الأثار الدنيوية للأعمال في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضی الله عنه)

هوية الکتاب

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد 8781 لسنة 8102 م

مصدر الفهرسة : adr ILPak-QI ara ILPaK-QI رقم تصنيف BP38.09.A3 G37 2018 :CL المؤلف الشخصي: الغراوي، عباس إسماعيل. مؤلف. العنوان: الآثار الدنيوية للأعمال في عهد الامام علي (عليه السلام) لمالك الاشتر (رحمه الله) / بيان المسؤولية: تأليف الدكتور عباس إسماعيل الغراوي. بيانات الطبع: الطبعة الأولى. بيانات النشر: العراق، كربلاء: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة. الوصف المادي: 71 صفحة: 15x21 سم. سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة ، 424). سلسلة النشر: مؤسسة علوم نهج البلاغة، 135 وحدة الدراسات الاجتماعية، سلسلة دراسات في عهد الامام علي (ع) لمالك الاشتر (ره) ؛ 40). تبصرة ببليوجرافية: يتضمن هوامش، لائحة المصادر (الصفحات 64-70). موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359-406 للهجرة - نهج البلاغة - عهد مالك الاشتر - شرح. موضوع شخصي: علی بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث. موضوع شخصي: مالك بن الحارث الاشتر النخعي، توفي 39 للهجرة - نقد و تفسير. مصطلح موضوعي: الثواب والعقاب - احاديث الشيعة الامامية مصطلح موضوعي: الاحاديث الاخلاقية. مصطلح موضوعي: الاخلاق الاسلامية. اسم هيئة اضافي : العتبة الحسينية المقدسة. مؤسسة علوم نهج البلاغة. جهة مصدرة.

تمت الفهرسة فبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية المقدسة

ص: 1

اشارة

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد 8781 لسنة 8102 م

مصدر الفهرسة : adr ILPak-QI ara ILPaK-QI رقم تصنيف BP38.09.A3 G37 2018 :CL المؤلف الشخصي: الغراوي، عباس إسماعيل. مؤلف. العنوان: الآثار الدنيوية للأعمال في عهد الامام علي (عليه السلام) لمالك الاشتر (رحمه الله) / بيان المسؤولية: تأليف الدكتور عباس إسماعيل الغراوي. بيانات الطبع: الطبعة الأولى. بيانات النشر: العراق، كربلاء: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة. الوصف المادي: 71 صفحة: 15x21 سم. سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة ، 424). سلسلة النشر: مؤسسة علوم نهج البلاغة، 135 وحدة الدراسات الاجتماعية، سلسلة دراسات في عهد الامام علي (ع) لمالك الاشتر (ره) ؛ 40). تبصرة ببليوجرافية: يتضمن هوامش، لائحة المصادر (الصفحات 64-70). موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359-406 للهجرة - نهج البلاغة - عهد مالك الاشتر - شرح. موضوع شخصي: علی بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث. موضوع شخصي: مالك بن الحارث الاشتر النخعي، توفي 39 للهجرة - نقد و تفسير. مصطلح موضوعي: الثواب والعقاب - احاديث الشيعة الامامية مصطلح موضوعي: الاحاديث الاخلاقية. مصطلح موضوعي: الاخلاق الاسلامية. اسم هيئة اضافي : العتبة الحسينية المقدسة. مؤسسة علوم نهج البلاغة. جهة مصدرة.

تمت الفهرسة فبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية المقدسة

ص: 2

سلسلة دراسات في عهد الإمام علی (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضی الله عنه) (40) وحدة الدراسات الاجتماعية الآثار الدنيوية للأعمال في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رضی الله عنه) تأليف د. عباس إسماعيل الغراوي اصدار مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة العتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1439 ه - 2018 م العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع الألكتروني: www.inahj.org الإيميل: Info@ Inahj.org تنویه: إن الأفکار و الآراء المذکورة فی هذا الکتاب تعبر عن وجهة نظر کاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسینیة المقدسة

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤسسة

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم من عموم نعمٍ ابتدأها وسبوغ آلاء أسداها والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين.

أما بعد:

فإن من أبرز الحقائق التي ارتبطت بالعترة النبوية هي حقيقة الملازمة بين النص القرآني والنص النبوي ونصوص الأئمة المعصومين (علیهم السلام).

وإنّ خير ما يُرجع إليه في المصادیق لَحديث الثقلين «کتاب الله وعترتي أهل بيتي» هو صلاحية النص القرآني لكل الأزمنة متلازماً مع صلاحيّة

ص: 5

النصوص الشريفة للعترة النبوية لكل الأزمنة.

وما كتاب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) لمالك الأشتر (رحمه الله) إلا أنموذجٌ واحدٌ من بين المئات التي زخرت بها المكتبة الإسلامية التي اكتنزت في متونها كثيراً من الحقول المعرفية مظهرة بذلك احتياج الإنسان إلى نصوص الثقلين في كل الأزمنة.

من هنا:

ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة أن تخصص حقلاً معرفياً ضمن نتاجها المعرفي التخصصي في حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) وفكره، متّخذة من عهده الشريف إلى مالك الأشتر (رحمه الله) مادة خصبة للعلوم الإنسانية التي هي أشرف العلوم ومدار بناء الإنسان

ص: 6

وإصلاح متعلقاته الحياتية وذلك ضمن سلسلة بحثية علمية موسومة ب(سلسلة دراسات في عهد الإمام علي (علیه السلام) لمالك الأشتر (رحمه الله)، التي تصدر بإذن الله تباعاً، حرصاً منها على إثراء المكتبة الإسلامية والمكتبة الإنسانية بتلك الدراسات العلمية والتي تهدف إلى بيان أثر هذه النصوص في بناء الإنسان والمجتمع والدولة متلازمة مع هدف القرآن الكريم في إقامة نظام الحياة الآمنة والمفعمة بالخير والعطاء والعيش بحرية وكرامة.

وكان البحث الموسوم ب(الآثار الدنيوية للأعمال في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر (رضوان الله عليه)) الذي تناول الآثار الدنيوية للأعمال الصالحة على حياة الفرد وكيف تنقله إلى السعادة والرفاه والخير، وكذلك تناول

ص: 7

الآثار الدنيوية للأعمال السيئة وكيف تؤثر في حياة الفرد سلباً وتزيد من همومه في الدنيا، متخذاً من نصوص أمير المؤمنين (عليه السلام) في عهده الشريف لمالك الأشتر (رضوان الله عليه) مصداقاً لذلك.

فجزى الله الباحث خير الجزاء فقد بذل جهده وعلى الله أجره، والحمد لله ربِّ العالمين.

السيد نبيل قدوري الحسني رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8

المقدمة

الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى ابن عمِّه سید الوصيين وإمام المتقين، والسلام والتحيات على العترة الطاهرة الأئمة المنتجبين، وبعد:

تمرُّ على الأمة الإسلاميّة في هذا الوقت ضغوطٌ داخليّة وخارجية، أبرزها التمويه على حقيقة الإسلام ؛ فقد ادّعاه من هم أبعدُ الناس عنه، فصار الإسلام مفهومًا يتنازعه أهل الحق والباطل متأرجحًا في نسبته بينهما، ولكن غرابيل الباطل إن غیِبت وجهَ الشمس فانّها تبقى غرابيل، وهكذا ولله الحمد فإنّ العين البصيرة يمكنها التّمييز ورؤية الحقيقة؛ ليعود الإسلام الحقيقي إلى سنام القيادة بين الحين والآخر على الرغم من كلِّ الهجمات. ولأجل أن يأخذ

ص: 9

مكانه الحقيقيّ دومًا كان لابُدّ من تداول مناهج رؤسائه الحقيقيين المتمثلة بالنّبي وآله (عليهم الصلاة والسلام)، ومنها نهج الإمام المرتضى (عليه السلام) نهجًا ناصعًا في سبيل إحياء الحق، ففيه ما فيه من كنوز تُزیّنُ وجه هذا الزّمان وكلِّ زمان بالحقيقة الغرّاء.

وأرى أنَّ من الأمور التي لم يُشَر إليها في ذلك النّهج هو أنّ وراء ما نعمل من أعمال تأثيرات دنیويّة فضلًا عمَّا لها من جزاءٍ أُخرويّ، ولعلَّ أغلب النّاس إذا أدرك أنّ وراء ما يفعله من عمل سيء جزاءً عاجلًا فإنّه سوف يتوانى عن ارتكاب ذلك الفعل، وقد أبان الإمام (عليه السلام) في كلامه المجازاة الدنيويّة للأعمال السيئة لأجل اجتنابها، فحتَّى الدنيا التي يظنها الإنسان المُکِر محلَّ سُعداهُ قد تعود عليه بالويلات إذا ارتكب المحذرورات.

ص: 10

ومن هنا وفي الوقت الذي ابتعد فيه كثير من الناس عن خطِّ الإسلام الحقيقيّ باتت الضرورة في التذكير أمرًا لابُدَّ منه، وربَّما في هذا العمل شيء من التساؤلات التي تُطرح: لماذا هذه التعاسة مع ما لدينا من مال وفير؟ لماذا هذا البلاء؟ لماذا تلك المصيبة؟...

إنَّ السعادة الحقيقة تكمن في معرفة الإسلام الصحيح وتطبيقه بصورة صحيحة، وهو ما حرص عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلامه وأفعاله حتى رأينا نهج البلاغة أشبه بخزانة أدوية مجانيّة تنفع النّفس، وتريح الإنسان، وتبني مجتمعًا رفيعًا رائعًا نظيفًا من الشوائب المكدرة للحياة، يقول بعضهم: ((وما نراه في عصرنا الحاضر من أمراض عضويّة كثيرة كالسكتة القلبيّة والدماغيّة والإصابة بمرض السّكر وضغط الدم وقرحة المعدة والأمعاء وأمراض السرطان المختلفة

ص: 11

وأمراض الدّم والقلق والاضطراب النّفسيّ والأرق الشّديد ما هي إلا إفرازات طبيعيّة لمشاكل العصر التي كبّلت الإنسان المعاصر بمختلف الأمراض النفسيّة؛ لذا يجب علينا أن نهتمّ بهذا الجانب الحيويّ ونتبع إرشادات وتعاليم ومواعظ الإمام علي (عليه السلام)(1) المتجلية في خطاباته الرائعة؛ لذا كان هذا البحث: (الآثار الدنيوية للأعمال في عهد الإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الأشتر(رضوان الله عليه) والاكتفاء بهذا العهد من كلامه (عليه السلام) بوصفه أنموذجًا صالحًا يمكنه الإدلاء بتلك الآثار، ويمكنه أن يترجم عملياً لأجل الحصول على الآخرة فعلينا بنهج أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولأجل الحصول على الدنيا فعلينا بنهج أمير المؤمنين (عليه السلام).

ص: 12


1- نهج البلاغة والطب الحديث: 40

وقد قُسِّم البحث على مبحثين وخاتمة بينت أبرز النتائج.

أبان المبحث الأول الآثار الدنيوية للأعمال الصّالحة، وأعرب عن أنَّ الإثابة لا تتوقف على المستوى الأخروي؛ ففي الدنيا أيضًا يكون شيئاً من تلك الإثابة، فالله واسع الرّحمة عظيم المنال، کریم بعباده.

أما المبحث الثاني فأعرب عن الآثار الدنيويّة للأعمال السَّيئة، وقد كشف عنها مفيداً من القرآن الكريم والسنّة والتّراث التّاريخي في تثبیت مفاصل المبحث.

والبحث إذ يؤيد أن البلاءات قد تكون بسبب من أعمالنا فهذا لا يعني التّعميم؛ بل المراد أنَّها قد تكون سببًا، وليس من الضرورة أن يكون وراء كلِّ بلاء نوع من الآثام، فالله تعالى

ص: 13

قد يختبر عباده لا لأجل أخطائهم، وإنَّما لأجل اصطفائهم، و لله تعالى في أمره شؤون.

وهناك نقطة مهمة في البحث، وهي أنه اعتمد الإيجاز بسبب ضيق المقام، وطلبًا للتسهيل ومن هنا كان يحيل على الدراسات الأخرى ويكتفي ببعض الأمثلة، وقدیمًا قالَ الجاحِظُ (ت 255 ه): ((وقد يُكتَفي بذِكرِ القَليلِ حتّى يُستدَلَّ بهِ على العنايةِ الّتي إليها يُجري))(1).

ونقطة أخرى أرى فيها أهمية بالغة، وهي أنَّ هذا العهد المبارك وإن كان موجهًا إلى (مالك الاشتر(رضوان الله عليه) إلَّا أنّ المراد به كل من تسیَّد أو نُصِّبَ على جماعة بدليل قوله (عليه السلام) للأشتر: ((لِكَيْلاَ تَكُونَ لَكَ عِلَّةٌ عِنْدَ

ص: 14


1- البيان والتبيين: 1 / 69

تَسَرُّعِ نَفْسِكَ إِلَى هَوَاهَا))(1)، فكلنا ندرك أن مالکًا (رضي الله عنه) وإن قيل له ذلك فهو ممن ليس يتبع الهوى، فقد رآه الإمام (عليه السلام) و جرَّبه تلك السنين وعرف صدقه، ولكن هذا من باب (إيّاك أعني واسمعي يا جارة)(2)، ويؤيد ذلك

ص: 15


1- نهج البلاغة: 445
2- الفاخر في الأمثال: 172، وقد اثبت الشريف الرضي أن دعاء الرسول (صلى الله عليه وآله) لنفسه إنّما كان ((على طريق التعليم لأمَّتِهِ كيف يتوبُ العاصي، ویُنيب الغاوي، ويستأمن الخائف، ويستقیم الجانف)) [المجازات النَّبَوِيَّة: 254]، بل يمكن أن نرى أنَّ الإِمام (عليه السلام) قد استعمل المخاطب غير المقصود في حديثه مع ابنه الإِمام الحسن (عليه السلام) في وصيته إليه بعد حرب صفين التي كانت في ظاهرها النصح للإِمام الحسن (عليه السلام) وحقيقتها أنَّ المقصود بها غيره من الناس السامعين؛ إذ كيف يكون المراد هو الإمام الحسن (عليه السلام)، وهو كان الأنموذج الحي لتلك الوصية الرائعة، فقد كان هو تلك الوصية ولكن بصورة ناطقة وليس هو من يصدق عليه وقد جاء في مقدمة الوصية: ((مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِ، الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ، الْمُدْبِرِ الْعُمُرِ، الْمُسْتَسْلِمِ لِلدَّهْرِ، الذَّامِّ لِلدُّنْيَا... إِلَی الْمَوْلُودِ الْمُؤَمِّلِ مَا لاَ یُدْرِكُ، السَّالِكِ سَبِیلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ، غَرَضِ الْأَسْقَامِ،... وَ عَبْدِ الدُّنْیَا، وَ تَاجِرِ الْغُرُورِ، وَ غَرِیمِ الْمَنَایَا،... وَ صَرِیعِ الشَّهَوَاتِ وَ خَلِیفَةِ الْأَمْوَاتِ)) [نهج البلاغة: 391]، فالمقصود هنا هو (الْمَوْلُودِ الْمُؤَمِّلِ مَا لاَ یُدْرِكُ)، بل يؤكَّد أنَّ المراد ليس هو الإمام الحسن (عليه السلام) حقيقة إذا تأمَّلنا قوله (عليه السلام): ((وَ إِنَمّاَ قَلْبُ الَحَدَثِ كَالْأرْضِ الَخالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَیءٍ قَبِلَتْهُ، فَبَادَرْتُكَ بِالْأدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ، وَ یَشْتَغِلَ لُبُّکَ، لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْیِكَ مِنَ الأَمْرِ ما قَدْ کَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْیَتَهُ وَ تَجْرِبَتَهُ)) [نهج البلاغة: 393] فأمير المؤمنين (عليه السلام) هنا يتحدث مع الأحداث، أي الأطفال الصغار جدا، والإمام الحسن (عليه السلام) کان بعد حرب صفين (زمان الوصية) قد تجاوز الثلاثين من عمره؟!.

قول أمير المؤمنين (عليه السلام) نفسه في مالك (رضوان الله عليه) حين جاءه (عليه السلام) خبر مقتل مالك (رضوان الله عليه) بالسّم؛ إذ قال: ((مَالكٌ وَمَا مَالِكٌ! وَاللهِ لَوْ كَانَ جَبَلاً لَكَانَ فِنْداً،

ص: 16

[وَلَوْ کَانَ حَجَراً لَكَانَ صَلْداً] لاَيَرْتَقِيهِ الْحَافِرُ، وَلاَ يُوفِ عَلَيْهِ الطَّائِر))(1)، والفند هو الجبل العظيم كناية عن مكانته ورفعته وتقدّمه على الآخرين في السلوك القويم والخصال الحميدة. ومن هنا لقد كان الإمام (عليه السلام) في كتابه هذا موجّهًا كلَّ من يتلقى هذا الكلام العظيم ممن يستحق عليه الوقوع في (الهوى) فعلا. فالعبرة إذن في عموم اللفظ لا في خصوصه، وبهذا يكون الكلام أكثر تأثيرا في المتلقي، فالخطاب غير المباشر يكون أكثر قبولاً وامتثالًا من المباشر بحكم أنّ النفس تأنف من القيودات الإرشادية إذا تعلق الأمر بها مباشرة، وكأنها على خطأ، لكن إذا كان ذلك الخطاب موجهًا إلى غيرها، فإنّها ستمتثل خصوصًا إذا كان المخاطب ممّن قد علا شأنه بين الناس على النحو من مالك الأشتر (رضوان

ص: 17


1- نهج البلاغة: 554

الله عليه) أو على النحو من الإمام الحسن (عليه السلام) مثلما بيّن في هامش سابق.

وأخيرا خُتم البحث بخاتمة بیّنت أبرز النّتائج التي وصل إليها البحث مع اقتراح ما يمكن الاستنارة منه من جرَّاء البحث.

وختامًا نقول: ربَّنا اجعل هذا العمل خطوة في سبيل الوصول إلى طريق الذين «آخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (سورة يونس: 10).

ص: 18

المبحث الأول: الأثار الدنيويّة للأعمال الصالحة

يتباین مفهوم السعادة بحسب المرجعية المعرفيّة للإنسان، فالمسلم الحقيقيّ يراها تكمن في الآخرة مع أنّه لا ينسى نصيبه من الدنيا، ويراها المادّيّ أنَّها مقتصرة على السعادة الدنيوية، وفي جميع الأحوال فالدنيا قد تكون عامل مشترك بين الرؤيتين، وإن اختلفت کيفية الرؤية، وأيا كان الأمر فإننا نجد الأعمال الصالحة تهيئ له ذلك المبتغى في الدنيا فضلاً عن الآخرة.

يمكن القول: إنَّه لا شكَّ أنَّ السعادة الحقيقية هي التي لا تجعل صاحبها يندم؛ بل تُوفِّر له العيشة الهنية وراحة البال في قادم أيامه، وهو ما نراه في اقتناء سبيل الإسلام؛ فهو لا يؤكِّد الفضل الأخروي دون الدنيوي؛ بل يؤكدهما معا.

ص: 19

إنَّ لكلِّ عمل صالح يقوم به الفرد أثرًا على ذلك الفرد ويحقق له مقداراً من السعادة، فهو يأخذ بيده نحو الحياة الكريمة، وإن لم يشعر بذلك، ومن هنا قد نرى أنَّ المؤمنين الخُلَّص يعيشون بسعادة مع ما فيهم من بلاء وعناء، يقول الإمام علي (عليه السلام) في مقدِّمة عهده إلى مالك الأشت (رضوان الله علیه): ((أَمَرَهُ [أي ان أمير المؤمنين أمر مالكاً] بِتَقْوَى اللهِ، وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ، وَاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ: مِنْ فَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ، الَّتِي لاَ يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلاَّ بِاتِّبَاعِهَا، وَلاَ يَشْقَى إِلاَّ مَعَ جُحُودِهَا وَإِضَاعَتِهَا))(1)، فالسّعادة كلّ السعادة تكون باتباع التقوى، في ((لو أن العالم عرف التقوى وقام بواجبها لانطفأت ثورة الشرّ، وساد السلام في ربوعه))(2)، فبالتقوى

ص: 20


1- نهج البلاغة: 427
2- صوت الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة: 2 / 286

تتجسد ((روح الأخوة العامّة في كل العلاقات الاجتماعيّة بعد محو ألوان الاستغلال والتسلّط، فما دام الله سبحانه وتعالى واحدًا ولا سيادة إلّا له، والنّاس جميعًا عبادُه ومتساوون بالنّسبة إليه، فمنَ الطّبيعي أن يكونوا أخوةً متكافئينَ في الكرامةِ الإنسانيّةِ والحقوقِ كأسنانِ المشط... ولا تفاضلَ ولا تمييزَ في الحقوق الإنسانيّة))(1)، هكذا هو ما تعمله التقوى في أهلها إنّنا بالتقوى نكون قد امتلكنا المفتاح الأوحد الّذي يفتح مغاليق السّعادة للفرد(2)، وبوسائلها: الصّلاة والصّوم والزّكاة... يعود الفرد بالسّعادة المطلقة لا في الآخرة فقط؛ بل حتَّى في الدنيا، فلا تكترث لإنسان يعيش خليعًا منها وهو يدّعي أنّه سعيد؛

ص: 21


1- الإسلام يقود الحياة: 128، وينظر: الدين الإسلامي - بحث في الأصول والمبادئ -: 14 -15
2- ينظر: السعادة في الإسلام: 231 - 232

بل هو تعيس من الداخل وإن ادَّعی ما ادَّعى.

نعم إنَّ الفرائض (الصلاة والصوم والزكاة...) والسنن مليئة بالجواهر التي تبعث على السّعادة والطمأنينة، ونأخذ من ذلك نماذج على سبيل التمثيل لا الحصر طلبا للإيجاز.

لقد حصر الإمام (عليه السلام) السعادة بها فقط؛ فقال (عليه السلام): ((لا يسعد أحد إلا باتباعها))، فمثلا الصّلاة عمود الدين وهي أيضًا عمودُ السّعادة الدنيوية بفوائد تصعب الإحاطة بها(1)، فمن فوائدها:

1- أنَّها ذات فائدة نفسيّة للفرد؛ إذ إنّ تاركها يعاني من الضجر اللاإرادي، إنَّ الصلاة كفيلة بإراحة مؤدّيها، فهي موطن الذِّكر لله تعالى وذكره (عزّ وجل) سبب الاطمئنان، قال تعالى:

ص: 22


1- ينظر: أسرار العبادات: 20 - 199

«الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (الرعد: 28).

2- أنَّها تبعث على قوة الشخصية؛ فهي ((تخلق الإرادة والعزّة والكرامة والحرية في النفس؛ فالمصلي حينما يتوجَّه إلى الله في صلاته، ويقول: (الله أكبر) يسجّل ضآلتهُ وضآلةَ كل قوة في هذا الوجود أمام قوة الله تبارك وتعالى))(1)، وذلك كفيل بخلق إنساني صالحٍ قادرٍ على النّجاة من وساوس الشيطان شريطة أن يكون مستمرًّا في خشوعه بصلاته، وأن لا تكون كنقر الغراب؛ وذلك لأَن ((الصلاة هي الإِصرار الواعي والمعالجة المستمرة للنفس البشرية من أجل أن تتحرر من الاستغراق في المتاع القريب وتوسِّع أفقها الزماني والمكاني لتكون على مستوى حاجاتها الفعلية والمستقبلية،

ص: 23


1- الأساليب التربوية عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام): 320

على الأرض وفي الآخرة، إنَّها استمداد المحدود من المطلق حياة واسعة في أبعاد ذاته وزمانه ومكانه. وهي ظاهرة من معالم الحضارة المتميزة التي يدعو الإسلام لبنائها على الأرض ممتدة بأفقها إلى جميع الناس، وإلى مستقبل الأجيال على الأرض، ومستقبل الناس في الحياة والآخرة))(1).

بل ينبغي بنا أن ندرك أن الفضل لكلِّ مكونات الصلاة سواء أكانت أركاناً أم غير أركان وحتی لملحقات الصلاة، فهذه لها ما لها من جنبات صحية مفيدة للجسم، فهناك ((الاستيقاظ المبكر وعلاقته بصحة الرئة ونقاء الدم، والنوم المبكر وعلاقته بصحة الجسم بشكل عام، والتطهر بأنواعه وعلاقته بصحة الجسم بشكل عام، والسواك المستحب قبل كل وضوء وعلاقته

ص: 24


1- فلسفة الصلاة: 43

بصحة الفم والمعدة، والاستنشاق المستحب قبل كل وضوء ثلاث مرات وعلاقته بصحة الأنف والرأس، وغسل الأطراف وعلاقته بصحة الأطراف والجسم، والوقوف للصلاة باطمئنان وعلاقته بصحة الأعصاب والركوع الذي يتكرر في الأقل 17 مرة يوميًّا وعلاقته بصحة العمود الفقري وجهاز الهضم، والسجود الذي يتكرر في الأقل 34 مرة يوميًّا وعلاقته بصحة الجهاز الهضمي ودورة الدم في الرئة والرأس، والسجود على الأعضاء السبعة الجبهة والكفين والركبتين وإبهامي الرجلين وعلاقة ذلك بصحة الشرايين، وجلسة التورك المستحبة في الصلاة، وهي أن يجلس المصلي على فخذه الأيسر واضعا ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى، وكراهة الجلوس على القدمين، وعلاقة ذلك بسلامة الفقرات والجهاز الهضمي، وكراهة افتراش

ص: 25

الساعدين حال السجود (كما تجلس السباع) وعلاقته بشرايين وعضلات الأطراف))(1).

هذا الأمر مع الصلاة أمَّا إذا جئنا إلى الصيام فهو كذلك يفيد كثيراً في الدنيا مثل ما هو مفيد جداً لنيل أجر الآخرة، فهو علاج عند نزول المصيبة، ف((عن أبي عبد الله (عليه السلام)... قال: إذا نزلت بالرجل النازلة والشديدة فليصُم؛ فإن الله (جل جلاله) يقول: (واستعينوا بالصبر) يعني الصيام ))(2)، فهذه شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) في أن الصوم به تُفتح المصائب، فهو المنفذ الذي يهرع إليه صاحب المصيبة، فالله سيخففها، بل يميحها بفضل صيامه.

ولا يكتفي الأمر بحل المصائب، بل الصوم

ص: 26


1- فلسفة الصلاة: 240 - 241
2- الكافي: 4 / 63 - 64

طريق لتقوية الإرادة، وقد أدرك ذلك ممن ليسوا هم على طريق الإسلام، يقول العالم الفرنسي جبهاروت: ((إن رجال الدين أدركوا تأثير الصوم في تقوية الإرادة وسلامة الإنسان من سيطرة حواسّه، فجعلوا الصوم في مقدمة رياضاتهم، ونحن قد وجب علينا - لتقوية إرادتنا - أن نمارس الصوم، إذ قد ثبت تأثيره في ذلك فيما لا يستطيع دحضه، وناهيك هذا من سعادة في الحياة وسبب لنيل أقصى غايات المجد))(1)، ها هو يؤكد فضيلة الصوم في تحقيق السعادة وفي نيل المجد.

بل إنَّ في الصيام زيادة الطمأنينة الروحيّة وانتشار الألفة بين العوائل والأصدقاء، وبه تقل المشاكل الاجتماعية(2).

ص: 27


1- الأساليب التربوية عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام): 331
2- ينظر: السنة النبوية والطب الحديث:190 - 191، ونهج البلاغة والطب الحديث: 122

هذه هي الفوائد الاجتماعية والنفسيّة للصوم وهناك فوائد فکريّة وتنويرية، فقد نُقِل أنَّ الفرد: ((إذا صام جفّت الرطوبات التي هي علة النسيان والبلادة وقلة الفهم... فإذا صام وجاع وعطش زاد فهمه وحفظه... وذهب عنه الكسل في العبادة وخفّ جسده لفعل الطاعات وانكسرت نفسه عن الشهوات والخصال الذميمة كالحسد والغضب والشهوة والتكبر والبغي والعدوان وطول الأمل ونسيان الموت والآخرة))(1).

وهناك أيضا فوائد صحية كثيرة للصوم ترجمها قول النبي المصطفی (صلی الله عليه وآله): ((صوموا تصحوا))(2)، أي تحقيق الصحة بصورة مطلقة ولشتى الأمراض حتى يمكن القول: إنّ

ص: 28


1- أسرار العبادات: 219 - 220، وينظر: صوت الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة: 1 / 446 - 447
2- بحار الأنوار: 59 / 267

الصوم هو الجرعة الوحيدة التي تنفع لعلاج مئات الأمراض، يقول الأستاذ عبدالرزاق نوفل: ((إنَّ الصوم يذيب أيّة أورام صغيرة في أوّل تكونها، ويمنع تكوين الحصوات والرواسب الجيرية؛ إذ يحللها إلى أجزاء صغيرة))(1)، ها هو علاج بلا مواد کیمیاوية أو أدوات تشريحية أو مسکنات، إنه علاج بلا ثمن ولا آثار جانبيّة.

ويقول العلامة الشيخ محمد علي الزهيري: ((إنَّ الصيام يصفي الدم من الفضول المضرّة، ويعين (الهاضمة) ويريحها في عملها المتواصل، ويجفف الرطوبات من المعدة وغيرها من الجسد ويُخرج من العضلات والأعضاء والأغشية والشرايين والأوردة وجميع أجزاء البدن كل ما

ص: 29


1- الأساليب التربوية عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام): 334

يعيقها عن عملها))(1)، فها هو طبيب داخلي يعالج من دون أن نشعر.

ويقول الدكتور محمد الظواهري: ((إنَّ کرم رمضان يشمل الأمراض الجلديّة؛ إذ تتحسَّن بعض الأمراض الجلديّة بالصوم... إذ إن الامتناع من الغذاء والشراب مدة ما تقلل من الماء في الجسم والدم، وهذا بدوره يدعو إلى قلته في الجلد، وحينئذ تزداد مقاومة الجلد للأمراض الجلدية المعدية والميكروبية))(2).

نفهم مما سبق أن الصوم طبيب داخلي من جهة ومن جهة أخرى فهو ليس مختصا بمرض واحد؛ بل بأمراض متعددة، يقول الأستاذ

ص: 30


1- الأساليب التربوية عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام): 334
2- الأساليب التربوية عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام): 334 - 335

ملفادن: ((إنَّ تسعين بالمئة من الأمراض التي تنتاب الجنس البشري يمكن اتقاء شرها بواسطة الصوم))(1)، ومن هذه: خفض ضغط الدم، وخفض نسبة السكر والدهون في الجسم، وتخفيف أعراض عجز القلب، ويقلل حساسية الأمعاء للمواد الغذائية، ويساعد على سقوط الديدان من الأمعاء، ويعمل على خفض نسبة اليوريا في الدم، وهو استراحة مؤقتة للجهاز الهضمي، وفيه فائدة أنَّه يخفض ارتفاع ضغط العين (الماء الأسود)، ويقلل سلس البول، ويساند في الوقاية من مرض تصلب الشرايين بسبب انخفاض نسبة الدهون في الدم، ويفيد في علاج التهاب القولون وعلاج التهاب المعدة والمريء وعلاج التهاب الكلية المزمن الحابس للصوديوم، وغير

ص: 31


1- الأساليب التربوية عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام): 336

ذلك كثير من الفوائد الصحية(1).

ولا يقف الأمر على الصلاة والصوم؛ بل كذلك مع العبادة المالية (الزكاة والخمس)، فإذا ما جئناها وجدناها خير علاج لمعالجة الفقر(2)

ص: 32


1- ينظر: السنة النبوية والطب الحديث: 191
2- فتشير الدراسات إلى أن: ((الفقر آخذٌ في التزايد من سنة إلى أخرى على الرغم من نداءاتِ التّحذير التي تطلقها المنظمات الدوليّة، فلأول مرة وصل عدد الفقراء إلى 1٫02 مليار نسمة من أصل 6,788 مليار نسمة هم سكان العالم في 01 أكتوبر 2009 يتوزعون على مختلف مناطق الكرةِ الأرضيّة بطريقةٍ غير متساوية، فقارة آسيا الّتي يقطن بها أكبر عدد من السُّكّان (4,03 مليار)، وتمثل نسبة 60,5 ٪ من سكان العالم تتواجد [توجد] بها أكبر نسبة من الفقراء وهي 64,07 % تليها قارة إفريقيا التي تمثل نسبة 14% من سكان العالم بنسبة 28,62٪ من فقرائه ثم قارة أمريكا، ثم قارة أمريكا الجنوبية بنسبة 6٫24 وأخيرا الدول المتقدمة مجتمعة في أوربا وأمريكا الشمالية واستراليا بنسبة 1٫06 ٪ . لقد أضحى الفقر مشكلة اقتصاديّة وقضية إنسانيّة انعكست آثارها السّلبيّة على حياة المجتمعات...، فالفقر كان ولا يزال يهدد الازدهار حيثما كان، ويشكل تحديًا حقيقيًّا وصارخًا للإنسانيّة وأصبح ظاهرة عالميّة، الأمر الذي أدّى إلى البحث باتّجاه إيجاد الحلول المناسبة للتخفيف من آثاره على المجتمعات)) [الفقر - التعريف ومحاولات القياس: 166]، والحقيقة ألّا حلول إلَّا بالتماس نهج أهل البيت (عليهم السلام)

علاجا یندر ان نجد مثله عند الآخرين، فهي عندنا سبب للرزق، وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فَرَضَ اللَّهُ الْاِيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ، وَ الصَّلاةَ تَنْزِيهاً عَنِ الْكِبْرِ، وَالزَّكَاةَ تَسْبِيباً لِلرِّزْقِ»(1)، بل إنَّ هناك روايات كثيرة تؤيد أنَّ فضيلة الانفاق تعود على صاحبها بالرزق الوفير؛ فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال له ((محمد ابنه: يا بني، کم فضلَ معك من تلك النفقة؟ قال: أربعون دينارا، قال: اخرج فتصدّق بها، قال: إنَّه لم يبق -

ص: 33


1- نهج البلاغة: 512

معي غيرها، قال: تصدق بها فإن الله يخلفها، أما علمت أن لكلِّ شيء مفتاحًا، ومفتاح الرزق الصدقة، فتصدّق بها، ففعل فما لبث أبو عبد الله (عليه السلام) عشرة أيام حتى جاءه من موضع أربعة آلاف دينار، فقال: يا بني، أعطينا لله أربعين دينارا، فأعطانا الله أربعة آلاف دينار))(1)، ويذكر السید دستغيب أكثر من رواية تبين الفضل الدنيوي للإنفاق في الدنيا قبل الآخرة؟(2).

ص: 34


1- وسائل الشيعة: 9 / 369 - 370
2- ينظر: الذنوب الكبيرة: 2 / 150 - 152، ومن هذه الروايات ما رواه عن العالم الأخوند أنه ذات سنة من سني الغلاء كان لي قطعة أرض قد زرعتها شعيرًا، ومن باب الصدفة وعلى خلاف سائر المزارع الأخرى أينع الشعير ونضج وأصبح جاهزا للحصاد وكان كل الناس يعانون = = من الضيق والجوع، شعرت بحزن عميق فقررت ترك الشعير وذهبت الى المسجد ونادیت: لقد تركت شعيري بشرط أن لا يأخذ منه إلاَّ فقير وأن لا يأخذ الفقير أكثر من قوته وقوت عياله حتىَّ يكفي الزرع، فذهب الفقراء إلى هناك وبدأوا يأخذون مؤونتهم يوما بيوم، ولم أكن أدري ما الذي يجري؛ لأني عزفت عن الذهاب إلى المكان أصلا، ولمّا نضج الزرع في سائر المزارع وأصبح الناس في رفاه، وبعد أن فرغت من حصاد سائر مزارعي قلت للحصادين أن يذهبوا إلى تلك الأرض عسى أن يجدوا فيها شيئاً، وهذا ماکان فعلا فحصدوا الشعير المتبقي وكانت النتيجة أن الحاصل من تلك الأرض كان ضعفي ما حصدته من الأراضي الأخرى، فإضافة الى أن أخذ الفقراء منها لم يؤثر فيها فقد تضاعف ناتجها، وبحسب المعتاد كان من المحال أن يبقى فيها شيء والأعجب من ذلك أنه عندما حلّ الخريف وكان من المتعارف أن تُترك الأرض التي زرعت لحالها سنة ثم تزرع، فلم أزرعها وتركتها على حالها، فلم أذر فيها البذر، ولم أعالج الأرض الى أن جاء الربيع وذاب الثلج، فرأيتها خضراء أقوى من سائر الزرع والأراضي)) وقد تحيرت في أمري وقلت: لعلني اشتبهت في الأرض إلى أن جاء موسم الحصاد وكان انتاجها أضعاف انتاج سائر الأراضي: «وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» [البقرة: 261])) الذنوب الكبيرة: 2 / 151

إنَّ الإنفاق سبيل لتحقيق الكرامة الاقتصادية بين أطياف المجتمع، ولا شكّ أنّ ((الكرامة

ص: 35

الاقتصاديّة تورث الكرامة الاجتماعيّة))(1)، أي إنّه بما يحصل عليه الفقراء من أموال سيعملون به على توفير مستلزماتهم، فيغدون لذلك طبقة مثمرة في المجتمع، وهذا يقود الفقير أو المسكين إلى أن يكون إنسانا حيویًّا. أما إذا ترك الفقير من دون عَونٍ فإنَّ هذا أول التعطيل لفئة كبيرة في المجتمع، بل ربّما كان فقرُ الفقير في المجتمع سببًا لأن يقوده إلى أن يكون إنسانًا عدائيًّا، والعدوانيّة هذه تنعكس على سائر طبقات المجتمع، فانعدام الأمن يقود إلى انعدام الرزق وتوقف السوق؛ بل توقف التقدم، قال تعالى: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ» (البقرة: 126)، فقدّم الأمن على الرزق؛ لأنّ الثاني يقوم على تحقق الأول. إنَّ شیوع الأمن یعنی شیوع الحياة، وذلك لأنّ مساعدة الفقراء

ص: 36


1- السياسة من واقع الإسلام: 233

والمساكين لا تقف على الفرد المساعَد فقط؛ بل على البلد برمته، لذا وجب على البلد الذي يريد أن يكون عزيزًا مصانًا قویًّا مقدرًا وجب عليه أن يعتني بالطبقة المعدمة من الأرامل والأيتام والمساكين.

ولا ننسى أنَّ فضل إنفاق المال بالزكاة أو الخمس إنمَّا فائدته للأرض بأنهَّا ستكون معطاة، فقد روي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ((وجدنا في كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة، وإذا طففت المكيال والميزان أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الأرضُ بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلها))(1).

ص: 37


1- الكافي: 2 / 374

وهكذا الأمر مع سائر الفرائض والسنن كالحج(1) مثلا، فكلها فوائد بفوائد للفرد وللمجتمع الإسلامي، ونكتفي بهذا المقدار في تحليل قول أمير المؤمنين بوجوب ((وَاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ: مِنْ فَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ، الَّتِي لاَ يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلاَّ بِاتِّبَاعِهَا))، فهذا الشطر وحده بحاجة إلى مؤلف؛ بل إلى مؤلفات ومؤتمرات، تتمركز في بيان فضل الفرائض والسنن.

ونتحول إلى حديث آخر للإمام (عليه السلام) يعطينابه قاعدة عامة في التعامل مع الناس، وخصوصًا ممن هم تحت سيطرتنا أو تصرفنا، يعطينا قاعدة نجني في تطبيقها أكناف الرحمة فنعود نرفل بالهناء والسرور؟ هذه

ص: 38


1- فتح السيد حسن القبانجي في كتابه: صوت الامام علي (عليه السلام): 1 / 457 - 460، مبحثا لفوائد الحج النفسية والاجتماعية والاقتصادية

القاعدة تتمركز في أن نحتمل ما يصدر من تلك الطبقة الدُّنيا من خرق أو عيّ وعلينا أن لا نتضايق منهم أو أن نأنف، وعندها سنكتنف رحمة الله على مصراعيها، فها هو (عليه السلام) يقول لمالك (رضي الله عنه)، ويعني بمالك كل من يسمعه من ذوي السلطة وأنی کانت تلك السلطة، يقول (عليه السلام): ((ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِیَّ، وَ نَحِّ عَنْهُمُ الضِّیقَ وَ الْأَنَفَ، یَبْسُطِ اللَّهُ عَلَیْکَ بِذَلِکَ أَکْنَافَ رَحْمَتِهِ)(1).

فعلى المعلم أن يعي ذلك اتجاه تلاميذه، وعلى المدير أن يتسامح مع موظفيه، وكذا على الضابط أن يتفهم ذلك عند تذبذب بعض جنوده، وعلى الأب أن يتوانى عن أخطاء أبنائه بعض الشيء، ولا يكون عليهم سيفا قامعًا يزهقهم من الدّنيا

ص: 39


1- نهج البلاغة: 439 - 440

عند أدنى خطأ... وهكذا...

إنَّ هذا الفعل العلوي نتيجته أنكَّ ستنجح في عملك وينجح ممن هم تحتك؛ بل سينجح المجتمع جميعه في الآخر. بنيل رحمة الباري (يبسط الله عليك بذلك أكناف رحمته).

ويقول الإمام (عليه السلام) في بيان الأجر الدنيوي للصلح الذي يكون مدعمًا برضا الله تعالى يقول: ((وَلَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ وَلِلّهِ فِيهِ رِضًا - فإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ - وَرَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ، وَأَمْناً لِبِلَادِكَ))(1)، وهنا یبیِّنُ عاقبة الصلح المرضي لله بأنه دعة اللجنود، أي راحة لهم وتسهيل عليهم؛ بل فيه راحة الوالي و أمن البلاد، فالبقاء على الحرب نتيجته مزيد من الخسائر للمنهزم؛ بل حتىَّ

ص: 40


1- نهج البلاغة: 442

للمنتصر، وهذا يدل على سعي الإسلام المتمثل برجُلهِ الفذ أمير المؤمنين (عليه السلام) على أنهَّ إسلام الحياة والتسامح؛ فهو لم يرد الحروب إلَّا إذا أجبر عليها(1)؛ لِما للحروب من مضار ومساوئ في جميع الأحوال، فقد ثبت أنّ ((من الآثارِ النّفسيّة الّتي لا تخفى على العامّة والخاصّة من المتخصّصين لعلم النّفس والطّبّ النّفسيّ أنّ الحروب تنشر ثقافة الخوف والقلق والفرار ممّا يعطّل عند الأجيال التي تعاصر الحرب كيفيّة التّواصل مع الحياة بشكل جيّد، وقد يمتدّ التأثير لبقيّة حياتِهم فيما بعد))(2)، فكيف يكونُ الأمر إذن مع من فقدوا عزيزًا وتُرِكوا بلا مُعيلٍ ولا والٍ؟! لا شكّ أنّ هذا يُبعد الطمأنينة من قلوبهم ويبعث على التوتُّر والاضطراب، ومن المتوقّع

ص: 41


1- ينظر: السياسة من واقع الإسلام: 332
2- الدعم النفسي ضرورة مجتمعيّة: 8

((أنّ العنف الأسريِّ يزداد في ظل ظروف عدم الاستقرار))(1)، ومن هنا كانت الدعوة الى الصلح إذا اكتنف رضا الله تعالى.

نخلص من هذا أنّ الأفعال الحسنة تقود إلى حياة حسنة في الدنيا وثواب وافر في الآخرة إنها تقود الى السعادة في الدارين.

ص: 42


1- الدعم النفسي ضرورة مجتمعيّة: 8

المبحث الثاني: الآثار الدنيوية للأعمال السيئة

إنّ اقتراف الأعمال السيئة ينتج طائفة من الآثار الدنيوية الطالحة التي تعود على الفرد بالمضرة الجسيمة أعاذنا الله منها، وذلك ل((أنّ التمسك بالدين وما يرافقه من استقرار روحي ونفسي له فوائد عائليّة واجتماعية لا تحصى، وبالعكس فإنَّ الابتعاد عنه سيوقع الإنسان في مشاكل اجتماعية ونفسية وصحية وصدق الله العظيم: «ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ»(1)، (آل عمران: 182) (الأنفال: 51).

وقد مرَّ علينا النص ((أمرهُ [أي إنّ أمير المؤمنين أمر مالکًا] بِتَقْوَى اللهِ وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ - وَاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ: مِنْ فَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ -

ص: 43


1- نهج البلاغة والطب الحديث: 122 - 123

الَّتِي لاَ يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلاَّ بِاتِّبَاعِهَا - وَلاَ يَشْقَى إِلاَّ مَعَ جُحُودِهَا وَإِضَاعَتِهَا))(1)، أي إنّ الشقاء كلَّ الشقاء یکون مع ترك الفرائض والسنن، فإذا كنَّا رأينا الصلاة قوة للنفس وللإرادة وللحياة السليمة، ورأينا الصوم مصدر السلامة النفسية والفكرية والصحية، فإنّ عكس ذلك يعني الضياع في مستويات حياتية متعددة، بل لا يقف الأمر على تارك الصلاة فهناك مضار حتى لمن تهاون بصلاته، ذكرها النبي المصطفی (صلی الله عليه وآله) بکلامه، فقد روي ((عن سيدة النساء فاطمة ابنة سيدة الأنبياء (صلوات الله عليها) وعلى أبيها وعلى بعلها وعلى أبنائها الأوصياء أنها سألت أباها محمدا (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا أبتاه ما لمن تهاون بصلاته من الرجال والنساء؟ قال: يا فاطمة من تهاون بصلاته من

ص: 44


1- نهج البلاغة: 427

الرجال والنساء ابتلاه الله بخمس عشرة خصلة: ست منها في دار الدنيا، وثلاث عند موته، وثلاث في قبره، وثلاث في القيامة إذا خرج من قبره. فأمَّا اللواتي تصيبه في دار الدنيا: فالأولى يرفع الله البركة من عمره

ويرفع الله البركة من رزقه

ويمحو الله (جل جلاله) سيماء الصالحين من وجهه

وكل عمل يعمله لا يؤجر عليه

ولا يرتفع دعاؤه إلى السماء

والسادسة ليس له حظ في دعاء الصالحين))(1)، واكتفينا بالآثار الدنيويّة التزامًا بمطلب البحث الذي يصب على الآثار الدنيويّة.

ص: 45


1- بحار الأنوار: 80 / 22

نعم لقد تبينت العواقب السيئة للمرتکب سواءً من القرآن الكريم نفسه، فقد قال تعالى: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ» (الشوری: 30)، وقد أكد القرآن ذلك في غير موضع: «فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا» (النساء: 62) وجاء أيضا: «وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» (القصص: 47).

إنَّ الأعمال السّيئة بصورة عامّة مصدر التّعاسة والشقاء، ولا سيّما الأمر مع سفك الدماء، فهي سبب ضياع الإنسان، يقول الإمام علي (عليه السلام) في عهده للأشتر (رضوان الله عليه): ((إِيَّاكَ وَالدَّمَاءَ وَسَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا - فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى لِنِقْمَةٍ وَلاَ أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ وَلاَ أَحْرَى

ص: 46

بِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَانْقِطَاعِ مُدَّةٍ - مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا - وَاللهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِىءٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْعِبَادِ - فِيَما تَسَافَكُوا مِنَ الدِّمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامةِ - فَلاَ تُقَوِّيَنَّ سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ - فَإِنَّ ذلِكَ مِمَّا يُضْعِفُهُ وَيُوهِنُهُ، بَلْ يُزيِلُهُ وَيَنْقُلُهُ))(1)، فنقمة الله على القاتل تكون في الدنيا قبل الآخرة، يعيش مهموماً زائل النعمة حتَّى إذا كان سلطانا متسلطًا فإن ذلك مما يُضعف سلطانه، وليس مثلا يتصور بعضهم أنّه بفعله هذا يدیم ملکه، نعم قد يستقيم له الأمر بعض الشيء، ولكن ليس إلى الأبد، فوليّ صاحب الدم لن يسكت عن دمه، والله لن يقبل بذلك الفعل الشنيع، فربما أمهل لكنَّه لا يُهمل. وإذا قرأنا التاريخ رأينا أنَّ الذين تورطوا بالدماء أنَّ أغلبهم لم يخرج من الدنيا إلا وهو يرى نفسه بأم عينه معروضة

ص: 47


1- نهج البلاغة: 443

لسفك الدماء، خذ ما حدث مع قتلة الإمام الحسين (عليه السلام)، أو ما حدث مع الحجاج (لعنه الله) الذي عرف بشغفه بسفك الدماء، خذ ما حدث مع ابن الزيات... والقائمة تطول.

نتمنى أن يدرك الناس مغزى ذلك في هذا العصر في وقت شاعت فيه الاقتتالات العشائريّة فيما بينها في كثير من الأماكن بسبب ضعف العامل الديني، وكأنهم نسوا أنَّ القتل لا يحرمهم من نعيم الآخرة فقط؛ بل حتی يبعد عنهم الرفاه في الدنيا لتؤول عاقبتهم في الآخر إما إلى التعاسة، وإما إلى مثل ما ارتكبوه وهو (القتل).

ومن الآثار الدنيوية للأعمال السيئة ما جاء في (التكبر) في قوله (عليه السلام) الذي يجسد أنّ على الإنسان أن يعرف حقيقة نفسه، وأن يتعامل بها بالشيء الذي أراده الله تعالى لها، وهو

ص: 48

العبودية لله تعالى، أما إذا أعطاها أكبر من شأنها فإنَّه قد وضع قدمه في الطريق الخاطئ، وعرضها للمهالك والهنات، وختم عاقبته بالفشل والمهانة، يقول الإمام (عليه السلام): ((إياك ومحاماة الله في عظميه والتشبه به في جبوتيه - قلا الله ي گل جبار ويهي گل مختاير))(1)، هذه الرسالة لكل من تجبّر، لكل من تسنم منصبًا ونسيَ حقيقة نفسه، وراح يتكبر ويتعالى ويختال على الآخرين، إنَّ من كان كذلك فالذلة والمهانة سبيله. قد تقول لي إن هذا بالآخرة فقط، والجواب إنَّا لو فتّشنا التاريخ لرأينا الأغلب فيه كانت الذلة في الدنيا قبل الآخرة.

زد على ذلك إنَّ تكبره يحرمه من الإدارة النّاجحة ويمنعه من التصرف الصحيح بسبب خيلائه وتغطرسه(2).

ص: 49


1- نهج البلاغة: 428
2- ينظر: إدارة الذات: 45 - 46

ومن الأمور السيئة التي أبان الإمام (عليه السلام) عاقبتها الدنيوية (حبّ المدح بغير محله)، فالنفس تستطيب لكثرة المدح بما يخالف الفطرة السليمة؛ مع أنَّها إذا مُدِحت جرَّبها هذا إلى الزهو والفتور عن أخطائها، يقول الإمام علي (عليه السلام): ((وَالْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَالصِّدْقِ - ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلاَّ يُطْرُوكَ - وَلاَ يَبْجَحُوكَ بِبَاطِل لَمْ تَفْعَلْهُ - فَإِنَّ کَثْرَةَ الاِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ، وَتُدْنِي مِنَ الْعِزَّةِ))(1)، وهذه القاعدة للأسف قليلة الاستعمال جدًّا في أمتنا، فأكثر المتسیّدین قد شجّعوا على أن يُقال فيهم كلَّ ثناء، وبذلوا لذلك الأموال الكثيرة حتى رأينا الآن أن شعر المديح قد كان هو السائد، وانعكس هذا على الأمة جمعاء؛ إذ صارت الأمة الإسلامية ترفل بحکام مزهوین مغرورين، وقد جرّهم هذا الخلق السيئ إلى عدم

ص: 50


1- نهج البلاغة: 430

إدارة الأمة بصورة جيّدة.

ومن الأخطاء التي تجرُّ إلى تدهور الإدارة على جميع الأصعدة - وكان قد حذَّر منها أمير المؤمنين (عليه السلام) - المساواة بين المُتباينين في قيمة عملهما، وهذا يعني دمار العمل بصورة عامة؛ إذ سيميل ذلك المجد إلى التواني إذا رأى أنّ مجهوده يضيع سدًى أمامَ مديره، وأنّه قد تساوی مع ذلك المهمل، أمّا ذلك المهمل فإنّه سيتجاسر على توانيه ويزداد في إهمالهِ؛ لأنّه لم يرَ أيّ نقدٍ أو عقوبةٍ؛ بل رأي تساويه مع المجدّ. والحقيقة أنّ هذا الأمر تفشَّى في وقتنا الحاضر حتى أنَّك ترى كثيرًا من الموظفين أسوأ من الفايروس بسبب تخاذلهم، ليس همهم إلا راحتهم وقبض رواتبهم. نتمنى أن يكون هناك حساب للجميع وفي المجالات كافة، وأن يكون التقييم لأجل الناتج لا لأجل المحاباة التي عجَّ بها بلدنا في الوقت

ص: 51

المعاصر، هذه النصيحة بينها أمير المؤمنين في لآلي كلماته بقوله: ((وَلَا یَکُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَالْمُسِیءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَهٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِی ذلِكَ تَزْهِیداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِی الْإِحْسَانِ وَتَدْرِیباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَهِ عَلَی الْإِسَاءَهِ وَأَلْزِمْ کُلاًّ مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ))(1).

هذا ما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام) فأين أتباعه؟ يجب أن يكون الأَتباع في النهج والعمل لا في الإِدعاء فقط.

ومسألة أخرى يبينها أمير المؤمنين (عليه السلام) في رحاب تجنب المخاطر، وهي أنّ على الجميع عمارة الأَرض والاهتمام بذلك أكثر من الخراج(2)، يقول سيد الأوصياء: ((وَلْیَکُنْ نَظَرُكَ فی عِمارَةِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فی اسْتْجلابِ

ص: 52


1- نهج البلاغة: 430 - 431
2- يرادف الخراج الآن في الوقت المعاصر الضرائب

اْلَخَراجِ، لِأَنَّ ذلِكَ لَا یُدْرَكُ إِلَّا بِالْعِمَارَهِ، وَمَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَیْرِ عِمَارَهٍ أَخْرَبَ الْبِلَادِ، وَأَهْلَكَ الْعِبَادَ، وَلَمْ یَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِیلاً.)).

إنَّ التأكيد على الخراج (الضرائب) فقط تؤول عاقبته إلى دمار تلك البلاد، ولابُدَّ من عمارة الأَرض بصورة مطلقة: صناعة وزراعة وعمرانا... لابد من ذلك، ولكن أنّى ذلك؟! فهاهم أصحاب الشأن ونحن في بلد أمير المؤمنين (عليه السلام) (العراق) لأجل معالجة العجز في الموازنة يسعون إلى زيادة الجبايات والضرائب من أجل معالجة العجز، أي على خلاف ما نصح به أمير المؤمنين (عليه السلام). نتمنى أن يُقرَأ ذلك العهد وأن يكون له أثر في صنع عراقنا العزيز.

ومن المؤسف أنَّ أكثر شيء يُعطلّ هو

ص: 53

الزراعة وقد حثَّ عليها أمير المؤمنين (عليه السلام) في عهده، ولكنَّا نجد الفلاح في هذا الوقت أصبح يعاني من مشكلات كثيرة تتناقض مع ما أراده أمير المؤمنين (عليه السلام)، بعد أن كانت المعاملة الحسنة هي التي اكتنفته من الامام (عليه السلام)، ((وقد يذهبُ الظن ببعضهم إلى أنّ هذه المعاملة تؤثّر على ماليّة الدولة وتُضعفها، ولكن هذا الظن بعيد عن الصواب؛ لأنّ هذه الوضعيّة التي يحصل عليها الفلاح تعود على الدولة نفسها بفوائد عظيمة تُزيد في ازدهارها ورفاهيتها؛ وذلك لأنّ هذا المال يصرف في إصلاح الأرض وعمرانها، ويصرف في سد حاجات الفلاح نفسه من مسكنه وملبسه ومرافق حياته الأخرى، فيكون في ذلك تزیین للبلاد بما أتاح لها هذا المال من العمران، ويكون في ذلك شعور هذه الطبقة بالطمأنينة والرضى بما يدفعها، وهي

ص: 54

أكثر طبقات المجتمع عدداً وأعظمها انتاجا إلى المحافظة على الحكم القائم والدفاع عنه؛ لأنَّه يحفظ لها مصالحها، ولدينا شاهد من التأريخ على هذا، فقد كان نابليون الثالث (إمبراطور فرنسا) ممن حدبوا على هذه الطبقة وزعموا مصالحها وحموها من عتاة الظلمة، وأشعروا الفلاح الفرنسي أنَّه سيد أرضه، وأنَّ أمرها منوط به وحده، وقد كان موقفه هذا مما دفع بالفلاحين إلى أن يخصوه بتأییدهم دائماً لِما لَمسوه من رعايته لمصالحهم وفهمه لموقفهم))(1).

ومن الأُمور التي يؤكدها الإمام (عليه السلام) الاطلاع على أحوال الناس والعوام ومتابعة أمورهم، وأن يعيش الوالي (المسؤول) بينهم فلا يتخلف عنهم بسبب طلباتهم، وإذا ما

ص: 55


1- دراسات في نهج البلاغة: 124

أصرَّ الوالي (المسؤول) على تجنبه الناس والعيش بمعزل عنهم فهذا هو الخطأ بعينه، وهو أمر يكاد يكون شعاراً لمسؤولينا الذين غاب عن أغلبهم معاناة الناس ومشكلاتهم(1) على خلاف ما نصح به أمير المؤمنين (عليه السلام) حين يقول: ((وَ أَمّا بَعدُ فَلَا تُطَوّلَنّ احتِجَابَكَ عَن رَعِيّتِكَ فَإِنّ احتِجَابَ الوُلَاةِ عَنِ الرّعِيّةِ شُعبَةٌ مِنَ الضّيقِ وَ قِلّةُ عِلمٍ بِالأُمُورِ، وَ الِاحتِجَابُ مِنهُم يَقطَعُ عَنهُم عِلمَ مَا احتَجَبُوا دُونَهُ، فَيَصغُرُ عِندَهُمُ الكَبِيرُ وَ يَعظُمُ الصّغِيرُ وَ يَقبُحُ الحَسَنُ وَ يَحسُنُ القَبِيحُ وَ يُشَابُ الحَقّ بِالبَاطِلِ))(2)، فها

ص: 56


1- ليس هذا تجريحا وانما هو محاولة للتشخيص، فها هي عوائل الشهداء من الجيش والحشد الشعبي وهاهم الفقراء والمساكين في كل مكان وهم بحاجة إلى رعاية خاصة، ربما لانرى المسؤول على ابوابهم إلَّا قبيل الانتخابات تحوطه الكاميرات والقنوات أكثر مما يجلبه من مساعدات
2- نهج البلاغة: 441

هي الموازين تتغير لدى العوام، وتنعكس عندهم المبادئ الحقة، فيسوء ما كان حسناً ويحسن ما كان سيئاً، وذلك بسبب خطيئة احتجاب الوالي.

وقد نجد الإمام (عليه السلام) يعبر عن العاقبة السيئة للأعمال الطالحة بما يعرف بالسُّلم الحجاجي، أي تعاقب الحجج، وكل حجة لاحقة تكون أقوى من السابقة في التدليل على ارتكاب الفعل أو اجتنابه، وذلك لأجل إقناع المقابل بمراد المتكلم(1)، وذلك في قوله (عليه السلام): ((أَنْصِفِ اللهَ وَأَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَمِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ، وَمَنْ لَكَ فِيهِ هَوىً مِنْ رَعِيَّتِكَ، فَإِنَّكَ إِلاَّ تَفْعَلْ تَظْلِمْ، وَمَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللهِ كَانَ اللهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ، وَمَنْ خَاصَمَهُ اللهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ، وَكَانَ لله حَرْباً حَتَّى يَنْزعَ وَيَتُوبَ، وَلَيْسَ

ص: 57


1- ينظر: استراتيجيات الخطاب: 499 - 500

شَيْءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اللهِ وَتَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَة عَلَى ظُلْم، فَإِنَّ اللهَ سَميِعٌ دَعْوَةَ المضطَهَدِینَ وَهُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ))(1).

و لكي يقنع الإمام (عليه السلام) المتلقي بضرورة الامتثال لتعاليمه أبان أنَّه إن لم يفعلها فقد ظلم، وهذه حجة قوية في سبيل کسب امتثال المتلقي، ثمَّ تأتي الحجة الأخرى القضية الثانية بأنَّه إذا ظلم فإنّ الله سيخاصمه، وهذه حجة قوية جدًّا لأجل تحقيق امتثال المتلقي؛ فالله هو الخصيم، وهذا مدعاة للسعي في الإذعان للإمام (عليه السلام) بكلِّ ما يقوله، ثمِّ تأتي الحجة الأشد قوة بأنه لا حجة للعبد مع هذا ولا عذر، وهذا يعني تجريده من كلِّ معاذيره، ومن ثمّ تأتي الحجة الأقوى من سابقاتها ((وكان لله حربًا حتَّى

ص: 58


1- نهج البلاغة: 428 - 429

ينزع ويتوب))، فها هو معلن حربا مع الله الذي لا يقهر، أي هو خاسر مطرود مکسور لا محالة.

ثمَّ أخيرا الحجة التي تمثِّل رأس الهرم، ((وَلَیْسَ شَیْءٌ أَدْعَی إِلَی تَغْیِیرِ نِعَمِةِ اَللَّهِ وَ تَعْجِیلِ نَقِمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَی ظُلْمٍ، فَإِنَّ اَللَّهَ سَمِیعُ دَعْوَةِ اَلْمَظْلُومِینَ، وَ هُوَ لِلظَّالِمِینَ بِالْمِرْصَاد))، وهذه أكدت أن العقوبة الإلهية قريبة منه جدا، وكذلك فإنَّه قريب من ((أَدْعَی إِلَی تَغْیِیرِ نِعَمِةِ اَللَّهِ))؛ لأنَّ الإنسان قد يخرج من سبيل الله، ويجحد الآخرة، فيكون تخويفه من العذاب الدنيويّ أشد عليه، خصوصا اذا هدد بتغيير النعمة، فهذا مدعاة إلى تنبيهه.

ونودُّ أن نشير إلى أنَّ الإنسان إذا أمن العقاب الدنيوي ازداد تغطرسه على ما فيه من تغطرس فكان إرسال العذاب الدنيوي له عسی

ص: 59

أن يتذكر ويعود إلى جادة الحق، قال تعالى: ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) (الروم: 41)، ولا ننسى قول الإمام (عليه السلام) السابق؛ إذ ختم ب (وكان الله حربا حتَّى ينزع ويتوب)، فالغاية هي الرجوع الى التوبة، ومن هذا فحتَّى العذاب الدنيوي الذي يصيب الإنسان المتغطرس إنَّما هو سبب لعدم تماديه في الغطرسة ورغبة في عودته للحقِّ من جهةٍ أخرى.

ص: 60

الخاتمة

لقد كشف البحث عن تنوع الآثار للأعمال الصالحة وتوسعها إلى درجة يغدو القيام بالعمل الصالح أمراً محتماً لما فيه من خير وفير، وتجوزاً نقول تصبح قضية لا بد من أدائها حتى لو لم يكن هناك أجراً أخرويا، فالأثر المنال في الدنيا يحتِّمُ على كلَّ عاقل أن لا يغضّ الطرف عنه فكيف إذا كان الأجر ينتظره نعیم أبدي لا يفنی؟!

وقد أثبت البحث في عمومه أن سعادتنا جزء من أفعالنا، وتعاستنا تكون في الأَغلب بسبب من أخطائنا، ولقد تبين أن من الأفعال الصالحة التي نقوم بها ما يعود بالإيجاب على حياتنا الاجتماعية والفكرية والنفسية والصحية...

وقد تأكد فيما سبق عظمة انتهاج الإسلام

ص: 61

وتعاليمه، وعظمته في دفع الإِنسان على بناء الحياة السليمة السعيدة، وليس صحيحاً تلك الادعاءات التي شنت هجوماتها عليه(1)، وذلك

ص: 62


1- فقد ((کتبوا مئات الكتب ضد الإسلام... ولا زالوا يظهرون الأمر كذلك على أنَّ الإسلام قد انتهى وأفكاره أصبحت قديمة)) [الإسلام لماذا: 392]، وينظر: الأمة الإسلامية آلام وآمال (بحث منشور): 570، ويمكن التأمل في النشيد الطلياني في التحريض على قتال المسلمين ومحو القرآن، وقد ذكره الأمير شكيب أرسلان في كتابه - لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدّم غيرهم -: 57 - 58، ومنه ((يا أماه... ألا تعلمين أن إيطالية تدعوني، وأنا ذاهب إلى طرابلس فرحًا مسرورًا لأبذل دمي في سحِق هذه الأمة الملعونة، ولأحارب الديانة الإسلاميّة التي تجبر البنات الأبكار للسلطان، سأقاتلُ بكلِّ قوةٍ لمحوٍ القرآنٍ... وإن لم أرجع فلا تبكي على ولدكِ...، وإن سألكِ أحدٌ عن عدم حدادكِ عليّ فأجيبيهِ إنّهُ مات في محاربةِ الإسلام))، فإذا كانت هذه نظرتهم إلينا، فينبغي نشر علومنا الحقة تأليفًا وترجمة فضلًا عن إشاعة النّهج السّماوي في طبائعنا کي ندحض ادعاءاتهم، وربّما نجد اليوم داعش تجسيدًا لما يقولونه عنّا وما يفعله زعيمهم أبو بكر البغداديّ من تجسيد (تجبر البنات الأبكار للسلطان)، فها هو إلَّا من نتاج أعداء الإسلام بطريقةٍ أكثر مکرًا

اذا انتهجنا بنهج رجالاته الحقيقيين فبهم يمكننا أن نضع أقدامنا على الطريق الصحيح، ويكون ذلك باستذكار سيرتهم (عليهم السلام) وامتثالها وانتهاج اقوالهم نبراسًا في تصحيح المسار.

إنَّ المناهج النبيلة تخلق بلدًا نبيلًا؛ ليكون الجيل القادم واضعًا أقدامه في طريق النجاح والفلاح في كلَّ شيء، وقد ((سُئِل أحد السياسيين رأيه في مستقبل الأمة فقال: ضعوا أمامي مناهجها أنبئكم بمستقبلها))(1).

وفي الختام نسأل الله القبول والمغفرة، والتوفيق إِلى مرضاته

ص: 63


1- الموجه الفني: 35

قائمة المصادر والمراجع

أولا: القرآن الكريم

ثانيًا: الكتب

1. إدارة الذات، سلام الحاج، جَدي(1) للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، ط 1، 1433 ه - 2012 م.

2. الأساليب التربوية عند أئمة أهل البيت (علیهم السلام)، السيد أبو هشام عبد الملك الموسوي، دار الزهراء، قم - إيران، ط 1، 1327 ه.

3. استراتيجيات الخِطاب (مُقاربة لُغويّة تَداوُليّة)، عبد الهادي بن ظافِرِ الشِّهريّ

ص: 64


1- هذه کتابتها في العربي، ولكنها كتبت على غلاف الكتاب بالانجليزي: jady

دارُ الكُتُبِ الوَطنيّة، بنغاري - ليبيا، ط 1، 2004م.

4. أسرار العبادات، كاظم الحسيني الرشتي، تح: صالح أحمد الدبّاب، منشورات مكتبة الأوحد، قم، ط 1، 1426 ه - 2005 م.

5. الإسلام لماذا، د. علي القائميّ، تر: د. سلمان الأنصاري، دار النبلاء، بيروت - لبنان، ط 1، 1423 ه - 2002 م.

6. الإسلام يقود الحياة، السيد محمد باقر الصدر، مكتبة الكلمة الطيبة، بغداد، ط 1، 1432 - 2012 م.

7. بحارُ الأنوارِ الجامعةِ لدُرِر أخبار الأئمَّةِ الأطهار، الشّيخ مُحَمَّد باقر المَجلسيّ (ت 1110 ه)، دار إحياء التُّراث العَرَبِيّ،

ص: 65

بیروت لُبنان، ط 3، 1403 ه - 1983 م.

8. البيانُ والتَّبيين، أبو عُثمان عمرو بن بَحر الجاحِظ (ت 255 ه)، تح: عبدالسّلام مُحَمَّدهارون، مَكتبة الخانجي، القاهرة، ط 7، 1417 ه - 1998 م.

9. دراسات في نهج البلاغة، الشيخ محمد مهدي شمس الدين، تح: سامي الغريريّ، مؤسسة دار الكتاب الإسلاميّ، مطبعة ستار، قم، ط 1، 1428 ه - 2007 م.

10. الدعم النفسي ضرورة مجتمعيّة، د. مرسلینا حسن شعبان، إصدارات شبكة العلوم النفسية العربيّة، 2013 م.

11. الدين الإسلاميّ - بحث في الأصول والمبادئ، العلامة السيد حسن علي

ص: 66

القبانجي، تح: مؤسسة إحياء التراث الشيعيّ، منشورات بقية العترة، النجف الأشرف، ط 1، 1426 ه.

12. الذنوب الكبيرة، السيد عبد الحسين دستغیب، تعريب: علي محمد زین، دار البلاغة، بيروت - لبنان،، ط 6، 1434 ه - 2013 م.

13. السعادة في الإسلام، السيد وسام عبد الله العامليّ، مطبعة الأميرة، بيروت - لبنان، ط 1، 1428 ه - 2007 م.

14. السنة النبوية والطب الحديث، د. صادق عبدالرضا علي، دار المؤرخ العربي، بيروت - لبنان، ط 1، 1421 ه - 2000 م.

15. السياسة من واقع الإسلام، السيد صادق الحسيني الشيرازي، مؤسسة المجتبی

ص: 67

للتحقيق والنشر، بيروت - لبنان، ط 4، 1424 ه - 2003 م.

16. صوت الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة، السيد حسن علي القبانجي، مؤسسة إحياء التراث الشيعي، النجف، ط 1، 1426 ه.

17. الفاخر في الأمثال، المُفضل بن سلمة الضّبّيّ (ت 291 ه)، تح: مُحَمَّد عثمان، دار الكُتُب العِلمِيَّة، بيروت - لُبنان، ط 1، 2011 م.

18. فلسفة الصلاة، الشيخ علي الكوراني، دار الزهراء، بيروت - لبنان، ط 6، 1405 ه.

19. الكافي، الشيخ الكليني (ت 329 ه)، تح: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية - طهران، ط3 ، 1388

ص: 68

20. المجازاتُ النَّبويّة، الشَّرِيف الرَّضِيّ، تح: مهديّ هوشمند، دار الحديث - قم، ط 1، 1422 ه.

21. الموجّه الفني لمدرسي اللغة العربية، عبد العليم إبراهيم، دار المعارف، القاهرة - مصر، ط 7، (د.ت).

22. نهج البَلاغة، تح: د. صبحي الصّالّح، مركز البحوث الإسلاميَّة، قم، 1395 ه.

23. نهج البلاغة والطب الحديث، د. صادق عبدالرضا علي، دار المؤرخ العربي، بيروت - لبنان، ط 1، 1424 ه - 2003 م.

24. وسائل الشيعة، الحر العاملي (ت 1104 ه)، تح: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، قم ط 2، 1414 ه.

ص: 69

ثالثاً: البحوث المنشورة

1. الأمة الإسلامية آلام وآمال، بحث للأستاذ عبد الكريم صار (باحث من السنغال) منشور ضمن کتاب: آلام الأمة الإسلاميّة وآمالها (مجموعة مختارة من المقالات والمحاضرات للمؤتمر الدولي الثالث عشر للوحدة الإسلاميّة)، إعداد سید جلال الدين ميرافائيّ، المجمع العالميّ للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة، ط 1، 1421 ه.

2. الفقر - التعريف ومحاولات القياس، د. الطيب لحيلح، و محمد جصاص، بحث منشور ضمن: أبحاث اقتصاديّة وإداريّة، العدد السابع، 2010 م.

ص: 70

المحتويات

مقدمة المؤسسة...5

المقدمة...9

المبحث الأول: الآثار الدنيويّة للأعمال الصالحة...19

المبحث الثاني: الآثار الدنيوية للأعمال السيئة...43

الخاتمة...61

قائمة المصادر والمراجع...64

أولا: القرآن الكريم...64

ثانيًا: الكتب...64

ثالثًا: البحوث المنشورة...70

ص: 71

ص: 72

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.