الاتجاهات الإصلاحية في النجف الأشرف

هویة الکتاب

د. عز الدين السيد علي خان المدني

الاتجاهات الإصلاحية في النجف الأشرف

1932 - 1945إصدار

مؤسسة مسجد السهلة المعظم

الطبعة الأولى – 1435 ﻫ .

جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم

[قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَااسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ]

صدق الله العلي العظيم

سورة هود : الآية 88

ص: 2

مقدمة المؤسسة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين أئمة الحق وهداة الخلق .الحديث عن حصن الاسلام حاضرة العلم ومعقل الفكر ومدينة الاجتهاد والتطور الفقهي والاصولي والمعرفي النجف الأشرف التي تشرفت باحتضان مرقد سيد الاوصياء الامام علي علیه السلام حديث ليس بالهين على الاطلاق لما تمتلكه هذه المدينة المقدسة من عمق روحي وتاريخي وعلمي وحضور دائم في تنوير الفكر بقواعد الدين والمبادرة بالذب عن حياض الاسلام والدفاع عن المسلمين ولقد خرجت مدرسة النجف الكبرى الالوف من الاعلام والادباء والمفكرين والاحرار والمصلحين وكان ولازال لها دور قيادي على الساحة العربية والاسلامية.

ان النجف ساعدت على حفظ التراث العربي واللغة العربية كمثيلاتها في العالم العربي كالجامع الازهر في مصر والزيتونة في تونس فقد استمرت في تدريس العلوم الدينية وعلوم اللغة العربية في حلقات داخل المدارس والمساجد في الوقت الذي كان فيه الجهل والتخلف يرمى بظلاله على البلاد العربية فالنجف منذ عهد طويل تجاوز الالف عام أصبحت معهدا للدراسات الاسلامية العالية في حقول الفقه والاصول والتفسير والفلسفة والفكر الاسلامي , وتحوي مدينة العلم النجف اعظم

ص: 3

المكتبات بما تضمه من نفائس المخطوطات وفي كافة المعارف والفنون وتدخل النجف اول مطبعة في الشرق لطبع الكتب و في 29 اذار 1910 صدر العدد الاول من مجلة (العلم) لصاحبها المصلح هبة الدين الشهرستاني احد رواد النهضة الحديثة لنشر المعارف وتنوير العقل ويشد الرحال الى النجف من اقاصي الارض لطلب العلوم والاغتراف من معارفها من كافة اقطار العالم الاسلامي وكان لجامعة النجف دور كبير في الحفاظ على اللغة العربية والتراث الاسلامي من هجمة التتريك العثمانية وقد شهدت النجف في اواخر القرن التاسع عشر بداية قوية لحركة علمية ادبية مزدهرة كان للأسر العلمية في المدينة دور كبير في تشجيع حركة العلم والادب والاصدارات كال بحر العلوم وكاشف الغطاء والحكيم وراضي ،ولتحسس علماء الدين والطبقة المثقفة النجفية لأهمية تدريس العلوم الحديثة واللغات الاجنبية كالفرنسية والانجليزية فقد قرر جماعة من الاهالي في مطلع عام 1909 بتأسيس هيئة علمية لإنشاء مدارس حديثة فكانت المدرسة(العلوية) و(المرتضوية) وقد لعبت هاتان المدرستان دورا هاما في حركة التجديد ونشر الافكار الحديثة ..وهكذا فالنجف كما يقول عنها الامام المصلح محمد حسين كاشف الغطاء نفسه:(هي تلك الدايرة التي جعلت مركزها باب مدينةالعلم فاستسقت من ينبوعه واستمدت من روحانيته وحلقت في سماء المعارف الدينية والاخلاقية والادبية حتى بلغت ما شاءت هي وما شاءت لها العناية) وكان للنجف ثقلها الروحي والديني ..وسبب هذه الطبيعة الاسلامية والعالمية للنجف تحتم عليها ان تحدد مواقفها من القضايا السياسية والاجتماعية التي تحدث في العالم الاسلامي

ص: 4

فلابد لها إذن من اعطاء رأيها فقد كان المسلمون يتوجهون الى النجف لاستطلاع رأيها الذي اتصف بكونه قريبا من المحافظة والحيطة وتتخذ قرارها بترو حذر مما أبعدها عن الانحراف والانزلاق. إن هذه المركزية التي حازتها النجف جعلت منها مثالا تتأثر به كثير من الامم الاسلامية فنجدها في عاداتها وأخلاقها وتفكيرها تحذو حذو النجف التي كان لها الاثر في نفوس تلك الامم... فقد كان لأحرار النجف في هذه الفترة دور في نشر المبادئ الدستورية والدعوة لها وكان ذلك نابعا من تأثير النخبة المثقفة في النجف بالأفكار الاصلاحية والتحررية التي جاء بها رجال حركة الاصلاح ومنهم جمال الدين الافغاني الذي لعب دورا في بث هذه الافكار خلال اقامته في النجف (1852-1856) ..واصبحت النجف مركزا للسخط السياسي ضد العثمانيين إذ لم تكن للسلطة العثمانية هيبة أو أثر فعال عليها فالنجفيون اعتبروا الحكومةالعثمانية ظالمة وغير شرعية لما تقوم به من ممارسات طائفية مقيتة وعنصرية وكانت السياسة الطائفية والاستبدادية التي تعامل بها العثمانيون سببا للنقمة على هذه السلطة.. ونتيجة لثقل النجف الديني ودورها الاصلاحي الكبير في العالم الاسلامي فما كانت من حركة الاتحاد والترقي التي قامت بالانقلاب على السلطان عبد الحميد والمجيء بأخيه محمد رشاد الا ان ترسل مندوبا عنها الى النجف (ثريا بك) في عام 1908 واجتمع في مدرسة الخليلي بأعلام النجف وزعمائها من جماعة المشروطة .. لأخذ الموافقة بتأييد النجف للاتحادين وما أطلقوه من مبادئ (العدالة والمساوة والاخاء) علما منهم بدور النجف في مناصرة الحركة الدستورية في إيران والاطاحة بالحكم الاستبدادي

ص: 5

للشاه على يد المرجع الاصولي الشيخ كاظم الخراساني ...فما كان من الحركة الاتحادية الا ان يفتحوا فرعا لحركتهم في النجف بعد فرع العاصمة بغداد .. وبعد اتضاح مأرب الاتحادين وما يبطنونه من شرور فأصبحت النجف في تلك الفترة تمور بالأفكار القومية التحررية وتنشر التراث العربي وقامت النجف بأدوار تحررية عملية لنصرة القضايا العربية والاسلامية من خلال فتاوى مقاومة المحتلين ونصرة المظلومين فعندما احتلت ايطاليا ليبيا عام 1911 ووصول اخبار الغزو الى النجف تتابعتفتاوى علماء الدين المؤيدة للشعب الليبي في مقاومته للمحتلين وكانت الاستجابة لفتاوى العلماء سريعة من الناس لتلبية نداء الجهاد وفعلا تشكلت لتنفيذ ذلك لجان عدة للدفاع وجمع التبرعات. وكان لدخول القوات البريطانية الى العراق عام 1914 الاثر الفعال في ظهور فتاوى المراجع بالتصدي للغزاة فتحشدت جحافل المجاهدين التي قادها المراجع انفسهم وقاتلوا القوات الغازية على محاور جبهات ثلاثة هي جبهة الشعيبة بقيادة المرجع السيد محمد سعيد الحبوبي ومعاونه السيد الحكيم وجبهة القرنة بقيادة السيد مهدي الحيدري وشيخ الشريعة وجبهة الحويزة بقيادة الشيخ مهدي الخالصي والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ويصف الكاتب الشيخ على الشرقي قضية الجهاد ضد الحلفاء قائلا:(إن فكرة العاملين من المجاهدين فكرة وطنية والتضحية قضية عربية وليس دفاعا عن العثمانيين وكان الاعتقاد السائد ان دولة العثمانيين قد ولت ولابد من العمل بدقة وحذر حتى لا نكون قد تخلصنا من الأفاعي ونمنا فوق العقارب اي لا نكون قد تخلصنا من الاتراك وتورطنا مع الانكليز فإننا لا نريد هؤلاء ولا أولئك بل

ص: 6

نثبت الحق السليب ونحاول بكل ما أوتينا أن نستهدف الظروف فنقدم القضية العربية الى العالم ولو بذراع واحدة )..ويؤكد الامام كاشف الغطاء قائلا:(إذكانت النجف هي العاصمة الروحية التي تلعب دورا كبيرا في مهمة الجهاد ..وتبعتها قيام اول حكومة وطنية في النجف ذات دستور ومجلس برلمان والتي تعتبر النواة الاولى للحكم الوطني ليس في العراق فحسب بل في العالم العربي والاسلامي ..وبعدها كانت ثورة النجف ضد المحتلين الانكليز..وما تبعها من قيام ثورة العشرين الكبرى التحررية من القوى الخارجية المستعمرة والتي فتحت الابواب على استقلال ليس فقط العراق بل ودول عربية اخرى تحررت من نير المحتلين ...ولازالت النجف قبلة للمسلمين تحث على التضامن الاسلامي والالتزام بالوحدة الاسلامية ونبذ الجمود والتطرف والعنف وتناهض الاستبداد والقمع وتشدد على التحرر والاستقلال والسيادة وتأخذ بنهج الاجتهاد وتحرير العقل لمواكب للحداثة والعصر وتنشد التجديد والاصلاح.

وقد وفق مؤلف هذا الكتاب لجمع ما ضمته صفحات التاريخ من معالم الاتجاهات الإصلاحية في النجف الأشرف للفترة من (1932 – 1945), وهو – كما علمنا – اطروحة تقدم بها فنال درجة دكتوراه الفلسفة في التاريخ الحديث والمعاصر.والمؤلف هو السيد عزالدين نجل الراحل آية الله السيد عبد الرسول آل السيد علي خان المدني طاب ثراه العالم الفاضل الجليل والأديب الشاعر والمؤلف القدير ومن الشخصيات العلمية والاجتماعية الكبرى, الذي جود شعرا ونثرا في المناسبات المختلفة, ونشر شعره في الصحف العراقية والعربية وشارك في المناسبات

ص: 7

النجفية, ونال عضوية جمعية الرابطة الأدبية في النجف الأشرف, ومثل المرجعية العليا في عدد من المناسبات, كما كان من أعضاء وفودها المنتخبين في العديد من اللقاءات والمؤتمرات, وهو أحد أعضاء (جماعة العلماء في النجف الأشرف ) التي تأسست بمبادرة ثلة من المجتهدين والعلماء في مقدمتهم آية الله الشيخ مرتضى آل ياسين قدس سره.

.. آملين أن نكون مجددا عبر ما قدمناه للقارئ المسلم من مطبوعات خدمة لإسلامنا العزيز، قد ساهمنا في نشر صفحات من جوانب عطاء الرسالة السمحاء ورجالها. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أحمد رزاق عبد الحمزه الجنابيمدير مؤسسة

مسجد السهلة المعظم

ص: 8

الإهداء

إلى أبي:

برغم مرور كل تلك السنين على فراقك ما زالت كلماتك الشريفة ترن في سمعي ، تحثني على بذل الجهد ومواصلة العطاء

أمي :

نبع الحنان وفيض المحبة ...

كم تمنيت أن تري غرس يدلك وهو يثمر ...

لكن القدر لم يمهلك ... فرحمك الله ...

وأنار ضريحك بقبس من نوره الكريم.

أخوتي وأخواتي :

شددت بكم أزري فكنتم نعم العون وخير السند.

زوجتي وأولادي:

صبركم الكبير زادني إصراراً وعزماً على مواصلة السير في طريق العلم .

إليكم جميعاً أقدم هذا الجهد عرفاناً ووفاءً لفضلكم.

ص: 9

نطاق البحث وتحليل المصادر

شهد الربع الأول من القرن العشرين بوادر حركة فكرية وسياسية تمثلت في اطلاق الدعوة لمقاومة الغزو الثقافي والتغلغل الاقتصادي الاوربي في العراق والوطن العربي ، من خلال نشر العديد من المؤلفات التي انتقدت الحضارة الغربية ، وحذرت من مخاطرها على المجتمعات الإسلامية ، وزاد دور المفكرين الذين تزعموا حركة الإصلاح والتجديد أهمية ؛ لأنهم أداة حاسمة في النشاط السياسي ، من خلال فتاويهم وطروحاتهم التي اسهمت في زيادة الوعي العام في العراق ، وقد اصدر الكثير منهم عدداً من المؤلفات ، من بينهم السيد هبة الدين الشهرستاني صاحب مجلة ( العلم ) التي عدت من أبرز مجلات المرحلة ، وله مؤلفات أخرى تضمنت أفكاراً تجديدية أهمها كتابه ( الهيئة والإسلام ) ، وقد حاول فيه التوفيق بين الإسلام والعلوم الطبيعية .وأصدر الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء عدة كتب أهمها كتابه (الدين والإسلام والدعوة الإسلامية) عالج فيه أسباب الأزمة التي تعاني منها الدعوة إلى الإسلام وبيّن فيه مخاطر الحضارة الغربية متمثلة بالغزو الثقافي ودعا إلى مقاومته.

لقد أصبح الدور السياسي للعلماء والمفكرين فعالاً أكدته فتاواهم الشرعية التي دعت إلى مقاومة الغزو البريطاني ، فشارك الكثير منهم فيه منطلقين من مبدأ التعبير عن موقف الإسلام المعادي للمستعمر ومقاومته ، فكان لتلك الفتاوي

ص: 10

تأثيرات قوية تأكدت من خلال استجابة العشائر الواسعة لدعوات الجهاد ، فقد أظهرت تلك الاستجابة تطور الوعي الديني لدى هذه العشائر وقدرة العلماء وفاعلياتهم في استنهاض وتفعيل هذا الجانب وتعميقه للاستناد عليه في وقت لاحق .

وقد اتضح ذلك من خلال دورهم البارز في مقاومة الاحتلال والانتداب ، والمطالبة بالاستقلال في المدة اللاحقة ، وقد تجلى دور المرجعية الدينية في النجف في توحيد موقفها في الكثير من الأحداث التي شهدها العراق وكان للعلماء دور بارز في توجيه قادة المعارضة وتوعيتهم لحجم الخطر الذي يهدد مستقبل بلادهم ، مؤكدين أهمية التصديللمشاريع التي طرحها البريطانيون حول مستقبل العراق بكل حزم ، محذرين بأن تلك المشاريع التي تمثلت بتأسيس الدولة الوطنية في ظل الانتداب ، هي مشاريع بريطانية لا تهدف إلاّ لخدمة بريطانيا ومصالحها . وقد توضح دور رجال الإصلاح في تصديهم للبريطانيين من خلال ثورة النجف سنة 1918 وثورة العشرين ، وفي معارضة الانتداب ، وبعد الاستقلال كان لهؤلاء المصلحين دور متميز في العديد من التطورات السياسية العراقية ، وقد اتضح ذلك من خلال محاولتهم اصلاح الوضع السياسي المتردي في العراق ، ففي مرحلة الثلاثينيات كان دور الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء مؤثراً أثناء حركة العشائر لسنة 1935 بوصفه مرجعاً دينياً ذا تأثير كبير على عشائر العراق في الفرات الأوسط .

ص: 11

لقد حاول رجال الإصلاح التصدي للكثير من القضايا السياسية التي شهدها العراق ، كانتفاضة مايس سنة 1941 ، وغيرها من الأحداث الأخرى ، وحاولوا معالجة العديد من القضايا الاجتماعية باعتماد الإسلام والعودة إلى أصوله بوصفه منبعاً للتجديد والاصلاح .

إن الدعوات الاصلاحية في الاتجاهين السياسي والاجتماعي قد عبرت عن رأي الكثير من الناس لكنها اصطدمت بمعارضة المحافظين ذوي النظرة الضيقة ومحدودي الثقافة كونتلك الدعوات قد اضرت بمصالحهم الشخصية وعلى الرغم من تلك المصاعب فقد عبر المصلحون عن آرائهم الإصلاحية دون خوف وهذا ما أكدته كتاباتهم ودعواتهم التي تتضح من خلال هذه الدراسة.

لقد سبقني أحد الباحثين في دراسة الموضوع ذاته في مرحلة سابقة ، فجاءت رسالة الماجستير للطالب عدي حاتم بعنوان ( حركة التيار الاصلاحي النجفي للمدة 1914 - 1932 ) .

ولأن الحقبة الزمنية التي تلت مدة تلك الدراسة كانت ملأى وزاخرة بالآراء والأفكار الإصلاحية فقد اخترتها لتكون موضوعاً لدراستي التي جاءت تحت عنوان ( الاتجاهات الإصلاحية في النجف 1932 - 1945 ) .

وقد حاولت اختيار النخبة من رجال الدين المصلحين والمصلحين الاجتماعيين مستنداً إلى مواقفهم المتميزة ودورهم الواضح في التصدي للعديد من الحالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وهذا لا يعني اغفال دور المصلحين الآخرين

ص: 12

ودعواتهم الإصلاحية من الذين توافقت دعواتهم هذه مع دعوات رجال الاتجاهات الإصلاحية الذين ذكروا في هذه الدراسة .

إن الدور الذي قام به رجال الإصلاح في النجف دور متميز تناول حقبة مهمة من تاريخ العراق الحديث والمعاصر ، وكان لهم أثر مهم في الأحداث السياسية المهمة التي شهدتها تلك الحقبة التاريخية وهذا ما دفعني إلى اختيار موضوع الدراسة فضلاً عن اغفال الدراسات الأكاديمية هذه الدراسة على وفق هذه النظرة العلمية الشاملة .

فحاولت من خلالها دراسة واقع الدعوات الإصلاحية ودور هؤلاء المصلحين في التصدي للعديد من القضايا السياسية والاجتماعية . ولم يكن ظهور هذه الاتجاهات الإصلاحية رد فعل لظروف رافقت هذا الظهور فحسب ، بل كان هناك الكثير من العوامل التي اسهمت في ظهور المصلحين ، وهذا ما ستظهره هذه الدراسة التي اقتضت خطة البحث فيها أن تضم أربعة فصول .

تناولت في الفصل الأول الخلفية الثقافية لرجال الإصلاح في النجف ، موضحاً فيه المبادئ والأسس التي بموجبها تم اختيار هؤلاء ليمثلوا الاتجاهات الإصلاحية ، مؤكداً دورالبيئة النجفية وما شهدته من تطور الحركة الفكرية فيها لكونها مقراً للحوزة العلمية والمرجعية الدينية .

أما الفصل الثاني فحاولت من خلاله تبيان آراء المصلحين في العديد من القضايا السياسية الاقليمية والمحلية كالثورة الدستورية الايرانية سنة 1906 ،

ص: 13

وحركة الجهاد سنة 1914 وثورة النجف سنة 1918 وثورة العشرين سنة 1920 .

وتضمن الفصل الثالث أهم الأحداث السياسية التي شهدها العراق بعد الاستقلال مبتدئا بحركة العشائر سنة 1935 وانتفاضة مايس 1941، مبيناً آراء الاصلاحيين ومواقفهم تجاه هذين الحدثين كما تضمن الفصل أيضاً موقف الاصلاحيين من الجمعيات والأحزاب المحلية.

وتناولت في الفصل الرابع الدعوات الإصلاحية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية ، كالتعليم والمرأة وغيرها من القضايا الاجتماعية ، كما شملت تلك الدعوات تطوير الاقتصاد العراقي من خلال تطوير الزراعة والنهوض بواقع الفلاح وتعليمه وأكدت ضرورة تحسين أوضاع العامل والارتقاء بالصناعة الوطنية وتطور التجارة لأهميتها في دعم اقتصاديات البلد .وقد توصل البحث إلى نتائج مهمة كانت الخاتمة موضعاً لها.

اعتمدت الدراسة على مجموعة من المصادر والمراجع تنوعت تبعاً لفصولها ، وقد استفدت مما توفر من الوثائق التي حصلت عليها أثناء كتابتي لرسالة الماجستير ولاسيما ملفات وزارة الداخلية وملفات البلاط الملكي ومحاضر مجلسي النواب والأعيان ، فقد غطت مرحلة مهمة من تاريخ العراق الحديث ، وأسهمت في اغناء الدراسة بمعلومات جيدة ، فقد اعانتني تلك الوثائق والتقارير الخاصة بوزارة الداخلية والبلاط الملكي من خلال متابعتها لحركة العشائر في الفرات الأوسط بشكل تفصيلي ووصفها للأحداث بشكل دقيق فاعتمدتها كمصدر رئيس

ص: 14

لمتابعة تطورات تلك الأحداث وكان لمحاضر مجلس الأعيان التي اعتمدتها بشكل كبير من خلال ما عرض فيها من دعوات تكررت لإصلاح الأوضاع بصورة عامة سواء كانت سياسية أم اجتماعية أم اقتصادية دور في إتمام هذه الدراسة .

كما أغنت الرسائل الجامعية هذه الدراسة ببعض المعلومات المهمة وأخص بالذكر رسالة الماجستير للباحث حيدر نزار التي تناول فيها دور الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء الوطنيوالقومي لما تضمنته من معلومات جيدة ، حاول فيها إبراز دور هذه الشخصية في قيادة المجتمع ودعواتها الإصلاحية في جميع الاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية .

كما اعتمدت هذه الدراسة على العديد من الصحف والمجلات التي لعبت دوراً مهماً في نشر الأفكار والدعوات الإصلاحية التي طالب بها المصلحون ، وقد تصدرت صحف النجف والهاتف هذه الدعوات ، أما المجلات فكان لمجلة النجف والاعتدال والشعاع والهاتف وغيرها دور على اعداد هذه الرسالة .

وساعدتني كثيراً الدراسات والكتب التي تناولت التاريخ السياسي والاجتماعي للمدة موضوع البحث ، وذلك لاحتوائها على معلومات مهمة تتعلق بهذه الدراسة ، فكان لكتب السيد عبد الرزاق الحسني دور مهم في دراسة تاريخ العراق الحديث ، فكتابه ( تاريخ الوزارات العراقية ) يتميز بتفصيله للأحداث السياسية ونشاطات الوزارات العراقية ويشير إلى مواقف الإصلاحيين من العلماء وموقف الوزارات وإدارة الانتداب منهم . أما كتابه الثاني ( تاريخ العراق السياسي الحديث ) فيعد مرجعاً مهماً لدراسة تاريخ العراق الحديث لاعتمادهعلى العديد من البيانات

ص: 15

الوثائق الرسمية وقد أكد فيه دور العلماء وفتاويهم في حركة الجهاد وموقفهم من ثورة النجف ، ودورهم في ثورة العشرين .

ويعد كتاب لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث لعلي الوردي بأجزائه الستة من المصادر المهمة التي اعتمدت عليها الدراسة كونه يتناول بأسلوب نقدي التاريخ السياسي والاجتماعي للعراق أبان السيطرة العثمانية، وحتى السبعينات من القرن العشرين وحاول فيه كشف العامل الديني وتأثيراته عند دراسته لحياة المجتمعات والأفراد مبرزاً دور الإسلام ومذاهبه، والمؤسسة الدينية ورجال الدين وتأثيراتهم في الحياة السياسية والاجتماعية.

كما كان للكتب التي تناولت الثورة العراقية الكبرى دور مهم في اغناء هذه الدراسة وفي طليعتها كتاب ( الثورة العراقية ) لعبد الرزاق الحسني الذي تناول فيه أسباب الثورة والنتائج المترتبة عليها ودور علماء الأمة ومصلحيها في قيادة هذه الثورة ، كما ساهم كتاب عبد الله الفياض ( الثورة العراقية الكبرى لسنة 1920 ) في اغناء هذه الدراسة وخاصة ما يتعلق بثورة العشرين ، بوصفه مصدراً مهماً يُظهر فيه دور المرجعية في قيادة الثورة وربطها بالتطوراتالفكرية والسياسية التي حصلت في العراق في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين .

وختاماً أجد أن الواجب يقضي بأن اتقدم بعظيم امتناني وفائق شكري لأستاذي الفاضل المشرف على هذه الدراسة الأستاذ الدكتور محمد هليل الجابري رئيس

ص: 16

جامعة القادسية لما اولانيه من رعاية ومتابعة واهتمام على الرغم من عظم مسؤولياته وكثرة مشاغله فله وافر التقدير والاحترام.

ص: 17

الفصل الأول : الخلفية التاريخية لنخبة من رجال الإصلاح في النجف

اشارة

اجتمعت عوامل عدة في اختيال رجال الإصلاح في النجف ، أهمها المكانة الدينية والمنزلة الاجتماعية ، فضلاً عن الخلفية السياسية ، كالاشتراك في حركة الجهاد ضد البريطانيين أو ثورة العشرين العراقية ( 30 حزيران 1920 ) وما أعقبها من أحداث على الصعيدين المحلي والقطري ، فضلاً عن التراث الثقافي الذي يعتمد الإرث العائلي . ولابد من الإشارة هنا إلى أن المجتمع النجفي ضم شرائح عديدة أبرزها جماعة العلماء وطلبة العلوم الدينية الذين جاوروا المرقد المطهر ، وأصبحوا من الفئات المؤثرة في طبيعة الحياةاليومية في مجتمع عرف بتراثه الاجتماعي المحافظ ولعل من أبرز رجال الإصلاح في النجف :

ص: 18

الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (1876 - 1954م)

هو الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء الذي ينحدر من اسرة علمية عربية عريقة(1)

ترجع ف نسبها إلى قبيلة بني مالك من قبائل العراق المعروفة ( بآل علي ) وينتهي إلى ( مالك بن الحارث الاشتر ) صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام )(2)

.كان الشيخ جعفر الكبير صاحب كتاب ( كشف الغطاء ) معروفاً بفضله وعلمه حتى آلت إليه المرجعية الدينية في النجف وتمكن من بناء أسس قوية وفاعلة جعلت من اسرته ذات تأثير كبير في مدينة النجف وغيرها لما تمتعت به من مكانة عالية ، اعتلت مرتبة التوجيه والارشاد مدة قاربت القرنين من الزمن(3).

كان لهذه الأسرة العلمية دور كبيرة في خدمة الأدب العراقي الحديث من خلال ما قدمته من ادباء وما حفظته مكتباتهم من المخطوطات القيمة(4)

، فقد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بتاريخ مدينة النجف الأشرف وبرز فيها العديد من الأشخاص الذين لعبوا دوراً مهماً في المجالات العلمية والسياسية والاجتماعية(5).

ص: 19


1- محمد حسين كاشف الغطاء : العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ، ط1 ، تحقيق : جودت القزويني ، دار بيان للنشر والتوزيع ، بيروت 1988 ، ص12 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : جنة المأوى ، ط1 ، جمع وتحقيق : محمد علي القاضي ، مطبعة شركة جاب ، تبريز 1965م ، ص15 .
3- جعفر باقر محبوبة : ماضي النجف وحاضرها ، ط1 ، المطبعة العلمية ، النجف 1955 ، ج3 ، ص183 .
4- محمد مهدي البصير : نهضة العراق الأدبية في القرن الثالث عشر للهجرة ، ط3 ، دار الرائد العربي ، بيروت 1990 ، ص20 .
5- ناجي وداعة الشريس ، لمحات من تاريخ النجف الأشرف ، النجف 1973 ، ج1 ، ص214 .

وقد برز من هذه الأسرة الشيخ محمد بن الشيخ علي بن الشيخ محمد رضا بن الشيخ موسى بن الشيخ جعفر صاحب كتاب كاشف الغطاء ومنه جاء لقبهم(1)

، لقد ولد في مدينة النجف الأشرف 1876م(2) ، في اسرة علمية دينية استطاعت أن تقدم الكثير من العلماء والمجتهدين(3)

.وقد تكفل والده الشيخ علي بتعليمه(4)

، وكان معروفاً بسعة علمه واجتهاده، قصده العديد من طلبة العلم لحضور دروسه والاغتراف من علمه.

أسهمت تلك الأجواء العلمية في بناء شخصية الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ، وسعى بكل جهد حتى أصبح من العلماء البارزين في الفقه والأصول ، وكان كاتباً متميزاً وخطيباً بارعاً ومتحدثاً بليغاً ، عرف بتأثيره الكبير على مستمعيه من المتكلمين والسياسيين(5) .تنوعت مصادر دراسته ، فلم يكتف بدراسة مقدمات العلوم من نحو وصرف ومنطق فحسب ، بل اتجه إلى دراسة العديد من العلوم كالحساب والهيأة والفلك

ص: 20


1- محمد هادي الأميني : معجم رجال الفكر في النجف خلال ألف عام ، مطبعة الآداب ، النجف ، بلات ، ص365 ، جعفر محبوبة ، المصدر السابق ، ج1 ، ص203 ؛ حميد المطبعي : موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين ، ط1 ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد 1955 ، ج1 ، ص181 .
2- علي الخاقاني : شعراء الغري (النجفيات) ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1956 ، ج10 ، ص181 .
3- منير بكر التكريتي : أساليب المقالة في الأدب العراقي الحديث والصحافة العراقية ، مطبعة الارشاد ، بغداد 1976 ، ص261 .
4- علي الخاقاني ، المصدر السابق ، ص100 .
5- محمد حرز الدين : معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء ، تعليق : محمد حسين حرز الدين ، مطبعة الأدباء ، النجف الأشرف 1964 ج2 ، ص272 .

والفلسفة وعلم الكلام(1) ، كما استفاد من دروس الشيخ محمد بخيت أحد أبرز علماء الجامع الأزهر الذي عرف بسعة المعرفة وقابلية فكرية متميزة(2) .

وفي الوقت الذي كان فيه الشيخ يأخذ علومه من كبار علماء زمانه كانت له حلقة دراسية ، يديرها بما عرف عنه من اسلوب متميز وطريقة تدريس واضحة تعكس اطلاعه وقابليته في التعبير عن آرائه بحرية معتمداً الحوار الهادف المعزز بالبراهين والأدلة المنطقية(3) .

وجدير بالذكر هنا أن البيئة الفكرية لمدينة النجف الأشرف قد اسهمت بشكل فاعل بصقل شخصيته ، لما تميزت به من حركة فكرية وثقافية نتيجة توافد الأفكار الحديثة التي أثرت على النخبة المثقفة فيها ، إذا اسهمت المجلات التي صدرت في كل من مصر وسوريافي تكوين نهضة فكرية مهدت لظهور أدباء وكتّاب اهتموا بتمجيد تراث الأمة العربية وتاريخها العريق(4) ، فكان من تراثه رده الواضح على تلك الكتابات التي ظهرت في بعض المجالات مستخدماً الأدلة المنطقية(5)

. وعدت كتاباته عن البابية والبهائية مرجعاً لكل الباحثين والدارسين لتاريخ هذه الفرق(6)

.

ص: 21


1- محمد حسين كاشف الغطاء : جنة المأوى ، ص24 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : الآيات البينات في قمع البدع والضلالات ، المطبعة العلوية ، النجف 1926م ، ص5 .
3- علي الخاقاني ، المصدر السابق ، ص10 ؛ محمد حسين كاشف الغطاء : جنة المأوى ، ص26 .
4- علي كاشف الغطاء : سعد صالح في مواقفه الوطنية 1920 - 1950 ، مطبعة الراية ، بغداد 1989 ، ص44 .
5- محمد حسين كاشف الغطاء : التوضيح في بيان ما هو الانجيل وما هو المسيح ، مصر 1912 ، ج1 ، ص5 .
6- لمعرفة المزيد عن هذه الفرق ينظر محمد حسين كاشف الغطاء : الآيات البينات ، ص3 وما بعدها .

ولابد من الإشارة هنا إلى أن الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء تأثر بالكثير من النظريات الفكرية الحديثة ، وأفكار النهضة الأوربية التي لا تتقاطع كلية مع الدين الإسلامي(1) . واستفاد كثيراً من دراسته للتاريخ الإسلامي لما فيه من عبرة وموعظة ، فضمن خطبه أمثلة تاريخية صادقة وأثر على سامعيه(2) .وكان لرحلاته أثر في تنوع مصادر دراسته وسعة معرفته من خلال ما توفره له من لقاءات بالعديد من العلماء والمفكرين في البلدان التي زارها ، فقد التقى العديد من الوطنيين السوريين واللبنانيين كأحمد عارف الزين والشيخ أحمد طباره وعبد الكريم الخليل وغيرهم ، فضلاً عن مشاركته وتأييده لمواقفهم الوطنية وتجلى ذلك فيما كتبه من مقالات في الصحف السورية تمجد تلك المواقف(3)

.

وعند زيارته لفلسطين أثناء انعقاد المؤتمر الإسلامي في القدس (1931م) التقى بعدد من الشخصيات التي مثلت بلدانها فيه أمثال الشيخ نعمان الأعظمي ومحمد بهجت الاثري ، ومحمد رشيد رضا وآخرين، وكانت التكية التجارية التي تقع بجوار المسجد الاقصى مقراً لإقامته(4).

ص: 22


1- محمد حسين كاشف الغطاء : الدين والإسلام والدعوة الإسلامية ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت ، بلات ، ج2 ، ص450 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : تحرير المجلة ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1940م ، ص166 .
3- محمد حسين كاشف الغطاء : محاورة الامام المصلح مع السفيرين البريطاني والأمريكي في بغداد ، ط2 ، الطبعة التجارية ، بوينس آيرس 1955 ، ص39 .
4- المصدر نفسه ، ص40 - 41 .

وكان لحضوره دور فعال في انجاح المؤتمر من خلال دعواته للمسلمين إلى وحدة الكلمة والصف ونبذ التعصب الطائفي(1)

، وكان يتلقى الدعوات لزيارة البلدان العربية والإسلامية، فعند زيارته لإيران سنة 1932 دعا إلى التمسك بالمبادئ الإسلامية وعدم الانجراف بتيار الحضارة الغربية(2)

، وتكررت تلك الدعوات أثناء زيارته للباكستان وحضوره فعاليات المؤتمر الإسلامي المنعقد فيها سنة 1952(3) .

لقد وضع الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء العديد من المؤلفات حصلت على شهرة واسعة بينها(4) :-

1. الدين والإسلام أو الدعوة الإسلامية(5).

2. التوضيح في بيان ما هو الانجيل ومن هو المسيح(6).

3. المراجعات الريحانية(7) .

4. الآيات البينات في قمع البدع والضلالات(8).

5. أصل الشيعة وأصولها(9) .

ص: 23


1- محمد حسين كاشف الغطاء : في السياسة والحكمة ، دار البلاغة ، بيروت 1982 ، ص14 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : جنة المأوى ، ص48 .
3- محمد حسين كاشف الغطاء : محاورة بين السفيرين ، ص58 - 60 .
4- الهاتف ، ( جريدة ) ، العدد 268 ، السنة السابعة ، 20 آيار 1941 ؛ الغري ( مجلة ) ، العدد 3 ، السنة الخامسة عشرة ، الثلاثاء ، 22 كانون الأول ، 1953 ، ص14 ؛ العرفان ( مجلة ) ، ج19 ، كانون الأول ، 1912 ، ص50 .
5- محمد حسين كاشف الغطاء .
6- محمد حسين كاشف الغطاء .
7- محمد حسين كاشف الغطاء : المراجعات الريحانية ، المطالعات والمراجعات ، ط2 ، المطبعة الأهلية ، بيروت 1913 .
8- محمد حسين كاشف الغطاء .
9- محمد حسين كاشف الغطاء : أصل الشيعة وأصولها ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1955 ، ص8 .

6. الفردوس الأعلى(1) .

7. الميثاق العربي الوطني(2).

8. جنة المأوى(3) .

9. في السياسة والحكمة(4) .10. المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون(5).

11. محاورة الامام كاشف الغطاء مع السفيرين البريطاني والأمريكي في بغداد(6) .

12. خطب الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء(7).

13. العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية(8).

14. السياسة الحسينية(9) .

15. الأرض والتربة الحسينية(10).

ص: 24


1- محمد حسين كاشف الغطاء : الفردوس الأعلى ، ط1 ، جمع وتعليق : محمد علي القاضي ، مطبعة شركة جاب ، تبريز 1960 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : الميثاق العربي الوطني ، ط1 ، تعليق : عبد الغني الخضري ، مطبعة الغري ، النجف 1938 .
3- محمد حسين كاشف الغطاء .
4- محمد حسين كاشف الغطاء .
5- محمد حسين كاشف الغطاء ؛ محمد حسين كاشف الغطاء : جنة المأوى ، ص5 وما بعدها .
6- محمد حسين كاشف الغطاء .
7- محمد حسين كاشف الغطاء : الخطب ، جمعها : عبد الحليم كاشف الغطاء ، مطبعة القضاء ، النجف 1966 .
8- محمد حسين كاشف الغطاء .
9- محمد حسين كاشف الغطاء : السياسة الحسينية ، مطبعة الغري ، النجف 1951 .
10- محمد حسين كاشف الغطاء : الأرض والتربة الحسينية ، ط4 ، مطبعة دار النشر والتأليف ، النجف 1953م .

16. الوجيز في الفقه(1) .

17. تحرير المجلة(2) .18. سؤال وجواب في الفتاوى الفقهية(3).

19. تعليقات على العروة الوثقى(4).

فضلاً عن العديد من الكتب التي لم يتسع المجال لذكرها والمخطوطات التي ما زالت محفوظة عند نجله الشيخ شريف كاشف الغطاء.

ص: 25


1- محمد حسين كاشف الغطاء : الوجيز في الفقه ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1926 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : تحرير المجلة ، الأجزاء 1 ، 2 ، 3 ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1940 .
3- محمد حسين كاشف الغطاء : سؤال وجواب في الفتاوى الفقهية ، النجف 1931 .
4- محمد حسين كاشف الغطاء : تعليقات على العروة الوثقى ، المطبعة المرتضوية ، النجف ، بلات .

الشيخ محمد جواد الجزائري (1881 - 1959م)

هو محمد جواد بن الشيخ علي بن الشيخ كاظم بن الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن الشيخ أحمد الجزائري مؤلف كتاب آيات الأحكام(1).

ولد في اسرة علمية تميزت بالعلم والفضل والأدب وتنتسب هذه الأسرة إلى قبيلة بني أسد الذين سكنوا منطقة الجزائر في الجبايش على الفرات بالعراق ثم سكنوا مدينة النجف في القرن السادس عشر الميلادي(2).

ساهمت هذه الأسرة العربية بنشر العلم والمعرفة من خلال رجالها الذين كانت لهم مواقف مشهودة في خدمتهم للوطن والمجتمع ، وكان لهم في الأدب آثار متعددة شملت علوم اللغة العربية والعلوم الدينية(3).

ولقد الشيخ محمد جواد في محلة العمارة بمدينة النجف الأشرف(4)

سنة 1881م التي كانت مقسمة إلى أربع محلات هي ( محلة البراق ومحلة المشراق ومحلة الحويش ومحلة العمارة ) وكانت المحلة الأخيرة موطن جل الأسر العلمية ، فيها مدارسهم ومساجدهم ، فكان فيها مسجد آل الجزائري ومكتبتهم ومقبرتهم(5).

ص: 26


1- محسن الأميني : أعيان الشيعة ، مطبعة الانصاف ، بيروت 1955 ، ج46 ، ص224 ؛ ناجي وداعة الشريس : أنساب العشائر العربية في النجف الأشرف ، ط1 ، مطبعة الغري الحديثة ، النجف 1975 ، ص173 .
2- علي البهادلي : المجاهد الشيخ محمد جواد الجزائري ، الموسم ( مجلة 1 ) ، العدد 8 ، 1990 ، ص510 .
3- جعفر باقر محبوبة ، المصدر السابق ، ج2 ، ص81 - 88 - 96 .
4- علي الخاقاني ، المصدر السابق ، ج7 ، ص350 .
5- محمد جواد الجزائري : حل الطلاسم ، ط3 ، دار الكتب ، بيروت 1970 ، ص7 ؛ محمد جواد الجزائري : ديوان الجزائري ، ط1 ، مؤسسة خليفة للطباعة ، بيروت 1970 ، ص6 .

نشأ الشيخ محمد جواد في كنف شقيقه الأكبر الشيخ عبد الكريم الجزائري(1)

الذي يعد من أبرز علماء مدينة النجف ، الذين كان لهم دور بارز ومؤثر في قضايا العراق السياسية ،فضلاً عن تأثيرات البيئة النجفية التي كانت تشهد نهضة فكرية وأدبية ، فكان لها الدور المؤثر في الأحداث السياسية المهمة التي تعرضت لها الأمة العربية والإسلامية ، تمثل بالفتاوي التي اصدرها العلماء للجهاد ضد المستعمرين(2).

كل هذه الأحداث اسهمت في تكوين شخصية الشيخ محمد جواد وبلورت وعيه السياسي ، لذلك أسس احدى التنظيمات السياسية المهمة في تاريخ العراق الحديث عرف باسم ( جمعية النهضة الإسلامية )(3) سنة 1917 ، والتي كانت تعمل بنشاط لطرد البريطانيين من العراق .

لقد كان لتلك الجمعية الدور الرئيس في مقاومة المحتلين ، فكانت ثورة النجف سنة 1918 باكورة أعمالها(4) ، وبعد فشل الثورة تم إلقاء القبض على محمد

ص: 27


1- حسين علي محفوظ ، العالم والفقيه ، الأديب الشاعر ، المجاهد الثائر محمد جواد الجزائري ، ملخص سيرته وآثاره ، بحث في الذكرى السنوية الأربعين ، مطبعة النبراس ، مركز دراسات الكوفة ، النجف 1988 ، ص3 - 5 وما بعدها .
2- عبد الستار شنين علوة الجنابي : تاريخ النجف السياسي ، 1921 - 1941 ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة الكوفة 1997 ، ص14 - 22 .
3- عبد الله فياض : الثورة العراقية الكبرى سنة 1920 ، مطبعة الارشاد ، بغداد 1963 ، ص184 - 185 .
4- جمال وميض عمر نظمي : الدذرو السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة الاستقلالية في العراق ، بيروت 1984 ، ص123 .

جواد الجزائري وحكم عليه بالإعدام ثم استبدل بالنفي بعد أن تدخل السيد محمد تقي الشيرازي(1) .تمتع الشيخ محمد جواد بمؤهلات علمية وثقافية أهلته لممارسة مهنة التدريس فكان استاذاً بارعاً في علوم اللغة العربية ، ولاسيما في علم النحو ، فقد كان متضلعاً فيه وله آراء معروفة تمثلت في رده على نحاة مصر بشأن قضية تبسيط هذه المادة وتسهيلها للدارسين(2) .

كما درّس مادة الفقه والأصول ومادة الفلسفة ، وكان في طريقة تدريسه يستعمل اللغة العربية الفصحى كأسلوب متميز في التعليم(3).

تميز الشيخ محمد جواد بالحس الأدبي والعلمي فكانت له العديد من المشاركات في اغناء الصحف والمجلات التي كانت تصدر في عموم العراق بمواضيع عامة شملت جميع مناحي الحياة ن سواء أكانت علمية ثقافية أم سياسية ، بل وصلت مشاركاته إلى لبنان وصحافتها ، وله أيضاً موضوعات نشرت في احدى صحف الهند(4).

ص: 28


1- جعفر الخليلي : هكذا عرفتهم ، بغداد 1963 ، ج4 ، ص122 ؛ عبد الرزاق الحسني : ثورة النجف بعد مقتل حاكمها مارشال ، ط4 ، مطبعة العرفان ، صيدا 1982 ، ص80 .
2- محمد جواد الجزائري : الديوان ، ص9 .
3- المصدر نفسه ، ص9 .
4- كاظم محمد علي شكر : مختارات من حياة العلامة الجزائري في ضمن ، البطل محمد جواد الجزائري ، محسن محمد محسن ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت 2000م ، ص73 .

وقد أهلته هذه الخلفية الثقافية لأن يكون له في التأليف دور متميز تمثل بمؤلفاته الكثيرة التي أسهمت في اغناء المكتبة العراقية والعربية ، ومن تلك المؤلفات ما هو مطبوع وهي :-

1- فلسفة الامام الصادق ( عليه السلام )(1).

2- حل الطلاسم .

3- نقد الاقتراحات المصرية في تيسير علوم اللغة العربية.

4- ديوان الجزائري .

ومنها ما هو مخطوط وأهمتها(2)

:-

أ - أبحاث في الفقه.

ب - أبحاث في الفلسفة .

ت - مذكرات عن ثورة النجف .

ث - مذكرات عن ثورة العشرين .

ج - حاشية على التهذيب في المنطق .

ص: 29


1- محمد جواد الجزائري : فلسفة الامام الصادق عليه السلام ، دار الكتب ، بيروت 1979 .
2- جعفر باقر محبوبة ، المصدر السابق ، ج2 ، ص94 .

الشيخ محمد رضا الشبيبي (1889 - 1965م)

محمد رضا بن جواد بن محمد بن شبيب ينتسب إلى احدى الأسر العلمية التي كان لها دور بارز في تاريخ مدينة النجف العلمي والأدبي والسياسي ، أسرة آل الشبيبي التي يرجع نسبها إلى فخذ المواجد من قبيلة بني أسد المعروفة التي تسكن في سوق الشيوخ والقرنة(1) .

وجاءت تسميتهم بآل الشبيبي نسبة إلى جدهم الأعلى شبيب الذي هاجر إلى النجف في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، ويعد الشيخ محمد جواد الشبيبي من رجالات هذهالأسرة العلمية ، فقد كان عالماً وأديباً معروفاً(2)

. وكان لمجلسهم دور متميز في خدمة العلم والمعرفة تدور فيه ندوة علمية جامعة لمختلف العلوم والآداب والشعر والسياسة والتاريخ ، ويعد من أشهر المجالس التي حفلت بها مدينة النجف الأشرف وغيرها من المدن العراقية(3).

في هذا البيت العلمي ولد محمد رضا الشبيبي سنة 1889م فتعهد والده برعايته حتى بلغ سن التعلم ، فأُرسل إلى الكتاب ، فحفظ القرآن الكريم ، وكان لوالده الدور الأكبر في تربيته وتعليمه ، فكانت محاضراته التي يلقيها في مجلسه ويحضرها العديد من طلبة العلم والأدب ، دور بارز في رفع مستواه الأدبي

ص: 30


1- عبد المنعم الغلامي : الانساب والأسر ، مطبعة شفيق ، بغداد 1965 ، ج1 ، ص219 .
2- جعفر الخليلي ، المصدر السابق ، ج1 ، ص57 .
3- المصدر نفسه ، ص65 .

والعلمي ثم اتجه بعد ذلك إلى المدارس الرسمية ، وبدأ نظم الشعر وهو في الثالثة عشرة من عمره(1).

وكان لرحلاته خارج البلاد أثر كبير في سعة اطلاعه وبلورة شخصيته ، فهو لم يكن أديباً وعالماً فحسب بل كان سياسياً ناجحاً شهدت له الأحداث التاريخية التي مر بها العراق ، فنراه من الذين دعاهم الحاكم العسكري نور بري في 30 تشرين الثاني 1918 للمشاركة في الاستفتاء في النجف ، وطالب بحكومة دستورية(2)

، وعمل رئيساً لنادي القلم العراقي(3) ، وله دور متميز في ثورة العشرين(4) ، وشغل وزارة المعارف عدة مرات(5) ، وترأس المجمع العلمي العراقي(6) .

ونتيجة لثقافته العالية ونبوغه في الأدب والشعر خلف الشبيبي الكثير من المؤلفات ، منها :-

1- أدب المغاربة والاندلسيين في اصوله المصرية ونصوصه العربية ، مطبعة الرسالة ، القاهرة 1960 .

ص: 31


1- علي الخاقاني ، المصدر نفسه ، ج9 ، ص3 ؛ علك عبد شناوة : محمد رضا الشبيبي ودوره الفكري والسياسي حتى العام 1932 ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة بغداد ، 1992 ، ص11 - 18 .
2- تحسين العسكري : الثورة العربية الكبرى والثورة العراقية ، النجف 1983 ، ص65 ؛ فريق مزهر الفرعون : الحقائق الناصعة في الثورة العراقية سنة 1920 ونتائجها ، ط1 ، بغداد 1952 ، ص75 .
3- نجدة فتحي صفوت : العراق في الوثائق البريطانية سنة 1936 ، البصرة 1983 ، ص187 .
4- علك عبد شناوة ، المصدر السابق ، ص104 - 121 .
5- ينظر : عبد الرزاق الحسني : تاريخ الوزارات العراقية ، مطبعة العرفان ، 1953 - 1955 .
6- برسي كوكس : تكوين الحكم الوطني في العراق ، صفحة من تاريخ العراق الحديث في سنة 1914 - 1926 ، ترجمة : بشير فرجو ، الموصل 1951 ، ص1 .

2- أصول الفاظ اللهجة العراقية ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، بغداد 1956 .

3- ديوان الشبيبي ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة 1940 .

4- رحلة إلى المغرب الاقصى ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، بغداد 1965 .

5- رحلة إلى بادية السماوة ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، بغداد 1964 .

ص: 32

الشيخ علي الشرقي (1892 - 1964م)

ومن البيوتات العربية العلمية التي تنتسب إلى احدى قبائل بني خاقان(1). آل الشرقي الذين هاجروا من المنطقة الجنوبية الشرقية الواقعة بين مدينة البصرة والكوفة ومن هنا جاء لقبهم.كان الشيخ موسى والد الشيخ حسن أول النازحين إلى مدينة النجف ، ويعود إليه الفضل فيما وصلت إليه الأسرة من شهرة علمية(2).

ومن رجالات هذه الأسرة البارزين الشيخ جعفر بن الشيخ حسن الشرقي المتوفى سنة 1892م ، فقد برع في مجال الأدب والشعر والتحقيق وبلغ مرحلة الاجتهاد في الفقه ومن أبنائه الشيخ علي الشرقي الذي ولد في نفس السنة التي توفي فيها والده(3)

، فتكفلت والدته برعايته واصبحت بعد ذلك هي وابنها تحت رعاية والدها وأخيها ، وفي الكتاتيب ابتدأ تعليمه ، فدرس الخط العربي ومبادئ النحو والحساب ، فضلاً عن العلوم التربوية الهادفة(4).

نشأ علي الشرقي في بيت خاله الشيخ عبد الحسين الجواهري الذي تكفل برعايته وتعليمه ، إذ كان مجلسه من المجالس التي اعتاد عليها مجموعة من العلماء والأدباء أمثال محمدجواد الشبيبي ، والشيخ عبد الكريم الجزائري

ص: 33


1- جعفر باقر محبوبة ، المصدر السابق ، ج2 ، ص392 .
2- المصدر نفسه ، ج2 ، ص392 .
3- كوركيس عواد : معجم المؤلفين العراقيين ، مطبعة الارشاد ، بغداد 1963 ، ج2 ، ص212 ؛ موسى إبراهيم الكرباسي : مع الشرقي الصغير في شعره ، مطبعة آل البيت ، كربلاء - العراق ، 1965 ، ص11 ؛ يوسف اسعد داغر : مصادر الدراسة الادبية ، بيروت 1972 ، ج3 ، ص630 .
4- علي الشرقي : الأحلام ، شركة الطبع والنشر الأهلية ، بغداد 1963 ، ص37 .

وغيرهم(1)

، فكان لهذه المجالس دور مؤثر في تكوين شخصية علي الشرقي وحصيلته(2).

وأسهمت البيئة النجفية التي تميزت بكثرة حلقاتها العلمية والأدبية في صقل موهبته العلمية(3)

، في اللغة والأدب والتاريخ والفلسفة وعلم المنطق وعلم الكلام والأخلاق والفقه وعلم الفلك ، وساعده تعلم اللغة الفارسية في الفارسية في الإطلاع على دواوين كبار شعراء إيران ، فتكونت لديه خلفية ثقافية علمية اسهمت في بلورة شخصيته(4).

ولا يخفي أن رحلات الشرقي وتنقلاته في داخل العراق وخارجه قد زادت من سعة اطلاعه ومعرفته ، وكان قارئاً جيداً للعديد من الكتب والأبحاث التي كانت تنشرها الصحف والمجلات ، ساعده ذلك على أن يكون كاتباً جيداً له العديد من المؤلفات المطبوعة منها :-1- ديوان إبراهيم الطباطبائي(5) .

2- ذكرى السعدون(6) .

3- كتاب الأحلام(7) .

4- العرب والعراق(8) .

وله العديد من الأبحاث المنشورة في الدوريات العراقية والعربية(9).

ص: 34


1- جعفر الخليلي ، المصدر السابق ، ج2 ، ص58 .
2- الثقافة ( مجلة ) ، العدد 37 ، القاهرة ، اكتوبر 1976 .
3- علي الشرقي ، المصدر السابق ، ص81 .
4- الثقافة ( مجلة ) ، العدد 37 ، اكتوبر 1976 .
5- علي الشرقي : ديوان إبراهيم الطباطبائي ، جمعه وحققه ، صدا - لبنان ، 1913م .
6- علي الشرقي : ذكرى السعدون ، مطبعة الشعب ، بغداد 1929 .
7- علي الشرقي ، المصدر نفسه ، ص10 .
8- علي الشرقي : العرب والعراق ، شركة الطبع والنشر الأهلية ، بغداد 1963 .
9- ينظر : العرفان ( مجلة ) ، الأعداد (6 ، 7 ، 8) 1926 ؛ العراق البغدادية ( جريدة ) ، الأعداد (1978 ، 1980 ، 1982 ، 1991) ، من 1/10 إلى 13/11/1926 ؛ البلاد ( جريدة ) ، الأعداد (125 ، 128 ، 131 ، 133 ، 135) ، في (7 و 10 و 14 و 16 و 18 نيسان 1930) ؛ الاعتدال ( مجلة ) ، الأعداد (1 - 8) في ( حزيران ، كانون الثاني سنة 1935 و 1936 ) وينظر أيضاً الهاتف ( جريدة ) العدد 255 في 7 آذار 1941 ؛ لغة العرب ( مجلة ) ، ج11 ، مجلد 2 في آيار 1913 ؛ العلم ( مجلة ) ، ج9 ، مجلد 2 سنة 1922 ؛ الحرية ( مجلة ) ، مجلد 2 ، تموز 1925 .

الأستاذ يوسف رجيب (1900 - 1947)

ينتمي إلى عشائر خفاجة احدى عشائر الفرات الأوسط ينتهي نسب اسرته إلى آل رجيب العربية التي نزحت إلى مدينة النجف والكوفة في القرن التاسع عشر للميلاد(1).

ولد سنة1900 في مدينة النجف الأشرف التي تميزت بكونها مدينة علمية استقطبت العديد من الدارسين ، بدأ دراسته في مدرسة الغري الأهلية(2).

وعين معلماً في مدرسة الحسينية ثم استقال من وظيفته نتيجة للضغوط التي تعرض لها وتم تعيينه موظفاً في احدى دوائر وزارة المالية في قضاء سوق الشيوخ(3).

اسهمت الأحداث التاريخية التي مر بها العراق عامة ومدينة النجف خاصة في بلورة وعيه السياسي ، من خلال معاصرته لانتفاضة النجف 1915 ضد العثمانيين ، وثورتها 1918 ضد البريطانيين ، وثورة العشرين(4)

. فكانت تأثيراتها واضحة عليه ، وتجلى ذلك في كتاباته التي ضمنها مختلف المواضيع السياسية والثقافية والاجتماعية ، وعبر فيها بصدق عن تطلعات شعبه وأمانيه

ص: 35


1- منير بكر التكريتي : يوسف رجيب الكاتب والصحفي والسياسي ، دار الرشيد ، 1981 ، ص10 .
2- جعفر باقر محبوبة ، المصدر السابق ، ج1 ، ص147 .
3- الاعتدال ( مجلة ، النجف ، العدد 1 ، 1946 ، ص45 .
4- العدل ( جريدة ) ، النجف ، العدد 24 ، 5 حزيران ، 1985 .

تجاه مختلف القضايا التي مر بها العراق أو الأحداث الخارجية التي انعكستعلى توجهاته(1) وهكذا عرفت كتاباته بالنقد الهادف وتوزعت بين الصحف والمجلات منها جريدة الزمان والنجف والنهضة فضلاً عن مجلة الاعتدال وغيرها(2).

ص: 36


1- غانم محمد صالح وآخرون : التطور السياسي في العراق ، مطبعة جامعة بغداد (بلات) ، ص180 - 260 .
2- ينظر : الزمان ( جريدة ) ، بغداد ، العدد 22 ، 21 تشرين الثاني ، 1927 ؛ النجف ( جريدة ) ن العدد الممتاز 40 ، في 8 مايس 1926 ؛ النهضة العراقية ( جريدة ) ، بغداد ، العددين 52 في 1/ آذار 1928 و 12/آذار 1928 ؛ الاعتدال ( مجلة ) النجف ، العدد 10 ، نيسان 1936 ؛ الاعتدال ( مجلة ) النجف ، العدد 4 ، حزيران 1946 .

الشيخ محمد رضا المظفر (1904 - 1964)

من اسرة جبلت على العلم والأدب يعود نسبها إلى آل مسروج من فخذ آل علي من قبيلة حرب المضرية العدنانية ، هاجرت من المدينة المنورة إلى النجف الأشرف في القرن السادس عشر الميلادي وتوزعت على مناطق العراق المختلفة كالبصرة وبغداد وكربلاء والنجف(1) ، وما زالت فروع تلك القبيلة موجودة في المدينة المنورة(2)

.عرفت هذه الأسرة بشهرة علمية يعود الفضل فيها إلى جدها الأكبر الشيخ مظفر بن أحمد بما عرف عنه من علم وورع وتقوى.

كان أبوه الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله عالماً جليلاً توفى سنة 1904 أي قبيل ولادته ، أما اخوته فهم ثلاثة أكبرهم الشيخ عبد النبي الذي ولد سنة 1874م ، وكان عالماً فاضلاً يؤم الناس بالصلاة في جامع المسابك في السوق الكبير بالنجف حتى وفاته سنة 1918(3) .

كان أخوه الثاني الشيخ محمد حسن الذي ولد في النجف سنة 1881م ودرس فيها ، عالماً ومرجعاً ومقلداً ، وله العديد من المؤلفات منها ( الاصحاح في أصول رواه الصحاح ) ، وبعض التعليقات والرسائل الفقهية والأصولية(4)

، أما أخوه الثالث فهو محمد حسين الذي ولد سنة 1895م فكان عالماً فقيهاً ومؤلفاً كبيراً له

ص: 37


1- عباس محمد الزبيدي الدجيلي : الدرر البهية في انساب عشائر النجف العربية ، ط1 ، النجف 1988 ، ج2 ، ص295 .
2- جاسم المظفر ، من أعلام آل المظفر ، ط1 ، بغداد 1969 ، ص9 - 12 .
3- محمد مهدي الآصفي : مدرسة النجف وتطور الحركة الإصلاحية فيها ، ط1 ، النجف ، مطبعة النعمان ، 1964 ، ص10 .
4- محمد حرز الدين ، المصدر السابق ، ج2 ، ص246 .

من المؤلفات ، الامام الصادق ( عليه السلام ) والثقلان وتاريخ الشيعة وكانت وفاته سنة 1961م(1) .ومن هنا يمكن القول بأن اسرة آل المظفر من الاسر التي تبوأت مركزاً مهماً في العلم والأدب ، وقد ورد في أحد المؤلفات أنه من النادر أن نجد مظفرياً من غير أن يكون عالماً أو فقيهاً(2) .

ولد الشيخ محمد رضا سنة 1904، فكانت ولادته في السنة نفسها التي توفي فيها والده، فتكفل رعايته أخوه الأكبر ثم اشرف على تربيته وتعليمه الشيخ محمد حسن الذي يعد من أساتذته الذين تأثر بهم كثيراً(3).

درس الشيخ المظفر أديباً شاعراً ولغوياً بارعاً ، عمل عضواً بالمجلس العلمي العراقي(4) ، وتميز بكتاباته سواء كانت كتباً(5) ، أم مقدمات لكتب أخرى طلب منه مؤلفوها أن يقدملها(6) ، أم مقالات نشرتها الصحف والمجلات التي كانت تصدر في ذلك الوقت ، فكان أسلوبه جذاباً وطريقته في الكتابة سهلة ممتعة لا تخلو من

ص: 38


1- محمد مهدي الآصفي ، المصدر السابق ، ص61 .
2- غالب الناهي : دراسات أدبية ، ط1 ، دار النشر والتأليف ، النجف 1954 ، ج1 ، ص129 .
3- علي الخاقاني ، المصدر السابق ، ج8 ، ص452 .
4- المصدر نفسه ، ج2 ، ص17 .
5- ينظر : محمد رضا المظفر : السقيفة ، ط3 ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1965 ؛ محمد رضا المظفر : مقدمة كتاب عقائد الاماامية ، ط3 ، بيروت 1965 ؛ محمد رضا المظفر : أصول الفقه ، النجف الأشرف 1957 ؛ محمد رضا المظفر : المنطق ، النجف 1957 .
6- ينظر : هاشم معروف الحسني ، مقدمة بحوث فلسفية ، حققه وعلق عليه ، ط1 ، مركز الغدير ، بيروت 1999 ، ص11 .

الانتقادات اللاذعة لأبرز الظواهر الاجتماعية السيئة التي انتشرت في تلك المدة(1).

ص: 39


1- ينظر : محمد رضا المظفر : جامعة النجف في جامعة القرويين ، مجلة المجمع العلمي العراقي ، مجلد 11 مطبعة المجمع العلمي ، 1964 ؛ غالب الناهي ، المصدر السابق ، ج1 ، ص130 - 131 ؛ النجف ( مجلة ) ، العدد 14 في 10/11/1958 .

الأستاذ جعفر الخليلي (1904 - 1985)

هو جعفر بن أسد بن المولى الطبيب الذي بلغت شهرته الآفاق ، يرجع نسبه إلى احدى اسر النجف العلمية من قبيلة ثقيف العربية التي اشتهرت بممارسة مهنة الطب فضلاً عن العلموالأدب ، كما أن بعض أفرادها جمع بين الأدب والطب والحكمة والشعر والصحافة ، وفيهم أيضاً عدد من الفقهاء نالوا درجة الاجتهاد(1).

كان أول ظهور لهذه الأسرة التي اشتهرت بالطب في العراق بحدود سنة 1800م ، ويعود الفضل في ذلك إلى جدهم الأعلى خليل بن علي بن إبراهيم بن علي الذي تنقل بين المدن العراقية ، وتوفي سنة 1863م ، ويعد الشيخ أسد ابن المولى من رجال هذه الأسرة البارزين الذي نال شهرة واسعة كونه جراحاً ناجحاً وأديباً له مكتبة عامرة بمختلف المؤلفات قديمها وحديثها(2) ، وهو والد جعفر الخليلي وكانت وفاته سنة 1923م .

أما جعفر نفسه فقد ولد سنة 1904م ، ودخل المدرسة وهو في السابعة من عمره ، وتعلم فيها اللغتين التركية والفرنسية ، فضلاً عن اللغة العربية التي شغف بها ، فنظم الشعر وهو ابن تسع سنين وعمل مراسلاً لصحيفتي العراق والاستقلال البغداديتين وهو ابن ستة عشر عاماً .

ص: 40


1- مشكور الاسدي : رؤوس اقلام عابرة عن جعفر الخليلي ، دار المعارف ، بغداد 1971 ، ص7 .
2- جعفر الخليلي ، المصدر السابق ، ج4 ، ص215 .

ويعود الفضل في ذلك إلى والده ومكتبته العامرة فضلاً عن تشجيع أخيه عباس الخليلي(1) ، ثم عمل محرراً للقسم المدرسي في مجلة الحيرة النجفية(2)

سنة 1927 .

ثم قام بإصدار جريدة الفجر الصادق الأدبية السياسية وفي سنة 1934 أصدر جريدة الراعي، وفي سنة 1935 أصدر جريدة الهاتف(3).

لقد عرف الخليلي بأسلوب خاص في الكتابة فهو كاتب اجتماعي وأديب قصصي لامع صاحب منهج في الكتابة، وهو مولع بصورة خاصة بكتابة القصة وأجاد فيها ، إذ شرح بعض الحقائق وأشار إلى الكثير من النزعات والأفكار بأسلوب جذاب يستهوي القارئ(4).

جاهد الخليلي في سبيل الأدب وشجع الناشئة من أدباء العراق وقد بذل كل جهده طوال ربع قرن من الزمن(5) في هذا المجال وترك العديد من القصص منها ، الضائع(6) ومجمع التناقضات ويوميات(7)

وتجربة السفر(8)

، وله مؤلفات منها(9):-

ص: 41


1- المصدر نفسه ، ج4 ، ص87 .
2- الحيرة ( مجلة ) ، المجلد الأول ، الجزء الأول ، 29 كانون الثاني 1927 ، ص1 .
3- كاظم مسلم محمود العامري : الاتجاه الوطني والقومي للصحافة النجفية 1910 - 1932 ، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة الكوفة ، 2000 ، ص397 .
4- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 4 ، السنة الخامسة ، آذار ، 1939 ، ص240 .
5- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 9 ، السنة الثانية ، 10 تموز ، 1958 .
6- المصدر نفسه ، ص9 .
7- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 3 ، السنة الثالثة ، ايلول ، 1939 ، ص180 .
8- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 9 ، السنة الثانية ، تموز ، 1958 .
9- ينظر : كاظم مسلم العامري ، المصدر السابق ، ص403 ؛ كاظم عبود الفتلاوي : مستدرك شعراء الغري ، ط1 ، دار الاحتواء للطباعة والنشر ، بيروت - لبنان 2002 ، ج1 ، ص78 .

1- التمور العراقية قديماً وحديثاً .

2- على هامش الثورة العراقية.

3- مقدمة في القصة العراقية الحديثة .

4- كنت معهم في السجن.

5- هكذا عرفتهم .

6- القصة العراقية قديماً وحديثاً.

7- جغرافية البلاد العربية .

8- المدخل إلى موسوعة العتبات المقدسة ويقع في 12 جزء .

9- آل فتلة كما عرفتهم.

10- العوامل التي جعلت من النجف بيئة شعرية.

11- نفحات من حمائل الأدب الفارسي .

12- ما الذي أخذه الشعر الفارسي من العربية ، والشعر العربي من الفارسية .

ص: 42

السید محمد صالح بحر العلوم (1909 - 1991)

تعد اسرة آل بحر العلوم من الاسر العلوية العريقة المعروفة بالعلم والأدب وحب الخير للناس(1) ، وقد انجبت الكثير من مشاهير العلماء والأدباء في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، أمثال السيد مهدي بحر العلوم والسيد حسن بحر العلوم والشاعر الكبير إبراهيم بحر العلوم الذي كان استاذاً لشاعر العرب عبد المحسن الكاظمي(2).

ويعد السيد محمد علي بن السيد علي تقي بحر العلوم من أبرز رجالات هذه الأسرة وكان له دور سياسي واجتماعي متميز ، سجل فيه موقفاً مناهضاً للوجود البريطاني في العراق(3) ، وتم اعتقاله ونفيه إلى خارج البلاد وبعد عودته إلى بلدته النجف الأشرف صدر بحقه حكم الاعدام واعفي منه(4). واختير عضواً في مجلس الأعيان من سنة 1929 حتى وفاته سنة 1936(5)

.ومن رجالات هذه الأسرة البارزين الشاعر محمد صالح بحر العلوم الذي ولد في الثالث من كانون الثاني سنة 1909(6)، وكغيره من ابناء الاسر العلمية درس محمد صالح في حلقات الدرس التي كانت تعقد في المساجد وكان لهذه الحلقات

ص: 43


1- محمد المهدي بحر العلوم : رجال السيد بحر العلوم ، حققته وعلق عليه : محمد صادق بحر العلوم وحسين بحر العلوم ، مطبعة الآداب ، النجف (بلات) ، ج1 ، ص125 .
2- محمد صالح بحر العلوم : ديوان بحر العلوم ، دار التضامن ، بغداد 1968 ، ج1 ، ص9 .
3- محمد المهدي بحر العلوم : رجال السيد بحر العلوم ، ج1 ، ص160 .
4- عبد الرزاق الحسني : ثورة النجف ، ط4 ، دار الكتب ، بيروت ، ص92 .
5- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماعي الاعتيادي الحادي عشر لعام 1936 ، ص220 .
6- علي الخاقاني : شاعر الشعب محمد صالح بحر العلوم ، مطبعة اسعد ، بغداد 1958 ، ص7 .

فضل المحافظة على علوم اللغة العربية وانتشارها(1)، أما تحصيله الأولي فكان في مدرسة الغري الأهلية وبعد أن قضى سنتين فيها انتقل إلى المدرسة الحيدرية ثم عاد إلى مدرسة الغري مرة أخرى في قسمها المسائي حتى أكمل الدراسة الابتدائية ثم ترك الدراسة وعاد إلى الحلقات التي كانت تعقد في الجامع الهندي والصحن الحيدري الشريف إذ كان لها دور وشأن كبير في توجيه الحركة العلمية(2).

لقد كان لشخصية والده السيد مهدي بحر العلوم تأثير كبير عليه ، فالسيد مهدي واحد من العلماء البارزين ، الذين تمتعوا بذهنية وقّادة وذكاء حاد ساعده في الاعداد لدروسه الكثيرةالتي تميزت بالبحث والمناقشة(3)، وهكذا ترعرع محمد صالح في هذه البيئة العلمية ، التي هيأت مستلزمات نبوغه كشاعر وأديب متميز.

درس قواعد اللغة العربية وعلم المنطق والكلام على أساتذة معروفين مثل الشيخ محمد جواد الجزائري ومحمد رضا المظفر وغيرهم ، من هنا تتضح أهمية البيئة وأثرها في حياة العلماء والأدباء(4)

، وما من شك في أن لبيئة مدينة النجف التي ولد فيها محمد صالح دوراً في توجيه الحركة الفكرية ضد الوجود العثماني

ص: 44


1- يوسف عز الدين : الشعر العراقي ، أهدافه وخصائصه في القرن التاسع عشر ، الدار القومية ، القاهرة 1962 ، ص20 .
2- محمد رضا وظاهر زين : العراقيات ، صيدا - لبنان ، 1912 ، ج1 ، ص8 .
3- محمد صالح بحر العلوم : ديوان بحر العلوم ، ج1 ، ص9 .
4- شوقي ضيف : الأدب المعاصر في مصر ، دار المعارف ، القاهرة 1957 ، ص1 .

والبريطاني في العراق وكان لها أثر فاعل في الانتفاضات والثورات العراقية وقد أكد هذه الحقيقة عدد من الباحثين والمؤرخين في مؤلفاتهم ودراساتهم(1) .لقد أسهمت هذه البيئة في نبوغ محمد صالح فكان شاعراً وطنياً وقومياً يشار له بالبنان حتى لقب بشاعر الشعب(2)، وله مؤلفات عديدة منها :-

1- ديوان اقباس الثورة(3) .

2- ديوان بحر العلوم(4) .

ص: 45


1- للمزيد من التفاصيل ينظر : عبد الرزاق الحسني : تاريخ العراق السياسي ، مطبعة العرفان ، صيدا - لبنان 1948 ؛ عبد الرزاق الحسني : العراق في دوري الاحتلال والانتداب ، مطبعة العرفان ، صيدا - لبنان 1935 ؛ عبد العزيز نوار : تاريخ العراق الحديث ، دار الكتاب العربي ، القاهرة 1968 ؛ محمد مهدي البصير : تاريخ القضية العراقية ، مطبعة الفلاح ، بغداد 1924 ؛ عبد الرحمن البزاز : محاضرات عن تاريخ العراق الحديث ، جامعة الدول العربية ، القاهرة 1955 .
2- ينظر : علي الخاقاني : شاعر الشعب ، المصدر السابق ، ص10 .
3- محمد صالح بحر العلوم : ديوان اقباس الثورة ، مطبعة الارشاد ، بغداد 1955 .
4- محمد صالح بحر العلوم : ديوان بحر العلوم ، المصدر السابق .

السید محمد تقي الحكيم (1921 - 2002)

من اسرة عربية يرجع نسبها إلى السيد إبراهيم المعروف بالطباطبائي أما قلب الحكيم فيرجع إلى جدها السيد محمد علي الطبيب المتوفي 767م صاحب كتاب ( المجربات الطبية)(1) ، وقد عرفت هذه الأسرة بحبها للعلم والأدب ، وبرز منها رجال كثر حصلوا على درجة الاجتهاد في الفقه أشهرهم السيد محسن الحكيم الذي آلت إليه الزعامة الدينية في العراق(2)، كما برز منهم السيد محمد تقي الحكيم الذي ولد في مدينة النجف الأشرف سنة 1921م(3).

لقد كان لوالده السيد سعيد الحكيم دور واضح في توجيهه لينشأ نشأة علمية ، إذ درس علوم العربية والمنطق والبلاغة وأصول الفقه والفلسفة والتاريخ على أيدي الأساتذة الأجلاءمنهم السيد محمد حسين الحكيم والشيخ نور الدين الجزائري والسيد صادق السيد ياسين والشيخ محمد رضا المظفر وآخرون غيرهم(4).

وقد درّس في الحوزة العلمية في النجف وتخرج على يديه العديد من طلبة العلوم الدينية وكان له دور بارز في تأسيس جمعية منتدى النشر سنة 1935م ودرّس فيها النحو الصرف والأدب والتاريخ والأصول وعلم النفس وعلم الاجتماع

ص: 46


1- آغا بزرك الطهراني : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، النجف 1936 ، ج2 ، ص7 .
2- محمد المهدي بحر العلوم : رجال السيد بحر العلوم ، ج1 ، ص14 .
3- محمد تقي الحكيم ، المدخل لدراسة الفقه المقارن ، الكتاب الثاني ، القواعد العامة في الفقه المقارن ( قواعد الضرر والحرج والنية نموذجاً ) ، ط1 ، المؤسسة الدولية للدراسات والنشر ، بيروت 2001 ، مقدمة الكتاب للسيد علاء الحكيم ، ص1 .
4- المصدر نفسه .

بدءاً من سنة 1944(1)، كما ساهم مع عدد من المفكرين في تأسيس المجمع الثقافي لمنتدى النشر ، وله دور كبير في تأسيس كلية الفقه سنة 1958م ، وصار عميداً لها سنة 1965 حتى سنة 1970 ، درّس خلالها مادة أصول الفقه المقارن بمعهد الدراسات الإسلامية العليا في جامعة بغداد من سنة 1967 حتى سنة 1970م(2) .

وفي سنة 1964 تم انتخابه عضواً في المجمع العلمي العراقي حتى سنة 1996 كما تم انتخابه عضواً في مجمع اللغة العربية المصدري سنة 1967 ، والسوري سنة 1973 والأردنيسنة 1981 ، وحضر العديد من المؤتمرات التي عقدت في الباكستان سنة 1957 ، والقاهرة 1964 ، وبغداد 1965(3) ، والقاهرة أيضاً سنة 1965 و 1971 ودمشق سنة 1972 والمغرب سنة 1974 والجزائر سنة 1975(4).

ساهم الحكيم في اغناء المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات المطبوعة منها :-

1- مالك الاشتر(5) .

2- شاعر العقيدة ( السيد الحميري )(6).

3- الأصول العامة للفقه المقارن(7).

ص: 47


1- المصدر نفسه ، ص2 .
2- المصدر نفسه ، ص3 .
3- محمد تقي الحكيم : المدخل لدراسة الفقه المقارن ، ص3 ؛ محمد حسين الصغير : هكذا رأيتهم ، ط1 ، مؤسسة المعارف ، بيروت - لبنان 2001 ، ص96 .
4- محمد تقي الحكيم ، المصدر السابق ، ص4 .
5- محمد تقي الحكيم : مالك الاشتر ، مطبعة الغري ، النجف 1946 .
6- محمد تقي الحكيم : شاعر العقيدة ( السيد الحميري ) ، مطبعة دار الحديث ، بغداد 1963 .
7- محمد تقي الحكيم : الأصول العامة للفقه المقارن ، دار الاندلس ، بيروت 1963 .

4- الزواج المؤقت ودوره في حل مشكلات الجنس(1).

5- فكرة التقريب بين المذاهب(2).

6- مناهج البحث في التاريخ(3) .

7- تاريخ التشريع الإسلامي(4).

ص: 48


1- محمد تقي الحكيم : الزواج المؤقت ودوره في حل مشكلات الجنس ، دار الاندلس ، بيروت 1963 .
2- محمد تقي الحكيم : فكرة التقريب بين المذاهب ، مكتبة المنهل ، الكويت 1978 .
3- محمد تقي الحكيم : مناهج البحث في التاريخ ، مكتبة المنهل ، الكويت ، 1978 .
4- محمد تقي الحكيم : كتاب المعهد ، معهد الدراسات العربية والإسلامية ، لندن 1998 .

8- التشييع في ندوات القاهرة(1).

9- من تجارب الأصوليين في المجالات اللغوية(2).

وله العديد من المخطوطات ما زالت تنتظر دورها في الطبع منها(3)

:-

1- زرارة بن أعين .

2- مع الامام علي ( عليه السلام ) .

3- مشكلة الأدب النجفي .

4- الإسلام وحرية التملك والمفارقات الناشئة عن هذه الحرية .

5- أبو فراس الحمداني .

6- تعليقه على كتاب كفاية الأصول للشيخ محمد كاظم الخراساني .

7- انطباعاتي عن محاضرات الأستاذ الشيخ الحلي .

8- تعليقه على كتاب ( مستمسك العروة الوثقى ) للسيد محسن الحكيم .

كما قدم لمجموعة من الكتب ونشر العديد من المقالات في الصحف والمجلات(4).

ص: 49


1- محمد تقي الحكيم : التشيع في ندوات القاهرة ، دار التجديد ، بيروت 1999 .
2- محمد تقي الحكيم : من تجارب الأصوليين في المجالات اللغوية ، مؤسسة الألفين ، الكويت 2000 .
3- ينظر : المصدر نفسه ، ص5 .
4- المصدر نفسه ، ص5 - 6 .

الفصل الثاني : موقف الاصلاحيين في النجف من تطور الأحداث السياسية الاقليمية والعراقية بين 1906 - 1920

اشارة

أولاً : الثورة الدستورية 1906 .

ثانياً : حركة الجهاد 1914 .

ثالثاً : ثورة النجف 1918 .

رابعاً : ثورة العشرين 1920 .

ص: 50

أولاً : الثورة الدستورية 1906

أبدى رجال الإصلاح في النجف اهتماماً خاصاً بأحداث العراق السياسية ولاسيما بعد التأثر بالنهضة الفكرية والاصلاحية بعد إعلان الثورة الدستورية في إيران في (5 آب 1906 ) من قبل مظفر الدين شاه(1)

. وقد أدى هذا إلى انقسامات حادة بين رجال الدين في النجف(2)

فصاروا بين مؤيد للدستور ومعارض له(3) .وجدير بالذكر هنا إن الخلاف بين المؤيدين والمعارضين(4)

لم يقتصر على الجوانب الفكرية فحسب بل تعداه إلى صدامات في شوارع المدينة(5)

، ومعروف أن مدينة النجف عايشت أفكاراً سياسية اتخذت من المشاعر الدينية مظهراً لها(6)

، هذا فضلاً عن انتشار الأفكار الحديثة التي نقلتها المجلات والصحف المصرية والسورية ، إذ التف المصلحون حول محمد كاظم الآخوند بينما وقف المحافظون مع السيد كاظم الطباطبائي(7).

ويبدو أن موقف الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء كان غريباً بالوقوف إلى جانب المعارضين للدستور ، نظراً لأنه آمن بحرية الفكر وتأثر كثيراً بالأفكار

ص: 51


1- دونالد ولبر : إيران ماضيها وحاضرها ، ترجمة : عبد المنعم محمد حسين ، القاهرة 1958 ، ص103 .
2- حيدر نزار عطية : محمد حسين كاشف الغطاء ودوره الوطني والقومي ، رسالة ماجستير غير منشورة ، عمادة معهد التاريخ العربي ، بغداد 2002 ، ص32 .
3- عبد الستار شنين ، المصدر السابق ، ص10 .
4- للمزيد من التفاصيل عن الثورة الدستورية ينظر : اروند ابراهيميان ، إيران بين ثورتين ، ترجمة : مركز البحوث والمعلومات ، بغداد 1983 ، ص116 - 119 ، دونالد ولبر ، المصدر السابق ، ص103 .
5- حيدر نزار عطية ، المصدر السابق ، ص32 .
6- منير بكر التكريتي ، يوسف رجيب ، المصدر السابق ، ص21 .
7- علي الوردي : لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث 1914 - 1918 ، مطبعة الشعب ، بغداد 1972 ، ج3 ، ص117 .

والنظريات الحديثة وأفكار النهضة الأوربية التي لا تتعارض مع التعاليم الإسلامية ، وقد أرجع بعضهم سبب هذه المعارضة إلى علاقته الوثيقة بأستاذه السيد كاظم الطباطبائي ، الذي طلب منه مساعدتهوالوقوف بجانبه(1) ، غير أن ما يظهر من دراسة حياة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ينقض ذلك الزعم ، إذ أنه كثيراً ما كان يصطدم بآراء ونظريات أستاذه(2) ، وهذا دليل على أنه لا يجامل في آرائه ، فهو لا يتخذ موقفاً من قضية ما دون أن يكون مقتنعاً تمام الاقتناع بذلك الموقف .

وإذا كان الشيخ محمد حسين قد عارض الثورة الدستورية فإن الشيخ محمد جواد الجزائري قد وقف في صف المؤيدين لها(3)

لأنه رأى فيها تطلعاً جديداً إلى عهد من الحرية والمساواة أولاً ، ولأنه يعد من أبرز رجال الإصلاح الديني الذين مجدوا الإسلام وفضحوا استبدادية الحكم العثماني ثانياً(4)

، ولأنه تأثر بمواقف أخيه عبد الكريم الجزائري المؤيدللثورة الدستورية ثالثاً(5)

، الذي يعد واحداً من زعماء التيار الاصلاحي النجفي في ذلك الوقت .

ويعد الشيخ محمد رضا الشبيبي من أشد المتحمسين للثورة الدستورية كونها أسهمت في اذكاء روح المطالبة بالاصلاح والسعي في سبيل الحرية وحقوق

ص: 52


1- حيدر نزار ، المصدر السابق ، ص33 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : جنة المأوى ، ص25 .
3- حسن الاسدي : ثورة النجف على الانجليز ، دار الحرية للطباعة ، بغداد 1975 ، ص49 .
4- عبد الستار شنين ، المصدر السابق ، ص13 .
5- ينظر : عبد الرزاق أحمد النصيري : دور المجددين في الحركة الفكرية والسياسية في العراق 1908 - 1932 ، رسالة دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة بغداد ، 1990 .

الشعب المهضومة ، وقد تأثر الشبيبي بآراء استاذه محمد علي هبة الدين الشهرستاني الذي يعد واحداً من أبرز المؤيدين للثورة الدستورية(1).

أما الشيخ علي الشرقي فقد انحاز إلى جانب استاذه محمد كاظم الخراساني الذي تزعم مجموعة من الشباب المتجدد في تأييد الثورة الدستورية ، وقد خاض الشرقي مع أصحابه من مؤيدي الثورة معارك سياسية وصراعات فكرية دارت حول مطابقة مبادئ الثورة لماجاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، ولهذا وقف الشرقي إلى جانب السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني صاحب مجلة العلم واللسان المؤيد للثورة والمدافع عنها(2) .

أما مواقف رجال الإصلاح الآخرين أمثال سعيد كمال الدين ومحمد بحر العلوم ومحمد علي هبة الدين الشهرستاني والعديد غيرهم ، فكان تأييدهم للثورة نابعاً من إيمانهم بالديمقراطية(3) .

وبعد الانقلاب الدستوري العثماني الذي جاء بالاتحاديين ، تم خلع السلطان عبد الحميد 1909 ، وتنصيب أخيه محمد رشاد ، بعث رجال الإصلاح رسالة إلى السلطان العثماني والمجلس النيابي والمشيخة الإسلامية عبروا فيها عن أسفهم لعدم التزام شاه إيران محمد علي القاجاري بالعهود التي قطعها على نفسه للعمل بالدستور ، وطالبوا بوجوب العودة للعمل بالدستور ومحاربة الاستبداد ، وعبروا

ص: 53


1- علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج10 ، ص79 .
2- محمد مهدي الآصفي ، المصدر السابق ، ص85 .
3- محمد علي كمال الدين : ثورة العشرين في ذكراها الخمسين معلومات ومشاهدات في الثورة العراقية الكبرى سنة 1920 ، مطبعة التضامن ، النجف 1971 ، ص10 .

عن ارتياحهم لانتصار الحق وانهيار النظام الاستبداديورفعوا شعارهم بالعمل بنظام الأخوة والاتحاد ورفع الظلم والمساواة بين عامة الناس فقيرهم وغنيهم(1) .

لقد تعرض مؤيدو الدستور إلى الكثير من الأذى من قبل المعارضين ومحاولة تشويه سمعتهم من خلال اتهامهم بالخروج على التعاليم الدينية وتسميتهم بالكفرة واتهامهم بالخيانة(2) ، ولم يجد مؤيدو الثورة خلاصاً من ذلك الموقف إلاّ بعد اعلان الدستور العثماني 1908(3)

، فشارك الشبيبي الشعراء وعبر عن فرحته بقصيدة سماها الحرية والدستور(4)

، ثم انضم إلى جمعية الاتحاد والترقي التي فتحت فرعاً لها في مدينة النجف(5)

.هذا وقد وصف الشبيبي ذلك العصر ، بعصر اليقظة الفكرية ، إذ ابدع خياله الشعري في التعبير عن هواجس النفس وطموحاتها الراغبة في مجاراة الأمم الناهضة في التخلص من عوامل الضعف والانحلال رافعة شعار الحرية والاخاء والمساواة(6).

ص: 54


1- علاء حسين الرهيمي : حقائق عن الموقف في العراق من الثورة الدستورية الايرانية 1905 - 1911 ، مركز دراسات جامعة الكوفة ، 1999 ، ص5 .
2- علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج7 ، ص446 ، ج12 ، ص483 .
3- علي الشرقي : الأحلام ، ص90 وما بعدها .
4- محمد رضا الشبيبي : الديوان ، ص52 .
5- بدوي طبانه : معروف الرصافي حياته وشعره ، ط2 ، مكتبة الأنجلو المصرية ، 1947 ، ص3 .
6- محمد رضا الشبيبي : الديوان ، المقدمة ، ص6 .

ثانياً : حركة الجهاد 1914

بدأت بريطانيا بالتفكير جدياً في احتلال العراق قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) فوضعت الخطط العسكرية لاحتلال جنوبه ، وشكلت لجنة رباعية من حكومة الهند سنة 1911 ، لتقوم بدراسة الإجراءات الواجب اتخاذها لحماية المصالحالبريطانية في جنوب العراق ، وقد أوصت في تقريرها المرفوع في ( 12 كانون الأول 1912 ) باحتلال مدينتي الفاو والبصرة(1).

وجدير بالذكر هنا أن بريطانيا سعت لإبقاء الدولة العثمانية خارج نطاق الحرب لكنها في الوقت نفسه عملت على جعل الافضلية لمصالحها فيما إذا وقعت الحرب ودخلتها الدولة العثمانية إلى جانب ألمانيا(2).

وبعدما اندلعت الحرب العالمية الأولى سنة 1914 ، وقفت الدولة العثمانية فيها إلى جانب ألمانيا(3).

سارعت بريطانيا إلى ارسال قواتها إلى عبادان والمحمرة لكنها غيرت خططها وقررت إنزال قواتها في البحرين ، وفي 6 تشرين الثاني 1914 ، نزلت القوات البريطانية إلى البر فيمصب شط العرب وكانت تسعى للسيطرة على قلعة الفاو

ص: 55


1- حميد حمدان التميمي : البصرة في عهد الاحتلال البريطاني 1914 - 1921 ، بغداد 1979 ، ص55 ، ينظر : عز الدين عبد الرسول المدني : محسن أبو طبيخ ودوره في الحركة الوطنية حتى عام 1958 ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة الكوفة ، 1999 ، ص28 .
2- للمزيد من التفاصيل ينظر : تحسين العسكري ، المصدر السابق ، ص45 وما بعدها .
3- المصدر نفسه ، ص47 ، شكري محمود نديم حرب العراق 1914 - 1918 ، ط4 ، بغداد 1964 .

وتم لها ذلك بالفعل بقيادة الجنرال ديلامين (DELAMAIN) الذي كانت تسانده المدفعية البحرية(1) .

وبعد أن احتلت بريطانيا مدينة الفاو ، بذلت الدولة العثمانية جهوداً استثنائية لكسب تأييد رجال الدين وحثهم على اعلان الجهاد والتصدي للقوات البريطانية ، إذ وصلت النجف برقية من البصرة تحذر من مغبة عدم التصدي للكفرة الذين باتوا يحيطون بها وأن هذا الخطر يهدد الإسلام بصورة عامة وطالبت البرقية بإعداد العشائر للدفاع عن العراق(2) ، ثم أعقب وصول البرقية وصول وفد رفيع المستوى أرسلته السلطات العثمانية من بغداد إلى النجف لمفاتحة رجال الدين وحثهم على اعلان الجهاد ، وبالفعل تم اعلان الجهاد والتصدي للقوات البريطانية(3) .وعلى الرغم من معاناة العراقيين والعرب من قسوة الاتراك وتعرضهم لإجراءات تعسفية وأحكام قاسية وصلت حد الشنق والابعاد لا لشيء إلاّ لمطالبتهم بحقوقهم المسلوبة(4) ، فقد استجابوا لفتاوى الجهاد التي اطلقها العلماء ، وكان هدفها الدفاع عن الدين والعقيدة الإسلامية ، فقد أصدر السيد محمد كاظم

ص: 56


1- كيرترود بيل : فصول من تاريخ العراق القريب ، ترجمة : جعفر الخياط ، طبع بمساعدة وزارة التربية والتعليم ، ط2 ، بغداد 1971 ، ص4 ، تشارلس ت.ق . طاوزند : خواطر طاوزند ، ترجمة : عبد المسيح وزير ، مطبعة دار السلام ، بغداد 1923 ، ص41 .
2- علي الوردي ، المصدر السابق ، ج4 ، ص127 .
3- عبد الشهيد الياسري : البطولة في ثورة العشرين ، النجف 1966 ، ص68 - 69 ، جورج لنشوفسكي : الشرط الأوسط في الشؤون العالمية ، ترجمة : جعفر الخياط ، مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر ، بغداد - نيويورك 1964 ، ص80 .
4- مذكرات خطيه للسيد محسن أبو طبيخ : نحن واياهم ، محفوظة لدى نجله جميل محسن أبو طبيخ ، ورقة رقم 35 .

الطباطبائي فتوى بضرورة الجهاد ضد البريطانيين الكفرة ودعا كل متمكن للدفاع عن الإسلام ، وأمر الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء بالعمل على نشر دعوة الجهاد وتهيئة العشائر للقتال والاتصال بالحكومة العثمانية لتهيئة المستلزمات الضرورية للمقاتلين(1).

وقد توجه الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء بنفسه مع قافلة من المجاهدين إلى بغداد ومنها إلى جبهات القتال ، وضمت هذه القافلة العديد من الأعيان والاشراف وسط هتافاتوتشجيع العامة من الناس الذين خرجوا لاستقبالهم وتوديعهم وهم يرددون هتافات الله أكبر(2) ، وتم تقسيم المجاهدين على ثلاث مجموعات :-

المجموعة الأولى ورأسها السيد مهدي الحيدري وشيخ الشريعة وتوجهت إلى القرنة والمجموعة الثانية التي ضمت كلاً من الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والسيد محمود الطباطبائي ترأسها الشيخ مهدي الخالصي وتوجهت إلى الحويزة ، أما المجموعة الثالثة التي تزعمها محمد سعيد الحبوبي والسيد محسن الحكيم فكانت وجهتها إلى الشعيبة(3) .

وبعد معارك طاحنة بين القوات البريطانية والمجاهدين ، تكبدت فيها القوات العثمانية والمجاهدون خسائر بالأرواح والمعدات ، اضطرت العثمانيين إلى

ص: 57


1- مذكرات خطيه للسيد محسن أبو طبيخ : نحن واياهم ، محفوظة لدى نجله جميل محسن أبو طبيخ ، ورقة رقم 30 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : مذكرات ، ورقة 30 .
3- حسن الأسدي ، المصدر السابق ، ص90 ، فريق مزهر الفرعون ، المصدر السابق ، ص37 - 38 .

الانسحاب وانتحار القائد العثماني سليمان عسكري بك(1)

. ويعزو الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء تلك الهزيمةإلى عدة أسباب منها : سوء معاملة العثمانيين للمجاهدين وضعف التخطيط وسوء الإدارة فضلاً عن وقوف شيخي المحمرة والكويت إلى جانب البريطانيين وتسهيل مهمتهم(2).

أما الشيخ محمد جواد الجزائري فقد اشترك كغيره من الاصلاحيين مع المجاهدين في التصدي للقوات البريطانية ، ايماناً منه بأن كل مرحلة سياسية لا تتفق ومبادئ الأحرار السامية ، وجب الخروج عليها ورفضها ، واعلان الجهاد ضدها بوعي واصرار ومحاربتها بمختلف السبل وليس هذا بمستغرب على الشيخ الجزائري الذي عاش في بيئة تجمع بين العلم والسياسة وكان لمدينة النجف دور بارز في الأحداث السياسية من خلال فتاوى الجهاد ضد المستعمرين(3) .

وقد شارك الشيخ محمد رضا الشبيبي في التصدي للبريطانيين وخاض معركة الشعيبة التي هزم فيها الجيش العثماني(4) .وشاهد عملية انتحار القائد العثماني سليمان عسكري بك ، فقد كان إلى جواره في الميدان ، ونظم قصيدة وصف بها تلك المعركة وأسماها الشعيبة نقتطف منها هذا البيت :

ص: 58


1- ستيفسن همسلي لونكريك : العراق الحديث 1900 - 1950 ، ترجمة سليم طه التكريتي ، مطبعة حسام ، بغداد 1988 ، ج1 ، ص138 ، شكري محمود نديم ، المصدر السابق ، ص22 ، السير آرنولد ولسن : بلاد ما بين النهرين بين ولائين ، ترجمة : فؤاد جميل ، ط2 ، بغداد 1991 ، ج1 ، ص69 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : مذكرات ، المصدر السابق ، ورقة رقم 8 .
3- ينظر : عز الدين المدني ، المصدر السابق ، ص38 .
4- الاعتدال ( مجلة ) النجف ، العدد 7 ، كانون الأول ، 1935 ، ص364 .

دون الشعيبة أجسادٌ موزعةُ *** في البيد توزيع أعضاء بأجساد(1)

يتضح من خلال هذه القصيدة ، حجم الخسائر البشرية التي لحقت بالجيش العثماني والمجاهدين جراء تلك المعركة ، وعلى الرغم من وقوف العراقيين إلى جانب العثمانيين ، وتضحيتهم بأموالهم وأنفسهم ، إلاّ أن العثمانيين غدروا بهم وأهانوا رؤسائهم واتهموهم بالخيانة(2) . وقد رد عليهم أحد المجاهدين قائلاً (( بأنه لولا فتوى علمائنا لكنتم أولى بالقتال من البريطانيين ))(3) .

من خلال ما تقدم يتبين أن مشاركة المجاهدين في الجهاد جاءت نتيجة لفتاوى العلماء وليس حباً بالعثمانيين الذين عانوا منهم أشد المعاناة .وكبقية العراقيين عانى الشيخ محمد رضا المظفر من الاستعمار البريطاني وآثاره السلبية على العراقيين(4) ، وكانت مدينة النجف من بين المدن العراقية التي ساهمت في النضال ضد الوجود البريطاني في العراق(5).

وقد واكب محمد صالح بحر العلوم الحركة التحررية منذ بلوغه إذ كان له دور نضالي متميز(6) لأن مرحلة العشرين عاماً التي مرت بعد ولادته كانت بالغة

ص: 59


1- محمد رضا الشبيبي : الديوان ، المصدر السابق ، ص47 - 49 .
2- فريق مزهر الفرعون ، المصدر السابق ، ص37 - 40 ، عز الدين المدني ، المصدر السابق ، ص32 .
3- فريق مزهر الفرعون ، المصدر السابق ، ج1 ، ص40 .
4- للمزيد من التفاصيل عن الاحتلال البريطاني ينظر : غسان العطية : العراق نشأة الدولة 1908 - 1921 ، ترجمة : عطا عبد الوهاب ، دار اللام ، لندن 1988 .
5- ينظر : المس بيل : العراق في رسائل المس بيل ، ترجمة وتعليق : جعفر الخياط ، دار الحرية للطباعة ، بغداد 1977 .
6- علي عباس علوان : تطور الشعر الحديث في العراق ، وزارة الاعلام ، بغداد 1975 ، ص332 .

الخطورة ، كونها شهدت خروج العراق من السيطرة العثمانية إلى الاحتلال البريطاني ، كما أن حدوث الثورات ، كثورة النجف ، وثورة العشرين ، ومن ثم قيام المملكة العراقية والانتداب البريطاني ، والأحداث المتلاحقة الأخرى(1) ، قد أسهمت في تبلور حسه الوطني والقومي إذا علمنا أن نشأته قد جبلت على حب الوطن ونبذ المستعمرين ومقاومة الأجنبي . وجدير بالذكر أن موقف رجال الإصلاح الآخرين في مقاومتهم للبريطانيين من خلال الاشتراك بحركةالجهاد ، لا يقل شأناً عن غيرهم من العراقيين في رفض السيطرة الأجنبية وساهموا بشكل أو بآخر في مقاومتها والتصدي لها .

ص: 60


1- ينظر : عز الدين المدني ، المصدر السابق ، ص32 .

ثالثاً : ثورة النجف 1918

لم تكن السياسة التي رسمتها بريطانيا لإدارة شؤون العراق بعد احتلال الفاو واضحة المعالم ، خاصة وأن الحرب لم تنته بعد ولا يمكن التكهن بنتائجها(1)

، وعندما واصلت القوات البريطانية تقدمها ، كانت محصلتها النهائية لصالحها ودخلت مدينة بغداد في ( 11 آذار 1917(2) ) .

فكانت إدارتها للمناطق التي احتلتها إدارة مباشرة وبدون تخطيط مسبق واستثنت مناطق الفرات الأوسط من تلك الإدارة وأصبحت تدار من قبل زعمائه وشيوخه المحليين ، وعلى أثر ذلك تشكلت لجنة من قبل حكومة الحرب البريطانية سميت ( لجنة إدارة ما بين النهرين ) لغرض النظر في مستقبل العراق السياسي ، وفي ( 19 آذار 1917 ) عقدت اللجنة أولاجتماعاتها ورفعت خلاصة توصياتها إلى نائب الملك في ( 29 آذار 1917 ) وتضمنت ما يلي(3) :-

1- تكون إدارة الأراضي المحتلة من قبل حكومة صاحب الجلالة وليس من قبل حكومة الهند .

2- لا تخضع مدينة النجف وكربلاء للسيطرة البريطانية المباشرة .

ص: 61


1- غسان العطية ، المصدر السابق ، ص206 .
2- عبد الرحمن البزاز : العراق من الاحتلال حتى الاستقلال ، ط3 ، 1967 ، ص76 ، للمزيد من التفاصيل عن المعارك التي خاضها البريطانيون ضد العثمانيين أثناء تقدمهم نحو بغداد ، ينظر : عباس العزاوي : تاريخ العراق بين احتلالين ، العهد العثماني الثالث ، شركة التجارة والطباعة المحدودة ، 1955 ، ج7 ، ص291 وما بعدها ، أمين سعيد : الثورة العربية الكبرى ، مطبعة عيسى الحلبي ، القاهرة (بلات) ، ج2 ، ص4 - 9 .
3- للمزيد من التفاصيل عن الأسس التي قامت عليها الإدارة البريطانية الجديدة للعراق ، ينظر : أحمد رفيق البرقاوي : العلاقات السياسية بين العراق وبريطانيا 1922 - 1932 ، دار الطليعة للطباعة والنشر ، بغداد 1980 ، ص17 ، غسان العطية ، المصدر السابق ، ص206 - 207 .

ونتيجة لاعتراض السير برسي كوكس على الفقرة الثانية ، تقرر تعيين موظفين محليين تابعين للإدارة البريطانية كممثلين لها في إدارة مدينة النجف الأشرف إذ تم تعيين حميد خان بن أسد خان ممثلاً للحاكم السياسي في مدينة النجف ، وسركيس أفندي في الكوفة ، ونديم الطبقجلي في أبي صخير(1).

ولما بدأت مطالبة البريطانيين للوفاء بوعودهم(2)، تشكلت جمعية النهضة الإسلامية سنة 1917 ، وكانت تهدف إلى التخلص من المحتلين وطردهم من البلاد(3).

وكان أبرز مؤسسيها الشيخ محمد جواد الجزائري ومحمد علي بحر العلوم ، وكان لهذه الجمعية جناحان أحدهما سياسي والآخر عسكري ، فقد عجل الجناح العسكري باغتيال حاكم مدينة النجف السياسي سنة 1918 الكابتن مارشال واعلان الثورة قبل أوانها(4).

وبعد فشل الثورة تم اعتقال الشيخ محمد جواد الجزائري وحكم عليه بالإعدام ثم استبدل إلى النفي والاقامة الاجبارية في المحمرة(5)، فيما حكم بإعدام أحد

ص: 62


1- عبد الستار شنين ، المصدر السابق ، ص23 .
2- عبد الرزاق الحسني : العراق في دوري الاحتلال والانتداب ، صيدا 1935 ، ج1 ، ص57 ، عبد الرزاق الظاهر : الاقطاع والديوان في العراق ، مطبعة السعادة ، مصر 1946 ، ص39 ، فيليب ويلارد ليرلند : العراق في تطوره السياسي ، ترجمة : جعفر الخياط ، بيروت 1949 ، ص252 - 253 .
3- محسن أبو طبيخ : مذكرات ، ورقة رقم 44 ، محمد علي كمال الدين : ثورة العشرين في ذكراها الخمسين ، ص63 - 65 .
4- جمال وميض عمر نظمي ، المصدر السابق ، ص123 ، للمزيد من التفاصيل عن ثورة النجف ، ينظر : عبد الرزاق الحسني : ثورة النجف بعد مقتل حاكمها مارشال ، ناجي وداعة الشريس : لمحات من تاريخ النجف الأشرف ، ج1 ، ص115 ، حسن الأسدي : ثورة النجف ، المصدر السابق .
5- جعفر الخليلي : هكذا عرفتهم ، ج4 ، ص102 .

عشر شخصاً(1) خفضت أحكام تسعة منهم إلى السجن ، فيما نفي 123 آخرين إلى الهند(2).

من بين المنضمين إلى جمعية النهضة الإسلامية الشيخ محمد رضا الشبيبي(3)، والشيخ علي الشرقي(4) ويوسف رجيب الذي عايش أحداث مدينة النجف على عهد العثمانيين والبريطانيين كانتفاضة سنة 1915 وثورة سنة 1918 التي قال عنها في مجلة الاعتدال النجفية(5)

بعد أن أبدى ترحمه على أرواح الشهداء من أن : ( ذلك يوم من أيام النجف حمده قوم وأنكره قوم ، وإذا أخفقت ثورة أولئك المجاهدين ولم يحالفهم النصر وكانت المشانق آخر مراكبهم في الحياة ، فإن الخسران احدي شقي هذا الكون ، والناس هم أولئك الناس ، هم القائلون خيراً لمن يلقى نجاحاً وفيراً ، وهم القائلون شراً للذي تزل به قدمه ويهوي )(6)

واختتم ذلك المقال بقوله : ( وخير عزاء لنا في ثكلنا برجالنا الذين غامرواتلك المغامرات في سبيل الشرف والمجد ، أن حياة أكثر العظماء والطامحين تنتهي بمأساة مفجعة أو بما هو شبيه بالمأساة ، وما في بطون التاريخ يغنينا عن الاطالة والاسهاب )(7) .

ص: 63


1- عبد الرزاق الحسني : ثورة النجف ، ص82 ، حسن الأسدي : ثورة النجف ، ص346 - 347 .
2- عبد الرزاق الحسني : ثورة النجف ، ص80 - 90 .
3- علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج7 ، ص362 .
4- المصدر نفسه .
5- الاعتدال ( مجلة ) النجف ، العدد 4 ، السنة الخامسة ، آذار 1939 ، ص223 .
6- الاعتدال ( مجلة ) النجف ، العدد 4 ، السنة الخامسة ، آذار 1939 ، ص223 .
7- المصدر السابق .

وقد عايش محمد رضا المظفر ثورة النجف وأثرت فيه ولذا نظم أبيات دعا فيها الشباب للثورة قال فيها :-

ثوروا فليس لمثلكم *** يحلو الرقاد على الوثير

والدهر كالفلك المدار *** وأنت كالقطب المدير

ماذا رقودكم وقد *** عبثت بنا أيدي الدهور(1)

ويظهر من سير الأحداث اللاحقة أن ثورة النجف قد أثرت على شخصية محمد صالح بحر العلوم ، ونمت لديه الشعور الوطني والإيمان بضرورة مقاومة المستعمر ونبذ الأجنبي(2).

ص: 64


1- محمد رضا القاموسي : وقفة مع ديوان المظفر ، بحث ضمن كتاب الندوة الفكرية لاستذكار المآثر العلمية للشيخ المظفر ، النجف 1997 ، ص141 .
2- علي عباس علوان ، المصدر السابق ، ص322 .

رابعاً : ثورة العشرين 1920 :-

أعلنت بريطانيا عن نيتها إجراء استفتاء شعبي في العراق ، حول طبيعة الحكم الذي يرغب فيه العراقيون ، وقد نفذت ذلك الاستفتاء من خلال ثلاثة أسئلة حملها معه الحاكم السياسي أرنولد ت. ولسن (A. T. Wilson) عن زيارته للنجف في 11 كانون الأول 1918وطلب الاجابة عليها من زعماء وشخصيات المدينة(1) ، وتتمحور تلك الأسئلة ، حول الرجوع إلى الحكومة العثمانية أو البقاء تحت السيطرة البريطانية أو تشكيل حكومة عربية(2) .

وفي 13 كانون الأول 1918 حضر الاجتماع قادة الحركة الوطنية والاصلاحية وعندما طرح ولسن اسئلته كانت إجابتهم واضحة وصريحة ، إذ طالبوا بحكومة عربية يرأسها أحد أنجال الشريف حسين بن علي ورفعوا بذلك طلباً إلى حاكم الشامية(3)، ولم يوقع ذلك الطلب السيد هادي الرفيعي الذي طالب ببقاء الحكم البريطاني المباشر(4)

وتم اختيار أربعة عشر شخصاً(5) ، ليمثلوا لواء الشامية والنجف في ذلك المجلس ، وقد عقد المجلس أول اجتماع له في ( 25 كانون

ص: 65


1- لمعرفة أسماء من حضروا ذلك الاجتماع ، ينظر : عبد الرزاق الحسني : الثورة العراقية الكبرى ، ط4 ، مطبعة دار الكتب ، لبنان 1978 ، ص56 .
2- محسن أبو طبيخ : المبادئ والرجال ، دمشق 1938 ، ص26 .
3- علي الوردي ، المصدر السابق ، ج5 ، ص68 وما بعدها .
4- عبد الرزاق الحسني : الثورة العراقية ، ص57 - 59 .
5- للإطلاع على أسماء هؤلاء الأشخاص ، ينظر : عز الدين المدني ، المصدر السابق ، ص38 .

الثاني 1920 ) ، اتضح للمجتمعين أن المهام الموكلة للمجلس للقيام بمناقشتها هي مهام ثانوية تتعلق بقضايا الزراعة والصحة والخدمات(1).

لقد اتضح لأعضاء المجلس البلدي أن بريطانيا تسعى لاحتوائهم من خلال هذا المجلس ، وقد جاءت الفتوى التي اصدرها الشيخ محمد تقي الحائري المعروف بالشيرازي التي تقضي ب- (( عدم جواز انتخاب غير المسلم إلى الإدارة والسلطنة على المسلمين ))(2)

لتجعل الأمر غاية في التعقيد ، إذ قدم جميع أعضاء المجلس استقالاتهم ، الأمر الذي دفع البريطانيين إلى التشدد في حكمهم(3) .

وبعد اتضاح الموقف لرجال الحركة الوطنية والاصلاحية بعدم رغبة بريطانيا بالانصياع لمطالبهم التي نادوا بها ومنها الاستقلال التام ، عقدوا العزم على مواصلة التصدي لهم والثورة عليهم(4).

لقد تزايد تصاعد الأحداث باتجاه اعلان الثورة المسلحة ضد بريطانيا خاصة وأن الأخيرة لم تبد أي اهتمام بالمطالب التي قدمتها الحركة الوطنية ، ولهذا عقدت سلسلة من الاجتماعات كان أولها في ( 27 رجب / 26 نيسان 1920 )

ص: 66


1- غسان العطية ، المصدر السابق ، ص428 .
2- عبد الله فهد النفيسي : دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث ، 1976 ، ص133 - 134 ؛ عبد الرزاق الحسني : الثورة العراقية ، ص85 .
3- هنري فوستر : نشأة العراق الحديث ، ترجمة : سليم طه التكريتي ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1989 ، ص130 ، ينظر أيضاً : البرت م. منشافيلي : العراق في سنوات الانتداب البريطاني ، ترجمة : هاشم صالح التكريتي ، مطبعة جامعة بغداد ، 1978 .
4- فاضل حسين : الفكر السياسي في العراق المعاصر 1914 - 1958 ، معهد البحوث والدراسات العربية بمؤسسة الخليج للطباعة والنشر ، بغداد 1984 ، ص55 .

في دار السيد علوان الياسري في النجف ، وحضره العديد من رجال الحركة الوطنية والاصلاحية ، ومنهم علي الشرقي وحسين كمال وآخرون(1).

وتطرق المجتمعون إلى امكانية القيام بالثورة المسلحة وانقسموا إلى مؤيد ومعارض ، ثم توصلوا إلى اتفاق يقضي بتأجيل اعلان الثورة حتى اكتمال استعداداتهم اللازمة(2)، واتفقوا على القيام بالعصيان المدني وقرروا أيضاً(3):-

- اختيار مدينة كربلاء مقراً تأسيسياً لجمعية أسموها الجامعة الإسلامية وأنشأوا فروعاً لها في مختلف مدن العراق وبرئاسة الشيرازي .

- اصدار منشور بتوقيع الشيرازي يدعوا إلى وحدة الكلمة لمواجهة التحديات .- تم اختيار يوم الجمعة ليكون عطلة ويوماً للشعب تعطل فيه الأعمال ويتوقف البيع والشراء ، على أن تنصب المنابر في الساحات العامة لزيادة الحماس والاثارة للمواجهة المرتقبة .

وقد عقد اجتماع آخر أثناء زيارة النصف من شعبان ( 4 آيار ) في دار السيد أبي القاسم الكاشاني المجاور للصحن الحيدري الشريف وحضره العديد من العلماء والزعماء وشيوخ القبائل ورجال الحركة الوطنية والاصلاحية(4) .

ثم عقد اجتماع سري في دار الشيرازي حضره الشيخ عبد الكريم الجزائري وعدد آخر من رجال الحركة الوطنية والاصلاحية وشيوخ العشائر وزعمائها(5)، وناقش

ص: 67


1- علي الوردي ، المصدر السابق ، ج5 ، ص125 .
2- علي الشرقي : الأحلام ، ص107 - 108 ، علي الوردي ، المصدر السابق ، ج5 ، ص126 .
3- علي الوردي ، المصدر السابق ، ج5 ، ص126 .
4- عبد الرزاق الحسني : الثورة العراقية الكبرى ، ص134 .
5- علي الوردي ، المصدر السابق ، ج5 ، ص128 .

المجتمعون امكانية القيام بالثورة ضد البريطانيين ، وقد أبدى الشيرازي تخوفه من عدم قدرة المجتمعين على ضبط الأمن والنظام عند اعلان الثورة(1)، لكن تطمينات الحاضرين وتأكيدهم على قدرتهم على القيام بالواجب على أكمل وجه ، جعلته يخاطبهم ( إذا كانت هذه نياتكم وهذهتعهداتكم ، كان الله في عونكم )(2) ، وفي اليوم التالي عقد اجتماع آخر في دار السيد نور الياسري واتفقوا على أداء يمين الولاء والاخلاص للثورة في حضرة الامام الحسين ( عليه السلام ) ، ثم تفرق الحاضرون عل أمل العودة للاجتماع مرة أخرى(3) . لقد طالبت الحركة الوطنية بالاستقلال من خلال التظاهرات بعدما يئست من الوعود التي أطلقها البريطانيون ، فضلاً عن عدم استجابتهم للمطالب التي قدمها المندوبون الذين تم اختيارهم في بغداد وكربلاء والنجف وغيرها من المدن العراقية للسلطات البريطانية(4)، وقد سعت بريطانيا لاعتقال أبرز قادة الحركة الوطنية والعديد من العلماء ، ولهذا أصدر الشيرازي فتواه بإعلان الجهاد التي نصت على : (( مطالبة الحقوق واجب ويجب عليهم في ضمن مطالبهم رعاية السلم والأمن ، ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية إذا امتنع الانجليز من قبول مطالبهم ))(5) .

ص: 68


1- عبد الله فياض : الثورة العراقية الكبرى سنة 1920 ، ط2 ، مطبعة دار السلام ، بغداد 1975 ، ص279 .
2- عبد الرزاق الحسني : الثورة العراقية ، ص136 .
3- عبد الرزاق الوهاب : كربلاء في التاريخ ، مطبعة الشعب ، بغداد 1935 ، ج3 ، ص102 .
4- عبد الرزاق الحسني : الثورة العراقية ، ص138 - 148 .
5- عبد الله فياض ، المصدر السابق ، ص274 .

وما أن صدرت هذه الفتوى حتى تم عقد اجتماع في دار السيد نور الياسري وحضره الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وعبد الكريم الجزائري وعبد الرضا الشيخ راضي وعدد آخرتم فيه كتابة رسائل موقعة من قبل العلماء إلى بني حجيم وبقية العشائر ، كما صدرت فتوى أخرى تناشدهم التهيؤ للثورة ومقاومة المحتلين وطردهم من البلاد(1).

وقد حاول البريطانيون اعتقال أبرز قادة الحركة الوطنية من خلال دعوتهم للاجتماع بالميجر نوربري (Major Norbury) حاكم الشامية ، فقد حضر هؤلاء ذلك الاجتماع ، إلاّ أنهم فوجئوا بوصول وكيله الكابتن مان (Man) الذي كان ينوي اعتقالهم لكنه عدل عن قراره بعدما وجدهم يفوقونه عدة وعدداً(2).

وكان السبب المباشر في اندلاع الثورة التي انطلقت شرارتها الأولى في الرميثة في 30 حزيران 1920 ، اعتقال رئيس قبيلة الظوالم الشيخ شعلان أبو الجون ، ثم بدأت تسرياحداثها إلى بقية المدن العراقية التي كانت متوثبة للثورة وكان لزعماء العشائر ورجال الحركة الوطنية والاصلاحية دور في قيادة الثوار سياسياً وعسكرياً(3).

ص: 69


1- عبد الشهيد الياسري ، المصدر السابق ، ص162 - 164 .
2- ل. ن. كتولوف : ثورة العشرين الوطنية التحررية في العراق ، تعريف : عبد الواحد كرم ، مراجعة : عبد الرزاق الحسني ، ط2 ، بيروت 1975 ، ص118 ، أرنولد ت. ولسن وكيل الحاكم الملكي العام في عهد الاحتلال البريطاني ، الثورة العراقية ، ترجمة جعفر الخياط ، ط1 ، بغداد 1971 ، ص134 .
3- أنور الحبوبي : دور المثقفين في ثورة العشرين ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة بغداد 1989 ، ص126 .

وقد اشترك الشيخ محمد جواد الجزائري في هذه الثورة وكان من قيادي جبهة الفرات الأوسط المسلحة وساهم مع الثوار في محاصرة البريطانيين في مدينة الحلة(1)

، وعمل على استنهاض عشائر بني كعب ومشاركة العراقيين في حربهم ضد البريطانيين(2)، لقد استطاعت بريطانيا القضاء على الثورة ، وسيطرت على الأوضاع في العراق ، فحكمت على الشيخ محمد جواد الجزائري بالإعدام للمرة الثانية ، لكنه تمكن من الهرب مع السيد كاطع العوادي عن طريق عبوره نهري دجلة والفرات ومن ثم الوصول إلى تلال حمرين(3).

أما الشبيبي فقد ساهم بالإعداد للثورة من خلال الرسائل التي حملها معه للشريف حسين تضمنت مطالبة العراقيين بالاستقلال ورفض الانتداب وفيها أيضاً توضيح لما جرى في ذلكالاستفتاء المزيف ، ومطالبتهم بحكومة دستورية يرأسها أحد أنجال الشريف حسين وأطلعه أيضاً على تأزم الوضع وقرب اندلاع الثورة في العراق إذا لم تلب بريطانيا مطالب العراقيين(4).

وبعد أن أنهى الشبيبي مهمته في الحجاز غادرها إلى سوريا واجتمع بنائب الأمير فيصل ، الأمير زيد ، وفي أثناء وجوده هناك شارك في المؤتمر السوري الذي نادى باستقلال البلاد وبإعلان فيصل ملكاً على سوريا واشترك في المؤتمر الذي

ص: 70


1- كامل سلمان الجبوري : ذكريات الحاج عبد الرسول تويج عن الثورة العراقية ، مطبعة الغري الحديثة ، النجف 1975 ، ص18 .
2- إبراهيم الوائلي : ثورة العشرين في الشعر العراقي ، مطبعة الإيمان ، بغداد 1968 ، ص10 وما بعدها .
3- علي الخاقاني : شعراء الغري ، المصدر السابق ، ج7 ، ص354 .
4- عبد الرزاق الحسني : الثورة العراقية ، ص154 .

دعا إليه العراقيون وطالبوا فيه باستقلال العراق وأن يكون أحد أبناء الشريف حسين ( عبد الله ) ملكاً عليه(1).

وعندما انطلقت الثورة تشكل مكتب لها في النجف برئاسة الشيخ محمد رضا الشبيبي وعضوية كل من الأخوين سعيد وحسين كمال الدين ، ومحمد باقر الشبيبي وعدد آخر غيرهم من رجال الحركة الوطنية والاصلاحية ، وقام بتوزيع المنشورات ، كما تم رفع علمالثورة فوق سوق الخياطين في النجف ، وتم رسمه على جدران مكتبة عبد الحميد زاهد ، ومعروف أن هذا العلم هو نفسه علم الثورة العربية الكبرى 1916(2).

لقد كان الشيخ علي الشرقي رسول الثورة (1920) إلى الشطرة والغراف(3). ارسل من مدينة كربلاء ليؤسس فرعاً في الشطرة للجامعة الإسلامية التي كان مقرها الرئيس في مدينة كربلاء برئاسة محمد تقي الشيرازي(4)، وقد اشترك الشيخ علي الشرقي في أحداث هذه الثورة وتعرض لأخطار عديدة(5).

وعندما استعادت بريطانيا سيطرتها على العراق وقضت على الثورة ، نشب خلاف بين الشرقي ومحمد باقر الشبيبي(6)

، إذ اعتقد الشرقي بعدم جدوى المقاومة بعد

ص: 71


1- فريق مزهر الفرعون ، المصدر السابق ، ص574 ، علي الوردي ، المصدر السابق ، ج5 ، ص122 وما بعدها .
2- علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج8 ، ص8 .
3- طالب علي الشرقي : في ذكريات الشرقي ، النجف 1990 ، ص10 .
4- علي الوردي ، المصدر السابق ، ج5 ، ص126 .
5- إبراهيم الوائلي ، المصدر السابق ، ص25 .
6- وهو شقيق محمد رضا الشبيبي ، وللمزيد من التفاصيل عن هذه الشخصية ودورها في ثورة العشرين ، ينظر : عبد الرزاق الهلالي ، الشاعر الثائر محمد باقر الشبيبي ، ط1 ، شركة الطبع والنشر الأهلية ، 1965 ، يعقوب يوسف كوريا : حكايات عن الصحافة في العراق ( صحافة العمر القصير ) ج1 ، بغداد 1969 .

سيطرت بريطانياعلى العراق ، باعتقال قسم من الثوار ، وهروب القسم الآخر ، واثقال كاهل العشائر بالغرامة ، ولم يرق هذا الموقف للشبيبي الذي عده نوعاً من المهادنة وتثبيطاً للعزيمة الثورية(1).

وقد نفى الشيخ علي الشرقي هذه الاتهامات ولكن دون جدوى واستمرت هذه القطيعة بين الشيخ علي الشرقي والشيخ محمد باقر الشبيبي وأعقب ذلك زيادة شكوك العامة تجاه الشيخ علي الشرقي(2).

وقد تركت ثورة العشرين أثراً كبيراً على الشيخ محمد رضا المظفر من خلال العديد من القصائد والموشحات التي نظمها ، وأظهر فيها خيبة أمله وأمل العراقيين من السياسة الاستعمارية التي اتبعتها بريطانيا تجاه العراقيين وأبدا رأيه بتلك السياسة من خلال احدى موشحاته التي تضمنت الأبيات التالية(3):-

فاستهز الماء فيها *** وجاء طاغي العباب

فراح يفسد منها *** في الموج روح الشباب

يدس فيها اختلاساً *** سياسة الانتداب

يا ماء أنت عهدت *** البقاء لهذي الورود

أعن هوى الغرب فينا *** رويت نقض العهود

ص: 72


1- الاستقلال ( جريدة ) ، النجف ، العدد 1158 ، السنة 1927 .
2- جعفر الخليلي : هكذا عرفتهم ، ج2 ، ص59 .
3- محمد رضا القاموسي ، المصدر السابق ، ص148 .

ثم خاطب أبناء الشعب عموماً في احدى قصائده التي أكد فيها الوحدة والوقوف صفاً واحداً بوجه عدوهم المشترك ، الاستعمار البريطاني إذ قال فيها(1):-

يا عراقي جهلت مسقط رأسي *** وهو في الشعب كالهلال المضي

فبأي الحقوق جازيت أهليه *** ويا ليت كنت تدري بأي

عقدوا مجلس الحماية عن حقك *** قد كنت طعمة الأجنبي

يوم هبت وأنت في قبضة الغرب *** رجال منهم بأنف أبي

ناضلت عندك والحسام صدي *** فجلته بفكرها الثوري

أما جعفر الخليلي فقد شارك في الثورات ضد البريطانيين وله ذكريات عن الثورة العراقية وهو لم يزل يافعاً ومن بينها منشوراته على صفحات صحفية ، كانت توزع أو تلصق في الصحن الحيدري الشريف(2).

ص: 73


1- المصدر نفسه ، ص149 .
2- كاظم مسلم ، المصدر نفسه ، ص402 .

الفصل الثالث : موقف الاصلاحيين في النجف من تطور الأحداث السياسية العراقية بعد الاستقلال

اشارة

أولاً : حركات العشائر سنة 1935 .

ثانياً : ثورة مايس سنة 1941 .

ثالثاً : الأحزاب والجمعيات .

ص: 74

أولاً : حركات العشائر سنة 1935

قدمت وزارة جميل المدفعي الثانية استقالتها في ( 25 آب 1934 )(1)

فأمر الملك غازي علي جودت الايوبي بتشكيل الوزارة فشكلها في ( 27 آب 1934 - 23 شباط 1935 )(2)

، فكان أول عمل قامت به الوزارة استصدار إرادة ملكية بحل المجلس النيابي في ( 4 ايلول 1934 )لإبعاد المعارضين من أعضاء حزب الإخاء الوطني وأنصارهم من الزعماء من المجلس النيابي الجديد(3).

وفي ( 15 ايلول 1934 ) أصدرت وزارة الداخلية أوامرها للشروع بالانتخابات ، وتم تعليق الأسماء التي يحق لها الانتخاب ، ومن ثم انتخاب الممثلين الثانويين وهم من الموالين للسلطة والمؤيدين لها ، وكان غالبية هؤلاء من موظفين الحكومة وسعاة البلدية والمالية(4).

وفي ( 6 كانون الأول 1934 ) تم إجراء الانتخابات التي ظهر فيها التدخل الحكومي بشكل واضح لضمان حصول الاغلبية الحكومية على اكثرية المقاعد في المجلس النيابي الجديد ، ومما يلاحظ على هذه الانتخابات ضعف التمثيل القبلي

ص: 75


1- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص60 .
2- الحسني : تاريخ العراق السياسي ، ج3 ، ص130 .
3- المصدر نفسه ، ج3 ، ص133 .
4- عز الدين المدني ، المصدر السابق ، ص74 .

وازدياد ممثلي المدن(1) ، لذلكسعى زعماء القبائل إلى الانضمام إلى رجال المعارضة في بغداد بعدما وجدوا أنفسهم خارج المجلس النيابي الجديد(2).

فقوبل انضمامهم إلى المعارضة بترحيب حار من قبل قادتها ، وبذلت مساعيها لتقريب وجهات النظر وإزالة الضغائن بين تلك الزعامات القبلية(3).

وبعد الانتهاء من عملية الانتخابات ضمنت وزارة علي جودت الايوبي الاغلبية في مجلس النواب في حين انتقلت المعارضة إلى مجلس الأعيان المعين من قبل الملك(4)، ففي ( 29 كانون الأول ) افتتح الملك غازي الاجتماعي الاعتيادي الأول للمجلس النيابي الجديد في دورته الانتخابية الخامسة ، وألقى خطاب العرش الذي أعدته الوزارة وكان خطاباً موجزاً(5) ، وعند مناقشته في مجلس الأعيان وجه العديد من الاعيان انتقادات حادة للطريقة التياجريت بموجبها الانتخابات ، لأنها كانت مخالفة لأحكام الدستور(6)، وأن طريقة إجرائها كانت بأساليب لا داعي لذكرها(7)، ولم تقتصر تلك الانتقادات على الأعيان فحسب بل تعدتها إلى التقارير

ص: 76


1- عبد الرحمن البزاز : العراق من الاحتلال حتى الاستقلال ، ص243 .
2- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص50 ، حسن علي عبد الله السماك : عشائر الفرات الأوسط 1924 - 1941 ، رسالة دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب جامعة البصرة ، 1995 ، ص212 .
3- و. د. تقرير معاون شرطة السماوة إلى قائمقمام السماوة ، رقم س / 27 في 12/1/1935 ، الموضوع اجتماع رؤساء العشائر ، الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص50 .
4- عبد الرحمن البزاز : العراق من الاحتلال حتى الاستقلال ، ص243 .
5- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص38 .
6- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع الاعتيادي العاشر لعام 1935 - 1936 ، ص5 - 16 .
7- المصدر نفسه ، ص5 - 16 .

البريطانية التي انتقدتها أيضاً لأنها أوصلت أناساً غير معروفين واستبعدت آخرين لهم مكانتهم الاجتماعية والوطنية(1) .

قررت المعارضة عقد اجتماع لها في دار عبد الواحد الحاج سكر في أول يوم من أيام عيد الفطر المبارك ( 9 كانون الثاني 1935 ) وبعد انتهاء الاجتماع رفعوا مذكرة للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء انتقدوا فيها الطريقة التي اجريت بها الانتخابات وتدخل الحكومة السافر بها وطالبوه بعقد اجتماع في داره وبرئاسته للتداول في الشؤون التي يتذمرون منها من الوجهة الدينية والاجتماعية والاقتصادية والادارية خدمة للصالح العام(2).

تم التوقيع على هذه المذكرة من قبل العديد من زعماء القبائل المعارضة ومنهم محسن أبو طبيخ وعلوان الياسري وعبد الواحد الحاج سكر وآخرون(3)، وافق الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء على عقد الاجتماع في داره في ( 11 كانون الثاني 1935 ) وحضره العديد من رجال الحركة الوطنية وتم فيه الاتفاق على مساندة الأعيان في دفاعهم عن الدستور وتقديم عرائض إلى الملك ومجلس النواب والأعيان موقعة من قبل النواب بالقضايا التي يشكو منها الشعب(4).

ص: 77


1- نجدت فتحي صفوت : العراق في الوثائق البريطانية سنة 1936 ، البصرة 1983 ، ص113 .
2- للمزيد من التفاصيل حول مضمون المذكرة ، ينظر : الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص51 - 52 .
3- و. د. ، الحركات السياسية لشيوخ الفرات الأوسط ، الملفة ( 28 / ديوانية / قسم 4 ) صورة عن الكتاب الأصلي ، ورقة رقم 11 .
4- الحسني : تاريخ العراق السياسي الحديث ، ج3 ، ص133 .

وبعد انهاء الاجتماع غادر الزعماء إلى بغداد فعقدوا اجتماعاً مع الملك غازي في ( 14 كانون الثاني 1935 ) وقدموا له تسع مضابط أكدوا فيها أن المصلحة العامة دعتهم لكتابة هذه المضابط وطالبوه بما يأتي(1) :-

1- حل المجلس النيابي وانتخاب مجلس جديد وفق الدستور والقوانين .

2- إسقاط الوزارة وابدالها بأخرى تنال رضا الشعب .وبالمقابل فإن حزب الوحدة الوطنية الذي يتزعمه رئيس الوزراء علي جودت الايوبي ضم إليه زعماء عشائر آخرين وقفوا إلى جانب الحكومة تأكيداً لمصالحهم(2).

وقد قامت العشائر الموالية للحكومة بأعمال استعراضية اظهاراً لقوتهم وتماسكهم من خلال جولات في مدن الفرات الأوسط وأرسلوا برقيات تأييداً للوزارة ودعوا الناس إلى مؤازرتها ولكن دون جدوى(3)، لأن المعارضة سبقتهم في استمالة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء إلى جانبها ومن الجدي بالذكر أن الشيخ محمد حسين يتمتع بشعبية واسعة وتأثير فعّال في منطقة الفرات الأوسط لذا حاول الموالون للحكومة استمالته أيضاً وشرح موقفهم له من خلال لقائهم به وعلى أثر ذلك دعا الشيخ محمد حسين العشائر المعارضة والموالية لعقد اجتماع في داره وعندما حضر الجانبان اطلع الشيخ على آراء الموالين للحكومة الذين أعلنوا موافقتهم على تقديم استقالاتهم من المجلس النيابي شريطة أن يقدم الأعيان الذين

ص: 78


1- عبد الستار شنين ، المصدر السابق ، ص184 - 185 .
2- حيدر نزار ، المصدر السابق ، ص46 .
3- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص54 .

سيشكلون المعارضة استقالاتهم أيضاً من مجلس الأعيان إلاّ أن الأخيرين رفضوا ذلك الطلب ، الأمر الذي أدى إلى فشل الاجتماع(1) .

وكادت تطورات الأوضاع أن تؤدي إلى نشوب نزاع مسلح بين العشائر الموالية للحكومة والعشائر المعارضة لها لولا الفتوى التي أصدرها الشيخ محمد حسين بتحريم القتال بين العشائر لما يسببه ذلك من ضرر على البلاد وربما يؤدي إلى تدخل الاجنبي فضلاً عن اراقة الدماء ونهب الأموال واضطراب الأمن(2) .

وبعد تلك المستجدات وجدت الوزارة نفسها في وضع حرج جداً خاصةً بعد التحدي الكبير الذي تعرضت له في مجلس النواب والأعيان ، إذ احتفظ الأعيان بمشروع الميزانية ولم يناقشه واستخدم ذلك ورقة ضغط على الحكومة لإسقاطها(3) .

كما أسهم الخلاف الذي حصل بين وزير الخارجية نوري السعيد ووزير الدفاع جميل المدفعي في اضعاف موقفها على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها رئيس الحكومة لإزالةالخلاف إلاّ أن مساعيه لم تنجح في تخفيف حدته(4) ، كما أسهمت المعارضة الشعبية المتمثلة بالتظاهرات التي تزعمها المحامون في اضعاف موقف الحكمة فاضطرت إلى تقديم استقالتها في 23 شباط 1935(5) .

ص: 79


1- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج5 ، ص55 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : مذكرات ، ورقة رقم 88 .
3- عبد الغني الملاح : تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق ، دار الحرية للطباعة ، بغداد 1975 ، ص169 .
4- الحسني : تاريخ الوزارات ، ص55 - 56 .
5- عبد الغني الملاح ، المصدر السابق ، ص169 .

تباينت الآراء في من يشكل الوزارة الجديدة ، فرأي طالب بأن يكون علي جودت الأيوبي على رأس الوزارة الجديدة بعد ادخاله عناصر جديدة في وزارته المستقيلة ، ويخرج منها أرشد العمري وزير الاقتصاد والمواصلات(1) .

وهناك رأي آخر طالب بأن تتعاون الأحزاب فيما بينها لتأليف الوزارة الجديدة خدمة للصالح العام إلاّ أن الملك غازي أمر ياسين الهاشمي بتشكيل الوزارة بعد أن اشترط عليه(2):-

1- في أن يكون كل من علي جودت الايوبي وجميل المدفعي في عضويتها .

2- إرجاع العشائر المضطربة إلى حالتها الطبيعية .3- استبعاد رشيد عالي من الوزارة المرتقبة .

4- عدم حل المجلس النيابي الذي كان ياسين الهاشمي راغباً في حله .

لم يستجب ياسين الهاشمي لتلك الشروط ، فعهد الملك غازي إلى جميل المدفعي بتشكيل الوزارة فشكلها في ( 4 آذار - 17 آذار 1935 )(3) .

رفضت العشائر الموالية للمعارضة الوزارة الجديدة ( وزارة المدفعي ) بوصف أن هذه الوزارة لا تختلف عن سابقتها لا من حيث الأشخاص ولا الأهداف(4). لذلك سعت المعارضة إلى كسب الرأي العام إلى جانبها من خلال استمالة الزعيم الروحي محمد حسين كاشف الغطاء إلى جانبها ، فتم عقد اجتماع في داره حضره

ص: 80


1- لمعرفة أسباب إخراج العمري ، ينظر : الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص57 ، هامش رقم 1 .
2- الحسني : تاريخ العراق السياسي الحديث ، ج3 ، ص134 ، الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص58 .
3- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص60 .
4- المصدر نفسه ، ج4 ، ص63 .

عدد من المعارضين تناول أمور الوزارة المدفعية وامكانية التصدي لها عن طريق الثورة المسلحة ، إلاّ أن هذا الاجتماع لم يؤد إلى نتيجة(1)

.وقد حاول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء تهدئة العشائر المعارضة في الرميثة ودعا وكيله الشيخ أحمد أسد الله إلى بذل مساعيه لدعوة العشائر إلى حفظ الأمن والتزام الهدوء ، لأن ما يقومون به مخالف للشريعة الإسلامية واستمراراً لذلك النهج اجتمع الشيخ أحمد أسد الله بقائمقام السماوة وطلب منه اتخاذ الإجراءات القانونية بحق مدير ناحية الرميثة لقيامه بأعمال من شأنها إثارة العامة من الناس(2).

توالت الاجتماعات التي دعا إليها الشيخ محمد حسين في النجف مع المؤيدين للحكومة والمعارضين لها ، وحاول الشيخ محمد حسين تقريب وجهات النظر بين الطرفين ، إلاّ أن مساعيه فشلت لاسيما أن عبد الواحد الحاج سكر قد تحرك وحمل السلاح ضد الحكومة ، فقررت حكومة المدفعي ارسال الجيش للقضاء على حركته(3)

، وحاولت انهاء الأزمة عنطريق التفاوض فأرسلت وزير المعارف عبد الحسين الجلبي إلى النجف ولقاء الشيخ محمد حسين وقادة المعارضة(4).

ص: 81


1- محمد حسين كاشف الغطاء : مذكرات ، ورقة رقم 79 .
2- د. ك. و ، متصرفية لواء الديوانية ، التحرير ن العدد س/435 ، التاريخ 13/3/1935 ، الدعايات في ناحية الرميثة 1115/311 و 46 ، ص125 .
3- محمد حسين كاشف الغطاء : مذكرات ، ورقة رقم 8 .
4- د. ك. د ، البلاط الملكي ، التمرد والغزوات ، أحداث الفرات الأوسط ( 1115/311 ) و (42) ، ص18 .

وخلال اللقاء الذي حضره متصرف لواء كربلاء خليل عزيز طالبهم بعدم اللجوء إلى القوة المسلحة كحل لهذه المشكلة ودعاهم للتفاوض والوصول إلى الحل بإصلاح ذات البين(1).

ونتيجة لتطور الأوضاع ، اجتمع مجلس الوزراء لمناقشة الوضع المتردي واتخاذ الإجراءات اللازمة حضره رئيس الديوان الملكي رستم حيدر ورئيس الأركان طه الهاشمي ومستشار وزارة الداخلية كورنواليس (Cornawales) وبناءً على طلب الأخير قرر مجلس الوزراء استخدام القوة المسلحة واتخذت الإجراءات اللازمة لذلك ، كما قرر الاستعانة ببعض العشائر الموالية ضد العشائر الثائرة(2)

، وعندما عرض قرار المجلس على الملك غازي رفض المصادقة عليه استجابة لتدخلا الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء الذي رفعإليه برقية دعاه فيها إلى التدخل لحل المسألة بالطرق السلمية مخافة تطور الأحداث إلى ما لا تحمد عقباه(3).

وكان رد فعل الشيخ محمد جواد الجزائري سريعاً تجاه عزم الحكومة المدفعية باستعمال القوة المسلحة ضد العشائر المعارضة ، إذ أرسل الشيخ محمد جواد وعيسى كمال برقية إلى الملك غازي في 13 آذار 1935 ينبهانه فيها على السياسة التي تنتهجها الحكومة ضد المعارضين هي سياسة ارهابية وأن مطالبة

ص: 82


1- محمد حسين كاشف الغطاء : المذكرات ، ورقة رقم 81 .
2- د. ك. و. البلاط الملكي ، التمرد والغزوات ، أحداث الفرات الأوسط ( 1115/311) و (5) ، ص10 .
3- محمد حسين كاشف الغطاء : المذكرات ، ورقة رقم 80 ، الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص76 - 77 ، وزارة الداخلية ، متصرفية لواء الديوانية ، الموضوع ، التقرير اليومي عن اللواء في 14/3/1935 ، العدد س/473 ، التاريخ 16/3/1935 .

الشعب بتطبيق مبادئ الدستور هي من حقوقه المشروعة وانتقدوا بشدة طريقة معالجة الوزارة للأوضاع وقرارها باستخدام القوة المسلحة ضد المعارضين لها ، مما يؤدي إلى إراقة الدماء(1).

وتنفيذاً لأمر الملك غازي وصل النجف وزير المعارف عبد الحسين الجلبي وبرفقته الشيخ علي الشرقي الذي كان يرأس محكمة التمييز الشرعي الجعفري لغرض الالتقاء بعلماء الدينوالتداول معهم حول الأوضاع المتردية في المدينة ومحاولة إصلاحها ، إذ اجتمعا بكل من محمد جواد الجواهري وعبد الكريم الجزائري وتمخض الاجتماع عن كتابة رسائل نقلها الشيخ محمد علي اليعقوبي إلى زعماء القبائل المعارضة للوزارة المدفعية الثالثة(2)

، وكانت احداهما لزعيم آل فتله عبد الواحد الحاج سكر وفيها توضيح من الشيخين لما دار في اجتماعهما مع مبعوث الملك ومرافقيه واقترحا عليه ايقاف الحملات العسكرية وطالباه بعرض طلباته المشروعة وأوصياه بعدم التعرض للجيش المتوجه إليهم لأن الجنود أبناؤهم وحذراه من العواقب الخطيرة المتمثلة بإراقة الدماء وأن يسلك طريق الحكمة والتعقل في معالجته للموقف الخطير(3) .

ولابد من الإشارة هنا إلى أن يوسف رجيب كان قد عايش حركة العشائر سنة 1935 في سوق الشيوخ حين كان موظفاً وقد ألقى باللائمة على الحكومة لفشلها

ص: 83


1- د. ك. و. البلاط الملكي ، التمرد والغزوات ، أحداث الفرات الأوسط ، 1935 ، الملفة المرقمة (1116) و (36) ص54 .
2- د. ك. و. البلاط الملكي ، التمرد والغزوات ، أحداث الفرات الأوسط ، 1935 ، الملفة المرقمة (1115/311) و (19) ص59 .
3- د. ك. و ، البلاط الملكي ، رسالة من عبد الكريم الجزائري ، الملفة (4776) ، ورقة 1 ص1 .

في معالجة الأوضاع بالحكمة ولهذا اغضبتها كتاباته واتهمته بالعمل على إثارة الرأي العام ضدها فوضعته تحتالمراقبة وظلت تلاحقه سياسياً حتى أمرت باعتقاله وبعد خروجه استأنف نشاطاته الثقافية والأدبية فكتب في العديد من الصحف والمجلات التي كانت تصدر في بغداد والنجف مما أدى إلى اعتقاله مرة أخرى(1) .

وقد ساهم محمد صالح بحر العلوم في إثارة الرأي العام على الوزارة المدفعية الثالثة وإجراءاتها القمعية ضد أبناء الفرات الأوسط فقد خطب في الصحن الحيدري الشريف أمام المئات من الشباب الوطني والأهالي في 15 آذار 1935 مندداً بالحكومة وإجراءاتها التعسفية ضد أبناء الشعب لا لشيء سوى مطالبتهم بتطبيق الدستور(2)

، وعلى أثر ذلك خرجت الجماهير الغاضبة وهي تهتف بسقوط الوزارة متجهة إلى بناية القائمقامية فاصطدموا بالشرطة التي انسحبت إلى داخل بناية السراي وأغلقت أبوابها وعندها هاجمت الجماهير الغاضبة البناية بالحجارة والعصي وهاجمت القائمقام ونتيجة لذلك أضربت المدينة بأجمعها وأغلقت المحلات والمخازن(3)

.كما شارك محمد صالح بحر العلوم بالتظاهرات التي قام بها طلاب المدرسة الثانوية مع جمع غفير من الأهالي المتجهين إلى الصحن الحيدري الشريف وألقى فيهم خطبة ندد فيها بالوزارات السابقة وطالب الوزارة الجديدة بالإيفاء بالتزاماتها

ص: 84


1- كاظم مسلم ، المصدر السابق ، ص288 .
2- عبد الستار شنين ، المصدر السابق ، ص193 .
3- المصدر نفسه .

التي قطعتها على نفسها في محاربتها للفساد والعمل على تطبيق الدستور وإجراء الاصلاحات خدمة للصالح العام(1).

ونتيجة ذلك حكم عليه سنة 1935 بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة بعد إعلان الأحكام العرفية ثم نقل من سجن الناصرية إلى سجن الموصل(2) ، وبعد صدور قرار العفو عن المحكومين أطلق سراحه بعد أن أمضى في السجن حوالي خمسة أشهر(3).

وإثر ذلك وجدت الوزارة نفسها في موقف حرج فقرر جميل المدفعي تقديم استقالة وزارته للملك في 17 آذار 1935 الذي قبلها واستدعى ياسين الهاشمي لتشكيل الوزارة الجديدة(4) ، لكن ياسين الهاشمي لم يعط رأياً قاطعاً بالموضوع لأنه كان مرتبطاً بوثيقةمؤتمر الصلح(5)

، فحاول إقناع أصحابه بالاشتراك بالوزارة الجديدة إلاّ أنه فوجئ بموقف حكمت سليمان الرافض بحجة ارتباطه بعهود مع محمد جعفر أبو التمن وكامل الجادرجي وعبد القادر إسماعيل تقضي بعدم المشاركة في الحكم دون موافقتهم(6). ولهذا جرت محاولات لإقناع حكمت سليمان

ص: 85


1- و. د. التقرير السري لمتصرف لواء كربلاء إلى وزارة الداخلية ، المرقم س/91/2 في 13 آذار 1935 .
2- علي الخاقاني : شاعر الشعب ، ص18 .
3- المصدر نفسه .
4- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص80 .
5- هو تتويج لعدة مؤتمرات عقدت في بغداد والكاظمية ثم في كربلاء والمشخاب وعقد في ( 7 كانون الأول 1934 ) في داري رشيد عالي وحكمت سليمان بالتناوب ، ينظر : فاروق صالح العمر : المعاهدات العراقية - البريطانية وأثرها في السياسة الداخلية 1922 - 1948 ، دار الحرية للطباعة ن بغداد 1977 ، ص336 .
6- محسن أبو طبيخ : المبادئ والرجال ، ص46 - 48 .

للاشتراك في الوزارة فوافق على ذلك شريطة أن يتولى منصب وزارة الداخلية(1) ، فرفض ياسين الهاشمي ذلك وعرض عليه أية وزارة أخرى عدا هذه الوزارة إلاّ أنه رفض ذلك(2).

كما رفض رشيد عالي الكيلاني منصب وزارة المالية التي عرضها ياسين الهاشمي ، ووافق على اشغال وزارة الداخلية(3). ولهذا اعتذر ياسين الهاشمي عن قبول التكليف بتشكيل الوزارة ، وبعد مشاورات بين رشيد عالي ورستم حيدر رئيس الديوان الملكي حاول فيهاإقناعه بقبول منصب وزير المالية وقد نقل رئيس الديوان إلى الملك صورة الوضع المتردي في البلاد فكلف الملك ياسين الهاشمي بتشكيل الوزارة دون شروط(4)

فشكلها في ( 17 آذار 1935 / 29 تشرين الأول 1936 ) وكانت تهدف إلى إعادة الأمن والطمأنينة للبلاد(5).

لقد عبر الاخائيون ومؤيدوهم عن فرحتهم بتقليد زعيمهم ياسين الهاشمي الوزارة الجديدة في هذه المرحلة وشكلوا وفوداً قصدت بغداد لتقديم التهاني للحكومة(6).

وقد أبدى الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء عدم ارتياحه لهذه الوزارة ورفض مباركتها والرضا عنها كما رفض توجيه نداء إلى القبائل بوجوب الخضوع لها

ص: 86


1- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص80 .
2- محسن أبو طبيخ : المبادئ والرجال ، ص51 .
3- عبد الغني الملاح ، المصدر السابق ، ص171 .
4- للمزيد من المعلومات عن الهاشمي ينظر : سامي عبد الحافظ القيسي : ياسين الهاشمي ودوره في السياسة العراقية من 1922 - 1936 ، ج2 ، مطبعة العاني ، بغداد 1976 ، فاروق صالح العمر ، المصدر السابق ، ص337 - 338 .
5- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص81 .
6- و. د. ن كتاب مديرية شرطة لواء بغداد ، المرقم س/1120 والمؤرخ في 2/4/1935 - متصرف لواء بغداد .

ومساندتها لأنها لمتلتزم بالوعود التي قطعتها على نفسها قبل وصولها إلى الحكم التي عبرت عن رؤيتها بأن تكون الوزارة الجديدة ذات طابع شيعي يستشار الشيخ محمد حسين في أمر تشكيلها(1).

حاول زعماء القبائل الموالية تغيير موقف الشيخ محمد حسين من الوزارة ولكن دون جدوى ويرجع ذلك لعدم ثقته بها ومن جهتها حاولت الوزارة في بيان أصدرته ووزعته بالطائرات تهدئة القبائل وطالبتها بالعودة إلى مزاولة أعمالها كي تستطيع تنفيذ ما وعدت به من اصلاحات(2)

. إلاّ أن العديد من هذه القبائل لم تستجب لهذا النداء ورفعت برقيات(3)

إلى الملك طالبت باستقالتها كما رفعت كتابين للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء عبرت فيهما عن رفضها لهذه الوزارة وعدم ثقتها بقدرتها على تحقيق الاصلاحات التي وعدت بها(4)،وإثر ذلك أرسل الشيخ محمد حسين مندوباً عنه إلى زعماء المعارضة في الشامية والرميثة يدعوهم إلى التزام الهدوء وعدم التحرك والمحافظة على وحدة الكلمة(5).

ص: 87


1- محمد حسين كاشف الغطاء : المذكرات ، ورقة رقم 79 ، محسن أبو طبيخ : المبادئ والرجال ، ص34 - 39 .
2- د. ك. و ، البلاط الملكي ، التمرد والغزوات ، أحداث الفرات الأوسط ، الملفة (1115/311) و (40) ص113 - 114 .
3- للمزيد من المعلومات عن هذه البرقيات ، ينظر د. ك. و ، البلاط الملكي ، الغارات والتمردات ، أحداث الفرات الأوسط ، الملفة المرقمة (1116/311) و (30 ، 21 ، 22 ، 23 ، 24 ، 25) من ص 34 - 35 .
4- و. د ، الحركات السياسية لشيوخ الفرات الأوسط ، الملفة المرقمة ( 27/ ديوانية رقم 4 ) التقرير لإدارة التحقيقات الجنائية إلى وزارة الداخلية المرقم (ش خ/1296) في ( 24 آذار 1935 ) .
5- و. د ، موقف العلماء إزاء حركات العصيان ، الملفة المرقمة (25/ ديوانية /6) التقرير السري الخاص من إدارة التحقيقات الجنائية المركزية إلى وزارة الداخلية المرقم (ش خ/1267) في ( 12 آذار 1935 ) .

وقد أكد الشيخ في رده الكتابين المذكورين بأن مركزه الديني لا يجيز له التدخل في شؤون أية وزارة أو حزب أو أي شأن من شؤون السياسة وأوضح أن تدخله في هذا الموضوع كان لأجل الصالح العام(1)

، وبمناسبة حلول عيد الغدير ( 23 آذار 1935 ) اجتمع في النجف عدد كبير من الزائرين ومن مختلف الطبقات فانتهز فريق من المحامين القادمين من بغداد هذه المناسبة وقصدوا دار الشيخ محمد حسين وحسنوا له تنظيم مطالب الشعب بميثاق يوقع عليه الزعماء ويرفع مباشرة إلى الحكومة سمي بميثاق الشعب(2) ، وتضمن مطالب تدعو إلى تحسين المستوى المعاشي للطبقات الفقيرة والسماح بحرية الصحافة وإجراء انتخابات نيابيةديمقراطية ، ودعا أيضاً إلى إصلاحات في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية(3).

نال الميثاق تأييداً واسعاً من قبل أنصار الوزارتين الايوبية الأولى والمدفعية الثالثة فأخذ الرؤساء يتوافدون على مدينة النجف للتوقيع عليه وكان من بينهم وفود من المنتفق والديوانية والحلة(4) ، في حين عارضه الزعماء الموالون للحكومة ووقعوا بدلاً عنه تعهداً وعدوا فيه بدراسته والسفر إلى بغداد لتقييم الموقف ومن

ص: 88


1- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص86 .
2- د. ك. و ، البلاط الملكي ، الملفة المرقمة (1115/311) و (25) ص79 .
3- للمزيد من المعلومات عن بنود الميثاق ينظر : الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص92 - 94 .
4- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص91 .

ثم التوقيع عليه(1)

، وبرروا ذلك الرفض بأن بنود الميثاق ما هي إلاّ دعوة لتفضيل المصلحة الطائفية على المصلحة العامة وتفريق بني الطائفتين(2) .

وخلال ذلك جرت محاولات للوساطة بذلها جعفر أبو التمن لإقناع الشيخ محمد حسين بتخفيف بعض بنود الميثاق ليتسنى لزعماء القبائل الموالية للحكومة التوقيع عليه إلاّ أنه فشلفي ذلك(3)

. وجدير بالذكر أن الشيخ محمد حسين قد حصل على تفويض كامل من الموقعين على الميثاق في مطالبة الحكومة بتحقيق هذه البنود(4) ، كما طالبوه بالتمهل بتقديم تلك البنود حتى يتم التوقيع عليها من قبل زعماء القبائل الموالية للحكومة(5)، كما وقعوا كتاباً للشيخ محمد حسين حذروه فيه من التأثيرات التي يقوم بها بعض العابثين بالقيم الدينية ودعوه إلى مقاومة هؤلاء لأنهم يعملون على تشويه سمعته ويقودون البلاد إلى الفوضى والاضطراب(6) .

لكن الشيخ كان حاسماً في رده على منتقديه إذ أكد تمسكه ببنود الميثاق وبتفويضه من قبل الزعماء الذين وقعوا عليه في مطالبته الحكومة بالإصلاح ثم دعا تلك القبائل إلى التزام النظام والحفاظ على الأمن بانتظار ما تسفر عنه

ص: 89


1- د. ك. و ، البلاط الملكي ، التمرد والغزو ، أحداث الفرات الأوسط لعام 1935 ، الملفة المرقمة (1117/311) و (40) ص141 .
2- محسن أبو طبيخ : المبادئ والرجال ، ص67 .
3- الملفة المرقمة (1117/311) ، التقرير الخاص ، المكتب الخاص ، سكرتارية مجلس الوزراء ، ورقة (92) ص141 .
4- الملفة المرقمة (1116/311) و (29) ص117 .
5- و. د ، متصرفية لواء الديوانية ، التقرير اليومي عن حالة اللواء لنهار يوم 28/3/1935 ، العدد ( د س/586 ) في 28/3/1935 .
6- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج3 ، ص97 .

المفاوضات الجارية مع الحكومة التي حاولت من خلال ارسال وزير الداخلية رشيد عالي ووزير الدفاع جعفر العسكري للتفاوض معالقبائل للسيطرة على الأوضاع المتأزمة(1) ، وكان لحادثة اعتقال الشيخ أحمد أسد الله المقيم في الرميثة من قبل الحكومة التي اتهمته بتحريض الأهالي ضدها(2) ، أثر في قيام حركة مسلحة بالرميثة هاجمت فيها القبائل المعارضة مراكز الشرطة وأحرقت السوق وقطعت خطوط السكك الحديدية واسقطت طائرة المهندس البريطاني المسؤول عن تلك الخطوط ومن ثم قتله(3) .

وعلى أثر ذلك تم ايفاد وزير الداخلية إلى الديوانية لمعالجة الموقف في محاولة لإقناع بعض زعماء القبائل لتفتيت جبهة المعارضة وقد حققت نجاحاً محدوداً(4).

ومن جهة أخرى طالب زعماء المعارضة الشيخ محمد حسين في رسالة رفعوها له بيان رأيه في استعدادات الحكومة للقتال وذكروه بما التزموا به بناءً على طلبه(5)

، إلاّ أن الحكومة استطاعت أن تقضي على الحركة المسلحة بعدما بذلت مساعٍ كبيرة حاول من خلالها محسنأبو طبيخ إقناع زعماء القبائل بوقف أعمالهم ضد الحكومة في مقابل العفو عنهم ومن ثم تم القاء القبض على

ص: 90


1- المصدر نفسه ، ج3 ، ص97 .
2- و. د ، تقرير متصرفية لواء الديوانية إلى وزارة الداخلية ، رقم س/835 في 9/5/1935 .
3- محسن أبو طبيخ : المبادئ والرجال ، ص175 ، الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص106 .
4- و. د ، تقرير متصرفية لواء بغداد إلى وزارة الداخلية ، رقم س/748 في 15/5/1935 ، الموضوع ، الاستخبارات عن الوضع في الرميثة ، الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص105 .
5- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص105 .

المجموعة التي تزعمها خوام العبد العباس(1)

، وبعدها أصدرت قراراً بالعفو عن المشتركين في هذه الأحداث(2).

لم تقتصر حركة المعارضة لحكومة الهاشمي على بلدة الرميثة بل تعدتها إلى قبائل مدينة الناصرية التي أعلنت تأييدها للميثاق وقامت بأعمال عديدة خربت خلالها أسلاك البرق والبريد وعطلت السكك الحديدية وحاصرت مدينة الناصرية نفسها(3)

، وتداركاً للموقف الخطير أرسلت الحكومة وزير الدفاع جعفر العسكري للتفاوض مع القبائل المعارضة كما التقى بالشيخ عبد الحسين مطر وكيل الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وطلب وساطته لحل الأزمة وإصلاح الأمر وبالفعل ارسل الشيخ عبد الحسين مطر كتاباً نقله وزير الدفاع إلى الشيخ منشد آل حبيب شيخ آل غزي والشيخ كاطع آل مطر والشيخ عجيل شيخ الحسينات ،ودعاهم فيه للتداول من أجل المصلحة العامة ، لكنهم لم يثقوا بالكتاب(4)

، وفي اليوم نفسه تلقى الشيخ عبد الحسين مطر برقية من الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء يدعوه فيها إلى حفظ الأمن وايقاف العمليات المسلحة مما أشعر الحكومة بالارتياح وطالبت وكيل الشيخ في أن يطلع القبائل على مضمونها وأرفقتها ببرقية وزير الدفاع الذي

ص: 91


1- و. د ، تقرير سري من الموظف السري إلى متصرف لواء بغداد ، رقم س/11 في 20/50/1935 .
2- و. د ، تقرير متصرف لواء بغداد إلى وزارة الداخلية ، رقم 104 في 20/5/1935 .
3- محسن أبو طبيخ : المبادئ والرجال ، ص178 .
4- حيدر نزار ، المصدر السابق ، ص57 .

حاول تطمين القبائل برغبة الحكومة إجراء مفاوضات جادة مع الشيخ محمد حسين بشأن الميثاق(1).

أرسل زعماء القبائل المعارضة كتاباً للشيخ محمد حسين أخبروه فيه بما جاء في كتاب وزير الدفاع حول نيته في إجراء المفاوضات معه وأرادوا بيان رأيه بشان ايقاف العمليات العسكرية وأكدوا تمسكهم ببنود الميثاق(2)

، وقد أكد الشيخ محمد حسين في رده من خلال برقية إلى وكيله عبد الحسين مطر منع القتال والحيلولة دون إراقة الدماء كما طالبه بإخبار الزعماء في رغبته بعدم القيام بأي عمل يخل بالأمن والنظام(3) . ثم أبرق الشيخ محمد حسين ببرقية إلى رئيس الوزراء ياسين الهاشمي طالبه الاسراع بالمفاوضات التي وافق وزيرالدفاع على إجراءها معه عند لقائه بزعماء قبائل المنتفق وكان رد رئيس الوزراء خالياً من أي وعد بشان المفاوضات واكتفى بشكر الشيخ على مواقفه الداعية للالتزام بالنظام(4).

لم تفِ الحكومة بالتزاماتها في إجراء المفاوضات حول الميثاق الذي كان يهدف إليه الشيخ محمد حسين في توحيد الكلمة لكنه كما رأينا أدى إلى الفرقة والنزاعات المسلحة ، إذ انقسم زعماء القبائل في الفرات الأوسط بين مؤيد ومعارض له على الرغم محاولات الشيخ محمد حسين التوفيق بين وجهات نظر الفريقين إلاّ أنه لم ينجح في مسعاه ، نظراً لارتباطات كل منها بالأحزاب التي كان

ص: 92


1- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص119 - 121 .
2- المصدر نفسه ، ج4 ، ص119 - 121 .
3- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص119 - 121 .
4- المصدر نفسه .

الشيخ رافضاً لها لأنها كانت تسعى وراء مصالحها الذاتية ولم يكن هدفها خدمة الأمة فضلاً عن سعي كل طرف من هذه الأطراف إلى تحقيق منافع شخصية .

ويبدو أن المعارضين للوزارة الأيوبية الأولى والمدفعية الثالثة قد خدعوا في تحقيق أمانيهم بالمناصب الوزارية بدليل خلو الوزارة التي جاء بها ياسين الهاشمي منهم ، كما أن الهاشميورفاقه قد أخلوا بالوعود التي قطعوها باستشارة الشيخ في تشكيل الوزارة الجديدة فضلاً عن عدم التزام الهاشمي بإجراء حوار مع الشيخ حول بنود الميثاق .

من كل ما تقدم يظهر أن الحكومة استغلت مواقف الشيخ في مطالبته القبائل بالتزام الهدوء لتجعل المحصلة النهائية في صالحها بعد اعلانها الأحكام العرفية وتمكنها من فرض سيطرتها على القبائل المعارضة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها تاركة التفاوض بشان الميثاق وبنوده ، وهذا يعني أن الشيخ محمد حسين قد خدع أيضاً إذ لم تتحقق المطالب الاصلاحية التي تضمنها ميثاق الشعب . وكان ذلك عبر للشيخ ودرساً ، فقد حاول عبد الواحد الحاج سكر ومحسن أبو طبيخ في سنة 1938 كسبه إلى جانبهما بعدما كانا معتقلين من قبل الوزارة السليمانية ومن ثم اطلاق سراحهما(1)

، إلاّ أن الشيخ محمد حسين لم يستجب لهما وذلك لعدم ثقته بهما لاسيما وأن أحداث الفرات الأوسط لم تزل عالقة بالأذهان(2) .

ص: 93


1- و. د ، تقرير قائمقام قضاء الشامية ، إلى متصرفية لواء الديوانية ، رقم س/320 في 3/12/1938 .
2- و. د ، مديرية الشرطة العامة ( 13/11/9 قسم ) ، التقارير والأخبار السرية التي ترفعها إدارة التحقيقات الجنائية إلى وزارة الداخلية ، الأخبار السرية س/خ/3847 في 4 كانون الأول 1938 .

ثانياً : انتفاضة مايس 1941

اندلعت الحرب العالمية الثانية في ( 3 ايلول 1939 ) في الوقت الذي كانت فيه الوزارة السعيدية الرابعة ( 6 نيسان 1939 / 19 شباط 1940 )(1)

. وكانت الأوضاع الداخلية غير مستقرة خاصة بعد مقتل الملك غازي في حادث سيارة غامض فقد وجهت أصابع الاتهام من قبل الجماهير الغاضبة إلى بريطانيا ونوري السعيد بتدبير حادث القتل(2).

وجاء توجيه الاتهام إلى بريطانيا في تدبير مقتله نتيجة رفضها السياسة القومية التي انتهجها ودعا فيها إلى دعم القضية الفلسطينية ومطالبته بضم الكويت للعراق فأثارت تلك السياسة غضب البريطانيين عليه وأكد مسؤوليهم بأن الملك بعمله هذا كمن يلعب بالنار التي قد تحرقه(3) .وأما الاتهام الموجه لنوري السعيد فكان يستند إلى حقد نوري السعيد على الملك غازي الذي عده شريكاً في انقلاب بكر صدقي سنة 1936(4) الذي أودى بحياة جعفر العسكري وحمله المسؤولية الكاملة لذلك الانقلاب الذي تم بموافقته(5).

ص: 94


1- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج5 ، 89 .
2- المصدر نفسه ، ص79 ، للمزيد من التفاصيل حول تلك الحادثة ، ينظر : رجاء حسين حسني الخطاب : المسؤولية التاريخية في مقتل الملك غازي ، بغداد 1985 ، جمال مصطفى مردان : ملوك العراق ، فيصل - غازل - فيصل الثاني ، أسرار وخفايا ، الدار العربية للطباعة (بلات) ، ص70 - 74 .
3- جعفر عباس حميدي ، المصدر السابق ، ص9 .
4- للمزيد من التفاصيل حول ذلك الانقلاب ، ينظر : حازم المفتي : العراق بين عهدين ، ياسين الهاشمي وبكر صدقي ، مكتبة اليقضة العربية ، بغداد 1990 .
5- سعاد رؤوف شير محمد : نور السعيد ودوره في السياسة العراقية 1932 - 1945 ، ط1 ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1988 ، ص63 - 70 .

ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً فعمدت الوزارة إلى اتخاذ إجراءات لتنظيم الحياة الاقتصادية ومنها القضاء على طرق الاحتكار والاستغلال غير المشروعة في البلاد(1)، وكان الهدف الأساس من هذه الإجراءات ضمان سلامة القوات البريطانية(2).

وفي 15 ايلول 1939 قرر مجلس الوزراء قطع العلاقات بين العراق وألمانيا وتسفير الرعايا الألمان إلى الخارج إلاّ أن رئيس الوزراء خالف القرار وسلمهم إلى البريطانيين الذيناعتقلوهم ونقلوهم إلى الهند(3)، كما طالب رئيس الوزراء بقطع العلاقات السياسية مع الدول التي تعادي بريطانيا(4).

لقد واجهت سياسة نوري السعيد الموالية لبريطانيا انتقادات شديدة من قبل مجلسي النواب(5) ، والأعيان(6)، كما انتقدته العناصر القومية فاضطرت وزارته إلى تقديم استقالتها في 18 شباط 1940(7)، ليعود نوري السعيد ويشكل وزارته الخامسة في ( 22 شباط 1940 - 31 آذار 1940 ) ، لكنها لم تستمر طويلاً بسبب الرغبة الملحة في تشكيل وزارة قومية ليست موالية للبريطانيين لذا قدم

ص: 95


1- الحسني : تاريخ العراق السياسي الحديث ، ج3 ، ص28 .
2- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج5 ، ص89 .
3- الحسني : تاريخ العراق السياسي الحديث ، ج3 ، ص208 .
4- جعفر عباس حميدي ، المصدر السابق ، ص12 .
5- محاضر مجلس النواب ، الاجتماع الاعتيادي لسنة 1939 - 1940 ، الجلسة الخامسة والعشرين ، 14 نيسان 1940 ، ص382 .
6- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع الاعتيادي الرابع عشر لسنة 1939 ، الجلسة الثانية ، 8 تشرين الثاني 1939 ، ص13 - 19 .
7- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج5 ، ص129 .

نوري السعيد استقالة وزارته في 31 آذار 1940(1)، فأمر الوصيعبد الإله رشيد عالي الكيلاني بتشكيل الوزارة في ( 31 آذار 1940 - 30 كانون الثاني 1941 )(2).

انتهج رشيد عالي سياسة توفيقية وازن فيها بين المصالح الوطنية والقومية إذ حاول استغلال ظروف الحرب العالمية الثانية للضغط على البريطانيين من أجل تحقيق الطموحات القومية الداعية لتحرير سوريا وفلسطين(3) ، فأثارت هذه السياسة غضب البريطانيين فعمدوا بشتى الوسائل إلى اضعاف وزارته وحين وجدوا أن محاولاتهم لم تجد نفعاً طالبوا علناً بإسقاطها ،وهكذا تقدم السفير البريطاني في بغداد بازل نيوتن (Basil Newton) بطلب للوصي ، وعلى أثر ذلك طلب الوصي من الوزارة تقديم استقالتها لكن طلبه جوبه برفض رشيد عالي وزارته التي هاجمت السفير البريطاني لتدخله السافر في شؤون العراق الداخلية ورفعت برقية احتجاج إلى المفوضية العراقية في لندن(4).

قدمت الوزارة الكيلانية استقالتها نتيجة للضغوط البريطانية ولهروب الوصي ولجوئه إلى الديوانية في ( 30 كانون الثاني 1941 )(5) ، لتخلفها وزارة جديدة

ص: 96


1- المصدر نفسه ، ص128 .
2- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج5 ، ص130 ، للمزيد من التفاصيل عن دور رشيد عالي في السياسة العراقية ينظر : قيس علي جواد الغريري : رشيد عالي الكيلاني ودوره في السياسة العراقية حتى عام 1941 ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية التربية ابن رشد ، جامعة بغداد 1988 .
3- سعاد رؤوف شير محمد ، المصدر السابق ، ص109 .
4- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج5 ، ص172 .
5- عبد الرزاق الحسني : الأسرار الخفية في حركة السنة 1941 التحررية ، ط6 ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1990 ، ج1 ، ص131 - 140 .

في 31 كانون الثاني 1941 شكلها طه الهاشمي ، ونتيجة لتوتر العلاقات بين الجيش والوصي الذي هرب إلى البصرة ، تقرر تشكيل حكومة الدفاع الوطني وبرئاسة الكيلاني(1).

وبناءً على الدعوة التي وجهتها حكومة الدفاع الوطني إلى مجلس الأمة للانعقاد لمناقشة الوضع السائد اجتمع المجلس في 10 نيسان 1941 وقرر ما يأتي(2):-

1- إقصاء عبد الإله وتعيين الشريف شرف مكانه وصياً على عرش العراق .

2- أمر الشريف شرف رشيد عالي الكيلاني بتشكيل الوزارة فشكلها في 10 نيسان 1941 .

عمدت بريطانيا إلى اتخاذ تدابير لمواجهة الموقف فأرسلت قوات عسكرية إلى العراق ونزلت في مدينة البصرة وطلبت من حكومة رشيد عالي السماح لها بمرور قوات بريطانيةأخرى بحجة المرور إلى فلسطين لكن الحكومة رفضت الطلب ليأتي حادث اطلاق النار من قبل البريطانيين على الحامية العراقية الموجودة في الحبانية التي ردت على اطلاق النار بالمثل ليكون سبباً في المواجهة المسلحة في يوم الجمعة 2 مايس 1941(3).

أسهم هذا الحادث في إثارة الرأي العام العراقي وأعلن تأييده لموقف حكومته وأفتى العديد من رجال الدين بوجوب مقاتلة البريطانيين(4) ، وكان الشيخ محمد

ص: 97


1- الحسني : تاريخ الوزارات ، ج5 ، ص227 .
2- الحسني : الأسرار الخفية ، ج1 ، ص199 - 212 ، عبد الرزاق الحسني : أحداث عاصرتها ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1992 ، ص256 - 257 .
3- عبد الرزاق الحسني : أحداث عاصرتها ، ص259 .
4- الهاتف ( جريدة ) ، النجف ، العدد 262 ، السنة السابعة ، 9 مايس 1941 .

حسين كاشف الغطاء في طليعة العلماء الذين أفتوا بوجوب مقاتلة البريطانيين وأكد في فتواه على وجوب مساندة الجيش والحكومة للمحافظة على كرامة البلد وحمايته من الأجنبي الذي ينوي احتلاله ونهب ثرواته وأهاب الشيخ محمد حسين بالمسلمين جميعاً الوقوف مع الشعب العراقي في دفاعه عن قضيته العادلة التي تهدف إلى طرد المحتلين الأجانب من البلاد(1)

.وفي دعوة أخرى له أكد أن العراق العربي الحر قد فتح بحركته هذه الباب لتحقيق الوحدة العربية المنشودة وقدم التضحيات والقرابين من أجل المجد والفخر وما على العرب إلاّ العمل على تحقيق الآمال وأن الاستقلال لا يتحقق إلاّ بالجد والتضحيات والوثبة الجبارة(2).

ونتيجة لفتواه ودعواته أعلن العديد من رؤساء القبائل تأييدهم لموقفه ووضعوا جل إمكاناتهم للتضحية والفداء في سبيل إعلاء كلمة الله وحماية الوطن(3)

، وقد أثارت فتاوي الشيخ محمد حسين ردة فعل طيبة لدى حكومة الكيلاني الذي عبر عن شكره وتقديره لموقفه النابع من إيمانه بحب وطنه وضرورة الدفاع عنه بوجه كل محتل(4).

من جهة أخرى رفض الشيخ طلب الوصي عبد الإله بإصدار فتوى بتكفير القائمين بانتفاضة العراق ، وإثارة العشائر ضدها وقد نقل الطلب الموفد من الوصي ومعه

ص: 98


1- يونس بحري : أسرار 2 مايس أو الحرب العراقية الانكليزية ، تقديم علي الخاقاني ، منشورات دار البيان ، مطبعة الحرية ، بغداد 1948 ، ص137 .
2- حيدر نزار ، المصدر السابق ، ص61 .
3- المصدر نفسه ، ص61 .
4- الغري ( مجلة ) ، العددين 69 - 70 ، السنة الثانية ، 20 مايس 1941 .

مبلغ من المال مقداره( 20 ألف جنيه ذهباً ) إلاّ أن الشيخ رفض ذلك وأمر الموفد بإيداع المبلغ في خزينة الدولة(1).

أما الشيخ محمد جواد الجزائري فكان متأثراً بأخيه عبد الكريم الجزائري الذي أفتى بوجوب مقاتلة البريطانيين ودعا المسلمين كافة إلى مساعدة اخوانهم في الدين في الحفاظ على استقلال العراق وبارك الخطوة التي قام بها رشيد عالي والجيش لأنها تهدف إلى نصرة الدين وحماية المسلمين(2) ، فقد وجه الشيخ محمد جواد نداءً إلى العالم الإسلامي أوضح فيه موقف حكومة وشعب العراق في دفاعه عن استقلاله وسيادته وندد بموقف بريطانيا وعدوانها المسلح ودعا العرب والمسلمين إلى الوقوف صفاً واحداً لنصرة اخوانهم ضد البريطانيين(3).

وكان لجمعيتي الرابطة الأدبية ومنتدى النشر اللتين أسه في تأسيسهما محمد رضا المظفر وغيره من المتنورين من رجال الإصلاح دور في انتفاضة مايس 1941 ، من خلال برقياتإلى الحكومة تؤكد مباركتهما لخطوة الجيش والحكومة في مقاتلة المحتلين البريطانيين ودعت إلى توحيد الصفوف دفاعاً عن البلاد واستقلالها(4).

وكان محمد صالح بحر العلوم قد جعل نفسه سفيراً متجولاً بين المدن العراقية مثيراً الحماس بين أبنائها ، فكان يخطب بالجماهير مندداً بالسياسة الاستعمارية ويحرضها على مقاومتها وقد ألقى قصائد عديدة من دار الاذاعة(5) ، تمجد

ص: 99


1- عبد الستار شنين ، المصدر السابق ، ص227 .
2- المصدر نفسه ، ص226 .
3- المصدر نفسه .
4- الغري ( مجلة ) النجف ، العدد 68 ، السنة الثانية ، 21 مايس 1941 .
5- علي الخاقاني : شاعر الشعب ، ص19 .

الانتفاضة وأثار حماسة الشعب وأيقظ شعوره الوطني من أجل محاربة البريطانيين والتصدي لهم ، ويبدو ذلك واضحاً من خلال احدى قصائده التي قال فيها :-

أيها التاريخ سجل *** كيف ثار المخلصون

في بلاد واصل الكيد *** لها المستعمرون

وقد طالب أبناء شعبه بحمل السيف فقد حان الوقت لتصفية الحساب مع البريطانيين الذين يحاولون السيطرة على بلادهم واخضاعها لهم فيقول(1) :-

جرد السيف وحاسب *** كل جبار عنيد

فحاسب السيف في تصفية *** الحيف سديد

ص: 100


1- محمد صالح بحر العلوم : الديوان ، ج1 ، ص197 .

ثالثاً : الأحزاب والجمعيات

أجيز العمل الحزبي في العراق في آب 1922 ، فظهر اثنا عشر حزباً علنياً في عهد الانتداب(1)

، وفي عهد الاستقلال برز العديد من الاحزاب السياسية ، ثم توقفت الحياة الحزبية في العراق في 17 آذار 1935 ، إلى أن ألف توفيق السويدي وزارته الثانية في ( 3 شباط - 30 آيار 1946 )(2)

فحصلت موافقة وزارة الداخلية في 2 نيسان 1946 على إجازة خمسة من الأحزاب السياسية(3).

وفي النجف عارض الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء هذا التوجه على خلاف غيره من الاصلاحيين الذين أيدوا الاحزاب والجمعيات ، وهكذا اشترط الشيخ على قادة الفرات الاوسط الذين طالبوه بفتوى للقيام بثورة مسلحة ضد وزارة جميل المدفعي الثالثة ( 4 آذار1935 - 17 آذار 1935 )(4)

عدم التحزب والانتماء لأي طرف كان وخاطبهم قائلاً : (( لا أوافق على أي عمل أو حركة إلاّ بعد أن أخذ شروط عليكم أولها وأهمها أن تستقيلوا أو ترفضوا حزب الاخاء الذي انتم عماله وأكبر أعضائه حتى أمن من أنكم لا تشتغلون على حساب الحزبيات بل للمصلحة العامة ))(5).

ص: 101


1- عبد الرزاق الحسني : تاريخ العراق السياسي الحديث ، بغداد 1989 ، ج2 ، ص239 ؛ فاروق صالح العمر : الاحزاب السياسية في العراق 1921 - 1932 ، بغداد 1987 ، ص71 - 215 .
2- Man, Phebe. The Modern History of Iraq, London, 1985, P. 120.
3- محمد مهدي كبة : مذكراتي في صميم الأحداث 1918 - 1958 ، بيروت 1965 ، ص112 .
4- عبد الرزاق الحسني : تاريخ الوزارات ، ج4 ، ص60 .
5- محمد حسين كاشف الغطاء : مذكرات ، ورقم رقم 78 - 79 .

وقد جاء هذا الرفض للأحزاب : كونها لم تكن مستقرة ، وأنها كانت متأثرة بالظروف المحيطة ، وبتغير الوزارات وموقفها منها ، ويعود أيضاً إلى تأثر الشيخ بآراء السيد جمال الدين الافغاني الذي عد الاحزاب في الشرق كالداء الذي يصعب علاجه(1).

لم تقتصر نظرة الشيخ للأحزاب على العراق حسب بل تعدتها إلى الأحزاب في الاقطار العربية ، كونها لم تظهر الفائدة المتوخاة منها ، ولم تجتذب قاعدة شعبية واسعة أو تقومبإصلاحات جذرية ناجحة ولهذا فإنه اطلق عليه تسمية جماعة الضغط التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة سواء أكانت مهنية أم اقتصادية(2) .

وعموماً فدق عبر الشيخ كاشف الغطاء عن رأيه بكل صراحة ووضوح ، فهو رافض لكل الأحزاب التي تهتم بمصالحها الذاتية دون أن تعبر أدنى اهتمام للتغيير كعلاج لمشاكل المجتمع ، ومع أنه أيد تأسيس الاحزاب القادرة على التغيير والاصلاح من التي تعتمد الشعب كسند لدعم نشاطاتها ، إلاّ أنه ارتأى أن تكون هذه الأحزاب بمستوى تستطيع خدمة الأمة ، وأن تكون الأعمال التي تقوم بها ذات فائدة عظيمة لها(3).

أما موقفه من الأفكار الشيوعية التي لاقت رواجاً في العراق عموماً وفي مدينة النجف خاصة ، فقد كان رافضاً لها بشدة لما تضمنته من إنكار لوجود الله جل وعلا ، وعزا انتشارها في العراق إلى السياسة الاستعمارية البريطانية ، وما

ص: 102


1- محمد حسين كاشف الغطاء : مجموعة الخطب ، ص58 .
2- عبد الرضا الطعان : البعد الاجتماعي للاحزاب السياسية ( دراسة في علم الاجتماع السياسي ) ، ط1 ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1990 ، ص66 - 67 .
3- محمد حسين كاشف الغطاء : في السياسة والحكمة ، ص105 .

جلبته من مصائب وويلات أسهمت فيانتشار الآفات الخطيرة المميتة ( الجهل والفقر والمرض ) ، وأكد أن العلاج من هذه الآفات والقضاء عليها كفيل بأن يقضي على تلك الأفكار الهدامة ويحد من انتشارها(1).

ولهذا كله أصدر فتوى حرم فيها الانتماء إلى الحزب الشيوعي ومبادئه التي تعمل على هدم كل القوانين والمقدسات ، لذا من ينتمي إليه كمن يرتكب أعظم المحرمات وأكبرها ، وحذر الزعماء والشباب من مغبة عدم التصدي لتلك الأفكار ، وأن يبذلوا جهوداً استثنائية للمحافظة على دينهم واعراضهم(2) . وطالب بإلقاء محاضرات تثقيفية عن المبادئ الهدامة للفكر الشيوعي ودعاته من الكفرة والمنحلين الذين يهدفون إلى زيادة الفساد والانحلال داخل المجتمع(3).

ويعد هذا الموقف طبيعياً لشيخ ورجل دين عارض وحارب فكراً الحادياً حاول المساس بالدين والعقيدة الإسلامية .وإذا كان ما تقدم يمثل موقف الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء من الاحزاب والجمعيات السياسية ، فإن موقف الشيخ محمد جواد الجزائري كان مختلفاً بدليل مساهمته في تأسيس جمعية النهضة الإسلامية ( 11 آذار 1917 ) في النجف(4) . وأكد الشيخ عدم ممانعته لوجود الأحزاب ، وكانت الممانعة مشروطة بأن تكون هذه الاحزاب منبراً تطرح فيه تطلعات الشعب ، وأن لا يكون في هذه الاحزاب ممن

ص: 103


1- محمد حسين كاشف الغطاء : المحاورة بين السفيرين ، ص17 .
2- محمد هادي الأميني : الشيوعية ثورة وتآمر على العقائد والأنظمة الاجتماعية ، مطبعة النعمان ، النجف 1960 ، ص63 .
3- العدل الإسلامي ( مجلة ) ، النجف ، العدد المزدوج (1 - 2) ، السنة الثانية في ( 15 حزيران ، 1947 ) ، ص18 .
4- ينظر الصفحات السابقة من الاطروحة .

يرجح رغباته ومصالحه الشخصية على مصالح الشعب ، وعبر عن رؤيته هذه في احدى قصائده قائلاً(1):

وهل يجدي التحزب وهو حصن *** منيعُ حول أهليه وسور

إذا لم يحو أحراراً اباة *** صدورهم لسرهم قبور

وذهب الشيخ محمد رضا الشبيبي إلى أبعد من ذلك حينما انتمى إلى احزاب وجمعيات عديدة منها ، جمعية الاتحاد والتقي (1908) التي فتحت لها فرعاً في النجف كما انتمى إلى النادي الوطني العلمي في النجف (1911) ، وكان على ارتباط بجمعية النهضة الإسلامية (11 آذار 1917 ) ، كما ساهم في تأسيس حزب النجف الوطني السري (1918) ، الذي كان من أعضائه عبد الكريم الجزائري ومحمد جواد الجواهري وسعيد كمال الدين ومحمد علي كمال الدين وأحمد الصافي وسعد صالح(2) ، كما انضم إلى جمعية الشبيبة الغروية في النجف (1919) التي دعت إلى استقلال العراق ، وكان ممن حضر المؤتمر العراقي في دمشق في ( 8 آذار 1920 ) ، وانتمى أيضاً إلى حزب الشعب وإلى حزب الاخاء

ص: 104


1- محمد جواد الجزائري : الديوان ، ص45 .
2- علك عبد شناوة ، المصدر السابق ، ص32 57 ، 111 .

الوطني(1) ، وقد تم اختياره عضواً في الجبهة الدستورية البرلمانية التي ظهرت في مجلس النواب سنة (1947)(2).

أما الشيخ علي الشرقي فقد انتمى إلى جمعية النهضة الإسلامية ، وكان أحد أعضاء الحزب الوطني السري ، وساهم بتشكيل فرع الجامعة الإسلامية في مدينة الشطرة استعداداً للقيامبثورة العشرين(3)

، وانتقد الشرقي بسخرية واضحة الاحزاب والعمل الحزبي في ذلك الوقت قائلاً : (( اشتهرت في العراق لعبة مفضلة هي لعبة المحيبس ، وقد لعبت بمحبس السياسة جماعات سمت نفسها أحزاباً سياسية ، ما هي إلاّ أجواق لعبة المحيبس ، فمن هو الحزب الذي يحفظ المحبس ، حتى نقول كما يقال لأصحاب هذه اللعبة ... حفظ الله من حفظ ))(4).

وساهم الشيخ محمد رضا المظفر في تأسيس جمعية دينية باسم جمعية منتدى النشر ، وقدم طلباً مرفقاً بالنظام الأساس للجمعية إلى وزارة الداخلية التي وافقت على افتتاح الجمعية بعد تردد(5)

، وكان من أعضائها محمد جواد الحجامي الذي

ص: 105


1- علك عبد شناوة ، المصدر السابق ، ص121 و 167 و 188 ؛ وللمزيد من التفاصيل عن حزب الاخاء ينظر : فاروق صالح العمر ، المصدر السابق ، ص212 ؛ الحسني : تاريخ العراق السياسي الحديث ، ج3 ، ص244 .
2- جعفر عباس حميدي : التطورات السياسية في العراق 1941 - 1953 ، النجف 1976 ، ص646 .
3- ينظر الصفحات السابقة من الاطروحة .
4- طالب علي الشرقي ، المصدر السابق ، ص11 ، ط3 .
5- حامد حنفي داود : مقدمة كتاب عقائد الامامية ، ط31 ، النعمان ، النجف 1960 ، ص10 .

انتخب عميداً لها ، وعضوية كل من يوسف الحكيم وموسى بحر العلوم ومحمد علي الحكيم وهادي حموزي وهادي فياض(1).

وقد شارك الشيخ المظفر فضلاً عن ذلك في كثير من الحركات الاجتماعية الإصلاحية التي ظهرت في النجف وأشهرها ( جماعة العلماء ) المعروفة بدورها في محاربة المد الشيوعي والمبادئ الالحادية التي طغت على العراق في مدة من أزمانه المظلمة(2).

وعلى نفس الخطى سار محمد صالح بحر العلوم الذي كان من المؤيدين لحزب الشعب ، ثم انتمى إلى حزب الاخاء الوطني ، واختير سكرتيراً له في النجف ، ثم خرج من حزب الاخاء ، لينتمي إلى حزب الوطن الأم سنة 1932(3) ، وقد حاول فتح فرع لهذا الحزب في النجف إلاّ أن السلطات مانعت في ذلك ، ثم وضع تحت المراقبة لمدة سنة لإلقائه قصيدة ( يا شعب سجل ) في حفل افتتاح فرع الحزب في البصرة سنة 1933 قال فيها(4) :-

يا شعب سجل فاحترام العهود *** صفحة خزي برزت للوجود

سودها الزيغ فراحت سدى *** بيض مساعيك وزاكي الجهود

وفي العام نفسه كان عضواً بارزاً في إدارة المهرجان الاحتفالي الذي اقيم ابتهاجاً بذكرى ثورة العشرين في الرميثة ، وبعد نهاية الاحتفال نظمت تظاهرة شعبية

ص: 106


1- محمد حسين الصغير ، المصدر السابق ، ص44 .
2- النهج ( مجلة ) لبنان ، العدد 11 ، السنة التاسعة ، آيار 1964 ، ص86 - 87 .
3- علي الخاقاني : شاعر الشعب ، ص14 .
4- محمد صالح بحر العلوم : الديوان ، ج1 ، ص10 و 76 .

شاركت فيها وفود حضرت من انحاء القطر المختلفة ، من بينها انصار الحزب الوطني ، وعدد آخر من طلبة بغداد وديالى والحلة والبصرة والناصرية والنجف(1) . وفي سنة 1936 ساهم في تأسيس جمعية الإصلاح الشعبي ، وكان من أعضائها البارزين ، ثم أسس مع مجموعة من زملائه حزب الوحدة الديمقراطي سنة 1941 ، فتم اعتقاله وأودع بسجن نقرة السلمان ثم نقل إلى سجن العمارة(2) ، وفي سنة 1945 ساهم في تأسيس نقابة عمال السكائر وانتخب رئيساً للهيأة الإدارية فيها ، ثم صار رئيس هيأة مراقبي النقابة نفسها سنة 1946(3).

لقد اتهم محمد صالح باعتناقه الفكر الشيوعي ، لأنه دافع عن العمال والفلاحين والمحرومين في قصائد عديدة أوحت للعامة بأنه يحمل فكراً يسارياً ولكن المتأمل في ديوانه وقصائده الأخرى يصل إلى حقيقة مفادها ، أنه رجل يؤمن بوحدة الأديان السماوية ويبغض الطائفيةالتي اتخذها الاستعمار وسيلة للفرقة وبذر الشقاق بين ابناء الشعب الواحد خدمة لاغراضه الخاصة ، ويتجلى ذلك من خلال قصيدته التي سماها بالحية الرقطاء ، إذ قال فيها(4)

:-

ما الدين فرقنا ونحن أحبةٌ *** لكنما عبثت بنا الاهواء

الدين يدعو للوفاق ويدعي *** داعي النفاق أننا خصماء

ثم قال :

ص: 107


1- علي الخاقاني : شاعر الشعب ، ص16 - 17 .
2- المصدر نفسه ، ص19 .
3- المصدر نفسه ، ص22 .
4- محمد صالح بحر العلوم : الديوان ، ج1 ، ص93 .

وصريح قران العروبة بين *** بالبينات وللعقول جلاء

ظهرت مبادئكم وهي مهازلُ *** وبدت حقائقكم وهن هباء

إلى أن قال :

واترك شعور الطائفية جانباً *** فالطائفية حية رقطاء

وتوق منها ما استطعت فإنها *** داء وأما قتلها فدواء

يضاف إلى ذلك فإنه عرف عنه أنه من عائلة دينية مشهورة تربى في بيئة عرفت ببغضها الشديد للشيوعية بدليل الفتوى التي اصدرها السيد جعفر محمد باقر بحر العلوم وهو من رجالات هذه الأسرة المعروفين(1) ، والذي عد الشيوعية مذهباً هداماً ، يقضى الواجب مكافحتها والقضاء عليها قدر المستطاع(2).

أما السيد محمد تقي الحكيم فقد ساهم مع مجموعة من المفكرين في تأسيس جمعية منتدى النشر في النجف ، وواكب نشاطها لأكثر من ربع قرن ، كما ساهم في تأسيس المجمع الثقافي للمنتدى سنة 1943(3)

، وقد وجه انتقادات حادة للأحزاب التي ظهرت في ذلك الوقت ، لأن أكثرها لم تنتهج في سيرها أسساً

ص: 108


1- للمزيد من التفاصيل عن هذه الشخصية ، ينظر : محمد حرز الدين ، المصدر السابق ، ج1 ، ص182 - 183 .
2- الدليل ( مجلة ) النجف ، العدد 8 ، السنة الثانية ، في 14 تشرين الثاني 1948 ، ص155 .
3- محمد تقي الحكيم : المدخل لدراسة الفقه المقارن ، مقدمة الكتاب ، ص2 .

ديمقراطية ، ولهذا لم يكتب لأكثرهاالنجاح ولم يتجاوب الشعب مع القائمين بها على الرغم من رفضه لأنظمة الحكم القائمة آنذاك(1).

وجدير بالملاحظة أن محاربة الشيوعية لم تقتصر على فئة رجال الدين فحسب بل تعدتها إلى كافة المثقفين والمتنورين من الاصلاحيين الذين نبهوا إلى حجم التهديد الذي تشكله هذه الأفكار على المجتمع ، لأنها تتعارض مع الأخلاق العربية الإسلامية وتتنكر لتراث العرب والمسلمين وتاريخهم المشرق .

وهكذا اسهمت المجلات والصحف النجفية في التصدي لهذه الافكار والتنبيه إلى حجم هذا الخطر القادم الذي يشكل تهديداً لكل القيم ، فكتبت عدداً من المقالات التي ربطت بين الفكر الشيوعي والالحاد وعدت المؤمنين بها جزءاً من الألاعيب الاستعمارية التي تهدف إلى خداع الناس بالشعارات والأكاذيب ، ودعت إلى محاربة الالحاد وأكدت أهمية الدين في البناء الروحي للفرد والمجتمع(2) .ونبهت مقالات أخرى إلى الاضرار التي تلحقها هذه الأفكار بالأديان السماوية جمعاء ، لأنها أنكرت وجود الله جلت قدرته ، ومن ثم فهي لا تعترف بالأديان ولا بالغاية منها ولا بوحدة مصدرها(3)، كما ظهرت كتابات تدعو إلى محاربة الشيوعية ونظرياتها المادية والالحادية(4)، وأكدت مقالات أخرى ضرورة فضح

ص: 109


1- النجف ( مجلة ) النجف ، العدد 2 ، السنة الثالثة ، 14 تموز ، 1959 ، ص43 .
2- ينظر : الدليل ( مجلة ) ، النجف ، الأعداد (7 ، 9 ، 13) ، السنة الأولى في ( نيسان ومايس وحزيران 1947 ) .
3- ينظر : العدل الإسلامي ( مجلة ) النجف ، العدد 4 ، السنة الثانية في 15 تموز ، 1947 ، ص68 .
4- البيان ، ( مجلة ) ، النجف ، الأعداد (22 ، 23) ، السنة الأولى في ( 16 مايس و 1 حزيران 1946 ) .

الشيوعية ومبادئها التي تدعو إلى الانحلال والتفسخ الاجتماعي والمساس بالشعائر الدينية(1) .

وذهبت مقالات أخرى أبعد من ذلك ، إذ عدت الشيوعية مؤامرة يهودية وأن الماركسية ليست إلاّ عقيدة عنصرية يبشر بها اليهود انتقاماً من العالم الذي شردهم وطردهم وقد أورد كاتب هذه المقالة رأي المسيحية في الرد على أباطيل اليهودية من خلال ما جاء على لسان الزعيم البروتستانتي مارتن لوثر في مقطوعته الشهيرة ، اليهود وأكاذيبهم ، إذ قال فيها : (( أن اليهود مواشٍ ، فمعابدهم وكر للخنازير ويجب علينا حرقها ، ولو عاد بينهم موسى ( عليه السلام ) إلى هذا العالم ، لقام بهذا العمل ، فهم يلقون بالوحل الكلمات الإلهية ، ويعبثونبالشر والكراهية ن فهم حيوانات شريرة ، يجب أن يبعدوا كما تبعد الكلاب المصابة بداء الكلب ))(2).

وعلى الرغم من أن الشيوعية بطبيعتها الاقتصادية ، لا تتفق مع ما يريده اليهود ، إلاّ أن مصالحهما المشتركة فرضت عليهم ترك الخلافات جانباً والاتفاق على كل شيء ، لاسيما إذا علمنا أن اليهود يعملون أي شيء في سبيل مصالحهم الخاصة(3).

فالشيوعية سند اليهود القانوني وسبيل انقاذهم مما هم فيه من ذل وارهاق ، ومؤامرتهم التي صاغتها الظروف العالمية ، فهي رائد اليهود في

ص: 110


1- ينظر : الغري ( مجلة ) ، النجف ، الأعداد (18 -19) و (21 - 22) في ( 4 حزيران و 2 تموز و 16 تموز ، 1946 ) .
2- الشعاع ( مجلة ) ، النجف ، الأعداد (13 - 14) ، في ( 1 كانون الأول ، 1948 ) ، ص341 .
3- المصدر نفسه ، ص342 .

توحيد كلمتهم المشتتة وبعث عنصريتهم التي يتغنون بها في تلمودهم وتوراتهم ، فضلاً عن مكافحتها العناصر المسالمة والقوميات المختلفة وقتل الروح الوطنية لدى نفوس الشباب ، وخلق الميعاد الاسرائيلي المزعوم والانحلال الأممي عند الشعوب(1).

وتصدت كتابات أخرى للشيوعية اليهودية لأنها تعمل على محو العروبة والإسلام وأكدت أن مفهوم الشيوعية واليهودية والصهيونية مفهوم واحد ، إذ لا يوجد تمايز ولا تغاير إلاّ باللفظ ( وذلك المفهوم هو استعمار العقل غير السليم ، فالعقل السليم لا سبيل إلى استعماره لنفاذ بصيرته وتيقظه ، وإنما استعمار القلب المنغمر بالرذائل وهذا الاستعمال يؤدي بالنتيجة إلى الاستعمار المادي للشعوب الضعيفة بكل موارد حياتها )(2)، ثم خلصت المقالة إلى تنبيه العرب والمسلمين إلى تلك المخاطر ودعتهم إلى التمسك بالدين الإسلامي العامر بالفضيلة ، الذي يحتم عليهم مناوأة الاستعمار سواء أكان شيوعياً أم ديمقراطياً ، لأن كليهما لم يهدف إلاّ لمحو الإسلام وامتصاص دم العروبة الزكي(3).

ص: 111


1- المصدر نفسه ، ص343 .
2- الشعاع ( مجلة ) ، النجف ، العدد 15 ، السنة الأولى ، آيار ، 1948 ، ص20 .
3- المصدر نفسه .

الفصل الرابع : موقف الإصلاحيين من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية

اشارة

أولاً : الاصلاحيون والتعليم .

ثانياً : الاصلاحيون والدين .

ثالثاً : الاصلاحيون والمرأة .

رابعاً : الاصلاحيون وقضايا اجتماعية أخرى .

ص: 112

أولاً : الاصلاحيون والتعليم

عانى العراق كغيره من الدول النامية من مشاكل عديدة ، وكان من أهم تلك المشاكل الفقر والجهل والمرض ، وما يترتب على ذلك من مساوئ ، ومن المعروف أن الأوضاع العامة سياسية واقتصادية تلقي بضلالها على الوضع الاجتماعي ، لاسيما إذا اخذنا بالحسبان خضوع العراق خلال هذه الفترة للسيطرة البريطانية ، فالمستعمر لا يأبه إلاّ لاستمرار حكمه وتأمين مصالحه(1) ، فقد شغلت الأوضاع الاجتماعية اهتمامات المصلحين ، فكان تركيزهم علىالتعليم ومناهجه لأنها هي الأساس في تقدم كل أمة ورقيها ، ومن هذا المنطلق نجد دعوة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء إلى إصلاح التعليم ومناهجه الموضوعة من المستعمرين الذين استهدفوا من خلالها تحجيم أبناء البلاد من تحصيل العلم والمعرفة ، فقد دعا الشباب إلى عدم الاقتصار على ما يأخذونه من تلك المناهج فحسب ، بل شجعهم على الاعتماد على النفس في البحث والتعلم وأن لا يجعلوا هدف تعلمهم الحصول على الوظيفة التي تؤدي إلى قتل الطموح وتقييد الحماسة والاندفاع في العمل(2).

ص: 113


1- Alfred Bonne, States of Economics in the Middle East, London, 1948, P.85
2- محمد حسين كاشف الغطاء : الميثاق العربي ، ص69 .

كما دعا الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء إلى تأهيل التعليم ليكون في خدمة التنمية العربية ومحاربة الحالة الاستهلاكية التي يحاول المستعمر غرس جذورها في البلاد العربية ، من خلال فرض أنماط تعليمية تخدم مصالحه(1) .

ولم يكتف بذلك بل أكد أهمية الحفاظ على سلامة اللغة العربية والدور الذي يمكن أن يضطلع به الشباب في هذا المجال ، وأبدى الشيخ محمد حسين صرامة وشدة في مجال الدفاع عن اللغة العربية بوصفها موحدة للأمة ، فقد عد كل من يتخلى عن اللغة واللسانالعربي وإن كان في بلاد المهجر خائناً لله والدين والوطن ، لأن فناء الأمم مرتبط بفناء لغتها وتقاليدها(2).

وهكذا كشف الشيخ محمد حسين عن توجهاته في مجال إصلاح التعليم وهو ذات الدور الذي قام به الشيخ محمد جواد الجزائري من خلال دعوته إلى إصلاح مناهج التعليم وطرقه وذلك لأهمية التعليم في تطور المجتمعات وأكد ضرورة التجديد والتحديث في مجال التربية والتعليم(3).

وسار الشيخ محمد رضا الشبيبي على نهج الشيخين محمد حسين ومحمد جواد حينما عالج مختلف المشاكل الاجتماعية التي عانى منها مجتمعه من تأخر وما يعيش فيه من فساد ، فالجهل أخطر المشاكل التي أكد عليها الشبيبي نظراً

ص: 114


1- حيدر نزار ، المصدر السابق ، ص86 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : الميثاق العربي ، ص75 .
3- حسين علي محفوظ ، المصدر السابق ، ص11 .

لاستفحال أمرها في العراق ، ومنهاانتشار الخرافات التي توارثها الجيل الجديد عن القديم ورضي بها وكأنها جزء من دينه وأخلاقه(1).

وقد وصف هذه الظاهرة في احدى قصائده قائلاً(2) :-

مخيرون قد استهوى عقولكم *** جهل وبعض ضروب الجهل تنويم

وقال أيضاً(3):-

مالي خبرت بني أمي فوجدتهم *** والجهل أشرف ما يكون لهم أبا

ويعزو الشيخ محمد رضا الشبيبي أسباب الكثير من المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع العراقي إلى الجهل ، فهو الطريق إلى الرذيلة ، ولهذا أكد في الكثير من دعواته إلىأبناء شعبه على طلب العلم الذي غالباً ما يقرنه بالفضيلة ، فالعلم والأخلاق وجهان لعملة واحدة فناره يقول في احدى قصائده(4) :

أن عقبى العلم من غير هدى *** هذه العقبى التي لم تحمد

من اتانا بالهدى من حيث لم *** يتأدب حائر لم يهتد

ص: 115


1- محمد مهدي البصير : جولة في الشعر العراقي الحديث ، مجلة دار المعلمين العالية ، مجلد 3 ، عدد 1 ، حزيران ، 1951 ، ص40 .
2- محمد رضا الشبيبي : الديوان ، ص57 .
3- المصدر نفسه ، ص126 .
4- المصدر نفسه ، ص82 .

إلى أن قال :

إذا لم تستقم اخلاقكم *** ذهب العلم ذهاب الزبد

عدّ عنك الروض لا ارتاد لي *** غير أخلاق هي الروض الندي

ولأن الشبيبي يمثل رجال الدين المتنورين المدافعين عن التقدم فقد أكد ضرورة الاهتمام بالمناهج الدراسية بما يتلائم ومتطلبات العصر ، ودعا أيضاً إلى ضرورة استقدام مدرسين أكفاء من الأقطار العربية ليسهموا بتطوير التعليم في العراق ، كما طالب أيضاً بالاهتمامبالتعليم المهني لأهميته في تطوير البلاد وتقدمها(1) ، وبزيادة عدد المدارس في البلاد وتوزيعها بحسب الكثافة السكانية ، لأن ما موجود منها لا يفي بالغرض مما يترك أثراً سلبياً على تماسك المجتمع ويؤدي إلى التباين الثقافي والتعليمي بين أفراد المجتمع(2) .

ويعزو الشبيبي الفشل الظاهر والفساد والعجز في أمور التربية والتعليم إلى فشل الحكومة فيقول : (( إذا نظرنا إلى نتائج التربية والتعليم في بلادنا نستطيع أن نرى بأننا عجزنا عن تخريج ناشئة للمستقبل ))(3) .

وفي سنة 1938 وعند مناقشة النواب لميزانية وزارة المعارف التي كان يشغلها الشبيبي ، أشار إلى حجم الزيادة في ميزانية الوزارة لسنة 1938 التي بلغت ( 707 ألف دينار ) مقارنة مع ميزانية 1935 التي بلغت ( 428 ألف دينار ) ،

ص: 116


1- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع الاعتيادي لسنة 1929 ، ص198 - 200 .
2- محاضر مجلس النواب ، الاجتماع الاعتيادي الأول لسنة 1928 - 1929 ، ص197 .
3- محاضر مجلس النواب ، الاجتماع الاعتيادي لسنة 1934 ، الجلسة الأولى في 29/12/1934 ، ص1 - 2 .

ولم تقتصر الزيادة على الميزانية حسب بل تعدتها إلى زيادة عدد الطلاب بنسبة (30%) وازدياد عدد الصفوف بنسبة (37%) وعددالمدارس بنسبة (25%) كما ازداد عدد المعلمين بنسبة (28%) وأكد وزارته بالعناية بالمعلمين وتحسين المستوى المعاشي من خلال زيادة رواتبهم(1).

ومن هنا فقد نجح الشبيبي في تطبيق أفكاره الاصلاحية على الرغم من العقبات والعراقيل التي واجهت وزارته .

وقد أكد الشيخ علي الشرقي ضرورة الاهتمام بالتعليم لأنه الوسيلة الوحيدة القادرة على وضع الحلول الصحيحة لأبرز مشاكل المجتمع كالفقر والجهل والمرض ، وألقى باللوم على المناهج التي تم وضعها من قبل المستعمر لأنها سبب التأخر والانحطاط ، فنراه يقول(2):

لا تسلني عن ارتباك المعارف *** بين قومي فالسر في المنهاج

واهتم الشيخ الشرقي باللغة العربية الفصحى ، لأنها ثروة للكثيرة من العلوم ، كالتاريخ والأدب والدين ، ودعا إلى التوسع والاصلاح في مقاومة الأميّة ومحاولة تبسيط اللغة العربيةمن خلال نشر القراءات البسيطة نشراً كاملاً ، واطلاق حرية اللغة وطالب بإيجاد قاعدة لإدخال بعض الالفاظ الأجنبية في اللغة العربية ، ودعا

ص: 117


1- محاضر مجلس النواب ، الاجتماع الاعتيادي لسنة 1937 ، الجلسة التاسعة والعشرون في 13/4/1938 ، ص372 - 374 ، محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع العادي الحادي عشر لسنة 1936 ، ص169 - 170 .
2- علي الشرقي : الديوان ، ص125 .

إلى إنشاء مراكز فكرية ترعى حملة الأقلام لتدفعهم باتجاه الابداع(1) . وحبذ مدينة بغداد مركزاً فكرياً رئيساً ، وخير الأمة بانتقاء الاسلوب الذي يلائم المرحلة الفكرية التي يمر بها المجتمع العراقي ، وأوصى بعدم تقليد الآخرين في اسلوب التفكير(2).

واستنهض الشباب أمل المستقبل قائلاً : ( بالأمل والرغبة الصادقة يكون التلميذ استاذاً والجندي قائداً ، والفقير منتفضاً على الفقر ليصبح صاحب البذرة والكيس ، وطالب العالم ينشر علمه بين الناس ، والمصلح يقضي بالقضاء على الخرافة والجهل عن طريق التوعية والارشاد )(3) ، وأوصى الشباب بتعلم اللغة الانكليزية للرد على اباطيل المستشرقين ومقاومة كتاباتهم الهدامة التي تحاول النيل من التراث الإسلامي(4).

وأكد الشيخ علي الشرقي ضرورة الاهتمام بالتعليم الابتدائي وتوسيعه ليشمل مناطق العراق المختلفة ، وأشار إلى انخفاض نسبة التعليم في هذا المجال بالمقارنة مع الدول المجاورة(5).

ونال التعليم المهني اهتمام الشيخ علي الشرقي الذي دعا إلى تطويره كونه يسهم في تخريج الكادر الفني الذي يستطيع إدارة المعامل والاستفادة من الآلات الحديثة

ص: 118


1- عبد الله الجبوري : المجمع العلمي العراقي نشأته وعدد أعضائه ، مطبعة العاني ، 1965 ، ص25 .
2- علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج7 ، ص14 .
3- العلم ( مجلة ) ، النجف ، العدد 9 ، 17 شباط ، 1912 .
4- دار صدام للمخطوطات ، الملفة المرقمة 261 ، الشيخ علي الشرقي ، العدد 8 ، 1/2/1913 - 1928 .
5- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع الاعتيادي ، لسنة 1936 ، ص163 - 206 .

مما يسهم في زيادة الإنتاج وتطويره(1) . وطالب الشرقي بزيادة مخصصات التعليم ، والاهتمام بالمعلم من خلال ايجاد العدد الكافي من المعلمين واعدادهم ورفع حالتهم المادية والمعنوية(2).

وجدير بالذكر أن تطوير التعليم والدعوة إلى العناية بالمعلم ورفع مستواه المعاشي والاهتمام بالمناهج التعليمية هي دعوات تكررت في مطالبات الشيخ علي الشرقي في محاولة منه لإصلاح نظام التربية والتعليم في العراق ، لما يشكله ذلك من أهمية بالغة في سبيل نشر العلم والمعرفة بين أبناء الشعب .فهو يرى عدم جدوى الجمود على القديم من الموروث الثقافي ويؤمن بوجوب الانطلاق إلى رحاب الفكر الحديث ، بالرغم من استنكار المحافظين الذين انتقدهم بشدة في شعره ونثره ، وقد نال جراء ذلك الكثير من الخصومات الشخصية والردود القاسية(3).

وأكد الشيخ علي الشرقي أهمية المدرسة والجامعة ودورهما الكبير في السمو بالإنسان إلى عالم الخير والحق والكمال سموا يستوعب كل ما في الحياة من رضا وطمأنينة فيجعل كل جيل جناحاً للجيل الذي يليه يحمله لقطع شوط من الطريق(4).

وانتقد مدارسنا لأنها اقتصرت على تربية المدارك والنفس ، لكنها فشلت في تربية العاطفة بوصفها المظهر الأساس السامي والقوة الكامنة العظيمة لدى الإنسان ، إذ غالباً ما تغلبت على قواه الأخرى وقادتها حسبما تريد ، كما رغب أن يتلاحق

ص: 119


1- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع فوق العادة لسنة 1945 ، ص15 - 16 .
2- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع الاعتيادي لسنة 1931 ، ص294 .
3- الهاتف ( مجلة ) ، بغداد ، العدد 165 ، حزيران 1936 .
4- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 1 ، السنة الثالثة ، حزيران ، 1935 ، ص9 .

الكمال العاطفي وتعمر النفسية ، فإذا بقيت العواطف على بلادتها هزيلة ، فما فائدة التربية إذا لم تصقل عاطفة النبل والنجدة والرفق والاحسان والحب والاباء وغيرها من العواطف السامية(1).

وطالب يوسف رجيب بضرورة إصلاح مناهج التدريس في المدارس الحكومية كي تسهم في بناء مجتمع متطور وأوصى بضرورة خضوع المدارس الدينية ومناهجها لرقابة وزارة المعارف حتى تتلائم مع متطلبات العصر ، وأكد ضرورة الاهتمام بالمعلم وكفاءته واختصاصه في المادة التي يدرسها داعياً وزارة المعارف إلى بذل جهدها في انتقاء المعلمين وخاصة أولئك الذي يعملون في المدارس الابتدائية(2) .

وعالج مسالة البعثات العلمية إلى خارج القطر ومالها من أهمية عظمى في تطوير العراق وذلك لافتقار البلد إلى الكفاءات العلمية في مختلف الاختصاصات(3).

أما جعفر الخليلي فمن خلال ممارسته التعليم في الحلة والكوفة والرميثة وسوف الشيوخ ، استفاد من تلك التجربة في تقييم الواقع التعليمي في العراق ، فكان طموحه يتمثل بإعداد نشيء جديد مثقف ومتعلم مدرك لدوره في بناء المجتمع العراقي المتطور(4). وقد آمن جعفر الخليلي بحرية الفكر ، فقد كانت دعواته لتحرير الفكر العربي من عوامل العبودية التقليدية ومظاهرها واتجاهاتها ، وظهر ذلك جلياً من خلال

ص: 120


1- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 1 ، السنة الثالثة ، حزيران ، 1935 ، ص9 .
2- النجف ( جريدة ) ، العدد 72 ، 4 شباط 1927 ، ص2 .
3- النجف ( جريدة ) ، العدد 60 ، 4 تشرين الثاني 1926 ، ص1 .
4- الهاتف ( جريدة ) ، العدد 138 ، 16 ايلول 1938 ، ص3 - 4 .

الصحف والمجلات التي أصدرها وساهمت في تجديد الحركة الفكرية ، فقد اهتمت مجلة ( الحيرة ) بالتربية والتعليم وخصصت لها بابا بعنوان ( في عالم المدارس ) حرره جعفر الخليلي ، وكان يهدف إلى تنوير افكار الشباب وبث روح التربية والتعليم من خلال ما تنشره من قضايا تاريخية وعلمية مفيدة ، توسع مدارك الطالب وتزيد خبرته مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية بين التلاميذ(1)، وقد حث فيها الآباء على تشجيع أبنائهم للذهاب إلى المدارس(2)، كما دعا الاغنياء للمساهمة في دعم الحركة التعليمية ، وطالب الخليلي بالتوسع بإنشاء المدارس ، منطلقاً من أهمية العلم ودوره في تهذيب النفس ، وتطور المجتمع ، كما اهتم الخليلي في هذا الباب بمناهج التربية والتعليم في اوربا ومقارنتها مع مناهج الدراسة في العراق ، فكانيدعو إلى تأسيس المدارس الحديثة التي تسهم في بناء جيل واع قادر على بناء مجتمع متطور(3).

أما السيد محمد صالح بحر العلوم فقد طالب علماء الأمة ومثقفيها معالجة جروح الأمة لإنقاذها من محنتها ، لعل اخطرها انتشار الأميّة فيقول في قصيدته التي اسماها الوصية :-

نوري يا معاهد العلم شعباً

نخرت في عظامه الأميّة(4)

ص: 121


1- الحيرة ( مجلة ) ، النجف ، المجلد الأول ، الجزء الأول ، 29 كانون الثاني 1927 ، ص20 - 28 .
2- محمد عبد الحسين المحامي : المعارف في العراق ، المطبعة الرحمانية ، مصر 1922 ، ص44 .
3- عبد الرزاق الهلالي : معجم العراق ، مطبعة النجاح ، بغداد ، ج1 ، ص229 - 234 .
4- محمد صالح بحر العلوم : الديوان ، ج1 ، ص40 .

وجدير بالذكر أن دعوات السيد محمد تقي الحكيم قد تكررت لإصلاح التعليم ومناهجه ، ويعزو سبب التدهور الحاصل فيهما إلى البريطانيين وسياستهم المقرفة التي خططوا لها وساروا عليها خدمة لمصالحهم الذاتية(1)

، وطالب بإعادة النظر في دراسة التاريخ قائلاً : ( أن علينا أن نعيد نظرتنا للتاريخ لنلتمس منه عطاءً آخر ، عطاءً ثورياً صاعداً يوجه أبناءنا إلى أسمى ما نرجوه لهم من مثل ، ويضع أمامهم من تجارب الشعوب وقوداً يلهب عواطفهم ،للوقوف أمام أية محاولة تعسفية يرمي من ورائها المستعمرون إلى تخدير الشعوب للاستيلاء عليهم وفرض سيطرتهم عن طريق الاذناب والوصوليين ... )(2)

، وأكد السيد محمد تقي الحكيم على وجوب دراسة التاريخ من زاوية أخرى فيقول : ( أن علينا دراسة التاريخ من زاوية أخرى . زاويتي أنا وأنت زاوية الشعب وما فيه من امكانيات تبعث على الاكبار ... )(3) .

وجدد مطالبته بتغيير مناهج التاريخ وتحويل اتجاهها عن خط المألوف إلى خط آخر يصل إلى الامكانيات الخيرة في نفسيات الشعوب ليبرز خصائصها العامة والخاصة ويضعها في موضعها من زمانها ومن احداثه الكبرى(4) .

ومن جهة أخرى فقد أولت المجلات والصحف النجفية اهتماماً بإصلاح التعليم واعتبرت مجلة ( الاعتدال ) التعليم الابتدائي والثانوي والعالي ذو أهمية كبيرة في حياة الدولة وقوتها فكل منهما ضروري جداً لحياة الدولة ، فالتعليم الثانوي

ص: 122


1- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 10 ، السنة الثانية ، 31 تموز 1958 ، ص15 - 17 .
2- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 13 ، السنة الثانية ، 18 تشرين الأول 1958 .
3- المصدر نفسه .
4- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 13 ، السنة الثانية ، 18 تشرين الأول 1958 .

والتعليم العالي وعلاقتهما بالتعليم الابتدائي كعلاقة الرأس بالجسد ، فعليهما المعول في نهضة قادة الأمة وزعمائها فلا أمة بدونزعماء وقادة ولكن لا أمة ولا قادة ولا زعماء بدون جمهور مثقف تثقيفاً ابتدائياً على الأقل يغذي الزعامة النامية ويشد ازرها بتقدير ويدحض افتراء كل مفتر عليها(1).

وطالبت المجلة النهوض بواقع التعليم الابتدائي في العراق ، وقد أكدت الاحصائيات الخاصة بها مدى التأخر والانحطاط الذي يعيشه ودعت إلى نشر التعليم في الريف العراقي الذي يعد من الوجهة الجغرافية السياسية جزءاً من العراق ، أما من الوجهة الثقافية الروحية فلا يرتبط بالعراق بسبب الجهل المخيم وانتشار الأميّة فهو لا يعرف الدولة العراقية ولا يدرك أهدافها(2) .

وأكدت المجلة أن يعطى لكل فرد في البدء مجالاً تعليمياً صحياً وأخلاقياً ، اقتصادياً اجتماعياً متساوياً مع أي فرد آخر ولا يكون التقدم بعد ذلك إلاّ بالكفاءة والاخلاص والجد والخدمة البارزة وهذا لا يتم إلاّ بإنشاء نظام تعليمي اجتماعي عادل يوزع فيه التعليم بمختلف درجاته على أساس المواهب والكفاءة(3).

وحول مكافحة الأميّة وخطرها أكدت مجلة ( الشعاع ) على ضرورة معالجة هذه الآفة الاجتماعية الخطيرة التي تهدد كيان المجتمع ، فمن خلال الأميّة ندرك أهمية الفضيلة ، كذلك فإن الامراض المتفشية في المجتمع مصدرها الامية فهي مبعث الشر والموبقات ، وقد تسربت هذه الامراض إلى الطبقة المثقفة من خلال

ص: 123


1- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 5 ، السنة الثالثة ، تشرين الأول 1935 ، ص244 .
2- Alfred Bonne, op, cit. 120.
3- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 8 ، السنة الثالثة ، كانون الثاني 1936 ، ص426 .

الاحتكاك بالطبقة الجاهلة فضلاً عن أن الطبقة المثقفة لم تكن ذات ثقافة صحيحة ولم تربّ تربية عالية(1).

وعالجت مشكلة التعليم العام بوصفها أهم المشاكل الاجتماعية الواجب حلها عن طريق نشر التعليم في أرجاء الوطن ، فليس من العدل أن يبقى هذا المخلوق الإنساني فريسة للجهل ، وقد أصبح التعليم حقاً من حقوقه عندما منح الحياة ، وعليه فإن المصلحة العامة تقتضي فرض التعليم الالزامي ونشر التعليم العام على ابناء الشعب وبدون أجر والزام من يتخلف عن ذلك(2).

وقد أكدت مجلة ( الاعتدال ) بأن الهدف السامي من التعليم هو نشره بين ابناء الشعب على أسس قومية متينة تستند على فكرة جعل الفرد حراً في أعماله وتفكيره أولاً ، وتمهيد الطريقللتربية القومية ثانياً ، وعند ذاك تكون وظيفة المعلم عند تحديد مدة التعليم الاجباري سهلة وقوية التأثير ، ودعت المجلة إلى تدريب عدد من الرجال والنساء ليتمكنوا من الالمام بطرق التربية الصحيحة وأحسنها لإعداد مجتمع يقبل هؤلاء المواطنين الصالحين(3).

وعالجت مشكلة الفقر الشديد في الترجمة والتأليف وطالبت بزيادة عدد البعثات العلمية إلى الخارج واستمرارها ليعود هؤلاء المبعوثون ويعدوا باحثين ومؤلفين ،

ص: 124


1- الشعاع ( مجلة ) ، النجف ، العدد 12 ، السنة الأولى ، 2/11/1948 ، ص302 .
2- الشعاع ( مجلة ) ، النجف ، العدد 12 ، ص303 .
3- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 3 ، السنة الرابعة ، نيسان 1937 ، ص162 .

وأكدت أن الضرورة تدعو لفتح معهد عربي عال إلى جانب مدرسة اللغات الاجنبية يتعلم فيه الطالب اللغة الاجنبية واللغة العربية ليتمكن من فهم أساليبها(1).

وتناولت مسالة الاهتمام بإنشاء الجامعة العراقية وعبرت عن أهمية هذا الصرح العلمي بخل جيل من الرجال يتجه صوب البحث والدراسة والتأليف ، ونبهت إلى ضرورة الابتعاد عن الدراسات السطحية التي يدرسها الشباب لغرض الحصول على الشهادات والتنعم بالرواتبفحسب بل تحاول الجامعة دفع طلبتها إلى البحث وتغرس فيهم حب العلم والرغبة والاستفادة من العلوم من أجل التفوق(2) .

ودعت مجلة النجف إلى ضرورة العناية بالطفل بوصفه يشكل الوحدة التكوينية لجسم المجتمع(3)

، مؤكدة أن الجهود الفكرية في بقاع العالم قد اهتمت بالطفل وثقافته ودعت إلى نبذ طرق التعليم القديمة والاهتمام بالدراسات التربوية والنفسية على وفق الأساليب الحديثة في البحث العلمي(4) . ثم تطرقت المجلة إلى معاناة الأطفال في العراق وأبدت أسفها لعدم وجود أماكن تثقيفية كالمكتبات والنوادي كي يقضي فيها الاطفال أوقات فراغهم ، فتكون الشوارع مأواهم ، فيتخلقون بأخلاقها وفي ذلك ضياع للغاية التربوية التي انشأت من أجلها المدارس(5).

ص: 125


1- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 6 ، السنة الرابعة ، تشرين الأول 1937 ، ص294 .
2- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 9 ، السنة الرابعة ، آذار 1938 ، ص462 .
3- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 11 ، السنة الثانية ، 28 آب 1948 ، ص18 - 19 .
4- Murray, John. A report on Statistical Organisation in The Government of the Kingdom of iraq, Cairo 1947 P.41
5- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 11 ، السنة الثانية ، 28 آب 1958 ، ص18 - 19 .

وانتقدت المجلة بشدة المناهج التعليمية وخاصة مناهج الأطفال المدرسية التي اعتبرتها غير لائقة بصورة عامة كما حملت الادباء مسؤولية النهوض بهذا الجانب فكتبت تقول : ( وما أحوجنا في نهضتنا إلى أدباء يلجون هذا المضمار ، ويبدأون من حيث انتهى غيرهم لا من حيث ابتدأ الآخرون ، لأن هذا يحتاج إلى وقت طويل قد يطول ، ونحن الآن في أمس الحاجة إلى غرس الروح الوطنية والقومية والانسانية في نفوس اطفالنا )(1).

وانتقدت المجلة أيضاً وزارة المعارف لأن الطرق التي تسير عليها في تعليم النشىء لا تجدي نفعاً ، فالأساليب التي تتبعها ليست ناجحة وكتبت تقول : ( ولعل خير تسمية يمكن أن نطلقها على مدارسنا وهي بهذا الوضع بأن تدعى ( مدارس امتحانية ) ليس غير ، تهيء طلابها للفوز بالامتحانات الرتيبة ، غير عابئة بالغاية من الثقافة الحرة )(2) ، وأكدت المجلة على ثقافة التلميذ المدرسية ما هي إلاّ وليدة كتب معدودة تنحصر في مواضيع محدودة لا تتعداها ، ولاسيما في المرحلة الابتدائية فضلاً عن أنها بحاجة كبرى إلى الخبرة العلمية والتجاربالشخصية فهي لا تهيء للتلميذ أسباب الكمال طالما كانت معلوماته مقتصرة على دروسه حسب ، ولسان معلمه المرجع الوحيد له(3) .

ص: 126


1- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 11 ، السنة الثانية ، 28 آب 1958 ، ص18 - 19 .
2- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العددين 6 - 7 ، السنة الثانية ، 24 مايس 1958 ، ص35 .
3- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العددين 6 - 7 ، السنة الثانية ، 24 مايس 1958 ، ص35 ، وللمزيد عن حالة التعليم انظر : Murray, John, op, cit, P. 41

وطالبت بإصلاح مناهج الدراسة لأن ذلك أمر لابد منه إذا أريد للبلاد التقدم والنهوض والرقي ، لأن المدرسة الابتدائية إنما اعدت لتهذيب نفوس الأطفال وصقل مداركهم لإعدادهم اعداد كاملاً ليقوموا بالمستقبل بواجباتهم الفردية والاجتماعية ، ونبهت المسؤولين إلى أوليات اهتماماتهم في هذا الشأن وهو تنمية جسم التلميذ الابتدائية برياضة صحيحة ، تنمي عقله الغض تنمية مطردة لا جهد فيها ولا عناء ، من خلال علم تجريبي بعيد كل البعد عن حضره بالنظريات وتستند إلى تمارين زراعية وصناعية تجعله باتصال مستمر مع حقائق الحياة ، ودعت الوزارة أن لا تغفل جانباً آخر عظيم الأهمية وأن تنظر إليه بعين الجد والاهتمام ، ويمثل هذا الجانب المعلم ، فالمعلم ذو الشخصية القوية والثقافة الواسعةالذي يسير والعلم جنباً إلى جنب ، يحسن بطبيعة الحال افراغ دروسه في قالب يتناسب ومدارك الأطفال ويكون درسه جذاباً ومفيداً في الوقت نفسه(1).

أما مسألة الكتب الدراسية فتعد من أهم المسائل التي عالجتها مجلة ( النجف ) لأنها لم تحتل مكاناً في البرامج الاصلاحية ، ولم يتسع لها صدر المعنيين المهتمين بأمثال هذه المسالة ، واستبعاد ايجاد طرق صحيحة لحلها أو أن اختلاف البرامج الدراسية آنذاك باختلاف آراء المدرسين في الحلقات الدراسية ، فإن هذه الأسباب وغيرها مجتمعة تتماشى مع روح اليأس أكثر من كل شيء وأن اليأس

ص: 127


1- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العددين 6 - 7 ، السنة الثانية ، 24 مايس 1958 ، ص35 .

من الاصلاح كداء فتك بأمة فأوجدت سبيلاً للتخلص منه وحذرت المجلة بأن هذا الداء بدأ يقترب بخطوات حثيثة محذرة من خطورته تلك(1).

وأكدت المجلة بأن حل هذه المسالة يكمن في توعية الرأي العام بعدم صلاحية الكتب الدراسية في أن تكون كتباً مقررة يتدارسها آلاف الطلاب ، وطالبت ببذل الجهود والطاقات العلمية والاجتماعية لإيجاد حلول مرضية وفي اقصر وقت ، فالكشف عما في هذه الكتب من اغلاط فنية وذوقية وعدم ملائمة موادها العلمية للبيئة التي يعيش فيها الطالب خطوة أولىنحو تكوين رأي عام رافض لها ، وأكدت بأن المنهج المتبع في هذا البحث كما تقول المجلة : ( هو أن لا نجمد على كل قديم رأينا آباءنا عليه حتى نفقد حريتنا ولا نتحرر عن كل قيم أيما كان شأنه حتى نتعدى حدود العقل وإنما نأخذ طريقاً وسطاً بين هذا وذاك )(2).

ص: 128


1- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 5 ، السنة الثانية ، 24 نيسان 1958 ، ص9 .
2- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 5 ، السنة الثانية ، 24 نيسان 1958 ، ص9 - 10 .

ثانياً : الاصلاحيون والدين

دعا الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء إلى الاهتمام بالتعليم الحديث لكتابة العقيدة بأسلوب بسيط قادر على الوصول لكل المسلمين ، وتنقية الدين من كل ما لحق به من إضافات وأباطيل جعلته عرضة للنفور ، وطالب أيضاً بكتابة العقائد بأسلوب حديث يتلائم مع روح العصر ، لأن الاسلوب القديم الذي كتبت به زاد من تعقيدها وعدم فهمها(1)، ولهذا ابتعد الشيخ في اسلوبه عن الغموض في اللفظ والمعنى وكثرة التأويلات المعيقة لفهم النص لتظهر كتاباته واضحة مفهومة لمختلف الطبقات الاجتماعية .

وقد عبر عن رؤيته لأهمية الإصلاح الديني وقدرته على رفع الجهل وتمكين الدين الصحيح في النفوس ، وتخليص العقيدة من الدجل الذي ساهم بتغلغل الروح الغربية إلى الجسد الإسلامي(2) ، وألقى الشيخ باللائمة على علماء الأمة ومصلحيها لما لحق بها من ضعف ووهن لأنهم أهملوا جانب الارشاد بإهمالهم التعليم الحديث كعامل تقريب للعقائدالإسلامية وجعل الاصابع تتهم الإسلام بالجمود والانغلاق الفكري وقد سبب ذلك معاناة المسلمين وانحلال دولهم وتدهورها(3) .

ص: 129


1- محمد حسين كاشف الغطاء : الدين والإسلام ، ص27 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : الدين والإسلام ، ص19 .
3- علي محافظة : الاتجاهات الفكرية عند العرب في عصر النهضة 1798 - 1914 ، الأهلية للنشر والتوزيع ، (بلا.ت) ، ص78 .

ولتأكيد نظرته التوفيقية بين الإسلام والعلوم الحديثة(1)

دعا الشيخ علماء الأمة وفلاسفتها ومفكريها لتشكيل لجنة تتولى تخليص العقيدة مما لحق بها من شوائب لتقبل النفوس عليها وترتضيها(2).

وقد آمن الشيخ بالتوافق بين العقل والعلم والدين وأن كلاً منهم يدعم الآخر ولا يناقضه ، ولهذا فإنه قسم الناس في نظرتهم للعلم إلى ثلاثة أقسام(3):-

1- لا تعنيه العلوم ولا يهمه الحصول عليها ، فقد استكان للجهل والظلام فهو والبهيمة على حد سواء.

2- بحث ونقب ونظر في المعارف واكتفى بالوقوف عند نقطة معينة معتقداً بأنه حقق ما يصبوا إليه .

3- استمر في البحث والتنقيب ويبقى عقله مستمراً في النظر بالعلوم والمعارف ويعتقد أن ما حققه خطوة على الطريق .

وبسبب الشكوك التي راودت الشيخ حول المناهج وأساليب التدريس المتبعة في المدارس الحكومية(4)

، بوصفها غير مشجعة على الابداع والتقدم ، فقد جاءت دعواته الملحة لتأسيس مدارس مرادفة تأخذ على عاتقها النهوض بالواقع العلمي

ص: 130


1- موريس يوكاي : القرآن والتوراة والانجيل ، دراسة للكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ، ط4 ، دار المعارف ، لبنان 1977 ، ص135 وما بعدها ؛ الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 11 السنة الأولى ، شباط 1933 ، ص13 - 14 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : الدين والإسلام ، ص32 - 33 .
3- حيدر نزار ، المصدر السابق ، ص76 .
4- محمد حسين كاشف الغطاء : جنة المأوى ، ص132 .

منطلقاً في هذا المجال من أن أكثر المناهج التي وضعها المستعمرون تهدف إلى نشر ثقافة التحلل بين صفوف الشباب(1).

وعلى أساس ما تقدم وصف الشيخ التعليم بأنه أداة فاعلة في بناء شخصية الفرد وسلوكه الإنساني لذا اكد هدف المدارس والتعليم هو تربية الجيل تربية دينية وأخلاقية ووطنية وتأكيداً لهذا المنهاج فقد جدد الشيخ مدرسة أجداده ( مدرسة آل كاشف الغطاء ) وتولى مهمة اصلاحها وادخال النظم والعلوم الحديثة إليها ، وشكل لجنة من علماء الدين لوضعمناهج جديدة تواكب الطرق العصرية الحديثة في التعليم(2)

وقد حصلت هذه المدرسة على اعتراف الحكومة وأقرت نظامها الدراسي ومناهجها ، وانظم إليها طلاب من مختلف الجنسيات فضلاً عن العديد من الطلبة العراقيين(3).

وطالب الشيخ بنشر الوعي العلمي والثقافي من خلال الصحف والمجلات وأكد رفضه التعصب المذهبي وضرورة الاحتكام إلى العقل(4) .

وطالب الشيخ محمد جواد الجزائري بإصلاح أوضاع الحوزة العلمية وما تعانيه من فوضى معاشية ودراسية وأكد ضرورة التجديد والتحديث والعمل على تنظيم أساليب الدراسة الدينية وادخال بعض العلوم الحديثة ، وحارب بشدة النظريات المادية الغربية التي تحاول التشكيك بالعرب ومعتقداتهم وتراثهم لأغراض سياسية

ص: 131


1- محمد حسين كاشف الغطاء : الميثاق العربي ، ص71 .
2- الهاتف ( جريدة ) ، العدد 64 في 19 شباط 1937 .
3- العرفان ( مجلة ) ، الجزء الثاني ، المجلد 29 ، نيسان 1939 ، ص185 .
4- دار صدام للمخطوطات ، ملفة رقم (347) ، العدد 9 ، 1912 - 1943 ، رسائل الكرملي .

بحتة . وقد وصف أصحاب هذهالنظريات بالجهالة والتقصير في فهم مبدع هذا الكون وانتقد بشدة نظرية المفكر اليوناني ديمقرطس ( الذرات والفراغ ) بقصيدة قال فيها(1) :-

أن ظل ديمقراط *** فيك فكم أمات وكم اضلاّ

لم يرع يوم قضى *** عليك برأيه عقلاً ونقلا

إلى أن قال :-

أدلى بمبدئه وشيع *** رأيه وبه ادلا

واضاع بين شتات *** ذرات الأثير هدىً وعقلا

وقد رد الشيخ محمد جواد الجزائري على قصيدة ( ايليا أبو ماضي ) المشهورة ( لست ادري ) التي شكك فيها بعملية الخلق الإلهي للوجود وبأصول العقائد الدينية ضمن إطار ماديبحت ، وقد جاء رد الشيخ محمد جواد في قصيدته التي أسماها ( حل الطلاسم )(2)

ليؤكد على خلق الكون من قبل الله تعالى ، وبمعرفة الإنسان بمصيره ، وكانت قصيدته تلك رداً على الاتجاهات المادية في الفكر والأدب التي تعد من مظاهر الحركة الفكرية والصراعات الثقافية السائدة التي تشكل في حينها جزءاً من ثقافة المرحلة .

ص: 132


1- الجزائري : الديوان ، ص85 - 86 .
2- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 4 ، السنة الأولى ، مايس 1933 ، ص174 - 175 ؛ محمد جواد الجزائري : حل الطلاسم ، ط3 ، دار الكتب ، بيروت 1970 ، ص136 - 140 .

ولمعرفة الشبيبي بالدور الكبير الذي يضطلع به رجال الدين فقد صب غضبه عليهم وحملهم المسؤولية في الكثير مما يحدث في المجتمع وما يسري فيه من امراض اجتماعية ، كان من واجبهم التصدي لها بشجاعة وقوة ، وفي هذا المجال القي الشبيبي مسؤولية انتشار هذه الامراض على بعض رجال الدين الذين يمثلون النخبة المثقفة فضلاً عن كونهم يمثلون الدين وتعاليمه(1)، لكونهم قصروا في واجباتهم وارشادهم ودفعهم عن الجهل والجمودوالخرافة التي اعتقدوها جزءاً من دينهم وأخلاقهم وتقاليدهم(2)، لذا عد سكوتهم وصمتهم وصمة عار عليهم فقال(3) :-

وأكبر عار في الأكابر صمتهم *** إذا لم يبينوا الرأي أو يصرحوا

وكان للشيخ علي الشرقي مواقف وآراء مهمة من بينها المسألة الطائفية التي حاول الاستعمار زرع بذورها بين أبناء الوطن الواحد ، ودعا إلى نبذها وترك النقاش فيها ، لأنها تسهم في إدامة التناحر والصراع الذي ينعكس سلبياً على المجتمع ، ففي احدى قصائده المسماة ( مزرعة البصل ) أوضح أن سبب الخلاف والتناحر هو الصراع على الزعامة الناتج من تغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن ويبدو ذلك واضحاً في قوله(4):-

ص: 133


1- علي الوردي : لمحات اجتماعية ، ج1 ، ص294 .
2- عبد الرزاق أحمد النصيري ، المصدر السابق ، ص147 .
3- محمد رضا الشبيبي : الديوان ، ص89 .
4- علي الشرقي : الديوان ، ص153 .

دع عنك مروان الحمار *** وخل واقعة الجمل

للسع نعمل دائماً *** والنحل تعمل للعسل

بلدي رؤوس كله *** ارأيت مزرعة البصل

ونتيجة ذلك كانت دعوته لأبناء الشعب برفض التناحر والتوجه نحو إصلاح المجتمع وتطويره ، لأن مسؤولية تأخر المجتمع وتدهور أحواله العامة تقع على عاتقهم ، لأنهم ارتضوا قادة أكثر جهلاً ولا بصيرة لهم في قيادة هذا الشعب(1)

، وقد صور ذلك في احدى قصائده قائلاً(2) :-

آه لو تمطر السماء بصائر *** فعسى يدرك الرفاق اهتداءا

وقد عمل الشرقي بجد على الترويج لأفكار النهضة والآراء الحديثة ونشر الوعي السياسي والفكري في مدينة النجف الأشرف وهي المدينة التي عانت من الاهمال والاضطهاد الطائفي خلال مدة الحكم العثماني ، بالرغم من وجود المرجعية الدينية فيها وما يتبعها من مدارس دينية إلاّ أن أبناءها كانوا بعيدين عن فهم المعاني الجديدة المتمثلة بالحرية والحقوق والمساواة والأفكار الثقافية الجديدة(3) .

ص: 134


1- Cook, M.A. Studies in the Economic History of the Middle East, London 1970, p. 200.
2- علي الشرقي : الديوان ، ص103 .
3- جعفر الخليلي : هكذا عرفتهم ، ج2 ، ص51 .

وقد حبذ الشيخ علي الشرقي الانضمام إلى جمعية تضم الشباب المتجدد والمتمرد على التقاليد البالية ، تدعو للإصلاح سميت بجمعية مكافحة الفقر(1) ، وكان يطرح آراءه بجرأة وكأنه متأكد من صحتها في مجال الإصلاح الديني والأدبي ، وعدّ آراء معارضيه تخرصات وتصنع اتخذت من الدين ستاراً لتخفي وراءه غايات تسعى لتحقيقها(2) .

وكان لتطاول على رجال الدين سبباً في إثارة غضب الناس عليه فنراه يقول في احدى قصائده(3) :-

في رمال التاريخ آثار اقدام *** رفاق تخطت التاريخا

نفخت في الجراب دهراً وولت *** فورثنا جرابها المنفوخا

وإذا بي ما بين اجربة تمشي *** على الأرض سادة وشيوخا

كما انتقد المدارس الدينية لتقصيرها في واجباتها وجمودها على مجموعة من العلوم التي لا تعطي إلاّ علماً صناعياً وأدباً مدرسياً تقليدياً(4) .

ودعا يوسف رجيب إلى نبذ التعصب والتفرقة وترك الطائفية وأكد التوافق بين الدين والحياة(5) . وألقى باللائمة على بعض رجال الدين مطالباً اياهم بإصلاح مواقفهم الدينية والاجتماعية بما ينسجم وتعزيز الوحدة الوطنية أولاً ، وحقيقة

ص: 135


1- علي الشرقي : الأحلام ، ص73 .
2- العلم ( مجلة ) ، النجف ، العدد 9 ، 18 شباط 1912 .
3- جعفر الخليلي : هكذا عرفتهم ، ج2 ، ص65 .
4- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 1 ، السنة الثالثة ، حزيران ، 1935 ، ص9 .
5- النجف ( جريدة ) ، النجف ، العدد 56 ، تشرين الأول ، 1926 ، ص1 .

دورهم الروحي ثانياً ، وخاطبهم بقوله : ( إن دعوتنا للإصلاح نوجهها إلى رجال الدين ، ونعني بهم من يهمهم الدين حقيقة ، لا الذين يتظاهرون بالزهد ، ويسمون صدورهم بأوسمة التقوى والخير والصلاح وبطونهم ملأى بأموال الأيتام والضعفاء )(1) .

ونالت مسألة تطوير مدرسة النجف الدينية اهتمام الشيخ محمد رضا المظفر والسيد محمد تقي الحكيم اللذين كانا يرغبان في جعلها تضاهي بقية المدارس في العالم ، من خلال تطوير المناهج والمؤسسات التعليمية والأساليب التربوية(2) .

وقد تجاوبا مع دعوات عدد من المثقفين العراقيين والعرب ، أبرزهم جعفر الخليلي وحسين مرزة ومحمد شراره ومحمد حسن الصوري وصفاء خلوصي الذين طالبوا بإصلاح التعليم الديني بما يتلاءم مع روح العصر وتحقيق الانسجام مع متطلبات العلوم الحديثة ، ولاسيما بعد التحدي الكبير الذي طرحه التعليم الحكومي للمدارس الدينية ، فكان هؤلاء المثقفين يريدون القيام بالإصلاح بشأن تكييف المجتمع والمدرسة التقليدية بما ينسجم والواقع الجديد في العلوم(3) .

ففي سنة 1935 كان هناك زهاء (200) شخص يدعون إلى إصلاح التربية الدينية، لكن افتقارهم إلى برنامج عمل واضح ووقوف الفئات المحافظة التي وقفت أمام التجديد ، شكلاً عائقاً أمام الاصلاحيين وفي منتصف السنة نفسها ( 8

ص: 136


1- النجف ( جريدة ) ، النجف ، العدد 56 ، 15 تشرين الأول ، 1926 ، ص1 .
2- ناجي وداعة الشريس : لمحات من تاريخ النجف الأشرف ، ط1 ، مطبعة النعمان ، النجف 1973 ، ص83 .
3- الهاتف ( جريدة ) ، النجف ، العدد 32 ، 22 آيار 1936 . Man, Phebe, op, cit, p. 170

مايس 1935 ) قدمت هذه المجموعة وبضمنهم الشيخ محمد رضا المظفر والسيد محمد تقي الحكيم طلباً إلى وزارة الداخلية(1) التي وافقت على تأسيس منتدى النشر لتكون بديلاً عن المدرسة القديمة لإصلاح نظام التعليم السائد ومناهجه لتجمع هذه المناهج بين دراسة الدين والعلوم الحديثة ، وتقرر أن تدفع مرتبات شهرية للمعلمين وتجري فيها امتحانات دورية لتقييم الطلبة(2) .

كان هدف المنتدى ومؤسسيها هو خدمة الدين الإسلامي ونشر الفضيلة ، وتطوير الدراسة الحوزوية التي ظلت تسير على نمط واحد ، وتعميم الثقافة الإسلامية والعلمية من خلال نشر التحقيقات والمؤلفات لتسهم في تقليص الفجوة الكبيرة بين رجال الدين ورجال الدنيا أو ما بين ما يقره رجال الدين وبين أهداف الدين الكبيرة رغبة منهم في جعل الدراسة صالحة وتتماشى مع ما تقدم العلوم وتطورها(3) .

وكان الشيخ محمد رضا المظفر يسعى لإنشاء كلية جامعة تدرس فيها مختلف العلوم وقد وضع خططاً لذلك ، وفي سنة 1937 قدم الشيخ خدمة جليلة للثقافة العربية والإسلامية ، إذ تم افتتاح المدرسة التي حدد نظامها واختيرت مناهجها بدقة ، لتضمن للطالب الدارس فيها عند تخرجه أن يكون ملماً بالثقافة العربية الإسلامية(4) ، وافتتحت إلى جانب المدرسة الابتدائية والثانوية كلية لدراسة الفقه

ص: 137


1- ناجي وداعة الشريس : لمحات من تاريخ النجف الأشرف ، ص83 .
2- الهاتف ( جريدة ) ، النجف ، العدد 32 ، 22 آيار 1936 ؛ النهج ( مجلة ) ، لبنان ، العدد 11 ، السنة التاسعة ، آب 1964 ، ص86 .
3- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 2 ، السنة الثالثة ، 1936 ، ص62 .
4- الهاتف ( جريدة ) ، بغداد ، العدد 139 ، 1938 ، ص23 .

سنة 1958 التي اعترفت بها وزارة المعارف ، وكانت الشهادة التي تمنحها الكلية هي بكالوريوس في الآداب واللغة العربية والدراسات الإسلامية ، ومعادلة للشهادات التي تمنحها معاهد التعليم العالي في العراق ، أما المواد التي كانت تدرسُ في الكلية فهي الفقه والتاريخ الإسلامي والتاريخ الحديثة والمنطق وعلم التربية وأساليب التدريس وعلم الاجتماع واللغة الانكليزية(1) .

لقد عدّ المثقفون تأسيس المنتدى خطوة أولى في إحياء العلم والأدب العربي في النجف وخلق جيل جديد واسع الإطلاع قادر على تحقيق الإصلاح الاجتماعي ، فقد قدر لها أن تلعب دوراً في نشر العديد من المؤلفات ، وتحقيق الكثير من المخطوطات ، والقاء المحاضرات التي تهدف إلى زيادة الوعي الثقافي لعموم المواطنين(2) .

فقتم نشر العديد من الكتب الإسلامية منها كتاب الشيعة ، والامامة ، والصادق ، والثقلان وتاريخ الشيعة للشيخ محمد حسن المظفر ، وكتاب السقيفة للشيخ محمد رضا المظفر ، وكتاب الزهراء لمحمد جمال الهاشمي ، وكتاب مالك الاشتر لمحمد تقي الحكيم ، وعدد آخر غيرها . كما اصدر المنتدى مجلتي النجف والبذرة وكانت رئاسة تحريرهما للشيخ محمد رضا المظفر(3) .

وقد ساهم المنتدى في تخريج جيل كان للشيخ محمد رضا وزملائه دور رئيس في اعدادهم ، وهم من اعلام النجف ، وقد استطاع الكثير منهم الحصول على

ص: 138


1- العرفان ( مجلة ) ، العدد 49 ، 1962 ، ص468 .
2- محمد مهدي الآصفي ، المصدر السابق ، ص135 .
3- المصدر نفسه ، ص136 .

الشهادات العليا الماجستير والدكتوراه وبمختلف الاختصاصات ، فكان منهم محمد بحر العلوم وحمود المظفر ، والسيد مصطفى جمال الدين ومحمد صادق القاموسي وعدد آخر غيرهم .

محاولات إصلاح المنبر الحسيني :

تعد محاولة إصلاح المنبر الحسيني من أهم القضايا التي دعا إليها الشيخ محمد رضا المظفر لما لهذا الموضوع من خطورة كبرى في التأثير على عامة الناس(1) ، ويعود اهتمام الشيعة بالمنبر الحسيني لأنه يكسبهم إطلاعاً واسعاً ومعرفة كبيرة في الأمور الدينية والتاريخية والنظريات المعرفية الأخرى ، وقد وجهت العديد من الانتقادات لهذا المنبر من أصحاب المذاهب الإسلامية(2) .

فقد تولى مجموعة من الخطباء الذين ينقصهم الوعي الثقافي هذا المنبر واستطاعوا خداع العامة والبسطاء من الناس من خلال الافتراءات والادعاءات ، فضلاً عن ظهور عادات غريبة باتت تسيء إلى المنبر الحسيني بشكل واضح منها ، الضرب بالسيوف على الرؤوس أو بالسلاسل الحديدية وغيرها من الأعمال التي اساءت إلى هذا المنبر والقضية السامية التي من أجلها تم تأسيسه(3) . ونتيجة ذلك استطاع الشيخ محمد رضا المظفر مع مجموعة من العلماء المجددين كالشيخ أحمد الوائلي والشيخ جواد قسام والشيخ مسلم الجابري تأسيس كلية الوعظ

ص: 139


1- جعفر الخليلي : موسوعة العتبات المقدسة ، ص185 .
2- حيدر صالح المرجاني : خطباء المنبر الحسيني ، ط1 ، دار النشر ، النجف 1949 ، ج2 ، ص9 .
3- أحمد الوائلي : تجاربي مع المنبر ، ط1 ، دار الزهراء ، بيروت 1998 ، ص30 .

والارشاد سنة 1943 التي هدفت إلى إيجاد صيغة متطورة لتبني الفكر الإسلامي والاعتماد على الروايات ذات الاسناد الصحيح ، ومحاربة الخرافات والأساطير والاسرائيليات ، واتباع المنهج الحديث في إعداد جيل من خطباء المنبر الحسيني ، ينهض بأعباء المسؤولية الخطيرة ، ليصور أبعاد الثورة الحسينية بما يتفق مع أهداف الإسلام العليا(1) .

واجه هذا المشروع معارضة أصحاب المصالح الذين يمتهنون الخطابة فبدأوا يشيعون أن غاية المشروع تحسين صورة الأمويين لدى الناس والقضاء على الشعائر الدينية ، والعمل على تزوير الوقائع التاريخية ، وتطور الأمر إلى هجوم مسلح على المؤسسة ، فكسرت الكراسي وحُطّم الأثاث وهرب من كان في المبنى ، وزاد الأمر سوءاً تصريح أحد المراكز الدينية بأن الحسين تم قتله مرتين الأولى يوم الطف والثانية عند تأسيس كلية الوعظ والارشاد وهكذا فشل المشروع وهو في المهد(2) .

وقد تكررت دعوات الشيخ محمد رضا المظفر لرجال الدين في المساواة بين الإيمان والاصلاح فقال : ( يا رجل الدين انك لتكذب في ادعائك الإيمان إذ كنت يائساً من إصلاح البشر ، أو من قوتك على العمل للإصلاح [لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ] فإن الله تعالى أودع في كل إنسان حياة متدفقة ، ومواهب

ص: 140


1- أحمد الوائلي ، المصدر السابق ، ص30 .
2- محمد حسين الصغير : الشيخ المظفر مجدداً ، بحث ضمن كتاب الندوة الفكرية لاستذكار المآثر العلمية للشيخ المظفر ، النجف 1997 ، ص57 .

فياضة ونفساً جياشة وضميراً حياً ، لو استعملها كلها وهو يؤمن بنفسه ، مخلص للحق ، لبلغ الكمال اللائق في هذه الحياة ولكان شيئاً مذكورا ))(1) .

ويؤكد الشيخ محمد رضا بأن قدرة رجال الدين على الإصلاح لا تقف عند حد معين فلديهم القوة ، وفي الناس العدة ، والله جلت قدرته من وراء القصد ، فلا وجه للقنوط والضعف ، فالإنسان مخلوق يفيض بالحياة وما على رجل الدين إلاّ أن يستغل هذه الحيوية لنشر الفضيلة(2) .

وقد عرف عن الشيخ محمد رضا المظفر ميله إلى التوحيد بين المذاهب الإسلامية والدعوة إلى جمع وحدة المسلمين ويظهر ذلك من خلال كتبه ومؤلفاته وأقواله وأفعاله ورحلاته ، فليس غريباً على مدينة النجف وعلمائها هذا الموقف فهي الساعية إلى جمع كلمة المسلمين وخير دليل على ذلك احتضانها للمؤتمر الذي عقد بحدود سنة 1870م للتقريب بين المذاهب الإسلامية وحضرته وفود من إيران وتركيا وبغداد ، وحاولت فيه تحقيق الوحدة الإسلامية(3) .

وقد أكد الشيخ محمد رضا المظفر أن مسألة التقريب بين المذاهب اصبحت من الحاجات الملحة وهي هدف كل مسلم غيور فقال : ( واني لواثق بأن فكرة ( التقريب بين المذاهب ) أصبحت اليوم حاجة ملحة وهدفاً رفيعاً لكل مسلم غيور

ص: 141


1- أحمد الوائلي ، المصدر السابق ، ص185 .
2- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 14 ، 10/11/1958 .
3- المصر نفسه ، الكوثر ( مجلة ) ، النجف ، العدد 8 ، السنة الأولى ، 2000 ، ص8 .

على الإسلام مهما كانت نزعته المذهبية ... وليس شيء أفضل في التقريب من تولي أهل كل عقيدة انفسهم كشف دفائنها وحقائقها )(1) .

ومن هذا المنطلق طالب الشيخ المظفر بإنشاء مؤسسة تهدف إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية ، فكان في حواره مع الكاتب العربي أحمد أمين على صفحات مجلة ( الرسالة ) تأكيداً لهذا المعنى ، كما كان للقاءاته بعلماء مصر ومنهم شيخ الأزهر محمد شلتوت ، فأثمرت تلك اللقاءات عن إدخال المذهب الجعفري كدرس من دروس الأزهر(2) .

أما جعفر الخليلي فقد انتقد بشدة طرق الدراسة في المدارس الدينية والحوزة العلمية لتقصيرها في توسيع مدارك الطلبة وتدفع الطالب للشعور بالملل وعدم المسؤولية(3) ، وعدم الانتظام في الدراسة ، كما انتقد الخليلي علماء الدين لإهمالهم واجباتهم في رعاية شؤون الطلبة وتوفير احتياجاتهم الدراسية وأمورهم الحياتية الأخرى(4) ، وقد جعله ذلك في موضع سخرية وعداء فئات عديدة من المجتمع ، وقد تطوع بعضهم للاعتداء عليه بسبب دعواته إلى نبذ العادات والتقاليد الوافدة إلى العراق كونها تسيء للعقيدة الدينية كما انتقد الذين يتزينون بلباس الدين(5) .

ص: 142


1- عبد الأمير زاهد : المعاصرة والمستقبليات ، بحث ضمن الندوة الفكرية ، ص118 .
2- المصدر نفسه ، ص119 .
3- البيان ( مجلة ) ، النجف ، العددين 31 - 32 ، 5 تشرين الثاني 1947 ، ص14 .
4- الفجر الصادق ( جريدة ) ، النجف ، العدد 19 ، 11 تموز 1930 ، ص1 .
5- جعفر الخليلي : أولاد الخليلي ، مجموعة قصص ، مطبعة المعارف ، بغداد 1955 ، ص179 .

وحارب محمد صالح بحر العلوم الطائفية لأنها خطراً يهدد تماسك المجتمع ودعا إلى نبذ التعصب المذهبي والفرقة مؤكداً أهمية الدين الإسلامي في جمع كلمة المسلمين ، ويؤكد ذلك في احدى قصائده قائلاً :-

من قال أن الدين يقبل فرقة *** لجماعة فمراوغ شرير

ما الدين إلاّ أن يوحد أمة *** أودى بها التفريق والتشطير

فليحي دين العدل جل جلاله *** وليسقط التحريف والتحوير

وجير بالذكر أن السيد محمد تقي الحكيم قد رافق الشيخ محمد رضا المظفر في خطواته بتأسيس منتدى النشر وساهم بشكل فاعل في تأسيسه(1) .

وانتقد بشدة سياسة الحكومات السابقة وعدها سياسة هوجاء ، ولاسيما سياسة التفريق بين المذاهب واذكاء نار الاحقاد في نفوس ابناء هذا البلد بين سني وشيعي ، وعربي وكردي وجنوبي وشمالي ، فضلاً عن المفارقات التي تبثها ارضاءً لنواياها ، أريد بها ابعاد ذوي الكفاءات باسم الطائفية والعنصرية ، وإحلال طبقة محلهم تنفذ ما يريد المستعمرون ، وأكد السيد محمد تقي الحكيم عدم جدوى هذه السياسة فقال : ( أن هذه السياسة ، سياسة ( فرق تسد ) إذا ما نجحت بيد الاستعمار في يوم ما فإن نجاحها مؤقت وهي حتماً ستعصف بأصحابها متى استيقظ المارد الجبار في النفوس )(2) .

ص: 143


1- ينظر الصفحات السابقة من الاطروحة .
2- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 10 ، السنة الثانية ، 31 تموز 1958 ، ص15 - 17 .

وانتقدت مجلة ( الاعتدال ) المدرسة الدينية التقليدية كونها لم تساير نظم الحياة الحديثة مسايرة تضمن لها البقاء والتواصل فقد وجد طلاب المدرسة الدينية انفسهم دون الناس علماً وثقافة وصحة وفكراً ، ووجدوا كذلك أن اتهام الناس بالكفر والالحاد لا يمنع العالم أن يستنير بالكهرباء أو يستمع إلى موجات الراديو ، فالعالم يسير بسرعة البرق وهم حيث كانوا لا يقدمون رجلاً إلاّ ليتأخروا خطوات(1) .

وعدت مجلة ( الشعاع ) أن الركود المخيف الذي يسيطر على أروقة مدارس النجف ، هو الحالة المألوفة ، فقد ظلت الدراسة الفردية سائدة في جوامعه ، وليس لهذه الدراسة من نظم معينة تساعد على تحديد كفاءة الفرد ومؤهلاته ، ولم تقع دراستها على أسس تربوية معينة يمكن الاستناد عليها في توجيه التعليم الديني ، فكان لبادرة عدد من الشباب بضرورة إصلاح الوضع وتنظيم الدراسة واعداد ناشئة تفهم حقيقة الحياة وتجاري التقدم العلمي بما تدخله من إصلاح شامل في نظم الدراسة الدينية وطريقة التعليم(2) .

وجدير بالملاحظة أن الكثير من رجال الإصلاح الآخرين تتفق توجهاتهم الإصلاحية في معالجتهم للمشاكل الاجتماعية مع الاصلاحيين الذين تم ذكرهم فعلى سبيل المثال أن عبد المحسن شلاش تصدى لظاهرة اجتماعية خطيرة هددت تماسك المجتمع وهي الطائفية والعنصرية فقد دعا إلى مكافحتها واقترح علاجاً لها بحفظ

ص: 144


1- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 1 ، السنة الرابعة ، كانون الأول 1936 ، ص22 - 23 .
2- الشعاع ( مجلة ) ، النجف ، العدد 12 ، السنة الأولى ، 2/11/1948 ، ص319 .

التوازن بين الأديان والطوائف والقوميات وأكد أن حالة عدم التوافق الناجمة عن العنصرية والطائفية موجودة لدى كل الشعوب ، ولكن المسؤولية التاريخية بحفظ التوازن والمعالجة الموضوعية تقع على أولياء الأمور الذين يديرون البلاد(1) .

وجدير بالذكر هنا أن التراث الإسلامي من علم وأدب وفلسفة غني بالكثير من رجال الدين المصلحين الذي ساهموا بشكل أو بآخر في النهضة من خلال الحث والتشجيع على المضي بالترجمة والتأليف ، ففي كتبهم تساهلاً كبيراً في قبول النظريات الغربية التي لا تتقاطع مع الدين الإسلامي ، فالدين الإسلامي ورجاله براء من كل محاولة تدعو إلى تدهور الأمة وانحلالها وانحطاط الأفراد ، فعلماء الأمة لا يقاومون كل نهضة اصلاحية ، وإنما يكونون في طليعة الناهضين بالأمة ، فهم الأساس في كل حركة وهم مبعث كل فكرة .

ص: 145


1- محاضرة مجلس الأعيان ، الاجتماع فوق العادة لسنة 1945 ، ص47 .

ثالثاً : الاصلاحيون والمرأة

من المسائل الاجتماعية التي دار حولها النقاش الفكري وأثارت اهتمامات المصلحين هي قضية المرأة ، فقد ركزوا على جانب الإصلاح الاجتماعي من خلال تأكيدهم مكانتها في المجتمع وطالبوا بتعليمها وتهذيبها ، إلاّ أن تلك الدعوات واجهت عقبات كثيرة ، فقد عدها المحافظون خروجاً عن التعاليم الإسلامية واستجابة للدعوات الغربية ، ودعوة صريحة للمرأة بالتمرد(1) ، وعلى الرغم من ذلك كانت هناك دعوات تكررت لإصلاح وضع المرأة وانصافها وفق ما جاءت به التعاليم الإسلامية ، فدعت إلى تعليم المرأة واعطائها حقوقها التي وهبها الله لها دون أن يمس ذلك وضعها الاجتماعي ، وكان السيد هبة الدين الشهرستاني أول من طالب بتعليم المرأة لأن تعليمها ينسجم مع مبادئ الدين الإسلامي ، وعارض مسألة السفور وعدها خروجاً على التقاليد الإسلامية ، واستندت آراءه في مطالباته على أدلة نقلية وعقلية ، فكان تركيزه على الجوانب العلمية في تكوين المرأة والرجل التي تؤكد تفوق الرجل على المرأة في الجوانب الفسيولوجية مؤكداً معارضته لما أصاب المرأة من تعسف وظلم وعد ذلك خروجاً عن الدين وتعاليمه التي طالبت بحماية حقوق المرأة وعدم تعرضها للأخطار الاجتماعية(2) فكان موقفه توفيقياً في هذه القضية واتخذ موقفاً شرعياً رافضاً للسفور(3) مؤكداً أن

ص: 146


1- كاظم حطيط : اعلام ورواد في الأدب العربي ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت (بلات) ، ص244 - 246 .
2- محمد باقر البهادلي : هبة الدين الحسيني ، آثار الفكرية ومواقفه السياسية ، بيروت 2001 ، ص93 - 96 .
3- المرشد ( مجلة ) ، بغداد ، مجلد 1 ، ج9 ، 1926 ، ص274 .

الحجاب العربي الإسلامية لا يمنع من العلم والتعلم ابداً كما أنه لا يمنع من العمل في المعامل والمزارع وجميع الأعمال .

وعالج الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء هذه القضية بموضوعية وبروح إسلامية بعيداً عن الجمود ، وانتقد بشدة الذين اعتبروا المرأة سلعة تباع وتشترى ، فقد يؤدي ذلك إلى حرمان المجتمع من خبراتها في مجالات قد تبدع فيها وتتفوق على الرجل(1) . وعارض بشدة الدعوات التي تطالب المرأة القيام بأعمال لا تتناسب وعفتها ، ولا مع دورها الفاعل في بناء الأسرة(2) ، فكان موقفه من هذه القضية يتطابق ونظرة الشريعة الإسلامية التي أولت المرأة أهمية متميزة وأعطتها منزلة عظيمة ، فقد خصها الله تعالى بإحدى كبريات سور القرآن الكريم وهي سورة النساء ، كما جاء في القرآن الكريم من الأحكام التي تخص النساء وحدد حقوقها وواجباتها(3) ، فقد عدّ الشيخ محمد حسين المرأة أعظم مخلوق بيده خير المجتمع وشره ، وصلاحه وفساده ، سموه وهبوطه ، لذلك طالب بأن يرسم للمرأة طريق الصلاح والبناء ، ويهيأ لها أسباب التعلم وحثها على التخلص من الامية لأن لها دوراً في بناء المجتمع(4) ، ودعاها أيضاً للقيام بدورها الفاعل في نهضة البلاد والثورة على الظلم والظالمين ، وأكد حق المرأة في المشاركة في القضايا السياسية التي تخص بلدها ، وطالبها بأن تقف موقف المحاسب والمراقب من

ص: 147


1- منير بكري التكريتي : أساليب المقالة في الأدب العراقي الحديث والصحافة العراقية ، مطبعة الارشاد ، بغداد 1976 ، ص386 .
2- محمد حسين كاشف الغطاء : الميثاق العربي ، ص94 .
3- محمد حسين كاشف الغطاء : المحاورة بين السفيرين ، ص56 .
4- محمد حسين كاشف الغطاء : الميثاق العربي ، ص94 - 95 .

الحاكمين ، وموقف الثائر ضد المستعمرين(1) ، وتحفظ الشيخ على التوسع في مشاركة المرأة بالأعمال السياسية ويرى بأن الأفضل للمرأة هو تشكيل الجمعيات النسوية التي تأخذ على عاتقها عقد المؤتمرات والعمل على مكافحة الفساد في المجتمع ، وانتشال الفتيات اللواتي اسقطتهن الظروف في مهاوي الرذيلة ، فيشكلن بذلك خطورة على البناء الاجتماعي بإفسادهن الشباب(2) ، وأما الغرض من هذه الجمعيات هو نصرة المظلوم وتشغيل العاطلين عن العمل واسعاف المرضى وذوي العاهات(3) ، وشدد على التزام المرأة بالقيم والأخلاق وطالبها بأن يكون من أوليات أعمالها هو رعايتها وعنايتها لبيتها وزوجها وأولادها(4) .

وألقى الشيخ محمد جواد الجزائري باللائمة على السياسة البريطانية التي اتبعتها عند احتلالها للعراق وعدها من أبرز المشاكل التي عانى منها المجتمع العراقي ، لآثارها في حياة الفرد وحريته وفكره وأسرته ، وعلى الرغم من توجهات الشيخ محمد جواد الدينية ، إلاّ أن متطلبات الواقع الاجتماعي والسياسي فرض عليه أن يتجاوب مع متطلبات الوعي في معالجاته لأبرز القضايا الاجتماعية التي عانى منها المجتمع ن وعد قضية المرأة احدى المشاكل الرئيسية ، فطالب بمراعاة المنظور الإسلامي بتعليم المرأة واصلاح حالها وزرع الثقة بقدرتها على العمل وخدمة المجتمع(5) .

ص: 148


1- منير بكر التكريتي : أدباء صحفيون ، ط1 ، مطبعة جامعة بغداد ، 1979 ، ص103 .
2- حيدر نزار ، المصدر السابق ، ص91 .
3- Murray, Jojn, op, cit, p.190.
4- حيدر نزار ، المصدر السابق ، ص91 .
5- البيان ( مجلة ) النجف ، العددين 31 - 32 ، 5 تشرين الثاني 1947 ، ص14 .

وكان موقف الشبيبي من المرأة يتطور تدريجياً مع الزمن حين يتطور ، إذ كان يؤكد في البداية بأن مكانة المرأة البيت ، لتسهم في رعاية ابنائها وتربيتهم تربية صالحة ، ولكننا نرى بأن موقفه يتغير ، فقد سمح لبناته الدخول إلى الجامعة والتخرج منها ، ثم الدخول في الحياة العملية ليمارسن مهنة التعليم ، ثم حاول ربط هذه القضية بمجد الأمة العربية وحضارتها ، بل ذهب أبعد من ذلك ، فقد عزا الأسباب التي ادت إلى انهيار الحضارة الإسلامية بأنها هي نفسها التي أدت إلى سوء معاملة الرجل للمرأة في هذا الجزء من العالم ، وذكر أن قضية المرأة وتحررها من القضايا التي يحلها الزمن(1) ، أما موقفه من مسألة الحجاب والسفور فهو يعدها من أبرز المشاكل التي تواجه المجتمع وأكد ذلك بقوله : ( ولا مناص لنا من القول أن الدعوة إلى سفور المرأة وتبرجها على لسان الشعراء والأدباء ، هو آخر ما تحتاج إليه الشعوب الفتية الناهضة ، إذ وضعت حاجات الشعوب ومطالبها الكبرى في قائمة تقدم فيها الأهم على المهم في هذه الحياة )(2) .

ودعا الشيخ علي الشرقي إلى تعليم المرأة والعناية بها ، وفق ما جاء في الشريعة الإسلامية السمحاء ، وهو في موقفه هذا لا يختلف عمن سبقه من رجال الدين

ص: 149


1- بدوي طبانة : معروف الرصافي ، حياته وبيئته وشعره ، ط2 ، مكتبة الانكلو المصرية ، 1947 ، ص18 .
2- المصدر نفسه ، ص181 .

المتنورين والمصلحين الاجتماعيين الذين وجدوا في التعليم خير وسيلة لإنقاذ المرأة وتخليصها من الجهل(1) .

أما يوسف رجيب فقط طالب بتحسين أوضاع المرأة وتعليمها ، نظراً لأهمية دورها في بناء المجتمع الناهض ، وحمل الرجل مسؤولية كبيرة لإسهامه في تعميم جهل المرأة وتهميش دورها(2) . ودعا المرأة إلى الالتزام بالأخلاق والفضيلة والابتعاد عن الرذيلة فإن للحرية حدود لا يمكن تجاوزها ، وقد حاول تبيان رأيه من خلال قصة حقيقة كان شاهداً عليها وهي ( في ميدان الكون ذبيحة ) تناول فيها قصة فتاة قذفتها الأمواج نحو شواطئ دجلة في أبي نؤاس مقطوعة الرأس واليدين ، والقي باللائمة على الفتاة التي كان مصيرها المحزن نتيجة طيشها وتهاونها في صون عفافها وشرفها(3) ، وطالب النساء بعدم الغرور وخاطبهن قائلاً ( فلا يغركن أقوال الشعراء وبيان الأدباء ولا تعبأن ( بعون المها ) ( والغواني يغرهن الثناء ) فإن للحرية حدوداً وللهو ميداناً ... )(4) .

وأكد بأن مسؤولية الانحراف في المجتمع تقع على عاتق الغانيات المستهترات اللائي يسعين لنشر الرذيلة فيه فقال : ( أيها الغانيات المستهترات ، أيها العذارى الحالمات ، انتن سبب الجرائم والرذائل وانتن كذلك عنوان الفضيلة والعفاف

ص: 150


1- علي الشرقي : الاحلام ، ص191 وما بعدها .
2- ستار نوري العبودي : الحياة الاجتماعية في العراق في مرحلة الانتداب البريطاني (1920 - 1932) ، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، 1996 ، ص93 .
3- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 10 ، السنة الرابعة ، مايس 1938 ، ص537 - 538 .
4- المصدر نفسه ، ص540 .

والصون وليس من موعظة زاجرة لكن بعد هذه الموعظة التي سعت اليكن طوعاً على أرجل الأمواج سعياً حثيثاً وهي بلا رأس ولا عين ولا فم ، وقد جاء بها الموج لترين بعيونكن مصير الشهوة السافلة وذروة الاندفاع في تيار اللهو والفسق والفجور )(1) .

ودعا الشباب إلى الالتزام بالأخلاق العربية الأصيلة وخاطبهم بقوله : ( أيها الشباب ، أيها الغيارى ، الله الله في القوارير فإنهن في ذمامكم وعند شرفكم ، فلا تطوحوا لهن وتلوحوا لهن بالمواعيد السافلة فتحطموهن هذا التحطيم ، ولا تستدرجوهن إلى هذا الاثم بالخديعة والمراوغة فإنهن سبب واحد وانتم أسباب كثيرة )(2) .

وتوافقت مواقف محمد رضا المظفر ومحمد صالح بحر العلوم ومحمد تقي الحكيم في نظرتهم للمرأة ، وطالوبا برسم طريق الصلاح والبناء لها ، وتهيئة أسباب التعلم لأخلاق فاضلة ، لتبني كياناً قويماً من خلال تربية جيل صالح قادر على مقاومة التيارات(3) . واستندت دعوتهم إلى ما جاء في القرآن الكريم والشريعة الإسلامية السمحاء في تحديد حقوق المرأة وواجباتها .

وقد عالج جعفر الخليلي قضية المرأة في الكثير من قصصه الاجتماعية الهادفة التي كانت تدعو إلى تعليم المرأة وعملها ، وأكد بأن المرأة مخلوق لها حقوق وعليها واجبات لا تختلف عن الرجل بقليل أو كثير ، والقي بالمسؤولية على

ص: 151


1- المصدر نفسه ، ص539 .
2- الاعتدال ، العدد 10 ، مايس 1938 ، ص540 .
3- الشعاع ( مجلة ) ، النجف ، العدد 27 ، السنة الأولى ، 20/8/1948 ، ص173 .

المرأة والرجل فكلاهما مؤثر ومؤثر به فلابد أن يكون فساد المرأة والرجل آتياً من فساد المجتمع(1) . فالمجتمع عبارة عن بيئة يعيش فيها الرجل والمرأة ، وما دام للرجل في هذا المجتمع حقوق أعم من حقوق المرأة ، فلابد والحالة هذه أن تقع مسؤولية الفساد الاجتماعي والانحطاط الخلقي على عاتق الرجل أولاً دون المرأة مهما كان ذلك الفساد طفيفاً ، وطالب الشباب بادراك هذه الحقيقة ليقضي على الفساد الاجتماعي وتطهير النفس من آثار التدهور الخلقي المتمثل بجميع صفات الرذيلة وتثقيفها تثقيفاً صحيحاً وخلق مقاييس فاضلة ومثل عليا وبذلك تتحقق الحياة السعيدة الخالية من الفساد والانحلال ، فهناك واجبات كثيرة حري بالمرأة أن تؤديها كالخدمة في مساعدة فقيرات بلدها ، وتقديم الارشادات والتعاليم التي تخلق منهن فتيات صالحات شاعرات بالمسؤولية الملقاة على عواتقهن نحو أبنائهن والبلاد(2) ، وعلى المرأة العراقية المتعلمة بذل كل طاقاتها بالتعاون مع أفراد اسرتها لحل المشاكل الاجتماعية التي تعترض حياتهم خدمة للصالح العام(3) .

وأكدت كتابات أخرى لمصلحين آخرين تناولوا قضية المرأة وحقوقها وواجباتها في المجتمع وما يتطلب منها انجازه بوصفها الأم الحنون لهذا الوطن ما دامت مربية لأبنائها الذين انيطت بهم خدمة هذا الوطن بجميع جوارحهم وما يملكون ، ولصلاحهم المستمد من لبان مربيتهم ، ولما كانت كذلك فهي إذا المكونة الحقيقة

ص: 152


1- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 13 ، السنة الثالثة ، ايلول 1935 ، ص180 .
2- Cook, M.A, op, cit, p.120
3- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 9 ، السنة الثانية ، تموز 1958 ، ص24 - 25 .

للمجتمع عن طريق تربيتها الجليلة ، فبصلاحها نحصل على ناشئة قوية في الجسم والعقل تمهيداً لإعداد المجتمع المتطور(1) .

ووصفت كتابات أخرى المرأة ن أعظم مخلوق بيده صلاح المجتمع وفساده ، وطالبت هذه الكتابات الأدباء والكتاب والفلاسفة بتهيئة فرص التعلم للمرأة ، وإلاّ يسيئوا لها بحملات قد تكون مغرضة وقد تكون نتيجة الثقافة الضحلة الناتجة عن تأثيرات كتب قديمة أو آراء قديمة في كتاب حديث ، فهي لم تسيء إلى المجتمع قليلاً على الرغم من اساءته إليها كثيراً ، فقد سلبها حقوقها التي وهبها إليها الله جلت قدرته والإنسانية أيضاً(2) .

وتناولت أهمية المرأة ودورها في الحياة بوصفها تمثل نصف المجتمع فلابد والحالة هذه أن تحصل على حقوقها وتخليصها من التقاليد البالية التي تحد من حريتها(3) ، وطالبت تدريب المرأة على الأعمال التي يؤديها الرجل كي تصبح جاهزة لأدائها أن ذهب الرجال إلى سوح القتال كي لا تتعطل الأعمال وتسير الأمور بمجراها الطبيعي(4) .

من هنا يتضح أن آراء اغلب المصلحين سواء أكانوا رجال دين أم مصلحين اجتماعيين جاءت متوافقة مع التعاليم الإسلامية التي حددها القرآن الكريم ، وقد تأثرت تلك الدعوات ببيئة النجف الدينية ومرجعيتها ، وجاءت تلك الدعوات

ص: 153


1- الشعاع ، ( مجلة ) ، النجف ، العدد 7 ، السنة الأولى ، 20/8/1948 ، ص173 .
2- الشعاع ( مجلة ) ، العدد 7 ، السنة الأولى ، 20/8/1948 ، ص173 .
3- Murray, John, op, cit, p. 200.
4- المصدر نفسه ، العدد 12 ، السنة الأولى ، 12/11/1948 ، ص333 .

استجابة لما كان يعانيه الواقع العراقي من أمراض اجتماعية خطيرة ، فكان الاحساس بالواجب الاصلاحي عند هؤلاء سبباً في تلك الدعوات .

ص: 154

رابعاً : الإصلاحيون وقضايا اجتماعية أخرى

انتقد الاصلاحيون العديد من الظواهر السلبية التي عانى منها المجتمع العراقي ، فقد دعا الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء إلى محاربة العادات الاجتماعية السيئة التي باتت تنخر في المجتمع العراقي ، وأكد أن كل طبقة من طبقاته بحاجة إلى تغيير وإصلاح جذري ، فانتشار الرشوة والفساد الإداري تشكل خطراً يهدد كيان المجتمع(1) ، كما أن انتشار الملاهي وإباحة الخمور ومعدات الفسق ، والفجور في البلاد هي من مكائد الاستعمار ، وأكد دور الشباب المثقف الواعي في التصدي لهذه الظواهر ، فهم السلاح الجاهز للأمة وقوتها وعدتها عند الشدائد ، وخاطبهم بقوله : ( أيها الشباب الانجاب ، أيها الأولاد الأمجاد ، انتم رجال الغد وأن كنتم ابناء اليوم عليكم اليوم العمل ... انتم للبلاد وهي لكم ، انهضوا نهضة شريفة تعيدون بها مجد أسلافكم ، تعاشروا بعضكم مع بعض بروح الحنان والرحمة والاخاء والمودة ... وأن أهم ما يجب ويلزم على الشباب ، أن يعتصم بالعروة الوثقى من النزاهة والعفة ولا يسمح بنفسه مجالاً للركض وراء الشهوات ، فتستدرجه إلى مداحض الفسوق وبؤر المفاسد ، فيخسر شرفه وعزه بل يخسر نفسه ، وتخسره الأمة )(2) .

ولقد عالج الشيخ محمد جواد الجزائري بعض الأمراض الاجتماعية كالأنانية الفردية وتمزق الأواصر الاجتماعية ، واقترح معالجتها عن طريق نكران الذات

ص: 155


1- محمد حسين كاشف الغطاء : الاتحاد والاقتصاد ، المطبعة العلوية ، النجف 1931 ، ص19 .
2- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 1 ، السنة الثانية ، حزيران 1934 ، ص2 .

وتقديم المصلحة العامة على الخاصة ، وقد وصف ذلك في احدى قصائده التي يقول فيها(1) :-

يا حياة الأفراد ما أنت إلاّ *** قوة في النفوس أو في العقول

فإذا شكل المصور معناك *** بنظم الصفوف والتعديل

ويقول أيضاً :-

فحياة الشعوب ناتجة عنك *** وعن شكل نظمها المقبول

وكان الشيخ محمد رضا الشبيبي قد طالب الحكومة بأن تسعى لردم الهوة بين الريف والمدينة والاعتناء بتوطين العشائر بتوفير المساكن الصحية وتنظيم إدارات القرى(2) .

ودعا أيضاً إلى إنشاء دور الأيتام للإناث وعدم اقتصار هذه الدور على مدينة بغداد والموصل والبصرة ، بل شمول مختلف الألوية العراقية(3) .

من جانب آخر وعند معالجة يوسف رجيب بعض الامراض الاجتماعية السائدة كالرشوة ومحاولة القضاء على هذا الداء الوبيل ، أوصى بالاختيار الصحيح للموظف الذي يجب أن يتحلى بصفات الأمانة والشرف(4) .

ص: 156


1- محمد جواد الجزائري : الديوان ، ص40 .
2- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع الحادي عشر 1936 ، ص169 - 170 .
3- المصدر نفسه ، ص104 - 167 .
4- النجف ( جريدة ) ، العدد 68 ، 7 كانون الثاني 1927 ، ص3 .

وطالب بتشكيل النقابات ولاسيما للحقوقيين والصحفيين وكذلك الجمعيات التي تمثل مظاهر الحضارة والتمدن(1) .

وانتقد الشيخ محمد رضا المظفر في كتاباته العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية في المجتمع كالرشوة ، ولهذا وجه اللوم على الراشي والمرتشي فقال : ( اثني عليك إذا سمحت لنفسك السخية بأن تبيع اثمن ما عندك من عزة النفس الرفيعة بابخص ما عند صاحبك من مال قذر خسيس ، ومع هذا الكرم فقد استطعت أن تقضي حاجة صاحبك وهو مرفوع الرأس موفور الكرامة لم يتحمل منك منّة ولا تسويفاً ، فمن منكما الرابح )(2) .

وحول مسألة الفقر ومعالجاته نراه يواسي الفقراء ويخاطبهم بالقول : ( أيها الفقير أعز بك بأن الغنى غنى النفس ، فكم من ثري هو اشقى الناس وأذلهم نفساً ... وأهنيك بأن شركاءك في المحنة أكثر الناس ، هذه الأكثرية يحسب لها الاثرياء ألف حساب ، فأنت اقوى شكيمة ممن تغبطه على ثروته لو كنت تحسن استعمالها ... )(3) .

وعالج الخليلي في كتاباته القضايا الأدبية والاجتماعية وانصبت معالجاته على الواقع بشيء من الخيال والسخرية المرة . فهو يشعر بسوء الوضع الاجتماعي الناتج عن تحكم العادات والعقائد الزائفة وحاول مكافحتها واستئصال شأفتها

ص: 157


1- المصدر نفسه ، العدد 63 ، 26 كانون الثاني 1926 ، ص1 .
2- غالب الناهي : دراسات أدبية ، ط1 ، دار النشر والتأليف ، النجف ، 1954 ، ج1 ، ص130 .
3- غالب الناهي : دراسات أدبية ، ط1 ، دار النشر والتأليف ، النجف 1954 ، ج1 ، ص130 .

بأسلوب متمكن ذا مغزى اصلاحي وله قصص عديدة حاول من خلالها معالجة الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تواجه المجتمع ، ففي مجموعته القصصية ( من فوق الرابية ) التي تقع في مائة وسبعين صفحة من القطع المتوسط ، وتحتوي على خمس وعشرين قصة قصيرة ، استمد احداثها من صميم الواقع ، يصور جوانب من البيئة العراقية والمشاكل الاجتماعية كالعلاقات الأخوية وما يعتريها من مشكلات الحياة اليومية(1) ، وتطرق إلى مشكلة الخيانة الزوجية من خلال قصة ( ضحية )(2) .

كما تناول مشكلة الفقر من خلال قصته ( سببهُ الفقر ) فحاول أن ينقل لنا صورة من بيئة النجف الأشرف - تمثل حياة عائلة معيلها شبه عاطل ولهذا ساد فيها الصراع والصخب المتواصل الذي اعتاده أهالي الحي نفسه ، وبصورة مفاجئة يتحول صخب العائلة إلى هدوء تام وصراعها إلى انسجام وحين السؤال عن السبب ، يأتي الجواب بأن الزوج قد اشتغل عاملاً في أحد المتاجر بأجور يومية(3) .

أما الهدف الاجتماعي من خلال قصته ( الضائع ) فهو تنمية المدارك وإذكاء الأحاسيس ، عالج فيها قضية الخير والشر ، وسيطرتها على الإنسان فهذا الفتى الضائع نشأ شريراً في كل شيء ، حتى ضج الناس من تصرفاته ولم تفلح معه

ص: 158


1- النجف ( مجلة ) النجف ، العدد 9 ، 2 تموز 1958 ، ص9 .
2- المصدر نفسه .
3- المصدر نفسه .

قوة أبيه والعقوبات التي أنزلها به(1) ، وتعد هذه الرواية محاولة طيبة في تصوير البيئة العراقية من عدة جوانب كتبت بلغة أدبية جميلة واسلوب جذاب .

وفي قصته ( تجربة السفر ) ينقل صورة من الواقع أراد بها الإقرار بأهمية السفر في معرفة الناس وكسب الاصدقاء ، وفي قصته الأخرى ( إنسانية مزيفة ) عالج الخليلي بعض المشاكل الإنسانية(2) .

لقد رسم الخليلي في قصصه كثيراً من المظاهر الاجتماعية في اطار الواقعية الاصيلة وبأسلوب ناقد كان له وقع كبير في نفوس القراء .

من جانب آخر دعا الخليلي إلى إنشاء الجمعيات الخيرية والمستشفيات وغيرها من المؤسسات الاجتماعية في النجف من قبل الاغنياء ، ووجه انتقادات لاذعة لهؤلاء متهماً اياهم بعدم المبالاة في مساعدة ابناء مدينتهم بسبب تفشي البطالة بينهم(3) .

وطالب محمد صالح بحر العلوم بالعمل على تحسين الوضع الاجتماعي والمعاشي للفلاح والعامل باعتبارهما يمثلان شريحة كبيرة في المجتمع ويعانيان من الظلم والجور والاستغلال من ملاك الأرض وأرباب العمل ذا اهدى ديوانه ( العواطف ) إلى الفلاح قائلاً له :-

تقبل أيها الفلاح مني *** عواطف يستبان بها شعوري

ص: 159


1- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 9 ، 2 تموز 1958 ، ص9 .
2- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 9 ، 2 تموز 1958 ، ص9 .
3- الهاتف ( جريدة ) ، النجف ، 3 تموز 1936 .

ولا تجزع إذا لم تلق ثوباً *** يقيك وثوب خصمك من حرير(1)

واهتم محمد صالح بقضية العمال اهتماماً خاصاً وشغلت حيزاً كبيراً في تفكيره فتراه يذكرهم في العديد من قصائد ديوانه العواطف فيقول :-

وعامل ينتزع المصنع *** منه ما اكتسب

يرى حنايا كوخه *** خاوية فينتحب

وقصر من جاوره *** على ابتلاعه انتصب(2)

وجدير بالذكر هنا ، أن اهتمام محمد صالح بحر العلوم بالفلاح والعامل كونهما يمثلان شريحة اجتماعية كبيرة من شرائح المجتمع ، ويبدو أيضاً أنه كان وثيق الصلة بهاتين الطبقتين ، فنراه في ديوانه يستنهض الفلاح ويستعجله الثورة فيقول :-

أيها الفلاح فيمن ترتجي *** فرج الخير وخير الفرج

وحواليك افاع لسعت *** قصب الكوخ بباب الحرج(3)

ص: 160


1- محمد صالح بحر العلوم : الديوان ، ج1 ، ص139 .
2- المصدر نفسه ، ص100 .
3- محمد صالح بحر العلوم : الديوان ، ج1 ، ص82 .

وحاول حث العامل على الانتفاض على الواقع المؤلم الذي يعيشه ويزيح الظلام ، ويعيش عهد جديد ينعم بالعز والرفاه فيقول :-

نهضة العامل نبراسٌ به *** يهتدي الشعب لأسرار الحياة

ويعيد الحق من غصابه *** وينحي عنه لبس الشبهات

لترى الواقع عين النابه *** بجلاء النفس لا بالعنايات(1)

وتناول السيد محمد تقي الحكيم مفهوم الحرية ومجالاتها ومنها حرية الدين والعقيدة وحرية الرأي والتفكير وحرية التعبير وحرية التنقل وحرية العمل وأكد على حرية التفكير وعبر عنها بأنها عملية داخلية يقصد بها ابراز الفكرة أو الرأي أو العقيدة بمختلف الأساليب سواء في المجتمعات العامة أم الخاصة وافقت الحكم القائم أم خالفته(2) .

وانتقد المصلح عبد المحسن شلاش بشدة بعض العادات الاجتماعية الضارة كالمراقص والملاهي التي تشجع على الانحراف وتزيد الفسق وتؤدي إلى انتشار الفساد في المجتمع(3) ، وأيده في ذلك الشيخ محمد رضا الشبيبي الذي طالب بعدم مشاهدة الأفلام التي تفسد الذوق العام(4) .

وفي دعوة أخرى لإصلاح نظام دعاوي العشائر أو إلغائه طالب كل من الشيخ علي الشرقي وعبد المحسن شلاش بإلغاء هذا النظام لأنه أصبح يشكل وبالاً على البلاد

ص: 161


1- المصدر نفسه ، ص113 .
2- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 9 ، السنة الثانية ، تموز 1958 ، ص1 - 2 .
3- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع غير الاعتيادي ، لسنة 1939 ، ص31 - 32 .
4- المصدر نفسه ، الاجتماع الاعتيادي ، لسنة 1954 ، 1955 ، ص112 .

ومدعاة لحدوث الفتن والقلاقل ومحاولة للقضاء على المدنية والأخلاق وكل شيء(1) .

وجدير بالملاحظة أن الكثير من رجال الإصلاح الآخرين تتفق توجهاتهم الإصلاحية في معالجة المشاكل الاجتماعية التي عانى منها الشعب العراقي مع توجهات الإصلاحيين الذين ذكروا ، منها مطالباتهم بمعالجة الأسباب الرئيسة التي أدت إلى تردي الأوضاع الاجتماعية بصورة عامة .

الأوضاع الاقتصادية في العراق وموقف الإصلاحيين منها :-

لقد عانى الاقتصاد العراقي من التخلف والتبعية ، كونه اقتصاداً تابعاً للنظام الرأسمالي(2) ، ويعود السبب في ذلك لعاملين رئيسين هما تسرب المصالح الاستعمارية إلى قطاع النفط واحتكار الشركات الاجنبية وحصولها على كافة الامتيازات في مجال النفط وغيرها من المنتجات الزراعية والحيوانية ، والعامل الثاني تغلغل الجالية اليهودية في الحياة الاقتصادية ، إذ كانت تسيطر على التجارة والأسواق المالية(3) .

ونظراً لأهمية الاقتصاد الوطني الذي يعتمد على ما تملكه الدولة من قدرات وامكانيات يمكن تسخيرها لتحقيق الثروة والنمو الاقتصادي فقد اكد الشيخ محمد

ص: 162


1- المصدر السابق ، الاجتماع العادي ، لسنة 1940 - 1941 ، ص260 - 273 .
2- هوشيار معروف : الاقتصاد العراقي بين التبعية والاستقلال ، بغداد 1977 ، ص22 .
3- صادق السوداني : النشاط الصهيوني في العراق 1914 - 1952 ، بغداد 1985 ، ص23 ؛ Cook, M.A, op. cit. p. 210.

حسين على أهمية الاستقلال السياسي والاقتصادي(1) ، فالتبعية الاقتصادية والاعتماد على الآخرين وعدم الاكتفاء الذاتي ، وذهاب ثروات البلد ، تلغي وبشكل صريح استقلاله السياسي ، فيصبح استقلالاً شكلياً فقط ، ودعا إلى بناء اقتصاد قوي من خلال الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس ، وهذا لا يتحقق إلاّ من خلال الصبر والمثابرة ، ووجود رجال قادرين على صنع هذا الاستقلال ، وأكد الشيخ محمد حسين بأن أي مجتمع لا يمكن أن يحيى بدون اقتصاد ودعا إلى بذل العمل الجاد لتكوين الثروة من خلال نضال الإنسان ضد الطبيعة واستخدامه كل القدرات المتوفرة لديه في توفير الخبرات الحياتية الضرورية لبناء المجتمع(2) ، وأن بناء اقتصاد قوي يتطلب إثارة روح الابداع لدى الشباب في استغلالهم لطاقات الأمة والاستفادة من الثروات الطبيعية الكثيرة التي من الله جلت قدرته بها على هذه الأمة في إقامة صناعة متطورة ، من خلال تسخير مناهج التعليم لتكون في خدمة التنمية الاقتصادية(3) .

وأوضح الشيخ محمد جواد الجزائري بحماسة ن أن الإسلام قد أرسى قواعد اقتصادية عملية يمكن لها أن تتطور مع العصر بشكل قابل للتطبيق ، لكنه لم ير حرجاً من المزاوجة بين النظريات الاقتصادية الحديثة ونظرة الإسلام للاقتصاد التي اعطت الإنسان حرية اقتصادية على نطاق واسع مع التزامات محددة تعمل على الحفاظ على اقتصاد الدولة وعدم الاضرار بمصالح الآخرين ، وأكد الشيخ

ص: 163


1- محمد حسين كاشف الغطاء : في السياسة والحكمة ، ص30 .
2- ل. ليونثيف : الاقتصاد السياسي ، أسئلة وأجوبة ، ترجمة : محمد رشاد الجملاوي ، ط2 ، دار الثقافة الجديدة ، القاهرة 1974 ، 211 - 12 .
3- محمد حسين كاشف الغطاء : في السياسة والحكمة ، ص42 .

محمد جواد الجزائري وجود منابع حقيقية للثروة في الإسلام يمكن لها أن تتناول فضلاً عن الجانب الاقتصادي ، الجوانب السياسية والاجتماعية للمسلمين ، ولكن الشيخ في نظرته هذه لم يعط التفاصيل العميقة للنظرية الاقتصادية في الإسلام ، بل اكتفى بذكر هدف الإسلام الذي يسعى إلى تحقيق العدالة والسعادة والقدرة المالية لكل أفراد المجتمع من أجل بناء دولة قوية قادرة على الصمود والبقاء وتوفير حياة حرة كريمة لائقة لأبنائها(1) .

وقد عبر الشيخ محمد رضا الشبيبي عن استيائه الشديد تجاه السياسة الاستعمارية التي ساهمت بشكل أو بآخر في ايقاف عجلة التطور في جميع مناحي الحياة خدمة لمصالحها ، ومنها الناحية الاقتصادية ، إذ عملت هذه السياسة على توسيع الفجوات بين طبقات المجتمع ، فطبقة تملك رؤوس الأموال الطائلة ، وأخرى معدمة تتضور جوعاً (2) ، ودعا الشيخ الشبيبي الاغنياء المساهمة في تخفيف العبء عن الفقراء ، فللفقير حق في مال الغني ، لأن الأموال زائلة لا تخلد صاحبها ، وأكد أهمية غنى النفس باعتباره الغنى الحقيقي فقال(3) :-

ما يريد المرء من ثروته *** أن عقباه وعقباها الزوال

معدن مجتمع أركانه *** شبهات وحلال وحرام

افقير غير ذي مال فتى *** عز نفساً أن عز النفس مال

ص: 164


1- الغري ( مجلة ) ، النجف ، العدد 4 ، السنة الحادية عشرة ، 21 كانون الأول 1950 ، ص89 .
2- Man, phebe, op, cit. p. 170 .
3- محمد رضا الشبيبي : الديوان ، ص93 .

وطالب أصحاب الأموال بالتفكير بإنفاق أموالهم في سبيل الخير والصلاح وفي سبيل الله تعالى ، لمساعدة اخوانهم خدمة لإقامة مجتمع قائم على أساس التكافل الاقتصادي والاجتماعي ويبدو ذلك من خلال قصيدته التي يقول فيها(1) :-

المال مأربُ كل من صناعته *** بئس الصناعة لا كانت ولا الأرب

يستعجلون من الاعراض اعجلها *** أين التطوع في الأعمال والقرب

يقيض الله رزقاً غير محتسب *** إذا مضى عمل في الله محتسب

نسعى ويقعدُ والاقدار حاكمة *** سيان فيها سكون النفس والطلب

لا تملك النفسُ من حرص كفايتها *** ولو أقامت كفاها الماء والعشب

خلد لنفسك في العقبى ذخيرتها *** وراع عمرك أن العمر منتهب

وأكد يوسف رجيب أن الاستقلال التام الذي ننشده والحرية التي نبغيها في تكوين شعب متنور يحمي البلاد ويدافع عن كيانها لا يمكن تحقيقها إلاّ من خلال جملة من العوامل المهمة فقال : ( وهذه كلها عوامل مهمة وأمور خطيرة لا تقع في ايدينا ، وسلاسل البخل ما زالت تعوق غنينا عن بذل ما يجب أن يبذل وينبغي تحضيره من

ص: 165


1- محمد رضا الشبيبي : الديوان ، ص67 .

المواد الانشائية التي يتم بناء الصرح السامي الذي نريد أن نسكن مقصوراته في المستقبل الابهى )(1) .

وجدير بالذكر أن جعفر الخليلي وعند معالجته للوضع الاقتصادي المتردي طالب بحل مشكلة البطالة التي انتشرت في مدينة النجف بشكل واسع وازداد خطرها ، لتهدد نصف سكان هذه المدينة بفقدانهم لعملهم ، لذا دعا إلى توفير فرص عمل لأبناء هذه المدينة ورفع مستواهم المعاشي والقضاء على المشاكل الاجتماعية المرتبطة بالجانب المادي كالفقر والجهل والمرض(2) .

وانتقد السيد محمد تقي الحكيم السياسة الاقتصادية التي انتهجتها الحكومات السابقة مؤكداً أن سياستهم في تجويع الشعب وتبذير موارده هي الأخرى سياسة هوجاء لا يمكن أن تدوم مهما طال الزمن فإن للوعي الوطني دور في ابراز مساوئ الأنظمة والحكومات مشدداً على دور الجموع الوطنية في التصدي لتلك السياسات فقال : ( وهذه الجموع التي ملأتم أحرارها السجون ، ليس فيهم من يأتمر بأوامر دولة اجنبية وإنما هم أناس لا يطيقون الصبر على هذه السياسة )(3) .

ص: 166


1- النجف ( جريدة ) ، النجف ، العدد 71 ، السنة 28 ، كانون الثاني 1927 ، ص1 .
2- الهاتف ( جريدة ) ، النجف ، العدد 125 ، السنة 10 ، حزيران 1938 ، ص3 - 4 .
3- النجف ( مجلة ) ، النجف ، العدد 13 ، السنة 18 ، تشرين الأول 1958 ، ص15 .

أولاً : الزراعة .

اعتمد الاقتصاد العراقي بالدرجة الأساس على الزراعة من حيث العمل الموظف فيها أولاً ونسبتها إلى الدخل القومي ثانياً(1) ، على الرغم من أهميتها في الاقتصاد العراقي فإنه ظل يعاني من التخلف ، وذلك لأن نظام الملكية ووسائل الإنتاج ، وكثرة المساحات غير المزروعة واستعمال الطرق البدائية أثر بشكل كبير على الاقتصاد العراقي وتطوره(2) .

وقد اتسمت نظرة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء للاقتصاد العراقي بشيء من الشمول فهو يؤكد بأن العراق بلد غني بثرواته التي لم تستغل بعد ، فالعديد من الأراضي البور يمكن تحويلها إلى أراضي زراعية لو اقدمت الحكومة على استصلاحها وزراعتها لتشغيل آلاف العاطلين عن العمل مساهمة منها في تخليص الكثير من العراقيين من حالة الفقر ، وأبدى الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء أسفه لعدم نجاح هذه المشاريع وذلك بسبب الاستعمار ، لأن نجاحها يساعد في تحقيق الاستقلال الاقتصادي ويضرب الشيخ مثلاً ويقول : ( أن التمر كان من أهم الصادرات العراقية والعمود الفقري لمعيشة أهله ، إذ كان يباع بأسعار مجزية ، ولكن بعد تكريس السيطرة الاستعمارية في العراق فإن أسعار التمور قد انخفضت ، وأصبح لا يكفي لمعيشة الفلاحين ، فعم الفقر وانتشر البؤس وتمكن أفراد

ص: 167


1- سعيد عبود السامرائي : اقتصاديات العراق ، بغداد 1970 ، ص9 .
2- عماد الجواهري : تاريخ مشكلة الأراضي في العراق ودراسة في التطورات العامة 1914 - 1932 ، بغداد 1978 ، ص92 .

معدودون من الاقطاعيين من تحقيق الثروات ويمكن على التمور قياس بقية المحاصيل )(1) .

وطالب الشيخ محمد جواد الجزائري بمعالجة الواقع المتردي الذي تعيشه الزراعة ، ودعا إلى الاهتمام بالفلاح وما يعانيه من ظروف صعبة ومعالجة مشاكله وحلها وقد خص الفلاح بإحدى قصائده ( الفلاح ) التي قال فيها :-

خذوا بيد الضعيف فقد اقيمت *** كراسي حكمكم بيد الضعيف

أكل متاعب الفلاح تجبى *** إليكم وهو يحلف بالرغيف

غضبت له شريفاً في بلاد *** تُضيع حرمة الرجل الشريف

فدى الكوخ الحقير وما حواه *** زخارف ذلك القصر المنيف(2)

ومن جانبه دعا الشيخ محمد رضا الشبيبي إلى تطوير الزراعة من خلال معالجة المشاكل التي كانت تعاني منها الأراضي الزراعية من سوء وإهمال ، فالعراق يمتلك من المياه ما يكفي لإرواء أراضيه الواسعة ، وأكد بأن أسباب جدب الأرض وبورها يرجع إلى سياسة اللامبالاة التي انتهجتها الحكومات السابقة ، وطالب باستعمال الآلات الحديثة في الزراعة لزيادة الإنتاج وتقليل جهود الأفراد ، مشيراً إلى التطورات الهائلة التي يشهدها العالم في وقت لا يزال الفلاح العراقي يستعمل

ص: 168


1- حيدر نزار ، المصدر السابق ، ص100 - 101 .
2- محمد جواد الجزائري : الديوان ، ص40 .

الوسائل البدائية في عملية الزراعة(1) ، ودعا الحكومة إلى الاهتمام بمشاريع الري والبزل ، لأن ذلك من صميم واجباتها وهي التي تتحمل نفقاتها(2) .

كما طالب بتحسين نوعية المحاصيل وتوسيع زراعتها ، وانتقد سياسة الحكومة في استيراد القمح والمواد الغذائية من استراليا .

وناقش الشبيبي لائحة أنصار التبغ سنة 1939 التي تضمنت حصر التبغ وإيجاد دائرة له وربط التعامل به مع الدولة ، وانتقد هذه اللائحة لأنها تلحق الضرر بالعاملين في زراعة التبغ وتجاره(3) .

أما بخصوص الضرائب والرسوم المفروضة على الزراعة وطرق جبايتها ، فقد أثارت الشيخ محمد رضا الشبيبي فطالب بتخفيضها أو اطفائها لأنها تشكل عبئاً على كاهل الفلاحين ، ودعا الحكومة إلى تعويض مالكي النخيل وتجار التمور لما أصابهم من أضرار فادحة لهبوط أسعارها(4) . وطالب برفع الحيف عن الفلاحين منتقداً قضية ايجار الأراضي ولزمتها بوصفها تشبه نظام الاقطاع وهي تتحكم بصغار الفلاحين مؤكداً أن تطبيقها في مدينة العمارة قد سبب في هجرة الكثير من هؤلاء لذلك دعا إلى توزيع الأراضي على الفلاحين الذي يعملون في هذه الأراضي(5) .

ص: 169


1- Bonne, Alfred, op, cit, p. 250.
2- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع غير الاعتيادي العاشر ، سنة 1939 ، ص245 .
3- المصدر نفسه ، ص136 - 144 .
4- المصدر نفسه، الاجتماع الاعتيادي سنة 1951 - 1952 ، ص176 - 187 .
5- المصدر نفسه ، الاجتماع العادي الحادي عشر ، سنة 1936 ، ص83 .

وقد دعا الشيخ علي الشرقي إلى إصلاح الوضع المتردي الذي تعانيه الزراعة بوصفها احدى ركائز الاقتصاد العراقي مطالباً الدولة بتوفير الآلات الحديثة وتشجيع الفلاح على استعمالها حتى تخفف عنه عبء معالجة الأرض فيتمسك في البقاء فيها وعندها يمكن ايقاف الهجرة من الريف إلى المدينة أو تحديدها كما طالب بإصلاح أوضاع الريف والعناية بالصحة القروية ، وتشجيع الحركة التعاونية للقضاء على طرق الاستغلال المنتشرة في المجتمع القروي(1) .

وأكد الشيخ علي الشرقي ضرورة انعاش الاقتصاد في الريف عن طريق الاستغلال الأمثل لخيراته الزراعية والحيوانية ، والارتقاء بمستوى الفلاح وانقاذه من حالة الجهل والفوضى التي يعيشها ، كما طالب بتخفيف كاهله من كثرة الضرائب والرسوم التي تفرض على الأراضي الزراعية ووارداتها ، وقد انصف الشيخ الشرقي الفلاح داعياً إلى عدم إعطاء الأراضي للأشخاص الذين لا يعملون بها بل اعطائها للفلاحين(2) .

كما حمل الحكومة المسؤولية الكاملة لمعالم التأخر التي تعيشها القرى والأرياف ، وطالب الأدباء بتبني قضية الفلاح في نتاجاتهم الأدبية ومطالبتهم المسؤولين في تصحيح مسار أوضاعه(3) ، وكانت رؤية الشرقي تلك تستند إلى أهمية النهوض بالفلاح ورقيه لدوره المؤثر في مسيرة البلد الحضارية .

ص: 170


1- علي الشرقي : الأحلام ، ص191 وما بعدها .
2- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع العادي الحادي عشر ، لسنة 1936 ، ص83 .
3- علي الشرقي : الأحلام ، ص191 وما بعدها .

وقد عالج يوسف رجيب في الكثير من كتاباته في جريدة النجف التي كان رئيساً لتحريرها أو في الجرائد والمجلات الأخرى العديد من القضايا الاقتصادية المرتبطة بالواقع الاجتماعي ، فتطرق فيها إلى الواقع المزري الذي تعيشه الزراعة والفلاح ، وطالب بتخفيض الضرائب المتعددة التي تفرض على الأراضي الزراعية من أجل النهوض بالواقع الزراعي خدمة للاقتصاد الوطني(1) .

ودعا محمد صالح بحر العلم إلى النهوض بالواقع الزراعي وتطويره بوصفه أحد دعائم الاقتصاد العراقي الرئيسة ، واكد بأن عملية النهوض يجب أن تبدأ بنجدة الفلاح وانقاذه من الجهل والمرض الذي يعاني منه ، مندداً بنظام الاقطاع الذي يعد السبب الرئيس في معاناة هذه الشريحة الاجتماعية الكبيرة ، ومطالباً بالوقت نفسه برفع الجور والظلم عنها ، منتقداً بشدة السياسات التي انتهجتها الحكومات العراقية المتعاقبة التي قصرت في إيجاد الحلول الجذرية لهذه المشكلة فقال(2) :-

وانظر الفلاح معدوم النصير *** ليس في السلطة من ينصره

جهد يوميه بقرص من شعير *** يابس في حجر يكسره

وفي قصيدة أخرى ارجع سبب معاناة الفلاح إلى الحكام وترفهم فقال(3) :-

قف بالرميثة وانشد الفلاحا *** هل نال من زاكي الجهود فلاحا

أدمت نواظره النوائب واصطلت *** احشاؤه تتناوب الاتراحا

ص: 171


1- النجف ( جريدة ) ، النجف ، العدد 65 ، السنة 19 ، كانون الأول 1926 ، ص1 .
2- محمد صالح بحر العلوم : الديوان ، ج1 ، ص53 .
3- المصدر نفسه ، ص73 .

قد كبلته يد الصروف واطلقت *** لذوي المطامع في البلاد سراحا

يتنعمون بكده ووجودهم *** لولا عنايته لزال وراحا

وناشد محمد صالح الفلاح الوقوف بوجه هؤلاء الحكام والمطالبة بحقوقه وأن لا يعود إلى الحقل حتى تتم الاستجابة لمطالبه وانصافه بإلغاء القوانين والضرائب المجحفة بحقه ، فهو الذي يحرث الأرض ويزرعها وغيره يحصدها وأكد هذا المعنى في احدى قصائده التي يقول فيها(1) :-

اقلب العالم واسحق سننا *** فرضت سحق حقوق الفقراء

وابق في ريفك واهجر مدنا *** جمعت انفاس ارباب الثراء

ومتى انست فصلا حسنا *** فيه ينمو الزرع من دون شقاء

عد إلى حقلك واخدم وطنا *** موفياً حق بنيه الاوفياء

وكانت دعوات أخرى لمصلحين قد طالبت بتطوير الزراعة والعناية بالفلاح والارتقاء بحالته الاجتماعية ، إذ ناشد عبد المحسن شلاش الحكومة بإرسال بعثات من الفلاحين أنسفهم إلى الدول المتقدمة لكي يطلعوا على تجاربها في المجال الزراعي ، وينقلوا تلك التجارب إلى العراق(2) .

وفي مجال الثروة المائية أكد عبد المحسن شلاش أهمية مشروع الحبانية في دفع مضار كثيرة واعداد منافع كبيرة ، وطالب بزيادة مخصصات الري وتقديم

ص: 172


1- محمد صالح بحر العلوم : الديوان ، ج1 ، ص83 .
2- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع غير الاعتيادي لسنة 1938 ، ص209 .

مشاريعه على غيره من المشاريع(1) . ودعا إلى إنشاء السدود والخزانات ورفع مستواها عن الأرض للتخلص من مياه الفيضان(2) .

وطالب عبد المحسن شلاش الحكومة بالاهتمام بالبساتين وتخليصها من الآفات لغرض تصدير منتوجاتها إلى الأسواق الأجنبية(3) ، ودعا إلى تخفيف العبء عن كاهل الفلاح بإطفاء الضرائب أو تخفيفها خدمة له إذ كانت تؤخذ ضرائب متعددة على الأرض والسقي ، وناشد الحكومة باتخاذ كافة الوسائل المشجعة للفلاحين لتحسين الزراعة من خلال تقديم السلف الزراعية أو إعطاء البذور أو تقديم أية مساعدات أخرى .

ثانياً :- الصناعة .

نالت الصناعة اهتماماً وافراً من قبل الاصلاحيين فدعوا إلى تطويرها دعماً لاقتصاديات البلد فقد أكد الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ضرورة الاعتماد على الصناعة المحلية ونبذ السلع المستوردة ، حتى إذ تطلب الأمر الاستعانة بخوص النخيل لنسج الملابس عوضاً عن الملابس الاجنبية ، لأن الأمة التي تعتمد على غيرها في كل صغيرة وكبيرة يذهب عزها وتفقد استقلالها منذ اليوم الأول الذي اعتمدت فيه على غيرها ، فتنهار تجارتها وزراعتها وصناعتها(4) .

ص: 173


1- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع غير الاعتيادي لسنة 1938 ، ص226 - 229 .
2- المصدر نفسه .
3- المصدر نفسه ، الاجتماع الاعتيادي ، لسنة 1934 ، ص222 .
4- محمد حسين كاشف الغطاء : في السياسة والحكمة ، ص42 .

وأكد الشيخ محمد حسين أن البريطانيين على الرغم من استقلال العراق شكلياً فقد سعوا إلى استغلال موارده خدمة لمصالحهم فبناء خطوط السكك الحديدية والموانئ والجسور والمباني العسكرية وغيرها تعود بالنفع لصالح بريطانيا في ظل انعدام التكافؤ في الميزان التجاري بينهما(1) ، كما انتقد بشدة إجراءات الحكومة بفرضها الكثير من الضرائب لتغطية العجز في ميزانية الدولة وعبر عن استيائه الشديد بذلك عند لقائه بياسين الهاشمي رئيس الوزراء في سنة 1935 ، وطالبه بوجوب تخفيف الضرائب أو إلغائها(2) .

ودعا الشيخ محمد رضا الشبيبي إلى تشجيع الصناعة الوطنية ، والاهتمام بالأمور العلمية التي تخص الصناعة ، وطالب بتخفيض الضرائب عن المشاريع الصناعية واستثمار المعادن الطبيعية كالنفط والاستفادة من المعادن الأخرى كالكبريت الذي يدر على البلاد مبالغ وفيرة(3) .

كما دعا إلى تطوير التجارة والتعامل التجاري باتباع نظام المبادلة التجارية للحفاظ على الثروة ، وناشد الحكومة بأن تفرض قيوداً على استيراد المواد الكمالية ، لأن استيرادها زاد بشكل كبير في السنوات الأخيرة واصبحت مكدسة وفائضة عن حاجة البلد(4) وطالب بإنشاء اسطول بحري لاتساع حجم الصادرات العراقية إلى الخارج ليسهم في عملية النقل التجاري(5) .

ص: 174


1- محمد حسين كاشف الغطاء : المحاورة بين السفيرين ، ص8 0 9 .
2- المصدر نفسه ، ص10 - 22 .
3- الزمان ( جريدة ) ، بغداد ، 21 شباط 1958 ؛ البلاد ( جريدة ) ، حزيران 1958 .
4- محاضر مجلس الأعيان ، الاجتماع العادي لسنة 1955 - 1956 ، ص116 .
5- المصدر نفسه ، ص41 .

وتكررت دعوات الشيخ علي الشرقي إلى تطوير الصناعة الوطنية وحمايتها وتشجيعها خدمة للبلد ، مؤكداً أن الاستقلال الاقتصادي للبلد لا يمكن أن يقوم إلاّ على مبدأ تشجيع الصناعات الوطنية(1) .

وقد طلب يوسف رجيب من اغنياء البلاد تطوير مشاريعهم الاقتصادية بما ينسجم والتقدم العلمي الحاصل في بناء المعامل الحديثة واستثمار ثرواتهم ، وتشغيل الكثير من العاطلين عن العمل من أجل المساهمة في حل مشكلة البطالة التي أخذت بالتفاقم والازدياد(2) ، وطالبهم بالمساهمة في مساعدة نشء البلاد في دخول المدارس وورش التدريب ، لكي تستأصل شأفة الجهل ليكونوا أعضاء صالحين في المجتمع(3) .

وأكد أن ما يمتلكه العراق من ثروات طبيعية تسهل له امكانية إقامة مشاريع صناعية كبيرة شريطة أن يتم اعداد كوادر وطنية قادرة على إدارتها ، وطالب الحكومة والأهالي بوجوب مساندة وتشجيع الصناعات الوطنية من خلال التخطيط والرعاية لما للنشاط الصناعي من أهمية عظمى تسهم في تقدم البلاد ورقيها(4) ، وذلك من خلال نبذ السلع المستوردة لأن بناء صناعة وطنية هي ضرورة ملحة تهدف إلى حماية البلاد من الضغوط الخارجية التي تتعرض لها(5) .

ص: 175


1- العراق ( جريدة ) ، بغداد ، الأعداد (1978 - 1980 ، 1982 - 1991) ، تشرين الأول وتشرين الثاني سنة 1926 ؛ علي الشرقي : الأحلام ، ص191 وما بعدها .
2- النجف ( جريدة ) ، النجف ، العدد 65 ، السنة 19 ، كانون الأول 1926 ، ص1 .
3- المصدر نفسه .
4- المصدر السابق ، العدد 66 ، السنة 27 ، كانون الأول 1926 ، ص1 .
5- المصدر نفسه ، العدد 71 ، السنة 28 ، كانون الثاني 1927 ، ص1 .

وطالب يوسف رجيب أيضاً بإنشاء مشروعات صناعية تتوافق مع البيئة العراقية ونابعة من الواقع الاجتماعي كي لا تتجه الأنظار صوب البضائع الاوربية المستوردة(1) .

ودعا محمد صالح بحر العلوم إلى تطوير الصناعة والعناية بالعامل وتعليمه ليكون مؤهلاً في خدمة خطط التنمية الاقتصادية وأبدى أسفه لما يعانيه العامل من بؤس وشقاء على يد أرباب العمل الذين سرقوا جهوده ، وبنوا مجدهم على حسابه فقال(2) :-

سل ربيب القصر كم في يده *** جنة انشأها من ألمك

لصها منك ويدري أنها *** أينعت تثمر من سقي يدك

فإذا استحصلت من غلتها *** لقمة للعيش سُلت من فمك

أنت تفنى وهو يحيى في الهوى *** سهرة يلهو بها عن مأتمك

وقد بارك محمد صالح بحر العلوم جهود العامل وسعيه لإزالة الظلم والحيف الذي لحق به ليبدأ عهداً جديداً ينعم فيه بالرفاهية والعز فقال(3) :-

نهضة العامل نبراس له *** يهتدي الشعب لأسرار الحياة

ويعيد الحق من غصابه *** وينحي عنه لبس الشبهات

لترى الواقع عين النابه *** بجلاء النفس لا بالعنعنات

ص: 176


1- النجف ( جريدة ) ، العدد 71 ، السنة 28 ، كانون الثاني 1927 ، ص1 .
2- محمد صالح بحر العلوم : الديوان ، ج2 ، ص15 .
3- المصدر نفسه ، ج1 ، ص113 .

نحن ابناء زمان آبه *** للمساعي لا لأنساب الذوات

ونتيجة لسوء حالة الصناعة المحلية التي اصبحت في الدرك الأسفل من الانحطاط وذلك لمزاحمة المصنوعات الاجنبية لكل منتوج وطني ، فقد دعا عبد المحسن شلاش إلى سد الحاجات الضرورية من منتوجات البلد الزراعية والصناعية وأكد بأن الواجب يحتم تشجيع الصناعات الوطنية واليدوية من خلال تشجيع المنتجين وتشغيل الايدي العاملة حتى يتم القضاء على البطالة(1) .

ص: 177


1- محاضر مجلس الأعيان، الاجتماع الاعتيادي السادس لسنة 1930 ، ص13 - 175 .

الخاتمة

شهدت الحركة الفكرية في النجف تطوراً كبيراً ، وعدت منبعاً للحركة الفكرية التي شهدها العراق ، ومركزاً للحركة الروحية فيه ، فلا غرابة أن تتبوأ هذه المدينة مكانة علمية مهمة ، وعلى الرغم من كل هذا فإن موجة ركود عمت أروقة الدراسة في هذه المدينة كان سببها سيادة الدراسة الفردية ، وعدم وجود نظم معينة تساعد على تحديد كفاءة الفرد ومؤهلاته ، وافتقار هذه الدراسة إلى الأسس التربوية الصحيحة التي يمكن اعتمادها في توجيه التعليم الديني .

فكانت هذه وغيرها عوامل استنهضت همم المتنورين المصلحين الذين بادروا إلى إصلاح هذا الوضع من خلال تنظيم الدراسة واعداد ناشئة تفهم حقيقة الحياة وتجاري التقدم العلمي بما تدخله من إصلاح شامل في نظم الدراسة الدينية وطرائق التعليم منطلقين من أهمية التعليم كأساس قوي ومتين يرتكز عليه بناء الأمة ، وهو الوسيلة الوحيدة لتخليص المجتمع من الأمراض الاجتماعية الخطيرة كالجهل والفقر والمرض .

لم تقتصر دعوات هؤلاء المصلحين على إصلاح التعليم الديني والدراسة الحوزوية فحسب ، بل شمل التعليم الحكومي ومناهجه ومحاولة الارتقاء به ليصبح العراق رائداً في مجال التقدم والرقي ، وقد تكفلت فصول الدراسة الأربعة ببيان تلك الآراء وتوضيح آثارها الايجابية على جميع مناحي الحياة سواء أكان متعلقاً

ص: 178

بالاتجاه السياسي أو العلمي أو الاجتماعي أو الاقتصادي واستناداً إلى ما تقدم فقد خلصت هذه الدراسة إلى نتائج اوجزها بما يأتي :-

أولاً : أظهرت هذه الدراسة أن التجديد بجميع مناحيه مدين إلى الدين الإسلامي الحنيف ، كما أن التطور بجميع ألوانه مدين إلى علماء الدين الذين كان لهم دور واضح وقوي في كل الاتجاهات الإصلاحية التي مرت في النجف الأشرف وامتد تأثيرها على العراق وعلى أجزاء كبيرة من العالمين العربي والإسلامي . وهذا لا يعني عدم وجود مصلحين آخرين مثلوا فئات أخرى في المجتمع ، بل أن هناك الكثير ممن ساندوا هؤلاء في اغلب الدعوات .

ثانياً : أن الرجال العاملين في مجال الإصلاح الذين خدموا الإنسانية بمحاولاتهم تنظيم شؤون الحياة ، تركوا في الدنيا ، آثاراً خالدة وأعمالاً باقية ، هم احياء بحياة آثارهم ، فأسماؤهم ما زالت تدور على الألسن كما أن أعمالهم حازت على تقدير الجميع .

ثالثاً : لم تقتصر دعوات المصلحين على إصلاح قضية معينة فحسب بل شملت مختلف القضايا التي يعاني منها المجتمع ، فقد مزجوا بين دعواتهم الإصلاحية والعمل السياسي الذي خاضوه من خلال المشاركة الأصيلة في عملية تحقيق التقدم ، فكان الارتقاء بالجانب السياسي هدفاً سعوا إليه والنهوض بواقع التعليم والقضاء على الأميّة والجهل مثل طموحاتهم ، كما أن معالجة الواقع المتردي الذي تعيشه المرأة والدعوة لتعليمها شكل هاجساً لديهم سعوا لتحقيقه ، وأخيراً

ص: 179

فإن معالجة الأوضاع الاجتماعية الأخرى كالرشوة والفساد الإداري نالت اهتماماً ونصيباً وافراً منهم .

رابعاً : كان للمدرسة النجفية العلمية العقلانية المتمثلة بمراجع الدين دور في الانفتاح على كل الأفكار الحديثة الداعية للتقدمية والاصلاح ، وهذا راجع إلى الأساس الفكري والعقائدي لهذه المدرسة التي تؤمن بالعقل والاجتهاد .

خامساً : لقد تميز المصلحون بالجرأة في النقد الهادف والبنّاء لأبرز الظواهر السلبية التي عانى منها المجتمع ، حتى وإن كلفهم ذلك تعرضهم إلى مخاطر تتهدد حياتهم ، فشملت دعواتهم وانتقاداتهم العادات الطارئة التي دخلت عند إقامة المراسم والشعائر الحسينية ، كما أن الدعوة لإصلاح المنبر الحسيني وتخليصه مما لحق به من خرافات شكلت جانباً آخر لانتقاداتهم ، وهذا بالفعل دليل على جرأتهم واقدامهم في الخوض في هكذا مواضيع ، لما تشكله من تأثيرات هامة على عواطف العامة .

سادساً : إن الصحافة قد تغلغلت في صميم الحياة السياسية والاجتماعية والدينية فلا ينتشر رأي أو معتقد ، ولا يفلح حزب سياسي أو ثوري إلاّ بمعاضدة الصحافة ورعايتها ، ولا يفشل نظام سياسي أو اجتماعي ولا يخفق مشروع اصلاحي أو اقتصادي إلاّ بمناوئة الصحافة ، فقد لعبت دوراً بارزاً في نشر الأفكار الإصلاحية ، وحاولت النهوض بالواقع من خلال رصد الحالات السلبية ووضع الحلول والمعالجات لها .

ص: 180

سابعاً : لم يقتصر نشر الأفكار الإصلاحية على الصحافة فحسب بل لعب الأدب والأدباء دوراً متميزاً في نشر هذه الأفكار فالخطابة والشعر والقصة أسهمت بشكل فعّال في انتقاد الظواهر السلبية ونشر الأفكار الإصلاحية بشكل اسرع .

ثامناً : شغلت الزراعة حيزاً كبيراً من اهتمامات المصلحين فكانت دعواتهم للنهوض بواقع الفلاح وتطويره من خلال تعليمه كأساس للنهوض بالواقع الزراعي الذي يعد الركيزة الأساسية للاقتصاد العراقي .

تاسعاً : أن الارتقاء بمستوى العامل وتحسين أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية ، والدعوة إلى إقامة صناعة وطنية وعدم الاعتماد على استيراد البضائع الاجنبية مثل طموحات أكثر المصلحين ، والاهتمام بالتجارة ودعمها وتوفير وسائل النقل المتطورة من خلال إنشاء اسطول تجاري يسهم في إنماء التجارة وتطويرها مثلت اهتمامات اغلب أولئك المصلحين .

ص: 181

المصادر

أولاً : الوثائق الرسمية غير المنشورة :-

أ- ملفات وزارة الداخلية المشار إليها بالرمز و.د

1- تقرير معاون مدير شرطة السماوة إلى قائمقام السماوة ، رقم س/27 في 12/1/1953 .

2- الحركات السياسية لشيوخ الفرات الأوسط ، الملفة ( 27/ديوانية/قسم2 ) .

3- متصرفية لواء الديوانية ن الموضوع ، التقرير اليومي عن اللواء في 14/3/1935 ، العدد س/473 ، التاريخ 16/3/1935 .

4- كتاب مديرية شرطة لواء بغداد ، المرقم س/120 ، المؤرخ في 2/4/1935 ، متصرف لواء بغداد .

5- موقف العلماء إزاء حركات العصيان ، الملفة ( 25/ديوانية/6 ) ، التقرير السري الخاص من إدارة التحقيقات الجنائية إلى وزارة الداخلية المرقم ( ش خ/1267 ) في 21 آذار 1935 .

6- متصرفية لواء الديوانية ، التقرير اليومي عن حالة اللواء لنهار يوم 28/3/1935 ، العدد ( د س/586 ) في 28/3/1935 .

7- تقرير متصرفية لواء الديوانية إلى وزارة الداخلية ، رقم ( س/835 ) في 15/5/1935 .

ص: 182

8- تقرير متصرفية لواء الديوانية إلى وزارة الداخلية ، رقم ( س/748 ) ، في 15/5/1935 ، الموضوع الاستخبارات عن الوضع في الرميثة .

9- تقرر سري من الموظف السري إلى متصرف لواء بغداد ، رقم ( س/11 ) في 20/5/1935 .

10- تقرير متصرف لواء الديوانية إلى وزارة الداخلية ، رقم (104) في 20/5/1935 .

11- تقرير قائم مقام قضاء الشامية إلى متصرفية لواء الديوانية ، رقم ( س/3200 ) في 17/2/1938 .

12- مديرية الشرطة العامة ( 13/11 قسم 9 ) ، التقارير والأخبار السرية التي ترفعها إدارة التحقيقات الجنائية إلى وزارة الداخلية ، الأخبار السرية ، ( س/خ/3847 ) في 4كانون الأول 1938 .

13- التقرير السري لمتصرف لولاء كربلاء إلى وزارة الداخلية المرقم ( س/91/2 ) في 11/آذار/1935 .

ب- وثائق دار الكتب والوثائق والمشار لها بالرمز د.ك.و

ملفات البلاط الملكي

1- التمرد والغزو / أحداث الفرات الأوسط ، رقم الملفة (1115/311) .

2- التمرد والغزو / أحداث الفرات الأوسط ، رقم الملفة (1116) ، 1935 .

3- التمرد والغزو / أحداث الفرات الأوسط ، لعام 1935 ، رقم الملفة (1117/311) .

ص: 183

4- رسالة من عبد الكريم الجزائري ، الملفة المرقمة (4476) .

ثانياً : الوثائق الرسمية المنشورة :-

1- محاضر مجلس النواب العراقي للسنوات 1928 ، 1929 ، 1934 ، 1937 ، 1939 ، 1940 .

2- محاضر الاجتماعات الاعتيادية لمجلس الأعيان للسنوات 1930 ، 1934 ، 1935 ، 1936 ، 1938 ، 1939 ، 1942 ، 1943 ، 1951 ، 1955 ، 1956 .

3- محاضر الاجتماعات غير الاعتيادية لسنة 1938 ، 1939 .

4- محاضر الاجتماعات فوق العادة لسنة 1945 .

ثالثاً : دار صدام للمخطوطات :-

1- دار صدام للمخطوطات ، الملفة المرقمة (261) ، الشيخ علي الشرقي ، العدد 8 في 1/12/1913 - 1928 .

2- دار صدام للمخطوطات ، ملفة رقم (347) ، رسائل الكرملي ، العدد 9 ، 1912 - 1943 .

رابعاً : المخطوطات :-

ص: 184

1- محسن أبو طبيخ ، مذكرات خطية بعنوان نحن واياهم ، محفوظة لدى نجله جميل محسن أبو طبيخ .

2- محمد حسين كاشف الغطاء ، مذكرات خطية ، محفوظة لدى نجله شريف محمد حسين كاشف الغطاء .

خامساً : الرسائل الجامعية :-

1- أنور الحبوبي : دور المثقفين في ثورة العشرين ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة بغداد 1989 .

2- حسن علي عبد الله السماك : عشائر الفرات الأوسط ، 1924 - 1941 ، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، 1995 .

3- حيدر نزار عطية ، محمد حسين كاشف الغطاء ودوره الوطني والقومي ، رسالة ماجستير غير منشورة ، معهد التاريخ العربي ، بغداد 2002 .

4- ستار نوري العبودي : الحياة الاجتماعية في العراق في مرحلة الانتداب البريطاني (1920 - 1932) ، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، 1996 .

5- عبد الرزاق أحمد النصيري : دور المجددين في الحركة الفكرية والسياسية في العراق (1908 - 1932) ، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة بغداد ، 1990 .

ص: 185

6- عبد الستار شنين علوة الجنابي : تاريخ النجف السياسي (1921 - 1941) ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة الكوفة ، 1997 .

7- عز الدين عبد الرسول المدني : محسن أبو طبيخ ودوره في الحركة الوطنية حتى عام 1958 ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة الكوفة ، 1999 .

8- علي عبد شناوة : محمد رضا الشبيبي ودوره الفكري والسياسي حتى العام 1932 ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة بغداد ، 1992 .

9- قيس علي جواد الغريري : رشيد عالي الكيلاني ودوره في السياسة العراقية حتى عام 1941 ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية التربية ، ابن رشد ، جامعة بغداد ، 1988 .

سادساً : الكتب .

المصادر العربية والمعربة :-

1- إبراهيم الوائلي : ثورة العشرين في الشعر العراقي ، مطبعة الإيمان ، بغداد 1968 .

2- أحمد رفيق البرقاوي : العلاقات السياسية بين العراق وبريطانيا 1922 - 1932 ، مطبعة دار الطليعة للطباعة والنشر ، بغداد 1980 .

3- أحمد الوائلي : تجاربي مع المنبر ، ط1 ، دار الزهراء ، بيروت 1998 .

ص: 186

4- ارنولد . ولسن : بلاد ما بين النهرين بين ولائين ، ترجمة : فؤاد جميل ، ط2 ، بغداد 1991 .

5- ارنولد . ولسن : الثورة العراقية ، ترجمة : جعفر الخياط ، ط1 ، بغداد 1991 .

6- ارنود ابراهيميان : إيران بين ثورتين ، ترجمة مركز البحوث والمعلومات ، بغداد 1983 .

7- البرت م. متشافيلي : العراق في سنوات الانتداب البريطاني ، ترجمة : هاشم صالح التكريتي ، مطبعة جامعة بغداد 1978 .

8- أمين سعيد : الثورة العربية الكبرى ، مطبعة عيسى الحلبي ، القاهرة ، بلات .

9- بدوي طبانة : معروف الرصافي ، حياته وشعره ، ط2 ، مكتبة الانجلو المصرية ، 1947 .

10- برسي كوكس : تكوين الحكم الوطني في العراق ، صفحة من تاريخ العراق الحديث في سنة 1914 - 1926 ، ترجمة : بشير فرجو ، الموصل 1951 .

11- تحسين العسكري : الثورة العربية الكبرى والثورة العراقية ، النجف 1983 .

12- تشارلس ت. ف ، طاوزند : خواطر طاوزند ، ترجمة : عبد المسيح وزير ، مطبعة دار السلام ، بغداد 1923 .

13- توفيق السويدي : مذكراتي ، نصف قرن من تاريخ العراق والقضية العربية ، بيروت 1969 .

ص: 187

14- جاسم المظفر : من أعلام آل المظفر ، ط1 ، بغداد 1969 .

15- جعفر باقر محبوبة : ماضي النجف وحاضرها ، ط1 ، المطبعة العلمية ، النجف 1955 .

16- جعفر الخليلي : هكذا عرفتهم ، بغداد 1963 .

17- جعفر عباس حميدي : التطورات السياسية في العراق ، 1941 - 1953 ، النجف 1976 .

18- جمال مصطفى مردان : ملوك العراق ، فيصل الأول - غازي ، فيصل الثاني ، اسرار وخفايا ، الدار العربية للطباعة ، بلات .

19- جمال وميض عمر نظمي : الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية والاستقلالية في العراق ، بيروت 1984 .

20- جورج لنشوفسكي : الشرق الأوسط في الشؤون العالمية ، ترجمة : جعفر الخياط ، مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر ، بغداد ، نيويورك 1964 .

21- حازم المفتي : العراق بين عهدين ، ياسين الهاشمي وبكر صدقي ، مكتبة اليقظة العربية ، بغداد 1990 .

22- حامد حنفي داود : مقدمة كتاب عقائد الامامية ، ط3 ، النعمان ، النجف 1960 .

23- حسن الاسدي : ثورة النجف على الانكليز ، دار الحرية للطباعة ، بغداد 1975 .

ص: 188

24- حسين علي محفوظ : العالم الفقيه ، الأديب الشاعر المجاهد الثائر ، ملخص سيرته وآثاره ، جامعة الكوفة ، مركز دراسات الكوفة ، مطبعة النبراس ، النجف 1998 .

25- حميد حمدان التميمي : البصرة في عهد الاحتلال البريطاني 1914 - 1921 ، بغداد 1975 .

26- حميد المطبعي : موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين ، ط1 ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد 1995 .

27- حيدر صالح المرجاني : خطباء المنبر الحسيني ، ط1 ، دار النشر ، النجف 1949 .

28- دونالد ولير : إيران ماضيها وحاضرها ، ترجمة : عبد المنعم محمد حسين ، القاهرة 1958 .

29- رجاء حسين حسنيس الخطاب : المسؤولية التاريخية في مقتل الملك غازي ، بغداد 1985 .

30- سامي عبد الحافظ القيسي : ياسين الهاشمي ودوره في السياسة العراقية من 1922 - 1936 ، مطبعة العاني ، بغداد 1976 .

31- ستيفن همسلي لونكريك : العراق الحديث 1900 - 1950 ، ترجمة : سليم طه التكريتي ، مطبعة حسام ، بغداد 1988 .

32- سعاد رؤوف شير محمد : نوري السعيد ودوره في السياسة العراقية 1932 - 1945 ، ط1 ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1988 .

ص: 189

33- سعيد عبود السامرائي : اقتصاديات العراق ، بغداد 1970 .

34- شكري محمود نديم : حرب العراق 1914 - 1918 ، ط4 ، بغداد 1964 .

35- شوقي ضيف : الأدب المعاصر في مصر ، دار المعارف ، القاهرة 1957 .

36- صادق السوداني : النشاط الصهيوني في العراق 1914 - 1952 ، بغداد 1958 .

37- طالب علي الشرقي : في ذكريات الشرقي ، النجف 1990 .

38- عباس العزاوي : تاريخ العراق بين احتلالين ، العهد العثماني الثالث ، شركة التجارة والطباعة المحدودة ، 1955 .

39- عباس محمد الزبيدي الدجيلي : الدرر البهية في انساب عشائر النجف العربية ، ط1 ، النجف 1989 .

40- عبد الرحمن البزاز : العراق من الاحتلال حتى الاستقلال ، ط3 ، ص1967 .

41- عبد الرحمن البزاز : محاضرات عن تاريخ العراق الحديث ، جامعة الدولة العربية ، القاهرة 1955 .

42- عبد الرزاق الحسني : ثورة النجف بعد مقتل حاكمها مارشال ، ط4 ، بغداد 1963 .

43- عبد الرزاق الحسني : تاريخ الوزارات العراقية ، مطبعة العرفان ، صيدا ، 1953 - 1954 .

ص: 190

44- عبد الرزاق الحسني : تاريخ العراق السياسي الحديث ، مطبعة العرفان ، صيدا - لبنان 1948 .

45- عبد الرزاق الحسني : العراق في دوري الاحتلال والانتداب ، مطبعة العرفان ، صيدا - لبنان 1935 .

46- عبد الرزاق الحسني : الثورة العراقية الكبرى ، ط4 ، مطبعة دار الكتب ، لبنان 1978 .

47- عبد الرزاق الحسني : الاسرار الخفية في حركة سنة 1941 التحررية ، ط6 ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1990 .

48- عبد الرزاق الحسني : أحداث عاصرتها ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1992 .

49- عبد الرزاق الطاهر : الاقطاع والديوان في العراق ، مطبعة السعادة ، مصر 1946 .

50- عبد الرزاق الهلالي : الشاعر الثائر محمد باقر الشبيبي ، ط1 ، شركة الطبع والنشر الأهلية ، 1965 .

51- عبد الرزاق الوهاب : كربلاء في التاريخ ، مطبعة الشعب ، بغداد 1935 .

52- عبد الرضا الطعان : البعد الاجتماعي للأحزاب السياسية ( دراسة في علم الاجتماعي السياسي ) ، ط1 ، دار الشؤون الثقافية العامة ن بغداد 1990 .

53- عبد الشهيد الياسري : البطولة في ثورة العشرين ، النجف 1966 .

ص: 191

54- عبد العزيز نوار : تاريخ العراق الحديث ، دار الكتاب العربي ، القاهرة 1968 .

55- عبد الغني الملاح : تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق ، دار الحرية للطباعة ، بغداد 1957 .

56- عبد الله الجبوري : المجمع العلمي العراقي ، نشأته وعدد اعضائه ، مطبعة العال ، 1965 .

57- عبد الله فهد النفسي : دور الشيعة في تطور العراقي السياسي الحديث ، 1976 .

58- عبد الله فياض : الثورة العراقية الكبرى سنة 1920 ، ط2 ، مطبعة دار السلام ، بغداد 1975 .

59- عبد المنعم الفلاحي : الانساب والاسر ، مطبعة شفيق ، بغداد 1965 .

60- علاء حسين الرهيمي : حقائق عن الموقف في العراق من الثورة الدستورية الايرانية 1905 - 1911 ، مركز دراسات جامعة الكوفة ، 1999 .

61- علي الخاقاني : شعراء الغري ( النجفيات ) ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1956 .

62- علي الخاقاني : شاعر الشعب محمد صالح بحر العلوم ، مطبعة اسعد ، بغداد 1958 .

63- علي الشرقي : الأحلام ، شركة الطبع والنشر الأهلية ، بغداد 1963 .

ص: 192

64- علي الشرقي : ديوان إبراهيم الطباطبائي ، جمعه وحققه ، صيدا - لبنان 1913 .

65- علي الشرقي : ذكرى السعدون ، مطبعة الشعب ، بغداد 1963 .

66- علي الشرقي : العرب والعراق ، شركة الطبع والنشر الأهلية ، بغداد 1963 .

67- علي محافظة : الاتجاهات الفكرية عند العرب في عصر النهضة 1798 - 1914 ، الأهلية للنشر والتوزيع ، بلات .

68- علي عباس علوان : تطور الشعر الحديث في العراق ، وزارة الاعلام ، بغداد 1975 .

69- علي كاشف الغطاء : سعد صالح في مواقفه الوطنية 1920 - 1950 ، مطبعة الراية ، بغداد 1989 .

70- علي الوردي : لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث 1914 - 1918 ، مطبعة الشعب ، بغداد 1972 .

71- عماد الجواهري : تاريخ مشكلة الأراضي في العراق ، دراسة في التطورات العامة 1914 - 1932 ، بغداد 1978 .

72- غالب الناهي : دراسات ادبية ، ط1 ، دار النشر والتأليف ، النجف 1954 .

73- غانم محمد صالح وآخرون : التطور السياسي في العراق ، مطبعة جامعة بغداد (بلات) .

ص: 193

74- فاروق صالح العمر : الأحزاب السياسية في العراق 1921 - 1932 ، بغداد 1978 .

75- فاضل حسين : الفكر السياسي في العراق المعاصر ، 1914 - 1958 ، معهد البحوث والدراسات العربية بمؤسسة الخليج للطباعة والنشر ، بغداد 1984 .

76- فريق مزهر الفرعون : الحقائق الناصعة في الثورة العراقية سنة 1920 ونتائجها ، ط1 ، بغداد 1952 .

77- كاظم حطيط ، أعلام ورواد في الأدب العربي ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت (بلات) .

78- كاظم محمد علي شكر : مختارات من حياة العلامة الجزائري ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت .

79- كامل سلمان الجبوري : ذكريات الحاج عبد الرسول تويج عن الثورة العراقية ، مطبعة الغري الحديثة ، النجف 1975 .

80- كوركيس عواد : معجم المؤلفين العراقيين / مطبعة الارشاد ، بغداد 1963 .

81- كير ترود بيل : فصول من تاريخ العراق القريب ، ترجمة : جعفر الخياط ، طبع بمساعدة وزارة التربية والتعليم ، ط2 ، بغداد 1971 .

82- كير ترود بيل : العراق في رسائل المس بيل ، ترجمة وتعليق : جعفر الخياط ، دار الحرية للطباعة ، بغداد 1977 .

ص: 194

83- ل. ن. كتلوف : ثورة العشرين الوطنية التحررية في العراق ، تعريف : عبد الواحد كرم ، مراجعة : عبد الرزاق الحسني ، ط2 ، بيروت 1975 .

84- ل. ن. ليوتيف : الاقتصاد السياسي ، اسئلة وأجوبة ، ترجمة : محمد رشاد الجملاوي ، ط2 ، دار الثقافة الجديدة ، القاهرة 1974 .

85- محسن الأميني : أعيان الشيعة ، مطبعة الانصاف ، بيروت 1955 .

86- محسن أبو طبيخ : المبادئ والرجال ، دمشق 1938 .

87- محمد باقر البهادلي : هبة الدين الحسيني ، آثاره الفكرية ومواقفه السياسية ، ط1 ، بيروت 2001 .

88- محمد تقي الحكيم : المدخل لدراسة الفقه المقارن ، الكتاب الثاني ، القواعد العامة في الفقه المقارن ( قواعد الضرر والحرج والنية نموذجاً ) ، ط1 ، المؤسسة الدولية للدراسات والنشر ، بيروت 2001 .

89- محمد تقي الحكيم : مالك الاشتر ، مطبعة الغري ، النجف 1946 .

90- محمد تقي الحكيم : شاعر العقيدة ( السيد الحميري ) ، مطبعة دار الحديث ، بغداد 1963 .

91- محمد تقي الحكيم : الأصول العامة للفقه المقارن ، دار الاندلس ، بيروت 1963 .

92- محمد تقي الحكيم : الزواج المؤقت ودوره في حل مشكلات الجنس ، دار الاندلس ، بيروت 1963 .

ص: 195

93- محمد تقي الحكيم : فكرة التقريب بين المذاهب ، مكتبة المنهل ، الكويت 1978 .

94- محمد تقي الحكيم : مناهج البحث في التاريخ ، مكتبة المنهل ، الكويت 1978 .

95- محمد تقي الحكيم : تاريخ التشريع الإسلامي ، كتاب المعهد ، معهد الدراسات العربية والإسلامية ، لندن 1998 .

96- محمد تقي الحكيم : التشيع في ندوات القاهرة ، دار التجديد ، بيروت 1999 .

97- محمد تقي الحكيم : من تجارب الاصوليين في المجالات اللغوية ، مؤسسة الألفية ، 2000 .

98- محمد جواد الجزائري : حل الطلاسم ، ط3 ، دار الكتب ، بيروت 1970 .

99- محمد جواد الجزائري : ديوان الجزائري ، ط1 ، مؤسسة خليفة للطباعة ، بيروت 1970 .

100- محمد حسين الصغير : هكذا رأيتهم ، ط1 ، مؤسسة دار المعارف ، بيروت ، لبنان 2001 .

101- محمد حسين كاشف الغطاء : العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ، ط1 ، تحقيق : جودت القزويني ، دار بيان للنشر والتوزيع ، بيروت 1998 .

102- محمد حسين كاشف الغطاء : جنة المأوى ، ط1 ، جمع وتحقيق : محمد علي القاضي ، مطبعة شركة جاب ، تبريز 1965 .

ص: 196

103- محمد حسين كاشف الغطاء : الآيات البينات في قمع البدع والضلالات ، المطبعة العلوية ، النجف 1926 .

104- محمد حسين كاشف الغطاء : التوضيح في بيان ما هو الانجيل وما هو المسيح ، مصر 1912 .

105- محمد حسين كاشف الغطاء : الدين والإسلام والدعوة الإسلامية ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت ، بلات .

106- محمد حسين كاشف الغطاء : تحرير المجلة ، المطبعة الحيدرية ، 1940 .

107- محمد حسين كاشف الغطاء : محاورة الامام المصلح مع السفيرين البريطاني والأمريكي في بغداد ، ط2 ، المطبعة التجارية ، بوينس آيرس 1955 .

108- محمد حسين كاشف الغطاء : في السياسة والحكمة ، دار البلاغ ، بيروت 1982 .

109- محمد حسين كاشف الغطاء : المراجعات الريحانية ، المطالعات والمراجعات ، ط2 ، المطبعة الأهلية ، بيروت 1913 .

110- محمد حسين كاشف الغطاء : أصل الشيعة وأصولها ، ط8 ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1955 .

111- محمد حسين كاشف الغطاء : الفردوس الأعلى ، ط1 ، جمع وتحقيق : محمد علي القاضي ، مطبعة شركة جاب ، تبريز 1966 .

112- محمد حسين كاشف الغطاء : الاتحاد والاقتصاد ، المطبعة العلوية ، النجف 1931 .

ص: 197

113- محمد حسين كاشف الغطاء : الميثاق العربي الوطني ، ط1 ، تعليق : عبد الغني الخضري ، مطبعة الغري ، النجف 1938 .

114- محمد حسين كاشف الغطاء : الخطب ، جمعها عبد الحليم كاشف الغطاء ، مطبعة الفقهاء ، النجف 1966 .

115- محمد حسين كاشف الغطاء : السياسة الحسينية ، مطبعة الغري ، النجف 1951 .

116- محمد حسين كاشف الغطاء : الأرض والتربة الحسينية ، ط4 ، مطبعة دار النشر والتأليف ، النجف 1953 .

117- محمد حسين كاشف الغطاء : الوجيز في الفقه ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1926 .

118- محمد حسين كاشف الغطاء : سؤال وجواب في الفتاوي الفقهية ، النجف 1931 .

119- محمد حسين كاشف الغطاء : تعليقات على العروة الوثقى ، المطبعة المرتضوية ، النجف ، بلات .

120- محمد حرز الدين : معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء ، تعليق : محمد حسين حرز الدين ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف 1964 .

121- محمد رضا الشبيبي : أدب المغاربة الاندلسيين في أصوله المصرية ونصوصه العربية ، مطبعة الرسالة ، القاهرة 1960 .

ص: 198

122- محمد رضا الشبيبي : أصول ألفاظ اللهجة العراقية ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، بغداد 1956 .

123- محمد رضا الشبيبي : ديوان الشبيبي ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة 1940 .

124- محمد رضا الشبيبي : رحلة إلى المغرب الأقصى ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، بغداد 1965 .

125- محمد رضا الشبيبي : رحلة إلى بادية السماوة ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، بغداد 1964 .

126- محمد رضا المظفر : السقيفة ، ط3 ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1965 .

127- محمد رضا المظفر : مقدمة كتاب عقائد الامامية ، ط3 ، بيروت 1965 .

128- محمد رضا المظفر : أصول الفقه ، النجف الأشرف 1957 .

129- محمد رضا المظفر : المنطق ، النجف 1957 .

130- محمد رضا وظاهر زين : العراقيات ، صيدا - لبنان 1912 .

131- محمد رضا القاموسي : وقفة مع ديوان المظفر ، النجف 1997 .

132- محمد صالح بحر العلوم : ديوان بحر العلوم ، درا التضامن ، بغداد 1968 .

133- محمد صالح بحر العلوم : ديوان اقباس الثورة ، مطبعة الارشاد ، بغداد 1959 .

ص: 199

134- محمد علي كمال الدين : ثورة العشرين في ذكراها الخمسين ، معلومات ومشاهدات في الثورة العراقية الكبرى سنة 1920 ، مطبعة التضامن ، النجف 1971 .

135- محمد مهدي الآصفي : مدرسة النجف وتطور الحركة الإصلاحية فيها ، ط1 ، النجف ، مطبعة النعمان ، 1964 .

136- محمد مهدي بحر العلوم : رجال السيد بحر العلوم ، مطبعة الآداب ، النجف ، بلات .

137- محمد مهدي البصير : تاريخ القضية العراقية ، مطبعة الفلاح ، 1954 .

138- محمد مهدي البصير : نهضة العراق الأدبية في القرن الثالث عشر للهجرة ، ط3 ، دار الرائد العربي ، بيروت 1990 .

139- محمد مهدي كبة : مذكراتي في صميم الأحداث 1918 - 1958 ، بيروت 1965 .

140- محمد هادي الأميني : الشيوعية ثورة وتآمر على العقائد والأنظمة الاجتماعية ، مطبعة النعمان ، النجف 1960 .

141- محمد هادي الأميني : معجم رجال الفكر في النجف خلال ألف عام ، مطبعة الآداب ، النجف ، بلات .

142- مشكور الاسدي : رؤوس اقلام عابرة عن جعفر الخليلي ، دار المعارف ، بغداد 1971 .

ص: 200

143- منير بكر التكريتي : يوسف رجيب الكاتب والصحفي والسياسي ، دار الرشيد ، 1981 .

144- منير بكر التكريتي : أساليب المقالة في الأدب العراقي الحديث والصحافة العراقية ، مطبعة الارشاد ، بغداد 1976 .

145- منير بكر التكريتي : ادباء صحفيون ، ط1 ، مطبعة جامعة بغداد ، 1979 .

146- موريس بوكاي : القرآن الكريم والتوراة والانجيل ، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ، ط4 ، دار المعارف ، لبنان 1997 .

147- ناجي وداعة الشريس : لمحات من تاريخ النجف الأشرف ، النجف 1973 .

148- ناجي وداعة الشريس : أنساب العشائر العربية في النجف الأشرف ، ط1 ، مطبعة الغري الحديثة ، النجف 1975 .

149- نجدت فتحي صفوت : العراق في الوثائق البريطانية سنة 1936 ، البصرة 1983 .

150- هاشم معروف الحسني : مقدمة بحوث فلسفية ، حققه وعلق عليه ، ط1 ، مركز الغدير ، بيروت 1999 .

151- هنري فوستر : نشأة العراق الحديث ، ترجمة : سليم طه التكريتي ، دار الشؤون الثقافية العامة ن بغداد 1989 .

ص: 201

152- هوشيار معروف : الاقتصاد العراقي بين التبعية والاستقلال ، بغداد 1977 .

153- ويلارد ايرلند : العراق دراسة في تطوره السياسي ، ترجمة : جعفر الخياط ، بيروت 1949 .

154- يعقوب يوسف كوريا : حكايات الصحافة في العراق ( صحافة العمر القصير ) ، بغداد 1962 .

155- يوسف عز الدين : الشعر العراقي أهدافه وخصائصه في القرن التاسع عشر ، الدار القومية ، القاهرة 1962 .

156- يونس بحري : أسرار 2 مايس أو الحرب العراقية الانكليزية ، تقديم : علي الخاقاني ، منشورات دار البيان ، مطبعة الحرية ، بغداد 1948 .

سابعاً : الصحف والدوريات :-

الصحف :-

1- الاستقلال ( جريدة ) بغداد ، العدد 1158 ، لسنة 1927 .

2- البلاد ( جريدة ) ، بغداد ، العدد ( 125 ، 128 ، 131 ، 133 ، 135 ) ، في 7 و 10 و 14 و 16 و 18 نيسان ، 1930 .

3- الزمان ( جريدة ) ، بغداد ، العدد 22 ، 21 تشرين الثاني 1927 .

4- الزمان ( جريدة ) ، بغداد ، 21 شباط 1958 .

ص: 202

5- العراق البغدادية ( جريدة ) ، بغداد ، الأعداد ( 1978 - 1980 ، 1982 - 1991 ) من 1/10 إلى 13/11/1926 .

6- الفجر الصادق ( جريدة ) ، النجف 1930 .

7- النجف ( جريدة ) ، النجف ، العدد الممتاز 40 ، 8 مايس 1926 .

8- النجف ( جريدة ) ، النجف ، الأعداد ( 65 ، 66 ، 71 ) في 19 كانون الأول و 27 كانون الأول 1926 و 28 كانون الثاني 1927 .

9- النهضة العراقية ( جريدة ) ، بغداد ، العددين ( 52 - 53 ) ، في 11 آذار و 12 آذار 1928 .

10- الهاتف ( جريدة ) ، النجف ، الأعداد ( 125 ، 255 ، 262 ، 268 ) في 1 حزيران 1938 و 7 آذار 1941 ، ومايس 1941 و 20 آب 1941 .

المجلات :-

1- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ) الأعداد (1 - 10) في حزيران وكانون الثاني عامي 1935 و 1936 .

2- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 10 ، مايس 1938 .

3- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 4 ، آذار 1939 .

4- الاعتدال ( مجلة ) ، النجف ، العدد 1 ، مارت 1946 .

5- البيان ( مجلة ) ، النجف ، الأعداد 22 ، 23 ، في 16 مايس وحزيران 1947 .

6- الثقافة ( مجلة ) ، القاهرة ، العدد 37 ، اكتوبر 1976 .

ص: 203

7- الحرية ( مجلة ) بغداد ، مجلد 2 ، تموز 1925 .

8- الحيرة ( مجلة ) ، النجف ، العدد 19 ، 11 تموز 1930 .

9- الدليل ( مجلة ) ، النجف ، الاعداد 7 ، 9 ، 13 ، السنة الأولى ، نيسان ومايس وحزيران 1947 .

10- الشعاع ( مجلة ) ، النجف ، العدد 5 ، في آيار 1948 .

11- الدليل ( مجلة ) النجف ، العدد 8 ، السنة الثانية ، في 14 تشرين الثاني ، 1948 .

12- الشعاع ( مجلة ) النجف ، العدد 7 ، في 20/8/1948 .

13- الشعاع ( مجلة ) النجف ، العدد 12 ، في 12/11/1948 .

14- الشعاع ( مجلة ) النجف ، العدد 13 ، 14 ، في 1/12/1948 .

15- العدل الإسلامي ( مجلة ) النجف ، العدد المزدوج ( 1 ، 2 ) السنة الثانية في 15 حزيران ، 1947 .

16- العدل الإسلامي ( مجلة ) النجف ، العدد المزدوج 4 ، السنة الثانية في 15 تموز ، 1947 .

17- العرفان ( مجلة ) ، لبنان ، جزء 19 ، كانون الأول 1912 .

18- العرفان ( مجلة ) ، لبنان ، الأعداد 6 ، 7 ، 8 ، 1926 .

19- العلم ( مجلة ) ، النجف ، ج9 ، مجلد 2 ، 1911 .

20- الغري ( مجلة ) ، النجف ، الأعداد 68 ، 69 ، 70 ، السنة الثانية في 21 مايس ، و 20 مايس 1941 .

ص: 204

21- الغري ( مجلة ) ، النجف ، الأعداد 18 - 19 و 21 - 22 ، في 4 حزيران و 2 تموز و 16 تموز 1946 .

22- الغري ( مجلة ) ، النجف ، العدد 4 ، في 12 كانون الأول 1950 .

23- الغري ( مجلة ) ، النجف ، العدد 3 ، في 22 كانون الأول ، 1953 .

24- لغة العرب ( مجلة ) ، بغداد ، ج11 ، المجلد 2 في آيار 1913 .

25- مجلد المجمع العلمي العراقي ، مجلد 11 ، بغداد ، مطبعة المجمع العلمي ، 1964 .

26- الموسم ( مجلة ) ، هولندا ، العدد 8 ، 1990 .

27- النجف ( مجلة ) النجف ، الأعداد 9 ، 14 ، 2 في 10/7 و 1/11/1958 و 14/7/1959 .

البحوث :-

1- عبد الأمير زاهد : المعاصرات والمستقبليات ، بحث ضمن الندوة الفكرية .

2- محمد حسين الصغير : الشيخ المظفر مجدداً ، بحث ضمن كتاب الندوة الفكرية لاستذكار المآثر العلمية للشيخ المظفر ، النجف 1997 .

ثامناً : المصادر الأجنبية :-

1- Bonne, Alfred. State of Economics in the Middle East, London, 1984.

ص: 205

2- Cook, M.A. Studies in the Economic History of the Middle East, London 1970.

3- Murray, John. A report on Statistical Organisation in The Government of the Kingdom of Iraq, Cairo 1947.

4- Man, phebe. The Modern History of Iraq, London, 1985.

ص: 206

REFORMATIONAL TRENDS IN NAJAF (1932 - 1945)

Astudy submitted by

Eizaldin Abdlrasul Al - medeny

A thesis submitted

To the council of the college of Art - University of Kufa in partial fulfillment of the requirements for the degree of

Ph. D. of history

In contemporary history

Supervised by

Prof. D. Mohammed Hlail Al - Jabery

ص: 207

REFORMATIONAL TRENDS IN NAJAF (1932 - 1945)

The rule that the reformists had performed in Najaf is an outstanding one, tackling a serious period of Iraq modern history, and this what made me choosing this subject, which I have tried through to study the reality of the reformational calls and the rule of these reformists in facing the several political and social issues.

The appearance of reformational trends were not a reaction urged by circumstances which companied the appearance only, but, there were a lot of factors supported in appearing the reformsist, what would be shown in this thesis which planned to conmsist of four chapters.

The first one was about the historical background of the reformists in najaf, explaining the main principles

ص: 208

which accordingly. They had been chosen to represent the reformational trends.

In the second chapter, I have tried to explain the reformists opinions about several political issurs, regional and local, that Iraq had witnessed as the constitutional revolution of Iran 1906 - Al - Jihad movement 1914, An - Nagave revolution 1918, and the twentienth revolution 1920.

The third chapter contains the most serious political events that Iraq had witnessed after the independence, beginning from the clans movement 1935, and the march uprising 1941, also contains the reformists situation of associations and parties.

In the fourth chapter I have discussed the reformational calls in the social and economic aspects.

ص: 209

At last, the research has reached to an important result which is put in the ending.

ص: 210

الفهرست

الموضوع ...........................................................الصفحة

مقدمة المؤسسة ....................................................3

الإهداء...............................................................9

نطاق البحث وتحليل المصادر....................................10

الفصل الأول : الخلفية التاريخية لنخبة من رجال الإصلاح في النجف............................................................18

الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء............................19

الشيخ محمد جواد الجزائري...................................26

الشيخ محمد رضا الشبيبي ................................... 30

الشيخ علي الشرقي ...........................................33

الأستاذ يوسف رجيب .........................................35

الشيخ محمد رضا المظفر.....................................37

الأستاذ جعفر الخليلي ..........................................40

السيد محمد صالح بحر العلوم.................................43

السيد محمد تقي الحكيم ........................................46

الفصل الثاني : موقف الاصلاحيين في النجف من تطورات

ص: 211

الأحداث السياسية الاقليمية والعراقية بين 1906 – 1920..50

أولاً : الثورة الدستورية 1906.................................51

ثانياً : حركة الجهاد 1914.....................................55

ثالثاً : ثورة النجف 1918......................................61

رابعاً : ثورة العشرين 1920..................................65

الفصل الثالث : موقف الاصلاحيين في النجف من تطور الأحداث السياسية العراقية بعد الاستقلال..............................74

أولاً : حركات العشائر سنة 1935...........................75

ثانياً : ثورة مايس سنة 1941...............................94

ثالثاً : الأحزاب والجمعيات...................................101

الفصل الرابع : موقف الاصلاحيين من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية..................................................112

أولاً : الاصلاحيون والتعليم.................................113

ثانياً : الاصلاحيون والدين.................................129

ثالثاً : الاصلاحيون والمرأة................................146

رابعاً : الاصلاحيون وقضايا أخرى........................155

الخاتمة......................................................178

المصادر....................................................211

ص: 212

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.