : إن جبرائيل أدخلني الجنة ليلة أسري بي إلى السماء فأطعمني من جميع ثمارها ، فصارت ماء في صلبي ، فحملت خديجة بفاطمة ، فإذا اشتقت إلى تلك الثمار ، قبلت فاطمة فأصبت من تقبيلها رائحة جميع تلك الثمار التي أكلتها (2).

293 - عن عائشة قالت كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وآله يفعل بفاطمة عليها السلام شيئا من التقبيل والألطاف فقلت يا رسول الله تفعل بفاطمة لم أرك تفعله قبل ؟ فقال يا حميراء إنه لما كانت ليله أسرى بي إلى السماء دخلت الجنة فوقفت على شجرة من شجر الجنة لم أر شجرة في الجنة أحسن منها حسنا ولا أنضر منها ورقا ولا أطيب منها ثمرا فتناولت ثمره من ثمرها فأكلتها فصارت نطفة في ظهري فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فأنا إذا اشتقت إلى الجنة شممت ريحها من فاطمة يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدميين ولا تعتل كما يعتللن- يعني به الحيض(3).

294 - عن عائشة قالت : يا رسول الله ما لي أراك كلما قبلت فاطمة كأنك تلعقها عسلا أو تلعقك عسلا ؟ قال : يا عائشة لما أسري بي إلى ربي أدخلني جبرئيل الجنة فناولني تفاحة فأكلتها فصارت نورا في صلبي فلما أن كان مني ما كان إلى خديجة نزل مني ذلك النور وخلق منه فاطمة فإذا أردت أن أشم رائحة الجنة قبلت فاطمة . إذا كان يوم القيامة نودي بفاطمة فتكسى من حلل الجنة فتمر بين عشرة آلاف وصيفة ويهتف هاتف : يا أهل الجمع غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة (4).

ثالثا: مجموعهم عليهم السلام

الجنان تنادي : واشوقاه إلى علي وفاطمة

295 - عن جعفر ، عن أبيه ، عن جده قال : رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى ، قال : إن الورقة منها تظل الدنيا ، وعلى كل ورقة ملك يسبح الله ، يخرج من أفواههم الدر والياقوت ، تبصر اللؤلؤة مقدار خمسمائة عام ، وما سقط من ذلك الدر والياقوت يخزنونه ملائكة موكلين به يلقونه في بحر من نور ، يخرجون كل ليلة جمعة إلى سدرة المنتهى . فلما نظروا إلي رحبوا بي وقالوا : يا محمد

ص: 158


1- تأويل الآيات ج 1 ص 236 ، بحار الأنوار ج 36 ص 361, مصباح الأنوار : 69 - 70 (مخطوط) ، مدينة المعاجز ج 3 ص 422 ، الخرائج : 1 / 236 - 237 ح 16
2- ذخائر العقبى ص 36، ينابيع المودة ص 197
3- الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ص 111
4- مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ج 2 ص 206

، مرحبا بك ، فسمعت اضطراب ريح السدرة وخفقة أبواب الجنان ، قد اهتزت فرحا لمجيئك ، فسمعت الجنان تنادي : واشوقاه إلى علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (1).

أساميهم مكتوبة على ساق العرش بالنور

296- عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام ، قال : قلت له : يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن قوما يقولون : إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسين والحسين قال : كذبوا والله ، أولم يسمعوا الله تعالى ذكره يقول (وجعلها كلمة باقية في عقبه) ، فهل جعلها إلا في عقب الحسين . ثم قال : يا جابر إن الأئمة هم الذين نص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالإمامة ، وهم الأئمة الذين قال رسول الله ص : لما أسري بي إلى السماء وجدت أساميهم مكتوبة على ساق العرش بالنور اثنا عشر اسما ، منهم علي وسبطاه وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة القائم ، فهذه الأئمة من أهل بيت الصفوة والطهارة ، والله ما يدعيه أحد غيرنا إلا حشره الله تعالى مع إبليس وجنوده . ثم تنفس عليه السلام وقال : لارعى الله هذه الأمة فإنها لم ترع حق نبيها ، أما والله لو تركوا الحق على أهله لما اختلف في الله تعالى اثنان ، ثم أنشأ عليه السلام يقول :

إن اليهود لحبهم لنبيهم *** أمنوا بوائق حادثات الأمان

والمؤمنون لحب آل محمد *** يرمون في الآفاق بالنيران

قلت : يا سيدي أليس هذا الأمر لكم ؟ قال : نعم . قلت : فلم قعدتم عن حقكم ودعواكم ؟ وقد قال الله تعالى وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم قال : فما بال أمير المؤمنين عليه السلام قعد عن حقه حيث لم يجد ناصرا ، أو لم تسمع الله تعالى يقول في قصة لوط (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) ويقول في حكاية عن نوح (فدعا ربه أني مغلوب فانتصر) ويقول في قصة موسى (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) فإذا كان النبي هكذا فالوصي أعذر ، يا جابر مثل الإمام مثل الكعبة إذ يؤتى ولا يأتي (2).

محمد الشجرة ، وعلي غصنها ، وفاطمة ورقها والحسن والحسين ثمرها

297 - عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري بي إلى السماء أوحى الله إلي : يا محمد على من تخلف أمتك ؟ قلت : اللهم عليك ، قال : صدقت أنا خلفتك على الناس أجمعين ، يا محمد ، قلت : لبيك وسعديك ، قال : يا محمد إني اصطفيتك برسالاتي وأنت أميني على وحيي ، ثم خلقت من طينتك الصديق الأكبر سيد الأوصياء ، وجعلت له الحسن والحسين ، أنت يا محمد الشجرة ، وعلي غصنها ، وفاطمة

ص: 159


1- قرب الاسناد ص 101
2- كفاية الأثر ص 246 ، بحار الأنوار ج 36 ص 357

ورقها والحسن والحسين ثمرها ، وجعلت شيعتكم من بقية طينتكم ، فلذلك قلوبهم وأجسادهم تهوى إليكم (1)

وبمناسبة هذا الخبر نذكر ه برواية اخرى :

298- عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : أنا الشجرة ، وفاطمة فرعها ، وعلي لقاحها ، والحسن والحسين ثمرتها ، وشيعتنا ورقها ، وأصل الشجرة في جنة عدن وسائر ذلك في سائر الجنة . هذا لفظه عند العامة وأما عند مشايخنا فهو : خلق الناس من أشجار شتى و خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من شجره واحدة ، فما قولكم في شجرة أنا أصلها ، وفاطمة فرعها ، وعلي لقاحها ، والحسن والحسين ثمارها ، وشيعتنا أوراقها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها ساقته إلى الجنة ، ومن تركها هوى في النار (2)

*ذكر عماد الدين الطبري في الجزء الثاني من كتابه (بشارة المصطفى) لأبي يعقوب النصراني نظم هذا الخبر شعرا وقد كتبت في روضة السيدة نفيسة بنت الحسن الانور بن زيد الابلج بن الامام الحسين عليه السلام المدفونة في القاهرة (3) :

يا حبذا دوحة في الخلد نابتة *** ما في الجنان لها شبه من الشجر

المصطفى أصلها والفرع فاطمة *** ثم اللقاح علي سيد البشر

والهاشميان سبطاها لها ثمر *** والشيعة الورق الملتف بالثمر

هذا مقال رسول الله جاء به *** أهل الروايات في العالي من الخبر

إني بحبهم أرجو النجاة غدا *** والفوز مع زمرة من أحسن الزمر(4)

وقد شطر هذه الابيات السيد محمد محمد صادق الصدر :

ياحبذا دوحة في الخلد نابتة *** زادت على السدرة العصماء في الاثر

وليس طوبى سوى ظل لوارفها *** ما مثلها نبتت في الخلد من شجر

المصطفى اصلها والفرع فاطمة *** الزهراء شافعة للشيعة الغرر

فخر النساء وانوار السماء غدت *** ثم اللقاح علي سيد البشر

والهاشميان سبطاها لها ثمر *** ما مثله ثمر في غمرة العمر

وسيدان اشباب الجنان هما *** والشيعة الورق الملتف بالثمر

هذا مقام رسول الله جاء به *** النقل الصحيح الذي يسموا عن الغرر

ونحن نقبل حتما كلما نقلت *** اهل الروايات في العالي من الخبر

ص: 160


1- الروضة : 17، بحار الأنوار ج 37 ص 76،ا ثباة الهداة : 1 / 520 ح 140 ، وإحقاق الحق : 15 / 312 .
2- شرح الأخبار ج 3 ص 97 ، مقتل الخوارزمي ص 108 ، كفاية الطالب ص 425
3- اهل بيت البيت لتوفيق ابو علم ص528
4- بشارة المصطفى : 41 ، الجزء الثاني . الغدير ج 3 ص 8 ، المنتخب لفخر الدين الطريحي ص16

اني بحبهم ارجو النجاة غدا *** بعد التمسك في غصن من الشجر

والعفو عن كل ذنب في شفاعتهم *** والفوز في زمرة من احسن الزمر

(1)

* وخمسها علي عبد الله القطيفي قائلا :

يا من غدا لهم في القلب ذاكرة *** والسمع طوع لهم والعين باصرة

مستمسك بهم اولا واخرة *** ياحبذا دوحة في الخلد نابتة

ما مثلها نبتت في الخلد من شجر

في فضلهم سورة الرحمن ناطقة *** بحور جود الى الافلاك واسعة

لهم جذور كما الاصلاب شامخة *** المصطفى اصلها والفرع فاطمة

ثم اللقاح علي سيد البشر

لولا سنا هديهم ما حج معتمر *** ولا الى الله ليلا قام مدكر

شمس كسى نورها في اثر قمر *** والهاشميان سبطاها لها ثمر

والشيعة الورق الملتف بالثمر(2)

أنوار الأئمة من ذريتهم

299- عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : إن الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كعدد نقباء بني إسرائيل وكانوا اثني عشر ، الفائز من والاهم والهالك من عاداهم . ولقد حدثني أبي عن أبيه قال : قال رسول الله لما أسري بي إلى السماء نظرت فإذا على ساق العرش مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي ورأيت في مواضع عليا عليا عليا ومحمدا ومحمدا وجعفرا وموسى والحسن والحسن والحسين والحجة فعددتهم فإذا هم اثنا عشر ، فقلت : يا رب من هؤلاء الذين أراهم ؟ قال : يا محمد هذا نور وصيك وسبطيك ، وهذه أنوار الأئمة من ذريتهم ، بهم أثيب وبهم أعاقب (3).

300- عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أيدته بعلي ، ونصرته به . ورأيت اثنى عشر اسما مكتوبا بالنور فهم علي بن أبي طالب وسبطاي ، وبعدهما تسعة أسماء علي علي علي ثلاث مرات ، ومحمد ومحمد مرتين ، وجعفر وموسى والحسن والحجة يتلألأ من بينهم (4).

آمن الرسول بما انزل إليه من ربه

ص: 161


1- مجموعة اشعار الحياة ص252
2- مستدرك معجم شعراء الشيعة 2/329
3- كفاية الأثر ص 244 ، بحار الأنوار ج 36 ص 390
4- كفاية الأثر : 74 وعنه البحار : 36 / 310 ح 151 ، والعوالم : 15 / 3 / 39 ح 3 ، والانصاف : 320 ح 292 ، والجواهر السنية : 217 ، وإثبات الهداة : 2 / 521 ح 499، مدينة المعاجز ج 2 ص 378

301- وروي عن زين العابدين (عليه السلام) أنه قال : لما عرج بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى السماء قال العزيز تبارك وتعالى له : (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) . فقال : (والمؤمنون) . قال تعالى : صدقت يا محمد ، إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها ، ثم شققت لك إسما من أسمائي ، فلا اذكر في موضع إلا ذكرت معي ; فأنا المحمود وأنت محمد ، ثم اطلعت إطلاعة اخرى فاخترت عليا وجعلته وصيك ; فأنت خير الأنبياء وهو خير الأوصياء . يا محمد ! إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين من شبح نوري ، ثم عرضتهم على الملائكة وسائر خلقي وأردت ولايتهم وهم أرواح ; فمن قبلها كان عندي من المقربين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين . يا محمد ! وعزتي وجلالي ، لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتهم لم أدخله جنتي ولا اظله تحت عرشي (1).

اهل البيت عن يمين العرش

302- عن تيميم بن وهلة المري ، عن الجارود بن المنذر العبدي وكان نصرانيا فأسلم عام الحديبية وحسن إسلامه ، وكان قارئا للكتب ، عالما بتأويلها على وجه الدهر وسالف العصر ، بصيرا بالفلسفة والطب ، ذا رأي أصيل ، ووجه جميل ، أنشأ يحدثنا في إمارة عمر بن الخطاب قال : وفدت على رسول الله صلى الله عليه وآله في رجال من عبدالقيس ذوي أحلام وأسنان ، فصاحة وبيان ، وحجة وبرهان ، فلما بصروا به صلى الله عليه وآله راعهم منظره ومحضره ، أفحموا عن بيانهم واعترتهم العروآء في أبدانهم ، فقال زعيم القوم لي : دونك من أقمت بنا أممه ، فما نستطيع كلمة ، فاستقدمت دونهم إليه ووقفت بين يديه ، وقلت : السلام عليك يا نبي الله ، بأبي أنت وامي ، ثم أنشأت أقول:

يا نبي الهدي أتتك رجال *** قطعت قرددا والا فآلا

جابت البيد والمهامة حتى *** غالها من طوي السري ما غالا

قطعت دونك الصحاصح تهوى *** لا تعد الكلال فيك كلالا

كل دهناء تقصر الطرف عنها *** أرقلتها قلاصنا إرقالا

وطوتها العتاق تجمح فيها *** بكماة مثل النجوم تلالا

ثم لما رأتك أحسن مرأى *** أفحمت عنك هيبة وجلالا

تتقي شر بأس يوم عصيب *** هائل أو جل القلوب وهالا

ونداء لمحشر الناس طرا *** وحسابا لمن تأدى ضلالا

نحو نور من الاله وبرهان *** وبز ونعمة لن تنالا

ص: 162


1- المحتضر ص 257

وأمان منه لدى الحشر والنشر *** إذ الخلق لا يطيق السؤالا

فلك الحوض والشفاعة والكوثر *** والفضل إذ ينص السؤالا

فلك الحوض خصك يابن آمنة *** الخير إذا ماتلت سجال سجالا

أنبأ الاولون باسمك فينا *** وباسماء بعده تتتالا

فأقبل علي رسول الله بصفحة وجهه المبارك شمت منه ضياء لامعا ساطعا كوميض البرق ، فقال : يا جارود لقد تأخربك وبقومك الوعد وقد كنت وعدته قبل عامي ذلك أن أفدإليه بقومي فلم آته ، وآتيته في عام الحديبية فقلت : يا رسول الله بأبي أنت ما كان إبطائي عنك إلا أن جلة قومي أبطاؤا عن إجابتي حتى ساقها الله إليك لما أراد لها به إليك من الخير ، فأما من تأخر فحظه فات منك ، فتلك أعظم حوبة ، وأكبر عقوبة ، ولو كانوا ممن سمع بك أو رآك لما ذهبوا عنك ، فإن برهان الحق في مشهدك ومحتدك ، وقد كنت على دين النصرانية قبل أتيتي إليك الاولى ، فها أنا تاركه بين يديك ، إذ ذلك مما يعظم الاجر ، ويمحو المآثم والحوب ، ويرضى الرب عن المربوب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أناضامن لك يا جارود ، قلت : أعلم يا رسول الله أنك مذكنت ضمين قمين ، قال : فدن الآن بالوحدانية ، ودع عنك النصرانية ، قلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك عبده ورسوله ، ولقد أسلمت على علم بك ونباء فيك ، علمته من قبل ، فتبسم صلى الله عليه وآله كأنه علم ما أردته من الانبآء فيه ، فأقبل علي وعلى قومي ، فقال : أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الايادي ؟ قلت : يا رسول الله كلنا نعرفه ، غير أني من بينهم عارف بخبره ، واقف على أثره ، كان قس بن ساعدة يا رسول الله سبطا من أسباط العرب ، عمر خمسمأة عام ، تقفر منها في البرارى خمسة أعمار ، يضج بالتسبيح على منهاج المسيح ، لا يقره قرار ، ولا يكنه جدار ، ولا يستمع منه جار ، لا يفتر من الرهبانية ، ويدين الله بالوحدانية ، يلبس المسوح ويتحسى في سياحته بيض النعام ، ويعتبر بالنور والظلام ، يبصر فيتفكر ، ويفكر فيختبر ، يضرب بحكمته الامثال ، أدرك رأس الحواريين شمعون ، وأدرك لوقا ويوحنا ، وفقه منهم ، تحوب الدهر ، وجانب الكفر ، وهو القائل بسوق عكاظ وذى المجاز: شرق وغرب ، ويابس ورطب ، واجاج وعذب ، وحب ونبات ، وجمع اشتات ، وذهاب وممات ، وآباء وامهات ، وسرور مولود ، ورزء مفقود نبأ لارباب الغفلة ، ليصلحن العامل عمله قبل أن يفقد أجله ، كلابل هو الله الواحد ، ليس بمولود ولا والد ، أمات وأحيا ، وخلق الذكر والانثى ، وهو رب الآخرة والاولى ، ثم أنشد شعر له :

ذكر القلب من جواه اذكار *** وليال خلا لهن نهار

وشموس تحتها قمر *** الليل وكل متابع موار

وجبال شوامخ راسيات *** وبحار مياههن غزار

وصغير وأشمط ورضيع *** كلهم في الصعيد يوما بوار

ص: 163

كل هذا هو الدليل على الله *** ففيه لنا هدى واعتبار

ثم صاح : يا معشر إياد فأين ثمود ؟ وأين عاد ؟ وأين الآباء والاجداد ؟ وأين العليل و - العواد ؟ وأين الطالبون والرواد ؟ كل له معاد ، أقسم قس برب العباد ، وساطح المهاد ، وخالق سبع الشداد ، سماوآت بلا عماد ، ليحشرن على الانفرد ، وعلى قرب وبعاد ، إذا نفخ في الصور ، ونقر في الناقور ، وأشرقت الارض بالنور ، فقد وعظ الواعظ ، وانتبه القايظ ، وأبصر اللاحظ ، ولفظ اللافظ ، فويل لمن صدف عن الحق الاشهر ، وكذب بيوم المحشر ، والسراج الازهر ، في يوم الفصل ، وميزان العدل ، ثم أنشأ يقول :

يا ناعي الموت والاموات في جدث *** عليهم من بقايا بزهم خرق

منهم عرات وموتى في ثيابهم *** منها الجديد ومنها الاورق الخلق

دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم *** كما ينبه من رقداته الصعق

حتى يجيئوا بحال غير حالهم *** خلق مضوا ثم ماذا بعد ذاك لقوا

ثم أقبلت على اصحابه فقلت : على علم به آمنتم قبل مبعثه ، كما آمنت به أنا ، فنصت إلى رجل منهم وأشارت إليه وقالوا : هذا صاحبه وطالبه على وجه الدهر ، وسالف العصر ، وليس فينا خير منه ، ولا أفضل ، فبصرت به أغر أبلج ، قد وقذته الحكمة ، أعرف ذلك في أسارير وجهه ، وإن لم أحط علما بكنهه ، قلت : ومن هو ؟ قالوا : هذا سلمان الفارسي ، ذوالبرهان العظيم ، والشأن القديم ، فقال سلمان : عرفته يا أخا عبدالقيس من قبل إتيانه ، فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يتلالا ويشرق وجهه نورا وسرورا ، فقلت : يا رسول الله إن قسا كان ينتظر زمانك ، ويتوكف إبانك ، ويهتف باسمك وأبيك وامك ، وبأسماء لست اصيبها معك ، ولا أراها فيمن اتبعك ، قال سلمان : فأخبرنا فأنشأت احدثهم ورسول الله صلى الله عليه وآله يسمع والقوم سامعون واعون ، قلت : يا رسول الله لقد شهدت قسا خرج من ناد من أندية إياد ، إلى صحيح ذي قتاد ، وسمرة وعاد وهو مشتمل بنجاد ، فوقف في أضيحان ليل كالشمس ، رافعا إلي السمآء وجهه وإصبعه فدنوت منه فسمعته يقول : أللهم رب هذه السبعة الارقعة ، والارضين الممرعة ، وبمحمد والثلاثة المحامدة معه ، والعليين الاربعة ، وسبطيه التبعةوالارفعة الفرعة ، والسري الامعة ، وسمي الكليم الضرعة اولئك النقباء الشفعة ، والطريق المهيعة ، درسة الانجيل ، وحفظة التنزيل ، على عدد النقباء من بني إسرائيل ، محاة الاضاليل ، ونفاة الاباطيل ، الصادقوا القيل ، عليهم تقوم الساعة ، وبهم تنال الشفاعة ، ولهم من الله فرض الطاعة ، ثم قال اللهم ليتني مدركهم ولو بعد لاي من عمري ومحياي ، ثم أنشأ يقول :

متى أنا قبل الموت للحق مدرك *** وإن كان لي من بعد هاتيك مهلك

وإن غالني الدهر الخؤون بغوله *** فقد غال من قبلي ومن وبعد يوشك

فلا غرو إني سالك مسلك الاولى *** وشيكا ومن ذا للردى ليس يسلك

ثم آب يكفكف دمعه ، ويرن رنين البكرة ، وقد برئت ببراة وهو يقول :

ص: 164

أقسم قس قسما *** ليس به مكتتما

لو عاش ألفي سنة *** لم يلق منها سأما

حتى يلاقي أحمدا *** والنقباء الحكما

هم أوصياء أحمد *** أكرم من تحت السما

يعمي العباد عنهم *** وهم جلاء للعمى

ليس بناس ذكرهم *** حتى احل الرجما

ثم قلت : يا رسول الله أنبئني أنبأك الله بخير عن هذه الاسمآء التي لم نشهدها و أشهدنا قس ذكرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا جارود ليلة أسري بي إلى السمآء أوحى الله عزوجل إلي أن سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا ، فقلت : على ما بعثتم ؟ قالوا : على نبوتك ، وولاية علي بن أبي طالب والائمة منكما ، ثم أوحى إلي أن التفت عن يمين العرش ، فالتفت فإذا علي ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والمهدي ، في ضحضاح من نور يصلون ، فقال الرب تعالى : هؤلاء الحجج لاوليائي ، وهذا المنتقم من أعدائي ، قال الجارود : فقال سلمان : يا جارود هؤلاء المذكورون في التوراة والانجيل والزبور كذلك ، فانصرفت بقومي وقلت في توجهي إلى قومي:

أتيتك يا بن آمنة الرسولا *** لكي بك أهتدي النهج السبيلا

فقلت وكان قولك قول حق *** وصدق ما بدالك أن تقولا

وبصرت العمى من عبد قيس *** وكل كان من عمه ضليلا

وأنبأناك عن قس الايادي *** مقالا فيك ظلت به جديلا

وأسماء عمت عنا فآلت *** إلى علم وكن بها جهولا (1)

303 - عن يزيد بن هارون ، قال : حدثنا مشايخنا وعلماؤنا ، عن عبد القيس ، قالوا : لما كان يوم الجمل خرج علي بن أبي طالب عليه السلام حتى وقف بين الصفين وقد أحاطت بالهودج بنو ضبة فنادى : أين طلحة وأين الزبير ، فبرز له الزبير ، فخرجا حتى التقيا بين الصفين ، فقال : يا زبير ما الذي حملك على هذا ؟ فقال : الطلب بدم عثمان . قال : قاتل الله أولانا بدم عثمان ، أما تذكر يوما كنا في بني بياضة فاستقبلنا رسول الله صلى الله عليه وآله متكئا عليك فضحكت إليك وضحكت إلي ، فقلت : يا رسول الله ، إن عليا لا يترك زهوه ، فقال : ما به زهو ولكنك لتقاتله يوما وأنت له ظالم ؟ قال : نعم ، ولكن كيف

ص: 165


1- كنز الفوائد256 ، مقتضب الاثر 33، بحار الانوار 15/ 244

أرجع الآن إنه لهو العار . قال : ارجع بالعار قبل أن يجتمع عليك العار والنار . قال : كيف أدخل النار وقد شهد لي رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة ؟ فقال : متى ؟ قال : سمعت سعيد بن زيد يحدث عثمان بن عفان في خلافته انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : عشرة في الجنة . قال : فمن العشرة ؟ قال : أبو بكر وعمر وعثمان بن عفان وأنا وطلحة حتى عد تسعة . قال : فمن العاشر ؟ قال : أنت . قال : أما أنت (فقد) شهدت لي بالجنة ، وأما أنا فلك ولأصحابك من الجاحدين ، ولقد حدثني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن سبعة ممن ذكرتهم في تابوت من نار في أسفل درك (من) الجحيم ، على ذلك التابوت صخرة إذا أراد الله عز وجل عذاب أهل الجحيم رفعت تلك الصخرة . قال : فرجع الزبير وهو يقول :

نادى علي بأمر لست أجهله *** قد كان عمر أبيك الحق مذحين

فقلت حسبك من لومي أبا حسن *** فبعض ما قلته اليوم يكفيني

اخترت عارا على نار مؤججة *** أنى يقوم لها خلق من الطين

فاليوم أرجع من غي إلى رشد *** ومن مغالطة البغضان إلى اللين

ثم حمل علي عليه السلام على بني ضبة ، فما رأيتهم إلا كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، ثم اخذت المرأة فحملت إلى قصر بني خلف ، فدخل علي والحسن والحسين وعمار وزيد وأبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري ونزل أبو أيوب في بعض دور الهاشميين ، فجمعنا إليه ثلاثين نفسا من شيوخ أهل البصرة ، فدخلنا إليه وسلمنا عليه ، وقلنا له : إنك قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ببدر واحد المشركين ، والآن جئت تقاتل المسلمين ! فقال : والله لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إنك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بعدي مع علي بن أبي طالب عليه السلام قلنا : الله إنك سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ذلك . قلنا : فحدثنا بشئ من رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام ، قال سمعته يقول : علي مع الحق والحق مع علي ، وهو الامام والخليفة بعدي ، يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل ، وابناه الحسن والحسين سبطاي من هذه الأمة إمامان إن قاما أو قعدا ، وأبوهما خير منهما ، والأئمة بعد الحسين تسعة من صلبه ، ومنهم القائم الذي يقوم في آخر الزمان كما قمت في أوله ، يفتح حصون الضلالة . قلنا : فهذه التسعة من هم ؟ قال : هم الأئمة بعد الحسين عليه السلام خلف بعد خلف . قلنا : فكم عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون بعده من الأئمة ؟ قال : اثنا عشر . قلنا : فهل سماهم لك ؟ قال : نعم ، إنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا هو مكتوب بالنور : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أيدته بعلي ، ونصرته بعلي ، ورأيت أحد عشر اسما مكتوبا بالنور على ساق العرش بعد علي ، منهم : الحسن والحسين عليا عليا عليا ومحمدا محمدا وجعفرا وموسى والحسن والحجة . قلت : إلهي وسيدي ، من هؤلاء الذين أكرمتهم وقرنت أسماؤهم باسمك ؟ فنوديت : يا محمد ، هم الأوصياء بعدك والأئمة ، فطوبى لمحبيهم ، والويل لمبغضيهم . قلنا : فما لبني هاشم ؟ قال : سمعته يقول لهم: أنتم المستضعفون من بعدي . قلنا : فمن القاسطين والمارقين والناكثين ؟ قال : الناكثين الذين قاتلناهم ، وسوف

ص: 166

نقاتل القاسطين و أما والمارقين فإني والله لا أعرفهم غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في الطرقات ، بالنهروانات قلنا : فحدثنا بأحسن ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله . قال : سمعته يقول : مثل مؤمن عند الله كمثل ملك مقرب ، فإن المؤمن عند الله تعالى أعظم من ذلك وليس شئ أحب إلى الله عز وجل من مؤمن تائب أو مؤمنة تائبة . قلنا : زدنا يرحمك الله قال : نعم سمعته يقول : لا يتم الايمان إلا بولايتنا أهل البيت . قلنا : زدنا يرحمك الله . قال : نعم ، سمعته يقول : من قال : لا إله إلا الله مخلصا فله الجنة . قلنا : زدنا يرحمك الله . قال : نعم سمعته صلى الله عليه وآله يقول : من كان مسلما فلا يمكر ولا يخدع ، فإني سمعت جبرائيل عليه السلام يقول : المكر والخديعة في النار . قلنا : جازاك الله وعن نبيك وعن الاسلام خيرا (1).

تعين الائمة وتسميتهم

304- عن أنس بن مالك قال : كنت أنا وأبو ذر وسلمان وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ودخل الحسن والحسين عليهما السلام فقبلهما رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقام أبو ذر فانكب عليهما وقبل أيديهما ، ثم رجع فقعد معنا ، فقلنا له سرا: رأيت رجلا شيخا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقوم إلى صبيين من بني هاشم فينكب عليهما ويقبل أيديهما . فقال : نعم لو سمعتم ما سمعت فيهما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفعلتم بهما أكثر مما فعلت . قلنا : وماذا سمعت يا أبا ذر ؟ قال : سمعته يقول لعلي ولهما : يا علي والله لو أن رجلا صلى وصام حتى يصير كالشن البالي إذا ما نفع صلاته وصومه إلا بحبكم . يا علي من توسل إلى الله بحبكم فحق على الله أن لا يرده . يا علي من أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى . قال : ثم قام أبو ذر وخرج ، وتقدمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا : يا رسول الله أخبرنا أبو ذر عنك بكيت وكيت . قال : صدق أبو ذر ، صدق والله ، ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر . قال : ثم قال عليه السلام خلقني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بسبعة آلاف عام ، ثم نقلنا إلى صلب آدم ، ثم نقلنا من صلبه في أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات . فقلت : يا رسول الله فأين كنتم وعلى أي مثال كنتم ؟ قال : كنا أشباحا من نور تحت العرش نسبح الله تعالى ونمجده ، ثم قال عليه السلام : لما عرج بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ودعني جبرئيل عليه السلام ، فقلت : حبيبي جبرئيل أفي هذا المقام تفارقني . فقال : يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي . ثم زج بي في النور ما شاء الله ، فأوحى الله إلي : يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيا ، ثم اطلعت ثانيا فاخترت منها عليا فجعلته وصيك ووارث علمك والإمام بعدك ، وأخرج من أصلابكما الذرية الطاهرة والأئمة المعصومين خزان علمي ، فلولاكم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ولا الجنة ولا النار . يا محمد أتحب أن تراهم ؟ قلت : نعم يا رب . فنوديت : يا محمد إرفع رأسك ، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن ابن علي

ص: 167


1- كفاية الأثر : 213 ، عنه البحار : 36 / 354 ح 225 ، والعوالم : 15 الجزء 3 / 199 ح 181 ، و البحار : 41 / 329 ح 50 ، و ج 52 / 267 ح 55 . إثبات الهداة : 1 / 598 ح 568 ، و ج 2 / 442 ح 128 . غاية المرام : 1 / 231 ح 63، مدينة المعاجز ج 2 ص 388

والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري . فقلت : يا رب من هؤلاء ومن هذا ؟ قال : يا محمد هم الأئمة بعدك المطهرون من صلبك ، وهو الحجة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا ويشفي صدور قوم مؤمنين . قلنا : بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجبا . فقال عليه السلام : وأعجب من هذا أن قوما يسمعون مني هذا ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ، ويؤذوني فيهم ، لا أنالهم الله شفاعتي (1).

305- عن حذيفة اليمان قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم أقبل بوجهه الكريم علينا فقال : معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله والعمل بطاعته ، فمن عمل بها فاز وغنم ومن انجح وتركها حلت به الندامة ، فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة ، فكأني أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا ، ومن تمسك بعترتي من بعدي كان من الفائزين ، ومن تخلف عنهم كان من الهالكين . فقلت : يا رسول الله على من تخلفنا ؟ قال : على من خلف موسى ابن عمران قومه . قلت : على وصيه يوشع بن نون . قال : فإن وصي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب عليه السلام قائد البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله . قلت : يا رسول الله فكم يكون الأئمة من بعدك ؟ قال : عدد نقباء بني إسرائيل ، تسعة من صلب الحسين عليه السلام ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، خزان علم الله ومعادن وحيه . قلت : يا رسول الله فما لأولاد الحسن ؟ قال : إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسين ، وذلك قوله تعالى (وجعلها كلمة باقية في عقبه) . قلت : أفلا تسميهم لي يا رسول الله ؟ قال : نعم ، إنه لما عرج بي إلى السماء ونظرت إلى ساق العرش فرأيت مكتوبا بالنور : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي ونصرته به ، ورأيت أنوار الحسن والحسين وفاطمة ، ورأيت في ثلاثة مواضع عليا عليا عليا ومحمدا ومحمدا وموسى وجعفرا والحسن والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري . فقلت : يا رب من هؤلاء الذين قرنت أسماءهم باسمك ؟ قال : يا محمد إنهم هم الأوصياء والأئمة بعدك ، خلقتهم من طينتك ، فطوبى لمن أحبهم والويل لمن أبغضهم ، فبهم أنزل الغيث وبهم أثيب وأعاقب . ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده إلى السماء ودعا بدعوات فسمعته فيما يقول : اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وفي زرعي وزرع زرعي (2).

306 - عن جابر قال : سمعت سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب يحدث أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام بمكة قال : سمعت أبي عبدالله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن الله عزوجل أوحى إلي ليلة اسري بي : يا محمد من خلفت في الارض على امتك ؟ وهو أعلم بذلك قلت : يا رب أخي ، قال : يا محمد علي بن أبي طالب ؟ قلت : نعم يا رب ، قال : يا محمد إني اطلعت إلى الارض اطلاعة فاخترتك منها ، فلا اذكر حتى تذكر معي ، أنا المحمود وأنت محمد ، ثم اطلعت إلى الارض اطلاعة اخرى

ص: 168


1- كفاية الأثر ص 68 ، بحار الأنوار ج 36 ص 301 ، ارشاد القلوب : 272
2- الجواهر السنية ص 278 مدينة المعاجز ج 2 ص 382 ،كفاية الأثر : 136 وعنه البحار : 36 / 331 ح 191 ، والعوالم : 15 الجزء 3 / 183 ح 54 ، وحلية الأبرار : / 81 ح 1 ، والانصاف : 97 ح 84 ، وإثبات الهداة : 2 / 588 ح 534 ، وغاية المرام : 218 ح 2 .بحار ج 36 ص 331، شرح الأخبار ج 1 ص 210

فاخترت منها علي بن أبي طالب فجعلته وصيك ، فأنت سيد الانبياء وعلي سيد الاوصياء ، ثم اشتققت له اسما من أسمائي ، فأنا الاعلى وهو علي ، يا محمد إني خلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والائمة من نور واحد ، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان من المقربين ، ومن جحدها كان من الكافرين ، يا محمد لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع ثم لقيني جاحدا لولايتهم أدخلته ناري . ثم قال : يا محمد أتحب أن تراهم ؟ قلت : نعم قال : تقدم أمامك ، فتقدمت أمامي وإذا علي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة القائم كأنه كوكب دري في وسطهم ، فقلت : يا رب من هؤلاء ؟ فقال : هؤلاء الائمة وهذا القائم ، يحل حلالي ويحرم حرامي وينتقم من أعدائي ، يا محمد أحببه فإنى احبه واحب من يحبه . قال جابر : فلما انصرف سالم من الكعبة تبعته فقلت : يا أبا عمر انشدك الله هل أخبرك أحد غير أبيك بهذه الاسماء ؟ قال : اللهم اما الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله فلا ، ولكني كنت مع أبي عند كعب الاحبار فسمعته يقول : إن الائمة بعد نبيها على عدد نقباء بني إسرائيل ، واقبل علي بن أبي طالب فقال كعب : هذا المقفي أولهم وأحد عشر من ولده ، وسماه كعب بأسمائهم في التوراة (تقوبيت قيذوا دبيرا مفسورا مسموعا دوموه مثبو هذار يثمو بطور نوقس قيدموا).

قال أبوعامر هشام الدستواني : لقيت يهوديا بالحيرة يقال له (عثوا ابن اسوا) وكان حبر اليهود وعالمهم ، وسألته عن هذه الاسماء وتلوتها عليه ، فقال لي ، من أين عرفت هذه النعوت ؟ قلت : هي أسماء ، قال : ليست أسماء ولكنها نعوت لاقوام ، وأوصاف بالعبرانية صحيحة ، نجدها عندنا في التوراة ، ولو سألت عنها غيري لعمي عن معرفتها أو تعامى ، قلت : ولم ذلك ؟ قال : أما العمى فللجهل بها ، وأما التعامي لئلا تكون على دينه ظهيرا وبه خبيرا ، وإنما أقررت لك بهذه النعوت لاني رجل من ولد هارون ابن عمران مؤمن بمحمد صلى الله عليه وآله ، أسر ذلك عن بطانتي من اليهود الذين لم أظهر لهم الاسلام ، ولن اظهر بعدك لاحد حتى أموت ، قلت : ولم ذاك ؟ قال : لاني أجد في كتب آبائي الماضين من ولد هارون ألا نؤمن بهذا النبي الذي اسمه محمد ظاهرا ونؤمن به باطنا حتى يظهر المهدي القائم من ولده ، فمن أدركه منا فليؤمن به ، وبه نعت الاخير من الاسماء ، قلت : وبما نعت ؟ قال : نعت بأنه يظهر على الدين كله ، ويخرج إليه المسيح فيدين به ويكون له صاحبا . قلت : فانعت لي هذه النعوت لاعلم علمها ، قال : نعم فعه عني وصنه إلا عن أهله وموضعه إن شاء الله ، أما (تقويت) فهو أول الاوصياء آخر الانبياء ، وأما (قيذوا) فهو ثاني الاوصياء وأول العترة الاصفياء ، وأما (دبيرا) فهو ثاني العترة وسيد الشهداء ، وأما (مفسورا) فهو سيد من عبدالله من عباده ، وأما (مسموعا) فهو وارث علم الاولين والآخرين ، وأما (دوموه) فهو المدرة الناطق عن الله الصادق ، وأما (مثبو) فهو خيرالمسجونين في سجن الظالمين ، وأما (هذار) فهو المنخوع بحقه النازح الاوطان الممنوع ، وأما (يثمو) فهو القصير العمر الطويل الاثر ، وأما (بطور) فهو رابع اسمه وأما (نوقس) فهو سمي عمه ، وأما (قيدموا) فهو المفقود من أبيه وامه الغائب بأمر الله وعلمه والقائم بحكمه (1).

ص: 169


1- مقتضب الأثر : 17، بحار الأنوار ج 36 ص 222

307- عن أنس بن مالك ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الفجر ، ثم أقبل علينا فقال : معاشر أصحابي من أحب أهل بيتي حشر معنا ، ومن استمسك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى . فقام إليه أبو ذر الغفاري فقال : يا رسول الله كم الأئمة بعدك ؟ قال : عدد نقباء بني إسرائيل فقال كلهم من أهل بيتك ؟ قال : كلهم من أهل بيتي ، تسعة من صلب الحسين ، والمهدي منهم . حدثنا محمد بن عبد الله الشيباني رحمه الله ، قال حدثنا رجا ابن يحيى العراني الكاتب (1).

308- عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوبا : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته ، ورأيت اثني عشر اسما مكتوبا بالنور فيهم علي بن أبي طالب وسبطي وبعدهما تسعة أسماء عليا عليا ثلاث مرات ومحمد ومحمد مرتين وجعفر وموسى والحسن والحجة يتلألأ من بينهم ، فقلت : يا رب أسامي من هؤلاء ؟ فناداني ربي جل جلاله : هم الأوصياء من ذريتك ، بهم أثيب وأعاقب (2).

309- عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لما عرج بي إلى السماء رأيت مكتوبا على ساق العرش بالنور : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي ونصرته بعلي . ورأيت عليا عليا عليا ومحمدا محمدا مرتين وجعفرا وموسى والحسن والحجة ، اثنا عشر اسما مكتوبا بالنور ، فقلت : يا رب أسامي من هؤلاء الذين قد قرنتهم بي ؟ فنوديت : يا محمد هم الأئمة بعدك والأخيار من ذريتك (3).

310- عن واثلة ابن الأسقع يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لما عرج بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ناداني ربي جل جلاله فقال : يا محمد . فقلت : لبيك سيدي . قال : إني ما أرسلت نبيا فانقضت أيامه إلا أقام بالأمر بعده وصيه ، فاجعل علي بن أبي طالب الإمام والوصي من بعدك ، فإني خلقتكما من نور واحد وخلقت الأئمة الراشدين من أنوار كما ، أتحب أن تراهم يا محمد ؟ قلت : نعم يا رب . قال : إرفع رأسك . فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار الأئمة بعدي اثنا عشر نورا ، قلت : يا رب أنوار من هي ؟ قال : أنوار الأئمة بعدك أمناء معصومون (4).

311- عن علقمة ابن قيس ، قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة خطبته اللؤلؤة فقال فيما قال في آخرها : ألا وإني ظاعن عن قريب ومنطلق إلى المغيب ، فارتقبوا الفتنة الأموية والمملكة الكسروية وإماتة ما أحياه الله وإحياء ما أماته الله ، واتخذوا صوامعكم في بيوتكم ، وغضوا على مثل جمر الغضا ، واذكروا الله ذكرا كثيرا فذكره أكبر لو كنتم تعلمون . ثم قال : وتبنى مدينة يقال لها زورا بين دجلة ودجيل والفرات ، فلو رأيتموها مشيدة بالجص والآجر مزخرفة بالذهب والفضة واللازورد المستسقا والمرموم والرخام وأبواب العاج والأبنوس والخيم والقباب والشارات وقد عليت بالساج والعرعر والسنوبر والمشبث وشدت بالقصور وتوالت ملك بني الشيبصان أربعة وعشرون ملكا على عدد سني الملك فيهم السفاح والمقلاص والجموح والخدوع والمظفر

ص: 170


1- كفاية الأثر ص 73 ، الجواهر السنية ص 279 ، بحار الأنوار ج 36 ص 310
2- كفاية الأثر ص 73 ، الجواهر السنية ص 279 ، بحار الأنوار ج 36 ص 310
3- كفاية الأثر ص 105 106، الجواهر السنية ص 280 ، بحار الأنوار ج 36 ص 321، مناقب آل أبي طالب 1 : 210 .
4- كفاية الأثر ص 109 ، الجواهر السنية ص 280 ، بحار الأنوار ج 36 ص 323

والمؤنث والنطار والكبش والكيسروالمهتور والعيار والمصطلم والمستصعب والغلام والرهباني والخليع واليسار والمترف والكديد والأكثر والمسرف والأكلب والوشيم والصلام والغيوق ، وتعمل القبة الغبرا ذات الغلاة الحمراء ، وفي عقبها قائم الحق يسفر عن وجهه بين أجنحة الأقاليم بالقمرالمضئ بين الكواكب الدرية . ألا وإن لخروجه علامات عشرة : أولها طلوع الكوكب ذي الذنب ويقارب من الجاري ويقع فيه هرج وشغب وتلك علامات الخصب ، و من العلامة إلى العلامة عجب ، فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك يظهر بنا القهر الأزهر وتمت كلمة الاخلاص لله على التوحيد . فقام إليه رجل يقال له عامر بن كثير فقال : يا أمير المؤمنين لقد أخبرتنا عن أئمة الكفر وخلفاء الباطل فأخبرنا عن أئمة الحق وألسنة الصدق بعدك . قال : نعم إنه بعهد عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا الأمر يملكها اثنا عشر إماما تسعة من صلب الحسين ، ولقد قال النبي صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي ، ورأيت أثني عشر نورا فقلت : يا رب أنوار من هذه ؟ فنوديت : يا محمد هذه أنوار الأئمة من ذريتك . قلت : يا رسول الله أفلا تسميهم لي ؟ قال : نعم أنت الإمام والخليفة بعدي تقضي ديني وتنجز عداتي ، وبعدك ابناك الحسن والحسين ، بعد الحسين ابنه علي زين العابدين ، وبعده ابنه محمد يدعى بالباقر ، وبعد محمد ابنه جعفر يدعى بالصادق ، وبعد جعفر ابنه موسى يدعى بالكاظم ، وبعد موسى ابنه علي يدعى بالرضا ، وبعد علي ابنه محمد يدعى بالزكي ، وبعد محمد ابنه علي يدعى بالنقي ، وبعد علي ابنه الحسن يدعى بالأمين ، والقائم من ولد الحسن سمي وأشبه الناس بي ، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما . قال الرجل : يا أمير المؤمنين فما بال قوم وعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم دفعوكم عن هذا الأمر وأنتم الأعلون نسبا واشد نوطا بالنبي وفهما بالكتاب والسنة ؟ فقال عليه السلام : أراد قلع أوتاد الحرم وهتك ستور الأشهر الحرم من بطون البطون ونور نواظر العيون بالظنون الكاذبة والأعمال البائرة بالأعوان الجائرة في البلدان المظلمة بالبهتان المهلكة بالقلوب الخربة ، فراموا هتك الستور الزكية وكسرانية الله التقية ومشكاة يعرفها الجمع وغير الزجاجة ومشكاة المصباح وسبيل الرشاد وخيرة الواحد القهار حملة بطور القرآن ، فالويل لهم طمطام النار ومن رب كبير متعال ، بئس القوم من خفضني وحاولوا الادهان في دين الله ، فإن ترفع عنا محن البلوى حملناهم من الحق على محضه ، وأن يكن الأخرى فلا تأس على القوم الفاسقين (1).

رابعا: القائم المهدي

هؤلاء الأئمة وهذا القائم

312 - عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله عز وجل أوحى إلي ليلة أسري بي : يا محمد ، من خلفت في

ص: 171


1- كفاية الأثر:136 وعنه البحار : 36 / 331 ح 191 ، والعوالم : 15 الجزء 3 / 183 ح 54 ، وحلية الأبرار : 3 / 81 ح 1 ،والانصاف :97 ح 84 ، وإثبات الهداة :2 / 588 ح 534 ،وغاية المرام : 218 ح 2

الأرض في أمتك وهو أعلم بذلك ؟ قلت : يا رب ، أخي . قال : يا محمد ، علي بن أبي طالب ؟ قلت : نعم ، يا رب . قال : يا محمد ، إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها ، فلا أذكر حتى تذكر معي ، فأنا المحمود وأنت محمد ، ثم إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة أخرى فاخترت منها علي بن أبي طالب فجعلته وصيك ، فأنت سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء ، ثم شققت له اسما من أسمائي فأنا الأعلى وهو علي . يا محمد ، إني خلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من نور واحد ، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة ، فمن قبلها كان من المقربين ، ومن جحدها كان من الكافرين . يا محمد ، لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع ثم لقيني جاحدا لولايتهم أدخلته ناري . ثم قال : يا محمد ، أتحب أن تراهم ؟ فقلت : نعم . فقال : تقدم أمامك ، فتقدمت أمامي فإذا علي بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والحجة القائم كأنه الكوكب الدري في وسطهم ، فقلت : يا رب ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الأئمة ، وهذا القائم ، محلل حلالي ، ومحرم حرامي ، وينتقم من أعدائي . يا محمد ، أحببه فإني أحبه وأحب من يحبه (1).

الاخبار عن المهدي عليه السلام

313- عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى ربي جل جلاله أتاني النداء : يا محمد ! قلت : لبيك رب العظمة لبيك ، فأوحى الله تعالى إلي يا محمد فيم اختصم الملا الأعلى ؟

قلت : إلهي لا علم لي ،

فقال : يا محمد هلا اتخذت من الآدمين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك ؟

فقلت : إلهي ومن أتخذ ؟ تخير لي أنت يا إلهي ،

فأوحى الله إلي : يا محمد قد اخترت لك من الآدميين علي بن أبي طالب ،

فقلت : إلهي ابن عمي ؟

فأوحى الله إلي يا محمد إن عليا وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة وصاحب حوضك ، يسقي من ورد عليه من مؤمني أمتك ، ثم أوحى الله عز وجل إلي : يا محمد إني قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين الطاهرين ، حقا أقول : يا محمد لأدخلن جميع أمتك الجنة إلا من أبى من خلقي ،

فقلت : إلهي هل واحد يأبى من دخول الجنة ؟

فأوحى الله عز وجل إلي : بلى ، فقلت : وكيف يأبى ؟ فأوحى الله إلي : يا محمد اخترتك من خلقي ، واخترت لك وصيا من بعدك ، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك ، وألقيت محبته في قلبك وجعلته أبا لولدك فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في حياتك ، فمن جحد حقه فقد جحد حقك ، ومن

ص: 172


1- الغيبة النعماني ص 94 ، بحار الأنوار : 36 / 280 ، ح 100 . عوالم العلوم : 153 / 35 ، ح 1 وص 44 ، ح 8 . الخصال : 419 ، ح 12 ، وص 480 ، ح 50 . غيبة الطوسي : 140 ، ح 104 . مناقب ابن شهرآشوب : 1 / 296 . بحار الأنوار : 36 / 392 ، ح 3 ، وص 395 ، ح 10 .

أبى أن يواليه فقد أبى أن يواليك ، ومن أبى أن يواليك فقد أبى أن يدخل الجنة ، فخررت لله عز وجل ساجدا شكرا لما أنعم علي ، فإذا مناديا ينادى ارفع يا محمد رأسك ، وسلني أعطك ،

فقلت : إلهي أجمع أمتي من بعدي على ولاية علي بن أبي طالب ليردوا جميعا علي حوضي يوم القيامة ؟

فأوحى الله تعالى إلي يا محمد إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ، وقضائي ماض فيهم ، لأهلك به من أشاء وأهدي به من أشاء . وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك ، عزيمة مني لأدخل الجنة من أحبه ولا ادخل الجنة من أبغضه و عاداه وأنكر ولايته بعدك ، فمن أبغضه أبغضك ، ومن أبغضك أبغضني ، ومن عاداه فقد عاداك ، ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أحبه فقد أحبك ، ومن أحبك فقد أحبني ، وقد جعلت له هذه الفضيلة ، وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول ، وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى بن مريم ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، أنجي به من الهلكة ، وأهدي به من الضلالة ، وأبرئ به من العمى ، وأشفي به المريض ،

فقلت : إلهي وسيدي متى يكون ذلك ؟

فأوحى الله عز وجل : يكون ذلك إذا رفع العلم ، وظهر الجهل ، وكثر القراء ، وقل العمل ، وكثر القتل ، وقل الفقهاء الهادون ، وكثر فقهاء الضلالة والخونة ، وكثر الشعراء ، واتخذ أمتك قبورهم مساجد ، وحليت المصاحف ، وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد ، وظهر المنكر وأمر أمتك به ونهوا عن المعروف ، و اكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وصارت الامراء كفرة ، وأولياؤهم فجرة،وأعوانهم ظلمة ، وذوي الرأي منهم فسقة ، وعند ذلك ثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وخراب البصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج ، وخروج رجل من ولد الحسين بن علي وظهور الدجال يخرج بالمشرق من سجستان ، وظهور السفياني ، فقلت : إلهي ومتى يكون بعدي من الفتن ؟ فأوحى الله إلي وأخبرني ببلاء بني أمية وفتنة ولد عمي ، وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فأوصيت بذلك ابن عمي حين هبطت إلى الأرض و أديت الرسالة ، ولله الحمد على ذلك كما حمده النبيون وكما حمده كل شئ قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة (1).

تعين وتسمية الامام المهدي

314 - عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء أوحى إلي ربي جل جلاله فقال : يا محمد إني أطلعت على الأرض إطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيا و شققت لك من اسمي اسما ، فأنا المحمود وأنت محمد ، ثم أطلعت الثانية فاخترت منها عليا وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك ، وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا العلي الأعلى وهو علي ، وخلقت فاطمة والحسن والحسين من نوركما ، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة ، فمن قبلها كان عندي من

ص: 173


1- كمال الدين وتمام النعمة ص 250 ، بحار الأنوار ج 52 ص 276 ، الجواهر السنية ص 269

المقربين ، يا محمد لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ، ثم أتاني جاحدا لولايتهم فما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي ، يا محمد تحب أن تراهم ؟ قلت : نعم يا رب فقال عز وجل : ارفع رأسك فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي وعلي بن محمد ؟ والحسن بن علي ، و م ح م د بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري قلت : يا رب ومن هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الأئمة وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي وبه أنتقم من أعدائي ، وهو راحة لأوليائي ، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين ، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما ، فلفتنة الناس يومئذ بهما أشد من فتنة العجل والسامري . (1)

315- عن أبي سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وآله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ليلة أسري بي (إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله :) (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) قلت : (والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله)قال : صدقت يا محمد ، من خلفت في أمتك ؟ قلت : خيرها . قال : علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ قلت : نعم يا رب . قال : يا محمد إني اطلعت إلى الأرض إطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسما من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا ، فشققت له اسما من أسمائي فأنا العلي الاعلى وهو علي . يا محمد إني خلقتك و خلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده من سنخ نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرضين فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين . يا محمد لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم . يا محمد أ تحب أن تراهم ؟ قلت : نعم يا رب . فقال لي : التفت عن يمين العرش . فالتفت فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح من نور، قيام يصلون و هو في وسطهم - يعني المهدي - يضئ كأنه كوكب دري . فقال : يا محمد هؤلاء الحجج (وهو الثائر) من عترتك ، فو عزتي وجلالي (إنه الناصر) لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي ولهم الحجة الواجبة و بهم يمسك الله السماوات أن تقع على الأرض إلا باذنه(2).

ص: 174


1- عيون أخبار الرضا (ع) ج 2 ص 60 ، كمال الدين وتمام النعمة ص 252 ، كفاية الأثر ص 152 ، المحتضر ص 162 ، بحار الأنوار ج 26 ص 307
2- مائة منقبة ص 37 ،البحار 27 / 199 ح 67 ، ومدينة المعاجز : 143 ح 405 ، وأربعين الخاتون آبادي ح 17 ، الخوارزمي في مقتل الحسين 1 / 95 ، عنه الطرائف : 172 ح 270، وحلية الأبرار 2 / 720 ح 129 ، وينابيع المودة : 486 ، والصراط المستقيم 2 / 117 ، وغاية المرام : 35 ح 21 و 27 ح 5 ، والزام الناصب 1 / 186 ،فرائد السمطين 2 / 319 ح 571 ، عنه غاية المرام : 695 ح 27 ،الطوسي في الغيبة : 95 عنه اثبات الهداة 2 / 462 ح 374 ، البحار 36 / 261 ح 82 ، عنه الكوفي في تفسيره ص 5 وص 7 بطريقين ، عنه البحار 37 / 62 ح 30 . النعماني في الغيبة : 93 ح 24 عنه البحار 36 / 280 ح 100 ،وغاية المرام : 189 ح 105 و 256 ح 24 ، الجواهر السنية : 312، وفى اثبات الهداة 3 / 222 ح 209 ،وفى غاية المرام : 194 ح 39 و 250 ح 2 و 691 ح 1،كمال الدين 1 / 252 ح 2 ، وأورده في تأويل الآيات 35 ،المحتضر : 106

316 - عن أم سلمة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء نظرت فإذا مكتوب على العرش : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أيدته بعلي ونصرته بعلي . ورأيت أنوار علي وفاطمة والحسن والحسين ، وأنوار علي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، ورأيت نور الحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري ، فقلت : يا رب من هذا ؟ ومن هؤلاء ؟ فنوديت : يا محمد ، هذا نور علي وفاطمة ، وهذا نور سبطيك الحسن والحسين ، وهذه أنوار الأئمة من ولدك الحسين مطهرون معصومون ، وهذا نور الحجة يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما . (1)

خامسا: بقية اصحاب الال

نور ابي طالب

317- قال جابر بن عبد الله الأنصاري : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : آه آه لقد سألتني عن خير مولود ولد بعدي على سنة المسيح عليه السلام إن الله تبارك وتعالى خلقني وعليا من نور واحد ، قبل أن يخلق الخلق بخمسمائة الف عام فكنا نسبح الله ونقدسه ، فلما خلق الله تعالى آدم قذف بنا في صلبه واستقررت انا في جنبه الأيمن ، وعلي في الأيسر ثم نقلنا من صلبه في الأصلاب الطاهرات إلى الأرحام الطيبة ، فلم نزل كذلك حتى اطلعني الله تعالى من ظهر طاهر وهو عبد الله بن عبد المطلب فاستودعني خير رحم وهي آمنة ، ثم أطلع الله تبارك وتعالى عليا من ظهر طاهر وهو أبو طالب واستودعه خير رحم ، وهي فاطمة بنت أسد ثم قال : يا جابر ومن قبل أن يقع علي في بطن أمه كان في زمانه رجل عابد راهب يقال له المثرم بن رعيب بن الشيقنام وكان مذكورا في العبادة قد عبد الله مائة وتسعين سنة ، ولم يسأل حاجة فسأل ربه أن يريه وليا له ، فبعث الله تبارك وتعالى بأبي طالب إليه فلما ان بصر به المثرم ، قام إليه فقبل رأسه وأجلسه بين يديه ، فقال : من أنت يرحمك الله ؟ قال : رجل من تهامة ، فقال من أي تهامة ؟ قال من مكة ، قال ممن ؟ قال : من عبد مناف قال من أي عبد مناف ؟ قال من بني هاشم فوثب إليه الراهب فقبل رأسه ثانيا ، وقال الحمد لله الذي أعطاني مسألتي ، فلم يمتني حتى أراني وليه ، ثم قال له : أبشر يا هذا فإن العلي الأعلى قد ألهمني إلهاما فيه بشارتك ، قال أبو طالب وما هو ؟ قال : ولد يخرج من صلبك هو ولي الله تبارك وتعالى وهو إمام المتقين ووصي رسول الله ، فان أدركت ذلك الولد فأقرأه منى السلام وقل له : ان المثرم يقرؤك السلام ، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله وانك وصيه حقا ، بمحمد تتم النبوة وبك تتم الوصية ، قال : فبكى أبو طالب ، وقال له : ما اسم هذا المولود ؟ قال اسمه علي ، فقال أبو طالب انى لا أعلم حقيقة ما تقول إلا ببرهان بين ودلالة واضحة قال المثرم : فما تريد أن اسأل الله لك ان يعطيك في مكانك ما يكون دلالة لك قال أبو طالب : أريد طعاما من الجنة في وقتي هذا فدعا الراهب بذلك فما استتم دعاه حتى أتى بطبق عليه من فواكه الجنة رطبة

ص: 175


1- كفاية الأثر : 185 وعنه البحار : 36 / 348 ح 217 ، والعوالم : 15 الجزء : 3 / 42 ح 7 . الانصاف : 31 ح 27 ، وفي غاية المرام : 202 ، مدينة المعاجز ج 2 ص 379

وعنبة ورمان ، فتناول أبو طالب منه رمانة ونهض فرحا من ساعته ، حتى رجع إلى منزله فأكلها فتحولت ماءا في صلبه ، فجامع فاطمة بنت أسد ، فحملت بعلي وارتجت الأرض وزلزلت بهم أياما حتى لقيت قريش من ذلك شدة وفزعوا ، وقالوا قوموا بآلهتكم إلى ذروة أبى قبيس ، حتى نسألهم أن يسكنوا ما نزل بكم وحل بساحتكم ، فلما اجتمعوا على ذروة جبل أبى قبيس ، فجعل يرتج ارتجاجا حتى تدكدكت بهم صم الصخور ، وتناثرت وتساقطت الآلهة على وجهها فلما بصروا بذلك . قالوا لا طاقة لنا بما حل بنا . فصعد أبو طالب الجبل وهو غير مكترث بما هم فيه . فقال : يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد أحدث في هذه الليلة حادثة ، وخلق فيها خلقا إن لم تطيعوه ، ولم تقروا بولايته وتشهدوا بإمامته لم يسكن ما بكم ، ولا يكون لكم بتهامة مسكنا ، فقالوا : يا أبا طالب إنا نقول بمقالتك فبكى أبو طالب ، ورفع إلى الله تعالى يديه ، وقال إلهي وسيدي أسألك بالمحمدية المحمودة ، وبالعلوية العالية وبالفاطمية البيضاء إلا تفضلت على تهامة بالرأفة والرحمة فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة ، لقد كانت العرب تكتب هذه الكلمات ، فتدعوا بها عند شدائدها في الجاهلية وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها ، فلما كانت الليلة التي ولد فيها أمير المؤمنين عليه السلام . أشرقت السماء بضيائها ، وتضاعف نور نجومها وأبصرت من ذلك قريش عجبا ، فهاج بعضها في بعض وقالوا : قد حدث في السماء حادثة ، وخرج أبو طالب يتخلل سكك مكة وأسواقها ، ويقول : يا أيها الناس تمت حجة الله ، واقبل الناس يسألونه عن علة ما يرونه من اشراق السماء وتضاعف نور النجوم فقال لهم أبشروا فقد ظهر في هذه الليلة ولي من أولياء الله ، يكمل الله فيه خصال الخير ويختم به الوصيين ، وهو إمام المتقين وناصر الدين ، وقامع المشركين ، وغيظ المنافقين، وزين العابدين ،ووصى رسول رب العالمين . إمام هدى ونجم علا ومصباح دجى ومبيد الشرك والشبهات وهو نفس اليقين ، ورأس الدين فلم يزل يكرر هذه الكلمات والألفاظ إلى أن أصبح فلما أصبح غاب عن قومه أربعين صباحا . قال جابر : فقلت يا رسول الله إلى أين غاب ؟ قال : إنه مضى بطلب المثرم . وقد مات في جبل اللكام فأكتم يا جابر . فإنه من اسرار الله المكنونة وعلومه المخزونة وان المثرم كان وصف لأبي طالب كهفا في جبل اللكام . وقيل له : إنك تجدني هناك حيا أو ميتا فلما مضى أبو طالب إلى ذلك الكهف ، ودخل إليه وجد المثرم ميتا جسدا ملفوفا في مدرعة مستجر بها إلى قبلته ، فإذا هناك حيتان إحديهما بيضاء والأخرى سوداء ، وهما يدفعان عنه الأذى ، فلما بصرا بأبي طالب غربتا في الكهف ودخل أبو طالب إليه فقال : السلام عليك يا ولي الله ورحمة الله وبركاته ، فأحيا الله تعالى بقدرته المثرم فقام قائما يمسح وجهه ، ويقول : اشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله وان عليا ولي الله والامام بعد نبي الله ، فقال أبو طالب أبشر فإن عليا قد اطلع إلى الأرض فقال : ما كانت علامة الليلة التي طلع فيها ، قال أبو طالب : لما مضى من الليل الثلث اخذت فاطمة فيها ما يأخذ النساء عند الولادة ، فقلت لها : ما لك يا سيدة النساء قالت : انى أجد وهجا فقرأت عليها الاسم الذي فيه النجاة فسكنت ، فقلت لها انى انهض فأتيك بنسوة من صواحبك تعينك على أمرك في هذه الليلة ، قالت رأيك يا أبا طالب . فلما قمت لذلك إذ أنا بهاتف يهتف من زاوية البيت وهو يقول : امسك يا أبا طالب فإن ولى الله لا يمسه يد نجسة ، وإذا انا بأربع نسوة دخلن عليها وعليهن ثياب كهيئة الحرير الأبيض ، وإذا رايحتهن أطيب من المسك الأذفر ، فقلن لها السلام عليك يا ولية الله فأجابتهن ، ثم جلسن بين يديها ومعهن جونة من فضة ، فآنسنها حتى ولد أمير المؤمنين

ص: 176

عليه السلام . فلما ولد انتهيت إليه فإذا هو كالشمس الطالعة قد سجد على الأرض وهو يقول : اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، واشهد إن عليا وصي رسول الله بمحمد يختم الله النبوة ، وبي يتم الوصية وانا أمير المؤمنين فأخذته واحدة منهن من الأرض ، ووضعته في حجرها . فلما نظر في وجهها ناداها بلسان ذلق ذرب : السلام عليك يا أماه . فقالت : وعليك السلام يا بنى ، فقال ما خبر والدي ؟ فقالت : في نعم الله يتقلب وفى صحبته يتنعم ، فلما سمعت ذلك لم أتمالك ان قلت يا بني الست بأبيك ؟ قال : بلى ولكني وإياك من صلب آدم وهذه أمي حواء فلما سمعت ذلك غطيت رأسي بردائي ، وألقيت نفسي بنفسي في زاوية البيت حينا ما منها ثم دنت الأخرى ومعها جونة فأخذت عليا ، فلما نظر إلى وجهها قال السلام عليك يا أختي ، قالت وعليك السلام يا أخي ، قال : فما خبر عمي ؟ قالت بخير ، وهو يقرأ عليك السلام فقلت : يا بني أي أخت هذه وأي عم هذا ؟ قال : هذه مريم بنت عمران ، وعمي عيسى عليه السلام وطيبته بطيب كان في الجونة فأخذته أخرى منهن ، فأدرجته في ثوب كان معها قال أبو طالب فقلت لو طهرناه لكان أخف عليه وذلك أن العرب كانت تطهر أولادها ، فقالت يا أبا طالب إنه ولد طاهر مطهرا لا يذيقه حر الحديد في الدنيا إلا على يدي رجل يبغضه الله ورسوله وملائكته والسماوات والأرض والجبال والبحار ، وتشتاق إليه النار فقلت من هذا الرجل ؟ فقلن : ابن ملجم المرادي لعنه الله ، وهو قاتله في الكوفة سنة ثلاثين من وفاة محمد (صلى الله عليه وآله) قال : ثم غبن النسوة فلم ارهن فقلت في نفسي لو عرفت المرأتين الآخرتين فالهم الله عليا ، فقال يا أبي اما المرأة الأولى فكانت حواء ، واما الذي أحضنتني فهي مريم بنت عمران التي أحصنت فرجها واما التي أدرجتني في الثوب ، فهي آسية بنت مزاحم . واما صاحبة الجونة فهي أم موسى بن عمران ، فالحق بالمثرم الآن وبشره وخبره بما رأيت فإنه في كهف كذا موضع كذا ، فخرجت حتى اتيته وانه وصف حيتين فقلت اتيتك أبشرك بما عاينته ، وشاهدت من ابني علي فبكى المثرم . ثم سجد شكرا لله ثم تمطى فقال غطني بمدرعتي فغطيته فإذا انا به ميت كما كان فأقمت ثلاثا أكلم فلا أجاب فاستوحشت لذلك وخرجت الحيتان فقالتا لي : السلام عليك يا أبا طالب فأجبتهما ، ثم قالتا لي الحق بولي الله فإنك أحق بصيانته ، وحفظه من غيرك فقلت لهما : من أنتما ؟ قالتا نحن عمله الصالح خلقنا الله من خيرات عمله فنحن نذب عنه الأذى إلى أن تقوم الساعة فإذا قامت القيامة كان أحدنا قائده ، والآخر سائقه ودليله إلى الجنة ، ثم انصرف أبو طالب رضي الله عنه إلى مكة . قال جابر فقلت : يا رسول الله أكثر الناس يقولون : ان أبا طالب مات كافرا قال يا جابر : ربك اعلم بالغيب ، إنه لما كانت الليلة التي أسرى بي فيها إلى السماء انتهيت إلى العرش ، فرأيت أربعة أنوار فقلت : إلهي ما هذه الأنوار ، فقال يا محمد هذا عبد المطلب ، وهذا عمك أبو طالب ، وهذا أبوك عبد الله ، وهذا أخوك طالب فقلت : إلهي وسيدي فبماذا نالوا هذه الدرجة ؟ قال : بكتمانهم الايمان ، واظهارهم الكفر وصبرهم على ذلك حتى ماتوا عليه، سلام الله عليهم أجمعين (1).

ابو طالب والمعراج

318- وروي أن ابا طالب فقده صلى الله عليه واله في تلك الليلة فلم يزل يطلبه ووجه إلى بني هاشم وهو يقول : يا لها من عظيمة إن لم أر رسول الله إلى الفجر ، فبينا هو كذلك

ص: 177


1- روضة الواعظين ص 77

إذ تلقاه رسول الله وقد نزل من السماء على باب أم هانئ ، فقال له : انطلق معي ، فأدخل بين يديه المسجد ‹فدخل بنو هاشم فسل أبو طالب سيفه عند الحجر ، ثم قال : أخرجوا ما معكم يا بني هاشم ثم التفت إلى قريش فقال : والله لو لم أره ما بقي منكم عين تطرف ، فقالت قريش : لقد ركبت منا عظيما . وأصبح (صلى الله عليه وآله) يحدثهم بالمعراج ، فقيل له : صف لنا بيت المقدس ، فجاء جبرئيل بصورة بيت المقدس تجاه وجهه فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه ، فقالوا : أين بيت فلان و مكان كذا ؟ فأجابهم في كل ما سألوه عنه ، فلم يؤمن منهم إلا قليل ، وهو قوله : (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) (1).

تحية من جبرائيل لخديجة

319 - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : حدث أبو سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : إن جبرئيل أتاني ليلة أسري بي فحين رجعت فقلت : يا جبرئيل هل لك من حاجة ؟ فقال : حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومني السلام ، وحدثنا عند ذلك أنها قالت حين لقيها نبي الله عليه وآله السلام ، فقال لها الذي قال جبرئيل : قالت : إن الله هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام وعلى جبرئيل السلام (2).

زيد بن حارثة

320- في حديث أبي سعيد : ثم جئ بالمعراج الى ان قال : ثم دخلت البيت المعمور فصليت فيه ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إلى يوم القيامة ثم نظرت فإذا أنا بشجرة إن كانت الورقة منها لمغطية هذه الامة ، فإذا في أصلها عين تجري قد تشعبت شعبتين ، فقلت : ما هذا يا جبرائيل ؟ قال : أما هذا : فهو نهر الرحمة ، وأما هذا : فهو الكوثر الذي أعطاكه الله ، فاغتسلت في نهر الرحمة فغفر لي ما تقدم من ذ نبي وما تأخر ، ثم أخذت على الكوثر حتى دخلت الجنة ، فإذا فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، وإذا فيها رمان كأنه جلود الابل المقتبة ، وإذا فيها طير كأنها البخت ، ورأيت فيها جارية ، فسألتها : لمن أنت ؟ فقالت : لزيد بن حارثة فبشر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) زيدا قال : ثم إن الله أمرني بأمره ، وفرض علي خمسين صلاة ، فمرر على موسى ، فقال : بم أمرك ربك ؟ قلت : فرض علي خمسين صلاة ، قال : ارجع إلى ربك فأسأله التخفيف ، فإن أمتك لن يقوموا بهذا ، فرجعت إلى ربي فسألته فوضع عني عشرا ، ثم رجعت إلى موسى ، فلم أزل أرجع إلى ربي إذا مررت بموسى حتى فرض علي خمس صلوات ، فقال موسى : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فقلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت أو قال : قلت : ما أنا براجع ، فقيل لي : إن لك بهذه الخمس صلوات خمسين صلاة ، الحسنة بعشر أمثالها ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، ومن عملها كتبت عشرا ، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا ، فإن عملها كتبت واحدة (3).

ص: 178


1- بحار الأنوار ج 18 383
2- المناقب 1 : 119 . بحار الأنوار ج 16 ص 7،و ج 18 383
3- جامع البيان الطبري ج 15 ص 18

ص: 179

الفصل العاشر: لقاء الله مناجاة وتكريم

اولا: لقاء الله

وضع الله بظهري يده

321- وروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال : رأيت ربي ليلة المعراج في أحسن صورة فوضع يديه بين كتفي ، حتى وجدت برد أنامله بين ثديي (1)

322- عن على قال : انطلقت انا والنبى صلى الله عليه وآله حتى اتينا للكعبة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : اجلس وصعد على منكبي ، فذهبت لانهض به فرأى منى ضعفا فنزل ، وجلس لي نبى الله صلى الله عليه وآله وقال : اصعد على منكبي فصعدت على منكبيه ، قال : فنهض . قال فتخيل إلي ان لو شئت لنلت افق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفراء ونحاس فجعلت ازاوله عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه حتى إذا استمكنت منه قال لى رسول الله صلى الله عليه وآله : اقذف به فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير ثم نزلت ، فانطلقت انا ورسول الله صلى الله عليه وآله نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية ان يلقانا احد من الناس.

والى هذه المكرمة الجليلة يشير ابو العلاء المعري بقوله :

قيل لى قل في على مدحا *** ذكره يخمد نارا موصدة

قلت لا اقدم في مدح امره *** ضل ذو اللب إلى ان عبده

والنبى المصطفى قال لنا *** ليلة المعراج لما صعده

وضع الله بظهري يده *** فاحس القلب مما برده

وعلى واضع اقدامه *** في محل وضع الله يده (2)

وقال احد شعراء الشيعة:

ما ذا اقول بمن حطت له قدم *** في موضع وضع الرحمن يمناه

ان قلت ذا بشر فالعقل يمنعني *** واخشى من الله ان اقول هو الله

ارفع الحجاب

ص: 180


1- عوالي اللئالي ج 1 ص 52
2- الرياض النضرة ج 2 ص 265 ،الاحتجاج ج 1 ص 179

323 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم على منبره ، وأقام عليا إلى جانبه، وحط يده اليمنى في يده فرفعها حتى بان بياض إبطيهما ، وقال :

يا معشر الناس ، ألا إن الله ربكم ، ومحمد نبيكم ، والاسلام دينكم ، وعلي هاديكم وهو وصيي ، وخليفتي من بعدي . ثم قال :

يا أبا ذر ، علي عضدي ، وهو أميني على وحي ربي ، وما أعطاني ربي فضيلة إلا وقد خص عليا مثلها .

يا أبا ذر ، لن يقبل الله لاحد فرضا إلا بحب علي بن أبي طالب عليه السلام .

يا أبا ذر ، لما أسري بي إلى السماء انتهيت إلى العرش فإذا بحجاب من الزبرجد الأخضر ، وإذا بمناد ينادي ، يا محمد ، ارفع الحجاب ، فرفعته فإذا أنا بملك والدنيا بين عينيه ، وبين يديه لوح ينظر فيه ، فقلت : حبيبي جبرائيل ، ما هذا الملك الذي لم أر في ملائكة ربي أعظم منه خلقة ؟

فقال : يا محمد ، سلم عليه ، فإن هذا عزرائيل ملك الموت .

فقلت : السلام عليك حبيبي ملك الموت .

فقال : وعليك السلام يا خاتم النبيين ، كيف ابن عمك علي بن أبي طالب عليه السلام ؟

فقلت : حبيبي ملك الموت ، أتعرفه ؟

فقال : وكيف لا أعرفه يا محمد ؟ ! والذي بعثك بالحق نبيا ، واصطفاك رسولا إني أعرف ابن عمك وصيا كما أعرفك نبيا ، وكيف لا يكون ذلك وقد وكلني الله بقبض أرواح الخلائق ما خلا روحك وروح علي ، فإن الله تعالى يتولاهما بمشيته كيف يشاء ويختار (1) .

الاطلاع على اللوح المحفوظ

324 - تفسير الإمام العسكري : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن النطفة تثبت في الرحم أربعين يوما نطفة ، ثم تصير علقة أربعين يوما ، ثم مضغة أربعين يوما ، ثم بعده عظما ، ثم يكسى لحما ، ثم يلبس الله فوقه جلدا ، ثم ينبت عليه شعرا ، ثم يبعث الله عز وجل إليه ملك الأرحام ويقال له : اكتب أجله وعمله ورزقه وشقيا يكون أو سعيدا ، فيقول الملك : يا رب أنى لي بعلم ذلك ؟ فقال : استمل ذلك من قراء اللوح المحفوظ ، فيستمليه منهم ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : وإن من كتب أجله وعمله ورزقه وسعادة خاتمته علي بن أبي طالب كتبوا كتب من عمله أنه لا يعمل ذنبا أبدا إلى أن يموت ، قال : وذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم شكاه بريدة ، وذاك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث جيشا ذات يوم لغزاة أمر عليهم عليا صلوات الله عليه ، وما بعث جيشا قط فيهم علي إلا جعله أميرهم ، فلما غنموا رغب علي في أن يشتري من جملة الغنائم جارية فجعل ثمنها في جملة الغنائم ، فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة وبريدة الأسلمي وزايداه ، فلما نظر إليهما يكايدانه نظر إليها إلى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها ، فأخذها بذلك فلما رجعا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) تواطئا على أن يقول ذلك بريدة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : فوقف بريده قدام رسول الله فقال : يا رسول الله ألم تر إلى ابن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين ؟ فأعرض عنه

ص: 181


1- الروضة في فضائل أمير المؤمنين ص 179 ،مدينة المعاجز ج 3 ص 54، مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 75

رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم جاء عن يمينه فقالها فأعرض عنه رسول الله فجاء عن يساره فقالها فأعرض عنه رسول الله ، وجاء من خلفه فقالها فأعرض عنه ، ثم عاد إلى بين يديه فقالها فغضب رسول الله غضبا لم ير قبله ولا بعده غضب مثله ، وتغير لونه وانتفخت أوداجه وارتعدت فرائصه وقال : يا بريدة مالك آذيت رسول الله منذ اليوم ؟ إني سمعت الله عز وجل يقول : (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) قال بريدة : يا رسول الله ما علمتني قصدتك بأذى ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أو تظن يا بريدة أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي ؟ أما علمت أن عليا مني وأنا منه وأن من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم ؟ يا بريدة أنت أعلم أم الله ؟ أنت أعلم أم قراء اللوح المحفوظ ؟ أنت أعلم أم ملك الأرحام قال بريدة ؟ بل الله أعلم وقراء اللوح المحفوظ أعلم وملك الأرحام أعلم ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأنت أعلم يا بريدة أم حفظة علي بن أبي طالب ؟ قال : بل حفظة علي بن أبي طالب ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : فكيف تخطئه وتلومه وتوبخه وتشنع عليه في فعله وهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه قط خطيئة منذ ولد ، وهذا ملك الأرحام حدثني أنهم كتبوا قبل أن يولد حين استحكم في بطن أمه أنه لا يكون منه خطيئة أبدا ، وهؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة أسري بي أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ (علي المعصوم من كل خطأ وزلة) فكيف تخطئه أنت يا بريدة وقد صوبه رب العالمين والملائكة المقربون ؟ يا بريدة لا تعرض لعلي بخلاف الحسن الجميل فإنه أمير المؤمنين وسيد الوصيين وسيد الصالحين وفارس المسلمين وقائد الغر المحجلين وقسيم الجنة والنار يقول : هذا لي وهذا لك . ثم قال : يا بريدة أترى لعلي من الحق عليكم معاشر المسلمين ألا تكايدوه ولا تعاندوه ولا تزايدوه ؟ هيهات إن قدر علي عند الله أعظم من قدره عندكم ، أولا أخبركم قالوا بلى يا رسول الله ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : فإن الله يبعث يوم القيامة أقواما يمتلئ من جهة السيئات موازينهم فيقال لهم : هذه السيئات فأين الحسنات ؟ وإلا فقد عصيتم ؟ فيقولون : يا ربنا ما نعرف لنا حسنات ، فإذا النداء من قبل الله عز وجل (لئن لم تعرفوا لأنفسكم عبادي حسنات فإني أعرفها لكم وأوفرها عليكم) ثم يأتي برقعة صغيرة يطرحها في كفة حسناتهم فترجح بسيئاتهم بأكثر مما بين السماء إلى الأرض ، فيقال لأحدهم : خذ بيد أبيك وأمك وإخوانك وأخواتك وخاصتك وقراباتك وأخدامك ومعارفيك فأدخلهم الجنة ، فيقول أهل المحشر : يا رب أما الذنوب فقد عرفناها فماذا كانت حسناتهم ؟ فيقول الله عز وجل : يا عبادي مشى أحدهم ببقية دين لأخيه إلى أخيه فقال : خذها فإني أحبك بحبك علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له الآخر : قد تركتها لك بحبك لعلي ولك من مالي ما شئت ، فشكر الله تعالى ذلك لهما فحط به خطاياهما وجعل ذلك في حشو صحيفتهما وموازينهما وأوجب لهما ولوالديهما الجنة . ثم قال : يا بريدة إن من يدخل النار ببغض علي أكثر من حصى الخذف الذي يرمى عند الجمرات ، فإياك أن تكون منهم ، فذلك قوله تبارك وتعالى : (اعبدوا ربكم الذي خلقكم) اعبدوه بتعظيم محمد وعلي بن أبي طالب الذي خلقكم نسما وسواكم من بعد ذلك وصوركم فأحسن صوركم ثم قال عز وجل : (

ص: 182

والذين من قبلكم) قال : وخلق الذين من قبلكم من سائر أصناف الناس (لعلكم تتقون) (1).

كقاب قوسين أو أدنى

325 – عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليلة أسري بي إلى السماء وصرت كقاب قوسين أو أدنى أوحى الله عز وجل إلي : يا محمد من أحب خلقي إليك ؟ قلت : يا رب أنت أعلم ، فقال عز وجل : أنا أعلم ولكن أريد أن أسمعه من فيك ، فقلت : ابن عمي علي بن أبي طالب ، فأوحى الله عز وجل إلي : أن التفت ، فالتفت فإذا بعلي واقف معي ، وقد خرقت حجب السماوات وعلي واقف رافع رأسه يسمع ما يقول فخررت لله تعالى ساجدا (2).

326 - عن علي (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما أسري بي إلى السماء ، كنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلي ربي ما أوحى ، ثم قال : يا محمد اقرأ على علي بن أبي طالب (عليه السلام) : أمير المؤمنين ، فما سميت به أحدا قبله ولا أسمي به أحدا بعده (3).

لم يكن بيني وبين ربي ملك مقرب ولا نبي مرسل

327 - عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري بي إلى السماء لم يكن بيني وبين ربي ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ما سألت ربي حاجة إلا أعطاني خيرا منها ، فوقع في مسامعي (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) فقلت : إلهي أنا المنذر فمن الهادي ؟ فقال الله : يا محمد ذاك علي بن أبي طالب غاية المهتدين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين من أمتك برحمتي إلى الجنة (4).

وطئ موطأ لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل

328- عن ابن سنان في قوله سبحانه (وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى)قال أبو عبد الله عليه السلام أول من سبق إلى بليى رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله تبارك وتعالى وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء تقدم يا محمد فقد وطئت موطأ لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولولا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر ان يبلغه فكان من الله عز وجل كما قال الله تعالى(قاب قوسين أو أدنى)اي بل أدنى فلما خرج الامر من الله تعالى وقع إلى أوليائه عليهم السلام قال الصادق عليه السلام كان الميثاق مأخوذا عليهم لله بالربوبية ولرسوله بالنبوة ولأمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام بالإمامة فقال الست بربكم ومحمد نبيكم وعلي امامكم والأئمة الهادون أئمتكم فقالوا بلى فقال الله تعالى (ان تقولوا يوم القيامة)اي لئلا تقولوا يوم القيامة(انا كنا عن هذا غافلين) فأول ما اخذ الله عز وجل الميثاق على الأنبياء له بالربوبية وهو قوله (وإذ أخذنا من

ص: 183


1- تفسير الامام العسكري عليه السلام : 52 ، بحار الأنوار ج 38 ص 66
2- المحتضر : 107 . بحار الأنوار ج 25 ص 382
3- أمالي الطوسي ج 1 ص 301 . مستدرك الوسائل ج 10 ص 398
4- تفسير فرات : 102 .بحار الأنوار ج 35 ص 400

النبيين ميثاقهم) فذكر جملة الأنبياء ثم أبرز أفضلهم بالأسامي فقال ومنك يا محمد فقدم محمدا صلى الله عليه وآله ولأنه أفضلهم من نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء ورسول الله صلى الله عليه وآله أفضلهم ثم اخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله صلى الله عليه وآله على الأنبياء بالايمان به وعلى ان ينصروا أمير المؤمنين عليه السلام فقال (وإذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله (لتؤمنن به ولتنصرنه)يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه تخبروا انكم بخبره وخبر وليه من الأئمة (1).

ما شك ولا سأل

329 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء وأوحى الله إليه في علي عليه السلام ما أوحى من شرفه وعظمه عند الله ورد إلى البيت المعمور ، وجمع له النبيين ، وصلوا خلفه عرض في نفسه من عظم ما أوحى إليه في علي عليه السلام ، فأنزل الله فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك يعني الأنبياء فقد أنزلنا عليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك (لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين) فقال الصادق عليه السلام : فوالله ما شك ولا سأل (2).

330 - عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك) قال : لما أسري بالنبي صلى الله عليه وآله ففرغ من مناجاة ربه رد إلى البيت المعمور وهو بيت في السماء الرابعة بحذاء الكعبة ، فجمع الله النبيين والرسل والملائكة ، وأمر جبرئيل فأذن وأقام وتقدم بهم فصلى ، فلما فرغ التفت إليه فقال : (فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك) إلى قوله : (من المهتدين) (3).

وحي مشافهة

331 - تفسير علي بن إبراهيم :(والنجم إذا هوى) قال : النجم رسول الله صلى الله عليه وآله إذا هوى لما أسري به إلى السماء وهو في الهواء ، وهو قسم برسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو فضل له على الأنبياء وجواب القسم ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى أي لا يتكلم بالهوى إن هو يعني القرآن إلا وحي يوحى علمه شديد القوى يعني الله عز وجل ذو مرة فاستوى يعني رسول الله صلى الله عليه وآله . › قوله : وهو بالأفق الاعلى يعني رسول الله صلى الله عليه وآله ثم دنى يعني الرسول صلى الله عليه وآله من ربه عز وجل فتدلى قال : إنما نزلت : ثم دنا فتدانا فكان قاب قوسين قال : كان من الله كما بين مقبض القوس إلى رأس السية أو أدنى قال : بل أدنى من ذلك فأوحى إلى عبده ما أوحى قال : وحي مشافهة (4).

ص: 184


1- مختصر بصائر الدرجات ص 166
2- تفسير القمي : 382 ، بحار الأنوار ج 17 ص 82 و ج 36 ص 94
3- تفسير القمي : 635 . بحار الأنوار ج 17 ص 89
4- تفسير القمي : 650 و 651 ،بحار الأنوار ج 9 ص 239 و ج 24 ص 76

*- في تفسير القرطبي عند قوله تعالى (والنجم إذا هوى) قال الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام (والنجم) يعني محمدا صلى الله عليه واله (إذا هوى) إذا نزل من السماء ليلة المعراج (1).

اشتياق الى علي

332 - وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي (عليه السلام) : ليلة اسري بي إلى السماء رأيت ملكوت السماوات والأرض ، وكشف لي حتى نظرت ما فيها ، فاشتقت إليك ، فدعوت الله عز وجل فإذا أنت رافع رأسك إلي ، ولم أر شيئا إلا وقد رأيته (2).

333 - عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء قيل لي : يا محمد من خلفت في الأرض ؟ قلت : سبحانك يا يا إلهي أنت أعلم بذلك مني ثم قيل لي الثانية : يا محمد من خلفت في الأرض ؟ قلت : سبحانك أنت أعلم بذلك مني ثم قيل لي الثالثة : يا محمد من خلفت في الأرض ؟ قلت : سبحانك يا إلهي أنت أعلم بذلك مني خلفت فيها خير أهلها لأهلها علي بن أبي طالب . فقال : يا محمد أتشتهي أن ترى علي بن أبي طالب في مقامك هذا ؟ قلت : نعم يا إلهي . قال : فالتفت عن يمينك قال : فالتفت فإذا بعلي يسمع ويرى (3).

345- عن أحسن الكبائر للقشيري قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) قاعداً على سطح بيت يأكل رطباً، وهو إذ ذاك ابن سبع وعشرين، وسلمان قاعد في صحن الدار يرقع خرقة له؛ فرماه علي (عليه السلام) بنواة من الرطب.فقال: سلمان تمازحني يا علي وأنا شيخ كبير وأنت شاب حدث السن. فقال علي (عليه السلام): يا سلمان حسبت نفسك كبيراً ورأيتني صغيراً، أنسيت دشت ارزن ومن خلصك هناك من الأسد؟قال: ولما سمع سلمان ذلك فزع، وقال: أخبرني كيف ذلك؟فقال علي (عليه السلام): إنك كنت واقفاً في وسط الماء فزعاً من الأسد فعند ذاك رفعت يدك بالدعاء، وسألت الله عز وجل أن ينجيك منه فاستجيبت دعوتك، وقد كنت أنا إذ ذاك أمر في تلك الصحراء، فأنا ذلك الفارس الذي كان درعه على كتفه والسيف بيده، فجردت السيف وضربت الأسد فقسمته نصفين وخلصتك منه.فقال سلمان: إن لذلك علامة أُخرى قال: فمد أمير المؤمنين (عليه السلام) يده واخرج من كمّه طاقة ورد طري وقال: هذه هديتك التي اهديتها لذلك الفارس في ذلك المكان.قال: فلما رأى سلمان ذلك أزداد تحيراً، وإذا بهاتف يناديه يا شيخ أمض إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واقصص عليه قصتك، قال: فمضى سلمان رحمه الله إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعل يقص عليه قصته، ويقول: يا رسول الله أني قرأت نعتك في الأنجيل ورسخ حبك في قلبي، وتركت جميع الأديان غير دينك، وكنت أخفي ذلك من أبي، ولما وقف على ذلك مني أراد قتلي؛ لكن منعه عن ذلك اشفاقه على أُمي، وكان يدبر الحيلة في قتلي فكان يكلفني الأعمال الصعبة ويأمرني بها، ففررت منه لذلك إلى أن وقعت في بادية أرزنة فنمت بها ساعة، وعرض لي احتلام، ولما انتبهت سرت إلى عين هناك ونزعت ثيابي ودخلت الماء لأغتسل من الجنابة، وإذا أنا بأسد قد طلع من ناحية وجاء حتى وقف على

ص: 185


1- شرح إحقاق الحق
2- المحتضر ص 193 عنه البحار : 25 / 383 باب 13 حديث : 37
3- مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ج 1ص 219

ثيابي، ولما رأيت ذلك فزعت منه وجعلت أدعو وأتضرع وأسأل النجاة من الأسد، وإذا أنا بفارس قد طلع فضرب الأسد بسيفه فقدَّه بنصفين؛ فخرجت أنا من الماء وانكببت على ركابه أقلبه. وكان الفصل فصل الربيع والصحراء مشتمل على الورد والرياحين؛ فعمدت إلى طاقة ورد وأهديتها له، ولما أخذها مني غاب عني، فلم أر منه بعد ذلك عيناً ولا أثراً، وقد جاءت على هذه الواقعة بضع وثلاث مائة سنة، ولم أقصصه عند أحد، وقد أخبرني الآن بذلك أبن عمك على بن أبي طالب(عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان إنه ليس بعجب من أخي؛ فإني قد رأيت منه أعجب من ذلك. يا سلمان لما أُسري بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى، تخلف عني جبرئيل فعرجت إلى عرش يحيى، فبينا يناجيني الله تعالى وأنا أُناجيه وإذا أنا بأسد واقف قدامي فنظرت وإذا هو علي بن أبي طالب، ولما رجعت إلى الأرض دخل علي وسلم عليَّ وهنّاني بمواهب ربي وعناياته لي، ثم جعل يخبرني بجميع ما جرى بيني وبين ربي من الكلام. إعلم يا سلمان أنه ما ابتلى أحد من الأنبياء والأولياء منذ عهد آدم إلى الأن ببلاء إلا، كان علي هو الذي نجاه من ذلك (1).

راى من ايات ربه الكبرى

334- عن صفوان بن يحيى قال : سألني أبو قرة المحدث صاحب شبرمة أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فاستأذنه فأذن له ، فدخل فسأله عن أشياء من الحلال والحرام ، والفرائض والأحكام ، حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال له :

أخبرني جعلني الله فداك عن كلام الله لموسى ؟

فقال : الله أعلم بأي لسان كلمه بالسريانية أم بالعبرانية

فأخذ أبو قرة بلسانه فقال : إنما أسألك عن هذا اللسان !

فقال أبو الحسن : سبحان الله عما تقول ، ومعاذ الله أن يشبه خلقه ، أو يتكلم بمثل ما هم به متكلمون ، ولكنه تبارك وتعالى ليس كمثله شئ ، ولا كمثله قائل ولا فاعل

قال : كيف ذلك ؟

قال : كلام الخالق لمخلوق ليس ككلام المخلوق لمخلوق . ولا يلفظ بشق فم ولسان ، ولكن يقول له : (كن) فكان بمشيته ، ما خاطب به موسى عليه السلام من الأمر والنهي من غير تردد في نفس .

فقال أبو قرة : فما تقول في الكتب ؟

فقال أبو الحسن عليه السلام : التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، وكل كتاب أنزل كان كلام الله ، أنزله للعالمين نورا وهدى ، وهي كلها محدثة ، وهي غير الله ، حيث يقول : (ويحدث لهم ذكرا) وقال : (ما يأتيهم من ذكر من ربهم إلا استمعوه وهم يلعبون) والله أحدث الكتب كلها الذي أنزلها .

فقال أبو قرة : فهل تفنى ؟

فقال أبو الحسن : أجمع المسلمون على أن ما سوى الله فان ، وما سوى الله فعل الله ، والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان فعل الله ، ألم تسمع الناس يقولون : (رب القرآن) وأن القرآن يقول يوم القيامة : (يا رب هذا فلان - وهو أعرف به منه - قد أظمأت نهاره ، وأسهرت ليله ، فشفعني فيه) وكذلك التوراة والإنجيل والزبور ، وهي كلها محدثة ،

ص: 186


1- صحيفة الابرار ج 2 مناقب الامام علي عليه السلام

مربوبة ، أحدثها من ليس كمثله شئ ، هدى لقوم يعقلون ، فمن زعم أنهن لم يزلن معه فقد أظهر أن الله ليس بأول قديم ، ولا واحد ، وأن الكلام لم يزل معه ، وليس له بدء ، وليس بآله .

قال أبو قرة : وإنا روينا : أن الكتب كلها تجئ يوم القيامة والناس في صعيد واحد ، صفوف قيام لرب العالمين ينظرون حتى ترجع فيه ، لأنها منه وهي جزء منه ، فإليه تصير .

قال أبو الحسن عليه السلام : فهكذا قالت النصارى في المسيح أنه روحه ، جزء منه ويرجع فيه ، وكذلك قالت المجوس في النار والشمس أنهما جزء منه ترجع فيه ، تعالى ربنا أن يكون متجزيا ، أو مختلفا ، وإنما يختلف ويأتلف المتجزي ، لأن كل متجزي متوهم ، والكثرة والقلة مخلوقة دالة على خالق خلقها .

فقال أبو قرة : فإنا روينا : أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين ، فقسم لموسى عليه السلام الكلام ، ولمحمد صلى الله عليه وآله الرؤية .

فقال أبو الحسن عليه السلام : فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين الجن والإنس : أنه لا تدركه الأبصار ، ولا يحيطون به علما ، وليس كمثله شئ . أليس محمد صلى الله عليه وآله ؟

قال : بلى .

قال أبو الحسن : فكيف يجئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم : أنه جاء من عند الله ، وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله ، ويقول : أنه لا تدركه الأبصار ، ولا يحيطون به علما ، وليس كمثله شئ ، ثم يقول : أنا رأيته بعيني ، وأحطت به علما ، وهو على صورة البشر ، أما تستحيون ؟ ! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا : أن يكون أتى عن الله بأمر ثم يأتي بخلافه من وجه آخر .

فقال أبو قرة : إنه يقول : (ولقد رآه نزلة أخرى) .

فقال أبو الحسن عليه السلام : إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال : (ما كذب الفؤاد ما رأى) يقول : ما كذب فؤاد محمد صلى الله عليه وآله ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأت عيناه فقال : (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) فآيات الله غير الله ، وقال : (ولا يحيطون به علما) فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم ووقعت المعرفة .

فقال أبو قرة : فتكذب بالرواية ؟

فقال أبو الحسن عليه السلام : إذا كانت الرواية مخالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما ، ولا تدركه الأبصار ، وليس كمثله شئ .

وسأله عن قول الله : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى)

فقال أبو الحسن عليه السلام : قد أخبر الله تعالى : أنه أسرى به ، ثم أخبر : أنه لم أسري به ، فقال : (لنريه من آياتنا) فآيات الله غير الله ، فقد أعذر ، وبين لم فعل به ذلك ، وما رآه وقال : (فبأي حديث بعد الله وآياته تؤمنون) فأخبر أنه غير الله .

فقال أبو قرة : أين الله ؟

فقال أبو الحسن عليه السلام : الأين مكان ، وهذه مسألة شاهد عن غايب ، فالله تعالى ليس بغائب ، ولا يقدمه قادم ، وهو بكل مكان ، موجود ، مدبر صانع ، حافظ ، ممسك السماوات والأرض .

فقال أبو قرة : أليس هو فوق السماء دون ما سواها ؟

ص: 187

فقال أبو الحسن عليه السلام : هو الله في السماوات وفي الأرض ، وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ، وهو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ، وهو معكم أينما كنتم ، وهو الذي استوى إلى السماء وهي دخان ، وهو الذي استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات ، وهو الذي استوى على العرش ، قد كان ولا خلق وهو كما كان إذ لا خلق ، لم ينتقل مع المنتقلين .

فقال أبو قرة : فما بالكم إذ دعوتم رفعتم أيديكم إلى السماء ؟

فقال أبو الحسن عليه السلام : إن الله استعبد خلقه بضروب من العبادة ، ولله مفازع يفزعون إليه ، ومستعبد ، فاستعبد عباده بالقول ، والعلم ، والعمل ، والتوجه ، ونحو ذلك ، استعبدهم بتوجيه الصلاة إلى الكعبة ، ووجه إليها الحج والعمرة ، واستعبد خلقه عند الدعاء والطلب والتضرع ، ببسط الأيدي ورفعها إلى السماء لحال الاستكانة وعلامة العبودية والتذلل له .

قال أبو قرة : فمن أقرب إلى الله الملائكة أو أهل الأرض ؟

قال أبو الحسن عليه السلام : إن كنت تقول بالشبر والذراع ، فإن الأشياء كلها باب واحد هي فعله لا يشتغل ببعضها عن بعض ، يدبر أعلى الخلق من حيث يدبر أسفله ، ويدبر أوله من حيث يدبر آخره ، من غير عناء ، ولا كلفة ، ولا مؤنة ، ولا مشاورة ، ولا نصب ، وإن كنت تقول من أقرب إليه في الوسيلة ، فأطوعهم له وأنتم تروون أن أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد ، ورويتم أن أربعة أملاك التقوا أحدهم من أعلى الخلق ، واحدهم من أسفل الخلق ، واحدهم من شرق الخلق ، وأحدهم من غرب الخلق فسأل بعضهم بعضا فكلهم قال : (من عند الله) أرسلني بكذا وكذا ، ففي هذا دليل على أن ذلك في المنزلة دون التشبيه والتمثيل .

فقال أبو قرة : أتقر أن الله محمول ؟

فقال أبو الحسن : كل محمول مفعول ، ومضاف إلى غيره محتاج ، فالمحمول اسم نقص في اللفظ ، والحامل فاعل وهو فاعل وهو في اللفظ ممدوح ، وكذلك قول القائل : فوق ، وتحت ، وأعلى ، وأسفل ، وقد قال الله تعالى : (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) ولم يقل في شئ من كتبه أنه محمول ، بل هو الحامل في البر والبحر ، والممسك للسماوات والأرض ، والمحمول ما سوى الله ، ولم نسمع أحدا آمن بالله وعظمه قط قال في دعائه : (يا محمول) .

قال أبو قرة : أفتكذب بالرواية : أن الله إذا غضب يعرف غضبه الملائكة الذين يحملون العرش ، يجدون ثقله في كواهلهم فيخرون سجدا ، فإذا ذهب الغضب خف فرجعوا إلى مواقفهم ؟

فقال أبو الحسن عليه السلام : أخبرني عن الله تبارك وتعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا والى يوم القيامة فهو غضبان على إبليس وأوليائه أو عنهم راض ؟

فقال : نعم . هو غضبان عليه .

قال : فمتى رضي فخف وهو في صفتك لم يزل غضبانا عليه وعلى أتباعه ؟

ص: 188

ثم قال : ويحك كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغير من حال إلى حال ، وأنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين ؟ ! سبحانه لم يزل مع الزائلين ولم يتغير مع المتغيرين . قال صفوان : فتحير أبو قرة ولم يحر جوابا حتى قام وخرج (1).

إني اصطفيتك لنفسي وانتجبتك لرسالتي

335 - عن عمار بن ياسر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله ، يقول : نوديت ليلة أسري بي إلى السماء إلى ربي : يا محمد ، قلت : لبيك وسعديك . قال : إني اصطفيتك لنفسي وانتجبتك لرسالتي ، وأنت نبيي ورسولي وخير خلقي ، ثم الصديق الأكبر علي وصيك ، خلقته من طينتك وجعلته وزيرك ، وابناك الحسن والحسين أنتم من شجرة ، أنت يا محمد أصلها وعلي غصنها والحسن والحسين ثمارها ، خلقتكم من طينة عليين ، وجعلت شيعتكم منكم ، فقلوبهم تهوي إليكم . قلت : يا رب هو الصديق الأكبر ؟ قال : نعم ، هو الصديق الأكبر (2).

الله أمرني أن أو أخيك وأزوجك بفاطمة

336 - عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال : خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى غزاة تبوك وخلف أمير المؤمنين عليه السلام وسائر من بها ، فتكلم الناس فيه ، وقالوا ما بال علي مقدم في كل غزوات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أخره عن هذه الغزوة بالمدينة وما هذا الا اجتزاء عن علي ، وبغضا له لئلا يشهد فضل هذه الوقعة فخرج إليه أمير المؤمنين حتى وافى معسكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : فداك أبي وأمي يا علي ما الذي جاء بك ؟ قال : ان الناس يقولون إنك ما خلفتني بالمدينة الا من بغضك لي قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليس الامر كما يقولون يا علي كيف وقد أمرني الله يخبرني مشافهة حيث أسري بي إليه أمرني أن أو أخيك وأزوجك بفاطمة بنتي سيدة نساء العالمين في الأرض بعد أن زوجك الله في السماء ، وأمرني أن أعلمك جميع علمي ولا أتركك ، وأن أقربك ولا أجفوك ، وأدنيك ولا أقصيك ، وأن أصلك ولا أقطعك وإن أرضيك ولا أسخطك ، وأنت أخي وانا أخوك في الدنيا والآخرة ، ولا يعطى أحد الشفاعة غيري وسالت ربي أن يشركك فيها معي ففعل ، فمن له مثل ما لك ، ومن أعطي مثلما أعطيت . يا علي اما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى حين خلفه في قومه . فلما قال النبي صلى الله عليه وآله ذلك رجع علي صلوات الله عليه إلى المدينة مستبشرا مسرورا ، وسار رسول الله صلى الله عليه وآله والناس معه ، فشكوا العطش فقال للناس : اطلبوا الماء فلم يصيبوا قليلا ولا كثيرا ، حتى خافوا على أنفسهم ، ومات بعضهم وبعض دوابهم فلما رأوا ما نزل بهم ، قالوا : يا رسول الله ادع لنا ربك يسقينا ريا من الماء فنزل جبريل عليه السلام فقال : يا رسول الله ابحث بيدك هذا الصعيد ، وضع قدميك وإصبعيك المسبحتين فينفجر اثنتا عشرة عينا كما انفجرت لموسى عليه السلام فوضع النبي صلى الله عليه وآله عشر أصابع رجليه وسبابتيه ، وسمى باسم الله عز وجل ودعا فتفجرت من بين أصابعه اثنتا عشرة عينا ، للاثنتي عشرة إصبعا ، وفاض الماء حتى ملا الوادي والبقعة وشرب الناس وسقوا دوابهم ،

ص: 189


1- الاحتجاج ج 2 ص 184
2- شرح الأخبار ج 3 ص 468

وحملوا من الماء ما كفاهم إلى الماء الآخر وأعطي رسول الله صلى الله عليه وآله مثل الذي أعطي موسى عليه السلام وموضع الماء معروف مشهور في طريق الحديثة إلى وقتنا هذا (1).

من خلفت على أمتك ؟

337 - عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وآله كان بعرفات وعلي تلقاءه فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ادن مني يا علي و ضع خمسك في خمسي ، قال جابر : فما رأينا خمسا قط أحسن من خمسهما فقال صلى الله عليه وآله: إنه قيل لي ليلة أسري بي : من خلفت على أمتك ؟ فقلت : خير أهل الأرض علي بن أبي طالب يا علي . قال : لبيك يا رسول الله قال : خلقت أنا وأنت من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها يا علي فمن تعلق بغصن منها أدخله الله الجنة . يا علي لو أن أمتي صاموا حتى يكونوا كالحنايا وصلوا حتى يكونوا كالأوتار ثم أبغضوك لكبهم الله في النار على وجوههم (2).

338 - عن عبد خير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي ربي ليلة أسري بي : من خلفت على أمتك يا محمد ؟ فقلت : أنت يا رب أعلم . فقال : يا محمد إني انتجبتك لرسالتي واصطفيتك لنفسي فأنت نبيي وخير خلقي ثم الصديق الأكبر الذي خلقته من طينتك وجعلته وزيرك وهو أبو سبطيك الشهيدين سيدي شباب أهل الجنة وزوجته خير نساء العالمين أنت شجرتها ؟ وعلي أغصانها وفاطمة ورقها والحسن والحسين ثمارها . خلقتكم من طينة عليين وخلقت شيعتكم منكم لأنهم لو ضربوا على أنفهم بالسيف لم يزدادوا لكم إلا حبا ! ! قال : قلت : يا رب ومن الصديق الأكبر ؟ قال : علي (3).

لولا علي لم يعرف حزبي

339 - عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال علي عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء ، ثم من السماء إلى سدرة المنتهي وقفت بين يدي ربي عز وجل ، فقال لي : يا محمد . قلت : لبيك وسعديك يا ربي . قال : قد بلوت خلقي فأيهم وجدت أطوع لك ؟ قال : قلت : يا ربي عليا . قال : صدقت يا محمد ، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك ، ويعلم عبادي من كتابي مالا يعلمون ؟ قال : قلت : يا رب اختر لي فإن خيرتك خيرتي . قال : قد اخترت لك عليا ، فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا ، ونحلته علمي و خلمي ، وهو أمير المؤمنين حقا ، لم ينلها أحد قبله ، وليست لاحد بعده . يا محمد ، علي راية الهدى ، وإمام من أطاعني ، وهو نور أوليائي ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أحبه فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، فبشره بذلك يا محمد . فقال النبي صلى الله عليه وآله : قلت : ربي فقد بشرته ، فقال علي عليه السلام : أنا عبد الله وفي قبضته ، إن يعاقبني فبذنوبي ولم يظلمني شيئا فإن تمم لي وعدي فالله مولاي . فقال النبي صلى الله عليه وآله : قلت : اللهم اجل قلبه ، واجعل ربيعه الايمان بك . قال : قد فعلت ذلك به يا محمد غير اني محنته بشئ من البلاء لم أخص به

ص: 190


1- الهداية الكبرى ص 63
2- مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ج 1 ص 242
3- شرح الأخبار ج 2 ص 490 ،مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ج 1 ص 478

أحدا من أوليائي . قال : قلت : ربي أخي وصاحبي . قال : قد سبق في علمي انه مبتلىومبتلى به ، لولا علي لم يعرف حزبي ، ولا أوليائي ، ولا أولياء رسلي (1).

غفرت للمتمتعين

340 - وقال أبو جعفر عليه السلام : إن النبي صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء قال : لحقني جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد إن الله تبارك وتعالى يقول : إني قد غفرت للمتمتعين من أمتك من النساء (2) .

اعطيتك كلمتين من خزائن عرشي

353 - عن هشام بن سالم ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال الله تعالى لنبية ليلة المعراج : اعطيتك كلمتين من خزائن عرشي ، لا حول ولا قوة الا بالله ، ولا منجى منك الا اليك (3)

يا رب ما حال المؤمن عندك ؟

341 - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) قال : يا رب ما حال المؤمن عندك ؟ قال : يا محمد من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وأنا أسرع شئ إلى نصرة أوليائي وما ترددت عن شئ أنا فاعله كترددي عن وفاة المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته ، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الغنى ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك ، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفقر ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك وما يتقرب إلي عبد من عبادي بشئ أحب إلي مما افترضت عليه وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه فإذا أحببته كنت إذا سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها ، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته (4).

شرح هذا الحديث الشريف

*- اتماما للفائدة نذكر هذا الشرح المبارك لشيخ المتألهين احمد الاحسائي أعلى الله مقامة ،

قال:اقول : اما أول الحديث وهو قوله تعالى: من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ... الخ فظاهر .

واما قوله: وما ترددت في شيء أنا فاعله ففيه وجوه في الجواب عن الاشكال الوارد على نسبة التردد إليه سبحانه . فان المعروف من اللغة ان التردد في الامور انما يكون للجهل في عواقبها او لعدم الثقة بالتمكين منها لمانع ونحوه من اقتضاء للجانب الاقوى او اقتضاء مقتضى العقل والله سبحانه أجل وأعظم من ذلك .

وكذلك قوله تعالى : كنت سمعه الذي يسمع به ... الخ فانه يرد عليه ان ظاهرة الاتحاد وهو ممتنع وممنوع منه عقلاً ونقلاً

ص: 191


1- مناقب الخوارزمي : 213 . البحار : 40 / 13 ح 28 ، مدينة المعاجز ج 2 ص 423
2- من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 463، الكليني ج 5 ص 431، وسائل الشيعة ج 21 ص 13، مستدرك الوسائل ج 14 ص 452، الجواهر السنية ص 145، بحار الأنوار ج 100 ص 306
3- بحار الأنوار ج 90 ص 186 ،مستدرك الوسائل ج 5 ص 367
4- الكافي ج 2 ص 352 ، وسائل الشيعة ج 12 ص 265 ، الجواهر السنية ص 121

ففي الجواب عن الاول وجوه:

الاول : ما ذكره محمد باقر الداماد تغمده الله برحمته وملخصه ان التردد انما يكون في الفعل لتعارض اسبابه المرجحة لاحد طرفيه واطلق المسبب ومعنى ذلك ان قبض روح المؤمن خير بالنسبة الى نظام الوجود وشر بالنسبة الى مسائته لان الموت يسوئه فكان ذلك الخير الذاتي مقتضياً للفعل والشر العرضي مقتضياً لترك الفعل فهذان الاقتضاءان هما من التردد المشار اليه بالنسبة الى نفس الفعل ونفس الترك .

والثاني : ما أشار اليه الملا محسن الكاشاني وملخصه ان القوى المنطبقة الفلكية لم تحط بتفاصيل ما سيقع في الامور دفعة لعدم تناهي تلك الامور كما لو انتقش فيها ان عمر زيد عشر سنين ان لم يتصدق وان تصدق فعمره عشرون سنة فقد تنتقش فيها لبعض الامارات ثم يتصدق فتنمحي العشر وتنتقش العشرون وقد يزني فتنمحي العشرون وتنتقش خمس عشرة فهذا المحو والاثبات هو التردد وانما نسب إليه لان ذلك جرى بإرادته.

والثالث : ما ذكره البهائي رضي الله عنه وهو ان في الكلام إضماراً والتقدير لو جاز عليّ التردد كنت ما ترددت في شيء انا فاعله كترددي في قبض الروح ... الخ

والرابع : ذكره البهائي ايضاً وهو انه لما جرت العادة بان تردد الشخص في مساءة من يحترمه مثل الصديق الوفي والا يتردد في مساءة من ليس له عنده قدر كالحية والعقرب فيكون معنى التردد هنا على هذا التاويل انه ليس لاحد عندي حرمة مثل عبدي المؤمن وهذان الوجهان ذكر معناها في الاربعين فجعل معنى الكلام من قبيل الاستعارة التمثيلية .

والخامس : ايضاً ذكره في الاربعين وملخصه انه قد ورد من طريق الخاصة والعامة ان الله سبحانه يظهر للعبد عند الاحتضار من اللطف والكرامة والبشارة بالجنة ما ينسى معه كراهة الموت ويرضى بنزوله به فاشبهت هذه المعاملة من يريد ان يؤلمه الماً يتعقبه نفع عظيم فهو يتردد في انه كيف يوصل ذلك الالم على وجه لا يتاذى به فلا يزال يرغبه بتلك الالطاف والبشارات حتى يحب الموت فهذا معنى التردد .

والسادس : ذكر الشهيد في قواعده نقله عن بعض الفضلاء ان التردد انما هو في الاسباب بمعنى ان الله تعالى يظهر للمؤمن اسباباً تغلب على ظنه دنو الوفاة ليصير الى الاستعداد للآخرة استعداداً تاماً للعمل ثم يظهر له اسباباً توجب البسط في الامل فيرجع الى عمارة دنياه مما لا بد منه ولما كان ذلك بصورة التردد اسند التردد اليه تعالى حيث انه فاعل للتردد في العبد قال رحمه الله وهو مأخوذ من كلام بعض القدماء الباحثين عن اسرار كلام الله تعالى . والتردد في اختلاف الاحوال لا في مقدار الآجال انتهى .

اقول : قال الشيخ يوسف بن الشيخ احمد البحراني صاحب كتاب الحدائق في الدرة الرابعة عشر من الدرر النجفية : ولا يخفى ما فيه من البعد والتكلف

وأنا أقول لا يخفى على من كان من أهل البصيرة بان هذا الوجه أقرب من كل الوجوه المتقدمة ولكن اكثر الناس لا يعلمون .

والسابع : نقله الشهيد رحمه الله في القواعد وهو ان الله لا يزال يورد على المؤمن أسباب حب الموت حالاً بعد حال ليؤثر الموت فيقبضه مريداً له ويراد تلك الاحوال من غير تعجيل بالغايات من القادر على التعجيل وذلك يكون تردداً بالنسبة الى قادرية المخلوقين فهو بصورة التردد وان لم يكن ثمة تردد .

ص: 192

ويؤيده الخبر المروي ان ابراهيم عليه السلام لما أتاه ملك الموت ليقبض روحه وكره ذلك أخره الله تعالى الى ان رأى شيخاً يأكل ولعابه يسيل على لحيته فاستفضع ذلك وأحب الموت وكذلك موسى عليه السلام .

أقول: وقد الحقه صاحب الدرر النجفية بسابقيه في عدم رفع الاشكال وأنا أقول: انه كسابقه قريب .

والثامن : نقله بعض علمائنا عن بعض علماء العامة وهو ان معناه ما تردد عبدي المؤمن في شيء انا فاعله كتردده في قبض روحه فانه متردد بين ارادته للبقاء وارادتي للموت فانا الطفه وابشره حتى اصرفه عن كراهة الموت .

فاضاف سبحانه نفس تردد وليه الى ذاته المقدسة كرامة وتعظيماً له كما يقول سبحانه غداً يوم القيامة لبعض من يعاتبه من المؤمنين في تقصير تعهد ولي من اوليائه: عبدي مرضت فلم تزرني فيقول: كيف تمرض وانت رب العالمين؟ فيقول: مرض عبدي فلان فلم تعده ولو عدته لوجدتني عنده .

والتاسع : ما ذكره بعض الأعلام ان فعل الله لما كان غير مسبوق بمادة ومدة وليس بتدريجي الحصول بل آني الوجوه كما قال سبحانه : (انما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون). فاشار بقوله : ما ترددت في شيء انا فاعله الحديث الى ان افعاله ليس فيها تردد بمعنى ان يفعله بالحال او سيفعل الملزوم للتراخي في الفعل مثل هذا الفعل الذي هو قبض روح عبده المؤمن فان فيه التراخي وليس مثل سائر الافعال التي كان حصولها منه تعالى بمجرد امر (كن) فكان هذا الفعل مستثنى من ساير الافعال اي ليس في كل افعاله تردد ملزوم للتراخي في الفعل الا في قبض روح عبده المؤمن فان فيه التراخي فقد ذكر الملزوم واراد اللازم ومعنى التشبيه راجع الى الاستثناء ... الخ

والعاشر : ما ذكره بعض علماء العامة وهو ان ترددت في اللغة بمعنى رددت مثل قولهم ذكرت فتذكرت ودبرت فتدبرت فكانه يقول ما رددت ملائكتي ورسلي في امر حكمت بقوله:ما رددتهم عند قبض روح عبدي المؤمن فارددهم في اعلامي بقبض له وتبشيره بلقائي وما اعددت له عندي كما رددت ذلك الموت الى ابراهيم عليه السلام وموسى عليه السلام في القضيتين المشهورتين الى ان اختارا الموت فقبضهما ... الخ

والحادي عشر : ما ذكره بعض علمائهم وهو ان المعنى ما رددت الاعلال والامراض والبرؤ واللطف والرفق حتى يرى بالبرء عطفي وكرمي فيميل الى لقائي طمعاً وبالبلاء والعلل فيتبرم بالدنيا ولا يكره الخروج منها انتهى .

اقول : في هذا القول قرب .

والثاني عشر : قال الشيخ يوسف المذكور : الذي خطر بالبال العليل والفكر الكليل هو ان يحتمل ان يراد بذلك الاشارة الى ما في لوح المحو والاثبات من المعلومات المنوطة بالاسباب والشروط نفياً وإثباتاً فانه أشبه شيء بالتردد ... الخ .

اقول: هذا المعنى هو ما اشار اليه الملا محسن وهو الوجه الثاني وكان الشيخ يوسف هذا قد رده وضعفه وجعله من كلام الصوفية . قال هنالك:[ فما ذكره في هذا المقام بناء على قواعد المتصوفة والفلاسفة وفسر به أخبار أهل الذكر عليهم السلام مختل النظام منحل الزمام وهؤلاء لولعهم باصول الفلاسفة والحكماء التي جرت عليها الصوفية يزعمون تطبيق أخبار أهل البيت عليهم السلام كما وقع من هذا المحدث في غير موضع من كتبه وهو بين النقيضين وتأليف بين المتباغضين ومن ابى الى اين ] . انتهى كلامه رحمه الله .

ص: 193

ولا شك انه بعد طعنه على الملا محسن هذا الطعن العظيم لم يقع في خاطره إلا ما قرره الملا محسن فاعتبروا يا اولي الالباب .

وأقول: الذي أفهم في معنى هذا الحديث ان الله سبحانه جرى بلطيف رأفته في خلقه أن يعاملهم باللطف والرأفة والرحمة فيفعل في كل شيء من مفعولاته بما يحسن بهم ولهم حتى يتم عليهم جزيل نعمه ففي الحقيقة هذا مستلزم للتردد في افعاله لانه إذا أراد أن يفعل شيئاً فعله على ما هو عليه من قابليته والقابلية تتوقف على ستة أشياء لا أقل منها .

وقد تزيد بل تزيد وهذا حكم جار في كل شيء : (الوقت) و(المكان) و(الجهة) و(الرتبة) و (الكم) و(الكيف) وقد تزيد بأشياء كثيرة كالنسب والوضع والاذن والأجل والكتاب وغير ذلك.

وهذه الاشياء في كل شيء بحسبه وهي في نفسها مختلفة فيجب ان تكون اسبابها مختلفة فقد تكثرت افعاله سبحانه في إيجاد الشيء ومشخصاته وأسبابه وهذا تردد حقيقة إلا انها في المؤمن عند قبض روحه أعظم وذلك لما جرت حكمته وحقت كلمته ان من كره لقاءه الذي سبيله الموت كره لقاءه ومن احب لقاءه سبحانه احب لقائه .

والمؤمن يحب الله لقاءه وهو يكره الموت وكراهة الموت توجب كراهة لقاء الله فلطف به ليجلبه الى لقائه فمرة أغنى عبده المؤمن ومرة افقره ومرة امرضه ومرة عافاه ومرة إبتلاه في ولده واحبابه ومرة حفظ عليه وذلك لانه إذا أغنى عبده وخيف عليه رغبته في الدنيا أفقره وإذا خيف عليه القنوط أغناه وإذا خيف عليه الركون الى الدنيا أفقره وإذا خيف عليه اليأس وسوء الظن به سبحانه أغناه وكذلك في جميع احواله وما يعنيه وينسب اليه .

ولا يزال يفعل به كذلك حتى يعرف خساسة البقاء في الدنيا ويرى ان الخروج عنها أولى لما يرى من كثرة تقلبها وتنكرها فيحب لقاء الله والموت ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه وهذه التقلبات تردد الله في قبض روحه وهذا صريح قوله تعالى : يكره الموت وأكره مساءته لاني إذا قبضت روحه حينئذ وجبت مساءته في الحكمة وحق الكلمة وقد اشار الى هذا المعنى سيد الشهداء يوم عاشوراء لاصحابه .

فاذا عرفت هذه الكلمات لم تطلب في معنى الحديث غيرها فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين والحمد لله رب العالمين.

وأما الاشارة الى معنى؛ كنت سمعه الذي يسمع به … الخ ففيه ايضا وجوه :

الاول : ما ذكره الشيخ البهائي قال: لاصحاب القلوب في هذا المقام كلمات سنية واشارات سرية وتلويحات ذوقية تعطر مشام الارواح ويحيي رميم الاشباح ولا يهتدي الى معناها ولا يطلع على مغزاها الا الذي تعب في الرياضيات وعنى نفسه بالمجاهدات حتى ذاق مشربهم وعرف مطلبهم . واما من لم يفهم تلك الرموز ولم يهتدي الى تلك الكنوز لعكوفه على الخطوط الدينية وانهماكه في اللذات البدنية فهو عند سماع تلك الكلمات على خطر عظيم من التردي في غياهب الالحاد والوقوع في مهاوي الحلول والاتحاد تعالى الله من ذلك علواً كبيراً . ونحن نتكلم في هذا المقام بما يسهل تناوله على الافهام فنقول : هذا مبالغة في القرب وبيان لاستيلاء سلطان المحبة على ظاهر العبد وباطنه وسره وعلانيته .

فالمراد -والله أعلم اني إذا احببت عبدي جذبته الى محل الانس وصرفته الى عالم القدس وصيرت فكره مستغرقاً في اسرار الملكوت وحواسه مقصورة على اجتلاء انوار الجبروت فيثبت حينئذ قدميه ويميز بالمحبة لحمه ودمه الى ان يغيب عن نفسه ويذهل عن حسه فتتلاشى الاغيار في نظره حتى اكون بمنزلة سمعه وبصره كما قال :

ص: 194

جنوني فيك لا يخفى *** ونارى فيك لا تخبو

فانت السمع والابصار *** والاركان والقلب

انتهى كلامه .

والثاني : قال بعض العلماء: ان صاحب الشجرة الكلية ذكر في بيان الاتحاد الصحيح والفرق بينه وبين الباطل ما يصلح أن يكون بياناً لقوله تعالى : (كنت سمعه الذي يسمع به ...) حين قال: كما ان النفس حالة التعلق بالبدن يتوهم انها هو وانها فيه وان لم تكن هو ولا فيه فكذلك النفس اذا فارقت البدن وقطعت تعلقها عن شدة قوتها ونوريتها وعلاقتها العشقية مع نور الانوار والانوار العقلية يتوهم انها هي فتصير الانوار مظاهر النفوس المفارقة كما كان الابدان ايضاً فهذا معنى الاتحاد لا صيرورة الشيئين شيئاً واحداً فانه باطل انتهى وهو قريب من الاول في المعنى .

والثالث : ما ذكره الملا صالح المازندراني في (شرح اصول الكافي) حيث قال: والذي يخطر بالبال على سبيل الاحتمال انى اذا احببته كنت كسمعه الذي يسمع به وكبصره ... الخ في سرعة الاجابة .

وقوله : إن دعاني اجبته اشارة الى وجه التشبيه يعني اني اجيبه سريعاً ان دعاني الى مقاصده كما يجيبه سمعه عند ارادته سماع المسموعات وبصره عند ارادته ابصار المبصرات وهكذا . وهذا قول الناس المعروف بينهم فلان نور عيني ونور بصري ويدي وعضدي وانما يريدون التشبيه في معنى من المعاني المناسبة للمقام ويسمون هذا تشبيهاً بليغاً بحذف الاداة مثل زيد اسد .

الرابع : ما ذكره الملا محمد صالح المازندراني بعد الكلام الاول على سبيل الامكان قال : (ويمكن ان يكون فيه تنبيه على انه عز وجل هو المطلوب لهذا العبد المحبوب عند سمعه المسموعات وبصره المبصرات وينتهي إلي فلا يصرف شيئاً من جوارحه فيما ليس فيه رضائي واليه اشار بعض الاولياء بقوله : ما رايت شيئا الا ورايت الله قبله) انتهى

والخامس : ما نقل عن الملا محسن الكاشاني في بعض تعليقاته حيث قال : (والذي يخطر ببالي القاصر ان معنى كنت سمعه الذي يسمع به ويده التي يبطش بها ... الخ ان العبد اذا ائتمر بالاوامر وانزجر بالنواهي كان بمنزلة من لا يسمع شيئا إلا ما أمر ربه بالسماع ولا يبصر بصره شيئا إلا ما امر ربه بالرؤية ولا تأخذ يده شيئا إلا ما امر ربه بالاخذ فكان العبد كالشخص المقرب عند ملك عظيم الشان يكون فعله فعل الملك من غاية قربه وإطاعته والله عز شانه منزه عن السمع والبصر واليد والحلول والاتحاد تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .

فاذا كان العبد راسخا في الاطاعة لله سبحانه يكون ما سمع العبد كانه سمع الله وما راى كانه رؤية الله وما بطش كانه بطش الله لغاية امتثاله وانزجاره فمثله كمثل ملك يأمر بضرب واحد واهانته واعطاء احد وكرامته والذي يضرب ويهن غير الملك وكذا من يعطي ويكرم غيره ويقال في العرف ان الملك ضرب فلانا وأهانه وأعطى فلانا واكرمه فكان محل الضارب والمعطي فعله) انتهى .

قال بعض العلماء: ويشبه ان يكون هذا النقل عن المحدث الكاشاني إشتباها وسهوا فانه لا يشرب مشربه في امتثال هذه المقامات كما لا يخفى على من لاحظ كلامه في حل الاخبار المجملات والمتشابهات الواردة من هذا القبيل كيف وقد قال في (اصول الكافي) في ذيل هذا الخبر ما صورته: (واما معنى التقرب الى الله ومحبة الله للعبد وكون الله سمعه وبصره

ص: 195

ولسانه ويده ففيه غموض لا تناله افهام الجمهور وقد إودعناها في كتابنا الموسوم ب- (الكلمات المكنونة) وانما يرزق فهمه من كان من اهله) انتهى .

اقول : هذا الكتاب الموسوم ب- (الكلمات المكنونة) لم يكن عندي ولكن رأيته مرة واحدة ونظرت فيه قليلا وهو مبني على القول ب- (وحدة الوجود) الممنوع من إعتقادها شرعاً .

ويريدون اهل التصوف ان الوجود هو الوجود الحق وحده وليس شيء غيره واما ما ترى من هذه الكثرات فهي أوهام فالشيء مركب من وجود الله تعالى ومن مشخصات وهمية حتى انه قال في هذا الكتاب: انه سبحانه ما أوجد إلا ذاته .

ولا شك في فساد هذا الاعتقاد وبطلانه بل القول به كفر وإنما الحق ان وجودات الاشياء محدثة اوجدها الله لا من شيء فالشيء مركب من وجود مخترع ومن ماهية مجعولة محدثة وان الحوادث بجميع اكوانها من وجود وماهية ومشخصات كلها في نفسها من حيث هي مستقلة ثابتة بأمر الله لا بنفسها قائمة بأمره سبحانه قيام صدور لا قيام عروض والله سبحانه منزه عن جميع ذواتها وصفاتها واحوالها ليس فيها وليست فيه ولا بائن منها بينونة عزلة

والذي يخطر ببالي ان مشربه في هذه المسالة في مثل هذا الكتاب ان العبد إذا أحبه الله وانقطعت عنه اعتبارات انيته في جميع افعاله بقى اعتبار وجوده في جميع افعاله من سمع وبصر وبطش ووجوده هو الله عنده فيكون الله هو سمعه وبصره حقيقة لانه لما كان مركبا من وجود وهو الله ومن ماهية موهومة فاذا انقطع اعتبار الموهوم بقي المعلوم وهذه طريقة اهل التصوف ولقد اشار استادهم مميت الدين ابن عربي الى هذا المعنى في (فتوحاته المكية) في اول الباب المائتين واحدى وثمانين منها في قوله :

صلاة العصر ليس فيها نظير *** لنظم الشمل فيها بالحبيب

هي الوسطى لامر فيه دور *** محصله على امر عجيب

قال في الاشارة الى بيان هذا البيت ما معناه: انه قد كان حق لا خلق فيه وخلق لا حق فيه جمعا وعصر منهما الانسان فالانسان حق وخلق ومثل ما ذكره في (الفصوص) حيث قال :

فانا اعبد الله حقا *** وانا الله مولانا

وانا عينه فاعلم *** اذا ما قيل انسانا

فلا تحجب بانسان *** فقد اعطاك برهانا

فكن حقا وكن خلقا *** تكن بالله رحمانا

الى آخر كلامه ...

فانه صريح بالاتحاد وان الاتحاد لا يريدون به صيرورة الشيئين شيئا واحدا بل يريدون ان الوجود واحد قد تعرض له الصور والاعراض وهي موهومة فالوجود في الحق والخلق واحد تعالى الله عما يقول الجاحدون علوا كبيرا .

والسادس : ما نقله بعض الافاضل من ان العبد لا يسمع إلا بحق ولا ينظر الا بحق والى حق ولا يبطش الا باذن الحق ولا يمشي الا الى ما يرضى به الحق وهو الحق الموالي والمؤمن حقا والذي زاح عنه كل باطل وصار مع الحق واقفا

ص: 196

وانا اقول : ان الذي افهمه ان المحبة من الله سبحانه للعبد تكون بنسبة مقامه عند ربه فاذا بلغ بالطاعات الصادرة عن علم وبصيرة حتى رضي الله عنه ورضي عن الله كان مشابها لمباديء اسبابه حتى يتحصل له كل ما طلب بقوة نفسه .فيظهر ما في غيبه الى شهادة كما ان اسبابه تصدر عنها سائر اكوانه بالله من وجود وماهية وعين وتقدير وغير ذلك في ذاته وصفاته وافعاله والى هذا الاشارة بقول أمير المؤمنين عليه السلام :(وخلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكاها بالعلم والعمل فقد شابهت أوائل جواهر عللها) .

واذا بلغ كمال الاعتدال وانتفاء الاغيار والاحوال حتى يعتدل مزاجه ويكون وجوده نور الله كان علة لما دونه من الموجودات لانه حينئذ محله مشيئة الله تعالى للكائنات والى هذا الاشارة بقول امير المؤمنين عليه السلام (فاذا اعتدل مزاجها وفارقت الاضداد فقد شاركت بها السبع الشداد) .

هذا على سبيل الاجمال والتلويح واما على سبيل البيان والتصريح فيحتاج الى تقديم كلمات لا يعرف المطلوب على الحقيقة الا بعد معرفتها وهي :

اعلم ان الصفات التي نتكلم على متعلقاتها من صفات الله سبحانه فمرادنا بها (صفات الافعال) واما (صفات الذات) فليس لها معنى لا في الواقع ولا في الفرض والاعتبار الا الذات حتى لو حاول الخلائق ان يفرضوا او يعتبروا او يقدروا شيئا في الازل غير الذات ولو بالفرض والعبارة ما وقع وهمهم وفرضهم الا على الحوادث لان القديم لا يجوز فيه الفرض والتقدير ان كنت تفهم قال الله : { ثم ذرهم في خوضهم يلعبون } .

فقولك: انه سمعها معناه حين كانت شيئا وحين كانت شيئا انما هو في الامكان ولا يقع السمع والبصر على ما ليس شيئا .

فمعنى كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ان العبد يسمع بالله يعني بسمع الله وببصر الله يعني يبصر ببصر الله انه يكون محل فعل الله فيما له فلا اعتبار لذاته في السمع ولا البصر وانما سمعه بفعل الله وكذلك بصره بفعل الله فالمدرك لمسموع العبد المحبوب هو سمع الله الذي هو فعله لان الذات البحت لا تقع على الحوادث وانما يقع فعله .

على ان ظاهر قوله: كنت سمعه انه قبل المحبة لم يكن كذلك فكانت حالة لم تحصل للذات قبل المحبة والذات البحت لم تختلف احوالها ولم يسبق لها حال حالاً ولم تفقد في ذاتها شيئا ذاتياً وانما هذه الحال المتجددة فعله .

ويئول حاصل ما قلنا من ان العبد المحبوب يسمع بالله بفعله يعني انه محل فعل الله فالله يسمع له ويبصر له ويبطش بل الله يسمع بالعبد ويبصر به ويبطش به وهذه حال العبد المحبوب الكامل في محبة الله

فان فهمت المراد ارتفع عنك الايراد والا فلا يزول للاشكال والحمد لله رب العالمين

اما السيد كاظم الرشتي تلميذ الشيخ الاحسائي فيقول في شرحه :

قال تعالى : في الحديث القدسي : ((ما ترددت في شيئ انا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن

قال اعلى الله شانه : لاريب ان التردد الموجب لعدم القطع واليقين شيئ محال على الله سبحانه وتعالى ولايجوز اثباته له تعالى في مذهب من المذاهب فيجب تاويل هذا الجديث الشريف بما يطابق المذهب المنيف .

واحسن التوجيهات فيه ان الله سبحانه لما حكم ان لايميت المءمن ولاينقله من هذه الدار الى الدار الاخرة الاباختياره ورضاه حتى لايكون مكرهاً له في حال من الاحوال . ولما كان

ص: 197

المؤمن لنسيانه النشأة الاخرة وحرصاً للعمل الصالح لان الدنيا مزرعة للاخرة ربما يكره مفارقة الدنيا بل هو الاغلب والاكثر بل ماسمعنا من احد من الانبياء المتقدمين ولا من الاولياء السابقين والاحقين انه احب الموت ويلم يكره اول مرة الا مولانا امير المؤمنين عليه السلام فانه قال (لابن ابي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي امه) .

ولما انهم كرهوا الموت وما احب الله اكراههم ولابد من الانتقال الى الداء الاخرى يرددهم الله سبحانه وتعالى من حال الى حال ومن طور الى طور ومن فقر الى غنى ومن غنى الى فقر ومن صحة الى سقم ومن سقم الى صحة ومن عز الى ذل ومن ذل الى عز وهكذا يردهم الله سبحانه في احوالهم حتى تشمئز نفوسهم من الدنيا وتطلب الدار الاخرى ويكون انتقالها له برغبة منه ورضاً

ولذا قال عزوجل(ما ترددت في شيئ تغيير احواله وتبديل اوضاعه كترددي في قبض روح عبدي المؤمن) أي لافي ما وعدت بصادق وعدي ان لا انقله عن هذه الدار الا باختياره ورضاه وانتقاله لابد منه وعدم رضاه لنسيانه العوالم الاخروية بشهادة (فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد) معلوم

فلا بد ان اردده باحواله في تغييرات اوضاعه حتى ينسى الدنيا ويشمأز منها ويطلب الاخرة ويرغب اليها حتى اكون موفياً بعهدي غير مخلف لصادق وعدي

ولذا قال تعالى (يكره الموت وانا اكره مسائته) فخذ ما القينا اليك وكن من الشاكرين .

اثنى عشر اسما مكتوبا بالنور

342- أبو أمامة قال النبي : لما عرج بي إلى السماء رأيت مكتوبا على ساق العرش بالنور لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي ثم بعده الحسن والحسين ورأيت عليا عليا عليا ورأيت محمدا محمدا مرتين وجعفرا وموسى والحسن والحجة اثنى عشر اسما مكتوبا بالنور فقلت : يا رب أسامي من هؤلاء الذين قرنتهم بي ؟ فنوديت : يا محمد هم الأئمة بعدك والأخيار من ذريتك (1).

مثل لي أمتي بالطين

344 - علي بن الحسين المسعودي في اثبات الوصية : وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، أنه قال : ان الله جل وعلا ، لما عرج بي إليه ، مثل لي أمتي بالطين من أولها إلى آخرها ، فأنا أعرف بهم من أحدكم بأخيه ، وعلمني الأسماء كلها ، وفرض على أمته الصلاة ، في تلك الليلة (2).

هذه نسبتك ونسبة أهل بيتك

345 - وجاء في حديث المعراج عن الباقر عليه السلام أنه قال : لما عرج بالنبي صلى الله عليه وآله وعلمه الله سبحانه الأذان والإقامة والصلاة فلما صلى أمره سبحانه أن يقرأ في الركعة الأولى بالحمد والتوحيد ، وقال له : هذا نسبتي ، وفي الثانية بالحمد وسورة القدر وقال : يا محمد هذه نسبتك ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة (3).

ص: 198


1- مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 254
2- المناقب لابن شهرآشوب ج 1 ص 43 ، إثبات الوصية ص 118، مستدرك الوسائل ج 3/ 90
3- بحار الأنوار ج 25 ص 98

عرض الولاية على الموجودات

346 - عن فاطمة الزهراء عليها السلام قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأبصرته بقلبي ، ولم أره بعيني ، فسمعت أذانا مثنى مثنى ، وإقامة وترا وترا ، فسمعت مناديا ينادي : يا ملائكتي وسكان سماواتي وأرضي وحملة عرشي اشهدوا أني لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ، قالوا : شهدنا وأقررنا ، قال : اشهدوا يا ملائكتي وسكان سماواتي وأرضي وحملة عرشي أن محمدا عبدي ورسولي ، قالوا : شهدنا وأقررنا ، قال : اشهدوا يا ملائكتي وسكان سماواتي وأرضي وحملة عرشي أن عليا وليي وولي رسولي ، وولي المؤمنين بعد رسولي ، قالوا : شهدنا و أقررنا . قال عباد بن صهيب : قال جعفر بن محمد ، قال أبو جعفر عليه السلام : وكان ابن عباس إذا ذكر هذا الحديث فقال : أنا أجده في كتاب الله : (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا). قال : فقال ابن عباس رضي الله عنه : والله ما استودعهم دينارا ولا درهما ولا كنزا من كنوز الأرض ، ولكنه أوحى إلى السماوات والأرض والجبال من قبل أن يخلق آدم عليه السلام أني مخلف فيك الذرية : ذرية محمد صلى الله عليه وآله ، فما أنت فاعلة بهم ؟ إذا دعوك فأجيبيهم وإذا آووك فآويهم ، وأوحى إلى الجبال : إذا دعوك فأجيبيهم وأطيعي على عدوهم فأشفقن منها السماوات والأرض والجبال عما سأله الله من الطاعة فحملها بنو آدم فحملوها قال عباد : قال جعفر عليه السلام : والله ما وفوا بما حملوا من طاعتهم (1).

اعلى المقامات

347 - عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سمعته يقول : إن جبرئيل احتمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أتى به إلى مكان من السماء ثم تركه ، وقال له : ما وطئ نبي قط مكانك (2).

واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا

348 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أتى رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو في مسجد الكوفة وقد احتبى بحمائل سيفه ، فقال : يا أمير المؤمنين إن في القرآن آية قد أفسدت علي ديني وشككتني في ديني ، قال : وما ذلك ؟ قال : قول الله عز وجل (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمان آلهة يعبدون) فهل كان في ذلك الزمان نبي غير محمد (صلى الله عليه وآله) فيسأله عنه ؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : اجلس أخبرك به إن شاء الله . إن الله عز وجل يقول في كتابه : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا) فكان من آيات الله التي أراها محمدا أنه انتهى به جبرئيل إلى البيت المعمور وهو المسجد الأقصى ، فلما دنا منه أتى جبرئيل عينا فتوضأ منها ، ثم قال : يا محمد توضأ ، ثم قام جبرئيل فأذن ، ثم قال للنبي : تقدم فصل واجهر بالقراءة فإن خلفك أفقا من الملائكة لا

ص: 199


1- تفسير فرات : 31 . سعد السعود : 122 . بحار الأنوار ج 23 ص 282 ،
2- بحار الأنوار ج 18 ص 398

يعلم عدتهم إلا الله جل وعز ، وفي الصف الأول آدم ونوح وإبراهيم وهود وموسى وعيسى وكل نبي بعث الله تبارك وتعالى منذ خلق السماوات والأرض إلى أن بعث محمدا فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصلى بهم غير هائب ولا محتشم . فلما انصرف أوحى إليه كلمح البصر : سل يا محمد من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمان آلهة يعبدون ، فالتفت إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجميعه فقال : بم تشهدون ؟ قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله ، وأن عليا أمير المؤمنين وصيك ، وكل نبي مات خلف وصيا من عصبته غير هذا - وأشار إلى عيسى بن مريم - فإنه لا عصبة له ، وكان وصيه شمعون الصفا بن حمون بن عامة . ونشهد أنك رسول الله سيد النبيين وأن علي بن أبي طالب سيد الوصيين أخذت على ذلك مواثيقنا لكما بالشهادة . فقال الرجل : أحييت قلبي وفرجت عني يا أمير المؤمنين (1).

مناجاة خاصة

349 - عن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام في قوله عز وجل : (ذو مرة فاستوى) ، إلى قوله : (إذ يغشى السدرة ما يغشى) فإن النبي (صلى الله عليه وآله) لما أسري به إلى ربه جل وعز قال : وقف بي جبرئيل (عليه السلام) عند شجرة عظيمة لم أر مثلها ، على كل غصن منها وعلى كل ورقة منها ملك ، وعلى كل ثمرة منها ملك ، وقد كللها نور من نور الله جل وعز ، فقال جبرئيل : هذه سدرة المنتهى ، كان ينتهي الأنبياء من قبلك إليها ، ثم لا يجاوزونها ، وأنت تجوزها إن شاء الله ليريك من آياته الكبرى ، فاطمئن أيدك الله بالثبات ، حتى تستكمل كرامات الله ، وتصير إلى جواره ، ثم صعد بي حتى صرت تحت العرش فدلى لي رفرف أخضر ما أحسن أصفه ، فرفعني الرفرف(2) بإذن الله إلى ربي فصرت عنده ، وانقطع عني أصوات الملائكة ودويهم ، وذهبت عني المخاوف والروعات وهدأت نفسي واستبشرت ، وظننت أن جميع الخلائق قد ماتوا أجمعين ، ولم أر عندي أحدا من خلقه ، فتركني ما شاء الله ، ثم رد علي روحي فأفقت ، فكان توفيقا من ربي عز وجل أن غمضت عيني ، وكل بصري وغشي عني النظر ، فجعلت أبصر بقلبي كما أبصر بعيني ، بل أبعد وأبلغ ، فذلك قوله جل وعز : (ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى)وإنما كنت أرى في مثل مخيط الإبرة ، ونور بين يدي ربي لا تطيقه الابصار ،

فناداني ربي عز وجل فقال تبارك وتعالى : يا محمد ،

قلت : لبيك ربي وسيدي وإلهي لبيك ،

قال : هل عرفت قدرك عندي ومنزلتك وموضعك ؟

قلت : نعم يا سيدي ،

قال : يا محمد هل عرفت موقفك مني وموضع ذريتك

قلت : نعم يا سيدي ،

قال : فهل تعلم يا محمد فيما اختصم الملا الاعلى ؟

ص: 200


1- اليقين ص 405 ، تفسير العياشي : 177 ، بحار الأنوار ج 18 ص 393 و ج 26 ص 285و ج 37 ص 316، نوادر المعجزات ص 71
2- قال الجوهري : الرفرف : ثياب خضر تتخذ منها المحابس ، الواحدة رفرفة ، والرفرف أيضا : كسر الخباء وجوانب الدرع وما تدلى منها

فقلت : يا رب أنت أعلم وأحكم وأنت علام الغيوب ،

قال : اختصموا في الدرجات والحسنات ، فهل تدري ما الدرجات والحسنات ؟

قلت : أنت أعلم يا سيدي وأحكم ،

قال : إسباغ الوضوء في المكروهات ، والمشي على الاقدام إلى الجمعات معك ومع الأئمة من ولدك ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، وإفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والتهجد بالليل والناس نيام قال : (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه)

قلت : نعم يا رب (والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)

قال : صدقت يا محمد (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) وأغفر لهم ،

وقلت : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) إلى آخر السورة ،

قال : ذلك لك ولذريتك يا محمد !

قلت : ربي وسيدي وإلهي !

قال : أسألك عما أنا أعلم به منك ؟ من خلفت في الأرض بعدك ؟

قلت : خير أهلها لها : أخي وابن عمي ، وناصر دينك يا رب ، والغاضب لمحارمك إذا استحلت ، ولنبيك ، غضب النمر إذا جدل ، علي بن أبي طالب ،

قال : صدقت يا محمد إني اصطفيتك بالنبوة ، وبعثتك بالرسالة ، وامتحنت عليا بالبلاغ والشهادة إلى أمتك ، وجعلته حجة في الأرض معك وبعدك ، وهو نور أوليائي ، وولي من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين يا محمد ، وزوجته فاطمة ، وإنه وصيك ووارثك ووزيرك ، وغاسل عورتك ، وناصر دينك ، والمقتول على سنتي وسنتك ، يقتله شقي هذه الأمة ،

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم أمرني ربي بأمور وأشياء أمرني أن أكتمها ولم يؤذن لي في إخبار أصحابي بها ، ثم هوى بي الرفرف فإذا أنا بجبرئيل فتناقلني منه حتى صرت إلى سدرة المنتهى ، فوقف بي تحتها ، ثم أدخلني إلى جنة المأوى ، فرأيت مسكني ومسكنك يا علي فيها ، فبينا جبرئيل يكلمني إذ تجلى لي نور من نور الله عز وجل فنظرت إلى مثل مخيط الإبرة إلى مثل ما كنت نظرت إليه في المرة الأولى ، فناداني ربي جل وعز : يا محمد ،

قلت : لبيك ربي وسيدي وإلهي

قال : سبقت رحمتي غضبي لك ولذريتك ، أنت مقربي من خلقي ، وأنت أميني وحبيبي ورسولي ، وعزتي وجلالي لو لقيني جميع خلقي يشكون فيك طرفة عين ، أو يبغضون صفوتي من ذريتك لأدخلنهم ناري ولا أبالي ، يا محمد علي أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم ، أبو السبطين ، سيدي شباب أهل جنتي ، المقتولين ظلما ،

ثم فرض على الصلاة وما أراد تبارك وتعالى ، وقد كنت قريبا منه في المرة الأولى مثل ما بين كبد القوس إلى سيته ، فذلك قوله عز وجل : (قاب قوسين أو أدنى) من ذلك

ص: 201

ثم ذكر سدرة المنتهى فقال : (ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى) يعني ما غشي السدرة من نور الله وعظمته (1).

صحيفة اصحاب اليمين والشمال

350 - عن عبد الصمد بن بشير قال : ذكر عند أبي عبد الله بدء الاذان وقصة الاذان في إسراء النبي حتى انتهى إلى السدرة المنتهى ، قال فقالت السدرة المنتهى : ما جازني مخلوق قبلك ، قال : ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال : فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ، قال : وأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه ففتحه فنظر إليه فإذا فيه أسماء أهل الجنة ، وأسماء آبائهم وقبائلهم ، قال : فقال له :(آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) قال : فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه و رسله) قال : فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال : فقال الله قد فعلت ، قال : (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا) إلى آخر السورة وكل ذلك يقول الله : قد فعلت ، قال : ثم طوى الصحيفة فأمسكها بيمينه وفتح صحيفة أصحاب الشمال فإذا فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ، قال : فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ، قال : فقال الله : (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون) قال : فلما فرغ من مناجاة ربه رد إلى البيت المعمور ، ثم قص قصة البيت والصلاة فيه ، ثم نزل ومعه الصحيفتان فدفعهما إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) (2).

كلام الرب بلغة علي

351- عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله وقد سئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج ؟

فقال : خاطبني بلغة علي بن أبي طالب عليه السلام وألهمني أن قلت : يا رب أخاطبتني أنت أم علي ؟

فقال يا أحمد شئ ليس كالأشياء ، ولا أقاس بالناس ، ولا أو صف بالأشياء ، خلقتك من نوري وخلقت عليا من نورك ، فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد على قلبك أحب من علي بن أبي طالب (عليه السلام) فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك (3).

امير المؤمنين كان حاضرا

352 - عن أبي عبد الله عن آبائه ، عن علي (عليهم السلام) قال : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا علي إنه لما أسري بي إلى السماء تلقتني الملائكة بالبشارات في كل سماء حتى لقيني جبرئيل في محفل من الملائكة ، فقال لو اجتمعت أمتك على حب علي ما خلق الله عز وجل النار ، يا علي إن الله تعالى أشهدك معي في سبعة مواطن حتى آنست بك ،

ص: 202


1- بحار الأنوار ج 18 ص 393 و ج 37 ص 319
2- بحار الأنوار ج 18 383
3- بحار الأنوار ج 18 383

أما أول ذلك: فليلة أسري بي إلى السماء قال لي جبرئيل (عليه السلام) : أين أخوك يا محمد ؟

فقلت : خلفته ورائي ، فقال : ادع الله عز وجل فليأتك به ، فدعوت الله عز وجل فإذا مثالك معي ، وإذا الملائكة وقوف صفوفا ، فقلت يا جبرئيل من هؤلاء قال :

هؤلاء الذين يباهي الله عز وجل بهم يوم القيامة ،

فدنوت فنطقت بما كان و بما يكون إلى يوم القيامة .

والثانية : حين أسري بي إلى ذي العرش عز وجل قال جبرئيل : أين أخوك يا محمد ؟

فقلت : خلفته ورائي ،

فقال : ادع الله عز وجل فليأتك به ، فدعوت الله عز وجل فإذا مثالك معي ، وكشط لي عن سبع سماوات حتى رأيت سكانها وعمارها وموضع كل ملك منها .

والثالثة : حيث بعثت إلى الجن ، فقال لي جبرئيل : أين أخوك ؟

فقلت : خلفته ورائي ،

فقال : ادع الله عز وجل فليأتك به فدعوت الله عز وجل : فإذا أنت معي فما قلت لهم شيئا ولا ردوا علي شيئا إلا سمعته ووعيته .

والرابعة : خصصنا بليلة القدر وأنت معي فيها وليست لاحد غيرنا .

والخامسة : ناجيت الله عز وجل ومثالك معي ، فسألت فيك فأجابني إليها إلا النبوة فإنه قال : خصصتها بك ، وختمتها بك .

والسادسة : لما طفت بالبيت المعمور كان مثالك معي .

والسابعة : هلاك الأحزاب على يدي وأنت معي يا علي ،

إن الله أشرف إلى الدنيا ، فاختارني على رجال العالمين ،

ثم اطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين ،

ثم اطلع الثالثة فاختار فاطمة على نساء العالمين ،

ثم اطلع الرابعة فاختار الحسن والحسين والأئمة من ولدها على رجال العالمين ،

يا علي إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن فآنست بالنظر إليه :

إني لما بلغت بيت المقدس في معارجي إلى السماء وجدت على صخرتها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله : أيدته بوزيره ، ونصرته به فقلت : يا جبرئيل ومن وزيري ؟

فقال : علي بن أبي طالب (عليه السلام) ،

فلما انتهيت إلى السدرة المنتهى وجدت مكتوبا لا إله إلا الله أنا وحدي ، ومحمد صفوتي من خلقي أيدته بوزيره و نصرته به فقلت : يا جبرئيل ومن وزيري ؟

فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام) ،

فلما جاوزت السدرة وانتهيت إلى عرش رب العالمين وجدت مكتوبا على قائمة من قوائم العرش : لا إله إلا الله أنا وحدي ، محمد حبيبي وصفوتي من خلقي ، أيدته بوزيره وأخيه و نصرته به

يا علي إن الله عز وجل أعطاني فيك سبع خصال :

أنت أول من ينشق القبر عنه

وأنت أول من يقف معي على الصراط فتقول للنار : خذي هذا فهو لك ، وذري هذا فليس هو لك ،

وأنت أول من يكسى إذا كسيت ، ويجئ إذا جئت ،

ص: 203

وأنت أول من يقف معي عن يمين العرش ،

وأول من يقرع معي باب الجنة ، وأول من يسكن معي عليين ،

وأول من يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون (1).

الله يصلي

353 - عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) فانتهى إلى موضع ، قال له جبرئيل : قف فإن ربك يصلي ،

قال : قلت : جعلت فداك وما كان صلاته ؟

فقال : كان يقول : سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبي (2).

354- عمر بن إبراهيم الأوسي : قال : روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لما كانت الليلة التي أسري بي إلى السماء وقف جبرئيل في مقامه وغبت عن تحية كل ملك وكلامه وصرت بمقام انقطع عني فيه الأصوات ، وتساوى عندي الاحياء والأموات ، اضطرب قلبي ، وتضاعف كربي ، فسمعت مناديا ينادي بلغة علي بن أبي طالب : قف يا محمد ، فإن ربك يصلي . قلت : كيف يصلي وهو غني عن الصلاة لاحد ، وكيف بلغ علي هذا المقام ؟ فقال الله تعالى : اقرأ يا محمد ، (هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور) ، وصلاتي رحمة لك ولأمتك ، فأما سماعك صوت علي فإن أخاك موسى لما جاء جبل الطور وعاين ما عاين من عظيم الأمور أذهله ما رآه عما يلقى إليه فشغلته عن الهيبة بذكر الله حب الأشياء إليه وهي العصا إذ قلت له : (وما تلك بيمينك يا موسى) ولما كان عليا أحب الناس إليك ناديناك بلغته وكلامه ليسكن ما بقلبك من الرعب ، ولتفهم ما يلقى إليك ، قال (ولي فيها مآرب أخرى) بها ألف معجزة (3).

ثم دنى ثم دنى الف مرة

355- وفي رواية : إنه نوديت ألف مرة بالدنو ، وفي كل مرة قضيت لي حاجة ،

ثم قال لي : سل تعط ،

فقلت : يا رب اتخذت إبراهيم خليلا ،

وكلمت موسى تكليما ،

وأعطيت سليمان ملكا عظيما ، فماذا أعطيتني ؟

فقال اتخذت إبراهيم خليلا ، واتخذتك حبيبا ،

و كلمت موسى تكليما على بساط الطور : وكلمتك على بساط النور ،

وأعطيت سليمان ملكا فانيا ، وأعطيتك ملكا باقيا في الجنة (4).

ص: 204


1- الأمالي الطوسي ص 641 ،مختصر البصائر : 69 . القمي في تفسيره : 2 / 335 باختلاف وعنه البحار : 18 / 405 ح 112 . وأخرجه المؤلف في البرهان : 4 / 247 ح 5 ، بحار الأنوار ج 18 ص 388
2- بحار الأنوار ج 18 383
3- مدينة المعاجز ج 2 ص 403
4- بحار الأنوار ج 18 383

356- وروي : أنا المحمود وأنت محمد ، شققت اسمك من اسمي ، فمن وصلك وصلته ، ومن قطعك بتلته ، وانزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك ، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا ، وأنك رسولي ، وأن عليا وزيرك

357- وروي أنه لما بلغ إلى السماء السابعة نودي : يا محمد إنك لتمشي في مكان ما مشى عليه بشر ، فكلمه الله تعالى فقال : (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) قال : نعم يا رب (والمؤمنون كل آمن بالله) فقال الله :(لا يكلف الله نفسا) الآية فقال : (ربنا لا تؤاخذنا) السورة ، فقال : قد فعلت ، ثم قال : من خلفت لامتك من بعدك ؟ فقال : الله أعلم ، قال : إن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (1).

التكريم

358- ويقال : أعطاه الله تلك الليلة أربعة :

رفع عنها علم الخلق فكان قاب قوسين

و المناجاة فأوحى إلى عبده والسدرة إذ يغشى السدرة

وإمامة علي (عليه السلام) .

359- وقالوا : المعراج خمسة أحرف :

فالميم مقام الرسول عند الملك الاعلى ،

والعين عزه عند شاهد كل نجوى ،

والراء رفعته عند خالق الورى ،

والألف انبساطه مع عالم السر وأخفى ،

والجيم جاهه في ملكوت العلى (2).

أوحى إلي من وراء الحجاب

360 - عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لقد أسرى بي ربي فأوحى إلي من وراء الحجاب ما أوحى ، وكلمني ، وكان مما كلمني أن قال : يا محمد علي الأول ، و علي الآخر ، والظاهر والباطن ، وهو بكل شئ عليم ، فقال : يا رب أليس ذلك أنت ؟ قال ، فقال : يا محمد أنا الله لا إله إلا أنا الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ، إني أنا الله لا إله إلا أنا الخالق البارئ المصور ، لي الأسماء الحسنى ، يسبح لي من في السماوات والأرضين ، وأنا العزيز الحكيم ، يا محمد إني أنا الله لا إله أنا الأول ولا شئ قبلي ، وأنا الآخر فلا شئ بعدي ، وأنا الظاهر فلا شئ فوقي ، وأنا الباطن فلا شئ تحتي ، وأنا الله لا إله إلا أنا بكل شئ عليم ، يا محمد علي الأول : أول من أخذ ميثاقي من الأئمة ، يا محمد علي الآخر : آخر من أقبض روحه من الأئمة ، وهي الدابة التي تكلمهم ، يا محمد علي الظاهر : اظهر عليه جميع ما أوحيته إليك ، ليس لك أن تكتم منه شيئا ، يا محمد

ص: 205


1- بحار الأنوار ج 18 383
2- بحار الأنوار ج 18 383

علي الباطن : أبطنته سري الذي أسررته إليك ، فليس فيما بيني وبينك سر أزويه يا محمد عن علي ، ما خلقت من حلال أو حرام إلا وعلي عليم به (1).

أراه الله من نور عظمته ما أحب

361 - عن ابن أبي نصر قلت : للرضا عليه السلام : جعلت فداك ، إن بعض أصحابنا يقولون : نسمع الأثر يحكى عنك وعن آبائك عليهم السلام فنقيس عليه ونعمل به

فقال : سبحان الله ، لا والله ما هذا من دين جعفر عليه السلام ، هؤلاء قوم لا حاجة بهم إلينا ، قد خرجوا من طاعتنا وصاروا في موضعنا ، فأين التقليد الذي كانوا يقلدون جعفرا وأبا جعفر عليهما السلام ؟ قال جعفر : لا تحملوا على القياس ، فليس من شئ يعدله القياس إلا والقياس يكسره . فقلت له : جعلت فداك ، وهم يقولون في الصفة . فقال لي هو ابتداءا : إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري به أوقفه جبرئيل عليه السلام موقفا لم يطأه أحد قط ، فمضى النبي صلى الله عليه وآله فأراه الله من نور عظمته ما أحب .

فوقفته على التشبيه (2).

فقال : سبحان الله دع ذا لا ينفتح عليك منه أمر عظيم . (3)

ابتلاء النبي بثلاث

362 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) إلى السماء قيل له : ان الله تبارك وتعالى يختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك ، قال : أسلم لأمرك يا رب ولا قوة لي على الصبر الا بك ، فما هن ،

قيل له : أولهن الجوع والاثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة ،

قال : قبلت يا رب ورضيت وسلمت ومنك التوفيق والصبر .

واما الثانية فالتكذيب والخوف الشديد وبذلك مهجتك في محاربة أهل الكفر بمالك ونفسك ، والصبر على ما يصيبك منهم من الأذى ومن أهل النفاق والألم في الحرب والجراح ،

قال : قبلت يا رب ورضيت وسلمت ومنك التوفيق والصبر .

وأما الثالثة فما يلقي أهل بيتك من بعدك من القتل ،

اما أخوك علي فيلقى من أمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجحد والظلم وآخر ذلك القتل ،

فقال : يا رب قبلت ورضيت ومنك التوفيق والصبر ،

ص: 206


1- مختصر البصائر ص 216 ، بصائر الدرجات : 514 / 36 ، وعنه في البحار 18 : 377 / 82 ، و 40 : 38 / 73 ، و 94 : 180 / 7 ، وعن المختصر في البحار 53 : 68 / 65و ج 91 ص 180
2- فقال لي هو ابتداءا أي من غير أن أذكر ما وصفوه من التشبيه ، فوقفته على التشبيه أي فذكرت له ما يقولون في التشبيه فأجابه عليه السلام بتنزيهه تعالى عن ذلك ، ونهاه عن القول بذلك ، والتفكر فيه لئلا ينفتح عليه من ذلك أمر عظيم هو الكفر والخروج عن الدين
3- الكافي ج 1 ص 98،التوحيد : 108 / 4 ، قرب الاسناد ص 356 ،البحار 2 : 299 / 28 و 3 : 296 / 22 و46 : 181 / 44 و ج 3 ص 296

وأما ابنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصبا الذي تجعله لها ، وتضرب وهي حامل ، ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير اذن ، ثم يمسها هوان وذل ثم لا تجد مانعا ، وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب .

قلت : انا لله وانا إليه راجعون قبلت يا رب وسلمت ومنك التوفيق للصبر ،

ويكون لها من أخيك ابنان ، يقتل أحدهما غدرا ويسلب ويطعن تفعل به ذلك أمتك ،

قلت : يا رب قبلت وسلمت انا لله وانا إليه راجعون ومنك التوفيق للصبر .

واما ابنها الاخر فتدعوه أمتك للجهاد ثم يقتلونه صبرا ويقتلون ولده ومن معه من أهل بيته ثم يسلبون حرمه ، فيستعين بي وقد مضى القضاء مني فيه بالشهادة له ولمن معه ، ويكون قتله حجة على من بين قطريها ، فيبكيه أهل السماوات وأهل الأرضين جزعا عليه ، وتبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته ، ثم اخرج من صلبه ذكرا به أنصرك ، وان شبحه عندي تحت العرش ، يملأ الأرض بالعدل ويطبقها بالقسط ، يسير معه الرعب يقتل حتى يشك فيه ،

قلت : انا لله .

فقيل : ارفع رأسك ، فنظرت إلى رجل أحسن الناس صورة وأطيبهم ريحا ، والنور يسطع من بين عينيه ومن فوقه ومن تحته ، فدعوته فأقبل إلي ، وعليه ثياب النور وسيما كل خير ، حتى قبل بين عيني ، ونظرت إلى الملائكة قد حفوا به لا يحصيهم الا الله عز وجل .

فقلت : يا رب لمن يغضب هذا ولمن أعددت هؤلاء وقد وعدتني النصر فيهم فأنا أنتظره منك ، وهؤلاء أهلي وأهل بيتي وقد أخبرتني مما يلقون من بعدي ولئن شئت لأعطيتني النصر فيهم على من بغى عليهم ، وقد سلمت وقبلت ورضيت ، ومنك التوفيق والرضا ، والعون على الصبر .

فقيل لي : أما أخوك فجزاؤه عندي جنة المأوي نزلا بصبره ، أفلج حجته على الخلائق يوم البعث ، وأوليه حوضك يسقي منه أولياءكم ويمنع منه أعداءكم ، واجعل عليه جهنم بردا وسلاما يدخلها ويخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من المودة ، واجعل منزلتكم في درجة واحدة في الجنة .

واما ابنك المخذول المقتول وابنك المغدور المقتول صبرا ، فإنهما مما أزين بهما عرشي ، ولهما من الكرامة سوى ذلك مما لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء ، فعلي فتوكل ، ولكل من أتى قبره في الخلق من الكرامة ، لان زواره زوارك وزوارك زواري وعلي كرامة زواري ، وانا أعطيه ما سأل ، وأجزيه جزاء يغبطه من نظر إلى عظمتي إياه وما أعددت له من كرامتي .

واما ابنتك فاني أوقفها عند عرشي فيقال لها : ان الله قد حكمك في خلقه فمن ظلمك وظلم ولدك فاحكمي فيه بما أحببت فاني أجيز حكومتك فيهم فتشهد العرصة ، فإذا وقف من ظلمها أمرت به إلى النار ، فيقول الظالم : وا حسرتاه على ما فرطت في جنب الله ، ويتمنى الكرة ، ويعض الظالم على يديه ويقول :(يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا) . وقال :(حتى إذا جاءنا قال : يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين) ،(ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم انكم في العذاب مشتركون)، فيقول الظالم :(أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون)، أو الحكم لغيرك ، فيقال لهم : (الا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون).

ص: 207

وأول من يحكم فيهم محسن بن علي (عليه السلام) وفي قاتله ، ثم في قنفذ ، فيؤتيان هو وصاحبه ، فيضربان بسياط من نار ، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها ، ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا ، فيضربان بها ثم يجثو أمير المؤمنين (عليه السلام) بين يدي الله للخصومة مع الرابع ، فيدخل الثلاثة في جب فيطبق عليهم ، لا يراهم أحد ولا يرون أحدا ، فيقول الذين كانوا في ولايتهم : (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت اقدامنا ليكونا من الأسفلين ، قال الله عز وجل : ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم انكم في العذاب مشتركون) . فعند ذلك ينادون بالويل والثبور ، ويأتيان الحوض فيسألان عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعهم حفظة ، فيقولان : اعف عنا واسقنا وتخلصنا ، فيقال لهم :(فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون)بإمرة المؤمنين ، ارجعوا ظمأ مظمئين إلى النار ، فما شرابكم الا الحميم والغسلين ، وما تنفعكم شفاعة الشافعين (1).

ما سمعت شيئا قط هو أحلى من كلام ربي

363 - عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : لما أسري بي إلى السماء ما سمعت شيئا قط هو أحلى من كلام ربي عز وجل ، قال : فقلت : يا رب اتخذت إبراهيم خليلا ، وكلمت موسى تكليما ، ورفعت إدريس مكانا عليا ، وآتيت داود زبورا ، وأعطيت سليمان ملكا لا ينبغي لاحد من بعده ، فماذا لي يا رب ؟ فقال : جل جلاله : يا محمد اتخذتك خليلا كما اتخذت إبراهيم خليلا ، وكلمتك تكليما كما كلمت موسى تكليما ، وأعطيتك فاتحة الكتاب وسورة البقرة ولم أعطهما نبيا قبلك . وأرسلتك إلى أسود أهل الأرض وأحمرهم ، وإنسهم وجنهم ، ولم ارسل إلى جماعتهم نبيا قبلك ، وجعلت الأرض لك ولأمتك مسجدا وطهورا ، وأطعمت أمتك الفئ ولم أحله لاحد قبلها ، ونصرتك بالرعب حتى أن عدوك ليرعب منك ، وأنزلت سيد الكتب كلها مهيمنا عليك قرآنا عربيا مبينا ، ورفعت لك ذكرك حتى لا اذكر بشئ من شرائع ديني إلا ذكرت معي (2).

لم يكن بينه وبينه إلا قفص من لؤلؤ

364 - عن حمران قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل في كتابه(ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) قال : أدنى الله عز وجل محمدا نبيه (صلى الله عليه وآله) ، فلم يكن بينه وبينه إلا قفص من لؤلؤ فيه فراش يتلألأ من ذهب فاري صورة ، فقيل : يا محمد أتعرف هذه الصورة ؟ فقلت : نعم ، هذه صورة علي بن أبي طالب ، فأوحى الله إلي أن زوجه فاطمة وأتخذه وليا (3).

مناجاة المعراج

365- روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله سأل ربه سبحانه ليلة المعراج فقال :

يارب أي الاعمال أفضل ؟

ص: 208


1- كامل الزيارات ص 547 ، الجواهر السنية ص 288 ، بحار الأنوار ج 28 ص 61
2- المحتضر ص 257، بحار الأنوار ج 18 ص 304
3- بحار الأنوار ج 18 ص 299

فقال الله عزوجل : ليس شئ عندي أفضل من التوكل علي والرضى بما قسمت

يامحمد وجبت محبتي للمتحابين في ووجبت محبتي للمتعاطفين في ، ووجبت محبتي للمتواصلين في ، ووجبت محبتي للمتوكلين علي ، وليس لمحبتي علم ولا غاية ولا نهاية وكلما رفعت لهم علما وضعت لهم علما ، اولئك الذين نظروا إلى المخلوقين بنظري إليهم ، ولا يرفعوا الحوائج إلى الخلق ، بطونهم خفيفة من أكل الحلال ، نعيمهم في الدنيا ذكري ، ومحبتي ورضاي عنهم

يا أحمد إن أحببت أن تكون أورع الناس فازهد في الدنيا وارغب في الاخرة

فقال : يا إلهي كيف أزهد في الدنيا وأرغب في الاخرة ؟

قال : خذ من الدنيا خفا من الطعام والشراب واللباس ولا تدخر لغد ، ودم على ذكري

فقال : يارب و كيف أدوم على ذكرك ؟

فقال : بالخلوة عن الناس ، وبغضك الحلو والحامض ، و فراغ بطنك وبيتك من الدنيا .

يا أحمد فاحذر أن تكون مثل الصبي إذا نظر إلى الاخضر والاصفر أحبه وإذا اعطى شئ من الحلو والحامض اغتربه

فقال : يارب دلني على عمل أتقرب به إليك

قال : اجعل ليلك نهارا ، ونهارك ليلا

قال : يا رب كيف ذلك ؟

قال : اجعل نومك صلاة ، وطعامك الجوع .

يا أحمد وعزتي وجلالي ما من عبد مؤمن ، ضمن لي بأربع خصال إلا أدخلته الجنة : يطوي لسانه فلا يفتحه إلابما يعنيه ، ويحفظ قلبه من الوسواس ، يحفظ علمي ونظري إليه ، وتكون قرة عينه الجوع .

يا أحمد لو ذقت حلاوة الجوع والصمت والخلوة وما ورثوا منها

قال : يا رب ما ميراث الجوع ؟

قال : الحكمة ، وحفظ القلب ، والتقرب إلي ، والحزن الدائم وخفة المؤمنة بين الناس وقول الحق ، ولا يبالي عاش بيسر أو بعسر .

يا أحمد هل تدري بأي وقت يتقرب العبد إلى الله ؟

قال : لا يارب

قال : إذا كان جايعا أوساجدا .

يا أحمد عجبت من ثلاثة عبيد : عبد دخل في الصلاة وهو يعلم إلى من يرفع يديه وقدام من هو ، وهو ينعس وعجبت من عبدله قوت يوم من الحشيش أو غيره وهويهتم لغد ، وعجبت من عبد لا يدري أني راض عنه أم ساخط عليه وهو يضحك .

ياأحمد إن في الجنة قصرا من لؤلؤة فوق لؤلؤة ، ودرة فوق درة ليس فيها قصم ولا وصل فيها الخواص ، أنظر إليهم كل يوم سبعين مرة واكلمهم ، كلما نظرت إليهم أزيد في ملكهم سبعين ضعفا ، وإذا تلذذ أهل الجنة بالطعام والشراب تلذذوا بكلامي وذكري وحديثي .

قال : يارب ما علامات اولئك ؟

قال : هم في الدنيا مسجونون ، قد سجنوا ألسنتهم من فضول الكلام ، وبطونهم من فضول الطعام .

يا أحمد إن المحبة لله هي المحبة للفقراء والتقرب إليهم

ص: 209

قال : يا رب و من الفقراء ؟

قال : الذين رضوا بالقليل ، وصبروا على الجوع ، وشكروا على الرخاء ، ولم يشكروا جوعهم ولاظمأهم ، ولم يكذبوا بألسنتهم ، ولم يغضبوا على ربهم ولم يغتموا على ما فاتهم ولم يفرحوا بما آتاهم .

يا أحمد محبتي محبة للفقراء فادن الفقراء وقري مجلسهم منك ادنك ، و بعد الاغنياء ، وبعد مجلسهم منك فان الفقراء أحبائي .

يا أحمد لا تتزين بلين اللباس ، وطيب الطعام ، ولين الوطاء ، فان النفس مأوى كل شر وهي رفيق كل سوء ، تجرها إلى طاعة الله ، وتجرك إلى معصية وتخالفك في طاعته . وتطيعك فيما تكره ، وتطغى إذا شبعت ، وتشكو إذا جاعت ، و تغضب إذا افتقرت ، وتتكبر إذا استغنت وتنسى إذا كبرت ، وتغفل إذا أمنت وهي قرينة الشيطان ، ومثل النفس كمثل النعامة تأكل الكثير وإذا حمل عليها لا تطير ، ومثل الدفلي لونه حسن وطعمه مر .

يا أحمد أبغض الدنيا وأهلها وأحب الآخرة وأهلها

قال : يارب ومن أهل الدنيا ومن أهل الآخرة ؟

قال : أهل الدنيا من كثر أكله وضحكه ونومه وغضبه قليل الرضا لا يعتذر إلى من أساء إليه ولا يقبل معذرة من اعتذر إليه ، كسلان عند الطاعة ، شجاع عند المعصية ، أمله بعيد وأجله قريب ، لا يحاسب نفسه ، قليل المنفعة ، كثير الكلام ، قليل الخوف ، كثير الفرح عند الطعام ، وإن أهل الدنيا لايشكرون عند الرخاء ، ولا يصبرون عند البلاء ، كثير الناس عندهم قليل ، يحمدون أنفسهم بما لا يفعلون ، ويدعون بما ليس لهم ، ويتكلمون بما يتمنون ، ويذكرون مساوي الناس ويخفون حسناتهم .

قال : يا رب هل يكون سوى هذا العيب في أهل الدنيا ؟

قال : يا أحمد إن عيب أهل الدنيا كثير فيهم الجهل ، والحمق ، لا يتواضعون لمن يتعلمون منه وهم عند أنفسهم عقلاء وعند العارفين حمقاء .

يا أحمد إن أهل الخير وأهل الاخرة رقيقة وجوههم ، كثير حياؤهم ، قليل حمقهم ، كثير نفعهم ، قليل مكرهم ، الناس منهم في راحة وأنفسهم منهم في تعب كلامهم موزون ، محاسبين لانفسهم ، متعبين لها ، تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ، أعينهم باكية وقلوبهم ذاكرة ، إذا كتب الناس من الغافلين كتبوا من الذاكرين ، في أول النعمة يحمدون وفي آخرها ، ويشكرون ، دعاؤهم عند الله مرفوع ، وكلامهم مسموع ، تفرح الملائكة بهم ، يدور دعاؤهم تحت الحجب ، يحب الرب أن يسمع كثرة الطعام ، ولا كثرة الكلام ، ولا كثرة اللباس ، الناس عندهم موتى ، والله عندهم حي قيوم كريم ، يدعون المدبرين كرما ، ويريدون المقبلين تلطفا ، قد صارت الدنيا والآ خرة عندهم واحدة ، يموت الناس مرة ويموت أحدهم في كل يوم سبعين مرة من مجاهدة أنفسهم ومخالفة هواهم ، والشيطان الذي يجري في عروقهم ، ولو تحركت ريح لز عز عتهم ، وإن قاموا بين يدي كأنهم بنيان مرصوص لا أرى في قلبهم شغلا لمخلوق ، فو عزتي وجلالي لا حيينهم حياة طيبة ، إذا فارقت أرواحهم من جسدهم ، لا اسلط عليهم ملك الموت ، ولا يلي قبض روحهم غيري ولا فتحن لروحهم أبواب السماء كلها ، ولا رفعن الحجب كلها دوني ، ولآمرن الجنان فلتزينن ، والحور العين فلتزفن والملائكة فلتصلين والاشجار فلتثمرن ، وثمار الجنة فلتدلين ولامرن ريحا من الرياح التي تحت العرش فلتحملن جبال من الكافور والمسك الاذفر فلتصيرن وقودا من غير النار ، فلتدخلن به ، ولا يكون بيني وبين روحه ستر

ص: 210

فأقول له عند قبض روحه : مرحبا وأهلا بقدومك علي ، اصعد بالكرامة والبشرى والرحمة والرضوان ، و جنات لهم فيها نعيم مقيم ، خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم . فلو رأيت الملائكة كيف يأخذبها واحد ويعطيها الاخر .

يا أحمد إن أهل الآخرة لايهناؤهم الطعام منذ عرفوا ربهم ، ولا يشغلهم مصيبة منذ عرفوا سيئاتهم ، يبكون على خطاياهم ، يتعبون أنفسهم ولا يريحونها ، وأن راحة أهل الجنة في الموت والاخرة مستراح العابدين ، مونسهم دموعهم التي تفيض على خدودهم ، وجلو سهم مع الملائكة الذين عن أيمانهم وعن شمائلهم ، ومناجاتهم مع الجليل الذي فوق عرشه ، وأن أهل الاخرة قلوبهم في أجوافهم قد قرحت يقولون متى نستريح من دارا الفناء إلى دار البقاء .

يا أحمد هل تعرف ما للزاهدين عندي في الاخرة ؟

قال : لا يا رب

قال : يبعث الخلق ويناقشون بالحساب ، وهم من ذلك آمنون ، إن أدنى ما اعطي

للزاهدين في الاخرة أن اعطيهم مفاتيح الجنان كلها حتى يفتحوا أي باب شاؤوا ولا أحجب عنهم وجهي ولا نعمنهم بألوان التلذذ من كلامي ، ولا جلسنهم في مقعد صدق وأذكرنهم ما صنعوا وتعبوا في دار الدنيا وأفتح لهم أربعة أبواب : باب تدخل عليهم الهدايا منه بكرة وعشيا من عندي ، وباب ينظرون منه إلي كيف شاؤوا بلا صعوبة ، وباب يطلعون منه إلى النار فينظرون منه إلى الظالمين كيف يعذبون وباب تدخل عليهم منه الوصايف والحور العين

قال : يا رب من هؤلاء الزاهدون الذين وصفتهم ؟

قال : الزاهد هو الذي ليس له بيت يخرب فيغتم بخرابه ، ولا له ولد يموت فيحزن لموته ولا له شئ يذهب فيحزن لذهابه ، ولا يعرفه إنسان يشغله عن الله طرفة عين ، ولا له فضل طعام ليسأل عنه ، ولا له ثوب لين .

يا أحمد وجوه الزاهدين مصفرة من تعب الليل وصوم النهار ، وألسنتهم كلال إلا من ذكر الله تعالى ، قلوبهم في صدورهم مطعونة من كثرة ما يخالفون أهواءهم قد ضمروا أنفسهم من كثرة صمتهم قد أعطوا المجهود من أنفسهم لا من خوف نارولا من شوق جنة ، ولكن ينظرون في ملكوت السماوات والارض فيعلمون أن الله سبحانه وتعالى أهل للعبادة كأنما ينظرون إلى من فوقها

قال : يارب هل تعطي لاحد من امتي هذا

قال : يا أحمد هذه درجة الانبياء والصديقين من امتك وامة غيرك وأقوام من الشهداء قال يا رب أي الزهاد أكثر ؟

زهاد امتي أم زهاد بني إسرائيل ؟

قال : إن زهاد بني إسرائيل في زهاد امتك كشعرة سوداء في بقرة بيضاء

فقال : يارب كيف يكون ذلك وعدد بني إسرائيل أكثر من امتي ؟

قال : لانهم شكوا بعد اليقين ، وجحدوا بعد الاقرار .

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فحمدت الله للزاهدين كثيرا وشكرته ودعوت لهم فقلت : اللهم احفظهم وارحمهم واحفظ عليهم دينهم الذي ارتضيت لهم ، اللهم ارزقهم إيمان المؤمنين الذي ليس بعده شك وزيغ ، وورعا ليس بعده رغبة ، وخوفا ليس بعده غفلة ، وعلما ليس بعده جهل ، وعقلا ليس بعده حمق قربا ليس بعده بعد ، وخشوعا ليس بعده

ص: 211

قساوة ، وذكرا ليس بعده نسيان وكرما ليس بعده هوان ، وصبرا ليس بعده ضجر ، وحلما ليس بعده عجلة ، واملا قلوبهم حياء منك حتى يستحيوا منك كل وقت ، وتبصر هم بآفات الدنيا وآفات أنفسهم ووساوس الشيطان ، فانك تعلم ما في نفسي وأنت علام الغيوب .

يا أحمد عليك بالورع فان الورع رأس الدين ووسط الدين وآخر الدين إن الورع يقرب العبد إلى الله تعالى .

يا أحمد إن الورع كالشنوف بين الحلي والخبز بين الطعام ، إن الورع رأس الايمان وعماد الدين ، إن الورع مثله كمثل السفينة كما أن في البحر لا ينجو إلا من كان فيها كذلك لا ينجو الز اهدون إلا بالورع .

يا أحمد ما عرفني عبد وخشع لي إلا وخشعت له .

يا أحمد الورع يفتح على العبد أبواب العبادة ، فتكرم به عند الخلق ، ويصل به إلى الله عزوجل .

يا أحمد عليك با لصمت فان أعمر القلوب قلوب الصالحين والصامتين ، وإن أخرب القلوب قلوب المتكلمين بما لا يعينهم .

يا أحمد إن العبادة عشرة أجزاء تسعة منها طلب الحلال ، فإذا طيبت مطعمك ومشربك فأنت في حفظي وكنفي

قال : يا رب ما أول العبادة ؟

قال : أول العبادة الصمت والصوم

قال : يا رب وما ميراث الصوم ؟

قال : الصوم يورث الحكمة والحكمة تورث المعرفة ، والمعرفة تورث اليقين ، فاذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح ، بعسر أم بيسر ، إذا كان العبد في حالة الموت يقوم على رأسه ملائكة بيد كل ملك كأس من ماء الكوثر وكأس من الخمر يسقون روحه حتى تذهب سكرته ومرارته ويبشرونه بالبشارة العظمى ويقولون له طبت وطاب مثواك إنك تقدم على العزيز الحكيم الحبيب القريب فتطير الروح من أيدي الملائكة فتصعد إلى الله تعالى في أسرع من طرفة عين ، ولا يبقى حجاب ولا ستر بينها وبين الله تعالى ، والله عزوجل إليها مشتاق ، وتجلس على عين عند العرش ثم يقال لها : كيف تركت الدنيا ؟ فتقول : إلهي وعزتك وجلالك لا علم لي بالدنيا ، أنا منذ خلقتني خائفة منك فيقول الله تعالى : صدقت عبدي كنت بجسدك في الدنيا وروحك معي فأنت بعيني سرك وعلانيتك سل أعطك وتمن علي فأكرمك ، هذه جنتي فتجنح فيها وهذا جواري فأسكنه . فتقول الروح : إلهي عرفتني نفسك فاستغنيت بها عن جميع خلقك وعزتك وجلالك لوكان رضاك في أن اقطع إربا إربا واقتل سبعين قتلة بأشد ما يقتل به الناس لكان رضاك أحب إلي ، إلهي كيف أعجب بنفسي وأنا ذليل إن لم تكرمني وأنا مغلوب إن لم تنصرني وأنا ضعيف إن لم تقوني وأنا ميت إن لم تحيني بذكرك ، ولو لا سترك لا فتضحت أول مرة عصيتك . إلهي كيف لا أطلب رضاك وقدأ كملت عقلي حتى عرفتك وعرفت الحق من الباطل والامر من النهي والعلم من الجهل والنور من الظلمة وفقال الله عزوجل : وعزتي وجلالي لا أحجب بيني وبينك في وقت من الاوقات كذلك أفعل بأحبائي .

يا أحمد هل تدري أي عيش أهنا وأي حياة أبقى ؟

قال : اللهم لا

ص: 212

قال : أما العيش الهنئ فهو الذي لا يفتر صاحبه عن ذكري ولا ينسى نعمتي ولا يجهل حقي ، يطلب رضاي في ليله ونهاره ، وأما الحياة الباقية فهي التي يعمل لنفسه حتى تهون عليه الدنيا وتصغر في عينه ، وتعظم الآخرة عنده ، ويؤثر هواي على هواه ويبتغي مرضاتي ويعظم حق عظمتي ويذكر علمي به ، ويراقبني بالليل والنهارعند كل سيئة أو معصية ، وينقى قلبه عن كل ما أكره ، ويبغض الشيطان ووساوسه ولا يجعل لابليس على قلبه سلطانا وسبيلا ، فإذا فعل ذلك أسكنت قلبه حبا حتى أجعل قلبه لي وفراغه واشتغاله وهمه وحديثه من النعمة التي أنعمت بها على أهل محبتى من خلقي ، وأفتح عين قلبه وسمعه حتى يسمع بقلبه وينظر بقلبه إلى جلالي وعظمتي ، واضيق عليه الدنيا وأبغض إليه مافيها من اللذات واحذره من الدنيا وما فيها كما يحذر الراعي غنمه من مراتع الهلكة فإذا كان هكذا يفر من الناس فرارا ، وينقل من دار الفناء إلى دارالبقاء ، ومن دار الشيطان إلى دار الرحمن .

يا أحمد ولا زيننه بالهيبة والعظمة فهذا هو العيش الهنئ والحياة الباقية وهذا مقام الراضين فمن عمل برضاي ألزمه ثلاث خصال : اعرفه شكرا لا يخالطه الجهل ، وذكرا لا يخالطه النسيان ومحبة لا يؤثر على محبتي محبة المخلوقين فإذا أحبني أحببته ، وأفتح عين قلبه إلى جلالي ولا أخفي عليه خاصة خلقي واناجيه في ظلم الليل ونور النهار حتى ينقطع حديثه مع المخلوقين ، ومجالسته معهم ، وأسمعه كلامي وكلام ملائكتي واعرفه السر الذي سترته عن خلقي وألبسه الحياء حتى يستحيي منه الخلق كلهم ويمشي على الارض مغفورا له وأجعل قلبه واعيا وبصيرا ولا أخفي عليه شيئا من جنة ولا نار ، واعرفه ما يمر على الناس في يوم القيامة من الهول والشدة ، وما احاسب الاغنياء والفقراء والجهال والعلماء وانومه في قبره وأنزل عليه منكرا ونكيرا حتى يسألاه ، ولايرى غمرة الموت وظلمة القبر واللحد وهول المطلع ثم أنصب له ميزانه وانشر ديوانه ، ثم أضع كتابه في يمينه فيقرؤه منشورا ، ثم لا أجعل بيني وبينه ترجمانا فهذه صفات المحبين .

يا أحمد اجعل همك هما واحدا ، فاجعل لسانك لسانا واحدا ، واجعل بدنك حيا لا تغفل عني ، من يغفل عني لا ابالي بأي واد هلك .

يا أحمد استعمل عقلك قبل أن يذهب فمن استعمل عقله لا يخطي ولا يطغى .

يا أحمد ألم تدر لاي شئ فضلتك على ساير الانبياء ؟

قال : اللهم لا

قال : باليقين ، وحسن الخلق ، وسخاوة النفس ، ورحمة الخلق ، وكذلك أوتاد الارض لم يكونوا أوتادا إلا بهذا .

يا أحمد إن العبد إذا أجاع بطنه وحفظ لسانه علمته الحكمة وإن كان كافرا تكون حكمته حجة عليه ووبالا ، وإن كان مؤمنا تكون حكمته له نورا وبرهانا وشفاء ورحمة ، فيعلم ما لم يكن يعلم ، ويبصر ما لم يكن يبصر ، فأول ما أبصره عيوب نفسه حتى يشتغل عن عيوب غيره وابصره دقائق العلم حتى لا يدخل عليه الشيطان .

ياأحمد ليس شئ من العبادة أحب إلي من الصمت والصوم ، فمن صام ولم يحفط لسانه كان كمن قام ولم يقرأ في صلاته فاعطيه أجر القيام ولم اعطه أجر العابدين .

يا أحمد هل تدري متى تكون العبد عابدا ؟

قال : لا يارب

ص: 213

قال : إذا اجتمع فيه سبع خصال : ورع يحجزه عن المحارم ، وصمت يكفه عما لا يعنيه ، وخوف يزداد كل يوم من بكائه وحياء يستحيي مني في الخلاء ، وأكل ما لابد منه ويبغض الدنيا لبغضي لها ، ويحب الاخيار لحبي إياهم .

يا أحمد ليس كل من قال احب الله أحبني حتى يأخذ قوتا ، ويلبس دونا وينام سجودا ويطيل قياما ، ويلزم صمتا ، ويتوكل علي ، ويبكي كثيرا ، ويقل ضحكا ، ويخالف هواه ، ويتخذ المسجد بيتا والعلم صاحبا ، والزهد جليسا ، والعلماء أحباء ، والفقراء رفقاء ، ويطلب رضاي ويفر من العاصين فرارا ، ويشغل بذكري اشتغالا ، ويكثر التسبيح دائما ، ويكون بالوعد صادقا وبالعهد وافيا ، ويكون قلبه طاهرا ، وفي الصلاة زاكيا ، وفي الفرائض مجتهدا ، وفيما عندي من الثواب راغبا ، ومن عذابي راهبا ، ولاحبائي قرينا وجليسا .

يا أحمد لوصلى العبد صلاة أهل السماء والارض ، ويصوم صيام أهل السماء والارض ، ويطوي من الطعام مثل الملائكة ، ولبس لباس العاري ، ثم أرى في قلبه من حب الدنيا ذرة ، أوسعتها ، أورئاستها ، أوحليها ، أوزينتها لا يجاورني في داري ، ولانزعن من قبله محبتي ، وعليك سلامي ورحمتي والحمدلله رب العالمين (1).

ص: 214


1- ارشاد القلوب 1/98

الفصل الحادي عشر: أدعية السر القدسية

سر رسول الله صلى الله عليه وآله

366- عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وآله سر لا يعلمه إلا قليل ، قلما عثر عليه ، وكان يقول وأنا أقول لعنة الله وملائكته وأنبيائه ورسله ، وصالح خلقه على مفشي سر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى غير ثقة ، فاكتموا سر رسول الله صلى الله عليه وآله فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : يا علي إني والله ما احدثك إلا ما سمعته اذناي ووعاه قلبي ، ونظره بصري ، إن لم يكن من الله فمن رسوله ، يعني جبرئيل عليه السلام فاياك يا علي أن تضيع سري هذا فاني قد دعوت الله تعالى أن يذيق من أضاع سري هذا جراثيم جهنم . اعلم أن كثيرامن الناس وإن قل تعبدهم إذا علموا ماأقول لك ، كانوا في أشد العبادة ، وأفضل الاجتهاد ، ولولا طغاة هذه الامة ، لبثثت هذا السر ، ولكن ؟ علمت أن الدين إذا يضيع ، وأحببت أن لا ينتهي ذلك إلا إلى ثقة . إني لما اسري بي إلى السماء ، فانتهيت إلى السماء السابعة ، فتح لي بصري إلى فرجة في العرش تفوركفور القدور . فلما أردت الانصراف اقعدت عند تلك الفرجة ، ثم نوديت يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول : أنت أكرم خلقه عليه ، وعنده علم قدزواه عن جميع الانبياء ، وجميع اممهم غيرك وغير امتك ، لمن ارتضيت لله منهم أن ينشروه لمن بعدهم ، لمن ارتضوه لله منهم أنه لا يضرهم بعد ما أقول لك ذنب كان قبله ، ولا مخافة ما يأتي من بعده ، ولذلك امرت بكتمانه ، لئلا يقول العالمون : حسبنا هذا من الطاعة .

لمن عمل كبيرة

يا محمد قل لمن عمل كبيرة من امتك فأراد محوها ، والطهارة منها ، فليطهر لي بدنه وثيابه ، ثم ليخرج إلى برية أرضي ، فليستقبل وجهي ، يعني القبلة حيث لايراه أحد ثم ليرفع يديه إلى فانه ليس بيني وبينه حائل ، وليقل :

يا واسعا بحسن عائدته ، ويا ملبسنا فضل رحمته ، ويا مهيبا لشدة سلطانه ويا راحما بكل مكان ضريرا أصابه الضر فخرج إليك ، مستغيثا بك آئبا إليك هائبا لك ، يقول عملت سوءا وظلمت نفسي ولمغفرتك خرجت إليك أستجير بك في خروجي من النار ، وبعز جلالك تجاوزت تجاوز يا كريم . وباسمك الذي تسميت به ، وجعلته في كل عظمتك ومع كل قدرتك وفي كل سلطانك ، وصيرته في قبضتك ، ونورته بكتابك ، وألبسته وقارا منك ، يا الله يا الله أطلب إليك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تمحو عني ما أتيتك به وانزع بدني عن مثله ، فاني بك لا إله إلا أنت أعتصم وباسمك الذي فيه تفصيل الامور كلها مؤمن ، هذا اعترافي لك فلا تخذلني ، وهب لي عافية وانجني من الذنب العظيم هلكت فتلافني بحق حقوقك كلها يا كريم

ص: 215

فانه إن لم يرد بماأمرتك به غيري خلصته من كبيرته تلك ، حتى أغفرها له ، واطهره الى الابد منها لاني قد علمتك أسماء اجيب بها الداعي

لمن كثرت ذنوبه

يا محمد ومن كثرت ذنوبه من امتك فيها دون الكبائر حتى يشهر بكثرتها ويمقت على اتباعها ، فليعتمدني عند طلوع الفجر أو قبل افول الشفق ، ولينصب وجهه إلي وليقل :

يا رب يا رب فلان بن فلان عبدك شديد حياؤه منك لتعرضه لرحمتك لاصراره على ما نهيت عنه من الذنب العظيم يا عظيم إن عظيم ما أتيت به لا يعلمه غيرك ، قد شمت في فيه القريب والبعيد ، وأسلمني فيه العدو والحبيب ، وألقيت بيدي إليك طمعا لامر واحد ، وطمعي ذلك في رحمتك فارحمني يا ذا الرحمة الواسعة وتلافني بالمغفرة والعصمة من الذنوب إني إليك متضرع . أسئلك باسمك الذي يرسل أقدام حملة عرشك ذكره ، وترعد لسماعه أركان العرش إلى أسفل التخوم. إني أسئلك بعز ذلك الاسم الذي ملا كل شئ دونك إلا رحمتني يا رب باستجارتي إليك باسمك هذا يا عظيم أتيتك بكذا وكذا - ويسمي الامر الذي أتى به - فاغفرلي تبعته ، وعافني من إشاعته بعد مقامي هذا يا رحيم

فانه إذا قال ذلك بدلت ذنوبه إحسانا ورفعت دعاءه مستجابا ، وغلبت له هواه

لمن كان كافرا وأراد التوبة

يا محمد ومن كان كافرا وأراد التوبة والايمان فليطهر لي بدنه وثيابه ، ثم ليستقبل قبلتي ، وليضع حر جبينه لي بالسجود ، فانه ليس بينى وبينه حائل ، وليقل :

يا من تغشى لباس النور الساطع الذي استضاء به أهل سماواته وأرضه ويا من خزن رؤيته عن كل من هو دونه وكذلك ينبغي لوجهه الذي عنت وجوه الملائكة المقربين له إن الذي كنت لك فيه من عظمتك جاحدا أشد من كل نفاق ، فاغفرلي جحودي فاني أتيتك تائبا وها أناذا أعترف لك على نفسي بالفرية عليك ، فاذ أمهلت لي في الكفر ثم خلصتني منه فطوقني حب الايمان الذي أطلبه منك ، بحق مالك من الاسماء التي منعت من دونك علمها لعظم شأنها ، وشدة جلالها وبالاسم الواحد الذي لا يبلغ أحد صفة كنهه وبحقها كلها أجرني أن أعود إلى الكفر بك سبحانك لا إله إلا أنت غفرانك إني من الظالمين

فانه إذا قال ذلك ، لم يرفع رأسه إلا عن رضى مني وهذا له قبول .

لمن كثرت همومه

يا محمد ومن كثرت همومه من امتك فليدعني سرا ، وليقل :

يا جالي الاحزان ، ويا موسع الضيق ، ويا أولى بخلقه من أنفسهم ، ويا فاطر تلك النفوس ، وملهمها فجورها ، وتقويها نزل بي يا فارج الهم هم ضقت به ذرها وصدرا ، حتى خشيت أن أكون غرض فتنة يا الله وبذكرك تطمئن القلوب يا مقلب القلوب والابصار قلب قلبي من الهموم إلى الروح والدعة ، ولا تشغلنى عن ذكرك بتركك مابى من الهموم ، إنى إليك متضرع . أسئلك باسمك الذي لا يوصف إلا بالمعنى لكتمانكهو في غيوبك ذات النور أجل بحقه أحزانى ، واشرح صدرى بكشوط ما بى من الهم يا كريم

فانه إذا قال ذلك توليته ، فجلوت همومه ، فلن تعود إليه أبدا .

لمن نزلت به قارعة

ص: 216

يا محمد ومن نزلت به قارعة من فقر في دنياه فأحب العافية منها فلينزل بى فيها ، وليقل :

يا محل كنوز أهل الغنى ويا مغنى أهل الفاقة من سعة تلك الكنوز بالعائدة إليهم النظر لهم ، يا الله لا يسمى غيرك إلها إنما الالهة كلها معبودة دونك بالفرية والكذب لا إله إلا أنت يا ساد الفقر ويا جابر الكسر ، ويا كاشف الضر ويا عالم السرائر صلى على محمد وآله و ارحم هربي إليك من فقري ، أسئلك باسمك الحال في غناك ، الذي لا يفتقر ذاكره أبدا أن تعيذني من لزوم فقر أنسى به الدين أو بسوء غنى أفتتن به عن الطاعة ، بحق نور أسمائك كلها أطلب إليك من رزقك كفافا للدنيا تعصم به الدين ، لا أجد لي غيرك، مقادير الارزاق عندك فانفعني من قدرتك فيهابما تنزع به ما نزل بي من الفقر يا غني يا مجيب

فانه إذا قال ذلك نزعت الفقر من قبله ، وغشيته الغنى ، وجعلته من أهل القناعة .

لمن نزلت به مصيبة

يا محمد ومن نزلت به مصيبة في نفسه أو دينه أو دنياه أو أهله أو ماله فأحب فرجها ، فلينزلها بي ، وليقل :

يا ممتنا على أهل البصر بتطويقكهم بالدعة التي أدخلتها عليهم بطاعتك لا حول ولا قوة إلا بك ، فدحتني مصيبة قدفتنتني وأعيتني ، المسالك للخروج منها ، واضطرني إليك الطمع فيها ، مع حسن الرجاء لك فيها ، فهربت إليك بنفسي وانقطعت إليك لضري ، ورجوتك لدعائي ، قد هلكت فأغثني واجبر مصيبتي بجلاء كربها ، وإدخالك الصبر على فيها ، فانك إن خليت بيني وبين ما أنافيه هلكت ، فلا صبرلي يا ذا الاسم الجامع الذي فيه عظيم الشؤون كلها بحقك وأغثني بتفريج مصيبتي عني يا كريم .

فانه إذا قال ذلك ألهمته الصبر ، وطوقته الشكر ، وفرجت عنه مصيبته بجبرانها .

لمن خاف شيئا دوني

يا محمد ومن خاف شيئا دوني من كيد الاعداء واللصوص فليقل في المكان الذي يخاف فيه :

يا آخذا بنواصي خلقه ، والسافع بها إلى قدره ، والمنفذ فيها حكمه ، و خالقها وجاعل قضائه لها غالبا وكلهم ضعيف عند غلبته ، وثقت بك يا سيدي عند قوتهم إني مكيود لضعفي ولقوتك على من كادني تعرضت لك ، فسلمني منهم اللهم فان حلت بينهم وبيني فذلك أرجوه منك ، وإن أسلمتني إليهم غيرواما بي من نعمك ، يا خير المنعمين ، صل على محمد وآل محمد ولا تجعل تغيير نعمتك على يد أحدسواك ، ولا تغيرها أنت بي ، فقد ترى الذي يراد بي ، فحل بيني وبين شرهم بحق مابه تستجيب الدعاء ، يا الله يا رب العالمين

فانه إذا قال ذلك نصرته على أعدائه وحفظته

لمن خاف شيئا مما في الارض

يا محمد ومن خاف شيئا مما في الارض من سبع أوهامة فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه :

يا ذارئ ما في الارض كلها بعلمه ، بعلمك يكون ما يكون مما ذرأت لك السلطان على ما ذرأت ولك السلطان القاهر على كل شئ من دونك يا عزيز يا منيع إني أعوذ بقدرتك

ص: 217

على كل شئ من كل شئ يضر من سبع أو هامة أو عارض من سائر الدواب يا خالقها بفطرته صل على محمد وآل محمد وادرأها عني واحجزها ولا تسلطها علي وعافني من شرها وبأسها يا الله ذا العلم العظيم احفظني بحفظك من مخاوفي يا رحيم .

فانه إذا قال ذلك ، لم تضره دواب الارض التي ترى والتي لا ترى .

لمن خاف مما في الارض جانا أو شيطانا

يا محمد ومن خاف مما في الارض جانا أو شيطانا فليقل حين يدخله الروع :

يا الله الاله الاكبر القاهر بقدرته جميع عباده ، والمطاع لعظمته عند كل خليقته ، والممضى مشيته لسابق قدره أنت تكلاء ما خلقت بالليل والنهار ، ولا يمتنع من أردت به سوءا بشئ دونك من ذلك السوء ، ولا يحول أحد دونك بين أحد وما تريد به من الخير كل مايرى ولا يرى في قبضتك ، وجعلت قبائل الجن والشياطين يروننا ولا نراهم ، وأنا لكيدهم خائف فآمني من شرهم وبأسهم بحق سلطانك العزيز ، يا عزيز

فانه إذا قال ذلك لم يصل إليه من الجن والشياطين سوء أبدا .

لمن خاف سلطانا

يا محمد ومن خاف سلطانا أو أراد إليه طلب حاجة فليقل حين يدخل عليه :

يا ممكن هذا مما في يديه ومسلطه على كل من دونه ، ومعرضه في ذلك لامتحان دينه على كل من دونه ، إنه يسطو بمرحه فيما آتيته من الملك ويجور فيها ويتجبر بافتخاره بالذي ابتليته به من التعظيم عند عبادك ، أسئلك أن تسلبه ما هو فيه أنت بقوة لا امتناع له منها عند إرادتك فيها إني أمتنع من شر هذا بخيرك ، وأعوذ من قوته بقدرتك اللهم صل على محمد وآله و ادفعه عني وآمني من حذاري منه بحق وجهك وعظمتك يا عظيم .

لمن أراد طلب حاجة

يا محمد وليقل إذا أراد طلب حاجة إليه : يا من هو أولى بهذا من نفسه ، ويا أقرب إليه من قلبه ، ويا أعلم به من غيره ، ويا رازقه مما هو في يديه مما أحتاج إليه ، إليك أطلب ، وبك أتشفع لنجاح حاجتي ، فخذ لي حين اكلمه بقلبه ، فأغلبه لي حتي أبتزمنه حوائجي كلها بلا امتناع منه ولا من ولارد ولا فظاظة ، يا حيا في غني لا تموت ولا تبلي أمت قلبه عن ردى بلا قضاء الحاجة ، واقض لي طلبتي في الذي قبله وخذه لي في ذلك أخذ عزيز مقتدر ، بحق قدرتك التي غلبت بها العالمين

فانه إذا قال ذلك قضيت حاجته ولو كانت في نفس المطلوب إليه .

لمن هم بأمرين فأحب أن يختار

يا محمد ومن هم بأمرين فأحب أن أختار أرضا هما إلى فالزمه إياه فليقل حين يريد ذلك:

اللهم اخترلي بعلمك ووفقني بعلمك لرضاك ومحبتك ، اللهم اخترلى قدرتك ، وجنبني بعزتك وقدرتك من مقتك ، وسخطك ، اللهم اخترلى فيما اريد من هذين الامرين - وتسميهما - أحبهما إليك ، وأرضاهما لك ، وأقربهما منك ، اللهم إني أسئلك بالقدرة التي زويت بها علم الاشياء عن جميع خلقك ، أن تصلي على محمد وآل محمد واغلب بالي وهواي وسريرتي وعلانيتي بأخذك ، واسفع بناصيتي إلى ما تراه لك رضى ولى صلاحا

ص: 218

فيما أستخيرك فيه ، حتى تلزمنى من ذلك أمرا أرضىفيه بحكمك ، وأتكل فيه على قضائك ، وأكتفى فيه بقدرتك ولا تقلبنى وهواى لهواك مخالف ، ولا ما اريد لما تريد لى مجانب ، اغلب بقدرتك التى تقضى بها ما أحببت بهواك هواي ، ويسرنى لليسرى التى ترضى بها عن صاحبها ولا تخذلنى بعد تفويضى إليك أمري برحمتك التى وسعت كل شئ اللهم أوقع خيرتك في قلبى ، وافتح قلبى للزومها يا كريم آمين .

فانه إذا قال ذلك اخترت له منافعه في العاجل والاجل .

لمن أصابه معاريض بلاء

يا محمد ومن أصابه معاريض بلاء من مرض فلينزل بى فيه وليقل:

يا مصح أبدان ملائكته ويا مفرغ تلك الابدان لطاعته ويا خالق الادميين صحيحا ومبتلى ، ويا معرض أهل السقم وأهل الصحة للاجر والبلية ويا مداوي المرضى وشافيهم ويا مصح أهل السقم بالباسهم عافيته بطبه ، ويا مفرج عن أهل البلاء بلاياهم بجليل رحمته ، قد نزل بى من الامر ما رفضنى فيه أقاربى وأهلى والصديق والبعيد وما شمت بى فيه أعدائى حتى صرت مذكورا ببلائى في أفواه المخلوقين وأعيتنى أقاويل أهل الارض لقلة علمهم بدواء دائي ، وطب دوائي في علمك عندك مثبت ، صل على محمد وآل محمد وانفعني بطبك فلا طبيب أرجى عندي منك ولا حميم أشد تعطفا منك علي ، قد غيرت بليتك نعمك علي ، فحول ذلك عني إلى الفرج والرخاء فانك إن لم تفعل لم أرجه من غيرك فانفعني بطبك ، وداوني بدوائك يا رحيم

فانه إذا قال ذلك صرفت عنه ضره وعافيته منه .

لمن نزل به القحط

يا محمد ومن نزل به القحط من امتك فاني إنماأبتلى بالقحط أهل الذنوب فليجأروا إلى جميعا وليجأر إلي جائرهم ، وليقل :

يا معيننا على ديننا باحيائه أنفسنا بالذي نشر علينا من رزقه نزل بنا أمر عظيم لا يقدر على تفريجه عنا غير منزله يا منزله عجز العباد عن فرجه ، فقد أشرفت الابدان على الهلاك وإذا هلكت الابدان هلك الدين يا ديان العباد ومدبر امورهم بتقدير أرزاقهم لا تحولن بشئ بيننا وبين رزقك ، وهنئنا ما أصبحنا فيه من كرامتك لك متعرضين ، قد اصيب من لا ذنب له من خلقك بذنوبنا فارحمنا بمن جعلته أهلا لذلك حين تسأل به يا رحيم لا تحبس عن أهل الارض ما في السماء وانشر علينا رحمتك ، وابسط علينا كنفك ، وعد علينا بقبولك ، وعافنا من الفتنة في الدين والدنيا ، وشماتة القوم الكافرين ، يا ذا النفع والضر إنك إن أنجيتنا فبلا تقديم منا لاعمال حسنة ، ولكن لا تمام ما بنا من الرحمة والنعمة وإن رددتنا فبلا ظلم منك لنا ولكن بجنايتنا فاعف عناقبل انصرافنا وأقلبنا بانجاح الحاجة يا عظيم .

فانه إن لم يرد مما أمرتك أحدا غيري حولت لاهل تلك البلدة بالشدة رخاء ، وبالخوف أمنا ، وبالعسر يسرا ، وذلك لانى قد علمتك دعاء عظيما .

لمن أراد الخروج من أهله لحاجة أو سفر

يا محمد ومن أراد الخروج من أهله لحاجة أو سفر فأحب أن ادويه سالما مع قضائي له الحاجة ، فليقل حين يخرج من بيته :

ص: 219

بسم الله مخرجي ، باذنه خرجت ، وقد علم قبل أن أخرج خروجي ، وقد أحصى علمه ما في مخرجي ومرجعي توكلت على الاله الاكبرتوكل مفوض إليه أمره ومستعين به على شؤنه ، مستزيد من فضله ، مبرئ نفسه من كل حول ، ومن كل قوة إلا به ، خروج ضرير خرج بضره إلى من يكشفه ، وخروج فقيرخرج بفقره إلى من يسده وخروج عائل خرج بعليته إلى من يغنيها وخروج من ربه أكبرثقته وأعظم رجائه وأفضل امنيته ، الله ثقتي في جميع اموري كلها به فيها جميعا أستعين ، ولا شئ إلا ما شاء الله في علمه أسئل الله خيرالمخرج والمدخل لا إله إلا هو إليه المصير .

فانه إذا قال ذلك وجهت له في مدخله ومخرجه السرور ، وأديته سالما .

لمن أراد ألا يحول بين دعائه وبيني حائل

يا محمد ومن أراد من امتك ألا يحول بين دعائه وبيني حائل ، وأن اجيبه لاي أمر شاء ، عظيما كان أو صغيرا في السر والعلانية ، إلي أو إلى غيري ، فليقل آخر دعائه :

يا الله المانع بقدرته خلقه ، والمالك بها سلطانه ، والمتسلط بما في يديه كل مرجو دونك يخيبب رجاء راجيه ، وراجيك مسرور لا يخيب أسئلك بكل رضى لك من كل شئ أنت فيه ، وبكل شئ تحب أن تذكربه وبك يا الله فليس يعدلك شئ أن تصلي على محمد وآله وأن تحوطني ووالدي وولدي وإخوانى وأخواتي ومالي بحفظك وأن تقضى حاجتى في كذاوكذا .

فإنه إذا قال ذلك قضيت حاجته قبل أن يزول من مكانه .

لمن أراد طلب شئ من الخير

يا محمد ومن أراد طلب شئ من الخير الذي يتقرب به العباد إلى وأن أفتح له كائنا ماكان ، فليقل حين يريد ذلك :

يا دالنا على المنافع لانفسنا من لزوم طاعته ويا هادينا لعبادته التى جعلها سبيلا إلى درك رضاه ، إنما يفتح الخير وليه يا ولى الخير قد أردت منك كذا و كذا - ويسمي ذلك الامر - ولم أجد إليه باب سبيل مفتوحا ولاناهج طريق واضح ولا تهيئة سبب تيسر أعيتنى فيه جميع اموري كلها في الموارد والمصادر ، وأنت ولى الفتح لى بذلك ، لانك دللتنى عليه فلا تحظره عنى ولا تجبهنى عنه برد ، فليس يقدر عليه أحد غيرك ، وليس عند أحد إلا عندك أسئلك بمفاتح غيوبك كلها وجلال علمك كله ، وعظيم شئونك كلها ، إقرار عينى وإفراح قلبى وتهنيتك إياي باسباغ نعمك على بتيسير قضاء حوائجى ونسخكها في حوائج من نسخت حاجته مقضية ، لا تقلبنى بحق عن اعتمادى لك إلا بها ، فانك أنت الفتاح بالخيرات وأنت على كل شئ قدير ، فيا فتاح يا مدبر صل على محمد وآل محمدو هيئ لى تيسير سببها وسهل على باب طريقها وافتح لى من غناك باب مدخلها ولينفعنى جاري بك فيها يا رحيم .

فانه إذا قال ذلك فتحت له باب الخير برضاي عنه وجعلته لي وليا .

لمن أراد المعافاة من الغل والحسد

ص: 220

يا محمد ومن أراد من امتك أن اعافيه من الغل والحسد والرياء والفجور فليقل حين يسمع تأذين السحر :

يا مطفئ الانوار بنوره ، ويا مانع الابصار من رؤيته ، ويا محير القلوب في شأنه ، إنك طاهرمطهر ، يطهر بطهرك من طهرته بها ، وليس من دونك أحد أحوج إلى تطهيرك إياه منى لدينى وبدني وقلبي فأية حال كنت فيها مجانبا لك في الطاعة والهوى فالزمني وإن كرهت حب طاعتك ، بحق محل جلالك منك حتى أنال فضيلة الطهرة منك لجميع شئونى ، رب صل على محمد و آل محمد واجعل ما طهر من طهرتك على بدني طهرة خير حتى تطهر به مني ما اكن في صدري ، واخفيه في نفسي ، واجعلني على ذلك أحببت أم كرهت واجعل محبتى تابعة لمحبتك ، واشغلني بنفسي عن كل من دونك شغلا يدوم فيه العمل بطاعتك ، واشغل غيري عني للمعافاة من نفسي ومن جميع المخلوقين .

فانه إذا قال ذلك ألزمته حب أوليائي ، وبغض أعدائي ، وكفيته كل الذي أكفي عبادي الصالحين .

لمن كانت له حاجة سرا

يا محمد ومن كانت له حاجة سرا بالغة ما بلغت إلى أو إلى غيري ، فليدعني في جوف الليل خاليا ، وليقل وهو على طهر :

يا الله يا أحدلاأحد إلا وأنت رجاؤه ، و أرجا خلقك لك أنا يا الله وليس شئ من خلقك إلا وهو واثق ، ومن أوثق خلقك بك أنا يا الله ، وليس أحد من خلقك إلا وهو لك في حاجته معتمد وفي طلبته ، سائل ومن ألحفهم سؤالا لك أنا ومن أشدهم اعتمادا لك أنا لان أمسيت شديدا ثقتي في طلبتي إليك وهي كذا وكذا - وسمها - فانك إن قضيتها قضيت ، وإن لم تقضها لم تقض أبد وقد لزمني من الامر ما لا بد لي منه فلذلك طلبت إليك منفذ أحكامه بامضائها صل على محمد وآل محمد وامض قضاء حاجتى هذه باثباتكها في غيوب الاجابة حتى تقلبني بها منجحا حيث كان تغلب فيها أهواء جميع عبادك وامنن على بامضائها وتيسيرها ونجاحها فيسرها لي فاني مضطرإلى قضائها و قد عملت ذلك فاكشف ما بى من الضر بحقك الذي تقضي به ما تريد .

فانه إذا قال ذلك قضيت حاجته ، قبل أن يزول ، فليطب بذلك نفسه

لمن اراد علم

يا محمد إن لي علماأبلغ به من علمه رضاي مع طاعتي ، وأغلب له هواه إلى محبتي فمن أراد ذلك فليقل :

يا مزيل قلوب المخلوقين عن هواهم إلى هواه ويا قاصر ا أفئدة العباد لامضاء القضاء بنفاذ القدر ثبت قلبي على طاعتك ومعرفتك وربوبيتك وأثبت في قضائك وقدرك البركة في نفسي وأهلي ومالي في لوح الحفظ المحفوظ بحفظك يا حفيظ الحافظ حفظه و احفظني بالحفط الذي جعلت من حفظته به محفوظاو صير شئوني كلها بمشيتك في الطاعة لك مني مؤاتية ، حبب إلى حب ما تحب من محبتك إلى في الدين والدنيا ، وأحيني على ذلك في الدنيا وتوفني عليه ، و اجعلني من أهله على كل حال أحببت أم كرهت يا رحيم .

فانه إذا قال ذلك لم اره في دينه فتنه ولم اكره إليه طاعتي ومرضاتي أبدا .

لمن أحب البركة والرضوان

ص: 221

يا محمد ومن أحب من امتك بركاتي ورضوانى وتعطفي وقبولى وولايتي وإجابتى فليقل حين تزول الشمس أو يزول الليل :

اللهم ربنا لك الحمد ، كله جملته وتفصيله كما استحمدت به إلى أهله الذين خلقتهم لهم ، اللهم ربنا لك الحمد حمدا كما يحمدك من بالحمد رضيت عنه لشكر ما به من نعمك ، اللهم ربنا لك الحمد كما رضيت به لنفسك وقضيت به علي عبادك ، حمدا مرغوبا فيه عند أهل الخوف منك لمهابتك ، ومرهوبا عند أهل العزة بك لسطواتك ، ومشهودا عند أهل الانعام منك لانعامك ،سبحانك متكبرا في منزلة تذبذبت أبصار الناظرين ، وتحيرت عقولهم عن بلوغ علم جلالها تباركت في منازلك العلى كلها ، وتقدست في الالاء التي أنت فيها أهل الكبرياء لاإله إلا أنت الكبير الاكبر ، للفناء خلقتنا وأنت الكائن للبقاء ، فلا تفنى ولا نبقى وأنت العالم بنا ونحن أهل العزة بك والغفلة عن شأنك ، وأنت الذي لا تغفل بسنة ولا نوم ، بحقك يا سيدي أجرني من تحويل ما أنعمت على به في الدين والدنيا في أيام الدنيا يا كريم .

فانه إذا قال ذلك كفيته كل الذي أكفي عبادي الصالحين الحامدين الشاكرين .

لمن أراد الحفظ والكلائة

يا محمد ومن أراد من امتك حفظى وكلائتى ومعونتي فليقل عند صباحه و مسائه ونومه:

آمنت بربي ، وهو الله الذي لا إله إلا هو إله كل شئ ومنتهى كل علم ووارثه ، ورب كل رب ، واشهد الله على نفسي بالعبودية والذل والصغار وأعترف بحسن صنائع الله إلي وأبوء على نفسى بقلة الشكر وأسئل الله في يومي هذا أ وفي ليلتى هذه بحق ما يراه له حقا على ما يراه مني له رضى وإيمانا وإخلاصا ورزقا واسعا ويقينا خالصا بلا شك ولا ارتياب ، حسبي إلهى من كل من هو دونه والله وكيلي من كل من سواه ، آمنت بسر علم الله كله وعلانيته ، وأعوذ بما في علم الله كله من كل سوء ومن كل شر ، سبحان العالم بما خلق اللطيف فيه ، المحصى له ، القادر عليه ، ماشاء الله لا قوة إلا بالله أستغفر الله وإليه المصير .

فانه إذا قال ذلك جعلت له في خلقي جهة ، وعطفت عليه قلوبهم ، وجعلته في دينه محفوظا .

لمن أحب أن يكون معافى من السحر

يا محمد إن السحر لم يزل قديما وليس يضر شيئا إلا باذني ، فمن أحب أن يكون من أهل عافيتى من السحر فليقل :

اللهم رب موسى وخاصه بكلامه ، وهازم من كاده بسحره بعصاه ، و معيدها بعد العود ثعبانا ، وملقفها إفك أهل الافك ، ومفسد عمل الساحرين ومبطل كيد أهل الفساد ، من كادني بسحر أو بضر عامدا أو غير عامد ، أعلمه أولا أعلمه وأخافه أولا أخافه فاقطع من أسباب السماوات علمه حتى ترجعه عني غير نافذ ولاضار لي ، ولا شامت بي إني أدرء بعظمتك في نحور الاعداء ، فكن لي منهم مدافعا أحسن مدافعة وأتمها يا كريم .

فانه إذا قال ذلك لم يضره سحر ساحر جني ولا إنسى أبدا .

لمن أراد تقبل الفرائض والنوافل منه

يا محمد ومن أراد من امتك تقبل الفرائض والنوافل منه فليقل خلف كل فريضة أوتطوع :

ص: 222

يا شارعا لملائكته الدين القيم دينا راضيا به منهم لنفسه ، ويا خالقا من سوء الملائكة من خلقه للابتلاء بدينه ، ويا مستخصا من خلقه لدينه رسلا إلى من دونهم ، ويا مجازى أهل الدين بما عملوا في الدين ، اجعلني بحق اسمك الذي كل شئ من الخيرات منسوب إليه من أهل دينك المؤثر به بالزامكهم حقه وتفريغك قلوبهم للرغبة في أداء حقك فيه إليك لا تجعل بحق اسمك الذي فيه تفصيل الامور كلها شيئا سوى دينك عندي أبين فضلا ولا إلى أشد تحببا ولابى لا صقا ولا أنا إليه منقطعا واغلب بالى وهواي وسريرتي وعلانيتي ، واسفع بناصيتى إلى كل ما تراه لك مني رضي من طاعتك في الدين .

فانه إذا قال ذلك تقبلت منه النوافل والفرائض ، وعصمته فيها من العجب وحببت إليه طاعتي وذكري .

لمن همه دين

يا محمد من ملاه هم دين من امتك فلينزل بي وليقل :

يا مبتلي الفريقين أهل الفقر وأهل الغنى ، وجازيهم بالصبر في الذي ابتليتهم به ، ويا مزين حب المال عند عباده ، وملهم الانفس الشح والسخاء ، ويا فاطر الخلق على الفظاظة واللين ، غمنى دين فلان بن فلان ، وفضحنى بمنه على به ، و أعيانى باب طلبته إلا منك ، يا خير مطلوب إليه الحوائج يا مفرج الاهاويل فرج همى وأهاويلى في الذي لزمني من دين فلان بتيسير كه لي من رزقك ، فاقضه يا قدير ولا تهنى بتأخر أدائه ولا بتضيقه على ، ويسر لي أداءه فاني به مسترق فافك رقي من سعتك التى لا تبيد ولا تغيض أبدا .

فانه إذا قال ذلك صرفت عنه صاحب الدين وأديته إليه عنه .

لمن أصابه ترويع

يا محمد ومن أصابه ترويع فأحب أن اتم عليه النعمة ، واهنئه الكرامة وأجعله وجيها عندي ، فليقل :

يا حاشي العز قلوب أهل التقوى ويا متوليهم بحسن سرائرهم ، ويا مؤمنهم بحسن تعبدهم ، أسئلك بكل ما قد أبرمته إحصاء من كل شئ قد أتقنته علما أن تستجيب لي بتثبيت قلبي على الطمأنينة والايمان ، وأن توليني من قبولك ما تبلغني به شدة الرغبة في طاعتك حتى لا ابالي أحدا سواك ، ولا أخاف شيئا من دونك يا رحيم .

فانه إذا قال ذلك آمنته من روايع الحدثان في نفسه ودينه ونعمه .

للذين يريدون التقرب إلى الله

يا محمد قل للذين يريدون التقرب إلي : اعلموا علم يقين أن هذا الكلام أفضل ما أنتم متقربون به إلى بعد الفرائض ، وذلك أن تقول :

اللهم إنه لم يمس أحد من خلقك أنت أحسن إليه صنيعا مني ولاله أدوم كرامة ، ولا عليه أبين فضلاء ، ولا به أشد ترفقا ، ولاعليه أشد حياطة ولا عليه أشد تعطفا منك علي ، وإن كان جميع المخلوقين يعد دون من ذلك مثل تعديدي فاشهد يا كافي الشهادة بأني اشهدك بنية صدق بأن لك الفضل والطول في إنعامك علي ، وقلة شكري لك فيها ، يا فاعل كل إرادته . صل على محمد وآله و طوقني أمانا من حلول السخط فيه لقلة الشكر ، وأوجب لي زيادة من إتمام النعمة بسعة المغفرة أنظرني خيرك وصل على محمد وآله لا تقايسني

ص: 223

بسريرتي وامتحن قلبي لرضاك واجعل ما تقربت به إليك في دينك لك خالصا ولا تجعله للزوم شبهة أو فخر أورئاء أو كبر ياكريم .

فانه إذا قال ذلك أحبه أهل سماواتي وسموه الشكور .

لمن أراد ألا يكون لاحد عليه سلطان

يا محمد ومن أراد من امتك ألا يكون لاحد عليه سلطان بكفايتي إياه الشرور فليقل :

يا قابضا على الملك لمادونه ومانعا من دونه نيل شئ من ملكه يا مغني أهل التقوى باماطته الاذى في جميع الامور عنهم لا تجعل ولايتي في الدين والدنيا إلى أحد سواك ، واسفع بنواصي أهل الخير كلهم إلي حتى أنال من خيرهم خيره ، وكن لي عليهم في ذلك معينا ، وخذلي بنواصي أهل الشر كلهم وكن لي منهم في ذلك حافظا ، وعني مدافعا ولي مانعا ، حتى أكون آمنا بأمانك لي بولايتك لي من شر من لا يؤمن شره إلا بأمانك يا أرحم الراحمين .

فانه إذا قال ذلك لم يضره كيد كائد أبدا .

لمن أراد أن تربح تجارته

يا محمد ومن أراد من امتك أن تربح تجارته ، فليقل حين يبتدي بها :

يا مربي نفقات أهل التقوى ومضاعفها ، وسائق الارزاق سحا إلى المخلوقين ويا مفضلنا بالارزاق بعضنا على بعض سقني ووجهني في تجارتي هذه إلى وجه غنى عاصم شكور آخذه بحسن شكر ، لتنفعني به وتنفع به مني يا مريح تجارات العالمين بطاعته صل على محمد وآل محمد و سق لي في تجارتي هذه رزقا ترزقني فيه حسن الصنع فيما ابتليتني به ، وتمنعني فيه من الطغيان والقنوط ، يا خيرنا شر رزقا لا تشمت بي بردك على دعائي بالخسران عدوا لي وأسعدني بطلبتى منك و بدعائى إياك ياأرحم الراحمين

فانه إذا قال ذلك أربحت تجارته ، وأربيتها له .

لمن أراد الامان من بليتى

يا محمد ومن أراد من امتك الامان من بليتى ، والاستجابة لدعوته ، فليقل حين يسمع تأذين المغرب :

يا مسلط نقمه على أعدائه بالخذلان لهم في الدنيا ، والعذاب لهم في الاخرة ويا موسعا فضله على أوليائه بعصمته إياهم في الدنيا وحسن عائدته ، ويا شديد النكال بالانتقام ، وياحسن المجازاة بالثواب ، ويا بارئ ، خلق الجنة والنار و ملزم أهلهما عملهما ، والعالم بمن يصير إلى جنته ، وناره ، يا هادى يامضل يا كافي يا معافي يا معاقب ، صل على محمد وآل محمد واهدني بهداك ، وعافني بمعافاتك من سكنى جهنم مع الشياطين ، وارحمني فانك إن لم ترحمني أكن من الخاسرين وأعذني من الخسران بدخول النار وحرمان الجنة ، بحق لا إله إلا أنت يا ذا الفضل العظيم

فانه إذا قال ذلك تغمدته في ذلك المقام الذي يقول فيه برحمتي .

لمن كان غائبا فأحب أن أؤدية سالما

يا محمد ومن كان غائبا فأحب أن أؤدية سالما مع قضائي له الحاجة ، فليقل في غربته :

ص: 224

يا جامعا بين أهل الجنة على تألف من القلوب ، وشدة تواجد في المحبة ويا جامعا بين طاعته وبين من خلقه لها ويا مفرجا عن كل محزون ، ويا موئل كل غريب ، ويا راحمي في غربتي بحسن الحفظ والكلاءة والمعونة لي ويا مفرج مابي من الضيق والحزن بالجمع بينى وبين أحبتي، يا مؤلفا بين الاحباء صل على محمد وآل محمد و لا تفجعني بانقطاع أوبة أهلي وولدي عني ، ولا تفجع أهلي بانقطاع أوبتي عنهم ، بكل مسائلك أدعوك فاستجب لي فذلك دعائي إياك فارحمني يا أرحم الراحمين .

فانه إذا قال ذلك آنسته في غربته ، وحفظته في الاهل ، وأديته سالما مع قضائى له الحاجة .

لمن أراد أن أرفع صلاته مضاعفة

يا محمد ومن أراد من امتك أن أرفع صلاته مضاعفة ، فليقل خلف كل صلاة افترضت عليه ، وهو رافع يديه آخر كل شئ :

يا مبدئ الاسرار ومبين الكتمان وشارع الاحكام ، وذارئ الانعام وخالق الانام ، وفارض الطاعة وملزم الدين ، وموجب التعبد أسئلك بحق تزكية كل صلاة زكيتها ، وبحق من زكيتها له ، وبحق من زكيتها به أن تجعل صلاتي هذه زاكية متقبلة بتقبلكها ورفعكها وتصيرك بها ديني زاكيا وإلهامك قلبي حسن المحافظة عليها حتى تجعلني من أهلها الذين ذكرتهم بالخشوع فيها أنت ولي الحمد كله فلا إله إلا أنت فلك الحمد كله بكل حمدأنت له ولي وأنت ولي التوحيد كله فلا إله إلا أنت فلك التوحيد كله بكل توحيد أنت له ولي وأنت ولي التهليل كله فلا إله إلا أنت فلك التهليل كله بكل تهليل أنت له ولي وأنت ولى التسبيح كله فلا إله إلا أنت فلك التسبيح كله بكل تسبيح أنت وله ولي وأنت ولي الكبير كله فلا إله إلا أنت فلك التكبير كله بكل تكبير أنت ولي ، رب عد علي في صلاتي هذه برفعكها زاكية متقبلة إنك أنت السميع العليم .

فانه إذا قال ذلك رفعت له صلاته مضاعفة في اللوح المحفوظ . (1)

ص: 225


1- بحار الانوار 92/ 307 ، الجواهر السنية 153، البلد الأمين ص 504 . مستدرك الوسائل ج 4 ص 53 ، فتح الأبواب ص 192 يوجد في بعض كتب الإجازات إسنادا لأدعية السر ، وهو هذا : من خط السيد نظام الدين أحمد الشيرازي الفقير إلى الله الغني المغني أحمد بن الحسن بن إبراهيم الحسني الحسيني ، يروي عن عمه ومخدومه مجد الملة والدين إسماعيل عن والده ومخدومه شرف الاسلام وعز المسلمين إبراهيم عن شيخ شيوخ المحدثين صدر الحق والدين ، إبراهيم بن محمد بن المؤيد عن الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن مطهر الحلي ، عن الشيخ الامام مهذب الدين أبي عبد الله الحسين ابن الفرج النيلي ، عن الشيخ المفيد أبي على الحسن بن محمد الطوسي ، عن الشيخ الامام أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي . وعن الشيخ الامام صدر الدين أيضا عن الامام بدر الدين محمد بن أبي الكرام عبد الرزاق بن أبي بكر بن حيدر ، عن القاضي فخر الدين محمد بن خالد الأبهري ، عن السيد الإمام ضياء الدين أبي الرضا فضل الله بن علي الراوندي قال : أخبرنا السيد الإمام أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسني قال : أخبرنا الشيخ أبو جعفر محمد ابن الحسن الطوسي قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال : حدثني أبو علي محمد بن همام ، قال : حدثني الحسن بن زكريا البصري قال : حدثني صهيب بن عباد بن صهيب ، عن أبيه عباد ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن آبائه عن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وآله سر فلما عثر عليه . . . إلى آخر أدعيه السر وذكر السيد الاجل علي بن طاووس في كتاب فتح الأبواب في الاستخارات عند ذكر دعاء الاستخارة من تلك الأدعية سندا آخر حيث قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن يعقوب بن يوسف الأصفهاني في جمادى الأولى من سنة تسع وأربعين وثلاثمائة قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن علي الأصفهاني صاحب الشاذكوني قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليماني قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن نوح الأصبحي وأبو الخصيب سليمان ابن عمرو بن نوح الأصبحي ، قال : حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن علي بن الحسين صلوات الله عليهم قال : قال علي عليه الصلاة والسلام إنه كان لرسول الله صلى الله عليه وآله سر فلما عثر . . . إلى آخر ما مر من الرواية ، ثم ذكر الدعاء

دعاء المعراج مكتوب على حجاب القدرة

368- عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله ما ملخصه لما أسري بي إلى السماء لم أزل أقطع حجاباٍ بعد حجاب حتى قطعت سبعين ألف حجاب ما بين كل حجابين كما بين المشرق والمغرب سبعين ألف مرة حتى وقفت على حجاب القدرة فرأيت هذا الدعاء مكتوباً عليه بالنور وقيل لي يا محمد لا تعلمه إلا للمؤمنين من أمتك فمن دعا به فتحت له أبواب السماء ونظر الله إله بالرحمة وفرج همه وغمه وكشف كربه وقضى دينه وغفر ذنبه وأعطاه مثل ما يعطي النبيين والصديقين وبنى له في الجنة ألف قصر من الدر والياقوت وينظر الله تعالى إليه في كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ويناديه ملك من السماء استأنف العمل فقد غفر الله تعالى لك ولوالديك ولجيرانك وبدل سيئاتك حسنات وأعطاك ثواب عبادة سبعين ألف عام وجمع لك خير الدارين ومن كتبه بمسك وزعفران وسقاه للعليل شفي ومن كتبه وحمله أمِنَ من السلطان والشيطان واللصوص ولم يعي من المشي وقُضِيت حوائجه من علقه على ولد صغير أمن من الحية والعقرب وجميع الأسواء ومن كتبه وشربه أمِنَ من جميع الأوجاع ولم ينسَ شيءً ومن دعا به وهو يريد أمراً سهله الله تعالى ومَن جعله في منزله وسّع الله تعالى عليه الرزق وأمِنَ منزله من كل سوء , والذي بعثك بالحق لو أجتمع الثقلان والملائكة ومثلهم ألف ضعف منذ خلق الله الدنيا إلى يوم البعث ما أحصوا ثوابه وهو أحب الأدعية إلى الله تعالى فاجعله وسيلة إلى الله تعالى عز وجل في أمورك وعلمه خيار أمتك فإنه كنز من كنوز الجنة ومن كرامتك على الله تعالى خصّك لتدعو به أمتك فيستجاب لهم به ويغفر ذنوبهم ومن لم يقدر على قراءته فليتركه بين يديه ويقول اللهم بحق هذا الدعاء وبحق من أنزله وبحق من نزل به وبحق من نزل عليه إلا صليت على محمد وآله وقضيت حاجتي فقال النبي صلى الله عليه وآله الحمد لله الذي مَنّ علىّ بهذا الدعاء . وهو مروي عن النبي صلى الله عليه وآله :

اللهم إني أسألك يا من أقر له بالعبودية كل معبود يا من يحمده كل محمود يا من يطلب عنده كل مفقود يا من يفزع اليه كل مجهود يا من سائله غير مردود يا من بابه عن سؤاله غير مسدود يا من هو غير موصوف ولا محدود يا من عطاؤه غير ممنوع ولا منكود يا من هو لمن دعاه ليس ببعيد وهو نعم المقصود يا من رجاء عباده بحبله مشدود يا من ليس بوالد ولا مولود يا من شبهه ومثله غير موجود يا من كرمه وفضله ليس بمعدود يا من حوض بره للأنام مورود يا من لا يوصف بقيام ولا قعود يا من لا تجري عليه حركة ولا جمود يا الله يا رحمن يا رحيم يا ودود يا راحم الشيخ الكبير يعقوب يا غافر ذنب داود يا

ص: 226

من لا يخلف الوعد ويعفو عن الموعود يا من رزقه وستره للعاصين ممدود يا من هو ملجأ كل مقصي مطرود يا من دان له جميع خلقه بالسجود يا من ليس عن نيل وجوده أحد مصدود يا من لا يحيف في حكمه ويحلم عن الظالم العنود ارحم عُبيداً خاطئا لم يوف بالعهود إنك فعال لما تريد يا بار يا ودود صل على محمد خير مبعوث دعا إلى خير معبود وعلى آله الطيبين الطاهرين أهل الكرم والجود وافعل بنا ما أنت أهله يا أرحم الراحمين وسل حاجتك تقضى إن شاء الله تعالى (1).

دعاء القدح

369- عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال ليلة اسري بي الى السماء رايت قدحاً معلقاً بغير سلسلة بل بقدرة الله تعالى ومكتوب على دورته بقلم اخضر وقد أضاءت من نور ذلك القدح جميع السموات فلما حضرت عند ربي وسمعت خطابه قال اسمع يامحمد خلقتك وخلقت ذلك القدح لاجلك ومن نورك وكتبت عليه هذا الدعاء بقلم القدرة قبل ان اخلق السموات والارض بخمسين مائة سنة يامحمد لولا نور هذا الدعاء ما استقرت الارض وهي ثابتة ببركة هذا الدعاء فلما رجعت الى المقام المعلوم سالت اخي جبرائيل فقلت ما ثواب هذا الدعاء والقدح فقال يامحمد لا يحصى فضله وفضائله الا الله تعالى ويعجز عن حصرها الجن والانس فقال جبرائيل لك يامحمد بهذا الدعاء وما اعد الله لاحد من الانبياء الا لك مثله فمن قراه في عمره مرة واحدة على مقبرة من مقابر المسلمين ازال الله عنهم العذاب الى يوم القيامة ومن انكر فضله وثوابه يكون مشركاً ومن كان محبوساً وقراه بنية صادقة فرج الله عنه ومن كتبه على مريض وعلق عليه شافاه الله ومن واضب عليه او حمله معه يكون عند الله له منزلة عظيمة ولو كان كثير الذنوب ومن قراه غفر الله له وهون عليه الحساب وسكرات الموت ومن كتبه على كفنه لا يعذبه الله ويفتح له ابواب الجنة ومن قراه على جرة ماء وسكبها على قبر حيث رفع الله عنه العذاب ومن قراه في عمره مرة واحدة يرسل الله تعالى اليه يوم القيامة عند خروجه من قبره الف ملك في يد كل ملك قدح من شراب الجنة ومن قراه وهو مقابل الاعداء نصره الله على اعدائه ولا يحصى فضله الا الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

باسمه المبتدأ رب الاخرة والاولى لا غاية له ولا منتهى له باني السموات والارض وما بينهما وما تحت الثرى وانمجهر بالقول فانه يعلم السر والخفى

الله لا اله الا هو العلي العظيم عظيم الالاء دائم النعماء قاه الاعداء قادر على ما يشاء عطوف على خلقه برزقه معروف بلطفه عالم في ملكه عادل في حكمه الرحمن الرحيم رحيم الرحماء عليم العلماء حكيم الحكماء بصير البصراء نصير النصراء صاحب الانبياء معين الاولياء سبحانه قادراً على مايشاء

سبحانه الملك القدوس ذي العرش المجيد فعال لما يريد رب الارباب ومسبب الاسباب وفاتح الابواب قادراً غير مقدور عليه قاهر غير مقهور علام الغيوب عالم يوم الحشر والنشور اليه الألة جامع الناس ليوم الواقعة ان ربنا لغفور رحيم مشكور حليم

ص: 227


1- مصباح الكفعمي .

والحمد لله رب العالمين الملك الرحمن الرحيم الاول القديم ذي العرش العظيم هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم الفاتح الرازق خالق الخلائق والبهائم صاحب العطايا ومانع البلايا يامن يشفي السقيم ويغفر للخاطئين ويعفو عن العاصين ويحب الصالحين وينجي المؤمنين ويستر على المذنبين ويؤمن الخائفين

لا اله الا انت الرب الكريم المعبود وكثير العطايا ساتر العيوب مشكور حليم عالم في الحدود وكل محمود ومجدود ومثبت الزرع والاشجار مدبر الليل والنهار خالق الحبوب والاثمار غني عن الخلائق مقسم الارزاق علام الغيوب مذهب الهموم والاحزان

الهي انت الذي سجد لك سواد الليل وضوء النهار والنجوم ونور القمر وشعاع الشمس وحفيف الاشجار ودوي الماء الهي انت الذي تعلم الاسرار والاعلان وما في القلب لانك غاية المنسوب يوم الحشر والنشور

الهي انت الذي تغفر لي خطيئتي وتقضي حاجتي كما قلت لا تخلف الميعاد ووعدك صدق نجني اللهم من الهم والكرب والضيق والشدة والذل من الجنون والبرص والجذام وانت غياث كل مكروب ومضروب ومظلوم ومطرود

الهي انت تحفظني من جميع الافات في الدنيا والاخرة واهولها واحزانها

الهي لا تفضحني على كبيراً سبحانه بكرة واصيلا سبحانه له ولا نظير له ولا وزير له ولا شريك ياالله يارحمن يارحمن يارحمن يارحيم يارحيم يارحيم اسالك ان تؤتيني ما رجوت منك وتكرمني بعفوك وتغفرلي خطيئتي انك على كل شيء قدير

اللهم ان تولني حفظ القران والعلم وتخلط بهما دمي ولحمي و نفسي طرفة عيني ابداً انك على كل شيء قدير وبالاجابة جدير

ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ذي الجلال والاكرام واشهد ان كل معبود وممن دون عرشك الى منتهى قرار ارضك باطل دون وجهك الكريم امنت لك وحدك لا شريك لك اسلك ان تفرج همي وغمي وان تؤدي عني امانتي وديني وتشفي امراضي وقر ديني الى عبادتك الحسنى وترزقني وتفرج همي وكل سوء ومكروه انك ذو الفضل العظيم ياذا الجلال والاكرام

اللهم اغنني بحلالك عن حرامك وبفضلك عن سواك وبطاعتك عن معصيتك ورضاك عن سخطك الهي خلقتني وظلمت نفسي وارتكبت المعاصي وانا مقر بذنبي يارب اغفرلي ذنوبي كلها فاني لا اجد من يغفرها سواك وانت تجد من تعذب غيري لا اله الا انت نجني من سخطك وفرج عني كل سوء ومكروه وفرج عني كل كرب ياذا الجلال والاكرام ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

سبحان من هو بالجلال متوحد وبالتوحيد معروفاً وبالمعروف موصوفاً وبالصفة عن الانسان كل نائل رباه وبالربوبية قهر وبالقهر للعلم جبار وبالجبروت حكيم وبالحكمة رحيماً وبالحكم والعلم رؤفاً فسبحانه عما يقول الظالمون علواً كبيرا تخشع له السموات والارضون من بواطنها ومن بوحدته فوق عرشه اشهد الله ان ما فيها رباه غيره لا اله الا هو سريع الحساب احكم الحاكمين جلت عظمته وعظم شأنه ما شاء الله لا قوة الا بالله العلي العظيم استغفر الله واليه المصير

ياالله يامحمد ياعلي يافاطمة ياحسن ياحسين ياعلي يامحمد ياجعفر ياموسى ياعلي يامحمد ياعلي ياحسن يامهدي المنتظر القائم عجل الله فرجه وسهل مخرجه

ص: 228

اللهم اجعلنا من انصاره واودائه والمقاتلين في لوائه صلوات الله عليهم اجمعين وصلى الله على محمد واله الطاهرين والحمد لله رب العالمين .

دعاء على لوح من نور

370 - عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : وجدت هذه الأسماء في لوح من نور ليلة اسرى بي ، وليس بين اللوح والعرش حجاب ، فقال جبرئيل عليه السلام : لولا أن تطغى أمتك لأخبرتك بشأن هذه الأسماء فان الله عز وجل يقول من تكلم في يوم جمعة مرة بها ثم كاد أهل السماوات والأرض لم يقدروا له على مساءة ، ومن تكلم بها كل يوم الجمعة مرة أو مرتين لم يزل في أمان الله وجواره ولم يقدر له أحد على مكروه . قال الحسن البصري لقد دخلت على أناس ست مرات فأذهب الله أبصارهم فلم يروني ، ولقد دخلت على الحجاج وقد أراد قتلي فقربني وأدناني . وقال علي عليه السلام ولقد دعا بها إبراهيم عليه السلام فنجاه الله من نار نمرود بن كنعان ولقد دعا بها موسى عليه السلام لما دخل على فرعون بها فلم يقدر عليه . قال كعب الأحبار : ولقد دعا بها الخضر عليه السلام فوقع في عين الحياة وتكلم بها إسماعيل فنجاه الله وفداه بذبح عظيم . وقال علي عليه السلام : ما دعا بها مكروب إلا فرج الله عنه كربته ، ولا مغموم إلا ونفس الله غمه ، ولا لحاجة إلا قضيت له من حوائج الدنيا والآخرة . وقال كعب الأحبار : وجدت في التوراة من قرأها في كل جمعة مرة واحدة كانت له قبولا وهيبة وبهاء وعظمة وجلالا ورتبة عند الملوك والعظماء والاشراف . وقال النبي صلى الله عليه وآله : من أصابته مصيبة أو نزلت به نازلة من أهوال الدنيا والآخرة ثم تكلم بهذه الأسماء فرج الله عنه وقضى حوائجه وأذهب غمه ونصره الله على عدوه . وقال كعب الأحبار : فمن أراد أن يتكلم بهذه الأسماء فليكن طاهرا وليدع بها في كل جمعة ، ويسأل الله فيما يشاء من أمر الدنيا والآخرة ، فان الله قضى و حكم وأوجب أن لا يرد من تكلم بها كائنا من كان ، ولقد دعا بها النبي صلى الله عليه وآله يوم الجمعة يوم الأحزاب فنصره الله على أعدائه ، وهي أسماء الله المقدسة المباركة وهي هذا الدعاء المبارك : بسم الله وبالله ، أخذت الأولين وأخذت الآخرين وأخذت القائمين وأخذت القاعدين ، تغشى أبصارهم ظلمة وترسل السماء عليهم لهبا والأرض شهبا فأغشيناهم فهم لا يبصرون الله يرعاني ويقويني على الخلق ، بنور الله أستبصر وبقوة الله القدوس أستعين ، الله يعطيني والله الملك الجبار يرفعني على أجنحة الكروبيين والصديقين والصافين والمسبحين . لك الله أدعو وأنت الله أرحم الراحمين ، لك الله أدعو إله الشمس والقمر لك الله أدعو إله الكواكب ، لك الله أدعو إله المشارق والمغارب ، لك الله أدعو إلها مقدسا أنت الله العزيز الجبار المتكبر الرحمن الرحيم ، الواسعة رحمته الخالق كرسي عظمته العزيز العظيم الجليل تبارك اسم الله ملك الملوك تكون أسماؤك هذه لي عضدا ونصرا وفتحا وهيبة ونورا وعظمة أبدا ما أبقيتني ويكون لي حفظا وخلاصا ونجاحا . أنا عبدك وابن عبدك تغشاني رحمتك ، ويغشاني عقابك بعزتك وهيبتك نجني من الآفات كما نجيت إبراهيم خليلك من النار ، وكما كبس موسى كليمك فرعون وبأسمائك هذه فنجني بها ، وكما الأرض مكبوسة تحت السماء وكما بنو آدم مكبوسون تحت السماء وتحت ملك الموت وكما ملك الموت مكبوس بين يدي الله رب العالمين ، كذلك يكون الخلائق مكبوسين تحت قدمي أبدا ما أحييتني . يا ناصر المسلمين ويا صريخ المستصرخين يا أرحم الراحمين

ص: 229

، أنت لي حرز من جميع خلقك ومن بني آدم وبنات حواء وأتباعهم ، ومن شر الجن والإنس أن لا يسطو علي أحد منهم . عز جارك لا إله إلا أنت تمسكت بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها التي لا يجاوزها بر ولا فاجر ، اعتصمت بحبل الله المتين ، أعوذ بالله من شر فسقة العرب و العجم ، ومن شر الجن والإنس ، ومن شر من يريد بي سوءا أو يريد بي شرا توكلت على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا . حسبي الله بسم الله وبالله أؤمن وبالله أثق وبه أتعوذ وبالله أعتصم وبالله العظيم أستجير من الشيطان الرجيم ، أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزها بر ولا فاجر مما ذرأ وبرأ ومن شر كل ما يطرق بالليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير برحمتك يا أرحم الراحمين . اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، ومن شر كل عين ناظرة واذن سامعة ومن شر كل مارد وجبار عنيد . اللهم إني ألجأت ظهري إليك وتوكلت في أموري عليك ، أنت وليي ومولاي إلهي فلا تسلمني ولا تخذلني ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا تؤاخذني بذنوبي وإسرافي على نفسي ، وأعني على شكر نعمتك ، يا محسن يا جبار ، اجعلني عبدا شكورا ، لا إله إلا أنت العلي العظيم ، عليك توكلت أنت الرب العرش العظيم . لا إله إلا أنت الحليم الكريم ، سبحان الله رب العالمين ، رب السماوات السبع وما فيهن وما فوقهن وما بينهن ورب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين اللهم حببني إلى جميع خلقك حتى لا يكون لي في قلب أحد من خلقك غلظة ولا يعارضوني واجعلهم يستقبلوني بوجوه بسيطة ويقضون حوائجي ويطلبون مرضاتي ، ويخشون سخطي . باسمك القدوس العظيم الأعظم أدعوك يا الله ، يا نورا في نور ، ونورا إلى نور ونورا فوق نور ، ونورا تحت نور ، يضئ به كل نور وكل ظلمة ، ويطفا به شدة كل شيطان وسلطان ، باسمك الذي تكلم به الملائكة فلا يكون للموج عليهم سبيل ، وبه يذل كل جبار عنيد ، يكون تحت قدمي ، باسمك الذي سميت به نفسك و استقررت به على عرشك وعلى كرسيك ، باسمك العظيم الأعظم يكون لي نورا و هيبة عند جميع الخلق ، بأسمائك المقدسة المباركة ، أنت الجواد الكريم العزيز الجبار المتكبر العظيم ، لا إله إلا أنت يا رب كل شئ ووارثة ، يا الله أنت المحمود في كل فعاله . يا أرحم الراحمين لا إله إلا أنت الرفيع في جلاله ، يا الله يا أرحم الراحمين يا رحمن كل شئ وراحمه ، يا مميت كل شئ ووارثه ، يا حي حين لا حي في ديمومية ملكه وبقائه ، يا رافع المرتفع فوق سمائه بقدرته ، يا قيوم لا يفوته شئ من خلقه ، يا آخر يا باقي يا أول كل شئ وآخره ، يا دائم بغير فناء ولا زوال لملكه ، يا صمد من غير شبيه فلا شئ كمثله ، يا مبدئ كل شئ ومعيده ، يا من لا يصف الواصفون كنه جلاله في ملكه وعزه وجبروته . يا كبير أنت الذي لا تهتدي العقول لصفته في عظمته ، يا باعث يا منشئ بلا مثال يا زاكي الطاهر من كل آفة ، يا كافي المتوسع لما خلق من عطايا فضله الذي لا ينفد يا نقي من كل سوء لم يخالطه فعاله ، يا جبار أنت الذي وسعت كل شئ رحمته ، يا حنان يا منان يا ذا الجلال والاكرام أنت الذي قد عم الخلائق منه وفضله . يا ديان العباد ، وكل يقوم خاضعا لهيبته ، يا خالق ما في السماوات والأرضين ، وكل إليه ميعاده ، يا رحيم كل صريخ ومكروب ، يا صادق الوعد فلا تصف الألسن جلال ملكه وعزه ، يا مبدئ البدايع لم يبتغ في إنشائها عون أحد من خلقه ، يا عالم الغيوب فلا يفوته شئ من خلقه ، يا معيد ما أفنى إذا برز الخلايق لدعوته ، يا حليما ذا أناة فلا شئ يعادله من خلقه ، يا حميد الفعال في خلقه بلطفه ، يا عزيز الغالب على أمره فلا شئ يعادله ، يا ظاهر البطش الشديد الذي لا يطاق انتقامه ، يا عالي القريب

ص: 230

في علوه وارتفاعه ، يا حنان يا منان فلا شئ يقهر سلطانه . يا نور كل شئ وهداه أنت الذي أضاءت الظلمة بنوره ، يا قدوس الطاهر فلا شئ كمثله ، يا قريب المجيب المتداني دون كل شئ ، يا عالي الشامخ في السماء فوق كل شئ علوه وارتفاعه ، يا بديع البدائع ومعيدها بعد فنائها بقدرته ، يا متكبر ! يا من العدل أمره والصدق وعده ، يا محمودا في أفعاله فلا تبلغ الأوهام كنه جلاله في ملكه وعزه ، يا كريم العفو أنت الذي ملا كل شئ عدله وفضله ، يا عظيم المفاخر والكبرياء فلا يدرك عز ملكه ، يا عجيب فلا تنطق الألسن بكل آلائه وثنائه . أسئلك يا الله أمانا من عقوبتك في الدنيا والآخرة ، وأسئلك نورا ونصرا ورفعة عند جميع خلقك من بني آدم وبنات حوا ، رب الأرواح الفانية والأجساد البالية و الأرواح المرتفعة . وأسألك بطاعة العروق الملتئمة إلى أماكنها ، وبطاعة القبور المتشققة عن أهلها وبدعوتك الصادقة فيهم وأخذك الحق منهم إذا برز الخلائق فهم من مخافتك وشدة سلطانك ينتظرون قضاءك ويخافون عذابك ويرجون رحمتك ، اجعلني من المقربين الفائزين وألق على محبة ونورا ونعمة وهيبة واجعلني ممن يسمع قولي ويرفع أمري على كل أمر ، أنا عبدك وابن عبدك الفقير إلى رحمتك ، اجعلني اللهم عاليا متعاليا ، يا نور النور يا مصباح النور ، أدرأ بك في نحورهم وأستعيذ بك من شرورهم وأستعين بك عليهم ، فاكفني أمرهم بلا حول ولا قوة إلا بك . يا الله العلي العظيم إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ، إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ، يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز . اللهم بعزتك يا دائم البقاء أسئلك بالاسم الذي أحطته بحجاب النور ، نور السماوات والأرض تضئ به أبصار الناظرين ، عذت بربوبيتك يا الله وباسمك الذي تقول للشئ كن فيكون إلا قضيت حاجتي وأنجحت طلبتي ويسرت أمري و سترت عورتي وآمنت روعتي ، ورزقتني نورا وعزا وهيبة وقبولا ورفعة عند جميع خلقك ، بحولك وقوتك وباسمك الذي وسع كل شئ وهو أوسع منه ، يا دائم البقاء أدم ما أنا فيه من نعمتك وعافيتك ، واجعل أموري أولها صلاحا وآخرها فلاحا برحمتك يا أرحم الراحمين ثم ادع بما أحببت فإنه يستجاب إنشاء الله . (1)

قولا أقوله إذا أصبحت وأمسيت

371 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : لما اسرى بي علمتني الملائكة قولا أقوله إذا أصبحت وأمسيت (اللهم إن ظلمي أصبح مستجيرا بعفوك ، وذنبي أصبح مستجيرا بمغفرتك ، وذلي أصبح مستجيرا بعزتك ، وفقري أصبح مستجيرا بغناك ، و وجهي البالي الفاني أصبح مستجيرا بوجهك الدائم الباقي الذي لا يفني) وأقول ذلك إذا أمسيت . (2)

*- روى الفاضل البسطامي في كتابه ذخيرة العباد عن بعض الكتب المعتبرة انه جاء في الاخبار المعراجية ان ملكاً في السماء الرابعة قال للنبي (صلى الله عليه واله) صليت ركعتين في عشرين الف سنة كنت خمسة الاف سنة في القيام وخمسة الاف سنة في الركوع وخمسة الاف سنة في السجود وخمسة الاف سنة في التشهد وقد وهبت ثوابه

ص: 231


1- جمال الأسبوع ص 218 عنه البحار 87 : 106 . ، ج 87 ص 54
2- تفسير القمي ص 375 . أمالي المفيد ص 142 . أمالي الطوسي ج 1 ص 189 . بحار الأنوار ج 83 ص 248

لامتك .قال (صلى الله عليه واله) للملك : اتزعم ان امتي محتاجون الى ذلك الثواب ؟ بعزة ربي ان لكل واحد من عصاة امتي اذا صلى عليّ مرة من الثواب اكثر من عبادتك هذه .

ص: 232

الفصل الثاني عشر: ألوان من العروج

اولا: معارج ال محمد صلى الله عليهم

عرج بعلي عليه السلام الى السماء

372 - عن محمد بن علي ، عن آبائه عليهم السلام قال : هبط جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وهو في منزل أم سلمة فقال : يا محمد إن ملا من ملائكة السماء الرابعة يجادلون في شئ حتى كثر بينهم الجدال فيهم ، وهم من الجن من قوم إبليس الذين قال الله في كتابه : إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه فأوحى الله تعالى إلى الملائكة قد كثر جدالكم فتراضوا بحكم من الآدميين يحكم بينكم ، قالوا : قد رضينا بحكم من أمة محمد صلى الله عليه وآله ، فأوحى الله إليهم : بمن ترضون من أمة محمد ؟ قالوا : رضينا بعلي بن أبي طالب عليه السلام فأهبط الله ملكا من ملائكة السماء الدنيا ببساط وأريكتين فهبط إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره بالذي جاء فيه ، فدعا النبي صلى الله عليه وآله بعلي بن أبي طالب عليه السلام وأقعده على البساط ووسده بالأريكتين ، ثم تفل في فيه ثم قال : يا علي ثبت الله قلبك ونور حجتك بين عينيك ، ثم عرج به إلى السماء ، فلما نزل قال : يا محمد إن الله يقرؤك السلام ويقول لك : (نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم) . (1)

373- عن عبد الله بن مسعود قال : أتيت فاطمة صلوات الله عليها ، فقلت لها : أين بعلك ؟ فقالت : عرج به جبرئيل عليه السلام إلى السماء ، فقلت : في ماذا ؟ فقالت : إن نفرا من الملائكة تشاجروا في شئ فسألوا حكما من الآدميين فأوحى الله تعالى إليهم أن تخيروا ، فاختاروا علي بن أبي طالب عليه السلام . (2)

بيوت ال محمد معراج الوحي

374 - عن عبد الله بن عجلان السكوني ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : بيت علي وفاطمة من حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وسقف بيتهم عرش رب العالمين ، وفي قعر بيوتهم فرجه مكشوطة إلى العرش معراج الوحي ، والملائكة تنزل عليهم بالوحي صباحا ومساء و في كل ساعة وطرفة عين ، والملائكة لا ينقطع فوجهم ، فوج ينزل وفوج يصعد . وان الله تبارك وتعالى كشف لإبراهيم عليه السلام عن السماوات حتى أبصر العرش وزاد الله في قوة ناظره . وان الله زاد في قوة ناظرة محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ، وكانوا يبصرون العرش ولا يجدون لبيوتهم

ص: 233


1- تفسير فرات : 70 ، بحار الأنوار ج 39 ص 161
2- الاختصاص ص 213، مدينة المعاجز ج 1 ص 91

سقفا غير العرش فبيوتهم مسقفة بعرش الرحمن ومعارج : معراج الملائكة ، والروح فوج بعد فوج لا انقطاع لهم . وما من بيت من بيوت الأئمة منا إلا وفيه معراج الملائكة لقول الله عز وجل (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم بكل أمر سلام). قال : قلت : من كل أمر ؟ قال : بكل أمر . فقلت : هذا التنزيل ؟ قال : نعم (1)

أسري برجل من ال محمد

375 - عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : أسري برجل منا فمر برجل منكم حتى أتى الرجل الذي يعذب ، فإذا هو في قرية موكل به سبعة رجال كل يوم ، كلما هلك رجل جعل مكانه رجل ، يستقبلون به عين الشمس حيث دارت ، يصبون عليه في الشتاء الماء البارد ، والماء الحار في الصيف ، فسأله : لم يفعل به هذا ؟ فقال : ما تدري لأنك أكيس الناس ، أو لأنك أحمق الناس ، ما يزال يأتينا الرجل منكم في السنين فلا يسأل عن هذا . فخرجت من الفج فالتفت فإذا راكب خلفي يوضع ويشير إلي ، فظننت أن الرجل عطشان ، فتناولت إداوتي فأهويت بها إليه . قال : فناولني كتابا صغيرا طينه رطب ، وكتابته رطبة ، فإذا فيه إنفاذ بعض ما أمرني به ، ونقل شئ إلى شئ فأمضيت الذي في الكتاب ، وقلت للرجل : متى عهدك ؟ قال : الساعة . قال : وحفظت الساعة واليوم ، فلما قدم أبو جعفر (عليه السلام) أخبرته بخبر الكتاب والطين واليوم والساعة ، فقال : إنا أهل البيت أعطينا أعوانا من الجن ، إذا عجلت بنا الحاجة بعثناهم فيها (2).

في القبر أم أسري به إلى السماء

376- سريري ولا يقربن أحد مقدم السرير فإنكم تكفونه ، فإذا حمل المقدم فاحملوا المؤخر فإذا وضع المقدم فضعوا المؤخر ، ثم صل علي فكبر سبعا فإنها لا تحل لأحد من بعدي إلا لرجل من ولدي يخرج في آخر الزمان يقيم اعوجاج ، الحق ، فإذا صليت فخط حول سريري ثم احفر لي قبرا في موضعه إلى منتهى كذا وكذا ، ثم شق لحدا فإنك تقع على ساجة منقورة ادخرها لي أبي نوح عليه السلام فضعني في الساجة ثم ضع علي سبع لبنات ثم أرقب هنيئة ثم انظر فإنك لن تراني في لحدي (3)

377- وعن أم كلثوم بنت علي عليه السلام (وساقت الخبر كما ذكرنا ثم قالت) : فأخذ الحسن عليه السلام المعول فضرب ضربة فانشق القبر عن ضريح فإذا هو بساجة مكتوب عليها بالسريانية (هذا قبر قبره نوح النبي عليه السلام لعلي عليه السلام وصي محمد صلى الله عليه وآله قبل الطوفان بسبع مائة عام) قالت : فانشق القبر فلا أدري اندس أبي في القبر أم أسري به إلى السماء ، وسمعت ناطقا يقول : أحسن الله لكم العزاء في سيدكم وحجة الله على خلقه (4).

مايعرج على ايدي ال محمد

ص: 234


1- تأويل الآيات : 2 / 818 ح 4 وعنه البحار : 25 / 97 ح 71 ، تفسير البرهان : 4 / 487 ح 25، مدينة المعاجز ج 2 ص 449
2- دلائل الامامة ص 231، مدينة المعاجز ج 5 ص 39
3- الغارات ج 2 ص 846
4- الغارات ج 2 ص 846

378- الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه ، قال : اختلف أصحابنا في التفويض وغيره ، فمضيت إلى أبي طاهر بن بلال ، في أيام استقامته ، فعرفته الخلاف فقال : أخرني ، فاخرته أياما فعدت إليه ، فاخرج إلي حديثا باسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : إذا أراد الله أمرا عرضه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم أمير المؤمنين وسائر الأئمة (عليهم السلام) ، واحدا بعد واحد ، إلى أن ينتهي إلى صاحب الزمان (عليه السلام) ، ثم يخرج إلى الدنيا ، وإذا أراد الملائكة أن يرفعوا إلى الله عز وجل عملا ، عرض على صاحب الزمان (عليه السلام) ، ثم على واحد واحد إلى أن يعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم يعرض على الله ، فما نزل من الله فعلى أيديهم ، وما عرج إلى الله فعلى أيديهم ، وما استغنوا عن الله عز وجل طرفة عين (1).

عروج ال محمد كل ليلة جمعة

379 - عن أبي يحيى الصنعاني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال لي : يا أبا يحيى إن لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن ، قال قلت جعلت فداك وما ذاك الشأن قال : يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى عليهم السلام وأرواح الأوصياء الموتى وروح الوصي الذي بين ظهرانيكم ، يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها ، فتطوف به أسبوعا وتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملؤا سرورا ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير (2).

380 - عن المفضل قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام ذات يوم وكان لا يكنيني قبل ذلك : يا أبا عبد الله قال : قلت : لبيك ، قال : إن لنا في كل ليلة جمعة سرورا قلت زادك الله وما ذاك ؟ قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الأئمة عليهم السلام معه ووافينا معهم ، فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلا بعلم مستفاد ، ولولا ذلك لأنفدنا (3).

381 - عن يونس أو المفضل ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : ما من ليلة جمعة إلا ولأولياء الله فيها سرور قلت : كيف ذلك ؟ جعلت فداك قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الأئمة عليهم السلام ووافيت معهم فما أرجع إلا بعلم مستفاد ولولا ذلك لنفد ما عندي (4).

ثانيا: عروج الملائكة الى السماء

هبوط جبرائيل وعروجه

ص: 235


1- الغيبة الطوسي ص 387، عنه البحار : 51 / 357 ،كنز الفوائد ص 141 ، مستدرك الوسائل ج 12 ص 164
2- الكافي ج 1 ص 253
3- الكافي ج 1 ص 253
4- الكافي ج 1 ص 253

382- عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أنس أسرج بغلتي ، فأسرجت بغلته فركب فتبعته حتى (صرنا إلى باب أمير المؤمنين) عليه السلام فقال لي : يا أنس أسرج بغلته ، فأسرجتها فركبها وأنا معهما حتى صارا إلى فلاة من الأرض خضرة نزهة ، فأظلتهما غمامة بيضاء فتقاربت فإذا بصوت عال : السلام عليكما ورحمة الله وبركاته فردا السلام وهبط الأمين جبرئيل عليه السلام فاعتزلا مليا . فلما أن عرج إلى السماء دعا النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام وناوله تفاحة عليها سطر مكتوب من منشآت القدرة : هدية من الطالب الغالب إلى وليه علي بن أبي طالب عليه السلام (1).

383- عن سلمان الفارسي (رضوان الله عليه) ، أنه قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي من بني عامر وسلم فقال : والله يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك ، وصدقتك من قبل أن ألقاك ، وقد بلغني عنك أمر ، فأردت سماعه منك . فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : وما الذي بلغك عني يا أعرابي ؟ قال : دعوتنا إلى أن نشهد أن لا إله إلا الله والى . الاقرار بأنك رسول الله صلى الله عليه وآله ، فأجبناك ، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، فأجبناك ، ثم لم ترض حتى دعوت الناس إلى حب ابن عمك علي وولايته ، فذلك فرض علينا من الأرض أم الله فرضه من السماء ؟ قال : فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : بل الله عز وجل فرضه من السماء . قال الاعرابي : فإن كان الله عز وجل فرضه ، فحدثني به يا رسول الله . فقال النبي صلى الله عليه وآله : يا أعرابي أني أعطيت في علي خمس خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها ، يا أعرابي ألا أنبئك بهن ؟ قال : بلى يا رسول الله . قال : كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط علي جبرائيل (عليه السلام) ، فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي ، إلا من أحببته ، فمن أحببته ألهمته ذلك ، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته . يا أعرابي ألا أنبئك بالثانية ؟ قال : بلى يا رسول الله . قال : كنت يوم أحد جالسا ، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فإذا أنا بجبرائيل عليه السلام وقد هبط علي ، فقال ، يا محمد ، الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : اني فرضت الصلاة ووضعتها عن العليل ، والزكاة ووضعتها عن المعسر ، والصوم فوضعته عن المسافر ، والحج ووضعته عن المقتر ، والجهاد فوضعته عمن له عذر وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق ، فلم أعط أحدا فيها رخصة طرفة عين . ثم قال صلى الله عليه وآله : يا أعرابي ألا أنبئك بالثالثة ؟ قال : بلى . فقال النبي صلى الله عليه وآله : ما خلق الله عز وجل شيئا إلا جعل له سيدا ، فالنسر سيد الطيور والثور سيد البهائم والأسد سيد السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد الشهور وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء . ثم قال صلى الله عليه وآله : يا أعرابي ، إلا أنبئك بالرابعة ؟ قال : بلى يا رسول الله . قال : يا أعرابي : إن الله عز وجل خلق حب علي شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة ، وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده في النار . ثم قال

ص: 236


1- مائة منقبة ص 127 ، عنه البحار : 27 / 116 ح 94 ، وغاية المرام : 18 ح 17 . الخوارزمي في مقتل الحسين : 1 / 59، مدينة المعاجز ج 1 ص 372

صلى الله عليه وآله : يا أعرابي ألا أنبئك بالخامسة ؟ قال : بلى يا رسول الله . قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش ويؤتى بمنبر إبراهيم عليه السلام فينصب عن يمين العرش . يا أعرابي والعرش له يمينان ، فمنبري عن يمين ، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسي الكرامة لعلي ، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على كرسي الكرامة وأصحابي حولي ، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من حبيب بين خليلين . يا أعرابي : أحبب عليا حق حبه ، فما هبط علي جبرائيل إلا سألني عن علي وشيعته ، ولا عرج من عندي إلا قال أقرء مني عليا أمير المؤمنين عليه السلام السلام . فعند ذلك قال الاعرابي : سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب (1).

383- عن أم عثمان أم ولد لعلى قالت كانت لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسادة يجلس عليها جبريل عليه السلام لا يجلس عليها غيره فإذا عرج رفعت وكان إذا عرج انتفض فسقط من زغب ريشه فتقوم فاطمة فتتبعه فتجعله في تمائم الحسن والحسين . (2)

384- واري رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه بني أمية يصعدون منبره من بعده يضلون الناس عن الصراط القهقرى فأصبح كئيبا حزينا ، فهبط عليه جبرئيل عليه السلام فقال : يا رسول الله مالي أراك كئيبا حزينا ؟ قال : يا جبرئيل إني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط القهقرى فقال : والذي بعثك بالحق نبيا إن هذا لشئ ما اطلعت عليه ، ثم عرج إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها : أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وأنزل عليه إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر جعل ليلة القدر لنبيه صلى الله عليه وآله خيرا من ألف شهر من ملك بني أمية (3).

عروج صلصائيل

385 - في حديث صلصائيل المبشر بتزويج فاطمة بن علي (عليهما السلام) أنه قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : فلما عرج نظرت إليه وإذا بين كتفيه مكتوب : لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبي طالب مقيم الحجة . فقلت : يا صلصائيل منذ كم كتب هذا بين كتفيك ؟ قال : من قبل أن يخلق الله آدم بإثني عشر ألف عام (4).

عروج ملك غضب عليه رب العزة

386 - عن سفيان الثوري ، عن أبي عبد الله - صلوات الله عليه - قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وآله على عائشة فأخذ منها ما يأخذ الرجل من المرأة ، فاستلقى رسول الله

ص: 237


1- بشارة المصطفى : 66 ،بحار الأنوار ج 40 ص 54 ،الفضائل ص 147 ،بحار الأنوار 27 / 129 ،شرح الأخبار ج 1 ص 221
2- ذخائر العقبى ص 134، بحار الأنوار ج 43 ص 266
3- الكافي ج 4 ص 159 ، من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 156 ، تهذيب الأحكام ج 3 ص 59 ، بحار الأنوار ج 94 ص 8
4- المحتضر ص 189، إرشاد القلوب : 2 / 234 ، الصراط المستقيم : 1 / 248 الفصل 26 ، الطرائف : 1 / 64 ، كشف الغمة : 1 / 94 ، كشف اليقين : 459 المبحث 33 ، مائة منقبة : 87 المنقبة 54 ، اليقين : 391 باب 141

صلى الله عليه وآله على السرير فنام ، فجاءت حية حتى صارت على بطنه ، فنظرت عائشة إلى النبي صلى الله عليه وآله والحية على بطنه فوجهت إلى أبي بكر ، فلما أراد أبو بكر أن يدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وثبت الحية في وجهه فانصرف ، ثم وجهت إلى عمر بن الخطاب ، فلما أراد أن يدخل وثبت في وجهه فانصرف . فقالت ميمونة وأم سلمة رضي الله عنهما : وجهي إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فوجهت إليه ، فلما دخل علي قامت الحية في وجهه تدور حول علي وتلوذ به ، ثم صارت في زاوية البيت ، فانتبه النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا أبا الحسن أنت هاهنا فقليلا ما كنت تدخل دار عائشة ؟ فقال : يا رسول الله دعيت ، فتكلمت الحية وقالت : يا رسول الله إني ملك غضب علي رب العالمين ، جئت إلى هذا الوصي أطلب إليه أن يشفع لي إلى الله تعالى فقال : ادع له حتى أومن على دعائك ، فدعا علي وأمن النبي صلى الله عليه وآله ، فقالت الحية : يا رسول قد غفر لي ورد علي جناحي . وروي من طريق آخر : أن النبي صلى الله عليه وآله جعل يدعو والملك يكسى ريشه حتى التأم جناحه ، ثم عرج إلى السماء فصاح صيحة ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : أتدري ما قال الملك ؟ قال : لا . قال : يقول : جزاك الله من ابن عم خير (1).

معراج الملائكة من قبر الحسين عليه السلام

387 - عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سمعته يقول : قبر الحسين صلوات الله عليه عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسرا ، روضة من رياض الجنة ، وفيه معراج الملائكة إلى السماء ، وليس من ملك مقرب ، ولا نبي مرسل إلا هو يسئل الله أن يزوره ففوج يهبط وفوج يصعد (2).

388 - عن إسحاق بن عمار قال سمعت : أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ان لموضع قبر الحسين (عليه السلام) حرمة معروفة . من عرفها واستجار بها أجير ، قلت فصف لي موضعها جعلت فداك قال : امسح من موضع قبره اليوم خمسة وعشرين ذراعا من قدامه . وخمسة وعشرين ذراعا من عند رأسه ، وخمسة وعشرين ذراعا من ناحية رجليه . وخمسة وعشرين ذراعا من خلفه . وموضع قبره من يوم دفن روضة من رياض الجنة ومنه معراج فيه باعمال زواره إلى السماء فليس ملك في السماء ولا في الأرض إلا وهم يسألون الله في زيارة قبر الحسين (عليه السلام) ففوج ينزل وفوج يعرج (3).

389 - قال الصادق عليه السلام : خلق الله الملائكة مختلفة ، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وآله جبرئيل وله ستمائة جناح على ساقه الدر مثل القطر على البقل ، قد ملأ ما بين السماء والأرض . وقال : إذا أمر الله ميكائيل بالهبوط إلى الدنيا صارت رجله اليمنى في السماء السابعة ، والأخرى في الأرض السابعة ، وإن لله ملائكة أنصافهم من برد وأنصافهم من نار ، يقولون : يا مؤلف بين البرد والنار ، ثبت قلوبنا على طاعتك . وقال : إن لله ملكا بعد ما بين شحمة أذنه إلى عينيه مسيرة خمسمائة عام خفقان الطير . وقال : إن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون ، وإنما يعيشون بنسيم العرش ، وإن لله

ص: 238


1- الثاقب في المناقب ص 249، مدينة المعاجز ج 1 ص 373 ، الفضائل لشاذان : 92 والروضة له : 1 - 2 ، والبحار : 39 / 121 ح 3
2- كامل الزيارات ص 222، مدينة المعاجز ج 4 ص 207
3- الكافي ج 4 ص 588،تهذيب الأحكام ج 6 ص 71 ، مصباح المتهجد ص 731

ملائكة ركعا إلى يوم القيامة ، وإن لله ملائكة سجدا إلى يوم القيامة ، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما من شئ خلقه الله أكثر من الملائكة ، و إنه ليهبط في كل يوم وفي كل ليلة سبعون ألف ملك ، فيأتون البيت الحرام فيطوفون به ، ثم يأتون رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يأتون أمير المؤمنين عليه السلام فيسلمون عليه ، ثم يأتون الحسين فيقيمون عنده ، فإذا كان السحر وضع لهم معراج إلى السماء ، ثم لا يعودون أبدا . (1).

ملك لبث في الأرض دهرا طويلا ثم عرج

390 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أهبط ملكا إلى الأرض فلبث فيها دهرا طويلا ثم عرج إلى السماء فقيل له : ما رأيت ؟ فقال : رأيت عجائب كثيرة وأعجب ما رأيت أني رأيت عبدا متقلبا في نعمتك يأكل رزقك و يدعي الربوبية ، فعجبت من جرأته عليك ، ومن حلمك عنه . فقال الله عز وجل : فمن حلمي عجبت ؟ قال : نعم يا رب قال : قد أمهلته أربع مائة سنة لا يضرب عليه عرق ، ولا يريد من الدنيا شيئا إلا ناله ، ولا يتغير عليه فيها مطعم ولا مشرب (2).

عروج رضوان خازن الجنان

391- قال الرضا عليه السلام : عري الحسن والحسين وأدركهما العيد فقالا لامهما : قد زينوا صبيان المدينة إلا نحن فما لك لا تزينينا ؟ فقالت ثيابكما عند الخياط فإذا أتاني زينتكما ، فلما كانت ليلة العيد أعادا القول على أمهما فبكت ورحمتهما فقالت لهما ما قالت في الأولى فردا عليها ، فلما أخذ الظلام قرع الباب قارع فقالت فاطمة : من هذا ؟ قال : يا بنت رسول الله أنا الخياط جئت بالثياب ، ففتحت الباب فإذا رجل ومعه من لباس العيد ، قالت فاطمة والله لم أر رجلا أهيب شيمة منه فناولها منديلا مشدودا ثم انصرف ، فدخلت فاطمة ففتحت المنديل فإذا فيه قميصان ودراعتان وسروالان ورداءان وعمامتان وخفان أسودان معقبان بحمرة ، فأيقظتهما وألبستهما ، ودخل رسول الله وهما مزينان فحملهما وقبلهما ثم قال : رأيت الخياط ؟ قالت : نعم يا رسول الله والذي أنفذته من الثياب ، قال : يا بنية ما هو خياط إنما هو رضوان خازن الجنة ، قالت فاطمة : فمن أخبرك يا رسول الله ؟ قال : ما عرج حتى جاءني وأخبرني بذلك (3).

392- عن ابن عباس (رضي الله عنه) أنه قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجده ، وعنده جماعة من المهاجرين والأنصار ، إذ دخل عليه جبرئيل (عليه السلام) وقال له : يا محمد ، الحق يقرؤك السلام ، ويقول لك : أحضر عليا واجعل وجهه مقابل وجهك . ثم عرج جبرئيل (عليه السلام) إلى السماء ، فدعى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا ، فأحضره وجعل وجهه مقابل وجهه . فنزل جبرئيل ثانيا ومعه طبق فيه رطب ، ووضعه بينهما ، ثم قال : كلا ، فأكلا ، ثم أحضر طشتا وإبريقا ، وقال : يا رسول الله صلى الله عليك وآلك قد أمرك الله أن تصب الماء على يد علي بن أبي طالب (عليه السلام) . فقال له علي (عليه السلام) يا رسول الله ، أنا أولى أن أصب

ص: 239


1- كامل الزيارات ص 121 ،بحار الأنوار ج 97 ص 117 ، بحار الأنوار ج 56 ص 174
2- الخصال ص 41 ، مشكاة الأنوار ص 502
3- مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 161، بحار الأنوار ج 43 ص 289

الماء على يدك . فقال له : (يا علي) إن الله سبحانه وتعالى أمرني بذلك . وكان كلما صب الماء على يدي علي ، لم تقع منه قطرة واحدة في الطشت ، فقال علي (عليه السلام) : يا رسول الله إني لم أر شيئا من الماء يقع في الطشت . فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (يا علي) إن الملائكة يتسابقون على الماء الذي يقع من يدك فيغسلون به وجوههم يتبركون به (1).

الملكان الموكلان بالمؤمن وعروجهما

393- عن أبي حمزة ، قال : دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام وعنده أبان ، فقال له أبان : حدثني جعلت فداك عن فضل المؤمن . قال : نعم يا أبان . المؤمن منكم إذا توفي أتاه رجل في أحسن ما يكون من الصور إليه في حين خروج نفسه ، وعند دخوله قبره ، وعند نشوره ، وعند وقوفه بين يدي ربه ، فيقول : أبشر يا ولي الله بكرامته ورضوانه . فيقول له المؤمن : يا عبد الله ، ما أحسن صورتك وأطيب رائحتك ، وتبشرني عند خروج نفسي ، وعند دخول قبري ، وعند نشوري ، وعند موقفي بين يدي ربي ، فمن أنت جزيت خيرا ؟ فيقول له : أنا السرور الذي أدخلته على فلان يوم كذا وكذا ، بعثني الله إليك لاقيك الأهوال حتى تلقاه . يا أبان ، المؤمن منكم إذا مات عرج الملكان ، فيقولان : إنا كنا مع ولي لك ، فنعم المولى كنت له ، وقد أمرت بقبض روحه ، وجئنا أن نعبدك في سماواتك . فيقول تعالى : لا حاجة لي أن تعبداني في سماواتي يعبدني غيركما ، ولكن اهبطا إلى قبر وليي ، وآنساه ، وصليا عليه في قبره إلى يوم أبعثه . فيصلي ملك عند رأسه ، وملك عند رجليه ، الركعة من صلاتهما أفضل من سبعين ركعة من صلاة الآدميين (2).

عروج جام وكلامه

394 - عن جعفر الصادق عن أبيه عليه السلام برفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ان جبرئيل عليه السلام نزل على النبي (صلى الله عليه وآله) بجام من الجنة فيه فاكهة كثيرة من فواكه الجنة فدفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فسبح الجام وكبر وهلل في يده ثم دفعه إلى أبي بكر فسكت الجام ثم دفعه إلى عمر فسكت الجام ثم دفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسبح الجام وهلل وكبر في يده ثم قال الجام اني ان لا أتكلم الا في يد نبي أو وصي(3).

ص: 240


1- الروضة في فضائل أمير المؤمنين ص 22، ومدينة المعاجز : 1 / 373 ح 240 ، إحقاق الحق : 6 / 171 . البحار : 38 / 318 ج 27 الفضائل : 92 ، تاريخ بغداد : 4 / 194 ، كفاية الطالب : 184 ، ذخائر العقبى : 91 : منتخب كنز العمال : 5 / 94 ، ينابيع المودة : 180 ، 213 و 236 ، إحقاق الحق : 6 / 442 .
2- شرح الأخبار ج 3 ص 438 ، تفسير البرهان 4 / 293
3- نوادر المعجزات ص 20، عيون المعجزات : 11 ، عنه اثبات : 5 / 15 ح 318 ، والبحار : 39 / 129 ح 17 ومدينة المعاجز : 22 ح 30

395- وفي رواية أخرى من كتاب الأنوار بان الجام من كف النبي (صلى الله عليه وآله) عرج إلى السماء وهو يقول بلسان فصيح سمعه كل أحد (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1).

ثالثاً: عروج الارواح

إذا نام الانسان عرج بنفسه للعرش

396 - عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا نام الانسان عرج بنفسه حتى يؤتى بها العرش فان كانت طاهرة اذن لها في السجود وان كانت ليست بطاهرة لم يؤذن لها في السجود (2).

ما من عبد ينام إلا عرج بروحه

397- عن علي (عليه السلام) ، قال : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الرجل ينام فيرى الرؤيا ، فربما كانت حقا ، وربما كانت باطلا . فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا علي ، ما من عبد ينام إلا عرج بروحه إلى رب العالمين ، فما رأى عند رب العالمين فهو حق ، ثم إذا أمر الله العزيز الجبار برد روحه إلى جسده فصارت الروح بين السماء والأرض ، فما رأته فهو أضغاث أحلام (3).

الى الله تعرج المعارج

398- سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، عن معنى السجود ، فقال : (معناه : اللهم منها خلقتني يعني من التراب ورفع رأسك من السجود ، معناه : منها أخرجتني والسجدة الثانية : واليها تعيدني : ورفع رأسك من السجدة الثانية : ومنها تخرجني تارة أخرى ، ومعنى قوله سبحان ربي الأعلى : فسبحان : أنفة الله ، وربي خالقي ، والأعلى : اي علا وارتفع في سماواته ، حتى صار العباد كلهم دونه ، و قهرهم بعزته ، ومن عنده التدبير ، واليه تعرج المعارج (4).

عروج عيسى عليه السلام

399- خطب الحسن بن علي بعد وفاة أمير المؤمنين علي عليه السلام ، فقال . لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل ، ولا يدركه الآخرون بعمل ، ولقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله فيقيه بنفسه ، ولقد كان يوجهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه ، ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم ولقد توفي فيها يوشع بن نون وصي موسى ، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس معه . ثم قال : أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن

ص: 241


1- نوادر المعجزات ص 20، عيون المعجزات : 11 ، عنه اثبات : 5 / 15 ح 318 ، والبحار : 39 / 129 ح 17 ومدينة المعاجز : 22 ح 30
2- مستدرك الوسائل ج 1 ص 297
3- أمالي الصدوق ص 209 ، بحار الأنوار ج 58 ص 158
4- مستدرك الوسائل ج 4 ص 482

لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، أنا ابن البشير ، أنا ابن النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله عز وجل بإذنه ، وأنا ابن السراج المنير ، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، والذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول : (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) . فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت (1).

المخالفين يطلبون من الامام ان يعرج اليهم

400 - عن عبد الله بن بكير الأرجاني ، قال : صحبت أبا عبد الله (عليه السلام) في طريق مكة من المدينة ، فنزلنا منزلا يقال له : عسفان ، ثم مررنا بجبل اسود عن يسار الطريق موحش ، فقلت له : يا ابن رسول الله ما أوحش هذا الجبل ما رأيت في الطريق مثل هذا ، فقال لي : يا بن بكير أتدري اي جبل هذا ، قلت : لا ، قال : هذا جبل يقال له الكمد ، وهو على واد من أودية جهنم ، وفيه قتلة أبي الحسين (عليه السلام) ، استودعهم فيه ، تجري من تحتهم مياه جهنم من الغسلين والصديد والحميم ، وما يخرج من جب الجوى ، وما يخرج من الفلق ، وما يخرج من اثام ، وما يخرج من طينة الخبال ، وما يخرج من جهنم ، وما يخرج من لظي ومن الحطمة ، وما يخرج من سقر ، وما يخرج من الحميم ، وما يخرج من الهاوية ، وما يخرج من السعير ، وما مررت بهذا الجبل في سفري فوقفت به الا رأيتهما يستغيثان إلي ، واني لأنظر إلى قتلة أبي وأقول لهما : هؤلاء فعلوا ما أسستما ، لم ترحمونا إذ وليتم ، وقتلتمونا وحرمتمونا ، ووثبتم على حقنا ، واستبددتم بالامر دوننا ، فلا رحم الله من يرحمكما ، ذوقا وبال ما قدمتما ، وما الله بظلام للعبيد ، وأشدهما تضرعا واستكانة الثاني ، فربما وقفت عليهما ليتسلى عني بعض ما في قلبي ، وربما طويت الجبل الذي هما فيه ، وهو جبل الكمد . قال : قلت له : جعلت فداك فإذا طويت الجبل فما تسمع ، قال : اسمع أصواتهما يناديان : عرج علينا نكلمك فانا نتوب ، واسمع من الجبل صارخا يصرخ بي : اجبهما ، وقل لهما :(اخسؤوا فيها ولا تكلمون). قال : قلت له : جعلت فداك ومن معهم ، قال : كل فرعون عتى على الله وحكى الله عنه فعاله وكل من علم العباد الكفر . فقلت : من هم ، قال : نحو بولس الذي علم اليهود ان يد الله مغلولة ، ونحو نسطور الذي علم النصارى ان المسيح ابن الله ، وقال لهم : هم ثلاثة ، ونحو فرعون موسى الذي قال :(انا ربكم الاعلى) ، ونحو نمرود الذي قال : قهرت أهل الأرض وقتلت من في السماء ، وقاتل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وقاتل فاطمة ومحسن ، وقاتل الحسن والحسين (عليهما السلام) ، فاما معاوية وعمرو فما يطمعان في الخلاص ، ومعهم كل من نصب لنا العداوة ، وأعان علينا بلسانه ويده وماله . قلت له : جعلت فداك فأنت تسمع ذا كله ولا تفزع ، قال : يا بن بكير ان قلوبنا غير قلوب الناس ، انا مطيعون مصفون مصطفون ، نرى ما لا يرى الناس ونسمع ما لا يسمعون ، وان الملائكة تنزل علينا في رحالنا وتتقلب في فرشنا ، وتشهد طعامنا ، وتحضر موتانا ، وتأتينا باخبار ما يحدث قبل أن يكون ، وتصلي معنا وتدعو لنا ، وتلقي علينا أجنحتها ، وتتقلب على أجنحتها صبياننا ، وتمنع الدواب ان تصل إلينا ، وتأتينا مما في الأرضين من كل نبات في زمانه ، وتسقينا من ماء كل ارض نجد ذلك في آنيتنا . وما من يوم ولا ساعة ولا وقت صلاة الا وهي نبهنا لها ، وما من ليلة تأتي علينا الا واخبار كل ارض عندنا وما يحدث فيها ، واخبار الجن واخبار أهل الهوى من الملائكة ، وما من ملك يموت في الأرض ويقوم

ص: 242


1- مقاتل الطالبيين ص 32 ، الكافي ج 1 ص 457

غيره الا اتانا خبره ، وكيف سيرته في الذين قبله ، وما من ارض من ستة أرضين إلى السابعة الا ونحن نؤتي بخبرهم . فقلت : جعلت فداك فأين منتهى هذا الجبل ، قال : إلى الأرض السادسة ، وفيها جهنم ، على واد من أوديته ، عليه حفظة أكثر من نجوم السماء وقطر المطر وعدد ما في البحار وعدد الثرى ، قد وكل كل ملك منهم بشئ وهو مقيم عليه لا يفارقه . قلت : جعلت فداك إليكم جميعا يلقون الاخبار ، قال : لا ، إنما يلقى ذلك إلى صاحب الامر ، وانا لنحمل ما لا يقدر العباد على الحكومة فيه فنحكم فيه ، فمن لم يقبل حكومتنا جبرته الملائكة على قولنا ، وأمرت الذين يحفظون ناحيته ان يقسروه على قولنا ، وإن كان من الجن من أهل الخلاف والكفر أوثقته وعذبته حتى يصير إلى ما حكمنا به . قلت : جعلت فداك فهل يرى الامام ما بين المشرق والمغرب ، فقال : يا بن بكير فكيف يكون حجة الله على ما بين قطريها وهو لا يراهم ولا يحكم فيهم ، وكيف يكون حجة على قوم غيب لا يقدر عليهم ولا يقدرون عليه ، وكيف يكون مؤديا عن الله وشاهدا على الخلق وهو لا يراهم ، وكيف يكون حجة عليهم وهو محجوب عنهم ، وقد حيل بينهم وبينه ان يقوم بأمر ربه فيهم ، والله يقول : (وما أرسلناك الا كافة للناس) ، يعني به من على الأرض والحجة من بعد النبي (صلى الله عليه وآله) يقوم مقام النبي (صلى الله عليه وآله) . وهو الدليل على ما تشاجرت فيه الأمة والاخذ بحقوق الناس والقيام بأمر الله والمنصف لبعضهم من بعض ، فإذا لم يكن معهم من ينفذ قوله ، وهو يقول : (سنريهم اياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) ، فأي آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق ، وقال : (ما نريهم من اية الا هي أكبر من أختها) ، فأي آية أكبر منا . والله ان بني هاشم وقريشا لتعرف ما أعطانا الله ، ولكن الحسد أهلكهم كما أهلك إبليس ، وانهم ليأتوننا إذا اضطروا وخافوا على أنفسهم ، فيسألونا فنوضح لهم فيقولون : نشهد انكم أهل العلم ، ثم يخرجون فيقولون : ما رأينا أضل ممن اتبع هؤلاء ويقبل مقالتهم . قلت : جعلت فداك اخبرني عن الحسين (عليه السلام) لو نبش كانوا يجدون في قبره شيئا ، قال : يا بن بكير ما أعظم مسائلك الحسين (عليه السلام) مع أبيه وأمه وأخيه الحسن في منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، يحبون كما يحبي ويرزقون كما يرزق ، فلو نبش في أيامه لوجد ، واما اليوم فهو حي عند ربه ينظر إلى معسكره ، وينظر إلى العرش متى يؤمر ان يحمله ، وانه لعلى يمين العرش متعلق ، يقول : يا رب انجز لي ما وعدتني . وانه لينظر إلى زواره وهو اعرف بهم وبأسماء آبائهم وبدرجاتهم وبمنزلتهم عند الله من أحدكم بولده وما في رحله ، وانه ليرى من يبكيه فيستغفر له رحمة له ويسأل أباه الاستغفار له ، ويقول : لو تعلم أيها الباكي ما أعد لك لفرحت أكثر مما جزعت ، فيستغفر له كل من سمع بكائه من الملائكة في السماء وفي الحائر ، وينقلب وما عليه من ذنب (1).

لقاء بين موسى وادم

401 - عن أبي عبد الله عليه السلام رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله أن موسى سأل ربه أن يجمع بينه وبين أبيه آدم حيث عرج إلى السماء في أمر الصلاة ففعل ، فقال له موسى : يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وأباح لك جنته ، وأسكنك جواره ، وكلمك قبلا ، ثم نهاك عن شجرة واحدة فلم تصبر عنها حتى أهبطت إلى الأرض بسببها فلم تستطع أن تضبط نفسك عنها حتى أغراك إبليس

ص: 243


1- كامل الزيارات ص 539

فأطعته ، فأنت الذي أخرجتنا من الجنة بمعصيتك . فقال له آدم : ارفق بأبيك أي بني فيما لقي في أمر هذه الشجرة ، يا بني إن عدوي أتاني من وجه المكر والخديعة فحلف لي بالله إنه في مشورته علي إنه لمن الناصحين ، وذلك إنه قال لي منتصحا : إني لشأنك يا آدم لمغموم ، قلت : وكيف ؟ قال : قد كنت آنست بك وبقربك مني ، وأنت تخرج مما أنت فيه إلى ما ستكرهه ، فقلت له : وما الحيلة ؟ فقال : إن الحيلة هوذا هو معك ، أفلا أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ؟ فكلا منها أنت و زوجك فتصيرا معي في الجنة أبدا من الخالدين ، وحلف لي بالله كاذبا إنه لمن الناصحين ، ولم أظن يا موسى أن أحدا يحلف بالله كاذبا فوثقت بيمينه ، فهذا عذري (1).

ص: 244


1- تفسير العياشي ج 2 ص 10 ح 10 ، وعنه في البحار ج 11 ص 188 ح 44 ، مستدرك الوسائل ج 16 ص 78

الفصل الثالث عشر: دفع الشكوك وابطال الاوهام

اولا: انكار المشركين لمعراج النبي صلى الله عليه وآله

اخبارهم عن عير قريش

402 – قال الامام الصادق (عليه السلام) : لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) في طريق مر على عير في مكان من الطريق ، فقال لقريش حين أصبح يا معاشر قريش ان الله تبارك وتعالى قد أسرى بي في هذه الليلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى يعني بيت المقدس حتى ركبت على البراق ، وإن العنان بيد جبريل عليه السلام وهي دابة أكبر من الحمار ، وأصغر من البغل ، خطوتها مد البصر ، ركبت عليه وصعدت إلى السماء ، وصليت بالمسلمين وبالنبيين أجمعين وبالملائكة كلهم ، ورأيت الجنة وما فيها ، والنار وما فيها ، واطلعت على الملك كله . فقالوا : يا محمد كذب بعد كذب ، يأتينا منك مرة بعد مرة ، لئن لم تنته عما تقول وتدعيه ، لنقتلنك شر قتلة ، أتريد أن تأفكنا عن آلهتنا وتصدنا عما يعبد آباؤنا الشم الغطاريف ؟ فقال يا قوم إنما اتيتكم بالخير ، ان قبلتموه ، فإن لم تقبلوه فارجعوا وتربصوا اني متربص بكم أعظم مما تتربصون بي وأرجو أن أرى فيكم ما أؤمله من الله فسوف تعلمون . فقال أبو سفيان : يا محمد إن كنت صادقا فانا قد دخلنا الشام ومررنا في طريقنا ، فخبرنا عن طريق الشام وما رأينا فيه . فانا قد رأينا جميع ما ثم ونحن نعلم أنك لم تدخل الشام ، فان أنت أعطيتنا علامة علمنا أنك رسول حق ونبي صدق . فقال : والله لأخبرنكم بما رأت عيناي الساعة ، رأيت عيرا لك يا أبا سفيان وهي ثلاثة وعشرون جملا يقدمها ارمك عليه عباءتان قطوانيتان ، وفيهما غلامان ، أحدهما صبيح والاخر رياح في موضع كذا وكذا ، ورأيت عيرك يا أبا هشام بن المغيرة في موضع كذا وكذا ، وهي ثلاثون بعيرا يقدمها جمل أحمر فيها مماليك أحدهم ميسرة ، والآخر سالم ، والثالث يزيد ، وقد وقع بهم بعير بمحمله فمررت بهم وهم يحملون عليه حمله ، والعير تأتيكم في يوم كذا وكذا وهي ساعة كذا وكذا ، ووصف لهم جميع ما رأوه في بيت المقدس . فقال أبو سفيان : أما ما كان في بيت المقدس فقد وصفت جميع ما رأينا ، وأما العير فقد ادعيت أمرا ، فان وافق قولك ما قلت لنا ، وإلا علمنا انك كذاب ، وأن ما تدعيه الباطل . فلما كان ذلك اليوم الذي أخبرهم أن العير تأتيهم خرج أبو سفيان وهشام بن المغيرة حتى ركبا ناقتيهما وتوجها يستقبلان العير فرأوها في الموضع الذي وصفه لهما النبي (صلى الله عليه وآله) فسألا غلمانهما عن جميع ما كانوا فيه ، فأخبروهما بمثل ما اخبرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما أقبلا قالا لهما : ما صنعتما ؟ قالوا جميعا : لقد رأينا جميع ما قلت ، وما يعلم أحد السحر الا إياك وإنك لشيطان عالم ، ولو رأينا ملائكة من السماء تنزل عليك لما صدقناك ، ولا قبلنا قولك ، ولا قلنا : انك رسول ولا نبي ولا آمنا بما تقول أبدا ، افعل ما شئت فهو سواء علينا أو عظت أم لم تكن من الواعظين ، أو عدتنا أم لم توعدنا (1).

ص: 245


1- الهداية الكبرى ص 57

403 - عن علي عليه السلام أنه لما كان بعد ثلاث سنين من مبعثه صلى الله عليه وآله أسري به إلى بيت المقدس ، وعرج به منه إلى السماء ليلة المعراج فلما أصبح من ليلته حدث قريشا بخبر معراجه ، فقال جهالهم : ما أكذب هذا الحديث وقال قائلهم : يا أبا القاسم ، فبم نعلم أنك صادق ؟ قال : مررت بعيركم في موضع كذا ، وقد ضل لهم بعير ، وعرفتهم مكانه ، وصرت إلى رحالهم ، وكانت لهم قرب مملوءة من الماء فصببت قربة ، والعير توافيكم في اليوم الثالث من هذا اليوم مع طلوع الشمس فأول العير جمل أحمر وهو جمل فلان . فلما كان اليوم الثالث خرجوا إلى باب مكة لينظروا صدق ما أخبر به محمد صلى الله عليه وآله قبل طلوع الشمس ، فهم كذلك إذا طلعت العير عليهم بطلوع الشمس ، في أولها الجمل الأحمر فتعجبوا من ذلك ، وسألوا الذين كانوا مع العير فقالوا مثل ما قال محمد صلى الله عليه وآله في إخباره عنهم . فقالوا : هذا أيضا من سحر محمد (1).

أين السائل عن الشام ؟

404 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل : (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) قال : لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه جبرئيل بالبراق فركبها فأتى بيت المقدس ، فلقي من لقي من إخوانه من الأنبياء صلوات الله عليهم ، ثم رجع فحدث أصحابه أني أتيت بيت المقدس ورجعت من الليلة ، وقد جاءني جبرئيل بالبراق فركبتها ، وآية ذلك أني مررت بعير لأبي سفيان على ماء لبني فلان وقد أضلوا جملا لهم أحمر ، وقد هم القوم في طلبه فقال بعضهم لبعض : إنما جاء الشام وهو راكب سريع ، ولكنكم قد أتيتم الشام وعرفتموها ، فسلوه عن أسواقها وأبوابها وتجارها ، فقالوا : يا رسول الله كيف الشام ؟ و كيف أسواقها ؟ قال : وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا سئل عن الشئ لا يعرفه شق عليه حتى يرى ذلك في وجهه ، قال : فبينما هو كذلك إذ أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال : يا رسول الله هذه الشام قد رفعت لك ، فالتفت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا هو بالشام بأبوابها و أسواقها وتجارها ، وقال : أين السائل عن الشام ؟ فقالوا له : فلان وفلان ، فأجابهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل ما سألوه عنه ، فلم يؤمن منهم إلا قليل ، وهو قول الله تبارك وتعالى :(وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) : نعوذ بالله أن لا نؤمن بالله ورسوله ، آمنا بالله وبرسوله (صلى الله عليه وآله (2).

زعم أنك أتيت بين المقدس ورجعت من ليلتك

405 - عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لما أخبرهم أنه أسري به قال بعضهم لبعض : قد ظفرتم به فاسألوه عن أيلة ، قال فسألوه عنها ، قال : فأطرق ومكث فأتاه جبرئيل فقال : يا رسول الله ارفع رأسك ، فإن الله قد رفع لك أيلة (3)، وقد أمر الله كل منخفض من الأرض فارتفع ، وكل مرتفع فانخفض ، فرفع رأسه فإذا أيلة قد رفعت له ، قال : فجعلت يسألونه ويخبرهم وهو ينظر إليها ، ثم قال : إن علامة ذلك عير لأبي

ص: 246


1- الخرائج والجرائح ج 1 ص 141
2- الكافي ج 8 ص 364 ،بحار الأنوار ج 18 ص 309
3- قال الفيروزآبادي : إيلياء بالكسر ويقصر ويشدد فيهما وإلياء بياء واحدة ويقصر : مدينة القدس ، وأيلة : جبل بين مكة والمدينة قرب ينبع ، وبلد بين ينبع ومصر ، وإيلة بالكسر : قرية بباحوز ، وموضعان آخران انتهي ، لعله كان إيليا على وفق الاخبار الاخر فصحف ،

سفيان يحمل ندا(1) يقدمها جمل أحمر ، يدخل غدا مع الشمس ، فأرسلوا الرسل وقالوا لهم : حيث ما لقيتم العير فاحبسوها ليكذبوه بذلك ، قال فضرب الله وجوه الإبل فأقرت على الساحل ، وأصبح الناس فأشرفوا ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : فما رئيت مكة قط أكثر مشرفا ولا مشرفة . منها يومئذ لينظروا ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأقبلت الإبل من ناحية الساحل ، فكان يقول قائل : الإبل الشمس ، الشمس الإبل ، قال : فطلعتا جميعا (2).

406 - أنه صلى الله عليه وآله لما رجع من السرى نزل على أم هاني بنت أبي طالب فأخبرها ، فقالت : بأبي أنت وأمي ، والله لئن أخبرت الناس بهذا ليكذبنك من صدقك وكان أبو طالب قد فقده تلك الليلة فجعل يطلبه ، وجمع بني هاشم ، ثم أعطاهم المدي وقال لهم : إذا رأيتموني قد دخلت وليس معي محمد ، فليضرب كل رجل منكم جليسه والله لا نعيش نحن ، ولا هم ، وقد قتلوا محمدا . فخرج في طلبه وهو يقول : يا لها عظيمة إن لم يواف رسول الله صلى الله مع الفجر . فتلقاه على باب أم هاني حين نزل من البراق ، فقال : يا ابن أخي ، انطلق فادخل بين يدي المسجد . وسل سيفه عند الحجر وقال : يا بني هاشم أخرجوا مداكم . فقال : لو لم أره ما بقي منكم شفر أو عشنا ، فاتقته قريش منذ يوم أن يغتالوه . ثم حدثهم محمد صلى الله عليه وآله ، فقالوا : صف لنا بيت المقدس . قال : إنما دخلته ليلا فأتاه جبرئيل فقال : انظر إلى هناك . فنظر إلى البيت ، فوصفه وهو ينظر إليه ، ثم نعت لهم ما كان لهم من عير ما بينهم وبين الشام (3).

407- وروى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنه قال إن الله عز وجل لما عرج بي إلى السماء مثل لي أمتي في الطين من أولها إلى آخرها ، حتى انا اعرف بهم من أحدهم بأعيانهم وعلمني الأسماء كلها وفرض على أمتي الصلاة تلك الليلة ، وكان هذا بعد مبعثه (صلى الله عليه وآله) بخمس سنين ثم رجع (صلى الله عليه وآله) إلى الأرض وفقده أبو طالب عمه في تلك الليلة فلم يزل يطلبه ووجه إلى بني هاشم أن أخرجوا في السلاح ، فقد فقدت محمد فخرج جميع بني هاشم وأبو طالب عليه السلام يقول : يا لها من عظيمة ، إن لم أر ابنى رسول الله إلى الفجر فبينا هو كذلك إذ تلقاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد نزل من السماء على باب أم هاني بنت أبي طالب أخت أمير المؤمنين عليه السلام فقال له أبو طالب : انطلق معي فأدخل بين يدي المسجد فدخل بنو هاشم ، فسل أبو طالب بسيفه عند الحجر ، ثم قال لبنى هاشم اخرجوا ما معكم فأخرجوا السلاح ثم التفت إلى قريش فقال : والله لو لم أره لما بقي فيكم عين تطرف فقالت قريش : يا أبا طالب لقد ركبت منا عظيما ، وعزمت قريش بعد ذلك أن تغتاله وأصبح صلوات الله عليه فصلى بالناس وحدثهم بحديث المعراج ، وقالوا له : صف لنا بيت المقدس : فرفعه جبرئيل عليه السلام حتى جعله تجاهه ، فجعل يراه ويحدثهم ثم حدثهم بأمر عير أبي سفيان ، وخبر الجمل

ص: 247


1- الند : طيب معروف ، ويكسر ، أو هو العنبر ، وفي بعض النسخ قدا ، وهو بالفتح : جلد السخلة ، وبالكسر : إناء من جلد ، والسوط ، والسير يقد من جلد غير مدبوغ وكان يحتمل بزا أي متاعا
2- بحار الأنوار ج 18 383
3- الخرائج والجرائح ج 1 ص 84

الأحمر الذي يقدمها ، فكذبوه وقالوا : هذا سحر مبين لعنهم الله ، وأقام (صلى الله عليه وآله) بمكة يدعو الناس . فأجابه المؤمنون وجحده الكافرون (1).

414 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) أصبح فقعد فحدثهم بذلك ، فقالوا له : صف لنا بيت المقدس ، قال : فوصف لهم وإنما دخله ليلا فاشتبه عليه النعت ، فأتاه جبرئيل فقال : انظر ههنا ، فنظر إلى البيت فوصفه وهو ينظر إليه ، ثم نعت لهم ما كان من عير لهم فيما بينهم وبين الشام ، ثم قال : هذه عير بني فلان تقدم مع طلوع الشمس يتقدمها جمل أورق أو أحمر ، قال : وبعثت قريش رجلا على فرس ليردها ، قال و بلغ مع طلوع الشمس ، قال قرظة بن عبد عمرو : يا لهفا أن لا أكون لك جذعا حين تزعم أنك أتيت بين المقدس ورجعت من ليلتك (2).

408 - عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال : لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيت المقدس حمله جبرئيل على البراق فأتيا بيت المقدس وعرض عليه محاريب الأنبياء وصلى بها ، ورده فمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رجوعه بعير لقريش ، وإذا لهم ماء في آنية وقد أضلوا بعيرا لهم وكانوا يطلبونه ، فشرب رسول الله من ذلك الماء وأهرق باقيه ، فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لقريش : إن الله جل جلاله قد أسرى بي إلى بيت المقدس ، وأراني آثار الأنبياء و منازلهم ، وإني مررت بعير لقريش في موضع كذا وكذا وقد أضلوا بعيرا لهم ، فشربت من مائهم وأهرقت باقي ذلك ، فقال أبو جهل : قد أمكنتكم الفرصة منه ، فاسألوه كم الأساطين فيها والقناديل ؟ فقالوا : يا محمد إن ههنا من قد دخل بيت المقدس فصف لنا كم أساطينه و قناديله ومحاريبه ؟ فجاء جبرئيل (عليه السلام) فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه ، فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه ، فلما أخبرهم قالوا : حتى يجئ العير ونسألهم عما قلت ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : تصديق ذلك أن العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس ، يقدمها جمل أورق فلما كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة ويقولون : هذه الشمس تطلع الساعة ، فبينا هم كذلك إذ طلعت عليهم العير حين طلع القرص يقدمها جمل أورق (3)، فسألوهم عما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا : لقد كان هذا ، ضل جمل لنا في موضع كذا وكذا ، ووضعنا ماء فأصبحنا وقد أهريق الماء ، فلم يزدهم ذلك إلا عتوا . (4)

409- وسئل علي بن الحسين عليهما السلام ، عن الله تعالى هل يوصف بمكان ،

فقال : تعالى الله عن ذلك .

فقيل : لم أسرى نبيه إلى السماء ؟

قال : ليريه ملكوت السماء وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه ،

قلت : فقول الله تعالى : (ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى)

ص: 248


1- روضة الواعظين ص 55
2- الكافي ج 8 ص 262، بحار الأنوار ج 18 ص 304
3- الأورق من الإبل ما في لونه بياض إلى سواد . وفي تفسير القمي جمل أحمر في الموضعين
4- أمالي الصدوق : 269 ، تفسير القمي : 376

قال : ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) دنا من حجب النور ، فرأى ملكوت السماوات ثم تدلى فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض ، حتى ظن إنه في القرب من الأرض ، كقاب قوسين أو أدنى (1).

410 - عن علقمة ، قال : قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، وقد قلت له : يا بن رسول الله ، أخبرني من تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته .

فقال : يا علقمة ، كل من كان على فطرة الاسلام جازت شهادته .

قال : فقلت له : تقبل شهادة المقترف للذنوب ؟

فقال : يا علقمة ، لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلا شهادات الأنبياء والأوصياء (صلوات الله عليهم) لأنهم هم المعصومون دون سائر الخلق ، فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان ، فهو من أهل العدالة والستر ، وشهادته مقبولة ، وإن كان في نفسه مذنبا ، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية الله عز وجل داخل في ولاية الشيطان . ولقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : من اغتاب مؤمنا بما فيه ، لم يجمع الله بينهما في الجنة أبدا ، ومن اغتاب مؤمنا بما ليس فيه ، فقد انقطعت العصمة بينهما ، وكان المغتاب في النار خالدا فيها وبئس المصير .

قال علقمة : فقلت للصادق (عليه السلام) : يا بن رسول الله ، إن الناس ينسبوننا إلى عظائم الأمور ، وقد ضاقت بذلك صدورنا .

فقال (عليه السلام) : يا علقمة ، إن رضا الناس لا يملك ، وألسنتهم لا تضبط ، فكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحججه (عليهم السلام) ؟

ألم ينسبوا يوسف (عليه السلام) إلى أنه هم بالزنا ؟

ألم ينسبوا أيوب (عليه السلام) إلى أنه ابتلى بذنوبه ؟

ألم ينسبوا داود (عليه السلام) إلى أنه تبع الطير حتى نظر إلى امرأة أوريا فهواها ؟ وأنه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل ثم تزوج بها ؟

ألم ينسبوا موسى (عليه السلام) إلى أنه عنين وآذوه حتى برأه الله مما قالوا ، وكان عند الله وجيها ؟

ألم ينسبوا جميع أنبياء الله إلى أنهم سحرة طلبة الدنيا ؟

ألم ينسبوا مريم بنت عمران (عليهما السلام) إلى أنها حملت بعيسى من رجل نجار اسمه يوسف ؟

ألم ينسبوا نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله) إلى أنه شاعر مجنون ؟

ألم ينسبوه إلى أنه هوى امرأة زيد بن حارثة فلم يزل بها حتى استخلصها لنفسه ؟

ألم ينسبوه يوم بدر إلى أنه أخذ لنفسه من المغنم قطيفة حمراء ؟ حتى أظهره الله عز وجل على القطيفة وبرأ نبيه (صلى الله عليه وآله) من الخيانة ، وأنزل بذلك في كتابه : (وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) ،

ص: 249


1- الأمالي صدوق ص 213 ، علل الشرائع ج 1 ص 131 ،روضة الواعظين ص 55 ، بحار الأنوار ج 18 ص 347و ج 3 ص 314

ألم ينسبوه إلى أنه (صلى الله عليه وآله) ينطق عن الهوى في ابن عمه علي (عليه السلام) ؟ حتى كذبهم الله عز وجل ، فقال سبحانه : (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)

ألم ينسبوه إلى الكذب في قوله : إنه رسول من الله إليهم ؟ حتى أنزل الله عز وجل عليه : (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) ، ولقد قال يوما : عرج بي البارحة إلى السماء . فقيل : والله ما فارق فراشه طول ليلته . وما قالوا في الأوصياء (عليهم السلام) أكثر من ذلك ،

ألم ينسبوا سيد الأوصياء (عليه السلام) إلى أنه كان يطلب الدنيا والملك ، وأنه كان يؤثر الفتنة على السكون ، وأنه يسفك دماء المسلمين بغير حلها ، وأنه لو كان فيه خير ما أمر خالد بن الوليد بضرب عنقه ؟

ألم ينسبوه إلى أنه (عليه السلام) أراد أن يتزوج ابنة أبي جهل على فاطمة (عليها السلام) ، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) شكاه على المنبر إلى المسلمين ، فقال : إن عليا يريد أن يتزوج ابنة عدو الله على ابنة نبي الله ، ألا إن فاطمة بضعة مني ، فمن آذاها فقد آذاني ، ومن سرها فقد سرني ، ومن غاظها فقد غاظني ؟

ثم قال الصادق (عليه السلام) : يا علقمة ، ما أعجب أقاويل الناس في علي (عليه السلام) ! كم بين من يقول : إنه رب معبود ، وبين من يقول : إنه عبد عاص للمعبود ! ولقد كان قول من ينسبه إلى العصيان أهون عليه من قول من ينسبه إلى الربوبية .

يا علقمة ، ألم يقولوا لله عز وجل : إنه ثالث ثلاثة ؟

ألم يشبهوه بخلقه ؟ ألم يقولوا : إنه الدهر ؟

ألم يقولوا : إنه الفلك ؟ ألم يقولوا : إنه جسم ؟

ألم يقولوا : إنه صورة ؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .

يا علقمة ، إن الألسنة التي تتناول ذات الله تعالى ذكره بما لا يليق بذاته كيف تحبس عن تناولكم بما تكرهونه ! فاستعينوا بالله واصبروا ، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين ، فإن بني إسرائيل قالوا لموسى (عليه السلام) : (أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا) ، فقال الله عز وجل : قل لهم يا موسى : (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) . (1)

411 - عن الصادق (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : وأما الرد على من أنكر المعراج فقوله تعالى (وهو بالأفق الاعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى) إلى قوله : (عندها جنة المأوى) فسدرة المنتهى في السماء السابعة ، ثم قال سبحانه : (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمان آلهة يعبدون) وإنما أمر تعالى رسوله أن يسأل الرسل في السماء ، ومثله قوله : (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فأسال الذين يقرؤون الكتاب من قبلك) يعني الأنبياء عليهم السلام ، هذا كله في ليلة المعراج (2).

412 - عن علي (عليه السلام) أنه لما كان بعد ثلاث سنين من مبعثه (صلى الله عليه وآله وسلم) أسري به إلى بيت المقدس ، وعرج به منه إلى السماء ليلة المعراج ، فلما

ص: 250


1- الأمالي ص 163
2- بحار الأنوار ج 18 ص 282

أصبح من ليلته حدث قريشا بخبر معراجه ، فقال جهالهم : ما أكذب هذا الحديث ؟ وقال أمثالهم : يا أبا القاسم فبم نعلم أنك صادق في قولك هذا ؟ قال : أخبركم وقال : مررت بعيركم في موضع كذا ، وقد ضل لهم بعير ، فعرفتهم مكانه ، وصرت إلى رحالهم ، وكانت لهم قرب مملوة فصبت قربة والعير توافيكم في اليوم الثالث من هذا الموضع مع طلوع الشمس في أول العير جمل أحمر وهو جمل فلان : فلما كان اليوم الثالث خرجوا إلى باب مكة لينظروا صدق ما أخبر به محمد قبل طلوع الشمس ، فهم كذلك إذ طلعت العير عليهم بطلوع الشمس في أولها الجمل الأحمر ، وسألوا الذين كانوا مع العير فقالوا : مثل ما قال محمد في إخباره عنهم ، فقالوا أيضا : هذا من سحر محمد (1).

ثانيا: الموضوعات في المعراج

اشارة

صدق مولانا امير المؤمنين حيث قال في وصف اهل الخلاف وضعوا لكل حق باطل ولكل قائم مائل فان اعداء اهل البيت ومنكري فضائلهم قد وضعوا احاديثا في فضائل كبرائهم مقابل ما روي عن ائمتنا وهاك بعض من موضوعاتهم :

رأى على العرش أبو بكر الصديق

413- منها : أنه لما أسري بالنبي رأى على العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله أبو بكر الصديق قلنا : قال الصادق عليه السلام : غيروا كل شئ حتى هذا ، إنما كتب مع الشهادتين عليا أمير المؤمنين ، وكتب ذلك على اللوح ، وعلى جناحي جبرئيل وعلى السماوات والأرضين ، وعلى رؤس الجبال ، وعلى الشمس والقمر ، وهو السواد الذي يرى فيه (2).

414- عن أبي هريرة مرفوعا : عرج بي إلى السماء فما مررت بسماء إلا وجدت فيها مكتوبا : محمد رسول الله ، وأبو بكر الصديق من خلفي . من موضوعات عبد الله بن إبراهيم الغفاري . ذكره الذهبي في ميزانه من طريق الخطيب عن محمد بن عبد الله الهلالي البصري وقال : خبر باطل . ثم رواه بإسناد آخر فقال : وهو باطل ما أدري من يغمز فيه فإن هؤلاء ثقات ثم ذكره من طريق الغفاري فقال : متهم بالكذب فهذا عنه محتمل . وذكره السيوطي في الموضوعات وقال : أخرجه ابن عدي بإسناده عن الغفاري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ثم قال : لا يصح ، الغفاري يضع ، وشيخ ضعيف بالاتفاق .

وذكره ابن حجر(3) نقلا عن ابن حبان من طريق عبد الله بن عمر بلفظ : ما جئت ليلة أسري بي من سماء إلى سماء إلا رأيت اسمي مكتوبا محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق . فقال : قال ابن حبان : هذا خبر باطل وأرى البلية فيه من عبد الله بن إبراهيم (4).

415 - روى القاسم بن معاوية قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : هؤلاء يروون حديثا في معراجهم ، أنه لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله رأى على العرش مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق .

فقال : سبحان الله غيروا كل شئ حتى هذا ؟ قلت : نعم . قال :

ص: 251


1- الخرائج والجرائح ج 1 ص 141 ،بحار الأنوار ج 18 383
2- الصراط المستقيم ج 3 ص 144
3- تهذيب التهذيب 5 ص 138
4- الغدير ج 5 ص 302

إن الله عز وجل لما خلق العرش كتب عليه لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .

ولما خلق الله عز وجل الماء كتب في مجراه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .

ولما خلق الله عز وجل الكرسي كتب على قوائمه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .

ولما خلق الله عز وجل اللوح كتب فيه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .

ولما خلق الله عز وجل إسرافيل كتب على جبهته : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .

ولما خلق الله عز وجل جبرئيل كتب على جناحيه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .

ولما خلق الله عز وجل السماوات كتب في أكنافها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .

ولما خلق الله عز وجل الأرضين كتب في أطباقها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .

ولما خلق الله عز وجل الجبال كتب في رؤوسها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .

ولما خلق الله عز وجل الشمس كتب الله عز وجل عليها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين ،

ولما خلق الله عز وجل القمر كتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين وهذا هو السواد الذي ترونه في القمر ، فإذا قال أحدكم : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فليقل علي أمير المؤمنين (1).

حورية للخليفة عثمان

416- قال ابن حجر (2): الحديث المذكور عن عقبة بن عامر رفعه : لما عرج بي إلى السماء دخلت جنة عدن فوقعت في كفي تفاحة فانفلقت عن حوراء مرضية كان أشعار عينيها مكارم أشعار النسور فقلت : لمن أنت ؟ قالت : أنا للخليفة من بعدك المقتول ظلما عثمان بن عفان . وقال : حديث منكر . وأخرجه الخطيب(3)من طريق محمد بن سليمان أبي علي الشطوي عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أسري بي إلى السماء فصرت إلى السماء الرابعة سقطت في حجري تفاحة فأخذتها بيدي فانفلقت فخرج منها حوراء تقهقه فقلت لها : تكلمي لمن أنت ؟ قالت : للمقتول شهيدا عثمان بن عفان . وهذا موضوع بهذا الطريق أيضا . رأى الخطيب في تاريخه وابن

ص: 252


1- الاحتجاج : 158 وعنه البحار : 27 / 1 ح 1 ، و ج 58 / 156 ح 6 . مدينة المعاجز ج 2 ص 375
2- لسان الميزان 3 ص 248 وذكره في ص 293
3- تاريخ بغداد 5 ص 297

الجوزي في الموضوعات والذهبي في ميزانه الحمل فيه على محمد بن سليمان أبي جعفر (1).

خيول لمحبي عمر وابي بكر

417 - عن أنس مرفوعا : لما عرج بي جبريل رأيت في السماء خيلا موقفة مسرجة ملجمة لا تروث ولا تبول ولا تعرق ، رؤسها من الياقوت الأحمر ، وحوافرها من الزمرد الأخضر ، وأبدانها من العقيان الأصفر ، ذوات أجنحة . فقلت : لمن هذه ؟ فقال جبريل : هي لمحبي أبي بكر وعمر ، يزورون الله عليها يوم القيامة . أخرجه الخطيب(2)وقال : حديث منكر . وذكره الذهبي (3)وقال : حديث كذب يقال ادخل على محمد بن عبد الله بن مرزوق . وقرر كذبه ابن حجر (4).

وقد شاء الله أبا بكر

418- عن أبي سعيد الخدري مرفوعا : قال لما عرج بي قلت : اللهم اجعل الخليفة من بعدي عليا قال : فارتجت السماوات وهتف بي الملائكة يا محمد إقرأ : (وما تشاؤن إلا أن يشاء الله)، وقد شاء الله أبا بكر . من موضوعات يوسف بن جعفر الخوارزمي . ذكره الذهبي(5)وقال : ذكره ابن الجوزي ، إن هذا من وضع يوسف . وأخرجه الجوزقاني وفي آخره : قد شاء الله أن يكون الخليفة من بعدك أبو بكر الصديق . ثم قال : موضوع وضعه يوسف بن جعفر وفي لفظ : إن الله يفعل ما يشاء الخليفة بعدك أبو بكر(6).

419 - قال : وأخرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرج بي إلى السماء فما مررت بسماء إلا وجدت فيها اسمي محمد رسول الله وأبو بكر الصديق خلفي وورد هذا الحديث أيضا من رواية ابن عباس وابن عمر ، وأنس ، وأبي سعيد ، وأبي الدرداء

وأسانيدها كلها ضعيفة لكنه ترتقي بمجموعها إلى درجة الحسن انتهى .

أقول : هذا الحديث مع كونه أول رواية أبي هريرة عبارته ركيكة ومفهومه غير محصل فلا يصدر عن الفصيح وكيف ينقش في السماوات التي هي الأجرام الشريفة اسم أبي بكر في أزل الأزال ، مع سبق كفره على زمان الحال ، ولقد أنطقه الله بالحق حيث قال : إن أسانيدها كلها ضعيفة . وأما ما ذكره بقوله لكن ترتقي بمجموعها إلى درجة الحسن فإنما يسلم لو لم يكن الضعف بالغا إلى درجة الوضع مع أن أمارات الوضع عليه ظاهرة لفظا ومعنى وإسنادا كما عرفت . ثم الظاهر أنهم وضعوا هذا في مقابلة الحديث المتفق عليه الذي ذكره القاضي عياض في كتاب الشفاء عن قوله صلى الله عليه وآله وسلم : إنه مكتوب على العرش محمد رسول الله ، أيدته بعلي انتهى وأين هنا من ذاك ونعم ما قال بعض أهل الادراك :

ص: 253


1- الغدير ج 5 ص 299
2- تاريخ بغداد 2 ص 330 ورواه في ج 11 ص 242
3- ميزان الاعتدال 3 ص 99
4- لسان الميزان ج 5 ص 274 . الغدير ج 5 ص 319
5- ميزان الاعتدال 3 ص 329
6- الغدير ج 5 ص 337

اسم على العرش مكتوب كما نقلوا *** من يستطيع له محوا وترقينا (1)

عائشة ومعاوية وافتراءات في معنى المعراج

420- المغيرة بن الاخنس أن معاوية بن أبي سفيان ، كان إذا سئل عن مسرى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : كانت رؤيا من الله صادقة (2).

421 - عن بعض آل أبي بكر ، أن عائشة كانت تقول : ما فقد جسد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولكن الله أسرى بروحه (3).

يهودي معترض

422- روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يخطب يوماً على المنبر، فذكر معراج النبي (ص وسلم) وأنه (ص وسلم) حين أراد الخروج من البيت وقع ثوبه على كوز ماء، فانكفأ الكوز، ورجع من المعراج والماء لم يفرغ من الكوز ولم يبرد فراشه الذي كان نائماً فيه.قال: وكان هناك رجل من اليهود، فأنكر ذلك في قلبه وقام من المسجد وذهب إلى داره، فوجد امرأته قد هيأت دقيقاً لتعجنه، فلما رأت المرأة زوجها أعطته كوزاً وقالت له: ائتني بماء أعجن هذا الدقيق، فأخذ الرجل الكوز وأتى عيناً وملأ الكوز ووضعه على حافته، ونزع ثيابه لينزل في الماء، فوقع ثوبه على الكوز وانكفأ الماء ونزل هو وارتمس في الماء، ولما رفع راسه نظر إلى نفسه, وإذا هو جارية جميلة عريانة على ساحل بحر فبقيت متحيرة في أمرها, فأخذت طريقاً على ساحل البحر فإذا هي بإمراة, فلما رأتها الإمرأة عريانة أخذتها الرأفة عليها فأعطتها ثوباً من ثيابها، فلبست الثوب ودخلت بلدة كانت هناك فكل من وقع نظره عليها مال إليها بفرط ما لها من الحسن والجمال، فعقدها رجل من أهل الثروة وأتى بها إلى داره، وبقيت على ذلك مدة ست سنين، وأتت منه بخمسة أولاد، فخرجت يوماً إلى ساحل البحر ونزلت في الماء واغمست رأسها فيه، ولما أخرجت رأسها نظرت، وإذا هي على هيأتها الأولى على حافة العين وثيابها على الصخرة كما وضعتها عليها، ووجد ماء الكوز بعد لم يفرغ، فلبس ثيابه واخذ الكوز وتوجه إلى داره، فوجد إمرأته على الهيأة التي فارقها عليها، فأعطاها الكوز واخذ طريق المسجد، فوجد أمير المؤمنين على المنبر وهو بعد لم يفرغ من الخطبة، فأتى أمير المؤمنين (عليه السلام) وأظهر عنده التوبة والندامة على ما خطر بباله من الشك والإنكار في معراج رسول الله (ص وسلم)، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا فلان لم تصدقنا إلا بعد ما أتيت بخمسة أولاد (4).

ص: 254


1- الصوارم المهرقة ص 331 والبيت هو من قصيدة للقاضي نظام الدين محمد بن قاضي القضاة الاصفهاني
2- جامع البيان الطبري ج 15 ص 22
3- جامع البيان الطبري ج 15 ص 22
4- قال الميرزا المامقاني : أن عالم الملكوت الذي هو روح عالم الملك وغيبه عالم وسيع لا يقاس بعالم الملك في الفسحة والسعة, لقى به من المبدأ وطهارته من الكثافات والتصادمات الملكية التي هي علة الضيق، اعتبر في ذلك بحال جسمك هذا الظاهري؛ فإنه لكونه محدوداً بحدود عالم الناسوت، ومقيداً بقيودها لا يقطع أجزاء الزمان والمكان، إلا بالتنقل التدريجي شيئاً بعد شيء؛ وأما نفسك فهي لكونها دهرية مجردة عن المواد الجسيمة، تحيط بأول الزمان وآخره بنظر واحد من غير تدريج وانتقال حسي، فيكون الحال والماضي والاستقبال عندها على حد سواء، وإن هو إلا لأن وقتها روح تلك الأوقات الزمانية، وكذا محلها بالنسبة إلى هذه الأمكنة، ومن البين أن الروح المجرد لم يقع في طرف من الجسم حتى يمنعه عن الإحاطة باطرافه في النظر الواحد، كما هو حال الأجسام بعضها بالنسبة إلى بعض.نعم إذا طهر الجسم من الكثافة بمعونة التأديبات الشرعية، شابه الروح في التجرد وفعل فعله، فلا يكون فرق بينه وبين الروح في السعة والإحاطة، وذلك إذا كشطت أعراض سماواته، ونسفت جبال أنياته، وصارت أرضاً، قابلية قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً فإنه حينئذ يحصل في فضاء وسيع، ليس فيه من تلك الموانع أثر ولا عين؛ فيكون الدخول منه في أسر الحجب والموانع والخروج منها باختيار منه، فأفهم؛ وذلك أن الجسم إذا كان بحكم الروح كانت حركته أسرع من ذلك وأعظم، وآية ذلك حركة الفلك الأعظم، فقد قال بعضهم: يسير الفلك الأعظم بقدر ما يقول القائل واحد الفاً وسبعمائة واثنين وثلاثين فرسخاً من مقعره، والله تعالى يعلم ما يسير من محدبه، وما ذلك إلا لكونه الطف من ساير الأجسام أو قريباً من لطافة الأرواح، فإذا كان عالم الملكوت بهذه السعة، كانت أوقاته أيضاً على حسبه، فربما يساوي الآن الواحد منه عدة سنين من سني هذا العالم فإذا حصل شخص في ذلك العالم، ومضى عليه فيه آن واحد من آناته، فقد مضى عليه مقدار يساوي عدة سنين من سني هذا العالم، قال تعالى: ﴿وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون﴾. وقد نطق الكتاب المجيد بأن مقدار يوم القيامة خمسون ألف سنة، وذلك للطافة أجسام سماوات الاخرة وأرضها، واجسام من فيهما، وقربها من لطافة الأرواح الدهرية كما عرفت الإشارة إليه، ولذا تسع أرض المحشر الأولين والآخرين، ومثال ما سمعت التقريبي حالة المنام بالنسبة إلى حالة اليقظة؛ فإنك ربما تنام ساعة واحدة ومع ذلك تسير في تلك الحالة إلى بلاد بعيدة، وتمضي عليك فيها مدد طويلة فإذا انتبهت وجدت أنه لم تمض عليك من أوقات هذا العالم إلا ساعة واحدة، وذلك للطافة عالم المنام الذي هو من عالم المثال، مع إنه ليس في لطافة الدهر الصرف، وإنما هو برزخ بين الدهر والزمان، فبوجهه الأعلى ناظر إلى الدهر وبوجهه الأسفل ناظر إلى الزمان، فكيف بعالم الدهر البحت.فإذا عرفت هذا التفصيل فلنرجع إلى حل إشكال الخبر، فنقول: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما أراد إيضاح الحجة على ذلك اليهودي على سبيل المعاينة تمم بفاضل لطيفة الأعجاز نقصه، فنقله إلى ملكوت الأجسام وأقامه فيه تلك المدة، ثم رجعه إلى مكان فيه، ليعرفه سر المعراج وسرعة السير الواقع فيه، وانه لا بُعد فيما سمع بوجه لكون جسمه (صلى الله عليه وآله وسلم) متحداً مع روحه في اللطافة والاحكام، فافهم يا أخي ما أهديناه إليك من حكم آل الرسول في هذه الكلمات القليلة، تنفتح لك أبواب من العلم يفتح من كل باب ألف باب؛ فإن أكثر أخبار المعاجز وخوارق العادة المنقولة مبنية على هذا الأصل, وحسبنا الله ونعم الوكيل.

معراج باطل

423 - زيد النرسي في أصله : قال : لما لبى أبو الخطاب بالكوفة ، وادعى في أبي عبد الله (عليه السلام) ما ادعاه ، دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) مع عبيد بن زرارة ، فقلت له : جعلت فداك ، لقد ادعى أبو الخطاب وأصحابه فيك أمرا عظيما ، أنه لبى بلبيك جعفر لبيك معراج ، وزعم أصحابه أن أبا الخطاب أسري به إليك ، فلما هبط إلى الأرض من ذلك دعا إليك ، ولذلك لبى بك قال : فرأيت أبا عبد الله (عليه السلام) ، قد أرسل دمعته من حماليق عينيه ، وهو يقول : يا رب برأت إليك مما ادعى في الأجدع عبد بني أسد ، خشع لك شعري وبشري ، عبد لك ابن عبد لك ، خاضع ذليل ثم اطرق ساعة في الأرض كأنه يناجي شيئا ، ثم رفع رأسه وهو يقول : أجل أجل ، عبد خاضع خاشع ذليل لربه ، صاغر راغم من ربه ، خائف وجل ، لي والله رب أعبده لا أشرك به شيئا ، ماله اخزاه الله وأرعبه ، ولا آمن روعته يوم القيامة ، ما كانت تلبية الأنبياء هكذا ولا تلبية

ص: 255

الرسل ، إنما لبيت بلبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ثم قمنا من عنده ، فقال : يا زيد ، إنما قلت لك هذا لاستقر في قبري ، يا زيد استر ذلك عن الأعداء (1) .

ص: 256


1- أصل زيد النرسي ص 46 ، مستدرك الوسائل ج 9 ص 197

الفصل الرابع عشر: خلاصة قصة المعراج

اولا: الرواية عن اهل البيت عليهم السلام

424- عن أبي عبدالله عليه السلام قال : جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ واحد باللجام ، وواحد بالركاب ، وسوى الآخر عليه ثيابه ، فتضعضعت البراق فلطمها جبرئيل ، ثم قال لها :

- اسكني يا براق فما ركبك نبى قبله ولا يركبك بعده مثله

قال : فرقت به صلى الله عليه وآله ورفعته ارتفاعا ليس بالكثير ، ومعه جبرئيل يريه الآيات من السماء والارض قال :

فبينا أنا في مسيري إذ نادى مناد عن يميني : يامحمد ، فلم اجبه ولم ألتفت إليه

ثم نادى مناد عن يساري : يا محمد ، فلم اجبه ولم ألتفت إليه ،

ثم استقبلتني امرأة كاشفة عن ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا فقالت : يا محمد انظرني حتى اكلمك ، فلم ألتفت إليها ،

ثم سرت فسمعت صوتا أفزعني فجاوزت

فنزل بي جبرئيل عليه السلام فقال : صل فصليت ، فقال : تدري أين صليت ؟ فقلت : لا ،

فقال : صليت بطيبة ، وإليها مهاجرتك ،

ثم ركبت فمضينا ماشاء الله ثم قال لي : انزل وصل فنزلت وصليت ،

فقال لي : تدري أين صليت ؟

فقلت : لا ، فقال صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى تكليما ،

ثم ركبت فمضينا ماشاء الله ، ثم قال لي انزل فصل ، فنزلت وصليت ، فقال لي : تدري أين صليت ؟

فقلت : لا ،

قال : صليت في بيت لحم وبيت لحم بناحية بيت المقدس حيث ولد عيسى بن مريم عليه السلام

ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي كانت الانبياء تربط بها فدخلت المسجد ومعي جبرئيل إلى جنبي فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من أنبياء الله عليهم السلام قد جمعوا إلي واقيمت الصلاة ولا أشك إلا وجبرئيل سيتقدمنا فلما استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقد مني وأممتهم ولا فخر ثم أتاني الخازن بثلاثة أوان : إناء فيه لبن وإناء فيه ماء ، وإناء فيه خمر ، وسمعت قائلا يقول : إن أخذ الماء غرق وغرقت امته ، وإن أخذ الخمر غوي وغويت امته ، وإن أخذ اللبن هدي

ص: 257

وهديت امته ، قال : فأخذت اللبن وشربت منه ، فقال لي جبرئيل : هديت وهديت امتك ، ثم قال لي ماذا رأيت في مسيرك ؟

فقلت : ناداني مناد عن يميني ، فقال لي : أو أجبته ؟ فقلت : لا ولم ألتفت ، فقال : ذلك داعي اليهود ، لو أجبته لتهودت امتك من بعدك ،

ثم قال : ماذا رأيت ؟ فقلت : ناداني مناد عن يساري ،

فقال لي : أو أجبته ؟

فقلت : لا ولم ألتفت إليه ،

فقال : ذاك داعي النصارى لو أجبته لتنصرت امتك من بعدك ،

ثم قال : ماذا استقبلك ؟

فقلت : لقيت امرأة كاشفة عن ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا ، فقالت : يا محمد انظرني حتى اكلمك ،

فقال لي : أفكلمتها ؟

فقلت : لا ماكلمتها ولم ألتفت إليها ، فقال : تلك الدنيا ، ولو كلمتها لاختارت امتك الدنيا على الآخرة ،

ثم سمعت صوتا أفزعني

فقال لي جبرئيل : أتسمع يا محمد ؟

قلت : نعم ،

قال : هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنم منذ سبعين عاما ، فهذا حين استقرت قالوا : فما ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قبض

قال : فصعد جبرئيل وصعدت معه إلى السماء الدنيا وعليها ملك يقال له : إسماعيل وهو صاحب الخطفة التي قال الله عزوجل : (إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب) وتحته سبعون ألف ملك ، تحت كل ملك سبعون ألف ملك ، فقال : يا جبرئيل من هذا معك ؟

فقال : محمد ،

قال : وقد بعث ؟

قال : نعم ،

ففتح الباب فسلمت عليه وسلم علي ، واستغفرت له واستغفرلي ، وقال : مرحبا بالاخ الصالح ، والنبي الصالح ، وتلقتني الملائكة حتى دخلت السماء الدنيا ، فما لقيني ملك إلا ضاحكا مستبشرا حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر أعظم خلقا منه كريه المنظر ، ظاهر الغضب ، فقال لي : مثل ما قالوا من الدعاء إلا أنه لم يضحك ، ولم أرفيه من الاستبشار ما رأيت ممن ضحك من الملائكة ،

فقلت : من هذا يا جبرئيل فإني قد فزعت منه ؟

فقال : يجوز أن تفزع منه ، وكلنا نفزع منه إن هذا مالك خازن النار ، لم يضحك قط ، ولم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا وغيظا على أعداء الله وأهل معصيته ، فينتقم الله به منهم ولو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك لضحك إليك ، ولكنه لا يضحك ،

فسلمت عليه فرد السلام علي ، وبشرني بالجنة ، فقلت لجبرئيل : وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله :(مطاعثم أمين) ألا تأمرني أن يريني النار ؟

فقال له جبرئيل : يا مالك أر محمدا النار ،

ص: 258

فكشف عنها غطاءها وفتح بابا منها فخرج منها لهب ساطع في السماء ، وفارت وارتفعت حتى ظننت لتتناولني مما رأيت ، فقلت : يا جبرئيل قل له فليرد عليها غطاءها فأمرها ،

فقال لها : ارجعي ،

فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه ، ثم مضيت ؟ فرأيت رجلا آدما جسيما فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟ فقال : هذا أبوك آدم ، فإذا هو يعرض عليه ذريته ، فيقول : روح طيب ، وريح طيبة من جسد طيب ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله سورة المطففين على رأس سبع عشر آية : (كلا إن كتاب الابرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون)إلى آخرها ،

قال : فسلمت على أبي آدم ، وسلم علي واستغفرت له ، واستغفر لي ، وقال : مرحبا بالابن الصالح ، والنبي الصالح ، والمبعوث في الزمن الصالح

ثم مررت بملك من الملائكة جالس على مجلس ، وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه ، وإذا بيده لوح من نور ، سطر فيه مكتوب فيه كتاب ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه كهيئة الحزين ، فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟

فقال : هذا ملك الموت ، دائب في قبض الارواح ،

فقلت : يا جبرئيل أدنني منه حتى اكلمه ، فأدناني منه فسلمت عليه ، وقال له جبرئيل : هذا محمد نبي الرحمة الذي أرسله الله إلى العباد ، فرحب بي وحياني بالسلام وقال : أبشر يا محمد فإني أرى الخير كله في امتك ،

فقلت : الحمد لله المنان ذي النعم على عباده ، ذلك من فضل ربي ورحمته علي ، فقال جبرئيل : هو أشد الملائكة عملا

فقلت : أكل من مات أو هو ميت فيما بعد هذا يقبض روحه ؟

فقال :نعم ،

قلت : وتراهم وتشهدهم بنفسك ؟

فقال نعم

فقال ملك الموت : ماالدنيا حيث كانوا كلها عندي فيما سخرها الله لي ومكنني عليها إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء ، وما من دار إلا وأنا أتصفحه كل يوم خمس مرات ، وأقول : إذا بكى أهل الميت على ميتهم لا تبكوا عليه فإن لي فيكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد ،

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : كفى بالموت طامة يا جبرئيل

فقال جبرئيل : إن ما بعد الموت أطم وأطم من الموت

قال : ثم مضيت فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحم طيب ولحم خبيث ، يأكلون اللحم الخبيث ، ويدعون الطيب ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

فقال : هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويدعون الحلال ، وهم من امتك يا محمد ،

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ثم رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجبا ، نصف جسده النار ، والنصف الآخر ثلج ، فلا النار تذيب الثلج ، ولا الثلج يطفئ النار وهو ينادي بصوت رفيع و يقول : سبحان الذي كف حر هذه النار فلا تذيب الثلج ، وكف برد هذا الثلج فلا يطفئ حر هذه النار اللهم يا مؤلف بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟

ص: 259

فقال : هذا ملك وكله الله بأكناف السماء وأطراف الارضين ، وهو أنصح ملائكة الله لاهل الارض من عباده المؤمنين يدعو لهم بما تسمع منذ خلق ،

ورأيت ملكين يناديان في السماء أحدهما يقول : اللهم أعط كل منفق خلفا والآخر يقول : اللهم أعط كل ممسك تلفا

ثم مضيت فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافرالابل يقرض اللحم من جنوبهم ، ويلقى في أفواههم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

فقال هؤلاء الهمازون اللمازون ،

ثم مضيت فإذا أنا بأقوام ترضخ رؤوسهم بالصخر ،

فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

فقال : هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء ،

ثم مضيت فإذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم ، وتخرج من أدبارهم ،

فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

قال : هؤلاء (الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)،

ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟

قال : هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، وإذا هم بسبيل آل فرعون :(يعرضون على النار غدوا وعشيا) ، يقولون : ربنا متى تقوم الساعة ؟

قال : ثم مضيت فإذا أنا بنسوان معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

فقال هؤلاء اللواتي يورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم ،

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم فاطلع على عوراتهم وأكل خزائنهم .

قال : مررنا بملائكة من ملائكة الله عزوجل خلقهم الله كيف شاء ، ووضع وجوههم كيف شاء ليس شئ من أطباق أجسادهم إلا وهو يسبح الله ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة ، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله ، فسألت جبرئيل عنهم ،

فقال : كما ترى خلقوا ، إن الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلمه قط ، ولا رفعوا رؤوسهم إلى ما فوقها ولا خفضوها إلى ما تحتها خوفا من الله وخشوعا ،

فسلمت عليهم فردوا علي إيماء برؤوسهم لا ينظرون إلي من الخشوع ، فقال لهم جبرئيل : هذا محمد نبي الرحمة ، أرسله الله إلى العباد رسولا ونبيا ، وهو خاتم النبوة وسيدهم ، أفلا تكلمونه ؟

قال : فلما سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا علي بالسلام ، وأكرموني وبشروني بالخير لي ولامتي .

قال : ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا فيها رجلان متشابهان ،

فقلت : من هذان يا جبرئيل ؟

فقال لي : ابنا الخالة يحيى وعيسى عليهما السلام ،

ص: 260

فسلمت عليهما وسلما علي واستغفرت لهما ، واستغفرا لي ، وقالا : مرحبا بالاخ الصالح ، والنبي الصالح ، وإذا فيها من الملائكة وعليهم الخشوع قد وضع الله وجوههم كيف شاء ليس منهم ملك إلا يسبح الله ويحمده بأصوات مختلفة ،

ثم صعدنا إلى السماء الثالثة فإذا فيها رجل فضل حسنه على سائر الخلق كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم ، فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟

فقال : هذا أخوك يوسف ، فسلمت عليه وسلم علي ، واستغفرت له ، واستغفرلي ، وقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والاخ الصالح ، والمبعوث في الزمن الصالح ، وإذا فيها ملائكة عليهم من الخشوع مثل ما وصفت في السماء الاولى والثانية ، وقال لهم جبرئيل في أمري ما قال للآخرين ، وصنعوا بي مثل ما صنع الآخرون

ثم صعدنا إلى السماء الرابعة وإذا فيها رجل ، فقلت : من هذا يا جبريل ؟

قال هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا ، فسلمت عليه ، وسلم علي ، واستغفرت له ، واستغفر لي وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات التي عبرناها ، فبشروني بالخير لي ولامتي ،

ثم رأيت ملكا جالسا على سرير تحت يديه سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك ، فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وآله أنه هو ، فصاح به جبرئيل فقال : قم

فهو قائم إلى يوم القيامة ،

ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا أعظم منه ، حوله ثلة من امته فأعجبتني كثرتهم ، فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟

فقال : هذا المجيب في قومه هارون بن عمران ، فسلمت عليه ، وسلم علي ، واستغفرت له ، واستغفرلي وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل مافي السماوات ،

ثم صعدنا إلى السماء السادسة وإذا فيها رجل آدم طويل كأنه من شنؤة ، ولو أن عليه قميصين لنفذ شعره فيهما ، فسمعته يقول : يزعم بنو إسرائيل أني أكرم ولد آدم على الله ، وهذا رجل أكرم على الله مني ،

فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟

فقال : هذا أخوك موسى بن عمران فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات .

قال : ثم صعدنا إلى السماء السابعة فما مررت بملك من الملائكة إلا قالوا : يامحمد احتجم ، واءمر امتك بالحجامة وإذا فيها رجل أشمط الرأس واللحية ، جالس على كرسي ، فقلت : يا جبرئيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور في جوار الله ؟

فقال : هذا يا محمد أبوك إبراهيم ، وهذا محلك ومحل من اتقى من امتك ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله : (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) فسلمت عليه ، وسلم علي ، وقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والابن الصالح والمبعوث في الزمن الصالح ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات ، فبشروني بالخير لي ولامتي

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ورأيت في السماء السابعة بحارا من نور يتلالا تلالؤها يخطف بالابصار ، وفيها بحار مظلمة وبحار من ثلج ترعد ، فكلما فزعت ورأيت هؤلاء سألت جبرئيل

ص: 261

فقال : أبشر يا محمد واشكر كرامة ربك واشكرالله بما صنع إليك ،

قال : فثبتني الله بقوته وعونه حتى كثر قولي لجبرئيل وتعجبي ،

فقال جبرئيل : يا محمد تعظم ما ترى ؟ إنما هذا خلق من خلق ربك ، فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى ؟ وما لا ترى أعظم من هذا من خلق ربك أن بين الله وبين خلقه تسعين ألف حجاب ، وأقرب الخلق إلى الله أنا وإسرافيل ، وبيننا وبينه أربعة حجب : حجاب من نور ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من الغمام ، وحجاب من الماء ،

قال : صلى الله عليه وآله ورأيت من العجائب التي خلق الله وسخر على ما أراده ديكا رجلاه في تخوم الارضين السابعة ، ورأسه عند العرش ، وهو ملك من ملائكة الله تعالى خلقه الله كما أراد ، رجلاه في تخوم الارضين السابعة ، ثم أقبل مصعدا حتى خرج في الهواء إلى السماء السابعة ، وانتهى فيها مصعدا حتى انتهى قرنه إلى قرب العرش ، وهو يقول : سبحان ربي حيث ما كنت لا تدري أين ربك من عظم شأنه وله جناحان في منكبيه ، إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب ، فإذا كان في السحر نشر جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح يقول سبحان الله الملك القدوس ، سبحان الله الكبير المتعال ، لا إله إلا الله الحي القيوم وإذا قال ذلك سبحت ديوك الارض كلها ، وخفقت بأجنحتها ، وأخذت في الصياح ، فإذا سكت ذلك الديك في السماء سكتت ديوك الارض كلها ، ولذلك الديك زغب أخضر وريش أبيض كأشد بياض ما رأيته قط ، وله زغب أخضر أيضا تحت ريشه الابيض كأشد خضرة ما رأيتها قط

قال صلى الله عليه وآله ثم مضيت مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور فصليت فيها ركعتين ، ومعي اناس من أصحابي عليهم ثياب جدد ، وآخرين عليهم ثياب خلقان ، فدخل أصحاب الجدد ، وحبس أصحاب الخلقان ،

ثم خرجت فانقاد لي نهران : نهر يسمى الكوثر ، ونهر يسمى الرحمة ، فشربت من الكوثر ، واغتسلت من الرحمة ، ثم انقادا لي جميعا حتى دخلت الجنة ، وإذا على حافتيها بيوتي وبيوت أهلي وإذا ترابها كالمسك ، وإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة ، فقلت : لمن أنت يا جارية ؟

فقالت : لزيد بن حارثة ، فبشرته بها حين أصبحت ،

وإذا بطيرها كالبخت ، وإذا رمانها مثل دلي العظام ، وإذا شجرة لو ارسل طائر في أصلها ما دارها سبعمائة سنة ، وليس في الجنة منزل إلا وفيهاقتر منها ، فقلت : ماهذه ياجبرئيل ؟ فقال هذه شجرة طوبى قال الله : (طوبى لهم وحسن مآب) قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فلما دخلت الجنة رجعت إلى نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار وهولها وأعاجيبها ، فقال : هي سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك وتعالى بها ، ولو لا تلك الحجب لتهتك نور العرش وكل شئ فيه ،

وانتهيت إلى سدرة المنتهى فإذا الورقة منها تظل امة من الامم ، فكنت منها كما قال الله تعالى : (قاب قوسين أو أدني)

فناداني (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه)

فقلت أنا مجيبا عني وعن امتي :(والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، لا نفرق بين أحد من رسله)،

فقلت:(سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)

فقال الله :(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) ،

ص: 262

فقلت : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) ،

فقال الله : لا اؤاخذك ،

فقلت : (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا) ،

فقال الله : لا أحملك ،

فقلت : (ربناولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفرلنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) ،

فقال الله تبارك وتعالى : قد أعطيتك ذلك لك ولامتك .

فقال الصادق عليه السلام : ما وفد إلى الله تعالى أحد أكرم من رسول الله صلى الله عليه وآله حيث سأل لامته هذه الخصال

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا رب أعطيت أنبياءك فضائل فأعطني ،

فقال الله : قد أعطيتك فيما أعطيتك كلمتين من تحت عرشي : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ولا منجى منك إلا إليك ،

قال : وعلمتني الملائكة قولا أقوله إذا أصبحت وأمسيت : اللهم إن ظلمي أصبح مستجيرا بعفوك ، وذنبي أصبح مستجيرا بمغفرتك ، وذلي أصبح مستجيرا بعزتك وفقري أصبح مستجيرا بغناك ، ووجهي البالي أصبح مستجيرا بوجهك الدائم الباقي الذي لا يفنى وأقول ذلك إذا أمسيت .

ثم سمعت الاذان فإذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة ،

فقال : الله أكبر ، الله أكبر ،

فقال الله : صدق عبدي أنا أكبر

فقال : أشهد أن لا إله إلاالله ، أشهد أن لا إله إلا الله ،

فقال الله : صدق عبدي ، أنا الله لا إله غيري ،

فقال : أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ،

فقال الله : صدق عبدي ، إن محمدا عبدي ورسولي أنا بعثته وانتجبته ،

فقال : حي على الصلاة حي على الصلاة ،

فقال : صدق عبدي ودعا إلى فريضتي ، فمن مشى إليها راغبا فيها محتسبا كانت له كفارة لما مضى من ذنوبه ،

فقال : حي على الفلاح حي على الفلاح ،

فقال الله : هي الصلاح والنجاح والفلاح ،

ثم أممت الملائكة في السماء كما أممت الانبياء في بيت المقدس ،

قال ثم غشيتني صبابة فخررت ساجدا فناداني ربي : إني قد فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة ، وفرضتها عليك وعلى امتك ، فقم بها أنت في امتك

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : فانحدرت حتى مررت على إبراهيم فلم يسألني عن شئ حتى انتهيت إلى موسى عليه السلام فقال : ما صنعت يا محمد ؟

فقلت : قال : ربي : فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة ، وفرضتها عليك وعلى امتك ،

فقال موسى عليه السلام : يا محمد إن امتك آخر الامم وأضعفها ، وإن ربك لا يزيده شئ وإن امتك لا تستطيع أن تقوم بها ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك

ص: 263

فرجعت إلى ربي حتى انتهيت إلى سدرة المنتهى فخررت ساجدا ، ثم قلت : فرضت علي وعلى امتي خمسين صلاة ولا اطيق ذلك ولا امتي ، فخفف عني فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال :

-ارجع لا تطيق ،

فرجعت إلى ربي فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فأخبرته ، فقال :

- ارجع

وفي كل رجعة أرجع إليه أخر ساجدا حتى رجع إلى عشر صلوات ، فرجعت إلى موسى وأخبرته ، فقال :

لا تطيق ،

فرجعت إلى ربي فوضع عني خمسا ، فرجعت إلى موسى عليه السلام وأخبرته فقال : لا تطيق ،

فقلت : قد استحييت من ربي ، ولكن أصبر عليها ،

فناداني مناد كماصبرت عليها فهذه الخمس بخمسين كل صلاة بعشر ومن هم من امتك بحسنة يعملها فعملها كتبت له عشرا ، و إن لم يعمل كتبت له واحدة ، ومن هم من امتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة ، و إن لم يعملها لم أكتب عليه شيئا ؟ فقال الصادق عليه السلام : جزى الله موسى عليه السلام عن هذه الامة خيرا

فهذا تفسير قول الله : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير). (1)

ثانيا: رواية الطبري في تفسيره

425 - عن أنس بن مالك : أن مالك بن صعصعة حدثه أن نبي الله صلى الله عليه وآله حدثهم عن ليلة أسري به ، قال : بينما أنا في الحطيم ، وربما قال قتادة : في الحجر ، مضطجعا ، إذ أتاني آت ، فجعل يقول لصاحبه : الأوسط بين الثلاثة ، قال : فأتاني وقعد . قال : فقد سمعت قتادة يقول : فشق ما بين هذه إلى هذه . قال قتادة : فقلت للجارود وهو إلي جنبي : ما يعنى به ؟ قال : من ثغرة نحره إلى شعرته ، وقد سمعته يقول : من قصه إلى شعرته . قال : فاستخرج قلبي ، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا وحكمة ، فغسل قلبي ، ثم حشي ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض . قال : فقال له الجارود : هو البراق يا أبا حمزة ؟ قال أنس : نعم يقع يضع خطوه عند أقصى طرفه . قال : فحملت عليه ، فانطلق بي جبرئيل عليه السلام حتى أتى بي إلى السماء الدنيا فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرئيل عليه السلام ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجئ جاء ، قال : ففتح ، فلما خلصت فإذا فيها آدم صلى الله عليه وآله ، قال : هذا أبوك آدم ، فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالابن الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى بي إلى السماء الثانية فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرئيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وآله ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، ونعم المجئ

ص: 264


1- تفسير القمي 460 ، بحار الأنوار ج 18 ص 332 و ج 76 ص 267و ج 55 ص 51 ، وسائل الشيعة ج 17 ص 247

جاء ، قال : ففتحت ، فلما خلصت إذا يحيى وعيسى ، وهما ابنا الخالة ، قال : هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما ، قال : فسلمت عليهما ، فردا السلام ، ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء الثالثة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرئيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وآله ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، مرحبا به ، ونعم المجئ جاء ، فقال : ففتح ، فلما خلصت إذا يوسف عليه السلام ، قال : هذا يوسف فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرئيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، ونعم المجئ جاء ، قال : ففتح ، فلما خلصت إذا إدريس ، قال : هذا إدريس فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح . قال : ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرئيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وآله ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، ونعم المجئ جاء ، ففتح ، فلما خلصت فإذا هارون ، قال : هذا هارون فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبرئيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وآله ، قيل : أوقد أرسل ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ونعم المجئ جاء ، ففتح ، فلما خلصت فإذا أنا بموسى ، قال : هذا موسى فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح ، قال : فلما تجاوزت بكى ، فقيل : ما يبكيك ؟ قال : أبكي لان غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي . قال : ثم صعد حتى أتى السماء السابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرئيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وآله ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به فنعم المجئ جاء قال : ففتح فلما خلصت فإذا إبراهيم ، فقال : هذا إبراهيم أبوك عليه السلام فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه ، فرد السلام ، قال : مرحبا بالابن الصالح ، والنبي الصالح . قال : ثم رفعت إلى سدرة المنتهى ، فإذا نبقها مثل قلال هجر ، واذن أوراقها مثل آذان الفيلة ، فقلت : ما هذا يا جبرئيل ؟ قال : فهذه سدرة المنتهى ، قال : وإذا أربعة أنهار : نهران باطنان ، ونهران ظاهران ، فقلت ما هذان يا جبرئيل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات ، ثم رفع إلى البيت المعمور . قال قتادة : وحدثنا الحسين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه أري البيت المعمور يدخله كل يوم سبعين ألف ملك ثم لا يعودون فيه . ثم رجع إلى حديث أنس . قال : ثم أتيت بإناء من خمر ، وإناء من لبن ، وإناء من عسل ، قال : فأخذت اللبن قال : هذه الفطرة التي أنت عليها وأمتك . قال : ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم ، قال : فرجعت ، فمررت على موسى فقال : بم أمرت ؟ قلت : أمرت بخمسين صلاة كل يوم ، فقال : إن أمتك لا تستطيع لخمسين صلاة كل يوم ، وإني والله لقد جربت الناس من قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك عز وجل ، فسله التخفيف لامتك قال : فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال : بما أمرت ؟ قلت : بأربعين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك ، فسله التخفيف لامتك ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بما أمرت ؟ فقلت : أمرت

ص: 265

بثلاثين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع لثلاثين صلاة كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لامتك ، قال : فرجعت فوضع عني عشرا آخر فرجعت إلى موسى . فقال : بما أمرت ؟ قلت : أمرت بعشرين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع لعشرين صلاة كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك ، فسله التخفيف لامتك ، قال : فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بما أمرت ؟ قلت : أمرت بعشر صلوات كل يوم ؟ قال : إن أمتك لا تستطيع لعشر صلوات كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لامتك ، قال : فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ؟ قلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع بخمس صلوات كل يوم وإني قد خبرت الناس وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لامتك . قال : قلت : قد سألت ربي حتى استحييت ، ولكني أرضي واسلم ، فلما نفدت ناداني مناد قد أمضيت فريضتي ، وخففت عن عبادي (1).

ص: 266


1- حلية الأبرار ج 1 ص 427 ، ورواه أحمد في مسنده ج 4 / 208 مثله ومسلم في صحيحه ج 1 / 145 ح 259 وص 149 ح 264 والبخاري في صحيحه ج 5 / 66 نحوه ، والبغوي في مصابيح السنة ج 4 / 76 ح 4577

مسك الختام

اللهم صل على السراج الوهاج والغيث الثجاج المكرم ليلة المعراج الداعي الى أفضل شرع ومنهاج ،

وصل على سيد العرب وحايز الفخر والحسب والهزبر الاغلب والاغر المهذب ،

وصل على سليلة المصطفى وحليلة المرتضى ابنة رسول رب الارض والسماء سيدة النساء فاطمة الزهراء ،

وصل على الحجة النبوي العلوي الفاطمي الامام الرضي الحسن بن علي ،

وصل على السيد الرشيد الفارس الصنديد ذى البأس الشديد الحسين الشهيد ،

وصل على زين العباد وفخر الزهاد وأمان أهل البلاد المعروف بالسجاد ،

وصل على محي سنن الاوصياء المصطفى بالنفس والاباء المرتضى للابتداء والانتهاء باقر علم الانبياء ،

وصلى على النور المشرق والشجاع المطرق والعسل المروق والكوكب المتألق أبي عبد الله جعفر الصادق ،

وصل على الامام المطهر والليث الغضنفر السيد على البشر أبي الحسن موسى بن جعفر ،

وصل على الطور الاشم والبحر الخضم السيد المحترم إمام العرب والعجم علي بن موسى المعظم ،

وصل على الامام الوفي والبطل الكمي ذى الحسب العلي محمد بن علي التقي ،

وصل على العالم المؤيد والامام المسدد المعصوم المجرد علي بن محمد ،

وصلى على السراج المضي والشرف العلي الامام الزكي الحسن العسكري ،

وصل على الامام الحاكم العامل العالم الثاير المنتقم الحجة القائم .

بحمد الله تم الكتاب وببركة محمد واله الاطياب

عبد الرسول زين الدين

ص: 267

المصادر

1- إثبات الهداة ، محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ، ت 1104 ه ، دار الكتب الإسلاميّة - طهران ، 1399 ه .

2- إثبات الوصيّة ، عليّ بن الحسين المسعوديّ ، ت 346 ، مكتبة بصيرتي

3- الاحتجاج ، أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطّبرسيّ ، ت 580 ه ، نشر المرتضى - مشهد 1403 ه .

5- الاختصاص ، محمّد بن محمّد بن النعمان (الشيخ المفيد) ، ت 413 ه ، جماعة المدرّسين - قم .

6- الإرشاد ، محمّد بن محمّد بن النعمان (الشيخ المفيد) ، ت 413 ه ، مكتبة بصيرتي - قم .

7 - إرشاد القلوب ، أبو محمّد الحسن بن محمّد الديلميّ ، القرن 8 ه ، منشورات الشّريف الرضىّ - قم .

8- الاستبصار ، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ ، ت 460 ه ، دار الكتاب الإسلاميّة - طهران .

9 - أعلام الدّين ، أبو محمّد الحسن بن محمّد الديلميّ ، قرن 8 ه ، مؤسّسة آل البيت - بيروت ، 1409 ه .

10 - أعلام الورى ، أمين الدّين الفضل بن الحسن الطبرسيّ ، 460 ه . .

11 - إقبال الأعمال ، رضى الدّين أبو القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس ، ت 664 أو 668 ه ، دار الكتب الإسلاميّة - طهران .

12- الأمالي ، الشّيخ الصّدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ ، ت 381 ه ، مؤسّسة الأعلميّ - بيروت ، 1400 ه .

13 - الأمالي ، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ ، ت 460 ه ، دار الثّقافة - قم .

14 - الأمالي ، محمّد بن محمّد بن النعمان (الشيخ المفيد) ، ت 413 ه ، جماعة المدرّسين - قم ، 1403 ه .

15 - الإيقاظ من الهجعة ، الشّيخ محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ ، ت 1104 ه ، دار الكتب العلميّة - قم .

16 - بحار الأنوار ، محمّد باقر المجلسيّ ، ت 1111 ه ، المكتبة الإسلاميّة - طهران ، 1363 ش .

17- بصائر الدّرجات ، أبو جعفر محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار القميّ ، ت 290 ه ، مكتبة آية الله المرعشي النجفيّ - قم ، 1404 ه .

18- تحف العقول ، أبو محمّد الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّانيّ ، قرن 4 ه ، منشورات الشّريف الرضىّ - قم ، 1380 ه .

19 - تفسير الإمام العسكريّ ، أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ (عليهم السلام) ، مدرسة الإمام المهدىّ - قم ، 1409 ه .

20 - تفسير البرهان ، السيّد هاشم الحسينيّ البحرانيّ ، ت 1107 أو 1109 ه ، مؤسّسة مطبوعات إسماعيليان - قم .

21 - تفسير العياشيّ ، أبو نصر محمّد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقنديّ (العياشيّ) ، المكتبة العلميّة الإسلاميّة .

ص: 268

22- تفسير فرات الكوفيّ ، أبو القاسم فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفيّ ، مؤسّسة الطبع والنّشر - طهران ، 1410 ه .

23 - تفسير القميّ ، عليّ بن إبراهيم القميّ القرن 3 - 4 ، مؤسّسة دار الكتاب للطّباعة والنّشر - قم .

24 - تفسير كنز الدقائق ، الميرزا محمّد المشهديّ ، ت 1125 ه ، جماعة المدرّسين - قم ، 1410 ه .

25- تفسير مجمع البيان ، أبو عليّ الفضل بن الحسن الطّبرسيّ ، القرن 6 ه ، دار المعرفة - بيروت ، 1408 ه .

26 - تنبيه الخواطر ونزهة النّواظر (مجموعه ورّام) ، أبو الحسين ورام بن أبي فراس المالكيّ الأشتريّ ، ت 605 ه ، مكتبة الفقيه - قم .

27 - التوحيد ، الشّيخ الصّدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ ، ت 381 ه ، مكتبة الصّدوق - طهران ، 1398 ه .

28 - التهذيب ، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ ، ت 460 ه ، دار صعب - بيروت .

29 - الثاقب في المناقب ، عماد الدّين أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسيّ المعروف بابن حمزه ، القرن 6 ه ، مؤسّسة أنصاريان - قم ، 1412 ه .

30 - ثواب الأعمال وعقاب الأعمال ، الشّيخ الصّدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ ، ت 381 ه ، مكتبة الصّدوق - طهران ، 1361 ش .

31 - جامع أحاديث الشّيعة ، بإشراف آية الله السيد حسين الطباطبائيّ البروجرديّ ، المطبعة العلميّة - قم ، 1400 ه .

32 - جامع الأخبار ، محمّد بن محمّد السبزواريّ ، القرن 7 ، مؤسّسة آل البيت - قم ، 1414 ه .

34 - الجعفريّات والأشعثّيات ، محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفيّ ، طبع في ضمن قرب الأسناد ، الطبع الجمريّ .

35 - جمال الأسبوع ، السّيد عليّ بن موسى بن طاووس ، ت 664 ، مؤسّسة الآفاق ، 1371 ه ش .

36 - الخصال ، الشّيخ الصّدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ ، ت 381 ه ، جماعة المدرّسين - قم ، 1362 ه .

37 - الخرائج والجرائح ، أبو الحسين سعيد بن هبة الله (قطب الدّين الراونديّ) ، ت 573 ه ، مؤسّسة الإمام المهدىّ - قم ، 1409 ه .

38 - دعائم الإسلام ، أبو حنيفة النّعمان بن محمّد التميميّ المغربيّ ، ت 363 ه ، دار الأضواء - بيروت ، 1411 ه .

39 - الدّعوات ، أبو الحسين سعيد بن هبة الله (قطب الدّين الراونديّ) ، ت 573 ه ، مدرسة الإمام المهدىّ - قم ، 1407 ه .

40 - دلائل الإمامة ، أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطّبريّ ، القرن 4 ه ، المطبعة الحيدريّة - نجف ، 1383 ه ومؤسّسة البعثة - قم 1413 ه .

41 - الدّروع الواقية ، السّيد عليّ موسى ابن طاووس ت 644 ، مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام) 1414 ه - قم .

ص: 269

42 - رجال الكشّىّ ، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطّوسيّ ، ت 460 ه مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام) 1414 .

43 - روضة الواعظين ، محمّد بن الفتال النيسابوريّ ، ت 508 ه ، منشورات الشّريف الرضىّ - قم ، 1368 ش .

44 - زاد المعاد ، محمّد باقر المجلسيّ ، ت 1111 .

45 - سفينة البحار ، الشّيخ عبّاس القميّ ، ت 1359 ه ق ، دار التّعارف - بيروت .

46 - شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ، ت 656 ه ، المكتبة العلميّة - قم ، ودار احياء التّراث العربيّ ، بيروت .

47- الصراط المستقيم ، عليّ بن يونس العامليّ ، ت 877 ، المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفرية ، 1384 .

48 - طبّ الأئمّة ، أبو عتاب عبد الله بن سابور الزيّات والحسين ابني بسطام النيسابوريّين ، المكتبة الحيدريّة - النجف ، 1385 ه .

49- عدّة الداعي ونجاح الساعي ، أحمد بن فهد الحلّيّ ، ت 841 ه ، مكتبة وجداني ، قم 1392 ه .

50 - علل الشّرايع ، الشّيخ الصّدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ ، ت 381 ه ، مطبعة الحيدريّة - النجف ، 1385 ه .

51 - العوالم ، الشّيخ عبد الله بن نور الله البحرانيّ الإصفهانيّ ، القرن 12 ه ، مدرسة الإمام المهديّ - قم ، 1407 ه .

52 - غوالي اللّئاليّ ، محمّد بن عليّ بن إبراهيم الإحسائيّ (ابن أبي جمهور) ، مطبعة سيّد الشّهداء - قم .

53 - عيون أخبار الرّضا ، الشّيخ الصّدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ ، ت 381 ه ، مؤسّسة الأعلميّ - بيروت .

54 - عيون المعجزات ، الشّيخ حسين بن عبد الوّهاب ، القرن 5 ه ، منشورات الشّريف الرضيّ - قم ، 1414 ه .

55 - غاية المرام ، السيّد هاشم البحرانيّ ، ت 1107 أو 1109 ه ، نشر المعارف الإسلامي .

56 - الغدير ، الشّيخ عبد الحسين أحمد الأمينّي النجفيّ ، دار الكتب الإسلاميّة - طهران ، 1366 ش .

57 - الغيبة ، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطّوسيّ ، ت 460 ه ، مكتبة نينوى - طهران .

58- الغيبة ، ابن أبي زينب محمّد بن إبراهيم النّعمانيّ ، القرن 4 ه ، مكتبة الصّدوق - تهران .

59- قرب الأسناد ، أبو العبّاس عبد الله بن جعفر الحميريّ ، القرن 3 ه ، مؤسّسة آل البيت - قم ، 1413 ه .

60 - الكافي ، ثقّة الإسلام أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكلينيّ الرّازيّ ، ت 328 أو 329 ه ، دار النّشر الإسلاميّ - طهران .

61 - كامل الزّيارات ، أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ، ت 367 ه ، مكتبة المرتضويّة - النجف ، 1356 ه .

62- كتاب سليم بن قيس ، سليم بن قيس الكوفيّ ، ت 90 ه ، دار الفنون - بيروت .

ص: 270

63 - كنز الفوائد ، أبو الفتح محمّد بن عليّ الكراجكيّ ، ت 449 ه ، مكتبة المصطفويّ - قم ، 1369 ش .

64 - كشف الغمّة ، أبو الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الأربليّ ، ت 693 ه ، مكتبة بنى هاشم - تبريز ، 1381 ه .

65 - كشف اليقين ، العلاّمة جمال الدّين الحسن بن يوسف الحلّيّ ، ت 726 ه ، مجمع إحياء الثقّافة الإسلاميّة ، 1413 .

66 - كفاية الأثر ، أبو القاسم عليّ بن محمّد بن عليّ الخزاز القميّ الرازيّ ، القرن 4 ه ، انتشارات مكتبة بيدار - قم ، 1401 ه .

67 - كفاية الطالب ، أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد القرشيّ الكنجيّ الشافعيّ ، ت 658 ه ، مطبعة الغري - النجف ، 1356 ه .

68 - كمال الدّين ، الشّيخ الصّدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ ، ت 381 ه ، دار الكتب الإسلاميّة - طهران ، 1359 ه .

69 - مأة منقبة ، ابن شاذان ، القرن 5 ، انصاريان ، قم 1413 ه .

70 - مجمع البيان ، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ، القرن 6 ه ، دار المعرفة - بيروت ، 1408 ه .

71- المجموع ، محيى الدّين بن شرف النوويّ ، دار الفكر - بيروت .

72 - المحاسن ، أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ ، ت 274 أو 280 ه ، مجمع العالميّ لأهل البيت - قم ، 1413 ه .

73 - مختصر بصائر الدرجات ، حسن بن سليمان الحلّيّ ، القرن 9 ، نشر الرّسول المصطفى .

74 - مدينة المعاجز ، السيّد هاشم البحرانيّ ، القرن 12 ، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة - قم ، 1414 ه .

75- مسائل عليّ بن جعفر ، عليّ بن جعفر (عليه السلام) ، ت 230 ه ، المؤتمر العالميّ للإمام الرّضا - مشهد ، 1409 ه .

76 - مستدرك الوسائل ، ميرزا حسين النوريّ الطّبرسيّ ، ت 1320 ه ، مؤسّسة آل البيت - قم ، 1407 ه .

77 - مصباح المتهجّد ، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطّوسيّ ، ت 460 ه ، فقه الشّيعة - بيروت ، 1411 ه .

78 - معاني الأخبار ، الشّيخ الصّدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ ، ت 381 ه ، دار الكتب الإسلاميّة - تهران ، 1361 ش .

79 - المفيد في ذكري السبط الشهيد ، عبد الحسين إبراهيم العامليّ ، مؤسّسة الأعلميّ - بيروت ، 1389 ه .

80 - مقتضب الأثر في النص على الأئمّة الإثنى عشر ، ابن عبّاس ، ت 401 ه ، المطبعة العلوية - النجف الأشرف .

81 - مكارم الأخلاق ، رضى الدّين أبي نصير الحسن بن فضل الطّبرسيّ ، القرن 6 ه ، دار البلاغة - بيروت ، 1411 ه .

82 - مناقب آل أبي طالب ، أبو جعفر رشيد الدّين محمّد بن عليّ بن شهرآشوب السرويّ المازندرانيّ ، ت 588 ه ، انتشارات العلاّمة - قم .

ص: 271

83- مناقب عليّ بن أبي طالب ، ابن المغازليّ ، ت 483 ه ، المكتبة الإسلاميّة ، طهران 1403 .

84- المنتخب ، فخر الدّين الطريحيّ النجفيّ ، ت 1085 ه ، منشورات الشّريف الرضيّ - قم ، 1413 ه .

85 - منتخب البصائر ، حسن بن سليمان الحلّيّ ، القرن 9 ه ، انتشارات الرّسول المصطفى - قم .

86- من لا يحضره الفقيه ، الشّيخ الصّدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ ، ت 381 ه ، مؤسّسة الأعلميّ - بيروت ، وجماعة المدرّسين - قم .

87- مهج الدّعوات ، رضيّ الدّين أبو القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس ، ت 664 ه ، دار الذخائر - قم ، 1411 ه .

88 - المواعظ ، الشّيخ الصّدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ ، ت 381 ه ، انتشارات هجرت - قم .

89 - ميزان الحكمة ، محمّد محمّدي رى شهري ، مكتب الأعلام الإسلاميّ - قم ، 1403 ه .

90 - نزهة النّاظر وتنبيه الخاطر ، الحسين بن محمّد بن الحسن بن نصر الحلوانيّ ، القرن 5 ه ، مؤسّسة الإمام المهديّ - قم ، 1408 ه .

91- نور الثقلين ، الشّيخ عبد عليّ بن جمعة العروسيّ الحويزيّ ، ت 1112 ه ، مؤسّسة مطبوعات إسماعيليان – قم

92 - وسائل الشّيعة ، محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ ، ت 1104 ه ، دار إحياء التّراث - بيروت ، 1403 ه ، والمكتبة الإسلامية - طهران ، 1403 ه .

93 - ينابيع المودة ، سليمان بن إبراهيم القندوزيّ ، المكتبة الحيدريّة - نجف ، 1411 ه .

ص: 272

الفهرس

الفصل الاول

مسائل اولية حول المعراج

تاريخ المعراج

من عقيدتنا الاقرار بالمعراج

علة المعراج

كم مرة عرج برسول الله

معراج قبل الغدير بايام

مدة مسيره بالمعراج

مبدء انطلاقه للمعراج

عروج مع البعثة

اين صار القميص الذي اسرى به

اختلاف فرق الاسلام في المعراج

افتخار اهل البيت بفضيلة المعراج

وأسرى بي إليه

ابليس والاسراء

الفصل الثاني

صفة البراق

له جناحان من خلفه

فاستصعب عليه

جبريل يلطم البراق

فوق الحمار ودون البغل

ويسمى برقة

تسخير البراق

وجهها مثل وجه آدمي ،

أسكن فما ركبك نبي قبلي ولا يركبك نبي بعدي

مضطرب الاذنين عيناه في حوافره

مركوبه يوم القيامة

من دواب الجنة

أحسن الدواب لونا

تسمع الكلام وتفهمه

يكنى أبا هلال

يركبه الامام المهدي عليه السلام

الفصل الثالث

ص: 273

طي المنازل في الاسراء

انطلق من الابطح

الاسراء الى السماء مباشرة

معرفة البيت المقدس

والنجم إذا هوى

فزيد له في النهار ساعة

عروج من كربلاء

وعد الهي لاهل السماء بزيارة النبي لهم

مرور بابة

اسراء الى كربلاء

سلم من ذهب قوائمه من فضة

سرى داعيا

ريحا مثل ريح المسك الأذفر

السير في السماء

المرور بقم وطرد ابليس منها

المرور بالكوفة

في السهلة

مدة مسيره بالمعراج

الفصل الرابع

سير في السماوات

رأيت ليلة المعراج ، لوحين

ثم مضى من سماء الى سماء

الوان من العقوبات مختلفة

في سماء الدنيا

في السماء الثانية

في السماء الثالثة

في السماء الرابعة

في السماء الخامسة

في السماء السادسة

في السماء السابعة

عند سدرة المنتهى

ملك موكل يحرس السماء يقال له إسماعيل

مواقع الانبياء في السماوات

لقاء يوسف عليه السلام

سبقني علي إلى السماء الرابعة

ماشطة آل فرعون وأولادها

ص: 274

لقاء الانبياء

السماوات مشحونة بكرام ملائكة الله

هاتف من السماوات

ديك ملكوتي في السماء الرابعة

جبرائيل ينسب النبي لاهل السماء

على ابواب السماء

قبة علي عليه السلام

بكاء الكروبين في السماء الرابعة

الورد من عرق النبي ليلة المعراج

سير في السماوات

السير في السماء الدنيا

المرور بالسماوات

قصور علي في السماوات

قصور الذاكرين في السماوات

الكتابة على السماوات

اسطوانة الدين

فزج بي في النور زجة

عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من النار

الفصل الخامس

مشاهدة احوال الملائكة

ملك القطر واحصاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله

ملائكة لا تعلم شيئا غير الطاعة

ملائكة في سوق

جنود الملائكة

ملك على صورة علي

رأى جبرئيل وله ستمائة جناح

ملك اسمه علي ساجد تحت العرش

يزوره كل يوم سبعون ألف ملك

مر أمتك بالحجامة

الملائكة يقسمون على الله بعلي لقضاء حوائجهم

جاوزت الكروبيين والملائكة الصافين

جبرئيل في محفل من الملائكة

ملائكة يقال لهم الأوابون

كلمات تعلمها من جبرائيل

لقاء مع خازن النار

ملك الموت مشغول في قبض الأرواح

لقاء بملك الموت

ص: 275

مع دردائيل

ملكا نصفه من نار ونصفه من ثلج

بكاء جبرائيل

عزرائيل يسال عن علي

سلام الملائكة على علي

ملك بصورة علي

قراءة الملائكة للقران

مفارقة جبرائيل له

وقف النبي موقفا ما وقفه ملك قط

ملك من وراء الحجاب يؤذن

الفصل السادس

الدخول الى الجنة والنار

اولا: الجنة

غرفا في أعلى الجنة

قصور المصلين الصلوات الخمس

قصر فاطمة في الجنة

طيبة التربة ، عذبة الماء

ما مررت بباب من أبواب الجنة إلا ورأيت مكتوبا

اطفال الشيعة في كفالة ابراهيم

لا حول ولا قوة إلا بالله غرس الجنة

في وسطها قصرا من ياقوتة حمراء

جارية من جواري علي بن أبي طالب

قصر من لؤلؤ فراشه من ذهب

سبعين ألف مدينة

باب قراء اية شهد الله

خلقت جنة عدن بيدي

نهر في الجنة

مكتوب على ستور ابواب الجنة

قصري الحسنين

شجرة الحسنين

على اوراق شجرة الفردوس

حور يسلمن على النبي

مساكن الشيعة

رائحة الجنة

ما مكتوب على الجنة

على أوراق شجرة الجنة

ص: 276

اصل فاطمة من الجنة

فاطمة ثمرة من الجنة

سير في الجنة

نفقة بناء الجنة

قيعان الجنة

قصر من ياقوت احمر

الراضية المرضية

شجرة من نور في الجنة

شجرة تحمل الحلي والحلل

قصر للامام الحسن عليه السلام

ثانيا : النار

عقاب الذين يأكلون لحوم الناس

عقاب الذين ينامون عن صلاة العشاء

عقاب الذين يأكلون الربا

عقاب الذين يغتابون الناس

عقاب الخطباء

عقاب الذين يامرون بالخير ولا ياتوه

الوان من العذاب

عذاب النساء في الاخرة

الوان من العقوبات مختلفة

قوم لهم مشافر كمشافر الابل

ما كتب على ابواب النيران والجنان

ان النبي دخل الجنة ورأي النار

الفصل السابع

شجرة طوبى وسدرة المنتهى والحجب

اولا :سدرة المنتهى

فإذا ورقها مثل اذان الفيلة

وهبت منها ريح

الورقة منها تظل الدنيا

تشتاق إلى علي بن أبي طالب

ثمار قضبانها ثداء معلقة يقطر من بعضها اللبن

عندها فارقه جبرائيل

المناجاة عند ها

ثانيا :شجرة طوبى

هي سدرة المنتهى

ص: 277

اصلها في دار النبي و علي صلوات الله عليهما

فركة من شجرة طوبى

كلام شجرة طوبى

فاطمة عليها السلام من ثمارها

رائحة طوبى

كل ورقة منها تغطي الدنيا وما فيها

مر بي جبرئيل على شجرة طوبى

ثالثا : الحجب

من السدرة إلى حجب النور

حتى انتهى إلى الحجب

قطع سبعة حجب

دخلت سبعين ألف حجاب

سرى بي إلى حجب النور

حتى صرت إلى حجاب ربي

عبور نهر النور

فأوحى إلي من وراء الحجاب

رابعا : البيت المعمور

الصلا ة بالنبيين

خامسا : العرش

رحما معلقة بالعرش

تعلقت بساق العرش

مسطور بخط جلي حول العرش

الفصل الثامن

الصلاة المعراجية

الوضوء من عين صاد

فرض الاذان

فرض الاذان في المعراج

تفسير الاذان

ائتمام جميع اهل العوالم بالنبي

اول صلاة فرضها الله عليه صلاة الظهر يوم الجمعة

صلى العشاء في السماء و الفجر بمكة

الوصف الشامل للوضوء والصلاة وفيه العلل الباطنية

علة التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات

نزل بالصلاة عشر ركعات

ملاقاة موسى وتخفيف الصلاة

ص: 278

الفصل التاسع

شهود مقامات اهل البيت في المعراج

اولا : مقام سيد الوصيين

علم عليا كل ما اسري به

اسم علي في اربع مواطن

غدير خم في المعراج

بيان اصل خلق علي

السؤال عن علي

سلام الملائكة على علي

الاخبار عن مقام علي

سوال الانبياء على م بعثوا

تكليم علي من السماء

حوار في شان علي

تعين الولاية لعلي

امير المؤمنين كان الرفيق في المعراج

صناديق كتب فضائل علي بن أبي طالب

عهد إلى ربي في علي كلمات

ثانيا : فاطمة الزهراء

وهبت لابنتك اسما من أسمائي

زواج الزهراء في السماء

تفاحة خلقها الله بيده منذ ثلاثمائة ألف عام

ثالثا : مجموعهم عليهم السلام

الجنان تنادي : واشوقاه إلى علي وفاطمة

أساميهم مكتوبة على ساق العرش بالنور

محمد الشجرة ، وعلي غصنها ، وفاطمة ورقها والحسن والحسين ثمرها

أنوار الأئمة من ذريتهم

آمن الرسول بما انزل إليه من ربه

اهل البيت عن يمين العرش

تعين الائمة وتسميتهم

رابعا : القائم المهدي

هؤلاء الأئمة وهذا القائم

الاخبار عن المهدي عليه السلام

تعين وتسمية الامام المهدي

خامسا : بقية اصحاب الال

ص: 279

نور ابي طالب

ابو طالب والمعراج

تحية من جبرائيل لخديجة

زيد بن حارثة

الفصل العاشر

لقاء الله مناجاة وتكريم

اولا : لقاء الله

وضع الله بظهري يده

ارفع الحجاب

الاطلاع على اللوح المحفوظ

كقاب قوسين أو أدنى

لم يكن بيني وبين ربي ملك مقرب ولا نبي مرسل

وطئ موطأ لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل

ما شك ولا سأل

وحي مشافهة

اشتياق الى علي

راى من ايات ربه الكبرى

إني اصطفيتك لنفسي وانتجبتك لرسالتي

الله أمرني أن أو أخيك وأزوجك بفاطمة

من خلفت على أمتك ؟

لولا علي لم يعرف حزبي

غفرت للمتمتعين

اعطيتك كلمتين من خزائن عرشي

يا رب ما حال المؤمن عندك ؟

شرح هذا الحديث الشريف

اثنى عشر اسما مكتوبا بالنور

مثل لي أمتي بالطين

هذه نسبتك ونسبة أهل بيتك

عرض الولاية على الموجودات

اعلى المقامات

واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا

مناجاة خاصة

صحيفة اصحاب اليمين والشمال

كلام الرب بلغة علي

امير المؤمنين كان حاضرا

الله يصلي

ص: 280

ثم دنى ثم دنى الف مرة

التكريم

أوحى إلي من وراء الحجاب

أراه الله من نور عظمته ما أحب

ابتلاء النبي بثلاث

ما سمعت شيئا قط هو أحلى من كلام ربي

لم يكن بينه وبينه إلا قفص من لؤلؤ

مناجاة المعراج

الفصل الحادي عشر

أدعية السر القدسية

سر رسول الله صلى الله عليه وآله

لمن عمل كبيرة

لمن كثرت ذنوبه

لمن كان كافرا وأراد التوبة

لمن كثرت همومه

لمن نزلت به قارعة

لمن نزلت به مصيبة

لمن خاف شيئا دوني

.لمن خاف شيئا مما في الارض

لمن خاف مما في الارض جانا أو شيطانا

لمن خاف سلطانا

لمن أراد طلب حاجة

لمن هم بأمرين فأحب أن يختار

لمن أصابه معاريض بلاء

لمن نزل به القحط

لمن أراد الخروج من أهله لحاجة أو سفر

لمن أراد ألا يحول بين دعائه وبيني حائل

لمن أراد طلب شئ من الخير

لمن أراد المعافاة من الغل والحسد

لمن كانت له حاجة سرا

لمن اراد علم

لمن أحب البركة والرضوان

لمن أراد الحفظ والكلائة

لمن أحب أن يكون معافى من السحر

لمن أراد تقبل الفرائض والنوافل منه

لمن همه دين

ص: 281

لمن أصابه ترويع

للذين يريدون التقرب إلى الله

لمن أراد ألا يكون لاحد عليه سلطان

لمن أراد أن تربح تجارته

لمن أراد الامان من بليتى

لمن كان غائبا فأحب أن أؤدية سالما

لمن أراد أن أرفع صلاته مضاعفة

دعاء المعراج مكتوب على حجاب القدرة

دعاء القدح

دعاء على لوح من نور

قولا أقوله إذا أصبحت وأمسيت

الفصل الثاني عشر

ألوان من العروج

اولا : معارج ال محمد صلى الله عليهم

عرج بعلي عليه السلام الى السماء

بيوت ال محمد معراج الوحي

أسري برجل من ال محمد

في القبر أم أسري به إلى السماء

مايعرج على ايدي ال محمد

عروج ال محمد كل ليلة جمعة

ثانيا : عروج الملائكة الى السماء

هبوط جبرائيل وعروجه

عروج صلصائيل

عروج ملك غضب عليه رب العزة

معراج الملائكة من قبر الحسين عليه السلام

ملك لبث في الأرض دهرا طويلا ثم عرج

عروج رضوان خازن الجنان

الملكان الموكلان بالمؤمن وعروجهما

عروج جام وكلامه

ثالثا عروج الارواح

إذا نام الانسان عرج بنفسه للعرش

ما من عبد ينام إلا عرج بروحه

الى الله تعرج المعارج

عروج عيسى عليه السلام

المخالفين يطلبون من الامام ان يعرج اليهم

ص: 282

لقاء بين موسى وادم

الفصل الثالث عشر

دفع الشكوك وابطال الاوهام

اولا : انكار المشركين لمعراج النبي صلى الله عليه وآله

اخبارهم عن عير قريش

أين السائل عن الشام ؟

زعم أنك أتيت بين المقدس ورجعت من ليلتك

ثانيا :الموضوعات في المعراج

رأى على العرش أبو بكر الصديق

حورية للخليفة عثمان

خيول لمحبي عمر وابي بكر

وقد شاء الله أبا بكر

عائشة ومعاوية وافتراءات في معنى المعراج

يهودي معترض

معراج باطل

الفصل الرابع عشر

خلاصة قصة المعراج

اولا : الرواية عن اهل البيت

ثانيا : رواية الطبري في تفسيره

مسك الختام

المصادر

الفهارس

ص: 283

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.