تراث کربلاء

هوية الکتاب

تراث کربلاء

الطبعة الثانية

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف والناشر

1403 ه - 1983 م

سلمان هادي آل طعمة

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

الطبعة الثانية

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف والناشر

1403 ه - 1983 م

ص: 4

الصورة

ص: 5

الإهدَاء

إلى القابسين من أنوار الفضيلة ، و الوار دين حياض البذل والفداء .

إلى الواجفة قلوبهم ، والواكفة مدامعهم ، والمتفطرة أكبادهم .

إلى زوار قبر أبي الشهداء الإمام الحسين بن علي علیه السلام .

أهدي هذه السطور جهداً متواضعاً في سلسلة الجهود المبذولة للتعريف بتاریخ هذه المدينة المقدسة .

سلمان هادي آل طعمة

ص: 6

الصورة

ص: 7

تراث کربلاء

هذه أضمامة عطرة تفضل بها الشاعر المبدع السيد مرتضى الوهاب مؤرخاً صدور الطبعة الأولى من الكتاب .

أضاء للناظر برق فجلا *** ما قد توارى من فخار وعلا

وما حواه الطف في كنوزه *** من أدب مروق يحي الطلا

وانكشفت آثار ما شيده *** عباقر الفن لنا من الألي

أظهره (سلان ) بعد غيبة *** كادت بأن تأتي عليه فانجلى

فإن أهل البيت - وهو منهم - *** أدرى بما في بيتهم مفصلا

بسعيهِ وفنهِ وجهدهِ *** أرخنه ( يحيا تراث کربلا )

29 1101 253

1383 ه

کربلاء

مرتضى السيد محمد الوهاب

ص: 8

كلمة حجة الاسلام الشيخ آغا بزرك الطهراني

أتحفنا البحاثة القدر ، المؤرخ الكبير حجة الإسلام العلامة الشيخ محمد محسن الشهير باغا بزرك الطهراني صاحب موسوعة ( الذريعة ) بهذه الكلية القيمة .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلی الله علیه وآله و سلم خاتم النبيين وعلى أوصيائه الإثني عشر الأئمة المعصومين علیهم السلام من الآن إلى قيام يوم الدين.

وبعد ، فقد سرحت النظر عابراً بالنظرة العجلى هذا السفر النفيس الذي هو ( تراث کربلاء ) فوجدته اسماً طابق المسمي لاحتوائه على ما لم يبحث عنه المتقدمون عليه من مؤلفي تواریخ کربلاء ، كيف وقد أبرزه إلى الوجود يراع الفاضل البارع الشاب اللبيب فضيلة السيد سلمان آل طعمة الحائري أداء لبعض

حقوق وطنه و مسقط رأسه ، فاعرضنا عن الثناء عليه واكتفينا بالدعاء له بالتوفيق والتأييد لاخراج أمثال هذا السفر الشريف ، ووفق أقرانه لاتباعه بإجراء قلهم النزيه النظيف في هذه المواضيع ليجزيهم الله جزاء المحسنين .

حررته بيدي المرتعشة في مكتبتي العامة في النجف الأشرف يوم الجمعة المطابقة الأول الحمل من السنة الشمسية الخامس من شهر ذي القعدة الحرام عام ثلاثة وثمانين والف وأنا الفاني الشهير بآغا بزرك الطهراني.

ص: 9

كلمة حجة الاسلام الأصفهاني الحائري

تكرم علينا حجة الإسلام الفيلسوف الكبير الحاج الشيخ محمد رضا الأصفهاني

الحائري بكلمة بليغة عبر فيها عن انطباعاته لهذا الكتاب .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله كله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله صلی الله علیه وآله و سلم وعلى آله علیهم السلام آل الله .

وبعد : أن من أسباب فضيلة الكلام أن يكون الكلام في موضوع ذي فضل ولما كانت کربلاء من أفضل بقاع الدنيا ، فالتكلم في تاريخه من أفضل الكلام في التواريخ ، وقد تكلم جماعة في تاريخ هذا البلد المقدس ، ولكني ما رأيت تلك التواريخ ، وإنما رأیت تاریخ ( تراث کربلاء ) الذي ألفه الفاضل الشاب اللبيب والمهذب البارع الأديب السيد سلمان بن السيد هادي بن السيد محمد مهدي آل طعمة سلمه الله تعالى ، فوجدته في هذا الموضوع مؤلفاً جامعاً مشتملاً على كثير من الخصوصيات ، فقد تعرض لذ کر عامري هذا البلد المبارك من العلماء والسادات والسلاطين وغيرهم ولبيان بعض خصوصيات الروضتين المقدستين روضة سيدنا الحسين علیه السلام وأخيه أبي الفضل العباس علیه السلام ولكثير من البقاع كبقعة السيد ابراهيم المجاب وبقعة حبیب بن مظاهر وبقعة الحر بن یزید الرياحي وغيرها والكثير من المدارس الدينية والمساجد والحسينيات والكثير من المكتبات العامة

ص: 10

والخاصة ولذكر كثير من أعاظم العلماء والأساطين و بعض مصنفاتهم، ولجماعة من الأدباء والشعراء وبعض طرائف أشعارهم . وفي الحقيقة یعد هذا من كتب التواريخ والتراجم والمعاجم والأنساب و الأدبيات . وقد أتعب نفسه وصرف عمره وبذل مجهوده في جميع ما في هذا الكتاب من المصادر المتفرقة والموارد المتشتته ، فلله دره وعلى الله بره ، فليقدر مجهوده ويشكر سعيه ويعرف قدره . وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل سعيه هذا شرفاً لدنياه و ذخيرة لعقباه وأن يحشرنا وإياه مع مشرف هذه البلدة المقدسة وجده وأبيه وأمه وأخيه والأئمة من ذريته وبنيه يحاههم وحر مهم فإنه أرحم الراحمين .

حرره أحوج المربوبین إلى رحمة ربه الغني محمد رضا بن محمد التقي الأصبهاني يوم العشرين من ذي القعدة الحرام سنة 1383 ه من الهجرة المباركة في كربلاء المعلى .

ص: 11

كلمة البحاثة الكبير السيد حسن الامين

كربلاء المدينة المقدسة ذات التاريخ الحافل، بحاجة إلى التعريف بها والتنويه بشأنها بصورة تتفق مع مكانتها في الماضي والحاضر . وهذا ما قام به فريق من محققي هذه المدينة فألفوا عدة كتب تؤرخ لها وتدل عليها ، ومع ذلك فقد ظلت جوانب كثيرة منها بحاجة إلى تخصيصها بالعديد من البحوث والدراسات .

فكربلاء منذ اليوم الذي حل فيها ركب الحسين ، وصمم على الصمود في وجه الطغيان ونفذ تصمیمه ، فغدت بذلك محجة للقلوب تهوي اليها من كل مكان . وأصبحت ملتقى للألوف ينزلونها من كل فج عميق مستوحين من ذکری صاحب القبر أسمى معاني الرجولة والبسالة والشمم ، و مستلهمين من روعة المكان أرفع مبادىء التحرر والتمرد على الطغيان والاستبداد .

ان کربلاء منذ ذلك اليوم حظيت بعناية المنقبين والباحثين و الناثرین و الشاعرين وكانت بذلك جديرة ، وظلت الأقلام تتعاقب على ذكرها من عصر إلى عصر حق هذا العصر . فكان بين أيدينا من ذلك ذخيرة ثمينة . وتشاء الأقدار لها أن تكون إلى جانب ما حظيت به من قداسة وتكريم ، وما قام فيها من مشاهد ومراقد ، أن تكون مبعثاً لنهضات علمية وفكرية وأدبية وسياسية . فقد جاء وقت كانت فيه مدرسة الشيعة الكبرى ومقر كبار مجتهدیهم المدرسين المفتين . كما أنها لم تخل في كل عصر من حلقات علمية واسعة ومناهج تدريسية

ص: 12

مطبقة ، فنبغ فيها العديد من رجال الفكر والقلم ، وشهدت الكثير من العلماء والشعراء ، كما شيدت فيها المعاهد والمدارس. كما كانت مصدراً لعدد من الحركات السياسية والثورات الوطنية . وقد كان كل ذلك داعياً لأن لا يكتفي بالوقوف عند حد معين من الكتابة والتأليف فيها ، على كثرة ما كتب والف . ومن هنا نهض واحد من أدبائها الأكفاء فأخذ على نفسه خدمة بلده خدمة خالدة والوفاء لها وفاء دائماً فألف الكتاب الذي أسماه ( تراث کربلاء ) ذاك هو الأستاذ السيد سلمان هادي الطعمة الذي كتب كتابه مستهدفاً إحياء تراث کربلاء من جميع جوانب هذا التراث وطبع الكتاب طبعته الأولى ولقي ما يستحقه من الرواج والإقبال عليه حق نفذت الطبعة الأولى فعزم على إعادة طبعه مضيفاً اليه ما فاته من قبل وما استجد مما لم يكن . وهو هذا الذي يراه القارىء بين يديه في الصفحات التالية .

ولن أستبق القاريء فأدله على ما سيلقى في مطالعته مما يشوقه و یلذه بل أترك له أن ينكب على الكتاب منقباً مستطلعاً ، وأنا واثق من أنه سيخرج من ذلك بكل فائدة وكل متعة ، وسيتعرف على مختلف النواحي في هذا البلد المقدس التاريخي . وهذا ما يحملنا على تحية الكاتب والإشادة یحهوده ، واثقين من أن من واجب المثقفين جميعاً أن يدرسوا بلدانهم كهذه الدراسة ليكون لنا من مجموع ما يكتبونه تاريخاً مفصلاً للوطن ودليلاً كاملاً لكل جزء من أجزائه ، وأمامهم هذه التجربة الناجحة لهذا الكاتب الناجح.

بیروت حسن الأمين

ص: 13

مقدمة الطبعة الأولى

لا شك أن الذين كتبوا عن تاريخ هذه المدينة المقدّسة ، وما جرى عليها من الحوادث الدامية في مختلف العصور ، أسدوا خدمة كبيرة للعالم بتقديم ذلك التراث القيم الذي يخدم الإنسانية جمعاء ، فلذا حاز تقدير أرباب العلم وأساطين الفكر ورجال المبدأ والعقيدة وسواهم . ومع كل ذلك رأيت لزاماً عليّ أن أقوم يحمع ما يمكن جمعه كل ما يخص تاريخ كربلاء الثقافي والسياسي والاجتماعي تخليداً لذكرى المفكرين الذين أنجبتهم هذه الأرض الطيبة من علماء و شعراء وفلاسفة ورجال جهاد و سیاسة وغيرهم ممن أقاموا للفكر وزناً وقدموا تراثاً فيه عناصر إنسانية علينا أن نجدده ونعيد درسه ، وقد بقي تاريخ قسم من هؤلاء المفكرين مجهولاً، لم يعرف عنه الملأ إلا النزر اليسير، فآثرت وضع هذه البحوث المنشورة في الصحف والمجلات العربية في كتاب جامع باسم ( تراث کربلاء ) .

وغير خاف على القارىء اللبيب أن مدينة كربلاء لها تاريخ مجيد حافل یحلائل الأعمال، ويضم أنصع الصفحات التي خط أسطرها أمير البلاغة والبيان، ورجل البطولة والفداء الامام الحسين بن علي علیه السلام بكل ما حوت فيه من بطولة نادرة وجهاد لا يشق إليه غبار .

و کربلاء في ماضيها العلمي والأدبي زاخرة بالمواهب الخلاقة ، وقد مرّت في

ص: 14

القرون الغابرة بمراحل وأدوار مختلفة ، مما عظم شأنها و سمت منزلتها في ميدان العلم والمعرفة ، حيث بلغت أوج عظمتها ، وكان سببه ظهور علماء و مفکرین رفعوا رأسها عالياً ، ولا تزال آثارهم تدرس ح تى اليوم في معاهدنا العلمية كما وشهدت ساحات كربلاء قبل قرنين أو أكثر حركة علمية صاخبة لم تشهد لها مثيل من قبل، حيث استقرت فيها الزعامة الروحية وذلك بوجود عدد غفير من أساطين العلماء ، حتى بدأت کربلاء تنافس النجف الأشرف في حركتها العلمية ، كما و شهدت مباريات خطابية وحلبات أدبية يعجز القلم عن وصفها ، ويكل اللسان عن الثناء عليها .

تتضمن مواد هذا الكتاب أحوال كربلاء منذ أول تشييدها وتدوين تطوراتها الاجتماعية والسياسية والعمرانية والعلمية والأدبية ، وتضم تراجم أقطاب العلم الذين قدموا للإنسانية أعمالاً مجدية في الفكر والجهاد، إلى غير ذلك من المواضيع الهامة المتعلقة بشؤون هذا البلد المقدّس التي شغفت منذ الحداثة يجمعها وتدوينها.

و مهما يكن من أمر ، فأنا أنتهز هذه الفرصة الثمينة لتقديم ما اختمر في الذهن ، وما شعرت به النفس من المواضيع والبحوث التي كانت مبعثرة هنا وهناك ، فآثرت إخراجها بهذا الشكل حرصاً للفائدة العامة ، ورغبة في تحفيز هواة الأدب والتاريخ وتوسيع طاقاتهم . وقد توفرت لديّ مصادر كافية غنية يعتمد عليها ما ينبغي ايراده من الشواهد والدلائل . علماً بان هناك عدداً من المخطوطات التي تتعلق بمواضيع الكتاب ، قد اطلعت عليها في مكتبات إيران والعراق . زد على ذلك إني استمعت إلى روايات المعمرين من الجيل الماضي ، وأحاديث ممن يروي عنهم طيلة السنين الخوالي .

و أخيرة لا يسعني إلا أن أرفع اسمى آيات شكري و امتناني إلى كل من آزرني في هذا المشروع الضخم الذي يتطلب وقتاً طويلاً وعملاً متواصلاً من تقديم يد المساعدة إليّ وأخص بالذكر فضيلة العلامة الكبير حجة الاسلام الشيخ آغا بزرك الطهراني صاحب (الذريعة) والاستاذ کور کيس عواد مدير مكتبة

ص: 15

المتحف العراقي والاستاذ ضياء الدين ابو الحب وفضيلة العلامة الشيخ محمد علي اليعقوبي والشيخ كاظم ابو اذان والمحامي السيد عبد الصاحب شيقر والاستاذ عبد المجيد حسين السالم والاستاذ حسن عبد الامير المهدي، و کلّا من أبناء عمومتي السيد مجيد السيد سلمان الوهاب آل طعمة والمحامي السيد محمد مهدي الوهاب آل طعمة وغيرهم من رواد الفكر ومحبي الثقافة سائلاً المولى العلي القدير أن يوفقهم في مسعاهم وأن يلهمهم التوفيق في خدمة العلم والأدب والتاريخ ، والله هو الموفق .

کربلاه 10 شوال المکرم 1383 ه

23 شباط 1964 م

سلمان السيد هادي آل طعمة

ص: 16

مقدمة الطبعة الثانية

بعد نفاذ الطبعة الأولى من كتابنا . تراث کربلاء ، لقيت من لدن القراء الكرام إقبالاً كبيراً وتشجيعاً أعتز به ، لذا رأيت لزاماً عليّ أن أعيد طبعه مرة ثانية تلبية لرغبة الكثير من الأصدقاء المثقفين ، فأخذت على عاتقي إخراجه بثوب جديد بعد أن توفرت لديّ معلومات قيمة و وثائق عظيمة الاهمية تلقي أضواء على بعض الأحداث التاريخية. كما انني حذفت من الكتاب بعض الأفكار والمواضيع التي هي غير جديرة بالتسجيل ، حيث يغلب عليها طابع التشكيك في صحتها أو التي هي غير مرغوب في ادراجها ، وقد دعاني إلى تدوينها في الطبعة الأولى الأسراع .

أن هذه الطبعة الجديدة تمتاز بدقة المعلومات وصحة الاسانید وروعة الاغراض و سمو الأهداف ، وقد خلت من الاخطاء التي وقعت فيها خلال الطبعة الأولى .

إنني لم أستهدف من وراء إخراج هذا الكتاب إلا خدمة للفكر وحفظاً للتراث العربي في هذه المدينة الشامخة المقدسة التي لعبت دوراً مهما في تاريخ العرب قديماً وحديثاً ، ولقيت من أحداث الدهر ما جعلها أُنشودة في فم الزمن لأنها صمدت كالطود الاشم دون أن تلين قناتها أو ترضخ أمام قوى الشر والعدوان .

( تراث كربلاء م - 2)

ص: 17

وكان في طليعة رجال الفكر الدين زو دوني بالمعلومات النافعة و أرشدوني إلى محجة الصواب الأديب الكبير السيد صالح الشهرستاني – نزيل طهران - الذي نقد الكتاب بتفصيل ، كما أخص بالشكر السادة محمد حسن مصطفی الكليدار و ابراهيم شمس الدين القزويني على توجيهاتهما واهتمامهما ، و كذلك جدي السيد أحمد السيد صالح آل طعمة حفظه الله الذي عاصر معظم الأحداث التي مرّت بكربلاء وجالس أُدباءها وعلماءها ويحتفظ لهم في ذاكرته الكثير من الطرائف المستملحة والحكايات اللطيفة التي كانت تتناقلها الأندية حينذاك .

وبعد أيها القاريء ، فهذه هي الطبعة الثانية من تراث کربلاء، آمل أن تلقى منك استحساناً ، وتترك في نفسك أثراً ، وتسترعي اهتمامك . فهو كتاب يجلو مآثر كربلاء واحداثها الضخام ، ويبرز صفحات مشرقة من بطولات رجالها العظام و عبقريات أدبائها الكرام .

والله اسأل أن يسدد خطانا إلى ما فيه الخير والصواب .

کربلاء - العراق

10 ربيع الأول 1403 ه

سلمان السيد هادي السيد محمد مهدي آل طعمة

ص: 18

الفصل الاول: نظرة عامة في تاريخ كربلاء

إشارة

في الواقع أن كربلاء اسم قديم في التاريخ ، يرجع إلى عهد البابليين ، وقد استطاع المؤرخون والباحثون التوصل إلى معرفة لفظة ( كربلاء ) من نحت الكلمة وتحليلها اللغوي ، فقيل إنها منحوتة من كلمة ( كور بابل ) العربية ، وهي عبارة عن مجموعة قوی بابلية قديمة منها ( نينوى ) التي كانت قرية عامرة في المصور الغابرة ، تقع شمال شرقي كربلاء ، وهي الآن سلسلة تلول أثرية ممتدة من جنوب سدة الهندية حتى مصب نهر العلقمي في الأهوار ، وتعرف بتلول نینوی. ومنها ( الغاضرية ) وهي الأراضي المنبسطة التي كانت مزرعة لبني أسد، وتقع اليوم في الشمال الشرقي من مقام أو شريعة الإمام جعفر الصادق علیه السلام على العلقمي بأمتار وتعرف بأراضي الحسينية . ثم ( کربله ) بتفخيم اللام ، وتقع إلى شرقي کربلاء و جنوبها . ثم ( كربلاء أو عقر بابل ) وهي قرية في الشمال الغربي من الغاضرية ، و بأطلالها أثريات مهمة . ثم ( النواويس ) وكانت مقبرة عامة للنصاری قبل الفتح الإسلامي ، وتقع في أراضي ناحية الحسينية فرب نينوى . أما الأطلال الكائنة في شمال غربي كربلاء تعرف ب ( كربلاء القديمة ) يستخرج منها

ص: 19

أحياناً بعض الحباب الخزفية ، وكان البابليون يدفنون موتاهم فيها . وقد عبر عنها الإمام الحسين علیه السلام في خطبة مشهورة له وذلك عندما عزم السير نحو الكوفة : « و كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و کربلا »(1) . ثم ( الحير ) ومعناه اللغوي الحمى . ثم ( الحائر )(2) وهي الأراضي المنخفضة التي تضم موضع قبر الحسين علیه السلام إلى رواق بقعته الشريفة ، وقد حار الماء حولها على عهد المتوكل العباسي عام 236 ه . و كانت للحائر وهدة فسیحة محدودة بسلسلة تلال ممدودة وربوات متصلة في الجهات الشمالية الغربية والجنوبية منه تشكل للناظرين نصف دائرة مدخلها الجهة الشرقية ، حيث يتوجه منها الزائر إلى مثوی سیدنا العباس بن علي عليه السلام(3) . وسميت كذلك ب ( الطف ) لوقوعها على جانب نهر العلقمي ، وفيها عدة عيون ماء جارية منها الصيد والقطقطانية والرهيمة و عين الجمل وذواتها ، وهي عیون كانت لموكلين بالمسالح التي كانت وراء الخندق الذي حفره شابور كحاجز بينه وبين العرب(4) . ومنها ( شفيه ) وهي بئر حفرتها بنو أسد بالقرب من كربلاء ، وأنشات بجانبها قرية ، وكان الحسين عليله السلام عندما حبسه الحر بن یزید الرياحي عن الطريق ، وأم كربلاء ، أراد أن ينزله في مكان لا ماء فيه ، قال أصحابه دعنا ننزل في هذه القرية يعنون نينوى أو هذه القرية يعنون الغاضرية أو هذه الأخرى يعنون شفيه . وان الضحاك بن عبد الله المشرفي عندما اشتد الأمر على الحسين علیه السلام يوم عاشوراء و بقي وحيداً استأذن الحسين علیه السلام بالانصراف لوعد كان بينهما ( أنه ينصره من كان كثير الأنصار ) فاستوى على ظهر فرسه فوجهها نحو العسكر ، فأخرجوا له واخترق صفوفهم ، ثم تبعه منهم خمسة عشر

ص: 20


1- اللهوف في قتلى الطفوف - للسيد ابن طاووس ص26.
2- دائرة المعارف الاسلامية الفرنسية - انظر مادة (حائر Hair).
3- نهضة الحسين - للسيد محمد علي هبة الدين الحسيني ص 80.
4- معجم البلدان - لياقوت الحموي - مادة الطف .

فارساً حتى جاء شفية فالتجأ بها و سلم من القتل (1). وتسمى ب ( العقر ) وكانت به منازل بخت نصر ويوم العقر قتل به يزيد بن المهلب سنة 102 وكلها قری متقاربة ، وقد روي أن الحسين علیه السلام لما انتهى إلى كربلاء وأحاطت به خیل عبيد الله بن زياد قال : ما اسم تلك القرية وأشار إلى العقر فقيل له اسمها العقر فقال : نعوذ بالله من العقر ، فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها قالوا: کربلا فقال أرض کرب و بلاء و أراد الخروج منها فمنع حتى كان ما كان(2) وقد سبق أن نزلها أبوه الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام في سفره إلى حرب صفين وشوهد فيها متأملاً في ما بها من أطلال و آثار فسئل عن السبب فقال أن هذه الأرض شأناً عظيماً فها هنا محط ركابهم وها هنا مهراق دمائهم ، فسئل في ذلك فقال : ( ثقل لآل محمد ينزلون ههنا) (3) إلى غير ذلك من الأسماء التي وردت في التاريخ ، وليس باستطاعتنا استيفاء البحث عن قدمها(4) . وذکر یاقوت في كتابه ( معجم البلدان ) بخصوص لفظة ( كربلاء ) وأوعزها إلى ثلاثة أوجه ، فقال ما نصه :« کربلا بالمد وهو الموضع الذي قتل فيه الحسين بن علي علیه السلام في طرف البرية عند الكوفة (5). فأما اشتقاقه فالكربلة رخاوة في القدمين ، يقال جاء نمشي مكربلاً فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة فسميت بذلك ، ويقال کربلت الحنطة إذا هززتها ونقيتها وينشد في صفة الحنطة :

ص: 21


1- کربلاء في التاريخ - للسيد عبد الرزاق عبد الوهاب آل طعمة ( الجزء الأول ) مخطوط - فصل اساء كربلاء - ص 5 و 6.
2- معجم البلدان - ياقوت الحموي ج 6 ص 195.
3- الأخبار الطوال – للدينوري ص 250.
4- الطبري - لابن جرير ج 10 ص 118 مروج الذهب - للسعودي ج 3 مزار البحار - للمجلسي ص 192 مجالي اللطف ارض الطف - للشيخ محمد الساري ص 3 و 4.
5- انظر مراصد الاطلاع في أسماء الأمكنة والبقاع - لابن عبد الحق البغدادي ج 3 ص 1154.

يحملن حمراء رسوباً للثقل *** قد غربلت و کربلت من القصل

فيجوز على هذا أن تكون هذه الأرض منقاة من الحصى والدغل فسميت بذلك . والكربل اسم نبت الحماض . وقال أبو وجزة السعدي يصف عهود الهودج .

وتامر کربلٍ وعميم دفلى *** عليها والندي سبط يمور

فيجوز أن يكون هذا الصنف من النبت يكثر نباته هناك فسمي به ، ونزل خالد كربلاء عند فتحه الحيرة سنة 12ه فشكى اليه عبد الله بن وثيمة البصري الذبان فقال رجل من أشجع في ذلك :

لقد حبست في كربلاء مطيتي *** وفي العين حتى عاد غثاً سمينها

إذا رحلت من منزل رجعت له *** لعمري وايهاً انني لأهينها

ویمنعها من ماء كل شريعة *** رفاق من الذبان زرق عيونها(1)

وقد وردت لفظة « کربلاء ، في رسالة السيد حسن الصدر فقال : « أنها مشتقة من الكربة بمعنى الرخاوة . ولما كانت أرض هذا الموضع رخوة سمیت کربلاء أو من النقاوة من كربلت الحنطة إذا هززتها ونقيتها ولما كانت هذه الأرض منقاة من الحصى و الدغل سمیت کربلاء . أو أن الكربل نبت الحماض كان كثير نبته في هذه الأرض فسميت به و الأظهر من هذه الوجوه الثاني والأوسط(2). ويرى فريق آخر من المؤرخين أن لفظة ( كربلاء ) مر كبة من كلمتين آشوريتين هما : ( کرب ) و ( ايلا ) ومعناهما ( حرم الله ) ، وذهب آخرون إلى أن الكلمة فارسية المصدر ، فهم يرون أنها مركبة من كلمتين هما ( کار ) و ( بالا ) ومعناهما العمل الأعلى أي العمل السماوي أو بعبارة أخرى

ص: 22


1- معجم البلدان - لياقوت الحموي - المجلد 7 ص 229.
2- نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين - للسيد حسن الصدر ص 17 ( طبع الهند) .

محل العبادة والصلاة(1) و من الأسماء التي أطلقت على كربلاء اسم ( النوائح ) وربما اشتق من كلمة النياح لكثرة البكاء والعويل منذ نزول الحسين عليه السلام فيها ، وذكر ياقوت الحموي في معجمه أبياتاً أنشدها الشاعر معن بن أوس المزني من قصيدة طويلة :

إذا هي حلت کربلاء فلعلعا *** تجوز العذيب دونها والنوائحا

فباتت نواها من نواك فطاوعت *** مع الشانئين الشانئات الكواشحا

توهمت ربعاً بالمعبر واضحاً *** أبت قرتاه اليوم ألا تراوحا(2)

ولا بد لنا ونحن في معرض حديثنا عن تاريخ كربلاء القديم ، أن ننقل رأي الدكتور عبد الجواد الكليدار في هذا الصدد بشأن التعريف بأسماء كربلاء فقال: «وقد نعتت کربلاء منذ الصدر الأول في كل من التاريخ و الحديث باسم کربلاء والغاضرية ، ونينوى ، وعمورا ، وشاطىء الفرات ، ورد منها في الرواية والتاريخ باسم ماریه ، والنواويس ، والطف ، وطف الفرات ، ومشهد الحسين، والحائر ، والحير إلى غير ذلك من الأسماء المختلفة الكثيرة ، إلا أن أهم هذه الأسماء في الدين هو ( الحائر ) لما أحيط بهذا الإسم من الحرمة والتقديس او انيط به من اعمال و احکام في الرواية والفقه إلى يومنا هذا (3) ». وذكر صاحب دبستان المذاهب : ان کربلاء كانت في الزمن السالف تحوي بيوت نيران ومعابد للمجوس ويطلق عليها بلغتهم ( مه بارسور علم ) أي المكان المقدس(4).

ص: 23


1- موجز تاريخ البلدان العراقية - للسيد عبد الرزاق الحسني ص 61 و 62وانظر كتابه ( العراق قديما وحديثا ) ص 126.
2- معجم البلدان - لياقوت الحموي ( مادة كربلاء ) ، وانظر ( الأغاني ) لأبي الفرج الأصفهاني المجلد 12 ص 63.
3- تاریخ کربلاء - للدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة ( الطبعة الثانية ) ص 23.
4- دبستان المذاهب - مجهول المؤلف طبع بمي 1262 ه.

و تحدثنا المصادر ان هناك أسماء قرى أُخرى كانت تحيط بكربلاء القديمة عند ورود الحسين عليه السلام لها سنة 61 ه منها : عمورا ومارية وصفورا و شفية ، وقد أُطلقت عليها بعدمقتل الحسين علیه السلام تسميات أخرى منها : مشهد الحسين علیه السلام أو مدينة الحسين علیه السلام والبقعة المباركة وموضع الابتلاء و محل الوفاء(1).

وقد سبق أن أوضحنا أن كربلاء هي أم لقرى عديدة تقع بين بادية الشام وشاطىء الفرات . ويحدّثنا التاريخ أنها كانت من أمهات مدن بين النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاکوباس - الفرات القديم - و على أرضها معبد للعبادة والصلاة كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً . وقد كثرت حولها المقابر كما عثر على جثث الموتى داخل أواني خزفية يعود تاريخها إلى قبل العهد المسيحي . أما الأقوام التي سكنوها فكانوا يعولون على الزراعة لخصوبة تربتها وغزارة مائها والسبب في ذلك هو كثرة العيون التي كانت منتشرة في ربوعها . وقد أخذت کربلاء تزدهر شيئاً فشيئاً سيما على عهد الكلدانيين والتنوخيين و الخميين و المناذرة يوم كانت الحيرة عاصمة ملكهم ، وعين التمر (2) البلدة العامرة ومن حولها قراها العديدة التي من ضمنها شفاثا .

ص: 24


1- مدينة الحسين - محمد حسن الكليدار آل طعمة (الطبعة الأولى) ج 1 ص 14.
2- تقع غربي كربلاء وتبعد عنها 76 کیلومترا في طريق ترابي وعر. ذكرها ياقوت الحموي في ( معجم البلدان ) ج 3 ص 759 فقال : « عين التمر بلدة قريبة من الأنبار غربي الكوفة بقربها موضع يقال له شفاٹا منها يجلب النسب والتمر إلى سائر البلاد وهو بها كثير جداً وهي على طرف البرية وهي قديمة ». كما ورد ذكرها في « مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع » لابن عبد الحق البغدادي ج 2 ص 977 وهذا نصه : « عين التمر بلدة في طرف البادية على غربي الفرات وحولها قريات منها شفاثا ونعرف ببلدة العين أكثر نخلها القصب ويحمل منها إلى سائر الأماكن ». وشفاثا مجموعة قرى نمت على حساب بلدة « عين التمر» التي هجرها سكانها بعد جفاف ينابيعها، وهي ناحية من نواحي كربلاء واقعة في الجهة الغربية تسقيها الأنهار المنسابة من ينابيعها المعدنية المتفجرة . وقد بلغ عدد سكانها حوالي 10 آلاف نسمة هاجروا إليها من المناطق البعيدة والمجاورة ، وعدد القرى ( القصور ) سبعة عشر قصرا سميت أغلبها بأسماء العشائر والرؤساء من الذين سكنوها . أما اليوم فقد أصبحت عين التمر قضاء تابعة لمحافظة كربلاء وتبعد عنها مسافة (70) کیلو متر) وطريقها معبد بالأسفلت وفيها دار للاستراحة . ولأهالي عين التمر ارتباطات وثيقة بأمالي کربلاء ، لا سیا وان عددا كبيرا من مالكي البساتين هم من أهالي كربلاء .

من كل ما تقدم تتجسد لنا المكانة الرفيعة التي منيت بها هذه البقعة المقدّسة والمنزلة السامية التي حظيت بها بين بلدان العالم .

الأنهار في كربلاء

هناك مصادر قديمة تؤكد على وجود أنهار كانت تروي المزارع في كربلاء ، إلا أنها طمست بمرور الزمن ولم يبقَ منها غير الآثار ، اللهم سوی نهر الحسينية الذي ما زالت مياهه تتدفق فتحمل الخيرات والبركات إلى المدينة. ومن بين هذه الأنهار التي اندثرت بسبب ترسبات الغرين الذي كان يحمله الفرات خلال موسم الفيضان من كل عام هي :

النهرین

وهو فرعان يشتقان من عمود الفرات كانا يجريان في كربلاء قديماً ، وقد ورد ذكرهما في كتب المؤرخين الذين تطرقوا إلى مأساة الحسين علیه السلام و منهم أبو الفرج الأصفهاني في كتابه ( مقاتل الطالبيين ) وابن كثير في كتابه ( البداية والنهاية ) و ابن شهر آشوب في كتابه ( المناقب ) والطبري في تاريخه المعروف .

نهر العلقمي

و كان يسقي كربلاء قديماً نهر العلقمي ، وهو اليوم من الآثار المدرسة أيضاً.

ص: 25

فقد ذكر المسعودي في التنبيه والاشراف وكاتب البريد ابن خرداذبه في المسالك: إذا جاز عمود الفرات هیت و الأنبار ( يقابل الثاني الأول في الضفة الغربية ) فتجاوزهما فينقسم قسمين : منها قسم يأخذ نحو المغرب قليلاً المسمى (بالعلقمي) إلى أن يصير إلى الكوفة(1) .

يروي السيد عبد الحسين الكليدار في كتابه ( بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ) عن آثار العلقمي فيقول: وآثار العلقمي الباقي منه اليوم - على ما وقفت عليه - إذا انتهى إلى شمال ضریح عون اتجه إلى الجنوب ، حتى يروي - الغاضرية لبني أسد - و الغاضرية على ضفته الشرقية ، وبمحاذاة الغاضرية شريعة الإمام جعفر ابن محمد علیه السلام على الشاطىء الغربي من العلقمي . وقنطرة الغاضرية تصل بينه وبين الشريعة ثم ينحرف إلى الشمال الغربي ، فيقسم الشرقي من مدينة كربلاء بسفح ضريح العباس عليه السلام إذ استشهد ما يلي مسناته . فإذا جاوزه انعطف إلى الجنوب الشرقي من كربلاء ماراً بقرية نينوى وهناك يتصل النهر ( نینوی والعلقمي ) فيرويان ما يليها من ضياع وقرية شفيه فيتمایلان بین جنوب تارة وشرق أُخرى ، حتى إذا بلغ خان الحماد – منتصف الطريق بين كربلاء والغری - اتجها إلى الشرق تماماً و قطعا شط الهندية بجنوب برس و حرقة – وأثرهما هناك مرئي و مشهود - حتى يشتقان شرقي الكوفة (2) .

وحكي في ( الكبريت الأحمر ) عن السيد مجد الدين محمد المعروف بمجدي من

معاصري الشيخ البهائي في كتابه - زينة المجالس - المؤلف سنة 1004 هذا نصه : أن الوزير السعيد ابن العلقمي لما بلغه خطاب الصادق عليه السلام للنهر « إلى الآن تجري وقد حرم جدي منك»، أمر بسد النهر وتخريبه ، ومن أجله حصل خراب الكوفة لأن ضياعها كانت تسقى منه (3) .

ص: 26


1- التنبيه والاشراف : للسعودي ص 47.
2- بغية النبلاء في تاريخ كربلاء للسيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة (مطبعة الارشاد - بغداد ) ( 1966/6/31) ص 82.
3- الكبريت الأحمر -- نقلا عن زينة المجالس المحمد مجدي .

وفي ( مصباح المتهجد ) . «ان الصادق عليه السلام قال لصفوان الجمال : إذا أتيت الفرات (أعني شرعة الصادق بالعلقمي ) فقل اللهم أنت خير من وفد الخ»(1). ولهذا يؤكد الشاعر السيد جعفر الحلي مصرع العباس علیه السلام جنب العلقمي بقوله :

و هوی بجنب العلقمي فليته *** للشاربين به يداف العلقم

وذهب فريق آخر من المؤرخين إلى الاعتقاد بأن القسم المحاذي من هذا النهر لطف کربلاء قد كاف بحفره رجل من بني علقمة بطن من تميم ثم من دارم جدهم علقمة بن زرارة بن عدس فسمي النهر بالعلقمي ، وذلك في أواخر القرن الثاني الهجري ، وبذلك قال الشريف محمد بن علي الطباطبائي الشهير بالطقطقي في تاريخه الفخري عند ذكره ترجمة حال أبي طالب مؤيد الدين ابن العلقمي الوزير العباسي على عهد المستعصم وهولاكو الايلخاني انه سمي ابن العلقمي نسبة إلى جده علقمة الذي قام بحفر نهر العلقمي ، والفريق الثاني من المؤرخين سموا النهر باسم العلقم فذكر النويري في كتابه - بلوغ الارب في فنون الأدب - آن نهر الفرات بعد اجتيازه الأنبار ينقسم إلى قسمين : قسم يأخذ نحو الجنوب قليلاً وهو المسمى بالعلقم ، وذلك لكثرة العلقم ( الحنظل ) حول حافتي النهر (2) . والعلقم بالفتح والسكون يطلق على كل شجر مر ( الحنظل ) وما عداه من غير فارق ، والعلقمة المرارة ، یخال لي لشدة ما كان العرب يكابدون من مرارة ماء آبار الجزيرة حتى تخوم الجزيرة و مياه عيون الطف ثم ينهلون عذب نمير هذا النهر فلبعد شقة البين بالضد أطلقوا عليه اسم ( العلقمي ) (3) .

وقد أورد الشهيد ابن طاووس روایات بخصوص زيارات الحسين عليه السلام غير

ص: 27


1- انظر : قمر بني هاشم - للسيد عبد الرزاق القرم ص 121 نقلا عن مصباح المتهجد للشيخ الطوسي ص 499.
2- مدينة الحسين / محمد حسن الكليدار آل طعمة / ج 2 ص 4و5 طبع طهران .
3- بنية النبلاء في تاريخ كربلاء / عبد الحسين الكليدار آل طعمة / ص 83 و 84.

مقيدة ( إذا أردت زيارة الحسين علیه السلام في كربلاء ووردت قنطرة العلقمي فقيل إليك اللهم قصد القاصد الخ ) .

وجاء في تاريخ آل سلجوق لعماد الدين الأصفهاني المؤرخ الإسلامي الذي عاش في القرن الثامن الهجري ان جدول العلقمي كان يمر بالمشهدين أي كربلاء والنجف (1) .

وقد بقي نهر العلقمي حتى عام 697 ه ثم علته الرمال والأوحال مما عرقل جريان الماء فيه ، وتروى بعض المصادر القديمة أن السلطان محمود الغزنوي قد أرسل وزيره علي الجويني إلى كربلاء فأمر بتطهیر نهر العلقمي وإزالة الرمال والطمى منه ، وعاد الماء في وادیه متدفقاً . وفي عام 915 ه عادت الرمال تعلو هذا النهر وتوقفه عن الجريان .

نهر نينوى

ومن الأنهار الاخرى التي كانت تروي هذه التربة الطاهرة نهر نينوى الذي كان يتفرع من عمود الفرات ما يقارب الحصاصة وعقر بابل ، بين شمال سدة الهندية وجنوب قضاء المسيب من نهر سوري ثم يشق ضيعة ام العروق ، ويجري جنوب کرود أبو حنطة ( أبو صمانة ) وتقاطع مجراه باقياً إلى يومنا هذا ، ويعرف بعرقوب نینوی . ويقال أن البابليين هم الذين حفروا هذا النهر مع تشکیل قرية نينوى باسم عاصمة الآشوريين التي كانت تعرف ( کربا - ایلو ) ابان حكمهم .

النهر الغازاني

ومن الأنهار المندرسة الاخرى النهر الغاز اني نسبة إلى غازان خان من آل

ص: 28


1- مدينة الحسين / ج 2 ص 4 و 5.

جنگیز أحد ملوك التتر الذين حكموا العراق بعد سقوط الخلافة العباسية ، فأمر غاز ان بتجديد نهر العلقمي وتقریب ماخذه من الفرات ، وقد بتر المغول القسم الأعلى من مجرى النهر و أوصلوا القسم الآخر بالنهر الذي حفره غازان من فرات الحلة ولم يستسيغوا بقاء اسم العلقمي على هذا النهر ، لا سيما وقد طرأ عليه الكثير من التغيير والتبديل كما نص على ذلك ابن الفوطي في حوادث سنة ثمان وتسعين وستمائة بقوله : فيها سار السلطان غازان إلى العراق وجعل طريقه على جوخا وسير بعض العسكر إلى بطائح واسط ، فحصروا الأعراب وأكثروا القتل فيهم والنهب والسبي وغنموا أموالهم ، وعين جماعة الملازمة أعمال واسط ومنع من تخلف من العرب عن الفساد ، ثم توجه إلى الحلة وقصد زيارة المشاهد الشريفة وأمر للعلويين والمقيمين بها بمال كثير ، ثم أمر بحفر نهر بأعلى الحلة فحفر وسمي النهر الغازاني تولى ذلك شمس الدين صواب الخادم السكورجي وغرس الدولة ابن ... ثم سار إلى بغداد (1) وسمي بالغازاني تخليداً لذکری حافره غازان المذكور .

نهر السليماني ( الحسينية )

أما النهر السلماني ( الحسينية ) فقد أنشأه السلطان سلیمان القانوني العثاني سنة 941ه / 1534م . ذكر المستر لونكريك في كتابه ( أربعة قرون من تاريخ العراق ) أن السلطان سلیمان كانت غايته الثانية أن يزور العتبات المقدسة في الفرات الأوسط ، ويفعل هناك أكثر مما فعله الزائر الصفوي في العهد الأخير ، فوجد مدينة كربلاء المقدسة حائرة في حائرها بين المحل والطغيان . إذ كان الفرات الفائض في الربيع يغمر الوهاد التي حول البلدة بأجمعها من دون أن تسلم منه العتبات نفسها . وعند هبوط النهر كانت عشرات الألوف من الزوار يعتمدون

ص: 29


1- الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة / لأبي الفضل عبد الرزاق بن الفوطي ص 497 و 498 طبع ببغداد 1351 ه.

على الاستسقاء من آبار شحيحة قذرة . فرفع مستوی ( روف السليمانية ). وهي سدة ما تزال تقوم بعملها حتى اليوم لوقاية البلدة من الفيضان ، ثم وسع الترعة المعروفة بالحسينية وزاد في عمقها لكي تأتي بالماء المستمر ، ولتجعل الأراضي الخالية المغبرة حولها بساتين وحقولاً يانعة للقمح . وصارت هذه الترعة تنساب في أرض كان الجميع يظنونها أعلى من النهر الأصلي . فاستبشر الجميع بالمعجزة واقتسم الحسين الشهيد علیه الیلام والسلطان القانوني جميع الثناء والإعجاب . وبعد أن زار سليمان قبر الإمام علي علیه السلام في النجف رجع إلى بغداد (1) . ويعقب عباس العزاوي على ذلك بقوله : نهر الحسينية هذا النهر من أعظم أعمال السلطان سليمان القانوني كان يسمى باسمه ( النهر السلیماني ) والآن يسمى بالحسينية أجراه إلى كربلا فأحياها ولم يوفق السلاطين السابقون أيام غازان وغيره ومنهم الشاه اسماعيل والشاه طهماسب (2) الخ . وبتبرع زوجة محمد شاه القاجاري ملك ایران آنفذنهر الرشدية وذلك عام 1259ه فسمي الفرع عند ذاك باسم الرشدية (3) . أما الفرع الثاني لهذا النهر فسمي بالهنيدية ويسير باتجاه جنوب مدينة كربلاء . ومما يذكر بهذا الصدد أن الرحالة الميرزا أبو طالب خان بن محمد الأصفهاني الذي قدم إلى بغداد في غرة

ص: 30


1- أربعة قرون من تاريخ العراق للمستر لونكريك - ترجمة جعفر الحباط ص 39 (الطبعة الرابعة - مطبعة المعارف - بغداد 1968م).
2- تاريخ العراق بين احتلالين عباس العزاوي ج 4 ص36-37.
3- من الذين خدموا كربلاء المالمان الفاضلان السيد مير علي الطباطبائي صاحب الرياض والسيد كاظم الرشتي ، حيث طلب الأول مساعدات من الهند بعد هجوم الوهابيين على كربلاء عام 1211ه ونهبهم المدينة وتخريبهم إياها . وقد لبي طلبه ، حيث استطاع إثر وصول الأموال المرسلة اليه أن يشيد سور المدينة لحفظها من الغزوات في المستقبل . وكان السيد كاظم ابن السيد قاسم الرشتي قد طلب المساعدات من بعض وجوه إيران بغية توسيع هذه الشاخة و إيصال الماء إلى مرقد الحر الشهيد الرياحي ، وبعد وصولها أكمل توسيع هذا الفرع الذي يبدأ من قنطرة باب الطاق فسمي بالرشتية ، و عرف فيما بعد بالرشدية ، وقد أشرف على كري هذا النهر المرحوم السيد مهدي بن السيد محمد الطباطبائي الشهير بالنهري وتعرف اسرته اليوم بال السندي .

شوال 1217ه (17 كانون الثاني 1803م) وبعد أيام غادرها لزيارة سامراء ثم عاد إلى بغداد ، و أخيراً بارحها في 4 ذي القعدة 1217 ه أول آذار 1803م الزيارة الأضرحة التي في كربلاء والنجف قال ما تعريبه : وبعد أن قمت بواجب الزيارة في كربلاء بارحتها قاصداً النجف بطريق الحلة فقدمت اليها في اليوم نفسه ولاقيت في طريقي جدو لين أولهما يقال له النهر الحسيني ( الحسينية ) على بعد أميال قليلة في كربلاء و كان حفره بأمر السلطان مراد ( كذا وصححه السلطان سلیمان ) والثاني من النهرين يقال له نهر الهنيدية أو الآصفي لأن النواب آصف الدولة حفره بنفقاته و هو أعرض من النهر الحسيني والغاية من حفره إيصال الماء إلى مرقد الإمام علي علیه السلام . وقد بلغت نفقات هذا الجدول حتى الآن عشرة لكوك من الروبيات مع أنه لم يصل بعد إلى النجف لأن باشا بغداد و الرجل الذي ولاه الباشا الإشراف على العمل جعلا النهر يمر بالكوفة وغيرها من المدن عوضاً عن جعله يجري مستقيماً وقد بقيت أربعة أميال لإيصاله إلى المحل والأعمال متداولة عليها .. الخ (1)» .

أما حادثة مصرع الحسين بن على علیه السلام ، فهي مناهضة لحكم الطاغية يزيد بن أبي سفيان . وتعد من أشهر حوادث التاريخ الإسلامي . وقد حدثت في اليوم العاشر من محرم الحرام سنة 61ه ( 680م ) فاستشهد مع أهل بيته واصحابه ودفن في هذه البقعة الطاهرة في الموضع الذي يعرف بالحائر .

وضريح الحسين علیه السلام يقام اليوم وسط صحن عظيم تعلوه القبة المنورة والمآذن المغشاة بالذهب الأبريز ، فتتلألأ روعة و بهاء .

ص: 31


1- رحلة أبي طالب خان ص 292 و 193. ترجمها من الفرنسية إلى العربية الدكتور مصطفی جواد ( بغداد 1970).

تاريخ الروضة الحسينية

عندما قصد الإمام الحسين بن علي علیه السلام العراق سنة 61 هجرية مع اهله واصحابه الغر الميامين ، لم يكن في كربلاء للعمران اثراً يذكر ، إلى أن قتل الحسين عليه السلام في العام نفسه ودفن في الحائر المقدس .

يذكر ابن كثير القرشي في ( البداية والنهاية ) أن مقتل الحسين رضي الله عنه

كان يوم الجمعة يوم عاشوراء من المحرم سنة إحدى وستين . وقال هشام ابن الكلبي سنة اثنتين وستين وبه قال علي بن المديني وقال ابن لهيعة سنة اثنتين او ثلاث وستين وقال غيره سنة ستين والصحيح الأول ، بمكان من الطف يقال له كربلاء ارض العراق وله من العمر ثمان وخمسون سنة أو نحوها واخطأ أبو نعيم في قوله : انه قتل وله من العمر خمس او ست و ستون سنة (1). ويشير ابن قولویه : ان الذين دفنوا الحسين علیه السلام اقاموا لقبره رسماً ونصبوا له علامة وبناء لا يندرس اثره (2). وفي عهد بني أمية وضعت على قبره المسالح لمنع الزائرين من الوصول إلى القبر المطهر . وكان القبر مطوقاً بمخافر تتولى المهمة السالفة الذكر .

ان اول من زار الحائر المقدس عبيد الله بن الحر الجعفي لقرب موضعه منها . فوقف على الأحداث ونظر إلى مصارع القوم فاستعبر با کیاً ورثى الحسين علیه السلام بقصيدة معروفة :

يقول امير غادر و ابن غادر *** ألا كيف قاتلت الشهيد ابن فاطمه

فراندمي ان لا اكون نصرته *** ألا كل نفس لا تسدد نادمه

و يا ندمي إن لم اكن من حماته *** لذو حسرة ما أن تفارق لازمه

ص: 32


1- البداية والنهاية لابن كثير القرشي ج 8 ص 198.
2- کامل الزیارة لجعفر بن قولویه ص 133.

سقى الله ارواح الذين تآزروا *** على نصره سقيا من الغيث دائمه

وقفت على اجد انهم ومحالهم *** فكاد الحشا ينفض والعين ساجمه

لعمري لقد كانوا مصالبت في الوغی *** سراعا إلى الهيجا حماة حضارمه

تأسوا على نصر ابن بنت نبيهم *** بأسيافهم آساد غيل ضراغمه

فإن تقبلوا من كل نفس زكية *** على الأرض قد اضحت لذلك و اجمه

وما أن رأى الراؤون اصبر منهم *** لدى الموت سادات وزهر آقا قمه (1)

ويروي عن الصحابي الجليل الضرير جابر بن عبد الله الأنصاري انه قال لقومه عندما زار قبر الحسين علیه السلام يوم 20 صفر سنة 62 هجرية مع جماعة من المسلمين من اهل المدينة واجتمع بنفس السنة بالإمام السجاد علیه السلام : (ألمسوني القبر(2)). ويروي عن أبي جعفر محمد الصادق علیه السلام : إذا اتيت الحائر فاعبر القنطرة واغتسل في الفرات وضع رجلك في الغاضرية (3) . ويستدل من ذلك ان الصادق علیه السلام كان يحث شیعته على الإكثار من زيارة الحائر ويأمرهم باتخاذ المقام بنينوى او الغاضرية . ويروي ابو حمزة الثمالي عن الصادق عليه السلام بأنه قال: «إذا اردت الوداع بعد فراغك من الزيارات فأكثر منها ما استطعت ، وليكن مقامك بنينوى او الغاضرية . ومتى اردت الزيارة فاغتسل و زر زورة الوداع» (4) وفي ( المزار ) بسنده عن صفوان بن مهران الجمال عن الإمام الصادق عليه السلام انه قال : « إذا اردت قبر الحسين في كربلاء قف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر ثم ادخل الروضة وقم بحذائها من حيث یلي الرأس ثم اخرج من الباب الذي عند رجلي علي بن الحسين عليه السلام ثم توجه إلى الشهداء ثم امش حتى تأتي مشهد ابي الفضل العباس علیه السلام فقف على باب السقيفة وسلم»(5).

( تراث کربلاء م - 3)

ص: 33


1- خزانة الادب للبغدادي ج 2 ص 138 ( الطبعة السلفية ).
2- تاریخ قمقام لفرهاد مرزا ( فارسي ) ص 495.
3- کامل الزيارة لجعفر بن قولویه ص 221 ، وانظر مزار البحار للشيخ محمد باقر المجلسي ج 10 ص 145 (طبع كمبني ).
4- كامل الزيارة لجعفر بن قولویه ص 253 و 254.
5- مزار بحار الأنوار الشيخ محمد باقر المجلسي ص 179.

يستبان من الرواية آنفة الذكر وجود مسجد الحسين علیه السلام وسقيفة تظللها شجرة السدرة ايام العهد الأموي و اواخره. و في ايام ابي العباس السفاح خليفة بني العباس الأول ، فسح المجال لزيارة قبر الحسين علیه السلام وابتدأ عمران القبر في ذلك الحين . يروي محمد بن ابي طالب في كتابه ( تسلية المجالس وزينة الجالس ) عند ذكره المشهد الحسين علیه السلام : ( إنه اتخذ على الرمس الأقدس لمهد الدولة المروانية مسجدة(1).

الحائر الحسيني في العصر العباسي

لم يزل القبر تمتد اليه يد العدوان بعد عهد بني أمية ، وفي زمن بني العباس فقد ضيق الرشيد الخناق على زائري القبر ، وقطعت شجرة السدرة التي كانت عنده و کرب موضع القبر (2). كما أن الرشید هدم الأبنية التي كانت تحيط بتلك الأضرحة المقدسة وقطع السدرة التي كان يستدل بها الزوار موضع القبر ويستظلون تحتها . أما في فترة عام ( 236 – 247 ه) فقد كان القبر الشريف عرضة إلى تعرض وتنكيل المتوكل العباسي ، حيث أحاط القبر بثلة من الجند لئلا يصل الزائرون اليه ، وامر بتهديم قبر الحسين علیه السلام وحرث أرضه واسال الماء عليه ، فحار الماء حول القبر الشريف ، واقام في المسالح أناساً يترصدون لمن يأتي لزيارة قبر الحسين علیه السلام او يهتدي إلى موضع قبره (3). وعلى ذكر المتوكل فقد ادلى المجلسي في ( البحار ) برأيه عن ابي المفضل عن علي بن عبد المنعم بن هرون الخدیجي الكبير من شاطىء النيل ، قال حدثني جدي القاسم بن احمد بن معمر الاسدي الكوفي ، وكان له علم بالسيرة و ایام الناس قال بلغ المتوكل جعفر بن المعتصم أن أهل السواد يجتمعون بأرض نینوی لزيارة قبر الحسين عليه السلام فيصير إلى قبره

ص: 34


1- نزهة اهل الحرمين في عمارة المشهدين للسيد حسن الصدر ص 28 (طبع الهند ) نقلا عن تسلية المجالس .
2- نزهة اهل الحرمین ص 61.
3- تاریخ کربلاء العلى للسيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 13 طبع النجف 1349ه.

منهم خلق كثير فأوفد قائداً من قواده وضم اليه كتفاً من الجند كثيراً ليشعب قبر الحسين عليه السلام ويمنع الناس من زيارته و الاجتماع إلى قبره فخرج القائد إلى الطف و عمل بما أمر ذلك في سنة سبع وثلاثين ومائتين فثار اهل السواد به واجتمعوا عليه وقالوا لو قتلتنا عن آخرنا لما مسك من بقي منا عن زيارته وراموا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا فكتب الأمر إلى الحضرة فورد کتاب المتوكل إلى القائد بالكف عنهم و المسير إلى الكوفة مظهراً أن مسيره اليها في مصالح اهلها والا نكف إلى المصير فمضى الأمر على ذلك حتى كانت سنة سبع وأربعين فبلغ المتوكل ايضاً مصير الناس من اهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام . وانه قد كثر جمعهم لذلك وصار لهم سوق كبير فأوقد قائدأ في جمع كثير من الجند و امر منادياً ينادي براءة الذمة فمن زار قبره ونبش القبر وحرث أرضه و انقطع الناس عن الزيارة وعمل على تتبع آل أبي طالب والشيعة فقتل ولم يتم له ما قدره (1). و في شوال من سنة 247ه قتل المتوكل من قبل ابنه المنادي ( المنتصر ) فعطف هذا على آل ابي طالب واحسن اليهم وفرق فيهم الأموال واعاد القبور في أيامه إلى أن خرج الداعيان الحسن و محمد ابنا زید بن الحسن فأمر محمد بعمارة المشهدين مشهد امير المؤمنين علیه السلام و مشهد ابي عبد الله الحسين علیه السلام و امر بالبناء عليهما . وبعد ذلك بلغ عضد الدولة بن بويه الغاية في تعظيمها (2). ومنذ ذلك الحين اخذ عمران القبر يتقدم تدريجياً ، و انطلق العلويون يفدون إلى القبر والسكني بجواره ، وفي مقدمتهم السيد ابراهيم المجاب الضرير الكوفي ابن محمد العابد ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، وهو اول علوي وطأت قدماه ارض الحائر الشريف فاستوطنها مع ولده وذلك سنة 247ه . روى السيد حسن

ص: 35


1- بحار الأنوار / للمولى محمد باقر المجلسي ج 45، ص 397 ( الطبعة الاسلامية - طهران ربيع الأول 1385ه).
2- نزهة اهل الحرمين ص 17.

الصدر فقال : فاعلم أن آل ابراهيم ويقال له ابراهيم الضرير الكوفي ابن محمد العابد بن موسي الكاظم علیه السلام اول من سكن الحائر فيها ولم اعثر على من تقدم في المجاورة عليهم فإن علماء النسب كلهم ينسبون محمد بن ابراهيم المجاب بالحائري و يصفون ابراهيم المجاب نفسه بالكوفي ، وفي بالي اني رأيت انه كان ابراهيم المجاب الضرير مجاوراً بالحائر وبه مات وقبره هناك معروف لكني لا اذكر الكتاب الذي رأيت فيه ذلك ، لكن نص الكل على ان ابنه محمد الحائري كان في الحائر وعقبه بالحائر كلهم ... الخ »(1). والسيد ابراهيم المجاب هذا هو الجد الأعلى السادات آل فائز في الحائر الحسيني الشريف .

وتولى الخلافة بعد الراحل المنتصر بالله ابو جعفر محمد بن المتوكل وعند توليه انعم على حاشيته والغي اساليب ابيه وطريقته الممقوتة وسلك بالرعية مسلكاً مرضیاً و احسن إلى العلويين وقربهم واكثر من تكريمهم وتعظيمهم و اجزل لهم العطاء ورفع من قلوبهم الكدر الذي تابهم من جراء تصرفات ابنه وعمر اضرحة ومراقد الإمام الحسين رضي الله عنه وشهداء كربلاء وظل يتفقدها و یرعاهاو أذن بزيارتهم السابق (2). و في عام273 ه تداعت بناية المنتصر ، فقام بتجديدها محمد بن محمد بن زيد القائم بطبرستان ثم شيدها الداعي العلوي قبة على القبر لها بابان و بنی حولها سقفین و احاطهما بسور وكان ذلك عام 280ه .

الحائر في الدور البویهی

وفي عام 371 ه شید عضد الدولة البويهي قبة ذات أروقة وضريحاً من العاج وعمّر حولها بيوتاً وأحاط المدينة بسور . وعضد الدولة هذا هو الذي أمر بإعادة مشهد الحسين بن علي علیه السلام بعد أن كان الخليفة المتوكل قد أمر عام

ص: 36


1- نزهة اهل الحرمين في عمارة المشهدين / للسيد حسن الصدر ص 36 و 37.
2- کلشن خلفاء / لمرتضى نظمي زاده ص 90 (1971م) نقله إلى العربية موسی کاظم نورس .

236ه/850 م بهدم قبره وهدم ما حوله من المنازل وبأن يحرث ويبذر ويسقي و كان يزعم البعض أن رأس الحسين ( سيد الشهداء ) علیه السلام يوجد في رباط صغير من مدينة مرو وذلك في القرن الرابع الهجري ، ويقول المقريزي : أن رأس الحسين علیه السلام حمل من عسقلان إلى القاهرة ووصل إليها في عام 548 ه/1153 م. ویری این تيمية أن هذا باطل باتفاق أهل العلم وان احداً من أهل العلم لم يقل أن رأس الحسين علیه السلام كان بعسقلان . وفي سنة 356 ه توفي معز الدولة ، وبناء على وصية عماد الدولة صار عضد الدولة ابو شجاع ابن ركن الدين ملكاً على فارس و كان اميراً شهيراً قام ببناء الكثير من الأمكنة في النجف و کربلاء المشرفة (1) . وفي عام 399ه / 1009م توفي ابو العباس الكافي الوزير بالري و كان قد أوصى قبل موته أن يدفن في مشهد الحسين فكتب ابنه إلى العلويين ان يبيعوه تربة بخمسمائة دينار فقال الشريف إذ ذاك هذا رجل التجاً إلى جوار جدي ولا آخذ لتربته ثمناً وأعطيت للرجل تربة من غير أن يدفع شيئاً ولم يصل الينا وصف لداخل مشهد الحسين علیه السلام بكربلا قبل وصف ابن بطوطة في القرن الثامن الهجري أما ما قبل ذلك فيذكر ان القبر كان يغطى بقماش تاریز و حوله شموع مضاءة (2). وتقدمت کربلاء على عهد البويهيين الديالمة تقدماً ملموساً (3) وازدهرت ازدهاراً واسعاً وتقدمت معالمها الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، فاتسعت تجارتها واخضلت زراعتها ، و اینعت علومها وآدابها ، فدبت في جسمها روح الحياة والنشاط ، فتخرج منها علماء فطاحل و شعراء مجيدون ، وتفوقت في مركزها

ص: 37


1- کلشن خلفاء ص 83.
2- الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري / لآدم متز. نقله إلى العربية محمد عبد الهادي ابو ريدة ص 112.
3- للسيد محسن الأمين بحث موسع عن تاريخ آل بویه في موسوعته ( أعيان الشيعة )ج14 ص 240 وذكر لنا ان اول ملوكهم ثلاثة هم عماد الدولة علي ابو الحسن وركن الدولة ابو علي الحسن ومعزالدولة ابو الحسن احمد اولاد ابي شجاع الدولة .

الديني المرموق . وقد أطنب ابن الأثير في تاريخه في مآثر عضد الدولة وما تقدم به من الخدمات الجليلة نحو الحرمين الشريفين في مكة والمدينة و نحو المشهدین المقدسين في الحائر والغري . ولا تنكر أعماله العظيمة ومآثره الإسلامية الجليلة فقد بالغ في تشييد الأبنية حول المشهد الشريف في الحائر فجدد تعمير القبة ، وشيد الأروقة من حوله ، و بالغ في تزيينهما وتزيين الضريح بالساج والدیباج و عمر البيوت والأسواق من حول الحائر و عصم مدينة كربلاء بالأسوار العالية فجعلها كحصن منيع (1) واقتفى أثره عمران بن شاهين أحد أمراء البطائح فبنى المسجد والرواق الخلفي الملحق بالروضة الحسينية المعروف باسمه . وأشار اليه السيد ابن طاووس بقوله : أنه هو الذي بنى الرواق المعروف برواق عمران في المشهدين الشريفين الغروي و الحائري على مشرفهما السلام(2). وقد جاء في ( الكامل ) الابن الأثير في ترجمة عمران بن شاهين النص التالي : كان عمران بن شاهين في بدء حياته صیاداً قطاع الطرق أغار على البطيح فاستولى عليه وذلك في أواسط القرن الرابع الهجري ، فلما استتب له الأمر بالبطيح أخذ يعيث فساداً في البقاع المجاورة له حتى استولى ذعره على أكثر الساكنين المجاورين له فشكى أمره إلى السلطان عضد الدولة بن بويه الديلمي فسار على رأس جيش عرمرم للقضاء على حصون عمران بن شاهين ودك فلاعه . فلما وصل عضد الدولة إلى البطيح كان عمران بن شاهين متحصناً في قلعته فلم يتمكن السلطان البويهي من تحطيم حصونه فأمر جنده بفتح الماء على قلاعه وغرق البطيح وشد في الحصار عليه فترك عمر پان ابن شاهين البطيح وولى هارباً من وجه السلطان البویهي (3). روى المجلسي في ( البحار ) والسيد ابن طاووس في ( فرحة الغري ) : عندما فر عمران بن شاهين من وجه السلطان البویهي لاذ بقبر الأمام علي بن أبي طالب علیه السلام فرأى في المنام علي بن

ص: 38


1- تاریخ کربلاء وحائر الحسين / الدكتور عبد الجواد الكليدار ص 171 (الطبعة الثانية).
2- فرحة الغري / للسيد ابن طاووس ص 67.
3- تاريخ الكامل / لأبي الحسن علي بن الأثير - المجلد 8 ص 176 و 177.

أبي طالب علیه السلام فقال له : يا عمران سیقدم العبد فنا خسرو لزيارة هذه البقعة فلذ به سيفرج عنك فلما استيقظ نذر بناء أروقة في المشهد الغروي و آخر في المشهد الحائري لوتم له ذلك ، ولما قدم عضد الدولة لزيارة قبر علي بن أبي طالب علیه السلام رأي شخصاً ملاصقاً جدار الروضة فسأله عن حاجته فخاطبه عمران بن شاهين باسمه الحقيقي فاندهش السلطان من معرفة هذا الشخص من اسمه أي ( فنا خسرو ) فقص عليه عمران منامه فعفى عنه السلطان و أولاه امارة البطيح ثانية فقام من ساعته و بنی رواقاً في حرم الأمير بالمشهد الغروي وآخر في الحائر الشريف وبني بجنبه مسجدأ وهو أول من ربط حرم الحائر بالرواق المعروف باسمه رواق ابن شاهين (1). وذكر الفاضل المعاصر السيد محمد صادق بحر العلوم في كتابه ( سلاسل الذهب ) آن رواق ابن شاهين في الجانب الغربي من الحائر الشريف المعروف اليوم بر واق السيد ابراهيم المجاب وبنى بجنبه مسجداً سمي باسمه ذكره ابن بطوطة الطبخي في رحلته وكان هذا المسجد موجوداً إلى أيام الصفويين فاستثنوا بدمج المسجد في الصحن فأدمج في الصحن وبقي من المسجد أثره حتى اليوم وهو محل خزن مفروشات الروضة الحسينية خلف الإيوان المعروف بالایوان الناصري وتم ذلك البناء أي بناء الرواق و المسجد المعروف برواق مسجد ابن شاهين في سنة 367 ه (2) . وقد أدلى المرحوم السيد حسين القزويني الحائري برأيه أنه شاهد متانة بناء هذا المسجد عند الحفريات الأخيرة في المشهد الحسيني ، فكان سمك الأساس يقرب من 3 أمتار .

وفي عام 407 ه أصاب الحريق حرم الحسين علیه السلام حيث كان مزیناً بخشب الساج وذلك على أثر سقوط شمعتين كبيرتين في حرم الحسين علیه السلام (3)، كما يؤكد على

ص: 39


1- البحار / لمحمد باقر المجلسي ج 10 طبع إيران .
2- سلاسل الذهب / السيد محمد صادق بحر العلوم ( مخطوط ) في عدة أجزاء .
3- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ا لأبي الفرج سبط ابن الجوزي ج 7 ص 28 (طبع حیدر آباد ). وانظر تاریخ ابن الأثير ج 9 ص 102 ونزهة أهل الحرمين للسيد حسن الصدر ص 21 وأعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج 4 ص 306.

ذلك ابن تغري بقوله : السنة الحادية والعشرون من ولاية الحاكم منصور على مصر وهي سنة سبع وأربعمائة وفيها احترق مشهد الحسين بن علي علیه السلام بكربلاء من شمعتين غفلوا عنهما (1) . وجدد البناء على عهد البویهيين غب ذلك الحريق ، حيث قام الحسن بن الفضل وزير الدولة البويهية بإعادة البناء نفسه مع تشييد السور .

الحائر في عهد السلاجقة

وفي النصف الثاني من القرن الخامس الهجري زار الحائر الشريف السلطان ملکشاه السلجوقي مع وزيره نظام الملك عندما كان ذاهباً للصيد في تلك الأنحاء وذلك في سنة 479 ه (2) وأمر بتعمير سور الحائر (3) . وفي سنة 529 ه مضى إلى زيارة على ومشهد الحسين عليهما السلام خلق لا يحصون وظهر التشيع (4) . وفي ربيع الآخر سنة 553 ه خرج الخليفة المقتفي بالله بقصد الأنبار و عبر الفرات وزار قبر الحسين علیه السلام (5).

الحائر في العهد المغولي ( الايلخاني)

إثر انقراض الدولة العباسية وظهور الدولة الايلخانية سنة 656ھ قدم بغداد هولاكو ، وعند استيلائه على العراق اجتمع فريق من أقطاب الشيعة فقرروا مفاتحة هولاكو ومكاتبته يسألونه الأمان ، وانفذ هولاكو فرماناً بطيب قلوب الشيعة . وبعد ذلك أخذت جحافل المغول تغزو مدن الفرات الأوسط وجنوب

ص: 40


1- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة / لابن تغري بردی ج 4 ص 241.
2- الكامل / للمبرد ج9 ص15 .
3- المنتظم / لابن الجوزي ج 9 ص 29.
4- المنتظم / لابن الجوزي ج 10 ص 53.
5- المنتظم / لابن الجوزي ج 10 ص 181.

العراق . وقد استسلمت بعض مدنه دون أية مقاومة ، لولا بعض المدن التي سلمت من هجمات المغول . يقول العلامة الحلي في كتابه ( کشف اليقين في باب أخبار مغیبات أمير المؤمنين ) سبب سلامة أهل الكوفة و الحلة والمشهدين الشريفين إلى ما ذكره والده الشيخ سدید الدين لهولاكو من أخبار أمير المؤمنينعیه السلام بعمارة بغداد و ملك بني العباس وأحوالهم وأخذ المغول الملك منهم(1). ويؤيد ماذهب اليه الداودي في كتابه ( عمدة الطالب ) فقال : ان مجد الدين محمد بن طاوس خرج إلى هولاكو وصنف له كتاب ( بشارة المصطفى ) و سلم الحلة والنيل والمشهدين الشريفين من القتل والنهب ورد اليه حكم النقابة بالبلاد الفراتية (2) . وفي سنة 662 ه زار المشهد الحائري جلال الدين ابن الدواتدار الصغير ، فشرع في بيع ماله من الغنم والبقر والجواميس وغير ذلك ، واقترض من الأكابر والتجار مالاً كثيراً ، و استعار خيولاً وآلات السفر وأظهر أنه يريد الخروج إلى الصيد وزيارة المشاهد وأخذ والدته وقصد مشهد الحسين عليه السلام ثم توجه إلى الشام فتأخر عنه جماعة ممن صحبه من الجند لعجزهم (3).

وكانت کربلاء إذ ذاك غارقة في دياجير الظلام ، ترزح تحت وطأة الفقر والجهل ، ولم تلق عناية من هؤلاء المغول الفاتحين . ولا يخفى أن الحياة والخصب في كربلاء متوقفة على تدفق الماء الذي كان ينساب اليها فيما مضى عبر نهر العلقمي الذي كان قد انطمر و اندرس نتيجة عدم العناية بكريه وتنظيفه ، وسكنة کربلاء آنذاك هم وجوه الأشراف من العلويين والمنقطعين في جوار الحسين علیه السلام ولم يكن لهم القدرة على القيام بأعباء ذلك (4) .

ص: 41


1- کشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين / للعلامة الحلي ص 17 وانظر : الحوادث الجامعة / لاين الفوطي ص 330.
2- عمدة الطالب / للسيد أحمد الداودي ص 178.
3- تاريح العراق بين احتلالين / المحامي عباس العزاوي ج 1 ص 248.
4- مجلة الأقلام / الجزء 9 السنة 4 مقال ( کربلاء في العهد المغولي الأيلخاني ) بقلم : عادل عبد الصالح الكليدار .

وكان السلطان ارغون بن اباقاخان بن هولاكو معروفاً بحبه الشديد لآل البيت مما بذل من السعي المحمود في حفره نهر جديد يخرج من الفرات ويدفع ماءه إلى سهل كربلاء (1) وسمي هذا النهر ( الغازاني الأعلى ) تمييزاً لنهرين آخرين حفر مما غاز ان أيضاً . يقول مؤلف الحوادث الجامعة : وفي سنة ثمان وتسعون وستمائة توجه السلطان غازان إلى الحلة وقصد زيارة المشاهد الشريفة وأمر للعلويين والمقيمين بمال كثير ثم أمر بحفر نهر من أعلى الحلة فحفر وسمي بالغازاني وتولى ذلك شمس الدين صواب الخادم السكورجي وغرس الدولة (2) . وجاء اولجياتو محمد خدابنده خلفاً لأخيه غازان الذي وافاه الأجل سنة 703ه وكان هو الآخر مهتماً بالعمران وبناء المدن واقتفى أثره واهتمامه بالمشاهد والعلويين وقد اعتنق اولجياتو المذهب الشيعي على يد العلامة الحلى الحسن بن يوسف بن المطهر اثر زيارته للنجف الأشرف (3) ومما يذكر عن هذا القرن ان ابن الفوطي تعرض إلى ذكر شخصية معروفة ذلك هو ( عز الدين أبو عبد الله ابن أبي السعادات الحسيني العبدلي ) فقال : من سكان المشهد الحائري على حاله أفضل السلام والتحية رأيته في تبريز سنة سبع وسبعمائة وهو من التجار الذين يترددون إلى بلاد الشام وهو شریف النفس (4).

ومن أدباء هذه الفترة عز الدين الحسن ابن الشيخ محمد بن علي بن معتوق بن نائل الحائري الكاتب هاجر شاباًإلى بغداد و کتب بها التمغات وله شعر رآه ابن الفوطي ، وذكر أنه ولد سنة ست وخمسين وستمائة (5).

ص: 42


1- لفوز بالمراد في تاريخ بغداد / للأب انستاس ماري الكرملي ص 13.
2- الحوادث الجامعة / لابن الفوطي ص 97.
3- روضات الجنات/ للسيد محمد باقر الخونساري ج 2 ص 279.
4- الحوادث الجامعة / لابن القوطي ج14: 121.
5- الحوادث الجامعة / لاين الفرطي ج 14 : 106.

وفي أواسط عهد أبي سعيد (716 - 736 ه ) دب النزاع بين القبيلتين العلويتين آل فائز وآل زحيك كما صرح بذلك الرحالة الطبخي ابن بطوطة الذي زار الحائر سنة 726ه، وفي أواخر عهد أبي سعيد خمدت نار الفتنة وعادت المياه إلى مجاريها الطبيعية .

الحائر وتعمیرات الجلائريين

أما بناء القبر الموجود حالياً فقد جدده السلطان أو ليس الايلخاني الجلائري، كما أنه جدد قبر أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام . هذا وكان إكمال بناء الحرم الحسيني السنة السابعة والستين والسبعمائة 767 ه ، وقد أمر بتشييده السلطان أويس الأيلخاني و أتمه وأكمله ولده السلطان حسین(1) حيث أتم الابن ما بدأه الاب من تشييد ، وشيد البهو الأمامي للروضة المعروف بايوان الذهب . أما الرواق الغربي للروضة فقد شيده عمران بن شاهين - كما مر بنا آنفا - ويعرف اليوم برواق السيد ابراهيم المجاب . ويطلق على الرواق الشرقي برواق آغا باقر البهبهاني شيخ الطائفة الأصولية في عصره ، وعلى قبره صندوق خشبي بديع الصنع . وفي الواجهة الأمامية الروضة رواق حبیب بن مظاهر الاسدي. أما الرواق الشمالي للروضة فيعرف برواق الشاه نسبة إلى وجود مقبرة بعض الملوك القاجاريين ، ويقع خلف مسجد عمران بن شاهين.

الحائر في العهد الصفوي

وفي سنة 914 ه فتح الشاه اسماعيل الصفوي(2) بغداد، ثم زار کربلاء فأمر

ص: 43


1- بغية النبلاء في تاريخ كربلاء للسيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 38 .
2- جاء في دائرة المعارف الاسلامية ( المجلد الثاني ص 175) : توفي الشاه اسماعيل الأول عام 930 ه =1524م بأردبيل حيث توجد مقابر الصفويين هناك .

بتذهیب حواشي الضريح الحسيني ، وأهدى اثني عشر قنديلاً من الذهب ، كما أهدى الشاه نفسه شبكة فضية أي صندوقاً بديع الصنع للحائر المقدس. ويظهر ان الصندوق الذي أمر به الشاه اسماعيل لم يتم إلا في عام 932ه .

و يروي عباس العزاوي في حوادث سنة 914 ه قائلاً : وفي اليوم التالي (أي في 26 جمادی الثانية ) ذهب الشاه اسماعيل إلى زيارة كربلاء المشرفة وصنع الصندوق المذهب للحضرة ووقف فيه اثني عشر قنديلاً من الذهب و فرش رواق الحضرة بأنواع المفروشات القيمة . واعتكف هناك ليلة ثم رجع في اليوم التالي متوجهاً إلى الحلة ومنها إلى النجف (1). وتوجد على غرفة القبر الشريف رخامة كتب عليها نص العبارة التالية : ( قد عمّر هذا المكان بهمة آغا حسین خان شجاع السلطان في 14 محرم سنة 1325 هجرية . وقد بذل الشاه صفي الدين الصفوي الكثير من الأموال لأجل تعمير الروضة الحسينية خلال عام 1042 ه ، ووسع المسجد الكبير الملحق بالحائر الحسيني .

ويخال إلينا إن ما أشار إليه المجلسي في كتاب المزار كان المراد منه هذه التعميرات التي جرت في الجهة الشمالية من الصحن فيقول : الأظهر عندي أي (الحائر) مجموع الصحن القديم لا ما تجدد منه في الدولة العلية الصفوية إذ لم يتغير الصحن من جهة القبلة ولا من اليمين ، بل إنما زيد من خلاف الجهة الشمالية من الصحن .

وفي سنة 984 ه مات الشاه طهماسب الصفوي مسموماً وخلفه ابنه اسماعیل مرزا الذي كان سجيناً في قلعة الموت ، وفي هذه الأيام صدرت الإرادة الهمايونية بتعيين علي باشا الوند والياً على بغداد وبأمر من السلطان شید ضريح سيد شباب أهل الجنة وقرة عين أهل السنة الإمام الحسين رضي الله تعالى عنه وكذلك شید

ص: 44


1- تاریخ العراق بین احتلالین / عباس العزاوی ج 3 ص 316.

المسجد والرواق والقبة وعمّر أيضاً قباب شهداء كربلاء (1). وقد أمرت زوجة نادر شاه كريمة السلطان حسين الصفوي بتعمير المسجد المطهر عام 1153 ه ، و أنفقت لذلك أموالاً طائلة (2) .

الحائر في العهد القاجاري

تم تذهیب قبة الحسين علیه السلام على عهد القاجاريين ثلاث مرات ، فقام السلطان آغا محمد خان ( الخصي ) مؤسس الدولة القاجارية في إيران بتذهیب القبة السامية للسنة السابعة بعد المائتين والألف الهجرية . وبهذه المناسبة نظم الميرزا سلمان خان المشهور بصباحي الشاعر أبياتاً بالفارسية مؤرخاً هذا التذهيب بقوله :

کلك صباحي از این تاریخ او نوشت *** و در گنبد حسين علي زیب یافت رز(3)

1207 ه

أما التذهيب الثاني فقد حصل في عهد السلطان فتح علي شاه القاجاري لأن التذهيب الأول كان قد اسودّ ، فكتب إليه أهالي كربلاء بذلك ، فأمر الشاه تواً بقلع الأحجار الذهبية القديمة واستبدالها بالذهب الجديد(4) . كما انه أهدى شبكة فضية بتاريخ 1214 ه، وهي اليوم ما زالت موجودة على القبر الشريف، وفي هذا الدور تبرعت زوجته بتذهيب المأذنتين.

وفي عام 1232 ه جرت اصلاحات كثيرة للحائر بعد غارة الوهابيين على يد

ص: 45


1- کلشن خلفا / ص 208.
2- تاریخ کربلاء المعلى / ص 15.
3- بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ص 76.
4- تاریخ کربلاء وحائر الحسين / ص 262.

السلطان المذكور بهمة المرحوم الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء . وقام نجله محمد على مرزا القاجاري بتعمير الحائر أيضاً وتزيين الحرم وما يحتاجه من تعمير . وتم التذهيب الثالث للقبة من قبل السلطان ناصر الدين شاه القاجاري حفيد فتح علي شاه حيث جدد بناءها وقسماً من تذهيبها في سنة 1273 ه كما يتضح ذلك من الكتيبة التي نقشت على القسم الأسفل من القبة نفسها. ويبلغ ارتفاع القبة 15 متراً . وقد وسع السلطان ناصرالدين شاه الجانب الغربي من الصحن وجدد بناءه حيث وجه کبیر علماء ایران المرحوم الشيخ عبد الحسين الطهراني سنة 1276 ه من أجل اصلاح و تجدید و تعمير الصحن الشريف (1). وقد تمّ تجدید صندوق الخاتم للقبر المطهر في هذا العهد بالذات ، فقد جدده خان جان القاجار في سنة 1225 لأن الوهابيين كانوا قد كسروا هذا الصندوق و أحرقوه في سنة 1216 ه(2) .

وتعلو الضريح الأواني الذهبية المرصعة بالأحجار الكريمة ، وفي كل ركن من أركانه رمانة من الذهب الخالص يبلغ قطرها نحو نصف متر، ويتصل بهذا المشبك الخارجي مشبك آخر لا يختلف عنه بمزية من مزاياه ولا يوجد أدنى حاجز بينها إلا أنه يقصر بمتر واحد من كل من جانبيه ، وقد رقد تحته علي بن الحسين ( الأكبر ) علیه السلام الذي استشهد مع أبيه في يوم واحد فدفن إلى جانبه . وأمام هذا المشبك ساحة مقدسة لمراقد الشهداء الذين استشهدوا مع الإمام، وفي زاوية من هذه الساحة مشبك من الفضة يتصل بالحائط يمثل مراقد الشهداء .

ومما يناسب المقام ان هناك أبياتاً نقشت على كتيبة داخل الفريح الحسيني وهي من قصيدة مطولة لأمير المراني الشاعر السيد حيدر الحلي :

یا تربة الطف المقدّسة التي *** هالوا على ابن محمد بوغاءها

حيت ثراك فلاطفته سحابة *** من كوثر الفردوس تحمل ماءها

ص: 46


1- المصدر السابق / ص 224.
2- المصدر السابق / ص 265.

واریت روح الأنبياء وإنما *** واریت من عين الرشاد ضياءها

فلأنهم تنعى الملائك من له *** عقد الإله ولاءهم وولاءها

ألآدم تنعى وأين خليفة ال *** رحمن آدم كي يقيم عزاءها

و بک انطوى وبقية الله التي *** عرضت وعلم آدم اسماءها

أم هل إلى نوح وأين نبيّه *** نوح فيسعد نوحها وبكاءها

ولقد ثوى بثراك والسبب الذي *** عصم السفينة مغرقاً أعداءها

أم هل إلى موسى وأين كليمه *** موسى لكي وجدة يطيل نماءها

ولقد توارى فيك والنار التي *** في الطور قد رفع الإله سناءها(1)

وقد بذلت الدولة القاجارية اهتماماً ملحوظاً وأجرت اصلاحات واسعة وأرصدت مبالغ طائلة للحائر الشريف ، إلا ان الاصلاحات تلك توقفت بعد اعلان الدستور العثماني سنة 1908 میلادية ، أي من أوائل القرن الرابع عشر الهجري إلى ما بعد منتصفه .

الحائر في العصر الحاضر

وفي هذا القرن أي في سنة 1355 ه زار كربلاء السلطان طاهر سيف الدين الداعية الاسماعيلي فأشرف على الحائر ومد يد المساعدة له ، وذلك فقد أمر بتجديد شباك الضريح الحسيني المقدّس من الفضة الخالصة ، وقد صنع في الهند سنة 1358 ه. كما وتبرع بعض الوجوه بالهمة التي بذلها السيد عبد الحسين السيد علي آل طعمة سادن الروضة الحسينية بمبلغ من المال لتجديد هيكل الضريح ، فتم ذلك في سنة 1360 ه.

ص: 47


1- لقد سمى لتدوين هذه الأبيات السيد عبد الحسين آل طعمة سادن الروضة الحسينية ، واعتزازا بها أراد خطها على الضريح الشريف ، ولا تعذر خطها في كربلاء لندرة الخطاطين حينذاك ، جلب خطاطا من شیراز لأجل ذلك .

وبهذه المناسبة نظم الخطيب الشاعر الشيخ عبد الكريم النايف الحائري قصيدة أرخ بها تجديد الضريح ، قال فيها :

جددوا للحسين خير ضريح *** قد تسامى على الضراح المقاما

وعليه عز الملائك يترى *** وعلى ابن البتول تتلو السلاما

ذلا حوله تطوف وتبكي *** بدموع تحكي السحاب انسجاما

و الوری بالخضوع تلثم منه *** صفحات بها تنال المراما

قلت بشراً بنصبه أرخوه *** ( تام بالأمن جاره لن يضاما )

1360 ه

وللخطيب الشاعر الشيخ محمد علي اليعقوبي أبيات أثبتت على الضريح الحسيني كتبت بماء الذهب وهي:

زر بالطفوف ضریح قدس و اعتكف *** بجاه حيث ترى الملائك عكفا

طف واسع فيه مقبلاً أركانه *** ما الركن ما البيت الحرام وما الصفا

فيه حشی الزهراء قرة عينها *** وفؤاد حیدرة وروح المصطفى

تالله لم يكن الضراح وان علا *** باجل من هذا الضريح و أشرفاً

ثم انعطف نحو ابنه متذكراً *** قول الحسين له على الدنيا العفا

وقد ركز البيت الأخير على قبر علي الأكبر ابن الإمام الحسين عليه السلام . وفي الواجهة الشمالية من الروضة الحسينية تقع خزانة الروضة ، ففيها من الذخائر النادرة التي لا تثمن ، وتحتوي على المصاحف الخطية القديمة الثمينة الموقوفة في الروضة الحسينية المباركة في أوقات مختلفة ، كما تحتوي على الطنافس ( الزوالي) الثمينة القديمة المطرزة باللؤلؤ والمرجان و المجوهرات والتحف ذات الشأن التي أهديت من ملوك ایران والهند و الاقطار الإسلامية وامرائها ، كما توجد فيها

ص: 48

قناديل ذهبية خالصة وأواني ذهبية وفضية ونحاسية (1). وفي الجانب الغربي من الخزانة المذكورة توجد مكتبة الروضة الحسينية وفيها المصاحف الثمينة المحفوظة داخل مكاتب مصنوعة من خشب الساج .

ولعل من المفيد هنا أن ندون الوصف الرائع الذي دیحه براع الرحالة العباس ابن علي المكي الحسني الموسوي المتوفي حدود سنة 1180 ه عن المشهد الحسيني في القرن الثاني عشر الهجري فقال : وفي سادس الشهر دخلنا أرض الحائر مشهد الحسين الطاهر سلام الله عليه وعلى أخيه وعلى جده و أبيه وأمه وبنيه وسائر مواليه ومحبيه :

الله أيام مضت في كربلا *** محروسة من كل كرب و بلا

مشهد الطهر الحسين ذي العلا *** ونسل خير الخلق من كل البلا

(إلى آخر القصيدة ) فتشرفت والحمد لله بالزيارة ولاح لي من جنابه الشريف إشارة ، فإني قصدته لحال وما كل ما يعلم يقال وقرت عيني بزيارة الشهيد علي الأصغر ابن مولانا الحسين الشهيد الأكبر وزيارة سيدي الشهيد العباس بن علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين . وأما ضريح سيدي الحسين فيه جملة قناديل من الورق المرصع والتحف ما يبهت العين من أنواع الجواهر الثمينة ما يساوي خراج مدينة ، وأغلب ذلك من ملوك العجم وعلى رأسه الشريف قنديل من الذهب الأحمر يبلغ وزنه منين بل أكثر، وقد عقدت عليه قبة رفيعة الساك متصلة بالأفلاك وبناؤها عجیب صنعه حكيم لبيب ، وقد أقمت شهرين بمشهد مولانا الحسين علیه السلام بلدة من كل المكاره جنة كأنها من رياض الجنة نخيلها باسقات وماؤها عذب زلال من شط الفرات وأقمارها مبدرة و أنوارها مسفرة ووجوه قطانها ضاحكة مستبشرة وقصورها كغرف من الجنان مصنوعة فيها سرر

( تراث کربلاء م _ 4)

ص: 49


1- انظر : (خزانة عتبة الروضة الحسينية) مقال كتبه منير القاضي في مجلة (المجمع العلمي العراق) المجلد 1 ص 16 - 37.

مرفوعة وأكواب موضوعة و فواكهها مختلفة الألوان وأطبارها تسبح الرحمن على الأغصان وبساتينها مشرقة بأنوار الورود والزهور وعرف ترابها كالمسك ولونها کالكافور وأهلها كرام أماثل ليس لهم في عصرهم مماثل لم تلق فيهم غير عزیز جلیل و رئیس صاحب خلق و خلق جميل وعالم فاضل و ماجد عادل يحبون الغريب ويصلونه من برهم و برهم بأوفر نصيب ولا تلتفت إلى قول ابن أياس في نشق الازهار بأنهم من البخلاء الأشرار لله خرق العادة فإنهم فوق ما أصف وزيادة :

هينون لينون ایسار ذوو کرم *** سواس مكرمة أبناء أيسار

إن يسألوا الحق يعطوه وان خبروا *** في الجهد أدرك منهم طيب أخبار

لا ينطقون عن الفحشاء آن نطقوا *** ولا مارون آن ماروا باكثار

فيهم ومنهم بعد المجد متلدأ *** ولا بعد ثنا خزي ولا عار

من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم *** مثل النجوم التي يسري بها الساري

واجتمعت بالرئيس المعظم والعظيم المفخم ذي الشرف الباذخ والفخر الوضاح مولانا السيد حسين الكليدار يعني صاحب المفتاح و بأخيه الشهم النجيب الكريم النبيل العظيم مولانا السيد مرتضي حماه الله تعالى من حوادث القضاء وبالعالم الحبر التحرير الرحلة الفهامة في الوصف الجميل والذكر الحسن مولانا الفاضل الملا أبو الحسن فجمع بيني وبين الأمير المظفر الشجاع الغضنفر البحر الغطمطم الاشد الغشمشم بحر الإحسان و معدن الكرم الامير حسين أوغلي بيك أيشك اغاسي باشي حرم سلطان العجم وكان قد استأذن من السلطان في ذلك العام أن يسير إلى العراق لزيارة الأئمة أعلام الهدى ومصابيح الظلام ، وهذا الامير من أكابر امراء أصفهان ، وهذا الخطاب الذي هو خطاب لرئيس الحجاب على أبواب

ص: 50

حريم السلطان (1).

ان الآثار التاريخية المقدسة في الروضة الحسينية هي محط احترام وتعظيم الملايين من الزائرين ومهوى أفئدة المتعطشين إلى مثوى أبي الأحرار الأمام الشهيد الحسين بن على علیه السلام . فضريحه الذي يضم رفاته ورفاة نجليه على الاكبر وعلي الاصغر أم أثر تاريخي مقدس. وفي الحضرة الحسينية ضريح الشهداء و ضریح حبیب بن مظاهر الاسدي وضريح السيد ابراهيم المجاب .

وفي الواجهة الأمامية من الروضة الحسينية طارمة خشبية (2) ذات بهو فسيح يعرف ( بايوان الذهب) وقد سجلت على جانبي جدرانه السقفية أبيات مناسبة للخطيب الشاعر الشيخ عبد الكريم النايف ، وهي :

هذه روضة قدسٍ *** حسين الطهر تسطع

تهبط الأملاك فيها *** و على الأعتاب تخضع

في بيوت أذن الله *** بأن للعرش ترفع

وفي مطلع عام 1388 ه بوشر بتهديم الطارمة الخشبية المذكورة ، وقد وصلت کربلاء في الحادي عشر من محرّم الحرام سبعة وعشرون سيارة شحن كبيرة تحمل أعمدة المرمر وجبهة الطارمة من المرمر الايراني الفاخر الصلب المستخرج من مدينة ( سنندج ) وقد جرى حجاريتها في طهران تبرع بها السيد قنبر رحيمي متمهد معادن إيران .

ص: 51


1- نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس للعباس بن علي بن نورالدین الملكي الحسيني الموسوي (الطبعة الثانية 1 - 131 - 135)
2- ويعرف هذا الأبوان بطارية ايوان الذهب ، وقد جلبت أعمدة وسقف هذا البهو من غابات الهند ، و يرجع تاريح تشييدها إلى عام 1330 ه اکسیت جدران البهو الأمامية بالذهب الأبريز .

و اهتمت رئاسة ديوان وزارة الأوقاف العراقية بارسال الرافعات اللازمة وكذلك إجراء كافة التسهيلات المباشرة الفورية بالعمل من قبل لجنة تعميرات الروضة الحسينية بنصب هذه الهدية الثمينة في محلها في الأيام القلائل المقبلة . هذا وتقدر قيمة المرمر الكاشي المعرق حوالي ربع مليون دينار.

أما الجانب الغربي من الصحن الشريف الذي أشرنا اليه سلفاً ، فقد وسعه السلطان ناصر الدين شاه ، وعلق العزاوي على ذلك بقوله : فقد وسع الشيخ عبد الحسين الطهراني المرسل من قبل ناصر الدين شاه بن محمد شاه القاجاري الضلع الغربي وجدد بناء الصحن الشريف الحسيني ، وأنشد الشيخ جابر الكاظمي الشاعر تاريخاً لهذا البناء بالفارسية في عدة أبيات وله تاريخ بالعربية أيضاً (1). وقد ظهر صدع في الايوان الوسطي المعروف بالايوان الناصري نسبة إلى بانيه ناصر الدین شاه القاجاري عام 1283ه الذي لم يوفق لا كمال بنائه ، فاضطر السلطان عبد الحميد العثماني إلى تجديد بنائه ، وتم ذلك في شعبان عام 1309 ه كما يظهر ذلك من التاريخ المثبت على الجدار الأمامي لهذا الايوان ، وعرف فيمابعدبالايوان الحميدي . وقد نقشت أبيات على الكتيبة لأحد الشعراء وفيها يؤرخ ذلك الايوان وهي :

إيوان مجد شاده کهف الورى *** سلطان غازي عالم الانسان

عبد الحميد المتقي والمرتقى *** من كل مكرمة على كيوان

من آل عثمان الذين بسيفهم *** حفظوا الثغور بسطوة الايمان

حل الحسين برحبهم فسموا به *** وبنوا بيوت الذكر للرحمان

الله شرّفهم وعظم قدرهم *** فبناؤهم من أشرف البنيان

حتى إذا ورث الخلافة منهم *** سلطاننا المقصود بالعنوان

شاد البناء بحضرة قد عطرت *** بشذا سليل المصطفى العدنان

ص: 52


1- تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاوي ج 7 ص 126.

هي حضرة كحضيرة القدس التي *** فيها تجلى الوارد السبحاني

فيها ثوى سبط النبي بطعنة *** شلت لها كف الشقي سنان

فغدا شهيد الطف تندب حوله *** مضر كما تبكي بنو شیبان

إنا لنذكره ونسكب أدمعاً *** تجري على الوجنات كالمرجان

فالصبر يحمد في المواطن كلها *** إلا عليه فإنه كالفاني

يا حبذا الايوان في أوضاعه ***جاءت مبانيه على الاتقان

قد قابل القبر الشريف بوجهه *** فتراه بين يديه في إذعان

ينحط فيه عن الورى أوزاره *** نيكال للقالين بالصيعان

رسما إلى الفلك الأثير مسلماً *** تيمين يمن العالم الروحاني

من أجل ذا ارخته ( يا حسنه *** قد شاده عبد الحميد الثاني)

1309 ه

ويقابل هذا المكان ايوان رأس الحسين الملحق برواق السيد ابراهيم المجاب ، حيث تظهر فيه زخارف الكاشي البديعة وصناعة الفسيفساء الدقيقة ، وتوجد في الواجهة الأمامية عبارة ( عمل استاذ احمد جواد شيرازي عام 1296 ه )وفي أسفلها كتيبة نقشت عليها أبيات الخطيب الشاعر الشيخ محسن أبو الحب المتوفى سنة 1305 ه ، وهي :

الله أكبر ماذا الحادث الجلل *** لقد تزلزل سهل الأرض والجبل

ما هذه الزفرات الصاعدات أسى *** كأنها شعل ترمى بها شعل

كأن نفحةصور الحشر قد فجئت *** فالناس سكرى ولا خمر ولا ثمل

قامت قيامة أهل البيت وانكسرت سفن النجاة وفيها العلم والعمل

جل الاله فليس الحزن مانعه *** لكن قلباً حواه حزنه جلل

من التجا فيه يسلم في المعاد ومن *** يجحده يندم ولم يرفع له عمل

قف عنده واعتبر ما فيه إن به *** الذي جاءت به الرسل

ما كان أعظم ما يأتيه من سفه *** امية السوء أو أشياعها السفل

ص: 53

لو راقبوا الله كانوا عهده حفظوا *** ولو أطاعوه كانوا أمره امتثلوا

والله ما خلفوه بعد غيبته في *** قطع من قطعوا أو وصل من وصلوا

سرعان ما ضيعوه في ودایعه *** أهكذا في بنيه يخلف الرجل ؟

أتلك زینب مسلوب مقلدها *** الله أكبر هذا الفادح الجلل

كأنها لم تكن تنمى لفاطمة *** أو أنها غير دين الله تنتحل

لئن بدت و حجاب الصون منتهك *** عنها فإن حجاب الله منسدل

لا برد الله قلبي إن نسيت لها *** قلباً نعارض فيه الوجد والوجل

حسين يا واحدي أورتني أبداً *** حزنا مقيماً ووجداً ليس یرتحل

حسين ياو احدي أوريت في كبدي *** داء عضالاً وجرحاً ليس يندمل

من كان خادمها جبریل کیف تری *** أضحى يحكم فيها الفاجر الرذل

لو قام يصرخ بالبطحاء صارخها *** رأيت كيف اعوجاج المجديعتدل

مهلاً أمية إن الله مدرك ما *** أدركتموه فلا تغرركم المهل

هناك يعلم من لم يدر حاصلها *** أي الفريقين منصور ومنخذل

فيه الحسين الذي لا خلق يعدله *** وفيه نوح ومن حنت له الإبل

موسى وعيسى وإبراهيم قبلها *** وهل تعادل بالرضراضة الحبل

هذي حر ائره أستارها هتكوا *** وهؤلاء بنیه بعده قتلوا

أما المسجد الكائن في القسم الشرقي من الصحن الشريف فقد قام بتجديده السيد كاظم بن السيد قاسم الرشتي المتوفى سنة 1259 ه. وفي سنة 1282ه أمرت والدة السلطان عبد المجيد العثماني بتشييد خزان لإرواء الماء في الجهة الجنوبية الشرقية من الصحن الشريف . و أرخ بناءه الشاعر الشيخ عباس القصاب فقال :

سلسبيل قد أتى تاريخه *** ( إشرب الماء ولا تنس الحسين )

1282 ه

ص: 54

ويروى عن بعض المعمرين أنه عندما أريد حفر أسس بناية هذا الخزان وجد خلال الحفر درع عتيق وسهم وقربة ، لذا اتخذ هذا المكان خزاناً للسقاية تيمناً بقربة العباس بن علي عليه السلام . وقد هدم الخزان المذكور سنة 1363ه إثر توسيع الصحن الشريف . كما أنشأ المرحوم الحاج حبيب الحافظ خزاناً آخر للماء مقابل ذلك الخزان المار ذكره . وهنالك خزان ثالث لسقاية الماء عند مدخل باب القبلة أنشىء عام 1322 ه، وقد أصبحت هذه الخزانات اليوم اثراً بعد عين.

أما القسم الشمالي من الصحن الحسيني فقد قام ببنائه الشاه سليمان الصفوي ، ويعرف الايوان الكبير الذي يتوسط ذلك القسم بإيوان ( صافي صفا ) وهو من منشآت الصفويين ، وعرف فيما بعد بإيوان ليلو ثم إيوان الوزير نسبة إلى مجدده المرحوم مرزا موسى أحد وزراء الدولة القاجارية في إيران ليكون مقبرة له ولأسرته وذلك عام 1281ه حيث جدد مرايا الايوان والكتيبة القرآنية التي كانت تزينه إضافة إلى الكاشي المعرق ، وقد ذهبت معالمه اليوم .

وفي عام 1354 ه- أرصدت مديرية الأوقاف العامة مبلغاً من المال لتسوير أسس جدار الرواق الغربي للصحن الحسيني كما خصصت المبالغ اللازمة لدفن الجهة الغربية من الصحن ، ويرجع ذلك إلى الهمة التي بذلها المرحوم السيد عبد الحسين السيد أحمد آل طعمة مدير أوقاف كربلاء المتوفى يوم 25 صفر سنة 1354 ه ، وقد بقيت أرض صحن الروضة مفروشة بالرخام الذي كان قد تبرع به السلطان ناصر الدين شاه القاجاري ، إلى أن تبرع السيد أحمد مصطفوي أحد تجار إيران بالكمية الكافية من الرخام الايراني ذي الحجم الكبير لتجديد فرش الصحن والروضة الحسنية (1).

و من الآثار الفنية التي كانت تزين الحائر الحسيني الحائر الحسيني هي ( مئذنة العبد ) الشهيرة التي كان موقعها في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن الحسيني . وقد تولى

ص: 55


1- مدينة الحسين / محمد حسن الكليدار آل طعمة ج 1 ص 44 .

بناءها في بادىء الأمر الخواجة مرجان اولجياتي ، وذلك عام 767 ه وزينها بالقاشاني ، وبنى خلفها من الجانب الشرقي من الصحن مسجداً ، وأجرى لها من أملاكه في بغداد وكربلاء وعين التمر والرحالية وغيرها أوقافاً يصرف واردها على الجامع والمئذنة . ومما يجدر ذكره أن مرجان هذا كان والياً على بغداد من قبل السلطان اويس الجلائري عام 767ه فشق عصا الطاعة ، مما اضطر السلطان إلى توجيه حملة من تبريز لاخضاعه ، فهرب مرجان نحو كربلاء ، واستجار بالحسين عليه السلام وتولى حينذاك بناء تلك المئذنة ، وعندما علم اويس بما جرى للعبد أحضره فأكرمه وعفى عنه وأعاده واليا على العراق لما قام به من خدمات جليلة في الحائر الشريف . وفي عام 982ه تم تعمير المئذنة بأمر من الشاه طهماسب الصفدي وترميمها ، وأرخ ذلك بكلمة ( انكشت یار ) وتعريبها باللغة العربية ( خنصر المحب ) وقال الشيخ محمد الساوي في ذلك

ثم بنى نجل اویس احمد *** منارتين فاستنار المشهد

حلمنا من ذهب بتلوين *** فأرخوه ( دو ستون زرین )

يعنون تاريخا (طلاهماذهب ) *** ذلك للعجم وهذا للعرب(1)

وفي عام 1308 ه أوعز البلاط العثماني بتصليح المئذنة المذكورة فأصلحت ، وفي عام 1357 ه- أمر ياسين الهاشمي رئيس الوزارة العراقية - آنذاك – بهدم المئذنة نظراً للاعوجاج الذي ظهر عليها كما دلت التقارير التي استلمتها مديرية الأوقاف العامة ، فكان هدمها جبراً ، وبذلك خسر الفن المعماري أثراً تاريخياً رائعاً قل أن يجد الحائر نظيراً له (2) . وتم ذلك في عهد صالح جبر متصرف لواء كربلاء عام 1354 ه- / 1355 ه- وأرخ هدمها الخطيب الشاعر الشيخ عبد الكريم النايف قائلا :

ص: 56


1- مجالي اللطف بأرض الطف / الشيح محمد السماوي ص 42.
2- تاریح كربلاء وحائر الحسين / د . عبد الجواد الكليدار ص 240 ومدينة الحسين1 / 34 و 35 .

منارة العبد بصحن الحسين *** بناؤها أرخ ( انكشت یار)

وهدمها أعلن تاريخه *** (ما جاء إلا لجا الاضطرار)

1355 ه

ومن الآثار المندرسة في الحائر المقدس ( الصحن الصغير ) الذي يقع خلف مئذنة العبد ، ومنه يذهب الزائر إلى الروضة العباسية ، وقد شيد في عهد بني بويه الديالمة في القرن الرابع الهجري ، واحتوى على مئذنتين تقعان عند مدخل باب الصحن المذكور من الجهة الشمالية .

ثم شيدت تحت المئذنتين مقبرتان بأمر من نجيب باشا عام 1262 ه كما يتضح من الكتابات الموجودة في مدخليها . وكانت إحدى المقبرتين عائدة لأسرة السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط و الأخرى عائدة لأسرة السيد محمد مهدي بن السيد علي الطباطبائي . ويحوي الصحن الصغير أيضا مقبرة آل بویه الخاصة ببعض أفراد عائلتهم ، وقد اكتشفت عام 1292ه. وكان البویهيون قد اتخذوا هذا المكان مدفناً لهم لوقوعه على طريق الزوار القاصدين إلى الروضة العباسية .

كما توجد في هذا الصحن مقبرة المرحوم السيد مهدي الصافي جد أسرة السادة آل الصافي بكربلاء ، وتقع عند مدخل الباب المعروفة باسمه ، والتي تعرف اليوم بباب الشهداء . وقد نقشت على الجبهة الأمامية للباب أبيات بالقاشاني للسيد محمد هادي الصدر قاضي كربلاء آنذاك ، وهي :

أبا الشهداء حسي فيك منجي *** يقيني شر عادية الزمان

إذا ما الخطب عبّس مكفهراً *** وجدت ببابك العالي أماني

وها أنا قد قصدتك مستجيراً *** لأبلغ فيك غايات الأماني

فلا تردد بدي وأنت بحر *** يفيض نداه بالمنن الحسان

وكان الصحن الصغير آية في الفن المعماري وهندسة البناء ، فهو من الأبنية

ص: 57

الأثرية التاريخية المهمة ، إلا أنه تناولته أيدي الهدم يوم 16 محرم عام 1368 ه الموافق 1948/11/18م على عهد عبد الرسول الخالصي متصرف لواء كربلاء يومذاك .

وتعلو الروضة الحسينية المقدسة كلها قبة شاهقة مطلية بالذهب الابريز ، وقد قام السلطان مراد الرابع العثاني بتعميرها وتجديدها وجصصها من الخارج وذلك سنة ثمان وأربعين و الف . كما قام آغا محمد خان (الخصي) مؤسس الدولة القاجارية إيران بتذهيب القبة السامية للسنة السابعة بعد المائتين والألف الهجرية.وبهذه المناسبة نظم المرزا سلمان خان المشهور بصباحي الشاعر أبياتاً أرخ فيها هذا التذهيب فقال :

كلك صباحي ازين تاريخ اونوشت *** در گنبد حسين علي زيب يافت زر(1)

وقد تم تذهيب القبة على عهد السلطان ناصر الدین شاه القاجاري ، حيث جدد بناءها وقسماً من تذهيبها في سنة 1273ه- كما يتضح ذلك من الكتيبة المنقوشة على الحزام الأسفل للقبة نفسها . ويبلغ ارتفاع القبة المذكورة 15 متراً من قاعدتها إلى قمتها . وجدد بناء القبة في سنة 1371ه- /1951م ورصعت بالأحجار الذهبية ، ويحيطها من الأسفل 12 شباكاً ترتفع على جنبيها مئذنتان شاهقتان مكسوتان بالذهب الخالص ، تتجلى الريازة الإسلامية فيها ، وهما على بعد 10 أمتار من جنوب القبة . ويبلغ ارتفاع كل منها ابتداء من سطح بناء الروضة حوالي 25 متراً ، سمكها 4 أمتار . وفي جانبي الصحن ساعتان دقاقتان كبيرتان مثبتتان على برج شاهق إحداهما فوق باب القبلة والأخرى فوق المسجد في الجهة الشرقية للصحن ، وقد نقلت إلى الجهة الغربية فوق إيوان الناصري ( باب رأس الحسين ) .

ص: 58


1- بغية النبلاء في تاريح كربلاء / للسيد عبد الحسين الكليدار ص 76.

وتمتاز الروضة الحسينية المطهرة بسعة صحنها وكثرة أواوينها الجميلة المزخرفة ، ويبلغ طول الصحن 95 متراً وعرضه 75 متراً ، وله عشرة أبواب : باب القبلة ، باب الرحمة وهما يقعان في الجنوب ، وباب قاضي الحاجات ، وباب الشهداء وباب الكرامة ، تقع في شرقي الصحن . وباب السلام وباب السدرة ، موقعها في شمال الصحن . أما في الغرب فتقع باب السلطانية وباب رأس الحسين وباب الزينبية . ولكل باب من هذه الأبواب طاق معقود بالفسيفساء البديع .

ويحيط بالروضة المطهرة (65) إيواناً يوجد في كل إيوان حجرة زينت جدرانها من الداخل والخارج بالفسيفساء ، وقد أعدت هذه الحجرة ليتلقى طلاب العلم ، وأعد البعض الآخر منها مقابر للسلاطين و الملوك و كبار العلماء ورجال الدين وبعض الأسر المعروفة.

أما تولية سدانة الروضة الحسينية(1) المقدسة ، فقد تناولها الخلف عن السلف ، وتنقلت بين الأسر العلوية القديمة من آل ابراهيم المجاب الذين قطنوا الحائر الشريف في أوائل عهده وآل ابراهيم المرتضى الأصغر بن الإمام الكاظم علیه السلام، تخرج منهم ثم تعود اليهم ، كما صرح بذلك السيد جعفر الأعرجي في كتابه ( مناهل الضرب ) . وقد تسلم مقاليد الروضة الحسينية اليوم الحاج السيد عبد الصالح بن السيد عبد الحسين الكليدار بن السيد علي الكليدار بن السيد جواد الكليدار بن السيد حسن بن السيد سليمان بن السيد درويش بن السيد أحمد بن السيد يحيى آل طعمة من آل فائز الموسوي الحائري المولود في كربلاء سنة 1911م / 1329ه ، وهو يدير شؤون هذه العتبة المشرفة حتى هذا اليوم على أحسن ما يرام ، حفظه الله ووفقه لما فيه الخير.

ص: 59


1- انظر کتاب ( مدينة الحسين ) للسيد محمد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة ( فصل سدانة الروضة الحسينية ) ج 1 ص 76.

الصورة

صورة تاريخية للباب الفضي في مدخل الروضة الحسينية التقطت في شوال سنة 1339 ه/ 1921 م

من اليمين : المرحوم السيد سلمان الوهاب آل طعمة ، المرحوم السيد حسين الوهاب ، أحد حاشية الملك ، المرحوم السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة سادن الروضة الحسينية ، المرحوم الملك فيصل الأول باللباس المربي ، عبد الله المضايفي ، المرحوم السيد محمد رضا زيني ، المرحوم السيد كاظم السيد أحمد النقيب ، المرحوم السيد محمد حسن آل طعمة رئيس خدمة الروضة الحسينية ، المرحوم السيد مصطفى الكليدار آل طعمة .

ص: 60

تاريخ الروضة العباسية

العباس بن علي بن أبي طالب علیه السلام أشهر من أن يعرف ، فهو أحد أفذاذ العلويين الذين طبقت شهرتهم الآفاق . فقد خاض المعركة الدامية في حادثة الطف وصمد فيها صمود الأبطال ، وقاوم بني أمية مقاومة عنيفة ، حتى أنفاسه الأخيرة فسقط صريعاً تحت مشتبك النصول على مشرعة الفرات ، حيث نهر العلقمي الذي كان يجري من الشمال إلى الجنوب ماراً بمرقد سيدنا العباس علیه السلام فاستشهد في هذا المكان من أجل أن يأتي بالماء لأخيه الحسين علیه السلام ، وأهل بيته وصحبه الأبرار . وقد أبت نفسه الكريمة أن يلتذ يجرعة من الماء يتلظى عطشاً ، وقد ورد المشرعة ، إذ تذكر عطش أخيه الحسين وصبيته الأبرياء ، ومن هنا أطلق عليه لقب ساقي عطاشى كربلاء تارة وبطل العلقمي تارة أخرى وحامي الضعينة والعبد الصالح وسبع القنطرة وقمر بني هاشم والضيغم والغضنفر إلى غير ذلك من المسميات التي اتصف بها .

يقع مرقده الشريف على بعد 300 متر على وجه التقريب من الجهة الشمالية الشرقية من حائر الحسين علیه السلام . وقد قيض الله لتشييد عمارة مرقده أناساً أجذلوا بذلهم بالعطاء والسخاء المتواصل ، وتولى تشييده كل من تولى تشييد صرح الروضة الحسينية في الأدوار المتعاقبة من ملوك وأمراء ورجال إصلاح . و یروی لنا التاريخ أن الديالمة ( آل بويه ) كانوا أخلص الناس ولاء بآل البيت ،

ص: 61

فهم أول من بادروا بتخليد ذكرى الحسين وأخيه العباس عليهم السلام في كل عام ، وخاصة على عهد السلطان عضد الدولة البويهي الذي أعلن التشيع ، وشيد عمارة الروضة العباسية والقبة المنورة (1).

وقد تمصرت كربلاء مجدداً عام 372ه على عهد السلطان عضد الدولة بن ركن الدولة المذكور(2) .

أما في عهد الصفويين فقد تقدم العمران في الروضة العباسية تقدماً محسوساً ، حيث قام الشاه طهماسب الصفوي بتزيين القبة السامية بالقاشاني سنة 1032ه وبنى شباكاً على الصندوق ونظم الرواق والصحن ، وبنى البهو أمام الباب الأولى للحرم وأرسل الفرش الثمينة من صنع إيران . وفي سنة 1153ه أهدى نادر شاه إلى الحرم المطهر تحفاً كثيرة وزين بعض تلك المباني بالقوارير . وفي سنة 1172ه زار الحسين علیه السلام وزيره الشهم ، فجدد صندوق القبر ، وعمر الرواق ، وأهدى ثريا يوضع فيها الشمع لإثارة الصحن الشريف(3). وفي عام 1236ه أمر السلطان محمد شاه بن عباس ميرزا بن فتح علي شاه القاجاري بصنع شباك فضي لضريح العباس علیه السلام . وفي سنة 1259ه قد عمر بقعة حرم أبي الفضل سلطان مملكة أود في الهند وهو محمد علي شاه شاہ بن السلطان ماجد علي شاه(4) . وإلى ذلك أشار الشيخ محمد السماوي في أرجوزته بقوله :

ثم أتى العباس في الأملاك *** فصيّر الصندوق في شباك

و زین القبة بالكاشاني *** والبهو في شأن يغيظ الشاني

وروق الرواق والصحن نظم *** واستجلب الفراش من صنع المجم

ص: 62


1- تاريخ وجغرافيائي كربلاي معلي / عماد الدين حسين الأصفهاني ص 182 .
2- مدينة الحسين / محمد حسن الكليدار آل طعمة ج 2 ص 106.
3- قمر بني هاشم / السيد عبد الرزاق المقرم ص 126 و 127.
4- المصدر السابق ص 127.

وأطلق الكف بفضل وافر *** لسادن الروضة والمجاور

للاثنتين والثلاثين قفا *** ألف فأرخوه ( بالحسن صفا )

ثم أتى النادر واستضافا *** طرائفاً من غنمه لطفا

وزان هاتيك المباني المنشئة *** في الخمس والخمسين من بعد المئة

وجدد الصندوق والرواقا *** وعلق الأستار والأعلاقا(1)

وبعد حادثة الوهابيين التي نشبت عام 1216ه ونهب ما في خزائن الروضتين المقدستين من الأعلاق النفيسة والذخائر الثمينة النادرة الوجود ، نهض السلطان فتح علي شاه القاجاري . وجدد ما نهب من الروضتين المقدستين ، وعمر قبة العباس علیه السلام بالقاشاني ، كما أنه ذهب قبة الحسين سيد الشهداء علیه السلام وصدر الأيوان المقابل للباب الأولى للحرم من جهة القبلة وأنشأ صندوق ساج على قبر أبي الضيم أبي عبد الله وفضض الشباك المطهر(2) وأمر بصنع ضريح من الفضة الخالصة إلى مرقد العباس عليه السلام سنة 1227 ه .

وقد بذل الحاج شكر الله بن بدل بك الأفشاري اهتماماً ملحوظاً في الروضة المطهرة العباسية ، حيث سعى في تذهيب الأبوان الكائن أمام حرم أبي الفضل العباس ، وأنفق على ذلك كله وذلك بإيعاز من زين الفقهاء والمجتهدين الشيخ زين العابدين الحائري المتوفى يوم 12 ذي القعدة سنة 1309ه و كتب اسمه في الجانب الغربي من جدار الأيوان على صفائح الذهب بخط ذهبي موجود إلى الآن ، وتاريخ الكتابة سنة 1309 ه(3).

أما الأيوان الصغير الذي يقع أمام الباب الأولى المعروف ب ( إيوان الذهب

ص: 63


1- مجالي اللطف بأرض الطف / الشيخ محمد السماوي ص 42.
2- قمر بني هاشم / السيد عبد الرزاق المقرم ص 127.
3- قمر بني هاشم/127.

قديماً ، فقد أنشأه السلطان محمد علي شاه اللكناهوري . كما وقامت احترام الدولة كريمة فرهاد الدولة وعقيلة ناصر الدين شاه القاجاري بإطلاء الواجهة الأمامية القريبة من سهوات الباب القبلي بالذهب . وقام السيد حسن الملقب بمقتدر السلطنة باطلاء الواجهة الغربية من البهو ، ويقرأ التاريخ المثبت في الجدار الغربي لهذا البهو سنة 1319 ه.

وقد أمر السلطان عبد الحميد العثماني بتسقيف البهو المذكور بالخشب الساج والزان في سنة 1306 ه ، كما هو واضح من التاريخ المذكور في أعلى الباب القبلي للحرم الشريف مع بعض الأبيات من الشعر التركي (1) وفي عام 1367ه تبرع الثري الإيراني الحاج حسين حجار باشي برصف وفرش أرضية الروضة العباسية من بقايا الرخام الذي كان مخصصاً لقصر گلستان في إيران ، وقدرت تكاليفه بأكثر من 15 الف تومان أي ما يساوي 1100 ديناراً عراقياً(2) . وتبرع الحاج أمين السلطان في سنة 1311ه بنصب الساعة الدقاقة الموجودة حالياً في الروضة العباسية ، وأشرف على نصبها فضيلة المرحوم السيد علي القطب(3) . كما قام المرحوم الحاج محمد صادق الشوشتري الأصفهاني بانشاء الأطراف الأربعة لصحن الروضة العباسية وذلك سنة 1304ه . وقام بإكساء قبة الروضة بالقاشاني سنة 1305ه. ويقرأ هذا التاريخ المذكور في كتيبة القبة نفسها . وفي سنة 1221ھ بلطت مئذنتا الروضة العباسية بالقاشاني كما هو منقوش في أسفلها .

ص: 64


1- مدينة الحسين / محمد حسن الكليدار آل طعمة ج 2 ص 174.
2- المصدر السابق ج 2 ص 175.
3- ترجم له السيد محسن الأمين في ( أعيان الشيعة ) المجلد 42 ص 12 فقال : ان السيد علي القطب أشهر من نار على علم في زمانه ترك مازندران ( إيران ) وسكن العراق مجاوراً للعتبات المقدسة وكان متصوفا له من المريدين كثرة ، وكان كريماً في قومه ورهطه وكان معروفاً بالقطب الهزار جريبي المازندراني الحائري تزوج من ابنة تاجر كبير في الكاظمية وبنى قصراً عظيما في كربلاء توفي سنة 1322ه في كربلاء.

والمرجح أن المرحوم محمد حسين صدر الأعظم الأصفهاني ( الجد الأعلى لآل نظام الدولة وآل صدري في كربلاء اليوم ) هو الذي قام بإكسائها ، ولدى إجراء الإصلاحات الأخيرة للصندوق الخاتمي وجدت العبارة التالية منقوشة عليه ( يا أبا الفضل العباس ادر كني سنة 1246 ه ) وكذلك تبرع النواب (بهراء) بتجديد سقف الضريح بالخشب الجاوه والزان . وكان المشرف على تبديله المرزا محمد باقر الراجه الحائري ، وقام بزخرفته النجار باشي اسطه اسماعيل . كما وجدت على المشبك الفولاذي المحيط بالصندوق الخاتمي العبارة التالية منقوشة عليه ( ضريح العباس سنة 1182ه عمل أحمد أكبر المشبك المذكور سنة 1183). كما يقرأ التاريخ من العبارة الأخرى المنقوشة عليه وهي ( لا زال مطافا لخيار الناس ) .

أما الذي تبرع بالضريح الفضي المرقد هو محمد شاه بن عباس مرزا القاجاري ، والمشرف على صنعه هو المرحوم الحاج عبد الهادي الاسترابادي عميد أسرة آل الأسترابادي في الكاظمية (1). وعلى ذكر قبر أبي الفضل العباس عليه السلام يحدثنا الأديب المحامي محمود العبطة فيقول : ان الشاعر التركماني هجري دده شاعر ينظم بأربع لغات التركية والفارسية والعربية والكردية ، وانه أكثر اقتداراً بالأول وان له أبياتاً كتبت بماء الذهب على قبر سيدنا العباس بن علي في كربلاء باللغة العربية وأنه يميل إلى القول بما قاله شعراء التصوف المسلمين من الرمز واللغز ووحدة أبناء البشر والمحبة والأخوة (2) . وقام المغفور له السيد مرتضى آل ضياء الدين سادن الروضة العباسية بإكساء المداخل الداخلية للروضة المطهرة داخل الرواق القبلي بالفضة . ومما يجدر ذكره أن هناك أبياتا نقشت على مصراعي الباب الفضي الكائن في إيوان الذهب وهي للخطيب المرحوم الشيخ محمد علي اليعقوبي وهي :

( تراث كربلاء م . ه )

ص: 65


1- مدينة الحسين / محمد حسن الكليدار آل طعمة ج 2 ص 175 و 176.
2- جريدة ( الأيام ) البغدادية الصادرة بتاريخ 1963/1/13 .

لذ بأعتاب مرقد قد تمنت *** أن تكون النجوم من حصباه

و انتشق مرثرى أبي الفضل نشراً *** ليس يحكى العمير نشر شذاه

غاب فيه من هاشم أي بدرٍ *** فيه ليل الضلال، يحي يحي دجاه

هو يوم الطفوف ساقي العطاشى *** فاسق من فيض مقلتيك ثراه

وأطلْ عنده البكاء ففيه *** قد أطال الحسين شجواً بكاه

لا يضاهيه ذو الجناحين لما *** قطعت في شبا الحسام نداه

هو باب الحسين ما خاب يوماً *** وافداً جاء لائذاً بحماه

قام دون الهدى يناضل عنه *** و كفاه ذاك المقام كفاه

فادياً سبط أحمد كأبيه *** حیدر مذ فدى النبي أخاه

جدد (المرتضى) له باب قدس *** من لجين يغشى العيون سناه

انه باب حطة ليس بخشی *** كل هول مستمسك في عراه

قف به داعياً وفيه توسل *** فيه المرء يستجاب دعاه

كما نقشت على مصراعي الباب المؤدي الروضة الكائن في الجانب الغربي قصيدة الشاعر الكربلائي المرحوم السيد حسين العلوي المتوفي سنة 1364 ه وهي :

فتبدى للصبح مذ جددوه *** بعنان السماء منه الضياء

(حسن) الندب بالسدانة فيه *** نال فضلا عنت له الفضلاء

نصر الدين عن بصيرة أمنٍ *** صابراً للذي أراد القضاء

فعلى قبره الملائك طافت *** وإليه قد زارت الأنبياء

وغدا باب قدسه للبرايا *** كهف أمن به المنى والرجاء

بطل نال في الطفوف مقاما *** غبطته بنيله الشهداء

قد حباه اللوا حسين فخراً *** وإلى مثله بحق اللواء

ص: 66

تار موسى أم باب قدس تجلى *** لأبي الفضل نوره أم ذكاء

أم غدا العلقمي طور التجلي *** وبه الأرض أشرقت والسماء

مذ حوى مرقد لشبل علي *** من له الفضل ينتمي والوفاء

وقال أيضاً في تاريخ تجديدها :

قد جددوا باب حمى للممين *** بنوره أشرق للسالكين

مذ تمّ أرخ ( مجملاً قولنا *** باب الهدى والرشد في العالمين )

و المرحوم الشاعر الشيخ محسن بن الشيخ محمد حسن أبو الحب أبيات في تشييد باب في الروضة المقدسة سنة 1936 م وهي :

شيدت يا بن المرتضى باب علاً *** بها البرايا قد لوت رقابها

نقف عليها خاضعاً مسلماً *** ملتئما من أدب أدب أعتابها

فإنها الباب التي قد ضرب الله *** على هام السها أطنابها

ألا ترى الأملاك فيها أحدقت *** أضحت على أبوابه حجابها

باب أبي الفضل سليل حيدر *** من فاق أبناء العلى انجابها (1)

وللمرحوم الشاعر الشيخ جعفر الهر أبيات في تشييد باب في الروضة العباسية أيضا وتاريخ التشييد هو عام 1318 ه-وهي :

صحن أبي الفضل رفيع الذرى *** قد فاخر العرش علاً فارتفعا

فيه قباب للفخار ضربت *** بفخرها خازنها قد رفعا

أبوابها أمست رجاء المرتجي *** و مستجاب دعوة لمن دعا

ألق العصا مؤرخاً ( بباب مجدٍ *** أذن الله له أن يرفعا )

1318 ه

ص: 67


1- ديوان أبي الحب / تحقيق المؤلف ص 42 ( 1385 ه- / 1966 م ) .

وفي مخلع النعال ( الكشوانية ) المقابل لديوان سادن الروضة العباسية بيتان منقوشان في الواجهة وهما للشاعر المرحوم السيد حسين العلوي :

لذ بأعتاب أبي الفضل الذي *** كأبيه المرتضى يحمي حماه

و اخلع النعلين وادخل صاغراً *** وانتزع من قدسه طيب شذاه

ومرقد العباس علیه السلام فخم البناء، يتخلله ضريح في وسط الحضرة الشريفة ، تكسوه الفضة الناصعة البياض ، وتحيط بجهاته الأربعة أروقة تؤدي واحدة إلى الاخرى ، وتعلو الأركان الأربعة قبة من القاشاني البديع الملوّن ، وتتقدمها مئذنتان مطليتان بالذهب الأبريز من القمة وبالقاشاني والفسيفساء من الأسفل ، وفيها قال الشاعر الشيخ محمد حسين بن الشاعر الحاج جواد بدقت :

بحضرة القدس وغاية الأمل *** مئذنة زانت لعباس البطل

فقل لبانيها سعدت فبذا *** أحبطت نسراً ويغوثاً وهبل

وقل لمن يرقى بها مكبراً *** أرخ (فقل حي ّعلى خير العمل)

1309ھ

وتقوم ساعة دقاقة كبيرة على برج شاهق باتجاه هاتين المئذنتين عند باب القبلة، ويحيط بالحضرة المشرفة كلها صحن واسع أصغر من صحن الحسين بقليل.

وفي عام 1375 ه/1955 م تمّ تذهيب قبة العباس علیه السلام وذلك على عهد مكي الجميل متصرف اللواء، وبهذه المناسبة نظم الشاعر الكربلائي المعاصر السيد مرتضى الوهاب الأبيات التالية وهي من الموشح :

شع ثغر الفجر نوراً وانجلى *** عن سماء الدنيا رداء الغيهب

مستطيلا من ذكا رأد الضحى *** يخطف الأبصار غيلاً طفحا

وغزال الشرق مجداً سبحا *** ومن الآيات أوحى جملا

نشرت موجتها في المغرب

ص: 68

بكر الطير على أنواره *** زاحفاً في الروض من أوكاره

وانتشى البلبل من أزهاره *** وعلى الأغصان بالشدو علا

بأغاريد الهوى والطرب

سامحاً وسط حشايم عميق *** من خيال حالم فيه غريق

كلما يظمأ سلسال رحيق *** يحتني ثغر الأقاحي قبلا

فائزاً منها بينت العنب

سحر الطرف بياض السحر *** خلا للسمع لحن الوتر

( ما العبني عشيت بالنظر ) *** أطلى الكأس تجلت أم طلى

قبة صیغت بغالي النشب

خلتها بالتبر لما برقت *** نار موسى جانب الطور بدت

أم سنا الشمس جلالاً سجدت *** أم غريض الماء يشفي الغللا

سال مشفوها بنهر سرب

أنثار الورد في الأرض انتشر *** فتراءى كالآلى للبشر

أم ترى أدركت الشمس القمر *** أم جلال الله بالقدر جلا

فتجلى للورى عن كثب

قبة بالتبر لما طلیت *** شرف التبر بها من حليت

فوق طود للمعالي بنيت *** من له یوم وغی فی کربلا

خالد رغم مرور الحقب

من بوجه الشمس فرداً غيرا *** وأذاق القوم موتاً أحمرا

فاتحاً نحو الفرات انحدرا *** عرف الماء وعنه عدلا

ذكر السبط ولما يشرب

ص: 69

قبة فوق الثريا ارتفعت *** وعلى الآفاق بدر أطلعت

من أبي الفضل بنور سطعت *** وحكى تاريخها ( صدقاً على

مرقد العباس تاج الذهب )

1375 ه

وليس من شك ان للعباس علیه السلام كرامات لا تعد ولا تحصى، وأصبح يضرب به المثل بإيثاره ، فما من زائر يؤم قبره إلا وتراه يخشع أمام مثواه ويتضرع في طلب قضاء حاجة . ومما رواه السيد محمد بن السيد مهدي القزويني في كتابه ( طروس الانشاء ) بهذا الصدد قوله : « في سنة 1306 ه انقطع نهر الحسينية وعاد أهل كربلاء يقاسون شحة الماء وكضة الظمأ ، فأمرت الحكومة العثمانية بحفر نهر في أراضي المقيب السيد سلمان ، فأبى النقيب أن يمكنهم فاتفق ان زرت كربلاء فطلب أهلها أن أكتب إلى النقيب ، فكتبت إليه ما يشجيه وعلى حالهم ما یبكيه :

لك عصمة في كربلاء تشكو الظمأ *** من فيض كفك تستمد رواءها

وأراك يا ساقي عطاشى كربلاء *** و أبوك ساقي الحوض تمنع ماءها

فأجاز النقيب حفر النهر وانتفع أهل كربلاء منه(1).

ومنذ عام 1951 م / 1371 ه وحتى يومنا هذا بوشرت التعميرات في الروضة العباسية : أو قد بذل المسؤولون في كل الأدوار اهتماماً ملحوظاً ، فقد تمّ جلب الكاشي المعرّق من أصفهان وتمّ اكساء الواجهات الأمامية للصحن بالقاشاني.

والروضة العباسية لا تقل روعة وضخامة عن الروضة الحسينية وعن بقية روضات المشاهد والعتبات المقدّسة . وقد اعتاد المسلمون أن يزينوا هذا المرقد

ص: 70


1- طروس الانشاء / تأليف : السيد محمد بن السيد مهدي القزويني ( مخطوط ) نسخته في مكتبة الخطيب الشيح محمد علي اليعقوبي في النجف.

كغيره من المراقد المقدّسة بالمجوهرات و الحلي . وقد ساهموا في صيانتها وتطوير أبنيتها ، فبلغت الروعة في الفن المعماري و الزخرفة والتذهيب مبلغاً عظيماً بشكل يليق ومقام العباس العظيم في نفوس المسلمين .

هذا وتبلغ مساحة الروضة العباسية والصحن الشریف (4370 متراً مربعاً) و الصحن ثمانية أبواب هي : باب الإمام الحسن علیه السلام ، باب الإمام الحسين علیه السلام ، باب الإمام صاحب الزمان علیه السلام، باب الإمام موسی بن جعفر علیه السلام ، وهذه الأبواب موقعها في الجهة الغربية من الصحن، باب الإمام أمير المؤمنين علیه السلام، باب الإمام علي بن موسی الرضاعلیه السلام، ويقعان في الجهة الشرقية ، باب الرسول صلی الله علیه وآله بباب القبلة ، تقع في الجهة الجنوبية ، أما في الجهة الشمالية فتوجد باب الإمام محمد الجواد علیه السلام .

وتضم جوانب الصحن الشريف عدة غرف وأواوين دفن فيها العلماء والسلاطين والوزراء وكبار الشخصيات الإسلامية ، و زینت جوانب الصحن بالفسيفساء والكاشاني البديع الصنع ، ويعتبر اليوم من النفائس الأثرية .

وفي يوم 28 رجب سنة 1385 ه احتفلت مدينة كربلاء بوصول الضريح الأثري الجديد لمرقد سيدنا العباس عليه السلام ، وهو ضریح مصنوع من الذهب الخالص و الفضة ، مطعم بالميناء والأحجار الكريمة ، ويعتبر آية في الابداع .

وقد أعلمني السيد بدر الدين آل ضياء الدين سادن الروضة العباسية المطهرة ان كلفته بلغت حوالي 150 الف دينار ، وقد استعمل في صياغته 400 الف مثقال من الفضة و8000 آلاف مثقال من الذهب ، و استغرق العمل فيه ثلاث سنوات ، وتمّ إنجازه في أصفهان بمساعي العلامة الكبير آية الله السيد محسن الحكيم الطباطبائي، وكان يوم استقباله من أيام كربلاء المشهورة. كما تمّ استملاك قطعة مجاورة للصحن ، و شیدت مضيفاً لسيدنا العباس عليه السلام .

أما تولية سدانة الروضة العباسية (1)، فقد كانت في السابق تابعة لسدانة الروضة

ص: 71


1- راجع بشأن سدانة الروضة العباسية كتاب ( مدينة الحسين ) ج 1 ص 87 - 88.

الحسينية . وتسنم مقاليدها أخيراً الحاج السيد بدر الدين الكليدار نجل المرحوم السيد محمد حسن الكلیدار بن المرحوم الحاج السيد مرتضى الكليدار بن السيد مصطفى الكليدار بن السيد حسين الكليدار آل ضياء الدين من آل فائز الموسوي الحائري . ومنذ عشر سنوات انتزعت منه السدانة و أوكلت إلى لجنة خاصة من خدمة الروضة العباسية بإشراف مديرية الأوقاف .

الصورة

الصورة تاريخية للملك فيصل الأول في الروضة العباسية

في شوال 1339 ه/ 1921 م ويبدو إلى يمينه : حمید خان متصرف کربلاء أحد ضباط الجيش، السيد حسين الدده ، صالح حمام مدير شرطة كربلاء، السيد محمد حسن ضياء الدين ، السيد عبود السيد علي نصر الله ، وإلى يساره : السيد مرتضى ضياء الدين سادن الروضة العباسية ، السيد عبد الوهاب آل طعمة رئيس بلدية كربلاء ، السيد حسن النقيب .

ص: 72

الصورة

الروضة العباسیة فی کربلاء

ص: 73

فضل كربلاء والتربة الحسينية تمتاز

تربة هذه الأرض المقدّسة عن سائر بقاع العالم بقدسيتها الدينية السامية فكم أثنى عليها الشعراء والكتاب وأشادوا بها ورفعوها إلى المكانة اللائقة والدرجات الرفيعة التي تستحقها . فهي الأرض التي قدّم إليها الحسين عليه السلام وقتل بها، فاختلطت التربة الطاهرة بدماء الحسين وأهل بيته من العلويين الأبرار وقد نعتت الأرض بأنها قبلة الاباء ومكة قبلة الصلاة ، ولذا فضلها الله سبحانه وتعالى على كافة البقاع المعمورة . فأرض كربلاء هي بحق و حقیق جديرة بالثناء و الاجلال .

والتربة الحسينية هي خير شفاء للناس ، فيها الفوائد الكثيرة والمنافع العامة لكل إنسان . قال الامام الصادق علیه السلام في طين قبر الحسين شفاء من كل داء : إذا أخذته فقل باسم الله اللهم بحق هذه التربة الطاهرة وبحق البقعة الطيبة وبحق الوصي الذي تواريه و بحق جده وأبيه وأخيه والملائكة الذين يحفون به والملائكة العكوف على قبره لیلاً ينتظرون نصره صلى الله عليهم أجمعين اجمل لي فيه شفاء من كل داء ، وأماناً من كل خوف و عزاً من كل ذل و وسع عليّ في رزقي أو صح به جسمي (1) . وقال الامام الصادق علیه السلام أيضاً : إذا أكلته فقل اللهم رب التربة

ص: 74


1- راجع الكافي للكليني وانظر: من لا يحضره الفقيه / للشيخ الصدوق طبع طهران - ص 304.

المباركة ورب الوصي الذي واريته صلى على محمد وآل محمد و اجعله علماً نافعاً ورزقاً واسعاً و شفاء من كل داء . وقال حریم قبر الحسين عليه لسلام : خمسة فراسخ من أربع جوانب القبر .

وروی اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : موضع قبر الحسين منذ یوم دفن فيه روضة من رياض الجنة (1). كثيرة هي المزايا التي تتصف بها هذه الأرض المقدسة والتربة الحسينية المشرفة ، وكثيرة هي الفوائد التي يجي منها . ولعل رأي العالم الفاضل الشيخ محمد حسین کاشف الغطاء خير مصدر لتفهم حقيقة هذه التربة ، قال : وهذه التربة هي التي يسميها أبو ریحان البيروني في كتابه الجليل ( الآثار الباقية ) التربة المسعودة في كربلاء نعم ، وإنما يعرف طيب الشيء بطيب آثاره و کثرة منافعه وغزارة فوائده وتدل على طبيب الأرض و امتیازها على غيرها ، طيب ثمارها و رواء أشجارها و قوة نیعها وریعها ، وقد امتازت تربة کربلاء من حيث المادة و المنفعة بكثرة الفواکه وتنوعها و حودتها وغزارتها حتى انها في الغالب هي التي تمون أكثر حواضر العراق وبواديه بكثير من الثمار المانعة التي تخصها ولا توجد في غيرها، إذا فليس هو صميم الحق و الحق الصميم أن تكون أطيب بقعة في الأرض مرقداً وضريحاً لأكرم شخصية في الدهر . نعم لم تزل الدنيا تمخض لبلد أكرم فرد في الإنسانية و اجمع ذات لأحسن ما يمكن من مزايا العبقرية في الطبيعة البشرية و أسمی روح ملكونية في اصقاع الملكوت و جوامع الجبروت فولدت نوراً واحداً شطرته نصفين سيد الأنبياء محمداً وسيد الأوصياء علياً ثم جمعتهما ثانياً فان الحسين مجمع النورين وخلاصة الجوهرين، كما قال صلی الله علیه وآله : حسين مني وأنا من حسين ، ثم عصمت أن تلد لهم الأنداء أبد الآباد (2).

وقوله أيضاً : فإذا وقفت على بعض ما للأرض والتربة الحسينية من المزايا

ص: 75


1- من لا يحضره الفقيه / للشيخ الصدوق ص 304.
2- الأرض والتربة الحسينية / الشيخ محمد حسین آل كاشف الغطاء ص 21.

والخواص لم يبق لك عجب واستغراب إذا قيل أن الشفاء قد يحصل من التراب وان تربة الحسين علیه السلام هي تربة الشفاء كما ورد في كثير من الأخبار والآثار التي تكاد تكون متواترة كتواتر الحوادث والوقائع التي حصل الشفاء فيها لمن استشفى بها من الأمراض التي عجز الأطباء عن شفاها ، أفلا يجوز أن يكون في تلك الطينة عناصر کيماوية تكون بلسماً شافياً من جملة الأسقام قاتلة للميكروبات ، وقد اتفق علماء الامامية وتضافرت الأخبار بجرمة أكل الطين إلا من تربة قبر الحسين علیه السلام بآداب خاصة و مقدار معين وهو أن يكون أقل من حمصة وأن يكون أخذها من القبر بكيفية خاصة وأدعية معينة (1).

هذا أهم ما ورد عن فوائد تربة الحسين عليه السلام في شفاء المرضى وهي أقوال أثبتتها الدلائل العديدة .

ص: 76


1- (1) المصدر السابق ص 24.

زيارة الملوك والخلفاء والأمراء لكربلاء

لمدينة كربلاء منزلة خاصة في قلوب المسلمين وغير المسلمين ، فلا جرم وهي مدينة السبط الشهيد المضرجة بدمائه الزكية ، العبقة بأرواح شیعته القدسية ، الزاخرة بالمعالم الاسلامية ، و هي لهذا منتجع الملوك ، و مراد الخلفاء و الأمراء ، يؤمونها زرافات ووحداناً ، تيمناً بتربتها المقدّسة وزلفي لله تعالى في زيارة أضرحة الأئمة الأطهار ، وكان لهم شرف الخدمة في تقدير موقف الحسين عليه السلام وصحبه للدفاع عن العقيدة والإباء والانسانية .

إن أول من زار الحائر الشريف من السلاطين الديالمة هو عز الدولة البویهي وذلك في سنة 266 ه ، ثم زار الحائر عضد الدولة البويهي في سنة 271 ه وأقام فيه مدة . وقيل عند زيارته ما نصه : ( كانت زيارة عضد الدولة للشهدین الشريفين الطاهرين الغروي و الحائري في شهر جمادى الأولى سنة 271 ، وورد مشهد الحائر مولانا الحسين صلوات الله عليه لبضع بقين من جمادى الأولى، فزاره صلوات الله عليه وتصدق وأعطى الناس على اختلاف طبقاتهم وجعل في الصندوق درهماً ، وكان عددهم ألفين ومائتين اسم ووهب العوام والمجاورین عشرة آلاف درهم وفرق على أهل المشهد من الدقيق والتمر مائة ألف رطل ومن الثياب خمسمائة قطعة وأعطى الناظر عليهم ألف درهم) (1).

ص: 77


1- فرحة الغري / للسيد ابن طاووس ص 59 . وانظر : تحفة العالم للسيد جعفر آل بحر العلوم ج 1 ص 273.

وزار الحائر الشريف كل من الأخوين الملقبين مجالي الحجارة الداعي الكبير حسن بن زید العلوي ملك طبرستان و دیلم فباشر هذا بتشييد الحفرة الحسينية واتخذ حولها مسجداً ولم يكن الزمن كفيلاً بإنجازه حيث توفي سنة 271 ه وتولى بعده أخوه الملقب بالداعي الصغير محمد بن زید العلوي الذي ملك طبرستان و دیلم و خراسان فزار الحائر وأمر بتشييد قبة قبر الحسين وبنی حوله مسجداً وسور الحائر واستغرق إنجاز هذا البناء عشر سنوات حيث تم عام 283 ه (1). ويذكر لنا المؤرخون أن الزعيم القرمطي أبا طاهر سلمان بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي وكان كثير التردد على كربلاء عند غزواته للكوفة سنة 313ه حيث توجه إلى الحائر الحسيني فزار قبر الحسين وطاف حوله مع أتباعه و أمن أهل الحائر ولم يمسهم بأي مكروه بالرغم من أن أبا طاهر كان كثير العبث بالحجیج (2).

وزار الحائر السلطان أبو طاهر جلال الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة البويهي سنة 431ه ترافقه حاشية كبيرة من أهله و أتباعه ومواليه من الأتراك وبضمنهم الوزير کمال الملك أبو المعالي عبد الرحيم ، وكان في أكثر الطريق يمشي على قدميه طلباً لمزيد الأجر والثواب ، ومكث في كربلاء مدة من الزمن أجزل خلالها العطايا والنعم على سكان الحائر ، ثم قصد زيارة الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام في النجف(3) .

وزار الحائر من السلاجقة السلطان أبو الفتح جلال الدولة ملك شاه بن أبي شجاع محمد ألب أرسلان بن داود بن میکائیل بن سلجوق حيث توجه قاصداً زيارة الحسين بن علي علیه السلام في كربلاء سنة 479ه ومعه حاشية كبيرة كان من

ص: 78


1- المنتظم / لابن الجوزي ج 2 ص 60.
2- المنتظم / لابن الجوزي ج 8 ص 105.
3- المنتظم / لابن الجوزي ج 8 ص 105.

ضمنهم الوزير خواجة نظام الملك ، وقد أجزل السلطان لدى زيارته أكثر من ثلاثمائة دينار على سكان الحائر وأمر بعمارة سوره ثم توجه إلى النجف ، حيث زار مشهد الإمام علي علیه السلام (1).

وفي سنة 513ه زار كربلاء الأمير دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد أبو الأعز الأسدي ، و كان شجاعاً أديباً شاعراً ملك الحلة بعد والده وحكمها زهاء 17 عاماً وقتل منة 529ه بتحريض السلطان مسعود السلجوقي ولما قصد کربلاء دخل الحائر الحسيني با کياً حافياً متضرعاً إلى الله أن يمن عليه بالتوفيق وينصره على أعدائه ، ولما فرغ من مراسيم الزيارة أمر بكسر المنبر الذي كان يخطب عليه باسم الخليفة العباسي عند صلاة الجمعة قائلاً لا تقام في الحائر الحسيني صلاة الجمعة ولا يخطب هنا لأحد . ثم قصد مرقد الإمام علي علیه السلام في النجف وعمل ما عمل في كربلاء (2).

وفي سنة 696ه قدم العراق من بلاد الجبل السلطان محمود غازان خان ماراً بالحلة فالنجف فتوجه إلى كربلاء حيث قصد زيارة الحسين بن علي علیه السلام وفي هذه المرحلة أمر بتوزيع آلاف من الخبز في اليوم للأشخاص المقيمين بجوار قبر الحسين علیه السلام . و كذلك قصد السلطان غازان خان العراق سنة 698 ه و قدم إلى زيارة كربلاء والنجف وفي رحلته هذه كان قد عبر الفرات في 10 جمادی الأولى متوجهاً إلى الحلة و مكث بها ستة أيام ، وهناك أمر الخواجة شمس الدين صواب الخادم السكورجي أن يحفر نهراً من أعالي الحلة يأخذ الماء من الفرات و بدفعه إلى مرقد الحسين علیه السلام و يروي سهل كربلاء اليابس القفر . ووهب غلاة هذا النهر إلى العلويين والفقراء الذين يأتون إلى المرقد الحسيني وعددهم كان عديداً (3) .

ص: 79


1- المنتظم / لابن الجوزي ج 8 ص 74.
2- المنتظم/ لابن الجوزي ج 9 ص 74.
3- الحوادث الجامعة / لابن الفوطي ص 497 وانظر : مجالس المؤمنين للقاضي نور الله التستري ص 380 و 390.

ويؤ کد براون Broun المستشرق الإنكليزي بقوله : وفي سنة 701ه أو سنة 703 ه توجه السلطان غازان إلى الحلة وانحدر منها إلى كربلاء لزيارة المشهد الحسيني و أهدي إلى المشهد هدایا سلطانية و زين الروضة بالتحف النفيسة و أمر للعلويين المقيمين فيها بأموال وفيرة (1). وقد ولد السلطان محمود فجر يوم الجمعة سنة 670ه وتوفي سنة 703 ه. (2)وفي دور الدولة الأيلخانية الجلائرية التي تأسست أمارتها في العراق على عهد الشيخ حسين الجلائري المتوفى سنة 757 ه وأعقبه في الحكم نجله السلطان أويس قام بتشييد بناية الروضة الحسينية المقدّسة. وقد زار الحائر نجله السلطان أحمد بهادر خان بن أويس الذي تم على يده بناء الروضة الحسينية الماثلة للعيان اليوم .

يروي لنا بعض المؤرخين : أما السلطان أحمد فإنه عندما أيقن بعدم مقدرته على صد هذا الفاتح العظيم اضطر إلى ترك بغداد و الانسحاب منها يجيشه الذي كان نحو الفي مقاتل فخرج من بغداد بعساكره ليلاً وحمل ما قدر عليه من الأموال والذخائر ونزل في سهل كربلاء فاستولی تیمور على بغداد في السنة نفسها ( سنة 795ھ ) وفتك بأهلها فتكاً ذريعاً ثم أرسل جيوشه في اثر السلطان أحمد فدارت بين الفريقين معركة شديدة في سهل كربلاء انهزم في آخرها السلطان أحمد إلى مصر مستجيراً بسلطانها الملك الظاهر برقوق (3) .

وأول من زار الحائر من الصفويين السلطان اسماعيل الصفوي وذلك بتاريخ 25 جمادی الثانية سنة 914ه. ويروي المستر لونكريك في كتابه ( أربعة قرون من تاريخ العراق ) بهذا الخصوص ما هذا نصه : « فأسرع الشاه في القضاء

ص: 80


1- تاریخ ادبی ایران / للمستشرق براون ج 3 ص 53 وانظر : کلشن خلفا ص 157 .
2- انظر : مجلة الأقلام / الجزء 9/ السنة 4، (1388 ه/ 1968م) مقال ( کربلاء في العهد المغولي الايلخاني ) للسيد عادل عبد الصالح الكليدار .
3- مختصر تاریخ بغداد القديم والحديث / علي ظريف الأعظمي ص 158 و 156.

على الحكومة الآق قویونلية التركمانية في العراق فخضعت بغداد لحكمه في أواخر سنة 1508م/ 914ه على يد القائد حسين بك لاله . وان دخول العراق في حوزة العرش الشيعي الجديد جاء بالشاه مسرعاً لزيارة العتبات المقدّسة إذ لم تكد تستقر جنوده في بغداد حتى قدم لزيارة الأضرحة المقدّسة في كربلاء والنجف(1).

وفي سنة941 ه / 1534م تم فتح العراق على يد السلطان سليمان القانوني الذي احتل بغداد في 18 جمادى الأولى سنة 941ه و زار مرقد الإمامين الهمامين الجوادين علیهما السلام في ظاهر بغداد . ثم قصد زيارة المشهدين المعظمين أمير المؤمنين و أبي عبد الله الحسين عليهما السلام و استمد من أرواحهما(2). وكانت زيارته الكربلاء في 28 جمادي الأولى من السنة المذكورة ، وأمر بشق نهر كبير من الفرات و أوصله إلى كربلاء وجعلها كالفردوس الأمر الذي زاد في محصولاتها وأثمار أشجارها وأنعم على الخدمة والسكان . كما وأنعم على ساكني دار السلام ... (3).

كما زار الحائر الشاه عباس الكبير حفيد الشاه اسماعيل الصفوي وذلك في سنة ( 1032ه / 1623م). ويؤيد ذلك صاحب كتاب ( عالم آراي عباسي ) كما في قوله : « بعدما قضى الشاه عباس زيارة الحسين علیه السلام توجه عن طريق الحلة إلى النجف للثم عتبة الحرم الحيدري (4).

( تراث کربلاء م-6)

ص: 81


1- أربعة قرون من تاريخ العراق / للمستر لونكريك . ترجمة الأستاذ جعفر خیاط ص20 وانظر: تاريخ العراق بين احتلالين ج 3 ص 316 والتاريخ الحديث / لوزارة المعارف ص10 طبع بغداد 1946م.
2- تحفة العالم / للسيد جعفر بحر العلوم ج 1 ص 265.
3- کلشن خلفا / ص 200 و 201 وانظر : تاريخ العراق بين احتلالين ج 4 ص 29 وموسوعة العتبات المقدسة / قسم كربلاء ج 1 ص 111.
4- عالم آراي عباسي / لاسكندر منشي ج 3 ص 707. وانظر : أربعة قرون من تاريخ العراق / لونكريك ص 62.

وفي بداية سنة 1088ه توجه الوالي قبلان مصطفى باشا إلى زيارة العتبات المقدّسة في كربلاء والنجف الأشرف وذلك في شهر شعبان و أنعم على الخدم ثم عاد إلى بغداد ، وعند عودته ورد أمر عزله (1).

ثم زار الحائر السلطان حسن باشا سنة 1117 ه/ 1705 م يروي لنا ابن السويدي في كتابه ( تاریخ بغداد ) عن وصف زيارة السلطان المذكور بقوله : وفي شوال من هذه السنة رفع اللواء بالمسير إلى كربلاء لزيارة سيد الشهداء و إمام الصلحاء قرة عين أهل السنة و سيد شباب أهل الجنة أبي عبد الله رضي الله عنه و إلى زيارة الليث الجسور والشجاع الغيور قاطع الأنفاس من ضال كالخناس أبي الفضل العباس فدخل كربلاء وزار أصحاب الكساء وأطلعت المفاخر وظهرت المفاخر فأجزل على خدامها وأجمل في فقرائها و دعا بحصول المراد وزوال الأنكاد ودعا له بما يروم و أنجح في سعيه بالقدوم وبقي يوماً واحداً لضيق القصبة بأحزابه وأعوانه وأصحابه ثم ارتحل قاصداً أرض الغري(2).

و ممن زار كربلاء أيضاً السلطان نادر شاه الأفشاري ، فانه توجه نحو العراق عن طريق خانقين إلى بغداد سنة

1156ه و منها إلى الحلة ثم منها إلى النجف دخلها يوم الأحد في الحادي والعشرين من شوال و ارتحل عنها يوم الجمعة ودخل کربلاء يوم السبت و أقام فيها خمسة أيام هو و وزراؤه وعساكره و أرباب دولته ومعه ندمه مرزا زكي(3).

وزار الحائر السلطان ناصر الدين شاه القاجاري حفيد فتح علي شاه وذلك في سنة 1287ه فقيل عن لسانه في تاريخ زيارته ( تشرفنا بالزيارة ) ، وقد دون

ص: 82


1- کلشن خلفا ص 282 وانظر : تاريخ العراق بين احتلالين ج 5 ص 113 وموسوعة العتبات المقدسة / قسم كربلاء ج 1 ص 119.
2- تاریخ بغداد / لابن السويدي ص 25.
3- ماضي النجف وحاضرها / للشيخ جعفر محبوبة ج 1 ص 222 و 223.

ما أسعفته الذاكرة في رحلته المطبوعة بالفارسية باسم ( سفر نامه ناصري ) . ويقال ان معتمد الملك هو الذي كتب و صنف هذه الرحلة عن لسان السلطان المذكور ، جاء في ( المنتظم الناصري ) وصف زیارته للحائر قوله : في سنة 1287ه في شهر رمضان في الثالث عشر منه ورد السلطان ناصر الدین شاه زائراً النجف وخرج يوم العشرين منه عائداً إلى كربلاء وأنعم على المجاورين للروضة المطهرة وقدم لأعتاب تلك الحضرة المقدسة فض الماس مكتوباً عليه سورة الملك على يد متولي الحضرة الشريفة ( انتهى ) (1). ومن جملة الإصلاحات التي أنجزت في عهده تو سیع صحن الحسين علیه السلام من جهة الغرب وتشييد الجامع الناصري العظيم فوق الرأس إضافة إلى تذهب القبة السامية كما يستدل من كتيبة القسم الأسفل من القبة ، وقد نقشت بماء الذهب . و يؤيد ما ذهبنا اليه صاحب كتاب ( تحفة العالم ) بقوله : في سنة 1276ه جاء الشيخ عبد الحسين الطهراني إلى كربلاء بأمر السلطان ناصر الدین شاه القاجاري ، وجدد تذهيب القبة الحسينية وبناء الصحن الشريف وبناء الأيوانات بالكاشي الملون وتوسعة الصحن من جانب فوق الرأس المطهر ، ولما فرغ من ذلك مرض في الكاظميين وتوفي سنة 1386 ه ونقل إلى كربلاء(2) .

ويروى أنه لدى وصول السلطان ناصر الدین شاه لكربلاء ، كان في استقباله داخل الحضرة الحسينية المرحوم السيد محمد على بن السيد عبد الوهاب آل طعمة - رئيس بلدية كربلاء آنذاك - فاحتفى به وأنشده هذين البيتين بالفارسية :

قبه سبط نبي در ارض ني (3) *** برتوش برقبها افكنده في

كفتۀ شهزادۀ اقليم ري *** چون بنات النعش بردور جدي

ص: 83


1- المنتظم الناصري / ناصر الدین شاه ج 3 ص 315.
2- تحفة العالم / میر عبد اللطيف الشوشتري ص 308 طبع الهند .
3- مختصر كلمة ( نینوی ) وهي من أسماء كربلاء. انظر الفصل الأول من هذا الكتاب .

وعند ذاك منحه السلطان المذكور و ساماً فضياً مزيناً بشار الحكومة الايرانية (1).

و من زار الحائر الحاج حسن باشا والي بغداد ، وكانت ولايته من عام 1308 ه - 1314ه ، إذ جاء إلى كربلاء ثم تشرف بزيارة النجف وكان قد زارها مراراً عديدة .

کما زار الحائر أيضاً السيد محمد خان اللكناهوري أحد سلاطين الهند . وذلك في سنة 1310 ه.

وزار الحائر في سنة 1326ھ میر فیض محمد خان تالبر امیر مقاطعة خير بور السند وهو شيخ كبير ومعه عدد من وزرائه و عساکره .

وفي 19 رمضان سنة 1338 ه زار الحائر السلطان أحمد شاه بن السلطان محمد علي شاه القاجاري ملك إيران وزینت المدينة تزییناً رائعاً وخرج الاشراف والأعيان لاستقباله .

وزار كربلاء الملك فيصل الأول بن شريف حسين ملك العراق وذلك في شوال سنة 1339ه - 1921م وذلك عند توليه عرش العراق لأول مرة ، و استقبل بحفاوة بالغة من قبل أعيان البلد ووجهائه ، و زینت الشوارع والطرق بالسجاجيد الثمينة .

وزار كربلاء سنة 1342ه رضا شاه پهلوي رئيس وزراء إيران وقائد الجيش الايراني ، فاستقبل استقبالاً رائعاً ، ولدى عودته إلى إيران تولى العرش .

وزار الحائر الشريف الأمير عبد الله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية وذلك في يوم الأربعاء 19 جمادى الأولى سنة 1348ه .

وزار الحائر أيضاً عباس حلمي ملك مصر السابق في رمضان سنة 1351ه.

ص: 84


1- مذكرات السيد مجيد السيد سلمان الوهاب آل طعمة .

وزار الحائر ملك العراق غازي الأول وذلك في يوم الاثنين 24 ذي الحجة سنة 1352ه و استقبل بحفاوة وتكريم عظيمين .

وزار الحائر السيد علي رضا خان الرامبوري وذلك في يوم الأحد في الخامس والعشرين من رجب سنة 1353 ه عائداً من النجف .

كما جاء الحائر أيضاً السيد طاهر سيف الدين زعيم الطائفة الإسماعيلية في الهند و افريقيا وذلك في سنة 1358ه.

وزار الحائر أيضاً السلطان محمد ظاهر شاه ملك الأفغان في اليوم الخامس من جمادى الآخرة سنة 1369 ه حيث توجه إلى النجف .

وزار الحائر ملك العراق فيصل الثاني مع خاله عبد الإله في اليوم السابع عشر من شهر جمادى الثانية سنة 1369ه. كما زار الحائر زيارات متتالية أخرى.

وبعد إعلان ثورة الرابع عشر من تموز سنة 1378م / 1378 ه زار کربلاء عدد كبير من رؤساء وملوك الدول الإسلامية وما زالوا يزورون ، وذلك لقدسيتها ومكانتها العلمية .

دروس من مأساة كربلاء

تحل في شهر محرم الحرام من كل عام ذکری حادثة أليمة عرفها التاريخ الاسلامي منذ أمد طويل ، ألا وهي فاجعة الطف التي ما زال صداها يدوي في سمع الزمن .

آن مأساة كربلاء أو حادثة الحسين عليه السلام مثلت دوراً من أسمى أدوار الانسانية الفذة ، و لقنت العالم الاسلامي دروساً لن تنسى أبد الدهر . فمن هذه المدينة الخالدة وجه الامام الحسين علیه السلام ضربته القاضية بوجه الأمويين ، وفي هذه البقعة الشريفة خاض الشهداء معركة الحق والكرامة ، فأهرقت دماؤهم البريئة وروت أرض الطف ، فاصطبغت بدمائهم الزكية ، وبذلوا أنفسهم

ص: 85

الكريمة من أجل العزة والسيادة ، فكانت أحسن وقع في نفس الاسلام وفي تحقيق الوحدة الاسلامية النبيلة . ومن يتصفح التاريخ الاسلامي يلمس تلك المنزلة والقداسة التي حلت بهذه المدينة المقدسة منذ مقتل أبي الضيم سيدنا الحسين بن علي علیه السلام حتى يومنا هذا.

لقد أعطى الامام الحسين لشباب العالم وشيوخ الأمم دروساً بليغة في النضال و الحرية والدفاع عن شرف النفس ، فقدم نفسه وأهل بيته وأطفاله ضحايا على رمال الصحراء و قرابين على مذبح الشرف و الاباء في سبيل تقویم شرعة جده ، وهكذا وقف الحسين موقفه الجبار في عرصات الطفوف غير هيّاب ولا مكترث، ولسان حاله يقول :

إن كان دين محمد لم يستقم *** إلا بقتلي يا سيوف خذيني (1)

ويوم عاشوراء من الأيام المشهودة التي تمرّ علينا كل عام منذ استشهاد الحسين الخالد في العاشر من محرّم الحرام ، وما يزال ليعيد لنا ذکری بطولة أبي الأحرار وموقفه الحازم من الطاغية يزيد بن معاوية ، ذلك الصراع الذي دار بين الحق والباطل ، فقد اندحر الظلم و انتصرت العدالة ، لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه .

قيل لما بلغ الحسين علیه السلام القادسية ، لقيه الحر بن یزید الرياحي(2) فقال له : أين تريد يابن رسول الله ؟ قال : اريد هذا المصر ، فعرفه بقتل مسلم ، وما كان من خبره ، ثم قال : ارجع فإني لم أدع خلفي خيراً أرجوه لك ، فهمّ بالرجوع ، فقال له اخوة مسلم : والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نُقتل كلنا. فقال الحسين : لا خير في الحياة بعدكم ، ثم سار حتى لقي خيل عبيد الله بن زياد عليها

ص: 86


1- من قصيدة طويلة لشاعر كربلاء وخطيبها المرحوم الشيح محسن أبو الحب المتوفي عام 1305 ه.
2- الحر بن یزید الرياحي التميمي هو الذي انضم إلى جيش الحسين علیه السلام يوم العاشر من المحرم بعد أن خرج من صفوف أهل الكوفة ، ووقف بين يديه نادیاً تائباً ، فأذن له الحسين ، وكان أول قتيل بين يديه ودفن على بعد 6 كيلومترات عن كربلاء وقبره زار .

عمر بن سعد بن أبي وقاص فعدل إلى كربلاء وهو في مقدار خمسمائة فارس من أهل بيته وأصحابه و نحو مائة راجل ، فلما كثرت العساكر على الحسين أيقن أنه لا محيص له فقال : اللهم أحكم بيننا وبين القوم دعونا لینصرونا ثم هم يقتلونا ، فلم يزل يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه(1).

ومن يتعمق في هذه الفاجعة الرهيبة ويتصور موكب المجد السائر في طريقه نحو التضحية والشهادة ، وموقف العباس بطل العلقمي في الدفاع عن حرم الحسين ومصرعه الرهيب في كربلاء ، يستمد منها دروساً وعبراً . فمن الشهداء من يتركوا الدنيا لأنهم لم يصلحوا للبقاء فيها. ومن يخرجون من نعمائها وما دعتهم قط للدخول في تلك النعماء . أما شهید کربلاء فقد ترك الدنيا وهي في يديه وتركها و هي مقبلة بنعماها علیه ترکه لأنها أرادها كما ينبغي أن يرضاها ولم يقبل أن تريده هي على شرطها كما ترضيه فهو الشهيد ملء الشهادة من نبل وعظمة وإيثار(2).

فحري بنا أن نتعظ بتلك الدروس ونتقبل تلك العبر لكي نستطيع أن نشق طريق الحياة مجرية واسعة ، ونبني مجداً ونعيد للأمة الإسلامية مكانتها المرموقة في التاريخ .

إن التشاور والتآزر ووحدة الصفوف وجمع الكلمة وضرب الحزازات والعمل في سبيل المصلحة العامة وغيرها من جلائل الأعمال الصالحة هي التي تمهد لنا السبيل لتحقيق رسالة الحسين علیه السلام وتأدية الواجب المقدّس و العمل على تمجیده و تخلیده .

هذا هو المغزى الصحيح لفاجعة الطف ، وهكذا يجب أن يعمل الإنسان من أجل الثورة على الظلم والطغيان.

ص: 87


1- مروج الذهب الأبي الحسن علي بن الحسين المسعودي ج 3 ص 70 طبع مصر .
2- مجلة ( الألواح ) اللبنانية السنة الاولى العدد 4 (3 محرم 1370) بحث (يوم الحسين) العباس محمود العقاد .

الفصل الثاني: کربلاء .. قبلة الانظار

على الجانب الغربي من نهر الحسينية المتفرع من نهر الفرات، تقوم أخلد مدينة

في التاريخ ، هي كربلاء التي يبلغ تعداد نفوسها اليوم 110,000 الف نسمة . وجدير بنا أن نذكر أن نهرها الجميل هو مثار للعاطفة ورواء للقلوب الضامئة ، لا سيما في أيام الربيع وليالي الصيف الحالمة ، وبمجرّد أن يزحف موكب الأصيل بأعراسه وبهجته الساحرة ، تمتد الكراسي على ضفتيه و ينتظم الشباب عليها في حلقات جميلة للتمتع بهذه الروعة الطبيعية المدهشة و الجمال الخلاب حيث النسيمات الندية تهب مغمورة بعطر الورد والقداح ، وحيث يتكسر الماء في قلب هذا النهر الجميل ، فيبدد ظلة الهموم وينير القلوب بوميض من الفرح ، ويتجه هذا النهر نحو الطريق الذي يمرّ بمرقد الحر الرياحي مخترقاً صفوف النخيل وشجيرات الصفصاف التي تنعكس ظلالها على صفحات الماء الرقراق لتزيده روعة وسحراً.

ان من يسير غور تاريخ كربلاء ، يجب ألواناً من الجهاد الوطني الذي يشع بإیمان الاخلاص .. جهاد لا يضاهيه جهاد ، واخلاص لا يضارعه اخلاص . فكربلاء قد حازت قصب السبق في الحقلين الديني والوطني، ونالت القدح المعلى

ص: 88

في الزعامة الفراتية ، وضربت الرقم القياسي في الدفاع عن حقوقها ، فهي أبداً ثائرة بوجه الاستعمار ، أبداً طامحة إلى بلوغ أمانيها النبيلة ، أبدأ ناشرة تعاليم منقذ الإنسانية الرسول الأعظم محمد صلی الله علیه وآله وسلم .

وقد ضمت حضيرتها رجالاً اتصفوا بالعزم والحزم ورباطة الجأش وشدة الشكيمة ، رجالاً اتصفوا بالنزاهة ، رجالاً أشادوا بالتفاني في سبيل المبدأ ، رجالاً لا تأخذهم في الحق لومة لائم .

و كذا ضمت كربلاء بيوتاً لها من الشرف نصيب وافر ، وقد فتحت أبوابها على مصراعيها للشارد والوارد ، ونوادي أدبية حوت أنفس الآثار الأدبية ، ومعاهد علمية خلقت علماء لهم مكانتهم العلمية الرفيعة ، وقد بلغت كربلاء علواً ورفعة وقداسة مستمدة علوها ورفعتها وقداستها من رفعة الحسين وعلوه وقداسته . فهي من أسبق المدن التي انتزعت إليها الزعامة العلمية وعادت إليها بعد مضي قرون .

وقد وصف کربلاء عدد غير قليل من الرحالين و المستشرقين والمؤرخين على اختلاف المراحل الزمنية ، وجاءت أقوالهم نابعة من صدق الاحساس ومن صميم الواقع .

ومن قصد کربلاء في سنة 726 هجرية الرحالة الشهير محمد بن عبدالله بن محمد ابن ابراهيم بن يوسف اللواتي الطنجي المعروف بأبي عبد الله شرف الدين ابن بطوطة القاضي ، فكتب عنها في رحلته قائلاً : « زرت کربلاء في أيام السلطان أبو سعید بهادر خان بن خدابنده بعد أن تركت الكوفة في سنة 726 ه قاصداً مدينة الحسين ( کربلاء) وهي مدينة صغيرة تحصنها حدائق النخيل ويسقيها ماء الفرات والروضة المقدّسة داخلها وعليها مدرسة عظيمة وزاوية كريمة فيها الطعام الموارد والصادر ، وعلى باب الروضة الحجاب والقومة ( الخدمة ) لا يدخل أحد إلا عن اذنهم فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة ، وعلى الأبواب أستار الحرير وأهل هذه المدينة طائفتان أولاد زحيك و أولاد فائز وبينهما القتال أبداً وهم

ص: 89

جميعاً إمامية يرجعون إلى أب واحد ولأجل فتنتهم تخربت هذه المدينة ثم سافرنا منها إلى بغداد »(1)

ووصف كربلاء الرحالة البرتغالي بيدرو تكسيرا الذي زارها يوم الجمعة المصادف 24 ايلول 1604 الموافقی 1024 ه فقال : نزلت في أحد الخانات العامرة التي كان بناؤها للزوار يعد من الأعمال الخيرية المبرورة . ويقول تكسيرا: أن كربلاء التي يسميها مشهد الحسين ، كانت بلدة تحتوي على أربعة آلاف بیت معظمها من البيوت الحقيرة، وكان سكانها من العرب وبعض الايرانيين و الأتراك ، الذين كانوا يعينون للاشراف على المناطق المحيطة بها كذلك ، ولكن الأتراك كلهم كانوا قد انسحبوا يومذاك إلى بغداد بسبب الحرب مع الايرانيين فأدى ذلك إلى رحيل العجم عنها أيضاً لأنهم لم يعودوا يشعرون بالطمأنينة والأمان . وقد كانت أسواقها مبنية بناءً محكماً بالطابوق ، وملأى بالحاجات والسلع التجارية التردد الكثيرين من الناس عليها . وبعد أن يشير إلى وجود الروضة الحسينية وتوارد المسلمين لزيارتها من جميع الجهات يتطرق إلى ذكر السقاة الذين كانوا يسقون الماء للناس في سبيل الله وطلباً للأجر ، أو احياء لذكرى الإمام الشهيد الذي قتل عطشاناً في هذه البقعة من الأرض . ويقول : انهم كانوا يدورون بقربهم الجلدية الملأى بالماء، وهم يحملون بایدهم طاسات النحاس الجميلة . ثم يشير إلى تيسير الأرزاق ورخصها ، وتوفر المأكولات و الحبوب بكثرة مثل الحنطة والشعير والفواكه والخضروات واللحوم ، و إلى لطف الهواء فيها و كون الجو فيها أحسن منه في جميع الأماكن التي أتى على ذكرها من قبل . وقد وجد في كربلاء عدداً من الآبار العامة الحاوية على الماء العذب الجيد جداً و كثيراً من الأشجار وبعض أنواع الفاكهة الأوروبية على حد تعبيره. وكانت الأراضي فيها تسقى من جدول خاص يتفرع من الفرات الذي يبعد عن البلدة بثمانية فراسخ. وكان هناك بالإضافة

ص: 90


1- تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار / للرحالة ابن بطوطة ج 1 ص 139 طبع مصر .

إلى ذلك عدد كبير من الأغنام والماشية التي شاهدها ترعي في المراعي المحيطة بالبلدة . وفي نهايتها من جهة الفرات كانت هناك بر كتان كبيرتان من الماء مربعتا الشكل ، وهو يعتقد أنها كانتا قد أنشئنا للنزهة والتسلية ، مستدلاً على ذلك بما شاهده من اطلال بعض الأبنية والملاجىء الموقتة من حولهما . ولعل مواقع الأمكنة والمخيمات التي كانت تنصب للزوار في مواسم الزيارات الكبيرة . وهنا يشير كذلك إلى أن كربلاء والنجف كانتا تخضعان يومذاك إلى المير ناصر المهنا الذي يطلق على نفسه لقب ( ملك ) كما يشير إلى أنه كان تابعاً للأتراك الذين كانوا يغتصبون واردات الأراضي الممتدة في المنطقة كلها .

ومع هذا فقد شاهد تكسيرا بنفسه الأعراب التابعين للمير ناصر يبيعون في وضح النهار خیول و ملابس و أثاث و أسلحة . أربعة وثلاثين تركياً من رجال الحكومة التركية في كربلاء بعد أن قتلوهم وسلبوهم ما يملكون . وهذا يدل بلا ريب على مقدار الفوضى التي كانت تضرب أطنابها في تلك الجهات ، وهو يعزو هذا إلى انشغال الحكومة يومذاك بالحرب مع إيران . ومما يذكره في هذه المناسبة أنه وجد في الخان الذي كان ينزل فيه أربعين ( سگمانیاً ) مع ضابطهم الخاص ، و ( السگمانیون ) هم من الجيش المحلي التابع للحكومة ، وقد كان الناس يخشونهم لأنهم كانوا متعودين على التجاوز على الناس في كل فرصة أو مناسبة و كانوا من دون وجدان أو ضبط على حد قوله .. الخ(1).

وزار كربلاء الرحالة الألماني كارستن نيبور فوصلها في أواخر أيام السنة الميلادية و هو يوم 27 كانون الأول 1765 م بعد أن استغرق في قطع المسافة بينها وبين الحلة حوالي سبع ساعات على ظهور الدواب . ويقارن نيبور کربلاء بالنجف من حيث كثرة النخيل فيها و ازدياد عدد سكانها . لكنه يقول أن بيوتها

ص: 91


1- موسوعة العتبات المقدسة / قسم كربلاء . فصل ( کربلاء في المراجع الغربية ) ترجمة جعفر الخياط ص 281 - 284.

لم تكن متينة البنيان لأنها كانت تبني باللين غير المشوي ، وكانت البلدة على ما يظهر ما جاء في الرحلة محاطة بأسوار من اللبن المجفف بالشمس أيضاً ، كما كانت لها في هذه الأسوار خمسة أبواب ، على أنه وجد الأسوار متهدمة كلها في تلك الأيام الغابرة . ولا شك أن أهم ما يلفت نظره في كربلاء الروضة الحسينية المطهرة التي رسم لها رسماً تقریباً خاصاً استقي تفصيلاته من الدوران حولها والتقرّب إليها ، و من دخوله إليها في إحدى الأمسيات لفترة وجيزة بصحبة الملا البغدادي الذي كان معه بعد أن لبس عمامة تركية مناسبة في رأسه ، والظاهر أنه فعل ذلك في موسم أحد الأعياد والزيارات المهمة . لأنه يقول ان أطراف الحضرة والصحن كانت متنورة للشبابيك الكثيرة التي كانت موجودة فيها. وقد كان ذلك يكاد يكون غريباً في هذه البلاد التي كان يقل فيها زجاج النوافذ يومذاك . ومما يأتي على ذكره في هذه المناسبة أن الحضرة تقوم في ساحة كبيرة تحيط بها من أطرافها الأربعة مساكن السادة والعلماء على حد قوله ، ولا شك أنه يقصد بذلك ساحة الصحن الكبيرة ، وكان يوجد بين يدي الباب الكبری شمعدان نحاسي ضخم يحمل عدداً من الأضوية ، على شاكلة ما كان موجوداً في مشهد الإمام عليعلیه السلام. لكنه يقول أنه لم يلاحظ وجود الكثير من الذهب في الروضة الحسينية يومذاك ، ولا سيما عندما يقارن ضريح الإمام الحسين بضريح الإمام علي في هذا الشأن .

ويذكر نيبور أيضاً أن العباس بن علي علیه السلام قد شيد له جامع كبير كذلك تقديراً لبطولته التي أبداها في يوم عاشوراء ، وتضحيته بنفسه من أجل أخيه . وهنا يروي قصة العباس المعروفة في الوقعة التي قطعت فيها يداه الكريمتان حينما احترق حصار الأعداء الأساء لمعسكر الإمام الحسين وذهب ليأتي بالماء إليه وإلى الأطفال والنساء ، ويشير أيضاً إلى وجود مزار خاص خارج البلدة في أول الطريق المؤدي إلى النجف ، ويقول أنه شيد في الموضع الذي سقط فيه جواد

ص: 92

الحسين بركبه الشهيد .. الخ(1).

ومما يزيد من مناظر کربلاء وجنانها روعة و ابتهاجاً هو ( نهر الحسينية ) الذي يخترق بساتين كربلاء مبتدأ بشمال المدينة و منتهي ببحيرة ( أبي دبس ) حيث يصب فيها من جهة الغرب . و كان يعرف الفرع الرئيسي هذا باسم نهر الحيدري أو الخصيبة ، ويسير باتجاه الشمال الغربي من المدينة لإرواء بساتينها .

غير أن كربلاء كانت تعاني أحياناً الجفاف والظمأ ، فقد ينقطع عنها الماء طيلة أربعة أشهر ، وكانت معظم بساتين كربلاء ، قد حفرت فيها الآبار المبنية بالآجر ، فاستخدم الفلاح الكربلائي ( الكرد ) لسحب الماء من تلك الآبار و سقي البساتين والمزارع (2).

وقد وصف کربلاء في مفتتح هذا القرن ( عمانوئيل فتح الله عمانوئيل مضبوط ) حيث زارها سنة 1329 ه/ 1911 م ونحن ننقل الوصف بكامله الأهميته ، فقال : « قد سرّنا منظر ( کربلاء ) أعظم السرور لا سيما ( كربلاء الجديدة ) أو شهر نو ، فإن طرقها منارة كلها تنيرها القناديل والمصابيح ذات الزيت الحجري والقادم من بغداد إذا كان لم يتعود مشاهدة الطرق الواسعة والجادات العريضة أو إذا كان لم يخرج من مدينته الزوراء ويدهشني أعظم الدهش عند رؤيته لأول مرة هذه الشوارع الفسيحة التي تجري فيها الرياح والأهوية جریاً مطلقاً لا حائل يحول دونها التعاريج التي ترى في أزقة بغداد وأغلب مدن بلادنا العثمانية . وعند دخولنا المدينة نزلنا على أحد تجار المدينة وهو السيد صالح السيد مهدي(3) الذي كان قد أعد لنا منزلاً نقيم فيه ، فأقما

ص: 93


1- موسوعة العتبات المقدسة / قسم کربلاء ( فصل كربلاء في المراجع الغربية ) ترجمة جعفر الخياط ص 286 - 288 .
2- مذكرات السيد مجيد السيد سلمان الوهاب آل طعمة .
3- يغلب على الظن ان السيد صالح هو ابن السيد مهدي البلور فروش من تجار المدينة . والسيد أحمد هو ابن السيد حسن بن السيد مرتضى آل طعمة .

فيه نهارة وليلتين . وفي الليلة الأولى خرجنا لمشارفة ما في المدينة مع السيد أحمد وأخذنا نطوف ونجول في الطرق فمررنا على عدة قهوات حسنة الترتيب والتنسيق ورأينا فيها جوامع فيحاء و مساجد حسناء وتكايا بديعة البناء وفنادق تأوي عدداً عديداً من الغرباء وقصوراً شاهقة ودوراً قوراء وأنهاراً جارية و ریاضاً غناء وأشجاراً غبياء . و الخلاصة وجدنا كربلاء من أمهات مدن ديار العراق إذ أن ثروتها واسعة وتجارتها نافعة وزراعتها متقدمة وصناعتها رائجة شهيرة حتى أن بعض الصناع يفوقون مهرة صناع بغداد بكثير لا سيما في الوشي والتطريز والنقش و الحفر على المعادن والتصوير وحسن الخط و الصياغة والترصيع وتلبيس الخشب خشباً أثمن وأنفس على أشكال ورسوم بديعة عربية وهندية و فارسية وهندسية . ولما كان الغد وكان يوم السبت رأينا ما لم نره في الليل فسبقنا وصفه . و كنا نقف عند التجار زملائنا و حرفائنا ومعاميلنا الذين نتعاطى معهم بالبيع والشراء . وفي خارج المدينة نهر اسمه ( الحسينية ) ( بالتصغير ) وماؤه عذب فرات ومنه يشرب السكان إلا أن ماءه ينضب في القيظ فتخرج الصدور وتضيق النفوس و يغلو ثمن الماء فيضطر أغلبهم إلى حفر الآبار و شرب مياهها

و هي دون ماء الحسينية عذوبة فتتولد الأمراض وتفشو بينهم فشواً ذريعاً كالحميات والأدواء الوافدة والأمل ان الحكومة تسعى في حفر النهر وحفظ مياهه طول السنة . في كربلاء مستشفى عسكري ودار حكومة ( سراي ) وثكنة للجند و صيدلية وحمامات كثيرة ودار برق و برید وبلدية وقيسريات عديدة . و فيما قنصلية إنكليزية و الوکیل مسلم وأغلب رعية الإنكليز من الهنود . وفيها أيضاً قنصل روسي وهو مسلم أيضاً من کوه قاف ( قوقاسي ) و هيئة كربلاء الجديدة ترتقي إلى مدحت باشا الشهيرة . ويبلغ عدد سكانها 105,000 نسمة منها 25 الفاً من العثمانيين و 60 الفاً من الإيرانيين وبعض الأجانب المختلفي العناصر و 20 الفاً من الزوار الغرباء الوافدين اليها من الديار البعيدة وليس فيها نصارى لكن فيها عدد من اليهود . أما هواء كربلاء فمعتدل في الشتاء وردي، في الصيف لرطوبته .

ص: 94

أما في سائر أيام السنة فيشبه هواء سائر مدن العراق بدون فرق يعتد به . والذي يجلب المسلمين إلى كربلاء هو زيارة قبر الحسين بن بنت رسول المسلمين وقبور جماعة من شهداء آل البيت و الحسين مدفون في جامع فاخر حسن البناء فيه ثلاث مآذن و قبتان كلها مبنية بالأجر والقاشاني و منشاة بصفيحة من الذهب الابريز وهناك أيضاً ساعتان كبيرتان دقاقتان وكل ساعة مبنية على برج شاهق . وفي كربلاء جامع آخر لا يقل عن السابق حسناً في البناء وهو جامع العباس وفيه أيضاً مئذنتان رقبتان و ساعتان كبيرتان على الصورة المتقدم ذكرها ووصفها . وفي هذه المدينة قسم قديم البناء والطرز ضيق الأزقة والشوارع والأسواق إلا أن ما يباع في تلك الأسواق بديع الصنع وأغلب بضائعها تشاكل بضائع بلاد فارس لا سيما يشاهد الناظر كثيراً من الطوس من كبيرة وصغيرة من النحاس الأصفر ( الصفر ) وهناك سلعة لا تراها تباع في غير كربلاء وهي الترب ( جمع تربة وزان غرفة ) وهي عبارة عن قطعة من الفخار أخذ ترابها من أرض کربلاء وجبلت على صورة مستديرة أو مربعة أو مستطيلة أو نحو ذلك يتخذها الشيعة وقت الصلاة فيجعلونها في جبهة القبلة ويصلون متجهين نحوها . وممايكثر في أسواقها أنواع الأحذية المختلفة الشكل الفارسية الطرز وترى في الحوانيت الزعفران الفاخر الخالص من كل شائبة وغش مما لا تجد مثله في بغداد . ولغة أغلب أهل كربلاء الفارسية لكثرة العجم فيها ، إلا أن الكثيرين منهم تعلموا العربية ويحسنون التكلم بها . ويقسم لواء کربلاء إلى ثلاثة أقضية وهي مركز قضاء كربلاء و الهندية والنجف و إلى سبع نواح و هي : ثلاث منها في مركز القضاء وأسماؤها : المسيب والرحالية وشفاثه و واحد في الهندية وهي الكفل وثلاث في النجف وهي الكوفة والرحبة والناجية . ولما كان نهار الأحد 4 نیسان نهضنا صباحاً وفطرنا ثم ركبنا العجلات و برحنا كربلاء في نحو الساعة العاشرة (1).

ص: 95


1- مجله ( لغة العرب ) الجزء الرابع ( رجب 1369 شوال 1911م ص 156 - 160) .

وقد وصف کربلاء المؤرخ العراقي المعاصر السيد عبد الرزاق الحسني في كتابه ( موجز تاريخ البلدان العراقية ) فقال ما هذا نصه : « أما كربلاء اليوم فتبعد عن بغداد 76 میلاً ، وتربطها بها سكة حديد ثابتة . وهي مدينة واسعة جالسة على ضفة ترعة ( الحسينية ) اليسرى ، يحيط بها شجر النخيل الوارف وتحفها البساتين المحتوية على أشجار الفواكه الباسقة المختلفة الصنوف ، وهي إلى ذلك ذات جادات واسعة و مؤسسات فخمة وأسواق منظمة ومبان عامرة ورياض وغياض كثيرة ، وتقسم کربلاء من حيث العمران إلى قسمين يسمي الأول ( كربلاء القديمة ) وهو الذي أقيم على أنقاض كربلاء العريقة في القدم و الشهيرة في التاريخ . ويدعى الثاني ( كربلاء الجديدة ) وهو الذي خطط في عمد ولاية المصلح الكبير مدحت باشا في عام 1285 ه ( 1868 م ) وبني بعد عام 1300 للهجرة على طراز يختلف عن الطراز القديم ، إلا أنه تهدم معظمه -مع الأسف - حيث أقيم على أرض سبخة تنز فيها المياه فتأكل أسس الجدران ، ولهذا السبب يحيط بكربلاء اليوم مستنقع كبير هو علة وجود أمراض مزمنة في هذه المدينة تجعل وجوه الأهلين صفر الوجوه هزيلي الأجسام معرضين للأمراض المختلفة(1) كما وصف کربلاء أيضاً الأستاذ رزوق عيسى فقال : كربلاء وهي إحدى المدن المقدسة عند الشيعة وفيها مرقد الحسين علیه السلام وموقعها على ضفة نهر الحسينية اليسرى يحيط بها من جهة الشمال والغرب وتكتنفها المزارع والبساتين و الرياض من الشمال والشرق والجنوب ، وهي واقعة إلى الجنوب والجنوب الغربي من بغداد تبعد عنها 80 کیلومتراً أو نحو 35 ميلاً وتبعد عن الحلة 25 میلاً وهي قائمة إلى الغرب والشمال الغربي منها . وفي كربلاء بلدتان الواحدة قديمة والأخرى جديدة فالأولى إلى الشمال و يحيط بها سور من الشرق والشمال والغرب ومفتوحة من جهة الجنوب حيث ترى البلدة الجديدة وهي متسعة البناء وفيها جادة واسعة عريضة آخذة

ص: 96


1- موجز تاريخ البلدان العربية / للسيد عبد الرزاق الحسني ص 63و 64.

إلى الشمال والجنوب وعلى مسافة ميل من جنوب البلدة الجديدة منزل واسع للزوار . و أما البلدة العتيقة فطرتها معوجة ودورها متجمعة و ارتفاع سورها يتراوح بين 20 و 30 قدماً وهو مبني بالآجر وفي أعلاه أبراج ، و موقع المدينة مستو إلا أن الجهة الشمالية الغربية أعلى من سائر الجهات (1).

ولعل أروع وصف لجمال الطبيعة في كربلاء ما ديجه يراع الأستاذ عبد الرزاق الظاهر حيث يصف لنا نور الحسينية ويتأمل جماله الفتان ، وسحره الأخاذ، وهو ينساب بين البساتين الغناء والسهول الخضراء ، فاهتزت خلجات نفسه هذه المناظر الطبيعية الخلابة ، وصورها الحالمة ، وجاشت قريحته بهذه العبارات البليغة الزاخرة بالعواطف المنتهية والمشاعر المتدفقة التي تتم عن حبه العميق لمدينة كربلاء العربية الخالدة فهو يقول : و في كربلاء صورة بديعة الملكية الصغيرة وما ينتج من تطبيقها من الحسنات و المنافع فالبساتين المنشورة على ضفتي نهر الحسينية وعلى فروعه تذكرني بغوطة دمشق وجناتها ومياهها. والداخل إلى تلك الجنائن يشعر بالراحة والانتعاش وتحمل اليه الأرواح العذبة التي تهب من جنبات الأشجار والنخيل ومن أريحها وعبقها أطيب العطور ، وتقع العين على المنظر البهج و الثمر الشهي يتدلى بقدرة القادر فتطيب له النفس . ولقد كنا صغاراً في أوائل مراحل الصبا نخرج في مواسم الزيارة ونذهب إلى طرف مدينة کربلاء فتركب الحمير السريعة العدو ونحن فرحون مرحون ، ونتجه إلى مسجد الحر الرياحي و مقبرته ، فنقطع الطريق من النخل والشجر والزرع و الماء تماسك أوله بآخره وهذه الرياض والبساتين لا تمتاز بالجمال فحسب وإنما تمتاز بالخير الوفير والبركة وينتفع مالكوها من ثمراتها أضعاف ما ينتفع به المالكون للمئات من الدونات المهجورة والتي تستغل لزراعة الحبوب ولجعلها مراعي للمواشي في أماكن أخرى(2) .

( تراث کربلاء م - 7)

ص: 97


1- جغرافية العراق / رزوق عبسی ص 119.
2- الاقطاع و الديوان في العراق / عبد الرزاق الظاهر ص 61.

ويصف أبو طالب خان رحلته إلى كربلاء فيقول : و باليوم الرابع من ذي القعدة سنة 1218 ه الموافق اليوم الأول من مارس سنة 1803 م بعد إقامتي ببغداد ثمانية أيام استأنفت سفري لزيارة مشهد كربلاء و مشهد النجف الأشرف وفي هذه المرة لم أعلم الباشا بنيتي و خطتي فاكتربت خفية خيلاً وبغالاً من حوذي، واتفقت معه على أن يرافقني في جميع الطريق وسافرت بلطف فائق ، ولقيت حفارة من كل من لاقاني في أي موضع کنت من طريقي، وابتهجت بلقما قاضي کربلاء ( ملا عثمان ) و كان عائداً إلى كربلاء و كان رجلاً سنیاً و لكنه كان قد تفقه وتثقف وتعلم علماً جليلاً وكان بريئاً من أوهام الأحكام التي يحكم بها الطغام قبل الاستعلام و ظهر لي أنه سر سروراً عظيماً بلقائي ورجا مني أن أكون رفيقه في السفر . وفي الطريق من بغداد إلى النجف رأيت بين كل ثمانية أميال خانات مسافرین مبنية بالآجر تشبه حصوناً ، ولكنها يندر أن يقيم فيها المسافرون . وفي اليوم الأول سرنا أربعين ميلاً وقضينا الليل في خان المزراقجي ثم وصلنا إلى کربلاء في نحو الساعة الثالثة من اليوم الثاني و نزلت في دار السيد حمزة و كنت عرفت ان أخيه في مقصود آباد في البنغال و کنت أرجي أن أراه ثانية بكربلاء ولكنه توفي قبل وصولي اليها بعدة أشهر و مع ذلك استقبلني أبواه استقبالاً حسناً وأعاناني على إتمام مختلف مناسك الزيارة وتلقاني حاكم كربلاء أمين آغا بكثير من الأدب ودعاني مرتين إلى التغذي معه وأعد لي فيلا لأسافر إلى النجف ورغب في دفع کرائها ولما كان ذلك يحرمني ثواب الزيارة لم أقبل قط هذا البذل (1).

وكانت مدينة كربلاء مقسمة إلى ثلاثة أطراف أو محلات تشكل قصبة کربلاء قديماً ، يدعى الطرف الأول بمحلة ( آل فائز ) التي تعرف اليوم بمحلة باب السلالمة والقسم الشرقي من باب الطاق و باب بغداد و بركة العباس . أما الطرف

ص: 98


1- رحلة أبي طالب خان إلى العراق وأوروبه / 1213 ه/ 1799 م ص 381 .

الثاني فيعرف بحلة ( آل زحيك ) وتضم محلة باب النجف وباب الخان. ويدعی الطرف الثالث بمحلة ( آل عيسى ) وتشمل القسم الغربي من باب الطاق ومحلة المخيم . وقد سميت المحلات الثلاث بتلك الأسماء نسبة إلى السادة العلويين الذين كانوا يقطعونها منذ عدة قرون ، وكانوا يتقاضون ضرائب على أعقارهم من العشائر التي سكنت هذه الأطراف فيما بعد، كما تنص على ذلك الوثائق الرسمية والمستندات القديمة التي يحتفظ بها معظم رجالات البلد و ذوي البيوتات . وبعد أن أتم السيد علي الطباطبائي الشهير بصاحب الرياض بناء سور كربلاء ابتداء من سنة 1217ه جعل له ستة أبواب ، وعرفت كل باب باسم خاص ، واستبدل أسماء الأطراف بأسماء تلك الأبواب كما هي اليوم ، ولدى مجيء الوالي مدحت باشا (1) هدم قسماً من السور من جهة باب النجف ، و أضاف طرفاً آخر إلى المدينة سمي بطرف ( العباسية ) مضافاً إلى ذلك أن محلة العباسية نفسها قسمت إلى قسمين يعرفان بالعباسية الشرقية والعباسية الغربية ، فأصبحت لكربلاء اليوم ثمانية أطراف ( محلات ) وهي :

1- محلة باب السلالمة : وسميت بهذا الاسم نسبة إلى العشيرة العربية المعروفة ب ( السلالمة ) التي قطنتها ، وتقع إلى شمال مرقد الامام الحسين علیه السلام .

2- محلة باب بغداد : وتقع إلى الشمال من مرقد العباس علیه السلام وهو الحي الذي يمره المسافرون منه إلى بغداد، وتعرف أيضاً ب ( باب العلوه ) نسبة إلى وجود علوة لبيع الخضروات .

3- محلة باب الطاق : وتقع إلى الجهة الشمالية الغربية من المدينة وسميت

ص: 99


1- ومن أعمال هذا الوالي في كربلاء تبديله طريق كربلاء بغداد السابق المعروف ب ( عكدإ بغداد ) وذلك عند مجيء ناصر الدين شاه القاجاري لزيارة العتبات المقدسة سنة 1287ه وجعله من طريق كربلاء عون وهو الطريق الأصلي الذي كانت تسير فيه القوافل والعربات حتى زمن الاحتلال .

بذلك نسبة إلى وجود طاق السيد ابراهيم الزعفراني أحد رجالات كربلاء في حادثة المناخور سنة 1241 ه.

4 - محلة باب الخان : وتقع إلى الجانب الشرقي من المدينة و سميت بهذا الإسم نسبة إلى وجود خان كبير كان قد أقيم بالقرب من سور المدينة.

5 - محلة المخيم : تقع إلى الجنوب الغربي من المرقدين المقدسين وسمیت بذلك تيمناً بوجود المخيم الحسيني .

- محلة باب النجف : تقع في قلب المدينة وتشمل الأماكن التي تفصل المرقدين المقدسين . و هو الحي الذي كان ير المسافرون منه إلى النجف .

7- محلة العباسية : تقع إلى جنوب المدينة ، وقد اختطت في عهد الوالي مدحت باشا ، وتعرف بالجديدة ، و قسمت إلى قسمين :

العباسية الشرقية : وهي التي تقع إلى شرق شارع العباس

العباسية الغربية : وهي التي تقع إلى غرب شارع العباس .

وفي عام 1956م أحدث متصرف کربلاء حسين السعد ( حي الحسين ) و يقع جنوب كربلاء . ثم أخذت المدينة تتوسع و يزداد عدد سكانها فاستحدثت محلات أو أحياء أخرى ، وهي كما يلي :

1- حي المعلمين .

2- حي العباس ويقع شمال المدينة ضمن أراضي ( فدان السادة ) العائدة للسادة آل طعمة .

3- حي النقيب

4- حي الثورة

5- حي الحر

6- حي رمضان

7- حي الصحة

8- حي الاسكان

9- حي الإصلاح الزراعي

10 - القزوينية

ص: 100

11- حي العدالة

12- حی البنوك

13- حی الأنصار

14- حی الموظفین

15- حی البلدیة

16 - حي العروبة

17 - السعدية

18 - حي العلماء

19- المعملجي

20 - حي التعليب

21 - حي العامل

وفي كربلاء عمارات بديعة أشهرها رباط الهنود الاسماعيلية المعروفين ( البهره) فإنه كبير جداً وفيه مشروع إسالة ماء خاص به ومؤسسة للكهرباء وصيدلية توزع فيها الأدوية مجاناً . ومنها بناية دائرة الماء والكهرباء وصرح الحكومة ودائرة البرق والبريد و عمارة القنصلية الإيرانية إلى عدد كبير من الفنادق الحديثة المعدة لإيواء الزوار ومكتبة للأوقاف العامة ومكتبات خاصة وتجارية كثيرة(1)إضافة إلى ذلك فإن هناك الكثير من المباني الحكومية التي أنشئت حديثاً. كما أن فيها شوارع مستقيمة ومبلطة كشارع الإمام علي وشارع علي الأكبر وشارع الحسين وشارع العباس و شارع الرسول الأعظم و شارع الوحدة العربية وسواها، ويروى أن أحد ملوك الهند زار كربلاء في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي أي بعد حادثة الوهابيين فأشفق على حالتها وبني فيها أسواقاً حسنة وبيوتاً قوراء أسكنها بعض من نكبوا وبنى للبلدة سوراً حصيناً لصد هجمات الأعداء ، وأقام حوله الأبراج والمعاقل ، ونصب آلات الدفاع على الطراز القديم وصارت على من یهجمها أمنع من عقاب الجو فأمنت على نفسها وعاد اليها بعض الرقي والتقدم (2). وفي أيام الوالي المصلح مدحت باشا ( 1871 م ) بنيت الدوائر الحكومية في کربلاء وتم توسيع السوق فيها(3) . إضافة إلى وجود عدد من الأسواق

ص: 101


1- العراق قديماً وحديثاً / السيد عبد الرزاق الحسني ص 126 .
2- تاریخ کربلاء المعلى / عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 22.
3- موسوعة العتبات المقدسة / قسم كربلاء ج 1 ص 280.

الكبيرة(1).

ولعل أشهر المباني الحكومية الفخمة التي تتوسط حي الحسين الجميل هو فندق كربلاء أو ما يسمى بفندق المصايف والسياحة ، حيث يأوي اليه السواح والزوار .

أما نفوس کربلاء فقد ثبت لدى الاحصائية الأخيرة التي أجريت سنة

1976م أن نفوس مدينة كربلاء (281٫814 ) نسمة .

وقد اقترن اسم کربلاء بحكم مر کزها الديني المرموق بأسماء العديد من ذوي المواهب الفنية والأدبية ، فقد خرجت العديد من الشعراء والكتاب ورجال العلم والدين ، كما اشتهرت بعدد من الصناعات والفنون الشعبية الدقيقة كصناعة السيراميك والقاشاني الملون المنقوش بالصور الجميلة وصناعة النقش على النحاس التي یرع بها الكربلائيون فأخرجوا من النماذج ما يرتقي إلى مصاف اللوحات الفنية

ص: 102


1- يروى أن سوق البزازین ( سوق العرب ) البوم أسس قبل 200 سنة وكان يسمى قديماً ب ( سوق مدك الطبل ) أي أنه كان سوقاً للصفارین . وللسادة آل الأشيقر بعض الموقوفات في هذا السوق. وقد اطلعت على وقفية خاصة بها وتاريخها سنة 1251ه ، الواقف لها على الحردان والوقوف عليه السيد محمد السيد حمزة الأشيقر . ومن الأسواق الأخرى ( سوق الحسين ) الذي أوقف بعض حوانيته الشيخ محمد صالح البرغاني على الجهات الخيرية للحائر الحسيني . وقد اطلعت على الوقفية الخاصة بتلك الحوانبت وتاريخها رجب المرجب من شهور سنة سبعين بعد الألف والمائتين مختوماً بختم شيخ الطائفة الشيخ مرتضى الأنصاري . وهناك أسواق أخرى قديمة كسوق القبلة الذي بناه السيد أحمد الدده وكان عبارة عن مجموعة دور و خان كبير . ووردت أهزوجة شعبية بعد وضع ( الجمالي ) على السوق من قبل الوالي تقول: الله يديمه الوالي *** سوه السوك جمالي وعدا ما ذكرت فان هناك سوق التجار الكبير وسوق العباس وسوق الزينبية وسوق الملاوي وسوق باب الحان وغيرها

المتكاملة (1)ومما لا غبار عليه أن كربلاء مجهولة على الصناعة اليدوية البدائية ، فقد كان من الطبيعي أن تكون مر کزاً لقيام صناعات النحاس ( الصفر ) على أشكاله و هي تعد من أنفس الصناعات لا سيما ( السماورات ) لصنع الشاي ، والصياغة الدقيقة و الوشي والتطريز ، وفيها صناعة الترب ، وصناعة الأحذية الشعبية والصياغة الذهبية والفضة وصناعة الأواني النحاسية والبرونزية المنقوشة بالصور والتماثيل ، كما تقوم بصناعة الغزل والنسيج والصناعات الفرعية الأخرى كصناعة الترب التي تتخذ من أرض كربلاء تبرکاً للسجود عليها والسبح للتسبيح بها وغير ذلك ، وكان من جراء الماضي الصناعي لكربلاء أن تخرج فيها عدد من العمال المهرة .

وقد أسهم الشعراء والكتاب إسهاماً ملحوظاً في وصف کربلاء والثناء عليها . وها نحن نثبت في هذا الفصل بعض النماذج التي تجسد مفاتن و محاسن هذه المدينة شعراً . فهذه أبيات من قصيدة بعنوان ( بعد الأحبة ) للشاعر الكربلائي المرحوم عباس أبو الطوس ، يستنهض بها أحبته فيناشدهم بقوله :

هبٌ النسيم على الربي فذكرتكم *** وهذا الفؤاد لأمسه البسام

والبدر قد أرخى طلاقته على *** هضبات وادي (الطف) والا کام

و (الطف) دار صبابتي وسعادتي *** ومقر أحبابي وأرض إمامي

أرض بها طابت ملاعب صبوتي *** وصفت كلطف نسيمها أيامي

ونشأت بين حقولها ونخيلها *** فغدت مثار عواطفي وهيامي

وسحبت ذیل صباي فيها باسماً *** ما بين صحب من ذوي الأقلام

يا كربلاء تقدمي با کربلا *** للعلم ، للأدب الرفيع السامي

سيري على نور الحضارة والعلى *** هذا أوان الجد والاقدام

سیري على نهج النهي جذلانة *** ودعي الرقاد فلات حين منام

ص: 103


1- مجلة ( العراق الجديد ) العدد 10 تشرين الأول 1961م.

ثم اخلعي الثوب الذي لعبت به *** كف البلى في سالف الأعوام

سیري على أسس الحياة فانما *** تعلو البلاد إذا سرت بنظام

یا کربلاء وما القريض بنافع ***إذ لا يشق حنادس الابهام

لا يستحق أخو الأحاجي عزة *** إن كان فيه كخابط بظلام(1)

وفي يوم 1960/2/16 م زار الشاعر خضر عباس الصالحي مدينة كربلاء ، ومكث فيها زهاء أربعة أيام تسنى له خلالها التعرف على طائفة ممتازة من أدبائها الأحرار المثقفين ، فلقي منهم أنبل اللطف و أروع المجاملة ، وأحسن اللقاء فألهمته هذه المزايا الرائعة قصيدة وجدانية هي :

أرسلت حلو الغناء *** على ربي كربلاء

کماشق مستهام *** بغادة حسناء

أو هائم هيجته *** عواطف الشعراء

أو ظاميء بات یحسو *** خمر المني باشتهاء

أو طائر راح يشدو *** في واحة فيحاء

بها تحف رياض *** ملأى بكنز الرخاء

وحولها غاب نخل *** يطفو بدفق الثراء

بأفقها الرحب تسمو *** مراقد الشهداء

تشق قلب الليالي *** بنورها اللألاء

فيا لها ذكريات ***جاشت بفيض الولاء

بها فؤادي المعنى *** أضحى طليق الرجاء

وعاش في ظل قوم *** من صفوة الأدباء

في لجة من حنين *** و موجة من هناء

بها الشعور تعری *** من الأسى والشقاء

ص: 104


1- جريدة ( القدرة ) الكربلائية - العدد 12 تموز 1951م 13 شوال 1370 ه.

والقلب صار يغني *** بنغمة خضراء

الذكريات ستبقى *** مغموسة في دمائي

كنفحة تهامی *** من وردة عذراء

طاف الربيع عليها *** بروحه السمحاء

فدب في كل عرق *** منها عبير الضياء

فانسل من عاطفاتي *** همس الدجى والمساء

ياليت شعري أأ حظى ***بعد النوى باللقاء (1)

ويشارك الشاعر هادي الشربتي بهذه المشاعر الصادقة والأحاسيس المتدفقة نحو مدينته فيقول :

كلفت بارض الطف منذ طفولتي *** وأرجو بأن تمسي لدى الموت مهجعي

فلي عندها في كل شبر لبانة *** من العمر تبدو لي على كل موضع

وأودعتها أحلى الأماني فلم ابتغى *** فؤادي سواها فهي بيتي ومفزعي

ولو جبت في الآفاق طراً فلم يكن *** إلى غيرها يوما ركوني ومرجعي

دفنت بها خير الأحبة لم تزل *** طيوف لهم تترى فينهل مدمعي

ومن نبتها أحببت غرساً وصاله *** لدى الروح من أحلى الأماني وأمتع

أهاجت شظايا لوعة البين أضلعي *** قواف ها جادت یراعة مبدع

ص: 105


1- جريدة ( شعلة الأهالي ) الكربلائية - العدد 9 (21 مایس 1960م/ ذو القعدة 1379 ه ).

الفصل الثالث: الآثار التاريخية في كربلاء

إشارة

تعتبر کربلاء من أقدس وأشهر المدن الإسلامية الكبرى ، إذ يؤمها ملايين الزائرين من جميع الأقطار الإسلامية وغيرها لزيارة مرقدي الإمام الحسين بن علي وأخيه العباس عليهم السلام و باقي الآثار التاريخية فيها. فإلى جانب هذين المرقدين المقدسين ، تحتضن كربلاء عدة مزارات مقدّسة وقبور أساطين العلم و مقامات رفيعة الشأن بأسماء الأئمة الأطهار . فمن بين هذه المراقد التي تزار في الروضة الحسينية هي :

مرقد السيد ابراهيم الجاب

والسيد ابراهيم هو ابن السيد محمد العابد المدفون في شيراز ابن الإمام الهمام موسی بن جعفر علیه السلام يقع مرقده الشريف في الزاوية الشمالية الغربية من الرواق المعروف باسمه في الروضة الحسينية ، وعليه ضریح لطيف الصنع من البرونز . لقد أجمع المؤرخون و علماء النسب ان السيد ابراهيم المجاب الضرير الكوفي هو أول فاطمي انتقل إلى الحائر الحسيني ، وآثر الاستيطان فيه بعد حادثة مقتل

ص: 106

المتوكل في أيام ابنه المنتصر العباسي وذلك سنة 247 هجرية ، أي في منتصف القرن الثالث الهجري ، ولذا يلقب ابنه الأكبر بمحمد الحائري وهو الجد الأقدم لسادات (آل فائز) المعروفين اليوم في كربلاء ب ( آل طعمة وآل نصرالله وآل ضياء الدين وآل تاجر وآل مساعد وآل سيد أمين ) ذكره العلامة السيد محسن الأمين في موسوعته قائلاً : عن كتاب عمدة الطالب في انساب آل أبي طالب للسيد الشريف النسابة أحمد بن علي بن الحسين أنه قال : وأما ابراهيم الضرير بن محمد بن موسى الكاظم عليه السلام فهو المعروف بالمجاب وقبره بمشهد الحسين علیه السلام معروف مشهور 1ه، و في رجال بحر العلوم وإنما لقب أبوه محمد العابد لكثرة عبادته وصومه وصلاته كما ذكر المفيد طاب ثراه في الإرشاد وغيره انتهى. أي أن المفيد ذکر کثرة عبادته لأنه قال ذلك سبب تلقيبه بالعابد . أما سبب تلقيبه ابراهيم المجاب فهو يقال أنه سلم على الحسين عليه السلام فأجيب من القبر والله أعلم بصحة ذلك وليس هو جد السيدين المرتضى و الرضي كما يتوهم لأن جدهما ابراهيم ابن الامام موسى الكاظم علیه السلام(1).

وذكره النسابة الشهير ابن زهرة نقيب حلب في كتابه : « غاية الاختصار»، فقال : وبنو المجاب ابراهيم بن موسى قالوا : سمي بالمجاب بردّ السلام وذلك لأنه دخل إلى حضرة أبي عبدالله الحسين بن علي فقال : السلام عليك يا أبي فسمع صوت وعليك السلام يا ولدي(2) .

وقال الشيخ شرف الدين العبيدلي في كتابه ( تذكرة الانساب ) : ابراهيم

الضرير الكوفي المجاب بردّ السلام يقول بعض ولده :

من أين للناس مثل جدي *** موسى أو ابن ابنه المجاب

ص: 107


1- أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي ج 5 ص 401.
2- غاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار للسيد تاج الدين بن محمد بن حمزة ابن زهرة الحسيني (طبع النجف) ص 89.

إذ خاطب السبط وهو رمس *** جاوبه أكرم الجواب(1)

وجاء ذكره أيضاً في كتاب ( نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ) هذا نصه : في الجواب عن أول من جاور الحائر المقدّس من الاشراف الحسينية فاعلم ان آل ابراهيم المجاب ويقال له ابراهيم الضرير الكوفي ابن محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام أول من سكن الحائر فيما أعلم ولم أعثر على من تقدم في المجاورة عليهم ، فإن علماء النسب كلهم ينسبون محمد بن ابراهيم المجاب بالحائري ويصفون ابراهيم المجاب نفسه بالكوفي ، و في بالي إني رأيت أنه كان ابراهيم المجاب الضرير مجاور الحائر و به مات وقبره هناك معروف لكني لا أذكر الكتاب الذي رأيت فيه ذلك لكن نص الكل على أن ابنه محمد الحائري كان في الحائر وعقبه بالحائر كلهم انتهى (2) .

وعلق المؤلف نفسه بالنسبة لقبور بعض بني هاشم الشهداء وبعض أولاد الأئمة المحترمين قوله : ومنهم ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الامام الكاظم قبره في رواق حرم الحسين وهو صاحب الشباك وهو أول من سكن الحائر من الموسوية

كان ضریراً يسكن الكوفة ثم سكن الحائر وقد وهم فيه السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية فظنه ابراهيم بن الامام الكاظم وانه ابراهیم صاحب أبي السرایا وهو وهم في وهم وعرفت التحقيق فيهما وقد شرحت التفصيل في كتاب تكملة أمل الآمل في ترجمة السيد المرتضى انتهى (3).

وجاء في كتاب ( بغية النبلاء ) ص 20 أقول : كانت قرية المجاب حتى سنة 1217 ه سبعة عشر والف ومائتين - على ما ذكره أبو طالب ابن محمد الأصفهاني

ص: 108


1- تذكرة الانساب لأحمد بن محمد بن مهنا بن علي بن مهنا الحسيني النسابة فصل (بيت أبي الفائز) مخطوط في مكتبة الامام الرضا بمشهد سنة 657 ه ص 107 - 112.
2- نزهة أهل الحرمين في عمارة الشهدین - للسيد حسن الصدر (طبع لكهنو) ص 21.
3- نزهة أمل الحرمين ص 21.

في رحلة ( مسير طالبي ) في الصحن الشريف وعندما ألحقت بالروضة الطاهرة الأروقة الثلاثة الشرقي والغربي والقسم الشمالي أصبح عندئذٍ ضريحه في الرواق الغربي حيث الشمال كما هو عليه اليوم(1) .

تلك هي بعض الآراء في السيد ابراهيم المجاب حاولنا عرضها قدر المستطاع، وهي غيض من فيض أردنا التنويه عنها .

مرقد حبیب بن مظاهر الأسدي

وهو أحد شهداء حادثة الطف ، ناصر الحسين علیه السلام و شهر سيفه أمام الأعداء حتى سقط صريعاً على رمضاء کربلاء ، ودفن في الواجهة الغربية من الرواق الأمامي للروضة الحسينية المطهرة وضريحه مصنوع من الفضة . وهو أجلّ شأناً من أن يوصف. ذكره الكشي في رجاله فقال : كان حبيب من السبعين الرجال الذين نصروا الحسين علیه السلام و لقوا حبال الحديد واستقبلوا الرماح بصدورهم والسيوف بوجوههم ، ويعرف عليهم الأمان والأموال ، فيأتون ويقولون : لا عذر لنا عند رسول الله صلی الله و علیه وآله وسلم أن قتل الحسين علیه السلام و منّا عين تطرف حتى قتلوا حوله رحمهم الله وحشرنا معهم برحمته في جوار مولانا الحسين علیه السلام . ولقد خرج حبیب بن مظاهر الأسدي وهو يضحك ، فقال له يزيد بن حصين الهمداني و كان يقال له سيد القراء : يا أخي ليس هذه بساعة ضحك ، قال : فأي موضع أحق من هذا بالسرور والله ما هو إلا أن يميل علينا هذه الطغاة بسيوفهم فنعانق الحور العين(2) . ويقال ان حبیب بن مظاهر كان يحفظ القرآن عن ظهر قلب، و كان يشرع بتلاوة جميع القرآن من بعد صلاة عشائه حتى الفجر في كل ليلة(3) .

ص: 109


1- بغية النبلاء في تاريخ كربلاء للسيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 120.
2- رجال الكشي (طبع بمبي) ص 52.
3- تحفة الأحباب للشيخ عباس القمي ص 51.

وذكره الزر گلي في ( الاعلام) قائلاً : حبیب بن مظهر أو مظاهر أو مطهر ابن رئاب بن الأشتر بن حجوان الأسدي الكندي ثم الفقعسي تابعي من القواد الشجعان ، نزل الكوفة وصحب علي بن أبي طالب عليه السلام ثم كان على ميسرة الحسين يوم كربلاء وعمره خمس وسبعون سنة ، وهو واحد من سبعين رجلاً استبسلوا في ذلك اليوم ، و عرض عليهم الأمان فأبوا وقالوا : لا عذر لنا عند رسول الله صلی الله علیه آله وسلم أن قتل الحسين وفينا عين تطرف حتى قتلوا حوله(1).

وجاء في ( القاموس الإسلامي ) وهذا نصه : حبيب بن مطر تابعي من شيعة الحسين وهو حبیب بن مطهر بن رئاب الأسدي اشترك مع الحسين في وقعة کربلاء وهو كهل في الخامسة والسبعين من العمر وعرض عليه الأمان فابی واستشهد مع أصحابه عام 61 ه (680 م)(2) .

إلى غير ذلك من الأقوال التي تؤكد على موقف حبیب بن مظاهر الحازم في حادثة الطف ، وما أداه من بطولة نادرة وشجاعة فريدة يضرب بها المثل .

ضريح الشهداء

وموقعه في شرقي الضريح الحسيني ، حيث مثوى أصحاب الحسين والقاسم ابن الحسن علیه السلام و هم ملحدون في ضريح واحد. وهذا الضريح وضع علامة المكان قبورهم وهم في التربة التي فيها قبر الحسين علیه السلام(3) . والضريح الطيف بديع الصنع ، مصنوع من الفضة ، وقد شيده ناصر الدين شاه القاجاري . أما بقية شهداء الطف فإنهم يرقدون في الساحة الأمامية لضريح الشهداء المذكور .

ص: 110


1- الاعلام خير الدين الزركلي ج 2 ص 173.
2- القاموس الاسلامي وضع : أحمد عطية الله ج 2 ص 33 طبع القاهرة .
3- بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ص 54.

المخیم

من معالم كربلاء الأثرية والأماكن المقدّسة التي يتبرك بها الزوار المخيم ويقع في الجنوب الغربي من الحائر الحسيني . يؤخذ من أقوال المؤرخين ان المخيم الحالي الذي نتحدث عنه لا يمت إلى الحقيقة بصلة ولا يستند إلى دليل أو برهان ، ولذا لم نجد أثراً يذكر الموقع مخيم الحسين في كتب أرباب السير والتواريخ .

زار كربلاء الرحالة الألماني كارستن نيبور فوصلها يوم 27 كانون الأول سنة 1765 م . ولنتر که يصف لنا ما شاهده في المخيم قال : ان هذا الموقع قد أصبح حديقة غناء واسعة الأرجاء تقع في نهاية البلدة وتشاهد فيه بركة كبيرة من الماء، وموقع هذه البركة هو نفس الموقع الذي كان الامام العباس قد حفر فيه لايجاد الماء فلم يعثر على شيء منه. ويروي نيبور بالمناسبة أن الناس هناك كانوا يعتقدون بأن ظهور الماء في البركة بعد ذلك يعتبر من المعجزات .

وقد أشار إلى وجود هذه البركة الكبيرة في الموقع نفسه الرحالة البرتغالي تكسيرا الذي زار كربلاء في 1604 م أي قبل مجيء نيبور إليها بمئة وستين سنة ، كما ذكر قبل هذا . ومما يذكره كذلك أن موقع المخيم كان يوجد بقربه مرقد غير کبير ، دفن فيه القاسم بن الامام الحسن علیه السلام وعدد من الشهداء الآخرين الذين سقطوا في معركة التضحية والبطولة يوم عاشوراء ويسرد بالمناسبة قصة القاسم الشاب وعرسه المعروفة (1).

ويروي الرحالة أبو طالب خان في رحلته عند زيارته لكربلاء سنة 1217 ه قائلاً : وعلى بعد ربع میل خارج المدينة قرية الخيم ومقام زین العابدین علیه السلام شيدت عليه زوجة المرحوم آصف الدولة عمارة لائقة، وأقامت قربه رباط لم يتم

ص: 111


1- موسوعة العتبات المقدسة قسم کربلاء ج 1 ص 288 بحث الاستاذ جعفر الخياط .

بناؤه بسبب وفاة آصف الدولة(1) .

غير أن هناك رأياً للعلامة السيد محمد تقي الطباطبائي نقله عن المرحوم العلامة السيد حسن الصدر يقول فيه : أن مخيم الحسين كان قريباً من المستشفى الحسيني في كربلاء اليوم ، ويغلب على الظن أن هذا الموضع أقرب إلى الصواب الأمر الذي اكتفينا بالتنويه عنه(2) .

و المرجح عندنا أن المخيم الحالي من الأبنية التي ابتدعها مدحت باشا من أجل ضيافة السلطان ناصرالدین شاه و عساکره وحاشيته . كما يؤكد بعض الثقاة أن عبد المؤمن الدده تولى بناء غرفة في هذا المكان لتكون رمزاً لمخيم الحسين ، وذلك عندما فطن کربلاء في القرن العاشر الهجري وغرس بجنبه نخیلات لتكون صومعة له .ولم يزل البستان الواقعة جنب المخيم تعرف بستان الدده .

وعندما أتم السيد علي الطباطبائي المشهور بصاحب الرياض بناء سور لكربلاء سنة 1217 ه بعد غارة الوهابيين اتخذ هذا المحل مقبرة لدفن الموتى و استبدل الطرف بمحلة المخيم ، وكانت قصبة كربلاء القدية التي شيدها عضد الدولة البويهي في المائة الرابعة الهجرية تحتوي على ثلاثة أطراف : يدعى الطرف الأول منها محلة آل فائز والطرف الثاني بمحلة آل زحيك والطرف الثالث بحلة آل عيسی، وعندما أتم السيد علي الطباطبائي بناء سور کربلاء جعل له ستة أبواب عرفت كل باب باسم خاص و استبدل أسماء الاطراف بأسماء تلك الأبواب كما هو عليه الحال اليوم . وبعد مجيء مدحت باشا هدم قسماً من السور من جهة طرف باب

ص: 112


1- مسیر طالي مرزا أبو طالب خان بن محمد الأصفهاني (فارسي) طبع الهند سنة 11227 ص 283 . ومما يجدرالتنويه به أن الكتاب طبع باسم (رحلة أبي طالب خان) إلى العراق وأوروبا سنة 1213ه / 1799 م. ترجمها من الفرنسية إلى العربية الدكتور مصطفى جواد ( مطبعة الايمان بغداد 1970).
2- مدينة الحسين محمد حسن الكليدار آل طعمة ج 2 ص24.

النجف و أضاف طرفاً آخر إلى البلدة سمي بمحلة العباسية ، فأصبحت لكربلاء سبعة أطراف (1).

وتنص الوثائق والمستندات التاريخية القديمة التي أطلعنا عليها لدي سادات کربلاء آن محلة المخيم والقسم الشرقي من محلة باب الطاق كانت تعرف بمحلة السادة ( ال عيسى ) حتى أواخر عام 1276 ه. وقد تغير هذا الاسم إلى محلة المخيم بعد هذا التاريخ . وعلى باب المخيم توجد رخامة نقشت عليها أبيات للشاعرالكربلائي المرحوم السيد حسين العلوي ، وهي :

هذي خيام بني النبي محمدٍ *** بالطف حصناً شيدت

للدين قد خصها الباري لكل فضيلةٍ *** شرفا فلا نبت لها

بقرين ان قلت مكة قلت هذي کربلا *** فخرة سرت من عالم التكوين

سلها إذا شرفت في أعتابها *** أين الحسين بعبرة وشجون

فتجبل ما قد ناله و أصابها *** من بعده أعداؤه حرقوني

الصورة

المخيم الحسيني

ص: 113


1- الصدر السابق ج 1 ص 15.

هذا وقد أجريت على المخيم مؤخراً إصلاحات جديدة من قبل وزارة الأوقاف حيث قامت بتعميره سنة 1978 م.

الصورة

سبیل خانة المخيم

مرقد الحر بن يزيد الرياحي

لو اتجهنا نحو ثلاثة أميال عن غربي كربلاء لاحت لنا قبة من القاشاني الملون، تلك هي قبة الحر بن یزید الرياحي التميمي الذي استشهد مع الحسين علیه السلام في

ص: 114

حادثة الطف ودفن في هذا المكان ، ويقصد مثواه الأهلون للزيارة والتنزه في البساتين المحاطة بمرقده . ويرى الزائر لدى دخوله عند باب الايوان كتيبتين تقرأ الأولى « تعمير الأیوان بسعی الحاج السيد عبد الحسین کلیدار حضرة سيد الشهداء سنة 1330 ه». وفي الجانب الآخر الكتيبة التالية «قد عمّر هذا المكان بهمّة آغا حسین خان شجاع السلطان الهمداني دام ظله الفاني سنة 1330». وكان أول من بذل الاهتمام بتشييد هذا القبر هو السلطان اسماعيل الصفوي الذي زار العراق عام 914 ه - 1505 م وبنى عليه قبة وجعل له صحناً.

والشيخ محسن أبو الحب خطيب كربلاء المتوفي سنة 1305ه أبيات یخاطب فيها الحر بن یزید الرياحي بقوله:

نصرت أبياً من عرانين هاشم *** فتى من حماه النصر يستنجد النصرا

وُجدت بنفس كان لو لان أحمد *** عزيزاً على من رام إذلالها قسرا

ولكنها هانت عليك لأن من *** فديت بها كبر النفوس له صغرا

جريت بها جري العبيد أبرها *** عبودية حتى غدوت بها حرا

ألا يا قتيلاً زعزع المجد قتله *** فأضحى عليه المجد ذا مقلة عبر (1)

وسمع السيد محمد القزويني قول أحد الشعراء المتقدمين في الحر :

أشر للحر من بعد وسلم *** فإن الحر تكفيه الإشاره

فقال رداً عليه :

زر الحر الشهيد ولا تؤخر *** زيارته على الشهدا و قدّم

ولا تسمع مقالة من ينادي *** أشر للحر من بعد وسلم

وقال في المعنى نفسه :

ص: 115


1- الحائريات / للشيخ محسن أبو الحب المتوفى سنة 1305 0 ( مخطوط ) .

إذا ما جئت مغنى الطف بادر *** الثوري الحر ويحك بالرواح

وزر مغناه من قرب وأنشد*** ( لنعم الحر حر بني رياح )

مرقد ابن الحمزة علیه السلام

وهو عماد الدين محمد بن علي بن حمزة الطوسي المعروف بابن الحمزة ، كان فقيهاً عالماً فاضلاً من أعلام القرن الخامس الهجري . يقع مرقده في الطريق العام المؤدي إلى مدينة الهندية ( طویریج ).

مرقد الأخرس ابن الكاظم علیه السلام

وهو محمد بن أبي الفتح الأخرس(1) ينتهي نسبه إلى الإمام موسی بن جعفر علیه السلام واليه ينتسبون السادة آل الخرسان في النجف . يقع مرفده بضواحي مدينة كربلاء في المقاطعة المعروفة ب ( الأبيتر ).

مرقد عون بن عبد الله

وعلى بعد سبعة أميال من شمال كربلاء ، تشاهد قبة مزينة بالقاشاني ، تلك هي قبة عون بن عبد الله بن جعفر من سلالة الإمام الحسن بن على علیه السلام . وقد ذكر النسابة السيد جعفر الأعرجي الكاظمي في كتابه ( مناهل الضرب في أنساب العرب ) ما نصه : كان سيداً جليلاً مقيماً في الحائر الحسيني ، وكانت له ضيعة على ثلاثة فراسخ من كربلاء ، خرج اليها وأدر که الموت ، فدفن في ضيعته وبنى على مرقده هذا المزار المشهور ، وعليه قبة عالية ، والناس يقصدونه بالنذور وقضاء الحاجات ، ويظن الناس أنه قبر عون بن عبد الله بن جعفر الطيار وهو غير صحيح ، إذ أن اسمه عون بن عبد الله بن جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن ادریس بن داود بن أحمد المسود بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط بن الإمام أمير المؤمنين

ص: 116


1- مراقد المارف / للشيخ محمد حرز الدين ج 1 ص 133 .

علي بن أبي طالب علیه السلام الأمر الذي اكتفينا بالتنويه عنه (1) ویزار مرقده من قبل العامة والخاصة ، وتنحر عنده الذبائح وتقدم اليه النذور والهدايا .

مرقد السيد أحمد أبو هاشم

يقع مرقده في الشمال الغربي من شفاثا الحالية في طريق طوله 25 کیلو متراً .

ان السيد أحمد الناظر لرأس العين هو ابن محمد أبو الفائز الذي طلبه الرشید طبيب او لجاتو خدا بنده لكي يقتل تاج الدين و أطمعه في نقابة العراق فامتنع من ذلك و هرب من ليلته إلى الحائر(2) أما شهرته أحمد بن هاشم فهي خطأ، ويحتمل أن يكون أبو هاشم ، لأن الناس إذا أرادوا أن يعظموا علویاً يستنهضونه فيخاطبونه بأبي هاشم .

أما مقاطعة رأس العين فهي نسبة إلى عين شفاثة وتعرف حتى اليوم برأس العين ، وهي أراضي مساحتها 4786 مشارة ، تقع إلى شمال غربي شفاثة بالقرب من الرحالية . وان تلك الأراضي التي كان السيد أحمد ناظراً عليها، فيهاعين ماء، ولكن ماءها قليل ، لأنها مطمورة (3) .

وفي أوائل القرن الثامن الهجري صادف فتح العراق من قبل الأمير اقساس تيمور الشهير بتيمور لنك وذلك سنة 796 ه فجاء إلى كربلاء الأمير عثمان بهادر خان بن تيمورلنك على رأس جيش لمنازلة السلطان أحمد الجلائري ، والتحم

ص: 117


1- مناهل الضرب في أنساب العرب / للسيد جعفر الأعرجي الكاظمي ( مخطوط ) نسخته في مكتبة الشيخ آغا بزرك الطهراني في النجف .
2- عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب / أحمد بن مهنا الداودي ص 335 طبع النجف. وانظر : مناهل الضرب في أنساب العرب للنسابة السيد جعفر الأعرجي الكاظمي ( مخطوط ص 565 ) و ( مراقد المعارف ) للشيخ محمد حرز الدین ج 1 ص 87 .
3- مذكرات السيد مجيد السيد سلمان آل وهاب آل طعمة .

القتال بينهما في سهل كربلاء ، ولما فر السلطان أحمد والتجأ إلى حصن عين التمر ، أعقبه عمان بهادر خان ، وفي الطريق خرج من ضيعته لاستقباله السيد الجليل الحسيب النسيب السيد محمد بن أحمد الموسوي الملقب بابي طراس ، وعند ذلك خلع عليه الأمير عثمان الخلع والهدايا وعينه ناظراً على حصن عين التمر وخازناً للمشهدين كربلاء والنجف ، ولقب بالأمير محمد شمس الدين بن أحمد شمس الدين الذي قبره لا زال ظاهراً یزار فوق شفاثا يعرف بقبر أحمد بن هاشم وهو الجد الأعلى للسادة آل فائز اليوم في كربلاء . ومنذ ذلك الحين أصبح للسادات العلويين من آل فائز وآل زحيك القبيلتين العلويتين الساكنتين يومئذ في الحائر الحسيني أراضي ومزارع من تلك الأراضي التي فتحها الأمير المذكور ووهبها لهؤلاء السادة . جاء في كتاب « غاية الاختصار» المنسوب لأبي الحسن ابن زهرة نقیب حلب قوله : « وبيت أبي الفائز بالجائر الحسيني قوم من العلويين ذوو نیابة ونخل بشفاثا من أعيان سادات المشهد وكان جدهم شمس الدين محمد ناظراً لشفاثا کریماً موصوفاً بالافضال والجود وهم كانوا بالمشهد على قاعدة البدو وقد دخلوا في طي الخمول(1).

أما نسب السيد أحمد أبو هاشم فهو : السيد أحمد ناظر رأس العين ابن محمد أبو الفائز ابن أبي جعفر محمد بن علي بن أبي فويرة بن أبي جعفر محمد الحبر خیر العمال ابن علي المجدور ابن أبي الطيب أحمد بن محمد الحائري ابن ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم علیه السلام .

وينص صاحب موسوعة ( دائرة المعارف ) بقوله : أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد بن محمد بن ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن موسی بن جعفرعلیه السلام المشهور بأحمد بن هاشم أو أبو هاشم الموسوي الظاهر هو الذي قبره بشفاثة على

ص: 118


1- غاية الاختصار في البيوتات العلوية الحفوظة من الغبار / المنسوب لنقيب حلب ص 88 .

ثلاثة مراحل بكربلاء(1) .

وقد دون هذا النسب الشريف في المشجرات العائلية المنتشرة في كربلاء

وخارجها، وفي مصنفات كثيرة مخطوطة ومطبوعة (2) .

وضمن مشجرة سادات کتابجي ، ذكر النسابة المعاصر السيد شهاب الدين المرعشي نسب السيد أحمد أبو هاشم في القرآن الكريم المطبوع في طهران مراراً بطبعات مختلفة .

وهناك الكثير من تلك الأدلة الصريحة التي تثبت صحة هذا النسب الشريف.

أما مرقده فلا يقل عن المراقد و المزارات الأخرى أهمية ، حيث تعلوه قبة من القاشاني ، و يحيط به صحن واسع ، و يزور مثواه عدد كبير من عشائر کربلاء وأسرها ، و كذلك من المدن المجاورة في مواسم الزيارات الخاصة كل عام ، فتنحر حواليه الذبائح وتقدم القرابين وتهدي النذور .

ص: 119


1- دائرة المعارف المسماة بمقتبس الاثر و مجدد ما دثر / للشيخ محمد حسين بن سلمان الأعلمي الحائري ج 3 ص 256 ( طبع قم ) .
2- من المصادر التي وجد فيها نسب السيد أحمد أبو هاشم هي : أ- أنساب مشجر : لمؤلفه غیاث الدین منصور دشتكي الشيرازي المتوفى سنة 968 ه ، رأيت نسخته الأصلية المخطوطة في مكتبة الامام الرضا العامة بمشهد . ب - تذكرة الأنساب : لمؤلفه أحمد بن مهنا العبيدلي الحسيني ص657 فصل ( بيت أبي الفائز بالجائر ) مخطوط بمكتبة الامام الرضا العامة بمشهد . ج - بحر الأنساب : للسيد المراد بن المرحوم السيد أحمد النقيب ص 174 مخطوط بمكتبة الامام الرضا العامة بمشهد . د- جامع الأنساب : للسيد محمد علي الروضاتي ج 1 ص 35 طبع إيران 1376ه. ه - بحر الأنساب : للسيد حسين بن محمد الرفاعي الشافعي الحنفي ص 30 و - مراقد المعارف : للشيخ محمد حرزالدین ج1 ص 85.

حصن الأخيضر

من الآثار المهمة التي تبعد عن مركز المدينة حوالي 29 ميلاً ، أو ما يقارب السبعة فراسخ بين كربلاء و شفاثة . ويتكون حصن منيع ذي ثلاثة قصور متقاربة يحيط بهن سور عظيم لم يبق منه غير الأنقاض . ومن المؤسف حقاً أنه لم يعرف تاريخه على وجه التدقيق ، وذلك لعدم وجود كتابة أو إشارات على جوانب القصر أو الحصن . ولقد اختلفت آراء الباحثين حول زمن بناء الاخيضر فالمؤرخون مجمعون على أنه من مباني العرب في العصر الإسلامي ، غير أنهم اختلفوا في تاريخ البناء وفي العصر الذي بني فيه . ولكن الرأي الارجح هو أنه من الآثار العربية الاسلامية ومن عمارات المنتصف الثاني من القرن الثاني الهجري اعتماداً على نوعية الريازة العامة في البناء ودراسة اللقى التي عثر عليها خلال النحريات الأثرية في الموقع ، حيث أن كلها تعود للفترة الزمنية المذكورة .

قال ياقوت الحموي في مادة « دومة الجندل»: أن النبي صلی الله علیه وآله وسلم صالح اکیدر على دومة الجندل وأمنه وقرر عليه وعلى أهله الجزية ، وكان نصرانياً فأسلم أخوه حر بث فأقره النبي صلی الله علیه وآله وسلم على ما في يده ، ونفض اکیدر الصلح بعد النبي صلی الله علیه وآله وسلم فأجلاه عمر من دومة الجندل في من أجلى من مخالفي دين الاسلام إلى الحيرة فنزل في موضع منها قرب عين التمر وبنى فيها منازل وسماها (دومة) وقيل ( دو ماء ) باسم حصنه بوادي القرى فهو قائم يعرف ، إلا أنه خراب ... الخ (1).

وأسند العلامة المرحوم شكري الآلوسي رأيه هذا إلى قول ياقوت فعقب على ذلك قائلاً: أن كلمة (الاخيضر) محرفة من اسم ( الاكيدر ) وهو اسم أمير من أمراء کنده أسلم في صدر الإسلام، فالقصر يجب أن يكون شید من

ص: 120


1- معجم الياقوت / ياقوت الحموي - المجلد الثاني ص 106 مادة ( دومة الجندل ) .

الصورة

حصن الأخیضر فی کربلاء

ص: 121

قبل الأمير المبحوث عنه قبل الاسلام ، غير أن ( موزیل ) لاحظ أن كلمة ( الاخيضر ) من القاب شخص معروف في التاريخ وهو ( اسماعيل بن يوسف الاخيضر ) حاكم الیمامة على الكوفة من قبل القرامطة ( في أوائل القرن الرابع الهجري ، العاشر الميلادي ) فقال : أن الاخيضر يجب أن يكون (دار الهجرة) التي أسست من قبل الحاكم المشار اليه(1).

ويعقب ماسينيون على رأي موزيل الذي ذكر أنه بني عام 277ه وذلك ليجعله عين دار الهجرة التي بناها ثوار القرامطة في هذا العام بقوله : ولا شك في أنه من المحتمل جداً أن يكون القرامطة قد أعادوا تشييده للالتجاء اليه و لكن لم تكن لديهم الوسائل بل لم يكن من شأنهم أن يبتنوا مثل هذا الحصن العظيم ليتحصنوا فيه (2) .

وقد لاحظ المستشرق ماسينيون عند زيارته الأخيضر ان ریازته تشابه الریازة الساسانية ، فاعتقد لذلك أنه يجب أن يكون قد شيد من قبل معمار إيراني قبل العهد الإسلامي في العراق لأجل أحد ملوك الحيرة من اللخميين . وقال ربما كان ( قصر السدير ) الذي تغنى به الشعراء هو الأخيضر نفسه . وقد أيد (دیولافوا) رأي ماسينيون من حيث الأساس واعتبر الأخير من المباني المشيدة قبل الإسلام في أواخر القرن السادس للميلاد .

وقررت المس بیل سكرتيرة دار الإعتماد البريطاني في بغداد لدى زيارتها الأخيضر سنة 1909م أنه من المباني الإسلامية لأنها اكتشفت المسجد ولاحظت المحراب ، ورجحت أن يكون دومة الحيرة التي شيدت في عهد الأمويين . أما ( موزیل و اسکار روتیر و کره سویل ) فقد أيدوا رأي المس بیل من حيث الاساس فاعتبروا الاخيضر من المباني الاسلامية ، غير أنهم اختلفوا في أمر تثبیت

ص: 122


1- الأخيضر / الآثار القدية في العراق ص 35 (1937م).
2- دائرة المعارف الاسلامية / المجلد الأول ص 531 ( مادة أخيضر ).

تاريخ البناء بين أواخر القرن الأول و أوائل القرن الرابع للهجرة . ولكن ( کره سویل ) لم يوافق على رأي المس بيل في اعتبار الاخيضر في عهد الأمويين، بل قرر أنه من عهد العباسيين ورجح أن يكون قد شيد في عهد عیسی بن موسی ابن أخ السفاح و المنصور و ابن عم المهدي ولي عهد المنصور وكان والياً على الكوفة وأما ( هو سفيلد ) فقال يجب أن يكون من مباني أوائل القرن الثالث للهجرة لانه وجد شبهاً ریازة الاخيضر وریازة سامراء (1) .

ونشر البحاثة توفيق الفكيكي بجثاً مسهباً في مجلة ( المقتطف ) المصرية باسم ( قصر الاخيضر في التاريخ ) عندما كان الحاكم المنفرد في كربلاء سنة 1935م 1936م وقد أعيد نشره في العدد الخاص من ملحق جريدة ( الاخبار) البغدادية ويستخلص رأيه بالقول : أن قصر الأخيضر هو ( دومة الجندل ) وان مشيده هو ( اکیدر ) وان عصر تشييده هو العصر الأول من تاريخ الاسلام و في عهد الخليفة الأول من الخلفاء الراشدين وليس هناك أية شبهة أو تضليل(2) . وهناك بحث موسع آخر عن حصن الاخيضر وموقعه، وأهميته التاريخية نقتبس منه ما يخص وصف القصر : يتألف قصر الأخيضر من حصن كبير داخله قصر فخم وبجانبه بناية محصنة منفصلة عن البناية الأصلية. الحصن مربع الشكل يبلغ طول كل ضلع من أضلاعه 17 متراً . أما القصر فمستطيل الشكل يبلغ عرضه 80 متراً وطوله 110 متراً . ويوجد في مدخل هذا القصر دهلیز فخم يعلوه طاق مرتفع. أما الجامع فيقع في الجهة الغربية من الدهليز وجدرانه الخارجية مجهزة بسلسلة أبراج من جهاتها الأربعة ، و الأبراج الكائنة في الزوايا تستوقف الأنظار أكثر من غيرها بطبيعة الحال . غير أن البرجين الواقعين في وسط الجهتين الشرفية

ص: 123


1- المصدر السابق .
2- قصر الأخيضر في التاريخ / للاستاذ توفيق الفكیكي ( ملحق العدد 132 - 10 الأخبار 19 تشرين الثاني 26/1938 رمضان 1357 ه ص 15 - 17.

والغربية يحتويان على آثار معمارية أهم من جميعها(1) .

يتضح لنا ما تقدم أن قصر الأخيضر من أهم الآثار التاريخية في العراق وقد اختلفت الآراء في سبب وجوده في هذه المنطقة العزلاء ، ومما ذكر عنه أنه كان ملتقى لرؤوس اخوان الصفا فيه ، فكانوا يقصدونه من أجل اجتماعاتهم ويضعون رسائلهم . والأخیضر يحتفظ بكثير من مزاياه ومن هندسته ومن معالمه . وقد مهد الطريق اليه من کربلاء مؤخراً ، وسهل النقل اليه في طريق معبد ، وأصبح قبلة للسكان و السواح الأجانب وغير الأجانب . وفي الآونة الأخيرة بذلت الحكومة العراقية اهتماماً ملحوظاً في إصلاح بعض جوانب القصر و إعداد ما يلزم من وسائل كإنشاء دار للاستراحة توفرت فيها المتطلبات الضرورية .

قلعة الهندي

أثر تاريخي يقع في الجنوب الشرقي من كربلاء على بعد 4 كيلومترات شیده نوازش علي خان الكبير بن علي رضا خان النواب اللاهوري من القزلباش، وذلك في عام 1296ه. وكان هذا الرجل من الشخصيات المرموقة في الهند و من الأثرياء ، ويعرف بالنواب . وبعد أن أتم بناء القلعة المذكورة سافر إلى سامراء، وقضى فيها ردحاً طويلاً من الزمن في خدمة السيد المرزا حسن الشيرازي العالم المبرز في عصره، عاد بعدها إلى كربلاء بعد وفاة السيد المجدد الشيرازي ، ومكث فيها فترة من الزمن إلى أن وافاه الأجل ، ودفن في مقبرة خاصة له في صحن الحسين . ولا تزال تعرف القلعة المذكورة باسمه. وعلى أثر سفر أسرة النواب المذكور إلى الهند أوكل أمر الأملاك العائدة لها إلى رئيس وكلائها وهو محسن خان القندهاري الذي كان يمت بصلة إلى النواب المذكور والعقب منه في

ص: 124


1- رسالة الاخيضر : تأليف : عباس علوان الصالح ( مطبعة الثقافة / كربلاء 1941م 1360 ه. وانظر : جريدة الغروب الكربلائية السنة الأولى تموز 1935م فصل (حصن الأخيضر ).

کربلاء يعرف بآل النواب ، ومن هذه الأسرة المحترمة معاون دائرة الاستخبارات للشرق الأوسط في السفارة البريطانية ، كما كان نائباً للحاكم العسكري في كربلاء ومنهم النطاسي البارع الدكتور حسن أفضل نائب كربلاء الأسبق، والدكتور مهدي هاشم النواب والمرحوم محمد حسین خان سکرتیر دار الاعتماد الشرقي في بغداد وغيرهم.

خان العطشان

ذكر الرحالة الفرنسي تافرنیه ضمن رحلته للعراق في القرن السابع عشر الميلادي وصفاً مسهباً لهذا الخان ، نقل إلى العربية ، وهذا نصه : قد يكون هذا القصر الذي اكتشفه تا فرنیه ( خان العطشان ) وهو بناء قديم ترى أطلاله ورسومه في البادية غربي الفرات على نحو من ثلاثين كيلومتراً من جنوب غربي کربلاء وهو على حد وصف رحالتنا مبني بالآجر ، وما زالت كثير من جدرانه وأقواسه وبعض عقاداته ترى إلى يومنا هذا و إن كانت قد

تشعثت وتصدعت والذي نميل اليه أن هذا البناء صلة بالموقدة ( الموجدة ) وهو منار يبعد عنه مسيرة ساعتين إلى الشمال الغربي أن هذه المباني التي ترى بقاياها منثورة في طف البادية كانت فيما مضى مسالح و معاقل و حصوناً و مناور الدولة الفارسية تقيها شر هجمات دولة الروم . وقد وصفت الآنسة المس بیل خان العطشان وصفاً أثرياً دقيقاً في كتابها الموسوم :

(G. L Bell : Palace and Mosque at ukhider (oxford, 1914 PP 14 - 43 )

وعنيت بتخطيط البناء وتصوير بقاياه في اللوحات 46 - 52 من الكتاب المذكور . أما أصل البناء وتاريخه فلم تتطرق اليه المؤلفة(1).

ص: 125


1- العراق في القرن السابع عشر / تافرنیه . اعراب بشير فرنسيس وكوركيس عواد ص 133 .

وفي رواية أخري آن موقع هذا القصر بين موقدة وبين الكوفة ( قصر العطشان ) المسمى بهذا الإسم في العصر الحاضر وهذا القصر هو واسطة بين القصر الأول وبين الكوفة لاخبار من في الكوفة بالانارة حسب المادة القديمة وسمي بالعطشان لانطاس منابع مائه (1).

ويغلب على الظن أن هذا الخان ( قصر العطشان ) يعتبر من منشآت الدولة الصفوية ، وخير دليل على ذلك وجود ( تل مرعز ) على مقربة منه . وهذا التل هو المكان الذي كانت تقف فيه قوافل الزوار والمشاة لرؤية قبة الروضة الحسينية المقدسة ، وكان يطلق عليه قديماً ( قبه نما) (2). على ان هناك قصوراً أخرى لا تقل أهمية عن الآثار المذكورة وهي قصر شمعون وقصر المدينة وقصر موقده (3) ويقال أنها كانت قديماً معمورة بالسكان ، ولا تزال آثارها شاخصة للميان اليوم .

وفي داخل مدينة كربلاء توجد آثار تاريخية أخرى جديرة بالاعتزاز و التقديس منها قبور بعض رجال الفكر وأساطين العلم والأدب الذين أحيوا التراث العربي و الإسلامي وخدموا الشريعة الإسلامية في فترات متباينة منها

قبر الشريف الرضي (4) والشريف المرتضى ووالدهما في مدخل الروضة الحسينية خلف ضریح

ص: 126


1- جريدة ( الندوة ) الكربلائية العدد 14 (21 تموز 1941م).
2- كلمة فارسية تعريبها موضع رؤية معالم المآذن عن بعد .
3- جريدة ( الندرة ) الكربلائية العدد 14 وانظر ( الدليل العراقي ) لسنة 1936م ص 687 .
4- هو أبو الحسن محمد بن أبي أحمد الطاهر ذي المنقبتين الحسين بن موسی بن محمد بن موسی ابن ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الامام موسى الكاظم علیه السلام . ولد سنة 305 ه مارس الشعر وهو ابن عشر و یرع فيه وأجاد وفاق شعراء عصره . له دیوان حافل بكل بديع ، وتوفي بداره في الكرخ يوم الأحد في السادس من محرم سنة 406 ه ، ونقل إلى مشهد الحسين بكربلاء ، ودفن عند قبر أبيه ، وقبرها ظاهر معروف ( عمدة الطالب ص 210) وجاء في كتاب (النجوم الزاهرة ) ج 4 ص 240 فصل ( السنة العشرون من ولاية الحاكم منصور على مصر وهي سنة است و أربعمائة ) وفيها توفي محمد بن الحسين بن موسی بن ابراهيم بن موسی بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، الشريف أبو الحسن الرضي الموسوي ولد سنة تسع وخمسين وثلثمائة ، كان عارفاً باللغة والفرائض والفقه والنحو وكان شاعراً فصيحاً ، عالي الهمة متديناً ، إلا أنه كان على مذهب القوم إماماً للشيعة هو وأبوه وأخوه . ومن شعره من جملة أبيات : يا صاحبي قفا لي واقضيا وطراً *** وحداني عن نجد بأخبار هل روضت قاعة الوعاء أوامطرت *** خمبلة الطلح ذات البان والغار وقد أكد السيد حسن الصدر في قضية وفاة الشريف بقوله : وقد شرحت التفصيل في كتاب تكملة أمل الآمل في ترجمة السيد المرتضى وتعرضت إلى تحقيق أن قبر السيد المرتضى وأخيه السيد الرضى في كربلاء وان المكان المعروف في بلد الكاظمية وقبرها هو موضع دفنها فيه أولا ثم نقلا منها إلى كربلاء ولا بأس بزيارتها في هذا الموضع أيضا ، وإنما أبقوه وذلك لعظم شأنها ( نزهة أهل الحرمين ص 71) . أما الدكتور عبد الرزاق محي الدين فهو الآخر الذي أدلى برأيه قائلا : أن تقليدة اسريا لآل أبي أحمد يقضي في الغالب بدفن أفراد الأسرة في كربلاء فقد دفن والد الشريفين النقيب أبو أحمد في داره ثم نقل إلى مشهد الحسين ( کربلاء ) وان أختا الشريفين نقل جثمانها إلى كربلاء وان زوجة الشريف المرتضى ماتت ببغداد ونقل جثمانها إلى كربلاء فالملاحظ من تقاليد هذه الأسرة أن تتخذ مرقد الامام الحسين مدفنا لها. ( أدب المرتضی ص 77 و 78 ).

الحسين بستة أذرع . فقد ذكر السيد حسن الصدر في كتابه ما نصه : وأما في کربلاء فغير المستشهدين مع الحسين علیه السلام منهم ابراهيم الاصغر ابن الإمام الكاظم علیه السلام قبره خلف ظهر الحسين بستة

أذرع وهو الملقب بالمرتضى وهو المعقب المكثر جد السيد المرتضى و الرضي وجدنا وجد اشراف الموسوية معه جماعة من أولاده موسى أبي السبحة وأولاده و جدنا الحسين القطعي جماعة من أولاده في سردابين متصلين خلف الضريح المقدس كانت قبورهم ظاهرة ولما عمر الحرم العامر الاخير محوا آثارهم ومعهم قبر السيد المرتضى والسيد الرضي و أبوهما وجدهما

ص: 127

موسى الأبرش(1). كما أن هناك قبورة أخرى في الحائر لفريق من أعلام العصر كقبر الميرزا شفیع خان رئيس الطريقة الشيخية وقبر السيد كاظم الرشتي صاحب الفرقة الكشفية وقبر حسين علي شاه رئيس الطريقة الصوفية وقبر مؤمن دده رئيس الطريقة البكتاشية (2)وقبر السيد أحمد النقشبندي في تكية البكتاشية و مرقد الشيخ أحمد بن فهد الحلي صاحب الكرامات وقبر الآغا باقر البهبهاني والسيد علي الطباطبائي صاحب الرياض وقبر الشيخ يوسف البحراني وقبر السيد محمد المجاهد الطباطبائي وقبر الشاعر فضولي البغدادي وقبر الشيخ محمد تقي الشيرازي وغيرهم كثيرون . وبالإضافة إلى ذلك فتوجد قبور بعض الملوك الديالمة ( آل بويه ) في الصحن الحسيني الصغير الذي تهدم في عهد متصرف لواء کربلاء عبد الرسول الخالصي عام 1948م ، ومقبرة سلاطين آل قاجار قرب مرقد السيد ابراهيم المجاب .

ويوجد في أرجاء مدينة كربلاء بعض الأماكن والمراقد المقدسة التي يتبرك بها الزوار ، ومنها هي :

مقام الحسين وابن سعد

يرمز هذا المكان إلى الموقع الذي اجتمع فيه الامام الحسين علیه السلام مع عمربن سعد للمفاوضة . موقعه في قطاع ( الچاچين ) المحرفة عن كلمة ( دكاكين ) التي

ص: 128


1- نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين / السيد حسن الصدر ص 41.
2- انظر : بستان السياحة / للحاج زین العابدين الشيرواني ( 1194 - 1253ه) ص 492 ( مادة كربلاء ) وقد التبس الأمر على صاحب بستان السياحة في نسبته للرزا شفیع خان کونه رئيس الفرقة الشيخية والصواب هو الميرزا شفیع خان الصدر الأعظم رئيس وزراء إيران الذي وصل جثمانه کربلاء يوم 19 رمضان سنة 1234ه.

هي اليوم عند باب البويبة (1) في محلة باب السلامة . والمقام عبارة عن شبه حانوت خارج من جدار الدار المرقم 322/75 ويرجع تاريخ تشييده إلى سنة 1113 ه کما هو مرجود على الكتيبة . وتم تجديده سنة 1352ه / 1934م ثم جددعام 1378ه 1952م . وهذا المقام يؤمه الزائرون ليتبركوا به .

مقام تل الزينبية

يقع في الجهة الغربية من الصحن الحسيني بالقرب من باب الزينبية ، في مرتفع يعرف ب ( تل الزينبية ) . ويقال أن هذا التل كان يشرف على مصارع القتلى في حادثة الطف ، حيث كانت السيدة زينب الكبرى تتفقد حال أخيها الحسين علیه السلام وإلى ذلك أشار الشاعر الشعبي المرحوم حسين الكربلائي بقوله :

روحي من الصبر ملت وصاحت *** ومثلها ما انسبت حرة وصاحت

على (التل) او گفت (زینب) وصاحت *** نادت با خوتي هل الحميه

وتيمناً بها سمي هذا الموضع باسمها . والمقام عبارة عن شبك صغير من البرونز داخله أبيات كتبت على القاشاني . وتوجد في أعلاه أحجار من القاشاني مزينة بصور تمثل معركة الطف . وقد جدد بناؤه أخيراً سنة 1398ه.

مقام الكف الأيمن للعباس علیه السلام

يقع بين محلتي باب بغداد و باب الخان ، وهذا المكان يمثل موضع سقوط الكف الأيمن لأبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام، أثناء بترها في معركة كربلاء ، كما تقول العامة . والمقام شباك من البرنز خارج من الدار المرقمة

( تراث کربلاء م - 9)

ص: 129


1- البويبة : كلمة مصغرة من الباب : ويقال أنها كانت باب سور محلة باب السلالة قبیل هدمه .

183/5 الواقعة في زقاق الصخاني ، وعلى جدار المقام نقش لطيف مؤرخ سنة 1324 ه وبيتان بالفارسية لم يذكر قائلهما . وقد نقشت صورة ساعدين مقطوعين کتب تحتها : هنا قطعت يدا أبي الفضل العباس . والمعروف أن هذا المقام شید في أواسط القرن الثالث عشر الهجري على بقايا نهر كان يعرف في حينه بنهر مقبرة العباس ، وقد يكون من بقايا نهر العلقمي .

مقام الكف الأيسر للعباس علیه السلام

يشاهد الزائر مقاماً آخر على بعد 50 متراً من باب القبلة الصغرى لصحن العباس عند مدخل سوق باب الخان ، وهو عبارة عن مشبك صغير من البرنز خارج من الدار المرقمة 52/52 مزين بقطع من المرايا الصغيرة ، وعلى الشباك لوحات من الأدعية ، و فوق المشبك أبيات شعرية نقشت على القاشاني للشاعر الكربلائي المرحوم الشيخ محمد السرّاج :

سلْ إذا ما شئت واسمعْ و اعلمِ *** ثم خذ مني جواب المفهم

ان في هذا المقام انقطعت *** یسرة العباس بحر الكرم

ههنا يا صاح طاحت بعدما *** طاحت اليمني يجنب العلقمي

أجر دمع العين وابكيه اسيً *** حق أن تبكي بدمع من دم

وتوجد صورة کف فوق المشبك المذكور . ويحكى أن هذا المقام شید من قبل محمد على آل شنطوط في عام 1327 ه وذلك أثر رؤیا رآها في منامه ، وهی ان الساعد الأيسر للعباس قطع في هذا المكان مما دعاه إلى شق جدار داره في الصباح الباكر وانشاء هذا المقام تخليداً لموقع سقوط الساعد.

مقام جعفر الصادق علیه السلام

كانت الأراضي التي يقع فيها هذا المقام تعرف بالجعفريات، وهي من موقوفات

ص: 130

الشيخ أمين الدين الخيرية ، وهي ضمن الأراضي والعقارات العائدة له في الحائر الحسيني ، ويرجع تاريخها إلى سنة 904 ه (1). وقد شيد هذا المقام رمزاً تذكارياً من قبل الزعيم البکتاشي جهان دده ( كلامي ) الشاعر الصوفي الذي كان حياً سنة 970 ه. ويعرف المكان هذا بشريعة الإمام جعفر بن محمد وهو المكان الذي كان يغتسل فيه الإمام جعفر الصادق في نهر الفرات قبيل زيارته للحائر (2)وموقعه في أراضي الجعفريات على الشاطي الغربي من نهر العلقمي(3) . حيث يجد الزائر مزاراً مشهوراً عليه قبة عالية من القاشاني تحيط به البساتين والناس تقصده للزيارة والتبرك وقضاء الحاجات ، ومما يجدر ذكره أن هذا المقام كان المطاف الأخير للفرقة الاسماعيلية المعروفة (البهرة) حيث لم يكن يسمح لرجالها بالدخول إلى كربلاء لزيارة العتبات المقدّسة حتى سنة 1262 ه ، وذلك بعد وفاة العلامة السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط ، إذ أجاز العلامة الشيخ زین العابدین المازندراني بإصدار فتوى للسماح لهم في الدخول إلى كربلاء . كما أن المرحوم السيد يوسف السيد سليمان آل طعمة المتوفي سنة 1288 ه استحصل موافقة والي بغداد آنذاك ( السر عسكر عبدي باشا ) حيث أن السلطة العثمانية الحاكمة إذ ذاك كانت هي الأخرى تساند المنع المذهبي . والمقام المذكور يقع على طريق العربات المؤدي إلى مدينة كربلاء عبر نهر الحسينية المار بقنطرة الحديبة وهو الطريق الرئيسي بين بغداد و کربلاء .

مقام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف

موقعه على الضفة اليسرى من نهر الحسينية الحالي ، عند مدخل كربلاء على الطريق المؤدي إلى مقام جعفر الصادق علیه السلام وهو مزار مشهور عليه قبة عالية ،

ص: 131


1- مدينة الحسين / محمد حسن الكليدار آل طعمة ج 2 ص 165.
2- تاریخ کربلاء / الدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة ص 82.
3- بغية النبلاء في تاريخ كربلاء / السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 82.

وقد سمي هذا المقام التذكاري تيمناً باسم الإمام المهدي المنتظر عج الله تعالی فرجه الشریف . جدده المرحوم الحاج حمزة الخليل وذلك عام 1378 ه، وأرخ تجديده الشاعر الكربلائي المعاصر السيد مرتضى الوهاب بأبيات كتبت بالقاشاني على جبهة المقام ، وهي :

شاد للقائم إذ ضحي الخليل *** بيت قدس فيه برد و سلام

واعتنى (الحمزة) في تجديده *** فاستوى منه عماد ورخام

مذ تجلى نوره أرخته *** (ضاء للمهدي رکن و مقام)

1378 ه

وهناك مقامات أخرى في مواضع مختلفة من أزقة المدينة شيدت تبر کاً لاستلهام ذكرى الأئمة الأطهار بوحي من العقيدة .

ص: 132

الفصل الرابع: الاسر العلمية والادبية

الاسر العلمية

اشارة

يطلع القاريء في هذا الفصل على تاريخ الأسر العلمية الشهيرة في كربلاء قديماً وحديثاً ، و كنت قد ثبتها في الطبعة الأولى من كتابي هذا حسب استيطانها التاريخي . وفي هذه الطبعة رغبت أن يكون ترتيب الأسر حسب حروف المعجم ، مستنداً في ذلك إلى المصادر المطبوعة والمخطوطة التي عثرت عليها بالإضافة إلى المستندات والوثائق القديمة ، مع ذكر أسماء اعلام كل اسرة .

آل الاسترابادي

إحدى اسر العلم المعروفة التي ينتهي نسبها إلى الإمام الحسين بن علي علیه السلام . استوطنت کربلاء في القرن الثالث عشر الهجري، ومن مشاهيرها: العالم الفاضل السيد مصطفى بن السيد حسين بن السيد محمد بن السيد علي بن السيد سميع بن

ص: 133

السيد مير عبد المجيد من سلالة زيد بن علي بن الحسين علیه السلام . ومنها : العلامة الخطيب السيد حسن بن السيد علي بن السيد مصطفى الاسترابادي المذكور (1283 - 1366 ه) كان فاضلاً جليلاً بليغاً في الوعظ والإرشاد له قريحة وقادة وبديهة سريعة في النظم ، توفي يوم 25 ربيع الأول سنة 1366 ه ، وأرخ وفاته الخطيب السيد علي بن الحسين الهاشمي بقوله :

محافل الطف وأعوادها *** تنعي خطيبا كان فرد الزمن

وتنشد الأعلام تاريخه *** ( بيومه نذكر فقد الحسن )

1366 ه

وأعقب ثلاثة أولادهم من أهل الفضل والكمال : 1- السيد محمد علي (1310 - 1375 ه) كان ذكياً فطناً ، قوي الحافظة فصيحاً جريئاً في الخطابة . 2 - السيد محمد مهدي : وهو اليوم أحد الخطباء الأجلاء واسع العلم كبير الهمة. 3- السيد محمد : وهو فاضل جليل يتكسب بالتجارة ولم يزل شغوفاً بمطالعة الكتب .

آل الأمير السيد علي الكبير

من الأسر العلمية التي تعرف بال الأمير السيد علي الكبير (1) ينتهي نسبها إلى زيد الشهيد بن الامام السجاد علي بن الحسين علیه السلام. تفرعت منها عوائل كثيرة منها عائلة العلامة السيد محمد علي هبة الدين الحسيني الشهير بالشهرستاني (2)

ص: 134


1- راجع بشان تفصيل تاريخ هذه الأسرة مجلة (المرشد البغدادية ج 9، المجلد 4 جمادی الثانية 1348 ه - تشرين الثاني 1929م.
2- عالم جليل وشاعر مبدع أسند إليه منصب وزارة المعارف يوم 27 أيلول سنة 1921م عند تشكيل وزارة عبد الرحمن النقيب الثانية، وكان أحد رجالات الثورة العراقية، له مؤلفات قيمة منها : نهضة الحسين، الهيئة والإسلام، جبل قاف، الدلائل والمسائل، ما هو نهج البلاغة؟ وغيرها كما وله مخطوطات كثيرة، أصدر مجلة العلم في النجف عام 1910 م وهي أول مجلة عربية ظهرت في العراق ، توفي بالكاظمية مساء يوم الاثنين 27 شوال 1386 ه/1 شباط 1967م. وأعقب عدة أولاد منهم المحامي السيد جواد الشهرستاني وهو أديب فاضل و كاتب مطبوع ساهم في كثير من الحلبات الأدبية .

نسبة لمصاهرته بأسرة السادة آل الشهرستاني . وكان جده الأعلى الأمير السيد علي الكبير من جهابذة اعلام عصره ، تتلمذ على الشيخ آغا باقر البهبهاني ( المؤسس الوحيد) والشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق والسيد نصر الله الفائزي الحائري مدرس الطف. وان الذي هاجر إلى كربلاء و استوطنها في القرن الثاني عشر الهجري هو السيد منصور والد الأمير السيد علي الكبير، ومن ذريته السيد حسین بن محسن بن مرتضی بن الأمير السيد على الكبير (1246 - 1319) كان عالماً تقیاً ورعاً وهو والد العلامة السيد محمد علي هبة الدين الحسيني .

آل البحراني

إسرة علمية ذات شرف باذخ ومجد شامخ استوطنت کربلاء في مطلع القرن الثاني عشر الهجري تنتسب إلى الفقيه الكبير السيد عبدالله البلادي البحراني المدفون في بهبهان من ذرية السيد ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسی الكاظم عليه السلام . و أبرز اعلام(1)هذه السلالة في كربلاء : السيد عبد الله بن السيد محمد البحراني المتوفي بكربلاء سنة 1210 ه وهو استاذ الشيخ خلف بن عسكر الحائري . ومنها السيد محسن بن السيد عبدالله المذكور المولود بكربلاء سنة 1204 ه والمتوفي بها سنة 1306 ه وهو صهر العلامة الشيخ خلف بن عسكر الحائري . و منها السيد محمد بن السيد محسن المذكور المولود بكربلاء سنة 1262ھ

ص: 135


1- راجع كتاب ( الفقيه الطامر ) (كربلاء 1385 ه) وفيه عرض مسهب الاعلام اسرة آل البحراني .

والمتوفي بها يوم 12 ذي القعدة سنة 1355 ه وأرخ وفاته السيد مرزا هادي الخراساني بقوله :

محمد زيد في الفردوس اكراما *** به حاز غفرانا تأرخ (عاما)

1355 ه

وأعقب ولده السيد محمد طاهر المولود بكربلاء سنة 1302 ه والمتوفي بها يوم 6 صفر سنة 1384 ه كان فاضلاً جليلاً له مكانته السامية في النفوس ، وقد أدر کته يقيم الجماعة في المشهد الحسيني . والعقب منه في أولاده الأربعة وهم : السيد محمد علي والسيد عماد الدين وهما يقيمان الجماعة في الصحن الشريف الحسيني والسيد علاء والسيد محمد باقر حفظهم الله .

آل البهبهاني

بیت علم ومجد انحدر من سلالة الإمام موسى الكاظم علیه السلام ، استوطن كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري ، تسلسل منه اعلام أجلاء هم : السيد حسین(1) بن السيد ابراهيم بن السيد حسن بن زین العابدين البهبهاني الموسوي الحائري المقتول في المدينة المنورة سنة 1300 ه كان من اعلام كربلاء المشاهير يقيم الجماعة في مسجده المعروف باسمه عند باب صحن العباس علیه السلام و ابنه السيد ابراهيم المتوفي في نيف وثلاثمائة والف . والسيد كاظم بن السيد حسين المذكور المتوفى سنة 1345 ه ، والسيد صادق المتوفى سنة 1333 ه ، والسيد محمد علي المتوفى سنة 1350 ه ، والسيد محمد رضا ، والسيد مهدي بن السيد كاظم البهبهاني وهو اليوم من أفاضل العلماء .

آل الحكيم

من الأسر المعروفة في المجد والشرف ، استوطنت کربلاء في القرن الثاني

ص: 136


1- الكرام البررة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 1 ص 375.

عشر الهجري ، امتهنت الطب ، اشتهر منها السيد مهدي بن السيد خليل بن السيد ابراهيم بن محمود بن عبد العزيز بن عمران بن جعفر بن ادريس من سلالة السيد عبد الله بن الامام موسى الكاظم عليه لسلام ( كما في مشجرة نسبة التي اطلعنا عليها ) كان طبيباً حاذقاً ونطاسياً بارعاً و أديباً فاضلاً ، لقب عقبه بال الحكيم الشهرستاني نسبة المصاهرتهم بأسرة السيد محمد مهدي الشهرستاني الموسوي ، وكانت له خزانة كتب فيها طائفة حسنة من المخطوطات الطبية وتوفي سنة 1318 ه ، و أعقب أربعة أولاد هم : السيد أحمد والسيد حسين والسيد محمد علي والسيد حسن الذي امتهن مهنة أبيه ، ومن ذريته اليوم الخطيب الفاضل الأديب السيد محمد علي صدر الدين بن السيد حسن بن السيد مهدي المذكور صاحب مجلة (رسالة الشرق ) الكربلائية .

آل الخطيب

اسرة عربية معروفة تنتسب إلى عشيرة جشعم(1)النازحة من الحجاز ، استوطنت کربلاء في القرن الثالث عشر الهجري. لها من الآثار الأرض المعروفة بالخطيبية(2)، نبغ فيها : الشيخ محمد بن الحاج داود بن خليل بن حسين بن نصير المولود سنة 1301 ه و المتوفي يوم 17 رجب سنة 1380 ه. كان فاضلاً جليلاً تتلمذ على الشيخ غلام حسين المرندي والسيد محمد البحراني والشيخ جعفر الهر . وله تصانیف خطية ومكتبة ومدرسة دينية انتقلت عمادتها بعد وفاته إلى نجله الشيخ عبد الحسين الخطيب . ومن هذه الأسرة : الدكتور حسن بن الشيخ محمد المذكور الذي يتولى منصب القضاء في البصرة ، وله مؤلفات مطبوعة أهمها:

ص: 137


1- العلامة الخطيب /منشورات مدرسة الإمام الخطيب الدينية في كربلاء (كربلاء 1962م) .
2- أوقفها نصير بن حارث بن زید الخطيب على أولاده الذكور ، تقع في مقاطعة باب الطاق، ومساحتها 24 دونماً و 21 أولك و50 متراً بموجب القرار الابتدائي للتسوية المؤرخ 1945/7/5 وأرضها أميرية موقوفة وقفاً غير صحيح وأشجارها ملك صرف ووقف صحیح ذري.

1- قانون الاصلاح الزراعي . 2- مقارنة قانون العمل العراقي بالقانون الفرنسي . ومنها : الدكتور محمد سعيد بن الشيخ محمد المذكور والمحامي صادق ابن الشيخ محمد المذكور و المحامي محمد رضا و علي انجال الشيخ محمد المذكور ، وآخرون غيرهم .

آل خير الدين

اسرة علمية تبوأت مكانة رفيعة الشأن بالعلم والفضل و الأدب . يرجع نسبها إلى الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، نبتت أرومتها في كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، ومن اعلام هذه السلالة السيد محمد علي بن السيد نوازش علي آل خير الدين الموسوي الهندي الحائري . ومنها : السيد حسين(1)بن السيد محمد على المذكور المتوفي يوم 20 جمادی الثانية سنة 1358 ه. و منها : السيد محمد علي بن السيد حسين بن السيد محمد علي المذكور ، وهو من مشاهير علماء کربلاء ولد في كربلاء يوم 5 رمضان سنة 1313 ه - كما حدثني نفسه - ودرس الفقه والأصول على والده ، ثم سافر إلى النجف و أمضى فيها ثلاث سنوات درس فيها على السيد أبي الحسن الأصفهاني والشيخ مرزا حسين النائيني و السید آغا ضیاء العراقي ، ثم عاد إلى مسقط رأسه و اختص بالبحث والتدريس ، وكان إلى وقت قريب يقيم الجماعة في صحن العباس ، وتوفي يوم 26 ربيع الأول سنة 1394 ه كان فاضلاً جليلاً مصنفاً حسن الشعر ، يمتلك خزانة كتب ورثها عن آبائه. و اعقب عدة أولاد هم: السيد محمد الذي قام مقام والده في صلاة الجماعة والسيد حسن المحامي والسيد حسين والسيد رضا.

آل الرشتي

وهي من الأسر العلمية والأدبية الشهيرة ، يرجع استيطانها کربلاء إلى أوائل

ص: 138


1- نقباء البشر في القرن الرابع عشر / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 2 ص 632.

القرن الثالث عشر الهجري ، تسلسل منها اعلام ساهموا في بناء المجد العلمي ، وشاركوا في تدعيم الأدب الكربلائي ومن أبرز اعلامها : السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي المتوفى سنة 1259 ه وكان فاضلا تقيا ومصنفا ماهرة ، ونظرا لبروزه و نبوغه في الإرشادات الدينية لقب عقمه بال الرشدي . ومنها : السيد حسن بن السيد كاظم المذكور كان فاضلاً أديباً ، رأيت تقريضه لكتاب ( شواهد الغيب ) ، وترك ولداً اسمه ( آغا بزرك ) توفي بهمدان . ومنها : السيد أحمد بن السيد كاظم المذكور كان عالماً أديباً يقيم الجماعة في محل والده في الصحن الشريف الحسيني، وقتل في حادثة معروفة عام 1295 ه وله ديوان شعر مخطوط ومن شعره قوله مؤرخاً وفاة السيد رضا الرفيعي سادن الروضة الحيدرية المقتول سنة 1285 ه:

أما ترى الجنان قد زخرفت *** مذ حلّ فيها خازن المرتضی

لذلك رضوان مستبشراً *** ناداه أرخ ( مرحباً بالرضا )

1295 ه

ومن تأليفه كتاب ( شواهد الغيب ) الذي فرغ من نسخه عصرية يوم الجمعة ثاني شهر ربيع الأول سنة 1274 ه. وقد حذا حذوه نجله السيد قاسم الرشتي المتوفي في شهر ذي الحجة 1360 ه عن عمر 58 سنة واعقب ثلاثة أولاد هم : السيد محمد مهدي والسيد أحمد وفي والسيد فيضي .

آل سلطان

إحدى الأسر العلمية التي تنتسب إلى عشائر ( زبيد ) من فخذ يقال له (الأكرع)(1) نزحت من الحلة في القرن الثاني عشر الهجري على عهد جدها الأعلى

ص: 139


1- عشائر العراق / عباس العزاوي ج 2 ص 47.

(سلطان) وبرز فيها علماء أفاضل لهم شأن و سمة ، ونالوا حظاً وافراً من العلوم الروحية ، كان منهم :

1 - الحاج محمد على بن الحاج حسن سلطان الحائري : من اجلاء حملة العلم والفضل وهو الذي تولى غسل العلامة الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق المتوفى سنة 1186 ه ، وله رسالة في الطهارة والصلاة ، شرحها ولده الشيخ حسن (1) .

2 - الشيخ حسن بن الحاج محمد علي سلطان : عالم متبحر ورع ، كان مشهوراً بالتقوی ، معاصراً للشيخ خلف بن عسكر الزوبعي المتوفي بطاعون سنة 1246 ه وله شرح رسالة الطهارة والصلاة لوالده توجد في مكتبة العلامة الشيخ محمد حسين الأعلمي بكربلاء . وقد عده المولى حسين المحيط في جوانب بعض مسائله من أعوان الشيخ أحمد الأحسائي، كما عده الشيخ خلف المذكور(2).

3- الشيخ أحمد بن الشيخ محمد علي سلطان عالم فاضل جلیل من أرباب الفضيلة ، وجد بخطه کتاب ( أساس الاصول ) تأليف العلامة السيد دلدار علي النقوي المتوفی 1235 ه كتبه في 1214 ه (3). وقد وجدت ختمه في ورقة بيع دار في محلة آل فائز مؤرخة غرة ذي القعدة سنة 1251 ه.

4 - الشيخ خلف بن الشيخ حسن بن الشيخ محمد علي سلطان، كان من فقهاء عصره الاعلام ، استكتب لنفسه (الذكری) للشهيد وذلك في سنة 1227 ه وله عليها تعاليق تدل على علو كعبه في الفضل ، و كانت وفاته بعد هذا التاريخ (4).

ص: 140


1- الكواكب المنتثرة / للشيخ آغا بزرك الطهراني (مخطوط) ص 143.
2- الكرام البررة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 1 ص 343.
3- المصدر السابق ج 1 ص 99.
4- المصدر السابق ج 2 ص 499.

5 - الشيخ راضي بن محسن بن الشيخ محمد علي سلطان الحائري ، درس على العلامة السيد علي الكبير الحسيني المولود سنة 1125 و المتوفي سنة 1217 ه ، و كان حياً حتى عام 1250 ه كما تحكيه صكوك آل سلطان .

6 - الشيخ جواد بن الشيخ راضي بن محسن بن الشيخ محمد علي سلطان الحائري ، فاضل جليل له صيت طائر وسمعة حسنة ، وجد بخطه ( منهاج الكرامة في إثبات الإمامة ) للعلامة الحلي ، فرغ من كتابته سنة 1253 ه وتوفي يوم 7 رمضان سنة 1284 ه (1).

7 - الشيخ حسين الشيخ راضي بن الحاج محسن بن الشيخ سلطان الحائري فاضل جلیل وجد ختمه في ورقة بيع دار في محلة آل فائز تاريخها غرة ذي القعدة سنة 1251 ه.

كما أطلعت على عدة وثائق لدى افراد آل سلطان تنص بوجود دار لهم في محلة آل زحيك مؤرخة سنة 1267 ه ، 1277 ه وأخرى تنص وجود بستان الشيخ سلطان واقعة خارج قصبة كربلاء مؤرخة سنة 1284 ه.

و من أفراد هذه الأسرة اليوم صديقنا الحاج عبد الزهرة و محمد انجال عبود ابن الشيخ جواد آل سلطان ، ويمتهنون الزراعة .

آل الشيخ خلف

إحدى الأسر العالمية العربية التي تفرعت من عشيرة (الزوبع) ، بالانتساب إلى جدها الفقيه الشيخ خلف بن عسكر الحائري ، استوطنت کربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، رأيت شهادة بعض اعلامها في الصكوك الكربلائية . وأشهر من نبغ فيها من العلماء والمحدثين : الشيخ خلف بن عسكر المتوفي بطاعون

ص: 141


1- المصدر السابق ج 1 ص 281.

سنة 1241ه وهو أحد تلامذة السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض . وأعقب ثلاثة أولاد فضلاء هم:

1 - الشيخ حسين : عالم فاضل تبوأ مكانة والده في الامامة و الوظائف الشرعية وكانت وفاته بعد سنة1346م (1) وأعقب ولدين هما : الشيخ على والشيخ صادق .

2 - الشيخ عبد الحسين : فاضل جليل له مكانة سامية و شأن مرموق أعقب ولدين فاضلين هما : الشيخ باقر والشيخ حسن(2) .

3 - الشيخ محمد(3): عالم فاضل يتمتع بسمعة حسنة وذكر حميد ولا تزال ذراريهم يقطنون كربلاء .

آل الشهرستاني

إحدى الأسر العامية التي لها نصيب وافر في العلم وصیت طائر وسمعة طيبة في كربلاء وخارجها . وأشهر أعلام هذا البيت العالم الجهبذ السيد مرزا محمد مهدي الموسوي الشهرستاني أحد مراجع التقليد في عصره وهو جد الأسرة الشهرستانية اليوم الذي انتقل إلى كربلاء لتلقي العلم فيها وذلك في أواسط القرن الثاني عشر الهجري واستوطنها و استملك فيها منذ عام 1188ه دوراً و عقارات تقع أكثرها في حي ( باب السدرة ) من صحن الحسين علیه السلام وهو جزء من محلة ( آل عيسى ) إحدى محلات قصبة كربلاء الثلاث آنذاك . وتوفي بها في صفر سنة 1216ه ودفن في مقبرة خاصة له في الحفرة الحسينية المقدسة خلف ضریح

ص: 142


1- أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين ج 26/ ص24.
2- الكرام البررة | الشيخ آغا بزرك الطهراني ج 2 ص 502.
3- المصدر السابق ج 2 ص 502.

الشهداء . ومن هذه السلالة الكريمة السيد مرزا أبو القاسم بن السيد محمد مهدي الشهرستاني المذكور المتوفي بعد وفاة والده بفترة وجيزة . و منها أيضاً السيد مرزا محمد حسين بن السيد محمد مهدي الشهرستاني المذكور المتوفي بالطاعون سنة 1247ه ، وكان والده من فطاحل العلماء و مرجعاً للتقليد . ومنها أيضاً البحاثة الكبير المعاصر صديقنا الوفي المتغمد بالرحمة السيد صالح الشهرستاني ( نزيل طهران ) الذي ساعدنا في كثير مما تحتفظ به مكتبته من الصكوك والمستندات و الوثائق التاريخية .

واليك نسب هذه الأسرة الجليلة :

السيد صالح المتوفي يوم السبت 22 شعبان سنة 1395 ه ( 1975/8/30 ) ابن السيد ابراهيم المتوفي يوم 25 شعبان سنة 1376ه بن السيد مرزا صالح المتوفي سنة 1309 ه بن السيد مرزا محمد حسين المعروف ( آقا بزرك ) بن السيد مرزا محمد مهدي الموسوي الشهرستاني المتوفي سنة 1216ه بكربلاء بن أبي القاسم بن مرزا روح الله بن جلال الدين الحسن بن مرزا رفیع الدین محمد الصدر بن جلال الدين محمد أبو الفتوح بن صدر الدين اسماعيل المشهور بمیر سید شهرستاني الواقف الموقوفات سنة 931ھ بن زين الدين أمير علي بن صدر الدين اسماعيل بن زين الدين على بن علاء الدين الحسين بن معين الدين عبد الله بن ركن الدين الحسين بن أشرف این رکن الدين الحسن بن أشرف بن نور الدين محمد بن أبي طاهر عبد الله بن محمد أبي الحسن المحدث بن طاهر بن أبي الطيب الحسين القطعي بن موسى أبي السبحة بن ابراهيم المرتضی بن الإمام موسى الكاظم علیه السلام(1). ويرأس هذه العائلة اليوم في كربلاء الحاج السيد خليل بن السيد ابراهيم الشهرستاني .

آل صالح

أسرة مشهورة بالعلم والفضل ، وتعرف أيضاً ببیت گدا علي ، استوطنت

ص: 143


1- اقتبسنا هذا النسب الشريف من موسوعة ( أعيان الشيعة ) ج 49، ص 1.

کربلاء في أواخر القرن الثاني عشر الهجري ، وأشهر أعلامها : الشيخ محمد صالح(1) بن مهدي بن الخطاط آغا محمد جعفر بن الأمير فضل علي خان المشهور بكدا علي بيك النوري الحائري المتوفى سنة 1288ه ، كان من مراجع عصره ، واشتهر بين مختلف طبقات أهل كربلاء ، ومنها نجله الشيخ مهدي بن الشيخ محمد صالح المذكور المتوفى سنة 1340 ه فاضل جلیل اقتفى سيرة والده في إقامة الجماعة والفتيا . ومنها أيضاً الشيخ صالح بن الشيخ مهدي المذكور المتوفى سنة 1352 ه عالم جليل كان يقيم الجماعة في مسجد قرب باب السدرة ، وله كتاب : شرح على قانون الأصول . وأعقابه يقطنون كربلاء منهم : الشيخ عيسى العطار والشيخ هادي العطار والشيخ مرتضی بن الشيخ صالح بن الشيخ مهدي المذكور. ومنهم : الدكتور عبد الرزاق الشهرستاني بن الشيخ مرتضى المذكور .

آل الطباطبائي

بنو طباطبا سادات حسینیون من أنجال الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط ابن الامام علي بن أبي طالب علیه السلام . وأول من تخرج منها السيد أبو المعالي الصغير السيد محمد علي بن السيد محمد بن السيد عبد الكريم بن السيد مراد ، و هو أول من هاجر إلى كربلاء واستوطنها وذلك في القرن الثاني عشر الهجري طلباً للعلم(2) . وحازت الزعامة الدينية و المرجعية في بعض الأدوار . ونبغ فيها عدد من العلماء والمحدثين منهم : السيد علي الطباطبائي الشهير بصاحب ( رياض المسائل ) بن السيد محمد علي المتوفى سنة 1231ه والسيد محمد المجاهد بن السيد علي صاحب الرياض المذكور المتوفى سنة 1242ه والسيد محمد مهدي بن السيد علي صاحب الرياض المذكور المتوفى سنة 1231ه والسید مرزا علي نقي الطباطبائي المتوفي سنة 1289ه والسيد زين العابدين بن السيد حسين بن السيد

ص: 144


1- الكرام البررة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 2 ص 663.
2- مجلة ( المرشد ) البغدادية ( بحث الأسر الحسنية النجفية ) المجلد 3 ص 201.

محمد المجاهد المتوفي يوم 8 ذي القعدة سنة 1292ه والسيد مرزا أبو القاسم المتوفى سنة 1325ه والسيد محمد باقر الحجة المتوفى سنة 1331ه والسيد محمد صادق الحجة المتوفى سنة 1337 ه والسيد محمد مهدي الحجة المتوفى سنة 1341ه ومنها أيضاً السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي الذي اشترك في الثورة العربية وكان أول وزير المعارف في تاريخ العراق الحديث حيث تسنم وزارة المعارف في عهد عبد الرحمن النقيب في أيلول 1921م / وتوفي في شوال سنة 1351ھ/ 1932م ، وخلف نجله المحامي السيد محمد صالح بحر العلوم الذي انتخب نائباً عن كربلاء أكثر من مرة ، وقد نذر نفسه لخدمة الكربلائيين بصورة خاصة ، وكان يتصف بالحنكة والقول السديد ، توفي سنة 1393ه .

ومن هذه الأسرة السيد حسن الحجة المتوفى سنة 1354ه والسيد عبد الحسين الحجة المتوفی 24 محرم سنة 1363ه والسيد محمد تقي الطباطبائي المتوفى سنة 1379ه و منها السيد محمد علي بن السيد مهدي الطباطبائي المتوفي سنة 1381 ه ومنها السيد مرتضى بن السيد مهدي الطباطبائي المتوفي يوم 7 رجب سنة 1389 وغيرهم كثيرون . ويجمعهم النسب بالسادة آل بحر العلوم في النجف بالسيد مراد وكلا الأسرتين من سلالة واحدة . كما يجتمع نسب السادة آل الحكيم بال بحر العلوم في السيد أبي المكارم .

آل طعمة

أقدم الأسر والبيوتات العلوية التي قطنت کربلاء في منتصف القرن الثالث الهجري ، يرتقي نسبها إلى السيد ابراهيم المجاب ابن السيد محمد العابد ابن الامام موسى الكاظم علیه السلام، الذي استوطن کربلاء سنة 247 هجرية . وهو الجد الأعلى لهذه السلالة ، وكانت تعرف في القرون السابقة بالسادة ( آل فائز ) ولها في كربلاء و شفاثة ( عين التمر ) بساتين ومسقفات وعقارات ، يرجع تاريخها إلى عدة قرون خلت . وقد أنجبت نقباء وسدنة وعلماء وأدباء وخطباء سجل لهم

( تراث کربلاء م _ 10)

ص: 145

التاريخ سطوراً ذهبية لامعة .

افتتح العلامة الشيخ محمد السماوي الأسر العلمية في أرجوزته ( مجالي اللطف بأرض الطف ) بقوله :

وآل طعمة ذوي الأنساب *** في الفضل والعلوم والآداب (1)

أما أشهر علماء هذا البيت هو السيد السند والكهف المعتمد ( السيد طعمة علم الدين الفائزي الموسوي(2) ) وهو الواقف لمقاطعة ( فدان السادة ) على أولاده الذكور سنة 1025ه . وكان السيد طعمة ( الثالث ) من علم الدين هذا عالماً جليلاً شهد له بذلك العلامة الشيخ أحمد بن الشيخ علي النحوي في وقفية فدان السادة(3)التي يحتفظ بها مؤلف الكتاب .

ومن أبرز علماء الأسرة من المتأخرين السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة سادن الروضة الحسينية المتوفي يوم 12 شوال سنة 1380ه مؤلف التصانیف التاريخية المطبوعة والمخطوطة . وقد أشار إلى ترجمته عدد كبير من أرباب الفضل منهم شيخنا آغا بزرك الطهراني الذي تناول تاريخ الأسرة قائلاً : « آل طعمة من أسر المجد المعروفة في كربلاء ومن بيوت العلويين الأشراف القديمة . فقد عرفوا في كربلاء منذ قرون طويلة وهم من آل فائز و فيهم سدانة الروضة الحسينية والروضة العباسية من قديم ومن معارف هذه الأسرة المترجم له (4)» . وممن ذكر أعلام هذه الأسرة وتراجمهم الأستاذ الأديب غالب الناهي فقال :

ولله سر في علاك و إنما *** كلام العدى ضرب من الهذيان

ص: 146


1- مجالي اللطف بأرض الطف / للشيخ محمد السماوي ص 74.
2- الروضة النضرة في القرن الحادي بعد العشرة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ( مخطوط ) ص 135 .
3- البيوتات العلوبة في كربلاء / السيد ابراهيم شمس الدين القزويني ج 1 ص 19.
4- نقباء البشر في القرن الرابع عشر / الشيخ آغا بزرك الطهراني ج 2 ص 104.

لو بعث المتنبي وأخذ إلى كربلاء ، وقيل له اختر لبيتك هذا ممدوحاً لم وجد عدا بیت آل طعمة ، فهم أقدم أسرة علوية شريفة النسب ، وهم ذوو جاه و سلطة في مدينة كربلاء ، وهم ذوو ثراء وغني ، وفوق كل هذا هم ذو و علم وثقافة ، و قلیل ممن تأتت له مثل هذه الحال يعني بالأمور العلمية . فالسيد عبد الحسين الكليدار كان سادناً للروضة الحسينية وهو عالم فاضل و فیلسوف و مؤرخ له مكتبة عظيمة توازي المكتبات الكبرى في العراق كما أشار اليها الأستاذ جرجی زیدان في كتابه ( آداب اللغة العربية ) ومن هذه الأسرة سعادة الدكتور عبد الجواد الكليدار والسيد عبد الرزاق آل وهاب والسيد محمد حسن مصطفی الكليدار فكل واحد منهم عالم فاضل ومنها الأديبان الشاعران الدكتور صالح جواد الطعمة والسيد سلمان هادي الطعمة ، فهل يكون من الغريب أن تنجب أديباً عالماً مفكراً لغوياً کالأستاذ مصطفى السيد سعيد ؟ کلا ، وإنما الغريب ألا تنجب مثله (1).

إضافة إلى ما تقدم فهناك أدباء أفاضل آخرون أنجبتهم هذه السلالة منهم السيد صادق محمد رضا الطعمة ومصطفى الفائزي آل طعمة والدكتور عدنان جواد الطعمة وغيرهم كثيرون .

وهناك مصادر كثيرة تناولت تاريخ هذه الأسرة سواء منها مطبوعة أو مخطوطة .

آل عصفور

من الأسر العلمية التي نزحت من البحرين في القرن الثاني عشر الهجري واستوطنت کربلاء . نبغ فيها الشيخ يوسف بن أحمد البحراني صاحب الحدائق المتوفي سنة 1186ه المدفون في الروضة الحسينية . ومنها الشيخ أحمد بن محمد

ص: 147


1- دراسات أدبية / غالب الناهي ج 2 ص104.

ابن ابراهيم بن صالح بن عطية بن عصفور الدرازي البحراني تلميذ الشيخ خلف ابن عبد علي بن أحمد بن ابراهيم الدرازي الذي هو أحد المجازين في اللؤلؤة ، وقد كتب الشيخ أحمد صاحب الترجمة رسالة أستاذه المذكور في ولاية الوصي على تزويج الصغير والصغيرة و المجنون وعدمها فرغ أستاذه المؤلف (1176 ه) وفرغ التلميذ من الكتابة ( 1177 ه ) والنسخة عند السيد شهاب الدين المرعشي (1) و منها الشيخ حسين آل عصفور ذكره صاحب كتاب ( أنوار البدرين) فقال : كان يضرب به المثل في قوة الحافظة ملازماً للتدريس و التصنيف و المطالعة والتأليف مواظباً على تعزية الحسين علیه السلام في بيته في كل وقت منيف ...(2) وقال عنه صاحب ( ريحانة الأدب ) : آل عصفور منهم الشيخ حسين بن محمد ابن أحمد بن ابراهيم بن أخ صاحب الحدائق من أجلاء الامامية توفي ليلة الأحد 21 شوال سنة 1216ه و من تأليفه كتاب (باهرة العقول في نسب آل الرسول )(3)ومن أعقاب آل عصفور في كربلاء المرحوم داود بن سلمان آل عصفور الذي كان أحد المعمرين ، كما كان راوية لكثير من الحوادث التاريخية . ومنهم المرحوم محمد بن عبد الرزاق بن سلمان آل عصفور أحد رجال التربية والتعليم ومارس منهم الوظائف الحكومية .

آل الفتوني

من أسر العلم والفضل العربية الكربلائية ، هاجرت من جبل عامل و استوطنت کربلاء في أوائل القرن الثاني عشر الهجري ، ينتهي نسبها إلى

ص: 148


1- الكواكب المنتشرة في القرن الثاني بعد العشرة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ( مخطوط ) ص 35.
2- أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين للشيخ علي البلادي البحراني ص 207.
3- ريحانة الأدب / محمد علي التبريزي ( فارسي ) المجلد الأول ص 16.

الشيخ بهاء الدين العاملي . وقد عرفت مجدبها على العلم والأدب ، و كان منها العلامة الشيخ محمد تقي بن بهاء الدين الفتوني الحائري المتوفى سنة 1183 ه / 1796 م ومنها أيضاً الشيخ علي بن محمد بن علي بن محمد التقي بن بهاء الدين الفتوني العاملي الحائري المتوفى سنة 1192ه (1) . ومنها أيضاً : الشيخ حسين بن علي بن محمد بن علي بن محمد التقي بن بهاء الدين الفتوني المتولد في كربلاء والمتوفي بعد سنة 1179 ه، كان واسع العلم ، فاضلاً ، أديباً، وهو مؤلف أرجوزة ( الدوحة المهدية ).

ومن هذه الأسرة : علي الفتوني ( رأيت توقيعه في وثيقة مؤرخة غرة ذي الحجة سنة 1248ه ) . ومن أفراد هذه الأسرة المرحوم الحاج سلمان بن الشيخ مهدي بن الشيخ علي بن الشيخ حسين الفتوني الذي كانت له وظيفة خدمة بالمخيم، وتوفي يوم 1968/6/1 م وكان بيده فرمان ( إرادة سلطانية ) . ولا يزال أفراد هذا البيت يقطنون كربلاء ، ويشتغل قسم منهم بالزراعة ، منهم مهدي بن حمیدین مجيد الفتوني و محيي الدين وسلمان الفتوني .

آل القزويني

من الأسر العلمية التي حظت بنصيب وافر من المعرفة والثقافة . استوطنت العراق في القرن الثاني عشر الهجري ، واشتهر منها السيد باقر الموسوي القزويني الملقب ب ( معلم السلطان ) وهو أول من هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1185ه ومنها إلى كربلاء وذلك سنة 1198ه مع أخيه السيد محمد علي بن السيد عبد الكريم الموسوي القزويني الحائري . وأشهر أعلام هذه السلالة في كربلاء هو : السيد ابراهيم القزويني صاحب ( الضوابط ) و ( الدلائل ) المولود سنة 1204 ه والمتوفی سنة 1262ه ابن السيد باقر الموسوي القزويني . ومنها السيد محمد مهدي

ص: 149


1- الكرام البررة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 2 ص 405 و انظر: ماضی النجف وحاضرها/ للشيخ جعفر محبوبة ج 3 ص58.

ابن السيد باقر المذكور المولود سنة 1207ه و المتوفى سنة 1269ه . ومنها السيد هاشم المتوفي سنة 1327ه وولديه السيد محمد رضا المتوفی 1348ه والسيد محمد ابراهيم المتوفى سنة 1360ه . ومنها العالم الشاعر السيد مهدي بن السيد محمد طاهر بن السيد محمد مهدي المذكور المتوفى سنة 1351ه . ومنها السيد حسين القزويني أحد رجالات الثورة العراقية الكبرى المولود سنة 1288 ه والمتوفي سنة 1367ھ ، ومنها السيد محمد حسن الشهير ب ( آغا میر ) مؤلف كتاب ( الأمانة الكبرى ) المتوفي سنة 1380ه. ومنها السيد محمد حسين بن السيد محمد طاهر المولود سنة 1287ه و المتوفى سنة 1385 ه . ومنها الخطيب الشاعر السيد محمد صالح بن السيد محمد مهدي المتوفى سنة 1375 ه و منها اليوم العالم الفاضل السيد محمد صادق بن السيد محمد رضا المولود سنة 1325ه و البحاثة السيد ابراهيم شمس الدين ابن السيد حسين القزويني المولود سنة 1318ه مؤلف كتاب ( البيوتات العلوية في كربلاء ) ومنها الخطيبان الفاضلان السيد محمد کاظم بن السيد محمد ابراهيم المولود 12 شوال سنة 1348ه والسيد مرتضى بن السيد محمد صادق المولود سنة 1349 ه ، وغيرهم من العلماء والأدباء . ولهذه الأسرة الكريمة فروع في أغلب المدن العراقية وهم فرع في الكويت .

آل الكشميري

إحدى أسر العلم والفضل المعروفة التي تنتسب إلى الإمام علي بن موسی الرضا علیه السلام ، استوطنت کربلاء في القرن الثالث عشر الهجري ، وأشهر أعلامها : السيد مرتضى بن مهدي بن محمد بن كرم الله الكشميري المتوفي في الكاظمية في الثالث عشر من شوال سنة 1323ھ ، وقد حمل جثمانه إلى كربلاء ودفن في الصحن الحسيني ، وكان قد درس على الشيخ مرتضى الأنصاري(1) ومن

ص: 150


1- أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة / للسيد محمد مهدي الموسوي الأصفهاني الكاظمي ج 1 ص 152.

أعلامها أيضاً العلامة السيد حسن(1)بن السيد عبد الله الرضوي الكشميري الحائري المتوفى سنة 1328 ه ، ومنها أنجاله السادة مصطفی و محمد(2) و محمد حسين . وهذه الأسرة أعقاب يقطنون كربلاء .

آل المازندراني

أسرة مشهورة بالعلم والفضل قطنت کربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، ظهر منها علماء أجلاء ، ونبغ فيها في غضون القرن الماضي الشيخ زین العابدین المازندراني الحائري أحد جهابذة الفكر الإسلامي المتوفي سنة 1309ه ، وانتهت اليه الرئاسة العلمية في بلده . وتعتبر داره ندوة علمية تضم نخبة طيبة من رجال العلم والأدب . وقد أعقب أربعة أولاد نهجوا نهجه هم : الشيخ حسين المتوفى سنة 1339 ه/ 1921م والشيخ علي والشيخ محمد والشيخ عبد الله . ومن هذه الأسرة العالم الفاضل الشيخ أحمد بن الشيخ حسين بن الشيخ زین العابدین المذكور المتوفي يوم 29 جمادى الأولى سنة 1376 ه الموافق1957/1/1 م وكان من أهل العلم والصلاح ، معظماً لشعائر الدين ، شب في بيئة علمية ، وتخرج على رجال عصره الأماثل ، و لهذا البيت أعقاب في كربلاء وإيران ، منهم العلامة الشيخ محمد باقر المازندراني والمحامي الشيخ صدر الدين الحائري . ومنهم المهندسان فاضل الشيخ أحمد الحائري وفضل الله الشيخ أحمد الحائري .

آل المرعشي

وهم سادة حسينيون ، اشتهروا بالعلم والفضل ، وقد غلبت عليهم شهرة الشهرستاني نسبة المصاهرتهم بأسرة آل الشهرستاني الموسويين . استوطنوا

ص: 151


1- نقباء البشر في القرن الرابع عشر / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 1 ص 408 .
2- توفي السيد محمد الكشميري يوم 1 ذي القعدة سنة 1376م الموافق 31 مایس 1957م وكان المومى اليه من رجال الثورة العراقية الكبرى لسنة 1920م.

كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري . ونبغ فيهم السيد محمد حسين المرعشي الحسيني المتوفى سنة 1247ه ، ومنهم السيد محمد علي بن السيد محمد حسين المرعشي المتوفى سنة 1287ه ، ومنهم السيد محمد حسين بن محمد علي بن محمد حسين المرعشي المذكور المتوفى سنة 1315ه ، وكان هذا من كبار أعلام الفضل من له صيت عال ومجد منيف ، وكانت له خزانة كتب حوت نفائس المخطوطات ورثها عن آبائه . ومنها السيد مرزا على بن السيد محمد حسين المذكور المتوفى سنة 1344ه وقد حذا حذو والده في إمامة الجماعة . ومنها السيد زين العابدين بن السيد محمد حسين المرعشي المذكور المتوفى سنة 1356ه ومنها العالم الفاضل المعاصر السيد عبد الرضا المرعشي الحسيني الشهرستاني . ولكل من أولئك الأعلام الأفاضل آثار و تصانیف مطبوعة ومخطوطة ورد لها ذكر في موسوعة ( الذریعة ) للشيخ آغا بزرك الطهراني . ومن هذه الأسرة أيضا الخطيب الفاضل السيد حسين بن السيد مرتضى بن السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني له من الشعر الرائق الشيء الكثير . ولا يزال أفراد هذا البيت يقطنون كربلاء .

آل النقيب

من الأسر العلوية العريقة في الشهرة والشرف التي تعرف في كربلاء سابقاً بآل دراج المتفرعة من قبيلة ( آل زحبك ) من ذرية السيد ابراهيم المرتضى ( الأصغر) ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام . استوطنت کربلاء في مطلع القرن الخامس الهجري . ولا تزال دور آل النقيب في محلة آل زحيك ملاصقة للروضة الحسينية من جهة الجنوب . ولهم أملاك شاسعة في شفائة ( عين التمر ) و کربلاء تولى منهم رجال بعض المناصب الهامة في هذه المدينة كنقابة الأشراف و سدانة الروضة الحسينية ورئاسة البلدية ، و فيهم رجال فضل وعلم . وقال العلامة الشيخ محمد السماوي :

ص: 152

وآل در اج الفني النقيب *** فكم لهم من فاضل وأديب(1)

ومن مشاهيرهم : السيد دراج(2)بن سليمان بن سلطان كمال الدين من آل زحيك الموسوي نقيب السادات وسادن مشهد الحسين علیه السلام ، كان حياً سنة 1048 ه.

ومن أبرز أعلام هذه الأسرة : السيد مصطفى بن حسين آل دراج، كان عالماً فاضلاً له كتاب ( أصول الدين ) فرغ من تأليفه يوم الخميس تاسع شهر ذي القعدة سنة 1175 ه(3). وجاء في مشجرة السادة آل النقيب : أنه كان سيداً عالماً ورعاً تقياً صالحاً توفي في حياة أبيه .

و منها أيضاً : السيد فاضل بن السيد عباس النقيب المتوفى في صفر سنة 1361 ه كان تقیاً ورعاً مشتغلاً بطلب العلم ، كتب بخطه كتاب (اللمعة الدمشقية ) في الفقه للشهيد الأول ، وذلك بتاريخ 28 جمادى الأولى سنة 1330 ه.

ومنها أيضاً : الخيب الفاضل الأديب السيد كاظم بن السيد محمد بن السيد فاضل بن السيد عباس النقيب المولود سنة 1934م ، له آثار مطبوعة منها: الدعوة والعقبات ، مجتمعنا و عوامل الهدم والبناء ، نحن واليهود وغيرها . وله خزانة كتب جليلة . ومنها أيضاً الشاعر السيد رضا بن السيد صادق النقيب المولود سنة 1920م.

ونثبت هنا نسب(4)السادة آل النقيب :

ص: 153


1- مجالي اللطف بأرض الطف / للشيخ محمد الساري ص 74.
2- راجع بشأن ترجمته : خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر / للمحي ج 1 ترجمة أحمد حافظ باشا . وانظر : تاريخ الدولة العثمانية للتون هافر الألماني ، مترجم عن الفارسية باسم ( سلطان التواریخ ) وانظر : أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين العاملي وتاريخ العراق بین احتلالين / العباس العزاوي ج 4 ص 240.
3- الذريعة إلى تصانيف الشيعة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 2 ص 195.
4- نقلت هذه السلسلة الشريفة عن مشجرة السادة آل النقيب التي هي بخط النسابه علي بن عبد الحسين بن طوغان العيسوي الحسيني الحائري الذي كان حيا سنة 1019ه.

محمد علي بن حسن بن محسن بن عباس بن محسن بن محمد ( الملقب محمد كنعان ) بن حسن بن عباس بن بهاء الدين بن أحمد بن محمد الدراج بن سلمان بن سلطان كمال الدین نقیب النقباء ( الجد الأعلى لآل ثابت وآل النقيب ) ابن إدريس بن جماز بن نعمة بن علي القصير بن أبي القاسم بن يحيى ( ويقال لولده آل زحيك ) بن منصور بن محمد بن يحيى بن محمد بن عبد الله الحائري ابن محمد بن أبي الحرث بن علي أبي الحسن المعروف بابن الديلمية بن عبد الله أبو طاهر محمد أبو الحسن الأرم المحدث ابن الطاهر أبو الطيب بن الحسين أبو عبدالله القطعي نقيب النقباء ابن موسى أبو السبحة ابن ابراهيم المرتضى ( الأصغر ) ابن الإمام موسی بن جعفر علیه السلام .

ص: 154

الأسر الأدبية

اشارة

هناك في كربلاء أسر أدبية نبغ فيها بعض الأدباء والشعراء الذين احتلوا مكانة مرموقة في الأوساط الأدبية ، ولهم شعر في كثير من المناسبات الاجتماعية والدينية ، و ترکوا دواوين ما يزال القسم الأكبر منها مخطوطاً في خزائن کتب كربلاء الخاصة وطبع قسم منها . وقد حاولت في هذا الباب ذكر هذه الأسر والشعراء الذين أنجبتهم مع نماذج شعرية انتقيتها لهم من المجاميع الخطوطة و المطبوعة .

آل أبي الحب

أسرة عربية معروفة هاجرت من الحویزة واستوطنت کربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، تنتسب إلى قبيلة ( آل خثعم ) ، وقد نبغ فيها علماء وخطباء وشعراء كان أشهرهم ذيوعاً الشاعر الكبير و الخطيب الجهير الشيخ محسن بن الحاج محمد أبو الحب الخثعمي الحويزي الحائري المولود سنة 1235 ه و المتوفى سنة 1305 ه (1)وله ديوان مخطوط باسم ( الحائريات ) توجد نسخة الأصل منه في

ص: 155


1- اعیان الشيعة / للسيد محسن الأمين العاملي ج 3، ص 202 وشعراء کربلاء / للمؤلف ج 1 ص 168.

خزانة كتبه . والديوان غني بالقصائد الدينية التي رثى فيها آل البيت عليه السلام ورثی بعض أصدقائه العلماء والأعيان . ومن بين قصائده التي ذاع شهرتها في المجالس الحسينية قوله :

أعطيت ربي موثقاً لا ينتهي *** إلا بقتلي فاصعدي وذريني

إن كان دين محمد لم يستقم *** إلا بقتلي يا سيوف خذيني

هذا دمي فلترو صادية الظبا *** منه وهذا بالرماح وتيني

هذا الذي ملكت يميني حبسة ***ولأتبعته يسرني ويميني

خذها إليك هدية ترضى بها *** یا رب أنت وليها من دوني

أنفقت نفسي في رضاك ولا أرا *** ني فاعلاً شيئاً وأنت معيني

ما كان قربان الخليل نظير ما *** قربته کلا ولا ذي النون

هذي رجالي في رضاك ذبائح *** ما بين منحور وبين طعين

رأسي و أرؤس أسرتي مع نسوتي *** تهدی لرجس في الضلال مبين

وإليك أشكو خالقي من عصبة *** جعلوا مقامي بعد ما عرفوني

ومن هذا البيت الفقيه الخطيب الشهير الشيخ محمد حسن بن الشيخ محسن المذكور المولود سنة 1255ه و المتوفي يوم الثلاثاء 13 شوال سنة 1357 ه. و منها الخطيب الشاعر الشيخ محسن بن الشيخ محمد حسن المذكور المولود سنة 1305 ه والمتوفي نهار يوم الجمعة 5 ربيع الثاني سنة 1368 ه ، و كان شاعراً مكثراً مطبوعاً قوي الحافظة ، فصيحاً جريئاً ، له دیوان مطبوع(1)سجل فيه تاریخ عصره و احداث زمانه . ومن شعره قوله في رثاء الحسين عليه السلام :

الاقي الصلاة بارض الطف منفرداً *** وما له من معين ناصرٍ وولي

ص: 156


1- (1) ديوان أبي الحب / تحقيق مؤلف الكتاب ، نشره الدكتور ضياء الدين أبو الحب 1966م/1385 ه.

أصحابه جاهدوا عنه وما نكلوا *** حتى قضوا بين منحور و منجدل

والله منهم شری قدماً نفوسهم *** فقدموها له طوعاً بلا مهل

عباد ليلٍ فهم لا يهجعون به *** فمن مصلٍ ومن داعٍ ومنتقل

أماجدٌ كان يوم الحرب عيدهم *** والموت عندهم أحلى من العسل

شدوا على زمر الأعداء كأنهم *** أسد تشد على جمع من الهمل

وقال مناهضاً الحكم البريطاني البغيض و مندداً بسياسته الخرقاء :

ألا فانهضوا ان الجهاد لواجب *** ولا تقعدوا یا عصبة المجد والكرم

أماتنظروا أخوانكم دخلوا الوغى *** بعزم وحزم والشجاعة والهمم

محامون عن أوطانهم فكأنهم *** أسود شری عاثت مجمع من الغنم

على الكفر صالوا والإله يمدهم *** بنصر ومنهم کافر قط ما سلم

لقد تركوا أبناء لندن اكلة *** وأجسادهم صارت لذؤبانهم طعم

أبادوا جنود الانكليز ومزقوا *** من الكفر جمعاً بعد ذا ليس يلتئم

بريطانيا مخذولة لا محالة *** وقد لبست ثوباً من الذل و العدم

بريطانيا _یاعرب_ خانت وضیعت *** عهودكم والله منها قد انتقم

إلى أين يأوي الانكليز و كلما *** تحاربه بالسيف والرمح والقلم

فيرجع مقهوراً ذليلاً وجيشه *** به الذل من كل الجوانب قد ألم

ومنها الدكتور ضیاء بن الشيخ محسن بن محمد حسن المذكور المولود يوم الغدير سنة 1332 ه / 1913 م وهو اليوم استاذ الصحة النفسية في كلية التربية بجامعة بغداد ، شاعر مطبوع له آثار في التربية وعلم النفس ، طبع قسم منها وله دیوان شعر مخطوط .

و منها الدكتور جلیل بن کریم بن جواد بن الشيخ محسن بن الحاج محمد ابو الحب المولود سنة 1927 م المدرّس في كلية الزراعة جامعة بغداد ، أديب فاضل له

ص: 157

آثار مطبوعة . ومنها المحامي جواد بن رضا بن حمزة بن حمادي أبو الحب وآخرون غيرهم من أصحاب الشهادات العالية .

آل الأصفر

إحدى الأسر العربية التي عرفت في كربلاء في أوائل القرن الثالث عشر الهجري ، وقطن بعض رجالها الكاظمية ، وهم قليلو العدد . لم يكتب أحد بخصوص هجرتهم . كان منهم الشاعر الشيخ موسی بن قاسم الأصفر(1) المولود في كربلاء والمتوفي بها سنة 1289 ه. اتصل بالسيد كاظم الرشتي وابنه السيد أحمد ولازمهما ، كما اتصل بالسيد علي نقي الطباطبائي فنال عليه قسطاً وافراً من المعرفة ، وعمل عنده كاتباً ، وكان منالمعمرين له شعر تناول فيه عدة أغراض کالرثاء و المديح والعتاب والمداعبة والغزل.

قال متغزلاً بغادة حسناء معتدلة القوام يزين وجهها نار ونور :

باتت تمیس بليلة الميلاد *** وبدت تضيء ضباء صبح النادي

حوراء غانية بنمد جفونها *** ما قر سیف اللحظ في الأغاد

فتكت صوارم لحظها ونباله *** وكذالك ذابل قدّها المياد

في وجهها نار ونور مثلما *** بلحاظها بيض وسحر صعاد

وبنحرها ليل وفجر ساطع *** وبصدرها طرس ونقش سواد

وحوت أشعة لعلع وزبرجد *** ومن العوارض جوهر الأفراد

وترى يواقيت البهاء بها بدت *** فأمدت النارين بالايقاد

قالت برغم للعواذل كلهم *** نحن بواد والعذول بواد

ص: 158


1- شعراء کربلاء للمؤلف ج 1 ص 127.

وكتب إلى العلامة السيد مرزا علي نقي الطباطبائي وقد قارب حلول شهر رمضان المبارك :

مسألة أتعبني حلها *** وأنت فيها سيدي أخبر

رمضان شهر جاءنا مسرعاً *** يصومه المفلس أم المفطر ؟

وكان الشيخ محسن الحضري حاضراً ، فأجابه بديهة عن السيد المذكور :

رمضان شهر واجب صومه *** وغير ذات العذر لا يعذر

الصوم إمساك وكفٌ من *** أفلس في احرازه أجدر

ومن هذه الأسرة الشاعر الشيخ جواد بن جعفر بن مهدي بن موسى الأصفر المولود في كربلاء سنة 1293 ه والمتوفي بها سنة 1358 ه، كان شاعراً مغموراً امتهن الخياطة في كربلاء وله شعر قليل يخضع إلى طابع التقليد في الأسلوب والمنحى . قال مهنئاً الخطيب السيد هاشم السيد محمد القاري آل قطفون بمناسبة زفافه :

ان قلبي بسنا النور انغمر *** مذ رأيت الشمس زفت للقمر

حرة للحر لما أهديت *** فاض بالبهجة روحي و ازدهر

سرت ما بين الملا محفوفة *** مثل نور يتجلى للبصر

كلما هبت لنا ريح الصبا *** ذكرتنا وجهك الزاكي الأغر

يا رفيع القدر یا از کی الوری *** كل من رام يحاكيك عثر

ان مدحي لنداكم قاصر *** ولساني عن ثناكم قد قصر

و كذا شوقي لكم لي شاهد *** عند كل الناس أمر مشتهر

وقد اهتز لمدحي فيكم *** كل قلب حينا مدحي انتشر

يا لها محفوفة في سادة *** فضلهم يعرفه كل البشر

خرجت من بيت مجد شامخ *** دخلت في صفو عیش مستقر

ص: 159

أدخلوها بيت مجد سامق *** فأضيء البيت من تلك الصور

وغدت تسحب أذيال الهنا *** بسرور مثل نجم منتثر

(هاشم) هنيت في خير هناً *** محیا کهلال قد زهر

دمت في عزٍ وفخرٍ وعلاً *** وعداك اليوم أمسوا في سقر

رحت في شعري أشدو هاتفاً *** أرخو (الشمس زفت للقمر)

1350 ه

وأعقب ولده كاظم الذي يمتهن الخياطة في الكاظمية . ومن هذه الأسرة في كربلاء اليوم عبد الحسن بن صبري بن ابراهيم بن مهدي بن موسى الأصفر الذي يزاول مهنة التعليم .

آل بدقت

من بيوت الأدب المعروفة في كربلاء ، بمت بنسبة إلى ( بني أسد ) كما تصرح بذلك المصادر ، نبغ فيه رجال لهم شأن مرموق و مكانة رفيعة ، قطن كربلاء منذ عدة قرون، واشتهر هذا البيت ببدقت و هو لقب جدهم الحاج مهدي الذي أراد أن يقول عن الشمس بزغت فقال لتمتمة فيه بذقت أو بدگت بالكاف الأعجمية فلازمه هذا اللقب والذریته و من يمت إليه . ومن مشاهير هذا البيت وأعلامه :

الحاج جواد(1)بن الحاج محمد حسين بن الحاج عبد النبي بن الحاج مهدي بن الحاج صالح بن الحاج علي الأسدي الحائري الشهير ببذقت المولود في كربلاء سنة 1210 ه و المتوفي بها سنة 1281 ه ، كان شاعراً مجيداً ينظم الشعر الجيد القوي

ص: 160


1- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 17 ص 88 والكرام البررة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 2 ص 278 و شعراء کربلاء / للمؤلف ج 1 ص 72.

السبك ، وكان متوقد الذهن ، مشبوب العاطفة ، وشعره مدوّن في كثير من المجاميع المخطوطة والمطبوعة . قال راثياً الحسين بن علي عليه السلام و أولها :

فوق الحمولة لؤلؤ مكنونُ *** زعم العواذل انهن غصونُ

الملقبوها بالظعون وانها *** غرف الجنان بهن حور عين

هب زعمهم حقاً أيمنعك الهوى *** أم للصبابة عن هواك يبين؟

ومنها قوله :

ولقد هوى صعقاً لذكر حديثها *** موسى وهون ما لقي هارون

واختار يحيي أن يطاق برأسه *** وله التأسي بالحسين يكون

و أشد مماتاب كل مكوّن *** من قال قلب محمد محزون ؟

فجزاك يتم بالضلالة بعدها ***للحشر لا يأتي عليه سكون

برقي منبره رُقي في كربلاء *** صدر وضرّج بالدماء جبين

و بكسر ذاك الضلع رضت أضلع *** في طيّها سرّ الإله مصون

وله في رثاء الحسين أيضاً من قصيدة مشهورة :

شجتك الضغائن لا الأربع *** وسال فؤادك لا الأدمعُ

ولو لم يذب قلبك الأشتياق *** فمن أين يسترسل المدمع ؟

تو سمتها دمنة بلقعاً *** فما أنت والدمنة البلقع

تخاطبها وهي لا ترعوي *** وتسألها وهي لا تسمع

فعدت تروم سبیل السلو *** و سهمك طاش به المنزع

ومنها قوله :

فيا ابن الذي شرع المكرمات *** وإلا فليس لها مشرع

( تراث کربلاء م - 11)

ص: 161

بكم أنزل الله أم الكتاب *** وفي نشر آلائكم يصدع

أوجهك يخضبه المشرفي *** وصدرك فيه القنا تشرع ؟

وتعدو على جسمك الصافنات *** وعلم الإله به مودع

وينقع منك غليل السيوف *** وان غليلك لا يُنقع

ويقضي عليك الردى مصرعاً *** و كيف القضا بالردى يُصرع

ومنها الشاعر الشيخ محمد حسين بن الحاج جواد بن الحاج محمد حسين بدقت المتولد في كربلاء سنة 1255 ه والمتوفي بها سنة 1335 ه كان كاتباً في الروضة العباسية ، و كان شاعراً ماهراً له بضع قصائد و مقطوعات في مناسبات شتی . و من شعره قوله راثياً العلامة الشيخ محمد طه نجف :

دهر العنا أثكلنا بالأمين *** فأورث الأكباد داء دفين

ودك طور الصبر منا على *** من كان رکناً للمعالي ركين

اسمعنا واعية يا لها *** واعية يشيب منها الجنين

محمد طه الذي قد سما *** لهامة الجوزاء وهو القمين

من غامض العلم يبين لنا *** دقايقاً منه بحجم رزین

کم حكم أحكمها دقة *** على وثوق النص للمسلمين

تبصرة الرشد غدا موضحاً *** منتدى الشك بعين اليقين

أحكامه الأحكام نهج الهدى *** وفيضه مرتبع المسنتين

ويومه أعظم يوم على *** كل امرىء ذاك تقي فطين

ولا يزال أفراد هذه الأسرة يقطنون كربلاء منهم أسعد بن عبد الأمير بن الشيخ علي بن الحاج جواد بدقت الذي يمتهن التعليم في مدارس کربلاء وعبد الرضا بن جعفر بن الشيخ محمد حسين بن الحاج جواد بدقت أحد خدمة الروضة العباسية .

ص: 162

و من ينتمي إلى هذه الأسرة (1) الأديبان الكربلائيان : مشكور الأسدي مؤلف كتاب ( مذكراتي في افغانستان ) و ( صورة قاسية .. جعفر الخليلي ) والدكتور زكي عبد الحسين الصراف بن مهدي الأسدي استاذ الأدب الفارسي في كلية الآداب بجامعة بغداد ، صدر له : ليالي الشباب ( مجموعة شعرية سنة 1956 والمقالة في الأدب الفارسي المعاصر سنة 1979 .

آل حسون رحيم

وهي إحدى الأسر الأدبية التي تنتسب إلى عشيرة ( الجشعم ) العربية التي فطنت کربلاء في القرن الثالث عشر الهجري . نبغ فيها الشاعر الشيح فليح بن حسون بن رحیم بن ثويني بن عبد العزيز بن حبیب من آل جشعم المتوفى سنة 1296 ه. اتصل بالسادة آل الرشتي ، و كان ورعاً يأكل من كسبه ، يكتب المصاحف الشريفة ليحصل على الأجرة . انصرف إلى مديح السيد كاظم وابنه السيد أحمد الرشتي فلازمهها ملازمة الظل بما أوتي من حول وقوة . وقد أثارت عواطفه وأحاسيسه تضحيته الغالية بفلذة كبده الشيخ محمد في حادثة قتل السيد أحمد بن السيد كاظم الرشتي سنة 1295 ه. فبكاهما مر البكاء ورثاهما بقصائد تجسدت فيها اللوعة الصادقة والعاطفة الجياشة . وللشاعر دیوان مخطوط يضم الأغراض التالية : 1- المديح والرثاء لآل البيت . 2 - المديح والرثاء للسادة آل الرشتي . 3- الغزل والنسيب . 4 - رثاؤه لولده القتيل الشيخ محمد .

قال من قصيدة یهنيء بها السيد أحمد الرشتي لدى حصوله على نیشان عظيم من الرتبة الرابعة :

ص: 163


1- أطلعني الاستاذ مشكور الأسدي على وثيقة عثمانية ( سند خاقاني ) خاص باسرته مؤرخ في شباط 1329 هجري رومي ، يتضمن أن والده المرحوم الحاج مهدي من التبعة العثمانية وهو ابن حمود بدكت .

سما بك المجد للعلياء لا الطلب *** وزانك الفضل بين الناس لا الرتب

فالدفع للعلم المرجو نائله *** والزينة الفضل لا ما زين للذهب

تقارن السعد والإقبال فيك كما *** تقارن النسب الوضاح والحسب

من كان من دوحة المختار نبعته *** لا غرو أن جاوز الجوزاء بالنسب

فشأ وشأنك للنيشان يرفقه *** لو لم يكن العزيز الملك ينتسب

هناك عزك فيا حزت من طرف *** ولاح فيك من الإقبال والغلب

وله راثياً القتيلين السيد أحمد الرشتي و الشيخ محمد فليح ويندبهما بقلب مقروح ودمع مسفوح ، فقال :

ما بال عيني فارقت إنسانها *** ورمی یميني بينها فأبانها

انسان عيني أحمد ومحمد *** كفي وقد جذ الحمام بنانها

هیهات نفسي بعد مصرع أحمد *** ومحمد يوما ترى سلوانها

هذا سليمان الزمان رئاسة *** أضحى وهذا عفة سملنها

روحي فداء مهذبين كليهما *** قد ألهبا بحشاشتي نيرانها

ومنها الشاعر الشيخ محمد بن الشاعر الشيخ فليح المولود في كربلاء سنة 1272ه و المقتول سنة 1295ه ، ورث الشعر عن والده و خاله الشاعر الشيخ محمد علي الشيخ خليل . ارتاد مكتبة السيد كاظم الرشتي فأفاد منها . وكما كان أبوه ملازماً للسيد كاظم الرشتي كان الإبن الشيخ محمد ملازماً لولده السيد أحمد بن السيد كاظم الرشتي وفداه بنفسه في الحادثة المروعة المشهورة سنة 1295ه تطرق في شعره إلى الأغراض التالية : 1 - المديح 2 - الرثاء 3 - الحماسة 4 - الغزل.

قال من قصيدة رقيقة :

تأوبني همي وفي القلب ساجره *** فبت وبات الدمع تهمي بوادره

تذكرت أيام الوصال فتارة *** يبادرني دمعي وطورة ابادره

ص: 164

ولم أنس معسول الرضاب غزيلاً موارده محبوبه ومصادره

وطلعته صبح وطرته دجي *** وأردانه ریا و كحلاً نواظره

إلى أن حدا حادي الفراق فليته *** أُتيح له من بطن خفان خادره

فقام وقال الركب قوض راحلاً *** وموعدنا من عام قابل هاجره

لوی فوق جيدي للوداع يمينه *** ويسراه کفت ماتصب محاجره

فأتبعته دمعاً كصوب غمامة *** وفي القلب من نار الفراق مساعره

مضى ومضى قلبي وراء ضعونه *** يراجعني طوراً وطوراً يسايره

فلولا التسلى للمشوق بوعده *** لشقت لما قاساه منه مرائره

ولا يزال أفراد هذا البيت يقطنون كربلاء ويمارسون الوظائف الحكومية منهم : عبد الجبار بن مصطفى بن الشيخ فلیح بن حسون رحيم وأخواه محمد وصالح .

آل زيني

إحدى الأسر المعروفة في كربلاء التي يرتقي نسبها إلى العالم الفاضل السيد زين الدين بن السيد علي بن السيد سيف الدين من سلالة الإمام الحسن بن علي علیه السلام ، وقد عرفت بالانتساب إلى جدها المذكور . وهو الذي استوطن کربلاء في أواخر القرن الثاني عشر الهجري حسب ما جاء في الوثيقة المؤرخة سنة 1173ه والتي تنص أن السيد زيني بن السيد علي بني دارة في كربلاء واتخذها مسكناً له وموقعها في محلة آل عيسى أي في القسم الشرقي من محلة باب الطاق اليوم ، واندمج ذووه في سلك خدمة الروضتين .

ومن أشهر أعلام هذا البيت :

السيد محمد بن أحمد بن زين الدين بن علي المولود في النجف سنة 1148 ه والمتوفي في الكاظمية سنة 1216ه ويعرف بالزيني البغدادي ، كان شاعراً

ص: 165

مشهوراً من أبطال ( وقعة الخميس ) تلك المساجلة الأدبية التي اتفقت في عهد السيد مهدي بحر العلوم المتوفي سنة 1212ه ورددتها المجاميع العراقية و كتب التراجم والسير .

قال من قصيدة يمدح بها آل البيت (علیهم السلام) و أولها :

هذي منازل آل بیت المصطفى *** فالثم ثراها واكتحل بغبارها

هي بقعة الوادي المقدس فاخلع ال *** نعلين إن أصبحت من حضارها

هي مهبط الأملاك والأرض التي *** جبريل عبد من عبيد مزارها

وقال مهنئاً السيد مهدي بحر العلوم بولادة نجله السيد محمد و مؤرخا عام ولادته وذلك سنة 1197ه:

بشری فقدوا في السرور السرمد *** وقارن الاقبال صبح أسعد

لقد وفي الدهر لنا بوعده *** وفلا ينجز منه الموعد

وقد تولى كل هم مخلفاً *** لما أتانا فرح مجدد

ومنها قوله :

يا أيها السيد والمولى الذي *** ساده به من قال أين سيد؟

ليهنك اليوم محمد وما *** محمد إلا الحبيب الأحمد

أعيذه من شر كل حاسد *** بالصمد الفرد الذي لا يلد

لا زلت مسروراً به حتی تری *** أولاد أولاد له تولدوا

فقر عيناً فيه واسعد مثلما *** عادت جد و دالناس فيكم تسعد

فاسلم ودم و طلوعش منعماً *** بنعمة الله التي لا تنفد

قد زال أقصى السوء حين *** أرخوا (قرة عين للوری محمد )

1197 ه

ومنها الأديب الشاعر السيد جواد بن السيد محمد بن السيد أحمد زيني

ص: 166

المذكور المولود سنة 1175ه و المتوفی بطاعون سنة 1247ه ويعرف بالسيد جواد السياه بوش(1). ذكره السيد محسن الأمين فقال : الشاعر الأديب كان أخباریاً صلباً في مذهبه أخذ ذلك عن أستاذه الميرزا محمد الأخباري وقد جفي من الفرقة الأصولية ، له كتاب بمنزلة المجموعة ، وكان هجاء ، وله قصيدة ها بها أهل بغداد (2).

قال من قصيدة في الغزل وأولها :

سطع الكأس حين وافي السقاة *** مدام لم نحوها الحانات

طاف فيها النديم يسعى ولبي *** للمحبين حيث نحن دعاة

بمجالي أسرار آنسونا *** نار موسی و انسنا الكلمات

فاقتبسنا نوراً بذاك التجلي *** هو والله للحقيقة ذات

عجز الواصفون عن كنه معناه *** فاني تحيط فيه الصفات

وقال مادحاً والي بغداد داود باشا من قصيدة :

عشق السماح فليس قرة عينه *** إلا بقبضة كفه المتزاید

لا تنجلي عيناه في رأد الضحى *** إلا إذا اكتحلت بغرة فرقد

ومن هذه الأسرة الخطيب الفاضل السيد عبد الرزاق (3) بن السيد كاظم بن السيد جعفر بن السيد حسين بن السيد أحمد بن السيد زين الدين الحسني المولود سنة 1310ه و المتوفى سنة 1373ه ، ولا يزال أفراد هذا البيت يقطنون كربلاء و منهم في بغداد والنجف والكاظمية . و عمید هذه الأسرة في كربلاء السيد سعيد ابن أحمد زيني صاحب مكتبة السعادة .

ص: 167


1- لفظة فارسية مركبة من كلمتين معناها ( اللباس الأسود ) وتطلق على من يرتدي هذا النوع.
2- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 17 ص 183.
3- خطباء المنبر الحسيني / الشيخ حيدر صالح المرجاني ج 2 ص 162.

آل العلوي

من أسر الأدب والفضل التي تنتسب إلى السيد أحمد شاه چراغ بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، قطنت کربلاء في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، واندمجت ضمن خدمة الروضتين . ومن رجالها : السيد حسين بن السيد محمد علي بن جواد بن مهدي بن هاشم الموسوي الشهير بالعلوي نسبة إلى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، المولود في كربلاء و المتوفي بها سنة 1364م ، كان شاعراً مطبوعاً اشتهر بجميل الذكر وحسن المعاشرة ، جمع بين الموهبتين موهبة النظم في الفصحى والعامية وحلق في كليهما . وله قصائد كثيرة في المناسبات الإجتماعية والوطنية . حدثني بعض المعمرين أنه كان يعتمد في قرضه للشعر على السليقة والذوق الأدبي .

قال من قصيدة متحمساً لقضية فلسطين العربية ::

یا عرب ليس الصبر يحمد *** من أمة إن جاوز الحد

أو لستم أنتم أباة الضيم *** والتاريخ يشهد

أولستم من شاد قدماً *** للأبا صرحاً ممرد

أو لستم غوث الصريخ *** و كهف أمن للمشرد

ولكم تصاغر ذلة *** يوم الكريهة كل أصيد

يا أمة العرب التي *** سمت الوری شرفاً و سؤدد

ردوا الحقوق لأهلها *** اليوم بالسيف المجرد

فالموت أحلى مورداً *** للعرب من عيش منكد

الداء زاد توجعاً *** و داؤه السيف المهند

هذي فلسطين وذا *** جیش العدو بها تحشد

لم يرع ذمة مسلم *** فيها ولا شرفاً لمعهد

وبها اليهود تألبت *** والإنجليز لها تعهد

ص: 168

في القدس ينصب عرشها *** ظلماً وعنها العرب تطرد

وقال راثياً الحاج السيد مرتضی آل ضياء الدين سادن الروضة العباسية و معزياً نجله السيد محمد حسن و أولها :

لحق إذا ناديت والدمع سائل *** أجبني أبا الزاكي فها أنا سائل

رحلت وخلفت القلوب بحسرة *** تحن وفيها حزن فقدك نازل

فوالله ما عودتنا الهجر ساعة *** فإن الجفا والمجر لا شك قاتل

حنانيك عطفاً رحمة بأحبة *** تود وصالاً منك هلا تواصل ؟

فيا راحلاً لو كنت تهوی منازلاً *** وحقك ذا كل القلوب منازل

لقد كنت نبراسأ لمشكاة رشدنا *** إذا أظلم ليل أو أثيرت قساطل

تسير بناهج الصواب وتغتدي *** إماماً لنا لم يثن عزمك باطل

أبا حسن خلدت ذكر أو سؤدداً *** مدى الدهر باق ماله قطزائل

و منها نجد السيد ابراهيم بن السيد حسين العلوي المولود في كربلاء سنة 1343ھ / 1923م المتوفي ببغداد ليلة الإثنين 10 ذي القعدة سنة 1381 ه الموافق نیسان 1962م كان شاعراً خفيف الروح وكاتباً مطبوعاً. قال مادحاً الإمام موسى الكاظم علیه السلام و أولها :

لله رزؤك فيه الدمع ينسكب *** فقد أصيبت بحامي عزها العرب

كنت الكفيل لها في كل معضلة *** تطيش من هولها الأفلام والكتب

يا ابن الهداة الميامين الذين جلوا *** ظلم العصور بصبح الرشد من وجبوا

فما البليغ و إن غالي بمدحته *** ببالغ نعتهم يوماً إذا ندبوا

وقال راثياً وهو من أوائل نظمه :

أياعين سحي الدمع قدخانني دهري *** و ياقلب ذب و جداً على من همو فخري

فخار الفتي في جده وإبائه *** وإلا فإن الموت أولى من العمر

ص: 169

فمن مات في شرع الأبا قط لم يمت *** و من عاش في ذل فقد عاش في خسر

فلا غرو لو أجريت دمعي تلهفاً *** عليهم و أبدى الحزن مهمايطل عمري

أحباي عطفاً بالمسير ترفقوا *** فقلبي وراء الركب يقفو على الأثر

تحيرت لما سرتموا بظعونكم *** أودع قلي أم لروحي أم صبري

فوالله إن الموت أهون للفتى *** إذا فارق الأحباب من حيث لا يدري

ومن هذه الأسرة الكريمة المرحوم السيد جواد الو کیل بن السيد كاظم بن السيد مهدي . ومنها السيد حسن السعدي والسيد محمود نظرة وآخرون غيرهم .

آل الهر

كانت من الأسر الأدبية المعروفة في كربلاء ، و هي فخذ من عشيرة ( الطهامزة )(1)المتفرعة من قبيلة خفاجة . وان أول من رحل منها إلى كربلاء في أوائل القرن الثاني عشر الهجري واستوطنها هو الشيخ أحمد بن عيسى الحر الحائري . وتخرج منها رعيل من أهل الفضل والأدب ، ساجلوا أدباء عصرهم وطارحوهم بأفانين الشعر ، وطوقوا أعناق الأعيان بغرر مدائحهم ومراثيهم . وقد توارثوا النبوغ والسبق في الأدب خلفاً عن سلف . اشتهر منهم :

1- الشيخ قاسم بن محمد علي بن أحمد بن عيسى الهر الحائري البصير أخيرة المولود سنة 1216 ه و المتوفي سنة 1276ه.

قال الشيخ محمد السماوي :

وآل عيسى المهر والذي نبز *** قاسم إذ كان قصيرة مكتنز(2)

ص: 170


1- تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاوي ج 4 ص 92 ودائرة المعارف / للشيخ محمد حسين الأعلمي الحائري ج 30 ص 58.
2- مجالي اللطف ارض الطف / للشيخ محمد السماري ص 75.

كان شاعراً ، لبیباً ، حسن البديهة ، حاز على قسط وافر من الأدب ، اشترك في معظم الحلبات الأدبية التي كانت تعقد في بغداد ، و كان قادراً على الإرتجال . له مجموعة قصائد قالها في أغراض شتي دونت في المجاميع المخطوطة(1) توفي في کربلاء ودفن في صحن الحسين علیه السلام بالقرب من باب السدرة . ومن شعره قوله راثيا الإمام الحسين بن علي علیه السلام :

لما دعاهم للقتال فداؤه *** روحي وقل له عظيم فداء

بالطف نجل محمد ووصيه *** وابن البتول ووالد النجباء

لم أنسه لما رأي أصحابه *** صرعی بلا غسل على الرمضاء

وبقى فريد العصر فرداً بينهم *** إذ لا نصير له على الأعداء

فغدى إلى نحو الخيام مودعاً *** حرم النبي وجملة الأبناء

أسفي له نادي لزينب أخته *** يا أخت قومي قبل و شك فناء

قومي إلى التودیع یا ابنة حيدر *** لا تجزعي من موضع الأرزاء

ولتشکري فيه أخية وأحمد *** الرحمن في السراء والضراء

وعليك بالصبر الجميل و بالتقی *** بعدي إذا جدلت في الغبراء

و بطاعة السجاد نجلي انه *** خلف لكم يا عترتي ونسائي

وقال مرتجلاً جواباً على قصيدة نعمان خير الدين الألوسي الشهير بابي الثناء الآلوسي وذلك في 10 شوال سنة 1270 ه و أولها :

ما شمس کرم في كؤوس تدار *** کؤوسها اللجين وهي النضار

يطوف فيها أحور جؤذر *** في وجنتيه يزهر الجلنار

ذوقامة كالغصن مها انثنت *** كان لمن في الحب مات انتشار

وذو لحاظ کمواضي الضبا *** بها فؤادي قد غدا مستطار

ص: 171


1- شعراء کربلاء / للمؤلف ج 1 ص 92.

پ

2 - الشيخ محمد علي بن الشيخ قاسم بن محمد علي بن أحمد الحائري الشهير باهر المولود سنة 1248ه والمتوفى سنة 1329ه كان من أهل الوعظ والإرشاد ، أديباً بارعاً تتلمذ على عمه الشيخ صادق ووالده الشيخ قاسم ، وأخذ الخطابة لنفسه وبدأ فيها في الروضة الحسينية ثم طلب إلى البصرة والمحمرة ، وكان ذا صوت جهوري أخاذ . له بضع قصائد في شتى الأغراص وبالأخص مدائحه للسادة آل الرشتي و آل كمونة . ومن جید شعره قوله في هذه القصيدة التي رثي بها القتيلين السيد أحمد الرشي والشيخ محمد فليح :

تعس الدهر ماله قد جارا *** ولم أغتال من لوي الفخارا

عثرت رجله بقطب ذوي *** المجد فيا ليت لا أقيل العثارا

ماله غادر المكارم تبكي *** والمعالي فؤادي مستطارا

ويله خلف المفاخر شعثاً *** والرزايا دموعها تتجاری

ألبس المكرمات أثواب حزن *** زلزل الكون دکدك الأمصارا

إلى أن يصل قوله :

ذلك المجتبى محمد فعلاً *** من ز کی محتداً وطاب نجارا

قد رأى بعد قتله عاراً *** فلهذا اختار المات اختیارا

جاد في حبه بأ نفس نفس *** ولقى مثله المواضي حوارا

وله راثياً الحاج مهدي كمونة المتوفى سنة 1272 ه من قصيدة له :

الله أكبر أي طود قد هوى *** لو طاولته الراسيات لطالها

إن أوحشت منه المجالس حق إذ *** قد كان بهجتها وكان جمالها

فكأنما الخضرا تزلزل قطبها ***و كأنما الغبرا نسفن جبالها

لولا التسلي بعده في ( محسن ) *** كدنا بأن نلقي بها آجالها

فهو الذي بالجودقد فاق الوری *** وبه المعالي أدر کت آمالها

ص: 172

3 - الشيخ كاظم بن صادق بن محمد بن أحمد الحائري الشهير بالهر المولود في کربلاء سنة 1257ه و المتوفي بها سنة 1330 ه . كان شاعراً مجيداً وهو أشهر شعراء هذا البيت ، وكان سريع البديهة ، أعجوبة في الظرافة واللطافة ، سریع الإجابة ، حسن الروية ؛ له نظم رائق و شعر جزل، درس الفقه وأصوله على أعلام عصره الشيخ زين العابدين المازندراني والسيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني والشيخ صادق بن الشيخ خلف . له ديوان شعر مخطوط حوي مجموعة قصائد في شتى الإغراض ، وله في آل البيت عليهم السلام مدائح كثيرة . اسمعه في هذه القصيدة التي استهلها بالغزل :

غيداء من بيض الملاح رداح *** ألوت عنان القلب فهو جماح

كم ذا اكتم صبوتي فيها وذا *** دمعي السفوح لصبوتي فضاح

مهما تنسمت الصبا سحراً فلي *** قلب كخفاق النسيم متاح

بالله يا قلبي المتيم بالضني *** كم فيك من أم الغرام جراح

طعنتك من هيف القدود رماح *** و برتك من نجل العيون صفاح

وسبتك من خود الغواني غادة *** فيها دماء العاشقين تباح

وقال راثياً السيد أحمد الرشتي المقتول سنة 1295 ه من قصيدة طويلة أولها :

إذا لم أمت حزناً لشمس سما الفخر *** فوا العصر اني ما حييت لفي خسر

وفي الميد إن فاضت سحائب مقلتي *** فها هي لم تبرح مدامعها تجري

و كيف هلال العيد يبزغ بعدما *** تواری هلال المجد في ظلمة القبر

وتسعد أيامي وقد راح أحمد *** شهيداً على حد المهندة البتر

أبو قاسم من شاد رکن فخارها *** وداس بنعليه على هامة النسر

توفي بكربلاء سنة 1330 ه ودفن في الحجرة الأخيرة من الشرف الشمالي للروضة العباسية ، ورثاه جملة من شعراء عصره وبالأخص تلميذه الشاعر الكبير الشيخ محمد حسن أبو المحاسن و مطلع قصيدته :

ص: 173

لم يبق لي صبر ولا سلوان *** غاض السلم وفاضت الأجفان

4 - الشيخ جعفر بن الشيخ صادق بن محمد علي بن أحمد الحائري الشهير بالهر المولود في كربلاء سنة 1267ه و المتوفي بها سنة 1347 ه درس مبادىء العربية على أخيه الشاعر الشيخ كاظم ودرس المعاني والبيان والمنطق على أعلام كربلاء الشيخ زین العابدين المازندراني والشيخ حسين الأردكاني والسيد مرزا محمد حسين المرعشي الشهرستاني . كان فاضلاً أديباً شدید الورع ، له ديوان شعر مخطوط يحوي قصائد في أعراض شتى منها مدیحه ورثاؤه لآل البيت عليهم السلام ومدائحه ورثاؤه لأل كمونة وآل الرشتي .

قال راثياً شهید کربلاء علي الأكبر بن الإمام الحسين علیه السلام و هي من قصائده المشهورة :

بقلي أوقدت ذات الوقود *** زايا الطف لا ذات النهود

شباب بالطفوف قضی شهیداً *** يشيب لرزئه رأس الوليد

شبيه محمد خَلقاً وخُلقاً *** وفي مشي وفي لفتات جيد

وفي نطق لسان الوحي منه *** یرتله بقرآن مجید

وفي وجه يفوق البدر نوراً *** وفي سیمائه أثر السجود

إلى أن يقول :

فيها أدري أهني أم أعزي *** علي المرتضی بابن الشهيد

فطوراً يا علي أهني فيه *** وأنظم مدحة نظم العقود

علي بالطفوف أقام حرباً *** كحربك يا علي مع اليهود

وصیّر کربلا بدراً وأُحداً *** ونادی با حروب الجدعودي

وقاتل بكرهم كقتال عمرو *** وغادر جسمه نهب الحديد

وطوراً يا علي أُعزي فيه *** وتبكي العين للعقد الفريد

ص: 174

أقول لها وقد ملأت دموعاً *** ألا يا مقلتي هل من مزيد ؟

شباب ما رأي عرساً ولكن *** تخضب كفه بدم الوريد

وعانق قده سيف المنايا *** وضمت كتفه ذات الزرود

ولم أنس النساء غداة فرت *** إلى نعش الشهيد بن الشهيد

فقل ببنات نعش قد أفاقت *** مناح جوي على بدر السعود

تقبل هذه وتتم هذي *** خضيب الكف أو ورد الخدود

إذا أم تنوح تقول أخت : *** ( أعيدي النوح معولة أعيدي )

فهن على البكا متساعدات *** الا فاعجب لذي ثكل سعيد

وقال راثياً السيد أحمد الرشتي المقتول سنة 1295ه وأولها :

مالي أری ربع المعالي مقفراً *** وأولي الحجي كل تراه محسرا

با رزء ما كان أعظم خطبه *** لن يستطيع له الفؤاد تصبرا

من مبلغ العلياء أن عمادها *** نسبت به ريب الحوادث أظفرا پ

أودي به شرك الردى ولطالما *** قد حط من عليا نزار المفخرا

من لليتيم وللأسير وللدخيل *** وللذليل وللنزيل وللقرى ؟

أفهل ترى من راحم من بعده *** من بعده من أرحم أفهل ترى؟

توفي في كربلاء سنة 1347 ه ودفن في الرواق الحسيني قرب صندوق صاحب الرياض .

5- الشيخ جواد بن الشاعر الشيخ كاظم بن صادق بن محمد علي بن أحمد الحائري الشهير بالهر المولود في كربلاء سنة 1297ه و المتوفي ما يوم 10 محرم سنة 1347ه. كان من أهل الفضل والأدب ، وتتلمذ على والده ودرس على حملة العلم من معاصريه في مدرسة حسن خان الدينية . نظم في كافة الفنون الشعرية ، وكان يكني نفسه بشاعر آل كمونة(1). شعره تقليدي حافل بالصور الكلاسيكية

ص: 175


1- شعراء کربلاء أو الحائريات / علي الخاقاني ( مخطوط ).

وجامع الظرافة . وفي هذه القطعة الوجدانية الرقيقة يقول :

نعم زارني طيف الخيال طروقا *** فنبه للوجد القديم مشوقا

وذكرني أيام جزوی ورامة *** سقتها النوادي المعصرات غدوقا

بوادي الصفامنها إلى العيش قدصفا *** وعشت بها عيش الخليع رقيقا

رعى الله في آرام رامة أهيفا *** رعى لي على رغم الرقيب حقوقا

أمص رضاب الثغر منه رحيقا *** واطفي من القلب القريح حريقا

خدود بها روض المحاسن قد زها *** وأينع من باهي الورود شقیقا

وإن أسلو لا أسلو ليبلات حاجر *** ولست أرى لي للسلو طريقا

تخلصت من أسر الغرام طريقا *** وقد عاد غصني بالسرور وريقا

وقال مادحاً الشيخ محمد علي بن محسن آل كمونة من قصيدة أولها :

باللقا قلبي وصدري انشرحا *** حين دهري بالتداني سمحا

ما صحا صباً مشوقاً بالنوى *** بالنوی صباً مشوقاً ما صحا

عجباً يا مهجتي من شيق *** ( شرب الدمع وعاف القدحا )

لا تسل عما جرى كيف جرى *** كل من رام الغواني افتضحا

حسب الدنيا له دائمة *** والذي عنا مضي لن يصبحا

نائم قد هب من نومته *** فزعاً يصغي إلى من نصحا

6- الشيخ موسی بن الشاعر الشيخ جعفر بن صادق بن محمد بن علي بن أحمد الحائري الشهير بالهر المتوفى سنة 1369م ، أحد شعراء الأسرة وأفاضلها، أخذ عن أبيه بعض المبادىء الأولية وتخرج على أساتذة فضلاء . رأيته رجلاً صالحاً ، حسن الأخلاق ، طيب المعاشرة ، له بضع قصائد دينية وتقاريض لبعض الكتب التي كانت تهدى اليه ، غير أن شعره تقليدي ينحی منحى الأقدمين . توفي يوم 18 ذي الحجة سنة 1369ه ودفن في مقبرة قرب داره .

قال من قصيدة عنوانها ( في البقيع ):

ص: 176

مصاب دهي الإسلام والشرعة الغرا *** فأمست برغم الدين أعينها عبری

مصاب له شمس العلوم تكورت *** وأنجم سعد الدين قد نثرت نثرا

مصاب له عين النبي بكت دماً *** و حیدرة والطهر فاطمة الزهرا

وقامت أصول الدين تنعي فروعه *** بحادثة فقهاء زلزلت الغبرا

فأضحت عيون الرشد تهمل بالدما *** وأصبح وجه الغي مبتسماً ثغرا

فهل نابها من فادح الدهر فادح *** أسال عقیق الدمع من مضر الحمرا

وعادت لنا الأيام يوم مذلة *** به أصبح الإسلام منقصماً ظهرا

آل الوهاب

يتفرع هذا البيت من سلالة الى السيد يوسف(1)الموسويين المعروفين اليوم بآل الوهاب وآل الجلوخان بنو عم السادة آل زحيك . استوطن كربلاء في مطلع القرن الخامس الهجري . وقد سمي بآل الوهاب تيمناً منهم بتخليد السيد محمد موسی ( سادن الروضة الحسينية ) ابن محمد علي بن محمد بن حسين بن موسی بن أحمد بن محمد بن فخر الدين بن بدر الدين بن ناصر الدين هو وأخوه السيد حسن اللذان استشهدا في حادثة الوهابيين يوم 18 ذي الحجة سنة 1216 ه وهم غير آل وهاب من آل طعمة علم الدين من آل فائز المار ذكرهم . ومن أشهر أعلام هذا البيت :

1 - السيد عبد الوهاب بن السيد علي بن سلمان آل الوهاب المتوفي بالوباء سنة 1322ه (2) كان على جانب عظيم من الفضل والورع والتقى ، يزخر شعره

( تراث کربلاء م _ 12)

ص: 177


1- راجع سلسلة نسبهم مجلة ( الرشد ) البغدادية ج 1 المجلد الأول ( صفر 1345ه ، ایلول 1926م).
2- راجع سلسلة نسبهم مجلة ( الرشد ) البغدادية ج 1 المجلد الأول ( صفر 1345ه ، ایلول 1926م).

بحرارة العاطفة وعمق الشعور وصدق التجربة .

ومن شعره قوله في رثاء الإمام الحسين علیه السلام :

ذكرت السيوف الغر من آل هاشم *** غدت بسيوف الهند وهي تثلمّ

وتلك الوجوه الغر بالطف أصبحت *** يحطمها شوك الوشيج المثلم

تساقوا كؤوس الموت حق انشنوا و هم *** نشاوى على وجه البسيطة نوّم

قضوا فقضوا حق المعالي أماجداً *** بيوم به الاسد الضراغم تحجم

ولم يبق إلا السبط في الجمع مفرداً *** ولا ناصر الا حسام ولهذم

وعزم إذا ما صب فوق يلملم *** لحرّ إذا أو هدّ منه یلملم

لئن عاد فرداً بين جيش عرمرم *** ففي كل عضو منه جيش عرمرم

كأن لديه الحرب إذ شب نارها *** حدائق جنات وأنهارها دم

كأن المواضي بالدماء خواضباً *** لديه أقاح بالنقيق مكمم

كأن لديه السمهريات في الوغى *** نشاوی غصون هزهن التنسم

سطى فسقى العضب المهند من دم *** وأحشاه من فرط الغمى تتضرم

وقال متغزلاً :

حملوني ما لم أطق من هو اهم *** ما كفاهم ما لم أطق حملوني

كلفوني كتم الهوى ولعمري *** العظيم على ما كلفوني

أرداه سلطان الموت نتيجة تسرب مرض الوباء الذي استفحل داؤه آنذاك وتوفي بمقاطعة - الفراشية - وهي ضيعة قريبة من كربلاء تعود ملكيتها للسادة آل الوهاب ، وهو لم يبلغ العقد الثالث من عمره ، ففاضت روحه في رمضان سنة 1332 ه ونقل رفاته إلى الروضة الحسينية ودفن بالقرب من مرند صاحب الرياض .

2 - السيد مرتضى بن السيد محمد بن السيد حسين ( سادن الروضة العباسية 1251 ه - 1256 ه ) ابن السيد حسن الشهيد في واقعة الوهابيين ابن السيد

ص: 178

محمد علي آل السيد يوسف الموسوي المولود في كربلاء سنة 1326 ه/1916م كان شاعراً مفلقاً من شعراء هذه الأسرة الكريمة من له باع طويل في معرفة تاريخ الأحداث شعراً ، وله قصائد ومقطوعات وتقاريض وتخاميس وتشاطير كثيرة في غاية الجودة والإبداع . و من شعره قوله راثیاً الإمام الحسين ابن علي عليه السلام:

وقائد سجل التاريخ وقفته *** وكان في رحلة الحفوظ نسوان

وأهل بیت کرام ما لهم شبه *** في الحرب يتبعهم صحب و أعوان

سبعون شهماً كرماً لا يضام إذا *** سيم الهوان ، وأطفال و رضعان

ضحي بهم إذ تحدی-وهو يقدمهم- *** سبعين الفاً وما أثنته فرسان

هو (الحسين) قضیحر الضمير ولم *** يتبع يزيد ولم يرهبه سلطان

ومن شعره الوطني قوله في هذه القصيدة التي يلتفت فيها إلى مأساة فلسطين الدامية ، وفي نفسه ثورة عربية عارمة :

أمسى بنو صهيون في حقلنا *** جراد بر يقضم السنبلا

حوقلة الحياء أودت بها *** وأجلت اليافع والحوقلا

هذي جموع العرب مطرودة *** عن أرضها هائة بالفلا

تاركة جنات عدن بها *** تؤتي جناها القلب الحوّلا

وانتشرت تحصد خير اتها *** أيدي ذئاب تحمل المنجلا

أنحت على كل كيان بها *** و أعملت في هدمه المعولا

علت بغاث الطير في جوها *** طريدة تطارد الأجدلا

ان اختلاف الرأي في أمرها *** أطمع فيها الصاغر الزملا

لا يرتضي إلا أخو همة *** لكل صعب في الدنا ذللا

من بات جنب البحر في مده *** فحقه المهضوم لا يحتلى

وله من قصيدة عنوانها ( مصرع زنبقة ) وهي في الوصف :

ص: 179

و مفتتن باقتطاف الزهور *** وشم الرياحين وقت السحر

تخطى نجاس خلال الرياض *** وقد بلل الزهر دمع المطر

فلاحت له بين تلك الزهور *** زنبقة تتحدى القمر

تعشق فيها عروس الرياض *** وراح يصوب فيها البصر

تدله من سحر إغفائها *** و من خمر ریا شذاها سكر

فمد اليها يد الآ ثمين *** مقتطفاً یا لإثم البشر

قرفت بكفيه - مقطوعة- *** وقد ذبلت بعدها بالأثر

فساق اليها نداء الضمير *** من اللوم مما به معتبر

توفي يوم 2 رجب سنة 1393ه المصادف 1973/8/2 م ودفن في مقبرة السادة آل خير الدين بالروضة العباسية بكربلاء .

ص: 180

بعض العشائر والأسر

قطنت كربلاء قبيلتان علويتان هما ( آل فائز ) و (آل زحيك ) وكلاهما من ذرية الإمام موسى الكاظم عليه السلام . فآل ابراهيم المجاب هم أول من استوطنوا الحائر الحسيني ولم يتقدم عليهم أحد في المجاورة من العلويين - كما مر بنا في ترجمة السيد ابراهيم المجاب -- ومن أولاد محمد الحائري ابن ابراهيم الجاب في كربلاء ( آل فائز ) . وأبو الفائز هو محمد بن محمد بن علي بن أبي جعفر محمد الحبر بن على المجدور بن أحمد بن محمد الحائري بن ابراهيم المجاب . قال العلامة الشيخ محمد السماوي:

لم يك رهط مثل آل الفائز *** بنائل نقابة أو حائز

فقد مضت في كربلا قرون *** منهم نقيب كربلا يكون

مثل أبي الفائز أو محمد *** أو طعمة الأول مقول الندي

أو شرف الدين الفتى أوطعمة *** الثاني أو خليفة بن نعمة (1)

آل نصر الله :

طائفة كبيرة من أعيان وسادات البلد ، تفرعت من قبيلة ( آل فائز ) العلوية ، و لها حق الاشراف على شؤون الحرم . وهي من السيد جميل ابن السيد علم الدين ابن السيد طعمة ( الثاني ) ابن السيد طعمة

ص: 181


1- مجالي اللطف بأرض الطف / للشيخ محمد الساوي ص72.

كمال الدين ( الأول ) نقيب الأشراف ابن أبي جعفر أحمد ( أبو طراس ) ابن ضياء الدين يحيى بن أبي جعفر محمد ابن السيد أحمد ( الناظر لرأس العين المدفون في شفاتة ) ابن أبي الفائز محمد الموسوي الحائري.

ومن رجال هذه السلالة العريقة :

السيد جواد بن السيد كاظم بن نصر الله بن ناصر بن يونس بن جميل بن علم الدين بن طعمة ( الثاني ) وهو جد السادة آل الطويل من آل نصر الله ، تولى سدانة الروضة الحسينية سنة 1217ه . ومنها أيضاً المرحوم السيد علي بن السيد أحمد بن نصر الله بن موسى بن ابراهيم بن نصر الله بن ناصر الدين بن يونس بن جميل المذكور المتوفى سنة 1329ه كان سيداً جليلاً رفيع القدر والجاه ، ذا همة عالية ، وهو زعيم هذه الأسرة في عصره . رثاه الشاعر الشيخ محمد حسن أبو المحاسن الكربلائي بقصيدة عصماء مطلعها :

أأبكيك أم أبكي الندى والمعاليا *** وأرثيك أم أرثي جميل اصطباريا

وهو والد السادة : ناصر وعبود وتوفيق .

ومنها أيضاً : السيد محمد أو حمود بن السيد سلطان نصر الله الذي كان رئيسا للتجار المتوفى يوم 19 رجب سنة 1319ه وأعقب ولديه المرحوم السيد حسن والمرحوم السيد حسين . ومن هذه الأسرة اليوم السيد هاشم ابن السيد حسن ابن السيد محمد المذكور الذي تولى رئاسة غرفة تجارة كربلاء . ومنه-ا السيد علي(1) ابن السيد عبود ابن السيد علي الأحمد آل نصر الله الله . ومن الموقوفات العائدة للسادة آل نصر الله في كربلاء ( بساتين يونس ) وقد أطلعت على بعض الوقفيات الخاصة بها ، منها : الوقفية المشتركة بين السيد جواد وأولاد

ص: 182


1- أطلعني فضيلة السيد علي السيد عبود نصر الله على نسخة خطية من ديوان الشاعر السيد نصر الله بن الحسين الفائزي الحائري المقتول سنة 1168ه، وفيها إضافات لم تدون في النسخة المطبوعة سنة 1373 / 1954م.

أخيه السيد محمد والسيد عباس المؤرخة سنة 1250ه، والوقفية الشهيرة بمال يونس المحاذية لحصة أولاد السيد نصر الله وغيرها . كما أن لهم في شفاثة بعض الأعقار .

آل ضياء الدين :

أسرة عريقه ، وافرة الجاه ، كريمة المنبت ، طيبة الأرومة ، تفرعت من قبيلة ( آل فائز ) العلوية . ومن آثار هذه السلالة بعض الأعقار في شفاثة ( عين التمر ) وتعرف ب ( أم رميلة ) . ولهم في كربلاء مقاطعة تعرف بستان ضوي(1) ويقول في ورقة وقفية بستان ضوي خارج باب بغداد الواقع للخارج من الباب في جانب اليمين الواقف السيد يحيى ابن السيد طعمة النقيب على ولده السيد ضياء الدين وعلى أولاده من بعدهم لمصالح الحضرة الحسينية ( علیه السلام) سنة 1214ه ... مجموع البستان الواقعة قريباً من حواش القصبة في محلة آل فائز من محلات قصبة كربلاء ... والحدود ... والحد الرابع طريق (بغدادو في الباب ) وحسب هذه الأسرة شرفاً وفخراً أنها أنجبت رجالاً بذلوا جهوداً صادقة في خدمة خزانة العتبة العباسية المشرفة والسهر على شؤون السدانة ومنهم :

1 – السيد حسين بن محمد علي بن مصطفى بن ضياء الدين نقيب الاشراف ابن يحيى نقيب الأشراف ابن طعمة ( الثاني ) نقيب الأشراف ابن شرف الدين ابن طعمة ( الأول ) كمال الدين نقيب الأشراف الفائزي ، تولى سدانة الروضة العباسية سنة 1281ه وتوفي سنة 1288ه .

2 – السيد مصطفى ابن السيد حسين آل ضياء الدين تولى سدانة الروضة بعد وفاة والده المذكور في أوائل سنة 1288ه إلى أن توفي سنة 1297 ه.

3 – السيد مرتضى بن السيد مصطفى آل ضياء الدين . كان صغير السن عند وفاة والده ، فتولى سدانة الروضة السيد محمد مهدي السيد محمد السيد محمد كاظم كاظم آل

ص: 183


1- توجد وقفيتها لدى المؤلف.

طعمة حتى وشي به لدى الوالي لدى الوالي ، فعزل السيد محمد مهدي المذكور وتولى السدانة السيد مرتضى سنة 1298ه إلى أن توفي يوم الخميس 18 ربيع الأول سنة 1357ه المصادف 17 مايس سنة 1938م .

4 - السيد محمد حسن ابن السيد مرتضى آل ضياء الدين . تولى السدانة بعد وفاة والده سنة 1357ه كان من أكبر شخصيات كربلاء خلقاً ونيلاً وشهامة وكرماً يتمتع باحترام الجميع ، وله مكانة مرموقة تحوطها الهيبة والوقار ، توفي يوم 16 ربيع الثاني سنة 1372ه المصادف سنة 1903م .

5 – السيد بدر الدين السيد محمد حسن آل ضياء الدين ، تولى سدانة الروضة سنة 1372ه وقام مقام والده في تمشية أمور السدانة.

و قطنت كربلاء قبيلة ( آل زحيك ) في مطلع القرن الخامس الهجري ، وكان أول من هاجر من مقابر قريش ( الكاظمية ) إلى كربلاء واستوطنها أبو محمد عبد الله الحائري من سلالة السيد ابراهيم المرتضى ( الأصغر ) ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام . ويعرف عقبه اليوم بآل ثابت و آل دراج ( النقيب ) و لهم بعض العقارات في كربلاء وعين التمر . ومن أفخاذهم:

آل ثابت :

تنتسب هذه السلالة إلى السيد سلطان كمال الدين نقيب نقباء العراق عام 957ه من سلالة أبي محمد عبد الله الحائري المذكور . وقد اختص بعض سادات آل ثابت بسدانة الروضة العباسية وهم :

1 – السيد محمد علي بن السيد درويش بن محمد حسين بن ناصر بن نعمة الله ابن ثابت بن سلطان كمال الدين ( 1225ھ – 1229 ) وهو الجد الأعلى لآل ثابت في كربلاء وخراسان .

2 – السيد ثابت بن السيد درويش بن محمد بن حسين آل ثابت ( 1232ھ – 1238 ).

3 – السيد سعيد بن السيد سلطان بن ثابت بن درويش بن محمد بن حسين

ص: 184

ابن ناصر آل ثابت المتوفى سنة 1258ه .

4 - السيد حسين بن السيد سعيد بن السيد سلطان آل ثابت ويعرف ب( نائب التولية ) وعلى أثر عزله من سدانة الروضة العباسية ، أولاه ناصر الدين شاه القاجاري سدانة الروضة الرضوية في خراسان ( مشهد ) وذلك في أوائل القرن الرابع عشر الهجري ، وتعرف هذه الأسرة في إيران ب( ثابتي ) .

ومن أبرز رجالات هذه الاسرة الكريمة : السيد جعفر بن السيد حسين بن السيد محمد علي بن السيد درویش آل ثابت المتوفى يوم 7 شوال سنة 1343ه الذي اعتقل في حادثة علي هدلة سنة 1294ه و أعقب عدة أولاد هم : السيد محمد صادق المولود سنة 1286ه وكان نافذ الشخصية أسس حزباً سرياً سماه ( حزب المحالفة ) وذلك سنة 1319ه في عهد الوالي المشير ( محمد فيض باشا ) وقد اغتيل في أراضي الحزم من قضاء المسيب في شهر رمضان سنة 1335ھ ، وأعقب عدة أولاد هم السادة ضياء ومحمود وحميد.

ومن شخصيات الأسرة السيد كمال الدين بن السيد جعفر المتوفى يوم رجب سنة 1347ه ، وأعقب ولده السيد صالح . ومنها أيضاً السيد محمد علي بن السيد جعفر المتوفى يوم 28 ربيع الأول سنة 1375ه الموافق 1955/11/14م كانت له مكانة مرموقة في المجتمع الكربلائي ، ومنها أيضاً السيد محمد سعيد ابن السيد محمد علي آل ثابت الذي سار على نهج والده ، وله خزانة كتب جليلة ، وأخواه السيد محمد رضا والسيد جمال . ومنها السيد محمد حسن ابن السيد جعفر آل ثابت وهو اليوم شخصية محببة وعميد أسرته ، منصرف إلى إدارة أملاكه .

آل الجلوخان :

من الأسر العلوية المتفرعة من سلالة آل السيد يوسف ، عرفت بهذه التسمية نسبة لوجود فسحة أمام دورهم ، وكانت تعرف قديماً ب( جلوخانه ) . ومن الموقوفات القديمة العائدة لآل السيد يوسف ( حمام

ص: 185

الكبيس ) الذي يعود تاريخ وقفيته إلى القرن العاشر الهجري وهو 9ع 989ه . ومن مشاهير هذه الأسرة السيد مرتضى وابنه السيد مصطفى ، والسيد يحيى بن علي بن مصطفى بن محسن بن حسين بن موسى الذين استشهدوا في حادثة الوهابيين سنة 1216ه. ومنهم اليوم السيد مصطفى بن جواد بن مصطفى بن سلمان بن علي الجلوخان آل سيد يوسف وهو من ذوي الوجاهة في الأوساط القضائية ، يشغل اليوم منصب رئيس استئناف بغداد .

آل الأشيقر :

أسرة علوية جليلة الشأن ، عظيمة المنزلة ، يتصل نسبها بنسب آل زحيك وآل سيد يوسف ، وقد نزحت من مقابر قريش في الكاظمية واستوطنت كربلاء في القرن العاشر الهجري ، وهي من سلالة السيد محمد علي الأشيقر بن أبي أبي محمد الحسن بن حيدر بن أبي محمد الحسن بن أبي تراب بن علي بن حسين الأشيقر بن أبي طاهر عبد الله بن أبي الحسن محمد المحدث بن أبي الطيب طاهر بن حسين القطعي بن موسى أبي السبحة بن أمير الحاج ابراهيم المرتضى ( الأصغر ) ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام . ومن أعيان هذه الأسرة السيد مهدي بن السيد علي بن السيد باقر الأشيقر صاحب الثورة المعروفة ضد الحكومة العثمانية سنة 1294ه . ومنها السيد هاشم شاه بن السيد عبد الحسين بن السيد محمد الأشيقر كان له مجلس من مجالس الفضل في حديقته العامرة ، وكان كريم الطبع ، لين العريكة توفي في 12 ذي الحجة سنة 1363ه . ومنها السيد يوسف بن السيد أحمد بن السيد عبد الحسين الأشيقر المتوفى 8 ذي الحجة سنة 1363ه الموافق 1944/11/24م وكانت له خزانة كتب عامرة بأمهات المصادر وله مكانة محترمة في الأوساط الإجتماعية . ومنها الصحفي الأديب المحامي السيد عبد الصاحب بن السيد يوسف الأشيقر صاحب جريدة ( شعلة الأهالي ) الكربلائية . ولا تزال هذه الأسرة تتعاطى الخدمة في شؤون الحرم الحسيني .

ص: 186

آل الدده :

اسرة علوية من ذوي الجاه والحسب ، تنتسب إلى الإمام علي بن الرضا علیه السلام استوطنت كربلاء في مطلع القرن الثالث عشر الهجري . من رجالها السيد أحمد بن موسى بن صادق بن جعفر الدده الذي عين متولياً على التكية البكتاشية في كربلاء ، واندمج ابنه السيد محمد تقي المعروف بالدرويش سلك خدمة الروضة الحسينية، وتوفي سنة 1314 ه. ثم تولى نجله السيد عباس أمور السهر على شؤون الدراويش وإدارة التكية المذكورة وتوفي في ذي الحجة سنة 1314 ه. واعقب ثلاثة أولاد هم: عبد الحسين وجعفر ومحمد . وكان السيد عبد الحسين الدده أحد كبار الوجهاء والمتنفذين ، اعتقل في الحلة إبان الثورة العراقية الكبرى ، وتوفي يوم 29 آب 1948 م / 23 شوال 1367 ه ، وانخرط قسم من آل الدده في الوظائف الحكومية منهم اليوم الدكتور زكي بن السيد هاشم بن السيد عبدالحسين الدده المذكور ، وبأيدي هذه الاسرة بعض الممتلكات الزراعية منها مقاطعة ( الدراويش ) في أراضي الحسينية.

آل تاجر : اسرة علوية ذات حسب عريق ونسب رفيع ، تتشرف بخدمة الروضتين الحسينية والعباسية ، تفرعت من قبيلة ( آل فائز ) . وهي من سلالة السيد حسن بن علي بن أبي الحسن بن علي بن حسن بن حسين بن عيسى بن موسى ابن جعفر بن طعمة ( الثاني ) بن شرف الدين بن طعمة كمال الدين ( الأول ) من آل فائز ، وهو الذي أوقف بعض الممتلكات على أولاده الذكور ، وتعرف اليوم بالهيابي وأم السودان . ومن هذه الاسرة السيد عبد الرضا بن صالح بن حسن بن حسين آل تاجر ، وعميدها اليوم السيد حسن بن علي بن محمد بن علي ابن حسن آل تاجر ، ومنها الدكتور محمد علي عزيز آل تاجر.

آل أصلان : من الاسر العلوية التي تنتسب إلى الاسرة الصفوية وهي من سلالة الحمزة ابن الإمام موسى الكاظم علیه السلام ، استوطنت كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري على عهد السيد جعفر السيد أصلان الصفوي الموسوي الذي اشتغل بكتابة الأكفان فلقب عقبه ب ( الكفن نويس ) وصاهروا آل طعمة ودخلوا

ص: 187

سلك الخدمة الحائرية ، وفي عام 1265 ه عهد إليه أمر إنارة الروضة الحسينية منها اليوم السيد نوري بن السيد أصلان بن السيد كاظم بن السيد جعفر بن السيد أصلان ، المشرف التربوي في كربلاء ومنها السيد ابراهيم بن السيد جعفر بن ابراهيم بن جعفر بن أصلان . ومنها السادة : اسماعيل وناصر ومنصور أولاد السيد عباس بن حسين بن عباس آل أصلان.

آل الزعفراني :

اسرة علوية شريفة تنتسب إلى الإمام محمد الجواد ابن الإمام علي الرضا عليهم السلام، هاجرت في أوائل القرن التاسع الهجري . وكان أول من انتقل منها إلى كربلاء واستوطنها العالم الفاضل السيد قاسم ابن السيد ابراهيم الرضوي الجد الأعلى للسادة آل الزعفراني ، تولى منها سدانة الروضة الحسينية ومنها : السيد محمد منصور بن حسين بن محمد بن قاسم بن ابراهيم الرضوي تولى السدانة سنة 1106 ه وتوفي في حياة والده سنة 1125 ه. ومنها ، السيد حسين بن محمد تولى السدانة سنة 1125 ه وكان معاصراً للشاعر العالم السيد نصر الله الفائزي الحائري الذي أطرى السادن المذكور بقصيدة مثبتة في ديوانه ومطلعها :

لقد لاح صبح الفتح في مشرق النصر *** فجلى ظلام الهم عن ساحة النصر

والجدير بالذكران السادن المذكور هو الذي اجتمع بالرحالة عباس بن علي بن نور الدين المكي الموسوي الحسيني لدى زيارته للحائر سنة 1130 ه وذكره في كتابه (نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس ) . واستمر الخازن المذكور حتى سنة 1139 ه في تأدية خدمة السدانة ، حيث وافاه الأجل المحتوم واستخلفه ولده في السدانة السيد علي بن محمد منصور وبقي سادناً حتى سنة 1204 ه .

وبرز من هذه السلاله الزعيم السيد ابراهيم الزعفراني أحد أبطال حادثة السماء ( نجيب باشا ) سنة 1258 ه . ومن هذه السلالة اليوم السيد ابراهيم بن سعيد بن ابراهيم بن خليل بن ابراهيم بن هاشم بن مصطفى بن هاشم بن مصطفى ابن مرتضى بن محمد بن قاسم بن ابراهيم بن شاه مير بن شكر الله بن نعمة الله

ص: 188

ابن درويش بن عطاء الله بن كمال الدين محمد بن عطاء الله بن محمد بن قريش ابن حسن بن محمد بن حسن بن أحمد بن علي بن أحمد بن محمد الأعرج بن أحمد : بن موسى المبرقع بن أبي جعفر الثاني ابن محمد الجواد علیه السلام.

آل الداماد :

اسرة علوية استوطنت كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري واشتهر منها العالم الفاضل السيد مرزا صالح الداماد الشهير ب (عرب) المتوفى في ربيع الثاني سنة 1303 ه- ابن السيد حسن بن السيد يوسف الموسوي الحائري . وكان السيد صالح أحد رجالات كربلاء في واقعة نجيب باشا سنة 1258 ه ومن ذريته الفاضل الجليل السيد حسن الداماد أحد ملاكي كربلاء

آل السندي :

اسرة شهيرة تنتسب إلى الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام . قطنت كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري ، وتجمعها رابطة النسب بالسادة آل الطباطبائي وآل بحر العلوم وآل الحكيم ، اشتهر منها السيد حسين بن السيد مهدي السندي الطباطبائي النهري الذي أشغل منصب رئاسة بلدية كربلاء أبان العهد العثاني ، وله مشاريع عمرانية كثيرة. ولهذه الاسرة موقوفات ومسقفات في كربلاء والنجف وسامراء ، وكان سبب اشتهار جدهم الأعلى السيد مهدي السندي بالنهري نسبة لإشرافه على كر نهر الرشدية من قبل الزعيم الديني السيد كاظم الرشتي .

ال لطيف : اسرة علوية تتمتع بمكانة عالية في المجتمع الكربلائي وهي تنتسب إلى السيد عبد اللطيف(1)بن مهدي بن خزعل بن شمس الدين بن ربيع بن محمود بن علي بن يحيى بن ناصر بن حسن بن علي بن محمد بن علي بن جعفر بن أبو يعلى محمد صاحب المجدي بن الحسين بن حسن الأحول بن علي الأعرج بن محمد بن جعفر بن الحسن بن الامام موسى الكاظم علیه السلام، استوطنت كربلاء

ص: 189


1- نقلت هذا النسب الشريف عن مشجرة السادة آل لطيف ، وهو بخط النسابة السيد رضا الغريفي البحراني الموسوي كتبه في 17 رجب سنة 1327 ه.

في القرن الثاني عشر الهجري ، وصاهرت السادة آل نصر الله ودخلت ضمن خدمة الروضة المطهرة. وقد أطلعني المرحوم السيد علي بن السيد جواد بن السيد علي بن السيد محمد بن السيد عبد اللطيف الموسوي عميد أسرة آل لطيف مستمسكات خاصة بأملاكهم منها مغارسة بستان في محلة آل زحيك يعود تاريخها إلى سنة 1211 ه .

وهناك اسر علوية أخرى تقطن كربلاء لا مجال للتحدث عنها في هذا الباب . وتقطن كربلاء وضواحيها بعض القبائل والعشائر العربية المعروفة وأشهرها :

1 – المسعود - وأشهر افخاذها :

(أ) الغرير . (ب) الهرير . (ج) الگوام. (د) الجديلات . (ه) عناز . (و) التراجمة . (ز) العگابات . (ح) الفرحان . (ط)الكيظة.

2 – الزقاريط – وأشهر افخاذها :

(أ) المغرة . (ب) الحجلة . (ج) الشريفات.

3 – اليسار – وأشهر افخاذها :

(أ) البو جمعة . (ب) آل ظاهر . -

4 _ بنو سعد – وأشهر افخاذها :

آل علي . (ب) آل رباح . (ج) الزريرات . د (المحامدة) .

5_ الوزون .

6 – السلالة

7 - الطهامزة -- وأشهر افخاذها :

(أ) البو جيران . (ب) البويونس . (ج) البو شوارب . (د) البو هر.

8 – النصاروه – وأشهر افخاذها :

(أ) البو خليل . (ب) البو عبد الأمير

9 – العامرية ( المعامرة ) .

ص: 190

10 - عشائر شمر وبعضها لا يزال رحالة .

12- المناكيش .

13 - العبودة .

14 - الرحيم .

ونحن إذ نذكر في هذا الباب أشهر هذه العشائر والأسر العربية باقتضاب :

السلالة : هم من أسلم و يرجع نسبهم إلى قبائل (شمر) استوطنوا محلة ( آل فائز ) في كربلاء في القرن العاشر الهجري ، وبرز فيهم الشيخ حمزة الكليدار الذي تولى سدانة الروضة العباسية منذ سنة 1091 ه إلى ما بعد سنة 1108 ه وكان من الأعيان و أهل الفضل ، وقد وضع مذکرات قيمة عن تاریخ کربلاء . ومن رؤسائهم أيضاً : محمد الحمزة الذي اشترك في حادثة المناخور (داود باشا) سنة 1241 ه. و منها الشاعر الشيخ علي بن ناصر بن حسن بن صالح بن فليح بن حسن بن الحاج كنیهر السلومي المتولد في كربلاء سنة 1250 ه و المتوفي بها سنة 1300 ه له ديوان شعر مخطوط في خزانة الشيخ محمد علي اليعقوبي في النجف . قال عنه صاحب ( أعيان الشيعة ) : الشيخ علي الأعور السلومي الحائري توفي سنة 1300 ه كان وراقاً في كربلاء نسخ بنفسه كثيراً من الكتب وله شعر قلیل (1).

نظم في جميع الفنون الشعرية لا سيما رثاؤه لأهل البيت عليهم السلام وأخدانه السادة آل الرشتي ، وشعره بديع السبك ، رفیع السبك ، ليس فيه تعقید . قال رائياً الإمام الحسين بن علي عليه السلام من قصيدة :

وكم من أي من سراة محمد *** أسيراً سرى من فوق أعجف عاريا

و سبط کريم للنبي أحاله *** على وجهه في كربلاء وهو ثاويا

قضي بعد ما أعطى المهند حقه *** وعنه لقد عاد المثقف راضيا

ص: 191


1- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 42 ص 184.

تری سیفه فوق الطلاء كأنه *** على منبر الهامات يخطب قاضيا(1)

له همة قد طاولت هامة السها *** وعزم ينل الثابتات الرواسيا

لا قاصده عن يديه تحدثا *** قری وقلاعاً معجباً ومعاديا(2)

بصير إذا الأبصار زاغت وبلغت *** لدى الروح أرواح الكماة التراقيا

برد أبي القوم فيه تصاغر *** وطوع يمين الذل من كان عاصيا

ولما التقى الجمعان واختلف القنا *** وعاد نهار القوم كالليل داجيا

أضاء لهم منه نهاراً بسيفه *** به مهتدي للرشد غاد وجاوبا

ومن هذه العشيرة : حسين بن محمد الحمزة المتوفى سنة 1335 ه وابنه عباس. ومنها الشاعر الشعبي الحاج كاظم بن حمزة بن طعان السلامي المولود في كربلاء سنة 1904 م و المتوفى سنة 1971 م.

وكان يرأس هذه العشيرة المرحوم نايف المتوفى سنة 1324 ه ابن برغش بن هميلة بن زاید بن ابراهيم بن حمزة بن گعب بن ظاهر بن عزيز بن عباس بن دباس بن سلوم. ومن بعده المرحوم گمر النايف المتوفى سنة 1938 م. أما اليوم فيرأسها حسین بن نايف البرغش .

آل عواد :

وينتسبون إلى فخذ من جعفر من عشائر شمر ، ولهم مواقف وطنية مشهودة في مقاومتهم طغيان الأتراك و استبداد الانكليز في الثورة العراقية الكبرى . ومن رجالات هذه الأسرة مال الله بن عبد العزيز بن محمد آل عواد وهو أحد رجال حادثة المناخور سنة 1241 ه. ومنها: المرحوم عبد الرزاق بن حمادي بن مال الله المذكور تولى زعامة عشيرته واشترك في حزب المحالفة . و منها: عبد الكريم بن عبد الرزاق آل عواد . كان أحد رجالات الثورة العراقية الكبرى - توفي يوم الخميس 27 رمضان سنة 1353 ه. ومنها : عبد الرحمن بن

ص: 192


1- ألجاته ضرورة القافية ، وإلا فلا مناسبة لقوله : يخطب قاضيا .
2- معجباً : لا تقابل - معادياً ، فلو قال : صاحباً ومادياً ، لصح القول .

عبد الرزاق آل عواد اعتقل مع الوطنيين الأحرار الذين قبض عليهم إبان ثورة العشرين وتوفي سنة 1933 م الموافق 2 شعبان 1351 ه . ومنها: عبد الجليل بن عبد الرزاق آل عواد . كان مثالاً يحتذى به من أمثلة النشاط الوطني في ثورة العشرين، توفي سنة 1352 ه الموافق سنة 1934 م. ومنها : عبد النبي بن الحاج محمد آل عواد المتوفی 13 تشرين الأول سنة 1958 م (1378 ه) . وغيرهم كثيرون . ولآل عواد مصاهرات مع السادة آل طعمة وآل ضياء الدين وآل نصرالله . ويرأسهم اليوم الحاج أحمد بن عبد الجليل آل عواد .

الوزون :

هم بطن من خفاجة ، اشتهر من رؤسائهم عمر الحاج علوان بن فليح المتوفي سنة 1932 م ، وعثمان الحاج علوان بن فليح المتوفى سنة 1940 م اللذان اشتر کا في حادثتي حمزة بك وثورة العشرين ، ونفيا قبيل ثورة العشرين إلى هنجام مع أحرار کربلاء . ومن رجالها : المرحوم عباس بن الحاج حمادي بن دندح بن درويش بن عجرش بن حمادي الوزني الخفاجي المتوفي مساء يوم السبت 31 صفر سنة 1392 ه (15 نيسان سنة 1972 م) كان مشهوراً بشدة الشكيمة و مضاء العزيمة . ومنهم اليوم الدكتور عفان بن عثمان العنوان الحائز على دبلوم أطفال من جامعة لندن .

النصاروه : وأصلهم من قبيلة عباده ، هاجروا من قرية الناصرية من أعمال المسيب ، و كانت لهم بها ضيعة واسعة يخترقها نهر الناصرية فانتسبوا إليها وقطنوا کربلاء في القرن الثالث عشر الهجري . وكان من أبرز أعيان ه ذه العشيرة المرحوم حسون الحسن الذي كانت له مواقف وطنية مشهودة في ثورة العشرين الكبرى . وكان منهم الحاج مهدي بن حمادي بن سهيل النجم المتوفي يوم 10 ذي القعدة سنة 964 م . ومنهم الوطني الغيور عباس المجاهد بن عبد الكريم بن الحاج شكير .

و منهم أيضاً طلیفح بن حسون بن حسن بن الحاج راضي أحد رجالات الثورة العراقية الكبرى ، و كان رئيس عشيرته .

( تراث کربلاء م- 13)

ص: 193

الطهامزة : بطن من خفاجة نزحوا من نهر الطهمازية(1) في الحلة ، وسكنوا کربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، ومن رؤسائهم الشيخ محمد علي بن سلطان أبو هر الذي ورد ذكره في الحوادث السياسية المقتول سنة 1294 ه. ونبغ فيها بعض الشعراء . وقد تولى رئاسة هذه العشيرة المرحوم الحاج عبد بن عزيز بن سلطان بن مهدي بن أحمد الطهازي الخفاجي المتوفى سنة 1938 م ، و اعقب عدة أولاد هم : علوان وناصر و ابراهيم و مجید ونجم ، ويرأسها اليوم الشيخ علوان الحاج عبد أبو هر الذي أفادنا في كثير من المعلومات المتعلقة بعشيرته .

بني سعد :

عشيرة عربية طارصيتها ، وكان أول من قدم منها إلى كربلاء مهاجراً واستوطنها مجاوراً في القرن الثاني عشر الهجري هو عيد بن سليمان السعدي . سجلت هذه العشيرة صفحات ناصعة في تاريخ كربلاء . ومن رجالها الحاج الشيخ طعمة العيد الذي اشترك في حادثة نجيب باشا سنة 1258 ه ، و منها أيضاً : الحاج علوان بن جار الله بن طعمة العيد السعدي الذي اشترك في الثورة العراقية ضد الانكليز ، و كان أحد الوطنيين الأحرار على رأس عشيرته التي أطاعت أوامر السادة ورجال الدين ، توفي يوم 10 شوال سنة 1344 ه، و اعقب أربعة بنين هم : حسين و عزیز و طعمة و عجيل . وأشهر افخاذ هذه العشيرة في کربلاء : آل علي وآل رباح . ومن رجال آل رباح المرحوم نايف بن حسين العاشور ، ومنهم العلامة الشيخ علي بن محسن بن عاشور المذكور المتوفى سنة 1350 ه .

ال کمونة : أسرة عربية معروفة في كربلاء، انحدرت من الشيخ عیسی کمونة

ص: 194


1- ينسب هذا النهر للسلطان طهماسب شاه الصفوي (919 _ 984 ه) الذي زار العتبات المقدسة في العراق ، فأمر بحفر هذا النهر من الفرات في قرية قريبة من الحلة ، ونسب إليه رسمي بنهر (الطهماسية) ثم صحف وحرف نتيجة كثرة استعماله ، فعرف بالطهازية ، وموقعه بين الحلة ونمرود .

الذي هاجر من ظهر الكوفة واستوطن کربلاء في أوائل القرن الثاني عشر الهجري ، ظهر فيها الشيخ مهدي بن محمد بن عیسی کمونة الذي تولى سدانة الروضة الحسينية ( 1258 1 - 1272 ه ) والشيخ مرزا حسن بن محمد بن عیسی کمونة الذي تولى سدانة الروضة الحسينية بعد وفاة أخيه (1272 ه - 1292 ه ) . ونبغ فيها الشاعر الأديب الحاج محمد علي بن الشيخ محمد بن عیسی کمونة المتوفى سنة 1282 ه/ 1865م وله ديوان شعر مطبوع سنة 1367 ه/ 1948 م وقد ثبت في شعره تواریخ وفيّات من عاصرهم من رجال الفكر ، ويضم قصائد كثيرة في رثاء ومديح آل البيت عليهم السلام . ومن أروع ما قاله في رثاء الإمام الحسين علیه السلام هذه الأبيات :

عرا فاستمر الخطب واستوعب الدهرا *** و مصاب أهاج الكرب واستأصل الصبرا

و طبق أرجاء البسيطة حزنه *** وأحدث روعاً هو له هوّن الحشرا

وجاس خلال الأرض حتي أثارها *** إلى الجو نقما حجب الشمس والبدرا

و م ارت له حتى السماء وزلزلت *** له الأرض وانهدت أخاشبها طرا

وغير عجيب أن تمور له السماء *** ومن أوجه تهوى السماء على الغبرا

ومنها قوله :

وأعظم خطب زعزع العرش وانحنى *** له الفلك الدوار محدودباً ظهرا

ص: 195

غداة أراق الشمر من نحره دماً *** او له انبجست عين السماء أدمعاً حمرا

فيا لدماء ق د أريقت ويا له *** شجى فتت الأكباد حيث جرت هدرا

وان أنس لن أنسى العوادي جواريا *** ترضى القرى من مصدر العلم والصدرا

ولن أنسى فتیانا تنادوا لنصرة *** وللذب عنه عانقوا البيض والسمرا

رجال تواصوا حيث طابت أصولهم *** و أنفسهم بالصبر حتى قضوا صبرا

ومنهم اليوم المحامي الشيخ عبد الحسين بن الشيخ هادي بن الشيخ محمد بن المرزا حسن سادن الروضة الحسينية (1272 - 1292 ه) ابن الشيخ محمد بن الشيخ عیسی کمونة .

آل التريري :

أسرة عربية قديمة قطنت کربلاء منذ القرن العاشر الهجري وتنتسب إلى (خفاجة). ومن أبرز رجالها : زين الدين بن علي التريري الذي وجدت توقيعه في وقفية ( فدان السادة ) المؤرخة سنة 1025 ه ، وهذه الأسرة تشتغل بالزراعة ، و من آثارها نهر التريري المحاد لمقاطعة فدان السادة . ومنها اليوم الحاج كاظم بن خلف بن عبد الله بن عليوي بن شهيب بن أحمد التريري ، وهو من الوجوه المعروفين بصدق الطوية ونقاء الضمير وتمسكه بالتقاليد الإسلامية الموروثة ، وهو منصرف إلى مزاولة شؤون زراعته وإدارة ممتلكاته . ومنها أيضاً الحاج مهدي بن عبد الله بن حسين بن عليوي بن شهيب بن أحمد التريري وغيرهم .

ص: 196

آل شويليه :

من الأسر العربية المرموقة في الأوساط الكربلائية ، تنتسب إلى قبيلة ( عبس ) ، برز فيها المرحوم الشيخ ملا خضر بن الحاج عبد العباس بن الحاج محسن بن علي بن محمد بن عباس بن محسن بن علي أبو شويليه المتوفي يوم الثلاثاء « جمادى الثانية سنة 1354 ه » وكانت له مواقف مشرفة في حادثتي حمزة بك وثورة العشرين الكبرى، كما كانت تربطه صلات ودية بالسادة آل طعمة اشتهر بالفضل والصدق ، والعقب منه في ولديه المرحوم ياسين المتوفي يوم 1964/3/8 و كريم الذي يسير على نهج أبيه في نزاهته وإخلاصه . ومنها اليوم الشيخ صالح بن مشكور شویلیه .

ال حافظ : تنتسب إلى قبيلة ( خفاجة ) هاجر جدها الأعلى حافظ من الشطرة واستوطن کربلاء في مطلع القرن الثالث عشر الهجري و أقام في (بركة الحافظ) في محلة باب بغداد، وقد تطلع منها في الأوساط التجارية والأدبية رجال عديدون ، ونبغ فيها الشاعر الأديب الحاج عبد المهدي بن صالح بن حبيب بن حافظ المتوفي في ربيع الثاني سنة 1334 ه وكان مبعوث کربلاء الأسبق في اسطنبول ، و من شعره قوله من قصيدة أو لها :

هي صعدة سمراء أم قد *** أم وردة حمراء أم خد

وافي بهن غزیّل *** غنج خفيف الطبع أغيد

متقلد من لحظة *** سيفاً يفوق على المهند

کالبدر إلا أنها *** أبهى وأسنی بل وأسعد

شفتاه قالا للعذار *** فما العقيق وما الزبرجد

و افتر مبسمه فلاح *** خلاله الدر المنضد

و منها اليوم هادي وعامر أولاد محمد صالح بن عبد المهدي آل حافظ .

الحميرات : و هي من الأسر العربية المعروفة برز فيها الشاعر الأديب الحاج

ص: 197

محسن بن حبيب الحميري(1)المتوفى سنة 1288 ه. و من شعره قوله رثیاً الحاج محمد کریم خان رئيس الطريقة الكشفية (الركنية) من قصيدة أولها :

يتداعى من الفخر العلي شمام *** وأوری سنی شمس العلوم قنام

والبس بدر الدين ثوب كتابه *** وجلل صبح المكرمات ظلام

لموت کریم طبق الكون رزؤه *** فهل ترتجي بعد الكريم كرام

فيا لك من رزهٍ عظيم مصابه *** وناز لها بين الضلوع ضرام

استوطنت هذه الأسرة في القرن الثاني عشر الهجري واتخذت طرف باب الخان مقراً لها. ومن ذرية هذا الشاعر اليوم محمد جواد بن مهدي بن محمد علي بن محسن الحميري . ومنها أيضاً الحاج كاظم الحاج جواد الحميري الذي استشهد في حادثة حمزة بك، و منها عبد علي بن عباس بن حمادي بن حسن بن علي الحميري أحد رجالات ثورة العشرين الكبرى ، ومنها اليوم الحاج عبد الخالق بن الحاج رشید بن عبد علي الحميري المذكور . و الحاج عبد الحسين بن ابراهيم بن حسين الحميري وغيرهم .

آل عويد :

هاجر هذا البيت من بغداد و استوطن کربلاء في أواخر القرن الثالث عشر الهجري ونبغ فيها الشاعر عمران بن شكير بن عويد المولود في كربلاء و المتوفي بها سنة 1290 ه. و من شعره الوجداني قوله :

هي بانة مر النسيم أمالها *** أم غادة خطرت ترید دلالها

وثقيلة الأرداف كيف ترنمت *** والحسن أرسى أن تميد جبالها

أغرت على نهب القلوب عيونها *** وجمت على نهب العيون جمالها

أبدت بدائع حسنها حركاتها *** وتحجبت عمن يريد وصالها

ص: 198


1- جاء في ( قاموس اللغة ) : حمير کدرهم وهو موضع غربي صنعاء اليمن ، وفي ( الكني والألقاب ) : قبيلة باليمن كانت منهم الملوك .

أحفظ فؤادك أن يمر به الهوى *** واترك الأعباء الهوى حمالها

ومن هذه الأسرة الشيخ سلمان بن الحاج حمد بن عمران المذكور الذي تستم رئاسة بلدية كربلاء عام 1324 ه ، وتنحصر ذريته بأولاده حمود وعبود ونعمة السمان .

آل ابو المحاسن :

تنتسب إلى قبيلة آل محسن بطن من آل علي التي تقطن قرية جناجه شرقي كربلاء ، استوطنت کربلاء في أواخر القرن الثالث عشر الهجري نبغ فيها الشاعر الوطني الحاج محمد حسن بن حمادي بن محسن الجناجي الكربلائي المولود سنة 1293 ه، تسنم وزارة المعارف العراقية في 3 كانون الأول عام 1923 م وكان قد ساهم في الثورة العراقية الكبرى سنة 1920 م، وتوفي يوم 13 ذي الحجة سنة 1344 ه و من شعره الوطني قوله من قصيدة عنوانها ( في السجن ):

أنا والنجم كلانا ساهر *** غير اني مفرد بالشجن

لا أبالي والمعالي غايتي *** وصل أشجاني وهجر الوسن

في سبيل المجد منا أنفس *** رخصت وهي غوالي الثمن

ليس غير الشعب و استقلاله *** لي شغل فهو أضحي ديدني

نحن للعلياء والعليا لنا *** لو أقالتنا مصروف الزمن

عرف المعروف والعدل بنا *** ولنا تأسيس تلك السنن

صاهر الشاعر السادة آل نصر الله ، واعقب عدة أولاد هم : كامل ومحمد حسین و فاضل و محمد شریف و عبد الرزاق وهم يزاولون التجارة .

آل بريطم :

اسرة عربية تنتسب إلى (شمر) استوطنت کربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، نبغ فيها الشاعر الشيخ يوسف بن أحمد آل بريطم توفي سنة 1288 ه ومن شعره قوله مقرضاً كتاب ( شواهد الغيب ) تأليف السيد أحمد الرشتي :

ص: 199

شواهد غیب طرزت بفصاحة *** فنمقها قس الفصاحة مفرد

شؤوناتها فانت علاء على العلي *** كما قد علا فوق الفلزات عسجد

وليست ببدع فالفصاحة شأنه *** أبوه على الطهر والجد أحمد

ومن هذه الأسرة اليوم جواد و حسین و عباس أنجال كاظم بن جواد بن حسين ابن جواد بريطم .

آل دعدوش :

من الأسر العربية المعروفة التي قطنت کربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، نبغ فيها الخطيب الشاعر الشيخ جمعة بن حمزة بن الحاج محسن ابن محمد علي بن قاسم بن محمد علي بن قاسم آل دعدوش الحائري المولود سنة 1284 و المتوفى سنة 1350 ه و اعقب ولديه حسن وحسين . وتنحصر ذريته بأحفاده حامد وجمعة و محمود بن حسن بن جمعة المذكور .

آل الكبيسي :

عشيرة عربية هاجرت من قرية ( كبيسة ) التابعة للواء الديلم وقطنت کربلاء في القرن العاشر الهجري ، وقد عرف (حمام الكبيسي) باسمها. ومن مشاهيرها الخطيب الشاعر الشيخ عبد الكريم بن الملاكاظم بن نايف الكبيسي الحائري المتوفى بكربلاء سنة 1365 ه و اعقب ثلاثة أولاد هم : مجید وكاظم وحميد . ومن الكبيسات أيضاً بيت الحاج حمود الوکیل بن الشيخ حسین بن عكلة الكبيسي .

آل کشمش :

بطن من (خفاجة) استوطنت کربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، وكانت لها الرئاسة في محلة باب بغداد ، اشتهر منها على الحاج مهدي کشمش الذي اشترك في حادثة المناخور سنة 1241 ه ، و من رجالها أيضاً : محمد الحاج مهدي كشمش و صالح الحاج مهدي كشمش . ومن هذه السلالة اليوم عبد الرزاق بن حمزة بن عزیز کشمش وعلي بن هاشم بن هتيمي بن مجيد کشمش وجاسم بن محمد بن حمادي كشمش .

بالإضافة إلى ذلك ، فإن هناك أسراً عربية أخرى تقطن كربلاء ، سنأتي على ذكرها في كتابنا ( عشائر کربلاء وأسرها ) بإذن الله .

ص: 200

الفصل الخامس: المعاهد العلمية في كربلاء

المدارس الدينية

في هذا الباب استقصاء لأشهر المدارس العلمية والدينية التي كانت تعج بالفكر و تمد العالم الإسلامي بأضواء العلم المشرقة ، وتبث العلوم والثقافة الدينية العربية . ان تاريخ تأسيس المعاهد العلمية والمدارس الدينية يرجع إلى القرن السادس الهجري ، فقد كانت الروضة الحسينية المشرفة بادىء ذي بدء محط أنظار العلماء وأساطين الفكر ، لأن من أروقتها كانت تتوزع أنوار المعرفة ، ثم بعد ذلك تأسست الجوامع والمدارس الخيرية في كربلاء ، فانتشرت الدعوة الإسلامية وأخذت تبث الوعي الإسلامي وتلقن الناس دروس الفقه والدين واللغة.

ان الكتب المقررة للدراسة في هذه المعاهد الدينية تحتوي على علوم النحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان والفلسفة والحكمة واللغة وأصول الفقه وأخيراً الفقه وهو الهدف الأسمى . ولكل مادة من المواد الآنفة الذكر مراجع كثيرة ومتشعبة ينبغي على الطلاب دراستها باتقان . وبعد هضمها واستيعاب دراسة

ص: 201

الفقه بصورة خاصة تمنح اجازة الاجتهاد ، وذلك بعد مضي فترة دراسية طويلة تختلف باختلاف فهم الطالب وقوة استنباطه الأحكام من الأدلة.

أما أشهر المعاهد العلمية (الدينية ) في كربلاء هي :

مدرسة السردار حسن خان :

1- يرجع تاريخ تأسيسها إلى سنة 1180 ه ، وتقع في الزاوية الشمالية الشرقية من صحن الحسين ، وتخرج منها رعيل من أساطين العلم والجهابذة الثقاة أمثال مصلح الشرق جمال الدين الأفغاني(1) والشيخ شريف العلماء . وقد أنفق السردار حسن خان القزويني المبالغ الطائلة في انشائها وتأسيس الأوقاف لها . وبوشر بهدم بنائها في 16 محرم سنة 1368 ه الموافق 1948/11/18(2).

وكانت المدرسة واسعة عامرة بأهل العلم ، وكانت تحتوي على 70 غرفة ، فهي أعظم مؤسسة دينية في كربلاء قل ما تضاهيها مدرسة مثلها في العتبات المقدسة ، تخرج منها فحول العلماء قديماً وحديثاً . وقد ذهبت موقوفاتها ضمن شارع الحائر الحسيني . ولا تزال البقية الباقية من آثارها قائمة حتى اليوم ، وعدد غرفها 16 غرفة . ان أجمل ما يلاحظ في هذه المدرسة التاريخية الجدران المكسوة

ص: 202


1- جاء في مجلة ( الحبل المتين ) العدد 4 السنة 18 ص 1 الصادرة في 10 رجب سنة 1328 ھ/1910 م ما نصه : « ولد جمال الدين الأفغاني في شهر شعبان سنة 1254 ه ، وبعد تحصيل الدروس الابتدائية ومقدمات اللغة العربية والفارسية ، هاجر إلى العتبات المقدسة وسكن كربلاء ، وواصل دراسته في تحصيل العلوم الدينية ، وبعد ذلك سافر عن طريق الخليج العربي إلى الهند ، وبقي هناك عدة شهور في مدينة كلكته في دار الحاج مرزا عبد الكريم التاجر الشيرازي. روى بعض المعمرين في كربلاء أنهم شاهدوا السيد جمال الدين الأفغاني يتلقى العلم في مدرسة السردار حسن خان ، وللحقيقة أثبتنا ذلك.
2- تاریخ کربلاء وحائر الحسين / الدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة ص 270 ،

بالزخارف الهندسية البديعة بأشكال متقنة وبديعة ، تعلوها كتابات من الآيات الكريمة ونقوش وزخارف رائعة الصنع

2 - مدرسة المجاهد :

تمّ تأسيسها حدود سنة 1270 ه كما تنص بذلك الوقفية الخاصة بها . وهي اليوم موئل رواد أهل العلم ورجال الدين. تخرج منها عدد لا يستهان به من أرباب الفكر ، موقعها في سوق التجار الكبير بالقرب من مرقد السيد محمد المجاهد الطباطبائي .

3 - مدرسة صدر الأعظم النوري :

شيدها العلامة الشيخ عبد الحسين الطهراني من ثلث الأمير المرزا تقي خان الصدر الأعظم المقتول سنة 1268 ه ، وكان موقعها غرب الصحن الحسيني ، وهي من امهات المعاهد العلمية العامرة بأهل العلم . تخرج منها رعيل من أساطين الفكر . ومن أساتذتها يومذاك الشيخ أبو القاسم الخوئي المتوفى سنة 1364 ه والشاعر السيد عبد الوهاب الوهاب المتوفى سنة 1322 ه .

4 - مدرسة الزينبية

سميت بهذه التسمية نسبة لموقعها عند باب الزينبية للصحن الحسيني من جهة الغرب . وكانت آهلة بطلاب العلم . إلا أنها ذهبت ضحية الشارع المحيط بالروضة . ومن الذين قاموا بالتدريس فيها الشاعر الشيخ جعفر الهر المتوفى سنة 1347ه وتلميذه الشيخ محمد الخطيب المتوفى سنة 1380ه .

5 - مدرسة الهندية

وهي من أشهر المعاهد العلمية الدينية اليوم ، موقعها في زقاق الزعفراني بالقرب من المشهد الحسيني . تم تأسيسها في أواخر القرن الثالث عشر الهجري ، كما تنص بذلك الوقفية الخاصة بها . وهي ذات طابقين ، وتحتوي على (22)

ص: 203

غرفة . يُدرس فيها مختلف العلوم كالفقه والأصول والحديث والتفسير وما إلى ذلك . وفي المدرسة مكتبة عامة تعرف باسم ( المكتبة الجعفرية ) . ومن الآثار الفكرية التي صدرت عن المدرسة المذكورة مجلة ( أجوبة المسائل الدينية ).

6 - مدرسة البادكوبه ( الترك )

وهي من مدارس كربلاء الشهيرة ، تأسست سنة 1270ھ ، كما تنص بذلك الوقفية الخاصة بها . موقعها في زقاق الداماد ، وهي آهلة بحملة العلم ورجال الدين ، وفيها ( 30 ) غرفة . وفي المدرسة مكتبة عامة عامرة بالكتب القيمة ومن الآثار الفكرية التي صدرت عن المدرسة المذكورة سلسلة ( منابع الثقافة الإسلامية ) حيث تصدر كتاباً شهرياً لكل مؤلف.

7 - مدرسة مرزا كريم الشيرازي

وهي مدرسة واسعة ذات ساحة فسيحة ، وفيها مصلى كبير . تأسست سنة 1287ه ، وتم تعمير المصلى بسعي السيد الموسوي مرزا علي محمد الشيرازي في سنة 1308ه- كما تنص الكتيبة في داخله . موقعها في محلة العباسية الشرقية ، وتشتمل على طابق واحد . ومن مدرسيها الخطيب الشيخ عبد الزهراء الكعبي والشيخ محمد علي الخليق.

8 - مدرسة البقعة

تأسست في منتصف القرن الثالث عشر الهجري ، موقعها في شارع الإمام علي ، مجاورة لمرقد السيد محمد المجاهد الطباطبائي . وهي ذات طابقين . وفيها (20) غرفة . تخرج فيها لفيف من العلماء كالسيد محسن الكشميري والسيد مرتضى الطباطبائي والشيخ عبد الرحيم القمي . ومن الآثار الفكرية التي صدرت

هذه المدرسة مجلة دينية باسم ( صوت المبلغين ).

ص: 204

9 – مدرسة السليمة

أسسها الحاج محمد سلیم خان الشيرازي سنة 1250ه . موقعها في زقاق جامع المرزا علي نقي الطباطبائي . وهي تشمل على طابقين ، غير أن مساحتها صغيرة ، و تحوي على ( 13 ) غرفة . ولم يكتف مؤسسها ببناء المدرسة فحسب ، بل خصص رواتب شهرية للطلبة الذين يواصلون دراساتهم فيها ، وكانت النفقات تصرف بتو سط العلامة السيد حسن آغا مير القزويني . ومن أشهر أساتذتها : الشيخ يوسف الخراساني والسيد محمد علي البحراني . ومن الآثار التي صدرت عن هذا المعهد مجلة ( الأخلاق والآداب ).

10 – مدرسة المهدية

شيدها الشيخ مهدي بن الشيخ علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء سنة 1384ه كما شيد مدرسة أخرى في النجف . أما موقعها فهو في الزقاق المجاور لديوان السادة آل الرشتي ، وهي ذات طابقين ، يسكنها طلبة العلم ، ومن أساتذتها الشيخ عبد الحسين الدارمي والشيخ علي الميثان البحراني والشيخ عبد الحميد الساعدي والشيخ محمد شمس الدين والشيخ حسين البيضاني .

11 - مدرسة الهندية الصغرى

تأسست سنة 1300ه ، أوقفتها امرأة صالحة تعرف ب ( تاج محل ) الهندية على العلامة السيد علي نقي الطباطبائي ، كما تنص بذلك الوقفية الخاصة بها. وتحوي المدرسة على 7 غرف ، يسكنها أهل العلم من الأفغان والهنود . ومن أساتذتها السيد محمد حسين الكشميري والسيد مرتضى الطباطبائي والسيد مرتضى الواحدي .

12 – مدرسة ابن فهد الحلي

موقعها في شارع الحسين الممتد من باب القبلة ، وفيها مزار العالم العارف الشيخ أحمد بن فهد الحلي الأسدي المولود سنة 757ه والمتوفى سنة 841 ه . وللمدرسة

ص: 205

مسجد يصلى فيه ، وفيها ساحة واسعة ذات طابقين ، وتحوي على (40) غرفة ، يسكنها طلبة العلم . كان التجديد الأول لهذا البناء سنة 1358ه. أما التجديد الثاني للمدرسة فقد تم على نفقة جمع من المؤمنين بينهم المرجع الديني الأكبر السيد محسن الطباطبائي الحكيم وذلك سنة 1384ه . وقد حوت المدرسة مكتبة عامة باسم ( مكتبة الرسول الأعظم ) .

13 - مدرسة شريف العلماء

وهي إحدى المدارس الدينية المعروفة ، موقعها في زقاق كدا علي المتفرع من شارع الحسين . وإلى جانب المدرسة يقع مرقد العلامة الشيخ شريف العلماء ( المولى شريف الدين محمد بن حسن علي الآملي المازندراني الحائري المتوفى سنة 1245ه ) . والمدرسة ذات طابقين ، تحوي على (22) غرفة ، يسكنها بعض طلبة العلم الأجانب . قام بتأسيسها فقيه العصر السيد محسن الطباطبائي الحكيم وقفاً على طلاب العلوم الدينية في كربلاء والنجف الأشرف سنة الألف والثلثمائة وأربع وثمانين 1384ه .

14 – مدرسة البروجردي

أنشأها المرجع الديني الأكبر السيد آغا حسين البروجردي سنة 1381ه وقد أنفق على تشييدها مبالغ باهضة ، وكانت الأرض من الممتلكات العائدة لورثة آل الأشيقر في شارع المخيم . فجاءت البناية على غاية من الإبداع في الطراز الهندسي والفن المعماري . وهي ذات طابقين ، وتحوي على (20)غرفة يسكنها بعض أهل العلم . وقيل في تاريخ تشييدها :

زعامة الحسين لم تنصرم *** عنا برغم الموت أيامها

قد أعلن التاريخ ( في هدمها *** زفت بنصر الله أعلامها )

1381 ه

ص: 206

15 - مدرسة الإمام الباقر

أسسها السيد عماد الدين ابن السيد محمد طاهر البحراني سنة 1381 ه ، موقعها في محلة باب الخان ، قرب الفسحة . وتحوي على عدة غرف يسكنها طلبة العلم . وأنشئت فيها مكتبة عامة . ومن نشاطات المدرسة إقامة الحفلات في المناسبات الدينية وإصدار بعض الكتب الخاصة بالتعاليم الدينية .

16 - المدرسة الحسنية

.i

أنشأها الكسبة والتجار الكربلائيون سنة 1388ه ، وتقع على بعد 30 متراً شمال الروضة العباسية . ومساحتها 40 متراً وفيها 28 غرفة يسكنها أهل العلم . وأهم ما يدرس فيها الفقه والأصول والنحو والمنطق والتفسير والأخلاق . وتقام فيها الشعائر الدينية والاحتفالات الخاصة بالمناسبات مثل العشرة الأولى من محرم ، و في رمضان وغيرها .

الصورة

المدرسة الحسنية

ص: 207

الحلقات الدينية ( الدراسات العليا )

تعقد في أرجاء المدينة المقدسة ، وفي زوايا الروضتين الحسينية والعباسي-ة بعض الحلقات الدينية التي يقوم بالتدريس فيها بعض أساطين العلم المعمرين الذين أكملوا دراساتهم العليا أمثال آية الله السيد حسن آغا مير القزويني والشيخ محمد رضا الأصفهاني والشيخ يوسف الخراساني والشيخ محمد علي سيبويه والسيد محمد على خير الدين والسيد مرتضى الطباطبائي والشيخ جعفر الرشتي والسيد عبد الرضا المرعشي والشيخ محمد الشاهرودي والسيد محمد الشيرازي وغيرهم .

ان مدة الدراسة تتوقف على إكمال الكتب المقررة ضمن عشر سنوات حتى تبلغ عام الخمسين تقريباً .

وهناك مدرسة دينية أخرى بيد أنها رسمية ، وهي :

1 – مدرسة الخطيب

أسسها الشيخ محمد بن داود الخطيب سنة 1357 / 1937م ومقرها في محلة المخيم . وفترة الدراسة المقررة بها خمس سنوات ، يتلقى الطلاب في صفوفها العلوم العربية والدين .

2 – مدرسة الامام الصادق علیه السلام

أسست بجهود نخبة من علماء كربلاء ، ومقرها في شارع الحسين بمحلة العباسية الغربية . وفترة الدراسة المقررة لها ست سنوات وعين لها السيد مرتضى القزويني مديراً، ثم تولاها السيد محمد بن السيد مرتضى الطباطبائي.

المدارس الأهلية والحكومية

لقد تأسست في كربلاء قبل الانقلاب العثماني وما بعده عدة مدارس ، سمی بتشييدها رجالات كربلاء ، كما قامت مدارس أجنبية فيها بعد الانقلاب العثاني

ص: 208

و اعلان المشروطة سنة 1908م . وفي هذا البحث يطلع القارىء على نشأة المدارس في كربلاء وتأسيسها ، وهي :

1 – المدرسة الرشدية

تعتبر من أقدم المدارس الحكومية في كربلاء ، تأسست سنة 1908م وكان موقعها خلف مديرية البريد والبرق والهاتف . ان مدة الدراسة فيها أربع سنوات، كان يدرس الطالب في السنة الأولى منها مبادىء القراءة والكتابة ، وكان ( الملا) هو المسؤول عن تدريس الطالب ، وتطلق على تسمية هذا الصف ب ( الاحتياط) وبعد أن يتم الطالب دراسته فيها ، يمنح الشهادة الابتدائية . أما المواضيع والدروس التي يتلقاها فهي اللغة التركية ، كما وتدرس اللغة الفرنسية والفارسية أيضاً ، بيد أن قواعد اللغة العربية كانت تترجم إلى اللغة التركية باعتبارها اللغة الرسمية الشائعة . والطالب المتخرج من هذه المدرسة يحق له الدخول إلى دار المعلمين الابتدائية والمدارس الأهلية والعسكرية التركية . وكان ممن قضى شطراً في هذه المدرسة الدكتور السيد عبد الجواد الكليدار والسيد عبد الرزاق السيد عبد الوهاب والسيد جواد السيد مهدي النقيب والسيد هاشم الخطيب وغيرهم .

2 – المدرسة الابتدائية

تأسست هذه المدرسة من قبل الدولة العثمانية أيضاً ، وذلك سنة 1910 م ، وكانت تشتمل على أربعة صفوف . تدرس فيها اللغة التركية . ومن أبرز طلابها آنذاك : السيد كاظم السيد أحمد النقيب وعزيز أسد خان والسيد ابراهيم شمس الدين القزويني والسيد عبد الرزاق السيد عبد الوهاب وغيرهم .

3 – المدرسة الحسينية

تأسست في 15 شعبان سنة 1327ه المصادف سنة 1908م وكانت بمستوى المدارس الابتدائية ، وعين لها السيد مرزا هادي الشهرستاني مدير ، وبعدتأسيس الحكم الوطني في العراق ، أصبحت هذه المدرسة تدار من قبل وزارة المعارف

( تراث كربلاء م - 14 )

ص: 209

الايرانية على أساس المقابلة بالمثل بالنسبة للمدارس العراقية في إيران . ومن طلابها : السيد عبد الرزاق السيد عبد الوهاب والسيد صادق السيد حسون آل طعمة.

4 – المدرسة الابتدائية النموذجية

و خلال الحرب العالمية الأولى ، مزجت المدرسة الرشدية بالمدرسة الابتدائية ، وكانت مؤلفة من ستة صفوف ، تشغل قسماً من بناية المدرسة الابتدائية الأولى للبنين مع نادي الطلاب أي ( مديرية البريد والبرق والهاتف حالياً) . أما بناية المدرسة الابتدائية ، فكانت في محلة العباسية الشرقية على مقربة من نهر الحلة . وكانت تلقن الطلاب ثلاثة دروس عملية صباحاً و درساً للمطالعة ودرسين عمليين عصرا.ً

5 - المدسة الجعفرية

تأسست في كربلاء سنة 1912م - 1328ه . وقد أشرف على تأسيسها الحاج محمد مهدي الحائري ، وكانت تقبل التلاميذ من أجناس مختلفة ، بحيث تكون الدراسة مجاناً . وأطلق على تسميتها آنذاك اسم ( مكتب الهنود ) ، ذكرها الأب انستاس الكرملي فقال : أسس الهنود مكتباً مجانياً يقبل فيه التلميذ من أي رعية كان ، وقد أدخلوا فيه تعليم اللغة الانكليزية . وفي المكتب الآن نحو 130 طالباً ، وأغلبهم من رعية الدولة البريطانية وكذلك أغلب معلميهم(1)ولم يطل العهد بهذه المدرسة ، وذلك بسبب إعلان الحرب العظمى على انكلترا وحلفائها في سنة 1333ه / 1917م مما أدى إلى إغلاق المدرسة المذكورة من قبل السلطة المحلية .

ص: 210


1- مجلة ( لغة العرب ) للاب انستاس ماري الكرملي ( الجزء 3 – السنة الثانية )رمضان 1330ھ ( ایلول 1912م) ص 118.

6 – مدرسة السادة الأيتام

وفي سنة 1915م ، احترقت المدرسة الابتدائية القديمة من قبل الزوار ، وافتتحت مدرسة السادة الأيتام بسمي أحد الأثرياء الهنود ، وكانت مدرسة أهلية تمنح لطلابها مساعدة مالية . إلا أنها تهدمت أخيراً ، ولم يكن باستطاعة مؤسسها فتحها ثانية وذلك لندرة المخصصات المالية . وبعد ذلك أخذت مديرية المعارف توزع المخصصات على الطلاب الفقراء في هذا البلد

وبعد الاحتلال البريطاني سنة سنة 1918م ، افتتحت المدرسة الإبتدائية ثانية بأربعة صفوف في بناية أهلية وهي الدار المسماة بدار شمس الدولة ( حسينية ربيعة حالياً ) . وفي عام 1920م نقلت إلى محلة باب النجف . وكانت مناهج دراستها صعبة ، وتدرس فيها اللغة الإنكليزية ابتداء من الصف الأول ، وقد أغلقت المدارس الإبتدائية عامة في هذا العام بسبب نشوب الثورة العراقي-ة الكبرى سنة 1920م ، وعندما أطل عام 1922م ، تم فتح المدارس ، ومن ضمنها هذه المدرسة ، حيث افتتحت بخمسة صفوف ، وأصبحت مدرسة كاملة ومن الطريف أنه كان عدد طلاب الصف السادس فيها آنذاك أربعة طلاب هم السادة : محمد علي السعيد ومحمد حسين السعيد آل طعمة وماجد سليم وتقي المصعبي ، ونجح منها اثنان فقط .

7 - المدرسة الأحمدية

تأسست هذه المدرسة سنة 1921م ، واستمرت لغاية سنة 1922م، ومؤسسها الشيخ مهدي الرئيس صاحب ( المكتبة العلمية ) وقد سعى طالب باشا النقيب بفتحها ، عندما كان وزيراً للداخلية ، ومنحها مبلغاً مقداره الف روبية لغرض صرفها على المدرسة .

8 - المدرسة الفيصلية

تأسست سنة 1922م ، بإشراف هيئة مؤسسة من رجالات كربلاء وهم :

ص: 211

الشيخ عمر العلوان والشيخ محمد حسن أبو المحاسن الذي تولى وزارة المعارف والشيخ محمد علي أبو الحب والشيخ عبد الرضا مال الله والسيد محمودالكليدار آل طعمة سكرتير لجنة التأسيس وأحد خريجي جامعة السوربون بباريس ، فأخذوا على عاتقهم صرف المبالغ اللازمة لها . روى بعض المعمرين أن أساتذتها هم : السيد مجيد السيد جواد آل طعمة والشيخ عبد الأمير الحداد والشيخ محمد علي القاضي ( قصير الأدباء ) وكان يتقاضى كل منهم راتباً شهرياً قدره ستون روبية . ولدى مجيء جلالة الملك فيصل الأول إلى كربلاء ، كان بصحبته معالي السيد هبة الدين الحسيني وزير المعارف - آنذاك - ، طلب منه عمر الحاج علوان أن تكون هذه المدرسة رسمية ، فلبي الملك طلبه وذاك سنة 1924م ، ونظراً لعجز الهيئة الإدارية عن إدارتها من الناحية المالية ، تولت إدارتها وزارة المعارف أسوة ببقية المدارس الحكومية ، وأصبحت ذات صفين ، كان ذلك سنة 1925 م .

9 - المدرسة الجعفرية

تأسست سنة 1928م ، وكانت مدرسة أهلية مديرها الشيح محمد مهدي كاظم الحائري . وأول اسم لها ( المدرسة الجعفرية ) ثم مدرسة ( كربلاء الأولية الأولى ) ومديرها السيد محمد نوري أيضاً . وتبدلت باسم (باب الطاق) ومديرها السيد هاشم الخطيب . ثم تبدلت أخيراً باسم ( مدرسة السبط ) ومديرها السيد يحيى محمد علي آل طعمة . تخرج منها نخبة من التلاميذ الذين تسنموا مناصب رفيعة في الدولة . انتقلت إلى بنايتها الجديدة في محلة باب السلالمة وذلك سنة 1951م . من المعلمين الذين اشتغلوا فيها : عبدالمنعم الكاظمي والسيد ذاكر السيد حسين وعبد الرسول اسماعيل و مهدی جاسم الشماسي وجواد باقر والسيد أحمد نعمة الوكيل . انقسمت على نفسها سنة 1960 / 1961م ، والتحق مديرها المرحوم السيد يحيى محمد علي آل طعمة إلى وظيفته في التفتيش

ص: 212

بتاريخ 1962/11/15م ، وكان هذا ذا همة عالية ، وقد أحرز شهرة ذائع-ة ومنزلة رفيعة وشخصية محببة .

10 - المدرسة المتوسطة

ولجهود السيد جلال بابان أحد رجالات الثورة العراقية ومتصرف لواء كربلاء - آنذاك - تم تأسيس المدرسة المتوسطة في سنة 1930م . وكان أول الأستاذ شاكر جاسم . وبعد عدة سنوات أصبحت ثانوية ، وافتتح فيها فرع الأدبي ، ثم فتح فرع للعالمي . ويطلق عليها اليوم إعدادية كربلاء للبنين.

وهناك في مركز كربلاء مدارس كثيرة منها ابتدائية ومتوسطة وإعدادية و كذلك في القرى المجاورة للمدينة ، ومنذ تأسيس الحكم الوطني في العراق قامت الحكومات برعاية هذه المدارس والاهتمام بها ، وبعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958م أولت الحكومات جانب التعليم أهمية خاصة ، حيث رصدت حصة الأسد لجانب وزارة التربية ، من ذلك إدخال العلم إلى كل بيت وقرية وجعلته إلزامياً .

مدارس البنات

بعد أن كان التعليم النسوي في كربلاء مقتصراً على بعض النساء المتعلمات اللواتي يقمن بتعليم البنات القرآن الكريم فقط ، في دور صغيرة ، أصبح نطاق التعليم واسعاً ، والإقبال على دخول المدارس بشكل متزايد . ومن هذه المدارس التي تأسست هي :

1 – المدرسة الابتدائية الأولى

في عام 1910م وبعد جهود كبيرة ، استطاعت الحكومة أن تفتح مدرسة ابتدائية للبنات باسم ( الابتدائية الأولى ) يدرس فيها اللغة التركية والعربية ، ثم أغلقت لقلة الاقبال عليها ، وأعيد فتحها بعد حصول العراق على الحكم الوطني

ص: 213

سنة 1929م ، وبقيت مستمرة في سيرها . وقد تبدل اسم المدرسة اليوم إلى مدرسة خديجة الكبرى.

2 – العباسية الابتدائية

وتأسست بعد ذلك سنة 1942م مدرسة ابتدائية للبنات باسم ( العباسية الأولى ) وراحت تستقبل الطالبات, وواجهت إقبالاً شديداً من قبل كافة الأهلمين لالحاق بناتهم في المدرسة.

ثم تعددت بعدها المدارس على اختلاف مراحلها ، حيث تم فتح مدرسة الاحداث الحسينية ومدرسة الأحداث العباسية وغيرها . وبمرور الزمن شيدت مدارس للبنات في مركز المدينة ثم شملت القرى المجاورة .

متوسطة البنات

اتسع نطاق التعليم بشكل ملحوظ ، حيث تأسست في سنة 1942م ، أول متوسطة للبنات ، ثم اتسعت وأصبحت ثانوية بفرعيها العلمي والأدبي ، ولم يمض وقت على إنشائها ، حتى شهدت إقبالاً منقطع النظير من طالبات المدارس الابتدائية وهكذا أخذت تتوسع تدريجياً . علماً بأن مديريات المعارف لم تكن قد شملت ألوية العراق كلها ، كما هو الآن . حيث كانت المراجعات مع مديرية معارف لواء بغداد ، ثم تحولت المراجعات إلى مديرية معارف الحلة سنة 1921م التي تشمل منطقة الفرات الأوسط . وفي سنة 1943م تأسست أول مديرية للمعارف في لواء كربلاء .

الكتاتيب

لقد جاء افتتاح المدارس في كربلاء متأخراً بسبب انتشار الكتاتيب فيها ، ولا سيما في الروضتين المقدستين . والمعروف أن الطلاب في الكتاتيب يتلقون

ص: 214

القرآن الكريم ومبادىء الحساب الأولية والخط العربي . وكان عددهم يفوق طلاب المدارس . وقد وجدت الحكومة صعوبة بالغة في فتح المدارس لعدم الاقبال عليها ، حتى اضطرت إلى غلق الكتاتيب وإجبار أولياء أمور الطلاب بإدخال أبنائهم إلى المدارس الحكومية . وفي سنة 1942م أجريت إحصائية بعدد طلاب المدارس الحكومية في كربلاء ، فكانت النتيجة قد بلغت أربعمائة طالب فقط ، بينما بلغ عدد طلاب الكتاتيب خمسمائة . ويلاحظ في سنة 1936م عندما تولى الأستاذ صالح جبر منصب متصرف كربلاء ، دعا إلى تشكيل لجنة خاصة مكونة من مدير المتوسطة ومدير مدرسة الابتدائية ومفتش المعارف السيد عبد الهادي المختار ، حيث امتنعت الكتاتيب نهائياً.

ص: 215

الجوامع والحسينيات

الجوامع

تشتهر کربلاء إلى جانب معاهدها العلمية ، بكثرة جوامعها وكذلك حسينياتها . ففي كل منعطف طريق ، يشاهد المرء مسجداً أقيم للعبادة وتأدية شعائر الإسلام . ونحن هنا لا يمكننا حصرها في هذا الباب ، لأن قسماً منها أنشئت من قبل أصحابها ، والقسم الآخر وضع تحت إشراف مديرية أوقاف كربلاء ، كما تثبت ذلك السجلات التي اطلعنا عليها في المديرية المذكورة. ولكننا نذكر الشهيرة منها والقديمة والمندرسة.

1 – جامع رأس الحسين

سمي بذلك نسبة لموقعه في جهة رأس الامام الحسين عليه السلام بالقرب من باب السدرة . وكان من أقدم الجوامع الأثرية العظيمة. وفي وسط هذا الجامع التاريخي مقام رأس الحسين عليه السلام، وقد شمله الهدم بسبب افتتاح شارع الحائر الحسيني .

2 – جامع عمران بن شاهين

من أقدم مساجد كربلاء ، شیده عمران بن شاهين أمير البطائح في القرن الثامن الهجري ، وهو الملحق بالحرم الحسيني الشريف ، وكان له شأن كبير في توسيع وانتشار الحركة العلمية والدينية .

ص: 216

3 – جامع المرزا شفیع خان

يقع على نهر الهنيدية في المرحلة الأولى ما بين كربلاء وخان النخيلة أي ( خلف معمل اليشماغ حالياً ) . ويرجع تاريخه إلى عهد المرزا شفيع خان(1) صدر الأعظم رئيس وزراء إيران السابق أيام القاجاريين الذي زار كربلاء وأقام على نهر الهنيدية في طريقه إلى النجف ، ودفن في المسجد المذكور كما جاء في مجموعة السيد عبد الحسين الكليدار . ولدى زيارة السلطان ناصر الدين شاه القاجاري لمدينة كربلاء مرّ بأراضي ( السنقر ) التي تقع على نهر الهنيدية في طريقه إلى النجف الأشرف ، وسار في سفح هذا النهر ماراً بالمقبرة القديمة كما ذكر ذلك في رحلته المسماة ( سفر نامه ناصري ) بالفارسية . وكذلك عند تشييد مقبرة وادي أيمن في أثناء غرق كربلاء سنة 1305 ه ، اتخذت الأراضي الواقعة بالقرب منها مقبرة وادي أيمن الحالية للسبب المذكور . وقد جدد بناء هذا الجامع المرحومان الحاج علي وأخيه الحاج آغا جان في سنة 1319 ه- . و نقشت على الباب كتيبة من القاشاني ، دونت فيه-ا أبيات شعر بالفارسية وأولها :

حبذا أين مسجد عالي که اندر کربلا است *** قامت افلاکیان در نزد محرابش دوتا است

و مادة التاريخ هو سنة 1309 ه كما يتضح من البيت الأخير :

ص: 217


1- ذكر صاحب ( المنجد ) المطبوع في بيروت سنة 1956 في مادة كربلاء ص 453 : ان المرزا شفیع خان رئيس الفرقة الشيخية دفن في كربلاء ، غير أن السيد محمد حسن مصطفى الكليدار يخالف هذا الرأي ، فقد ذكر في كتابه ( مدينة الحسين ) ج 3 : ان المرزا شفي-ع خان الذي يعنيه صاحب ( المنجد ) بأنه رئيس الطريقة الشيخية هو غير صحيح ، إذ أن المرزا طاهر شفيعي خان الحكاك الاصبهاني هو مؤسس الطريقة المعروفة باسمه ( الشفيعية ) وقد قتل في اسطنبول شر قتلة سنة 1262ه

خواستم آرم مثالي بهر سالش عقل گفت *** مسجد أقصى بود که در وادی صفا است

کما نقشت على بابه كتيبتان تاريخ الأولى سنة 1309ه ، وتاريخ الثانية سنة 1319ه . وإلى جانب المسجد المذكور مقبرة خاصة عليها قبة من القاشاني تهدم القسم العلوي منها ، ودفن فيها العالم الجليل السيد هاشم الحسيني الجهرمي الحائري المتوفى سنة 1322ه .

4 – جامع السردار حسن خان

من المساجد القديمة ، وكان يعد آية في الفن المعماري البديع ، وكان ملحقاً بالمدرسة الدينية المعروفة باسمه (1) وأصبح اليوم أثراً بعد عين .

5 - الجامع الناصري

من أهم المساجد التي شيدها السلطان ناصر الدين شاه القاجاري سنة 1276 هجرية . وكان موقعه إلى شمال الروضة الحسينية المقدسة ، وقد اندرست آثاره وطمست معالمه اليوم .

6 - جامع الآغا باقر البهبهاني

موقعه إلى جوار مدرسة الهندية . أسسه حامل لواء النهضة العلمية في القرن الثاني عشر الوحيد الآغا باقر البهبهاني ، وقد أسس على العلم والتقوى في عمده ولم يزل أثره قائماً حتى اليوم .

ص: 218


1- اطلعت على ورقة اعلام مصدقة من قبل العلامة السيد علي نقي الطباطبائي والعلامة السيد مهدي القزويني وغيرها من رجالات كربلاء ، تاريخها الثاني عشر من شهر محرم الحرام السنة السابعة والستون بعد الألف والمائتين من هجرة سيد الثقلين تنص على بناء عم-ارة المدرسة الواقعة فوق مسجد حسن خان ، وقد أنشأها العلامة السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط . ران الأعلام صادر بعد وفاة السيد المذكور بستة أعوام .

7 – جامع صاحب الحدائق

شيده الشيخ يوسف البحراني الشهير بصاحب الحدائق المتوفى سنة 1186ه ، وموقعه في الواجهة الامامية لمدرسة الهندية وجامع البهبهاني المذكور ، وأعيد بناؤه مؤخراً .

8 – جامع الشيخ خلف

من أشهر المساجد القديمة التي شيدها الشيخ خلف بن عسكر الحائري المتوفى سنة 1246ه . موقعه في شارع السدرة بمحلة باب السلالمة . وقد جدد سنة 1371ھ ثم شمله الهدم بسبب توسيع الشارع المذكور.

9 – جامع الشهرستاني

كان يعرف قديماً بجامع الشيخ عبد الرحيم . موقعه قرب باب الشهداء عند صحن الحسين عليه السلام . قام بتشييده السيد مرزا مهدي الموسوي الشهرستاني وذلك في سنة 1189ه . وقد أرخ أحد الشعراء عام تشييده ، قائلاً :

ذا مسجد أسسه من قبل ذا *** مهدي آل الصفوة الأماجد

وكان فيما قد مضى مشتهراً *** تاريخه ( معظّم المساجد )

1189ه

وفي سنة 1356ه جدد بناؤه وذلك في عهد عبد الرزاق الأزري متصرف لواء كربلاء ، فنظم أحد الشعراء مؤرخاً تجديده بهذه الأبيات :

سعادة الأزري لما جاءه **** بناء للذكر الجميل الخالد

يا قارىء التاريخ ( قل ذا جامع جدده لراكع وساجد )

1356 ه

وبسبب توسيع الشارع الذي يربط الحرمين الشريفين، تهدم المسجد المذكور سنة 1399ه وأصبح أثراً بعد عين.

ص: 219

10 – جامع المرزا علي نقي الطباطبائي

موقعه في الواجهة الأمامية لمدرسة السليمية ، بالقرب من سوق التجار الكبير . وهو واسع المصلى . قام بتشييده السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض في شهر ربيع الثاني سنة 1210ھ ، وعرف بعد وفاته باسم حفيده السيد علي نقي الطباطبائي . وقد طرأ على هذا المسجد تغيير كبير في الأيام الأخيرة . وفي سنة 1382ه شيد على طراز صحي جميل.

11 – جامع الأردبيلية

من الجوامع القديمة ، يقع على الطريق المؤدي لمقام ابن الحمزة ، وهو ذو مصلى واسع . وفيه غرف جانبية تحوي قبور عدة من العلماء ، منها قبر حسين علي شاه رئيس الطريقة الصوفية المتوفى سنة 1234ه ، وقبر ميرزا نصر الله صدر المالك المتوفى سنة 1285ه وقبر مرزا محمد هادي صدر المالك المتوفى 13 شعبان سنة 1310ھ وقبر محمد تقي بن الحاج عبد الكريم تبريزي المتوفى سنة 1332 ه وقبر مرزا محمد علي بن المرحوم الحاج رضا الهمداني المتوفي سنة 1293ه .

12 – جامع الحميدية

أسسه خليفة آل عثمان السلطان عبد الحميد الثاني ، وقد هدم سنة 1915 م و استقطعت قطعة من أرضه لبناية مديرية أوقاف كربلاء في شارع الناحية . وهو من الأوقاف المضبوطة . ذو ساحة كبيرة ومصلى واسع . وقد أجري عليه تغيير كبير ، فجدد بناؤه سنة 1960م / 1961م ، واستبدل اسمه باسم ( المسجد الحسيني ) وشيدت فيه مكتبة عامة باسم ( مكتبة الامام علي بن أبي طالب علیه السلام ).

13 – جامع العباسية

تأسس في العهد العثاني ، وهو من الأوقاف المضبوطة ، موقعه في محلة العباسية الغربية .

ص: 220

14 – جامع الطهراني

أوقفه السيد صالح فوزي الطهراني سنة 1243ه ، موقعه في سوق النجارين في محلة العباسية الغربية . أصبح تحت إشراف مديرية أوقاف كربلاء منذ سنة 1943 م .

15 – جامع الترك

أوقفه محمد جعفر الترك وذلك في العهد العثاني . موقعه في محلة العباسية الغربية عند نهاية سوق النجارين . وقد أصبح تحت إشراف مديرية الأوقاف منذ سنة 1943م.

16 – جامع الحاج نصر الله

قام بإنشائه الحاج نصر الله بن الحاج عبدالكريم وذلك سنة 1343ه موقعه في شارع العباس قرب سراي الحكومة . وتنص الكتيبة المنقوشة على جبهة بابه أن المتولي كاظم الحاج حسن ، جدد بناؤه سنة 1382ه .

17 – جامع ماهي كليب

أوقفه المرحوم الحاج ماهي بن كليب جد أسرة آل ماهي الجيلاوي في كربلاء وذلك سنة 1299ه . موقعه في سوق العلاوي بمحلة باب النجف. وتهدم أخيراً، وجدد بناؤه الحاج مجيد العبايجي.

18 – جامع السيد هاشم فتح الله

هذا يقع الجامع في شارع الناحية بمحلة باب الخان . قام بتشييده المرحوم السيد هاشم السيد حسين السيد فتح الله آل طعمة(1) . أوقفه سنة 1322 ه .

ص: 221


1- كان أحد وجوه كربلاء ، وله مشاريع اصلاحية مهمة ، وقد جلب عدة مكائن للطحين والهيش وأسس معملاً للثلج . وكان يكرم العلماء بالثلج مجانا توفي سنة 1349ه . ومن الآثار المطبوعة التي ظهرت له كتابان ألفها باللغة الفارسية الأول باسم ( رومان هاشمي ) طبع سنة 1331ه وأعيد طبعه سنة 1347ه والثاني باسم ( نتائج أفكار ) طبع سنة 1347ه .

وقد أرخ أحد الشعراء عام تشييده بأبيات نقشت على كتيبة من القاشاني فقال :

هاشم بن الحسين فتح الله *** قد بنى مسجداً له التقوى

قلت فيه مؤرخاً ( أتلو *** مسجد أسس على التقوى )

1322 ه

كما قام المرحوم السيد هاشم بتشييد جامع آخر مقابل مغتسل المخيم الحالي .

18 – جامع السيد جواد الصافي :

وهو من المساجد الشهيرة يقع في سوق الحسين خلف ( حمام المالح ) شيده المرحوم السيد جواد السيد مهدي الصافي سنة 1329 ه . مهدي الصافي سنة 1329 ه . وقد أرخ عام بنائه الشاعر الكربلائي الشيخ مهدي الخاموش بأبيات كتبت بالحجر القاشاني على جبهة بابه من الخارج :

حيدر

هل-ل الدين وكبّر *** حين وجه الحق أسفر

بنجوم الأرض آل المصطفى والطهر حیدر

سادة فيهم مدى الأيام أضحى الفخر يفخر

سادة ليس يجاري بمجدهم كسرى وقيصر

سادة فيهم قضى الرحمان ما شاء وقدر

كونوا من قبل تكوين الورى في عالم الذر

آل صافي خير من قد شاد للأخرى وعمر

هم أشادوا باب قدس لابن داحي باب خيبر

شادها المهدي كيا عندها إن مات يقبر

كي ليسقيه حسين جده في الحشر كوثر

واقتدى فيه جواد شيله جواد شبله الندب ليؤجر

عمر سجد شوقاً نعم ما شاد و عمر

ص: 222

كي به الاسلام طراً لصلاة الخمس تحضر

والتقى فيه ينادي معلناً: الله أكبر

قائلاً أرخ ( لمسجد فيه اسم الله يذكر )

1329 ھ

وقد تهدم هذا الجامع مؤخراً من قبل مديرية أوقاف كربلاء.

19 – جامع الشهيد الثاني :

وهو جامع قديم يقع في زقاق العكيسة بمحلة باب السلالمة ، أسس تيمنا باسم الشيخ زين الدين بن نور الدين العاملي المنعوت بالشهيد الثاني المستشهد سنة 965 ه.

20 – جامع المخيم

وهو المسجد المعروف في محلة المخيم تم تشييده سنة 1380 ه ، وكتبت على جبهة بابه من الخارج الأبيات التالية وهي للخطيب الشيخ محمد علي اليعقوبي :

مسجد قدس قام بنيانه *** على التقى والرشد بين الأنام

بخير أرض قد سمت رفعة *** على ذرى البيت وركن المقام

قد فاز من صلى بمحرابه *** لله في صبح بدا والظلام

21 -- جامع الكرامة :

يقع في نهاية سوق الحسين في طريق محلة باب السلالمة عند باب البويبة بانشائه السيد محمد علي السيد يوسف الأشيقر ، جدد بناؤه سنة 1388 ه/1968 م وقد نقشت على واجهة بابه بالقاشاني أبيات للشاعر الكربلائي السيد مرتضى الوهاب هي :

مسجد شاده الأوائل وقفاً *** لم يزل خالداً ليوم القيامة

أسسوه على التقى ليقيموا *** لفروض الصلاة فيه دعامه

منتهاه باب الكرامة للسبط *** وحصن العباس عالٍ امامه

ص: 223

و كرام قد جددوه فأرخ *** (صل فيه هذا مصلى الكرامه )

1388 ه

الحسينيات

بالإضافة إلى المساجد المذكورة فقد أسست الحسينيات ، حيث شيدت على التقوى لنزول زوار الإمام الحسين عليه السلام فيها ، وحلولهم لأيام معدودات في الغرف المعدة لهم . وقد يكون فيها جامع خاص لأداء فريضة الصلاة . ومن هذه الحسينيات الشهيرة :

1 - حسينية السيد محمد صالح :

شيدت في عهد المرحوم الحاج السيد محمد صالح البلور فروش(1) وذلك في سنة 1344 ه تقع في شارع المخيم ، وهي ذات فناء رحب ومصلى واسع ، وهي معدة لإيواء الزوار على أن لا يمكثوا فيها أكثر من خمسة أيام كما تنص الكتيبة الموجودة في مدخل الحسينية ، وقد جددت وعمرت مراراً . أما الطابق العلوي الذي يشرف على الشارع فهو من موقوفات السيد عبد الحسين آل طعمة سادن الروضة الحسينية ، حيث كانت داره ومكتبته .

2 - حسينية الحاج حنن :

أوقفها الحاج حنن بن الحاج فليح من أهالي الحلة لأجل عموم زوار الحسين عليه السلام مع موقوفاتها العائدة إليها في سنة 1345 ه . وقام بتعميرها الحاج فليح سنة 1377 ه. تقع الحسينية في الشارع المؤدي إلى الهندية (طويريج)

3 – حسينية الأسكوئي الحائري :

ص: 224


1- كان نائباً لسادن الروضة الحسينية ، توفي يوم الاربعاء 4 شهر صفر سنة 1354 ه واعقب ولده السيد عبد الحسين.

موقعها في مدخل زقاق الداماد ، تأسست سنة 1345 ه من قبل الشيخ مرزا علي بن المرزا موسى الأسكوئي الحائري . وقد أنشأ فيها مكتبة عامة باسم ( مكتبة العلامة الحائري ) . وهي ذات طابق واحد وساحة واسعة تقام فيها المآتم.

4 - حسينية المازندراني :

تشتمل على المسجد والمدرسة والمكتبة والمقبرة ، أسسها الشيخ محمد مهدي الواعظ المازندراني الحائري في شهر شوال سنة 1372ه كما تنص الكتيبة المنقوشة بالحجر القاشاني على جبهة بابها ، موقعها خلف المخيم الحسيني بأمتار.

وقد أنشئت في السنوات الأخيرة حسينيات فخمة كلفت مبالغ باهظة أخص بالذكر منها الحسينية الأصفهانية والحسينية الطهرانية وحسينيات أخرى شيدت خصيصاً الزوار والمواكب التي تفد إلى كربلاء في الزيارات المخصوصة لا سيما أيام أربعين الامام الشهيد الحسين عليه السلام التي تصادف في العشرين من صفر في كل عام.

( تراث كربلاء م - 15 )

ص: 225

الفصل السادس: تاريخ الحركة العلمية

إشارة

من الواضح ان كربلاء هي المدينة الشامخة المجد في دنيا العلم والأدب والجهاد منذ أقدم العصور والأزمنة ، فقد ازدهرت فيها الحركة العلمية في أواخر القرن الثالث ومطلع القرن الرابع الهجري على أثر نبوغ الزعيم الديني - حميد بن زياد النينوي -- مؤسس جامعة العلم في كربلاء . ونينوى إذ ذاك إحدى قرى كربلاء المجاورة، حيث تمتد من جنوب سدة الهندية حتى مصب نهر العلقمي – كما مرّ بنا آنفاً – ولعل أصدق وصف لما بلغته كربلاء من مكانة علمية وتجارية في ذلك الزمن ما جاء في كتاب (مدينة الحسين) : ولا يغرب عن البال ان كربلاء كانت خلال القرن الثالث مزدحمة بالزائرين الذين يفدونها من كل حدب وصوب لزيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام وكانت أسواق كربلاء عامرة تسودها الطمأنينة فتؤمها القوافل ومنهم من يؤثر السكنى وآخر من يعود إلى بلاده ، وهنا كثرت فيها القبائل العلوية وغير العلوية ، وأخذت تتمصر شيئاً فشيئاً . ويستطرد المؤلف قائلاً : وكذلك زارها كبار رجال الحديث والسير من رجال الامامية وأخذوا في تدريس مسائل الدين والفقه لسكانها المجاورين والزائرين ، فاتسعت

ص: 226

الحركة العلمية فيها وصار الطلبة يقصدونها من مختلف الأمصار(1).

ومن الاعلام الذين زاروا كربلاء في هذه الحقبة أعني بها المئة الثالثة ، زيد المجنون ومحمد بن الحسين الاشتياني ، وفي مطلع القرن الرابع الهجري زار عضد الدولة البويهي مدينة كربلاء ، فأحيا فيها حركة العلم والعمران . ويؤيد ما ذهبت إليه الدكتور عبدالجواد الكليدار في كتابه (تاريخ كربلاء وحائر الحسين) فيقول : وقد ازدهرت كربلاء في عهد البويهيين ، وتقدمت معالمها الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ،فاتسعت تجارتها واخضلت زراعتها و أينعت علومها وآدابها ، فبدت في جسمها روح الحياة والنشاط ، فتخرج منها علماء فطاحل وشعراء مجيدون وتفوقت في مركزها الديني المرموق(2).

ومن هنا حازت كربلاء على الرئاسة العلمية والزعامة الدينية ،ومن ثم انتقلت الحركة الدينية إلى النجف الأشرف وذلك في مطلع القرن الخامس الهجري حيث هبط إليها من بغداد الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي سنة 443 ه ، ولبثت فيها هذه الحركة فترة قصيرة . وفي هذا القرن برز في كربلاء الشيخ هشام بن الياس الحائري صاحب ( المسائل الحائرية ) المتوفى حدود سنة 490 ه بن علي بن حمزة الطوسي المكنى بابن الحمزة صاحب كتاب ( الوسيلة ) . ومع كل هذا فان الحلة الفيحاء كانت محتفظة بزعامتها الدينية والعلمية . ويحدثنا التاريخ أن القرن السادس كان حافلاً بشعراء فطاحل في كربلاء وقد تأسست مدارس علمية يديرها العلماء . وأهم ما يثبت احتفاظ كربلاء بمركزها العلمي في فترة القرن السابع الهجري ظهور علماء كبار بمكانة مرموقة في التاريخ كالسيد فخار بن معد الحائري الموسوي المتوفى سنة 630ه وعز الدين حسن بن نائل المولود سنة 656ه وغيرهم ممن انتقلوا إلى الحائر الشريف لأجل الدراسة وطلب

و محمد

ص: 227


1- مدينة الحسين / محمد حسن الكليدار آل طعمة ج 2 ص 99.
2- تاريخ كربلاء وحائر الحسين / للدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة ص 171 .

العلم ليس إلا . أما في مطلع القرن الثامن الهجري فقد زار كربلاء الرحالة الشهير ابن بطوطة سنة 726ه ونوه بوجود مدرسة عظيمة وزارية كريمة فيها الطعام للوارد والصادر . فالمدرسة العظيمة التي يقصدها هي مسجد ابن شاهين الملحق بالروضة الحسينية المار ذكره . وإن الزاوية الكريمة هي ( دار السيادة ) وقد أقامها السلطان محمود غازان خان وجعلها وقفاً للفقراء والمساكين وأبناء السبيل . فكان يرتاد مسجد ابن شاهين هذا عدد هائل من طلبة العلم للارتشاف من مناهل الفكر الإسلامي ما يسد حاجاتهم . ومن أعلام كربلاء في هذا القرن العالم الفاضل الأديب الشاعر السيد عميد الدين عبد المطلب بن السيد مجد الدين أبي الفوارس من سلاله الحسين الأصغر ابن الإمام زين العابدين علیه السلام ، ومنها الشيخ عز الدين أبي محمد الأسدي والشيخ علي ابن الخازن الحائري . والحسين بن سعد الله الحسيني العبدلي والشيخ ابن دريد الحائري والسيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار الموسوي والشيخ علي بن الحسن الحائري وغيرهم كثيرون . ثم انتقل بعض رجال الفكر إلى النجف الأشرف فتعهدوا فيها إحياء الحركة العامية . وما لبثت أن انتقلت إلى الحلة الفيحاء التي أنجبت رهطاً كبيراً من فطاحل العلماء والشعراء وأساطين الأدب(1) . وانتقلت الموجة الفكرية في منتصف القرن التاسع الهجري إلى كربلاء بسبب انتقال الزعيم الديني الشيخ أحمد بن محمد بن فهد الحلي الأسدي المتولد سنة 757ه والمتوفى سنة 841ه ، وبروز علماء آخرين كالشيخ ابراهيم الكفعمي المتوفى سنة 900ه والسيد حسين بن مساعد الموسوي المتوفى سنة 910ه وغيرهم . وبقيت الدراسة العلمية في كربلاء بين مد وجزر حتى القرن الثاني عشر الهجري ، ثم انتقلت إلى النجف الأشرف على أثر انتقال زعيم الحركة العلمية السيد مهدي بحر العلوم المولود في كربلاء سنة 1155ه. وفي هذه الفترة

ص: 228


1- لضرورة الاطلاع على تاريخ اليقظة الفكرية والزعامة الدينية في الحلة آنذاك يراجع کتاب ( فقهاء الفيحاء ) للفاضل السيد هادي السيد حمد كمال الدين ( بغداد 1962م ) وكتاب ( تاريخ الحلة ) للاستاذ يوسف كركوش في جزئين ( النجف 1965 ) .

وصلت الحركة العلمية في كربلاء إلى حد لم يسبق له مثيل ، فكانت كربلاء في هذا العصر محوراً للدراسات ومنتجعاً لرواد العلم ، وقد انتشرت حرية الأفكار فيها ، وقصدها العلماء من مختلف الأقطار ، فتعهدوا الحركة العلمية . وكان أبرز هؤلاء الذين لمع نجمهم في تلك الفترة السيد نصر الله بن الحسين الفائزي الحائري المدرس في الروضة الحسينية المقتول سنة 1168ه والشيخ مهدي الفتوني المتوفى سنة 1183ه والشيخ يوسف البحراني المتوفى سنة 1186ه و المؤسس الوحيد الآغا باقر البهبهاني المتوفى سنة 1205ه الذي أصبح إماماً بالعلم والفقه ، والشيخ محمد باقر الغروي أحد أساتذة السيد مهدي بحر العلوم والعلامة الجزائري والسيد علي الطباطبائي صاحب الرياض المتوفى سنة 1231ه و ابنه السيد محمد المجاهد الطباطبائي المتوفى سنة 1242ه والشيخ شريف العلماء المتوفى سنة 1245ه والشيخ خلف بن عسكر الحائري المتوفى سنة 1246ه والسيد كاظم الرشتي المتوفى سنة 1259ه والشيخ محمد حسين الأصفهاني صاحب الفصول المتوفى سنة 1261ه والسيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط المتوفى سنة 1262ه، والمولى محمد صالح البرغاني المتوفى سنة 1283ه والشيخ عبد الحسين الطهراني المتوفى سنة 1286ه والشيخ محمد صالح گدا علي المتوفى سنة 1288 ه والسيد مرزا علي نقي الطباطبائي المتوفى سنة 1289ه والشيخ حسين الأردكاني المتوفى سنة 1302ه والسيد مرزا صالح الداماد المتوفى سنة 1303ه والشيخ زين العابدين المازندراني المتوفى سنة 1309ه والسيد محمد حسين المرعشي المتوفى سنة 1315ھ والسيد مرتضى الكشميري المتوفى سنة 1323ه و السيدمحمدباقر الحجة الطباطبائي المتوفى سنة 1331ه والشيخ محمد تقي الشيرازي المتوفى سنة 1338ه وسواهم من فطاحل العلماء الأفذاذ الذين نشروا العلم والفقه في طول البلاد وعرضها، وخلدوا آثاراً فكرية ما زال يرتوي من معينها الطلاب

من أقطاب الفكر

امتازت كربلاء بقدسيتها ومكانتها الدينية والعلمية والتاريخية لوجود مرقد

ص: 229

أبي الضيم الإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام . فكانت تحج اليها الوفود من مختلف أصقاع المعمورة ، ويؤمها العلماء من كل فج عميق رغبة في مجاورة العتبات المقدسة . وفي أواخر القرن الثالث الهجري كانت مدرسة فكرية عامة ، أما في القرون التي تلته فقد بزغ فيها علماء وشعراء ومفكرون مما ستقرأ سيرهم و تراجمهم في هذا الفصل ، على اني أشرت إلى مشاهيرهم والمبرزين في كل أسرة علمية . وقد اقتبست المعلومات عنهم من شتى المصادر المطبوعة والمخطوطة و المراجع الغربية والفارسية ، وأثبت هذه التراجم حسب تاريخ وفاة صاحبها . غير أن هناك أعلاماً آخرين لم ترد أسماؤهم في كتب الرجال ودوائر المعارف كموسوعة ( أعيان الشيعة ) للسيد محسن الأمين العاملي و ( طبقات أعلام الشيعة ) للشيخ آغا بزرك الطهراني و ( الكنى والألقاب ) للشيخ عباس القمي و ( روضات الجنات ) للسيد محمد باقر الخونساري وسواها من المراجع ، فقد أعرضنا عنها ريثما يتم لنا التحقيق عنها في المستقبل لإصدار كتاب خاص بأعلام كربلاء قديماً وحديثاً.

القرن الثالث الهجري : حميد بن زياد النينوي

لقد نشطت الحركة العلمية في كربلاء في أواخر القرن الثالث الهجري ، وذلك في أيام المنتصر العباسي ، حيث كانت من قبل تحت سيطرة الأمويين . ومن ثم في عهد خلفاء بني العباس . أما بعد ذلك بقليل ، فقد ازدهرت الحركة العلمية والأدبية في هذا البلد ، حيث أخذت كربلاء تعج بالعلماء والفلاسفة ، كيف وهي قبلة أنظار العالم الإسلامي المتعطش للثقافة والعلم . وفي أواسط القرن الثالث الهجري أي بعد مقتل المتوكل العباسي ، وعلى عهد المنتصر أخذت جموع غفيرة من العلويين تفد إلى كربلاء للسكنى بجوار قبر جدهم الإمام الحسين علیه السلام حيث تولوا إدارة شؤون حراسة الروضة الحسينية والعباسية حتى القرن الرابع الهجري .

ص: 230

وفي عهد الدولة البوهي از دادت نسبة وفود العلويين من ذرية الإمام موسی الكاظم علیه السلام كما ارتحل اليها كثير من طلاب العلم من الأقطار النائية القريبة . فكان العلم يحتل جانباً مهماً في كربلاء . فتعقد حلقات أهل الفضل والأدب الواسعة بشكل يدعو إلى الإعجاب ، وبذلك حازت کربلاء الرئاسة العلمية منذ ذلك الحين ، ذلك على أثر نبوغ العالم الكبير المحدث الشهير حميد بن زياد النينوي نسبة إلى نينوى قرية إلى جانب الحائر على نهر العلقمي . و الشائع على ألسنة الباحثين و المؤرخين أن كربلاء كانت في مطلع القرن الثالث مملوءة بالأكواخ وبيوت الشعر التي كان يشيدها المسلمون الذين يفدون إلى قبر الحسين عليه السلام . وهكذا ظلت کربلاء حتى مطلع القرن الرابع الهجري ، إذ تصرت على عهد البويهيين الذين كان لهم فضل كبير في تشييد هذا البلد المقدس و عمارته وإحياء التراث العلمي وتشجيع الحركة العلمية .

في قرية نينوى العامرة المجاورة للحائر ، وفي هذه البقعة المباركة بزغ نجم عالم فذ فكان مولده أملاً مشرقاً يزخر بالنور ويرفل بالإيمان ، وكان نبوغه دعامة التركيز نهضة علمية في كربلاء بلد العلم والعرفان ، و دوی له في الأوساط العلمية و مجالات الثقافة صدى يجلجل الآذان . فهو من فطاحل علماء عصره ومن كبار المحققين والرواة . ذكره السيد محسن الأمين في ( أعيان الشيعة ) قائلاً : حمید بن زیاد بن حماد ( مكرراً ) ابن هواز الدهقان أبو القاسم من أهل نينوى توفي سنة 310ه وفي حاشية الخلاصة للشهيد الثاني أن بخط السيد ( ابن طاووس ) في كتاب النجاشي سنة 320 ه (1).

وقال الشيخ في الفهرست : حمید بن زیاد من أهل نينوى قرية إلى جانب الحائر على ساكنه السلام ثقة كثير التصانيف روى الأصول أكثرها له كتب كثيرة على عدد كتب الأصول ، أخبرني برواياته وكتب أحمد بن عبدون عن أبي

ص: 231


1- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 28 ص 95.

طالب الأنباري عن حميد و أخبرني عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن حمید وأخبرنا بها أيضاً أحمد بن عبدون عن أبي القاسم علي بن حبش بن نوني بن محمد الكاتب عن حميد وذكره في رجاله فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام فقال حميد بن زیاد من أهل نينوى قرية إلى جانب الحائر على ساكنه السلام عالم جليل واسع العلم كثير التصانیف قد ذكرنا طرفاً من كتبه في الفهرست(1)وقال النجاشي :

حمید بن زياد بن حماد بن زياد الدهقان أبو القاسم سكن سوراء و انتقل إلى نینوی قرية إلى جانب الحائر على ساكنه السلام كان ثقة واقفاً فيهم سمع الكتب وصنع وصنف(2). وفي الخلاصة - القسم الأول - حمید بن زیاد من أهل نينوى ثقة عالم جلیل و اسع العلم كثير التصانيف قاله الشيخ الطوسي ثم نقل كلام النجاشي إلى قوله وجهاً فيهم ثم قال فالوجه عندي ان روایته مقبولة إذا خلت عن المعارض وقال الشهيد الثاني في الحاشية لا وجه لذكره في هذا القسم معقودة لمثله ولكن المصنف ذکر جماعة فيه كذلك واجيب بان القسم الأول معقود لمن تقبل روايته(3). وفي رجال المامقاني (4) ترجمة وافية عنه و تعداد لتلامذته وآثاره. وقد تخرج عليه جماعة من الفطاحل هم : الحسين بن علي بن سفیان ( سفين ) . أبو المفضل الشيباني أجازه سنة 310ه . و أبو الحسن علي بن حاتم أجازه سنة 306 ه ، وأحمد بن جعفر بن سفیان .

أما أشهر آثاره فهي : 1 - الجامع من أنواع الشرائع 2 - الخمس 3- الدعاء 4 - الرجال 5 - من روي عن الإمام جعفر الصادق علیه السلام 6 - الفرائض 7 - الدلائل 8 - ذم من خالف الحق وأهله 9 - فضل العلم والعلماء 10 - الثلاث والأربع 11 - النوادي وهو كتاب كبير .

ص: 232


1- الفهرست : لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي .
2- رجال النجاشي (طبع حجر ).
3- الخلاصة / القسم الأول .
4- الرجال / للامقاني - الجزء الأول .

ان هذه الآ ثار الفكرية التي خلفها هذا العالم المجاهد والمفكر الموهوب سوف تخلده مدى الزمن .

القرن الخامس الهجري :

الشيخ هشام بن الياس الحائري

كان أحد أعلام القرن الخامس الهجري ، له إحاطة بشتى العلوم والفنون . و من آثاره الفكرية مصنفه ( المسائل الحائرية (1) ) وقد ذكره الشيخ الحر العاملي في ( أمل الآمل ) ما هذا نصه : الشيخ الياس بن هشام الحائري عالم فاضل جلیل يروي عن الشيخ أبي علي بن الشيخ هشام أبي جعفر الطوسي و يحتمل اتحاده مع سابقه بأن تكون النسبة هنا إلى الحد (2). وأطراه السيد محسن الأمين في موسوعته قائلاً : ثقة عين قاله منتجب الدين ، وفي نسخة ابن همام لكن يظهر ما يأتي عن الآمل أن الذي في نسخته ابن هشام وفي مشيخة مستدركات الوسائل الشيخ أبو محمد الياس بن محمد بن هشام الحائري العالم الفاضل الجليل يروي عنه الشيخ أبو محمد عربي بن مسافر العبادي الحلي ويروي هو عن الشيخ أبي الحسن بن شیخ الطائفة أبي جعفر محمد الطوسي ، وفي بعض اجازات أصحابنا وصف الياس ابن هشام الحائري بالفقيه وفي بعضها أنه يروي أيضاً السيد الموفق أبي طالب بن مهدي السليقى العلوي عن الشيخ أبي جعفر الطوسي (3) .

وقال عنه السيد علي الطباطبائي في كتابه ( ریاض العلماء ) : جاء في بعض

ص: 233


1- ذکره شيخنا آغا بزرك الطهراني في موسوعه ( الذريعة ) ج 6ص4 ، فقال : السائل الحائرية للشيخ هشام بن الياس الحائري حكاه كذلك الحر في ( أمل الآمل ) عن بعض الاجازات واحتمل أن هشام) هذا هو ابن الشيخ أبي محمد بن الياس بن محمد بن هشام الحائري الذي كان تلميذ الشيخ أبي علي ابن شیخ الطائفة الطوسي .
2- أمل الآمل / الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ج 2 ص 40.
3- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين العاملي ج12 ص 455.

الاجازات أن اسمه الياس بن هشام الحائري فلعل المراد ابنه أيضاً كذا أفادنا أحد تلامذة الشيخ علي الكركي في رسالته المعمولة في ذكر اسامي مشايخ أصحابنا ومنهم الشيخ هشام بن الياس الحائري وهو صاحب المسائل الحائرية وهو تلميذ أبي علي بن الشيخ الطوسي توفي في حدود عام 490 ه ودفن في الحائر الحسيني (1) .

لقد كان صاحب الترجمة فاضلاً جليلاً ومصنفاً مشهوراً ، اشتهر بغزارة علمه و طول باعه وسعة اطلاعه .

عماد الدين الطوسي

هو عماد الدين محمد بن علي بن حمزة الطوسي المكنى بابن الحمزة . كان فقيهاً عالماً فاضلاً من تلامذة الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي أحد أعلام الأمامية في القرن الخامس الهجري المدفون في وادي أيمن(2) بكربلاء . وقبره مزار معروف . لم يتيسر لنا التعرف على تاريخ مولده ووفاته بالضبط . ومن مصنفاته المعروفة ( الوسيلة ) في الفقه و ( الرابع في الشرایع ) و ( المثالب والمناقب ) وفيه بعض المعجزات الغريبة . وقد ورد ذكره في كتاب ( فلك النجاة ) ما نصه : محمد بن علي بن حمزة الطوسي قبره في كربلاء خارج البلدو هو من تلامذة محمد بن الحسن الطوسي(3)وجاء في ( الكنى والألقاب ) انه عماد الدين محمد بن علي بن محمد الطوسي المشهدي ، فقیه عالم فاضل وله تصانیف ونوه

ص: 234


1- ریاض العلماء / للسيد علي الطباطبائي ( طبع حجري ) .
2- كان هذا الوادي مقبرة واسعة موقعه في باب طويريج بكربلاء ، وقد سعى بتجديد المقبرة السلطان ناصر الدین شاه القاجاري عند تشرفه كربلاء سنة 1287ه وبقيت مدفناً حتى سنة 1325م ، وبعد هذا التاريخ ادخلت ضمن المدينة بنية توسيع الشارع.
3- فلك النجاة / للسيد محمد مهدي القزويني .

عنه في الحاشية أنه غير الشيخ الإمام العلامة نصير الدين عبد الله بن حمزة الطوسي المشهدي الثقة الفقيه الجليل(1) وفي كتاب ( أمل الآمل ) : الشيخ الإمام عماد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي فقيه عالم و اعظله تصانیف منها الوسيلة ، الواسطة ، الرایع في الشرایع ، مسائل في الفقه قال منتخب الدين(2).

وله ترجمة في كتاب ( مدينة الحسين ) ج 2 ص 118 وغيرها من كتب السير والتواريخ .

القرن السادس الهجري : السيد أحمد بن ابراهيم الموسوي

شخصية لامعة ، ذكرها السيد محسن الأمين في موسوعته فقال : الشريف أبو جعفر أحمد بن ابراهيم العلوي الموسوي النقيب بالحائر على ساكنه السلام . في جمال الأسبوع في عمل ليلة السبت عمل وصلاة للفرج عن المسجون مروي عن الإمام الكاظم عليه السلام ثم قال : ذكر رواية بهذه الصلاة والدعاء ليلة السبت بشرح وتفصيل و زيادة في دعائها الجميل وجدناها في كتب أمثالها من العبادات مروية عن مولانا موسی بن جعفر الكاظم عليه أفضل الصلاة وهذا لفظها حدثنا الشريف أبو جعفر أحمد بن ابراهيم العلوي الموسوي النقيب بالحائر على ساكنه السلام قال حدثنا أبو الحسين محمد بن الحسن بن اسماعيل الاسكاف يرفعه باسناده إلى الربيع قال استدعاني الرشيد الخبر (3).

ص: 235


1- الكنى والألقاب / للشيخ عباس القمي ج 1 ص 262.
2- أمل الآمل / للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ج 2 ص 285.
3- أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي ج 21 ص 477 و 478.

القرن السابع الهجري : السيد فخار بن معدي الحائري

إحدى شخصيات العالم المعروفة ومن أعلام الفكر الإسلامي في المائة السابعة للهجرة . حظي بمكانة محترمة في الأوساط الكربلائية العلمية آنذاك . فهو النسابة العالم المحدث السيد شمس الدين علي بن فخار بن معد بن فخار بن معد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي الغنائم بن الحسين الموسوي من سلالة السيد ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسی بن جعفر عليه السلام . جاء في عمدة الطالب : فخار بن معد الموسوي السيد السعيد العلامة المرتضى إمام الأدباء والنساب والفقهاء شمس الدین صاحب ( الشرایع ) وهو يروي عن محمد بن ادريس وعن ابن شهر آشوب المازندراني أو شاذان بن جبريل القمي مات سنة ثلاثين وأربعمائة ( نظام الأقوال )(1). وكان أحد أقطاب العلم والفضل، حلقة فريدة في الحديث والرواية والنسب و الرجال ومن أعيان الشعراء والأدباء وأكابر الفقهاء في عصره. قال فيه تاج الدين ابن زهرة الحسيني : وبیت فخار في الحلة و منهم شمس الدين النسابة السيد الفاضل الدين الفقيه الأديب الشاعر المؤرخ كان سيدة جليلاً فقيهاً نبيلاً نسابة عالماً بالأصول والفروع متورعاً دیناً مؤرخاً صادقاً أميناً (2). ومن شعره قوله :

سأغسل أشعاري الحسان و أهجرال *** قوافي وأفلي ما حييت القوافيا

وألوي عن الآداب عنقي وأعتذر *** لها بعد حتماً ما أرى القوم قاليا

ص: 236


1- عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب | عن هامش الأصل : للسيد أحمد الداودي ص 216 (طبع النجف ).
2- غاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار / ابن زمرة الحسيني نقيب حلب ص 88 ( طبع النجف ).

فاني أرى الآداب يا أم مالك *** تزيد الفتي مما يروم تنائيا (1)

ومن أشهر تصانيف السيد فخار كتابه ( الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ) المطبوع سنة 1351 ه دحض فيه آراء المتطرفين الذين ذهبوا إلى تكفير أبي طالب ، وقد أثبت فيه بأن أبا طالب قد مات وهو يؤمن بالإسلام إيماناً عميقاً لا شائبة فيه ، إذ كانت مواقفه المشرفة في الدفاع عن ابن أخيه محمد بن عبد الله صلی الله علیه وآله وسلم تعد من مآثره التي خلدته على مر العصور .

تعرض لذكره جمع من المؤرخين منهم في ( الفوائد الرضوية ) ص 346 و ( تجارب السلف ) ص 336 و ( أمل الآمل ) ج 2 ص 214 و (دائرة المعارف الاسلامية ) لعبد العزيز الجواهري (فارسي) ج 1 ص 187 و (مستدرك الوسائل) للشيخ النوري ص 479 و ( أعلام العرب ) لعبد الصاحب الدجيلي ج 3 ص 25 وغيرهم .

القرن الثامن الهجري

عز الدين الحسيني العبدلي الحائري

كان أحد أعلام کربلاء في القرن الثامن الهجري . وردت ترجمته في كتاب ( تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب ) لابن الفوطي وهذا نصها:

عز الدين أبو عبد الله الحسين بن سعد الله بن حمزة بن سعد الله بن أبي السعادات الحسيني العبدلي من سكان المشهد الحائري على حاله أفضل السلام والتحية . رأيته بتبریز سنة سبع وسبعمائة وهو من التجار الذين يترددون إلى بلاد الشام وهو شریف النفس(2).

ص: 237


1- روضات الجنات / للسيد محمد باقر الخونساري ج 5 ص 509.
2- تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب / لاين الفوطي - تحقيق الدكتور مصطفی جواد - القسم الأول ج 4 ص 121.

الشيخ أبو طالب ابن دريد الحائري

هو الشيخ أبو طالب ابراهيم بن سيفي بن ابراهيم بن علي بن دريد الحائري من علماء عصر فخر المحققين وقد كتبت الجزء الأول من مختلف العلامة لنفسه في الحائر الشريف وفرغ من تعليقه لنفسه في عاشر ربيع الأول سنة 774مر أيته في كتب السيد محمد الطباطبائي اليزدي(1).

السيد عبد الحميد بن فخار الحائري

هو السيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار بن أحمد الموسوي من مشايخ الشيخ السعيد أبي عبد الله محمد بن مكي الشهيد سنة 786 ه وهو مروي عن والده الأجل السيد فخار بن معد الموسوي كذا عن شيخنا في الخاتمة ثامن مشايخ الشهيد لكنه سهو من قلمة الشريف لأن السيد تاج الدین معية الذي هو من مشايخ الشهيد يروي عن ولد صاحب الترجمة هو السيد علم الدین المرتضی علی بن عبد الحميد بن فخار فكيف يروي الشهيد عن الوالد مع رواية شيخه عن الولد و بالجملة صاحب الترجمة من المائة السابعة كوالده السيد فخار الذي توفي سنة 630 ه (2) وترجم له الشيخ محمد بن الحر العاملي في كتابه ( أمل الآمل ) ج 2 ص 155 والسيد محسن الأمين في ( أعيان الشيعة ) ج 37 ص 155 وغيرهم.

الشيخ علي بن الحسن الحائري

الشيخ علي بن الحسن الحائري له حواش نافعة مفيدة على منهاج الوصول إلى

ص: 238


1- الحقائق الراهنة في تراجم أعيان المائة الثامنة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ( مخطوط ) ص 10.
2- الحقائق الراهنة ( مخطوط ) ص 57.

علم الأصول للقاضي البيضاوي كتبها على هامش النسخة التي كتبها بنفسه سنة 777ه الموجودة في المدرسة الفاضلية بالمشهد الرضوي وله أيضاً حواشي على تهذیب الوصول للعلامة كتبها بخطه على النسخة التي كتبها أيضا بخطه في سنة 777ه و قابلها وقرأها على شيخه الشيخ علي بن عبد الجليل الحائري و كتب الأستاذ المذكور القراءة والبلاغ بخطه على النسخة 778ه وهي في المدرسة الفاضلية والظاهر أنه غير ابن الخازن المشهور بهذا العنوان(1).

الشيخ علي بن الخازن الحائري

كان أحد أعلام القرن الثامن الهجري ، وكان على جانب عظيم من الفضل والورع والتقى والصلاح . ذكره صاحب روضات الجنات فقال : كان رحمه الله من المحققين الفضلاء حاله في الفضل والنبالة والعلم والفقه والفصاحة والأدب والإنشاء معلوماً معروفاً عند العامة والخاصة و كفاه فخراً تتلمذ على شيخنا الشهيد الأول و أجازه(2) وقال فيه صاحب كتاب ( فوائد الرضوية ) : علي بن الخازن الحائري زين الدين أبو الحسن فتيه فاضل عائم كامل أستاذ الشيخ أحمد ابن فهد الحلي تلميذ الشيخ الشهيد . قال شيخنا الشهيد في اجازته له ولما كان المولى الشيخ العالم التقي الورع المحصل القائم بأعباء العلوم الفائق أولي الفضل والفهوم زين الدين أبو الحسن علي بن المرحوم السعيد الصدر الكبير العالم عز الدين ابن محمد ابن المرحوم المغفور سيدنا الإمام شمس الدين محمد الخازن بالحضرة الشريفة المقدسة(3).

وتعرض لذكره شيخنا آغا بزرك الطهراني فقال : الشيخ زين الدين أبو الحسن

ص: 239


1- الحقائق الراهنة ( مخطوط ) ص 80.
2- روضات الجنات للسيد محمد باقر الخونساري ج 5 ص 118.
3- فوائد الرضوية في احوالات العلماء الجعفرية / للشيخ عباس القمي ص 290.

علي بن الخازن الحائري كما يعبر به في بعض الاجازات هكذا و مر بعنوان علي بن الحسين بن محمد الخازن (1)كما تطرق إلى ترجمته السيد محمد حسن آل طعمة في كتابه ( مدينة الحسين ) فقال : ومن جملة الذين يروى عنه هذا الشيخ الجليل هو العلامة الهمام أحمد بن فهد الحلي الذي أخذ منه الاجازة بالرواية في سنة 791ه في الحائر الحسيني توفي علي بن الخازن الحائري كما في بعض النسخ سنة 793ه (2). هذا وقد دونت ترجمة الشيخ علي بن الخازن في الكثير من كتب المراجع نخص بالذكر منها : الكنى والألقاب ج 1 ص 273 وهدية الأحباب ص 56 وروضات الجنات ج 4 ص 118 وروضة البهية ص 110 وريحانة الأدب ج 5 ص 321 و أمل الآمل ج 2 ص 186 وغيرها .

الشيخ علي بن عبد الجليل الحائري

من علماء عصره وقد قرأ عليه تلميذه الشيخ علي بن الحسن الحائري تهذيب الوصول إلى علم الأصول للعلامة الحلي الذي كتبه لتلميذه سنة 777ه و کتب صاحب الترجمة بخطه شهادة القراءة والبلاغ على النسخة في 778ه وهي في مدرسة الفاضلية (3) .

الشيخ جلال الدين محمد الحائري

الشيخ جلال الدين محمد بن الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد الكوفي الهاشمي الحائري من مشايخ السعيد أبي عبد الله محمد بن مكي الشهيد في 786 ه(4) .

ص: 240


1- الحقائق الراهنة ( مخطوط ) ص 82.
2- مدينة الحسين / محمد حسن الكليدار آل طعمة ج 2 ص 138 و 139.
3- الحقائق الراهنة ( مخطوط ) ص 82.
4- الحقائق الراهنة ( مخطوط ) ص 101.

القرن التاسع الهجري

الشيخ أحمد بن فهد الحلي

قلنا ان الحركة العلمية في الحلة الفيحاء كانت في أوج عظمتها ، وما أن لبثت أن انتقلت في منتصف القرن التاسع إلى كربلاء ، بسبب هجرة الزعيم الديني المجاهد الشيخ أحمد بن محمد بن فهد الحلي اليها . فقد تبنى الحركة العلمية في هذا البلد ، وازدهرت المعاهد الدينية في عهده ، حيث أخذ يرتادها أعلام الفكر ورجالات الأدب و رسل الثقافة من كل حدب وصوب ، فزخرت بهم مدينة الحسين ، واكتظت جوامعها و مدارسها وقاعات الدرس فيها

. وراح اولئك الطلاب يتلقون ما يطرحه الفقهاء من آراء وأفكار وأبحاث ويحتدم النقاش ويدور الجدل حول المسائل الفقهية . وبالاضافة إلى مجد كربلاء الثقافي العالمي في مختلف المجالات الفكرية ، فقد ثبتت لنفسها مجداً جديداً ، وأنجبت رهطاً آخر من ذوي العقول النيرة والمواهب الخلاقة . ويعد ابن فهد الحلي من أشهر فقهاء القرن الثامن والتاسع الهجري ومحدثيهم . ولد الشيخ جمال الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن فهد الحلي الأسدي سنة 757ه و توفي بكربلاء سنة 891ه ، ودفن في المكان المعروف ببستان النقيب ، و مرقده یزار . ذكره جمع من المؤرخين و المصنفین ، فقال صاحب ( روضات الجنات ) : هو الشيخ العامل العارف و کاشف أسرار الفضائل جمال الدين أبو العباس أحمد بن شمس الدین محمد بن فهد الحلي الساكن بالحلة السيفية والحائر الشريف حیا و میتا . وله من الاشتهار بالفضل والاتقان و الذود والعرفان والزهد والأخلاق والخوف و الاشفاق جمع ب ين المعقول والمنقول والفروع والأصول والقشر واللب واللفظ والمعنى والظاهر والباطن والعلم والعمل بأحسن ما كان يجمع . أجازه العلامة علي بن الخازن في الحائر الحسيني سنة 791ه ودفن في الحائر وقبره ظاهر خلف الميم الحسيني في بستان يعرف ببستان النقيب (1) . وما دمنا نسوق أقوال المؤرخين،

( تراث کربلاء م - 16)

ص: 241


1- روضات الجنات | للسيد محمد باقر الخونساري ج 1 ص 166.

فليس من العدل أن نغفل رأي العلامة الجليل السيد محسن الأمين حيث قال : ولد سنة 756 أو 757 وتوفي سنة 841 عن 85 سنة ودفن بكربلاء بالقرب من مخيم سيد الشهداء عليه السلام في بستان هناك تسمية العامة ببستان أبو الفهد وقبره مزار متبرك به وعليه قبة وقيل ان عمره 58 سنة والظاهر أنه اشتباه محمل الخمس خمسين و الثانية ثمانين والله أعلم (1)ثم يستشهد المحسن الأمين بأقوال العلماء فيه معتمدة على عدد من كتب من تقدمه من المؤرخين ، ويعدد مشايخه وتلامذته و أسماء مصنفاته بصورة مسهبة .

وممن ذكره أيضاً الشيخ عباس القمي فقال : يروى عن الشيخ الأجل علي بن هلال الجزائري وهو يروي عن جماعة من أجلاء تلامذة الشهيد الأول وفخر المحققين كالفاضل المقداد والشيخ علي بن الخازن الفقيه والعلامة التحرير بهاء الدين ابن حسن بن محمد بن ادریس بن فهد المقري الاحسائي و كان معاصراً لابن فهد الحلي ، ويروي كل منها عن ابن المتوج البحراني و من غريب الاتقان أن لكل منها شرح على الارشاد(2).

يقع مرقده في شارع الإمام الحسين ، و مرقده وسط جامع فسيح ذي طابقين، تتوسطه قبة من القاشاني البديع الصنع . وفي داخله صندوق خشي مزرکش و مبرقع بالطنافس الحريرية .

ان هناك الكثير من المصادر التي تناولت شخصية العالم الفن الشيخ أحمد بن فهد الحلي ، فهو موضع تقدير أرباب العلم والمعرفة . وان سيرة حياته مأثرة علية حافلة بكل طارف وتليد .

ص: 242


1- أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين ج 10 ص 86.
2- الكنى والألقاب / للشيخ عباس القمي ج 1 ص 375.

الشيخ ابراهيم الكفعمي

من مشاهير الفقهاء الإمامية وثقاتهم في القرن التاسع الهجري جمع بين العلم والأدب والفقه والحديث و الزهد والتقوى . طفحت صفحات المهاجم باطرانه والثناء عليه ، فهو من أساطين العلم الذين نشأوا بكربلاء ودفنوا فيها . هو الشيخ تقي الدين ابراهيم بن على بن الحسين بن محمد بن صالح بن اسماعيل الحارثي العاملي الكفعمي ، وفي آخر المصباح ابراهيم بن علي بن حسن بن صالح ، وفي آخر حياة الأرواح ابراهيم بن علي بن حسن بن محمد بن اسماعيل ولد سنة 840 ه كما استفيد من أرجوزة له في علم البديع ذكر فيها أنه نظمها وهو في سن الثلاثين وكان الفراغ من الأرجوزة سنة 870 و كانت ولادته بقرية كفر عيا من جبل عامل وتوفي في القرية المذكورة ودفن بها و تاریخ وفاته مجهول (1)، وقال فيه الخونساري : هو العالم العادل الورع الأمين والثقة الأديب الماهر المتفنن .. الخ (2) .

وقال المامقاني : هو من مشاهير الفضلاء والمحدثين والصلحاء والمتورعين و كان بين زماني الشهيدين رحمة الله عليهما، ووصفه في فهرست الوسائل بالورع وعدالته لا تحتاج إلى بيان .. الخ (3) .

وذكره الشيخ الحر العاملي بعد سرد نسبه قائلاً : كان ثقة فاضلاً أديباً شاعراً عابداً زاهداً ورعاً له کتب منها المصباح وهو الجنة الواقية و الجنة الثانية ، وهو كبير كثير الفوائد تاريخ تصنيفه سنة 895 ه وله مختصر منه لطيف وله كتاب البلد الأمين في العبادات أيضاً أكبر من المصباح وفيه شرح الصحيفة أوله: کتاب المع البرق في معرفة الفرق ، وله شعر كثير ورسائل متعددة (4).

ص: 243


1- أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين ج 5 ص 284.
2- روضات الجنات / للسيد محمد باقر الخونساري ج 1 ص 7.
3- تنقیح المقال للمامقاني ج 1 ص 27.
4- أمل الآمل / للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ج 1 ص 28.

وللشيخ الكفعمي أخ عالم جليل هو جمال الدين أحمد بن علي مات في حياة أخيه له کتاب زبدة البيان في عمل شهر رمضان ينقل عنه أخوه في بلد الأمين وغيره . و (الكفعمي) نسبة إلى كفعم كزمزم قرية من قرى جبل عامل (1).

وقال فيه صاحب كتاب ( منتخب التواریخ ) : الشيخ ابراهيم بن علي بن حسن العاملي الكفعمي صاحب كتاب البلد الأمين والمصباح وغيرهما ، تاریخ ولادته مجهول ووفاته سنة 895ه ويحتمل أن يكون قبره في كربلاء (2). توفي الكفعمي في كربلاء سنة 900 ه. كما تنص بعض الروايات ودفن في وادي أيمن بكربلاء و كان قبره ظاهراً .

ويقول صاحب الأعيان: قد سكن كربلاء مدة وعمل لنفسه أزجاً بها بارض تسمى عقير وأوصى أن يدفن فيه كما يظهر ما يأتي ثم عاد إلى جبل عامل وتوفي فيها ولم يذكر أحد ممن ترجمه من الأوائل تاریخ ولادته ووفاته .. الخ (3) .

أما تأليفه فهي أشهر من أن تعد ، فقد بلغت 48 كتاباً أشهرها كتاب المصباح وهو الجنة الواقية و الجنة الثانية وقد فرغ من تأليفه سنة 895 م إضافة إلى رسائل و حواشي على بعض الكتب . كان واسع الاطلاع طويل الباع في الأدب ، سريع البديهة في الشعر والنثر كما يظهر من مصنفاته ، خصوصاً من شرح بديعته حسن الخط ، وجدت بخطه کتاب دروس الشهيد قدس سره فرغ من کتابته سنة 850 ه وعليه قراءته وبعض الحواشي الدالة على فضله ورأيت بعض الكتب بخطه في بعض خزائن الكتب في كربلاء سنة 1353 ه (4) .

ص: 244


1- الكنى والألقاب / للشيخ عباس القمي ج 2 ص 101.
2- منتخب التواریخ / للحاج محمد هاشم الخراساني (فارسي) ص 312.
3- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 5 ص 287.
4- المصدر السابق ج 5 ص 288.

وللشيخ الكفعمي قصيدة يوصي فيها أهله بدفنه في الحائر المقدّس بارض تسمى عقيراً فيقول :

سألتكم بالله أن تدفنوني *** إذا مت في قبر بأرض عقيرِ

فإني به جار الشهيد بكربلاء *** سليل رسول الله خير مجير

فإني به في حفرتي غير خائف *** بلا مرية من منكر ونكير

أمنت به في موقفي وقيامتي *** إذا الناس خافوا من لظى و سعير

فإني رأيت العرب يحمي نزيلها *** ومنعه من أن يصاب بضير

فكيف بسيط المصطفي أن يذود *** من بحائره ثاوٍ بغیر نصير

وعار على حامي الحمى و هو في الحمى *** إذا ضل في البيدا عقال بعير(1)

وأورد له الشيخ الحر العاملي أبياتاً لم تدون في المصادر الاخرى وهي :

إلهي لك الحمد الذي لا نهاية *** له ويرى كل الأحايين باقيا

على أن رزقت العبد منك هداية *** أتاحته تخليصاً من الكفر واقيا

إلهي فاجعلني مطيعاً أجرته *** وان لم اكن فارحم من جاء عاصيا

بعثت الأماني نحو جودك سيدي ***برد الأماني العاطلات حواليا (2)

وله أرجوزة تنيف على مائة وثلاثين بيتا في الأيام المستحب صومها وقد أوردها في المصباح . كما أن له قصيدة في مدح الإمام أمير المؤمنين علي علیه السلام ووصف الغدير تبلغ مائة وتسعين بيتاً ويظهر من آخرها انه عملها في الحائر الحسيني على مشرفه السلام وقد أوردها في المصباح أيضاً.

ان هذا العالم الأديب هو من أولئك الأفذاذ الموهوبين الذين تر کوا صدیّ قوياً في مسمع الزمن .

ص: 245


1- المصدر السابق ج 5 ص 296.
2- أمل الآمل / للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ج 2 ص 28 و 29.

السيد حسين بن مساعد الحائري

هو السيد عز الدين حسين بن مساعد بن الحسن بن مخزوم بن أبي القاسم بن أبي عبد الله الحسين بن محمد بن عيسى الحسيني الحائري . هكذا كتب نسبه بخطه في هامش نسخة الأصل من كتاب ( عمدة الطالب ) التي نسخها في 29 ربيع الأول سنة 893 ه وله عليها حواشي بخطه إلى تاريخ سنة 917ه . والمترجم له عالم فذ وأديب ضليع قوي الحجة واسع الاطلاع ، ورع تقي له باع طويل في النسب ، وقد عمل عدة مشجرات بخط يده لأسر کربلاء العلوية القديمة . و من آثاره مصنفه ( تحفة الأبرار في مناقب أبي الأئمة الأطهار ) (1). وهو ينحدر من سلالة علوية قديمة تعرف ب ( آل طوغان ) الحسينيين . ذكرها صاحب كتاب ( مدينة الحسين ) فقال : وآل طوغان من المخزوميين الحسينيين ومنهم العالم الفاضل النسابة حسين بن مساعد العيسوي الطوغاني الحسيني من سلالة عیسی بن زید الشهيد حفيد الإمام السجاد عليه السلام و باسمهم سمیت محلة (آل عيسى) في كربلاء (2)توفي سنة 910 ه ، و أرخ وفاته الشيخ محمد الساري في أرجوزته بقوله :

ثم الحسين بن مساعد الأبي *** وجامع الأخبار بعد النسب

الموسوي الحائري قد مضى *** لربه بها فأرخه ( قضى )

910 ه

وكان شاعراً مجيداً ، سريع البديهة ، حسن الاسلوب . وقفت على بعض شعره الذي أورده صاحب أعيان الشيعة ، ومنه قصيدة في مدح أهل البيت ورثاء الإمام الشهيد الحسين علیه السلام نقتطف منها هذه الأبيات :

مصاب رسول الله في آله الألى *** تقاصر زید عن علاهم كذا عمرو

ص: 246


1- الذريعة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 2 ص 405.
2- مدينة الحسين / محمد حسن الكليدار آل طعمة ج 1 ص 68.

أئمة هذا الخلق بعد نبيهم *** بناة العلى قد طاب من ذكرهم ذکر

هم التين والزيتونم شافعوا الوری *** هم السادة الأطهار والشفع والوتر

هم مهبط الوحي الشريف وهم غدا *** مقاة الزلال العذب من ضمه الحشر(1)

وله من قصيدة أخرى يقول فيها :

قلبي لطول بعادكم يتفطر *** و مدامعي لفراقك تتفطر

و إذا مررت على معاهدكم ولا *** الفي بها من بعدكم من يخبر

هاجت بلابل خاطري ووقفت في *** أرجائها ودموع عيني تهمر

غدر الزمان بنا ففرق شملنا *** والغدر طبع فيه لا يتغير (2)

ان تاريخ حياة هذا الرجل حافلة بالأخبار والآثار و جلائل الأعمال ، وقد تعرضت لذكره كتب الأسفار والمعاجم الكثيرة .

القرن العاشر الهجري

فضولي البغدادي

من أشهر شعراء الترك ، عراقي اسمه محمد بن سليمان البغدادي (3) فهو أحد أدباء المتصوفة في القرن العاشر الهجري ، برع في نظم الشعر التركي والفارسي والعربي ، وكان يميل إلى التقشف والزهد والتصوف . وقد اختلف الرواة في أصله فمنهم من ينسبه إلى قبيلة ( بیات ) التي استوطنت العراق قديماً، وهي بطن من أغز قبيلة من الترك وهم التركمانية . وادعي آخر انه ينتمي إلى الكرد،

ص: 247


1- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 27 ص 212.
2- المصدر السابق ج 27 ص 212 و213.
3- تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاري ج 3 ص 370، ج 4 ص 98 _103.

وخصه ثالث بكرد آذربيجان . أما تاریخ مولده و محل الولادة فهو موضع اختلاف الرواة أيضاً . جاء في مقدمة ديوانه ( مطلع الاعتقاد ) المطبوع في باكو من قبل اكاديمية العلوم في آذربيجان السوفياتية الاشتراكية ما نصه : ( ولد محمد بن سلمان فضولي في مدينة كربلاء في عام 1498 میلادي وعهدي البغدادي معاصر وصاحب فضولي ) (1). ويؤكد ذلك الشيخ محمد حرز الدين في ترجمته التي عنوانها (فضولي الحائري) (894 - 963ه)بقوله : و تاریخ ولادته كما وقفنا عليه انه ولد في العشرة الأخيرة من القرن التاسع عشر للهجرة النبوية حدود سنة 894 ویؤثر عنه انه أقام ببغداد مدة ثم في كربلاء - الحائر الحسيني - حتى آخر لحظة من عمره (2). وما اختلف الرواة في أصله و مولده ، فقد اختلفوا في تاريخ وفاته ، فمن قائل سنة 963 ه و آخر سنة 966 ه و آخر 966ه و 970 ه ، بيد ان الأصح هو ان فضولي توفي سنة 963 ه/ 1555 م بمرض الطاعون الذي انتشر في كربلاء آنذاك واستفحل داؤه ودفن إلى جانب مرقد الدرويش عبد المؤمن دده شيخ الطريقة اليكتاشیه مقابل باب قبلة سيدنا الحسين علیه السلام في كربلاء و اعقب ولده الشاعر فضلي .

فضلي بن فضولي

كان أحد أفاضل الأدباء في أواخر القرن العاشر الهجري ، ترعرع في أحضان الفضل والأدب ، وكان أديباً رقيق الطبع، مليح السبك، عذب اللفظ ، برع في النظم بالتركية والفارسية والعربية ، لقبه معاصره روحي البغدادي ( مؤرخ الكون ). وذكره عباس العزاوي قائلاً: فضلى هذا این سابقه و نعته عهدي البغدادي بقوله صافي الذهن مستقيم الذكاء والطبع ، لا يزال مشغولاً في علوم الظاهر معتزلاً في زاوية بقناعة تامة أخذ بنواحي الشعر في اللغات الثلاث

ص: 248


1- مطلع الاعتقاد (باکو 1958 م) مصدر الكتاب حميد أرسلي .
2- معارف الرجال / محمد حرز الدین ج 2 ص 212.

وله مهارة في المعمى ، وقدرة معجزة التواريخ ، وأبيات عشقية فريدة جاذبة آخذة بجامع القلوب ، وأورد له أمثلة لا محل لايرادها . والمفهوم انه لا يزال حياً عند تحرير التذكرة ( كلشن شعراء ) ومن تذكرة عهدي البغدادي و تاریخ بناء الجامع (كذا) المرادية سنة 978 ه انه لا يزال حياً إلى هذه السنة و الملحوظ انه بقي إلى ما بعد وفاة عهدي البغدادي . والتراجم قليلة في بيان أحواله ، وقد تحرينا مراجع عديدة فلم نظفر ببغية في تاريخ وفاته(1).

ويغلب على الظن أن الشاعر فضلي مات بعد سنة 1014 ه (2) ، ودفن مع والده في مقبرة الدرويش عبد المؤمن دده .

كلامي ( جهان دده )

وهو أحد أدباء هذا القرن ، شاعر متصوف عرف بفصاحة اللسان وبلاغة المنطق عاصر جمعاً من أدباء المتصوفة كروحي البغدادي و محيطي و فضولي وفضلي ، وبرع في النظم بالتركية والفارسية والعربية . كان في الخانقاه التي تعرف ب ( تكية البكتاشية ) ، ذكره عباس العزاوي قائلاً : کلامي كربلائي شاعر صوفي كان في الخانقاه في مشهد الحسين (رض) نزعت نفسه إلى العالم و مشاهدة الأقطار يعرف ب ( جهان دده ) (3) .

ورأيت في بعض الوثائق الرسمية الكربلائية ختمه باسم ( كليم جهان دده المؤرخ سنة 1006 م ) .

ومهما يكن من أمر فقد كان كلامي من أعلام الفكر و أرباب البيان .

ص: 249


1- تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاوي ج 4 ص 103.
2- فضولي البغدادي / للدكتور حسين علي محفوظ ص 38.
3- تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاوي ج 4 ص 137.

السيد ولي الحسيني الحائري

فاضل جلیل خلدته آثاره ، وهو من أهل القرن العاشر الهجري الذين لمع ذكرهم في سماء الفكر . ذكره شيخنا صاحب الذريعة بقوله : السيد ولي بن السيد نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري صاحب کتاب کنز الطالب فرغ منه سنة 981 ه وله أيضاً مجمع البحرين ومنهاج الحق و تحفة الملوك المصرح فيه بأنه مجاور الحائر . نسخة منه عند المولى حسن يوسف بكربلاء . كما صرح بمجاورته أيضاً في كتابه مصباح الزائرين في فضل زيارة خامس آل العبا بالفارسية ، وقد الفه باسم الشاه طهماسب، وترجمه في الآمل وقال كان عالماً فاضلاً صالحاً محدثاً ولم يذكر عصره وله أيضاً درر الطالب في مناقب علي بن أبي طالب ينقل عنه المير محمد أشرف في فضائل السادات ومؤلف الدمعة الساكبة (1) . وذكره صاحب کتاب ( ريحانة الأدب ) فقال : السيد ولي بن السيد نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري عالم محدث صالح وهو من الأمامية المتأخرين كان من معاصري الشيخ حسين والد الشيخ البهائي والشهيد الثاني له مؤلفات دينية نافعة كثيرة ذكرها صاحب الذريعة (2) .

السيد عبد الحسين بن مساعد

ذكره صاحب ( الذريعة ) بقوله : السيد عبد الحسين بن مساعد بن حسن بن علي بن حسن بن طوغان الحسيني الحائري كتب بخطه شرح مختصر العضدي وفرغ منه في الخميس رابع شهر رمضان 991 ه في مكتبة المرحوم الشيخ علي کاشف الغطاء(3) .

ص: 250


1- احياء الدائر في ماثر القرن العاشر للشيخ آغا بزرك الطهراني (مخطوط) ص 326.
2- ريحانة الأدب / للشيخ محمد علي التبريزي ج 1 ص 311.
3- احياء الدائر (مخطوط) ص 171.

المولى محمد قاسم الكربلائي

المولى محمد قاسم بن تقي بن محمد الكربلائي كتب بخطه منتقى الجمان لصاحب المعالم وفرغ من الكتابة عصر نهار السبت السابع والعشرين من شعبان سنة 1308 وقابله و صححه عن نسخة خط المصنف (1).

القرن الحادي عشر الهجري

المولى شمس الدين الشيرازي

ذكره صاحب الذريعة قائلاً : المولى شمس الدين الشيرازي المتوفي بالري سنة 1035 قرأ عليه ولده المولى القاضي محمد شريف المتخلص بکاشف العلوم الأدبية والمنطق والكلام يظهر من کتاب ولده الموسوم ب ( خزان و بهار ) ان والده صاحب الترجمة كان مجاوراً کربلاء في حدود سنة 1000 ه فهاجر إلى أصفهان سنة 1006 ه ثم إلى مشهد الرضا علیه السلام سنة 1010 ه وبعد ثمانية أشهر رجع إلى أصفهان، وفي سنة 1029ه ذهب إلى الري وبها توفي سنة 1035ه (2).

محمد شریف کاشف

ذكره سيدنا المحسن الأمين فقال: المولى القاضي محمد شريف المتخلص بکاشف این شمس الدين الشيرازي الأصل الكربلائي المولد . ولد في حدود سنة 1001 ه بكربلاء ووالده من شیر از وهاجر والده من كربلاء إلى أصفهان سنة 1006 ه و هو ابن خمس سنين وتشرف معه مشهد الرضا للزيارة سنة 1010 ه ورجع إلى

ص: 251


1- احیاء الدائر (مخطوط) ص 123.
2- الروضة النضرة في علاء المائة الحادية عشرة للشيخ آغا بزرك الطهراني ( مخطوط) ص70.

اصفهان، وفي سنة 1029 ه ذهب والده إلى الري وتوفي بها سنة 1035 قرأ على والده الأدبيات و المنطق والكلام وتولى القضاء من قبل السلطان بأصفهان وحدث عن نفسه أن له خمس عشرة سنة منصوباً للقضاء له من المصنفات ( خزان و بهار ) في الأخلاق والفرج بعد الشدة مرتب بعد المقدمة على أربعة عشر أساساً، الصبر، الرحم ، الأدب ، الطهارة ، العبادة ، اللطف ، اليقين ، العلم ، النصرة ، المروءة، السخاء ، الكرامة ، الهدية . وفي طي كل فيها يذكر حكايات عجيبة وله السراج المنير ، والدرة المكنونة وحواس الباطن ومنشات متفرقة ومن منظوماته ليلى ومجنون ، هفت بیکر ، عباس نامه ، الغزلیات ، القصائد ، الرباعيات، القطعة ، التركيب ، الترجيع (1).

وذكره عمر رضا کحالة قائلاً : محمد شریف کاشف الشيرازي الكربلائي (1001 ه - 000) (1593 م - 000) من القضاة أصله من شیر از ولد بكربلاء قرأ على والده الأدب والمنطق والكلام تولى القضاء من قبل السلطان بأصفهان من مصنفاته الفرج بعد الشدة ، السراج المنير ، الدرة المكنونة ، حواس الباطن(2).

السيد علي الحسيني

السيد علي بن عبد الحسين بن مساعد الحسيني الحائري النسابة قال المولى محمد كاظم الشریف النجفي في حاشية عمدة الطالب : إني رأيت مشجرة نسب السيد ربيع الحائري الذي عمله في سنة 1019 وعليه شهادة صاحب الترجمة بخطه و كذا شهادة السيد مساعد بن محمد الحسيني كما ياتي ومرّ في ( احیاء الداثر) السيد حسین بن مساعد الحسيني(3) .

ص: 252


1- أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين ج 45 ص 222.
2- معجم المؤلفين / عمر رضا کحالة ج 10 ص 67.
3- الروضة النضرة / الشيخ آغا بزرك الطهراني (مخطوط) ص 108.

السيد حسين الحسيني

السيد حسين بن الحسن العسكري الحسيني الحائري رأيت بخطه الدروس للشهيد كتبه في السنة السادسة والعشرين بعد الألف في خزانة الحاج علي محمد النجف آبادي قال في آخره : وقد فرغ من تسوید هذا الكتاب اللطيف الشائق جامع اثار الفوائد من أنواع الحدائق المنسوب إلى المظلوم الشهيد الذي ذمه فائق على ملأ ذوي الفضل المتقدم واللاحق العبد المذنب المسرف الراجي رحمة ربه الغني حسين بن حسن العسكري الحسيني الكربلائي في العشر الآخر من شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين والف عليه تصحیحات بخطه يظهر منها انه من أهل النور والاطلاع وعليه حواشي رمزها م ح ق مد ظله العالي (1) .

الشيخ عباس البلاغي

الشيخ عباس بن محمد علي بن محمد البلاغي العاملي والد الشيخ حسن الذي له کتاب تنقیح المقال وقد ترجم فيه جده الشيخ محمد علي المتوفى سنة 1000 ه(2). الخ . ووالد المترجم له فاضل جليل له احاطة بكثير من العلوم وهو صاحب کتاب ( شرح الكافي ) ، و أرخ وفاته الشيخ محمد السماوي بقوله :

كذا البلاغي محمد العلي *** وشارح الكافي بشرح منجل

أغمد إذ كان حساماً منتفی *** بروضه فارخوار (سیف مضی)

1000 ه

أما نجله الشيخ عباس فقد اقتفى أثر والده في تتبع العلوم ، والارتشاف من مناهل المعرفة .

ص: 253


1- الروضة النضرة (مخطوط) ص 43.
2- الروضة النضرة (مخطوط) ص 78.

السيد مساعد بن محمد الحسيني

السيد مساعد بن محمد الحسيني العالم النسابة كنب شهادة صحة نسب السيد ربيع الحائري في سنة 1019 ه كما ذكره المولى محمد كاظم الشریف النجفي في حاشية عمدة الطالب قال رأيت المشجر الذي عليه شهادته في الحائر سنة 1166ه عند السيد عباس بن حسين من أحفاد السيد ربيع و کتب الشهادة أيضاً معاصره السيد علي بن عبد الحسين بن مساعد (1).

السيد طعمة علم الدين الحائري

كان حياً سنة 1025 ه/ 1616 م

هو السيد طعمة (الثالث) نقيب الاشراف بن السيد علم الدين بن السيد طعمة (الثاني) بن السيد شرف الدین نقيب الاشراف بن السيد طعمة كمال الدين (الأول) من آل فائز الموسوي الحائري (2).

كان السيد طعمة علم الدين هذا حياً سنة 1025 ه في أيام السلطان مراد بن السلطان سليم بن السلطان سليمان القانوني ( 1012 ه - 1026 ه ) وقد شهد احتلال الشاه عباس الصفوي الأول لمدينة بغداد سنة 1033 ه. ولا شك أنه كان من العلماء المتضلعين في المشهد الحسيني ولم نعثر خلال دراستنا لكتب التراجم والسير على ترجمة وافية تشفي الصدور وتنقع غليل القاريء ، غير أن الشيخ أحمد بن الشيخ علي النحوي العالم المبرز في وقته سجل شهادته في وقفية ( فدان السادة ) التي أوقفها السيد طعمة علم الدين المذكور على أولاده الذكور سنة 1025 ه ، وهي المقاطعة الواقعة في ضاحية حي العباس اليوم شمالي كربلاء على بعد كيلو مترين. وكان صاحب الترجمة رئيساً مطاعاً ، يعد من أشهر أعيان

ص: 254


1- الروضة النضرة (مخطوط) ص 156 .
2- الروضة النضرة (مخطوط) ص 135.

وملاكي كربلاء في عصره ، و كان مرجعاً لحل الكثير من القضايا العشائرية ، يقصده الناس من كل صقع ومكان ، فكانت له سطوة وجلالة بالحائر الشريف ، وكانت له بها ضياع و بساتين وعقارات . وإليه ينتسب السادة آل طعمة في كربلاء التي يبلغ تعداد نفوسها زهاء خمسمائة نسمة من الذكور ، و كانت تعرف خلال القرون الغابرة بقبيلة ( آل فائز ).

لم نعثر على تاريخ مولده ، أما تاریخ وفاته فالظاهر أنها بعد عام 1043 ه استناداً لتوقيع نجله المرحوم السيد نعمة الله في وقفية مؤرخة في شهر ذي القعدة الخامس والأربعون بعد الألف، و منه تسلسلت اليوم إلى عدة أفخاذ هي : 1- آل السيد وهاب . 2- آل السيد مصطفي . 3 - آل السيد درويش . 4 - آل السيد جواد . 5- آل السيد محمد ( ويعرف عقبه ببيت الشروفي ).

الشيخ محفوظ السعدي

الشيخ محفوظ بن بدر بن عبد الله بن محفوظ السعدي الكربلائي كتب بخطه من لا يحضر وفرغ من جزئه الأول سنة 1053 ه و فرغ من تمامه نهار الأربعاء من شهر ربيع الآخر سنة 1055 ه وعليه تصحيحاته وآثار قرائته على المشايخ (1).

السيد علي بن محمد الكربلائي

السيد علي بن محمد الكربلائي الموسوي يكنى أبا الحسين كان حياً سنة 1094 ه أحد أدباء كربلاء في القرن الحادي عشر ولد سنة 1094 كان يراسل السيد علي خان (2).

ص: 255


1- الروضة النضرة (مخطوط) ص 131.
2- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 42 ص 33.

القرن الثاني عشر الهجري

السيد نصر الله الحائري

من أبرز اعلام العراق في القرن الثاني عشر الهجري ، فهو علم شامخ من اعلام الفكر الاسلامي ، وجهبذ فذله احاطة شاملة بكثير من العلوم العقلية والنقلية .

استهل دراسته العلمية والأدبية على لفيف من فضلاء عصره ، كما أخذ العلم عنه جماعة كثيرة من أهل الفضل، لذا يعرف بمدرس الطف تارة ومدرس الروضة الحسينية تارة أخرى ، ويكنى بالفائزي نسبة إلى قبيلته العلوية العريقة المعروفة قديماً بآل فائز . فهو السيد نصر الله بن الحسين بن علي الحسيني الموسوي الفائزي الحائري المنتهی نسباً بالسيد ابراهيم المجاب ابن السيد محمد العابد ابن الامام موسی الكاظم عليه السلام الذي استشهد في اسطنبول سنة 1168ه كما في كثير من المراجع. وفي رواية أخرى عام 1158 ه كما ينص على ذلك الشيخ محمد السماوي بقوله(1):

و کالشهيد ذي العلا والجاهِ *** مدرس الحائر نصر اللهِ

نجل الحسين الفائزي المنتمى *** فكم وكم من المرائي نظما

جاهد في نقص الثلاث مفردا *** فأرخوار (استشهد ناصرالهدی)

ذكره السيد محسن الأمين فقال : السيد أبو الفتح عز الدين نصر الله بن الحسين ابن علي الحائري الموسوي الفائزي المدرس في الروضة الحسينية المعروف بالمدرس وفي كلام عبد الله السويدي البغدادي انه يعرف بابن قطه و كذا في نشوة السلافة وفاته : استشهد بقسطنطينية على التشيع سنة 1555 او 53 عن عمر يقارب الخمسين . نسبته : ( للفائزي ) نسبة إلى عشيرته ويسمون آل فائز أو آل أبي الفائز وفيهم يقول المترجم من قصيدة يرثي والدته :

ص: 256


1- مجالي اللطف ارض الطف / للشيخ محمد الساوي ص 76.

كيف لا وهي آل أبي الفائز *** منهدهم به الاقتداء

معشر شاد مجدهم و علاهم *** سید المرسلين والأوصياء

سادة قادة کرام عظام *** علماء أئمة نقباء

لهم أوجه تنير الدياجي *** ما أظلت نظيرها الخضراء

لست تلقى سواهم قط قطباً *** إن أدارت أرجاءها الهيجاء

و ( الحائري ) نسبة إلى الحائر الحسيني و هو کربلاء فانها تسمى الحائر (1)... الخ.

قام مجمع ديوان السيد نصر الله تلميذه الشاعر السيد حسين بن مير رشيد بن قاسم الرضوي الحائري المتوفى سنة 1170ه و کتب مقدمته ، يضم الديوان طائفة من القصائد والمقطعات تناول فيها موضوعات هامة كثيرة واختتم بالبنود . وطبع الديوان ( سنة 1373 ه / 1954 م ) . قال من قصيدة يتفجع فيها للحسين علیه السلام وأولها :

يا بدوراً لم ترض أفق السماء *** کیف غیبت في ثرى كربلاء

یا شموساً في الترب غارت و كانت *** تبهر الخلق بالسنا والسناء

يا جبالاً شواهقاً للمعالي *** کیف وارتك تربة الغبراء

يا بحاراً في عرصة الطف جفت *** بعدما أورت الوری بالعطاء

و منها قوله :

آه لا يطفىء البكاء غليلي *** ولو اني اغترفت من دأماء (2)

كيف يطغي والسبط نصب لعيني *** وهو في كربة و فرط عناء

لست أنساه في الطفوف فريداً *** بعد قتل الأصحاب و الأقرباء

( تراث كربلاء م -17)

ص: 257


1- أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين ج 49 / ص 147 - 166.
2- الداماء : البحر ، كل ما يغمر الانسان ويغطيه من ماء وغيره .

فاذا کرّ فر جيش الأعادي *** وهم كثرة كقطر السماء

كيف لا وهو نجل سم الأعادي *** (أسد الله ) قامع الأدعياء (1)

وقال مهنئاً السيد حسن الكليدار بوروده من الهند في عيد الفطر من قصيدة جاء فيها :

بمقدم مولانا الحسين أخي الرضا *** ونجل الهداة الطاهرين أولي الأمر

هو الماجد السامي الذي عن يمينه *** روی البحر أخبار السماحة للقطر (2)

وقال مهنئاً أستاذه الشيخ علي الشيخ محمد آل قندیل بختان ولده ومطلعها:

يا أيها الأستاذ من مدحه *** إن رمت أحصره لساني يحصر

يا أيها المولى الذي في جوده ***دوح الأماني كل حين يغمر(3)

ان السيد نصر الله الحائري مدرس الطف فقیه عالم أكثر من كونه شاعر ، ونحن إذ نكبر إنسانيته كل الإكبار ونجل عمه وأدبه غاية الإجلال .

الشيخ يوسف البحراني

هو المحدث الكبير الشيخ يوسف بن الشيخ أحمد بن ابراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور بن أحمد بن عبد الحسين بن عطية بن شيبة الدرازي البحراني صاحب كتاب ( الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ) المتولد سنة 1107ه والمتوفي في ربيع الأول سنة 1186 ه. و الدرازي منسوب إلى در از بالدال المهملة المفتوحة والراء الخفضة بعدها الف وزاي من أفاضل علمائنا المتأخرين جيد الذهن معتدل السليقة له باع في الفقه و الحديث و كان على رواية الأخباريين(4).

ص: 258


1- ديوان السيد نصر الله الحائري ص 47 و 48.
2- ديوان السيد نصر الله الحائري ص 105.
3- ديوان السيد نصر الله الحائري ص121.
4- عيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 52، ص 71.

ولد في كربلاء ونشأ بها وولج أندية العلم وحلقات التدريس فتتلمذ على والده الشيخ أحمد ، كما تتلمذ على الشيخ أحمد بن عبد الله بن الحسن بن جمال البلادي البحراني المتوفي سنة 1137ه و المحقق الشيخ حسين المتوفي سنة 1171ه والشيخ عبد الله بن علي بن أحمد البلادي البحراني المتوفى سنة 1148 ه وغيرهم وتلامذته كثيرون . اشتهر ذكره وذاع صيته وصنف ما يقرب من 45 كتاباً أهمها ( الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ) و ( لؤلؤة البحرين في الاجازة القرة العين ) و ( الكشكول ) وغيرها . وكانت وفاته في كربلاء يوم السبت رابع ربيع الأول من عام 1186ه عن عمر ناهز الثمانين ودفن في الحضرة الحسينية جوار قبر الآغا باقر البهبهاني ، ورثاه جمع غفير من الأدباء منهم السيد محمد الشهير بالزيني البغدادي الحائري بقصيدة مطلعها:

ما عذر عيني بالدما لا تذرف *** وحشاشة بلظى الأسى لاتتلف

و أرخ عام وفاته بقوله :

فقضيت واحد ذا الزمان فأرخوا *** (قد حنّ قلب الدین بعدك يوسف)

1186 ه

ذكره جمع غفير من المؤرخين في تصانيفهم .

القرن الثالث عشر الهجري

الآغا باقر البهبهاني

لم تفقد مدينة كربلاء مكانتها العظمى و سيطرتها الدينية والعلمية والأدبية حتى القرن الثاني عشر الهجري ، فقد كانت مركزاً ثابتاً للحضارة ، ونالت القدح المعلي والمكانة السامية وبلغت ذری عزها الشامخ ومجدها السامق وطفحت بأعلام الأمة الإسلامية وأفذاذ المحققين ، وانتعشت حركة الفكر فيها ابان ذلك العصر ، وأخذت الأبصار تشخص إلى المدينة ، حيث برز فيها رعيل من

ص: 259

العلماء للقيام بأداء الرسالة المقدسة ، فقدمت على مسرح الفكر في هذه الحقبة أعني بها القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر شيخ الطائفة الإمامية والأصولية المؤسس الوحيد الآغا باقر بن محمد أكمل البهبهاني . فقد حفلت سيرة هذا المجاهد بالمواهب النادرة والقابليات الفذة .

ذكر الأب انستاس ماري الكرملي بخصوص مدرسة الآغا باقر قائلاً : كان في القرن الثاني عشر للهجرة مدرستان للشيعة في كربلاء تتزاحمان مدرسة الاخبارية ومدرسة الأصولية وكان الرجحان مدرسة الاخبارية حتى بعث الله ذلك المجدد الكبير و المصلح الشهير العلامة المعروف بالآغا باقر البهبهاني نبغ ذلك العبقري في بهبهان إحدى مدن الخليج الفارسي وبعد أن برز فيها هاجر إلى كربلاء فنفخ من روحه الطاهر في مدرسة الأصولية فتزاحمت المدرسة الاخبارية بل أخرجتها من كربلاء والنجف وعلى يد ذلك العلامة تأسست المدرسة الأصولية الكبرى أو دار المعلمين في النجف . وصارت تلك المدينة مدرسة عالية لتلك الطائفة فالنجف اليوم هي مدرسة الآغا باقر البهبهاني وكل من نبغ فيها أوينبغ من العلماء فهم تلاميذ الآغا البهبهاني(1).

ولد في أصفهان سنة 1118ه وقطن برهة في بهبهان ثم انتقل إلى كربلاء في عهد رئاسة الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق وحضر على أركان الملة وأقطاب الشريعة من سدنة المذهب و فحول العلماء ونشر فيها العلم ، فانتهت اليه الزعامة الدينية ورئاسة المذهب الإمامي ، وأخذ عنه علماء ذلك العصر المولى مهدي الراقي و المرزا أبي القاسم القمي و المرزا مهدي الشهرستاني والسيد محسن الأعرجي والشيخ أبي علي الحائري والشيخ الأكبر جعفر صاحب کشف الغطاء والسيد مهدی بحر العلوم وغيرهم .

أجاب داعي ربه في كربلاء سنة 1205ه و كان يوم وفاته مشهوداً ، ودفن

ص: 260


1- مجلة ( لغة العرب )ج 6 س4 ص 330 .

أنه اختص بالأول لمصاهرته به حيث تزوج ببنت خالة الشيخ المذكور ، وقام في الرواق الشرقي من الحضرة الحسينية المعروف باسمه ، وعلى قبره صندوق خشي بديع الصنع . وقد صنف ما يقرب من ستين كتاباً منهاشرحه على المفاتيح للفيض الكاشاني وحواشيه على المدارك و على شرح الارشاد للمحقق الأردبيلي وعلى الوافي والمعالم والتهذيب والمسالك على شرح القواعد و على الرجال الكبير وغيرها . ترجم له في كثير من المصنفات و کتب الرجال والسير أهمها : أعيان الشيعة . الكنى والألقاب . الكرام البررة . روضات الجنات . منتهى المقال . الروضة البهية . فوائد الرضوية . منتخب التواریخ . ريحانة الأدب . معارف الرجال وغيرها .

الأمير السيد علي الكبير

هو الأمير السيد علي الكبير بن منصور بن أبي المعالي محمد بن أحمد نقیب البصرة ابن شمس الدين محمد الباز باز بن شريف الدين محمد بن عبد العزيز بن أبي الحسن علي الرئيس بن محمد بن علي القتيل بن الحسن النقيب بن أبي الفتوح محمد بن الحسن بن عيسى الكريم بن عز الدين عمر المحدث بن تاج الدين أبي الغنائم محمد بن النقيب بن الشريف أبي علي الحسن بن نقیب النقباء محمد التقي السابس ابن النقيب الحسن الفارس بن نقیب النقباء يحيى بن الحسين النسابة بن أحمد بن عمر بن يحيى بن الحسين ذى العبرة بن زید الشهيد بن الإمام السجاد زین العابدين علي بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي

طالب علیه السلام (1) .

كان من مشاهير علماء عصره ، وكان هو ووالدة السيد منصور مؤسسين لهذه الدوحة الشريفة التي قطنت کربلاء من نحو مائتي سنة . وقد تتلمذ على الشيخ آغا باقر البهبهاني و الشيخ يوسف البحراني والسيد نصر الله الفائزي الحائري ، غير

ص: 261


1- اقتبسنا نسبه الشريف من كتاب ( عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ) لأحمد بن مهنا الداو دي ( طبع النجف ص 280).

بأعمال مهمة تدر فوائد جسام وخلف صدقات جارية النفع والثمر في كربلاء وانتشر عقبه في بلاد العجم والعرب . ذكره صاحب الأعيان فقال : توفي في کربلاء سنة 1207ه ودفن عند أبيه السيد منصور بين منارة العبد والرواق الشريف ، وهو غير السيد مير علي الصغير صاحب الرياض و إن كان كل منها ابن أخت الآغا باقر البهبهاني لكن الثاني حسني طباطبائي والأول حسيني . ذكره الآغا أحمد سبط الآغا البهبهاني في رسالته جهان نما وأثنى عليه ووصفه بغاية التقديس والصلاح رأي له عدة تصانيف لم تخرج إلى المبيضة ولم يمكث بعد خاله الآغا البهبهاني إلا قليلاً فلذا لم يشتهر اسمه و اشتهر اسم صاحب الرياض لمكثه كثيرة بعد خاله هكذا يقال والله أعلم بحقيقة الحال ... الخ(1).

ومن ذريته اليوم المرحوم السيد محمد علي هبة الدين الحسيني الشهير بالشهرستاني وأولاده .

السيد مهدي بحر العلوم

هو نجل العالم الفقيه السيد مرتضى ابن محمد بن عبد الكريم بن مراد شاه ابن أسد الله بن جلال الدين بن الأمير ابن الحسن بن مجد الدين بن قوام الدين ابن اسماعيل بن عباد بن أبي المكارم ابن عباد بن أبي المجد بن عباد بن علي ابن حمزة بن أحمد بن ابراهيم (طباطبا) ابن اسماعيل الديباج بن ابراهيم (الغمر ) ابن الحسن المثنى بن الإمام الحسن الزكي ابن سيدنا الإمام علي بن

ص: 262


1- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج42، ص 167.

أبي طالب علیه السلام (1).

كان من أعلام الأمة الإسلامية ، معيناً لا ينضب من العلم ، ولد في كربلاء سنة 1155ه، ومادة تاريخ ولادته ( لنصرة آي الحق قد ولد المهدي ) . اشتهر ببحر العلوم لما يتمتع به من غزارة في العلم ، جامع للعلوم العقلية والنقلية . ترك کربلاء سنة 1169ه قاصداً النجف ليواصل دراسته على أعلام عصره ، وبقي فيها فترة من الزمن ثم عاد إلى مسقط رأسه کربلاء ، وهو على أبواب العقد الثالث وتتلمذ على الأستاد الآغا باقر البهبهاني ، و اغترف من منهله ، وقصد النجف ثانية إلى أن وافاه الأجل المحتوم سنة 1212ه. والسيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي هو رأس هذه الأسرة المعروفة بآل بحر العلوم و مؤسس مجدها علماً و أدباً و فضلاً، استوطنت النجف منذ عهده وبقيت بقية صالحة من هذه الأسرة في كربلاء كان من بينها المرحوم السيد محمد مهدي (2) ابن السيد حسن بحر العلوم الكربلائي ولد سنة 1283ه واشترك في الثورة العربية و استوزر في وزارة عبد الرحمان النقيب وهي الوزارة الأولى للحكم الوطني في العراق . ومنها ولده المرحوم المحامي السيد صالح بحر العلوم .

السيد مهدي الشهرستاني

هو العلامة الكبير السيد مهدي الشهرستاني الموسوي . ولد في أصفهان سنة 1130ه وتوفي بكربلاء يوم 12 صفر سنة 1216ه ودفن في مقبرة خاصة شيدت له ولأسرته في الحضرة الحسينية خلف قبور الشهداء . ذكره صاحب الأعيان فقال : انتقل المترجم في عنفوان شبابه إلى مدينة كربلاء لتلقي العلم فيها ، و ذلك في أواسط القرن الثاني عشر أي بعد استيلاء الأفاغنة على أصفهان و انقراض

ص: 263


1- عمدة الطالب / للسيد أحمد الداودي ص 174 .
2- مشهد الامام / لمحمد علي جعفر التميمي ج 3 ص 53.

الدولة الصفوية وكان معه أهله وأخوانه وأقاربه . واستوطن هذه المدينة و استملك فيها منذ أوائل عام 1188م دوراً وعقارات وفيرة يقع أكثرها في حي ( باب السدرة ) من صحن الإمام الحسين عليه السلام الذي كان يسمی وقتئذ بحلة ( آل عيسى) إحدى محلات کربلاء الأربع حينذاك (1) . ولما استقر به المقام تتلمذ على فحول علماء ذلك العصر كالآغا باقر البهبهاني والشيخ يوسف البحراني والشيخ محمد مهدي الفتوني وروى عنهم واستجازهم فأجازوه .

اشتهر المترجم له في درس التفسير والحديث والفقه واللغة ، وقد تخرج على يديه كثير من العلماء . وقام بإصلاحات كثيرة في الروضة الحسينية والصحن الشريف الحسيني و من جملة تلك الإصلاحات إلحاق الجامع الكبير بالروضة الحسينية . كما بنی جامعاً خارج الصحن قرب باب الصافي . ومن أشهر تصانيفه : الفذالك في شرح المدارك . و كتاب المصابيح في الفقه و بعض الحواشي والرسائل كحاشيته على المفاتيح و تفسير بعض سور القرآن وكلها مخطوطة ، أطلعني عليها حفيد المترجم البحاثة الجليل المرحوم السيد صالح بن السيد ابراهيم الشهرستاني نزیل طهران .

السيد علي الطباطبائي

هو العالم النحرير المير السيد علي الطباطبائي(2) الشهير بصاحب الرياض وينتهي نسبه إلى ابراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط بن الامام علي بن أبي طالب علیه السلام.

ولد في الكاظمية يوم 12 ربیع الأول سنة 1161ه ونشأ في كربلاء ، في

ص: 264


1- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 49 ص 3 و 4.
2- راجع تاريخ ( الطباطبائية ونسبها ) مجلة ( الرشد ) البغدادية ( الجزء 2 السنة الأولى جمادى الآخرة 344 ) ص 44 - 47.

ص: 265

الشهرة (4) شرح صلاة المفاتيح (5) رسالة في أصول الدين و غيرها .

ترجم له عدد كبير من المعنيين بتراجم الرجال .

السيد محمد المجاهد الطباطبائي

من العلماء الأجلاء والفقهاء الأفاضل الذين حظوا على مكانة مرموقة سامية بين رجال عصره ، وتبنوا الزعامة الدينية والرئاسة الروحية في هذا البلد المقدس .

فهو السيد محمد ابن العلامة الكبير السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض و سبط الوحيد البهبهاني وصهر السيد الكبير مهدي بحر العلوم .

ولد في كربلاء عام 1180 ه ونشأ في أسرة لها منزلتها وجلال قدرها بين أسر العلم في التاريخ الاسلامي ، وكان لها تأثير كبير على تطور الفكر العربي بما قدمته له من خدمات جليلة متواصلة في حقلي العلم والدين . درس على علماء أجلاء و أخذ على أساتذة ثقاة ، ولما توفي والده في أصفهان رجع إلى كربلاء فكان المرجع العام لكل الامامية في أطراف الدنيا وقام سوق العالم في كربلاء وصارت الرحلة اليه في طلب العلم من كل البلاد وسكن الكاظمية و كثرت مهاجمة الوهابية لكربلاء وكانت البلدة بوجوده مرجعاً للشيعة (1).

لقد كان معاصرة للسلطان فتح علي شاه القاجاري ، وعندما استولى الروس على بعض المدن الايرانية كدربند و شیروان و سواها من المدن انتدبه السلطان نفسه لمحاربة الروس ، فقاد جيشاً عرمرماً إلا أنه فشل فات اثر ذلك في قزوين ثم نقل رفاته إلى كربلاء ولهذا سمي بالمجاهد وقد أفق بالجهاد ضد الروس .

و من تصانيفه المهمة كتاب « مفاتيح الأصول ، و کتاب و المصابيح في شرح

ص: 266


1- أعيان الشيعة ج46 ص 79.

المفاتيح ، ومناهل الأحكام في الفقه وغيرها من كتب الفقه المخطوطة والمطبوعة. وكان من أصحاب الرأي الناضج والفقه الرصين ، كما أنه كان دؤوباً على العلم والمطالعة . وكانت وفاته في عام 1242 ه بقزوین و حمل نعشه إلى كربلاء ودفن بها وقبره الشريف في سوق التجار الكبير مجاور المدرسة البقعة وكان له أخ اسمه السيد محمد مهدي أصغر منه كان أيضاً عالماً جليلاً أمها بنت الآغا باقر البهبهاني كانت عالمة فقيهة .

الشيخ شريف العلماء

عالم جلیل القدر ، تبوأ مكانة سامية في ميدان العالم، وله شهرة ذائعة الصيت وحياة حافلة حلائل الأعمال ونوادر الأفعال .

فهو المولى محمد شريف بن حسن علي المازندراني الحائري شيخ فقهاء عصره و أستاذ العلماء الفحول ذكره العاملي في ( أعيان الشيعة ) بقوله : ولد في كربلاء و دفن قرب باب القبلة ، شیخ العلماء و مربي الفقهاء و مؤسس علم الأصول و جامع المعقول و المنقول نادرة الدهر وأعجوبة الزمان . قرأ أولا على السيد محمد المجاهد ثم قرأ على والده صاحب الرياض في الأصول والفقه حتى استغني عن الأستاذ ولم يعد ينتفع بدرسه فسافر مع أبيه إلى إيران وساح فيها وبقي في كل بلد شهر أو شهرين فزار الرضا علیه السلام ورجع إلى كربلاء وحضر دوس صاحب الرياض فرأى أنه لا يستفيد من در سه وصار السيد معمرة فاشتغل بالمباحثة والمطالعة واجتمع في در سه الفضلاء حتى زادوا على الألف ، منهم السيد ابراهيم صاحب الضوابط و ملا اسماعيل اليزدي الذي كان في أواخر أمره يرجح على شريف العلماء وبعد موت شريف العلماء صار في مكانه في التدريس لكن لم تطل مدته ومات بعده بسنة و ملا آقا الدربندي و سعيد العلماء البار فروشي والشيخ مرتضی الأنصاري والسيد محمد شفیع الجابلقي صاحب الروضة البهية وغيرهم وكان يدرس در سين أحدهما للمبتدئين والآخر للمنتهين وقلما رأى مثله من تأسيس

ص: 267

قواعد الأصول وفد صرف عمره على تربية العلماء فلهذا كان قليل التصنيف ومصنفاته على قلتها لم تخرج إلى البياض وكان أعجوبة في الحفظ والضبط ودقة النظر وسرعة الإنتقال في المناظرات وطلاقة اللسان ، له يد طولى في علم الجدل وكان له ولد توفي سنة وفاته وانقطع نسله (1) . وكان يقوم في التدريس في الحائر المقدس في المدرسة المعروفة بمدرسة السردار حسن خان وكان يحضر تحت منبره الف من المشتغلين ومنهم المئات من العلماء . توفي في الطاعون الجارف سنة 1246ه (2) ودفن في داره بكربلاء ، وقبره مزار معروف في زقاق گدا على المتفرع من شارع الحسين عليه السلام وإلى جانبه مدرسة شريف العلماء .

ذكرته كتب السير والتراجم منها ( الكرام البررة ) ج 2 ص 619 و 920 و معارف الرجال ج 2 ص 298 و 300.

الشيخ خلف بن عسكر الحائري

هو الشيخ خلف بن الحاج عسكر الزوبعي الحائري من كبار علماء عصره و مشاهير الأعلام . كانت له في كربلاء رئاسة دينية وسمعة طائلة في العلم والفضل وشهرة واسعة في التحقيق والتدقيق . تتلمذ على العلامة السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض ولازمه فترة زمنية طويلة . ورد له ذكر في ( الكرام البررة ) وهذا نصه : وكان من أجلاء المدرسين تخرج عليه كثير من أهل العلم والفضل وكان تخرجه على السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض و عمدة تلمذه عليه فقد لازمه سنين طوال وسبر مؤلفاته الفقهية وواظب على حضور مجالسه الفتوائية حتى أصبح علماً یشار اليه و منهلاً صافياً يرتوي أهل العلم من معارفه و علومه وكان

ص: 268


1- أعيان الشيعة ( 45 : 223).
2- أورد ترجمته الشيخ عباس القمي في ( الكنى والألقاب ) ج 2 ص 331 و 332 وذكر أنه توفي في الحائر المقدس بالطاعون سنة 1245 ، بينما تنص معظم المصادر حدوث الطاعون سنة 1246ه.

إلى جانب ذلك من أهل الورع والصلاح والزهد والتقوى ، توفي في الطاعون سنة 1246ه كما ذكره السيد الصدر في ( التكملة ) نقلاً عن بعض أحفاده...(1) الخ ودفن عند باب السدرة على الدكة في الصحن الحسيني الشريف . وترك آثاراً فكرية قيمة منها: ( شرح الشرائع ) في عدة مجلدات ، و ( الخلاصة ) وهو تلخيص لفتاوی أستاذه صاحب الرياض في الطهارة و الصلاة من شرحه الصغير لخصه في حياته سنة 1228 رله ( ملخص الرياض ) و ( مقدمات الحدائق ) في مجلد فرغ من كتابته سنة 1214ه و ( طهارة الحدائق ).

يرجع نسب الشيخ خلف إلى عشيرة ( الزوبع ) العربية المشهورة . وكانت داره في الشارع الذي يبدأ من باب السدرة وينتهي بمحلة باب السلالمة عند طاق كان يعرف بطاق الشيخ خلف ، وقد هدم اليوم بسبب فتح شارع السدرة ترك ثلاثة أولاد هم 1 - الشيخ حسين وهو من الأجلاء قام مقام والده في الامامة وسائر الوظائف الشرعية توفي في طاعون سنة 1246ه ، وهو والد العالم الشيخ صادق المتوفى سنة 1315ه والشيخ علي. 2 - الشيخ عبد الحسين والد الفاضلين الشيخ باقر والشيخ حسن ،3- الشيخ محمد . ولأولئك أولاد وأحفاد معروفون .

السيد كاظم الرشتي

كان من أبرز علماء کربلاء في عصره أحرز شهرة طائلة ومنزلة رفيعة ، وشهدت له أندية العالم بغزارة علمه وحدة ذكائه ، تتلمذ على الشيخ أحمد الأحسائي المتوفي عام 1242 ه وتأثر بمبادئه و ارائه المخالفة الآراء الأصولية ، وعرف مذهبه ب (الكشفي) أو ( پشت سري) أما مذهب الفرقة الأصولية فيعرف ( البالا سرية) وكانت بين الفريقين خصومات حادة .

ص: 269


1- الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة ( 2: 501 و502)

ذكره الأستاذ عباس العزاوي فقال : توفي السيد كاظم الرشتي في 9 ذي الحجة سنة 1259 ه وعقائد الكشفية هي عقائد الشيخية موسعة في شرح المطالب . وآل الرشتي معروفون في كربلاء وهم من ذرية السيد كاظم (1).

وقال فيه صاحب كتاب ( ريحانة الأدب ) : السيد كاظم بن قاسم الحسيني الگيلاني الرشتي الحائري من علماء أواسط القرن الثالث عشر الهجري ومن أكابر تلامذة الشيخ أحمد الأحسائي ، وبعد وفاة استاذه المذكور تولى المرجعية في جميع الأمور الدينية ، فكان عميداً للطريقة الشيخية ، وله تآليف كثيرة (2) . ذكرت ضمن ترجمته ، وقد ورد له ذكر في كتاب (أحسن الوديعة ) وهذا نصه : السيد كاظم بن قاسم الرشتي صاحب المؤلفات الكثيرة التي لم يفهم أحد ما يقول فيها و كأنه يتكلم بالهندية ، ولا سيما شرح القصيدة والخطبة مشحونة بالألغاز والمحميات خالية عن صريح العبارات والدلائل الساطعات (3) . وذكره مؤلف كتاب (القاموس الإسلامي) بكونه موسوي النسب ، فقال كاظم بن قاسم الحسيني الموسوي الرشتي من فقهاء الشيعة الإمامية لقب بالموسوي نسبة إلى الإمام موسی بن جعفر .. الخ (4). ونحن إذ نختلف مع المؤرخ المذكور في كون الرشتي موسوي ، فهو حسيني النسب .

وذكره خير الدين الزركلي فقال : كاظم بن قاسم الحسيني الموسوي الرشتي فاضل امامي من أهل ( رشت ) بايران سكن الحائر ( کربلاء ) له كتب منها (رسائل الرشتي - ط) أجاب بها على بعض المسائل و (شرح قصيدة عبد الباقي العمري اللامية - ط) في مدح موسی بن جعفر عليه السلام(5) .

ص: 270


1- تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاوي ج 7 ص 69.
2- ريحانة الأدب / للشيخ محمد علي التبريزي (فارسي) ج 2 ص 77.
3- أحسن الوديعة / للسيد محمد مهدي الموسوي الكاظمي ج 2 ص 309.
4- القاموس الاسلامي / أحمد عطية الله ج 2 ص 526.
5- الاعلام / خير الدين الزركلي ج 1 ص 67 .

وهناك مؤلفات مطبوعة قسم منها لأنصار الفرقة الكشفية والقسم الآخر الخصومها ، وقد لا يعول عليها الباحث وربما لعبت بها أيدي النساخ ، فعليه لم نره ما يدعو إلى الاعتماد على تلك المصادر . وقد راجعنا المصادر الأصلية الخطية التي دونت في عصر السيد كاظم الرشتي معبرة عن العقائد الكشفية (1) و كذلك كتاب ( البارقة الحيدرية في الرد على الكشفية ) (2).

وللسيد كاظم خدمات جليلة ومشاريع هامة ما تزال آثارها شاخصة للأبصار نوه عنها مؤلف كتاب ( بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ) حيث قال : أنفق السيد كاظم الرشتي من فضله مصرف تحديد إنشاء المسجد الواقع في القسم الشرقي من الصحن الحسيني وتبرع زوجة محمد شاه القاجاري ملك إيران أنفذ نهر الرشتية إلى الرزازة وبطيحة او دور أبو دبس ، ولتبرع أحد المحسنين من رجال حاشية الشاه عباس الأول الصفوي ابان احتلال الدولة الصفوية للعراق (1032 - 1042) جدد صدراً لهذا النهر (3).

ترجم له كثير من أرباب السير في آثارهم .

ص: 271


1- رسائل في عقائد الكشفية | للمرزا أحمد ترك بين الملا الآخوند الحاج اسماعيل الخراساني صنفه في شعبان 1262 ه وهو معلم أطفال الفرقة الكشفية في كربلاء ، ومن أبرز تلامذة السيد كاظم الرشتي ، حاجج البابية والقرنية . والكتاب يحتوي على خمس عشرة رسالة في إثبات عقائد الكشفية وضعت من قبل السيد كاظم . وفي الكتاب فصلان في الرد على البابية والقرنية ، وهو من مخطوطات مكتبة الأديب حسن عبد الأمير .
2- البارقة الحيدرية في الرد على الكشفية لمؤلفه محمد باقر بن المرحوم السيد حيدر الحسني الحسيني انتهى من تأليفه يوم السبت سابع عشر ذي الحجة سنة 1276 ه. مخطوط في مكتبة الامام الصادق في حسينية الحيدرية بالكاظمية .
3- بغية النبلاء في تاريخ كربلاء / عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 99.

الشيخ محمد حسين الأصفهاني صاحب الفصول

يطول بنا المقام لواردنا أن نستوفي ما ورد فيه من أقوال الفقهاء والمتكلمين ، فهو علم شامخ و فقیه نبیل و محدث واسع الاطلاع .

ذكره صاحب ( أعيان الشيعة ) فقال : الشيخ محمد حسين بن عبد الرحيم الرازي الأصل الحائري المسكن و المدفن صاحب الفصول توفي في كربلاء سنة 1261 الفقيه الأصولي الشهير أخذ عن أخيه الشيخ محمد تقي صاحب هداية المسترشدين وعن الشيخ علي بن الشيخ جعفر واختار الإقامة في كربلاء فرحل إليه الطلاب وأخذ عنه جماعة من العلماء مثل الحاج میرزا علي نقي و الميرزا زين العابدين الطباطبائيين وله مؤلفات في الأصول منها ( الفصول ) وهي من كتب القراءة في هذا الفن أورد فيه مطالب القوانين و حلها و اعترض عليها وهو مشهور عند أهل هذا النوع وأحفاده موجودون في كربلاء و أصفهان ، خلف ولدين الشيخ عبد الحسين مات بكربلاء والشيخ باقر مات باصفهان (1).

وجاء في ( المنجد ) نص هذا التعريف : محمد حسين بن عبد الرحيم الطهراني الرازي أقام وعلم في أرض الحائر المطهر (من احياء كربلاء) وفيها توفي (1845) له ( الأصول في علم الأصول ) طبع في العجم 1868 (2). ولد صاحب الترجمة في « ایوان کیف » (3) ونشا بها و أخذ المقدمات عن كبار علماء طهران . ولما عاد شقيقه الحجة الكبير الشيخ محمد تقي الأصفهاني وانتهت إليه الرئاسة ، كان المترجم قد انتهل من نمیره فقد حضر عليه فترة طويلة ثم هاجر إلى العراق واتخذ کربلاء موطناً له ، وكانت يومذاك مدرسة عربية إسلامية تغص معاهدها بالدارسين ، فاتسعت شهرته ونشر العلم وترويج الأحكام حتى أصبح مرجعاً عاماً

ص: 272


1- أعيان الشيعة (44/ 216).
2- المنجد / في الأدب والعلوم : فردینال توتل ص 482.
3- من أعمال ایران .

في التدريس و كان يقيم الجماعة في الروضة الحسينية المشرفة و كانت في كربلاء يومذاك فرقة الكشفية ، وقد أخذ المترجم يضعف نفوذهم ويحاربهم حتی کسر شوكتهم .

توفي عام 1254 ه ودفن في الصحن الصغير في مقبرة آل الطباطبائي ، و من آثاره المهمة ( الفصول الغروية ) في الأصول ، وله رسالة عملية فرغ من تأليفها عام 1253 ه. و كان والده الشيخ عبد الحسين عالماً فاضلاً من أجل تلامذة صاحب الجواهر .

السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط

علم شامخ من أعلام الفكر، فقیه بارع متضلع بالعلوم العقلية والنقلية. انتقل مع والده السيد محمد باقر الموسوي القزويني إلى كربلاء ، فقرأ على السيد على صاحب الرياض ، و في أواخر أيامه لازم درس شريف العلماء في الأصول ثم هاجر إلى النجف فقرأ على الشيخ علي بن الشيخ جعفر صاحب کشف الغطاء في الفقه ، وعلى أخيه الشيخ موسى ثم عاد إلى كربلاء فلازم درس شريف العلماء ، واشتغل في التدريس في حياة استاذه و اجتمع في مجلس در سه نحو مئة طالب، و استقل في التدريس بمدرسة السردار حسن خان المتصلة بالصحن الحسيني الشريف ، وكان يجتمع في حلقة در سه ما يزيد على الف طالب وفيهم من فحول العلماء . كما قرأ أيضاً على السيد محمد صاحب المناهل و مفاتيح الأصول وهو الذي رغبه في التأليف في الفقه وأعطاه من كتب الفقه ما يلزمه ، توفي في كربلاء بمرض الوباء سنة 1262 ه عن عمر ناهز الستين ودفن في مقبرته جنب داره قريباً من المشهد الحسيني ، و اعقب ولدين هما السيد أحمد والسيد باقر الشهید آغا بزرك . ومن آثاره الخيرية بناء سور سامراء وتذهیب ایوان سيدنا العباس بن علي علیه السلام كما صرحت بذلك المصادر .

أما أشهر تلامذته فقد ذكرهم صاحب ( أعيان الشيعة ) وهم : الشيخ زين

( تراث کربلاء م - 18)

ص: 273

العابدين البار فروشي المازندراني الفقيه المشهور الذي انتهت إليه الرئاسة العلمية في كربلاء والسيد حسين الترك والسيد أسد الله نجل حجة الإسلام ، والشيخ مهدي الكجوري الذي كان في شيراز والسيد أبو الحسن التنكابني والحاج محمد كريم اللاهيجي والشيخ عبد الحسين الطهراني شيخ العراقين و ملا محمد علي التركي وملا علي الكني و ميرزا محمد حسين الساوري و ميرزا محمد حسن الأردبيلي و ميرزا صالح الداماد الشهير ب ( العرب ) و میرزا رضا الدامغاني والشيخ محمد طاهر الكيلاني و ميرزا محمد صالح التركي و آغا جمال المحلاتي و أمثالهم ، وكل من اولئك أصبح مرجعاً في صقعه (1).

مؤلفاته : ترك لنا صاحب الضوابط مجموعة من تصانيفة القيمة التي دونت في ( أعيان الشيعة ) (2) وهي كما يلي :

1 - ضوابط الأصول في مجلدين - مطبوع، و كان تأليفه في سنة الطاعون.

2 - نتائج الأفكار في الأصول بقدر المعالم – مطبوع.

3- رسالة في حجية الظن .

4 - دلائل الأحكام في شرح شرائع الإسلام ، في الفقه من الطهارة إلى الديات في عدة مجلدات .

5 - رسالة فارسية في الطهارة والصلاة والصوم .

6- رسالة عربية مفصلة في الطهارة والصلاة .

7- مناسك الحج .

8- رسالة في الغيبة .

9- رسالة في صلاة الجمعة .

ص: 274


1- أعيان الشيعة (5: 353).
2- المصدر نفسه (5 : 393) .

10 - رسالة من القواعد الفقهية جمع فيها خمسمائة قاعدة .

أورد ذكره و أثنى عليه عدد غير قليل من المؤرخين في مصنفاتهم و منهم الأستاذ خير الدين الزركلي في ( الاعلام ج1 ص 217) و عمر رضا کحالة في ( معجم المؤلفين ج 1 ص 17 ) و آغا بزرك الطهراني في ( الكرام البررة ج 1 ص 10 و 11 ) وانظر ( إيضاح المكنون 1 - 476 ) و ( معجم سر کیس 1810).

الشيخ محمد حسين القزويني

من الرجالات العلمية التي عرفت بطول الباع وسعة الاطلاع في مختلف العلوم الدينية .

فهو الشيخ محمد حسين بن عباس علي الطالقاني القزويني الحائري عالم فاضل ورئيس مطاع ومروج للدين و الأحكام وخطيب مصقع برجع اليه في أحكام الشرع . ذكره صاحب ( أحسن الوديعة ) فقال : العالم الفاضل والفقيه الكامل الشيخ محمد حسين القزويني الأصل الحائري المسكن كان من أكابر المجتهدین ورؤوساء الدين له مؤلفات في الفقه والأصول تدل على كثرة تبحره في العلوم المقلية والنقلية وقفت على بعضها عند بعض المعاصرين بخط بعضهم وكان عمدة تلمذه على شيخ مشايخنا صاحب الجواهر وعليه تخرج ذكره في ص 156 س 18 من المآثر والآثار ، وأشار إلى أنه كان من فحول المجتهدين وفقهاء زمانه وله منزلة رفيعة وجاه عظيم (1).

وأثنى عليه الشيخ آغا بزرك الطهراني فقال : كان في كربلاء من تلاميذ شريف العلماء المازندراني وكان في النجف من أكابر تلاميذ صاحب ( الجواهر)

ص: 275


1- أحسن الوديعة : للسيد محمد مهدي الموسوي الأصفهاني الكاظمي ( الطبعة الثانية) ج 1 ص 52.

بل من معاصريه ومعاصري صاحب الفصول جاور کربلاء فكان رئيسا مقدماً ومدرساً كبيراً و خطيباً جليلاً و مفتياً يرجع اليه في أحكام الشرع وكان له تبحر غريب في الفقه والأصول تنطق به آثاره وتشهد مآثره توفي في 4 محرم 1281ه وهي السنة التي توفي بها الشيخ المرتضى الأنصاري عن ثلاث وستين سنة فولادته في 1218ه ودفن بمقبرة ركن الدولة في الصحن الصغير المهدوم فعلا وله من الآثار ( نتائج البدائع ) في شرح ( الشرایع ) خرج منه أكثر أبواب الفقه و ( نتيجة البديعة ) في علم فروع الشريعة عندي المجلد الثاني من طهارته وهو من الدماء إلى آخر أحكام الأموات بخطه الشریف شرع فيه ( 1250 ) وفرغ منه في ( 1251) ولعله منتخب من شرحه المذكور وعنوانه نتيجة نتيجة . ورأيت مجلد الإقرار منه عند السيد محمد صادق آل بحر العلوم فرغ منه في 1274ه بكربلاء ورأيت بعض مجلداته الأخر في مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني الموقوف بكربلاء ويظهر من بعضها أن اسم والده عباس علي وله أيضاً ( بدائع الأصول ) في المكتبة المذكورة بكربلاء (1) . والعقت منه في ولديه الفاضلين الشيخ موسى والشيخ عيسى .

الشيخ عبد الحسين الطهراني

من علماء عصره الذين يشار اليهم بالبنان ، كانت له الزعامة الدينية و المرجعية في الأحكام الشرعية . ذكره صاحب ( أعيان الشيعة ) فقال : توفي في الكاظمية في 22 رمضان 1286 ونقل إلى كربلاء فدفن في حجرة بجانب الباب الجديد المسمى بالباب السلطاني على يسار الداخل إلى الصحن الشريف وقد تجاوز عمره الستين . وكان عالما فقيهاً أصولياً رجالياً أديباً حافظاً للشعر العربي حاوياً لجملة من الفنون ، هاجر ابان الطلب من طهران إلى النجف الأشرف وأخذ عن الشيخ

ص: 276


1- الكرام البررة ( 1: 405).

مشكور الحولاوي والشيخ عیسی زاهد وصاحب الجواهر ورجع بعد إجازته إلى طهران فرأس وتصدر فيها وتقدم عند الشاه ووزرائه وحصل له القبول عند الخاصة والعامة ثم خرج منها بأهله وسكن كربلاء سنة 1280ه وفوض الشاه اليه عمارة المشاهد في كربلاء والكاظمية وسامراء و أقام على تذهیب القبة في سامراء وبناء الصحن وزخرفته وتوسعة الحرم الحائري وكان جماعا للكتب خصوصاً الخطوطة منها وله من ذلك مكتبة نفيسة أوقفها وقد تلف جملة منها وتفرق باقيها ايدي سبأ وكان فيها مجلدات من رياض العلماء وقد سألنا عنها في زيارتنا للعراق سنة 1352ه في كربلاء فأخبرنا بتلفها و احتراق بعض أجزاء ریاض العلماء الذي كان فيها وهكذا تذهب آثارنا النفيسة ضحية الإهمال والفوضى . وله مدرسة غربي المشهد الشريف ملاصقة له تنسب اليه . له كتاب في طبقات الرواة في جدول لطيف غير أنه ناقص وله رسالة علمية مطبوعة وترجمة نجاة العباد و حواشي وتعليقات و رسائل و كتب في الرجال (1) و أرخ وفاته تلميذه الميرزا محمد الهمداني الكاظمي المعروف بإمام الحرمين بقوله :

منذ ( عبد الحسين) مولى البرايا *** فاض من ربه عليه النور

طار شوقاً إلى الجنان شريفاً *** ودعاه اليه أرخ ( غفور )(2)

وخلف من الأولاد الذكور خمسة الشيخ علي ، والشيخ مهدي، والشيخ أحمد ، والشيخ شريف ، والشيخ عيسى . وجاء في ( سفر نامه ) ناصر الدين شاه إلى العتبات : أنه في يوم الخميس عاشر ذي الحجة قدم العطايا للمحترمين من أهل کربلاء وعد أولاد المترجم له وقال انهم ثلاثة ومراده الثلاثة الأجلاء الكبار منهم وإلا فقد ذكرنا أنهم خمسة والشيخ مهدي هو الذي شارك أخاه الشيخ علي

ص: 277


1- أعيان الشيعة ( ج 37 ص 108).
2- الكرام البررة (1: 714).

صاحب ( معراج المحبة ) المطبوع في وقف مكتبة والدهما سنة 1288 ه و لولده الشيخ مهدي أولاد منهم الشيخ محمد باقر المولود سنة 1301ه و محمد هادي المولود سنة 1310ه (1) وللمترجم له مكتبة نفيسة أتينا على ذكرها في ( مخطوطات کربلاء ) وقد ذكرها جرجي زيدان في الجزء الرابع ص 141 من ( تاریخ آداب اللغة العربية ) والفيكنت فيليب دي طرازي في (خزائن الكتب العربية في الخافقين ) ج 1 ص 310. ودونت ترجمته في كثير من المصنفات التاريخية ومنها ( المآثر والآثار 139 ) و ( مستدرك الوسائل ج 3 ص 397 ) و ( كفاية الموحدین ج 2 ص 929 ) و ( جنة النعيم ص 528 ) و ( ريحانة الأدب ج 2 ص 410 ) و ( أحسن الوديعة ج 1 ص 60 و 61 و 62 ) ( الطبعة الثانية ) و ( أعيان الشيعة ج 37 ص 107 و 108 ) و ( تاریخ سامراء ) ج 2 ص 16و17 و ( الكرام البررة ص 713 -- 715 ) وغيرها من عشرات المصادر .

الشيخ محمد صالح آل كدا علي

هو العالم الفاضل الشيخ محمد صالح بن مهدي بن الخطاط المشهور آغا محمد جعفر بن الأمير فضل علي خان المعروف بكدا علي بيك النوري الحائري أحد مراجع التقليد في عصره من أهل الصلاح والورع. كان جده كدا على بيك من خوانين إيران و من أكابر المثرين في بروجرد و سلطان آباد ، يقال أنه من قبيلة ( جوذرزي ) المنسوبة إلى آل نوبخت هاجر بعد الدولة الصفوية إلى العراق فسكن كربلاء وتزوج بها أخت السيد الميرزا صالح الشهرستاني (2) ... الخ . تتلمذ المترجم له على العلامة السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط وغيره من أعلام کربلاء في ذلك العهد . وترك تصانیف قيمة في الفقه لا تزال محفوظة

ص: 278


1- الكرام البررة (1: 715 ).
2- هكذا ذكره صاحب الذريعة في مصنفه ( الكرام البررة 1 : 663).

بأيدي أحفاده اليوم . وكان يقطن في الزقاق المعروف باسمه المتفرع من شارع الحسين علیه السلام قرب الصحن الشريف الحسيني . توفي في شهر ذي الحجة سنة 1288ه بعد أن تناهز عمره المائة سنة ، و أرخ عام وفاته العلامة الميرزا محمد الهمداني الشهير بإمام الحرمين فقال :

لله صالح قضي نحبه *** أحيى الليالي بالدعاء والقنوت

وآخرها : و من يكن ذا عمل صالح *** أرخ ( هو الحي الذي لا يموت)

1388 ه

ودفن في مقبرة خاصة له ولأسرته في الواجهة الشمالية من الصحن الحسيني جوار إيوان الوزير .

ومن أحفاده اليوم الدكتور عبد الرزاق الشهرستاني .

الشيخ مرزا علي نقي الطباطبائي

من كبار العلماء العاملين ، وأعاظم المجتهدين ، كان غصناً يانعاً من دوحة علم أصلها ثابت وفرعها في السماء . فهو العالم الفقيه السيد مرزا علي نقي بن السيد حسن بن السيد محمد المجاهد بن السيد علي الطباطبائي الحائري صاحب الرياض.

ولد في كربلاء سنة 1226 هجرية ، ونشأ في بيت روحي فشب فيه وتلقى العلم على لفيف من الفقهاء المبرزين العلامة السيد مرزا مهدي الطباطبائي نجل العلامة السيد محمد المجاهد والشيخ محمد حسین صاحب الفصول و قرأ في النجف على العلامة الشيخ حسن نجل كاشف الغطاء والشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وغيرهم ، وأنيطت به من المهام والمناصب الشرعية والفتاوى العلمية ما هو أهل لها ، وانتهت الية الرئاسة الدينية ، وكان يقيم صلاة الجماعة في المسجد المعروف باسمه بين الحرمين ، فذاعت شهرته وعلا صيته وعظم شانه ، فحظي على مكانة

ص: 279

مرموقة و احترام شامل . وتتلمذ عليه لفيف من أهل الفضل نخص بالذكر منهم الشيخ محمد تقي الشيرازي زعيم الثورة العراقية والسيد محمد الفشاركي والشيخ الملا فضل الله المازندراني وغيرهم . ومن بين تاليفه المطبوعة ( الدرة الحائرية ) في شرح الشرائع برز منه شرح كتاب البيع وقد طبع في إيران طبعة حجرية وشرح مباحث العقود والإيقاعات والأحكام والطهارة . والدرة في العام والخاص طبع خلف الكتاب المذكور ثم رسالة عملية في العبادات . وله إضافة إلى ذلك من الكتب والرسائل و أجوبة المسائل و حل المشاكل ذکرها صاحب ( أعيان الشيعة ) وهي : 1- كتاب القضاء ، وله رسائل 2 - رسالة في صلاة المسافر 3 - في الغسالة 4 - في تقويض الأحكام 5- في تداخل الأغسال 6- في تعيين السورة بعد الحمد 7 - في جواز بيع الوقف 8 - في قضاء الرواتب 9 - في حكم تقدم المرأة على الرجل في الصلاة 10 - في القضاء بالنكول 11 - في الأصل المثبت 12 - في اجتماع الميت و المحدث و الجنب و معهم من الماء ما يكفي أحدهم 13 – كتاب في البيع 14 - منظومة في الحج اسمها مزيج الاحتياج في حكم منسك الحاج 15 - كتاب في الاجازة 19 - شرح مزجي على زيارة الجامعة كبير لم يتم تخلف بولده الميرزا جعفر (1).

توفي في 6 صفر من عام 1289 هجرية ودفن في مقبرة آل الطباطبائي المواجهة المقبرة السيد محمد المجاهد في سوق التجار الكبير بين الحرمين ، و أرخ وفاته أحد الشعراء بقوله :

لما نعى العلم حبر *** قضى نقي الردى زكيا

ناديت الق العصا وأرخ *** ( حقاً علي قضى نقيا )

1289 ه

ص: 280


1- أعيان الشيعة ( 42: 198).

ذكرته كتب التراجم والسير منها ( أحسن الوديعة ) ج 1 ص 157 و ( المآثر والآثار ) ص 154 و ( معارف الرجال ) ج 2 ص 148 وغيرها .

المولى محمد صالح البرغاني

من الفقهاء والمحدثين الذين كانت لهم صولات وجولات في ميدان العلم بذل نفسه في ترويج الدين و إحياء الشريعة الإسلامية .

هو ابن المولى محمد البرغاني القزويني المتوفي سنة 1200ه ، و شقيقه المولى محمد تقي المعروف بالشهيد الثالث قتيل الفرقة البهائية سنة 1264ه.

ولد في برغان (1) سنة 1200م ، وأقام بقزوین و عمر فيها مسجداً و مدرسة عظيمة . وفي أواخر عمره جاور کربلاء وتوفي بها سنة 1283ه وكانت وفاته فجأة في الحرم الشريف الحسيني ، عندما كان مشغولاً بالدعاء ودفن في الروضة الحسينية . ورد ذكره في ( معجم المؤلفين ) وهذا نصه : كان حياً سنة 1270ه محمد صالح بن محمد القزويني الكربلائي فاضل من آثاره بحر العرفان في تفسير مفتاح الجنان ، ومفتاح البكاء في مصيبة خامس آل العباء فرغ من تأليفه سنة 1270ه (2).

ذكره الشيخ آغا بزرك الطهراني فقال : أدرك السيد علي الطباطبائي في كربلاء وتلمذ على ولده السيد محمد المجاهد وأجيز منه ومن السيد عبد الله شبر وغيرهما ، وتوفي في الحائر الشريف فجاة سنة 1283ه كما رأيته بخطه بعض أولاده في آخر ( مفتاح البکاء ) له . ودفن في رواق الحسين في طرف الرأس الشريف (3) . الخ. وذكره صاحب ( أعيان الشيعة ) بقوله : محمد صالح بن محمد القزويني ولد سنة

ص: 281


1- من أعمال قزوین بایران .
2- معجم المؤلفين / عمر رضا کحالة ج 10 ص 87.
3- الكرام البررة (1: 660 و 661).

1200ه وتوفي سنة 1270ه بكربلاء ودفن في الرواق الشريف ذكره في الشجرة الطيبة وقال كان من أجلاء العلماء تلمذ في إيران على الميرزا القمي ثم انتقل إلى النجف وتلمذ على الشيخ جعفر صاحب کشف الغطاء ثم انتقل إلى كربلاء وتوفي فيها له من المصنفات (1) غنيمة المعاد في تمام الفقه 14 مجلداً (2) مسالك الراشدين 3 مجلدات (3) بحر العرفان في تفسير القرآن 7 مجلدات (4) کنز الأخبار في أحوال النبي والأئمة 4 مجلدات (5) کنز الأبرار في أحوال الأئمة الأطهار مجلدان (6) مجمع الدرر في الطائف والحكايات (7) ذخيرة المعاد في أصول الدين (8) كتاب في أصول الفقه (9) مفتاح البكاء في مصيبة سيد الشهداء (10) معدن البكاء (11) کنز المصائب (12) منبع البكاء (13) مجمع البكاء كلها في مصيبة أهل البيت و مناقبهم (14) کنز الزائرين (10) الستة الأشهر (1). وهذه المؤلفات اطلعت عليها في مكتبته المحفوظة لدى أحفاده بكربلاء و دونت التعريف بها في ( مخطوطات کربلاء ).

القرن الرابع عشر الهجري

الشيخ المولى حسين الأردکاني

عالم جلیل القدر و فقیه ورع هاجر إلى كربلاء المشرفة فأدرك بها شريف العداء وحضر بجنه و کتب من تقریرات در سه مبحث البيع الفضولي من كتاب التجارة . وحضر أيضا على السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط . فاشتهر بين العلماء والطلاب حتى اتجهت اليه الأنظار وكثر الإقبال عليه من مختلف الأصقاع والأمصار . تخرج من معهده جمع من الفطاحل الكبار السيد الميرزا محمد حسین المرعشي الشهرستاني و الميرزا محمد تقي الشيرازي والسيد محمد الأصفهاني والسيد حسن الكشميري و الميرزا مهدي الشيرازي والشيخ علي البفروئي و الميرزا محمد

ص: 282


1- أعيان الشيعة (45 : 140 و 241) وراجع ( أحسن الوديعة ) ج 1 ص 30.

الهمداني وآخرون غيرهم . وازدهر العالم في كربلاء في عصره حيث أعاد اليها نضارة عصر الوحيد الآغا اقر البهبهاني واشتهر اسمه وذاع صيته فأصبحت له زعامة دينية لا يكاد ينازعه عليها أحد. وقد أثنى عليه المؤرخون في تأليفهم. للترجم تقریرات طبعت في كتاب مستقل ونسخته نادرة .

وافاه الأجل عام 1305ه ودفن في مقبرة أستاذه صاحب الضوابط و أرخ وفاته تلميذه الحاج مرزا محمد حسين الشهرستاني بقوله :

وقال مفجع التاريخ ( اوه *** سيلقى الشامتون كما لقينا )

و أرخ وفاته بقوله :

ولما ذاب قلب الوجد هماً *** الموت ولي أمر المؤمنينا

فقم فزعا وأرخ ( بالبكاء *** حسين بالثري أمسى رهينا)

1305 ه

وقال مؤرخاً أيضاً :

وقد تلقته حور ونظرة وسرور

أرخن (حباً وأهلا لفاضل الأردكاني)

1305 ه

كما رثاه الشاعر السيد جعفر الحلي بقصيدة طويلة مثبتة في ديوانه ص 196 وقد أعقب ولده الأرشد الآغا الشيخ محمد وكان فاضلاً حذا حذو أبيه في صلاة الجماعة . ذكره الأصفهاني الكاظمي في ( أحسن الوديعة ) ج 1 ص 81 و محمد حسن خان اعتماد السلطنة في ( المآثر والآثار ) ص 144 وغيرهم .

السيد صالح الداماد

هو الزعيم السيد محمد صالح بن السيد حسن بن السيد يوسف الموسوي الفاموري

ص: 283

الشيرازي الحائري المعروف بالداماد . صاهر والده السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض فاشتهر في كربلاء بهذا اللقب كان سياسيا منکا و عالما فقيهاً محققاً ولد في كربلاء ونشأ بها ، قرأ على خاله السيد مهدي بن السيد علي صاحب الرياض والسيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط وغيرهما ، فاشتهر بالفضل والعلم ، واشتغل بالتدريس . وتخرج من تحت منبره جمع غفير من الأفاضل وصارت له رئاسة علمية وزعامة دينية .

حدثت في عهده واقعة كربلاء المعروفة في ذي الحجة عام 1258 ه ، المؤرخة بلفظة ( غدیر دم ) على عهد السلطان العثماني عبد المجيد وكان ذلك على يد ( نجيب باشا ) (1) , الي بغداد ، فصارت مجزرة دامية ذهب ضحيتها الألوف المؤلفة من الرجال والنساء والأطفال و كثير من العلماء والصلحاء إضافة إلى القتل والسلب و إباحة المدينة من قبل الجيش . وفي هذه الحادثة بالذات أخذ المترجم أسيرة إلى القسطنطينية وتدخل في أمره هناك أحد رجال الدولة الإيرانية فأرسل إلى طهران و عفي عنه و هناك احتفل به وعنى به السلطان ناصر الدين شاه فأصبح من مشاهير الاعلام ، وعرف بلسان العامة من الناس بمير صالح عرب وصاهره السيد عبد الله بن السيد اسماعيل البهبهاني والد العلامة السيد محمد البهبهاني المعروف في طهران .

توفي ليلة الجمعة ثاني ربيع الثاني سنة 1303ه عن أربع وثمانين عاماً وحمل جثمانه إلى كربلاء ودفن في الرواق الحسيني الشريف .

جاء في معجم المؤلفين : محمد صالح عرب بن حسين الكربلائي الشيعي الإمامي الشهير بعرب فقيه أصولي من تصانيفه ( زهر الرياض ) و ( المهذب في الأصول (2) ).

ص: 284


1- راجع فصل ( الحوادث السياسية ) .
2- معجم المؤلفين / عمر رضا کحالة ج 10 ص 82.

ومن مؤلفاته القيمة :1- زهر الرياض حاشية على رياض المسائل 2-حاشية على الروضة البهية 3 - المهذب في الأصول أو مهذب القوانين طبع عام 1303ه 4 - التجزي و الاجتهاد طبع مع مفاتیح الأصول لحاله السيد محمد المجاهد عام 1296ه .

أورد ترجمته العلامة آغا بزرك الطهراني في ( نقباء البشر في القرن الرابع عشر ) (1: 881 - 883 ) وترجم له في ( المآثر والآ ثار ) ص 148 وغيرها من المصنفات .

الشيخ زين العابدين الحائري

هو المجتهد الكبير الشيخ زین العابدين بن مسلم البار فروشي المازندراني الحائري(1) من أعظم فقهاء عصره . تتلمذ في كربلاء على المولى محمد سعید المازندراني الشهير بسعيد العلماء المتوفى سنة 1270 ه والسيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط ، وحضر في النجف على الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفي عام 1281ه والشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وغيرهم ، وبرع في الفقه والأصول حتى بز أقرانه وحظي على مكانة مرموقة فذاع صيته واشتهر أمره في التقليد لا سيما في بلاد الهند .

توفي في السادس عشر من ذي القعدة سنة 1309 ه عن 82 سنة ودفن في مقبرته الخاصة عند باب قاضي الحاجات في الروضة الحسينية وأعقب أربعة أولاد نجوا نهج أبيهم وهم : (1) الشيخ علي صاحب ( فهرس الجواهر ) المتوفی سنة 1345 (2) الشيخ محمد (3) الشيخ عبد الله الذي تولى رئاسة الطريقة الصوفية في إيران (4) الشيخ حسين الذي قام مقام والده في إمامة الجماعة والمرجعية والتدريس في كربلاء وتوفي في 12 شوال سنة 1339 ه وأعقب کلاً

ص: 285


1- أنظر ترجمته في ( أحسن الوديعة ) ج 1 ص 95 و ( نقباء البشر 1: 586).

من الشيخ محمد باقر الذي قطن إيران وتوفي عام 1388ه والشيخ أحمد الذي قام مقام والده في إمامة الجماعة وتوفي يوم 29 جمادى الأولى سنة 1376 ه ذكره خير الدين الزركلي في ( الأعلام ) فقال ما هذا نصه : زین العابدین (1227 - 1309ه ) (1812 - 1892م ) ابن كربلائي مسلم المازندراني الحائري فقيه إمامي جاور الحائر إلى أن توفي له ( ذخيرة المعاد ط) فقه ، و ( مناسك الحج ) وغير ذلك (1).

ورد له ذكر في كثير من كتب الرجال المطبوعة والمخطوطة وبالأخص موسوعة ( أعيان الشيعة ج 33 ص 239 - 241 ) و ( نقباء البشر ج 1 ص 805 و 806 ) و ( معارف الرجال ج 1 ص 321 - 333 ) وانظر ( القاموس الإسلامي ) لأحمد عطية الله المجلد 2 ص 24 و غيرها .

السيد حسين المرعشي الشهرستاني

هو الحاج السيد مرزا محمد حسین(2) ابن السيد مرزا محمد علي المرعشي ابن السيد مرزا محمد حسين بن السيد مرزا محمد علي بن اسماعيل بن محمد بن باقر ابن محمد تقي بن محمد جعفر بن عطاء الله الحسيني الشهير بالشهرستاني نسبة المصاهرته بال الشهرستاني وينتهي نسبه إلى الإمام علي بن الحسين عليهما السلام .

ولد في كرمنشاه في ( 15 شوال سنة 1255ه ) ونشأ في كربلاء نشأة طيبة بين ظهراني أسرته أولي الفضائل والمآثر ، حيث قرأ النحو والمنطق والبيان و سائر المقدمات وصنف فيها رسائل كثيرة وله اجازات متعدده ، فقرأ بها السطوح وأتمها ولازم حوزة والده ودرس على المولى حسين الأردكاني

ص: 286


1- الأعلام : خير الدين الزرکلی ج 3 ص 106.
2- اقتبسنا هذه المعلومات من رسالة خطية باسم ( أحوالات الميرزا محمد حسين الشهرستاني) كتبها حفيده السيد عبد الرضا الرعشي الشهرستاني وتقع في 24 صفحة .

في الفقه والأصول وحاز قسطاً وافراً من أنواع العلوم ، فقد شارك في الرياضيات والهيئة والفلك والنجوم والأدب والتفسير والفلسفة والحديث والكلام وغير ذلك وحصلت له إجازات كثيرة من أساتذته .

في مجلة ( المرشد) : وافته المنية فاختطفت روحه الطاهرة وقضت على حياته المباركة في اليوم الثالث من شوال سنة 1315 ه وهو آنئذٍ بكربلاء بعد داء عضال لازمه م دة طويلة عن عمر ناهز التسعة والخمسين سنة قضاها بين المحابر والطروس والأقلام ودفن في كربلاء مع أبيهم وأجداده في مقبرتهم المختصة بهم في الرواق الشريف (1). وارخ وفاته الخطيب الشاعر السيد جواد الهندي فقال :

محمد الحسين يوم موته *** حلّ من الفردوس أعلى مرتقي

ان صار عن دار الفناء راحلاً *** فإن في الاخرى له دار البقاء

ومن قضى أبو علي أرخوا *** ( انطمست والله اعلام التقى )

1315 ه

وللسيد محمد حسین اشعار متناثرة في المجاميع الخطية منها تخميسه القصيدة الشريف الرضي التي قال فيها :

أمسيت والهم في ايران يطرقني *** والكرب طول الليالي ما يفارقني

وذكر من حل في كوفان يقلقني *** من لي بعاصف شملال يبلغني

إلى الغري فيلقيني وينساني

إلى الذي ظهر الجبار طينته *** إلى الذي بشر المختار شيعته

إلى الذي أوجب القربی مودته *** إلى الذي فرض الرحمان طاعته

على البرية من جن و انسان

ص: 287


1- مجلة المرشد - الجزء العاشر من السنة الثانية ، جمادى الأولى 1346 ص 379 - 384.

إن لم يكن عاصف أسمى على قدمي *** أسعى برأسي وقلبي مهجتي ودمي

أسعى بأجفان عيني نحو ذي الحرم *** ما أستعين بشملال ولا قدم

من ترب ساحته طوبى لأجفان

وأرخ وفاة الشيخ مرتضى الأنصاري بقوله :

بالواحد الفرد استعنت مؤرخاً *** (علم الهدى في الخلد حي يرزق)

1281ه

خلف أثماراً شهية وآثاراً نفيسة تنيف على الثمانين كتاباً منها رسائل فارسية وعربية ما تزال مخطوطة في مكتبته . وقد حذا حذوه نجله السيد المرزا علي الشهرستاني وكان فاضلا جليلا ولد سنة 1280ه وتوفي يوم 11 رجب سنة 1344 ه.

ان تاريخ حياة السيد المرزا محمد حسين المرعشي الشهرستاني حافلة بجلائل الأعمال ، ويجد القارىء سيرته في كثير من المراجع منها ( أعيان الشيعة ) ج 44 ص 212 و ( الكرام البررة ) ج 2 ص 432 و ( ريحانة الأدب ) ج 2 ص 362 ( والكنى والألقاب ) ج 2 ص 345.

السيد هاشم القزويني

كان من أبرز علماء کربلاء في مفتتح هذا القرن ، اشتغل بالتدريس ونشر العلوم وأجاز على مكانة سامية فيالفضل والصلاح والورع، فكان مرجعاً لأهالي کربلاء وغيرها. ذكره صاحب ( أعيان الشيعة ) فقال : هو ابن السيد محمد علي القزويني الحائري توفي في كربلاء يوم الجمعة 29 شوال سنة 1327 ه و دفن إلى جنب ابن عمه صاحب الضوابط في بعض حجر الصحن الشريف ، تخرج بصاحب الجواهر فقها وبالشیخ مرتضى الأنصاري أصولاً ثم عاد إلى كربلاء وتصدر للدرس . في تتمة أمل الآمل : هو عالم فاضل أصولي فقيه من تلامذة الشيخ مرتضى الأنصاري والسيد محمد القزويني وصفه الميرزا حسين النوري

ص: 288

بالعالم الفاضل الورع التقي كانت له رياسة ووجاهة في كربلاء والإمامة في الجماعة في صحن مشهد أبي الفضل العباس علیه السلام و كان معروفاً بالصلاح والتقوى و الوثاقة في كربلاء وهو ابن عم السيد ابراهيم صاحب الضوابط، خلف ولدين السيد محمد رضا و السيد ابراهيم يعدان اليوم من علماء کربلاء يصليان جماعة في صحن مشهد أبي الفضل العباس علیه السلام(1). ترجمه آغا بزرك الطهراني في ( الكرام البررة ) القسم الخطوط . وانظر ( معارف الرجال ج 3 ص 130 وغيرها ) .

السيد الميرزا جعفر الطباطبائي

هو ابن الميرزاعلي نقي بن السيد حسن بن السيد محمد المجاهد بن السيد علي صاحب الرياض الطباطبائي الحائري ، فقيه جليل برع في فنون العلم واجتهد في القواعد الأصولية والفروع الفقهية وتزود من المعرفة ما جعله في مصاف جهابذة العلماء . يروى أنه كان طويل القامة ، جيد التحرير ، وكان رئيساً مطاعاً ، عالماً تحريراً بصيراً بالامور .

ولد في 12 ربیع الآخر سنة 1258ه و شب في أسرة كريمة مكتباً على الدرس والتحصيل . وتتلمذ على والده العلامة السيد علي نقي الطباطبائي و الميرزا عبد الرحيم النهاوندي وخاله السيد علي الطباطبائي صاحب البرهان القاطع والسيد حسين الكوهكمري المعروف بالسيد حسين الترك (2) . حتى بلغ مرتبة الإجتهاد ثم انتقل إلى النجف وحضر أبحاث مشاهير علمائها الفحول في الفقه والأصول عاد بعدها إلى مسقط رأسه کربلاء وتقلد مناصب الإفتاء والإمامة وصار مرجعاً عاماً ، وله اجازات من مشاهير علماء العصر . توفي يوم 22 صفر سنة 1321ه ودفن في مقبرة آل الطباطبائي الكائنة في سوق التجار الكبير أمام قبر السيد

( تراث کربلاء م -19)

ص: 289


1- أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ( 51 : 42).
2- أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ( 56: 48).

محمد المجاهد . و ترك تصانیف کثيرة في الفقه والأصول ومعظمها رسائل خطية وله شعر طبع بعضه في آخر ( المجالس النظامية ) ، ويجد القاری، تعداد مؤلفاته في ( أعيان الشيعة ) في الجزء 16 ص 49. دونت ترجمته في كثير من المؤلفات المطبوعة ومنها نقباء البشر ج 1 ص 293 و معارف الرجال ج 2 ص 220 و 221 وأحسن الوديعة ج 1 ص 194 وغيرها .

السيد محمد باقر الحجة الطباطبائي

عالم فذ تبوأ مكانة مرموقة في الأوساط الفكرية ، أحب العلم والأدب و شغف به ، وقد ورثه من أسلافه .

أنجبته أسرة علمية اشتهرت بالعلوم الدينية فقد ولد عام 1273ه وتعهده والده المرزا أبو القاسم بتربيته وتوجيهه ، فشب علماً مبرزاً على من عاصره ومبشراً للدين الاسلامي و نشر المثل العليا ، فكانت داره الكائنة في سوق التجار الكبير محجا برتاده العلماء والأدباء و منهلاً عذباً پرتوي من نميره أهل الفضل . أخذ العلم عن والده والفاضل الشيخ محمد حسين الأردكاني وحضر بحث الميرزا حبیب الله الرشتي ، وانتهت اليه الرئاسة في كربلاء شأن أعلام أسرته ، فكان مرجعاً للقضاء والتدريس والفتيا.

له تصانیف کثيرة نظماً و نثراً في الفقه والأصول والكلام والأخلاق منها كتاب ( الزكاة ) الكبير المبسوط متناً وشرحاً و ( الشهاب الثاقب ) أو (السهم الثاقب ) في رد ابن الآلوسي وهي أرجوزة شعرية . وله منظومة (مصباح الظلام) في أصول الدين و علم الكلام وأراجيز أخرى نكتفي بذكر أسمائها و هي (النكاح) و ( الأطعمة والأشربة ) و ( الحج ) و ( تكملة الدرة ) و ( المصباح ) وسواها .

توفي في كربلاء يوم الأحد رجب سنة 1331 ه وقد أرخ أحد الشعراء وفاته بقوله :

رضوان نادي في الجنان أرخوا *** (قد نور الفردوس نور الباقر )

ص: 290

ورثاه الشيخ ابراهيم البادكوبي بقصيدة أرخها بقوله:

قلت لنجم السعد هل تدري من *** قد حل في مسنده اللائق

قال نعم قلت فأرخ ( فقال *** انتقل الأمر إلى الصادق )

و ممن تتلمذ عليه من العلماء والشعراء وأهل الفضل الشيخ حسين الكربلائي الشاعر الشعبي المعروف المتوفى سنة 1328ه والسيد عبد الوهاب آل الوهاب المتوفى سنة 1322ه والشيخ حبيب شعبان المتوفى عام 1336ه وغيرهم .

ذكرته كتب التراجم ومنها ( أعيان الشيعة ج 44 ص 103 و 104 ) و ( نقباء البشر ج 1 ص 193 و 194 ) .

الشيخ محمد تقي الشيرازي

هو المجاهد الأكبر الشيخ محمد تقي بن الحاج محب علي بن مرزا محمد علي كلشن الحائري الشيرازي زعيم الثورة العراقية الكبرى وموري شرارتها الأولى ، كان من أكابر العلماء والمجتهدين.

ولد في شيراز سنة 1256ه وهاجر إلى كربلاء سنة 1271ھ لارتشاف مناهل العلم والمعرفة ، فقرأ الأوليات ومقدمات العلوم وحضر على العلامة المولى الشيخ حسين الأردكاني ، وانتقل إلى سامراء فتتلمذ على آية الله المجدد السيد محمد حسن الشيرازي فكان من أجلة تلامذته . ولما احتلت الجيوش البريطانية سامراءرغب في الرجوع إلى كربلاء ، فكان عاملاً كبيراً من عوامل بعث الروح الوطنية وتنشيطها ، كما أصبح قائداً روحياً للثورة ، فطالب بالحقوق المغدورة والأمر بالدفاع وإصداره الفتوى الخطيرة التي أثارت الحماس في صفوف الوطنيين(1) وضحى بكل غال ونفيس ، ومن هنا اكتسب شهرة ذائعة الصيت ، وتخطت

ص: 291


1- راجع فصل - الحوادث السياسية - الثورة العراقية .

شهرته حدود العراق ، وانتشر اسمه في البلدان الأخرى كإيران ولبنان ومصر وسوريا وغيرها . وفي أوقات فراغه استطاع أن يصنف الكتب العديدة نخص بالذكر منها :

1- شرح مکاسب الشيخ مرتضى الأنصاري 2- شرح منظومة رضاعة السيد صدر الدين العاملي 3 - القصائد الفاخرة في مدح العترة الطاهرة 4-رسالة في صلاة الجمعة 5 - رسالة الخلل . وكان يجيد النظم في الأدب الفارسي خاصة في مديح آل البيت .

ومن تلامذته : السيد مرزا هادي الخراساني والشيخ محمد کاظم الشيرازي والشيخ محمد علي القمي والشيخ آغا بزرك الطهراني وغيرهم .

أدر که الأجل ليلة الثالث من ذي الحجة سنة 1338 هجرية و شیع تشييعاً حافلاً من قبل الشعب العراقي لا سيما رؤساء الفرات ، حيث حضروا بأسلحتهم وأهازيجهم الشعبية في ساحات كربلاء ، ودفن في الروضة الحسينية المقدسة . وقد رثاه لفيف من الشعراء منهم الحاج محمد حسن أبو المحاسن والشيخ محسن أبو الحب والشيخ محمد مهدي الجواهري والشيخ محمد علي اليعقوبي والشيخ ناجي الحلي وغيرهم . وقد أنجب ثلاثة أولاد علماء هم : الشيخ محمد رضا والشيخ عبد الحسين والشيخ محمد حسن . وكلهم ذوو فضل وتقوی .

ترجمه عدد من المعنيين بالتراجم في تصانيفهم ومنها ( نقباء البشر1: 261_264 ) و ( أعيان الشيعة 44: 121، 122 ) و ( معارف الرجال ج 2 ص 215 - 218) وغيرها.

السيد اسماعيل الصدر

من علماء کربلاء الأفذاذ ، اشتهر بغزارة علمه وجلالة قدره وسمو مكانته في العلم والفضل .

ص: 292

فهو السيد اسماعیل (1)ابن السيد صدر الدين العاملي الأصفهاني من سلالة السيد ابراهيم المرتضى ( الأصغر ) ابن الامام موسى الكاظم عليه السلام أحد مراجع التقليد في كربلاء . ذكره صاحب ( الذريعة ) فقال :

« ولد في أصفهان عام 1258ه ونشأ بها وتتلمذ في الفقه على العلامة الشيخ محمد باقر الأصفهاني وتشرف إلى النجف 1271ه وحج البيت بها أيضاً ورجع فلازم بحث العلامة الفقيه الشيخ راضي بن محمد آل خضر الجناجي النجفي المتوفى عام 1290ه وبحث الفقيه الأوحد الشيخ مهدي بن علي ابن الشيخ الأكبر كاشف الغطاء المتوفى 1289ه ثم اختص بالمجدد الشيرازي مدة حياته وهاجر بعد هجرته إلى سامراء بقليل فكان في سامراء إلى 1314ه ثم هاجر إلى الحائر الشريف مروجاً للدين و حافظاً للعلماء ومساعداً للمشتغلين وعوناً للضعفاء و المساكين (2)... الخ ) . واتخذ كربلاء دار إقامته فاستوطنها وأصبح مرجعاً للأمور الشرعية بها . وذكره السيد مهدي الكاظمي في (أحسن الوديعة ) فقال : واشتهر أكثر من أبيه وإن لم يبلغ مرتبة فضله وعلمه وشهرته إلى أن توفي في الكاظمية في يوم الثلاثاء 12 جمادى الأول عام 1338ه ودفن في الرواق الشرقي من الروضة الكاظمية (3). الخ . وأبنه شاعر كربلاء المرحوم الحاج محمد حسن أبو المحاسن بقصيدة عامرة نشرت في ديوانه أولها :

أصابت سهام الحتف ياحسرة الدهر *** صریح قريش والخلاصة من فهر

لقد نثل الدهر الكنانة رامیاً *** حشاشة نفس من كنانة والنضر

نعى البرق غيث الناس في كل أزمة *** وعهدي به قبلا يبشر بالقطر(4)

ص: 293


1- دون نسب السيد المترجم له في مجلة ( الهدى ) العارية – الجزء 2 / السنة الثانية/ربيع الآخر 1348 / ايلول 1929 ص 87 ( من هو السيد الصدر ؟ ) .
2- نقباء البشر ( 1 : 160 ) .
3- أحسن الوديعة ( 1 : 208 ) وانظر الطبعة الثانية ج 1 ص 169 .
4- ديوان أبي المحاسن الكربلائي - ص 81 .

وكانت وفاته خسارة كبرى لا تعوض في التراث الاسلامي والحركة الثقافية وأعقب أبناءه الأربعة وهم السيد محمد مهدي والسيد محمد الجواد والسيد صدر الدين والسيد حيدر وكلهم ذوو فضل وتقى.

السيد مرزا هادي الخراساني

هو السيد مرزا هادي ابن السيد علي ابن السيد محمد الخراساني الحائري أحد أساطين العلم المعروفين في كربلاء ، ومن ألمع فقهائها الذين تركوا ثروة ضخمة من المؤلفات القيمة.

أدركت أواخر أيامه ، وكانت داره منتجها لطلاب العلم ورواد الفضيلة ، وكان أحد مراجع التقليد في عصره . ألفيت فيه علما وذكاء ودراية شاملة و أصالة رأي وأنفة وإباء وقد تفنن في الفنون الشرعية فحذق الفقه والأصول والكلام والتفسير والحديث والرجال وأتقن النحو والصرف .

وكانت ولادته في كربلاء ليلة الجمعة غرة ذي الحجة عام 1297ھ ولما بلغ السابعة من عمره درس القرآن الكريم وختمه ولم يبلغ العاشرة من عمره ثم عاد إلى كربلاء ومنها ذهب إلى النجف حيث أخذ يتردد على الحلقات الدراسية العليا مستفيداً وبعد أن أتم دراسته في النجف عاد إلى كربلاء وأصبح مدرساً من هذه المدينة (1)وقد حضر أبحاث الشيخ محمد كاظم الخراساني والسيد كاظم اليزدي والشيخ محمد تقي الشيرازي الذي تخرج عليه ثم استق-ل ب---ده بالتدريس في كربلاء (2) رشح للمرجعية لما يتمتع به من علم غزير و مساع مشكورة وخدمات جليلة للدين الاسلامي . وقد أحدثت وفاته رنة أسى و أسف في قلوب محبيه وشق نميه على عارفي فضله فكانت وفاته في الثاني عشر من ربيع الأول

ص: 294


1- أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ( 52 : 141).
2- أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ( 50 : 43 ) .

عام 1368ه . ترك آثاراً جليلة كثيرة ومن أهمها :

(1) دعوة الحق وهو الجزء الأول من كتاب يبحث في فضائل آل البيت (ع) وأخبارهم كما يتضمن الرد على شبهات الوهابيين طبع بمطبعة النجاح ببغداد سنة 1347 (2) أصول الشيعة وفروع الشريعة طبع ببغداد (3) حاشية على مكاسب المحقق الأنصاري (4) حاشية على رسائله (5) حاشية على طهارته (6) هداية الفحول في شرح كفاية الأصول (7) حاشية الوجيزة على الكفاية (8) أجوبة المسائل في الفقه أغلبها استدلالية (9) تقریرات بحث أستاذه الخراساني (10) تقریرات بحث أستاذه الشيرازي ، وغيرها من المؤلفات التي ناهزت العشرين كتابا أودعت لنجله فضيلة السيد مهدي الخراساني الحائري الذي هو اليوم مرشد الطائفة الشيعية بلندن والمترجم مكتبة حافلة بالكتب القيمة في کربلاء حوت على كتب خطية نفيسة خاصة بعض المصاحف التاريخية .

وكان یجید نظم الشعر ، وله ديوان مخطوط باسم ( دعوة دار السلام ) حوی بعض النماذج التي كان يودعها في فراغه. ومن بين تلك النماذج هذه المقطوعة التي يعاتب فيها الزمان وهو في طريقه إلى النجف الأشرف :

اني ابتليت بيومي *** كما ابتلى في زماني

فاني أشتكيه *** كما زماني شكاني

يقول اني جفوت *** كما أقول جفاني

رميته لم يصبه *** أصابني إذ رماني

فيا له من قرين *** فليته وقلاني

ما بئس من جار سوء *** أهانني ودهاني

أعاذني الله منه *** ومن عداه وقاني

لم يرض بي قط يوماً *** كذاك ما أرضاني

وقال من مقطوعة أخرى :

ص: 295

لمسلم وقعة يوم الحره *** لكل مسلم تزيد حسرة

فضوا البنات عفة ابكارا *** فوق المئات ماتری انکارا

بغدرها القتلى من الأصحاب *** من حافظي السنة والكتاب

قد ولدت الف بلا نكاح *** وكلها كانت من السفاح

السيد عبد الحسين الحجة الطباطبائي

عالم جليل القدر ، سليل بيت تسوده المكارم ، فهي من الأسر العريقة في العلم والفضل لم تبارحها الزعامة الدينية في كربلاء منذ عدة قرون ، وقد أطنبت كتب السير والتراجم في مآثرها ومفاخرها هو السيد عبد الحسين بن السيد علي بن السيد أبي القاسم بن الآغا حسن بن السيد محمد المجاهد من المير السيد علي صاحب الرياض الطباطبائي من أبرز الشخصيات الروحية وأحد المراجع الذي انتهت اليه الرئاسة في كربلاء ، كان مرجعا للقضاء والتدريس والفتيا ، وكان دائم المذاكرة ، دقيق النظر بعيد النور ، خصب الفكر ، مكباً على التدريس على آية الله العظمى الآخوند الملا كاظم الخراساني في النجف ، وبعد إكمال الدروس العالية وبلوغه مرحلة الاجتهاد عاد إلى كربلاء وأنيطت به مسؤولية التقليد . أدركت أواخر أيامه فرأيته يقيم الجماعة في الصحن الحسيني الشريف وكان ذا هيبة ووقار ، جميل الأخلاق ، سخي الطبع ، عالي الهمة ، عصبي المزاج ، توفي في الكاظمية يوم 24 محرم الحرام عام 1363 ه و نقل جثمانه إلى مسقط رأسه - كربلاء – وكان يوم وفاته من الأيام المشهودة حيث شق نميه على المسلمين ، فكانت خسارته جسيمة ، ودفن في الروضة الحسينية ، وأقيمت له عدة فواتح ، وأبنه الشعراء وكان من بينهم خطيب كربلاء الشيخ محسن أبو الحب الذي قال في ذكراه السنوية الأولى بقصيدة مطلعها :

العلم أصبح يبكي على مصاب الحسين

ص: 296

والدمع حزناً عليه قد سال من كل عين(1)

وكانت له مكتبة ضخمة أشرنا اليها في فصل - المكتبات الخاصة - العلامة آغا بزرك الطهراني في ( نقباء البشر 3 : 1051 و 1052 ) .

السيد حسين القزويني الحائري

السيد حسين نجل السيد باقر نجل السيد ابراهيم صاحب الضوابط ابن السيد باقر بن السيد عبد الكريم بن نعمة الله بن السيد مرتضى الموسوي القزويني الحائري.

هاجر السيد باقر والد السيد ابراهيم صاحب الضوابط من قزوين واستوطن النجف مع شقيقه السيد محمد علي وذلك في أواخر القرن الثاني عشر الهجري و اتصل الأخوان بالعلامة الشيخ جعفر الكبير صاحب کشف الغطاء ودر ساعلميه .ثم هاجر السيد باقر إلى كربلاء مع نجليه السيد ابراهيم والسيد مهدي . وبقي السيد محمد علي في النجف مصاحباً الشيخ موسى نجل الشيخ جعفر الكبير إلى أن وافاه الأجل ودفن قرب مسجد صفوة الصفا في النجف . أما السيد ابراهيم الشهير بصاحب الضوابط فهو جد المترجم له .

ولد السيد حسين في كربلاء سنة 1288ه وتتلمذ على العلامة الحجة الشيخ كاظم الخراساني الشهير ب ( الآخوند ) وله عدة اجازات في الاجتهاد . ومن أساتذته في الاجازة الآخوند الخراساني وآغا ضياء العراقي والسيد أحمد السيد صالح القزويني الموسوي والسيد أبو الحسن الأصفهاني والشيخ محمدتقي الشيرازي و مرزا محمد حسين النائيني . ساهم المترجم له في الثورة العراقية الكبرى سنة 1920م وكان عضواً فعالاً فيها ، وبعد أن أخمدت نار الثورة قبض عليه الإنكليز وقدم إلى المجلس العرفي العسكرى ، فأطلق سراحه بعد اعتقاله في الحلة طيلة

ص: 297


1- راجع ( ديوان أبي الحب ) تحقيق المؤلف ص 97.

ثمانية أشهر مع رفاقه أحرار کربلاء ، و من مؤلفاته المطبوعة مدينة الفاضلة في الاسلام . أما مخطوطاته فهي : شخصية الامام علي - بحث و تحليل أصول الدين ( ترجمه عن الفارسية سنة 1918م ) وغيرها من الآثار التي أطلعني عليها نجله السيد ابراهيم شمس الدين القزويني ، وقد دوناها في كتابنا (مخطوطات کربلاء ) . وكان الفقيد يملك مكتبة - سيأتي ذكرها في الفصل الخاص بالمكتبات الخاصة .

توفي يوم 2 ذي الحجة سنة 1367ه ودفن في مقبرة الى القزويني في الصحن الصغير للروضة الحسينية . ورثاه خطیب كربلاء الشيخ محسن أبو الحب بقصيدة مطلعها :

قدحل في الاسلام خطب جسيم *** بكى له الشرع الحنيف القويم

ورثاه أيضاً خطيب الكاظمية الشيخ كاظم آل نوح بقصيدة مطلعها :

خطب دهی مفاجئاً في كربلا *** غدات علامتها قد قرضا

وأرخ وفاته بقوله : .

فاجأه الموت فاردی راحلاً *** أرخ به أبوك يا شمسي قضي

السيد محمد حسن القزويني

قليل منا لا يعرف مركز السيد محمد حسن القزويني العلمي الديني الرفيع ، فقد كان من أفاضل فقهاء عصره و أحد أقطاب الفكر الاسلامي ، ساهم في الحقل الثقافي وخدم الدين واحتل مكانة اجتماعية تليق به .

تحدثت اليه أكثر من مرة ، فرأيته منضلها بعل الفقه ، ذا اطلاع واسع بأصوله . فهو موسوعة نفيسة و دائرۃ معارف حاوية لكثير من العلوم العقلية والنقلية وأحد

ص: 298

المراجع المعروفة في كربلاء التي يشار اليها . كان متوقد الذهن ، صافي السريرة كبير النفس ، عالي الهمة ، صريح الرأي .

هو السيد حسن ابن السيد أبي المعالي محمد باقر – المعروف بأغا مير لكونه جده - ابن الميرزا مهدي ابن السيد محمد باقر الموسوي القزويني الحائري . عالم جليل وفقيه بارع ومصنف ماهر ، ولد يوم عرفة بكربلاء سنة 1296ه وترعرع في أسرة علمية كريمة فاح عطر ذكرها وتضوع أريجها فنشأ فيها نشأة طيبة ثم انتقل إلى النجف الأشرف ، وتتلمذ على المولى محمد كاظم الخراساني الشهير بالآخوندو كتب من تقريرات بحثه تمام مباحث الأصول والطهارة والخمس والوقف والخيارات والطلاق وقليلاً من القضاء ، ومنها هاجر إلى سامراء ، فحضر على الميرزا محمد تقي الشيرازي واستفاد منه كثيراً ، ثم عاد إلى كربلاء بعودة الامام الشيرازي ، فذاع اسمه بسبب جهاده العلمي وجهوده الاصلاحية المشكورة ، وقد وضع مؤلفات وتصانيف ثمينة مطبوعة منها :

(1) شرح اللمعة

(2) هدي الملة إلى أن فدك من النحلة المطبوع في 9 ربيع الثاني 1352 ه .

(3) البراهين الجلية في رفع تشكيكات الوهابية المطبوع في 1346ه .

(4) الامامة الكبرى طبع منه مجلد واحد من بين ثمان مجلدات.

انتقل إلى جوار ربه يوم 26 رجب سنة 1380ه ، وكان لنعيه رنة أسى وأسف وموجة حزن طاغية ، ودفن في مقبرة السيد محمد المجاهد.

وردت ترجمته في كثير من المراجع أخص بالذكر منها ( نقباء البشر القرن الرابع عشر ) ج 1 ص 389 و ( عام الثمانين ) للشيخ حسين البيضاني ص 18 وغيرها .

ص: 299

السيد مرزا مهدي الشيرازي

السيد مرزا مهدي الشيرازي (1)

ولد في كربلاء سنة 1304 هجرية ، ونشأ بها في بيت تبوأ المكانة المرموقة في علوم الدين والشريعة ، والده السيد حبيب الله الحسيني الشيرازي من أبناء السيد محمد حسن الشيرازي الشهير . وقد عنى بتربيته شقيقه المرحوم السيد مرزا عبدالله الحسيني الشهير بالتوسلي ، وتتلمذ على المرزا محمد تقي الشيرازي زعيم الثورة العراقية والحاج آغا رضا الهمداني والسيد محمد كاظم اليزدي وسواهم من أساطين العلم ، وله عدة إجازات من الرواية من العلامة المرزا محمد الطهراني السامرائي ، صاحب ( مستدرك بحار الأنوار ) ، والشيخ آغا بزرك الطهراني صاحب (الذريعة ) والحاج الشيخ عباس القمي صاحب ( مفاتيح الجنان )، وكان فقيهاً بارعاً اضطلع بمسؤولية التقليد والمرجعية الدينية ، حيث أقسام الجماعة في الصحن الحسيني الشريف ، وله مؤلفات قيمة في مباحث الأصول ورسائل وتعليقات بلغت 18 كتاباً . وبالإضافة إلى كونه فقيها زاهداً وعالماً جليلاً ، فإن له المام بنظم الشعر خاصة في أهل البيت عليهم السلام.

قال من قصيدة في الزهراء عليها السلام ومطلعها :

درة أشرقت بأبهى سناها *** فتلالا الورى فيا بشراها

لمع الكون من سنا نور قدس *** بسنا ناره أضاء طواها

يا لها لمعة أضاءت فأبدت *** لمعات أهدى الأنام هداها

وله من قصيدة قال فيها :

أرى وجد قلبي مستنير الجوانب *** وفيض دموعي مستهل الذوائب

وفي الصدر من نار الفراق شرارة *** تفور لظاها في زوايا الترائب

ص: 300


1- اقتبسنا نبذة من تاريخ حياته من ( أعيان الشيعة ) ج 50 ص 115.

أغارت على صبري وافنت تجلدي *** واهدت إلي الكرب من كل جانب

و شمر دهري من قديم وانه *** لختفي وآلي أن يكل مساربي

وأخنى على قومي وأردى عشيرتي *** ولم يبق لي إلا رنيني وساكي

وكان يحسن الخط وحيده في العربية والفارسية . وقد تقدمت كربلاء في عصره تقدما دینی و علمياً وثقافياً .

توفي في اليوم الثامن والعشرين من شهر شعبان المعظم سنة 1380 ه وخسرت کربلاء بموته أحد أعلامها البارزين ، وأقيمت على روحه الطاهرة عدة فواتح . وقد أبنته في الاحتفال الذي أقامه خدمة الروضتين المقدستين بقصيدة مطلعها:

أترانا وللهموم أوار *** في الحنايا ، وللقلوب استعار

يصطفينا السلو حلواً ندياً *** والأسى في شغافنا فوار (1)

ورثاه فريق من شعراء القطر . وقد أنجب الفقيد عدة أولاد هم السادة محمد الشيرازي وحسن الشيرازي وصادق الشيرازي و مجتبى الشيرازي ، وكلهم رجال علم و عمل لهم مؤلفات مطبوعة .

تطرق إلى ترجمته عدد من المؤلفين منهم السيد صادق محمد رضا الطعمة الذي أصدر كتابا خاصا أسماه ( ذكرى فقيد الإسلام الخالد ).

ص: 301

السيد عبد الحسين آل طعمة

الصورة

هو السيد عبد الحسين الكليدار ابن السيد علي الكليدار(1) ابن السيد جواد الكليدار ابن السيد حسن بن السيد سلمان بن السيد درويش ابن أحمد بن يحيى نقیب الاشراف بن خليفة نقيب الاشراف بن نعمة الله بن العالم الفاضل السيد طعمة ( الثالث ) نقيب الاشراف (وهو الواقف لفدان السادة على أولاده الذكور سنة 1025 ه) ويقال لولده (آل طعمة ) ابن علم الدين بن طعمة (الثاني) ابن شرف الدين ابن طعمة كال الدين (الأول) نقيب الاشراف ابن أبي جعفر أحمد ( أبو طراس ) ابن ضياء الدين يحيى بن أبي جعفر محمد بن السيد أحمد الناظر لرأس العين ( المدفون في شفائة وقبره بزار و له کرامات ) ابن أبي

ص: 302


1- تولى سدانة الروضة الحسينية بعد وفاة والده عام 1309 ه وتوفي يوم الخميس 3 محرم الحرام سنة 1318 ه وكان مثالاً للزهد والورع واشتهر باطعام الفقراء وبنى بعض القناطر على نهر الحسينية أعقب ستة أولاد ذكور هم صاحب الترجمة والسيد مهدي والسيد عبد الرضا والسيد مصطفي والدكتور عبد الجواد و محمود .

الفائز محمد ( ويقال لولده آل فائز ) ابن أبي جعفر محمد بن علي الفريق بن أبي جعفر محمد الحبر الملقب بخير العمال ابن أبي الحسن علي المجدور بن أبي عانقة أحمد ( ويقال الولده بنو أحمد ابن محمد الحائري بن ابراهيم المجاب بن محمد العايد بن الإمام موسی ابن جعفر عليهما السلام (1) .

وردت ترجمته في (أعيان الشيعة ) وهذا نصها : ولد في كربلاء سنة 1299 ه وتوفي فيها سنة 1380 ه ودفن في إحدى حجرات الصحن الحسيني الشريف ، هو ابن السيد علي الكليدار بن السيد جواد الكليدار من اسرة آل طعمة من سلالة آل فائز الموسويين التي استوطنت منذ سنة 247 هجرية ، انتقلت إليه سدانة الروضة الحسينية سنة 1318 بعد وفاة والده و استمر على اداء خدمته لحرم جده المطهر الحسين بن علي عليه السلام حتى سنة 1343 حينما رغب في الاعتكاف والانزواء فتنازل عنها لولده الأكبر السيد عبد الصالح آل طعمة السادن الحالي للروضة الحسينية . ولقد كان المترجم باحثاً محققاً يميل بطبعه إلى التتبع في بطون الكتب التاريخية والفلسفية نتيجة لدراسته وتربيته الأولية في حضن أبيه وما كان يحيط به من جو علمي أدبي . وقد اشترك في كثير من المؤتمرات التي عقدت والحركات التي أثيرت في كربلاء وبغداد أبان الثورة العراقية سنة 1920 میلادية ، ولم يترك البحث التاريخي والأدبي والعلمي حيث استطاع أن يصنف بعض المؤلفات المفيدة ويجمع مكتبة قيمة كانت تعد من أضخم المكتبات في كربلاء سواء في مخطوطاتها أو مطبوعاتها، ولكنها احترقت في عام 1333 ه إثر الثورة التي نشبت في كربلاء في هذه السنة بين أهالي كربلاء والسلطة التركية فيها والتي انتهت بانسحاب الأتراك من كربلاء واستيلاء الأملين على الحكم . وقد تمكن المترجم من أن يجمع بعض مسوداته في عزلته في أواخر أيامه ويؤلف منها عدة كتب هي :

ص: 303


1- اقتبسنا صورة هذا النسب من المشجرات الخاصة الموجودة لدى الأسرة ، وقد أثبتها النسابون في كتب الأنساب المخطوطة والمطبوعة أيضاً .

1 - تاریخ کربلاء طبع عام 1369 . أما كتبه المخطوطة فهي .

2 - حالة العرب الاجتماعية في الجاهلية .

3 - قريش في التاريخ..

4 - بطون قریش .

5- تاریخ کربلاء مفصلاً .

6- تاریخ آل طعمة الموسويين .

7 - تاریخ کربلاء بالفارسية .

8 - أديان العرب في الجاهلية .

9 - معجم المدن والأنهار التاريخية في العراق . وذلك بالإضافة إلى بحوث أخرى منها .

10 - تاريخ المعاهد العلمية في الإسلام .

11 - نشأة الأديان السماوية .

12 - ترجمة حياة أبي طالب عم النبي صلی الله علیه وآله وسلم

13 - تاريخ المدن المقدسة في العراق .

14 - نشأة الدولة العقيلية التي أسسها محمد بن المسيب و ملو کها .

15- الأدباء العلويون في العصر العباسي .

16 - حياة بعض الخلفاء العباسيين . وتوجد هذه المؤلفات و الحلفات لدى أكبر أولاد المترجم السيد عبد الصالح (1) .

عاشرته السنوات الأخيرة من حياته (1375 ه - 1380 ه) وكان العامل الأول في رسوخ معاشرته النيل الذي يحمله والعاطفة الرقيقة التي يتحلى بها ، فكان مثال الإنسان الوديع على نحافة جسمه وجهورة صوته و إشراق وجهه ،

ص: 304


1- أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 50 ص 124 و125.

وكان المتواضع الذي تداخل الزهد معه . وكان على جانب عظم من الذكاء الحاد والحس المتوقد والخلق القويم . كما انه كان مياة إلى العزلة ، يؤثر الانقطاع عن غوغاء الناس ، محباً للمطالعة والتأمل . ولم أزل أحتفظ في ذاكرتي الكثير من الأخبار والصور عن سيرة هذا المفكر ، فقد كان عالماً فاضلاً ورث الشرف العظم من أسلافه الأمجاد . و كنت كلما ضمني مجلس و اياه في داره الكائنة في محلة المخيم ، راح يحدثني فصولاً ممتعة عن تاريخ الإسلام وسير شخصياته ، فاستمتعت بأحاديثه الطلية التي لا يعملها السمع ولا يجف منها الحلق ، وكان يستشهد بأقوال الفلاسفة والحكماء عن المصادر التي أجهد نفسه أعواماً طويلة في البحث والتتبع والاستقصاء عنها . لفظ أنفاسه الأخيرة في صباح يوم الجمعة 12 شوال سنة 1380 ه الموافق 11 مارس سنة 1962 م، و أرخ عام وفاته الشاعر الشيخ علي البازي بقوله :

سدانة السبط سليل الهدى *** ومن إلى الإسلام إنسان عين

قام بها عبد الحسين الذي *** قد فاز فيها قام بالحسنيين فسوف

يجزى الأجر يوم الجزا *** من شافع يشفع في النشأتين

غاب ولكن شخصه ماثل *** أمامنا من دون زيغ ومين

إن رمت أن تعرف تاريخه *** (قل أنه لاذ بقبر الحسين )

1380 ه

وارخ وفاته أيضاً الخطيب السيد علي بن الحسين الهاشمي بقوله :

نعال في الحائر ناعي الحجي *** فاغرورقت بدمعها كل عين

عبد الحسين قد قضى نحبه *** أرخته ( الخلد مثوی الحسين )

1380 ه

ومن ذكره من الاعلام في تصانيفهم السيد جعفر الأعرجي الكاظمي في

( تراث کربلاء م -20)

ص: 305

كتابه (مناهل الضرب في أنساب العرب ) المخطوط ص 565، والشيح آغا بزرك الطهراني في (نقباء البشر في اعلام القرن الرابع عشر) ج1 ص 1058 وخير الدين الزر کلي في (الأعلام) ج 7 ص 115 والسيد صالح الشهرستاني في كتابه ( شخصیات أدر کتها ) وغيرهم . ورثاه فريق من الشعراء والأدباء في ذكراه الأربعينية والسنوية .

السيد محمد علي الطباطبائي

هو العالم الفاضل السيد محمد علي بن السيد مهدي بن السيد محمد علي بن مرزا مهدي بن المير السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض .

ولد في كربلاء سنة 1302 ه ، ونشأ في أسرة ( آل الطباطبائي ) المعروفة بقدسيتها وعمها ، وأخذ المقدمات من اعلام اسرته العلامة السيد الآغا میرزا جعفر بن الميرزا علي نقي الطباطبائي المتوفى عام 1321 ه ، ثم درس الأوليات من العربية على الشاعر الشيخ جعفر الهر ، ثم حضر درس العالم الكبير المجاهد الشيخ محمد تقي الشيرازي زعيم الثورة العراقية والسيد مرزا هادي الخراساني وغيرهم من الأساتذة الفضلاء ، وله منهم إجازات عديدة .

اشتغل بالقضايا الوطنية وضرب فيها بسهم وافر ، وساهم بمقدمات الثورة العراقية الكبرى عام 1920 م حيث نفي إلى سامراء سنة 1918 م من قبل السلطة المحلية آنذاك وسافر إلى هنجام مع أحرار کربلاء في 25 أيلول عام 1920 م. و للمرحوم ذكريات تاريخية تدل على همته القعساء وقد ضرب بها أروع المثل في البطولة والتضحية والشهامة والإباء ضد الاحتلال البريطاني الغاشم في ثورة العشرين. وكان إلى جانب فقاهته رفيق الروح وإلى جانب تقواه نقي السريرة ، وكان يتمتع بشخصية محترمة في الأوساط الاجتماعية وكان رجلاً صلباً

ص: 306

في الحق والوطنية الصادقة ، جريئاً لا يهاب الكوارث و الزعازع. ترك مؤلفات خطية لم ترَ النور بعد.

توفي في كربلاء يوم 16 جمادى الثانية سنة 1381 ه ، وجرى له تشییع حافل على نطاق رسمي وشعبي ، ودفن في مقبرة العلامة السيد محمد المجاهد ابن السيد علي صاحب الرياض .

ص: 307

الفصل السابع: مجالس الشعراء

اشارة

هنا وهناك في أرجاء مدينة الحسين المعمورة ، كانت تعقد مجالس أدبية ، ونوادي علمية يلتقي بها رجال الأدب وأكابر رجال البلد و الوجهاء والأغنياء والشعراء والأدباء من شيوخ و شباب يقضون أوقاتهم في سمر و منادمة ، ويتحدثون ويتغنون بجرائد المنظوم وروائع المنثور . فقد كانت کربلاء سابقاً كعبة القاصدين الشعراء بغداد و الحلة والنجف وغيرها من المدن .

وفي هذا الفصل تجسيد لملامح تلك المجالس الأدبية الراقية التي اشتهرت في کربلاء خلال القرون الثلاث الأخيرة. أما باقي المجالس والدواوين فكانت لا تخلو من وجود أساليب التسلية و اللهو ليلاً ونهاراً. المجالس الكربلائية الشهيرة التي كانت تترنح في أجوائها الف حكاية من حكايات الأدب .. والعلم .. والشمر .. والاجتماع . المجالس التي لا زالت آثارها باقية اليوم . فقد كان سراة القوم يجتمعون بالعامة من الناس لدراسة أمورهم المعاشية وحل معضلاتهم ، فيحتكمون عندهم فيحكون لهم في كل كبيرة وصغيرة دون أن يعدم لأحدهم حق، فضلا عن اتخاذها ندوات أدبية يتطاردون فيها الشعر ويتذاكرون فيها سير

ص: 308

الأولين ويقصون روائع الأسمار و طرائف القصص ما يخلب الألباب . وتنسيهم مشاكل الحياة وهمومها فيقضون ساعات في جو من الغبطة والارتياح . ومن مزايا تلك المجالس أن يدخن فيها النارجيلة ويقدم للوافدين الشاي فير شفون القهوة العربية المرة التي تدار عليهم بين حين وآخر . وقد حاولت أدون ما أودعته ذاكرتي وما تعلق في خاطري في مجالستي لشعراء ورجال معمرين أو ما رواه لي بعضهم عن بعضهم من نوادر ، ولعل في ذلك ما يشوق للقراء . ولا تزال الأبيات التي سأذكرها متعلقة في ذاكرة المخضرمين من الأدباء وهواة الأدب . ومن هذه المجالس :

1- ديوان الميرزا أحمد النواب

يعتبر الميرزا أحمد النواب(1) صاحب المحاورات الأدبية التي منها ( معركة الخميس ) المشهورة ، حيث كان يقيم في كربلاء في مطلع القرن الثالث عشر الهجري أي قبل حوالي مئة وخمسين عاماً . ولقد أشار صاحب (أعيان الشيعة) إلى ذلك فقال : وجرت في مجلس هذا الديوان مجالس أدبية تناقلها العراقيون وأودعت في المجاميع في ذلك العصر تدل على معرفة المترجم بالأدب والشعر معرفة تامة (2)... الخ ومعركة الخميس هي تلك المساجلة الأدبية التي جرت حول قصيدة السيد نصر الله الحائري التي مطلعها :

یا تربة شرفت بالسيدالزاكي *** سقاك دمع الحيا الهامي وحياك

ص: 309


1- ترجمه سيدنا الحجة السيد محسن الأمين في الجزء العاشر ص 311 من ( أعيان الشيعة ) فقال : أديب كبير كان يقيم في كربلاء في عصر السيد مهدي الطباطبائي بحر العلوم ، ولا يعرف عنه شيء اليوم ، ويحتمل أن يكون من كل النواب في يزد وهم أسرة علوية من بقايا الصفوية ، ويحتمل أن يكون من الأسرة الهندية التي كانت تستوطن كربلاء واليها ينسب بعض العقار إلى الآن والله أعلم ، وهم غير آل النواب الذين يسكنون بغداد ، فاولئك أسبق هجرة من سكان بغداد .
2- أعيان الشيعة ( 10: 311).

واشترك فيها شعراء ذلك العصر كالشيخ محمد رضا النحوي والشيخ أحمد الندوي فحكمو ابها السيد مهدي بحر العلوم. وقد وردت هذه المساجلة في عدة مصادر آخری کدیوان السيد نصر الله الحائري والبابلیات و شعراء الحلة وغيرها .

2- ديوان آل الرشتي

كان مجلس هذا الديوان قديماً محط رحال الأدباء ومنتجع الشعراء والندماء لا يخلو من مطارحات أدبية ومساجلات شعرية وذلك منذ عهد العالم السيد كاظم ابن السيد قاسم الحسيني الرشتي المتوفى سنة 12509م ، فقد كان الشعراء يؤمون هذا الديوان ، حيث تروى فيه الأخبار وتتناشد الأشعار . وكان من بين شعراء کربلاء الذين مدحوا السيد المذكور الشاعر الشيخ قاسم الحر ، فقال من قصيدة له :

كيف الضلال و نور رشدك مشرق *** وشذاك في الأكوان مسك يعبق

يا من إذا لمعت أشعة نوره *** ظلت بها حدق الخلائق تحدق

يا كاظم الغيظ الذي فيه اغتدت *** كل العلوم الغامضات تحقق(1)

أما في عهد نجله السيد أحمد الرشتي ، فكان شعراء الحلة وبغداد والنجف كعادتهم يكثرون الاختلاف إلى ديوانه ، وقد دلت مساجلانه الشعرية على بعد غوره و تضلعه في هذا الفن . وكان من بين شعراء الحلة الشيخ صالح الكواز الذي قصد کربلاء في إحدى زيارته معاتباً في قصيدة له السيد أحمد الرشتي ، حيث لم يلق الترحيب الذي كان يلقاه من أبيه السيد كاظم في حياته وذلك في عام 1286ه ومطلعها :

وقوفي تحت الغيث ما بلني القطر *** وعمت بلج البحر ما علني البحر

ورحت بما في معدن التبر طامعاً *** فمدت و كفي و هي من صفرها صفر

ص: 310


1- نقلنا هذه الأبيات عن مجموعة خطية كل الهر .

و كنت قداستنصحت في الأمر رائداً *** فقال هو الوادي به العشب والزهر فلما

خططت الرحل فيه وجدته *** وأمواهه نار وأزهاره حمر

فوالله ما أدري أأخطا رائدي *** أم أكذبني عمداً أم انعكس الأمر

وكم أطعمتك الغانيات بوصلها *** فلا تداني الوصل آيسك الهجر

وذلك من فعل الغواني محبب *** ولكنه من غيرها خلق وعر

على أنه ينمي إلى العيلم الذي *** تمد البحار السبع أنمله العشر

في كاظم الغيظ ما ضاق صدره *** إذا ضاق من وسع الفضا بالأذى صدر

إذا حسن البشر الوجوه فانه *** لمولى محياه به يحسن البشر(1)

وكان السيد أحمد الرشتي يبذل لاخدانه الشعراء بالعطاء ويوسع عليهم في العيش ، ومن شعراء كربلاء المختلفين اليه الحاج جواد بدقت والشيخ فليح والشيخ محمد فليح والشيخ موسى بن قاسم الأصفر والشيخ كاظم الهر وسواهم . ومما تجدر الإشارة اليه أن لهؤلاء الشعراء قصائد كثيرة في مديح السيدين كاظم وأحمد الرشتي . وكانت في الديوان مكتبة حافلة بالكتب القيمة ، وقد بلغ عدد كتبها عشرة آلاف مجلد بين مطبوع ومخطوط - سوف يأتي ذكرها في الفصل الخاص بالمكتبات الخاصة – وفي هذا الديوان كانت تتبادل الآراء الأدبية ويدور النقاش في كافة فنون الأدب.

ودار الزمن دورته ، فقتل السيد أحمد الرشتي عام 1295ه في كربلاء بتحريض من الحاج محسن كمونة وقد قتله كل من جعفر بن باخية والحاج حسن الشهيب وسليمان الصائغ وأحد أفراد أسرة الفتوني وآخرون غيرهم ، كما أنهم قتلوا خدينه الوفي محمد بن فليح بعد مقتل سيده وهما يخرجان من باب السدرة بعد صلاة العشاء و كانت مواقف الشعراء شديدة لهذه الوقعة المؤلمة ، وقد هزت هذه الحادثة

ص: 311


1- مجموعة آل الرشتي ( مخطوط ).

عواطفهم لا سيا الشاعر الشيخ كاظم المر فقد جزع جزعاً شديداً لمقتل سيده . من قصيدة طويلة أولها :

إذا لم أمت حزناً لشمس سما الفخر *** في العصر اني ما حييت لفي خسر

وفي العيد إن فاضت سحائب مقلتي *** فها هي لم تبرح مدامعها تجري

و كيف هلال العيد يبزغ بعدما *** تواری هلال المجد من ظلمة القبر

وتسعد أيامي وقد راح أحمد *** شهيداً على حد المهندة البتر

أبو قاسم من شاد رکن فخارها *** وداس بنعليه على هامة النسر

وهيهات عين العيد تنضب بعده *** وروض الهنا يفتر مبتسم الثغر

ومن ثم ينتقل إلى رثاء زميله الشاعر الشيخ محمد ابن الشاعر الشيخ فليح الذي قتل في نفس الحادثة :

مصاب دهی غض الشباب محمداً *** وقاد زمام المجد ناشرة الشعر

محمد یا رب الحجي وأخا النهى *** محمد يا غيظ الحسود و يا ذخري

فديتك هل أسلو و هیهات نكبة *** فحاشا بأن تقضي ولاينقضي عمري

محمد یا من حاز أفضل غاية وأنسی جرير بالفصاحة والشعر (1)

و استخلف السيد أحمد نجله الأديب الظريف السيد قاسم الرشتي ، فكان الشعراء كمهدهم السابق يتوافدون على ديوانه و عطر ونه مدائحهم ، فمن الحلة الشاعر الشيخ حمادي نوح الذي يضم دیوانه الخطوط فصلا باسم « الرشتيات » و هي تهانیه و مدائحه للسيد قاسم المذكور . و من شعراء كربلاء الشيخ كاظم الهر و الحاج محمد حسن أبو المحاسن - وزير المعارف سابقاً - والشيخ عبد الحسين الحويزي . ومن الرجال البارزين الذين كانوا يرتادون هذا المنتدى الأدبي الشهير الخطيب الشاعر السيد جواد الهندي والشيخ محمد علي القاضي الشهير ب ( قصير

ص: 312


1- ديوان الشيخ كاظم الهر نسخته المخطوطة في مكتبة الأستاذ حسن عبد الأمير .

الأدباء ) والسيد هاشم قفطون (1). وحدثني المرحوم الشاعر الشيخ عبد الحسين الحويزي في خصومة جرت بينه و بين الخطيب الشهير السيد جواد الهندي في هذا الديوان فقال : ارتقى المنبر ذات مرة خطيب كربلاء السيد جواد الهندي في ديوان السيد قاسم ، وأخذ يطيل في حديثه وقراءته في المأتم الحسيني المقام في الديوان المذكور ، حق مل الحاضرون منه ، ولكنه تعمد بذلك ، وأراد عدم إفساح المجال لغيره من الخطباء الألقاء القصائد المعدة حينذاك ، حيث كانت من بينها قصيدتي و قصيدة المرحوم الشاعر الحاج محمد حسن أبو المحاسن . وأخيراً هجوته بعد دراسة الموقف وبحث السبب في ذلك في محضر اجتماع ضمني و إياه في ديوان السيد أحمد الوهاب ، والأبيات هي :

أجواد مهلاً إن جربت إلى العلى *** كم من جواد قبل شأوك قد كبا

لا تعجبن بخلق نفسك في الوری أن النبي يتيه فيك تعجبا

لم لا رضيت رثاء جسدك برهة *** يتلى لذا صبرت ربك مغضبا

واري الشريف إذا بكی اکرومة *** لأبيه لم يكن الشريف له أبا

اني وأنت على الإقامة والسری *** خصمان ندعي فليتب من أذنبا

وهكذا كانت الطرائف والأحاديث تجري كالسيل الجارف في مجلس هذا الديوان . ولما فاضت روح السيد قاسم الرشتي إلى بارما ، أصيب الأدب عندنا بنكسة كبرى وخسارة عظمى ، حيث توقف النشاط الفكري والإنتاج

ص: 313


1- هو الخطيب السيد هاشم الشهير بالقاري ابن السيد محمد بن السيدهاشم آل قنطون الموسوي المولود سنة 1285م في كربلاء درس على والده السيد محمد بعض المقدمات ، وتلقى علومه على أيدي أساتذة وشيوخ فدرس الفقه والتفسير والحديث ولازم السيد جواد الهندي خطيب كربلاء وبعد وفاته سار على نهجه وعكف على إدارة مجالسه فترة طويلة بحزم وأصبح خطيباً له مكانته المرموقة واتصف بالمزايا المالية والسجايا النبيلة . توفي عام 1350ه وأعقب ولدین فاضلین ها الخطيب السيد كاظم والسيد محمد .

الأدبي بين علماء وشعراء ذلك العصر ، وخبت تلك الشعلة الفياضة التي كانت تبعث بأنوارها من أرجاء هذا الست

3- ديوان آل كمونة

و كان الشعراء يقصدون هذا الديوان وينشدون قصائدهم في مناسبات مختلفة ، ويكيلون المديح لآل كمونة . ومن هؤلاء الشعراء الشيخ جعفر الهر والشيخ جواد الهر الذي صرح بأنه شاعر آل كمونة والشيخ مهدي الخاموش والشيخ الكريم النايف وغيرهم . ومن نتاج هؤلاء ألفت مجموعة ضخمة في مدي-ح ورثاء آل كمونة ما تزال مخطوطة . وكانت المجالس تعقد في أدوار متعاقبة منذعهد شاعر الاسرة الحاج محمد علي كمونة المتوفى عام 1282ھ

4 - تكية البكتاشية

4 - تكية البكتاشية(1)

يعود تاريخ التكية إلى أكثر من قرنين ، وهي تجاور قبر الشاعر فضولي البغدادي . وتضم قبة كبيرة ومحراباً في الأرض مبنياً بالقاشاني يتوسطه عمود من المرمر النفيس . وتتصل هذه التكية بالروضة الحسينية من جهة الجنوب و كان يلتقي فيها الباشوات و المشراء القادمين من اسطنبول بين حين وآخر . كما يلتقي بها شعراء كربلاء أخص بالذكر منهم الشيخ مهدي الخاموش(2)الذي يقصد التكية في عهد السيد تقي الدرويش عميد أسرة آل الدده الحاليين .

ص: 314


1- البكداشية أو البكطاشية جماعة من المتصوفة لهم أصولهم وحياتهم وطريقتهم الحياتية وقد اهتم لفيف كبير من المستشرقين والكتاب العرب بهم ، فكتبوا عنهم الفصول الطويلة . وقد أعد الاستاذ أحمد الصراف بتأليف كتاب عنهم ، نشر فصوله في جريدة ( كل شيء ) البغدادية ابتداء من العدد 30 الصادر في 2 رمضان 1384 / 1 كانون الثاني 1965 .
2- هو أبو زيارة الشيخ مهدي بن عبود الحائري الشهير بالخاموش ، كان خطيباً وشاعراً تشهد له المحافل الكربلائية توفي سنة 1332ه أنظر كتابنا « شعراء كربلاء ج 1 ص 216 ».

والشاعر الشيخ جمعة الحائري (1) والشيخ محسن أبو الحب خطیب کربلاء وكذلك الخطيب الشيخ علي أبو غزالة وذلك في عهد المرحوم السيد حسين الدده ابن السيد عباس ابن السيد محمد تقي الدرويش .

ومن المعروف أن تلك الأحاديث والمسامرات الأدبية كانت تحتل الصدارة في مجالس التكية ، فيتبارى أمل الفضل والأدب بالمنظوم والمنثور . وقد استكملت التكية أخيرة من قبل وزارة الأوقاف فامرت بهدمها سنة 1400 ه.

5- ديوان المرزا الحائري

كان دیوان زعيم الثورة العراقية آية الله الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي مرجعا للزعماء السياسيين و ملتقى الوطنيين و المجاهدين الأحرار . و كان الشعراء يختلفون اليه من وقت لآخر أخص بالذكر منهم الشاعر الوطني خيري الهنداوي والشمخ محمد حسن أبو المحاسن والدكتور محمد مهدي البصير ، لا سيما في الوقت الذي شملت العراق الظروف السياسية الراهنة يوم نشبت ثورة العشرين ، حيث كانت فتاوى الإمام الشيرازي تفرض الجهاد على المواطنين و تحرضهم على التضحية بكل غال ونفيس للانتصار على الاستعمار البغيض .

وشاء القدر أن يختار لجواره الامام محمد تقي الشيرازي في اليوم الثالث من ذي الحجة عام 1338م المصادف 13 آب سنة 1920م ، فأقيم له احتفال رائع بديوانه العامر في كربلاء فرثاه الشعراء بقصائد عصماء ومنهم الشاعر خيري الهنداوي بقصيدة بدأها بقوله :

خطب عليه بكى الانس والجان *** مذ بان عن زورق الایمان سكان

ص: 315


1- هو الشيخ جمعة بن حمزة بن الحاج محسن بن محمد علي بن قاسم بن محمد علي بن قاسم آل دعدوش المتوفى سنة 1350ه كان من شعراء وخطباء كربلاء ، انظر كتابنا « شعراء كربلاء ج 1 ص 277».

مضى إلى الله من كانت طبيعته *** لله آية توحید و برهان

الدهر دار زوال لا ثبات له *** و إنما هو غدار وفتان

لا تطمئن بدنيا غير دائمة *** فإنما شأنها ظلم وعدوان

إلى أن قال :

فحق أبصارنا تبکی علیه دماً *** لأنه كان الاسلام سلطان

العلم ینعاه والتقوی له وله *** و الزهد یصرخ والمحراب حیران

وقد تهدم ديوان المرزا الحائري بعد وفاته ، وذلك على اثر افتتاح شارع علي الأكبر في عهد صالح جبر متصرف لواء کربلاء عام 1938م .

6- ديوان آل النقيب

و هو ناد خفيف الروح لا يخلو من الاجتماعات ذات الطرائف و الخواطر الأدبية التي تثير الدعابة والمرح في الجو الشعري . ففي عهد المرحوم السيد محسن النقيب توافد اليه شعراء کربلاء ومنهم الشيح كاظم الهر وله فيه مدائح، وعندما طوى السيد محسن الأجل في رمضان 1338ھ جاء دور نجله السيد حسن النقيب ، و كانت له صداقات مع كثير من الأدباء أمثال الشاعر الشيخ جواد بن كاظم المر الذي عاتب السادة آل النقيب بهذين البيتين ، وذلك لأنهم لم بدعوه لوليمة في بعض أعراسهم ، والبيتان هما :

أنسيتم سادتي هركم *** عن طبيخ دسم في الأكل يحمد

أم عملتم بالذي قيل بنا *** عند أكل اللحم ان الهر يطرد

فما كان من السيد النقيب إلا أن كافأه بمنحة مالية سخية عوضاً عن الوليمة . و كان يختلف على الديوان المذكور بعض الزائرين والسائحين الأجانب الذين يقصدون كربلاء و من زار الديوان عام 1920م الصحفي الشاعر عبد المسيح الانطاكي مؤلف ملحمة ( العلوية المباركة ).

ص: 316

7- ديوان آل الوهاب

وهو الذي يقع في محلة باب الطاق قرب ديوان آل الرشتي ، أسسه السيد أحمد السيد محمد الوهاب عميد اسرة آل الوهاب. وكانت للسيد المذكور مواقف جليلة وخدمات لها شأن يذكر لا سيما يوم كان نائبا عن كربلاء سنة 1940 م . وممن كان يختلف على ديوانه من شعراء كربلاء الشيخ كاظم الهر والسيد جواد الهنيدي والشيخ محمد حسن أبو المحاسن والشيخ محسن أبو الحب والشيخ عبدالحسين الحويزي وغيرهم . ومما يذكر بهذا الصدد ان الشيخ علي أبو غزالة الخطيب الكربلائي المتوفى سنة 1350 ه قال معاتباً الحاج محمد حسن كبه حاكم كربلاء وذلك بوعد وعده ولم يف به :

ان الفقى من بدا منه الجميل بلا *** وعدٍ ومن أنكر الميعاد نصف فتى

ومن تخلى عن الأمرين فامرأة *** ونصف امرأة من خُلفه ثبتا

وكان السيد أحمد الوهاب يشهد هذه النوادر اللطيفة والمواضيع الظريفة منهم .

8 - مجلس السيد يوسف الأشيقر

وهو إحدى المجالس العامرة في هذا البلد ، أسسه السيد يوسف السيد أحمد الأشيقر ، يلتقي فيه رجال الأدب والوجاهة ، ويقضون أوقاتهم في سمر ومنادمة ، ويتحدثون فيه أظرف الأحاديث التي تتعلق بشؤون الفكر والكتاب العربي وقضايا الساعة ، موقعه في حارة آل الأشيقر ، وكان يرتاده السيد عبد الحسين آل طعمة سادن الروضة الحسينية ، والشاعر الشيخ محمد القريني والسيد يونس نصر الله والسيد ابراهيم شمس الدين القزويني والسيد صالح السيدجوادو السيد يوسف آل طعمة وعبد الحميد الوكيل

ومن الجدير بالذكر ان السيد يوسف الاشيقر سعى سنة 1926 م بتأسيس ( الجمعية الأدبية ) مع رعيل من مثقفي المدينة ، إلا أن الحكومة خشيت أن

ص: 317

تكون جمعية سياسية فرفضت طلبه .

9- دیوان مجد العلماء

يعرف مجید خان بن المرحوم أسد خان مجد العلماء ، و دیوانه كان مزدحماً بأهل العلم ، و كان موقعه خلف ديوان آل الرشتي ، يؤمه فريق من شعراء کربلاء كالشيخ مهدي الخاموش والشيخ جعفر الهر والشيخ جمعة الحائري . و كان مجید خان يستمتع بتلك القصائد و الاحاديث التي تنتهي بالفكاهة المستملحة .

10 - ديوان السيد عبد الوهاب آل طعمة

10 - ديوان السيد عبد الوهاب آل طعمة (1)

وهو ديوان رئيس بلدية كربلاء ، و كانت مجالسه لا تخلو من ولاة وعلماء و ادباء و أعيان ووجوه فضلا على جماهير الناس المحتشدة و فيه تجري أطيب الأسمار وأظرف الاحادیث وهذه اللقاءات الفكرية أدت إلى تأليف كتاب ( فدك ) للسيد محمد حسن القزويني . و كان من رواده الشاعر محمد حسن أبو المحاسن والسيد محمد تقيالطباطبائي والسيد حسين القزويني والشيخ كاظم أبو ذان والشيخ محمد علي ( قصير الأدباء ) .

11 - ديوان آل حافظ

ومن المجالس الأدبية التي كان يرتادها ادباء ذلك الجيل ورجالات البلد

ص: 318


1- هو ابن السيد عبد الرزاق بن السيد عبد الوهاب حاكم كربلاء وسادن الروضتين المقدستين ابن السيد محمد علي سادن الروضة الحسينية ابن السيد عباس نقیب الاشراف ابن السيد نعمة الله نقیب الاشراف ابن يحيى بن خليفة نقيب الاشراف بن نعمة الله نقيب الاشراف بن العالم الفاضل السيد طعمة علم الدين الفائزي الموسوي الحائري، ولد عام 1284 ه وكان أحد رجالات الثورة العراقية عام 1920 م وعين رئيساً لبلدية كربلاء قبل الاحتلال البريطاني وبعده ، وعين عضواً في المجلس الوطني أبان الثورة وتوفي في رمضان سنة 1347 ه. راجع ترجمته في مجلة (المرشد) البغدادية السنة الرابعة صفر 1348 ه تموز 1929م.

السياسيين هو ديوان رئيس بلدية كربلاء الشاعر الحاج عبد المهدي الحافظ الكائن عند باب الصحن الصغير للروضة الحسينية المشرفة. فكان هذا الديوان مكتضا بوجوه و ادباء البلد يرتاده ب ين حين وآخر الشاعر الوطني الحاج محمد حسن أبو المحاسن والسيد حسين القزويني والشيخ كاظم أبو ذان والسيد أحمد البير والسيد نعمة السيد حسين والشيخ علي الشيخ زين العابدين الحائري والآغا رضا المحدد والشاعر التركي الشيخ رضا الطالباني. و كان لتلك المحاورات أثر في الحياة السياسية والاجتماعية .

12 - ديوان السيد جواد الصافي

كان موقعه في سوق الحسين علیه السلام قرب حمام المالح ، توافد إليه وجوه البلد وأعيانه أخص بالذكر منهم المرحوم السيد محمد مهدي السيد حسن بحر العلوم الطباطبائي المتوفى سنة 1933 م الذي تولى منصب وزارة المعارف في الوزارة النقيبية الأولى في 10 أيلول 1921 م ، ومنهم السيد أحمد السيد صالح آل طعمة - جد المؤلف - وفيه تجري الطرائف من أطايب الأسمار والأحاديث ، وفيه تنتعش فنون الأدب الرفيع.

13 - ديوان آل الشهرستاني

أسسه العلامة الكبير السيد مرزا مهدي الموسوی الشهرستاني ، وكان مجلسه مقراً للعلماء والادباء ورجال الدين . ومما زاد على بعد صيته وعلو ذکره کونه عالماً تقياً وزاهداً ورعاً ، یعد في الرعيل الأول من العلماء العاملين . انتقلت الرئاسة من بعده إلى أبنائه وأحفاده. و في عهد المرحوم السيد ابراهيم الشهرستاني اقيمت في الديوان عدة حفلات في مناسبات دينية شارك فيها الشعراء والادباء الشيخ عبد الحسين الحويزي والسيد مرتضى الوهاب والسيد مرتضى القزويني والسيد صادق آل طعمة والسيد صدر الدين الحكيم الشهرستاني وسواهم .

14 - ديوان الشيخ محمد رشيد الصافي

ص: 319

موقعه في شارع العباس ( مصرف الرهون حالياً ) أسسه الشيخ محمد رشيد الصافي رئيس بلدية كربلاء سابقاً . وكان يختلف على ديوانه بعض الشعراء وأهل الفضل كالسيد جعفر الحلي والشيخ محمد علي اليعقوبي ، ومن كربلاء الشيخ عبد الحسين الحويزي والشيخ موسى الهر.

بالإضافة إلى تلك المجالس الأدبية فهناك مجالس للعلماء ودواوين الرؤساء يرتادها وجهاء البلد وبقية الناس من طبقات الشعب المختلفة ، حيث يتناولون في أحاديثهم الشؤون الزراعية والقضايا المعاشية ويتناقلون أخبار الأحداث المحلية أو العالمية التي يسمعونها في الاذاعات ويلتقطونها من أفواه الناس ، فتكون لهم مادة طريفة للأحاديث الشيقة والأسمار اللطيفة.

هذه الدواوين القديمة التي لم يبقَ إلا اسمها : ديوان السيد صالح السيد سلمان آل طعمة المتوفى سنة 1319 ه- وديوان السيد عبد الحسين السر خدمة آل طعمة مدير مدير أوقاف كربلاء وديوان السادة آل ثابت وديوان آل شهيب وديوان آل جار الله وديوان آل عواد وديوان السيد مصطفى الشر وفي نائب سادن الروضة الحسينية ،ودواوين العلماء.

ومن دواعي الأسى والأسف ان أغلب هذه الدواوين لم يكن لها وجود اليوم بسبب تطور الحياة الاجتماعية.

ص: 320

الفصل الثامن: المكتبات الخاصة والعامة

المكتبات الخاصة :

اشارة

تعتبر کربلاء من أمهات المدن التي لعبت دورا مهما في التطور الحضاري والتقدم الفكري منذ عدة قرون.

وبالرغم من عبث الحوادث الدامية في تشتيت الكبت في خزائن کربلاء ومكتباتها ، فقد كثرت فيها الكتب القديمة والذخائر القيمة ، ولا تخلو هذه الخزائن من مجاميع مخطوطة فيها النادر والنفيس والقديم والجدير بالتحقيق والنشر . ونحن هنا ندون تسجيل خزائن الكتب البائدة و الحاضرة قديمها وحديثها لكي يطلع القارىء اللبيب على المعلومات الواردة فيها .

1 - مكتبة السيد مرزا محمد مهدي الشهرستاني

أسسها في داره الكائنة بمحلة آل عيسى ، وكانت في وقتها عامرة بالمصادر المهمة والخطوطات القيمة و منها مؤلفاته . ثم انتقلت بعد وفاته إلى نجله السيد محمد حسين الشهرستاني الموسوي المتوفى سنة 1247 ه ، وقد نهبت محتوياتها أثر

( تراث کربلاء م - 21)

ص: 321

غزوة الوهابيين مدينة كربلاء ليلة الثامن عشر من ذي الحجة عام1216 ه، إذ أن صاحبها كان قد توفي في 12 صفر من العام نفسه . ولم يبق منها اليوم سوی بعض المخطوطات التي يحتفظ بها حفيده البحاثة السيد صالح الشهرستاني نزيل طهران اليوم .

2- مكتبة السيد كاظم الرشتي

أسسها السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي الحائري المتوفي عام 1259 ه. وكانت في وقتها من أضخم المكتبات العراقية . وقد بلغت قيمتها الكبرى في عهد نجله العالم الشاعر السيد أحمد الرشق

المقتول سنة 1295 ه في کربلاء . وكان هذا يبجل الشعراء والأدباء والكتاب ويغدق عليهم من أمواله الطائلة ، وكانت داره ندوة لمنتجعي الأدب . وقد حدثني أحد الأصدقاء فقال : رأيت اطلالها في بيت الناس لا يقدرون الأدب ولا يعطفون على تراث الأجداد . ومن بين هذه الأطلال تظهر مجموعة ضخمة جدا من دواوين قدامى الشعراء كلها خطية وكلها أوراق متناثرة. ويقال أن المكتبة تناهبها كثير من الموظفين الكبار في كربلاء وغيرهم ومنهم محام جليل في بغداد .

3 - مكتبة المولى عبد الحميد الفراهاني

وهي من المكتبات المدرسة أيضاً ، أسسها الآخوند الملا عبد الحميد بن المولى عبد الوهاب الفراهاني العراقي ( الاراكي ) المتوفي حوالي عام 1311 ه. وقد هاجر من مدينة شيراز وهبط سامراء وتلمذ على العلامة السيد محمد حسن الشيرازي المجدد ، ومنها رحل إلى كربلاء حيث استقر به المقام فأسس مكتبة نفيسة فيها وذلك عام 1276 ه ولم يبقَ من محتوياتها بعد وفاته سوی 300 مجلد مخطوط عند السيد علي أكبر اليزدي بمدرسة السردار حسن خان ، ثم تفرقت أخيراً .

4 - مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني

ص: 322

أسسها الشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني المكنى بشيخ العراقين المتوفي عام 1285 ه على أن يكون الواقف عليها ولداه الشيخ علي والشيخ مهدي . وقد تفرقت في زمنه أيدي سبأ . ومن نفائسها كتاب نادر ثمين هو النسخة الوحيدة في العالم ترجمة العلامة (نصير الدين الطوسي) لأحد كتاب اليونان ، ابتاعها بطرق ملتوية المتحف البريطاني و هي من ذخائره اليوم . وقد حدثني أحد أصدقائي فقال : انها اشتريت من كربلاء بستة آنات ، وكانت تضم من بين مخطوطاتها النفيسة كتاب ( العين ) للخليل بن أحمد الفراهيدي و كتاب ( المحيط) للصاحب ابن عباد .

لقد بعثرت هذه الخزانة ، وانتقلت جل مخطوطاتها إلى المكتبة الجعفرية مدرسة الهندية بكربلاء اليوم ، وقسم منها لدى المرحوم الشيخ أحمد بن الشيخ حسين المازندراني. كما وتوجد بعض نفائسها اليوم في بعض بيوت كربلاء والنجف ذكرها الأستاذ جرجي زيدان في ( تاريخ آداب اللغة العربية ) ج 4 ص 128 .

5 - مكتبة الشيخ زین العابدين المازندراني

وهي مكتبة قديمة أيضاً أسسها العالم الجهبذ الشيخ زین العابدین البار فروشي المازندراني الحائري المتوفي عام 1309 ه أحد علماء كربلاء المبرز في وقته . انتقلت حيازتها إلى نجله الشيخ حسين المتوفي عام 1339 ه ، 1921 م ثم إلى حفيده الشيخ أحمد المتوفي يوم 29 جمادى الأولى

عام 1376ه الموافق 1957/1/1 م. وقد جمعت فيها امهات الكتب التي تبحث في سائر العلوم وأغلبها مخطوطة . ومن نفائسها كتاب ( العين ) للخليل بن أحمد الفراهيدي ، وان نسخة العلامة الشيخ محمد الساري منقولة عنها، ذكرها الاستاذجرجي زيدان في ( تاريخ آداب اللغة العربية ) ج 4 ص 128 .

6- مكتبة السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة

أسسها السيد عبد الحسين بن السيد علي بن السيد جواد الكليدار آل طعمة

ص: 323

الموسوي سادن الروضة الحسينية المولود في كربلاء سنة 1299 ه و المتوفي بها سنة 1380 ه ، عدت في طليعة المكتبات العراقية ، ذكرها كثير من المؤرخين منهم المرحوم جرجي زيدان في المجلد الرابع ص 128 من كتابه ( آداب اللغة العربية ) وذكر بعض تصانيفها الشيخ آغا بزرك الطهراني في موسوعته ( الذريعة) وهي خزانة جليلة لما كانت تحويه من نفائس المطبوعات وذخائر الخطوطات التي لم يأل المؤسس جهداً في سبيل التنقيب عنها وجمعها فتمكن من جمع مجموعة نادرة من المخطوطات، حق آن صدیقاً له في انكلترا واسمه « محمود بلشة» ، كان يبعث له مصورات نادرة لخطوطات مكتبة لندن . فلا غرو بعد ذلك أن اصبحت المكتبة هذه منتدى الأدباء والعلماء . و كان قلما يمر بكربلاء أديب أو باحث لا يحض بزيارتها . وكان المستشرقين نصيب وافر من هذه الزيارات . فممن زاره المستشرق الفرنسي الكبير ماسينيون والمستشرقة الانكليزية المس بیل وغيرهم . ولكن اسوة بمثيلاتها من المكتبات الكبرى التي لم يتسنى لها البقاء، فقد احترقت و أتلفت أثر حادثة حمزة بيك سنة 1333 ه فكانت خسارة كربلاء بفقد هذا التراث العربي الإسلامي القيم خسارة لا تعوض .

وليس لدينا اليوم م ايفصح عن محتوياتها سوى الفهرست الذي وضعه لنا المؤسس ، ومن مطالعاتنا للفهرست بأن لنا ما أحرزته من المطبوعات النادرة والمخطوطات الثمينة ما يندر أن تضم خزانة مثل هذه الكتب .

7- مكتبة السيد ابراهيم القزويني

أسسها العالم الفاضل السيد ابراهيم بن السيد محمد باقر بن السيد عبد الكريم القزويني الموسوي الحائري الشهير بصاحب الضوابط المتوفى سنة 1262 ه. وكانت حاوية لسائر كتب الحديث والفقه والتفسير والتاريخ واللغة ، وفيها من المخطوطات النفيسة النادرة التي يزيد عددها على 200 مخطوطة ، وقد انتقلت بعد وفاته إلى نجله السيد باقر ومنه إلى العلامة السيد حسين القزويني حفيد صاحب الضوابط آنف الذكر. ومن المؤسف أن المكتبية احترقت سنة 1330،

ص: 324

ولم يسلم منها

سوى بعض الكتب . ومن أهم نفائسها اليوم كتاب ( المحيط ) الصاحب بن عباد ، و ( مناسك الشاهوردية ) و ( نتائج الأفكار ) .

8 - مكتبة الشيخ أبو القاسم الخوئي

وهي من المكتبات البائدة العائدة للشيخ أبي القاسم ابن الشيخ عبدالله الخوئي المدرس في مدرسة صدر الأعظم النوري المتوفي 14 صفر سنة 1364 ه ، وقد اشتملت على كتب نفيسة من المخطوطات والمطبوعات النادرة الثمينة في مدرسة الصدر ، وبيعت بعد وفاة صاحبها بالمزاد العلني وتفرقت . اقتنى قسما منها السيد أبو الحسن الأصفهاني الموسوي ، وعثر على قسم من مخطوطاتها في مكتبة الإمام الرضا في مشهد . ومن المخطوطات التي كانت تحتفظ بها كتاب (تعقیبات الصلاة ) للسيد كاظم بن باقر الموسوي الكشميري الحدبيلي و كتاب ( الحسينية في الأصول الدينية والفروع العبادية ) للمولى عز الدين جعفر بن شمس الدين الآملي و کتاب ( شاهان در کربلاي معلي ) وهو مخطوط فارسي مجهول المؤلف يقع في نحو من 70 ورقة وتاريخ كتابته حوالي 1128 ه. و لصاحب المكتبة آثار مخطوطة منها ( إزالة الأوهام عما اشتهر في الأسماء و الأعلام ) نسخت عند این أخيه الشيخ جابر الفاضل في مدينة خوي شمال ایران .

9- مكتبة السيد علي البغدادي

كانت مكتبة حاوية لأكثر الكتب القديمة . حدثني والدي بشأنها فقال : كان المرحوم السيد علي السيد مهدي البغدادي من الرجال المعمرين الأفاضل اقتني في حياته كثيرا من الكتب الخطية و المطبوعة وجمعها إلا أنها تفرقت بعد وفاته ب ين ورثته وبيع أغلبها .كما حدثني سماحة العلامة السيد مرتضى الطباطبائي فقال : كان المرحوم السيد علي من تلامذة السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني ، وله منه إجازة في الاجتهاد ، ومن مؤلفاته المطبوعة ( رسالة في الكر ).

ص: 325

10 – كتب السيد طالب السيد عاشور

ليس لدينا معلومات كافية عن هذه الكتب ، والظاهر أن السيد طالب كان مولعاً باستنساخ الكتب وجمعها فقد ذكر لنا العلامة السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة أن كتاب ( الدر النظيم ) لجمال الدين الشامي توجد منه نسخة عند ورثة السيد طالب السيد عاشور مستكتبية على نسخة مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني . و كان المومى اليه سيداً جليل الشان من أصدقاء السيد الكليدار المخلصين وهو جد السادة آل ماجد في كربلاء اليوم .

11 - مكتبة الشيخ محسن أبو الحب

صاحب هذه الخزانة الخطيب الشيخ محسن ابن الحاج أبو الحب المولود سنة 1235ه و المتوفی سنة 1305ه. اشتملت على أمهات كتب الفقه والتاريخ والأدب والشعر ، معظمها مطبوع بالطبع الحجري . وهي غنية بما تشتمل عليه من ذخائر فريدة ونفائس جليلة من المخطوطات . وبعد وفاته انتقلت إلى نجله الخطيب الشيخ محمد حسن أبو الحب و الدكتور جليل أبو الحب . وقد لقيت منها عناية فائقة وذلك بلم شتاتها من التلف .

12 - مكتبة السيد علي أكبر الحائري

وهي الخزانة العائدة للعالم الفاضل السيد علي أكبر ابن السيد مير حسين القزويني الحائري ، قال عنها صاحب الأربعة : كان من أهل الفضل والمعرفة في کربلاء و كانت لديه مكتبة نفيسة وقف كثيراً منها على المنتفعين و جمل التولية بين السيد هاشم القزويني المتوفى بكربلاء سنة 1327ه رأيت جملة من تلك الكتب في مكتبة مدرسة الهندي بكربلاء وكانت وفاة المترجم له بعد سنة 1300 ه (1).

ص: 326


1- نقباء البشر في القرن الرابع عشر / آغا بزرك الطهراني ج 3 ص 159.

13 - مكتبة السيد محمد باقر الحجة الطباطبائي

من الخزائن القديمة الثمينة في حينها ، تشتمل على المخطوطات والمطبوعات التي تتراوح على 300 کتاب جمعت منذ عهد السيد علي صاحب الرياض انتقلت بالتناوب حتى وصلت إلى السيد محمد باقر المتوفي عام 1331 ه ثم إلى نجله السيد محمد صادق المتوفى سنة 1337ه وبعد وفاته قسمت كتبها إلى ولده السيد باقر وابن عمه السيد عبد الحسين الحجة . ولا يزال قسم منها موجوداً في مدرسة المجاهد الدينية .

14 - مكتبة السيد عبد الحسين الحجة الطباطبائي

وهي مكتبة قيمة حوت على 1200 کتاب بين مخطوط و مطبوع ، وقد اعتنى بها السيد عبد الحسين ابن السيد علي الحجة المتوفي في 24 محرم عام 1363ه وأضاف اليها كثيراً من أُمهات الكتب وقد بیعت بعد وفاته إلى أحد أقربائه وهو السيد محمد مهدي الحجة الطباطبائي . ومن نفائس هذه المكتبة نسخة خطية نادرة من كتاب ( عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ) للسيد أحمد بن مهنا الداودي . كما أن هناك اليوم نسخة ثمينة من كتاب ( مغني اللبيب ) لابن هشام جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله الأنصاري المولود بالقاهرة سنة 708 ه و المتوفی سنة 761ه ويبحث في النحو والصرف . وقد أقبل فريق من المصريين الذين يمنون بالمخطوطات لشراء هذه النسخة وطبعها فامتنع صاحب المكتبة ، و بيعت بعد وفاته . ولا تزال آثار کتب من كتبها باقية في العمارة الملحقة بمدرسة حسن خان باشراف المتولي السيد عباس نجل السيد محمد مهدي الحجة المذكور .

15 - مكتبة السيد محمد حسين الشهرستاني

أسسها السيد ميرزا محمد حسين المرعشي الحسيني الشهرستاني المتوفي عام 1315ه . وقد اشتملت على مؤلفات والده الحاج میرزا علي الكبير وفيها نحو من

ص: 327

20 مجلد واشتملت أيضاً على مؤلفاته التي بلغ تعدادها نحو مائة مجلد تقریباً تبحث في الفقه والأصول والحديث والدراية واصول الدين والعلوم المكنونة . ومن أمن هذه الكتب الخطية هو و زوائد الموائد ، ويحتوي على جميع العلوم . وتتضمن مكتبته أيضاً مؤلفات نجله العلامة السيد ميرزا علي الشهرستاني وتضم ما يقرب من خمسين مجلدة ، ذكر بعض تصانيفها شيخنا العلامة آغا بزرك الطهراني في أجزاء ( الذريعة ) . وقد كانت في مكتبته نسخة خطية من جزء من كتاب ( القانون ) ناقص الأول والآخر . وقد شرح عليها المرحوم السيد محمد حسین الشهرستاني بأنها هي بخط مؤلفها أبو علي ابن سينا الفيلسوف الإسلامي الشهير ، وقد حدثني البحاثة السيد صالح الشهرستاني فقال : اطلعت على هذه النسخة الفريدة في تلك المكتبة قبل 40 عاما ولا يعلم أين هي الآن ؟

16 - مكتبة السيد مرتضى الكليدار آل ضياء الدين

لقد سعى المرحوم السيد مرتضى نجل السيد مصطفى آل ضياء الدين سادن الروضة العباسية بانشائها في مدخل الروضة العباسية وكانت تضم الكثير من ذخائر الفكر ونفائس المخطوطات النادرة التي كانت مرجعاً مهماً

لطلاب العلم وعشاق الأدب الرفيع بالإضافة إلى أنها كانت منتدى أدبياً يؤمه بعض الفضلاء الذين يعنون بقضايا الفكر وشؤون الأدب ولكن أيدي الزمن الجائرة قد امتدت اليها فبعثرتها ولم يبق منها اليوم شيء يذكر . وقد أنشد الشاعر السيد حسين العلوي قصيدة بمناسبة افتتاحها وذلك في يوم 19 ذي الحجة عام 1359 ه و أو لها:

باربع المجد قف فخراً و قل طرباً *** قد أيد المجتبى لمرتضى طلبا

ندب سما قمة العلياء من صغر *** وفوقها بيت مجد للعلى ضربا

و شاد للعلم صرحاً بعد والده *** وللوفا علماً بالطف قد نصبا

لذا بساحته نادي البشير ضحى *** هيا بني الفضل هبوا أيها الأدبا

قد أسست یا لقومي خیر مكتبة *** لما حوت شرفاً للمرتضى كتبا

ص: 328

لطالبي العلم والوقاد قد فنحت *** أبوابها وعليها الوحي قد كتبا

17 - مخطوطات الروضة الحسينية

كانت تحتوي على مخطوطات و مصاحف غاية في النفاسة والقدم ، تراكمت فيها على مر السنين من هدايا السلاطين والأمراء والعلماء وقد نهبت هذه المصاحف الثمينة على اثر غارة الوهابيين سنة 1216 ه و الظاهر أنه لم يبق من هذه المصاحف شيئاً اليوم إذ كل ما يوجد اليوم من مصاحف ثمينة ، عددها ( 272 ) مخطوطة عربية ، وكلما مصاحف فيها القديم والنفيس في خطه (1) . ومنها مصحف شریف بخط الإمام زین العابدين علیه السلام كتابته كوفية على رق غزال ، ومصحف آخر مذهب بنقش أبيض على قرطاس شرمة بالقطع الكبير ، وبين أوراقه رق غزال لئلا بأني خلل على صفحاته وهما نفستان للغاية ، يقال أن قيمتها تساوي نحو الف ليرة (2). ولها ثبت لم يطبع . و في مكتبة المنحف العراقي نسخة من هذا الثبت مكتوبة بالآلة الطابعة . وكانت هذه المكتبة قبل غارة الوهابيين سنة 1216 ه تحتوي على مصاحف قديمة الخط و في غاية النفاسة (3) .

18 - مخطوطات الروضة العباسية

عددها 109 مخطوطة ، وكلها مصاحف وما ذكر عن قدم و نفاسة مخطوطات

ص: 329


1- راجع ( فهارس المخطوطات في العراق ) بحث للاستاذ کور کيس عواد | مجلة المعارف م2 ص 47.
2- تاريخ العراق بين احتلالين : للاستاذ عباس العزاوي ج 8 ص 84 وانظر موسوعة العتبات المقدسة / قسم كربلاء ج 1 ص 133 و 134.
3- ذكر الشيخ محمد بن الشيخ عبود الكوفي في كتابه ( نزهة الغري) ص 52 ما هذا نصه : أقول ، ولما كنت في جبل حایل وهو جبل ابن رشيد ... رأيت قرآناً عند سلامة السبهان من القرائين التي نهبت من كربلاء . ويقول أي ( سلامة ) لما غزرتا كربلاء مع الامام ابن سعود أصبت هذا القرآن من الحضرة الحسينية وكان يعرضه علينا ، فاذا هو قرآن کبیر مخطوط مجدول الذهب وهو من أعلى الخطوط .

الروضة الحسينية يصح أن يقال عن مخطوطات هذه الروضة و لها ثبت لم يطبع، و منه نسخة في مكتبة المتحف العراقي مكتوبة بالالة الطابعة . وقد نوه الأستاذ ناصر النقشبندي بثلاث قطع قديمة من المصاحف المكتوبة بالخط الكوفي ، تحرزها هذه الحضرة (1) .

19 - مكتبة المولوي حسن يوسف الأخباري

كانت مكتبة حاوية لمطبوعات نادرة ومخطوطات ثمينة ومجموعات ضخمة من الكتب العلمية والدينية و الرسائل ، وبعد وفاته ، انتقلت إلى ابن أخيه محمد جواد بن علي مهدي الأخباري الذي بقي حريصا عليها

إلى أن وافاه الأجل فاستولى عليها شقيقه محمد صالح الأخباري فابتاع قسما منها في بغداد وأهدی القسم الآخر إلى السيد مرزا عباس آل جمال الدين الموجود حاليا في البصرة . وهكذا تفرقت أحزاء المكتبة . وقد تناول بتعريف قسم من مخطوطاتها العلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني في أجزاء الذريعة .

20 - مكتبة الشيخ علي اليزدي الحائري

وهي المكتبة العائدة للعالم الفاضل الشيخ علي ابن الشيخ زین العابدین البارجيني اليزدي الحائري المعروف ب ( شهرنوی ) المنوفي بالحائر سنة 1333ه وهو مؤلف عدة تصانيف أهمها ( إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب ) الذي يقع في جزئين صدرت الطبعة الأولى بإشراف نجله الشيح علي أكبر عام 1352 ه وصدرت الطبعة الثانية في سنة 1383 / 1963م و ( کتاب ( روح السعادة في ذكر الأخبار المنقولة عن السادة ) المطبوع في سنة 1330ه وصدرت الطبعة الثانية في سنة 1383ه وغيرها من المؤلفات القيمة . وكان من أئمة الجماعة في

ص: 330


1- راجع بحث ( فهارس المخطوطات في العراق ) للاستاذ کور کیس عواد مجلة المعارف_ م2 ص47.

مسجد يقع بالقرب من داره في محلة العباسية الشرقية . وكانت مكتبته حاوية على نوادر المخطوطات ونفائس المطبوعات . كما كان يقوم بطبع بعض الكتب النفيسة النادرة ولا ندري أين آلت كتبه اليوم . وقد ذكر شيخنا العلامة آغا بزرك الطهراني بعض تصانيف مكتبته في أجزاء الذريعة.

21 - مكتبة السيد هاشم القزويني

أسسها العلامة السيد هاشم ابن السيد محمد علي القزويني الحائري المتوفى سنة 1327ه ، وتحتوي على كتب الفقه والأصول والكلام والحديث ومعظم كتبها خطية ومن أهم مخطوطاتها كتاباً نادر الوجود باسم ( إحقاق الحق ) .

وقد تفرقت المكتبة بعد وفاته ، وأهدى قسم منها إلى المكتبة الجعفرية والقسم الآخر بحيازة حفيده الخطيب السيد محمد كاظم نجل العلامة السيدمحمد ابراهيم القزويني مؤلف ( شرح نهج البلاغة ) . وقد ذكر بعض تصانيف هذه المكتبة شيخنا آغا بزرك الطهراني في ( الذريعة ) .

22 - مكتبة السيد محمد الكاشاني الحائري

أسسها العلامة السيد محمد ابن السيد حسين الكاشاني الحائري الحسيني المولود سنة 1270ه والمتوفى سنة 1353ه . كانت مكتبته من الخزائن التي حوت عدداً من الكتب القديمة الزاخرة بالنوادر والنفائس الخطية ذات القيم-ة الأثرية وقد آلت كتبها بعد وفاته إلى نجله سماحة العلامة السيد زين العابدين الكاشاني المتوفى عام 1375ه . وذكر لي الشيخ آغا بزرك الطهراني شفهياً : ان من الكتب الخطية التي رآها في مكتبته كتاب لعلم الهدى ابن المحقق الفيض الكاشاني جمع فيه رسائل الأئمة عليهم السلام منها الرسالة التي نقل فيها عن الشيخ الكليني واسمها و معادن الحكمة في مكاتيب الائمة .

ص: 331

23 - مكتبة السيد المرزا محمد تقي الحسيني الشهرستاني(1)المرعشي

كانت مكتبته حافلة بشق الكتب الاثرية ، من مخطوطة ومطبوعة . انتقلت بعد وفاته سنة 1307ه إلى أكبر أنجاله وهو السيد علي آغا الحسيني المرعشي . ثم تفرقت في حينها بين ورثته . ومن جملة المخطوطات التي كانت تحويها مؤلفاته القيمة ومجموعة ضخمة من الادعية والمأثورات التي كان قد جمعها ونسخها بخطه وهي الآن لدى حفيده العلامة السيد أحمد المرعشي الحسيني الشهر ستاني نزيل طهران اليوم .

24 - مكتبة الشيخ محمد علي القمي الحائري

وهي من المكتبات البائدة التي درست آثارها و كانت فيها جملة من نفائس الكتب ونوادرها في شتى العلوم والفنون مخطوطة ومطبوعة . ومن محتوياتها نسخة من من كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) وهي من الاعلاق الثمينة وعليه-ا اجازات متعددة (2) . وقد ذكرت بعض تصانيفها في أجزاء الذريعة . وللشيخ محمد علي القمي كتاب مطبوع باسم ( كفر الوهابية ) .

خزائن الكتب الحاضرة

تحدثنا في بحثنا السابق عن خزائن الكتب التي بادت ولم يبق منها سوى قسم ضئيل من مخطوطاتها ، تفرقت أيدي سبا . وسنعرف في بحثنا هذا أهم خزائن الكتب الحاضرة وما تضمنه من الذخائر والكنوز . وإليك ثبتاً بأسماء خزائن الكتب الخاصة التي سنتعرض لها بالتعريف وهي كما يلي :

ص: 332


1- كان من زمرة العلماء الذين حظوا بلقاء السلطان ناصر الدين شاه القاجاري الذي زار العراق سنة 1287 ه .
2- انظر ( ماضي النجف وحاضرها ) للشيخ جعفر محبوبة ج 2 ص 462 .

1 - مكتبة السيد عبد الحسين آل طعمة

وهي اليوم من المكتبات الشهيرة الخاصة في البلد ، وفيها مخطوطات نادرة و مطبوعات نفيسة . وقد سعى حفيده السيد عادل السيد عبد الصالح الكليدار بتنظيمها وتنسيقها وأضاف إليها بعض الدورات الهامة .

2- مكتبة السيد حسن آغا مير القزويني

وهي الخزانة العائدة للسيد محمد حسن آغا مير القزويني الموسوي المتوفي يوم 26 رجب سنة 1380 ه ، و بالرغم مما بيع منها بعد وفاته ، فهي اليوم لا تزال في عداد الخزائن المهمة في المدينة ، وكانت حاوية لكتب المذاهب الخمسة ، و فيها مخطوطات قيمة في الفقه والأصول والتاريخ و الحديث .

3- مكتبة السيد محمد مهدي الحجة الطباطبائي

وهي خزانة ثمينة حوت كل طريف من كتب التراجم والأدب والحديث عائدة للسيد محمد مهدي الحجة بن السيد أبي القاسم الحجة الطباطبائي المتوفي سنة 1342 ه وهي اليوم في حيازة نجله السيد عباس الحجة .

4 - مكتبة السيد محمد هادي الخراساني

وهي الخزانة العائدة للسيد محمد هادي بن السيد علي الخراساني المتوفی 12 ربيع الأول سنة 1368 ه ، و كان حسن الشعر بالفارسية والعربية ، اشتملت خزانته على نسخ خطية نادرة منها بعض المصاحف النفيسة التي جمعها وصنفها منذ صباه ، وعدة هذه الخزانة (2000) کتاب .

5 - مكتبة الشيخ محمد مهدي المازندراني

كان المرحوم الشيخ محمد مهدي بن الشيخ عبد الهادي المازندراني المتوفي 14 ذي القعدة سنة 1385 ه واعظاً جلیل القدر ، تضم خزانته كثيراً من كتب الفقه

ص: 333

و الأصول ونفائس المخطوطات الأثرية القديمة ، وهي اليوم محفوظة في جناح خاص من مدرسته.

6 - مكتبة الشيخ محمد علي السنقري

صاحب هذه الخزانة الشيخ محمد علي الحائري الشهير بالسنقري(1)المتوفي يوم 6 محرم سنة 1378 ه، حوت خزانته مجلدات ضخمة في الفلسفة والحكمة الإلهية واليونانية والفقه والأصول ، انتقلت بعد وفاته إلى دار العلامة السيد محمد رضا الطبسي .

7 - مكتبة السيد محمد طاهر البحراني

وهي الخزانة العائدة للسيد محمد طاهر بن محمد بن محسن البحراني الموسوي المتوفى6 صفر سنة 1384 ه، احتوت على كتب الفقه والأنساب والعلوم الدينية ،و من بين نفائسها كتاب ( النفحات العنبرية من أنساب خير البرية ) تأليف السيد أبي فضل محمد الكاظم بن أبي الفتوح الأوسط الحسيني ، نسخ سنة 891 ه، ونسخة نفيسة من القرآن الكريم ينسب إلى الإمام حسن العسكري علیه السلام.

8 - مكتبة الشيخ محمد صالح البرغاني

اشتملت على كتب التفسير والحديث والفقه والتاريخ والفلسفة ، ومن نوادر مخطوطاتها اليوم كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) و ( شرح اللمعة الدمشقية ) و ( مخزن الأبرار ) و ( معتصم الشيعة ) و ( النخبة ) و ( عيون الأصول ) وغيرها . وقد امتدت إليها أيدي العابثين فتناهبت خيرة مخطوطاتها

ص: 334


1- من مشاهير علماء كربلاء توفي يوم 6 محرم الحرام عام 1378 ه وترك عدة مؤلفات قيمة منها ( المشاهد المشرفة والوهابيون ) المطبوع عام 1345 ه و ( الرسالة العاصمية ) المطبوع عام 1379 ه باشراف سبطه السيد هاشم السيد أمين آل نصر الله ، وله مؤلفات خطية أخرى 20 کتاباً ، ترجمه شيخنا آغا بزرك الطهراني في (نقباء البشر) ج 4 ص 1395.

9 - مكتبة السيد مهدي شمس الفقهاء

صاحب هذه الخزانة السيد مهدي بن السيد علي بن السيد حسين بن يونس بن السيد اسماعيل الشهير بشمس الفقهاء الموسوي المتوفى في رجب سنة 1381 ه . تولى القضاء في مندلي والحلة وكربلاء ، ولقب بنائب الجعفرية ، كان من الأدباء المطبوعين والشعراء المرموقين . جمع خزانة كتب ثمينة اشتملت على طائفة حسنة منالمخطوطات القيمة في مختلف ألوان المعرفة .

10 - مكتبة المرحوم السيد يوسف الأشيقر

كانت مكتبة حاوية للكتب الحديثة أغلبها تفاسير القرآن الكريم كطنطاوي جوهري والطبرسي وسيد قطب والزمخشري فضلا عن معظم الصحاح وكتب تاريخية ودينية لمختلف الملل والنحل الإسلامية ، وبالإضافة إلى ذلك كتب حديثة عصرية كغالبية كتب العقاد وطه حسين وسيد قطب والغزالي ونوفل وأحمد أمين وأبي زهرة . ولدى وفاة صاحبها عام 1944 م انتقلت غالبيتها إلى نجله الأكبر المحامي السيد عبد الصاحب الأشيقر مؤسس جريدة ( شعلة الأهالي ) الكربلائية ، والقسم الآخر منها إلى نجله الآخر المحامي الحاج محمد علي الأشيقر وقد تضاعف عدد كتبها بمرور الزمن حتى بلغت اليوم أربعة آلاف كتاباً في شتى الأبواب ومختلف المواضيع.

11 - مكتبة المرحوم السيد عبد الرزاق الوهاب آل طعمة

ومن المخطوطات النادرة التي أطلعني عليها الفقيد في مكتبته المتواضعة كتاب ألف بالفارسية باسم ( كاشف الأعجاز ) لمؤلفه العالم الفاضل محمد ابراهيم ابن محمد كريم الهمداني الأصل الكربلائي المسكن كتبه سنة 1244ه ويبحث في حادثة المناخور ، وقد ترجم السيد عبد الرزاق المذكور القسم الأوفر منه إلى العربية حرفياً ، ومن المؤسف ان الظروف لم تمهله لإكمال ترجمته . وبالإضافة إلى ذلك توجد لديه كتب خطية نادرة منها كتاب (الجواهر الزاهرة والفواكه المثمرة )

ص: 335

لمؤلفه السيد حسون البراقي و کتاب ( نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ) للسيد حسن الصدر و مصنفه ( کربلاء في التاريخ ) بجزئيه الأول والثاني .

12 - مكتبة السيد محسن الجلالي الكشميري

صاحبها السيد محسن بن السيد علي الحسيني الجلالي الكشميري المتوفي فجر یوم 20 صفر سنة 1396 ه كان فاضلاً جليلاً ورعاً أحرز خزانة كتب قيمة حافلة بالمخطوطات والنفائس في شتى العلوم .

13 - مكتبة السيد مهدي الحكيم الشهرستاني

وهي خزانة جليلة عائدة للسيد مهدي السيد خليل الحكيم الموسوي الشهير بالشهرستاني المتوفى سنة 1318 ه ، أسسها في داره بمحلة باب الطاق ، انتقلت بعد وفاته إلى نجله الطبيب السيد محمد حسن ومنه آلت إلى حفيده الخطيب الشاعر السيد صدر الدين الحكيم . تدور موضوعات المكتبة على فروع الثقافة القديمة من لغة و دین و فيها طائفة قيمة من المخطوطات الطبية .

14 - مكتبة السيد محمد السيد سلمان آل طعمة

وهي الخزانة العائدة للسيد مجيد بن السيد سلمان بن السيد محمد علي الوهاب آل طعمة المتوفی 8 محرم سنة 1393 ه . كان فاضلاً کثیر المطالعة ، يحفظ الأشعار ويستشهد بها ، له باع طويل في التاريخ الإسلامي . تحفل خزانته ببعض المخطوطات فضلاً عن الكتب المطبوعة . ومن نوادرها دیوان ( عبد الباقي العمري ) كتبه عبد الله ثابت العمري الموصلي في 10 ذي الحجة سنة 1270 ه و کتاب ( مفتاح الفلاح ) للشيخ بهاء الدين العاملي و غيرها .

15 - مكتبة الحاج وداي العطية

وهي الخزانة العائدة للحاج وداي بن عطية بن غضبان بن مشيمش بن عبد الله المولود في الشامية سنة 1310 ه. وهي خزانة كتب قيمة حوت تحفاً فريدة

ص: 336

ونفائس جليلة في التاريخ و الانساب اشتراها بأغلى الأثمان ، ومن تصانيفه المطبوعة ( تاريخ الديوانية ) .

16 - مكتبة الشيخ محمد حسين الأعلامي

صاحب هذه الخزانة الشيخ محمد حسين بن سليمان الأعلمي الحائري المتوفى سنة 1394 ه ، كان في كربلاء من رجال العلم الأتقياء ، جمع خزانة كتب ثمينة حوت كل طارف وتلميد في مختلف العلوم الإسلامية ، يربو عددها على الفي كتاب فيها المطبوعات النادرة كمعجم البلدان ومعجم الأدباء ولسان الميزان وتهذيب التهذيب وتاج العروس وغيرها ، فضلا عن انه أصدر ( دائرة المعارف ) وهي موسوعة كبيرة في ثلاثين مجلداً مطبوعاً .

17 - مكتبة الأديب حسن عبد عبد الأمير

وفيها من الكتب ما يربو على (3000) کتاب اقتناها صاحبها من سفراته المتعددة لاسطنبول والقاهرة وطهران وبيروت والاتحاد السوفياتي ، فيها من الكتب الخطية التي تبحث في التراجم والسير والأدب والتاريخ .

18 - مكتبة الشيخ جاسم النصار الأخباري

أنشأها الشيخ جاسم الشيخ حسن الاخباري الحائري المتوفى 9 ذي الحجة سنة 1334 ه ، وهي خزانة ثمينة تفيد الباحثين ، وقد حوت كتباً قيمة في الفقه والاصول والتفسير واللغة ، يتولاها حفيده الاديب ضياء محمد حسن النصار .

19 - مكتبة الراجة محمود آباد

أسسها سمو الامير محمد الامير محمد أحمد خان المعروف بالراجة محمود آباد وهي مكتبة قيمة معظم كتبها مطبوعة تبحث في الفقه والحديث وأصول الدين وفيها من نفائس الكتب والدراسات والمراجع المهمة يقصدها معظم رجالات البلد ، وقد تولى إدارتها الاستاذ محمد الحسين الاديب مدير مدرسة الحسين الابتدائية .

( تراث كربلاء م - 22 )

ص: 337

20 - مكتبة السيد محمد سعيد آل ثابت تضم هذه المكتبة مجموعة من الكتب القيمة وأغلبها في تاريخ العراق والبلاد العربية . كما تحوي بعض المخطوطات العربية والفارسية الثمينة ، وهي في داره الواقعة بمحلة باب الطاق .

21 - مكتبة السيد محمد الطباطبائي

أسسها المتغمد بالرحمة السيد مرتضى بن السيد مهدي الطباطبائي المتوفى 7 رجب 1389 ه وآلت إلى نجله السيد محمد ، مقرها في مدرسة الهندية الصغرى وفيها ما يربو على ( 1200 ) كتاب في التاريخ والتفسير واللغة والادب والفقه والاصول .

22 - مكتبة الخطيب الشيخ عبد الزهراء الكعبي

أحرز هذا الرجل خزانة كتب قيمة ، واشتهر بوقوفه الحسن على العلوم المختلفة كالفقه والادب والتاريخ والنحو ، وتحفل خزانته بكتب ثمينة ومجموعة كبيرة من امهات المراجع والمصادر . وقد وافاه الاجل بتاريخ يوم الخميس 14 جمادی الاولى سنة 1394 ه .

23 - مكتبة الاستاذ محمد حسين الاديب

أنشأها سنه 1937 م وهي خزانة جليلة تبحث موضوعاتها في الدين واللغة والتاريخ والعلوم الغيبة ، وفيها بعض المخطوطات الثمينة .

24 - مكتبة الاستاذ حسين فهمي الخزرجي

أسسها الاديب حسين فهمي بن علي غالب الخزرجي في داره بكربلاء سنة 1946 م ، وهي خزانة ثمينة تحوي أنفس الآثار المطبوعة ، وقد نسقت تنسيقاً عصرياً ، وهي مبوبة حسب طريقة ديوي ، ويبلغ ع ويبلغ عدد كتبها ... كتبها 5000 كتاباً ونيف في شتى العلوم.

ص: 338

25 - مكتبة السيد مرتضى القزويني

أسسها الخطيب الشاعر السيد مرتضى بن السيد محمد صادق الموسوي القزويني في داره بكربلاء ، وقد اشتملت على كتب و اعلاق نفيسة نادرة ، وفق لجمعها من خلال رحلاته إلى بلاد العالم الإسلامي .

26 - مكتبة الأستاذ سعيد هادي الصفار

وهي من المكتبات المرموقة لما تجمع فيها من نفائس الكتب و الدورات المهمة و مصنفة تصنيفاً جيداً، أسسها في داره بكربلاء سنة 1942 م، وتضم (1800) کتاب مطبوع.

27 - مكتبة الاستاذ علي كاظم الفتال

أسسها في داره بكربلاء سنة 1963 م ، وتضم (2000) کتاباً ونيف ، وهي مبوبة تبویباً حديثاً ، كما تضم مجلات و جرائد قديمة . أما موضوعاتها في التاريخ والاجتماع والقرآن و اللغة و الطب و الرجال والشعر وغيرها .

28 - مكتبة الاستاذ جاسم الكلكاوي

و هي مكتبة عامرة بأمهات الكتب ، جلبها من رحلاته المتعددة للبلاد العربية ، وتدور موضوعاتها في الأدب والشعر والتراجم والرجال والسياسة .

29 - مكتبة الشيخ عبد اللطيف الدارمي

تأسست سنة 1958 م وهي حاوية لسائر العلوم والفنون ، بينها جملة من الدواوين القديمة والحديثة . كما تضم المصادر الخاصة بالخليج العربي وفلسطين وغيرها من امهات الكتب ، وقد بلغت (8000) کتاباً ، ولها فهارس مبوبة ومنسقة .

30 - مكتبة الاستاذ عبد المنعم الجابري

ص: 339

أسسها المأسوف على شبابه الاستاذ عبد المنعم عبود الجابري المتوفى سنة 1386 ه ، وفيها عدد لا يستهان به من المطبوعات النادرة . وقد انتقلت اليوم إلى شقيقه الاستاذ كاظم عبود الجابري.

31 - مكتبة السيد سلمان هادي آل طعمة

أسسها مؤلف هذا الكتاب في داره بكربلاء سنة 1953 م وفيها اليوم زهاء (3000) کتاب بينها نيف وخمسون مخطوطة تدور موضوعاتها على التاريخ والأدب والشعر والتراجم والرجال وفهارس المخطوطات ، وفيها طائفة حسنة من الدواوين الشعرية فضلاً عن بعض الصحف والمجلات العراقية القديمة.

32 - كتب السيد أحمد السيد صالح آل طعمة

كان جدنا المرحوم السيد أحمد السيد صالح السيد سليمان المتوفى يوم الأحد 9 محرم سنة 1388 حافظاً للأشعار ، عارفاً بأخبار العرب . وكان راوية لكثير من الحوادث التاريخية ، وجمع بعض المخطوطات منها ( ديوان الأزري ) للشيخ كاظم الأزري المولود ببغداد سنة 1143 ه المتوفى سنة 1211 ه . و ( مفتاح الفلاح ) للشيخ بهاء الدين العاملي وغيرها.

33 - كتب السيد كاظم النقيب

وهي الخزانة العائدة للخطيب الأديب السيد كاظم بن السيد محمد بن السيد فاضل النقيب من آل دراج الموسوي ، جمع فيها كتباً ثمينة دوت كل طارف وتليد من كتب التراجم والسير والحديث والفقه والتاريخ .

المكتبات العامة

اشارة

في كربلاء مؤسسات ثقافية يرتادها المثقفون من أبناء البلد وغيرهم للانتفاع منها في أوقات فراغهم . وتحتل معظمها بنايات خاصة بها . واتخذت الأخرى غرفاً في الجوامع الكبيرة . ومن هذه المكتبات الشهيرة :

ص: 340

1 - المكتبة المركزية

وهي من أشهر المكتبات في كربلاء . تأسست عام 1944م بلغ مجموع كتبها أكثر من (15) الف كتاب . أو دعت اليها مجاميع كثيرة منها مكنية ندوة الشباب العربي . وقد بذلت مديرية معارف لواء کربلاء في حينها جهوداً مشكورة بامدادها بالكتب والمجلات وكان اسمها السابق ( مكتبة المعارف العامة ) وابان ثورة تموز 1958م بدل اسمها إلى ( المكتبة المركزية ) وهي اليوم تابعة للادارة المحلية . وتفتقر المكتبة إلى الكتب الحديثة التي طبعت في الآونة الأخيرة . وقد علمنا أن هناك قوائم أعدت لشراء هذه الكتب بمبلغ محترم ، إلا أننا نأمل أن تشتري في أقرب وقت ممكن . و كذلك تفتقر إلى المواد المشوقة ( السمعية والبصرية ) التي يجب توفرها في المكتبات الحديثة . وفعلاً تم تزويد بعض مكتبات الألوية بهذه الوسائل . أما موقع المكتبة فهو في ساحة الإمام علي عليه السلام .

2- مكتبة سيد الشهداء الحسين عليه السلام

أنشئت سنة 1376ه ، ويبلغ عدد كتبها (7500)كتاباً ويرتادها المطالعون مساء كل يوم ، وان معظم كتبها قيمة ، وقد أهديت اليها مجامیع نادرة من مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية لا سيما من جامعة طهران ووزارة الإرشاد العراقية ومديريات التربية والتعليم في العراق ومن الهند . وفيها أكثر من خمسمائة كتاب مخطوط . يظهر بينها نسخ نادرة الوجود . وتلقى فيها كل أسبوع محاضرات دينية بحضرها النشيء الجديد من الشباب المتحمس للقضايا الإسلامية لإعادة التراث الإسلامي . وقد سعى بإنشاء هذه المكتبة سماحة السيد نور الدين نجل آية الله السيد هادي الميلاني . كان موقعها في محلة العباسية الغربية ولا وجود لها اليوم .

3- مكتبة أبي الفضل العباس علیه السلام

وهي من أشهر مكتبات البلد ، يؤمها يومياً عشرات المثقفين ورواد العلم والفضيلة ، ويرتادها الزائرون و الوفود من كل حدب وصوب . تأسست سنة 1382ه / 1963م وذلك بالهمة المشكورة التي بذلها سيادة السيد بدر الدين آل

ص: 341

الصورة

جانب من مكتبة أبي الفضل العباس

ضياء الدين سادن الروضة العباسية . وتبرع عدد لا يستهان به من أهالي كربلاء بالكتب والمخطوطات القيمة . وقد بلغ عدد كتبها اليوم ( أربعة آلاف كتاباً) كما وتشكلت فيها ندوة علمية لغرض تشجيع الحركة العلمية في البلد و رفع المستوى الثقافي . وتقع المكتبة عند مدخل باب قبلة سيدنا العباس عليه السلام .

4 - المكتبة الجعفرية

ان هذه المكتبة تحوي ما يقرب من ( أربعة آلاف ) کتاب بين مخطوط و مطبوع . تأسست سنة 1372ه مجهود لجنة علمية في كربلاء ، وذلك حفظاً للتراث العلمي والأدبي من الضياع . وصيانة لتلك الآثار القيمة من الاندراس . وقد سميت بهذا الاسم تيمناً برئيس مذهب الإمامية الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام . وموقعها في مدرسة الهندية .

5 - مكتبة النهضة الاسلامية

تأسست عام 1380 ه وهي زاخرة بالكتب الثقافية المختلفة. ويربو عدد كتبها على ثلاثة آلاف كتاب في مختلف الفنون الثقافية ، و مجموعة كبيرة من

ص: 342

المجلات ، كما احتوت على كتب خطية ثمينة . موقعها في مسجد الشهرستاني مقابل باب الصافي . ولا وجود لها اليوم بسبب فتح الشارع الذي يربط بين الروضتین .

6- مكتبة العلامة الحائري

أسسها الشيخ مرزا علي بن الحاج مرزا موسی بن محمد باقر بن محمد سليم الأسكوئي الحائري المتوفی 25 رمضان سنة 1386ه . موقعها في حسينية الحائري عند مدخل طاق الداماد. وهي من المكتبات التي يستفيد منها كل طالب ومثقف . ولا وجود لها اليوم .

7- مكتبة السيدة زينب الكبرى العامة

أنشأها في كربلاء الخطيب السيد أحمد السيد هادي الحسيني المرعشي الشهرستاني سنة 1386ه/ 1966م موقعها في الزقاق المقابل لباب الزينبية . وقد احتوت على (1600) كتاب في شق فنون المعرفة . وقد أغلقت أخيراً .

8- مكتبة القرآن الحكيم العامة

تأسست سنة 1387ه / 1967م ومقرها خلف المخيم الحسيني في بناية خاصة لها على حساب واقفها . وقد فتحت أبوابها للطالعين كل يوم . ويربو عدد کتبها على 70 الف في مواضيع شتي . ولا وجود لها اليوم .

9- مكتبة مدرسة البادکوبه

موقعها في مدرسة البادکوبه المعروفة بمدرسة الترك أو مدرسة أهل البيت في زقاق الداماد . وهي تعد من المكتبات القديمة التي يتوافد عليها رجال العلم والثقافة . وفيها مراجع حسنة في اللغة والأدب والتاريخ والتراجم والدين في العربية والفارسية . ولا وجود لها اليوم.

10 - مكتبة الرسول الأعظم أسسها فريق من الشباب الكربلائي ، موقعها حالياً في مدرسة العلامة ابن

ص: 343

فهد الحلي ، وهي حافلة بمختلف الكتب القيمة . تدور موضوعاتها على علوم الدين من تفسير وفقه و تاریخ ولغة أدب . ولا وجود لها اليوم .

11 - مكتبة غرفة تجارة كربلاء

مقرها في بنايتها الواقعة في شارع بغداد ، وقد انتقلت مؤخراً إلى عمارة التأميم . تحوي على ( 4000)

كتاب في الأدب والتاريخ والاقتصاد والعلوم الأخرى.

12 - مكتبة دور الثقافة الجماهيرية

مقرها في محلة العباسية الغربية بمديرية دور الثقافة الجماهيرية . وتم إنشاؤها سنة 1974م ، و فيها أكثر من 1000 کتاب في شقي فنون المعرفة .

13 - مكتبة الروضة الحسينية

تأسست سنة 1399ه / 1979م من قبل وزارة الأوقاف ، مقرها جوار الروضة الحسينية . وفيها زهاء خمسة عشر الف کتاب مطبوع . بالإضافة إلى ذلك فقد جلبت اليها الكتب المخطوطة .

خزائن الكتب المدرسية

يتبين للقارىء ان كل مدرسة من مدارس کربلاء الرسمية أنشئت فيها مكتبة ونحن أردنا جرد محتويات المكتبات المدرسية في المحافظة ، وما فيها من الكتب المتصلة بالمناهج المدرسية ، لاحتجنا إلى جهد جهيد. وتدل الاحصائية الأخيرة المديرية تربية كربلاء إلى وجود أكثر من ثلاثين مكتبة مدرسية عامرة بالكتب والمجلات يفد اليها عدد كبير من الطلاب والطالبات الذين لا تتوفر لديهم المصادر والمراجع الكافية ، لتدوين المعلومات و استكمال بحوثهم ودراساتهم . وقسم من هذه المكتبات لها غرف خاصة بها في المدارس . وتم تزويدها بمراجع علمية وأدبية ، بغية الاستفادة منها . وقد صنفت الكتب حسب تقسيات ديوي العشرية

ص: 344

للعلوم . أما محتويات كل مكتبية فقد يصل إلى عدة آلاف كتاب في مختلف اللغات ، علاوة على المجلات والصحف ، وطبيعي أن عدد الكتب في هذه المكتبات ينمو باطراد . واستكمالاً للبحث نرى من الواجب أن نجمل التعريف بأهم هذه المكتبات وهي :

1 - مكتبة إعدادية كربلاء للبنين

و هي مكتبة حافلة بأمهات الكتب و المجاميع الهامة . وفيها ما يربو على 4688 كتاباً . تدور موضوعاتها على كتب الدين والفلسفة والرياضيات والشعر والتاريخ واللغة وغيرها . وفيها ما يدهش المتأمل من آثار نادرة في بابها . تقع في غرفة واسعة الأرجاء حسنة التنظيم .

2 - المكتبة المهنية

وهي من المكتبات العامرة اليوم ، ذات بناية خاصة ، تقع مقابل مديرية تربية کربلاء ، يقبل عليها عدد كبير من أفراد الأسرة التعليمية وطلاب و طالبات المدارس للتزود و الانتقال من مناهل المعرفة والاستعارة الخارجية . ويبلغ تعداد كتبها 3050 كتاباً في شتى العلوم . وقد ضمت اليها مكتبة دار المعلمين و دار المعلمات .

3- مكتبة إعدادية كربلاء للبنات

وفي هذه المكتبة كتب نفيسة جيدة يبلغ مجموعها 1938 كتاباً في مختلف العلوم والفنون . وهي ضمن بناية إعدادية البنات .

4 - مكتبة مدرسة السبط الابتدائية للبنين

احتوت ما ينيف على 1987 کتاب في سائر الفنون . جمعت فيها الكتب والمصنفات القديمة والحديثة ، حتى أصبحت كما هي عليه الآن ، يستفيد منها كل طالب و مثقف . ولها فهارس صنفت على الطريقة الحديثة .

ص: 345

5 - مكتبة متوسطة الثورة للبنين

و هي مكتبة جامعة لكثير من الكتب المهمة المطبوعة والمخطوطة حديثاً . تضم محتوياتها حوالي 1638 کتاباً في سائر الفنون . ينهل منها رواد العلم و الآداب من الدارسين والطلاب .

6- مكتبة مدرسة الحسين الابتدائية للبنين

وهي من المكتبات العامرة المهمة ، يبلغ عدد كتبها 1325 کتاباً ، يجد فيها المطالع نفائس الكنب ونوادرها في شتى العلوم والفنون .

7- مكتبة ثانوية النجاح للبنات

وفيها طائفة حسنة من الكتب الحديثة ، يبلغ عدد كتبها اليوم زهاء 1275 کتاباً .

8- مكتبة متوسطة القدس للبنين

وهي مكتبة في غاية الجودة ، وكلها كتب حديثة ، احتوت ما ينيف على 1050 کتاباً في سائر العلوم واللغات .

9- مكتبة مدرسة العزة الابتدائية للبنين

وهي مكتبة مهمة تفيد المثقفين ، وفيها كثير من الكتب الأدبية والتاريخية المطبوعة ، ويبلغ عدد كتبها 1120 کتاباً في شتى العلوم .

10 - مكتبة ثانوية حي الحسين للبنين

و هي مكتبة جامعة لكثير من الكتب المطبوعة النادرة ، يبلغ مجموعها 1075 کتاباً .

11 - مكتبة متوسطة الوحدة للبنين

وفيها نفائس الأسفار ما لا يستهان بها . شملت محتوياتها 1050 کتاباً في سائر الفنون .

ص: 346

12 - مكتبة إعدادية الزراعة

وهي من المكتبات التي تم إنشاؤها حديثاً . جهزت بمجموعة من أنفس الكتب المختلفة ، ففيها ما يربو على 900 كتاب في فنون مختلفة . هذا وللقارىء سرد عام بأسماء المكتبات الأخرى وعدد محتوياتها :

اسم المدرسة ... عدد الكتب

العلقمي ... 650

العباس ... 725

الطف ... 530

ثانوية الحسينية ... 500

المخیم ... 625

النظامية ... 620

الهاشمية ... 825

الاعتماد ... 610

الفنون ... 590

أم سلمة ... 500

خديجة الكبرى ... 630

المفاخر ... 350

التوجيه ... 270

قرطبة ... 450

الكرامة ... 700

متوسطة المعارف ... 750

الزرقاء ... 325

الفرزدق ... 380

ثانوية الزهراء ... 450

متوسطة فتح ... 560

ص: 347

ولا شك ، لقد بقيت مكتبات أخرى لم أسجلها وذلك لقلة محتوياتها أو تعرضها للزيادة والنقصان .

تاريخ الطباعة في كربلاء

كانت كربلاء ولا تزال مصدر إشعاع فكري في العراق منذ عدة قرون خلت . وقد أنجبت رهطاً كبيراً من العلماء والشعراء والمفكرين الذين حفلت الكتب بتراجمهم و تعداد مآثرهم . وقد سعت كربلاء منذ قرن أو أكثر بنشر العلوم والمعارف و تعميم الثقافة بين الناس عن طريق الطباعة التي هي أهم وسائل النشر والثقافة في العالم .

وقد أنشئت المطابع في الموصل و کربلاء سنة 1856م وفي بغداد على أشهر المصادر سنة 1890م(1). وأشهر هذه المطابع هي :

1- المطبعة الحجرية : وهي أول مطبعة دخلت العراق واستقرت في كربلاء وذلك عام 1273 هجرية . و من الكتب المهمة التي طبعت فيها كتاب ( مقامات الآلوسي ) الذي تطرق اليه كثير من المؤرخين والباحثين . كما طبع فيها كتاب ( خلاصة الأخبار ) للسيد محمد مهدي سنة 1879م (2) وهو من الكتب التي تعني بحياة الأئمة .

وقد جاء ذكر هذه المطبعة في مجلة ( لغة العرب ) هذا نصه : مطبعة کربلاء هي أول مطبعة حجرية جلبت إلى بلاد العراق وصاحبها أحد أكابر في كربلاء أنشئت في موقع قرب كربلاء سنة 1273ه / 1856م في عهد ولاية المشير محمد باشا حاكم العراق وكان من ذوي المدارك النيرة محباً للعلوم منشطاً

ص: 348


1- راجع کتاب و الشعر السياسي العراقي ، الاستاذ ابراهيم الوائلي ص 101 حاشية .
2- راجع كتاب ( عقيدة الشيعة ) تأليف دواینت م. رونلدسن ص 364.

الرجال الأدب وأكثر مطبوعاتها مناشير تجارية و كتب أدعية ورسائل دينية حاوية لآداب زیارة عتبات أهل البيت ( رضي الله عنهم ) وليس بين مطبوعاتها كتاب يستحق الذكر غير کتاب مقامات الآلوسي في 134 صفحة طبع فيها سنة 1873 م وهي الآن متروكة لخلل ظهر في إدارتها (1) .

2- مطبعة الحسيني : وهي مطبعة حجرية أيضاً ، صاحبها المرحوم محمود المظفری ، وقد تأسست عام 1329 ه في دار شمس الدولة . و من الكتب المهمة التي طبعت فيها كتاب (تباشير المحرورين) تأليف الحاج الشيخ محمد الواعظ (2) كما طبعت فيها مطبوعات أخرى لا تحضرني أسماؤها الآن .

3- مطبعة الشباب : أسسها الصحفي المعروف عباس علوان الصالح سنة 1354ه /1935 م. ومن الكتب التي طبعت فيها الجزء الثالث من كتب ( كربلاء في التاريخ) للمؤرخ المرحوم السيد عبد الرزاق الوهاب آل طعمة . وجريدة ( الغروب ) الكربلائية لصاحب المطبعة نفسه ، واعداد من مجلة ( الاقتصاد ) البغدادية ، و کراس ( تاريخ المطبعة ) وغيرها من المطبوعات .

4 - مطبعة الثقافة : صاحبها محسن عبدالرضا، أسست عام 1360 ه/1941م وقد طبعت فيها اعداد من جريدة ( الندوة ) الكربلائية ، و كتاب ( رسالة الاخيضر) للاستاذ عباس علوان الصالح وغيرها من الكتب والمطبوعات التجارية.

ص: 349


1- مجلة لغة العرب : للأب انستاس ماري الكرملي /ج7 السنة 2 ص 309 ( صفر 1331 ه / كانون الثاني 1913م).
2- هو صدر الواعظين الحاج الشيخ محمد بن اسماعيل الواعظ اليزدي الحائري المهاجر إلى كربلاء سنة 1312 والمتوفى سنة 1337 ه له تصانیف مطبوعة منها ( نباشير المحرورين ) المطبوع بكربلاء في ذي القعدة الحرام سنة 1331 ه و (دوحة الأنوار ) في كشف أسرار أخبار الأئمة الأطهار طبع بمي 1319 ق. ومن آثاره الخيرية تشييده الجامع الواقع على نهر الحسينية قرب قنطرة باب الطاق وذلك بتاريخ 1336 ه.

5 - مطبعة الطف : تأسست عام 1360 م/1941 م صاحبها المرحوم الشيخ ابراهيم الكتبي . ومن الكتب المطبوعة فيها رواية أدبية اجتماعية باسم (في سبيل العفة ) للاستاذ عبد الجليل مصطفى البياتي، و کتاب (تنبيه الأمة ) للسيد مهدي شمس الفقهاء ونظراً لفشل هذه المطبعة لم تترك المطبوعات أثراً يذكر ، وكانت مقتصرة على المطبوعات التجارية .

6- مطبعة أهل البيت : تأسست عام 1956 م صاحبها الحاج جاسم الكلكاوي. ومن الكتب القيمة التي طبعت فيها ( منهاج الشيعة ) تأليف العلامة الشيخ علي الحائري و کتاب ( الكلمات المحكمة) للمؤلف نفسه. و کتاب (دراسات أدبية ) في أدباء كربلاء المعاصرين - ج 2 للاستاذ غالب الناهي . والجزء الأول من دیوان حسين الكربلائي وبعض أجزاء (المنظورات الحسينية ) و ( الأغاريد الشعبية ) للشاعر الشعي كاظم المنظور . و كتاب ( تنبيه الغافلين ) للعلامة الفيلسوف الشيخ محمد رضا الأصفهاني وغيرها من المطبوعات والمجلات والكراسات المهمة. ولا تزال هذه المطبعة تواصل نشاطها باستمرار، وهي مقدمة على التوسيع السد حاجيات البلد .

7- مطبعة كربلاء : أسسها السيد جواد السيد كاظم الموسوي وذلك في عام 1962 م / 1381 ه. و من الكتب المطبوعة فيها ( أبو المحاسن ) لمؤلف هذا الكتاب ، وقد طبع في 10 آب 1962 م. و كتاب (البيوتات العلوية في كربلاء) ج 1 للسيد ابراهيم شمس الدين القزويني ، وطبع في شوال 1382 ه/ 1993 م والجزء الثاني من كتاب (بحوث في علم النفس) إضافة إلى الكراسات والمطبوعات التجارية الأخرى .

8 - مطبعة تموز : أسسها المحامي محسن المعيار عام 1970م/1390 ه ، طبع فيها كتاب ( مدينة الحسين ) الجزء الرابع ، للسيد محمد حسن الكليدار آل طعمة و كتاب ( من کنت مولاه ) الجزء 4 لعبد المنعم الكاظمي وغيرها .

ص: 350

تاريخ الصحافة في كربلاء

لعبت الصحافة في كربلاء ، دوراً كبيراً في مضمار الحياة الفكرية ، وكان لها نصيب وافر و نشاط ملموس في دفع زخم الحركة الثقافية إلى التطور والتقدم والازدهار . فليست الصحافة بحديثة العهد ، إذ أن جذورها تمتد إلى عشرات السنين المنصرمة ، ولم تكن أقل شأناً من أخواتها الصحف المحلية التي ساهمت في رفع المستوى الثقافي والفكري في سائر أنحاء المدن العراقية بغداد والموصل والبصرة وغيرها .

وكلنا يعلم أن كربلاء ذات أمجاد ثورية خالدة ، لها ماضيها التليد وحاضرها المشرق ، فهي بحق معين الثقافة ومنبع الحضارة نظرا لمكانتها العلمية المرموقة ولأنها محط رحال المسلمين منذ أمد طويل . فلا غرو إذا انبثقت منها بين حين وآخر صحف و مجلات تعبر عن أماني أبنائها الأحرار الذين يتطلعون بشوق ورغبة إلى مستقبل وضاء .

وما دمنا بصدد حديث الصحافة الكربلائية ، لا بد لنا أن نستعرض تاریخ صدور هذه الصحف والمجلات وما أدته من خدمة نافعة في تطوير الحياة الأدبية والعالمية والسياسية خلال الحقبة التي صدرت فيها تلك الصحف ، وأشهرها هي :

1- الاتفاق : جريدة عربية أنشأها في كربلاء الحاج مرزا علي الشيرازي ، وبرز عددها الأول في 7 آذار 1916م (1) . وأثنى عليها الشاعر محمد حسن أبو المحاسن بقوله :

قل لمن حاول مجداً انه *** تمر حلو الجني حلو المذاق

ما جنته أمة قبل ولا *** يحتني إلايجدو (اتفاق) (2)

ص: 351


1- راجع كتاب ( تاريخ الصحافة العراقية ) للسيد عبد الرزاق الحسني ص 60.
2- دیوان أبي المحاسن الكربلائي : تحقيق الشيخ محمد علي اليعقوبي ص 166.

2 - الغروب : وهي جريدة أسبوعية سياسية جامعة ، صاحبها ومدير شؤونها عباس علوان الصالح ، ومديرها المسؤول المحامي حسن محمد علي . صدر عددها الأول في 22 ربیع الثاني سنة 1354ه / 26 تموز سنة1935 م. وقد نشرت مختلف البحوث الاجتماعية ، وأصدرت عدداً خاصاً بالنهضة العربية . وكانت تطبع في مطبعة الشباب بكربلاء لصاحب الجريدة نفسه . وظلت تصدر في كربلاء حتى عام 1937م. ومن ثم غربت عن أنظار القراء . وقد ورد لها ذكر في ( الدليل العراقي ) (1).

3 - الندوة : وفي سنة 1941م - 1360. تأسست في كربلاء جمعية أدبية باسم ( ندوة الشباب العربي ) وأصدرت جريدة يومية أدبية جامعة باسم ( الندوة) وكان مديرها المسؤول المحامي السيد محمد مهدي الوهاب آل طعمة ، وساهم في تحريرها نخبة من رجالات کربلاء المثقفين أخص بالذكر منهم الشيخ محسن أبو الحب ومشكور الأسدي والمحامي حمزة بجر وغيرهم. وتوقفت عن الصدور بعد عمر قصير ، وقد نشرت بعض المقالات السياسية عن حركة رشید عالي الكيلاني .

4 - الأسبوع : وهي جريدة أسبوعية أدبية جامعية أصدرها الأستاذ عباس علوان الصالح عام 1943م ، وكانت تضم بحوثاً أدبية ممتعة و تراثاً علمياً ضخماً. ثم انتقلت إلى بغداد ، حيث استأنفت صدورها هناك . ونشر صاحبها كتاباً تناول فيه المعاهدة العراقية الأنكليزية فصادرته وزارة الداخلية والغت امتیاز جريدته .

5 - القدوة : وصدرت عام 1951م جريدة أسبوعية أدبية جامعة باسم ( القدوة ) صاحبها الأستاذ رحيم خضير الكيال ، ومديرها المسؤول المحامي حسن عبد الله . وقد ضمت صفحاتها موادة أدبية ذات مفاهيم وقيم . وكانت

ص: 352


1- الدليل العراقي سنة 1935 م ص 752.

منبراً لأقلام كبار الكتاب والأدباء والباحثين أمثال : حسين فهمي الخزرجي وصالح جواد الطعمة وحسن عبد الأمير وزكي الصراف ومهدي جاسم وعباس أبو الطوس و محمد القريني وغيرهم . وكان لها تأثير كبير في تكوين الأذواق وتهذيب النفوس . واستمرت حتى عام 1953 . كما أصدرت أعداداً خاصة بالإمام الحسين . وأخيراً احتجبت عن الأنظار بعد أن صدر منها 60 عدداً .

6- رسالة الشرق : مجلة أدبية شهرية صاحبها السيد صدر الدين الحكيم الشهرستاني و مديرها المسؤول المحامي حسن حیدر . صدر عددها الأول في 20 جمادى الثانية سنة 1373ه و استمرت عاماً و احداً . ساهم في تحريرها الدكتور عبد الجواد الكليدار و عبد الرزاق الوهاب و محمد القريني وغيرهم. وبسبب صدور القانون العام للمطبوعات الغي امتیازها .

7- شعلة الأهالي : جريدة سياسية أسبوعية صاحبهاورئيس تحريرها المحامي السيد عبد الصاحب الأشيقر ، صدرت سنة 1379ه / 1960م. كانت تعکس في صفحاتها إخلاص وتفاني الكربلائيين في دعم كيان هذا البلد . وقد برهنت أعدادها القليلة على سلوكها النبيل في النهج الديمقراطي السليم . انقطعت عن الخدمة العامة بعد أن صدر منها 28 عدداً.

8 - أجوبة المسائل الدينية : نشرة شهرية دينية صاحبها السيد عبد الرضا المرعشي الشهرستاني . صدرت سنة 1371ه / 1951م ، واستمرت 14 عاماً . وكان مقر إصدارها المدرسة الهندية .

9 - الأخلاق والآداب : نشرة شهرية دينية صاحبها: الشيخ محمد حسين الأعلمي صدر عددها الأول سنة 1377 ه / 1907 م واستمرت ثلاثة سنوات ، ثم توقفت عن الصدور .

10 - صوت المبلغين : نشرة دينية شهرية أصدرتها مدرسة البقعة سنة 1960م . واستمرت سنتين فقط . ثم توقفت عن الصدور .

( تراث كربلاءم -23)

ص: 353

11 - منابع الثقافة الإسلامية : نشرة فكرية أصدرتها مدرسة الباد کوبة سنة 1960 واستمرت أكثر من 7 سنوات ، ثم توقفت عن الصدور .

12 - الاقتصاد : صحيفة اقتصادية جامعة نصف شهرية أصدرتها غرفة تجارة كربلاء . صدر عددها الأول في 15 تموز سنة 1960 . صدر منها 9 أعداد فقط .

13 - المجتمع : جريدة أدبية سياسية اجتماعية اسبوعية صاحبها الحاج جاسم الكلكاوي و مديرها المحامي جواد الظاهر صدرت في تموز سنة 1963م واحتجبت وعاودت الصدور عام 1969م بادارة عبد الجبار عبد الحسين الخضر ، ثم احتجبت أواخر سنة 1972 .

14 - الرائد : مجلة أدبية تربوية علية أصدرها فرع نقابة المعلمين في كربلاء صدر عددها الأول في تموز 1968م و استمرت حتى عام 1970، حيث صدر منها 6 أعداد فقط .

10 - الحرف : وهي مجلة فكرية تربوية تصدرها مديرية تربية کربلاء . صدر عددها الأول 1389ه / 1969م احتوى المجلد الأول منها على 6 أعداد ضخمة ، وصدر العدد الأول للمجلد الثاني في سنة 1975 ثم توقفت عن الصدور .

19 - صوت الإسلام : مجلة دينية علمية أدبية عامة تصدرها جمعية النهضة الإسلامية ، رئيس تحريرها الشيخ عبد اللطيف الدارمي ، سكرتيرها : عدنان الدارمي صدر عددها الأول للسنة الأولى سنة 1972 وهي اليوم دخلت عامها السابع ، وما تزال ثرة العطاء .

ص: 354

الفصل التاسع: الوقائع والحوادث السياسية

إشارة

تعد کربلاء من أقدس البقاع الإسلامية وأهم المراكز الدينية العظيمة . وقد شهدت أرضها الطيبة أحداثاً جساماً ووقائع حربية أدمت القلوب وأفزعت النفوس منذ أن طل دم الحسين الزكي في أرض الطف . وكانت تلك الحادثة هي بداية المعارك الدامية سنة 161 . وقد أعقبت حادثة الطف الكثير من الغارات والأحداث التاريخية الهامة والانقلابات السياسية الخطيرة والثورات الإجتماعية التي غيرت مجرى التاريخ وأدت إلى نتائج عظيمة تصدعت فيها وحدة المسلمين ونجم عنها خسائر فيها في الأرواح .

وقد حاولنا في هذا الفصل ضبط الوقائع وتمحيص الروايات و إيضاح الأسباب والنتائج عن طريق المراجع المتوفرة التي سجلت لنا تلك الأحداث التاريخية الهامة . وكانت قد حدثت معظمها أيام الدولة العثمانية ، تلك الدولة التي كانت ترزح تحت وطئتها كافة الأقطار والبلدان العربية لا سيا العراق . فقد كان القرن السابق زاخرة بالانقلابات السياسية الخطيرة والثورات القومية والاجتماعية التي غيرت مجرى التاريخ ، مما نجم عن ذلك خسارة تراثنا الفكري القيم .

ص: 355

أما التسلسل الزمني لهذه الحوادث فهي كما يلي :

ذكر السيد أمير علي في كتابه ( مختصر تاريخ العرب ) ما هذا نصه : وبينما كان عبد الله بن مروان و یزید عامل العراق يزحفان على نهاوند و كان قحطبة يشدد الحصار عليها حتى فتحها عنوة قبيل وصول الإمدادات اليها من أي من الجانبين ثم أرسل فصيلة بقيادة أبي عون لمقاتلة عبد الله بن مروان ، بينما التف هو میشه الرئيسي حول يزيد الذي كان معسكرا في جلولاء . وعندما انتهت هذه الخطة إلى مسامع یزید سارع إلى رمي نفسه بين الكوفة وبين عدوه. ووصل قحيطية إلى الفرات بعد يزيد ثم عبر النهر وعسكر في بقعة بعيدة عن متناول یزید . هذا وقد التقى الجيشان في البقعة نفسها التي قتل فيها الحسين ودارت بينها معركة رهيبة أسفرت عن هزيمة الأمويين وخسر فيها العباسيون قائدهم نحطبة فتولى القيادة ابنه الحسن وطرد يزيد من معسكره و أجبره على التراجع إلى واسط . وهي مدينة قوية التحصين بناها الحجاج بن يوسف في وسط الطريق بين الكوفة والبصرة ، وهكذا سقطت الكوفة دون مقاومة تذكر في يد الحسين (1).

ثورة زيد بن المهلب

ويروي لنا السيد أمير علي نفسه عن هذه الحادثة فيقول : وكان الإمام الحسن البصري مؤسس المدرسة الفقهية يعيش عندئذ في البصرة فأهاب بمواطنيه الا ينحازوا إلى أحد الطرفين و لكن شجاعة ابن المهلب و أخیه و کرمها اللذين كان لها أكبر التأثير على العقل العربي أشعلا حماس أهل البصرة فهبوا إلى نجدتها وأقسموا لها يمين الولاء . ولكن يزيد الأموي أرسل قوة كبيرة على رأسها مسلمة ابن عبد الملك وعباس بن الوليد لسحق الثورة . والتقى الجيشان في ميدان العقر

ص: 356


1- مختصر تاريخ العرب : للسيد أمير علي مؤلف روح الاسلام - نقله إلى العربية عنيف البعلبكي - ص 172 و 173 .

بالقرب من كربلاء على ضفة الفرات اليمني ودارت بينها معركة رهيبة أسفرت عن هزية الثوار ، وقتل یزید و أخوه حبيب بعد أن فر معظم رجالها وهرب سائر اخوانها إلى کرمان حيث قتل بعضهم في معركة ثانية نشبت بينهم وبين جيوش الخليفة والتجأ الباقون إلى خاقان الترك.

ومع أن ثورة يزيد بن المهلب التي كادت أن تقوض دعائم الخلافة الأموية قد سحقت ، فقد كانت لها نتائج بعيدة الأثر . كما أن القضاء على أزد اليمانية التي ينتسب اليها يزيد بن المهلب في الكرمان والعراق قد هز العالم العربي بأسره وأشعل نار العداوة والبغضاء بين الجانبين و الحميريين في اسبانيا وافريقية والمشرق وانتصر أعداء المسلمين في كل مكان بينها شجع عجز الخليفة ومستشاريه ، وتولية الحكام من غير الأكفاء الاضطرابات والفتن في البلاد . و منبت الحملة على اذربایجان بالهزيمة المنكرة على يدي الخزر والقنجاق سكان قوقاسية(1)... الخ.

خروج الديزج على كربلاء

سير المتوكل العباسي عمر بن فرج الرجحي مع جماعة من اليهود يتبعون الديزج وقد ترأس الحملة هارون المعري فنزل الديزج الكوفة وأخذ جماعة معه من الفعلة ومعهم المساحي توجهوا بها نحو کربلاء فوصلوها عند المساء فتقدم الديزج بنفسه وأخذ يحفر موضع القبر و أمر غلمانه بتخریب قبر الحسين ثم كربه و مخره و أخذ غلمانه يشرعون بالتخريب حتى بلغوا موضع القبر نفسه ، فلم يجرأ على التقدم أحد ، حتى استولى عليهم الرعب ، فاستبدلوا باليهود ، فلما تقدموا و بایدهم المساحي شاهدوا قوما يحولون بينهم وبين قبر الحسين وأخذوا يرمونهم بالنبال والسهام فقلت ضوضاؤهم .

روى العلامة المجلسي بسنده عن جعفر بن محمد بن فرج الرجحي قال : روی

ص: 357


1- مختصر تاريخ العرب للسيد أمير علي - ص 133 .

عمي عمر بن فرج الرجحي ان المتوكل العباسي أمرني أن أرافق الديزج لهدم قبر الحسين في كربلاء ولما تركني الديزج بعد أن اشتدت عليه وطأة الحمي بقيت على رأس الفعلة والغلمان و البرز کاريون إلى غداة الغد .

فلما أصبح الصباح أمرت بالقبر فمرت على القبور كلها فلما بلغت قبر الحسين عليه السلام لم تمر عليه فأخذت العصا بيدي فما زلت أضربها حتى تكسرت العصا في يدي فوالله ما جازت على القبر ولا تخطته فعند ذلك أمرت بإرسال الماء عليه من نهر العلقمي فحار الماء بقدرة الله تعالى على بعد من القبر باثنين وعشرين ذراعاً وفي رواية أخرى اثني عشر ذراعا وصار الماء كالحائط و استدار حول القبر. ويشير الشيخ محمد السماوي إلى هذا الحادث بقوله :

و الحادث الثالث فعل جعفر *** بالهدم والحرث لتلك الأقبر

والمخر بالماء على ما قد حرث *** وقتله المجاورين للجدث

وقد سمعت من حديث الديزج *** وغيره كل مريع مزعج (1)

ومن أراد التفصيل فليراجع حوادث سنة 236 في ( تاريخ الطبري ) ج 11 ص 44 و ( مقاتل الطالبيين ) لأبي الفرج الأصفهاني ص 380 و ( الأمالي ) لأبي علي الحسن بن محمد الطوسي ص 3070.

غارة ضبة بن محمد الأسدي

من الحوادث التي ترويها لنا الأسفار التاريخية هي غارة ضبة بن محمد الأسدي على كربلاء سنة 369 هجرية . فقد كان ضبة أميراً العين التمر أغار على كربلاء ونهبها وحمل أهلها أسارى إلى قلعته عين التمر (2)وقد حدثنا ابن الجوزي قائلاً :

ص: 358


1- مجالي اللطف بأرض الطف - الشيخ محمد السماوي ص 55.
2- الكامل الابن الأثير ج 7 ص 153.

أنه جرى بين ضبة وبين أبي الطيب أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الشهير بالمتنبي مشاجرة عنيفة مجاه المتنبي على أثرها بقصيدة مطلعها :

ما أنصف القوم ضبه *** وأمه الطرطبه

ولما بلغ ضبة مقالة أبي الطيب أقام له في الطريق رجالاً من بني أسد فقتلوه وقتلوا ولده و أخذوا من معه وكان ذلك سنة 354ه (1)غير أن عضد الدولة أبي شجاع فنا خسرو سار اليه يجيش يقارب العشرة آلاف فارس فهجم على عين التمر وحاصر قلعتها مدة من الزمن فر خلالها ضبة قافزاً بجواده من أعلى سور القلعة واستولى عضد الدولة على القلعة المذكورة وأخذ أهلها أساري إلى كربلاء وأرجع أهالي كربلاء الموجودين في أسر ضبة إلى مدينتهم ، وعين عضد الدولة أحد العلويين رئيساً لعين التمر يدير شؤونها كما يوضحه العلامة الشيخ محمد السماوي في أرجوزته بقوله :

والحادث الرابع نهب الأسدي *** ضبة ذو العين لأهل البلد

وسلبه في الدور والأسواق *** وقتله كل فني يلاقي

ونهبه من روضة الحسين *** مصوغة الخضار واللجين

وعوده للعين من غير بصر *** في قومه المبتهجين بالظفر

فانصب فناخسرو مثل الصقر *** عليه حق اجتاح عين التمر

وفر ضبة الشقي وحده *** وعاف فيها أهله وجنده

فاستأصل الأخبار والرجالا *** وأسر النساء والعيالا

وباعهم في كربلاء جهرا *** و قسم الأنفال فيهم جبرا

ورد ما قد سلبوه من حلي *** وحول العين لأبناء علي

وذاك في الثلاث من مئيها *** والتسع والستين من سنيها (2)

ص: 359


1- المنتظم / لابن الجوزي المجلد 6.
2- مجالي اللطف بأرض الطف / الشيخ محمد الساري ص 55 و 56.

وذكر الكامل أيضاً : أرسل عضد الدولة سرية إلى عين التمر وبها ضبة بن محمد الأسدي وكان يسلك سبل اللصوص وقطاع الطرق ، فلم يشعر إلا والعساکر معه فترك أهله وماله فنجی بنفسه غريباً وأخذ ماله وأهله و ملك عين التمر وكان قبل ذلك قد نهب مشهد الحسين بكربلاء فعوقب بهذا (1) .

غارة خفاجة علی کربلاء

غارة خفاجة(2)

في عام 479 هجرية تولى إمارة الحلة سيف الدولة صدقة بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي حيث أغارت في زمنه خفاحة على أمارته في ربیع 489ه ولما بلغ الخبر سيف الدولة هذا أرسل ابن عمه قریش بن بدران على رأس جيش المحاربتهم فاندحر جيشه ووقع أسيرة حيث أطلق سراحه بعد ذلك ، وأعادت خفاجة الكرة وهاجمت کربلاء و أعملت في رقاب أهلها السيف فغضب سیف الدولة وجهز لهم جيشاً حاصرهم في الحائر الحسيني وقتل منهم خلقاً كبيراً ، ولم يسلم منهم أحدة و أعاد الطمأنينة إلى مدينة كربلاء ، ثم كر راجعاً إلى الحلة حيث أمر بتعويض خسائر أهل الحائر من خزانته الخاصة .

ذكر ابن الأثير في ( الكامل في التاريخ ) : أن خفاجة أغارت على بلد سیف الدولة صدفة بن مزيد فأرسل في اثرهم عسكرا مقدمه أبن عمه قریش بن بدران بن دبیس بن مزيد فأسرته خفاجة وأطلقوه وقصدوا مشهد الحسين بن علي فتظاهروا فيه بالفساد والمنكر فوجه اليهم ( صدقة ) جيشاً فكبسوهم وقتلوا منهم قتلاً كثيراً في المشهد حتى عند الضريح والقى رجل منهم نفسه وهو على فرسه من على

ص: 360


1- الكامل / لابن الأثير ج 9،ج 10 ص 108.
2- ورد لخفاجة ذكر في د تاريخ العراق بين احتلالين و للاستاد عباس العزاوي ج 3 ص 65 « قبيلة خفاجة من قبائل العراق القديمة ، موطنها في أنحاء المنتفق في فضاء الشطرة ، وتفرق منها جماعات كبيرة وصغيرة في جهات أخرى كالحلة وكربلاء وبغداد وديالى» .. وقد تفرعت من خفاجة بعض عشائر کربلا، وهي : الوزون والطهامزة والصلخة والبهادرية .

السور فسلم هو والفرس (1).

ولعل من المفيد هنا أن نشير إلى أبيات الشيخ محمد السماوي فهي خير تأکید على ما ورد فيقول :

و الحادث الخامس ما أهاجه *** بنهب کربلا بنر خفاجة

وذاك أنهم أتوا من غزو *** واستطرقوا الطف بفرط زهو

فنهبوا سكانه وفتكوا *** وخفروا ذمامه وانتهكوا

فكبس الطف عليهم صدقه *** وكلم السيف هم وصدقه

ما سمعته بمعجزات *** له فأرخه ( ابادعاتی ) (2)

489 م

حادثة الأمير دبيس الأسدي

روی ابن الجوزي : أن الأمير دبيس بن صدقة بن منصور الأسدي زار قبر الحسين في كربلاء سنة 513 هجرية وكان شجاعاً أديباً شاعراً . ملك الحلة بعد والده وحكمها زهاء 17 عاماً قتل سنة 529ه بتحريض السلطان مسعود السلجوقي ولما ورد کربلاء دخل إلى الحائر الحسيني با کياً حافياً متضرعاً إلى الله أن يمن عليه بالتوفيق وينصره على أعدائه . ولما فرغ من مراسيم الزيارة أمر بكسر المنبر الذي كان يخطب عليه باسم الخليفة العباسي عند صلاة الجمعة قائلاً : لا تقام في الحائر الحسيني صلاة الجمعة ولا يخطب هنا لأحد. ثم قصد مرقد الإمام علي عليه السلام في النجف و عمل مثل ما عمل في كربلاء .

في الواقع أن هذا العمل الذي قام به دبيس في كسره المنبر ما هو إلا انتصار

ص: 361


1- الكامل في التاريخ : لابن الأثير ج 10 ص 177 - 178.
2- مجالي اللطف بأرض الطف ص 56.

لمذهب الإمامية و إنكار الجماعة المسترشد بالله العباسي . ويصور هذه الحادثة الشيخ محمد السماوي بالتاريخ الشعري قوله :

والحادث السادس المسترشد *** إذ فعل الفعل الذي لم يعهد

مد إلى خزانة الحسين كف *** وباع ما قد كان فيها من تحف

فقيل لم تمد للخزانة *** كفاً بلا رهن ولا ضمانة

فقال ما الحسين بالمحتاج *** لكل اكليل وكل تاج

وما درى أو كان في تلاه *** بانها شعائر الإله

وجند الجنود ثم صارا *** همدان يبتغي انتصارا

ويقتل الملك بها المسعودا *** فصادف المسترشد الموعودا

وقتلوه وهو في مراغه *** جزاء ما سوغه وساغه

وكان ذا في سنة الخمسمئة *** و التسع و العشرين دون توطئة(1)

هجمات جيش تیمورلنك على كربلاء

ذكر محمد میر خواند شاه في كتابه ( روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفاء ) في المجلد السادس تفصيل هذا الحادث فقال : أن الأمير تیمور کورکان بعد فتحه إيران كان همه محصوراً في مناجزة السلطان أحمد الجلائري . وبعد رفضه لهداياه سار بجيشه نحو بغداد ، وكان السلطان أحمد قد استطلع الخبر فأخذ أهبته وعبر دجلة إلى الجانب الغربي ، و حمل معه جميع أثقاله و کنوزه وخيله وجنده و أمل حرمه ولما كان صبيحة يوم الثلاثاء عشر شوال سنة 795 م دخل الجانب الشرقي من بغداد الأمير عثمان بهادر وطلائع جيش التحرير .

وكان السلطان أحمد في الجانب الغربي وقد أمر برفع الجسر وغرق السفن ،

ص: 362


1- مجالي اللطف بأرض الطف - ص 56و 57.

ولكن قواد تیمور تمكنوا من عبور نهر دجلة إلى الجانب الغربي، أما السلطان أحمد فر إلى الحلة للاحتماء بها ولكن جيش تیمور تبعه . وفي الطريق التمس القواد من الأمير تيمور الرجوع إلى بغداد، وهم يكفونه تعقیب این اویس فرجع تیمورإلى بغداد، وواصل قواده تعقیب ابن اويس ، ولما استطلعوا خبره عرفوا أنه التزم طريق كربلاء إلى مصر.

أما این اویس لما عرف أن الحلة لا تحمیه ترکها وترك بها معظم نفائسه وذهب إلى النجف ومنها إلى كربلاء ، فأعقبه الأمير عثمان بهادر مع خمس وأربعين رجلاً من أمراء الجيش بضمنهم كان اینایج اغلان و جلال حمید و سید خواجة بن الشيخ علي بهادر ظفر بالسلطان أحمد في كربلاء ومعه مائتي فارس من أعوانه و أتباعه وأهل حرمه فالتحم القتال بين الفريقين في أرض كربلاء وأخذوا پر شقون الآخر بالنبال . فتطايرت السهام والنبال فيما بينهم ، فانتهز این اویس انشغال الطرفين في الحرب فولى هارباً إلى مصر محتمياً السلطان برقوق ، بعد أن ترك ذخائره ونفائسه وأمواله الباقية ورجاله في سهل كربلاء .

أما الأمير عثمان بهادر بعد دحره رجال ابن اويس و أسرهم وجد بينهم زوجة السلطان ونجله علاء الدين ونديم السلطان عزیز بن أردشير الاسترابادي مؤلف کتاب ( بزم و رزم ) أما أمراء تیمور لنك بعد استيلائهم على خزائن السلطان توجهوا قاصدين زيارة مرقد أبي عبد الله الحسین علیه السلام يتبركون به يستجمعون توام . وبعد فراغهم من مراسيم الزيارة أجزلوا بالنعم والهدايا على السادة العلويين الملازمين لقبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام ثم رحلوا عن كربلاء بعد أن مكثوا فيها بعض يوم .

حادثة مولي علي المشعشعي في كربلاء

كان مولى علي بن محمد بن فلاح المشعشعي من الذين يعتنقون مبدأ المغالاة بالإمام علي عليه السلام ويعتقدون بألوهيته . تولى الحكم في حياة أبيه محمد بن فلاح وقاد

ص: 363

الجيوش بنفسه واحتل كثيرة من الأراضي الواقعة في خوزستان حتي جاء إلى أواسط العراق وتمكن منها واشترك في حرب البصرة.

لقد جمع مولى علي رهط من أصحابه يقدرون حوالي خمسمائة شخص و سلب كسوة الكعبة وحاصر المدينة المنورة وقتل عدداً كبيراً من سكانها داخل الحرم الشريف ثم توجه لمحاربة جيش بغداد الذي جاء لمقاتلته بقيادة ( دوه بيك ) ودحره . ثم توجه إلى الحلة فدخلها في الخامس من ذي القعدة ونهب أموالها وأحرقها وهدم دورها وبقي فيها ثمانية عشر يوماً رحل بعدها إلى النجف فدخلها فاتحاً و سلب أموالها ودخل بفرسه إلى داخل الحرم الشريف وكسر الصندوق الموضوع على قبر الإمام علي عليه السلام وعمل في أهلها السيف وكان ذلك في غرة ذي الحجة ثم توجه قاصداً كربلاء في نهاية شهر ذي الحجة فدخل الروضة الحسينية بفرسه و أمر بكسر الصندوق الموضوع على قبر الحسين علیه السلام وجعل الروضة المطهرة مطبخاً لطهي طعام جنوده و عمل في أهلها السيف ونهب أموالها كما سلب كل ما كان في الروضة المطهرة من التحف الثمينة النادرة وأسر كثيراً من سكان کربلاء (1).

وقد ذكر ضامن بن شدقم المدني في كتابه ( تحفة الأزهار وزلال الأنهار ) : ان المولى علي الذي استولى على جميع الأهواز و شواطىء الفرات إلى الحلة كان غالي المذهب جاء إلى العراق وأحرق الحجر الدائر على قبة الإمام علي وجعل القبة مطبخاً للطعام إلى مدة ستة أشهر وكان يقول أن الإمام علي هو الرب لا يموت (2) .

وذكر صاحب كتاب ( روضات الجنات ) تحت عنوان : أول قتل وقع في النجف و کربلاء : أن المشعشعي هو من ألقاب السيد مولى علي بن محمد بن فلاح

ص: 364


1- يراجع كتاب ( تاريخ المشعشعين ) للخطيب السيد جاسم حسن شبر ص 51 و 52 - حادثة النجف والحلة . أورد المؤلف تفصيل هذا الحادث مستندة إلى مصادر عدة .
2- تحفة الأزهار وزلال الأنهار - ج 3 ص 115 مخطوط .

نهب المشهدين المقدسين النجف و کربلاء وقتل أهلها قتلاً ذريعاً و أسر من بقي منهم إلى دار ملكه في البصرة ، وكان ذلك في شهر صفر سنة 858 ه. وبعد أن استولی مولى علي على كربلاء والنجف ولى هارباً إلى البصرة لما علم بقدوم جيش عرمرم لمقاتلته بقيادة ( پیر بوداق ) وبقي هارباً إلى أن قتل في سنة 861 ه على يد أحد أعوان الأمير بوداق الذي استطاع أن يغتاله برمية سهم أردته قتيلا عندما كان يستحم في مياه ( کوهکيلوية ) في أعمال بهبهان في إيران . وند اختلفت الروايات في تاريخ وفاته ، فمنهم من يذكر سنة 863 ه كما ينص على ذلك كتاب ( الضوء اللامع ) : أن علي بن محمد بن فلاح الخارجي الشعشاع ( كذا ) مات سنة 863 ه قد مرت حوادثه وكان منفوراً من الجميع بسبب ما قام به من إهانة العتبات المقدسة في النجف و کربلاء والقتل والتخريب(1) وقال السماوي :

والحادث الثامن ماقد صنعا *** علي أعني الفاتك المشعشعا

ابن فلاح إذ أتي بالمين *** لمرقدي حيدر والحسين

وقال ان القبر للحي جلل ونهب الأعيان في تلك العلل

ولم يبقَ لا هنا ولا هنا *** عینا ترى أو جوهراً أو معدنا

وسار في جمع من الأسارى *** حتى لأخرى صار في القصاری

وذاك في الثمان والخمسينا *** من تاسع القرون في السنينا (2)

غارة آل مهنا

روى البحاثة يعقوب سركيس في مجلة ( لغة العرب ) ما يلي : ان قبيلة آل مهنا غزت كربلاء بزعامة أميرها المدعو ( ناصر بن مهنا ) شيخ مشايخ البوريش من عشائر جشعم العربية في حدود سنة 1013 ه و بسطت زعامتها عليها زهاء

ص: 365


1- الضوء اللامع لشمس الدين السخاری ج 6 ص 7.
2- مجالي اللطف بأرض الطف / للشيخ محمد الساري ص 57 و 58.

أربعين عاماً انتهت زعامتها على أثر غزو العراق من قبل الشاه عباس الكبير الصفوي سنة 1042 ه(1). ونظراً لاهتمام السلطان مراد خان (1035 ه) في انقاذ بغداد أرسل مقداراً من حرسه الخاص وقواته إلى الحلة و كربلاء حيث استولت عليها واسكتت مدافعه نيران المقاومة و تغلب على القوات المدافعة وأبادها (2). وفي سنة 1110 ه كادت عساكر الوزير اسماعيل باشا تتمرد على قادتها حتى انهم عند وصولهم إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين رضي الله عنه لم يتمكنوا من ضبطهم إذ راحوا يفعلون ما يشاؤون بغير نظام و اعتدوا على الكثير من الأملين وعند عودتهم إلى بغداد صدرت الأوامر بعزل رؤسائهم وفرّ قسم منهم نحو إيران خوفاً من العقاب(3) .

حادثة يوسف باشا

بالرغم من استقصائنا للكثير من الحوادث التاريخية التي تعرضت لها مدينة کربلاء عبر تاريخها الطويل ، فإننا لم نتوصل إلى معرفة هذه الحادثة بصورة مسهبة ، و ذلك لندرة المراجع التي يمكن أن يعول عليها الباحث، غير أن كتاب ( التاريخ الحديث ) المقرر تدريسه للصف الثالث المتوسط يروي لنا هذا الحادث بایجاز ، وهذا نصه : [ الدور العثماني الأول 1112 ه - 1546 م] الأحوال العامة والإدارة : وكان العصر منعماً بالإضطرابات وسيطرة الحكومة على البلاد غير كافية ومثال ذلك الحركة الانفصالية التي وقعت في البصرة حوالي 1546 م حيث اضطر الوالي ( ایاس اشا ) إلى الزحف إليها والقضاء عليها لمدة موقتة . وما حدث في مفتتح القرن السابع عشر من قيام ثورة في كربلاء في عهد الوالي ( يوسف باشا ) انتصر فيها أهل المدينة على الجنود العثمانيين . ومع ذلك تمتعت

ص: 366


1- مجلة ( لغة العرب ) ج 3 ص 137.
2- کلشن خلفاء / مرتضى نظمي زادة ص 223.
3- کلشن خلفاء ص 303.

البلاد بشيء من الهدوء والاستقرار بالنسبة للعهود السابقة .

ويمكن للقارىء الاستزادة من المعلومات عن هذه الحادثة بمراجعة المصادر التالية :

1- بغداد لريتشارد کوك - ترجمة : الدكتور مصطفى جواد و فؤاد جميل ج2

2- رحلة تفرنیه 1701م

3 - تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاوي ج 3، ج 4

4 - بدائع الزهور ووقائع الدهور / لابن أياس

5 - التاريخ الحديث - وهو الكتاب المقرر تدريسه للصف الثالث المتوسط الدور العثماني الأول ( 1112 ه - 1546 م ) ص 20 .

حادثة الوهابيين

وتعرف بحادثة الطف الثانية ، لأنها من أهم الحوادث التي أثارت الاستنكار البغيض في نفس كل إنسان ، وتركت في العالم الإسلامي الأم الممض ، وكانت موضع دراسة الكثير من المؤرخين .

جاء في كتاب ( الدر المنثور ) الخطوط ما هذا نصه : ان في سنة 1216ه كان فيها مجيء سعود الوهابي إلى العراق و أخذ بلد الحسين علیه السلام و كان دخوله إلى كربلاء ليلة 18 ذي الحجة ليلة الغدير وأباد أهلها قتلاً وسبياً ، وكان عدد من قتل من أهل كربلاء (4500) رجل وانتهبت جميع ما فيها و کسر شباك قبر الحسين علیه السلام و كذا قبور الشهداء ، ولم يكن استيلاؤه على جميع ما فيها بل كان استيلاؤه على ما كان دور قبر الحسين علیه السلام والنهب والقتل كان في تلك الأمكنة ولم يبلغ جيشه إلى ناحية قبر العباس علیه السلام و ارتحل منها وكان أكثر أهلها في النجف .

ونقل عن السيد جواد العاملي في كتابه ( مفتاح الكرامة): في سنة 1223ه

ص: 367

جاء الخارجي سعود في جمادى الآخره فأتانا ليلاً فرآنا على حذر قد أحطنا بالسور ثم قضى إلى مشهد الحسين عليه السلام على حين غفلة نهاراً فحاصرهم حصاراً شديداً فثبتوا له خلف السور وقتل منهم وقتلوا منه ورجع خائباً (1).

وقد نظر المستر لونكريك إلى هذه الحادثة الخطيرة فاستفزت عاطفته بتجربة حادة فقال :

إذ انتشر خبر اقتراب الوهابيين من كربلاء في عشية اليوم الثاني من نيسان عندما كان معظم سكان البلدة في النجف يقومون بالزيارة فسارع من بقي في المدينة لاغلاق الأبواب ، غير أن الوهابيين وقد قدر وا بستائة هجان وأربعمائة فارس نزلوا فنصبوا خيامهم وقسموا قوتهم إلى ثلاثة أقسام ، ومن ظل أحسد الخانات هاجموا أقرب باب من أبواب البلد فتمكنوا من فتحه عسفاً ، ودخلوا البلدة فدهش السكان و أصبحوا يفرون على غير هدی بل كيفما شاء خوفهم . أما الوهابيون الخشن فقد شقوا طريقهم إلى الأضرحة المقدسة وأخذوا يخربونها فاقتلعت القضب المعدنية والسياج ثم المرايا الجسيمة ونهبت النفائس والحاجات الثمينة من هدايا الباشوات وأمراء وملوك الفرس ، و كذلك سلبت زخارف الجدران وقلع ذهب السقوف وأخذت الشمعدانات والسجاد الفاخر والمعلقات الثمينة والأبواب المرصعة وقتل زيادة على هذه الأفاعيل قرابة خمسين شخصاً بالقرب من الضريح وخمسمائة أيضاً خارج الضريح من الصحن . أما البلدة نفسها فقد عاث الغزاة المتوحشون فيها فساداً و تخريباً وقتلوا من دون رحمة جميع من صادفوه كما سرقوا كل دار ، ولم يرحموا الشيخ ولا الطفل ولم يحترموا النساء و الرجال فلم يسلم الكل من وحشيتهم ولا من أسرهم ، ولقد قدر بعضهم عدد القتلى بألف نسمة ،

ص: 368


1- الدر المنثور / للسيد حسون البراني المتوفي سنة 1332 ه ( مخطوط ) نسخته في مكتبة آل كاشف الغطاء في النجف .

وقدر الآخرون خمسة أضعاف ذلك (1).

وذكر ابن بشر الحنبلي تفاصيل هذا الحادث المؤلم فقال : أن سعود قصد أرض کربلاء ونازل أهل بلد الحسين في ذي القعدة 1216 ه فحشد عليها قومه تسوروا جدرانها ودخلوها عنوة وقتلوا غالب أهلها في الأسواق والبيوت وهدموا القبة الموضوعة بزعم من اعتقد فيها على قبر الحسين وأخذوا ما في القبة وما حولها وأخذوا النصيبة التي وضعوها على القبر و كانت مرصوفة بالزمرد والياقوت وأخذوا جميع ما وجدوا في البلد من أنواع الأموال والسلاح و اللباس والفرش والذهب والفضة والمصاحف الثمينة وغير ذلك مما يعجز عنه الحصر . ولم يلبثوا فيها إلا خمحوة وخرجوا منها قرب الظهر بجميع تلك الأموال وقتل من أهلها نحو ألفي رجل. ثم ان سعود ارتحل منها على الماء المعروف بالأبيض فجمع الغنائم وعزل أخماسها وقسم باقيها بين جيشه غنيمة للراجل سهم و للفارس سهان ثم ارتحل قافلاً إلى وطنه .. الخ (2) .

وذكر في كتابه آنف الذكر ما نصه : في سنة 1218 ه قتل عبد العزيز بن محمد السعود في مسجد الطريق ( المعروف في الدرعية ) وهو ساجد في أثناء صلاة العصر مضى عليه رجل قيل أنه كردي من أهل العادية ( قرب الموصل ) اسمه عثمان على هيئة درویش و قيل إنه رافضي خبيث من أهل بلد الحسين ( كربلاء ) خرج من وطنه لهذا القصد والله العالم (3).

غير أن تلك الحادثة ألمت بحياة الشيخ سلمان باشا الكبير والي بغداد - آنذاك - و رجع وحوش نجد إلى مواطنهم مثقلين بالأموال النفيسة التي لا تثمن ويجمل بنا ونحن نستعرض في الحديث عن هذه الغارة الشنعاء أن ننقل رأياً آخر

( تراث کربلاء م - 24)

ص: 369


1- أربعة قرون من تاريخ العراق / الستر لونكربك - ترجمة جعفر الخياط ص 260.
2- عنوان المجد في أحوال نجد / لعثمان بن عبدالله بن بشر الحنبلي ج 1 ص 122.
3- عنوان المجد في أحوال نجد /ج 1 ص 76.

يعكس أعمال الوهابيين البربرية ، فيقول الحلواني : وفيها غزا سعود بن عبدالعزيز الوهابي العراق وحاصر کربلاء وأخذها بالسیف عنوة وغنم جميع ما كان في مشهد الحسين من الذهب و الجواهر التي أهدتها الملوك والشيعة إلى ذلك المقام المقدس وقتل أهلها قتلاً ذریها و استباحها ونهب من المال والذهب والفضة ما لا يتصوره العقل ، و به تقوی و استعد لملك الحرمين ثم رجع إلى عارضه متبجحاً بما صدر من عسكره ويقول : لو لم نكن على الحق لما انتصرنا، وما علم أن ذلك استدراج وانه على الباغي تدور الدوائر ، وانه من قال : ( لا إله إلا الله ) فقد حقن دمه وماله ، ولكن الهوى إذا استولى أعمى البصائر وبأموال كربلاء استفحل أمر ابن سعود وطمع في ملك الحرمين وشرع في محاصرة المدينة المنورة فصار في أمره ما سيأتيك بيانه (1).

وعقب على ذلك أيضاً بقوله : فأمر الوزير ما صنع في كربلاء أمر الكنخدا علي بك أن يخرج بعسكره ويتبعه إلى مقر ملكه العارضي فما وصل الهندية حتى نجا سعود على المهرية القود والتحق بالقفار والصحاري، فجبن الكنخدا ولم يكنه أن يلحقه (2) .

وكانت هذه الفاجعة العظيمة موضع اهتمام كثير من الباحثين والمؤرخين . قال السيد عبد الحسين الكليدار : ولم تزل كربلاء بين صعود وهبوط ورقي و انحطاط تارة تنحط فتخضع لدول الطوائف وطوراً تعمر متقدمة بعض التقدم إلى أن دخلت في حوزة الدولة العثمانية سنة 914 ه و أخذت تتنفس الصعداء مما أصابها من نكبات الزمان و حوادث الدهر التي كادت تقضي عليها وبقيت وهي مطمئنة البال مدة طويلة تزيد على ثلاثة قرون ، ولم ترَ في خلالها ما يكدر صفو سكانها حتى إذا جاءت سنة 1216 هجرية ، جهز الأمير سعود الوهابي جيشاً

ص: 370


1- خمسة وخمسون عاماً من تاريخ العراق / للحلواني ص 74.
2- المصدر نفسه ص 76.

عرمرماً مؤلفاً من عشرين ألف مقاتل وهجم بهم على مدينة كربلاء ، وكانت على غاية من الشهرة والفخامة ينتابها زوار الفرس والترك والعرب ، فدخل سعود المدينة بعد أن ضيق عليها ، وقاتل حاميتها وسكانها قتالاً شديداً ، وكان سور المدينة مركباً من أفلاك نخيل مرصوصة خلف حائط من طين ، وقد ارتكبت الجيوش فيها من الفضائع ما لا يوصف

حتى قيل أنه قتل في ليلة واحدة 20 ألف نسمة ، وبعد أن أتم الأمير سعود مهمته الحربية التفت نحو خزائن القبر و كانت مشحونة بالأموال الوفيرة وكل شيء نفيس، فأخذ كل ما وجد فيها وقيل أنه فتح كنزة كان فيه جمة جمعت من الزوار ، و كان من جملة ما أخذه لؤلؤة كبيرة وعشرين سيفاً محلاة جميعها بالذهب مرصعة بالأحجار الكريمة وأوان ذهبية وفضية وفيروز وألماس وغيرها من الذخائر النفيسة الجليلة القدر وقیل من جملة ما نهبه سعود أثاثات الروضة و فرشها منها 4000 شال کشميري و 2000 سیف من الفضة و كثير من البنادق. وقد صارت کربلاء بعد هذه الوقمة في حال يرثی لها وقد عاد إليها بعد هذه الحادثة من نجي بنفسه فأصلح بعض خرابها وأعاد إليها العمران رويداً رويداً ، وقد زارها في أوائل القرن التاسع عشر أحد ملوك الهند فاشفق على حالتها ، وبنى فيها أسواقاً حسنة وبيوتاً فوراء ، أسكنها بعض من نكبوا وبنى للبلدة سوراً حصيناً لصد هجمات الأعداء وأقام حوله الأبراج والمعاقل و نصب له آلات الدفاع على الطرز القديم وصارت على من يهاجمها أمنع من عقاب الجو ، فامنت على نفسها وعاد إليها بعض الرقي والتقدم(1).

ومن طريف القول أن أبا طالب خان يذكر في رحلته إلى العراق ومروره بكربلاء أنه لقي عمته المسماة (كربلاي بيكم) وعدة نساء من توابعها ، وقد جئن يقضين أيامهن الباقية من اعتزالهن العالم في الأرض المقدسة ويقول : أنالوهابيين

ص: 371


1- تاریخ کربلاء المعلى / للسيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 20.

كانوا قد سلبوا منهن ما يملكن وقد أعنتهن جميع ما أستطيعه إذ ذاك من العون المالي .. الخ (1) .

وقد سجل الشعراء هذه الحادثة تعبيراً عن سخطهم وحقدهم على الوهابيين في هذه الحادثة التي عرفت بحادثة الطف الثانية ، فكان أشهر هؤلاء الشعراء الذين ألهبهم الحماس وأفرغوا جام غضبهم هو الشاعر الشيخ هاشم الكعبي الحائري المتوفى سنة 1231 ه ، فله في تلك الحادثة قصائد مطولة نشرت في ديوانه ، و كذلك الشاعر الحاج محمد رضا الأزري التميمي المتوفى سنة 1240م الذي أرخ الحادث بقوله :

وتادی به نادي الصلاح مؤرخاً *** (لقد عاودتنا اليوم أرزاء کربلا )

و من شعراء کربلاء الذين أرخوا هذا الحادث أيضاً العالم الشاعر السيد أحمد الرشتي المقتول سنة 1295 ه فقال :

ومن فتحت تجد دعا السعد أرخوا *** ( لقد جاء نصر الله يزهر بالفتح )(2)

ومنهم الشاعر الشيخ فليح بن حسون رحيم الكربلائي المتوفى سنة 1296 ه فقال :

ولما تعالي سعد ( مدحت ) رفعة *** بأوج المعالي واستنار به المجد

سعود ( سعود )الشر غابت فأرخوا *** (بحزم عزیز الجند قد فتحت نجد)(3)

وهناك مراجع كثيرة وصفت فضاعة الوهابيين المنكرة بأدق وصف و أسهبت فيها ، وأوضحت غزوهم لهذه المدينة الآمنة وهدمهم للضريح المقدس ونهب

ص: 372


1- رحلة أبي طالب خان إلى العراق وأوروبا / ترجمها عن الفرنسية إلى المربية الدكتور مصطفى جواد ( بغداد ص 382).
2- الشعر السياسي العراقي / للاستاذ ابراهيم الوائلي ص 138.
3- المصدر السابق ص 138.

الأموال وقتل الأنفس، أخص بالذكر منها : أعيان الشيعة ج 4 ص 307 و کتاب تحفة العالم ج 10 ص 289 و کتاب روضات الجنات ج 1 ص 265 و ص 353 و شهداء الفضيلة ص 288 و دائرة المعارف الإسلامية المجلد الأول ص 192 و 193 و تاریخ کربلاء وحائر الحسين ص 223 وغيرها .

حادثة المناخور

من أشهر الحوادث التي مرت على كربلاء بعد حادثة الوهابيين وعرفت بحادثة المناخور(1). وذلك في عهد الوالي داود باشا عام 1241ه / 1825 م واستمر حصارها حتى عام 1244 ه/ 1828 م. و سببها هو ان الوالي داود باشا لما شاهد ضعف الدولة العثمانية و استقلال كثير من الولاة بولايتهم أمثال محمد على باشا في مصر و استقلال علي باشا ذلتلي تبه في ألبانيا، طمع هذا الوالي باستقلاله في العراق فأخذ يشيد البنايات والتكايا والجوامع ، ويقرب العلماء ويبالغ في اكرامهم . وقد نظم هذا جيشاً كبيراً مزوداً بأسلحة حديثة ، وقد بايعته أغلب مدن العراق عندما حاول الاستقلال ع دا كربلاء والحلة ، فقد رفعنا راية العصيان ضده ، و حاول اقناعها فلم يستطع . وعند ذلك جهز جيشا ضخما بقيادة أمير اصطبله واخضع الحلة واستباح حماها وتوجه إلى كربلاء وحاصرها ثمانية أشهر . ولم يقو على افتتاحها و کر عليها ثانية وثالثة فلم يستطع فتحها إلا بعد حصار طالت مدته أربع سنوات (1241 - 1245 ه) وكانت نتيجتها أن أسر نقیب كربلاء ( السيد حسين بن مرتضی آل دراج ) وأرسل إلى بغداد حيث سجنه داود باشا هناك .

وكان السيد حسين النقيب قد عين رئيسا للإداريين و ابن عمه السيد سلطان آل ثابت رئيساً للمسلحين . ومن جهة أُخرى كان السيد عبد الوهاب السيد محمد

ص: 373


1- كلمة فارسية مخففة عن ( میر آخور ) يراد بها أمير الاصطبل أو رئيس الجبلية .

على آل طعمة سادناً المروضتين الحسينية والعباسية وحاكماً لكربلاء ، وكان هذا مساء الحكومة في مناوئة أهل البلد ، لأن الثورة كانت مبنية على الفساد ، فهو في عمله هذا حافظ على المدينة ، إلا أن الحكومة كانت تنوي الشر ضد الأملين ، وكانت عشيرته تسانده . غير أن جماعة النقيب السيد حسين آل دراج ثاروا ضد السلطة المحلية، فاضطر السيد عبد الوهاب إلى مغادرة كربلاء في واقعة المناخور سنة 1241 ه و عاد إليها بعد أن أخمدت نار الفتنة .

ذكر النسابة الشيخ حمود الساعدي : في سنة 1244هجرية حوصر أهل بلد الحسين حاصرهم سلمان بعسكره و قطع نخيلهم وأغار مياههم تسعة أشهر وقتل منهم قتلة عظيمة من الجانبين حتى آل أمرهم إلى أن أكلوا حب القطب ولم يسلموا و كانوا يخرجون إلى المعسكر فيقاتلون إلى أن ضايقهم ( صفوق ) شيخ شمر وتوجهوا عليه بعد ما أعطى الأمان والقرآن النقيب الاشراف فخرج هو و أصحابه 25 فأمروا بقتلهم عن آخر هم دفعة ثم أمروا بحبس النقيب وكان جليلاً نبيلاً شهماً من الاشراف وحمل إلى داود وأطالوا حبسه في بلدة بغداد (1).

وجاء في كتاب ( تاريخ العراق الحديث ) ما نحن بصدده : ولقد حاصرت قوات داود باشا كربلاء في السنوات الأخيرة من حكمه زهاء أحد عشر شهراً دون أن ينال من وراء ذلك سوى وعد بدفع الضرائب السنوية المربوطة عليها . و كذلك أراد علي باشا أن يؤكد سيادته على كربلاء ولجأ إلى الحيلة دون القوة و تظاهر بأنه يود أن يؤدي الزيارة لقبر الحسين ولكن أهل المدينة رفضوا أن يسمحوا له بذلك . و فضل علي رضا أن يكتفي باسناد حکم المدينة إلى سيد وهاب وهو من إحدى الأسمرات الكبيرة في المدينة التي ظلت مدة حكم علي رضا في العراق شبه مستقلة . ولكن تحت سيطرة

ص: 374


1- عن مجموعة خطية للشيخ حمود الساعدي وقد نقلها من كتاب الأدعية مدون فيه فوائد تاريخية تعود إلى اسرة آل العذارى الحليين 1952/4/14.

جماعة مسلحة أطلق عليها اسم یا رمز . و كانت هذه الجماعة تحتوي على عدد من الخارجين على القانون واللصوص و الفارين من وجه باشوات العراق . و كانت إحدى فرق هذه الجماعة تدعى ( الغارتية ) (من غارة) تفرض الأتاوات على الحجاج . وكان أشهر زعيم لهم في 1842 ه هو السيد ابراهيم الزعفراني وهو من أصل مختلط إيراني عربي، وكان يليه في النفوذ إيرانيان لها عدد كبير من الاتباع الفرس. ونظرة لانقسام ( أليا رمز ) إلى فرق كان ينشب فيما بينها صراع دموي شديد ، كان يعاني منه شعب كربلاء المسالم أشد أنواع الخسائر المادية والارهاق العصبي . وفي خضم هذه الفوضى تفوق زعماء أليا رمز على هيئة كبار علماء الشيعة في المدينة وكان لهم النفوذ الأكبر من قبل ، ولكن وجد العلماء في انقسام أليارمز إلى طوائف فرصة لكسب أعوان لهم من بينهم فكان أن انشطر أليارمز إلى شطرين : أحدهما مع الزعيم الديني الشهير كاظم الرشتي ، والآخر مع زعيم ديني آخر يدعى سيد ابراهيم القزويني (1) .

ومما يذكر أن داود باشا الذي أصبح أشهر ولاة المماليك في العراق بعد الوالي سعيد باشا تولى وظيفة الكمية واضطلع في سنتي 1813 و 1814 بسلسلة من الحملات التأديبية على عشائر دجلة والفرات، فأعاد بذلك الشيخ شفلح الشلال إلى رئاسة زبيد ومر بالخزاعل فأرهبهم ، ثم أزال الحصار القبائلي الذي كان يفرض على كربلاء في موسم الزيارات على حد قوله (2) .

وقد ورد تفصيل هذا الحادث في كتاب المراجع الكثيرة منها كتاب فارس مخطوط باسم ( كاشف الاعجاز ) لمؤلفه محمد ابراهيم بن محمد کریم الهمداني الاصل الكربلائي المسكن أوقفه في كربلاء المعلى في شهر رمضان المبارك من شهور سنة

ص: 375


1- تاريخ العراق الحديث - الدكتور عبد العزيز سليمان نوار ( دار الكاتب العربي للطباعة والنشر بالقاهرة 1388 ه - 1968 م - ص 88 و89.
2- موسوعة العتبات المقدمة - قسم كربلاء - ج 1 ص 276.

1244 هجرية وجدت نسخته في مكتبة المرحوم السيد عبد الرزاق نجل السيد عبد الوهاب آل طعمة الذي ترجم القسم الأكبر منه إلى العربية .

وجاء تفصيل الحادث أيضا في كتاب (نزهة الاخوان في بلد المقتولى العطشان) المؤلف مجهول، وجدت نسخته الخطية عند السادة آل النقيب في كربلاء فنسخت منها . وفيها تفاصيل كثيرة لهذه الواقعة وبذكر مؤلفه أن نشوب الحادث كان منذ بداية سنة 1241 ه حتی محرم سنة 1242 ه.

وقد هزّت هذه الحادثة عواطف الشعراء كان منهم الشاعر الملا عبد الجليل الحائري فقال من قصيدة :

و وافر العسكر لما أتى *** بكثرة كل لها المحصر

فيها كماة الشرس أسد الشرى *** خواضة الموت فهم شمروا

فيها البهاليل وسمر القنا *** والبيض والأطواب والقنبر

فيها الصنادید ليوث الوغى *** فالموت فيهم انسطا ينفروا

فتىً ومنا كل قوم ولا *** يقواه عند الملتقى عنبر

أشبال غابات حوت کربلا *** فالكرب منهم والبلا يصدر

فقامت الحرب على ساقها *** والبيض بالبيض غدت تكسر(1)

حادثة نجيب باشا

وهي من الحوادث الشهيرة أيضاً التي أرخت به ( غدیر دم ) . وقد نشبت أوارها يوم الثلاثاء في السابع عشر من شهر ذي القعدة سنة 1258 ه/1842 م ضد الطاغية الوالي المشير محمد نجيب باشا ، وقد أرقاع لهولها الفرات من أدناه إلى أقصاه . و مجملها أن أهالي كربلاء كانوا يأبون الخضوع لحكام آل عثمان ، وشاء

ص: 376


1- نزهة الاخوان في بلد المقتول العطشان - مجهول المؤلف - مخطوط ص 50.

نجيب باشا أن يخضع سكان المدينة لمشيئته فأنذرهم بوجوب الخضوع لمشيئة الولاة وما يصدرون من الأحكام الجائرة و أمرهم بنزع السلاح وإطاعة أولي الأمر من العمانيين ، وأمهلهم شهراً كاملاً ، يدرسون فيه موقفهم ويقررون مصيرهم . وانقضى الشهر الممنوح لهم ، ولم يطرأ تبدل على موقف سكان المدينة ، ما طلبه منهم نجيب باشا . فقاد عسكره واستباح المدينة لهم ، وعمل السيف في رقاب الناس الآمنين ، فلجأ الناس إلى الضريح المقدس ، يستنجدونه ويستغيثونه فعصمتهم حرمة الضريح من القتل ، ولما رأى المشير المثاني الآنف الذكر هذه الحالة ، أمر عساکره بضرب المدينة بالمدافع ، وقد تدخل بعض الرجال المعمرين آنذاك كالسيد كاظم الرشتي وعلي شاه بن فتح علي شاه القاجاري الساکن کربلاء يومذاك ، بإسداء النصح لرؤساء البلد وهم : السيد عبد الوهاب آل طعمة (1)

ص: 377


1- ذكره السيد محسن الأمين في ( أعيان الشيعة ) ج 2، ص 238 ما هذا نصه : « السيد عبد الوهاب بن السيد محمد علي سادن روضتي الحسين والعباس توفي سنة 1271 ه هو زعيم قبيلة ( آل طعمة ) المسماة قديماً با ( آل فائز ). تولى سدانة الروضتين الحسينية والعباسية وحكومة کربلاء من قبل الولاة العثمانيين ، كما كان جده السيد عباس السيد نعمة الله نقيب . وأبوه السيد محمد علي سادنا للروضة الحسينية ، وكانت في أيامه فرقة تسمى ( اليرمازية ) دیدنها الشقاوة والعصيان فغضب الوالي على كربلاء من أجل أولئك العصاة وسير جندة التأديبهم إلا أنهم تحصنوا في كربلاء واتفق معهم سائر الكربلائيين فاعتصموا بالسور المحيط بكربلاء فارتد الجند عنهم ولما رأى الوالي نجيب باشا ذلك ضاعف الجند بأمثاله وحشد العشائر الموالية له وقاد القوة بنفسه وحاصر کربلاء 25 یوماً فاضطر الكربلائيون على التسليم واحتل الوالي المدينة يوم 11 ذي الحجة سنة 1258ه وإلى ذلك يشير الأخرس البغدادي في قصيدته التي يهنيء بها الوالي نجيب باشا على إحرازه النصر : لقد خفقت في النحر ألوية النصر *** وكان انحات الشعر من ذلك الثغر وعلى أثر ذلك اتهم الوالي السيد عبد الوهاب بكونه زعيم تلك الحركة فطلب القبض عليه لكنه فر من کربلا، متوجها نحو المسيب ومنها إلى عشيرة الخزاعل تاركا أملاکهو عقاره فتصرف الوالي بها وعين شانئيه لسدانة الروضتين وقد توسط في أمره السيد علي نقيب بغداد لدى الوالي فأصدر العفو العام وطلب حضوره إلى بغداد فسافر اليها والتحق بولده السيد عبد الرزاق الذي كان رهينة لدى الوالي في بغداد وفرضه على أمر مقاطعة ( الروز ) المعروفة ليزرعها فزرعها مدة ثلاث سنوات ثم أعطاه نهر الناصرية من توابع المسيب فقطن فيه حتى توفاه الله سنة 1271ه ونقل جثمانه إلى كربلاء »

والسيد ابراهيم الزعفراني وعلي کشمش و طممة العيد والسيد صالح الداماد والسادة آل نصر الله والسيد حسين النقيب للكف عن القتال والخضوع له ذا الحاكم الجلاد ، فرفضوا الإصغاء إلى تلك النصائح واستمروا بالقتال ، وقد هاجمهم الجيش العثماني من جهة باب الخان ، حيث أحدثوا ثغرة فيه واستمر القتال لمدة يومين ، وفي اليوم الثالث خرج المحاربون من أهل المدينة إلى الخارج والتحقوا للاستنجاد بعشائر آل فتلة واليسار وآل زغبة من المعدان ، و كان عددهم ثلاثة آلاف محارباً ، فاصطدم الجيش بالأملين ثانية ، ودامت الحرب 21 يوماً حتى عيد الأضحى ، وقد بلغ عدد القتلى 18 الف قتيل كما تنص بعض المصادر علماً بان قيادة الجيش العثماني كانت بيد سعد الله باشا ، وكان السلطان العثماني آنذاك عبد المجيد العثماني (1) . ولا بد لنا أن نلقي ضوء على ما كانت عليه الحالة في المدينة من تفكك اجتماعي ساعد العثمانيين على استغلال نقاط الضعف التي هيأت لهم الفرصة لإنزال ضربة قاضية واستباحة المدينة ، وهو ما استطرد اليه الدكتور عبد العزيز سلمان نوار بقوله : و كذلك أراد علي باشا أن يؤكد سيادته على كربلاء ولجأ إلى الحيلة دون القوة وتظاهر بأنه يود أن يؤدي الزيارة لقبر الحسين، ولكن

ص: 378


1- استقيت بعض هذه المعلومات من ارجوزة شعرية من بحر الرجز مخطوطة بالفارسية تحت عنوان ( حادثة نجيب باشا ) وهي من نظم الرزا زكي حسين الهندي . وقد انتهى من نظمها في محرم سنة 1259ه. توجد نسختها الأصلية في مكتبة السيد حسين القزويني الحائري ومطلعها : جه عهد خلافت بعبد المجيد *** بس از دور محمود سلطان رسید

أهل المدينة رفضوا أن يسمحوا بذلك . و فضل علي رضا أن يكتفي بإسناد حكم المدينة إلى السيد وهاب وهو من إحدى الأسمرات الكبيرة في المدينة التي ظلت مدة حكم علي رضا في العراق شبه مستقلة . ولكن تحت سيطرة جماعة مسلحة أطلق عليها إسم يارمز . وكانت هذه الجماعة تحتوي على عدد من الخارجين على القانون و اللصوص والفارين من وجه باشوات العراق . وكانت إحدى فرق هذه الجماعة تدعى ( الغارتية ) من ( غارة ) تفرض الأتاوات على الحجاج ، وكان أشهر زعيم لهم في 1842 ه و السيد ابراهيم الزعفراني وهو من أصل مختلط إيراني

عربي ، وكان يليه في النفوذ إيرانيان لها عدد كبير من الأتباع الفرس . ونظرة الانقسام ( الیارمز ) إلى فرق كان ينشب فيما بينها صراع دموي شديد ، كان يعاني منه شعب كربلاء المسالم أشد أنواع الخسائر المادية والإرهاق العصبي . وفي خضم هذه الفوضى تفوق زعماء البارمز على هيئة كبار علماء الشيعة في المدينة وكان لهم النقود الأكبر من قبل ، ولكن وجد العلماء في انقسام العارمز إلى طوائف فرصة لكسب أعوان لهم من بينهم فكان أن انشطر البارمز إلى شطرين أحدهما مع الزعيم الديني الشهير كاظم الرشتي والآخر مع زعيم ديني آخر يدعى السيد ابراهيم القزويني . و إذا كان علي باشا رضا قد قبل أن يترك لكربلاء أن تحكم نفسها بنفسها وتجني ثمار الفوضى القاتلة فإن نجيب باشا - وقد هدأت أزمة الشام وتفرغ حكام العراق لتأكيد نظام الحكم المباشر فيه - ما كان ليسكت على ترك كربلاء هكذا دون أن تخضع له . على أن حنق نجيب باشا اشتد لدرجة كبيرة عندما أراد أن يذهب للزيارة فحدد له أولو الأمر في المدينة عدد مرافقيه بستة أشخاص فقط . هذا بالإضافة إلى أنهم رفضوا أن يلبوا رغبة نجيب في أن يمدوه بتموين لجيشه في سنة 1842م. وفي او کتوبر من تلك السنة كان نجيب باشا معسكراً على رأس جيشه في منطقة ( المسيب ) في طريقه التأديب عشائر المعدان الثائرة ، فانتهز الفرصة واتصل بكبار علماء کربلاء

ص: 379

الدينيين و مجتهديها وطلب منهم أن يعينوه على إعادة النظام إلى المدينة . وقد نجحت مفاوضاته مع كاظم الرشتي ومع ( ظل السلطان ) أحد أبناء فتح علي شاه والسيد وهاب حاكم المدينة . واتفق هؤلاء مع نجيب باشا على أن يبعث اليهم بأحد البغداديين لوضع الخطوط النهائية لما سيكون عليه أمر حكم المدينة . واستطاع المفاوض البغدادي أن يقنع الطرف الآخر بإدخال خمسمائة جندي كحامية في المدينة ، ولكن لم تلبث الإتفاقية - شأن كل اتفاقية تعقد مع متمردين منقسمين إلى فرق متعددة متنافرة - أن مزقت في أعقاب توقيعها . بينما استعد المتعصبون من ( اليارمز ) والسيد كاظم الرشتي و ( ظل السلطان ) للدفاع عن المدينة ورفعت المدافع على الأسوار واستدعى العرب من ضواحي المدينة للدفاع عنها. كان نقض هذا الإتفاق سبباً في أن يصر نجيب على أن تخضع له المدينة مثل ما تخضع به أية مدينة عراقية أخرى . وقبل أن يضرب نجيب ضربته الأخيرة عقد مباحثات مع كبار الشخصيات الفارسية والو کیل الفارسی في كربلاء ومع القنصلين الفرنسي والبريطاني ليكونوا على علم بمدى مجهوداته السامية و لعلهم يعينونه على تسوية الأزمة ولكن دون جدوى . وعندما قرر نجيب باشا إرسال حملة ضد کربلاء أخطر هم مقدمة بمشروع حملته لما كان يتوقعه من نشوب أزمة سياسية كبيرة بين الدولتين الفارسية والمثانية . ولما كانت المدينة قد عبات قواتها وجلبت الإمدادات من خارجها ، قدر نجيب خطورة الفشل في إخضاع المدينة فلم يكتف بما كان لديه من قوات مرابطة في ( المسيب ) وأتی بامدادات من بغداد و استعان بمجموعة من العشائر العربية الموالية

له غاضى الطرف عن نصيحة المبعوث البريطاني في طهران بشأن العدول عن إرسال الحملة . وبعد أن اتخذ نجيب إجراءاته الدبلوماسية والعسكرية أصدر أوامره بمهاجمة المدينة بكتيبة من الفرسان وعشرين مدفعاً وثلاث كتائب من المشاة ثم أرسل في أعقابها إلى المدينة في 19 ديسمبر 1842 القوات العشائرية وبدأ ضرب المدينة

ص: 380

بالمدفعية . فعرض كاظم الرشتي أن يأخذ القائد عائلات زعماء البارمز کرهينة حتى ينسحب الجيش . وفعلاً ذهب بعض زعماء البارمز و لكن جاءت الأنباء بأن نجيب باشا رفض انسحاب الجيش فعاد الصراع بين الطرفين ثم عادت المفاوضات واشترك فيها المندوب الفارسي في بغداد وتطرف الثوار للدرجة التي رفضوا معها الشروط المعتدلة و زاد تمرد الثوار شدة عندما أشيع أن الجيش الفارسي يستعد الغزو العراق لينقذ كربلاء. ضرب الجيش الحصار بقوة على المدينة وقصفت المدفعية الأسوار ، فزادت جذوة المقاومة الشعبية ، وهب العلماء يصلحون الأسوار ويثيرون حماس المدافعين ولكنهم ما كانوا ليصمدوا أمام جیش منظم، و دخلت القوات المدينة في 13 من يناير 1843 . وفقد الضباط سيطرتهم على الجند ووقعت حوادت نهب وقتل عديدة ثم هدأت الأمور بعد دخول نجيب باشا المدينة وبدأ بتنظيم الإدارة فيها بتعيين قاض ، وخطيب ليدعو للسلطان في صلاة الجمعة (1)».

وقد ورد ذكر هذه الحادثة أيضاً وبشكل موجز في كتاب « تاریخ کربلاء المعلى ، وهذا نصه : وفي سنة 1258 شق أهالي كربلاء عصا الطاعة على الدولة ، وأبوا أداء الضرائب والمكوس و كان والي العراق نجيب باشا فجهز جيشاً بقيادة سعد الله باشا و سيره إلى كربلاء فحاصرها حصاراً شديداً و أمطر المدينة بوابل قنابله ولم يساعده الحظ على افتتاحها لأن سورها كان منیعاً جداً وقلاعها محكمة لا يمكن للقائد الدنو منها ولما أعيت به الحيل الحربية التجا إلى الخداع فأعطى الأمان للعصاة وضمن لهم عفو الحكومة فأخلوا القلاع و جاءوه طائعين قبض عليهم وسلط المدافع على الجهة الشرقية فهدم السور وأصلى المدينة ناراً حامية ففتحها وارتكب فيها كل فظاعة وشناعة . ودخل جيشه إلى صحن العباس و قتل كل

ص: 381


1- تاريخ العراق الحديث / من نهاية حكم داود باشا إلى نهاية حكم مدحت باشا/ للدكتور عبد العزيز سليمان نوار ص 89 - 92 ( القاهرة 1387 - 1968).

من لاذ بالقبر الشريف وبهذه الموبقات أعادت سلطة الحكومة إلى تلك الربوع والله علام الغيوب(1).

ويبدو أن الطاغية محمد نجيب باشا استولى على البلد و أباحه ثلاثة أيام قتلاً و سلباً ونهباً حتى قتل آلاف الأشخاص بين رجل وامرأة وصي و صبية ، وتنص معظم الروايات على أن عدد القتلى بلغ عشرين الفاً أو زاد على ذلك كما يحدثنا صاحب كتاب ( شهداء الفضيلة ) بقوله : وأما القتل الثالث من تلك البقعة ( كربلاء المقدسة فقد وقع في عهد السلطان عبد المجيد في ذي الحجة سنة 1258ه ففي ( الروضات ) وأما القتل الثالث فقد اتفق في عصرنا هذا في أواخر سنة 1258 ه بقتل فظيع كاد أن يبلغ قتلاه عشرة آلاف من الرجال و الولدان غير النهب والغارة الشديدتين و كان هذا القتل بعد نجيب باشا الذي ولي على بغداد وأمر بشيء سيء والسلوك بالشر مع أهل ذلك المشهد المقدس فجاسوا خلال الديار و كان وعداً مفعولاً وقد قتل في هذه الكرة أيضاً جمع كثير من العلماء والسادات وغير أولي التقصير من المجاورين والزوار . اه . وحكي عمن شهد الواقعة من الثقاة أنه لما أقفل العسكر أحصينا القتلى و سألنا الحفارین و تحققنا ذلك فكان ما يزيد على عشرين الفاً من رجل وامرأة وصبي و كان يوضع في القبر الأربعة والخمسة إلى العشرة فيهال عليهم التراب بلا غسل ولا كفن وتفقدنا القتلى منهم كثيرة و الدور والآبار وجدنا بالسرداب الذي تحت رواق العباس عليه السلام من القتلى أكثر من ثلثمائة(2) . وقد ذهب عباس العزاوي في روايته لهذه الحادثة إلى أقل الاحتمالات بالنسبة لعدد القتلى فقال : والذي قتل من ولاية كربلاء مقدار أربعة آلاف نفس ، ومن العسكر مقدار خمسمائة نفر ، ومن بعد فتحها أمسكوا السيد ابراهيم الزعفراني وجاءوا به إلى بغداد ، والسيد صالح من كبار

ص: 382


1- تاریخ کربلاء المعلى / للسيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 24و 25.
2- شهداء الفضيلة / للشيخ عبد الحسين الأميني ص 306 و 307.

البلد وكم واحد. فالسيد صالح نفوه إلى كركوك و ترجاه قونصلوص الإنكليز وابن الزعفراني بقي أياماً قلائل في بغداد و تمرض بالدق ومات . وبعضهم عفا عنهم الوزير محمد نجيب باشا وجعل عليهم والياً واحداً (1).

ان المؤرخ عباس العزاوي قد أخطأ الظن في ذكر السيد صالح الداماد فهو أحد العلماء والأعلام يتبعه عدد غفير من المقلدين ، وقد بذل جهودًا كبيرة في مساعدة أهالي كربلاء ، إذ وزع عليهم نصف أمواله ، والى ذلك يشير الشاعر الشعبي بالأهزوجة الشعبية :

مات الشر مات *** وأحياها الداماد

ويقدم لنا الدكتور عبد العزيز نوار إحصائية بعدد القتلى مع تحديد أجناسهم في تقرير مؤرخ في 15 مايو 1843 فيقول : جاء في تقرير ( فارن ) أن القتلى لا یزیدون على خمسة آلاف منهم ثلاثة آلاف داخل المدينة معظمهم من العرب لا من الفرس ، وأن آلافاً من الفرس فروا من المدينة قبل اقتحام القوات العثمانية لها . وأما من قتل من الهنود فكانوا ثلاثة من مملكة أود و فقد حوالي 20 - 30 من البنجابيين ومن اهل کشمير . وأكد ( فارن ) أنه لم يقتل من الرعايا الروس في هذه المعارك سوى شخص واحد بعكس ما قيل من قبل من أن عدداً من هؤلاء لقي حتفه خلال الصراع. أما المبعوث العثاني فقدر القتلى في المدينة بحوالي 250 قتيلاً منهم 150 فارسیاً بينما خسر العثمانيون 400 قتيل و 200 جريح وتكشف لنا المقارنة بين الإحصائيات التي قدمها كل من ( فارن ) الانجليزي و نامق العثماني ان كلا منهما قدم إحصاءات تخدم مصالح بلاده . ففارن ينفي وقوع قتلى روس إلا في حالة واحدة و نامق يقول ان القتلى والجرحى العثمانيين يفوقون في عددهم عن الفرس . وعلى أي حال استتب الأمر للحكومة العثمانية منذ حملة نجيب باشا على المدينة برغم الاحتجاجات الإيرانية : كما أدت سيطرة قوات الحكومة على

ص: 383


1- تاريخ العراق بين احتلالين العباس العزاوي ج 7 ص 66 و 67.

کربلاء إلى سيطرتها على النجف (1).

ولعل من الضروري أن نشير إلى أن الوزير محمد نجيب باشاقد حاصر کربلاء 23 يوماً ، وللتأكيد على ذلك اني وجدت على ظهر مجموعة (الأدعية والزيارات) بخط الشيخ جواد الشيخ راضي آلي سلطان وهو ممن شاهد حادثة نجيب باشا في کر بلاء فقال ما نصه : ( نزل الوزير الأعظم سعد الله باشا بالعساكر المنصورة وعمدوا على حصار القصبة المشرفة يوم الثلاثاء سادس عشر ذي القعدة الحرام من شهور سنة 1258ه وقع الحرب يوم الجمعة تاسع عشر ذي القعدة أيضا وفتحت القصبة يوم الجمعة أيضاً حادي عشر ذي الحجة من شهور سنة 1258 ه و استمرت الحرب اثنين وعشرين يوما ليلاً ونهاراً و الله أعلم (2).

وبعد إخماد هذه الثورة انبرى عدد غير قليل من الشعراء إلى مدح الوالي نجيب باشا وتهنئته بهذا الانتصار الذي أحرزه ، ومن اولئك الشاعر عبدالباقي العمري إذ قال :

مهدت بالهندي يوم كربلا *** هندية فاندر ست مجاريا

وقد تركت الرفض فيهاضفدعاً *** جفت سواقيه فمات صاديا (3)

ومنهم الشاعر عبد الغفار الأخرس إذ قال :

و کرُ البلا في كربلاء فأصبحت *** مواقف للبلوي ووقفاً على الضر

غداة أبيدت مفسدي أهل كربلا *** و كرت مواضيه بها أیما كر (4)

ونتيجة للاضطهاد والتعسف الذي لقيه أهالي المدينة المقدسة من قتل وسلب

ص: 384


1- تاريخ العراق الحديث / د. عبد العزيز نوار ص 92 و 93.
2- الأدعية والزيارات / للشيخ جواد آل سلطان (مخطوط لدى أفراد اسرته في كربلاء).
3- الترياق الفاروقي / عبد الباقي العمري (الطبعة الثانية النجف1384/ 1964) ص 240.
4- الطراز الأنفس في شعر الأخرس ( استامبول 1304) مطبعة الشركة المرتبية ص 168.

وتشريد وسي ، هجر المدينة كثير من الأغراب من كانوا يخشون و قوع اعتداءات أخرى . وقد دونت تفاصيل هذه الحادثة في مصادر كثيرة منها كتاب العبقات المنبرية في الطبقات الجعفرية ) تأليف الشيخ محمد حسین کاشف الغطاء كتب بخط مؤلفه سنة 1310ه وهو من محتويات مكتبة آل كاشف الغطاء برقم 829 و کتاب ( السلاسل الذهبية ) للسيد محمد صادق آل بحر العلوم وغيرها .

حركة علي هدلة

كان علي هدلة صاحب مقهى مجاورة إلى سور المدينة ، وكان مأمورو الحكومة الذين يحبون الضرائب على الخضرات ، يقفون بالقرب من مقهاه الاستيفاء الرسوم من الفلاحين ، فأخذ أحد هؤلاء يفتش امرأة ظناً منه بأنها تخبىء المخضرات في ثيابها ، فصرخت واستنجدت بأهل المدينة مستشيرة حميتهم ، فلم يطق علي هدلة ولا زبائنه الجالسون في المقهى صبراً على تعيير المرأة له لسكوتهم على ما فعل مأمور الحكومة معها ، فقرروا إعلان العصبان على الحكومة .

كان ذلك في 3 ربيع الأول من سنة 1293 ه ، حيث قاد على هدلة جماعة من المناوئين وحرضهم على مقاومة الحكومة . وكانت أفكار الأهالي مستعدة التقبل أي حركة تقوم ضد السلطة . وكانت هذه العصابة تتألف من 150 شخصاً يقومون بحرب العصابات بقيادة الشخص المذكور ، واصطدمت بالجيش العثماني في مواقع متعددة دحرته ، حتى رن صداها في الاستانة وأقلق السلطان، فأصدر إرادة سنية بإرسال جيش لهدم کربلا، وقتل أهلها ، وأناط قيادة الجيش بعاكف باشا - والي بغداد يومذاك - والمشير حسين فوزي ، وعند وصوله إلى كربلاء لم يجدوا أثرا للعصيان ، فأحجم والي بغداد عن تنفيذ الإرادة السنية وخالفه المشير حسين فوزی ، فرجها للآستانة بالأمر . وبعد أخذ ورد صدر عفو عام ، ورحل الجيش التركي عن كربلاء ، بعد أن القوا القبض على موقدي الفتنة،

( تراث کربلاء م - 25)

ص: 385

وفرضت أتاوة على أهل البلد لفترة من الزمن . وكان ممن اعتقل من رجالات كربلاء السيد جعفر آل ثابت والسيد محمد علي السيد عبد الوهاب آل طعمة والحاج محسن آل كمونة والسيد ابراهيم الأصفهاني و سجنوا في بغداد لمدة سنة كاملة في مكان يعرف ب ( القشلة ) أو ( أوج قلعة ) ، ثم أطلق سراحهم بعد ذلك . وعندما تم الصلح بين أهالي المدينة والحكومة العثمانية قررت الحكومة غرامة على البلدة مقدارها ( الشامي ) (1) فاستاء لها نفوس البعض من الكسبة والفلاحين ، مما أدى إلى قيام ثورة أخرى في عام 1294 ه بقيادة السيد مهدي الأشیقر .

حادثة الأشيقر وأبو هر

ومن ذيول الحادثة السابقة قيام السيد مهدي بن السيد علي بن السيد باقر الأشقر وآل أبو هر مع زعيمهم الشيخ محمد علي بن سلطان أبو هر بالخروج من كربلاء استنكاراً لتسليم - علي هدلة - فلما قارب المذكور - قنطرة الحديبة - على نهر الحسينية تلقاه الجيش العثماني فأردوه قتيلاً وأخذوا برأسه على الحرية وطافوا به في أسواق المدينة ليكون عبرة لمن حاول أن يخرج ثانية على الحكومة

ولما رأى السيد مهدي الأشيقر وهو من زمرة الثائرين ضد الحكومة ذلك الحادث اغتاظ وثارت نفسه فترك كربلاء ناجیاً برأسه إلى إيران ومنها إلى - قفقاسيا - و مات هناك ونقل جثمانه إلى كربلاء (2) ، كان ذلك في سنة 1294 ه.

ص: 386


1- وتعرف عند عامة الناس ( البيشلغ ) ومقدارها عشرة قروش تركبة أي ما يساوي اليوم 75 فلساً عراقياً تقريباً .
2- استقبت بعض خطوط هذه الحادثة من ضبط منظم برقم 102 ومؤرخ 7 ذي الحجة سنة 1295 ه من قبل ديوان التمييز بشان حادثة علي هدلة وثورة السيد مهدي الأشيقر في کربلاء (1291 ه - 1295 ه ) ترجمها من اللغة التركية عزیز سامي الخطابي .

أما علي هدلة فقد توسط له عند والي بغداد فأفرج عنه ، وأقام عند السيدة - تاج دار باهو - الأميرة الهندية الحسناء يحرس دارها.

وعلى أثر ثورتي علي هدلة و الأشيقر وأبو هر، تخاصم أهالي كربلاء إلى فريقين فريق كان يناصر الثوار ضد الحكومة العثمانية ، و فريق يعاضد السلطة الحكومية و استتباب الأمن في المدينة ، الأمر الذي أدى إلى مقتل الزعيم الديني السيد أحمد بن السيد كاظم الرشتي سنة 1295 ه و كان يوم مقتله مشهوداً .

وقعة الزهاوي للعجم

وهذه الحادثة تعرف بواقعة ( شهداء عرصة كربلاء ) وقد حدثت سنة 1324 ه. فرضت السلطات العثمانية بعض الضرائب على الجاليات الأجنبية القاطنة كربلاء ، ولما كانت الحكومة العثانية لها معاهدات مع الحكومة البريطانية وروسيا القيصرية ، لهذا أستثنت رعايا هاتين الدولتين وطبقتها على الجالية الإيرانية . ولما بلغت الجالية الإيرانية بهذا الأمر ، رفضت الاطاعة وأعلنت العصيان ، فالتجأت إلى القنصلية البريطانية في كربلاء - آنذاك - مطالبين منحهم الجنسية البريطانية ، فلم يلب القنصل البريطاني طلبهم وخرجوا إلى محلة العباسية الشرقية ونصبوا خيامهم حول القنصلية المذكورة معلنين احتجاجهم على هذا التصرف من قبل السلطة العثمانية ، و كان المتصرف العثماني آنذاك - رشید باشا الزهاوي - فقد وسط هذا كبار العلماء لاسداء النصح الأولئك العصاة، فلم يرعووا واستمروا على عصيانهم فأمهلوا أياماً ليرتد عوا حتى بلغ السيل الزبی و استعدت السلطات العثمانية لانزال ضربة قاضية بهم. وكانت الحادثة في صباح يوم السبت 8 رمضان سنه 1324ه / 1903م حيث هجمت عساكر العثمانيين عليهم مع اذان الفجر و عملوا فيهم السيف ، مما نجم عن مقتل اثنين وتسعين قتيلاً ، وفرّ البافون(1) . و كانت مادة تاريخ هذه الحادثة هو

ص: 387


1- الذين سقطوا في صميم المعركة 9 أشخاص ، وكان الباقون جرحی حملوا سراً إلى دورهم ، حيث قضوا نحبهم تدريجياً لعدم وجود وسائل طبية حديثة .

( شهداء عرصة كربلاء ) . ومما يذكر بهذا الصدد أن الوالي مجيد بك قد عزل بسبب الحادثة ذاتها ، كما ينص على ذلك البحاثة عباس العزاوي بقوله : و كان سبب عزله حركة كربلاء حين وجه رشید باشا ابن الاستاذ محمد فیض الزهاري وکیل المتصرف فوقع القتال بين العجم وبين الجند بسبب أخذ الرسوم. وعندي رسالة خطية باللغة الفارسية في تفصيل هذه الواقعة(1) .

وللشاعر الكربلائي محمد حسن أبو المحاسن قصيدة يرثي بها شهداء هذه الواقعة فيقول :

بالله سل عصبة بالفرس قد فتكت *** بأي جرم دماء القوم قد سفكت

فرت من الظلم اشفاقا فكان لها *** سفك الدماء جزاء أن دعت و شکت

لم ينقموا منهم إلا ولاءهمُ *** وحبهم عثرة قد قدست وز کت

طلت دماء أراقتها سيوفهم *** كأنه يوم تشریق وقد نسكت

فرات عيون العدی و استضحكت فرحاً *** فسوف تبكي طويلاً بعد ما ضحكت

یا غيرة الدين والشرع اثاري بهم *** و اطفاي نار حزن في القلوب ذکت

لهفي لهم وبنات الرعد تمطرهم *** بنادقاً بسام الموت قد سبکت

قاد الغوي لهم جنداً مؤلفة *** من كل مارقة في قتلها اشتر کت

فغودرت منهم قتلى مطرحة *** فوق الثری بر حى الهيجاء قد عرکت

عارين قد سلبوا منهم ثيابهم *** ويح اللثام فما تبقى إذا ملكت (2)

كما رثي شهداء هذا الحادث الشيخ يعقوب الحاج جعفر بقصيدتين (3) وألفت منظومة بالفارسية باسم ( حزن الشيعة ) للشيخ نظر على الكرماني الخطيب

ص: 388


1- تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاوي ج 8 ص 152.
2- ديوان أبي المحاسن الكربلائي / ص 169.
3- ديوان الشيخ يعقوب الحاج جعفر (1270 - 1329 ه) ص 140 و146 .

الكربلائي المتوفى سنة 1348 ه وفيها تفاصيل هذا الحادث .

تجمهر وطني في كربلاء

في سنة 1330 ه / 1912 م انتشر خبر اعلان حرب الجبل الأسود للدولة العلية ، تجمهر سکان کربلاء في سلخ شوال في صحن الحسين علیه السلام و اشترك معهم جم غفير من مسلحي النواحي المجاورة واظهروا تحمساً عظيماً في هذا الخصوص(1).

حدثني شاهد عيان فقال : وعند ذلك ارتقى المنصة الشاعر الكربلائي الحاج عبد المهدي آل حافظ وألقى خطبة بليغة باللغة العربية والكردية وحث الجماهير على الجهاد ضد الصريبیين احتجاجاً لهجومهم على مفاوز العثمانيين . وجاء المجاهدون الأكراد من حاشية الشيخ محمود کاکا أحمد مع 200 فارس ودخلوا صحن الحسين عليه السلام متظاهرين معلنين التذمر من حكومة الصرب.

حادثة نصف شعبان

عندما ضعفت الحكومة العثمانية في أواخر أيامها ، حتى أطلق عليها اسم - الرجل المريض - وصارت تتبع سياسة التتريك لسائر القوميات التي تحكمها، فأبى العرب أن يخضعوا لها ، وزاد على هذا السبب سبب آخر هو دخول هذه الدولة المنهارة الحرب بجانب المانيا ضد الحلفاء عام 1914 م ، مما أجبرها على اعلان النفير العام وتجنيد كافة

الشباب في الجيش استعداداً لخوض الحرب ، ولكن أبناء کربلاء أخذوا يفرون من الجيش و يختفون في البساتين عن أعين ( الجندرمة ) . وتجمهر عدد غفير منهم وهاجموا ذات ليلة - مخفر الحسينية - وأطلقوا الرصاص على من كان فيه ، وقتل المستحفظ - وهو كاظمي الأصل -

ص: 389


1- مجلة ( لغة العرب ) ج 5 ذو القعدة وذو الحجة سنة 1330 ه تشرين الثاني من السنة الثانية مجلد 2.

وشيع جثمانه ، واستمر المهاجمون حتى دخلوا البلدة ، واجتمعوا في دار السيد قاسم السيد أحمد الرشتي ، وأعلنت الحكومة العفو عن المشاغبين و الفارين من الجيش ، وكان العفو هذا ظاهرياً وتهدئة للحالة .

وحين أحس الأهلون بضعف الحكومة أخذوا يعقدون الاجتماعات ويأتمرون المؤتمرات وينوون باعلان العصيان على الحكومة وطردها من البلد بمساعدة أهالي النجف ، و كان لهم ما أرادوا في ليلة النصف من شعبان سنة 1333 ه ، حيث هاجمت جماهير غفيرة من الناس والعشائر والفارين من الجيش ، دور الحكومة و المستشفى الحسيني وثكنة الجند و ثكنة الخيالة الجندرمة ، وأحرقوا بلدية کربلاء ، وأخرجوا المسجونين . و كان خداده السقاء -وهو شخص کردي - قد أطلق سراح المسجونين في محلة العباسية . وانتهت الحادثة بطرد الحكومة واستيلاء الثوار على البلدة .

حادثة حمزة بك

وفي سنة 1334 ه / 1915 م توسط العلماء والاشراف بارجاع الحكومة ، و كان الحاج عبد المهدي الحافظ وسيطاً بين الأهلين و الحكومة. فعادت الحكومة وليس لها حول ولا قول ، أي أنها مشلولة الساعد ، وعينت متصرفا اسمه (حمزة بك ) وهو کردي الأصل ، فتقوت الحكومة وجلبت جيشاً من بغداد بقيادة ( دله علي ) . وكان رئيس الخيالة ( ثریا بك ) ، فاستعدت الحكومة للقتال مع الأهلين ، وانقسمت المدينة إلى قسمين ، وبعد جهد جهيد تمكن العلماء و الأشراف من إرجاع المياه إلى مجاريها الطبيعية و إعادة السكينة إلى البلدة ، فرجع الموظفون العثمانيون لإدارة شؤون المدينة ، فأرسل إلى كربلاء متصرفاً اسمه ( أسعد رؤوف ) وبقي هذا يدير شؤون البلد حتى سقوط بغداد . وكان من رؤساء هذه الحادثة الشيخ فخري كمونة المتوفى سنة 1357 ه و عبد الرحمان آل عواد وعبد الجليل آل عواد .

ص: 390

وقد عين الشيخ فخري كمونة قائمقاماً للبلد (1)من قبل الانكليز ، وأخذ هذا يستبد بالأمور ولا يبالي برؤساء البلد . وفي ه ذه الفترة أطلق سراح الشيخ عبد الكريم آل عواد من سجن بغداد ، فجمع رؤساء الأطراف وقام بتصفية الامور و سيطر على المدينة .

أما الشيخ فخري وأخوه الشيخ محمد علي كمونة فقد أسرهما الانكليز ونفتها إلى الهند لأسباب منها: تهريبهم الطعام لتموين الجيوش التركية التي كانت مخيمة في عانة والرمادي ، حيث كان ذلك أمراً مخلاً بالانكليز . كما أن السلطة البريطانية قبضت على رجال آخرین کر شید المسرهد من رؤساء المسعود و شعلان العيفان رئيس عشيرة القوام و ابراهيم أبو والده ونفتهم إلى الهند. و حينذاك صفی الجو للانكليز ، فارسل الميجر بولي إلى كربلاء كحاكم سياسي و شكل حكومة وإدارة (2).

ومن شهداء هذه الحادثة : عبود النصير و کریم مهدي آل غریب و محمد علوان آل زنكي و الحاج عبد آل زنكي والسيد علي السيد محمود آل طعمة ومعتوك المنكوشي وخضير جواد یونس الطهازي و مرهون الوزني ومحمد الظاهر الوزني والحاج كاظم الحميري وناجي أبو والده ، ودهش المحمد الحاج باس وعاشور العبد المنكوشي و حميدان جلعوط و خدده الكردي و مكي علو وحسين عبد الله و ابراهيم ابن علي العواد السعدي و حسن بن سعيد الفرحان وعبود الحدار وغيرهم.

وحدثني بشأن هذه الحادثة المرحوم السيد كاظم السيد مهدي النقيب فقال : « و بعد نصف شعبان بتسعة أشهر تفاوض الوجوه والاشراف مع الافرارية

ص: 391


1- في التقسيمات الادارية عينت ( الهندية ) مرکز لواء ويحكمها القبطان هند الحاكم العسكري ، وأصبحت ( كربلاء ) قضاء تابعاً إلى الهندية .
2- بخصوص تفصيل الاحتلال البريطاني و نزاع آل كمونة وآل عواد ، راجع الفصل الأول من كتاب (کربلا، من التاريخ ) للمرحوم السيد عبد الرزاق الوهاب آل طعمة ص 7 - 22.

( اليرمازية) وفي مقدمتهم السيد محمد مهدي بحر العلوم والحاج عبد المهدي الحافظ والسيد عبد الوهاب آل طعمة والسيد محسن النقيب والسيد حسين الددة و أخذوا يمنعونهم من دخول المدينة ، ويؤ کدون بقاءهم في الخارج. وكان الشيخان محمد علي وفخري كمونة يبحثان الافرارية على دخول البلد كما يوفقا بين مطاليب الحكومة والافرارية لعدم حدوث الاصطدام ، حتى أسفرت النتيجة عن تأزم الأحوال. فجاء الشيخ فخري حتى وصل ساحة المخيم وهو مثير الحركات ، وحدث اصطدام بين أهالي كربلاء وبين الحكومة فانحصر العسكر بالقلّغ . أما حادثة القلّغ فهي التي وقعت في اليوم الثاني من حادثة حمزة بك وترتبط بها

ارتباطاً وثيقاً ، فقد أراد أهالي كربلاء احتلال القلتغ الواقع في ساحة المخيم مجاور لدار السيد علي الواعظ ، فرموا أنفسهم في داخله ، وكان الجندرمة يضربون من داخل القلغ ، وتكاثر الأهالي ولم يبالوا بالضحايا فاصطادوهم وأسروهم وأخذوا بنادق الجندرمة ، وبقي قسم من الجندرمة في ساحة البلدية ( الميدان ) و كانوا متحصنين يضربون الفارين ومنهم آل زنكي. و عندما بقي قسم من العسكر الذي احتل محلة العباسية ، أوعز الشيخ فخري كمونة لأهالي كربلاء فطيروا العلوة وفتحوا سدة عبد الواحد التي كانت تحافظ مدينة كربلاء من خطر المياه الآتية من سدة الهندية ، وفتحوا جميع الفروع المتشعبة في نهر الحسينية ( الهنيدية ) المجاور لمحلة العباسية الشرقية والغربية وفتحوا الماء فغرقت العباسية بكاملها حتى وصل إلى دار الحاج عبد الصراف وساحة البلوش و دار البلدية في الميدان. و كانت سفينة حمولتها 20 طغار تحمل من شارع أبي الفهد مارة بدور السيد محمد البزاز والسيد محمود الوهاب وتغادر کربلاء إلى الكوفة ومنها إلى البصرة » .

ومجمل القول ان هذه الحادثة لا تقل فضاعة عن الحوادث السابقة لو لم يستول الماء على الأماكن التي تحصن فيها الجنود ، فاضطروا للخروج منها .

حادثة خان الحماد

حدثت في 21 ذي الحجة سنة 1334 ه بين أهالي كربلاء وبين الحواتم وهم

ص: 392

فخذ من قبيلة ( بني حسن ) . فتطاحي الحواتم مع أهالي كربلاء الذين كانوا عائدين من زيارة النجف ، واشتدت الفتنة فيما بينهم لأسباب عشائرية ، واستعد الخواتم بتجهيز ما يزيد عن أربعمائة خيال مدججين بالعتاد لأخذ الثار ، و كان الكربلائيون في غفلة ، ففتحت النار عليهم من قبل المحاربين ، فتشابك الجمان رحمي وطيس المعركة ، حتى فرّ الكربلائيون مدحورين من قبل المحاربين . وكان عبد الجليل آل عواد - خارج خان الحماد - مع جماعة ، فاستعد للدفاع فقاوم الحركة واستطاع أن يخمدها بمعية رؤساء كربلاء . وقد نجم في هذه الحادثة عن مقتل نايف البرغش رئيس عشيرة السلالة .

الثورة العراقية

كانت الحركة التحررية الاستقلالية التي طالبت بحق الحرية والجهاد سنة 1338 م الموافق سنة 1920م ضد الاحتلال البريطاني، صفحة ناصعة من صفحات العراق و بطولة نادرة أرخصت فيها الدماء الزكية ، فقدم العراقيون أنموذجاً من تفادي النفوس من أجل تحرير البلاد من ربقة الاستعمار البريطاني ، وتأسيس الكيان العراقي والمساهمة في بناء المدنية والحضارة والإنسانية .

وكان أول ما اندلع لسان الثورة من مدينة كربلاء التاريخية الخالدة ، فقد اتخذت معقلاً للثوار و مربضاً للوطنيين الأحرار وقبلة لزعماء العراق ومطمحاً الأنظار المحاربين الثائرين على الظلم والاستبداد . وقد برهن العراقيون عامة ، والفراتيون خاصة أنهم جنود في ساحة القتال ، ولن يصبروا على ضيم ، فشهروا أسلحتهم ذائدين عن كرامتهم وحرياتهم المغتصبة .

وعندما شعر العراقيون بنوايا الاستعمار البريطاني الخبيثة وما عمدوا فيه من التنكيل والإرهاب، تداولت الشخصيات الوطنية فيما بينها على أنهم قد استبدلوا الاستعمار العثماني بالاستعمار البريطاني ، وان جهود الملك حسين بن علي في الثورة العربية قد ذهبت أدراج الرياح، وأحس زعماء القبائل الفراتية ما أحاق بهم وما

ص: 393

لاقاه الناس في بعض المدن الفراتية من قسوة الحكام السياسيين الانكليز وعدم استجابة مطاليب العراقيين . فاتجه الكربلائيون خاصة الذين تحلوا بالرأي الحصيف والفكر المنور إلى التفكير في القضية الوطنية، والعمل على تقوية هذه الروح في كربلاء ، واشتانت نفوسهم حينها عزم المرحوم آية الله الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي على التوجه إلى كربلاء لاتخاذها معقد للثورة ، فقصد کربلاء في يوم 18 صفر سنة 1336 ه فكان استقبالاً حافلاً لم تشهد كربلاء من قبل (1). وأخذت الاجتماعات تتوالى في أرجاء المدينة ومنها الاجتماع الذي عقده الميجر ( تیلر) في سراي الحكومة، دعا فيه رهطاً من التجار والوجوه وأهل الرأي، وأعرب فيه عن رغبة الحكومة البريطانية في ايفاء عهودها التي قطعتها للعرب عامة والعراقيين خاصة ، وطرح الأسئلة الثلاثة - موضوعة البحث - طالباً إبداء الرأي حولها ، فنهض السيد عبد الوهاب آل طعمة وقال: أن هذه الجمعية لا تمثل مدينة كربلاء تمثيلاً صحيحاً ، وان هنالك طبقات مختلفة يجب أن تستشار في هذا الموضوع ، وانه لا بدّ من امهال المجتمعين ثلاثة أيام على الأقل ، للبحث في هذا الأمر الخطير وموافاة الحكومة بما يستقر الرأي عليه .

واستحسن الميجر تيلي هذا الرأي ، فأجل الإجتماع إلى المدة التي طلبها السيد المحترم ، وهي ثلاثة أيام ، وشعر الوطنيون بروح خبيثة في البلاد ، وهي إشاعة عدم علم المرزا محمد تقي الشيرازي بحركات الوطنيين ، وأنه لم يوافق على هذا الإنتخاب . فتقدم الروحانيون هذه الفتوى التي كانت الخطوة الأولى التي تقدم بها المخلصون إلى ساحة الجهاد ، وهذا نصها:

( ما يقول شيخنا وملاذنا حضرة حجة الإسلام والمسلمين آية الله في العالمين الشيخ مرزا محمد تقي الحائري الشيرازي منع الله المسلمين بطول بقائه ، في تكليفنا معاشر المسلمين بعد أن منحتنا الدولة المفخمة البريطانية العظمی حق انتخاب

ص: 394


1- کربلاء في التاريخ / عبد الرزاق الوهاب آل طعمة ص 24.

أمير لنا نستظل بظله و نعيش تحت رايته ولوائه فهل يجوز لنا انتخاب غير المسلم للامارة والسلطنة علينا أم يجب علينا اختيار المسلم بینوا تؤجروا).

فكتب العلامة الحائري في ذيل الاستفتاء هذا الجواب :

ليس لأحد من المسلمين أن ينتخب و مختار غير المسلم للامارة والسلطنة على المسلمين .

محمد تقي الحائري الشيرازي

وقد أرسلت نسخ عديدة من هذه الفتوى إلى عشائر الفرات الأوسط والأسفل والمدن العراقية فرد كيد الخائنين إلى نحورهم . كما أيد علاء كربلاء الآخرون فتوى الحائري فاقتدوا به بالافتاء بتحريم انتخاب غير المسلم لملوكية العراق . كما صدرت بهذا الشأن مضابط الوطنيين(1).

وابتدأت المظاهرات السلمية في ساحات كربلاء للمطالبة باستقلال بلادهم غب تحرير الكتابين اللذين أرسلها المرزا الحائري إلى الملك فيصل بن الحسين و کتاب المرزا محمد رضا نجل المرزا الحائري إلى الملك على بن الحسين ، وقد استمر الوطنيون على نشاطهم في الاجتماعات وبث الدعاية و نشر الآراء في المطالبة الصريحة السلمية فأزعج ذلك الحكومة المحتلة مما خشيت سوء العاقبة ، الأمر الذي دعتهم إلى إبعاد كل من السيد محمد علي الطباطبائي و عبد الكريم آل عواد رئيس عشيرة آل عواد و عمر الحاج علوان رئيس عشيرتي الوزون والسلالمة وطليفح الحسون رئيس عشيرة النصاروه و محمد علي أبو الحب و السيد محمد مهدي المولوي ، فأرسلوا إلى الهند وذلك بتاريخ 5 ذي القعدة سنة 1337 ه المصادف 1 تموز سنة 1919م

ص: 395


1- کربلاء في التاريخ - الكراسة الثالثة ص 47 والحقائق الناصعة / لفريق الزمر الفرعون ج 1 ص 80 والثورة العراقية الكبرى / للسيد عبد الرزاق الحسني ص 31.

باستثناء السيد محمد علي الطباطبائي الذي تم تسريحه وأرسل إلى سامراء لمدة ستة أشهر ، و أخيراً أطلق سراحهم حيث أصدر الحاكم العام السر ولسن أمره بإرجاعهم فوصلوا كربلاء يوم 9 ربيع الأول سنة 1338ه.

واشتدت الحركات والمظاهرات ، وأخذت تتوسع شيئاً فشيئاً ، وعلى اثرها تم تأسيس جمعية سرية باسم ( الجمعية الوطنية الإسلامية ) ، وقد تألفت عقيب الهدنة في كربلاء . ونتيجة لتلك النشاطات التي قام بها الوطنيون ، القت الحكومة القبض على كل من الشيخ محمد رضا نجل الإمام الشيرازي والشيخ هادي كمونة ومحمد شاه الهندي وعبد الكريم آل عواد و عمر الحاج علوان وعثمان الحاج علوان وعبد المهدي القنبر و أحمد القنبر والسيد محمد علي الطباطبائي والشيخ كاظم أبو ذان و ابراهيم أبو والده و السيد أحمد البير ونفتهم إلى جزيرة ( هنجام ) في الخامس من شهر شوال سنة 1338 ه ( 22 حزيران سنة 1920م). وفي هذه الأثناء عدل الميجر بولي عن القبض على السيد هبة الدين الحسيني لثبوت إصابته بالرمد وعدم اشتراكه في المظاهرات ، كما عدل عن القبض على المرزا أحمد الخراساني بتوصية من أحد العلماء (1)ولما كانت حركات المتظاهرين لم تلق نجاحاً مطلویاً مما دعا إلى إعلان الثورة المسلحة ، فاندلعت الشرارة الأولى النار الثورة العراقية من كربلاء في يوم 30 حزيران سنة 1920 ، و ذلك لسببين رئيسيين : الأول وجود آية الله الشيرازي قطب الوطنية الصادقة في كربلاء ، الثاني زيارة النصف من شعبان ، حيث اجتماع القبائل العراقية في هذه الأرض المقدسة . فكانت النتيجة أن هب الثوار بوجه الإنكليز ، ودام الصراع العنيف عدة أشهر مما دعا الإنكليز إيقاف هذه المظاهرات عند حدها ، والاستجابة لمطاليب العراقيين التي تتضمن السيادة والاستقلال .

ولا بد لنا من الإشارة إلى أن تلك المظاهرات كبدت الوطنيين خسائر

ص: 396


1- الثورة العراقية الكبرى / للسيد عبد الرزاق الحسني ص 96.

فادحة في الأرواح والمعدات وخاصة في بغداد . توضح الخاتون المس بيل ذلك فتقول أن الحكومة أرسلت سيارتين مسلحين لتفريق المتظاهرين فقتل رجل أعمى سقط عرضاً فدهس (1)، وحصلت في كربلاء مظاهرات شبيهة بالتي جرت في بغداد ، فخرجت مظاهرة سلمية صاخبة ، وعلى أثرها أفتى الإمام الشيخ الحائري بالجهاد وذلك بإصداره منشوراً دعا فيه إلى التظاهر وهذا نصه :

مطالبة الحقوق واجبة على العراقيين ويجب عليهم في ضمن مطالباتهم رعاية السلم والأمن ویجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية إذا امتنع الإنكليز من قبول مطالبهم .

وعلى اثر ذلك تأسست في كربلاء عدة مجالس لحفظ الأمن وجمع الواردات والإعانات للمعوزين من الثوار وعينوا أعضاءها والأعمال التي تزاولها وهي :

1 - المجلس العلمي : وأعضاؤه السيد هبة الدين الحسيني والسيد أبو القاسم الكاشاني و میرزا أحمد الخراساني والسيد حسين القزويني و میرزا عبد الحسين الشيرازي . ومهمة هذا المجلس بث الدعوة بين المواطنين في المدن والعشائر بلزوم الإشتراك في الثورة .

2- مجلس جمع الإعانات للمعوزين من الثوار : وأعضاؤه : السيد عيسی البزاز والسيد محمد رضا فتح الله آل طعمة والحاج حیدر القصاب والحاج قندي والسيد أحمد زيني .

ص: 397


1- على الاستاذ عبد الله فیاض في حاشية كتابه ( الثورة العراقية الكبرى ) ص 200 ما نصه : ( المعروف ان هذا الرجل كان أخرساً واسمه محمد أو عبد الكريم بن رشيد هجم على سيارة الحكومة الصفحة فدهسته وقد أكبر الناس تضحيته وخرجت جموع كثيرة لتشييع جنازته) والذي يؤاخذ على رأيه هذا : أن الرجل الذي هجم على السيارة المصفحة بفاسه هو رجل أخرس من أهالي كربلاء يمتهن النجارة واسمه الصحيح هو عبد علي بن الحاج رحيم الكعبي ، وقد دهسته السيارة فمات شهيداً ، وشیعته بغداد بمائة وخمسين الف مشبع، كما نوهت بذلك جريدة (التايمس) الانكليزية الصادرة ببغداد في حينها .

3 - المجلس الملي : وأعضاؤه : السيد عبد الوهاب آل طعمة والسيد أحمد الوهاب والسد محمد حسن آل طعمة والسيد عبد الحسين الدده والسيد ابراهيم الشهرستاني والسيد محمد علي آل ثابت والسيد حسن نصر الله وعبدالنبي آل عواد وهادي الحسون و عبد علي الحميري و الحاج عبد أبو هر والحاج علوان جار الله وعلي المحمد المنكوشي و عزیز علوان زنكي و الحاج محمد الشهيب و الحاج محمد حسن أبو المحاسن . ومهمة هذا المجلس ترشيح الموظفين و جباية الضرائب والرسوم وتوزيعها للصرف وتنظيم المستشفيات وتشكيل قوة من الشرطة وحسم الدعاوي وتأمين الطرق القريبة من كربلاء والقيام بواجب الإدارة . وبعد انسحاب الثوار إلى أبي صخير ، اقترح العلامة الشيخ حسين زين العابدين أن يذهب وفد يمثل کربلاء مؤلف من السيد أحمد الوهاب والسيد عبد الوهاب آل طعمة والسيد محمد حسن آل طعمة والسيد ابراهيم الشهرستاني و عبد المحسن السعود والشيخ بجر آل شبيب رئيس اليسار والشيخ محمد حسن أبو المحاسن والشيخ محمد الشهيب وغيرهم.

وعند إخماد الثورة القت الحكومة القبض على كل من السيد عبد الوهاب آل طعمة والسيد علي هبة الدين الحسيني والسيد حسين القزويني والسيد محمد السيد أحمد الكشميري وعبد الرحمان آل عواد وعبد الجليل آل عواد والسيد حسين الددة وطليفح الحسون والشيخ محمد حسن أبو المحاسن والشيخ يحيى علي و سفرتهم إلى الهندية وذلك في ليلة الثالث عشر من صفر سنة 1339 ه الموافق 23 تشرین الأول سنة 1920م و سجنوا هناك حتى يوم 11 كانون الأول سنة 1920م الموافق 1 ربيع الثاني سنة 1339 ه حيث حوكموا في المحكمة العسكرية الإنكليزية ، وأطلق سراح كل من الحاج محمد حسن المحاسن والشيخ يحيى علي ، وحكم الباقون بأحكام مختلفة ، لكنها لم تبلغ اليهم ، ومكثوا في سجن الحلة حتى 8 أشهر تم بعده صدور قرار العفو العام في 20 مایس سنة 1921 م أطلق سراحهم . أما الذين فروا من السلطة في أواخر أيام سنة 1921م هم السيد نور الياسري الذي فر إلى الحجاز و عمران الحاج سعدون فقد فر إلى حدود العراق ، وأرجمه سلمان

ص: 398

زجری بشرط أن يتوسطه لدى الحكومة و سلم نفسه وسجن مع رفاقه في الحلة ، وكذلك السيد محمد الكشميري الذي فر إلى خارج كربلاء ، وعندما علم أن السلطة قبضت على عائلته وزجتهم في السجن ، سلم نفسه إلى الحكومة في 24 صفر سنة 1339 ه أما عبد الجليل آل عواد فقد فر إلى أبوصخير و سلم نفسه إلى السلطة بعد مضي عشرة أيام ، وقد أمرت السلطة بتهديم دور هؤلاء الفارين(1).

وهكذا شملت الثورة جميع منطقة الفرات الأوسط، وامتدت جنوباً حق الناصرية وشمالاً حتى المحمودية ، واشتملت على أهم المدن الفراتية ، وبعد ذلك قامت حكومات مؤقتة في المدن المحتلة عنوة و أخلاها الإنكليز اضطراراً ولم يكن بوسع حكومة الإحتلال إلا أن تعترف بالأمر الواقع . وفي هذه الأثناء انتقل الإمام الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي إلى الرفيق الأعلى في هذي الحجة لسنة 1338 ه ( 13 آب سنة 1920م ).

واستمرت الثورة والثوار على احتلال مدن الفرات الأوسط ، كما استولى الثوار على لواء ديالى وأسسوا حكومات محلية ، وسرعان ما سرت الثورة إلى اللواءین کرکوك و اربیل سريان النار في الهشيم ، حتى شملت جميع أنحاء العراق من أقصاه إلى أقصاه ، وراح زعماء الفرات والعشائر تقاوم الانكليز بكل صلابة وجرأة ، حتى تم تشكيل الدولة العراقية وعين الفيصل بن الحسين ملكاً على العراق .

وأرى من المناسب أن أستشهد في هذا المقام بارجوزة العلامة السيد محمد علي هبة الدين الحسيني التي نظمها في سجن الحلة و فيها أسماء المسجونين أبطال الثورة العراقية وهي :

هاك أسامي نخبة الآفاق *** و من حوكموا في نهضة العراق

سبع وعشرون شيوخ رؤسا *** و ستة من نسل أصحاب الكسا

ص: 399


1- مذكرات السيد ابراهيم شمس الدين القزويني .

هم هبة الدين لأهل الدين *** و حبرنا الحسين من قزوین

والسيد الوهاب مظهر الابا *** والهادي للحق الزوین نسبا

والمرشد الحسين من نسل الددة *** خاتمهم محمد ذو المحمده

أحصى الشيوخ كمنازل القمر *** هذا الدليمي وذاك المفتخر

أشخير من آل أبو سلطان *** ثم الفي أمين أبو نعمان

ثلاثة إسمهم سلمان *** والمحسنان والفتي دوهان

عمران ذاك الصارم المصقول *** علوان فيهم سيفنا المسلول

والبر نجم السماوي العابد *** ولا في حر كعبد الواحد

علي المزعل للأعادي *** كخادم الغازي كذا عبادي

خضير العاصي عن التسليم *** والشهم من كان کابراهيم

طليف الحر كذا فرحان *** متعب أعدانا هو الرحمن

عبد الجلیل صنوه العواد *** والتاج عبد الرسول الهادي

وابن عنين اسمه عبود *** وابن الصليلي الفتى حمود

واستطاعت كربلاء القيام بنصيبها الأوفر في اضطهاد المستعمرين ومقاومة الانكليز ، وقدمت التضحيات الحسام بكل غال ونفيس في سبيل الحصول على الاستقلال ، وكانت الشروط التي أملتها حكومة الاحتلال على كربلاء دون سواها من المدن العراقية لها أثرها الفعال .

ولا يخفى على القارىء اللبيب ما لكربلاء من مكانة وبطولة في ميادين الجهاد ، وآخر هذا العهد من الطموح هو ( مؤتمر كربلاء ) الشهير ، فكربلاء قلب العراق النابض و مطمح أنظار العراقيين الذين أخذوا عنها دروساً في الجهاد والتضحية والنبل والكرامة . ومما يجدر ذكره ان المرحوم تحسين العسكري مؤلف كتاب ( الثورة العربية الكبرى ) يتخذ من وطنية كربلاء رمزاً سامیاً فيما يتعلق برفع العلم العراقي . فإن أول ریاح لاعبت العلم العراقي هي رياح كربلاء لا غير ، وكانت أول بد كرمة رفعته عالياً في يد السيد محمد حسن آل طعمة

ص: 400

على سطح بلدية كربلاء القديمة . وان أول قلب أُذيب نظماً في وصف العلم العراقي ومدحه هو قلب ابن كربلاء البار الاستاذ خليل عزمي من قصيدة له يستهلها بقوله :

بشراك يا كربلاءقومي انظري العلما *** على ربوعك خفاقاً ومبتسما

وهذه الثورة وإن لم يجن منها الشعب العراقي الثمرات المرجوة ، إلا أنها كانت الشرارة الاولى التي ألهبت في نفوس العراقيين الوعي الوطني ، فكانت مقدمة لعدة انتفاضات وثورات قام بها الشعب العربي في العراق ضد الانكليز المستعمرين حتى استطاع ان يحطم اغلال العبودية وينال استقلاله الناجز التام ما عليه الآن من عزة وسؤدد ومنعة .

كربلاء في الثلاثينات

نشرت جريدة ( الأحرار ) البغدادية في العدد 16 الصادر في اليوم الخامس من تموز سنة 1933م مقالاً عنوانه ( الشباب المعذب في كربلاء ) جاء فيه : كانت دعوة ذكرى شهداء الثورة من لجنة تنظيمها وكان لها دوي في كربلاء تردده أرجاؤها ، فتطوع فريق للذهاب إلى الرميثة وسافروا اليها في يومي 28 و 29 حزيران ومن لم يذهب انتظر رجوعهم ليحييهم وفي غرة تموز حوالي الساعة الرابعة عربية جاءت برقية من النجف تنبىء برجوع قسم من الوفد إلى كربلاء فارتأى البعض أن يقوموا لهم بواجب الإحتفاء ، فهرع الناس لاستقبال الوفد وعند وصوله توجه (بين الهتاف والنشيد والتصفيق ) إلى المرقدين الشريفين يتقدمهم رسم شيخ شهداء الثورة وفقيد الدين والوطن حجة الإسلام الشيخ محمد تقي الشيرازي فتم الاحتفال بقراءة الفاتحة لأرواح شهداء الثورة والمرحوم آية الله الشيرازي ولم يحدث ما يخل بالأمن . وعند العصر أخذ الناس يستقبلون بقية الوفد المتأخر ولما نزلوا من القطار القادم من الحلة أخذ بين ضجيج الأصوات من الهتاف والأناشيد يتقدمهم رسم شيخ شهداء الثورة أيضاً فساروا بهم نحو المرقدين

( تراث كربلاء م - 26 )

ص: 401

الشريفين بوجوه ضاحكة مستبشرة وثغور باسمة تجلل تلك التضحيات الخالدة وعند وصول الجمع مقبرة الشيخ المرحوم الشيرازي انفض عقد المجتمعين بقراءة الفاتحة بكل طمأنينة . ولم يكد الظلام ينشر أجنحته السوداء إلا وكلكل بالهموم على تلك النفوس التي كانت ضاحكة فرحة فانقلب ذلك السرور كدراً وتلك الأماني أشواكاً تسمل العيون ، إذ أذيع في البلد أن مدير الشرطة القى القبض على اثنين من الشباب حقر أحدهما وأهانه وأشبع الآخر منها ضرباً وإهانة وسبا بما يستهجن ويستقبح ولم يكتف بذلك فأوعز إلى ملتزم العباسية أن يعد من يضربه وعند خروج الشباب من الشرطة هجم عليه أربعة أشخاص وانهالوا عليه ب( مكاويرهم ) حتى إذا ما انحلوه تركوه يتلوى بين الأنات والشكوى وفي صباح اليوم الثاني أخذ مدير الشرطة يلقي القبض على الباقين يهين ويضرب كل احد منها . وكان معظم من أوقفهم هم الأناشيد طلاب المدارس وذلك لقراءتهم أو هتافهم بحياة الشعب.

و نشرت الصحيفة نفسها في عددها ( 18 ) الصادر في اليوم السابع من تموز سنة 1933م مقالاً آخر بعنوان ( من حوادث كربلاء – أعمال مدير الشرطة ) جاء فيه : والذين القوا عليهم القبض وعاملوهم تلك المعاملة الشائنة في ذلك اليوم هم : محمد محمد کاظم كاظم سعید آغا ، ذياب البارودي ، محمد يوسف الطالب في المتوسطة ، محمد حسن السيد مصطفى ، عبد المطلب محمد علي ، محمد حسين ساعاتي . ولم يطلق صالح حمام سراح هؤلاء إلا بعد أن أشبعهم ضرباً وإهانة.

وفي اليوم الثاني من وقوع هذه التصرفات الشائنة المخلة باحترام القوانين واحترام النفوس حدث حادث آخر لا يقل أهمية عما سبقه . بينما كان السيدحسن مرسی شنو العضو في جمعية مكافحة الأمية بيده إعلانات المكافحة ويلصقها على الجدران في البلدة وذلك في ظهر يوم الاثنين الموافق 3 تموز الجاري إذ فاجأه أحد الأشرار بآلة انتقام مدير الشرطة وانهال على الشاب المسكين المذكور ب ( مقوار ) كان يحمله وأشبعه ضرباً بتلك الآلة الجهنمية ولولا تدخل الناس

ص: 402

لتخليص المذكور من يد ذلك الوحش الضار الذي كان يحمل معه مسدساً أيضاً لكان قضي على حياته خدمة لأولي الأمر وعند ذلك وصل شرطي وساق كلاهما إلى دائرة الشرطة ولكن الشرطة أطلقت سراح المعتدي بدون كفالة تحقيق عن الواقعة.

وفي الذكرى الخامسة عشرة لثورة العشرين أي في سنة 1935 م أقيم حفل كبير في مدينة الرميثة على أثر منع ياسين الهاشمي المواكب الحسينية ، فاحتج أبناء الشعب على حرمانهم من ممارسة الطقوس الدينية ، فنظمت وفود لاحياء ذكرى ثورة العشرين فشد الرحال إلى الرميثة رهط من الوطنيين الأحرار وفي مقدمتهم عبد القادر اسماعيل والدكتور عبد الجواد الكليدار صاحب جريدة ( الأحرار ) وعز الدين اسماعيل والشاعر محمود الحبوبي وتقي المصعبي والسيد مصطفى الكليدار والشيخ عبد الحسين الشيرازي والمحامي عبد الأمير الحلي ورؤوف الجبوري والشاعر محمد صالح بحر العلوم و محمدحسن مصطفى الكليدار وضياء الدين أبو الحب وآخرون غيرهم . وهناك ضايقتهم الشرطة وحاولت عرقلة الاحتفال ، وأخذت تعقب القائمين به مما اضطرت الوفود القادمة الرحيل عن الرميثة فعاد قسم منهم إلى بغداد والآخر إلى الحلة والقسم الأكبر رجع إلى كربلاء فأقام لهم الدكتور عبد الجواد الكليدار مأدبة غذاء فخمة في داره و كان قد استقبلهم الشباب الكربلائي بمظاهرات صاخبة اعتزازاً بهم وتخليداً لذكرى ثورة العشرين المجيدة وقائدها الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي فطافوا بالصحنين المقدسين هاتفين بالخلود لشهدائها مما اضطر الشرطة إلى تفريقهم و اعتقال قسم آخر منهم .

وفي سنة 1936م في عهد وزارة ياسين الهاشمي ، عندما قامت عشائر الفرات الأوسط في حركاتها ضد الوزارة كان لكربلاء دور مهم في اجتماعات قادة الحركة ورؤساء العشائر وساداتها وغذاها محامون من بغداد ، ونتيجة لتلك الاجتماعات خرج ميثاق أسموه ( ميثاق الشعب ) يدعو إلى المطالبة بحقوقهم

ص: 403

المغتصبة ، وقد بارك هذا الميثاق الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ووقع عليه عدد كبير من رؤساء قبائل الفرات في الحلة والديوانية وكربلاء والناصرية(1) وعلى اثر هذه الحركات قام انقلاب سنة 1936 م بقيادة الفريق بكر صدقي للاطاحة بحكومة ياسين الهاشمي ، فاستقبل الانقلاب من قبل جماهير الشعب الهتاف بحياة الجيش ووزارة حكمت سليمان التي جاءت على اثر الانقلاب ، والتي ساهم فيها الزعيم الوطني المرحوم جعفر أبو التمن وكامل الجادرجي

كربلاء في الأربعينيات

ثار الشعب العراقي بقيادة جيشه المظفر على المستعمرين الإنكليز وذلك في مايس سنة 1941م . فهبت جماهير الشعب بكل طوائفه تحارب المستعمرين، فخرجت المظاهرات التي ساهم فيها الطلاب والفلاحون والكسبة.

وفي كربلاء كان لفتاوي رجال الدين أثرها الفعال في تحفيز الشعب العراقي الدفاع عن عن قدسية البلاد (2).وخرجت جماهير المدينة يتقدمها رجال الدين والطلاب والكسبة تدافع عن شرف الأمة وكرامتها ، فنظمت المظاهرات الصاخبة وسار الشعب وطلبة المدارس إلى سراي الحكومة وطافوا شوارع المدينة وأسواقها حاملين الراية العراقية مرتلين الأناشيد الوطنية والأهازيج الشعبية . وأبرقت البرقيات المؤيدة للحركة وقادتها وعلى رأسها الزعيم رشيد عالي الكيلاني من قبل رجال الدين والأشراف ورؤساء العشائر العربية الذين اشتركوا فعلاً بالحركة ومساندتهم للحكومة الجديدة والتنديد بعبد الاله و عمالته . وبعد فشل

ص: 404


1- الحرب العراقية البريطانية 1941 / محمود الددة ( دار الطليعة بيروت 1961 ) ص60.
2- نشرت جريدة ( الندوة) الكربلائية بعض فتاوي العلماء بأعدادها 1 ، 2 ، 3 الصادرة في 3 أيار و 7 أيار و 10 أيار سنة 1941 .

الثورة رعودة عبد الاله على رأس الجيش البريطاني إلى العراق ، تم إلقاء القبض على عدد كبير من المواطنين منهم عبد المهدي القنبر والسيد ابراهيم شمس الدين القزويني.

وفي وثبة كانون سنة 1948م كان لكربلاء دور بارز في هذه الوثبة ، حيث قامت المظاهرات الطلابية مخترقة شوارع المدينة هاتفة بسقوط وزارة صالح جبر ومعاهدة بورتسموث ، وإرسال برقيات الاحتجاج من قبل الأهالي إلى الصحف والأحزاب الوطنية في بغداد منددة بجرائم شرطة الحكومة التي أطلقت الرصاص على المواطنين وقتلهم الأبرياء . وكان لجماهير المدينة الدور الفعال في استقبال جثث الشهداء وتشييعها بمواكب فخمة تعبر عن استنكارها و سخطها على الوضع المزري وكان لتشييع جثمان الشهيد جعفر الجواهري وقع كبير في المدينة ، قامت الشرطة على اثره باعتقال عدد كبير من المواطنين وزجتهم في غياهب السجون .

دور کربلاء في الخمسينات

انتفاضة تشرين 1952

بعد انتفاضة الشعب العراقي في تشرين سنة 1952م ضد حكومة نور الدين محمود العسكرية التي أعلنت الأحكام العرفية فور تسلمها الحكم كان لكربلاء دور بارز في هذه الانتفاضة حيث انطلقت بواكيرها من ثانوية كربلاء للبنين فاعترضها حرس دار المتصرف ، وبعد مفاوضات من قبل ممثلي المظاهرة ، تم اختراق الشارع المذكور ومن ثم شارع العباس . وكان الجيش يتخذ له مواقع في الشوارع الرئيسية وفي مداخلها ، إلا أن المتظاهرين استطاعوا أن يكسبوا أفراد الجيش إلى جانبهم ، مما جعلوا الدبابات والمصفحات العسكرية منابر لخطبهم وقصائدهم الحماسية.

وعندما علمت السلطة بسقوط الأمر في يدها ، حاولت أن تزج بقوات

ص: 405

من الشرطة لضرب المتظاهرين ، إلا أن المتظاهرين عند وصولهم إلى علي الأكبر ، اخترقوا سياج الشرطة المضروب حولهم وأحرقوا في وسط الساحة سيارة ( جيب ) محملة بالأعتدة والذخيرة والتجهيزات الخاصة بالشرطة.

وهنا أخذت الشرطة تضرب المتظاهرين بعنف ، مما أُصيب بعضهم بطلقات نارية . ومع ذلك فإن المتظاهرين أبدوا بسالة متناهية ، وعندها عززت القوات المسلحة المتواجدة بالمدينة بقوات إضافية مكثفة جيء بها من بغداد، واستطاعوا بشكل أو بآخر السيطرة على المدينة . وقد أمرت السلطة أن تتخذ شرطتها أماكن لها في مداخل الصحنين الشريفين وفي سورهما ، إلا أن سادن الروضة العباسية رفض أن تكون الروضة المقدسة مقراً لهم في تقتيل أبناء الشعب.

وفي المساء استطاعت قوى الأمن من اعتقال عدد كبير من الشبان وقادة المظاهرة ، وبفعل الضغط الجماهيري قدمت حكومة نور الدين محمود استقالتها والغيت الأحكام العرفية وعادت الأوضاع الطبيعية إلى مجراها .

أحداث سنة 1956

على أثر الاعتداء الثلاثي على مصر ، هبت جماهير الشعب العراقي لنجدة شقيقته الكبرى مصر العروبة . وكانت كربلاء إحدى المدن التي قاومت السلطة الحاكمة آنذاك بمظاهرات صاخبة ساهم فيها الطلاب والعمال والفلاحون والكسبة فكانت الجموع تحتشد في شوارع المدينة هاتفة بسقوط السلطة الحاكمة مساندة الشعب المصري في نضاله ضد المستعمرين الغزاة ، مما دعا إلى اعتقال عدد كبير من المتظاهرين وفي مقدمتهم الطلاب ، حيث فصل عدد كبير منهم ، وأُحيلوا إلى المجالس العرفية ومن ثم سيقوا مجندين إلى منطقة السعدية .

ص: 406

أحداث سنة 1958 ثورة 14 تموز

استمرت الحركة الوطنية متأججة في جميع أنحاء القطر خاصة في مدينة كربلاء الثائرة ، حيث كان الوطنيون على مختلف اتجاهاتهم وميولهم يبثون الوعي الوطني بين الناس منددين بأعمال السلطة الحاكمة وعمالتها المستعمرين والضالعين في ركابهم ، حتى كانت ثورة الرابع عشر من تموز سنة 1958م حيث قامت المظاهرات المؤيدة للثورة الظافرة منذ انبثاقها مخترقة شوارع المدينة ، مؤيدة ومباركة لقادتها الذين دكوا صروح الاستعمار وأسقطوا حلف بغداد المشؤوم .

ص: 407

الفصل العاشر: الجمعيات والأحزاب السياسية

إشارة

تألفت في كربلاء قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها عدة مقرات للأحزاب السياسية وجمعيات صحية وأدبية ودينية ، قامت بنشاطات واسعة في مختلف الميادين ، وساهمت بقسط وافر في الحركة الفكرية ، وأهمها هي:

1 – فرع جمعية الاتحاد والترقي

تأسس في كربلاء سنة 1908 م وهو فرع لجمعية سياسية هدفها الرئيسي مكافحة الاستبداد التركي والعصيان ضد الاستعباد، في الوقت الذي أراد السلطان عبد الحميد الثاني التغلب على الأحرار وخنق الحريات ، فكان تأسيس هذه الجمعية السرية مناصرة للأحرار ومناهضة لتوحيد الصفوف ، وكان الاسم الحقيقي لها ( قلوب ) . وقد انتسب إليها كثير من الشباب المثقف كالشيخ حسن السنلي والحاج عبد المهدي الحافظ والشيخ كاظم أبو ذان . ونجحت الجمعية في مسعاها وتم لها ما أرادت ، إذ كان الانقلاب في 31 مارس سنة 1909 م .

ص: 408

2 – فرع جمعية مكافحة الاستبداد

تأسس في نفس السنة التي تأسست فيها الجمعية الآنفة الذكر ، وكان هدفه مكافحة الاستبداد الإيراني واعلان الدستور الذي وعد به السلطان مظفر الدين القاجاري. وكان الاسم الحقيقي له ( أنجمن أحرار ) ومركزه في محلة العباسية الغربية . وقد انتسب إليه كل من محمد علي غفوري والشيخ جواد البهبهاني وغيرهما ، فكانت النتيجة ان أسفرت جهودهم بالفوز ، حيث أعلن الدستور الإيراني سنة 1327 ه / 1910 م وتسنم العرش السلطان أحمد شاه القاجاري.

3 – الجمعية الوطنية الإسلامية

وقد تألفت عقيب الهدنة جمعية سرية(1)في محلة باب النجف، غايتها العمل ضد بريطانيا ، وكانت تحت اشراف آية الله الشيخ محمد تقي الشيرازي، وبراية نجله الشيخ محمد رضا وعضوية السيد محمد علي هبة الدين الحسيني والسيد عبدالوهاب آل طعمة وعبدالكريم آل عواد والسيد حسين القزويني وعمر الحاج علوان وعثمان الحاج علوان وطليفح الحسون وعبد المهدي القنبر ومحمد علي أبو الحب والشيخ محمد حسن أبو المحاسن . كما ان أكثر وجوه البلد ورؤسائه اتفقوا مع هذه الجمعية بعد لأي كما تقدمت بذلك مضبطة انتخاب أحد انجال الملك حسين عند الاستفتاء العام (2) وأخذ أفراد هذه الجمعية يوالون الاجتماعات ويبثون الدعاية الوطنية ويوفقوا بين رؤساء العشائر وزعماء الفرات لإزالة ما أحدثته سياسة الاستعمار من ضغائن وأحقاد ، فتوسع نطاق الحركة .

ص: 409


1- تألفت جمعية ثانية بنفس الاسم قوامها رجال الدين ، وكانت برئاسة آية الله الشيخ محمد تقي الشيرازي وعضوية نجله الشيخ محمد رضا الشيرازي وعبد الحسين المندلاوي والسيد حسين القزويني والسيد محمد علي هبة الدين الحسيني والسيد محمد علي الطباطبائي والسيد محمد مهدي المولوي والشيخ يحيى الزرندي ، وكان مقرهم في محلة باب الطاق .
2- كربلاء في التاريخ / للسيد عبد الرزاق الوهاب آل طعمة الجزء الثالث ص 25 .

4 - فرع حزب النهضة

أسسه في كربلاء المرحوم الحاج أمين الجرجفجي وذلك في سنة 1343 ه المصادف 1924 م وانضم إلى هذا الفرع بعض رجالات كربلاء وشخصياتها . كما ان هناك فروعاً أُخرى سياسية لحزب الاخاء الوطني وحزب الاستقلال وحزب الامة وحزب الاتحاد الدستوري والحزب الوطني الديمقراطي .

5 – فرع حزب الاخاء الوطني

تأسس سنة 1930 م برئاسة عمان الحاج علوان وعضوية السيد رضا السيد سعيد الشروفي والسيد كاظم السيد أحمد النقيب و الشيخ حميد كمونة ومحمد حسن عبد الرضا أبو الحب وعباس علوان الصالح ومحمد كاظم سعید آغا . وكان مقره في دار عمر العلوان بمحلة باب السلالمة . وكان هدفه تنوير الرأي العام الكربلائي بالقضايا الوطنية والذب عن حياض الوطن من براثن الاستعمار(1) .

6 - الجمعية الخيرية الشبيرية

تا سست في شهر محرم سنة 1351 ه / 1932 م ، كان موقعها قرب حمام الكبيس في محلة باب الطاق ثم انتقلت إلى مقبرة السيد علي القطب في صحن العباس ، كان رئيسها المرحوم السيد حسن السيد محمد حكيم صاحب ، وبعد وفاته ترأسها أخوه السيد ضامن . وقد فتحت لها مستوصفاً لحماية الأطفال وزودته بمختلف الأدوية الصحية والغذاء وكانت توزع الكساء على الأطفال الفقراء في المناسبات الدينية . وقد فتح هذا المستوصف سنة 1949 م بحفلة رائعة كان من خطبائها الحقوقي اللامع حمزة بحر ، والاستاذ حسن عبد الأمير وغيرهما . وقد اغلق هذا المستوصف بعد أن عجز عن سد ميزانيته.

ص: 410


1- استقيت هذه المعلومات شفاها من المرحوم السيد كاظم السيد أحمد النقيب بتاريخ 1969/1/28 .

7 - فرع جمعية تشجيع المنتجات الوطنية

تأسس هذا الفرع في كربلاء سنة 1934 م و مرکزه في بغداد ، والغاية من تأسيسه السعي لتقليل الاحتياج المصنوعات الأجنبية ، والسعي لتصدير ما تنتجه البلاد إلى الخارج . وقد انتخب الحاج عبد الرزاق النصراوي رئيساً للفرع والحاج رشيد عبد الله نائباً للرئيس وعباس علوان الصالح سكرتيرة ومحمد عبد الحسين أمينا للصندوق ورحيم خضير الكيال عضوة وغيرهم من الأعضاء . وقد افتتح الفرع في 28 تشرين الثاني سنة 1934 ، وألقى الأستاذ رحيم الكيال عضو الفرع كلمة(1) حث فيها المواطنين على بذل الجهود في ايجاد النهضة الصناعية المحلية وتحفيز الشباب العراقي على مؤازرة المشاريع الاقتصادية وتشجيع منتجاتها .

8- فرع جمعية حماية الأطفال

تم تأسيس هذا الفرع سنة 1360 ه/ 1941 م وقام بخدمات مهمة من أجل رفع المستوى الصحن في المدينة . ومن بين هذه الخدمات التي أداها الفرع ختان مجموعة من الأطفال و توزیع بدلات كشافية وبدلات متنوعة شتوية على الطلاب والطالبات ، كما نوهت بذلك الصحف المحلية في حينها .

9 - جمعية ندوة الشباب العربي

ليس هناك من ينكر الفوائد الجملة التي تجني منه ذا المنتدى الأدبي الشهير الذي تأسس في كربلاء عام 1941 م ، وكان أعضاؤه المؤسسون كل من السيد صدر الدین شرف الدين و الحاج صالح الصافي و المامي كامل عبد الوهاب الخطيب والسيد محمد علي السعيد والسيد محمد مهدي الوهاب آل طعمة . وكانت غاية الجمعية نشر الثقافة العامة ورفع المستوى الأدبي ومكافحة الأمية . فقد سجلت المؤسسة المزيد من الفاخر والأثر، فأول عمل بادرت إليه هو نشر صحيفة أدبية

ص: 411


1- مجلة ( الاقتصاد ) البغدادية - العدد 45 - 6 كانون الأول سنة 1934م.

باسم (الندوة) واقامة حفلات علمية وأدبية وانشاء مكتبة عامة وإحياء حفلات تمثيلية وغير ذلك. وقد بذل أعضاؤه جهوداً مشكورة في سبيل الاصلاح الوطني والديني، وعقدت مؤتمرات وطنية في مناسبات مختلفة. ووقفت في كافة الحركات الوطنية مواقف مشرفة دلت على ايمانها القويم واخلاصها الصادق تجاه هذا الوطن ثم تولى إدارتها أخيراً الخطيب الشاعر الشيخ محسن أبو الحب ، وتوقف نشاطها بعد ذلك .

10 - جمعية خدمة القرآن

تأسست في صفر 1361 ه/ شباط 1942 م، وغاية هذه الجمعية نشر معارف القرآن من طريق النشر والتأليف والمحاضرات ، وقد بدأت الجمعية عملها وافتتحت أعمالها باحتفال حضره جمع كبير من وجوه كربلاء وأدبائها، وتلى فيها المعتمد كلمة تناولت هذه الغاية وتوضيح الطرق التي أخذت الجمعية على نفسها القيام بها (1).

11 - رابطة الفرات الأوسط

جمعية أدبية ، تأسست في جمادى الأولى سنة 1376 ه / 1956 م أعضاؤها المؤسسون كل من السيد مرتضى الوهاب والسيد سلمان هادي الطعمة والسيد صادق محمد رضا الطعمة والمحامي مهدي الشيخ عباس و عباس أبو الطوس وحسن عبد الأمير ، وكان مقرها في محلة باب بغداد . وقد ألقيت في افتتاح الجمعية قصيدة للشاب الشاعر صالح الشيخ هادي الخفاجي مطلعها :

اليوم أن لنا أن نبلغ الأربا *** بندوة تضمن العرفان والأدبا

ونستعيد نشاطاً كان يدفعنا *** نحو السمو ونبني صرحه الخربا

وألقيت عدة محاضرات لأعضائها نشرت في جريدة ( اليقظة ) البغدادية

ص: 412


1- مجلة (اليزان) الكاظمية (6 صفر 1361 / 23 شباط 1942م).

ومجلة ( العرفان ) اللبنانية ، و دارت في جلساتها مطارحات و مساجلات صورت جوانب هامة من النشاط الفكري . وبعد مضي عام ونصف توقف نشاطها عن العمل .

12- الجمعية الخيرية الإسلامية

تأسست بتاریخ 28/ 3/ 1377 ه (23 / 10 / 1957 م) بموافقة من وزارة الداخلية ، واغراضها دينية ثقافية تربوية و إرشادية خيرية - كما جاء في المادة الثانية من نظامها الداخلي ، ولها آثار جميلة في احياء المواسم الدينية وإصدار النشرات . وساهمت في العمل على بث الفضائل الإسلامية والتوجيه العام. وكان أول رئيس لها الخطيب الشاعر السيد صدر الدين الحكيم الشهرستاني .

13 - جمعية الرعاية الاجتماعية

تأسست بتاریخ 1967م/1387 ه وكانت تستهدف خدمة المجتمع من النواحي الصحية والثقافية والعلمية والإنسانية.

14 - ندوة الخميس الأدبية أسسها السيد سلمان هادي الطعمة في داره بكربلاء بتاریخ 1997/0/1 م وكان من أهدافها نشر الثقافة واغناء الحركة الفكرية في المدينة من خلال لقاءاتها مساء كل يوم خميس ، وقد حضرها رعيل من الأدباء العراقيين .

10 - جمعية الثقافة الوطنية

تأسست عام 1970 م. وهي جمعية سياسية تقدمية ، وكان أول رئيس لها الشاعر عبد الجبار عبد الحسين الخضر . ساهمت في تحريك الوسط الأدبي وذلك باقامة الأماسي الشعرية والندوات الفكرية ، واستقدمت العديد من شعراء و کتاب ومثقفي القطر ، كما أسهمت في التوعية القومية والوطنية .

19 - جمعية النهضة الإسلامية

ص: 413

جمعية دينية تأسست سنة 1970 م في مدرسة العلامة ابن فهد الحلي ، لها مكتبة عامة باسم مكتبة الرسول ، وأول رئيس لها الشيخ عبد اللطيف عبد الحسين الدارمي ، وتصدر حالياً مجلة ( صوت الإسلام ) . وقد عقدت عدة أمامي أدبية في مناسبات كثيرة .

17 - المنتدى الثقافي تأسس بتاریخ 1977/6/12 م موقعه في ساحة الإمام الحسين بجوار المكتبة المركزية . وقد التف حوله العدد الكبير من أبرز أدباء و شعراء کربلاء ، وساهم في اغناء الحركة الأدبية والفكرية ، واستضاف العديد من مفكري القطر لالقاء محاضراتهم ، ولا يزال يواصل نشاطه دون توقف .

ص: 414

تاريخ الحركة الفكرية في كربلاء

1900 - 1980م

الشعر :

کربلا، مصدر اشعاع فكري منذ قرون موغلة في القدم ، فقد ساهمت في تطور النهضة الأدبية والحركة الفكرية في العراق مساهمة تستحق كل أكبار خلال مراحل تاريخية مختلفة ، وقد ضمت بين حناياها جمهرة من خيرة الشعراء والأدباء والمفكرين كانوا المصابيح التي تتوهج في سماء الأدب و المعرفة . وقد سایروا التيارات الأدبية المختلفة من خلال ندوات وأمسيات و مهرجانات شعرية ، ساعد ذلك على خلق مناخ أدبي تتوفر فيه كل الشروط اللازمة لنمو الأدب .

وعاش الشاعر الكربلائي أحاسيسه مشبعاً بالروح الدينية والقومية ، وقد عكست لنا تلك البيئة صوراً صادقة لمشاعره وتطلعاته في الحياة . وهو يقرض الشعر فيضمنه بعض ما يختلج في نفسه ويعتلج من شؤون هذه الحياة و أوضاعها، لذا فإن انتاجه يتميز بالصدق والأصالة والواقعية. وكان أبرز هؤلاء الشعراء محمد حسن أبو المحاسن و كاظم المر والسيد جواد الهندي و محسن أبو الحب وغيرهم ممن فصلتهم في كتابي ( شعراء کربلاء ) الذي يقع في ثلاثة أجزاء .

ويقف الشيخ محمد القريني المتوفي عام 1377 ه على عتبة الثلاثينات ، حيث

ص: 415

أصدر دیوانه ( تفاريد الحياة ) عام 1936 م وقد غلب عليه طابع التقليد . وفي الأربعينات ذاع صيت مهدي جاسم الشماسي ( الشاعر المجهول ) الذي نشر في جريدة النبأ أحلى أشعاره وبنات أفكاره وتوفي سنة 1979 م. كما لمع اسم الشاعر مظهر أطيمش الذي أصدر دیوانه ( اصداء الحياة ) في الخمسينات .

وفي أوائل الخمسينات لمع نجم شعراء أسهموا في انجاب الشعر الحر و المقفى ، وحملوا لواء التجديد في القصيدة العمودية من حيث الأسلوب والتحرر من الأفكار القديمة ، وكان رواد هذه الحركة الشعرية الدكتور صالح جواد الطعمة والدكتور زكي الصراف و عباس أبو الطوس ، و لذا استجدت موضوعات و اغراض شعرية لم نكن نعهدها من ذي قبل . وقد تأثر هؤلاء موجة الشعر الحديث التي كان روادها الأوائل بدر شاكر السياب و نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وآخرون غيرهم. و كان لمعاناتهم أثرها البالغ في التعبير مما حفزت الشعراء الشباب في كربلاء أن ينهلوا من غير هذا المنهل العذب، حتى اشتد عودهم وقوي ساعدهم فبدأوا بالكتابة والنشر في مختلف الصحف والمجلات العربية على اختلافها . و امتدادا لتلك الفترة ظهرت كو كبة جديدة في سماء الشعر الكربلائي كمرتضی الوهاب وهادي الشربتي وعلي محمد الحائري و الدكتور ضياء الدين أبو الحب وصدر الدين الحكيم الشهرستاني و مرتضى القزويني وغيرهم ممن ترجم لهم الاستاذ غالب الناهي في كتابه (دراسات أدبية ). وهذه المجموعة خضمت إلى المناسبات الدينية والسياسية ، إلا أنها كانت في الوقت نفسه تحرص على رصانة الألفاظ وصياغة المعين . وفي هذه الفترة بدأ الشعراء الشباب الكتابة الجادة استجابة الروح العصر ومتابعة للحركات الشعرية المعاصرة ، وكان من بين هذه الأسماء شاكر عبد القادر البدري الذي كان ينظم على طريقة الشعر العمودي و تحوّل في الفترة الأخيرة بديوانه ( الخطوات ) نحو الشعر الحديث .

وعبد الجبار الخضر الذي تمثلت فيه النزعة الحديثة وبخاصة في مجموعته ( شهرزاد في خيام اللاجئين) وعدنان غازي الغزالي في مجموعتيه (عبير و زیتون)

ص: 416

و ( ارجوحة في عرس القمر) و کان يهتم بالاسطورة و الرمز والايحاء مما يجعل شعره يتسم برومانسية محبية. ومحمد علي الخفاجي وهو من الذين كتبوا في الشعر والمسرح ما أغنى المكتبة العربية وبخاصة في مسرحيته المشهورة ( ثانية يجيء الحسين ) وبدو اوینه ( شباب وسراب ) و (مهراً لعينيها ) و ( لو لم ينطق النابالم ) و ( أنا وهواك خلف الباب ) و ( لم يأت أمس سأقابله الليلة ) .

و باسم يوسف الحمداني الذي صدرت له مجمو عتان ( مرافيء الظلال ) و ( فارس الصمت ) وقد حاول فيها الجمع بين المنهج التقليدي وطريقة الشعر الحديث . ومن الشعراء الذين واكبوا هذه الحركة عدنان حمدان، إذ يتميز هذا الشاعر بجزالة شعره و حسر سبکه رغم كونه لم يخرج عن النطاق التقليدي . وما دمنا في صدد الحديث عن الشعر العمودي الرصين ، فلا بد لنا أن نذكر كلاً من عبد الرضا الصخني الذي أصدر مجموعة باسم ( خواطر ) وعلي كاظم الفتال الذي صدرت له مجموعته الأولى في الستينات باسم ( براعم صغيرة ) وصالح هادي الخفاجي وعبد الستار محسن الجواد و محمد زمان وصاحب الشاهر وغيرهم ممن حافظوا على الأساليب القديمة ، وهم اليوم يدفعون عجلة الشعر في كربلاء إلى الأمام، ويطالبون بالتجديد . على أن هناك شعراء آخرون أخذوا بالقضية العامة ووقفوا قصائدهم عليها ، وهم اليوم في الصفوف الأولى من حياتنا النضالية والشعرية يرتبطون بفكر الثورة العربية و مسيرتها الدامية . وهي لا شك أصوات شابة أضافت أشياء جديدة لشعرنا العربي المعاصر ، وانها لتبشر بمستقبل وضاء نرجولها التفتح والازدهار في طريق التجديد والمواكبة خدمة للوطن والثورة .

القصة :

والقصة كأي فن من الفنون الأدبية تنقل لنا صوراً عن الظواهر الاجتماعية وتعكس ما يعانيه الانسان عبر حياته اليومية من أتراح و أفراح ، وطبيعي أن لكل قصة هدفاً واتجاهاً يحاول كاتبها الوصول اليه .

( تراث کربلاء م-27)

ص: 417

في الأربعينات نهضت فئة من الأدباء بالأدب القصصي إلى نضوج فني في عدد من النماذج المجدة المستمدة من واقع المحيط كما لمسنا عند علي غالب الخزرجي الذي بدأ ينشر قصصه في المجلات المحلية ثم أصدرها في كتاب باسم ( مصباح الظفتين ) عام 1949 ومشكور الأسدي الذي ساهم بقسط وافر من نتاجه في مجلة الرسالة وصحيفة الهاتف .

ثم جرت محاولات أخرى في مطلع الخمسينات لعدد من كتاب القصة اندفعوا التصوير الحوادث الإجتماعية ونواح تتصل بحياة الناس العامة ، وشهدت هذه الفترة ازدهار القصة في الوسط الأدبي الكربلائي ، إذ سعى فريق من أدباء هذا الجيل في نشر العديد من قصصهم في صحف ومجلات عربية ، وضحت الكثير من ملامح و سمات المجتمع ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على امتلاك القاص الرؤية الواقع المجتمع ومحاولته لمعالجة العديد من مظاهر التخلف في العراق . ولعل أبرز کتاب هذه الفترة بدري حسون فرید ، صالح جواد الطعمة، حسين فهمي الخزرجي ، ومهدي جاسم الذي صدرت له مجموعة قصصية باسم (العمة لؤلؤة) و فائق مجبل الكالي الذي صدرت له ( ألوان الحياة ) وكان قد نشر فصولها في جريدة ( القدوة ) الكربلائية .

وتبع ذلك جيل آخر وذلك في النصف الثاني من الخمسينات ، أخذ بيد الحركة الأدبية ليدفع بها إلى أمام ، و نجد بعض هذه الأعمال القصصية ما كتبه شاكر السعيد في مجموعته ( نفوس جديدة ) و مر تضی الوهاب ما نشره في مجلة ( العرفان ) اللبنانية . كما نلمس نشاطاً ملحوظاً أعقب تلك الفترة من المتاج القصصي الذي كتب في الستينات . وقد كشفت هذه الحقبة عن واقع الحياة السياسية التي لعب فيها الأديب دوراً هاماً ، مما جعله يرتبط بواقع الحياة ، رغم الاختلاف في الاتجاهات الفكرية . وشهدت هذه الفترة أعمالاً قصصية لعدد من شباب هذا الجيل واصلوا الانتاج منهم عبد الجبار الخضر ومحمد

ص: 418

نور عباس وعلى القتال وغيرهم ممن حاولوا معالجة المشاكل و كتابة القصص ذات الأصالة والدقة .

ويمكن للقارىء أن يجد أسماء عديدة لامعة احتلت أبرز أعمدة الصحف و المجلات الجيل الجديد الواعي من القصاصين ما زالوا ينشرون إنتاجهم وهو يحمل تباشير نضج تدعو إلى التجديد .

النقد :

في العشرينات كان أبرز ناقد عرفته الأوساط الكربلائية ذلك هو السيد همة الدين الحسيني وزير المعارف الأسبق وذلك بما نشره على صفحات مجلة ( المرشد) من تعريف بالكتب الصادرة في حينها و نقدها نقداً موضوعياً . وكان من عالج موضوع النقد أيضاً مشكور الأسدي بما نشره على صفحات جريدة ( الغروب ) و ( الندوة ) الصادر تين في كربلاء ، وكان إذ ذاك طالبة بالجامعة المصرية .

ويقف الدكتور صالح جواد الطعمة في الخمسينات على عتبة النقد إضافة إلى اهتماماته بالشعر والقصة و المقالة . فله بحوث نقدية نشرت في الفكر والهاتف والثقافة الجديدة والأديب والآداب .

أما الدكتور محمد جواد رضا ( دعبل ) فهو الآخر الذي له جملة مقالات نقدية نشرت في جريدة ( النبأ) والصحف المحلية الأخرى . وقد شارك في هذا الباب حسن عبد الأمير بما نشره من نقد و تحليل لبعض الكتب التي صدرت في حينها. وفي السبعينات كان لمحمد نور عباس وعلي الفتال إسهامات طبية في تحليل الكتب وعرضها . وهناك من اختص بالنقد السينمائي أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر رضا عبد الجليل الطيار الذي نشرت له جريدة ( الجمهورية ) عدة مقالات نقدية وعزي الوهاب الذي نشر بعض الدراسات والنصوص المسرحية في ( الأقلام ) و ( المسرح والسينما ) و ( الاذاعة والتلفزيون ) . إضافة إلى ذلك فإن هناك الكثير من أدباء الشباب لا زالوا يمارسون الكتابة في هذا المجال .

ص: 419

الترجمة :

وفي مجال الترجمة ظهر أُدباء أسهموا في ترجمة الكتب والمقالات والبحوث العديدة من اللغات الانكليزية والفرنسية والفارسية والروسية إلى العربية نذكر منهم الدكتور عبد الجواد الكليدار الذي نشر فصولاً تاريخية مسهبة عن الفرنسية على صفحات العرفان والاعتدال وجريدته الأحرار . وصادق نشات الذي ترجم الكثير من الكتب والمقالات عن الفارسية . ومصطفى السيد سعيد الطنب الذي ترجم كتاب ( مقدمة التربية ) عن الانكليزية ، وله عدا ذلك كتب مخطوطة كلها مترجمة . وتقي المصعي الذي ترجم کتاب (خطط الكوفة و شرح خريطتها) المستشرق لويس ماسينيون عن الفرنسية . وأحمد حامد الصراف الذي ترجم ( رباعيات الخيام ) نثراً عن الفارسية .

وفي الأربعينات برز السيد صالح الشهرستاني بترجمة المقالات عن الفارسية نشرها في مجلة ( العرفان ) ومجلة ( الاخاء ) .

أما في الخمسينات وما بعدها فقد نشط رعيل من مفكري كربلاء بعد عودتهم من جامعات الغرب فترجموا المقالات و البحوث المختلفة عن الانكليزية وقد نشرت في حينها نذكر منهم الدكتور جليل أبو الحب الذي ترجم كتاب ( كندي وسرحان لماذا ) والدكتور صالح جواد الطعمة و محسن مهدي ومحمد تقي مهدي .

كما ترجم لنا الشاعر مهدي جاسم ( رباعیات قدس نخعي ) و ( رباعیات الخيام ) شعراً عن الفارسية . ورزاق جميل الصافي الذي ترجم كتاب (القاموس السياسي ) عن اللغة الروسية وغيرهم كثيرون .

المقالة :

احتلت المقالة وما تزال جانبا كبيراً من الساحة الأدبية ، وقد ضمت كربلاء

ص: 420

جمهرة من اولئك الكتاب الذين از دهر هذا القرن بثمرات قرائحهم ونتاج أفكارهم . وكانت تعقد في محافل كربلاء الأدبية جلسات وندوات وأماسي فريدة تدور فيها المساجلات الطريفة والغرر المحجلة من عيون الشعر العربي الرائق، وكان لها تأثير كبير في نفوس السامعين .

وما كان للشعر مجاله الأرحب كان للنثر أيضاً . وكان الكتاب يكتبون في مطلع هذا القرن بالطريقة المرسلة التي لا تعرف التكلف ، تناولوا موضوعات مختلفة من أدب و تاریخ و دراسة و فولکلور وقضايا اجتماعية تميزت بحسن الأداء وسهولة التعبير والصراحة والجرأة ، وقد أدوا رسالتهم بمهارة وإخلاص . ففي عام 1033 أصدر الدكتور عبد الجواد الكليدار جريدة ( الأحرار ) عارضت الوزارة الكيلانية القائمة معارضة شديدة ، وعلى أثر نشر مقال خطير بعنوان ( أمر دبر بليل ) عطلت الجريدة والقي القبض على صاحبها وأغرم بعد أن أجريت محاكمته وتوقيفه لبضعة أشهر . يقول السيد عبد الرزاق الحسني في كتابه ( تاريخ الصحافة العراقية ):

( وبالرغم من الكوارث التي أنزلت بالجريدة وبصاحبها فإنها لم تغير خطتها ولم تثن عن معارضتها ) . على أن هناك فئة أخرى من الكتاب الشباب ترسموا خطى الماضين و نسجوا على منوالهم وأضافوا إلى إنتاجهم تجارب أدبية جديدة اكتسبوها من العصر الحديث ومتطلباته .

ولعل أبرز هؤلاء الكتاب الذين أنجبهم هذا القرن هم : السيد هبة الدين الحسيني وأحمد حامد الصراف وتقي المصعبي وعباس علوان الصالح ومشكور الأسدي وعبد الجواد الكليدار و عبد الرزاق الوهاب و مصطفى السيد سعيد آل طعمة والدكتور سعدون حمادي و محمد حسن مصطفى الكليدار والدكتور محمد جواد رضا والدكتور صالح جواد الطعمة وصادق محمد رضا الطعمة وجاسم الكلكاوي وحسن عبد الأمير ومحمد نور عباس وعلى القتال وغيرهم

ص: 421

من يطول الكلام عنهم . وقد أشبعت هذا الجانب في العديد من كتبی المطبوعة .

لقد كان أدب المقالة في الخمسينات أو بالأحرى قبیل ثورة السابع عشر من تموز يختلف اختلافاً كبيراً عما هو عليه اليوم . فقد كان الكلام في السابق يحمل ملامح الحزن والتوجع بسبب الظروف الموضوعية التي كانت تعيشها الجماهير آنذاك . أما اليوم فإن الكتابة تقدم المواطنين فرح الثورة وطيبة الأرض و ازدهار المستقبل .

أخيراً أن دعم الثورة للأدباء عموماً حافز كبير لتطور إمكاناتهم وإبداعهم ونضوج نتاجاتهم .

ص: 422

فهرسُ الكِتابِ

الموضوع ... الصفحة

الاهداء ... 6

منظر عام لمدينة كربلاء ... 7

تراث کربلاء ... 8

كلمة الحجة الشيخ آغا بزرك الطهراني ... 9

كلمة الحجة الشيخ محمد رضا الأصفهاني ... 10

كلمة البحاثة السيد حسن الأمين ... 12

مقدمة الطبعة الأولى ... 14

مقدمة الطبعة الثانية ... 17

الفصل الأول : نظرة عامة في تاريخ كربلاء ... 19

الأنهار الموجودة في كربلاء ... 25

النهرین ، نهر العلقمي ... 25

نهر نينوى ، النهر الغازاني ... 28

نهر السليماني ( الحسينية ) ... 29

تاريخ الروضة الحسينية ... 32

الحائر الحسيني في العصر العباسي ... 34

الحائر الحسيني في الدور البویهي ... 36

الحائر في عهد السلاجقة ... 40

ص: 423

الموضوع ... الصفحة

الحائر في العهد المغولي « الايلخاني » ... 40

الحائر وتعمیرات الجلائريين ... 43

الحائر في العهد الصفوي ... 43

الحائر في العهد القاجاري ... 45

الحائر في العصر الحاضر ... 47

صورة تاريخية للملك فيصل الأول في مدخل الروضة الحسينية ... 60

تاريخ الروضة العباسية ... 61

صورة تاريخية للملك فيصل الأول في مدخل الروضة العباسية ... 72

منظر لمقام سيدنا العباس علیه السلام ... 73

فضل كربلاء والتربة الحسينية ... 74

زيارة الملوك والخلفاء و الأمراء لكربلاء ... 77

دروس من مأساة كربلاء ... 85

الفصل الثاني : كربلاء قبلة الأنظار ... 88

الفصل الثالث : الآثار التاريخية في كربلاء ... 106

مرقد السيد ابراهيم المجاب ... 106

مرقد حبیب بن مظاهر الأسدي ... 109

ضريح الشهداء ... 110

المخيم الحسيني ... 111

صورة عن المخيم الحسيني ... 113

صورة عن سبیل خانة المخيم ... 114

مرقد الحر بن یزید الرياحي ... 114

مرقد ابن الحمزة عليه السلام ... 116

مرقد الأخرس ابن الكاظم علیه السلام ... 116

مرقد عون بن عبد الله ... 116

ص: 424

الموضوع ... الصفحة

مرقد السيد أحمد أبو هاشم ... 117

حصن الاخيضر ... 120

صورة تذكارية عن حصن الاخيضر ... 121

قلعة الهندي ... 124

خان العطشان ... 125

مقام الحسين وابن سعد ... 128

مقام التل الزينبية ... 129

مقام الكف الأيمن للعباس عليه السلام ... 129

مقام الكف الأيسر للعباس علیه السلام ... 130

مقام جعفر الصادق عليله السلام ... 130

مقام المهدي علیه السلام ... 131

الفصل الرابع : الاسر العلمية والأدبية ... 133

آل الاسترابادي ... 133

آل الأمير السيد علي الكبير ... 134

آل البحراني ... 135

آل البهبهاني ... 136

آل الحكيم ... 136

آل الخطيب ... 137

آل خير الدين ... 138

آل الرشتي ... 138

آل سلطان ... 139

آل الشيخ خلف ... 141

آل الشهرستاني ... 142

آل صالح ... 143

ص: 425

الموضوع ... الصفحة

آل الطباطبائي ... 144

آل طعمة ... 145

آل عصفور ... 147

آل الفتوني ... 148

آل القزويني ... 149

آل الكشميري ... 150

آل المازندراني ... 150

آل المرعشي ... 151

آل النقيب ... 152

الأسر الأدبية

آل أبي الحب ... 155

آل الأصفر ... 158

آل بدقت ... 160

آل حسون رحيم ... 163

آل زيني ... 165

آل العلوي ... 168

آل الحر ... 170

آل الوهاب ... 177

بعض العشائر والاسر ... 181

آل نصر الله ... 181

آل ضياء الدين ... 183

آل ثابت ... 184

آل الجلوخان ... 185

آل الأشیقر ... 186

ص: 426

الموضوع ... الصفحة

آل الدده ، آل تاجر ، آل أصلان ... 187

آل الزعفراني ... 188

آل الداماد ، آل السندي ، آل لطيف ... 189

آل عواد ... 192

الوزون ، النصاروة ... 193

بني سعد، آل كمونة ... 194

آل التريري ... 196

آل شويليه ، آل حافظ ... 197

آل عويد ... 198

آل أبو المحاسن ، آل بريطم ... 199

آل دعدوش ، آل الكبيسي ، آل کشمش ... 200

الفصل الخامس : المعاهد العلمية في كربلاء ... 201

المدارس الدينية ... 201

صورة عن المدرسة الحسينية بكربلاء ... 207

المدارس الأهلية والحكومية ... 208

مدارس البنات ... 213

الكتاتيب ... 214

الجوامع و الحسينيات ... 216

الجوامع ...216 - 224

الحسينيات ... 224 - 225

الفصل السادس : تاريخ الحركة العلمية في كربلاء ... 226

من أقطاب الفكر ... 229

القرن الثالث الهجري : حميد بن زياد النينوي ...230

القرن الخامس الهجري : الشيخ هشام بن الياس الحائري ... 233

ص: 427

الموضوع ... الصفحة

عماد الدين الطوسي ... 234

القرن السادس الهجري : السيد أحمد بن ابراهيم الموسوي ...235

القرن السابع الهجري : السيد فخار بن معد الحائري ... 236

القرن الثامن الهجري : عز الدين الحسيني العبدلي الحائري ... 237

الشيخ ابو طالب ابن دريد الحائري ... 238

الشيخ عبد الحميد بن فخار الحائري ... 238

الشيخ علي بن الحسن الحائري ... 238

الشيخ علي بن الخازن الحائري ... 239

الشيخ علي بن عبد الجليل الحائري ... 240

الشيخ جلال الدين محمد الحائري ... 240

القرن التاسع الهجري : الشيخ أحمد بن فهد الحلي ... 241

الشيخ ابراهيم الكفعمي ... 243

السيد حسين بن مساعد الحائري ... 246

القرن العاشر الهجري : فضولي البغدادي ... 247

فضلي بن فضولي ... 248

كلامي جهان دده ... 249

السيد ولي الحسيني العاملي ... 250

السيد عبد الحسين بن مساعد ... 250

المولى محمد قاسم الكربلائي ... 251

القرن الحادي عشر الهجري : المولى شمس الدين الشيرازي ... 251

محمد شریف کاشف ... 251

السيد علي الحسيني ... 252

السيد حسين الحسيني ... 253

الشيخ عباس البلاغي ... 253

ص: 428

الموضوع ... الصفحة

السيد مساعد بن محمد الحسيني ... 254

السيد طعمة علم الدين الحائري ... 254

الشيخ محفوظ السعدي ... 255

السيد علي بن محمد الكربلائي ... 255

القرن الثاني عشر الهجري : السيد نصر الله الحائري ... 256

الشيخ يوسف البحراني ... 258

القرن الثالث عشر الهجري : الآغا باقر البهبهاني ... 259

الأمير السيد علي الكبير ... 261

السيد مهدي بحر العلوم ... 262

السيد مهدي الشهرستاني ... 263

السيد علي الطباطبائي ... 264

السيد محمد المجاهد الطباطبائي ... 266

الشيخ شريف العلماء ... 267

الشيخ خلف بن عسكر الحائري ... 268

السيد كاظم الرشتي ... 269

الشيخ محمد حسين الأصفهاني صاحب الفصول ... 272

السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط ... 273

الشيخ محمد حسين القزويني ... 275

الشيخ عبد الحسين الطهراني ... 276

الشيخ محمد صالح آل كدا علي ... 278

الشیخ میرزا علي نقي الطباطبائي ... 279

المولى محمد صالح البرغاني ... 281

القرن الرابع عشر الهجري : الشيخ المولى حسين الأردكاني ... 282

السيد صالح الداماد ... 283

ص: 429

الموضوع ... الصفحة

الشيخ زین العابدين الحائري ... 285

الشيخ حسين المرعشي الشهرستاني ... 286

السيد هاشم القزويني ... 288

السيد الميرزا جعفر الطباطبائي ... 289

السيد محمد باقر الحجة الطباطبائي ... 290

الشيخ محمد تقي الشيرازي ... 291

السيد اسماعيل الصدر ... 292

السيد ميرزا هادي الخراساني ... 294

السيد عبد الحسين الحجة الطباطبائي ... 296

السيد حسين القزويني الحائري ... 297

السيد محمد حسن القزويني ... 298

السيد میرزا مهدي الشيرازي ... 300

السيد عبد الحسين آل طعمة ... 302

السيد محمد علي الطباطبائي ... 306

الفصل السابع : مجالس الشعراء ... 308

ديوان الميرزا أحمد النواب ... 309

ديوان آل الرشتي ... 310

ديوان آل كمونة ، تكية البكتاشية ... 314

ديوان الميرزا الحائري ... 315

ديوان آل النقيب ... 316

ديوان آل الوهاب ، مجلس السيد يوسف الأشيقر ... 317

دیوان مجد العلماء ، آل طعمة ، آل حافظ ... 318

ديوان الصافي ، ديوان الشهرستاني ... 319

الفصل الثامن : المكتبات الخاصة والعامة ... 321

ص: 430

الموضوع ... الصفحة

المكتبات الخاصة ... 321 - 332

خزائن الكتب الحاضرة ... 332 - 340

المكتبات العامة ... 340 - 342

صورة عن جانب من مكتبة أبي الفضل العباس عليه السلام ... 342

خزائن الكتب المدرسية ... 344

تاريخ الطباعة في كربلاء ... 348

تاريخ الصحافة في كربلاء ... 351

الفصل التاسع : الوقائع والحوادث السياسية ... 355

ثورة يزيد بن المهلب ... 356

خروج الديزج على كربلاء ... 357

غارة ضبة بن محمد الأسدي ... 358

غارة خفاجة على كربلاء ... 360

حادثة الأمير دبيس الأسدي ... 361

هجمات جيش تیمور لنك على كربلاء ... 362

حادثة مولى على المشعشعي في كربلاء ... 363

غارة آل مهنا ... 365

حادثة يوسف باشا ... 366

حادثة الوهابيين على كربلاء ... 367

حادثة المناخور ... 373

حادثة نجيب باشا ... 376

حركة على هدلة ... 385

حادثة الأشيقر وأبو هر ... 386

وقمة الزهاوي للعجم ... 387

تجمهر وطني في كربلاء ... 389

ص: 431

الموضوع ... الصفحة

حادثة نصف شعبان ... 389

حادثة حمزة بك ... 390

حادثة خان الحماد ... 392

الثورة العراقية ... 393

کربلاء في الثلاثينات ... 401

کربلاء في الأربعينيات ... 404

دور کربلاء في الخمسينات ... 405

انتفاضة تشرين 1952 ... 405

أحداث سنة 1956 ... 406

أحداث سنة 1958 ثورة 14 تموز ... 407

الفصل العاشر : الجمعيات والأحزاب السياسية ... 408

تاريخ الحركة الفكرية في كربلاء ... 415

القصة ... 417

النقد ... 419

الترجمة ، المقالة ... 420

ص: 432

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.