التعليق على كتاب بحار الأنوار

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الموسوی السبزواري، السید عبدالاعلی، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد:بحار الأنوار. شرح

عنوان و نام پديدآور:التعلیق علی کتاب بحار الأنوار / تالیف آیة الله العظمي السید عبدالاعلی الموسوی السبزواري.

تفاصيل المنشور:قم: دارالتفسیر، 1432 ق.-= 2011 م.-= 1390-

مواصفات المظهر:ج.

ISBN:دوره 978-964-535-223-1 : ؛ 80000 ریال: ج. 1 978-964-535-237-8 : ؛ ج. 2 978-964-535-258-3 :

حالة الاستماع:فاپا

ملاحظة:العربية.

ملاحظة:هذا الكتاب هو وصف الكتاب "بحار الأنوار" هو تأليف محمد باقر مجلسي.

ملاحظة:مجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، 1037 - 1111ق. بحار الأنوار-- نقد و تفسیر

ملاحظة:أحاديث الشيعة -- قرن 11ق.

المعرف المضاف:مجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، 1037 - 1111ق. بحار الأنوار. شرح

ترتيب الكونجرس:BP135/م3ب30215 1390

تصنيف ديوي:297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية:2 3 1 2 8 7 7

قم - خیابان معلم - میدان روح ا... - تلفن: 7744212 - تلفاکس: 7741621 منشورات دار التفسير

التعليق على كتاب بحارالانوار/ج 1

آية الله العظمى السيد عبدالاعلی الموسوی السبزواری

الطبعة : الأولى / 2011 م -1432 ه

المطبعة : نینوا

ردمک / ج1 : 8-237-535-964-978

ردمک الدورة : 1-223-535-964-978 :

عدد المطبوع : 2000 دورة

لا يجوز طبع هذا الكتاب الا باذن خاص من مكتب السيد السبزواري في النجف الأشرف

2- يوزع هذا الكتاب:

العراق - النجف الأشرف، سوق الحويش، مكتبة المهذّب، الجوال 0781541523

ایران - قم، شارع معلم، میدان روح الله، انتشارات دار التفسير، تليفون 7741621

جمعية خيرية رقمية: مركز خدمة مدرسة إصفهان

محرّر: السيّد محمّد هادي الرضوي الخانکهدانی

ص: 1

المجلد 1

اشارة

ص: 1

التَّعْلِيقِ عَلَى كِتَابِ بِحَارِ الْأَنْوَارِ

الْجُزْءُ الأوّل

تَألِیفُ: فَقِيهِ عَصْرِهِ آيَةِ اللَّهِ العُظمَی

السَّيِّد عَبدِالأَعلَی الْمُوسَوِيِّ السَّبزِوَارِيّ قُدِّسَ سِرُّهُ

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 3

المقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرحیم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمّد و آله الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم أجمعين.

لايخفى على أهل البصيرة والعلم أهميّة السُنّة الشريفة في الشريعة وغيرها من صنوف العلم، وأن دين الله عزّ وجلّ لم تقم له قائمة إلّا على كتاب الله عزّ وجلّ للشروح بالسُنّة الطاهرة، والسُنّة الشريفة الشارحة لكتابه سبحانه مترابطان ترابطاً وثيقاً لم يقبلا التفكيك بينهما، ومن هذه الجهة اهتمّ العلماء على مرّ العصور بالأخبار المروية عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) من حيث الجمع والشرح والتدقيق في مصادرها و مضامنها، والتطبيق قولاً وعملاً، وقد كان علماء الشيعة الامامية السباقين في ذلك كلّه، كما دلّت عليه كتبهم و تدويناتهم في هذا المجال، ودعوى غيرهم في أنّهم أسبق من الشيعة هي بلا برهان، بل الدليل على خلافها، وقد كانت سيرة علماء هذه الطائفة الحقّة على ذلك حتّى مرحلة متأخرة، فكانوا رواة أحاديث الأئمّة الهداة وحفّاظاً للأخبار، حفظوا هذا التراث المهمّ العظيم، مع كونهم فقهاء علماء جمعوا بين الخبَر والخُبر، ونشأ منهم جيل جمعوا بين العلم والفكر والأثر، حتّى ما قارب قرن الثاني عشر الهجري، حينما برز خط جديد في الفكر الشيعي وهو الفكر الأصولي الذي اهتم بالجانب النظري اكثر من الجانب الآخر، حتّى تخلّى كثير منهم عن الاهتمام بالأخبار، بل تدخل الفكر الأصولي في أسانيد الأخبار، وحصل النقاش في نسبة كثيرٍ منها إلى

ص: 4

المعصوم، وقد ظهر في خِضَّم هذا الصراع بين الفكر الأخباري المحافظ الشديد، والفكر الأصولي المُشكّك في كثير من الثوابت الموروثة، حيث أوصد الأوّل باب الاجتهاد بالكلية، بينما فتح الثاني الباب على مصراعيه کردّ فعل للأوّل، وکلا الطريقتين لم تخل من منافيات وسلبيات. وفي خضم هذا الصراع ظهر علماء أفذاذ حفظوا الأخبار، وأعطوا الفكر والجهد الفكري حقّه في فهم الأخبار و استنباط الأحكام منها، في حدود لم يخرج عمّا يريده الأئمّة الطاهرون، فلم يجعلوا الروايات المأثورة عن ائمّتهم (عليهم السّلام) مسرح كلّ فكر تحليلي، واجتهاد شخصي بعيد، وجعلوا المناط هو الرواية الموثوق بصدورها ولو كانت الوثاقة حاصلة من غير الاسانید، واعتمدوا على الفكر الجمعي في فهم الأخبار وأبعدوا الأفكار المتفرّدة منهم، وبذلك فتحوا باب الاجتهاد في فهم الروايات في حدود خاصّة، وحفظوا الروايات والأخبار قولاً وعملاً، فصاروا بحقّ من المحدّثين الأصوليين، واستغلّوا الفكر في الوحي الإلهي بجدٍّ وإخلاص، محاولين في ذلك الوصول إلى ما يريده أمناء الوحي، وإبعاد الفضول من كلماتهم وخطاباتهم بما لا يرضوه.

وكان من هؤلاء إمام المحدّثين في عصره، وخاتمة الفقهاء ونابغة الأصوليين في عهده وهو سيدنا الوالد (قدّس سرّه)، فقد حاول جاهداً أن يجمع بين المسلكين، وقد وفّقه الله في ذلك وأحاط بالروايات والأخبار حفظاً ودراية ومطالعة، وقد بذل جهداً كبيراً في سبيل ذلك، فهو فريد عصره في هذا المجال، ومؤلّفاته تدلّ على ذلك، فهو المتذوّق لكلمات الأئمّة الطاهرين، وقد كان من كثرة حفظه للأخبار وخبرويّته بها أنّه كان يميّز بين كلمات الأئمّة الطاهرين من دون ذكر الإمام المأثور عنه، وقد حصل هذه المنقبة من دوام مطالعته للأخبار، والاهتمام بدراستها وحفظها، فهو الفيلسوف المحقّق، والأصولي البارع، والفقيه العرفي الحاذق، ومحدّثٌ للأخبار، ومن فطاحل

ص: 5

رواتها الذين وصفهم الإمام الصادق (عليه السّلام) بأوصاف عديدة، فهو بحقّ من رواة أحاديث الأئمّة الطاهرين الذين أمر الإمام المنتظر (روحي وأرواح العالمين لمقدمه الفداء) برجوع الشيعة إليهم.

ثمّ إنّ العلماء جمعوا الأخبار التي رويت عن الأئمّة المعصومين في مجامع احتوت جُلّ الأخبار والروايات إن لم نقل جميعها، وقسّموا تلك المجامع إلى ثمانية:

أربعة منها تسمّى المجامع الأربعة المتقدّمة، وهي: الكافي، والتهذیب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه.

والجامع الأربعة المتأخّرة، وهي: الوافي، ووسائل الشيعة، وبحار الأنوار، ومستدرك الوسائل.

وكان غرض المتقدمين هو جمع الروايات التي احتفّت بقرائن كثيرة تدلّ على الوثوق بصدورها، وقد اختفت كثيراً منها، ومن أهمّها الأصول الأربعمائة التي كانت المصدر الأهمّ لأخبار الأئمّة الطاهرين، وقد بذل المشايخ الثلاثة قدّس الله أسرارهم في جمع الروايات وحفظها جهداً كبيراً، بعد ما رأوا اختفاء كثير من تلك القرائن، وكان عملهم ذلك جهاداً رسالياً حفظوا به تراث المعصومين (عليهم السّلام).

وأما غرض المؤلفين للمجامع الأربعة المتأخّرة، فقد كان مختلفة من حيث المؤلّفين الأربعة احدهم عن الآخر :

فإن المحدّث الكاشاني جمع بين الكتب الأربعة، مع بيان الاختلاف وطرق النقل وغير ذلك .

وأمّا المحدّث الحرّ العاملي فقد جمع الأخبار الواردة في الأحكام ومسائل الشريعة.

وأمّا المحدّث الطبرسي فقد ذكر في كتابه المستدرك ما فات عن الشيخ العاملي

ص: 6

عن كتب ومؤلّفات المتقدّمين والمتأخّرين .

وأما المحدِّث المجلسي فقد جمع في كتابه الكبير القيّم شتات الكتب والمؤلّفات لاصحابنا قدّس الله أسرارهم، وكان الداعي المهمّ له هو صون تلك المؤلّفات، وعدم اندراس المصادر الأصليّة لها من دون الالتزام بصحّة صدور تلك الروايات أو توثيقها، فقد أوكل هذه المهمّة إلى غيره من العلماء وأهل الخبرة في هذا الفن.

ومن هنا جاء الاختلاف بين طريقة المتقدّمين من المحدّثين كالمشايخ الثلاثة قدّس الله لأسرارهم حيث جمعوا الأخبار التي كانت حجّة بينهم وبين الله تعالى لاحتفافها بقرائن متعدّدة اعتمدوا عليها في هذا السبيل، وهم لم يحتجّوا بتلك الأخبار جزافاً، بل كان عن دراية واستيثاق منهم، وقد ارتضي جملة ممّن تأخّر عنهم ما التزموه، وصحّحوا المنهج الذي انتهجوه، الّا أن جمعاً من العلماء ناقشوا ذلك، وأبدوا تحفظّهم إلى طريقتهم، وهذه المطارحات بينهم إنّما يختصّ بالكتب الأربعة المتقدّمة، وأما الجامع الأربعة المتأخّرة فإنّ الأمر يختلف منها عن الكتب الأربعة کا عرفت.

هذا ما أردتُ ذكره على سبيل الاختصار، إذ أنّ لكلّ مفردة ما ذكرناه تفصيلٌ وشرح يطول ذكره.

وهذا الكتاب هو مجموعة تعاليق الإمام السبزواري قدّس سرّه على كتاب «بحار الأنوار»، وقد كان اهتمامي في بداية الأمر أن أجمع التعاليق مجرّدة عن الروايات، مقتصراً على تعيين الكتاب والباب و الصفحة في الطبعتين القديمة والحديثة، ولكن عرض لي خاطر أن اذكر الخبر الذي عليه التعليق بتمامه، ولو كان التعليق على جزء منه، واستخرتُ الله تعالى في ذلك، وحثّني بعض أفاضل الحوزة المباركة على المنهج الأخير، فأخذتُ ذلك تتميماً للفائدة، و تسهيلاً للاستفادة، فصار الكتاب ذو ثلاثة

ص: 7

أجزاء ويمكن أن يُعدَّ مختصر البحار.

نسأل الله تعالى أن يرفع درجات علمائنا الأبرار في الخلد والجنان، ويحشُر السيّد الوالد مع الأئمّة الأطهار، وأن يوفّق الجميع للاستفادة من مأثور کلماتهم، إنّه سميع مجيب، والحمد لله أولاً وآخراً.

الحوزة العلميّة في النجف الأشرف

علي الموسوي السبزواري

10 صفر الخير

ص: 8

ص: 9

التعليقات على بحار الأنوار والمشتمل على الجزئين الثاني والثالث من الطبعة الحروفيّة

اشارة

ص: 10

ص: 11

باب (1) نفي الظلم والجور عنه تعالى وإبطال الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين وإثبات الاختيار والاستطاعة

البحار: ج 2 ص 231

13 - فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ قَوْلُهُ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ» قَالَ خَلَقَهُمْ حِينَ خَلَقَهُمْ مُؤْمِناً وَ كَافِراً وَ شَقِيّاً وَ سَعِيداً وَ كَذَلِكَ يَعُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُهْتَدٍ وَ ضَالٌّ يَقُولُ «إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ» وَ هُمُ الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى الْهُدَى وَ الضَّلَالَةِ وَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ إِنْ شَاءُوا اهْتَدَوْا وَ إِنْ شَاءُوا ضَلُّوا وَ هُمْ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ كَذَبَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْمَشِيَّةُ وَ الْقُدْرَةُ لِلَّهِ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ شَقِيّاً يَوْمَ خَلَقَهُ كَذَلِكَ يَعُودُ إِلَيْهِ- وَ مَنْ خَلَقَهُ سَعِيداً يَوْمَ خَلَقَهُ كَذَلِكَ يَعُودُ إِلَيْهِ سَعِيداً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَ السَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.(1).

البحار: ج2 ص 233

تَمِيمٌ الْقُرَشِيُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍ الْأَنْصَارِيِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الشَّامِيِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عليه السّلام) بِمَرْوَ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْن رَسُولِ اللَّه (صلّی الله عليه وآله وسلّم) (2) ِ رُوِيَ لَنَا عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السّلام) أَنَّهُ قَالَ لَا جَبْرَ وَ لا

ص: 12


1- هذا الخبر ضعیفٌ سنداً وسيأتي ما يتعلّق بهذه الجملة. السبزواري.
2- هذا الحديث الشريف شارح لجميع أخبار الباب فليتأمّل فيه حقّ التأمل. السبزواري

تَفْوِيضَ بَلْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَمَا مَعْنَاهُ فَقَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ أَفْعَالَنَا ثُمَّ يُعَذِّبُنَا عَلَيْهَا فَقَدْ قَالَ بِالْجَبْرِ وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَّضَ أَمْرَ الْخَلْقِ وَ الرِّزْقِ إِلَى حُجَجِهِ (عليهم السّلام) فَقَدْ قَالَ بِالتَّفْوِيضِ فَالْقَائِلُ بِالْجَبْرِ كَافِرٌ وَ الْقَائِلُ بِالتَّفْوِيضِ مُشْرِكٌ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَقَالَ وُجُودُ السَّبِيلِ إِلَى إِتْيَانِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَ تَرْكِ مَا نُهُوا عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ فَهَلْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَشِيَّةٌ وَ إِرَادَةٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَمَّا الطَّاعَاتُ فَإِرَادَةُ اللَّهِ وَ مَشِيَّتُهُ فِيهَا الْأَمْرُ بِهَا(1) وَ الرِّضَا لَهَا وَ الْمُعَاوَنَةُ عَلَيْهَا وَ إِرَادَتُهُ وَ مَشِيَّتُهُ فِي الْمَعَاصِي النَّهْيُ عَنْهَا وَ السَّخَطُ لَهَا وَ الْخِذْلَانُ عَلَيْهَا قُلْتُ فَلِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا الْقَضَاءُ- قَالَ نَعَمْ مَا مِنْ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ الْعِبَادُ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ إِلَّا وَ لِلَّهِ فِيهِ قَضَاءٌ قُلْتُ فَمَا مَعْنَى هَذَا الْقَضَاءِ قَالَ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ بِمَا يَسْتَحِقُّونَهُ عَلَى أَفْعَالِهِمْ مِنَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.

البحار: ج 2 ص 236

23 -: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحْتَمِلُ بْنُ سَعِيدٍ السَّمَرْقَنْدِيُ الْفَقِيهُ بِأَرْضِ بَلْخ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الزَّاهِدِ السَّمَرْقَنْدِيُّ بِإِسْنَادٍ رَفَعَهُ إِلَى الصَّادِقِ (عليه السّلام) أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّ أَسَاسَ الدِّينِ التَّوْحِيدُ وَ الْعَدْلُ وَ عِلْمُهُ كَثِيرٌ لَا بُدَّ لِعَاقِلٍ مِنْهُ فَاذْكُرْ مَا يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَ يَتَهَيَّأُ حِفْظُهُ فَقَالَ أَمَّا التَّوْحِيدُ فَأَنْ لَا تُجَوِّزَ عَلَى رَبِّكَ مَا جَازَ عَلَيْكَ وَ أَمَّا الْعَدْلُ فَأَنْ لَا تَنْسُبَ إِلَى خَالِقِكَ مَا لَامَكَ عَلَيْهِ.(2)

البحار: ج 2 ص 237

28 - اعتقادنا في الجبر والتفويض قول الصادق (عليه السّلام) «لَا جَبرَ وَلَا تَفوِیضَ» أقول: وساق الخبر إلى آخر ما رواه المفضل وقال الشيخ المفيد قدّس الله روحه في شرحه الجبر هو الحمل على الفعل والاضطرار إليه بالقسر والغلبة وحقيقة ذلك إيجاد

ص: 13


1- ويدلّ على هذه الجملة الأخبار الدالّة على أنّ إرادته تعالى فعله ج 5 ص 11س7 السبزواري.
2- هذه الجملة من أكمل الكلمات. السبزواري.

الفعل في الخلق من غير أن يكون له قدرة على دفعه والامتناع من وجوده فيه وقد يعبّر عمّا يفعله الإنسان بالقدرة التي معه على وجه الإكراه له على التخويف والإلماء أنّه جبر والأصل فيه ما فعل من غير قدرة على امتناعه منه حسب ما قدّمناه وإذا تحقّق القول في الجبر على ما وصفناه كان مذهب الجبر هو قول من يزعم أنّ الله تعالى خلق في العبد الطاعة من غير أن يكون للعبد قدرة على ضدّها والامتناع منها وخلق فيهم المعصية كذلك فهم الجبرة حقّاً وللجبر مذهبهم على التحقيق والتفويض هو القول برفع الحظر عن الخلق في الأفعال والإباحة لهم مع ما شاءوا من الأعمال وهذا قول الزنادقة وأصحاب الإباحات والواسطة بين هذين القولين أنّ الله أقدر الخلق على أفعالهم ومكنهم من أعمالهم وحدّ لهم الحدود في ذلك ورسم لهم الرسوم ونهاهم عن القبائح بالزجر والتخويف والوعد والوعيد فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبراً لهم عليها ولم يفوّض إليهم الأعمال لمنعهم من أكثرها ووضع الحدود لهم فيها وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها فهذا هو الفصل بين الجبر والتفويض على ما بيّناه.(1)

ص: 14


1- أقول: الذي ذكره شيخنا المفيد أحد معني الجبر وهو نفي القدرة والإرادة للعبد أصلاً ورأساً وهذا هو الذي وردت الأخبار الكثيرة في بطلانه. وأمّا الجبر في الإرادة بمعنی کون العبد مجبوراً في إرادته بأن تكون الإرادة في العبد من الله تبارك و تعالی و صدور الفعل المراد بإرادة من العبد واختياراً منه فلم اظفر على خبر ينفيه ويبطله. ولعلّ الفاحص يطّلع عليه، وهذا المعنى من الجبر هو الذي ذهب أصحاب الحكمة والنظر فيه إلى انّه هو المراد من الأمر بين الأمرين الوارد في السُنّة أئمّة الدين صلوات الله عليهم أجمعين وربما يأتي في مستأنف المقال ما يتّضح به الحال فانتظر فاحصاً، ولكنه مخدوش أيضاً بأنّه جبر في صورة الاختيار والله تعالى منزه عنه وإطلاق الأخبار ينفيه. ومعنى الأمر بين الأمرين شيء آخر يأتي في كلام المجلسي عند نقل الأخبار. السبزواري.

البحار: ج 2 ص 272 س17

وهذا القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض وبذلك أخبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه عباية بن ربعي الأسدي حين سأله عن الاستطاعة التي بها يقوم ويقعد ويفعل فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): «سَأَلْتَ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ تَملِكُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْ مَعَ اللَّهُ؟ فَسَکَتَ عَبَايَة فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قُلْ يا عَبَايَةَ! قَالَ: وَ مَا أَقُولُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنْ قُلْتَ إِنَّكَ تَملِكُهَا مَعَ اللَّهِ قَتَلتُكَ وَ إِنْ قُلْتَ تَملِكُهَا دُونَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ» قَالَ عَبَايَةَ: فَمَا أَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا تَقُولُ إِنَّكَ تَملِكُهَا بِاللَّهِ الَّذِي يَمْلِكُهَا مِنْ دُونِكَ فَإِنْ يُمَلِّكُهَا إِيَّاكَ كَانَ ذَلِكَ مِنَ عَطَائِهِ وَ إِنْ يسلكها كَانَ ذَلِكَ مِنَ بَلَائِهِ هُوَ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَكَ وَ الْقَادِرُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَقدَرَكَ. أَما سَمِعْتَ النَّاسَ يَسْأَلُونَ الْحَوْلَ وَ الْقُوَّةَ حِينَ يَقُولُونَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» قَالَ عَبَايَةَ: وَ مَا تَأْوِيلُهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا حَوْلَ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ». قَالَ فَوَثَبَ عَبَايَة فَقَبَّلَ يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ».(1)

***

باب (3) القضاء والقدر والمشيّة والإرادة وسائر أسباب الفعل

البحار: ج 2 ص 281

1- ابْنُ طَرِيفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَا رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) رُقًى يُسْتَشْفَى بِهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّهَا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ.(2)

البحار: ج 2 ص 302

ص: 15


1- إن صحّ سند الخبر يدلّ على جواز تقبيل رجل الإمام ويده تقريراً. السبزواري.
2- لأنّها من الأسباب الظاهرية وجميع الأسباب مطلقاً من قدر الله تعالى. السبزواري.

98 - أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السّلام) قَالَ: قُلْتُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَ أَرَادَ وَ قَدَّرَ وَ قَضَى قُلْتُ فَمَا مَعْنَى شَاءَ قَالَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ قُلْتُ فَمَا مَعْنَى أَرَادَ قَالَ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ قُلْتُ فَمَا مَعْنَى قَدَّرَ قَالَ تَقْدِيرُ الشَّيْ ءِ مِنْ طُولِهِ وَ عَرْضِهِ قُلْتُ فَمَا مَعْنَى قَضَى قَالَ إِذَا قَضَى أَمْضَاهُ فَذَلِكَ الَّذِي لَا مَرَدَّ لَهُ. (1)

***

باب (5) الأرزاق والأسعار

البحار: ج 2 ص318

2- مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: سَأَلَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليه السّلام) عَنْ بَعْضِ أَهْلِ مَجْلِسِهِ فَقِيلَ عَلِيلٌ فَقَصَدَهُ عَائِداً وَ جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَوَجَدَهُ دَنِفاً فَقَالَ لَهُ أَحْسِنْ ظَنَّكَ بِاللَّهِ قَالَ أَمَّا ظَنِّي بِاللَّهِ فَحَسَنٌ وَ لَكِنْ غَمِّي لِبَنَاتِي مَا أَمْرَضَنِي غَيْرُ غَمِّي بِهِنَّ فَقَالَ الصَّادِقُ (عليه السّلام) الَّذِي تَرْجُوهُ لِتَضْعِيفِ حَسَنَاتِكَ وَ مَحْوِ سَيِّئَاتِكَ فَارْجُهُ لِإِصْلَاحِ حَالِ بَنَاتِكَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالَ لَمَّا جَاوَزْتُ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَ بَلَغْتُ أَغْصَانَهَا وَ قُضْبَانَهَا رَأَيْتُ بَعْضَ ثِمَارِ قُضْبَانِهَا أَثْدَاءً مُعَلَّقَةً يَقْطُرُ مِنْ بَعْضِهَا اللَّبَنُ وَ مِنْ بَعْضِهَا الْعَسَلُ وَ مِنْ بَعْضِهَا الدُّهْنُ وَ يَخْرُجُ عَنْ بَعْضِهَا شِبْهُ دَقِيقِ السَّمِيذِ وَ عَنْ بَعْضِهَا الثِّيَابُ وَ عَنْ بَعْضِهَا كَالنَّبِقِ- فَيَهْوِي ذَلِكَ كُلُّهُ نَحْوَ الْأَرْضِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي أَيْنَ مَقَرُّ هَذِهِ الْخَارِجَاتِ عَنْ هَذِهِ الْأَثْدَاءِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعِي جَبْرَئِيلُ لِأَنِّي كُنْتُ جَاوَزْتُ مَرْتَبَتَهُ وَ اخْتَزَلَ دُونِي فَنَادَانِي رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ فِي سِرِّي يَا مُحَمَّدُ

ص: 16


1- هذا الخبر صريح في أن الفرق بين المشيئة والإرادة من حيث الحدوث والبقاء السبزواري.

هَذِهِ أَنْبَتُّهَا مِنْ هَذَا الْمَكَانِ الْأَرْفَعِ لِأَغْذُوَ مِنْهَا بَنَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أُمَّتِكَ وَ بَنِيهِمْ فَقُلْ لِآبَاءِ الْبَنَاتِ لَا تَضِيقَنَّ صُدُورُكُمْ عَلَى فَاقَتِهِنَّ فَإِنِّي كَمَا خَلَقْتُهُنَّ أَرْزُقُهُنَّ. (1)

باب (6) السعادة والشقاوة والخير والشرّ وخالقهما ومقدّرهما

البحار: ج 2 ص 3243

5 - مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ: حَقِيقَةُ السَّعَادَةِ أَنْ يُخْتَمَ الرَّجُلُ عَمَلُهُ بِالسَّعَادَةِ وَ حَقِيقَةُ الشَّقَاءِ أَنْ يُخْتَمَ الْمَرْءُ عَمَلُهُ بِالشَّقَاءِ. (2)

البحار: ج 2 ص 325

7- الْمُفَسِّرُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السّلام) قَالَ قَالَ الرِّضَا (عليه السّلام) قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ فُلَانٌ يَعْمَلُ مِنَ الذُّنُوبِ كَيْتَ وَ كَيْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بَلْ قَدْ نَجَا وَ لَا يَخْتِمُ اللَّهُ تَعَالَى عَمَلَهُ إِلَّا بِالْحُسْنَى وَ سَيَمْحُو اللَّهُ عَنْهُ السَّيِّئَاتِ وَ يُبَدِّلُهَا لَهُ حَسَنَاتٍ إِنَّهُ كَانَ مَرَّةً يَمُرُّ فِي طَرِيقٍ عَرَضَ لَهُ مُؤْمِنٌ قَدِ انْكَشَفَ عَوْرَتُهُ وَ هُوَ لَا يَشْعُرُ فَسَتَرَهَا عَلَيْهِ وَ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهَا مَخَافَةَ أَنْ يَخْجَلَ ثُمَ إِنَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنَ عَرَفَهُ فِي مَهْوَاةٍ فَقَالَ لَهُ أَجْزَلَ اللَّهُ لَكَ الثَّوَابَ وَ أَكْرَمَ لَكَ الْمَآبَ وَ لَا نَاقَشَكَ الْحِسَاب فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ فَهَذَا الْعَبْدُ لَا يُخْتَمُ لَهُ إِلَّا بِخَيْرٍ بِدُعَاءِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِ فَاتَّصَلَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِهَذَا

ص: 17


1- في هذا الحديث الشريف تشبيه المعقول بالمحسوس فإن منشأ أرزاق البنات والبنين من عالم الغيب الذي لا يطلع عليه أحد سوى الله تعالى حتّى جبرائيل. السبزواري.
2- هذا الخبر تفسير لمعنى الشقاوة والسعادة فتأمل فيه فأنه يبين أنهما اختیاریان لا ذاتیان. السبزواري.

الرَّجُلِ فَتَابَ وَ أَنَابَ وَ أَقْبَلَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى أُغِيرَ عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فِي أَثَرِهِمْ جَمَاعَةً ذَلِكَ الرَّجُلُ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ فِيهِمْ.(1)

البحار: ج 5 ص 100 س22

فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ قَوْلُهُ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ» قَالَ خَلَقَهُمْ حِينَ خَلَقَهُمْ مُؤْمِناً وَ كَافِراً وَ شَقِيّاً وَ سَعِيداً وَ كَذَلِكَ يَعُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُهْتَدٍ وَ ضَالٌّ يَقُولُ «إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ» وَ هُمُ الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى الْهُدَى وَ الضَّلَالَةِ وَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ إِنْ شَاءُوا اهْتَدَوْا وَ إِنْ شَاءُوا ضَلُّوا وَ هُمْ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ كَذَبَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْمَشِيَّةُ وَ الْقُدْرَةُ لِلَّهِ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ شَقِيّاً يَوْمَ خَلَقَهُ كَذَلِكَ يَعُودُ إِلَيْهِ- وَ مَنْ خَلَقَهُ سَعِيداً يَوْمَ خَلَقَهُ كَذَلِكَ يَعُودُ إِلَيْهِ سَعِيداً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَ السَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.(2)

***

ص: 18


1- هذا الخبر الشريف يفتح منه أبوابا من رحمة الله وفضله وينبغي أن يكتب هذا الحديث بماء الذهب. السبزواری.
2- هذا الخبر شارح لجميع أخبار السعادة والشقاوة وأن السعادة والشقاوة عملية لا ذاتية و بدلیل جميع أخبار الباب فتدبر تعرف. ثمّ إن ما هو المعروف من إن الشقي، شقي في بطن أمه والسعيد سعيد في بطن أمه لم أجده في هذا المضمون في ما تفحصت. نعم في بعض الأخبار الشقه من شق في بطن أمه مثل هذا الخبر وخبر الامالي. السبزواري.

باب (10) الطينة والميثاق

البحار: ج 2 ص 376

4-شیخ الطائفة عن أبي منصور السكري عن جده علي بن عمر عن إسحاق بن مروان القطان عن أبيه عن عبيد بن مهران العطار عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه وعن جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) عن أبيها عن جدّهما قالا قال رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم): إن في الفردوس لعيناً أحلى من الشهد وألين من الزبد وأبرد من الثلج وأطيب من المسك فيها طينة خلقنا الله عزّ وجلّ منها وخلق منها شيعتنا فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شيعتنا وهي الميثاق الذي أخذ الله عزّ وجلّ عليه ولاية علي بن أبي طالب (علیه السّلام) قال عبيد فذكرت لمحمد بن علي بن الحسين بن علي (علیهم السّلام) هذا الحديث فقال صَدَقَكَ يَحيَى بنُ عَبدِاللهِ هَكَذَا أَخبَرَنِي أَبِي عَن جَدِّي عَن النَّبِي (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) (1).

البحار: ج2 ص377

6- أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السَّيَّارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ الْكُوفِيِّ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليه السّلام) يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَخْبِرْنِي عَنِ الْمُؤْمِنِ

ص: 19


1- ظاهر هذا الخبر بل صريحه رجوع الضمير في قوله (علیه السّلام) وهي الميثاق إلى الطينة وعلى هذا فمعنى الخبر إن الميثاق هي الطينة وهذا يوجب عدم ورود جملة من الإشكالات المتصورة في باب الميثاق وسيأتي بيانها فأحسن التدبر. ولكن يمكن أن يقال إن المراد بالميثاق في هذا الخبر الميثاق التكويني وفي سائر الأخبار الواردة الميثاق التشريعي الاختياري وذلك لأن للميثاق مراتب كما يظهر من الأخبار.السبزواري.

الْمُسْتَبْصِرِ إِذَا بَلَغَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَ كَمَلَ هَلْ يَزْنِي قَالَ اللَّهُمَّ لَا قُلْتُ فَيَلُوطُ قَالَ اللَّهُمَّ لَا قُلْتُ فَيَسْرِقُ قَالَ لَا قُلْتُ فَيَشْرَبُ الْخَمْرَ قَالَ لَا قُلْتُ فَيَأْتِي بِكَبِيرَةٍ مِنْ هَذِهِ الْكَبَائِرِ أَوْ فَاحِشَةٍ مِنْ هَذِهِ الْفَوَاحِشِ قَالَ لَا قُلْتُ فَيُذْنِبُ ذَنْباً قَالَ نَعَمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ مُذْنِبٌ مُسْلِمٌ قُلْتُ مَا مَعْنَى مُسْلِمٍ قَالَ الْمُسْلِمُ بِالذَّنْبِ لَا يَلْزَمُهُ وَ لَا يَصِيرُ عَلَيْهِ قَالَ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَعْجَبَ هَذَا لَا يَزْنِي وَ لَا يَلُوطُ وَ لَا يَسْرِقُ وَ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ لَا يَأْتِي كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ وَ لَا فَاحِشَةً فَقَالَ لَا عَجَبَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ «يَفْعَلُ ما يَشاءُ وَ لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ» فَمِمَّ عَجِبْتَ يَا إِبْرَاهِيمُ سَلْ وَ لَا تَسْتَنْكِفْ وَ لَا تَسْتَحْسِرْ فَإِنَّ هَذَا الْعِلْمَ لَا يَتَعَلَّمُهُ مُسْتَكْبِرٌ وَ لَا مُسْتَحْسِرٌ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِنِّي أَجِدُ مِنْ شِيعَتِكُمْ مَنْ يَشْرَبُ وَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَ يَحِيفُ السَّبِيلَ وَ يَزْنِي وَ يَلُوطُ وَ يَأْكُلُ الرِّبَا وَ يَرْتَكِبُ الْفَوَاحِشَ وَ يَتَهَاوَنُ بِالصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الزَّكَاةِ وَ يَقْطَعُ الرَّحِمَ وَ يَأْتِي الْكَبَائِرَ فَكَيْفَ هَذَا وَ لِمَ ذَاكَ فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ هَلْ يَخْتَلِجُ فِي صَدْرِكَ شَيْ ءٌ غَيْرُ هَذَا قُلْتُ نَعَمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّه (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أُخْرَى أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَ مَا هُوَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ أَجِدُ مِنْ أَعْدَائِكُمْ وَ مُنَاصِبِيكُمْ مَنْ يُكْثِرُ مِنَ الصَّلَاةِ وَ مِنَ الصِّيَامِ وَ يُخْرِجُ الزَّكَاةَ وَ يُتَابِعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَ الْعُمْرَةِ وَ يَحُضُّ عَلَى الْجِهَادِ وَ يَأْثَرُ عَلَى الْبِرِّ وَ عَلَى صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَ يَقْضِي حُقُوقَ إِخْوَانِهِ وَ يُوَاسِيهِمْ مِنْ مَالِهِ وَ يَتَجَنَّبُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَ الزِّنَا وَ اللِّوَاطَ وَ سَائِرَ الْفَوَاحِشِ فَمِمَّ ذَاكَ وَ لِمَ ذَاكَ فَسِّرْهُ لِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ بَرْهِنْهُ وَ بَيِّنْهُ فَقَدْ وَ اللَّهِ كَثُرَ فِكْرِي وَ أَسْهَرَ لَيْلِي وَ ضَاقَ ذَرْعِي قَالَ فَتَبَسَّمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ خُذْ إِلَيْكَ بَيَاناً شَافِياً فِيمَا سَأَلْتَ وَ عِلْماً مَكْنُوناً مِنْ خَزَائِنِ عِلْمِ اللَّهِ وَ سِرِّهِ أَخْبِرْنِي يَا إِبْرَاهِيمُ كَيْفَ تَجِدُ اعْتِقَادَهُمَا قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَجِدُ مُحِبِّيكُمْ وَ شِيعَتَكُمْ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ مِمَّا وَصَفْتُهُ مِنْ أَفْعَالِهِمْ لَوْ أُعْطِيَ

ص: 20

أَحَدُهُمْ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ذَهَباً وَ فِضَّةً أَنْ يَزُولَ عَنْ وَلَايَتِكُمْ وَ مَحَبَّتِكُمْ إِلَى مُوَالاةِ غَيْرِكُمْ وَ إِلَى مَحَبَّتِهِمْ مَا زَالَ وَ لَوْ ضُرِبَتْ خَيَاشِيمُهُ بِالسُّيُوفِ فِيكُمْ وَ لَوْ قُتِلَ فِيكُمْ مَا ارْتَدَعَ وَ لَا رَجَعَ عَنْ مَحَبَّتِكُمْ وَ وَلَايَتِكُمْ وَ أَرَى النَّاصِبَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِمَّا وَصَفْتُهُ مِنْ أَفْعَالِهِمْ لَوْ أُعْطِيَ أَحَدُهُمْ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ذَهَباً وَ فِضَّةً أَنْ يَزُولَ عَنْ مَحَبَّةِ الطَّوَاغِيتِ وَ مُوَالاتِهِمْ إِلَى مُوَالاتِكُمْ مَا فَعَلَ وَ لَا زَالَ وَ لَوْ ضُرِبَتْ خَيَاشِيمُهُ بِالسُّيُوفِ فِيهِمْ وَ لَوْ قُتِلَ فِيهِمْ مَا ارْتَدَعَ وَ لَا رَجَعَ وَ إِذَا سَمِعَ أَحَدُهُمْ مَنْقَبَةً لَكُمْ وَ فَضْلًا اشْمَأَزَّ مِنْ ذَلِكَ وَ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَ رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ بُغْضاً لَكُمْ وَ مَحَبَّةً لَهُمْ قَالَ فَتَبَسَّمَ الْبَاقِرُ (عليه السّلام) ثُمَّ قَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ هَاهُنَا هَلَكَتِ الْعَامِلَةُ النَّاصِبَةُ «تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ» وَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ «وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً» وَيْحَكَ يَا إِبْرَاهِيمُ أَ تَدْرِي مَا السَّبَبُ وَ الْقِصَّةُ فِي ذَلِكَ وَ مَا الَّذِي قَدْ خَفِيَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّه (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)ِ فَبَيِّنْهُ لِي وَ اشْرَحْهُ وَ بَرْهِنْهُ قَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ عَالِماً قَدِيماً خَلَقَ الْأَشْيَاءَ لَا مِنْ شَيْ ءٍ وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ مِنْ شَيْ ءٍ فَقَدْ كَفَرَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْ ءُ الَّذِي خَلَقَ مِنْهُ الْأَشْيَاءَ قَدِيماً مَعَهُ فِي أَزَلِيَّتِهِ وَ هُوِيَّتِهِ كَانَ ذَلِكَ أَزَلِيّاً بَلْ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا لَا مِنْ شَيْ ءٍ فَكَانَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَرْضاً طَيِّبَةً ثُمَّ فَجَّرَ مِنْهَا مَاءً عَذْباً زُلَالًا فَعَرَضَ عَلَيْهَا وَلَايَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَبِلَتْهَا فَأَجْرَى ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَيْهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى طَبَّقَهَا وَ عَمَّهَا ثُمَّ نَضَبَ ذَلِكَ الْمَاءَ عَنْهَا وَ أَخَذَ مِنْ صَفْوَةِ ذَلِكَ الطِّينِ طِيناً فَجَعَلَهُ طِينَ الْأَئِمَّةِ (عليهم السّلام) ثُمَّ أَخَذَ ثُفْلَ ذَلِكَ الطِّينِ فَخَلَقَ مِنْهُ شِيعَتَنَا وَ لَوْ تَرَكَ طِينَتَكُمْ يَا إِبْرَاهِيمُ عَلَى حَالِهِ كَمَا تَرَكَ طِينَتَنَا لَكُنْتُمْ وَ نَحْنُ شَيْئاً وَاحِداً قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَمَا فَعَلَ بِطِينَتِنَا قَالَ أُخْبِرُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْضاً سَبِخَةً خَبِيثَةً مُنْتِنَةً

ص: 21

ثُمَّ فَجَّرَ مِنْهَا مَاءً أُجَاجاً آسِناً مَالِحاً فَعَرَضَ عَلَيْهَا وَلَايَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ لَمْ تَقْبَلْهَا فَأَجْرَى ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَيْهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى طَبَّقَهَا وَ عَمَّهَا ثُمَّ نَضَبَ ذَلِكَ الْمَاءُ عَنْهَا ثُمَّ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ الطِّينِ فَخَلَقَ مِنْهُ الطُّغَاةَ وَ أَئِمَّتَهُمْ ثُمَّ مَزَجَهُ بِثُفْلِ طِينَتِكُمْ وَ لَوْ تَرَكَ طِينَتَهُمْ عَلَى حَالِهِ وَ لَمْ يَمْزُجْ بِطِينَتِكُمْ لَمْ يَشْهَدُوا الشَّهَادَتَيْنِ وَ لَا صَلَّوْا وَ لَا صَامُوا وَ لَا زَكَّوْا وَ لَا حَجُّوا وَ لَا أَدَّوْا أَمَانَةً وَ لَا أَشْبَهُوكُمْ فِي الصُّوَرِ وَ لَيْسَ شَيْ ءٌ أَكْبَرَ عَلَى الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَرَى صُورَةَ عَدُوِّهِ مِثْلَ صُورَتِهِ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَمَا صَنَعَ بِالطِّينَتَيْنِ قَالَ مَزَجَ بَيْنَهُمَا بِالْمَاءِ الأوّل وَ الْمَاءِ الثَّانِي ثُمَّ عَرَكَهَا عَرْكَ الْأَدِيمِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ قَبْضَةً فَقَالَ هَذِهِ إِلَى الْجَنَّةِ وَ لَا أُبَالِي وَ أَخَذَ قَبْضَةً أُخْرَى وَ قَالَ هَذِهِ إِلَى النَّارِ وَ لَا أُبَالِي ثُمَّ خَلَطَ بَيْنَهُمَا فَوَقَعَ مِنْ سِنْخِ الْمُؤْمِن وَ طِينَتِهِ عَلَى سِنْخِ الْكَافِرِ وَ طِينَتِهِ وَ وَقَعَ مِنْ سِنْخِ الْكَافِرِ وَ طِينَتِهِ عَلَى سِنْخِ الْمُؤْمِنِ وَ طِينَتِهِ فَمَا رَأَيْتَهُ مِنْ شِيعَتِنَا مِنْ زِنًا أَوْ لِوَاطٍ أَوْ تَرْكِ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ مِنْ هَذِهِ الْكَبَائِرِ فَهُوَ مِنْ طِينَةِ النَّاصِبِ وَ عُنْصُرِهِ الَّذِي قَدْ مُزِجَ فِيهِ لِأَنَّ مِنْ سِنْخِ النَّاصِبِ وَ عُنْصُرِهِ وَ طِينَتِهِ اكْتِسَابَ الْمَآثِمِ وَ الْفَوَاحِشِ وَ الْكَبَائِرِ وَ مَا رَأَيْتَ مِنَ النَّاصِبِ وَ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ أَبْوَابِ الْبِرِّ فَهُوَ مِنْ طِينَةِ الْمُؤْمِنِ وَ سِنْخِهِ الَّذِي قَدْ مُزِجَ فِيهِ لِأَنَّ مِنْ سِنْخِ الْمُؤْمِنِ وَ عُنْصُرِهِ وَ طِينَتِهِ اكْتِسَابَ الْحَسَنَاتِ وَ اسْتِعْمَالَ الْخَيْرِ وَ اجْتِنَابَ الْمَآثِمِ فَإِذَا عُرِضَتْ هَذِهِ الْأَعْمَالُ كُلُّهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَنَا عَدْلٌ لَا أَجُورُ وَ مُنْصِفٌ لَا أَظْلِمُ وَ حَكَمٌ لَا أَحِيفُ وَ لَا أَمِيلُ وَ لَا أَشْطُطُ أَلْحِقُوا الْأَعْمَالَ السَّيِّئَةَ الَّتِي اجْتَرَحَهَا الْمُؤْمِنُ بِسِنْخِ النَّاصِبِ وَ طِينَتِهِ وَ أَلْحِقُوا الْأَعْمَالَ الْحَسَنَةَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا النَّاصِبُ بِسِنْخِ الْمُؤْمِنِ وَ طِينَتِهِ رُدُّوهَا كُلَّهَا إِلَى أَصْلِهَا فَإِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا عَالِمُ السِّرِّ وَ أَخْفَى وَ أَنَا الْمُطَّلِعُ عَلَى قُلُوبِ عِبَادِي لَا أَحِيفُ وَ لَا أَظْلِمُ وَ لَا أَلْزِمُ أَحَداً إِلَّا مَا

ص: 22

عَرَفْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَهُ ثُمَّ قَالَ الْبَاقِرُ (عليه السّلام) يَا إِبْرَاهِيمُ اقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَيَّةَ آيَةٍ قَالَ قَوْلَهُ تَعَالَى «قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ» هُوَ فِي الظَّاهِرِ مَا تَفْهَمُونَهُ وَ هُوَ وَ اللَّهِ فِي الْبَاطِنِ هَذَا بِعَيْنِهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّ لِلْقُرْآنِ ظَاهِراً وَ بَاطِناً وَ مُحْكَماً وَ مُتَشَابِهاً وَ نَاسِخاً وَ مَنْسُوخاً ثُمَّ قَالَ أَخْبِرْنِي يَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتْ وَ بَدَا شُعَاعُهَا فِي الْبُلْدَانِ أَ هُوَ بَائِنٌ مِنَ الْقُرْصِ قُلْتُ فِي حَالِ طُلُوعِهِ بَائِنٌ قَالَ أَ لَيْسَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ اتَّصَلَ ذَلِكَ الشُّعَاعُ بِالْقُرْصِ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَذَلِكَ يَعُودُ كُلُّ شَيْ ءٍ إِلَى سِنْخِهِ وَ جَوْهَرِهِ وَ أَصْلِهِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَزَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سِنْخَ النَّاصِبِ وَ طِينَتَهُ مَعَ أَثْقَالِهِ وَ أَوْزَارِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ فَيُلْحِقُهَا كُلَّهَا بِالنَّاصِبِ وَ يَنْزِعُ سِنْخَ الْمُؤْمِنِ وَ طِينَتَهُ مَعَ حَسَنَاتِهِ وَ أَبْوَابِ بِرِّهِ وَ اجْتِهَادِهِ مِنَ النَّاصِبِ فَيُلْحِقُهَا كُلَّهَا بِالْمُؤْمِنِ أَ فَتَرَى هَاهُنَا ظُلْماً وَ عُدْوَاناً قُلْتُ لَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ الْقَضَاءُ الْفَاصِلُ وَ الْحُكْمُ الْقَاطِعُ وَ الْعَدْلُ الْبَيِّن «لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ» هَذَا يَا إِبْرَاهِيمُ «الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ» هَذَا مِنْ حُكْمِ الْمَلَكُوتِ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ مَا حُكْمُ الْمَلَكُوتِ قَالَ حُكْمُ اللَّهِ وَ حُكْمُ أَنْبِيَائِهِ وَ قِصَّةُ الْخَضِرِ وَ مُوسَى (عليه السّلام) حِينَ اسْتَصْحَبَهُ فَقَالَ «إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» افْهَمْ يَا إِبْرَاهِيمُ وَ اعْقِلْ أَنْكَرَ مُوسَى عَلَى الْخَضِرِ وَ اسْتَفْظَعَ أَفْعَالَهُ حَتَّى قَالَ لَهُ الْخَضِرُ يَا مُوسَى مَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي إِنَّمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ هَذَا وَيْحَكَ يَا إِبْرَاهِيمُ قُرْآنٌ يُتْلَى وَ أَخْبَارٌ تُؤْثَرُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ رَدَّ مِنْهَا حَرْفاً فَقَدْ كَفَرَ وَ أَشْرَكَ وَ رَدَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ اللَّيْثِيُّ فَكَأَنِّي لَمْ أَعْقِلِ الْآيَاتِ وَ أَنَا أَقْرَؤُهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً إِلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مَا أَعْجَبَ هَذَا تُؤْخَذُ حَسَنَاتُ أَعْدَائِكُمْ فَتُرَدُّ عَلَى شِيعَتِكُمْ وَ تُؤْخَذُ

ص: 23

سَيِّئَاتُ مُحِبِّيكُمْ فَتُرَدُّ عَلَى مُبْغِضِيكُمْ قَالَ إِي وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَالِقِ الْحَبَّةِ وَ بَارِئِ النَّسَمَةِ وَ فَاطِرِ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ مَا أَخْبَرْتُكَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ مَا أَتَيْتُكَ إِلَّا بِالصِّدْقِ وَ ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ «وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» وَ إِنَّ مَا أَخْبَرْتُكَ لَمَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ كُلَّهُ قُلْتُ هَذَا بِعَيْنِهِ يُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ قَالَ نَعَمْ يُوجَدُ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ مَوْضِعاً فِي الْقُرْآنِ أَ تُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ ذَلِكَ عَلَيْكَ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَ ما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْ ءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ» الْآيَةَ أَزِيدُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ «لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ» أَ تُحِبُّ أَنْ أَزِيدَكَ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ «فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيما»

يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ شِيعَتِنَا حَسَنَاتٍ(1) وَ يُبَدِّلُ اللَّهُ حَسَنَاتِ أَعْدَائِنَا سَيِّئَاتٍ وَ جَلَالِ اللَّهِ وَ وَجْهِ اللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمِنْ عَدْلِهِ وَ إِنْصَافِهِ لَا رَادَّ لِقَضَائِهِ وَ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ أَ لَمْ أُبَيِّنْ لَكَ أَمْرَ الْمِزَاجِ وَ الطِّينَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ اقْرَأْ يَا إِبْرَاهِيمُ «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ» يَعْنِي مِنَ الْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ وَ الْأَرْضِ الْمُنْتِنَةِ «فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى» يَقُولُ لَا يَفْتَخِرْ أَحَدُكُمْ بِكَثْرَةِ صَلَاتِهِ وَ صِيَامِهِ وَ زَكَاتِهِ وَ نُسُكِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى مِنْكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ اللَّمَمِ وَ هُوَ الْمِزَاجُ أَزِيدُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)

ص: 24


1- أي كما بدنكم في الذّر سعيداً أو شقياًّ تعودون كذلك إما سعيدٌ أو شقيٌّ كلٌّ بحسب ما بدء به في الذّر. السبزواري.

قَالَ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» يَعْنِي أَئِمَّةَ الْجَوْرِ دُونَ أَئِمَّةِ الْحَقِ «وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ» خُذْهَا إِلَيْكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ فَوَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ غُرَرِ أَحَادِيثِنَا وَ بَاطِنِ سَرَائِرِنَا وَ مَكْنُونِ خَزَائِنِنَا وَ انْصَرِفْ وَ لَا تُطْلِعْ عَلَى سِرِّنَا أَحَداً إِلَّا مُؤْمِناً مُسْتَبْصِراً فَإِنَّكَ إِنْ أَذَعْتَ سِرَّنَا بُلِيتَ فِي نَفْسِكَ وَ مَالِكَ وَ أَهْلِكَ وَ وُلْدِك.

البحار: ج 2 ص 380

8- عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ «هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولى» قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا ذَرَأَ الْخَلْقَ فِي الذَّرِّ الأوّل فَأَقَامَهُمْ صُفُوفاً قُدَّامَهُ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَآمَنَ بِهِ قَوْمٌ وَ أَنْكَرَهُ قَوْمٌ فَقَالَ اللَّهُ «هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولى» يَعْنِي بِهِ مُحَمَّداً (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَيْثُ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الذَّرِّ الأوّل. (1)

البحار: ج 2 ص 382

12 - أَبِي عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليهم السّلام) أَوَّلُ مَنْ سَبَقَ مِنَ الرُّسُلِ إِلَى بَلَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ كَانَ بِالْمَكَانِ الَّذِي قَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ

ص: 25


1- هذا الخبر وأمثاله صريح في تعدّد عالم الذّر، فكما أنّ محمّداً (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كان مقدم القدم في المبدأ كذلك يكون مقدمهم في المعاد أيضاً كما بدئكم تعودون فافهم راشداً. وَلَنِعمَ ما قيل بالفارسية: دراین ره أنبياء چون سار باشد *** دلیل وره نمان کارواشد واز ایشان سید ما گشت سالار *** همون اول همون آخر در این کار شده او پیش وجانها جملة در پي *** کسرفتند دست دلها أمروي السبزواری.

تَقَدَّمْ يَا مُحَمَّدُ فَقَدْ وَطِئْتَ مَوْطِئاً لَمْ تَطَأْهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَوْ لَا أَنَّ رُوحَهُ وَ نَفْسَهُ كَانَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ لَمَا قَدَرَ أَنْ يَبْلُغَهُ فَكَانَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَمَا قَالَ اللَّهُ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى أَيْ بَلْ أَدْنَى فَلَمَّا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ وَقَعَ إِلَى أَوْلِيَائِهِ (عليهم السّلام).(1)

فَقَالَ الصَّادِقُ (عليه السّلام) كَانَ الْمِيثَاقُ مَأْخُوذاً عَلَيْهِمْ لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ لِرَسُولِهِ بِالنبوّة وَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةِ بِالْإِمَامَةِ فَقَالَ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ وَ مُحَمَّدٌ نَبِيَّكُمْ وَ عَلِيٌّ إِمَامَكُمْ وَ الْأَئِمَّةُ الْهَادُونَ أَئِمَّتَكُمْ فَ-«قالُوا بَلى فَقَالَ اللَّهُ شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ» أَيْ لِئَلَّا تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ فَأَوَّلُ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمِيثَاقَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ هُوَ قَوْلُهُ «وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ» فَذَكَرَ جُمْلَةَ الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ أَبْرَزَ أَفْضَلَهُمْ بِالْأَسَامِي فَقَالَ «وَ مِنْكَ» يَا مُحَمَّدُ فَقَدَّمَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُهُمْ «وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ» فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ وَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَفْضَلُهُمْ ثُمَّ أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ مِيثَاقَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) لَهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَ عَلَى أَنْ يَنْصُرُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ «وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ» يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) «لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ» يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ تُخْبِرُوا أُمَمَكُمْ بِخَبَرِهِ وَ خَبَرِ وَلِيِّهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ.

البحار: ج 2ص383

16 - أَبِي عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ ثَابِتٍ الْحَدَّادِ عَنْ جَابِرٍ

ص: 26


1- فنهاية استكمال كلّ نفس إنّما يكون إلى المقام الذي أخذت طينته منه وفي قوله (لولا أنّ روحه... إلى قوله: فكان من الله عزّ وجلّ الخ أسرار طوبی لمن فاز بها وحقّقها). السبزواري.

الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ إ«ِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ» قَالَ وَ كَانَ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ تَقْدِمَةً فِي آدَمَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ وَ احْتِجَاجاً مِنْهُ عَلَيْهِمْ قَالَ فَاغْتَرَفَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَى غُرْفَةً بِيَمِينِهِ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْب الْفُرَاتِ وَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ فَصَلْصَلَهَا فِي كَفِّهِ فَجَمَدَتْ فَقَالَ لَهَا مِنْكِ أَخْلُقُ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ عِبَادِيَ الصَّالِحِينَ وَ الْأَئِمَّةَ الْمُهْتَدِينَ وَ الدُّعَاةَ إِلَى الْجَنَّةِ وَ أَتْبَاعَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَ لَا أُبَالِي وَ لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ ثُمَّ اغْتَرَفَ غُرْفَةً أُخْرَى مِنَ الْمَاءِ الْمَالِحِ الْأُجَاجِ فَصَلْصَلَهَا فِي كَفِّهِ فَجَمَدَتْ ثُمَّ قَالَ لَهَا مِنْكِ أَخْلُقُ الْجَبَّارِينَ وَ الْفَرَاعِنَةَ وَ الْعُتَاةَ وَ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَ الدُّعَاةَ إِلَى النَّارِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ أَشْيَاعَهُمْ وَ لَا أُبَالِي وَ لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ «وَهُمْ يُسْئَلُونَ» قَالَ وَ شَرَطَ فِي ذَلِكَ الْبَدَاءَ فِيهِمْ وَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي أَصْحَابِ الْيَمِينِ الْبَدَاءَ ثُمَّ خَلَطَ الْمَاءَيْنِ جَمِيعاً فِي كَفِّهِ فَصَلْصَلَهُمَا ثُمَّ كَفَأَهُمَا قُدَّامَ عَرْشِهِ وَ هُمَا سُلَالَةٌ مِنْ طِينٍ الْخَبَرَ. (1)

البحار: ج 2 ص 385

27- أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ فَذَكَرْنَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا فَقُلْنَا فِيهِ حِدَّةٌ فَقَالَ مِنْ عَلَامَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ تَكُونَ فِيهِ حِدَّةٌ قَالَ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّ عَامَّةَ أَصْحَابِنَا فِيهِمْ حِدَّةٌ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي وَقْتِ مَا ذَرَأَهُمْ أَمَرَ أَصْحَابَ الْيَمِينِ وَ أَنْتُمْ هُمْ أَنْ يَدْخُلُوا النَّارَ

ص: 27


1- هذا الخبر مؤيّد لما هو المعروف بين الإماميّة، بل ادّعي عليه الإجماع من أنّه مهما يكون في شيء البداء فلا يكون في زوال مؤمن عن إيمانه، والإمام عن إمامته، ولا نبيّ عن نبوّته. السبزواري

فَدَخَلُوهَا فَأَصَابَهُمْ وَهَجٌ فَالْحِدَّةُ مِنْ ذَلِكَ الْوَهَجِ وَ أَمَرَ أَصْحَابَ الشِّمَالِ وَ هُمْ مُخَالِفُوهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا النَّارَ فَلَمْ يَفْعَلُوا فَمِنْ ثَمَّ لَهُمْ سَمْتٌ وَ لَهُمْ وَقَارٌ. (1)

البحار: ج 2 ص 385

28- الْغَضَائِرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الْغَزَّالِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السّلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم): إِنَ فِي الْفِرْدَوْسِ لَعَيْناً أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ وَ أَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ وَ أَبْرَدَ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَطْيَبَ مِنَ الْمِسْكِ فِيهَا طِينَةٌ خَلَقَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهَا وَ خَلَقَ شِيعَتَنَا مِنْهَا فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ تِلْكَ الطِّينَةِ فَلَيْسَ مِنَّا وَ لَا مِنْ شِيعَتِنَا وَ هِيَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام).(2)

البحار: ج 2 ص 387

34- أَبِی عَن سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيِّ وَ عُقْبَةَ جَمِيعاً عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ فَخَلَقَ مَنْ أَحَبَّ مِمَّا أَحَبَّ وَ كَانَ مَا أَحَبَّ أَنْ خَلَقَهُ مِنْ طِينَةِ الْجَنَّةِ وَ خَلَقَ مَنْ أَبْغَضَ مِمَّا أَبْغَضَ وَ كَانَ مَا أَبْغَضَ أَنْ خَلَقَهُ مِنْ طِينَةِ النَّارِ ثُمَ بَعَثَهُمْ فِي الضَّلَالِ فَقُلْتُ وَ أَيُّ

ص: 28


1- قد علل السَمتَ والوقار بوجهين: الأوّل: باختلاط طينة العليين مع طينة السجين. الثاني: بعدم دخولهم النار ويمكن أن يكون لكل منهما مدخليّة في ذلك. السبزواري.
2- أقول: لا ريب في أنّ الإيمان أجل الكمالات النفسانيّة فلابد وأن يعتني به الله تعالى كمال الاعتناء، وهذا من أحد وجوه عنايته تعالی واعتنائه بالإيمان ولا إشكال في أنّ الميثاق ميثاقان تكويني اقتضائي واختياري إراديّ. السبزواري.

شَيْ ءٍ الضَّلَالُ فَقَالَ أَ لَمْ تَرَ إِلَى ظِلِّكَ فِي الشَّمْسِ شَيْ ءٌ وَ لَيْسَ بِشَيْ ءٍ ثُمَّ بَعَثَ مِنْهُمُ النَّبِيِّينَ فَدَعَوْهُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ» ثُمَّ دَعَوْهُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ بِالنَّبِيِّينَ فَأَنْكَرَ بَعْضٌ وَ أَقَرَّ بَعْضٌ ثُمَّ دَعَوْهُمْ إِلَى وَلَايَتِنَا فَأَقَرَّ بِهَا وَ اللَّهِ مَنْ أَحَبَّ وَ أَنْكَرَهَا مَنْ أَبْغَضَ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ «فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْل».(1)

البحار: ج 2ص 397

بيان: اعلم أنّ أخبار هذا الباب من متشابهات الأخبار و معضلات الآثار و لأصحابنا رضي الله عنهم فيها مسالك. منها ما ذهب إليه الأخباريون و هو أنّا نؤمن بها مجملاً و نعترف بالجهل عن حقيقة معناها و عن أنّها من أي جهة صدرت و نرد علمه إلى الأئمة (عليهم السّلام). و منها أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة و لما ذهبت إليه الأشاعرة و هم جلّهم و لمخالفتها ظاهراً لما مرّ من أخبار الاختيار و الاستطاعة. و منها أنّها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون فإنه تعالى لما خلقهم مع علمه بأحوالهم فكأنه خلقهم من طينات مختلفة. و منها أنّها كناية عن اختلاف استعداداتهم و قابلياتهم و هذا أمر بيّن لا يمكن إنكاره فإنه لا شبهة في أن النبي (صلّی الله عليه وآله وسلّم) و أبا جهل ليسا في درجة واحدة من الاستعداد و القابلية و هذا لا يستلزم سقوط التكليف فإن الله تعالى كلّف النبي (صلّی الله عليه وآله وسلّم) حسب ما أعطاه من الاستعداد

ص: 29


1- أقول: الذي انطوت عليه الأخبار ولوّحت به من الأسرار لأولي الأبصار إنّ الذّر ذران الذّر الأوّل والذّر الثاني وما بينهما برزخ وهو الأظلة، أو الذر في هذا الخبر و خبر ابن المتوكّل يمكن أن يراد منه الذّر الأوّل. وما في بعض الأخبار من أنّه تعالى خلق آدم والروح الذريّة من صلبه ونشرهم بين يديه و تکلّم آدم فيهم مع الله تعالى هو الذر الثاني. السبزواري.

لتحصيل الكمالات و كلّف أبا جهل حسب ما أعطاه من ذلك و لم يكلّفه ما ليس في وسعه و لم يجبره على شي ء من الشرّ و الفساد. و منها أنّه لما كلّف الله تعالى الأرواح أوّلاً في الذرّ و أخذ ميثاقهم فاختاروا الخير و الشرّ باختيارهم في ذلك الوقت و تفرّع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم كما دلّ عليه بعض الأخبار السابقة فلا فساد في ذلك. و لا يخفى ما فيه و في كثير من الوجوه السابقة و ترك الخوض في أمثال تلك المسائل الغامضة التي تعجز عقولنا عن الإحاطة بكنهها أولى لا سيّما في تلك المسألة التي نهى أئمتنا عن الخوض فيها و لنذكر بعض ما ذكره في ذلك علماؤنا رضوان الله عليهم و مخالفوهم.(1)

البحار: ج 2ص 406 س 23

و أما المقام الثاني و هو أن بتقدير أن يصح القول بأخذ الميثاق من الذر فهل يمكن جعله تفسيرا لألفاظ هذه الآية فنقول الوجوه الثلاثة المذكورة أوّلاً دافعة لذلك لأنّ قوله «أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» فقد بيّنا أنّ المراد منه و إذ أخذ ربّك من ظهور بني آدم و أيضاً لو كانت هذه الذرية مأخوذة من ظهر آدم لقال من ظهره ذريته و لم يقل مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ أجاب الناصرون لذلك القول بأنّه صحت الرواية عن رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أنّه فسّر هذه الآية بهذا الوجه و الطعن

ص: 30


1- أمّا الاعتراف بالجهل فلا منشأ له إلا حبّ الراحة وعدم تحمّل الارتياض والمشقّة في فهم أخبار الأئمّة (عليهم السّلام)، وأمّا الحمل على التقيّة فبعيدة جدّاً لكثرة الأخبار والتعليلات الواقعة في بعضها، بل في أكثرها وكلاهما منافيان للحمل على التقية كما بين في محله. وأمّا الحمل على اختلاف الاستعدادات فأبعد لأن الأخبار في مقام بیان منشأ اختلاف الاستعدادات كما لا يخفى. وأمّا الحمل الأخير فهو عين بيان الدعوى لا أنّه حمل على غير المدّعى كما لا يخفى. السبزواري.

في تفسير رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم) غير ممكن فنقول ظاهر الآية تدلّ على أنّه تعالى أخرج ذرّاً من ظهور بني آدم فيحمل ذلك على أنه تعالى يعلم أن الشخص الفلاني يتولد منه فلان و من ذلك الفلان فلان آخر فعلى الترتيب الذي علم دخولهم في الوجود يخرجهم و يميز بعضهم من بعض و أما أنه تعالى يخرج كل تلك الذرية من صلب آدم فليس في لفظ الآية ما يدل على ثبوته و ليس في الآية أيضاً ما يدل على بطلانه إلّا أنّ الخبر قد دلّ عليه فثبت إخراج الذرية من ظهور بني آدم في القرآن و ثبت إخراج الذريّة من ظهر آدم بالخبر(1) و على هذا التقدير فلا منافاة بين الأمرين و لا مدافعة فوجب المصير إليهما معا صونا للآية و الخبر عن الطعن بقدر الإمكان فهذا منتهى الكلام في تقرير هذا المقام انتهى.

***

باب (12) علّة عذاب الاستيصال وحال ولد الزنا وعلّة اختلاف أحوال الخلق

البحار: ج 2 ص 416

الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام): إِنَ وَلَدَ الزِّنَا يُسْتَعْمَلُ إِنْ عَمِلَ خَيْراً جُزِيَ بِهِ وَ إِنْ عَمِلَ شَرّاً

ص: 31


1- أقول: من أحاط خبراً بالأحكام العقليّة والأدلة السمعية يحكم حكما قطعياً جزمياً بإمكان عالم الذر ووقوعه بل عالمي الذر الأوّل والذر الثاني ولا استحالة في ذلك من جهة العقل أبداً ومن حكم بالاستحالة ليس إلّا من جهة قصور باعه وقلّة اطلاعه على العقليات و عدم التدبر في النقليات. وكذا لا استحالهُ في وجود عالم الأشباح والاظلة ومن استحاله قصّر نظره على عالم الكافة و المادة، ولقد عزمت أن اعمل في إثبات ذلك كلّه كتابا وافياً إن ساعدني التوفيق إن شاء الله تعالى. السبزواري.

جُزِيَ بِهِ.

بيان هذا الخبر موافق لما هو المشهور بين الإماميّة من أنّ ولد الزنا كسائر الناس مكلّف بأصول الدين و فروعه و يجري عليه أحكام المسلمين مع إظهار الإسلام و يثاب على الطاعات و يعاقب على المعاصي و نسب إلى الصدوق و السيّد المرتضى و ابن إدريس رحمهم الله القول بكفره و إن لم يظهره و هذا مخالف لأصول أهل العدل إذ لم يفعل باختياره ما يستحق به العقاب فيكون عذابه جوراً و ظلماً و الله «لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» فأمّا الأخبار الواردة في ذلك فمنهم من حملها على أنّه يفعل باختياره ما يكفر بسببه فلذا حكم عليه بالكفر و أنّه لا يدخل الجنة و أمّا ظاهرا فلا يحكم بكفره إلّا بعد ظهور ذلك منه. أقول يمكن الجمع بين الأخبار على وجه آخر يوافق قانون العدل بأنّ يقال لا يدخل ولد الزنا الجنة لكنّ لا يعاقب في النار إلّا بعد أن يظهر منه ما يستحقه و مع فعل الطاعة و عدم ارتكاب ما يحبطه يثاب في النار على ذلك و لا يلزم على الله أنّ يثيب الخلق في الجنة و يدلّ عليه خبر عبدالله بن عجلان و لا ينافيه خبر ابن أبي يعفور إذ ليس فيه تصريح بأنّ جزاءه يكون في الجنّة و أمّا العمومات الدالّة على أنّ من يؤمن بالله و يعمل صالحاً يدخله الله الجنة يمكن أن تكون مخصّصة بتلك الأخبار و بالجملة فهذه المسألة ممّا قد تحيّر فيه العقول و ارتاب به الفحول و الكفّ عن الخوض فيها أسلم و لا نرى فيها شيئاً أحسن من أن يقال الله أعلم.(1)

***

ص: 32


1- أقول: يحتمل أن يكون المراد بولد الزنا كناية عن الثاني ومن كان من سنخه، ففي معاني الأخبار عن ابن موسی عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألته عمّا روي عن النبي (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: ولد الزنا شرّ الثلاثة ما معناه قال عني به الأوسط أنّه شرّ ممّن تقدّمه وممّن تلاه الخبر. فجميع ما ورد في ولد الزنا تعريفه بمثله. السبزواري.

باب (20) التوبة وأنواعها وشرائطها

البحار: ج 2ص 467

1- أَبِي عَنْ سَعْدٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَامِرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: مَا زَالَتِ الْأَرْضُ إِلَّا وَ لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيهَا حُجَّةٌ يُعَرِّفُ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ وَ يَدْعُو إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تَنْقَطِعُ الحجّة مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعِينَ يَوْماً قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِذَا رُفِعَتِ الحجّة أُغْلِقَتْ أَبْوَابُ التَّوْبَةِ وَ لَمْ يَنْفَعْ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُرْفَعَ الحجّة أُولَئِكَ شِرَارُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ وَ هُمُ الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ الْقِيَامَةُ.(1)

البحار: ج 2 ص 471

الطَّالَقَانِيُ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ هِشَامِ(2) بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الدَّوْسِيِّ قَالَ: دَخَلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بَاكِياً فَسَلَّمَ فَرَدَّ (عَلَيْهِ السَّلَامَ) ثُمَّ قَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا مُعَاذُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِالْبَابِ شَابّاً طَرِيَّ الْجَسَدِ نَقِيَّ اللَّوْنِ حَسَنَ الصُّورَةِ يَبْكِي عَلَى شَبَابِهِ بُكَاءَ الثَّكْلَى عَلَى وَلَدِهَا يُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَيْكَ

ص: 33


1- وذلك لأنّ الحجّة بوجوده الشريف حافظ للأحكام فإذا رفعت الحجّة فلا حكم وإذا انتفى الحكم فلا وجه لقبول التوبة من عباده عن الذمّ فيما يأتي وبعد رفع الحجّة لا عمل إذ لا حكم مع أنّ وجوب التوبة من الأحكام أيضاً وهو مرفوع برفع الحجّة فتأمّل. ورفع الحجّة قبل القيامة بأربعين يوماً إنّما هو شدّة ظهور أمر الآخرة ومعاينة أحوالها وحينئذ لا وجه لوجود الحجّة وكيف تنفع الحجّة مع المعاينة. السبزواري.
2- مجهول. السبزواري.

فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أَدْخِلْ عَلَيَّ الشَّابَّ يَا مُعَاذُ فَأَدْخَلَهُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ فَرَدَّ (عَلَيْهِ السَّلَامَ) ثُمَّ قَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا شَابُّ قَالَ كَيْفَ لَا أَبْكِي وَ قَدْ رَكِبْتُ ذُنُوباً إِنْ أَخَذَنِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِبَعْضِهَا أَدْخَلَنِي نَارَ جَهَنَّمَ وَ لَا أَرَانِي إِلَّا سَيَأْخُذُنِي بِهَا وَ لَا يَغْفِرُ لِي أَبَداً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) هَلْ أَشْرَكْتَ بِاللَّهِ شَيْئاً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُشْرِكَ بِرَبِّي شَيْئاً قَالَ أَ قَتَلْتَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ قَالَ لَا فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي فَقَالَ الشَّابُّ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ بِحَارِهَا وَ رِمَالِهَا وَ أَشْجَارِهَا وَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَلْقِ قَالَ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ بِحَارِهَا وَ رِمَالِهَا وَ أَشْجَارِهَا وَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَلْقِ فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ السَّمَاوَاتِ وَ نُجُومِهَا وَ مِثْلَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ قَالَ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَنَظَرَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) إِلَيْهِ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ يَا شَابُّ ذُنُوبُكَ أَعْظَمُ أَمْ رَبُّكَ فَخَرَّ الشَّابُّ لِوَجْهِهِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي مَا شَيْ ءٌ أَعْظَمَ مِنْ رَبِّي رَبِّي أَعْظَمُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ كُلِّ عَظِيمٍ فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فَهَلْ يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ إِلَّا الرَّبُّ الْعَظِيمُ قَالَ الشَّابُّ لَا وَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ سَكَتَ الشَّابُّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَيْحَكَ يَا شَابُّ أَ لَا تُخْبِرُنِي بِذَنْبٍ وَاحِدٍ مِنْ ذُنُوبِكَ قَالَ بَلَى أُخْبِرُكَ إِنِّي كُنْتُ أَنْبُشُ الْقُبُورَ سَبْعَ سِنِينَ أُخْرِجُ الْأَمْوَاتَ وَ أَنْزِعُ الْأَكْفَانَ فَمَاتَتْ جَارِيَةٌ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا حُمِلَتْ إِلَى قَبْرِهَا وَ دُفِنَتْ وَ انْصَرَفَ عَنْهَا أَهْلُهَا وَ جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ أَتَيْتُ قَبْرَهَا فَنَبَشْتُهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجْتُهَا وَ نَزَعْتُ مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ أَكْفَانِهَا وَ تَرَكْتُهَا مُتَجَرِّدَةً عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهَا وَ مَضَيْتُ مُنْصَرِفاً فَأَتَانِي الشَّيْطَانُ فَأَقْبَلَ يُزَيِّنُهَا لِي وَ يَقُولُ أَ مَا تَرَى بَطْنَهَا وَ بَيَاضَهَا أَ مَا تَرَى وَرِكَيْهَا فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ لِي هَذَا حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهَا وَ لَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي حَتَّى جَامَعْتُهَا وَ تَرَكْتُهَا مَكَانَهَا فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ مِنْ وَرَائِي يَقُولُ يَا شَابُّ

ص: 34

وَيْلٌ لَكَ مِنْ دَيَّانِ يَوْمِ الدِّينِ يَوْمَ يَقِفُنِي وَ إِيَّاكَ كَمَا تَرَكْتَنِي عُرْيَانَةً فِي عَسَاكِرِ الْمَوْتَى وَ نَزَعْتَنِي مِنْ حُفْرَتِي وَ سَلَبْتَنِي أَكْفَانِي وَ تَرَكْتَنِي أَقُومُ جُنُبَةً إِلَى حِسَابِي فَوَيْلٌ لِشَبَابِكَ مِنَ النَّارِ فَمَا أَظُنُّ أَنِّي أَشَمُّ رِيحَ الْجَنَّةِ أَبَداً فَمَا تَرَى لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) تَنَحَّ عَنِّي يَا فَاسِقُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَحْتَرِقَ بِنَارِكَ فَمَا أَقْرَبَكَ مِنَ النَّارِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ (عليه السّلام) يَقُولُ وَ يُشِيرُ إِلَيْهِ حَتَّى أَمْعَنَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَذَهَبَ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَتَزَوَّدَ مِنْهَا ثُمَّ أَتَى بَعْضَ جِبَالِهَا فَتَعَبَّدَ فِيهَا وَ لَبِسَ مِسْحاً وَ غَلَّ يَدَيْهِ جَمِيعاً إِلَى عُنُقِهِ وَ نَادَى يَا رَبِّ هَذَا عَبْدُكَ بُهْلُولٌ بَيْنَ يَدَيْكَ مَغْلُولٌ يَا رَبِّ أَنْتَ الَّذِي تَعْرِفُنِي وَ زَلَّ مِنِّي مَا تَعْلَمُ سَيِّدِي يَا رَبِّ أَصْبَحْتُ مِنَ النَّادِمِينَ وَ أَتَيْتُ نَبِيَّكَ تَائِباً فَطَرَدَنِي وَ زَادَنِي خَوْفاً فَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ وَ جَلَالِكَ وَ عَظَمَةِ سُلْطَانِكَ أَنْ لَا تُخَيِّبَ رَجَائِي سَيِّدِي وَ لَا تُبْطِلْ دُعَائِي وَ لَا تُقَنِّطْنِي مِنْ رَحْمَتِكَ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ لَيْلَةً تَبْكِي لَهُ السِّبَاعُ وَ الْوُحُوشُ فَلَمَّا تَمَّتْ لَهُ أَرْبَعُونَ يَوْماً وَ لَيْلَةً رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ مَا فَعَلْتَ فِي حَاجَتِي إِنْ كُنْتَ اسْتَجَبْتَ دُعَائِي وَ غَفَرْتَ خَطِيئَتِي فَأَوْحِ إِلَى نَبِيِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَسْتَجِبْ لِي دُعَائِي وَ لَمْ تَغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَ أَرَدْتَ عُقُوبَتِي فَعَجِّلْ بِنَارٍ تُحْرِقُنِي أَوْ عُقُوبَةٍ فِي الدُّنْيَا تُهْلِكُنِي وَ خَلِّصْنِي مِنْ فَضِيحَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) «وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً» يَعْنِي الزِّنَا «أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ» يَعْنِي بِارْتِكَابِ ذَنْبٍ أَعْظَمَ مِنَ الزِّنَا وَ نَبْشِ الْقُبُورِ وَ أَخْذِ الْأَكْفَانِ «ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ» يَقُولُ خَافُوا اللَّهَ فَعَجَّلُوا التَّوْبَةَ «وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ» يَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ أَتَاكَ عَبْدِي يَا مُحَمَّدُ تَائِباً فَطَرَدْتَهُ فَأَيْنَ يَذْهَبُ وَ إِلَى مَنْ يَقْصِدُ وَ مَنْ يَسْأَلُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ذَنْباً غَيْرِي ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ «وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ» يَقُولُ لَمْ يُقِيمُوا عَلَى الزِّنَا وَ نَبْشِ الْقُبُورِ وَ أَخْذِ الْأَكْفَانِ «أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا»

ص: 35

الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) خَرَجَ وَ هُوَ يَتْلُوهَا وَ يَتَبَسَّمُ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى ذَلِكَ الشَّابِّ التَّائِبِ فَقَالَ مُعَاذٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنَا أَنَّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِأَصْحَابِهِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ فَصَعِدُوا إِلَيْهِ يَطْلُبُونَ الشَّابَّ فَإِذَا هُمْ بِالشَّابِّ قَائِمٌ بَيْنَ صَخْرَتَيْنِ مَغْلُولَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ قَدِ اسْوَدَّ وَجْهُهُ وَ تَسَاقَطَتْ أَشْفَارُ عَيْنَيْهِ مِنَ الْبُكَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ سَيِّدِي قَدْ أَحْسَنْتَ خَلْقِي وَ أَحْسَنْتَ صُورَتِي فَلَيْتَ شِعْرِي مَا ذَا تُرِيدُ بِي أَ فِي النَّارِ تُحْرِقُنِي أَوْ فِي جِوَارِكَ تُسْكِنُنِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ الْإِحْسَانَ إِلَيَّ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَيْتَ شِعْرِي مَا ذَا يَكُونُ آخِرُ أَمْرِي إِلَى الْجَنَّةِ تَزُفُّنِي أَمْ إِلَى النَّارِ تَسُوقُنِي اللَّهُمَّ إِنَّ خَطِيئَتِي أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مِنْ كُرْسِيِّكَ الْوَاسِعِ وَ عَرْشِكَ الْعَظِيمِ فَلَيْتَ شِعْرِي تَغْفِرُ خَطِيئَتِي أَمْ تَفْضَحُنِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ نَحْوَ هَذَا وَ هُوَ يَبْكِي وَ يَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ وَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ السِّبَاعُ وَ صَفَّتْ فَوْقَهُ الطَّيْرُ وَ هُمْ يَبْكُونَ لِبُكَائِهِ فَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فَأَطْلَقَ يَدَيْهِ مِنْ عُنُقِهِ وَ نَفَضَ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ وَ قَالَ يَا بُهْلُولُ أَبْشِرْ فَإِنَّكَ عَتِيقُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ ثُمَّ قَالَ (عليه السّلام) لِأَصْحَابِهِ هَكَذَا تَدَارَكُوا الذُّنُوبَ كَمَا تَدَارَكَهَا بُهْلُولٌ ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ وَ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ.

البحار: ج 2 ص 486س6

السادس: مما أجمع عليه أهل الإسلام و إنّما الخلاف في أنّه هل يجب على الله حتى لو عاقب بعد التوبة كان ظلماً أو هو تفضل يفعله سبحانه كرماً منه و رحمة بعباده فالمعتزلة على الأوّل و الأشاعرة على الثاني و إلى الثاني ذهب شيخ الطائفة في كتاب الاقتصاد و العلامة الحلي رحمه الله في بعض كتبه الكلامية و توقّف المحقّق الطوسي طاب ثراه في التجريد و مختار الشيخين هو الظاهر من

ص: 36

الأخبار و أدعية الصحيفة الكاملة و غيرها و هو الذي اختاره الشيخ الطبرسي رحمه الله و نسبه إلى أصحابنا كما عرفت و دليل الوجوب ضعيف مدخول كما لا يخفى على من تأمّل فيه.(1)

***

ص: 37


1- السابع هل يكون الغير المبتلى بالذنب أولى أو من ابتلي به ثمّ تاب؟ يظهر من جملة من الأخبار الثّاني فراجع و تدبّر. السبزواري.

أبواب الموت وما يلحقه إلى وقت البعث والنشور

باب (2) علامات الكبر وأنّ ما بين الستّين إلى السبعين معترك المنايا وتفسير أرذل العمر

البحار: ج3 ص10

6- عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ يَوْماً: إِنَ أَكْلَ الْبِطِّيخِ يُورِثُ الْجُذَامَ فَقِيلَ لَهُ أَ لَيْسَ قَدْ أَمِنَ الْمُؤْمِنُ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً مِنَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ؟ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ إِذَا خَالَفَ الْمُؤْمِنُ مَا أُمِرَ بِهِ مِمَّنْ آمَنَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ تُصِيبَهُ عُقُوبَةُ الْخِلَافِ.(1)

***

باب (8) أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلّق بذلك

البحار: ج 3 ص 71

3- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) أَ رَأَيْتَ الْمَيِّتَ إِذَا مَاتَ لِمَ تُجْعَلُ مَعَهُ الْجَرِيدَةُ قَالَ يَتَجَافَى عَنْهُ الْعَذَابُ وَ الْحِسَابُ مَا دَامَ الْعُودُ رَطْباً قَالَ وَ الْعَذَابُ كُلُّهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْرَ مَا يُدْخَلُ الْقَبْرَ وَ يَرْجِعُ الْقَوْمُ وَ إِنَّمَا جُعِلَتِ السَّعَفَتَانِ لِذَلِكَ فَلَا يُصِيبُهُ عَذَابٌ وَ لَا حِسَابٌ بَعْدَ جُفُوفِهِمَا

ص: 38


1- السابع هل يكون الغير المبتلى بالذنب أولى أو من ابتلي به ثمّ تاب؟ يظهر من جملة من الأخبار الثاني فراجع و تدبّر. السبزواري. فهذا أحسن وجه للجمع بين ما دلّ على عدم عروض الجنون ونحوه للمؤمن مطلقاً وبين ما دلّ عدم عروضه بعد إكمال الأربعين فتدبّر.

إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (1)

***

البحار: ج3ص107 س 14

و قال الصدوق رحمه الله في رسالة العقائد اعتقادنا في المساءلة في القبر أنها حق لا بد منها فمن أجاب بالصواب فإذا بروح و ريحان في قبره بجنة نعيم في الآخرة و من لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره و تصلية جحيم في الآخرة و أكثر ما يكون عذاب القبر من النميمة و سوء الخلق و الاستخفاف بالبول و أشد ما يكون عذاب القبر على المؤمن مثل اختلاج العين أو شرطة حجام و يكون ذلك كفارة لما بقي عليه من الذنوب التي تكفرها الهموم و الغموم و الأمراض و شدة النزف عند الموت.(2)

ص: 39


1- أقول: صحيح حمّاد مع صحّة سنده مجمل من حيث الدلالة فما المراد بقوله (عليه السّلام): والعذاب كلّه بيوم واحد في ساعة واحدة، هل المراد به عذاب الوحشة فقط كما هو المستفاد من بعض الأخبار أو عذاب آخر؟ لا يبعد الأوّل بقرينة بعض الأخبار ثمّ ما المراد بقوله (عليه السّلام): فلا يصيبه عذاب ولا حساب الخ، هل المراد بالعذاب فيه هو خصوص الوحشة أو عذاب آخر؟ لا يبعد الأوّل بقرينة ما يأتي أنّ الجريدة تنفع المؤمن والكافر. ثمّ ما المراد بالحساب، هل المراد به الحساب التفصيلي والظاهر اختصاصه بيوم القيامة العظمى أو الإجمالي أو غير ذلك. السبزواري.
2- لا إشكال بحسب الأصول المسلّمة بين الأماميّة وغيرهم أنّ الثواب والعقاب إنّما هما على الامتثال والمخالفة ولا إشكال أيضاً في أنّ دار الثواب والعقاب إنّما هي الآخرة كما لا إشكال في أنّ القبر برزخ بين الدنيا والآخرة ونسبة القبر إلى الآخرة نسبة الرحم إلى الدنيا وحينئذ فما وجه الثواب والعذاب في القبر خصوصاً على مثل ما ذكر فإن إثبات الحرمة الذاتية لمثل النميمة والاستخفاف بالبول وسوء الخلق بعيد جدّاً نعم كل واحد منهما من الصفات الرذيلة المذمومة. هذا ويمكن الجواب بأنّه لا إشكال في ثبوت الحرمة الطريقية في مثل الصفات المذكورة و مقتضى الحرمة الطريقية إنّما هو الشروع في التعذيب في طريق الآخرة وبعبارة أخرى نفس هذه الصفات لها منقصة ذاتية وبما لها من المنقصة الذاتية تقع مقدمة للحرام أحيانا بل غالبا ولكن منقصتها الذاتيّة لم تبلغ حدّ النفس حتّى تكون محرّمة نفسيّة ويكون العذاب عليها في الآخرة فتأّمل.السبزواري.

التعليقات علی بحار الأنوار والمشتمل على الجزء الرابع من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 40

ص: 41

باب (1) احتجاج الله تعالى على أرباب الملل المختلفة في القرآن الكريم

البحار: ج4 ص43 س5

رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ (عليه السّلام) أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْثِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الدِّينُ وَ بِالنَّسْلِ النَّاس.(1)

البحار: ج 4 ص64س 18

وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لَوْ لَا فُلَانٌ لَهَلَكْتُ وَ لَوْ لَا فُلَانٌ لَضَاعَ عِيَالِي جَعْلٌ لِلَّهِ شَرِيكاً فِي مُلْكِهِ يَرْزُقُهُ وَ يَدْفَعُ عَنْهُ فَقِيلَ لَهُ لَوْ قَالَ لَوْ لَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيَّ بِفُلَانٍ لَهَلَكْتُ قَالَ لَا بَأْسَ بِهَذَا.وَ فِي رِوَايَةِ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ حُمْرَانَ عَنْهُمَا (عليهما السّلام) أَنَّهُ شِرْكُ النِّعَمِ.

وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّهُ شِرْكٌ لَا يَبْلُغُ بِهِ الْكُفْرَ.(2)

البحار: ج 4 ص 119

16 - قَوْلُهُ «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ» الْآيَةَ فَإِنَّهَا قُرِئَتْ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) فَقَالَ بَلَى وَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَّبُوهُ أَشَدَّ التَّكْذِيبِ وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ لَا يُكَذِّبُونَكَ أَيْ لَا يَأْتُونَ بِحَقٍّ يُبْطِلُونَ حَقَّكَ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) يَا حَفْصُ إِنَّ مَنْ صَبَرَ صَبَرَ قَلِيلًا وَ إِنَّ مَنْ جَزِعَ جَزِعَ قَلِيلًا(3) ثُمَّ قَالَ عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ فَإِنَّ اللَّهَ

ص: 42


1- لأن حرث الكمالات والمعارف الواقعية والترقيات الروحية لا يكون إلا بالدين السبزواري.
2- أقول: الأولى الحمل على الأعم من شرك الذات و شرك الطاعة وشرك النعم السبزواري.
3- وذلك لأنّ الدنيا قليل في جنب الآخرة فیکون صبره قليلاً وجزعه كذلك أيضاً السبزواري.

بَعَثَ مُحَمَّداً (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ وَ الرِّفْقِ فَقَالَ «اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا وَذَرنِي وَللكَذّابِينَ» وَ قَالَ الله تباركَ وَتعالی: «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ مَا يُلَقَّاهَا إلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَايُلَقَّاهَا إِلَّا ذُوحَظٍّ عَظِيمٍ» فَصَبَرَ حَتَّى قَابَلُوهُ بِالْعِظَامِ وَ رَمَوْهُ بِهَا فَضَاقَ صَدْرُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ «وَ َقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ» ثُمَّ كَذَّبُوهُ وَ رَمَوْهُ فَحَزِنَ لِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا» فَأَلْزَمَ نَفْسَهُ الصَّبْرَ فَقَعَدُوا وَ ذَكَرُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ كَذَّبُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) لَقَدْ صَبَرْتُ فِي نَفْسِي وَ أَهْلِي وَ عِرْضِي وَ لَا صَبْرَ لِي عَلَى ذِكْرِهِمْ إِلَهِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى «وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ» فَصَبَرَ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ ثُمَّ بُشِّرَ فِي الْأَئِمَّةِ مِنْ عِتْرَتِهِ وَ وُصِفُوا بِالصَّبْرِ فَقَالَ «وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ» فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) الصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْبَدَنِ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ» فَقَالَ آيَةُ بُشْرَى وَ انْتِقَامٍ فَأَبَاحَ اللَّهُ قَتْلَ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وُجِدُوا فَقَتَلَهُمْ عَلَى يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ أَحِبَّائِهِ وَ عَجَّلَ لَهُ ثَوَابَ صَبْرِهِ مَعَ مَا ادَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ.

***

ص: 43

أبواب احتجاجات أمير المؤمنين صلوات الله عليه وما صدر عنه من جوامع العلوم

باب (1) احتجاجه صلوات الله عليه على اليهود في أنواع كثيرة من العلوم ومسائل شتّى

البحار: ج4، ص 220

5- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأُشْنَانِيُّ الرَّازِيُّ الْعَدْلُ بِبَلْخٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَهْرَوَيْهِ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عليه السّلام) عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ يَهُودِيّاً سَأَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) فَقَالَ أَخْبِرْنِي عَمَّا لَيْسَ لِلَّهِ وَ عَمَّا لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عَمَّا لَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ(1) فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السّلام) أَمَّا مَا لَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ فَهُوَ قَوْلُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ إِنَّ عُزَيْراً ابْنُ اللَّهِ وَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَعْلَمُ لَهُ وَلَداً أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَيْسَ لِلَّهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ ظُلْمٌ لِلْعِبَادِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم).

البحار: ج4 ص 221

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ: أَتَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) يَهُودِيٌّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ أَنْتَ أَخْبَرْتَنِي بِهَا أَسْلَمْتُ قَالَ عَلِيٌّ (عليه السّلام) سَلْنِي يَا يَهُودِيُّ عَمَّا بَدَا

ص: 44


1- ومثله قوله تعالى: «قُل أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لَا يَعلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الأَرضِ» السبزواري.

لَكَ فَإِنَّكَ لَا تُصِيبُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ أَخْبِرْنِي عَنْ قَرَارِ هَذِهِ الْأَرْضِ عَلَى مَا هُوَ وَ عَنْ شَبَهِ الْوَلَدِ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ وَ مِنْ أَيِّ النُّطْفَتَيْنِ يَكُونُ الشَّعْرُ وَ اللَّحْمُ وَ الْعَظْمُ وَ الْعَصَبُ وَ لِمَ سُمِّيَتِ السَّمَاءُ سَمَاءً وَ لِمَ سُمِّيَتِ الدُّنْيَا دُنْيَا وَ لِمَ سُمِّيَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً وَ لِمَ سُمِّيَ آدَمُ آدَمَ وَ لِمَ سُمِّيَتْ حَوَّاءُ حَوَّاءَ وَ لِمَ سُمِّيَتِ الدِّرْهَمُ دِرْهَماً وَ لِمَ سُمِّيَتِ الدِّينَارُ دِينَاراً وَ لِمَ قِيلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ وَ لِمَ قِيلَ لِلْبَغْلِ عَدْ وَ لِمَ قِيلَ لِلْحِمَارِ حَرِّ؟

فَقَالَ (عليه السّلام) أَمَّا قَرَارُ هَذِهِ الْأَرْضِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى عَاتِقِ مَلَكٍ وَ قَدَمَا ذَلِكَ الْمَلِكِ عَلَى صَخْرَةٍ وَ الصَّخْرَةُ عَلَى قَرْنِ ثَوْرٍ(1) وَ الثَّوْرُ قَوَائِمُهُ عَلَى ظَهْرِ الْحُوتِ فِي الْيَمِّ الْأَسْفَلِ وَ الْيَمُّ عَلَى الظُّلْمَةِ وَ الظُّلْمَةُ عَلَى الْعَقِيمِ وَ الْعَقِيمُ عَلَى الثَّرَى وَ مَا يَعْلَمُ تَحْتَ الثَّرَى إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَمَّا شَبَهُ الْوَلَدِ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ فَإِذَا سَبَقَ نُطْفَةُ الرَّجُلِ نُطْفَةَ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّحِمِ خَرَجَ شَبَهُ الْوَلَدِ إِلَى أَعْمَامِهِ وَ مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ يَكُونُ الْعَظْمُ وَ الْعَصَبُ وَ إِذَا سَبَقَ نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ نُطْفَةَ الرَّجُلِ إِلَى الرَّحِمِ خَرَجَ شَبَهُ الْوَلَدِ إِلَى أَخْوَالِهِ وَ مِنْ نُطْفَتِهَا يَكُونُ الشَّعْرُ وَ الْجِلْدُ وَ اللَّحْمُ لِأَنَّهَا صَفْرَاءُ رَقِيقَةٌ وَ سُمِّيَتِ السَّمَاءُ سَمَاءً لِأَنَّهَا وَسْمُ الْمَاءِ يَعْنِي مَعْدِنَ الْمَاءِ وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الدُّنْيَا دُنْيَا لِأَنَّهَا أَدْنَى مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ سُمِّيَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً لِأَنَّ فِيهَا الْجَزَاءُ وَ الثَّوَابُ وَ سُمِّيَ آدَمُ آدَمَ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَ جَبْرَئِيلَ (عليه السّلام) وَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ بِأَرْبَعِ طِينَاتٍ طِينَةٍ بَيْضَاءَ وَ طِينَةٍ حَمْرَاءَ وَ طِينَةٍ غَبْرَاءَ وَ طِينَةٍ سَوْدَاءَ وَ ذَلِكَ مِنْ سَهْلِهَا وَ حَزْنِهَا ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِأَرْبَعِ مِيَاهٍ مَاءٍ عَذْبٍ وَ مَاءٍ مِلْحٍ وَ مَاءٍ مُرٍّ وَ مَاءٍ مُنْتِنٍ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُفْرِغَ الْمَاءَ فِي الطِّينِ وَ أَدَمَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَلَمْ يَفْضُلْ شَيْ ءٌ مِنَ الطِّينِ يَحْتَاجُ إِلَى الْمَاءِ وَ لَا مِنَ الْمَاءِ شَيْ ءٌ يَحْتَاجُ إِلَى الطِّينِ فَجَعَلَ الْمَاءَ الْعَذْبَ فِي حَلْقِهِ وَ جَعَلَ الْمَاءَ الْمَالِحَ فِي عَيْنَيْهِ وَ جَعَلَ الْمَاءَ

ص: 45


1- هذه الجملات من المجملات خصوصاً بحسب علوم هذه الاعصار. السبزواري.

الْمُرَّ فِي أُذُنَيْهِ وَ جَعَلَ الْمَاءَ الْمُنْتِنَ فِي أَنْفِهِ وَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ حَوَّاءُ حَوَّاءَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الْحَيَوَانِ وَ إِنَّمَا قِيلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْخَيْلَ قَابِيلُ يَوْمَ قَتَلَ أَخَاهُ هَابِيلَ وَ أَنْشَأَ يَقُولُ إِجِدِ الْيَوْمَ وَ مَا تَرَكَ النَّاسُ دَماً فَقِيلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ لِذَلِكَ وَ إِنَّمَا قِيلَ لِلْبَغْلِ عَدْ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْبَغْلَ آدَمُ (عليه السّلام) وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ مَعَدٌ وَ كَانَ عَشُوقاً لِلدَّوَابِّ وَ كَانَ يَسُوقُ بِآدَمَ (عليه السّلام) فَإِذَا تَقَاعَسَ الْبَغْلُ نَادَى يَا مَعَدُ سُقْهَا فَأَلِفَتِ الْبَغْلَةُ اسْمَ مَعَدٍ فَتَرَكَ النَّاسُ مَعَدَ وَ قَالُوا عَدْ وَ إِنَّمَا قِيلَ لِلْحِمَارِ حَرِّ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْحِمَارَ حَوَّاءُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَهَا حِمَارَةٌ وَ كَانَتْ تَرْكَبُهَا لِزِيَارَةِ قَبْرِ وَلَدِهَا هَابِيلَ وَ كَانَتْ تَقُولُ فِي مَسِيرِهَا وَا حَرَّاهْ فَإِذَا قَالَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ سَارَتِ الْحِمَارَةُ وَ إِذَا أَمْسَكَتْ تَقَاعَسَتْ فَتَرَكَ النَّاسُ ذَلِكَ وَ قَالُوا حَرِّ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ الدِّرْهَمُ دِرْهَماً لِأَنَّهُ دَارُ هَمٍّ مَنْ جَمَعَهُ وَ لَمْ يُنْفِقْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَوْرَثَهُ النَّارَ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ الدِّينَارُ دِينَاراً لِأَنَّهُ دَارُ النَّارِ مَنْ جَمَعَهُ وَ لَمْ يُنْفِقْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْرَثَهُ النَّارَ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا لَنَجِدُ جَمِيعَ مَا وَصَفْتَ فِي التَّوْرَاةِ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَ لَازَمَهُ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ صِفِّينَ.

***

ص: 46

باب (7) ما علّمه صلوات الله عليه من أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه

البحار: ج 4 ص 274

أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْيَقْطِينِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ (عليهم السّلام) أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) عَلَّمَ أَصْحَابَهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَمِائَةِ بَابٍ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْمُؤْمِنِ فِي دِينِهِ وَ دُنْيَاهُ قَالَ (عليه السّلام) إِنَّ الْحِجَامَةَ تُصَحِّحُ الْبَدَنَ وَ تَشُدُّ الْعَقْلَ وَ الطِّيبَ فِي الشَّارِبِ مِنْ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ كَرَامَةُ الْكَاتِبَيْنِ وَ السِّوَاكَ مِنْ مَرْضَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّةُ النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ مَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ وَ الدُّهْنَ يُلَيِّنُ الْبَشَرَةَ وَ يَزِيدُ فِي الدِّمَاغِ وَ يُسَهِّلُ مَجَارِي الْمَاءِ وَ يُذْهِبُ الْقَشَفَ وَ يُسَفِّرُ اللَّوْنَ وَ غَسْلَ الرَّأْسِ يَذْهَبُ بِالدَّرَنِ وَ يَنْفِي الْقَذَى وَ الْمَضْمَضَةَ وَ الِاسْتِنْشَاقَ سُنَّةٌ وَ طَهُورٌ لِلْفَمِ وَ الْأَنْفِ وَ السُّعُوطَ مَصَحَّةٌ لِلرَّأْسِ وَ تَنْقِيَةٌ لِلْبَدَنِ وَ سَائِرِ أَوْجَاعِ الرَّأْسِ وَ النُّورَةَ نُشْرَةٌ وَ طَهُورٌ لِلْجَسَدِ اسْتِجَادَةُ الْحِذَاءِ وِقَايَةٌ لِلْبَدَنِ وَ عَوْنٌ عَلَى الطَّهُورِ وَ الصَّلَاةِ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ يَمْنَعُ الدَّاءَ الْأَعْظَمَ وَ يُدِرُّ الرِّزْقَ وَ يُورِدُهُ نَتْفُ الْإِبْطِ يَنْفِي الرَّائِحَةَ الْمُنْكَرَةَ وَ هُوَ طَهُورٌ وَ سُنَّةٌ مِمَّا أَمَرَ بِهِ الطَّيِّبُ (عليه السّلام) غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَ بَعْدَهُ زِيَادَةٌ فِي الرِّزْقِ وَ إِمَاطَةٌ لِلْغَمَرِ عَنِ الثِّيَابِ وَ يَجْلُو الْبَصَرَ قِيَامُ اللَّيْلِ مَصَحَّةٌ لِلْبَدَنِ وَ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَعَرُّضٌ لِلرَّحْمَةِ وَ تَمَسُّكٌ بِأَخْلَاقِ النَّبِيِّينَ أَكْلُ التُّفَّاحِ نَضُوحٌ لِلْمَعِدَةِ مَضْغُ اللُّبَانِ يَشُدُّ الْأَضْرَاسَ وَ يَنْفِي الْبَلْغَمَ وَ يَذْهَبُ بِرِيحِ الْفَمِ الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَسْرَعُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ أَكْلُ السَّفَرْجَلِ قُوَّةٌ لِلْقَلْبِ الضَّعِيفِ وَ يُطَيِّبُ الْمَعِدَةَ

ص: 47

وَ يُذَكِّي الْفُؤَادَ وَ يُشَجِّعُ الْجَبَانَ وَ يُحَسِّنُ الْوَلَدَ إِحْدَى وَ عِشْرُونَ زَبِيبَةً حَمْرَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى الرِّيقِ تَدْفَعُ جَمِيعَ الْأَمْرَاضِ إِلَّا مَرَضَ الْمَوْتِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ» وَ الرَّفَثُ الْمُجَامَعَةُ لَا تَخَتَّمُوا بِغَيْرِ الْفِضَّةِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالَ مَا طَهُرَتْ يَدٌ فِيهَا خَاتَمُ حَدِيدٍ وَ مَنْ نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلْيُحَوِّلْهُ عَنِ الْيَدِ الَّتِي يَسْتَنْجِي بِهَا فِي الْمُتَوَضَّإِ إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ فِي الْمِرْآةِ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي فَأَحْسَنَ خَلْقِي وَ صَوَّرَنِي فَأَحْسَنَ صُورَتِي وَ زَانَ مِنِّي مَا شَانَ مِنْ غَيْرِي وَ أَكْرَمَنِي بِالْإِسْلَامِ لِيَتَزَيَّنَ أَحَدُكُمْ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ إِذَا أَتَاهُ كَمَا يَتَزَيَّنُ لِلْغَرِيبِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَرَاهُ فِي أَحْسَنِ الْهَيْئَةِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَرْبِعَاءَ بَيْنَ خَمِيسَيْنِ وَ صَوْمُ شَعْبَانَ يَذْهَبُ بِوَسْوَاسِ الصَّدْرِ وَ بَلَابِلِ الْقَلْبِ وَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ يَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ غَسْلُ الثِّيَابِ يَذْهَبُ بِالْهَمِّ وَ الْحُزْنِ وَ هُوَ طَهُورٌ لِلصَّلَاةِ لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ وَ مَنْ شَابَ شَيْبَتَهُ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَنَامُ الْمُسْلِمُ وَ هُوَ جُنُبٌ وَ لَا يَنَامُ إِلَّا عَلَى طَهُورٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَلْيَتَيَمَّمْ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ تُرْفَعُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَيَقْبَلُهَا وَ يُبَارِكُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ أَجَلُهَا قَدْ حَضَرَ جَعَلَهَا فِي كُنُوزِ رَحْمَتِهِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَجَلُهَا قَدْ حَضَرَ بَعَثَ بِهَا مَعَ أُمَنَائِهِ مِنْ مَلَائِكَتِهِ فَيَرُدُّونَهَا فِي جَسَدِهَا لَا يَتْفُلُ الْمُؤْمِنُ فِي الْقِبْلَةِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِياً فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ لَا يَنْفُخُ الرَّجُلُ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَ لَا يَنْفُخُ فِي طَعَامِهِ وَ لَا فِي شَرَابِهِ وَ لَا فِي تَعْوِيذِهِ لَا يَنَامُ الرَّجُلُ عَلَى الْمَحَجَّةِ وَ لَا يَبُولَنَّ مِنْ سَطْحٍ فِي الْهَوَاءِ وَ لَا يَبُولَنَّ فِي مَاءٍ جَارٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَصَابَهُ شَيْ ءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ فَإِنَّ لِلْمَاءِ أَهْلًا وَ لِلْهَوَاءِ أَهْلًا لَا يَنَامُ الرَّجُلُ عَلَى وَجْهِهِ وَ مَنْ رَأَيْتُمُوهُ نَائِماً عَلَى وَجْهِهِ فَأَنْبِهُوهُ وَ لَا تَدَعُوهُ وَ لَا يَقُومَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ مُتَكَاسِلًا وَ لَا نَاعِساً وَ لَا يُفَكِّرَنَّ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّمَا

ص: 48

لِلْعَبْدِ مِنْ صَلَاتِهِ مَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ مِنْهَا بِقَلْبِهِ كُلُوا مَا يَسْقُطُ مِنَ الْخِوَانِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ بِهِ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً فَمَصَّ أَصَابِعَهُ الَّتِي أَكَلَ بِهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ الْبَسُوا ثِيَابَ الْقُطْنِ فَإِنَّهَا لِبَاسُ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ هُوَ لِبَاسُنَا وَ لَمْ يَكُنْ يَلْبَسُ الشَّعْرَ وَ الصُّوفَ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَ يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَ لَوْ بِالسَّلَامِ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً» لَا تَقْطَعُوا نَهَارَكُمْ بِكَذَا وَ كَذَا وَ فَعَلْنَا كَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ مَعَكُمْ حَفَظَةً يَحْفَظُونَ عَلَيْنَا وَ عَلَيْكُمْ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَانٍ فَإِنَّهُ مَعَكُمْ صَلُّوا عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقْبَلُ دُعَاءَكُمْ عِنْدَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ وَ دُعَائِكُمْ لَهُ وَ حِفْظِكُمْ إِيَّاهُ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أَقِرُّوا الْحَارَّ حَتَّى يَبْرُدَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ حَارٌّ فَقَالَ أَقِرُّوهُ حَتَّى يَبْرُدَ وَ يُمْكِنَ أَكْلُهُ مَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِيُطْعِمَنَا النَّارَ وَ الْبَرَكَةُ فِي الْبَارِدِ إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يُطَمِّحَنَّ بِبَوْلِهِ فِي الْهَوَاءِ وَ لَا يَسْتَقْبِلْ بِبَوْلِهِ الرِّيحَ عَلِّمُوا صِبْيَانَكُمْ مَا يَنْفَعُهُمُ اللَّهُ بِهِ لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِمُ الْمُرْجِئَةُ بِرَأْيِهَا كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً تَغْنَمُوا أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكُمْ وَ لَوْ إِلَى قَتَلَةِ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا دَخَلْتُمُ الْأَسْوَاقَ وَ عِنْدَ اشْتِغَالِ النَّاسِ فَإِنَّهُ كَفَّارَةٌ لِلذُّنُوبِ وَ زِيَادَةٌ فِي الْحَسَنَاتِ وَ لَا تُكْتَبُوا فِي الْغَافِلِينَ لَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرٍ إِذَا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» لَيْسَ فِي شُرْبِ الْمُسْكِرِ وَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ تَقِيَّةٌ إِيَّاكُمْ وَ الْغُلُوَّ فِينَا قُولُوا إِنَّا عَبِيدٌ مَرْبُوبُونَ وَ قُولُوا فِي فَضْلِنَا مَا شِئْتُمْ مَنْ أَحَبَّنَا فَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِنَا وَ لْيَسْتَعِنْ بِالْوَرَعِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ لَا تُجَالِسُوا لَنَا عَائِباً وَ لَا تَمْتَدِحُوا بِنَا عِنْدَ عَدُوِّنَا مُعْلِنِينَ بِإِظْهَارِ حُبِّنَا فَتَذِلُّوا أَنْفُسَكُمْ عِنْدَ سُلْطَانِكُمْ الْزَمُوا الصِّدْقَ فَإِنَّهُ مَنْجَاةٌ وَ ارْغَبُوا فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اطْلُبُوا طَاعَتَهُ وَ اصْبِرُوا عَلَيْهَا فَمَا

ص: 49

أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَ هُوَ مَهْتُوكُ السِّرِّ لَا تُعَنُّونَا فِي الطَّلَبِ وَ الشَّفَاعَةِ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا قَدَّمْتُمْ لَا تَفْضَحُوا أَنْفُسَكُمْ عِنْدَ عَدُوِّكُمْ فِي الْقِيَامَةِ وَ لَا تُكَذِّبُوا أَنْفُسَكُمْ عِنْدَهُمْ فِي مَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بِالْحَقِيرِ مِنَ الدُّنْيَا تَمَسَّكُوا بِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ فَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَيْنَ أَنْ يَغْتَبِطَ وَ يَرَى مَا يُحِبُّ إِلَّا أَنْ يَحْضُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) «وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى» لَهُ وَ تَأْتِيهِ الْبِشَارَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَقَرُّ عَيْنُهُ وَ يُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ لَا تُحَقِّرُوا إِخْوَانَكُمْ فَإِنَّهُ مَنِ احْتَقَرَ مُؤْمِناً لَمْ يَجْمَعِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ لَا يُكَلِّفُ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ الطَّلَبَ إِلَيْهِ إِذَا عَلِمَ حَاجَتَهُ تَوَازَرُوا وَ تَعَاطَفُوا وَ تَبَاذَلُوا وَ لَا تَكُونُوا بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَصِفُ مَا لَا يَفْعَلُ تَزَوَّجُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) كَثِيراً مَا كَانَ يَقُولُ مَنْ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَتَّبِعَ سُنَّتِي فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِيَ التَّزْوِيجَ وَ اطْلُبُوا الْوَلَدَ فَإِنِّي أُكَاثِرُ بِكُمُ الْأُمَمَ غَداً وَ تَوَقَّوْا عَلَى أَوْلَادِكُمْ لَبَنَ الْبَغِيِّ مِنَ النِّسَاءِ وَ الْمَجْنُونَةِ فَإِنَّ اللَّبَنَ يُعْدِي تَنَزَّهُوا عَنْ أَكْلِ الطَّيْرِ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ قَانِصَةٌ وَ لَا صِيصِيَةٌ وَ لَا حَوْصَلَةٌ وَ اتَّقُوا كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَ لَا تَأْكُلُوا الطِّحَالَ فَإِنَّهُ بَيْتُ الدَّمِ الْفَاسِدِ لَا تَلْبَسُوا السَّوَادَ فَإِنَّهُ لِبَاسُ فِرْعَوْنَ اتَّقُوا الْغُدَدَ مِنَ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ يُحَرِّكُ عِرْقَ الْجُذَامِ لَا تَقِيسُوا الدِّينَ فَإِنَّ مِنَ الدِّينِ مَا لَا يَنْقَاسُ وَ سَيَأْتِي أَقْوَامٌ يَقِيسُونَ وَ هُمْ أَعْدَاءُ الدِّينِ وَ أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ لَا تَتَّخِذُوا الْمُلَسَّنَ فَإِنَّهُ حِذَاءُ فِرْعَوْنَ وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ حَذَا الْمُلَسَّنَ خَالِفُوا أَصْحَابَ الْمُسْكِرِ وَ كُلُوا التَّمْرَ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنَ الْأَدْوَاءِ اتَّبِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَكْثِرُوا الِاسْتِغْفَارَ تَجْلِبُوا الرِّزْقَ وَ قَدِّمُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ عَمَلِ الْخَيْرِ تَجِدُوهُ غَداً إِيَّاكُمْ وَ الْجِدَالَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الشَّكَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَاجَةٌ فَيَطْلُبُهَا فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ سَاعَةٍ تَزُولُ الشَّمْسُ حِينَ تَهُبُّ الرِّيَاحُ وَ تُفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ وَ يَصُوتُ الطَّيْرُ وَ سَاعَةٍ فِي آخِرِ اللَّيْلِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَإِنَّ

ص: 50

مَلَكَيْنِ يُنَادِيَانِ هَلْ مِنْ تَائِبٍ يُتَابُ عَلَيْهِ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَيُغْفَرَ لَهُ هَلْ مِنْ طَالِبِ حَاجَةٍ فَتُقْضَى لَهُ فَ-«أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ» وَ اطْلُبُوا الرِّزْقَ فِيمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ أَسْرَعُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يَقْسِمُ اللَّهُ فِيهَا الرِّزْقَ بَيْنَ عِبَادِهِ انْتَظِرُوا الْفَرَجَ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ انْتِظَارُ الْفَرَجِ وَ مَا دَامَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِذَا صَلَّيْتُمُوهَا فَفِيهَا تُعْطَوُا الرَّغَائِبَ لَا تَخْرُجُوا بِالسُّيُوفِ إِلَى الْحَرَمِ وَ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَيْفٌ فَإِنَّ الْقِبْلَةَ أَمْنٌ أَتِمُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) حَجَّكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَإِنَّ تَرْكَهُ جَفَاءٌ وَ بِذَلِكَ أُمِرْتُمْ وَ بِالْقُبُورِ الَّتِي أَلْزَمَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَقَّهَا وَ زِيَارَتَهَا وَ اطْلُبُوا الرِّزْقَ عِنْدَهَا وَ لَا تَسْتَصْغِرُوا قَلِيلَ الْآثَامِ فَإِنَّ الصَّغِيرَ يُحْصَى وَ يَرْجِعُ إِلَى الْكَبِيرِ وَ أَطِيلُوا السُّجُودَ فَمَا مِنْ عَمَلٍ أَشَدَّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَنْ يَرَى ابْنَ آدَمَ سَاجِداً لِأَنَّهُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَعَصَى وَ هَذَا أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَأَطَاعَ فَنَجَا أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ يَوْمَ خُرُوجِكُمْ مِنَ الْقُبُورِ وَ قِيَامَكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تُهَوَّنُ عَلَيْكُمُ الْمَصَائِبُ إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ عَيْنَيْهِ فَلْيَقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَ لْيُضْمِرْ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا تَبْرَأُ فَإِنَّهَا تُعَافَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَوَقَّوُا الذُّنُوبَ فَمَا مِنْ بَلِيَّةٍ وَ لَا نَقْصِ رِزْقٍ إِلَّا بِذَنْبٍ حَتَّى الْخَدْشِ وَ الْكَبْوَةِ وَ الْمُصِيبَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ» أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الطَّعَامِ وَ لَا تَطْغَوْا فِيهِ فَإِنَّهَا نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ وَ رِزْقٌ مِنْ رِزْقِهِ يَجِبُ عَلَيْكُمْ فِيهِ شُكْرُهُ وَ حَمْدُهُ أَحْسِنُوا صُحْبَةَ النِّعَمِ قَبْلَ فِرَاقِهَا فَإِنَّهَا تَزُولُ وَ تَشْهَدُ عَلَى صَاحِبِهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا مَنْ رَضِيَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْيَسِيرِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْعَمَلِ إِيَّاكُمْ وَ التَّفْرِيطَ فَتَقَعُ الْحَسْرَةُ حِينَ لَا تَنْفَعُ الْحَسْرَةُ إِذَا لَقِيتُمْ عَدُوَّكُمْ فِي الْحَرْبِ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ وَ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ فَتُسْخِطُوا اللَّهَ

ص: 51

رَبَّكُمْ وَ تَسْتَوْجِبُوا غَضَبَهُ وَ إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمْ فِي الْحَرْبِ الرَّجُلَ الْمَجْرُوحَ أَوْ مَنْ قَدْ نُكِلَ أَوْ مَنْ قَدْ طَمِعَ عَدُوُّكُمْ فِيهِ فَأَقْنُوهُ بِأَنْفُسِكُمْ اصْطَنِعُوا الْمَعْرُوفَ بِمَا قَدَرْتُمْ عَلَى اصْطِنَاعِهِ فَإِنَّهُ يَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ وَ مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَعْلَمَ كَيْفَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَةُ اللَّهِ مِنْهُ عِنْدَ الذُّنُوبِ كَذَلِكَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَفْضَلُ مَا يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ فِي مَنْزِلِهِ لِعِيَالِهِ الشَّاةُ فَمَنْ كَانَتْ فِي مَنْزِلِهِ شَاةٌ قَدَّسَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً وَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَاتَانِ قَدَّسَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَلِكَ فِي الثَّلَاثِ تَقُولُ بُورِكَ فِيكُمْ إِذَا ضَعُفَ الْمُسْلِمُ فَيَأْكُلُ اللَّحْمَ وَ اللَّبَنَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ الْقُوَّةَ فِيهِمَا إِذَا أَرَدْتُمُ الْحَجَّ فَتَقَدَّمُوا فِي شِرَى الْحَوَائِجِ بِبَعْضِ مَا يُقَوِّيكُمْ عَلَى السَّفَرِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ «وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً» وَ إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الشَّمْسِ فَلْيَسْتَدْبِرْهَا بِظَهْرِهِ فَإِنَّهُ تُظْهِرُ الدَّاءَ الدَّفِينَ إِذَا خَرَجْتُمْ حُجَّاجاً إِلَى بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَكْثِرُوا النَّظَرَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مِائَةً وَ عِشْرِينَ رَحْمَةً عِنْدَ بَيْتِهِ الْحَرَامِ مِنْهَا سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَ أَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَ عِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ أَقِرُّوا عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ بِمَا حَفِظْتُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ مَا لَمْ تَحْفَظُوا فَقُولُوا وَ مَا حَفِظَتْهُ عَلَيْنَا حَفَظَتُكَ وَ نَسِينَاهُ فَاغْفِرْ لَنَا فَإِنَّهُ مَنْ أَقَرَّ بِذَنْبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ عَدَّهُ وَ ذَكَرَهُ وَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهُ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَغْفِرَهُ لَهُ تَقَدَّمُوا بِالدُّعَاءِ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ تُفَتَّحُ لَكُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فِي خَمْسِ مَوَاقِيتَ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَ عِنْدَ الزَّحْفِ وَ عِنْدَ الْأَذَانِ وَ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَ مَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَنْ غَسَّلَ مِنْكُمْ مَيِّتاً فَلْيَغْتَسِلْ بَعْدَ مَا يُلْبِسُهُ أَكْفَانَهُ لَا تُجَمِّرُوا الْأَكْفَانَ وَ لَا تَمْسَحُوا مَوْتَاكُمْ بِالطِّيبِ إِلَّا الْكَافُورَ فَإِنَّ الْمَيِّتَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْرِمِ مُرُوا أَهَالِيَكُمْ بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ عِنْدَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) لَمَّا قُبِضَ أَبُوهَا (صلّی الله عليه وآله وسلّم) سَاعَدَتْهَا جَمِيعُ بَنَاتِ بَنِي هَاشِمٍ فَقَالَتْ دَعُوا التَّعْدَادَ وَ عَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ زُورُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَفْرَحُونَ بِزِيَارَتِكُمْ وَ لْيَطْلُبِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ

ص: 52

عِنْدَ قَبْرِ أَبِيهِ وَ أُمِّهِ بَعْدَ مَا يَدْعُو لَهُمَا الْمُسْلِمُ مِرْآةُ أَخِيهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ أَخِيكُمْ هَفْوَةً فَلَا تَكُونُوا عَلَيْهِ وَ كُونُوا لَهُ كَنَفْسِهِ وَ أَرْشِدُوهُ وَ انْصَحُوهُ وَ تَرَفَّقُوا لَهُ وَ إِيَّاكُمْ وَ الْخِلَافَ فَتُمَزَّقُوا وَ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ تُزْلَفُوا وَ تُؤْجَرُوا مَنْ سَافَرَ مِنْكُمْ بِدَابَّةٍ فَلْيَبْدَأْ حِينَ يَنْزِلُ بِعَلْفِهَا وَ سَقْيِهَا لَا تَضْرِبُوا الدَّوَابَّ عَلَى وُجُوهِهَا فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ رَبَّهَا وَ مَنْ ضَلَّ مِنْكُمْ فِي سَفَرٍ أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ فَلْيُنَادِ يَا صَالِحُ أَغِثْنِي فَإِنَّ فِي إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ جِنِّيّاً يُسَمَّى صَالِحاً يَسِيحُ فِي الْبِلَادِ لِمَكَانِكُمْ مُحْتَسِباً نَفْسَهُ لَكُمْ فَإِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ أَجَابَ وَ أَرْشَدَ الضَّالَّ مِنْكُمْ وَ حَبَسَ عَلَيْهِ دَابَّتَهُ مَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْأَسَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَنَمِهِ فَلْيَخُطَّ عَلَيْهَا خِطَّةً وَ لْيَقُلِ اللَّهُمَّ رَبَّ دَانِيَالَ وَ الْجُبِّ وَ رَبَّ كُلِّ أَسَدٍ مُسْتَأْسِدٍ احْفَظْنِي وَ احْفَظْ غَنَمِي وَ مَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْعَقْرَبَ فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَاتِ «سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ» مَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْغَرَقَ فَلْيَقْرَأْ «بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِ «ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» عُقُّوا عَنْ أَوْلَادِكُمْ يَوْمَ السَّابِعِ وَ تَصَدَّقُوا إِذَا حَلَقْتُمُوهُمْ بِزِنَةِ شُعُورِهِمْ فِضَّةً عَلَى مُسْلِمٍ وَ كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عليهم السّلام) وَ سَائِرِ وُلْدِهِ إِذَا نَاوَلْتُمُ السَّائِلَ الشَّيْ ءَ فَاسْأَلُوهُ أَنْ يَدْعُوَ لَكُمْ فَإِنَّهُ يُجَابُ فِيكُمْ وَ لَا يُجَابُ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُمْ يَكْذِبُونَ وَ لْيَرُدَّ الَّذِي يُنَاوِلُهُ يَدَهُ إِلَى فِيهِ فَيُقَبِّلَهَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَأْخُذُهَا قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ السَّائِلِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ» تَصَدَّقُوا بِاللَّيْلِ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ بِاللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ احْسُبُوا كَلَامَكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ يَقِلَّ كَلَامُكُمْ إِلَّا فِي خَيْرٍ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ الْمُنْفِقَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ سَخَتْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ مَنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ فَشَكَّ فَلْيَمْضِ عَلَى يَقِينِهِ فَإِنَّ الشَّكَّ لَا يَنْقُضُ الْيَقِينَ

ص: 53

لَا تَشْهَدُوا قَوْلَ الزُّورِ وَ لَا تَجْلِسُوا عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَدْرِي مَتَى يُؤْخَذُ إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَلْيَجْلِسْ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَ لَا يَضَعَنَّ أَحَدُكُمْ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَ يُرَبِّعُ فَإِنَّهَا جِلْسَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ وَ يَمْقُتُ صَاحِبَهَا عَشَاءُ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ الْعَتَمَةِ لَا تَدَعُوا الْعَشَاءَ فَإِنَّ تَرْكَ الْعَشَاءِ خَرَابُ الْبَدَنِ الْحُمَّى قَائِدُ الْمَوْتِ وَ سِجْنُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَحْبَسُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَ هِيَ تَحُتُّ الذُّنُوبَ كَمَا يَتَحَاتُّ الْوَبَرُ مِنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ لَيْسَ مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَ هُوَ مِنْ دَاخِلِ الْجَوْفِ إِلَّا الْجِرَاحَةُ وَ الْحُمَّى فَإِنَّهُمَا يَرِدَانِ عَلَى الْجَسَدِ وُرُوداً اكْسِرُوا حَرَّ الْحُمَّى بِالْبَنَفْسَجِ وَ الْمَاءِ الْبَارِدِ فَإِنَّ حَرَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ لَا يَتَدَاوَى الْمُسْلِمُ حَتَّى يَغْلِبَ مَرَضُهُ صِحَّتَهُ الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَضَاءَ الْمُبْرَمَ فَاتَّخِذُوهُ عُدَّةً الْوُضُوءُ بَعْدَ الطَّهُورِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ فَتَطَهَّرُوا إِيَّاكُمْ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّهُ مَنْ كَسِلَ لَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تَنَظَّفُوا بِالْمَاءِ مِنَ الْمُنْتِنِ الرِّيحِ الَّذِي يُتَأَذَّى بِهِ تَعَهَّدُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُبْغِضُ مِنْ عِبَادِهِ الْقَاذُورَةَ الَّذِي يَتَأَنَّفُ بِهِ مَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ لَا يَعْبَثِ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ بِلِحْيَتِهِ وَ لَا بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ بَادِرُوا بِعَمَلِ الْخَيْرِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا عَنْهُ بِغَيْرِهِ الْمُؤْمِنُ نَفْسُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ لِيَكُنْ جُلُّ كَلَامِكُمْ ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ احْذَرُوا الذُّنُوبَ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُذْنِبُ فَيَحْبِسُ عَنْهُ الرِّزْقُ دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ جِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ الْفَقْرُ هُوَ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ قِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ التَّقْدِيرُ نِصْفُ الْعَيْشِ الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ مَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ وَ مَا عَطِبَ امْرُؤٌ اسْتَشَارَ لَا تَصْلُحُ الصَّنِيعَةُ إِلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ أَوْ دِينٍ لِكُلِّ شَيْ ءٍ ثَمَرَةٌ وَ ثَمَرَةُ الْمَعْرُوفِ تَعْجِيلُهُ مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِيَّةِ مَنْ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ عِنْدَ مُصِيبَةٍ حَبِطَ أَجْرُهُ أَفْضَلُ أَعْمَالِ الْمَرْءِ انْتِظَارُ فَرَجِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ أَحْزَنَ وَالِدَيْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ ادْفَعُوا أَمْوَاجَ الْبَلَاءِ عَنْكُمْ بِالدُّعَاءِ قَبْلَ وُرُودِ الْبَلَاءِ فَوَ

ص: 54

الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَلْبَلَاءُ أَسْرَعُ إِلَى الْمُؤْمِنِ مِنِ انْحِدَارِ السَّيْلِ مِنْ أَعْلَى التَّلْعَةِ إِلَى أَسْفَلِهَا وَ مِنْ رَكْضِ الْبَرَاذِينِ سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ فَإِنَّ جَهْدَ الْبَلَاءِ ذَهَابُ الدِّينِ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ فَاتَّعَظَ رَوِّضُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ يَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حَرَامٌ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ طِينَةِ خَبَالٍ وَ إِنْ كَانَ مَغْفُوراً لَهُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَ لَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةٍ الدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ لِتَطَيَّبِ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ لِزَوْجِهَا الْمَقْتُولُ دُونَ مَالِهِ شَهِيدٌ الْمَغْبُونُ غَيْرُ مَحْمُودٍ وَ لَا مَأْجُورٍ لَا يَمِينَ لِوَلَدٍ مَعَ وَالِدِهِ وَ لَا لِلْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا لَا صَمْتَ يَوْماً إِلَى اللَّيْلِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ تَعَرَّضُوا لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّ فِيهَا غِنًى لَكُمْ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْتَرِفَ الْأَمِينَ لَيْسَ عَمَلٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا يَشْغَلَنَّكُمْ عَنْ أَوْقَاتِهَا شَيْ ءٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَمَّ أَقْوَاماً فَقَالَ «الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ» يَعْنِي أَنَّهُمْ غَافِلُونَ اسْتَهَانُوا بِأَوْقَاتِهَا اعْلَمُوا أَنَّ صَالِحِي عَدُوِّكُمْ يُرَائِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُوَفِّقُهُمْ وَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصاً الْبِرُّ لَا يَبْلَى وَ الذَّنْبُ لَا يُنْسَى وَ اللَّهُ الْجَلِيلُ «مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ» الْمُؤْمِنُ لَا يَغُشُّ أَخَاهُ وَ لَا يَخُونُهُ وَ لَا يَخْذُلُهُ وَ لَا يَتَّهِمُهُ وَ لَا يَقُولُ لَهُ أَنَا مِنْكَ بَرِي ءٌ اطْلُبْ لِأَخِيكَ عُذْراً فَإِنْ لَمْ تَجِدْ لَهُ عُذْراً فَالْتَمِسْ لَهُ عُذْراً مُزَاوَلَةُ قَلْعِ الْجِبَالِ أَيْسَرُ مِنْ مُزَاوَلَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ «وَ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» لَا تُعَاجِلُوا الْأَمْرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَتَنْدَمُوا وَ لَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ ارْحَمُوا ضُعَفَاءَكُمْ وَ اطْلُبُوا الرَّحْمَةَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالرَّحْمَةِ لَهُمْ إِيَّاكُمْ وَ غَيْبَةَ الْمُسْلِمِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَغْتَابُ أَخَاهُ وَ قَدْ نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى «وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً» لَا يَجْمَعُ

ص: 55

الْمُسْلِمُ يَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الْكُفْرِ يَعْنِي الْمَجُوسَ لِيَجْلِسْ أَحَدُكُمْ عَلَى طَعَامِهِ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَ لْيَأْكُلْ عَلَى الْأَرْضِ وَ لَا يَشْرَبْ قَائِماً إِذَا أَصَابَ أَحَدُكُمُ الدَّابَّةَ وَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَدْفِنْهَا وَ يَتْفُلُ عَلَيْهَا أَوْ يُصَيِّرُهَا فِي ثَوْبِهِ حَتَّى يَنْصَرِفَ الِالْتِفَاتُ الْفَاحِشُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَ يَنْبَغِي لِمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ بِالْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ وَ التَّكْبِيرِ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً وَ مِثْلَهَا إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ مِثْلَهَا آيَةَ الْكُرْسِيِّ مَنَعَ مَالَهُ مِمَّا يَخَافُ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ لَمْ يُصِبْهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ذَنْبٌ وَ إِنْ جَهَدَ إِبْلِيسُ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ ضَلْعِ الدِّينِ وَ غَلَبَةِ الرِّجَالِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنَّا هَلَكَ تَشْمِيرُ الثِّيَابِ طَهُورٌ لَهَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ» يَعْنِي فَشَمِّرْ لَعْقُ الْعَسَلِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ» وَ هُوَ مَعَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَضْغُ اللُّبَانِ يُذِيبُ الْبَلْغَمَ ابْدَءُوا بِالْمِلْحِ فِي أَوَّلِ طَعَامِكُمْ فَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْمِلْحِ لَاخْتَارُوهُ عَلَى التِّرْيَاقِ الْمُجَرَّبِ مَنِ ابْتَدَأَ طَعَامَهُ بِالْمِلْحِ ذَهَبَ عَنْهُ سَبْعُونَ دَاءً وَ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صُبُّوا عَلَى الْمَحْمُومِ الْمَاءَ الْبَارِدَ فِي الصَّيْفِ فَإِنَّهُ يُسَكِّنُ حَرَّهَا صُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَهِيَ تَعْدِلُ صَوْمَ الدَّهْرِ وَ نَحْنُ نَصُومُ خَمِيسَيْنِ بَيْنَهُمَا الْأَرْبِعَاءُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ حَاجَةً فَلْيُبَكِّرْ فِي طَلَبِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَ لْيَقْرَأْ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ الْآيَاتِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ أُمَّ الْكِتَابِ فَإِنَّ فِيهَا قَضَاءَ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ عَلَيْكُمْ بِالصَّفِيقِ مِنَ الثِّيَابِ فَإِنَّهُ مَنْ رَقَّ ثَوْبُهُ رَقَّ دِينُهُ لَا يَقُومَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ وَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ يَشِفُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ادْخُلُوا فِي مَحَبَّتِهِ فَ-«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» وَ الْمُؤْمِنُ تَوَّابٌ إِذَا قَالَ الْمُؤْمِنُ لِأَخِيهِ أُفٍّ انْقَطَعَ مَا بَيْنَهُمَا

ص: 56

فَإِذَا قَالَ لَهُ أَنْتَ كَافِرٌ كَفَرَ أَحَدُهُمَا وَ إِذَا اتَّهَمَهُ انْمَاثَ الْإِسْلَامُ فِي قَلْبِهِ كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ أَرَادَهَا فَ-«تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِذا عاهَدْتُمْ» فَمَا زَالَتْ نِعْمَةٌ وَ لَا نَضَارَةُ عَيْشٍ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوا «إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» وَ لَوْ أَنَّهُمُ اسْتَقْبَلُوا ذَلِكَ بِالدُّعَاءِ وَ الْإِنَابَةِ لَمَا تَنْزِلُ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذَا نَزَلَتْ بِهِمُ النِّقَمُ وَ زَالَتْ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ (1) وَ لَمْ يَهِنُوا وَ لَمْ يُسْرِفُوا لَأَصْلَحَ اللَّهُ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ وَ لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ صَالِحٍ إِذَا ضَاقَ الْمُسْلِمُ فَلَا يَشْكُوَنَّ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لْيَشْكُ إِلَى رَبِّهِ الَّذِي بِيَدِهِ مَقَالِيدُ الْأُمُورِ وَ تَدْبِيرُهَا فِي كُلِّ امْرِئٍ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلَاثٍ الطِّيَرَةُ وَ الْكِبْرُ وَ التَّمَنِّي إِذَا تَطَيَّرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمْضِ عَلَى طِيَرَتِهِ وَ لْيَذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا خَشِيَ الْكِبْرَ فَلْيَأْكُلْ مَعَ خَادِمِهِ وَ لْيَحْلُبِ الشَّاةَ وَ إِذَا تَمَنَّى فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لْيَبْتَهِلِ اللَّهَ وَ لَا تُنَازِعْهُ نَفْسُهُ إِلَى الْإِثْمِ خَالِطُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ وَ دَعُوهُمْ مِمَّا يُنْكِرُونَ وَ لَا تَحْمِلُوهُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَ عَلَيْنَا إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ عَبْدٌ قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ إِذَا وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ إِلَى أَحَدِكُمْ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ وَ لْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ إِذَا كَسَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِناً ثَوْباً جَدِيداً فَلْيَتَوَضَّ وَ لْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا أُمَّ الْكِتَابِ وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثُمَّ لْيَحْمَدِ اللَّهَ الَّذِي سَتَرَ عَوْرَتَهُ وَ زَيَّنَهُ فِي النَّاسِ وَ لْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ لَا يَعْصِي اللَّهَ فِيهِ وَ لَهُ بِكُلِّ سِلْكٍ فِيهِ مَلَكٌ يُقَدِّسُ لَهُ وَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ اطْرَحُوا سُوءَ الظَّنِّ بَيْنَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَهَى عَنْ ذَلِكَ أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ مَعِي عِتْرَتِي عَلَى الْحَوْضِ فَمَنْ أَرَادَنَا فَلْيَأْخُذْ بِقَوْلِنَا وَ لْيَعْمَلْ

ص: 57


1- قوله (عليه السّلام) ولم يتمنّوا يظهر منه أن التمنّي مذموم بل مقتضى ذكره في سياق الإسراف کونه كبيرة فتأمّل فيما يأتي من قوله (عليه السّلام) في كل أمري واحدة من ثلاث. السبزواري.

بِعَمَلِنَا فَإِنَّ لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ نَجِيبٍ وَ لَنَا شَفَاعَةً وَ لِأَهْلِ مَوَدَّتِنَا شَفَاعَةً فَتَنَافَسُوا فِي لِقَائِنَا عَلَى الْحَوْضِ فَإِنَّا نَذُودُ عَنْهُ أَعْدَاءَنَا وَ نَسْقِي مِنْهُ أَحِبَّاءَنَا وَ أَوْلِيَاءَنَا وَ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً حَوْضُنَا مُتْرَعٌ فِيهِ مَثْعَبَانِ يَنْصَبَّانِ مِنَ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ تَسْنِيمٍ وَ الْآخَرُ مِنْ مَعِينٍ عَلَى حَافَتَيْهِ الزَّعْفَرَانُ وَ حَصَاةُ اللُّؤْلُؤِ وَ الْيَاقُوتِ وَ هُوَ الْكَوْثَرُ إِنَّ الْأُمُورَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَيْسَتْ إِلَى الْعِبَادِ وَ لَوْ كَانَتْ إِلَى الْعِبَادِ مَا كَانُوا لِيَخْتَارُوا عَلَيْنَا أَحَداً وَ لَكِنَّ اللَّهَ «يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ» فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا اخْتَصَّكُمْ بِهِ مِنْ بَادِئِ النِّعَمِ أَعْنِي طِيبَ الْوِلَادَةِ كُلُّ عَيْنٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَاكِيَةٌ وَ كُلُّ عَيْنٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَاهِرَةٌ إِلَّا عَيْنَ مَنِ اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ وَ بَكَى عَلَى مَا يَنْتَهِكُ مِنَ الْحُسَيْنِ وَ آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السّلام) شِيعَتُنَا بِمَنْزِلَةِ النَّحْلِ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي أَجْوَافِهَا لَأَكَلُوهَا لَا تُعَجِّلُوا الرَّجُلَ عِنْدَ طَعَامِهِ حَتَّى يَفْرُغَ وَ لَا عِنْدَ غَائِطِهِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى حَاجَتِهِ إِذَا انْتَبَهَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ سُبْحَانَ رَبِّ النَّبِيِّينَ وَ إِلَهِ الْمُرْسَلِينَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ «وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» فَإِذَا جَلَسَ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَقُلْ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ حَسْبِيَ اللَّهُ حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْعِبَادِ حَسْبِيَ الَّذِي هُوَ حَسْبِي مُنْذُ كُنْتُ «حَسْبِيَ اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ» إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَكْنَافِ السَّمَاءِ وَ لْيَقْرَأْ «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ» إِلَى قَوْلِهِ «إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ» الِاطِّلَاعُ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ يُذْهِبُ الدَّاءَ فَاشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا مِمَّا يَلِي الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فَإِنَّ تَحْتَ الْحَجَرِ أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ الْفُرَاتُ وَ النِّيلُ وَ سَيْحَانُ وَ جَيْحَانُ وَ هُمَا نَهْرَانِ لَا يَخْرُجِ الْمُسْلِمُ فِي الْجِهَادِ مَعَ مَنْ لَا يُؤْمِنُ عَلَى الْحُكْمِ وَ لَا يُنْفِذُ فِي الْفَيْ ءِ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ كَانَ مُعِيناً لِعَدُوِّنَا فِي حَبْسِ حُقُوقِنَا وَ الْإِشَاطَةِ بِدِمَائِنَا وَ مِيتَتُهُ مِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ذِكْرُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ شِفَاءٌ مِنَ الْعِلَلِ وَ الْأَسْقَامِ وَ وَسْوَاسِ

ص: 58

الرَّيْبِ وَ جِهَتُنَا رِضَا الرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْآخِذُ بِأَمْرِنَا مَعَنَا غَداً فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ وَ الْمُنْتَظِرُ لِأَمْرِنَا كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ شَهِدَنَا فِي حَرْبِنَا أَوْ سَمِعَ وَاعِيَتَنَا فَلَمْ يَنْصُرْنَا أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ نَحْنُ بَابُ الْغَوْثِ إِذَا بَغَوْا وَ ضَاقَتِ الْمَذَاهِبُ نَحْنُ بَابُ حِطَّةٍ وَ هُوَ بَابُ السَّلَامِ مَنْ دَخَلَهُ نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَوَى بِنَا يَفْتَحُ اللَّهُ وَ بِنَا يَخْتِمُ اللَّهُ وَ بِنَا يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَ بِنَا يَثْبُتُ وَ بِنَا يَدْفَعُ اللَّهُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ وَ بِنَا يُنَزِّلُ الْغَيْثَ فَ-«لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ» مَا أَنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ مُنْذُ حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لَأَنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَ لَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَ لَذَهَبَتِ الشَّحْنَاءُ مِنْ قُلُوبِ الْعِبَادِ وَ اصْطَلَحَتِ السِّبَاعُ وَ الْبَهَائِمُ حَتَّى تَمْشِي الْمَرْأَةُ بَيْنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ لَا تَضَعُ قَدَمَيْهَا إِلَّا عَلَى النَّبَاتِ وَ عَلَى رَأْسِهَا زِينَتُهَا لَا يُهَيِّجُهَا سَبُعٌ وَ لَا تَخَافُهُ وَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا لَكُمْ فِي مَقَامِكُمْ بَيْنَ عَدُوِّكُمْ وَ صَبْرِكُمْ عَلَى مَا تَسْمَعُونَ مِنَ الْأَذَى لَقَرَّتْ أَعْيُنُكُمْ وَ لَوْ فَقَدْتُمُونِي لَرَأَيْتُمْ مِنْ بَعْدِي أُمُوراً يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِمَّا يَرَى مِنْ أَهْلِ الْجُحُودِ وَ الْعُدْوَانِ مِنَ الْأَثَرَةِ وَ الِاسْتِخْفَافِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَ-«اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا» وَ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ وَ الصَّلَاةِ وَ التَّقِيَّةِ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُبْغِضُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَلَوِّنَ فَلَا تَزُولُوا عَنِ الْحَقِّ وَ وَلَايَةِ أَهْلِ الْحَقِّ فَإِنَّ مَنِ اسْتَبْدَلَ بِنَا هَلَكَ وَ فَاتَتْهُ الدُّنْيَا وَ خَرَجَ مِنْهَا إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ فَلْيَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا وَ لْيَقْرَأْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِينَ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ فَإِنَّهُ يَنْفِي الْفَقْرَ عَلِّمُوا صِبْيَانَكُمُ الصَّلَاةَ وَ خُذُوهُمْ بِهَا إِذَا بَلَغُوا ثَمَانَ سِنِينَ تَنَزَّهُوا عَنْ قُرْبِ الْكِلَابِ فَمَنْ أَصَابَ الْكَلْبَ وَ هُوَ رَطْبٌ فَلْيَغْسِلْهُ وَ إِنْ كَانَ جَافّاً فَلْيَنْضِحْ ثَوْبَهُ بِالْمَاءِ إِذَا سَمِعْتُمْ مِنْ حَدِيثِنَا مَا لَا تَعْرِفُونَ فَرُدُّوهُ إِلَيْنَا وَ قِفُوا عِنْدَهُ وَ سَلِّمُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْحَقُّ وَ لَا تَكُونُوا مَذَايِيعَ عَجْلَى إِلَيْنَا يَرْجِعُ الْغَالِي وَ بِنَا يَلْحَقُ الْمُقَصِّرُ الَّذِي يُقَصِّرُ بِحَقِّنَا مَنْ

ص: 59

تَمَسَّكَ بِنَا لَحِقَ وَ مَنْ سَلَكَ غَيْرَ طَرِيقِنَا غَرِقَ لِمُحِبِّينَا أَفْوَاجٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ لِمُبْغِضِينَا أَفْوَاجٌ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ طَرِيقُنَا الْقَصْدُ وَ فِي أَمْرِنَا الرُّشْدُ لَا يَكُونُ السَّهْوُ فِي خَمْسٍ فِي الْوَتْرِ وَ الْجُمُعَةِ وَ الرَّكْعَتَيْنِ الأوّليَيْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ وَ فِي الصُّبْحِ وَ فِي الْمَغْرِبِ وَ لَا يَقْرَأُ الْعَبْدُ الْقُرْآنَ إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهُورٍ حَتَّى يَتَطَهَّرَ أُعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَظَّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ إِذَا كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي قَمِيصٍ مُتَوَشِّحاً بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ قَوْمِ لُوطٍ يُجْزِي لِلرَّجُلِ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَعْقِدُ طَرَفَيْهِ عَلَى عُنُقِهِ وَ فِي الْقَمِيصِ الضَّيِّقِ يَزُرُّهُ عَلَيْهِ لَا يَسْجُدُ الرَّجُلُ عَلَى صُورَةٍ وَ لَا عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ صُورَةٌ وَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ تَحْتَ قَدَمِهِ أَوْ يَطْرَحَ عَلَيْهِ مَا يُوَارِيهَا لَا يَعْقِدُ الرَّجُلُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي فِيهَا صُورَةٌ فِي ثَوْبِهِ وَ هُوَ يُصَلِّي وَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدَّرَاهِمُ فِي هِمْيَانٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ إِذَا خَافَ وَ يَجْعَلُهَا إِلَى ظَهْرِهِ لَا يَسْجُدُ الرَّجُلُ عَلَى كُدْسِ حِنْطَةٍ وَ لَا شَعِيرٍ وَ لَا عَلَى لَوْنٍ مِمَّا يُؤْكَلُ وَ لَا يَسْجُدُ عَلَى الْخُبْزِ لَا يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ حَتَّى يُسَمِّيَ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ الْمَاءَ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَهُورِهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً (صلّی الله عليه وآله وسلّم) عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ فَعِنْدَهَا يَسْتَحِقُّ الْمَغْفِرَةَ مَنْ أَتَى الصَّلَاةَ عَارِفاً بِحَقِّهَا غُفِرَ لَهُ لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ نَافِلَةً فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَ لَكِنْ يَقْضِي بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ» يَعْنِي الَّذِينَ يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ وَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ لَا تُقْضَى النَّافِلَةُ فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ ابْدَأْ بِالْفَرِيضَةِ ثُمَّ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ الصَّلَاةُ فِي الْحَرَمَيْنِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ وَ نَفَقَةُ دِرْهَمٍ فِي الْحَجِّ تَعْدِلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَخْشَعِ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ مَنْ خَشَعَ قَلْبُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَشَعَتْ جَوَارِحُهُ فَلَا يَعْبَثْ بِشَيْ ءٍ الْقُنُوتُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ الثَّانِيَةِ وَ يُقْرَأُ فِي الأولى الْحَمْدُ وَ الْجُمُعَةُ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدُ وَ الْمُنَافِقُونَ اجْلِسُوا فِي الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى تَسْكُنَ

ص: 60

جَوَارِحُكُمْ ثُمَّ قُومُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِنَا إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُرْجِعْ يَدَهُ حِذَاءَ صَدْرِهِ وَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَلْيَتَحَرَّى بِصَدْرِهِ وَ لْيُقِمْ صُلْبَهُ وَ لَا يَنْحَنِي إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ فَلْيَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ لْيَنْصَبْ فِي الدُّعَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَإٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ لَيْسَ اللَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ قَالَ بَلَى قَالَ فَلِمَ يَرْفَعُ الْعَبْدُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ أَ مَا تَقْرَأُ «وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ» فَمِنْ أَيْنَ يُطْلَبُ الرِّزْقُ إِلَّا مِنْ مَوْضِعِهِ وَ مَوْضِعُ الرِّزْقِ وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّمَاءُ لَا يَنْفَتِلُ الْعَبْدُ مِنْ صَلَاتِهِ حَتَّى يَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَ يَسْتَجِيرَ بِهِ مِنَ النَّارِ وَ يَسْأَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ التَّبَسُّمُ وَ يَقْطَعُهَا الْقَهْقَهَةُ إِذَا خَالَطَ النَّوْمُ الْقَلْبَ وَجَبَ الْوُضُوءُ إِذَا غَلَبَتْكَ عَيْنُكَ وَ أَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَاقْطَعِ الصَّلَاةَ وَ نَمْ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي تَدْعُو لَكَ أَوْ عَلَى نَفْسِكَ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَ قَاتَلَ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا بِيَدِهِ فَهُوَ مَعَنَا فِي الْجَنَّةِ فِي دَرَجَتِنَا وَ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَ لَمْ يُقَاتِلْ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا فَهُوَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ بِدَرَجَةٍ وَ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَ لَمْ يُعِنَّا بِلِسَانِهِ وَ لَا بِيَدِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَ يَدِهِ فَهُوَ مَعَ عَدُوِّنَا فِي النَّارِ وَ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَ لَمْ يُعِنْ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَ لَا بِيَدِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَنْظُرُونَ إِلَى مَنَازِلِ شِيعَتِنَا كَمَا يَنْظُرُ الْإِنْسَانُ إِلَى الْكَوَاكِبِ فِي السَّمَاءِ إِذَا قَرَأْتُمْ مِنَ الْمُسَبِّحَاتِ الْأَخِيرَةِ فَقُولُوا سُبْحَانَ اللَّهِ الْأَعْلَى وَ إِذَا قَرَأْتُمْ «إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ» فَصَلُّوا عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ كُنْتُمْ أَوْ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ فِي الْبَدَنِ شَيْ ءٌ أَقَلَّ شُكْراً مِنَ الْعَيْنِ فَلَا تُعْطُوهَا سُؤْلَهَا فَتَشْغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا قَرَأْتُمْ وَ التِّينِ فَقُولُوا فِي آخِرِهَا وَ نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَ إِذَا قَرَأْتُمْ قَوْلَهُ «آمَنَّا بِاللَّهِ» فَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ حَتَّى تَبْلُغُوا إِلَى قَوْلِهِ مُسْلِمُونَ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ فِي التَّشَهُّدِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَ هُوَ جَالِسٌ

ص: 61

أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ «أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ» ثُمَّ أَحْدَثَ حَدَثاً فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْمَشْيِ إِلَى بَيْتِهِ اطْلُبُوا الْخَيْرَ فِي أَخْفَافِ الْإِبِلِ وَ أَعْنَاقِهَا صَادِرَةً وَ وَارِدَةً إِنَّمَا سُمِّيَ السِّقَايَةُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أَمَرَ بِزَبِيبٍ أُتِيَ مِنَ الطَّائِفِ أَنْ يُنْبَذَ وَ يُطْرَحَ فِي حَوْضِ زَمْزَمَ لِأَنَّ مَاءَهَا مُرٌّ فَأَرَادَ أَنْ يَكْسِرَ مَرَارَتَهُ فَلَا تَشْرَبُوهُ إِذَا عَتُقَ إِذَا تَعَرَّى الرَّجُلُ نَظَرَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ فَطَمِعَ فِيهِ فَاسْتَتِرُوا لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَكْشِفَ ثِيَابَهُ عَنْ فَخِذِهِ وَ يَجْلِسَ بَيْنَ قَوْمٍ مَنْ أَكَلَ شَيْئاً مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ بِرِيحِهَا فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ لِيَرْفَعِ الرَّجُلُ السَّاجِدُ مُؤَخَّرَهُ فِي الْفَرِيضَةِ إِذَا سَجَدَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْغُسْلَ فَلْيَبْدَأْ بِذِرَاعَيْهِ فَلْيَغْسِلْهُمَا إِذَا صَلَّيْتَ فَأَسْمِعْ نَفْسَكَ الْقِرَاءَةَ وَ التَّكْبِيرَ وَ التَّسْبِيحَ إِذَا انْفَتَلْتَ مِنَ الصَّلَاةِ فَانْفَتِلْ عَنْ يَمِينِكَ تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّ خَيْرَ مَا تَزَوَّدْتَ مِنْهَا التَّقْوَى فُقِدَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أُمَّتَانِ وَاحِدَةٌ فِي الْبَحْرِ وَ أُخْرَى فِي الْبَرِّ فَلَا تَأْكُلُوا إِلَّا مَا عَرَفْتُمْ مَنْ كَتَمَ وَجَعاً أَصَابَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ النَّاسِ وَ شَكَا إِلَى اللَّهِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعَافِيَهُ مِنْهُ أَبْعَدُ مَا كَانَ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ إِذَا كَانَ هَمُّهُ بَطْنَهُ وَ فَرْجَهُ لَا يَخْرُجُ الرَّجُلُ فِي سَفَرٍ يَخَافُ فِيهِ عَلَى دِينِهِ وَ صَلَاتِهِ أُعْطِيَ السَّمْعَ أَرْبَعَةٌ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ وَ حُورُ الْعِينُ (1) فَإِذَا فَرَغَ الْعَبْدُ مِنْ صَلَاتِهِ فَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَ يَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ وَ يَسْأَلُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) رُفِعَتْ دَعْوَتُهُ وَ مَنْ سَأَلَ الْجَنَّةَ قَالَتِ الْجَنَّةُ يَا رَبِّ أَعْطِ عَبْدَكَ مَا سَأَلَ وَ مَنِ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ قَالَتِ النَّارُ يَا رَبِّ أَجِرْ عَبْدَكَ مِمَّا اسْتَجَارَ وَ مَنْ سَأَلَ الْحُورَ الْعِينَ قُلْنَ الْحُورُ يَا رَبِّ أَعْطِ عَبْدَكَ مَا سَأَلَ الْغِنَاءُ نَوْحُ إِبْلِيسَ عَلَى الْجَنَّةِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ

ص: 62


1- في بعض الأخبار أعطيّ سمع الخلائق. ج 10 ص 255س5 السبزواري.

الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ وَ لْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي لِلَّهِ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَ دِينِ مُحَمَّدٍ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ وَلَايَةِ مَنِ افْتَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَ مَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنَامِهِ حُفِظَ مِنَ اللِّصِّ وَ الْمُغِيرِ وَ الْهَدْمِ وَ اسْتَغْفَرَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ خَمْسِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَحْرُسُونَهُ لَيْلَتَهُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ فَلَا يَضَعَنَّ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى يَقُولَ أُعِيذُ نَفْسِي وَ دِينِي وَ أَهْلِي وَ مَالِي وَ خَوَاتِيمَ عَمَلِي وَ مَا رَزَقَنِي رَبِّي وَ خَوَّلَنِي بِعِزَّةِ اللَّهِ وَ عَظَمَةِ اللَّهِ وَ جَبَرُوتِ اللَّهِ وَ سُلْطَانِ اللَّهِ وَ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ رَأْفَةِ اللَّهِ وَ غُفْرَانِ اللَّهِ وَ قُوَّةِ اللَّهِ وَ قُدْرَةِ اللَّهِ وَ جَلَالِ اللَّهِ وَ بِصُنْعِ اللَّهِ وَ أَرْكَانِ اللَّهِ وَ بِجَمْعِ اللَّهِ وَ بِرَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ شَرِّ السَّامَّةِ وَ الْهَامَّةِ وَ مِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ مِنْ شَرِّ مَا يَدِبُّ فِي الْأَرْضِ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ رَبِّي آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ (عليهما السّلام) وَ بِذَلِكَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ نَحْنُ الْخُزَّانُ لِدِينِ اللَّهِ وَ نَحْنُ مَصَابِيحُ الْعِلْمِ إِذَا مَضَى مِنَّا عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ لَا يَضِلُّ مَنِ اتَّبَعَنَا وَ لَا يَهْتَدِي مَنْ أَنْكَرَنَا وَ لَا يَنْجُو مَنْ أَعَانَ عَلَيْنَا عَدُوَّنَا وَ لَا يُعَانُ مَنْ أَسْلَمَنَا فَلَا تَتَخَلَّفُوا عَنَّا لِطَمَعِ دُنْيَا وَ حُطَامٍ زَائِلٍ عَنْكُمْ وَ أَنْتُمْ تَزُولُونَ عَنْهُ فَإِنَّ مَنْ آثَرَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَ اخْتَارَهَا عَلَيْنَا عَظُمَتْ حَسْرَتُهُ غَداً وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ «أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ» اغْسِلُوا صِبْيَانَكُمْ مِنَ الْغَمَرِ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَشَمُّ الْغَمَرَ فَيَفْزَعُ الصَّبِيُّ فِي رُقَادِهِ وَ يَتَأَذَّى بِهِ الْكَاتِبَانِ لَكُمْ أَوَّلُ نَظْرَةٍ إِلَى الْمَرْأَةِ فَلَا تُتْبِعُوهَا بِنَظْرَةٍ أُخْرَى وَ احْذَرُوا الْفِتْنَةَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حِينَ يَلْقَاهُ كَعَابِدِ وَثَنٍ فَقَالَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا الْمُدْمِنُ قَالَ الَّذِي إِذَا وَجَدَهَا شَرِبَهَا مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَمْ تُقْبَلْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ لَيْلَةً مَنْ قَالَ

ص: 63

لِمُسْلِمٍ قَوْلًا يُرِيدُ بِهِ انْتِقَاصَ مُرُوَّتِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي طِينَةِ خَبَالٍ حَتَّى يَأْتِيَ مِمَّا قَالَ بِمَخْرَجٍ لَا يَنَامُ الرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ وَ لَا الْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَبُ وَ هُوَ التَّعْزِيرُ كُلُوا الدُّبَّاءَ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي الدِّمَاغِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يُعْجِبُهُ الدُّبَّاءُ كُلُوا الْأُتْرُجَّ قَبْلَ الطَّعَامِ وَ بَعْدَهُ فَإِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ الْكُمَّثْرَى يَجْلُو الْقَلْبَ وَ يُسَكِّنُ أَوْجَاعَ الْجَوْفِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ إِلَى الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَسَداً لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي تَغْشَاهُ شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَ خَيْرُ الْأُمُورِ مَا كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا مَنْ عَبَدَ الدُّنْيَا وَ آثَرَهَا عَلَى الْآخِرَةِ اسْتَوْخَمَ الْعَاقِبَةَ اتَّخِذُوا الْمَاءَ طِيباً مَنْ رَضِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا قَسَمَ لَهُ اسْتَرَاحَ بَدَنُهُ خَسِرَ مَنْ ذَهَبَتْ حَيَاتُهُ وَ عُمُرُهُ فِيمَا يُبَاعِدُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَوْ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي مَا يَغْشَاهُ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ مَا سَرَّهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ إِيَّاكُمْ وَ تَسْوِيفَ الْعَمَلِ بَادِرُوا بِهِ إِذَا أَمْكَنَكُمْ مَا كَانَ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَسَيَأْتِيكُمْ عَلَى ضَعْفِكُمْ وَ مَا كَانَ عَلَيْكُمْ فَلَنْ تَقْدِرُوا أَنْ تَدْفَعُوهُ بِحِيلَةٍ مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرُوا عَلَى مَا أَصَابَكُمْ سِرَاجُ الْمُؤْمِنِ مَعْرِفَةُ حَقِّنَا أَشَدُّ الْعَمَى مَنْ عَمِيَ عَنْ فَضْلِنَا وَ نَاصَبَنَا الْعَدَاوَةَ بِلَا ذَنْبٍ سَبَقَ إِلَيْهِ مِنَّا إِلَّا أَنَّا دَعَوْنَاهُ إِلَى الْحَقِّ وَ دَعَاهُ مَنْ سِوَانَا إِلَى الْفِتْنَةِ وَ الدُّنْيَا فَأَتَاهُمْ وَ نَصَبَ الْبَرَاءَةَ مِنَّا وَ الْعَدَاوَةَ لَنَا لَنَا رَايَةُ الْحَقِّ مَنِ اسْتَظَلَّ بِهَا كَنَّتْهُ وَ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا فَازَ وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ وَ مَنْ فَارَقَهَا هَوَى وَ مَنْ تَمَسَّكَ بِهَا نَجَا أَنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ وَ اللَّهِ لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ إِذَا لَقِيتُمْ إِخْوَانَكُمْ فَتَصَافَحُوا وَ أَظْهِرُوا لَهُمُ الْبَشَاشَةَ وَ الْبِشْرَ تَتَفَرَّقُوا وَ مَا عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَوْزَارِ قَدْ ذَهَبَتْ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَسَمِّتُوهُ قُولُوا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ وَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها» صَافِحْ عَدُوَّكَ وَ إِنْ كَرِهَ فَإِنَّهُ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ عِبَادَهُ يَقُولُ «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ

ص: 64

وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» مَا تُكَافِي عَدُوَّكَ بِشَيْ ءٍ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ فِيهِ وَ حَسْبُكَ أَنْ تَرَى عَدُوَّكَ يَعْمَلُ بِمَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الدُّنْيَا دُوَلٌ فَاطْلُبْ حَظَّكَ مِنْهَا بِأَجْمَلِ الطَّلَبِ حَتَّى تَأْتِيَكَ دَوْلَتُكَ الْمُؤْمِنُ يَقْظَانُ مُتَرَقِّبٌ خَائِفٌ يَنْتَظِرُ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَ يَخَافُ الْبَلَاءَ حَذَراً مِنْ ذُنُوبِهِ رَاجِي رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَعْرَى الْمُؤْمِنُ مِنْ خَوْفِهِ وَ رَجَائِهِ يَخَافُ مِمَّا قَدَّمَ وَ لَا يَسْهُو عَنْ طَلَبِ مَا وَعَدَهُ اللَّهُ وَ لَا يَأْمَنُ مِمَّا خَوَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْتُمْ عُمَّارُ الْأَرْضِ الَّذِينَ اسْتَخْلَفَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَرَاقِبُوهُ فِيمَا يَرَى مِنْكُمْ عَلَيْكُمْ بِالْمَحَجَّةِ الْعُظْمَى فَاسْلُكُوهَا لَا يَسْتَبْدِلْ بِكُمْ غَيْرَكُمْ مَنْ كَمَلَ عَقْلُهُ حَسُنَ عَمَلُهُ وَ نَظَرُهُ لِدِينِهِ «سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ» فَإِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوهَا إِلَّا بِالتَّقْوَى مَنْ صُدِئَ بِالْإِثْمِ أَعْشَى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ تَرَكَ الْأَخْذَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ بِطَاعَتِهِ قَيَّضَ اللَّهُ «لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ» مَا بَالُ مَنْ خَالَفَكُمْ أَشَدُّ بَصِيرَةً فِي ضَلَالَتِهِمْ وَ أَبْذَلُ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْكُمْ مَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّكُمْ رَكَنْتُمْ إِلَى الدُّنْيَا فَرَضِيتُمْ بِالضَّيْمِ وَ شَحَحْتُمْ عَلَى الْحُطَامِ وَ فَرَّطْتُمْ فِيمَا فِيهِ عِزُّكُمْ وَ سَعَادَتُكُمْ وَ قُوَّتُكُمْ عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْكُمْ لَا مِنْ رَبِّكُمْ تَسْتَحْيُونَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَ لَا لِأَنْفُسِكُمْ تَنْظُرُونَ وَ أَنْتُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ تُضَامُونَ وَ لَا تَنْتَبِهُونَ مِنْ رَقْدَتِكُمْ وَ لَا يَنْقَضِي فُتُورُكُمْ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَى بِلَادِكُمْ وَ [إِلَى] دِينِكُمْ كُلَّ يَوْمٍ يَبْلَى وَ أَنْتُمْ فِي غَفْلَةِ الدُّنْيَا يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ» سَمُّوا أَوْلَادَكُمْ فَإِنْ لَمْ تَدْرُوا أَ ذَكَرٌ هُمْ أَمْ أُنْثَى فَسَمُّوهُمْ بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي تَكُونُ لِلذَّكَرِ وَ الْأُنْثَى فَإِنَّ أَسْقَاطَكُمْ إِذَا لَقُوكُمْ فِي الْقِيَامَةِ وَ لَمْ تُسَمُّوهُمْ يَقُولُ السِّقْطُ لِأَبِيهِ أَ لَا سَمَّيْتَنِي وَ قَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) مُحَسِّناً قَبْلَ أَنْ يُولَدَ إِيَّاكُمْ وَ شُرْبَ الْمَاءِ مِنْ قِيَامٍ عَلَى أَرْجُلِكُمْ فَإِنَّهُ يُورِثُ الدَّاءَ الَّذِي لَا دَوَاءَ لَهُ أَوْ يُعَافِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا رَكِبْتُمُ الدَّوَابَّ

ص: 65

فَاذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قُولُوا «سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ» إِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ فِي سَفَرٍ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَ الْحَامِلُ عَلَى الظَّهْرِ وَ الْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ وَ إِذَا نَزَلْتُمْ مَنْزِلًا فَقُولُوا اللَّهُمَّ أَنْزِلْنَا مُنْزَلًا مُبارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ إِذَا اشْتَرَيْتُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ السُّوقِ فَقُولُوا حِينَ تَدْخُلُونَ الْأَسْوَاقَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ صَفْقَةٍ خَاسِرَةٍ وَ يَمِينٍ فَاجِرَةٍ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ بَوَارِ الْأَيِّمِ الْمُنْتَظِرُ وَقْتَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مِنْ زُوَّارِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ وَ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا سَأَلَ الْحَاجُّ وَ الْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ وَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُكْرِمَ وَفْدَهُ وَ يَحْبُوَهُ بِالْمَغْفِرَةِ مَنْ سَقَى صَبِيّاً مُسْكِراً وَ هُوَ لَا يَعْقِلُ حَبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي طِينَةِ الْخَبَالِ حَتَّى يَأْتِيَ مِمَّا صَنَعَ بِمَخْرَجٍ الصَّدَقَةُ جُنَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ النَّارِ لِلْمُؤْمِنِ وَ وِقَايَةٌ لِلْكَافِرِ مِنْ أَنْ يَتْلَفَ مَنْ أَتْلَفَ مَالَهُ يُعَجَّلُ لَهُ الْخَلَفُ وَ دُفِعَ عَنْهُ الْبَلَايَا وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ بِاللِّسَانِ كُبَّ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ وَ بِاللِّسَانِ أُعْطِيَ أَهْلُ النُّورِ النُّورَ فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ اشْغَلُوهَا بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَخْبَثُ الْأَعْمَالِ مَا وَرَّثَ الضَّلَالَ وَ خَيْرُ مَا اكْتُسِبَ أَعْمَالُ الْبِرِّ إِيَّاكُمْ وَ عَمَلَ الصُّوَرِ فَتُسْأَلُوا عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا أُخِذَتْ مِنْكَ قَذَاةٌ فَقُلْ أَمَاطَ اللَّهُ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ إِذَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ وَ قَدْ خَرَجْتَ مِنَ الْحَمَّامِ طَابَ حَمَّامُكَ وَ حَمِيمُكَ فَقُلْ أَنْعَمَ اللَّهُ بَالَكَ إِذَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ حَيَّاكَ اللَّهُ بِالسَّلَامِ فَقُلْ أَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ بِالسَّلَامِ وَ أَحَلَّكَ دَارَ الْمُقَامِ لَا تَبُلْ عَلَى الْمَحَجَّةِ وَ لَا تَتَغَوَّطْ عَلَيْهَا السُّؤَالُ بَعْدَ الْمَدْحِ فَامْدَحُوا اللَّهَ ثُمَّ سَلُوا الْحَوَائِجَ أَثْنُوا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ امْدَحُوهُ قَبْلَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ يَا صَاحِبَ الدُّعَاءِ لَا تَسْأَلْ مَا لَا يَكُونُ وَ لَا يَحِلُّ إِذَا هَنَّأْتُمُ الرَّجُلَ عَنْ مَوْلُودٍ ذَكَرٍ فَقُولُوا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي هِبَتِهِ وَ بَلَّغَهُ أَشُدَّهُ وَ رَزَقَكَ بِرَّهُ إِذَا قَدِمَ أَخُوكَ مِنْ مَكَّةَ فَقَبِّلْ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ فَاهُ الَّذِي قَبَّلَ بِهِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ الَّذِي قَبَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ الْعَيْنَ الَّتِي

ص: 66

نَظَرَ بِهَا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَبِّلْ مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَ وَجْهَهُ وَ إِذَا هَنَّأْتُمُوهُ فَقُولُوا قَبِلَ اللَّهُ نُسُكَكَ وَ رَحِمَ سَعْيَكَ وَ أَخْلَفَ عَلَيْكَ نَفَقَتَكَ وَ لَا جَعَلَهُ آخِرَ عَهْدِكَ بِبَيْتِهِ الْحَرَامِ احْذَرُوا السَّفِلَةَ فَإِنَّ السَّفِلَةَ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ قَتَلَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَ فِيهِمْ أَعْدَاؤُنَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ فَاخْتَارَنَا وَ اخْتَارَ لَنَا شِيعَةً يَنْصُرُونَنَا وَ يَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا وَ يَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا وَ يَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وَ أَنْفُسَهُمْ فِينَا أُولَئِكَ مِنَّا وَ إِلَيْنَا مَا مِنَ الشِّيعَةِ عَبْدٌ يُقَارِفُ أَمْراً نَهَيْنَا عَنْهُ فَيَمُوتُ حَتَّى يُبْتَلَى بِبَلِيَّةٍ تُمَحَّصُ بِهَا ذُنُوبُهُ إِمَّا فِي مَالِهِ وَ إِمَّا فِي وُلْدِهِ وَ إِمَّا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا لَهُ ذَنْبٌ وَ إِنَّهُ لَيَبْقَى عَلَيْهِ الشَّيْ ءُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَيُشَدَّدُ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ الْمَيِّتُ مِنْ شِيعَتِنَا صِدِّيقٌ شَهِيدٌ صَدَقَ بِأَمْرِنَا وَ أَحَبَّ فِينَا وَ أَبْغَضَ فِينَا يُرِيدُ بِذَلِكَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ» افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً وَ سَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَنْ أَذَاعَ سِرَّنَا أَذَاقَهُ اللَّهُ بَأْسَ الْحَدِيدِ اخْتَتِنُوا أَوْلَادَكُمْ يَوْمَ السَّابِعِ لَا يَمْنَعْكُمْ حَرٌّ وَ لَا بَرْدٌ فَإِنَّهُ طَهُورٌ لِلْجَسَدِ وَ إِنَّ الْأَرْضَ لَتَضِجُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ بَوْلِ الْأَغْلَفِ السُّكْرُ أَرْبَعُ سُكْرَاتٍ سُكْرُ الشَّرَابِ وَ سُكْرُ الْمَالِ وَ سُكْرُ النَّوْمِ وَ سُكْرُ الْمُلْكِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْيُمْنَى فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَ يَنْتَبِهُ مِنْ رَقْدَتِهِ أَمْ لَا أُحِبُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَطَّلِيَ فِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً مِنَ النُّورَةِ أَقِلُّوا مِنْ أَكْلِ الْحِيتَانِ فَإِنَّهَا تُذِيبُ الْبَدَنَ وَ تُكْثِرُ الْبَلْغَمَ وَ تُغَلِّظُ النَّفَسَ حَسْوُ اللَّبَنِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا الْمَوْتَ كُلُوا الرُّمَّانَ بِشَحْمِهِ فَإِنَّهُ دِبَاغٌ لِلْمَعِدَةِ وَ فِي كُلِّ حَبَّةٍ مِنَ الرُّمَّانِ إِذَا اسْتَقَرَّتْ فِي الْمَعِدَةِ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ وَ إِنَارَةٌ لِلنَّفْسِ وَ تُمَرِّضُ وَسْوَاسَ الشَّيْطَانِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ يَكْسِرُ الْمِرَّةَ وَ يُحْيِي الْقَلْبَ وَ كُلُوا الْهِنْدَبَاءَ فَمَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَ عَلَيْهِ قَطْرَةٌ مِنْ قَطْرِ الْجَنَّةِ اشْرَبُوا مَاءَ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُ الْبَدَنَ وَ يَدْفَعُ

ص: 67

الْأَسْقَامَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ» مَا مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ مِنْهُ شِفَاءٌ إِلَّا السَّامَ لُحُومُ الْبَقَرِ دَاءٌ وَ أَلْبَانُهَا دَوَاءٌ وَ أَسْمَانُهَا شِفَاءٌ مَا تَأْكُلُ الْحَامِلُ مِنْ شَيْ ءٍ وَ لَا تَتَدَاوَى بِهِ أَفْضَلَ مِنَ الرُّطَبِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَرْيَمَ (عليها السّلام) «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً» حَنِّكُوا أَوْلَادَكُمْ بِالتَّمْرِ فَهَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ زَوْجَتَهُ فَلَا يُعَجِّلْهَا فَإِنَّ لِلنِّسَاءِ حَوَائِجَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ امْرَأَةً تُعْجِبُهُ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ عِنْدَ أَهْلِهِ مِثْلَ مَا رَأَى وَ لَا يَجْعَلَنَّ لِلشَّيْطَانِ إِلَى قَلْبِهِ سَبِيلًا وَ لْيَصْرِفْ بَصَرَهُ عَنْهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ يَحْمَدُ اللَّهَ كَثِيراً وَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ ثُمَّ لْيَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهُ يُبِيحُ لَهُ بِرَأْفَتِهِ مَا يُغْنِيهِ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلْيُقِلَّ الْكَلَامَ فَإِنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ ذَلِكَ يُورِثُ الْخَرَسَ لَا يَنْظُرَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَى بَاطِنِ فَرْجِ امْرَأَتِهِ لَعَلَّهُ يَرَى مَا يَكْرَهُ وَ يُورِثُ الْعَمَى إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ مُجَامَعَةَ زَوْجَتِهِ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَحْلَلْتُ فَرْجَهَا بِأَمْرِكَ وَ قَبِلْتُهَا بِأَمَانَتِكَ فَإِنْ قَضَيْتَ لِي مِنْهَا وَلَداً فَاجْعَلْهُ ذَكَراً سَوِيّاً وَ لَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ نَصِيباً وَ لَا شِرْكاً الْحُقْنَةُ مِنَ الْأَرْبَعِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحُقْنَةُ وَ هِيَ تُعَظِّمُ الْبَطْنَ وَ تُنَقِّي دَاءَ الْجَوْفِ وَ تُقَوِّي الْبَدَنَ اسْتَسْعِطُوا بِالْبَنَفْسَجِ وَ عَلَيْكُمْ بِالْحِجَامَةِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَلْيَتَوَقَّ أَوَّلَ الْأَهِلَّةِ وَ أَنْصَافَ الشُّهُورِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَطْلُبُ الْوَلَدَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَ الشَّيَاطِينُ يَطْلُبُونَ الشِّرْكَ فِيهِمَا فَيَجِيئُونَ وَ يُحْبِلُونَ تَوَقَّوُا الْحِجَامَةَ وَ النُّورَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَإِنَّ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وَ فِيهِ خُلِقَتْ جَهَنَّمُ وَ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يَحْتَجِمُ فِيهَا أَحَدٌ إِلَّا مَاتَ.

***

ص: 68

باب (14) ما بيّن (عليه السّلام) من المسائل في أصول الدين وفروعه برواية الأعمش

البحار: ج 4 ص 352

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْعِجْلِيُّ وَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِيُّ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمُكَتِّبُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ وَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ (1) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السّلام) قَالَ: هَذِهِ شَرَائِعُ الدِّينِ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهَا وَ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى هُدَاهُ إِسْبَاغَ الْوُضُوءِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ النَّاطِقِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الْقَدَمَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ مَرَّةً مَرَّةً وَ مَرَّتَانِ جَائِزٌ وَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِلَّا الْبَوْلُ وَ الرِّيحُ وَ النَّوْمُ وَ الْغَائِطُ وَ الْجَنَابَةُ وَ مَنْ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَدْ خَالَفَ اللَّهَ تَعَالَى وَ رَسُولَهُ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ كِتَابَهُ وَ وُضُوؤُهُ لَمْ يَتِمَّ وَ صَلَاتُهُ غَيْرُ مُجْزِيَةٍ وَ الْأَغْسَالُ مِنْهَا غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَيْضِ وَ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَ غُسْلُ مَنْ مَسَّ الْمَيِّتَ بَعْدَ مَا يَبْرُدُ وَ غُسْلُ مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ وَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ غُسْلُ الْعِيدَيْنِ وَ غُسْلُ دُخُولِ مَكَّةَ وَ غُسْلُ دُخُولِ الْمَدِينَةِ وَ غُسْلُ الزِّيَارَةِ وَ غُسْلُ الْإِحْرَامِ وَ غُسْلُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَ غُسْلُ يَوْمِ لَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ غُسْلُ لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ غُسْلُ لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ مِنْهُ وَ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ مِنْهُ أَمَّا الْفَرْضُ فَغُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَيْضِ وَاحِدٌ وَ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ الظُّهْرُ أَرْبَعُ

ص: 69


1- هو سليمان بن مهران الكوفي ثقة كان صاحب نوادر وقد كتب في نوادره کتابا مسمی بالأزهر الانعش في نوادر الأعمش، ج10ص 321س1 السبزواري.

رَكَعَاتٍ وَ الْعَصْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْفَجْرُ رَكْعَتَانِ فَجُمْلَةُ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَ السُّنَّةُ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ رَكْعَةً مِنْهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَا تَقْصِيرَ فِيهَا فِي سَفَرٍ وَ لَا حَضَرٍ وَ رَكْعَتَانِ مِنْ جُلُوسٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرِ تُعَدَّانِ بِرَكْعَةٍ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ فِي السَّحَرِ وَ هِيَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَ الشَّفْعُ رَكْعَتَانِ وَ الْوَتْرُ رَكْعَةٌ وَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ بَعْدَ الْوَتْرِ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَ الصَّلَاةُ تُسْتَحَبُّ فِي أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ وَ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْفَرْدِ بِأَرْبَعَةٍ وَ عِشْرِينَ وَ لَا صَلَاةَ خَلْفَ الْفَاجِرِ وَ لَا يُقْتَدَى إِلَّا بِأَهْلِ الْوَلَايَةِ وَ لَا يُصَلَّى فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَ إِنْ دُبِغَتْ سَبْعِينَ مَرَّةً وَ لَا فِي جُلُودِ السِّبَاعِ وَ لَا يُسْجَدُ إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ إِلَّا الْمَأْكُولَ وَ الْقُطْنَ وَ الْكَتَّانَ وَ يُقَالُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ تَعَالَى عَرْشُكَ وَ لَا يُقَالُ تَعَالَى جَدُّكَ وَ لَا يُقَالُ فِي التَّشَهُّدِ الأوّل السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ لِأَنَّ تَحْلِيلَ الصَّلَاةِ هُوَ التَّسْلِيمُ وَ إِذَا قُلْتَ هَذَا فَقَدْ سَلَّمْتَ وَ التَّقْصِيرُ فِي ثَمَانِيَةِ فَرَاسِخَ وَ هُوَ بَرِيدَانِ وَ إِذَا قَصَّرْتَ أَفْطَرْتَ وَ مَنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي السَّفَرِ لَمْ تُجْزِ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَ فِي فَرْضِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْقُنُوتُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ فَمَنْ نَقَصَ مِنْهَا فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ وَ الْمَيِّتُ يُسَلُ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ سَلًّا وَ الْمَرْأَةُ تُؤْخَذُ بِالْعَرْضِ مِنْ قِبَلِ اللَّحْدِ وَ الْقُبُورُ تُرَبَّعُ وَ لَا تُسَنَّمُ وَ الْإِجْهَارُ بِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبٌ وَ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ سَبْعٌ الْوَقْتُ وَ الطَّهُورُ وَ التَّوَجُّهُ وَ الْقِبْلَةُ وَ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ وَ الدُّعَاءُ وَ الزَّكَاةُ فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ(1) عَلَى كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَ لَا تَجِبُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ مِنَ الْفِضَّةِ وَ لَا تَجِبُ عَلَى مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ مَلَكَهُ

ص: 70


1- لا يخفى أنه لم يذكر الخمس في الحديث فراجع و تأمل. السبزواري.

صَاحِبُهُ وَ لَا يَحِلُّ أَنْ تُدْفَعَ الزَّكَاةُ إِلَّا إِلَى أَهْلِ الْوَلَايَةِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ تَجِبُ عَلَى الذَّهَبِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَيَكُونُ فِيهِ نِصْفُ دِينَارٍ وَ تَجِبُ عَلَى الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِيبِ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةُ أَوْسَاقٍ الْعُشْرُ إِنْ كَانَ سُقِيَ سَيْحاً وَ إِنْ سُقِيَ بِالدَّوَالِي فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعاً وَ الصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَ تَجِبُ عَلَى الْغَنَمِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَتَكُونُ فِيهَا شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَ عِشْرِينَ وَ تَزِيدُ وَاحِدَةٌ فَتَكُونُ فِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ وَ تَجِبُ عَلَى الْبَقَرِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعَةً حَوْلِيَّةً فَتَكُونُ فِيهَا تَبِيعٌ حَوْلِيٌّ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً ثُمَّ يَكُونُ فِيهَا مُسِنَّةٌ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَانِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ سَبْعِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ وَ مُسِنَّةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَمَانِينَ ثُمَّ يَكُونُ فِيهَا مُسِنَّتَانِ إِلَى تِسْعِينَ ثُمَّ يَكُونُ فِيهَا ثَلَاثُ تَبَايِعَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ وَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَ يَجِبُ عَلَى الْإِبِلِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَةً فَيَكُونُ فِيهَا شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ عَشَرَةً فَشَاتَانِ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَثَلَاثُ شِيَاهٍ فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَأَرْبَعُ شِيَاهٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ عِشْرِينَ فَخَمْسُ شِيَاهٍ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ ثَلَاثِينَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ أَرْبَعِينَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا حِقَّةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى ثَمَانِينَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَنِيٌّ إِلَى تِسْعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ تِسْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ فَإِذَا كَثُرَتِ الْإِبِلُ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَ يَسْقُطُ الْغَنَمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَ يَرْجِعُ إِلَى أَسْنَانِ الْإِبِلِ وَ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ رَأْسٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِيبِ وَ هُوَ صَاعٌ تَامٌّ وَ لَا يَجُوزُ دَفْعُ ذَلِكَ أَجْمَعِ إِلَّا إِلَى أَهْلِ الْوَلَايَةِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ أَكْثَرُ أَيَّامِ الْحَيْضِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَ أَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ

ص: 71

وَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ وَ تَحْتَشِي وَ تُصَلِّي وَ الْحَائِضُ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَ لَا تَقْضِيهَا وَ تَتْرُكُ الصَّوْمَ وَ تَقْضِيهِ وَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَرِيضَةٌ يُصَامُ لِرُؤْيَتِهِ وَ يُفْطَرُ لِرُؤْيَتِهِ وَ لَا يُصَلَّى التَّطَوُّعُ فِي جَمَاعَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ وَ ضَلَالَةٌ وَ كُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ وَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ سُنَّةٌ وَ هُوَ صَوْمُ خَمِيسَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْبِعَاءُ الْخَمِيسُ الأوّل فِي الْعَشْرِ الأوّل وَ الْأَرْبِعَاءُ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَ الْخَمِيسُ الْأَخِيرُ مِنَ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ وَ صَوْمُ شَعْبَانَ حَسَنٌ لِمَنْ صَامَهُ لِأَنَّ الصَّالِحِينَ قَدْ صَامُوهُ وَ رَغِبُوا فِيهِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَصِلُ شَعْبَانَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْفَائِتُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِنْ قُضِيَ مُتَفَرِّقاً جَازَ وَ إِنْ قُضِيَ مُتَتَابِعاً فَهُوَ أَفْضَلُ وَ حِجُّ الْبَيْتِ وَاجِبٌ لِمَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ هُوَ الزَّادُ وَ الرَّاحِلَةُ مَعَ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَ أَنْ يَكُونَ لِلْإِنْسَانِ مَا يُخَلِّفُهُ عَلَى عِيَالِهِ وَ مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ بَعْدَ حَجِّهِ وَ لَا يَجُوزُ الْحَجُّ إِلَّا تَمَتُّعاً وَ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَانُ وَ الْإِفْرَادُ إِلَّا لِمَنْ كَانَ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ قَبْلَ بُلُوغِ الْمِيقَاتِ وَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنِ الْمِيقَاتِ إِلَّا لِمَرَضٍ أَوْ تَقِيَّةٍ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ» وَ تَمَامُهَا اجْتِنَابُ الرَّفَثِ وَ الْفُسُوقِ وَ الْجِدَالِ فِي الْحَجِّ وَ لَا يُجْزِي فِي النُّسُكِ الْخَصِيُّ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ وَ يَجُوزُ الْمَوْجُوءُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَ فَرَائِضُ الْحَجِّ الْإِحْرَامُ وَ التَّلْبِيَةُ الْأَرْبَعُ وَ هِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَ النِّعْمَةَ لَكَ وَ الْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ لِلْعُمْرَةِ فَرِيضَةٌ وَ رَكْعَتَاهُ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ (عليه السّلام) فَرِيضَةٌ وَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَرِيضَةٌ وَ طَوَافُ الْحَجِّ فَرِيضَةٌ وَ رَكْعَتَاهُ عِنْدَ الْمَقَامِ فَرِيضَةٌ وَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَرِيضَةٌ وَ طَوَافُ النِّسَاءِ فَرِيضَةٌ وَ لَا يُسْعَى بَعْدَهُ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ فَرِيضَةٌ وَ الْهَدْيُ لِلتَّمَتُّعِ فَرِيضَةٌ فَأَمَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَهُوَ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَ الْحَلْقُ سُنَّةٌ وَ رَمْيُ الْجِمَارِ سُنَّةٌ وَ الْجِهَادُ وَاجِبٌ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ وَ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَ لَا يَحِلُّ قَتْلُ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ وَ النُّصَّابِ فِي دَارِ التَّقِيَّةِ إِلَّا قَاتِلٍ أَوْ سَاعٍ فِي فَسَادٍ وَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَخَفْ عَلَى

ص: 72

نَفْسِكَ وَ لَا عَلَى أَصْحَابِكَ وَ اسْتِعْمَالُ التَّقِيَّةِ فِي دَارِ التَّقِيَّةِ وَاجِبٌ وَ لَا حِنْثَ وَ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ حَلَفَ تَقِيَّةً يَدْفَعُ بِذَلِكَ ظُلْماً عَنْ نَفْسِهِ وَ الطَّلَاقُ لِلسُّنَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ وَ لَا يَجُوزُ طَلَاقٌ لِغَيْرِ السُّنَّةِ وَ كُلُّ طَلَاقٍ مُخَالِفٍ لِلْكِتَابِ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ كَمَا أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ يُخَالِفُ السُّنَّةَ فَلَيْسَ بِنِكَاحٍ وَ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ حَرَائِرَ وَ إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ لِلْعِدَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَحِلَّ لِلرَّجُلِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ وَ قَدْ قَالَ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ اتَّقُوا تَزْوِيجَ الْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثاً فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُنَّ ذَوَاتُ أَزْوَاجٍ وَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ الْمَوَاطِنِ وَ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَ الرِّيَاحِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ وَ حُبُّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَاجِبٌ وَ الْوَلَايَةُ لَهُمْ وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَاجِبَةٌ وَ مِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ هَتَكُوا حِجَابَهُ وَ أَخَذُوا مِنْ فَاطِمَةَ (عليها السّلام) فَدَكَ وَ مَنَعُوهَا مِيرَاثَهَا وَ غَصَبُوهَا وَ زَوْجَهَا حُقُوقَهُمَا وَ هَمُّوا بِإِحْرَاقِ بَيْتِهَا وَ أَسَّسُوا الظُّلْمَ وَ غَيَّرُوا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمَارِقِينَ وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْأَنْصَابِ وَ الْأَزْلَامِ أَئِمَّةِ الضَّلَالِ وَ قَادَةِ الْجَوْرِ كُلِّهِمْ أَوَّلِهِمْ وَ آخِرِهِمْ وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَشْقَى الأوّلينَ وَ الْآخِرِينَ شَقِيقِ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ قَاتِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ جَمِيعِ قَتَلَةِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عليهم السّلام) وَاجِبَةٌ وَ الْوَلَايَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يُغَيِّرُوا وَ لَمْ يُبَدِّلُوا بَعْدَ نَبِيِّهِمْ وَاجِبَةٌ مِثْلُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيِّ وَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ وَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ وَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ وَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ ذِي الشَّهَادَتَيْنِ وَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَ مَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ وَ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ وَ الْوَلَايَةُ لِأَتْبَاعِهِمْ وَ الْمُقْتَدِينَ بِهِمْ وَ بِهُدَاهُمْ وَاجِبَةٌ وَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَاجِبٌ فَإِنْ كَانَا مُشْرِكَيْنِ فَلَا تُطِعْهُمَا وَ لَا غَيْرَهُمَا فِي الْمَعْصِيَةِ فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَ الْأَنْبِيَاءُ وَ أَوْصِيَاؤُهُمْ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مُطَهَّرُونَ

ص: 73

وَ تَحْلِيلُ الْمُتْعَتَيْنِ وَاجِبٌ كَمَا أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ وَ سَنَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ مُتْعَةِ الْحَجِّ وَ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَ الْفَرَائِضُ عَلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ الْعَقِيقَةُ لِلْوَلَدِ الذَّكَرِ وَ الْأُنْثَى يَوْمَ السَّابِعِ وَ يُسَمَّى الْوَلَدُ يَوْمَ السَّابِعِ وَ يُحْلَقُ رَأْسُهُ وَ يُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَ لَا يُكَلِّفُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا وَ أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ خَلْقَ تَقْدِيرٍ لَا خَلْقَ تَكْوِينٍ وَ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ لَا تَقُولُ بِالْجَبْرِ وَ لَا بِالتَّفْوِيضِ وَ لَا يَأْخُذُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْبَرِي ءَ بِالسَّقِيمِ وَ لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَطْفَالَ بِذُنُوبِ الْآبَاءِ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ «وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى» وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَعْفُوَ وَ يَتَفَضَّلَ وَ لَيْسَ لَهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَظْلِمَ وَ لَا يَفْرِضُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى عِبَادِهِ طَاعَةَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُغْوِيهِمْ وَ يُضِلُّهُمْ وَ لَا يَخْتَارُ لِرِسَالَتِهِ وَ لَا يَصْطَفِي مِنْ عِبَادِهِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِهِ وَ يَعْبُدُ الشَّيْطَانَ دُونَهُ وَ لَا يَتَّخِذُ عَلَى خَلْقِهِ حُجَّةً إِلَّا مَعْصُوماً وَ الْإِسْلَامُ غَيْرُ الْإِيمَانِ وَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَ لَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِناً وَ لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ أَصْحَابُ الْحُدُودِ مُسْلِمُونَ لَا مُؤْمِنُونَ وَ لَا كَافِرُونَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يُدْخِلُ النَّارَ مُؤْمِناً وَ قَدْ وَعَدَهُ الْجَنَّةَ وَ لَا يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ كَافِراً وَ قَدْ وَعَدَهُ النَّارَ وَ الْخُلُودَ فِيهَا وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ فَأَصْحَابُ الْحُدُودِ فُسَّاقٌ لَا مُؤْمِنُونَ وَ لَا كَافِرُونَ وَ لَا يُخْلَدُونَ فِي النَّارِ وَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا يَوْماً مَا وَ الشَّفَاعَةُ جَائِزَةٌ لَهُمْ وَ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ إِذَا ارْتَضَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دِينَهُمْ وَ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِخَالِقٍ وَ لَا مَخْلُوقٍ وَ الدَّارُ الْيَوْمَ دَارُ تَقِيَّةٍ وَ هِيَ دَارُ الْإِسْلَامِ لَا دَارُ كُفْرٍ وَ لَا دَارُ إِيمَانٍ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجِبَانِ عَلَى مَنْ أَمْكَنَهُ وَ لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ وَ لَا عَلَى أَصْحَابِهِ وَ الْإِيمَانُ هُوَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَ الْإِيمَانُ هُوَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَ الْإِقْرَارُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَ مُنْكَرٍ وَ نَكِيرٍ

ص: 74

وَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ الْحِسَابِ وَ الصِّرَاطِ وَ الْمِيزَانِ وَ لَا إِيمَانَ بِاللَّهِ إِلَّا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ التَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ وَاجِبٌ أَمَّا فِي الْفِطْرِ فَفِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَ هُوَ أَنْ يُقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَبْلَانَا لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ» وَ فِي الْأَضْحَى بِالْأَمْصَارِ فِي دُبُرِ عَشْرِ صَلَوَاتٍ يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ الثَّالِثِ وَ بِمِنًى دُبُرَ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ الرَّابِعِ وَ يُزَادُ فِي هَذَا التَّكْبِيرِ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَ النُّفَسَاءُ لَا تَقْعُدُ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ يَوْماً إِلَّا أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ ذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ تَطْهُرْ بَعْدَ الْعِشْرِينَ اغْتَسَلَتْ وَ احْتَشَتْ وَ عَمِلَتْ عَمَلَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَ الشَّرَابُ فَكُلُّ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ وَ كَثِيرُهُ حَرَامٌ وَ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ وَ الطِّحَالُ حَرَامٌ لِأَنَّهُ دَمٌ وَ الْجِرِّيُّ وَ الْمَارْمَاهِي وَ الطَّافِي وَ الزِّمِّيرُ حَرَامٌ وَ كُلُّ سَمَكٍ لَا يَكُونُ لَهُ فُلُوسٌ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ وَ يُؤْكَلُ مِنَ الْبَيْضِ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ وَ لَا يُؤْكَلُ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ وَ يُؤْكَلُ مِنَ الْجَرَادِ مَا اسْتَقَلَّ بِالطَّيَرَانِ وَ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ الدَّبَى لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالطَّيَرَانِ وَ ذَكَاةُ السَّمَكِ وَ الْجَرَادِ أَخْذُهُ وَ الْكَبَائِرُ مُحَرَّمَةٌ وَ هِيَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْماً وَ أَكْلُ الرِّبَا بَعْدَ الْبَيِّنَةِ وَ قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ وَ بَعْدَ ذَلِكَ الزِّنَا وَ اللِّوَاطُ وَ السَّرِقَةُ وَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَ مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَ أَكْلُ السُّحْتِ وَ الْبَخْسُ فِي الْمِكْيَالِ وَ الْمِيزَانِ وَ الْمَيْسِرُ وَ شَهَادَةُ الزُّورِ وَ الْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَ الْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ تَرْكُ مُعَاوَنَةِ الْمَظْلُومِينَ وَ الرُّكُونُ إِلَى الظَّالِمِينَ وَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَ حَبْسُ الْحُقُوقِ مِنْ غَيْرِ عُسْرٍ وَ اسْتِعْمَالُ الْكِبْرِ وَ التَّجَبُّرُ

ص: 75

وَ الْكَذِبُ وَ الْإِسْرَافُ وَ التَّبْذِيرُ وَ الْخِيَانَةُ وَ الِاسْتِخْفَافُ بِالْحَجِّ وَ الْمُحَارَبَةُ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْمَلَاهِي الَّتِي تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَكْرُوهَةٌ كَالْغِنَاءِ وَ ضَرْبِ الْأَوْتَارِ وَ الْإِصْرَارُ عَلَى صَغَائِرِ الذُّنُوبِ ثُمَّ قَالَ (عليه السّلام) إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ.قال الصدوق الكبائر هي سبع و بعدها فكل ذنب كبير بالإضافة إلى ما هو أصغر منه و صغير بالإضافة إلى ما هو أكبر منه و هذا معنى ما ذكره الصادق (عليه السّلام) في هذا الحديث من ذكر الكبائر الزائدة على السبع و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أقول أجزاء الخبر مشروحة مفرقة على الأبواب المناسبة لها.

***

ص: 76

باب (16) احتجاجات موسی بن جعفر (عليه السّلام) على أرباب الملل والخلفاء وبعض ما روي عنه من جوامع العلوم

البحار: ج 4 ص 368

12 - وقال

و قَالَ (عليه السّلام): لَيْسَ الْقُبْلَةُ عَلَى الْفَمِ إِلَّا لِلزَّوْجَةِ أَوِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ. (1)

***

باب (17) ما وصل إلينا من أخبار علي بن جعفر عن أخيه موسی (عليه السّلام) بغير رواية الحميري نقلناها مجتمعة لما بينها وبين أخبار الحميري من اختلاف يسير وفرّقنا ما ورد برواية الحميري على الأبواب

البحار: ج4 ص391 س 11

وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ الْبَحْرِ يَحْبِسُهُ فَيَمُوتُ فِي مَصِيدَتِهِ (2) قَالَ إِذَا كَانَ مَحْبُوساً فَكُلْ فَلَا بَأْسَ.

باب (19) مناظرات الرّضا علي بن موسی صلوات الله عليه واحتجاجه على أرباب الملل المختلفة والأديان المتشتتة في مجلس المأمون وغيره

البحار: ج4 ص 433

10- قَالَ وَ حَدَّثَنِي الشَّيْخُ أَدَامَ اللَّهُ عِزَّهُ أَيْضاً قَالَ: قَالَ الْمَأْمُونُ يَوْماً

ص: 77


1- وقد مرّ في حديث الأربعمائة جواز قُبلة فم الحاج الذي يرجع من الحجّ فراجع. السبزواري.
2- يظهر منه حليّة ما تعارف في هذه الأعصار من الصيد بالمكائن. السبزواري.

لِلرِّضَا (عليه السّلام) أَخْبِرْنِي بِأَكْبَرِ فَضِيلَةٍ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) يَدُلُّ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ قَالَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا (عليه السّلام) فَضِيلَةٌ فِي الْمُبَاهَلَةِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ» فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ (عليهما السّلام) فَكَانَا ابْنَيْهِ وَ دَعَا فَاطِمَةَ (عليها السّلام) فَكَانَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ نِسَاءَهُ وَ دَعَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) فَكَانَ نَفْسَهُ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى أَجَلَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ أَفْضَلَ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ أَ لَيْسَ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَبْنَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَ إِنَّمَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ابْنَيْهِ خَاصَّةً وَ ذَكَرَ النِّسَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَ إِنَّمَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) ابْنَتَهُ وَحْدَهَا فَأَلَّا جَازَ أَنْ يُذْكَرَ الدُّعَاءُ لِمَنْ هُوَ نَفْسُهُ وَ يَكُونَ الْمُرَادُ نَفْسَهُ فِي الْحَقِيقَةِ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْفَضْلِ قَالَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا (عليه السّلام) لَيْسَ يَصِحُّ مَا ذَكَرْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ ذَلِكَ أَنَّ الدَّاعِيَ إِنَّمَا يَكُونُ دَاعِياً لِغَيْرِهِ كَمَا أَنَّ الْآمِرَ آمِرٌ لِغَيْرِهِ وَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ دَاعِياً لِنَفْسِهِ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا لَا يَكُونُ آمِراً لَهَا فِي الْحَقِيقَةِ وَ إِذَا لَمْ يَدْعُ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) رَجُلًا فِي الْمُبَاهَلَةِ إِلَّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ نَفْسُهُ الَّتِي عَنَاهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ وَ جَعَلَ حُكْمَهُ ذَلِكَ فِي تَنْزِيلِهِ قَالَ فَقَالَ الْمَأْمُونُ إِذَا وَرَدَ الْجَوَابُ سَقَطَ السُّؤَال.(1)

ص: 78


1- المعروف في إشكال المأمون هكذا: قال الإمام (عليه السّلام) واستدلّ بأنفسنا قال المأمون لولا نسائنا قال الإمام لولا ندع أبنائنا و مقصود الإمام (عليه السّلام) إن نفس عليّ (عليه السّلام) إنّما هو بمنزلة نفس رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قال المأمون إنّ نسائنا بصيغة الجمع مع أنّه لم يكن إلّا الصدّيقة (عليها السّلام) فيمكن أن يراد بأنفسنا نفس الرسول (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فقال الإمام (عليه السّلام) أن ندع أبنائنا بل ومطلق الدعاء ظاهر في تعدد الداعي والمدعوّ ولو كان المراد بأنفسنا هو نفس الرسول (صلّی الله عليه وآله وسلّم) كان الداعي والمدعوّ واحد وهو خلاف الفصاحة بل غلط عرفاً. السبزواري.

ص: 79

التعليقات علی بحار الأنوار والمشتمل على الجزئين الخامس والسادس من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 80

ص: 81

كتاب النبوّة

باب (1) معنى النبوّة وعلّة بعثة الأنبياء وبيان عددهم وأصنافهم وجمل أحوالهم وجوامعها صلوات الله عليهم أجمعين

البحار: ج 5 ص 32

31- أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» (1) قَالَ عَهِدَ إِلَيْهِ فِي مُحَمَّدٍ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ فَتَرَكَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ فِيهِمْ أَنَّهُمْ هَكَذَا وَ إِنَّمَا سُمِّيَ أُولُو الْعَزْمِ لِأَنَّهُمْ عُهِدَ إِلَيْهِمْ فِي مُحَمَّدٍ وَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ وَ الْمَهْدِيِّ وَ سِيرَتِهِ فَأَجْمَعَ عَزْمُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَ الْإِقْرَارُ بِهِ. (2)

البحار: ج 5 ص 30

43- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُكَيْرٍ الْهَجَرِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) إِنَ أَوَّلَ وَصِيٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ آدَمَ- وَ مَا مِنْ نَبِيٍّ مَضَى إِلَّا وَ لَهُ وَصِيٌّ كَانَ عَدَدُ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ مِائَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ أُولُو الْعَزْمِ- نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ مُوسَى وَ عِيسَى

ص: 82


1- سورة طه: آية 115.
2- والعزيمة المنفية هي الفرعية التكوينية وهي ليس مناطها لقبول العهد بل المناط له هي العزيمة التشريعية وهي العزم على صدق المخبر في مقالته وتصديقه في ما عهد فتدبّر ولا تغفل. السبزواري.

وَ مُحَمَّدٌ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ هِبَةَ اللَّهِ لِمُحَمَّدٍ(1)وَرِثَ عِلْمَ الْأَوْصِيَاءِ وَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ أَمَا إِنَّ مُحَمَّداً وَرِثَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ.

بيان: أي كان بمنزلة هبة الله بالنسبة إلى محمّد (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أو كان (عليه السّلام) هبة و عطية وهبه الله له.

البحار: ج5 ص 44

60- يب، تهذيب الأحكام عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: مَسْجِدُ كُوفَانَ صَلَّى فِيهِ أَلْفُ نَبِيٍ وَ سَبْعُونَ نَبِيّاً وَ فِيهِ عَصَا مُوسَى وَ شَجَرَةُ يَقْطِينٍ وَ خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَ مِنْهُ فارَ التَّنُّورُ وَ نُجِرَتِ السَّفِينَةُ وَ هِيَ سُرَّةُ بَابِلَ وَ مَجْمَعُ الْأَنْبِيَاءِ. (2)

***

باب (2) نقش خواتيمهم وأشغالهم وأمزجتهم وأحوالهم في حياتهم وبعد موتهم صلوات الله عليهم

البحار: ج 5 ص 49

10- أَبِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ التَّمِيمِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ (عليه السّلام) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: عَاشَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ تِسْعَمِائَةٍ وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ عَاشَ نُوحٌ أَلْفَيْ سَنَةٍ وَ أَرْبَعَ مِائَةِ سَنَةٍ وَ خَمْسِينَ

ص: 83


1- فعلي بن أبي طالب (عليه السّلام) معجزة من معجزات محمد (صلّی الله عليه وآله وسلّم) ومنزلته منه (صلّی الله عليه وآله وسلّم) منزلة الوصي من موسی فتدبر. السبزواري
2- المعروف الآن أنّ مکان شجرة يقطين قريب من شطّ الكوفة في المكان المعروف بخرار يونس والخبر يدلّ على أنّها كانت في مسجد الكوفة. السبزواري.

سَنَةً وَ عَاشَ إِبْرَاهِيمُ (عليه السّلام) مِائَةً وَ خَمْساً وَ سَبْعِينَ سَنَةً وَ عَاشَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِائَةً وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ عَاشَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (عليه السّلام) مِائَةً وَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَ عَاشَ يَعْقُوبُ مِائَةَ سَنَةٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ عَاشَ يُوسُفُ مِائَةً وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ عَاشَ مُوسَى (عليه السّلام) مِائَةً وَ ست وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ عَاشَ هَارُونُ مِائَةً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ عَاشَ دَاوُدُ (عليه السّلام) مِائَةَ سَنَةٍ مِنْهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً مَلِكاً وَ عَاشَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. (1)

***

باب (4) عصمة الأنبياء (عليهم السّلام) وتأويل ما يوهم خطأهم وسهوهم

البحار: ج 5 ص 54

1 – الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَوِيِّ قَالَ: لَمَّا جَمَعَ الْمَأْمُونُ لِعَلِيِ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عليه السّلام) أَهْلَ الْمَقَالاتِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَ الدِّيَانَاتِ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى وَ الْمَجُوسِ وَ الصَّابِئِينَ وَ سَائِرِ أَهْلِ الْمَقَالاتِ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ أُلْزِمَ حُجَّتَهُ كَأَنَّهُ قَدْ أُلْقِمَ حَجَراً فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ تَقُولُ بِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ بَلَى قَالَ فَمَا تَعْمَلُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى وَ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- «وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ» وَ قَوْلِهِ فِي يُوسُفَ «وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها» وَ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي دَاوُدَ «وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ» وَ قَوْلِهِ فِي نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) «وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ» فَقَالَ مَوْلَانَا الرِّضَا (عليه السّلام) وَيْحَكَ يَا عَلِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَنْسُبْ إِلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ الْفَوَاحِشَ وَ لَا تَتَأَوَّلْ كِتَابَ اللَّهِ بِرَأْيِكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ

ص: 84


1- لم يقم دليل على أنّ هذه السنين التي هي أعمار الأنبياء كانت من سنيّ زماننا، فلعلّها كانت أقلّ أو أكثر. السبزواري.

يَقُولُ- «وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي آدَمَ (عليه السّلام) «وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى» فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ آدَمَ حُجَّةً فِي أَرْضِهِ وَ خَلِيفَتَهُ فِي بِلَادِهِ لَمْ يَخْلُقْهُ لِلْجَنَّةِ وَ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ مِنْ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ لَا فِي الْأَرْضِ لِتَتِمَّ مَقَادِيرُ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ وَ جُعِلَ حُجَّةً وَ خَلِيفَةً عُصِمَ(1)بِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ» وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ» إِنَّمَا ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ رِزْقَهُ أَ لَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- «وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ» أَيْ ضَيَّقَ عَلَيْهِ وَ لَوْ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَكَانَ قَدْ كَفَرَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي يُوسُفَ- «وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها» فَإِنَّهَا هَمَّتْ بِالْمَعْصِيَةِ وَ هَمَّ يُوسُفُ بِقَتْلِهَا إِنْ أَجْبَرَتْهُ لِعِظَمِ مَا دَاخَلَهُ فَصَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ قَتْلَهَا وَ الْفَاحِشَةَ وَ هُوَ قَوْلُهُ «كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ» يَعْنِي الْقَتْلَ- «وَالْفَحْشاءَ» يَعْنِي الزِّنَا وَ أَمَّا دَاوُدُ فَمَا يَقُولُ مَنْ قِبَلَكُمْ فِيهِ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ يَقُولُونَ إِنَّ دَاوُدَ كَانَ فِي مِحْرَابِهِ يُصَلِّي إِذْ تَصَوَّرَ لَهُ إِبْلِيسُ عَلَى صُورَةِ طَيْرٍ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الطُّيُورِ فَقَطَعَ صَلَاتَهُ وَ قَامَ لِيَأْخُذَ الطَّيْرَ فَخَرَجَ إِلَى الدَّارِ فَخَرَجَ فِي أَثَرِهِ فَطَارَ الطَّيْرُ إِلَى السَّطْحِ فَصَعِدَ فِي طَلَبِهِ فَسَقَطَ الطَّيْرُ فِي دَارِ أُورِيَا بْنِ حَنَانٍ فَأَطْلَعَ دَاوُدُ فِي أَثَرِ الطَّيْرِ فَإِذَا بِامْرَأَةِ أُورِيَا تَغْتَسِلُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا هَوَاهَا وَ كَانَ أُورِيَا قَدْ أَخْرَجَهُ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ أَنْ قَدِّمْ أُورِيَا أَمَامَ الْحَرْبِ فَقَدَّمَ فَظَفِرَ أُورِيَا بِالْمُشْرِكِينَ فَصَعُبَ ذَلِكَ عَلَى دَاوُدَ فَكَتَبَ الثَّانِيَةَ أَنْ قَدِّمْهُ

ص: 85


1- فالحجّة يجب أن يكون معصومة في زمان الحجية وأما في زمان غير الحجية فالإجماع قائم على عدم صدور الذنب عنه أيضاً وأما إن عدم صدوره منه لوجوب كونه معصوما في غير زمان الحجية أيضاً فلم يقم عليه دلیل فراجع و تدبر. ويصح أن يقال إن الحجية فعلية واقتضائية والاقتضائية موجودة قبل زمان الفعلية وارتكاب الذنب ينافي كل منهما. السبزواري.

أَمَامَ التَّابُوتِ فَقُتِلَ أُورِيَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَ تَزَوَّجَ دَاوُدُ بِامْرَأَتِهِ فَضَرَبَ الرِّضَا (علطه السّلام) بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ لَقَدْ نَسَبْتُمْ نَبِيّاً مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ إِلَى التَّهَاوُنِ بِصَلَاتِهِ حَتَّى خَرَجَ فِي أَثَرِ الطَّيْرِ ثُمَّ بِالْفَاحِشَةِ ثُمَّ بِالْقَتْلِ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا كَانَتْ خَطِيئَتُهُ فَقَالَ وَيْحَكَ إِنَّ دَاوُدَ إِنَّمَا ظَنَّ أَنْ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ الْمَلَكَيْنِ فَتَسَوَّرَا الْمِحْرَابَ فَقَالا «خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ» فَعَجَّلَ دَاوُدُ (عليه السّلام) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ «لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ» فَلَمْ يَسْأَلِ الْمُدَّعِيَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَ لَمْ يُقْبِلْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَقُولَ مَا تَقُولُ فَكَانَ هَذَا خَطِيئَةَ حُكْمِهِ لَا مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ أَ لَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ «يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ» إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا قِصَّتُهُ مَعَ أُورِيَا فَقَالَ الرِّضَا (عليه السّلام) إِنَّ الْمَرْأَةَ فِي أَيَّامِ دَاوُدَ كَانَتْ إِذَا مَاتَ بَعْلُهَا أَوْ قُتِلَ لَا تَتَزَوَّجُ بَعْدَهُ أَبَداً وَ أَوَّلُ مَنْ أَبَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ قُتِلَ بَعْلُهَا دَاوُدُ فَذَلِكَ الَّذِي شَقَّ عَلَى أُورِيَا وَ أَمَّا مُحَمَّدٌ نَبِيُّهُ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ «وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ» فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَرَّفَ نَبِيَّهُ أَسْمَاءَ أَزْوَاجِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَ أَسْمَاءَ أَزْوَاجِهِ فِي الْآخِرَةِ وَ أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَحَدُ مَنْ سَمَّى لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَ هِيَ يَوْمَئِذٍ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَأَخْفَى (صلّی الله عليه وآله وسلّم) اسْمَهَا فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِ لَهُ لِكَيْلَا يَقُولَ أَحَدٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِنَّهُ قَالَ فِي امْرَأَةٍ فِي بَيْتِ رَجُلٍ إِنَّهَا أَحَدُ أَزْوَاجِهِ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَ خَشِيَ قَوْلَ الْمُنَافِقِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فِي نَفْسِكَ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَا تَوَلَّى تَزْوِيجَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ إِلَّا تَزْوِيجَ حَوَّاءَ مِنْ آدَمَ وَ زَيْنَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ (عليهما السّلام) قَالَ فَبَكَى

ص: 86

عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ وَ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا تَائِبٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أَنْطِقَ فِي أَنْبِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا إِلَّا بِمَا ذَكَرْتَه.

البحار: ج5 ص65 س9

بيان: أقول لما أوردنا بعض الأخبار الدالة على عصمة الأنبياء المتضمنة لتأويل ما يوهم صدور الذنب و الخطاء عنهم فلنتكلم عليها جملة إذ تفصيل القول في ذلك يوجب الإطناب و يكثر حجم الكتاب. اعلم أن الاختلاف الواقع في هذا الباب بين علماء الفريقين يرجع إلى أقسام أربعة أحدها ما يقع في باب العقائد و ثانيها ما يقع في التبليغ و ثالثها ما يقع في الأحكام و الفتيا و رابعها في أفعالهم و سيرهم (عليهم السّلام) و أما الكفر و الضلال في الاعتقاد فقد أجمعت الأمة على عصمتهم عنهما قبل النبوّة و بعدها غير أن الأزارقة من الخوارج جوزوا عليهم الذنب و كل ذنب عندهم كفر فلزمهم تجويز الكفر عليهم بل يحكى عنهم أنهم قالوا يجوز أن يبعث الله نبيا علم أنه يكفر بعد نبوته. و أما النوع الثاني و هو ما يتعلّق بالتبليغ فقد اتفقت الأمة بل جميع أرباب الملل و الشرائع على وجوب عصمتهم عن الكذب و التحريف فيما يتعلّق بالتبليغ عمدا و سهواً إلّا القاضي أبو بكر فإنّه جوز ما كان من ذلك على سبيل النسيان و فلتات اللسان.

و أما النوع الثالث و هو ما يتعلّق بالفتيا فأجمعوا على أنه لا يجوز خطاؤهم فيه عمدا و سهوا إلا شرذمة قليلة من العامة.

و أما النوع الرابع و هو الذي يقع في أفعالهم فقد اختلفوا فيه على خمسة أقوال.

الأوّل مذهب أصحابنا الإماميّة و هو أنه لا يصدر عنهم الذنب لا صغيرة و لا كبيرة و لا عمدا و لا نسيانا و لا لخطاء في التأويل و لا للإسهاء من الله سبحانه و لم يخالف فيه إلّا الصدوق و شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد رحمهما الله فإنهما جوزا

ص: 87

الإسهاء لا السهو الذي يكون من الشيطان و كذا القول في الأئمّة الطاهرين (عليهم السّلام).

الثاني أنه لا يجوز عليهم الكبائر و يجوز عليهم الصغائر إلا الصغائر الخسيسة المنفرة كسرقة حبة أو لقمة و كل ما ينسب فاعله إلى الدناءة و الضعة و هذا قول أكثر المعتزلة.

الثالث أنه لا يجوز أن يأتوا بصغيرة و لا كبيرة على جهة العمد لكن يجوز على جهة التأويل أو السهو و هو قول أبي علي الجبائي.

الرابع أنه لا يقع منهم الذنب إلّا على جهة السهو و الخطاء لكنهم مأخوذون بما يقع منهم سهوا و إن كان موضوعا عن أممهم لقوة معرفتهم و علو رتبتهم و كثرة دلائلهم و أنهم يقدرون من التحفظ على ما لا يقدر عليه غيرهم و هو قول النظام و جعفر بن مبشر و من تبعهما.

الخامس أنه يجوز عليهم الكبائر و الصغائر عمدا و سهوا و خطأ و هو قول الحشوية و كثير من أصحاب الحديث من العامة. ثم اختلفوا في وقت العصمة على ثلاثة أقوال. الأوّل أنه من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله سبحانه و هو مذهب أصحابنا الإماميّة.

الثاني أنه من حين بلوغهم و لا يجوز عليهم الكفر و الكبيرة قبل النبوّة و هو مذهب كثير من المعتزلة. الثالث أنه وقت النبوّة و أما قبله فيجوز صدور المعصية عنهم و هو قول أكثر الأشاعرة و منهم الفخر الرازي و به قال أبو هذيل و أبو علي الجبائي من المعتزلة. إذا عرفت هذا فاعلم أن العمدة فيما اختاره أصحابنا من تنزيه الأنبياء و الأئمّة (عليهم السّلام) من كل ذنب و دناءة و منقصة قبل النبوّة و بعدها قول أئمتنا سلام الله عليهم بذلك المعلوم لنا قطعا بإجماع أصحابنا رضوان الله عليهم مع تأيده بالنصوص المتظافرة حتى صار ذلك من قبيل الضروريات في مذهب الإماميّة. و قد استدل

ص: 88

عليه أصحابنا بالدلائل العقليّة و قد أوردنا بعضها في شرح كتاب الحجّة و من أراد تفصيل القول في ذلك فليراجع إلى كتاب الشافي و تنزيه الأنبياء و غيرهما من كتب أصحابنا و الجواب مجملا عما استدل به المخطئون من إطلاق لفظ العصيان و الذنب فيما صدر عن آدم (عليه السّلام) هو أنه لما قام الدليل على عصمتهم نحمل هذه الألفاظ على ترك المستحب و الأولى أو فعل المكروه مجازا و النكتة فيه كون ترك الأولى و مخالفة الأمر الندبي و ارتكاب النهي التنزيهي منهم مما يعظم موقعه لعلو درجتهم و ارتفاع شأنهم و لنذكر بعض ما احتج به المنزهون من الفريقين على سبيل الإجمال و لهم في ذلك مسالك.

الأوّل ما أورده السيّد المرتضى قدس الله سرّه في كتاب تنزيه الأنبياء حيث قال اعلم أن جميع ما ننزه الأنبياء (عليهم السّلام) عنه و نمنع من وقوعه منهم يستند إلى دلالة العلم المعجز إما بنفسه أو بواسطة و تفسير هذه الجملة أن العلم المعجز إذا كان واقعا موقع التصديق لمدعي النبوّة و الرسالة و جاريا مجرى قوله تعالى له صدقت في أنك رسولي و مؤد عني فلا بد من أن يكون هذا المعجز مانعا من كذبه على الله تعالى فيما يؤديه لأنّه تعالى لا يجوز أن يصدق الكذاب لأن تصديق الكذاب قبيح كما أن الكذب قبيح فأما الكذب في غير ما يؤديه و سائر الكبائر فإنما دل المعجز على نفيها من حيث كان دالا على وجوب اتباع الرسول و تصديقه فيما يؤديه و قبوله منه لأن الغرض في بعثة الأنبياء (عليهم السّلام) و تصديقهم بالأعلام المعجزة هو أن يمتثل بما يأتون به فما قدح في الامتثال و القبول و أثر فيهما يجب أن يمنع المعجز منه فلهذا قلنا إنه يدل على نفي الكذب و الكبائر عنهم في غير ما يؤدونه بواسطة و في الأوّل يدل بنفسه. فإن قيل لم يبق إلّا أن يدلوا على أن تجويز الكبائر يقدح فيما هو الغرض بالبعثة من القبول و الامتثال قلنا لا شبهة في أن من نجوز عليه كبائر المعاصي و لا نأمن منه الإقدام على

ص: 89

الذنوب لا تكون أنفسنا ساكنة إلى قبول قوله و استماع وعظه سكونها إلى من نجوز عليه شيئا من ذلك و هذا هو معنى قولنا إن وقوع الكبائر ينفر عن القبول و المرجع فيما ينفر و لا ينفر إلى العادات و اعتبار ما يقتضيه و ليس ذلك مما يستخرج بالأدلة و المقاييس و من رجع إلى العادة علم ما ذكرناه و أنّه من أقوى ما ينفر عن قبول القول و أن حظ الكبائر في هذا الباب إن لم يزد عن حظ السخف و المجون و الخلاعة لم ينقص منه. فإن قيل أليس قد جوز كثير من الناس على الأنبياء (عليهم السّلام) الكبائر مع أنهم لم ينفروا عن قبول أقوالهم و العمل بما شرعوه من الشرائع و هذا ينقض قولكم إن الكبائر منفرة قلنا هذا سؤال من لم يفهم ما أوردنا لأنا لم نرد بالتنفير ارتفاع التصديق و أن لا يقع امتثال الأمر جملة و إنما أردنا ما فسرناه من أن سكون النفس إلى قبول قول من يجوز ذلك عليه لا يكون على حد سكونها إلى من لا نجوز ذلك عليه و إنا مع تجويز الكبائر نكون أبعد من قبول القول كما أنا مع الأمان من الكبائر نكون أقرب إلى القبول و قد يقرب من الشي ء ما لا يحصل الشي ء عنده كما يبعد عنه ما لا يرتفع عنده. أ لا ترى أن عبوس الداعي للناس إلى طعامه و تضجره و تبرمه منفر في العادة عن حضور دعوته و تناول طعامه و قد يقع مع ما ذكرناه الحضور و التناول و لا يخرجه من أن يكون منفرا و كذلك طلاقة وجهه و استبشاره و تبسمه يقرب من حضور دعوته و تناول طعامه و قد يرتفع الحضور مع ما ذكرناه و لا يخرجه من أن يكون مقربا فدل على أن المعتبر في باب المنفر و المقرب ما ذكرناه دون وقوع الفعل المنفر عنه أو ارتفاعه. فإن قيل فهذا يقتضي أن الكبائر لا تقع منهم في حال النبوّة فمن أين أنها لا تقع منهم قبل النبوّة و قد زال حكمها بالنبوّة المسقطة للعقاب و الذم و لم يبق وجه يقتضي التنفير قلنا الطريقة في الأمرين واحدة لأنا نعلم أن من نجوز عليه الكفر و الكبائر في حال من الأحوال و إن تاب منه و خرج

ص: 90

من استحقاق العقاب به لا نسكن إلى قبول قوله مثل سكوننا إلى من لا نجوز ذلك عليه في حال من الأحوال و لا على وجه من الوجوه و لهذا لا يكون حال الواعظ لنا الداعي إلى الله تعالى و نحن نعرفه مقارفا للكبائر مرتكبا لعظيم الذنوب و إن كان قد فارق جميع ذلك و تاب منه عندنا و في نفوسنا كحال من لم يعهد منه إلّا النزاهة و الطهارة و معلوم ضرورة الفرق بين هذين الرجلين فيما يقتضي السكون و النفور و لهذا كثيرا ما يعير الناس من يعهدون منه القبائح المتقدّمة بها و إن وقعت التوبة منها و يجعلون ذلك عيبا و نقصا و قادحا و مؤثرا و ليس إذا كان تجويز الكبائر قبل النبوّة منخفضا عن تجويزها في حال النبوّة و ناقصا عن رتبته في باب التنفير وجب أن لا يكون فيه شي ء من التنفير لأن الشيئين قد يشتركان في التنفير و إن كان أحدهما أقوى من صاحبه أ لا ترى أن كثير السخف و المجون و الاستمرار عليه و الانهماك فيه منفر لا محالة و أن القليل من السخف الذي لا يقع إلّا في الأحيان و الأوقات المتباعدة منفر أيضا و إن فارق الأوّل في قوة التنفير و لم يخرجه نقصانه في هذا الباب عن الأوّل من أن يكون منفرا في نفسه. فإن قيل فمن أين أن الصغائر لا تجوز على الأنبياء (عليهم السّلام) في حال النبوّة و قبلها قلنا الطريقة في نفي الصغائر في الحالين هي الطريقة في نفي الكبائر في الحالين عند التأمل لأنا كما نعلم أن من نجوز كونه فاعلا لكبيرة متقدمة قد تاب منها و أقلع عنها و لم يبق معه شي ء من استحقاق عقابها و ذمها لا يكون سكوننا إليه سكوننا إلى من لا نجوز ذلك عليه فكذلك أن من نجوز عليه من الأنبياء (عليهم السّلام) أن يكون مقدما على القبائح مرتكبا للمعاصي في حال نبوته أو قبلها و إن وقعت مكفرة لا يكون سكوننا إليه سكوننا إلى من نأمن منه كل القبائح و لا نجوز عليه فعل شي ء منها انتهى ما أردنا إيراده من كلامه قدس الله روحه.

أقول لا يخفى عليك أن من جوز صدور الصغائر عن الأنبياء و لو نفى صدور

ص: 91

الخسيسة منها يلزمه تجويز أكثر الذنوب و عظائمها عليهم بل لا فرق كثيرا بينه و بين من يجوّز جميعها إذ الكبائر على ما رووه عن النبي (صلّی الله عليه وآله وسلّم) سبع و رووا عن ابن عمر أنه زاد فيها اثنتين و عن ابن مسعود أنه زاد على قول ابن عمر ثلاثة و لا شك أن كثيرا من عظائم الذنوب التي سوى ما ذكروه ليست من الصغائر الخسيسة كسرقة درهم و التطفيف بحبة فيلزمهم تجويز ما لم يكن من الصنفين المذكورين كالاشتغال بأنواع المعازف و الملاهي و ترك الصلاة و أصناف المعاصي التي تقارفها ملوك الجور على رءوس الأشهاد و في الخلوات فهؤلاء أيضا مخطئون للأنبياء و لكن في لباس التنزيه و لا يرتاب عاقل في أن من هذا شأنه لا يصلح لرئاسة الدين و الدنيا و أن النفوس تتنفر عنه بل لا يجوز أحد أن يكون مثله صالحا لأن يكون واعظا و هاديا للخلق في أدنى قرية فكيف يجوز أن يكون ممن قال تعالى فيهم «اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ» و إذا ثبت بطلان هذا النوع من التنزيه أمكن التمسك في إثبات ما ذهب إليه أصحابنا من تنزههم صلوات الله عليهم عن كل منقصة و لو على سبيل السهو و النسيان من حين الولادة إلى الوفاة بالإجماع المركب و لا يضر خروج شاذ من المعروفين من أصحابنا بعد.

تحقيق الإجماع

الثاني أنه لو صدر عن النبيّ ذنب لزم اجتماع الضدين و هما وجوب متابعته و مخالفته أما الأوّل فللإجماع و لقوله تعالى «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» و إذا ثبت في حق نبينا (صلّی الله عليه وآله وسلّم) ثبت في حق باقي الأنبياء لعدم القائل بالفرق و أما الثاني فلأن متابعة المذنب حرام الثالث أنه لو صدر عنه ذنب لوجب منعه و زجره و الإنكار عليه لعموم أدلة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و لكنه حرام لاستلزام

ص: 92

إيذائه المحرم بالإجماع و لقوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ».

الرابع أنه لو أقدم على الفسق لزم أن يكون مردود الشهادة لقوله تعالى «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» و للإجماع على عدم قبول شهادة الفاسق فيلزم أن يكون أدون حالا من آحاد الأمة مع أن شهادته تقبل في الدين القويم و هو شاهد على الكل يوم القيامة قال الله تعالى« لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً».

الخامس أنه يلزم أن يكونوا أقل درجة من عصاة الأمة فإن درجاتهم في غاية الرفعة و الجلالة و نعم الله سبحانه بالاصطفاء على الناس و جعلهم أمناء على وحيه و خلفاء في عباده و بلاده و غير ذلك عليهم أتم و أبلغ فارتكابهم المعاصي و الإعراض عن أوامر ربهم و نواهيه للذة فانية أفحش و أشنع من عصيان هؤلاء و لا يلتزمه عاقل.

السادس أنه يلزم استحقاقه العذاب و اللعن و استيجابه التوبيخ و اللوم لعموم قوله تعالى «وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَ لَهُ عَذابٌ مُهِينٌ» و قوله تعالى «أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ» و هو باطل بالضرورة و الإجماع.

السابع أنهم كانوا يأمرون الناس بطاعة الله فهم لو لم يطيعوا لدخلوا تحت قوله تعالى «أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ» و اللازم باطل بالإجماع و لكونه من أعظم المنفرات فإن كل واعظ لم يعمل بما يعظ الناس به لا يرغب الناس في الاستماع منه و حضور مجلسه و لا يعبئون بقوله.

ص: 93

الثامن أنه تعالى حكى عن إبليس قوله «فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» فلو عصى نبي لكان ممّن أغواه الشيطان و لم يكن من المخلصين مع أن الأنبياء من المخلصين للإجماع و لأنه تعالى قال «وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ» و إذا ثبت وجوب العصمة في البعض ثبت في الكل لعدم القائل بالفرق.

التاسع: أنه يلزم أن يكون من حزب الشيطان و قال الله تعالى «أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ» و لا يقول به إلّا الخاسرون.

العاشر: أنّ الرسول أفضل من الملك لقوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ» و أفضلية البعض يدل على أفضلية الكل للإجماع المركب و لو صدرت المعصية عنه لامتنع كونه أفضل لقوله تعالى «أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ».

الحادي عشر: النبيّ لو كان غاصبا لكان من الظالمين و قد قال الله تعالى «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ».

قال الرازي في تفسيره المراد بهذا العهد إما عهد النبوّة أو عهد الإمامة فإن كان المراد عهد النبوّة ثبت المطلوب و إن كان المراد عهد الإمامة فكذلك لأن كل نبي لا بد أن يكون إماما يؤتم به و يقتدى به فالآية على جميع التقديرات تدل على أن النبيّ لا يكون مذنبا.

الثاني عشر: أنه تعالى قال «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» و الأنبياء من ذلك الفريق بالاتفاق و قد ذكروا وجوها أخر و فيما

ص: 94

ذكرناه كفاية «لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ» و أما الجواب عن حجج المخطئة فسنذكر في كلّ باب ما يناسبه إن شاء الله تعالى.(1)

***

ص: 95


1- وعمدة السبب في بيان أمثال هذه التغيّرات دفع توهم الخلق منهم فالمصلحة في نفس هذه التغيرات وإبراز الواقعة في هذا النحو من الكسوة من الألفاظ فتدبّر. السبزواري.
أبواب قصص آدم وحواء وأولادهما صلوات الله عليهما
باب (1) فضل آدم وحواء وعلل تسميتهما وبعض أحوالهما وبدء خلقهما وسؤال الملائكة في ذلك

البحار: ج 5 ص 76

8- الْمُعَلَّى بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ فَقَالَ «خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ» وَ لَوْ عَلِمَ إِبْلِيسُ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي آدَمَ لَمْ يَفْتَخِرْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورٍ وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنَ النَّارِ وَ خَلَقَ الْجِنَّ صِنْفاً مِنَ الْجَانِّ مِنَ الرِّيحِ وَ خَلَقَ الْجِنَّ صِنْفاً مِنَ الْجِنِّ مِنَ الْمَاءِ وَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ صَفْحَةِ الطِّينِ ثُمَّ أَجْرَى فِي آدَمَ النُّورَ وَ النَّارَ وَ الرِّيحَ وَ الْمَاءَ فَبِالنُّورِ أَبْصَرَ وَ عَقَلَ(1)وَ فَهِمَ وَ بِالنَّارِ أَكَلَ وَ شَرِبَ وَ لَوْ لَا أَنَّ النَّارَ فِي الْمَعِدَةِ لَمْ يَطْحَنْ الْمَعِدَةُ الطَّعَامَ وَ لَوْ لَا أَنَّ الرِّيحَ فِي جَوْفِ ابْنِ آدَمَ تُلَهِّبُ النَّارَ الْمَعِدَةُ لَمْ تَلْتَهِبْ وَ لَوْ لَا أَنَّ الْمَاءَ فِي جَوْفِ ابْنِ آدَمَ يُطْفِئُ حَرَّ نَارِ الْمَعِدَةِ لَأَحْرَقَتِ النَّارُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ فَجَمَعَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي آدَمَ الْخَمْسَ خِصَالٍ وَ كَانَتْ فِي إِبْلِيسَ خَصْلَةٌ فَافْتَخَرَ بِهَا.

البحار: ج 5 ص 82

29 - ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: الْآبَاءُ

ص: 96


1- يجب إن يتأمل في النور أهو الروح أم شيء فوقه ليشمل الروح منه. السبزواري.

ثَلَاثَةٌ آدَمُ وَلَدَ مُؤْمِناً وَ الْجَانُّ وَلَدَ كَافِراً وَ إِبْلِيسُ وَلَدَ كَافِراً وَ لَيْسَ فِيهِمْ نِتَاجٌ إِنَّمَا يَبِيضُ وَ يُفْرِخُ وَ وُلْدُهُ ذُكُورٌ لَيْسَ فِيهِمْ إِنَاثٌ. (1)

البحار: ج 5 ص 82

28 - بِإِسْنَادِ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) أَنَّ النَّبِيَّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) سُئِلَ كَيْفَ صَارَتِ الْأَشْجَارُ بَعْضُهَا مَعَ أَحْمَالٍ وَ بَعْضُهَا بِغَيْرِ أَحْمَالٍ فَقَالَ كُلَّمَا سَبَّحَ اللَّهَ آدَمُ تَسْبِيحَةً صَارَتْ لَهُ فِي الدُّنْيَا شَجَرَةً مَعَ حِمْلٍ وَ كُلَّمَا سَبَّحَتْ حَوَّاءُ تَسْبِيحَةً صَارَتْ فِي الدُّنْيَا شَجَرَةً مِنْ غَيْرِ حِمْلٍ. (2)

البحار: ج 5 ص 83

32 - الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ وَ مَاجِيلَوَيْهِ مَعاً عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْعَبْقَرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ (عليه السّلام) مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ فَمِنْهُ السِّبَاخُ وَ الْمَالِحُ وَ الطِّيِّبُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الصَّالِحُ وَ الطَّالِحُ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ نَهَضَ لِيَقُومَ فَقَالَ اللَّهُ وَ خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا.(3)

البحار: ج 5 ص 83

36- بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ (عليه السّلام) قَالَ: لَمَّا بَكَى آدَمُ (عليه السّلام) عَلَى الْجَنَّةِ وَ كَانَ رَأْسُهُ فِي بَابٍ مِنْ

ص: 97


1- لأنّه عليه اللعنة يستغني بإناث الأنس عن أن يكون له إناث. السبزواري
2- فكأن تكوّن أشجار الدنيا مثل تكوّن أشجار الآخرة. السبزواري
3- الظاهر أنّ المراد بالخلق هنا نفخ الروح وإلّا فلا معنى للنظر للجسد. السبزواري

أَبْوَابِ السَّمَاءِ وَ كَانَ يَتَأَذَّى بِالشَّمْسِ فَحَطَّ مِنْ قَامَتِه.(1)

البحار: ج 5 ص 85

46- عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السّلام) مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خَلَقَ اللَّهُ حَوَّاءَ فَقَالَ أَيُّ شَيْ ءٍ يَقُولُ هَذَا الْخَلْقُ قُلْتُ يَقُولُونَ إِنَ اللَّهَ خَلَقَهَا مِنْ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ فَقَالَ كَذَبُوا كَانَ يُعْجِزُهُ أَنْ يَخْلُقَهَا مِنْ غَيْرِ ضِلْعِهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خَلَقَهَا فَقَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ (عليهم السّلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ طِينٍ فَخَلَطَهَا بِيَمِينِهِ وَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ فَخَلَقَ مِنْهَا آدَمَ وَ فَضَلَتْ فَضْلَةٌ مِنَ الطِّينِ فَخَلَقَ مِنْهَا حَوَّاءَ. (2)

البحار: ج 5 ص92

57- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى جَبْرَئِيلَ (عليه السّلام) أَنَّ آدَمَ قَدْ شَكَا مَا يُصِيبُهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَاغْمِزْهُ غَمْزَةً وَ صَيِّرْ طُولَهُ سَبْعِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهِ وَ اغْمِزْ حَوَّاءَ غَمْزَةً فَصَيِّرْ طُولَهَا خَمْسَةً وَ ثَلَاثِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهَا.

إيضاح: اعلم أن هذا الخبر من مشكلات الأخبار و معضلات الآثار

ص: 98


1- إن كان وضع العالي في زمانه (عليه السّلام) كما هو الآن، ففهم الخبر من المشكلات ولكن لا دلیل على أن وضعه كان كذلك بل يمكن أن تكون الأرض قريباً من السماء قربا حسياً ثمّ وقع الاختلاف. السبزواري.
2- أو أن جسد حواء كان من فضلة الطين ولكن روحه تعلقت بها من ضلع آدم فالضلع کان مخرج روح حواء. السبزواري.

و الإعضال فيه من وجهين.أحدهما أن طول القامة كيف يصير سببا للتأذي بحر الشمس و الثاني أن كونه (عليه السّلام) سبعين ذراعا بذراعه يستلزم عدم استواء خلقته (على نبينا و آله و عليه السّلام) و أن يتعسر بل يتعذر عليه كثير من الأعمال الضرورية.

و الجواب عن الأوّل بوجهين:

الأوّل: أنه يمكن أن يكون للشمس حرارة من غير جهة الانعكاس أيضاً و يكون قامته طويلة جدا بحيث تتجاوز الطبقة الزمهريرية و يتأذى من تلك الحرارة و يؤيده ما اشتهر من قصة عوج بن عناق أنه كان يرفع السمك إلى عين الشمس ليشويه بحرارتها.

و الثاني: أنه لطول قامته كان لا يمكنه الاستظلال ببناء و لا جبل و لا شجر فكان يتأذى من حرارة الشمس لذلك.

و أما الثاني فقد أجيب عنه بوجوه: (1)

الأوّل ما ذكره بعض الأفاضل أنّ استواء الخلقة ليس منحصرا فيما هو معهود الآن فإن الله تعالى قادر على خلق الإنسان على هيئات أخر كل منها فيه استواء الخلقة و ذراع آدم (على نبينا و آله و عليه السلام) يمكن أن يكون قصيرا مع طول العضد و جعله ذا مفاصل أو لينا بحيث يحصل الارتفاق به و الحركة كيف شاء.

الثاني ما ذكره أيضاً و هو أن يكون المراد بالسبعين سبعين قدما أو شبرا و ترك ذكرهما لشيوعهما و المراد الأقدام و الأشبار المعهودة في ذلك الزمان فيكون قوله ذراعا بدلا من السبعين بمعنى أن طوله الآن و هو السبعون بقدر ذراعه قبل ذلك و فائدته معرفة طوله أولا فيصير أشد مطابقة للسؤال كما لا يخفى و أما ما ورد

ص: 99


1- الإشكال الأوّل مبنيّ على أنّ وضع العالم كان کوضعه فعلا وهو محل تأمّل بل منع السبزواري.

في حواء (عليها السّلام) فالمعنى أنه جعل طولها خمسة و ثلاثين قدما بالأقدام المعهودة و هي ذراع بذراعها الأول فيظهر أنها كانت على النصف من آدم.

الثالث ما ذكره أيضاً و هو أن يكون سبعين بضم السين تثنية سبع أي صير طوله بحيث صار سبعي الطول الأول و السبعان ذراع فيكون الذراع بدلا أو مفعولا بتقدير أعني و كذا في حواء جعل طولها خمسه بضم الخاء أي خمس ذلك الطول و ثلثين تثنية ثلث أي ثلثي الخمس فصارت خمسا و ثلثي خمس و حينئذ التفاوت بينهما قليل إن كان الطولان الأولان متساويين و إلّا فقد لا يحصل تفاوت و يحتمل بعيدا عود ضمير خمسه و ثلثيه إلى آدم و المعنى أنها صارت خمس آدم الأوّل و ثلثيه فتكون أطول منه أو بعد القصر فتكون أقصر و فيه أن الخمس و ثلثي الخمس يرجع إلى الثلث و نسبة التعبير عن الثلث بتلك العبارة إلى أفصح الفصحاء بعيد عن العلماء.

الرابع: ما يروى عن شيخنا البهائي قدس الله روحه من أن في الكلام استخداما بأن يكون المراد بآدم حين إرجاع الضمير إليه آدم ذلك الزمان من أولاده و لا يخفى بعده عن استعمالات العرب و محاوراتهم مع أنه لا يجري في حواء إلّا بتكلف ركيك و لعل الرواية غير صحيحة.

الخامس: ما خطر بالبال بأن تكون إضافة الذراع إليهما على التوسعة و المجاز بأن نسب ذراع صنف آدم (عليه السّلام) إليه و صنف حواء إليها أو يكون الضميران راجعين إلى الرجل و المرأة بقرينة المقام.

السادس: ما حل ببالي أيضاً و هو أن يكون المراد الذراع الذي وضعه (عليه السّلام) لمساحة الأشياء و هذا يحتمل وجهين أحدهما أن يكون الذراع الذي عمله آدم (على نبينا و آله و عليه السلام) للرجال غير الذي وضعته حواء للنساء و ثانيهما أن يكون الذراع واحدا لكن نسب في بيان طول كل منهما إليه لقرب المرجع.

ص: 100

السابع: ما سمحت به قريحتي أيضاً و إن أتت ببعيد عن الأفهام و هو أن يكون المعنى اجعل طول قامته بحيث يكون بعد تناسب الأعضاء طوله الأوّل سبعين ذراعا بالذراع الذي حصل له بعد الغمز فيكون المراد بطوله طوله الأوّل و نسبة التسيير إليه باعتبار أن كونه سبعين ذراعا أنما يكون بعد حصول ذلك الذراع فيكون في الكلام شبه قلب أي اجعل ذراعه بحيث يصير جزءا من سبعين جزءا من قامته قبل الغمز و مثل هذا قد يكون في المحاورات و ليس تكلفه أكثر من بعض الوجوه التي تقدم ذكرها و به تظهر النسبة بين القامتين إذ طول قامة مستوي الخلقة ثلاثة أذرع و نصف تقريبا فإذا كان طول قامته الأولى سبعين بذلك الذراع تكون النسبة بينهما نصف العشر و ينطبق الجواب على السؤال إذ الظاهر منه أن غرض السائل استعلام قامته الأولى فلعله كان يعرف طول القامة الثانية بما اشتهر بين أهل الكتاب أو بما روت العامة من ستين ذراعا.

الثامن أن يكون الباء في قوله بذراعه للملابسة أي كما قصر من طوله قصر من ذراعه لتناسب أعضائه و إنما خص بذراعه لأن جميع الأعضاء داخلة في الطول بخلاف الذراع و المراد حينئذ بالذراع في قوله (عليه السّلام) سبعين ذراعا إما ذراع من كان في زمن آدم على نبينا و آله (عليه السّلام) أو من كان في زمان من صدر عنه الخبر و هذا وجه قريب.

التاسع: أن يكون الضمير في قوله بذراعه راجعا إلى جبرئيل (عليه السّلام) و لا يخفى بعده و ركاكته من وجوه شتى لا سيما بالنظر إلى ما في الكافي ثم اعلم أن الغمز يمكن أن يكون باندماج الأجزاء و تكاثفها أو بالزيادة في العرض أو بتحلل بعض الأجزاء بإذنه تعالى أو بالجميع و قد بسطنا الكلام في ذلك في المجلد الآخر من كتاب مرآة العقول.

***

ص: 101

باب (3) ارتکاب ترك الأولى ومعناه وكيفيته وكيفية قبول توبته والكلمات التي تلقّاها من ربّه

البحار: ج 5 ص 128

45 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) وَ أَنَا حَاضِرٌ كَمْ لَبِثَ آدَمُ وَ زَوْجُهُ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى أَخْرَجَهُمَا مِنْهَا خَطِيئَتُهُمَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى نَفَخَ فِي آدَمَ رُوحَهُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ بَرَأَ زَوْجَتَهُ مِنْ أَسْفَلِ أَضْلَاعِهِ ثُمَّ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَقَرَّ فِيهَا إِلَّا سِتَّ سَاعَاتٍ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ حَتَّى عَصَى اللَّهَ فَأَخْرَجَهُمَا اللَّهُ مِنْهَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ مَا بَاتَا فِيهَا وَ صُيِّرَا بِفِنَاءِ الْجَنَّةِ حَتَّى أَصْبَحَا فَ- «بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ» فَاسْتَحْيَا آدَمُ مِنْ رَبِّهِ وَ خَضَعَ وَ قَالَ «رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا» وَ اعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَاغْفِرْ لَنَا قَالَ اللَّهُ لَهُمَا اهْبِطَا مِنْ سَمَاوَاتِي إِلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَا يُجَاوِرُنِي فِي جَنَّتِي عَاصٍ وَ لَا فِي سَمَاوَاتِي ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) إِنَّ آدَمَ لَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ ذَكَرَ مَا نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهَا فَنَدِمَ فَذَهَبَ لِيَتَنَحَّى مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَخَذَتِ الشَّجَرَةُ بِرَأْسِهِ فَجَرَّتْهُ إِلَيْهَا وَ قَالَتْ لَهُ أَ فَلَا كَانَ فِرَارٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِّي.

بيان: هذا الخبر مصرّح بكون جنتهما في السماء.(1)

***

ص: 102


1- ويمكن أن يراد بالسماء مطلق جهة العلو وقد أثبت العلم الحديث أنّه لا يمكن الحياة الظاهرية حيوانية كانت أو نباتية في السماوات ثمّ إن في لفظ أهبطوا عناية وهي أنّه كان اختيارياً منهما ولازمه أن يكونا في مكان مرتفع وكان المهبط إليه منحدرا ولو كان مثل السماء والأرض لا يطلق عليه الهبوط في الجسم الثقيل. نعم يصحّ في الملائكة يقال هبط جبرائیل ولو كان الهبوط بمعنی مطلق السقوط صحّ الاستعمال فتأمّل فإنّ هذا الأشكال لا وجه له و يأتي في بعض الأخبار أن الله أهبطهما. السبزواري
باب (4) كيفية نزول آدم من الجنّة وحزنه على فراقها وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله

البحار: ج 5 ص 140

10 – بِإِسْنَادِ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) أَنَّ النَّبِيَّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْكَلْبَ قَالَ خَلَقَهُ مِنْ بُزَاقِ إِبْلِيسَ قِيلَ وَ كَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ وَ حَوَّاءَ إِلَى الْأَرْضِ أَهْبَطَهُمَا كَالْفَرْخَيْنِ الْمُرْتَعِشَيْنِ فَعَدَا إِبْلِيسُ الْمَلْعُونُ إِلَى السِّبَاعِ وَ كَانُوا قَبْلَ آدَمَ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ طَيْرَيْنِ قَدْ وَقَعَا مِنَ السَّمَاءِ لَمْ يَرَ الرَّاءُونَ أَعْظَمَ مِنْهُمَا تَعَالَوْا فَكُلُوهُمَا فَتَعَادَتِ السِّبَاعُ مَعَهُ وَ جَعَلَ إِبْلِيسُ يَحُثُّهُمْ وَ يَصِيحُ وَ يَعِدُهُمْ بِقُرْبِ الْمَسَافَةِ فَوَقَعَ مِنْ فِيهِ مِنْ عَجَلَةِ كَلَامِهِ بُزَاقٌ فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْبُزَاقِ كَلْبَيْنِ أَحَدُهُمَا ذَكَرٌ وَ الْآخَرُ أُنْثَى فَقَامَا حَوْلَ آدَمَ وَ حَوَّاءَ الْكَلْبَةُ بِجُدَّةَ وَالْكَلْبُ بِالْهِنْدِ فَلَمْ يَتْرُكُوا السِّبَاعَ أَنْ يَقْرَبُوهُمَا وَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْكَلْبُ عَدُوُّ السَّبُعِ وَ السَّبُعُ عَدُوُّ الْكَلْب.(1)

البحار: ج 5 ص 143

21- عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: مَا بَكَى أَحَدٌ بُكَاءَ ثَلَاثَةٍ آدَمَ وَ يُوسُفَ وَ دَاوُدَ فَقُلْتُ مَا بَلَغَ مِنْ بُكَائِهِمْ فَقَالَ أَمَّا آدَمُ فَبَكَى حِينَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ كَانَ رَأْسُهُ فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَبَكَى حَتَّى تَأَذَّى بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ(2) فَشَكَوْا ذَلِكَ

ص: 103


1- ظاهر هذا الخبر ينافي ما سيأتي من عدم تنافر السباع بعضهم مع بعض وحصول الألفة بينهم قبل قتل قابيل هابيل فراجع ص 46 (1) خبر ابن المتوكل. السبزواري.
2- لا علم لنا بأن وضع العالم في زمان آدم کان كما هو الآن بل لعله كانت السماء قريباً من الأرض جدا ثمّ صارت بسبب الحركات بعيدة وعلى هذا يسهل فهم أمثال هذه الروايات فتدبّر وراجع قواعد الهيئة فإنها صريحة في وقوع الحركات التربية والبعدية بالنسبة إلى الكرات وكما أنّ المسلّم بحسب الروايات بل الآيات أنّ وضع العالم عند ختم الدنيا يصير غير هذا الوضع الفعلي فيمكن غير هذا الوضع عند بدء الدنيا أيضاً. وأما اختلاف الأخبار الدالّة على موضع هبوطهما فيمكن رفع الاختلاف بأنّه قد ثبت في محله اتّصال الجبال بعضها مع بعض في باطن الأرض فهي جبل واحد حقيقة وان كانت تترای جبالا متعددة بحسب الظاهر فيرفع التنافي بين ما دلّ على هبوطهما على أبي قبيس أو جبل مني أو غيرهما ولا إشكال في أن الجبال كانت في بدء الخلقة أشدّ اتّصالاً ممّا هو اليوم لخروجها عن الاتّصال الحقيقي بواسطة الزلازل ونحوها. ثمّ إنّي لا أرى التنافي بين ما ظاهره أنّ جنّة آدم كانت من جنان الدنيا وما دلّ على أنّها كانت جنّة الخلد بداهة أنّ جنّة الخلد ليس إلا في باطن الدنيا ونسبة الدنيا إليها نسبة القشر إلى اللبّ بل النّار أيضاً كذلك، فعالم الآخرة موجود في باطن الدنيا فكلّ ما في عالم الشهود والدنيا إذا نظر إليها بنظر الواقع والحقيقة يكون من عالم الآخرة أمّا من نعيمها أو من جحيمها وإذا نظر إليها بالنظر الظاهر كأنظارنا القاصرة يكون من الدنيا الفانية، فجنّة آدم جنّة الخلد في عين أنّها من جنان الدنيا و جنّة الدنيا في عين أنّها جنّة الخلد فتدبّر. السبزواري.

إِلَى اللَّهِ فَحَطَّ مِنْ قَامَتِهِ وَ أَمَّا دَاوُدُ فَإِنَّهُ بَكَى حَتَّى هَاجَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ وَ إِنْ كَانَ لَيَزْفِرُ الزَّفْرَةَ فَيُحْرِقُ مَا نَبَتَ مِنْ دُمُوعِهِ وَ أَمَّا يُوسُفُ فَإِنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى أَبِيهِ يَعْقُوبَ وَ هُوَ فِي السِّجْنِ فَتَأَذَّى بِهِ أَهْلُ السِّجْنِ فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَبْكِيَ يَوْماً وَ يَسْكُتَ يَوْماً.

***

باب (5) تزويج آدم حواء وكيفية بدء النسل منهما وقصة قابيل وهابيل وسائر أولادهما

البحار: ج 5 ص 106

17- ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 104

بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: كَانَتِ الْوُحُوشُ وَ الطَّيْرُ وَ السِّبَاعُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُخْتَلِطاً بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَلَمَّا قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ نَفَرَتْ وَ فَزِعَتْ فَذَهَبَ كُلُّ شَيْ ءٍ إِلَى شَكْلِهِ.(1)

***

باب (6) تأويل قوله تعالى: (جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا)

البحار: ج 5 ص 166

2- أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) فِي قَوْلِ اللَّهِ- «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما» فَقَالَ هُوَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ إِنَّمَا كَانَ شِرْكُهُمَا شِرْكَ طَاعَةٍ وَ لَمْ يَكُنْ شِرْكَ عِبَادَةٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ» إِلَى قَوْلِهِ «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» قَالَ جَعَلَا لِلْحَارِثِ نَصِيباً فِي خَلْقِ اللَّهِ وَ لَمْ يَكُونَا أَشْرَكَا إِبْلِيسَ فِي عِبَادَةِ اللَّه.(2)

ص: 105


1- وستختلط الأشياء ويرفع عنها التنافر والبغضاء ويحصل بينها الألفة عند ظهور العدل الحقيقي بظهور خاتم الأوصياء عن مَكمَن الغيبة كما بدأ كم تعودون ثمّ أقول يستفاد من قصة آدم وقتل قابيل هابيل أن أول شيء في الدنيا كان حجّة ونبياً ويدلّ عليها الأخبار الدالة على أن الأرض تبدأ بالحجّة وتختم بالحجّة وأول من رحل إلى الآخرة من البشر كان شهیداً تقياً صالحاً وآخر من يرحل إليها يكون كذلك أيضاً فراجع و تدبّر. السبزواري.
2- لباب القول: إن الشبهة إنما هي فيما إذا رجع ضمير التثنية في جعلا إلى الوالدين آدم وحواء، وأما إذا رجع إلى المولودين فلا إشكال أصلا والإمام بيّن أنه يرجع إلى المولود لا الوالدين إن قيل أن مرجع الضمير لا بد أن يكون معروفا في الجملة فيقال أنه معروف بما جرت عليه عادة حواء من أنها تضع في كل مرة حملين السبزواري.

البحار: ج5 ص 166

عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما» قَالَ هُوَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ إِنَّهُ كَانَ شِرْكُهُمَا شِرْكَ طَاعَةٍ وَ لَيْسَ شِرْكَ عِبَادَةٍ. وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَ لَمْ يَكُنْ شِرْكَ عِبَادَةٍ.

تحقيق مقام لرفع إبهام اعلم أن الخبر الأول لعله صدر على وجه التقية لاشتهار تلك القصة بين المخالفين و كذا الخبر الثاني و الرابع و إن أمكن توجيههما بوجه و الخبر الثالث هو المعول عليه و اختاره أكثر المفسرين من الفريقين. قال الرازي المروي عن ابن عباس «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ» و هي نفس آدم «وَ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها» أي حواء خلقها الله من ضلع آدم من غير أذى «فَلَمَّا تَغَشَّاها آدم حَمَلَتْ حَمْلًا فَلَمَّا أَثْقَلَتْ» أي ثقل الولد في بطنها أتاها إبليس في صورة رجل و قال ما هذا يا حواء إني أخاف أن يكون كلبا أو بهيمة و ما يدريك من أين يخرج أ من دبرك فيقتلك أو ينشق بطنك فخافت حواء و ذكرت ذلك لآدم (عليه السّلام) فلم يزالا من هم من ذلك ثم أتاها و قال إن سألت الله أن يجعله صالحا سويا مثلك و يسهل خروجه من بطنك و تسميه عبد الحارث و كان إبليس في الملائكة الحارث فذلك قوله «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» فِيما آتاهُما أي لما آتاهما الله ولدا سويا صالحا جعلا له شريكا أي جعل آدم و حواء له شريكا و المراد به عبد الحارث هذا تمام القصة و اعلم أن هذا التأويل فاسد و يدل عليه وجوه:

الأوّل أنه تعالى قال «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» و ذلك يدل على أن الذين أتوا بالشرك جماعة.

الثاني أنه تعالى قال بعده «أَ يُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ» و هذا يدل على أن المقصود من هذه الآية الرد على من جعل الأصنام شركاء لله تعالى و ما

ص: 106

جرى لإبليس اللعين في هذه الآية ذكر.

الثالث: لو كان المراد إبليس لقال أ تشركون من لا يخلق شيئا و لم يقل ما لا يخلق شيئا لأن العاقل إنما يذكر بصيغة من.

الرابع: أن آدم (عليه السّلام) كان من أشد الناس معرفة بإبليس و كان عالما بجميع الأسماء كما قال تعالى «وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها» فكان لا بد و أن يكون قد علم أن اسم إبليس هو الحارث فمع العداوة الشديدة التي بينه و بين آدم و مع علمه بأن اسمه هو الحارث كيف سمى ولد نفسه بعبد الحارث و كيف ضاقت عليه الأسماء حتى أنه لم يجد سوى هذا الاسم.

الخامس: أن الواحد منا لو حصل له ولد يرجو منه الخير و الصلاح فجاء إنسان و دعاه إلى أن يسميه بمثل هذه الأسماء لزجره و أنكر عليه أشد الإنكار فآدم (عليه السّلام) مع نبوته و علمه الكثير الذي حصل من قوله «وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها» و تجاربه الكثيرة التي حصلت له بسبب الزلة التي وقع فيها لأجل وسوسة إبليس كيف لم يتنبه لهذا الغدر و كيف لم يعرف أن ذلك من الأفعال المنكرة التي يجب على العاقل الاحتراز منها.

السادس: أن بتقدير أن آدم (عليه السّلام) سماه بعبد الحارث فلا يخلو إما أن يقال إنه جعل هذا اللفظ اسم علم له أو جعله صفة له بمعنى أنه أخبر بهذا اللفظ أنه عبد الحارث و مخلوق من قبله فإن كان الأول لم يكن هذا شركا باللّه لأن أسماء الأعلام و الألقاب لا يفيد في المسميات فائدة فلم يلزم من التسمية بهذا اللفظ حصول الإشراك و إن كان الثاني كان هذا قولا بأن آدم (عليه السّلام) اعتقد أن لله شريكا في الخلق و الإيجاد و التكوين و ذلك يوجب الجزم بتكفير آدم (عليه السّلام) و ذلك لا يقوله عاقل فثبت بهذه الوجوه أن هذا القول فاسد و يجب على المسلم العاقل أن لا يلتفت إليه. إذا عرفت

ص: 107

هذا فنقول في تأويل الآية وجوه صحيحة سليمة خالية عن هذه المفاسد.

التأويل الأول ما ذكره القفال فقال إنه تعالى ذكر هذه القصة على سبيل ضرب المثل و بيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين في جهلهم و قولهم بالشرك و تقدير هذا الكلام كأنه تعالى يقول هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة و جعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه في الإنسانية فلما تغشى الزوج الزوجة و ظهر الحمل دعا الزوج و الزوجة أنهما إن آتيتنا ولدا صالحا سويا لنكونن من الشاكرين لآلائك و نعمائك فلما آتاهما الله ولدا صالحا سويا جعل الزوج و الزوجة لله شركاء فيما آتاهما لأنهم تارة ينسبون هذا الولد إلى الطبائع كما هو قول الطبائعيين و تارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين و تارة إلى الأصنام و الأوثان كما هو قول عبدة الأصنام ثم قال «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» أي تبرأ الله عن ذلك الشرك و هذا جواب في غاية الصحة و السداد. التأويل الثاني أن يكون الخطاب لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله و هم القصي و المراد من قوله هو الذي خلقكم من نفس قصي و جعل من جنسها زوجها عربية قرشية ليسكن إليها فلما آتاهما ما طالبا من الولد الصالح السوي جعلا له شركاء فيما آتاهما حيث سميا أولادهما الأربعة بعبد مناف و عبد العزى و عبد قصي و عبد اللات و جعل الضمير في يشركون لهما و لأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك. التأويل الثالث أن نسلم أن هذه الآية وردت في شرح قصة آدم (عليه السّلام) و على هذا التقدير ففي دفع هذا الإشكال وجوه:

الأوّل: أن المشركين كانوا يقولون إن آدم (عليه السّلام) كان يعبد الأصنام و يرجع في طلب الخير و الشر إليها فذكر تعالى قصة آدم و حواء و حكى عنهما أنهما قالا «لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ» أي ذكرا أنه تعالى لو آتاهما ولدا صالحا سويا لاشتغلوا بشكر تلك النعمة ثم قال «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» فقوله

ص: 108

«جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» ورد بمعنى الاستفهام على سبيل الإنكار و التبعيد و التقدير فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما ثم قال «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» أي تعالى الله عن شرك هؤلاء المشركين الذين يقولون بالشرك و ينسبونه إلى آدم (عليه السّلام) و نظيره أن ينعم رجل على رجل بوجوه كثيرة من الإنعام ثم يقال لذلك المنعم أن ذلك المنعم عليه يقصد إساءتك و إيصال الشر إليك فيقول ذلك المنعم فعلت في حق فلان كذا و أحسنت إليه بكذا و كذا ثم إنه يقابلني بالشر و الإساءة على سبيل النفي و التبعيد فكذا هاهنا.

الوجه الثاني: في الجواب أن نقول إن هذه القصة من أولها إلى آخرها في حق آدم و حواء و لا إشكال في شي ء من ألفاظها إلا قوله «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» فِيما آتاهُما فنقول التقدير فلما آتاهما ولدا صالحا سويا جعلا له شركاء أي جعل أولادهما له شركاء على حذف المضاف و إقامة المضاف إليه مقامه و كذا فيما آتاهما أولادهما و نظيره قوله «وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ» أي و اسأل أهل القرية. فإن قيل فعلى هذا التأويل ما الفائدة في التثنية في قوله «جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» قلنا لأن ولده قسمان ذكر و أنثى فقوله جعلا المراد الذكر و الأنثى مرة عبر عنهما بلفظ التثنية لكونهما صنفين و نوعين و مرة عبر عنهم بلفظ الجمع و هو قوله «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ».

الوجه الثالث: في الجواب سلمنا أن الضمير في قوله «جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» فِيما آتاهُما عائد إلى آدم و حواء إلا أنه تعالى لما آتاهما ذلك الولد الصالح عزما على أن يجعلاه وقفا على خدمة الله و طاعته و عبوديته على الإطلاق ثم بدا لهما في ذلك فتارة كانوا ينتفعون به في مصالح الدنيا و منافعها و تارة كانوا يأمرونه بخدمة الله و طاعته و هذا العمل و إن كان منا قربة و طاعة إلا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين فلهذا قال الله تعالى «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» و المراد من هذه الآية ما نقل عنه (عليه السّلام) أنه

ص: 109

قال حاكيا عن الله سبحانه أنا أغنى الأغنياء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه غيري تركته و شركته و على هذا التقدير فالإشكال زائل.

الوجه الرابع: في التأويل أن نقول سلمنا صحة تلك القصة المذكورة إلا أنا نقول أنهم سموا بعبد الحارث لأجل أنهم اعتقدوا أنه إنما سلم من الآفة و المرض بسبب دعاء ذلك الشخص المسمى بالحارث و قد سمي المنعم عليه عبيدا للمنعم يقال في المثل أنا عبد من تعلمت منه حرفا فآدم و حواء سميا ذلك الولد تنبيها على أنه إنما سلم عن الآفات ببركة دعائه و هذا لا يقدح في كونه عبدا لله من جهة أنه مملوكه و مخلوقه إلا أنا قد ذكرنا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين فلما حصل الاشتراك في لفظ العبد لا جرم صار آدم (عليه السّلام) معاتبا في هذا العمل انتهى.(1)

***

باب (8) عمر آدم ووفاته ووصيّته إلى شيث وقصصه (عليه السّلام)

البحار: ج 5 ص 171

ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السّلام) إِنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ عَرَضَ عَلَى آدَمَ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ وَ أَعْمَارَهُمْ قَالَ فَمَرَّ بِآدَمَ اسْمُ دَاوُدَ النَّبِيِّ (عليه السّلام) فَإِذَا عُمُرُهُ فِي الْعَالَمِ أَرْبَعُونَ

ص: 110


1- أقول وقد خطر ببالي وجه أظنه أمتن من بعض الوجوه المذكورة عن الرازي وهو أن ضمیر جعلا يرجع إلى آدم وحواء وضمير له يرجع إلى الولد الصالح، المراد بالشرك هو الاشتراك في الشكر فالمعنى جعل آدم وحواء لولدهما الصالح شركاء فيما أسهما من سائر الأولاد فشكروا الله تعالى على جميع ما آتاهما من الأوّلاد لا على خصوص الولد الصالح فتدبّر. السبزواري.

سَنَةً فَقَالَ آدَمُ (عليه السّلام) يَا رَبِّ مَا أَقَلَّ عُمُرَ دَاوُدَ وَ مَا أَكْثَرَ عُمُرِي يَا رَبِّ إِنْ أَنَا زِدْتُ دَاوُدَ مِنْ عُمُرِي ثَلَاثِينَ سَنَةً أَ تُثْبِتُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ نَعَمْ يَا آدَمُ قَالَ فَإِنِّي قَدْ زِدْتُهُ مِنْ عُمُرِي ثَلَاثِينَ سَنَةً فَأَنْفِذْ ذَلِكَ لَهُ وَ أَثْبِتْهَا لَهُ عِنْدَكَ وَ اطْرَحْهَا مِنْ عُمُرِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السّلام) فَأَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ فِي عُمُرِهِ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مُثْبَتَةٌ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ «يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» قَالَ فَمَحَا اللَّهُ مَا كَانَ عِنْدَهُ مُثْبَتاً لِآدَمَ وَ أَثْبَتَ لِدَاوُدَ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مُثْبَتاً قَالَ فَمَضَى عُمُرُ آدَمَ (عليه السّلام) فَهَبَطَ مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِ رُوحِهِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ (عليه السّلام) يَا مَلَكَ الْمَوْتِ إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِي ثَلَاثُونَ سَنَةً فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ يَا آدَمُ أَ لَمْ تَجْعَلْهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ النَّبِيِّ وَ طَرَحْتَهَا مِنْ عُمُرِكَ حِينَ عُرِضَ عَلَيْكَ أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَ قَدْ عُرِضَتْ عَلَيْكَ أَعْمَارُهُمْ وَ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ بِوَادِي الدَّخْيَاءِ قَالَ فَقَالَ لَهُ آدَمُ (عليه السّلام) مَا أَذْكُرُ هَذَا(1) قَالَ فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ يَا آدَمُ لَا تَجْحَدْ أَ لَمْ تَسْأَلِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُثْبِتَهَا لِدَاوُدَ وَ يَمْحُوَهَا مِنْ عُمُرِكَ فَأَثْبَتَهَا لِدَاوُدَ فِي الزَّبُورِ وَ مَحَاهَا مِنْ عُمُرِكَ فِي الذِّكْرِ قَالَ (عليه السّلام) حَتَّى أَعْلَمَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السّلام) وَ كَانَ آدَمُ صَادِقاً لَمْ يَذْكُرْ وَ لَمْ يَجْحَدْ فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْعِبَادَ أَنْ يَكْتُبُوا بَيْنَهُمْ إِذَا تَدَايَنُوا وَ تَعَامَلُوا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لِنِسْيَانِ آدَمَ وَ جُحُودِهِ مَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ.

البحار: ج 5 ص 176

بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ:

ص: 111


1- لا يخفى على البصير مواقع الجعل في الرواية فإن قول آدم ما أذكر هذا ليس جحداً حتّى يقول له ملك الموت لا تجحد ثمّ قوله لم يذكر ولم يجحد مناف لقوله نسیان آدم وجحوده على نفسه، فتدبّر السبزواري.

أَرْسَلَ آدَمُ ابْنَهُ إِلَى جَبْرَئِيلَ (عليه السّلام) فَقَالَ قُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ أَبِي أَطْعِمْنِي مِنْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا مِنَ الْجَنَّةِ فَلَقَّاهُ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ إِلَى أَبِيكَ فَقَدْ قُبِضَ وَ أُمِرْنَا بِإِجْهَازِهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَالَ فَلَمَّا جَهَّزُوهُ قَالَ جَبْرَئِيلُ تَقَدَّمْ يَا هِبَةَ اللَّهِ فَصَلِّ عَلَى أَبِيكَ فَتَقَدَّمَ وَ كَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْساً وَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً سَبْعِينَ تَفْضِيلًا لِآدَمَ (عليه السّلام) وَ خَمْساً لِلسُّنَّةِ قَالَ وَ آدَمُ (عليه السّلام) لَمْ يَزَلْ يَعْبُدُ اللَّهَ بِمَكَّةَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْبِضَهُ بَعَثَ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ مَعَهُمْ سَرِيرٌ وَ حَنُوطٌ وَ كَفَنٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَلَمَّا رَأَتْ حَوَّاءُ (عليها السّلام) الْمَلَائِكَةَ ذَهَبَتْ لِتَدْخُلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ لَهَا آدَمُ خَلِّي بَيْنِي وَ بَيْنَ رُسُلِ رَبِّي(1)فَقُبِضَ فَغَسَّلُوهُ بِالسِّدْرِ وَ الْمَاءِ ثُمَّ لَحَدُوا قَبْرَهُ وَ قَالَ هَذَا سُنَّةُ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَكَانَ عُمُرُهُ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ تِسْعَمِائَةٍ وَ سِتّاً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ دُفِنَ بِمَكَّةَ وَ كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَ نُوحٍ (عليه السّلام) أَلْفٌ وَ خَمْسُمِائَةِ سَنَة.

البحار: ج 5 ص 176

17 - بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى وَهْبٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ آدَمَ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى شَيْثٍ وَ حَفَرَ لآِدَمَ فِي غَارٍ فِي أَبِي قَيْسٍ يُقَالُ لَهُ غَارُ الْكَنْزِ فَلَمْ يَزَلْ آدَمُ (عليه السّلام) فِي ذَلِكَ الْغَارِ حَتَّى كَانَ زَمَنُ الْغَرَقِ اسْتَخْرَجَهُ نُوحٌ (عليه السّلام) فِي تَابُوتٍ وَ جَعَلَهُ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ. (2)

***

ص: 112


1- مما يظهر من هذا الخبر إن آدم (عليه السّلام) علامات قبل حواء. السبزواري.
2- هذا الخبر شاهد جمع للأخبار المختلفة في مكان قبر آدم (عليه السّلام). السبزواري.
أبواب قصص نوح (على نبينا وآله وعليه السلام)
باب (3) بعثته (عليه السّلام) على قومه وقصة الطوفان

البحار: ج 5 ص217

51 – مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْجَوَاشِنِيِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْبُدَيْلِيِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: لَمَّا اسْتَنْزَلَ نُوحٌ (عليه السّلام) الْعُقُوبَةَ عَلَى قَوْمِهِ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ (عليه السّلام) بِسَبْعَةِ نَوَايَاتٍ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ لَكَ إِنَّ هَؤُلَاءِ خَلَائِقِي وَ عِبَادِي وَ لَسْتُ أُبِيدُهُمْ بِصَاعِقَةٍ مِنْ صَوَاعِقِي إِلَّا بَعْدَ تَأْكِيدِ الدَّعْوَةِ وَ إِلْزَامِ الْحُجَّةِ فَعَاوِدِ اجْتِهَادَكَ فِي الدَّعْوَةِ لِقَوْمِكَ فَإِنِّي مُثِيبُكَ عَلَيْهِ وَ اغْرِسْ هَذَا النَّوَى(1) فَإِنَّ لَكَ فِي نَبَاتِهَا وَ بُلُوغِهَا وَ إِدْرَاكِهَا إِذَا أَثْمَرَتْ الْفَرَجَ وَ الْخَلَاصَ فَبَشِّرْ بِذَلِكَ مَنْ تَبِعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا نَبَتَتِ الْأَشْجَارُ وَ تَأَزَّرَتْ وَ تَسَوَّقَتْ وَ تَغَصَّنَتْ وَ أَثْمَرَتْ وَ زَهَا الثَّمَرُ عَلَيْهَا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ اسْتَنْجَزَ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ الْعِدَةَ فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يَغْرِسَ مِنْ نَوَى تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَ يُعَاوِدَ الصَّبْرَ وَ الِاجْتِهَادَ وَ يُؤَكِّدَ الْحُجَّةَ عَلَى قَوْمِهِ وَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ الطَّوَائِفَ الَّتِي آمَنَتْ بِهِ فَارْتَدَّ

ص: 113


1- أقول: ظاهر هذا إنّ المغروس هو كل واحد من سبع نوايات التي جاء بها جبرائيل وظاهر الذيل إن المغروس من نوى كل شجرة غرست سابقا ويمكن أن يقال إن البعث بسبع نوايات عبارة عن إسهاب غرس سبع نوايات بالترتيب الذي يذكر في الذيل، لا أنها أتى بها جبرائیل مجتمعا فتدبّر. ثمّ إنّ ظاهر خبر صدر الصفحة أن الغرس كان ثلاث مرات وهذا أيضاً ظاهر في انه كان سبعة مرات ويمكن التوفيق بأن الخبر الأوّل ليس في مقام الحصر حتّى يتحقق الثاني. السبزواري.

مِنْهُمْ ثَلَاثُ مِائَةِ رَجُلٍ وَ قَالُوا لَوْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ نُوحٌ حَقّاً لَمَا وَقَعَ فِي وَعْدِ رَبِّهِ خُلْفٌ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ يَأْمُرُهُ عِنْدَ كُلِّ مَرَّةٍ أَنْ يَغْرِسَهَا تَارَةً بَعْدَ أُخْرَى إِلَى أَنْ غَرَسَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الطَّوَائِفُ تَرْتَدُّ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ بَعْدَ طَائِفَةٍ إِلَى أَنْ عَادَ إِلَى نَيِّفٍ وَ سَبْعِينَ رَجُلًا فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَ قَالَ الْآنَ أَسْفَرَ الصُّبْحُ عَنِ اللَّيْلِ لِعَيْنِكَ حِينَ صَرَّحَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ وَ صَفَا مِنَ الْكَدَرِ بِارْتِدَادِ مَنْ كَانَتْ طِينَتُهُ خَبِيثَةً فَلَوْ أَنِّي أَهْلَكْتُ الْكُفَّارَ وَ أَبْقَيْتُ مَنْ قَدِ ارْتَدَّ مِنَ الطَّوَائِفِ الَّتِي كَانَتْ آمَنَتْ بِكَ لَمَا كُنْتُ صَدَّقْتُ وَعْدِيَ السَّابِقَ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَخْلَصُوا التَّوْحِيدَ مِنْ قَوْمِكَ وَ اعْتَصَمُوا بِحَبْلِ نُبُوَّتِكَ بِأَنْ أَسْتَخْلِفَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ أُمَكِّنَ لَهُمْ دِينَهُمْ وَ أُبَدِّلَ خَوْفَهُمْ بِالْأَمْنِ لِكَيْ تَخْلُصَ الْعِبَادَةُ لِي بِذَهَابِ الشَّكِّ مِنْ قُلُوبِهِمْ فَكَيْفَ يَكُونُ الِاسْتِخْلَافُ وَ التَّمْكِينُ وَ تَبَدُّلُ الْخَوْفِ بِالْأَمْنِ مِنِّي لَهُمْ مَعَ مَا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ ضَعْفِ يَقِينِ الَّذِينَ ارْتَدُّوا وَ خُبْثِ طِينَتِهِمْ وَ سُوءِ سَرَائِرِهِمُ الَّتِي كَانَتْ نَتَائِجَ النِّفَاقِ وَ شُبُوحِ الضَّلَالَةِ فَلَوْ أَنَّهُمْ تَنَسَّمُوا مِنِّي الْمُلْكَ الَّذِي أُوتِي الْمُؤْمِنِينَ وَقْتَ الِاسْتِخْلَافِ إِذَا أَهْلَكْتُ أَعْدَاءَهُمْ لَنَشِقُوا رَوَايِحَ صِفَاتِهِ وَ لَاسْتَحْكَمَتْ سَرَائِرُ نِفَاقِهِمْ وَ تَأَبَّدَ خَبَالُ ضَلَالَةِ قُلُوبِهِمْ وَ كَاشَفُوا إِخْوَانَهُمْ بِالْعَدَاوَةِ وَ حَارَبُوهُمْ عَلَى طَلَبِ الرِّئَاسَةِ وَ التَّفَرُّدِ بِالْأَمْرِ وَ النَّهْيِ وَ كَيْفَ يَكُونُ التَّمْكِينُ فِي الدِّينِ وَ انْتِشَارُ الْأَمْرِ فِي الْمُؤْمِنِينَ مَعَ إِثَارَةِ الْفِتَنِ وَ إِيقَاعِ الْحُرُوبِ كَلَّا فَ-«اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا».

بيان: قال الفيروزآبادي الأزر الإحاطة و القوة و الضعف ضد و التقوية و الموازرة أن يقوي الزرع بعضه بعضا فيلتف و التأزير التغطية و التقوية و نصر مؤزر بالغ شديد و قال سوق الشجر تسويقا صار ذا ساق انتهى فالمراد بقوله (عليه السّلام) تأزرت تقوت و التفت و بقوله تسوقت قوي ساقها و بقوله تغصنت كثرت و قويت أغصانها و زهو الثمرة احمرارها و اصفرارها. قوله (عليه السّلام) حين صرح الحق إما بتخفيف الراء

ص: 114

المضمومة أي خلص أو بالتشديد أي بين و المحض الخالص من كل شي ء و على التقديرين يضمن معنى الانكشاف أو الكشف و شبوح الضلالة بالباء الموحدة و الحاء المهملة جمع شبح بالتحريك و هو الشخص أو بالسين المهملة و النون بمعنى الظهور أو بالخاء المعجمة جمع سنخ بالكسر بمعنى الأصل أو بمعنى الرسوخ و في بعض النسخ شيوخ جمع الشيخ و على التقادير لا يخلو من تكلف و تنسم النسيم تشممه و نشقه كقرحه شمه و الخبال الجنون و الفساد و الحاصل أن هذه الفتن لتخليص المؤمنين عن المنافقين و ظهور ما كتموه من الشرك و الفساد لكي لا يفسدوا في الأرض بعد ظهور دولة الحق باختلاطهم بالمؤمنين.

***

ص: 115

أبواب قصص إبراهيم (عليه السّلام)
باب (5) أحوال أولاده وأزواجه صلوات الله عليهم وبناء البيت

البحار: ج 5 ص 324

7-ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ عِيسَى وَ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ مَعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) إِنَ مَنْ قِبَلَنَا يَقُولُونَ إِنَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ (عليه السّلام) خَتَنَ نَفْسَهُ بِقَدُومٍ(1) عَلَى دَنٍّ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ كَذَبُوا فَقُلْتُ لَهُ صِفْ لِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ (عليهم السّلام) كَانَتْ تَسْقُطُ عَنْهُمْ غُلَفُهُمْ مَعَ سُرَرِهِمْ يَوْمَ السَّابِعِ الْخَبَرَ.

***

باب (8) قصص ذي القرنين

البحار: ج 5 ص 372

6- عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ إِلَى عَلِيٍّ (عليه السّلام) وَ هُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ أَ نَبِيّاً كَانَ أَمْ مَلَكاً وَ أَخْبِرْنِي عَنْ قَرْنَيْهِ أَ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ أَمْ مِنْ فِضَّةٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عليه السّلام) لَمْ يَكُنْ نَبِيّاً وَ لَا مَلَكاً وَ لَمْ يَكُنْ قَرْنَاهُ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَا مِنْ فِضَّةٍ وَ لَكِنَّهُ كَانَ عَبْداً أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ وَ نَصَحَ لِلَّهِ فَنَصَحَ اللَّهُ لَهُ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ ذُو الْقَرْنَيْنِ لِأَنَّهُ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ فَغَابَ عَنْهُمْ حِيناً ثُمَّ عَادَ

ص: 116


1- يستفاد منه إن الخبر صحف وانه كان ختن إبراهيم إسحاق بحديد فغيروه ختن إبراهيم نفسه بقدوم السبزواري

إِلَيْهِمْ فَضَرَبُوهُ بِالسَّيْفِ عَلَى قَرْنِهِ الْآخَرِ وَ فِيكُمْ مِثْلُه.(1)

البحار: ج 5 ص 372 - 373 (الجمع بين خبر الأصبغ المزبور و خبر هشام بن سالم):

9- ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْ أَنْبِيَاءَ مُلُوكاً فِي الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعَةً بَعْدَ نُوحٍ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَ اسْمُهُ عَيَّاشٌ وَ دَاوُدُ وَ سُلَيْمَانُ وَ يُوسُفُ (عليه السّلام) فَأَمَّا عَيَّاشٌ فَمَلَكَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ أَمَّا دَاوُدُ فَمَلَكَ مَا بَيْنَ الشَّامَاتِ إِلَى بِلَادِ إِصْطَخْرَ وَ كَذَلِكَ مُلْكُ سُلَيْمَانَ وَ أَمَّا يُوسُفُ فَمَلَكَ مِصْرَ وَ بَرَارِيَهَا لَمْ يُجَاوِزْهَا إِلَى غَيْرِهَا. (2)

البحار: ج 5 ص 374

105 – الطَّالَقَانِيُّ عَنِ الْجَلُودِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ(3) وَ كَانَ قَارِئاً لِلْكُتُبِ قَالَ قَرَأْتُ فِي بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَ أُمُّهُ عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِهِمْ لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ غَيْرُهُ يُقَالُ لَهُ إِسْكَنْدَرُوسُ وَ كَانَ لَهُ أَدَبٌ وَ خُلُقٌ وَ عِفَّةٌ مِنْ وَقْتِ مَا كَانَ فِيهِ غُلَاماً إِلَى أَنْ بَلَغَ رَجُلًا وَ كَانَ رَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ دَنَا مِنَ الشَّمْسِ حَتَّى أَخَذَ بِقَرْنَيْهَا شَرْقِهَا وَ غَرْبِهَا فَلَمَّا قَصَّ رُؤْيَاهُ عَلَى قَوْمِهِ سَمَّوْهُ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَلَمَّا رَأَى هَذِهِ الرُّؤْيَا بَعُدَتْ هِمَّتُهُ وَ عَلَا صَوْتُهُ وَ عَزَّ فِي قَوْمِهِ وَ كَانَ أَوَّلَ مَا

ص: 117


1- السبزواري: فضربه ابن ملجم على قرنه وسيعود في الرجعة وسيضر به شقي آخر على قرنه
2- لا إشكال في تعارض الروايات في نبوة اسکندر فمما هو نص في عدم نبوته خبر الأصبغ ومما ظاهره النبوّة خبر ابن سالم فيحمل على إطلاق النبيّ عليه مجازا جمعا بين الأخبار السبزواري.
3- عبد الله بن سليمان مجهول بل الظاهر إن كل رواة هذا الخبر مجاهيل فتفحص. السبزواري.

أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ أَنْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا هَيْبَةً لَهُ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَبْنُوا لَهُ مَسْجِداً فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ فَأَمَرَ أَنْ يُجْعَلَ طُولُهُ أَرْبَعَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُهُ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُ حَائِطِهِ اثْنَيْنِ وَ عِشْرِينَ ذِرَاعاً وَ عُلُوُّهُ إِلَى السَّمَاءِ مِائَةَ ذِرَاعٍ فَقَالُوا لَهُ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ كَيْفَ لَكَ بِخَشَبٍ يَبْلُغُ مَا بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ فَقَالَ لَهُمْ إِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ بُنْيَانِ الْحَائِطَيْنِ فَاكْبِسُوهُ بِالتُّرَابِ حَتَّى يَسْتَوِيَ الْكَبْسُ مَعَ حِيطَانِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ ذَلِكَ فَرَضْتُمْ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قَدْرِهِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ ثُمَّ قَطَعْتُمُوهُ مِثْلَ قُلَامَةِ الظُّفُرِ وَ خَلَطْتُمُوهُ مَعَ ذَلِكَ الْكَبْسِ وَ عَمِلْتُمْ لَهُ خَشَباً مِنْ نُحَاسٍ وَ صَفَائِحَ تُذِيبُونَ ذَلِكَ وَ أَنْتُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنَ الْعَمَلِ كَيْفَ شِئْتُمْ عَلَى أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ فَإِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ ذَلِكَ دَعَوْتُمُ الْمَسَاكِينَ لِنَقْلِ ذَلِكَ التُّرَابِ فَيُسَارِعُونَ فِيهِ مِنْ أَجْلِ مَا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ فَبَنَوُا الْمَسْجِدَ وَ أَخْرَجَ الْمَسَاكِينُ ذَلِكَ التُّرَابَ وَ قَدِ اسْتَقَلَ السَّقْفُ بِمَا فِيهِ وَ اسْتَغْنَى الْمَسَاكِينُ فَجَنَّدَهُمْ أَرْبَعَةَ أَجْنَادٍ فِي كُلِّ جُنْدٍ عَشْرَةُ آلَافٍ ثُمَّ نَشَرَهُمْ فِي الْبِلَادِ وَ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالسَّيْرِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ فَقَالُوا لَهُ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ نَنْشُدُكَ بِاللَّهِ لَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا بِنَفْسِكَ غَيْرَنَا فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرُؤْيَتِكَ وَ فِينَا كَانَ مَسْقَطُ رَأْسِكَ وَ بَيْنَنَا نَشَأْتَ وَ رُبِّيتَ وَ هَذِهِ أَمْوَالُنَا وَ أَنْفُسُنَا وَ أَنْتَ الْحَاكِمُ فِيهَا وَ هَذِهِ أُمُّكَ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ وَ هِيَ أَعْظَمُ خَلْقِ اللَّهِ عَلَيْكَ حَقّاً فَلَيْسَ يَنْبَغِي عَلَيْكَ أَنْ تَعْصِيَهَا وَ لَا تُخَالِفَهَا فَقَالَ لَهُمْ وَ اللَّهِ إِنَّ الْقَوْلَ لَقَوْلُكُمْ وَ إِنَّ الرَّأْيَ لَرَأْيُكُمْ وَ لَكِنِّي بِمَنْزِلَةِ الْمَأْخُوذِ بِقَلْبِهِ وَ سَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ يُقَادُ وَ يُدْفَعُ مِنْ خَلْفِهِ لَا يَدْرِي أَيْنَ يُؤْخَذُ بِهِ وَ لَا مَا يُرَادُ بِهِ وَ لَكِنْ هَلُمُّوا مَعْشَرَ قَوْمِي فَادْخُلُوا هَذَا الْمَسْجِدَ وَ أَسْلِمُوا عَنْ آخِرِكُمْ وَ لَا تُخَالِفُوا عَلَيَّ فَتَهْلِكُوا ثُمَّ دَعَا دِهْقَانَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَقَالَ لَهُ اعْمُرْ مَسْجِدِي وَ عَزِّ عَنِّي أُمِّي فَلَمَّا رَأَى الدِّهْقَانُ جَزَعَ أُمِّهِ وَ طُولَ بُكَائِهَا احْتَالَ لِيُعَزِّيَهَا بِمَا أَصَابَ النَّاسَ قَبْلَهَا وَ بَعْدَهَا مِنَ الْمَصَائِبِ وَ الْبَلَاءِ

ص: 118

فَصَنَعَ عِيداً عَظِيماً ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدِّهْقَانَ يُؤْذِنُكُمْ أَنْ تَحْضُرُوا يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ أَسْرِعُوا وَ احْذَرُوا أَنْ يَحْضُرَ هَذَا الْعِيدَ إِلَّا رَجُلٌ قَدْ عَرِيَ مِنَ الْبَلَاءِ وَ الْمَصَائِبِ فَاحْتُبِسَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَ قَالُوا لَيْسَ فِينَا أَحَدٌ عَرِيَ مِنَ الْبَلَاءِ وَ الْمَصَائِبِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ أُصِيبَتْ بِبَلَاءٍ أَوْ بِمَوْتِ حَمِيمٍ فَسَمِعَتْ أُمُّ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَأَعْجَبَهَا وَ لَمْ تَدْرِ مَا أَرَادَ الدِّهْقَانُ ثُمَّ إِنَّ الدِّهْقَانَ بَعَثَ مُنَادِياً يُنَادِي فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدِّهْقَانَ قَدْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَحْضُرُوا يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا وَ لَا يَحْضُرَ إِلَّا رَجُلٌ قَدِ ابْتُلِيَ وَ أُصِيبَ وَ فُجِعَ وَ لَا يَحْضُرَهُ أَحَدٌ عَرِيَ مِنَ الْبَلَاءِ فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُصِيبُهُ الْبَلَاءُ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ النَّاسُ هَذَا رَجُلٌ قَدْ بَخِلَ ثُمَّ نَدِمَ وَ اسْتَحْيَا فَتَدَارَكَ أَمْرَهُ وَ مَحَا عَيْبَهُ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا خَطَبَهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنِّي لَمْ أَجْمَعْكُمْ لِمَا دَعَوْتُكُمْ لَهُ وَ لَكِنِّي جَمَعْتُكُمْ لِأُكَلِّمَكُمْ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ وَ فِيمَا فُجِعْنَا بِهِ مِنْ فَقْدِهِ وَ فِرَاقِهِ فَاذْكُرُوا آدَمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَهُ بِيَدِهِ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ وَ أَكْرَمَهُ بِكَرَامَةٍ لَمْ يُكْرِمْ بِهَا أَحَداً ثُمَّ ابْتَلَاهُ بِأَعْظَمِ بَلِيَّةٍ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا وَ ذَلِكَ الْخُرُوجُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ هِيَ الْمُصِيبَةُ الَّتِي لَا جَبْرَ لَهَا ثُمَّ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعْدِهِ بِالْحَرِيقِ وَ ابْتَلَى ابْنَهُ بِالذَّبْحِ وَ يَعْقُوبَ بِالْحُزْنِ وَ الْبُكَاءِ وَ يُوسُفَ بِالرِّقِّ وَ أَيُّوبَ بِالسُّقْمِ وَ يَحْيَى بِالذَّبْحِ وَ زَكَرِيَّا بِالْقَتْلِ وَ عِيسَى بِالْأَسْرِ وَ خَلْقاً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَثِيراً لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ قَالَ لَهُمْ انْطَلِقُوا وَ عَزُّوا أُمَّ الْإِسْكَنْدَرُوسِ لِنَنْظُرَ كَيْفَ صَبْرُهَا فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مُصِيبَةً فِي ابْنِهَا فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهَا قَالُوا لَهَا هَلْ حَضَرْتِ الْجَمْعَ الْيَوْمَ وَ سَمِعْتِ الْكَلَامَ قَالَتْ لَهُمْ مَا غَابَ عَنِّي مِنْ أَمْرِكُمْ شَيْ ءٌ وَ لَا سَقَطَ عَنِّي مِنْ كَلَامِكُمْ شَيْ ءٌ وَ مَا كَانَ فِيكُمْ أَحَدٌ أَعْظَمَ مُصِيبَةً بِالْإِسْكَنْدَرُوسِ مِنِّي وَ لَقَدْ صَبَّرَنِيَ اللَّهُ وَ أَرْضَانِي وَ رَبَطَ عَلَى قَلْبِي وَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَجْرِي عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَ أَرْجُو لَكُمْ مِنَ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا رُزِيتُمْ بِهِ مِنْ فَقْدِ

ص: 119

أَخِيكُمْ وَ أَنْ تُؤْجَرُوا عَلَى قَدْرِ مَا نَوَيْتُمْ فِي أُمِّهِ وَ أَرْجُو أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي وَ لَكُمْ وَ يَرْحَمَنِي وَ إِيَّاكُمْ فَلَمَّا رَأَوْا حُسْنَ عَزَائِهَا وَ صَبْرَهَا انْصَرَفُوا عَنْهَا وَ تَرَكُوهَا وَ انْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَيْنِ يَسِيرُ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أَمْعَنَ فِي الْبِلَادِ يَؤُمُّ الْمَغْرِبَ وَ جُنُودُهُ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاكِينُ فَأَوْحَى اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَيْهِ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ أَنْتَ حُجَّتِي عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ مِنْ مَطْلِعِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا وَ حُجَّتِي عَلَيْهِمْ وَ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاكَ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ إِلَهِي إِنَّكَ نَدَبْتَنِي لِأَمْرٍ عَظِيمٍ لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ غَيْرُكَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَيَّةِ قَوْمٍ أُكَاثرُهُمْ وَ بِأَيِّ عَدَدٍ أَغْلِبُهُمْ وَ بِأَيَّةِ حِيلَةٍ أَكِيدُهُمْ وَ بِأَيِّ صَبْرٍ أُقَاسِيهِمْ وَ بِأَيِّ لِسَانٍ أُكَلِّمُهُمْ وَ كَيْفَ لِي بِأَنْ أَعْرِفَ لُغَاتِهِمْ وَ بِأَيِّ سَمْعٍ أَعِي قَوْلَهُمْ وَ بِأَيِّ بَصَرٍ أَنْفُذُهُمْ وَ بِأَيَّةِ حُجَّةٍ أُخَاصِمُهُمْ وَ بِأَيِّ قَلْبٍ أَغْفُلُ عَنْهُمْ وَ بِأَيَّةِ حِكْمَةٍ أُدَبِّرُ أُمُورَهُمْ وَ بِأَيِّ حِلْمٍ أُصَابِرُهُمْ وَ بِأَيِّ قِسْطٍ أَعْدِلُ فِيهِمْ وَ بِأَيَّةِ مَعْرِفَةٍ أَفْصِلُ بَيْنَهُمْ وَ بِأَيِّ عِلْمٍ أُتْقِنُ أُمُورَهُمْ وَ بِأَيِّ عَقْلٍ أُحْصِيهِمْ وَ بِأَيِّ جُنْدٍ أُقَاتِلُهُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مِمَّا ذَكَرْتُ شَيْ ءٌ يَا رَبِّ فَقَوِّنِي عَلَيْهِمْ فَإِنَّكَ الرَّبُّ الرَّحِيمُ لَا تُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَ لَا تَحْمِلُهَا إِلَّا طَاقَتَهَا فَأَوْحَى اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَيْهِ أَنِّي سَأُطَوِّقُكَ مَا حَمَّلْتُكَ وَ أَشْرَحُ لَكَ صَدْرَكَ فَتَسْمَعُ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ أَشْرَحُ لَكَ فَهْمَكَ فَتَفْقَهُ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ أُطْلِقُ لِسَانَكَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ أُحْصِي لَكَ فَلَا يَفُوتُكَ شَيْ ءٌ وَ أَحْفَظُ عَلَيْكَ فَلَا يَعْزُبُ عَنْكَ شَيْ ءٌ وَ أَشُدُّ ظَهْرَكَ فَلَا يَهُولُكَ شَيْ ءٌ وَ أُلْبِسُكَ الْهَيْبَةَ فَلَا يُرَوِّعُكَ شَيْ ءٌ وَ أُسَدِّدُ لَكَ رَأْيَكَ فَتُصِيبُ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ أُسَخِّرُ لَكَ جَسَدَكَ فَتُحِسُّ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ أُسَخِّرُ لَكَ النُّورَ وَ الظُّلْمَةَ وَ أَجْعَلُهُمَا جُنْدَيْنِ مِنْ جُنْدِكَ النُّورُ يَهْدِيكَ وَ الظُّلْمَةُ تَحُوطُكَ وَ تَحُوشُ عَلَيْكَ الْأُمَمَ مِنْ وَرَائِكَ فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَيْنِ بِرِسَالَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِمَا وَعَدَهُ فَمَرَّ بِمَغْرِبِ الشَّمْسِ فَلَا يَمُرُّ بِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ أَجَابُوهُ قَبِلَ مِنْهُمْ وَ إِنْ لَمْ يُجِيبُوهُ أَغْشَاهُمُ الظُّلْمَةَ

ص: 120

فَأَظْلَمَتْ مَدَائِنُهُمْ وَ قُرَاهُمْ وَ حُصُونُهُمْ وَ بُيُوتُهُمْ وَ مَنَازِلُهُمْ وَ أَغْشَتْ أَبْصَارَهُمْ وَ دَخَلَتْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَ آنَافِهِمْ وَ أَجْوَافِهِمْ فَلَا يَزَالُوا فِيهَا مُتَحَيِّرِينَ حَتَّى يَسْتَجِيبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَعِجُّوا إِلَيْهِ «حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ» وَجَدَ عِنْدَهَا الْأُمَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ فَفَعَلَ بِهِمْ مَا كَانَ فَعَلَهُ بِمَنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَهُمْ حَتَّى فَرَغَ مِمَّا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ وَجَدَ جَمْعاً وَ عَدَداً لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قُوَّةً وَ بَأْساً لَا يُطِيقُهُ إِلَّا اللَّهُ وَ أَلْسِنَةً مُخْتَلِفَةً وَ أَهْوَاءً مُتَشَتِّتَةً وَ قُلُوباً مُتَفَرِّقَةً ثُمَّ مَشَى عَلَى الظُّلْمَةِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَ ثَمَانَ لَيَالٍ وَ أَصْحَابُهُ يَنْظُرُونَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي هُوَ مُحِيطٌ بِالْأَرْضِ كُلِّهَا فَإِذَا بِمَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَابِضٍ عَلَى الْجَبَلِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي مِنَ الْآنَ إِلَى مُنْتَهَى الدَّهْرِ سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ أَوَّلِ الدُّنْيَا إِلَى آخِرِهَا سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ مَوْضِعِ كَفِّي إِلَى عَرْشِ رَبِّي سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ مُنْتَهَى الظُّلْمَةِ إِلَى النُّورِ فَلَمَّا سَمِعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ خَرَّ سَاجِداً فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى قَوَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَعَانَهُ عَلَى النَّظَرِ إِلَى ذَلِكَ الْمَلَكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ كَيْفَ قَوِيتَ يَا ابْنَ آدَمَ عَلَى أَنْ تَبْلُغَ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَ لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ وُلْدِ آدَمَ قَبْلَكَ قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ قَوَّانِي عَلَى ذَلِكَ الَّذِي قَوَّاكَ عَلَى قَبْضِ هَذَا الْجَبَلِ- وَ هُوَ مُحِيطٌ بِالْأَرْضِ كُلِّهَا قَالَ لَهُ الْمَلَكُ صَدَقْتَ وَ لَوْ لَا هَذَا الْجَبَلُ لَانْكَفَأَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ جَبَلٌ أَعْظَمَ مِنْهُ وَ هُوَ أَوَّلُ جَبَلٍ أَسَّسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَأْسُهُ مُلْصَقٌ بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا وَ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى وَ هُوَ مُحِيطٌ بِهَا كَالْحَلْقَةِ وَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَدِينَةٌ إِلَّا وَ لَهَا عِرْقٌ إِلَى هَذَا الْجَبَلِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُزَلْزِلَ مَدِينَةً فَأَوْحَى إِلَيَّ فَحَرَّكْتُ الْعِرْقَ الَّذِي يَلِيهَا فَزَلْزَلْتُهَا فَلَمَّا أَرَادَ ذُو الْقَرْنَيْنِ الرُّجُوعَ قَالَ لِلْمَلَكِ أَوْصِنِي قَالَ الْمَلَكُ لَا يَهُمَّنَّكَ رِزْقُ غَدٍ وَ لَا تُؤَخِّرْ عَمَلَ الْيَوْمِ لِغَدٍ وَ لَا تَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَكَ وَ عَلَيْكَ بِالرِّفْقِ وَ لَا تَكُنْ جَبَّاراً مُتَكَبِّراً ثُمَّ إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ

ص: 121

عَطَفَ بِهِمْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ يَسْتَقْرِي مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ مِنَ الْأُمَمِ فَيَفْعَلُ بِهِمْ مَا فَعَلَ بِأُمَمِ الْمَغْرِبِ قَبْلَهُمْ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ عَطَفَ نَحْوَ الرُّومِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ فَإِذَا هُوَ بِأُمَّةٍ «لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا» وَ إِذَا مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الرُّومِ مَشْحُونٌ مِنْ أُمَّةٍ يُقَالُ لَهَا يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ أَشْبَاهُ الْبَهَائِمِ يَأْكُلُونَ وَ يَشْرَبُونَ وَ يَتَوَالَدُونَ هُمْ ذُكُورٌ وَ إِنَاثٌ وَ فِيهِمْ مَشَابِهُ مِنَ النَّاسِ الْوُجُوهُ وَ الْأَجْسَادُ وَ الْخِلْقَةُ وَ لَكِنَّهُمْ قَدْ نُقِصُوا فِي الْأَبْدَانِ نَقْصاً شَدِيداً وَ هُمْ فِي طُولِ الْغِلْمَانِ لَيْسَ مِنْهُمْ أُنْثَى وَ لَا ذَكَرٌ يُجَاوِزُ طُولُهُ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ وَ هُمْ عَلَى مِقْدَارٍ وَاحِدٍ فِي الْخَلْقِ وَ الصُّوَرِ عُرَاةٌ حُفَاةٌ لَا يَغْزِلُونَ وَ لَا يَلْبَسُونَ وَ لَا يَحْتَذُونَ عَلَيْهِمْ وَبَرٌ كَوَبَرِ الْإِبِلِ يُوَارِيهِمْ وَ يَسْتُرُهُمْ مِنَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أُذُنَانِ أَحَدُهُمَا ذَاتُ شَعَرٍ وَ الْأُخْرَى ذَاتُ وَبَرٍ ظَاهِرُهُمَا وَ بَاطِنُهُمَا وَ لَهُمْ مَخَالِبُ فِي مَوْضِعِ الْأَظْفَارِ وَ أَضْرَاسٌ وَ أَنْيَابٌ كَأَضْرَاسِ السِّبَاعِ وَ أَنْيَابِهَا وَ إِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ افْتَرَشَ إِحْدَى أُذُنَيْهِ وَ الْتَحَفَ الْأُخْرَى فَتَسَعُهُ لِحَافاً وَ هُمْ يُرْزَقُونَ تِنِّينَ الْبَحْرِ كُلَّ عَامٍ يَقْذِفُهُ عَلَيْهِمُ السَّحَابُ فَيَعِيشُونَ بِهِ عَيْشاً خِصْباً وَ يَصْلُحُونَ عَلَيْهِ وَ يَسْتَمْطِرُونَهُ فِي إِبَّانِهِ كَمَا يَسْتَمْطِرُ النَّاسُ الْمَطَرَ فِي إِبَّانِ الْمَطَرِ فَإِذَا قُذِفُوا بِهِ أَخْصَبُوا وَ سَمِنُوا وَ تَوَالَدُوا وَ كَثُرُوا فَأَكَلُوا مِنْهُ حَوْلًا كَامِلًا إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَ لَا يَأْكُلُونَ مَعَهُ شَيْئاً غَيْرَهُ وَ هُمْ لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَ إِذَا أَخْطَأَهُمُ التِّنِّينُ قُحِطُوا وَ أُجْدِبُوا وَ جَاعُوا وَ انْقَطَعَ النَّسْلُ وَ الْوَلَدُ وَ هُمْ يَتَسَافَدُونَ-كَمَا تَتَسَافَدُ الْبَهَائِمُ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ وَ حَيْثُ مَا الْتَقَوْا فَإِذَا أَخْطَأَهُمُ التِّنِّينُ جَاعُوا وَ سَاحُوا فِي الْبِلَادِ فَلَا يَدَعُونَ شَيْئاً أَتَوْا عَلَيْهِ إِلَّا أَفْسَدُوهُ وَ أَكَلُوهُ فَهُمْ أَشَدُّ فَسَاداً فِيمَا أَتَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ مِنَ الْجَرَادِ وَ الْبَرَدِ وَ الْآفَاتِ كُلِّهَا وَ إِذَا أَقْبَلُوا مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ جَلَا أَهْلُهَا عَنْهَا وَ خَلَّوْهَا وَ لَيْسَ يُغْلَبُونَ وَ لَا يُدْفَعُونَ حَتَّى لَا يَجِدُ

ص: 122

أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ مَوْضِعاً لِقَدَمِهِ وَ لَا يَخْلُو لِلْإِنْسَانِ قَدْرُ مَجْلِسِهِ وَ لَا يَدْرِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَمْ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ وَ لَا يَسْتَطِيعُ شَيْ ءٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِمْ وَ لَا يَدْنُوَ مِنْهُمْ نَجَاسَةً وَ قَذَراً وَ سُوءَ حِلْيَةٍ فَبِهَذَا غَلَبُوا وَ لَهُمْ حِسٌّ وَ حَنِيْنٌ إِذَا أَقْبَلُوا إِلَى الْأَرْضِ يُسْمَعُ حِسُّهُمْ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ فَرْسَخٍ لِكَثْرَتِهِمْ كَمَا يُسْمَعُ حِسُّ الرِّيحِ الْبَعِيدَةِ أَوْ حِسُّ الْمَطَرِ الْبَعِيدِ وَ لَهُمْ هَمْهَمَةٌ إِذَا وَقَعُوا فِي الْبِلَادِ كَهَمْهَمَةِ النَّحْلِ إِلَّا أَنَّهُ أَشَدُّ وَ أَعْلَى صَوْتاً يَمْلَأُ الْأَرْضَ حَتَّى لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَسْمَعُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْهَمْهَمَةِ شَيْئاً وَ إِذَا أَقْبَلُوا إِلَى الْأَرْضِ حَاشُوا وُحُوشَهَا وَ سِبَاعَهَا حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا شَيْ ءٌ مِنْهَا وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَمْلَئُونَ مَا بَيْنَ أَقْطَارِهَا وَ لَا يَتَخَلَّفُ وَرَاءَهُمْ مِنْ سَاكِنِ الْأَرْضِ شَيْ ءٌ فِيهِ رُوحٌ إِلَّا اجْتَلَبُوهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمْ أَكْثَرُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ أَمْرُهُمْ عَجَبٌ مِنَ الْعَجَبِ وَ لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ عَرَفَ مَتَى يَمُوتُ وَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ مِنْهُمْ ذَكَرٌ حَتَّى يُولَدَ لَهُ أَلْفُ وَلَدٍ وَ لَا يَمُوتُ مِنْهُمْ أُنْثَى حَتَّى تَلِدَ أَلْفَ وَلَدٍ فَبِذَلِكَ عَرَفُوا آجَالَهُمْ فَإِذَا وَلَدُوا الْأَلْفَ بَرَزُوا لِلْمَوْتِ وَ تَرَكُوا طَلَبَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْمَعِيشَةِ وَ الْحَيَاةِ فَتِلْكَ قِصَّتُهُمْ مِنْ يَوْمٍ خَلَقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى يَوْمِ يُفْنِيهِمْ ثُمَّ إِنَّهُمْ أَجْفَلُوا فِي زَمَانِ ذِي الْقَرْنَيْنِ يَدُورُونَ أَرْضاً أَرْضاً مِنَ الْأَرَضِينَ وَ أُمَّةً أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ وَ هُمْ إِذَا تَوَجَّهُوا الْوَجْهَ لَمْ يَعْدِلُوا عَنْهُ أَبَداً وَ لَا يَنْصَرِفُوا يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ لَا يَلْتَفِتُوا فَلَمَّا أَحَسَّتْ تِلْكَ الْأُمَمُ بِهِمْ وَ سَمِعُوا هَمْهَمَتَهُمْ اسْتَغَاثُوا بِذِي الْقَرْنَيْنِ وَ ذُو الْقَرْنَيْنِ يَوْمَئِذٍ نَازِلٌ فِي نَاحِيَتِهِمْ وَ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا مَا آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْمُلْكِ وَ السُّلْطَانِ وَ مَا أَلْبَسَكَ اللَّهُ مِنَ الْهَيْبَةِ وَ مَا أَيَّدَكَ بِهِ مِنْ جُنُودِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ مِنَ النُّورِ وَ الظُّلْمَةِ وَ إِنَّا جِيرَانُ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ وَ لَيْسَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ سِوَى هَذِهِ الْجِبَالِ وَ لَيْسَ لَهُمْ إِلَيْنَا طَرِيقٌ إِلَّا مِنْ هَذَيْنِ الصَّدَفَيْنِ لَوْ مَالُوا عَلَيْنَا أَجْلَوْنَا مِنْ بِلَادِنَا لِكَثْرَتِهِمْ حَتَّى لَا يَكُونُ لَنَا فِيهَا قَرَارٌ وَ هُمْ خَلْقٌ مِنْ

ص: 123

خَلْقِ اللَّهِ كَثِيرٌ فِيهِمْ مَشَابِهُ مِنَ الْإِنْسِ وَ هُمْ أَشْبَاهُ الْبَهَائِمِ يَأْكُلُونَ الْعُشْبَ وَ يَفْرِسُونَ الدَّوَابَّ وَ الْوُحُوشَ كَمَا تَفْتَرِسُهَا السِّبَاعُ وَ يَأْكُلُونَ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ كُلَّهَا مِنَ الْحَيَّاتِ وَ الْعَقَارِبِ وَ كُلَّ ذِي رُوحٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَيْسَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقٌ يَنْمُو نِمَاهُمْ وَ زِيَادَتَهُمْ وَ لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ يَمْلَئُونَ الْأَرْضَ وَ يُجْلُونَ أَهْلَهَا مِنْهَا وَ يُفْسِدُونَ وَ نَحْنُ نَخْشَى كُلَّ وَقْتٍ أَنْ يَطْلُعَ عَلَيْنَا أَوَائِلُهُمْ مِنْ هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ وَ قَدْ آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْحِيلَةِ وَ الْقُوَّةِ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ «فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَ بَيْنَهُمْ سَدًّا قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ» قَالُوا وَ مِنْ أَيْنَ لَنَا مِنَ الْحَدِيدِ وَ النُّحَاسِ مَا يَسَعُ هَذَا الْعَمَلَ الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تَعْمَلَ قَالَ إِنِّي سَأَدُلُّكُمْ عَلَى مَعْدِنِ الْحَدِيدِ وَ النُّحَاسِ فَضَرَبَ لَهُمْ فِي جَبَلَيْنِ حَتَّى فَتَقَهُمَا وَ اسْتَخْرَجَ مِنْهُمَا مَعْدِنَيْنِ مِنَ الْحَدِيدِ وَ النُّحَاسِ قَالُوا بِأَيِّ قُوَّةٍ نَقْطَعُ الْحَدِيدَ وَ النُّحَاسَ فَاسْتَخْرَجَ لَهُمْ مَعْدِناً آخَرَ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ يُقَالُ لَهُ السَّامُورُ وَ هُوَ أَشَدُّ شَيْ ءٍّ بَيَاضاً وَ لَيْسَ شَيْ ءٌ مِنْهُ يُوضَعُ عَلَى شَيْ ءٍ إِلَّا ذَابَ تَحْتَهُ فَصَنَعَ لَهُمْ مِنْهُ أَدَاةً يَعْمَلُونَ بِهَا وَ بِهِ قَطَعَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ (عليه السّلام) أَسَاطِينَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ صُخُورَهُ جَاءَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ مِنْ تِلْكَ الْمَعَادِنِ فَجَمَعُوا مِنْ ذَلِكَ مَا اكْتَفَوْا بِهِ فَأَوْقَدُوا عَلَى الْحَدِيدِ حَتَّى صَنَعُوا مِنْهُ زُبَراً مِثْلَ الصُّخُورِ فَجَعَلَ حِجَارَتَهُ مِنْ حَدِيدٍ ثُمَّ أَذَابَ النُّحَاسَ فَجَعَلَهُ كَالطِّينِ لِتِلْكَ الْحِجَارَةِ ثُمَّ بَنَى وَ قَاسَ مَا بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ فَوَجَدَهُ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ فَحَفَرَ لَهُ أَسَاساً حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَاءَ وَ جَعَلَ عَرْضَهُ مِيلًا وَ جَعَلَ حَشْوَهُ زُبَرَ الْحَدِيدِ وَ أَذَابَ النُّحَاسَ فَجَعَلَهُ خِلَالَ الْحَدِيدِ فَجَعَلَ طَبَقَةً مِنْ نُحَاسٍ وَ أُخْرَى مِنْ حَدِيدٍ حَتَّى سَاوَى الرَّدْمَ بِطُولِ الصَّدَفَيْنِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بُرْدُ حِبَرَةٍ مِنْ صُفْرَةِ النُّحَاسِ وَ حُمْرَتِهِ وَ سَوَادِ الْحَدِيدِ فَيَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ يَنْتَابُونَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَسِيحُونَ فِي بِلَادِهِمْ حَتَّى إِذَا وَقَعُوا إِلَى

ص: 124

الرَّدْمِ حَبَسَهُمْ فَرَجَعُوا يَسِيحُونَ فِي بِلَادِهِمْ فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى تَقْرُبَ السَّاعَةُ وَ يَجِي ءَ أَشْرَاطُهَا فَإِذَا جَاءَ أَشْرَاطُهَا وَ هُوَ قِيَامُ الْقَائِمِ عَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَهُ فَتَحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ «حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ» فَلَمَّا فَرَغَ ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ عَمَلِ السَّدِّ انْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ وَ جُنُودَهُ إِذْ مَرَّ عَلَى شَخْصٍ يُصَلِّي فَوَقَفَ عَلَيْهِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ كَيْفَ لَمْ يَرُعْكَ مَا حَضَرَكَ مِنَ الْجُنُودِ قَالَ كُنْتُ أُنَاجِي مَنْ هُوَ أَكْثَرُ جُنُوداً مِنْكَ وَ أَعَزُّ سُلْطَاناً وَ أَشَدُّ قُوَّةً وَ لَوْ صَرَفْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ لَمْ أُدْرِكْ حَاجَتِي قِبَلَهُ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ هَلْ لَكَ أَنْ تَنْطَلِقَ مَعِي فَأُوَاسِيَكَ بِنَفْسِي وَ أَسْتَعِينَ بِكَ عَلَى بَعْضِ أُمُورِي قَالَ نَعَمْ إِنْ ضَمِنْتَ لِي أَرْبَعَ خِصَالٍ نَعِيماً لَا يَزُولُ وَ صِحَّةً لَا سُقْمَ فِيهَا وَ شَبَاباً لَا هَرَمَ مَعَهُ وَ حَيَاةً لَا مَوْتَ مَعَهَا فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَ أَيُّ مَخْلُوقٍ يَقْدِرُ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ قَالَ فَإِنِّي مَعَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ وَ يَمْلِكُهَا وَ إِيَّاكَ ثُمَّ مَرَّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ لِذِي الْقَرْنَيْنِ أَخْبِرْنِي عَنْ شَيْئَيْنِ مُنْذُ خَلَقَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَائِمَيْنِ وَ عَنْ شَيْئَيْنِ جَارِيَيْنِ وَ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَ شَيْئَيْنِ مُتَبَاغِضَيْنِ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ أَمَّا الشَّيْئَانِ الْقَائِمَانِ فَالسَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ أَمَّا الشَّيْئَانِ الْجَارِيَانِ فَالشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ أَمَّا الشَّيْئَانِ الْمُخْتَلِفَانِ فَاللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَ أَمَّا الشَّيْئَانِ الْمُتَبَاغِضَانِ فَالْمَوْتُ وَ الْحَيَاةُ فَقَالَ انْطَلِقْ فَإِنَّكَ عَالِمٌ فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَيْنِ يَسِيرُ فِي الْبِلَادِ حَتَّى مَرَّ بِشَيْخٍ يُقَلِّبُ جَمَاجِمَ الْمَوْتَى فَوَقَفَ عَلَيْهِ بِجُنُودِهِ فَقَالَ أَخْبِرْنِي أَيُّهَا الشَّيْخُ لِأَيِّ شَيْ ءٍ تُقَلِّبُ هَذِهِ الْجَمَاجِمَ قَالَ لِأَعْرِفَ الشَّرِيفَ مِنَ الْوَضِيعِ فَمَا عَرَفْتُ وَ إِنِّي لَأُقَلِّبُهَا عِشْرِينَ سَنَةً فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَ تَرَكَهُ وَ قَالَ مَا أَرَاكَ عَنَيْتَ بِهَذَا أَحَداً غَيْرِي فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ إِذْ وَقَعَ إِلَى الْأُمَّةِ الْعَالِمَةِ الَّذِينَ مِنْهُمْ قَوْمُ مُوسَى الَّذِينَ «يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ» فَوَجَدَ أُمَّةً مُقْسِطَةً عَادِلَةً يُقْسِمُونَ بِالسَّوِيَّةِ

ص: 125

وَ يَحْكُمُونَ بِالْعَدْلِ وَ يَتَوَاسَوْنَ وَ يَتَرَاحَمُونَ حَالُهُمْ وَاحِدَةٌ وَ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ مُؤْتَلِفَةٌ وَ طَرِيقَتُهُمْ مُسْتَقِيمَةٌ وَ سِيرَتُهُمْ جَمِيلَةٌ وَ قُبُورُ مَوْتَاهُمْ فِي أَفْنِيَتِهِمْ وَ عَلَى أَبْوَابِ دُورِهِمْ لَيْسَ لِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابٌ وَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أُمَرَاءُ وَ لَيْسَ بَيْنَهُمْ قُضَاةٌ وَ لَيْسَ فِيهِمْ أَغْنِيَاءُ وَ لَا مُلُوكٌ وَ لَا أَشْرَافٌ وَ لَا يَتَفَاوَتُونَ وَ لَا يَتَفَاضَلُونَ وَ لَا يَخْتَلِفُونَ وَ لَا يَتَنَازَعُونَ وَ لَا يَسْتَبُّونَ وَ لَا يَقْتَتِلُونَ وَ لَا تُصِيبُهُمُ الْآفَاتُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ مُلِئَ مِنْهُمْ عَجَباً فَقَالَ لَهُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ أَخْبِرُونِي خَبَرَكُمْ فَإِنِّي قَدْ دُرْتُ فِي الْأَرْضِ شَرْقَهَا وَ غَرْبَهَا وَ بَرَّهَا وَ بَحْرَهَا وَ سَهْلَهَا وَ جَبَلَهَا وَ نُورَهَا وَ ظُلْمَتَهَا فَلَمْ أَرَ مِثْلَكُمْ فَأَخْبِرُونِي مَا بَالُ قُبُورِكُمْ عَلَى أَبْوَابِ أَفْنِيَتِكُمْ قَالُوا فَعَلْنَا ذَلِكَ عَمْداً لِئَلَّا نَنْسَى الْمَوْتَ وَ لَا يَخْرُجَ ذِكْرُهُ مِنْ قُلُوبِنَا قَالَ فَمَا بَالُ بُيُوتِكُمْ لَيْسَ عَلَيْهَا أَبْوَابٌ قَالُوا لَيْسَ فِينَا لِصٌّ وَ لَا خَائِنٌ وَ لَيْسَ فِينَا إِلَّا أَمِينٌ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ قَالُوا إِنَّا لَا نَتَظَالَمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ حُكَّامٌ قَالُوا إِنَّا لَا نَخْتَصِمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ مُلُوكٌ قَالُوا لِأَنَّا لَا نَتَكَاثَرُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ أَشْرَافٌ قَالُوا لِأَنَّا لَا نَتَنَافَسُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَتَفَاضَلُونَ وَ لَا تَتَفَاوَتُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَا مُتَوَاسُونَ مُتَرَاحِمُونَ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تُنَازِعُونَ وَ لَا تَخْتَصِمُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أُلْفَةِ قُلُوبِنَا وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِنَا قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَسْتَبُونَ وَ لَا تَقْتَتِلُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا غَلَبْنَا طَبَائِعَنَا بِالْعَزْمِ وَ سَنَنَّا أَنْفُسَنَا بِالْحِلْمِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ كَلِمَتُكُمْ وَاحِدَةٌ وَ طَرِيقَتُكُمْ مُسْتَقِيمَةٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَتَكَاذَبُ وَ لَا نَتَخَادَعُ وَ لَا يَغْتَابُ بَعْضُنَا بَعْضاً قَالَ فَأَخْبِرُونِي لِمَ لَيْسَ فِيكُمْ فَقِيرٌ وَ لَا مِسْكِينٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ فَظٌّ وَ لَا غَلِيظٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ الذُّلِّ وَ التَّوَاضُعِ قَالَ فَلِمَ جَعَلَكُمُ اللَّهُ أَطْوَلَ النَّاسِ أَعْمَاراً قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَتَعَاطَى الْحَقَّ وَ نَحْكُمُ بِالْعَدْلِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تُقْحَطُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَغْفُلُ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَحْزَنُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا وَطَّنَّا أَنْفُسَنَا عَلَى الْبَلَاءِ وَ حَرَصْنَا عَلَيْهِ فَعَزَّيْنَا

ص: 126

أَنْفُسَنَا قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تُصِيبُكُمُ الْآفَاتُ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَتَوَكَّلُ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ وَ لَا نَسْتَمْطِرُ بِالْأَنْوَاءِ وَ النُّجُومِ وَ قَالَ حَدِّثُونِي أَيُّهَا الْقَوْمُ أَ هَكَذَا وَجَدْتُمْ آبَاءَكُمْ يَفْعَلُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا يَرْحَمُونَ مِسْكِينَهُمْ وَ يُوَاسُونَ فَقِيرَهُمْ وَ يَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَ يُحْسِنُونَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمُسِيئِهِمْ وَ يَصِلُونَ أَرْحَامَهُمْ وَ يُؤَدُّونَ أَمَانَاتِهِمْ وَ يَصْدُقُونَ وَ لَا يَكْذِبُونَ فَأَصْلَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ بِذَلِكَ أَمْرَهُمْ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ ذُو الْقَرْنَيْنِ حَتَّى قُبِضَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِمْ عُمُرٌ وَ كَانَ قَدْ بَلَغَ السِّنَّ فَأَدْرَكَهُ الْكِبَرُ وَ كَانَ عِدَّةُ مَا سَارَ فِي الْبِلَادِ مِنْ يَوْمَ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى يَوْمَ قُبِضَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ.

البحار : ج 5 ص 422

37 - علل الشرائع ن، عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِيُّ عَنِ ابْنِ الْعَيَّاشِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى قَالَ رَوَى أَصْحَابُنَا عَنِ الرِّضَا (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَصْلَحَكَ اللَّهُ كَيْفَ صِرْتَ إِلَى مَا صِرْتَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَأْمُونِ وَ كَأَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السّلام) يَا هَذَا أَيُّهُمَا أَفْضَلُ النَّبِيُّ أَوِ الْوَصِيُّ قَالَ لَا بَلِ النَّبِيُّ قَالَ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ مُسْلِمٌ أَوْ مُشْرِكٌ قَالَ لَا بَلْ مُسْلِمٌ قَالَ فَإِنَ الْعَزِيزَ عَزِيزَ مِصْرَ كَانَ مُشْرِكاً وَ كَانَ يُوسُفُ (عليه السّلام) نَبِيّاً وَ إِنَّ الْمَأْمُونَ مسلما [مُسْلِمٌ] وَ أَنَا وَصِيٌّ وَ يُوسُفُ سَأَلَ الْعَزِيزَ أَنْ يُوَلِّيَهُ حِينَ قَالَ «اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» وَ أَنَا أُجْبِرْتُ عَلَى ذَلِكَ وَ قَالَ (عليه السّلام) فِي قَوْلِهِ «اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» قَالَ حَافِظٌ لِمَا فِي يَدَيَّ عَالِمٌ بِكُلِّ لِسَان.(1)

***

ص: 127


1- هذا الخبر على فرض صدوره إنما هو على مذاق العامة و من باب المماشاة مع الخصم وإلّا فالظاهر أفضلية أوصياء خاتم النبيين عن الأنبياء السابقين ويدلّ عليه أخبار كثيرة مذكورة في كتاب الإمامة من هذا الكتاب فراجع. السبزواري.
باب (10) قصص أيوب (عليه السّلام)

البحار: ج 5 ص 473

16 - الْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السّلام) قَالَ: أَخَذَ النَّاسُ ثَلَاثَةً مِنْ ثَلَاثَةٍ أَخَذُوا الصَّبْرَ عَنْ أَيُّوبَ (عليه السّلام) وَ الشُّكْرَ عَنْ نُوحٍ (عليه السّلام) وَ الْحَسَدَ عَنْ بَنِي يَعْقُوبَ.(1)

البحار: ج 5 ص 475 السطر الأخير

تذييل: قال السيد قدّس سرّه في كتاب تنزيه الأنبياء فإن قيل فما قولكم في الأمراض و المحن التي لحقت نبي الله أيوب (عليه السّلام) أ و ليس قد نطق القرآن بأنها كانت جزاء على ذنب في قوله «أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ» و العذاب لا يكون إلا جزاء كالعقاب و الآلام الواقعة على سبيل الامتحان لا تسمى عذابا و لا عقابا أ و ليس قد روى جميع المفسرين أن الله تعالى إنما عاقبه بذلك البلاء لتركه الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قصته مشهورة يطول شرحها. الجواب قلنا أما ظاهر القرآن فليس يدل على أن أيوب (عليه السّلام) عوقب بما نزل به من المضار و ليس في ظاهره شي ء مما ظنه السائل لأنه تعالى قال «وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ» و النصب هو التعب و فيه لغتان فتح النون و الصاد و ضم النون و تسكين الصاد و التعب هو المضرة التي لا تختص بها العقاب و قد تكون على سبيل الاختبار و الامتحان فأما العذاب فهو أيضا يجري مجرى المضار التي لا يختص إطلاق ذكرها بجهة دون جهة و لهذا يقال للظالم المبتدي بالظلم إنه معذب و مضر

ص: 128


1- لعل المراد الانتهاء في هذه الأمور لا أحد اخذ الصبر والشكر والحسد. السبزواري.

ومولم و ربما قيل معاقب على سبيل المجاز و ليس لفظة العذاب بجارية مجرى لفظة العقاب لأن لفظة العقاب يقتضي بظاهرها الجزاء لأنها من التعقيب و المعاقبة و لفظة العذاب ليست كذلك فأما إضافته ذلك إلى الشيطان و إنما ابتلاه الله تعالى به فله وجه صحيح لأنه لم يضف المرض و السقم إلى الشيطان و إنما أضاف إليه ما كان يستضر به من وسوسته و يتعب به من تذكيره له ما كان فيه من النعم و العافية و الرخاء و دعائه له إلى التضجر و التبرم بما هو عليه و لأنه كان أيضا يوسوس إلى قومه بأن يستقذروه و يتجنبوه لما كان عليه من الأمراض البشعة المنظر و يخرجوه من بينهم و كل هذا ضرر من جهة اللعين إبليس. و قد روي أن زوجته (عليه السّلام) كانت تخدم الناس في منازلهم و تصير إليه بما يأكله و يشربه و كان الشيطان يلقي إليهم أن داءه يعدي و يحسن إليهم تجنب خدمة زوجته من حيث كانت تباشر قروحه و تمس جسده و هذه مضار لا شبهة فيها فأما قوله تعالى في سورة الأنبياء «وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ ذِكْرى لِلْعابِدِينَ» فلا ظاهر لها أيضا يقتضي ما ذكروه لأن الضر هو الضرر الذي قد يكون محنة كما يكون عقوبة فأما ما روي في هذا الباب عن جملة المفسرين فمما لا يلتفت إلى مثله لأن هؤلاء لا يزالون يضيفون إلى ربهم تعالى و إلى رسله (عليهم السّلام) كل قبيح و يقرفونهم بكل عظيم و في روايتهم هذه السخيفة ما إذا تأمله المتأمل علم أنه موضوع باطل مصنوع لأنهم رووا أن الله تعالى سلط إبليس على مال أيوب (عليه السّلام) و غنمه و أهله فلما أهلكهم و دمر عليهم و رأى صبره و تماسكه قال إبليس لربه يا رب إن أيوب قد علم أنه ستخلف له ماله و ولده فسلطني على جسده فقال قد سلطتك على جسده إلا قلبه و بصره قال فأتاه فنفخه من لدن قرنه إلى قدمه فصار قرحة واحدة فقذف على كناسة لبني إسرائيل سبع

ص: 129

سنين و أشهرا يختلف الدواب في جسده إلى شرح طويل نصون كتابنا عن ذكر تفصيله فمن يقبل عقله هذا الجهل و الكفر كيف يوثق بروايته و من لا يعلم أن الله تعالى لا يسلط إبليس على خلقه و أن إبليس لا يقدر على أن يقرح الأجساد و لا أن يفعل الأمراض كيف يعتمد روايته فأما هذه الأمراض النازلة بأيوب (عليه السّلام) فلم يكن إلا اختبارا و امتحانا و تعريضا للثواب بالصبر عليها و العوض العظيم النفيس في مقابلتها و هذه سنة الله تعالى في أصفيائه و أوليائه.(1)

البحار: ج 5 ص 491

2 – بَعَثَ اللَّهُ شُعَيْباً إِلَى مَدْيَنَ وَ هِيَ قَرْيَةٌ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَ حَكَى اللَّهُ قَوْلَهُمْ «قالُوا يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُن»ا إِلَى قَوْلِهِ «الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ» قَالَ قَالُوا إِنَّكَ لَأَنْتَ السَّفِيهُ الْجَاهِلُ فَحَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْلَهُمْ «إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ» وَ إِنَّمَا أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَقْصِ الْمِكْيَالِ وَ الْمِيزَانِ.(2)

ص: 130


1- أقول: يمكن الجمع بين جميع أخبار الباب بأن نقول لا شك في ابتلاء أيوب في الجملة فما توافقت عليه النصوص المعتمدة هو مقدار ابتلائه وما ينقل من العامة إنما هو من إراءة الشيطان ذلك للرائي واشتهاره ذلك بين الناس حتّى يجعل النفرة التامة منه (عليه السّلام) وفي قوله رب إني مسّني الشيطان بنصب وعذاب إشارة إلى ذلك فتدبّر. السبزواري.
2- أقول: لما كان السفه يلازم الحلم غالبا والجهل للبلادة والرشد فالتعبير بالملازم الغالبي. السبزواري.
أبواب قصص موسى وهارون (عليهما السّلام)
باب (1) نقش خاتمهما وعلل تسميتهما وفضائلهما وسننهما وبعض أحوالهما

البحار: في اسم أمّ موسی ج13 ص7 س6(1)

البحار: ج 5 ص 503

5 - فِي خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَوَّلُ نَبِيٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى وَ آخِرُهُمْ عِيسَى وَ سِتُّمِائَةِ نَبِيٍّ.(2)

***

باب (2) أحوال موسی (عليه السّلام) من حين ولادته إلى نبوّته

البحار: ج 5 ص 518

2- أَبِي عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ مُوسَى (عليه السّلام) لَمَّا حَمَلَتْ أُمُّهُ بِهِ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا إِلَّا عِنْدَ وَضْعِهِ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ قَدْ وَكَّلَ بِنِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ نِسَاءً مِنَ الْقِبْطِ تَحْفَظُهُنَّ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَلَغَهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ يُولَدُ فِينَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ يَكُونُ هَلَاكُ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابِهِ

ص: 131


1- السبزواري: لفظة اسم أمّ موسى من الطلسمات ولها آثار غريبة و وجه تلك الآثار المترتبة الاسم هو انقطاعها إلى باريها حيث ألقته في البحر بأمره تعالی فتدبّر راشداً.
2- موسی أول نبيّ من بني إسرائيل، وآخرهم عيسى، وأمّا يعقوب فهو إسرائيل الله، وهو لم يكن من بني إسرائيل، بل منه بني إسرائيل. السبزواري.

عَلَى يَدَيْهِ فَقَالَ فِرْعَوْنُ عِنْدَ ذَلِكَ لَأَقْتُلَنَّ ذُكُورَ أَوْلَادِهِمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مَا يُرِيدُونَ وَ فَرَّقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ حَبَسَ الرِّجَالَ فِي الْمَحَابِسِ فَلَمَّا وَضَعَتْ أُمُّ مُوسَى بِمُوسَى (عليه السّلام) نَظَرَتْ وَ حَزِنَتْ وَ اغْتَمَّتْ وَ بَكَتْ وَ قَالَتْ يُذْبَحُ السَّاعَةَ فَعَطَفَ اللَّهُ قَلْبَ الْمُوَكَّلَةِ بِهَا عَلَيْهِ فَقَالَتْ لِأُمِّ مُوسَى مَا لَكِ قَدِ اصْفَرَّ لَوْنُكِ فَقَالَتْ أَخَافُ أَنْ يُذْبَحَ وَلَدِي فَقَالَتْ لَا تَخَافِي وَ كَانَ مُوسَى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا أَحَبَّهُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ «وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي» فَأَحَبَّتْهُ الْقِبْطِيَّةُ الْمُوَكَّلَةُ بِهِ وَ أُنْزِلَ عَلَى أُمِّ مُوسَى التَّابُوتُ وَنُودِيَتْ ضَعْهُ فِي التَّابُوتِ «فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ» وَ هُوَ الْبَحْرُ «وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ» فَوَضَعَتْهُ فِي التَّابُوتِ وَ أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ وَ أَلْقَتْهُ فِي النِّيلِ وَ كَانَ لِفِرْعَوْنَ قَصْرٌ عَلَى شَطِّ النِّيلِ مُتَنَزَّهٌ فَنَظَرَ مِنْ قَصْرِهِ وَ مَعَهُ آسِيَةُ امْرَأَتُهُ إِلَى سَوَادٍ فِي النِّيلِ تَرْفَعُهُ الْأَمْوَاجُ وَ تَضْرِبُهُ الرِّيَاحُ حَتَّى جَاءَتْ بِهِ عَلَى بَابِ قَصْرِ فِرْعَوْنَ فَأَمَرَ فِرْعَوْنُ بِأَخْذِهِ فَأُخِذَ التَّابُوتُ وَ رُفِعَ إِلَيْهِ فَلَمَّا فَتَحَهُ وَجَدَ فِيهِ صَبِيّاً فَقَالَ هَذَا إِسْرَائِيلِيٌّ فَأَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ فِرْعَوْنَ لِمُوسَى مَحَبَّةً شَدِيدَةً وَ كَذَلِكَ فِي قَلْبِ آسِيَةَ وَ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَالَتْ آسِيَةُ «لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ» أَنَّهُ مُوسَى وَ لَمْ يَكُنْ لِفِرْعَوْنَ وَلَدٌ فَقَالَ الْتَمِسُوا لَهُ ظِئْراً تُرَبِّيهِ فَجَاءُوا بِعِدَّةِ نِسَاءٍ قَدْ قُتِلَ أَوْلَادُهُنَّ فَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَ أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ «وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ» وَ بَلَغَ أُمَّهُ أَنَّ فِرْعَوْنَ قَدْ أَخَذَهُ فَحَزِنَتْ وَ بَكَتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ «وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ» يَعْنِي كَادَتْ أَنْ تُخْبِرَهُمْ بِخَبَرِهِ أَوْ تَمُوتَ ثُمَّ ضَبَطَتْ نَفْسَهَا فَكَانَتْ كَمَا قَالَ «لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» ثُمَ «قالَتْ» لِأُخْتِ مُوسَى «قُصِّيهِ» أَيِ اتَّبِعِيهِ فَجَاءَتْ أُخْتُهُ إِلَيْهِ «فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ» أَيْ عَنْ بُعْدٍ «وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ» فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلْ مُوسَى بِأَخْذِ ثَدْيِ أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ اغْتَمَّ فِرْعَوْنُ غَمّاً شَدِيداً «فَقالَتْ أُخْتُهُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ

ص: 132

وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ» فَقَالُوا نَعَمْ فَجَاءَتْ بِأُمِّهِ فَلَمَّا أَخَذَتْهُ فِي حِجْرِهَا وَ أَلْقَمَتْهُ ثَدْيَهَا الْتَقَمَهُ وَ شَرِبَ فَفَرِحَ فِرْعَوْنُ وَ أَهْلُهُ وَ أَكْرَمُوا أُمَّهُ فَقَالُوا لَهَا رَبِّيهِ لَنَا فَإِنَّا نَفْعَلُ بِكِ وَ نَفْعَلُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ «فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» وَ كَانَ فِرْعَوْنُ يَقْتُلُ أَوْلَادَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلَّ مَا يَلِدُونَ وَ يُرَبِّي مُوسَى وَ يُكْرِمُهُ وَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ هَلَاكَهُ عَلَى يَدِهِ فَلَمَّا دَرَجَ مُوسَى كَانَ يَوْماً عِنْدَ فِرْعَوْنَ فَعَطَسَ مُوسَى فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأَنْكَرَ فِرْعَوْنُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ لَطَمَهُ وَ قَالَ مَا هَذَا الَّذِي تَقُولُ فَوَثَبَ مُوسَى عَلَى لِحْيَتِهِ وَ كَانَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ فَهَلَبَهَا أَيْ قَلَعَهَا فَهَمَّ فِرْعَوْنُ بِقَتْلِهِ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ غُلَامٌ حَدَثٌ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ وَ قَدْ لَطَمْتَهُ بِلَطْمَتِكَ إِيَّاهُ فَقَالَ فِرْعَوْنُ بَلْ يَدْرِي فَقَالَتْ لَهُ ضَعْ بَيْنَ يَدَيْكَ تَمْراً وَ جَمْراً فَإِنْ مَيَّزَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ الَّذِي تَقُولُ فَوَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَمْراً وَ جَمْراً فَقَالَ لَهُ كُلْ فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى التَّمْرِ فَجَاءَ جَبْرَئِيلُ فَصَرَفَهَا إِلَى الْجَمْرِ فِي فِيهِ فَاحْتَرَقَ لِسَانُهُ فَصَاحَ وَ بَكَى فَقَالَتْ آسِيَةُ لِفِرْعَوْنَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّهُ لَا يَعْقِلُ فَعَفَا عَنْهُ قَالَ الرَّاوِي فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) فَكَمْ مَكَثَ مُوسَى غَائِباً عَنْ أُمِّهِ حَتَّى رَدَّهُ اللَّهُ عَلَيْهَا قَالَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقُلْتُ وَ كَانَ هَارُونُ أَخَا مُوسَى لِأَبِيهِ وَ أُمِّهِ قَالَ نَعَمْ أَ مَا تَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ «يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي» فَقُلْتُ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَكْبَرَ سِنّاً قَالَ هَارُونُ فَقُلْتُ وَ كَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمَا جَمِيعاً قَالَ كَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَى مُوسَى وَ مُوسَى يُوحِيهِ إِلَى هَارُونَ فَقُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْأَحْكَامِ وَ الْقَضَاءِ وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْيِ أَ كَانَ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا قَالَ كَانَ مُوسَى الَّذِي يُنَاجِي رَبَّهُ وَ يَكْتُبُ الْعِلْمَ وَ يَقْضِي بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ هَارُونُ يَخْلُفُهُ إِذَا غَابَ عَنْ قَوْمِهِ لِلْمُنَاجَاةِ قُلْتُ فَأَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ قَالَ مَاتَ هَارُونُ قَبْلَ مُوسَى (عليه السّلام) وَ مَاتَا جَمِيعاً فِي التِّيهِ قُلْتُ وَ كَانَ لِمُوسَى وَلَدٌ قَالَ لَا كَانَ الْوَلَدُ لِهَارُونَ وَ الذُّرِّيَّةُ لَهُ قَالَ فَلَمْ يَزَلْ مُوسَى عِنْدَ فِرْعَوْنَ فِي أَكْرَمِ كَرَامَةٍ حَتَّى بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَ كَانَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مُوسَى مِنَ التَّوْحِيدِ

ص: 133

حَتَّى هَمَّ بِهِ فَخَرَجَ مُوسَى مِنْ عِنْدِهِ وَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا رَجُلَانِ يَقْتَتِلَانِ أَحَدُهُمَا يَقُولُ بِقَوْلِ مُوسَى وَ الْآخَرُ يَقُولُ بِقَوْلِ فِرْعَوْنَ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي هُوَ مِنْ شِيعَتِهِ فَجَاءَ مُوسَى فَوَكَزَ صَاحِبَهُ فَقَضَى عَلَيْهِ وَ تَوَارَى فِي الْمَدِينَةِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ آخَرُ فَتَشَبَّثَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يَقُولُ بِقَوْلِ مُوسَى فَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى فَلَمَّا نَظَرَ صَاحِبُهُ إِلَى مُوسَى قَالَ لَهُ «أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ» فَخَلَّى صَاحِبَهُ وَ هَرَبَ وَ كَانَ خَازِنُ فِرْعَوْنَ مُؤْمِناً بِمُوسَى قَدْ كَتَمَ إِيمَانَهُ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ وَ هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ «وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ» وَ بَلَغَ فِرْعَوْنَ خَبَرُ قَتْلِ مُوسَى الرَّجُلَ فَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ فَبَعَثَ الْمُؤْمِنُ إِلَى مُوسَى «إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ» فَخَرَجَ مِنْهَا كَمَا حَكَى اللَّهُ «خائِفاً يَتَرَقَّبُ» قَالَ يَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً وَ يَقُولُ «رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» وَ مَرَّ نَحْوَ مَدْيَنَ وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَدْيَنَ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ مَدْيَنَ رَأَى بِئْراً يَسْتَقِي النَّاسُ مِنْهَا لِأَغْنَامِهِمْ وَ دَوَابِّهِمْ فَقَعَدَ نَاحِيَةً وَ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ شَيْئاً فَنَظَرَ إِلَى جَارِيَتَيْنِ فِي نَاحِيَةٍ وَ مَعَهُمَا غُنَيْمَاتٌ لَا تَدْنُوَانِ مِنَ الْبِئْرِ فَقَالَ لَهُمَا مَا لَكُمَا لَا تَسْتَقِيَانِ فَقَالَتَا كَمَا حَكَى اللَّهُ «حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَ أَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ» فَرَحِمَهُمَا مُوسَى وَ دَنَا مِنَ الْبِئْرِ فَقَالَ لِمَنْ عَلَى الْبِئْرِ أَسْتَقِي لِي دَلْواً وَ لَكُمْ دَلْواً وَ كَانَ الدَّلْوُ يَمُدُّهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ فَاسْتَقَى وَحْدَهُ دَلْواً لِمَنْ عَلَى الْبِئْرِ وَ دَلْواً لِبِنْتَيْ شُعَيْبٍ وَ سَقَى أَغْنَامَهُمَا «ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» وَ كَانَ شَدِيدَ الْجُوعِ. وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) إِنَّ مُوسَى كَلِيمَ اللَّهِ حَيْثُ سَقَى لَهُمَا «ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» وَ اللَّهِ مَا سَأَلَ اللَّهَ إِلَّا خُبْزاً يَأْكُلُ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ بَقْلَةَ الْأَرْضِ وَ لَقَدْ رَأَوْا خُضْرَةَ الْبَقْلِ مِنْ صِفَاقِ بَطْنِهِ مِنْ هُزَالِهِ فَلَمَّا رَجَعَتَا ابْنَتَا شُعَيْبٍ إِلَى شُعَيْبٍ قَالَ لَهُمَا أَسْرَعْتُمَا الرُّجُوعَ فَأَخْبَرَتَاهُ بِقِصَّةِ مُوسَى وَ لَمْ تَعْرِفَاهُ فَقَالَ شُعَيْبٌ

ص: 134

لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا اذْهَبِي إِلَيْهِ فَادْعِيهِ لِنَجْزِيَهُ أَجْرَ مَا سَقَى لَنَا فَجَاءَتْ إِلَيْهِ كَمَا حَكَى اللَّهُ «تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ» فَقَالَتْ لَهُ «إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا» فَقَامَ مُوسَى (عليه السّلام) مَعَهَا فَمَشَتْ أَمَامَهُ فَسَفَقَتْهَا الرِّيَاحُ فَبَانَ عَجُزُهَا فَقَالَ لَهَا مُوسَى تَأَخَّرِي وَ دُلِّينِي عَلَى الطَّرِيقِ بِحَصَاةٍ تُلْقِيهَا أَمَامِي أَتْبَعُهَا فَأَنَا مِنْ قَوْمٍ لَا يَنْظُرُونَ فِي أَدْبَارِ النِّسَاءِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى شُعَيْبٍ قَصَّ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ «لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» قَالَتْ إِحْدَى بَنَاتِ شُعَيْبٍ «يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ» فَقَالَ لَهَا شُعَيْبٌ أَمَّا قُوَّتُهُ فَقَدْ عَرَفْتِهِ بِسَقْيِ الدَّلْوِ وَحْدَهُ فَبِمَ عَرَفْتِ أَمَانَتَهُ فَقَالَتْ إِنَّهُ قَالَ لِي تَأَخَّرِي عَنِّي وَ دُلِّينِي عَلَى الطَّرِيقِ فَأَنَا مِنْ قَوْمٍ لَا يَنْظُرُونَ فِي أَدْبَارِ النِّسَاءِ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ فِي أَعْجَازِ النِّسَاءِ فَهَذِهِ أَمَانَتُهُ فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ «إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَ ما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ» فَقَالَ لَهُ مُوسَى «ذلِكَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ» أَيْ لَا سَبِيلَ عَلَيَّ إِنْ عَمِلْتُ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِيَ سِنِينَ فَقَالَ مُوسَى «اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ» قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) أَيَّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى قَالَ أَتَمَّهُمَا عَشْرَ حِجَجٍ قُلْتُ لَهُ فَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ الْأَجَلُ أَوْ بَعْدُ قَالَ قَبْلُ قُلْتُ فَالرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَ يَشْتَرِطُ لِأَبِيهَا إِجَارَةَ شَهْرَيْنِ يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ مُوسَى (عليه السّلام) عَلِمَ أَنَّهُ يُتِمُّ لَهُ شَرْطَهُ فَكَيْفَ لِهَذَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى يَفِيَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَيَّتُهُمَا زَوَّجَهُ شُعَيْبٌ مِنْ بَنَاتِهِ قَالَ الَّتِي ذَهَبَتْ إِلَيْهِ فَدَعَتْهُ وَ قَالَتْ لِأَبِيهَا «يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ» قَالَ لِشُعَيْبٍ لَا بُدَّ لِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَى وَطَنِي وَ أُمِّي وَ أَهْلِ بَيْتِي فَمَا لِي عِنْدَكَ فَقَالَ شُعَيْبٌ مَا وَضَعَتْ أَغْنَامِي فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ غَنَمٍ بُلْقٍ فَهُوَ لَكَ فَعَمَدَ مُوسَى عِنْدَ مَا أَرَادَ أَنْ يُرْسِلَ الْفَحْلَ عَلَى الْغَنَمِ إِلَى عَصَاهُ فَقَشَرَ مِنْهُ

ص: 135

بَعْضَهُ وَ تَرَكَ بَعْضَهُ وَ عزره فِي وَسَطِ مَرْبِضِ الْغَنَمِ وَ أَلْقَى عَلَيْهِ كِسَاءً أَبْلَقَ(1)ثُمَّ أَرْسَلَ الْفَحْلَ عَلَى الْغَنَمِ فَلَمْ تَضَعِ الْغَنَمُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَّا بُلْقاً فَلَمَّا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ حَمَلَ مُوسَى امْرَأَتَهُ وَ زَوَّدَهُ شُعَيْبٌ مِنْ عِنْدِهِ وَ سَاقَ غَنَمَهُ فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ قَالَ لِشُعَيْبٍ أَبْغِي عَصًا تَكُونُ مَعِي وَ كَانَتْ عَصَى الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَهُ قَدْ وَرِثَهَا مَجْمُوعَةً فِي بَيْتٍ فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ ادْخُلْ هَذَا الْبَيْتَ وَ خُذْ عَصًا مِنْ بَيْنَ تِلْكَ الْعِصِيِّ فَدَخَلَ فَوَثَبَتْ عَلَيْهِ عَصَا نُوحٍ وَ إِبْرَاهِيمَ (عليهما السّلام) وَ صَارَتْ فِي كَفِّهِ فَأَخْرَجَهَا وَ نَظَرَ إِلَيْهَا شُعَيْبٌ فَقَالَ رُدَّهَا وَ خُذْ غَيْرَهَا فَرَدَّهَا لِيَأْخُذَ غَيْرَهَا فَوَثَبَتْ إِلَيْهِ تِلْكَ بِعَيْنِهَا فَرَدَّهَا حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا رَأَى شُعَيْبٌ ذَلِكَ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَقَدْ خَصَّكَ اللَّهُ بِهَا فَسَاقَ غَنَمَهُ فَخَرَجَ يُرِيدُ مِصْرَ فَلَمَّا صَارَ فِي مَفَازَةٍ وَ مَعَهُ أَهْلُهُ أَصَابَهُمْ بَرْدٌ شَدِيدٌ وَ رِيحٌ وَ ظُلْمَةٌ وَ قَدْ جَنَّهُمُ اللَّيْلُ وَ نَظَرَ مُوسَى إِلَى نَارٍ قَدْ ظَهَرَتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ «فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ» فَأَقْبَلَ نَحْوَ النَّارِ يَقْتَبِسُ فَإِذَا شَجَرَةٌ وَ نَارٌ تَلْتَهِبُ عَلَيْهَا فَلَمَّا ذَهَبَ نَحْوَ النَّارِ يَقْتَبِسُ مِنْهَا أَهْوَتْ إِلَيْهِ فَفَزِعَ مِنْهَا وَ عَدَا وَ رَجَعَتِ النَّارُ إِلَى الشَّجَرَةِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهَا وَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى الشَّجَرَةِ فَرَجَعَ الثَّانِيَةَ لِيَقْتَبِسَ فَأَهْوَتْ نَحْوَهُ فَعَدَا وَ تَرَكَهَا ثُمَّ الْتَفَتَ وَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى الشَّجَرَةِ فَرَجَعَ إِلَيْهَا الثَّالِثَةَ فَأَهْوَتْ إِلَيْهِ فَعَدَا وَ لَمْ يُعَقِّبْ أَيْ لَمْ يَرْجِعْ فَنَادَاهُ اللَّهُ أَنْ يا مُوسى «إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ» قَالَ مُوسَى (عليه السّلام) فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ مَا فِي يَمِينِكَ يَا مُوسَى «قالَ هِيَ عَصايَ قالَ أَلْقِها يا مُوسى فَأَلْقاها» فَصَارَتْ حَيَّةً فَفَزِعَ مِنْهَا مُوسَى وَ عَدَا فَنَادَاهُ اللَّهُ «خُذْها وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ»

ص: 136


1- لخصوصية اللون عند الوقاع دخل في لون المولود طبيّاً. وهذا الخبر يدلّ عليه. السبزواري.

أَيْ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى (عليه السّلام) كَانَ شَدِيدَ السُّمْرَةِ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَأَضَاءَتْ لَهُ الدُّنْيَا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ» فَقَالَ مُوسَى كَمَا حَكَى اللَّهُ «رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَ أَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ».

باب (3) معنى قوله تعالى: (فَاخلَع نَعلَيكَ) وقول موسی (عليه السّلام) «وَاحلُل عُقدَةً مِن لِسَانِي» وأنّه لِمَ سُمِّيَ الجبل طور سيناء

البحار: ج 5 ص 548

باب معنى قوله تعالى «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ» و قول موسى (عليه السّلام) «وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي» و أنّه لم سمي الجبل طور سيناء(1)

***

باب (7) نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلّق بها

البحار: ج 5 ص 657

4- «فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ» قَالَ اخْتَبَرْنَاهُمْ «مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ» قَالَ بِالْعِجْلِ الَّذِي عَبَدُوهُ وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَمَّا وَعَدَهُ اللَّهُ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِ

ص: 137


1- أقول: لا إشكال في أن النعل إنّما هو لأسافل البدن. فالمعنى اخلع كل ما هو من جهة الأسافل و توجه إلى الأعالي فإنك بالوادي المقدس. السبزواري.

التَّوْرَاةَ وَ الْأَلْوَاحَ إِلَى ثَلَاثِينَ يَوْماً أَخْبَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِذَلِكَ وَ ذَهَبَ إِلَى الْمِيقَاتِ وَ خَلَّفَ هَارُونَ عَلَى قَوْمِهِ فَلَمَّا جَاءَتِ الثَّلَاثُونَ يَوْماً وَ لَمْ يَرْجِعْ مُوسَى إِلَيْهِمْ عَصَوْا وَ أَرَادُوا أَنْ يَقْتُلُوا هَارُونَ قَالُوا إِنَّ مُوسَى كَذَبَنَا وَ هَرَبَ مِنَّا فَجَاءَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ مُوسَى قَدْ هَرَبَ مِنْكُمْ وَ لَا يَرْجِعُ إِلَيْكُمْ أَبَداً فَاجْمَعُوا إِلَيَّ حُلِيَّكُمْ حَتَّى أَتَّخِذَ لَكُمْ إِلَهاً تَعْبُدُونَهُ وَ كَانَ السَّامِرِيُّ عَلَى مُقَدِّمَةِ مُوسَى يَوْمَ أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابَهُ فَنَظَرَ إِلَى جَبْرَئِيلَ وَ كَانَ عَلَى حَيَوَانٍ فِي صُورَةِ رَمَكَةٍ وَ كَانَتْ كُلَّمَا وَضَعَتْ حَافِرَهَا عَلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ يَتَحَرَّكُ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ السَّامِرِيُّ وَ كَانَ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ مُوسَى فَأَخَذَ التُّرَابَ مِنْ حَافِرِ رَمَكَةِ جَبْرَئِيلَ وَ كَانَ يَتَحَرَّكُ فَصَرَّهُ فِي صُرَّةٍ وَ كَانَ عِنْدَهُ يَفْتَخِرُ بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا جَاءَهُمْ إِبْلِيسُ وَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ قَالَ لِلسَّامِرِيِّ هَاتِ التُّرَابَ الَّذِي مَعَكَ فَجَاءَ بِهِ السَّامِرِيُّ فَأَلْقَاهُ إِبْلِيسُ فِي جَوْفِ الْعِجْلِ فَلَمَّا وَقَعَ التُّرَابُ فِي جَوْفِهِ تَحَرَّكَ وَ خَارَ وَ نَبَتَ عَلَيْهِ الْوَبَرُ وَ الشَّعْرُ فَسَجَدَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَكَانَ عَدَدُ الَّذِينَ سَجَدُوا سَبْعِينَ أَلْفاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ كَمَا حَكَى اللَّهُ «يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَ أَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى» فَهَمُّوا بِهَارُونَ حَتَّى هَرَبَ مِنْ بَيْنِهِمْ وَ بَقُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى تَمَّ مِيقَاتُ مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَشَرَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْأَلْوَاحَ فِيهِ التَّوْرَاةُ وَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ السِّيَرِ وَ الْقِصَصِ ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى «فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ» وَ عَبَدُوا الْعِجْلَ وَ لَهُ خُوَارٌ فَقَالَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَا رَبِّ الْعِجْلُ مِنَ السَّامِرِيِّ فَالْخُوَارُ مِمَّنْ(1) قَالَ مِنِّي يَا مُوسَى أَنَا لَمَّا رَأَيْتُهُمْ قَدْ وَلَّوْا عَنِّي إِلَى الْعِجْلِ أَحْبَبْتُ أَنْ أَزِيدَهُمْ فِتْنَةً «فَرَجَعَ

ص: 138


1- هذا کمال من الاستغناء. السبزواري.

مُوسى» كَمَا حَكَى اللَّهُ «إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَ فَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي» ثُمَّ رَمَى بِالْأَلْوَاحِ وَ أَخَذَ بِلِحْيَةِ أَخِيهِ هَارُونَ وَ رَأْسِهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ «ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي» فَقَالَ هَارُونُ كَمَا حَكَى اللَّهُ «يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي» فَقَالَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ «ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا» قَالَ مَا خَالَفْنَاكَ «وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ» يَعْنِي مِنْ حُلِيِّهِمْ «فَقَذَفْناها» قَالَ التُّرَابُ الَّذِي جَاءَ بِهِ السَّامِرِيُّ طَرَحْنَاهُ فِي جَوْفِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ السَّامِرِيُّ الْعِجْلَ وَ لَهُ خُوَارٌ فَقَالَ لَهُ مُوسَى «فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ» قالَ السَّامِرِيُ «بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ» يَعْنِي مِنْ تَحْتِ حَافِرِ رَمَكَةِ جَبْرَئِيلَ فِي الْبَحْرِ فَنَبَذْتُها أَيْ أَمْسَكْتُهَا «وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي» أَيْ زَيَّنَتْ فَأَخْرَجَ مُوسَى الْعِجْلَ فَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ وَ أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِلسَّامِرِيِ «فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ» يَعْنِي مَا دُمْتَ حَيّاً وَ عَقِبَكَ هَذِهِ الْعَلَامَةُ فِيكُمْ قَائِمَةٌ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ حَتَّى تُعْرَفُوا أَنَّكُمْ سَامِرِيَّةٌ فَلَا يَغْتَرُّوا بِكُمُ النَّاسُ فَهُمْ إِلَى السَّاعَةِ بِمِصْرَ وَ الشَّامِ مَعْرُوفِينَ بِلَا مِسَاسَ ثُمَّ هَمَّ مُوسَى بِقَتْلِ السَّامِرِيِّ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ لَا تَقْتُلْهُ يَا مُوسَى فَإِنَّهُ سَخِيٌّ فَقَالَ لَهُ مُوسَى «انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْ ءٍ عِلْما».

البحار: ج 5 ص662

8- أَبِي عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: إِنَ الَّذِينَ أَمَرُوا قَوْمَ مُوسَى بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ كَانُوا خَمْسَةَ أَنْفُسٍ وَ كَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ يَأْكُلُونَ عَلَى خِوَانٍ وَاحِدٍ وَ هُمْ أذينوه وَ أَخُوهُ ميذويه وَ ابْنُ أَخِيهِ

ص: 139

وَ ابْنَتُهُ وَ امْرَأَتُهُ وَ هُمُ الَّذِينَ ذَبَحُوا الْبَقَرَةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَبْحِهَا الْخَبَرَ.(1)

***

البحار: ج 5 ص 671

33- عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) قَالا لَمَّا سَأَلَ مُوسَى (عليه السّلام) رَبَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي» قَالَ فَلَمَّا صَعِدَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى الْجَبَلِ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ أَقْبَلَتِ الْمَلَائِكَةُ أَفْوَاجاً فِي أَيْدِيهِمُ الْعُمُدُ فِي رَأْسِهَا النُّورُ يَمُرُّونَ بِهِ فَوْجاً بَعْدَ فَوْجٍ يَقُولُونَ يَا ابْنَ عِمْرَانَ أَتَيْتَ فَقَدْ سَأَلْتَ عَظِيماً قَالَ فَلَمْ يَزَلْ مُوسَى وَاقِفاً حَتَّى تَجَلَّى رَبُّنَا جَلَّ جَلَالُهُ فَجَعَلَ الْجَبَلَ دَكّاً وَ خَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَنْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ أَفَاقَ قَالَ «سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ» قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ وَ حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَ النَّارَ أَحَاطَتْ بِهِ حَتَّى لَا يَهْرُبَ لِهَوْلِ مَا رَأَى.(2)

***

باب (4) قصة قارون

البحار: ج6 ص 10

2 – [تفسير القمي] أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي

ص: 140


1- الذي يظهر لي من سر ذبح البقرة هو: أنه لمّا اتخذ قوم موسى العجل إلهاً أمروا بقتل إلههم وإعدامهم لحياته الظاهرية وضرب بعض البقرة بالميت إنما هو نوع امتحان واختبار لهم. وفي خبر السعد آبادي حيث صرح فيه بأن من أمر بعبادة العجل هم الذين ذبحوا البقرة إشارة إلى ما قلناه من سر الذبح فتأمّل. السبزواري.
2- أقول: لعل المعنى أن الإفرازات المزاجية الجسمانية صارت فيه مضاعفة حتّى لا يتفسخ من هول ما رأي والتعبير بالنار فيه إشارة إلى الحرارة الطبيعية فتأمّل. السبزواري.

خَبَرِ يُونُسَ قَالَ فَدَخَلَ الْحُوتُ فِي بَحْرِ الْقُلْزُمِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بَحْرِ مِصْرَ ثُمَّ دَخَلَ إِلَى بَحْرِ طَبَرِسْتَانَ ثُمَّ خَرَجَ فِي دِجْلَةَ الْغَوْرَاءِ قَالَ ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ تَحْتَ الْأَرْضِ حَتَّى لَحِقَتْ بِقَارُونَ وَ كَانَ قَارُونُ هَلَكَ فِي أَيَّامِ مُوسَى وَ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكاً يُدْخِلُهُ فِي الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ قَامَةَ رَجُلٍ وَ كَانَ يُونُسُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ يُسَبِّحُ اللَّهَ وَ يَسْتَغْفِرُهُ فَسَمِعَ قَارُونُ صَوْتَهُ فَقَالَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنْظِرْنِي فَإِنِّي أَسْمَعُ كَلَامَ آدَمِيٍ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنْظِرْهُ فَأَنْظَرَهُ ثُمَّ قَالَ قَارُونُ مَنْ أَنْتَ قَالَ يُونُسُ أَنَا الْمُذْنِبُ الْخَاطِئُ يُونُسُ بْنُ مَتَّى قَالَ فَمَا فَعَلَ شَدِيدُ الْغَضَبِ لِلَّهِ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ قَالَ هَيْهَاتَ هَلَكَ قَالَ فَمَا فَعَلَ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ عَلَى قَوْمِهِ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ هَلَكَ قَالَ فَمَا فَعَلَتْ كُلْثُمُ بِنْتُ عِمْرَانَ الَّتِي كَانَتْ سُمِّيَتْ لِي قَالَ هَيْهَاتَ مَا بَقِيَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ أَحَدٌ فَقَالَ قَارُونُ وَا أَسَفَاهْ عَلَى آلِ عِمْرَانَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِهِ أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُ الْعَذَابَ أَيَّامَ الدُّنْيَا فَرُفِعَ عَنْهُ الْخَبَر.(1)

***

باب (4) قصة ذبح البقرة

البحار: ج 1 ص 20

7- قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ: «وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً» إِلَى قَوْلِهِ «لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» قَالَ الْإِمَامُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِيَهُودِ الْمَدِينَةِ وَ اذْكُرُوا إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً تَضْرِبُونَ بِبَعْضِهَا هَذَا الْمَقْتُولَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لِيَقُومَ حَيّاً سَوِيّاً بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَ يُخْبِرَكُمْ بِقَاتِلِهِ وَ ذَلِكَ حِينَ أُلْقِيَ الْقَتِيلُ بَيْنَ

ص: 141


1- السبزواري: ونحن نقول: وا أسفاه على آل محمّد و توقع دفع العذاب إن شاء الله تعالی ورفع جميع الشدائد.

أَظْهُرِهِمْ فَأَلْزَمَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَهْلَ الْقَبِيلَةِ بِأَمْرِ اللَّهِ أَنْ يَحْلِفَ خَمْسُونَ مِنْ أَمَاثِلِهِمْ بِاللَّهِ الْقَوِيِّ الشَّدِيدِ إِلَهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُفَضِّلِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ عَلَى الْبَرَايَا أَجْمَعِينَ مَا قَتَلْنَاهُ وَ لَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا فَإِنْ حَلَفُوا بِذَلِكَ غَرِمُوا دِيَةَ الْمَقْتُولِ وَ إِنْ نَكَلُوا نَصُّوا عَلَى الْقَاتِلِ أَوْ أَقَرَّ الْقَاتِلُ فَيُقَادُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا حُبِسُوا فِي مَجْلِسٍ ضَنْكٍ إِلَى أَنْ يَحْلِفُوا أَوْ يُقِرُّوا أَوْ يَشْهَدُوا عَلَى الْقَاتِلِ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَ مَا وَقَتْ أَيْمَانُنَا أَمْوَالَنَا وَ لَا أَمْوَالُنَا أَيْمَانَنَا قَالَ لَا هَكَذَا حَكَمَ اللَّهُ وَ كَانَ السَّبَبُ أَنَّ امْرَأَةً حَسْنَاءَ ذَاتَ جَمَالٍ وَ خَلْقٍ كَامِلٍ وَ فَضْلٍ بَارِعٍ وَ نَسَبٍ شَرِيفٍ وَ سِتْرٍ ثَخِينٍ كَثُرَ خُطَّابُهَا وَ كَانَ لَهَا بَنُو أَعْمَامٍ ثَلَاثَةٍ فَرَضِيَتْ بِأَفْضَلِهِمْ عِلْماً وَ أَثْخَنِهِمْ سِتْراً وَ أَرَادَتِ التَّزْوِيجَ بِهِ فَاشْتَدَّ حَسَدُ ابْنَيْ عَمِّهِ الْآخَرَيْنِ لَهُ وَ غَبَطَاهُ عَلَيْهَا لِإِيثَارِهَا إِيَّاهُ فَعَمَدَا إِلَى ابْنِ عَمِّهَا الْمَرْضِيِّ فَأَخَذَاهُ إِلَى دَعْوَتِهِمَا ثُمَّ قَتَلَاهُ وَ حَمَلَاهُ إِلَى مَحَلَّةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى أَكْثَرِ قَبِيلَةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَلْقَيَاهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا الْقَتِيلَ هُنَاكَ فَعُرِفَ حَالُهُ فَجَاءَ ابْنَا عَمِّهِ الْقَاتِلَانِ لَهُ فَمَزَّقَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَ حَثَيَا التُّرَابَ عَلَى رُءُوسِهِمَا وَ اسْتَعْدَيَا عَلَيْهِمْ فَأَحْضَرَهُمْ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ سَأَلَهُمْ فَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونُوا قَتَلُوهُ أَوْ عَلِمُوا قَاتِلَهُ قَالَ فَحَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْحَادِثَةَ مَا عَرَفْتُمُوهُ فَقَالُوا يَا مُوسَى أَيُّ نَفْعٍ فِي أَيْمَانِنَا لَنَا إِذَا لَمْ تَدْرَأْ عَنَّا الْغَرَامَةَ الثَّقِيلَةَ أَمْ أَيُّ نَفْعٍ فِي غَرَامَتِنَا لَنَا إِذَا لَمْ تَدْرَأْ عَنَّا الْأَيْمَانَ فَقَالَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كُلُّ النَّفْعِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَ الِايتِمَارِ لِأَمْرِهِ وَ الِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ غُرْمٌ ثَقِيلٌ وَ لَا جِنَايَةَ لَنَا وَ أَيْمَانٌ غَلِيظَةٌ وَ لَا حَقَّ فِي رِقَابِنَا لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَرَّفَنَا قَاتِلَهُ بِعَيْنِهِ وَ كَفَانَا مَئُونَتَهُ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا هَذَا الْقَاتِلَ لِيَنْزِلَ بِهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْعِقَابِ وَ يَنْكَشِفَ أَمْرُهُ لِذَوِي الْأَلْبَابِ فَقَالَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ بَيَّنَ مَا أَحْكُمُ بِهِ فِي هَذَا فَلَيْسَ لِي أَنْ أَقْتَرِحَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَا حَكَمَ وَ لَا أَعْتَرِضَ عَلَيْهِ فِيمَا أَمَرَ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّهُ لَمَّا حَرَّمَ الْعَمَلَ فِي السَّبْتِ وَ حَرَّمَ لَحْمَ الْجَمَلِ لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقْتَرِحَ عَلَيْهِ أَنْ يُغَيِّرَ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ

ص: 142

ذَلِكَ بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نُسَلِّمَ لَهُ حُكْمَهُ وَ نَلْتَزِمَ مَا أَلْزَمَنَاهُ وَ هَمَّ بِأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِالَّذِي كَانَ يَحْكُمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي مِثْلِ حَادِثَتِهِمْ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَا مُوسَى أَجِبْهُمْ إِلَى مَا اقْتَرَحُوا وَ سَلْنِي أَنْ أُبَيِّنَ لَهُمُ الْقَاتِلَ لِيُقْتَلَ وَ يَسْلَمَ غَيْرُهُ مِنَ التُّهَمَةِ وَ الْغَرَامَةِ فَإِنِّي إِنَّمَا أُرِيدُ بِإِجَابَتِهِمْ إِلَى مَا اقْتَرَحُوا تَوْسِعَةَ الرِّزْقِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ خِيَارِ أُمَّتِكَ دِينُهُ الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَ التَّفْضِيلُ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ بَعْدَهُ عَلَى سَائِرِ الْبَرَايَا أُغْنِيهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ لِيَكُونَ بَعْضَ ثَوَابِهِ عَنْ تَعْظِيمِهِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ بَيِّنْ لَنَا قَاتِلَهُ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُبَيِّنُ لَكُمْ ذَلِكَ بِأَنْ يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَتَضْرِبُوا بِبَعْضِهَا الْمَقْتُولَ فَيَحْيَا فَتُسْلِمُونَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ذَلِكَ وَ إِلَّا فَكُفُّوا عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَ الْتَزِمُوا ظَاهِرَ حُكْمِي فَذَلِكَ مَا حَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ» أَيْ سَيَأْمُرُكُمْ «أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً» إِنْ أَرَدْتُمُ الْوُقُوفَ عَلَى الْقَاتِلِ وَ تَضْرِبُوا الْمَقْتُولَ بِبَعْضِهَا لِيَحْيَا وَ يُخْبِرَ بِالْقَاتِلِ فَ- «قالُوا يَا مُوسَى أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً» وَ سُخْرِيَّةً تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ أَنْ نَذْبَحَ بَقَرَةً وَ نَأْخُذَ قِطْعَةً مِنْ مَيِّتٍ وَ نَضْرِبَ بِهَا مَيِّتاً فَيَحْيَا أَحَدُ الْمَيِّتَيْنِ بِمُلَاقَاةِ بَعْضِ الْمَيِّتِ الْآخَرِ لَهُ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا قالَ مُوسَى «أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ» أَنْسُبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا لَمْ يَقُلْ لِي وَ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ أُعَارِضَ أَمْرَ اللَّهِ بِقِيَاسِي عَلَى مَا شَاهَدْتُ دَافِعاً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَمْرِهِ ثُمَّ قَالَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَ وَ لَيْسَ مَاءُ الرَّجُلِ نُطْفَةَ مَيِّتٍ وَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَيِّتٌ يَلْتَقِيَانِ فَيُحْدِثُ اللَّهُ مِنِ الْتِقَاءِ الْمَيِّتَيْنِ بَشَراً حَيّاً سَوِيّاً أَ وَ لَيْسَ بُذُورُكُمُ الَّتِي تَزْرَعُونَهَا فِي أَرْضِكُمْ تَتَفَسَّخُ فِي أَرَضِيكُمْ وَ تَعَفَّنُ وَ هِيَ مَيْتَةٌ ثُمَّ يُخْرِجُ اللَّهُ مِنْهَا هَذِهِ السَّنَابِلَ الْحَسَنَةَ الْبَهِجَةَ وَ هَذِهِ الْأَشْجَارَ الْبَاسِقَةَ الْمُؤْنِقَةَ فَلَمَّا بَهَرَهُمْ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «قَالُوا» لَهُ يَا مُوسَى «ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ» أَيْ مَا صِفَتُهَا لِنَقِفَ عَلَيْهَا فَسَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ «إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ» كَبِيرَةٌ «وَ لا بِكْرٌ» صَغِيرَةٌ «عَوانٌ» وَسَطٌ «بَيْنَ ذلِكَ» بَيْنَ الْفَارِضِ

ص: 143

وَ الْبِكْرِ «فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ» إِذَا أُمِرْتُمْ بِهِ قالُوا يَا مُوسَى «ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها» أَيْ لَوْنُ هَذِهِ الْبَقَرَةِ الَّتِي تُرِيدُ أَنْ تَأْمُرَنَا بِذَبْحِهَا قالَ مُوسَى عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ السُّؤَالِ وَ الْجَوَابِ «إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ» حَسَنَةٌ لَوْنُ الصُّفْرَةِ لَيْسَ بِنَاقِصٍ تَضْرِبُ إِلَى بَيَاضٍ وَ لَا بِمُشْبَعٍ تَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ لَوْنُها هَكَذَا فَاقِعٌ «تَسُرُّ» الْبَقَرَةُ «النَّاظِرِينَ» إِلَيْهَا لِبَهْجَتِهَا وَ حُسْنِهَا وَ بَرِيقِهَا «قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ »صِفَتُهَا قالَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى «إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ» لَمْ تُذَلَّلْ لِإِثَارَةِ الْأَرْضِ وَ لَمْ تُرَضَّ بِهَا «وَ لا تَسْقِي الْحَرْثَ» وَ لَا هِيَ مِمَّنْ تَجُرُّ الدَّوَالِيَ وَ لَا تُدِيرُ النَّوَاعِيرَ قَدْ أُعْفِيَتْ مِنْ ذَلِكَ أَجْمَعَ «مُسَلَّمَةٌ» مِنَ الْعُيُوبِ كُلِّهَا لَا عَيْبَ فِيهَا «لا شِيَةَ فِيها» لَا لَوْنَ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا فَلَمَّا سَمِعُوا هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالُوا يَا مُوسَى أَ فَقَدْ أَمَرَنَا رَبُّنَا بِذَبْحِ بَقَرَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا قَالَ بَلَى وَ لَمْ يَقُلْ مُوسَى فِي الِابْتِدَاءِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ لَكَانُوا إِذَا قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ وَ مَا لَوْنُهَا وَ مَا هِيَ كَانَ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَهُ ذَلِكَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَكِنْ كَانَ يُجِيبُهُمْ هُوَ بِأَنْ يَقُولَ أَمَرَكُمْ بِبَقَرَةٍ فَأَيُّ شَيْ ءٍ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَقَرِ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ أَمْرِهِ إِذَا ذَبَحْتُمُوهَا قَالَ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ طَلَبُوا هَذِهِ الْبَقَرَةَ فَلَمْ يَجِدُوهَا إِلَّا عِنْدَ شَابٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَرَاهُ اللَّهُ فِي مَنَامِهِ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ طَيِّبِي ذُرِّيَّتِهِمَا فَقَالا لَهُ أَمَا إِنَّكَ كُنْتَ لَنَا مُحِبّاً مُفَضِّلًا وَ نَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَسُوقَ إِلَيْكَ بَعْضَ جَزَائِكَ فِي الدُّنْيَا فَإِذَا رَامُوا شِرَاءَ بَقَرَتِكَ فَلَا تَبِعْهَا إِلَّا بِأَمْرِ أُمِّكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُلَقِّنُهَا مَا يُغْنِيكَ بِهِ وَ عَقِبَكَ فَفَرِحَ الْغُلَامُ وَ جَاءَهُ الْقَوْمُ يَطْلُبُونَ بَقَرَتَهُ فَقَالُوا بِكَمْ تَبِيعُ بَقَرَتَكَ قَالَ بِدِينَارَيْنِ وَ الْخِيَارُ لِأُمِّي قَالُوا قَدْ رَضِينَا بِدِينَارٍ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ بَلْ بِأَرْبَعَةٍ فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالُوا نُعْطِيكَ دِينَارَيْنِ فَأَخْبَرَ أُمَّهُ فَقَالَتْ بِمِائَةٍ فَمَا زَالُوا يَطْلُبُونَ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا تَقُولُ أُمُّهُ وَ يَرْجِعُ إِلَى أُمِّهِ فَتُضَعِّفُ الثَّمَنَ حَتَّى بَلَغَ ثَمَنُهَا مِلْ ءَ مَسْكِ ثَوْرٍ أَكْبَرَ مَا يَكُونُ مَلَئُوهُ دَنَانِيرَ فَأَوْجَبَ لَهُمُ الْبَيْعَ ثُمَّ ذَبَحُوهَا فَأَخَذُوا

ص: 144

قِطْعَةً وَ هِيَ عَجْبُ الذَّنَبِ الَّذِي مِنْهُ خُلِقَ ابْنُ آدَمَ وَ عَلَيْهِ يُرْكَبُ إِذَا أُعِيدَ خَلْقاً جَدِيداً فَضَرَبُوهُ بِهَا وَ قَالُوا اللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ لَمَّا أَحْيَيْتَ هَذَا الْمَيِّتَ وَ أَنْطَقْتَهُ لِيُخْبِرَ عَنْ قَاتِلِهِ فَقَامَ سَالِماً سَوِيّاً وَ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَتَلَنِي هَذَانِ ابْنَا عَمِّي حَسَدَانِي عَلَى ابْنَةِ عَمِّي فَقَتَلَانِي وَ أَلْقَيَانِي فِي مَحَلَّةِ هَؤُلَاءِ لِيَأْخُذُوا دِيَتِي فَأَخَذَ مُوسَى الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُمَا وَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الْمَيِّتُ ضَرَبَ بِقِطْعَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ فَلَمْ يَحْيَ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنَا عَنِ اللَّهِ قَالَ مُوسَى قَدْ صَدَقْتَ وَ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا مُوسَى إِنِّي لَا أُخْلِفُ وَعْدِي وَ لَكِنْ لِيُقَدِّمُوا لِلْفَتَى مِنْ ثَمَنِ بَقَرَتِهِ فَيَمْلَئُوا مَسْكَهَا دَنَانِيرَ ثُمَّ أُحْيِي هَذَا فَجَمَعُوا أَمْوَالَهُمْ وَ وَسَّعَ اللَّهُ جِلْدَ الثَّوْرِ حَتَّى وُزِنَ مَا مُلِئَ بِهِ جِلْدُهُ فَبَلَغَ خَمْسَةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ بَعْضُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمَقْتُولِ الْمَنْشُورِ الْمَضْرُوبِ بِبَعْضِ الْبَقَرَةِ لَا نَدْرِي أَيُّهُمَا أَعْجَبُ إِحْيَاءُ اللَّهِ هَذَا وَ إِنْطَاقُهُ بِمَا نَطَقَ أَوْ إِغْنَاؤُهُ لِهَذَا الْفَتَى بِهَذَا الْمَالِ الْعَظِيمِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا مُوسَى قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ أُطَيِّبَ فِي الدُّنْيَا عَيْشَهُ وَ أُعَظِّمَ فِي جِنَانِي مَحَلَّهُ وَ أَجْعَلَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ فِيهَا مُنَادَمَتَهُ لِيَفْعَلْ كَمَا فَعَلَ هَذَا الْفَتَى إِنَّهُ كَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ آلِهِمَا الطَّيِّبِينَ وَ كَانَ عَلَيْهِمْ مُصَلِّياً وَ لَهُمْ عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الْمَلَائِكَةِ مُفَضِّلًا فَلِذَلِكَ صَرَفْتُ إِلَيْهِ الْمَالَ الْعَظِيمَ لِيَتَنَعَّمَ بِالطَّيِّبَاتِ وَ يَتَكَرَّمَ بِالْهِبَاتِ وَ الصِّلَاتِ وَ يَتَحَبَّبَ بِمَعْرُوفِهِ إِلَى ذَوِي الْمَوَدَّاتِ وَ يَكْبِتَ بِنَفَقَاتِهِ ذَوِي الْعَدَاوَاتِ قَالَ الْفَتَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَيْفَ أَحْفَظُ هَذِهِ الْأَمْوَالَ أَمْ كَيْفَ أَحْذَرُ مِنْ عَدَاوَةِ مَنْ يُعَادِينِي فِيهَا وَ حَسَدِ مَنْ يَحْسُدُنِي لِأَجْلِهَا قَالَ قُلْ عَلَيْهَا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ مَا كُنْتَ تَقُولُهُ قَبْلَ أَنْ تَنَالَهَا فَإِنَّ الَّذِي رَزَقَكَهَا بِذَلِكَ الْقَوْلِ مَعَ صِحَّةِ الِاعْتِقَادِ يَحْفَظُهَا عَلَيْكَ أَيْضاً بِهَذَا الْقَوْلِ مَعَ صِحَّةِ الِاعْتِقَادِ فَقَالَهَا الْفَتَى فَمَا رَامَهَا حَاسِدٌ لَهُ لِيُفْسِدَهَا أَوْ لِصٌّ لِيَسْرِقَهَا أَوْ غَاصِبٌ لِيَغْصِبَهَا

ص: 145

إِلَّا دَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا بِلَطِيفَةٍ مِنْ لَطَائِفِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ ظُلْمِهِ اخْتِيَاراً أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ بِآفَةٍ أَوْ دَاهِيَةٍ حَتَّى يَكُفَّهُ عَنْهُ كَفَّ اضْطِرَارٍ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا قَالَ مُوسَى لِلْفَتَى ذَلِكَ وَ صَارَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِمَقَالَتِهِ حَافِظاً قَالَ هَذَا الْمَنْشُورُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَا سَأَلَكَ بِهِ هَذَا الْفَتَى مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَ التَّوَسُّلِ بِهِمْ أَنْ تُبْقِيَنِي فِي الدُّنْيَا مُتَمَتِّعاً بِابْنَةِ عَمِّي وَ تُخْزِيَ عَنِّي أَعْدَائِي وَ حُسَّادِي وَ تَرْزُقَنِي فِيهَا خَيْراً كَثِيراً طَيِّباً فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا مُوسَى إِنَّ لِهَذَا الْفَتَى الْمَنْشُورِ بَعْدَ الْقَتْلِ سِتِّينَ سَنَةً وَ قَدْ وَهَبْتُ لَهُ لِمَسْأَلَتِهِ وَ تَوَسُّلِهِ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ سَبْعِينَ سَنَةً تَمَامَ مِائَةٍ وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً صَحِيحَةٌ حَوَاسُّهُ ثَابِتٌ فِيهَا جَنَانُهُ قَوِيَّةٌ فِيهَا شَهَوَاتُهُ يَتَمَتَّعُ بِحَلَالِ هَذِهِ الدُّنْيَا وَ يَعِيشُ وَ لَا يُفَارِقُهَا وَ لَا تُفَارِقُهُ فَإِذَا حَانَ حِينُهُ حَانَ حِينُهَا وَ مَاتَا جَمِيعاً مَعاً فَصَارَا إِلَى جِنَانِي فَكَانَا زَوْجَيْنِ فِيهَا نَاعِمَيْنِ وَ لَوْ سَأَلَنِي يَا مُوسَى هَذَا الشَّقِيُّ الْقَاتِلُ بِمِثْلِ مَا تَوَسَّلَ بِهِ هَذَا الْفَتَى عَلَى صِحَّةِ اعْتِقَادِهِ أَنْ أَعْصِمَهُ مِنَ الْحَسَدِ وَ أُقْنِعَهُ بِمَا رَزَقْتُهُ وَ ذَلِكَ هُوَ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ لَفَعَلْتُ وَ لَوْ سَأَلَنِي بِذَلِكَ مَعَ التَّوْبَةِ أَنْ لَا أُفْضِحَهُ لَمَا فَضَحْتُهُ وَ لَصَرَفْتُ هَؤُلَاءِ عَنِ اقْتِرَاحِ إِبَانَةِ الْقَاتِلِ وَ لَأَغْنَيْتُ هَذَا الْفَتَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِقَدْرِ هَذَا الْمَالِ وَ لَوْ سَأَلَنِي بَعْدَ مَا افْتَضَحَ وَ تَابَ إِلَيَّ وَ تَوَسَّلَ بِمِثْلِ وَسِيلَةِ هَذَا الْفَتَى أَنْ أُنْسِيَ النَّاسَ فِعْلَهُ بَعْدَ مَا أَلْطُفُ لِأَوْلِيَائِهِ فَيَعْفُونَ عَنِ الْقِصَاصِ لَفَعَلْتُ وَ كَانَ لَا يُعَيِّرُهُ بِفِعْلِهِ أَحَدٌ وَ لَا يَذْكُرُهُ فِيهِمْ ذَاكِرٌ وَ لَكِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ وَ أَنَا ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَ أَعْدَلُ بِالْمَنْعِ عَلَى مَنْ أَشَاءُ وَ أَنَا الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَلَمَّا ذَبَحُوهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفْعَلُونَ وَ أَرَادُوا أَنْ لَا يَفْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ عِظَمِ ثَمَنِ الْبَقَرَةِ وَ لَكِنَّ اللَّجَاجَ حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَ اتِّهَامُهُمْ لِمُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَدَاهُمْ قَالَ فَضَجُّوا إِلَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالُوا افْتَقَرَتِ الْقَبِيلَةُ وَ دُفِعَتْ إِلَى التَّكَفُّفِ وَ انْسَلَخْنَا بِلَجَاجِنَا عَنْ قَلِيلِنَا وَ كَثِيرِنَا فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِسَعَةِ الرِّزْقِ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَيْحَكُمْ مَا أَعْمَى قُلُوبَكُمْ أَ مَا سَمِعْتُمْ دُعَاءَ الْفَتَى صَاحِبِ الْبَقَرَةِ وَ مَا أَوْرَثَهُ

ص: 146

اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْغِنَى أَ وَ مَا سَمِعْتُمْ دُعَاءَ الْفَتَى الْمَقْتُولِ الْمَنْشُورِ وَ مَا أَثْمَرَ لَهُ مِنَ الْعُمُرِ الطَّوِيلِ وَ السَّعَادَةِ وَ التَّنَعُّمِ بِحَوَاسِّهِ وَ سَائِرِ بَدَنِهِ وَ عَقْلِهِ لِمَ لَا تَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى بِمِثْلِ دُعَائِهِمْ وَ تَتَوَسَّلُونَ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ وَسِيلَتِهِمَا لِيَسُدَّ فَاقَتَكُمْ وَ يُجْبِرَ كَسْرَكُمْ وَ يَسُدَّ خَلَّتَكُمْ فَقَالُوا اللَّهُمَّ إِلَيْكَ الْتَجَأْنَا وَ عَلَى فَضْلِكَ اعْتَمَدْنَا فَأَزِلْ فَقْرَنَا وَ سُدَّ خَلَّتَنَا بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ الطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِمْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا مُوسَى قُلْ لَهُمْ لِيَذْهَبَ رُؤَسَاؤُهُمْ إِلَى خَرِبَةِ بَنِي فُلَانٍ وَ يَكْشِفُوا فِي مَوْضِعِ كَذَا لِمَوْضِعٍ عَيَّنَهُ وَجْهَ أَرْضِهَا قَلِيلًا وَ يَسْتَخْرِجُوا مَا هُنَاكَ فَإِنَّهُ عَشَرَةُ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ لِيَرُدُّوا عَلَى كُلِّ مَنْ دَفَعَ فِي ثَمَنِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ مَا دَفَعَ لِتَعُودَ أَحْوَالُهُمْ ثُمَّ لِيَتَقَاسَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَفْضُلُ وَ هُوَ خَمْسَةُ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ عَلَى قَدْرِ مَا دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْمِحْنَةِ لِيَتَضَاعَفَ أَمْوَالُهُمْ جَزَاءً عَلَى تَوَسُّلِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَ اعْتِقَادِهِمْ لِتَفْضِيلِهِمْ فَذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها» اخْتَلَفْتُمْ فِيهَا وَ تَدَارَأْتُمْ أَلْقَى بَعْضُكُمُ الذَّنْبَ فِي قَتْلِ الْمَقْتُولِ عَلَى بَعْضٍ وَ دَرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ ذَوِيهِ «وَاللَّهُ مُخْرِجٌ» مُظْهِرٌ «ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ» مَا كَانَ مِنْ خَبَرِ الْقَاتِلِ وَ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ مِنْ إِرَادَةِ تَكْذِيبِ مُوسَى بِاقْتِرَاحِكُمْ عَلَيْهِ مَا قَدَرْتُمْ أَنَّ رَبَّهُ لَا يُجِيبُهُ إِلَيْهِ «فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها» بِبَعْضِ الْبَقَرَةِ «كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى» فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ كَمَا أَحْيَا الْمَيِّتَ بِمُلَاقَاةِ مَيِّتٍ آخَرَ لَهُ أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَيَتَلَاقَى مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ فَيُحْيِي اللَّهُ الَّذِي كَانَ فِي الْأَصْلَابِ وَ الْأَرْحَامِ حَيّاً وَ أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنَزِّلُ بَيْنَ نَفْخَتَيِ الصُّورِ بَعْدَ مَا يُنْفَخُ النَّفْخَةُ الْأُولَى مِنْ دُوَيْنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا مِنَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَ هِيَ مِنْ مَنِيٍّ كَمَنِيِّ الرَّجُلِ فَيَمْطُرُ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْضِ فَيَلْقَى الْمَاءُ الْمَنِيُّ مَعَ الْأَمْوَاتِ الْبَالِيَةِ فَيَنْبُتُونَ مِنَ الْأَرْضِ وَ يَحْيَوْنَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ يُرِيكُمْ آياتِهِ سَائِرَ آيَاتِهِ سِوَى هَذِهِ الدَّلَالاتِ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَ نُبُوَّةِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَبِيِّهِ وَ فَضْلِ مُحَمَّدٍ عَلَى الْخَلَائِقِ سَيِّدِ

ص: 147

عَبِيدِهِ وَ إِمَائِهِ وَ تَبْيِينِهِ فَضْلَهُ وَ فَضْلَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ عَلَى سَائِرِ خَلْقِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ تَعْتَبِرُونَ وَ تَتَفَكَّرُونَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَ هَذِهِ الْعَجَائِبَ لَا يَأْمُرُ الْخَلْقَ إِلَّا بِالْحِكْمَةِ وَ لَا يَخْتَارُ مُحَمَّداً وَ آلَهُ إِلَّا لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ ذَوِي الْأَلْبَابِ.

بيان: أما وقت أيماننا أموالنا استبعاد منهم للحكم عليهم بالدية بعد حلفهم أي أ ليس أيماننا وقاية لأموالنا و بالعكس حتى جمعت بينهما و الباسقة الطويلة و راض الدابة ذللها و النواعير جمع الناعورة و هي الدولاب و الدلو يستقى بها و نادمة منادمة و نداما جالسة على الشراب قوله (عَلَيْهِ السَّلَامُ) و لم يقل موسى حاصله أنه (عَلَيْهِ السَّلَامُ)حمل قوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ» على حقيقة الاستقبال و لذا فسره بقوله سيأمركم فوعدهم أولا بالأمر ثم بعد سؤالهم و تعيين البقرة أمرهم و لو قال موسى أولا بصيغة الماضي أمركم أن تذبحوا لتعلق الأمر بالحقيقة و كان يكفي أي بقرة كانت و هذا وجه ثالث غير ما ذهب إليه الفريقان في تأويل الآية لكن بقول السيد و أصحابه أنسب و جمعه مع الأخبار السابقة لا يخلو من إشكال و يمكن أن تحمل الأخبار السابقة على أنه تعالى لما علم أنه إن أمرهم ببقرة مطلقة لم يكتفوا بذلك فلذا لم يأمرهم بها أولا أو على أنه بعد الوعد بالأمر لو لم يسألوا عن خصوص البقرة لأمرهم ببقرة مطلقة فلما بادروا بالسؤال شدد عليهم و هما بعيدان و ارتكاب مثلهما فيها لهذا الخبر مع كونها أقوى و أكثر مشكل و الله يعلم حقيقة الأمر. و قال الثعلبي قال المفسرون وجد قتيل في بني إسرائيل اسمه عاميل و لم يدروا قاتله و اختلفوا في قاتله و سبب قتله فقال عطاء و السدي كان في بني إسرائيل رجل كثير المال و له ابن عم مسكين لا وارث له غيره فلما طال عليه حياته قتله ليرثه و قال بعضهم كان تحت عاميل بنت عم له كانت مثلا في بني إسرائيل بالحسن و الجمال فقتله ابن عمه لينكحها فلما قتله حمله من قريته إلى قرية أخرى فألقاه هناك و قال عكرمة كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا

ص: 148

لكل سبط منهم باب فوجد قتيل على باب سبط قتل و جر إلى باب سبط آخر فاختصم فيه السبطان و قال ابن سيرين قتله القاتل ثم احتمله فوضعه على باب رجل منهم ثم أصبح يطلب بدمه و قيل ألقاه بين قريتين فاختصم فيه أهلهما فاشتبه أمر القتيل على موسى و كان ذلك قبل نزول القسامة فأمرهم الله بذبح البقرة فشددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم و إنما كان تشديدهم تقديرا من الله به و حكمة. و كان السبب فيه على ما ذكره السدي و غيره أن رجلا من بني إسرائيل كان بارا بأبيه و بلغ من بره أن رجلا أتاه بلؤلؤة فابتاعها بخمسين ألفا و كان فيها فضل و ربح فقال للبائع إن أبي نائم و مفتاح الصندوق تحت رأسه فأمهلني حتى يستيقظ فأعطيك الثمن قال فأيقظ أباك و أعطني المال قال ما كنت لأفعل و لكن أزيدك عشرة آلاف فأنظرني حتى ينتبه أبي فقال الرجل فأنا أحط عنك عشرة آلاف إن أيقظت أباك و عجلت النقد فقال و أنا أزيدك عشرين ألفا إن انتظرت انتباهة أبي ففعل و لم يوقظ أباه فلما استيقظ أبوه أخبره بذلك فدعا له و جزاه خيرا و قال هذه البقرة لك بما صنعت فقال رسول الله انظروا ما ذا صنع به البر. و قال ابن عباس و وهب و غيرهما من أهل الكتب كان في بني إسرائيل رجل صالح له ابن طفل و كان له عجل فأتى بالعجل إلى غيضة و قال اللهم إني استودعتك هذه العجلة لابني حتى يكبر و مات الرجل فشبت العجلة في الغيضة و صارت عوانا و كانت تهرب من كل من رامها فلما كبر الصبي كان بارا بوالدته و كان يقسم الليلة ثلاثة أثلاث يصلي ثلثا و ينام ثلثا و يجلس عند رأس أمه ثلثا فإذا أصبح انطلق و احتطب على ظهر و يأتي به السوق فيبيعه بما شاء الله ثم يتصدق بثلثه و يأكل ثلثه و يعطي والدته ثلثا فقالت له أمه يوما إن أباك ورثك عجلة و ذهب بها إلى غيضة كذا و استودعها فانطلق إليها و ادع إله إبراهيم و إسماعيل و إسحاق أن يردها عليك و إن من علامتها أنك إذا نظرت إليها يخيل إليك أن شعاع

ص: 149

الشمس يخرج من جلدها و كانت تسمى المذهبة لحسنها و صفوتها و صفاء لونها فأتى الفتى الغيضة فرآها ترعى فصاح بها و قال أعزم عليك بإله إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب فأقبلت تسعى حتى قامت بين يديه فقبض على عنقها و قادها فتكلمت البقرة بإذن الله و قالت أيها الفتى البار بوالدته اركبني فإن ذلك أهون عليك فقال الفتى إن أمي لم تأمرني بذلك و لكن قالت خذ بعنقها قالت البقرة بإله بني إسرائيل لو ركبتني ما كنت تقدر علي أبدا فانطلق فإنك لو أمرت الجبل أن ينقلع من أصله و ينطلق معك لفعل لبرك بوالدتك فصار الفتى بها فاستقبله عدو الله إبليس في صورة راع فقال أيها الفتى إني رجل من رعاة البقر اشتقت إلى أهلي فأخذت ثورا من ثيراني فحملت زادي و متاعي حتى إذا بلغت شطر الطريق ذهبت لأقضي حاجتي فعدا وسط الجبل و ما قدرت عليه و إني أخشى على نفسي الهلكة فإن رأيت أن تحملني على بقرتك و تنجيني من الموت و أعطيك أجرها بقرتين مثل بقرتك فلم يفعل الفتى و قال اذهب فتوكل على الله و لو علم الله تعالى منك اليقين لبلغك بلا زاد و لا راحلة فقال إبليس إن شئت فبعنيها بحكمك و إن شئت فاحملني عليها و أعطيك عشرة مثلها فقال الفتى إن أمي لم تأمرني بهذا فبين الفتى كذلك إذ طار طائر من بين يدي البقرة و نفرت البقرة هاربة في الفلاة و غاب الراعي فدعاها الفتى باسم إله إبراهيم فرجعت البقرة إليه فقالت أيها الفتى البار بوالدته أ لم تر إلى الطائر الذي طار فإنه إبليس عدو الله اختلسني أما إنه لو ركبني لما قدرت علي أبدا فلما دعوت إله إبراهيم جاء ملك فانتزعني من يد إبليس و ردني إليك لبرك بأمك و طاعتك لها فجاء بها الفتى إلى أمه فقالت له إنك فقير لا مال لك و يشق عليك الاحتطاب بالنهار و القيام بالليل فانطلق فبع هذه البقرة و خذ ثمنها قال لأمه بكم أبيعها قالت بثلاثة دنانير و لا تبعها بغير رضاي و مشورتي و كان ثمن البقرة في ذلك الوقت ثلاثة دنانير

ص: 150

فانطلق بها الفتى إلى السوق فعقبه الله سبحانه ملكا ليري خلقه قدرته و ليختبر الفتى كيف بره بوالدته و كان الله به خبيرا فقال له الملك بكم تبيع هذه البقرة قال بثلاثة دنانير و أشترط عليك رضا أمي فقال له الملك ستة دنانير و لا تستأمر أمك فقال الفتى لو أعطيتني وزنها ذهبا لم آخذه إلا برضا أمي فردها إلى أمه و أخبرها بالثمن فقالت ارجع فبعها بستة دنانير على رضا مني فانطلق الفتى بالبقرة إلى السوق فأتى الملك فقال استأمرت والدتك فقال الفتى نعم إنها أمرتني أن لا أنقصها من ستة دنانير على أن أستأمرها قال الملك فإني أعطيك اثني عشر على أن لا تستأمرها فأبى الفتى و رجع إلى أمه و أخبرها بذلك فقالت إن ذاك الرجل الذي يأتيك هو ملك من الملائكة يأتيك في صورة آدمي ليجربك فإذا أتاك فقل له أ تأمرنا أن نبيع هذه البقرة أم لا ففعل ذلك فقال له الملك اذهب إلى أمك و قل لها أمسكي هذه البقرة فإن موسى يشتريها منكم لقتيل يقتل في بني إسرائيل فلا تبيعوها إلا بمل ء مسكها دنانير فأمسكا البقرة و قدر الله تعالى على بني إسرائيل ذبح تلك البقرة بعينها مكافاة على بره بوالدته فضلا منه و رحمة فطلبوها فوجدوها عند الفتى فاشتروها بمل ء مسكها ذهبا و قال السدي اشتروها بوزنها عشر مرات ذهبا. و اختلفوا في البعض المضروب(1)به فقال ابن عباس ضربوه بالعظم الذي يلي الغضروف و هو المقتل و قال الضحاك بلسانها و قال الحسين بن الفضل هذا أولى الأقاويل لأن المراد كان من إحياء القتيل كلامه و اللسان آلته و قال سعيد بن جبير بعجب ذنبها و قال يمان بن

ص: 151


1- بسمه تعالی أقول بعد اللتيا والتي لا يعجبني أن اعتقد أن المراد بالضرب : الضرب الظاهري المصطلح في لسان المفسرين بل المراد منه والله تعالى أعلم الاختلاط فالمعنى: اجعلوا سهماً من البقرة المذبوح للمقتول، واختلطوه في التقرب بذبح البقرة، فتأمّل في معاني الضرب تجد معنىً صحيحاً كما قلناه السبزواري.

رئاب و هو أولى التأويلات بالصواب العصعص أساس البدن الذي ركب عليه الخلق و إنه أول ما يخلق و آخر ما يبلى و قال مجاهد بذنبها و قال عكرمة و الكلبي بفخذها الأيمن و قال السدي بالبضعة التي بين كتفيها و قيل بأذنها ففعلوا ذلك فقام القتيل حيا بإذن الله تعالى و أوداجه تشخب دما و قال قتلني فلان ثم سقط و مات مكانه.أقول وقَالَ السَّيِّدُ بْنُ طَاوُسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ سَعْدِ السُّعُود وَجَدْتُ فِي تَفْسِيرٍ مَنسوبٍ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَذَلِكَ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ هُمَا أَخَوَانِ وَ كَانَ لَهُمَا ابْنُ عَمٍّ أَخِ أَبِيهِمَا وَ كَانَ غَنِيّاً مُكْثِراً وَ كَانَتْ لَهُمَا ابْنَةُ عَمٍّ حَسْنَاءُ شَابَّةٌ كَانَتْ مَثَلًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ بِحُسْنِهَا وَ جَمَالِهَا خَافَا أَنْ يَنْكِحَهَا ابْنُ عَمِّهَا ذَلِكَ الْغَنِيُّ فَعَمَدَا فَقَتَلَاهُ فَاحْتَمَلَاهُ فَأَلْقَيَاهُ إِلَى جَنْبِ قَرْيَةٍ لِيَبْرَءُوا مِنْهُ وَ أَصْبَحَ الْقَتِيلُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَلَمَّا غَمَّ عَلَيْهِمْ شَأْنُهُ وَ مَنْ قَتَلَهُ قَالَ أَصْحَابُ الْقَرْيَةِ الَّذِينَ وُجِدَ عِنْدَهُمْ يَا مُوسَى ادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يُطْلِعَ عَلَى قَاتِلِ هَذَا الرَّجُلِ فَفَعَلَ مُوسَى ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فِي كِتَابِهِ وَ قَالَ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَوْ ذَبَحُوا فِي الْأَوَّلِ أَيَّ بَقَرَةٍ كَانَتْ كَافِيَةً فَوَجَدُوا الْبَقَرَةَ لِامْرَأَةٍ فَلَمْ تَبِعْهَا لَهُمْ إِلَّا بِمِلْ ءِ جِلْدِهَا ذَهَباً وَ ضَرَبُوا الْمَقْتُولَ بِبَعْضِهَا فَعَاشَ فَأَخْبَرَهُمْ بِقَاتِلِهِ فَأُخِذَا فَقُتِلَا فَأُهْلِكَا فِي الدُّنْيَا وَ هَكَذَا يَقْتُلُهُمَا رَبُّنَا فِي الْآخِرَةِ.

***

باب (11) ما ناجی به موسى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه اللّه وفيه بعض النوادر

البحار: ج6 ص 75

14- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ

ص: 152

سَدِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَتَوْا مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَسَأَلُوهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُمْطِرَ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ إِذَا أَرَادُوا وَ يَحْبِسَهَا إِذَا أَرَادُوا فَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ لَهُمْ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ لَهُمْ يَا مُوسَى فَأَخْبَرَهُمْ مُوسَى فَحَرَثُوا وَ لَمْ يَتْرُكُوا شَيْئاً إِلَّا زَرَعُوهُ ثُمَ اسْتَنْزَلُوا الْمَطَرَ عَلَى إِرَادَتِهِمْ وَ حَبَسُوهُ عَلَى إِرَادَتِهِمْ فَصَارَتْ زُرُوعُهُمْ كَأَنَّهَا الْجِبَالُ وَ الْآجَامُ ثُمَّ حَصَدُوا وَ دَاسُوا وَ ذَرُّوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئاً فَضَجُّوا إِلَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالُوا إِنَّمَا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يُمْطِرَ السَّمَاءَ عَلَيْنَا إِذَا أَرَدْنَا فَأَجَابَنَا ثُمَّ صَيَّرَهَا عَلَيْنَا ضَرَراً فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ ضَجُّوا مِمَّا صَنَعْتَ بِهِمْ فَقَالَ وَ مِمَّ ذَاكَ يَا مُوسَى قَالَ سَأَلُونِي أَنْ أَسْأَلَكَ أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءَ إِذَا أَرَادُوا وَ تَحْبِسَهَا إِذَا أَرَادُوا فَأَجَبْتَهُمْ ثُمَّ صَيَّرْتَهَا عَلَيْهِمْ ضَرَراً فَقَالَ يَا مُوسَى أَنَا كُنْتُ الْمُقَدِّرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَرْضَوْا بِتَقْدِيرِي فَأَجَبْتُهُمْ إِلَى إِرَادَتِهِمْ فَكَانَ مَا رَأَيْت.(1)

***

باب (12) وفاة موسى وهارون (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وموضع قبرهما وبعض أحوال يوشع بن نون (عَلَيْهِ السَّلَامُ)

البحار: ج6 ص 97

بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِهَارُونَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) امْضِ بِنَا إِلَى جَبَلِ طُورِ سَيْنَاءَ ثُمَ خَرَجَا فَإِذَا بَيْتٌ عَلَى بَابِهِ شَجَرَةٌ عَلَيْهَا ثَوْبَانِ فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ اطْرَحْ ثِيَابَكَ

ص: 153


1- ما في هذه الرواية الشريفة من البيان الموافق للاعتبار والعقل لأن عقول البشر لا تحيط بالواقع كما هو عليه. والرواية مثل لجميع ما نعده أنه منه تعالى لنا فيجب علينا التقويض إلى التقدير لا الاتكاء على إراداتنا ورأينا. السبزواري.

وَ ادْخُلْ هَذَا الْبَيْتَ وَ الْبَسْ هَاتَيْنِ الْحُلَّتَيْنِ وَ نَمْ عَلَى السَّرِيرِ فَفَعَلَ هَارُونُ فَلَمَّا أَنْ نَامَ عَلَى السَّرِيرِ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ ارْتَفَعَ الْبَيْتُ وَ الشَّجَرَةُ وَ رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَ هَارُونَ وَ رَفَعَهُ إِلَيْهِ فَقَالُوا كَذَبْتَ أَنْتَ قَتَلْتَهُ فَشَكَا مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ذَلِكَ إِلَى رَبِّهِ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ فَأَنْزَلَتْهُ عَلَى سَرِيرٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ حَتَّى رَأَتْهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَات.(1)

***

باب (18) قصص لقمان وحكمه

البحار: ج6 ص 128

2- أَبِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ لُقْمَانَ وَ حِكْمَتِهِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ أَ مَا وَ اللَّهِ مَا أُوتِيَ لُقْمَانُ الْحِكْمَةَ بِحَسَبٍ وَ لَا مَالٍ وَ لَا أَهْلٍ وَ لَا بَسْطٍ فِي جِسْمٍ وَ لَا جَمَالٍ وَ لَكِنَّهُ كَانَ رَجُلًا قَوِيّاً فِي أَمْرِ اللَّهِ مُتَوَرِّعاً فِي اللَّهِ سَاكِتاً سَكِيناً عَمِيقَ النَّظَرِ طَوِيلَ الْفِكْرِ حَدِيدَ النَّظَرِ مُسْتَغْنٍ بِالْعِبَرِ لَمْ يَنَمْ نَهَاراً قَطُّ وَ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى بَوْلٍ وَ لَا غَائِطٍ وَ لَا اغْتِسَالٍ لِشِدَّةِ تَسَتُّرِهِ وَ عُمُوقِ نَظَرِهِ وَ تَحَفُّظِهِ فِي أَمْرِهِ وَ لَمْ يَضْحَكْ مِنْ شَيْ ءٍ قَطُّ مَخَافَةَ الْإِثْمِ وَ لَمْ يَغْضَبْ قَطُّ وَ لَمْ يُمَازِحْ إِنْسَاناً قَطُّ وَ لَمْ يَفْرَحْ لِشَيْ ءٍ إِنْ أَتَاهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَ لَا حَزِنَ مِنْهَا عَلَى شَيْ ءٍ قَطُّ وَ قَدْ نَكَحَ مِنَ النِّسَاءِ وَ وُلِدَ لَهُ الْأَوْلَادُ الْكَثِيرَةُ وَ قَدَّمَ أَكْثَرَهُمْ إِفْرَاطاً فَمَا بَكَى عَلَى مَوْتِ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ لَمْ يَمُرَّ بِرَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ أَوْ يَقْتَتِلَانِ إِلَّا أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا وَ لَمْ يَمْضِ

ص: 154


1- يظهر من هذا الخبر أن كيفية وفاة موسى وهارون کان متشابها من جملة من الجهات. السبزواري.

عَنْهُمَا حَتَّى تَحَاجَزَا وَ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلًا قَطُّ مِنْ أَحَدٍ اسْتَحْسَنَهُ إِلَّا سَأَلَ عَنْ تَفْسِيرِهِ وَ عَمَّنْ أَخَذَهُ وَ كَانَ يُكْثِرُ مُجَالَسَةَ الْفُقَهَاءِ وَ الْحُكَمَاءِ وَ كَانَ يَغْشَى الْقُضَاةَ وَ الْمُلُوكَ وَ السَّلَاطِينَ فَيَرْثِي لِلْقُضَاةِ مِمَّا ابْتُلُوا بِهِ وَ يَرْحَمُ الْمُلُوكَ وَ السَّلَاطِينَ لِغِرَّتِهِمْ بِاللَّهِ وَ طُمَأْنِينَتِهِمْ فِي ذَلِكَ وَ يَعْتَبِرُ وَ يَتَعَلَّمُ مَا يَغْلِبُ بِهِ نَفْسَهُ وَ يُجَاهِدُ بِهِ هَوَاهُ وَ يَحْتَرِزُ بِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ وَ كَانَ يُدَاوِي قَلْبَهُ بِالتَّفَكُّرِ وَ يُدَارِي نَفْسَهُ بِالْعِبَرِ وَ كَانَ لَا يَظْعَنُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ فَبِذَلِكَ أُوتِيَ الْحِكْمَةَ وَ مُنِحَ الْعِصْمَةَ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمَرَ طَوَائِفَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حِينَ انْتَصَفَ النَّهَارُ وَ هَدَأَتِ الْعُيُونُ بِالْقَائِلَةِ فَنَادَوْا لُقْمَانَ حَيْثُ يَسْمَعُ وَ لَا يَرَاهُمْ فَقَالُوا يَا لُقْمَانُ هَلْ لَكَ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ تَحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ لُقْمَانُ إِنْ أَمَرَنِي رَبِّي بِذَلِكَ فَالسَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ لِأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ بِي ذَلِكَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ وَ عَلَّمَنِي وَ عَصَمَنِي وَ إِنْ هُوَ خَيَّرَنِي قَبِلْتُ الْعَافِيَةَ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا لُقْمَانُ لِمَ قَالَ لِأَنَّ الْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ بِأَشَدِّ الْمَنَازِلِ مِنَ الدِّينِ وَ أَكْثَرُ فِتَناً وَ بَلَاءً مَا يُخْذَلُ وَ لَا يُعَانُ وَ يَغْشَاهُ الظُّلَمُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَ صَاحِبُهُ مِنْهُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِنْ أَصَابَ فِيهِ الْحَقَّ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَسْلَمَ وَ إِنْ أَخْطَأَ أَخْطَأَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ وَ مَنْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا ذَلِيلًا وَ ضَعِيفاً كَانَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي الْمَعَادِ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَكَماً سَرِيّاً شَرِيفاً وَ مَنِ اخْتَارَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ يَخْسَرُهُمَا كِلْتَيْهِمَا تَزُولُ هَذِهِ وَ لَا تُدْرَكُ تِلْكَ قَالَ فَتَعَجَّبَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ حِكْمَتِهِ وَ اسْتَحْسَنَ الرَّحْمَنُ مَنْطِقَهُ فَلَمَّا أَمْسَى وَ أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِكْمَةَ فَغَشَّاهُ بِهَا مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ(1) وَ هُوَ نَائِمٌ وَ غَطَّاهُ بِالْحِكْمَةِ غِطَاءً فَاسْتَيْقَظَ وَ هُوْ أَحْكَمُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ وَ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ يَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ وَ يُبَيِّنُهَا فِيهَا قَالَ فَلَمَّا أُوتِيَ الْحُكْمَ وَ لَمْ يَقْبَلْهَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَنَادَتْ دَاوُدَ بِالْخِلَافَةِ فَقَبِلَهَا وَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا بِشَرْطِ لُقْمَانَ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ الْخِلَافَةَ فِي

ص: 155


1- لعلّ المعنى أن حرکات جميع جوارحه كانت على وجه العقل والحكمة فتدبّر. السبزواري.

الْأَرْضِ وَ ابْتُلِيَ فِيهَا غَيْرَ مَرَّةٍ وَ كُلُّ ذَلِكَ يَهْوِي فِي الْخَطَاءِ يُقِيلُهُ اللَّهُ وَ يَغْفِرُ لَهُ وَ كَانَ لُقْمَانُ يُكْثِرُ زِيَارَةَ دَاوُدَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ يَعِظُهُ بِمَوَاعِظِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ فَضْلِ عِلْمِهِ وَ كَانَ يَقُولُ دَاوُدُ لَهُ طُوبَى لَكَ يَا لُقْمَانُ أُوتِيتَ الْحِكْمَةَ وَ صُرِفَتْ عَنْكَ الْبَلِيَّةُ وَ أُعْطِيَ دَاوُدُ الْخِلَافَةَ وَ ابْتُلِيَ بِالْخَطَاءِ وَ الْفِتْنَةِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ «وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» قَالَ فَوَعَظَ لُقْمَانُ ابْنَهُ بِآثَارٍ حَتَّى تَفَطَّرَ وَ انْشَقَّ وَ كَانَ فِيمَا وَعَظَهُ بِهِ يَا حَمَّادُ أَنْ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ مُنْذُ سَقَطْتَ إِلَى الدُّنْيَا اسْتَدْبَرْتَهَا وَ اسْتَقْبَلْتَ الْآخِرَةَ فَدَارٌ أَنْتَ إِلَيْهَا تَسِيرُ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ دَارٍ أَنْتَ عَنْهَا مُتَبَاعِدٌ يَا بُنَيَّ جَالِسِ الْعُلَمَاءَ وَ ازْحَمْهُمْ بِرُكْبَتَيْكَ وَ لَا تُجَادِلْهُمْ فَيَمْنَعُوكَ وَ خُذْ مِنَ الدُّنْيَا بَلَاغاً وَ لَا تَرْفُضْهَا فَتَكُونَ عِيَالًا عَلَى النَّاسِ وَ لَا تَدْخُلْ فِيهَا دُخُولًا يُضِرُّ بِآخِرَتِكَ وَ صُمْ صَوْماً يَقْطَعُ شَهْوَتَكَ وَ لَا تَصُمْ صِيَاماً يَمْنَعُكَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الصِّيَامِ يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ هَلَكَ فِيهَا عَالَمٌ كَثِيرٌ فَاجْعَلْ سَفِينَتَكَ فِيهَا الْإِيمَانَ وَ اجْعَلْ شِرَاعَهَا التَّوَكُّلَ وَ اجْعَلْ زَادَكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ فَإِنْ نَجَوْتَ فَبِرَحْمَةِ اللَّهِ وَ إِنْ هَلَكْتَ فَبِذُنُوبِكَ يَا بُنَيَّ إِنْ تَأَدَّبْتَ صَغِيراً انْتَفَعْتَ بِهِ كَبِيراً وَ مَنْ عَنَى بِالْأَدَبِ اهْتَمَّ بِهِ وَ مَنِ اهْتَمَّ بِهِ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ وَ مَنْ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ وَ مَنِ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ أَدْرَكَ مَنْفَعَتَهُ فَاتَّخِذْهُ عَادَةً فَإِنَّكَ تَخْلُفُ فِي سَلَفِكَ وَ تَنْفَعُ بِهِ خَلْفَكَ وَ يَرْتَجِيكَ فِيهِ رَاغِبٌ وَ يَخْشَى صَوْلَتَكَ رَاهِبٌ وَ إِيَّاكَ وَ الْكَسَلَ عَنْهُ بِالطَّلَبِ لِغَيْرِهِ فَإِنْ غُلِبْتَ عَلَى الدُّنْيَا فَلَا تُغْلَبَنَّ عَلَى الْآخِرَةِ فَإِذَا فَاتَكَ طَلَبُ الْعِلْمِ فِي مَظَانِّهِ فَقَدْ غُلِبْتَ عَلَى الْآخِرَةِ وَ اجْعَلْ فِي أَيَّامِكَ وَ لَيَالِيكَ وَ سَاعَاتِكَ لِنَفْسِكَ نَصِيباً فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَإِنَّكَ لَمْ تَجِدْ لَهُ تَضْيِيعاً أَشَدَّ مِنْ تَرْكِهِ وَ لَا تُمَارِيَنَّ فِيهِ لَجُوجاً وَ لَا تُجَادِلَنَّ فَقِيهاً وَ لَا تُعَادِيَنَّ سُلْطَاناً وَ لَا تُمَاشِيَنَّ ظَلُوماً وَ لَا تُصَادِقَنَّهُ وَ لَا تُؤَاخِيَنَّ فَاسِقاً وَ لَا تُصَاحِبَنَّ مُتَّهَماً وَ اخْزُنْ عِلْمَكَ كَمَا تَخْزُنُ وَرِقَكَ يَا بُنَيَّ خَفِ اللَّهَ خَوْفاً لَوْ أَتَيْتَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبِرِّ الثَّقَلَيْنِ خِفْتَ أَنْ يُعَذِّبَكَ وَ ارْجُ

ص: 156

اللَّهَ رَجَاءً لَوْ وَافَيْتَ الْقِيَامَةَ بِإِثْمِ الثَّقَلَيْنِ رَجَوْتَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ يَا أَبَتِ وَ كَيْفَ أُطِيقُ هَذَا وَ إِنَّمَا لِي قَلْبٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ لُقْمَانُ يَا بُنَيَّ لَوِ اسْتُخْرِجَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فَشُقَّ لَوُجِدَ فِيهِ نُورَانِ نُورٌ لِلْخَوْفِ وَ نُورٌ لِلرَّجَاءِ لَوْ وُزِنَا مَا رُجِّحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِمِثْقَالِ ذَرَّةٍ فَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ يُصَدِّقُ مَا قَالَ اللَّهُ وَ مَنْ يُصَدِّقُ مَا قَالَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أَمَرَ اللَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ مَا قَالَ اللَّهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ يَشْهَدُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ إِيمَاناً صَادِقاً يَعْمَلْ لِلَّهِ خَالِصاً نَاصِحاً وَ مَنْ يَعْمَلْ لِلَّهِ خَالِصاً نَاصِحاً فَقَدْ آمَنَ بِاللَّهِ صَادِقاً وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ خَافَهُ وَ مَنْ خَافَهُ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَ مَنْ أَحَبَّهُ اتَّبَعَ أَمْرَهُ وَ مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ اسْتَوْجَبَ جَنَّتَهُ وَ مَرْضَاتَهُ وَ مَنْ لَمْ يَتَّبِعْ رِضْوَانَ اللَّهِ فَقَدْ هَانَ سَخَطَهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ يَا بُنَيَّ لَا تَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا وَ لَا تَشْغَلْ قَلْبَكَ بِهَا فَمَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْهَا أَ لَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ نَعِيمَهَا ثَوَاباً لِلْمُطِيعِينَ وَ لَمْ يَجْعَلْ بَلَاءَهَا عُقُوبَةً لِلْعَاصِينَ.

البحار: ج6 ص145

27 – كِتَابُ فَتْحِ الْأَبْوَابِ لِلسَّيِّدِ ابْنِ طَاوُسٍ قَالَ رُوِيَ أَنَ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ قَالَ لِوَلَدِهِ فِي وَصِيَّتِهِ لَا تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بِرِضَا النَّاسِ وَ مَدْحِهِمْ وَ ذَمِّهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ وَ لَوْ بَالَغَ الْإِنْسَانُ فِي تَحْصِيلِهِ بِغَايَةِ قُدْرَتِهِ فَقَالَ وَلَدُهُ مَا مَعْنَاهُ أُحِبُّ أَنْ أَرَى لِذَلِكَ مِثَالًا أَوْ فِعَالًا أَوْ مَقَالًا فَقَالَ لَهُ أَخْرُجُ أَنَا وَ أَنْتَ فَخَرَجَا وَ مَعَهُمَا بَهِيمَةٌ فَرَكِبَهُ لُقْمَانُ وَ تَرَكَ وَلَدَهُ يَمْشِي وَرَاءَهُ فَاجْتَازُوا عَلَى قَوْمٍ فَقَالُوا هَذَا شَيْخٌ قَاسِي الْقَلْبِ قَلِيلُ الرَّحْمَةِ يَرْكَبُ هُوَ الدَّابَّةَ وَ هُوَ أَقْوَى مِنْ هَذَا الصَّبِيِّ وَ يَتْرُكُ هَذَا الصَّبِيَّ يَمْشِي وَرَاءَهُ وَ إِنَّ هَذَا بِئْسَ التَّدْبِيرُ فَقَالَ لِوَلَدِهِ سَمِعْتَ قَوْلَهُمْ وَ إِنْكَارَهُمْ لِرُكُوبِي وَ مَشْيِكَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ ارْكَبْ أَنْتَ يَا وَلَدِي حَتَّى أَمْشِيَ أَنَا فَرَكِبَ وَلَدُهُ وَ مَشَى لُقْمَانُ فَاجْتَازُوا عَلَى جَمَاعَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا هَذَا بِئْسَ الْوَالِدُ وَ هَذَا بِئْسَ الْوَلَدُ أَمَّا أَبُوهُ فَإِنَّهُ مَا أَدَّبَ هَذَا الصَّبِيَّ حَتَّى

ص: 157

يَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَ يَتْرُكَ وَالِدَهُ يَمْشِي وَرَاءَهُ وَ الْوَالِدُ أَحَقُّ بِالاحْتِرَامِ وَ الرُّكُوبِ وَ أَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّهُ عَقَّ وَالِدَهُ بِهَذِهِ الْحَالِ فَكِلَاهُمَا أَسَاءَا فِي الْفِعَالِ فَقَالَ لُقْمَانُ لِوَلَدِهِ سَمِعْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ نَرْكَبُ مَعاً الدَّابَّةَ فَرَكِبَا مَعاً فَاجْتَازَا عَلَى جَمَاعَةٍ فَقَالُوا مَا فِي قَلْبِ هَذَيْنِ الرَّاكِبَيْنِ رَحْمَةٌ وَ لَا عِنْدَهُمْ مِنَ اللَّهِ خَيْرٌ يَرْكَبَانِ مَعاً الدَّابَّةَ يَقْطَعَانِ ظَهْرَهَا وَ يَحْمِلَانِهَا مَا لَا تُطِيقُ لَوْ كَانَ قَدْ رَكِبَ وَاحِدٌ وَ مَشَى وَاحِدٌ كَانَ أَصْلَحَ وَ أَجْوَدَ فَقَالَ سَمِعْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ هَاتِ حَتَّى نَتْرُكَ الدَّابَّةَ تَمْشِي خَالِيَةً مِنْ رُكُوبِنَا فَسَاقا الدَّابَّةَ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا وَ هُمَا يَمْشِيَانِ فَاجْتَازَا عَلَى جَمَاعَةٍ فَقَالُوا هَذَا عَجِيبٌ مِنْ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ يَتْرُكَانِ دَابَّةً فَارِغَةً تَمْشِي بِغَيْرِ رَاكِبٍ وَ يَمْشِيَانِ وَ ذَمُّوهُمَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَمُّوهُمَا عَلَى كُلِّ مَا كَانَ فَقَالَ لِوَلَدِهِ تَرَى فِي تَحْصِيلِ رِضَاهُمْ حِيلَةً لِمُحْتَالٍ فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ وَ اشْتَغِلْ بِرِضَا اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَفِيهِ شُغُلٌ شَاغِلٌ وَ سَعَادَةٌ وَ إِقْبَالٌ فِي الدُّنْيَا وَ يَوْمِ الْحِسَابِ وَ السُّؤَال.(1)

البحار: ج6 ص151

5 – ابْنُ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السّلام) قَالَ: السَّكِينَةُ رِيحٌ تَخْرُجُ مِنَ الْجَنَّةِ لَهَا صُورَةٌ كَصُورَةِ الْإِنْسَانِ وَ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ وَ هِيَ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (عليه السّلام) فَأَقْبَلَتْ تَدُورُ حَوْلَ أَرْكَانِ الْبَيْتِ وَ هُوَ يَضَعُ الْأَسَاطِينَ قُلْنَا هِيَ مِنَ الَّتِي قَالَ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قَالَ تِلْكَ السَّكِينَةُ كَانَتْ فِي التَّابُوتِ وَ كَانَتْ فِيهَا طَسْتٌ يُغْسَلُ فِيهَا قُلُوبُ الْأَنْبِيَاءِ وَ كَانَ التَّابُوتُ يَدُورُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ فَمَا تَابُوتُكُمْ قُلْنَا السِّلَاحُ قَالَ صَدَقْتُمْ هُوَ تَابُوتُكُمْ الْخَبَر.(2)

***

ص: 158


1- هذه القصة تنسب إلى جملة من الحكماء فتفحص كتب القصص والعبر. السبزواري.
2- السبزواري: الطست وماء الغسل والغاسل من عالم الملكوت يغسل القلب عمّا تعلّق به من طبائع الناسوت لكن هذا في غير قلب خاتم الأنبياء وإن ورد به أيضاً نقل. فتفحص.
أبواب قصص عيسى وأمّه وأبويها
باب (17) ولادة عيسى (عليه السّلام)

البحار: ج6 ص 323

5 – عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) يَتَخَلَّلُ بَسَاتِينَ الْكُوفَةِ فَانْتَهَى إِلَى نَخْلَةٍ فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا ثُمَ رَكَعَ وَ سَجَدَ فَأَحْصَيْتُ فِي سُجُودِهِ خَمْسَمِائَةِ تَسْبِيحَةٍ ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى النَّخْلَةِ فَدَعَا بِدَعَوَاتٍ ثُمَّ قَالَ يَا حَفْصُ إِنَّهَا وَ اللَّهِ النَّخْلَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لِمَرْيَمَ «وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا».(1)

***

باب (22) رفعه إلى السماء

البحار: ج 6ص 418

9- عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: رُفِعَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (عليه السّلام) بِمِدْرَعَةِ صُوفٍ مِنْ غَزْلِ مَرْيَمَ وَ مِنْ نَسْجِ مَرْيَمَ وَ مِنْ خِيَاطَةِ

ص: 159


1- لعل المعنى أنها من جنس تلك النخلة و من فروعها. السبزواري.

مَرْيَمَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى السَّمَاءِ نُودِيَ يَا عِيسَى أَلْقِ عَنْكَ زِينَةَ الدُّنْيَا.(1)

***

باب (20) قصص يونس وأبيه متّي

البحار: ج6 ص 462

13– عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَ يُونُسَ لَمَّا آذَاهُ قَوْمُهُ دَعَا اللَّهَ عَلَيْهِمْ فَأَصْبَحُوا أَوَّلَ يَوْمٍ وَ وُجُوهُهُمْ مُصْفَرَّةٌ وَ أَصْبَحُوا الْيَوْمَ الثَّانِيَ وَ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ قَالَ وَ كَانَ اللَّهُ وَاعَدَهُمْ أَنْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ حَتَّى نَالُوهُ بِرِمَاحِهِمْ فَفَرَّقُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَ أَوْلَادِهِنَّ وَ الْبَقَرِ وَ أَوْلَادِهَا وَ لَبِسُوا الْمُسُوحَ وَ الصُّوفَ وَ وَضَعُوا الْحِبَالَ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَ الرَّمَادَ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَ ضَجُّوا ضَجَّةً وَاحِدَةً إِلَى رَبِّهِمْ وَ قَالُوا آمَنَّا بِإِلَهِ يُونُسَ قَالَ فَصَرَفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى جِبَالِ آمِدَ قَالَ وَ أَصْبَحَ يُونُسُ وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ هَلَكُوا فَوَجَدَهُمْ فِي عَافِيَةٍ فَغَضِبَ وَ خَرَجَ كَمَا قَالَ اللَّهُ مُغَاضِباً حَتَّى رَكِبَ سَفِينَةً فِيهَا رَجُلَانِ فَاضْطَرَبَتِ السَّفِينَةُ فَقَالَ الْمَلَّاحُ يَا قَوْمِ فِي سَفِينَتِي لَمَطْلُوبٌ فَقَالَ يُونُسُ أَنَا هُوَ وَ قَامَ لِيُلْقِيَ نَفْسَهُ فَأَبْصَرَ السَّمَكَةَ وَ قَدْ فَتَحَتْ فَاهَا فَهَابَهَا وَ تَعَلَّقَ بِهِ الرَّجُلَانِ وَ قَالا لَهُ أَنْتَ وَيْحَكَ وَ نَحْنُ رَجُلَانِ فَسَاهَمَهُمْ فَوَقَعَتِ السِّهَامُ عَلَيْهِ فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّ السِّهَامَ إِذَا كَانَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنَّهَا لَا تُخْطِئُ فَأَلْقَى نَفْسَهُ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ فَطَافَ بِهِ الْبِحَارَ سَبْعَةً حَتَّى صَارَ إِلَى الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَ بِهِ يُعَذَّبُ قَارُونُ فَسَمِعَ قَارُونُ دَوِيّاً فَسَأَلَ الْمَلَكَ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُونُسُ وَ أَنَّ اللَّهَ حَبَسَهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ فَقَالَ لَهُ قَارُونُ أَ تَأْذَنُ لِي أَنْ

ص: 160


1- إذا كانت مدرعة عيسى من غزل مريم ونسجها و خیاطها زينة الدنيا فالويل لنا !! السبزواري.

أُكَلِّمَهُ فَأَذِنَ لَهُ فَسَأَلَهُ عَنْ مُوسَى (عليه السّلام) فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَاتَ فَبَكَى ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ هَارُونَ (عليه السّلام) فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَاتَ فَبَكَى وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً وَ سَأَلَهُ عَنْ أُخْتِهِ كُلْثُمَ وَ كَانَتْ مُسَمَّاةً لَهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا مَاتَتْ فَبَكَى وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنِ ارْفَعْ عَنْهُ الْعَذَابَ بَقِيَّةَ الدُّنْيَا لِرِقَّتِهِ عَلَى قَرَابَتِه.

***

ص: 161

التعليقات علی بحار الأنوار والمشتمل على الأجزاء 7 و 8 و 9 من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 162

ص: 163

باب (1) بدء خلقه وما جرى له في الميثاق

البحار: ج 7 ص 9

3- بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى» قَالَ يَعْنِي بِهِ مُحَمَّداً (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَيْثُ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ فِي الذَّرِّ الْأَوَّلِ.(1)

البحار: ج 7 ص 9

4 –الْحَاكِمُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَدَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ نُورَ مُحَمَّدٍ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَبْلَ أَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ الْعَرْشَ وَ الْكُرْسِيَّ وَ اللَّوْحَ وَ الْقَلَمَ وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ وَ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ آدَمَ وَ نُوحاً وَ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ (عليه السّلام) وَ كُلَّ مَنْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي قَوْلِهِ «وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ» إِلَى قَوْلِهِ «وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» وَ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ الْأَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ بِأَرْبَعِ مِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ وَ أَرْبَعٍ وَ عِشْرِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ خَلَقَ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَهُ اثْنَيْ عَشَرَ حِجَاباً (2) حِجَابَ الْقُدْرَةِ

ص: 164


1- ظاهر الخبر أنّ الذّر ذرّان الأوّل والثاني. السبزواري.
2- أقول: لعل المراد بالحجب التعينات اللاحقة لروحانيته المطلقة الغير محدودة بشيء إلا بحدّ الإمكان بمعنی عدم كونه في مرتبة وجوب الوجود لا بمعنی نافذيته للصفات الكاملة وعلى هذا فالتعينات ظهور ما استتر في ذاته الشريفة و تفصيل ما أجمل في نفسه المقدسة فتدبّر. السبزواري.

وَ حِجَابَ الْعَظَمَةِ وَ حِجَابَ الْمِنَّةِ وَ حِجَابَ الرَّحْمَةِ وَ حِجَابَ السَّعَادَةِ وَ حِجَابَ الْكَرَامَةِ وَ حِجَابَ الْمَنْزِلَةِ وَ حِجَابَ الْهِدَايَةِ وَ حِجَابَ النُّبُوَّةِ وَ حِجَابَ الرِّفْعَةِ وَ حِجَابَ الْهَيْبَةِ وَ حِجَابَ الشَّفَاعَةِ ثُمَّ حَبَسَ نُورَ مُحَمَّدٍ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي حِجَابِ الْقُدْرَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَ فِي حِجَابِ الْعَظَمَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ عَالِمِ السِّرِّ وَ فِي حِجَابِ الْمِنَّةِ عَشْرَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ قَائِمٌ لَا يَلْهُو وَ فِي حِجَابِ الرَّحْمَةِ تِسْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ الرَّفِيعِ الْأَعْلَى وَ فِي حِجَابِ السَّعَادَةِ ثَمَانِيَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ دَائِمٌ لَا يَسْهُو وَ فِي حِجَابِ الْكَرَامَةِ سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ غَنِيٌّ لَا يَفْتَقِرُ وَ فِي حِجَابِ الْمَنْزِلَةِ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ الْعَلِيمِ الْكَرِيمِ وَ فِي حِجَابِ الْهِدَايَةِ خَمْسَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ ذِي الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَ فِي حِجَابِ النُّبُوَّةِ أَرْبَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَ فِي حِجَابِ الرِّفْعَةِ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَ الْمَلَكُوتِ وَ فِي حِجَابِ الْهَيْبَةِ أَلْفَيْ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ بِحَمْدِهِ وَ فِي حِجَابِ الشَّفَاعَةِ أَلْفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَ بِحَمْدِهِ ثُمَّ أَظْهَرَ اسْمَهُ عَلَى اللَّوْحِ فَكَانَ عَلَى اللَّوْحِ مُنَوَّراً أَرْبَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ ثُمَّ أَظْهَرَهُ عَلَى الْعَرْشِ فَكَانَ عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ مُثْبَتاً سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ إِلَى أَنْ وَضَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي صُلْبِ آدَمَ (عليه السّلام) ثُمَّ نَقَلَهُ مِنْ صُلْبِ آدَمَ (عليه السّلام) إِلَى صُلْبِ نُوحٍ (عليه السّلام) ثُمَّ مِنْ صُلْبٍ إِلَى صُلْبٍ حَتَّى أَخْرَجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَكْرَمَهُ بِسِتِّ كَرَامَاتٍ أَلْبَسَهُ قَمِيصَ الرِّضَا وَ رَدَّاهُ بِرِدَاءِ الْهَيْبَةِ وَ تَوَّجَهُ بِتَاجِ الْهِدَايَةِ وَ أَلْبَسَهُ سَرَاوِيلَ الْمَعْرِفَةِ وَ جَعَلَ تِكَّتَهُ تِكَّةَ الْمَحَبَّةِ يَشُدُّ بِهَا سَرَاوِيلَهُ وَ جَعَلَ نَعْلَهُ نَعْلَ الْخَوْفِ وَ نَاوَلَهُ عَصَا الْمَنْزِلَةِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ اذْهَبْ إِلَى النَّاسِ فَقُلْ لَهُمْ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَانَ أَصْلُ ذَلِكَ الْقَمِيصِ مِنْ سِتَّةِ أَشْيَاءَ قَامَتُهُ مِنَ الْيَاقُوتِ وَ كُمَّاهُ مِنَ

ص: 165

اللُّؤْلُؤِ وَ دِخْرِيصُهُ مِنَ الْبِلَّوْرِ الْأَصْفَرِ وَ إِبْطَاهُ مِنَ الزَّبَرْجَدِ وَ جُرُبَّانُهُ مِنَ الْمَرْجَانِ الْأَحْمَرِ وَ جَيْبُهُ مِنْ نُورِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ فَقَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ تَوْبَةَ آدَم (عليه السّلام) بِذَلِكَ الْقَمِيصِ وَ رَدَّ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ (عليه السّلام) بِهِ وَ رَدَّ يُوسُفَ (عليه السّلام) إِلَى يَعْقُوبَ (عليه السّلام) بِهِ وَ نَجَّى يُونُسَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ بِهِ وَ كَذَلِكَ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) أَنْجَاهُمْ مِنَ الْمِحَنِ بِهِ وَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْقَمِيصُ إِلَّا قَمِيصَ مُحَمَّدٍ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ).

البحار: ج 7 ص 13

11- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِصْبَاحِ الْأَنْوَارِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَنِي وَ خَلَقَ عَلِيّاً(1)وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ (عليه السّلام) حِينَ لَا سَمَاءَ مَبْنِيَّةً وَ لَا أَرْضَ مَدْحِيَّةً وَ لَا ظُلْمَةَ وَ لَا نُورَ وَ لَا شَمْسَ وَ لَا قَمَرَ وَ لَا جَنَّةَ وَ لَا نَارَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ فَكَيْفَ كَانَ بَدْءُ خَلْقِكُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ يَا عَمِّ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَنَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَلَقَ مِنْهَا نُوراً ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أُخْرَى فَخَلَقَ مِنْهَا رُوحاً ثُمَّ مَزَجَ النُّورَ بِالرُّوحِ فَخَلَقَنِي وَ خَلَقَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ فَكُنَّا نُسَبِّحُهُ حِينَ لَا تَسْبِيحَ وَ نُقَدِّسُهُ حِينَ لَا تَقْدِيسَ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُنْشِئَ خَلْقَهُ فَتَقَ نُورِي فَخَلَقَ مِنْهُ الْعَرْشَ فَالْعَرْشُ مِنْ نُورِي وَ نُورِي مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ نُورِي أَفْضَلُ مِنَ الْعَرْشِ ثُمَّ فَتَقَ نُورَ أَخِي عَلِيٍّ فَخَلَقَ مِنْهُ الْمَلَائِكَةَ فَالْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورِ عَلِيٍّ وَ نُورُ عَلِيٍّ مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ عَلِيٌّ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ فَتَقَ نُورَ ابْنَتِي فَخَلَقَ مِنْهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ فَالسَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ مِنْ نُورِ ابْنَتِي فَاطِمَةَ وَ نُورُ ابْنَتِي فَاطِمَةَ مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ ابْنَتِي فَاطِمَةُ أَفْضَلُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ فَتَقَ نُورَ وَلَدِيَ الْحَسَنِ

ص: 166


1- ظاهر هذا الخبر أن الخمسة الطاهرون كلّهم علة غائية للإيجاد وعلة مادية أيضاً، فتدبّر. السبزواري.

فَخَلَقَ مِنْهُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ فَالشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ مِنْ نُورِ وَلَدِيَ الْحَسَنِ وَ نُورُ الْحَسَنِ مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ الْحَسَنُ أَفْضَلُ مِنَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ ثُمَّ فَتَقَ نُورَ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ فَخَلَقَ مِنْهُ الْجَنَّةَ وَ الْحُورَ الْعِينَ فَالْجَنَّةُ وَ الْحُورُ الْعِينُ مِنْ نُورِ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ وَ نُورُ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ وَلَدِيَ الْحُسَيْنُ أَفْضَلُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْحُورِ الْعِينِ الْخَبَر

البحار: ج 7 ص18

28 – أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ مُرَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَا مُحَمَّدُ إِنِّي خَلَقْتُكَ وَ عَلِيّاً(1) نُوراً يَعْنِي رُوحاً بِلَا بَدَنٍ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَ سَمَاوَاتِي وَ أَرْضِي وَ عَرْشِي وَ بَحْرِي فَلَمْ تَزَلْ تُهَلِّلُنِي وَ تُمَجِّدُنِي ثُمَّ جَمَعْتُ رُوحَيْكُمَا فَجَعَلْتُهُمَا وَاحِدَةً فَكَانَتْ تُمَجِّدُنِي وَ تُقَدِّسُنِي وَ تُهَلِّلُنِي ثُمَّ قَسَمْتُهَا ثِنْتَيْنِ وَ قَسَمْتُ الثِّنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ فَصَارَتْ أَرْبَعَةً مُحَمَّدٌ وَاحِدٌ وَ عَلِيٌّ وَاحِدٌ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ثِنْتَانِ ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ فَاطِمَةَ مِنْ نُورٍ ابْتَدَأَهَا رُوحاً بِلَا بَدَنٍ ثُمَّ مَسَحَنَا بِيَمِينِهِ فَأَفْضَى نُورَهُ فِينَا.

البحار: ج 7 ص 19

ص: 167


1- أقول: الذي يظهر من أخبار كثيرة بل مستفيضة أن محمّداً (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) له وذريته الأطيبين كما أنهم علة غائية لخلق الممکنات من الروحانيات والمادي كذلك يكون علة للماديات فأول ما خلق من الجسمانيات هو نورهم صلوات الله عليهم وبحسب تنزلات ذلك النور تكون سائر الجسمانيات كما أنهم صلوات الله عليهم في سلسلة الروحانيين أول المخلوقات وتفرع عن روحانيتهم جميع الروحانيين فكل ذات روحانية كانت أو جسمانية لابد وان تنتهي إليهم كما أن كل كمال لابد وان ينشعب منهم بل إن شئت صریح الحق بلا ارتياب فهم صلوات الله عليهم علة فاعلية أيضاً لما سوى الباري تعالى لأنهم محال إرادة اللّه تعالى وإرادة الربّ في مقادير أموره تهبط إليهم وتصدر من بيوتهم فأتقن التدبر. السبزواري.

33- الْغَضَائِرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الْغَزَّالِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَّ فِي الْفِرْدَوْسِ لَعَيْناً أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ وَ أَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ وَ أَبْرَدَ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَطْيَبَ مِنَ الْمِسْكِ فِيهَا طِينَةٌ خَلَقَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهَا وَ خَلَقَ شِيعَتَنَا مِنْهَا فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ تِلْكَ الطِّينَةِ فَلَيْسَ مِنَّا وَ لَا مِنْ شِيعَتِنَا وَ هِيَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ عَلَى وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). (1)

البحار: ج 7 ص67 س1

قال أبو الحسن البكري و لما تزوج عبد الله بآمنة أقامت معه زمانا و النور في وجهه لم يزل حتى نفذت مشية الله تعالى و قدرته و أراد أن يخرج خيرة خلقه محمدا رسول الله و أن يشرف به الأرض و ينورها بعد ظلامها و يطهرها بعد تنجيسها أمر الله تعالى جبرئيل (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أن ينادي في جنة المأوى أن الله جل جلاله قد تمت كلمته و مشيته و أن الذي وعده من ظهور البشير النذير السراج المنير الذي يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يدعو إلى الله و هو صاحب الأمانة و الصيانة يظهر نوره في البلاد و يكون رحمة على العباد و من أحبه بشر بالشرف و الحباء و من أبغضه بسوء القضاء و هو الذي عرض عليكم من قبل أن يخلق آدم (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الذي يسمى في السماء أحمد و في الأرض محمّداً و في الجنة أبا القاسم فأجابته الملائكة بالتسبيح و التهليل و التقديس

ص: 168


1- يظهر من مثل هذه الرواية أن الميثاق ميثاق تکويني ذاتي وهي الطينة واختياري عهدي وهو المقصود بقوله تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ». فتدبّر. السبزواري.

و التكبير للّه رب العالمين و فتحت أبواب الجنان و غلقت أبواب النيران و أشرفت الحور العين و سبحت الأطيار على رءوس الأشجار فلما فرغ جبريل من أهل السماوات أمره اللّه أن ينزل في مائة ألف من الملائكة إلى أقطار الأرض و إلى جبل قاف و إلى خازن السحاب و جملة ما خلق الله يبشرهم بخروج رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ثم نزل إلى الأرض السابعة فأخبرهم بخبره و من أراد الله به خيرا ألهمه محبته و من أراد به شرا ألهمه بغضه و زلزلت الشياطين و صفدت و طردت عن الأماكن التي كانوا يسترقون فيها السمع و رجموا بالشهب.

قال صاحب الحديث و لما كانت ليلة الجمعة عشية عرفة و كان عبد الله قد خرج هو و إخوته و أبوه فبينما هم سائرون و إذا بنهر عظيم فيه ماء زلال و لم يكن قبل ذلك اليوم هناك ماء فبقي عبد المطلب و أولاده متعجبين فبينما عبد الله كذلك إذ نودي يا عبد الله اشرب من هذا النهر فشرب منه و إذا هو أبرد من الثلج و أحلى من العسل و أزكى من المسك فنهض مسرعا و التفت إلى إخوته فلم يروا للنهر أثرا فتعجبوا منه ثم إن عبد الله مضى مسرعا إلى منزله فرأته آمنة طائشا فقالت له ما بالك صرف الله عنك الطوارق فقال لها قومي فتطهري و تطيبي و تعطري و اغتسلي فعسى الله أن يستودعك هذا النور فقامت و فعلت ما أمرها ثم جاءت إليه فغشيها تلك الليلة المباركة فحملت برسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فانتقل النور من وجه عبد الله في ساعته إلى آمنة بنت وهب قالت آمنة لما دنا مني و لا مسني أضاء منه نور ساطع و ضياء لامع فأنارت منه السماء و الأرض فأدهشني ما رأيت و كانت آمنة بعد ذلك يرى النور في وجهها كأنه المرآة المضيئة. بيان النشيش صوت الماء و غيره إذا غلا و الإراض بالكسر بساط ضخم من صوف أو وبر و انحاز عنه عدل و انحاز القوم تركوا مراكزهم و الترح بالتحريك ضد الفرح و الأروع من الرجال الذي يعجبك حسنه

ص: 169

الذابل الرمح الرقيق و السميدع بالفتح السيد الموطأ الأكناف و الصحاصح جمع الصحصاح و هو المكان المستوي و الجندل الحجارة و الاسمهرار الصلابة و الشدة قوله دهينا أي أصابتنا الداهية و الدرقة الترس و الغيداق الكريم و الضيغم الأسد. أقول إنما أوردت هذا الخبر مع غرابته و إرساله للاعتماد على مؤلفه و اشتماله على كثير من الآيات و المعجزات التي لا تنافيها سائر الأخبار بل تؤيدها و الله تعالى يعلم. (1)

البحار: ج 7 ص 68 س20

وَ رُوِيَ عَنْهُ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِذَا بَلَغَ نَسَبِي إِلَى عَدْنَانَ فَأَمْسِكُوا.(2)

***

الباب (3) تاریخ ولادته (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وما يتعلّق بها وما ظهر عندها من المعجزات والكرامات

البحار: ج 7 ص 165 س3

بیان: اعلم أن هاهنا إشكالا مشهورا(3) أورده الشهيد الثاني رحمه الله

ص: 170


1- أقول أبو الحسن البكري ليس بمرضيّ عند جمع من محقّقي الرِّجال وكذا مؤلّفه لا يعتمد عليه كمال الاعتماد. السبزواري
2- أقول: لعل سبب أمره تعالى بالإمساك هو الاختلاف فيما بعد عدنان اختلافا كثيرا والاختلاف في أجداده (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) غير لائق بمقام النبوّة فتدبّر. السبزواري.
3- أقول: لم أر مستنداً يصح الاعتماد عليه بكون الحمل به (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كان في أيّام التشريق إلّا تقلا عن بعض العامة وهم لا يسندونه إلى خبر حتّى ينظر في صحته وفساده مع إن الاطلاع على انعقاد النطفة لا يعلم به إلا من قبل اللّه أو المعصوم مع إن الوقاع في أيّام التشريق عند الجمرة بعيد جدا على أن ذوي المروءة من الناس لا يرضون بان يقال لهم حملت أمك بك في يوم كذا في مکان كذا فكيف يرضى بذلك من هو مستكمل الحياء والعفة والمروءة فليس هذا إلّا من العامة العميا الذين لا يبالون بما يقولون ولكن ذكره في الدفاتر و نشره في المحافل من سوء الأدب بالنسبة إلى سيد المرسلين ومع ذلك كلّه لا يبعد أن هذا الخبر عن المعصوم كما أنهم (عليهم السلام) اخبروا بمثل هذه الأمور لمصالح شتی وأما إذا لم ينتهي الأمر إلى المعصوم أو إلى حجّة صحيحة يصح الركون إليه فلا وجه للقبول. نعم غاية ما اطلعت عليه خبر إبان عن أبي بصير عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قصة ذبح إسماعيل قال أراد أن يذبحه في الموضع الذي حملت أم رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عند الجمرة الوسطى فلم يزل مضربهم يتوارثونه کابرا عن كابر حتّى كان آخر من ارتحل عنه علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الخ بحار جلد 5 ص 167 أحوال إبراهيم (من الطبعة الحجرية) و على هذا فيرتفع الإشكال من البين فتدبّر. السبزواري.

و جماعة و هو أنه يلزم على ما ذكره الكليني رحمه الله من كون الحمل به (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) في أيام التشريق و ولادته في ربيع الأول أن يكون مدة حمله إما ثلاثة أشهر أو سنة و ثلاثة أشهر مع أن الأصحاب اتفقوا على أنه لا يكون الحمل أقل من ستة أشهر و لا أكثر من سنة و لم يذكر أحد من العلماء أن ذلك من خصائصه و الجواب أن ذلك مبني على النسي ء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية و قد نهى الله تعالى عنه و قال «إِنَّمَا النَّسِي ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ».

البحار: ج 7 ص 185 س 21

وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَدْنَانُ بْنُ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ يقدد بْنِ يَقْدَمَ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بْنِ نَبْتِ بْنِ قَيْذَارَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قِيلَ الْأَصَحُ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ النُّسَّابِ وَ أَصْحَابِ التَّوَارِيخِ أَنَّ عَدْنَانَ هُوَ أَدُّ بْنُ أُدَدَ بْنِ الْيَسَعِ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بْنِ سَلَامَانَ بْنِ نَبْتِ بْنِ حَمَلِ بْنِ قَيْذَارَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بْنِ تَارَخَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ سَارُوعَ بْنِ أرغوا بْنِ فالع بْنِ عَابَرَ وَ هُوَ هُودُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بْنُ شَالَحَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحِ بْنِ مَلَكِ بْنِ متوشلح بْنِ أَخْنُوخَ وَ يُقَالُ أَحْنُوخُ وَ هُوَ إِدْرِيسُ(عَلَيهِ السَّلَامُ) بْنُ يازد بْنِ هلايل بْنِ قينان بْنِ أنوش بْنِ

ص: 171

شَيْثِ بْنِ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ(1) بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُوَيِّ بْنِ غَالِبٍ وَ أَرْضَعَتْهُ حَتَّى شَبَّ حَلِيمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شِجْنَةَ السَّعْدِيَّةُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ وَ كَانَتْ ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَرْضَعَتْهُ أَيْضاً بِلَبَنِ ابْنِهَا مَسْرُوحٍ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْدِمَ حَلِيمَةُ وَ تُوُفِّيَتْ ثُوَيْبَةُ مُسْلِمَةً سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ مَاتَ ابْنُهَا قَبْلَهَا وَ كَانَتْ قَدْ أَرْضَعَتْ ثُوَيْبَةُ قَبْلُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّهُ فَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِابْنَةِ حَمْزَةَ إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ وَ كَانَ حَمْزَةُ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ وَ أَمَّا جَدَّتُهُ أُمُّ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ فَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ وَ أُمُّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَلْمَى بِنْتُ عُمْرَةَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ وَ أُمُّ هَاشِمٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ مَرَّةَ بْنِ هِلَالٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَ أُمُّ قُصَيٍّ وَ زُهْرَةَ فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدٍ مِنْ أَزْدِ السَّرَاةِ وَ صَدَعَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِالرِّسَالَةِ يَوْمَ السَّابِعِ وَ الْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ وَ لَهُ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ قُبِضَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ عِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَ سِتِّينَ سَنَة.

***

باب (4) منشأه ورضاعه وما ظهر من إعجازه عند ذلك إلى نبوّته (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)

البحار: ج 7 ص 219

1-رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا وُلِدَ النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَدِمَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ(2) فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ تَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ قَالَتْ فَخَرَجْتُ مَعَهُنَّ عَلَى أَتَانٍ وَ مَعِي زَوْجِي

ص: 172


1- فأمّ رسول اللّه كانت بنت عم أبيه عبد اللّه. السبزواري.
2- هذا الخبر بهذا الطريق مجهول بلا شك لأنّه معارض مع ما يأتي ومخالف للاعتبار قطعا وكيف يعقل ذلك في حياة عبد المطلب وهو سيد الحجاز. السبزواري.

وَ مَعَنَا شَارِفٌ لَنَا مَا بَيَّضَ بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ وَ مَعَنَا وَلَدٌ مَا نَجِدُ فِي ثَدْيَيَّ مَا نُعَلِّلُهُ بِهِ وَ مَا نَامَ لَيْلَنَا جُوعاً فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ لَمْ تَبْقَ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ فَكَرِهْنَاهُ فَقُلْنَا يَتِيمٌ وَ إِنَّمَا يُكْرِمُ الظِّئْرَ الْوَالِدُ فَكُلُّ صَوَاحِبِي أَخَذْنَ رَضِيعاً وَ لَمْ آخُذْ شَيْئاً فَلَمَّا لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ الرَّحْلَ فَأَمْسَيْتُ وَ أَقْبَلَ ثَدْيَايَ بِاللَّبَنِ حَتَّى أَرْوَيْتُهُ وَ أَرْوَيْتُ وَلَدِي أَيْضاً وَ قَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا تِلْكَ يَلْمِسُهَا بِيَدِهِ فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ فَحَلَبَهَا وَ أَرْوَانِي مِنْ لَبَنِهَا وَ رَوَّى الْغِلْمَانَ فَقَالَ يَا حَلِيمَةُ لَقَدْ أَصَبْنَا نَسَمَةً مُبَارَكَةً.

فَبِتْنَا بِخَيْرٍ وَ رَجَعْنَا فَرَكِبْتُ أَتَانِي ثُمَّ حَمَلْتُ مُحَمَّداً مَعِي فَوَ الَّذِي نَفْسُ حَلِيمَةَ بِيَدِهِ لَقَدْ طُفْتُ بِالرَّكْبِ حَتَّى إِنَّ النِّسْوَةَ يَقُلْنَ يَا حَلِيمَةُ أَمْسِكِي عَلَيْنَا أَ هَذِهِ أَتَانُكِ الَّتِي خَرَجْتِ عَلَيْهَا قُلْتُ نَعَمْ مَا شَأْنُهَا قُلْنَ حَمَلْتِ غُلَاماً مُبَارَكاً وَ يَزِيدُنَا اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ خَيْراً وَ الْبِلَادُ قَحْطٌ وَ الرُّعَاةُ يَسْرَحُونَ ثُمَّ يُرِيحُونَ فَتَرُوحُ أَغْنَامُ بَنِي سَعْدٍ جِيَاعاً وَ تَرُوحُ غَنَمِي شِبَاعاً بِطَاناً حُفَلَاءَ فَتُحْلَبُ وَ تُشْرَب.

البحار: ج 7 ص 226

13- قَالَ الْوَاقِدِيِ فَلَمَّا أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مَاتَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ(1) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَبَقِيَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِلَا أَبٍ وَ لَا أُمٍّ وَ هُوَ مِنْ أَبْنَاءِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَبَقِيَ يَتِيماً فِي حَجْرِ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ مَوْتُ آمِنَةَ لِيُتْمِ مُحَمَّدٍ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ لَمْ يَأْكُلْ وَ لَمْ يَشْرَبْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَبَعَثَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى بِنْتَيْهِ عَاتِكَةَ وَ صَفِيَّةَ وَ قَالَ لَهُمَا خُذَا مُحَمَّداً (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَا يَزْدَادُ إِلَّا بُكَاءً وَ لَا يَسْكُنُ وَ كَانَتْ عَاتِكَةُ تُلْعِقُهُ عَسَلًا صَافِياً مَعَ الثَّرِيدِ وَ هُوَ لَا يَزْدَادُ إِلَّا تَمَادِياً فِي الْبُكَاءِ.

البحار: ج 7 ص227 س1

ص: 173


1- أقول في موت أمه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) اختلفت الأقوال غاية الاختلاف فمن قائل بأربعة أشهر ومن قائل بأربع سنين ومن قائل بست سنين إلى غير ذلك من الأقوال الخاصة والعامة. السبزواري.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ فَضَجِرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لِعَاتِكَةَ فَلَعَلَّهُ يَقْبَلُ ثَدْيَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَ يُرْضِعْنَ وَلَدِي وَ قُرَّةَ عَيْنِي فَبَعَثَتْ عَاتِكَةُ بِالْجَوَارِي وَ الْعَبِيدِ نَحْوَ نِسَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَ قُرَيْشٍ وَ دَعَتْهُنَّ إِلَى رَضَاعِ النَّبِيِّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَجِئْنَ إِلَى عَاتِكَةَ وَ اجْتَمَعْنَ عِنْدَهَا فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَ سِتِّينَ جَارِيَةً مِنْ بَنَاتِ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَتَقَدَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَ وَضَعْنَ ثَدْيَهُنَّ فِي فَمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَمَا قَبِلَ مِنْهُنَّ أَحَداً وَ بَقِينَ مُتَحَيِّرَاتٍ وَ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ جَالِساً فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِنَّ وَ النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَا يَزْدَادُ إِلَّا بُكَاءً وَ حُزْناً فَخَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مَهْمُوماً وَ قَعَدَ عِنْدَ سِتَارَةِ الْكَعْبَةِ وَ رَأْسُهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ كَأَنَّهُ امْرَأَةٌ ثَكْلَاءُ وَ إِذَا بِعَقِيلِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَ قَدْ أَقْبَلَ وَ هُوَ شَيْخُ قُرَيْشٍ وَ أَسَنُّهُمْ فَلَمَّا رَأَى عَبْدَ الْمُطَّلِبِ مَغْمُوماً قَالَ لَهُ يَا أَبَا الْحَارِثِ مَا لِي أَرَاكَ مَغْمُوماً قَالَ يَا سَيِّدَ قُرَيْشٍ إِنَّ نَافِلَتِي يَبْكِي وَ لَا يَسْكُنُ شَوْقاً إِلَى اللَّبَنِ مِنْ حِينَ مَاتَتْ أُمُّهُ وَ أَنَا لَا أَتَهَنَّأُ بِطَعَامٍ وَ لَا شَرَابٍ وَ عَرَضْتُ عَلَيْهِ نِسَاءَ قُرَيْشٍ وَ بَنِي هَاشِمٍ فَلَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَ فَتَحَيَّرْتُ وَ انْقَطَعَتْ حِيلَتِي فَقَالَ عَقِيلٌ يَا أَبَا الْحَارِثِ إِنِّي لَأَعْرِفُ فِي أَرْبَعَةٍ وَ أَرْبَعِينَ صِنْدِيداً مِنْ صَنَادِيدِ الْعَرَبِ امْرَأَةً عَاقِلَةً هِيَ أَفْصَحُ لِسَاناً وَ أَصْبَحُ وَجْهاً وَ أَرْفَعُ حَسَباً وَ نَسَباً وَ هِيَ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ(1) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سُخْنَةَ بْنِ نَاصِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ زَهْرِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ غَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ بْنِ أكدد بْنِ يشخب بْنِ يَعْرُبَ بْنِ نَبْتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ (2) فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَا سَيِّدَ قُرَيْشٍ لَقَدْ نَبَّهْتَنِي لِأَمْرٍ عَظِيمٍ وَ فَرَّجْتَ عَنِّي ثُمَّ دَعَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِغُلَامٍ اسْمُهُ شَمَرْدَلٌ وَ قَالَ لَهُ قُمْ يَا غُلَامُ وَ ارْكَبْ نَاقَتَكَ وَ اخْرُجْ نَحْوَ حَيِّ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَ ادْعُ لِي

ص: 174


1- أقول: يظهر من التأمل في حالات حليمة إنها كانت مؤمنة باللّه تعالی فما يستشكله بعض الناس من أنها كانت مشركة ورضع النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) منها لا وجه له بل لايرضى المسلم بذلك. السبزواري.
2- وهذا بیان نسبها الشريف المتّصل بإبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ). السبزواري.

أَبَا ذُؤَيْبٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ الْعَدَوِيَّ فَذَهَبَ الْغُلَامُ وَ اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِ نَاقَتِهِ وَ كَانَ حَيُّ بَنِي سَعْدٍ مِنْ مَكَّةَ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا فِي طَرِيقِ جُدَّةَ قَالَ فَذَهَبَ الْغُلَامُ نَحْوَ حَيِّ بَنِي سَعْدٍ فَلَحِقَ بِهِمْ وَ إِذَا خَيْمَتُهُمْ مِنْ مِسْحٍ وَ خُوصٍ وَ كَذَلِكَ خِيَمُ الْأَعْرَابِ وَ الْبَوَادِي فَدَخَلَ شَمَرْدَلٌ الْحَيَّ وَ سَأَلَ عَنْ خَيْمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ فَأَعْطَوْهُ الْأَثَرَ فَذَهَبَ شَمَرْدَلٌ إِلَى الْخَيْمَةِ فَإِذَا بِخَيْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَ إِذَا عَلَى بَابِ الْخَيْمَةِ غُلَامٌ أَسْوَدُ فَاسْتَأْذَنَ شَمَرْدَلٌ فِي الدُّخُولِ فَدَخَلَ الْغُلَامُ وَ قَالَ أَنْعِمْ صَبَاحاً يَا أَبَا ذُؤَيْبٍ قَالَ فَحَيَّاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَ قَالَ لَهُ مَا الْخَبَرُ يَا شَمَرْدَلُ فَقَالَ اعْلَمْ يَا سَيِّدِي أَنَّ مَوْلَايَ أَبَا الْحَارِثِ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَدْ وَجَّهَنِي نَحْوَكَ وَ هُوَ يَدْعُوكَ فَإِنْ رَأَيْتَ يَا سَيِّدِي أَنْ تُجِيبَهُ فَافْعَلْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ وَ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ سَاعَتِهِ وَ دَعَا بِمِفْتَاحِ الْخِزَانَةِ فَأُعْطِيَ الْمِفْتَاحَ فَفَتَحَ بَابَ الْخِزَانَةِ وَ أَخْرَجَ مِنْهَا جَوْشَنَهُ فَأَفْرَغَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَ أَخْرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ دِرْعاً فَاضِلًا فَأَفْرَغَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَوْقَ جَوْشَنِهِ وَ اسْتَخْرَجَ بَيْضَةً عَادِيَةً فَقَلَّبَهَا عَلَى رَأْسِهِ وَ تَقَلَّدَ بِسَيْفَيْنِ وَ اعْتَقَلَ رُمْحاً وَ دَعَا بِنَجِيبٍ فَرَكِبَهُ وَ جَاءَ نَحْوَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمَّا دَخَلَ تَقَدَّمَ شَمَرْدَلٌ وَ أَخْبَرَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَ كَانَ جَالِساً مَعَ رُؤَسَاءِ مَكَّةَ مِثْلِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَ جَمَاعَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَبْدَ اللَّهِ قَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَ اسْتَقْبَلَهُ وَ عَانَقَهُ وَ صَافَحَهُ وَ أَقْعَدَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَ أَلْزَقَ رُكْبَتَيْهِ بِرُكْبَتَيْهِ وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى اسْتَرَاحَ ثُمَّ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَا أَبَا ذُؤَيْبٍ أَ تَدْرِي بِمَا دَعَوْتُكَ قَالَ يَا سَيِّدِي وَ سَيِّدَ قُرَيْشٍ وَ رَئِيسَ بَنِي هَاشِمٍ حَتَّى تَقُولَ فَأَسْمَعَ مِنْكَ وَ أَعْمَلَ بِأَحْسَنِهِ قَالَ اعْلَمْ يَا أَبَا ذُؤَيْبٍ أَنَّ نَافِلَتِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مَاتَ أَبُوهُ وَ لَمْ يَبِنْ عَلَيْهِ أَثَرُهُ ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّهُ وَ هُوَ ابْنُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَ هُوَ لَا يَسْكُنُ مِنَ الْبُكَاءِ عَيْمَةً إِلَى اللَّبَنِ وَ قَدْ أَحْضَرْتُ عِنْدَهُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ جَارِيَةً مِنْ أَشْرَفِ وَ أَجَلِّ بَنِي هَاشِمٍ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَبَناً وَ الْآنَ سَمِعْنَا أَنَّ لَكَ بِنْتاً ذَاتَ لَبَنٍ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُنْفِذَهَا لِتُرْضِعَ وَلَدِي مُحَمَّداً فَإِنْ

ص: 175

قَبِلَ لَبَنَهَا فَقَدْ جَاءَتْكَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا وَ عَلَيَّ غِنَاكَ وَ غِنَى أَهْلِكَ وَ عَشِيرَتِكَ وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ تَرَى مِمَّا رَأَيْتَ مِنَ النِّسَاءِ غَيْرِهَا فَافْعَلْ فَفَرِحَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَحاً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا الْحَارِثِ إِنَّ لِي بِنْتَيْنِ فَأَيَّتَهُمَا تُرِيدُ قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أُرِيدُ أَكْمَلَهُمَا عَقْلًا وَ أَكْثَرَهُمَا لَبَناً وَ أَصْوَنَهُمَا عِرْضاً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَاتِيكَ حَلِيمَةُ لَمْ تَكُنْ كَأَخَوَاتِهَا بَلْ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى أَكْمَلَ عَقْلًا وَ أَتَمَّ فَهْماً وَ أَفْصَحَ لِسَاناً وَ أَثَجَّ لَبَناً وَ أَصْدَقَ لَهْجَةً وَ أَرْحَمَ قَلْباً مِنْهُنَّ جُمَعَ.

***

باب (5) تزوّجه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بخديجة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وفضائلها وبعض أحوالها

البحار: ج 7 ص 329 س 17

أقول إنما أوردت تلك الحكاية لاشتمالها على بعض المعجزات و الغرائب و إن لم نثق بجميع ما اشتملت عليه لعدم الاعتماد على سندهاكما أومأنا إليه و إن كان مؤلفة من الأفاضل و الأماثل.(1)

***

باب (6) أسماؤه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وعللها

البحار: ج 7 ص 338

ص: 176


1- أقول: لا يخفى على من نظر في تلك الحكاية إن آثار الجعل عليها لائحة ظاهرة وجاعلها اختلط عليه أمر النبوّة الإلهية بالسلطة المادية فجعلها بنظر السلطة وان أدرج فيها بعض المعجزات. السبزواري.

14-«وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ»(1) قَالَ النَّجْمُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ قَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَقَالَ «وَالنَّجْمِ إِذا هَوى» وَ قَالَ «وَعَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ» فَالْعَلَامَاتُ الْأَوْصِيَاءُ وَ النَّجْمُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قُلْتُ «يَسْجُدانِ» قَالَ يَعْبُدَانِ قَوْلُهُ «وَالسَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ» قَالَ السَّمَاءُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ الْمِيزَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَصَبَهُ لِخَلْقِهِ قُلْتُ «أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ» قَالَ لَا تَعْصُوا الْإِمَامَ قُلْتُ «وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ» قَالَ أَقِيمُوا الْإِمَامَ الْعَدْلَ قُلْتُ «وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ» قَالَ لَا تَبْخَسُوا الْإِمَامَ حَقَّهُ وَ لَا تَظْلِمُوهُ.

البحار: ج 7 ص 340

29 – أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ هَارُونَ الضَّرِيرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمَكِّيِّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ طَارِقٍ مِنْ وُلْدِ قَنْبَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ آبَائِهِ (عَلَيهِم السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا عَلِيُّ خُذْ هَذَا الْخَاتَمَ وَ انْقُشْ عَلَيْهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَخَذَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَأَعْطَاهُ النَّقَّاشَ وَ قَالَ لَهُ انْقُشْ عَلَيْهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَنَقَشَ النَّقَّاشُ فَأَخْطَأَتْ يَدُهُ فَنَقَشَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَجَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ مَا فُعِلَ الْخَاتَمُ فَقَالَ هُوَ ذَا فَأَخَذَهُ وَ نَظَرَ إِلَى نَقْشِهِ فَقَالَ مَا أَمَرْتُكَ بِهَذَا قَالَ صَدَقْتَ وَ لَكِنْ يَدِي أَخْطَأَتْ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَقَشَ النَّقَّاشُ مَا أَمَرْتَ بِهِ ذَكَرَ أَنَّ يَدَهُ أَخْطَأَتْ فَأَخَذَ النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ نَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا عَلِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ أَنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ تَخَتَّمَ بِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ

ص: 177


1- إذا كان المراد بالنجم رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فالمراد بالشجر شجرة النبوّة أي الذريّة الطيبة. وحيث أن الرسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حالات فاقسم اللّه تعالی به في حال معراجه وبه في حال قبض روحه و خبر الكافي يفسر الثاني وما عن قس تفسير الأوّل. السبزواري.

النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) نَظَرَ إِلَى خَاتَمِهِ فَإِذَا تَحْتَهُ مَنْقُوشٌ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ(1) فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَجَاءَ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا جَبْرَئِيلُ كَانَ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ كَتَبْتَ مَا أَرَدْتَ وَ كَتَبْنَا مَا أَرَدْنَا.

البحار: ج 7 ص 394 س6

وَ مِنْ أَسْمَائِهِ الْقَتَّالُ سَيْفُهُ عَلَى عَاتِقِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحِرْصِهِ عَلَى الْجِهَادِ وَ مُسَارَعَتِهِ إِلَى الْقِرَاعِ وَ دُءُوبُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَ عَدَمِ إِحْجَامِهِ وَ لِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ وَ ذَلِكَ مَشْهُورٌ مِنْ فِعْلِهِ يَوْمَ أُحُدٍ إِذْ ذَهَبَ الْقَوْمُ فِي سَمْعِ الْأَرْضِ وَ بَصَرِهَا وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَيَّامِهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى أَذَلَّ بِإِذْنِ اللَّهِ صَنَادِيدَهُمْ وَ قَتَلَ طَوَاغِيتَهُمْ وَ دَوَّحَهُمْ وَ اصْطَلَمَ جَمَاهِيرَهُمْ وَ كَلَّفَهُ اللَّهُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ «لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ» فَسُمِّيَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الْقَتَّال.(2)

البحار: ج 7 ص367 س11

وَ مِنْ صِفَاتِهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ رَاكِبُ الْجَمَلِ وَ مُحَرِّمُ الْمَيْتَةِ وَ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ وَ حَامِلُ الْهِرَاوَةِ وَ هِيَ الْعَصَا الضَّخْمَةُ (3)وَ الْجَمْعُ الْهَرَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ مِثَالُ الْمَطَايَا وَ رَسُولُ الرَّحْمَةِ وَ قِيلَ إِنَّ اسْمَهُ فِي التَّوْرَاةِ ماد ماد وَ صَاحِبُ الْمَلْحَمَةِ وَ كُنْيَتُهُ أَبُو الْأَرَامِلِ وَ اسْمُهُ فِي الْإِنْجِيلِ الْفَارِقْلِيطُ وَ قَالَ أَنَا الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ أَوَّلٌ فِي النُّبُوَّةِ وَ آخِرٌ فِي الْبِعْثَةِ وَ كُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ وَ رَوَى أَنَسٌ أَنَّهُ لَمَّا وُلِدَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا إِبْرَاهِيمَ أَوْ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

***

ص: 178


1- يمكن أن يستشهد به على استحباب الشهادة الثالثة. السبزواري.
2- ولكن الظاهر بل المعلوم أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) له لم يقتل أحداً بيده الشريفة. السبزواري.
3- لعله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حملها لأنّ حمل مثل تلك العصا أبلغ في الخضوع وعدم الاستكبار. السبزواري.

باب (7) نادر في معنى كونه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يتيماً وضالّاً وعائلاً، ومعني انشراح صدره، وعلّة يتمه والعلّة التي من أجلها لم يبق له (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ولدٌ ذَكَر

البحار: ج 7 ص 380 - 383

الآيات الضحى «وَ الضُّحى وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَ أَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ».

الإنشراح بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ».

تفسير: قال المفسرون في سبب نزول سورة الضحى قال ابن عباس احتبس الوحي عنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) خمسة عشر يوما فقال المشركون إن محمدا (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قد ودعه ربه و قلاه و لو كان أمره من الله تعالى لتتابع عليه فنزلت و قيل إنما احتبس اثني عشر يوما و قيل أربعين يوما و قيل سألت اليهود رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عن ذي القرنين و أصحاب الكهف و عن الروح فقال سأخبركم غدا و لم يقل إن شاء الله فاحتبس عنه الوحي هذه الأيام فاغتم لشماتة الأعداء فنزلت تسلية لقلبه «وَالضُّحى» أي وقت ارتفاع الشمس أو النهار «وَاللَّيْلِ إِذا سَجى» أي سكن أهله أو ركد ظلامة «ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ» ما قطعك ربك قطع المودع و هو جواب القسم «وَما قَلى» أي ما أبغضك «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى» أي من الحوض و الشفاعة و سائر ما أعد له من الكرامة أو في الدنيا أيضا من إعلاء الدين و قمع الكافرين «أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى»

ص: 179

قال الطبرسي رحمه الله في معناه قولان أحدهما أنه تقرير لنعمة الله عليه حين مات أبوه و بقي يتيما فآواه الله بأن سخر له عبد المطلب ثم أبا طالب و كان (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مات أبوه و هو في بطن أمه أو بعد ولادته بمدة قليلة و ماتت أمه و هو ابن سنتين و مات جده و هو ابن ثماني سنين. و سئل الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم أوتم النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عن أبويه فقال لئلا يكون لمخلوق عليه حق. و الآخر أن يكون المعنى أ لم يجدك واحدا لا مثل لك في شرفك و فضلك فآواك إلى نفسه و اختصك برسالته من قولهم درة يتيمة إذا لم يكن لها مثل و قيل فآواك أي جعلك مأوى للأيتام بعد أن كنت يتيما و كفيلا للأنام بعد أن كنت مكفولا. «وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى» فيه أقوال أحدها وجدك ضالا عما أنت عليه الآن من النبوة و الشريعة أي كنت غافلا عنهما فهداك إليهما و نظيره «ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ» و قوله «وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ» فمعنى الضلال على هذا هو الذهاب عن العلم مثل قوله تعالى «أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما» و ثانيها أن المعنى وجدك متحيرا لا تعرف وجوه معاشك فهداك إليها فإن الرجل إذا لم يهتد إلى طريق مكسبه يقال إنه ضال. و ثالثها أن المعنى وجدك لا تعرف الحق فهداك إليه بإتمام العقل و نصب الأدلة و الألطاف حتى عرفت الله بصفاته بين قوم ضلال مشركين. و رابعها وجدك ضالا في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبد المطلب فروي أنه ضل في شعاب مكة و هو صغير فرآه أبو جهل و رده إلى جده عبد المطلب فمن الله سبحانه بذلك عليه إذ رده إلى جده على يدي عدوه عن ابن عباس. و خامسها ما روي أن حليمة بنت أبي ذؤيب لما أرضعته مدة و قضت حق الرضاع ثم أرادت رده إلى جده جاءت به حتى قربت من مكة فضل في الطريق فطلبته جزعة و كانت تقول لئن لم أره لأرمين نفسي عن شاهق و جعلت تصيح وا محمداه قالت فدخلت مكة على تلك الحال فرأيت شيخا متوكئا على عصا فسألني عن حالي فأخبرته فقال لا تبكي فأنا

ص: 180

أدلك على من يرده عليك فأشار إلى هبل صنمهم الأعظم و دخل البيت و طاف بهبل و قبل رأسه و قال يا سيداه لم تزل منتك جسيمة رد محمدا على هذه السعدية قال فتساقطت الأصنام لما تفوه باسم محمد (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) و سمع صوت إن هلاكنا على يدي محمد فخرج و أسنانه تصطك و خرجت إلى عبد المطلب و أخبرته بالحال فخرج و طاف بالبيت و دعا الله سبحانه فنودي و أشعر بمكانه فأقبل عبد المطلب فتلقاه ورقة بن نوفل في الطريق فبينا هما يسيران إذا النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قائم تحت شجرة يجذب الأغصان و يعبث بالورق فقال عبد المطلب فداك نفسي و حمله و رده إلى مكة. و سادسها ما روي أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) خرج مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة فبينا هو راكب ذات ليلة ظلماء إذ جاء إبليس فأخذ بزمام ناقته فعدل به عن الطريق فجاء جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة و رده إلى القافلة فمن الله عليه بذلك. و سابعها أن المعنى وجدك مضلولا عنك في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك و أرشدهم إلى فضلك و الاعتراف بصدقك و المراد أنك كنت خاملا لا تذكر و لا تعرف فعرفك الله إلى الناس حتى عرفوك و عظموك. وَ وَجَدَكَ عائِلًا أي فقيرا لا مال لك فَأَغْنى أي فأغناك بمال خديجة ثم بالغنائم و قيل فأغناك بالقناعة و رضاك بما أعطاك.

و روى العياشي بإسناده عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله «أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى» قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) فردا لا مثل لك في المخلوقين فآوى الناس إليك. «وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى» أي ضالة في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك «وَوَجَدَكَ عائِلًا» تعول أقواما بالعلم فأغناهم بك. «فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ» أي لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه و قيل أي لا تحقر اليتيم فقد كنت يتيما «وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ» أي لا

ص: 181

تنهره و لا ترده إذا أتاك يسألك فقد كنت فقيرا فإما أن تطعمه و إما أن ترده ردّا ليّنا «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» معناه اذكر نعم الله تعالى و أظهرها و حدث بها انتهى كلامه رفع الله مقامه.

و قال البيضاوي في قوله تعالى«أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ» أ لم نفسحه حتى وسع مناجات الحق و دعوة الخلق فكان غائبا حاضرا أو أ لم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم و أزلنا عنه ضيق الجهل أو بما يسرنا لك تلقي الوحي بعد ما كان يشق عليك و قيل إنه إشارة إلى ما روي أن جبرئيل أتى رسول الله ص في صباه أو يوم الميثاق فاستخرج قلبه و غسله ثم ملأه إيمانا و علما و لعله إشارة إلى نحو ما سبق و معنى الاستفهام إنكار نفي الانشراح مبالغة في إثباته و لذلك عطف عليه «وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ» عبأك الثقيل «الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ» الذي حمله على النقيض و هو صوت الرجل عند الانتقاض من ثقل الحمل و هو ما ثقل عليه من فرطاته قبل البعثة أو جهله بالحكم و الأحكام أو حيرته أو تلقي الوحي أو ما كان يرى من ضلال قومه مع العجز عن إرشادهم أو من إصرارهم و تعديهم في إيذائه حين دعاهم إلى الإيمان. «وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ» بالنبوة و غيرها «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ» كضيق الصدر و الوزر المنقض للظهر و ضلال القوم و إيذائهم يُسْراً كالشرح و الوضع و التوفيق للاهتداء و الطاعة فلا تيأس من روح الله إذا عراك ما يغمك «إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً» تكرير للتأكيد أو استئناف وعده بأن العسر مشفوع بيسر آخر كثواب الآخرة «فَإِذا فَرَغْتَ» من التبليغ «فَانْصَبْ» فأتعب في العبادة شكرا بما عددنا عليك من النعم السالفة و وعدنا بالنعم الآتية. (1)

و قيل «فَإِذا فَرَغْتَ» من الغزو «فَانْصَبْ» في

ص: 182


1- هذا الخبر مرسل مع أنّه إن كان المراد بنفي الحق حق الأبوة والأمومة فهو ثابت لا يذهب بموت الوالدين وان كان المراد حق الكفالة فهو ثابت لأبي طالب ولعل بعض الحكمة في موت والديه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إن بلوغ اليتيم إلى درجة النبوّة والملك الظاهري ابعد عن الأسباب الظاهرية وأوغل في أن له مدبّر غيبيّ الهي نعم سيأتي في رواية ابن أبي عمير قول (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن لا يكون لأحد عليه طاعة وله وجه وجيه. السبزواري.

العبادة أو «فَإِذا فَرَغْتَ» من الصلاة «فَانْصَبْ» في الدعاء «وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ» بالسؤال و لا تسأل غيره فإنه القادر وحده على إسعافه.

أقول اعلم أن شق بطنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) في صغره في روايات العامة كثيرة مستفيضة كما عرفت و أما رواياتنا و إن لم يرد فيها بأسانيد معتبرة لم يرد نفيها أيضا و لا يأبى عنه العقل أيضا فنحن في نفيه و إثباته من المتوقفين كما أعرض عنه أكثر علمائنا المتقدمين و إن كان يغلب على الظن وقوعه و الله تعالى يعلم و حججه (عَلَيهِمُ السَّلَامُ). (1)

***

باب (8) أوصافه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) في خلقته وشمائله وخاتم النبوّة

البحار: ج 7 ص 415 س 14

عائشة قلت يا رسول اللّه إنك تدخل الخلاء فإذا خرجت دخلت على أثرك فما أرى شيئا إلّا أني أجد رائحة المسك فقال إنا معاشر الأنبياء تنبت أجسادنا على أرواح الجنة فما يخرج منه شي ء إلّا ابتلعته الأرض و تبعه رجل علم مراده فقال (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إنّا معاشر الأنبياء لا يكون منا ما يكون من البشر أم أيمن أصبح رسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فقال يا أمّ أيمن قومي فأهرقي ما في الفخارة يعني البول قلت واللّه شربت ما فيها و كنت عطشى قالت فضحك حتى بدت نواجذه ثم قال أما إنك لا تنجع بطنك أبداً.(2)

ص: 183


1- أقول: بل يغلب على الظن عدم وقوعه وإنها من مفتريات العامة على مبانيهم الفاسدة، ثمّ الظاهر إن الروايات العامة أيضاً نقلت من طريقين منهم كما لا يخفى وكون هذا مستفيضاً مشکل بل ممنوع. السبزواري.
2- يدلّ على تقريره (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) شرب بوله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وكذا خبر الفصد يدلّ على التقرير السبزواري.

باب (9) مکارم أخلاقه وسيره وسننه

البحار: ج 7 ص 495

113 - عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُه.(1)

***

باب (11) فضائله وخصائصه

البحار: ج 7 ص 555

39- بِالْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَّ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَ فَقَالَ يَا رَبِ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا مُوسَى إِنَّكَ لَا تَصِلُ إِلَى ذَلِكَ.(2)

البحار: ج 7 ص 565

78 - عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ سِنَانِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: أَنَا أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتٍ نَوَّهَ اللَّهُ بِأَسْمَائِنَا إِنَّهُ لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ أَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثَلَاثاً أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً

ص: 184


1- الكراع من الدواب ما دون الكعب. السبزواري.
2- إن كان المراد بالأمة مطلقها فالمعنى أنك لا تصل يعني زمان أمته متأخر عنك وأنك لا تصل، وإن كان المراد خيار الأمة ومثل الأئمّة حيث إنهم من الأمة أيضاً فالمعنى أنك لا تصل يعني مثل هذه الفضيلة لا تصل إليك، وهذه الرواية حينئذ تكون مثل الخبر المعروف علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل مع أن هذا الخبر معارض بما يأتي من خبر حفص فراجع.السبزواري.

رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثاً(1) أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً ثَلَاثاً.

***

باب (13) وجوب طاعته وحبه التفويض إليه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)

البحار: ج 7 ص 617

18 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ»(2) قَوْلَ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَلَى وَ شَيْ ءٌ وَ شَيْ ءٌ مَرَّتَيْنِ وَ كَيْفَ لَا يَكُونُ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ وَ قَدْ فَوَّضَ اللَّهُ إِلَيْهِ دِينَهُ فَقَالَ «ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» فَمَا أَحَلَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَهُوَ حَلَالٌ وَ مَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ.

باب (15) عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك

البحار: ج 7 ص 682 س19

و قال العلامة نوّر اللّه ضريحه في شرحه اختلف القائلون بالعصمة في أن المعصوم هل يتمكن من فعل المعصية أم لا فذهب قوم منهم إلى عدم تمكنه من ذلك و ذهب آخرون إلى تمكنه منها أما الأولون فمنهم من قال إن المعصوم مختص في بدنه أو نفسه بخاصية تقتضي امتناع إقدامه على المعصية و منهم من قال إن العصمة هي

ص: 185


1- هذا الخبر يشهد لاستحباب الشهادة الثالثة. السبزواري.
2- يظهر من الخبر أن المراد بالآية الشريفة «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ» أن المراد بالأمر هو بقاء الشريعة المقدسة وإبقائها لا مجرد حدوثها وتشريعها فإنه مفوّض إليه. السبزواري.

القدرة على الطاعة و عدم القدرة على المعصية و هو قول أبي الحسين البصري و أما الآخرون الذين لم يسلبوا القدرة فمنهم من فسرها بأنه الأمر الذي يفعله الله تعالى بالعبد من الألطاف المقربة إلى الطاعات التي يعلم معها أنه لا يقدم على المعصية بشرط أن لا ينتهي ذلك الأمر إلى الإلجاء و منهم من فسرها بأنها ملكة نفسانية لا يصدر عن صاحبها معها المعاصي و آخرون قالوا العصمة لطف يفعله الله لصاحبها لا يكون له معه داع إلى ترك الطاعات و ارتكاب المعصية و أسباب هذا اللطف أمور أربعة.أحدها أن يكون لنفسه أو لبدنه خاصية تقتضي ملكة مانعة من الفجور و هذه الملكة مغايرة للفعل. الثاني أن يحصل له علم بمثالب المعاصي و مناقب الطاعات. (1)

باب (17) علمه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ)

البحار: ج 7 ص 716

17 - عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِرُمَّانَتَيْنِ(2) مِنَ الْجَنَّةِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُمَا

ص: 186


1- يعد الخبر في معنى العصمة وما أظن أنها قابلة للإطناب فليست العصمة إلّا الإيمان فكما أن الإيمان بمراتبه توفیق إلهي له اختبار المؤمنين للإيمان ومع ذلك هم قادرون على الترك كمال القدرة فكذلك العصمة توفيق إلهي يقوی به الإنسان على تحري الخير وتجنب الشر حتّى يصير کمانع من باطنه ولعلها المراد بقوله تعالى «وَلَقَد هَمَّت بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَولَا أَن رَأَى بُرهَانَ رَبِّه» فهمّ بالمعصية وترك المعصية اختياراً ووراء هذا الطور طوراً آخر من الكلام. السبزواري.
2- قد ورد في مدح الرمان أخبار كثيرة وهذا الخبر من جملتها حيث يدلّ على أن النبوّة والعلم يتمثل بصورة الرمان إذا تمثل. السبزواري.

فَأَكَلَ وَاحِدَةً وَ كَسَرَ الْأُخْرَى بِنِصْفَيْنِ فَأَعْطَى عَلِيّاً (عليه السّلام) نِصْفَهَا فَأَكَلَهَا فَقَالَ يَا عَلِيُّ أَمَّا الرُّمَّانَةُ الْأُولَى الَّتِي أَكَلْتُهَا فَالنُّبُوَّةُ لَيْسَ لَكَ فِيهَا شَيْ ءٌ وَ أَمَّا الْأُخْرَى فَهُوَ الْعِلْمُ فَأَنْتَ شَرِيكِي فِيه.

البحار: ج 7 ص 722

32-أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ سَيْفٍ التَّمَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ وَ رَبِّ الْبَيْتِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ مُوسَى وَ الْخَضِرِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) لَأَخْبَرْتُهُمَا أَنِّي أَعْلَمُ مِنْهُمَا وَ لَأَنْبَأْتُهُمَا بِمَا لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا لِأَنَّ مُوسَى وَ الْخَضِرَ (عَلَيهِما السَّلَامُ) أُعْطِيَا عِلْمَ مَا كَانَ وَ لَمْ يُعْطَيَا عِلْمَ مَا هُوَ كَائِنٌ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أُعْطِيَ عِلْمَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَوَرِثْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وِرَاثَةً.(1)

ص: 187


1- هذا الخبر مناف لما مرّ من أن في ألواح موسی علم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة إن قيل لعله لم يعلم به موسی قلنا هذا بعيد جداً. السبزواري.

أبواب أحواله من البعثة إلى نزول المدينة

باب (2) في كيفية صدور الوحي، ونزول جبريل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) هل كان قبل البعثة متعبداً بشريعة أم لا

البحار: ج 8 ص368

6- أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَ الْفَضْلِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيَّيْنِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جُعِلْتُ فِدَاكَ الْغَشْيَةُ(1) الَّتِي كَانَتْ تُصِيبُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ قَالَ فَقَالَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَحَدٌ ذَاكَ إِذَا تَجَلَّى اللَّهُ لَهُ قَالَ ثُمَ قَالَ تِلْكَ النُّبُوَّةُ يَا زُرَارَةُ وَ أَقْبَلَ يَتَخَشَّع.

باب (3) إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته

البحار: ج 8 ص 422 س17

فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَا وَفَدَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَحَدٌ أَكْرَمُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَيْثُ سَأَلَ

ص: 188


1- لا أرى وجها للنقل الجسماني العارض لنفسه الأقدس عند نزول الوحي إلّا من جهة تجسم الغيب في الشهادة لان موجود کل نشأة يظهر في كل نشأة بحسب النشأة التي يظهر فيها فظهور الجسم الناموسي في الغيب إنما هو بزوال الكثافة الجسمانية عنه وظهور الغيب في عالم الجسماني بظهور الجسمانية فيه فتدبّر فنظائر المقام ما ورد في مثل الحجر الأسود من أنه كان ملكاً ولما نزل مع آدم من الجنة صار حجراً بحيث أن آدم لا يقدر على حمله وأعانه علیه جبرائیل وكذا ما ورد في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في وجه تسميته بالأنزع البطين. السبزواري.

لِأُمَّتِهِ هَذِهِ الْخِصَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَا رَبِّ أَعْطَيْتَ أَنْبِيَاءَكَ فَضَائِلَ فَأَعْطِنِي فَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَعْطَيْتُكَ فِيمَا أَعْطَيْتُكَ كَلِمَتَيْنِ مِنْ تَحْتِ عَرْشِي لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ لَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ قَالَ وَ عَلَّمَتْنِي الْمَلَائِكَةُ قَوْلًا أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَ أَمْسَيْتُ اللَّهُمَّ إِنَّ ظُلْمِي أَصْبَحَ مُسْتَجِيراً بِعَفْوِكَ وَ ذَنْبِي أَصْبَحَ مُسْتَجِيراً بِمَغْفِرَتِكَ وَ ذُلِّي أَصْبَحَ مُسْتَجِيراً بِعِزَّتِكَ وَ فَقْرِي أَصْبَحَ مُسْتَجِيراً بِغِنَاكَ وَ وَجْهِيَ الْبَالِي أَصْبَحَ مُسْتَجِيراً بِوَجْهِكَ الدَّائِمِ الْبَاقِي الَّذِي لَا يَفْنَى وَ أَقُولُ ذَلِكَ إِذَا أَمْسَيْتُ ثُمَّ سَمِعْتُ الْأَذَانَ فَإِذَا مَلَكٌ يُؤَذِّنُ لَمْ يُرَ فِي السَّمَاءِ قَبْلَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِي أَنَا أَكْبَرُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرِي فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِي إِنَّ مُحَمَّداً عَبْدِي وَ رَسُولِي أَنَا بَعَثْتُهُ وَ انْتَجَبْتُهُ فَقَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ صَدَقَ عَبْدِي وَ دَعَا إِلَى فَرِيضَتِي فَمَنْ مَشَى إِلَيْهَا رَاغِباً فِيهَا مُحْتَسِباً كَانَتْ لَهُ كَفَّارَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ فَقَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقَالَ اللَّهُ هِيَ الصَّلَاحُ وَ النَّجَاحُ وَ الْفَلَاحُ(1) ثُمَّ أَمَمْتُ الْمَلَائِكَةَ فِي السَّمَاءِ كَمَا أَمَمْتُ الْأَنْبِيَاءَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِس.

ص: 189


1- ليس في هذا الآذان حيّ على خير العمل. السبزواري.

أبواب ما يتعلّق بارتحاله إلى عالم البقاء

باب (1) وصيته (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عند قرب وفاته

البحار: ج 9 ص 920

22- جا، المجالس للمفيد عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عُتَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ النَّبِيَّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الْوَفَاةُ وَ فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) هَلُمُّوا أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً فَقَالَ لَا تَأْتُوهُ بِشَيْ ءٍ فَإِنَّهُ قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَ عِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَ اخْتَصَمُوا فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ فَلَمَّا كَثُرَ اللَّغَطُ وَ الِاخْتِلَافُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قُومُوا عَنِّي قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ الرَّزِيَّةُ كُلُّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ بَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَنَا ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ وَ لَغَطِهِم.(1)

أقول: انتهى المجلد السادس، أما المجلّد السابع فلا تعليق يُذكر

***

ص: 190


1- الظاهر أن النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) علم من كيفية اختلافهم أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لو كتب أيضاً لا تنفعهم الكتابة بل ربما يهتكونه بأعظم مما تهتكوه فلذا أعرض عن الكتابة. السبزواري.

ص: 191

التعليقات علی بحار الأنوار والمشتمل على الأجزاء 12 و 13 من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 192

ص: 193

باب (1) افتراق الأُمّة بعد النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) على ثلاث وسبعين فرقة وأنّه يجري فيهم ما جرى في غيرهم من الأمم وارتدادهم عن الدين

البحار: ج12 ص16

23-الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ إِنَ رَحِمَ رَسُولِ اللَّهِ لَا يُشَفَّعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَلَى وَ اللَّهِ إِنَّ رَحِمِي لَمَوْصُولَةٌ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ إِنِّي أَيُّهَا النَّاسُ فَرَطُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْحَوْضِ فَإِذَا جِئْتُمْ قَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَأَقُولُ أَمَّا النَّسَبُ فَقَدْ عَرَفْتُهُ وَ لَكِنَّكُمْ أَخَذْتُمْ بَعْدِي ذَاتَ الشِّمَالِ وَ ارْتَدَدْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمُ الْقَهْقَرَى.(1)

***

باب (2) إخبار الله تعالى نبيه وإخبار النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أُمّته بما جرى على أهل بيته صلوات اللّه عليهم من الظلم والعدوان

البحار: ج12 ص 31 س 3

وَ أَمَّا الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَإِنَّهُ مِنِّي وَ هُوَ ابْنِي وَ وَلَدِي وَ خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ أَخِيهِ وَ هُوَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ وَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ خَلِيفَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ غِيَاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ وَ كَهْفُ

ص: 194


1- مثل هذا الخبر يدلّ على أن ما هو المعروف من تفسير قوله تعالى: «فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَينَهُم» لا أصل له. السبزواري.

الْمُسْتَجِيرِينَ وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ وَ هُوَ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ بَابُ نَجَاةِ الْأُمَّةِ أَمْرُهُ أَمْرِي وَ طَاعَتُهُ طَاعَتِي مَنْ تَبِعَهُ فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصَاهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُهُ تَذَكَّرْتُ مَا يُصْنَعُ بِهِ بَعْدِي كَأَنِّي بِهِ وَ قَدِ اسْتَجَارَ بِحَرَمِي وَ قُرْبِي فَلَا يُجَارُ فَأَضُمُّهُ فِي مَنَامِي إِلَى صَدْرِي وَ آمُرُهُ بِالرِّحْلَةِ عَنْ دَارِ هِجْرَتِي وَ أُبَشِّرُهُ بِالشَّهَادَةِ فَيَرْتَحِلُ عَنْهَا إِلَى أَرْضِ مَقْتَلِهِ وَ مَوْضِعِ مَصْرَعِهِ أَرْضِ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ وَ قَتْلٍ وَ فَنَاءٍ تَنْصُرُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُولَئِكَ مِنْ سَادَةِ شُهَدَاءِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ قَدْ رُمِيَ بِسَهْمٍ فَخَرَّ عَنْ فَرَسِهِ صَرِيعاً ثُمَّ يُذْبَحُ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ مَظْلُوماً ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ بَكَى مَنْ حَوْلَهُ وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالضَّجِيجِ ثُمَّ قَامَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ مَا يَلْقَى أَهْلُ بَيْتِي بَعْدِي ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَه.(1)

البحار: ج12 ص 40

22 – أَقُولُ وَجَدْتُ فِي أَصْلِ كِتَابِ الْهِلَالِيِ، مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذْ قَالَ لِأَخِيهِ مُوسَى إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي قَالَ سُلَيْمٌ وَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَأَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ قَالَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مَا أَحْسَنَهَا وَ لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ثُمَّ أَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةٍ أُخْرَى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ قَالَ مَا أَحْسَنَهَا وَ لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى سَبْعِ حَدَائِقَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مَا أَحْسَنَهَا وَ يَقُولُ لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا فَلَمَّا خَلَا لَهُ الطَّرِيقُ اعْتَنَقَنِي ثُمَّ أَجْهَشَ بَاكِياً وَ قَالَ بِأَبِي الْوَحِيدُ الشَّهِيدُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ لَا يُبْدُونَهَا لَكَ إِلَّا مِنْ بَعْدِي أَحْقَادُ بَدْرٍ وَ تِرَاتُ

ص: 195


1- أحد الدلائل على أفضلية شهداء كربلاء على سائر الشهداء إن لم تكن كلمة من تبعيضية. السبزواري.

أُحُدٍ قُلْتُ فِي سَلَامَةٍ مِنْ دَيْنِي قَالَ فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ فَأَبْشِرْ يَا عَلِيُّ فَإِنَّ حَيَاتَكَ وَ مَوْتَكَ مَعِي وَ أَنْتَ أَخِي وَ أَنْتَ وَصِيِّي وَ أَنْتَ صَفِيِّي وَ وَزِيرِي وَ وَارِثِي وَ الْمُؤَدِّي عَنِّي وَ أَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي وَ تُنْجِزُ عِدَاتِي عَنِّي وَ أَنْتَ تُبْرِئُ ذِمَّتِي وَ تُؤَدِّي أَمَانَتِي وَ تُقَاتِلُ عَلَى سُنَّتِي النَّاكِثِينَ مِنْ أُمَّتِي وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمَارِقِينَ وَ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذِ اسْتَضْعَفَهُ قَوْمُهُ وَ كَادُوا يَقْتُلُونَهُ فَاصْبِرْ لِظُلْمِ قُرَيْشٍ إِيَّاكَ وَ تَظَاهُرِهِمْ عَلَيْكَ فَإِنَّكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَ مَنْ تَبِعَهُ وَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ الْعِجْلِ وَ مَنْ تَبِعَهُ وَ إِنَّ مُوسَى أَمَرَ هَارُونَ حِينَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهِمْ إِنْ ضَلُّوا فَوَجَدَ أَعْوَاناً أَنْ يُجَاهِدَهُمْ بِهِمْ وَ إِنْ لَمْ يَجِدْ أَعْوَاناً أَنْ يَكُفَّ يَدَهُ وَ يَحْقُنَ دَمَهُ وَ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ يَا عَلِيُّ مَا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَّا وَ أَسْلَمَ مَعَهُ قَوْمُهُ طَوْعاً وَ قَوْمٌ آخَرُونَ كَرْهاً فَسَلَّطَ اللَّهُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا كَرْهاً عَلَى الَّذِينَ أَسْلَمُوا طَوْعاً فَقَتَلُوهُمْ لِيَكُونَ أَعْظَمَ لِأُجُورِهِمْ يَا عَلِيُّ إِنَّهُ مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا إِلَّا ظَهْرَ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَى أَهْلِ حَقِّهَا وَ إِنَّ اللَّهَ قَضَى الْفُرْقَةَ وَ الِاخْتِلَافَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ سَاقَ الْخَبَرَ إِلَى قَوْلِهِ وَ صَبْراً عَلَى بَلَائِهِ وَ تَسْلِيماً وَ رِضًا بِقَضَائِه.(1)

البحار: ج12 ص 41

23 – عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْكُوفِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الْقَاضِي عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) بَلَغَنِي يَا زَائِدَةُ أَنَّكَ تَزُورُ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَحْيَاناً فَقُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَكَمَا بَلَغَكَ فَقَالَ لِي فَلِمَا ذَا تَفْعَلُ ذَلِكَ وَ لَكَ مَكَانٌ عِنْدَ سُلْطَانِكَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ أَحَداً عَلَى مَحَبَّتِنَا وَ تَفْضِيلِنَا وَ ذِكْرِ

ص: 196


1- هذه من الكلمات الجامعة المؤيدة بالاعتبارات العقليّة. السبزواري.

فَضَائِلِنَا وَ الْوَاجِبِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ حَقِّنَا فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا أُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَا أَحْفِلُ بِسَخَطِ مَنْ سَخِطَ وَ لَا يَكْبُرُ فِي صَدْرِي مَكْرُوهٌ يَنَالُنِي بِسَبَبِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ يَقُولُهَا ثَلَاثاً وَ أَقُولُهَا ثَلَاثاً فَقَالَ أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ فَلَأُخْبِرَنَّكَ بِخَبَرٍ كَانَ عِنْدِي فِي النُّخَبِ الْمَخْزُونَةِ إِنَّهُ لَمَّا أَصَابَنَا بِالطَّفِّ مَا أَصَابَنَا وَ قُتِلَ أَبِي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قُتِلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ وُلْدِهِ وَ إِخْوَتِهِ وَ سَائِرِ أَهْلِهِ وَ حُمِلَتْ حَرَمُهُ وَ نِسَاؤُهُ عَلَى الْأَقْتَابِ يُرَادُ بِنَا الْكُوفَةَ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ صَرْعَى وَ لَمْ يُوَارَوْا فَيَعْظُمُ ذَلِكَ فِي صَدْرِي وَ يَشْتَدُّ لِمَا أَرَى مِنْهُمْ قَلَقِي فَكَادَتْ نَفْسِي تَخْرُجُ وَ تَبَيَّنَتْ ذَلِكَ مِنِّي عَمَّتِي زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ الْكُبْرَى فَقَالَتْ مَا لِي أَرَاكَ تَجُودُ بِنَفْسِكَ يَا بَقِيَّةَ جَدِّي وَ أَبِي وَ إِخْوَتِي فَقُلْتُ وَ كَيْفَ لَا أَجْزَعُ وَ لَا أَهْلَعُ وَ قَدْ أَرَى سَيِّدِي وَ إِخْوَتِي وَ عُمُومَتِي وَ وُلْدَ عَمِّي وَ أَهْلِي مُصْرَعِينَ بِدِمَائِهِمْ مُرَمَّلِينَ بِالْعَرَاءِ مُسَلَّبِينَ لَا يُكَفَّنُونَ وَ لَا يُوَارَوْنَ وَ لَا يُعَرِّجُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ وَ لَا يَقْرَبُهُمْ بَشَرٌ كَأَنَّهُمْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الدَّيْلَمِ وَ الْخَزَرِ فَقَالَتْ لَا يُجْزِعَنَّكَ مَا تَرَى فَوَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَعَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِلَى جَدِّكَ وَ أَبِيكَ وَ عَمِّكَ وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ أُنَاسٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا تَعْرِفُهُمْ فَرَاعِنَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ وَ هُمْ مَعْرُوفُونَ فِي أَهْلِ السَّمَاوَاتِ أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ الْمُتَفَرِّقَةَ فَيُوَارُونَهَا وَ هَذِهِ الْجُسُومَ الْمُضَرَّجَةَ وَ يَنْصِبُونَ لِهَذَا الْطَّفِّ عَلَماً لِقَبْرِ أَبِيكَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَا يَدْرُسُ أَثَرُهُ وَ لَا يَعْفُو رَسْمُهُ عَلَى كُرُورِ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامِ وَ لَيَجْتَهِدَنَّ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَ أَشْيَاعُ الضَّلَالَةِ فِي مَحْوِهِ وَ تَطْمِيسِهِ فَلَا يَزْدَادُ أَثَرُهُ إِلَّا ظُهُوراً وَ أَمْرُهُ إِلَّا عُلُوّاً فَقُلْتُ وَ مَا هَذَا الْعَهْدُ وَ مَا هَذَا الْخَبَرُ فَقَالَتْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَيْمَنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) زَارَ مَنْزِلَ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ فَعَمِلْتُ لَهُ حَرِيرَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَ أَتَاهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِطَبَقٍ فِيهِ تَمْرٌ ثُمَّ قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَأَتَيْتُهُمْ بِعُسٍّ فِيهِ لَبَنٌ وَ زُبْدٌ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) مِنْ تِلْكَ الْحَرِيرَةِ وَ شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ شَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ ثُمَّ أَكَلَ وَ أَكَلُوا مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ وَ الزَّبَدِ ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ

ص: 197

اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَدَهُ وَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ يَدِهِ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) نَظَراً عَرَفْنَا فِيهِ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ رَمَقَ بِطَرْفِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ مَلِيّاً ثُمَّ وَجَّهَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَ بَسَطَ يَدَيْهِ وَ دَعَا ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً وَ هُوَ يَنْشِجُ فَأَطَالَ النُّشُوجَ وَ عَلَا نَحِيبُهُ وَ جَرَتْ دُمُوعُهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ أَطْرَقَ إِلَى الْأَرْضِ وَ دُمُوعُهُ تَقْطُرُ كَأَنَّهَا صَوْبُ الْمَطَرِ فَحَزِنَتْ فَاطِمَةُ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ حَزِنْتُ مَعَهُمْ لِمَا رَأَيْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هِبْنَاهُ أَنْ نَسْأَلَهُ حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ عَلَيٌّ وَ قَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَيْكَ فَقَدْ أَقْرَحَ قُلُوبَنَا مَا نَرَى مِنْ حَالِكَ فَقَالَ يَا أَخِي سُرِرْتُ بِكُمْ سُرُوراً مَا سُرِرْتُ مِثْلَهُ قَطُّ وَ إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْكُمْ وَ أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى نِعْمَتِهِ عَلَيَّ فِيكُمْ إِذْ هَبَطَ عَلَيَّ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ وَ عَرَفَ سُرُورَكَ بِأَخِيكَ وَ ابْنَتِكَ وَ سِبْطَيْكَ فَأَكْمَلَ لَكَ النِّعْمَةَ وَ هَنَّأَكَ الْعَطِيَّةَ بِأَنْ جَعَلَهُمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ مُحِبِّيهِمْ وَ شِيعَتَهُمْ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ يُحْبَوْنَ كَمَا تُحْبَى وَ يُعْطَوْنَ كَمَا تُعْطَى حَتَّى تَرْضَى وَ فَوْقَ الرِّضَا عَلَى بَلْوَى كَثِيرَةٍ تَنَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَ مَكَارِهَ تُصِيبُهُمْ بِأَيْدِي أُنَاسٍ يَنْتَحِلُونَ مِلَّتَكَ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِكَ بِرَاءً مِنَ اللَّهِ وَ مِنْكَ خَبَطاً خَبَطاً وَ قَتْلًا قَتْلًا شَتَّى مَصَارِعُهُمْ نَائِيَةً قُبُورُهُمْ خِيَرَةٌ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَ لَكَ فِيهِمْ فَاحْمَدِ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ عَلَى خِيَرَتِهِ وَ ارْضَ بِقَضَائِهِ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ رَضِيتُ بِقَضَائِهِ بِمَا اخْتَارَهُ لَكُمْ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ أَخَاكَ مُضْطَهَدٌ بَعْدَكَ مَغْلُوبٌ عَلَى أُمَّتِكَ مَتْعُوبٌ مِنْ أَعْدَائِكَ ثُمَّ مَقْتُولٌ بَعْدَكَ يَقْتُلُهُ أَشَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِيقَةِ وَ أَشْقَى الْبَرِيَّةِ نَظِيرُ عَاقِرِ النَّاقَةِ بِبَلَدٍ تَكُونُ إِلَيْهِ هِجْرَتُهُ(1) وَ هُوَ مَغْرِسُ شِيعَتِهِ وَ شِيعَةِ وُلْدِهِ وَ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَكْثُرُ بَلْوَاهُمْ وَ يَعْظُمُ مُصَابُهُم.

ص: 198


1- الكوفة مغرس الشيعة. السبزواري.

البحار: ج12 ص59

43- كِتَابُ الْمُحْتَضَرِ، لِلْحَسَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى فِي مَنَاقِبِ أَهْلِ التُّقَى يَرْفَعُهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً إِذْ أَقْبَلَ الْحَسَنُ (عليه السّلام) فَلَمَّا رَآهُ بَكَى ثُمَ قَالَ إِلَيَ يَا بُنَيَ فَمَا زَالَ يُدْنِيهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا رَآهُ بَكَى ثُمَ قَالَ إِلَيَ يَا بُنَيَ فَمَا زَالَ يُدْنِيهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ (عليها السّلام) فَلَمَّا رَآهُ بَكَى ثُمَّ قَالَ إِلَيَّ يَا بُنَيَّةِ فَمَا زَالَ يُدْنِيهَا حَتَّى أَجْلَسَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا رَآهُ بَكَى ثُمَّ قَالَ إِلَيَّ يَا أَخِي فَمَا زَالَ يُدْنِيهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَى وَاحِداً مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَّا بَكَيْتَ قَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَوْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ وَ الْأَنْبِيَاءَ وَ الْمُرْسَلِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى بُغْضِهِ وَ لَنْ يَفْعَلُوا لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِالنَّارِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يُبْغِضُهُ أَحَدٌ فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ نَعَمْ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِي لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ نَصِيباً يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ بُغْضِهِمْ لَهُ تَفْضِيلَ مَنْ هُوَ دُونَهُ عَلَيْهِ وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا خَلَقَ اللَّهُ نَبِيّاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنِّي وَ مَا خَلَقَ وَصِيّاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ وَصِيِّي عَلِيٍّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمْ أَزَلْ لَهُ كَمَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ وَصَّانِي بِمَوَدَّتِهِ وَ أَنَّهُ لَأَكْبَرُ عَمَلٍ عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ قَضَى مِنَ الزَّمَانِ وَ حَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الْوَفَاةُ فَحَضَرْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ دَنَا أَجَلُكَ فَمَا تَأْمُرُنِي فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ خَالِفْ مَنْ خَالَفَ عَلِيّاً وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِ ظَهِيراً وَ لَا وَلِيّاً قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ لَا تَأْمُرُ النَّاسَ بِتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ قَالَ فَبَكَى (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ سَبَقَ الْكِتَابُ فِيهِمْ وَ عِلْمُ رَبِّي وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِمَّنْ خَالَفَهُ وَ أَنْكَرَ حَقَّهُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يُغَيِّرَ اللَّهُ مَا بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنْ أَرَدْتَ وَجْهَ اللَّهِ وَ لِقَاءَهُ وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ فَاسْلُكْ طَرِيقَ

ص: 199

عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ مِلْ مَعَهُ حَيْثُ مَا مَالَ وَ ارْضَ بِهِ إِمَاماً وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ احْذَرْ أَنْ يَدْخُلَكَ شَكٌّ فِيهِ فَإِنَّ الشَّكَّ فِي عَلِيٍّ كُفْر.(1)

باب (3)

البحار: ج12 ص86

5 – مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَمَّا نَظَرَ إِلَى الثَّانِي وَ هُوَ مُسَجًّى بِثَوْبِهِ مَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى فَقَالَ عَنَى بِهَا صَحِيفَتَهُ الَّتِي كُتِبَتْ فِي الْكَعْبَة. بيان: هذا مما عد الجمهور من مناقب [رمع] زعما منهم أنه (عليه السّلام) أراد بالصحيفة كتاب أعماله و بملاقاة الله بها أن يكون أعماله مثل أعماله المكتوبة فيه فبين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أراد بالصحيفة العهد الذي كتبوا ردا على الله و على رسوله في خلافة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن لا يمكنوه منها و بالملاقاة بها مخاصمة أصحابها عند الله تعالى فيها. وقال في الصراط المستقيم و يعضده ما أسنده سليم إلى معاذ بن جبل(2) أنه عند وفاته دعا على نفسه بالويل و الثبور فقيل له لم ذاك قال لموالاتي عتيقا و [رمع] على أن أزوي خلافة رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و روي مثل ذلك عن ابن عمر أن أباه قاله عند وفاته و كذا [عتيق] و قال هذا رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) و معه علي بيده الصحيفة التي تعاهدنا عليها في الكعبة و هو يقول و قد وفيت بها و تظاهرت على ولي الله أنت و أصحابك فأبشر بالنار في أسفل السافلين ثم لعن ابن صُهاك و قال هو

ص: 200


1- ينبغي أن يستشم من هذه الفرقة قدح في ابن عبّاس لأنّ الحذر لا يستعمل غالباً إلّا مع وجود المقتضي فتأمّل. السبزواري.
2- هذا مما يوجب القدح في معاذ بن جبل. السبزواري

الذي صدني عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي. قال العباس بن الحارث لما تعاقدوا عليها نزلت «إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ» و قد ذكرها أبو إسحاق في كتابه و ابن حنبل في مسنده و الحافظ في حليته و الزمخشري في فائقه و نزل «وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً» الآيتان. و عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) نزلت «أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ» الآيتان و لقد وبخهما النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لما نزلت فأنكرا فنزلت «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ» الآية. و رووا أن [رمع] أودعها أبا عبيدة فقال له النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أصبحت أمين هذه الأمة و روته العامة أيضا. و قال [رمع] عند موته ليتني خرجت من الدنيا كفافا لا علي و لا لي فقال ابنه تقول هذا فقال دعني نحن أعلم بما صنعنا أنا و صاحبي و أبو عبيدة و معاذ. و كان أُبَيٌّ يصيح في المسجد ألا هلك أهل العقدة فيسأل عنهم فيقول ما ذكرناه ثم قال لئن عشت إلى الجمعة لأبينن للناس أمرهم فمات قبلها.

البحار: ج12 ص93

تبیین وتتميم

1- رَوَى فِي جَامِعِ الْأُصُولِ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ فِي مَرَضِهِ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ(1) مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْراً.

ص: 201


1- يريد بقوله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ذلك أنكنّ تشوّشن الأمر عليکما كما شوّشت الأمر صواحب يوسف يعني زليخا السبزواري

البحار: ج12 ص 109 س9

فظهر أن ما ذكره المتعصبون من متأخريهم كصاحب المواقف و شارحه و الشارح الجديد(1) للتجريد من أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) صلى خلفه و أن الروايات الصحيحة متعاضدة على ذلك إنما نشأ من فرط الجهل و الطغيان في العصبية و لقد أحال السيد حيث أورد في بيان تعاضد الروايات الصحيحة روايتين مجهولتين غير مسندتين إلى أصل أو كتاب قال روي عن ابن عباس أنه قال لم يصل النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) خلف أحد من أمته إلا خلف أبي بكر و صلى خلف عبد الرحمن بن عوف في سفر ركعة واحدة. قال و روي عن رافع بن عمرو بن عبيد عن أبيه أنه قال لما ثقل النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عن الخروج أمر أبا بكر أن يقوم مقامه فكان يصلي بالناس و ربما خرج النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بعد ما دخل أبو بكر في الصلاة فصلى خلفه و لم يصل خلف أحد غيره إلا أنه صلى خلف عبد الرحمن بن عوف ركعة واحدة في سفر.

باب (4): تبیین

البحار: ج12 ص 169

44 - جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ كَرَّامٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ أُتِيَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مُلَبَّباً لِيُبَايِعَ قَالَ سَلْمَانُ أَ يُصْنَعُ ذَا بِهَذَا وَ اللَّهِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَانْطَبَقَتْ ذِهْ عَلَى ذِهْ قَالَ وَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَ قَالَ الْمِقْدَادُ وَ اللَّهِ

ص: 202


1- صاحب المواقف وشارحه، والشارح الجديد من المتعصبين. السبزواري.

هَكَذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَانَ الْمِقْدَادُ أَعْظَمَ النَّاسِ إِيمَاناً تِلْكَ السَّاعَة.(1)

البحار: ج12 ص 196

52 – وَ قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ فَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى وَ شَرِبْتُ عَلَى الشَّجَا وَ صَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ الْكَظَمِ وَ عَلَى أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ الْعَلْقَمِ. ما هذا لفظه: اختلفت الروايات في قصة السقيفة فالذي تقوله الشيعة و قد قال قوم من المحدثين بعضه ورووا كثيرا منه أن عليا امتنع من البيعة حتى أخرج كرها و أن الزبير بن العوام امتنع من البيعة و قال لا أبايع إلا عليا و كذلك أبو سفيان بن حرب و خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس و العباس بن عبد المطلب و بنوه و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب و جميع بني هاشم و قالوا إن الزبير شهر سيفه فلما جاء عمر و معه جماعة من الأنصار و غيرهم قال في جملة ما قال خذوا سيف هذا فاضربوا به الحجر و يقال إنه أخذ السيف من يد الزبير فضرب به حجرا فكسره و ساقهم كلهم بين يديه إلى أبي بكر فحملهم على بيعته و لم يتخلف إلا عَلِيٌّ وحده فإنه اعتصم ببيت فاطمة (عَلَيها السَّلَامُ) فتحاموا إخراجه منه قسرا فقامت فاطمة (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى باب البيت فأسمعت من جاء يطلبه فتفرقوا و علموا أنه بمفرده لا يضر شيئا فتركوه و قيل إنهم أخرجوه فيمن أخرج و حمل إلى أبي بكر فبايعه. و قد روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كثيرا من هذا فأما حديث التحريق و ما جرى مجراه من الأمور الفظيعة و قول من قال

ص: 203


1- هذا أحسن وجه للجمع بین ما دلّ على أن المقداد أفضل الثلاثة وما دلّ على أن سلمان أفضلهم يحمل ما دلّ على أفضلية المقداد أو أنّه أفضل في تلك الساعة. السبزواري.

إنهم أخذوا عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقاد بعمامته و الناس حوله(1) فأمر بعيد و الشيعة تنفرد به على أن جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه و سنذكر ذلك. و قال أبو جعفر إن الأنصار لما فاتها ما طلبت من الخلافة قالت أو قال بعضها لا نبايع إلا عليا.

البحار: ج12 ص207 س1

وَ قَالَ أَيْضاً فِي شَرْحِ هَذَا الْكَلَامِ مِنْهُ (عليه السّلام) لَمَّا اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ أَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَ هُوَ يَقُولُ أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرَى عَجَاجَةً لَا يُطْفِيهَا إِلَّا الدَّمُ يَا لِعَبْدِ مَنَافٍ فِيمَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَمْرِكُمْ أَيْنَ الْمُسْتَضْعَفَانِ أَيْنَ الْأَذَلَّانِ يَعْنِي عَلِيّاً (عليه السّلام) وَ الْعَبَّاسَ مَا بَالُ هَذَا الْأَمْرِ فِي أَقَلِّ حَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ (عليه السّلام) ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَوَ اللَّهِ إِنْ شِئْتَ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَى أَبِي فَصِيلٍ ... خَيْلًا وَ رَجِلًا فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ (عليه السّلام) فَلَمَّا يَئِسَ مِنْهُ قَامَ عَنْهُ وَ هُوَ يُنْشِدُ شِعْرَ الْمُتَلَمِّسِ

وَلَا يُقِيمُ عَلَی ضَيمٍ يُرَادُ بِهِ*** إِلَّا الأَذَلَّانِ عَيرُ الحَيِّ وَالوَتَدُ

هَذَا عَلَی الخَسفِ مَربُوطٌ بِرُمَّتِهِ*** وَذَا يُشَجُّ فَلَا يَرثِي لَهُ أَحَدٌ(2)

ص: 204


1- فائدة: اختلفت التعبيرات في كيفية سوق علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى المسجد للبيعة ففي بعضها اخذ بتلابيبه وفي بعضها يقاد بحبل وفي بعضها بعمامته وفي بعضها بحمائل السيف وفي بعضها بزيادة يُتلّ، فما وجه الجمع بينها؟ أقول: يمكن الجمع بتعدد الواقعة فإن المتأمّل في التواريخ والسير يعلم أن بيعة أبي بكر وقعت مرتين احدها البيعة العامة حين موت النبيّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) والثانية البيعة الخاصة التي وقعت بعد الاستقالة وقوله أقيلوني، وبيعته الخاصة أيضاً كانت متعددة بتعدد الخواص، ويمكن الجمع بالقول باجتماع جميع تلك الانقياد في سَوق واحد فان المنصف المتأمل يعلم أن بناء القوم كان على التحقير والتصغير والاهانة ثمّ إنّ دار عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إحدى غرف المسجد وليست بينها وبين المنبر مسافة كي يحتاج إلى تلك المهاجم والأفعال.............تعلم علما يقينيا أنّ بناء القوم ما كان على الطمأنينة والرفق. السبزواري.
2- الضيم الظلم والخسف الذلّة والحسيف البئر التي يستقي منها. السبزواري.

البحار: ج12 ص216 س21

قَالَ وَ كَثُرَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ مُعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو هَاشِمٍ إِلَى بَيْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) وَ مَعَهُمُ الزُّبَيْرُ وَ كَانَ يَعُدُّ نَفْسَهُ رَجُلًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ مَا زَالَ الزُّبَيْرُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ حَتَّى نَشَأَ بَنُوهُ فَصَرَفُوهُ عَنَّا وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو أُمَيَّةَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو زُهْرَةَ إِلَى سَعْدٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَقْبَلَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَالَ مَا لِي أَرَاكُمْ حَلَقاً قُومُوا فَبَايِعُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَدْ بَايَعَ لَهُ النَّاسُ وَ بَايَعَهُ الْأَنْصَارُ فَقَامَ عُثْمَانُ وَ مَنْ مَعَهُ وَ قَامَ سَعْدٌ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ مَنْ مَعَهُمَا فَبَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ ذَهَبَ عُمَرُ وَ مَعَهُ عِصَابَةٌ إِلَى بَيْتِ فَاطِمَةَ (عليها السّلام) مَعَهُمْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَ سَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُمُ انْطَلِقُوا فَبَايِعُوا فَأَبَوْا عَلَيْهِ وَ خَرَجَ الزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ فَقَالَ عُمَرُ عَلَيْكُمُ الْكَلْبَ فَوَثَبَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ فَأَخَذَ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ فَضَرَبَ بِهِ الْجِدَارَ ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهِ وَ بِعَلِيٍّ وَ مَعَهُمَا بَنُو هَاشِمٍ وَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقِيلَ لَهُ بَايِعْ فَقَالَ أَنَا أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ لَا أُبَايِعُكُمْ وَ أَنْتُمْ أَوْلَى بِالْبَيْعَةِ لِي أَخَذْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِالْقَرَابَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَأَعْطَوْكُمُ الْمَقَادَةَ وَ سَلَّمُوا إِلَيْكُمُ الْإِمَارَةَ وَ أَنَا أَحْتَجُّ عَلَيْكُمْ بِمِثْلِ مَا احْتَجَجْتُمْ بِهِ عَلَى الْأَنْصَارِ فَأَنْصِفُونَا إِنْ كُنْتُمْ تَخَافُونَ اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ اعْرِفُوا لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِثْلَ مَا عَرَفَتِ الْأَنْصَارُ لَكُمْ وَ إِلَّا فَبُوءُوا بِالظُّلْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. فَقَالَ عُمَرُ إِنَّكَ لَسْتَ مَتْرُوكاً حَتَّى تُبَايِعَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) احْلِبْ يَا عُمَرُ حَلْباً لَكَ شَطْرُهُ اشْدُدْ لَهُ الْيَوْمَ أَمْرَهُ لِيَرُدَّ عَلَيْكَ غَداً لَا وَ اللَّهِ لَا أَقْبَلُ قَوْلَكَ وَ لَا أُبَايِعُهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَإِنْ لَمْ تُبَايِعْنِي لَمْ أُكْرِهْكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ يَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّكَ حَدَثُ السِّنِّ وَ هَؤُلَاءِ مَشِيخَةُ قُرَيْشٍ قَوْمِكَ لَيْسَ لَكَ مِثْلُ تَجْرِبَتِهِمْ وَ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْأُمُورِ وَ لَا أَرَى أَبَا بَكْرٍ إِلَّا أَقْوَى عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ وَ أَشَدَّ احْتِمَالًا لَهُ وَ اضْطِلَاعاً بِهِ فَسَلِّمْ لَهُ هَذَا الْأَمْرَ وَ ارْضَ

ص: 205

بِهِ فَإِنَّكَ إِنْ تَعِشْ وَ يَطُلْ عُمُرُكَ فَأَنْتَ لِهَذَا الْأَمْرِ خَلِيقٌ وَ بِهِ حَقِيقٌ فِي فَضْلِكَ وَ قَرَابَتِكَ وَ سَابِقَتِكَ وَ جِهَادِكَ. فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ اللَّهَ اللَّهَ لَا تُخْرِجُوا سُلْطَانَ مُحَمَّدٍ عَنْ دَارِهِ وَ بَيْتِهِ إِلَى بُيُوتِكُمْ وَ دُورِكُمْ وَ لَا تَدْفَعُوا أَهْلَهُ عَنْ مَقَامِهِ فِي النَّاسِ وَ حَقِّهِ فَوَ اللَّهِ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ لَنَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ أَ مَا كَانَ مِنَّا الْقَارِي لِكِتَابِ اللَّهِ الْفَقِيهُ فِي دِينِ اللَّهِ الْعَالِمُ بِالسُّنَّةِ الْمُضْطَلِعُ بِأَمْرِ الرَّعِيَّةِ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَفِينَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى فَتَزْدَادُوا مِنَ الْحَقِّ بُعْداً. فَقَالَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ لَوْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ سَمِعَتْهُ مِنْكَ الْأَنْصَارُ يَا عَلِيُّ قَبْلَ بَيْعَتِهِمْ لِأَبِي بَكْرٍ مَا اخْتَلَفَ عَلَيْكَ اثْنَانِ وَ لَكِنَّهُمْ قَدْ بَايَعُوا وَ انْصَرَفَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى مَنْزِلِهِ وَ لَمْ يُبَايِعْ وَ لَزِمَ بَيْتَهُ حَتَّى مَاتَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيها السَّلَامُ) فَبَايَعَ. ثم قال ابن أبي الحديد هذا الحديث يدل على أن الخبر المروي في أبي بكر في صحيحي البخاري و مسلم غير صحيح و هو مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَائِشَةَ فِي مَرَضِهِ ادْعِي لِي أَبَاكِ وَ أَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَاباً فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ أَوْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَ يَأْبَى اللَّهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْر.(1)

***

باب (5) احتجاج أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أبي بكر وغيره في أمر البيعة

البحار: ج12 ص 269

3- أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْجَرِيشِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ)- بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي الْمَسْجِدِ وَ النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ- بِصَوْتٍ عَالٍ: «الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ

ص: 206


1- ولا يبعد صحة الخبر بأن يكون قوله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ويأبى الله الخ مقول قول القائل وتمنّى المتمنّي وهو (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يريد أن يكتب كتاباً يرجع هذا القول وهذا التمنّي. السبزواري.

أَعْمالَهُم» فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا الْحَسَنِ لِمَ قُلْتَ مَا قُلْتَ؟! قَالَ: قَرَأْتُ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ.قَالَ: لَقَدْ قُلْتَهُ لِأَمْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: «وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»، فَتَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَوْصَى إِلَّا إِلَيْكَ. قَالَ: فَهَلَّا بَايَعْتَنِي؟! قَالَ: اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَكُنْتُ مِنْهُمْ. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَمَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِجْلِ عَلَى الْعِجْلِ(1)، هَاهُنَا فُتِنْتُمْ، «وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُون».

فصل (2) في الكلام على ما يستفاد من اخبار الباب والتنبيه على ما ينتفع به طالب الحق والصواب

البحار: ج12 ص496، س13

ممّا يرد من الطعون على أبي بكر في تلك الواقعة أنّه مكّن أزواج النبيّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) من التصرّف في حجراتهنّ بغير خلاف، و لم يحكم فيها بأنّها صدقة، و ذلك يناقض ما منعه في أمر فدك و ميراث الرسول (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، فإنّ انتقالها إليهنّ إمّا على جهة الإرث أو النحلة، و الأول مناقض لروايته في الميراث، و الثاني يحتاج إلى الثبوت ببيّنة و نحوها، و لم يطالبهنّ بشي ء منها كما طالب فاطمة (عَلَيْها السَّلَامُ) في دعواها، و هذا من أعظم الشواهد لمن له أدنى بصيرة، على أنّه لم يفعل ما فعل إلّا عداوة لأهل بيت الرسالة، و لم يقل ما قال إلّا افتراء على اللّه و على رسوله. و لنكتف بما ذكرنا، فإنّ بسط الكلام في تلك

ص: 207


1- السبزواري: هذا الخبر من الأخبار القادحة في ابن عبّاس.

المباحث ممّا يوجب كثرة حجم الكتاب و تعسّر تحصيله على الطلاب. فانظر أيّها العاقل المنصف بعين البصيرة! فيما اشتمل عليه تلك الأخبار الكثيرة التي أوردوها في كتبهم المعتبرة عندهم من حكم سيّدة النساء صلوات اللّه عليها- مع عصمتها و طهارتها- باغتصابهم للخلافة و أنّهم أتباع الشيطان، و أنّه ظهر فيهم حسيكة النفاق، و أنّهم أرادوا إطفاء نور الدين، و إهماد سنن سيّد المرسلين صلوات اللّه عليه و آله أجمعين، و أنّهم آذوا أهل بيته و أضمروا لهم العداوة .. و غير ذلك ممّا اشتملت عليه الخطبة الجليلة!.. فهل يبقى بعد ذلك شكّ في بطلان خلافة أبي بكر و نفاقه و نفاق أتباعه؟!. ثم إنّها (عَلَيْها السَّلَامُ) حكمت بظلم أبي بكر في منعها الميراث صريحا بقولها (عَلَيْها السَّلَامُ): لقد جئت شَيْئاً فَرِيًّا، و دعت الأنصار إلى قتاله، فثبت جواز قتله، و لو كان إماما لم يجز قتله. ثم انظر إلى هذا المنافق كيف شبّه أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين و أخا سيّد المرسلين و زوجه الطاهرة: بثعالة شهيده ذنبه، و جعله مربا لكلّ فتنة، ثم إلى موت فاطمة صلوات اللّه عليها ساخطة على أبي بكر مغضبة عليه منكرة لإمامته، و إلى إنكار أبي بكر كون فدك خالصة لرسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مع كونه مخالفا للآية و الإجماع و أخبارهم، و إلى أنّه انتزع فدك من يد وكلاء فاطمة و طلب منها الشهود، مع أنّها لم تكن مدّعية، فحكم بغير حكم اللّه و حكم الرسول (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)(1) و صار بذلك من الكافرين بنصّ القرآن، و إلى طلب الشاهد من المعصومة و رد شهادة المعصومين الذين أنزل اللّه

ص: 208


1- بظاهر اليد لأنها ادعت أن رسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ملكها فدك في زمان حياته وكانت متصرفة فيها فعلى أبي بكر إقامة البينة بان رسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يُملكها فدك في زمان حياته. في الاحتجاج عن الصادق (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إن أمير المؤمنين (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قال لأبي بكر تحكم فينا بخلاف حكم اللّه في المسلمين قال لا قال (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إن كان في يد المسلمين شيء يملكونه فادعيت أنا فيه من تسأل البينة قال إياك كنت اسأل على ما تدعيه قال فإذا كان في يدي شيء فادعى فيه المسلمون تسألني البينة على ما في بدي وقد ملكته في حياة رسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الخ. السبزواري.

تعالى فيهم ما أنزل، و قال فيهم النبيّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ما قال، و منعها الميراث خلافا لحكم الكتاب، و افترائه على الرسول (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بما شهد الكتاب و السنّة بكذبه، فتبوّأ مقعده من النار، و ظلمه عليها صلوات اللّه عليها في منع سهم ذي القربى خلافا للّه تعالى، و مناقضته لما رواه حيث مكّن الأزواج من التصرّف في الحجر و غيرها ممّا يستنبط من فحاوي ما ذكر من الأخبار، و لا يخفى طريق استنباطها على أولي الأبصار.

***

باب (13) البحار: ج 29 ص 139

الْمُفِيدُ، عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ مَعاً، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنِ الْفُضَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لِمَنْ كَانَ الْأَمْرُ حِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ. فَقُلْتُ: كَيْفَ صَارَ فِي تَيْمٍ وَ عَدِيٍّ؟ قَالَ: إِنَّكَ سَأَلْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ! إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا كَتَبَ أَنْ يُفْسَدَ فِي الْأَرْضِ(1) وَ تُنْكَحَ الْفُرُوجُ الْحَرَامُ، وَ يُحْكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، خَلَّى بَيْنَ أَعْدَائِنَا وَ بَيْنَ مُرَادِهِمْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى دَفَعُونَا عَنْ حَقِّنَا وَ جَرَى الظُّلْمَ عَلَى أَيْدِيهِمْ دُونَنَا.

***

ص: 209


1- السبزواري: كتب هنا بمعنی علم بدليل الخبر الآتي ثمّ إنّ هذا الجواب جواب شافٍ كافٍ صدر عن معدن الوحي والعلم الإلهي فتدبّر ولباب القول في علة قعوده (عَلَيْهِ السَّلَامُ) اجتماع أمور ثلاثة لو لم يكن إلا واحداً منها الحكم العقل بوجوب القعود عليه الأوّل عدم من ينصره ويعرف هذا كلّ من يرجع إلى التواریخ. الثاني تحقق نطف المؤمنين في أصلاب المنافقين. الثالث ما روي عن الصادق (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كما مرّ.

باب (15) شكاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه عمّن تقدّمه من المتغلّبين الغاصبين

البحار: ج12 ص 562 س12

حَدِيثُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي خُطْبَةٍ لَهُ: تِلْك شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ. و شرح كثيرا من ألفاظها. و قال الفيروزآبادي في القاموس- عند تفسيرها-: الشّقشقة- بالكسر- شي ء- كالرّئة- يخرجه البعير من فيه إذا هاج، و الخطبة الشقشقيّة العلويّة لقوله لابن عبّاس- لما قال: لو اطّردت مقالتك من حيث أفضيت-: يا ابن عبّاس! هيهات تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت. و قال عبد الحميد بن أبي الحديد- ردّا على من قال إنّها تأليف السيّد الرضي-: قد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخيّ- إمام البغداديّين من المعتزلة-، و كان في دولة المقتدر قبل أن يخلق السيّد الرضيّ بمدّة طويلة، و وجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبي جعفر بن قبّة أحد متكلّمي الإماميّة، و كان من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي، و مات قبل أن يكون الرضيّ موجودا .. ثم حكى عن شيخه مصدّق الواسطي أنّه قال: لمّا قرأت هذه الخطبة على الشيخ أبي محمّد عبد اللَّه بن أحمد المعروف ب: ابن الخشّاب، قلت له: أ تقول إنّها منحولة؟!. فقال: لا و اللَّه! و إنّي لأعلم أنّها كلامه كما أعلم أنّك مصدّق .. قال: فقلت له: إنّ كثيرا من الناس يقولون إنّها من كلام الرضيّ. فقال لي: أنّى للرضيّ و لغير الرضيّ هذا النّفس و هذا الأسلوب! قد وقفنا على رسائل الرضيّ، و عرفنا طريقته و فنّه في الكلام المنثور .. ثم قال: و اللَّه لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب قد صنّفت قبل أن يخلق الرضيّ بمائتي سنة، و لقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرف أنّها خطوط من هي من العلماء و أهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضيّ. و قال ابن ميثم البحراني قدّس سرّه:

ص: 210

وجدت هذه الخطبة بنسخة عليها خطّ الوزير أبي الحسن عليّ بن محمد بن الفرات وزير المقتدر باللَّه، و ذلك قبل مولد الرضيّ بنيّف و ستين سنة. انتهى. و من الشواهد على بطلان تلك الدعوى الواهية الفاسدة أنّ القاضي عبد الجبّار- الذي هو من متعصّبي المعتزلة- قد تصدّى في كتاب المغني لتأويل بعض كلمات الخطبة، و منع دلالتها على الطعن في خلافة من تقدّم عليه، و لم ينكر استناد الخطبة إليه. و ذكر السيّد المرتضى رضي اللَّه عنه كلامه في الشافي و زيفه، و هو أكبر من أخيه الرضيّ قدّس اللَّه روحهما، و قاضي القضاة متقدّم عليهما، و لو كان يجد للقدح في استناد الخطبة إليه (عليه السلام) مساغا لما تمسّك بالتأويلات الركيكة في مقام الاعتذار، و قدح في صحّتها كما فعل في كثير من الروايات المشهورة، و كفى للمنصف وجودها في تصانيف الصدوق رحمه اللَّه(1)، و كانت وفاته سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، و كان مولد الرضيّ رضي اللَّه عنه سنة تسع و خمسين و ثلاثمائة.

***

باب (16) آخر فيما كتب (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إلى أصحابه في ذلك تصريحاً وتلويحاً

البحار: ج12 ص673

2- وَ رَوَى السَّيِّدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ مِمَّا رَوَاهُ فِي كِتَابِ الرَّسَائِلِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَ غَيْرِهِمَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ الصَّيْرَفِيِّ، عَنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ سِنَانِ بْنِ ظَرِيفٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَكْتُبُ بِهَذِهِ

ص: 211


1- مثل كتابه معاني الأخبار. السبزواري.

الْخُطْبَةِ إِلَى أَكَابِرِ أَصْحَابِهِ، وَ فِيهَا كَلَامٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، إِلَى الْمُقَرَّبِينَ فِي الْأَظِلَّةِ، الْمُمْتَحَنِينَ بِالْبَلِيَّةِ، الْمُسَارِعِينَ فِي الطَّاعَةِ، الْمُنْشَئِينَ فِي الْكَرَّةِ، تَحِيَّةٌ مِنَّا إِلَيْكُمْ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ نُورَ الْبَصِيرَةِ رُوحُ الْحَيَاةِ الَّذِي لَا يَنْفَعُ إِيمَانٌ إِلَّا بِهِ مَعَ اتِّبَاعِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَ التَّصْدِيقِ بِهَا، فَالْكَلِمَةُ مِنَ الرُّوحِ، وَ الرُّوحُ مِنَ النُّورِ، وَ النُّورُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ(1)، فَبِأَيْدِيكُمْ سَبَبٌ وَصَلَ إِلَيْكُمْ مِنَّا نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لَا تَعْقِلُونَ شُكْرَهَا، خَصَّكُمْ بِهَا وَ اسْتَخْلَصَكُمْ لَهَا «وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ» إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ أَنْ لَنْ يَحُلَّ عَقْدَهُ أَحَدٌ سِوَاهُ، فَتَسَارَعُوا إِلَى وَفَاءِ الْعَهْدِ، وَ امْكُثُوا فِي طَلَبِ الْفَضْلِ، فَإِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ، وَ إِنَّ الْآخِرَةَ وَعْدٌ صَادِقٌ يَقْضِي فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، أَلَا وَ إِنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَدْ وَقَعَ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ، تَسِيرُ فِيهَا الْجُنُودُ، يَهْلِكُ فِيهَا الْبَطَلُ الْجَحُودُ، خُيُولُهَا عِرَابٌ، وَ فُرْسَانُهَا حِرَابٌ، وَ نَحْنُ بِذَلِكَ وَاقِفُونَ، وَ لِمَا ذَكَرْنَا مُنْتَظِرُونَ انْتِظَارَ الْمُجْدِبِ الْمَطَرَ لِيَنْبُتَ الْعُشْبُ، وَ يَجْنِي الثَّمَرَ، دَعَانِي إِلَى الْكِتَابِ إِلَيْكُمُ اسْتِنْقَاذُكُمْ مِنَ الْعَمَى، وَ إِرْشَادُكُمْ بَابَ الْهُدَى، فَاسْلُكُوا سَبِيلَ السَّلَامَةِ، فَإِنَّهَا جِمَاعُ الْكَرَامَةِ، اصْطَفَى اللَّهُ مَنْهَجَهُ، وَ بَيَّنَ حُجَجَهُ، وَ أَرَّفَ أُرَفَهُ، وَ وَصَفَهُ وَ حَدَّهُ وَ جَعَلَهُ نَصّاً كَمَا وَصَفَهُ، إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ يَأْتِيهِ مَلَكَانِ أَحَدُهُمَا مُنْكَرٌ وَ الْآخَرُ نَكِيرٌ، فَأَوَّلُ مَا يَسْأَلَانِهِ عَنْ رَبِّهِ، وَ عَنْ نَبِيِّهِ، وَ عَنْ وَلِيِّهِ، فَإِنْ أَجَابَ نَجَا وَ إِنْ تَحَيَّرَ عَذَّبَاهُ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَمَا حَالُ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ، وَ عَرَفَ نَبِيَّهُ، وَ لَمْ يَعْرِفْ وَلِيَّهُ؟. فَقَالَ: ذَلِكَ مُذَبْذَبٌ لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ قِيلَ: فَمَنِ الْوَلِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ(؟ فَقَالَ: وَلِيُّكُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَا، وَ مِنْ بَعْدِي وَصِيِّي، وَ مِنْ بَعْدِ وَصِيِّي لِكُلِّ زَمَانٍ حُجَجُ اللَّهِ كَيْمَا تَقُولُوا كَمَا قَالَ الضُّلَّالُ قَبْلَكُمْ حَيْثُ فَارَقَهُمْ نَبِيُّهُمْ: «رَبَّنا لَوْ

ص: 212


1- هذه الجملة يجب أن يتأمل فيها فإن فيها مفاتيح العلوم والمعارف طوبی لمن فاز بها. السبزواري.

لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى»، وَ إِنَّمَا كَانَ تَمَامُ ضَلَالَتِهِمْ جَهَالَتَهُمْ بِالْآيَاتِ وَ هُمُ الْأَوْصِيَاءُ فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ: «قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى» وَ إِنَّمَا كَانَ تَرَبُّصَهُمْ أَنْ قَالُوا: نَحْنُ فِي سَعَةٍ عَنْ مَعْرِفَةِ الْأَوْصِيَاءِ حَتَّى يُعْلِنَ إِمَامٌ عِلْمَهُ، فَالْأَوْصِيَاءُ قُوَّامٌ عَلَيْكُمْ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَهُمْ وَ عَرَفُوهُ، وَ لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَهُمْ وَ أَنْكَرُوهُ، لِأَنَّهُمْ عُرَفَاءُ الْعِبَادِ عَرَّفَهُمُ اللَّهُ إِيَّاهُمْ عِنْدَ أَخْذِ الْمَوَاثِيقِ عَلَيْهِمْ بِالطَّاعَةِ لَهُمْ، فَوَصَفَهُمْ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ جَلَّ وَ عَزَّ: «وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ» وَ هُمُ الشُّهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ، وَ النَّبِيُّونَ شُهَدَاءُ لَهُمْ بِأَخْذِهِ لَهُمْ مَوَاثِيقَ الْعِبَادِ بِالطَّاعَةِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً». وَ كَذَلِكَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى آدَمَ: أَنْ يَا آدَمُ! قَدِ انْقَضَتْ مُدَّتُكَ، وَ قُضِيَتْ نُبُوَّتُكَ، وَ اسْتَكْمَلَتْ أَيَّامُكَ، وَ حَضَرَ أَجَلُكَ، فَخُذِ النُّبُوَّةَ وَ مِيرَاثَ النُّبُوَّةِ وَ اسْمَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ فَادْفَعْهُ إِلَى ابْنِكَ: هِبَةِ اللَّهِ، فَإِنِّي لَمْ أَدَعِ الْأَرْضَ بِغَيْرِ عَلَمٍ يُعْرَفُ، فَلَمْ تَزَلِ الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَوْصِيَاءُ يَتَوَارَثُونَ ذَلِكَ حَتَّى انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَيَّ، وَ أَنَا أَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ وَصِيِّي، وَ هُوَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، وَ إِنَّ عَلِيّاً يُورَثُ وُلْدُهُ حَيُّهُمْ عَنْ مَيِّتِهِمْ، فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَدْخُلَ جَنَّةَ رَبِّهِ فَلْيَتَوَلَّ عَلِيّاً وَ الْأَوْصِيَاءَ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لْيُسْلِمْ لِفَضْلِهِمْ، فَإِنَّهُمُ الْهُدَاةُ بَعْدِي، أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فَهْمِي وَ عِلْمِي، فَهُمْ عِتْرَتِي مِنْ لَحْمِي وَ دَمِي، أَشْكُو إِلَى اللَّهِ عَدُوَّهُمْ وَ الْمُنْكِرَ لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَ الْقَاطِعَ عَنْهُمْ صِلَتِي، فَنَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنُ الرَّحْمَةِ وَ مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ، وَ مَوْضِعُ الرِّسَالَةِ، فَمَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ، وَ مَثَلِ بَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ دَخَلَهُ غُفِرَ لَهُ، فَأَيُّمَا

ص: 213

رَايَةٍ خَرَجَتْ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَهِيَ الدَّجَّالِيَّةُ، إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ لِدِينِهِ أَقْوَاماً انْتَجَبَهُمْ لِلْقِيَامِ عَلَيْهِ وَ النَّصْرِ لَهُ، طَهَّرَهُمْ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، وَ أَوْحَى إِلَيْهِمْ مُفْتَرَضَ الْقُرْآنِ، وَ الْعَمَلَ بِطَاعَتِهِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا، إِنَّ اللَّهَ خَصَّكُمْ بِالْإِسْلَامِ، وَ اسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ، وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمْتَعُ سَلَامَةٍ، وَ أَجْمَعُ كَرَامَةٍ، اصْطَفَى اللَّهُ مَنْهَجَهُ، وَ وَصَفَهُ وَ وَصَفَ أَخْلَاقَهُ، وَ وَصَلَ أَطْنَابَهُ مِنْ ظَاهِرِ عِلْمٍ وَ بَاطِنِ حُكْمٍ، ذِي حَلَاوَةٍ وَ مَرَارَةٍ، فَمَنْ طَهَّرَ بَاطِنَهُ رَأَى عَجَائِبَ مَنَاظِرِهِ فِي مَوَارِدِهِ وَ مَصَادِرِهِ، وَ مَنْ فَطَنَ لِمَا بَطَنَ رَأَى مَكْنُونَ الْفِطَنِ وَ عَجَائِبَ الْأَمْثَالِ وَ السُّنَنِ، فَظَاهِرُهُ أَنِيقٌ، وَ بَاطِنُهُ عَمِيقٌ، وَ لَا تَفْنَى غَرَائِبُهُ، وَ لَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، فِيهِ مَفَاتِيحُ الْكَلَامِ، وَ مَصَابِيحُ الظَّلَامِ، لَا يُفْتَحُ الْخَيْرَاتُ إِلَّا بِمَفَاتِحِهِ، وَ لَا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِمَصَابِيحِهِ، فِيهِ تَفْصِيلٌ وَ تَوْصِيلٌ، وَ بَيَانُ الِاسْمَيْنِ الْأَعْلَيْنِ اللَّذَيْنِ جُمِعَا فَاجْتَمَعَا، لَا يَصْلُحَانِ إِلَّا مَعاً، يُسَمَّيَانِ فَيَفْتَرِقَانِ، وَ يُوصَلَانِ فَيَجْتَمِعَانِ، تَمَامُهُمَا فِي تَمَامِ أَحَدِهِمَا، حَوَالَيْهَا نُجُومٌ، وَ عَلَى نُجُومِهَا نُجُومٌ، لِيَحْمِيَ حَمَاهُ، وَ يَرْعَى مَرْعَاهُ، وَ فِي الْقُرْآنِ تِبْيَانُهُ وَ بَيَانُهُ وَ حُدُودُهُ وَ أَرْكَانُهُ، وَ مَوَاضِعُ مَقَادِيرِهِ، وَ وَزْنُ مِيزَانِهِ، مِيزَانِ الْعَدْلِ، وَ حُكْمِ الْفَصْلِ، إِنَّ دُعَاةَ الدِّينِ فَرَّقُوا بَيْنَ الشَّكِّ وَ الْيَقِينِ، وَ جَاءُوا بِالْحَقِّ، بَنَوْا لِلْإِسْلَامِ بُنْيَاناً فَأَسَّسُوا لَهُ أَسَاساً وَ أَرْكَاناً، وَ جَاءُوا عَلَى ذَلِكَ شُهُوداً بِعَلَامَاتٍ وَ أَمَارَاتٍ، فِيهَا كَفْيُ الْمُكَتَفِي، وَ شِفَاءُ الْمُشْتَفِي، يَحْمَوْنَ حَمَاهُ، وَ يَرْعَوْنَ مَرْعَاهُ، وَ يَصُونُونَ مَصُونَهُ، وَ يُفَجِّرُونَ عُيُونَهُ، بِحُبِّ اللَّهِ وَ بِرِّهِ وَ تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَ ذِكْرِهِ بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ بِهِ، يَتَوَاصَلُونَ بِالْوِلَايَةِ، وَ يَتَنَازَعُونَ بِحُسْنِ الرِّعَايَةِ، وَ يَتَسَاقَوْنَ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ، وَ يَتَلَاقَوْنَ بِحُسْنِ التَّحِيَّةِ، وَ أَخْلَاقٍ سَنِيَّةٍ، قُوَّامٌ عُلَمَاءُ أُمَنَاءُ، لَا يَسُوقُ فِيهِمُ الرِّيبَةُ، وَ لَا تَشْرَعُ فِيهِمُ الْغِيبَةُ، فَمَنِ اسْتَبْطَنَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً اسْتَبْطَنَ خُلْقاً سَنِيّاً، فَطُوبَى لِذِي قَلْبٍ سَلِيمٍ أَطَاعَ مَنْ يَهْدِيهِ، وَ اجْتَنَبَ مَنْ يُرْدِيهِ، وَ يَدْخُلُ

ص: 214

مَدْخَلَ كَرَامَةٍ، وَ يَنَالُ سَبِيلَ سَلَامَةٍ، تَبْصِرَةً لِمَنْ بَصَّرَهُ، وَ طَاعَةً لِمَنْ يَهْدِيهِ إِلَى أَفْضَلِ الدَّلَالَةِ، وَ كَشْفَاً لِغَطَاءِ الْجَهَالَةِ الْمُضِلَّةِ الْمُهْلِكَةِ، وَ مَنْ أَرَادَ بَعْدَ هَذَا فَلْيُظْهِرْ بِالْهُدَى دِينَهُ، فَإِنَّ الْهُدَى لَا تُغْلَقُ أَبْوَابُهُ، وَ قَدْ فُتِحَتْ أَسْبَابُهُ بِبُرْهَانٍ وَ بَيَانٍ، لِامْرِئٍ اسْتَنْصَحَ وَ قَبِلَ نَصِيحَةَ مَنْ نَصَحَ بِخُضُوعٍ وَ حُسْنِ خُشُوعٍ، فَلْيَقْبَلِ امْرُؤٌ بِقَبُولِهَا، وَ لْيَحْذَرْ قَارِعَةً قَبْلَ حُلُولِهَا، وَ السَّلَامُ..

***

باب (22) تفصيل مطاعن أبي بكر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الأخبار من كتبهم

البحار: ج13 ص 212 س 4

السادس:

إنّ أبا بكر قال- مخبرا عن نفسه-: إنّ لي شيطانا يعتريني، فإن استقمت فأعينوني و إن زغت فقوّموني و لا يصلح للإرشاد من يطلب الرشاد. و قال: أقيلوني فلست بخيركم .. و لا يحلّ للإمام الاستقالة من البيعة. و أجاب قاضي القضاة في المغني ناقلا عن شيخه أبي علي أنّ إخباره عن نفسه بما أخبر لو كان نقصا فيه لكان قوله تعالى في آدم و حوّاء: «فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ»، و قوله: «فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ»، و قوله تعالى: «وَ ما أَرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى...». الآية، يوجب النقص في الأنبياء (عليهم السّلام)، و إذا لم يجب ذلك فكذلك ما وصف به أبو بكر نفسه، و إنّما أراد أنّ عند الغضب يشفق من المعصية و يحذر منها، و يخاف أن يكون الشيطان يعتريه في تلك

ص: 215

الحال فيوسوس إليه، و ذلك منه على طريق الزجر لنفسه عن المعاصي.(1)

خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله

البحار: ج13 ص226 س 13

فذكر الواقدي أنّه اغتسل في يوم بارد فحمّ و مرض خمسة عشر يوما، و قال الزبير بن بكّار: كان به طرف من السل، و روي عن سلام بن أبي مطيع: إنّه سمّ.(2) قَالَ: وَ رَوَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّهُ أَفْضَلُ مَنْ رَأَيْتُهُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ غِلْظَةً. فَقَالَ: ذَاكَ لِأَنَّهُ يَرَانِي رَفِيقاً وَ لَوْ قَدْ أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَيْهِ لَتَرَكَ كَثِيراً مِمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَ قَدْ رَمَقْتُهُ إِذَا أَنَا غَضِبْتُ عَلَى

ص: 216


1- قال عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة في كتابه الإمامة والسياسة أنّ أبا بكر قال في مرضه واللّه ما آيس إلّا على ثلاث فعلتهن ليتني كنت ترکتهن وثلاث تركتهن ليتني كنت فعلتهن وثلاث ليتني کنت سئلت رسول اللّه عنهن، أمّا اللاتي فعلتهن ولینی کنت تركتهن فليتني كنت ترکت بيت عليّ وإن أغلق على الحرب، وليتني يوم سقيفة بني ساعدة كنت ضربت على يد إحدى الرجلين أبي عبيدة أو عمر فكان هو الأمير وأنا الوزير، وليتني حين أتيت بالفجاءة السلمي أسيرا أني قتلته ولم أكن أحرقته بالنار، وأما اللاتي تركتهن وليتني كنت فعلتهن حين أتيت بالأشعث بن قيس قتلته ولم أستحيه، فإني سمعت منه وأراه لا يرى غيّاً ولا شرّاً إلّا أعان عليه، وليتني حين بعثت خالداً إلى الشام بعثت عمر إلى العراق، فأكون قد بسطت يدي جميعاً في سبيل اللّه، وأما اللاتي كنت أود أني سألت رسول اللّه فليتني سألته لمن هذا الأمر من بعده؟ فلا ينازعه فيه أحد، وليتني كنت سألته هل للأنصار فيه حق؟ وليتني كنت سألته عن ميراث بنت الأخ والعمة فإن في نفسي من ذاك شيئاً السبزواري.
2- هذا القول عندي اقرب إلى الصواب لظلمه على عمر كما صرح لابنه عبد الله وترصد عمر الخلافة بعده، فتدبر. السبزواري.

رَجُلٍ أَرَانِي الرِّضَا عَنْهُ، وَ إِذَا لِنْتُ أَرَانِي الشِّدَّةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ. فَقَالَ: سَرِيرَتُهُ خَيْرٌ مِنْ عَلَانِيَتِهِ، وَ لَيْسَ فِينَا مِثْلُهُ. فَقَالَ لَهُمَا: لَا تَذْكُرَا مِمَّا قُلْتُ لَكُمَا شَيْئاً، وَ لَوْ تَرَكْتُ عُمَرَ مَا عَدَوْتُكَ يَا عُثْمَانُ، وَ الْخِيَرَةُ لَكَ أَنْ لَا تَلِيَ مِنْ أُمُورِهِمْ شَيْئاً، وَ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مِنْ أُمُورِكُمْ خِلْواً، وَ كُنْتُ فِيمَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِكُمْ. وَ دَخَلَ طَلْحَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ- يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) اسْتَخْلَفْتَ عَلَى النَّاسِ عُمَرَ، وَ قَدْ رَأَيْتَ مَا يَلْقَى النَّاسُ مِنْهُ وَ أَنْتَ مَعَهُ، فَكَيْفَ إِذَا خَلَا بِهِمْ؟! وَ أَنْتَ غَداً لَاقٍ رَبَّكَ فَسَائِلُكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ!. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْلِسُونِي .. أَجْلِسُونِي، ثُمَّ قَالَ: أَ بِاللَّهِ تُخَوِّفُنِي؟!، إِذَا لَقِيتُ رَبِّي فَسَاءَلَنِي، قُلْتُ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ. فَقَالَ طَلْحَةُ: أَ عُمَرُ خَيْرُ النَّاسِ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟!. فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ وَ قَالَ: إِي وَ اللَّهِ، هُوَ خَيْرُهُمْ وَ أَنْتَ شَرُّهُمْ، أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ وَلَّيْتُكَ لَجَعَلْتَ أَنْفَكَ فِي قَفَاكَ، وَ لَرَفَعْتَ نَفْسَكَ فَوْقَ قَدْرِهَا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَضَعُهَا، أَتَيْتَنِي وَ قَدْ دَلَكْتَ عَيْنَيْكَ تُرِيدُ أَنْ تَفْتِنَنِي عَنْ دِينِي، وَ تُزِيلَنِي عَنْ رَأْيِي، قُمْ لَا أَقَامَ اللَّهُ رِجْلَيْكَ، أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ عِشْتُ فُوَاقَ نَاقَةٍ وَ بَلَغَنِي أَنَّكَ غَمَّضْتَهُ فِيهَا أَوْ ذَكَرْتُهُ بِسُوءٍ لَأَلْحَقَنَّكَ بِخَمْصَاتِ قُنَّةَ حَيْثُ كُنْتُمْ تُسْقَوْنَ وَ لَا تَرْوَوْنَ، وَ تُرْعَوْنَ وَ لَا تَشْبَعُونَ، وَ أَنْتُمْ بِذَلِكَ مُبْتَهِجُونَ رَاضُونَ!. فَقَامَ طَلْحَةُ فَخَرَجَ. قال: و توفّي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة من سنة ثلاث عشرة. انتهى.

***

باب (23) تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الأخبار من صحاحهم وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه

البحار: ج13 ص263 س1

و أجاب السيد رضي اللّه عنه في الشافي عن جواب القاضي بأنّه: ليس يخلو خلاف عمر

ص: 217

في وفاة رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من أن يكون على سبيل الإنكار لموته (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على كلّ حال، و الاعتقاد لأنّ الموت لا يجوز عليه أو يكون منكرا لموته في تلك الحال من حيث لم يظهر دينه على الدين كلّه .. و ما أشبه ذلك ممّا قال صاحب الكتاب أنّها كانت شبهة في تأخّر موته عن تلك الحال. فإن كان الوجه الأول، فهو ممّا لا يجوز خلاف العقلاء فيه، و العلم بجواز الموت على سائر البشر لا يشكّ فيه عاقل، و العلم من دينه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بأنّه سيموت كما فات من قبله ضروريّ، و لا يحتاج في مثل هذا إلى الآيات التي تلاها أبو بكر من قوله تعالى: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ» و ما أشبهه. و إن كان خلافه على الوجه الثاني، فأوّل ما فيه أنّ هذا الخلاف لا يليق بما احتجّ به أبو بكر من قوله تعالى: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ» لأنّه لم ينكر على هذا جواز الموت، و إنّما خالف في تقدّمه و إن كان يجب أن يقول و أيّ حجّة في هذه الآيات على من جوّز عليه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) الموت في المستقبل و أنكره في هذه الحال. و بعد، فكيف دخلت الشبهة البعيدة على عمر من بين سائر الخلق؟ و من أين زعم أنّه لا يموت حتّى يقطع أيدي رجال و أرجلهم؟(1) و كيف حمل معنى قوله تعالى: «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ»، و قوله تعالى: «وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً»، على أنّ ذلك لا يكون في المستقبل و بعد الوفاة، و كيف لم يخطر هذا إلّا لعمر وحده؟ و معلوم أنّ ضعف الشبهة إنّما يكون من ضعف الفكرة و قلّة التأمّل و البصيرة، و كيف لم يوقن

ص: 218


1- والأصحّ أنّه إنما أنکر موت النبيّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ( بما قال استمالة قلوب الصحابة فانه لما أسنده (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ( إلى البحر أحسّ أن بعضهم تنفر من سوء أدبه فخاف أن يَخلّ ذلك بما أراد من جلب الخلافة فأنكر موته (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ( بتلك العبارة لإصلاح ما أفسده فتدبّر وافهم. وهنا احتمال آخر وهو أنّه قال هذا القول لتسكت العوام عن القول بخلافة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنّه إذا ثبت عدم الموت فلا وجه للخلافة المنصوصة فأراد تلبيس الأمر على أهل المدينة حتّى يستحکم أمر السقيفة، فتدبّر. السبزواري.

بموته لمّا رأى عليه أهل الإسلام من اعتقاد موته و ما ركبهم من الحزن و الكآبة لفقده؟ و هلّا دفع بهذا اليقين ذلك التأويل البعيد فلم يحتج إلى موقف و معرف، و قد كان يجب- إن كانت هذه شبهة- أن يقول في حال مرض رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و قد رأى جزع أهله و أصحابه و خوفهم عليه الوفاة، حتى يقول أسامة بن زيد- معتذرا من تباطئه عن الخروج في الجيش الذي كان رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يكرّر و يردّد الأمر بتنفيذه-: لم أكن لأسأل عنك الركب؟ ما هذا الجزع و الهلع و قد أمّنكم اللّه من موته .. بكذا، و من وجه .. كذا، و ليس هذا من أحكام الكتاب التي يعذر من لا يعرفها- على ما ظنّه- صاحب الكتاب، انتهى كلامه قدّس اللّه روحه.

***

البحار: ج13 ص 282 س 7

وَ رَوَى ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِ، قَالَ: رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ سَوَادَةَ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: صَلَّيْتُ الصُّبْحَ مَعَ عُمَرَ فَقَرَأَ «سُبْحَانَ» وَ سُورَةً مَعَهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقُمْتُ مَعَهُ، فَقَالَ: أَ حَاجَةٌ؟. قُلْتُ: حَاجَةٌ. قَالَ: فَالْحَقْ. فَلَحِقْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَذِنَ، فَإِذَا هُوَ عَلَى ومال [رِمَالِ] سَرِيرٍ لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْ ءٌ، فَقُلْتُ: نَصِيحَةً!. قَالَ: مَرْحَباً بِالنَّاصِحِ غُدُوّاً وَ عَشِيّاً. قُلْتُ: عَابَتْ أُمَّتُكَ- أَوْ قَالَ: رَعِيَّتُكَ- عَلَيْكَ أَرْبَعاً، فَوَضَعَ عُودَ الدِّرَّةِ ثُمَّ ذَقَنَ عَلَيْهَا- هَكَذَا رَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَوَضَعَ رَأْسَ دِرَّتِهِ فِي ذَقَنِهِ، وَ وَضَعَ أَسْفَلَهَا عَلَى فَخِذِهِ، وَ قَالَ: هَاتِ. قَالَ: ذَكَرُوا أَنَّكَ حَرَّمْتَ الْمُتْعَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ- وَ زَادَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ هِيَ حَلَالٌ- وَ لَمْ يُحَرِّمْهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ وَسَلَّمَ]) وَ لَا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: أَجَلْ! إِنَّكُمْ إِذَا اعْتَمَرْتُمْ فِي أَشْهُرِ حَجِّكُمْ رَأَيْتُمُوهَا مُجْزِئَةً مِنْ حَجِّكُمْ، فَقَرِعَ حَجُّكُمْ، وَ كَانَ قَائِبَةَ قُوبٍ عَامَهَا، وَ الْحَجُّ بَهَاءٌ مِنْ بَهَاءِ اللَّهِ، وَ قَدْ أَصَبْتَ. قَالَ: وَ ذَكَرُوا أَنَّكَ حَرَّمْتَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ، وَ قَدْ كَانَتْ رُخْصَةً مِنَ اللَّهِ

ص: 219

يُسْتَمْتَعُ بِقَبْضَةٍ وَ يُفَارَقُ مِنْ ثَلَاثٍ. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ وَسَلَّمَ]) أَحَلَّهَا فِي زَمَانِ ضَرُورَةٍ، وَ رَجَعَ النَّاسُ إِلَى السَّعَةِ، ثُمَّ لَمْ أَجِدْ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَادَ إِلَيْهَا وَ لَا عَمِلَ بِهَا، فَالْآنَ مَنْ شَاءَ نَكَحَ بِقَبْضَةٍ وَ فَارَقَهُ عَنْ طَلَاقٍ بِثَلَاثٍ، وَ قَدْ أَصَبْتَ. قَالَ: وَذَكَرُوا أَنَّكَ أَعْتَقْتَ الْأَمَةَ إِنْ وَضَعَتْ ذَا بَطْنِهَا بِغَيْرِ عَتَاقَةِ سَيِّدِهَا. قَالَ: أَلْحَقْتُ حُرْمَتَهُ بِحُرْمَةٍ، وَ مَا أَرَدْتُ إِلَّا الْخَيْرَ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. قَالَ: وَ شَكَوْا مِنْكَ عُنْفَ السِّيَاقِ وَ نَهْرَ الرَّعِيَّةِ. قَالَ: فَنَزَعَ الدِّرَّةَ ثُمَّ مَسَحَهَا حَتَّى أَتَى عَلَى سُيُورِهَا، وَ قَالَ: وَ أَنَا زَمِيلُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ وَسَلَّمَ]) فِي غَزَاةِ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ، ثُمَّ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأُرْتِعُ فَأُشْبِعُ، وَ أَسْقِى فَأُرْوِي، وَ أَضْرِبُ الْعَرُوضَ، وَ أَزْجُرُ الْعَجُولَ، وَ أُؤَدِّبُ قَدْرِي، وَ أَسُوقُ خَطْوَتِي، وَ أَرُد اللَّفُوتَ، وَ أَضُمُّ الْعَنُودَ(1)، وَ أُكْثِرُ الزَّجْرَ، وَ أُقِلُّ الضَّرْبَ، وَ أَشْهَرُ بِالْعَصَا، وَ أَدْفَعُ بِالْيَدِ، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَأَعْذَرْتُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ(2) يَقُولُ: كَانَ وَ اللَّهِ عَالِماً بِرَعِيَّتِهِ. وَ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ-: قَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، عَنْ عَصِيفِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ ..: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ): مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِنَ السُّنَّةِ مِثْلُهَا.

البحار: ج13 ص338 س5

و أخبارنا في ذلك متواترة، و ما زعمه بعض فقهاء العامّة من انقسام البدعة بالأقسام الخمسة لا وجه له (3)، بل يظهر من عموم النصوص أنّ كلّ ما أحدث في

ص: 220


1- هذه العبارة تشهد أن قائلها كان راعياً. السبزواري.
2- إنما استحسن معاوية هذا الحديث في عمر لأنّ مبناه على السياسة الملكيّة والاستبداد بالرأي وأساس السلطنة الجوريّة والتغلب لا مساس له بالإلهية والأحكام السماوية والشرایع النبويّة وحديث عمر هذا يشهد بصدوره عمن مارس الرعي وصرف عمره في الرعاية لذلك حضر له الألفاظ الرعيّة والاستعارات الشغلية كما لا يخفى. السبزواري ج 30 ص 420 س 10.
3- فنفس هذا التقسيم بدعة أيضاً. السبزواري

الدين ممّا لم يرد في الشريعة خصوصا أو عموما فهو بدعة محرّمة، فكلّ ما فعل على وجه العبادة و لم يكن مستفادا من دليل شرعيّ عامّ أو خاصّ فهو بدعة و تشريع، سواء كان فعلا مستقلا أو وصفا لعبادة متلقّاة من الشارع، كفعل الواجب على وجه الندب و بالعكس، و إيجاب وصف خاصّ في عبادة مخصوصة، فلو أوجب أحد إيقاع الطواف مثلا جماعة، أو زعمه مستحبّا، أو استحبّ عددا مخصوصا في الصلاة. و بالجملة، كلّ فعل أو وصف في فعل أتى به المكلّف على غير الوجه الذي وردت به الشريعة، و تضمّن تغيير حكم شرعيّ و إن كان بالقصد و النية فلا ريب في أنّه بدعة و ضلالة. و أمّا ما دلّ عليه دليل شرعيّ سواء كان قولا أو فعلا عامّا أو خاصّا فهو من السنّة. و قد ظهر من رواياتهم أنّ النبيّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم يصلّ عشرين ركعة يسمّونها: التراويح، و إنّما كان يصلّي ثلاث عشرة ركعة، و لم يدلّ شي ء من رواياتهم التي ظفرنا بها على استحباب هذا العدد المخصوص فضلا عن الجماعة فيها، و الصلاة و إن كانت خيرا موضوعا يجوز قليلها و كثيرها إلّا أنّ القول باستحباب عدد مخصوص منها في وقت مخصوص على وجه الخصوص بدعة و ضلالة، و لا ريب في أنّ المتّبعون لسنّة عمر يزعمونها على هذا الوجه سنّة وكيدة، بل عزيمة، و يجعلونها من شعائر دينهم. و لو سلّمنا انقسام البدعة بالأقسام الخمسة و تخصيص كونها ضلالة بالبدعة المحرّمة، فلا ريب أنّ هذا ممّا عدّوه من البدع المحرّمة لما عرفت، و الأقسام الأخرى من البدع التي عدوها ليست من هذا القبيل، بل هي ممّا ورد في الشريعة عموما أو خصوصا فلا ينفعهم التقسيم، و اللّه الهادي إلى الصراط المستقيم. و منها: أنّه وضع الخراج على أرض السواد.

البحار: ج13 ص 381 س 10

رَوَى الْبُخَارِيُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ يُشْمَلُ عَلَى قِصَّةِ قَتْلِ

ص: 221

عُمَرَ قَالَ: قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: انْطَلِقْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ، وَ لَا تَقُلْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيراً(1)، وَ قُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَن يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، .. فَسَلَّمَ وَ اسْتَأْذَنَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلَامَ وَ يَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي وَ لَأُوثِرَنَّ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ قِيلَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ، قَالَ: ارْفَعُونِي، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟. فَقَالَ: الَّذِي تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَذِنَتْ. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا كَانَ شَيْ ءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَإِذَا أَنَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ فَقُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي وَ إِنْ رَدَّتْنِي رُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِين... .

باب (25) تفصيل مثالب عثمان وبدعه والاحتجاج بها على المخالفين بما رووه في كتبهم وبعض احواله تذييل وتتمیم

البحار: ج13 ص 471 س7

اعلم أنّ عبد الحميد بن أبي الحديد بعد ما أورد مطاعن عثمان أجاب عنها إجمالا، فقال: إنّا لا ننكر أنّ عثمان أحدث أحداثا أنكرها كثير من المسلمين،(2) و لكنّا

ص: 222


1- ومع ذلك أوصى بقتل المؤمنين الذين ادعى أن النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كان راضياً عنهم إن لم يعين الأمير منهم وهذا من العجائب. السبزواري.
2- السبزواري: هو الحدث في المدينة و من احدث فيها عليه ما عليه.

ندّعي مع ذلك أنّها لم تبلغ درجة الفسق، و لا أحبطت ثوابه، و أنّها من الصغائر المكفّرة، و ذلك لأنّا قد علمنا أنّه مغفور له، و أنّه من أهل الجنّة لثلاثة أوجه: أحدها: أنّه من أهل بدر،و قد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ وَسَلَّمَ]): إِنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.

البحار: ج13 ص 545 س6

قَالَ أَرْبَابُ السِّيَرِ وَ الْمُحَدِّثُونَ مِنَ الْمُخَالِفِينَ لَمَّا طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَ عُلِمَ أَنَّهُ قَدِ انْقَضَتْ أَيَّامُهُ وَ اقْتَرَبَ أَجَلُهُ، قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لَوِ اسْتَخْلَفْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ حَيّاً لَاسْتَخْلَفْتُهُ وَ قُلْتُ لِرَبِّي إِنْ سَأَلَنِي: سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ: أَبُو عُبَيْدَةَ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ لَوْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ حَيّاً اسْتَخْلَفْتُهُ، وَ قُلْتُ لِرَبِّي إِنْ سَأَلَنِي: سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ: إِنَّ سَالِماً شَدِيدُ الْحُبِّ لِلَّهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَلِّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ، وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَذَا! وَيْحَكَ! كَيْفَ أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا عَجَزَ عَنْ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ؟! رَوَاهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي الْكَامِلِ وَ الطَّبَرِيُ، عَنْ شُيُوخِهِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، ثُمَّ قَالَ: لَا إِرْبَ لِعُمَرَ فِي خِلَافَتِكُمْ فَمَا حَمِدْتُهَا فَأَرْغَبَ فِيهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَإِنْ تَك خَيْراً فَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُ وَ إِنْ تَكُ شَرّاً فَقَدْ صُرِفَ عَنَّا، حَسْبُ آلِ عُمَرَ أَنْ يُحَاسَبَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ وَ يُسْأَلَ عَنْ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَخَرَجَ النَّاسُ وَ رَجَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: لَوْ عَهِدْتَ عَهْداً، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَجْمَعْتُ بَعْدَ مَقَالَتِي أَنْ أُوَلِّي أَمْرَكُمْ رَجُلًا هُوَ أَحْرَاكُم أَنْ يَحْمِلَكُمْ عَلَى الْحَقِّ وَ أَشَارَ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَرَهَقَتْنِي غَشْيَةٌ فَرَأَيْتُ رَجُلًا دَخَلَ جَنَّةً فَجَعَلَ يَقْطِفُ كُلَّ غَضَّةٍ وَ يَانِعَةٍ فَيَضُمُّهَا إِلَيْهِ وَ يُصَيِّرُهَا تَحْتَهُ، فَخِفْتُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَيّاً وَ مَيِّتاً، وَ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ غَالِبُ أَمْرِهِ. ثُمَّ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالرَّهْطِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): إِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَاتَ وَ هُوَ رَاضٍ عَنْ هَذِهِ السِّتَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ: عَلِيٍّ،

ص: 223

وَ عُثْمَانَ، وَ طَلْحَةَ، وَ الزُّبَيْرِ، وَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَ قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَجْعَلَهَا شُورَى بَيْنَهُمْ لِيَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وَ إِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وَ لَنْ يُضِيعَ اللَّهُ دِينَهُ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوهُمْ لِي .. فَدَعَوْهُمْ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَ هُوَ مُلْقًى عَلَى فِرَاشِهِ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَ كُلُّكُمْ يَطْمَعُ فِي الْخِلَافَةِ؟! فَوَجَمُوا، فَقَالَ لَهُمْ ثَانِيَةً، فَأَجَابَهُ الزُّبَيْرُ، وَ قَالَ: مَا الَّذِي يُبْعِدُنَا مِنْهَا، وُلِّيتَهَا أَنْتَ فَقُمْتَ بِهَا وَ لَسْنَا دُونَكَ فِي قُرَيْشٍ وَ لَا فِي السَّابِقَةِ وَ لَا فِي الْقَرَابَةِ. فَقَالَ عُمَرُ: أَ فَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَنْفُسِكُمْ؟ قَالُوا: قُلْ، فَإِنَّا لَوِ اسْتَعْفَيْنَاكَ لَمْ تُعْفِنَا، فَقَالَ: أَمَّا أَنْتَ يَا زُبَيْرُ! فَوَعِقَةٌ لَقِسٌ، مُؤْمِنُ الرِّضَا كَافِرُ الْغَضَبِ، يَوْماً إِنْسَانٌ وَ يَوْماً شَيْطَانٌ، وَ لَعَلَّهَا لَوْ أَفْضَتْ إِلَيْكَ ظَلْتَ يَوْمَكَ تُلَاطِمُ بِالْبَطْحَاءِ عَلَى مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ، فَإِنْ أَفْضَتْ إِلَيْكَ فَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ يَكُونُ لِلنَّاسِ يَوْمَ تَكُونُ شَيْطَاناً، وَ مَنْ يَكُونُ يَوْمَ تَغْضَبُ إِمَاماً، وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْمَعَ لَكَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَنْتَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى طَلْحَةَ وَ كَانَ لَهُ مُبْغِضاً مُنْذُ قَالَ لِأَبِي بِكْرٍ يَوْمَ وَفَاتِهِ: مَا قَالَ فِي عُمَرَ، وَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَقَالَ لَهُ: أَقُولُ أَمْ أَسْكُتُ؟. قَالَ: قُلْ، فَإِنَّكَ لَا تَقُولُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئاً. قَالَ: أَمَا إِنِّي أَعْرِفُكَ مُنْذُ أُصِيبَتْ إِصْبَعُكَ يَوْمَ أُحُدٍ وَ الْبَأْوَ الَّذِي حَدَثَ لَكَ، وَ لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ سَاخِطاً عَلَيْكَ(1) لِلْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتَهَا يَوْمَ أُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ-، وَ الْكَلِمَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ قَالَ طَلْحَةُ: مَا الَّذِي يُغْنِيهِ حِجَابُهُنَّ الْيَوْمَ وَ سَيَمُوتُ غَداً فَنَنْكِحُهُنَّ، كَذَا ذَكَرُهُ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ عَنْ شَيْخِهِ الْجَاحِظ.

***

ص: 224


1- السبزواري: وهذا يناقض قوله كان راضياً عن الستة، ولا يخفى إن كان هذا سبب سخط الرسول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فکان ساخطاً على عثمان أيضاً. وهذا طعن عليه استفيد من كلام عمر.

باب (31) ما ورد في لعن بني أمية وبني العباس وكفرهم

البحار: ج13 ص 629

47 – مِنْ كِتَابِ الْمَلَاحِمِ، تَأْلِيفِ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ وَ دَخَلَ عَلَيْه مَرْوَانُ فِي حَوَائِجِهِ، فَقَالَ: اقْضِ حَوَائِجِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنِّي أَصْبَحْتُ أَبَا عَشَرَةٍ وَ أَخَا عَشَرَةٍ، وَ قَضَى حَوَائِجَهُ ثُمَّ خَرَجَ، فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَ هُوَ مَعَهُ عَلَى الزبير [السَّرِيرِ]-: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: إِذَا بَلَغَ بَنُو الْحَكَمِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ بَيْنَهُمْ دُوَلًا، وَ عِبَادَهُ خَوَلًا، وَ كِتَابَهُ دَخَلًا، فَإِذَا بَلَغُوا تسع [تِسْعاً] وَ تِسْعِينَ وَ أَرْبَعَمِائَةٍ كَانَ هَلَاكُهُمْ أَسْرَعَ مِنْ أَوَّلِ تَمْرَةٍ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، ثُمَّ إِنَّ مَرْوَانَ ذَكَرَ حَاجَةً لِمَا حَصَلَ فِي بَيْتِهِ فَوَجَّهَ ابْنَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَكَلَّمَهُ فِيهَا فَقَضَاهَا، فَلَمَّا أَدْبَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذَكَرَ هَذَا، فَقَالَ: هَذَا أَبُو الْجَبَابِرَةِ الْأَرْبَعَةِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ ادَّعَى مُعَاوِيَةُ زِيَاداً.(1)

البحار: ج 31 ص 75 س13 (2)

***

ص: 225


1- السبزواري: هذا هو أحد الوجوه في ادعاء معاوية زيادا وأظن انه عليه اللعنة اعتذر بهذا عند العوام.
2- وكتب في نهاية باب (ما ورد في جميع الغاصبين والمرتدّين مجملاً): بسم اللّه الرحمن الرحيم، إلى هنا وفقت لمطالعة الكتاب، الأحقر عبد الأعلى الموسوي سنة 1392ه-.

أبواب ما جرى بعد قتل عثمان من الفتن والوقائع والحروب وغيرها

باب (1) باب بيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وما جرى بعدها من نكث الناكثين إلى غزوة الجمل

البحار: ج13 ص663

7- وَ قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ النَّهْجِ نَقْلًا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْإِسْكَافِيِ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعَتِ الصَّحَابَةُ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي أَمْرِ الْإِمَامَةِ أَشَارَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ وَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ وَ مَالِكُ بْنُ الْعَجْلَانِ وَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِعَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ ذَكَرُوا فَضْلَهُ وَ سَابِقَتَهُ وَ جِهَادَهُ وَ قَرَابَتَهُ فَأَجَابَهُمُ النَّاسُ إِلَيْهِ فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَطِيباً يَذْكُرُ فَضْلَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَمِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَى أَهْلِ عَصْرِهِ خَاصَّةً وَ مِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ كَافَّةً ثُمَّ بُويِعَ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ الْبَيْعَةِ وَ هُوَ يَوْمُ السَّبْتِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ ذَكَرَ مُحَمَّداً فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ذَكَرَ الدُّنْيَا فَزَهَّدَهُمْ فِيهَا وَ ذَكَرَ الْآخِرَةَ فَرَغَّبَهُمْ إِلَيْهَا ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) اسْتَخْلَفَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَعَمِلَ بِطَرِيقِهِ ثُمَّ جَعَلَهَا شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ فَأَفْضَى الْأَمْرُ مِنْهُمْ إِلَى عُثْمَانَ فَعَمِلَ مَا أَنْكَرْتُمْ وَ عَرَفْتُمْ ثُمَّ حُصِرَ وَ قُتِلَ ثُمَّ جِئْتُمُونِي فَطَلَبْتُمْ إِلَيَّ وَ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ لِي مَا لَكُمْ وَ عَلَيَّ مَا عَلَيْكُمْ وَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ الْبَابَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَأَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ وَ لَا يَحْمِلُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا أَهْلُ الصَّبْرِ وَ الْبَصَرِ وَ الْعِلْمِ بِمَوَاقِعِ الْأَمْرِ وَ إِنِّي حَامِلُكُمْ عَلَى مَنْهَجِ نَبِيِّكُمْ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ مُنَفِّذٌ

ص: 226

فِيكُمْ مَا أُمِرْتُ بِهِ إِنِ استقتم [اسْتَقَمْتُمْ] لِي وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ أَلَا إِنَّ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَوْضِعِي مِنْهُ أَيَّامَ حَيَاتِهِ فَامْضُوا لِمَا تُؤْمَرُونَ بِهِ وَ قِفُوا عِنْدَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ وَ لَا تَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ حَتَّى نُبَيِّنَهُ لَكُمْ فَإِنَّ لَنَا عَنْ كُلِّ أَمْرٍ مُنْكَرٍ تُنْكِرُونَهُ عُذْراً أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ عَالِمٌ مِنْ فَوْقِ سَمَائِهِ وَ عَرْشِهِ أَنِّي كُنْتُ كَارِهاً لِلْوَلَايَةِ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى اجْتَمَعَ رَأْيُكُمْ عَلَى ذَلِكَ لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ أَيُّمَا وَالٍ وَلِيَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِي أُقِيمَ عَلَى حَدِّ الصِّرَاطِ وَ نَشَرَتِ الْمَلَائِكَةُ صَحِيفَتَهُ فَإِنْ كَانَ عَادِلًا أَنْجَاهُ اللَّهُ بِعَدْلِهِ وَ إِنْ كَانَ جَائِراً انْتَقَضَ بِهِ الصِّرَاطُ حَتَّى تَتَزَايَلَ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَهْوِي إِلَى النَّارِ فَيَكُونُ أَوَّلُ مَا يَتَّقِيهَا بِهِ أَنْفَهُ وَ حُرَّ وَجْهِهِ وَ لَكِنِّي لَمَّا اجْتَمَعَ رَأْيُكُمْ لَمَا يَسَعُنِي تَرْكُكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَمِيناً وَ شِمَالًا فَقَالَ أَلَا لَا يَقُولَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ غَداً قَدْ غَمَرَتْهُمُ الدُّنْيَا فَاتَّخَذُوا الْعَقَارَ وَ فَجَّرُوا الْأَنْهَارَ وَ رَكِبُوا الْخُيُولَ الْفَارِهَةَ وَ اتَّخَذُوا الْوَصَائِفَ الرُّوقَةَ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَاراً وَ شَنَاراً إِذَا مَا مَنَعْتُهُمْ مَا كَانُوا يَخُوضُونَ فِيهِ وَ أَصَرْتُهُمْ إِلَى حُقُوقِهِمُ الَّتِي يَعْلَمُونَ فَيَنْقِمُونَ ذَلِكَ وَ يَسْتَنْكِرُونَ وَ يَقُولُونَ حَرَمَنَا ابْنُ أَبِي طَالِبٍ حُقُوقَنَا أَلَا وَ أَيُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَرَى أَنَّ الْفَضْلَ لَهُ عَلَى مَنْ سِوَاهُ لِصُحْبَتِهِ فَإِنَّ لَهُ الْفَضْلَ النَّيِّرَ غَداً عِنْدَ اللَّهِ وَ ثَوَابُهُ وَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَ أَيُّمَا رَجُلٍ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ فَصَدَّقَ مِلَّتَنَا وَ دَخَلَ فِي دِينِنَا وَ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَقَدِ اسْتَوْجَبَ حُقُوقَ الْإِسْلَامِ وَ حُدُودَهُ فَأَنْتُمْ عِبَادُ اللَّهِ وَ الْمَالُ مَالُ اللَّهِ يُقْسَمُ بَيْنَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ لَا فَضْلَ فِيهِ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ وَ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ اللَّهِ غَداً أَحْسَنُ الْجَزَاءِ وَ أَفْضَلُ الثَّوَابِ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ الدُّنْيَا لِلْمُتَّقِينَ أَجْراً [جَزَاءً] وَ لَا ثَوَاباً «وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ» وَ إِذَا كَانَ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَاغْدُوا عَلَيْنَا فَإِنَّ عِنْدَنَا مَالًا نَقْسِمُهُ فِيكُمْ وَ لَا يَتَخَلَّفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ عَرَبِيٌّ وَ لَا عَجَمِيٌّ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا حَضَرَ إِذَا كَانَ مُسْلِماً حُرّاً أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَ لَكُمْ ثُمَّ نَزَلَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ كَانَ هَذَا أَوَّلَ مَا أَنْكَرُوهُ مِنْ

ص: 227

كَلَامِهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَوْرَثَهُمُ الضِّغْنَ عَلَيْهِ وَ كَرِهُوا عَطَاءَهُ وَ قَسْمَهُ بِالسَّوِيَّة.(1)

البحار: ج13 ص673 س 17

جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ عَلِيٌ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جَاءَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ(2) فَقَالَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ قَدْ وَلَّاهُ الشَّامَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَوَلِّهِ أَنْتَ كَيْمَا تَتَّسِقَ عُرَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ اعْزِلْهُ إِنْ بَدَا لَكَ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَ تَضْمَنُ لِي عُمُرِي يَا مُغِيرَةُ فِيمَا بَيْنَ تَوْلِيَتِهِ إِلَى خَلْعِهِ قَالَ لَا قَالَ لَا يَسْأَلُنِيَ اللَّهُ عَنْ تَوْلِيَتِهِ عَلَى رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَيْلَةً سَوْدَاءَ أَبَداً «وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً» الْخَبَرَ.

البحار: ج13 ص693 س14

وَ قَامَ الْأَشْتَرُ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَلَّمَهُ بِكَلَامٍ يَحُضُّهُ عَلَى أَهْلِ الْوُقُوفِ فَكَرِهَ ذَلِكَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَتَّى شَكَاهُ وَ كَانَ مِنْ رَأْيِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ لَا يَذْكُرَهُمْ بِشَيْ ءٍ فَقَالَ الْأَشْتَرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا وَ إِنْ لَمْ نَكُنْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَإِنَّا فِيهِمْ وَ هَذِهِ بَيْعَةٌ عَامَّةٌ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا عَاصٍ وَ الْمُبْطِئُ عَنْهَا مُقَصِّرٌ وَ إِنَّ أَدَبَهُمُ الْيَوْمَ بِاللِّسَانِ وَ غَداً بِالسَّيْفِ وَ مَا مَنْ ثَقُلَ عَنْكَ كَمَنْ خَفَّ مَعَكَ وَ إِنَّمَا أَرَادَكَ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ فَأَرِدْهُمْ لِنَفْسِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا

ص: 228


1- أقول: هذا هو العمدة في شقاق الناس ورغبتهم عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فهو (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان بين طرفي النقيض إن وسع الناس بالمال وفضّل بعضهم على بعض، فهل قتل عثمان إلّا بذلك وهل هناك سبب مهم الاختلال خلافته إّلا ذلك ولو سوی بینهم وهو الواجب عليه شرعاً وسياسته يورث النفاق والشقاق فهو (عَلَيهِ السَّلَامُ) عالم حکیم سیّس مدبّر عالم بسياسة الرعية ولكن زمان خلافته لا يتحمله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولو كانت خلافته الظاهرية في زمان أبي بكر أو عمر لعلم كل أحد أنه قطب السياسة والرياسة. السبزواری.
2- المغيرة أحد المعاندين لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا الجواب منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مداراة للمغيرة وإلّا فهل نقموا القوم العثمان إلّا الاستخلاف مثل معاوية والمغيرة فهو (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع أن تكليفه الشرعي يقتضي عدم استخلاف مثل المغيرة ومعاوية كذلك سياسته الملكية فتدبّر تعرف. السبزواري.

مَالِكُ دَعْنِي وَ أَقْبَلَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَ رَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ مَنْ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ ثُمَّ نَكَثَ بَيْعَتَهُ أَ كُنْتُمْ تَسْتَحِلُّونَ قِتَالَهُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ وَ كَيْفَ تَحَرَّجُونَ مِنَ الْقِتَالِ مَعِي وَ قَدْ بَايَعْتُمُونِي قَالُوا إِنَّا لَا نَزْعُمُ أَنَّكَ مُخْطِئٌ وَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ قِتَالُ مَنْ بَايَعَكَ ثُمَّ نَكَثَ بَيْعَتَكَ وَ لَكِنْ نَشُكُّ فِي قِتَالِ أَهْلِ الصَّلَاةِ فَقَالَ الْأَشْتَرُ دَعْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُوقِعْ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْكَ فَقَالَ لَهُ كُفَّ عَنِّي فَانْصَرَفَ الْأَشْتَرُ وَ هُوَ مُغْضَبٌ ثُمَّ إِنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ لَقِيَ مَالِكاً الْأَشْتَرَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ قَيْسٌ لِلْأَشْتَرِ يَا مَالِكُ كُلَّمَا ضَاقَ صَدْرُكَ بِشَيْ ءٍ أَخْرَجْتَهُ وَ كُلَّمَا اسْتَبْطَأْتَ أَمْراً اسْتَعْجَلْتَهُ إِنَّ أَدَبَ الصَّبْرِ التَّسْلِيمُ وَ أَدَبَ الْعَجَلَةِ الْأَنَاةُ وَ إِنَّ شَرَّ الْقَوْلِ مَا ضَاهَى الْعَيْبَ وَ شَرَّ الرَّأْيِ مَا ضَاهَى التُّهَمَةَ فَإِذَا ابْتُلِيتَ فَاسْأَلْ وَ إِذَا أُمِرْتَ فَأَطِعْ وَ لَا تَسْأَلْ قَبْلَ الْبَلَاءِ وَ لَا تَكَلَّفْ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْأَمْرُ فَإِنَّ فِي أَنْفُسِنَا مَا فِي نَفْسِكَ فَلَا تَشُقَّ عَلَى صَاحِبِكَ فَغَضِبَ الْأَشْتَرُ ثُمَّ إِنَّ الْأَنْصَارَ مَشَوْا إِلَى الْأَشْتَرِ فِي ذَلِكَ فَرَضَّوْهُ مِنْ غَضَبِهِ فَرَضِيَ فَلَمَّا هَمَّ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِالشُّخُوصِ قَامَ أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدِ صَاحِبُ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَقَمْتَ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ فَإِنَّهَا مُهَاجَرُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ بِهَا قَبْرُهُ وَ مِنْبَرُهُ فَإِنِ اسْتَقَامَتْ لَكَ الْعَرَبُ كُنْتَ كَمَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ إِنْ وُكِلْتَ إِلَى الْمَسِيرِ فَقَدْ أَعْذَرْتَ فَأَجَابَهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِعُذْرِهِ فِي الْمَسِيرِ(1) ثُمَّ خَرَجَ لَمَّا سَمِعَ تَوَجُّهَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ إِلَى الْبَصْرَةِ

ص: 229


1- أقول: ما أجاب به (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رأي من التمس منه القعود في المدينة وإرسال الجنود إلى الناكثين، بل صرح بنفسه مع انه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمر عمر بذلك في وقعة القادسية وحق له (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ لا يجيب بل وجب عليه الخروج بنفسه لوجوه: إن الحرب في زمان عمر كانت بين المسلمين والكفار فلو صار خليفة المسلمين قتيل الكفار فهذا شر هزيمة للمسلمين لا يسده شيء بخلاف ما إذا خليفة المسلمين قتيل المسلمين. لو لم يخرج بنفسه لغلب طلحة والزبير على العراق لان جلّ أشراف العراق وذوي رأيهم كانوا مائلين عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما لا يخفى على من قابل التواريخ والسير. لو لم يخرج بنفسه لطمع معاوية في العراق بل كان يضمه إلى الشام بمكره و حيله وحينئذ يصير أصعب واشد. إلى غير ذلك من الوجوه التي يعرفها البصير بالسيَر فتبصّر. السبزواري.

وَ تَمَكَّثَ حَتَّى عَظُمَ جَيْشُهُ وَ أَغَذَّ السَّيْرَ فِي طَلَبِهِمْ فَجَعَلُوا لَا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْزِلٍ إِلَّا نَزَلَهُ حَتَّى نَزَلَ بِذِي قَارٍ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيَحْزُنُنِي أَنْ أَدْخُلَ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي قِلَّةِ مَنْ مَعِي فَأَرْسَلَ إِلَى الْكُوفَةِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِما السَّلَامُ) وَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ وَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ كِتَابا.

البحار: ج13 ص 712

6- أَبِي عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ ضُرَيْسٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى «وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ»(1) قَالَ نَزَلَتْ فِي طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ وَ الْجَمَلُ جَمَلُهُمْ.

***

باب (2) باب احتجاج أمّ سلمة على عائشة ومنعها من الخروج

البحار: ج13 ص 738

127 – مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عُقْبَةَ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي الْأَخْنَسِ الأرجي قَالَ: لَمَّا أَرَادَتْ عَائِشَةُ الْخُرُوجَ إِلَى الْبَصْرَةِ كَتَبَتْ إِلَيْهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ

ص: 230


1- لعلّ المعنى لن يدخل الجنة حتّى يدخل الجمل الذي أتوا به في ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) التي هي في غاية الضيق عليهم. السبزواري.

عَلَيْهَا زَوْجَةُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكِ سُدَّةٌ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ بَيْنَ أُمَّتِهِ وَ حِجَابُهُ الْمَضْرُوبُ عَلَى حُرْمَتِهِ وَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنُ ذَيْلَكِ فَلَا تَنْدَحِيهِ وَ سَكَّنَ عُقَيْرَاكِ فَلَا تُصْحِرِيهَا اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ مَكَانَكِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَعْهَدَ إِلَيْكِ لَفَعَلَ وَ قَدْ عَهِدَ فَاحْفَظِي مَا عَهِدَ وَ لَا تُخَالِفِي فَيُخَالَفَ بِكِ وَ اذْكُرِي قَوْلَهُ فِي نُبَاحِ كِلَابِ الْحَوْأَبِ وَ قَوْلَهُ مَا لِلنِّسَاءِ وَ الْغَزْوِ وَ قَوْلَهُ انْظُرِي يَا حُمَيْرَاءُ أَنْ لَا تَكُونِي أَنْتِ عُلْتِ بَلْ قَدْ نَهَاكِ عَنِ الْفُرْطَةِ فِي الْبِلَادِ إِنَّ عَمُودَ الْإِسْلَامِ لَنْ يُثْأَبَ بِالنِّسَاءِ إِنْ مَالَ وَ لَنْ يُرْأَبَ بِهِنَّ إِنْ صَدَعَ حُمَادَيَاتُ النِّسَاءِ غَضُّ الْأَبْصَارِ وَ خَفَرُ الْأَعْرَاضِ وَ قِصَرُ الْوَهَازَةِ مَا كُنْتِ قَائِلَةً لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَارَضَكِ بِبَعْضِ الْفَلَوَاتِ نَاصَّةً قَلُوصاً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَى آخَرَ إِنَّ بِعَيْنِ اللَّهِ مَهْوَاكِ وَ عَلَى رَسُولِهِ تَرِدِينَ وَ قَدْ وَجَّهْتِ سِدَافَتَهُ وَ تَرَكْتِ عُهَيْدَاهُ لَوْ سِرْتُ مَسِيرَكِ هَذَا ثُمَّ قِيلَ لِيَ ادْخُلِي الْفِرْدَوْسَ لَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ هَاتِكَةً حِجَاباً قَدْ ضَرَبَهُ عَلَيَّ فَاتَّقِي اللَّهَ وَ اجْعَلِي حِصْنَكِ بَيْتَكِ وَ رِبَاعَةَ السِّتْرِ قَبْرَكِ حَتَّى تَلْقَيْهِ وَ أَنْتِ عَلَى تِلْكِ الْحَالِ أَطْوَعَ مَا تَكُونِينَ لِلَّهِ مَا لَزِمْتِهِ وَ أَنْصَرَ مَا تَكُونِينَ لِلدِّينِ مَا جَلَسْتِ عَنْهُ لَوْ ذَكَّرْتُكِ بِقَوْلٍ تَعْرِفِينَهُ لَنَهَشْتِ نَهْشَ الرَّقْشَاءِ الْمُطْرِقِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا أَقْبَلَنِي لِوَعْظِكِ وَ مَا أَعْرَفَنِي بِنُصْحِكِ وَ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَظُنِّينَ وَ لَنِعْمَ الْمَسِيرُ مَسِيراً فَزِعَتْ إِلَيَّ فِيهِ فِئَتَانِ مُتَشَاجِرَتَانِ إِنْ أَقْعُدْ فَفِي غَيْرِ حَرَجٍ وَ إِنْ أَنْهَضْ فَإِلَى مَا لَا بُدَّ مِنَ الِازْدِيَادِ مِنْهُ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ

لَوْ كَانَ مُعْتَصِماً مِنْ زَلَّةٍ أَحَدٌ *** كَانَتْ لِعَائِشَةَ الْعُتْبَى عَلَى النَّاسِ

كَمْ سُنَّةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ دَارِسَةٌ- *** وَ تِلْوِ آيٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِدْرَاسٌ

قَدْ يَنْزِعُ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ عُقُولَهُمْ *** حَتَّى يَكُونَ الَّذِي يَقْضِي عَلَى الرَّأْسِ

ثم قال رحمه الله تفسيره قولها رحمة الله عليها إنك سدة بين رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أي إنك باب بينه و بين أمته فمتى أصيب ذلك الباب بشي ء فقد دخل على رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في حريمه و حوزته فاستبيح ما حماه فلا تكوني

ص: 231

أنت سبب ذلك بالخروج الذي لا يجب عليك فتحوجي الناس إلى أن يفعلوا مثل ذلك. و قولها فلا تندحيه أي لا تفتحيه فتوسعيه بالحركة و الخروج يقال ندحت الشي ء إذا أوسعته و منه يقال أنا في مندوحة عن كذا أي في سعة. و تريد بقولها قد جمع القرآن ذيلك قول الله عز و جل «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى» و قولها و سكن عقيراك من عقر الدار و هو أصلها و أهل الحجاز يضمون العين و أهل نجد يفتحونها فكانت عقيرا اسم مبني من ذاك على التصغير و مثله مما جاء مصغرا الثريا و الحميا و هي سورة الشراب و لم يسمع بعقيرا إلا في هذا الحديث. و قولها فلا تصحريها أي لا تبرزيها و تباعديها و تجعليها بالصحراء يقال أصحرنا إذا أتينا الصحراء كما يقال أنجدنا إذا أتينا نجدا. و قولها علت أي ملت إلى غير الحق و العول الميل عن الشي ء و الجور قال الله عز و جل ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا يقال عال يعول إذا جار. و قولها بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد أي عن التقدم و السبق في البلاد لأن الفرطة اسم في الخروج و التقدم مثل غُرفة و غَرفة يقال في فلان فرطة أي تقدم و سبق يقال فرطته في الماء أي سبقته. و قولها إن عمود الإسلام لن يثأب بالنساء إن مال أي لا يرد بهن إلى استوائه يقال ثبت إلى كذا أي عدت إليه. و قولها لن يرأب بهن إن صدع أي لا يسد بهن يقال رأبت الصدع لأمته فانضم.

و قولها حماديات النساء هي جمع حمادى يقال قصاراك أن تفعل ذلك و حماداك كأنها تقول جهدك و غايتك و قولها غض الأبصار معروف. و قولها و خفر الأعراض الأعراض جماعة العرض و هو الجسد. و الخفر الحياء أرادت أن محمدة النساء في غض الأبصار و في الستر للخفر الذي هو الحياء و قصر الوهازة و هو الخطو تعني بها أن تقل خطوهن. و قولها ناصة قلوصا من منهل إلى آخر أي رافعة لها في السير و النص سير

ص: 232

مرفوع و منه يقال نصصت الحديث إلى فلان إذا رفعه إليه و منه الحديث كان رسول الله يسير العنق فإذا وجد فجوة نص يعني زاد في السير. و قولها إن بعين الله مهواك يعني مرادك لا يخفى على الله. و قولها و على رسول الله تردين أي لا تفعلي فتخجلي من فعلك و قد وجهت سدافته أي هتكت الستر لأن السدافة الحجاب و الستر و هو اسم مبني من أسدف الليل إذا ستر بظلمته و يجوز أن يكون أرادت من قولها وجهت سدافته يعني أزلتيها من مكانها الذي أمرت أن تلزميه و جعلتها أمامك. و قولها و تركت عهيداه تعني بالعهيدة الذي تعاهده و يعاهدك و يدل على ذلك قولها لو قيل لي ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هاتكة حجابا قد ضربه علي و قولها اجعلي حصنك بيتك و رباعة الستر قبرك فالربع المنزل و رباعة الستر ما وراء الستر تعني اجعلي ما وراء الستر من المنزل قبرك و هذا معنى ما يروى و وقاعة الستر قبرك هكذا رواه القتيبي و ذكر أن معناه و وقاعة الستر موقعه من الأرض إذا أرسلت و في رواية القتيبي لو ذكرت قولا تعرفينه نهستني نهس الرقشاء المطرق فذكر أن الرقشاء سميت بذلك لرقش في ظهرها و هي النقط. و قال غير القتيبي الرقشاء من الأفاعي التي في لونها سواد و كدورة قال و المطرق المسترخى جفون العين. توضيح كلامها رضي الله عنها مع عائشة متواتر المعنى رواه الخاصة و العامة بأسانيد جمة و فسروا ألفاظه في كتب اللغة و رواه ابن أبي الحديد في شرح المختار من النهج و شرحه و قال ذكره ابن قتيبة في غريب الحديث. (1)

***

ص: 233


1- وكذا في كتابه الامامة والسياسة. السبزواري.
باب (4) احتجاجه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أهل البصرة وغيرهم بعد انقضاء الحرب وخطبه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند ذلك

البحار: ج13 ص 780

170 – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ قِتَالِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَضَعَ قَتَباً عَلَى قَتَبٍ ثُمَّ صَعِدَ عَلَيْهِ فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ يَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ يَا أَهْلَ الدَّاءِ الْعُضَالِ يَا أَتْبَاعَ الْبَهِيمَةِ يَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَهَرَبْتُمْ مَاؤُكُمْ زُعَاقٌ وَ دِينُكُمْ نِفَاقٌ وَ أَحْلَامُكُمْ دِقَاقٌ ثُمَّ نَزَلَ يَمْشِي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ خُطْبَتِهِ فَمَشَيْنَا مَعَهُ فَمَرَّ بِالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ(1) وَ هُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ يَا حَسَنُ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ قَتَلْتَ بِالْأَمْسِ أُنَاساً يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ يُصَلُّونَ الْخَمْسَ وَ يُسْبِغُونَ الْوُضُوءَ فَقَالَ

ص: 234


1- الحسن بن أبي الحسن البصري وكانت أمّه من خيرة موالي أمّ سلمة زوج النبيّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)؛ قيل كانت (رضي الله عنها) تسكت الحسن حين يبكي فتلقمه ثديها فيدر عليه من لبنها، فما كان في الحسن من الفهم والحكمة من اثر لبن أم سلمة. بلغ الحسن من العمر تسعا وثمانين سنة يقول طورا بالعدل و طورا بالقدر وطورا بالجبر فقد نقل عن تلميذه ابن أبي العوجاء عندما سئل: لم ترکت مذهب صاحبك الحسن ودخلت فيما لا أصل فيه فأجاب بأنّ صاحبي کان مخلطاً يقول تارة بكذا وأخرى بكذا ثمّ انه قد تسالم أصحابنا على ذمه، ولكن قيل انه تاب آخر عمره. وفي شرح ابن أبي الحديد انه كان ممّن يخذل عن نصرة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإن علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) رآه وهو يتوضأ وكان ذا وسوسة فصب على أعضائه ماءً كثيراً فقال له أرقت ماءً كثيراً یا حسن فقال ما أراق أمير المؤمنين من دماء المسلمين أكثر فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو ساءك ذلك قال نعم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) لازلت سوءً. فما زال الحسن عابساً قاطباً مهموماً إلى أن مات. وذم الرجل من طرقنا متواتر، نعم إن ثبتت توبته، فخبرها يكون مقدماً على جميع ذلك. فتفحص حتّى تعلم أن ناقل خبر التوبة لم تثبت وثاقته. السبزواري.

لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَدْ كَانَ مَا رَأَيْتَ فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُعِينَ عَلَيْنَا عَدُوَّنَا فَقَالَ وَ اللَّهِ لَأَصْدُقَنَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ خَرَجْتُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ فَاغْتَسَلْتُ وَ تَحَنَّطْتُ وَ صَبَبْتُ عَلَيَّ سِلَاحِي وَ أَنَا لَا أَشُكُّ فِي أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ هُوَ الْكُفْرُ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْخُرَيْبَةِ نَادَى مُنَادٍ يَا حَسَنُ ارْجِعْ فَإِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ فِي النَّارِ فَرَجَعْتُ ذَعِراً وَ جَلَسْتُ فِي بَيْتِي فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي لَمْ أَشُكَّ أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ هُوَ الْكُفْرُ فَتَحَنَّطْتُ وَ صَبَبْتُ عَلَيَّ سِلَاحِي وَ خَرَجْتُ أُرِيدُ الْقِتَالَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْخُرَيْبَةِ فَنَادَانِي مُنَادٍ مِنْ خَلْفِي يَا حَسَنُ إِلَى أَيْنَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ فِي النَّارِ قَالَ عَلِيٌّ صَدَقْتَ أَ فَتَدْرِي مَنْ ذَاكَ الْمُنَادِي قَالَ لَا قَالَ ذَاكَ أَخُوكَ إِبْلِيسُ وَ صَدَقَكَ أَنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ مِنْهُمْ فِي النَّارِ فَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الْآنَ عَرَفْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الْقَوْمَ هَلْكَى.

***

باب (8) باب حكم من حارب عليّاً أمير المؤمنين صلوات الله عليه

البحار: ج13 ص 832(1)

304-306- وَ قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ النَّهْجِ رَوَى نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْأَرْقَمِ عَنْ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ

ص: 235


1- كتب قدّس سرّه في نهاية المجلد الثامن من الطبعة الحجريّة ما نصّه: بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه الذي وفقني لمطالعة هذا الكتاب المستطاب من أوّله إلى آخره في النجف الأشرف وكان إتمامه في يوم الأربعاء من شهر ج 1 من شهور سنة 1362. وأنا الأحقر عبد الأعلى الموسوي السبزواري

عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا نَظَرَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَيْهِ أَعْوَاناً رَجَعُوا إِلَى عَدَاوَتِهِمْ لَنَا إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوا الصَّلَاةَ. (1)

***

ص: 236


1- هذا الخبر مروي من طرقنا أيضاً. السبزواري.

ص: 237

التعليقات علی بحار الأنوار والمشتمل على الأجزاء 15، 16، 17 من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 238

ص: 239

أبواب النصوص على أمير المؤمنين والنصوص على الأئمّة الاثني عشر (عَلَيهِمُ السَّلَامُ)

باب (40) نصوص اللّه عليهم من خبر اللوح والخواتيم وما نص به عليهم في الكتب السالفة وغيرها

البحار: ج1 ص 409

2 – الطَّالَقَانِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ صَدَقَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عِنْدَ الْوَفَاةِ دَعَا بِابْنِهِ الصَّادِقِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِيَعْهَدَ إِلَيْهِ عَهْداً فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ لَوِ امْتَثَلْتَ فِيَّ بِمِثَالِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ لَرَجَوْتُ أَنْ لَا تَكُونَ أَتَيْتَ مُنْكَراً فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْحُسَيْنِ إِنَّ الْأَمَانَاتِ لَيْسَتْ بِالْمِثَالِ وَ لَا الْعُهُودُ بِالرُّسُومِ وَ إِنَّمَا هِيَ أُمُورٌ سَابِقَةٌ عَنْ حُجَجِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ دَعَا بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ يَا جَابِرُ حَدِّثْنَا بِمَا عَايَنْتَ مِنَ الصَّحِيفَةِ فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ نَعَمْ يَا بَا جَعْفَرٍ دَخَلْتُ إِلَى مَوْلَاتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لِأُهَنِّئَهَا بِمَوْلِدِ الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَإِذَا بِيَدِهَا صَحِيفَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ دُرَّةٍ فَقُلْتُ يَا سَيِّدَةَ النِّسْوَانِ مَا هَذِهِ الصَّحِيفَةُ الَّتِي أَرَاهَا مَعَكَ قَالَتْ فِيهَا أَسْمَاءُ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِي قُلْتُ لَهَا نَاوِلِينِي لِأَنْظُرَ فِيهَا قَالَتْ يَا جَابِرُ لَوْ لَا النَّهْيُ لَكُنْتُ أَفْعَلُ لَكِنَّهُ قَدْ نَهَى أَنْ يَمَسَّهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ أَوْ أَهْلُ بَيْتِ نَبِيٍّ وَ لَكِنَّهُ مَأْذُونٌ لَكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى بَاطِنِهَا مِنْ ظَاهِرِهَا قَالَ جَابِرٌ فَقَرَأْتُ فَإِذَا- أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُصْطَفَى أُمُّهُ آمِنَةُ- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْمُرْتَضَى أُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَبُو

ص: 240

مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَرُّ- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّقِيُّ- أُمُّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ- أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَدْلُ أُمُّهُ شَهْرَبَانُوَيْهِ بِنْتُ يَزْدَجَرْدَ- أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ أُمُّهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ أُمُّهُ أُمُّ فَرْوَةَ بِنْتُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ- أَبُو إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ أُمُّهُ جَارِيَةٌ اسْمُهَا حَمِيدَةُ- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا أُمُّهُ جَارِيَةٌ وَ اسْمُهَا نَجْمَةُ- أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّكِيُّ أُمُّهُ جَارِيَةٌ اسْمُهَا خَيْزُرَانُ- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَمِينُ أُمُّهُ جَارِيَةٌ اسْمُهَا سَوْسَنُ- أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّقِيقُ أُمُّهُ جَارِيَةٌ اسْمُهَا سُمَانَةُ وَ تُكَنَّى أُمَّ الْحَسَنِ- أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هُوَ حُجَّةُ اللَّهِ الْقَائِمُ أُمُّهُ جَارِيَةٌ اسْمُهَا نَرْجِسُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.(1)

البحار: ج15 ص419

10– عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدِيجِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: الْوَصِيَّةُ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كِتَاباً مَخْتُوماً وَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كِتَابٌ مَخْتُومٌ إِلَّا الْوَصِيَّةُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ هَذِهِ وَصِيَّتُكَ فِي أُمَّتِكَ إِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَيُّ أَهْلِ بَيْتِي يَا جَبْرَئِيلُ فَقَالَ نَجِيبُ اللَّهِ مِنْهُمْ وَ ذُرِّيَّتُهُ لِيَرِثَكَ عِلْمَ النُّبُوَّةِ كَمَا وَرِثَهُ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمُ وَ كَانَتْ عَلَيْهَا

ص: 241


1- أقول: ليست الإمامة إلّا كالنبوّة لا ينالها إلّا من ارتضاه لاتصافه بتمام الكمالات النفسانية، والأخلاق القدسية، وكونه ذا نفس ملكوتية واقتدار إلهي يظهر منه الكرامات والمعجزات و خوارق العادات، وهي نصوص صريحة على إمامته، و آیات واضحة على ولايته يكشف عند ذوي الفكر والاعتبار، وتنصيص النبيّ ليس إلّا لخفافيش الأبصار، ومن لم يجعل اللّه لهم من نور، ومع التنصيص خبثهم الباطني يؤدي إلى المخالفة والعناد والطغيان والإلحاد، والتنصيص لا يزيدهم إلّا ضلالة و غواية. السبزواري.

الْخَوَاتِيمُ فَفَتَحَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْخَاتَمَ الْأَوَّلَ وَ مَضَى إِلَى مَا أُمِرَ بِهِ فِيهِ: ثُمَّ فَتَحَ الْحَسَنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْخَاتَمَ الثَّانِيَ وَ مَضَى إِلَى مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ فَتَحَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْخَاتَمَ الثَّالِثَ فَوَجَدَ فِيهِ أَنْ قَاتِلْ وَ اقْتُلْ وَ تَقَتَّلْ وَ اخْرُجْ بِقَوْمٍ لِلشَّهَادَةِ لَا شَهَادَةَ لَهُمْ إِلَّا مَعَكَ فَفَعَلَ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليهما السّلام) وَ مَضَى فَفَتَحَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) الْخَاتَمَ الرَّابِعَ فَوَجَدَ فِيهِ أَنْ أَطْرِقْ وَ اصْمُتْ لَمَّا حُجِبَ الْعِلْمُ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِما السَّلَامُ) فَفَتَحَ الْخَاتَمَ الْخَامِسَ فَوَجَدَ فِيهِ أَنْ فَسِّرْ كِتَابَ اللَّهِ وَ صَدِّقْ أَبَاكَ وَ وَرِّثِ ابْنَكَ الْعِلْمَ وَ اصْطَنِعِ الْأُمَّةَ وَ قُلِ الْحَقَّ فِي الْخَوْفِ وَ الْأَمْنِ وَ لَا تَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَفَعَلَ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ كَثِيرٍ فَقُلْتُ لَهُ وَ أَنْتَ هُوَ فَقَالَ مَا بِكَ فِي هَذَا إِلَّا أَنْ تَذْهَبَ يَا مُعَاذُ فَتَرْوِيَهُ عَنِّي نَعَمْ أَنَا هُوَ حَتَّى عَدَّدَ عَلَيَّ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً ثُمَّ سَكَتَ فَقُلْتُ ثُمَّ مَنْ فَقَالَ حَسْبُك.(1)

***

باب (41) نصوص الرسول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عليهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ)

البحار: ج 15 ص 491

182- أَبُو الْمُفَضَّلِ وَ الْمُعَافَا بْنُ زَكَرِيَّا وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا مَشِيخَتُنَا وَ عُلَمَاؤُنَا عَنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالُوا لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجَمَلِ خَرَجَ عَلِيُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَ قَدْ أَحَاطَتْ بِالْهَوْدَجِ بَنُو ضَبَّةَ فَنَادَى أَيْنَ طَلْحَةُ وَ أَيْنَ الزُّبَيْرُ فَبَرَزَ لَهُ الزُّبَيْرُ فَخَرَجَا حَتَّى الْتَقَيَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ يَا زُبَيْرُ مَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى هَذَا قَالَ الطَّلَبُ بِدَمِ عُثْمَانَ قَالَ- قَاتَلَ اللَّهُ أَوْلَانَا بِدَمِ عُثْمَانَ أَ مَا تَذْكُرُ يَوْماً كُنَّا فِي بَنِي

ص: 242


1- هذا الخبر صريح فيما قلناه سابقاً من أن الإمامة عهد من اللّه معهودة وكذلك روايات أخر تمرّ عليك، فتفحص وتأمّل. السبزواري.

بَيَاضَةَ فَاسْتَقْبَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَ هُوَ مُتَّكٍ عَلَيْكَ فَضَحِكْتُ إِلَيْكَ وَ ضَحِكْتَ إِلَيَّ فَقُلْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلِيّاً لَا يَتْرُكُ زَهْوَهُ فَقَالَ مَا بِهِ زَهْوٌ وَ لَكِنَّكَ لَتُقَاتِلُهُ يَوْماً وَ أَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ كَيْفَ أَرْجِعُ الْآنَ إِنَّهُ لَهُوَ الْعَارُ قَالَ ارْجِعْ بِالْعَارِ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَيْكَ الْعَارُ وَ النَّارُ قَالَ كَيْفَ أَدْخُلُ النَّارَ وَ قَدْ شَهِدَ لِي رَسُولُ اللَّهِ بِالْجَنَّةِ قَالَ مَتَى قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فِي خِلَافَتِهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ عَشَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ(1) قَالَ وَ مَنِ الْعَشَرَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ أَنَا وَ طَلْحَةُ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً قَالَ فَمَنِ الْعَاشِرُ قَالَ أَنْتَ قَالَ أَمَّا أَنْتَ شَهِدْتَ لِي بِالْجَنَّةِ وَ أَمَّا أَنَا فَلَكَ وَ لِأَصْحَابِكَ مِنَ الْجَاحِدِينَ وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ إِنَّ سَبْعَةً مِمَّنْ ذَكَرْتَهُمْ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ فِي أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ الْجَحِيمِ عَلَى ذَلِكَ التَّابُوتِ صَخْرَةٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَذَابَ أَهْلِ الْجَحِيمِ رُفِعَتْ تِلْكَ الصَّخْرَةُ قَالَ فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ وَ هُوَ يَقُولُ:

نَادَى عَلِيٌّ بِأَمْرٍ لَسْتُ أَجْهَلُهُ *** قَدْ كَانَ عَمْرَ أَبِيكَ الْحَقَّ مُذْ حِينٍ

فَقُلْتُ حَسْبُكَ مِنْ لُؤْمِي أَبَا حَسَنٍ *** فَبَعْضُ مَا قُلْتَهُ الْيَوْمَ يَكْفِينِي

اخْتَرْتُ عَاراً عَلَى نَارٍ مُؤَجَّجَةٍ *** أَنَّى يَقُومُ بِهَا خَلْقٌ مِنَ الطِّينِ

البحار: ج 15 ص 506

219 – بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا عَلِيُّ إِنَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَهَبَ لَكَ حُبَ الْمَسَاكِينِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ فَرَضِيتَ بِهِمْ إِخْوَاناً وَ رَضُوا بِكَ إِمَاماً فَطُوبَى لَكَ وَ لِمَنْ أَحَبَّكَ وَ صَدَّقَ فِيكَ وَ وَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَكَ وَ كَذَّبَ عَلَيْكَ يَا عَلِيُّ أَنَا الْمَدِينَةُ وَ أَنْتَ بَابُهَا وَ مَا تُؤْتَى الْمَدِينَةُ إِلَّا مِنْ بَابِهَا يَا عَلِيُّ أَهْلُ مَوَدَّتِكَ كُلُّ أَوَّابٍ

ص: 243


1- في العشرة المبشرة بالجنة، وأن سبعة منهم في النار، فالخبر المعروف بين العامة مجعول. السبزواري.

حَفِيظٍ وَ أَهْلُ وَلَايَتِكَ كُلُّ أَشْعَثَ ذِي طِمْرَيْنِ(1) لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ يَا عَلِيُّ إِخْوَانُكَ فِي أَرْبَعَةِ أَمَاكِنَ فَرِحُونَ عِنْدَ خُرُوجِ أَنْفُسِهِمْ وَ أَنَا وَ أَنْتَ شَاهِدُهُمْ وَ عِنْدَ الْمُسَاءَلَةِ فِي قُبُورِهِمْ وَ عِنْدَ الْعَرْضِ وَ عِنْدَ الصِّرَاطِ يَا عَلِيُّ حَرْبُكَ حَرْبِي وَ حَرْبِي حَرْبُ اللَّهِ مَنْ سَالَمَكَ فَقَدْ سَالَمَنِي وَ مَنْ سَالَمَنِي فَقَدْ سَالَمَ اللَّهَ يَا عَلِيُّ بَشِّرْ شِيعَتَكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ وَ رَضُوا بِكَ لَهُمْ قَائِداً وَ رَضُوا بِكَ وَلِيّاً يَا عَلِيُّ أَنْتَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَ أَنْتَ أَبُو سِبْطَيَّ وَ أَبُو الْأَئِمَّةِ التِّسْعَةِ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ وَ مِنَّا مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَا عَلِيُّ شِيعَتُكَ الْمُنْتَجَبُونَ وَ لَوْ لَا أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ مَا قَامَ لِلَّهِ دِين.

***

باب (49) نادر في ذكر مذاهب الذين خالفوا الفرقة المحقة في القول بالأئمّة الاثني عشر صلوات اللّه عليهم

البحار: ج 10 ص 56212 س 16

فأما الرواية عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) من قوله ما بدا للّه في شي ء كما بدا له في إسماعيل فإنّها على غير ما توهموه أيضاً من البداء في الإمامة و إنما معناها مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَتَبَ الْقَتْلَ عَلَى ابْنِي إِسْمَاعِيلَ مَرَّتَيْنِ فَسَأَلْتُهُ فِيهِ فَرَقاً فَمَا بَدَا لَهُ فِي شَيْ ءٍ كَمَا بَدَا لَهُ فِي إِسْمَاعِيلَ. يعني به ما ذكره من القتل الذي كان مكتوبا فصرفه عنه بمسألة أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأما الإمامة فإنه لا يوصف اللّه عزّ وجلّ بالبداء فيها و على ذلك إجماع فقهاء الإمامية و معهم فيه أثر عنهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) أنهم قالوا مهما بدا للّه في شي ء فلا يبدو له في نقل نبي عن نبوّته و لا إمام عن إمامته و لا

ص: 244


1- الطمر هو الثوب الخلق، الكساء البالي. السبزواري.

مؤمن قد أخذ عهده بالإيمان عن إيمانه و إذا كان الأمر على ما ذكرناه فقد بطل أيضا هذا الفصل الذي اعتمدوه و جعلوه دلالة على نص أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) على إسماعيل. (1)

***

باب (61) جوامع الأخبار الدالة على إمامته من طرق الخاصة والعامة

البحار: ج16 من ص 69 إلى ص 125

(مجمل القول فيما ورد في جوامع الأخبار الدالّة على إمامته من طرق الخاصة والعامة). (2)

ص: 245


1- أقول: فما يظهر من البداء في الإمامة من بعض الروايات والزيارات لا بد من أن يُؤل كما لا يخفى. السبزواري.
2- أقول: هذا يناسب الأنظار الظاهرية، والسياسات الشخصية الاجتماعية، ولكن لباب الحق بعد رفض القشر يقتضي نوعاً آخر من الكلام، وهو أنه ليس المقصود من النبوّة إلّا دعوة الناس إلى التوحيد والإخلاص فلا همة للنبيّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلّا نشر التوحيد والإخلاص، فتارة ينشرهما بألفاظ دالة عليهما ككلمة التوحید و سورة الإخلاص، وسائر الآيات الدالة عليهما، وأخرى ينشرهما بمن لسان حاله يفصح عنهما ويبينهما حق البيان. وهذا القسم يكون أبلغ وأبين في الدعوة لذوي البصائر، وهو ليس إلّا النفس الناطقة البشرية البالغة في جانبي العلم والعمل قُصيّا درجات الاستكمال بحسب أقصى مراتب العقل المستفاد، ولذا قال (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): (مثل علي ابن أبي طالب فيكم مثل قل هو اللّه أحد في القرآن) فإظهار شئون علي ابن أبي طالب ليس إلّا نشر التوحيد والإخلاص بوجه أبلغ، ولو ضيع النبيّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذكر علي ابن أبي طالب وأهمله لما بلغ الرسالة، فتدبّر - إن كنت من أهله - السبزواري.
باب (62) نادر فيما امتحن اللّه به امیر المؤمنين صلوات اللّه عليه في حياة النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وبعد وفاته

البحار : ج 16 ص 125 - 136

1- أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الرَّائِدِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَ عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: أَتَى رَأْسُ الْيَهُودِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ وَقْعَةِ النَّهْرَوَانِ وَ هُوَ جَالِسٌ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَشْيَاءَ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ قَالَ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ يَا أَخَا الْيَهُودِ قَالَ إِنَّا نَجِدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا بَعَثَ نَبِيّاً أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِ أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْ يَعْهَدَ إِلَيْهِمْ فِيهِ عَهْداً يُحْتَذَى عَلَيْهِ وَ يُعْمَلُ بِهِ فِي أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَمْتَحِنُ الْأَوْصِيَاءَ فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ وَ يَمْتَحِنُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ فَأَخْبِرْنِي كَمْ يَمْتَحِنُ اللَّهُ الْأَوْصِيَاءَ فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ وَ كَمْ يَمْتَحِنُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ مِنْ مَرَّةٍ وَ إِلَى مَا يَصِيرُ آخِرُ أَمْرِ الْأَوْصِيَاءِ إِذَا رَضِيَ مِحْنَتَهُمْ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ الَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى لَئِنْ أَخْبَرْتُكَ بِحَقٍّ عَمَّا تَسْأَلُ عَنْهُ لَتُقِرَّنَّ بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى لَئِنْ أَجَبْتُكَ لَتُسْلِمَنَّ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَمْتَحِنُ الْأَوْصِيَاءَ فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ لِيَبْتَلِيَ طَاعَتَهُمْ فَإِذَا رَضِيَ طَاعَتَهُمْ وَ مِحْنَتَهُمْ أَمَرَ

ص: 246

الْأَنْبِيَاءَ أَنْ يَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ فِي حَيَاتِهِمْ وَ أَوْصِيَاءَ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ وَ يَصِيرُ طَاعَةُ الْأَوْصِيَاءِ فِي أَعْنَاقِ الْأُمَمِ مِمَّنْ يَقُولُ بِطَاعَةِ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) ثُمَّ يَمْتَحِنُ الْأَوْصِيَاءَ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ لِيَبْلُوَ صَبْرَهُمْ فَإِذَا رَضِيَ مِحْنَتَهُمْ خَتَمَ لَهُمْ بِالسَّعَادَةِ لِيُلْحِقَهُمْ بِالْأَنْبِيَاءِ وَ قَدْ أَكْمَلَ لَهُمُ السَّعَادَةَ قَالَ لَهُ رَأْسُ الْيَهُودِ صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبِرْنِي كَمِ امْتَحَنَكَ اللَّهُ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مِنْ مَرَّةٍ وَ كَمِ امْتَحَنَكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ مَرَّةٍ وَ إِلَى مَا يَصِيرُ آخِرُ أَمْرِكَ فَأَخَذَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِيَدِهِ وَ قَالَ انْهَضْ بِنَا أُنْبِئْكَ بِذَلِكَ يَا أَخَا الْيَهُودِ فَقَامَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئْنَا بِذَلِكَ مَعَهُ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا تَحْتَمِلَهُ قُلُوبُكُمْ قَالُوا وَ لِمَ ذَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لِأُمُورٍ بَدَتْ لِي مِنْ كَثِيرٍ مِنْكُمْ فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَشْتَرُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئْنَا بِذَلِكَ فَوَ اللَّهِ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّهُ مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَصِيُّ نَبِيٍّ سِوَاكَ وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَبْعَثُ بَعْدَ نَبِيِّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نَبِيّاً سِوَاهُ وَ إِنَّ طَاعَتَكَ لَفِي أَعْنَاقِنَا مَوْصُولَةٌ بِطَاعَةِ نَبِيِّنَا فَجَلَسَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَقْبَلَ عَلَى الْيَهُودِيِّ فَقَالَ لَهُ يَا أَخَا الْيَهُودِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ امْتَحَنَنِي فِي حَيَاةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ فَوَجَدَنِي فِيهِنَّ مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ لِنَفْسِي بِنِعْمَةِ اللَّهِ لَهُ مُطِيعاً قَالَ وَ فِيمَ وَ فِيمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَمَّا أَوَّلُهُنَّ(1) فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَى نَبِيِّنَا وَ حَمَلَهُ الرِّسَالَةَ وَ أَنَا أَحْدَثُ أَهْلِ بَيْتِي سِنّاً أَخْدُمُهُ فِي بَيْتِهِ وَ أَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ فِي أَمْرِهِ فَدَعَا صَغِيرَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ كَبِيرَهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ وَ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَ هَجَرُوهُ وَ نَابَذُوهُ وَ اعْتَزَلُوهُ وَ اجْتَنَبُوهُ وَ سَائِرُ النَّاسِ مُقْصِينَ لَهُ وَ مُبْغِضِينَ وَ مُخَالِفِينَ عَلَيْهِ قَدِ اسْتَعْظَمُوا مَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِمْ مِمَّا لَمْ يَحْتَمِلْهُ قُلُوبُهُمْ وَ تُدْرِكْهُ عُقُولُهُمْ فَأَجَبْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَحْدِي إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ مُسْرِعاً مُطِيعاً مُوقِناً لَمْ يَتَخَالَجْنِي

ص: 247


1- السبق إلى الإسلام. السبزواري.

فِي ذَلِكَ شَكٌّ فَمَكَثْنَا بِذَلِكَ ثَلَاثَ حِجَجٍ وَ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ خَلْقٌ يُصَلِّي أَوْ يَشْهَدُ لِرَسُولِ اللَّهِ بِمَا آتَاهُ اللَّهُ غَيْرِي وَ غَيْرُ ابْنَةِ خُوَيْلِدٍ رَحِمَهَا اللَّهُ وَ قَدْ فَعَلَ ثُمَ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الثَّانِيَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ قُرَيْشاً لَمْ تَزَلْ تَخَيَّلَ الْآرَاءَ وَ تَعَمَّلَ الْحِيَلَ فِي قَتْلِ النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) حَتَّى كَانَ آخِرُ مَا اجْتَمَعَتْ فِي ذَلِكَ يَوْمَ الدَّارِ دَارِ النَّدْوَةِ وَ إِبْلِيسُ الْمَلْعُونُ حَاضِرٌ فِي صُورَةِ أَعْوَرِ ثَقِيفٍ فَلَمْ تَزَلْ تَضْرِبُ أَمْرَهَا ظَهْراً لِبَطْنٍ حَتَّى اجْتَمَعَتْ آرَاؤُهَا عَلَى أَنْ يَنْتَدِبَ مِنْ كُلِ فَخِذٍ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ ثُمَّ يَأْخُذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ سَيْفَهُ ثُمَّ يَأْتِيَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَيَضْرِبُونَهُ جَمِيعاً بِأَسْيَافِهِمْ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَقْتُلُوهُ فَإِذَا قَتَلُوهُ مَنَعَتْ قُرَيْشٌ رِجَالَهَا وَ لَمْ تُسَلِّمْهَا فَيَمْضِي دَمُهُ هَدَراً فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَأَنْبَأَهُ بِذَلِكَ وَ أَخْبَرَهُ بِاللَّيْلَةِ الَّتِي يَجْتَمِعُونَ فِيهَا وَ السَّاعَةِ الَّتِي يَأْتُونَ فِرَاشَهُ فِيهَا وَ أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ إِلَى الْغَارِ فَأَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِالْخَبَرِ وَ أَمَرَنِي أَنْ أَضْطَجِعَ فِي مَضْجَعِهِ وَ أَقِيَهُ بِنَفْسِي فَأَسْرَعْتُ إِلَى ذَلِكَ مُطِيعاً لَهُ مَسْرُوراً لِنَفْسِي بِأَنْ أُقْتَلَ دُونَهُ فَمَضَى لِوَجْهِهِ وَ اضْطَجَعْتُ فِي مَضْجَعِهِ وَ أَقْبَلَتْ رِجَالاتُ قُرَيْشٍ مُوقِنَةً فِي أَنْفُسِهَا أَنْ تَقْتُلَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَلَمَّا اسْتَوَى بِي وَ بِهِمُ الْبَيْتُ الَّذِي أَنَا فِيهِ نَاهَضْتُهُمْ بِسَيْفِي فَدَفَعْتُهُمْ عَنْ نَفْسِي بِمَا قَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ وَ النَّاسُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ(2) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَ ابْنَ عُتْبَةَ كَانُوا فُرْسَانَ قُرَيْشٍ دَعَوْا إِلَى الْبِرَازِ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَمْ يَبْرُزْ لَهُمْ خَلْقٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَنْهَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَعَ صَاحِبَيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَ قَدْ فَعَلَ وَ أَنَا أَحْدَثُ أَصْحَابِي سِنّاً وَ أَقَلُّهُمْ لِلْحَرْبِ تَجْرِبَةً فَقَتَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِيَدِي

ص: 248


1- إيثار نفسه دون نفس النبي. السبزواري
2- أكمل الناس شجاعة. السبزواري.

وَلِيداً وَ شَيْبَةَ سِوَى مَنْ قَتَلْتُ مِنْ جَحَاجِحَةِ قُرَيْشٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ سِوَى مَنْ أَسَرْتُ وَ كَانَ مِنِّي أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِي وَ اسْتُشْهِدَ ابْنُ عَمِّي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ أَقْبَلُوا إِلَيْنَا عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ قَدِ اسْتَحَاشُوا مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَ قُرَيْشٍ طَالِبِينَ بِثَأْرِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ فِي يَوْمِ بَدْرٍ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلَى النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فَأَنْبَأَهُ بِذَلِكَ فَذَهَبَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ عَسْكَرَ بِأَصْحَابِهِ فِي سَدِّ أُحُدٍ وَ أَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ إِلَيْنَا فَحَمَلُوا عَلَيْنَا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنِ اسْتُشْهِدَ وَ كَانَ مِمَّنْ بَقِيَ مَا كَانَ مِنَ الْهَزِيمَةِ وَ بَقِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ مَضَى الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ مِنَ الْمَدِينَةِ كُلٌّ يَقُولُ قُتِلَ النَّبِيُّ وَ قُتِلَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ وَ قَدْ جُرِحْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نَيِّفاً وَ سَبْعِينَ جَرْحَةً مِنْهَا هَذِهِ وَ هَذِهِ ثُمَّ أَلْقَى رِدَاءَهُ وَ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَى جِرَاحَاتِهِ وَ كَانَ مِنِّي فِي ذَلِكَ مَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثَوَابُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ(2) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ قُرَيْشاً وَ الْعَرَبَ تَجَمَّعَتْ وَ عَقَدَتْ بَيْنَهَا عَقْداً وَ مِيثَاقاً لَا تَرْجِعُ مِنْ وَجْهِهَا حَتَّى تَقْتُلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ تَقْتُلَنَا مَعَهُ مَعَاشِرَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ بِحَدِّهَا وَ حَدِيدِهَا حَتَّى أَنَاخَتْ عَلَيْنَا بِالْمَدِينَةِ وَاثِقَةً بِأَنْفُسِهَا فِيمَا تَوَجَّهَتْ لَهُ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَأَنْبَأَهُ بِذَلِكَ فَخَنْدَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَدِمَتْ قُرَيْشٌ فَأَقَامَتْ عَلَى الْخَنْدَقِ مُحَاصِرَةً لَنَا تَرَى فِي أَنْفُسِهَا الْقُوَّةَ وَ فِينَا الضَّعْفَ تُرْعِدُ وَ تُبْرِقُ وَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَدْعُوهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ

ص: 249


1- تحمّل الأذى في حفظ نفس النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والإعلان باسمه الشريف السبزواري.
2- إظهار الدعوة النبوية حين مقابلة الكفر والإسلام، وجعل نفسه عرضة للقتل مع مساعدة الأسباب الظاهرية على كونه مقتولا. السبزواري.

وَ يُنَاشِدُهَا بِالْقَرَابَةِ وَ الرَّحِمِ فَتَأْبَى وَ لَا يَزِيدُهَا ذَلِكَ إِلَّا عُتُوّاً وَ فَارِسُهَا وَ فَارِسُ الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ يَهْدِرُ كَالْبَعِيرِ الْمُغْتَلِمِ يَدْعُو إِلَى الْبِرَازِ وَ يَرْتَجِزُ وَ يَخْطِرُ بِرُمْحِهِ مَرَّةً وَ بِسَيْفِهِ مَرَّةً لَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ مُقْدِمٌ وَ لَا يَطْمَعُ فِيهِ طَامِعٌ وَ لَا حَمِيَّةٌ تُهَيِّجُهُ وَ لَا بَصِيرَةٌ تُشَجِّعُهُ فَأَنْهَضَنِي إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ عَمَّمَنِي بِيَدِهِ وَ أَعْطَانِي سَيْفَهُ هَذَا وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى ذِي الْفَقَارِ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ وَ نِسَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَوَاكٍ إِشْفَاقاً عَلَيَّ مِنِ ابْنِ عَبْدِ وُدٍّ فَقَتَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِيَدِي وَ الْعَرَبُ لَا تَعُدُّ لَهَا فَارِساً غَيْرَهُ وَ ضَرَبَنِي هَذِهِ الضَّرْبَةَ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى هَامَتِهِ فَهَزَمَ اللَّهُ قُرَيْشاً وَ الْعَرَبَ بِذَلِكَ وَ بِمَا كَانَ مِنِّي فِيهِمْ مِنَ النِّكَايَةِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا السَّادِسَة

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ وَ أَمَّا السَّابِعَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَمَّا تَوَجَّهَ لِفَتْحِ مَكَّةَ أَحَبَّ أَنْ يُعْذِرَ إِلَيْهِمْ وَ يَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ آخِراً كَمَا دَعَاهُمْ أَوَّلًا فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ كِتَاباً يُحَذِّرُهُمْ فِيهِ وَ يُنْذِرُهُمْ عَذَابَ اللَّهِ وَ يَعْهَدُهُمُ الصَّفْحَ وَ يُمَنِّيهِمْ مَغْفِرَةَ رَبِّهِمْ وَ نَسَخَ لَهُمْ فِي آخِرِهِ سُورَةَ بَرَاءَةَ لِتَقْرَأَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَرَضَ عَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِهِ الْمُضِيَّ بِهِ فَكُلُّهُمْ يَرَى التَّثَاقُلَ فِيهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَدَبَ مِنْهُمْ رَجُلًا فَوَجَّهَهُ بِهِ فَأَتَاهُ- جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ لَا يُؤَدِّي عَنْكَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ رَجُلٌ مِنْكَ فَأَنْبَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِذَلِكَ وَ وَجَّهَنِي بِكِتَابِهِ وَ رِسَالَتِهِ إِلَى مَكَّةَ فَأَتَيْتُ مَكَّةَ وَ أَهْلُهَا مَنْ قَدْ عَرَفْتُمْ لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ لَوْ قَدَرَ أَنْ يَضَعَ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنِّي إِرْباً لَفَعَلَ وَ لَوْ أَنْ يَبْذُلَ فِي ذَلِكَ نَفْسَهُ وَ أَهْلَهُ وَ وُلْدَهُ وَ مَالَهُ فَبَلَّغْتُهُمْ رِسَالَةَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ كِتَابَهُ فَكُلُّهُمْ يَلْقَانِي بِالتَّهَدُّدِ وَ الْوَعِيدِ وَ يُبْدِي إِلَيَّ الْبَغْضَاءَ وَ يُظْهِرُ الشَّحْنَاءَ مِنْ رِجَالِهِمْ وَ نِسَائِهِمْ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا أَخَا الْيَهُودِ هَذِهِ الْمَوَاطِنُ الَّتِي امْتَحَنَنِي فِيهِنَّ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَوَجَدَنِي فِيهَا كُلِّهَا بِمَنِّهِ مُطِيعاً لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا مِثْلُ الَّذِي لِي وَ لَوْ شِئْتُ لَوَصَفْتُ ذَلِكَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَهَى عَنِ التَّزْكِيَةِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْفَضِيلَةَ بِالْقَرَابَةِ مِنْ نَبِيِّنَا وَ أَسْعَدَكَ بِأَنْ جَعَلَكَ أَخَاهُ تَنْزِلُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَ فَضَّلَكَ بِالْمَوَاقِفِ الَّتِي بَاشَرْتَهَا وَ الْأَحْوَالِ الَّتِي رَكِبْتَهَا وَ ذَخَرَ لَكَ الَّذِي ذَكَرْتَ وَ أَكْثَرَ مِنْهُ مِمَّا لَمْ تَذْكُرْهُ وَ مِمَّا لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُهُ يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ شَهِدَكَ مِنَّا مَعَ نَبِيِّنَا وَ مَنْ شَهِدَكَ بَعْدَهُ فَأَخْبِرْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا

ص: 251


1- تصريح النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن اللّه تعالی بكونه منه في تأدية ما بعث به النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). ففي تمام هذه الصفات السبعة الثابتة لذاته يكون ممتحناً امتحنه اللّه تعالى فيما أعطاه من الصفات فوجده ذا نفس مطمئنة فأعطاه الولاية الكلية وجعله ولي أمره ووصيه. السبزواري.

امْتَحَنَكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ بَعْدَ نَبِيِّنَا فَاحْتَمَلْتَهُ وَ صَبَرْتَ عَلَيْهِ فَلَوْ شِئْنَا أَنْ نَصِفَ ذَلِكَ لَوَصَفْنَاهُ عِلْماً مِنَّا بِهِ وَ ظُهُوراً مِنَّا عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّا نُحِبُّ أَنْ نَسْمَعَ مِنْكَ ذَلِكَ كَمَا سَمِعْنَا مِنْكَ مَا امْتَحَنَكَ اللَّهُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ فَأَطَعْتَهُ فِيهِ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا أَخَا الْيَهُودِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ امْتَحَنَنِي بَعْدَ وَفَاةِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ فَوَجَدَنِي فِيهِنَّ مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ لِنَفْسِي بِمَنِّهِ وَ نِعْمَتِهِ صَبُوراً أَمَّا أَوَّلُهُنَّ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِي خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً أَحَدٌ آنَسُ بِهِ أَوْ أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ أَوْ أَسْتَنِيمُ إِلَيْهِ أَوْ أَتَقَرَّبُ بِهِ غَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ هُوَ رَبَّانِي صَغِيراً وَ بَوَّأَنِي كَبِيراً وَ كَفَانِي الْعَيْلَةَ وَ جَبَرَنِي مِنَ الْيُتْمِ وَ أَغْنَانِي عَنِ الطَّلَبِ وَ وَقَانِيَ الْمَكْسَبَ وَ عَالَ لِيَ النَّفْسَ وَ الْوَلَدَ وَ الْأَهْلَ هَذَا فِي تَصَارِيفِ أَمْرِ الدُّنْيَا مَعَ مَا خَصَّنِي بِهِ مِنَ الدَّرَجَاتِ الَّتِي قَادَتْنِي إِلَى مَعَالِي الْحُظْوَةِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَنَزَلَ بِي مِنْ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَا لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ الْجِبَالَ لَوْ حُمِّلَتْهُ عَنْوَةً كَانَتْ تَنْهَضُ بِهِ فَرَأَيْتُ النَّاسَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مَا بَيْنَ جَازِعٍ لَا يَمْلِكُ جَزَعَهُ وَ لَا يَضْبِطُ نَفْسَهُ وَ لَا يَقْوَى عَلَى حَمْلِ فَادِحِ مَا نَزَلَ بِهِ قَدْ أَذْهَبَ الْجَزَعُ صَبْرَهُ وَ أَذْهَلَ عَقْلَهُ وَ حَالَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْفَهْمِ وَ الْإِفْهَامِ وَ الْقَوْلِ وَ الِاسْتِمَاعِ وَ سَائِرَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَيْنَ مُعَزٍّ يَأْمُرُ بِالصَّبْرِ وَ بَيْنَ مُسَاعِدٍ بَاكٍ لِبُكَائِهِمْ جَازِعٍ لِجَزَعِهِمْ وَ حَمَلْتُ نَفْسِي عَلَى الصَّبْرِ عِنْدَ وَفَاتِهِ بِلُزُومِ الصَّمْتِ وَ الِاشْتِغَالِ بِمَا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ تَجْهِيزِهِ وَ تَغْسِيلِهِ وَ تَحْنِيطِهِ وَ تَكْفِينِهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَ وَضْعِهِ فِي حُفْرَتِهِ وَ جَمْعِ كِتَابِ اللَّهِ وَ عَهْدِهِ إِلَى خَلْقِهِ لَا يَشْغَلُنِي عَنْ ذَلِكَ بَادِرُ دَمْعَةٍ وَ لَا هَائِجُ زَفْرَةٍ وَ لَا لَاذِعُ حُرْقَةٍ وَ لَا جَزِيلُ مُصِيبَةٍ حَتَّى أَدَّيْتُ فِي ذَلِكَ الْحَقَّ الْوَاجِبَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عَلَيَّ وَ بَلَّغْتُ مِنْهُ الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ وَ احْتَمَلْتُهُ صَابِراً مُحْتَسِباً ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا

ص: 252


1- التسليم لأمر اللّه والرسول السبزواري.

الثَّانِيَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَمَّرَنِي فِي حَيَاتِهِ عَلَى جَمِيعِ أُمَّتِهِ وَ أَخَذَ عَلَى جَمِيعِ مَنْ حَضَرَهُ مِنْهُمُ الْبَيْعَةَ وَ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ لِأَمْرِي وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ذَلِكَ فَكُنْتُ الْمُؤَدِّيَ إِلَيْهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَمْرَهُ إِذَا حَضَرْتُهُ وَ الْأَمِيرَ عَلَى مَنْ حَضَرَنِي مِنْهُمْ إِذَا فَارَقْتُهُ لَا تَخْتَلِجُ فِي نَفْسِي مُنَازَعَةُ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ لِي فِي شَيْ ءٍ مِنَ الْأَمْرِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ لَا بَعْدَ وَفَاتِهِ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِتَوْجِيهِ الْجَيْشِ الَّذِي وَجَّهَهُ مَعَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ الَّذِي أَحْدَثَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْمَرَضِ الَّذِي تَوَفَّاهُ فِيهِ فَلَمْ يَدَعِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَحَداً مِنْ أَفْنَاءِ الْعَرَبِ وَ لَا مِنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ مِمَّنْ يَخَافُ عَلَى نَقْضِهِ وَ مُنَازَعَتِهِ وَ لَا أَحَداً مِمَّنْ يَرَانِي بِعَيْنِ الْبَغْضَاءِ مِمَّنْ قَدْ وَتَرْتُهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ أَوْ حَمِيمِهِ إِلَّا وَجَّهَهُ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ وَ لَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ غَيْرِهِمْ وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ الْمُنَافِقِينَ لِتَصْفُوَ قُلُوبُ مَنْ يَبْقَى مَعِي بِحَضْرَتِهِ وَ لِئَلَّا يَقُولَ قَائِلٌ شَيْئاً مِمَّا أَكْرَهُهُ وَ لَا يَدْفَعُنِي دَافِعٌ مِنَ الْوَلَايَةِ وَ الْقِيَامِ بِأَمْرِ رَعِيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ كَانَ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي شَيْ ءٍ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِهِ أَنْ يَمْضِيَ جَيْشُ أُسَامَةَ وَ لَا يَخْتَلِفَ عَنْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ أَنْهَضَ مَعَهُ وَ تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ التَّقَدُّمِ وَ أَوْعَزَ فِيهِ أَبْلَغَ الْإِيعَازِ وَ أَكَّدَ فِيهِ أَكْثَرَ التَّأْكِيدِ فَلَمْ أَشْعُرْ بَعْدَ أَنْ قُبِضَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِلَّا بِرِجَالٍ مِنْ بَعْثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَ أَهْلِ عَسْكَرِهِ قَدْ تَرَكُوا مَرَاكِزَهُمْ وَ أَخَلُّوا بِمَوَاضِعِهِمْ وَ خَالَفُوا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِيمَا أَنْهَضَهُمْ لَهُ وَ أَمَرَهُمْ بِهِ وَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ مِنْ مُلَازَمَةِ أَمِيرِهِمْ وَ السَّيْرِ مَعَهُ تَحْتَ لِوَائِهِ حَتَّى يُنْفَذَ لِوَجْهِهِ الَّذِي أَنْفَذَهُ إِلَيْهِ فَخَلَّفُوا أَمِيرَهُمْ مُقِيماً فِي عَسْكَرِهِ وَ أَقْبَلُوا يَتَبَادَرُونَ عَلَى الْخَيْلِ رَكْضاً إِلَى حَلِّ عُقْدَةٍ عَقَدَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِي وَ رَسُولُهُ فِي أَعْنَاقِهِمْ فَحَلُّوهَا وَ عَهْدٍ عَاهَدُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَنَكَثُوهُ وَ عَقَدُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَقْداً ضَجَّتْ بِهِ أَصْوَاتُهُمْ

ص: 253


1- نقض الأمة عهد اللّه والرسول فيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) السبزواري.

وَاخْتَصَّتْ بِهِ آرَاؤُهُمْ مِنْ غَيْرِ مُنَاظَرَةٍ لِأَحَدٍ مِنَّا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوْ مُشَارَكَةٍ فِي رَأْيٍ أَوِ اسْتِقَالَةٍ لِمَا فِي أَعْنَاقِهِمْ مِنْ بَيْعَتِي فَعَلُوا ذَلِكَ وَ أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ مَشْغُولٌ وَ بِتَجْهِيزِهِ عَنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ مَصْدُودٌ فَإِنَّهُ كَانَ أَهَمَّهَا وَ أَحَقَّ مَا بُدِئَ بِهِ مِنْهَا فَكَانَ هَذَا يَا أَخَا الْيَهُودِ أَقْرَحَ مَا وَرَدَ عَلَى قَلْبِي مَعَ الَّذِي أَنَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الرَّزِيَّةِ وَ فَاجِعِ الْمُصِيبَةِ وَ فَقْدِ مَنْ لَا خَلَفَ مِنْهُ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَصَبَرْتُ عَلَيْهَا إِذْ أَتَتْ بَعْدَ أُخْتِهَا عَلَى تَقَارُبِهَا وَ سُرْعَةِ اتِّصَالِهَا ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ الْقَائِمَ بَعْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كَانَ يَلْقَانِي مُعْتَذِراً فِي كُلِّ أَيَّامِهِ وَ يُلْزِمُ غَيْرَهُ مَا ارْتَكَبَهُ مِنْ أَخْذِ حَقِّي وَ نَقْضِ بَيْعَتِي وَ يَسْأَلُنِي تَحْلِيلَهُ فَكُنْتُ أَقُولُ تَنْقَضِي أَيَّامُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيَّ حَقِّيَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لِي عَفْواً هَنِيئاً مِنْ غَيْرِ أَنْ أُحْدِثَ فِي الْإِسْلَامِ مَعَ حُدُوثِهِ وَ قُرْبِ عَهْدِهِ بِالْجَاهِلِيَّةِ حَدَثاً فِي طَلَبِ حَقِّي بِمُنَازَعَةٍ لَعَلَّ فُلَاناً يَقُولُ فِيهَا نَعَمْ وَ فُلَاناً يَقُولُ لَا فَيَئُولُ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ إِلَى الْفِعْلِ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ خَوَاصِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَعْرِفُهُمْ بِالنُّصْحِ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِكِتَابِهِ وَ دِينِهِ الْإِسْلَامِ يَأْتُونِّي عَوْداً وَ بَدْءاً وَ عَلَانِيَةً وَ سِرّاً فَيَدْعُونِّي إِلَى أَخْذِ حَقِّي وَ يَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي نُصْرَتِي لِيُؤَدُّوا إِلَيَّ بِذَلِكَ بَيْعَتِي فِي أَعْنَاقِهِمْ فَأَقُولُ رُوَيْداً وَ صَبْراً قَلِيلًا لَعَلَّ اللَّهَ يَأْتِينِي بِذَلِكَ عَفْواً بِلَا مُنَازَعَةٍ وَ لَا إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ فَقَدِ ارْتَابَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ طَمِعَ فِي الْأَمْرِ بَعْدَهُ مَنْ لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ فَقَالَ كُلُّ قَوْمٍ مِنَّا أَمِيرٌ وَ مَا طَمِعَ الْقَائِلُونَ فِي ذَلِكَ إِلَّا لِتَنَاوُلِ غَيْرِي الْأَمْرَ فَلَمَّا دَنَتْ وَفَاةُ الْقَائِمِ وَ انْقَضَتْ أَيَّامُهُ صَيَّرَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ لِصَاحِبِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ أُخْتَ أُخْتِهَا وَ مَحَلُّهَا مِنِّي مِثْلُ مَحَلِّهَا وَ أَخَذَا مِنِّي مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لِي فَاجْتَمَعَ إِلَيَّ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَنْ مَضَى رَحِمَهُ اللَّهُ وَ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ

ص: 254


1- رفض الأمة أعمال (المروءة) وشئون الإنسانية في حقه (عَلَيهِ السَّلَامُ) السبزواري.

أَخَّرَهُ اللَّهُ مَنِ اجْتَمَعَ فَقَالُوا لِي فِيهَا مِثْلَ الَّذِي قَالُوا فِي أُخْتِهَا فَلَمْ يَعْدُ قَوْلِيَ الثَّانِي قَوْلِيَ الْأَوَّلَ صَبْراً وَ احْتِسَاباً وَ يَقِيناً وَ إِشْفَاقاً مِنْ أَنْ تَفْنَى عُصْبَةٌ تَأَلَّفَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِاللِّينِ مَرَّةً وَ بِالشِّدَّةِ أُخْرَى وَ بِالْبَذْلِ مَرَّةً وَ بِالسَّيْفِ أُخْرَى حَتَّى لَقَدْ كَانَ مِنْ تَأَلُّفِهِ لَهُمْ أَنْ كَانَ النَّاسُ فِي الْكَرِّ وَ الْفِرَارِ وَ الشِّبَعِ وَ الرِّيِّ وَ اللِّبَاسِ وَ الْوِطَاءِ وَ الدِّثَارِ وَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَا سُقُوفَ لِبُيُوتِنَا وَ لَا أَبْوَابَ وَ لَا سُتُورَ إِلَّا الْجَرَائِدُ وَ مَا أَشْبَهَهَا وَ لَا وِطَاءَ لَنَا وَ لَا دِثَارَ عَلَيْنَا وَ يَتَدَاوَلُ الثَّوْبَ الْوَاحِدَ فِي الصَّلَاةِ أَكْثَرُنَا وَ تَطْوِي اللَّيَالِيَ وَ الْأَيَّامَ جُوعاً عَامَّتُنَا وَ رُبَّمَا أَتَانَا الشَّيْ ءُ مِمَّا أَفَاءَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا وَ صَيَّرَهُ لَنَا خَاصَّةً دُونَ غَيْرِنَا وَ نَحْنُ عَلَى مَا وَصَفْتُ مِنْ حَالِنَا فَيُؤْثِرُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَرْبَابَ النِّعَمِ وَ الْأَمْوَالِ تَأَلُّفاً مِنْهُ لَهُمْ فَكُنْتُ أَحَقَّ مَنْ لَمْ يُفَرِّقْ هَذِهِ الْعُصْبَةَ الَّتِي أَلَّفَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ لَمْ يَحْمِلْهَا عَلَى الْخُطَّةِ الَّتِي لَا خَلَاصَ لَهَا مِنْهَا دُونَ بُلُوغِهَا أَوْ فَنَاءِ آجَالِهَا لِأَنِّي لَوْ نَصَبْتُ نَفْسِي فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى نُصْرَتِي كَانُوا مِنِّي وَ فِي أَمْرِي عَلَى أَحَدِ مَنْزِلَتَيْنِ إِمَّا مُتَّبِعٌ مُقَاتِلٌ وَ إِمَّا مَقْتُولٌ إِنْ لَمْ يَتَّبِعِ الْجَمِيعَ وَ إِمَّا خَاذِلٌ يَكْفُرُ بِخِذْلَانهِ إِنْ قَصَّرَ فِي نُصْرَتِي أَوْ أَمْسَكَ عَنْ طَاعَتِي وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّنِي مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى يَحُلُّ بِهِ فِي مُخَالَفَتِي وَ الْإِمْسَاكِ عَنْ نُصْرَتِي مَا أَحَلَّ قَوْمُ مُوسَى بِأَنْفُسِهِمْ فِي مُخَالَفَةِ هَارُونَ وَ تَرْكِ طَاعَتِهِ وَ رَأَيْتُ تَجَرُّعَ الْغُصَصِ وَ رَدَّ أَنْفَاسِ الصُّعَدَاءِ وَ لُزُومَ الصَّبْرِ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ أَوْ يَقْضِيَ بِمَا أَحَبَّ أَزْيَدَ لِي فِي حَظِّي وَ أَرْفَقَ بِالْعِصَابَةِ الَّتِي وَصَفْتُ أَمْرَهُمْ «وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً» وَ لَوْ لَمْ أَتَّقِ هَذِهِ الْحَالَةَ يَا أَخَا الْيَهُودِ ثُمَّ طَلَبْتُ حَقِّي لَكُنْتُ أَوْلَى مِمَّنْ طَلَبَهُ لِعِلْمِ مَنْ مَضَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَنْ بِحَضْرَتِكَ مِنْهُمْ بِأَنِّي كُنْتُ أَكْثَرَ عَدَداً وَ أَعَزَّ عَشِيرَةً وَ أَمْنَعَ رِجَالًا وَ أَطْوَعَ أَمْراً وَ أَوْضَحَ حُجَّةً وَ أَكْثَرَ فِي هَذَا الدِّينِ مَنَاقِبَ وَ آثَاراً لِسَوَابِقِي وَ قَرَابَتِي وَ وِرَاثَتِي فَضْلًا عَنِ اسْتِحْقَاقِي ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ

ص: 255

لِلْعِبَادِ مِنْهَا وَ الْبَيْعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي أَعْنَاقِهِمْ مِمَّنْ تَنَاوَلَهَا وَ لَقَدْ قُبِضَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ إِنَّ وَلَايَةَ الْأُمَّةِ فِي يَدِهِ وَ فِي بَيْتِهِ لَا فِي يَدِ الْأُولَى [الَّذِينَ] تَنَاوَلُوهَا وَ لَا فِي بُيُوتِهَا وَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً أَوْلَى بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ فِي جَمِيعِ الْخِصَالِ ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ الْقَائِمَ بَعْدَ صَاحِبِهِ كَانَ يُشَاوِرُنِي فِي مَوَارِدِ الْأُمُورِ فَيُصْدِرُهَا عَنْ أَمْرِي وَ يُنَاظِرُنِي فِي غَوَامِضِهَا فَيُمْضِيهَا عَنْ رَأْيِي لَا أَعْلَمُ أَحَداً وَ لَا يَعْلَمُهُ أَصْحَابِي يُنَاظِرُهُ فِي ذَلِكَ غَيْرِي وَ لَا يَطْمَعُ فِي الْأَمْرِ بَعْدَهُ سِوَايَ فَلَمَّا أَنْ أَتَتْهُ مَنِيَّتُهُ عَلَى فَجْأَةٍ بِلَا مَرَضٍ كَانَ قَبْلَهُ وَ لَا أَمْرٍ كَانَ أَمْضَاهُ فِي صِحَّةٍ مِنْ بَدَنِهِ لَمْ أَشُكَّ أَنِّي قَدِ اسْتَرْجَعْتُ حَقِّي فِي عَافِيَةٍ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِي كُنْتُ أَطْلُبُهَا وَ الْعَاقِبَةِ الَّتِي كُنْتُ أَلْتَمِسُهَا وَ إِنَّ اللَّهَ سَيَأْتِي بِذَلِكَ عَلَى أَحْسَنِ مَا رَجَوْتُ وَ أَفْضَلِ مَا أَمَّلْتُ فَكَانَ مِنْ فِعْلِهِ أَنْ خُتِمَ أَمْرُهُ بِأَنْ سَمَّى قَوْماً أَنَا سَادِسُهُمْ وَ لَمْ يَسْتَوِ فِيَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَ لَا ذَكَرَ لِي حَالًا فِي وِرَاثَةِ الرَّسُولِ وَ لَا قَرَابَةٍ وَ لَا صِهْرٍ وَ لَا نَسَبٍ وَ لَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مِثْلُ سَابِقَةٍ مِنْ سَوَابِقِي وَ لَا أَثَرٍ مِنْ آثَارِي وَ صَيَّرَهَا شُورَى بَيْنَنَا وَ صَيَّرَ ابْنَهُ فِيهَا حَاكِماً عَلَيْنَا وَ أَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ أَعْنَاقَ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ صَيَّرَ الْأَمْرَ فِيهِمْ إِنْ لَمْ يُنْفِذُوا أَمْرَهُ وَ كَفَى بِالصَّبْرِ عَلَى هَذَا يَا أَخَا الْيَهُودِ صَبْراً فَمَكَثَ الْقَوْمُ أَيَّامَهُمْ كُلٌّ يَخْطُبُ لِنَفْسِهِ وَ أَنَا مُمْسِكٌ عَنْ أَنْ سَأَلُونِي عَنْ أَمْرِي فَنَاظَرْتُهُمْ فِي أَيَّامِي وَ أَيَّامِهِمْ وَ آثَارِي وَ آثَارِهِمْ وَ أَوْضَحْتُ لَهُمْ مَا لَمْ يَجْهَلُوهُ مِنْ وُجُوهِ اسْتِحْقَاقِي لَهَا دُونَهُمْ وَ ذَكَرْتُهُمْ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ وَ تَأْكِيدَ مَا أَكَّدَهُ مِنَ الْبَيْعَةِ لِي فِي أَعْنَاقِهِمْ دَعَاهُمْ حُبُّ الْإِمَارَةِ وَ بَسْطُ الْأَيْدِي وَ الْأَلْسُنِ فِي الْأَمْرِ

ص: 256


1- تطميع السفلة في مخالفته، وجعله ... لا لمن هو دونه بمراتب شتى. السبزواري.

وَ النَّهْيِ وَ الرُّكُونِ إِلَى الدُّنْيَا وَ الِاقْتِدَاءِ بِالْمَاضِينَ قَبْلَهُمْ إِلَى تَنَاوُلِ مَا لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ فَإِذَا خَلَوْتُ بِالْوَاحِدِ ذَكَّرْتُهُ أَيَّامَ اللَّهِ وَ حَذَّرْتُهُ مَا هُوَ قَادِمٌ عَلَيْهِ وَ صَائِرٌ إِلَيْهِ الْتَمَسَ مِنِّي شَرْطاً أَنْ أُصَيِّرَهَا لَهُ بَعْدِي فَلَمَّا لَمْ يَجِدُوا عِنْدِي إِلَّا الْمَحَجَّةَ الْبَيْضَاءَ وَ الْحَمْلَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَصِيَّةِ الرَّسُولِ وَ إِعْطَاءَ كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ وَ مَنَعَهُ مَا لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ أَزَالَهَا عَنِّي إِلَى ابْنِ عَفَّانَ رَجُلٌ لَمْ يَسْتَوِ بِهِ وَ بِوَاحِدٍ مِمَّنْ حَضَرَهُ حَالٌ قَطُّ فَضْلًا عَمَّنْ دُونَهُمْ لَا يَبْدُرُ الَّتِي هِيَ سَنَامُ فَخْرِهِمْ وَ لَا غَيْرُهَا مِنَ الْمَآثِرِ الَّتِي أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ وَ مَنِ اخْتَصَّهُ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ لَمْ أَعْلَمِ الْقَوْمَ أَمْسَوْا مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ حَتَّى ظَهَرَتْ نَدَامَتُهُمْ وَ نَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ وَ أَحَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ كُلٌّ يَلُومُ نَفْسَهُ وَ يَلُومُ أَصْحَابَهُ ثُمَّ لَمْ تَطُلِ الْأَيَّامُ بِالْمُسْتَبِدِّ بِالْأَمْرِ ابْنِ عَفَّانَ حَتَّى أَكْفَرُوهُ وَ تَبَرَّءُوا مِنْهُ وَ مَشَى إِلَى أَصْحَابِهِ خَاصَّةً وَ سَائِرُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عَلَى هَذِهِ يَسْتَقِيلُهُمْ مِنْ بَيْعَتِهِ وَ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ فَلْتَتِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ يَا أَخَا الْيَهُودِ أَكْبَرَ مِنْ أُخْتِهَا وَ أَفْظَعَ وَ أَحْرَى أَنْ لَا يُصْبَرَ عَلَيْهَا فَنَالَنِي مِنْهَا الَّذِي لَا يُبْلَغُ وَصْفُهُ وَ لَا يُحَدُّ وَقْتُهُ وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي فِيهَا إِلَّا الصَّبْرُ عَلَى مَا أَمَضُّ وَ أَبْلَغُ مِنْهَا وَ لَقَدْ أَتَانِي الْبَاقُونَ مِنَ السِّتَّةِ مِنْ يَوْمِهِمْ كُلٌّ رَاجِعٌ عَمَّا كَانَ رَكِبَ مِنِّي يَسْأَلُنِي خَلْعَ ابْنِ عَفَّانَ وَ الْوُثُوبَ عَلَيْهِ وَ أَخْذَ حَقِّي وَ يُؤْتِينِي صَفْقَتَهُ وَ بَيْعَتَهُ عَلَى الْمَوْتِ تَحْتَ رَايَتِي أَوْ يَرُدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيَّ حَقِّي فَوَ اللَّهِ يَا أَخَا الْيَهُودِ مَا مَنَعَنِي إِلَّا الَّذِي مَنَعَنِي مِنْ أُخْتَيْهَا قَبْلَهَا وَ رَأَيْتُ الْإِبْقَاءَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنَ الطَّائِفَةِ أَبْهَجَ لِي وَ آنَسَ لِقَلْبِي مِنْ فَنَائِهَا وَ عَلِمْتُ أَنِّي إِنْ حَمَلْتُهَا عَلَى دَعْوَةِ الْمَوْتِ رَكِبْتُهُ فَأَمَّا نَفْسِي فَقَدْ عَلِمَ مَنْ حَضَرَ مِمَّنْ تُرَى وَ مَنْ غَابَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّ الْمَوْتَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الشَّرْبَةِ الْبَارِدَةِ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْحَرِّ مِنْ ذِي الْعَطَشِ الصَّدَى وَ لَقَدْ كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولَهُ أَنَا وَ عَمِّي حَمْزَةُ وَ أَخِي جَعْفَرٌ وَ ابْنُ

ص: 257

عَمِّي عُبَيْدَةُ عَلَى أَمْرٍ وَفَيْنَا بِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ فَتَقَدَّمَنِي أَصْحَابِي وَ تَخَلَّفْتُ بَعْدَهُمْ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا» حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ وَ عُبَيْدَةُ وَ أَنَا وَ اللَّهِ الْمُنْتَظَرُ يَا أَخَا الْيَهُودِ وَ مَا بَدَّلْتُ تَبْدِيلًا وَ مَا سَكَتَنِي عَنْ أَبِي عَفَّانَ وَ حَثَّنِي عَلَى الْإِمْسَاكِ إِلَّا أَنِّي عَرَفْتُ مِنْ أَخْلَاقِهِ فِيمَا اخْتَبَرْتُ مِنْهُ بِمَا لَنْ يَدَعَهُ حَتَّى يَسْتَدْعِيَ الْأَبَاعِدَ إِلَى قَتْلِهِ وَ خَلْعِهِ فَضْلًا عَنِ الْأَقَارِبِ وَ أَنَا فِي عُزْلَةٍ فَصَبَرْتُ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَنْطِقْ فِيهِ بِحَرْفٍ مِنْ لَا وَ لَا نَعَمْ ثُمَّ أَتَانِي الْقَوْمُ وَ أَنَا عَلِمَ اللَّهُ كَارِهٌ لِمَعْرِفَتِي بِمَا تَطَاعَمُوا بِهِ مِنِ اعْتِقَالِهِ الْأَمْوَالَ وَ الْمَرَحَ فِي الْأَرْضِ وَ عِلْمَهُمْ بِأَنَّ تِلْكَ لَيْسَتْ لَهُمْ عِنْدِي وَ شَدِيدٌ عَادَةٌ مُنْتَزِعَةٌ فَلَمَّا لَمْ يَجِدُوا عِنْدِي تَعَلَّلُوا الْأَعَالِيلَ ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ الْمُتَابِعِينَ لِي لَمَّا لَمْ يَطْمَعُوا فِي تِلْكَ مِنِّي وَثَبُوا بِالْمَرْأَةِ عَلَيَّ وَ أَنَا وَلِيُّ أَمْرِهَا وَ الْوَصِيُّ عَلَيْهَا فَحَمَلُوهَا عَلَى الْجَمَلِ وَ شَدُّوهَا عَلَى الرِّحَالِ وَ أَقْبَلُوا بِهَا تَخْبِطُ الْفَيَافِيَ وَ تَقْطَعُ الْبَرَارِيَ وَ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ وَ تَظْهَرُ لَهُمْ عَلَامَاتُ النَّدَمِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَ عِنْدَ كُلِّ حَالٍ فِي عُصْبَةٍ قَدْ بَايَعُونِي ثَانِيَةً بَعْدَ بَيْعَتِهِمُ الْأُوْلَى فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى أَتَتْ أَهْلَ بَلْدَةٍ قَصِيرَةٍ أَيْدِيهِمْ طَوِيلَةٍ لِحَاهُمْ قَلِيلَةٍ عُقُولُهُمْ عَازِبَةٍ آرَاؤُهُمْ جِيرَانَ بَدْوٍ وَ وُرَّادَ بَحْرٍ فَأَخْرَجْتُهُمْ يَخْبِطُونَ بِسُيُوفِهِمْ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَ يَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ بِغَيْرِ فَهْمٍ فَوَقَفْتُ مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَى اثْنَتَيْنِ كِلْتَاهُمَا فِي مَحَلَّةِ الْمَكْرُوهِ مِمَّنْ إِنْ كَفَفْتُ لَمْ يَرْجِعْ وَ لَمْ يَعْقِلْ وَ إِنْ أَقَمْتُ كُنْتُ قَدْ صِرْتُ إِلَى الَّتِي كَرِهْتُ فَقَدَّمْتُ الْحُجَّةَ

ص: 258


1- نکث بیعته بعدما (عادت) الخلافة إليه. السبزواري.

بِالْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ وَ دَعَوْتُ الْمَرْأَةَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى بَيْتِهَا وَ الْقَوْمَ الَّذِينَ حَمَلُوهَا عَلَى الْوَفَاءِ بِبَيْعَتِهِمْ لِي وَ التَّرْكِ لِنَقْضِهِمْ عَهْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيَّ وَ أَعْطَيْتُهُمْ مِنْ نَفْسِي كُلَّ الَّذِي قَدَرْتُ عَلَيْهِ وَ نَاظَرْتُ بَعْضَهُمْ فَرَجَعَ وَ ذَكَّرْتُ فَذَكَرَ ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَى النَّاسِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَمْ يَزْدَادُوا إِلَّا جَهْلًا وَ تَمَادِياً وَ غَيّاً فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا هِيَ رَكِبْتُهَا مِنْهُمْ فَكَانَتْ عَلَيْهِمُ الدَّبَرَةُ وَ بِهِمُ الْهَزِيمَةُ وَ لَهُمُ الْحَسْرَةُ وَ فِيهِمُ الْفَنَاءُ وَ الْقَتْلُ وَ حَمَلْتُ نَفْسِي عَلَى الَّتِي لَمْ أَجِدْ مِنْهَا بُدّاً وَ لَمْ يَسَعْنِي إِذْ فَعَلْتُ ذَلِكَ وَ أَظْهَرْتُهُ آخِراً مِثْلَ الَّذِي وَسِعَنِي مِنْهُ أَوَّلًا مِنَ الْإِغْضَاءِ وَ الْإِمْسَاكِ وَ رَأَيْتُنِي إِنْ أَمْسَكْتُ كُنْتُ مُعِيناً لَهُمْ عَلَيَّ بِإِمْسَاكِي عَلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ وَ طَمِعُوا فِيهِ مِنْ تَنَاوُلِ الْأَطْرَافِ وَ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ قَتْلِ الرَّعِيَّةِ وَ تَحْكِيمِ النِّسَاءِ النَّوَاقِصِ الْعُقُولِ وَ الْحُظُوظِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَعَادَةِ بَنِي الْأَصْفَرِ وَ مَنْ مَضَى مِنْ مُلُوكِ سَبَإٍ وَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ فَأَصِيرُ إِلَى مَا كَرِهْتُ أَوَّلًا [وَ] آخِراً وَ أَهْمَلْتُ الْمَرْأَةَ وَ جُنْدَهَا يَفْعَلُونَ مَا وَصَفْتُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ النَّاسِ وَ لَمْ أَهْجُمْ عَلَى الْأَمْرِ إِلَّا بَعْدَ مَا قَدَّمْتُ وَ أَخَّرْتُ وَ تَأَنَّيْتُ وَ رَاجَعْتُ وَ أَرْسَلْتُ وَ سَافَرْتُ وَ أَعْذَرْتُ وَ أَنْذَرْتُ وَ أَعْطَيْتُ الْقَوْمَ كُلَّ شَيْ ءٍ الْتَمَسُوهُ بَعْدَ أَنْ أَعْرَضْتُ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْ ءٍ لَمْ يَلْتَمِسُوهُ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا تِلْكَ أَقْدَمْتُ عَلَيْهَا فَبَلَغَ اللَّهُ بِي وَ بِهِمْ مَا أَرَادَ وَ كَانَ لِي عَلَيْهِمْ بِمَا كَانَ مِنِّي إِلَيْهِمْ شَهِيداً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا السَّادِسَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَتَحْكِيمُهُمْ وَ مُحَارَبَةُ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ وَ هُوَ طَلِيقُ بْنُ طَلِيقٍ مُعَانِدٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ وَ الْمُؤْمِنِينَ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِلَى أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ عَنْوَةً فَأُخِذَتْ بَيْعَتُهُ وَ بَيْعَةُ أَبِيهِ لِي مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ بَعْدَهُ وَ أَبُوهُ بِالْأَمْسِ

ص: 259


1- المعارضة في خلافه والجهد في اضمحلال اسمه ورسمه بكل الجهد. السبزواري.

أَوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيَّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَ جَعَلَ يَحُثُّنِي عَلَى النُّهُوضِ فِي أَخْذِ حَقِّي مِنَ الْمَاضِينَ قَبْلِي وَ يُجَدِّدُ لِي بَيْعَتَهُ كُلَّمَا أَتَانِي وَ أَعْجَبُ الْعَجَبِ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى رَبِّي تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ رَدَّ إِلَيَّ حَقِّي وَ أَقَرَّهُ فِي مَعْدِنِهِ وَ انْقَطَعَ طَمَعُهُ أَنْ يَصِيرَ فِي دِينِ اللَّهِ رَابِعاً وَ فِي أَمَانَةٍ حُمِّلْنَاهَا حَاكِماً كَرَّ عَلَى الْعَاصِي بْنِ الْعَاصِ فَاسْتَمَالَهُ فَمَالَ إِلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ بَعْدَ إِذْ أَطْمَعَهُ مِصْرَ وَ حَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْفَيْ ءِ دُونَ قِسْمِهِ دِرْهَماً وَ حَرَامٌ عَلَى الرَّاعِي إِيصَالُ دِرْهَمٍ إِلَيْهِ فَوْقَ حَقِّهِ فَأَقْبَلَ يَخْبِطُ الْبِلَادَ بِالظُّلْمِ وَ يَطَؤُهَا بِالْغَشْمِ فَمَنْ بَايَعَهُ أَرْضَاهُ وَ مَنْ خَالَفَهُ نَاوَاهُ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَيَّ نَاكِثاً عَلَيْنَا مُغَيِّراً فِي الْبِلَادِ شَرْقاً وَ غَرْباً وَ يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ الْأَنْبَاءُ تَأْتِينِي وَ الْأَخْبَارُ تَرِدُ عَلَيَّ بِذَلِكَ فَأَتَانِي أَعْوَرُ ثَقِيفٍ فَأَشَارَ عَلَيَّ أَنْ أُوَلِّيَهُ الْبِلَادَ الَّتِي هُوَ بِهَا لِأُدَارِيَهُ بِمَا أُوَلِّيهِ مِنْهَا وَ فِي الَّذِي أَشَارَ بِهِ الرَّأْيَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا لَوْ وَجَدْتُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي تَوْلِيَتِهِ لِي مَخْرَجاً وَ أَصَبْتُ لِنَفْسِي فِي ذَلِكَ عُذْراً فَأَعْلَمْتُ الرَّأْيَ فِي ذَلِكَ وَ شَاوَرْتُ مَنْ أَثِقُ بِنَصِيحَتِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِي وَ لِلْمُؤْمِنِينَ فَكَانَ رَأْيُهُ فِي ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ كَرَأْيِي يَنْهَانِي عَنْ تَوْلِيَتِهِ وَ يُحَذِّرُنِي أَنْ أُدْخِلَ فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ يَدَهُ وَ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَرَانِي أَتَّخِذُ الْمُضِلِّينَ عَضُداً فَوَجَّهْتُ إِلَيْهِ أَخَا بَجِيلَةَ مَرَّةً وَ أَخَا الْأَشْعَرِيِّينَ مَرَّةً كِلَاهُمَا رَكَنَ إِلَى الدُّنْيَا وَ تَابَعَ هَوَاهُ فِيمَا أَرْضَاهُ فَلَمَّا لَمْ أَرَهُ يَزْدَادُ فِيمَا انْتُهِكَ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ إِلَّا تَمَادِياً شَاوَرْتُ مَنْ مَعِي مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الْبَدْرِيِّينَ وَ الَّذِينَ ارْتَضَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْرَهُمْ وَ رَضِيَ عَنْهُمْ بَعْدَ بَيْعَتِهِمْ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ صُلَحَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَ التَّابِعِينَ فَكُلٌّ يُوَافِقُ رَأْيُهُ رَأْيِي فِي غَزْوِهِ وَ مُحَارَبَتِهِ وَ مَنْعِهِ مِمَّا نَالَتْ يَدُهُ وَ إِنِّي نَهَضْتُ إِلَيْهِ بِأَصْحَابِي أُنْفِذُ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ كُتُبِي وَ أُوَجِّهُ إِلَيْهِ رُسُلِي أَدْعُوهُ إِلَى الرُّجُوعِ عَمَّا هُوَ فِيهِ وَ الدُّخُولِ فِيمَا فِيهِ النَّاسُ مَعِي فَكَتَبَ يَتَحَكَّمُ عَلَيَّ وَ يَتَمَنَّى عَلَيَّ الْأَمَانِيَّ وَ يَشْتَرِطُ عَلَيَّ شُرُوطاً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ وَ لَا الْمُسْلِمُونَ وَ يَشْتَرِطُ فِي

ص: 260

بَعْضِهَا أَنْ أَدْفَعَ إِلَيْهِ أَقْوَاماً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَبْرَاراً فِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَ أَيْنَ مِثْلُ عَمَّارٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ النَّبِيِ وَ مَا تَقَدَّمَنَا خَمْسَةٌ إِلَّا كَانَ سَادِسَهُمْ وَ لَا أَرْبَعَةٌ إِلَّا كَانَ خَامِسَهُمْ اشْتَرَطَ دَفْعَهُمْ إِلَيْهِ لِيَقْتُلَهُمْ وَ يَصْلِبَهُمْ وَ انْتَحَلَ دَمَ عُثْمَانَ وَ لَعَمْرُ اللَّهِ مَا أَلَّبَ عَلَى عُثْمَانَ وَ لَا جَمَعَ النَّاسَ عَلَى قَتْلِهِ إِلَّا هُوَ وَ أَشْبَاهُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَغْصَانُ الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ فِي الْقُرْآنِ فَلَمَّا لَمْ أُجِبْ إِلَى مَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ كَرَّ مُسْتَعْلِياً فِي نَفْسِهِ بِطُغْيَانِهِ وَ بَغْيِهِ بِحَمِيرٍ لَا عُقُولَ لَهُمْ وَ لَا بَصَائِرَ فَمَوَّهَ لَهُمْ أَمْراً فَاتَّبَعُوهُ وَ أَعْطَاهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَا أَمَالَهُمْ بِهِ إِلَيْهِ فَنَاجَزْنَاهُمْ وَ حَاكَمْنَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ الْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ فَلَمَّا لَمْ يَزِدْهُ ذَلِكَ إِلَّا تَمَادِياً وَ بَغْياً لَقِينَاهُ بِعَادَةِ اللَّهِ الَّتِي عَوَّدَنَا مِنَ النَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِ وَ عَدُوِّنَا وَ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِأَيْدِينَا لَمْ يَزَلِ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَفُلُّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ بِهَا حَتَّى يَقْضِيَ الْمَوْتَ عَلَيْهِ وَ هُوَ مُعَلِّمُ رَايَاتِ أَبِيهِ الَّتِي لَمْ أَزَلْ أُقَاتِلُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي كُلِّ الْمَوَاطِنِ فَلَمْ يَجِدْ مِنَ الْمَوْتِ مَنْجًى إِلَّا الْهَرَبَ فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَ قَلَبَ رَايَتَهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَحْتَالُ فَاسْتَعَانَ بِرَأْيِ ابْنِ الْعَاصِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِإِظْهَارِ الْمَصَاحِفِ وَ رَفْعِهَا عَلَى الْأَعْلَامِ وَ الدُّعَاءِ إِلَى مَا فِيهَا وَ قَالَ إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ حِزْبَهُ أَهْلُ بَصَائِرَ وَ رَحْمَةٍ وَ بقيا وَ قَدْ دَعَوْكَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ أَوَّلًا وَ هُمْ مُجِيبُوكَ إِلَيْهِ آخِراً فَأَطَاعَهُ فِيمَا أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ إِذْ رَأَى أَنَّهُ لَا مَنْجَى لَهُ مِنَ الْقَتْلِ أَوْ الْهَرَبِ غَيْرُهُ فَرَفَعَ الْمَصَاحِفَ يَدْعُو إِلَى مَا فِيهَا بِزَعْمِهِ فَمَالَتْ إِلَى الْمَصَاحِفِ قُلُوبُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِي بَعْدَ فَنَاءِ خِيَارِهِمْ وَ جَهْدِهِمْ فِي جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَعْدَائِهِمْ عَلَى بَصَائِرِهِمْ فَظَنُّوا أَنَّ ابْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ لَهُ الْوَفَاءُ بِمَا دَعَا إِلَيْهِ فَأَصْغَوْا إِلَى دَعْوَتِهِ وَ أَقْبَلُوا بِأَجْمَعِهِمْ فِي إِجَابَتِهِ فَأَعْلَمْتُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ مَكْرٌ وَ مِنِ ابْنِ الْعَاصِ مَعَهُ وَ إِنَّهُمَا إِلَى النَّكْثِ أَقْرَبُ مِنْهُمَا إِلَى الْوَفَاءِ فَلَمْ يَقْبَلُوا قَوْلِي وَ لَمْ يُطِيعُوا أَمْرِي وَ أَبَوْا إِلَّا إِجَابَتَهُ كَرِهْتُ أَمْ هَوِيتُ شِئْتُ أَوْ أَبَيْتُ حَتَّى أَخَذَ

ص: 261

بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَلْحِقُوهُ بِابْنِ عَفَّانَ وَ ادْفَعُوهُ إِلَى ابْنِ هِنْدٍ بِرُمَّتِهِ فَجَهَدْتُ عَلِمَ اللَّهُ جَهْدِي وَ لَمْ أَدَعْ عِلَّةً فِي نَفْسِي إِلَّا بَلَّغْتُهَا فِي أَنْ يُخَلُّونِي وَ رَأْيِي فَلَمْ يَفْعَلُوا وَ رَاوَدْتُهُمْ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى مِقْدَارِ فُوَاقِ النَّاقَةِ أَوْ رَكْضَةِ الْفَرَسِ فَلَمْ يُجِيبُوا مَا خَلَا هَذَا الشَّيْخَ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَشْتَرِ وَ عُصْبَةً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَوَ اللَّهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَمْضِيَ عَلَى بَصِيرَتِي إِلَّا مَخَافَةُ أَنْ يُقْتَلَ هَذَانِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) فَيَنْقَطِعَ نَسْلُ رَسُولِ اللَّهِ وَ ذُرِّيَّتُهُ مِنْ أُمَّتِهِ وَ مَخَافَةُ أَنْ يُقْتَلَ هَذَا وَ هَذَا وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَإِنِّي أَعْلَمُ لَوْ لَا مَكَانِي لَمْ يَقِفَا ذَلِكَ الْمَوْقِفَ فَلِذَلِكَ صَبَرْتُ عَلَى مَا أَرَادَ الْقَوْمُ مَعَ مَا سَبَقَ فِيهِ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا رَفَعْنَا عَنِ الْقَوْمِ سُيُوفَنَا تَحَكَّمُوا فِي الْأُمُورِ وَ تَخَيَّرُوا الْأَحْكَامَ وَ الْآرَاءَ وَ تَرَكُوا الْمَصَاحِفَ وَ مَا دَعَوْا إِلَيْهِ مِنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ وَ مَا كُنْتُ أُحَكِّمُ فِي دِينِ اللَّهِ أَحَداً إِذْ كَانَ التَّحْكِيمُ فِي ذَلِكَ الْخَطَأَ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَ لَا امْتِرَاءَ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا ذَلِكَ أَرَدْتُ أَنْ أُحَكِّمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ أَرْضَى رَأْيَهُ وَ عَقْلَهُ وَ أَثِقُ بِنَصِيحَتِهِ وَ مَوَدَّتِهِ وَ دِينِهِ وَ أَقْبَلْتُ لَا أُسَمِّي أَحَداً إِلَّا امْتَنَعَ مِنْهُ ابْنُ هِنْدٍ وَ لَا أَدْعُوهُ إِلَى شَيْ ءٍ مِنَ الْحَقِّ إِلَّا أَدْبَرَ عَنْهُ وَ أَقْبَلَ ابْنُ هِنْدٍ يُسَوِّمُنَا عَسْفاً وَ مَا ذَلِكَ إِلَّا بِاتِّبَاعِ أَصْحَابِي لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا غَلَبَتِي عَلَى التَّحَكُّمِ تَبَرَّأْتُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُمْ وَ فَوَّضْتُ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ فَقَلَّدُوهُ امْرَأً فَخَدَعَهُ ابْنُ الْعَاصِ خَدِيعَةً ظَهَرَتْ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا وَ أَظْهَرَ الْمَخْدُوعُ عَلَيْهَا نَدَماً ثُمَّ أَقْبَلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا السَّابِعَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ

ص: 262


1- خروج الرعايا عليه، والقول فيه: بأنك کافر مباح الدم مخالف لكتاب اللّه تعالى وهو صلوات اللّه عليه في تلك المواطن السبعة صابر محتسب راض بما قضى اللّه تعالى له فوطّن نفسه للامتحان مع كمال الشكر والامتنان. السبزواري.

أَنْ أُقَاتِلَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِنْ أَيَّامِي قَوْماً مِنْ أَصْحَابِي يَصُومُونَ النَّهَارَ وَ يَقُومُونَ اللَّيْلَ وَ يَتْلُونَ الْكِتَابَ يَمْرُقُونَ بِخِلَافِهِمْ عَلَيَّ وَ مُحَارَبَتِهِمْ إِيَّايَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ فِيهِمْ ذُو الثُّدَيَّةِ يُخْتَمُ لِي بِقَتْلِهِمْ بِالسَّعَادَةِ فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إِلَى مَوْضِعِي هَذَا يَعْنِي بَعْدَ الْحَكَمَيْنِ أَقْبَلَ بَعْضُ الْقَوْمِ عَلَى بَعْضٍ بِاللَّائِمَةِ فِيمَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنْ تَحْكِيمِ الْحَكَمَيْنِ فَلَمْ يَجِدُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَخْرَجاً إِلَّا أَنْ قَالُوا كَانَ يَنْبَغِي لِأَمِيرِنَا أَنْ لَا يُتَابِعَ مَنْ أَخْطَأَ وَ أَنْ يَقْضِيَ بِحَقِيقَةِ رَأْيِهِ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ وَ قَتْلِ مَنْ خَالَفَهُ مِنَّا فَقَدْ كَفَرَ بِمُتَابَعَتِهِ إِيَّانَا وَ طَاعَتِهِ لَنَا فِي الْخَطَاءِ وَ أُحِلَّ لَنَا بِذَلِكَ قَتْلُهُ وَ سَفْكُ دَمِهِ فَتَجَمَّعُوا عَلَى ذَلِكَ وَ خَرَجُوا رَاكِبِينَ رُءُوسَهُمْ يُنَادُونَ بِأَعْلَى أَصْوَاتِهِمْ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ ثُمَّ تَفَرَّقُوا فِرْقَةٌ بِالنُّخَيْلَةِ وَ أُخْرَى بِحَرُورَاءَ وَ أُخْرَى رَاكِبَةٌ رَأْسَهَا تَخْبِطُ الْأَرْضَ شَرْقاً حَتَّى عَبَرَتْ دِجْلَةَ فَلَمْ تَمُرَّ بِمُسْلِمٍ إِلَّا امْتَحَنَتْهُ فَمَنْ تَابَعَهَا اسْتَحْيَتْهُ وَ مَنْ خَالَفَهَا قَتَلَتْهُ فَخَرَجْتُ إِلَى الْأُولَيَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى أَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ فَأَبَيَا إِلَّا السَّيْفَ لَا يَقْنَعُهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَمَّا أَعْيَتِ الْحِيلَةُ فِيهِمَا حَاكَمْتُهُمَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَتَلَ اللَّهُ هَذِهِ وَ هَذِهِ وَ كَانُوا يَا أَخَا الْيَهُودِ لَوْ لَا مَا فَعَلُوا لَكَانُوا رُكْناً قَوِيّاً وَ سَدّاً مَنِيعاً فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا مَا صَارُوا إِلَيْهِ ثُمَّ كَتَبْتُ إِلَى الْفِرْقَةِ الثَّالِثَةِ وَ وَجَّهْتُ رُسُلِي تَتْرَى وَ كَانُوا مِنْ جُلَّةِ أَصْحَابِي وَ أَهْلِ التَّعَبُّدِ مِنْهُمْ وَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا فَأَبَتْ إِلَّا اتِّبَاعَ أُخْتَيْهَا وَ الِاحْتِذَاءَ عَلَى مِثَالِهِمَا وَ شَرَعَتْ فِي قَتْلِ مَنْ خَالَفَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ تَتَابَعَتْ إِلَيَّ الْأَخْبَارُ بِفِعْلِهِمْ فَخَرَجْتُ حَتَّى قَطَعْتُ إِلَيْهِمْ دِجْلَةَ أُوَجِّهُ السُّفَرَاءَ وَ النُّصَحَاءَ وَ أَطْلُبُ الْعُتْبَى بِجُهْدِي بِهَذَا مَرَّةً وَ بِهَذَا مَرَّةً وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَشْتَرِ وَ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَ سَعِيدِ

ص: 263

بْنِ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيِّ وَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا تِلْكَ رَكِبْتُهَا مِنْهُمْ فَقَتَلَهُمُ اللَّهُ يَا أَخَا الْيَهُودِ عَنْ آخِرِهِمْ وَ هُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ أَوْ يَزِيدُونَ حَتَّى لَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ فَاسْتَخْرَجْتُ ذَا الثُّدَيَّةِ مِنْ قَتْلَاهُمْ بِحَضْرَةِ مَنْ تَرَى لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَدْ وَفَيْتُ سَبْعاً وَ سَبْعاً يَا أَخَا الْيَهُودِ وَ بَقِينَ الْأُخْرَى وَ أُوشِكُ بِهَا فَكَانَ قَدْ فَبَكَى أَصْحَابُ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ بَكَى رَأْسُ الْيَهُودِ وَ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا بِالْأُخْرَى فَقَالَ الْأُخْرَى أَنْ تُخْضَبَ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِهِ مِنْ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى هَامَتِهِ قَالَ وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالضَّجَّةِ وَ الْبُكَاءِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِالْكُوفَةِ دَارٌ إِلَّا خَرَجَ أَهْلُهَا فَزِعاً وَ أَسْلَمَ رَأْسُ الْيَهُودِ عَلَى يَدَيْ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ سَاعَتِهِ وَ لَمْ يَزَلْ مُقِيماً حَتَّى قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أُخِذَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَأَقْبَلَ رَأْسُ الْيَهُودِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ النَّاسُ حَوْلَهُ وَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اقْتُلْهُ قَتَلَهُ اللَّهُ فَإِنِّي رَأَيْتُ فِي الْكُتُبِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّ هَذَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُرْماً مِنِ ابْنِ آدَمَ قَاتِلِ أَخِيهِ وَ مِنَ الْقُدَارِ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُود.

***

باب (101) عبادته وخوفه (عَلَيهِ السَّلَامُ)

البحار: ج17 ص153

6- ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: دَخَلَ ضِرَارُ بْنُ ضَمْرَةَ النَّهْشَلِيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ لَهُ صِفْ لِي عَلِيّاً

ص: 264

قَالَ أَ وَ تُعْفِينِي فَقَالَ لَا بَلْ صِفْهُ لِي قَالَ ضِرَارٌ رَحِمَ اللَّهُ عَلِيّاً كَانَ وَ اللَّهِ فِينَا كَأَحَدِنَا يُدْنِينَا إِذَا أَتَيْنَاهُ وَ يُجِيبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَ يُقَرِّبُنَا إِذَا زُرْنَاهُ لَا يُغْلَقُ لَهُ دُونَنَا بَابٌ وَ لَا يَحْجُبُنَا عَنْهُ حَاجِبٌ وَ نَحْنُ وَ اللَّهِ مَعَ تَقْرِيبِهِ لَنَا وَ قُرْبِهِ مِنَّا لَا نُكَلِّمُهُ لِهَيْبَتِهِ وَ لَا نَبْتَدِيهِ لِعَظَمَتِهِ فَإِذَا تَبَسَّمَ فَمِنْ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ زِدْنِي فِي صِفَتِهِ فَقَالَ ضِرَارٌ رَحِمَ اللَّهُ عَلِيّاً كَانَ وَ اللَّهِ طَوِيلُ السُّهَادِ قَلِيلُ الرُّقَادِ يَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَ أَطْرَافَ النَّهَارِ وَ يَجُودُ لِلَّهِ بِمُهْجَتِهِ وَ يَبُوءُ إِلَيْهِ بِعَبْرَتِهِ لَا تُغْلَقُ لَهُ السُّتُورُ وَ لَا يَدَّخِرُ عَنَّا الْبُدُورَ وَ لَا يَسْتَلِينُ الِاتِّكَاءَ وَ لَا يَسْتَخْشِنُ الْجَفَاءَ (1) وَ لَوْ رَأَيْتَهُ إِذْ مُثِّلَ فِي مِحْرَابِهِ وَ قَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ وَ غَارَتْ نُجُومَهُ وَ هُوَ قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ وَ يَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ وَ هُوَ يَقُولُ يَا دُنْيَا أَ بِي تَعَرَّضْتِ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ أَبَنْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْكِ ثُمَّ يَقُولُ وَاهٍ وَاهٍ لِبُعْدِ السَّفَرِ وَ قِلَّةِ الزَّادِ وَ خُشُونَةِ الطَّرِيقِ قَالَ فَبَكَى مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ حَسْبُكَ يَا ضِرَارُ كَذَلِكَ وَ اللَّهِ كَانَ عَلِيٌّ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَن.

باب (107) جوامع مکارم أخلاقه وآدابه وسننه وعدله وحسن سياسته صلوات الله عليه

البحار : ج 17 ص 222

29 – عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَجَلِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ مِيثَمٍ التَّمَّارِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ الْأَزْدِيِّ قَالَ: أَتَى أَمِيرَ

ص: 265


1- يظهر منه أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يتكِ في عمره. السبزواري.

الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رَهْطٌ مِنَ الشِّيعَةِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَخْرَجْتَ هَذِهِ الْأَمْوَالَ فَفَرَّقْتَهَا فِي هَؤُلَاءِ الرُّؤَسَاءِ وَ الْأَشْرَافِ وَ فَضَّلْتَهُمْ عَلَيْنَا حَتَّى إِذَا اسْتَوْسَقَتِ الْأُمُورُ عُدْتَ إِلَى أَفْضَلِ مَا عَوَّدَكَ اللَّهُ مِنَ الْقَسْمِ بِالسَّوِيَّةِ وَ الْعَدْلِ فِي الرَّعِيَّةِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَيْحَكُمْ أَ تَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا وَ اللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَا سَمَرَ السَّمِيرُ وَ مَا رَأَيْتُ فِي السَّمَاءِ نَجْماً وَ اللَّهِ لَوْ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ مَالِي لَسَاوَيْتُ بَيْنَهُمْ فَكَيْفَ وَ إِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُهُمْ قَالَ ثُمَّ أَرَمَّ سَاكِتاً طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ كَانَ فِيكُمْ لَهُ مَالٌ فَإِيَّاكُمْ وَ الْفَسَادَ فَإِنَّ إِعْطَاءَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ تَبْذِيرٌ وَ إِسْرَافٌ وَ هُوَ يَرْفَعُ ذِكْرَ صَاحِبِهِ فِي النَّاسِ وَ يَضَعُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ إِلَّا حَرَمَهُ اللَّهُ شُكْرَهُمْ وَ كَانَ لِغَيْرِهِ وُدُّهُمْ فَإِنْ بَقِيَ مَعَهُ مِنْهُمْ بَقِيَّةٌ مِمَّنْ يُظْهِرُ الشُّكْرَ لَهُ وَ يُرِيهِ النُّصْحَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مَلَقٌ مِنْهُ وَ كَذِبٌ فَإِنْ زَلَّتْ بِصَاحِبِهِمُ النَّعْلُ ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى مَعُونَتِهِمْ وَ مُكَافَاتِهِمْ فَأَلْأَمُ خَلِيلٍ وَ شَرُّ خَدِينٍ وَ لَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ إِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْحَظِّ فِيمَا أَتَى إِلَّا مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ وَ ثَنَاءُ الْأَشْرَارِ مَا دَامَ عَلَيْهِ مُنْعِماً مُفْضِلًا وَ مَقَالَةُ الْجَاهِلِ مَا أَجْوَدَهُ وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ بَخِيلٌ فَأَيُّ حَظٍّ أَبْوَرُ وَ أَخْسَرُ مِنْ هَذَا الْحَظِّ وَ أَيُّ فَائِدَةٍ مَعْرُوفٍ أَقَلُّ مِنْ هَذَا الْمَعْرُوفِ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَهُ مَالٌ فَلْيَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ وَ لْيُحْسِنْ مِنْهُ الضِّيَافَةَ وَ لْيَفُكَّ بِهِ الْعَانِيَ وَ الْأَسِيرَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ فَإِنَّ الْفَوْزَ بِهَذِهِ الْخِصَالِ مَكَارِمُ الدُّنْيَا وَ شَرَفُ الْآخِرَة. (1)

***

مادات والنباتات

البحار: ج17 ص303

7- رُوِيَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ

ص: 266


1- هذه الكلمات ينبغي أن تكتب بالنور على خدود الحور. السبزواري.

عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ وَقْعَةِ صِفِّينَ وَقَفَ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ قَالَ أَيُّهَا الْوَادِي مَنْ أَنَا فَاضْطَرَبَ وَ تَشَقَّقَتْ أَمْوَاجُهُ وَ قَدْ حَضَرَ النَّاسُ وَ قَدْ سَمِعُوا مِنَ الْفُرَاتِ أَصْوَاتاً- أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ. (1)

***

باب (114) معجزات كلامه من إخباره باللغات، وعلمه باللغات وبلاغته وفصاحته صلوات اللّه عليه

البحار: ج 17 ص 330

18 - رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: مَرَّ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ لَمَّا مَرَّ بِهِ أَصْحَابُهُ وَ قَدْ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ يَبْكِي وَ يَقُولُ هَذَا مُنَاخُ رِكَابِهِمْ وَ هَذَا مُلْقَى رِحَالِهِمْ هَاهُنَا مُرَاقُ دِمَائِهِمْ طُوبَى لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ عَلَيْهَا تُرَاقُ دِمَاءُ الْأَحِبَّةِ وَ قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) خَرَجَ عَلِيٌّ يَسِيرُ بِالنَّاسِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِكَرْبَلَاءَ عَلَى مِيلَيْنِ أَوْ مِيلٍ تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى طَافَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهَا الْمقدفان فَقَالَ قُتِلَ فِيهَا مِائَتَا نَبِيٍّ وَ مِائَتَا سِبْطٍ كُلُّهُمْ شُهَدَاءُ وَ مُنَاخُ رِكَابٍ وَ مَصَارِعُ عُشَّاقٍ شُهَدَاءَ لَا يَسْبِقُهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ وَ لَا يَلْحَقُهُمْ مَنْ بَعْدَهُمْ. (2)

البحار: ج 17 ص 335

33 - رُوِيَ أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَتَى الْحَسَنَ الْبَصْرِيَ يَتَوَضَّأُ فِي سَاقِيَةٍ فَقَالَ أَسْبِغْ

ص: 267


1- يمكن أن يستشهد بهذا الخبر على الشهادة الثالثة. السبزواري
2- فائدة: ما رأيت لفظ العشاق في أخبار المعصومين (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) إلا في هذا الموضع. السبزواري.

طَهُورَكَ يَا لَفْتَى(1) قَالَ لَقَدْ قَتَلْتَ بِالْأَمْسِ رِجَالًا كَانُوا يُسْبِغُونَ الْوُضُوءَ قَالَ وَ إِنَّكَ لَحَزِينٌ عَلَيْهِمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَطَالَ اللَّهُ حُزْنَكَ قَالَ أَيُّوبُ السِّجِسْتَانِيُّ فَمَا رَأَيْنَا الْحَسَنَ قَطُّ إِلَّا حَزِيناً كَأَنَّهُ يَرْجِعُ عَنْ دَفْنِ حَمِيمٍ أَوْ خَرْبَنْدَجٌ ضَلَّ حِمَارُهُ فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ عَمِلَ فِيَّ دَعْوَةُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَ لَفْتَى بِالنَّبَطِيَّةِ شَيْطَانٌ وَ كَانَتْ أُمُّهُ سَمَّتْهُ بِذَلِكَ وَ دَعَتْهُ فِي صِغَرِهِ فَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ أَحَدٌ حَتَّى دَعَاهُ بِهِ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

***

ص: 268


1- أقول: والحسن من الشياطين الإنسية كما لا يخفى على من راجع حالاته السبزواري.

أبواب وفاته صلوات اللّه عليه

باب (127) كيفية شهادته (عَلَيهِ السَّلَامُ) ووصيته وغسله والصلاة عليه ودفنه

البحار: ج 17 ص 506

10 - أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) خَرَجَ يُوقِظُ النَّاسَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَضَرَبَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ بِالسَّيْفِ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ فَوَقَعَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَ أَخَذَهُ فَالْتَزَمَهُ حَتَّى أَخَذَهُ النَّاسُ وَ حُمِلَ عَلِيٌّ حَتَّى أَفَاقَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) احْبِسُوا هَذَا الْأَسِيرَ وَ أَطْعِمُوهُ وَ اسْقُوهُ وَ أَحْسِنُوا إِسَارَهُ فَإِنْ عِشْتُ فَأَنَا أَوْلَى بِمَا صَنَعَ فِيَّ إِنْ شِئْتُ اسْتَقَدْتُ وَ إِنْ شِئْتُ صَالَحْتُ وَ إِنْ مِتُّ فَذَلِكَ إِلَيْكُمْ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ أَنْ تَقْتُلُوهُ فَلَا تُمَثِّلُوا بِهِ. (1)

البحار : ج 17 ص 510

14 - مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ الْقُمِّيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بدرج [بُزُرْجَ] الْجَاحِظِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْيَسَعِ قَالَ: جَاءَنِي سَعْدٌ الْإِسْكَافُ فَقَالَ يَا بُنَيَّ تَحْمِلُ الْحَدِيثَ قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ لَمَّا أُصِيبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) غَسِّلَانِي وَ كَفِّنَانِي وَ حَنِّطَانِي وَ احْمِلَانِي عَلَى سَرِيرِي وَ احْمِلَا مُؤَخَّرَهُ تُكْفَيَانِ مُقَدَّمَهُ وَ فِي رِوَايَةِ الْكُلَيْنِيِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ)- لَمَّا غُسِّلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) نُودُوا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ إِنْ أَخَذْتُمْ مُقَدَّمَ السَّرِيرِ كُفِيتُمْ مُؤَخَّرَهُ

ص: 269


1- فيه أن القتل لم يكن في حال الصلاة. السبزواري.

وَ إِنْ أَخَذْتُمْ مُؤَخَّرَهُ كُفِيتُمْ مُقَدَّمَهُ رَجَعْنَا إِلَى تَمَامِ الْحَدِيثِ فَإِنَّكُمَا تَنْتَهِيَانِ إِلَى قَبْرٍ مَحْفُورٍ وَ لَحْدٍ مَلْحُودٍ وَ لَبِنٍ مَحْفُوظٍ فَأَلْحِدَانِي وَ أَشْرِجَا عَلَيَّ اللَّبِنَ وَ ارْفَعَا لَبِنَةً مِمَّا عِنْدَ رَأْسِي فَانْظُرَا مَا تَسْمَعَانِ فَأَخَذَا اللَّبِنَةَ مِنْ عِنْدِ الرَّأْسِ بَعْدَ مَا أَشْرَجَا عَلَيْهِ اللَّبِنَ فَإِذاً لَيْسَ بِالْقَبْرِ شَيْ ءٌ وَ إِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَانَ عَبْداً صَالِحاً فَأَلْحَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ كَذَلِكَ يَفْعَلُ بِالْأَوْصِيَاءِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى لَوْ أَنَّ نَبِيّاً مَاتَ فِي الشَّرْقِ وَ مَاتَ وَصِيُّهُ فِي الْغَرْبِ أَلْحَقَ اللَّهُ الْوَصِيَّ بِالنَّبِيِ.(1)

البحار: ج 17 ص 011

105 - ذَكَرَ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَعَدٍّ الْمُوسَوِيُّ قَالَ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْحَدِيثِيَّةِ الْقَدِيمَةِ مَا صُورَتُهُ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الدَّهَّانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى ابْنُ أَخِي الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْجَعْفَرِيُّ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي وَ حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أُمِّهَا أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهَا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَمَرَ ابْنَهُ الْحَسَنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ يَحْفِرَ لَهُ أَرْبَعَ قُبُورٍ فِي أَرْبَعِ مَوَاضِعَ فِي الْمَسْجِدِ وَ فِي الرَّحْبَةِ وَ فِي الْغَرِيِّ وَ فِي دَارِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ(2) وَ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا أَنْ لَا يَعْلَمَ أَحَدٌ مِنْ أَعْدَائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِه.

البحار: ج 17 ص 523

44 - أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ(3) قَالَ: أَوْصَى عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عِنْدَ مَوْتِهِ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) وَ قَالَ لَهُمَا إِنْ أَنَا مِتُ فَإِنَّكُمَا سَتَجِدَانِ عِنْدَ رَأْسِي حَنُوطاً مِنَ الْجَنَّةِ وَ ثَلَاثَةَ أَكْفَانٍ مِنْ إِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ فَغَسِّلُونِي وَحَنِّطُونِي بِالْحَنُوطِ

ص: 270


1- فيه أن جسد أمير المؤمنين بعد الدفن رفع إلى السماء بلا فصل. السبزواري.
2- هو ابن أخت أمير المؤمنين. السبزواري.
3- الحسن البصري مذموم، وهذا من مجعولاته. السبزواري.

وَكَفِّنُونِي قَالَ الْحَسَنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَوَجَدْنَا عِنْدَ رَأْسِهِ طَبَقاً مِنَ الذَّهَبِ عَلَيْهِ خَمْسُ شَمَّامَاتٍ مِنْ كَافُورِ الْجَنَّةِ وَ سِدْراً مِنْ سِدْرِ الْجَنَّةِ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ غُسْلِهِ وَ تَكْفِينِهِ أَتَى الْبَعِيرُ فَحَمَلُوهُ عَلَى الْبَعِيرِ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ وَ كَانَ قَالَ فَسَيَأْتِي الْبَعِيرُ إِلَى قَبْرِي فَيُقِيمُ عِنْدَهُ فَأَتَى الْبَعِيرُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمَ أَحَدٌ مَنْ حَفَرَهُ فَأُلْحِدَ فِيهِ بَعْدَ مَا صُلِّيَ عَلَيْهِ وَ أَظَلَّتِ النَّاسَ غَمَامَةٌ بَيْضَاءُ وَ طُيُورٌ بِيضٌ فَلَمَّا دُفِنَ ذَهَبَتِ الْغَمَامَةُ وَ الطُّيُورُ.

البحار: ج 17 ص 530 س9

وَ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوارِزْمِيِ قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ عَلِيٌ (عَلَيهِ السَّلَامُ) تَحَامَلَ وَ صَلَّى بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ(1) وَ قَالَ عَلَيَّ بِالرَّجُلِ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ أَ لَمْ أُحْسِنْ إِلَيْكَ قَالَ بَلَى قَالَ فَمَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا قَالَ شَحَذْتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً وَ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَقْتُلَ بِهِ شَرَّ خَلْقِهِ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَا أَرَاكَ إِلَّا مَقْتُولًا بِهِ وَ مَا أَرَاكَ إِلَّا مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَل.

البحار: ج 17 ص 534

54 - مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقُضْبَانِيُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَلْحٍ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الْيَشْكُرِيِّ(2) عَنْ قُدَامَةَ الْأَوْدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّلَعِيِّ وَ كَانَ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ تَخَوَّفْتُ عَلَى نَفْسِي الْفِتْنَةَ فَاعْتَزَمْتُ عَلَى اعْتِزَالِ النَّاسِ فَتَنَحَّيْتُ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَأَقَمْتُ فِيهِ حِيناً لَا أَدْرِي مَا فِيهِ النَّاسُ فَخَرَجْتُ مِنْ بَيْتِي لِبَعْضِ حَوَائِجِي وَ قَدْ هَدَأَ اللَّيْلُ وَ نَامَ النَّاسُ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَى

ص: 271


1- يظهر من هذا التعبير أنّ الضرب كان قبل الشروع في الصلاة وانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) صلّي بعد الضرب. السبزواري.
2- اليشكري منسوب إلى قبيلة يشكر، وهي قبائل متعددة. ثمّ إنّ رجال هذا الحديث كلّهم بین مجهول وضعيف إلّا إسماعيل فإنه لا يبعد حسنه. السبزواري.

سَاحِلِ الْبَحْرِ يُنَاجِي رَبَّهُ وَ يَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ بِصَوْتٍ أَشَجَ وَ قَلْبٍ حَزِينٍ فَأَنِسْتُ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَانِي فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا حَسَنَ الصُّحْبَةِ يَا خَلِيفَةَ النَّبِيِّينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ الْبَدِي ءُ الْبَدِيعُ الَّذِي لَيْسَ مِثْلَكَ شَيْ ءٌ وَ الدَّائِمُ غَيْرُ الْغَافِلِ وَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَنْتَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ أَنْتَ خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ نَاصِرُ مُحَمَّدٍ وَ مُفَضِّلُ مُحَمَّدٍ أَسْأَلُكَ أَنْ تَنْصُرَ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ وَ خَلِيفَةَ مُحَمَّدٍ وَ الْقَائِمَ بِالْقِسْطِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ اعْطِفْ عَلَيْهِ بِنَصْرٍ أَوْ تَوَفَّهُ بِرَحْمَةٍ قَالَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ جَلَسَ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ ثُمَّ إِنَّهُ سَلَّمَ فِيمَا أَحْسَبُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ثُمَّ مَضَى فَمَشَى عَلَى الْمَاءِ فَنَادَيْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ كَلِّمْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ وَ قَالَ الْهَادِي خَلْفَكَ فَاسْأَلْهُ عَنْ أَمْرِ دِينِكَ قَالَ قُلْتُ مَنْ هُوَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مِنْ بَعْدِهِ فَخَرَجْتُ مُتَوَجِّهاً إِلَى الْكُوفَةِ فَأَمْسَيْتُ دُونَهَا فَبِتُّ قَرِيباً مِنَ الْحِيرَةِ فَلَمَّا جُنَّ لِيَ اللَّيْلُ إِذْ أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ حَتَّى اسْتَتَرَ بِرَابِيَةٍ ثُمَّ صَفَّ قَدَمَيْهِ فَأَطَالَ الْمُنَاجَاةَ فَكَانَ فِيمَا قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي سِرْتُ فِيهِمْ بِمَا أَمَرَنِي رَسُولُكَ وَ صَفِيُّكَ فَظَلَمُونِي وَ قَتَلْتُ الْمُنَافِقِينَ كَمَا أَمَرْتَنِي فَجَهِلُونِي وَ قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَ مَلُّونِي وَ أَبْغَضْتُهُمْ وَ أَبْغَضُونِي وَ لَمْ تَبْقَ خَلَّةٌ أَنْتَظِرُهَا إِلَّا الْمُرَادِيَّ اللَّهُمَّ فَعَجِّلِ لَهُ الشَّقَاءَ وَ تَغَمَّدْنِي بِالسَّعَادَةِ اللَّهُمَّ قَدْ وَعَدَنِي نَبِيُّكَ أَنْ تَتَوَفَّانِي إِلَيْكَ إِذَا سَأَلْتُكَ اللَّهُمَّ وَ قَدْ رَغِبْتُ إِلَيْكَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَضَى فَتَبِعْتُهُ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ فَلَمْ أَلْبَثْ إِذْ نَادَى الْمُنَادِي بِالصَّلَاةِ فَخَرَجَ وَ تَبِعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَعَمَّهُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ بِالسَّيْف.

البحار: ج 17 ص 538 س 7

تذنيب سئل الشيخ المفيد قدس الله روحه في المسائل العكبرية الإمام عندنا مجمع على أنه يعلم ما يكون فما بال أمير المؤمنين (علیه السلام) خرج إلى المسجد و هو يعلم أنه مقتول و قد عرف قاتله و الوقت و الزمان و ما بال الحسين بن علي (علیه السلام) سار إلى الكوفة و قد علم أنهم يخذلونه و لا ينصرونه و أنه مقتول في سفرته تيك و لم لما حصروا

ص: 272

وعرف أن الماء قد منع منه وأنه إن حفر أذرعا قريبة نبع الماء ولم يحفر وأعان على نفسه حتّى تلف عطشا والحسن وادع معاوية وهادنه وهو يعلم أنه ينكث ولا يفي شيعة أبيما؟فأجاب الشيخ رحمه الله عنها بقوله. وأما الجواب عن قوله إن الإمام يعلم ما يكون فإجماعنا أن الأمر على خلاف ما قال وما أجمعت الشيعة على هذا القول وإنما إجماعهم ثابت على أن الإمام يعلم الحكم في كل ما يكون دون أن يكون عالما بأعيان ما يحدث ويكون على التفصيل والتمييز وهذا يسقط الأصل الذي بني عليه الأسولة بأجمعها ولسنا منع أن يعلم الإمام أعيان ما يحدث ويكون بإعلام الله تعالى له ذلك فأما القول بأنه يعلم كل ما يكون فلسنا نطلقه ولا نصوب قائله الدعواه فيه من غير حجة ولا بیان والقول بأن أمير المؤمنين كان يعلم قاتله والوقت الذي كان يقتل فيه فقد جاء الخبر متظاهرا أنه كان يعلم في الجملة أنه مقتول وجاء أيضاً بأنه يعلم قاتله على التفصيل فأما علمه بوقت قتله فلم يأت عليه أثر على التحصيل ولو جاء به أثر لم يلزم فيه ما يظنه المعترضون إذ كان لا يمتنع أن يتعبده الله تعالى بالصبر على الشهادة(1)

والاستسلام للقتل ليبلغه بذلك علو الدرجات ما لا يبلغه إلا به ولعلمه بأنه يطيعه في ذلك طاعة لوكلفها سواه لم يردها ولا يكون بذلك أمير المؤمنين الإملقيا بيده إلى التهلكة ولا معينا على نفسه معونة تستقبح في العقول. وأما علم الحسين بأن أهل الكوفة خاذلوه فلسنا نقطع على ذلك إذ لا حجة عليه من عقل ولا سمع ولو كان عالما بذلك لكان الجواب عنه ما قدمناه في الجواب عن علم أمير المؤمنين الابوقت قتله ومعرفة قاتله كما ذكرناه وأما دعواه علينا أنا نقول إن الحسين الاكان عالما بموضع الماء قادرا علیه فلسنا نقول

ص: 273


1- (1) فيكون نظير الجهاد الذي يطمئن بعدم الظفر على العدو بل يقتل وهو مع ذلك واجب. السبزواري.

ذلك ولا جاء به خبر على أن طلب الماء والاجتهاد فيه يقضي بخلاف ذلك ولو ثبت أنه كان عالما بوضع الماء لم يمتنع في العقول أن يكون متعبدا بترك السعي في طلب الماء من حيث كان ممنوعا منه حسب ما ذكرناه في أمير المؤمنين غير أن ظاهر المحال بخلاف ذلك على ما قدمناه. والكلام في علم الحسن العاقبة موادعته معاوية بخلاف ما تقدم وقد جاء للخبر بعلمه بذلك وكان شاهد الحال له يقضي به غير أنه دفع به عن تعجيل قتله و تسليم أصحابه له إلى معاوية وكان في ذلك لطف في بقائه إلى حال مضيه ولطف لبقاء كثير من شيعته وأهله وولده ودفع فساد في الدين هو أعظم من الفساد الذي حصل عند هدنته وكان لا أعلم بما صنع لما ذكرناه وبینا الوجوه فيه انتهى كلامه رفع الله مقامه.

البحار: ج 17 ص 39ه س 12

تذييل: رَأَيْنَا فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ رِوَايَةً فِي كَيْفِيَّةِ شَهَادَتِهِ (عليه السّلام) أَوْرَدْنَا مِنْهُ شَيْئاً مِمَّا يُنَاسِبُ كِتَابَنَا هَذَا عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ قَالَ رَوَى أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِيُّ(1) عَنْ لُوطِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَشْيَاخِهِ وَ أَسْلَافِهِ قَالُوا لَمَّا تُوُفِّيَ عُثْمَانُ وَ بَايَعَ النَّاسُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ حَبِيبُ بْنُ الْمُنْتَجَبِ وَالِياً عَلَى بَعْضِ أَطْرَافِ الْيَمَنِ مِنْ قِبَلِ عُثْمَانَ فَأَقَرَّهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى عَمَلِهِ وَ كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَاباً يَقُولُ فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى حَبِيبِ بْنِ الْمُنْتَجَبِ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ أُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَ رَسُولِهِ وَ بَعْدُ فَإِنِّي وَلَّيْتُكَ مَا كُنْتَ عَلَيْهِ لِمَنْ كَانَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْسِكْ عَلَى عَمَلِكَ وَ إِنِّي أُوصِيكَ بِالْعَدْلِ فِي رَعِيَّتِكَ وَ الْإِحْسَانِ إِلَى أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ وُلِّيَ عَلَى

ص: 274


1- أبو الحسن البكري لا يعتمد على ما تفرد به. السبزواري.

رِقَابِ عَشَرَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ لَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمْ حَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ يَدَاهُ مَغْلُولَتَانِ إِلَى عُنُقِهِ لَا يَفُكُّهَا إِلَّا عَدْلُهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ كِتَابِي هَذَا فَاقْرَأْهُ عَلَى مَنْ قِبَلَكَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَ خُذْ لِيَ الْبَيْعَةَ عَلَى مَنْ حَضَرَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا بَايَعَ الْقَوْمُ مِثْلَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَامْكُثْ فِي عَمَلِكَ وَ أَنْفِذْ إِلَيَّ مِنْهُمْ عَشَرَةً يَكُونُونَ مِنْ عُقَلَائِهِمْ وَ فُصَحَائِهِمْ وَ ثِقَاتِهِمْ مِمَّنْ يَكُونُ أَشَدَّهُمْ عَوْناً مِنْ أَهْلِ الْفَهْمِ وَ الشَّجَاعَةِ

عَارِفِينَ بِاللَّهِ عَالِمِينَ بِأَدْيَانِهِمْ وَ مَا لَهُمْ وَ مَا عَلَيْهِمْ وَ أَجْوَدَهُمْ رَأْياً وَ عَلَيْكَ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ طَوَى الْكِتَابَ وَ خَتَمَهُ وَ أَرْسَلَهُ مَعَ أَعْرَابِيٍّ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ قَبَّلَهُ وَ وَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَ رَأْسِهِ فَلَمَّا قَرَأَهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ وَ قَدْ بَايَعَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِهِ الْعَبْدَ الصَّالِحَ وَ الْإِمَامَ النَّاصِحَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ خَلِيفَتَهُ وَ هُوَ أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ وَ هُوَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ كَاشِفُ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ وَ وَصِيُّهُ وَ أَبُو سِبْطَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَمَا تَقُولُونَ فِي بَيْعَتِهِ وَ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ قَالَ فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ وَ قَالُوا سَمْعاً وَ طَاعَةً وَ حُبّاً وَ كَرَامَةً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَخِي رَسُولِهِ فَأَخَذَ لَهُ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ عَامَّةً فَلَمَّا بَايَعُوا قَالَ لَهُمْ أُرِيدُ مِنْكُمْ عَشَرَةً مِنْ رُؤَسَائِكُمْ وَ شُجْعَانِكُمْ أُنْفِذُهُمْ إِلَيْهِ كَمَا أَمَرَنِي بِهِ فَقَالُوا سَمْعاً وَ طَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ مِائَةً ثُمَّ مِنَ الْمِائَةِ سَبْعِينَ ثُمَّ مِنَ السَّبْعِينَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ مِنَ الثَّلَاثِينَ عَشَرَةً فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ خَرَجُوا مِنْ سَاعَتِهِمْ فَلَمَّا أَتَوْهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَ هَنَّئُوهُ بِالْخِلَافَةِ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ وَ رَحَّبَ بِهِمْ فَتَقَدَّمَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَ الْبَدْرُ التَّمَامُ وَ اللَّيْثُ الْهُمَامُ وَ الْبَطَلُ الضِّرْغَامُ وَ الْفَارِسُ الْقَمْقَامُ وَ مَنْ فَضَّلَهُ اللَّهُ عَلَى سَائِرِ الْأَنَامِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِكَ الْكِرَامِ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صِدْقاً وَ حَقّاً وَ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَحَدَ حَقَّكَ

ص: 275

وَ مَقَامَكَ أَصْبَحْتَ أَمِيرَهَا وَ عَمِيدَهَا لَقَدِ اشْتَهَرَ بَيْنَ الْبَرِيَّةِ عَدْلُكَ وَ هَطَلَتْ شَآبِيبُ فَضْلِكَ وَ سَحَائِبُ رَحْمَتِكَ وَ رَأْفَتِكَ عَلَيْهِمْ وَ لَقَدْ أَنْهَضَنَا الْأَمِيرُ إِلَيْكَ فَسُرِرْنَا بِالْقُدُومِ عَلَيْكَ فَبُورِكْتَ بِهَذِهِ الطَّلْعَةِ الْمَرْضِيَّةِ وَ هُنِّئْتَ بِالْخِلَافَةِ فِي الرَّعِيَّةِ.فَفَتَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَيْنَيْهِ فِي وَجْهِهِ وَ نَظَرَ إِلَى الْوَفْدِ فَقَرَّبَهُمْ وَ أَدْنَاهُمْ فَلَمَّا جَلَسُوا دَفَعُوا إِلَيْهِ الْكِتَابَ فَفَضَّهُ وَ قَرَأَهُ وَ سُرَّ بِمَا فِيهِ فَأَمَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ وَ رِدَاءٍ عَدَنَيَّةٍ وَ فَرَسٍ عَرَبِيَّةٍ وَ أَمَرَ أَنْ يُفْتَقَدُوا وَ يُكْرِمُوا فَلَمَّا نَهَضُوا قَامَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ أَنْشَدَ

أَنْتَ الْمُهَيْمِنُ وَ الْمُهَذَّبُ ذُو النَّدَى*** وَ ابْنُ الضَّرَاغِمِ فِي الطِّرَازِ الْأَوَّلِ

اللَّهُ خَصَّكَ يَا وَصِيَّ مُحَمَّدٍ*** وَ حَبَاكَ فَضْلًا فِي الْكِتَابِ الْمُنْزَلِ

وَ حَبَاكَ بِالزَّهْرَاءِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ*** ُورِيَّةٍ بِنْتِ النَّبِيِّ الْمُرْسَلِ.

ثمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ارْمِ بِنَا حَيْثُ شِئْتَ لِتَرَى مِنَّا مَا يَسُرُّكَ فَوَ اللَّهِ مَا فِينَا إِلَّا كُلُّ بَطَلٍ أَهْيَسَ(1) وَ حَازِمٍ أَكْيَسَ وَ شُجَاعٍ أَشْوَسَ وَرِثْنَا ذَلِكَ عَنِ الْآبَاءِ وَ الْأَجْدَادِ وَ كَذَلِكَ نُورِثُهُ صَالِحَ الْأَوْلَادِ قَالَ فَاسْتَحْسَنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَلَامَهُ مِنْ بَيْنِ الْوَفْدِ فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ يَا غُلَامُ قَالَ اسْمِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ لَهُ أَ مُرَادِيٌّ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عليه السّلام) إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ قَالَ وَ جَعَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُكَرِّرُ النَّظَرَ إِلَيْهِ وَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَ يَسْتَرْجِعُ ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ أَ مُرَادِيٌّ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ فَعِنْدَهَا تَمَثَّلَ (عليه السّلام) يَقُولُ

أَنَا أَنْصَحُكَ مِنِّي بِالْوَدَادِ*** مُكَاشَفَةً وَ أَنْتَ مِنَ الْأَعَادِي

ص: 276


1- الأهوس الشجاع المجرب الجريء في الشيء. الأشوس: الشديد الجريء في القتال. ج17 ص 540 س 19السبزواري.

أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَ يُرِيدُ قَتْلِي*** عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادٍ.

البحار: ج 17 ص 562 س 3

قَالَ وَ أَقَامَ ابْنُ مُلْجَمٍ بِالْكُوفَةِ إِلَى أَنْ خَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى غَزَاةِ النَّهْرَوَانِ فَخَرَجَ ابْنُ مُلْجَمٍ مَعَهُ وَ قَاتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ قِتَالًا شَدِيداً فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ وَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ قَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَتَقَدَّمَكَ إِلَى الْمِصْرِ لِأُبَشِّرَ أَهْلَهُ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ النَّصْرِ فَقَالَ لَهُ مَا تَرْجُو بِذَلِكَ قَالَ الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ وَ الشُّكْرَ مِنَ النَّاسِ وَ أَفْرَحُ الْأَوْلِيَاءَ وَ أُكْمِدُ الْأَعْدَاءَ فَقَالَ لَهُ شَأْنَكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِخَلْعَةٍ سَنِيَّةٍ وَ عِمَامَتَيْنِ وَ فَرَسَيْنِ وَ سَيْفَيْنِ وَ رُمْحَيْنِ فَسَارَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ دَخَلَ الْكُوفَةَ وَ جَعَلَ يَخْتَرِقُ أَزِقَّتَهَا وَ شَوَارِعَهَا وَ هُوَ يُبَشِّرُ النَّاسَ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَدْ دَخَلَهُ الْعُجْبُ فِي نَفْسِهِ فَانْتَهَى بِهِ الطَّرِيقُ إِلَى مَحَلَّةِ بَنِي تَمِيمٍ فَمَرَّ عَلَى دَارٍ تُعْرَفُ بِالْقَبِيلَةِ وَ هِيَ أَعْلَى دَارٍ بِهَا وَ كَانَتْ لِقَطَامِ بِنْتِ سُخَيْنَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ تَيْمٍ اللَّاتِ وَ كَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالْحُسْنِ وَ الْجَمَالِ وَ الْبَهَاءِ وَ الْكَمَالِ فَلَمَّا سَمِعَتْ كَلَامَهُ بَعَثَتْ إِلَيْهِ وَ سَأَلَتْهُ النُّزُولَ عِنْدَهَا سَاعَةً لِتَسْأَلَهُ عَنْ أَهْلِهَا فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ مَنْزِلِهَا وَ أَرَادَ النُّزُولَ عَنْ فَرَسِهِ خَرَجَتْ إِلَيْهِ ثُمَّ كَشَفَتْ لَهُ عَنْ وَجْهِهَا وَ أَظْهَرَتْ لَهُ مَحَاسِنَهَا فَلَمَّا رَآهَا أَعْجَبَتْهُ وَ هَوَاهَا مِنْ وَقْتِهِ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَ دَخَلَ إِلَيْهَا وَ جَلَسَ فِي دِهْلِيزِ الدَّار... (1).

البحار: ج 17 ص 101 - 503 س 29

قَالَ الرَّاوِي وَ كَانَ مِنْ كَرَمِ أَخْلَاقِهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ يَتَفَقَّدُ النَّائِمِينَ فِي الْمَسْجِدِ وَ يَقُولُ لِلنَّائِمِ الصَّلَاةَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ الصَّلَاةَ قُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَيْكَ ثُمَّ يَتْلُو (عَلَيهِ السَّلَامُ) (إِنَّ

ص: 277


1- أقول: يظهر لمن تأمل حال قطام عليها اللعنة أنها كانت من الفواحش لكن لا لكل أحد بحيث كانت مبذولة بل لأهل الترقه من الشباب وذوي الجمال منهم. كما أنه يظهر لمن تأمل أن عبد الرحمن کان ولد زناء وشرب لبن اليهودية ونشأ عليه وحملت به أمه في الحيض. السبزواري.

الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ) فَفَعَلَ ذَلِكَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ عَلَى مَجَارِي عَادَتِهِ مَعَ النَّائِمِينَ فِي الْمَسْجِدِ (1)حَتَّى إِذَا بَلَغَ إِلَى الْمَلْعُونِ فَرَآهُ نَائِماً عَلَى وَجْهِهِ قَالَ لَهُ يَا هَذَا قُمْ مِنْ نَوْمِكَ هَذَا فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ يَمْقُتُهَا اللَّهُ وَ هِيَ نَوْمَةُ الشَّيْطَانِ وَ نَوْمَةُ أَهْلِ النَّارِ بَلْ نَمْ عَلَى يَمِينِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْعُلَمَاءِ أَوْ عَلَى يَسَارِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْحُكَمَاءِ وَ لَا تَنَمْ عَلَى ظَهْرِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ.قَالَ فَتَحَرَّكَ الْمَلْعُونُ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ وَ هُوَ مِنْ مَكَانِهِ لَا يَبْرَحْ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَقَدْ هَمَمْتَ بِشَيْ ءٍ (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) وَ لَوْ شِئْتَ لَأَنْبَأْتُكَ بِمَا تَحْتَ ثِيَابِكَ ثُمَّ تَرَكَهُ وَ عَدَلَ عَنْهُ إِلَى مِحْرَابِهِ وَ قَامَ قَائِماً يُصَلِّي وَ كَانَ (عليه السّلام) يُطِيلُ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ فِي الصَّلَاةِ كَعَادَتِهِ فِي الْفَرَائِضِ وَ النَّوَافِلِ (2)حَاضِراً قَلْبُهُ فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ فَنَهَضَ الْمَلْعُونُ مُسْرِعاً وَ أَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى وَقَفَ بِإِزَاءِ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي كَانَ الْإِمَامُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُصَلِّي عَلَيْهَا فَأَمْهَلَهُ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَ رَكَعَ وَ سَجَدَ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْهَا وَ رَفَعَ رَأْسَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ السَّيْفَ وَ هَزَّهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ الْمُكرَّمِ الشَّرِيفِ فَوَقَعَتِ الضَّرْبَةُ عَلَى الضَّرْبَةِ الَّتِي ضَرَبَهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدَ وُدٍّ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ أَخَذَتِ الضَّرْبَةُ إِلَى مَفْرَقِ رَأْسِهِ إِلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ فَلَمَّا أَحَسَّ الْإِمَامُ بِالضَّرْبِ لَمْ يَتَأَوَّهْ وَ صَبَرَ وَ احْتَسَبَ وَ وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ وَ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ قَائِلًا بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ صَاحَ وَ قَالَ قَتَلَنِي ابْنُ مُلْجَمٍ قَتَلَنِي اللَّعِينُ ابْنُ الْيَهُودِيَّةِ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَفُوتَنَّكُمْ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ سَارَ السَّمُّ فِي رَأْسِهِ وَ بَدَنِهِ وَ ثَارَ جَمِيعُ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ فِي طَلَبِ الْمَلْعُونِ وَ مَاجُوا بِالسِّلَاحِ فَمَا كُنْتُ أَرَى إِلَّا

ص: 278


1- لا يخفى أن المجلسي لم يسند هذه الرواية إلى المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ)ولم يعلم هذا الراوي من هو حتّى يتفحص عن حاله في الرجال أيكون ثقة أم لا؟ السبزواري.
2- يظهر من مجموع الخبر أن شهادته علا كانت في صلاة النافلة دون الفريضة لما يأتي من أن الحسن علي ضلي بالناس ولا جماعة في نافلة. السبزواري.

صَفْقَ الْأَيْدِي عَلَى الْهَامَاتِ وَ عُلُوِّ الصَّرْخَاتِ وَ كَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً خَائِفاً مَرْعُوباً ثُمَّ وَلَّى هَارِباً وَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ أَحَاطَ النَّاسُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ فِي مِحْرَابِهِ يَشُدُّ الضَّرْبَةَ وَ يَأْخُذُ التُّرَابَ وَ يَضَعُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) ثُمَّ قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا ضَرَبَهُ الْمَلْعُونُ ارْتَجَّتِ الْأَرْضُ وَ مَاجَتِ الْبِحَارُ وَ السَّمَاوَاتِ وَ اصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ قَالَ وَ ضَرَبَهُ اللَّعِينُ شَبِيبُ بْنِ بُجْرَةَ فَأَخْطَأَهُ وَ وَقَعَتِ الضَّرْبَةُ فِي الطَّاقِ.

قَالَ الرَّاوِي فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ الضَّجَّةَ ثَارَ إِلَيْهِ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَ صَارُوا يَدُورُونَ وَ لَا يَدْرُونَ أَيْنَ يَذْهَبُونَ مِنْ شِدَّةِ الصَّدْمَةِ وَ الدَّهْشَةِ ثُمَّ أَحَاطُوا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) وَ هُوَ يَشُدُّ رَأْسَهُ بِمِئْزَرِهِ وَ الدَّمُ يَجْرِي عَلَى وَجْهِهِ وَ لِحْيَتِهِ وَ قَدْ خُضِبَتْ بِدِمَائِهِ وَ هُوَ يَقُولُ هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ الرَّاوِي فَاصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ وَ ضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ بِالدُّعَاءِ وَ هَبَّتْ رِيحٌ عَاصِفٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ وَ نَادَى جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ كُلُّ مُسْتَيْقِظٍ تَهَدَّمَتْ وَ اللَّهِ أَرْكَانُ الْهُدَى وَ انْطَمَسَتْ وَ اللَّهِ نُجُومُ السَّمَاءِ وَ أَعْلَامُ التُّقَى وَ انْفَصَمَتْ وَ اللَّهِ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى قُتِلَ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى قُتِلَ الْوَصِيُّ الْمُجْتَبَى قُتِلَ عَلِيٌّ الْمُرْتَضَى قُتِلَ وَ اللَّهِ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ قَتَلَهُ أَشْقَى الْأَشْقِيَاءِ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ نَعْيَ جَبْرَئِيلَ(1)فَلَطَمَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَ خَدِّهَا وَ شَقَّتْ جَيْبَهَا وَ صَاحَتْ وَا أَبَتَاهْ وَا عَلِيَّاهْ وَا مُحَمَّدَاهْ وَا سَيِّدَاهْ ثُمَّ أَقْبَلَتْ إِلَى أَخَوَيْهَا الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ فَأَيْقَظَتْهُمَا وَ قَالَتْ لَهُمَا

ص: 279


1- بعيد جدا أن يكونا نائمين في هذا الوقت لأنهم كانوا ملازمين على صلاة أول الوقت.السبزواري

لَقَدْ قُتِلَ أَبُوكُمَا فَقَامَا يَبْكِيَانِ فَقَالَ لَهَا الْحَسَنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا أُخْتَاهْ كُفِّي عَنِ الْبُكَاءِ (1)حَتَّى نَعْرِفَ صِحَّةَ الْخَبَرِ كَيْلَا تُشْمِتَ الْأَعْدَاءُ فَخَرَجَا فَإِذَا النَّاسُ يَنُوحُونَ وَ يُنَادُونَ وَا إِمَامَاهْ وَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَاهْ قُتِلَ وَ اللَّهِ إِمَامٌ عَابِدٌ مُجَاهِد.الخ

ص: 280


1- هذه الكلمة عنه لا بعيدة أيضاً. السبزواري:

ص: 281

التعليقات على المجلد العاشر من الطبعة الحجرية ويشتمل على الجزء 18 من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 282

ص: 283

أبواب تاریخ سيدة نساء العالمين وبضعة سيد المرسلين ومشكاة أنوار أئمة الدين وزوجة أشرف الوصيين البتول العذراء والإنسية الحوراء فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ما قامت الأرض والسماء

باب (1) ولادتها وحليتها وشمائلها صلوات الله عليها وجمل تواريخها

البحار: ج 18 ص 10

8- ذَكَرَ ابْنُ الْخَشَّابِ عَنْ شُيُوخِهِ يَرْفَعُهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: وُلِدَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ مَا أَظْهَرَ اللَّهُ نُبُوَّةَ نَبِيِّهِ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيَ بِخَمْسِ سِنِينَ وَ قُرَيْشٌ تَبْنِي الْبَيْتَ وَ تُوُفِّيَتْ وَ لَهَا ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ خَمْسَةٌ وَ سبعين يَوْماً وَ فِي رِوَايَةِ صَدَقَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ شَهْرٌ وَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً وَ كَانَ عُمُرُهَا مَعَ أَبِيهَا بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ سِنِينَ وَ هَاجَرَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَأَقَامَتْ مَعَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَ كَانَ عُمُرُهَا ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَقَامَتْ مَعَ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهَا خَمْسَةً وَ سَبْعِينَ يَوْماً وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ قَالَ الذَّارِعُ أَنَا أَقُولُ فَعُمُرُهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ شَهْرٌ وَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَ وَلَدَتِ الْحَسَنَ وَ لَهَا إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَ فِي كِتَابِ مَوْلِدِ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) لِابْنِ بَابَوَيْهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ قَدْ كُنْتُ شَهِدْتُ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) وَ قَدْ وَلَدَتْ بَعْضَ وُلْدِهَا فَلَمْ

ص: 284

أَرَ لَهَا دَماً فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَّ فَاطِمَةَ خُلِقَتْ حُورِيَّةً فِي صُورَةِ إِنْسِيَّةٍ. (1)

البحار: ج 18 ص 12

2- أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ الصَّيْقَلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الدَّارِمِيِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهُرْمُزَانِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءُ زَهْرَاءَ فَقَالَ لِأَنَّهَا تَزْهَرُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي النَّهَارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِالنُّورِ كَانَ يَزْهَرُ نُورُ وَجْهِهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ وَ النَّاسُ فِي فِرَاشِهِمْ فَيَدْخُلُ بَيَاضُ ذَلِكَ النُّورِ إِلَى حُجُرَاتِهِمْ بِالْمَدِينَةِ فَتَبْيَضُّ حِيطَانُهُمْ فَيَعْجَبُونَ مِنْ ذَلِكَ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا رَأَوْا فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَيَأْتُونَ مَنْزِلَهَا فَيَرَوْنَهَا قَاعِدَةً فِي مِحْرَابِهَا تُصَلِّي وَ النُّورُ يَسْطَعُ مِنْ مِحْرَابِهَا مِنْ وَجْهِهَا فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْهُ كَانَ مِنْ نُورِ فَاطِمَةَ فَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَ تَرَتَّبَتْ لِلصَّلَاةِ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا (عَلَيهَا السَّلَامُ) بِالصُّفْرَةِ فَتَدْخُلُ الصُّفْرَةُ فِي حُجُرَاتِ النَّاسِ فَتُصَفِّرُ ثِيَابَهُمْ وَ أَلْوَانَهُمْ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا رَأَوْا فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَيَرَوْنَهَا قَائِمَةً فِي مِحْرَابِهَا وَ قَدْ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا وَ عَلَى أَبِيهَا وَ بَعْلِهَا وَ بَنِيهَا بِالصُّفْرَةِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْا كَانَ مِنْ نُورِ وَجْهِهَا فَإِذَا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ وَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ احْمَرَّ وَجْهُ فَاطِمَةَ فَأَشْرَقَ وَجْهُهَا بِالْحُمْرَةِ فَرَحاً وَ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَكَانَ تَدْخُلُ حُمْرَةُ وَجْهِهَا حُجُرَاتِ الْقَوْمِ وَ تَحْمَرُّ حِيطَانُهُمْ فَيَعْجَبُونَ مِنْ ذَلِكَ وَ يَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ يَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ فَيَرَوْنَهَا جَالِسَةً تُسَبِّحُ اللَّهَ وَ تُمَجِّدُهُ وَ نُورُ وَجْهِهَا يَزْهَرُ بِالْحُمْرَةِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْا كَانَ مِنْ نُورِ وَجْهِ فَاطِمَةَ (عليها السّلام) فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ النُّورُ فِي وَجْهِهَا حَتَّى وُلِدَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَهُوَ يَتَقَلَّبُ فِي وُجُوهِنَا إِلَى يَوْمِ

ص: 285


1- هذا معنى قولهم إنها حوراء إنسية. السبزواري.

الْقِيَامَةِ فِي الْأَئِمَّةِ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتَ إِمَامٍ بَعْدَ إِمَامٍ. (1)

باب (3) مناقبها وفضائلها وبعض أحوالها ومعجزاتها صلوات الله عليها

البحار: ج 18 ص 21

6- بِإِسْنَادِ التَّمِيمِيِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَ اللَّهُ ذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّار. (2)

باب (4) سيرها ومكارم أخلاقها صلوات الله عليها وسير بعض خدمها

البحار: ج18 ص19

14- (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)َالَ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: كَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ)رَأَتْ فِي مَنَامِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هَمَّ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ وَ فَاطِمَةُ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنَ الْمَدِينَةِ فَخَرَجُوا حَتَّى جَاوَزُوا

ص: 286


1- قول: اختلفت الروايات في وجه تسميتها بالزهراء واتفقت في أنها تزهر إما لأهل المدينة أو لأهل السماء. السبزواري
2- أقول: لعل المراد باحصان الفرج انقطاعها عن الشهوات الدنيوية واتصالها بالمقامات الشهودية، فتدبر. السبزواري.

مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَتَعَرَّضَ لَهُمْ طَرِيقَانِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى انْتَهَى بِهِمْ إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ نَخْلٌ وَ مَاءٌ فَاشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) شَاةً كَبْرَاءَ وَ هِيَ الَّتِي فِي إِحْدَى أُذُنَيْهَا نُقَطٌ بِيضٌ فَأَمَرَ بِذَبْحِهَا فَلَمَّا أَكَلُوا مَاتُوا فِي مَكَانِهِمْ فَانْتَبَهَتْ فَاطِمَةُ بَاكِيَةً ذَعِرَةً فَلَمْ تُخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِذَلِكَ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِحِمَارٍ فَأَرْكَبَ عَلَيْهِ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) وَ أَمَرَ أَنْ يَخْرُجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنَ الْمَدِينَةِ كَمَا رَأَتْ فَاطِمَةُ فِي نَوْمِهَا فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ عَرَضَ لَهُ طَرِيقَانِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذَاتَ الْيَمِينِ كَمَا رَأَتْ فَاطِمَةُ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ نَخْلٌ وَ مَاءٌ فَاشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) شَاةً كَمَا رَأَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَأَمَرَ بِذَبْحِهَا فَذُبِحَتْ وَ شُوِيَتْ فَلَمَّا أَرَادُوا أَكْلَهَا قَامَتْ فَاطِمَةُ وَ تَنَحَّتْ نَاحِيَةً مِنْهُمْ تَبْكِي مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتُوا فَطَلَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا وَ هِيَ تَبْكِي فَقَالَ مَا شَأْنُكِ يَا بُنَيَّةِ قَالَت يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَ كَذَا فِي نَوْمِي وَ قَدْ فَعَلْتَ أَنْتَ كَمَا رَأَيْتُهُ فَتَنَحَّيْتُ عَنْكُمْ فَلَا أَرَاكُمْ تَمُوتُونَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ نَاجَى رَبَّهُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ الدِّهَارُ وَ هُوَ الَّذِي أَرَى فَاطِمَةَ هَذِهِ الرُّؤْيَا وَ يُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ فِي نَوْمِهِمْ مَا يَغْتَمُّونَ بِهِ فَأَمَرَ جَبْرَئِيلَ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ لَهُ أَنْتَ أَرَيْتَ فَاطِمَةَ هَذِهِ الرُّؤْيَا فَقَالَ نَعَمْ يَا مُحَمَّدُ فَبَزَقَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ بَزَقَاتٍ فَشَجَّهُ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ لِمُحَمَّدٍ قُلْ يَا مُحَمَّدُ إِذَا رَأَيْتَ فِي مَنَامِكَ شَيْئاً تَكْرَهُهُ أَوْ رَأَى أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ وَ أَنْبِيَاؤُهُ الْمُرْسَلُونَ وَ عِبَادُهُ الصَّالِحُونَ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ وَ مِنْ رُؤْيَايَ وَ يَقْرَأُ الْحَمْدَ وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ وَ يَتْفُلُ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ تَفَلَاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ مَا رَأَى

ص: 287

وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ الْآيَةَ). (1)

باب (5) تزويجها صلوات الله عليها

البحار : ج18 ص107

45 - عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: لَا غَيْرَةَ فِي الْحَلَالِ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) لَا تُحْدِثَا شَيْئاً حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكُمَا فَلَمَّا أَتَاهُمَا أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ بَيْنَهُمَا فِي الْفِرَاش.(2)

باب (7) ما وقع عليها من الظلم وبكائها وحزنها وشكايتها في مرضها إلى شهادتها وغسلها ودفنها وبيان العلة في إخفاءدفنها صلوات الله عليها ولعنة الله على من ظلمها

البحار: ج 18 ص 125

11- كِتَابُ دَلَائِلِ الْإِمَامَةِ لِلطَّبَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ مُوسَى

ص: 288


1- هذا الخبر من المشكلات وأحسن ما يقال فيه هو أن الشيطان أرى فاطمة الرؤيا كما هو صریح الخبر لا أن الشيطان تمثل بالنبي عنه في الرؤيا فإن الشيطان لا يتمثل به، ثمّ إن صریح خبر أبي بصير تكلم النبي الله مع الرؤيا والأضغاث ممکن الحمل على تمثلهما للنبي أو كونهما ملكين أو شيطانین موكلين بالنوم. السبزواري.
2- هذا الخبر يحتمل وجوهة أحسنها أنه له ادخل رجليه بينهما في الفراش تبركا حتّى يصح أن يقال إن فراشهما فراش النبوّة ثمّ خرج من البيت، ويمكن أن يكون لإدخال الرجل علل شتی لا نعرفها. السبزواري.

التَّلَّعُكْبَرِيِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِيِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: قُبِضَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيَهَا السَّلَامُ) فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْهُ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ كَانَ سَبَبُ وَفَاتِهَا أَنَّ قُنْفُذاً مَوْلَى عُمَرَ (1) لَكَزَهَا بِنَعْلِ السَّيْفِ بِأَمْرِهِ فَأَسْقَطَتْ مُحَسِّناً وَ مَرِضَتْ مِنْ ذَلِكَ مَرَضاً شَدِيداً وَ لَمْ تَدَعْ أَحَداً مِمَّنْ آذَاهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَ كَانَ الرَّجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سَأَلَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ يَشْفَعَ لَهُمَا إِلَيْهَا فَسَأَلَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) فَلَمَّا دَخَلَا عَلَيْهَا قَالا لَهَا كَيْفَ أَنْتِ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَتْ بِخَيْرٍ بِحَمْدِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَتْ لَهُمَا مَا سَمِعْتُمَا النَّبِي يَقُولُ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ قَالا بَلَى قَالَتْ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ آذَيْتُمَانِي قَالَ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهَا (عليه السّلام) وَ هِيَ سَاخِطَةٌ عَلَيْهِمَا.

البحار: ج 18 ص 145

31 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ وَ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالا أَتَى رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هَلْ تُشَيَّعُ الْجِنَازَةُ بِنَارٍ وَ يُمْشَى مَعَهَا بِمِجْمَرَةٍ وَ قِنْدِيلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُضَاءُ بِهِ قَالَ فَتَغَيَّرَ لَوْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ ذَلِكَ وَ اسْتَوَى جَالِساً ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ جَاءَ شَقِيٌّ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ إِلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ لَهَا أَ مَا عَلِمْتِ أَنَّ عَلِيّاً قَدْ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَقَالَتْ حَقّاً مَا تَقُولُ فَقَالَ حَقّاً مَا أَقُولُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَدَخَلَهَا مِنَ الْغَيْرَةِ مَا لَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَى النِّسَاءِ غَيْرَةً وَ كَتَبَ عَلَى الرِّجَالِ جِهَاداً وَ جَعَلَ لِلْمُحْتَسِبَةِ الصَّابِرَةِ مِنْهُنَّ مِنَ الْأَجْرِ مَا جَعَلَ لِلْمُرَابِطِ الْمُهَاجِرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ فَاشْتَد

ص: 289


1- قد مضى في كتاب الفتن خبر آخر أن عمر رفسها برجله فأسقط محسنة فراجع، وسيأتي إن المغيرة بن شعبة ضرب فاطمة حتّى أدماها وأسقط جنینها. السبزواري.

غَمُّ فَاطِمَةَ (عليها السّلام) مِنْ ذَلِكَ وَ بَقِيَتْ مُتَفَكِّرَةً هِيَ حَتَّى أَمْسَتْ وَ جَاءَ اللَّيْلُ حَمَلَتِ الْحَسَنَ عَلَى عَاتِقِهَا الْأَيْمَنِ وَ الْحُسَيْنَ عَلَى عَاتِقِهَا الْأَيْسَرِ وَ أَخَذَتْ بِيَدِ أُمِّ كُلْثُومٍ الْيُسْرَى بِيَدِهَا الْيُمْنَى ثُمَّ تَحَوَّلَتْ إِلَى حُجْرَةِ أَبِيهَا فَجَاءَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَدَخَلَ فِي حُجْرَتِهِ فَلَمْ يَرَ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَاشْتَدَّ لِذَلِكَ غَمُّهُ وَ عَظُمَ عَلَيْهِ وَ لَمْ يَعْلَمِ الْقِصَّة مَا هِيَ فَاسْتَحْيَا أَنْ يَدْعُوَهَا مِنْ مَنْزِلِ أَبِيهَا فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَمَعَ شَيْئاً مِنْ كَثِيبِ الْمَسْجِدِ وَ اتَّكَأَ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَا بِفَاطِمَةَ مِنَ الْحُزْنِ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثُمَّ لَبِسَ ثَوْبَهُ وَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي بَيْنَ رَاكِعٍ وَ سَاجِدٍ وَ كُلَّمَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ دَعَا اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَ مَا بِفَاطِمَةَ مِنَ الْحُزْنِ وَ الْغَمِّ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَ هِيَ تَتَقَلَّبُ وَ تَتَنَفَّسُ الصُّعَدَاءَ فَلَمَّا رَآهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهَا لَا يَهْنَؤُهَا النَّوْمُ وَ لَيْسَ لَهَا قَرَارٌ قَالَ لَهَا قُومِي يَا بُنَيَّةِ فَقَامَتْ فَحَمَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الْحَسَنَ وَ حَمَلَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَيْنَ وَ أَخَذَتْ بِيَدِ أُمِّ كُلْثُومٍ فَانْتَهَى إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ نَائِمٌ فَوَضَعَ النَّبِيُّ رِجْلَهُ عَلَى رِجْلِ عَلِيٍّ فَغَمَزَهُ وَ قَالَ قُمْ يَا أَبَا تُرَابٍ فَكَمْ سَاكِنٍ أَزْعَجْتَهُ ادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ مِنْ دَارِهِ وَ عُمَرَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَ طَلْحَةَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَاسْتَخْرَجَهُمَا مِنْ مَنْزِلِهِمَا وَ اجْتَمَعُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَا عَلِيُّ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهَا فَمَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَ مَنْ آذَاهَا بَعْدَ مَوْتِي كَانَ كَمَنْ آذَاهَا فِي حَيَاتِي وَ مَنْ آذَاهَا فِي حَيَاتِي كَانَ كَمَنْ آذَاهَا بَعْدَ مَوْتِي قَالَ فَقَالَ عَلِيٌّ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ فَمَا دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ عَلِيٌّ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا كَانَ مِنِّي مِمَّا بَلَغَهَا شَيْ ءٌ وَ لَا حَدَّثَتْ بِهَا نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) صَدَقْتَ وَ صَدَقَتْ فَفَرِحَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيهَا السَّلَامُ) بِذَلِكَ وَ تَبَسَّمَتْ حَتَّى رُئِيَ ثَغْرُهَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إِنَّهُ لَعَجَبٌ لِحِينِهِ مَا دَعَاهُ إِلَى مَا دَعَانَا هَذِهِ السَّاعَةَ قَالَ ثُمَّ أَخَذَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِيَدِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ بِأَصَابِعِهِ فَحَمَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الْحَسَنَ وَ حَمَلَ الْحُسَيْنَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ حَمَلَتْ فَاطِمَةُ (عليها السّلام) أُمَّ كُلْثُومٍ وَ أَدْخَلَهُمُ النَّبِيُّ ( بَيْتَهُمْ وَ وَضَعَ عَلَيْهِم

ص: 290

قَطِيفَةً وَ اسْتَوْدَعَهُمُ اللَّهَ ثُمَّ خَرَجَ وَ صَلَّى بَقِيَّةَ اللَّيْلِ فَلَمَّا مَرِضَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيهَا السَّلَامُ) مَرَضَهَا الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ أَتَيَاهَا عَائِدَيْنِ وَ اسْتَأْذَنَا عَلَيْهَا فَأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ لَهُمَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ أَعْطَى اللَّهَ عَهْداً لَا يُظِلُّهُ سَقْف بَيْتٍ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يَتَرَاضَاهَا فَبَاتَ لَيْلَةً فِي الصَّقِيعِ مَا أَظَلَّهُ شَيْ ءٌ ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ أَتَى عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ شَيْخٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ وَ قَدْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي الْغَارِ فَلَهُ صُحْبَةٌ وَ قَدْ أَتَيْنَاهَا غَيْرَ هَذِهِ الْمَرَّةِ مِرَاراً نُرِيدُ الْإِذْنَ عَلَيْهَا وَ هِيَ تَأْبَى أَنْ تَأْذَنَ لَنَا حَتَّى نَدْخُلَ عَلَيْهَا فَنَتَرَاضَى فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ لَنَا عَلَيْهَا فَافْعَلْ قَالَ نَعَمْ فَدَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَقَالَ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ كَانَ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ مَا قَدْ رَأَيْتِ وَ قَدْ تَرَدَّدَا مِرَاراً كَثِيرَةً وَ رَدَدْتِهِمَا وَ لَمْ تَأْذَنِي لَهُمَا وَ قَدْ سَأَلَانِي أَنْ أَسْتَأْذِنَ لَهُمَا عَلَيْكِ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ لَا آذَنُ لَهُمَا وَ لَا أُكَلِّمُهُمَا كَلِمَةً مِنْ رَأْسِي حَتَّى أَلْقَى أَبِي فَأَشْكُوَهُمَا إِلَيْهِ بِمَا صَنَعَاهُ وَ ارْتَكَبَاهُ مِنِّي قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَإِنِّي ضَمِنْتُ لَهُمَا ذَلِكِ قَالَتْ إِنْ كُنْتَ قَدْ ضَمِنْتَ لَهُمَا شَيْئاً فَالْبَيْتُ بَيْتُكَ وَ النِّسَاءُ تَتْبَعُ الرِّجَالَ لَا أُخَالِفُ عَلَيْكَ بِشَيْ ءٍ فَأْذَنْ لِمَنْ أَحْبَبْتَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَأَذِنَ لَهُمَا فَلَمَّا وَقَعَ بَصَرُهُمَا عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) سَلَّمَا عَلَيْهَا فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيْهِمَا وَ حَوَّلَتْ وَجْهَهَا عَنْهُمَا فَتَحَوَّلَا وَ اسْتَقْبَلَا وَجْهَهَا حَتَّى فَعَلَتْ مِرَاراً وَ قَالَتْ يَا عَلِيُّ جَافِ الثَّوْبَ وَ قَالَتْ لِنِسْوَةٍ حَوْلَهَا حَوِّلْنَ وَجْهِي فَلَمَّا حَوَّلْنَ وَجْهَهَا حَوَّلَا إِلَيْهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّمَا أَتَيْنَاكِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكِ وَ اجْتِنَابَ سَخَطِكِ نَسْأَلُكِ أَنْ تَغْفِرِي لَنَا وَ تَصْفَحِي عَمَّا كَانَ مِنَّا إِلَيْكِ قَالَتْ لَا أُكَلِّمُكُمَا مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً وَاحِدَةً حَتَّى أَلْقَى أَبِي وَ أَشْكُوَكُمَا إِلَيْهِ وَ أَشْكُوَ صُنْعَكُمَا وَ فِعَالَكُمَا وَ مَا ارْتَكَبْتُمَا مِنِّي قَالا إِنَّا جِئْنَا مُعْتَذِرَيْنِ مبتغين مَرْضَاتَكِ فَاغْفِرِي وَ اصْفَحِي عَنَّا وَ لَا تُؤَاخِذِينَا بِمَا كَانَ مِنَّا فَالْتَفَتَتْ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَتْ إِنِّي لَا أُكَلِّمُهُمَا مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً حَتَّى أَسْأَلَهُمَا عَنْ شَيْ ءٍ سَمِعَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَإِنْ صَدَقَانِي رَأَيْتُ رَأْيِي قَالا اللَّهُمَّ ذَلِكَ لَهَا وَ إِنَّا لَا نَقُولُ إِلَّا حَقّاً وَ لَا نَشْهَدُ إِلَّا صِدْقاً فَقَالَت

ص: 291

أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ أَ تَذْكُرَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) اسْتَخْرَجَكُمَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ بِشَيْ ءٍ كَانَ حَدَثَ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ فَقَالا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَتْ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّه هَلْ سَمِعْتُمَا النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهَا مَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَ مَنْ آذَاهَا بَعْدَ مَوْتِي فَكَانَ كَمَنْ آذَاهَا فِي حَيَاتِي وَ مَنْ آذَاهَا فِي حَيَاتِي كَانَ كَمَنْ آذَاهَا بَعْدَ مَوْتِي قَالا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قَالَتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ فَاشْهَدُوا يَا مَنْ حَضَرَنِي أَنَّهُمَا قَدْ آذَيَانِي فِي حَيَاتِي وَ عِنْدَ مَوْتِي وَ اللَّهِ لَا أُكَلِّمُكُمَا مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً حَتَّى أَلْقَى رَبِّي فَأَشْكُوَكُمَا إِلَيْهِ بِمَا صَنَعْتُمَا بِهِ وَ بِي وَ ارْتَكَبْتُمَا مِنِّي فَدَعَا أَبُو بَكْرٍ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ وَ قَالَ لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي فَقَالَ عُمَرُ عَجَباً لِلنَّاسِ كَيْفَ وَلَّوْكَ أُمُورَهُمْ وَ أَنْتَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ تَجْزَعُ لِغَضَبِ امْرَأَةٍ وَ تَفْرَحُ بِرِضَاهَا وَ مَا لِمَنْ أَغْضَبَ امْرَأَةً وَ قَامَا وَ خَرَجَا قَالَ فَلَمَّا نُعِيَ إِلَى فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) نَفْسُهَا أَرْسَلَتْ إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ وَ كَانَتْ أَوْثَقَ نِسَائِهَا عِنْدَهَا وَ فِي نَفْسِهَا فَقَالَتْ يَا أُمَّ أَيْمَنَ إِنَّ نَفْسِي نُعِيَتْ إِلَيَّ فَادْعِي لِي عَلِيّاً فَدَعَتْهُ لَهَا فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ لَهُ يَا ابْنَ الْعَمِّ أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَكَ بِأَشْيَاءَ فَاحْفَظْهَا عَلَيَّ فَقَالَ لَهَا قُولِي مَا أَحْبَبْتِ قَالَتْ لَهُ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ تَكُونُ مُرَبِّيَةً لِوُلْدِي مِنْ بَعْدِي مِثْلِي وَ اعْمَلْ نَعْشاً رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ قَدْ صَوَّرَتْهُ لِي فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ أَرِينِي كَيْفَ صُورَتُهُ فَأَرَتْهُ ذَلِكَ كَمَا وَصَفَتْ لَهُ وَ كَمَا أَمَرَتْ بِهِ ثُمَّ قَالَتْ فَإِذَا أَنَا قَضَيْتُ نَحْبِي فَأَخْرِجْنِي مِنْ سَاعَتِكَ أَيَّ سَاعَةٍ كَانَتْ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَ لَا يَحْضُرَنَّ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَعْدَاءِ رَسُولِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيَّ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَفْعَلُ فَلَمَّا قَضَتْ نَحْبَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهَا وَ هُمْ فِي ذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَخَذَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي جَهَازِهَا مِنْ سَاعَتِهِ كَمَا أَوْصَتْهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ جَهَازِهَا أَخْرَجَ عَلِيٌّ الْجِنَازَةَ وَ أَشْعَلَ النَّارَ فِي جَرِيدِ النَّخْلِ وَ مَشَى مَعَ الْجِنَازَةِ بِالنَّارِ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهَا وَ دَفَنَهَا لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ عَاوَدَا عَائِدَيْنِ لِفَاطِمَةَ فَلَقِيَا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالا لَهُ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ عَزَّيْتُ عَلِيّاً بِفَاطِمَةَ قَالا وَ قَدْ مَاتَتْ قَالَ نَعَمْ وَ دُفِنَتْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَجَزِعَا جَزَعاً شَدِيداً ثُمَّ أَقْبَلَا

ص: 292

إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَقِيَاهُ فَقَالا لَهُ وَ اللَّه مَا تَرَكْتَ شَيْئاً مِنْ غَوَائِلِنَا وَ مَسَاءَتِنَا وَ مَا هَذَا إِلَّا مِنْ شَيْ ءٍ فِي صَدْرِكَ عَلَيْنَا هَلْ هَذَا إِلَّا كَمَا غَسَّلْتَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) دُونَنَا وَ لَمْ تُدْخِلْنَا مَعَكَ وَ كَمَا عَلَّمْتَ ابْنَكَ أَنْ يَصِيحَ بِأَبِي بَكْرٍ أَنِ انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي فَقَالَ لَهُمَا عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَ تُصَدِّقَانِّي إِنْ حَلَفْتُ لَكُمَا قَالا نَعَمْ فَحَلَفَ فَأَدْخَلَهُمَا عَلَى الْمَسْجِدِ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَقَدْ أَوْصَانِي وَ قَدْ تَقَدَّمَ إِلَيَّ أَنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَتِهِ أَحَدٌ إِلَّا ابْنُ عَمِّهِ فَكُنْتُ أُغَسِّلُهُ وَ الْمَلَائِكَةُ تُقَلِّبُهُ وَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ يُنَاوِلُنِي الْمَاءَ وَ هُوَ مَرْبُوطُ الْعَيْنَيْنِ بِالْخِرْقَةِ وَ لَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْزِعَ الْقَمِيصَ فَصَاحَ بِي صَائِحٌ مِنَ الْبَيْتِ سَمِعْتُ الصَّوْتَ وَ لَمْ أَرَ الصُّورَةَ لَا تَنْزِعْ قَمِيصَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ لَقَدْ سَمِعْتُ الصَّوْتَ يُكَرِّرُهُ عَلَيَّ فَأَدْخَلْتُ يَدِي مِنْ بَيْنِ الْقَمِيصِ فَغَسَّلْتُهُ ثُمَّ قُدِّمَ إِلَيَّ الْكَفَنُ فَكَفَّنْتُهُ ثُمَّ نَزَعْتُ الْقَمِيصَ بَعْدَ مَا كَفَّنْتُهُ وَ أَمَّا الْحَسَنُ ابْنِي فَقَدْ تَعْلَمَانِ وَ يَعْلَمُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ كَانَ يَتَخَطَّى الصُّفُوفَ حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ سَاجِدٌ فَيَرْكَبَ ظَهْرَهُ فَيَقُومُ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ يَدُهُ عَلَى ظَهْرِ الْحَسَنِ وَ الْأُخْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى يُتِمَّ الصَّلَاةَ قَالا نَعَمْ قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ تَعْلَمَانِ وَ يَعْلَمُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَسْعَى إِلَى النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ يَرْكَبُ عَلَى رَقَبَتِهِ وَ يُدْلِي الْحَسَنُ رِجْلَيْهِ عَلَى صَدْرِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى يُرَى بَرِيقُ خَلْخَالَيْهِ مِنْ أَقْصَى الْمَسْجِدِ وَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَخْطُبُ وَ لَا يَزَالُ عَلَى رَقَبَتِهِ حَتَّى يَفْرُغَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مِنْ خُطْبَتِهِ وَ الْحَسَنُ عَلَى رَقَبَتِهِ فَلَمَّا رَأَى الصَّبِيُّ عَلَى مِنْبَرِ أَبِيهِ غَيْرَهُ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَ اللَّهِ مَا أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ وَ لَا فَعَلَهُ عَنْ أَمْرِي وَ أَمَّا فَاطِمَةُ فَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي اسْتَأْذَنْتُ لَكُمَا عَلَيْهَا فَقَدْ رَأَيْتُمَا مَا كَانَ مِنْ كَلَامِهَا لَكُمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ أَوْصَتْنِي أَنْ لَا تَحْضُرَا جِنَازَتَهَا وَ لَا الصَّلَاةَ عَلَيْهَا وَ مَا كُنْتُ الَّذِي أُخَالِفُ أَمْرَهَا وَ وَصِيَّتَهَا إِلَيَّ فِيكُمَا فَقَالَ عُمَرُ دَعْ عَنْكَ هَذِهِ الْهَمْهَمَةَ أَنَا أَمْضِي إِلَى الْمَقَابِرِ فَأَنْبُشُهَا حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ اللَّهِ لَوْ ذَهَبْتَ تَرُومُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً وَ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تَصِلُ إِلَى ذَلِكَ حَتَّى يَنْدُرَ عَنْكَ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ فَإِنِّي كُنْتُ لَا أُعَامِلُكَ

ص: 293

إِلَّا بِالسَّيْفِ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَى شَيْ ءٍ مِنْ ذَلِك فَوَقَعَ بَيْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ عُمَرَ كَلَامٌ حَتَّى تَلَاحَيَا وَ اسْتَبْسَلَ وَ اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ فَقَالُوا وَ اللَّهِ مَا نَرْضَى بِهَذَا أَنْ يُقَالَ فِي ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَخِيهِ وَ وَصِيِّهِ وَ كَادَتْ أَنْ تَقَعَ فِتْنَةٌ فَتَفَرَّقَا.(1)

باب(12) فضائلها و مناقبها والنصوص علیها صلوات الله علیها

البحار: ج 18 ص 217 س17

- وَ رَوَى مَرْفُوعاً إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ الرَّشِيدَ فَتَذَاكَرُوا عَلِيَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِين هَارُونُ تَزْعُمُ الْعَوَامُّ أَنِّي أُبْغِضُ عَلِيّاً وَ وُلْدَهُ حَسَناً وَ حُسَيْناً وَ لَا وَ اللَّهِ مَا ذَلِكَ كَمَا يَظُنُّونَ وَ لَكِنَّ وُلْدَهُ هَؤُلَاءِ طَالَبْنَا بِدَمِ الْحُسَيْنِ مَعَهُمْ فِي السَّهْلِ وَ الْجَبَلِ حَتَّى قَتَلْنَا قَتَلَتَهُ ثُمَّ أَفْضَى إِلَيْنَا هَذَا الْأَمْرُ فَخَالَطْنَاهُمْ فَحَسَدُونَا وَ خَرَجُوا عَلَيْنَا فَحَلُّوا قَطِيعَتَهُمْ وَ اللَّهِ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيُّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِذْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيهَا السَّلَامُ) تَبْكِي فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ خَرَجَا فَوَ اللَّهِ مَا أَدْرِي أَيْنَ سَلَكَا فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَا تَبْكِيِنَّ فِدَاكِ أَبُوكِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَهُمَا وَ هُوَ أَرْحَمُ بِهِمَا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَا أَخَذَا فِي بَرٍّ فَاحْفَظْهُمَا وَ إِنْ كَانَا أَخَذَا فِي بَحْرٍ فَسَلِّمْهَا فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ يَا أَحْمَدُ لَا تَغْتَمَّ وَ لَا تَحْزَنْ هُمَا فَاضِلَانِ فِي الدُّنْيَا فَاضِلَانِ فِي الْآخِرَةِ وَ أَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا وَ هُمَا فِي حَظِيرَةِ بَنِي النَّجَّارِ نَائِمَيْنِ وَ قَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِمَا مَلَكاً يَحْفَظُهُمَا

ص: 294


1- في هذا الخبر تقطيع فتأمل. السبزواري.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ قُمْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا حَظِيرَةَ بَنِي النَّجَّارِ فَإِذاً الْحَسَنُ مُعَانِقُ الْحُسَيْنِ وَ إِذاً الْمَلَكُ قَدْ غَطَّاهُمَا بِأَحَدِ جَنَاحَيْهِ فَحَمَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الْحَسَنَ وَ أَخَذَ الْحُسَيْنَ الْمَلَكُ وَ النَّاسُ يَرَوْنَ أَنَّهُ حَامِلُهُمَا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَا نُخَفِّفُ عَنْكَ بِأَحَدِ الصَّبِيَّيْنِ فَقَالَ دَعَاهُمَا فَإِنَّهُمَا فَاضِلَانِ فِي الدُّنْيَا فَاضِلَانِ فِي الْآخِرَةِ وَ أَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَأُشَرِّفَنَّهُمَا الْيَوْمَ بِمَا شَرَّفَهُمَا اللَّهُ فَخَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ جَدّاً وَ جَدَّةً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ جَدُّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ وَ جَدَّتُهُمَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِخَيْرِ النَّاسِ أَباً وَ أُمّاً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ أَبُوهُمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ أُمُّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِخَيْرِ النَّاسِ عَمّاً وَ عَمَّةً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ عَمُّهُمَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ عَمَّتُهُمَا أُمُّ هَانِي بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ أَلَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ خَالا وَ خَالَةً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ خَالُهُمَا الْقَاسِمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ وَ خَالَتُهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَلَا إِنَّ أَبَاهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ أُمَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ جَدَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ جَدَّتَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ خَالَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ خَالَتَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ عَمَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ عَمَّتَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ هُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَحَبَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَحَبَّ مَنْ أَحَبَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ.(1)

ص: 295


1- حديث في فضل السبطين رواته سلاطين بني العباس !!!! السبزواري.
باب (19) كيفية مصالحة الحسن بن علي صلوات الله عليهما معاوية وما جرى بينهما قبل ذلك

البحار: ج 18 ص 286

4- رُوِيَ عَنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَلِيٌ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جَاءَ النَّاسُ إِلَى الْحَسَنِ وَ قَالُوا أَنْتَ خَلِيفَةُ أَبِيكَ وَ وَصِيُّهُ وَ نَحْنُ السَّامِعُونَ الْمُطِيعُونَ لَكَ فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَذَبْتُمْ وَ اللَّهِ مَا وَفَيْتُمْ لِمَنْ كَانَ خَيْراً مِنِّي فَكَيْفَ تَفُونَ لِي وَ كَيْفَ أَطْمَئِنُّ إِلَيْكُمْ وَ لَا أَثِقُ بِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَمَوْعِدُ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ مُعَسْكَرُ الْمَدَائِنِ فَوَافُوا إِلَيَّ هُنَاكَ فَرَكِبَ وَ رَكِبَ مَعَهُ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ وَ تَخَلَّفَ عَنْهُ كَثِيرٌ فَمَا وَفَوْا بِمَا قَالُوهُ وَ بِمَا وَعَدُوهُ وَ غَرُّوهُ كَمَا غَرُّوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ قَبْلِهِ فَقَامَ خَطِيباً وَ قَالَ غَرَرْتُمُونِي كَمَا غَرَرْتُمْ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِي مَعَ أَيِّ إِمَامٍ تُقَاتِلُونَ بَعْدِي مَعَ الْكَافِرِ الظَّالِمِ الَّذِي لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَ لَا بِرَسُولِهِ قَطُّ وَ لَا أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ هُوَ وَ بني أُمَيَّةَ إِلَّا فَرَقاً مِنَ السَّيْفِ وَ لَوْ لَمْ يَبْقَ لِبَنِي أُمَيَّةَ إِلَّا عَجُوزٌ دَرْدَاءُ لَبَغَتْ دِينَ اللَّهِ عِوَجاً وَ هَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ وَجَّهَ إِلَيْهِ قَائِداً فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ كَانَ مِنْ كِنْدَةَ وَ أَمَرَهُ أَنْ يُعَسْكِرَ بِالْأَنْبَارِ وَ لَا يُحْدِثَ شَيْئاً حَتَّى يَأْتِيَهُ أَمْرُهُ فَلَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى الْأَنْبَارِ وَ نَزَلَ بِهَا وَ عَلِمَ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ بَعَثَ إِلَيْهِ رُسُلًا وَ كَتَبَ إِلَيْهِ مَعَهُمْ أَنَّكَ إِنْ أَقْبَلْتَ إِلَيَّ أُوَلِّكَ بَعْضَ كُوَرِ الشَّامِ وَ الْجَزِيرَةِ غَيْرَ مُنْفِسٍ عَلَيْكَ وَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَض الْكِنْدِيُّ عَدُوُّ اللَّهِ الْمَالَ (1) وَ قَلَبَ عَلَى الْحَسَنِ وَ صَارَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي مِائَتَيْ رَجُلٍ مِنْ خَاصَّتِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَامَ خَطِيباً وَ قَالَ هَذَا الْكِنْدِيُّ تَوَجَّهَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ غَدَرَ بِي وَ بِكُمْ وَ قَدْ أَخْبَرْتُكُمْ مَرَّةً بَعْد

ص: 296


1- هذا أحد الأمور الموجبة للصلح. السبزواري

مَرَّةٍ أَنَّهُ لَا وَفَاءَ لَكُمْ أَنْتُمْ عَبِيدُ الدُّنْيَا وَ أَنَا مُوَجِّهٌ رَجُلًا آخَرَ مَكَانَهُ وَ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَفْعَلُ بِي وَ بِكُمْ مَا فَعَلَ صَاحِبُهُ وَ لَا يُرَاقِبُ اللَّهَ فِيَّ وَ لَا فِيكُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلًا مِنْ مُرَادٍ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بِمَشْهَدٍ مِنَ النَّاسِ وَ تَوَكَّدَ عَلَيْهِ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَيَغْدِرُ كَمَا غَدَرَ الْكِنْدِيُّ فَحَلَفَ لَهُ بِالْأَيْمَانِ الَّتِي لَا تَقُومُ لَهَا الْجِبَالُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّهُ سَيَغْدِرُ فَلَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى الْأَنْبَارِ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ رُسُلًا وَ كَتَبَ إِلَيْهِ بِمِثْلِ مَا كَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ مَنَّاهُ أَيَّ وِلَايَةٍ أَحَبَّ مِنْ كُوَرِ الشَّامِ وَ الْجَزِيرَةِ فَقَلَبَ عَلَى الْحَسَنِ وَ أَخَذَ طَرِيقَهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ لَمْ يَحْفَظْ مَا أَخَذَ عَلَيْهِ مِنَ الْعُهُودِ وَ بَلَغَ الْحَسَنَ مَا فَعَلَ الْمُرَادِيُّ فَقَامَ خَطِيباً فَقَالَ قَدْ أَخْبَرْتُكُمْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى أَنَّكُمْ لَا تَفُونَ لِلَّهِ بِعُهُودٍ وَ هَذَا صَاحِبُكُمُ الْمُرَادِيُّ غَدَرَ بِي وَ بِكُمْ وَ صَارَ إِلَى مُعَاوِيَةَ ثُمَّ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْحَسَنِ يَا ابْنَ عَمِّ لَا تَقْطَعِ الرَّحِمَ الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنِي فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ غَدَرُوا بِكَ وَ بِأَبِيكَ مِنْ قَبْلِكَ فَقَالُوا إِنْ خَانَكَ الرَّجُلَانِ وَ غَدَرُوا بِكَ فَإِنَّا مُنَاصِحُونَ لَكَ فَقَالَ لَهُمُ الْحَسَنُ لَأَعُودَنَّ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ غَادِرُونَ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ إِنَّ مُعَسْكَرِي بِالنُّخَيْلَةِ فَوَافُونِي هُنَاكَ وَ اللَّهِ لَا تَفُونَ لِي بِعَهْدِي وَ لَتَنْقُضُنَّ الْمِيثَاقَ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ أَخَذَ طَرِيقَ النُّخَيْلَةِ فَعَسْكَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَلَمْ يَحْضُرْهُ إِلَّا أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَانْصَرَفَ إِلَى الْكُوفَةِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ يَا عَجَباً مِنْ قَوْمٍ لَا حَيَاءَ لَهُمْ وَ لَا دِينَ وَ لَوْ سَلَّمْتُ لَهُ الْأَمْرَ فَايْمُ اللَّهِ لَا تَرَوْنَ فَرَجاً أَبَداً مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ وَ اللَّهِ لَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ حَتَّى تَتَمَنَّوْا أَنَّ عَلَيْكُمْ جَيْشاً جَيْشاً وَ لَوْ وَجَدْتُ أَعْوَانا مَا سَلَّمْتُ لَهُ الْأَمْرَ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَأُفٍّ وَ تَرَحاً يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا وَ كَتَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ (1)إِلَى مُعَاوِيَةَ فَإِنَّا مَعَكَ وَ إِنْ شِئْتَ أَخَذْنَا الْحَسَنَ وَ بَعَثْنَاهُ إِلَيْكَ ثُمَّ أَغَارُوا

ص: 297


1- هذا هو المهمّ في إقدامه على المعاهدة. السبزواري.

عَلَى فُسْطَاطِهِ وَ ضَرَبُوهُ بِحَرْبَةٍ وَ أُخِذَ مَجْرُوحاً ثُمَّ كَتَبَ جَوَاباً لِمُعَاوِيَةَ إِنَّمَا هَذَا الْأَمْرُ لِي وَ الْخِلَافَةُ لِي وَ لِأَهْلِ بَيْتِي وَ إِنَّهَا لَمُحَرَّمَةٌ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُ صَابِرِينَ عَارِفِينَ بِحَقِّي غَيْرَ مُنْكِرِينَ مَا سَلَّمْتُ لَكَ وَ لَا أَعْطَيْتُكَ مَا تُرِيدُ وَ انْصَرَفَ إِلَى الْكُوفَةِ.(1)

باب (25) معجزاته صلوات الله عليه

البحار: ج18 ص 373 س 10

كِتَابِ التَّخْرِيجِ عَنِ الْعَامِرِيِّ بِالْإِسْنَادِ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ بُرَيْمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 298


1- وأنا أقول: كانت المهادنة والمصالحة واجبة عليه صلى الله عليه لأن العاقل بل الجاهل المنصف إذا تأمل يجد: إن الناس قریب عهد بالإسلام. شدة تعبهم من طول الحروب الواقعة بين علي علي ومعاوية كثرة النفاق بين زعماء جند علي (عليه السّلام) حتّى أن كل واحد منهم قد ادعى الخلافة سرأ في قبالة علي فكيف في مقاتلة الحسن علا كزید بن حصين الطائي وأشعث بن قيس الكندي وأمثالهم الذين ما هيجوا الخوارج إلا هم مع كونهم صورة من رؤساء جنود أمير المؤمنين كثرة الحاجة والفقر في العامة. | كمال اجتهاد معاوية في البذل وعدم مبالاته بشيء أصلا أثر في جلب قلوب العامة. | شدة مواظبة الحسن علي على أحكام الله وان لا يسخط الله برضا الناس. افتراق جند علي فرقتين وخروج احدهما عن الطاعة رأسا كالخوارج ودعواهم بكل جهد إلى المخالفة والمنابذة وغير ذلك مما يفهمه كل من نظر إلى التواريخ لحكم بأن الصلح کان واجبا عليه ولو ترکه لكان ينبغي أن يقال له ويسلم عليه يا مذل المؤمنين بل الدين، ثمّ إن المعاهدة ما وقعت لتسليم خلافة معاوية كما يقول الجهلة بل وقعت المعاهدة على أن لا يدعي الحسن علي الخلافة الظاهرية لنفسه بالقهر والغلبة وان ادعاها بالدليل والبرهان فتأمل تعرف السبزواري.

قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْعِرَاق عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ وَ كَفُّ جَبْرَئِيلَ فِي كَفِّهِ وَ جَبْرَئِيلُ يُنَادِي هَلُمُّوا إِلَى بَيْعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَنُفَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى تَرْكِهِ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَ الْحُسَيْنِ لَمْ يَنْقُصُوا رَجُلًا وَ لَمْ يَزِيدُوا رَجُلًا نَعْرِفُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ قَبْلِ شُهُودِهِمْ.وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَ إِنَّ أَصْحَابَهُ عِنْدَنَا لَمَكْتُوبُونَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ.(1)

باب (26) مکارم أخلاقه وجمل أحواله وتاريخه وأحوال أصحابه صلوات الله عليه

البحار، ج18 ص 382 س 21

وَ ذَكَرَ الْمُرْتَضَى فِي بَعْضِ مَسَائِلِهِ أَنَّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رُدَّ إِلَى بَدَنِهِ بِكَرْبَلَاءَ مِنَ الشَّامِ وَ ضُمَّ إِلَيْه.(2)

باب (34) ثواب البكاء على مصيبته ومصائب سائر الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وفيه أدب المأتم يوم عاشوراء

البحار: ج 18 ص 430

5 - أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ ضُرَيْسٍ قَالَ: قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السّلام) يَقُولُ وَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَوْلَه

ص: 299


1- اعتذار ابن عباس عن عدم الخروج مع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكذا اعتذار ابن الحنفية. (وذكر في ص 174 من الطبعة الحجرية بيان عدم خروج محمد بن الحنفية وانه كان بأمر من الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) السبزواري.
2- الأقوال في مدفن الرأس الشريف تبلغ أكثر من عشرة. السبزواري.

إِنِّي أَعْجَبُ مِنْ قَوْمٍ يَتَوَلَّوْنَنَا وَ يَجْعَلُونَنَا أَئِمَّةً وَ يَصِفُونَ بِأَنَّ طَاعَتَنَا عَلَيْهِمْ مُفْتَرَضَةٌ كَطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ يَكْسِرُونَ حُجَّتَهُمْ وَ يَخْصِمُونَ أَنْفُسَهُمْ بِضَعْفِ قُلُوبِهِمْ فَيَنْقُصُونَ حَقَّنَا وَ يَعِيبُونَ ذَلِكَ عَلَيْنَا مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ بُرْهَانَ حَقِّ مَعْرِفَتِنَا وَ التَّسْلِيمَ لِأَمْرِنَا أَ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى افْتَرَضَ طَاعَةَ أَوْلِيَائِهِ عَلَى عِبَادِهِ ثُمَّ يُخْفِي عَنْهُمْ أَخْبَارَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ يَقْطَعُ عَنْهُمْ مَوَادَّ الْعِلْمِ فِيمَا يَرِدُ عَلَيْهِمْ مِمَّا فِيهِ قِوَامُ دِينِهِمْ فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ رَأَيْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ قِيَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ خُرُوجِهِمْ وَ قِيَامِهِمْ بِدِينِ اللَّهِ وَ مَا أُصِيبُوا بِهِ مِنْ قَتْلِ الطَّوَاغِيتِ إِيَّاهُمْ وَ الظَّفَرِ بِهِمْ حَتَّى قُتِلُوا وَ غُلِبُوا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السّلام) يَا حُمْرَانُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ كَانَ قَدَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ قَضَاهُ وَ أَمْضَاهُ وَ حَتَمَهُ ثُمَّ أَجْرَاهُ فَبِتَقَدُّمِ على عِلْمٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ قَامَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ صلوات الله علیهم وَ بِعِلْمٍ صَمَتَ مَنْ صَمَتَ مِنَّا وَ لَوْ أَنَّهُمْ يَا حُمْرَانُ حَيْثُ نَزَلَ بِهِمْ مَا نَزَلَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ إِظْهَارِ الطَّوَاغِيتِ عَلَيْهِمْ سَأَلُوا اللَّهَ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَ أَلَحُّوا فِيهِ فِي إِزَالَةِ مُلْكِ الطَّوَاغِيتِ إِذاً لَأَجَابَهُمْ وَ دَفَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ثُمَّ كَانَ انْقِضَاءُ مُدَّةِ الطَّوَاغِيتِ وَ ذَهَابُ مُلْكِهِمْ أَسْرَعَ مِنْ سِلْكٍ مَنْظُومٍ انْقَطَعَ فَتَبَدَّدَ وَ مَا كَانَ الَّذِي أَصَابَهُمْ مِنْ ذَلِكَ يَا حُمْرَانُ لِذَنْبٍ اقْتَرَفُوهُ وَ لَا لِعُقُوبَةِ مَعْصِيَةٍ خَالَفُوا اللَّهَ فِيهَا وَ لَكِنْ لِمَنَازِلَ وَ كَرَامَةٍ مِنَ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يَبْلُغُوهَا فَلَا تَذْهَبَنَ فِيهِمُ الْمَذَاهِبُ بِكَ.(1)

ص: 300


1- أقول: ويشهد لأخبار هذا الباب قول رسول الله للحسين إن لك درجة عند الله تعالى لن تنالها إلا بالشهادة. السبزواري.
باب (35) فضل الشهداء معه وعلة عدم مبالاتهم بالقتل وبيان أنه صلوات الله عليه كان فرحاً لا يبالي بما يجري عليه

البحار: ج 18 ص 443

5_ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَمَّن حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ وَ أَبِي الْمَغْرَاءِ وَ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ جَمِيعاً عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: مَا مِنْ شَهِيدٍ إِلَّا وَ هُوَ يُحِبُّ لَوْ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَيٌ حَتَّى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مَعَه.(1)

باب (37) ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه، ولعنة الله على ظالميه وقاتليه والراضين بقتله

البحار: ج 18 ص 450

1 - مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْبَغْدَادِيُّ (2) الْحَافِظُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ زِيَادٍ التُّسْتَرِيِ مِنْ كِتَابِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بْنِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَاضِي بَلْخٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي مُرَيْسَةُ بِنْتُ مُوسَى بْنِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَ كَانَتْ عَمَّتِي قَالَتْ حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ بِنْتُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيَّةُ وَ كَانَتْ عَمَّتِي قَالَتْ حَدَّثَتْنِي بَهْجَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّغْلِبِيِّ عَنْ خَالِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْصُورٍ وَ كَان

ص: 301


1- يمكن أن يستفاد من هذا الخبر أفضلية شهداء کربلاء على سائر الشهداء، ولكن الخبر مرسل. السبزواري.
2- من هنا مختصر مقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أول صفحة 174 (بحسب الطبعة الحجرية )السبزواري.

رَضِيعاً لِبَعْضِ وُلْدِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِي بْنِ الْحُسَيْنِ فَقُلْتُ حَدِّثْنِي عَنْ مَقْتَلِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ مُعَاوِيَةَ الْوَفَاةُ دَعَا ابْنَهُ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ ذَلَّلْتُ لَكَ الرِّقَابَ الصِّعَابَ وَ وَطَدْتُ لَكَ الْبِلَادَ وَ جَعَلْتُ الْمُلْكَ وَ مَا فِيهِ لَكَ طُعْمَةً وَ إِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ مِنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ يُخَالِفُونَ عَلَيْكَ بِجَهْدِهِمْ وَ هُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِي فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَهُوَ مَعَكَ فَالْزَمْهُ وَ لَا تَدَعْهُ وَ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَطِّعْهُ إِنْ ظَفِرْتَ بِهِ إِرْباً إِرْباً فَإِنَّهُ يَجْثُو لَكَ كَمَا يَجْثُو الْأَسَدُ لِفَرِيسَتِهِ وَ يُؤَارِبُكَ مُؤَارَبَةَ الثَّعْلَبِ لِلْكَلْب وَ أَمَّا الْحُسَيْنُ فَقَدْ عَرَفْتَ حَظَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (1) وَ هُوَ مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ وَ دَمِهِ وَ قَدْ عَلِمْتُ لَا مَحَالَةَ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ سَيُخْرِجُونَهُ إِلَيْهِمْ ثُمَّ يَخْذُلُونَهُ وَ يُضَيِّعُونَهُ فَإِنْ ظَفِرْت بِهِ فَاعْرِفْ حَقَّهُ وَ مَنْزِلَتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ لَا تُؤَاخِذْهُ بِفِعْلِهِ وَ مَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَنَا بِهِ خِلْطَةً وَ رَحِماوَ إِيَّاكَ أَنْ تَنَالَهُ بِسُوءٍ أَوْ يَرَى مِنْكَ مَكْرُوهاً قَالَ فَلَمَّا هَلَكَ مُعَاوِيَةُ وَ تَوَلَّى الْأَمْرَ بَعْدَهُ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ بَعَثَ عَامِلَهُ عَلَى مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ عَمُّهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَ عَلَيْهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ كَانَ عَامِلَ مُعَاوِيَةَ فَأَقَامَهُ عُتْبَةُ مِنْ مَكَانِهِ وَ جَلَسَ فِيهِ لِيُنْفِذَ فِيهِ أَمْرَ يَزِيدَ فَهَرَبَ مَرْوَانُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْه وَ بَعَثَ عُتْبَةُ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَكَ أَنْ تُبَايِعَ لَهُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا عُتْبَةُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّا أَهْلُ بَيْتِ الْكَرَامَةِ وَ مَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَ أَعْلَامُ الْحَقِّ الَّذِينَ أَوْدَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلُوبَنَا وَ أَنْطَقَ بِهِ أَلْسِنَتَنَا فَنَطَقَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ جَدِّي رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ إِنَّ الْخِلَافَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى وُلْدِ أَبِي سُفْيَانَ وَ كَيْفَ أُبَايِعُ أَهْلَ بَيْتٍ قَدْ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ هَذَا فَلَمَّا سَمِع

ص: 302


1- هذه كلمة حق صدرت من معاوية. السبزواري.

عُتْبَةُ ذَلِكَ دَعَا الْكَاتِبَ وَ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ يَزِيدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ لَيْسَ يَرَى لَكَ خِلَافَةً وَ لَا بَيْعَةً فَرَأْيُكَ فِي أَمْرِهِ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ كَتَبَ الْجَوَابَ إِلَى عُتْبَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَعَجِّلْ عَلَيَّ بِجَوَابِهِ وَ بَيِّنْ لِي فِي كِتَابِكَ كُلَّ مَنْ فِي طَاعَتِي أَوْ خَرَجَ عَنْهَا وَ لْيَكُنْ مَعَ الْجَوَابِ رَأْسُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَهَمَّ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ إِلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ فَلَمَّا أَقْبَلَ اللَّيْلُ رَاحَ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لِيُوَدِّعَ الْقَبْرَ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْقَبْرِ سَطَعَ لَهُ نُورٌ مِنَ الْقَبْرِ فَعَادَ إِلَى مَوْضِعِهِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ رَاحَ لِيُوَدِّع الْقَبْرَ فَقَامَ يُصَلِّي فَأَطَالَ فَنَعَسَ وَ هُوَ سَاجِدٌ فَجَاءَهُ النَّبِيُّ وَ هُوَ فِي مَنَامِهِ فَأَخَذَ الْحُسَيْنَ وَ ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ يَقُولُ بِأَبِي أَنْتَ كَأَنِّي أَرَاكَ مُرَمَّلًا بِدَمِكَ بَيْنَ عِصَابَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَرْجُونَ شَفَاعَتِي مَا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلَاقٍ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ قَادِمٌ عَلَى أَبِيكَ وَ أُمِّكَ وَ أَخِيكَ وَ هُمْ مُشْتَاقُونَ إِلَيْكَ وَ إِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ دَرَجَاتٍ لَا تَنَالُهَا إِلَّا بِالشَّهَادَةِ فَانْتَبَهَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ نَوْمِهِ بَاكِياً فَأَتَى أَهْلَ بَيْتِهِ فَأَخْبَرَهُمْ بِالرُّؤْيَا وَ وَدَّعَهُمْ وَ حَمَلَ أَخَوَاتِهِ عَلَى الْمَحَامِلِ وَ ابْنَتَهُ وَ ابْنَ أَخِيهِ الْقَاسِمَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ سَارَ فِي أَحَدٍ وَ عِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ عُثْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ وَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَكْبَرُ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَصْغَرُ وَ سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِخُرُوجِهِ فَقَدَّمَ رَاحِلَتَهُ وَ خَرَجَ خَلْفَهُ مُسْرِعاً فَأَدْرَكَهُ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ الْعِرَاقَ قَالَ مَهْلًا ارْجِعْ إِلَى حَرَمِ جَدِّكَ فَأَبَى الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى ابْنُ عُمَرَ إِبَاءَهُ قَالَ يَا بَا عَبْدِ اللَّهِ اكْشِفْ لِي عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يُقَبِّلُهُ مِنْكَ فَكَشَفَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَنْ سُرَّتِهِ فَقَبَّلَهَا ابْنُ عُمَرَ ثَلَاثاً وَ بَكَى وَ قَالَ أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ يَا بَا عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ فِي وَجْهِكَ هَذَا فَسَارَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَصْحَابُهُ

ص: 303

فَلَمَّا نَزَلُوا ثَعْلَبِيَّةَ وَرَدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ بِشْرُ بْنُ غَالِبٍ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِم قَالَ إِمَامٌ دَعَا إِلَى هُدًى فَأَجَابُوهُ إِلَيْهِ وَ إِمَامٌ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ فَأَجَابُوهُ إِلَيْهَا هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَ هَؤُلَاءِ فِي النَّارِ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِير) ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ الْعُذَيْبَ فَقَالَ فِيهَا قَائِلَةَ الظَّهِيرَةِ ثُمَّ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِه بَاكِياً فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَهْ فَقَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا سَاعَةٌ لَا تَكْذِبُ الرُّؤْيَا فِيهَا وَ إِنَّهُ عَرَضَ لِي فِي مَنَامٍ عَارِضٌ فَقَالَ تُسْرِعُونَ السَّيْرَ وَ الْمَنَايَا تَسِيرُ بِكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ الرُّهَيْمَة فَوَرَدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُكَنَّى أَبَا هَرِمٍ فَقَالَ يَا ابْنَ النَّبِيِّ مَا الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ وَيْحَكَ يَا بَا هَرِمٍ شَتَمُوا عِرْضِي فَصَبَرْتُ وَ طَلَبُوا مَالِي فَصَبَرْتُ وَ طَلَبُوا دَمِي فَهَرَبْتُ وَ ايْمُ اللَّهِ لَيَقْتُلُنِي ثُمَّ لَيُلْبِسَنَّهُمُ اللَّهُ ذُلًّا شَامِلًا وَ سَيْفاً قَاطِعاً وَ لَيُسَلِّطَنَّ عَلَيْهِمْ مَنْ يُذِلُّهُمْ قَالَ وَ بَلَغَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ الْخَبَرُ وَ أَنَّ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَدْ نَزَلَ الرُّهَيْمَةَ فَأَسْرَى إِلَيْهِ حُرَّ بْنَ يَزِيدَ فِي أَلْفِ فَارِسٍ قَالَ الْحُرُّ فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي مُتَوَجِّهاً نَحْوَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) نُودِيتُ ثَلَاثاً يَا حُرُّ أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَداً فَقُلْتُ ثَكِلَتِ الْحُرَّ أُمُّهُ يَخْرُجُ إِلَى قِتَالِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ يُبَشَّرُ بِالْجَنَّةِ فَرَهِقَهُ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَأَمَرَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابْنَهُ فَأَذَّنَ وَ أَقَامَ وَ قَامَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَصَلَّى بِالْفَرِيقَيْنِ فَلَمَّا سَلَّمَ وَثَبَ الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَنَا الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ يَا حُرُّ أَ عَلَيْنَا أَمْ لَنَا فَقَالَ الْحُرُّ وَ اللَّهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَقَدْ بُعِثْتُ لِقِتَالِكَ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُحْشَرَ مِنْ قَبْرِي وَ نَاصِيَتِي مَشْدُودَةٌ إِلَيَّ وَ يَدَيَّ مَغْلُولَةٌ إِلَى عُنُقِي وَ أُكَبَّ عَلَى حُرِّ وَجْهِي فِي النَّارِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَيْنَ تَذْهَبُ ارْجِعْ إِلَى حَرَمِ جَدِّكَ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

سَأَمْضِي فَمَا بِالْمَوْتِ عَارٌ عَلَى الْفَتَى*** إِذَا مَا نَوَى حَقّاً وَ جَاهَدَ مُسْلِماً

ص: 304

وَ وَاسَى الرِّجَالَ الصَّالِحِينَ بِنَفْسِهِ وَ فَارَقَ مَثْبُوراً وَ خَالَفَ مُجْرِماً

فَإِنْ مِتُّ لَمْ أَنْدَمْ وَ إِنْ عِشْتُ لَمْ أُلَمْ***كَفَى بِكَ ذُلًّا أَنْ تَمُوتَ وَ تُرْغَمَا

ثُمَّ سَارَ الْحُسَيْنُ حَتَّى نَزَلَ الْقُطْقُطَانَة فَنَظَرَ إِلَى فُسْطَاطٍ مَضْرُوبٍ فَقَالَ لِمَنْ هَذَا الْفُسْطَاطُ فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ الْحَنَفِيِّ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) فَقَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّكَ مُذْنِبٌ خَاطِئٌ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ آخِذُكَ بِمَا أَنْتَ صَانِعٌ إِنْ لَمْ تَتُبْ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي سَاعَتِكَ هَذِهِ فَتَنْصُرَنِي وَ يَكُونُ جَدِّي شَفِيعَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَوْ نَصَرْتُكَ لَكُنْتُ أَوَّلَ مَقْتُولٍ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ لَكِنْ هَذَا فَرَسِي خُذْهُ إِلَيْكَ فَوَ اللَّهِ مَا رَكِبْتُهُ قَطُّ وَ أَنَا أَرُومُ شَيْئاً إِلَّا بَلَغْتُهُ وَ لَا أَرَادَنِي أَحَدٌ إِلَّا نَجَوْتُ عَلَيْهِ فَدُونَكَ فَخُذْهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) بِوَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكَ وَ لَا فِي فَرَسِكَ وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً وَ لَكِنْ فِرَّ فَلَا لَنَا وَ لَا عَلَيْنَا فَإِنَّهُ مَنْ سَمِعَ وَاعِيَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ يُجِبْنَا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ أَيُّ مَوْضِعٍ هَذَا فَقِيلَ هَذَا كَرْبَلَاءُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) هَذَا وَ اللَّهِ يَوْمُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ وَ هَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي يُهَرَاقُ فِيهِ دِمَاؤُنَا وَ يُبَاحُ فِيهِ حَرِيمُنَا فَأَقْبَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِعَسْكَرِهِ حَتَّى عَسْكَرَ بِالنُّخَيْلَةِ وَ بَعَثَ إِلَى الْحُسَيْنِ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَائِدُهُ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ(1) وَ أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ فِي أَلْفِ فَارِسٍ يَتْبَعُهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ فِي أَلْفِ فَارِسٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ أَيْضاً فِي أَلْفِ فَارِسٍ وَ كَتَبَ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى النَّاسِ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَ يُطِيعُوهُ فَبَلَغَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ يُسَامِرُ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يُحَدِّثُهُ وَ يَكْرَهُ قِتَالَهُ فَوَجَّهُ إِلَيْهِ شِمْرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ وَ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ إِذَا أَتَاكَ

ص: 305


1- بناء على هذا مجموع عدد عسکر یزید احد عشر ألف. السبزواري.

كِتَابِي هَذَا فَلَا تُمْهِلَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَ خُذْ بِكَظَمِهِ وَ حُلْ بَيْنَ الْمَاءِ وَ بَيْنَهُ كَمَا حِيلَ بَيْنَ عُثْمَانَ وَ بَيْنَ الْمَاءِ يَوْمَ الدَّارِ فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى إِنَّا قَدْ أَجَّلْنَا حُسَيْناً وَ أَصْحَابَهُ يَوْمَهُمُ وَ لَيْلَتَهُمْ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَامَ الْحُسَيْنُ فِي أَصْحَابِهِ خَطِيباً فَقَال اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَعْرِفُ أَهْلَ بَيْتٍ أَبَرَّ وَ لَا أَزْكَى وَ لَا أَطْهَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي وَ لَا أَصْحَاباً هُمْ خَيْرٌ مِنْ أَصْحَابِي وَ قَدْ نَزَلَ بِي مَا قَدْ تَرَوْنَ وَ أَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِي لَيْسَتْ لِي فِي أَعْنَاقِكُمْ بَيْعَةٌ وَ لَا لِي عَلَيْكُمْ ذِمَّةٌ وَ هَذَا اللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُمْ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلا وَ تَفَرَّقُوا فِي سَوَادِهِ فَإِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا يَطْلُبُونِّي وَ لَوْ ظَفِرُوا بِي لَذَهَلُوا عَنْ طَلَبِ غَيْرِي فَقَامَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا ذَا يَقُولُ لَنَا النَّاسُ إِنْ نَحْنُ خَذَلْنَا شَيْخَنَا وَ كَبِيرَنَا وَ سَيِّدَنَا وَ ابْنَ سَيِّدِ الْأَعْمَامِ وَ ابْنَ نَبِيِّنَا سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ نَضْرِبْ مَعَهُ بِسَيْفٍ وَ لَمْ نُقَاتِلْ مَعَهُ بِرُمْحٍ لَا وَ اللَّهِ أَوْ نَرِدَ مَوْرِدَكَ وَ نَجْعَلَ أَنْفُسَنَا دُونَ نَفْسِكَ وَ دِمَاءَنَا دُونَ دَمِكَ فَإِذَا نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَقَدْ قَضَيْنَا مَا عَلَيْنَا وَ خَرَجْنَا مِمَّا لَزِمَنَا وَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ الْبَجَلِيُّ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَدِدْتُ أَنِّي قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ ثُمَّ قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ ثُمَّ قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ فِيكَ وَ فِي الَّذِينَ مَعَكَ مِائَةَ قَتْلَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ دَفَعَ بِي عَنْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَالَ لَهُ وَ لِأَصْحَابِهِ جُزِيتُمْ خَيْراً ثُمَّ إِنَّ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَمَرَ بِحَفِيرَةٍ فَحُفِرَتْ حَوْلَ عَسْكَرِهِ شِبْهَ الْخَنْدَقِ وَ أَمَرَ فَحُشِيَتْ حَطَباً وَ أَرْسَلَ عَلِيّاً ابْنَهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي ثَلَاثِينَ فَارِساً وَ عِشْرِينَ رَاجِلًا لِيَسْتَقُوا الْمَاءَ وَ هُمْ عَلَى وَجَلٍ شَدِيدٍ وَ أَنْشَأَ الْحُسَيْنُ يَقُول :

يَا دَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِيلٍ***كَمْ لَكَ فِي الْإِشْرَاقِ وَ الْأَصِيلِ

مِنْ طَالِبٍ وَ صَاحِبٍ قَتِيلٍ*** وَ الدَّهْرُ لَا يَقْنَعُ بِالْبَدِيلِ

وَ إِنَّمَا الْأَمْرُ إِلَى الْجَلِيلِ*** وَ كُلُّ حَيٍّ سَالِكٌ سَبِيلِي

ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَاشْرَبُوا مِنَ الْمَاءِ يَكُنْ آخِرَ زَادِكُمْ وَ تَوَضَّئُوا

ص: 306

وَ اغْتَسِلُوا وَ اغْسِلُوا ثِيَابَكُمْ لِتَكُونَ أَكْفَانَكُمْ ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ الْفَجْرَ وَ عَبَّأَهُمْ تَعْبِئَةَ الْحَرْب وَ أَمَرَ بِحَفِيرَتِهِ الَّتِي حَوْلَ عَسْكَرِهِ فَأُضْرِمَتْ بِالنَّارِ لِيُقَاتِلَ الْقَوْمَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَه ابْنُ أَبِي جُوَيْرِيَةَ الْمُزَنِيُّ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى النَّارِ تَتَّقِدُ صَفَقَ بِيَدِهِ وَ نَادَى يَا حُسَيْنُ وَ أَصْحَابَ حُسَيْنٍ أَبْشِرُوا بِالنَّارِ فَقَدْ تَعَجَّلْتُمُوهَا فِي الدُّنْيَا فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَنِ الرَّجُلُ فَقِيلَ ابْنُ أَبِي جُوَيْرِيَةَ الْمُزَنِيُّ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) اللَّهُمَّ أَذِقْهُ عَذَابَ النَّارِ فِي الدُّنْيَا فَنَفَرَ بِهِ فَرَسُهُ وَ أَلْقَاهُ فِي تِلْكَ النَّارِ فَاحْتَرَقَ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ رَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ تَمِيمُ بْنُ حُصَيْنٍ الْفَزَارِيُّ فَنَادَى يَا حُسَيْنُ وَ يَا أَصْحَابَ حُسَيْنٍ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَى مَاءِ الْفُرَاتِ يَلُوحُ كَأَنَّهُ بُطُونُ الْحَيَّات وَ اللَّهِ لَا ذُقْتُمْ مِنْهُ قَطْرَةً حَتَّى تَذُوقُوا الْمَوْتَ جَزَعاً فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَنِ الرَّجُلُ فَقِيلَ تَمِيمُ بْنُ حُصَيْنٍ فَقَالَ الْحُسَيْنُ هَذَا وَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ اللَّهُمَّ اقْتُلْ هَذَا عَطَشاً فِي هَذَا الْيَوْمِ قَالَ فَخَنَقَهُ الْعَطَشُ حَتَّى سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَوَطِئَتْهُ الْخَيْلُ بِسَنَابِكِهَا فَمَاتَ ثُمَّ أَقْبَلَ آخَرُ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ يُقَالُ لَهُ- مُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ فَقَالَ يَا حُسَيْنَ بْنَ فَاطِمَةَ أَيَّةُ حُرْمَةٍ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَتْ لِغَيْرِكَ فَتَلَا الْحُسَيْنُ هَذِهِ الْآيَةَ (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً) الْآيَة ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ مُحَمَّداً لَمِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ وَ إِنَّ الْعِتْرَةَ الْهَادِيَةَ لَمِنْ آلِ مُحَمَّدٍ مَنِ الرَّجُلُ فَقِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ فَرَفَعَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَرِ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ ذُلًّا فِي هَذَا الْيَوْم لَا تُعِزُّهُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَبَداً فَعَرَضَ لَهُ عَارِضٌ فَخَرَجَ مِنَ الْعَسْكَرِ يَتَبَرَّزُ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ عَقْرَباً فَلَدَغَتْهُ فَمَاتَ بَادِيَ الْعَوْرَة فَبَلَغَ الْعَطَشُ مِنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَصْحَابِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِهِ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ الْحُصَيْنِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَاوِي الْحَدِيثِ هُوَ خَالُ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ تَأْذَنُ لِي فَأَخْرُجُ إِلَيْهِمْ فَأُكَلِّمُهُمْ فَأَذِنَ لَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِم

ص: 307

فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ مُحَمَّداً (بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً) وَ هَذَا مَاءُ الْفُرَاتِ تَقَعُ فِيهِ خَنَازِيرُ السَّوَادِ وَ كِلَابُهَا وَ قَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ ابْنِهِ فَقَالُوا يَا يَزِيدُ فَقَدْ أَكْثَرْتَ الْكَلَامَ فَاكْفُفْ فَوَ اللَّهِ لَيَعْطَشَنَّ الْحُسَيْنُ كَمَا عَطَشَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) اقْعُدْ يَا يَزِيدُ ثُمَّ وَثَبَ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) مُتَوَكِّئاً عَلَى سَيْفِهِ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْرِفُونِّي قَالُوا نَعَمْ أَنْتَ ابْنُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ سِبْطُهُ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أُمِّي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدَّتِي خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أَوَّلُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِسْلَاماً قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةَ عَمُّ أَبِي قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَعْفَرَ الطَّيَّارِ فِي الْجَنَّةِ عَمِّي قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَنَا مُتَقَلِّدُهُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ عِمَامَةُ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا لَابِسُهَا قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِيّاً كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلَاماً وَ أَعْلَمَهُمْ عِلْماً وَ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً وَ أَنَّهُ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَبِمَ تَسْتَحِلُّونَ دَمِي وَ أَبِي الذَّائِدُ عَنِ الْحَوْضِ غَداً يَذُودُ عَنْهُ رِجَالًا كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الصَّادِرُ عَنِ الْمَاءِ وَ لِوَاءُ الْحَمْدِ فِي يَدَيْ جَدِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ- قَالُوا قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَ نَحْنُ غَيْرُ تَارِكِيكَ حَتَّى تَذُوقَ الْمَوْتَ عَطَشا فَأَخَذَ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) بِطَرَفِ لِحْيَتِهِ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً ثُمَّ قَالَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ حِينَ قَالُوا (عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ) وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى النَّصَارَى حِينَ قَالُوا الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى الْمَجُوسِ حِينَ عَبَدُوا النَّارَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ قَتَلُوا نَبِيَّهُمْ وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ

ص: 308

قَتْلِي ابْنِ نَبِيِّهِم قَالَ فَضَرَبَ الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ فَرَسَهُ وَ جَازَ عَسْكَرَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ إِلَى عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَ هُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أُنِيبُ فَتُبْ عَلَيَّ فَقَدْ أَرْعَبْتُ قُلُوبَ أَوْلِيَائِكَ وَ أَوْلَادَ نَبِيِّكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ نَعَمْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فَأُقَاتِلَ عَنْكَ فَأَذِنَ لَهُ فَبَرَزَ وَ هُوَ يَقُول:

أَضْرِبُ فِي أَعْنَاقِكُمْ بِالسَّيْفِ***عَنْ خَيْرِ مَنْ حَلَّ بِلَادَ الْخَيْفِ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ فَأَتَاهُ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ دَمُهُ يَشْخُبُ فَقَالَ بَخْ بَخْ يَا حُرُّ أَنْتَ حُرٌّ كَمَا سُمِّيتَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ثُمَّ أَنْشَأَ الْحُسَيْنُ يَقُولُ:

لَنِعْمَ الْحُرُّ حُرُّ بَنِي رِيَاحٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ نِعْمَ الْحُرُّ مُخْتَلَفَ الرِّمَاحِ

وَ نِعْمَ الْحُرُّ إِذْ نَادَى حُسَيْناً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَجَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّبَاحِ

ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ الْبَجَلِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ مُخَاطِباً لِلْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

الْيَوْمَ نَلْقَى جَدَّكَ النَّبِيَّا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ حَسَناً وَ الْمُرْتَضَى عَلِيّاً

فَقَتَلَ مِنْهُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ صُرِعَ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا زُهَيْرٌ وَ أَنَا ابْنُ الْقَيْنِ ***أَذُبُّكُمْ بِالسَّيْفِ عَنْ حُسَيْنٍ

ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ حَبِيبُ بْنُ مُظَهَّرٍ الْأَسَدِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا حَبِيبٌ وَ أَبِي مُطَهَّرٌ*** لَنَحْنُ أَزْكَى مِنْكُمُ وَ أَطْهَرُ

نَنْصُرُ خَيْرَ النَّاسِ حِينَ يُذْكَر

فَقَتَلَ مِنْهُمْ أَحَداً وَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُرْوَةَ الْغِفَارِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ عَلِمَتْ حَقّاً بَنُو غِفَارٍ*** أَنِّي أَذُبُّ فِي طِلَابِ الثَّارِ

بِالْمَشْرَفِيِّ وَ الْقَنَا الْخَطَّارِ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ عِشْرِينَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ بُدَيْرُ بْنُ حَفِيرٍ

ص: 309

الْهَمْدَانِيُّ وَ كَانَ أَقْرَأَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا بُدَيْرٌ وَ أَبِي حَفِيرٌ

لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَيْسَ فِيهِ خَيْرٌ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ الْكَاهِلِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ عَلِمَتْ كَاهِلُهَا وَ دُودَانُ*** وَ الْخِنْدِفِيُّونَ وَ قَيْسُ عَيْلَانَ

بِأَنَّ قَوْمِي قُصَمُ الْأَقْرَانِ*** يَا قَوْمِ كُونُوا كَأُسُودِ الْجَانِ

آلُ عَلِيٍّ شِيعَةُ الرَّحْمَنِ*** وَ آلُ حَرْبٍ شِيعَةُ الشَّيْطَانِ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ زِيَادُ بْنُ مُهَاصِرٍ الْكِنْدِيُّ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْشَأَ يَقُولُ

أَنَا زِيَادٌ وَ أَبِي مُهَاصِرٌ*** أَشْجَعُ مِنْ لَيْثِ الْعَرِينِ الْخَادِرِ

يَا رَبِّ إِنِّي لِلْحُسَيْنِ نَاصِرٌ*** وَ لِابْنِ سَعْدٍ تَارِكٌ مُهَاجِرٌ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ تِسْعَةً ثُمَّ قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ وَهْبُ بْنُ وَهْبٍ وَ كَانَ نَصْرَانِيّاً أَسْلَمَ عَلَى يَدَيِ الْحُسَيْنِ هُوَ وَ أُمُّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَى كَرْبَلَاءَ فَرَكِبَ فَرَساً وَ تَنَاوَلَ بِيَدِهِ عُودَ الْفُسْطَاطِ فَقَاتَلَ وَ قَتَلَ مِنَ الْقَوْمِ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً ثُمَّ اسْتُوسِرَ فَأُتِيَ بِهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ رُمِيَ بِهِ إِلَى عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَخَذَتْ أُمُّهُ سَيْفَهُ وَ بَرَزَتْ فَقَالَ لَهَا يَا أُمَّ وَهْبٍ اجْلِسِي فَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ الْجِهَادَ عَنِ النِّسَاءِ إِنَّكِ وَ ابْنَكِ مَعَ جَدِّي مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ هِلَالُ بْنُ حَجَّاجٍ وَ هُوَ يَقُول:

أَرْمِي بِهَا مُعْلَمَةً أَفْوَاقُهَا*** وَ النَّفْسُ لَا يَنْفَعُهَا إِشْفَاقُهَا

ص: 310

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(1) وَ أَنْشَأَ يَقُول

أَقْسَمْتُ لَا أُقْتَلُ إِلَّا حُرّاً*** أَقْسَمْتُ لَا أُقْتَلُ إِلَّا حُرّاً

أَكْرَهُ أَنْ أُدْعَى جَبَاناً فَرّاً*** إِنَّ الْجَبَانَ مَنْ عَصَى وَ فَرَّا

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً ثُمَّ قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا بَرَزَ إِلَيْهِمْ دَمَعَتْ عَيْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ اللَّهُمَّ كُنْ أَنْتَ الشَّهِيدُ عَلَيْهِمْ فَقَدْ بَرَزَ إِلَيْهِمُ ابْنُ رَسُولِكَ وَ أَشْبَهُ النَّاسِ وَجْهاً وَ سَمْتاً بِهِ فَجَعَلَ يَرْتَجِزُ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ***نَحْنُ وَ بَيْتِ اللَّهِ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ

أَ مَا تَرَوْنَ كَيْفَ أَحْمِي عَنْ أَبِي

فَقَتَلَ مِنْهُمْ عَشَرَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِيهِ فَقَالَ يَا أَبَهْ الْعَطَشُ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) صَبْراً يَا بُنَيَّ يَسْقِيكَ جَدُّكَ بِالْكَأْسِ الْأَوْفَى فَرَجَعَ فَقَاتَلَ حَتَّى قَتَلَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةً وَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ.

وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ)وَ هُوَ يَقُولُ:

لَا تَجْزَعِي نَفْسِي فَكُلٌّ فَانٍ*** الْيَوْمَ تَلْقَيْنَ ذُرَى الْجِنَانِ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً ثُمَّ رُمِيَ عَنْ فَرَسِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ نَظَرَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ لَا يَرَى أَحَداً فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَا يُصْنَعُ بِوَلَدِ نَبِيِّكَ وَ حَالَ بَنُو كِلَابٍ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَاءِ وَ رُمِيَ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ فِي نَحْرِهِ وَ خَرَّ عَنْ فَرَسِهِ فَأَخَذَ السَّهْمَ فَرَمَى بِهِ فَجَعَلَ يَتَلَقَّى الدَّم بِكَفِّهِ فَلَمَّا امْتَلَأَتْ لَطَخَ بِهَا رَأْسَهُ وَ لِحْيَتَهُ وَ يَقُولُ أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنَا مَظْلُومٌ مُتَلَطِّخٌ بِدَمِي ثُمَّ خَرَّ عَلَى خَدِّهِ الْأَيْسَرِ صَرِيعاً وَ أَقْبَلَ عَدُوُّ اللَّهِ سِنَان

ص: 311


1- يظهر منه أن أول قتيل من آل أبي طالب هو عبد الله بن مسلم. السبزواري.

الْإِيَادِيُّ وَ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ الْعَامِرِيُّ لَعَنَهُمَا اللَّهُ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ حَتَّى وَقَفُوا عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا تَنْتَظِرُونَ أَرِيحُوا الرَّجُلَ فَنَزَلَ سِنَانُ بْنُ الْأَنَسِ الْإِيَادِيُّ وَ أَخَذَ بِلِحْيَةِ الْحُسَيْنِ وَ جَعَلَ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ فِي حَلْقِهِ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَجْتَزُّ رَأْسَكَ وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ وَ خَيْرُ النَّاسِ أَباً وَ أُمّاً وَ أَقْبَلَ فَرَسُ الْحُسَيْنِ حَتَّى لَطَخَ عُرْفَهُ وَ نَاصِيَتَهُ بِدَمِ الْحُسَيْنِ وَ جَعَلَ يَرْكُضُ وَ يَصْهِلُ فَسَمِعَتْ بَنَاتُ النَّبِيِّ صَهِيلَهُ فَخَرَجْنَ فَإِذَا الْفَرَسُ بِلَا رَاكِبٍ فَعَرَفْنَ أَنَّ حُسَيْناً قَدْ قُتِلَ وَ خَرَجَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ الْحُسَيْنِ وَاضِعاً يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا تَنْدُبُ وَ تَقُولُ وَا مُحَمَّدَاهْ هَذَا الْحُسَيْنُ بِالْعَرَاءِ قَدْ سُلِبَ الْعِمَامَةَ وَ الرِّدَاءَ وَ أَقْبَلَ سِنَانٌ حَتَّى أَدْخَلَ رَأْسَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ هُوَ يَقُول:

امْلَأْ رِكَابِي فِضَّةً وَ ذَهَبا*** أَنَا قَتَلْتُ الْمَلِكَ الْمُحَجَّبَا

قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمّاً وَ أَباً*** وَ خَيْرَهُمْ إِذْ يُنْسَبُونَ نَسَبا

فَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَيْحَكَ فَإِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ أَباً وَ أُمّاً لِمَ قَتَلْتَهُ إِذاً فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَى النَّارِ وَ أَرْسَلَ ابْنُ زِيَادٍ قَاصِداً إِلَى أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَ رِجَالَكُمُ فَكَيْفَ تَرَوْنَ مَا فُعِلَ بِكُمْ فَقَالَتْ يَا ابْنَ زِيَادٍ لَئِنْ قَرَّتْ عَيْنُكَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ فَطَالَمَا قَرَّتْ عَيْنُ جَدِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِهِ وَ كَانَ يُقَبِّلُهُ وَ يَلْثِمُ شَفَتَيْهِ وَ يَضَعُهُ عَلَى عَاتِقِهِ يَا ابْنَ زِيَادٍ أَعِدَّ لِجَدِّهِ جَوَاباً فَإِنَّهُ خَصْمُكَ غَدا.

البحار: ج 18 ص 458

2- أَقُولُ: قَالَ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي الْإِرْشَاد(1) رَوَى الْكَلْبِيُّ وَ الْمَدَائِنِيُّ وَ غَيْرُهُمَا مِن

ص: 312


1- من هنا مفصل مقتل الحسين ليلا إلى صفحة 207 (بحسب الطبعة الحجرية) مع تكرار کثیر كما لا يخفى، ثمّ إن غالب وقعة الطف ينقل عن حميد بن مسلم وهو مجهول، وعن هلال بن نافع ولم أر من تعرض له، وعن أبي مخنف ولا يبعد حسنه، وعن الجلودي ولم أر له ذكرة في كتب الرجال بحيث ينقل منه وقعة الطف، نعم قد يعد الجلودي من أصحاب الصادق أو الهادي ويبعد أن يكون هو الراوي الحديث الطف كما لا يخفى. السبزواري.

أَصْحَابِ السِّيرَةِ قَالُوا لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) تَحَرَّكَتِ الشِّيعَةُ بِالْعِرَاقِ وَ كَتَبُوا إِلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي خَلْعِ مُعَاوِيَةَ وَ الْبَيْعَةِ لَهُ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِمْ وَ ذَكَرَ أَنَّ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ عَهْداً وَ عَقْداً لَا يَجُوزُ لَهُ نَقْضُهُ حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ فَإِذَا مَاتَ مُعَاوِيَةُ نَظَرَ فِي ذَلِكَ.فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَ ذَلِكَ لِلنِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ كَتَبَ يَزِيدُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَ كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَأْخُذَ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِالْبَيْعَةِ لَهُ وَ لَا يُرَخِّصَ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْفَذَ الْوَلِيدُ إِلَى الْحُسَيْنِ فِي اللَّيْلِ فَاسْتَدْعَاهُ فَعَرَفَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الَّذِي أَرَادَ فَدَعَا جَمَاعَةً مِنْ مَوَالِيهِ وَ أَمَرَهُمْ بِحَمْلِ السِّلَاحِ وَ قَالَ لَهُمْ إِنَّ الْوَلِيدَ قَدِ اسْتَدْعَانِي فِي هَذَا الْوَقْتِ وَ لَسْتُ آمَنُ أَنْ يُكَلِّفَنِي فِيهِ أَمْراً لَا أُجِيبُهُ إِلَيْهِ وَ هُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ فَكُونُوا مَعِي فَإِذَا دَخَلْتُ إِلَيْه فَاجْلِسُوا عَلَى الْبَابِ فَإِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتِي قَدْ عَلَا فَادْخُلُوا عَلَيْهِ لِتَمْنَعُوهُ عَنِّي.فَصَارَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَنَعَى إِلَيْهِ الْوَلِيدُ مُعَاوِيَةَ فَاسْتَرْجَعَ الْحُسَيْنُ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ يَزِيدَ وَ مَا أَمَرَهُ فِيهِ مِنْ أَخْذِ الْبَيْعَةِ مِنْهُ لَهُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنِّي لَا أَرَاكَ تَقْنَعُ بِبَيْعَتِي لِيَزِيدَ سِرّاً حَتَّى أُبَايِعَهُ جَهْراً فَيَعْرِفَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ أَجَلْ فَقَالَ الْحُسَيْنُ فَتُصْبِحُ وَ تَرَى رَأْيَكَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ انْصَرِفْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى تَأْتِيَنَا مَعَ جَمَاعَةِ النَّاسِ.فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ وَ اللَّهِ لَئِنْ فَارَقَكَ الْحُسَيْنُ السَّاعَةَ وَ لَمْ يُبَايِعْ لَا قَدَرْتَ مِنْهُ عَلَى مِثْلِهَا أَبَداً حَتَّى تَكْثُرَ الْقَتْلَى بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ احْبِسِ الرَّجُلَ وَ لَا يَخْرُجْ مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى يُبَايِعَ أَوْ تَضْرِبَ عُنُقَهُ فَوَثَبَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عِنْدَ ذَلِكَ وَ قَالَ أَنْتَ يَا ابْنَ الزَّرْقَاءِ تَقْتُلُنِي أَمْ

ص: 313

هُوَ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ وَ أَثِمْتَ وَ خَرَجَ يَمْشِي وَ مَعَهُ مَوَالِيهِ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَه.

قَالَ السَّيِّدُ كَتَبَ يَزِيدُ إِلَى الْوَلِيدِ يَأْمُرُهُ بِأَخْذِ الْبَيْعَةِ عَلَى أَهْلِهَا وَ خَاصَّةً عَلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يَقُولُ إِنْ أَبَى عَلَيْكَ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ ابْعَثْ إِلَيَّ بِرَأْسِهِ فَأَحْضَرالْوَلِيدُ مَرْوَانَ وَ اسْتَشَارَهُ فِي أَمْرِ الْحُسَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُ لَا يَقْبَلُ وَ لَوْ كُنْتُ مَكَانَكَ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ فَقَالَ الْوَلِيدُ لَيْتَنِي لَمْ أَكُ شَيْئاً مَذْكُوراً.ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَجَاءَهُ فِي ثَلَاثِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَوَالِيهِ وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ فَغَضِبَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ قَالَ وَيْلِي عَلَيْكَ يَا ابْنَ الزَّرْقَاءِ أَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِ عُنُقِي كَذَبْتَ وَ اللَّهِ وَ أَثِمْتَ.ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْوَلِيدِ فَقَالَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ(1)إِنَّا أَهْلُ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَ مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ وَ بِنَا فَتَحَ اللَّهُ وَ بِنَا خَتَمَ اللَّهُ وَ يَزِيدُ رَجُلٌ فَاسِقٌ شَارِبُ الْخَمْرِ قَاتِلُ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ مُعْلِنٌ بِالْفِسْقِ وَ مِثْلِي لَا يُبَايِعُ مِثْلَهُ وَ لَكِنْ نُصْبِحُ وَ تُصْبِحُونَ وَ نَنْظُرُ وَ تَنْظُرُونَ أَيُّنَا أَحَقُّ بِالْبَيْعَةِ وَ الْخِلَافَةِ ثُمَّ خَرَجَ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

البحار: ج 18 ص 446 س7

فَأَقْبَلَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَصَلَّى فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ وَدَّعَ مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِهِ وَ اسْتَأْجَرَ دَلِيلَيْنِ مِنْ قَيْسٍ فَأَقْبَلَا بِهِ يَتَنَكَّبَانِ الطَّرِيقَ فَضَلَّا عَنِ الطَّرِيقِ وَ أَصَابَهُمَا عَطَشٌ شَدِيدٌ فَعَجَزَا عَنِ السَّيْرِ فَأَوْمَئَا لَهُ إِلَى سَنَنِ الطَّرِيقِ بَعْدَ أَنْ لَاحَ لهم ذَلِكَ فَسَلَكَ مُسْلِمٌ ذَلِكَ السَّنَنَ وَ مَاتَ الدَّلِيلَانِ عَطَشاً فَكَتَبَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَضِيقِ مَعَ قَيْسِ بْنِ مُسْهِرٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَقْبَلْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ مَعَ دَلِيلَيْنِ لِي فَحَازَا عَنِ الطَّرِيقِ فَضَلَّا وَ اشْتَدَّ عَلَيْنَا الْعَطَشُ فَلَمْ يَلْبَثَا أَنْ مَاتَا وَ أَقْبَلْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَاءِ فَلَمْ نَنْجُ إِلَّا بِحُشَاشَةِ أَنْفُسِنَا وَ ذَلِكَ الْمَاءُ بِمَكَانٍ يُدْعَى

ص: 314


1- قد أعمل عبر التقنية في إطلاق الأمير على الوليد. السبزواري.

الْمَضِيقُ مِنْ بَطْنِ الْخَبْتِ وَ قَدْ تَطَيَّرْتُ مِنْ تَوَجُّهِي هَذَا(1) فَإِنْ رَأَيْتَ أَعْفَيْتَنِي عَنْهُ وَ بَعَثْتَ غَيْرِي وَ السَّلَامُ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ حَسِبْت أَنْ لَا يَكُونَ حَمَلَكَ عَلَى الْكِتَابِ إِلَيَّ فِي الِاسْتِعْفَاءِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي وَجَّهْتُكَ لَهُ إِلَّا الْجُبْنُ فَامْضِ لِوَجْهِكَ الَّذِي وَجَّهْتُكَ فِيهِ وَ السَّلَامُ. فَلَمَّا قَرَأَ مُسْلِمٌ الْكِتَابَ قَالَ أَمَّا هَذَا فَلَسْتُ أَتَخَوَّفُهُ عَلَى نَفْسِي فَأَقْبَلَ حَتَّى مَرَّ بِمَاءٍ لِطَيِّئٍ فَنَزَلَ بِهِ ثُمَّ ارْتَحَلَ عَنْهُ فَإِذَا رَجُلٌ يَرْمِي الصَّيْدَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ قَدْ رَمَى ظَبْياً حِينَ أَشْرَفَ لَهُ فَصَرَعَهُ(2) فَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ نَقْتُلُ عَدُوَّنَا إِنْ شَاءَ اللَّه.

البحار: ج 18 ص 472 س 14

فجاء هانئ حتى دخل على عبيد الله بن زياد و عنده القوم فلما طلع قال عبيد الله أتتك بحائن رجلاه. فلما دنا من ابن زياد و عنده شريح القاضي التفت نحوه فقال.

أريد حباءه و يريد قتلي*** عذيرك من خليلك من مراد

و قد كان أول ما قدم مكرما له ملطفا فقال له هانئ و ما ذاك أيها الأمير قال إيه يا هانئ بن عروة ما هذه الأمور التي تربص في دارك لأمير المؤمنين و عامة المسلمين جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك و جمعت له الجموع و السلاح و الرجال في الدور حولك و ظننت أن ذلك يخفى علي قال ما فعلت ذلك و ما مسلم عندي قال بلى قد فعلت فلما كثر بينهما و أبى هانئ إلا مجاحدته و مناكرته دعا ابن

ص: 315


1- موضع التطير ثلاثة: 1- موت الدليلين. 2- المضيق. 3- بطن الخبت وهو ما اتسع من الأرض. السبزواري.
2-

زياد معقلا ذلك العين فجاء حتى وفق بين يديه و قال أ تعرف هذا قال نعم و علم هانئ عند ذلك أنه كان عينا عليهم و أنه قد أتاه بأخبارهم فأسقط في يده ساعة ثم راجعته نفسه فقال اسمع مني و صدق مقاتلي فو الله ما كذبت و الله ما دعوته إلى منزلي و لا علمت بشي ء من أمره حتى جاءني يسألني النزول فاستحييت من رده و داخلني من ذلك ذمام فضيفته و آويته و قد كان من أمره ما بلغك فإن شئت أن أعطيك الآن موثقا مغلظا أن لا أبغيك سوءا و لا غائلة و لآتينك حتى أضع يدي في يدك و إن شئت أعطيتك رهينة تكون في يدك حتى آتيك و أنطلق إليه فآمره أن يخرج من داري إلى حيث شاء من الأرض فأخرج من ذمامه و جواره.فقال له ابن زياد و الله لا تفارقني أبدا حتى تأتيني به قال لا و الله لا أجيئك به أبدا أجيئك بضيفي تقتله(1) قال و الله لتأتيني به قال و الله لا آتيك به فلما كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي و ليس بالكوفة شامي و لا بصري غيره فقال أصلح الله الأمير خلني و إياه حتى أكلمه فقام فخلا به ناحية من ابن زياد و هما منه بحيث يراهما فإذا رفعا أصواتهما سمع ما يقولان.فقال له مسلم يا هانئ أنشدك الله أن تقتل نفسك و أن تدخل البلاء في عشيرتك فو الله إني لأنفس بك عن القتل إن هذا ابن عم القوم و ليسوا قاتليه و لا ضائريه فادفعه إليهم فإنه ليس عليك بذلك مخزاة و لا منقصة إنما تدفعه إلى السلطان فقال هانئ و الله إن علي في ذلك الخزي و العار أن أدفع جاري و ضيفي و أنا حي صحيح أسمع و أرى شديد الساعد كثير الأعوان و الله لو لم يكن لي إلا واحد ليس لي ناصر لم أدفعه حتى أموت دونه فأخذ يناشده و هو يقول و الله لا أدفعه إليه أبدا.

ص: 316


1- هذه الكلمة لها قيمة كبيرة، السبزواري.

البحار: ج 18 ص 4864 س 8

قال المفيد رحمه اللّه: فصل و كان خروج مسلم بن عقيل رحمه الله بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة سنة ستين و قتله رحمه الله يوم الأربعاء لتسع خلون منه يوم عرفة و كان توجه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من مكة إلى العراق في يوم خروج مسلم بالكوفة و هو يوم التروية بعد مقامه بمكة بقية شعبان و شهر رمضان و شوالا و ذا القعدة و ثمان ليال خلون من ذي الحجة سنة ستين و كان قد اجتمع إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مدة مقامه بمكة نفر من أهل الحجاز و نفر من أهل البصرة انضافوا إلى أهل بيته و مواليه.و لما أراد الحسين التوجه إلى العراق طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و أحل من إحرامه و جعلها عمرة(1) لأنه لم يتمكن من تمام الحج مخافة أن يقبض عليه بمكة فينفذ إلى يزيد بن معاوية فخرج (عَلَيهِ السَّلَامُ) مبادرا بأهله و ولده و من انضم إليه من شيعته و لم يكن خبر مسلم بلغه بخروجه يوم خروجه على ما ذكرناه.

باب (42) رؤية أم سلمة وغيرها رسول الله الله في المنام وإخباره بشهادة الكرام

البحار: ج 18 ص 661

2- ابْنُ حُشَيْشٍ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ الشَّيْبَانِيِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّد

ص: 317


1- لا وجه للضرورة في تحلل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنته دخل مكة لعمرة مفردة لا بالحج حتّى يكون تحلله للضرورة ففي صحيح معاوية بن عمار قلت للصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أين افرق المتمتع والمعتمر فقال إن المتمتع مرتبط بالحج والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء وقد اعتمر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ذي الحجّة ثمّ راح يوم التروية إلى العراق والناس يروحون إلى منى ولا باس بالعمرة في ذي الحجّة لمن لا يريد الحج. الخبر. السبزواري.

بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَوْنِ بْنِ مُبَارَكٍ الْخَثْعَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَاقِدٌ فِي مَنْزِلِي إِذْ سَمِعْتُ صُرَاخاً عَظِيماً عَالِياً مِنْ بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَخَرَجْتُ يَتَوَجَّهُ بِي قَائِدِي إِلَى مَنْزِلِهَا وَ أَقْبَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهَا قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَكِ تَصْرُخِينَ وَ تَغُوثِينَ فَلَمْ تُجِبْنِي وَ أَقْبَلَتْ عَلَى النِّسْوَةِ الْهَاشِمِيَّاتِ وَ قَالَتْ يَا بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسْعِدِينِي وَ ابْكِينَ مَعِي فَقَدْ قُتِلَ وَ اللَّهِ سَيِّدُكُنَّ وَ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَدْ وَ اللَّهِ قُتِلَ سِبْطُ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَيْحَانَتُهُ الْحُسَيْنُ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَ مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ ذَلِكَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فِي الْمَنَامِ(1) السَّاعَةَ شَعِثاً مَذْعُوراً فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ فَقَالَ قُتِلَ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ الْيَوْمَ فَدَفَنْتُهُمْ وَ السَّاعَةَ فَرَغْتُ مِنْ دَفْنِهِمْ قَالَتْ فَقُمْتُ حَتَّى دَخَلْتُ الْبَيْتَ وَ أَنَا لَا أَكَادُ أَنْ أَعْقِلَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِتُرْبَةِ الْحُسَيْنِ الَّتِي أَتَى بِهَا جَبْرَئِيلُ مِنْ كَرْبَلَاءَ فَقَالَ إِذَا صَارَتْ هَذِهِ التُّرْبَةُ دَماً فَقَدْ قُتِلَ ابْنُكِ وَ أَعْطَانِيهَا النَّبِيُّ فَقَالَ اجعل هَذِهِ التُّرْبَةَ فِي زُجَاجَةٍ أَوْ قَالَ فِي قَارُورَةٍ وَ لْتَكُنْ عِنْدَكِ فَإِذَا صَارَتْ دَماً عَبِيطاً فَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ فَرَأَيْتُ الْقَارُورَةَ الْآنَ وَ قَدْ صَارَتْ دَماً عَبِيطاً تَفُورُ قَالَ فَأَخَذَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ فَلَطَّخَتْ بِهِ وَجْهَهَا وَ جَعَلَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَأْتَماً وَ مَنَاحَةً عَلَى الْحُسَيْنِ فَجَاءَتِ الرُّكْبَانُ بِخَبَرِهِ وَ أَنَّهُ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ إِنِّي دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَنْزِلَهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَ ذَكَرْتُ لَهُ رِوَايَةَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَدَّثَنِيهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الْقَابِلَةُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي مَنَامِي أَغْبَرَ أَشْعَثَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ شَأْنِهِ فَقَالَ لِي أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنِّي فَرَغْتُ مِنْ مَدْفَنِ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ.

ص: 318


1- لعل هذه الرواية كانت غير ما نقله (عَلَيهِ السَّلَامُ) لابن الحنفية، ثمّ انه يستفاد من الخبر إن الأمر الوارد من الشارع في النوم حجّة ويجب إتباعه ولكن فيه تأمّل لغير المعصوم. السبزواري.

البحار: ج 18 ص 490 السطر الأخير

وَ قَالَ الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ:وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَ الْمُنْذِرُ بْنُ الْمُشْمَعِلِّ الْأَسَدِيَّانِ قَالا لَمَّا قَضَيْنَا حَجَّتَنَا لَمْ تَكُنْ لَنَا هِمَّةٌ إِلَّا الْإِلْحَاقَ بِالْحُسَيْنِ فِي الطَّرِيقِ لِنَنْظُرَ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ فَأَقْبَلْنَا تُرْقِلُ بِنَا نَاقَتَانَا مُسْرِعَيْنِ حَتَّى لَحِقْنَاهُ بِزَرُود

فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُ إِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَدْ عَدَلَ عَنِ الطَّرِيقِ حَتَّى رَأَى الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَوَقَفَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ)كَأَنَّهُ يُرِيدُهُ ثُمَّ تَرَكَهُ وَ مَضَى وَ مَضَيْنَا نَحْوَهُ فَقَالَ أَحَدُنَا لِصَاحِبِهِ اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا لِنَسْأَلَهُ فَإِنَّ عِنْدَهُ خَبَرَ الْكُوفَةِ فَمَضَيْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَقَالَ وَ عَلَيْكُمَا السَّلَامُ قُلْنَا مِمَّنِ الرَّجُلُ قَالَ أَسَدِيٌّ قُلْنَا لَهُ وَ نَحْنُ أَسَدِيَّانِ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا بَكْرُ بْنُ فُلَانٍ فَانْتَسَبْنَا لَهُ ثُمَّ قُلْنَا لَهُ أَخْبِرْنَا عَنِ النَّاسِ وَرَاءَكَ قَالَ نَعَمْ لَمْ أَخْرُجْ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى قُتِلَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ وَ هَانِئُ بْنُ عُرْوَةَ وَ رَأَيْتُهُمَا يُجَرَّانِ بِأَرْجُلِهِمَا فِي السُّوقِ.فَأَقْبَلْنَا حَتَّى لَحِقْنَا بِالْحُسَيْنِ فَسَايَرْنَاهُ حَتَّى نَزَلَ الثَّعْلَبِيَّةَ مُمْسِياً فَجِئْنَاهُ حِينَ نَزَلَ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْنَا السَّلَامَ فَقُلْنَا لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ إِنَّ عِنْدَنَا خَبَراً إِنْ شِئْتَ حَدَّثْنَاكَ بِهِ عَلَانِيَةً وَ إِنْ شِئْتَ سِرّاً فَنَظَرَ إِلَيْنَا وَ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ مَا دُونَ هَؤُلَاءِ سِرٌّ فَقُلْنَا لَهُ رَأَيْتَ الرَّاكِبَ الَّذِي اسْتَقْبَلْتَهُ عَشِيَّ أَمْسِ فَقَالَ نَعَمْ قَدْ أَرَدْتُ مَسْأَلَتَهُ فَقُلْنَا قَدْ وَ اللَّهِ اسْتَبْرَأْنَا لَكَ خَبَرَهُ وَ كَفَيْنَاكَ مَسْأَلَتَهُ وَ هُوَ امْرُؤٌ مِنَّا ذُو رَأْيٍ وَ صِدْقٍ وَ عَقْلٍ وَ إِنَّهُ حَدَّثَنَا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى قُتِلَ مُسْلِمٌ وَ هَانِئٌ وَ رَآهُمَا يُجَرَّانِ فِي السُّوقِ بِأَرْجُلِهِمَا فَقَالَ (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ )رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا(1) يُرَدِّدُ ذَلِكَ مِرَاراً.فَقُلْنَا لَهُ نَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ وَ أَهْلِ بَيْتِكَ إِلَّا انْصَرَفْتَ مِنْ مَكَانِكَ هَذَا وَ إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِالْكُوفَةِ نَاصِرٌ وَ لَا شِيعَةٌ بَلْ نَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونُوا عَلَيْكَ فَنَظَرَ إِلَى بَنِي عَقِيلٍ فَقَالَ مَا

ص: 319


1- أقول: يظهر منه حسن حال هاني. السبزواري.

كيفية مصالحة الحسن بن علی(علیهماالسلام) معاوية...

تَرَوْنَ فَقَدْ قُتِلَ مُسْلِمٌ فَقَالُوا وَ اللَّهِ مَا نَرْجِعُ حَتَّى نُصِيبَ ثَأْرَنَا أَوْ نَذُوقَ مَا ذَاقَ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ عَزَمَ رَأْيَهُ عَلَى الْمَسِيرِ فَقُلْنَا لَهُ خَارَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ إِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا أَنْتَ مِثْلَ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ وَ لَوْ قَدِمْتَ الْكُوفَةَ لَكَانَ أَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْكَ فَسَكَت.

البحار: ج18 ص 491، س19

وَ قَالَ السَّيِّدُ أَتَاهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ فِي زُبَالَةَ ثُمَّ إِنَّهُ سَارَ فَلَقِيَهُ الْفَرَزْدَقُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ تَرْكَنُ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ هُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ عَمِّكَ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ وَ شِيعَتَهُ قَالَ فَاسْتَعْبَرَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَاكِياً ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ مُسْلِماً فَلَقَدْ صَارَ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ وَ رَيْحَانِهِ وَ تَحِيَّتِهِ وَ رِضْوَانِهِ(1) أَمَا إِنَّهُ قَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ وَ بَقِيَ مَا عَلَيْنَا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ.

فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْيَا تُعَدُّ نَفِيسَةً*** فَدَارُ ثَوَابِ اللَّهِ أَعْلَى وَ أَنْبَلُ

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَبْدَانُ لِلْمَوْتِ أُنْشِئَتْ*** فَقَتْلُ امْرِئٍ بِالسَّيْفِ فِي اللَّهِ أَفْضَلُ

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَرْزَاقُ قِسْماً مُقَدَّراً*** فَقِلَّةُ حِرْصِ الْمَرْءِ فِي الرِّزْقِ أَجْمَلُ

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَمْوَالُ لِلتَّرْكِ جَمْعُهَا*** فَمَا بَالُ مَتْرُوكٍ بِهِ الْحُرُّ يَبْخَل

البحار: ج 18 ص 493 س6

فَلَمْ يَزَلِ الْحُرُّ مُوَافِقاً لِلْحُسَيْنِ (عليه السّلام) حَتَّى حَضَرَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ فَأَمَرَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْحَجَّاجَ بْنَ مَسْرُوقٍ أَنْ يُؤَذِّنَ.فَلَمَّا حَضَرَتِ الْإِقَامَةُ خَرَجَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي إِزَارٍ وَ رِدَاءٍ وَ نَعْلَيْنِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَمْ آتِكُمْ حَتَّى أَتَتْنِي كُتُبُكُمْ وَ قَدِمَتْ عَلَيَّ رُسُلُكُمْ أَنِ اقْدَمْ عَلَيْنَا فَلَيْسَ لَنَا إِمَامٌ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَنَا وَ إِيَّاكُمْ

ص: 320


1- في مدح الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمسلم بن عقيل. السبزواري.

عَلَى الْهُدَى وَ الْحَقِّ فَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ جِئْتُكُمْ فَأَعْطُونِي مَا أَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ مِنْ عُهُودِكُمْ وَ مَوَاثِيقِكُمْ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ كُنْتُمْ لِمَقْدَمِي كَارِهِينَ انْصَرَفْتُ عَنْكُمْ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي جِئْتُ مِنْهُ إِلَيْكُمْ.فَسَكَتُوا عَنْهُ وَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا كَلِمَةً فَقَالَ لِلْمُؤَذِّنِ أَقِمْ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَقَالَ لِلْحُرِّ أَ تُرِيدُ أَنْ تُصَلِّيَ بِأَصْحَابِكَ فَقَالَ الْحُرُّ لَا بَلْ تُصَلِّي أَنْتَ وَ نُصَلِّي بِصَلَاتِكَ(1) فَصَلَّى بِهِمُ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ دَخَلَ فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَ انْصَرَفَ الْحُرُّ إِلَى مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ فَدَخَلَ خَيْمَةً قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ عَادالْبَاقُونَ إِلَى صَفِّهِمُ الَّذِي كَانُوا فِيه ثُمَّ أَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِعِنَانِ فَرَسِهِ وَ جَلَسَ فِي ظِلِّهَا.فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَمَرَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ يَتَهَيَّئُوا لِلرَّحِيلِ فَفَعَلُوا ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى بِالْعَصْرِ وَ أَقَامَ فَاسْتَقْدَمَ الْحُسَيْنُ وَ قَامَ فَصَلَّى بِالْقَوْمِ ثُمَّ سَلَّمَ وَ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ (2)وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّكُمْ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ وَ تَعْرِفُوا الْحَقَّ لِأَهْلِهِ يَكُنْ أَرْضَى لِلَّهِ عَنْكُمْ وَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ أَوْلَى بِوَلَايَةِ هَذَا الْأَمْرِ عَلَيْكُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُدَّعِينَ مَا لَيْسَ لَهُمْ وَ السَّائِرِينَ فِيكُمْ بِالْجَوْرِ وَ الْعُدْوَانِ فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْكَرَاهَةَ لَنَا وَ الْجَهْلَ بِحَقِّنَا وَ كَانَ رَأْيُكُمُ الْآنَ غَيْرَ مَا أَتَتْنِي بِهِ كُتُبُكُمْ وَ قَدِمَتْ عَلَيَّ بِهِ رُسُلُكُمْ انْصَرَفْتُ عَنْكُم فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ أَنَا وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هَذِهِ الْكُتُبُ وَ الرُّسُلُ الَّتِي تَذْكُرُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ يَا عُقْبَةَ بْنَ سِمْعَانَ أَخْرِجِ الْخُرْجَيْنِ اللَّذَيْنِ فِيهِمَا كُتُبُهُمْ إِلَيَّ فَأَخْرَجَ خُرْجَيْنِ مَمْلُوءَيْنِ صُحُفاً فَنُثِرَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ لَسْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَتَبُوا إِلَيْكَ وَ قَدْ أُمِرْنَا أَنَّا إِذَا لَقِينَاكَ لَا نُفَارِقُكَ حَتَّى نُقَدِّمَكَ الْكُوفَةَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ.فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْمَوْتُ أَدْنَى إِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ فَقُومُوا فَارْكَبُوا فَرَكِبُوا وَ انْتَظَرَ حَتَّى رَكِبَتْ نِسَاؤُهُ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ انْصَرِفُوا فَلَمَّا ذَهَبُوا

ص: 321


1- يدلّ على حسن حال حر كما لا يخفى. السبزواري.
2- يظهر منه أن الحر وقومه صلوا العصر مع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً. السبزواري.

لِيَنْصَرِفُوا حَالَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الِانْصِرَافِ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) لِلْحُرِّ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ مَا تُرِيدُ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ أَمَّا لَوْ غَيْرُكَ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُهَا لِي وَ هُوَ عَلَى مِثْلِ الْحَالِ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا مَا تَرَكْتُ ذِكْرَ أُمِّهِ بِالثُّكْلِ كَائِناً مَنْ كَانَ وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ مَا لِي مِنْ ذِكْرِ أُمِّكَ مِنْ سَبِيلٍ إِلَّا بِأَحْسَنِ مَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ.(1)

البحار: ج18 ص 496 س19

قَالَ ثُمَّ إِنَّ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رَكِبَ وَ سَارَ كُلَّمَا أَرَادَ الْمَسِيرَ يَمْنَعُونَهُ تَارَةً وَ يُسَايِرُونَهُ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَ كَرْبَلَاءَ وَ كَانَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ مِنَ الْمُحَرَّم.(2)

البحار: ج18ص 496 س 23

قَالَ فَجَمَعَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وُلْدَهُ وَ إِخْوَتَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِهِ(3) ثُمَ نَظَرَ إِلَيْهِمْ فَبَكَى سَاعَةً ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا عِتْرَةُ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَ قَدْ أُخْرِجْنَا وَ طُرِدْنَا وَ أُزْعِجْنَا عَنْ حَرَمِ جَدِّنَا وَ تَعَدَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَيْنَا اللَّهُمَّ فَخُذْ لَنَا بِحَقِّنَا وَ انْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.

البحار: ج 18 ص 498 س6

وَ كَتَبَ ابْنُ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمَّا بَعْدُ يَا حُسَيْنُ فَقَد

ص: 322


1- يدلّ على حسن حال حر أيضاً، إن قلت كيف قال له الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثكلتك أُمك قلت أما أولا فإنّه اعتداء على الحرّ بمثل اعتدائه على الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بل يكون أدون منه فان قوله إنا أمرنا إذا لقيناك لا تفارقك الخ فانه هتك للإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأي هتك و ثانيا أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا علم أن الحرّ لا يتجرأ على ذکر أمه (عَلَيهَا السَّلَامُ) فأراد أن يظهر ذلك من الحر ليكون ذلك منقبة من مناقب الحر. السبزواري.
2- ورود الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى كربلاء في يوم الثامن من المحرم والظاهر انه غلط والحق هو الثاني لما يأتي (ص 189 من النسخة الحجرية) وقد مرّ انه اليوم الثاني (في ص 188 من النسخة الحجرية وهو قوله : ثمّ نزل وذلك اليوم يوم الخميس وهو الثاني من المحرم سنة إحدى وستين). السبزواري.
3- الجمع والتودیع وإظهار ما سيرد عليهم. السبزواري.

بَلَغَنِي نُزُولُكَ بِكَرْبَلَاءَ وَ قَدْ كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ أَنْ لَا أَتَوَسَّدَ الْوَثِيرَ وَ لَا أَشْبَعَ مِنَ الْخَمِيرِ أَوْ أُلْحِقَكَ بِاللَّطِيفِ الْخَبِيرِ أَوْ تَرْجِعَ إِلَى حُكْمِي وَ حُكْمِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَ السَّلَامُ. فَلَمَّا وَرَدَ كِتَابُهُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ قَرَأَهُ رَمَاهُ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَا أَفْلَحَ قَوْمٌ اشْتَرَوْا مَرْضَاةَ الْمَخْلُوقِ بِسَخَطِ الْخَالِقِ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ جَوَابُ الْكِتَابِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ مَا لَهُ عِنْدِي جَوَابٌ لِأَنَّهُ قَدْ حَقَّتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ(1) فَرَجَعَ الرَّسُول إِلَيْهِ فَخَبَّرَهُ بِذَلِكَ فَغَضِبَ عَدُوُّ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْغَضَبِ وَ الْتَفَتَ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَ أَمَرَهُ بِقِتَالِ الْحُسَيْنِ وَ قَدْ كَانَ وَلَّاهُ الرَّيَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَاسْتَعْفَى عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ فَارْدُدْ إِلَيْنَا عَهْدَنَا فَاسْتَمْهَلَهُ ثُمَّ قَبِلَ بَعْدَ يَوْمٍ خَوْفاً عَنْ أَنْ يُعْزَلَ عَنْ وِلَايَةِ الرَّيِّ.

البحار: ج 18 ص 499، س 12

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَلَمْ يَعْرِضْ ابْنُ سَعْدٍ عَلَى الْحُسَيْنِ مَا أَرْسَلَ بِهِ ابْنُ زِيَادٍ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْحُسَيْنَ لَا يُبَايِعُ يَزِيدَ أَبَداً قَالَ ثُمَّ جَمَعَ ابْنُ زِيَادٍ النَّاسَ فِي جَامِعِ الْكُوفَةِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ بَلَوْتُمْ آلَ أَبِي سُفْيَانَ فَوَجَدْتُمُوهُمْ كَمَا تُحِبُّونَ وَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ قَدْ عَرَفْتُمُوهُ حَسَنَ السِّيرَةِ مَحْمُودَ الطَّرِيقَةِ مُحْسِناً إِلَى الرَّعِيَّةِ يُعْطِي الْعَطَاءَ فِي حَقِّهِ قَدْ أَمِنَتِ السُّبُلُ عَلَى عَهْدِهِ وَ كَذَلِكَ كَانَ أَبُوهُ مُعَاوِيَةُ فِي عَصْرِهِ وَ هَذَا ابْنُهُ يَزِيدُ مِنْ بَعْدِهِ يُكْرِمُ الْعِبَادَ وَ يُغْنِيهِمْ بِالْأَمْوَال

ص: 323


1- إن قلت إن مثل هذه الكلمات كثيرة في أقواله المباركة في خطبه وغيرها كما يأتي وهذه كلّها مخالفة للتقية وقد كانت عادت أبيه وأخيه وأبنائه المعصومين كلّهم على التقية مع فراعنة زمانهم قلت إن أباه وأخاه وأبنائه المعصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ) كانوا يعلمون أن للتقية نفع ما في الجملة ولو بالنسبة إلى احد من الشيعة ولو في الأزمنة المتأخّرة ولكنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يعلم أن المداراة والتقنية مع فراعنة زمانه يضر بالدين ولا ينفع أبداً كما لا يخفى على من راجع التواريخ المعتبرة الواردة في كيفية حالات يزيد وأتباعه وكيفية حدوث خلافته وبقائها لكن قد مرّ إطلاقه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لفظ الأمير على أمير المدينة ولعله كان حيث يرجي فيه نفع التقنية في الجملة. السبزواري

وَ يُكْرِمُهُمْ وَ قَدْ زَادَكُمْ فِي أَرْزَاقِكُمْ مِائَةً مِائَةً وَ أَمَرَنِي أَنْ أُوَفِّرَهَا عَلَيْكُمْ وَ أُخْرِجَكُمْ إِلَى حَرْبِ عَدُوِّهِ الْحُسَيْنِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا.ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ وَفَّرَ النَّاسَ الْعَطَاءَ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى حَرْبِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يَكُونُوا عَوْناً لِابْنِ سَعْدٍ عَلَى حَرْبِهِ فَأَوَّلُ مَنْ خَرَجَ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَصَارَ ابْنُ سَعْدٍ فِي تِسْعَةِ آلَافٍ(1) ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِيَزِيدَ بْنِ رَكَّابٍ الْكَلْبِيِّ فِي أَلْفَيْنِ وَ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ السَّكُونِيِّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ فلانا الْمَازِنِيِّ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَ نَصْرِ بْنِ فُلَانٍ فِي أَلْفَيْنِ فَذَلِكَ عِشْرُونَ أَلْفاً.

البحار: ج 18 ص 500 س 23

قَالَ وَ رَجَعَتْ خَيْلُ ابْنِ سَعْدٍ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَحَالُوا بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ وَ أَضَرَّ الْعَطَشُ بِالْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ فَأَخَذَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَأْسا وَ جَاءَ إِلَى وَرَاءِ خَيْمَةِ النِّسَاءِ(2) فَخَطَا فِي الْأَرْضِ تِسْعَ عَشْرَةَ خُطْوَةً نَحْوَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ حَفَرَ هُنَاكَ فَنَبَعَتْ لَهُ عَيْنٌ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ فَشَرِبَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ شَرِبَ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ وَ مَلَئُوا أَسْقِيَتَهُمْ ثُمَّ غَارَتِ الْعَيْنُ فَلَمْ يُرَ لَهَا أَثَرٌ وَ بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ زِيَاد فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بَلَغَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يَحْفِرُ الْآبَارَ وَ يُصِيبُ الْمَاءَ فَيَشْرَبُ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فَانْظُرْ إِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ كِتَابِي فَامْنَعْهُمْ مِنْ حَفْرِ الْآبَارِ مَا اسْتَطَعْتَ وَ ضَيِّقْ عَلَيْهِمْ وَ لَا تَدَعْهُمْ يَذُوقُوا الْمَاءَ وَ افْعَلْ بِهِمْ كَمَا فَعَلُوا بِالزَّكِيِّ عُثْمَانَ فَعِنْدَهَا ضَيَّقَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَلَيْهِمْ غَايَةَ التَّضْيِيقِ.

البحار: ج 18 ص 501 س 3

فَلَمَّا اشْتَدَّ الْعَطَشُ بِالْحُسَيْنِ دَعَا بِأَخِيهِ الْعَبَّاسِ فَضَمَ إِلَيْهِ ثَلَاثِينَ فَارِساً وَ عِشْرِينَ رَاكِباً وَ بَعَثَ مَعَهُ عِشْرِينَ قِرْبَةً فَأَقْبَلُوا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ حَتَّى دَنَوْا مِن

ص: 324


1- يعني مع ما كان قبل ذلك مع ابن سعد وحرّ بن یزید. السبزواري.
2- السقي الأوّل من العين التي حفرها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عل كان بإعجاز منه. السبزواري.

الْفُرَاتِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَجَّاجِ مَنْ أَنْتُمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَيْنِ يُقَالُ لَهُ هِلَالُ بْنُ نَافِعٍ الْبَجَلِيُّ ابْنُ عَمٍّ لَكَ جِئْتُ أَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فَقَالَ عَمْرٌو اشْرَبْ هَنِيئاً فَقَالَ هِلَالٌ وَيْحَكَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَشْرَبَ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَ مَنْ مَعَهُ يَمُوتُونَ عَطَشاً فَقَالَ عَمْرٌو صَدَقْتَ وَ لَكِنْ أُمِرْنَا بِأَمْرٍ لَا بُدَّ أَنْ نَنْتَهِيَ إِلَيْهِ فَصَاحَ هِلَالٌ بِأَصْحَابِهِ فَدَخَلُوا الْفُرَاتَ وَ صَاحَ عَمْرٌو بِالنَّاسِ وَ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيداً فَكَانَ قَوْمٌ يُقَاتِلُونَ وَ قَوْمٌ يَمْلَئُونَ حَتَّى مَلَئُوهَا وَ لَمْ يُقْتَلْ مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَيْنِ أَحَدٌ ثُمَّ رَجَعَ الْقَوْمُ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ فَشَرِبَ الْحُسَيْنُ وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ وَ لِذَلِكَ سُمِّيَ الْعَبَّاسُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) السَّقَّاءَ.(1)

البحار: ج 18 ص 5015 س 21

قَالَ وَ وَرَدَ كِتَابُ ابْنِ زِيَادٍ فِي الْأَثَرِ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنْ حُلْ بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ(2) وَ لَا يَذُوقُوا مِنْهُ قَطْرَةً كَمَا صُنِعَ بِالتَّقِيِّ الزَّكِيِّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي الْوَقْتِ عَمْرَو بْنَ الْحَجَّاجِ فِي خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ فَنَزَلُوا عَلَى الشَّرِيعَةِ وَ حَالُوا بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ وَ مَنَعُوهُمْ أَنْ يُسْقَوْا مِنْهُ قَطْرَةً وَ ذَلِكَ قَبْلَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

البحار: ج 18 ص 507 س 3

قَالَ الْمُفِيدُ: وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا أَصْبَحَتِ الْخَيْلُ تُقْبِلُ عَلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ)رَفَعَ يَدَيْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ وَ رَجَائِي فِي كُلِّ شِدَّةٍ وَ أَنْتَ لِي فِي كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِي ثِقَةٌ وَ عُدَّةٌ كَمْ مِنْ كَرْبٍ يَضْعُفُ عَنْهُ الْفُؤَادُ وَ تَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ وَ يَخْذُلُ فِيهِ الصَّدِيقُ وَ يَشْمَتُ فِيهِ الْعَدُوُّ أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَ شَكَوْتُهُ إِلَيْكَ رَغْبَةً مِنِّي إِلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ

ص: 325


1- وهذا هو السقي الثاني حصل بسقاية العباس(عَلَيهِ السَّلَامُ) . السبزواري.
2- الاشتداد في المنع في اليوم السابع من المحرم. السبزواري.

فَفَرَّجْتَهُ وَ كَشَفْتَهُ فَأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ وَ صَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ وَ مُنْتَهَى كُلِّ رَغْبَةٍ.(1)

البحار: ج 18 ص 507 السطر الأخير

و تقدم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتى وقف بإزاء القوم فجعل ينظر إلى صفوفهم كأنهم السيل و نظر إلى ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة فقال الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الدُّنْيَا فَجَعَلَهَا دَارَ فَنَاءٍ وَ زَوَالٍ مُتَصَرِّفَةً بِأَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ فَالْمَغْرُورُ مَنْ غَرَّتْه وَ الشَّقِيُّ مَنْ فَتَنَتْهُ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا تَقْطَعُ رَجَاءَ مَنْ رَكِنَ إِلَيْهَا وَ تُخَيِّبُ طَمَعَ مَنْ طَمِعَ فِيهَا وَ أَرَاكُمْ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى أَمْرٍ قَدْ أَسْخَطْتُمُ اللَّهَ فِيهِ عَلَيْكُمْ وَ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ عَنْكُمْ وَ أَحَلَّ بِكُمْ نَقِمَتَهُ وَ جَنَّبَكُمْ رَحْمَتَهُ فَنِعْمَ الرَّبُّ رَبُّنَا وَ بِئْسَ الْعَبِيدُ أَنْتُمْ أَقْرَرْتُمْ بِالطَّاعَةِ وَ آمَنْتُمْ بِالرَّسُولِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ إِنَّكُمْ زَحَفْتُمْ إِلَى ذُرِّيَّتِهِ وَ عِتْرَتِهِ تُرِيدُونَ قَتْلَهُمْ لَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْكُمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاكُمْ ذِكْرَ اللَّهِ الْعَظِيمِ فَتَبّاً لَكُمْ وَ لِمَا تُرِيدُونَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ (كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِين).(2)

البحار: ج 18 ص 508 س 13

وَ قَالَ الْمُفِيدُ وَ دَعَا الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا وَ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ وَ جُلُّهُمْ يَسْمَعُونَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا قَوْلِي وَ لَا تَعْجَلُوا حَتَّى أَعِظَكُمْ بِمَا يَحِقُّ لَكُمْ عَلَيَّ وَ حَتَّى أَعْذِرَ عَلَيْكُمْ فَإِنْ أَعْطَيْتُمُونِيَ النَّصَفَ كُنْتُمْ بِذَلِكَ أَسْعَدَ وَ إِنْ لَمْ تُعْطُونِيَ النَّصَفَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَأَجْمِعُوا رَأْيَكُمْ (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَ لا تُنْظِرُونِ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ ذَكَرَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وَ عَلَى مَلَائِكَتِهِ وَ عَلَى

ص: 326


1- من دعائه (عَلَيهِ السَّلَامُ) علي يوم عاشوراء. السبزواري.
2- يظهر من ذيل الخبر انه(عَلَيهِ السَّلَامُ) علي ركب البعير كما يظهر من صدره انه(عَلَيهِ السَّلَامُ) علي كان في مكانٍ عال فتدبّر في الخبر. السبزواري

أَنْبِيَائِهِ فَلَمْ يُسْمَعْ مُتَكَلِّمٌ قَطُّ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي مَنْطِقٍ.ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَانْسُبُونِي فَانْظُرُوا مَنْ أَنَا ثُمَّ رَاجِعُوا أَنْفُسَكُمْ وَ عَاتِبُوهُمْ فَانْظُرُوا هَلْ يَصْلُحُ لَكُمْ قَتْلِي وَ انْتِهَاكُ حُرْمَتِي أَ لَسْتُ ابْنَ نَبِيِّكُمْ وَ ابْنَ وَصِيِّهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ وَ أَوَّلِ مُؤْمِنٍ مُصَدِّقٍ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ أَ وَ لَيْسَ حَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمِّي أَ وَ لَيْسَ جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ بِجَنَاحَيْنِ عَمِّي أَ وَلَم يَبْلُغْكُمْ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لِي وَ لِأَخِي هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنْ صَدَّقْتُمُونِي بِمَا أَقُولُ وَ هُوَ الْحَقُّ وَ اللَّهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِباً مُذْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَ إِنْ كَذَّبْتُمُونِي فَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ إِنْ سَأَلْتُمُوهُ عَنْ ذَلِكَ أَخْبَرَكُمْ اسْأَلُوا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ وَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَ أَنَسَ بْنَ مَالِك يُخْبِرُوكُمْ أَنَّهُمْ سَمِعُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لِي وَ لِأَخِي أَ مَا فِي هَذَا حَاجِزٌ لَكُمْ عَنْ سَفْكِ دَمِي.(1)

البحار: ج 18 ص 509 س 264

فقال له شمر بن ذي الجوشن هو يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ إن كان يدري ما تقوّل فقال له حبيب بن مظاهر و الله إني لأراك تعبد الله على سبعين حرفا و أنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله على قلبك. ثم قال لهم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَإِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ هَذَا أَ فَتَشُكُّونَ أَنِّي ابْنُ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ابْنُ بِنْتِ نَبِيٍّ غَيْرِي فِيكُمْ وَ لَا فِي غَيْرِكُمْ وَيْحَكُمْ أَ تَطْلُبُونِي بِقَتِيلٍ مِنْكُمْ قَتَلْتُهُ أَوْ مَالٍ لَكُمُ اسْتَهْلَكْتُهُ أَوْ بِقِصَاصٍ مِنْ جِرَاحَةٍ فَأَخَذُوا لَا يُكَلِّمُونَهُ فَنَادَى يَا شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ يَا حَجَّارَ بْنَ أَبْجَرَ يَا قَيْسَ بْنَ الْأَشْعَثِ يَا يَزِيدَ بْنَ الْحَارِثِ أَ لَمْ تَكْتُبُوا إِلَيَّ أَنْ قَدْ أَيْنَعَتِ الثِّمَارُ وَ اخْضَرَّ الْجَنَابُ وَ إِنَّمَا تَقْدَمُ عَلَى جُنْدٍ لَكَ مُجَنَّدٍ فَقَالَ لَهُ قَيْسُ بْنُ الْأَشْعَثِ مَا

ص: 327


1- إتمام الحجّة من الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولا يعتقد إتمام حجة أقوى منه. السبزواري.

نَدْرِي مَا تَقُولُ وَ لَكِنِ انْزِلْ عَلَى حُكْمِ بَنِي عَمِّكَ فَإِنَّهُمْ لَنْ يُرُوكَ إِلَّا مَا تُحِبُّ فَقَالَ لَهُمُ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَا وَ اللَّهِ لَا أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إِعْطَاءَ الذَّلِيلِ وَ لَا أُقِرُّ لَكُمْ إِقْرَارَ الْعَبِيدِ(1).ثُمَّ نَادَى يَا عِبَادَ اللَّهِ (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ وَ أَعُوذُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ) ثم إنه أناخ راحلته و أمر عقبة بن سمعان بعقلها و أقبلوا يزحفون نحوه.

البحار: ج 18 ص 512 س 16

وَرُوِيَ عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لَمَّا الْتَقَى الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قَامَتِ الْحَرْبُ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى النَّصْرَ حَتَّى رَفْرَفَ عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ خُيِّرَ بَيْنَ النَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِ وَ بَيْنَ لِقَاءِ اللَّهِ فَاخْتَارَ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ الرَّاوِي ثُمَّ صَاحَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَ مَا مِنْ مُغِيثٍ يُغِيثُنَا لِوَجْهِ اللَّهِ أَ مَا مِنْ ذَابٍّ يَذُبُّ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّه.(2)

البحار: ج 18 ص 527 س1

ثمّ قال محمّد بن أبي طالب و غيره و كان يأتي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الرجل بعد الرجل فيقول: السلام عليك يا بن رسول اللّه، فيجيبه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) و يقول و عليك السلام و نحن خلفك، ثمّ يقرأ «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ»حتّى قتلوا عن آخرهم رضوان اللّه عليهم و لم يبق مع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلّا أهل بيته.(3)

البحار: ج 18 ص 527 س9

و لما قتل أصحاب الحسين و لم يبق إلّا أهل بيته و هم ولد علي و ولد جعفر

ص: 328


1- كلمة من الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) علي صدرت عن كمال اعتقاده بربه وبواقع حقيقته. السبزواري.
2- و هذه الاستغاثة الأولى. السبزواري.
3- أقول مجموع من استأذن و خرج ما يقارب الأربعين رجلاً. السبزواري.

وولد عقیل وولد الحسن وولدهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) اجتمعوا يودّع بعضهم بعضا (1)وعزموا على الحرب فأول من برز من أهل بيته عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب وهو يرتجز ويقول:

اليوم ألتقي مسلما وهو أبي*** وفتية بادوا على دين النبيّ

ليسوا بقوم عرفوا بالكذب*** لكن خیار وکرام النسب

من هاشم السادات أهل الحسب.

البحار: ج 18 ص 533 س 22

أقول و في بعض تأليفات أصحابنا أن العباس لما رأى وحدته (عَلَيهِ السَّلَامُ) أتى أخاه و قال يا أخي هل من رخصة فبكى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بكاء شديدا ثم قال يا أَخِي أَنْتَ صَاحِبُ لِوَائِي وَ إِذَا مَضَيْتَ تَفَرَّقَ عَسْكَرِي.(2)

البحار: ج 18 ص 536 س 10

قال أبو الفرج علي بن الحسين هذا هو الأكبر و لا عقب له و يكنى أبا الحسن و أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي و هو أول من قتل في الوقعة و إياه عنى معاوية في الخبر الذي حدثني به محمد بن محمد بن سليمان عن يوسف بن موسى القطان عن جرير عن مغيرة قال قال معاوية من أحق الناس بهذا الأمر(3) قالوا

ص: 329


1- هذا الوداع الأوّل بين أهل البيت. السبزواري.
2- إن كان خروج العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد شهادة الأصحاب فما معنى قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ): تفرّق عسكري؟السبزواري.
3- في اعتراف معاوية بأن أولى الناس بالخلافة علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا لكن لا يخفى أنه عليه اللعنة لا يريد مما يقول إلا القدح بالحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأنه ليس أهلا للخلافة لا أنّه عليه اللعنة في مقام مدح علي بن الحسين مع انه غلط لان السخاء في بني هاشم كما هو معروف في الجاهلية والإسلام مع انه أساء الأدب لان الزهو هو الكذب والتكبر ويجل علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ذلك. السبزواري.

أنت قال لا أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي جده رسول الله و فيه شجاعة بني هاشم و سخاء بني أمية و زهو ثقيف.و قال يحيى بن الحسن العلوي و أصحابنا الطالبيون يذكرون أن المقتول لأم ولد و أن الذي أمه ليلى هو جدهم و ولد في خلافة عثمان.

البحار: ج 18 ص 546 س 11

قال ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه من ينتدب للحسين(1) فيوطئ الخيل ظهره فانتدب منهم عشرة و هم إسحاق بن حوية الذي سلب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قميصه و أخنس بن مرثد و حكيم بن الطفيل السنبسي و عمرو بن صبيح الصيداوي و رجاء بن منقذ العبدي و سالم بن خيثمة الجعفي و واحظ بن ناعم و صالح بن وهب الجعفي و هانئ بن ثبيت الحضرمي و أسيد بن مالك فداسوا الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بحوافر خيلهم حتى رضوا ظهره و صدره.

البحار: ج 18 ص 559

6- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ فَضْلٍ عَنْ سَعْدٍ الْجَلَّابِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) لِأَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالَ لِي يَا بُنَيَّ إِنَّكَ سَتُسَاقُ إِلَى الْعِرَاقِ وَ هِيَ أَرْضٌ قَدِ الْتَقَى بِهَا النَّبِيُّونَ وَ أَوْصِيَاءُ النَّبِيِّينَ وَ هِيَ أَرْضٌ تُدْعَى عَمُورَا وَ إِنَّكَ تُسْتَشْهَدُ بِهَا وَ يُسْتَشْهَدُ مَعَكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِكَ(2) لا

ص: 330


1- الانتداب الحث على الشيء والقيام به وقد عمل بوصية ابن زیاد لعنه الله تعالى. السبزواري.
2- يمكن التمسك به لأفضلية شهداء کربلاء على سائر الشهداء حتّى شهداء بدر و نحوه وكذا العموم قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الخبر السابق قتلانا قتلى النبيين الخ فتدبر. السبزواري.

يَجِدُونَ أَلَمَ مَسِّ الْحَدِيدِ وَ تَلَا »قُلْنا يا ناركُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ» يَكُونُ الْحَرْبُ بَرْداً وَ سَلَاماً عَلَيْكَ وَ عَلَيْهِمْ فَأَبْشِرُوا فَوَ اللَّهِ لَئِنْ قَتَلُونَا فَإِنَّا نَرِدُ عَلَى نَبِيِّنَا...

البحار، ج18 ص 0912

13 - أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْحُسَيْنِ وَ تَخَلُّفَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا حَمْزَةُ إِنِّي سَأُحَدِّثُكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَ لَا تَسْأَلْ عَنْهُ بَعْدَ مَجْلِسِنَا هَذَا إِنَّ الْحُسَيْنَ لَمَّا فَصَلَ مُتَوَجِّهاً دَعَا بِقِرْطَاسٍ وَ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ لَحِقَ بِي مِنْكُمْ اسْتُشْهِدَ مَعِي وَ مَنْ تَخَلَّفَ لَمْ يَبْلُغِ الْفَتْحَ وَ السَّلَام.(1)

ص: 331


1- جواب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيه إجمال بل يفهم من الخبر انه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مقام الإجمال والإهمال ويمكن أن يستفاد منه أن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يدعو بني هاشم إلى نصرته حتّى يتحقق التخلف عنه بل إنما أوكل الأمر إليهم ثمّ إن قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يبلغ الفتح لعل معناه إن لم يبلغ الفتح على بني أميّة لو خرج عليهم فتأمّل. ولباب الكلام إن الناس في زمانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أقسام: 1- من لم يبلغه الدعوة أصلا ولا إشكال في كونه معذورا . 2- من بلغه الدعوة وكان لا يقدر على نصرته بالجهاد معه وهو أيضاً معذورا لكان عذره مقبوة شرعاً. 3- من بلغه الدعوة وكان يقدر على نصرته (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولكن كان يعلم أنه لا ينفعه النصرة لكونه مغلوبا على أي حال وفي تحقق الوجوب حينئذ إشكال بناء على أن لوجوب طريقته إلى احتمال الظفر، نعم لو كان له موضوعية خاصة لوجب حينئذ ولكنه أول الكلام 4- يحتمل الظفر ويقدر على الجهاد وبلغه الدعوة قبل إذنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في انصراف من معه مع العلم بأنّه لا يأذن في الانصراف لا إشكال في الوجوب حينئذ 5- هذه الصور مع كون ذلك بعد الإذن في الانصراف أو مع العلم بأنّه يأذن فيه لا دليل فيهما على الوجوب فتأمّل، وخبر عمرو بن قيس كان قبل الإذن في الانصراف وقبل القطع بالمغلوبية بحسب الأسباب الظاهرية فان أخبار الأنبياء في بقتله (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يمكن أن يكون من الأمور البدائية. السبزواري.

البحار: ج 18 ص 566

29 - قَالَ الْإِمَامُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ لَمَّا امْتُحِنَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ مَنْ مَعَهُ بِالْعَسْكَرِ الَّذِينَ قَتَلُوهُ وَ حَمَلُوا رَأْسَهُ قَالَ لِعَسْكَرِهِ أَنْتُمْ فِي حِلٍ مِنْ بَيْعَتِي فَالْحَقُوا بِعَشَائِرِكُمْ وَ مَوَالِيكُمْ وَ قَالَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ قَدْ جَعَلْتُكُمْ فِي حِلٍّ مِنْ مُفَارَقَتِي فَإِنَّكُمْ لَا تُطِيقُونَهُمْ لِتَضَاعُفِ أَعْدَادِهِمْ وَ قُوَاهُمْ وَ مَا الْمَقْصُودُ غَيْرِي فَدَعُونِي وَ الْقَوْمَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُعِينُنِي وَ لَا يُخَلِّينِي مِنْ حُسْنِ نَظَرِهِ كَعَادَاتِهِ فِي أَسْلَافِنَا الطَّيِّبِينَ فَأَمَّا عَسْكَرُهُ فَفَارَقُوهُ وَ أَمَّا أَهْلُهُ الْأَدْنَوْنَ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فَأَبَوْا وَ قَالُوا- لَا نُفَارِقُكَ وَ يَحْزُنُنَا مَا يَحْزُنُكَ وَ يُصِيبُنَا مَا يُصِيبُكَ وَ إِنَّا أَقْرَبُ مَا نَكُونُ إِلَى اللَّهِ إِذَا كُنَّا مَعَكَ فَقَالَ لَهُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ وَطَّنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَى مَا وَطَّنْتُ نَفْسِي عَلَيْهِ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يَهَبُ الْمَنَازِلَ الشَّرِيفَةَ لِعِبَادِهِ بِاحْتِمَالِ الْمَكَارِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ وَ إِنْ كَانَ خَصَّنِي مَعَ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِيَ الَّذِينَ أَنَا آخِرُهُمْ بَقَاءً فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكَرَامَاتِ بِمَا يَسْهُلُ عَلَيَّ مَعَهَا احْتِمَالُ الْمَكْرُوهَاتِ فَإِنَّ لَكُمْ شَطْرَ ذَلِكَ مِنْ كَرَامَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَ اعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْيَا حُلْوَهَا وَ مُرَّهَا حُلُمٌ وَ الِانْتِبَاهَ فِي الْآخِرَةِ وَ الْفَائِزُ مَنْ فَازَ فِيهَا وَ الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِيهَا.(1)

البحار: ج 18 ص570

تذنيب: قال السيد رحمه الله في كتاب تنزيه الأنبياء فإن قيل ما العذر في خروجه صلوات الله عليه من مكة بأهله و عياله إلى الكوفة و المستولي عليها أعداؤه و المتأمر فيها من قبل يزيد اللعين يتسلط الأمر و النهي و قد رأى صنع أهل

ص: 332


1- هذا الكلام الصادر من معدن الوحي ينبغي أن يكتب بالنور على صدور الحور فتأمل فيه حق التأمل. السبزواري.

الكوفة بأبيه و أخيه صلوات الله عليهما و أنهم غادرون خوانون و كيف خالف ظنه ظن جميع نصحائه في الخروج و ابن عباس رحمه الله يشير بالعدول عن الخروج و يقطع على العطب فيه و ابن عمر لما ودعه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول له أستودعك الله من قتيل إلى غير ذلك ممن تكلم في هذا الباب.ثم لما علم بقتل مسلم بن عقيل و قد أنفذه رائدا له كيف لم يرجع و يعلم الغرور من القوم و يفطن بالحيلة و المكيدة ثم كيف استجاز أن يحارب بنفر قليل لجموع عظيمة خلفها مواد لها كثيرة ثم لما عرض عليه ابن زياد الأمان و أن يبايع يزيد كيف لم يستجب حقنا لدمه و دماء من معه من أهله و شيعته و مواليه و لم ألقى بيده إلى التهلكة و بدون هذا الخوف سلم أخوه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) الأمر إلى معاوية فكيف يجمع بين فعليهما في الصحة.(1)

ص: 333


1- خلاصة الكلام في دفع الشبهة: أولاً: إن لكل واحد من المعصومین (عَلَيهِم السَّلَامُ) تکالیف خاصة لأنهم مؤيدون يروح القدس كما في أخبار مستفيضة وهو روح لا يخفى عليه شيء من العوالم من الماضي والحاضر والمستقبل، ولهم تکالیف خاصة من جهات تخالف تكاليف العامة بحسب الظاهر ولو اطلع الناس إلى ما اطلعوا عليه لحكموا بما حكموا (عَلَيهِم السَّلَامُ) به. وثانياً: إن أسباب الظفر بحسب الظاهر کانت تامة فلما وقع (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مخالبهم دافع عن نفسه لا انه جاهد. و ثالثاً: انه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا على أي حال كان مغلوبا عليه سواء كان خارجا إلى العراق أو إلى ناحية أخرى من سائر نواحي الدنيا مع أن علمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمغلوبيته من تمام الجهات أول الكلام لاحتمال کون ذلك من الأمور البدائية وإحاطتهم بتمام مراتبه علمه تعالی حتی مراتب البداء أول الدعوى فراجع و تفحص، نعم يمكن علمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعدم البداء حين شروعه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الدفاع بنفسه الأقدس لا قبل ذلك. السبزواري.
باب (38) شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي الله عنهما

البحار: ج 18 ص 573

1- أَبِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَجَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عُثْمَانَ(1) بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ شَيْخٍ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أُسِرَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ غُلَامَانِ صَغِيرَانِ(2) فَأُتِيَ بِهِمَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَدَعَا سَجَّاناً لَهُ فَقَالَ خُذْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ إِلَيْكَ فَمِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمْهُمَا وَ مِنَ الْبَارِدِ فَلَا تَسْقِهِمَا وَ ضَيِّقْ عَلَيْهِمَا سِجْنَهُمَا وَ كَانَ الْغُلَامَانِ يَصُومَانِ النَّهَارَ فَإِذَا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أُتِيَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَ كُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاح...

باب (39) الوقائع المتأخّرة عن قتله (عَلَيهِ السَّلَامُ)

البحار: ج 18 ص 578 س10

وَ حَفَرُوا لِلشُّهَدَاءِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ صُرِعُوا حَوْلَهُ مِمَّا يَلِي رِجْلَيِ الْحُسَيْنِ وَ جَمَعُوهُمْ وَ دَفَنُوهُمْ جَمِيعاً مَعاً(3)وَ دَفَنُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْغَاضِرِيَّةِ حَيْثُ قَبْرُهُ الْآن

البحار: ج 18 ص 581 س4

ص: 334


1- کلاهما مجهولان. السبزواري.
2- هذان الولدان يحتمل أن يكونا من أولاد مسلم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو من أولاد جعفر الطيار (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما يأتي عن المناقب. السبزواري.
3- ويا ليتهم افردوا لبني هاشم محلاً خاصاً معلوماً ولم يدفنوهم مع سائر الشهداء. السبزواري.

قَالَ: وَ خَطَبَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ وَرَاءِ كِلَّتِهَا رَافِعَةً صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ(1) فَقَالَتْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ سَوْأَةً لَكُمْ مَا لَكُمْ خَذَلْتُمْ حُسَيْناً وَ قَتَلْتُمُوهُ وَ انْتَهَبْتُمْ أَمْوَالَهُ وَ وَرِثْتُمُوهُ وَ سَبَيْتُمْ نِسَاءَهُ وَ نَكَبْتُمُوهُ فَتَبّاً لَكُمْ وَ سُحْقاً وَيْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَيَّ دَوَاهٍ دَهَتْكُمْ وَ أَيَّ وِزْرٍ عَلَى ظُهُورِكُمْ حَمَلْتُمْ وَ أَيَّ دِمَاءٍ سَفَكْتُمُوهَا وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ أَصَبْتُمُوهَا وَ أَيَّ صِبْيَةٍ سَلَبْتُمُوهَا وَ أَيَّ أَمْوَالٍ انْتَهَبْتُمُوهَا قَتَلْتُمْ خَيْرَ رِجَالاتٍ بَعْدَ النَّبِيِّ وَ نُزِعَتِ الرَّحْمَةُ مِنْ قُلُوبِكُمْ أَلَا حِزْبُ اللَّهِ هُمُ الْفَائِزُونَ وَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخاسِرُونَ ثُمَّ قَالَت:

قَتَلْتُمْ أَخِي صَبْراً فَوَيْلٌ لِأُمِّكُم*** سَتُجْزَوْنَ نَاراً حَرُّهَا يَتَوَقَّدُ

سَفَكْتُمْ دِمَاءً حَرَّمَ اللَّهُ سَفْكَهَا*** وَ حَرَّمَهَا الْقُرْآنُ ثُمَّ مُحَمَّدٌ

أَلَا فَابْشِرُوا بِالنَّارِ إِنَّكُمُ غَداً*** لَفِي سَقَرٍ حَقّاً يَقِيناً تُخَلَّدُوا

وَ إِنِّي لَأَبْكِي فِي حَيَاتِي عَلَى أَخِي*** عَلَى خَيْرِ مَنْ بَعْدَ النَّبِيِّ سَيُولَدُ

بِدَمْعٍ غَزِيرٍ مُسْتَهَلٍّ مُكَفْكَفٍ ***عَلَى الْخَدِّ مِنِّي ذَائِباً لَيْسَ يَجْمُد

البحار: ج 45 ص س(2)

ص: 335


1- قوله من وراء كلتها هل كلمته على البعير أو كانت على الأرض ؟ لم يعلم ذلك، والظاهر هو الأوّل كما يأتي في خبر الجصاص. السبزواري (ص 220 وهو قوله: أقول رأيت في بعض الكتب المعتبرة روی مرسلا عن مسلم الجصاص قال ....).
2- السبزواري: فائدة : إن ال العقليّة بالنسبة إلى الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هي: 1- سکوته عن خلافة يزيد رأساً وهو حرام عليه قطعاً لاشتهار یزید بالفسق والفجور والخمور ونحوها من المعاصي. 2۔ صلحه معه كما فعله الحسني (عَلَيهِ السَّلَامُ) فهو أيضاً حرام بلا إشكال لعين ما تقدم في سابقه بل يكون أشدّ حرمة منه لأنّ أهل الكوفة دعوا حسينا إلى الكوفة للمجاهدة معه فإذا صالح مع يزيد يخرج جميع الشيعة عن اعتقاد إمامته وترتب عليه مفاسد أخرى كما لا يخفی. 3۔ ذهابه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى مصر من الأمصار غير الكوفة من مكة وهو أيضاً لا يجوز لأن أهل الكوفة حينئذ يخرجون عليه و يقولون إنا كتبنا إليك لأي شيء ما أجبتنا وذهبت إلى محل أخر ........ بین الشيعة بالعمد والاختيار مع عدم ترتب غرض صحيح عليه بل تترتب عليه أمور فاسدة. 4- خروجه إلى مصر من الأمصار بعد إجابة أهل الكوفة وحصول اليأس عن مساعدتهم وهذا وجه حسن ولكنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يقدر عليه بعد وقوعه (عَلَيهِ السَّلَامُ) تحت استيلاء الظلمة عليه وقد صرح مراراً بأن يخلى سبيله بان يذهب إلى أي محل شاء وأراد ولم يخلوا عنه. 5- مدافعته عن نفسه وحرمه وأهله والتسليم لقضاء الله تعالى وقدره وهو المتعين عليه عقلا وشرعا وقد فعل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذلك جزاه الله تعالى خير جزاء الذّابين عن أهله وحرمه وعن المؤمنين وبالجملة ما اختار سلام الله عليه إلا ما هو واجب عليه عقلا و شرعا.

البحار: ج 18 ص 585 س1

وَ قَالَ السَّيِّدُ فَقَالَ عَلِيٌّ لِعَمَّتِهِ اسْكُتِي يَا عَمَّةِ حَتَّى أُكَلِّمَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ أَ بِالْقَتْلِ تُهَدِّدُنِي يَا ابْنَ زِيَادٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَتْلَ لَنَا عَادَةٌ وَ كَرَامَتَنَا الشَّهَادَةُ ثُمَّ أَمَرَ ابْنُ زِيَادٍ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَهْلِهِ فَحُمِلُوا إِلَى دَارٍ إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْنَا عَرَبِيَّةٌ إِلَّا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مَمْلُوكَةٌ فَإِنَّهُنَّ سُبِينَ وَ قَدْ سُبِينَا. (1)

البحار: ج 18 ص585 س 14

و قال و لما اجتمع عبيد الله بن زياد و عمر بن سعد- بعد قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال عبيد الله لعمر ائتني بالكتاب الذي كتبته إليك(2) في معنى قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) و مناجزته فقال ضاع فقال لتجيئنني به أ تراك معتذرا في عجائز قريش قال عمر و الله لقد نصحتك في الحسين نصيحة لو استشارني بها أبي سعد كنت قد أديت حقه فقال عثمان بن زياد أخو عبيد الله صدق و الله لوددت أنه ليس من بني زياد رجل إلا و في أنفه خزامة إلى يوم القيامة و أن حسينا لم يقتل قال عمر بن سعد و الله ما رجع أحد بشر

ص: 336


1- لعل نهيها (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ذلك لأجل أن لا يزدحمن النسوة عليهنّ. السبزواري.
2- يظهر منه ندم الملعون على قتله (عَلَيهِ السَّلَامُ). السبزواري.

مما رجعت أطعت عبيد الله و عصيت الله و قطعت الرحم.

البحار: ج 18 ص 189 س18

ثُمَّ قَالَ السَّيِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَ أَمَّا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّهُ لَمَّا وَصَلَ كِتَابُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ وَقَفَ عَلَيْهِ (1)أَعَادَ الْجَوَابَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ فِيهِ بِحَمْلِ رَأْسِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ رُءُوسِ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ وَ حَمْلِ أَثْقَالِهِ وَ نِسَائِهِ وَ عِيَالِهِ فَاسْتَدْعَى ابْنُ زِيَادٍ بِمُخْفِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِيِّ فَسَلَّمَ إِلَيْهِ الرُّءُوسَ وَ النِّسَاءَ فَسَارَ بِهِمْ إِلَى الشَّامِ كَمَا يُسَارُ سَبَايَا الْكُفَّارِ يَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ أَهْلُ الْأَقْطَار.

البحار: ج 18 ص595 س21

وَ قَالَ ابْنُ نَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أُدْخِلْنَا عَلَى يَزِيدَ وَ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا(2)مُغَلَّلُونَ فَلَمَّا وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا يَزِيدُ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنَا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ يَا يَزِيدُ بَنَاتُ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا فَبَكَى النَّاسُ وَ بَكَى أَهْلُ دَارِهِ حَتَّى عَلَتِ الْأَصْوَاتُ فَقَالَ عَلِيُ بْنُ الْحُسَيْنِ فَقُلْتُ وَ أَنَا مَغْلُولٌ أَ تَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ فَقَالَ قُلْ وَ لَا تَقُلْ هُجْراً فَقَالَ لَقَدْ وَقَفْتُ مَوْقِفاً لَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أَنْ يَقُولَ الْهُجْرَ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنِي فِي الْغُلِّ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ حُلُّوه.

البحار: ج 18 ص 622

19- أَقُولُ رَوَى فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ الْقَدِيمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْعَاصِمِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِي

ص: 337


1- أقول: الظاهر أن كتاب خبر الشهادة إلى یزید کانت بواسطة الطير كما كان مرسوماً في تلك الأزمان في نقل الأخبار المهمّة. السبزواري.
2- لم يعلم أن الاثنی عشر رجلا كانوا من بني هاشم وجيء بهم من كربلاء، أو كانوا أنصار السجاد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولحفروا بعد الخروج من كربلاء؟ السبزواري.

عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الطَّرَسُوسِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَعْمُرَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبَّادٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ جَاءَ غُرَابٌ فَوَقَعَ فِي دَمِهِ ثُمَّ تَمَرَّغَ(1) ثُمَّ طَارَ فَوَقَعَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى جِدَارِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هِيَ الصُّغْرَى فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيداً وَ أَنْشَأَتْ تَقُول:

نَعَبَ الْغُرَابُ فَقُلْتُ مَنْ تَنْعَاهُ وَيْلَكَ يَا غُرَابُ*** قَالَ الْإِمَامَ فَقُلْتُ مَنْ قَالَ الْإِمَامَ فَقُلْتُ مَنْ

إِنَّ الْحُسَيْنَ بِكَرْبَلَاءَ بَيْنَ الْأَسِنَّةِ وَ الضِّرَابِ*** فَابْكِي الْحُسَيْنَ بِعَبْرَةٍ تُرْجِي الْإِلَهَ مَعَ الثَّوَاب

قُلْتُ الْحُسَيْنَ فَقَالَ لِي حَقّاً لَقَدْ سَكَنَ التُّرَابَ*** ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهِ الْجَنَاحُ فَلَمْ يُطِقْ رَدَّ الْجَوَابِ

فَبَكَيْتُ مِمَّا حَلَّ بِي بَعْدَ الدُّعَاءِ الْمُسْتَجَابِ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: فَنَعَتُّهُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا قَدْ جَاءَتْنَا بِسِحْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنْ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

البحار: ج 18 ص 634

3- أَقُولُ رُوِيَ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا مُرْسَلًا أَنَّ نَصْرَانِيّاً أَتَى رَسُولًا مِنْ مَلِكِ الرُّومِ إِلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَ قَدْ حَضَرَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي أُتِيَ إِلَيْهِ فِيهِ بِرَأْس

ص: 338


1- أقول: الغراب أسود غالباً فلا ينفع تمرغه في الدم، مع أن في جملة من الأخبار إن دم الحسين علي ما بقي في الأرض بل صد إلى السماء، مع أن سند الخبر ضعیف فراجع الرجال. السبزواري.

الْحُسَيْنِ فَلَمَّا رَأَى النَّصْرَانِيُ رَأْسَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَكَى وَ صَاحَ وَ نَاحَ حَتَّى ابْتَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ اعْلَمْ يَا يَزِيدُ أَنِّي دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ تَاجِراً فِي أَيَّامِ حَيَاةِ النَّبِيِّ وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ بِهَدِيَّةٍ فَسَأَلْتُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَيُّ شَيْ ءٍ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْهَدَايَا فَقَالُوا الطِّيبُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ إِنَّ لَهُ رَغْبَةً فِيهِ قَالَ فَحَمَلْتُ مِنَ الْمِسْكِ فَأْرَتَيْنِ وَ قَدْراً مِنَ الْعَنْبَرِ الْأَشْهَبِ وَ جِئْتُ بِهَا إِلَيْهِ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ فِي بَيْتِ زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَلَمَّا شَاهَدْتُ جَمَالَهُ ازْدَادَ لِعَيْنِي مِنْ لِقَائِهِ نُوراً سَاطِعاً وَ زَادَنِي مِنْهُ سُرُورٌ وَ قَدْ تَعَلَّقَ قَلْبِي بِمَحَبَّتِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ وَضَعْتُ الْعِطْرَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قُلْتُ هَدِيَّةٌ مُحَقَّرَةٌ أَتَيْتُ بِهَا إِلَى حَضْرَتِكَ فَقَالَ لِي مَا اسْمُكَ فَقُلْتُ اسْمِي عَبْدُ الشَّمْسِ فَقَالَ لِي بَدِّلِ اسْمَكَ فَإِنِّي أُسَمِّيكَ عَبْدَ الْوَهَّابِ إِنْ قَبِلْتَ مِنِّي الْإِسْلَامَ قَبِلْتُ مِنْكَ الْهَدِيَّةَ قَالَ فَنَظَرْتُهُ وَ تَأَمَّلْتُهُ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَ هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي أَخْبَرَنَا عَنْهُ عِيسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَيْثُ قَالَ إِنِّي مُبَشِّرٌ لَكُمْ «بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» فَاعْتَقَدْتُ ذَلِكَ وَ أَسْلَمْتُ عَلَى يَدِهِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَ رَجَعْتُ إِلَى الرُّومِ وَ أَنَا أُخْفِي الْإِسْلَامَ وَ لِي مُدَّةٌ مِنَ السِّنِينَ وَ أَنَا مُسْلِمٌ مَعَ خَمْسٍ مِنَ الْبَنِينَ وَ أَرْبَعٍ مِنَ الْبَنَاتِ وَ أَنَا الْيَوْمَ وَزِيرُ مَلِكِ الرُّومِ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّصَارَى اطِّلَاعٌ عَلَى حَالِنَا وَ اعْلَمْ يَا يَزِيدُ أَنِّي يَوْمَ كُنْتُ فِي حَضْرَةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَة رَأَيْتُ هَذَا الْعَزِيزَ الَّذِي رَأْسُهُ وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْكَ مَهِيناً حَقِيراً قَدْ دَخَلَ عَلَى جَدِّهِ مِنْ بَابِ الْحُجْرَةِ وَ النَّبِيُّ فَاتِحٌ بَاعَهُ لِيَتَنَاوَلَهُ وَ هُوَ يَقُولُ مَرْحَباً بِكَ يَا حَبِيبِي حَتَّى إِنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَ أَجْلَسَهُ فِي حَجْرِهِ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُ شَفَتَيْهِ وَ يَرْشِفُ ثَنَايَاهُ وَ هُوَ يَقُولُ بَعُدَ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ مَنْ قَتَلَكَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ يَا حُسَيْنُ وَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِكَ وَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَعَ ذَلِكَ يَبْكِي فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ فِي مَسْجِدِهِ إِذْ أَتَاهُ الْحُسَيْنُ مَعَ أَخِيهِ الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ يَا جَدَّاهْ قَدْ تَصَارَعْتُ مَعَ أَخِيَ الْحَسَنِ وَ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُنَا الْآخَرَ وَ إِنَّمَا

ص: 339

نُرِيدُ أَنْ نَعْلَمَ أَيُّنَا أَشَدُّ قُوَّةً مِنَ الْآخَرِ(1) فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ حَبِيبَيَّ يَا مُهْجَتَيَّ إِنَّ التَّصَارُعَ لَا يَلِيقُ بِكُمَا وَ لَكِنِ اذْهَبَا فَتَكَاتِبَا فَمَنْ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ كَذَلِكَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ قَالَ فَمَضَيَا وَ كَتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَطْراً وَ أَتَيَا إِلَى جَدِّهِمَا النَّبِيِّ فَأَعْطَيَاهُ اللَّوْحَ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا فَنَظَرَ النَّبِيُّ إِلَيْهِمَا سَاعَةً وَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَكْسِرَ قَلْبَ أَحَدِهِمَا فَقَالَ لَهُمَا يَا حَبِيبَيَّ إِنِّي نَبِيٌّ أُمِّيٌّ لَا أَعْرِفُ الْخَطَّ اذْهَبَا إِلَى أَبِيكُمَا لِيَحْكُمَ بَيْنَكُمَا وَ يَنْظُرَ أَيُّكُمَا أَحْسَنُ خَطّاً قَالَ فَمَضَيَا إِلَيْهِ وَ قَامَ النَّبِيُّ أَيْضاً مَعَهُمَا وَ دَخَلُوا جَمِيعاً إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً وَ إِذَا النَّبِيُّ مُقْبِلٌ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ مَعَهُ وَ كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَ سَلْمَانَ صَدَاقَةٌ وَ مَوَدَّةٌ فَسَأَلْتُهُ كَيْفَ حَكَمَ أَبُوهُمَا وَ خَطُّ أَيِّهِمَا أَحْسَنُ قَالَ سَلْمَانُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُجِبْهُمَا بِشَيْ ءٍ لِأَنَّهُ تَأَمَّلَ أَمْرَهُمَا وَ قَالَ لَوْ قُلْتُ خَطُّ الْحَسَنِ أَحْسَنُ كَانَ يَغْتَمُّ الْحُسَيْنُ وَ لَوْ قُلْتُ خَطُّ الْحُسَيْنِ أَحْسَنُ كَانَ يَغْتَمُّ الْحَسَنُ فَوَجَّهَهُمَا إِلَى أَبِيهِمَا فَقُلْتُ يَا سَلْمَانُ بِحَقِّ الصَّدَاقَةِ وَ الْأُخُوَّةِ الَّتِي بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ بِحَقِّ دِينِ الْإِسْلَامِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي كَيْفَ حَكَمَ أَبُوهُمَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ لَمَّا أَتَيَا إِلَى أَبِيهِمَا وَ تَأَمَّلَ حَالَهُمَا رَقَّ لَهُمَا وَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَكْسِرَ قَلْبَ أَحَدِهِمَا قَالَ لَهُمَا امْضِيَا إِلَى أُمِّكُمَا فَهِيَ تَحْكُمُ بَيْنَكُمَا فَأَتَيَا إِلَى أُمِّهِمَا وَ عَرَضَا عَلَيْهَا مَا كَتَبَا فِي اللَّوْحِ وَ قَالا يَا أُمَّاهْ إِنَّ جَدَّنَا أَمَرَنَا أَنْ نَتَكَاتَبَ فَكُلُّ مَنْ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ فَتَكَاتَبْنَا وَ جِئْنَا إِلَيْهِ فَوَجَّهَنَا إِلَى أَبِينَا فَلَمْ يَحْكُمْ بَيْنَنَا وَ وَجَّهَنَا إِلَيْكِ فَتَفَكَّرَتْ فَاطِمَةُ بِأَنَّ جَدَّهُمَا وَ أَبَاهُمَا مَا أَرَادَا كَسْرَ خَاطِرِهِمَا أَنَا مَا ذَا أَصْنَعُ وَ كَيْفَ أَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ لَهُمَا يَا قُرَّتَيْ عَيْنِي إِنِّي أَقْطَعُ قِلَادَتِي عَلَى رَأْسِكُمَا فَأَيُّكُمَا يَلْتَقِطُ مِنْ لُؤْلُؤِهَا أَكْثَرَ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ وَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ قَالَ وَ كَانَ فِي قِلَادَتِهَا سَبْعُ لُؤْلُؤَاتٍ

ص: 340


1- أقول: لم أر لمصارعتهما مدرك يصح الاعتماد عليه، والخبر مرسل ويظهر منه آثار الجعل كما لا يخفى. السبزواري.

ثُمَّ إِنَّهَا قَامَتْ فَقَطَعَتْ قِلَادَتَهَا عَلَى رَأْسِهِمَا فَالْتَقَطَ الْحَسَنُ ثَلَاثَ لُؤْلُؤَاتٍ وَ الْتَقَطَ الْحُسَيْنُ ثَلَاثَ لُؤْلُؤَات وَ بَقِيَتِ الْأُخْرَى فَأَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا تَنَاوُلَهَا فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جَبْرَئِيلَ بِنُزُولِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَ أَنْ يَضْرِبَ بِجَنَاحِهِ تِلْكَ اللُّؤْلُؤَةَ وَ يَقُدَّهَا نِصْفَيْنِ فَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفاً فَانْظُرْ يَا يَزِيدُ كَيْفَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَمْ يُدْخِلْ عَلَى أَحَدِهِمَا أَلَمَ تَرْجِيحِ الْكِتَابَةِ وَ لَمْ يُرِدْ كَسْرَ قَلْبِهِمَا وَ كَذَلِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ (عَلَيهَا السَّلَامُ) وَ كَذَلِكَ رَبُّ الْعِزَّةِ لَمْ يُرِدْ كَسْرَ قَلْبِ أَحَدِهِمَا بَلْ أَمَرَ مَنْ قَسَمَ اللُّؤْلُؤَةَ بَيْنَهُمَا لِجَبْرِ قَلْبِهِمَا وَ أَنْتَ هَكَذَا تَفْعَلُ بِابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ أُفٍّ لَكَ وَ لِدِينِكَ يَا يَزِيدُ ثُمَّ إِنَّ النَّصْرَانِيَّ نَهَضَ إِلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ احْتَضَنَهُ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَ هُوَ يَبْكِي وَ يَقُولُ يَا حُسَيْنُ اشْهَدْ لِي عِنْدَ جَدِّكَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ عِنْدَ أَبِيكَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ عِنْدَ أُمِّكَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

البحار: ج 18 ص635

37 - قَالَ وَ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيهِم السَّلَامُ) أَنَّهُ لَمَّا اسْتُشْهِدَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَقِيَ فِي كَرْبَلَاءَ صَرِيعاً وَ دَمُهُ عَلَى الْأَرْضِ مَسْفُوحاً وَ إِذَا بِطَائِرٍ أَبْيَضَ(1) قَدْ أَتَى وَ تَمَسَّحَ بِدَمِهِ وَ جَاءَ وَ الدَّمُ يَقْطُرُ مِنْهُ فَرَأَى طُيُوراً تَحْتَ الظِّلَالِ عَلَى الْغُصُونِ وَ الْأَشْجَارِ وَ كُلٌّ مِنْهُم

ص: 341


1- أقول: آثار الجعل ظاهر في هذا الخبر، أما أولاً: فدمه صلوات الله عليه صعّد إلى السماء كما في جملة من الأخبار. و ثانياً: الأرض تشرب الدم بمجرد وقوعه عليها فكيف يقع التمسح به، نعم هو تمسح بالدم المخلوط بالتراب. وثالثاً: إذا تمسح الطائر بالدم يتجمد الدم في ريشه فكيف يصح قوله والدم يقطر منه. ورابعة: ذهابه إلى المدينة لا محالة يطول بمقدار يوم أو نصف يوم فيجف الدم لا محالة، فما معنی تقطير الدم في المدينة من الطائر ؟! السبزواري.

يَذْكُرُ الْحَبَّ وَ الْعَلَفَ وَ الْمَاءَ فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ الطَّيْرُ الْمُتَلَطِّخُ بِالدَّمِ يَا وَيْلَكُمْ أَ تَشْتَغِلُونَ بِالْمَلَاهِي وَ ذِكْرِ الدُّنْيَا وَ الْمَنَاهِي وَ الْحُسَيْنُ فِي أَرْضِ كَرْبَلَاءَ فِي هَذَا الْحَرِّ مُلْقًى عَلَى الرَّمْضَاءِ ظَامِئٌ مَذْبُوحٌ وَ دَمُهُ مَسْفُوحٌ فَعَادَتِ الطُّيُورُ كُلٌّ مِنْهُمْ قَاصِداً كَرْبَلَاءَ فَرَأَوْا سَيِّدَنَا الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مُلْقًى فِي الْأَرْضِ جُثَّةً بِلَا رَأْسٍ وَ لَا غُسْلٍ وَ لَا كَفَنٍ قَدْ سَفَتْ عَلَيْهِ السَّوَافِي وَ بَدَنُهُ مَرْضُوضٌ قَدْ هَشَّمَتْهُ الْخَيْلُ بِحَوَافِرِهَا زُوَّارُهُ وُحُوشُ الْقِفَارِ وَ نَدَبَتُهُ جِنُّ السُّهُولِ وَ الْأَوْعَارِ قَدْ أَضَاءَ التُّرَابُ مِنْ أَنْوَارِهِ وَ أَزْهَرَ الْجَوُّ مِنْ أَزْهَارِه فَلَمَّا رَأَتْهُ الطُّيُورُ تَصَايَحْنَ وَ أَعْلَنَّ بِالْبُكَاءِ وَ الثُّبُورِ وَ تَوَاقَعْنَ عَلَى دَمِهِ يَتَمَرَّغْنَ فِيهِ وَ طَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى نَاحِيَةٍ يُعْلِمُ أَهْلَهَا عَنْ قَتْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَمِنَ الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ أَنَّ طَيْراً مِنْ هَذِهِ الطُّيُورِ قَصَدَ مَدِينَةَ الرَّسُولِ وَ جَاءَ يُرَفْرِفُ وَ الدَّمُ يَتَقَاطَرُ مِنْ أَجْنِحَتِهِ وَ دَارَ حَوْلَ قَبْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ يُعْلِنُ بِالنِّدَاءِ أَلَا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بِكَرْبَلَاءَ أَلَا ذُبِحَ الْحُسَيْنُ بِكَرْبَلَاءَ فَاجْتَمَعَتِ الطُّيُورُ عَلَيْهِ وَ هُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَ يَنُوحُونَ فَلَمَّا نَظَرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ الطُّيُورِ ذَلِكَ النَّوْحَ وَ شَاهَدُوا الدَّمَ يَتَقَاطَرُ مِنَ الطَّيْرِ لَمْ يَعْلَمُوا مَا الْخَبَرُ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ وَ جَاءَ خَبَرُ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ الطَّيْرَ كَانَ يُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ بِقَتْلِ ابْنِ فَاطِمَةَ الْبَتُولِ وَ قُرَّةِ عَيْنِ الرَّسُولِ وَ قَدْ نُقِلَ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ الطَّيْرُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وَ لَهُ بِنْتٌ عَمْيَاءُ زَمْنَاءُ طَرْشَاء مَشْلُولَةٌ وَ الْجُذَامُ قَدْ أَحَاطَ بِبَدَنِهَا فَجَاءَ ذَلِكَ الطَّائِرُ وَ الدَّمُ يَتَقَاطَرُ مِنْهُ وَ وَقَعَ عَلَى شَجَرَةٍ يَبْكِي طُولَ لَيْلَتِهِ وَ كَانَ الْيَهُودِيُّ قَدْ أَخْرَجَ ابْنَتَهُ تِلْكَ الْمَرِيضَةَ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ إِلَى بُسْتَانٍ وَ تَرَكَهَا فِي الْبُسْتَانِ الَّذِي جَاءَ الطَّيْرُ وَ وَقَعَ فِيهِ فَمِنَ الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ أَنَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَرَضَ لِلْيَهُودِيِّ عَارِضٌ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْرُجَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ إِلَى الْبُسْتَانِ الَّتِي فِيهَا ابْنَتُهُ الْمَعْلُولَةُ وَ الْبِنْتُ لَمَّا نَظَرَتْ أَبَاهَا لَمْ يَأْتِهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ لَمْ يَأْتِهَا نَوْمٌ لِوَحْدَتِهَا لِأَنَّ أَبَاهَا كَانَ يُحَدِّثُهَا وَ يُسَلِّيهَا حَتَّى تَنَامَ فَسَمِعَت

ص: 342

عِنْدَ السَّحَرِ بُكَاءَ الطَّيْرِ وَ حَنِينَهُ فَبَقِيَتْ تَتَقَلَّبُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَى أَنْ صَارَتْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الطَّيْرُ فَصَارَتْ كُلَّمَا حَنَّ ذَلِكَ الطَّيْرُ تُجَاوِبُهُ مِنْ قَلْبٍ مَحْزُونٍ فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِكَ إِذْ وَقَعَ قَطْرَةٌ مِنَ الدَّمِ فَوَقَعَتْ عَلَى عَيْنِهَا فَفُتِحَتْ ثُمَّ قَطْرَةٌ أُخْرَى عَلَى عَيْنِهَا الْأُخْرَى فَبَرَأَتْ ثُمَّ قَطْرَةٌ عَلَى يَدَيْهَا فَعُوفِيَتْ ثُمَّ عَلَى رِجْلَيْهَا فَبَرَأَتْ وَ عَادَتْ كُلَّمَا قَطَرَتْ قَطْرَةٌ مِنَ الدَّمِ تُلَطِّخُ بِهِ جَسَدَهَا فَعُوفِيَتْ مِنْ جَمِيعِ مَرَضِهَا مِنْ بَرَكَاتِ دَمِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَقْبَلَ أَبُوهَا إِلَى الْبُسْتَانِ فَرَأَى بِنْتاً تَدُورُ وَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا ابْنَتُهُ فَسَأَلَهَا أَنَّهُ كَانَ لِي فِي الْبُسْتَانِ ابْنَةٌ عَلِيلَةٌ لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَتَحَرَّكَ فَقَالَتِ ابْنَتُهُ وَ اللَّهِ أَنَا ابْنَتُكَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَهَا وَقَعَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ فَأَتَتْ بِهِ إِلَى ذَلِكَ الطَّيْرِ فَرَآهَا وَاكِراً عَلَى الشَّجَرَةِ يَئِنُّ مِنْ قَلْبٍ حَزِينٍ مُحْتَرِقٍ مِمَّا رَأَى مِمَّا فُعِلَ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِالَّذِي خَلَقَكَ أَيُّهَا الطَّيْرُ أَنْ تُكَلِّمَنِي بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَنَطَقَ الطَّيْرُ مُسْتَعْبِراً ثُمَّ قَالَ إِنِّي كُنْتُ وَاكِراً عَلَى بَعْضِ الْأَشْجَارِ مَعَ جُمْلَةِ الطُّيُورِ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ وَ إِذَا بِطَيْرٍ سَاقِطٍ عَلَيْنَا وَ هُوَ يَقُولُ أَيُّهَا الطُّيُورُ تَأْكُلُونَ وَ تَتَنَعَّمُونَ وَ الْحُسَيْنُ فِي أَرْضِ كَرْبَلَاءَ فِي هَذَا الْحَرِّ عَلَى الرَّمْضَاءِ طَرِيحاً ظَامِئاً وَ النَّحْرُ دَامٍ وَ رَأْسُهُ مَقْطُوعٌ عَلَى الرُّمْحِ مَرْفُوعٌ وَ نِسَاؤُهُ سَبَايَا حُفَاةٌ عَرَايَا فَلَمَّا سَمِعْنَ بِذَلِكَ تَطَايَرْنَ إِلَى كَرْبَلَاءَ فَرَأَيْنَاهُ فِي ذَلِكَ الْوَادِي طَرِيحاً الْغُسْلُ مِنْ دَمِهِ وَ الْكَفَنُ الرَّمْلُ السَّافِي عَلَيْهِ فَوَقَعْنَا كُلُّنَا عَلَيْهِ نَنُوحُ وَ نَتَمَرَّغُ بِدَمِهِ الشَّرِيفِ وَ كَانَ كُلٌّ مِنَّا طَارَ إِلَى نَاحِيَةٍ فَوَقَعْتُ أَنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ فَلَمَّا سَمِعَ الْيَهُودِيُّ ذَلِكَ تَعَجَّبَ وَ قَالَ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْحُسَيْنُ ذَا قَدْرٍ رَفِيعٍ عِنْدَ اللَّهِ مَا كَانَ دَمُهُ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ وَ أَسْلَمَتِ الْبِنْتُ وَ أَسْلَمَ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ قَوْمِهِ. وَ قَالَ: حُكِيَ عَنْ رَجُلٍ أَسَدِيٍّ قَالَ: كُنْتُ زَارِعاً عَلَى نَهَرِ الْعَلْقَمِيِّ بَعْدَ ارْتِحَالِ الْعَسْكَرِ عَسْكَرِ بَنِي أُمَيَّةَ فَرَأَيْتُ عَجَائِبَ لَا أَقْدِرُ أَحْكِي إِلَّا بَعْضَهَا مِنْهَا أَنَّهُ إِذَا هَبَّتِ الرِّيَاحُ تَمُرُّ عَلَيَّ نَفَحَاتٌ كَنَفَحَاتِ الْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ إِذَا سَكَنَت

ص: 343

أَرَى نُجُوماً تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَ يَرْقَى مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ مِثْلُهَا وَ أَنَا مُنْفَرِدٌ مَعَ عِيَالِي وَ لَا أَرَى أَحَداً أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يُقْبِلُ أَسَدٌ مِنَ الْقِبْلَةِ فَأُوَلِّي عَنْهُ إِلَى مَنْزِلِي فَإِذَا أَصْبَحَ وَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَ ذَهَبْتُ مِنْ مَنْزِلِي أَرَاهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ذَاهِباً فَقُلْتُ فِي نَفْسِي إِنَّ هَؤُلَاءِ خَوَارِجُ قَدْ خَرَجُوا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَ أَرَى مِنْهُمْ مَا لَمْ أَرَهُ مِنْ سَائِرِ الْقَتْلَى فَوَ اللَّهِ هَذِهِ اللَّيْلَةُ لَا بُدَّ مِنَ الْمُسَاهَرَةِ لِأُبْصِرَ هَذَا الْأَسَدَ يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْجُثُثِ أَمْ لَا فَلَمَّا صَارَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ إِذَا بِهِ أَقْبَلَ فَحَقَّقْتُهُ وَ إِذَا هُوَ هَائِلُ الْمَنْظَرِ فَارْتَعَدْتُ مِنْهُ وَ خَطَرَ بِبَالِي إِنْ كَانَ مُرَادُهُ لُحُومَ بَنِي آدَمَ فَهُوَ يَقْصِدُنِي وَ أَنَا أُحَاكِي نَفْسِي بِهَذَا فَمَثَّلْتُهُ وَ هُوَ يَتَخَطَّى الْقَتْلَى حَتَّى وَقَفَ عَلَى جَسَدٍ كَأَنَّهُ الشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ فَبَرَكَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَ إِذَا بِهِ يُمَرِّغُ وَجْهَهُ عَلَيْهِ وَ هُوَ يُهَمْهِمُ وَ يُدَمْدِمُ فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ مَا هَذِهِ إِلَّا أُعْجُوبَةٌ فَجَعَلْتُ أَحْرُسُهُ حَتَّى اعْتَكَرَ الظَّلَامُ وَ إِذَا بِشُمُوعٍ مُعَلَّقَةٍ مَلَأَتِ الْأَرْضَ وَ إِذَا بِبُكَاءٍ وَ نَحِيبٍ وَ لَطْمٍ مُفْجِعٍ فَقَصَدْتُ تِلْكَ الْأَصْوَاتِ فَإِذَا هِيَ تَحْتَ الْأَرْضِ فَفَهِمْتُ مِنْ نَاعٍ فِيهِمْ يَقُولُ وَا حُسَيْنَاهْ وَا إِمَامَاهْ فَاقْشَعَرَّ جِلْدِي فَقَرُبْتُ مِنَ الْبَاكِي وَ أَقْسَمْتُ عَلَيْهِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ مَنْ تَكُونُ فَقَالَ إِنَّا نِسَاءٌ مِنَ الْجِنِّ فَقُلْتُ وَ مَا شَأْنُكُنَّ فَقُلْنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ هَذَا عَزَاؤُنَا عَلَى الْحُسَيْنِ الذَّبِيحِ الْعَطْشَانِ فَقُلْتُ هَذَا الْحُسَيْنُ الَّذِي يَجْلِسُ عِنْدَهُ الْأَسَدُ قُلْنَ نَعَمْ أَ تَعْرِفُ هَذَا الْأَسَدَ قُلْتُ لَا قُلْنَ(1) هَذَا أَبُوهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَرَجَعْتُ وَ دُمُوعِي تَجْرِي عَلَى خَدِّي.

ص: 344


1- هذا من التناسخ الباطل بحسب الأدلة، ولكن يسهل الخطب أن القائل هو الجن والخبر مرسل والحاكي رجل أسدي لا يعرف حاله. السبزواري.
باب (40) ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء والأرض عليه(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وانكساف الشمس والقمر وغيرها

البحار: ج18ص 645

13 - مُحَمَّدٌ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا زُرَارَةُ إِنَّ السَّمَاءَ بَكَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ(1) أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِالدَّمِ وَ إِنَّ الْأَرْضَ بَكَتْ أَرْبَعِين صَبَاحاً بِالسَّوَادِ وَ إِنَّ الشَّمْسَ بَكَتْ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِالْكُسُوفِ وَ الْحُمْرَةِ وَ إِنَّ الْجِبَالَ تَقَطَّعَتْ وَ انْتَثَرَتْ وَ إِنَّ الْبِحَارَ تَفَجَّرَتْ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَكَتْ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً عَلَى الْحُسَيْنِ وَ مَا اخْتَضَبَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ وَ لَا ادَّهَنَتْ وَ لَا اكْتَحَلَتْ وَ لَا رَجَّلَتْ حَتَّى أَتَانَا رَأْسُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ مَا زِلْنَا فِي عَبْرَةٍ بَعْدَهُ وَ كَانَ جَدِّي إِذَا ذَكَرَهُ بَكَى حَتَّى تَمْلَأَ عَيْنَاهُ لِحْيَتَهُ وَ حَتَّى يَبْكِيَ لِبُكَائِهِ رَحْمَةً لَهُ مَنْ رَآهُ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ عِنْدَ قَبْرِهِ لَيَبْكُونَ فَيَبْكِي لِبُكَائِهِمْ كُلُّ مَنْ فِي الْهَوَاءِ وَ السَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَقَدْ خَرَجَتْ نَفْسُهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَزَفَرَتْ جَهَنَّمُ زَفْرَةً كَادَتِ الْأَرْضُ تَنْشَقُّ لِزَفْرَتِهَا وَ لَقَدْ خَرَجَتْ نَفْسُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَشَهَقَتْ جَهَنَّمُ شَهْقَةً لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ حَبَسَهَا بِخُزَّانِهَا لَأَحْرَقَتْ مَنْ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ فَوْرِهَا وَ لَوْ يُؤْذَنُ لَهَا مَا بَقِيَ شَيْ ءٌ إِلَّا ابْتَلَعَتْهُ وَ لَكِنَّهَا مَأْمُورَةٌ مَصْفُودَةٌ وَ لَقَدْ عَتَتْ عَلَى الْخُزَّانِ غَيْرَ مَرَّةٍ حَتَّى أَتَاهَا جَبْرَئِيلُ فَضَرَبَهَا بِجَنَاحِهِ فَسَكَنَتْ وَ إِنَّهَا لَتَبْكِيه

ص: 345


1- يظهر منه أن معنى البكاء مطلق التغيّر عن حال إلى غيره من حالات التحزن، فبكاء الشمس هو الحمرة وبكاء الأرض هو السواد، ويأتي معني بكاء السماء بالدم في ص246 وص268 (من الطبعة الحجرية) السبزواري.

وَ تَنْدُبُهُ وَ إِنَّهَا لَتَتَلَظَّى عَلَى قَاتِلِهِ وَ لَوْ لَا مَنْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ لَنَقَضَتِ الْأَرْضَ وَ أَكْفَأَتْ مَا عَلَيْهَا وَ مَا تَكْثُرُ الزَّلَازِلُ إِلَّا عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ وَ مَا عَيْنٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ وَ لَا عَبْرَةٌ مِنْ عَيْنٍ بَكَتْ وَ دَمَعَتْ عَلَيْهِ وَ مَا مِنْ بَاكٍ يَبْكِيهِ إِلَّا وَ قَدْ وَصَلَ فَاطِمَةَ وَ أَسْعَدَهَا عَلَيْهِ وَ وَصَلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ أَدَّى حَقَّنَا وَ مَا مِنْ عَبْدٍ يُحْشَرُ إِلَّا وَ عَيْنَاهُ بَاكِيَةٌ إِلَّا الْبَاكِينَ عَلَى جَدِّي فَإِنَّهُ يُحْشَرُ وَ عَيْنُهُ قَرِيرَةٌ وَ الْبِشَارَةُ تَلْقَاهُ وَ السُّرُورُ عَلَى وَجْهِهِ وَ الْخَلْقُ فِي الْفَزَعِ وَ هُمْ آمِنُونَ وَ الْخَلْقُ يُعْرَضُونَ وَ هُمْ حُدَّاثُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) تَحْتَ الْعَرْشِ وَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ- لَا يَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ يُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَيَأْبَوْنَ وَ يَخْتَارُونَ مَجْلِسَهُ وَ حَدِيثَهُ وَ إِنَّ الْحُورَ لَتُرْسِلُ إِلَيْهِمْ إِنَّا قَدِ اشْتَقْنَاكُمْ مَعَ الْوِلْدَانِ الْمُخَلَّدِينَ فَمَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ إِلَيْهِمْ لِمَا يَرَوْنَ فِي مَجْلِسِهِمْ مِنَ السُّرُورِ وَ الْكَرَامَةِ وَ إِنَّ أَعْدَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ مَسْحُوبٍ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى النَّارِ وَ مِنْ قَائِلٍ «فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ» وَ إِنَّهُمْ لَيُرَوْنَ مَنْزِلَهُمْ وَ مَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَدْنُوا إِلَيْهِمْ وَ لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَأْتِيهِمْ بِالرِّسَالَةِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَ مِنْ خُزَّانِهِمْ عَلَى مَا أُعْطُوا مِنَ الْكَرَامَة فَيَقُولُونَ نَأْتِيكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَزْوَاجِهِمْ بِمَقَالاتِهِمْ فَيَزْدَادُونَ إِلَيْهِمْ شَوْقاً إِذَا هُمْ خَبَّرُوهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ قُرْبِهِمْ مِنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَيَقُولُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا الْفَزَعَ الْأَكْبَرَ وَ أَهْوَالَ الْقِيَامَةِ وَ نَجَّانَا مِمَّا كُنَّا نَخَافُ وَ يُؤْتَوْنَ بِالْمَرَاكِبِ وَ الرِّحَالِ عَلَى النَّجَائِبِ فَيَسْتَوُونَ عَلَيْهَا وَ هُمْ فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَ الْحَمْدِ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِهِ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ.

البحار: ج 18 ص648

18 - عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ غَيْرُهُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِنَّ السَّمَاءَ بَكَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ لَمْ تَبْكِ عَلَى أَحَدٍ غَيْرِهِمَا قُلْت

ص: 346

وَ مَا بُكَاؤُهَا قَالَ مَكَثُوا أَرْبَعِينَ يَوْماً تَطْلُعُ الشَّمْسُ بِحُمْرَةٍ وَ تَغْرُبُ بِحُمْرَةٍ قُلْتُ فَذَلِكَ بُكَاؤُهَا قَالَ نَعَمْ. (1)

البحار: ج 18 ص 650

29 - أَبِي وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِهَابٍ الْحَارِثِيِّ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي الرَّحْبَةِ إِذَا طَلَعَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ فَضَحِكَ عَلِيٌ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْماً فَقَالَ «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ»(2) وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَيُقْتَلَنَّ هَذَا وَ لَتَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْض.

باب (42) رؤية أم سلمة وغيرها رسول الله(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في المنام وإخباره بشهادة الكرام

البحار: ج 18 ص 661 س 6

قَالَ فَأَخْبَرَنِي الْأَعْمَشُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: فَلَمَّا ضَرَبَهُ اللَّعِينُ ابْنُ مُلْجَمٍ عَلَى رَأْسِهِ صَارَتْ تِلْكَ الضَّرْبَةُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ فَالْمَلَائِكَةُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ غُدْوَةً وَ عَشِيَّةً وَ يَلْعَنُونَ قَاتِلَهُ ابْنَ مُلْجَمٍ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 347


1- يمكن أن يكون هذا تفسيراً بحسب فهم السائل. السبزواري.
2- في بيان معنی بکاء السماء وسيأتي أن بكاء السماء حمرتها، ويمكن الجمع بأن لبكائها مراتب الأولى: الدم العبيط. الثانية: ظهور الدم على الأثواب. الثالثة: الحمرة. ويمكن حمل ذلك كلّه من باب تفسير الشيء بحسب فهم السامع. السبزواري.

هَبَطَت الْمَلَائِكَةُ وَ حَمَلَتْهُ حَتَّى أَوْقَفَتْهُ(1) مَعَ صُورَةِ عَلِيٍّ فِي السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَكُلَّمَا هَبَطَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنَ السَّمَاوَاتِ مِنْ عُلا وَ صَعِدَتْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَمَنْ فَوْقَهَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ لِزِيَارَةِ صُورَةِ عَلِيٍّ وَ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ مُشَحَّطاً بِدَمِه لَعَنُوا يَزِيدَ وَ ابْنَ زِيَادٍ وَ مَنْ قَاتَلُوا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ الْأَعْمَشُ قَالَ لِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) هَذَا مِنْ مَكْنُونِ الْعِلْمِ وَ مَخْزُونِهِ لَا تُخْرِجْهُ إِلَّا إِلَى أَهْلِهِ.

باب (49) أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي وما جرى على يديه وأبدي أوليائه

البحار: ج 18 ص 740 س 19

قَالَ: وَ بَعَثَ ابْنُ الْأَشْتَرِ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ إِلَى الْمُخْتَارِ وَ أَعْيَانِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَقَدِمَ بِالرُّءُوسِ وَ الْمُخْتَارُ يَتَغَدَّى فَأُلْقِيَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وُضِعَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَيْنَ يَدِي ابْنِ زِيَادٍ وَ هُوَ يَتَغَدَّى وَ أُتِيتُ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ وَ أَنَا أَتَغَدَّى قَالَ وَ انْسَابَتْ حَيَّةٌ بَيْضَاءُ تَخَلَّلُ الَرُّءُوسَ حَتَّى دَخَلَتْ فِي أَنْفِ ابْنِ زِيَادٍ وَ خَرَجَتْ مِنْ أُذُنِهِ وَ دَخَلَتْ مِنْ أُذُنِهِ وَ خَرَجَتْ مِنْ أَنْفِهِ فَلَمَّا فَرَغَ الْمُخْتَارُ مِنَ الْغَدَاءِ قَامَ فَوَطِئَ وَجْهَ ابْنِ زِيَادٍ بِنَعْلِهِ ثُمَّ رَمَى بِهَا إِلَى مَوْلًى لَهُ وَ قَالَ اغْسِلْهَا فَإِنِّي وَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِ نَجِسٍ كَافِرٍ وَ خَرَجَ الْمُخْتَارُ إِلَى الْكُوفَةِ وَ بَعَثَ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ وَ رَأْسِ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْر وَ رَأْسِ شُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلَاعِ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ الثَّقَفِيِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الْجُشَمِيِّ وَ السَّائِبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ(2) وَ عَلِيُّ بْن

ص: 348


1- السبزواري: أوقفته یعني أوقفت صورته، وهذا الخبر من النوادر.
2- إن كان بعث المختار الرؤوس إلى محمّد لتقديمه إياه على علي بن الحسين فهذا مما يقدح به على المختار فتدبّر. السبزواري.

الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَوْمَئِذٍ بِمَكَّة.

البحار: ج 18 ص 742 س 17

أقول: قد مضى ذمّ المختار في باب مصالحة الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) . (1)

البحار: ج 18 ص 743

4- بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنِ الْكُوفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْخَيَّاطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَصِرَ لِأَوْلِيَائِهِ(2) انْتَصَرَ لَهُمْ بِشِرَارِ خَلْقِهِ وَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَصِرَ لِنَفْسِهِ انْتَصَرَ بِأَوْلِيَائِهِ وَ لَقَدِ انْتَصَرَ لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بِبُخْتَنَصَّر

البحار: ج 18 ص 763

5 - أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ بِشَفِيرِ النَّارِ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ فَيَصِيحُ صَائِحٌ مِنَ النَّارِ يَا رَسُولَ اللَّهُ أَغِثْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَلَاثاً قَالَ فَلَا يُجِيبُهُ قَالَ فَيُنَادِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثاً أَغِثْنِي فَلَا يُجِيبُهُ قَالَ فَيُنَادِي يَا حُسَيْنُ يَا حُسَيْنُ يَا حُسَيْنُ أَغِثْنِي أَنَا قَاتِلُ أَعْدَائِكِ قَالَ فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ قَدِ احْتَجَّ عَلَيْكَ قَالَ فَيَنْقَضُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عُقَابٌ كَاسِرٌ قَالَ فَيُخْرِجُهُ مِنَ النَّارِ قَالَ فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ مَنْ هَذَا جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ الْمُخْتَارُ قُلْتُ لَهُ وَ لِمَ عُذِّبَ بِالنَّارِ وَ قَدْ فَعَلَ مَا فَعَلَ قَالَ إِنَّهُ قَالَ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْهُمَا شَيْ ءٌ وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَوْ أَنَّ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ كَانَ فِي قَلْبَيْهِمَا شَيْ ءٌ لَأَكَبَّهُمَا اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمَا.

ص: 349


1- ص 107 (من الحجرية) قال المختار لعمّه تعال حتّى نأخذ الحسن ونسلّمه إلى معاوية حتّى يسلّمنا العراق الخ. السبزواري
2- هذا من الأخبار القادحة في المختار. السبزواري.

بيان: كأن هذا الخبر وجه جمع بين الأخبار المختلفة الواردة في هذا الباب بأنه و إن لم يكن كاملا في الإيمان و اليقين و لا مأذونا فيما فعله صريحا من أئمة الدين لكن لما جرى على يديه الخيرات الكثيرة و شفي بها صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ كانت عاقبة أمره آئلة إلى النجاة فدخل بذلك تحت قوله سبحانه «وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِم»و أنا في شأنه من المتوقفين(1) و إن كان الأشهر بين أصحابنا أنه من المشكورين.

البحار: ج 18 ص 743

6- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَطَاعُوا فَأُكْرِمُوا وَ بَعْضَهُمْ عَصَوْا فَعُذِّبُوا فَكَذَلِكَ تَكُونُونَ أَنْتُمْ فَقَالُوا فَمَنِ الْعُصَاة يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الَّذِينَ أُمِرُوا بِتَعْظِيمِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ تَعْظِيمِ حُقُوقِنَا فَخَانُوا وَ خَالَفُوا ذَلِكَ وَ جَحَدُوا حُقُوقَنَا وَ اسْتَخَفُّوا بِهَا وَ قَتَلُوا أَوْلَادَنَا أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِينَ أُمِرُوا بِإِكْرَامِهِمْ وَ مَحَبَّتِهِمْ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ قَالَ بَلَى خَبَراً حَقّاً وَ أَمْراً كَائِناً سَيَقْتُلُونَ وَلَدَيَّ هَذَيْنِ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ سَيُصِيبُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً فِي الدُّنْيَا بِسُيُوفِ بَعْضِ مَنْ يُسَلِّطُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ لِلِانْتِقَامِ- بِما كانُوا يَفْسُقُونَ كَمَا أَصَابَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الرِّجْزُ قِيلَ وَ مَنْ هُوَ قَالَ غُلَامٌ مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ لَهُ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ هَذَا بِزَمَانٍ وَ إِنَّ هَذَا الْخَبَرَ اتَّصَلَ بِالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ لَعَنَهُ اللَّهُ(2) مِنْ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ أَمَّا

ص: 350


1- اعتراف المجلسي (رحمه اللّه) بالتوقف في شأن المختار ولكن الأشهر أنه من المشكورين. السبزواري.
2- هذا من سهو القلم بداهة أن الحجاج متأخر عن المختار قطعأ والظاهر أن الذي أراد قتله هو عبيد الله بن زياد و الكتاب من يزيد لا عبد الملك فراجع السير. ولو كان من عبد الملك ليس منه في زمان خلافته. ثمّ إن هنا أموراً أربعة : إسلام الرجل، شكره على ما فعله بقتلة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كونه موثوقاً به، كونه عدلاً أمامياً مرضّي العقيدة والفعل، والأوّلان لا إشكال فيهما ظاهراً والأخيران مورد التوقف. السبزواري. السابع هل يكون الغير المبتلى بالذنب أولى أو من ابتلي به ثمّ تاب ؟ يظهر من جملة من الأخبار الثاني فراجع و تدبّر. السبزواري.

رَسُولُ اللَّهِ مَا قَالَ هَذَا وَ أَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَنَا أَشُكُّ هَلْ حَكَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَّا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَصَبِيٌّ مَغْرُورٌ يَقُولُ الْأَبَاطِيلَ وَ يُغَرُّ بِهَا مُتَّبِعُوهُ اطْلُبُوا لِيَ الْمُخْتَارَ فَطُلِبَ فَأُخِذَ فَقَالَ قَدِّمُوهُ إِلَى النَّطْعِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَأُتِيَ بِالنَّطْعِ فَبُسِطَ وَ أُبْرِكَ عَلَيْهِ الْمُخْتَارُ ثُمَّ جَعَلَ الْغِلْمَانُ يَجِيئُونَ وَ يَذْهَبُونَ لَا يَأْتُونَ بِالسَّيْفِ قَالَ الْحَجَّاجُ مَا لَكُمْ قَالُوا لَسْنَا نَجِدُ مِفْتَاحَ الْخِزَانَةِ وَ قَدْ ضَاعَ مِنَّا وَ السَّيْفُ فِي الْخِزَانَةِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ لَنْ تَقْتُلَنِي وَ لَنْ يَكْذِبَ رَسُولُ اللَّهِ وَ لَئِنْ قَتَلْتَنِي لَيُحْيِيَنِيَ اللَّهُ حَتَّى أَقْتُلَ مِنْكُمْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِينَ أَلْفاً فَقَالَ الْحَجَّاجُ لِبَعْضِ حُجَّابِهِ أَعْطِ السَّيَّافَ سَيْفَكَ يَقْتُلُهُ فَأَخَذَ السَّيَّافُ سَيْفَهُ وَ جَاءَ لِيَقْتُلَهُ بِهِ وَ الْحَجَّاجُ يَحُثُّهُ وَ يَسْتَعْجِلُهُ فَبَيْنَا هُوَ فِي تَدْبِيرِهِ إِذْ عَثَرَ وَ السَّيْفُ بِيَدِهِ فَأَصَابَ السَّيْفُ بَطْنَهُ فَشَقَّهُ فَمَاتَ فَجَاءَ بِسَيَّافٍ آخَرَ وَ أَعْطَاهُ السَّيْفَ فَلَمَّا رَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَسَقَطَ فَمَاتَ فَنَظَرُوا وَ إِذَا الْعَقْرَبُ فَقَتَلُوهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ يَا حَجَّاجُ إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِي وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ أَ مَا تَذْكُرُ مَا قَالَ نِزَارُ بْنُ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ لِلسَّابُورِ ذِي الْأَكْتَافِ حِينَ كَانَ يَقْتُلُ الْعَرَبَ وَ يَصْطَلِمُهُمْ فَأَمَرَ نِزَارٌ وُلْدَهُ فَوُضِعَ فِي زَبِيلٍ فِي طَرِيقِهِ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ لِمَ تَقْتُلُ هَؤُلَاءِ الْعَرَبَ وَ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ إِلَيْكَ وَ قَدْ قَتَلْتَ الَّذِينَ كَانُوا مُذْنِبِينَ فِي عَمَلِكَ وَ الْمُفْسِدِينَ قَالَ لِأَنِّي وَجَدْتُ فِي الْكِتَاب أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ فَيُزِيلُ دَوْلَةَ مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ وَ يُفْنِيهَا فَاقْتُلْهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْهُم ذَلِكَ

ص: 351

الرَّجُلُ فَقَالَ نِزَارٌ لَئِنْ كَانَ مَا وَجَدْتَهُ فِي كُتُبِ الْكَذَّابَيْنِ فَمَا أَوْلَاكَ أَنْ تَقْتُلَ الْبُرَاءَ غَيْرَ الْمُذْنِبِينَ وَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الصَّادِقِينَ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَحْفَظُ ذَلِكَ الْأَصْلَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ هَذَا الرَّجُلُ وَ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى إِبْطَالِهِ وَ يُجْرِي قَضَاءَهُ وَ يُنْفِذُ أَمْرَهُ وَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ جَمِيعِ الْعَرَبِ إِلَّا وَاحِدٌ فَقَالَ سَابُورُ صَدَقْتَ هَذَا نِزَارٌ يَعْنِي بِالْفَارِسِيَّةِ الْمَهْزُولَ كُفُّوا عَنِ الْعَرَبِ فَكَفُّوا عَنْهُمْ وَ لَكِنْ يَا حَجَّاجُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى أَنْ أَقْتُلَ مِنْكُمْ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِينَ أَلْفَ رَجُلٍ فَإِنْ شِئْتَ فَتَعَاطَ قَتْلِي وَ إِنْ شِئْتَ فَلَا تَتَعَاطَ فَإِنَّ اللَّهَ إِمَّا أَنْ يَمْنَعَكَ عَنِّي وَ إِمَّا أَنَّ يُحْيِيَنِي بَعْدَ قَتْلِكَ فَإِنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ- فَقَالَ لِلسَّيَّافِ اضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ إِنَّ هَذَا لَنْ يَقْدِرَ عَلَى ذَلِكَ وَ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ أَنْتَ الْمُتَوَلِّيَ لِمَا تَأْمُرُهُ فَكَانَ يُسَلِّطُ عَلَيْكَ أَفْعًى كَمَا سَلَّطَ عَلَى هَذَا الْأَوَّلِ عَقْرَباً فَلَمَّا هَمَّ السَّيَّافُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ إِذَا بِرَجُلٍ مِنْ خَوَاصِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَدْ دَخَلَ فَصَاحَ بِالسَّيَّافِ كُفَّ عَنْهُ وَ مَعَهُ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ يَا حَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ فَإِنَّهُ قَدْ سَقَطَ إِلَيْنَا طَيْرٌ عَلَيْهِ رُقْعَةٌ أَنَّكَ أَخَذْتَ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ تُرِيدُ قَتْلَهُ تَزْعُمُ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِيهِ أَنَّهُ سَيَقْتُلُ مِنْ أَنْصَارِ بَنِي أُمَيَّةَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِينَ أَلْفَ رَجُلٍ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَخَلِّ عَنْهُ وَ لَا تَعَرَّضْ لَهُ إِلَّا بِسَبِيلِ خَيْرٍ فَإِنَّهُ زَوْجُ ظِئْرِ ابْنِي الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَ قَدْ كَلَّمَنِي فِيهِ الْوَلِيدُ وَ إِنَّ الَّذِي حُكِيَ إِنْ كَانَ بَاطِلًا فَلَا مَعْنَى لِقَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِخَبَرٍ بَاطِلٍ وَ إِنْ كَانَ حَقّاً فَإِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ فَخَلَّى عَنْهُ الْحَجَّاجُ فَجَعَلَ الْمُخْتَارُ يَقُولُ سَأَفْعَلُ كَذَا وَ أَخْرُجُ وَقْتَ كَذَا وَ أَقْتُلُ مِنَ النَّاسِ كَذَا وَ هَؤُلَاءِ صَاغِرُونَ يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَجَّاجَ فَأَخَذَ وَ أَنْزَلَ وَ أَمَرَ بِضَرْبِ الْعُنُقِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَتَعَاطَ رَدّاً عَلَى اللَّهِ وَ كَانَ فِي ذَلِكَ إِذْ سَقَطَ عَلَيْهِ طَائِرٌ آخَرُ عَلَيْهِ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَا حَجَّاجُ لَا

ص: 352

تَعَرَّضْ لِلْمُخْتَارِ فَإِنَّهُ زَوْجُ مُرْضِعَةِ ابْنِي الْوَلِيدِ وَ لَئِنْ كَانَ حَقّاً فَسَتُمْنَعُ مِنْ قَتْلِه كَمَا مُنِعَ دَانِيَالُ مِنْ قَتْلِ بُخْتَنَصَّرَ الَّذِي كَانَ قَضَى اللَّهُ أَنْ يَقْتُلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَرَكَهُ الْحَجَّاجُ وَ تَوَعَّدَهُ إِنْ عَادَ لِمِثْلِ مَقَالَتِهِ فَعَادَ لِمِثْلِ مَقَالَتِهِ وَ اتَّصَلَ بِالْحَجاج الْخَبَرُ فَطَلَبَهُ فَاخْتَفَى مُدَّةً ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ فَلَمَّا هَمَّ بِضَرْبِ عُنُقِهِ إِذْ قَدْ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَاحْتَبَسَهُ الْحَجَّاجُ وَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ كَيْفَ تَأْخُذُ إِلَيْكَ عَدُوّاً مُجَاهِراً يَزْعُمُ أَنَّهُ يَقْتُلُ مِنْ أَنْصَارِ بَنِي أُمَيَّةَ كَذَا وَ كَذَا أَلْفاً فَبَعَثَ إِلَيْهِ إِنَّكَ رَجُلٌ جَاهِلٌ لَئِنْ كَانَ الْخَبَرُ فِيهِ بَاطِلًا فَمَا أَحَقَّنَا بِرِعَايَةِ حَقِّهِ لِحَقِّ مَنْ خَدَمَنَا وَ إِنْ كَانَ الْخَبَرُ فِيهِ حَقّاً فَإِنَّهُ سَنُرَبِّيهِ لِيُسَلَّطَ عَلَيْنَا كَمَا رَبَّى فِرْعَوْنُ مُوسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَتَّى سُلِّطَ عَلَيْهِ فَبَعَثَ بِهِ الْحَجَّاجُ وَ كَانَ مِنَ الْمُخْتَارِ مَا كَانَ وَ قَتَلَ مَنْ قَتَل.

ص: 353

التعليقات على المجلد الحادي عشر من بحار الأنوار والمطابق للجزء التاسع عشر من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 354

ص: 355

باب (3) معجزاته ومعالي أموره وغرائب شأنه صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص 12

16 - إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي أُتِيتُ بِقَعْبِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُهُ فَأَصْبَحْتُ مِنْ غَدٍ فَجَاشَتْ نَفْسِي فَتَقَيَّأْتُ لَبَناً قَلِيلًا وَ مَا لِي بِهِ عَهْدٌ مُنْذُ حِينٍ وَ مُنْذُ أَيَّام.(1)

باب (11) أحوال أولاده وأزواجه صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص106

35- مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْهَمْدَانِيِّ وَ ابْنِ بَزِيعٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْعِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ انْظُرُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّ أَحَقَّ مَنْ نَظَرَ لَهَا أَنْتُمْ لَوْ كَانَ لِأَحَدِكُمْ نَفْسَانِ فَقَدَّمَ إِحْدَاهُمَا وَ جَرَّبَ بِهَا اسْتَقْبَلَ التَّوْبَةَ بِالْأُخْرَى كَانَ وَ لَكِنَّهَا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ إِذَا ذَهَبَتْ فَقَدْ وَ اللَّهِ ذَهَبَتِ التَّوْبَةُ إِنْ أَتَاكُمْ مِنَّا آتٍ يَدْعُوكُمْ إِلَى الرِّضَا مِنَّا فَنَحْنُ نَسْتَشْهِدُكُمْ أَنَّا لَا نَرْضَى إِنَّهُ لَا يُطِيعُنَا الْيَوْمَ وَ هُوَ وَحْدَهُ فَكَيْفَ يُطِيعُنَا إِذَا ارْتَفَعَتِ الرَّايَاتُ وَ الْأَعْلَام.(2)

ص: 356


1- يستفاد من هذين الخبرين أمور مهمة. فتدبّر.السبزواري.
2- يمكن أن يكون هذا الخبر من الأخبار القادحة في زيد، ولكن الخبر الآتي عن أبي سبعة المكاري طريق... بين الأخبار لو سلمت الأخبار القادحة عن سائر الخدشات، فتدبّر. السبزواري

البحار: ج19 ص 109

50- رُوِيَ أَنَّ وَلِيدَ بْنَ صَبِيحٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي لَيْلَةٍ إِذْ طَرَقَ الْبَابَ طَارِقٌ فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ انْظُرِي مَنْ هَذَا فَخَرَجَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ فَقَالَتْ هَذَا عَمُّكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ أَدْخِلِيهِ وَ قَالَ لَنَا ادْخُلُوا الْبَيْتَ فَدَخَلْنَا بَيْتاً فَسَمِعْنَا مِنْهُ حِسّاً- ظَنَنَّا أَنَ الدَّاخِلَ بَعْضُ نِسَائِهِ فَلَصِقَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ فَلَمَّا دَخَلَ أَقْبَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّه فَلَمْ يَدَعْ شَيْئاً مِنَ الْقَبِيحِ إِلَّا قَالَهُ فِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ خَرَجَ وَ خَرَجْنَا فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُنَا- مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَطَعَ كَلَامَهُ فَقَالَ بَعْضُنَا لَقَدِ اسْتَقْبَلَكَ هَذَا بِشَيْ ءٍ مَا ظَنَنَّا أَنَّ أَحَداً يَسْتَقْبِلُ بِهِ أَحَداً حَتَّى لَقَدْ هَمَّ بَعْضُنَا أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ فَيُوقِعَ بِهِ فَقَالَ مَهْ لَا تَدْخُلُوا فِيمَا بَيْنَنَا(1) فَلَمَّا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا مَضَى طَرَقَ الْبَابَ طَارِقٌ فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ انْظُرِي مَنْ هَذَا فَخَرَجَتْ ثُمَّ عَادَتْ فَقَالَتْ هَذَا عَمُّكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ لَنَا عُودُوا إِلَى مَوَاضِعِكُمْ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ بِشَهِيقٍ وَ نَحِيبٍ وَ بُكَاءٍ وَ هُوَ يَقُولُ يَا ابْنَ أَخِي اغْفِرْ لِي غَفَرَ اللَّهُ لَكَ اصْفَحْ عَنِّي صَفَحَ اللَّهُ عَنْكَ فَقَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا عَمِّ مَا الَّذِي أَحْوَجَكَ إِلَى هَذَا قَالَ إِنِّي لَمَّا أَوَيْتُ إِلَى فِرَاشِي أَتَانِي رَجُلَانِ أَسْوَدَانِ فَشَدَّا وَثَاقِي ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ انْطَلِقْ بِهِ إِلَى النَّارِ فَانْطَلَقَ بِي فَمَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَعُودُ فَأَمَرَهُ فَخَلَّى عَنِّي وَ إِنِّي لَأَجِدُ أَلَمَ الْوَثَاقِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَوْصِ قَالَ بِمَ أُوصِي مَا لِي مَالٌ وَ إِنَّ لِي عِيَالًا كَثِيراً وَ عَلَيَّ دَيْنٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ): دَيْنُكَ عَلَيَّ وَ عِيَالُكَ إِلَى عِيَالِي فَأَوْصَى فَمَا خَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ فَضَمَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عِيَالَهُ إِلَيْهِ وَ قَضَى دَيْنَهُ وَ زَوَّجَ ابْنَهُ ابْنَتَه.

ص: 357


1- يستفاد من مثل هذا التعبير مرجوحية التفحص والقدح في أولاد الأئمّة عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ). السبزواري

تاريخ الإمام الباقر أبواب تاريخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسین باقر علم النبیین صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأولاده المعصومين ومناقبه وفضائله ومعجزاته وسائر أحواله

باب (5) معجزاته ومعاني أموره وغرائب شأنه صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص 169

83- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَذَكَرَ بَنِي أُمَيَّةَ وَ دَوْلَتَهُمْ وَ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِنَّمَا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَهُمْ وَ أَنْ يُظْهِرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى يَدِكَ فَقَالَ مَا أَنَا بِصَاحِبِهِمْ وَ لَا يَسُرُّنِي أَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُمْ إِنَّ أَصْحَابَهُمْ أَوْلَادُ الزِّنَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ سِنِينَ وَ لَا أَيَّاماً أَقْصَرَ مِنْ سِنِيهِمْ وَ أَيَّامِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَأْمُرُ الْمَلَكَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْفَلَكُ فَيَطْوِيهِ طَيّا. (1)

باب (8) أحوال أصحابه وأهل زمانه من الخلفاء وغيرهم وما جرى بينه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبينهم

البحار: ج19 ص209

29 - الْفُصُولُ الْمُهِمَّةُ، صِفَةُ الْبَاقِرِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَسْمَرُ مُعْتَدِلٌ شَاعِرُهُ الْكُمَيْتُ وَ السَّيِّد

ص: 358


1- فهم هذه الفترة من الخبر الشريف يحتاج إلى تأمل تام، وكذا الخبر المنقول من الكافي. وأما ما أفاده المجلسي من احتمال أن لكل ملك فلك مخصوص فالظاهر أنه مجرد احتمال لا دليل عليه. السبزواري.

السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ وَ بَوَّابُهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَ نَقْشُ خَاتَمِهِ «رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدا».

نَقْلُ خَطِّ الشَّيْخِ ابْنِ فَهْدٍ الْحِلِّيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيلَ إِنَّ رَجُلًا وَرَدَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْأَوَّلِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِقَصِيدَةٍ مَطْلِعُهَا عَلَيْكَ السَّلَامُ أَبَا جَعْفَر ألا طرقتنا آخر الليل زينب عليك سلام لمافات مطلب فقلت لها حييت زينب خدنكم تحية ميت وهو في الحي يشرب فَلَمْ يَمْنَحْهُ شَيْئاً فَسَأَلَهُ فِي ذَلِكَ وَ قَالَ لِمَ لَا تَمْنَحُنِي وَ قَدْ مَدَحْتُكَ فَقَالَ حَيَّيْتَنِي تَحِيَّةَ الْأَمْوَاتِ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِر:

أَلَا طَرَقَتْنَا آخِرَ اللَّيْلِ زَيْنَبُ*** عَلَيْكِ سَلَامٌ لِمَا فَاتَ مَطْلَبٌ

فَقُلْتُ لَهَا حَيَّيْتَ زَيْنَبَ خِدْنَكُمْ*** تَحِيَّةَ مَيِّتٍ وَ هُوَ فِي الْحَيِّ يَشْرَب

مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَبَا جَعْفَر.(1)

ص: 359


1- لعل الوجه في كون عليك سلام من تحية الأموات أنه يستعمل غالبا في جواب السلام لا في السلام الابتدائي، والسلام الابتدائي هو: سلام عليك، وهو يستعمل ممن يتوقع منه الجواب غالبة، أو من ينزل منزلة من يجيب، والشاعر في المقام ما سلم عليه (عليه السلام) بسلام الأحياء، ولا نزله منزلة الأحياء أيضاً فتأمّل. السبزواري.

أبواب تاريخ الإمام الهمام مظهر الحقائق أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه

باب (5) معجزاته واستجابة دعواته ومعرفته بجميع اللغات ومعالي أموره صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص 319 س 8

وَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: تَفَكَّرْتُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى «وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون» قُلْتُ خُلِقُوا لِلْعِبَادَةِ وَ يَعْصُونَ وَ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ وَ اللَّهِ لَأَسْأَلَنَّ جَعْفَراً عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَأَتَيْتُ الْبَابَ فَجَلَسْتُ أُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَيْهِ إِذْ رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَرَأَ وَ «ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» ثُمَّ قَرَأَ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْرا فَعَرَفْتُ أَنَّهَا مَنْسُوخَة.(1)

باب (6) ما جرى بينها وبين المنصور وولاته وسائر الخلفاء الغاصبين والأمراء الجائرين وذكر بعض أحوالهم

البحار: ج19 ص 330

5 - الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى النَّوْفَلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّمِيمِيِّ قَالَ:

ص: 360


1- يمكن حل الإشكال الوارد على الآية الشريفة بما في الخبر بأنه من الأمور البدائية. كما يمكن حله بأنهم خلقوا لأن يعبدوا باختيارهم، فلهم اختيار العبادة كما لهم ترکها. السبزواري.

لَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ وَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) صَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ شَيْبَةُ بْنُ غفال وَلَّاهُ الْمَنْصُورُ عَلَى أَهْلِهَا فَلَمَّا قَدِمَهَا وَ حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ صَارَ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَ حَارَبَ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَرَادَ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ وَ مَنَعَهُ أَهْلَهُ فَحَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَمَاتَهُ بِغُصَّتِهِ وَ هَؤُلَاءِ وُلْدُهُ يَتَّبِعُونَ أَثَرَهُ فِي الْفَسَادِ وَ طَلَبِ الْأَمْرِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لَهُ فَهُمْ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ مَقْتُولُونَ وَ بِالدِّمَاءِ مُضَرَّجُونَ قَالَ فَعَظُمَ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ عَلَى النَّاسِ وَ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَنْطِقُ بِحَرْفٍ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ عَلَيْهِ إِزَارٌ قُومَسِيٌّ سخين(1) فَقَالَ وَ نَحْنُ نَحْمَدُ اللَّهَ وَ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ عَلَى رُسُلِ اللَّهِ وَ أَنْبِيَائِهِ أَجْمَعِينَ أَمَّا مَا قُلْتَ مِنْ خَيْرٍ فَنَحْنُ أَهْلُهُ وَ مَا قُلْتَ مِنْ سُوءٍ فَأَنْتَ وَ صَاحِبُكَ بِهِ أَوْلَى فَاخْتَبِرْ يَا مَنْ رَكِبَ غَيْرَ رَاحِلَتِهِ وَ أَكَلَ غَيْرَ زَادِهِ ارْجِعْ مَأْزُوراً ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَخْلَى النَّاسِ مِيزَاناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ أَبْيَنَهُمْ خُسْرَاناً مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ وَ هُوَ هَذَا الْفَاسِقُ فَأَسْكَتَ النَّاسَ وَ خَرَجَ الْوَالِي مِنَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ فَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ فَقِيلَ لِي هَذَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم.

البحار: ج19 ص 331

8- ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مَاجِيلَوَيْهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَقَالَ يَا بَنِي عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ مَا فَضْلُكُمْ عَلَى النَّاسِ فَسَكَتُوا فَقُلْتُ إِنَّ مِنْ فَضْلِنَا عَلَى النَّاسِ أَنَّا لَا نُحِبُّ أَنْ نَكُونَ أَحَداً سِوَانَا وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ

ص: 361


1- معرّب: کره شي: قرئ كثيرة في جنوب سبزوار، وأهل سبزوار بل جميع أهل خراسان تتوسل إلى الله تبارك وتعالى بأن جعفر بن محمد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)لبس إزارا من بلادنا. السبزواري.

لَا يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنَّا إِلَّا أَشْرَكَ ثُمَّ قَالَ ارْوُوا هَذَا الْحَدِيثَ.(1)

البحار: ج19 ص 331

9- ابْنُ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَاوِنْجِيِّ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُدَ الشَّعِيرِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ صَاحِبِ الْمَنْصُورِ قَالَ: بَعَثَ الْمَنْصُورُ إِلَى الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَسْتَقْدِمُهُ لِشَيْ ءٍ بَلَغَهُ عَنْهُ فَلَمَّا وَافَى بَابَهُ خَرَجَ إِلَيْهِ الْحَاجِبُ فَقَالَ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ سَطْوَةِ هَذَا الْجَبَّارِ فَإِنِّي رَأَيْتُ حَرَدَهُ عَلَيْكَ شَدِيداً فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَيَّ مِنَ اللَّهِ جُنَّةٌ وَاقِيَةٌ تُعِينُنِي عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ اسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ سَلَّمَ فَرَدَّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا جَعْفَرُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ لِأَبِيكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَوْ لَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ إِلَّا أَخَذُوا مِنْ تُرَابِ قَدَمَيْكَ يَسْتَشْفُونَ بِهِ وَ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَهْلِكُ فِيَّ اثْنَانِ وَ لَا ذَنْبَ لِي مُحِبٌّ غَالٍ وَ مُبْغِضٌ مُفْرِطٌ قَالٍ قَالَ ذَلِكَ اعْتِذَاراً مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِمَا يَقُولُ فِيهِ الْغَالِي وَ الْمُفْرِطُ وَ لَعَمْرِي إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَوْ سَكَتَ عَمَّا قَالَتْ فِيهِ النَّصَارَى لَعَذَّبَهُ اللَّهُ وَ لَقَدْ تَعْلَمُ مَا يُقَالُ فِيكَ مِنَ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ وَ إِمْسَاكُكَ عَنْ ذَلِكَ وَ رِضَاكَ بِهِ سَخَطُ الدُّيَّانِ(2) زَعَمَ أَوْغَادُ الْحِجَازِ وَ رَعَاعُ النَّاسِ أَنَّكَ حِبْرُ الدَّهْرِ وَ نَامُوسُهُ وَ حُجَّةُ الْمَعْبُودِ وَ تَرْجُمَانُهُ وَ عَيْبَةُ عِلْمِهِ وَ مِيزَانُ قِسْطِهِ وَ مِصْبَاحُهُ الَّذِي يَقْطَعُ بِهِ الطَّالِبُ عَرْضَ الظُّلْمَةِ إِلَى ضِيَاءِ النُّورِ وَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ عَامِلٍ جَهِلَ حَدَّكَ فِي الدُّنْيَا عَمَلًا وَ لَا يَرْفَعُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً فَنَسَبُوكَ إِلَى غَيْرِ حَدِّكَ وَ قَالُوا فِيكَ مَا لَيْسَ فِيكَ فَقُلْ فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَ الْحَقَّ جَدُّكَ وَ أَوَّلَ مَنْ صَدَّقَهُ

ص: 362


1- أقول: ينبغي أن يكتب هذا الحديث بماء الذهب. السبزواري.
2- أقول للدوانیقي: هذا معتقد الروحانيين والأوّلياء في جعفر بن محمد، وأوغاد الناس وهمج الرعاء بمعزل عن درك مقامه (عَلَيهِ السَّلَامُ). السبزواري.

عَلَيْهِ أَبُوكَ وَ أَنْتَ حَرِيٌّ أَنْ تَقْتَصَّ آثَارَهُمَا وَ تَسْلُكَ سَبِيلَهُمَا فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَا فَرْعٌ مِنْ فَرْعِ الزَّيْتُونَةِ وَ قِنْدِيلٌ مِنْ قَنَادِيلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَ أَدِيبُ السَّفَرَةِ وَ رَبِيبُ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَ مِصْبَاحٌ مِنْ مَصَابِيحِ الْمِشْكَاةِ الَّتِي فِيهَا نُورُ النُّورِ وَ صَفْوَةُ الْكَلِمَةِ الْبَاقِيَةِ فِي عَقِبِ الْمُصْطَفَيْنَ إِلَى يَوْمِ الْحَشْرِ فَالْتَفَتَ الْمَنْصُورُ إِلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ هَذَا قَدْ أَحَالَنِي عَلَى بَحْرٍ مَوَّاجٍ لَا يُدْرَكُ طَرْفُهُ وَ لَا يُبْلَغُ عُمْقُهُ تَحَارُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَ يَغْرَقُ فِيهِ السُّبَحَاءُ وَ يَضِيقُ بِالسَّابِحِ عَرْضُ الْفَضَاءِ هَذَا الشَّجَا الْمُعْتَرِضُ فِي حُلُوقِ الْخُلَفَاءِ الَّذِي لَا يَجُوزُ نَفْيُهُ وَ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ وَ لَوْ لَا مَا يَجْمَعُنِي وَ إِيَّاه شَجَرَةٌ طَابَ أَصْلُهَا وَ بَسَقَ فَرْعُهَا وَ عَذُبَ ثَمَرُهَا وَ بُورِكَتْ فِي الذَّرِّ وَ قُدِّسَتْ فِي الزُّبُرِ لَكَانَ مِنِّي إِلَيْهِ مَا لَا يُحْمَدُ فِي الْعَوَاقِبِ لِمَا يَبْلُغُنِي عَنْهُ مِنْ شِدَّةِ عَيْبِهِ لَنَا وَ سُوءِ الْقَوْلِ فِينَا فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَا تَقْبَلْ فِي ذِي رَحِمِكَ وَ أَهْلِ الرِّعَايَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ قَوْلَ مَنْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَ جَعَلَ مَأْوَاهُ النَّارَ فَإِنَّ النَّمَّامَ شَاهِدُ زُورٍ وَ شَرِيكُ إِبْلِيسَ فِي الْإِغْرَاءِ بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِين» وَ نَحْنُ لَكَ أَنْصَارٌ وَ أَعْوَانٌ وَ لِمُلْكِكَ دَعَائِمُ وَ أَرْكَانٌ مَا أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ الْإِحْسَانِ وَ أَمْضَيْتَ فِي الرَّعِيَّةِ أَحْكَامَ الْقُرْآنِ وَ أَرْغَمْتَ بِطَاعَتِكَ لِلَّهِ أَنْفَ الشَّيْطَانِ وَ إِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْكَ فِي سَعَةِ فَهْمِكَ وَ كَثْرَةِ عِلْمِكَ وَ مَعْرِفَتِكَ بِآدَابِ اللَّهِ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَ تُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ وَ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّ الْمُكَافِيَ لَيْسَ بِالْوَاصِلِ إِنَّمَا الْوَاصِلُ مَنْ إِذَا قَطَعَتْهُ رَحِمُهُ وَصَلَهَا فَصِلْ رَحِمَكَ يَزِدِ اللَّهُ فِي عُمُرِكَ وَ يُخَفِّفْ عَنْكَ الْحِسَابَ يَوْمَ حَشْرِكَ فَقَالَ الْمَنْصُورُ قَدْ صَفَحْتُ عَنْكَ لِقَدَرِكَ وَ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ لِصِدْقِكَ فَحَدِّثْنِي عَنْ نَفْسِكَ بِحَدِيثٍ أَتَّعِظُ بِهِ وَ يَكُونُ لِي زَاجِرَ صِدْقٍ عَنِ الْمُوبِقَاتِ فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَيْكَ بِالْحِلْمِ فَإِنَّهُ رُكْنُ الْعِلْمِ وَ امْلِكْ نَفْسَكَ عِنْدَ أَسْبَابِ الْقُدْرَةِ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ كُنْتَ كَمَنْ شَفَى غَيْظاً أَوْ تَدَاوَى حِقْداً أَوْ يُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ بِالصَّوْلَةِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِن

ص: 363

عَاقَبْتَ مُسْتَحِقّاً لَمْ تَكُنْ غَايَةُ مَا تُوصَفُ بِهِ إِلَّا الْعَدْلَ وَ الْحَالُ الَّتِي تُوجِبُ الشُّكْرَ أَفْضَلُ مِنَ الْحَالِ الَّتِي تُوجِبُ الصَّبْرَ فَقَالَ الْمَنْصُورُ وَعَظْتَ فَأَحْسَنْتَ وَ قُلْتَ فَأَوْجَزْتَ فَحَدِّثْنِي عَنْ فَضْلِ جَدِّكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَدِيثاً لَمْ تَأْثِرْهُ الْعَامَّةُ: فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ فِي عَلِيٍّ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقُلْتُ لَبَّيْكَ رَبِّي وَ سَعْدَيْكَ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ عَلِيّاً إِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ فَبَشَّرَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِذَلِكَ فَخَرَّ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَاجِداً شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ مِنْ قَدْرِي حَتَّى إِنِّي أُذْكَرُ هُنَاكَ قَالَ نَعَمْ وَ إِنَّ اللَّهَ يَعْرِفُكَ وَ إِنَّكَ لَتُذْكَرُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى فَقَالَ الْمَنْصُورُ «ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاُء».

البحار: ج19 ص3

22 - مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ وَ مُعَتِّبٌ وَ مُصَادِفٌ مَوْلَيَا الصَّادِقِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي خَبَرٍ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَدِينَةَ أَتَاهُ بَنُو الْعَبَّاسِ وَ شَكَوْا مِنَ الصَّادِقِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ أَخَذَ تَرِكَاتِ مَاهِرٍ الْخَصِيِّ دُونَنَا فَخَطَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَانَ مِمَّا قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَعَثَ رَسُولَهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كَانَ أَبُونَا أَبُو طَالِبٍ الْمُوَاسِيَ لَهُ بِنَفْسِهِ وَ النَّاصِرَ لَهُ وَ أَبُوكُمُ الْعَبَّاسُ وَ أَبُو لَهَبٍ يُكَذِّبَانِهِ وَ يُؤَلِّبَانِ عَلَيْهِ شَيَاطِينَ الْكُفْرِ وَ أَبُوكُمْ يَبْغِي لَهُ الْغَوَائِلَ وَ يَقُودُ إِلَيْهِ القَبَائِلَ فِي بَدْرٍ وَ كَانَ فِي أَوَّلِ رَعِيلِهَا وَ صَاحِبَ خَيْلِهَا وَ رَجِلِهَا الْمُطْعِمَ يَوْمَئِذٍ وَ النَّاصِبَ الْحَرْبِ لَهُ ثُمَّ قَالَ فَكَانَ أَبُوكُمْ طَلِيقَنَا وَ عَتِيقَنَا وَ أَسْلَمَ كَارِهاً(1) تَحْتَ سُيُوفِنَا لَمْ يُهَاجِرْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ هِجْرَةً قَطُّ فَقَطَعَ اللَّهُ وَلَايَتَهُ مِنَّا بِقَوْلِهِ «وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ء» فِي كَلَامٍ لَهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا

ص: 364


1- هذا الخبر من الصوارخ في العباس. السبزواري.

مَوْلًى لَنَا مَاتَ فَحُزْنَا تُرَاثَهُ إِذْ كَانَ مَوْلَانَا وَ لِأَنَّا وُلْدُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ أُمُّنَا فَاطِمَةُ أَحْرَزَتْ مِيرَاثَه.

باب (9) أحوال أقربائه وعشائره وما جرى بينه وبينهم وما وقع عليهم من الجور والظلم وأحوال من خرج في زمانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من بني الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأولاد زيد وغيرهم

البحار: ج19 ص413

25 - بإسناده عَنْ شَيْخِ الطَّائِفَةِ عَنِ الْمُفِيدِ وَ ابْنِ الْغَضَائِرِيِّ عَنِ الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ وَ عَنِ الشَّيْخِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْأَهْوَازِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيِّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَيُّوبَ الْخَثْعَمِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ نَجِيحِ بْنِ مُطَهَّرٍ الرَّازِيِّ و إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالا مَعاً إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ حُمِلَ هُوَ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ يُعَزِّيهِ عَمَّا صَارَ إِلَيْهِ(1) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِلَى الْخَلَفِ الصَّالِحِ وَ الذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ مِنْ وُلْدِ أَخِيهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ أَمَّا بَعْدُ فَلَئِنْ كُنْتَ قَدْ تَفَرَّدْتَ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَيْتِكَ مِمَّنْ حُمِلَ مَعَكَ بِمَا أَصَابَكُمْ مَا انْفَرَدْتَ بِالْحُزْنِ وَ الْغَيْظِ وَ الْكَآبَةِ وَ أَلِيمِ وَجَعِ الْقَلْبِ دُونِي فَلَقَدْ نَالَنِي مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْجَزَعِ وَ الْقَلَقِ وَ حَرِّ الْمُصِيبَةِ مِثْلُ مَا نَالَكَ وَ لَكِنْ جَرَتْ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ

ص: 365


1- کتاب الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى بني الحسن، وهو كتاب نفعه عظيم لمن تدبّر فيه، بل يجب التدبر فيه. السبزواري.

جَلَّ جَلَالُهُ بِهِ الْمُتَّقِينَ مِنَ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْعَزَاءِ حِينَ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) «وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا» وَ حِينَ يَقُولُ «فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ» وَ حِينَ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) حِينَ مُثِّلَ بِحَمْزَةَ «وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ» وَ صَبَرَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) وَ لَمْ يُعَاقِبْ وَ حِينَ يَقُولُ« وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى» وَ حِينَ يَقُولُ «الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» وَ حِينَ يَقُولُ «الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » وَ حِينَ يَقُولُ لُقْمَانُ لِابْنِهِ «وَ اصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور» وَ حِينَ يَقُولُ عَنْ مُوسَى «قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» وَ حِينَ يَقُولُ «الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ» وَ حِينَ يَقُولُ «ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ» وَ حِينَ يَقُولُ «وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ» وَ حِينَ يَقُولُ «وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ» وَ حِينَ يَقُولُ «وَ الصَّابِرِينَ وَ الصَّابِراتِ» وَ حِينَ يَقُولُ «وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ» وَ أَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَ اعْلَمْ أَيْ عَمِّ وَ ابْنَ عَمِّ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ لَمْ يُبَالِ بِضُرِّ الدُّنْيَا لِوَلِيِّهِ سَاعَةً قَطُّ وَ لَا شَيْ ءَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الضُّرِّ وَ الْجَهْدِ وَ الْبَلَاءِ مَعَ الصَّبْرِ وَ أَنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يُبَالِ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا لِعَدُوِّهِ سَاعَةً قَطُّ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا كَانَ أَعْدَاؤُهُ يَقْتُلُونَ أَوْلِيَاءَهُ وَ يُخِيفُونَهُمْ وَ يَمْنَعُونَهُمْ وَ أَعْدَاؤُهُ آمِنُونَ مُطْمَئِنُّونَ عَالُونَ

ص: 366

ظَاهِرُونَ قَاهِرُونَ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا قُتِلَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا ظُلْماً وَ عُدْوَاناً فِي بَغِيٍّ مِنَ الْبَغَايَا وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا قُتِلَ جَدُّكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِمَا قَامَ بِأَمْرِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ ظُلْماً وَ عَمُّكَ الْحُسَيْنُ بْنُ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا اضْطِهَاداً وَ عُدْوَاناً وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ فِي كِتَابِهِ «وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ» وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا قَالَ فِي كِتَابِهِ «أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُون» وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَوْ لَا أَنْ يَحْزَنَ الْمُؤْمِنُ لَجَعَلْتُ لِلْكَافِرِ عِصَابَةً مِنْ حَدِيدٍ لَا يُصَدَّعُ رَأْسُهُ أَبَداً وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الدُّنْيَا لَا تُسَاوِي عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَابْتَعَثَ اللَّهُ لَهُ كَافِراً أَوْ مُنَافِقاً يُؤْذِيهِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْماً أَوْ أَحَبَّ عَبْداً صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلَاءَ صَبّاً فَلَا يَخْرُجُ مِنْ غَمٍّ إِلَّا وَقَعَ فِي غَمٍّ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا مِنْ جُرْعَتَيْنِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَجْرَعَهُمَا عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَ عَلَيْهَا وَ جُرْعَةِ حُزْنٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ صَبَرَ عَلَيْهَا بِحُسْنِ عَزَاءٍ وَ احْتِسَابٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) يَدْعُونَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُمْ بِطُولِ الْعُمُرِ وَ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَ كَثْرَةِ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) كَانَ إِذَا خَصَّ رَجُلًا بِالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ وَ الِاسْتِغْفَارِ اسْتُشْهِدَ فَعَلَيْكُمْ يَا عَمِّ وَ ابْنَ عَمِّ وَ بَنِي عُمُومَتِي وَ إِخْوَتِي بِالصَّبْرِ وَ الرِّضَا وَ التَّسْلِيمِ وَ التَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ الرِّضَا وَ الصَّبْرِ عَلَى قَضَائِهِ وَ التَّمَسُّكِ بِطَاعَتِهِ وَ النُّزُولِ عِنْدَ أَمْرِهِ أَفْرَغَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَ عَلَيْكُمُ الصَّبْرَ وَ خَتَمَ لَنَا وَ لَكُمْ بِالْأَجْرِ وَ السَّعَادَةِ وَ أَنْقَذَكُمْ وَ إِيَّانَا مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ بِحَوْلِهِ وَ قُوَّتِهِ- إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى صَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ

ص: 367

مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَ أَهْلِ بَيْتِه. (1)

باب (11) أحوال أصحابه وأهل زمانه صلوات الله عليه وما جرى بينه وبينهم

البحار: ج19 ص447

64- وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي مُحَمَّدٍ جَبْرَئِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْفَارَيَابِيِّ بِخَطِّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ الْكُوفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَتَى قَوْمٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَسْأَلُونَهُ الْحَدِيثَ مِنَ الْأَمْصَارِ(2) وَ أَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ لِي أَ تَعْرِفُ أَحَداً مِنَ الْقَوْمِ قُلْتُ لَا فَقَالَ كَيْفَ دَخَلُوا عَلَيَّ قُلْتُ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا يُبَالُونَ مِمَّنْ أَخَذُوا فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ هَلْ سَمِعْتَ مِنْ غَيْرِي مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحَدِّثْنِي بِبَعْضِ مَا سَمِعْتَ قَالَ إِنَّمَا جِئْتُ لِأَسْمَعَ مِنْكَ لَمْ أَجِئْ أُحَدِّثُكَ وَ قَالَ لِلْآخَرِ ذَلِكَ مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي مَا سَمِعَ قَالَ تَتَفَضَّلُ أَنْ تُحَدِّثَنِي بِمَا سَمِعْتَ أَ جَعَلَ الَّذِي حَدَّثَكَ حَدِيثَهُ أَمَانَةً لَا أتحدث بِهِ أَبَداً قَالَ لَا قَالَ فَسَمِّعْنَا بَعْضَ مَا اقْتَبَسْتَ مِنَ الْعِلْمِ حَتَّى نَعْتَدَّ بِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ النَّبِيذُ كُلُّهُ حَلَالٌ إِلَّا الْخَمْرَ ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَمْ يَمْسَحْ عَلَى خُفَّيْهِ فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ وَ مَنْ لَمْ يَشْرَبِ النَّبِيذَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ وَ مَنْ لَمْ يَأْكُلِ الْجِرِّيثَ وَ طَعَامَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ ذَبَائِحَهُمْ فَهُوَ ضَالٌّ أَمَّا النَّبِيذُ فَقَدْ شَرِبَهُ عُمَرُ نَبِيذُ زَبِيبٍ

ص: 368


1- ما يظهر منه مدح بني الحسن، فيحمل ما يدلّ على ذمهم على التقية. السبزواري
2- الأحاديث المجعولة المكذوبة وجاعلها سفيان الثوري لعنه الله تعالى. السبزواري.

فَرَشَحَهُ بِالْمَاءِ وَ أَمَّا الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَدْ مَسَحَ عُمَرُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثاً فِي السَّفَرِ وَ يَوْماً وَ لَيْلَةً فِي الْحَضَرِ وَ أَمَّا الذَّبَائِحُ فَقَدْ أَكَلَهَا عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ كُلُوهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ« الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُم» ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا فَقَالَ فَقَدْ حَدَّثْتُكَ بِمَا سَمِعْتُ فَقَالَ أَ كُلُّ الَّذِي سَمِعْتَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَشْيَاءُ صَدَّقَ النَّاسُ بِهَا وَ أَخَذُوا بِمَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَهَا أَصْلٌ مِنْهَا عَذَابُ الْقَبْرِ وَ مِنْهَا الْمِيزَانُ وَ مِنْهَا الْحَوْضُ وَ مِنْهَا الشَّفَاعَةُ وَ مِنْهَا النِّيَّةُ يَنْوِي الرَّجُلُ مِنَ الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ فَلَا يَعْمَلُهُ فَيُثَابُ عَلَيْهِ وَ لَا يُثَابُ الرَّجُلُ إِلَّا بِمَا عَمِلَ إِنْ خَيْراً فَخَيْراً وَ إِنْ شَرّاً فَشَرّاً قَالَ فَضَحِكْتُ مِنْ حَدِيثِهِ فَغَمَزَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ كُفَّ حَتَّى نَسْمَعَ قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ فَقَالَ وَ مَا يُضْحِكُكَ مِنَ الْحَقِّ أَمْ مِنَ الْبَاطِلِ قُلْتُ لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ وَ أَبْكِي وَ إِنَّمَا يُضْحِكُنِي مِنْكَ تَعَجُّباً كَيْفَ حَفِظْتَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فَسَكَتَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ رَأَى عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى مِنْبَرٍ بِالْكُوفَةِ وَ هُوَ يَقُولُ لَئِنْ أُتِيتُ بِرَجُلٍ يُفَضِّلُنِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ لَأَجْلِدَنَّهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا فَقَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ حُبُّ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ إِيمَانٌ وَ بُغْضُهُمَا كُفْرٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَبْطَأَ عَلَى بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ عَتِيقٌ مَا خَلَّفَكَ عَنِ الْبَيْعَةِ وَ اللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَن أَضْرِبَ عُنُقَكَ فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا تَثْرِيبَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِذَا سَلَّمَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ(1) وَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سَلَّمَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ يَا

ص: 369


1- هذا ليس بمجعول. السبزواري.

خَالِدُ لَا تَفْعَلْ مَا أَمَرْتُكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ وَدَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ بِنُخَيْلَاتِ يَنْبُعَ يَسْتَظِلُّ بِظِلِّهِنَّ وَ يَأْكُلُ مِنْ حَشَفِهِنَّ وَ لَمْ يَشْهَدْ يَوْمَ الْجَمَلِ وَ لَا النَّهْرَوَانِ وَ حَدَّثَنِي بِهِ سُفْيَانُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا رَأَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَوْمَ الْجَمَلِ كَثْرَةَ الدِّمَاءِ قَالَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ يَا بُنَيَّ هَلَكْتُ قَالَ لَهُ الْحَسَنُ يَا أَبَتِ أَ لَيْسَ قَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ هَذَا الْخُرُوجِ فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا بُنَيَّ لَمْ أَدْرِ أَنَّ الْأَمْرَ يَبْلُغُ هَذَا الْمَبْلَغَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَمَّا قَتَلَ أَهْلَ صِفِّينَ بَكَى عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فِي الْجَنَّةِ قَالَ فَضَاقَ بِيَ الْبَيْتُ وَ عَرِقْتُ وَ كِدْتُ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ مَسْكِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ إِلَيْهِ فَأَتَوَطَّأَهُ ثُمَّ ذَكَرْتُ غَمْزَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَفَفْتُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ أَيِّ الْبِلَادِ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْهُ وَ تَذْكُرُ اسْمَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ تَعْرِفُهُ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ شَيْئاً قَطُّ قَالَ لَا قَالَ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ عِنْدَكَ حَقٌّ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَتَى سَمِعْتَهَا قَالَ لَا أَحْفَظُ قَالَ إِلَّا أَنَّهَا أَحَادِيثُ أَهْلِ مِصْرِنَا مُنْذُ دَهْرِنَا لَا يَمْتَرُونَ فِيهَا قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَوْ رَأَيْتَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْهُ فَقَالَ لَكَ هَذِهِ الَّتِي تَرْوِيهَا عَنِّي كَذِبٌ وَ قَالَ لَا أَعْرِفُهَا وَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهَا هَلْ كُنْتَ تُصَدِّقُهُ قَالَ لَا قَالَ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ رِجَالٌ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمْ عَلَى عِتْقِ رَجُلٍ لَجَاز قَوْلُهُ فَقَالَ اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ مَا اسْمُكَ قَالَ مَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ بِأَلْفَيْ عَامٍ ثُمَّ أَسْكَنَهَا الْهَوَاءَ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ثَمَّ ائْتَلَفَ هَاهُنَا وَ مَا تَنَاكَرَ ثَمَّ اخْتَلَفَ هَاهُنَا وَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ حَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى يَهُودِيّاً وَ إِنْ أَدْرَكَ الدَّجَّالَ آمَنَ بِهِ وَ إِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ آمَنَ بِهِ فِي قَبْرِهِ يَا غُلَامُ ضَعْ لِي مَاءً وَ غَمَزَنِي وَ قَالَ لَا تَبْرَحْ وَ قَامَ الْقَوْم

ص: 370

فَانْصَرَفُوا وَ قَدْ كَتَبُوا الْحَدِيثَ الَّذِي سَمِعُوا مِنْهُ ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ وَ وَجْهُهُ مُنْقَبِضٌ فَقَالَ أَ مَا سَمِعْتَ مَا يُحَدِّثُ بِهِ هَؤُلَاءِ قُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا هَؤُلَاءِ وَ مَا حَدِيثُهُمْ قَالَ أَعْجَبُ حَدِيثِهِمْ كَانَ عِنْدِي الْكَذِبُ عَلَيَّ وَ الْحِكَايَةُ عَنِّي مَا لَمْ أَقُلْ وَ لَمْ يَسْمَعْهُ عَنِّي أَحَدٌ وَ قَوْلُهُمْ لَوْ أَنْكَرَ الْأَحَادِيثَ مَا صَدَّقْنَاهُ مَا لِهَؤُلَاءِ لَا أَمْهَلَ اللَّهُ لَهُمْ وَ لَا أَمْلَى لَهُمْ ثُمَّ قَالَ لَنَا إِنَّ عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنَ الْبَصْرَةِ قَالَ عَلَى أَطْرَافِهَا ثُمَّ قَالَ لَعَنَكِ اللَّهُ يَا أَنْتَنَ الْأَرْضِ تُرَاباً وَ أَسْرَعَهَا خَرَاباً وَ أَشَدَّهَا عَذَاباً فِيكِ الدَّاءُ الدَّوِيُّ قِيلَ مَا هُوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ كَلَامُ الْقَدَرِ الَّذِي فِيهِ الْفِرْيَةُ عَلَى اللَّهِ وَ بُغْضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ فِيهِ سَخَطُ اللَّهِ وَ سَخَطُ نَبِيِّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ كَذِبُهُمْ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ اسْتِحْلَالُهُمُ الْكَذِبَ عَلَيْنَا.

البحار: ج19 ص 603

82- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ اذْهَبْ بِنَا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ فَذَهَبْتُ مَعَهُ إِلَيْهِ فَوَجَدْنَاهُ قَدْ رَكِبَ دَابَّتَهُ فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ حَدِّثْنَا بِحَدِيثِ خُطْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ قَالَ دَعْنِي حَتَّى أَذْهَبَ فِي حَاجَتِي فَإِنِّي قَدْ رَكِبْتُ فَإِذَا جِئْتُ حَدَّثْتُكَ فَقَالَ أَسْأَلُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) لَمَّا حَدَّثْتَنِي قَالَ فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ مُرْ لِي بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ حَتَّى أُثْبِتَهُ فَدَعَا بِهِ ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ خُطْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ نَصَرَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَ النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَ اللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِيطَةٌ مِنْ وَرَائِهِمْ الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَى دِمَاؤُهُمْ وَ هُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ فَكَتَبَهُ ثُمَّ عَرَضَهُ عَلَيْهِ وَ رَكِبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 371

وَ جِئْتُ أَنَا وَ سُفْيَانُ فَلَمَّا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَقَال لِي كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَنْظُرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقُلْتُ لَهُ قَدْ وَ اللَّهِ أَلْزَمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رَقَبَتَكَ شَيْئاً لَا يَذْهَبُ مِنْ رَقَبَتِكَ أَبَداً فَقَالَ وَ أَيُّ شَيْ ءٍ ذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ قَدْ عَرَفْنَاهُ وَ النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ تَجِبُ عَلَيْنَا نَصِيحَتُهُمْ- مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ كُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عِنْدَنَا وَ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُمْ وَ قَوْلُهُ وَ اللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ فَأَيُّ الْجَمَاعَةِ- مُرْجِئٌ يَقُولُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَ لَمْ يَصُمْ وَ لَمْ يَغْتَسِلْ مِنْ جَنَابَةٍ وَ هَدَمَ الْكَعْبَةَ وَ نَكَحَ أُمَّهُ فَهُوَ عَلَى إِيمَانِ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ أَوْ قَدَرِيٌّ يَقُولُ لَا يَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَكُونُ مَا شَاءَهُ إِبْلِيسُ أَوْ حَرُورِيٌّ يَبْرَأُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ أَوْ جَهْمِيٌّ يَقُولُ إِنَّمَا هِيَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَيْسَ الْإِيمَانُ شَيْ ءٌ غَيْرُهَا قَالَ وَيْحَكَ وَ أَيَّ شَيْ ءٍ يَقُولُونَ فَقُلْتُ يَقُولُونَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ اللَّهِ الْإِمَامُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا نَصِيحَتُهُ وَ لُزُومُ جَمَاعَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ قَالَ فَأَخَذَ الْكِتَابَ فَخَرَقَهُ(1) ثُمَّ قَالَ لَا تُخْبِرْ بِهَا أَحَدا.

باب (12) مناظرات أصحابه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع المخالفين

البحار: ج19 ص 679

11 - مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ

ص: 372


1- لقد ألحد الملعون بإحراقه الكتاب العزيز. السبزواري.

فَوَرَدَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ سَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِالْجُلُوسِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا حَاجَتُكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا تُسْأَلُ عَنْهُ فَصِرْتُ إِلَيْكَ لِأُنَاظِرَكَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِيمَا ذَا قَالَ فِي الْقُرْآنِ وَ قَطْعِهِ وَ إِسْكَانِهِ وَ خَفْضِهِ وَ نَصْبِهِ وَ رَفْعِهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا حُمْرَانُ دُونَكَ الرَّجُلَ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنَّمَا أُرِيدُكَ أَنْتَ لَا حُمْرَانَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ)إِنْ غَلَبْتَ حُمْرَانَ فَقَدْ غَلَبْتَنِي فَأَقْبَلَ الشَّامِيُّ يَسْأَلُ حُمْرَانَ حَتَّى ضَجِرَ وَ مَلَّ وَ عَرَضَ وَ حُمْرَانُ يُجِيبُهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَيْفَ رَأَيْتَ يَا شَامِيُّ قَالَ رَأَيْتُهُ حَاذِقاً مَا سَأَلْتُهُ عَنْ شَيْ ءٍ إِلَّا أَجَابَنِي فِيهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا حُمْرَانُ سَلِ الشَّامِيَّ فَمَا تَرَكَهُ يَكْشِرُ فَقَالَ الشَّامِيُّ أَ رَأَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أُنَاظِرُكَ فِي الْعَرَبِيَّةِ فَالْتَفَتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ يَا أَبَانَ بْنَ تَغْلِبَ نَاظِرْهُ فَنَاظَرَهُ فَمَا تَرَكَ الشَّامِيُّ يَكْشِرُ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أُنَاظِرَكَ فِي الْفِقْهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا زُرَارَةُ نَاظِرْهُ فَمَا تَرَكَ الشَّامِيُّ يَكْشِرُ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أُنَاظِرَكَ فِي الْكَلَامِ فَقَالَ يَا مُؤْمِنَ الطَّاقِ نَاظِرْهُ فَنَاظَرَهُ فَسُجِلَ الْكَلَام بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَكَلَّمَ مُؤْمِنُ الطَّاقِ بِكَلَامِهِ فَغَلَبَهُ بِهِ فَقَالَ أُرِيدُ أَنْ أُنَاظِرَكَ فِي الِاسْتِطَاعَةِ فَقَالَ لِلطَّيَّارِ كَلِّمْهُ فِيهَا قَالَ فَكَلَّمَهُ فَمَا تَرَكَ يَكْشِرُ فَقَالَ أُرِيدُ أُنَاظِرُكَ فِي التَّوْحِيدِ فَقَالَ لِهِشَامِ بْنِ سَالِمٍ كَلِّمْهُ فَسُجِلَ الْكَلَامُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ خَصَمَهُ هِشَامٌ فَقَالَ أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فِي الْإِمَامَةِ فَقَالَ لِهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ كَلِّمْهُ يَا أَبَا الْحَكَمِ فَكَلَّمَهُ مَا تَرَكَهُ يَرْتِمُ وَ لَا يُحْلِي وَ لَا يُمِرُّ قَالَ فَبَقِيَ يَضْحَكُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فَقَالَ الشَّامِيُّ كَأَنَّكَ أَرَدْتَ أَنْ تُخْبِرَنِي أَنَّ فِي شِيعَتِكَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ قَالَ هُوَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ أَمَّا حُمْرَانُ فَحَرَفَكَ فَحِرْتَ لَهُ فَغَلَبَكَ بِلِسَانِهِ وَ سَأَلَكَ عَنْ حَرْفٍ مِنَ الْحَقِّ فَلَمْ تَعْرِفْهُ وَ أَمَّا أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ فَمَغَثَ حَقّاً بِبَاطِلٍ فَغَلَبَكَ وَ أَمَّا زُرَارَةُ فَقَاسَكَ فَغَلَبَ قِيَاسُهُ قِيَاسَكَ وَ أَمَّا الطَّيَّارُ فَكَانَ كَالطَّيْرِ يَقَعُ وَ يَقُومُ وَ أَنْتَ كَالطَّيْرِ الْمَقْصُوص وَ أَمَّا هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ قَامَ حُبَارَى يَقَعُ وَ يَطِيرُ وَ أَمَّا هِشَامُ بْنُ

ص: 373

الْحَكَمِ فَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ فَمَا سَوَّغَكَ بِرِيقِكَ يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ ضِغْثاً مِنَ الْحَقِّ وَ ضِغْثاً مِنَ الْبَاطِلِ(1) فَمَغَثَهُمَا ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا إِلَى النَّاسِ ثُمَّ بَعَثَ أَنْبِيَاءَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا فَعَرَّفَهَا الْأَنْبِيَاءَ وَ الْأَوْصِيَاءَ فَبَعَثَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ لِيُفَرِّقُوا ذَلِكَ وَ جَعَلَ الْأَنْبِيَاءَ قَبْلَ الْأَوْصِيَاءِ لِيَعْلَمَ النَّاسُ مَنْ فَضَّلَ اللَّهُ وَ مَنْ يَخْتَصُّ وَ لَوْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى حِدَةٍ وَ الْبَاطِلُ عَلَى حِدَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ بِشَأْنِهِ مَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى نَبِيٍّ وَ لَا وَصِيٍّ وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَلَطَهُمَا وَ جَعَلَ يُفَرِّقُهُمَا الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَئِمَّةُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ عِبَادِهِ فَقَالَ الشَّامِيُّ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ جَالَسَكَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) يُجَالِسُهُ جَبْرَائِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنْ عِنْدِ الْجَبَّارِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَهُوَ كَذَلِكَ فَقَالَ الشَّامِيُّ اجْعَلْنِي مِنْ شِيعَتِكَ وَ عَلِّمْنِي فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِهِشَامٍ عَلِّمْهُ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ تِلْمَاذاً لَكَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ وَ أَبُو مَالِكٍ الْخَضْرَمِيُّ رَأَيْنَا الشَّامِيَّ عِنْدَ هِشَامٍ بَعْدَ مَوْت أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يَأْتِي الشَّامِيُّ بِهَدَايَا أَهْلِ الشَّامِ وَ هِشَامٌ يَرُدُّهُ هَدَايَا أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ وَ كَانَ الشَّامِيُّ ذَكِيَّ الْقَلْب.

ص: 374


1- يمكن أن يكون هذا أحد أسرار اختلاف الأخبار الصادرة عنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الأحكام وغيرها، بل هذا هو العمدة بل هذا هو العمدة وليحتفظ بهذا الحديث وليكتب بالنور على خدود الحور. السبزواري.

أبواب تاريخ الإمام العليم أبي إبراهيم موسی بن جعفر الكاظم الحليم صلوات الله عليه وعلى آبائه الكرام وأولاده الأئمّة الأعلام ما تعاقب النور والظلام

باب (3) النصوص عليه صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص498

مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى شَلَقَانَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً قَبْلَ أَنْ أَجْلِسَ يَا عِيسَى مَا مَنَعَكَ أَنْ تَلْقَى ابْنِي فَتَسْأَلَهُ عَنْ جَمِيعِ مَا تُرِيدُ قَالَ عِيسَى فَذَهَبْتُ إِلَى الْعَبْدِ الصَّالِحِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ قَاعِدٌ فِي الْكُتَّابِ وَ عَلَى شَفَتَيْهِ أَثَرُ الْمِدَادِ فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً يَا عِيسَى إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَخَذَ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ عَلَى النُّبُوَّةِ فَلَمْ يَتَحَوَّلُوا عَنْهَا أَبَداً (1) وَ أَخَذَ مِيثَاقَ الْوَصِيِّينَ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَلَمْ يَتَحَوَّلُوا عَنْهَا أَبَداً وَ أَعَارَ قَوْماً الْإِيمَانَ زَمَاناً ثُمَّ يَسْلُبُهُمْ إِيَّاهُ وَ إِنَّ أَبَا الْخَطَّابِ مِمَّنْ أُعِيرَ الْإِيمَانَ ثُمَّ سَلَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ وَ قَبَّلْتُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي« ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لِي مَا صَنَعْتَ يَا عِيسَى قُلْتُ لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرَنِي مُبْتَدِئاً مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ جَمِيعِ مَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ فَعَلِمْتُ وَ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ يَا عِيسَى إِنَّ ابْنِي هَذَا الَّذِي رَأَيْتَ لَوْ سَأَلْتَهُ عَمَّا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ لَأَجَابَكَ فِيهِ بِعِلْمٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الْكُتَّابِ فَعَلِمْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ

ص: 375


1- هذا الخبر يدلّ على عدم تحقق البداء في النبوّة والإمامة. فليتدبر في الجمع بينه وبين ما ظاهره تحقق البداء في الإمامة. السبزواري.

أَنَّهُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ.

البحار: ج19 ص 499

44 - الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرُوا الْأَوْصِيَاءَ وَ ذُكِرَ إِسْمَاعِيلُ فَقَال لَا وَ اللَّهِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا ذَاكَ إِلَيْنَا وَ مَا هُوَ إِلَّا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَنْزِلُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِد.(1)

باب (5) عبادته وسيره ومكارم أخلاقه ووفور علمه صلوات عليه

البحار: ج19 ص 552

13 - عِدَّةٌ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ قَالَ كَانَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَثِيراً مَا يَأْكُلُ السُّكَّرَ عِنْدَ النَّوْم.(2)

البحار: ج19 ص553

20 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الرَّيَّانِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ مَوْلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ كَانَ اشْتَرَاهُ وَ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ وَ أَخَاهُ فَأَعْتَقَهُمْ وَ اسْتَكْتَبَ أَحْمَدَ وَ جَعَلَهُ قَهْرَمَانَهُ قَالَ أَحْمَدُ كُنَّ نِسَاءُ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِذَا تَبَخَّرْن أَخَذْنَ نَوَاةً مِنْ نَوَى الصَّيْحَانِيِّ مَمْسُوحَةً مِنَ التَّمْرِ مُنَقَّاةَ التَّمْرِ وَ الْقُشَارَةِ فَأَلْقَيْنَهَا عَلَى النَّارِ قَبْلَ الْبَخُورِ فَإِذَا دَخَنَتِ النَّوَاةُ أَدْنَى دُخَانٍ رَمَيْنَ النَّوَاةَ وَ تَبَخَّرْنَ مِنْ بَعْدُ وَ كُنَّ يَقُلْنَ هُوَ أَعْبَقُ وَ أَطْيَبُ

ص: 376


1- هذا مخالف لخبر أبي بصير، لأنه إذا لم يكن لهم في أمر الإمامة شيء فما معنى الطلب والسؤال والنصب. فتدبّر. السبزواري.
2- هذا موافق لما يراه أطباء العصر الحديث. السبزواري .

لِلْبَخُورِ(1) وَ كُنَّ يَأْمُرْنَ بِذَلِك.

البحار: ج19 ص 556

32 - الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ بَعَثَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) غُلَاماً يَشْتَرِي لَهُ بَيْضاً فَأَخَذَ الْغُلَامُ بَيْضَةً أَوْ بَيْضَتَيْنِ فَقَامَرَ بِهَا(2) فَلَمَّا أَتَى بِهِ أَكَلَهُ فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ إِنَّ فِيهِ مِنَ الْقِمَارِ قَالَ فَدَعَا بِطَشْتٍ فَتَقَيَّأَ فَقَاءَه.

البحار: ج19 ص57ه

35 - عَنْ كِتَابِ الْبَصَائِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَاصِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ حَجَجْتُ وَ مَعِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَقَصَدْنَا مَكَاناً نَنْزِلُهُ فَاسْتَقْبَلَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى حِمَارٍ أَخْضَرَ يَتْبَعُهُ طَعَامٌ وَ نَزَلْنَا بَيْنَ النَّخْلِ وَ جَاءَ وَ نَزَلَ وَ أُتِيَ بِالطَّسْتِ وَ الْمَاءِ وَ الْأُشْنَانِ فَبَدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ وَ أُدِيرَ الطَّسْتُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى بَلَغَ آخِرَنَا ثُمَّ أُعِيدَ إِلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ حَتَّى أُتِيَ إِلَى آخِرِنَا ثُمَّ قُدِّمَ الطَّعَامُ فَبَدَأَ بِالْمِلْحِ ثُمَّ قَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ ثَنَّى بِالْخَلِّ ثُمَّ أُتِيَ بِكَتِفٍ مَشْوِيٍّ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَان يُعْجِبُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ أُتِيَ بِالْخَلِّ وَ الزَّيْتِ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) ثُمَ أُتِيَ بِسِكْبَاج

ص: 377


1- أي أشد انتشارا لرائحة الطيب. السبزواري.
2- يستفاد من الخبر أمور: الأوّل: جواز معاملة غير البالغ إن كان المراد بالغلام من لم يبلغ الحلم، لا العبد. الثاني: حجية الخبر الواحد في الموضوعات، كما هو ظاهر قوله: فقال له مولى له..الخ. الثالث: شدة المواظبة على الاجتناب عن الحرام والتحرز عنه ولو بعد الأكل . إن قيل: كيف أكل (عَلَيهِ السَّلَامُ) البيض المقامر به مع أن الإمام عالم بما كان وما يكون؟ يقال: مع أنه عالم مأمور بالطرق الظاهرية المتعارفة وعدم الاعمال بالعلم من طريق الغيب. السبزواري.

فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَهَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ أُتِيَ بِلَحْمٍ مَقْلُوٍّ فِيهِ بَاذَنْجَانٌ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ حَامِضٍ قَدْ ثُرِدَ فِيهِ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ أُتِيَ بِجُبُنٍّ مُبَزَّرٍ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ أُتِيَ بِتَوْرٍ فِيهِ بَيْضٌ كَالْعُجَّة فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ أَبِي جَعْفَراً (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ أُتِيَ بِحَلْوَاءَ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُنِي وَ رُفِعَتِ الْمَائِدَةُ فَذَهَبَ أَحَدُنَا لِيَلْقُطَ مَا كَانَ تَحْتَهَا فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَنَازِلِ تَحْتَ السُّقُوفِ فَأَمَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَهُوَ لِعَافِيَةِ الطَّيْرِ وَ الْبَهَائِمِ ثُمَّ أُتِيَ بِالْخِلَال فَقَالَ مِنْ حَقِّ الْخِلَالِ أَنْ تُدِيرَ لِسَانَكَ فِي فَمِكَ فَمَا أَجَابَكَ ابْتَلَعْتَهُ وَ مَا امْتَنَعَ ثَمَّ بِالْخِلَالِ تُخْرِجُهُ فَتَلْفِظُهُ(1) وَ أُتِيَ بِالطَّسْتِ وَ الْمَاءِ فَابْتَدَأَ بِأَوَّلِ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ حَتَّى انْتُهِيَ إِلَيْهِ فَغَسَلَ ثُمَّ غَسَلَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ حَتَّى أُتِيَ عَلَى آخِرِهِمْ ثُمَّ قَالَ يَا عَاصِمُ كَيْفَ أَنْتُمْ فِي التَّوَاصُلِ وَ التَّبَارِّ فَقَالَ عَلَى أَفْضَلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَقَالَ أَ يَأْتِي أَحَدُكُمْ عِنْدَ الضِّيقَةِ مَنْزِلَ أَخِيهِ فَلَا يَجِدُهُ فَيَأْمُرُ بِإِخْرَاجِ كِيسِهِ فَيُخْرَج فَيَفُضُّ خَتْمَهُ فَيَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ حَاجَتَهُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ قَالَ لَا قَالَ لَسْتُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ مِنَ التَّوَاصُل و الضيقة و الفقر.

البحار: ج19 ص 588

37 - مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَرَنْدَسِ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِمِنًى وَ عَلَيْهِ نُقْبَةٌ وَ رِدَاءٌ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى جَوَالِيق سُودٍ مُتَّكِئٌ عَلَى يَمِينِهِ فَأَتَاهُ غُلَامٌ أَسْوَدُ بِصَحْفَةٍ فِيهَا رُطَبٌ فَجَعَلَ يَتَنَاوَلُ بِيَسَارِهِ

ص: 378


1- هذا موافق للطب الحديث. السبزواري.

فَيَأْكُلُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَمِينِهِ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ فَقَالَ لِي أَنْتَ رَأَيْتَهُ يَأْكُلُ بِيَسَارِهِ(1) قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِين.

باب (6) مناظراته (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع خلفاء الجور وما جرى بينه وبينهم وفيه بعض أحوال علي بن يقطين

البحار: ج19 ص575

23 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ بَيْنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى فِي دَارِهِ الَّتِي فِي الْمَسْعَى تُشْرِفُ عَلَى الْمَسْعَى إِذْ رَأَى أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) مُقْبِلًا مِنَ الْمَرْوَةِ عَلَى بَغْلَةٍ فَأَمَرَ ابْنَ هَيَّاجٍ رَجُلًا مِنْ هَمْدَانَ مُنْقَطِعاً إِلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِلِجَامِهِ وَ يَدَّعِيَ الْبَغْلَةَ (2) فَأَتَاهُ فَتَعَلَّقَ بِاللِّجَامِ وَ ادَّعَى الْبَغْلَةَ فَثَنَى أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رِجْلَهُ فَنَزَلَ عَنْهَا وَ قَالَ لِغِلْمَانِهِ خُذُوا سَرْجَهَا وَ ادْفَعُوهَا إِلَيْهِ فَقَالَ وَ السَّرْجُ أَيْضاً لِي فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَذَبْتَ عِنْدَنَا الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ سَرْجُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍ وَ أَمَّا الْبَغْلَةُ فَأَنَا اشْتَرَيْتُهَا مُنْذُ قَرِيبٍ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ وَ مَا قُلْت.

ص: 379


1- يستفاد من هذا الخبر أنه يكره لنا أن نأكل باليسار، وأنه مختص بالمعصوم لأن كلتا يديه يمني. السبزواري.
2- إن قيل إن مقتضى اليد هو کون البغلة أيضاً ملكاً له (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، كما أن مقتضى البينة كون السرج ملکا له فما وجه تخليته (عَلَيهِ السَّلَامُ) بينهم وبين البغلة ؟ يقال: نعم ولكن الشأن في صحة الشراء فان اليد مترتب على صحة البيع فإذا فسد البيع لا وجه لحجية اليد. فتدبر. السبزواري.
باب (7) أحوال عشائره وأصحابه وأهل زمانه وما جرى بينه وبينهم وما جرى من الظلم على عشائره صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص 582

5 - أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَذُكِرَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ إِنِّي جَعَلْتُ عَلَيَّ أَنْ لَا يُظِلَّنِي وَ إِيَّاهُ سَقْفُ بَيْتٍ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذَا يَأْمُرُ بِالْبِرِّ وَ الصِّلَةِ وَ يَقُولُ هَذَا لعمّه(1) قَالَ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ هَذَا مِنَ الْبِرِّ وَ الصِّلَةِ إِنَّهُ مَتَى يَأْتِينِي وَ يَدْخُلُ عَلَيَّ فَيَقُولُ وَ يُصَدِّقُهُ النَّاسُ وَ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إِذَا قَال.

البحار: ج19 ص 582

6- بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَنْجَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ الْأَرْمَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُفَضَّلِ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ لَمَّا خَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِي الْمَقْتُولُ بِفَخٍّ وَ احْتَوَى عَلَى الْمَدِينَةِ دَعَا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عليهما السّلام) إِلَى الْبَيْعَةِ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ عَمِّ لَا تُكَلِّفْنِي مَا كَلَّفَ ابْنُ عَمِّكَ عَمَّكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَيَخْرُجَ مِنِّي مَا لَا أُرِيدُ كَمَا خَرَجَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَا لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ إِنَّمَا عَرَضْتُ عَلَيْكَ أَمْراً فَإِنْ أَرَدْتَهُ دَخَلْتَ فِيهِ وَ إِنْ كَرِهْتَهُ لَمْ أَحْمِلْكَ عَلَيْهِ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ ثُمَّ وَدَّعَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حِينَ وَدَّعَهُ يَا ابْنَ عَمِّ إِنَّكَ مَقْتُولٌ فَأَجِدَّ الضِّرَابَ(2) فَإِنَّ الْقَوْمَ

ص: 380


1- يستفاد منه أن صلة الرحم إنما يجب إذا كانت الصلة في الله تعالى وإذا ترتب عليها الحرام فقطع الصلة الظاهرية هو الصلة حقيقة. السبزواري.
2- الضراب بمعنى الإعراض. السبزواري

فُسَّاقٌ يُظْهِرُونَ إِيمَاناً وَ يُسِرُّونَ شِرْكاً وَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أَحْتَسِبُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ عَصَبَةٍ ثُمَّ خَرَجَ الْحُسَيْنُ وَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ قُتِلُوا كُلُّهُمْ كَمَا قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

باب (9) أحواله في الحبس إلى شهادته وتاريخ وفاته ومدفنه صلوات الله عليه ولعنة الله على من ظلمه البحار: ج19 ص 629

43- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ قَالَ قُلْتُ الْإِمَامُ يَعْلَمُ مَتَى يَمُوتُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ حَيْثُ مَا بَعَثَ إِلَيْهِ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ بِرُطَبٍ وَ رَيْحَانٍ مَسْمُومَيْنِ عَلِمَ بِهِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَأَكَلَهُ وَ هُوَ يَعْلَمُ فَيَكُونُ مُعِيناً عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ لَا يَعْلَمُ قَبْلَ ذَلِكَ لِيَتَقَدَّمَ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَإِذَا جَاءَ الْوَقْتُ أَلْقَى اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ النِّسْيَانَ لِيَقْضِيَ فِيهِ الْحُكْم.

بيان ما ذكر في هذين الخبرين أحد الوجوه في الجمع بين ما دل على علمهم بما يئول إليه أمرهم(1) و بالأسباب التي يترتب عليها هلاكهم مع تعرضهم لها و بين عدم جواز إلقاء النفس إلى التهلكة و يمكن أن يقال مع قطع النظر عن الخبر أن التحرز عن أمثال تلك الأمور إنما يكون فيمن لم يعلم جميع أسباب التقادير الحتمية و إلا فيلزم أن لا يجري عليهم شي ء من التقديرات المكروهة و هذا مما لا يكون.و الحاصل أنّ أحكامهم الشرعية منوطة بالعلوم الظاهرة لا بالعلوم الإلهامية و كما أن أحوالهم في كثير من الأمور مباينة لأحوالنا فكذا تكاليفهم مغايرة لتكاليفنا على أنه يمكن أن يقال لعلهم علموا أنهم لو لم يفعلوا ذلك لأهلكوهم بوجه أشنع من ذلك فاختاروا

ص: 381


1- الأنساء عبارة أخرى عن غيبوبة المحدّث الذي صرح الإمام به في الخبر السابق لأن المحدّث هو روح القدس الذي لا يسهو ولا ينسى. السبزواري.

أيسر الأمرين و العلم بعصمتهم و جلالتهم و كون جميع أفعالهم جارية على قانون الحق و الصواب كاف لعدم التعرض لبيان الحكمة في خصوصيات أحوالهم لأولي الألباب و قد مر بعض الكلام في ذلك في باب شهادة أمير المؤمنين و باب شهادة الحسن و باب شهادة الحسين صلوات الله عليهم أجمعين.

البحار: ج19 ص 630

44 - عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُوسَوِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ الْحَذَّاءِ وَ غَيْرِهِ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ زُرْبِيٍّ قَالَ بَعَثَ إِلَيَّ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ فِي الْحَبْسِ فَقَالَ ائْتِ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ أَبُو فُلَانٍ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ أَخْرَجْتَنِي مِنْ بِلَادِي وَ فَرَّقْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ عِيَالِي(1) فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ زُبَيْدَةُ طَالِقٌ وَ عَلَيْهِ أَغْلَظُ الْأَيْمَانِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُ غَرِمَ السَّاعَةَ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَ أَنْتَ خَرَجْتَ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَبْلَغْتُهُ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ وَ اللَّهِ لَتُخْرِجَنَّنِي أَوْ لَأَخْرُجَن.

ص: 382


1- من سبر التواريخ يعلم علما يقيناً أن تشتت أمر البرامكة وصيرورتهم عبرة لأولي الاعتبار، لم يكن إلا بما فعلوا بموسی بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسائر ما يقال فهو من الافتعالات. السبزواري.

ص: 383

التعليقات على المجلد الثاني عشر من بحار الأنوار والمطابق للجزء العشرون من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 384

ص: 385

أبواب تاريخ الإمام المرتجي والسيد المرتضی ثامن أئمة الهدى أبي الحسن علي بن موسی الرضا صلوات الله عليه وعلى آبائه وأولاده أعلام الوری

باب (11) وروده (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بنيسابور وما ظهر فيه من المعجزات

البحار: ج 20 ص 79

2 - أَبُو وَاسِعٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ سَمِعْتُ جَدَّتِي خَدِيجَةَ بِنْتَ حَمْدَانَ بْنِ پسنده قَالَتْ لَمَّا دَخَلَ الرِّضَا (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَيْسَابُورَ نَزَلَ مَحَلَّةَ الْغَرْبِيِّ نَاحِيَةً تُعْرَفُ بلاش آباد(1) فِي دَارِ جَدَّتِي پسنده وَ إِنَّمَا سُمِّيَ پسنده لِأَنَّ الرِّضَا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ارْتَضَاهُ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ وَ پسنده هِيَ كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعْنَاهَا مَرْضِيٌّ فَلَمَّا نَزَلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) دَارَنَا زَرَعَ لَوْزَةً فِي جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ الدَّارِ فَنَبَتَتْ وَ صَارَتْ شَجَرَةً وَ أَثْمَرَتْ فِي سَنَةٍ فَعَلِمَ النَّاسُ بِذَلِكَ فَكَانُوا يَسْتَشْفُونَ بِلَوْزِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَمَنْ أَصَابَتْهُ عِلَّةٌ تَبَرَّكَ بِالتَّنَاوُلِ مِنْ ذَلِكَ اللَّوْزِ مُسْتَشْفِياً بِهِ فَعُوفِيَ وَ مَنْ أَصَابَهُ رَمَدٌ جَعَلَ ذَلِكَ اللَّوْزَ عَلَى عَيْنِهِ فَعُوفِيَ وَ كَانَتِ الْحَامِلُ إِذَا عَسُرَ عَلَيْهَا وِلَادَتُهَا تَنَاوَلَتْ مِنْ ذَلِكَ اللَّوْزِ فَتَخِفُّ عَلَيْهَا الْوِلَادَةُ وَ تَضَعُ مِنْ سَاعَتِهَا وَ كَانَ إِذَا أَخَذَ دَابَّةً مِنَ الدَّوَابِّ الْقُولَنْجُ أُخِذَ مِنْ قُضْبَانِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَأُمِرَّ عَلَى بَطْنِهَا فَتَعَافَى وَ يَذْهَبُ عَنْهَا رِيحُ الْقُولَنْجِ بِبَرَكَةِ الرِّضَا (عليه السّلام) فَمَضَتِ الْأَيَّامُ عَلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَ يَبِسَتْ فَجَاءَ جَدِّي حَمْدَانُ وَ قَطَعَ أَغْصَانَهَا فَعَمِيَ وَ جَاءَ ابْنٌ لِحَمْدَانَ يُقَالُ لَهُ أَبُو عَمْرٍو فَقَطَعَ تِلْكَ الشَّجَرَةَ مِنْ وَجْهِ

ص: 386


1- بلاشا آباد قرية من قری سبزوار معروفة هناك. السبزواري.

الْأَرْضِ فَذَهَبَ مَالُهُ كُلُّهُ بِبَابِ فَارِسٍ وَ كَانَ مَبْلَغُهُ سَبْعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إِلَى ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْ ءٌ وَ كَانَ لِأَبِي عَمْرٍو هَذَا ابْنَانِ كَاتِبَانِ وَ كَانَا يَكْتُبَانِ لِأَبِي الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ سمجور يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا أَبُو الْقَاسِمِ وَ لِلْآخَرِ أَبُو صَادِقٍ فَأَرَادَا عِمَارَةَ تِلْكَ الدَّارِ وَ أَنْفَقَا عَلَيْهَا عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ قَلَعَا الْبَاقِيَ مِنْ أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَ هُمَا لَا يَعْلَمَانِ مَا يَتَوَلَّد عَلَيْهِمَا مِنْ ذَلِكَ فَوَلَّى أَحَدُهُمَا ضَيَاعاً لِأَمِيرِ خُرَاسَانَ فَرُدَّ إِلَى نَيْسَابُورَ فِي مَحْمِلٍ قَدِ اسْوَدَّتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى فَشُرِحَتْ رِجْلُهُ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الْعِلَّةِ بَعْدَ شَهْرٍ وَ أَمَّا الْآخَرُ وَ هُوَ الْأَكْبَرُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي دِيوَانِ السُّلْطَانِ بِنَيْسَابُورَ يَكْتُبُ كِتَاباً وَ عَلَى رَأْسِهِ قَوْمٌ مِنَ الْكُتَّابِ وُقُوفٌ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ دَفَعَ اللَّهُ عَيْنَ السَّوْءِ عَنْ كَاتِبِ هَذَا الْخَطِّ فَارْتَعَشَتْ يَدُهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَ سَقَطَ الْقَلَمُ مِنْ يَدِهِ وَ خَرَجَتْ بِيَدِهِ بَثْرَةٌ وَ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَدَخَلَ إِلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْكَاتِبُ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَالُوا لَهُ هَذَا الَّذِي أَصَابَكَ مِنَ الْحَرَارَةِ فَيَجِبُ أَنْ تَفْتَصِدَ فَافْتَصَدَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَعَادُوا إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ وَ قَالُوا لَهُ يَجِبُ أَنْ تَفْتَصِدَ الْيَوْمَ أَيْضاً فَفَعَلَ فَاسْوَدَّتْ يَدُهُ فَشُرِحَتْ وَ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَ كَانَ مَوْتُهُمَا جَمِيعاً فِي أَقَلَّ مِنْ سَنَة.

ص: 387

التعليقات على المجلد الثالث عشر من بحار الأنوار والمطابق للجزء الحادي والعشرون من الطبعة الحروفيّة

اشارة

ص: 388

ص: 389

أبواب تاريخ الإمام الحادي عشر

إشارة

أبواب(1) تاريخ الإمام الحادي عشر وسبط سيد البشر ووالد الخلف المنتظر وشافع المحشر السيد الرضي الزكي أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه وعلى آبائه الكرام وخلفه خاتم الأئمّة الأعلام ما تعاقبت الليالي والأيام

باب (1) ولادته وأحوال أنه صلوات الله عليه

البحار: ج 21 ص 5

3- ابْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ رِزْقِ اللَّهِ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي حَكِيمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) قَالَتْ بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عليه السّلام) فَقَالَ يَا عَمَّةِ اجْعَلِي إِفْطَارَكِ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا فَإِنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سَيُظْهِرُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْحُجَّةَ وَ هُوَ حُجَّتُهُ فِي أَرْضِهِ قَالَتْ فَقُلْتُ لَهُ وَ مَنْ أُمُّهُ قَالَ لِي نَرْجِسُ قُلْتُ لَهُ وَ اللَّهِ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ مَا بِهَا أَثَرٌ(2) فَقَالَ هُوَ مَا أَقُولُ لَكِ قَالَتْ فَجِئْتُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ وَ جَلَسْتُ جَاءَتْ تَنْزِعُ خُفِّي وَ قَالَتْ لِي يَا سَيِّدَتِي كَيْفَ أَمْسَيْتِ فَقُلْتُ بَلْ أَنْتِ سَيِّدَتِي وَ سَيِّدَةُ أَهْلِي قَالَتْ فَأَنْكَرَتْ قَوْلِي وَ قَالَت

ص: 390


1- کتب على أول صفحة من المجلد الثالث عشر: (شرعت فيه ليلة الثلاثاء 22 ربيع الأوّل أسأل الله أن يوفقني لإتمامه). وهذه عبارة أخرى تدلّ على شروع آخر: (باسمه تعالى الشروع يوم الخامس من محرم 1386 ه).
2- يعني أثر المخاض. السبزواري.

مَا هَذَا يَا عَمَّةِ قَالَتْ فَقُلْتُ لَهَا يَا بُنَيَّةِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سَيَهَبُ لَكِ فِي لَيْلَتِكِ هَذِهِ غُلَاماً سَيِّداً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ قَالَتْ فَجَلَسَتْ وَ اسْتَحْيَت فَلَمَّا أَنْ فَرَغْتُ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ أَفْطَرْتُ وَ أَخَذْتُ مَضْجَعِي فَرَقَدْتُ فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ فَفَرَغْتُ مِنْ صَلَاتِي وَ هِيَ نَائِمَةٌ لَيْسَ بِهَا حَادِثٌ ثُمَّ جَلَسْتُ مُعَقِّبَةً ثُمَّ اضْطَجَعْتُ ثُمَّ انْتَبَهْتُ فَزِعَةً وَ هِيَ رَاقِدَةٌ ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّت قَالَتْ حَكِيمَةُ فَدَخَلَتْنِي الشُّكُوكُ فَصَاحَ بِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنَ الْمَجْلِسِ فَقَالَ لَا تَعْجَلِي يَا عَمَّةِ فَإِنَّ الْأَمْرَ قَدْ قَرُبَ قَالَتْ فَقَرَأْتُ الم السَّجْدَةَ وَ يس فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا انْتَبَهَتْ فَزِعَةً فَوَثَبْتُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْكِ ثُمَّ قُلْتُ لَهَا تُحِسِّينَ شَيْئاً قَالَتْ نَعَمْ يَا عَمَّةِ فَقُلْتُ لَهَا اجْمَعِي نَفْسَكِ وَ اجْمَعِي قَلْبَكِ فَهُوَ مَا قُلْتُ لَكِ قَالَتْ حَكِيمَةُ ثُمَّ أَخَذَتْنِي فَتْرَةٌ وَ أَخَذَتْهَا فِطْرَةٌ فَانْتَبَهْتُ بِحِسِّ سَيِّدِي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَشَفْتُ الثَّوْبَ عَنْهُ فَإِذَا أَنَا بِهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَاجِداً يَتَلَقَّى الْأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَإِذَا أَنَا بِهِ نَظِيفٌ مُنَظَّفٌ فَصَاحَ بِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) هَلُمِّي إِلَيَّ ابْنِي يَا عَمَّةِ فَجِئْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ تَحْتَ أَلْيَتَيْهِ وَ ظَهْرِهِ وَ وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ أَدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ وَ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَ سَمْعِهِ وَ مَفَاصِلِهِ ثُمَّ قَالَ تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ صَلَّى عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ إِلَى أَنْ وَقَفَ عَلَى أَبِيهِ ثُمَّ أَحْجَمَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا عَمَّةِ اذْهَبِي بِهِ إِلَى أُمِّهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهَا وَ ائْتِينِي بِهِ فَذَهَبْتُ بِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَ رَدَدْتُهُ وَ وَضَعْتُهُ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَالَ يَا عَمَّةِ إِذَا كَانَ يَوْمُ السَّابِعِ فَأْتِينَا قَالَتْ حَكِيمَةُ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ جِئْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَشَفْتُ السِّتْرَ لِأَفْتَقِدَ سَيِّدِي فَلَمْ أَرَهُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا فُعِلَ سَيِّدِي فَقَالَ يَا عَمَّةِ اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ أُمُّ مُوسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَتْ حَكِيمَةُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ جِئْتُ وَ سَلَّمْتُ وَ جَلَسْتُ فَقَالَ هَلُمِّي إِلَيَّ ابْنِي فَجِئْتُ بِسَيِّدِي فِي الْخِرْقَةِ فَفَعَلَ بِهِ كَفَعْلَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ أَدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ كَأَنَّهُ يُغَذِّيهِ لَبَناً أَو

ص: 391

عَسَلًا ثُمَّ قَالَ تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ): أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ ثَنَّى بِالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَبِيهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُون قَالَ مُوسَى فَسَأَلْتُ عُقْبَةَ الْخَادِمَ عَنْ هَذَا فَقَالَ صَدَقَتْ حَكِيمَة.

البحار: ج 21 ص 11

13 - مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ الْقُمِّيِّ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الشَّيْبَانِيِّ قَالَ وَرَدْتُ كَرْبَلَاءَ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَمَانِينَ وَ مِائَتَيْنِ قَالَ وَ زُرْتُ قَبْرَ غَرِيبِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ انْكَفَأْتُ إِلَى مَدِينَةِ السَّلَامِ مُتَوَجِّهاً إِلَى مَقَابِرِ قُرَيْشٍ وَ قَدْ تَضَرَّمَتِ الْهَوَاجِرُ وَ تَوَقَّدَتِ السَّمَاءُ وَ لَمَّا وَصَلْتُ مِنْهَا إِلَى مَشْهَدِ الْكَاظِمِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ اسْتَنْشَقْتُ نَسِيمَ تُرْبَتِهِ الْمَغْمُورَةِ مِنَ الرَّحْمَةِ الْمَحْفُوفَةِ بِحَدَائِقِ الْغُفْرَانِ أَكْبَبْتُ عَلَيْهَا بِعَبَرَاتٍ مُتَقَاطِرَةٍ وَ زَفَرَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ وَ قَدْ حَجَبَ الدَّمْعُ طَرْفِي عَنِ النَّظَرِ فَلَمَّا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ وَ انْقَطَعَ النَّحِيبُ وَ فَتَحْتُ بَصَرِي وَ إِذَا أَنَا بِشَيْخٍ قَدِ انْحَنَى صُلْبُهُ وَ تَقَوَّسَ مَنْكِبَاهُ وَ ثَفِنَتْ جَبْهَتُهُ وَ رَاحَتَاهُ وَ هُوَ يَقُولُ لآِخَرَ مَعَهُ عِنْدَ الْقَبْرِ يَا ابْنَ أَخِ فَقَدْ نَالَ عَمُّكَ شَرَفاً بِمَا حَمَّلَهُ السَّيِّدَانِ مِنْ غَوَامِضِ الْغُيُوبِ وَ شَرَائِفِ الْعُلُومِ الَّتِي لَمْ يَحْمِلْ مِثْلَهَا إِلَّا سَلْمَانُ وَ قَدْ أَشْرَفَ عَمُّكَ عَلَى اسْتِكْمَالِ الْمُدَّةِ وَ انْقِضَاءِ الْعُمُرِ وَ لَيْسَ يَجِدُ فِي أَهْلِ الْوَلَايَةِ رَجُلًا يُفْضِي إِلَيْهِ قُلْتُ يَا نَفْسُ لَا يَزَالُ الْعَنَاءُ وَ الْمَشَقَّةُ يَنَالانِ مِنْكِ بِإِتْعَابِيَ الْخُفَّ وَ الْحَافِرَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَ قَدْ قَرَعَ سَمْعِي مِنْ هَذَا الشَّيْخِ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى عِلْمٍ جَسِيمٍ وَ أَمْرٍ عَظِيم فَقُلْتُ أَيُّهَا الشَّيْخُ وَ مَنِ السَّيِّدَانِ قَالَ النَّجْمَانِ الْمُغَيَّبَانِ فِي الثَّرَى بِسُرَّمَنْ رَأَى فَقُلْتُ إِنِّي أُقْسِمُ بِالْمُوَالاةِ وَ شَرَفِ مَحَلِّ هَذَيْنِ السَّيِّدَيْن

ص: 392

مِنَ الْإِمَامَةِ وَ الْوِرَاثَةِ أَنِّي خَاطِبٌ عِلْمَهُمَا وَ طَالِبٌ آثَارَهُمَا وَ بَاذِلٌ مِنْ نَفْسِي الْأَيْمَانَ الْمُؤَكَّدَةَ عَلَى حِفْظِ أَسْرَارِهِمَا قَالَ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَقُولُ فَأَحْضِرْ مَا صَحِبَكَ مِنَ الْآثَارِ عَنْ نَقَلَةِ أَخْبَارِهِمْ فَلَمَّا فَتَّشَ الْكُتُبَ وَ تَصَفَّحَ الرِّوَايَاتِ مِنْهَا قَالَ صَدَقْتَ أَنَا بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَّاسُ مِنْ وُلْدِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَحَدُ مَوَالِي أَبِي الْحَسَنِ وَ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ جَارُهُمَا بِسُرَّمَنْ رَأَى قُلْتُ فَأَكْرِمْ أَخَاكَ بِبَعْضِ مَا شَاهَدْتَ مِنْ آثَارِهِمَا قَالَ كَانَ مَوْلَايَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَّهَنِي فِي عِلْمِ الرَّقِيقِ فَكُنْتُ لَا أَبْتَاعُ وَ لَا أَبِيعُ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَاجْتَنَبْتُ بِذَلِكَ مَوَارِدَ الشُّبُهَاتِ حَتَّى كَمَلَتْ مَعْرِفَتِي فِيهِ فَأَحْسَنْتُ الْفَرْقَ فِيمَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي مَنْزِلِي بِسُرَّمَنْ رَأَى وَ قَدْ مَضَى هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ إِذْ قَدْ قَرَعَ الْبَابَ قَارِعٌ فَعَدَوْتُ مُسْرِعاً فَإِذَا بِكَافُورٍ الْخَادِمِ رَسُولِ مَوْلَانَا أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَدْعُونِي إِلَيْهِ فَلَبِسْتُ ثِيَابِي وَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَرَأَيْتُهُ يُحَدِّثُ ابْنَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أُخْتَهُ حَكِيمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ فَلَمَّا جَلَسْتُ قَالَ يَا بِشْرُ إِنَّكَ مِنْ وُلْدِ الْأَنْصَارِ(1) وَ هَذِهِ الْوَلَايَةُ لَمْ تَزَلْ فِيكُمْ يَرِثُهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ وَ أَنْتُمْ ثِقَاتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ سَاقَ الْخَبَرَ نَحْواً مِمَّا رَوَاهُ الشَّيْخُ إِلَى آخِرِهِ.

البحار: ج 21 ص16

10 - إكمال الدين الطَّالَقَانِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلِيلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ غِيَاثِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ وُلِدَ الْخَلَفُ الْمَهْدِيُّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ أُمُّهُ رَيْحَانَةٌ وَ يُقَالُ لَهَا نَرْجِسُ(2) وَ يُقَالُ صَقِيلُ وَ يُقَالُ سَوْسَنُ إِلَّا أَنَّهُ قِيلَ لِسَبَب

ص: 393


1- أقول: لعل ما ورد من إيمان النصارى بالحجّة أنهم يرونه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أقرباء وصي نبيهم عیسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيؤمنون به ويحفظون جانبه حمية لنبيهم عیسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتدبر أسرار الأخبار السبزواري.
2- 1- مليكة - 2 نرجس -3 صقل - سوسن . ه_ خمط . حکيمة. ولعل الاختلاف في اسم أمّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأجل تلبس الأمر وإخفاء الأم. ويحتمل أن الصيقل بمعنی المصقول عن الحمل، أي لم يكن لها أثر الحمل ظاهر، فيكون حمله (عَلَيهِ السَّلَامُ) كحمل موسی بن عمران، ويحتمل أن تكون هذه كلّها صفاتها لا أن تكون اسمها، ولكونها مجمعة المحاسن ذكرت شتی صفاتها. السبزواري.

الْحَمْلِ صَقِيلُ وَ كَانَ مَوْلِدُهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ وَكِيلُهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ وَ أَوْصَى أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى أَبِي الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِ بْنِ رَوْحٍ وَ أَوْصَى أَبُو الْقَاسِمِ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلَمَّا حَضَرَتِ السَّمُرِيَّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) الْوَفَاةُ سُئِلَ أَنْ يُوصِيَ فَقَالَ لِلَّهِ أَمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ فَالْغَيْبَةُ التَّامَّةُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ السَّمُرِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ).

البحار: ج 21 ص 19

20 - ابْنُ أَبِي جِيدٍ عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُطَهَّرِيِّ عَنْ حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا قَالَتْ بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَنَةَ خَمْسٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَ قَالَ يَا عَمَّةِ اجْعَلِي اللَّيْلَةَ إِفْطَارَكِ عِنْدِي فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَيَسُرُّكِ بِوَلِيِّهِ وَ حُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي قَالَتْ حَكِيمَةُ فَتَدَاخَلَنِي لِذَلِكَ سُرُورٌ شَدِيدٌ وَ أَخَذْتُ ثِيَابِي عَلَيَّ وَ خَرَجْتُ مِنْ سَاعَتِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ جَالِسٌ فِي صَحْنِ دَارِهِ وَ جَوَارِيهِ حَوْلَهُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي الْخَلَفُ مِمَّنْ هُوَ قَالَ مِنْ سَوْسَنَ فَأَدَرْتُ طَرْفِي فِيهِنَّ فَلَمْ أَرَ جَارِيَةً عَلَيْهَا أَثَرٌ(1) غَيْرَ سَوْسَنَ قَالَتْ حَكِيمَةُ فَلَمَّا أَنْ صَلَّيْتُ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أُتِيتُ بِالْمَائِدَةِ فَأَفْطَرْتُ أَنَا وَ سَوْسَنُ وَ بَايَتُّهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَغَفَوْتُ غَفْوَة ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ فَلَمْ أَزَلْ مُفَكِّرَةً فِيمَا وَعَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ أَمْرِ وَلِيِّ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقُمْتُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي كُنْتُ أَقُومُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ

ص: 394


1- أي أثر الحمل لا المخاض. السبزواري.

لِلصَّلَاةِ فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ اللَّيْلِ حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى الْوَتْرِ فَوَثَبَتْ سَوْسَنُ فَزِعَةً وَ خَرَجَتْ وَ أَسْبَغَتِ الْوُضُوءَ ثُمَّ عَادَتْ فَصَلَّتْ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَ بَلَغَتْ إِلَى الْوَتْرِ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ قَرُبَ فَقُمْتُ لِأَنْظُرَ فَإِذَا بِالْفَجْرِ الْأَوَّلِ قَدْ طَلَعَ فَتَدَاخَلَ قَلْبِيَ الشَّك مِنْ وَعْدِ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَنَادَانِي مِنْ حُجْرَتِهِ لَا تَشُكِّي وَ كَأَنَّكِ بِالْأَمْرِ السَّاعَةَ قَدْ رَأَيْتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّه قَالَتْ حَكِيمَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ مِمَّا وَقَعَ فِي قَلْبِي وَ رَجَعْتُ إِلَى الْبَيْتِ وَ أَنَا خَجِلَةٌ فَإِذَا هِيَ قَدْ قَطَعَتِ الصَّلَاةَ وَ خَرَجَتْ فَزِعَةً فَلَقِيتُهَا عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتِ وَ أُمِّي هَلْ تُحِسِّينَ شَيْئاً قَالَتْ نَعَمْ يَا عَمَّةِ إِنِّي لَأَجِدُ أَمْراً شَدِيداً قُلْتُ لَا خَوْفَ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ أَخَذْتُ وِسَادَةً فَأَلْقَيْتُهَا فِي وَسَطِ الْبَيْتِ وَ أَجْلَسْتُهَا عَلَيْهَا وَ جَلَسْتُ مِنْهَا حَيْثُ تَقْعُدُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ لِلْوِلَادَةِ فَقَبَضَتْ عَلَى كَفِّي وَ غَمَزَتْ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ أَنَّتْ أَنَّةً وَ تَشَهَّدَتْ وَ نَظَرْتُ تَحْتَهَا فَإِذَا أَنَا بِوَلِيِّ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مُتَلَقِّياً الْأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَأَخَذْتُ بِكَتِفَيْهِ فَأَجْلَسْتُهُ فِي حَجْرِي وَ إِذَا هُوَ نَظِيفٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ فَنَادَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا عَمَّةِ هَلُمِّي فَأْتِينِي بِابْنِي فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَتَنَاوَلَهُ وَ أَخْرَجَ لِسَانَهُ فَمَسَحَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَفَتَحَهَا ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي فِيهِ فَحَنَّكَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَ أَجْلَسَهُ فِي رَاحَتِهِ الْيُسْرَى فَاسْتَوَى وَلِيُّ اللَّهِ جَالِساً فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَ قَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ انْطِقْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ فَاسْتَعَاذَ وَلِيُّ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَ اسْتَفْتَحَ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُون» وَ صَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيهِم السَّلَامُ) وَاحِداً وَاحِداً حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِيهِ فَنَاوَلَنِيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ يَا عَمَّةِ رُدِّيهِ إِلَى أُمِّهِ حَتَّى تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فَرَدَدْتُهُ إِلَى أُمِّهِ وَ قَدِ انْفَجَرَ الْفَجْرُ الثَّانِي فَصَلَّيْتُ الْفَرِيضَةَ وَ عَقَّبْتُ إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ وَدَّعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ انْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ اشْتَقْتُ إِلَى وَلِيِّ اللَّهِ فَصِرْتُ إِلَيْهِم

ص: 395

فَبَدَأْتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي كَانَتْ سَوْسَنُ فِيهَا فَلَمْ أَرَ أَثَراً وَ لَا سَمِعْتُ ذِكْراً فَكَرِهْتُ أَنْ أَسْأَلَ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَبْدَأَهُ بِالسُّؤَالِ فَبَدَأَنِي فَقَالَ يَا عَمَّةِ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَ حِرْزِهِ وَ سَتْرِهِ وَ عَيْنِهِ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُ فَإِذَا غَيَّبَ اللَّهُ شَخْصِي وَ تَوَفَّانِي وَ رَأَيْتِ شِيعَتِي قَدِ اخْتَلَفُوا فَأَخْبِرِي الثِّقَاتَ مِنْهُمْ وَ لْيَكُنْ عِنْدَكِ وَ عِنْدَهُمْ مَكْتُوماً فَإِنَّ وَلِيَّ اللَّهِ يُغَيِّبُهُ اللَّهُ عَنْ خَلْقِهِ وَ يَحْجُبُهُ عَنْ عِبَادِهِ فَلَا يَرَاهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَدِّمَ لَهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَرَسَهُ «لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا».(1)

باب (3) النهي عن التسمية

البحار: ج 21 ص 27

8- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيِّ قَالَ سَأَلَنِي أَصْحَابُنَا بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ أَسْأَلَ عَنِ الِاسْمِ وَ الْمَكَانِ فَخَرَجَ الْجَوَابُ إِنْ دَلَلْتُهُمْ عَلَى الِاسْمِ أَذَاعُوهُ وَ إِنْ عَرَفُوا الْمَكَانَ دَلُّوا عَلَيْهِ.(2)

ص: 396


1- يعني من العامة وإلا فالسفراء في زمن الغيبة كانوا يتشرفون بخدمته. السبزواري.
2- أقول: لما كانت غيبة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وظهوره واستيلائه على من في الأرض واتحاد الكلمة بالنسبة إليه أمراً غريباً بالنسبة إلى الأذهان العامية بحيث يبادرون إلى الإنكار إذا سمعوا ذلك بل ربما يجعلونه من الأساطير فاللازم إنما هو تعظيم الإمام الغائب غاية التعظيم قولاً وكتباً وفعلاً حتّى يكون هذا التعظيم مانعة من جعله من الأساطير بل يكون من المعتقدات الحقة المقرونة بالتجليل والتعظيم العملي إنما هو بالقيام عند ذكر اسمه الشريف واللفظي والكتبي إنما هو بالتكنية عنه لأن من عادات كل قوم أن يكنوا عن أسماء أكابر هم ولا يصرحون بأسمائهم. فافهم. السبزواري.
باب (4) صفاته صلوات الله عليه وعلاماته ونسبه

البحار: ج 1، ص 24 س9

ابْنُ مُوسَى عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنِ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَبْيَضُ مُشْرَبٌ حُمْرَةً مُبْدَحُ الْبَطْنِ عَرِيضُ الْفَخِذَيْنِ عَظِيمٌ مُشَاشُ الْمَنْكِبَيْنِ بِظَهْرِهِ شَامَتَانِ شَامَةٌ عَلَى لَوْنِ جِلْدِهِ وَ شَامَةٌ عَلَى شِبْهِ شَامَةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَهُ اسْمَانِ اسْمٌ يَخْفَى وَ اسْمٌ يَعْلُنُ فَأَمَّا الَّذِي يَخْفَى فَأَحْمَدُ وَ أَمَّا الَّذِي يَعْلُنُ فَمُحَمَّدٌ فَإِذَا هَزَّ رَايَتَهُ أَضَاءَ لَهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُءُوسِ الْعِبَادِ فَلَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلَّا صَارَ قَلْبُهُ أَشَدَّ مِنْ زُبَرِ الْحَدِيدِ وَ أَعْطَاهُ اللَّهُ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَ لَا يَبْقَى مَيِّتٌ إِلَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْفَرْحَةُ فِي قَلْبِهِ وَ فِي قَبْرِهِ وَ هُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ وَ يَتَبَاشَرُونَ بِقِيَامِ الْقَائِمِ (عَلَيهِ السَّلَامُ). (1)

البحار: ج 1، ص 29 س 16

الغيبة للنعماني عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الرَّازِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ يَقُومُ الْقَائِمُ وَ لَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِأَحَدٍ.(2)

ص: 397


1- السبزواري: ليس المراد باليد هنا الجارحة المخصوصة بل المراد بها الاقتدار والسطوة التي هي من شؤون سطوة الحق تعالی.
2- السبزواري: لما بين خاتم النبوّة وخاتم الولاية من المشابهة فكما أنه لم يكن لخاتم الأنبياء الأحد في عنقه بيعة فكذا خاتم الولاية. فتدبر .

أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه علبه صلوات الله عليهم أجمعين سوی ماتقدم في كتاب أحوال أميرالمؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من النصوص على الاثني عشر (عَلَيهِ السَّلَامُ)

باب (1) ما ورد من إخبار الله وإخبار النبي(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بالقائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من طرق الخاصة والعامة

البحار: ج 521 ص58

12 – ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَّ خُلَفَائِي وَ أَوْصِيَائِي وَ حُجَجُ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَوَّلُهُمْ أَخِي وَ آخِرُهُمْ وَلَدِي وَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ مَنْ أَخُوكَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قِيلَ فَمَنْ وَلَدُكَ قَالَ الْمَهْدِيُّ يَمْلَأُهَا قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَأَطَالَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فِيهِ وَلَدِي الْمَهْدِيُ فَيَنْزِلَ رُوحُ اللَّهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَيُصَلِّيَ خَلْفَهُ وَ تُشْرِقَ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ يَبْلُغَ سُلْطَانُهُ الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ.(1)

البحار: ج 21 ص 60

29 -جَمَاعَةٌ عَنِ الْبَزَوْفَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِي لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ خُرُوجُ الْمَهْدِيِّ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ

ص: 398


1- أقول: إشراق الأرض بنور ربها أعم من الإشراق الظاهري والمعنوي لأنه بعد ظهور الحجّة تظهر المعارف ظهواً کاملاً ويضع الله يده على رؤوس العباد ويتم بها عقولهم. السبزواري

وُلْدِ هَذَا وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) بِهِ يَمْحَقُ اللَّهُ الْكَذِبَ وَ يُذْهِبُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ بِهِ يُخْرِجُ ذُلَّ الرِّقِّ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ ثُمَّ قَالَ أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ الْمَهْدِيُّ أَوْسَطُهَا وَ عِيسَى آخِرُهَا وَ بَيْنَ ذَلِكَ تَيْحٌ أَعْوَجُ.(1)

البحار: ج 21 ص 62

35 - ابْنُ عُقْدَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ سَالِمٍ الْأَشَلِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ نَظَرَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي السِّفْرِ الْأَوَّلِ بِمَا يُعْطَى قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ قَالَ مُوسَى رَبِّ اجْعَلْنِي قَائِمَ آلِ مُحَمَّدٍ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ ذَاكَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَحْمَدَ ثُمَ نَظَرَ فِي السِّفْرِ الثَّانِي فَوَجَدَ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَهُ فَقِيلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ نَظَرَ فِي السِّفْرِ الثَّالِثِ فَرَأَى مِثْلَهُ فَقَالَ مِثْلَه فَقِيلَ لَهُ مِثْلُهُ.(2)

البحار: ج 21 ص63

37- وَقَعَ لِي أَرْبَعُونَ حَدِيثاً جَمَعَهَا الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ) فِي أَمْرِ الْمَهْدِيِّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَوْرَدْتُهَا سَرْداً كَمَا أَوْرَدَهَا وَ اقْتَصَرْتُ عَلَى ذِكْرِ الرَّاوِي عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الْأَوَّلُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ قَالَ يَكُونُ مِنْ أُمَّتِيَ الْمَهْدِيُّ إِنْ قَصُرَ عُمُرُهُ فَسَبْعُ سِنِينَ وَ إِلَّا فَثَمَانٍ وَ إِلَّا فَتِسْعٌ يَتَنَعَّمُ أُمَّتِي فِي زَمَانِهِ نَعِيماً لَمْ يَتَنَعَّمُوا مِثْلَهُ قَطُّ

ص: 399


1- يمكن أن يكون هذا في الرجعة بعد الظهور والأخبار في أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن عيسى يخرج عند ظهور المهدي ويصلي وراءه. ويمكن أن بعد خروج المهدي أي يخرج المهدي أولاً ثمّ ينزل عيسی ويصلي خلفه. السبزواري
2- هذا يدلّ على أن ظهور المهدي و تهذيب البشر على يد واحد منهم واتفاق الكلمة على أحد من البشر المؤيد من عند الله تعالی کان معهوداً في الأمم السابقة أيضاً ولا اختصاص له بالملة الإسلامية. السبزواري.

الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ يُرْسَلُ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَ لَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا.(1)

باب (2) ما ورد عن أمير المؤمنین صلوات الله عليه في ذلك

البحار: ج 21 ص85

1- إكمال الدين الشَّيْبَانِيُّ عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ لِلْقَائِمِ مِنَّا غَيْبَةٌ أَمَدُهَا طَوِيلٌ كَأَنِّي بِالشِّيعَةِ يَجُولُونَ جَوَلَانَ النَّعَمِ فِي غَيْبَتِهِ يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلَا يَجِدُونَهُ أَلَا فَمَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ لَمْ يَقْسُ قَلْبُهُ لِطُولِ أَمَدِ غَيْبَةِ إِمَامِهِ فَهُوَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنَّ الْقَائِمَ مِنَّا إِذَا قَامَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ فَلِذَلِك تَخْفَى وِلَادَتُهُ وَ يَغِيبُ شَخْصُهُ.(2)

باب (3) ما روي في ذلك عن الحسنین صلوات الله عليهما

البحار: ج 21 ص 101

1- الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِيُّ عَنِ ابْنِ الْعَيَّاشِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَبْرَئِيلَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ سَدِير

ص: 400


1- الظاهر أن المراد عمره (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد ظهوره بدليل الخبر الثاني. السبزواري.
2- يظهر من ذلك أن رؤيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما لم تكن مقارنة للدعاوى الباطلة وعد بيعته لأحد في عنقه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ممکن و مدعيه لا يكذب. السبزواري.

بْنِ حُكَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عقيصاء قَالَ لَمَّا صَالَحَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَلَامَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَيْعَتِهِ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَيْحَكُمْ مَا تَدْرُونَ مَا عَمِلْتُ وَ اللَّهِ الَّذِي عَمِلْتُ خَيْرٌ لِشِيعَتِي مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ أَ لَا تَعْلَمُونَ أَنَّنِي إِمَامُكُمْ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ عَلَيْكُمْ وَ أَحَدُ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِنَصٍّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالُوا بَلَى قَالَ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ الْخَضِرَ لَمَّا خَرَقَ السَّفِينَةَ وَ قَتَلَ الْغُلَامَ وَ أَقَامَ الْجِدَارَ كَانَ ذَلِكَ سَخَطاً لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِذْ خَفِيَ عَلَيْهِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِيهِ وَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ حِكْمَةً وَ صَوَاباً أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَ يَقَعُ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ إِلَّا الْقَائِمُ(1) الَّذِي يُصَلِّي رُوحُ اللَّهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُخْفِي وِلَادَتَهُ وَ يُغَيِّبُ شَخْصَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ ذَاكَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أَخِي الْحُسَيْنِ ابْنُ سَيِّدَةِ الْإِمَاءِ يُطِيلُ اللَّهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِي صُورَةِ شَابٍّ ابْنِ دُونِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ذَلِكَ لِيُعْلَمَ «أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ».

باب (12) ذكر الأدلة التي ذكرها شيخ الطائفة (رحمه الله) على إثبات الغيبة

البحار: ج 21 ص 132 س16

و الثاني يتعلق به من تحمل أعباء الإمامة و القيام بها و الثالث يتعلق بنا من العزم

ص: 401


1- إن قلت: إن الحسين بن علي عليلا لم يكن بيعة في عنقه من طاغية زمانه ؟ قلنا: الظاهر أنه تابع أخاط في البيعة الظاهرية لمعاوية. السبزواري.

على نصرته و معاضدته و الانقياد له فوجوب تحمله عليه فرع على وجوده لأنه لا يجوز أن يتناول التكليف المعدوم فصار إيجاد الله إياه أصلا لوجوب قيامه و صار وجوب نصرته علينا فرعا لهذين الأصلين لأنه إنما يجب علينا طاعته إذا وجد و تحمل أعباء الإمامة و قام بها فحينئذ يجب علينا طاعته فمع هذا التحقيق كيف يقال لم لا يكون معدوما فإن قيل فما الفرق بين أن يكون موجودا مستترا أو معدوما حتى إذا علم منا العزم على تمكينه أوجده قلنا لا يحسن من الله تعالى أن يوجب علينا تمكين من ليس بموجود لأنه تكليف ما لا يطاق فإذا لا بد من وجوده فإن قيل يوجده الله إذا علم أنا ننطوي على تمكينه بزمان واحد كما أنه يظهر عند مثل ذلك قلنا وجوب تمكينه و الانطواء على طاعته لازم في جميع أحوالنا فيجب أن يكون التمكين من طاعته و المصير إلى أمره ممكنا في جميع الأحوال و إلا لم يحسن التكليف و إنما كان يتم ذلك لو لم نكن مكلفين في كل حال لوجوب طاعته و الانقياد لأمره بل كان يجب علينا ذلك عند ظهوره و الأمر بخلافه.ثم يقال لمن خالفنا في ذلك و ألزمنا عدمه على استتاره لم لا يجوز أن يكلف الله تعالى المعرفة و لا ينصب عليها دلالة إذا علم أنا لا ننظر فيها حتى إذا علم من حالنا أنا نقصد إلى النظر و نعزم على ذلك أوجد الأدلة و نصبها فحينئذ ننظر و نقول ما الفرق بين دلالة منصوبة لا ينظر فيها و بين عدمها حتى إذا عزمنا على النظر فيها أوجدها الله. و متى قالوا نصب الأدلة من جملة التمكين الذي لا يحسن التكليف من دونه كالقدرة و الآلة قلنا و كذلك وجود الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) من جملة التمكين من وجوب طاعته و متى لم يكن موجودا لم يمكنا طاعته كما أن الأدلة إذا لم تكن موجودة لم يمكنا النظر فيها فاستوى الأمران.و بهذا التحقيق يسقط جميع ما يورد في هذا الباب من عبارات لا ترتضيها في الجواب و أسئلة المخالف

ص: 402

عليها و هذا المعنى مستوفى في كتبي و خاصة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره.(1)

ذكر أمر أبي الحسين علي بن محمد السمري بعد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح وانقطاع الأعلام به وهم الأبواب

البحار: ج 21 ص 269

7- وَ أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْه قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُكَتِّبُ(2) قَالَ كُنْتُ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فَحَضَرْتُهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِأَيَّامٍ فَأَخْرَجَ إِلَى النَّاسِ تَوْقِيعاً نُسْخَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيَّ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَأَجْمِعْ أَمْرَكَ وَ لَا تُوصِ إِلَى أَحَدٍ فَيَقُومَ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ التَّامَّةُ فَلَا ظُهُورَ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَ ذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْأَمَدِ وَ قَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَ امْتِلَاءِ الْأَرْضِ

ص: 403


1- لباب القول إنّ الغيبة ليست لأجل المقتضي فيها بل لأجل المانع من الظهور و موانع الظهور كثيرة يعرفها كل من تأمل في أن خاتم الأوصياء لابد وأن يتسلط على جميع البشر وتتحد الكلمة بالنسبة إليه، وهذا التسلط والاتحاد لا يمكن إلا أن تحصل في البشر طبيعة الاتحاد ويرتقوا من حضيض التفرقة والاختلاف فيلجئون إلى ركن وثيق هو الحجّة عجل الله فرجه. فكما أن بعث خاتم الرسل ما كان إلا بعد استعداد البشر للانبعاث من بعثه فكذا ظهور خاتم الأوصياء لا يكون إلا بعد استعداد البشر للاستفادة من ظهوره، وذلك لا يكون إلا بعد كمال الظلم والفساد، حتّى يستغيثوا بفطرتهم إلى مظهر العدل والإحسان. وأما إزاحة المانع عن الظهور فهو ليس من عادة الله تبارك وتعالى، بل أبي الله تعالى إلا أن يجري الأمور بأسبابها وهي سنة الله التي لن تجد لسنته تبديلا فتدبّر. السبزواري.
2- المكبت أي من يكبت العدو، وقد ضبط المكتب أيضاً، أي من يعلم الكتابة. السبزواري.

جَوْراً وَ سَيَأْتِي شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ أَلَا فَمَنِ ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوجِ السُّفْيَانِيِّ وَ الصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ قَالَ فَنَسَخْنَا هَذَا التَّوْقِيعَ وَ خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ السَّادِسُ عُدْنَا إِلَيْهِ وَ هُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقِيلَ لَهُ مَنْ وَصِيُّكَ مِنْ بَعْدِكَ فَقَالَ لِلَّهِ أَمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ وَ قَضَى فَهَذَا آخِرُ كَلَامٍ سُمِعَ مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَرْضَاه.

باب (18) ذكر من رآه صلوات الله عليه

البحار: ج 21 ص 300

21 - ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَمْرِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ إِبْرَاهِيمَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حِينَ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي أَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ هَلْ رَأَيْتَهُ قَالَ نَعَمْ وَ لَهُ رَقَبَةٌ مِثْلُ ذِي وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عُنُقِهِ.(1)

باب (23) من ادعى الرؤية في الغيبة الكبرى وأنه يشهد ويرى الناس ولا يرونه وسائر أحواله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الغيبة

البحار: ج 21 ص 386

3- الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِيُّ عَنِ ابْنِ الْعَيَّاشِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: إِنَّ الْخَضِرَ شَرِبَ مِنْ مَاءِ الْحَيَاةِ فَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ حَتَّى يُنْفَخَ فِي

ص: 404


1- يظهر من مثل هذه الأخبار أن السفراء لا يرونه (عَلَيهِ السَّلَامُ) دائماً. السبزواري.

الصُّورِ وَ إِنَّهُ لَيَأْتِينَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْنَا فَنَسْمَعُ صَوْتَهُ وَ لَا نَرَى شَخْصَهُ وَ إِنَّهُ لَيَحْضُرُ حَيْثُ ذُكِرَ فَمَنْ ذَكَرَهُ مِنْكُمْ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ(1) وَ إِنَّهُ لَيَحْضُرُ الْمَوَاسِم فَيَقْضِي جَمِيعَ الْمَنَاسِكِ وَ يَقِفُ بِعَرَفَةَ فَيُؤَمِّنُ عَلَى دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيُؤْنِسُ اللَّهُ بِهِ وَحْشَةَ قَائِمِنَا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي غَيْبَتِهِ وَ يَصِلُ بِهِ وَحْدَتَه.

البحار: ج 21 ص 387

7- ابْنُ أَبِي جِيدٍ عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ بْنِ الْبَرَاءِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا نَزَلْنَا الرَّوْحَاءَ(2) نَظَرَ إِلَى جَبَلِهَا مُطِلًّا عَلَيْهَا فَقَالَ لِي تَرَى هَذَا الْجَبَلَ هَذَا جَبَلٌ يُدْعَى رَضْوَى(3) مِنْ جِبَالِ فَارِسَ أَحَبَّنَا فَنَقَلَهُ اللَّهُ إِلَيْنَا أَمَا إِنَّ فِيهِ كُلَّ شَجَرَةِ مَطْعَمٍ وَ نِعْمَ أَمَانٌ لِلْخَائِفِ مَرَّتَيْنِ أَمَا إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ فِيهِ غَيْبَتَيْنِ وَاحِدَةٌ قَصِيرَةٌ وَ الْأُخْرَى طَوِيلَة.

البحار: ج 21 ص 387

9- عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِنَّ فِي صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ لَشَبَهاً مِنْ يُوسُفَ فَقُلْتُ فَكَأَنَّكَ تُخْبِرُنَا بِغَيْبَةٍ أَوْ حَيْرَةٍ فَقَالَ مَا يُنْكِرُ هَذَا الْخَلْقُ الْمَلْعُونُ أَشْبَاهُ الْخَنَازِيرِ مِنْ ذَلِكَ إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا عُقَلَاءَ أَلِبَّاءَ أَسْبَاطاً أَوْلَادَ أَنْبِيَاءَ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَكَلَّمُوهُ وَ خَاطَبُوهُ

ص: 405


1- لعل المراد بهذا الذكر ذکر خاص، لا مطلق الذكر. السبزواري.
2- الروحاء محل على أربعين ميلاً من المدينة. السبزواري.
3- لا منافاة بين ما دل على أنه لا في طيبة وما دل على أنه في رضوى لأن رضوی من حدود طيبة. السبزواري.

وَ تَاجَرُوهُ وَ رَادُّوه و وَ كَانُوا إِخْوَتَهُ وَ هُوَ أَخُوهُمْ لَمْ يَعْرِفُوهُ حَتَّى عَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ وَ قَالَ لَهُمْ أَنَا يُوسُفُ فَعَرَفُوهُ حِينَئِذٍ فَمَا يُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْمُتَحَيِّرَةُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ يُرِيدُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَنْ يَسْتُرَ حُجَّتَهُ عَنْهُمْ لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَبِيهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَهُ مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَ اللَّهِ لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَ وُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ مِنْ بَدْوِهِمْ إِلَى مِصْر فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِيُوسُفَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُكُمُ الْمَظْلُومُ الْمَجْحُودُ حَقُّهُ(1) صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمْ وَ يَمْشِي فِي أَسْوَاقِهِمْ وَ يَطَأُ فُرُشَهُمْ وَ لَا يَعْرِفُونَهُ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ نَفْسَهُ كَمَا أَذِنَ لِيُوسُفَ حَتَّى قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ« أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ».

باب (25) علامات ظهوره صلوات الله عليه من السفياني والدجال وغير ذلك وفيه ذكر بعض أشراط الساعة

البحار: ج 21 ص 409

21- بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سَيَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ وَ لَا مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ يُسَمَّوْنَ بِهِ وَ هُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهُ مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَ هِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى فُقَهَاءُ ذَلِكَ الزَّمَانِ شَرُّ فُقَهَاءَ تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ مِنْهُمْ خَرَجَتِ الْفِتْنَةُ وَ إِلَيْهِمْ تَعُودُ.(2)

ص: 406


1- محمول على الأقل الشايع حتّى ينافي ما دلّ على أن مكانه عل السبزواري.
2- يمكن أن يكون المراد بعض فقهاء العامة. السبزواري.

البحار: ج 21 ص 411

26 - الطَّالَقَانِيُّ عَنِ الْجَلُودِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ أَبِي سَيَّارٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ سَلُونِي أَيُّهَا النَّاسُ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي ثَلَاثاً فَقَامَ إِلَيْهِ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَقَال يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَى يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) اقْعُدْ فَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ كَلَامَكَ وَ عَلِمَ مَا أَرَدْتَ وَ اللَّهِ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهُ بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ وَ لَكِنْ لِذَلِكَ عَلَامَاتٌ وَ هَيْئَاتٌ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً كَحَذْوِ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ إِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِهَا قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) احْفَظْ فَإِنَّ عَلَامَةَ ذَلِكَ إِذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلَاةَ(1) وَ أَضَاعُوا الْأَمَانَةَ وَ اسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ وَ أَكَلُوا الرِّبَا وَ أَخَذُوا الرِّشَا وَ شَيَّدُوا الْبُنْيَانَ وَ بَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا وَ اسْتَعْمَلُوا السُّفَهَاءَ وَ شَاوَرُوا النِّسَاءَ وَ قَطَّعُوا الْأَرْحَامَ وَ اتَّبَعُوا الْأَهْوَاءَ وَ اسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ وَ كَانَ الْحِلْمُ ضَعْفاً وَ الظُّلْمُ فَخْراً وَ كَانَتِ الْأُمَرَاءُ فَجَرَةً وَ الْوُزَرَاءُ ظَلَمَةً وَ الْعُرَفَاءُ خَوَنَةً وَ الْقُرَّاءُ فَسَقَةً وَ ظَهَرَتْ شَهَادَاتُ الزُّورِ وَ اسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ وَ قَوْلُ الْبُهْتَانِ وَ الْإِثْمُ وَ الطُّغْيَانُ وَ حُلِّيَتِ الْمَصَاحِفُ وَ زُخْرِفَتِ الْمَسَاجِدُ وَ طُوِّلَتِ الْمَنَارُ وَ أُكْرِمَ الْأَشْرَارُ وَ ازْدَحَمَتِ الصُّفُوفُ وَ اخْتَلَفَتِ الْأَهْوَاءُ وَ نُقِضَتِ الْعُقُودُ وَ اقْتَرَبَ الْمَوْعُودُ وَ شَارَكَ النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ فِي التِّجَارَةِ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا وَ عَلَتْ أَصْوَاتُ الْفُسَّاقِ وَ اسْتُمِعَ مِنْهُمْ وَ كَانَ

ص: 407


1- أما تشييد البنيان فقد تحقق في زماننا فإن غالب الأبنية تبنى بالحديد والسمنت مع ارتفاع مفرط. وأما قوله (عليه السّلام) علت أصوات الفساق واستمع منهم، فلعل المراد منه ما يشمل مثل المتعارف في زماننا من الإذاعة المعروف بالراديو وكذا يشمل مثل الجرائد المنتشرة، فإن أكثر أهل الزمان همهم مطالعة الجرائد واستماع الراديو. السبزواري.

زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ وَ اتُّقِيَ الْفَاجِرُ مَخَافَةَ شَرِّهِ وَ صُدِّقَ الْكَاذِبُ وَ اؤْتُمِنَ الْخَائِنُ وَ اتُّخِذَتِ الْقِيَانُ وَ الْمَعَازِفُ وَ لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا وَ رَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ وَ تَشَبَّهَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ وَ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ وَ شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَشْهَدَ وَ شَهِدَ الْآخَرُ قَضَاءً لِذِمَامٍ بِغَيْرِ حَقٍّ عَرَفَهُ وَ تُفُقِّهَ لِغَيْرِ الدِّينِ وَ آثَرُوا عَمَلَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَ لَبِسُوا جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ وَ قُلُوبُهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيَفِ وَ أَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ فَعِنْدَ ذَلِكَ الْوَحَا الْوَحَا الْعَجَلَ الْعَجَلَ خَيْرُ الْمَسَاكِنِ يَوْمَئِذٍ بَيْتُ الْمَقْدِسِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَمَنَّى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مِنْ سُكَّانِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الدَّجَّالُ فَقَالَ أَلَا إِنَّ الدَّجَّالَ صَائِدُ بْنُ الصَّيْد فَالشَّقِيُّ مَنْ صَدَّقَهُ وَ السَّعِيدُ مَنْ كَذَّبَهُ يَخْرُجُ مِن بَلْدَةٍ يُقَالُ لَهَا أَصْبَهَانُ مِنْ قَرْيَةٍ تُعْرَفُ بِالْيَهُودِيَّةِ عَيْنُهُ الْيُمْنَى مَمْسُوحَةٌ وَ الْأُخْرَى فِي جَبْهَتِهِ تُضِي ءُ كَأَنَّهَا كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِيهَا عَلَقَةٌ كَأَنَّهَا مَمْزُوجَةٌ بِالدَّمِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ يَقْرَأْهُ كُلُّ كَاتِبٍ وَ أُمِّيٍّ يَخُوضُ الْبِحَارَ وَ تَسِيرُ مَعَهُ الشَّمْسُ بَيْنَ يَدَيْهِ جَبَلٌ مِنْ دُخَانٍ وَ خَلْفَهُ جَبَلٌ أَبْيَضُ يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ طَعَامٌ يَخْرُجُ فِي قَحْطٍ شَدِيدٍ تَحْتَهُ حِمَارٌ أَقْمَر خُطْوَةُ حِمَارِهِ مِيلٌ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ مَنْهَلًا مَنْهَلًا وَ لَا يَمُرُّ بِمَاءٍ إِلَّا غَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الشَّيَاطِينِ يَقُولُ إِلَيَّ أَوْلِيَائِي أَنَا الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَ قَدَّرَ فَهَدى أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى وَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ إِنَّهُ الْأَعْوَرُ يَطْعَمُ الطَّعَامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ وَ إِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَ جَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَ لَا يَطْعَمُ وَ لَا يَمْشِي وَ لَا يَزُولُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً أَلَا وَ إِنَّ أَكْثَرَ أَشْيَاعِهِ يَوْمَئِذٍ أَوْلَادُ الزِّنَا وَ أَصْحَابُ الطَّيَالِسَةِ الْخُضْرِ يَقْتُلُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالشَّامِ عَلَى عَقَبَةٍ تُعْرَفُ بِعَقَبَةِ أَفِيقٍ لِثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى يَدَيْ مَنْ يُصَلِّي الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ أَلَا إِنَّ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّامَّةَ الْكُبْرَى قُلْنَا وَ مَا ذَلِكَ يَا

ص: 408

أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ خُرُوجُ دَابَّةٍ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ عِنْدِ الصَّفَا مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَ عَصَا مُوسَى تَضَعُ الْخَاتَمَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ مُؤْمِنٍ فَيُطْبَعُ فِيهِ هَذَا مُؤْمِنٌ حَقّاً وَ تَضَعُهُ عَلَى وَجْهِ كُلِّ كَافِرٍ فَيُكْتَبُ فِيهِ هَذَا كَافِرٌ حَقّاً حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُنَادِي الْوَيْلُ لَكَ يَا كَافِرُ وَ إِنَّ الْكَافِرَ يُنَادِي طُوبَى لَكَ يَا مُؤْمِنُ وَدِدْتُ أَنِّي الْيَوْمَ مِثْلُكَ فَأَفُوزَ فَوْزاً ثُمَّ تَرْفَعُ الدَّابَّةُ رَأْسَهَا فَيَرَاهَا مَنْ بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ تُرْفَعُ التَّوْبَةُ فَلَا تَوْبَةٌ تُقْبَلُ وَ لَا عَمَلٌ يُرْفَعُ «وَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْرا» ثُمَّ قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَا تَسْأَلُونِي عَمَّا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَهِدَ إِلَيَّ حَبِيبِي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ لَا أُخْبِرَ بِهِ غَيْرَ عِتْرَتِي فَقَالَ النَّزَّالُ بْنُ سَبْرَةَ لِصَعْصَعَةَ مَا عَنَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ صَعْصَعَةُ يَا ابْنَ سَبْرَةَ إِنَّ الَّذِي يُصَلِّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ هُوَ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنَ الْعِتْرَةِ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ هُوَ الشَّمْسُ الطَّالِعَةُ مِنْ مَغْرِبِهَا يَظْهَرُ عِنْدَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ يُطَهِّرُ الْأَرْضَ وَ يَضَعُ مِيزَانَ الْعَدْلِ فَلَا يَظْلِمُ أَحَدٌ أَحَداً فَأَخْبَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّ حَبِيبَهُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عَهِدَ إِلَيْهِ أَلَّا يُخْبِرَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ عِتْرَتِهِ الْأَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

البحار: ج 21 ص 434

90- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْخَضِرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُمَرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَا يَقُومُ الْقَائِمُ حَتَّى تُفْقَأَ عَيْنُ الدُّنْيَا وَ تَظْهَرَ الْحُمْرَةُ فِي السَّمَاءِ(1) وَ تِلْكَ دُمُوعُ حَمَلَةِ الْعَرْشِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَ حَتَّى يَظْهَرَ فِيهِمْ قَوْمٌ لا خَلاقَ لَهُمْ يَدْعُونَ لِوَلَدِي وَ هُمْ بِرَاءٌ مِنْ وَلَدِي تِلْكَ عِصَابَةٌ رَدِيئَةٌ لَا خَلَاقَ لَهُمْ عَلَى الْأَشْرَارِ

ص: 409


1- أقول: إن كان حمرة السماء هي دموع حملة العرش فهي لا تزال جارية لما ورد الراوي اللعين على سيد شباب أهل الجنة في وقعة الطف. السبزواري.

مُسَلَّطَةٌ وَ لِلْجَبَابِرَةِ مُفَتِّنَةٌ وَ لِلْمُلُوكِ مُبِيرَةٌ يَظْهَرُ فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ يَقْدُمُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ اللَّوْنِ وَ الْقَلْبِ رَثُّ الدَّيْنِ لَا خَلَاقَ لَهُ مُهَجَّنٌ زَنِيمٌ عُتُلٌّ تَدَاوَلَتْهُ أَيْدِي الْعَوَاهِرِ مِنَ الْأُمَّهَاتِ مِنْ شَرِّ نَسْلٍ لَا سَقَاهَا اللَّهُ الْمَطَرَ فِي سَنَةِ إِظْهَارِ غَيْبَةِ الْمُتَغَيِّبِ مِنْ وَلَدِي صَاحِبِ الرَّايَةِ الْحَمْرَاءِ وَ الْعَلَمِ الْأَخْضَرِ أَيُّ يَوْمٍ لِلْمُخَيَّبِينَ بَيْنَ الْأَنْبَارِ وَ هِيت تاريخ الإمام الثاني عشر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذَلِكَ يَوْمٌ فِيهِ صَيْلَمُ الْأَكْرَادِ وَ الشُّرَاةِ وَ خَرَابُ دَارِ الْفَرَاعِنَةِ وَ مَسْكَنِ الْجَبَابِرَةِ وَ مَأْوَى الْوُلَاةِ الظَّلَمَةِ وَ أُمِّ الْبَلَاءِ وَ أُخْتِ الْعَارِ تِلْكَ وَ رَبِّ عَلِيٍّ يَا عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بَغْدَادُ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْعُصَاةِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَ بَنِي فُلَان الْخَوَنَةِ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الطَّيِّبِينَ مِنْ وُلْدِي وَ لَا يُرَاقِبُونَ فِيهِمْ ذِمَّتِي وَ لَا يَخَافُونَ اللَّهَ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ بِحُرْمَتِي إِنَّ لِبَنِي الْعَبَّاسِ يَوْماً كَيَوْمِ الطَّمُوحِ وَ لَهُمْ فِيهِ صَرْخَةٌ كَصَرْخَةِ الْحُبْلَى الْوَيْلُ لِشِيعَةِ وُلْدِ الْعَبَّاسِ مِنَ الْحَرْبِ الَّتِي سَنَحَ بَيْنَ نَهَاوَنْدَ وَ الدِّينَوَرِ تِلْكَ حَرْبُ صَعَالِيكِ شِيعَةِ عَلِيٍّ يَقْدُمُهُمْ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ اسْمُهُ عَلَى اسْمِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَنْعُوتٌ مَوْصُوفٌ بِاعْتِدَالِ الْخَلْقِ وَ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ نَضَارَةِ اللَّوْنِ لَهُ فِي صَوْتِهِ ضَحِكٌ وَ فِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ وَ فِي عُنُقِهِ سَطَع فَرْقُ الشَّعْرِ مُفَلَّجُ الثَّنَايَا عَلَى فَرَسِهِ كَبَدْرٍ تَمَامٍ تَجَلَّى عَنْهُ الْغَمَامُ تَسِيرُ بِعِصَابَةٍ خَيْرِ عِصَابَةٍ آوَتْ وَ تَقَرَّبَتْ وَ دَانَتْ لِلَّهِ بِدِينِ تِلْكَ الْأَبْطَالِ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ يَلْحَقُونَ حَرْبَ الْكَرِيهَةِ وَ الدَّبْرَةُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْأَعْدَاءِ إِنَّ لِلْعَدُوِّ يَوْمَ ذَاكَ الصَّيْلَمَ وَ الِاسْتِئْصَالَ أقول: إنما أوردت هذا الخبر مع كونه مصحفا مغلوطا و كون سنده منتهيا إلى شر خلق الله عمر بن سعد لعنه الله لاشتماله على الإخبار بالقائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليعلم تواطؤ المخالف و المؤالف عليه صلوات الله عليه.

البحار: ج 21 ص 444

112 - عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَتَى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ قَالَ

ص: 410

إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاسِ وَ وَهَى سُلْطَانُهُم وَ طَمِعَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَطْمَعُ وَ خَلَعَتِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا وَ رَفَعَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ صِيصِيَتَهُ وَ ظَهَرَ السُّفْيَانِيُّ وَ الْيَمَانِيُّ وَ تَحَرَّكَ الْحَسَنِيُّ خَرَجَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قُلْتُ وَ مَا تُرَاثُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ سَيْفُهُ وَ دِرْعُهُ وَ عِمَامَتُهُ وَ بُرْدُهُ وَ قَضِيبُهُ وَ فَرَسُهُ وَ لَأْمَتُهُ وَ سَرْجُه.(1)

باب (27) سیره وأخلاقه وعدد أصحابه وخصائص زمانه وأحوال أصحابه صلوات الله عليه وعلى آبائه

البحار: ج 21 ص487

2- ابْنُ مُوسَى عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قَالا لَوْ قَدْ قَامَ الْقَائِمُ لَحَكَمَ بِثَلَاثٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ يَقْتُلُ الشَّيْخَ الزَّانِيَ وَ يَقْتُلُ مَانِعَ الزَّكَاةِ وَ يُوَرِّثُ الْأَخَ أَخَاهُ فِي الْأَظِلَّة. (2)

البحار: ج 21 ص 490

9- مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَمَا لَوْ قَامَ قَائِمُنَا لَقَدْ رُدَّتْ إِلَيْهِ الْحُمَيْرَاء حَتَّى يَجْلِدَهَا الْحَدَّ وَ حَتَّى يَنْتَقِمَ لِابْنَةِ مُحَمَّدٍ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) مِنْهَا قُلْتُ جُعِلْتُ

ص: 411


1- إن كان المراد بفرسه فرسه الذي كان يركب، وقد عمر إلى ظهور الحجّة علا فهو بعيد جدّاً. السبزواري.
2- هذه الأخوة ثابتة في عالم الأشباح والأظلة يعني عالم الميثاق. السبزواري.

فِدَاكَ وَ لِمَ يَجْلِدُهَا الْحَدَّ قَالَ لِفِرْيَتِهَا عَلَى أُمِّ إِبْرَاهِيمَ(1) قُلْتُ فَكَيْفَ أَخَّرَهُ اللَّهُ لِلْقَائِمِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ لِأَن اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رَحْمَةً وَ بَعَثَ الْقَائِمَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَقِمَة.

البحار: ج 21 ص 492

18 - أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلَى أَبِي هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ لِي يَا رُفَيْدُ كَيْفَ أَنْتَ إِذَا رَأَيْتَ أَصْحَابَ الْقَائِمِ قَدْ ضَرَبُوا فَسَاطِيطَهُمْ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ(2) ثُمَّ أَخْرَجَ الْمِثَالَ الْجَدِيدَ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هُوَ قَالَ الذَّبْحُ قَالَ قُلْتُ بِأَيِّ شَيْ ءٍ يَسِيرُ فِيهِمْ بِمَا سَارَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي أَهْلِ السَّوَادِ قَالَ لَا يَا رُفَيْدُ إِنَّ عَلِيّاً سَارَ بِمَا فِي الْجَفْرِ الْأَبْيَضِ وَ هُوَ الْكَفُّ وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ إِنَّ الْقَائِمَ يَسِيرُ بِمَا فِي الْجَفْرِ الْأَحْمَرِ وَ هُوَ الذَّبْحُ وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ.

البحار: ج 21 ص498

62 - مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْقَائِمِ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ وَ حَوْلَهُ أَصْحَابُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا عِدَّةَ أَهْلِ بَدْرٍ وَ هُمْ أَصْحَابُ الْأَلْوِيَةِ وَ هُمْ حُكَّامُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ عَلَى خَلْقِهِ حَتَّى يَسْتَخْرِجَ مِنْ قَبَائِهِ كِتَاباً مَخْتُوماً بِخَاتَمٍ مِنْ ذَهَبٍ عَهْدٌ مَعْهُودٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَيُجْفِلُونَ عَنْهُ إِجْفَالَ الْغَنَمِ فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلَّا الْوَزِيرُ وَ أَحَدَ عَشَرَ نَقِيباً كَمَا بَقُوا مَعَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَيَجُولُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَجِدُونَ عَنْهُ مَذْهَباً

ص: 412


1- أقول: لعل هذه الفرية صارت منشأ للافتراء عليها، حتّى نزلت فيها الآية، فراجع التفاسير السبزواري.
2- حديث شريف يشهد متنه بصدقه. السبزواري.

فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ الْكَلَامَ الَّذِي يَقُولُ لَهُمْ فَيَكْفُرُونَ بِهِ.(1)

البحار: ج 21 ص 506

73 - مُوسَى بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ الْعِلْمُ سَبْعَةٌ وَ عِشْرُونَ حَرْفاً فَجَمِيعُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ حَرْفَانِ فَلَمْ يَعْرِفِ النَّاسُ حَتَّى الْيَوْمِ غَيْرَ الْحَرْفَيْنِ فَإِذَا قَامَ قَائِمُنَا أَخْرَجَ الْخَمْسَةَ وَ الْعِشْرِينَ حَرْفاً فَبَثَّهَا فِي النَّاسِ وَ ضَمَّ إِلَيْهَا الْحَرْفَيْنِ حَتَّى يَبُثَّهَا سَبْعَةً وَ عِشْرِينَ حَرْفاً.(2)

البحار: ج 21 ص 516

107 - الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: كَأَنِّي بِالْقَائِمِ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ عَلَيْهِ قَبَاءٌ فَيُخْرِجُ مِنْ وَرَيَانِ(3) قَبَائِهِ كِتَاباً مَخْتُوماً بِخَاتَمٍ مِنْ ذَهَبٍ فَيَفُكُّهُ فَيَقْرَأُهُ عَلَى النَّاسِ فَيُجْفِلُونَ عَنْهُ إِجْفَالَ الْغَنَمِ(4) فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا النُّقَبَاءُ فَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ فَلَا يَلْحَقُونَ مَلْجَأً حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَيْهِ وَ إِنِّي لَأَعْرِفُ الْكَلَامَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِه.

البحار: ج 21 ص524

143_ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ عَنِ الْفَزَارِيِّ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى

ص: 413


1- عن بعض الوعاظ المطلعين إن هذا الكلام هو قوله : اجعلوا کربلاء قبلة وصلوا إليها. السبزواري.
2- خبر شریف وأي خبر. السبزواري.
3- الوریان محل الاستتار. والظاهر كونه الجيب المعروف الآن. والعجب من صاحب المجمع حيث قال: إنه اسم موضع، فراجع مادة: وری منه. ثمّ الظاهر أن المكتوب في ذلك الكتاب هو عدم المهادنة مع الناس وعدم الاستتابة معهم چ كما يأتي في خبر زرارة وخبر العلا عن محمد وخبر أبي بصير. السبزواري
4- الجفل هو الذهاب مسرعاً. السبزواري.

عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخٌ فَقَالَ عَقَّنِي وَلَدِي وَ جَفَانِي فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلْحَقِّ دَوْلَةً وَ لِلْبَاطِلِ دَوْلَةً وَ كِلَاهُمَا ذَلِيلٌ فِي دَوْلَةِ صَاحِبِهِ(1) فَمَنْ أَصَابَتْهُ دَوْلَةُ الْبَاطِلِ اقْتُصَ مِنْهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ.

البحار: ج 21 ص 525

145 - عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ يَا أَهْلَ الْحَقِّ اجْتَمِعُوا فَيَصِيرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يُنَادِيَ مَرَّةً أُخْرَى يَا أَهْلَ الْبَاطِلِ اجْتَمِعُوا فَيَصِيرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ(2) قُلْتُ فَيَسْتَطِيعُ هَؤُلَاءِ أَنْ يَدْخُلُوا فِي هَؤُلَاءِ قَالَ لَا وَ اللَّهِ وَ ذَلِكَ قَوْل اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّب.

البحار: ج 21 ص 525

146 - ابْنُ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَ وُهَيْبٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِيُعِدَّنَّ أَحَدُكُمْ لِخُرُوجِ الْقَائِمِ وَ لَوْ سَهْماً فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ رَجَوْتُ لِأَنْ يُنْسِئَ فِي عُمُرِهِ(3) حَتَّى يُدْرِكَهُ وَ يَكُونَ مِنْ أَعْوَانِهِ وَ أَنْصَارِهِ.

البحار: ج 21 ص527

156 - عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّوِيلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا

ص: 414


1- كلمة حق قالها الأئمّة(عَلَيهِم السَّلَامُ). السبزواري.
2- فيه تمييز الخبيث من الطيب الذي يكون في هذه الدنيا. السبزواري.
3- يعني يؤخر. السبزواري.

دَعاهُ قَالَ أُنْزِلَتْ فِي الْقَائِمِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ جَبْرَئِيلُ عَلَى الْمِيزَابِ(1) فِي صُورَةِ طَيْرٍ أَبْيَضَ فَيَكُونُ أَوَّلَ خَلْقٍ يُبَايِعُهُ وَ يُبَايِعُهُ النَّاسُ الثَّلَاثُمِائَةِ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَمَنْ كَانَ ابْتُلِيَ بِالْمَسِيرِ وَافَى تِلْكَ السَّاعَةَ وَ مَنْ لَمْ يُبْتَلَ بِالْمَسِيرِ فُقِدَ عَنْ فِرَاشِهِ وَ هُوَ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْمَفْقُودُ عَنْ فُرُشِهِمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعا قَالَ الْخَيْرَاتُ الْوَلَايَةُ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.

البحار: ج 21 ص 531

176 - عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَيْثَمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْقَائِمَ فَلْيَتَمَنَّهُ فِي عَافِيَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رَحْمَةً وَ يَبْعَثُ الْقَائِمَ نَقِمَةً.(2)

البحار: ج 21 ص 130

191 - الصَّفَّارُ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَنِ الْقَائِمِ إِذَا قَامَ بِأَيِّ سِيرَةٍ يَسِيرُ فِي النَّاسِ فَقَالَ بِسِيرَةِ مَا سَارَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)حَتَّى يُظْهِرَ الْإِسْلَامَ قُلْتُ وَ مَا كَانَتْ سِيرَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ أَبْطَلَ مَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِالْعَدْلِ وَ كَذَلِكَ الْقَائِمُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِذَا قَامَ يُبْطِلُ مَا كَانَ فِي الْهُدْنَةِ مِمَّا كَانَ فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ يَسْتَقْبِلُ بِهِمُ الْعَدْل

تذييل: قال شيخنا الطبرسي في كتاب إعلام الورى فإن قيل إذا حصل الإجماع على أن لا نبي بعد رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و أنتم قد زعمتم أن القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا قام لم يقبل

ص: 415


1- حيث إن إفاضة العلوم والقوى مطلقاً بواسطة جبرئیل فبيعته كأنه بيعة لجميع من له الإدراك والقوة. السبزواري.
2- حدیث شریف. السبزواري.

الجزية من أهل الكتاب(1) و أنه يقتل من بلغ العشرين و لم يتفقه في الدين و أمر بهدم المساجد و المشاهد و أنه يحكم بحكم داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يسأل بينة و أشباه ذلك مما ورد في آثاركم و هذا تكون نسخا للشريعة و إبطالا لأحكامها فقد أثبتم معنى النبوة و إن لم تتلفظوا باسمها فما جوابكم عنها.الجواب إنا لم نعرف ما تضمنه السؤال من أنه (عليه السّلام) لا يقبل الجزية من أهل الكتاب و أنه يقتل من بلغ العشرين و لم يتفقه في الدين فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به فأما هدم المساجد و المشاهد فقد يجوز أن يختص بهدم ما بني من ذلك على غير تقوى الله تعالى و على خلاف ما أمر الله سبحانه به و هذا مشروع قد فعله النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). و أما ما روي من أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يحكم بحكم آل داود لا يسأل عن بينة فهذا أيضا غير مقطوع به و إن صح فتأويله أن يحكم بعلمه فيما يعلمه و إذا علم الإمام أو الحاكم أمرا من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه و لا يسأل عنه و ليس في هذا نسخ الشريعة.على أن هذا الذي ذكروه من ترك قبول الجزية و استماع البينة إن صح لم يكن نسخا للشريعة لأن النسخ هو ما تأخر دليله عن الحكم المنسوخ و لم يكن مصطحبا فأما إذا اصطحب الدليلان فلا يكون ذلك ناسخا لصاحبه و إن كان مخالفة في المعنى و لهذا اتفقنا على أن الله سبحانه لو قال الزموا السبت إلى وقت كذا ثم لا تلزموه لا يكون نسخا لأن الدليل الرافع مصاحب الدليل الموجب و إذا صحت هذه الجملة و كان النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد أعلمنا بأن القائم من ولده يجب اتباعه و قبول أحكامه فنحن إذا صرنا إلى ما يحكم به فينا و إن خالف بعض

ص: 416


1- أقول: الحق في الجواب أن يقال أنه ليس نسخ بل إنما هو إظهار ما أودعه النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند خلفائه ولم يمكنهم الإظهار لقصور الظروف تحقیق شريعة خاتم الأنبياء (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ما يظهر بعد ظهور خاتم الأوصياء، لأن النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والخلفاء الحق من بعده لم يمكنهم إظهار حقيقة الشريعة على ما هي عليها السبزواري.

الأحكام المتقدمة غير عاملين بالنسخ لأن النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل.

البحار: ج 21 ص538

198 - وَ مِنْ كِتَابِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ رَفَعَهُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْن عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ لَمَوْضِعُ الرَّجُلِ فِي الْكُوفَةِ أَحَبُ إِلَيَ مِنْ دَارٍ فِي الْمَدِينَةِ.(1)

البحار: ج 21 ص 542 س 3

وَ عَنْهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ يَمْلِكُ الْقَائِمُ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ وَ يَزْدَادُ تِسْعاً كَمَا لَبِثَ أَهْلُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً فَيَفْتَحُ اللَّهُ لَهُ شَرْقَ الْأَرْضِ وَ غَرْبَهَا وَ يَقْتُلُ النَّاسَ حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا دِينُ مُحَمَّدٍ وَ يَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَ يَدْعُو الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ فَيُجِيبَانِهِ وَ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ وَ يُوحَى إِلَيْهِ فَيَعْمَلُ بِالْوَحْيِ بِأَمْرِ اللَّهِ.(2)

البحار: ج 21 ص 542

213 - وَ بِإِسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْنِ مُسْكَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي زَمَانِ الْقَائِمِ وَ هُوَ بِالْمَشْرِقِ لَيَرَى أَخَاهُ الَّذِي فِي الْمَغْرِبِ وَ كَذَا الَّذِي فِي الْمَغْرِبِ يَرَى أَخَاهُ الَّذِي فِي الْمَشْرِقِ.(3)

باب (28) ما يكون عند ظهوره (عَلَيهِ السَّلَامُ)برواية المفضل بن عمر

البحار: ج 21 ص548 س 23

قَالَ الْمُفَضَّلُ قُلْتُ يَا سَيِّدِي فَأَيْنَ تَكُونُ دَارُ الْمَهْدِيِّ وَ مُجْتَمَعُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ دَارُ مُلْكِه

ص: 417


1- فيه فضل الكوفة على المدينة. السبزواري.
2- هذا من كمال الاقتدار الإلهي الذي يعطي القائم. السبزواري.
3- هذا أيضاً من الاقتدار الإلهي الذي يعطي المؤمن في ذلك الزمان. السبزواري

الْكُوفَةُ وَ مَجْلِسُ حُكْمِهِ جَامِعُهَا وَ بَيْتُ مَالِهِ وَ مَقْسَمُ غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ مَسْجِدُ السَّهْلَةِ وَ مَوْضِعُ خَلَوَاتِهِ الذَّكَوَاتُ الْبِيضُ مِنَ الْغَرِيَّيْنِ قَالَ الْمُفَضَّلُ يَا مَوْلَايَ كُلُّ الْمُؤْمِنِينَ يَكُونُونَ بِالْكُوفَةِ قَالَ إِي وَ اللَّهِ لَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلَّا كَانَ بِهَا أَوْ حَوَالَيْهَا وَ لَيَبْلُغَنَّ مَجَالَةُ فَرَسٍ مِنْهَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَ لَيَوَدَّنَّ أَكْثَرُ النَّاسِ أَنَّهُ اشْتَرَى شِبْراً مِنْ أَرْضِ السَّبْعِ بِشِبْرٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ السَّبْع

خِطَّةٌ مِنْ خِطَطِ هَمْدَانَ وَ لَيَصِيرَنَّ الْكُوفَةُ أَرْبَعَةً وَ خَمْسِينَ مِيلًا وَ لَيُجَاوِرَنَّ قُصُورُهَا كَرْبَلَاءَ وَ لَيُصَيِّرَنَّ اللَّهُ كَرْبَلَاءَ مَعْقِلًا وَ مَقَاماً(1) تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ لَيَكُونَنَّ لَهَا شَأْنٌ مِنَ الشَّأْنِ وَ لَيَكُونَنَّ فِيهَا مِنَ الْبَرَكَاتِ مَا لَوْ وَقَفَ مُؤْمِنٌ وَ دَعَا رَبَّهُ بِدَعْوَةٍ لَأَعْطَاهُ اللَّهُ بِدَعْوَتِهِ الْوَاحِدَةِ مِثْلَ مُلْكِ الدُّنْيَا أَلْفَ مَرَّةٍ ثُمَّ تَنَفَّسَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ يَا مُفَضَّلُ إِنَّ بِقَاعَ الْأَرْضِ تَفَاخَرَتْ فَفَخَرَتْ كَعْبَةُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ عَلَى بُقْعَةِ كَرْبَلَاءَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهَا أَنِ اسْكُتِي كَعْبَةَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَ لَا تَفْتَخِرِي عَلَى كَرْبَلَاءَ فَإِنَّهَا الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي نُودِيَ مُوسَى مِنْهَا مِنَ الشَّجَرَةِ وَ إِنَّهَا الرَّبْوَةُ الَّتِي أَوَتْ إِلَيْهَا مَرْيَمُ وَ الْمَسِيحُ وَ إِنَّهَا الدَّالِيَة الَّتِي غُسِلَ فِيهَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ فِيهَا غَسَلَتْ مَرْيَمُ عِيسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ اغْتَسَلَتْ مِنْ وِلَادَتِهَا وَ إِنَّهَا خَيْرُ بُقْعَةٍ عَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مِنْهَا وَقْتَ غَيْبَتِهِ وَ لَيَكُونَنَّ لِشِيعَتِنَا فِيهَا خِيَرَةٌ إِلَى ظُهُورِ قَائِمِنَا (عَلَيهِ السَّلَامُ) .

باب (29) الرجعة

البحار: ج 21 ص563

5 - سَعْدٌ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ وَ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ الْيَقْطِينِيِّ وَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً

ص: 418


1- أقول: سمعت من بعض المشايخ أن كربلاء تجعل قبلة في زمان خروج المهدي. السبزواري.

عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ «يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجا» فَقَالَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قُتِلَ إِلَّا سَيَرْجِعُ حَتَّى يَمُوتَ وَ لَا أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَاتَ إِلَّا سَيَرْجِعُ حَتَّى يُقْتَلَ.(1)

ص: 419


1- عموم مثل هذا الخبر ينافي خبر ابن الخطاب فلابد من التخصيص. السبزواري.

التعليقات على المجلّد الرابع عشر من كتاب بحار الأنوار من الطبعة الحجرية والمسمّى (کتاب السّماء والعالَم) والمتضمن للأجزاء: 22، 23، 26، 25من الطبعة الحروفية الحديثة

اشارة

ص: 420

ص: 421

كتابُ السَمَاءِ والعالَمِ أبوابُ كليات العالم وما يتعلّق بالسماويات

باب (1) حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور

البحار: ج 22 ص7 س 5

كما يراد بالسماء جهة العلو «جَمِيعاً» حال عن الموصول الثاني «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ» أي قصد إليها بإرادته من قولهم استوى إليه إذا قصده قصدا مستويا من غير أن يلوي على شي ء و قيل استوى أي استولى و ملك.(1)

البحار: ج 22 ص 7 س 11

«سَبْعَ سَماواتٍ» بدل أو تفسير و السبع لا ينافي التسع التي أثبتوها أصحاب الأرصاد إذ الثامن و التاسع مسميان في لسان الشرع بالكرسي و العرش «وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ» قيل فيه تعليل كأنه قال و لكونه عالما بتلك الأشياء كلها خلق ما خلق على هذا النمط الأكمل و الوجه الأنفع و الاستدلال بأن من كان فعله على هذا النسق

ص: 422


1- الاستواء إن عديّ بالي فهو بمعنى القصد، وان عدی بعلي فهو بمعنى الاستيلاء، وله تعالی أنحاء من الاستيلاء على جميع مخلوقاته مطلقاً، الأوّل: الاستيلاء الإيجادي. الثاني: الاستيلاء البقائي، الثالث: الاستيلاء التدبيري، الرابع الاستيلاء الافنائي. إلى غير ذلك. وجميع هذه الاستيلاآت ثابتة له تعالى في تمام الحالات على جميع مخلوقاته بلا فرق بينهما أبدا. السبزواري.

العجيب و الترتيب الأنيق كان عليما و تدل الآية على حدوث السماوات بل الأرض أيضا كما سيأتي بيانه.«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ» أخبر بأنه تعالى حقيق بالحمد.(1)

البحار: ج 22 ص 15 س 21

«وأَغْطَشَ لَيْلَهَا»(2)(3).

البحار: ج 22 ص 20 س 17

6- وَ فِي خُطْبَةٍ أُخْرَى مَشْهُورَة:...... وَ إِنَّه سُبْحَانَهُ يَعُودُ بَعْدَ فَنَاءِ الدُّنْيَا وَحْدَهُ لَا شَيْ ءَ مَعَهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ ابْتِدَائِهَا كَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا بِلَا وَقْتٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ لَا حِينٍ وَ لَا زَمَانٍ عُدِمَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الْآجَالُ وَ الْأَوْقَاتُ وَ زَالَتِ السِّنُونَ وَ السَّاعَاتُ فَلَا شَيْ ءَ إِلَّا الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ الَّذِي إِلَيْهِ مَصِيرُ جَمِيعِ الْأُمُورِ بِلَا قُدْرَةٍ مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا وَ بِغَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا وَ لَوْ قَدَرَتْ عَلَى الِامْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا.(4)

البحار: ج 22 ص30

27 - الْعُيُونُ، وَ التَّوْحِيدُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْفَقِيهِ الْقُمِّيِّ عَنِ الْحَسَن

ص: 423


1- إن كان المراد بالسموات الأفلاك والكرات فقد ثبت بالدليل بل بالحسّ في هذه الأعصار أنها أكثر من السبع بل الألف بل هي غير متناهية فلابد وان يكون المراد بالسبع إما ما كان معرفاً في تلك الأعصار أو يكون المراد منه الإشارة إلى عدد في الجملة من غير قصد للتحديد الحقيقي. السبزواري.
2- يمكن أن يستفاد من إطلاق قوله تعالى «أَغْطَشَ»الخ أن للسماء وان علا مطلقاً ليل ونهار وان الليل والنهار يحصلان من جهة السماء مطلقاً. السبزواري.
3- سورة النازعات: الآية 29.
4- هذه الكلمات الشريفة ظاهرة في انعدام ذات الزمان وذات الجهة مطلقاً، و تعقل ذلك مما يخفى على العقول ولكن لا يمنع في قدرة الحكيم تعالی. السبزواري.

بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِي قَالَ: قَالَ عِمْرَانُ الصَّابِي لِلرِّضَا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَخْبِرْنِي عَنِ الْكَائِنِ الْأَوَّلِ وَ عَمَّا خَلَقَ قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَأَلْتَ فَافْهَمْ أَمَّا الْوَاحِدُ فَلَمْ يَزَلْ وَاحِداً كَائِناً لَا شَيْ ءَ مَعَهُ بِلَا حُدُودٍ وَ لَا أَعْرَاضٍ وَ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ ثُمَّ خَلَقَ خَلْقاً مُبْتَدِعاً مُخْتَلِفاً بِأَعْرَاضٍ وَ حُدُودٍ مُخْتَلِفَةٍ لَا فِي شَيْ ءٍ أَقَامَهُ وَ لَا فِي شَيْ ءٍ حَدَّهُ وَ لَا عَلَى شَيْ ءٍ حَذَاه وَ مَثَّلَه لَهُ فَجَعَلَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ الْخَلْقِ صَفْوَةً وَ غَيْرَ صَفْوَةٍ وَ اخْتِلَافاً وَ ائْتِلَافاً وَ أَلْوَاناً وَ ذَوْقاً وَ طَعْماً لَا لِحَاجَةٍ كَانَتْ مِنْهُ إِلَى ذَلِكَ وَ لَا لِفَضْلِ مَنْزِلَةٍ لَمْ يَبْلُغْهَا إِلَّا بِهِ وَ لَا رَأَى لِنَفْسِهِ فِيمَا خَلَقَ زِيَادَةً وَ لَا نَقْصا تَعْقِلُ هَذَا يَا عِمْرَانُ قَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ يَا سَيِّدِي قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ اعْلَمْ يَا عِمْرَانُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَلَقَ مَا خَلَقَ لِحَاجَةٍ لَمْ يَخْلُقْ إِلَّا مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى حَاجَتِهِ وَ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَخْلُقَ أَضْعَافَ مَا خَلَقَ لِأَنَّ الْأَعْوَانَ كُلَّمَا كَثُرُوا كَانَ صَاحِبُهُمْ أَقْوَى وَ الْحَاجَةُ يَا عِمْرَانُ لَا تَسَعُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ مِنَ الْخَلْقِ شَيْئاً إِلَّا حَدَثَتْ فِيه حَاجَةٌ أُخْرَى وَ لِذَلِكَ أَقُول لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ لِحَاجَةٍ وَ لَكِنْ نَقَّلَ بِالْخَلْقِ بِالْحَوَائِجِ بَعْضَهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِلَا حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَى مَنْ فَضَّلَ وَ لَا نَقِمَةٍ مِنْهُ عَلَى مَنْ أَذَلَّ فَلِهَذَا خَلَق قَالَ عِمْرَانُ يَا سَيِّدِي أَ لَا تُخْبِرُنِي عَنْ حُدُودِ خَلْقِهِ كَيْفَ هِيَ وَ مَا مَعَانِيهَا وَ عَلَى كَمْ نَوْعٍ تَكُونُ قَالَ قَدْ سَأَلْتَ فَافْهَمْ إِنَّ حُدُودَ خَلْقِهِ عَلَى سِتَّةِ أَنْوَاعٍ مَلْمُوسٍ وَ مَوْزُونٍ وَ مَنْظُورٍ إِلَيْهِ وَ مَا لَا وَزْنَ لَهُ وَ مَا لَا ذَوْقَ لَهُ وَ هُوَ الرُّوحُ وَ مِنْهَا مَنْظُورٌ إِلَيْهِ وَ لَيْسَ لَهُ وَزْنٌ وَ لَا لَمْسٌ وَ لَا حِسٌّ وَ لَا لَوْنٌ وَ التَّقْدِيرُ وَ الْأَعْرَاضُ وَ الصُّوَرُ وَ الطُّولُ وَ الْعَرْضُ وَ مِنْهَا الْعَمَلُ وَ الْحَرَكَاتُ الَّتِي تَصْنَعُ الْأَشْيَاءَ وَ تَعْمَلُهَا وَ تُغَيِّرُهَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَ تَزِيدُهَا وَ تَنْقُصُهَا وَ أَمَّا الْأَعْمَالُ وَ الْحَرَكَاتُ فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الشَّيْ ءِ انْطَلَقَ بِالْحَرَكَةِ وَ بَقِيَ الْأَثَرُ وَ يَجْرِي مَجْرَى

ص: 424

الْكَلَامِ الَّذِي يَذْهَبُ وَ يَبْقَى أَثَرُه إلى تمام الخبر.(1)

البحار: ج 22 ص 36

30- الْكَافِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَان قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِنَ اللَّهَ خَلَقَ الْخَيْرَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَ مَا كَانَ لِيَخْلُقَ الشَّرَّ قَبْلَ الْخَيْرِ وَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَ الْإِثْنَيْنِ خَلَقَ الْأَرَضِينَ وَ خَلَقَ أَقْوَاتَهَا فِي يَوْمِ الثَّلَاثَاءِ وَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَ خَلَقَ أَقْوَاتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ«خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّام».(2)

البحار: ج 22 ص 36س16

بيان و ما كان ليخلق الشر قبل الخير لعل الغرض أنه سبحانه ابتدأ خلق الجميع يوم الأحد إذ خيريته تعالى تقتضي أن لا يقدم خلق الشر على خلق الخير و ابتداء خلق الخير كان يوم الأحد فلم يخلق قبله شي ء أصلا ثم اعلم أن مدلول هذا الخبر ينافي ما مر من الآيات الكريمة و ظواهرها من جهتين الأولى أن ظاهر الآية أن خلق أقوات الأرض و تقديرها كان في يومين و الخبر يدل على أنه خلق أقوات الأرض في يوم و أقوات السماء في يوم و الثانية أن ظاهر الآية تقدم يومي خلق الأقوات على يومي خلق السماوات و الخبر يدل على تأخر أحد يومي خلق الأقوات عنهما و يمكن أن يجاب عن الأولى بأن المراد بخلق أقوات السماء خلق

ص: 425


1- هذا هو الذي أثبتوه في العصر الحاضر من وجود الأصوات في الجوّ وان ذهب المصوت وفني. ولكن الظاهر إن المراد بالأثر في قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإن لكل كلام اثر في النفس من الإرشاد والوعظ والاتعاظ والتأثر لا اقل من التوجه في الجملة إلى متکلمه إلى غير ذلك من الآثار العرفية. السبزواري
2- هذا الجزء من جهة السند صحیح و من جهة الدلالة يدلّ على أن في السموات خلق له قوت وله حياة كما لا يخفی وحمل الخبر على ما ذكره(رحمه اللّه) خلاف الظاهر السبزواري.

أسباب أقوات أهل الأرض الكائنة في السماء من المطر و الثلج و الألواح التي يقدر فيها الأقوات و الملائكة الموكلين بها و يؤيده أن ليس لأهل السماء قوت و طعام و شراب(1) ففي يوم واحد قدر الأسباب الأرضية لأقوات أهل الأرض و في يوم آخر قدر الأسباب السماوية لها و في الآية نسبهما إلى الأرض لكونهما لأهلها و في الخبر فصل ذلك لبيان اختلاف موضع التقديرين و عن الثانية بنحو مما ذكره البيضاوي بأن لا تكون لفظة ثم للترتيب و التراخي في المدة.

البحار: ج 22 ص 38 س1

«وَأَوحَى فِي كُلِّ أَمرَهَا».(2)

البحار: ج 22 ص 39

35 - الْعِلَلُ، وَ الْعُيُونُ، سَأَلَ الشَّامِيُّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِمَ سُمِّيَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَى قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِأَنَّ الْأَرْضَ دُحِيَتْ مِنْ تَحْتِهَا وَ سَأَلَ عَنْ أَوَّلِ بُقْعَةٍ بُسِطَتْ مِنَ الْأَرْضِ أَيَّامَ الطُّوفَانِ فَقَالَ لَهُ مَوْضِعُ الْكَعْبَةِ وَ كَانَتْ زَبَرْجَدَةً خَضْرَاء.(3)

البحار: ج 22 ص 45

68 الْعُيُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْبَصْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَاعِظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي جَامِعِ الْكُوفَةِ إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ مَا

ص: 426


1- سيأتي أخبار دالة على أن للملائكة قوت و هو التسبيح مع انه يمكن أن تكون في السموات خلق غير المَلَك كما يأتي استظهاره من الأخبار والآثار. السبزواري.
2- هذه الآية الكريمة تدلّ على أن لكل سماء أهل من ذوي الحياة والإدراك وحمل لفظ الوحي على التقدير بلا شاهد بل على خلافه الشواهد السبزواري.
3- هذه الجملة تؤيد ما مرّ من أن أول ما خلق الله زبر جدة خضراء فنظر إليها نظر الهيبة فصارت ماءٌ الخ. السبزواري

خَلَقَ اللَّهُ قَالَ خَلَقَ النُّورَ قَالَ فَمِمَّ خُلِقَتِ السَّمَاوَاتُ قَالَ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ قَالَ فَمِمَّ خُلِقَتِ الْأَرْضُ قَالَ مِنْ زَبَدِ الْمَاءِ قَالَ فَمِمَّ خُلِقَتِ الْجِبَالُ قَالَ مِنَ الْأَمْوَاجِ الْخَبَر.(1)

البحار: ج 22 ص 46 س2

«وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء».(2)

البحار: ج 22 ص 46

52 - الْعِلَلُ، فِي خَبَرِ ابْنِ سَلَامٍ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ يَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَوْمُ الْأَحَدِ قَالَ وَ لِمَ سُمِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ قَالَ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مَحْدُودٌ قَالَ فَالْإِثْنَيْنِ قَالَ هُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنَ الدُّنْيَا قَالَ فَالثَّلَاثَاءَ قَالَ الثَّالِثُ مِنَ الدُّنْيَا قَالَ فَالْأَرْبِعَاءَ قَالَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنَ الدُّنْيَا قَالَ فَالْخَمِيسَ قَالَ هُوَ يَوْمٌ خَامِسٌ مِنَ الدُّنْيَا وَ هُوَ يَوْمٌ أَنِيسٌ

ص: 427


1- فائدة: قد ورد في أول ما خلق الله في الماديات الماء والهواء والنور وقد ثبت في علم الحديث اشتمال الماء على الهواء والنور ثمّ إن الأوّلية إضافية والظاهر أن ما مرّ في تفسير علي ابن إبراهيم يصلح لشرح باقي الأخبار فراجع و تفحص. السبزواري.
2- فائدة: لما كان البناء على الماء بحسب الأسباب العادية ممتنعة، وبناؤه تبارك و تعالی عرشه على الماء إظهار لكمال قدرته. وقوله تعالى «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا» أي ليعرفكم أنفسكم أن أيكم أحسن عملاً وليس البلاء بالنسبة إلى الخالق بل بالنسبة إلى المخلوق نفسه، وقد مرّ عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) الأحسن بإصابة السُنّة لا الأكثر عملاً. ثمّ انه يمكن أن يراد بالعمل الأعم من الأعمال التكليفية أو الخارجية الجوارحية من الصنائع ونحوها أو الجوانحية من الأفكار الصحيحة التي هي الأصل لكل عمل وصنعة وقد ورد في الاهتمام بالفكر ما لا يحصى وان تفکر ساعة خير من عبادة ستين سنة. والمراد بهذا التفكر التفكر في صنع الله والتفكرات التي ينتفع بها الخلق كما لا يخفى. إن قلت انه يحصل من الكفار أيضاً وفي أصولنا انه لا ثواب لهم. قلت إن ما هو من أصولنا أن لا يدخل الكفار الجنة أما انه لا ثواب لهم مطلقاً حتّى في البرزخ أو في مواقف القيامة أو تخفيف العذاب عنهم في النار فليس من أصولنا، بل مقتضى الأدلة خلافه كما في كتاب المعاد. السبزواري.

لُعِنَ فِيهِ إِبْلِيسُ وَ رُفِعَ فِيهِ إِدْرِيسُ قَالَ فَالْجُمُعَة قَالَ هُوَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ «يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَ يَوْمُ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ» قَالَ فَالسَّبْتَ قَالَ يَوْمٌ مَسْبُوتٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْقُرْآنِ «وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» فَمِنَ الْأَحَدِ إِلَى الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَيَّامٍ وَ السَّبْتُ مُعَطَّلٌ الْخَبَر.(1)

البحار: ج 22 ص 50

95 - التَّوْحِيدُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاقِ عَنِ الْكُلَيْنِيِّ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ حِينَ كَلَّمَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَادَ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ثُمَّ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ فَقَالَ إِنِّي مَا وَجَدْتُ شَيْئاً صَغِيراً وَ لَا كَبِيراً إِلَّا وَ إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ مِثْلُهُ صَارَ أَكْبَرَ وَ فِي ذَلِكَ زَوَالٌ وَ انْتِقَالٌ عَنِ الْحَالَةِ الْأُولَى وَ لَوْ كَانَ قَدِيماً مَا زَالَ وَ لَا حَالَ لِأَنَّ الَّذِي يَزُولُ وَ يَحُولُ يَجُوزُ أَنْ يُوجَدَ وَ يَبْطُلَ فَيَكُونُ بِوُجُودِهِ بَعْدَ عَدَمِهِ دُخُولٌ فِي الْحَدَثِ وَ فِي كَوْنِهِ فِي الْأَزَلِ دُخُولُهُ فِي الْقِدَمِ وَ لَنْ تَجْتَمِعَ صِفَةُ الْأَزَلِ وَ الْعَدَمِ فِي شَيْ ءٍ وَاحِدٍ فَقَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ هَبْكَ عَلِمْتُ فِي جَرْيِ الْحَالَتَيْنِ وَ الزَّمَانَيْنِ مَا ذَكَرْتَ وَ اسْتَدْلَلْتَ عَلَى حُدُوثِهِا فَلَوْ بَقِيَتِ الْأَشْيَاءُ عَلَى صِغَرِهَا مِنْ أَيْنَ كَانَ لَكَ أَنْ

ص: 428


1- ظاهر صدر هذا أن نفس الأيام مخلوق أولا وثانيا وثالثا وهكذا وهو صحيح لا إشكال فيه إن كان تحديد الأيام بحد خاص و تقدير الأسبوع وظاهر قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذلك قوله عزّ وجلّ الخ أن خلق السموات والأرض في هذه الأيام وهو لا يناسب صدر الخبر أولاً ولا يصح في نفسه ثانياً لا يوم إلا بعد خلق السموات والأرض كما مرّ. إلا أن يراد مقدار يوم مع انه لم يعلم أن المراد بالأيام التي خلق بها السموات والأرض أيام الدنيا أو غيرها. وعلى الثاني هل المراد بها الأيام التي في قوله تعالى: «وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّون» (الحج: من الآية 47) أو الأيام التي يراد بقوله تعالى: فِي يَوْمٍ کَانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (المعارج: من الآية 4)، ثمّ ما المراد ب«أَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّون» هل المراد بها القمرية أو الشمسية وهل المراد بالشمس والقمر شمسنا وقمرنا أو المراد شموس أخرى وأقمار أخر ؟ كل محتمل، فتأمّل و تدبّر. السبزواري.

تَسْتَدِلَّ عَلَى حَدَثِهَا فَقَالَ الْعَالِمُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ عَلَى هَذَا الْعَالَمِ الْمَصْنُوعِ فَلَوْ رَفَعْنَاهُ وَ وَضَعْنَا عَالَماً آخَرَ كَانَ لَا شَيْ ءَ أَدَلُّ عَلَى الْحَدَثِ مِنْ رَفْعِنَا إِيَّاهُ وَ وَضْعِنَا غَيْرَهُ وَ لَكِنْ أُجِيبُكَ مِنْ حَيْثُ قَدَرْتَ أَنْ تُلْزِمَنَا وَ نَقُولُ إِنَّ الْأَشْيَاءَ لَوْ دَامَتْ عَلَى صِغَرِهَا لَكَانَ فِي الْوَهْمِ أَنَّهُ مَتَى مَا ضُمَّ شَيْ ءٌ إِلَى مِثْلِهِ كَانَ أَكْبَرَ وَ فِي جَوَازِ التَّغْيِيرِ عَلَيْهِ خُرُوجُهُ مِنَ الْقِدَمِ كَمَا أَنَّ فِي تَغْيِيرِهِ دُخُولُهُ فِي الْحَدَث.(1)

البحار: ج 22 ص52

72 - وَ مِنْهُ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الدُّنْيَا عُمُرَهَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ فَقَالَ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لَهَا خَمْسِينَ أَلْفَ عَامٍ فَتَرَكَهَا قَاعاً قَفْراً خَاوِيَةً عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمَّ بَدَا لِلَّهِ بَدَاءٌ فَخَلَقَ فِيهَا خَلْقاً لَيْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ وَ قَدَّرَ لَهُمْ عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ فَلَمَّا قَرُبَتْ آجَالُهُمْ أَفْسَدُوا فِيهَا فَدَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ تَدْمِيراً ثُمَّ تَرَكَهَا قَاعاً قَفْراً خَاوِيَةً عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمَ خَلَقَ فِيهَا الْجِنَ وَ قَدَّرَ لَهُمْ عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ فِيهَا فَلَمَّا قَرُبَتْ آجَالُهُمْ أَفْسَدُوا فِيهَا وَ سَفَكُوا الدِّمَاءَ وَ هُوَ قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ «أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ» كَمَا سَفَكَتْ بَنُو الْجَانِّ فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ بَدَا لِلَّهِ فَخَلَقَ آدَمَ وَ قَرَّرَ لَهُ عَشَرَةَ آلَافٍ وَ قَدْ مَضَى مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافِ عَامٍ وَ مِائَتَانِ وَ أَنْتُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ.(2)

ص: 429


1- هذا البرهان يصح في نفي القدم في الصفة أما نفي قدم الذات فيشكل صحة هذا البرهان فيه. فتدبّر. السبزواري.
2- أقول: ولكنّه قابل للبداء. السبزواري.

البحار: ج 22 ص 54

79 - تَفْسِيرُ الْفُرَاتِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ كَثِيرٍ مُعَنْعَناً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: شَهِدْتُ أَبِي عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ عِنْدَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَ كَانَ رَجُلًا قَدْ قَرَأَ التَّوْرَاةَ وَ كُتُبَ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا كَعْبُ مَنْ كَانَ أَعْلَمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ كَانَ أَعْلَمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ كَانَ وَصِيَّ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بَعْدَهُ وَ كَذَلِكَ كُلُّ نَبِيٍّ خَلَا مِنْ بَعْدِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ يَقُومُ فِي أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَمَنْ وَصِيُّ نَبِيِّنَا وَ عَالِمُنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ وَ عَلِيٌّ سَاكِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ كَعْبٌ مَهْلًا فَإِنَّ السُّكُوتَ عَنْ هَذَا أَفْضَلُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا خَطَا بِالصَّلَاحِ فَقَدَّمَهُ الْمُسْلِمُونَ لِصَلَاحِهِ وَ لَمْ يَكُنْ بِوَصِيٍّ فَإِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ لَمَّا تُوُفِّيَ أَوْصَى إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ فَقَبِلَهُ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ أَنْكَرَتْ فَضْلَهُ طَائِفَةٌ وَ هِيَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ «فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ» وَ كَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ السَّالِفَةُ وَ الْأُمَمُ الْخَالِيَةُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا وَ قَدْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ يَحْسُدُهُ قَوْمُهُ وَ يَدْفَعُونَ فَضْلَهُ فَقَالَ وَيْحَكَ يَا كَعْبُ فَمَنْ تَرَى وَصِيَّ نَبِيِّنَا قَالَ كَعْبٌ مَعْرُوفٌ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْكُتُبِ الْمُنْزَلَةِ مِنَ السَّمَاءِ عَلِيٌّ أَخُو النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُعِينُهُ عَلَى أَمْرِهِ وَ يُوَازِرُهُ عَلَى مَنْ نَاوَاهُ وَ لَهُ زَوْجَةٌ مُبَارَكَةٌ وَ لَهُ مِنْهَا ابْنَانِ يَقْتُلُهُمَا أُمَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ يَحْسُدُونَ وَصِيَّهُ كَمَا حَسَدَتِ الْأُمَمُ أَوْصِيَاءَ أَنْبِيَائِهَا فَيَدْفَعُونَهُ عَنْ حَقِّهِ وَ يَقْتُلُونَ مِنْ وُلْدِهِ بَعْدَهُ كَحَسَدِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَ قَالَ فَأُفْحِمَ عِنْدَهَا وَ قَالَ: يَا كَعْبُ لَئِنْ صَدَقْتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ قَلِيلًا فَقَدْ كَذَبْتَ كَثِيراً فَقَالَ كَعْبٌ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَطُّ وَ لَكِنْ سَأَلْتَنِي عَنْ أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ لِي بُدٌّ مِنْ تَفْسِيرِهِ وَ الْجَوَابِ فِيهِ فَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ أَعْلَمَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَعْدَ نَبِيِّهَا لِأَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ شَيْ ءٍ إِلَّا

ص: 430

وَجَدْتُ عِنْدَهُ كلما تُصَدِّقُهُ بِهِ التَّوْرَاةُ وَ جَمِيعُ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اسْكُتْ يَا ابْنَ الْيَهُودِيِ فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لَكَثِيرُ التَّخَرُّصِ بِكَذِبٍ فَقَالَ كَعْبٌ وَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنِّي كَذَبْتُ فِي شَيْ ءٍ مِن كِتَابِ اللَّهِ مُنْذُ جَرَى لِلَّهِ عَلَيَّ الْحُكْمُ وَ لَئِنْ شِئْتَ لَأُلْقِيَنَّ عَلَيْكَ شَيْئاً مِنْ عِلْمِ التَّوْرَاةِ فَإِنْ فَهِمْتَهُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَ إِنْ فَهِمَ فَهُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ هَاتِ بَعْضَ هَنَاتِكَ فَقَالَ كَعْبٌ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ «وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ» فَأَيْنَ كَانَتِ الْأَرْضُ وَ أَيْنَ كَانَتِ السَّمَاءُ وَ أَيْنَ كَانَ جَمِيعُ خَلْقِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ وَ مَنْ يَعْلَمُ غَيْبَ اللَّهِ مِنَّا إِلَّا مَا سَمِعَهُ رَجُلٌ مِنْ نَبِيِّنَا قَالَ وَ لَكِنْ إِخَالُ أَبَا حَسَنٍ لَوْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ لَشَرَحَهُ بِمِثْلِ مَا قَرَأْنَاهُ فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَدُونَكَ إِذاً اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى عُمَرَ وَ أَصْحَابِهِ أَرَادُوا إِسْقَاطَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ كَعْبٌ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ «وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَعَمْ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ حِينَ لَا أَرْضٌ مَدْحِيَّةٌ وَ لَا سَمَاءٌ مَبْنِيَّةٌ وَ لَا صَوْتٌ يُسْمَعُ وَ لَا عَيْنٌ تَنْبُعُ وَ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا نَجْمٌ يَسْرِي وَ لَا قَمَرٌ يَجْرِي وَ لَا شَمْسٌ تُضِي ءُ وَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ غَيْرُ مُسْتَوْحِشٍ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ يُمَجِّدُ نَفْسَهُ وَ يُقَدِّسُهَا كَمَا شَاءَ أَنْ يَكُونَ كَانَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ فَضَرَبَ بِأَمْوَاجِ الْبُحُورِ فَثَارَ مِنْهَا مِثْلُ الدُّخَانِ كَأَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَبَنَى بِهَا سَمَاءً رَتْقاً ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ مَوْضِعِ الْكَعْبَةِ وَ هِيَ وَسَطُ الْأَرْضِ فَطَبَقَتْ إِلَى الْبِحَارِ ثُمَّ فَتَقَهَا بِالْبُنْيَانِ وَ جَعَلَهَا سَبْعاً بَعْدَ إِذْ كَانَتْ وَاحِدَةً «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ» مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي أَنْشَأَهُ مِنْ تِلْكَ الْبُحُورِ فَجَعَلَهَا سَبْعاً طِبَاقاً بِكَلِمَتِهِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ وَ جَعَلَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ سَاكِناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ خَلَقَهُمْ مَعْصُومِينَ مِنْ نُورٍ مِنْ بُحُورٍ عَذْبَةٍ وَ هُوَ بَحْرُ الرَّحْمَةِ وَ جَعَلَ طَعَامَهُمُ التَّسْبِيحَ وَ التَّهْلِيلَ وَ التَّقْدِيسَ فَلَمَّا قَضَى أَمْرَه وَ خَلْقَهُ اسْتَوَى عَلَى مُلْكِهِ فَمُدِحَ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ ثُمَّ

ص: 431

قَدَّرَ مُلْكَهُ فَجَعَلَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ شُهُباً مُعَلَّقَةً كَوَاكِبَ كَتَعْلِيقِ الْقَنَادِيلِ مِنَ الْمَسَاجِدِ لَا يُحْصِيهَا غَيْرُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى(1) وَ النَّجْمُ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ كَأَكْبَرِ مَدِينَةٍ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ خَلَقَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ فَجَعَلَهُمَا شَمْسَيْنِ فَلَوْ تَرَكَهُمَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَمَا كَانَ ابْتَدَأَهُمَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ لَمْ يُعْرَفْ خِلْقَةُ اللَّيْلِ مِنَ النَّهَارِ وَ لَا عُرِفَ الشَّهْرُ وَ لَا السَّنَةُ وَ لَا عُرِفَ الشِّتَاءُ مِنَ الصَّيْفِ وَ لَا عُرِفَ الرَّبِيعُ مِنَ الْخَرِيفِ وَ لَا عَلِمَ أَصْحَابُ الدَّيْنِ مَتَى يَحُلُّ دَيْنُهُمْ وَ لَا عَلِمَ الْعَامِلُ مَتَى يَتَصَرَّفُ فِي مَعِيشَتِهِ وَ مَتَى يَسْكُنُ لِرَاحَةِ بَدَنِهِ فَكَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِرَأْفَتِهِ بِعِبَادِهِ نَظَرَ لَهُمْ فَبَعَثَ جَبْرَئِيلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى إِحْدَى الشَّمْسَيْنِ فَمَسَحَ بِهَا جَنَاحَهُ فَأَذْهَبَ مِنْهَا الشُّعَاعَ وَ النُّورَ وَ تَرَكَ فِيهَا الضَّوْءَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ «وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسابَ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا» وَ جَعَلَهُمَا يَجْرِيَانِ فِي الْفَلَكِ وَ الْفَلَكُ بَحْرٌ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ مُسْتَطِيلٌ فِي السَّمَاءِ اسْتِطَالَتُهُ ثَلَاثَةُ فَرَاسِخَ يَجْرِي فِي غَمْرَةِ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَجَلَةٍ يَقُودُهُمَا ثَلَاثُمِائَةِ مَلَكٍ بِيَدِ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهَا عُرْوَةٌ يَجُرُّونَهَا فِي غَمْرَةِ ذَلِكَ الْبَحْرِ لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّهْلِيلِ وَ التَّسْبِيحِ وَ التَّقْدِيسِ لَوْ بَرَزَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ غَمْرِ ذَلِكَ الْبَحْرِ لَاحْتَرَقَ كُلُّ شَيْ ءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّى الْجِبَالُ وَ الصُّخُورُ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ وَ النُّجُومَ وَ الْفَلَكَ وَ جَعَلَ الْأَرَضِينَ عَلَى ظَهْرِ حُوتٍ أَثْقَلَهَا فَاضْطَرَبَتْ فَأَثْبَتَهَا بِالْجِبَالِ فَلَمَّا اسْتَكْمَلَ خَلْقَ مَا فِي السَّمَاوَات وَ الْأَرْضُ يَوْمَئِذٍ خَالِيَةٌ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا

ص: 432


1- فيه دلالة على عدم تناهي الكراة. السبزواري.

تَعْلَمُونَ» فَبَعَثَ اللَّهُ جَبْرَئِيلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَأَخَذَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ قَبْضَةً فَعَجَنَهُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ وَ الْمَالِحِ وَ رَكَّبَ فِيهِ الطَّبَائِعَ قَبْلَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ الرُّوحَ فَخَلَقَهُ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ آدَمَ لِأَنَّهُ لَمَّا عُجِنَ بِالْمَاءِ اسْتَأْدَمَ فَطَرَحَهُ فِي الْجَبْلِ كَالْجَبْلِ الْعَظِيمِ وَ كَانَ إِبْلِيسُ يَوْمَئِذٍ خَازِناً عَلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ يَدْخُلُ فِي مَنْخِرِ آدَمَ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ ثُمَّ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى بَطْنِهِ فَيَقُولُ لِأَيِّ أَمْرٍ خُلِقْتَ لَئِنْ جُعِلْتَ فَوْقِي لَا أَطَعْتُكَ وَ إِنْ جُعِلْتَ أَسْفَلَ مِنِّي لَا أُعِينُكَ فَمَكَثَ فِي الْجَنَّةِ أَلْفَ سَنَةٍ مَا بَيْنَ خَلْقِهِ إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ فَخَلَقَهُ مِنْ مَاءٍ وَ طِينٍ وَ نُورٍ وَ ظُلْمَةٍ وَ رِيحٍ وَ نُورٍ مِنْ نُورِ اللَّهِ فَأَمَّا النُّورُ فَيُورِثُهُ الْإِيمَانَ وَ أَمَّا الظُّلْمَةُ فَيُورِثُهُ الْكُفْرَ وَ الضَّلَالَةَ وَ أَمَّا الطِّينُ فَيُورِثُهُ الرِّعْدَةَ وَ الضَّعْفَ وَ الِاقْشِعْرَارَعِنْدَ إِصَابَةِ الْمَاءِ فَيُنْعَتُ بِهِ عَلَى أَرْبَعِ الطَّبَائِعِ عَلَى الدَّمِ وَ الْبَلْغَمِ وَ الْمِرَارِ وَ الرِّيحِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً» قَالَ فَقَالَ كَعْبٌ يَا عُمَرُ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُ كَعِلْمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَا فَقَالَ كَعْبٌ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَصِيُّ الْأَنْبِيَاءِ وَ مُحَمَّدٌ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ عَلِيٌّ خَاتَمُ الْأَوْصِيَاءِ وَ لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ الْيَوْمَ مَنْفُوسَةٌ إِلَّا وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَعْلَمُ مِنْهُ وَ اللَّهِ مَا ذَكَرَ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ وَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ الْمَلَائِكَةِ شَيْئاً إِلَّا وَ قَدْ قَرَأْتُهُ فِي التَّوْرَاةِ كَمَا قَرَأَ قَالَ فَمَا رُئِيَ عُمَرُ غَضِبَ قَطُّ مِثْلَ غَضَبِهِ ذَلِكَ الْيَوْم.

ص: 433

فهرس الموضوعات

المقدمة ...5

باب (1) نفي الظلم والجور عنه تعالى وإبطال الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين وإثبات الاختيار والاستطاعة ...13

باب (3) القضاء والقدر والمشية والإرادة وسائر أسباب الفعل...16

باب (5) باب الأرزاق والأسعار ...17

باب (10) السعادة والشقاوة والخير والشرّ وخالقهما ومقدّرهما ...18

باب (10) الطينة والميثاق ...20

باب (12) علّة عذاب الاستيصال وحال ولد الزنا وعلّة اختلاف أحوال الخلق ... 32

باب (20) التوبة وأنواعها وشرائطها ...34

باب(2) علامات الکبر الكبر وأنّ ما بين الستّين إلى السبعين معترك المنايا وتفسير أرذل العمر...39

باب (8) أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلّق بذلك ...39

باب (1) احتجاج اللّه تعالى على أرباب الملل المختلفة في القرآن الكريم ... 43

باب (1) احتجاجه صلوات اللّه عليه على اليهود في أنواع كثيرة من العلوم ومسائل شتّی ...45

باب (7) ما علّمه صلوات الله عليه من أربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنیاه ...48

باب (14) ما بيّن (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المسائل في أصول الدين وفروعه برواية الأعمش ... 70

باب (16) احتجاجات موسی بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أرباب الملل والخلفاء وبعض ما روي

ص: 434

عنه من جوامع العلوم ...78

باب (17) ما وصل إلينا من أخبار علي بن جعفر عن أخيه موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) بغیر رواية الحميري نقلناها مجتمعة لما بينها وبين أخبار الحميري من اختلاف يسير وفرّقنا ما ورد برواية الحميري على الأبواب ... 78

باب (19) مناظرات الرضا علي بن موسی صلوات الله عليه واحتجاجه على أرباب الملل المختلفة والأديان المتشتتة في مجلس المأمون وغيره ... 78

باب (1) معنى النبوّة وعلّة بعثة الأنبياء وبيان عددهم وأصنافهم وجمل أحوالهم وجوامعها صلوات الله عليهم أجمعين ...83

باب (2) نقش خواتيمهم وأشغالهم وأمزجتهم وأحوالهم في حياتهم وبعد موتهم صلوات الله عليهم ...84

باب (4) عصمة الأنبياء(عَلَيهِم السَّلَامُ) وتأويل ما يوهم خطأهم وسهوهم ...85

تحقيق الإجماع ...93

باب (1) فضل آدم وحواء وعلل تسميتهما وبعض أحوالهما وبدء خلقهما وسؤال الملائكة في ذلك ...97

باب (3) ارتكاب ترك الأولى ومعناه وكيفيته قبول توبته والكلمات التي تلقّاها من ربّه...103

باب (4) كيفيّة نزول آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الجنة وحزنه على فراقها وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله ...104

باب (5) تزويج آدم حواء وكيفية بدء النسل منهما وقصة قابيل وهابيل وسائر أولادهما...105

باب (6) تأويل قوله تعالی: جَعَلَا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتَاهُمَا؛ ...106

باب (8) عمر آدم ووفاته ووصيته إلى شيث وقصصه (عَلَيهِ السَّلَامُ)...111

باب (3) بعثته (عَلَيهِ السَّلَامُ) على قومه وقصة الطوفان ...114

باب (5) أحوال أولاده وأزواجه صلوات الله عليهم وبناء البيت ...117

ص: 435

باب (8) قصص ذي القرنين ...117

باب (10) قصص أيوب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ...129

باب (1) نقش خاتمهما وعلل تسميتهما وفضائلهما وسننهما وبعض أحوالهما .... 132

باب (2) أحوال موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) من حين ولادته إلى نبوتّه...132

باب (3) معنى قوله تعالى:«فَاخْلَعْ نَعْلَيْك»وقول موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي وأنّه لِمَ سمىَّ الجبل طور سيناء...138

باب (7) نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلّق بها...138

باب (4) قصة قارون ...141

باب (4) قصة ذبح البقرة ...142

باب (11) ما ناجی به موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) ربّه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه اللّه وفيه بعض النوادر...153

باب (12) وفاة موسى وهارون (عَلَيهِ السَّلَامُ) وموضع قبرهما وبعض أحوال يوشع بن نون (عَلَيهِ السَّلَامُ) ... 154

باب (18) قصص لقمان وحكمه ...155

باب (17) ولادة عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ...160

باب (22) رفعه إلى السماء ...160

باب (25) قصص یونس وأبيه متّى ...161

باب (1) بدء خلقه وما جرى له في الميثاق ... 165

الباب (3) تاریخ ولادته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وما يتعلّق بها وما ظهر عندها من المعجزات والكرامات ...171

باب (4) منشأه ورضاعه وما ظهر من إعجازه عند ذلك إلى نبوّته ... 173

باب (5) تزوّجه له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بخديجة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وفضائلها وبعض أحوالها ...177

باب (6) أسماؤه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعللها ...177

باب (7) نادر في معنى كونه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يتيماً وضالاً وعائلاً، ومعنی انشراح صدره، وعلّة

ص: 436

يتمه والعلة التي من أجلها لم يبق له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولدٌ ذَكَر...180

باب (8) أوصافه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) له في خلقته وشمائله وخاتم النبوّة ...184

باب (9) مکارم أخلاقه وسيره وسننه ...185

باب (11) فضائله وخصائصه ...185

باب (13) وجوب طاعته وحبه التفويض إليه له(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ...186

باب (15) عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك ...186

باب (17) علمه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ...187 في كيفية صدور الوحي، ونزول جبريل (عَلَيهَا السَّلَامُ)وعلّة احتباس الوحي، وبيان أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هل كان قبل البعثة متعبداً بشريعة أم لا...189

باب (3) إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته ...189

باب (1) وصيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) له عند قرب وفاته ...191

افتراق الأُمّة بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على ثلاث وسبعين فرقة وأنّه يجري فيهم ما جرى في غيرهم من الأمم وارتدادهم عن الدين ...195

باب (2) إخبار اللّه تعالى نبيه وإخبار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) له أُمّته بما جرى على أهل بيته صلوات الله عليهم من الظلم والعدوان ...195

باب (3) تبيين وتتمیم ...202

باب (4) تبیین ...203

باب (5) احتجاج أمير المؤمنين (عَلَيهَا السَّلَامُ) على أبي بكر وغيره في أمر البيعة ...207

فصل (2) في الكلام على ما يستفاد من اخبار الباب والتنبيه على ما ينتفع به طالب الحق والصواب ...208

باب (15) شكاية أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه عمّن تقدّمه من المتغلّبين الغاصبين ...211

باب (16) آخر فيما كتب (عَلَيهَا السَّلَامُ) إلى أصحابه في ذلك تصريحاً وتلويحاً ...212

باب (22) تفصيل مطاعن أبي بكر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الأخبار من

ص: 437

کتبهم ...216

خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله ...217

باب (23) تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الأخبار من صحاحهم وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه ...218

باب (25) تفصيل مثالب عثمان وبدعه والاحتجاج بها على المخالفين بما رووه في كتبهم وبعض أحواله...223

تذييل وتتميم ...223

باب (31) ما ورد في لعن بني أمية وبني العباس وكفرهم ...226

باب بيعة أمير المؤمنين (عَلَيهَا السَّلَامُ) وما جرى بعدها من نكث الناكثين إلى غزوة الجمل ... 227

باب (2) باب احتجاج أُمّ سلمة على عائشة ومنعها من الخروج ...231

باب (4) احتجاجه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أهل البصرة وغيرهم بعد انقضاء الحرب وخطبه (عَلَيهَا السَّلَامُ) عند ذلك ...235

باب (8) باب حكم من حارب عليّاً أمير المؤمنین صلوات اللّه عليه ...236

باب (40) نصوص اللّه عليهم من خبر اللوح والخواتيم وما نص به عليهم في الكتب السالفة وغيرها...241

باب (41) نصوص الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عليهم (عَلَيهم السَّلَامُ) ...243

باب (49) نادر في ذکر مذاهب الذين خالفوا الفرقة المحقة في القول بالأئمّة الاثني عشر صلوات اللّه عليهم ...245

باب (61) جوامع الأخبار الدالة على إمامته من طرق الخاصة والعامة ...246

باب (62) نادر فيما امتحن اللّه به امير المؤمنین صلوات اللّه عليه في حياة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وبعد وفاته ...247

باب (101) عبادته وخوفه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ...265

باب (107) جوامع مکارم أخلاقه وآدابه وسننه وعدله وحسن سياسته صلوات اللّه عليه ...266

ص: 438

مادات والنباتات ...267

باب (114) معجزات كلامه من إخباره بالغائبات، وعلمه باللغات وبلاغته وفصاحته صلوات اللّه عليه ...268

باب (127) كيفية شهادته (عَلَيهِ السَّلَامُ) ووصيته وغسله والصلاة عليه ودفنه ... 270

باب (1) ولادتها وحليتها وشمائلها صلوات اللّه عليها وجمل تواريخها ... 285

باب (3) مناقبها وفضائلها وبعض أحوالها ومعجزاتها صلوات اللّه عليها ....287

باب (4) سيرها ومكارم أخلاقها صلوات الّله عليها وسير بعض خدمها ...287

باب (5) تزويجها صلوات اللّه عليها ...289

باب (7) ما وقع عليها من الظلم وبكائها وحزنها وشكايتها في مرضها إلى شهادتها وغسلها ودفنها وبيان العلة في إخفاءدفنها صلوات اللّه عليها ولعنة اللّه على من ظلمها ...289

باب (12) فضائلها ومناقبها والنصوص عليهما صلوات اللّه عليها ...295

باب (19) كيفية مصالحة الحسن بن علي صلوات اللّه عليهما معاوية وما جرى بينهما قبل ذلك ...297

باب (25) معجزاته صلوات اللّه عليه ...299

باب (26) مکارم أخلاقه وجمل أحواله وتاريخه وأحوال أصحابه صلوات الله عليه ... 300

باب (34) ثواب البكاء على مصيبته ومصائب سائر الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وفيه أدب المأتم يوم عاشوراء ... 300

باب (35) فضل الشهداء معه وعلة عدم مبالاتهم بالقتل وبيان أنه صلوات الله عليه كان فرحاً لا يبالي بما يجري عليه ...302

باب (37) ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات اللّه عليه، ولعنة اللّه على ظالميه وقاتليه والراضين بقتله ...302

باب (42) رؤية أُمّ سلمة وغيرها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في المنام وإخباره بشهادة

ص: 439

الکرام ... 318

باب (38) شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي اللّه عنهما ...335

باب (39) الوقائع المتأرة عن قتله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ...335

باب (40) ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء والأرض عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وانکساف الشمس والقمر وغيرها ...246

باب (42) رؤية أُمّ سلمة وغيرها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في المنام وإخباره بشهادة الكرام ...248

باب (49) أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي وما جرى على يديه وأيدي أوليائه ...249

باب (3) معجزاته ومعالي أموره وغرائب شأنه صلوات اللّه عليه ...357

باب (11) أحوال أولاده وأزواجه صلوات اللّه عليه ...357

باب (5) معجزاته ومعاني أموره وغرائب شأنه صلوات اللّه عليه ...359

باب (8) أحوال أصحابه وأهل زمانه من الخلفاء وغيرهم وما جرى بينه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبينهم... 359

باب (5) معجزاته واستجابة دعواته ومعرفته بجميع اللغات ومعالي أموره صلوات اللّه عليه ... 361

باب (6) ما جرى بينه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبين المنصور وولاته وسائر الخلفاء الغاصبين والأمراء الجائرين وذكر بعض أحوالهم ...361

باب (9) أحوال أقربائه وعشائره وما جرى بينه وبينهم وما وقع عليهم من الجور والظلم ...366

وأحوال من خرج في زمانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من بني الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأولاد زيد وغيرهم...366

باب (11) أحوال أصحابه وأهل زمانه صلوات اللّه عليه وما جرى بينه وبينهم... 369

باب (12) مناظرات أصحابه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع المخالفين ... 373

باب (3) النصوص عليه صلوات اللّه عليه...376

ص: 440

باب (5) عبادته وسيره ومكارم أخلاقه ووفور علمه صلوات عليه ... 377

باب (1) مناظراته (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع خلفاء الجور وما جرى بينه وبينهم وفيه بعض أحوال علي ابن يقطين ... 380

باب (7) أحوال عشائره وأصحابه وأهل زمانه وما جرى بينه وبينهم وما جرى من الظلم على عشائره صلوات اللّه عليه ...381

باب (9) أحواله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الحبس إلى شهادته وتاريخ وفاته ومدفنه صلوات اللّه عليه ولعنة اللّه على من ظلمه...382

باب (11) وروده (عَلَيهِ السَّلَامُ) بنيسابور وما ظهر فيه من المعجزات ...387

باب (1) ولادته وأحوال أمه صلوات اللّه عليه ... 391

باب (3) النهي عن التسمية ...397

باب (4) صفاته صلوات اللّه عليه وعلاماته ونسبه ... 398

باب (1) تاريخ الإمام الثاني عشر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ...399

ما ورد من إخبار الله وإخبار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يا بالقائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من طرق الخاصة والعامة...399

باب (2) ما ورد عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه في ذلك ... 401

باب (3) ما روي في ذلك عن الحسنین صلوات اللّه عليهما ... 401

ذكر الأدلة التي ذكرها شيخ الطائفة ؛ على إثبات الغيبة ... 402

ذكر أمر أبي الحسين علي بن محمد السمري بعد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح وانقطاع الأعلام به وهم الأبواب ... 404

باب (18) ذكر من رآه صلوات اللّه عليه ... 405

باب (23) من ادعى الرؤية في الغيبة الكبرى وأنه يشهد ويرى الناس ولا يرونه وسائر أحواله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الغيبة ... 405

باب (25) علامات ظهوره صلوات اللّه عليه من السفياني والدجال وغير ذلك وفيه ذكر بعض أشراط الساعة ... 407

باب (27) سیره وأخلاقه وعدد أصحابه وخصائص زمانه وأحوال أصحابه صلوات

ص: 441

اللّه عليه وعلى آبائه ... 412

باب (28) ما يكون عند ظهوره (عَلَيهِ السَّلَامُ) برواية المفضل بن عمر... 418

باب (29) الرجعة ... 419

باب (1) حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور ... 423

فهرست الموضوعات ...435

***

ص: 442

المجلد 2

هویه الکتاب

بطاقة تعريف:الموسوی السبزواري، السید عبدالاعلی، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد:بحار الأنوار. شرح

عنوان و نام پديدآور:التعلیق علی کتاب بحار الأنوار / تالیف آیة الله العظمي السید عبدالاعلی الموسوی السبزواري.

تفاصيل المنشور:قم: دارالتفسیر، 1432 ق.-= 2011 م.-= 1390-

مواصفات المظهر:ج.

ISBN:دوره 978-964-535-223-1 : ؛ 80000 ریال: ج. 1 978-964-535-237-8 : ؛ ج. 2 978-964-535-258-3 :

حالة الاستماع:فاپا

ملاحظة:العربية.

ملاحظة:هذا الكتاب هو وصف الكتاب "بحار الأنوار" هو تأليف محمد باقر مجلسي.

ملاحظة:مجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، 1037 - 1111ق. بحار الأنوار-- نقد و تفسیر

ملاحظة:أحاديث الشيعة -- قرن 11ق.

المعرف المضاف:مجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، 1037 - 1111ق. بحار الأنوار. شرح

ترتيب الكونجرس:BP135/م3ب30215 1390

تصنيف ديوي:297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية:2 3 1 2 8 7 7

قم - خیابان معلم - میدان روح ا... - تلفن: 7744212 - تلفاکس: 7741621 منشورات دار التفسير

التعليق على كتاب بحارالانوار/ج2

آية الله العظمى السيد عبدالاعلی الموسوی السبزواری قدّس سرّه

الطبعة : الأولى / 2011 م -1432 ه-

المطبعة : نینوا

ردمک/ ج2: 3-258-535-964-978

ردمک الدورة : 1-223-535-964-978

عدد المطبوع : 2000 دورة

1.لا يجوز طبع هذا الكتاب الّا باذن خاص من مكتب السيد السبزواري في النجف الأشرف.

2- یوزع هذا الكتاب:

العراق - النجف الاشرف، سوق الحويش، مكتبة المهذّب، الجوّال 7801541523

ایران - قم، شارع معلم، میدان روح الله، انتشارات دار التفسير، تلیفون 7741621

جمعية خيرية رقمية: مركز خدمة مدرسة إصفهان

المحرّر: محمدرضا دهقانزاد

ص: 1

اشارة

التعليق علی کتاب بحار الانوار

الجزء الثانی

تألیف: فقیه عصره آیة الله العظمی السیّد عبدالاعلی الموسوی السّبزواریّ

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 3

المقصد الخامس: في دفع بعض شبهة الفلاسفة...

في دفع بعض شبهة الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشكّكين القاطعين لطريق الطالبين للحق واليقين

البحار: ج 22 ص 169 س 25

وقد روي عن الصادق علیه السّلام أنه قال بعد عد أجسام العالم ولا وراء ذلك سعة ولا ضيق ولا شيء يتوهم فكذا الحال في انقطاع الزمان وجميع الموجودات الممكنة في جهة الماضي لا يتصور فيه امتداد أصلا لا موجود کما زعم الحكماء ولا موهوم کما توهمه المتكلمون فلا يمكن فيه حرکات کما استدل به الحكماء على عدم تناهي الزمان بل لاشيء مطلق وعدم صرف ولما ألف الناس بالأبعاد القارة وجسم خلف جسم تعسر تصور عدمه على بعض المتكلمين وذهب إلى الأبعاد الموهومة الغير المتناهية وقال بالخلاء وكذا لما شاهدوا موجودا قبل موجود وزمانا قبل زمان صعب عليهم تصور اللاشيء المحض فذهب طائفة من الحكماء إلى لا تناهي الزمان الموجود وطائفة من المتكلمين إلى لا تناهي الزمان الموهوم ولكن تصور اللازمان المطلق أصعب من تصور اللامكان ويحتاج إلى زيادة دقة ولطف قريحة. وأقول وهذا الجواب في غاية المتانة(1) واختاره السيد المرتضى والشيخ الكراجکي

ص: 4


1- السبزواري: أقول أي متانة فيه لأنه لا ينفي قدم معلول ما على زمن تمامية العلة بل يثبته، فإن كان الاستدلال على نفي القديم غيره صحّ من غير النظر إلى كونه مجرداً أو زماناً أو زمانياً فهذا الجواب بمعزل عنه، وإن كان المراد نفي قدم الزمان فأمره هين. هذا مع أن قوله وبالجملة إذا كانت العلة والمعلول الخ إن كان مراده أن العلة والمعلول إن لم يكونا زمانيين يجوز الانفكاك بينهما فهو تخصیص في حكم العقل من عدم جواز الانفكاك بين العلة والمعلول، وان كان المراد أن العلة كلما تحققت تحقق المعلول في أيّ مرحلة من المراحل فهو عين القول بقدم غيره تعالی. تدبّر تفهم

وغيرهما قال السيد في جواب شبهة القائل بالقدم في تضاعيف كلامه غير أن الصانع القديم يجب أن تتقدم صنعته بما إذا قدرناه أوقاتا وأزمانا كانت غير متناهية ولا محصورة فدل على أنه لا يقول بقدم الزمان بل يقدره ويفرضه وقد مضى تصريحه رضة الله عنه بحدوث الزمان وأنه سبحانه ابتدا ما أحدثه من غير زمان وأن الزمان مقدار حركة الفلك في المقصد الثاني.

وقال الكراجکي اعلم أن الملحدة لما لم تجد حيلة تدفع بها وجوب تقدم الصانع على الصنعة قالت إنه متقدم عليها تقدم رتبة لا تقدم زمان فيجب أن نطالبهم بمعنى تقدم الرتبة وقد سمعنا قوما منهم يقولون إن معنى ذلك أنه الفعال فيها والمدبر لها فسألناهم هل يدافع ذلك عنها حقيقة الحدث فعادوا إلى الكلام الأول من أن كل واحد من أجزاء الصنعة محدث فأعدنا عليهم ما سلف حتى لزمهم الإقرار بحدث الكل وطالبناهم بحقيقة المحدث والقديم فلم يجدوا مهربا من القول بتقدم القديم في الوجود على المحدث التقدم المفهوم المعلوم الذي يكون أحدهما به موجودا والآخر معدوما ولسنا نقول إن هذا التقدم موجب للزمان لأن الزمان أحد الأفعال والله تعالى متقدم لجميع الأفعال وليس أيضا من شرط التقدم والتأخر في الوجود أن يكون ذلك في زمان لأن الزمان نفسه قد يتقدم بعضه على بعض ولا يقال إن ذلك مقتض لزمان آخر والكلام في هذا الموضع جليل ومن فهم الحق فيه سقطت عنه شبه كثيرة.

وقال رحمه الله بعد إیراد جواب السيد عن شبهة القائل بالقدم وجميع ما تضمنه من إطلاق القول بأن بين القديم وأول المحدثات أوقاتا لا أول لها فإنما المراد به تقدیر

ص: 5

أوقات دون أن يكون القصد أوقاتا في الحقيقة لأن الأوقات أفعال وقد ثبت أن الأفعال أولا فلو قلنا إن بين القديم وأول الأفعال أوقاتا في الحقيقة لناقضناه ودخلنا في مذهب خصمنا نعوذ بالله من القول بهذا ثم قال وقال بعض أهل العلم لا ينبغي أن نقول بين القديم وبين المحدث لأن هذه اللفظة إنما تقع بين شيئين محدودين و القديم لا أول له والواجب أن نقول إن وجود القديم لم يكن عن عدم وساق الكلام إلى أن قال ولسنا نريد بذلك أنه كان قبل أن فعل مدة يزيد امتدادها لأن هذا هو الحدوث والتجدد وهو معنى الزمان والحركة فإن قال قائل إنه لا يثبت في الأوهام إلا هذا الامتداد قيل له ليس بحيث يجب إذا ثبت في الوهم أن يكون صحيحا أليس عندكم أنه ليس خارج العالم خلاء وذلك غير متوهم وساق إلى أن قال ثم يقال لهم أرأيتم لو قال لكم قائل ليس يثبت في وهمي موجود ليس في جهة فيجب أن يكون البارئ جلَّ وعزّ في جهة أليس يكون الجواب أن يقال إنما يثبت ذلك في الوهم متى فرضتموه جسمها فأما متى فرضتموه غير جسم ولا متحيز فإنه لا يثبت ذلك في الوهم فهكذا يكون جوابنا لكم قال ثم قال هذا المتكلم فإن قالوا إذا لم تثبتوا مدة مديدة قبل الفعل فقد قلتم إن البارئ سبحانه لم يتقدم فعله قيل بل نقول إنه يتقدم على معنى أن وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله وقولنا ثم يترتب على عدم الفعل لا غيره. أقول وتكلم في ذلك كثيرا إلى أن قال وهذه الطريقة التي حكيتها هي عندي قاطعة لمادة الشبيهة كافية في إثبات الحجة على المدل بها وهي مطابقة لاختيار أبي القاسم البلخي لأنه لا يطلق القول بأن بين القديم وأول المحدثات مدة ويقول إنه قبلها بمعنى أنه كان موجودا ثم وجدت وهو معنى ما ذكره هذا المتكلم في قوله إن وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله فهو على هذا الوجه قبل أفعاله ثم قال واعلم أيدك الله أن العبارات في هذه المواضع تضيق عن

ص: 6

المعاني و تدعو الضرورة إلى النطق بما عهد ووجد في الشاهد وإن لم يكن المراد حقيقته في المتعارف ويجوز ذلك إذا كان مؤديا لحقيقة المعنى إلى النفس كقولنا قبل وبعد وكان وثم فليس المعهود في الشاهد استعمال هذه الألفاظ إلا في الأوقات والمدد فإذا قلنا إن الله تعالى كان قبل خلقه ثم أوجد خلقه فليس هذا التقديم والتأخير مفيدا لأوقات ومدد وقد يتقدم الأوقات بعضها على بعض بأنفسها من غير أن يكون لها أوقات أخر وكذلك ما يطلق به اللفظ من قولنا إن وجود الله قبل وجود خلقه فليس الوجود في الحقيقة معنى غير الموجود وإنما هو اتساع في القول والمعنى مفهوم معقول انتهى.

ص: 7

باب (2) / العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم علیه السّلام ومن يكون فيها بعد انقضاء القيامة وأحوال جابلقا وجابرسا

البحار: ج22 ص 187

1- الخصال، عن محمّد بن الحسن بن الوليد عن محمّد بن الحسن الصفار عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمّد بن عبد الله بن هلال عن العلا عن محمّد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر علیه السّلام يقول لقد خلق الله عزّ وجلّ في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم خلقهم من أديم الأرض فأسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه ثم خلق الله عزّ وجلّ آدم أبا البشر وخلق ذريته منه ولا والله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها ولا خلت النار من أرواح الكفار والعصاة منذ خلقها عزّ وجلّ لعلكم ترون أنه إذا كان يوم القيامة وصير الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة وصير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار إن الله تبارك وتعالى لا يعبد في بلاده ولا يخلق خلقا يعبدونه ويوحدونه بلى والله ليخلقن الله خلقا من غير فحولة ولا إناث يعبدونه ويوحدونه ويعظمه ويخلق لهم أرضا تحملهم وسماء تظلهم أليس الله عزّ وجلّ يقول «يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ» وقال الله عزّ وجلّ «أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ».(1)

ص: 8


1- قد فسرت هذه الآية بتفسير آخر أيضاً فراجع. السبزواري

باب (5) / العرش والكرسي وحملتهما

البحار: ج 22 ص227

8- الكافي، عن عدّة من أصحابه عن أحمد بن محمد البرقي رفعه قال سأل الجاثليق أمير المؤمنين علیه السّلام فقال له أخبرني عن الله عزّ وجلّ يحمل العرش أو العرش يحمله فقال أمير المؤمنين علیه السّلام الله عزّ وجلّ حامل العرش والسماوات والأرض وما فيها وما بينهما وذلك قول الله عزّ وجلّ «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا» قال فأخبرني عن قوله «وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ» فكيف ذاك وقلت إنه يحمل العرش والسماوات والأرض فقال أمير المؤمنين علیه السّلامإن العرش خلقه الله تبارك وتعالى من أنوار أربعة (1) نور أحمر منه احمرت الحمرة ونور أخضر منه اخضرت الخضرة ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ونور أبيض منه أبيض البياض وهو العلم الذي حمله الله الحملة وذلك نور من نور عظمته فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة فكل شيء محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا فكل شيء محمول والله تبارك وتعالى الممسك لها أن تزولا والمحيط بها من شيء وهو حياة كل شيء ونور كل شيء «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا» و قال له فأخبرني عن الله عزّ وجلّ أين هو فقال أمير المؤمنين علیه السّلام هو هاهنا

ص: 9


1- قد استكشفوا في العصر الحديث أن مادة العالم مطلقاً من العلوي والسفلي هي الإشعاع المنبسط في الجو وأمثال هذه الأخبار يؤيد هذا القول فتدبّر. السبزواري

وهاهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا وهو قوله «مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا» فالكرسي محيط بالسماوات والأرض «وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى» وذلك قوله تعالى «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ» فالَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ هم العلماء الذين حملهم الله علمه وليس يخرج من هذه الأربعة شيء خلق الله في ملكوته وهو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه وأراه خليله علیه السّلام «وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» وكيف يحمل حملة العرش الله وبحياته حييت قلوبهم وبنوره اهتدوا إلى معرفته.

البحار: ج 22 ص 245

61 - بیان التنزيل، لابن شهرآشوب عن الصادق علیه السّلام أن بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية خفقان الطير عشرة آلاف عام.

تحقیق وتوفيق: اعلم أن ملوك الدنيا لما كان ظهورهم وإجراء أحكامهم على رعيتهم إنما يكون عند صعودهم على كرسي الملك وعروجهم على عرش السلطنة ومنها تظهر آثارهم و تتبين أسرارهم والله سبحانه لتقدسه عن المكان لا يوصف محل ولا مقر وليس له عرش ولا كرسي يستقر عليها بل يطلقان على أشياء من مخلوقاته أو صفاته الكمالية على وجه المناسبة فالكرسي والعرش يطلقان على معان(1) أحدها جسمهان عظيان خلقها الله تعالى فوق سبع سماوات وظاهر أكثر

ص: 10


1- ليس المراد إثبات اشتراك العرش لفظاً بين المعاني الخمس إذ هو بعيد غايته. ولعل الأوفق بالتوفيق أن يقال إن الله تبارك وتعالى حيث أن له الإحاطة على كل العوالم وعلى جميع الحقائق يعبر عن جهة إحاطته تعالى بالعرش فمن حيث إحاطته القهارية له عرش الملك ويعبر عن الملك بالعرش لإحاطته ملکه و من حيث إحاطته العلمية له عرش العلم ويعبر عن العلم بالعرش الإحاطته وهكذا. السبزواري

الأخبار أن العرش أرفع وأعظم من الكرسي ويلوح من بعضها العكس والحكماء يزعمون أن الكرسي هو الفلك الثامن والعرش هو الفلك التاسع وظواهر الأخبار تدل على خلاف ذلك من كونهما مربعین ذاتي قوائم وأركان وربما يؤولان بالجهات والحدود والصفات التي بها استحقا التعظيم والتكريم ولا حاجة لنا إلى هذه التكلفات وإنما سميا بالاسمين لبروز أحكامه وتقديراته من عندهما وإحاطة الكروبيين والمقربين وأرواح النبيين والأوصياء بهما وعروج من قربه من جنابه إليها كما أن أوامر الملوك وأحكامهم و آثار سلطنتهم وعظمتهم تبدو منهما و تطيف مقربوا جنابهم وخواص ملکهم بهما وأيضا لما كانا أعظم مخلوقاته الجسمانية وفيهما من الأنوار العجيبة والآثار الغريبة ما ليس في غيرهما من الأجسام فدلالتهما على وجوده وعلمه وقدرته وحكمته سبحانه أكثر من سائر الأجسام فلذا خصا بهذين الاسمين من بينهما وحملتهما في الدنيا جماعة من الملائكة كما عرفت وفي الآخرة إما الملائكة أو أولو العزم من الأنبياء مع صفوة الأوصياء علیهم السّلام کما عرفت ويمكن أن يكون نسبة الحمل إليهم مجازا لقيام العرش بهم في القيامة وكونهم الحكام عنده والمقربين لديه. وثانيها العلم كما عرفت إطلاقهما في كثير من الأخبار عليه وقد مر الفرق بينهما في خبر معاني الأخبار و غیره وذلك أيضا لأن منشأ ظهوره سبحانه على خلقه العلم والمعرفة وبه يتجلى على العباد فكأنه عرشه و کرسیه سبحانه وحملتها نبینا وأئمتنا لأنهم خزان علم الله في سمائه وأرضه لا سيما ما يتعلق معرفته سبحانه. وثالثها الملك وقد مر إطلاقهما عليه في خبر حنان والوجه ما مر

ص: 11

أيضا. ورابعها الجسم المحيط وجميع ما في جوفه أو جميع خلق الله كما ذكره الصدوق ره ويستفاد من بعض الأخبار إذ ما من شيء في الأرض ولا في السماء وما فوقها إلا وهي من آیات وجوده و علامات قدرته و آثار وجوده وفيضه وحكمته فجميع المخلوقات عرش عظمته وجلاله وها تجلى على العارفين بصفات کماله وهذا أحد المعاني التي خطرت ببالي الفاتر في قولهم: وارتفع فوق کل منظر فتدبّر. وخامسها إطلاق العرش على كل صفة من صفاته الكمالية و الجلالية إذ كل منها مستقر لعظمته وجلاله وبها يظهر لعباده على قدر قابليتهم ومعرفتهم فله عرش العلم وعرش القدرة وعرش الرحمانية وعرش الرحيمية وعرش الوحدانية وعرش التنزه کمامر في خبر حنان وغيره وقد أول الوالد ره الخبر الذي ورد في تفسير قوله تعالى «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» أن المعني استوى من كل شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء أن المراد بالعرش هنا عرش الرحمانية والظرف حال أي الرب سبحانه حال كونه على عرش الرحمانية استوى من كل شيء إذ بالنظر إلى الرحيمية التي هي عبارة عن الهدايات والرحمات الخاصة بالمؤمنين أقرب أو المراد أنه تعالى بسبب صفة الرحمانية حال كونه على عرش الملك والعظمة والجلال استوی نسبته إلى كل شيء وحينئذ فائدة التقييد بالحال نفي توهم أن هذا الاستواء مما ينقص من عظمته وجلاله شيئا. وسادسها إطلاق العرش على قلب الأنبياء والأوصياء علیهم السّلام وكمل المؤمنين فإن قلوبهم مستقر محبته ومعرفته سبحانه کما روي أن قلب المؤمن عرش الرحمن.

ص: 12

باب (10) / الشمس والقمر وأحوالهما وصفاتهما والليل والنهار ومايتعلق بهما

البحار: ج 22 ص 325

23 - الإختصاص، عن محمّد بن أحمد العلوي عن أحمد بن زياد عن علي بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبدالله علیه السّلام عن قول الله «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ» الآية فقال إن للشمس أربع سجدات كل يوم وليلة سجدة إذا صارت في طول السماء قبل أن يطلع الفجر قلت بلى جعلت فداك قال ذاك الفجر الكاذب لأن الشمس تخرج ساجدة وهي في طرف الأرض فإذا ارتفعت من سجودها طلع الفجر ودخل وقت الصلاة وأما السجدة الثانية فإنها إذا صارت في وسط القبة وارتفع النهار ركدت قبل الزوال فإذا صارت بحذاء العرش ركدت وسجدت فإذا ارتفعت من سجودها زالت عن وسط القبة فيدخل وقت صلاة الزوال وأما السجدة الثالثة أنها إذا غابت من الأفق خرت ساجدة فإذا ارتفعت من سجودها زال الليل كما أنها حين زالت وسط السماء دخل وقت الزوال زوال النهار.

بیان: السجود في الآية بمعني غاية الخضوع والتذلل والانقياد سواء كان بالإرادة والاختيار أو بالقهر والاضطرار(1) فالجمادات لما لم يكن لها اختيار وإرادة فهي كاملة في الانقياد والخضوع لما أراد الرب تعالى منها فهي على الدوام في السجود

ص: 13


1- أقول: هذا المعنى من الإرادة مسلم لكن إرادة الجمادات يمكن أن تكون من غير سنخ إراداتنا إذ لا إحاطة لنا بالواقعيات حتى نفحص الإرادة في الواقع بما نفهم، نعم لنا أن نفحص من الإرادة بهذا وهو أعم من الواقع. تدبّر تفهم. السبزواري

والانقياد للمعبود والتسبيح والتقديس له سبحانه بلسان الذل والإمكان والافتقار وكذا الحيوانات العجم وأما ذوو العقول فلما كانوا ذوي إرادة واختيار فهم من جهة الإمكان والافتقار والانقياد للأمور التكوينية كالجمادات في السجود والتسبيح ومن حيث الأمور الإرادية والتكليفية منقسمون بقسمين منهم الملائكة وهم جميعا معصومون ساجدون منقادون من تلك الجهة أيضا ولعل المراد بقوله «مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ» و هم وأما الناس فهم قسمان قسم مطيعون من تلك الجهة أيضا ومنهم عاصون من تلك الجهة وإن كانوا مطيعين من الجهة الأخرى فلم يتأت منهم غاية ما يمكن منهم من الانقياد فلذا قسمهم سبحانه إلى قسمين فقال «وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ» فإذا حققت الآية هكذا لم تحتج إلى ما تكلفه المفسرون من التقديرات والتأويلات وسيأتي بعض ما ذكروه في هذا المقام وأما الخبر فلعله كان ثلاث سجدات أوسقط الرابع من النساخ ولعله بعد زوال الليل إلى وقت الطلوع أو قبل زوال الليل كما في النهار وإنما خص علیه السّلام السجود بهذه الأوقات لأنه عند هذه الأوقات تظهر للناس انقيادها الله لأنها تتحول من حالة معروفة إلى حالة أخرى ويظهر تغير تام في أوضاعها وأيضا أنها أوقات معينة يترصدها الناس الصلواتهم وصيامهم وسائر عباداتهم ومعاملاتهم وأيضا لما كان هبوطها وانحدارها وأفولها من علامات إمكانها وحدوثها كما قال الخليل علیه السّلام «لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ» خص السجود بتلك الأحوال أو ما يشرف عليها والله يعلم أسرار الآيات والأخبار وحججه الأبرار علیهم السّلام.

ص: 14

باب (23) / يوم النيروز وتعيينه وسعادة أيّام شهور الفرس والروم ونحوستها وبعض النوادر

البحار: ج 22 ص 544

7- العلل، والعيون، عن أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي الصلت الهروي عن علي بن موسى الرضا علیه السّلام عن آبائه: قال أتى علي بن أبي طالب علیه السّلام قبل مقتله بثلاثة أيّام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو فقال له يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا وأين كانت منازلهم ومن كان ملكهم وهل بعث الله عزّ وجلّ إليهم رسولا أم لا وما ذا أهلكوا فإني أجد في كتاب الله عزّ وجلّ ذكرهم ولا أجد خبرهم فقال له علي علیه السّلام لقد سألت عن حديث ماسألني عنه أحد قبلك ولا يحدثك به أحد بعدي إلا عني وما في كتاب الله عزّ وجلّ آية إلا وأنا أعرف تفسيرها وفي أي مكان نزلت من سهل أو جبل وفي أي وقت من ليل أو نهار وإن هاهنا لعلماجما وأشار إلى صدره ولكن طلابه يسير وعن قليل يندمون لو قد فقدوني كان من قصتهم يا أخا تميم أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها شاه درخت کان یافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها وشناب كانت أنيطت لنوح علیه السّلام بعد الطوفان وإنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض وذلك بعد سلمان بن داود علیه السّلام وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق وبهم سمي ذلك النهر ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه ولا أعذب منه ولا قرى أكثر ولا أعمر منها تمسي إحداهن آبان و الثانية آذر والثالثة دي و الرابعة بهمن و الخامسة إسفندار والسادسة فروردین و السابعة اردیبهشت و الثامنة أرداد و التاسعة مرداد و العشرة تير

ص: 15

والحادية عشر مهر والثانية عشر شهریور وكانت أعظم مدائنهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم وكان يسمی ترکوز بن غابور بن یارش بن سازن بن نمرود بن کنعان فرعون إبراهيم علیه السّلام وبها العين والصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة وأجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة وحرموا ماء العين والأنهار فلا يشربون منها ولا أنعامهم ومن فعل ذلك قتلوه ويقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كله من حرير فيها من أنواع الصور ثم يأتون بشاة وبقر فيذبحونها قربانا للشجرة ويشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطع دخان تلك الذبائح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خروا للشجرة سجدا ويبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم فكان الشيطان يجيء فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي إن قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا فيرفعون رءوسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون الدستبند فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون وإنما سمت العجم شهورها بآبان ماه و آذر ماه وغيرهما اشتقاقا من أسماء تلك القرى لقول أهلها بعض لبعض هذا عید شهر كذا وعيد شهر كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمی اجتمع إليهم صغيرهم وكبيرهم فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقا من دیباج عليه من أنواع الصور له اثنا عشر بابا كل باب الأهل قرية منهم ويسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق ويقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة في قراهم فيجيء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحریکا شديدا فيتكلم من جوفها كلاما جهوريا ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم

ص: 16

18

ومنهم الشياطين كلها فيرفعون رءوسهم من السجود وهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والعزف فيكونون على ذلك اثني عشر يوما ولياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون فلما طال كفرهم بالله عزّ وجلّ وعبادتهم غيره بعث الله عزّ وجلّ إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلايدعوهم إلى عبادة الله عزّ وجلّ ومعرفة ربوبيته فلا يتبعونه فلما رأى شدة تماديهم في الغي والضلال و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح وحضر عید قريتهم العظمى قال يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيي والكفر بك وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر فأيبس شجرهم أجمع وأرهم قدرتك وسلطانك فأصبح القوم وقد يبس شجرهم كلها فهاهم ذلك وقطع بهم وصاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء والأرض ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه وفرقة قالت لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ویدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها وبهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ ونزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة وأرسلوا فيها نبيهم وألقموا فاها صخرة عظيمة ثم أخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا نرجو الآن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفي منه فيعود لنا نورها ونضرتها كما كان فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم: وهو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي وعجل بقبض روحي ولا تؤخر إجابة دعوتي حتى مات علیه السّلام فقال الله جل جلاله لجبرئيل علیه السّلام يا جبرئيل أيظنّ

ص: 17

عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي وأمنوا مكري وعبدوا غيري وقتلوا رسولي أن یقوموالغضبي أو يخرجوا من سلطاني كيف وأنا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي وإني حلفت بعزتي وجلالي لأجعلنهم عبرة ونکالا للعالمين فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديدة الحمرة فتحيروا فيها وذعروا منها وتضام بعضهم إلى بعض ثم صارت الأرض من تحتهم حجر کبریت يتوقد وأظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار فتعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فوائد مهمة جليلة

الأولى: اعلم أن الأسماء المذكورة في خبر المعلى الأيام الشهر أكثرها موافق لما نقله المنجمون عن الفرس وظاهر في أن المراد بالشهور الواردة فيه هي شهور الفرس القديم لا الشهور العربية وقد تقدم القول فيه وسموا كل يوم من أيّام الخمسة المسترقة أيضا باسم الأول أهنود والثاني أشنود والثالث إسفندمذ والرابع دهشت والخامس هشتویش هذا هو المشهور وذكروا فيها أسماء أخر وذكروا أن كلا منها اسم ملك موكل بذلك اليوم.

ثم إن المحققين اختلفوا في هؤلاء الملائكة فمنهم من حملوها على ظواهرها وقالوا إن الله وكل بكل شيء من المخلوقات ملكا يحفظه ويربيه ويصرفه إلى ما خلق له کما ورد في الأخبار الملك الموكل بالبحار والملك الموكل بالجبال والملائكة الموكلة بالأشجار وسائر النباتات والملائكة الموكلة بالسحب والبروق والصواعق وبكل قطرة من الأمطار والملائكة الموكلة بالأيام والليالي والشهور والساعات وبه يوجه ما ورد من كلام اليوم والشهر والأرض والقبر وغيرها بأن المراد به کلام الملائكة

ص: 18

الموكلة بها ومنهم من حملوها على أرباب الأنواع المجردة التي أثبتها أفلاطون ومن تابعه من الاشراقيين فإنهم أثبتوا لكل نوع من أنواع الأفلاك والكواكب والبسائط العنصرية والمواليد ربا يدبره ويربيه ويوصله إلى كاله المستعد له والأول هو الموافق لمسلك المليين وأرباب الشرائع والثاني طريقة من لا يثبت الصانع ويقول بتأثير الطبائع وإن تابعهم بعض من يظهر القول بالصانع أيضا وليس هذا مقام تحقیق هذا الكلام.

قال أبو ريحان: كل واحد من شهور الفرس ثلاثون يوما ولكل يوم منها اسم مفرد بلغتهم وهي -1 هرمز -2بهمن -3 اردیبهشت -4 شهریور - 5إسفندارمذ -6خرداد -7مرداد -8دي -9باذر - 10 آذر -11 آبان -12خرماه -13تير -14جوش -15دیبمهر -16 مهر -17سروش -18رشن -19 فروردین -20 بهرام -21 رام - 22باد -23دیبدین -24دین -25أرد -26أشتاد -27 آسمان -28 رامیاد -29 مارسفند -30أنيران لا اختلاف بينهم في أسماء هذه الأيام وهي لكل شهر كذلك وعلى ترتيب واحد إلا في هرمز فإن بعضهم يسميه فرخ وفي أنيران فإن بعضهم يسميه به روز ویکون مبلغ جميعها ثلاثمائة وستين يوما وقد تقدم أن السنة الحقيقية هي ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم فأخذوا الخمسة الأيام الزائدة عليها وسموها بأسماء غير الموضوعة لأيام كل شهر وهي أهشدگاه اشتد کاه اسفندماه إسفندمذگاه بهشیشگاه.

أقول: ثم ذكر ما مر مع وجوه كثيرة أخرى فصار مبلغ أيامهم ثلاث مائة وخمسة وستين يوما وأهملوا ربع يوم حتى اجتمع من الأرباع أيام شهر تام وذلك في مائة وعشرين سنة فألحقوه بشهور السنة حتى صار شهور تلك السنة ثلاثة عشر وسموها کبیسة وسموا أيام الشهر الزائد بأسماء أيّام سائر الشهور وعلى ذلك كانوا يعملون إلى

ص: 19

أن زال ملكهم و باد دینهم وأهملت الأرباع بعدهم ولم يكبس بها السنون حتى يعود إلى حالها الأولى ولا يتأخر عن الأوقات المحمودة كثير تأخر من أجل أن ذلك أمر كان يتولاه ملوكهم بمحضر الحساب وأصحاب الكتاب وناقلى الأخبار والرواة ومجمع الهرابذة والقضاة واتفاق منهم جميعا على صحة الحساب بعد استحضار من بالآفاق من المذكورين إلى دار الملك و مشاورهم حتى يتفقوا واتفاق الأموال الجمة حتى قال المقل في التقدير إنه كان ينفق ألف ألف دينار وكان يتخذ ذلك اليوم أعظم الأعياد قدرا وأشهرها حالا وأمرا ويسمى عيد الكبيسة ويترك الملوك لرعيته خراجها. والذي كان يحول بينهم وبين إلحاق ربع يوم في كل أربع سنين يوما واحدا بأحد الشهور أو الخمسة قولهم إن الكبس يقع على الشهور لا على الأعوام الكراهتهم الزيادة في عدتها وامتناع ذلك في الزمزمة لما وجب في الدين من ذكر اليوم الذي يزمزم فيه ليصح إذا زيد في عدد الأيام يوم زائد وكانت الأكاسرة رسمت لكل يوم نوعا من الرياحين و الزهر يوضع بين يديه ولونا من الشراب على رسم منتظم لا يخالفونه في الترتيب والسبب في وضعهم هذه الأيام الخمسة اللواحق في آخر آبان ماه ما بينه وبين آذر ماه أن الفرس زعموا أن مبدأ سنتهم من لدن خلق الإنسان الأول وأن ذلك كان روز هرمز و ماه فروردین و الشمس في نقطة الاعتدال الربیعی متوسطة السماء وذلك أول الألف السابع من ألوف سني العالم عندهم وبمثله قال أصحاب الأحكام من المنجمين إن السرطان طالع العالم وذلك أن الشمس في أول أدوار السند هند هي في أول الحمل على منتصف نهايتي العمارة وإذا كانت كذلك كان الطالع السرطان وهو لابتداء الدور والنشوء عندهم كما قلنا. وقد قيل إنه سمي بذلك لأنه أقرب البروج رأسا من الربع المعمور وفيه شرف المشتري المعتدل المزاج والنشوة لا يكون إلا إذا عملت الحرارة المعتدلة في الرطوبة فهو إذن أولى أن

ص: 20

يكون طالع نشوء العالم وقيل إنما سمي بذلك لأن بطلوعه تتم طلوع الطبائع الأربع وبتامها تم النشوء وأمثال ذلك من التشبيهات. قال ثم لما أتى زرادشت وكبس السنين بالشهور المجتمعة من الأرباع عاد الزمان إلى ما كان عليه وأمرهم أن يفعلوا بها بعده كفعله وائتمروا بأمره ولم يسمواشهر الكبيسة باسم على حدة ولم يكرروا اسم شهر بل كانوا يحفظونه على نوب متوالية وخافوا اشتباه الأمر عليهم في موضع النوب فأخذوا ينقلون الخمسة الأيام ويضعونها عند آخر الشهر الذي انتهت إليه نوبة الكبيسة ولجلالة هذا الأمر وعموم المنفعة فيه للخاص والعام والرعية والملك وما فيه من الأخذ بالحكمة والعمل بموجب الطبيعة كانوا يؤخرون الكبس إذا جاء وقته وأمر المملكة غير مستقيم لحوادث ويهملونه حتى يجتمع منه شهران ويتقدمون بكبسها بشهرين إذا كانوا يتوقعون وقت الكبس المستأنف ما يشغل عنه کما عمل في زمن يزدجرد بن شابور أخذا بالاحتياط وهو آخر الكبائس المعمولة تولاه رجل من الدستورين يقال له يزدجرد الهزاري وكانت النوبة في تلك الكبيسة لآبان ماه فألحق الخمسة بآخره وبقيت فيه لإهمالهم الأمر انتهى وإنما أوردت هذا الكلام لما فيه من تأسيس ما سنورده في الفائدة التالية ومزيد توضيح ما مر في خبر الرضا علیه السّلام في تقدم النهار على الليل وغير ذلك.

الفائدة الثانية: اعلم أن الشيخ الطوسي قدّس سرّه القدوسي وسائر من تأخر عنه ذكروا النيروز و الأعمال المتعلقة به الغسل والصوم والصلاة وغيرها ولم يحققوا تعيين اليوم فلا بد من التعرض له والإشارة إلى الأقوال الواردة فيه قال فحل الفقهاء المدققين محمّد بن إدريس رحمه الله في السرائر قال شيخنا أبو جعفر في مختصر المصباح يستحب صلاة أربع ركعات وشرح كيفيتها في يوم نيروز الفرس ولم يذكر أي يوم هو من الأيام ولا عينه بشهر من الشهور الرومية ولا العربية والذي قد حققه بعض

ص: 21

محصلی الحساب وعلماء الهيئة وأهل هذه الصنعة في كتاب له أن يوم النيروز يوم العاشر من أيار وشهر أيار أحد وثلاثون يوما فإذا مضى منه تسعة أيّام فهو يوم النيروز يقال نیروز و نوروز لغتان انتهى وفسره الشهيد ره بأول سنة الفرس أو حلول الشمس برج الحمل أو عاشر أيار.

قال جمال السالكين أحمد بن فهد الحلي رحمه الله في كتاب المهذب البارع في شرح المختصر النافع یوم النيروز یوم جلیل القدر و تعيينه من السنة غمض مع أن معرفته أمر مهم من حيث إنه تعلق به عبادة مطلوبة للشارع والامتثال موقوف على معرفته ولم يتعرض لتفسيره أحد من علمائنا سوى ما قاله الفاضل المنقب محمّد بن إدريس وحكايته والذي قد حققه بعض محصلي أهل الحساب وعلماء الهيئة وأهل هذه الصنعة في كتاب له أن يوم النيروز يوم العاشر من أيار.

وقال الشهيد: وفسر بأول سنة الفرس أو حلول الشمس في برج الحمل أو عشر أيار والثالث إشارة إلى قول ابن إدريس والأول إشارة إلى ما هو مشهور عند فقهاء العجم في بلادهم فإنهم يجعلونه عند نزول الشمس الجدي وهو قريب مماقاله صاحب كتاب الأنواء وحكايته اليوم السابع عشر من كانون الأول هو صوم اليهود وفيه ترجع الشمس مصعدة إلى الشمال ويأخذ النهار من الليل ثلاث عشرة ساعة وهو مقدار ما يأخذ في كل يوم وينزل الشمس برج الجدي قبله بيومين وبعض العلماء جعله رأس السنة وهو النيروز فجعله حكاية عن بعض العلماء وقال بعد ذلك اليوم التاسع من شباط وهو يوم النيروز ویستحب فيه الغسل وصلاة أربع ركعات لما رواه المعلى بن خنیس عن الصادق علیه السّلام ثم ذكر الخبر فاختار التفسير الأخير

ص: 22

وجزم به والأقرب من هذه التفاسير أنه يوم نزول الشمس برج الحمل لوجوه:(1)الأول أنه أعرف بين الناس وأظهر في استعمالهم وانصراف الخطاب المطلق الشامل لكل مكلف إلى معلوم في العرف وظاهر في الاستعمال أولى من انصرافه إلى ما كان على الضد من ذلك ولأنه المعلوم من عادة الشرع وحكمته ألا ترى كيف علق أوقات الصلاة بسير الشمس الظاهر وصوم شهر رمضان برؤية الهلال.

باب (25) / آخر في وصف الملائكة المقرّبين

البحار: ج 22 ص 639

18 - الكافي، عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن معاوية بن ميسرة عن الحكم بن عيينة عن أبي جعفر علیه السّلام قال إن في الجنة نهرا يغتمس فيه جبرئیل كل غداة ثم يخرج منه فينفض فيخلق الله عزّ وجلّ من كل قطرة منه تقطر ملكا. (2)

ص: 23


1- أقول: الإنصاف أن هذا الوجه مخدوش لأن الأعرفية التي توجب ظهور اللفظ إنما هي فيما إذا كانت تلك الأعرفية في زمان صدور الرواية وأني لكم بإثبات أن يوم نزول الشمس برج الحمل كان معروفأ بيوم النيروز في زمان صدور الروايتين حتى يوجب انصراف اللفظ إليه والأعرفية في زماننا لا يوجب أن يكون في زمان صدور الرواية كذلك إلا بأصالة عدم النقل وفيه ما فيه. و يضعف الوجه الثاني والثالث بأن تلك المناسبات لا توجب ظهور اللفظ مع انه إثباته اللفظ بالترجيح تدبر. السبزواري
2- أقول: يمكن أن يحمل هذا الخبر على خلق بعض مراتب الملائكة، وما تقدم من أنه يغمس في نهر من نور على خلق بعض مراتب أعلا من سائر أفراد الملائكة. السبزواري

باب (26) / عصمة الملائکة و قصة هاروت و ماروت وفيه حقيقة السحر وأنواعه

البحار: ج 22 ص 661

النوع الثاني من السحر

سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية

قالوا: اختلف الناس في أن الذي يشير إليه كل إنسان بقوله أنا ما هو فمن الناس من يقول إنه هو هذه البنية ومنهم من يقول إنه جسم سار في هذه البنية ومنهم من يقول إنه موجود ليس بجسم ولا جسماني أما إذا قلنا إن الإنسان هو هذه البنية فلا شك أن هذه البنية مركبة من الأخلاط الأربعة فلم لا يجوز أن يتفق في بعض الأعصار النادرة أن يكون مزاج من الأمزجة في ناحية من النواحي يقتضي القدرة على خلق الجسم والعلم بالأمور الغائبة عنا وهكذا الكلام إذا قلنا إن الإنسان جسم سار في هذه البنية أما إذا قلنا إن الإنسان هو النفس فلم لا يجوز أن يقال النفوس مختلفة فيتفق في بعض النفوس أن تكون لذاتها قادرة على هذه الحوادث الغريبة مطلعة على الأسرار الغائبة عنا فهذا الاحتمال مما لم يقم دلالة على فساده سوی الوجوه المتقدمة وقد بان بطلانها.

ثم الذي يؤكد هذا الاحتمال وجوه:

أولها: أن الجذع الذي يتمكن الإنسان من المشي عليه لو كان موضوعا على الأرض لا يمكنه المشي عليه لو كان كلجسر على هاوية تحته وما ذاك إلا لأن تخیل السقوط منتي قوي أوجبه .

وثانيها: أجمعت الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر

ص: 24

والمصروع عن النظر إلى الأشياء القوية اللمعان والدوران وما ذاك إلا لأن النفوس خلقت مطيعة للأوهام.

وثالثها: حکی صاحب الشفاء عن أرسطو في طبائع الحيوان أن الدجاجة إذا تشبهت كثيرا بالديكة في الصوت وفي الجواب مع الديكة نبت على ساقيها مثل الشيء النابت على ساق الديك ثم قال صاحب الشفاء وهذا يدل على أن الأحوال الجسمانية تابعة للأحوال النفسانية.

ورابعها: أجمعت الأمم على أن الدعاء مظنة للإجابة وأجمعوا على أن الدعاء اللساني الحالي عن المطلب النفساني قليل البركة عديم الأثر فدل ذلك على أن للهمم والنفوس آثارا وهذا الاتفاق غير مختص بملة معينة ونحلة مخصوصة.(1)

وخامسها: أنك لو أنصفت لعلمت أن المبادي القريبة للأفعال الحيوانية ليست إلا التصورات النفسانية لأن القوة المحركة المخلوقة المطبوعة المغروزة في العضلات صالحة للفعل وتركه أو ضده ولن يترجح أحد الطرفين على الآخر إلا لمرجح وما ذاك إلا تصور کون الفعل جميلا أو لذيذا أو تصور کونه قبيحا أو مؤلما فتلك التصورات هي المبادئ الصيرورة القوى العضلية مبادئ بالفعل لوجود الأفعال بعد أن كانت كذلك بالقوة وإذا كانت هذه التصورات هي المبادئ لمبادئ هذه الأفعال فأي استبعاد في كونها مبادئ للأفعال بأنفسها وإلغاء الواسطة عن درجة الاعتبار.

ص: 25


1- ويدل عليه ما رواه هشام بن الحكم في الصحيح عن الصادق علیه السّلام لاأنه قال لما استسقی رسول الله له وسقي الناس حتى قالوا أنه الغرق ومال رسول الله له بيده وردهما اللهم حوالينا ولا علينا فتفرق السحاب فقالوا یا رسول الله استسقيت لنا فلم نسق ثم استسقيت فسقينا قال الله إني دعوت وليس لي في ذلك نية ثم دعوت ولي في ذلك نية. راجع الكافي والوسائل أبواب الدعاء السبزواري

وسادسها: التجربة والعيان شاهدان بأن هذه التصورات مبادئ قريبة لحدوث الكيفيات في الأبدان فإن الغضبان يشتد سخونة مزاجه حتى أنه يفيد سخونة قوية يحكي عن بعض الملوك أنه عرض له فالج فأعيا الأطباء مزاولة علاجه فدخل عليه بعض الحذاق منهم على حين غفلة منه وشافهه بالشتم والقدح في العرض فاشتد غضب الملك وقفز من مرقده قفزة اضطرارية لما ناله من شدة ذلك الكلام فزالت تلك العلة المزمنة والمرضة المهلكة وإذا جاز کون التصورات مبادئ لحدوث الحوادث في البدن فأي استبعاد من كونها مبادئ لحدوث الحوادث خارج البدن.

وسابعها: أن الإصابة بالعين أمر قد اتفق عليها العقلاء وذلك أيضا يحقق إمكان ما قلناه.

إذا عرفت هذا فنقول: النفوس التي تفعل هذه الأفاعيل قد تكون قوية جدا فتستغني في هذه الأفعال عن الاستعانة بالآلات والأدوات وقد تكون ضعيفة فتحتاج إلى الاستعانة بهذه وتحقيقه أن النفس إذا كانت قوية مستعلية على البدن شديدة الانجذاب إلى عالم السماوات كانت كأنها روح من الأرواح السماوية فكانت قوية على التأثير في مواد هذا العالم أما إذا كانت ضعيفة شديدة التعلق بهذه اللذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تصرف البتة إلا في هذا البدن فإذا أراد هذا الإنسان صيرورتها بحيث يتعدى تأثيرها من بدنها إلى بدن آخر اتخذتمثال ذلك الغير ووضعه عند الحس ليشتغل الحس به فيتبعه الخيال عليه وأقبلت النفس الناطقة عليه فتقویت التأثيرات النفسانية والتصرفات الروحانية ولذلك اجتمعت الأمم على أنه لا بد لمزاول هذه الأعمال من الانقطاع عن المألوفات والمشتهيات و تقليله الغذاء والانقطاع عن مخاطبة القلب فكلما كانت هذه الأمور أتم كان ذلك التأثير أقوى فإذا اتفق أن كانت النفس مناسبة لهذا الأمر نظرا إلى ماهيتها وخاصيتها عظم التأثير

ص: 26

والسبب اللمي فيه أن النفس إذا اشتغلت بالجانب الواحد استعملت جميع قوتها في ذلك الفعل وإذا اشتغلت بالأفعال الكثيرة تفرقت قوتها وتوزعت على تلك الأفعال فتصل إلى كل واحد من تلك الأفعال شعبة من تلك القوة وجدول من ذلك النهر ولذلك ترى أن إنسانين يستويان في قوة الخاطر إذا اشتغل أحدهما بصناعة واحدة واشتغل الآخر بصناعتين فإن ذا الفن الواحد يكون أقوى من ذي الفتين ومن حاول الوقوف على حقيقة مسألة من المسائل فإنه حال تفکره فيها لا بد وإن يفرغ خاطره عما عداه فإنه عند تفريغ الخاطر يتوجه الخاطر بكليته إليه فيكون الفعل أسهل وأحسن وإذا كان كذلك فإذا كان الإنسان مشغول الهم والهمة بقضاء اللذات وتحصيل الشهوات كانت القوة النفسانية مشغولة بها مستغرقة فيها فلا يكون انجذابها إلى تحصيل الفعل الغريب الذي يحاوله انجذابا قويا لاسها وهنا آفة أخرى وهي أن مثل هذه النفس اعتادت الاشتغال باللذات من أول أمرها إلى آخره ولم تشتغل قط باستحداث هذه الأفعال الغريبة فهي بالطبع حنون إلى الأول عزوف للثاني فإذا وجدت مطلوبها من النمط الأول فإني تلتفت إلى الجانب الآخر. فقد ظهر من هذا أن مزاولة هذه الأعمال لا تتأتى إلا مع التجرد عن الأحوال الجسمانية وترك مخالطة الخلق والإقبال بالكلية على عالم الصفا والأرواح وأما الرقي فإن كانت معلومة فالأمر فيها ظاهر لأن الغرض منها أن حس البصر کماشغلناه بالأمور المناسبة لذلك الغرض فحس السمع نشغله أيضا بالأمور المناسبة لذلك الغرض فإن الحواس متى تطابقت نحو التوجه إلى الغرض الواحد كان توجه النفس إليه حينئذ أقوى وأما إذا كانت بألفاظ غير معلومة حصلت للنفس هناك حالة شبيهة بالحيرة والدهشة ويحصل للنفس في أثناء ذلك انقطاع عن المحسوسات وإقبال على ذلك الفعل وجد عظيم فيقوي التأثير النفساني فيحصل الغرض وهكذا القول في الدخن.

ص: 27

قالوا فقد ثبت أن هذا القدر من القوة النفسانية مستقل بالتأثير فإن انضم إليه النوع الأول من السحر وهو الاستعانة بالكواكب وتأثيراتها عظم التأثير بل هاهنا نوعان آخران الأول أن النفوس التي فارقت الأبدان قد يكون فيها ما هو شديد المشابهة لهذه النفس في قوتها وفي تأثيراتها فإذا صارت هذه النفوس صافية لم يبعد أن ينجذب إليها ما تشابهها من النفوس المفارقة ويحصل لتلك النفوس نوع مامن التعلق بهذا البدن فتعاضد النفوس الكثيرة على ذلك الفعل وإذاکملت القوة تزايدت قوى التأثير الثاني أن هذه النفوس الناطقة إذا صارت صافية عن الكدورات البدنية صارت قابلة للأنوار الفائضة من الأرواح السماوية والنفوس الفلكية فتقوی هذه النفوس بأنوار تلك الأرواح فتقوى على أمور غريبة خارقة للعادة فهذا شرح سحر أصحاب الأوهام والرقي.

باب (36) / الممدوح من البلدان والمذموم منها وغرائبها

البحار: ج23 ص 137

باب الممدوح من البلدان (1)

البحار: ج23 ص 145

18 - الكشي، عن محمّد بن مسعود وعلي بن محمّد معا عن الحسين بن عبيد الله عن

ص: 28


1- فائدة: البلاد الممدوحة ثلاثة عشر: 1- مكة - المدينة 3- الشام 4- كربلاء 5 - كوفة 6-بیت المقدس 7- قم 8 - الحلة 9- اليمن 10- قزوین 11- الغري 12- طوس 13- تفلیس . ويظهر من مجموع الأخبار أن الكوفة بالمعنى الأعم من الغري، وظهر الكوفة أفضل من الجميع بعد مكة والمدينة ويشهد له الاعتبار أيضاً فإن فيها قبر أمير المؤمنين علیه السّلام وبعض الأنبياء والمقامات السبزواري

عبد الله بن علي عن أحمد بن حمزة عن عمران القمي(1) عن حماد الناب (2) قال كنا عند أبي عبد الله علیه السّلام ونحن جماعة إذ دخل عليه عمران بن عبد الله القمي فسأله وبره وبشه فلما أن قام قلت لأبي عبد الله علیه السّلام من هذا الذي بررت به هذا البر فقال من أهل البيت النجباء يعني أهل قم ما أرادهم جبار من الجبابرة الاقصمه الله.

البحار: ج23 ص 145

20- کتاب تاریخ قم تأليف الحسن بن محمّد بن الحسن القمي، قال روی سعد ابن عبد الله بن أبي خلف عن الحسن بن محمّد بن سعد عن الحسن بن على الخزاعي (3) عن عبد الله بن سنان سئل أبو عبد الله علیه السّلام أين بلاد الجبل فإنا قد روينا أنه إذا رد إليكم الأمر يخسف ببعضها فقال إن فيها موضعا يقال له بحر ویسمی بقم وهو معدن شیعتنا فأما الري فویل له من جناحيه وإن الأمن فيه من جهة قم وأهله قيل وما جناحاه قال علیه السّلام أحدهما بغداد والآخر خراسان فإنه تلتقي فيه سيوف الخراسانيين وسيوف البغداديين فيعجل الله عقوبتهم ويهلكهم فيأوي أهل الري إلى قم فيؤويهم أهله ثم ينتقلون منه إلى موضع يقال له أردستان.

البحار: (3) ج23 ص 145

21 - وبإسناده عن عبد الواحد البصري (4) عن أبي وائل عن عبد الله الليثي (5) عن ثابت البناني(6) عن أنس بن مالك قال كنت ذات يوم جالسا عند النبي صلّي الله علیه و آله إذ

ص: 29


1- مهمل. السبزواري
2- مجهول. السبزواري
3- مجهول. السبزواري
4- مجهول السبزواری
5- مجهول السبزواري
6- ثابت البناني حسن ، وثابتة مجهول مطلقاً السبزواري

دخل عليه علي بن أبي طالب علیه السّلام فقال علیه السّلام إلي يا أبا الحسن ثم اعتنقه وقبل ما بين عينيه وقال يا علي إن الله عز اسمه عرض ولايتك على السماوات فسبقت إليها السماء السابعة فزينها بالعرش ثم سبقت إليها السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور ثم سبقت إليها السماء الدنيا فزينها بالكواكب ثم عرضها على الأرضين فسبقت إليها مكة فزينها بالكعبة ثم سبقت إليها المدينة فزينها بي ثم سبقت إليها الكوفة فزينها بك ثم سبق إليها قم فزينها بالعرب وفتح إليه بابا من أبواب الجنة.

البحار: ج23 ص 145

22 - وعن محمّد بن قتيبة الهمداني والحسن بن علي الكشمارجاني(1) عن علي بن النعمان عن أبي الأكراد علي بن میمون الصائغ (2) عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد واحتج ببلدة قم على سائر البلاد وبأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجن والإنس ولم يدع الله قم وأهله مستضعفا بل وفقهم وأيدهم ثم قال إن الدين وأهله بقم ذلیل ولولا ذلك لأسرع الناس إليه فخرب قم وبطل أهله فلم يكن حجة على سائر البلاد وإذا كان كذلك لم تستقر السماء والأرض ولم ينظروا طرفة عين وإن البلايا مدفوعة عن قم وأهله وسيأتي زمان تكون بلدة قم وأهلها حجة على الخلائق وذلك في زمان غيبة قائمنا علیه السّلام إلى ظهوره ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها وإن الملائكة لتدفع البلايا عن قم وأهله وما قصده جبار بسوء إلا قصمه قاصم الجبارين وشغله عنهم بداهية أو مصيبة أو عدو وینسي الله الجبارين في دولتهم ذکر قم وأهله کمانسوا ذكر الله.

ص: 30


1- مجهول السبزواري
2- مجهول. السبزواري

البحار: ج23 ص148

39- وعن علي بن عيسى عن علي بن محمّد الربيع عن صفوان بن يحيی بياع السابري قال كنت يوما عند أبي الحسن علیه السّلام فجری ذکر قم وأهله وميلهم إلى المهدي علیه السّلام فترحم عليهم وقال رضي الله عنهم ثم قال إن للجنة ثمانية أبواب وواحد منها لأهل قم وهم خیار شیعتنا من بين سائر البلاد خمر الله تعالى ولايتنا في طینتهم.(1)

البحار: ج23 ص 149

42- وفي روايات الشيعة أن رسول الله صلّي الله علیه و آله أسري به رأى إبليس بارکا بهذه البقعة فقال له قم یا ملعون فسميت بذلك.(2)

البحار: ج23 ص 149

46- وعن سهل بن زياد عن علي بن إبراهيم الجعفري (3) عن محمد بن الفضيل عن عدة من أصحابه عن الصادق جعفر بن محمّد علیه السّلام قال إن لعلى قم ملکا رفرف عليها بجناحيه لا يريدها جبار بسوء إلا أذابه الله كذوب الملح في الماء ثم أشار إلى عیسی بن عبد الله فقال سلام الله على أهل قم يسقي الله بلادهم الغيث وينزل الله عليهم البركات «يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ» هم أهل رکوع و سجود وقیام وتعود هم الفقهاء العلماء الفهماء هم أهل الدراية والرواية وحسن العبادة.

ص: 31


1- في عدّ هذه الرواية من روايات مدح قم إشكال بل منع، نعم هذه الرواية مدح لزکریا بن آدم. السبزواري
2- راجع تنقيح المقال للمامقاني في حالات علي بن موسی بن جعفر الكمنداني تجد وجها آخر لتسمية قم. السبزواري
3- مهمل. السبزواري

البحار: ج23 ص 149

64- ومن روايات الشيعة في فضل قم وأهلها ما رواه الحسن بن علي بن الحسين بن موسی بن بابویه بأسانيد ذكرها عن أبي عبد الله الصادق علیه السّلام أن رجلا دخل عليه فقال يا ابن رسول الله إني أريد أن أسألك عن مسألة لم يسألك أحد قبلي ولا يسألك أحد بعدي فقال عساك تسألني عن الحشر والنشر فقال الرجل إي والذي بعث محمّدا بالحق بشيرا ونذيرا ما أسألك إلا عنه فقال محشر الناس كلهم إلى بيت المقدس إلا بقعة بأرض الجبل يقال لها قم فإنهم يحاسبون في حفرهم ويحشرون من حفرهم إلى الجنة ثم قال أهل قم مغفور لهم قال فوثب الرجل على رجليه وقال يا ابن رسول الله هذا خاصة لأهل قم قال نعم ومن يقول بمقالتهم ثم قال أزيدك قال نعم حدثني أبي عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله نظرت إلى بقعة بأرض الجبل خضراء أحسن لونا من الزعفران وأطيب رائحة من المسك وإذا فيها شيخ بارك على رأسه برنس فقلت حبيبي جبرئيل ما هذه البقعة قال فيها شيعة وصيك علي بن أبي طالب قلت فمن الشيخ البارك فيها قال ذلك إبليس اللعين عليه اللعنة قلت فما يريد منهم قال يريد أن يصدهم عن ولاية وصيك علي ويدعوهم إلى الفسق والفجور فقلت یا جبرئیل اهو بنا إليه فأهوی بنا إليه في أسرع من برق خاطف فقلت له قم یا ملعون فشارك المرجئة في نسائهم وأموالهم لأن أهل قم شيعتي وشيعة وصيي علي بن أبي طالب علیه السّلام.(1)

ص: 32


1- هذا الخبر مفسر لجميع الأخبار الواردة في فضل قم وذلك لأن مأوى الشيعة في زمان صدور هذه الأخبار کان قم في ديار العجم، فكل بلد يكون مأوى الشيعة تشملها تلك الأخبار لأن قوله علیه السّلام من يقول بمثل مقالتهم حيثية تعليلية شاملة لجميع بلاد الشيعة في المشرق والمغرب ويدلّ عليه أيضاً قوله علیه السّلام فيما يأتي قم بلدنا وبلد شیعتنا مطهرة مقدسة قبلت ولايتنا أهل البيت. السبزواري

باب (42) / بدء خلق الإنسان في الرحم إلى آخر أحواله

البحار: ج23 ص228

-ومنه، عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسن عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن محمّد بن مسلم قال كنت جالسا عند أبي عبد الله علیه السّلام إذ دخل يونس بن يعقوب فرأيته يئن فقال له أبو عبد الله علیه السّلام ما لي أراك تئن قال طفل لي تأذيت به الليل أجمع فقال له أبو عبد الله علیه السّلام یا یونس حدثني أبي محمد بن علي عن آبائه علیه السّلام عن جدي رسول الله صلّي الله علیه و آله أن جبرئیل نزل عليه ورسول الله وعلي يئنان فقال جبرئیل یا حبیب الله مالي أراك تئن فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله من أجل طفلين لنا تأذينا ببكائهما فقال جبرئیل مه یامحمّد فإنه سيبعث لهؤلاء القوم شيعة إذا یکی أحدهم فبكاؤه لا إله إلا الله إلى أن يأتي عليه سبع سنين فإذا جاز السبع فبكاؤه استغفار لوالديه إلى أن يأتي عليه الحد فإذا جاز الحد فما أتى من حسنة فلوالديه وما أتي من سيئة فلا عليهما.

بیان: فبكاؤه لا إله إلا الله لعل المعنى أنه يعطي والداه ببكائه ثواب التهليل.(1)

البحار: ج23 ص 230

14 - الكافي، عن العدة عن سهل عن الحجال عن ابن بكير عن أبي منهال عن

ص: 33


1- بل المعنى أن أول ما يعرفه الإنسان ويظهر آثاره منه هو التوحيد. السبزواري

الحارث بن المغيرة قال سمعت أبا عبد الله علیه السّلام يقول إن النطفة إذا وقعت في الرحم بعث الله عزّ وجلّ ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها فمائها في النطفة فلا يزال قلبه يحن إليها حتى يدفن فيها.(1)

باب (3) / إبليس لعنه الله وقصصه وبدء خلقه ومكائده ومصائده وأحوال ذريته والاحتراز عنهم أعاذنا الله من شرورهم

البحار: ج 24 ص 420س 2

وروى مسلم عن ابن مسعود أن النبي صلّي الله علیه و آله قال ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير.

وروي فأسلم بفتح الميم وضمها وصحح الخطابي الرفع ورجح القاضي عياض والنووي الفتح وأجمعت الأمة على عصمة النبي صلّي الله علیه و آله من الشيطان وإنما المراد تحذير غيره من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه وأعلمنا أنه معنا لنتحرز منه بحسب الإمكان والأحاديث في وجود الجن والشياطين لا تحصى وكذلك أشعار العرب وأخبارها فالنزاع في ذلك مكابرة فيما هو معلوم بالتواتر ثم إنه أمر لا يحيله العقل ولا يكذبه الحس ولذلك جرت التكاليف عليهم ومما اشتهر أن سعد بن عبادة لما لم يبايعه الناس وبايعوا أبا بكر سار إلى الشام فنزل حوران وأقام بها إلى أن مات في سنة خمس عشرة ولم يختلفوا في أنه وجد ميتا في مغتسله بحوران وأنهم لم يشعروا

ص: 34


1- يفتح من أمثال هذا الخبر باب نافع للمعاد الجسماني ورفع جميع الشبهة الواردة عليه فتدبّر. السبزواري

بموته حتى سمعوا قائلا يقول

نحن قتلنا سيد الخزرج(1) سعد بن عبادة *** فرمیناه بسهمين ولم نخطفؤاده.

فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه ووقع في صحيح مسلم أنه شهد بدرا.

باب (5) / أنواع المسوخ وأحكامها وعلل مسخها

البحار: ج 25 ص 150 س10

تذییل: اعلم أن أنواع المسوخ غير مضبوطة في كلام أكثر الأصحاب بل أحالوها على هذه الروايات وإن كان في أكثرها ضعفا على مصطلحهم فالذي يحصل من جميعها ثلاثون صنفا الفيل والدب والأرنب والعقرب والضب والوزغ والعظاية والعنكبوت والدعموص والجري والوطواط والقرد والخنزير والكلب والزهرة وسهيل وطاوس والزنبور والبعوض والخفاش والفأر والقملة والعنقاء والقنفذ والحية والخنفساء والزمير والمارماهي والوبر والورل لكن يرجع بعضها إلى بعض. قال الدميري الفيل معروف وجمعه أفيال وفيول وفيلة وقال ابن السكيت ولا تقل أفيلة والفيلة ضربان فیل وزندفيل وهما كالبخاتي والعراب وبعضهم يقول الفيل الذكر والزند فيل الأنثى وهذا النوع لا يلاقح إلا في بلاده ومعادنه وإن صار أهليا وهو إذا اغتلم أشبه الجمل في ترك الماء والعلف حتى تتورم رأسه ولم يكن لسواسه

ص: 35


1- والصحيح أن سعداً قتله خالد بن الوليد ونسبوا قتله إلى الجن لئلا تقع الفتنة بين الخزرج. السبزواري

غير الهرب منه والذكر ينزو إذا مضى من عمره خمس سنين وزمان نزوه الربيع والأنثى تحمل سنتين فإذا حملت لا يقربها الذكر ولا يمسها ولا ينزو عليها إذا وضعت إلا بعد ثلاث سنين.(1)

ص: 36


1- لم يذكر قدّس سرّه الضب وبه يتم الثلاثون. السبزواري

ص: 37

التعليقات على المجلّد الخامس عشر من بحار الأنوار

من الطبعة الحجرية والمتضمن للأجزاء

26، 27، 28

من الطبعة الحروفيّة

ص: 38

ص: 39

كتاب الإيمان والكفر

كتاب الإيمان والكفر أبواب الإيمان والإسلام والتشيع ومعانيها وصفاتها

باب (1) / فضل الإيمان وجمل شرائطه الأخبار

البحار: ج 26 ص 44

2- عن ابن يزيد عن مروك بن عبيد عن سنان بن طريف عن أبي عبد الله علیه السّلام أنه قال لم سمّي المؤمن مؤمنا فقلت لا أدري إلا أنه أراه يؤمن بما جاء من عند الله فقال صدقت وليس لذلك سمي المؤمن مؤمنا فقلت لم سمي المؤمن مؤمنا قال إنه يؤمن على الله يوم القيامة فيجيز أمانه.(1)

البحار: ج26 ص46

6۔ صفات الشيعة، بإسناده عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله علیه السّلام أنه سئل عن أهل السماء هل يرون أهل الأرض قال لا يرون إلا المؤمنين لأن المؤمن من نور کنورالکواکب قيل فهم يرون أهل الأرض قال لا يرون نوره حيث ما توجه ثم قال لكل مؤمن خمس ساعات يوم القيامة يشفع فيها. (2)

ص: 40


1- ويمكن أن يستفاد من الخبر أن كل من كان مؤمنا عند الناس على أموالهم وأنفسهم فهو يؤمن يوم القيامة على الله تعالی ویجز أمانه يعني يجز الله تعالى أمانه لكل من أمنه من النار ويؤيد ذلك ما في بعض الأخبار إن المؤمن يشفع في مثل ربيعة و مضر. السبزواري
2- لعل المراد بهذه الخمس ساعات أوقات الصلوات الخمسة. السبزواري

البحار: ج 26 ص48

13- المؤمن، عن أبي عبد الله علیه السّلام قال لا يقدر الخلائق على كنه صفة الله عزّ وجلّ فكما لا يقدر على کنه صفة الله عزّ وجلّ فكذلك لا يقدر على كنه صفة رسول الله صلّي الله علیه و آله وكما لا يقدر على كنه صفة الرسول صلّي الله علیه و آله فكذلك لا يقدر على کنه صفة الإمام علیه السّلام وكما لا يقدر على كنه صفة الإمام علیه السّلام كذلك لا يقدر على كنه صفة المؤمن.(1)

البحار: ج 29 ص 52

32-ومنه، عن جابر بن یزید الجعفي قال قال لي أبو جعفر علیه السّلام: إن المؤمن ليفوض الله إليه يوم القيامة فيصنع ما يشاء قلت حدثني في كتاب الله أين قال قال قوله «لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ» فمشية الله مفوضة إليه (2) والمزيد من الله ما لا يحصى، ثم قال: يا جابر ولا تستعن بعدو لنا في حاجة ولا تستطعمه ولا تسأله شربة أما إنه ليخلد في النار فيمر به المؤمن فيقول يا مؤمن ألست فعلت كذا وكذا فيستحيي منه فيستنقذه من النار وإنما سمي المؤمن مؤمنا لأنه يؤمن على الله فيجيز الله أمانه.

البحار: ج 26 ص 53

39-ومنه، روي أن رسول الله صلّي الله علیه و آله نظر إلى الكعبة فقال مرحبا بالبيت ما أعظمك وأعظم حرمتك على الله والله للمؤمن أعظم حرمة منك لأن الله حرم منك واحدة ومن المؤمن ثلاثة ماله ودمه وأن يظن به ظن السوء.(3)

ص: 41


1- أقول: وجهه واضح لأن المؤمن الحقيقي مجليّ صفات الوليّ والإمام، والإمام مجليّ الأتم للصفات النبوية، والنبي من مجليّ صفات الله تعالى، والعلم البشري لا يصل إلى حقيقة الصفات الربوبية كما لا يصل إلى کنه ذاته الأقدس. السبزواري
2- وذلك لأن صفاته المقدسة غير متناهية فمزیده غیر متناهٍ أيضاً
3- هذا وجه أفضلية حرمة المؤمن من الكعبة. السبزواري

باب (2) / إنّ المؤمن ينظر بنور الله وان الله خلقه من نوره

البحار: ج 26 ص 54

1- عن محمّد بن عيسى عن سليمان الجعفري قال كنت عند أبي الحسن علیه السّلام قال: یا سلیمان اتق فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله فسكت حتى أصبت خلوة فقلت جعلت فداك سمعتك تقول اتق فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله قال نعم يا سلیمان إن الله خلق المؤمن من نوره و صبغهم في رحمته وأخذ ميثاقهم لنا بالولاية والمؤمن أخ المؤمن لأبيه وأمه أبوه النور وأمه الرحمة وإنما ينظر بذلك النور الذي خلق منه.(1)

باب (3) / طينة المؤمن وخروجه من الكافر وبالعكس وبعض أخبار الميثاق زائداً على ما تقدّم في كتاب التوحيد والعدل

البحار: ج26 ص 60 س1

لما رواه الشيخ في مجالسه بإسناده عن عبيد بن يحيى عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن جده الحسن بن علي علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ان في الفردوس لعينا أحلى من الشهد وألين من الزبد وأبرد من الثلج وأطيب من المسك فيهاطينة خلقنا الله عزّ وجلّ منها وخلق شیعتنا منها فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شیعتنا وهي الميثاق الذي أخذه الله عزّ وجلّ على ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي

ص: 42


1- أقول: الرحمة الخاصة بمنزلة المادة للمؤمن والنور الإيماني الواحد البسيط بمنزلة الصورة فتحقق جهة الأمومة للمادة والأبوة للصورة. السبزواري

طالب علیه السّلام قال عبيد فذكرت لمحمد بن الحسين هذا الحديث فقال صدقك يحیی بن عبد الله هكذا أخبرني أبي عن جدي عن النبي صلّي الله علیه و آله قال عبيد أشتهي أن تفسره لنا إن كان عندك تفسير قال نعم أخبرني أبي عن جدي عن رسول الله صلّي الله علیه و آله أنه قال إن لله ملكا رأسه تحت العرش وقدماه في تخوم الأرض السابعة السفلى بين عينيه راحة أحدكم فإذا أراد الله أن يخلق خلقا على ولاية علي بن أبي طالب علیه السّلام الأمر ذلك الملك فأخذ من تلك الطينة فرمى بها في النطفة حتى يصير إلى الرحم منها يخلق وهي الميثاق.(1)

البحار: الرابع: ج 26 ص 81 س 4

أقول: قد مرّ وسيأتي الكلام في تفسير قوله تعالى لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ وكان هذا إشارة إليه وإنا خلقت الجن والإنس ليعبدوني إشارة إلى قوله تعالى «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ». وأورد على ظاهر الآية أن بعض الجن والإنس لا يعبدون أصلا إما لكفر أو جنون أو موت قبل البلوغ أو نحو ذلك وعدم ترتب العلة الغائية على فعل الحكيم ممتنع وأجيب بوجوه أربعة:

الأول أنه أراد سبحانه بالجن والإنس اللذين بلغوا حد التكليف قبل المات والتعليل المفهوم من اللام أعم من العلة الغائية كما روى الصدوق في التوحيد عن أبي الحسن الأول علیه السّلام أنه قال معنى قول النبي صلّي الله علیه و آله اعملوا فكل ميسر لما خلق له إن الله عزّ وجلّ خلق الجن والإنس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه وذلك قوله عزّ وجلّ «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» و فیسر کلا لما خلق له فالويل لمن استحب العمى على الهدى.

ص: 43


1- تفسير الميثاق بالطينة لا ينافي الأخبار الواردة في الميثاق من أنه هو الإقرار بالتوحید والنبوة والولاية لأن الميثاق ميثاقان: تكويني و اختياري والطينة هو الأول. السبزواري

الثاني: أنه إن سلمنا أن المراد بالجن والإنس ما هو أعم من المكلفين وأن اللام للعلية الغائية لا نسلم العموم في ضمير الجمع في قوله ليعبدون إذ لعل المراد عبادة بعض الجن والإنس.

الثالث: إن سلمنا عموم ضمير يعبدون أيضا فلا نسلم رجوع الضمير إلى الجن والإنس إذ يمكن عوده إلى المؤمنين المذكورين قبل هذه الآية في قوله تعالى «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ» به فتدل على أن خلق غير المؤمنين لأجل المؤمنین کما يومئ إليه قوله تعالى في هذا الخبر وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني فلذلك خلقتهم إلخ.

الرابع: لو سلمنا جميع ذلك (1) نقول ترتب الغاية على فعل الحكيم ووجوبه أنما هو فیما هو غاية بالذات والغاية بالذات هنا إنما هي التكليف بالعبادة والعبادة غاية بالعرض والتكليف شامل لجميع أفراد الجن والإنس للروايات الدالة على أن الأطفال والمجانين يكلفون في القيامة كما سيأتي في كتاب الجنائز .

باب (8) / قلّة عدد المؤمنين وأنّه ينبغي أن لا يستوحشوا لقلتهم وأنس المؤمنين بعضهم ببعض

البحار: ج 26 ص 107

7- عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان عن عمار بن مروان عن سماعة بن مهران قال قال لي عبد صالح علیه السّلام ياسماعة أمنوا على فرشهم

ص: 44


1- ويؤيد الوجه الرابع ما في بعض الأخبار في تفسير الآية من قوله تعالى فلقهم ليأمرهم بالعبادة. السبزواري

وأخافوني أما والله لقد كانت الدنيا وما فيها إلا واحد يعبد الله ولو كان معه غيره الأضافه الله عزّ وجلّ إليه حيث يقول «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً (1) قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» فصبر بذلک ما شاء الله ثم إن الله آنسه بإسماعيل وإسحاق فصاروا ثلاثة أما والله إن المؤمن لقليل وإن أهل الكفر كثير أتدري لم ذاك فقلت لا أدري جعلت فداك فقال صيروا أنسا للمؤمنين يبثون إليهم ما في صدورهم فيستريحون إلى ذلك ويسكنون إليه.

البحار: ج 26 ص 109

9- عن الحسين بن محمّد عن المعلى عن أحمد بن محمّد بن عبد الله عن علي بن جعفر قال سمعت أبا الحسن علیه السّلام يقول ليس كل من يقول بولايتنا مؤمنا ولكن جعلوا أنسا للمؤمنين.(2)

باب (9) / أصناف الناس في الإيمان

البحار: ج 26 ص 111

1- عن ماجيلويه عن محمّد العطار عن الأشعري عن محمّد بن هارون عن أبي

ص: 45


1- والحق أنه يسمى النبيّ أمّة لاجتماع عقول الأمة فيه مع زيادة كما يسمى القرية أيضاً كما يسمى العالم أيضاً، وبالجملة يعبر عن جهته الإحاطة بكل ما فيه جهة الإحاطة وقد قيل بالفارسية: هرانکس زدانش برد توشئي *** جهاني است بنشسته در کوشئي السبزواري
2- السبزواري: لا ريب أن للإيمان بالمعنى الأخص مراتب متفاوتة كما أن للإسلام مراتب أيضاً فقوله علیه السّلام ليس كل من يقول بولايتنا مؤمناً إنما أراد علیه السّلام نفي بعض مراتب الإيمان

يحيى الواسطي عمن ذكره قال قال رجل لأبي عبد الله علیه السّلام إن الناس يقولون من لم يكن عربیا صلبا ومولی صريحا فهو سفلي فقال وأي شيء المولى الصريح فقال له الرجل من ملك أبواه قال ولم قالوا هذا قال لقول رسول الله صلّي الله علیه و آله مولى القوم من أنفسهم فقال سبحان الله أما بلغك أن رسول الله صلّي الله علیه و آله قال أنا مولى من لا مولى له أنا مولی کل مسلم عربیها و عجميها فمن والى رسول الله صلّي الله علیه و آله أليس يكون من نفس رسول الله صلّي الله علیه و آله ثم قال أيهما أشرف من كان من نفس رسول الله صلّي الله علیه و آله أو من كان من نفس أعرابي جلف بائل على عقبيه ثم قال علیه السّلام من دخل في الإسلام رغبة خير ممن دخل رهبة ودخل المنافقون رهبة والموالي دخلوارغبة.

بیان: في القاموس الصلب بالضم الشديد والحسب والقوة وقال الصريح الخالص من كل شيء وقال السفل والسفلة بكسرهما نقيض العلو وقد سفل کكرم وعلم ونصر سفالا وسفولا وتسفل وسفل في خلقه وعلمه ککرم سفلا ويضم وسفالا ککتاب وفي الشيء سفولا نزل من أعلاه إلى أسفله وسفلة الناس بالکسر کفرحة أسافلهم وغوغاؤهم. مولى القوم من أنفسهم كان غرضه صلّي الله علیه و آله حثهم على إكرام مواليهم ومعتقيهم ورعايتهم وعدم الإزراء بشأنهم وتعبيرهم بخسة نسبهم لا أنهم في حكمهم في جميع الأمور كما فهمه بعض العامة قال في النهاية في حديث الزكاة مولى القوم منهم الظاهر من المذهب والمشهور أن موالي بني هاشم والمطلب لايحرم عليهم أخذ الزكاة لانتفاء النسب الذي به حرم على بني هاشم والمطلب وفي مذهب الشافعي على وجه أنه يحرم على الموالي أخذها لهذا الحديث ووجه الجمع بين الحديث ونفي التحريم أنه إنما قال هذا القول تنزيها لهم وبعثا على التشبه بسادتهم والاستنان بسنتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس.

وأقول غرض القائل أنه ليس غير العرب من نجباء الناس ولما قال رسول الله صلّي الله علیه و آله

ص: 46

مولى القوم من أنفسهم فالمولى الصريح أيضا ملحق بهم فحمل الرواية على الحقيقة و العموم وسائر الناس من أهل فارس وغيرهم من سقاط الناس وأراذلهم وليسوا من أكفاء العرب كما كان عمر يقوله وذلك أنه سمع من النبي صلّي الله علیه و آله أن أنصار علي وأهل بيته علیهم السّلام يكونون من العجم.

ولذا حكم بقتل العجم جميعا لما استولى على بلاد فارس فنعه أمير المؤمنين علیه السّلام عن ذلك.(1)

البحار: ج 26 ص 116

13- بالاسناد المتقدم عن الحسن بن يوسف عن عثمان بن جبلة عن ضريس ابن عبد الملك قال: سمعت أبا عبد الله علیه السّلام يقول نحن قریش وشیعتنا العرب وعدونا العجم.(2)

باب (10) / لزوم البيعة وكيفيتها وذم نكثها

البحار: ج 26 ص 123

8- عن علي عن أبيه عن البزنطي عن أبان عن أبي عبد الله علیه السّلام قال لما فتح رسول الله صلّي الله علیه و آله مكة بايع الرجال ثم جاءته النساء يبايعنه فأنزل الله عزّ وجلّ «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ - إلى قوله -إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» قالت هند أما الولد

ص: 47


1- ومن ذلك يعلم أن ما ورد في ذمّ العجم لابد وان يحمل على التقية مع أن جميع خلفاء بني أمية كانوا معاندين مع العجم كما لا يخفى على من راجع التواريخ المعتبرة. السبزواري
2- ويمكن حمله على التقية. السبزواري

فقد ربينا صغارا وقتلتهم كبارا وقالت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت عند عكرمة بن أبي جهل یا رسول الله ما ذلك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصيك فيه قال لا تلطمن خدا ولا تخمشن وجها ولا تنتفن شعرا ولا تشققن جيبا ولا تسودن ثوبا(1) ولا تدعين بويل فبايعهن رسول الله صلّي الله علیه و آله على هذا فقالت یا رسول الله كيف نبايعك قال إنني لا أصافح النساء فدعا بقدح من ماء فأدخل يده ثم أخرجها فقال أدخلن أيديكن في هذا الماء فهي البيعة.

باب (14) / علامات المؤمن وصفاته

البحار: ج 26 ص 187 س1

ومنه حديث الجنة يدخلني غرة الناس (2) أي البله الذين لم يجربوا الأمور فهم قليلو الشر منقادون فإن من آثر الخمول و اصلاح نفسه والتزود لمعاده ونبذ أمور الدنيا فليس غرا فيما قصد له ولا مذموما بنوع من الذم والحب بالفتح الخداع وهو الجربز الذي يسعى بين الناس بالفساد رجل خب وامرأة خبة وقد تكسر خاؤه وأما المصدر فبالكسر لا غير.

باب (15) / فضائل الشيعة

البحار: ج 26 ص 246

25 - عن المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني عن أبي محمّد العسكري عن آبائه

ص: 48


1- فيه النهي عن تسويد الثوب. السبزواري
2- وفي الحديث دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها البَلَهَ. السبزواري

عن موسی بن جعفر علیه السّلام قال كان قوم من خواص الصادق علیه السّلام جلوسا بحضرته في ليلة مقمرة مصحية فقالوا يا ابن رسول الله ما أحسن أديم هذه السماء وأنور هذه النجوم والكواكب فقال الصادق علیه السّلام إنكم لتقولون هذا وإن المدبرات الأربعة(1) جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت: ينظرون إلى الأرض فيرونكم وإخوانكم في أقطار الأرض ونوركم إلى السماوات وإليهم أحسن من نور هذه الكواكب وإنهم ليقولون كما تقولون ما أحسن أنوار هؤلاء المؤمنين.

باب (18) / والصفح عن الشيعة وشفاعة أئمتهم صلوات الله عليهم فيهم

البحار: ج 26 ص 345

63 - عن محمّد بن شهریار عن محمّد بن محمّد البرسي عن محمّد بن الحسين القرشي عن أحمد بن أحمد بن حمران عن محمّد بن علي المقري عن عبيد الله بن محمّد الأيادي عن عمر بن مدرك عن محمّد بن زياد المكي عن جریر بن عبد الحميد عن الأعمش عن عطية العوفي (2) قال خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله زائرین قبر الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السّلام فلما وردناکربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ثم ائتزر بازار وارتدى بآخر ثم فتح صرة فيها سعد فنثرها على

ص: 49


1- تفسير المدبرات الأربعة وسميّ المدبرات لأنّ تدبير العالم بهذه الأملاك الأربعة فالعلوم والصنايع والحرف مطلقاً يدبرها جبرائيل والأرزاق مطلقاً يدبّرها میکائیل والحياة مطلقاً يدبّرها اسرافيل والموت موکول إلى عزرائيل. السبزواري
2- من أصحاب علي علیه السّلام. أقول: ينبغي أن يكتب حديث جابر بماء الذهب. السبزواري

بدنه ثم لم يخط خطوة إلا ذكر الله حتى إذا دنا من القبر قال ألمسنيه فألمسته فخر على القبر مغشيا عليه فرششت عليه شيئا من الماء فأفاق ثم قال يا حسين ثلاثا ثم قال حبيب لا يجيب حبيبه ثم قال وأنى لك بالجواب وقد شحطت أوداجك على أثباجك وفرق بين بدنك و رأسك فأشهد أنك ابن النبيين وابن سيد المؤمنين وابن حليف التقوى وسليل الهدى وخامس أصحاب الكساء وابن سيد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء وما لك لا تكون هكذا وقد غذتك كف سید المرسلين وربيت في حجر المتقين ورضعت من ثدي الإيمان وفطمت بالإسلام فطبت حيا وطبت میتا غير أن قلوب المؤمنين غير طيبة لفراقك ولا شاكة في الخيرة لك فعليك سلام الله ورضوانه وأشهد أنك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحیی بن زکريا ثم جال ببصره حول القبر وقال السلام عليكم أيها الأرواح التي حلت بفناء الحسين وأناخت برحله أشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين والذي بعث محمّدا بالحق لقد شاركناكم فيا دخلتم فيه قال عطية فقلت لجابر وكيف ولم نهبط واديا ولم نعل جبلا ولم نضرب بسيف والقوم قد فرق بين رءوسهم وأبدانهم وأوتمت أولادهم وأرملت الأزواج فقال لي يا عطية سمعت حبيبي رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول من أحب قوما حشر معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم والذي بعث محمّدا بالحق نبيا إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين وأصحابه خذوا بي نحو أبيات كوفان فلما صرنا في بعض الطريق فقال لي يا عطية هل أوصيك وما أظن أنني بعد هذه السفرة ملاقيك أحب محب آل محمد ما أحبهم وأبغض مبغض آل محمّد ما أبغضهم وإن كان صواما قواما وارفق بمحب آل محمد فإنه إن تزل لهم قدم بكثرة ذنوبهم ثبتت لهم أخرى بمحبتهم فإن محبهم يعود إلى الجنة ومبغضهم يعود إلى النار.

ص: 50

البحار: ج26 ص 346

65 - عن عمر بن محمّد بن حمزة العلوي وسعيد بن محمّد الثقفي عن محمّد بن عبد الرحمن العلوي عن جعفر بن محمّد الجعفري وزيد بن جعفر بن حاجب عن محمّد بن القاسم المحاربي عن الحسن بن محمد بن عبد الواحد عن حرب بن حسن الطحان عن يحيى بن مساور عن بشير النبال وكان يرمي بالنبل قال اشتريت بعيرا نضوا فقال لي قوم يحملك وقال قوم لا يحملك فركبت ومشيت حتى وصلت المدينة وقد تشقق وجهي ويداي ورجلاي فأتیت باب أبي جعفر فقلت يا غلام استأذن لي عليه قال فسمع صوتي فقال ادخل يا بشير مرحبا يا بشير ما هذا الذي أرى بك قلت جعلت فداك اشتريت بعيرا نضوا فركبت ومشيت فشقق وجهي ويداي ورجلاي قال فما دعاك إلى ذلك قال قلت حبكم والله جعلت فداك قال إذا كان يوم القيامة فزع رسول الله صلّي الله علیه و آله إلى الله وفزعنا إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله وفزعتم إلينا فإلى أين ترونا نذهب بكم إلى الجنة ورب الكعبة إلى الجنة ورب الكعبة.(1)

البحار: ج 26 ص 352

83 - بحذف الإسناد مرفوعا عن مولانا علي بن الحسين عن أبيه عن جده أمير المؤمنين علیه السّلام قال المؤمن على أي حال مات وفي أي ساعة قبض فهو شهيد ولقد سمعت حبيبي رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول إن المؤمن إذا خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب ثم قال علیه السّلام من قال لا إله إلا الله بالإخلاص فهو بريء من الشرك ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ثم تلا هذه الآية «إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ»

ص: 51


1- وهذا بشارة للشيعة من خبر بشير النبال وأي بشارة. السبزواري

وهم شيعتك ومحبوك يا علي فقلت یا رسول الله هذا لشيعتي فقال إي وربي لشيعتك ومحبيك خاصة وإنّهم ليخرجون من قبورهم وهم يقولون لا إله إلا الله محمّد رسول الله علي ولي الله(1) فيؤتون بحلل خضر من الجنة وأكاليل من الجنة و تيجان من الجنة ويلبس كل واحد منهم حلة خضراء و تاج الملك و إكليل الكرامة ويركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنة «لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ»

باب (19) / صفات الشيعة وأصنافهم وذمّ الاغترار والحث على العمل والتقوى

البحار: ج 26 ص 373

20- عن خالد بن حماد عن الحسن بن طلحة رفعه عن محم،د بن إسماعيل عن علي بن زيد الشامي قال قال أبو الحسن علیه السّلام قال أبو عبد الله علیه السّلام ما أنزل الله سبحانه وتعالى آية في المنافقين إلا وهي فيمن ينتحل التشيع.(2)

البحار: ج 65 ص 112 س 14

کنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة، روى علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن شريك العامري عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله لعلي علیه السّلام يا علي يخرج يوم القيامة قوم من قبورهم بياض وجوههم

ص: 52


1- السبزواري: أقول يمكن أن يستفاد من مثل هذه الأخبار رجحان الشهادة الثالثة وهي كثيرة فراجع و تفحص
2- المراد بالانتحال هو عدم الاعتقاد بشيء وإظهار الاعتقاد به ظاهراً ولا إشكال في أنّه من المنافقين. السبزواري

كبياض الثلج عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن عليهم نعال الذهب شراكها من اللؤلؤ يتلألأ فيؤتون بنوق من نور عليها رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت فيركبون عليها حتى ينتهوا إلى عرش الرحمن والناس في الحساب يهتمون ويغتمون وهؤلاء يأكلون ويشربون فرحون فقال أمير المؤمنين علیه السّلام من هؤلاء یا رسول الله قال هم شيعتك وأنت إمامهم وهو قول الله عزّ وجلّ «يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا» على الرحائل «وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا» وهم أعداؤك يساقون إلى النار بلا حساب.(1)

البحار: ج 2 ص 290

48- وبالإسناد عن أبي المفضل عن جعفر بن محمّد العلوي عن أحمد بن محمّد الوابشي عن عاصم بن حميد وعن أبي المفضل عن محمّد بن علي البندار عن الحسن ابن علي بن بزیع عن مالك بن إبراهيم عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن رجل من قومه يعني يحيى ابن أم الطويل أنه أخبره عن نوف البكالي قال عرضت الي إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السّلام حاجة فاستتبعت إليه جندب بن زهير والربيع بن خثيم وابن أخته همام بن عبادة بن خثيم وكان من أصحاب البرانس فأقبلنا معتمدين لقاء أمير المؤمنين علیه السّلام فألفيناه حين خرج يؤم المسجد فأفضى ونحن معه إلى نفر مبدنين قد أفاضوا في الأحدوثات تفکها وبعضهم يلهي بعضا فلما أشرف لهم أمير المؤمنين علیه السّلام أسرعوا إليه قياما فسلموا فرد التحية ثم قال من القوم قالوا أناس من شيعتك يا أمير المؤمنين فقال لهم خيرا ثم قال ياهؤلاء مالي لا أری فیکم سمة شيعتنا وحلية أحبتنا أهل البيت فأمسك القوم حیاء قال نوف فأقبل عليه جندب والربيع فقالا ما سمة شيعتكم وصفتهم يا أمير المؤمنين فتثاقل عن جوابهما

ص: 53


1- لم يعهد مثل هذا التعبير عن الإمام أمير المؤمنين. السبزواري

وقال اتقيا الله أيها الرجلان وأحسنا ف- «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ» همام بن عبادة وكان عابدا مجتهدا أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم وفضلكم تفضيلاً إلا أنبأتنا بصفة شيعتكم فقال لا تقسم فسأنبئكم جميعا وأخذ بيد همام فدخل المسجد فسبح ركعتين أوجزهما وأكملهما وجلس وأقبل علينا وحف القوم به فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلّي الله علیه و آله ثم قال أما بعد فإن الله جل ثناؤه و تقدست أسماؤه خلق خلقه فألزمهم عبادته وكلفهم طاعته وقسم بينهم معايشهم ووضعهم في الدنيا بحيث وضعهم وهو في ذلك غني عنهم لا تنفعه طاعة من أطاعه ولا تضره معصية من عصاه منهم لكنه علم تعالى قصورهم عما تصلح عليه شئونهم وتستقيم به دهماؤهم في عاجلهم و أجلهم فارتبطهم بإذنه في أمره ونهيه فأمرهم تخييرا وكلفهم يسيرا وأثابهم كثيرا وأماز سبحانه بعدل حكمه وحكمته بين الموجف من أنامه إلى مرضاته ومحبته وبين المبطئ عنها والمستظهر على نعمته منهم بمعصية فذلك قول الله عزّ وجلّ «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ» ثم وضع أمير المؤمنين صلوات الله عليه يده على منكب همام بن عبادة فقال ألا من سأل عن شيعة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم في كتابه مع نبيه تطهيرا فهم العارفون بالله العاملون بأمر الله أهل الفضائل والفواضل منطقهم الصواب وملبسهم الاقتصاد و مشيهم التواضع بخعوا لله تعالى بطاعته وخضعوا له بعبادته فضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم واقفين أسماعهم على العلم بدينهم نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء رضي عن الله بالقضاء فلو لا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى لقاء الله والثواب وخوفا من العقاب عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم فهم وللجنة كمن رآها فهم على أرائكها متكئون

ص: 54

وهم والنار كمن أدخلها فهم فيها يعذبون قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة وأجسادهم نحيفة وحوائجهم خفيفة وأنفسهم عفيفة ومعونتهم في الإسلام عظيمة صبروا أياما قليلة فأعقبتهم راحة طويلة وتجارة مربحة يسرها لهم رب کریم اناس أكياس أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها أما الليل فصافون أقدامهم تالون لأجزاء القرآن يرتلونه ترتیلا يعظون أنفسهم بأمثاله ويستشفون لدائهم بدوائه تارة وتارة مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم يمجدون جبارا عظيما ويجأرون إليه جل جلاله في فكاك رقابهم هذا ليلهم فأما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء براهم خوف بارهم فهم أمثال القداح يحسبهم الناظر إليهم مرضى وما بالقوم من مرض أو قد خولطوا وقد خالط القوم من عظمة ربهم وشدة سلطانه أمر عظيم طاشت له قلوبهم وذهلت منه عقولهم فإذا استقاموا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال الزاكية لا يرضون له بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون إن زكي أحدهم خاف مما يقولون وقال أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بي اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون فإنك علام الغيوب وساتر العيوب هذا ومن علامة أحدهم أن ترى له قوة في دين وحزما في لين وإيانا في يقين وحرصا على علم وفهما في فقه وعلا في حلم وكيسا في رفق وقصدا في غنى وتجملا في فاقة وصبرا في شدة وخشوعا في عبادة ورحمة للمجهود وإعطاء في حق ورفقا في كسب و طلبا في حلال و تعففا في طمع وطمعا في غير طبع أي دنس ونشاطا في هدی واعتصاما في شهوة وبرا في استقامة لا يغره ما جهله ولا يدع إحصاء ما عمله يستبطئ نفسه في العمل وهو من صالح عمله على وجل يصبح وشغله الذكر ويمسي وهمه الشکر یبیت حذرا من سنة الغفلة ويصبح فرحا لما أصاب من الفضل والرحمة إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما إليه تشره

ص: 55

رغبته فيما يبقى وزهادته فيما يفني قد قرن العمل بالعلم والعلم بالحلم يظل دائما نشاطه بعید اکسله قريبا أمله قليلا زلَلهُ متوقعا أجله خاشعا قلبه ذاکرا ربه قانعة نفسه عازبا جهله محرزا دینه میتا داؤه کاظما غيظه صافيا خلقه آمنا منه جاره سهلا أمره معدوما كبره بینا صبره كثيرا ذكره لا يعمل شيئا من الخير رئاء ولا یترکه حياء الخير منه مأمول والشر منه مأمون إن كان بين الغافلين كتب في الذاکرین وإن كان مع الذاکرین لم يكتب من الغافلين يعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه ويصل من قطعه قریب معروفه صادق قوله حسن فعله مقبل خیره مدبر شره غائب مكره في الزلازل وقور وفي المكاره صبور وفي الرخاء شكور لا يحيف على من يبغض ولا يأثم فيمن يحب ولا يدعي ما ليس له ولا يجحد ما عليه يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه لا يضيع ما استحفظه ولا ينابز بالألقاب لا يبغي على أحد ولا يغلبه الحسد ولا يضار بالجار ولا يشمت بالمصاب مؤد للأمانات عامل بالطاعات سريع إلى الخيرات بطيء عن المنكرات يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويجتنبه لا يدخل في الأمور بجهل ولا يخرج من الحق بعجز إن صمت لم يعيه الصمت وإن نطق لم يعية اللفظ وإن ضحك لم يعل به صوته قانع بالذي قدر له لا يجمح به الغيظ ولا يغلبه الهوى ولا يقهره الشح يخالط الناس بعلم ويفارقهم بسلم يتكلم ليغنم ويسأل ليفهم نفسه منه في عناء والناس منه في راحة أراح الناس من نفسه وأتعبها لآخرته إن بغي عليه صبر ليكون الله تعالى هو المنتصر له يقتدي بمن سلف من أهل الخير قبله فهو قدوة لمن خلف من طالب البر بعده أولئك عمال الله ومطايا أمره وطاعته وسرج أرضه وبريته أولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا ومعنا ألا ها شوقا إليهم فصاح همام بن عبادة صيحة وقع مغشيا عليه فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا رحمة الله عليه فاستعبر الربيع باكيا وقال لأسرع ما أودت موعظتك يا أمير المؤمنين بابن أخي ولوددت لو أني بمكانه فقال أمير المؤمنين علیه السّلام هكذا تصنع المواعظ البالغة

ص: 56

بأهلها أما والله لقد كنت أخافها عليه فقال له قائل فما بالك أنت يا أمير المؤمنين فقال ويحك إن لكل واحد أجلا لن يعدوه سببا لن يجاوزه فهلا لا تعد لها فإنما نفتها على لسانك الشيطان قال فصلى عليه أمير المؤمنين علیه السّلام عشية ذلك اليوم وشهد جنازته ونحن معه قال الراوي عن نوف فصرت إلى الربيع بن خیثم فذكرت له ما حدثني نوف فبكى الربيع حتى كادت نفسه أن تفيض وقال صدق أخي لا جرم أن موعظة أمير المؤمنين علیه السّلام وكلامه ذلك مني بمرأى ومسمع وما ذكرت ما كان من همام بن عبادة يومئذ وأنا في بلهنية إلاكدرها ولا شدة إلا فرجها.(1)

ص: 57


1- بسمه تعالی: لباب القول في الجمع بين الأخبار أن للتشيع مرتبتان اعتقادي و عملي ولكل واحد منهما مراتب متفاوتة جداً وبعض المراتب من كل منهما يدعو إلى الآخر فبعض مراتب الاعتقادي منه يوجب العمل وبعض مراتب العملي يوجب اشتداد الاعتقادي و حصول مرتبة أقوى من السابقة والعملي بدون الاعتقادي أصلا نفاق محض لا ينفع أصلا وأما الاعتقادي بدون العمل فان كان ذلك لأجل القصور فيمكن أن يكون ذلك بمنزلة من عمل تغافلا خصوصاً إلى بعض المراتب الكافلة للاعتقاد و ان كان ذلك لأجل التقصير فهو يوفق للتوبة في آخر عمره وتشمله الشفاعة وعلى أي تقدير نفس محبة المعصومين عليهم السلام نافعة لأنها من محبة الله تعالى ولأنهم وسائط معرفته، ومحبة الواسطة من حيث الوساطة محبة لذي الواسطة كما أن محبة أئمة الجور والضلال محبة لهما في الواقع. ومن ذلك يعلم وجه ما استفاض من الأخبار أن المرء يحشر مع من أحبّ. نعم يبقى الكلام فيمن اعتقد في إمام جور انه إمام الحق قصوراً أو بالعکس ولابد من امتحانه في البرزخ أو في بعض العرصات الأخروية كما يستفاد من جملة من الأخبار ويشهد له الاعتبار.السبزواري

باب (22) / في أنّ الله تعالى إنّما يعطي الدِّين الحقّ والإيمان والتشيع من أحبه وان التراخي لا يقع على الدّين وفي ترك دعاء الناس إلى الدين

البحار: ج26 ص 398

1- عن محمّد بن يحيى عن ابن عیسی عن ابن فضال عن ابن بكير عن حمزة ابن حمران عن عمر بن حنظلة قال قال لي أبو عبد الله علیه السّلام: يا أبا الصخر إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض ولا يعطي هذا الأمر إلاصفوته من خلقه أنتم والله على ديني ودين آبائي إبراهيم وإسماعيل لا أعني علي بن الحسين ولا محمّد بن علي وإن كان هؤلاء على دين هؤلاء.

تبیان: من يحب ومن يبغض أي من يحبه الله ومن يبغضه الله أو من يحب الله ومن يبغض الله والأول أظهر ولا يعطي هذا الأمر أي الاعتقاد بالولاية واختیار دین الإمامية إلا صفوته من خلقه أي من اصطفاه واختاره فضله من جميع خلقه بسبب طيب روحه وطينته کما مر أو المعنى أن ذا المال والجاه والنعمة في الدنيا يمكن أن يكون محبوبا لله أو مبغوضا لله وليست سببا لحب الله ولا علامة له بخلاف دین الحق فإن من أوتيه يكون لا محالة محبوبا لله مختارا عنده وعلى الوجهين الغرض بیان فضل الولاية والشكر عليها وعدم الشكاية بعد حصولها عن فقر الدنيا وذها و شدائدها وحقارة الدنيا وأهلها عند الله وأنها ليست مناط الشرف والفضل. قوله علیه السّلام ودین آبائي والمعنى أن أصول الدين مشتركة في ملل جميع الأنبياء وإنما الاختلاف في بعض الخصوصيات فإن الاعتقاد بالتوحيد و العدل والمعاد ما اشترك فيه جميع الملل وكذا التصديق بنبوة الأنبياء والإذعان بجميع ما جاءوا به وأهمها الإيمان بأوصيائهم ومتابعتهم في جميع الأمور وعدم العدول عنهم إلى غيرهم كان لازما في جميع الملل وإنما الاختلاف في خصوص النبي وخصوص الأوصياء وخصوص بعض العبادات

ص: 58

فمن أقر بنبينا صلّي الله علیه و آله وبجميع ما جاء به وبجميع أوصيائه ولم يعدل عنهم إلى غيرهم فهو على دين جميع الأنبياء. ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما ورد في كثير من الأخبار أن الإقرار بنبینا صلّي الله علیه و آله و أوصيائه التي كان مأخوذا على جميع الأنبياء عليهم السّلام وأممهم وقيل المراد أنه مأخوذ في دين الإسلام نفي الشرك ونصب غير من نصبه الله للإمامة والرجوع إليه نوع من الشرك فالتوحيد الذي هو دين جميع الأنبياء مخصوص بالشيعة وما ذكرنا أوضح وأمتن.(1)

البحار: ج 26 ص 404

16- عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمّد بن حمران عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إن الله إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدده(2) وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء وسدّ مسامع قلبه ووکل به شیطاناً يضله.

ص: 59


1- أقول: حيث إنه لم يكن للائمة المعصومين علیهم السّلام في جميع شؤونهم وادوار حياتهم إلا التبليغ والوساطة إلى الله تعالى في بيان الأحكام وإرشاد الأنام فمن يحب الله تبارك و تعالی ویتولاه لابد له من أن يتولاهم ويحبهم لان ولايتهم ومحبتهم طريق إلى ولاية الله تعالی ومحبته وهما من فطريات الموحد إلا إذا وجد مانع ودافع عن الفطرة باختياره فالأنبياء والأولياء السابقين من أول هبوط ادم كانوا يحبون الله تعالى و يتولونه عز وجل فلم يكن بد لهم من تولي من يعرف الله حق معرفته ويبين آياته وأحكامه للناس ومن أعظم من يتولى الله تعالى ويعرفه حق معرفته هم خلفاء المعصومين لخاتم الأنبياء صلّي الله علیه و آله. السبزواري
2- أقول: هذا هو العمدة وقد ورد في المعصومين علیهم السّلام تسديد الملك أيضاً وقد ورد في الاسدي الشاعر أن الملك يعلمه وقال الصادق علیه السّلام أنا اعرف ذلك الملك وبالجملة لتسديد الملك أهمية كبيرة في تأييدات الله تعالی و توفیقاته، اللهم ارزقنا ذلك بمحمد و آله الطاهرين علیهم السّلام. السبزواري

باب (23) / في أنّ السلامة والغني في الدِّين وما اخذ على المؤمن من الصبر على ما يلحقه في الدين

البحار: ج 26 ص 406

4 کا، عن العدة عن البرقي عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن بعض أصحابه قال كان رجل يدخل على أبي عبد الله علیه السّلام من أصحابه فصبر زمانا لا يحج فدخل عليه بعض معارفه فقال له فلان مافعل قال فجعل يضجع الكلام فظن أنه إنما يعني الميسرة والدنيا فقال أبو عبد الله علیه السّلام كيف دينه فقال کما تحب فقال هو والله الغني.(1)

باب (26) / الفرق بين الإيمان والإسلام وبيان معانيهما وبعض شرائطهما الأخبار

البحار: ج 26 ص 457

50 - نهج البلاغة: إن الله تعالى أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير والشر فخذوا نهج الخير تهتدوا واصدفوا عن سمت الشر تقصدوا الفرائض الفرائض أدوها إلى الله تؤدكم إلى الجنة إن الله حرم حراما غير مجهول وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها وشد بالإخلاص والتوحید حقوق المسلمين في معاقدها فالمسلم من سلم المسلمون

ص: 60


1- وذلك لأنّ الدين إنما هو اشرف الكمالات الإنسانية وأعظم الروابط بين الخلق والخالق وهو الكمال الباقي الغير زائل بل هو مظهر الصفات الربوبية ومظهرها ولا يعقل غناء للنفس الإنساني إلا به. السبزواري

من لسانه ويده إلا بالحق ولا يحل أذى المسلم إلا بما يجب بادروا أمر العامة وخاصة أحدكم وهو الموت إلى قوله واتقوا الله في عباده وبلاده فإنكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم (1) الخطبة.

باب (27) / دعائم الإسلام والإيمان وشعبهما وفضل الإسلام

البحار: ج 26 ص 525 س4

وبهذا الإسناد عن الكاظم عن أبيه علیه السّلام قال دعا رسول الله صلّي الله علیه و آله العباس عند موته فخلا به وقال له يا أبا الفضل اعلم أن من احتجاج ربي على تبليغي الناس عامة وأهل بيتي خاصة ولاية على علیه السّلام «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» يا أبا الفضل جدد للإسلام عهدا ومیثاقا وسلم لولي الأمر إمرته ولا تكن كمن يعطي بلسانه ويكفر بقلبه يشاقني في أهل بيتي ويتقدمهم ويستأمر عليهم ويتسلط عليهم ليذل قوما أعزهم الله ويعز قوما لم يبلغوا ولا يبلغون ما مدوا إليه أعينهم يا أبا الفضل إن ربي عهد إلي عهدا أمرني أن أبلغه الشاهد من الإنس والجن وأن آمر شاهدهم أن يبلغوا غائبهم فمن صدق عليا ووازره وأطاعه ونصره وقبله وأدى ما عليه من الفرائض الله فقد بلغ حقيقة الإيمان ومن أبى الفرائض فقد أحبط الله عمله حتى يلقی الله ولا حجة له عنده يا أبا الفضل فما أنت قائل قال قبلت منك يا رسول الله وآمنت بما جئت به وصدقت وسلمت فاشهد علي.(2)

ص: 61


1- إنه خبر وأي خبر. السبزواري
2- هذا الخبر يدل على مدح العباس بن عبد المطلب. السبزواري

باب (28) / الدِّين الذي لا يقبل الله أعمال العباد إلّا به

البحار: ج 26 ص 532 س13

وعن ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن الفضل عن الرضا فمن شاء فليؤمن قال من أقر بتوحيد الله ونفي التشبيه عنه ونزهه عما لا يليق به وأقر أن له الحول والقوة والإرادة والمشية والخلق والأمر والقضاء والقدر وأن أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تکوین وشهد أن محمدا رسول الله صلّي الله علیه و آله وأن عليا والأمة بعده حجج الله ووالى أولياءهم وعادي أعداءهم واجتنب الكبائر وأقر بالرجعة والمتعتين و آمن بالمعراج والمساءلة في القبر والحوض والشفاعة وخلق الجنة والنار والصراط والميزان والبعث والنشور والجزاء والحساب فهو مؤمن حقا وهو من شيعتنا أهل البيت.(1)

باب (30) / إنّ العمل جزء الإيمان وان الإيمان مبثوث على الجوارح

البحار: ج 26 ص 540

عن أبي علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان أو غيره عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله قال سألته عن الإيمان فقال شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء من عند الله وما استقر في القلوب من التصديق بذلك قال قلت الشهادة أليست عملا قال بلى قلت العمل من الإيمان قال نعم الإيمان لا يكون إلا بعمل والعمل منه ولا يثبت الإيمان إلا بعمل. (2)

ص: 62


1- في هذا الخبر من البشارة والسرور للشيعة مت لا يخفى. السبزواري
2- يظهر من مثل هذه الأخبار أن حقيقة الإيمان حقيقة العمل إلا أن العمل مختلف من حيث عمل الجوارح و عمل الجوانح. السبزواري.

البحار: ج26 ص 541

6- عن علي عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قلت له أيها العالم أخبرني أي الأعمال أفضل عند الله قال ما لا يقبل الله شيئا إلا به قلت وما هو قال الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو أعلى الأعمال درجة وأشرفها منزلة وأستاها حظا قال قلت ألا تخبرني عن الإيمان أقول هو وعمل أم قول بلا عمل فقال الإيمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل (1) بفرض من الله بين في كتابه واضح نوره ثابتة حجته يشهد له به الكتاب ويدعوه إليه قال قلت صفه لي جعلت فداك حتى أفهمه قال الإيمان حالات و درجات وطبقات ومنازل فمنه التام المنتهى تمامه ومنه الناقص البين نقصانه ومنه الراجح الزائد رجحانه قلت إن الإيمان ليتم وينقص ويزيد قال نعم قلت كيف ذلك قال لأن الله تبارك و تعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها.

باب (33) / السكينة وروح الإيمان وزيادته ونقصانه

البحار: ج 27 ص 30

10 - عن الحسين بن محمّد ومحمّد بن يحيى جميعا عن علي بن محمّد بن سعد عن محمّد بن مسلم عن أبي سلمة عن محمّد بن سعيد عن ابن أبي نجران عن ابن سنان عن أبي خديجة قال دخلت على أبي الحسن علیه السّلام فقال لي إن الله تبارك وتعالى أيد

ص: 63


1- هذا هو القول الجامع في معنى الإيمان، فتدبّر في غوره. السبزواري

المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقي و تغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي فهي معه تهتز سرورا عند إحسانه و تسيخ في الثرى عند إساءته فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقينا وتربحوا نفيسا ثمينا رحم الله امرأ هم بخير فعمله أو هم بشر فارتدع عنه ثم قال نحن نؤيد الروح بالطاعة لله والعمل له.(1)

باب (38) / جوامع المكارم وآفاتها وما يوجب الفلاح والهدی

البحار: ج 27 ص 151

55 - أبي عن محمّد العطار عن الأشعري عن أبي عبد الله الرازي عن سجادة عن درست عن أبي خالد السجستاني عن أبي عبد الله علیه السّلام قال خمس خصال من لم تكن فيه خصلة منها فليس فيه كثير مستمتع أولها الوفاء والثانية التدبير و الثالثة الحياء والرابعة حسن الخلق والخامسة وهي تجمع هذه الخصال الحرية.(2)

البحار: ج 27 ص 154

70 - أبي عن محمّد بن إسماعيل رفعه إلى أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله أوصيك يا علي في نفسك بخصال فاحفظها اللهم أعنه الأولى الصدق فلا تخرج من فيك كذب أبدا والثانية الورع فلا تجترئ على خيانة أبدا والثالثة الخوف من الله كأنك تراه والرابعة البكاء لله يبنى لك بكل دمعة بيت في الجنة والخامسة بذلك مالك

ص: 64


1- يستفاد من مثل هذه الأخبار أن الطاعاتهم مدخل أيضاً في زيادة أرواحهم وقوتها. السبزواري
2- أقول الظاهر أن معنى الحرية إنما قطع الطمع عما في أيدي الناس. السبزواري

ودمك دون دينك و السادسة الأخذ بسنتي في صلاتي وصومی وصدقتي فأما الصلاة في الليل والنهار وأما الصيام فثلاثة أيّام في الشهر (1) الخميس في أول الشهر والأربعاء في وسط الشهر والخميس في آخر الشهر والصدقة بجهدك حتى تقول أسرفت ولا تسرف وعليك بصلاة الليل يكررها أربعا وعليك بصلاة الزوال وعليك برفع يديك إلى ربك وكثرة تقلبها وعليك بتلاوة القرآن على كل حال وعليك بالسواك لكل وضوء وعليك بمحاسن الأخلاق فارتكبها وعليك بمساوي الأخلاق فاجتنبها فإن لم تفعل فلا تلومن إلا نفسك.

البحار: ج 27 ص 161

105 - النضر عن عبد الله بن سنان عن رجل من بني هاشم قال سمعته يقول أربع من كن فيه كمل إسلامه ولو كان ما بين قرنه وقدمه خطايا لم ينتقصه ذلك الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر.(2)

باب (39) / العدالة والخصال التي من كانت فيه ظهرت عدالته ووجبت أخوته وحرمت غيبته

البحار: ج 27 ص 169

4 - ابي عن ابن قتيبة عن حمدان بن سليمان عن نوح بن شعيب عن محمّد بن

ص: 65


1- فيه دلالة على أن المراد بالأيام الثلاثة المطلقة في بعض الأخبار خصوص هذه الأيام لكنه معارض بغيره. السبزواري
2- الظاهر الكلمة مستعملة هنا في الامتناع المحض، لان من كانت فيه الخصال الخمسة يمتنع صدور المعصية منه عادة لان الحياء من الخالق موجب لإطاعته و ترك عصيانه. السبزواري

إسماعيل عن صالح عن علقمة قال قال الصادق جعفر بن محمّد علیه السّلام وقد قلت له يا ابن رسول الله أخبرني عمن تقبل شهادته ومن لا تقبل(1) فقال یا علقمة كل من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته قال فقلت له تقبل شهادة مقترف بالذنوب فقال یا علقمة لو لم يقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلا شهادات الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم لأنهم هم المعصومون دون سائر الخلق فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنبا ومن اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية الله عزّ وجلّ داخل في ولاية الشيطان ولقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه: أن رسول الله صلّي الله علیه و آله قال من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع الله بينهما في الجنة أبدا ومن اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما وكان المغتاب في النار خالِداً فِیها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ قال علقمة فقلت للصادق علیه السّلام يا ابن رسول الله إن الناس ينسبوننا إلى عظائم الأمور وقد ضاقت بذلك صدورنا فقال علیه السّلام ياعلقمة إن رضا الناس لا يملك (2) وألسنتهم لا تضبط وكيف تسلمون ما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله (ألم ينسبوا يوسف علیه السّلام إلا إلى أنه هم بالزنا ألم ينسبوا أيوب علیه السّلام إلى أنه ابتلي بذنوبه ألم ينسبوا داود علیه السّلام إلى أنه تبع الطير حتى نظر إلى امرأة أوریا فهواها وأنه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل ثم تزوج بها ألم ينسبوا موسی علیه السّلام إلى أنه عنين و آذوه حتى برأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ألم ينسبوا جميع أنبياء الله إلى أنهم سحرة طلبة الدنيا ألم ينسبوا مريم بنت عمران علیها السّلام إلى أنها حملت بعیسی علیه السّلام من رجل نجار اسمه يوسف ألم ينسبوا نبينا محمّداً صلّي الله علیه و آله إلى أنه شاعر مجنون ألم ينسبوا إلى أنه هوى امرأة

ص: 66


1- خبر علقمة يستفاد منه أمور كثيرة فتدبّر. السبزواري
2- هذا الخبر خير مثال على ما نسبه الناس إلى الأنبياء فضلا عن من انتسب إليهم. السبزواري

زید بن حارثة فلم يزل بها حتى استخلصها لنفسه ألم ينسبوه يوم بدر إلى أنه أخذ لنفسه من المغنم قطيفة حمراء حتى أظهره الله عزّ وجلّ على القطيفة وبرأ نبيه علیه السّلام من الخيانة وأنزل بذلك في كتابه «وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ألم ينسبوه إلى أنه صلّي الله علیه و آله ينطق عن الهوى في ابن عمه علي علیه السّلام حتى كذبهم الله عزّ وجلّ فقال سبحانه «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى» ألم ينسبوه إلى الكذب في قوله إنه رسول من الله إليهم حتى أنزل الله عزّ وجلّ عليه «وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا»ولقد قال يوما عرج بي البارحة إلى السماء فقيل والله ما فارق فراشه طول ليلته وما قالوا في الأوصياء أكثر من ذلك ألم ينسبوا سيد الأوصياء علیه السّلام إلى أنه كان يطلب الدنيا والملك وأنه كان يؤثر الفتنة على السكون وأنه يسفك دماء المسلمين بغير حلها وأنه لو كان فيه خير ما أمر خالد بن الوليد بضرب عنقه ألم ينسبوه إلى أنه علیه السّلام أراد أن يتزوج ابنة أبي جهل على فاطمة(1) وأن رسول الله صلّي الله علیه و آله شکاه على المنبر إلى المسلمين فقال إن عليا يريد أن يتزوج ابنة عدو الله على ابنة نبي الله ألا إن فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني ومن سرها فقد سرني ومن غاظها فقد غاظني ثم قال الصادق علیه السّلام يا علقمة ما أعجب أقاويل الناس في علي علیه السّلام كم بين من يقول إنه رب معبود وبين من يقول إنه عبد عاص للمعبود ولقد كان قول من ينسبه إلى العصيان أهون عليه من قول من ينسبه إلى الربوبية يا علقمة ألم يقولوا في الله عزّ وجلّ إنه ثالث ثلاثة ألم يشبهوه بخلقه ألم يقولوا إنه الدهر ألم يقولوا إنه الفلك ألم يقولوا إنه جسم ألم يقولوا إنه صورة تعالى عن ذلك علواکبیرا یاعلقمة إن الألسنة التي يتناول

ص: 67


1- يستفاد منه افتعال الخبر الدال على ذلك. السبزواري

ذات الله تعالى ذكره بما لا يليق بذاته كيف تحبس عن تناولكم ما تكرهونه ف- «قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» (1) فإن بني إسرائيل قالوا لموسى «أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا» فقال الله عزّ وجلّ قل لهم يا موسی «عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ».

باب (41) / النجيات والمهلكات

البحار: ج 27 ص 172 س 20

وفي حديث آخر عن النبي صلّي الله علیه و آله أنه لما سئل في المعراج فيها اختصم الملأ الأعلى(2)

قال في الدرجات والكفارات قال فنودیت وما الدرجات فقلت إسباغ الوضوء في السبرات والمشي إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة وولايتي وولاية أهل بيتي حتى الممات.

ص: 68


1- أقول: ويؤيد خبر علقمة ما ورد في بعض الأخبار أن إبراهيم علیه السّلام سأل الله تعالى أن يكفّ عنه لسان الناس فأوحى الله تعالى إليه إن هذه خصلة لم اجعلها لنفسي فكيف اجعلها لك . السبزواري
2- أقول: لعل اختصام الملأ الأعلى كناية على التسابق إليها والتنافس فيها ولكن الظاهر أن المراد فهمها و بیان معناها ولذا نوديّ صلّي الله علیه و آله بذلك. السبزواري

باب (42) / أصناف الناس ومدح حسان الوجوه ومدح البله

البحار: ج 27 ص 174

4 - ابن المخلد عن جعفر بن محمد بن نصير الخالدي عن القاسم بن محمّد بن حماد عن جندل بن والق عن أبي مالك الأنصاري عن أبي عبد الرحمن السدي عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله اطلبوا الخير عند حسان الوجوه.(1)

باب (43) / حبّ الله تعالی

البحار: ج 27 ص12 س 17

1- الصائغ عن محمّد بن أيوب عن إبراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف عن عبد الله بن سليمان عن محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة وأحبوني لحب الله عزّ وجلّ وأحبوا أهل بيتي لحبي.(2)

ص: 69


1- لعل المراد بالوجوه هو الوجه بمعنى الاعتبار كما يقال فلان له وجه عند السلطان ويؤيده الخبر الأخر وهو قوله علیه السّلام رجل بجاهه. السبزواري
2- هذا بعض المراتب النازلة من المحبة المناسبة للعوام من الأمنة وإلا فمحبته تبارك و تعالی أجلّ من أن تكون لما يغذونا من النعم بل هو تعالی بذاته الأقدس أهل لأن لا يحبّ غيره ونعم ما قيل بالفارسية: کر از دوست جشمت باحسان رداست *** تو دربند خیشي ند دربند روست خلاف طريقت بود کاولیاء تمني کنند *** از خدا خبر خدا السبزواري

البحار: ج 27 ص 178

5 - أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن موسی بن جعفر البغدادي عن عبيد الله بن عبد الله بن عروة عن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله علیه السّلام قال خمسة لا ينامون الهام بدم یسفکه وذو مال كثير لا أمين له والقائل في الناس الزور والبهتان عن عرض من الدنيا يناله والمأخوذ بالمال الكثير ولا مال له والمحب حبيبا يتوقع فراقه.(1)

البحار: ج 27 ص 182

21 - عبد الرحمن بن حماد عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله قال الله ما تحبب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وإنه ليتحبب إلي بالنافلة حتى أحبه فإذا أحبته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها إذا دعاني أجبته وإذا سألني أعطيته وما ترددت في شيء أنا فاعله کترددي في موت المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته.(2)

ص: 70


1- فمن أحب الطاعة والعبادة وهو يتوقع الموت وفراق الدنيا لابد وأن لا يكون له نوم. السبزواري
2- هذا الحديث رويّ بسند موثق بما يقرب من هذا المضمون، فراجع أبواب النوافل من الوسائل. السبزواري

باب (44) / القلب صلاحه وفساده ومعنى السمع والبصر والنطق والحياة الحقيقيات

البحار: ج 27 ص 204

28 - عن سلام قال كنت عند أبي جعفر علیه السّلام فدخل عليه حمران بن أعين فسأله عن أشياء فلا هم حمران بالقيام قال لأبي جعفر علیه السّلام أخبرك أطال الله بقاك وأمتعنا بك إنا نأتيك فما نخرج من عندك حتى يرق قلوبنا و تسلو أنفسنا عن الدنيا ويهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس والتجار أحببنا الدنيا قال فقال أبو جعفر علیه السّلام إنما هي القلوب مرة يصعب عليها الأمر ومرة يسهل ثم قال أبو جعفر علیه السّلام أما إن أصحاب رسول الله صلّي الله علیه و آله قالوا یا رسول الله نخاف علينا النفاق قال فقال لهم ولم تخافون ذلك قالوا إنا إذا كنا عندك فذكرتنا روعنا ووجلنا ونسينا الدنيا وزهدنا فيها حتى كأنا نعاين الآخرة وللجنة والنار ونحن عندك وإذا دخلنا هذه البيوت وشممنا الأولاد ورأينا العيال والأهل والمال يكاد أن تحول عن الحال التي كنا عليها عندك وحتى كأنا لم نكن على شيء أفتخاف علينا أن يكون هذا النفاق فقال لهم رسول الله صلّي الله علیه و آله کلا هذا من خطوات الشيطان ليرغبكم في الدنيا والله لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها وأنتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة ومشيتم على الماء ولو لا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا لكي يذنبوا ثم يستغفروا فيغفر لهم إن المؤمن مفتن تواب أما تسمع لقوله «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا

ص: 71

إِلَيْهِ».(1)

البحار: ج 27 ص 206

36- أبو غالب الزراري عن الحميري عن ابن عیسی عن الأهوازي عن محمّد بن سنان عن صالح بن يزيد عن أبي عبد الله علیه السّلام قال تبحروا قلوبكم فإن أنقاهامن حركة الواحش لسخط شيء من صنع الله فإذا وجدتموهاكذلك فاسألوه ما شئتم.(2)

البحار: ج 27 ص 209 37- روی أنس بن مالك قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ناجی داود ربه فقال إلهي لكل ملك خزانة فأين خزانتك قال جل جلاله لي خزانة أعظم من العرش وأوسع من الكرسي وأطيب من الجنة وأزين من الملكوت أرضها المعرفة وسماؤها الإيمان وشمسها الشوق وقمرها المحبة ونجومها الخواطر وسحابها العقل ومطرها الرحمة وأثمارها الطاعة وثمرها الحكمة ولها أربعة أبواب العلم والحلم والصبر والرضا ألا

وهي القلب.(3)

باب (45) / مراتب النفس وعدم الاعتماد عليها

البحار: ج 27 ص 216

18 - علي بن بلال عن عبد الله بن راشد عن الثقفي عن أحمد بن شمر عن عبد الله بن میمون المكي عن الصادق عن أبیه علیه السّلام أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السّلام أتي

ص: 72


1- هذا من الأخبار المبشرة للمذنبين. السبزواري
2- لم يعلم المراد من هذا الخبر. السبزواري
3- هذا الخبر من مجعولات الصوفيّة. السبزواري

بخبيص فأبى أن يأكله فقالوا له أتحرم قال لا ولكني أخشى أن تتوق إليه نفسي فأطلبه ثم تلا هذه الآية «أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا».(1)

البحار: ج 27 ص 215

23-روي في بعض الأخبار أنه دخل على رسول الله صلّي الله علیه و آله رجل اسمه مجاشع فقال یا رسول الله كيف الطريق إلى معرفة الحق فقال صلّي الله علیه و آله معرفة النفس فقال يا رسول الله فكيف الطريق إلى موافقة الحق قال مخالفة النفس فقال يا رسول الله فكيف الطريق إلى رضا الحق قال سخط النفس فقال يا رسول الله فكيف الطريق إلى وصل الحق قال هجر النفس فقال يا رسول الله فكيف الطريق إلى طاعة الحق قال عصیان النفس فقال يا رسول الله فكيف الطريق إلى ذكر الحق قال نسيان النفس فقال یا رسول الله فكيف الطريق إلى قرب الحق قال التباعد من النفس فقال يا رسول الله فكيف الطريق إلى أنس الحق قال الوحشة من النفس فقال يا رسول الله فكيف الطريق إلى ذلك قال الاستعانة بالحق على النفس.(2)

باب (46) / ترك الشهوات والأهواء

البحار: ج 27 ص 218

10- عن يونس عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله من أكل ما يشتهي لم ينظر الله إليه حتى ينزع أو يترك.(3)

ص: 73


1- أقول: قد فسرت الآية بغير ذلك فراجع تفسير الصافي. السبزواري
2- الظاهر أن هذا الخبر من مجعولات المتصوفة. السبزواري
3- يعني بالشهوة المحرمة. السبزواري

باب (47) / طاعة الله ورسوله وحججه علیهم السّلام والتسليم لهم والنهي عن معصيتهم والإعراض عن أقوالهم وإيذائهم

البحار: ج 27 ص 233

5 - عن علي عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل جميعا عن ابن أبي عمير عن

هشام بن الحكم عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إذا كان يوم القيامة تقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه فيقال لهم من أنتم فيقولون نحن أهل الصبر فيقال لهم على ما صبرتم فيقولون كنا نصبر على طاعة الله ونصبر عن معاصي الله فيقول الله عزّ وجلّ صدقوا أدخلوهم الجنة وهو قول الله عزّ وجلّ «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» و إيضاح في النهاية عنق أي جماعة من الناس وفي القاموس العنق بالضم وبضمتين الجماعة من الناس والرؤساء «أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» و قيل أي أجرا لا يهتدي إليه حساب الحساب ويظهر من الخبر أن المعنى أنهم لا يوقفون في موقف الحساب بل يذهب بهم إلى الجنة بغير حساب قال الطبرسي رحمه الله لكثرته لا يمكن عده وحسابه وروى العياشي بالإسناد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله إذا نشرت الدواوين ونصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان(1) ولم ينشر لهم ديوان ثم تلا هذه الآية «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ».

ص: 74


1- أبلغ مدح لأهل البلاء. السبزواري

باب (52) / اليقين والصبر على الشدائد في الدِّين

البحار: ج 27 ص 256 س 4

بیان: قال بعض المحققين اعلم أن العلم والعبادة جوهران لأجلهما كان كلما ترى وتسمع من تصنيف المصنفین و تعليم المعلمين ووعظ الواعظين ونظر الناظرين بل لأجلهما أنزلت الكتب وأرسلت الرسل بل لأجلهما خلقت السماوات والأرض وما فيها من الخلق وناهيك لشرف العلم قول الله عزّ وجلّ «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا» ولشرف العبادة قوله سبحانه «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» فحق للعبد أن لا يشتغل إلا بهما ولا يتعب إلا لهما وأشرف الجوهرين العلم کما ورد فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. والمراد بالعلم الدين أعني معرفة الله سبحانه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر قال الله عزّ وجلّ «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ» وقال تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا». ومرجع الإيمان إلى العلم وذلك لأن الإيمان هو التصديق بالشيء على ما هو عليه ولا محالة هو مستلزم لتصور ذلك الشيء كذلك بحسب الطاقة وهما معنى العلم والكفر ما يقابله وهو بمعنى الستر والغطاء ومرجعه إلى الجهل وقد خص الإيمان في الشرع بالتصديق بهذه الخمسة ولو إجمالا فالعلم بها لا بد منه وإليه الإشارة بقوله صلّي الله علیه و آله طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ولكن لكل إنسان بحسب طاقته ووسعه «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»

ص: 75

فإن للعلم والإيمان درجات مترتبة في القوة والضعف والزيادة والنقصان بعضها فوق بعض کما دلت عليه الأخبار الكثيرة. وذلك لأن الإيمان إنما يكون بقدر العلم الذي به حياة القلب وهو نور يحصل في القلب بسبب ارتفاع الحجاب بينه وبين الله جلّ جلاله «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا» وليس العلم بكثرة التعلم إنما هو نور يقذفه الله في قلب من يريد أن يهديه. وهذا النور قابل للقوة والضعف والاشتداد والنقص کسائر الأنوار «وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا» كلما ارتفع حجاب ازداد نور فیقوی الإيمان ويتكامل إلى أن ينبسط نور فينشرح صدره ويطلع على حقائق الأشياء وتجلى له الغيوب ويعرف كل شيء في موضعه فيظهر له صدق الأنبياء علیهم السّلام في جميع ما أخبروا عنه إجمالا وتفصيلا على حسب نوره ومقدار انشراح صدره وينبعث من قلبه داعية العمل بكل مأمور والاجتناب عن كل محظور فيضاف إلى نور معرفته أنوار الأخلاق الفاضلة والملكات الحميدة «نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ نُورٌ عَلَى نُورٍ». وكل عبادة تقع على وجهها تورث في القلب صفاء يجعله مستعد الحصول نور فيه وانشراح ومعرفة ويقين ثم ذلك النور والمعرفة واليقين تحمله على عبادة أخرى وإخلاص آخر فيها يوجب نورا آخر وانشراحا أنتم ومعرفة أخرى ويقينا أقوى وهكذا إلى ما شاء الله جلّ جلاله وعلى كل من ذلك شواهد من الكتاب والسنة ثم اعلم أن أوائل درجات الإيمان تصدیقات مشوبة بالشكوك والشبه على اختلاف مراتبها ويكن معها الشرك «وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ» وعنها يعبر بالإسلام في الأكثر «قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ» وأواسطها تصديقات لا يشوبها شك ولا

ص: 76

شبهة «الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا» وأكثر إطلاق الإيمان عليها خاصة «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» وأواخرها تصديقات كذلك مع کشف و شهود وذوق وعيان ومحبة كاملة لله سبحانه و شوق تام إلى حضرته المقدسة «يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» وعنها العبارة تارة بالإحسان الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه وأخرى بالإيقان «وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ». وإلى المراتب الثلاث الإشارة بقوله عز وجل «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» وإلى مقابلاته التي هي مراتب الكفر الإشارة بقوله جلّ وعزّ «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا»فنسبة الإحسان واليقين إلى الإيمان كنسبة الإيمان إلى الإسلام. ولليقين ثلاث مراتب علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين «كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِلَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ» والفرق بينها إنما ينکشف بمثال فعلم اليقين بالنار مثلا هو مشاهدة المرئيات بتوسط نورها وعين اليقين بها هو معاينة جرمها وحق اليقين بها الاحتراق فيها وانمحاء الهوية بها والصيرورة نارا صرفا وليس وراء هذا غاية ولا هو قابل للزيادة لوكشف الغطاء ما ازددت يقينا.(1)

ص: 77


1- هذا تحقیق شریف . السبزواری

باب (54) / الإخلاص ومعنى قربه تعالی

البحار: ج 27 ص323

21 - بإسنادنا إلى هارون بن موسى التلعکبري عن ابن عقدة عن محمّد بن سالم بن جبهان عن عبد العزيز عن الحسن بن علي عن سنان عن عبد الواحد عن رجل عن معاذ بن جبل قال قلت حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلّي الله علیه و آلهحفظته ذكرته في كل يوم من دقة ما حدثك به قال نعم وبکی معاذ فقلت اسکت فسكت ثم نادی بأبي وأمي حدثني وأنا ردیفه قال فبينا نسير إذ يرفع بصره إلى السماء فقال الحمد لله الذي يقضي في خلقه ما أحب قال يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله إمام الخير ونبي الرحمة فقال أحدثك ما حدث نبی أمته إن حفظته نفعك عيشك وإن سمعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله ثم قال إن الله خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات فجعل في كل سماء ملكا قد جللها بعظمته وجعل على كل باب منها ملكا بوابا فتكتب الحفظة عمل العبد من حين يصبح إلى حين يمسي ثم يرتفع الحفظة بعمله له نور کنور الشمس حتى إذا بلغ سماء الدنيا فيزکيه ويكثره فيقول له قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الغيبة فمن اغتاب لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري أمرني بذلك ربي قال ثم يجيء من الغد ومعه عمل صالح فيمر به ویزکیه ویکثره حتى يبلغ السماء الثانية فيقول الملك الذي في السماء الثانية قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه إنما أراد بهذا العمل عرض الدنيا أنا صاحب الدنيا لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري قال ثم يصعد بعمل العبد مبتهجا بصدقة وصلاة فتعجب الحفظة ويجاوزه إلى السماء الثالثة فيقول الملك قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه وظهره أنا ملك صاحب الكبر فيقول إنه عمل و تكبر فيه على الناس في مجالسهم أمرني ربي أن لا أدع عمله

ص: 78

يتجاوزني إلى غيري قال و تصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الدري في السماء له دوي بالتسبيح والصوم والحج فيمر به إلى ملك السماء الرابعة فيقول له قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و بطنه أنا ملك العجب فإنه كان يعجب بنفسه وإنه عمل وأدخل نفسه العجب أمرني ربي لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري وأضرب به وجه صاحبه قال وتصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المزفوفة إلى أهلها فيمر به إلى ملك السماء الخامسة بالجهاد والصلاة ما بين الصلاتين ولذلك رنين کرنين الإبل عليه ضوء كضوء الشمس فيقول الملك قف أناملك الحسد فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه وتحمله على عاتقه إنه كان يحسد من يتعلم ويعمل له بطاعته فإذا رأى الأحد فضلا في العمل والعبادة حسده ووقع فيه فيحمله على عاتقه ويلعنه عمله قال وتصعد الحفظة فيمر بهم إلى ملك السماء السادسة فيقول الملك قف أناصاحب الرحمة اضرب بهذا العمل وجه صاحبه و اطمس عينيه لأن صاحبه لم يرحم شيئا إذا أصاب عبدا من عباد الله ذنبا للآخرة أو ضرا في الدنيا يشمت به أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري وقال وتصعد الحفظة بعمل العبد أعمالا بفقه واجتهاد وورع له صوت كالرعد وضوء كضوء البرق ومعه ثلاثة آلاف ملك فيمر بهم إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الحجاب أحجب كل عمل ليس لله إنه أراد رفعة عند القواد وذكرا في المجالس وصوتا في المدائن أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ما لم يكن خالصا قال و تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من خلق حسن وصمت وذکر کثیر تشیعه ملائكة السماوات السبعة بجماعتهم فيطئون الحجب كلها حتى يقوموا بين يديه فيشهدوا له بعمل صالح ودعاء فيقول الله أنتم حفظة عمل عبدي وأنا رقيب على ما نفسه عليه لم يردني بهذا العمل عليه لعنتي فيقول الملائكة عليه لعنتك ولعنتنا قال ثم

ص: 79

بکی معاذ وقال قلت یا رسول الله ما أعمل قال اقتد بنبيك يا معاذ في اليقين قال قلت إنك أنت رسول الله وأنا معاذ بن جبل قال وإن كان في عملك تقصیر یا معاذ فاقطع لسانك عن إخوانك وعن حملة القرآن ولتكن ذنوبك عليك لا تحملها على إخوانك ولا تزك نفسك بتذميم إخوانك ولا ترفع نفسك بوضع إخوانك ولا تراء بعملك ولا تدخل من الدنيا في الآخرة ولا تفحش في مجلسك لكي يحذروك بسوء خلقك ولا تناج مع رجل وعندك آخر ولا تتعظم على الناس فيقطع عنك خيرات الدنيا ولا تمزق الناس فتمزقك كلاب أهل النار قال اللهوَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا أتدري ما الناشطات کلاب أهل النار تنشط اللحم والعظم قلت من يطيق هذه الخصال قال يا معاذ أما إنه يسير على من يسر الله عليه قال وما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن کا يكثر تلاوة هذا الحديث.(1)

باب (56) / الطاعة والتقوى والورع ومدح المتقين وصفاتهم وعلاماتهم

البحار: ج 27 ص 348

2- عن أبي بصير عن أبي جعفر علیه السّلام قال كان أمير المؤمنين علیه السّلام يقول إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها صدق الحديث وأداء الأمانة ووفاء بالعهد وقلة العجز (2) و البخل وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المؤاتاة للنساء وبذل المعروف

ص: 80


1- راوي هذا الحديث معاذ بن جبل وكان من المنافقين لا اعتماد على ما تفرد به، وهذا الحدیث مأخوذ من كتب العامة فراجع مع انه مرسل. السبزواري
2- إن قرأ العجز بالعين المهملة فمعناه كمال الاهتمام بمرضاة الله تعالی و عدم إظهار العجز إلا فيما لا يقدر عليه تكوينا، وأن قرأ الفخر من الافتخار فمعناه أنهم لا يتفاخرون على احد إلا على من افتخر عليهم بغير حق. السبزواري

وحسن الخلق وسعة الحلم وإتباع العلم فيا يقرب إلى الله «طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ» وطوبی شجرة في الجنة أصلها في دار رسول الله فليس من مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها لا ينوي في قلبه شيئا إلا آتاه ذلك الغصن ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منها ولو أن غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتى يبياض هرما ألا ففي هذا فارغبوا إن للمؤمن في نفسه شغلا والناس منه في راحة إذا جن عليه الليل فرش وجهه وسجد لله مکارم بدنه يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته ألا فهكذا فكونوا.

باب (57) / الورع واجتناب الشبهات

البحار: ج 27 ص 264

32 - عن أمير المؤمنين الاقال شكر كل نعمة: الورع عما حرم الله عزوجل.(1)

البحار: ج 27 ص 364

36- أبي عن سعد عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن الوصافي عن أبي جعفر علیه السّلام قال كان فيا ناجي الله به موسى علیه السّلام أن يا موسى أبلغ قومك أنه ما تعبد لي المتعبدون مثل الورع عن محارمي قال موسى فماذا أثبتهم على ذلك قال إني أفتش الناس عن أعمالهم ولا أفتشهم حياء منهم.(2)

ص: 81


1- أقول: لأنه الشكر العملي و هو أفضل من الشكر القولي كما هو معلوم. السبزواري
2- يعني أن ثواب الورع عدم التفتيش عن الذنوب. السبزواري

أقول: تمامه في باب الزهد.

البحار: ج 27 ص 264

37- من کتاب حريز عن الفضيل عن أبي جعفر علیه السّلام قال قال لي يا فضيل أبلغ من لقيت من موالينا عنّا السلام(1) وقل لهم إني لا أغني عنهم من الله شيئا إلا بالورع فاحفظوا ألسنتكم وکُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وعليكم بالصبر والصلاة «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ».

البحار: ج 27 ص 365 س15

وعن أبي عبد الله علیه السّلام قال فيما ناجی الله تبارك و تعالی به موسی صلوات الله عليه یا موسی ما تقرب إلى المتقربون بمثل الورع عن محارمي فإني أمنحهم جنات عدني لا أشرك معهم أحدا.(2)

باب (58) / الزهد ودرجاته

البحار: ج 27 ص 367

9- قال النبي صلّي الله علیه و آله إذا رأيتم الرجل قد أعطي الزهد في الدنيا فاقتربوا منه فإنه يلقي الحكمة.(3)

ص: 82


1- ونحن نقول وعليك السلام یا أبا جعفر إنا لا نقدر على ذلك إلا بالتوسل بكم لأن تدعو عند الله تعالی ليوفقنا للتورع عن المحرمات. السبزواري
2- يظهر من أمثال هذا الخبر أن التقرب إلى الله تعالی ليس بالأفعال فقط بل يحصل بالتروك أيضاً كما يظهر من إطلاقها عدم اعتبار قصد التقرب في حصوله بل يحصل بمجرد الترك بل ظاهر الإطلاق حصوله ولو كان الترك لغير الله تعالى كما هو صریح بعض الأخبار الواردة في ترك شرب الخمر فراجع. السبزواري
3- لأن من الآثار الوضعية للزهد في الدنيا صفاء القلب ومن الآثار الوضعية لصفاء القلب توجهه إلى العالم العلوي ومن الآثار الوضعية للتوجه إلى العالم العلوي جريان الحكمة على اللسان، ومن لا يصدق ذلك فليجربه. السبزواري

البحار: ج 27 ص 367

11 - ابن إدريس عن أبيه عن الأشعري عن أحمد بن محمّد عن بعض النوفليين ومحمّد بن سنان رفعه إلى أمير المؤمنين علیه السّلام قال كونوا على قبول العمل أشد عناية منكم على العمل (1) الزهد في الدنيا قصر الأمل وشكر كل نعمة الورع عما حرم الله عز وجل من أسخط بدنه أرضى ربه ومن لم يسخط بدنه عصى ربه.

البحار: ج 27 ص 367

13- أبي عن سعد عن البرقي عن أبيه رفعه قال سأل النبي صلّي الله علیه و آله جبرئیل علیه السّلامعن تفسير الزهد قال الزاهد يحب من يحب خالقه ويبغض من يبغض خالقه ويتحرج من خلال الدنيا ولا يلتفت إلى حرامها فإن حلالها حساب وحرامها عقاب ويرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه ويتحرج من الكلام کما يتحرج من الميتة (2) التي قد اشتد نتنها ويتحرج عن حطام الدنيا وزينتهاكها يتجنب النار أن يغشاها وأن يقصر أمله كأن بين عينيه أجله.

البحار: ج 27 ص 374 س 17

وقال سويد بن غفلة دخلت على أمير المؤمنين علیه السّلام بعد ما بويع بالخلافة وهو جالس على حصير صغير وليس في البيت غيره فقلت يا أمير المؤمنين بيدك بيت المال ولست أرى في بيتك شيئا مما يحتاج إليه البيت فقال علیه السّلام يا ابن غفلة إن اللبيب لا

ص: 83


1- أقول: ما أعظم هذه الجملة وأشرفها لمن تأملها. السبزواري
2- ما أحسن هذا التشبيه فإنه كما أن الميتة التي اشتد نتنها تؤذي الجميع فكذا الكلام الواقع في غير موقعه. السبزواري

يتأثث (1) في دار النقلة ولنا دار أمن قد نقلنا إليها خير متاعنا وإنا عن قليل إليها صائرون وكان علیه السّلام إذا أراد أن يكتسي دخل السوق فيشتري الثوبين فيخير قنبرا أجودهما ويلبس الآخر ثم يأتي النجار فيمد له إحدی کمیه و يقول خذه بقدومك ويقول هذه تخرج في مصلحة أخرى ويبقى الكم الأخرى بحالها ويقول هذه تأخذ فيها من السوق للحسن والحسين علیهم السّلام.

باب (59) / الخوف والرجاء وحسن الظن بالله تعالی

البحار: ج 27 ص 409

23 - أبي عن الحميري عن ابن أبي الخطاب عن الحسن بن علي بن فضال عن مثنى عن ليث بن أبي سليم قال سمعت رجلا من الأنصار يقول بينما رسول الله صلّي الله علیه و آله مستظل بظل شجرة في يوم شديد الحر إذ جاء رجل فنزع ثيابه ثم جعل يتمرغ في الرمضاء يکوي ظهره مرة وبطنه مرة وجبهته مرة ويقول يا نفس ذوقي فما عند الله عزوجل أعظم مما صنعت بك ورسول الله صلّي الله علیه و آله ينظر إلى ما يصنع ثم إن الرجل لبس ثيابه ثم أقبل فأومأ إليه النبي صلّي الله علیه و آله بيده ودعاه فقال له يا عبد الله لقد رأيتك صنعت شيئاما رأيت أحدا من الناس صنعه فما حملك على ما صنعت (2) فقال الرجل حملني على ذلك مخافة الله عزّ وجلّ وقلت لنفسي يا نفس ذوقي فما عند الله أعظم مما صنعت بك فقال النبي صلّي الله علیه و آله لقد خفت ربك حق مخافته فإن ربك ليباهي بك أهل السماء ثم قال لأصحابه یا معاشر من حضر ادنوا من صاحبكم حتى يدعو لكم فدنوا منه فدعا

ص: 84


1- يعني لا يأخذ الأثاث. السبزواري
2- (قال مخافة الله تعالی) یعني هذه العبارة محذوفة من الحديث الشريف . السبزواري

لهم وقال لهم اللهم اجمع أمرنا على الهدى واجعل التقوى زادنا والجنة مآبنا.

باب (61) / باب الشكر

البحار: ج 28 ص453

39 - عن أمير المؤمنين علیه السّلام قال شكر كل نعمة الورع عما حرم الله.(1)

باب (62) / الصبر واليُسر بعد العُسر

البحار: ج 28 ص 474

9- عن أبي علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر عن العرزمي عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله سيأتي على الناس زمان لا ينال المُلك فيه إلا بالقتل والتجبر ولا الغنى إلا بالغصب والبخل ولا المحبة إلا باستخراج الدين واتباع الهوى فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى والصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي.(2)

ص: 85


1- المراد الشكر العملي لا مجرد القولي. السبزواري
2- الظاهر أن الزمان المذكور هذا الزمان اللهم ارزقنا الصبر على الفقر والبغضة والذل كل ذلك طلبا لمرضاتك. أرخه قدّس سرّه 1387 ه- إشارة للزمان. وأنا أقول: كأن الزمان ما بين زمان التعليقة وزماننا هذا 1430ه واحد تتجلى فيه معاني الحديث الشريف بأجلى صوره، فيجب أن نجعل الدعاء الوارد في التعليقة وردا للنجاة.السبزواري

البحار: ج 28 ص 477

16- عن أبي علي الأشعري عن معلی بن محمد عن الوشاء عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إنا صُبَّرو شيعتنا أصبر منا قلت جعلت فداك كيف صار شيعتكم أصبر منكم قال لأنا نصبر على ما نعلم وشیعتنا يصبرون على ما لا يعلمون تبيين الصبر بضم الصاد و تشديد الباء المفتوحة جمع الصابر أصبر منا أي الصبر عليهم أشق وأشد لأنا نصبر على ما نعلم أقول يحتمل وجوها:(1)

الأول: وهو الأظهر أن المعنى أنا نصبر على ما نعلم نزوله قبل وقوعه وهذا مما یهين المصيبة ويسهلها وشيعتنا تنزل عليهم المصائب فجاءة مع عدم علمهم بها قبل وقوعها فهي عليهم أشد ويؤيده ما مرّ في مجلد الإمامة أن قوله تعالى «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ» نزل فيهم: فتدبّر.

الثاني: أن المعنى أنا نصبر على ما نعلم کنه ثوابه والحكمة في وقوعه ورفعة الدرجات بسببه وشیعتنا ليس علمهم بجميع ذلك كعلمنا وهذه كلها مما یسکن النفس عند المصيبة ويعزها.

الثالث: أنا نصبر على ما نعلم عواقبه وكيفية زواله و تبدل الأحوال بعده كعلم يوسف علیه السّلام في الجب بعاقبة أمره واحتياج الإخوة إليه وكذا علم الأئمة علیهم السّلام برجوع الدولة إليهم والانتقام من أعدائهم وابتلاء أعدائهم بأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة وهذا قريب من الوجه الثاني.

البحار: ج 28 ص 481

32- ابي عن سعد عن البرقي عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمار عن عبد الله بن

ص: 86


1- والوجه حمل الخبر على المعنى العام الشامل للجميع. السبزواري

سنان قال سمعت أبا عبد الله علیه السّلام يقول قال رسول الله صلّي الله علیه و آله قال الله جلّ جلاله إني أعطيت الدنيا بين عبادي فيضا فمن أقرضني منها قرضا أعطيته بكل واحدة منهن عشرا إلى سبعمائة ضعف وما شئت ومن لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه قسرا أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا مني الصلاة والهداية والرحمة إن الله عزّ وجلّ يقول «الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ» واحدة من الثلاث «وَرَحْمَةٌ» اثنتين «وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » ثلاثة ثم قال أبو عبد الله علیه السّلام هذا لمن أخذ منه شيئا قسرا.(1)

البحار ج 28 ص 486 س8

ونروي أن المؤمن أخذ من الله جلَّ وعزّ الكتمان وعن نبيّه صلّي الله علیه و آله مداراة الناس وعن العالم علیه السّلام (2) الصبر في البأساء والضراء.

البحار: ج 28 ص 484 س10

وروي في قول الله عزّ وجلّ «اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» قال «اصْبِرُوا» على طاعة الله وامتحانه «وَصَابِرُوا»، قال الزموا طاعة الرسول ومن يقوم مقامه «وَرَابِطُوا» قال لا تفارقوا ذلك يعني الأمرين ولعل في كتاب الله موجبة ومعناها أنكم تفلحون.(3)

البحار: ج 28 ص487

53 - عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله علیه السّلام قال يا إسحاق لا تعدن مصيبة أعطيت عليها الصبر (4) واستوجبت عليها من الله ثوابا مصيبة إنما المصيبة التي يحرم

ص: 87


1- هذا الحديث صحيح و موافق للاعتبار. السبزواري
2- يعني عن الإمام السبزواري
3- وكلّ لعل في كتاب الله موجبة يعني ليس للترجيّ. السبزواري
4- كلمة قيمّة جدّاً. السبزواري

صاحبها أجرها وثوابها إذا لم يصبر عند نزولها.

البحار: ج 28 ص487

59 - جابر بن عبد الله أن أمير المؤمنين علیه السّلام قال من كنوز الجنة البر وإخفاء العمل والصبر على الرزایا و كتمان المصائب.(1)

البحار: ج 28 ص488

64 - عن الحلبي عن أبي عبد الله علیه السّلام قال أوحى الله عزّ وجلّ إلى داود علیه السّلام أن قرينك في الجنة خلادة بنت أوس فأتها وأخبرها وبشرها بالجنة وأعلمها أنها قرينك في الآخرة فانطلق داود علیه السّلام إليها فقرع الباب عليها فخرجت إليه فقال أنت خلادة بنت أوس قالت يا نبي الله لست بصاحبتك التي تطلب قال لها داود ألست خلادة بنت أوس من سبط كذا وكذا قالت بلى قال فأنت هي إذا فقالت يا نبي الله لعل اسما وافق اسمها فقال لها داود ما كذبت ولا كذبت وإنك لأنت هي فقالت یا نبی الله ما أكذبك ولا والله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به قال لها داود خبريني عن سريرتك ما هي قالت أما هذا فسأخبرك به أنه لم يصبني وجع قط نزل بي من الله تبارك وتعالی کائنا ما كان ولا نزل بي مرض أو جوع إلا صبرت عليه ولم أسأل الله کشفه حتى هو يكون الذي يحوله عني إلى العافية والسعة لم أطلب بها بدلا وشکرت الله عليها وحمدته قال لها داود علیه السّلام لافبهذا النعت بلغت ما بلغت ثم قال أبو عبدالله علیه السّلام هذا والله دين الله الذي ارتضاه للصالحين.(2)

ص: 88


1- حيث أن الكنز مخفي عن أعين الناس فكذا هذه الأمور مخفيّة عن الأعين السبزواري
2- هذه القصة مكررة. السبزواري

باب (63) / التوكّل والتفويض والرضا والتسليم وذم الاعتماد على غيره

البحار: ج 27 ص 509

7- عن الحسين بن محمّد عن المعلى عن أبي علي عن محمّد بن الحسن عن الحسين بن راشد عن الحسين بن علوان قال كنا في مجلس يطلب فيه العلم وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار فقال لي بعض أصحابنا من تؤمل لما قد نزل بك فقلت فلانا فقال إذا والله لا تسعف حاجتك ولا يبلغك أملك ولا تنجح طلبتك قلت وماعلمك رحمك الله قال إن أبا عبد الله علیه السّلام حدثني أنه قرأ في بعض الكتب أن الله تبارك و تعالى يقول وعزتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي لأقطعن أمل كل مؤمل من الناس أمل غيري باليأس وأكسونه ثوب المذلة عند الناس ولانحينه من قربي ولأبعدنه من وصلي أيؤمل غيري في الشدائد والشدائد بيدي ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري وبيدي مفاتیح الأبواب وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني فمن ذا الذي أملني لنوائبه فقطعته دونها ومن ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاه مني جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي وملأت سماواتي ممن لا يمل من تسبیحي وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي فلم يثقوا بقولي ألم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحد غيري إلا من بعد إذني فالي أراه لاهيا عني أعطيته بجودي ما لم يسألني ثم انتزعته عنه فلم يسألني رده وسأل غيري أفيراني أبدأ بالعطايا قبل المسألة ثم أسأل فلا أجيب سائلي أبخيل أنا فيبخلني عبدي أو ليس الجود والكرم لي أو ليس العفو والرحمة بيدي أو ليس أنا محل الآمال فمن يقطعها دوني أفلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري فلو أن أهل سماواتي وأهل أرضي أملوا جميعا ثم أعطيت كل واحد منهم مثل ما أمل الجميع ما

ص: 89

انتقص من ملكي مثل عضو ذرة وكيف ينقص ملك أنا قيمه فيا بؤسا للقانطين من رحمتي ويا بؤسا لمن عصاني ولم يراقبني.(1)

البحار: ج 27 ص 519

43 - قال الصادق علیه السّلام التوكل كأس مختوم يختم الله عزّ وجلّ فلا يشرب بها ولا يفض ختامها إلا المتوكّل كما قال الله تعالى «وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ» وقال الله عزّ وجلّ «وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» جعل التوكل مفتاح الإيمان والإيمان قفل التوكل وحقيقة التوكل الإيثار وأصل الإيثار تقديم الشيء بحقه ولا ينفك المتوكّل في توكله من إثبات أحد الإيثارين فإن آثر معلول التوكل وهو الكون حجب به وإن آثر المعلل علة التوكل وهو البارئ سبحانه بقي معه فإن أردت أن تكون متوكلا لا متعللافكبر على روحك خمس تكبيرات وودع أمانيك كلها وداع الموت والحياة وأدنى حد التوكل أن لا تسابق مقدورك بالهمة ولا تطالع مقسومك ولا تستشرف معدومك فينتقض بأحدها عقد إيمانك وأنت لا تشعر وإن عزمت أن تقف على بعض شعار المتوكلين حقا فاعتصم بمعرفة هذه الحكاية وهي أنه روي أن بعض المتوكلين قدم على بعض الأمة فقال له اعطف علي بجواب مسألة في التوكل والإمام كان يعرف الرجل بحسن التوكل ونفيس الورع وأشرف على صدقه فيما سأل عنه من قبل إبدائه إياه فقال له قف مكانك وأنظرني ساعة ففعل فبينما هو مطرق لجوابه إذا اجتاز بها فقير فأدخل الإمام علیه السّلام يده في جيبه وأخرج شيئا فناوله للفقير ثم أقبل على السائل فقال هات وسل عمابدا لك فقال السائل أيها الإمام کنت أعرفك قادرا متمكنا من جواب مسألتي قبل أن استنظرتني فما شأنك في إبطائك

ص: 90


1- مما تزل أقدام الرجال و تحط دون الوصول إليه الرجال. السبزواري

عني فقال الإمام لتعتبر المعني مني قبل كلامي إذا لم أكن أراني ساهيا بسري وربي مطلع عليه إن أتكلم بعلم التوكل وفي جيي دانق ثم لم يحل لي ذلك إلا بعد إيتائه(1) ثم ليعلم به فافهم فشهق السائل فحلف أن لا يأوي عمرانا ولا يأنس بشرا ما عاش.

البحار: ج 27 ص 524

62 - عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا عن آبائه علیهم السّلام قال رفع إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله قوم في بعض غزواته فقال من القوم قالوا مؤمنون یا رسول الله قال ما بلغ من إيمانكم قالوا الصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء والرضا بالقضاء (2) فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله حلماء علماء کادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء إن کنتم کما تصفون فلا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون.

باب (64) / الاجتهاد والحثّ على العمل

البحار: ج 27 ص 594 س 8

وروی داود بن فرقد عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إن العمل الصالح ليمهد لصاحبه في الجنة كما يرسل الرجل غلاما بفراشه فيفرش له ثم قرأ «وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ».(3)

ص: 91


1- السبزواري: مثل هذه العبارات مما برهن به کتاب مصباح الشريعة فتدبر
2- السبزواري: (قال فإنکم صادقين) يعني هذه العبارة محذوفة من الحديث الشريف
3- أحسن بیان لأثر العمل الصالح. السبزواري

باب (78) / السكوت والكلام وموقعهما وفضل الصمت وترك ما لا يعني من الكلام

البحار: ج 28 ص 21 س13

وقال رسول الله صلّي الله علیه و آله من تقي من مئونة لقلقه وقبقبه وذبذبه دخل الجنة(1).

باب (80) / التفكّر والاعتبار والاتّعاظ بالعِبر

البحار: ج 28 ص 45

16 - بعض أصحابنا عن صالح بن عقبة عن عبد الله بن محمّد الجعفي قال سمعت أبا

جعفر علیه السّلام يقول إن الله يحب المداعب في الجماعة (2) بلا رفث المتوحد بالفكرة المتخلي بالصبر المساهر بالصلاة.

باب (81) / الحياء من الله ومن الخلق

البحار: ج 28 ص50

7- عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن بكر بن صالح عن الحسن بن علي عن عبد الله بن إبراهيم عن علي بن أبي علي اللهبي عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله أربع من كن فيه وكان من قرنه إلى قدمه ذنوبا بدلها الله حسنات

ص: 92


1- ولقلقي قبقبي ذبذبي من التذاذ طرحت بجانب. السبزواري
2- الجماع. السبزواري

الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر.(1)

باب (87) / السخاء والسماحة والجود

البحار: ج 28 ص 64 س 16

وروي أطيلوا الجلوس عند الموائد فإنها أوقات لا تحسب من أعماركم.(2)

البحار: ج 28 ص 66

22- کتاب الإمامة والتبصرة، عن القاسم بن علي العلوي عن محمّد بن أبي عبد الله عن سهل بن زياد عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه: قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله طعام السخي دواء وطعام الشحيح داء (3)

باب (91) / الذّكر الجميل وما يلقي الله في قلوب العباد من محبة الصالحين ومن طلب رضا الله بسخط الناس

البحار: ج 28 ص 455 س 74

2- أبي عن سعد عن ابن عیسی عن المفضل قال قلت لأبي عبد الله علیه السّلام إن من قبلنا يقولون إن الله تبارك و تعالى إذا أحب عبدا نوَّه به منوّه من السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فتلقی له المحبة في قلوب العباد وإذا أبغض الله عبدا نوَّه منوِّه من السماء

ص: 93


1- أربع وأيّ أربع. السبزواري
2- يستفاد منه استحباب إطالة الجلوس عند الموائد وهذا الخبر من النوادر السبزواري
3- من النوادر. السبزواري

إن الله يبغض فلانا فأبغضوه قال فيلقي الله له البغضاء في قلوب العباد قال وكان علیه السّلام متكئا فاستوى جالسا فنفض يده ثلاث مرات يقول لا ليس كما يقولون ولكن الله عزّ وجلّ إذا أحب عبدا أغرى به الناس(1) في الأرض ليقولوا فيه فيوثمهم ويأجره وإذا أبغض الله عبدا حببه إلى الناس (2) ليقولوا فيه ليونهم ويوثمه ثم قال علیه السّلام من كان أحب إلى الله من يحيى بن زكريا علیه السّلام أغراهم به حتى قتلوه ومن كان أحب إلى الله عزّوجلّ من علي بن أبي طالب علیه السّلام فلقي من الناس ما قد علمتم ومن كان أحب إلى الله تبارك وتعالى من الحسين بن علي صلوات الله عليهما فأغراهم به حتى قتلوه.

البحار: ج 28 ص 79

12- عن علي عن أبيه عن حماد بن عیسی عن الحسين بن المختار عن العلا بن کامل قال قال أبو عبد الله علیه السّلام إذا خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحدا من الناس إلا كانت يدك العليا عليه فافعل فإن العبد يكون فيه بعض التقصير من العبادة ويكون له خلق حسن فيبلغه الله بخلقه درجة الصائم القائم.

إيضاح: العليا بالضم مؤنث الأعلى وهي خبر كانت وعليه متعلق بالعليا و التعريف يفيد المصر فافعل أي الإحسان أو المخالطة والأول أظهر أي كن أنت المحسن عليه أو أكثر إحسانا لا بالعكس ويحتمل کون العليا صفة لليد و علیه خبر كانت أي يدك العطية ثابتة أو مفيضة أو مشرفة عليه والأول أظهر وفي كتاب الزهد للحسين بن سعيد يدك عليه العليا. قال في النهاية في اليد العليا خير من اليد السفلى العليا المتعففة والسفلى السائلة روي ذلك عن ابن عمر وروي عنه أنها المنفقة وقيل العليا

ص: 94


1- يمكن حمل هذا على خصوص المعصومين بقرينة المثال جمعاً بينه وبين ما مضى ويأتي السبزواري
2- يمكن حمله على خصوص الكفار فتأمّل. السبزواري

المعطية والسفلى الآخذة وقيل السفلى المانعة. وقال السيد المرتضى 2 في الغرر والدرر معنى قوله علیه السّلام اليد النعمة و العطية وهذا الإطلاق شائع بين العرب فالمعنى أن العطية الجزيلة خير من العطية القليلة وهذا حث منه صلِي الله علیه و آله على المكارم وتحضيض على اصطناع المعروف بأوجز الكلام وأحسنه انتهى والتعليل المذكور بعده مبني على أن الكرم أيضا من حسن الخلق أو هو من لوازمه. الصائم القائم أي المواظب على الصيام بالنهار في غير الأيام المحرمة أو في الأيام المسنونة وعلى قيام الليل أي تمامه أو على صلاة الليل مراعيا لآدابها.(1)

البحار: ج 28 ص 81

16- عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله علیه السّلام

قال إن حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم.(2)

باب (94) / فضل الفقر والفقراء وحبّهم

البحار: ج 28 ص 114

1- المؤمن، بإسناده عن الأصبغ قال كنت عند أمير المؤمنين علیه السّلام قاعدا فجاء رجل فقال يا أمير المؤمنين والله إني لأحبك في الله فقال صدقت إن طينتنا مخزونة

ص: 95


1- في هذا الحديث الشريف تفسير اليد العليا، والأوجه أن تحمل العليا على جميع ما يحتمل فيه العلو مطلقا، فالمراد العليا بتمام معنى الكلمة ومن تمام حيثيات العلو أو ببعض المراتب. السبزواري
2- يظهر من أمثال هذه الأخبار عدم اعتبار قصد القربة في تحقق الثواب فان حسن الخلق غالبا من التكوينات الغير قصدية و على فرض کونه قصدية فلا يفعل لأجل التعبد وقصد الثواب كما لا يخفى إلا نادرا والأخبار مطلقة أيضاً. السبزواري

أخذ الله ميثاقها من صلب آدم علیه السّلام فاتخذ للفقر جلبابا فإني سمعت رسول الله صلّي الله علیه و آله يقول والله يا علي إن الفقر لأسرع إلى محبيك من السيل إلى بطن الوادي.(1)

البحار: ج 28 ص115 س17

ومنه حديث علي علیه السّلام كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله أي إذا اشتدت الحرب استقبلنا العدو به وجعلناه لنا وقاية وقيل أراد إذا اضطر مت نار الحرب وتسعرت كما يقال في الشر بين القوم اضطرمت نارهم تشبيها بجمرة النار وكثيرا ما يطلقون الحمرة على الشدة. ولكن من الدين نظيره قول أمير المؤمنين علیه السّلام الفقر والغني بعد العرض على الله والمعنى أنهما يظهران بعد الحساب وهو ما أشار إليه رسول الله صلّي الله علیه و آله بقوله أتدرون ما المفلس (2) فقيل المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع له فقال المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار بل قد يقال إن المفلس حقيقة هو هذا. ويحتمل أن يراد بقوله علیه السّلام ولكن من الدين الفقر القلبي وضده الغني القلبي فالفقير على هذا من ليس له في الدين معرفة وعلم بأحكامه ولا تقوى ولا ورع وغيرها من الصفات الحسنة كذا قيل وأقول يحتمل أن يكون المعنى الذي يضر بالدين ولا يصبر عليه ويتوسل بالظالمين والفاسقین کما مرَّ.

ص: 96


1- لعل مثل هذه الأخبار كانت مختصة بزمان استيلاء سلاطين الجور الذين كانوا يعاندون مع الشيعة اشد المعاندة ويمنعون عنهم الأموال والمقامات الدنيوية اشد المنع كما لا يخفى على من راجع سيرة بني أمية بل سيرة بني العباس مع العلويين. السبزواري
2- هذا بيان معنى المفلس الحقيقي. السبزواري

البحار: ج 28 ص 117

7- عن العدة عن البرقي عن محمّد بن علي عن داود الحذاء عن محمد بن صغير عن جده شعيب عن مفضل قال قال أبو عبد الله علیه السّلام كلما ازداد العبد إيانا ازداد ضيقا في معيشته. (1)

البحار: ج 28 ص 131

26- عن الفامي عن محمّد الحميري عن أبيه عن محمّد بن عبد الجبار عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن الصادق علیه السّلام قال كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر.

ل، عن حمزة العلوي عن علي عن أبيه عن ابن المغيرة عن السكوني عن الصادق علیه السّلام عن آبائه علیهم السّلام: عن النبي صلّي الله علیه و آله مثله كتاب الإمامة والتبصرة عن سهل بن أحمد عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسی بن جعفر عن أبيه عن آبائه: عن النبي صلّي الله علیه و آله مثله توضيح هذه الرواية من المشهورات بين الخاصة والعامة (2) وفيها ذم عظيم للفقر ويعارضها الأخبار السابقة وما روي عن النبي صلّي الله علیه و آله الفقر فخري وبه أفتخر. وقوله صلّي الله علیه و آله اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين. ويؤيد هذه الرواية ما رواه العامة عنه صلّي الله علیه و آله الفقر سواد الوجه في الدارين.

ص: 97


1- والظاهر أن وجهه معلوم لان زيادة المال متوقف على البخل والمكر والخديعة والمصانعة والتملق ونحو ذلك من ذمائم الأخلاق والعاقل لا يرتكب ذلك كله فراجع أهل الدنيا تجد صحة ما قلناه. السبزواري
2- أقول: سيأتي في خبر معاني الأخبار في تفسير الفقر بالموت الأحمر أن المراد من الفقر هو الفقر من الدين فيمكن أن يكون المراد بالفقر في المنام أيضاً هو الفقر من الدين ولا ريب أن الفقر من الصفات التي تحتاج إلى المتعلق في ذاته ويختلف مدحه وذمه باعتبار متعلقه ومتعلقه إما من حيث الدين أو من حيث النفس أو من حيث المال أو من حيث العلم. السبزواري

البحار: ج 28 ص 138

37- أبي عن أحمد بن إدريس ومحمّد العطار عن الأشعري عن محمّد بن الحسين عن منصور عن أحمد بن خالد عن أحمد بن المبارك قال قال رجل لأبي عبدالله علیه السّلام حديث يروى أن رجلا قال لأمير المؤمنين علیه السّلام إني أحبك فقال له أعد للفقر جلبابا فقال ليس هكذا قال إنما قال له أعددت لفاقتك جلبابا يعني يوم القيامة.(1)

البحار: ج 28 ص 138

40-أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن محمّد بن عبد الحميد عمن حدثه قال مات رجل من آل أبي طالب لم يكن حضره أبو الحسن علیه السّلام فجاءه قوم فلما جلس أمسك القوم كأن على رءوسهم الطير فكانوا في ذكر الفقراء والموت فلما جلس علیه السّلام قال ابتداء منه قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا (2) ثم قال الفقراء محسن الإسلام.

البحار: ج 28 ص148 س18

وقال عيسى علیه السّلام بحق أقول لكم إن أكناف السماء لخالية من الأغنياء ولدخول جمل في سم الخياط أيسر من دخول غني الجنة.(3)

البحار، ج28 ص148 س20

وعن النبي صلّي الله علیه و آله اطلعت على الجنة فوجدت أكثر أهلها الفقراء والمساكين وإذا ليس

ص: 98


1- فيكون متعلق الفقر والفاقة الاحتياج إليهم عليهم السلام في الشفاعة لا الفقر الدنيوي ولكنه خلاف ظاهر ما يأتي في خبر ابن نباتة فراجع وتأمل. السبزواري
2- أقول: ويعبّر عن هذه العشرة بالعشرة المنحوسة. السبزواري
3- من النوادر. السبزواري

فيها أحد أقل من الأغنياء و النساء.(1)

باب (95) / الغني والكفاف

البحار: ج 28 ص 154

10- حمويه عن أبي خليفة عن ابن مقبل عن عبد الله بن شبيب عن إسحاق ابن محمّد القروي عن سعيد بن مسلم عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله من رضي من الله بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل.(2)

البحار: ج 28 ص 155

19 - حمزة العلوي عن علي بن إبراهيم عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن الحسين بن عثمان عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إن الله عزّ وجلّ يبغض الغني الظلوم والشيخ الفاجر والصعلوك المختال ثم قال أتدري ما الصعلوك الختال قال فقلنا القليل المال قال لا هو الذي لا يتقرب إلى الله عزّوجلّ بشيء من ماله.(3)

البحار، ج28 ص 156

ص: 99


1- من النوادر، ولكن في بعض الأخبار إن أكثر أهل الجنة البله والنساء رأی الله تعالى ضعفهن فرحمهن . السبزواري
2- هذا في الجملة من الأمور الواضحة لأنّ المال الكثير يستلزم تکالیف کثيرة بخلاف القليل السبزواري
3- لأنّ الصعلوك تارة في مال الدنيا وأخرى في عمل الآخرة والمراد به هنا هو الأخير. السبزواري

28-وقال علیه السّلام: إذا كثرت المقدرة قلت الشهوة.(1)

باب (98) / الكفر ولوازمه وآثاره وأنواعه وأصناف الشرك

البحار: ج 28 ص 170

1- عن أبيه عن سعد عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن فضال معا عن علي بن أسباط عن الحسن بن زید عن محمّد بن سالم عن ابن طريف عن ابن نباتة قال قال أمير المؤمنين علیه السّلام الإيمان على أربع دعائم على الصبر واليقين والعدل والجهاد والصبر على أربع شعب على الشوق والإشفاق والزهد والترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات واليقين على أربع شعب على تبصرة الفطنة وتأول الحكمة وموعظة العبرة وسنة الأولين فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة فكأنما عاش في الأولين والعدل على أربع شعب على غائص الفهم وغمرة العلم وزهرة للمحكمة وروضة الحلم فمن فهم فسر جمل العلم ومن علم شرع غرائب الحكم ومن كان حكیما لم يفرط في أمر يليه في الناس والجهاد على أربع شعب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهی عن المنكر أرغم أنف المنافق ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه ومن شنأ الفاسقين وغضب لله عزّ وجلّ غضب الله له وذلك الإيمان ودعائمه وشعبه و الكفر

ص: 100


1- لعل المراد بالمقدرة التبعات والمشاق التي تتحمل لتحصيل الدنيا فإنها توجب قلة الشهوة لكل شيء غالباً. السبزواري

على أربع دعائم على الفسق والعتو والشك والشبهة والفسق على أربع شعب على الجفاء والعمی و الغفلة والعتو فمن جفا حقر الحق ومقت الفقهاء وأصر على اللحنث العظيم ومن عمي نسي الذكر واتبع الظن وألح عليه الشيطان ومن غفل غرته الأماني وأخذته للحسرة إذا انكشف الغطاء وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب ومن عتا عن أمر الله تعالى الله عليه ثم أذله بسلطانه وصغره لجلاله کما فرط في جنبه وعتا عن أمر ربه الكريم والعتو على أربع شعب على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق فمن تعمق لم ينب إلى الحق ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات فلم تحتبس عنه فتنة إلا غشيته أخرى وانخرق دينه فهو يهيم في أمر مريج ومن نازع وخاصم قطع بينهم الفشل وذاق وبال أمره وساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة ومن ساءت عليه الحسنة اعتورت عليه طرقه واعترض عليه أمره وضاق عليه مخرجه وحري أن يرجع من دينه «وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ» والشك على أربع شعب على الهول والريب والتردد والاستسلام فبأي آلاء ربك يتماري المتمارون فين هاله ما بين يديه «نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ» ومن تردد في الريب سبقه الأولون وأدركه الآخرون وقطعته سنابك الشياطين ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيما بينهما ومن نجا فباليقين والشبهة على أربع شعب على الإعجاب بالزينة وتسويل النفس وتأول العوج وتلبيس الحق بالباطل ذلك بأن الزينة تزيد على الشبهة وأن تسويل النفس يقحم على الشهوة وأن العوج ميل ميلا عظيما وأن التلبيس «ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ» فذلك الكفر ودعائه وشعبه والنفاق على أربع دعائم على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع فالهوى على أربع شعب على البغي والعدوان والشهوة والطغيان فمن بغي كثرت غوائله وغلاته ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه ومن لم يعزل نفسه عن الشهوات خاض في الخبيثات ومن طغی ضل على غير يقين ولا حجة له وشعب

ص: 101

الهوينا الهيبة والغرة والمماطلة والأمل وذلك لأن الهيبة ترد على دين الحق و تفرط المماطلة في العمل حين يقدم الأجل ولولا الأمل علم الإنسان حسب ما هو فيه ولو علم حسب ما هو فيه مات من الهول والوجل وشعب الحفيظة الكبر والفخر والحمية والعصبية فن استكبر أدبر ومن فخر فجر ومن حمي أصر ومن أخذته العصبية جار فبئس الأمر أمر بين الاستكبار والإدبار وفجور وجور وشعب الطمع أربع الفرح والمرح واللجاجة والتكاثر والفرح مكروه عند الله عزّوجل والمرح خيلاء واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حبائل الآثام والتكاثر هو وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير فذلك النفاق ودعائمه وشعبه.(1)

البحار: ج 28 ص 173

5 - أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمّد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن الفضيل عن أبي جعفر علیه السّلام في قول الله تبارك وتعالى «وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ» قال شرك طاعة ليس شرك عبادة والمعاصي التي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بالله في الطاعة لغيره وليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غير الله.(2)

البحار: ج 28 ص 174

8- ابن الوليد عن الصفار عن الخشاب عن یزید بن إسحاق عن العباس بن زید عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قلت إن هؤلاء العوام يزعمون أن الشرك أخفي من دبيب النمل في الليلة الظلماء على المسح الأسود فقال لا يكون العبد مشرکا حتى يصلي لغير

ص: 102


1- لو شمل هذا للتعمقات العلمية في جملة من العلوم لكان كلها من شعب الكفر . السبزواري
2- فكل من عصى فقد أشرك من جهة انه أطاع الشيطان فيما عصى به الرحمن السبزواري

الله أو يذبح لغير الله أو يدعو لغير الله عزّ وجلّ.(1)

باب (99) / أصول الكفر وأركانه

البحار: ج 28 ص 180

5- علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حسن بن عطية عن یزید الصائغ قال قلت لأبي عبد الله علیه السّلام رجل على هذا الأمر إن حدث كذب وإن وعد أخلف وإن ائتمن خان ما منزلته قال هي أدنى المنازل من الكفر وليس بكافر.

بیان: (على هذا الأمر) صفة رجل، وجملة (إن حدّث) خبر، (أدنى المنازل) أي أقربها من الكفر أي الذي يوجب الخلود في النار وليس بكافر بهذا المعنى وإن كان کافر ببعض المعاني، ويشعر بكون خلف الوعدمعصية بل كبيرة والمشهور استحباب الوفاء به.(2)

باب (102) / المستضعفين والمرجون لأمر الله

البحار: ج 28 ص 211

5 - القطان عن ابن زکریا عن ابن حبيب عن محمّد بن عبد الله عن علي بن الحكم

عن أبان بن عثمان عن محمّد بن الفضيل الزرقي عن أبي عبد الله عن آبائه عن على

ص: 103


1- المراد به شرك العبادة جمعاً. السبزواري
2- يمكن أن يكون باعتبار المجموع من حيث المجموع فلا يكون خلف الوعد حينئذ من الكبائر. السبزواري

علیه السّلام قال إن اللجنة ثمانية أبواب باب يدخل منه النبيون والصديقون وباب يدخل منه الشهداء والصالحون وخمسة أبواب يدخل منه شيعتنا ومحبونا وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت الخبر.(1)

البحار: ج 28 ص 211

7- ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة عن عمر بن أبان عن الصباح بن سبابة عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إن الرجل ليحبكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله الجنة وإن الرجل ليبغضكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله النار للخبر.(2)

البحار: ج 28 ص212

11 - ابن الوليد عن الصفار عن ابن عیسی عن علي بن الحكم عن عبد الله بن جندب عن سفيان بن السمط قال قلت لأبي عبد الله علیه السّلام ما تقول في المستضعفين (3) فقال لي شبها بالمفزع و تركتم أحدا يكون مستضعفا وأين المستضعفون فو الله لقد مشي بأمركم هذا العواتق إلى العواتق في خدورهن وتحدث به السقايات بطرق المدينة.

البحار: ج 28 ص 213

14 - عن المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن علي بن محمّد عن أحمد ابن

ص: 104


1- هذا الخبر فيه رجاء لأهل القبلة. السبزواري
2- أمثال هذا الخبر لابد وأن يحمل على عدم العلم التفصيلي لا عدم العلم أصلا ولو إجمالا وكانت المحبة والبغض لذات الإنسان من حيث هو إنسان فإنّه مما يأباه العقل السبزواري
3- يمكن أن يحمل على عدم المستضعف في الحجاز دون سائر الأقطار. السبزواري

محمّد عن الحسن بن علي عن عبد الكريم بن عمرو عن سلیمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله علیه السّلام عن قول الله عزّ وجلّ «إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ» الآية قال يا سلیمان في هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبة منك(1) المستضعفون قوم يصومون ويصلون تعف بطونهم وفروجهم لا يرون أن الحق في غيرها آخذين بأغصان الشجرة «فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ»، إذ كانوا آخذين بالأغصان وإن لم يعرفوا أولئك فإن عفا عنهم فبرحمته وإن عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم.

البحار: ج28 ص 213

10- أبي عن سعد عن البرقي عن عثمان بن عيسى عن موسی بن بكر عن سليمان بن خالد عن أبي جعفر علیه السّلام قال سألته عن المستضعفين فقال البلهاء في خدرها والخادم تقول لها صلي فتصلي لا تدري إلا ما قلت لها والحليب الذي لا يدري إلا ما قلت له والكبير الفاني والصبي الصغير هؤلاء المستضعفون (2) فأما رجل شديد العنق جدل خصم يتولى الشراء والبيع لا تستطيع أن تغبنه في شيء تقول هذا مستضعف لا ولا كرامة.

البحار: ج 28 ص 213 17 - أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي

ص: 105


1- يعني ليس المراد المستضعف في القوى الجسمانية بل المراد المستضعف في العقيدة فقط، ولا في العمل أيضاً لقوله يصومون ويصلون الخ وقوله آخذين بأغصان الشجر يعني آخذين بالفروع لا بالأصول. السبزواري
2- يظهر أن المستضعف لابد وان يكون للقصور لا التقصير كما إذا تمكن من التعلم ولم يتعلم تكاسلاً وتقصيراً. السبزواري

المغراء عن أبي حنيفة رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله علیه السّلام قال من عرف الاختلاف فليس بمستضعف.(1)

البحار: ج 28 ص 213

19 - أبي عن النظر عن يحيى الحلبي عن ابن مسکان عن زرارة قال سئل أبو عبد الله علیه السّلام وأنا جالس عن قول الله «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» و يجري لهؤلاء ممن لا يعرف منهم هذا الأمر فقال لا إنما هذه للمؤمنين خاصة قلت له أصلحك الله أرأيت من صام وصلى واجتنب المحارم وحسن ورعه ممن لا يعرف ولا ينصب فقال إن الله يدخل أولئك الجنة برحمته.(2)

البحار، ج28 ص 214

20- عن الفزاري عن محمّد بن جعفر بن عبد الله عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري قال وجه قوم من المفوضة والمقصرة کامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمّد علیه السّلام قال کامل فقلت في نفسي أسأله لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي قال فلما دخلت على سيدي أبي محمّد نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه فقلت في نفسي ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة الإخوان وينهانا عن لبس مثله فقال متبسما یا کامل وحسر ذراعيه فإذا مسح أسود خشن على جلده فقال هذا لله وهذا لكم فسلمت وجلست إلى باب عليه ستر مرخی فجاءت الريح فكشفت طرفه فإذا أنا بصي كأنه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها فقال لي يا کامل بن إبراهيم فاقشعررت من ذلك وألهمت أن قلت لبيك يا

ص: 106


1- لأنه يتمكن من التعلم ولا يتعلم تقصيراً. السبزواري
2- يظهر من مثل هذه الأخبار أن النصب مانع عن قبول الأعمال لا أن تكون الولاية شرطاً الصحتها أو قبولها. السبزواري

سيدي فقال جئت إلى ولي الله وحجته وبابه تسأله يدخل الجنة إلا من عرف معرفتك وقال بمقالتك فقلت إي والله قال إذن والله يقل داخلها والله إنه ليدخلها قوم يقال لهم الحقية قلت يا سيدي ومن هم قال قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه ولا يدرون ما حقه وفضله تمام الخبر.(1)

البحار: ج 28 ص 214

22- عن أبي خديجة عن أبي عبد الله علیه السّلام قال «إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا» (2) قال لا يستطيعون سبيل أهل الحق فيدخلون فيه ولا يستطيعون حيلة أهل النصب فينصبون قال هؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة وباجتناب المحارم التي نهى الله عنها ولا ينالون منازل الأبرار.

البحار: ج19 ص107 س 19

أقول: وجدت في كتاب سليم بن قيس، فيما جرى بين أمير المؤمنين علیه السّلام وبين الأشعث بن قیس لعنه الله أن الأشعث قال له علیه السّلام والله لئن كان الأمر كما تقول لقد هلكت الأمة غيرك وغير شيعتك قال فإن الحق والله معي يا ابن قیس کما أقول وما هلك من الأمة إلا الناصبين والمكابرين والجاحدين والمعاندین فأما من تمسك بالتوحيد والإقرار بمحمّد و الإسلام ولم يخرج من الملة ولم يظاهر علينا الظلمة ولم ينصب لنا العداوة وشك في الخلافة ولم يعرف أهلها وولاتها ولم يعرف لنا ولاية ولم ينصب لنا عداوة فإن ذلك مسلم مستضعف یرجی له رحمة الله ويتخوف عليه ذنوبه.(3)

ص: 107


1- يظهر منه توسعة رحمته تعالى جداً. السبزواري
2- يمكن أن يراد بالحيلة والسبيل الدليل والبرهان والمغالطة لإثبات دعواهم. السبزواري
3- هذا التفصيل حسن جداً وجمع بين الأدلة قطعاً. السبزواري

باب (105) / جوامع مساوئ الأخلاق

البحار: ج 28 ص 233

23- ابن قولویه عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن اليقطيني عن يونس عن سعدان عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله بينما موسی بن عمران علیه السّلام جالس إذ أقبل إبليس وعليه برنس ذو ألوان فلما دنا من موسى علیه السّلام خلع البرنس (1) وأقبل عليه فسلم عليه فقال له موسى من أنت قال أنا إبليس قال موسى فلا قرب الله دارك فيم جئت فقال إنما جئت لأسلم عليك لمكانك من الله عزّ وجلّ فقال له موسى فما هذا البرنس قال أختطف به قلوب بني آدم قال موسى فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه فقال إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله وصغر في عينيه ذنبه ثم قال له أوصيك بثلاث خصال یا موسي لا تخل بامرأة ولا تخل بك فإنه لا يخلو رجل بامرأة ولا تخلو به إلا كنت صاحبه دون أصحابي وإياك أن تعاهد الله عهدا فإنه ما عاهد الله أحد إلا كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه وبين الوفاء به (2) وإذا هممت بصدقة فأمضها فإنه إذا هم العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه وبينها ثم ولى إبليس وهو يقول يا ويله ويا عوله علمت

ص: 108


1- قد شاع في هذه الأزمنة وضع القلانس وخلعها عند التعارفات ولعل أصله كان من إبليس هو الأصل لكل باطل ولعل علة خلعه البرنس ودخوله على موسى أنه لم يكن سلطان عليه المكان عصمته فتدبّر. وورد في باب 117 باب استكثار الطاعة والعجب بالأعمال ج 28 ص 305 الفقرة 8 تعليق على نفس العبارة وهذا نصه: (خلعِهِ عليه اللعنة برنسه عند النبي لعدم قدرته على إضلاله لان النبيّ معصوم مؤید بروح القدس.) السبزواري
2- لعل هذا وجه ما اشتهر من كراهة النذر. السبزواري

موسی ما یعلمه بني آدم.

باب (109) / من استولى عليهم الشيطان من أصحاب البدع وما ينسبون إلى أنفسهم من الأكاذيب وأنها من الشيطان

البحار: ج 28 ص 243

2- عن سعد عن أحمد بن محمّد عن أبيه ويعقوب بن یزید والحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن حفص بن عمرو النخعي قال كنت جالسا عند أبي عبد الله علیه السّلام فقال له رجل جعلت فداك إن أبا منصور حدثني أنه رفع إلى ربه ومسح على رأسه فقال له بالفارسية بايست فقال له أبو عبد الله علیه السّلام حدثني أبي عن جدي رسول الله صلّي الله علیه و آله قال إن إبليس اتخذ عرشا في ما بين السماء والأرض واتخذ زبانية كعدد الملائكة فإذا دعي رجلا فأجابه ووطئ عقبه وتخطت إليه الأقدام تراءى له إبليس ورفع إليه وإن أبا منصور کان رسول إبليس لعن الله أبا منصور لعن الله أبا منصور ثلاثا.(1)

باب (111) / من وصف عدلاً ثمّ خالفه إلى غيره

البحار: ج 28 ص250

4 - عن محمّد بن يحيى عن الحسين بن إسحاق عن علي بن مهزيار عن عبد الله بن

ص: 109


1- هذه الرواية تبطل جملة مما يدعونه أهل الكشف والشهود خصوصاً مثل مکاشفات محي الدين كما في جملة من كتبه سيّما ما سمّاه بالفتوحات المكية. السبزواري

يحيى عن ابن مسکان عن أبي بصير عن أبي عبد الله علیه السّلام قال في قول الله عزّ وجلّ «فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ» (1) قال يا أبا بصیر هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره.

باب (112) / الاستخفاف بالدين والتهاون بأمر الله

البحار: ج 28 ص 201

1- ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن محمد بن زياد عن ابن عميرة عن الصادق علیه السّلام قال إن الولد الزني علامات أحدها بغضنا أهل البيت وثانيها أنه يحن إلى الحرام الذي خلق منه وثالثها الاستخفاف بالدين ورابعها سوء المحضر للناس ولا يسيء محضر إخوانه إلا من ولد على غير فراش أبيه أو حملت به أمه في حيضها.(2)

باب (116) / الرِّياء

البحار: ج 28 ص 294

20 - هارون عن ابن زیاد عن جعفر عن أبيه علیه السّلام أن النبي صلّي الله علیه و آله قال إذا أتى الشيطان أحدكم وهو في صلاته فقال إنك مرائي فليطل صلاته ما بدا له ما لم يفته

ص: 110


1- المراد بالغاوي أعّم ممن يغوي بقوله أو بفعله ومن وصف عدلاً ثمّ خالفه يغوي بفعله وهذا أشد في الإضلال والغواية ممن يغوي بالقول. السبزواري
2- لعل مراد المشهور القائلين بكفر ولد الزنا هو من اجتمعت فيه هذه الخصال، والبغض إن کان نصباً فهو يوجب الكفر وكذا الاستخفاف بالدين إن كان عن عمد و توجه. السبزواري

وقت فريضة وإذا كان على شيء من أمر الآخرة فليتمكث ما بدا له وإذا كان على شيء من أمر الدنيا فليبرح وإذا دعيتم إلى العرسات فأبطئوا فإنها تذكر الدنيا وإذا دعيتم إلى الجنائز فأسرعوا فإنها تذكر الآخرة.(1)

باب (119) / ذم الشكاية من الله وعدم الرضا بقسم الله والتأسف بما فات

البحار: ج 28 ص313

4 - جماعة عن أبي المفضل عن النعمان بن أحمد القاضي عن محمّد بن شعبة عن

حفص بن عمر بن میمون عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب علیه السّلام عن الباقر عن آبائه: قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله من كثر همه سقم بدنه ومن ساء خلقه عذب نفسه ومن لاحى الرجال سقطت مروته وذهبت كرامته ثم قال صلّي الله علیه و آله لم يزل جبرئیل پنهاني عن ملاحاة الرجال (2) كما ينهاني عن شرب الخمر وعبادة الأوثان.

باب (122) / حبّ الدُّنيا وذمّها وبيان فنائها وغدرها بأهلها وختل الدنيا بالدين

البحار: ج 28 ص 329

2- عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن علي بن النعمان عن أبي أسامة زيد عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله لمن لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه

ص: 111


1- يستفاد منه أمور لمن تدبّر فيه. السبزواري
2- الملاحاة المنازعة والسب واللعن . السبزواري

حسرات (1) على الدنيا ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس كثر همه ولم يشف غيظه ومن لم ير الله عزّ وجلّ عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه.

البحار: ج 28 ص 330

3- عن العدة عن أحمد بن محمّد بن خالد عن منصور بن العباس عن سعيد ابن جناح عن عثمان بن سعيد عن عبد الحميد بن علي الكوفي عن مهاجر الأسدي عن أبي عبد الله علیه السّلام قال مرّ عيسى ابن مريم علیه السّلام على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها فقال أما إنهم لم يموتوا إلا بسخطة ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا فقال الحواریون یا روح الله وكلمته ادع الله أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها فدعا عیسی علیه السّلام ربه فنودي من الجو أن نادهم فقام عیسی علیه السّلام بالليل على شرف من الأرض فقال يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب لبيك يا روح الله وكلمته فقال ويحكم ما كانت أعمالكم قال عبادة الطاغوت وحب الدنيا مع خوف قليل وأمل بعيد في غفلة ولهو ولعب فقال كيف كان حبكم للدنيا قال كحب الصبي الأمه إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا وإذا أدبرت عنا بكينا وحزنا قال كيف كانت عبادتكم للطاغوت قال الطاعة لأهل المعاصي قال كيف كانت عاقبة أمركم قال بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية فقال وما الهاوية قال سجين قال وما سجين قال جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة قال فما قلتم وما قيل لكم قال قلنا ردنا إلى الدنيا فنزهد فيها قيل لنا كذبتم قال ويحك كيف لم يكلمني غيرك من بينهم قال يا روح الله وكلمته إنهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد وإني كنت

ص: 112


1- التعزي بمعنى الإضافة والنسبة، يعني من ينسب نفسه إلى ما يصح انتسابه إلى الله تعالى. ثمّ أقول إن هذه الكلمات ينبغي أن تكتب بالتبر على الأحداق لا بالحبر على الأوراق. السبزواري

فيهم ولم أكن عنهم فلما نزل العذاب عمني معهم فأنا معلق بشعرة على شفير جهنم لا أدري أكبكب فيها أم أنجو منها فالتفت عيسي علیه السّلام إلى الحواريين فقال يا أولياء الله أكل الخبز اليابس بالملح الجريش والنوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا والآخرة.

بیان: أما إنهم قال الشيخ البهائي قدس الله روحه أما بالتخفيف حرف استفتاح و تنبیه يدخل على الجمل التنبيه المخاطب وطلب إصغائه إلى ما يلقى إليه وقد يحذف ألفها نحو أم والله زيد قائم إلا بسخطة السخط بالتحريك وبضم أوله وسكون ثانية الغضب لتدافنوا الظاهر أن التفاعل هنا بمعنی فعل کتواني ويمكن إبقاؤه على أصل المشاركة بتكلف فقال الحواریون هم خواص عيسي علیه السّلام قيل سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين يحررون الثياب أي يقصرونها وينقونها من الأوساخ ويبيضونها مشتق من الحور وهو البياض الخالص. أقول وقد قيل إنهم إنما سموا حواريين لنقاء ثيابهم وقيل لنقاء قلوبهم وقيل الحواري بمعنى الناصر وقد كان الحواريون أنصار عیسی علیه السّلام وقيل لأنهم كانوا نورانيين عليهم أثر العبادة ونورها وحسنها وقيل إنهم اتبعوا عيسى علیه السّلام فكانوا إذا جاعوا قالوا يا روح الله جعنا فيضرب علیه السّلام بيده الأرض سهلا كان أو جبلا ويخرج لكل منهم رغيفين وإذا عطشوا قالوا یاروح الله عطشنا فيضرب بيده الأرض فيخرج ماء ويشربون فقالوا يا روح الله من أفضل منا إذا شئنا أطعمنا وإذاشئناسقينا وقد آمنا بك واتبعناك فقال عيسى علیه السّلام ان أفضل منکم من يعمل بيده ويأكل من کسبه فصاروا يغسلون الثياب بالكرى بعد ذلك ويأكلون من أجرته وسيأتي في مطاوي شرح حديث الكافي في أواسط هذا الباب كلام أيضا في معنى الحواريين فانتظره. وقال بعض العلماء إنهم لم يكونوا قصارين على الحقيقة وإنما أطلق هذا الاسم عليهم رمزا إلى أنهم كانوا ينقون نفوس الخلائق من الأوساخ

ص: 113

والأوصاف الذميمة والكدورات ويرفعونها إلى عالم النور من عالم الظلمات. یا روح الله أقول في تسميته روحا أقوال أحدها أنه إنما سماه روحا لأنه حدث عن نفخة جبرئيل علیه السّلام في درع مريم بأمر الله تعالى وإنما نسبه إليه لأنه كان بأمره وقيل إنما أضافه إليه تفخيما لشأنه كما قال الصوم لي وأنا أجزي به وقد يسمى النفخ روحا والثاني أن المراد به يحيا به الناس في دينهم كما يحيون بالأرواح والثالث أن معناه إنسان أحياه الله بتكوينه بلاواسطة من جماع ونطفة كما جرت العادة بذلك الرابع أن معناه ورحمة منه والخامس أن معناه روح من الله خلقها فصورها ثم أرسلها إلى مريم فدخلت في فيها فصيرها الله سبحانه عيسى علیه السّلام السادس سماه روحا لأنه كان يحيي الموتی کما أن الروح يصير سببا للحياة. وكذا اختلفوا في تسميته كلمة في قوله سبحانه «إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ» وقوله تعالى «إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ» على أقوال أحدها أنه إنما سمي بذلك لأنه حصل بكلمة من الله من غير والد وهو قوله كن كما قال سبحانه «إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ».

والثاني أنه سمي بذلك لأن الله تعالی بشر به في الكتب السالفة أو بشرت بها مريم على لسان الملائكة والثالث أنه يهتدي به الخلق کما اهتدوا بكلام الله ووحيه. فنودي من الجو الجو بالفتح والتشديد ما بين السماء والأرض على شرف قال الشيخ البهائي قدّس سرّه الشرف المكان العالي قيل ومنه سمي الشريف شريفا تشبيها للعلو المعنوي بالعلو المكاني فقال ويحك ويع اسم فعل بمعنى الترحم کما أن ویل کلمة عذاب وبعض اللغويين يستعمل كلا منهما مكان الأخرى والطاغوت فلوت من الطغيان وهو تجاوز الحد وأصله طغيوت فقدموا لأمه على عينه على خلاف القياس ثم قلبوا الياء

ص: 114

ألفا فصار طاغوت وهو يطلق على الكاهن والشيطان والأصنام وعلى كل رئيس في الضلالة وعلى كل ما يصد عن عبادة الله تعالى وعلى ما عبد من دون الله ويجيء مفردا لقوله تعالى: «أيُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ» وجمعا كقوله تعالى «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ».

وقال قدّس سرّه: لعلك تظن أن ما تضمنه هذا الحديث من أن الطاعة لأهل المعاصي عبادة لهم جار على ضرب من التجوز لا الحقيقة وليس كذلك بل هو حقيقة فإن العبادة ليست إلا الخضوع والتذلل والطاعة والانقياد ولهذا جعل سبحانه اتباع الهوى والانقياد إليه عبادة للهوى فقال «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ»وجعل طاعة الشيطان عبادة له فقال تعالى «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ». ثمّ نقل أخبارا كثيرة في ذلك فقال بعد ذلك وإذا كان اتباع الغير والانقياد إليه عبادة له فأكثر الخلق عند التحقيق مقيمون على عبادة أهواء نفوسهم الخسيسة الدنيّة وشهواتهم البهيمية والسبعية على كثرة أنواعها و اختلاف أجناسها وهي أصنامهم التي هم عليها عاكفون والأنداد التي هم لها من دون الله عابدون وهذا هو الشرك الخفي نسأل الله سبحانه أن يعصمنا عنه ويطهر نفوسنا عنه بمنه وكرمه. وغفلة عطف على خوف و عطفه على عبادة الطاغوت بعيد في لهو قال الشيخ البهائي رحمه الله لفظة في هنا إما للظرفية المجازية كما في نحو النجاة في الصدق أو بمعنى مع كما في قوله تعالى: «ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ» وللسببية كقوله تعالى «قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ». إذا أقبلت علينا قال قدّس سرّه الشرطیتان واقعتان موقع أي المفسرة لحب الصبي لأمه. قال الطاعة لأهل المعاصي قال رحمه الله ما ذكره هذا الرجل المتكلم لعيسى على نبينا وآله وعليه السلام في وصف أصحاب تلك القرية وما كانوا عليه من الخوف القليل والأمل

ص: 115

البعيد و الغفلة واللهو واللعب والفرح بإقبال الدنيا والخوف بإدبارها هو بعينه حالنا وحال أهل زماننا بل أكثرهم خال عن ذلك الخوف القليل أيضا نعوذ بالله من الغفلة وسوء المنقلب قال جبال من جمر في القاموس الجمرة النار المتقدة والجمع جمر قال الشيخ المتقدم ذكره رحمه الله هذا صريح في وقوع العذاب في مدة البرزخ أعني مابین الموت والبعث وقد انعقد عليه الإجماع ونطقت به الأخبار و دلّ عليه القرآن العزيز وقال به أكثر أهل الملل وإن وقع الاختلاف في تفاصيله والذي يجب علينا هو التصديق المجمل بعذاب واقع بعد الموت وقبل الحشر في الجملة وأما كيفياتها وتفاصيله فلم نكلف بمعرفتها على التفصيل وأكثرها ما لا تسعه عقولنا فينبغي ترك البحث و الفحص عن تلك التفاصيل وصرف الوقت فيها هو أهم منها أعني فيما يصرف ذلك العذاب ويدفعه عنا كيف ما كان وعلى أي نوع حصل وهو المواظبة على الطاعات واجتناب المنهيات لئلا يكون حالنا في الفحص عن ذلك والاشتغال به عن الفكر فيما يدفعه وينجي منه كحال شخص أخذه السلطان وحبسه ليقطع في غديده ويجذع أنفه فترك الفكر في الحيل المؤدية إلى خلاصه وبقي طول ليله متفكرا في أنه هل يقطع بالسكين أو بالسيف وهل القاطع زيد أو عمرو. قيل لنا كذبتم دل على أنهم «لَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ» كما نطقت به الآية أو كذبتم فيها دل عليه قولكم هذا أنه يمكنكم العود وربما يقرأ بالتشديد أي كذبتم الرسل فلا محيص عن عذابكم. قال يا روح الله في بعض النسخ یا روح الله وكلمته بقدس الله فقوله يقدس الله متعلق بروح الله وكلمته يعني أيها الذي صار روح الله وكلمته بقدس الله کا قيل ويحتمل أن يكون الباء بمعنى مع أي مع تقدسه عن أن يكون له روح وكلمة حقيقة. ثم قال الشيخ البهائي «وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ» ثم لا يخفى أن ما قاله هذا الرجل من أنه كان فيهم ولم يكن منهم فلما نزل العذاب عمه معهم يشعر بأنه ينبغي المهاجرة عن أهل المعاصي

ص: 116

والاعتزال لهم وأن المقيم معهم شريك لهم في العذاب ومحترق بنارهم وإن لم يشاركهم في أفعالهم وأقوالهم وقد يستأنس لذلك بعموم قوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا» و ولو لم يكن في الاعتزال عن الناس فائدة سوى ذلك لكفي وفيه من الفوائد ما لا يعد ولا يحصى نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لذلك بمنه وكرمه. فأنا معلق هذاكناية عن أنه مشرف على الوقوع فيها ولا يبعد أن يراد به معناه الصريح أيضا والشفير حافة الوادي وجانبه أكبكب فيها على البناء للمفعول أي أطرح فيها على وجهي وفي القاموس جرش الشيء لم ينعم دقة فهو جريش وفي الصحاح ملح جريش لم يطيب مع عافية الدنيا أي إذا كان مع عافية الدنيا من الخطايا والآخرة من النار أو فيه عافية الدنيا من تشویش البال ومشقة تحصيل الأموال وعافية الآخرة من العذاب والسؤال.(1)

البحار: ج 28 ص 354 س 26

والحكمة العلوم الحقة المقرونة بالعمل أو العلوم الربانية الفائضة من الله تعالى بعد

العمل بطاعته (2) وقد مرّ تحقيقها في كتاب العقل وغيره.

البحار: ج 28 ص 399

111- وقال صلّي الله علیه و آله: ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم

ص: 117


1- في ما نقل المجلسي عن الشيخ البهائي ويظهر أن الشيخ مات قبله ولكن يظهر للمتأمل أن هذه البيانات ليس للمجلسي رحمه الله له فراجع و تأمل. السبزواري
2- هذا هو التفسير الحقيقي لمعنى الحكمة، و تفسير الراغب أيضاً حسن. السبزواري

فلينظر بِمَ يرجع.(1)

البحار، ج28 ص405

126- عن النضر عن أبي سیار عن مروان عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال لي علي بن الحسين علیه السّلام ما عرض لي قط أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة فآثرت الدنيا إلا رأيت ما أكره قبل أن أمسي(2) ثم قال أبو عبد الله علیه السّلام لبني أمية إنهم يؤثرون الدنيا على الآخرة منذ ثمانين سنة وليس يرون شيئا يكرهونه.

باب (128) / الحرص وطول الأمل

البحار: ج 28 ص 431 س 13

وروي أنه سئل أمير المؤمنين علیه السّلام عن الحرص ما هو قال هو طلب القليل بإضاعة

الكثير.(3)

ص: 118


1- أحسن تشبيه للدنيا كما لا يخفى. السبزواري
2- هذا الخبر حق واقع بالنسبة إلى أولياء الله وإيثار الدنيا بالنسبة إلى الأولياء ليس كإيثارها بالنسبة إلى غيرهم بل هو من قبيل تناول المباحات، مثلا الصوم في كل يوم من أمور الآخرة والإفطار من غير الإمام في الواجبة والمندوبة من الأمور المباحة وهذا المباح هو الدنيا التي يختاره الإمام وهو مع ذلك يرى ما يكره. السبزواري
3- وذلك لأن المال وإن كثر قليل في مقابل العمر الذي يصرف في تحصيله إذ لا قيمة لدقائق العمر عند المتوجهين. السبزواري

باب (132) / ذمّ الغضب ومدح التنمّر في ذات الله

البحار: ج 28 ص491

15- وقال صلّي الله علیه و آله ان الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل وكما يفسد الخل العسل.(1)

باب (133) / العصبية والفخر والتكاثر في الأموال والأولاد وغيرها

البحار: ج 28 ص 508

14- عن أبیه وابن الوليد معا عن محمّد العطار وأحمد بن إدريس معا عن الأشعري عن جعفر بن محمّد بن عبد الله عن أبي يحيى الواسطي عمن ذكره أنه قال لأبي عبد الله علیه السّلام أترى هذا الخلق كله من الناس فقال ألق منهم التارك للسواك والمتربع في موضع الضيق و الداخل فيما لا يعنيه والمهاري فيما لا علم له به والمتمرض من غير علة والمتشعث من غير مصيبة والمخالف على أصحابه في الحق وقد اتفقوا عليه والمفتخر يفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم فهو بمنزلة الخلنج يقشر لحا عن لحا حتى يوصل إلى جوهریته وهو كما قال الله عزّ وجلّ «إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ

ص: 119


1- أقول: فكما أن الأعمال الصالحة والملكات الفاضلة في هذا العالم من مظاهر الجنة ودرجاتها فكذلك السيئات والرذائل من مظاهر النار ودركاتها فالغضب جمرة من نيران الآخرة مأمورة أن تحرق صاحبها إلّا بعد حين. السبزواري

هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا».(1)

البحار، ج28 ص 509

22 وجدت بخط جبرئيل بن أحمد عن محمد بن عبد الله بن مهران عن البزنطي قال دخلت على أبي الحسن علیه السّلام أنا وصفوان بن یحیی ومحمّد بن سنان وأظنه قال وعبد الله بن المغيرة أو عبد الله بن جندب وهو بصريا قال فجلسنا عنده ساعة ثم قمنا فقال أما أنت يا أحمد فاجلس فجلست فأقبل يحدثني وأسأله ويجيبني حتى ذهب عامة الليل فلما أردت الانصراف قال لي يا أحمد تنصرف أو تبيت فقلت جعلت فداك ذاك الليل إن أمرت بالانصراف انصرفت وإن أمرت بالمقام أقت قال أقم فهذا الحرس وقد هدأ الناس وباتوا فقام وانصرف فلما ظننت أنه قد دخل خررت لله ساجدا فقلت الحمد لله حجة الله ووارث علم النبيين آنس بي من بين إخواني وحببني فأنا في سجدتي وشكري فما علمت إلا وقد رفسني برجله ثم قمت فأخذ بيدي فغمزها ثم قال يا أحمد إن أمير المؤمنين علیه السّلام عادصعصعة بن صوحان في مرضه فلما قام من عنده قال ياصعصعة لا تفتخرن على إخوانك بعيادتي إياك واتق الله ثم انصرف عني. (2)

باب (137) / الذنوب وآثارها والنهي عن استصغارها

البحار: ج 28 ص547

45 - عن ابن الوليد عن الحميري عن ابن صدقة عن الصادق عن أبيه علیه السّلام قال

ص: 120


1- أقول: إذا كانت هذه الأمور السبعة موجبة للإلقاء عن درجة الإنسانية فكيف بما نحن فيه من الأخلاق والأعمال. السبزواري
2- يستفاد من هذا الخبر عدم وجدان صعصعة بعض المقامات و درجات الإيمان السبزواري

قال رسول الله صلّي الله علیه و آله أربع یمتن القلب الذنب على الذنب وكثرة مناقشة النساء يعني محادثتهن ومماراة الأحمق تقول ويقول ولا يرجع إلى خير ومجالسة الموتى فقيل له یا رسول الله وما الموتى قال كل غني مترف.(1)

البحار: ج 28 ص 555

91- عن معاوية بن عمار قال دخلت على أبي عبد الله علیه السّلام وقد كانت الريح حملت العمامة عن رأسي في البدو فقال يا معاوية فقلت لبيك جعلت فداك يا ابن رسول الله صلّي الله علیه و آله قال حملت الريح العمامة عن رأسك قلت نعم قال هذا جزاء من أطعم الأعراب.(2)

البحار: ج 28 ص 556 س4

قال محمّد بن همام فذكرت هذا الحديث لأحمد بن علي بن حمزة مولى الطالبيين وكان راوية للحديث فحدثني عن الحسين بن أسد الطفاوي عن محمّد بن القاسم بن فضیل بن يسار عن رجل عن أبي عبد الله علیه السّلام قال من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالآجال ومن يعيش بالإحسان أكثر ممن يعيش بالأعمار.(3)

ص: 121


1- وذلك لأن الغني المترف لا همّ له إلا الدنيا وليس فيه من أثر الحياة الدائمة الأبدية شيء أصلا فيصح إطلاق الموت عليه. السبزواري
2- لعل الإعرابي كان من المنافقين ولم يكن مضطراً إلى الإطعام. السبزواري
3- يظهر منه أن الموت بالذنوب اعم من الذنوب التي فعلت أو مما ستفعل وكذا الإحسان، ثم انه من مثل هذا الخبر وما ورد من انه لو لو نبش عن القبور لرأيتم أكثر موتاكم عن العين، يعلم قلّة الموت بالموت الحتمي. السبزواري

باب (138) / علل المصائب والمحن والأمراض والذنوب التي توجب غضب الله وسرعة العقوبة

البحار: ج 28 ص 559

3- عن علي بن إبراهيم عن أبيه والعدة عن أحمد بن محمد جمیعا عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة عن أبي جعفر علیه السّلام قال وجدنا في كتاب رسول الله صلّي الله علیه و آله إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة وإذا طفف المكيال والميزان أخذهم الله بالسنين والنقص وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلها وإذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم والعدوان وإذا نقضوا العهد سلط الله عليهم عدوهم وإذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلط الله عليهم شرارهم فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم.(1)

البحار: ج 28 ص563

12- عن القطان عن ابن زکریا عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبيه عن عبد الله بن الفضل عن أبيه عن أبي خالد الكابلي قال سمعت علي بن الحسين علیه السّلام يقول الذنوب التي تغير النعم البغي على الناس والزوال عن العادة(2) في الخير واصطناع المعروف وکفران النعم وترك الشكر قال الله عزّ وجلّ «إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى

ص: 122


1- أقول: هذه كلها من المقتضي لا العلة التامة و مراتب الاقتضاء أيضاً متفاوتة بقرينة قوله علیه السّلام في بعض الأخبار إن بعض الذنوب تعجل عقوبتها، فيعلم من ذلك التعجيل والتأخير في الاقتضاء أيضاً وسيأتي في الباب الآتي الإمهال والاستدراج والافتتان أيضاً. السبزواري
2- تسمية ذلك من الذنب مسامحة. السبزواري

يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ» والذنوب التي تورث الندم قتل النفس التي حرم الله قال الله تعالى في قصة قابيل حين قتل أخاه هابیل فعجز عن دفنه «فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ» و ترك صلة القرابة حتى يستغنوا و ترك الصلاة حتى يخرج وقتها وترك الوصية ورد المظالم ومنع الزكاة حتى يحضر الموت و ينغلق اللسان والذنوب التي تنزل النقم عصیان العارف بالبغي والتطاول على الناس والاستهزاء بهم والسخرية منهم والذنوب التي تدفع القسم(1) إظهار الافتقار والنوم عن العتمة وعن صلاة الغداة واستحقار النعم وشكوى المعبود عزّ وجلّ والذنوب التي تهتك العصم شرب الخمر واللعب بالقار وتعاطي ما يضحك الناس من اللغو والمزاح وذكر عيوب الناس ومجالسة أهل الريب والذنوب التي تنزل البلاء ترك إغاثة الملهوف وترك معاونة المظلوم و تضييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذنوب التي تديل الأعداء المجاهرة بالظلم وإعلان الفجور وإباحة المحظور وعصيان الأخيار والانطباع للأشرار والذنوب التي تعجل الفناء قطيعة الرحم واليمين الفاجرة والأقوال الكاذبة والزنا وسد طريق المسلمين وادعاء الإمامة بغير حق والذنوب التي تقطع الرجاء اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله والثقة بغير الله والتكذيب بوعد الله عزّ وجلّ والذنوب التي تظلم الهواء السحر والكهانة والإيمان بالنجوم و التكذيب بالقدر وعقوق الوالدين والذنوب التي تكشف الغطاء الاستدانة بغير نية الأداء والإسراف في النفقة على الباطل والبخل على الأهل والولد وذوي الأرحام وسوء الخلق وقلة الصبر و استعمال الضجر والكسل والاستهانة بأهل الدين والذنوب التي ترد الدعاء سوء النية وخبث السريرة والنفاق مع الإخوان وترك التصديق بالإجابة وتأخير

ص: 123


1- المراد بالقسم الرزق المقسوم. السبزواري

الصلوات المفروضات حتى تذهب أوقاتها وترك التقرب إلى الله عزّ وجلّ بالبر والصدقة واستعمال البذاء والفحش في القول والذنوب التي تحبس غيث السماء جور الحكام في القضاء وشهادة الزور وكتمان الشهادة ومنع الزكاة والقرض والماعون وقساوة القلب على أهل الفقر والفاقة وظلم اليتيم والأرملة وانتهار السائل ورده بالليل.

ص: 124

ص: 125

التعليقات على المجلد السادس عشر من بحار الأنوار

من الطبعة الحجريّة، والمتضمّن على الأجزاء 29، 30 من الطبعة الحروفية

ص: 126

ص: 127

باب (1) / جوامع الحقوق

البحار: ج 29 ص 10 س5

وأمّا حقّ ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسئول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عزّ وجلّ والمعونة له على طاعته فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه.(1)

أبواب العشرة بين ذوي الأرحام والمماليك والخدم المشاركين غالبا في البيت

باب (2) / بِرّ الوالدين والأولاد، وحقوق بعضهم على بعض، والمنع من العقوق

البحار: ج 29 ص 23

1- عن العدة عن البرقي عن أبيه عن عبد الله بن بحر عن عبد الله بن مسکان عمن رواه عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال وأنا عنده لعبد الواحد الأنصاري في بر الوالدين في قول الله عزّ وجلّ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا فظننا أنها الآية التي في بني إسرائيل «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» فلما كان بعد سألته فقال هي

ص: 128


1- يظهر هذا أن الإساءة بالنسبة إلى الأولاد لها عقوبة. السبزواري

التي في لقان «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا» فقال إن ذلك أعظم من أن يأمر بصلتهما وحقهما على كل حال «وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» فقال لا بل يأمر بصلتهما وإن جاهداه على الشرك ما زاد حقهما إلا عظما.(1)

البحار: ج 29 ص35 س 3

ما رواه الصدوق في الصحيح قال سأل عمر بن يزيد أبا عبد الله علیه السّلام عن إمام لا بأس به في جميع أموره عارف غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما أقرأ خلفه قال لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا.(2)

ص: 129


1- أقول: عدّ هذا الخبر من الأخبار العويصة لا وجه له ظاهر، لأنّ قوله تعالى «وَإِنْ جَاهَدَاكَ» إلى قوله تعالى «فَلَا تُطِعْهُمَا» يستفاد منه عظم حق الوالدين من جهتين : الأولى: تصريحه تعالى بقوله فلا تطعهما مع إن وحدة السياق تقتضي أن يقول فلا تحسن إليهما ففرض تعالی أصل الإحسان إليهما مطلقا مفروغا عنه وقال تعالى لا تطعهما من هذه الجهة وهو معلوم لأهمية ترك الشرك من إطاعتهما عقلاً. الثانية: إن الكبائر والمعاصي كثيرة ولم يذكر تعالی واحدا منها غير الشرك الذي هو اكبر الكبائر وأعظم القبائح فيعلم من ذلك أهمية إطاعتهما وإنها لا تترك إلا فيما هو الأهم عقلاً و شرعاً السبزواري
2- خبر غریب. السبزواري

أبواب آداب العشرة مع الأصدقاء وفضلهم وأنواعهم وغير ذلك مما يتعلق بهم

باب (10) / حسن المعاشرة وحسن الصحبة وحسن الجوار وطلاقة الوجه وحسن اللقاء وحسن البشر

البحار: ج 29 ص 119

31- أعلام الدین، روت أم هانئ بنت أبي طالب علیه السّلام عن النبي صلّي الله علیه و آله أنه قال يأتي على الناس زمان إذا سمعت باسم رجل خير من أن تلقاه فإذا لقيته خير من أن تجربه ولو جربته أظهر لك أحوالا دينهم دراهمهم وهمتهم بطونهم وقبلتهم نساؤهم يركعون للرغيف ويسجدون للدرهم حیاری سکاری لا مسلمين ولانصاری.(1)

باب (14) / من لا ينبغي مجالسته ومصادقته ومصاحبته والمجالس التي لاينبغي الجلوس فيها

البحار: ج29 ص 161

41- عن محمّد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم کیلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من

ص: 130


1- صدق هذا الحديث الشريف مشاهد في هذا الزمان. السبزواري

بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة.

بیان:كأن المراد بأهل الريب الذين يشكون في الدين ويشككون الناس فيه بإلقاء الشبهات وقيل المراد بهم الذين بناء دينهم على الظنون والأوهام الفاسدة كعلماء أهل الخلاف ويحتمل أن يراد بهم الفساق و المتظاهرين بالفسوق فإن ذلك مما يريب الناس في دينهم وهو علامة ضعف يقينهم في القاموس الريب صرف الدهر والحاجة والظنة والتهمة وفي النهاية الريب الشك وقيل هو الشك مع التهمة والبدعة اسم من الابتداع کالرفعة من الارتفاع ثم غلب استعمالها فيما هو نقص في الدين أو زيادة كذا ذكر في المصباح. وأقول البدعة في الشرع ما حدث بعد الرسول صلّي الله علیه و آله ولم يرد فيه نص على الخصوص ولا يكون داخلا في بعض العمومات أو ورد نهي عنه خصوصا أو عموما فلا تشمل البدعة ما دخل في العمومات مثل بناء المدارس وأمثالها الداخلة في عمومات إيواء المؤمنين وإسكانهم وإعانتهم وكإنشاء بعض الكتب العلمية والتصانيف التي لها مدخل في العلوم الشرعية وكالألبسة التي لم تكن في عهد الرسول صلّي الله علیه و آله والأطعمة المحدثة فإنها داخلة في عمومات الحلية ولم يرد فيها هي وما يفعل منها على وجه العموم إذا قصد كونها مطلوبة على الخصوص کان بدعة كما أن الصلاة خير موضوع ويستحب فعلها في كل وقت ولما عين عمر رکعات مخصوصة على وجه مخصوص في وقت معين صارت بدعة وكما إذا عين أحد سبعين تهليلة في وقت مخصوص على أنها مطلوبة للشارع في خصوص هذا الوقت بلانص ورد فيها كانت بدعة. وبالجملة إحداث أمر في الشريعة لم يرد فيها نص بدعة سواء كانت أصلها مبتدعا أو خصوصيتها مبتدعة فما ذكره المخالفون أن البدعة منقسمة بانقسام

ص: 131

الأحكام الخمسة تصحيحا لقول عمر في التراويح نعمت البدعة(1) باطل إذ لا تطلق البدعة إلا على ما كان محرما کما قال رسول الله صلّي الله علیه و آله كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار وما فعله عمر كان من البدعة المحرمة لنهي النبي صلّي الله علیه و آله عن الجماعة في النافلة فلم ينفعهم هذا التقسيم ولن يصلح العطار ما أفسد الدهر وقد أشبعنا القول في ذلك في كتاب الفتن في باب مطاعن عمر.

ص: 132


1- نفس انقسام البدعة إلى الأقسام يعد من البدعة أيضاً. السبزواري

أبواب حقوق المؤمنين بعضهم على بعض وبعض أحوالهم

باب (15) / حقوق الإخوان واستحباب تذاكرهم وما يناسب ذلك من المطالب

البحار: ج 29 ص 159

17 - أبي عن محمّد بن عيسى عن خلف بن حماد عن علي بن عثمان بن رزین عمن رواه عن أمير المؤمنين علیه السّلام قال ست خصال من كن فيه كان بين يدي الله وعن يمينه إن الله يحب المرء المسلم الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه ویناصحه الولاية ويعرف فضلي ويطأ عقبي وينتظر عاقبتي.(1)

باب (16) / حفظ الأخوّة ورعاية أودّاء الأب

البحار: ج 29 ص 189 س5

کما روى الصدوق في معاني الأخبار بإسناده إلى أبي بصير قال دخلت على أبي عبد الله علیه السّلام ومعي رجل من أصحابنا فقلت له جعلت فداك يا ابن رسول الله إني الأغتم وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببا فقال علیه السّلام إن ذلك الحزن والفرح يصل إليكم منا لأنا إذا دخل علينا حزن أوسرور کان ذلك داخلا عليكم لأنا وإياكم من نور الله عزّ وجلّ فجعلنا وطينتنا وطينتكم واحدة ولو تركت طينتكم كما أخذت الكنا وأنتم سواء ولكن مزجت طينتكم بطينة أعدائكم فلولا ذلك ما أذنبت ذنبا أبدا

ص: 133


1- خبر شريف لابد وأن يتأمل فيه. السبزواري

قال قلت جعلت فداك فتعود طینتنا ونورناکما بدا فقال إي والله يا عبد الله أخبرني عن هذا الشعاع الزاهر من القرص إذا طلع أهو متصل به أو بائن منه فقلت له جعلت فداك بل هو بائن منه فقال أفليس إذا غابت الشمس وسقط القرص عاد إليه فاتصل به کما بدا منه فقلت له نعم فقال كذلك والله شیعتنا من نور الله خلقوا وإليه يعودون والله إنكم لملحقون بنا يوم القيامة وإنا لنشفع ونشفع ووالله إنكم التشفعون فتشفعون وما من رجل منكم إلا وسترفع له نار عن شماله وجنة عن يمينه فيدخل أحباءه الجنة وأعداءه النار .(1) فتأمّل و تدبّر في هذا الحديث فإن فيه أسرارا غريبة.

باب (19) / علّة حبّ المؤمنين بعضهم بعضاً وأنواع الإخوان

البحار: ج29 ص 198

1- المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن عیسی عن ابن أبي عمير عن حنان بن سدير عن أبيه قال قلت لأبي عبد الله علیه السّلام إني لألقى الرجل لم أره ولم يرني فيما مضى قبل يومه ذلك فأحبه حبا شديدا فإذاکلمته وجدته لي مثل ما أنا عليه له ويخبرني أنه يجد لي مثل الذي أجد له فقال صدقت يا سدير إن ائتلاف قلوب الأبرار إذا التقوا وإن لم يظهروا التودد بألسنتهم کسرعة اختلاط قطر السماء على مياه الأنهار وإن بعد ائتلاف قلوب الفجار إذا التقوا وإن أظهروا التودد بألسنتهم كبعد البهائم من التعاطف وإن طال اعتلافها على مذود واحد.(2)

ص: 134


1- خبر شريف في طينة المؤمن. السبزواري
2- المِذود المُعتَلَف. السبزواري

البحار: ج29 ص 200

4 - قال الصادق علیه السّلام: أحب إخواني إلي من أهدى عيوبي إلي.(1)

باب (20) / قضاء حاجة المؤمنين والسعي فيها وتوقيرهم وإدخال السرور عليهم وإكرامهم وألطافهم وتفريج کربهم والاهتمام بأمورهم

البحار: ج 29 ص 202

9- البيهقي عن الصولي عن جبلة بن محمّد عن عيسى بن حماد بن عیسی عن أبیه عن الرضا عن أبيه عن الصادق علیه السّلام قال إن الرجل ليسألني الحاجة فأبادر بقضائها مخافة أن يستغني عنها فلا يجد لها موقعا إذا جاءته.(2)

البحار: ج 29 ص 225

78 - الحسين بن إبراهيم عن محمّد بن وهبان عن علي بن حبشي عن العباس ابن محمّد بن الحسين عن أبيه عن صفوان بن يحيی وجعفر بن عيسی عن الحسين بن أبي غندر عن أبي عبد الله علیه السّلام قال ما من مؤمن بذل جاهه لأخيه المؤمن إلا حرم الله وجهه على النار ولم يمسه قتر ولا ذلة يوم القيامة وأيما مؤمن بخل بجاهه على أخيه المؤمن وهو أوجه جاها منه إلا مسه قتر وذلة في الدنيا والآخرة وأصابت وجهه يوم القيامة لفحات النيران معذبا كان أو مغفورا له.(3)

البحار: ج29 ص 220

ص: 135


1- ولا ينبغي صدور مثل هذا القول إلا من لسان الصادق صلوات الله عليه. السبزواري
2- يستفاد من مثل هذه الرواية عدم کراهة العجلة في قضاء الحاجة. السبزواري
3- فيه تأكید بلیغ في بذل الجاه. السبزواري

79 - الحسين بن إبراهيم عن محمّد بن وهبان عن محمّد بن أحمد بن زکریا عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة عن أبي کهمس عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قلت له أي الأعمال هو أفضل بعد المعرفة قال ما من شيء بعد المعرفة يعدل هذه الصلاة ولا بعد المعرفة والصلاة شيء يعدل الزكاة ولا بعد ذلك شيء يعدل الصوم ولا بعد ذلك شيء يعدل الحج وفاتحة ذلك كله معرفتنا وخاتمته معرفتنا ولاشيء بعد ذلك كبر الإخوان والمواساة ببذل الدينار والدرهم فإنهما حجران ممسوخان بهما امتحن الله خلقه بعد الذي عددت لك وما رأيت شيئا أسرع غني ولا أنفي للفقر من إدمان حج هذا البيت وصلاة فريضة يعدل عند الله ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات ولحجة عنده خير من بيت مملوء ذهبا لا بل خير من ملء الدنيا ذهبا وفضة ينفقه في سبيل الله عزّ وجلّ والذي بعث محمّدا بالحق بشيرا ونذیرا لقضاء حاجة امرئ مسلم و تنفیس کربته أفضل من حجة وطواف وحجة وطواف حتى عقد عشرة ثم خلا يده وقال اتقوا الله ولا تملوا من الخير ولا تكسلوا فإن الله عزّوجلّ ورسوله صلّي الله علیه و آله غنيان عنكم وعن أعمالكم و أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ عزّ وجلّ وإنما أراد الله عز وجل بلطفه سببا يدخلكم به الجنة.(1)

البحار: ج 29 ص 229

82- نهج البلاغة: قال علیه السّلام: لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث باستصغارها لتعظم وباستكتامها لتظهر وبتعجيلها لتهنأ .(2)

ص: 136


1- خبر شريف لابد أن يتدبر فيه حق التدبر، فتدبّروا فيه واعملوا به. السبزواري
2- هذا نص في استحباب التعجيل في قضاء الحوائج وعدم کراهته. السبزواري

باب (30) / فضل الإحسان والفضل والمعروف ومن هو أهل لها

البحار: ج 29 ص 298

68 کتاب الإمامة والتبصرة، عن الحسن بن حمزة العلوي عن علي بن محمّد ابن أبي القاسم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عن أبيه عن آبائه علیهم السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله صلة الفاجر لا تكاد تصل إلا إلى فاجر مثله.(1)

باب (72) / المكر والخديعة والغشّ والسعي في الفتنة

البحار: ج 29 ص492

9 - ابن الوليد عن الصفار عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم رفعه قال قال على علیه السّلام لولا أن المكر والخديعة في النار لكنت أمكر العرب.(2)

باب (74) / السفيه والسفلة

البحار: ج 29 ص 502

8- ابن بشران عن عثمان بن أحمد عن جعفر الحناط عن عبد الصمد بن يزيد عن

ص: 137


1- وذلك لأن الفاجر غالب أصدقائه وأحبائه مثله والصلة غالباً تكون إلى الأصدقاء والأحباب. السبزواري
2- أقول: مقتضى إطلاق هذه الأخبار حرمة المكر والخديعة والخيانة مطلقاً حتى مع غير المسلم. السبزواري

فضیل بن عیاض قال سئل ابن المبارك من الناس؟ قال العلماء قال من الملوك؟ قال الزهاد قال فمن السفلة؟ قال الذي يأكل بدينه.(1)

باب (78) / في ذمّ الإسراف والتبذير زائداً على ما تقدم في الباب السابق

البحار: ج 29 ص 504

2 - ابن إدريس عن أبيه عن الأشعري رفعه إلى أبي عبد الله علیه السّلام قال السرف في ثلاث ابتذالك ثوب صونك وإلقاؤك النوى يمينا وشمالا وإهراقك فضلة الماء(2) وقال ليس في الطعام سرف.

باب (79) / الظلم وأنواعه ومظالم العباد ومن أخذ المال من غير حله فجعله في غير حقه والفساد في الأرض

البحار: ج 30 ص 11

27 - أبي عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن الصادق علیه السّلام عن آبائه علیهم السّلام: قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله من ظلم أحدا ففاته فلیستغفر الله عزّ وجلّ له فإنه كفّارة له.(3)

ص: 138


1- للسفلة مراتب متفاوتة جداً ويحمل اختلاف الأخبار على اختلاف مراتب السفلة.السبزواري
2- الظاهر أن إطلاقه غير مراد خصوصاً في الأمكنة التي تكثر فيها المياه ولعله كان مختصاً بالأزمنة القديمة وفي الحجاز. السبزواري
3- يعني كفارته الاسترضاء من المظلوم، والخبر محمول على الظلم في غير الحقوق المالية كالغيبة ونحوها، وأما الحقوق المالية فيجب الأداء إلى ورثة المظلوم وان لم يمكن فيكون المال المظلوم فيه من المجهول المالك. السبزواري

البحار: ج 30 ص 11

29 - أبي رفعه قال إن أمير المؤمنين علیه السّلام صعد المنبر فحمد الله فأثنى عليه ثم قال یا أيها الناس إن الذنوب ثلاثة ثم أمسك فقال له حبة العرني يا أمير المؤمنين قلت الذنوب ثلاثة ثم أمسكت فقال له ما ذكرتها إلا وأنا أريد أن أفسرها ولكنه عرض لي بهر حال بيني وبين الكلام نعم الذنوب ثلاثة فذنب مغفور وذنب غير مغفور وذنب نرجو لصاحبه ونخاف عليه قبل يا أمير المؤمنين فبينها لنا قال نعم أما الذنب المغفور فعبد عاقبه الله تعالى على ذنبه في الدنيا فالله أحكم وأكرم أن يعاقب عبده مرتين وأما الذنب الذي لا يغفر فظلم العباد بعضهم لبعض إن الله تبارك وتعالى إذا برز لخلقه أقسم قسما على نفسه فقال وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ولو كف بكف ولومسحة بكف ونطحة ما بين الشاة القرناء إلى الشاة للجماء فيقتص الله للعباد بعضهم من بعض حتى لا يبق لأحد عند أحد مظلمة ثم يبعثهم الله إلى الحساب وأما الذنب الثالث فذنب ستره الله على عبده ورزقه التوبة فأصبح خاشعا من ذنبه راجيا لربه فنحن له كما هولنفسه نرجوله الرحمة ونخاف عليه العقاب.(1)

البحار: ج 30 ص 18

55 - عن الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن عمار قال قال أبو عبد الله علیه السّلام من أصبح لا ينوي ظلم أحد غفر الله له ما أذنب ذلك اليوم ما لم يسفك دما أو يأكل مال يتيم حراما.

بیان: ظاهره أن من دخل الصباح على تلك الحالة وهي أن لا يقصد ظلم أحد غفر

ص: 139


1- الخبر ظاهر في حشر الحيوانات. السبزواري

الله له كل ما صدر عنه من الذنوب غير القتل وأكل مال اليتيم وكأن المراد بعدم النية العزم على العدم ولا ينافي ذلك صدوره منه في أثناء اليوم لكن ينافي ذلك الأخبار الكثيرة الدالة على المؤاخذة بحقوق الناس وقد مر بعضها وتخصيص هذه الأخبار الكثيرة بل ظواهر الآيات أيضا مثل هذا الخبر مشکل وإن قيل بأن الله تعالى يرضي المظلوم ويمكن توجيهه بوجوه:

الأول: أن يكون الغرض استثناء جميع حقوق الناس سواء كان في أبدانهم أو في أموالهم وذكر من كل منهما فردا على المثال لكن خص أشدهما ففي الأبدان القتل وفي الأموال أكل مال اليتيم فيكون حاصل الحديث أن من أصبح غير قاصد بالظلم ولم يأت به في ذلك اليوم غفر الله له كل ما كان بينه وبين الله تعالى من الذنوب كما هو ظاهر الخبر الآتي.

الثاني: أن يكون التخصيص لأنهما من الكبائر والباقي من الصغائر كما هو ظاهر أكثر أخبار الكبائر وما سواهما من الكبائر من حقوق الله ويمكن شمول سفك الدم للجراحات أيضا ولا استبعاد كثيرا في كون هذا العزم في أول اليوم مع ترك كبائر حقوق الناس مكفرالحقوق الله وسائر حقوق الناس بأن يرضي الله الخصوم.

الثالث: أن يكون المعنى من أصبح ولم يهم بظلم أحد ولم يأت به في أثناء اليوم أيضا غفر الله له ما أذنب من حقوقه تعالى ما لم يسفك دما قبل ذلك اليوم ولم يأكل مال يتيم قبل ذلك اليوم ولم يتب منهما فإن من كانت ذمته مشغولة بمثل هذين الحقين لا يستحق لغفران الذنوب وعلى هذا يحتمل أن يكون ذلك اليوم ظرفا للغفران لا للذنب فيكون الغفران شاملا لما مضى أيضا كما هو ظاهر الخبر الآتي وقد يؤول الغفران بأن الله يوفقه لئلا يصر على كبيرة ولا يخفي بعده.

ثم اعلم أن قوله حراما يحتمل أن يكون حالا عن كل من السفك والأكل فالأول

ص: 140

للاحتراز عن القصاص وقتل الكفار والمحاربين والثاني للاحتراز عن الأكل بالمعروف وأن يكون حالا عن الأخير لظهور الأول.(1)

باب (82) / الركون الى الظالمين وحبهم وطاعتهم

البحار: ج 30 ص48

1- محمّد بن علي بن بشار عن علي بن إبراهيم القطان عن محمّد بن عبد الله الحضرمي عن أحمد بن بكر عن محمّد بن مصعب عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله طاعة السلطان واجبة ومن ترك طاعة السلطان فقد ترك طاعة الله عزّ وجلّ ودخل في نهيه إن الله عزّ وجلّ يقول «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ».(2)

البحار: ج 3 ص 11

20 - ابن الوليد عن الصفار عن ابن یزید عن ابن بنت الوليد بن صبيح الباهلي عن أبي عبد الله علیه السّلام قال من سود اسمه في ديوان ولد فلان حشره الله عزّ وجلّ يوم القيامة خنزیراً.(3)

ص: 141


1- ويمكن وجه رابع وهو أن من لا ينوي الظلم يوفق للتوبة من سائر معاصيه فيغفر له الله تعالى لأجل توبته، وأما من لا يوفق للتوبة لأنّ من نيته الظلم فتدبّر. السبزواري
2- محمول أما على السلطان العادل المنصوب من الإمام العادل أو على ما إذا استلزم مخالفته الضرر ولو كان السلطان غیر عادل ويؤيده ذيل الخبر فتدبّر. السبزواري
3- یعنی ولد العباس. السبزواري

باب (87) / التقيّة والمداراة

البحار: ج 30 ص 66

9- أبي عن أحمد بن إدريس عن سهل عن اللؤلؤي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن جندب عن أبي عمر العجمي قال قال لي أبو عبد الله علیه السّلام يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شيء إلا في شرب النبيذ والمسح على الخفين.(1)

ص: 142


1- لعل وجه عدم التقية فيهما أنهما من الأمور الاجتهادية التي كانت محل الخلاف بين العامة أيضاً فإنّ بعضهم لا يرى شرب النبيذ حلالا وبعضهم لا يجوز المسح على الخف. السبزواري

أبواب التحية والتسليم والعطاس وما يتعلق بها

باب (100) / المصافحة والمعانقة والتقبيل

البحار: ج 30 ص 130

6 - ابن الوليد عن الصفار عن عباد بن سلمان عن محمّد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن إسحاق بن عمار الصيرفي قال كنت بالكوفة فيأتيني إخوان كثيرة وكرهت الشهرة فتخوفت أن أشتهر بديني فأمرت غلامي كلما جاءني رجل منهم يطلبني قال ليس هو هاهنا قال فحججت تلك السنة فلقيت أبا عبد الله علیه السّلام فرأيت منه ثقلا وتغيرا فيما بيني وبينه قال قلت جعلت فداك ما الذي غيرني عندك قال الذي غيرك للمؤمنين قلت جعلت فداك إنما تخوفت الشهرة وقد علم الله شدة حبي لهم فقال يا إسحاق لا تمل زيارة إخوانك فإن المؤمن إذا لقي أخاه المؤمن فقال له مرحبا کتب له مرحبا إلى يوم القيامة فإذا صافحه أنزل الله فيما بين إيهامهما مائة رحمة تسعة وتسعين لأشدهم لصاحبه حبا ثم أقبل الله عليهما بوجهه فكان على أشدهما حبا لصاحبه أشد إقبالا فإذا تعانقا غمرتهما الرحمة فإذا لبثا لا يريدان إلا وجهه لا يريدان غرضا من غرض الدنيا قيل لهما غفر لكما فاستأنفا فإذا أقبلا على المساءلة قالت الملائكة بعضهم لبعض تتحوا عنهما فإن لهماسرا وقد ستره الله عليهما قال إسحاق قلت له جعلت فداك لا يكتب علينا لفظنا فقد قال الله عزّ وجلّ «مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» قال فتنفس ابن رسول الله صلّي الله علیه و آله الصعداء قال ثم بکی حتى خضبت دموعه لحيته وقال يا إسحاق إن الله تبارك و تعالى إنما نادى الملائكة أن يغيبوا عن المؤمنين إذا التقيا إجلالا لهما فإذا كانت الملائكة لا تكتب لفظهما ولا

ص: 143

تعرف كلامهما فقد يعرفه الحافظ عليهما عالم السر وأخفي يا إسحاق فخف الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت وإن كنت تعلم أنه يراك ثم استترت عن المخلوقين بالمعاصي وبرزت له بها فقد جعلته في حد أهون الناظرين إليك.(1)

البحار: ج 30 ص126

29- عن علي عن أبيه عن حماد عن ربعي عن زرارة عن أبي جعفر علیه السّلام قال سمعته يقول إن الله عزّ وجلّ لا يوصف وكيف يوصف وقال في كتابه «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» فلا يوصف بقدره إلا كان أعظم من ذلك وإن النبي صلّي الله علیه و آله لا يوصف وكيف يوصف عبد احتجب الله عزّ وجلّ بسبع وجعل طاعته في الأرض كطاعته في السماء فقال «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» ومن أطاع هذا فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني وفوض إليه وإنا لانوصف وكيف يوصف قوم رفع الله عنهم الرجس وهو الشك (2) والمؤمن لا يوصف وإن المؤمن ليلقى أخاه فيصافحه فلا يزال الله ينظر إليهما والذنوب تتحات عن وجوههما کمایتحات الورق عن الشجر.

البحار: ج 30 ص 138 س 23

ويؤيده ما روي أن أبا بصير دخل جنبا على الصادق علیه السّلام فقال هكذا تدخل بيوت الأنبياء.(3)

ص: 144


1- في هذا الحديث الشريف موعظة بليغة من الإمام الصادق علیه السّلام. السبزواري
2- في هذا الحديث الشريف تفسير الرجس بالشك وهو أحسن التفاسير. السبزواري
3- فيه أن الدخول على المعصوم غیر مس جسده الشريف، فلا ربط لأحدهما بالآخر حتى يؤيد أحدهما بالآخر. السبزواري

البحار: ج 30 ص 142

37- عن محمّد بن يحيى عن ابن عیسی عن الحجال عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله علیه السّلام ناولني يدك أقبلها فأعطانيها فقلت جعلت فداك رأسك ففعل فقبلته فقلت جعلت فداك فرجلا فقال أقسمت أقسمت أقسمت ثلاثا وبقي شيء وبقي شيء وبقي شيء.

تبيين: أقسمت أقول يحتمل وجوها الأول أن يكون على صيغة المتكلم ويكون إخبارا أي حلفت أن لا أعطي رجلي أحدا يقبلها(1) إما لعدم جوازه أو عدم رجحانه أو للتقية. وقوله بقي شيء استفهام على الإنكار أي هل بقي احتمال الرخصة والتجویز بعد القسم الثاني أن يكون إنشاء للقسم ومناشدة أي أقسم عليك أن ترك ذلك للوجوه المذكورة وهل بقي بعد مناشدني إياك من طلبك التقبيل شيء أو لم يبق بعد تقبيل اليد والرأس شيء تطلبه الثالث ما كان يقوله بعض الأفاضل رحمه الله له وهو أن يكون المعنى أقسمت قسمة بيني وبين خلفاء الجور فاخترت اليد والرأس وجعلت الرجل لهم بقي شيء أي ينبغي أن يبقى لهم شيء لعدم التضرر منهم. الرابع ما قال بعضهم أيضا إنه أقسمت بصيغة الخطاب على الاستفهام للإنكار أي أأقسمت أن تفعل ذلك فتبالغ فيه وبقي شيء على الوجه السابق. الخامس ما ذكره بعض الأفاضل وهو أن أقسمت على صيغة الخطاب و ثلاثا من كلام الإمام علیه السّلام أي أقسمت قسما لتقبيل اليد وآخر لتقبيل الرأس وآخر لتقبيل الرجلين وفعلت اثنين وبقي الثالث وهو تقبيل الرجلين فافعل فإنه يجب عليك السادس ما قيل إن أقسمت بصيغة الخطاب من القسم بالكسر وهو الحظ والنصيب أي أخذت حظك ونصيبك

ص: 145


1- سيأتي بإسناد الصدوق عن كتاب تأويل الآيات الباهرة إن تقبيل الرِجل من آداب الأعاجم. السبزواري

وليبق شيء مما يجوز أن يقبل للتقية.

وأقول لا يخفى ما في الوجوه الأخيرة من البعد والركاكة ثم إنه يحتمل على بعض الوجوه المتقدمة أن يكون المراد بقوله بقي شيء التعريض بيونس وأمثاله أي بقي شيء آخر سوى هذه التواضعات الرسمية والتعظيمات الظاهرية وهو السعي في تصحيح العقائد القلبية ومتابعتنا في جميع أعمالنا وأقوالنا وهي أهم من هذا الذي تهتم به لأنه علیه السّلام كان يعلم أنه سيضل ويصير فطحيا وأما قوله رأسك فيحتمل الرفع والنصب والأخير أظهر أي ناولني رأسك وقوله فرجلا مبتدأ وخبره محذوف أي أريد أن أقبلهما أو ما حالها أي يجوز لي تقبيلهما.

باب (102) / التكاتب وآدابه والافتتاح بالتسمية بالكتابة وفي غيرها من الأمور

البحار: ج 30 ص 149

3- محمّد بن أحمد البغدادي عن علي بن محمّد بن عنبسة عن دارم بن قبيصة ونعيم بن صالح عن الرضا عن آبائه صلوات الله عليهم قال قال النبي صلّي الله علیه و آله باكروا بالحوائج فإنها میسرة وتربوا الكتاب فإنه أنجح للحاجة واطلبوا الخير عند حسان الوجوه.(1)

ص: 146


1- لعل المراد بحسان الوجوه من له وجه حسن عند الناس فيعرفه الناس بالحسن والأمانة وسائر الأخلاق الفاضلة و هو المعبر عنه بالفارسية باب رد. السبزواري

باب (106) / الدعابة والمزاح والضحك

البحار: ج 20 ص 155

5- أبي عن سعد عن حماد بن يعلى عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر علیه السّلام قال لهو المؤمن في ثلاثة أشياء التمتع بالنساء ومفاكهة الإخوان والصلاة بالليل.(1)

باب (108) / ما يجوز من تعظيم الخلق وما لا يجوز

البحار: ج 20 ص 158

4 - حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين بن عبد الله بن محمد بن مهران الآبي العروضي رحمه الله بمرو عن زيد بن عبد الله البغدادي عن علي بن سنان الموصلي عن أبيه قال لما قبض سیدنا أبو محمد العسكري علیه السّلام الوفد من قم والجبال وفود بالأموال كانت تحمل على الرسم فلما أن وصلوا إلى سر من رأى قيل لهم إنه قد فقد فطلب جعفر منهم المال ولم يعطوه فلما خرجوا من البلد خرج عليهم غلام وناداهم بأسمائهم وقال أجيبوا مولاكم قالوا فسرنا معه حتى دخلنا دار مولانا الحسن بن علي علیه السّلام فإذا ولده القائم عجل الله فرجه قاعد على سرير كأنه فلقة القمر عليه ثياب خضر فسلمنا عليه فرد علينا السلام فقال جملة المال كذا وكذا دينارا حمل فلان كذا وفلان كذا ولم يزل يصف حتى وصف الجميع ثم وصف ثيابنا ورحالنا وما كان معنا من الدواب

ص: 147


1- المراد باللهو هنا هو الفرح والانبساط وهو متحقق في صلاة الليل عند من ذاق طعم القرب منه تعالى وليس المراد باللهو ما هوة المستعمل عند أبناء الدنيا. السبزواري

فخررناسجدا لله عزّ وجلّ شكراً لما عرفنا وقبلنا الأرض بين يديه (1) وسألناه عما أردنا فأجاب فحملنا إليه الأموال والخبر طويل أوردناه في كتاب الغيبة.

ص: 148


1- يظهر منه جواز تقبيل الأرض بين يدي الإمام. السبزواري

أبواب التحية والتسليم والعطاس وما يتعلق بها کتاب الآداب والسنن والأوامر والنواهي والكبائر والمعاصي والزي والتجمل

أبواب آداب التطيب والتنظيف والاكتحال والتدهن

باب (2) / السُّنن الحنيفيّة

البحار:ج 20 ص 162

1- ابن الوليد عن الصفار عن البرقي عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم عن الكاظم علیه السّلام قال خمس من السنن في الرأس وخمس في الجسد فأما التي في الرأس فالمسواك وأخذ الشارب وفرق الشعر والمضمضة والاستنشاق وأما التي في الجسد فالختان وحلق العانة ونتف الإبطين وتقليم الأظفار والاستنجاء.(1)

البحار: ج 30 ص 163 (ما ألقت)

4 - عن زرارة عن أبي جعفر علیه السّلام قال ما أبقت الحنيفية شيئا(2) حتى أن منها قص الشارب وقلم الأظفار والختان.

البحار: ج3 ص 163 السطر الأخير

وبهذا الإسناد قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله أول من اختتن إبراهيم علیه السّلام اختتن بالقدوم على رأس ثمانين سنة.(3)

ص: 149


1- المراد بالسنة أعم من الوجوب لأنّ الختان واجب. السبزواري
2- الصحيح ما أبقت. السبزواري
3- محمول على التقية. السبزواري

أبواب آداب الحمام والنورة والسواك وما يتعلق بها

باب (3) / آداب الحمّام وفضله وأحكامه والأدعية المتعلقة به والتدلك وغسل الرأس بالطين

البحار: ج 30 ص 164

3- الحسن بن علي الصوفي عن حمزة بن القاسم عن الفزاري عن محمّد بن الحسن الوزان عن يحيى بن سعيد الأهوازي عن البزنطي عن محمّد بن حمران عن الصادق علیه السّلام قال إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع ثيابك اللهم انزع عني ربقة النفاق و ثبتني على الإيمان فإذا دخلت البيت الأول فقل اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي وأستعيذ بك من أذاه وإذا دخلت البيت الثاني فقل اللهم أذهب عني الرجس النجس وطهر جسدي وقلبي وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك وصب منه على رجليك وإن أمكن أن تبلع منه جرعة (1) فافعل فإنه ينقي المثانة والبث في البيت الثاني ساعة فإذا دخلت البيت الثالث فقل نعوذ بالله من النار ونسأله الجنة ترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار وإياك وشرب الماء البارد و الفقاع في الحمام فإنه يفسد المعدة ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن وصب الماء البرد على قدميك إذا خرجت فإنه يسل الداء من جسدك فإذا لبست

ص: 150


1- محمول على الحمامات المتعارفة في تلك الأزمنة من عدم دخول احد في الخزانة بل عدم إمكان الدخول وإنما يتطهرون من الحياض الصغار المتصلة بالخِزانة ويدل عليه الأخبار الواردة في ماء الحمام، وأما انه إذا كان الدخول في الخزانة متعارفاً كما في أمثال زماننا فرجحان ابتلاع ما الخزانة ممنوع جداً ويدل عليه بعض الأخبار فتتبع. السبزواري

ثيابك فقل اللهم ألبسني التقوى وجنبني الردي فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء.

باب (8) / الخضاب للرجال والنساء

البحار: ج 30 ص 186

14 - نهج البلاغة، قيل له علیه السّلام لو غيرت شیبك يا أمير المؤمنين فقال علیه السّلام الخضاب زينة ونحن قوم في مصيبة يريد برسول الله صلّي الله علیه و آله.(1)

باب (10) / الشيب وعلّته وجزّه ونتفه

البحار: ج 30 ص 188

1- عن أبيه عن سعد عن الطيالسي عن عبد الرحمن بن عون عن أبي نجران التميمي عن ابن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال ثلاثة إلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ ... وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ الناتف شیبه والناكح نفسه والمنكوح في دبره.(2)

ص: 151


1- يستفاد منه انه يكفي في المأتم ترك الزينة فقط ولو كان لبس السواد شعار المصيبة كما في هذا الزمان للبسه علیه السّلام. السبزواري
2- لعل المراد به النتف بعنوان الإهانة لا بعنوان آخر و حرمته مع ذلك مشكل إذ لم يقل أحد بالحرمة فيما أعلم. السبزواري

باب (16) / قصّ الأظفار

البحار: ج 30 ص 200 س 15

وبهذا الإسناد قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله يا معشر الرجال قصوا أظافيركم وقال للنساء طولن أظافیرکن فإنه أزين لَكُنَّ.(1)

باب (18) / السواك والحثّ عليه وفوائده وانواعه واحكامه

البحار: ج 30 ص206 س 19

وقال الصادق علیه السّلام الالما دخل الناس في الدين أفواجا قال رسول الله صلّي الله علیه و آله أتتهم الأزد أرقها قلوبا وأعذبها أفواها فقيل يا رسول الله هذا أرقها قلوبا عرفناه فلم صارت أعذبها أفواها قال صلّي الله علیه و آله إنها كانت تستاك في الجاهلية.(2)

البحار: ج 20 ص 86 س 13

دعوات الراوندي، قال النبي صلّي الله علیه و آله استاكوا عرضا ولا تستاكوا طولا وقال التشويص بالإبهام (3) والمسبحة عند الوضوء السواك والدعاء عند السواك اللهم ارزقني حلاوة نعمتك وأذقني برد روحك وأطلق لساني بمناجاتك وقربني منك

ص: 152


1- أقول: ظاهر جملة من الأخبار استحباب تطويل النساء أظافر هن وقد صار هذا الخلق عادة في النساء الإفرنج و سرت إلى النساء المسلمات. السبزواري
2- السبزواري: يدلّ على أّن السواك كان في الجاهليّة أيضاً
3- السبزواري: يعني أن الدلك بهما بمنزلة السواك، والشوص الدلك والغسل وقد اشتهر في اللغة الفارسية الشصت بمعنى الغسل

مجلسا و ارفع ذكري في الأولين اللهم يا خير من سئل و يا أجود من أعطى حولنا مما تكره إلى ما تحب وترضى وإن كانت القلوب قاسية وإن كانت الأعين جامدة وإن كنا أولى بالعذاب فأنت أولى بالمغفرة اللهم أحيني في عافية وأمتني في عافية.

ص: 153

أبواب المساكن وما يتعلق بها

باب (26) / سعة الدار وبركتها وشؤمها وحدها وذم من بناها رياء وسمعة

البحار: ج 30 ص 217

7- عن أبيه عن علي عن أبيه عن القداح عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله الشوم في ثلاثة أشياء في الدابة والمرأة والدار فأما الدار فشومها ضيقها وخبث جيرانها الخبر.(1)

البحار: ج 20 ص 220

33 - عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله علیه السّلام أن رجلا من الأنصار سأل النبي صلّي الله علیه و آله أن الدور قد اكتنفته فقال له النبي صلّي الله علیه و آله ارفع ما استطعت (2) واسأل الله أن يوسع عليك.

البحار: ج 30 ص 220 س19

قال رسول الله صلّي الله علیه و آله أربع من السعادة وأربع من الشقاوة فالأربع التي من السعادة المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب البهي والأربع التي من الشقاوة للجار السوء والمرأة السوء والمسكن الضيق والمركب السوء.(3)

ص: 154


1- بیان شؤم المرأة والدابة والدار وانه من الجهات الدنيوية الظاهرة لا الخيالية. السبزواري
2- بينهما كلمة ساقطة وهي صوتك بالأذان. السبزواري
3- الأحاديث التالية لبيان أن السعة والضيق من الأمور الإضافية ويختلف ذلك باختلاف العائلة قلة وكثرة. السبزواري

باب (27) / ما ورد في سكنى الأمصار والقرى

البحار: ج 3 ص 222 س3

وقال النبي صلّي الله علیه و آله من لم يتورع في دين الله(1) ابتلاه الله تعالى بثلاث خصال إما أن يميته شابا أو يوقعه في خدمة السلطان أو يسكنه في الرساتیق.

باب (30) / تزويق البيوت وتصويرها واتخاذ الكلب فيها

البحار: ج 30 ص 224

6- عن أبيه عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن عبد الله بن يحيی الكندي عن أبيه وكان صاحب مطهرة علي عن علي علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله يا علي إن جبرئيل أتاني البارحة فسلم علي من الباب فقلت ادخل فقال إنا لا ندخل بیتا فيه ما في هذا البيت فصدقته وما علمت ما في البيت شيئا فضربت بيدي فإذا جرو كلب كان للحسين بن علي يلعب به بالأمس فلما كان الليل دخل تحت السرير فنبذته من البيت ودخل فقلت ياجبرئيل وما تدخلون بيتا فيه كلب قال لا ولا جنب ولا تمثال لا يوطأ.(2)

ص: 155


1- عدم التورع عبارة عن ارتكاب المحارم ولارتكاب كل حرام اثر لا يعلمه إلا الله تعالی وخواص أوليائه والظاهر أن هذا الخبر من المجربات، ومن شاء فليجرب. السبزواري
2- السبزواري: هذا الخبر ضعيف السند لا يلتفت إليه

باب (45) / ذمّ السفر ومدحه وما ينبغي منه

البحار: ج30 ص 266

7- عن النوفلي عن السكوني بإسناده قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله السفر قطعة من العذاب وإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الإياب إلى أهله.

باب (46) / الأوقات المحمودة والمذمومة للسفر وما يتشاءم به للمسافر

البحار: ج3 ص 267

1- عن ابن طريف عن ابن علوان عن الصادق عن أبيه علیه السّلام قال كان رسول الله صلّي الله علیه و آله يسافر يوم الاثنين والخميس ويعقد فيهما الألوية.

البحار: ج 30 ص 268

7- عن ابن الوليد عن محمّد العطار عن الأشعري عن السياري عن محمّد بن أحمد الدقاق قال كتبت إلى الرضا علیه السّلام أسأله عن الخروج يوم الأربعاء لا يدور فكتب من خرج يوم الأربعاء لا يدور خلافا على أهل الطيرة وقي من كل آفة وعوفي من كل عاهة وقضى الله له حاجته.

ص: 156

باب (67) / جوامع مناهي النبيّ صلّي الله علیه و آله ومتفرّقاتها

البحار: ج 30 ص 338

جوامع مناهي النبي صلّي الله علیه و آله ومتفرقاتها(1)

1- عن حمزة بن محمّد العلوي عن عبد العزيز بن محمد بن عيسى الأبهري عن محمّد بن زکریا الجوهري الغلابي عن شعیب بن واقد عن الحسين بن زید عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين علیه السّلام قال:

نهی رسول الله صلّي الله علیه و آله عن الأكل على الجنابة وقال إنه يورث الفقر.

و نهی عن تقليم الأظفار بالأسنان وعن السواك في الحمام والتنخع في المساجد.

و نهی عن أكل سؤر الفأرة وقال لا تجعلوا المساجد طرقا حتى تصلوا فيها ركعتين.

ونهي أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة أو على قارعة الطريق.

ونهي أن يأكل الإنسان بشماله وأن يأكل وهو متكئ .

ونهي أن تجصص المقابر وتصلى فيها وقال إذا اغتسل أحدكم في فضاء من الأرض فليحاذر على عورته ولا يشربن أحدكم الماء من عند عروة الإناء فإنه مجتمع الوسخ.

ونهي أن يبول أحد في الماء الراكد فإنه منه يكون ذهاب العقل.

و نهی أن يمشي الرجل في فرد نعل أو يتنعل وهو قائم.

و نهی أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس أو للقمر وقال إذا دخلتم الغائط

ص: 157


1- هو حديث مشتمل على كلمة (نهى) ثمانين مرّة. السبزواري

فتجنبوا القبلة.

و نهی عن الرنة عند المصيبة.

ونهي عن النياحة والاستماع إليها.

و نهی عن اتباع النساء الجنائز.

ونهي أن يمحي شيء من كتاب الله عزّ وجلّ بالبزاق أو يكتب منه.

ونهي أن يكذب الرجل في رؤياه متعمدا وقال يكلفه الله يوم القيامة أن يعقد شعيرة وما هو بعاقدها.

ونهي عن التصاویر وقال من صور صورة كلفه الله يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ.

ونهي أن يحرق شيء من الحيوان بالنار.

ونهي عن سب الديك وقال إنه يوقظ للصلاة.

و نهی أن يدخل الرجل في سوم أخيه المسلم.

ونهي أن يكثر الكلام عند الجامعة وقال منه يكون خرس الولد وقال لا تبيتوا القمامة في بيوتكم وأخرجوها نهارا فإنها مقعد الشيطان وقال لا يبيتن أحد ويده غمرة فإن فعل فأصابه لم الشيطان فلا يلومن إلا نفسه.

ونهي أن يستنجي الرجل بالروث.

ونهي أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها فإن خرجت لعنها كل ملك في السماء وكل شيء تمر عليه من الجن والإنس حتى ترجع إلى بيتها.

ونهي أن تتزين المرأة لغير زوجها فإن فعلت كان حقا على الله عزّ وجلّ أن يحرقه بالنار.

ونهي أن تتكلم المرأة عند غير زوجها وغير ذي محرم منها أكثر من خمس کلمات

ص: 158

مما لا بد لها منه.

و نهی أن تبلشر المرأة المرأة ليس بينهما ثوب.

ونهي أن تحدث المرأة المرأة ما تخلو به مع زوجها.

ونهي أن يجامع الرجل أهله مستقبل القبلة وعلى ظهر طريق عامر فمن فعل ذلك فعليه «لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».

ونهي أن يقول الرجل للرجل زوجني أختك حتى أزوجك أختي.

ونهي إتيان العراف وقال من أتاه وصدقه فقد برئ مما أنزل الله على محمد صلّي الله علیه و آله.

ونهي عن اللعب بالنرد والشطرنج والكوبة والعرطبة وهي الطنبور والعود يعني الطبل.

ونهي عن الغيبة والاستماع إليها.

ونهي عن النميمة والاستماع إليها وقال لا يدخل الجنة قتات يعني نماما. ونهى عن

إجابة الفاسقين إلى طعامهم.

ونهي عن اليمين الكاذبة وقال إنها تترك الديار بلاقع وقال من حلف بیمین کاذبة صبرا ليقطع بها مال امرئ مسلم لقي الله عزّ وجلّ وهو عليه غضبان إلا أن يتوب ويرجع.

و نهی عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر.

و نهی أن يدخل الرجل حليلته إلى الحمام وقال لا يدخلن أحدكم الحمام إلا بمئزر.

ونهي عن المحادثة التي تدعو إلى غير الله.

و نهی عن تصفيق الوجه ونهی عن الشرب في آنية الذهب والفضة.

و نهی عن لبس الحرير والدیباج والقز للرجال فأما للنساء فلا بأس.

ونهي أن يباع الثمار حتى يزهو يعني يصفر أو يحمر.

ص: 159

ونهي عن المحاقلة يعني بيع التمر بالرطب والعنب بالزبيب وما أشبه ذلك. ونهی عن بيع النرد والشطرنج وقال من فعل ذلك فهو كآكل لحم الخنزير. ونهى عن بيع الخمر وأن تشتري الخمر وأن تسقي الخمر وقال علیه السّلام لعن الله الخمر وعاصرها و غارسها وشاربها وساقيها وبائعها ومشتریها و آكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه وقال علیه السّلام من شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما وإن مات وفي بطنه شيء من ذلك كان حقا على الله أن يسقيه من طينة خبال وهو صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في قدور جهنم فیشر بها أهل النار فيصهر به ما في بطونهم والجلود.

و نهی عن أكل الربا وشهادة الزور وكتابة الربا وقال علیه السّلام إن الله عز وجل لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.

ونهي عن بيع وسلف.

و نهی عن بيعين في بيع.

ونهي عن بيع ما ليس عندك.

ونهي عن بيع ما لم يضمن.

ونهي عن مصافحة الذمي.

و نهی عن أن ينشد الشعر أو تنشد الضالة في المسجد.

ونهي أن يسل السيف في المسجد. و نهی عن ضرب وجوه البهائم.

و نهی أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم وقال من تأمل عورة أخيه المسلم لعنه سبعون ألف ملك.

ونهي المرأة أن تنظر إلى عورة المرأة.

ص: 160

و نهی أن ينفخ في طعام أو في شراب أو ينفخ في موضع السجود.

ونهي أن يصلي الرجل في المقابر والطرق والأرحية والأدوية ومرابض الإبل وعلى ظهر الكعبة.

ونهي عن قتل النحل.

و نهی عن الوسم في وجوه البهائم.

ونهي أن يحلف بغير الله وقال من حلف بغير الله فليس من الله في شيء ونهى أن يحلف الرجل بسورة من كتاب الله وقال من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية منها يمين فمن شاء بر ومن شاء فجر.

ونهي أن يقول الرجل للرجل لا وحياتك وحياة فلان.

ونهي أن يقعد الرجل في المسجد وهو جنب.

ونهي عن التعري بالليل والنهار.

و نهی عن الحجامة يوم الأربعاء والجمعة.

ونهي عن الكلام يوم الجمعة والإمام يخطب فمن فعل ذلك فقد لغی ومن لغى فلا جمعة له.

ونهي عن التختم بخاتم صفر أو حديد.

و نهی أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم.

و نهی عن الصلاة في ثلاث ساعات عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند استوائها.

و نهی عن صيام ستة أيام يوم الفطر ويوم الشك ويوم النحر وأيام التشريق ونهی أن يشرب الماء كرعاكا تشرب البهائم وقال لشربوا بأيديكم فإنها أفضل أوانيكم.

و نهی عن البزاق في البئر التي يشرب منها

ص: 161

و نهی أن يستعمل أجير حتى يعلم ما أجرته.

ونهي عن الهجران فإن كان لا بد فاعلالا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام فن کان مهاجرا لأخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى به.

ونهي عن بيع الذهب و الفضة بالنسيئة.

ونهي عن بيع الذهب بالذهب زيادة إلا وزنا بوزن.

ونهي عن المدح وقال أحثوا في وجوه المداحين التراب وقال صلّي الله علیه و آله من تولى خصومة ظالم أو أعان عليها ثم نزل به ملك الموت قال له أبشر بلعنة الله ونار جهنم وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ وقال من مدح سلطانا جائرا وتخفف و تضعضع له طمعا فيه كان قرینه إلى النار وقال صلّي الله علیه و آله قال الله عزّ وجلّ «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ» وقال صلّي الله علیه و آله من دل جائرا على جور كان قرين هامان في جهنم ومن بنی بنیانا ریاء وسمعة حمله يوم القيامة من الأرض السابعة وهو نار تشتعل ثم يطوق في عنقه ويلق في النار فلا يحبسه شيء منها دون قعرها إلا أن يتوب قيل يا رسول الله صلّي الله علیه و آله کیف يبني ریاء وسمعة قال يبني فضلا على ما يكفيه استطالة منه على جيرانه ومباهاة الإخوانه وقيل علیه السّلام من ظلم أجيرا أجره أحبط الله عمله وحرم الله عليه ريح الجنة وإن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام ومن خان جاره شبرا من الأرض جعلها الله طوقا في عنقه من تخوم الأرضين السابعة حتى يلقي الله يوم القيامة مطوقا إلا أن يتوب ويرجع ألا ومن تعلم القرآن ثم نسيه متعمدا لقي الله يوم القيامة مغلولا يسلط الله عزّ وجلّ عليه بكل آية منها حية تكون قرینه إلى النار إلا أن يغفر له وقال علیه السّلام من قرأ القرآن ثم شرب عليه حراما أو آثر عليه حب الدنيا وزينتها استوجب عليه سخط الله إلا أن يتوب ألا وإنه إن مات على غير توبة حاجه القرآن يوم القيامة فلا يزايله إلا مدحوضا ألا ومن زنی بامرأة مسلمة أو يهودية أو

ص: 162

صرانية أو مجوسية حرة أو أمة ثم لم يتب ومات مصرا عليه فتح الله له في قبره ثلاث مائة باب تخرج منه حیات وعقارب وثعبان النار فهو يحترق إلى يوم القيامة فإذا بعث من قبره تأذي الناس من نتن ريحه فيعرف بذلك وبما كان يعمل في دار الدنيا حتى يؤمر به إلى النار ألا وإن الله حرم الحرام وحد الحدود وما أحد أغير من الله ومن غيرته حرم الفواحش.

وهي أن يطلع الرجل في بيت جاره وقال من نظر إلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمدا أدخله الله مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عورات المسلمين ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله إلا أن يتوب وقال علیه السّلام ومن لم يرض بما قسمه الله له من الرزق وبث شكواه ولم يصبر ولم يحتسب لم ترفع له حسنة ويلقی الله وهو عليه غضبان إلا أن يتوب.

ونهي أن يختال الرجل في مشيه وقال من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم وكان قرین قارون لأنه أول من اختال فخسف الله بِهِ وَبِدارِهِ الأَرْضَ ومن اختال فقد نازع الله في جبروته.

وقال صلّي الله علیه و آله من ظلم امرأة مهرها فهو عند الله زان يقول الله عزّ وجلّ له يوم القيامة عبدي زوجتك أمتي على عهدي فلم توف بعهدي و ظلمت أمتي فيؤخذ من حسناته فيدفع إليها بقدر حقها فإذا لم تبق له حسنة أمر به إلى النار بنکته للعهد «إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا .

ونهي صلّي الله علیه و آله عن كتمان الشهادة وقال من كتمها أطعمه الله لحمه على رءوس الخلائق وهو قول الله عزّ وجلّ «وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ» وقال رسول الله صلّي الله علیه و آله من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» ومن ضيع حق جاره فليس منا وما زال جبرئیل علیه السّلام يوصيني بالجار حتى ظننت أنه

ص: 163

سيورثه وما زال يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه سيجعل لهم وقتا إذا بلغوا ذلك الوقت أعتقوا وما زال يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه سيجعله فريضة وما زال يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لن يناموا ألا وإن استخف بفقير مسلم فقد استخف بحق الله والله يستخف به يوم القيامة إلا أن يتوب وقال صلّي الله علیه و آله من أكرم فقيرا مسلما لقي الله يوم القيامة وهو عنه راض وقال صلّي الله علیه و آله من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله عزّ وجلّ حرم الله عليه النار و آمنه من الفزع الأكبر وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله «وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ» ألا ومن عرضت له دنیا و آخرة فاختار الدنيا على الآخرة لقي الله يوم القيامة وليست له حسنة يتقي بها من النار ومن اختار الآخرة على الدنيا وترك الدنيا وغفر له مساوي عمله ومن ملأ عينه من حرام ملأ الله عينه يوم القيامة من النار إلا أن يتوب ويرجع وقال صلّي الله علیه و آله من صافح امرأة تحرم عليه فقد بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ ومن التزم امرأة حراما قرن في سلسلة نار مع شيطان فيقذفان في النار ومن غش مسلما في شراء أو بيع فليس منا ويحشر يوم القيامة مع اليهود لأنهم أغش الخلق للمسلمين.

و نهی رسول الله صلّي الله علیه و آله أن يمنع أحد الماعون وقال من منع الماعون من جاره منعه الله خيره يوم القيامة ووكله إلى نفسه ومن وكله إلى نفسه فا أسوأ حاله وقال صلّي الله علیه و آله أيما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل الله منها صرفا ولا عدلا ولا حسنة من عملها حتى ترضيه وإن صامت نهارها وقامت ليلها وأعتقت الرقاب وحملت على جياد الخيل في سبيل الله وكانت أول من يرد النار وكذلك الرجل إذا كان لها ظالم ألا ومن لطم خد مسلم أو وجهه بدد الله عظامه يوم القيامة وحشره مغلولا حتى يدخل جهنم إلا أن يتوب ومن بات وفي قلبه غش لأخيه المسلم بات في سخط الله وأصبح كذلك حتى يتوب.

ص: 164

ونهي عن الغيبة وقال من اغتاب امرأ مسلما بطل صومه ونقض وضوؤه وجاء يوم القيامة يفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذى به أهل الموقف فإن مات قبل أن يتوب مات مستحلا لما حرم الله وقال صلّي الله علیه و آله من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه وحلم عنه أعطاه الله أجر شهيد ألا ومن تطول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردها عنه رد الله عنه ألف باب من السوء في الدنيا والآخرة فإن هو لم يردها وهو قادر على ردها كان عليه کوزر من اغتابه سبعين مرة.

و نهی رسول الله صلّي الله علیه و آله عن الخيانة وقال من خان أمانة في الدنيا ولم يردها إلى أهلها ثم أدركه الموت مات على غير ملتي ويلق الله وهو عليه غضبان وقال صلّي الله علیه و آله من شهد شهادة زور على أحد من الناس علق بلسانه مع المنافقين فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ومن اشترى خيانة وهو يعلم فهو كالذي خانها ومن حبس عن أخيه المسلم شيئا من حقه حرم الله عليه بركة الرزق إلا أن يتوب ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها و من احتاج إليه أخوه المسلم في قرض وهو يقدر عليه فلم يفعل حرم الله عليه ريح الجنة ألا ومن صبر على خلق امرأة سيئة الخلق واحتسب في ذلك الأجر أعطاه الله ثواب الشاكرين في الآخرة ألا وأيما امرأة لم ترفق بزوجها وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق لم تقبل منها حسنة وتلقي الله وهو عليها غضبان ألا ومن أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم الله عزّ وجلّ.

و نهی رسول الله صلّي الله علیه و آله أن يؤم الرجل قوما إلا بإذنهم وقال من أم قوما بإذنهم وهم به راضون فاقتصد بهم في حضوره وأحسن صلاته بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده فله مثل أجر القوم ولا ينقص من أجورهم شيء ألا ومن أم قوما بأمرهم ثم لم يتم بهم الصلاة ولم يحسن في ركوعه وسجوده وخشوعه وقراءته ردت عليه صلاته ولم تجاوز ترقوته وكانت منزلته كمنزلة إمام جائر معتد لم يصلح إلى

ص: 165

رعيته ولم يقم فيهم بحق ولا قام فيهم بأمر وقال صلّي الله علیه و آله من مشى إلى ذي قرابة بنفسه وماله ليصل رحمه أعطاه الله عزّ وجلّ أجر مائة شهيد وله بكل خطوة أربعون ألف حسنة ويمحى عنه أربعون ألف سيئة ويرفع له من الدرجات مثل ذلك وكأنما عبد الله مائة سنة صابرا محتسبا ومن کفی ضریرا حاجة من حوائج الدنيا ومشى له فيها حتى يقضي الله له حاجته أعطاه الله براءة من النفاق وبراءة من النار وقضى له سبعين حاجة من حوائج الدنيا ولا يزال يخوض في رحمة الله عزّ وجلّ حتى يرجع ومن مرض يوما وليلة فلم يشك إلى عواده بعثه الله يوم القيامة مع خليله إبراهيم خليل الرحمن حتى يجوز الصراط كالبرق اللامع ومن سعی لمريض في حاجة قضاها أو لم يقضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فقال رجل من الأنصار بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلّي الله علیه و آله فإذا كان المريض من أهل بيته أوليس ذلك أعظم أجرا إذا سعى في حاجة أهل بيته قال نعم ألا ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه اثنتين وسبعین کربة من كرب الآخرة واثنتين وسبعین کربة من كرب الدنيا أهونها المغص قال ومن مطل على ذي حق حقه وهو يقدر على أداء حقه فعليه كل يوم خطيئة عشار ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا يسلط عليه في نار جهنم وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ومن اصطنع إلى أخيه معروفا فامتن به أحبط الله علیه عمله و ثبت وزره ولم یشکر له سعيه ثم قال صلّي الله علیه و آله يقول الله عزّ وجلّ حرمت اللجنة على المنان والبخيل والقتات وهو النمام ألا ومن تصدق بصدقة فله بوزن کل درهم مثل جبل أحد من نعيم الجنة ومن مشي بصدقة إلى محتاج کان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شيء ومن صلى على ميت صلی علیه سبعون ألف ملك وغفر الله له ما تقدم من ذنبه فإن أقام حتى يدفن ويحثى عليه التراب كان له بكل قدم نقلها قيراط من الأجر

ص: 166

والقيراط مثل جبل أحد ألا ومن ذرفت عيناه من خشية الله كان له بكل قطرة قطرت من دموعه قصر في الجنة مكللا بالدر والجوهر فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ألا ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة ويرفع له من الدرجات مثل ذلك وإن مات وهو على ذلك وكل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ويؤنسونه في وحدته ويستغفرون له حتى يبعث ألا ومن أذن محتسبا يريد بذلك وجه الله عزّ وجلّ أعطاه الله ثواب أربعين ألف شهيد وأربعين ألف صديق ويدخل في شفاعته أربعين ألف مسيء من أمتي إلى الجنة ألا وإن المؤذن إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله صلى عليه تسعون ألف ملك واستغفروا له وكان يوم القيامة في ظل العرش حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ويكتب ثواب قوله أشهد أن محمدا رسول الله أربعون ألف ملك ومن حافظ على الصف الأول والتكبيرة الأولى لا يؤذي مسلما أعطاه الله من الأجر ما يعطي المؤذنون في الدنيا والآخرة ألا ومن تولى عرافة قوم حبسه الله عزّ وجلّ على شفير جهنم بكل يوم ألف سنة وحشر يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه فإن كان قام فيهم بأمر الله أطلقه الله وإن كان ظالما هوی به في نار جهنم وبئس المصير وقال صلّي الله علیه و آله لا تحقرواشيئا من الشر وإن صغر في أعينكم ولا تستكثروا الخير وإن كثر في أعينكم فإنه لاكبير مع الاستغفار ولا صغير مع الإصرار.

قال محمّد بن زکریا الغلابي سألت عن طول هذا الأثر شعيبا المزني(1) فقال لي يا أبا عبد الله سألت الحسين بن زید عن طول هذا الحديث فقال حدثني جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (أنه جمع هذا الحديث من الكتاب الذي هو

ص: 167


1- سند آخر لحديث المناهي هو نفس السند السابق بعينه ص 343. السبزواري

إملاء رسول الله صلّي الله علیه و آله وخط علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

البحار: ج 20 ص 350 س11

وقال علیه السّلام: لا غرار في الصلاة ولا التسليم.

الغرار النقصان أما في الصلاة ففي ترك إتمام ركوعها وسجودها و نقصان اللبث في ركعة عن اللبث في الركعة الأخرى ومنه قول الصادق علیه السّلام الصلاة میزان من وفي استوفي ومنه قول النبي صلّي الله علیه و آله الصلاة مكيال فين وفي وفي له فهذا الغرار في الصلاة وأما الغرار في التسليم فأن يقول الرجل السلام عليك أو يرده فيقول وعليك السلام ولا يقول وعليكم السلام ويكره تجاوز الحد في الرد(1) کما يكره الغرار وذلك أن الصادق علیه السّلام سلّم على رجل فقال الرجل وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه فقال لا تجاوزوا بنا قول الملائكة لأبينا إبراهيم علیه السّلام «رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».(2)

ص: 168


1- يبقى هنا سؤال وهو انه على فرض اعتبار هذا الخبر يكون غالب الزيادات من التجاوز في الحدّ فهل خرجت تلك بالتخصیص أو هناك وجه آخر؟ فتدبّر. السبزواري
2- وكتب قدّس سرّه في نهاية كتاب الآداب والسنن من المجلد السادس عشر الطبعة الحجرية: لقد وفقت لمطالعة تمام هذه المجلدات مرّتین

ص: 169

التعليقات على المجلّد السابع عشر من بحار الأنوار

من الطبعة الحجريّة، والمشتمل على الأجزاء 30 ،31 من الطبعة الحروفيّة

ص: 170

ص: 171

الجزء الثالث / کتاب الروضة: أبواب المواعظ والحكم

باب (2) / مواعظ الله عزّ وجلّ في سائر الكتب السماوية وفي الحديث القدسي وفي و مواعظ جبرئیل علیه السّلام

البحار: ج 30 ص 376

1- تميم القرشي عن أحمد بن علي الأنصاري عن أبيه عن الهروي قال سمعت الرضاعلیه السّلام يقول أوحى الله عزّ وجلّ إلى نبي من أنبيائه إذا أصبحت فأول شيء يستقبلك فكله والثاني فاكتمه والثالث فاقبله والرابع فلا تؤيسه والخامس فاهرب منه قال فلما أصبح مضى فاستقبله جبل أسود عظیم فوقف وقال أمرني ربي عزّ وجلّ أن آكل هذا وبقي متحيرا ثم رجع إلى نفسه فقال إن ربي جل جلاله لا يأمرني إلا بما أطيق فمشى إليه ليأكله فلما دنا منه صغر حتى انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شيء أكله ثم مضى فوجد طشتا من ذهب فقال أمرني ربي عزّ وجلّ أن أكتم هذا فحفر له وجعله فيه وألقي عليه التراب ثم مضى فالتفت فإذا الطشت قد ظهر فقال قد فعلت ما أمرني ربي عزّ وجلّ فضى فإذا هو بطير وخلفه بازي فطاف الطير حوله فقال أمرني ربي عزّ وجلّ أن أقبل هذا ففتح کمه فدخل الطير فيه فقال له البازي أخذت مني صيدي وأنا خلفه منذ أيام فقال أمرني ربي عزّ وجلّ أن لا أويس هذا فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه(1) ثم مضى فلما مضى فإذا هو بلحم ميتة منتن مدود فقال أمرني ربي عزّ وجلّ أن أهرب من هذا فهرب منه فرجع فرآی

ص: 172


1- لا ينبغي أن يكون هذا من فعل نبي من الأنبياء علیهم السّلام وسند الرواية مخدوش ومتنه يشبه المجعولات الخطابية للصوفية. السبزواري

في المنام كأنه قد قيل له إنك قد فعلت ما أمرت به فهل تدري ما ذا كان قال لا قيل له أما الجبل فهو الغضب إن العبد إذا غضب لم ير نفسه وجهل قدره من عظم الغضب فإذا حفظ نفسه وعرف قدره وسكن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلتها وأما الطشت فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد وأخفاه أبي الله عزّ وجلّ إلا أن يظهره لیزینه به مع ما يدخر له من ثواب الآخرة وأما الطير فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله واقبل نصيحته وأما البازي فهو الرجل الذي يأتيك في حاجة فلا تؤيسه وأما اللحم المنتن فهي الغيبة فاهرب منها.

البحار: ج 30 ص378

5- عن أبيه عن علي بن موسی بن جعفر الكميداني عن أحمد بن محمّد عن أبيه عن عبد الله بن جبلة عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله لجبرئیل علیه السّلام عظني فقال يا محمّد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقیه(1) شرف المؤمن صلاته بالليل وعزه کفه عن أعراض الناس.

البحار: ج 30 ص 378

6- عن كتاب إرشاد القلوب للديلمي، روي عن أمير المؤمنين علیه السّلام أن النبي صلّي الله علیه و آله سأل ربه سبحانه ليلة المعراج فقال يا رب أي الأعمال أفضل فقال الله عزّ وجلّ ليس شيء عندي أفضل من التوكل علي والرضا بما قسمت یا محمّد وجبت محبتي للمتحابين في ووجبت محبتي للمتعاطفين في ووجبت محبتي للمتواصلين في ووجبت محبتي للمتوكلين علي وليس لمحبتي علم ولا غاية ولا نهاية (2) وكلها رفعت لهم علما

ص: 173


1- متن الحديث يشهد بصدوره من مهابط الوحي. السبزواري
2- يمكن قراءة العلم بالفتحتين والمعنى إن العَلَم ما يكون علامة للمقصود وليس لمحبة الله تبارك وتعالى علامة ينتهي إليها القصد بل هي غير متناهية و على هذا فيكون ولا غاية ولا نهاية بيان للعلم وعلى أي حال المراد نفي العلم الخاص لا مطلق العلم. السبزواري

وضعت لهم علما أولئك الذين نظروا إلى المخلوقين بنظري إليهم ولا يرفعوا الحوائج إلى الخلق بطونهم خفيفة من أكل الحلال نعيمهم في الدنيا ذكري ومحبتي ورضاي عنهم يا أحمد إن أحببت أن تكون أورع الناس فازهد في الدنيا وارغب في الآخرة فقال يا إلهي كيف أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة قال خذ من الدنيا خفا من الطعام والشراب واللباس ولا تدخر لغد ودم على ذكري فقال يا رب وكيف أدوم على ذكرك فقال بالخلوة عن الناس وبغضك الحلو والحامض وفراغ بطنك وبيتك من الدنيا يا أحمد فاحذر أن تكون مثل الصبي إذا نظر إلى الأخضر والأصفر أحبه وإذا أعطي شيئا من الحلو والحامض اغتر به فقال يا رب دلني على عمل أتقرب به إليك قال اجعل ليلك نهارا ونهارك ليلا قال يا رب كيف ذلك قال اجعل نومك صلاة وطعامك الجوع يا أحمد وعزتي وجلالي ما من عبد مؤمن ضمن لي بأربع

خصال إلا أدخلته الجنة يطوي لسانه فلا يفتحه إلا ما يعنيه ويحفظ قلبه من الوسواس ويحفظ علمي ونظري إليه وتكون قرة عينه الجوع يا أحمد لو ذقت حلاوة الجوع والصمت والخلوة وما ورثوا منها قال يا رب ما ميراث الجوع قال الحكمة وحفظ القلب والتقرب إلى والحزن الدائم وخفة المئونة بين الناس وقول الحق ولا يبالي عاش بيسر أو بعمر يا أحمد هل تدري بأي وقت يتقرب العبد إلى الله قال لا یا رب قال إذا كان جائعا أو ساجدا يا أحمد عجبت من ثلاثة عبيد عبد دخل في الصلاة وهو يعلم إلى من يرفع يديه وقدام من هو وهو ينعس وعجبت من عبد له قوت يوم من الحشيش أو غيره وهو يهتم لغد وعجبت من عبد لا يدري أني راض عنه أم ساخط عليه وهو يضحك يا أحمد إن في الجنة قصرا من لؤلؤة فوق لؤلؤة

ص: 174

ودرة فوق درة ليس فيها قصم ولا وصل فيها الخواص أنظر إليهم كل يوم سبعين مرة وأكلمهم كلما نظرت إليهم أزيد في ملكهم سبعين ضعفا وإذا تلذذ أهل الجنة بالطعام والشراب تلذذوا بكلامي وذكري وحديثي قال يا رب ما علامات أولئك قال هم في الدنيا مسجونون قد سجنوا ألسنتهم من فضول الكلام وبطونهم من فضول الطعام يا أحمد إن المحبة الله هي المحبة للفقراء والتقرب إليهم قال يا رب ومن الفقراء قال الذين رضوا بالقليل وصبروا على الجوع وشكروا على الرخاء ولم يشكوا جوعهم ولا ظمأهم ولم يكذبوا بألسنتهم ولم يغضبوا على ربهم ولم يغتموا على ما فاتهم ولم يفرحوا بما آتاهم يا أحمد محبتي محبة للفقراء فادن الفقراء وقرب مجلسهم منك وبعد الأغنياء وبعد مجلسهم منك فإن الفقراء أحبائي يا أحمد لا تتزين بلين اللباس وطيب الطعام ولين الوطاء فإن النفس مأوی کل شر وهي رفيق كل سوء تجرها إلى طاعة الله وتحرك إلى معصيته وتخالفك في طاعته وتطيعك فيما تكره وتطغى إذا شبعت و تشكو إذا جاعت و تغضب إذا افتقرت وتتكبر إذا استغنت و تنسي إذا كبرت و تغفل إذا أمنت وهي قرينة الشيطان ومثل النفس کمثل النعامة تأكل الكثير وإذا حمل عليها لا تطير ومثل الدفلي لونه حسن وطعمه مر ياأحمد أبغض الدنيا وأهلها وأحب الآخرة وأهلها قال يا رب ومن أهل الدنيا ومن أهل الآخرة قال أهل الدنيا من كثر أكله وضحکه ونومه وغضبه قليل الرضا لا يعتذر إلى من أساء إليه ولا يقبل معذرة من اعتذر إليه كسلان عند الطاعة شجاع عند المعصية أمله بعيد وأجله قريب(1) لا يحاسب نفسه قليل المنفعة كثير الكلام قليل الخوف كثير الفرح عند الطعام وإن أهل الدنيا لا يشكرون عند الرخاء ولا يصبرون

ص: 175


1- قوله تعالى وأجله قريب يعني والحال أن أجله قريب. السبزواري

عند البلاء كثير الناس عندهم قليل يحمدون أنفسهم بما لا يفعلون ويدعون بما ليس لهم ويتكلمون بما يتمنون ویذکرون مساوي الناس ويخفون حسناتهم قال يارب هل يكون سوى هذا العيب في أهل الدنيا قال يا أحمد إن عيب أهل الدنيا كثير فيهم الجهل والحمق لا يتواضعون لمن يتعلمون منه وهم عند أنفسهم عقلاء وعند العارفین حمقاء يا أحمد إن أهل الخير وأهل الآخرة رقيقة وجوههم كثير حياؤهم قليل حمقهم كثير نفعهم قليل مكرهم الناس منهم في راحة وأنفسهم منهم في تعب كلامهم موزون محاسبين لأنفسهم متعبين لها تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم أعينهم باكية وقلوبهم ذاكرة إذا كتب الناس من الغافلين كتبوا من الذاكرين في أول النعمة يحمدون وفي آخرها يشكرون دعاؤهم عند الله مرفوع وكلامهم مسموع تفرح الملائكة بهم يدور دعاؤهم تحت الحجب يحب الرب أن يسمع كلامهم كما تحب الوالدة ولدها ولا يشغلهم عن الله شيء طرفة عين ولا يريدون كثرة الطعام ولا كثرة الكلام ولا كثرة اللباس الناس عندهم موتى والله عندهم حي قیوم کریم يدعون المدبرین کرما ويريدون المقبلين تلطفا قد صارت الدنيا والآخرة عندهم واحدة يموت الناس مرة ويموت أحدهم في كل يوم سبعين مرة من مجاهدة أنفسهم ومخالفة هواهم والشيطان الذي يجري في عروقهم ولو تحركت ريح لزعزعتهم وإن قاموا بين يدي كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ لا أرى في قلبهم شغلا لمخلوق فوعزتي وجلالي لأحبينهم حياة طيبة إذا فارقت أرواحهم من جسدهم لا أسلط عليهم ملك الموت ولا يلي قبض روحهم غيري ولأفتحن لروحهم أبواب السماء كلها ولأرفعن الحجب كلها دوني ولآمرن الجنان فلتزينن والحور العين فلتزفن والملائكة فلتصلين والأشجار فلتثمرن وثمار الجنة فلتدلين ولآمرن ريحا من الرياح التي تحت العرش فلتحملن جبالا من الكافور والمسك الأذفر فلتصبرن وقودا من غير النار

ص: 176

فلتدخلن به ولا يكون بيني وبين روحه ستر فأقول له عند قبض روحه مرحبا وأهلا بقدومك علي اصعد بالكرامة والبشري والرحمة والرضوان «وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ» فلو رأيت الملائكة كيف يأخذ بها واحد ويعطيها الآخر يا أحمد إن أهل الآخرة لا يهنؤهم الطعام منذ عرفوا ربهم ولا يشغلهم مصيبة منذ عرفوا سيئاتهم يبكون على خطاياهم يتعبون أنفسهم ولا يريحونها وإن راحة أهل الجنة في الموت والآخرة مستراح العابدین مونسهم دموعهم التي تفيض على خدودهم وجلوسهم مع الملائكة الذين عن أيمانهم وعن شمائلهم ومناجاتهم مع الجليل الذي فوق عرشه وإن أهل الآخرة قلوبهم في أجوافهم قد قرحت يقولون متى نستريح من دار الفناء إلى دار البقاء يا أحمد هل تعرف ما للزاهدين عندي في الآخرة قال لا یا رب قال يبعث الخلق ويناقشون بالحساب وهم من ذلك آمنون إن أدني ما أعطي للزاهدين في الآخرة أن أعطيهم مفاتيح الجنان كلها حتى يفتحوا أي باب شاءوا ولا أحجب عنهم وجهي ولأنعمنهم بألوان التلذذ من كلامي ولأجلسنهم في مقعد صدق وأذكرنهم ماصنعوا وتعبوا في دار الدنيا وأفتح لهم أربعة أبواب باب تدخل عليهم الهدايا منه بكرة وعشيا من عندي وباب ينظرون منه إلى كيف شاءوا بلا صعوبة وباب يطلعون منه إلى النار فينظرون منه إلى الظالمين كيف يعذبون وباب تدخل عليهم منه الوصائف والحور العين قال يا رب من هؤلاء الزاهدون الذين وصفتهم قال الزاهد هو الذي ليس له بيت يخرب فيغتم بخرابه(1) ولا له ولد يموت فيحزن لموته ولا له شيء يذهب فيحزن الذهابه ولا يعرفه إنسان يشغله عن الله طرفة عين ولا له فضل طعام ليسأل عنه ولا

ص: 177


1- يمكن أن يراد بهذا أن ليس له علاقة دنيوية بأمثال الحال هذه. السبزواري

له ثوب لين يا أحمد وجوه الزاهدين مصفرة من تعب الليل وصوم النهار وألسنتهم کلال إلا من ذكر الله تعالى قلوبهم في صدورهم مطعونة من كثرة مايخالفون أهواءهم قد ضمروا أنفسهم من كثرة صمتهم قد أعطوا المجهود من أنفسهم لا من خوف نار ولا من شوق جنة ولكن ينظرون في ملكوت السماوات والأرض فيعلمون أن الله سبحانه و تعالى أهل للعبادة كأنما ينظرون إلى من فوقها قال يا رب هل تعطي لأحد من أمتي هذا قال يا أحمد هذه درجة الأنبياء والصديقين من أمتك وأمة غيرك وأقوام من الشهداء قال يا رب أي الزهاد أكثر زهاد أمتي أم زهاد بني إسرائيل قال إن زهاد بني إسرائيل في زهاد أمتك كشعرة سوداء في بقرة بيضاء فقال یا رب كيف يكون ذلك وعدد بني إسرائيل أكثر من أمتي(1) قال لأنهم شكوا بعد اليقين وجحدوا بعد الإقرار قال رسول الله صلّي الله علیه و آله فحمدت الله للزاهدين كثيرا وشكرته ودعوت لهم فقلت اللّهم احفظهم وارحمهم واحفظ عليهم دينهم الذي ارتضيت لهم اللّهم ارزقهم إيمان المؤمنين الذي ليس بعده شك وزيغ وورعا ليس بعده رغبة وخوفا ليس بعده غفلة وعلما ليس بعده جهل وعقلا ليس بعده حمق وقربا ليس بعده بعد وخشوعا ليس بعده قساوة وذكرا ليس بعده نسیان وکرما ليس بعده هوان وصبرا ليس بعده ضجر وحلها ليس بعده عجلة واملأ قلوبهم حياء منك حتى يستحيوا منك كل وقت و تبصرهم بآفات الدنيا و آفات أنفسهم ووساوس الشيطان فإنك تعلم ما في نفسي وأنت علام الغيوب يا أحمد عليك بالورع فإن الورع رأس الدين ووسط الدين وآخر الدين إن الورع يقرب العبد إلى الله تعالى يا أحمد إن الورع کالشنوف بين الحلي والخبز بين الطعام إن الورع رأس

ص: 178


1- فيه إشكال لابد من التأمل والحمل والخبر مرسل واثر الجعل في جملة من فقراته ظاهر فتفحص ، والسند الذي يذكر فيما بعد بعض رجاله مخدوش. السبزواري

الإيمان وعماد الدين إن الورع مثله كمثل السفينة كما أن في البحر لا ينجو إلا من كان فيها كذلك لا ينجو الزاهدون إلا بالورع يا أحمد ما عرفني عبد وخشع لي إلا وخشعت له يا أحمد الورع يفتح على العبد أبواب العبادة فتكرم به عند الخلق ويصل به إلى الله عزّ وجلّ يا أحمد عليك بالصمت فإن أعمر القلوب قلوب الصالحين والصامتين وإن أخرب القلوب قلوب المتكلمين بما لا يعنيهم يا أحمد إن العبادة عشرة أجزاء تسعة منها طلب الحلال فإذا طيبت مطعمك ومشربك فأنت في حفظي وكنني قال يا رب ما أول العبادة قال أول العبادة الصمت والصوم قال يا رب وما میراث الصوم قال الصوم يورث الحكمة والحكمة تورث المعرفة والمعرفة تورث اليقين فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح بعسر أم بيسر وإذا كان العبد في حالة الموت يقوم على رأسه ملائكة بيد كل ملك كأس من ماء الكوثر وكأس من الخمر يسقون روحه حتى تذهب سكرته ومرارته ويبشرونه بالبشارة العظمى ويقولون له

طبت وطاب مثواك إنك تقدم على العزيز الحكيم الحبيب القريب فتطير الروح من أيدي الملائكة فتصعد إلى الله تعالى في أسرع من طرفة عين ولا يبقي حجاب ولا ستر بينها وبين الله تعالى والله عزّ وجلّ إليها مشتاق وتجلس على عين عند العرش ثم يقال لها كيف تركت الدنيا فتقول إلهي وعزتك وجلالك لا علم لي بالدنيا أنا منذ خلقتني خائفة منك فيقول الله تعالى صدقت عبدي کنت بجسدك في الدنيا وروحك معي فأنت بعيني سرك وعلانيتك سل أعطك وتمن علي فأكرمك هذه جنتي فتجنح فيها وهذا جواري فأسكنه فتقول الروح إلهي عرفتني نفسك فاستغنيت بها عن جميع خلقك وعزتك وجلالك لو كان رضاك في أن أقطع إربا إربا وأقتل سبعين قتلة بأشد ما يقتل به الناس لكان رضاك أحب إلي إلهي كيف أعجب بنفسي وأنا ذلیل إن لم تكرمني وأنا مغلوب إن لم تتصرني وأنا ضعيف إن لم تقوني وأنا ميت إن لم تحيني

ص: 179

بذكرك ولو لا سترك لافتضحت أول مرة عصيتك إلهي كيف لا أطلب رضاك وقد أكملت عقلي حتى عرفتك وعرفت الحق من الباطل والأمر من النهي والعلم من الجهل و النور من الظلمة فقال الله عزّ وجلّ وعزتي وجلالي لا أحجب بيني وبينك في وقت من الأوقات كذلك أفعل بأحبائي يا أحمد هل تدري أي عيش أهنأ وأي حياة أيق قال اللّهم لا قال أما العيش الهنيء فهو الذي لا يفتر صاحبه عن ذكري ولا ينسی نعمتي ولا يجهل حقي يطلب رضاي في ليله ونهاره وأما الحياة الباقية فهي التي يعمل لنفسه حتى تهون عليه الدنيا و تصغر في عينه و تعظم الآخرة عنده ويؤثر هواي على هواه ويبتغي مرضاتي ويعظم حق عظمتي ويذكر علمي به ويراقبني بالليل والنهار عند كل سيئة أو معصية وينقي قلبه عن كل ما أكره ويبغض الشيطان ووساوسه ولا يجعل لإبليس على قلبه سلطانا وسبيلا فإذا فعل ذلك أسكنت قلبه حبا حتى أجعل قلبه لي وفراغه و اشتغاله وهمه وحديثه من النعمة التي أنعمت بها على أهل محبتي من خلقي وأفتح عين قلبه وسمعه حتى يسمع بقلبه وينظر بقلبه إلى جلالي وعظمتي وأضيق عليه الدنيا وأبغض الدنيا وأبغض إليه ما فيها من اللذات وأحذره من الدنيا وما فيها كما يحذر الراعي غنمه من مراتع الهلكة فإذا كان هكذا يفر من الناس فرارا وينقل من دار الفناء إلى دار البقاء ومن دار الشيطان إلى دار الرحمن يا أحمد ولأزينه بالهيبة والعظمة فهذا هو العيش الهنيء والحياة الباقية وهذا مقام الراضين فمن عمل برضاي ألزمه ثلاث خصال أعرفه شكرا لا يخالطه الجهل وذكرا لا يخالطه النسيان ومحبة لا يؤثر على محبتي محبة المخلوقين فإذا أحبني أحببته وأفتح عين قلبه إلى جلالي ولا أخفي عليه خاصة خلقي وأناجيه في ظلم الليل ونور النهار حتى ينقطع حديثه مع المخلوقين ومجالسته معهم وأسمعه كلامي وكلام ملائکتي وأعرفه السر الذي سترته عن خلق وألبسه الحياء حتى يستحيي منه الخلق كلهم

ص: 180

ويمشي على الأرض مغفورا له وأجعل قلبه واعيا وبصيرا ولا أخفي عليه شيئا من جنة ولا نار وأعرفه ما يمر على الناس في يوم القيامة من الحول و الشدة وما أحاسب الأغنياء والفقراء والجمال والعلماء وأنومه في قبره وأنزل عليه منکرا ونكيرا حتى يسألاه ولا يرى غمرة الموت و ظلمة القبر واللحد وهول المطلع ثم أنصب له ميزانه وأنشر دیوانه ثم أضع كتابه في يمينه فيقرؤه منشورا ثم لا أجعل بيني وبينه ترجمانا فهذه صفات المحبين يا أحمد اجعل همك هما واحدا فاجعل لسانك لسانا واحدا واجعل بدنك حيا لا تغفل عني من يغفل عني لا أبالي بأي واد هلك يا أحمد استعمل عقلك قبل أن يذهب فمن استعمل عقله لا يخطئ ولا يطغى يا أحمد ألم تدر لأي شيء فضلتك على سائر الأنبياء قال اللهم لا قال باليقين وحسن الخلق وسخاوة النفس ورحمة الخلق وكذلك أوتاد الأرض لم يكونوا أوتادا إلا بهذا يا أحمد إن العبد إذا أجاع بطنه وحفظ لسانه علمته للحكمة وإن كان كافرا تكون حكمته حجة عليه روبالا وإن كان مؤمنا تكون حكمته له نورا وبرهانا وشفاء ورحمة فيعلم ما لم يكن يعلم ويبصر ما لم يكن يبصر فأول ما أبصره عيوب نفسه حتى يشتغل عن عيوب غيره وأبصره دقائق العلم حتى لا يدخل عليه الشيطان يا أحمد ليس شيء من العبادة أحب إلي من الصمت والصوم فمن صام ولم يحفظ لسانه كان كمن قام ولم يقرأ في صلاته فأعطيه أجر القيام ولم أعطه أجر العابدين يا أحمد هل تدري متى يكون العبد عابدا قال لا یا رب قال إذا اجتمع فيه سبع خصال ورع يحجزه عن المحارم وصمت يكفه عما لا يعنيه وخوف يزداد كل يوم من بكائه وحیاء يستحيي مني في الخلاء وأكل ما لا بد منه ويبغض الدنيا لبغضي لها ويحب الأخيار لحبي إياهم يا أحمد ليس كل من قال أحب الله أحبني حتى يأخذ قوتا ويلبس دونا وينام سجودا ويطيل قياما ويلزم صمتا ويتوكل علي ويبكي كثيرا ويقل ضحكا ويخالف هواه

ص: 181

ويتخذ المسجد بیتا والعلم صاحبا والزهد جلیسا و العلماء أحباء والفقراء رفقاء ويطلب رضاي ويفر من العاصين فرارا ويشغل بذكري اشتغال ویکثر التسبيح دائما ويكون بالوعد صادقا وبالعهد وافيا و يكون قلبه طاهرا وفي الصلاة زاكيا وفي الفرائض مجتهدا وفيما عندي في الثواب راغبا ومن عذابي راهبا ولأحبائي قرينا وجليسا يا أحمد لو صلى العبد صلاة أهل السماء والأرض ويصوم صيام أهل السماء والأرض ويطوي من الطعام مثل الملائكة ولبس لباس العاري ثم أرى في قلبه من حب الدنيا ذرة أو سعتها أو رئاستها أو حليها أو زينتها لايجاورني في داري ولأنزعن من قلبه محبتي وعليك سلامي ورحمتي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

البحار: ج 30 ص385

7- علي عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن عیسی رفعه قال إن موسی علیه السّلام ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته ياموسى لا يطول في الدنيا أملك فيقسو لذلك قلبك وقاسي القلب مني بعید یا موسی کن کسرتي فيك فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصي وأمت قلبك بالخشية وكن خلق الثياب جديد القلب تخفي على أهل الأرض و تعرف في أهل السماء حلس البيوت مصباح الليل واقنت بين يدي قنوت الصابرين وصح إلي من كثرة الذنوب(1) صياح المذنب الهارب من عدوه واستعن بي على ذلك فإني نعم العون ونعم المستعان یا موسى إني أنا الله فوق العباد والعباد دوني وكل لي داخرون فاتهم نفسك على نفسك ولا تأتمن ولدك على دينك إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين یا موسی اغسل واغتسل واقترب من عبادي الصالحين ياموسی کن إمامهم في صلاتهم وإمامهم فيما يتشاجرون

ص: 182


1- يمكن أن يستفاد منه استحباب الصياح في الاستغاثة إلى الله تعالى. السبزواري

واحكم بينهم بما أنزلت عليك فقد أنزلته حكما بينا وبرهانا نیرا ونورا ينطق بما كان في الأولين وبما هو كائن في الآخرين أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى ابن مريم صاحب الأتان و البرنس والزيت والزيتون و المحراب و من بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر فشله في كتابك أنه مؤمن مهیمن على الكتب كلها وأنه راكع ساجد راغب راهب إخوانه المساكين وأنصاره قوم آخرون ويكون في زمانه أزل وزلزال وقتل وقلة من المال اسمه أحمد محمّد الأمين من الباقين من ثلة الأولين الماضين يؤمن بالكتب كلها ويصدق جميع المرسلين ويشهد بالإخلاص لجميع النبيين أمته مرحومة مباركة ما بقوا في الدين على حقائقه لهم ساعات موقتات يؤدون فيها الصلوات أداء العبد إلى سیده نافلته فيه فصدق ومناهجه فاتبع فإنه أخوك يا موسى إنه أمي وهو عبد صدق مبارك له فيما وضع يده عليه ويبارك عليه كذلك كان في علمي وكذلك خلقته به أفتح الساعة وبأمته أختم مفاتيح الدنيا فمر ظلمة بني إسرائيل أن لا يدرسوا اسمه ولا يخذلوه وإنهم لفاعلون وحبه لي حسنة فأنا معه وأنا من حزبه وهو من حزبي وحزبهم الغالبون فتمت كلماتي لأظهرن دينه على الأديان كلها ولأعبدن بكل مكان ولأنزلن عليه قرآنا فرقانا شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ من نفث الشيطان فصل عليه يا ابن عمران فإني أصلي عليه وملائكتي يا موسى أنت عبدي وأنا إلهك لا تستذل الحقير الفقير ولا تغبط الغني بشيء يسير وكن عند ذكري خاشعا وعند تلاوته برحمتي طامعا وأسمعني الذاذة التوراة بصوت خاشع حزين اطمئن عند ذكري وذكر بي من يطمئن إلي واعبدني ولا تشرك بي شيئا وتحر مسرتي إني أنا السيّد الكبير إني خلقتك من نطفة من ماء مهين من طينة أخرجتها من أرض ذليلة ممشوجة فكانت بشرا فأنا صانعها خلقا فتبارك وجهي و تقدس صنعي ليس كمثلي شيء وأنا الحي الدائم الذي لا

ص: 183

أزول یا موسی کن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجعفر وجهك لي في التراب و اسجد الي بمكارم بدنك واقنت بين يدي في القيام وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل وأحي بتوراتي أيام الحياة وعلم الجهال محامدي وذكرهم آلاني و نعمتی وقل لهم لا يتمادون في غي ما هم فيه فإن أخذي أليم شدید یا موسى إذا انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري فاعبدني وقم بين يدي مقام العبد الحقير الفقير ذم نفسك فهي أولى بالذم ولا تتطاول بكتابي على بني إسرائيل فكفي بهذا و اعظا لقلبك ومنيرا وهو کلام رب العالمین جل و تعالی یا موسی متى ما دعوتني ورجوتني وإني سأغفر لك على ما كان من السماء تسبح لي وجلا والملائكة من مخافتي مشفقون والأرض تسبح لي طمعا وكل الخلق يسبحون لي داخرين ثم عليك بالصلاة الصلاة فإنها مني بمكان ولها عندي عهد وثيق وألحق بها ما هو منها زكاة القربان من طيب المال والطعام فإني لا أقبل إلا الطيب يراد به وجهي وأقرن مع ذلك صلة الأرحام فإني أنا الله الرحمن الرحيم والرحم أنا خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد ولها عندي سلطان في معاد الآخرة وأنا قاطع من قطعها وواصل من وصلها وكذلك أفعل بمن ضيع أمري ياموسى أكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو إعطاء يسير فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك وكيف مواساتك فيما خولتك واخشع لي بالتضرع واهتف لي بولولة الكتاب واعلم أني أدعوك دعاء السيّد مملوكه ليبلغ به شرف المنازل وذلك من فضلي عليك وعلى آبائك الأولين يا موسى لا تنسني على كل حال ولا تفرح بكثرة المال فإن نسياني يقسي القلوب ومع كثرة المال كثرة الذنوب الأرض مطيعة والسماء مطيعة والبحار مطيعة وعصياني شقاء الثقلين وأنا الرحمن الرحیم رحمان كل زمان آتي بالشدة بعد الرخاء وبالرخاء بعد الشدة وبالملوك بعد الملوك وملكي قائم دائم لا يزول ولا يخفى

ص: 184

على شيء في الأرض ولا في السماء وكيف يخفي علي ما مني مبتدؤه وكيف لا يكون همك فیما عندي وإلي ترجع لامحالة يا موسى اجعلني حرزك وضع عندي كنزك من الصالحات و خفني ولا تخف غيري إلى المصير یا موسی ارحم من هو أسفل منك في الخلق ولا تحسد من هو فوقك فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب یا موسى إن ابني آدم تواضعا في منزلة لينالا بها من فضلي ورحمتي فقر با قربانا ولا أقبل إلا من المتقين فكان من شأنها ما قد علمت فكيف تثق بالصاحب بعد الأخ والوزیر یا موسی ضع الكبر ودع الفخر واذكر أنك ساكن القبر فليمنعك ذلك من الشهوات یا موسی عجل التوبة وأخر الذنب وتأن في المكث بين يدي في الصلاة ولا ترج غيري اتخذني جنة للشدائد وحصنا لملمات الأمور یا موسی كيف تخشع لي خليقة لا تعرف فضلي عليها وكيف تعرف فضلي عليها وهي لا تنظر فيه وكيف تنظر فيه وهي لا تؤمن به وكيف تؤمن به وهي لا ترجو ثوابا وكيف ترجو ثوابا وهي قد قنعت بالدنيا واتخذتها مأوی ورکنت إليها ركون الظالمين یا موسی نافس في الخير أهله فإن الخير کاسمه ودع الشر لكل مفتون یا موسى اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم وأكثر ذكري بالليل والنهار تغنم ولا تتبع الخطايا فتندم فإن الخطايا موعدها النار ياموسى أطب الكلام لأهل الترك للذنوب وكن لهم جليسا واتخذهم لغيبك إخوانا وجد معهم يجدون معك يا موسى الموت لاقيك لا محالة فتزود زاد من هو على ما يتزود وارد یا موسى ما أريد به وجهي فكثير قليله وما أريد به غيري فقليل كثيره وإن أصلح أيامك الذي هو أمامك فانظر أي يوم هو فأعد له الجواب فإنك موقوف به و مسئول وخذ موعظتك من الدهر وأهله فإن الدهر طويله قصير وقصيره طويل وكل شيء فان فاعمل كأنك تری ثواب عملك لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة فإن ما بقي من الدنيا کا ولی منها وكل عامل يعمل على بصيرة

ص: 185

ومثال فكن مرتادا لنفسك يا ابن عمران لعلك تفوز غدا يوم السؤال فهنالك يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ یا موسى ألق كفيك ذلا بين يدي كفعل العبد المستصرخ إلى سیده فإنك إذا فعلت ذلك رحمت وأنا أكرم القادرين یا موسی سلني من فضلي ورحمتي فإنهما بيدي لا يملكها أحد غيري وانظر حين تسألني كيف رغبتك فيما عندي لكل عامل جزاء وقد يجزى الكفور ماسعی یا موسی طب نفسا عن الدنيا وانطو عنها فإنها ليست لك ولست لها ما لك والدار الظالمين إلا العامل فيها بالخير فإنها له نعم الدار یا موسی ما آمرك به فاسمع ومهما أراه فاصنع خذ حقائق التوراة إلى صدرك وتيقظ بها في ساعات الليل والنهار ولا تمكن أبناء الدنيا من صدرك فيجعلونه و کراکوكر الطير يا موسى أبناء الدنيا وأهلها فتن بعضهم البعض فكل مزین له ما هو فيه والمؤمن من زینت له الآخرة فهو ينظر إليها ما يفتر قد حالت شهوتها بينه وبين لذة العيش فأدلجته بالأسحار كفعل الراكب السائق إلى غايته يظل كئيبا ويمسي حزينا وطوبي له لو قد کشف الغطاء ماذا يعاين من السرور یا موسى الدنيا نطفة ليست بثواب للمؤمن ولا نقمة من فاجر فالويل الطويل لمن باع ثواب معاده بلعقة لم تبق و بلعسة لم تدم وكذلك فكن كما أمرتك وكل أمري رشاد یا موسى إذا رأيت الغني مقبلا فقل ذنب عجلت إلى عقوبته وإذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين ولا تكن جبارا ظلوما ولا تكن للظالمين قرینا یا موسی ما عمر وإن طال يذم آخره وما ضرك ما زوي عنك إذا حمدت مغبته باموسی صرخ الكتاب إليك صراخا بما أنت إليه صائر فكيف ترقد على هذا العيون أم كيف يجد قوم لذة العيش لولا التمادي في الغفلة والاتباع للشقوة والتابع للشهوة ومن دون هذا يجزع الصديقون یا موسی مر عبادي يدعوني على ما كان بعد أن يقروا لي أني أرحم الراحمين مجيب المضطرين وأبدل الزمان وآتي بالرخاء وأشكر اليسير وأثیب الكثير وأغنى الفقير وأنا الدائم

ص: 186

العزيز القدير فمن لجأ إليك وانضوى إليك من الخاطئين فقل أهلا وسهلا يا رحب الفناء بفناء رب العالمين واستغفر لهم وكن لهم كأحدهم ولا تستطل عليهم بما أنا أعطيتك فضله وقل لهم فليسألوني من فضلي ورحمتي فإنه لا يملكها أحد غيري وأنا ذو الفضل العظيم طوبى لك يا موسی کهف الخاطئين وجليس المضطرين و مستغفر للمذنبين إنك مني بالمكان الرضي فادعني بالقلب النقي واللسان الصادق وکن کما أمرتك أطع أمري ولا تستطل على عبادي بما ليس منك مبتدؤه و تقرب إلي فإني منك قريب فإني لم أسألك ما يؤذيك ثقله ولا حمله إنما سألتك أن تدعوني فأجيبك وأن تسألني فأعطيك وأن تتقرب إلي بما مني أخذت تأويله وعلي تمام تنزيله يا موسی انظر إلى الأرض فإنها عن قریب قبرك وارفع عينيك إلى السماء فإن فوقك فيها ملكا عظيما وابك على نفسك ما دمت في الدنيا وتخوف العطب والمهالك ولا تغرنك زينة الدنيا وزهرتها ولا ترض بالظلم ولا تكن ظالما فإني للظالم رصيد حتى أديل منه المظلوم یا موسى إن الحسنة عشرة أضعاف ومن السيئة الواحدة الهلاك ولا تشرك بي لا يحل لك أن تشرك بي قارب وسدد وادع دعاء الطامع الراغب فيما عندي النادم على ما قدمت يداه فإن سواد الليل يمحوه النهار وكذلك السيئة تمحوها الحسنة وعشوة الليل تأتي على ضوء النهار وكذلك السيئة تأتي على الحسنة الجليلة فتسودها.

باب (3) / ما أوصى رسول الله صلّي الله علیه و آله إلى أمير المؤمنين علیه السّلام

البحار: ج 03 ص 393 - 403

3- عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب علیه السّلام عن

ص: 187

النبي صلّي الله علیه و آله أنه قال يا علي أوصيك بوصية فاحفظها فلا تزال بخير ما حفظت وصیتي یا علي من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه أعقبه الله يوم القيامة أمنا وإيمانا يجد طعمه یا على من لم يحسن وصيته عند موته کان نقصا في مروته ولم يملك الشفاعة یا على أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد يا علي من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار يا علي شر الناس من أكرمه الناس اتقاء شره یا على شر الناس من باع آخرته بدنياه وشر من ذلك من باع آخرته بدنيا غيره ياعلي من لم يقبل العذر من متنصل صادقا كان أو كاذبا لم ينل شفاعتي يا علي إن الله عزّ وجلّ أحب الكذب في الصلاح وأبغض الصدق في الفساد یا على من ترك الخير لغير الله سقاه الله من الرحیق المختوم فقال علي لغير الله (1) قال نعم والله من تركها صيانة لنفسه يشكره الله على ذلك يا علي شارب الخمر كعابد وثن يا علي شارب الخمر لا يقبل الله عزّ وجلّ صلاته أربعين يوما فإن مات في الأربعين مات كافرا یا على كل مسكر حرام وما آسکر کثيره فالجرعة منه حرام ياعلي جعلت الذنوب كلها في بيت وجعل مفتاحها شرب الخمر يا علي تأتي على شارب الخمر ساعة لا يعرف فيها ربه عز وجل يا علي إن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك مؤجل لم تنقص أيامه يا علي من لم تنتفع بدينه ودنياه فلا خير لك في مجالسته ومن لم يوجب لك فلا توجب له ولا كرامة يا علي ينبغي أن يكون في المؤمن ثمان خصال وقار عند الهزاهز وصبر عند البلاء وشكر عند الرخاء وقنوع بما رزقه الله عزّ وجلّ ولا يظلم الأعداء ولا يتحامل على الأصدقاء بدنه منه في تعب و الناس منه في راحة يا علي أربعة لا ترد لهم دعوة إمام عادل ووالد لولده والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب والمظلوم يقول

ص: 188


1- يدل على عدم اعتبار قصد القربة في حصول الثواب خلافاً للمشور بين الفقهاء السبزواري

الله جل جلاله وعزتي وجلالي لأنتصرن لك ولو بعد حين يا علي ثمانية إن أهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم الذاهب إلى مائدة لم يدع إليها والمتأمر على رب البيت وطالب الخير من أعدائه وطالب الفضل من اللئام والداخل بين اثنين في سر لم يدخلاه فيه والمستخف بالسلطان والجالس في مجلس ليس له بأهل و المقبل بالحديث على من لا يسمع منه يا علي حرم الله الجنة على كل فاحش بذي لا يبالي ما قال ولا ما قيل له يا علي طوبى لمن طال عمره وحسن عمله يا علي لا تمزح فيذهب بهاؤك ولا تكذب فيذهب نورك وإياك وخصلتين الضجرة والكسل فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق وإن كسلت لم تؤد حقا يا علي لكل ذنب توبة إلا سوء الخلق فإن صاحبه کلما خرج من ذنب دخل في ذنب يا علي أربعة أسرع شيء عقوبة رجل أحسنت إليه فكافاك بالإحسان إساءة ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي عليك ورجل عاهدته على أمر فوفيت له وغدر بك ورجل وصل قرابته فقطعوه يا علي من استولى عليه الضجر رحلت عنه الراحة يا علي اثنتا عشرة خصلة ينبغي للرجل المسلم أن يتعلمها على المائدة أربع منها فريضة وأربع منها سنة وأربع منها أدب فأما الفريضة فالمعرفة بما يأكل والتسمية والشكر والرضا وأما السنة فالجلوس على الرجل اليسرى والأكل بثلاث أصابع وأن يأكل مما يليه ومص الأصابع وأما الأدب فتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر في وجوه الناس وغسل اليدين يا علي خلق الله عزّوجلّ الجنة من لبنتين لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل حيطانها الياقوت وسقفها الزبرجد وحصاها اللؤلؤ وترابها الزعفران والمسك الأذفر ثم قال لها تكلمي فقالت لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قد سعد من يدخلني قال الله جل جلاله وعزتي وجلالي لا يدخلها مدمن خمر ولا نمام ولاشرطي ولامخنث ولا نباش ولا

ص: 189

عشار ولا قاطع رحم ولا قدري يا علي كفر بالله العظيم من هذه الأمة عشرة(1) القتات والساحر والديوث وناكح المرأة حراما في دبرها وناكح البهيمة ومن نكح ذات محرم والساعي في الفتنة وبائع السلاح من أهل الحرب ومانع الزكاة ومن وجد سعة فمات ولم يحج یا علي لا وليمة إلا في خمس في عرس أو خرس أو عذار أو وکار أو ركاز فالعرس التزویج و الحرس النفاس بالولد والعذار الختان والوكار في شری الدار والركاز الرجل يقدم من مكة يا علي لا ينبغي للعاقل أن يكون ظاعنا إلا في ثلاث مرمة لمعاش أو تزود لمعاد أو لذة في غير محرم یا علي ثلاثة من مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتحلم عمن جهل عليك يا علي بادر بأربع قبل أربع شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك يا علي كره الله عزّ وجلّ لأمتي العبث في الصلاة والمن في الصدقة وإتيان المساجد جنبا والضحك بين القبور والتطلع في الدور والنظر إلى فروج النساء لأنه يورث العمى وكره الكلام عند الجماع لأنه يورث الخرس وكره النوم بين العشاءين لأنه يحرم الرزق وكره الغسل تحت السماء إلا بمئزر وکره دخول الأنهار إلا بمئزر فإن فيها سكانا من الملائكة وكره دخول الحمام إلا بمئزر وكره الكلام بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة وكره ركوب البحر في وقت هيجانه وكره النوم فوق سطح ليس بمحجر وقال من نام على سطح غير محجر فقد برئت منه الذمة وكره أن ينام الرجل في بيت وحده وكره أن يغشى الرجل امرأته وهي حائض فإن فعل وخرج الولد مجذوما أو به برص فلا يلومن إلا نفسه وكره أن يكلم الرجل مجذوما إلا أن يكون بينه وبينه قدر ذراع وقال علیه السّلام فر من المجذوم

ص: 190


1- المراد من الكفر هو الكفر الحيثي والجهتي وبعبارة أخرى هو الكفر العملي الغير المنافي للإيمان القلبي فتدبر. السبزواري

فرارك من الأسد وكره أن يأتي الرجل أهله وقد احتلم حتى يغتسل من الاحتلام فإن فعل وخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه وكره البول على شط نهر جار وكره أن يحدث الرجل تحت الشجرة أو نخلة قد أثمرت وکره أن يتنعل الرجل وهو قائم وكره أن يدخل الرجل بیتا مظلما إلا مع السراج ياعلي آفة الحسب الافتخار یا على من خاف الله عزّ وجلّ خاف منه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء يا علي ثمانية لا يقبل منهم(1) الصلاة العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه والناشز وزوجها عليها ساخط ومانع الزكاة وتارك الوضوء والجارية المدركة تصلي بغير خمار وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون والسكران والزيين وهو الذي يدافع البول والغائط يا علي أربع من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة من آوى اليتيم ورحم الضعيف و أشفق على والديه ورفق بملوكه يا علي ثلاث من لقي الله عزّ وجلّ بهن فهو أفضل الناس من أتى الله بما افترض عليه فهو من أعبد الناس ومن ورع عن محارم الله فهو من أورع الناس ومع قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس يا علي ثلاث لا يطيقها أحد من هذه الأمة المواساة للأخ في ماله وإنصاف الناس من نفسه وذكر الله على كل حال وليس هو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف الله عزّ وجلّ عنده و ترکه یا على ثلاثة وإن أنصفتهم ظلموك السفلة وأهلك وخادمك و ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة حر من عبده وعالم من جاهل وقوي من ضعيف يا علي سبعة من كن فيه فقد استكمل حقيقة الإيمان وأبواب الجنة مفتحة له من أسبغ وضوءه وأحسن صلاته وأدى زكاة ماله وكف غضبه وسجن لسانه واستغفر لذنبه وأدى النصيحة لأهل بیت نبیه یا على لعن الله

ص: 191


1- القبول هنا أطلق على الأعم من الصحة، السبزواري

ثلاثة آكل زاده وحده وراكب الفلاة وحده والنائم في بيت وحده يا علي ثلاثة يتخوف منهن الجنون التغوط بين القبور والمشي في خف واحد و الرجل ينام وحده يا علي ثلاثة يحسن فيهن الكذب المكيدة في الحرب وعدتك زوجتك والإصلاح بين الناس و ثلاثة مجالستهم تميت القلب مجالسة الأنذال ومجالسة الأغنياء والحديث مع النساء يا علي ثلاثة من حقائق الإيمان الإنفاق من الإقتار وإنصافك الناس من نفسك وبذل العلم للمتعلم يا علي ثلاث من لم يكن فيه لم يتم عمله ورع يحجزه عن معاصي الله عزّ وجلّ وخلق يداري به الناس وحلم يرد به جهل الجاهل يا علي ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا لقاء الإخوان و تفطير الصائم والتهجد في آخر الليل يا علي أنهاك عن ثلاث خصال الحسد والحرص والكبر یا على أربع خصال من الشقاء جمود العين وقساوة القلب وبعد الأمل وحب البقاء يا علي ثلاث درجات وثلاث كفارات و ثلاث مهلکات و ثلاث منجيات فأما الدرجات فإسباغ الوضوء في السبرات و انتظار الصلاة بعد الصلاة والمشي بالليل والنهار إلى الجماعات فأما الكفارات فإفشاء السلام وإطعام الطعام والتهجد بالليل والناس نيام فأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه وأما المنجيات فخوف الله في السر والعلانية والقصد في الغني والفقر وكلمة العدل في الرضا والسخط يا علي لارضاع بعد فطام ولا يتم بعد احتلام کا على سر سنتين بر والديك سر سنة صل رحمك سر ميلا عد مریضاسر میلین شیع جنازة سر ثلاثة أميال أجب دعوة سر أربعة أميال زر أخا في الله سر خمسة أميال أغث الملهوف سر ستة أميال انصر المظلوم وعليك بالاستغفار يا علي للمؤمن ثلاث علامات الصلاة والزكاة والصيام وللمتكلف ثلاث علامات يتملق إذا حضر ويغتاب إذا غاب ويشمت بالمصيبة وللظالم ثلاث علامات يقهر من دونه بالغلبة ومن فوقه بالمعصية ويظاهر الظلمة وللمرائي ثلاث

ص: 192

لامات ينشط إذا كان عند الناس و یکسل إذا كان وحده ويحب أن يحمد في جميع أموره وللمنافق ثلاث علامات إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان یا على تسعة أشياء تورث النسيان أكل التفاح الحامض وأكل الكزبرة والجبن وسؤر الفأرة وقراءة كتابة القبور والمشي بين امرأتين وطرح القملة والحجامة في النقرة والبول في الماء الراكد یا على العيش في ثلاثة دار قوراء وجارية حسناء وفرس قباء يا علي والله لو أن المتواضع في قعر بئر(1) لبعث الله عزّ وجلّ إليه ريحا يرفعه فوق الأخيار في دولة الأشرار یا على من انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله ومن منع أجيرا أجره فعليه لعنة الله ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله فقيل یا رسول الله وما ذلك الحدث قال القتل يا علي المؤمن من أمنه المسلمون على أموالهم ودمائهم والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه والمهاجر من هجر السيئات يا علي أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله يا علي من أطاع امرأته أكبه الله على وجهه في النار فقال علي وما تلك الطاعة قال يأذن في الذهاب إلى الحمامات والعرسات والنائحات ولبس ثياب الرقاق ياعلي إن الله تبارك وتعالى قد أذهب بالإسلام نخوة الجاهلية و تفاخرهم بأبائهم ألا وإن الناس من آدم و آدم من تراب وأكرمهم عند الله أتقاهم يا علي من السحت من الميتة وثمن الكلب وثمن الخمر ومهر الزانية والرشوة في الحكم وأجر الكاهن يا علي من تعلم علما ليماري به السفهاء أو يجادل به العلماء أو ليدعو الناس إلى نفسه فهو من أهل النار یا علي إذا مات العبد قال الناس ما خلف وقالت الملائكة ما قدم یا على الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر يا علي موت الفجأة راحة المؤمن وحسرة الكافر یا على أوحى

ص: 193


1- هذا محسوس في هذا الزمان بالوجدان. السبزواري

الله تبارك و تعالى إلى الدنيا اخدمي من خدمني وأتعبي من خدمك يا علي إن الدنيا لو عدلت عند الله عزّوجلّ جناح بعوضة لماسقی الكافر منها شربة من ماء يا علي ما أحد من الأولين والآخرين إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه لم يعط من الدنيا إلا قوتا(1) يا علي شر الناس من اتهم الله في قضائه يا علي أنين المؤمن المريض تسبیح وصياحه تهليل ونومه على الفراش عبادة و تقلبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل الله فإن عوفي يمشي في الناس وما عليه من ذنب يا علي لو أهدي إلي كراع لقبلت ولو دعيت إلى ذراع لأجبت يا علي ليس على النساء جمعة ولا جماعة ولا إقامة ولا عيادة مريض ولا إتباع جنازة ولا هرولة بين الصفا والمروة ولا استلام الحجر ولا حلق ولا تولي القضاء ولا أن تستشار ولا تذبح إلا عند الضرورة ولا تجهر بالتلبية ولا تقيم عند قبر ولا تسمع الخطبة ولا تتولى التزویج ولا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه فإن خرجت بغير إذنه لعنها الله وجبرئيل وميكائيل ولا تعطي من بیت زوجها شيئا إلا بإذنه ولا تبيت وزوجها عليها ساخط وإن كان ظالما لها يا علي الإسلام عریان ولباسه الحياء وزينته الوفاء ومروته العمل الصالح وعماده الورع ولكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت علیهم السّلام يا على سوء الخلق شؤم وطاعة المرأة ندامة يا علي إن كان الشؤم في شيء ففي لسان المرأة يا علي نجا المخفون وهلك المثقلون يا علي من كذب علي متعمدا فلیتبوأ مقعده من النار ياعلي ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن البلغم اللبان والسواك وقراءة القرآن يا علي السواك من السنة ومطهرة للفم ويجلو البصر ويرضي الرحمن ويبيض الأسنان ويذهب بالبخر ويشد اللثة ويشهي الطعام ويذهب بالبلغم ويزيد في الحفظ ويضاعف الحسنات

ص: 194


1- كلمة شريفة لا قيمة لها. السبزواري

و تفرح به الملائكة يا علي النوم أربعة نوم الأنبياء: على أقفيتهم ونوم المؤمنين على أيمانهم ونوم الكفار والمنافقين على أيسارهم ونوم الشياطين على وجوههم يا علي ما بعث الله عزّ وجلّ نبيا إلا وجعل ذريته من صلبه وجعل ذريتي من صلبك ولولاك ما كانت لي ذرية يا علي أربعة من قواصم الظهر إمام يعصي الله عزّ وجلّ ويطاع أمره وزوجة يحفظها زوجها وهي تخونه وفقر لا يجد صاحبه مداو یا وجار سوء في دار مقام يا علي إن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله عز وجل في الإسلام حرم نساء الآباء على الأبناء فأنزل الله عزّ وجلّ: «وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ» ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به فأنزل الله تبارك و تعالى «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ» الآية ولما حفر زمزم سماها سقاية الحاج فأنزل الله تبارك وتعالى «أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» الآية وسن في القتل مائة من الإبل فأجرى الله عزّ وجلّ ذلك في الإسلام ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسن لهم عبد المطلب سبعة أشواط فأجرى الله عزّ وجلّ ذلك في الإسلام يا علي إن عبد المطلب كان لا يستقسم بالأزلام ولا يعبد الأصنام ولا يأكل ما ذبح على النصب ويقول أنا على دين أبي إبراهيم عليه السّلام يا علي أعجب الناس إيمانا و أعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد على بياض یا على ثلاث يقسين القلب استماع اللهو وطلب الصيد وإتيان باب السلطان يا علي لا تصل في جلد ما لا تشرب لبنه ولا تأكل لحمه ولا تصل في ذات الجيش ولا في ذات الصلاصل ولا في ضجنان یا على كل من البيض ما اختلف طرفاه ومن السمك ما كان له قشور ومن الطير ما دف واترك منه ما صف وكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية يا على كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير فحرام أكله يا

ص: 195

علي لا قطع في ثمر ولا كثر يا علي ليس على زان عقر ولا حد في التعريض ولا شفاعة في حد ولا يمين في قطيعة رحم ولا يمين لولد مع والده ولا لامرأة مع زوجها ولا للعبد مع مولاة ولا صمت يوما إلى الليل ولا وصال في صيام ولا تعرب بعد هجرة يا علي لا يقتل والد بولده يا علي لا يقبل الله عزّ وجلّ دعاء قلب ساه يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد الجاهل يا علي ركعتان يصليهما العالم أفضل من ألف ركعة يصليها العابد يا علي لا تصوم المرأة تطوعا إلا بإذن زوجها ولا يصوم العبد تطوعا إلا بإذن مولاه ولا يصوم الضيف تطوعا إلا بإذن صاحبه يا علي صوم يوم الفطر وصوم يوم الأضحی حرام وصوم الوصال حرام وصوم الصمت حرام وصوم نذر المعصية حرام وصوم الدهر حرام یا علي في الزناء ست خصال ثلاث منها في الدنيا و ثلاث منها في الآخرة أما التي في الدنيا فيذهب بالبهاء ويعجل الفناء ويقطع الرزق وأما التي في الآخرة فسوء الحساب وسخط الرحمن والخلود في النار يا علي الربا سبعون جزء افأيسره مثل أن ينكح الرجل أمه في بيت الله الحرام يا علي درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية كلها بذات محرم یا علي من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن ولا مسلم ولا كرامة يا علي تارك الصلاة يسأل الرجعة إلى الدنيا وذلك قول الله تعالى «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ» الآية يا علي تارك الحج وهو يستطيع کافر قال الله تبارك وتعالى «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ» و یا على من سوّف الحج حتى يموت بعثه الله يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا يا علي الصدقة ترد القضاء الذي قد أبرم إبراما يا علي صلة الرحم يزيد في العمر ياعلي افتتح بالملح واختم بالملح فإن فيه شفاء من اثنين وسبعين داء يا علي لو قدمت المقام المحمود لشفعت في أبي وأمي وعمي وأخ كان لي في الجاهلية علي لاصدقة وذو رحم محتاج يا علي

ص: 196

درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم ينفق في سبيل الله وفيه أربع عشرة خصلة يطرد الريح من الأذنين ويجلو البصر ويلين الخياشيم ويطيب النكهة ويشد اللثة ويذهب بالصنان ويقل وسوسة الشيطان و تفرح به الملائكة ويستبشر به المؤمن ويغيظ به الكافر وهو زينة وطيب ويستحيي منه منكر ونكير وهو براءة له في قبره يا علي لا خير في قول إلا مع الفعل ولا في منظر إلا مع الخبر ولا في المال إلا مع الجود ولا في الصدق إلا مع الوفاء ولا في العفة إلا مع الورع ولا في الصدقة إلا مع النية ولا في الحياة إلا مع الصحة ولا في الوطن إلا مع الأمن والسرور يا علي حرم من الشاة سبعة أشياء الدم والمذاكير والمثانة والنخاع والغدد والطحال والمرارة ياعلي لا تماكس في أربعة أشياء في شراء الأضحية والكفن و النسمة والكرى إلى مكة يا علي ألا أخبرك بأشبهكم بي خلقا قال بلى يا رسول الله قال أحسنکم خلقا أعظمكم حلما وأبركم بقرابته وأشدكم من نفسه إنصافا يا علي أمان لأمتي من الغرق إذا هم ركبوا السفن فقرءوا «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» يا علي أمان لأمتي من السرق «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى» إلى آخر السورة یا علي أمان لأمتي من الهدم «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا» یا على أمان لأمتي من الهم لا حول ولا قوة إلا بالله لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه يا علي أمان لأمتي من الحرق «إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» و یا على من خاف السباع فليقرأ «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ» إلى آخر السورة يا علي ومن استصعب عليه دابته فليقرأ في أذنها اليمنى «وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي

ص: 197

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ» یا على من خاف ساحرا أو شیطانا فليقرأ «إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ» الآية يا علي من كان في بطنه ماء أصفر فليكتب على بطنه آية الكرسي ويشربه فإنه برأ بإذن الله عزّ وجلّ يا علي حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعه موضعا صالحا وحق الوالد على ولده أن لا يسميه باسمه ولا يمشي بين يديه ولا يجلس أمامه ولا يدخل معه الحمام يا علي ثلاثة من الوسواس أكل الطين و تقليم الأظفار بالأسنان وأكل اللحية يا علي لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما يا علي يلزم الوالدين من ولدهما ما يلزم لهما من عقوقهما يا علي رحم الله والدين حملا ولدهما على برهما ياعلي من أحزن والديه فقد عقهما يا علي من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والآخرة يا علي من كفي يتيما في نفقة بماله حتى يستغني وجبت له الجنة البتة يا على من مسح يده على رأس يتيم ترحما له أعطاه الله عزّوجلّ بكل شعرة نورا يوم القيامة يا علي أنا ابن الذبيحين أنا دعوة أبي إبراهيم یا علي العقل ما اكتسب به الجنة وطلب به رضا الرحمن يا علي إن أول خلق خلقه الله عزّ وجلّ العقل فقال له أقبل فأقبل ثم قال له أدير فأدبر وقال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك بك آخذ وبك أعطي وبك أثيب وبك أعاقب يا علي لا فقر أشد من الجهل ولا مال أعود من العقل ولا وحدة أوحش من العجب ولا عقل كالتدبير ولا ورع کالكف عن محارم الله وعما لا يليق ولا حسب كحسن الخلق ولا عبادة مثل التفكر يا على آفة الحديث الكذب و آفة العلم النسيان و آفة العبادة الفترة وآفة الجمال الخيلاء و آفة الحلم الحسد یا على أربعة يذهبن ضياعا الأكل على الشبع والسراج في القمر والزرع في السبخة والصنيعة عند غير أهلها ياعلي من نسي الصلاة على فقد أخطأ طريق الجنة يا على إياك ونقرة الغراب وفريسة الأسد يا علي

ص: 198

لئن أدخل يدي في فم التنين إلى المرفق أحب إلي من أن أسأل من لم يكن ثم كان یا علي إن أعتى الناس على الله عزّ وجلّ القاتل غير قاتله والضارب غير ضاربه ومن تولى غير مواليه فقد كفر بما أنزل الله عزّ وجلّ يا علي تختم باليمين فإنه فضيلة من الله عزّ وجلّ للمقربين قال بم أتختم یا رسول الله قال بالعقيق الأحمر فإنه أول جبل أقر الله عزّ وجلّ بالوحدانية ولي بالنبوة ولك بالوصية ولولدك بالإمامة و لشيعتك بالجنة ولأعدائك بالنار يا على إن الله عزّ وجلّ أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ثم اطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين ثم اطلع الثالثة فاختار الأئمة عليهم السّلام من ولدك على رجال العالمين ثم اطلع الرابعة فاختار فاطمة عليهاالسّلام على نساء العالمين يا علي إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن فآنست بالنظر إليه إني لما بلغت بیت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرتها لا إله إلا الله محمّد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته بوزيره فقلت لجبرئيل من وزيري فقال علي ابن أبي طالب فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها إني أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلّا أَنَا وحدي محمد صفوتي من خلقي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره فقلت الجبرئيل عليه السّلام من وزيري فقال علي بن أبي طالب فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمین جل جلاله فوجدت مكتوبا على قوائمه أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلّا أَنَا وحدي محمّد حبيبي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره يا علي إن الله تبارك وتعالى أعطاني فيك سبع خصال أنت أول من ينشق عنه القبر معي وأنت أول من يقف على الصراط معي وأنت أول من يکسي إذا کسیت ويحيا إذا حييت وأنت أول من يسكن معي عليين وأنت أول من يشرب معي من الرحیق المختوم الذي خِتامُهُ مِسْكٌ.

ص: 199

باب (4) / ما أوصى به رسول الله صلّي الله علیه و آله إلى أبي ذرّ رحمه الله

البحار: ج 03 ص 411- 414

3- من كتاب مكارم الأخلاق، يقول مولاي أبي طول الله عمره الفضل بن الحسن هذه الأوراق من وصية رسول الله صلّي الله علیه و آله لأبي ذر الغفاري التي أخبرني بها الشيخ المفيد أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد الله المقري الرازي والشيخ الأجل الحسن بن الحسين بن الحسن بن بابویه رحمه الله إجازة قالا أملى علينا الشيخ الأجل أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي وأخبرني بذلك الشيخ العالم الحسين بن الفتح الواعظ الجرجاني في مشهد الرضا علیه السّلام قال أخبرنا الشيخ الإمام أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي قال حدثني أبي الشيخ أبو جعفر رحمه الله قال أخبرنا جماعة عن أبي الفضل محمد بن عبد الله بن محمّد بن المطلب الشيباني قال حدثنا أبو الحسين رجاء بن يحيى العبر تائي الكاتب سنة أربع عشرة وثلاثمائة وفيها مات قال حدثنا محمد بن الحسن بن شمون قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن الفضل بن يسار عن وهب بن عبد الله الهنائي قال حدثني أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبي الأسود قال قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه فحدثني أبو ذر قال دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله صلّي الله علیه و آله في مسجده فلم أر في المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله صلّي الله علیه و آله وعلى إلى جانبه جالس فاغتنمت خلوة المسجد فقلت یا رسول الله بأبي أنت وأمي أوصني بوصية ينفعني الله بها فقال نعم وأكرم بك يا أبا ذر إنك منا أهل البيت علیهم السّلام وإني موصيك بوصية فاحفظها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان يا أبا ذر اعبد الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه

ص: 200

فإنه يراك واعلم أن أول عبادة الله المعرفة به فهو الأول قبل كل شيء فلاشيء قبله والفرد فلا ثاني له والباقي لا إلى غاية فاطر السماوات والأرض وما فيها وما بينهما من شيء وهو الله اللطيف الخبير «وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ثم الإيمان بي والإقرار بأن الله تعالى أرسلني إلى كافة الناس بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا واعلم يا أبا در أن الله عزّ وجلّ جعل أهل بيتي في أمتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق ومثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله كان آمنا یا أبا ذر احفظ ما أوصيك به تكن سعيدا في الدنيا والآخرة يا أبا ذر نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ يا أبا ذر اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك يا أبا ذر إياك والتسويف بأملك فإنك بيومك ولست بما بعده فإن يكن غد لك فكن في الغد کاکنت في اليوم وإن لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم يا أبا ذر کم من مستقبل يوما لا يستكمله و منتظر غدا لا يبلغه يا أبا ذر لو نظرت إلى الأجل ومصيره لأبغضت الأمل وغروره یا أبا ذر كن كأنك في الدنيا غريب أو كعابر سبيل وعد نفسك من أصحاب القبور يا أبا ذر إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح وخذ من صحتك قبل سقمك وحياتك قبل موتك فإنك لا تدري ما اسمك غدا یا أبا ذر إياك أن تدركك الصرعة عند العثرة فلا تقال العثرة ولا تمكن من الرجعة ولا يحمدك من خلفت ما تركت ولا يعذرك من تقدم عليه بما اشتغلت به يا أبا ذر کن على عمرك أشح منك على درهم و دینارك يا أبا در هل ينتظر أحد إلا غني مطغيا أو فقرا منسيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فإنه شر غائب ينتظر أو الساعة ف- «السَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ» یا

ص: 201

أبا ذر إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنة يا أبا ذر من ابتغى العلم ليخدع به الناس لم يجد ريح الجنة يا أبا ذر إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل لا أعلمه تنج من تبعته ولا تفت بالا علم لك به تنج من عذاب الله يوم القيامة يا أبا ذر يطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون ما أدخلكم النار وقد دخلنا الجنة لفضل تأديبكم و تعليمكم فيقولون إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله یا أبا ذر إن حقوق الله جل ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد ولكن أمسوا وأصبحوا تائبين يا أبا ذر إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة ومن يزرع خيرا يوشك أن يحصد خيرا ومن يزرع شرا يوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع مثل ما زرع يا أبا ذر لا يسبق بطيء بحظه ولا يدرك حريص ما لم يقدر له ومن أعطي خيرا فإن الله أعطاه ومن وقي شرا فإن الله وقاه يا أبا ذر المتقون سادة والفقهاء قادة ومجالستهم زيادة إن المؤمن لیری ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه وإن الكافر لیری ذنبه كأنه ذباب مر على أنفه یا أبا ذر إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل ذنوبه بين عينيه ممثلة والاثم عليه ثقيلا وبيلا وإذا أراد بعبد شرا أنساه ذنوبه يا أبا ذر لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت يا أبا ذر إن نفس المؤمن أشد ارتکاضامن الخطيئة من العصفور حين يقذف به في شرکه یا أبا ذر من وافق قوله فعله فذاك الذي أصاب حظه ومن خالف قوله فعله فإنما يوبخ نفسه يا أبا ذر إن الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه يا أبا ذر دع ما لست منه في شيء ولا تنطق فيما لا يعنيك واخزن لسانك کا تخزن ورقك يا أبا ذر إن الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم قوم في الدرجات العلي فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون ربنا إخواننا كنا معهم في

ص: 202

الدنيا فبم فضلتهم علينا فيقال هيهات هيهات إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمئون حين تروون ويقومون حين تنامون ويشخصون حين تحفظون يا أبا ذر جعل الله جل ثناؤه قرة عيني في الصلاة وحبب إلى الصلاة كما حبب إلى الجائع الطعام و إلى الظمآن الماء وإن الجائع إذا أكل شبع وإن الظمآن إذا شرب روي وأنا لا أشبع من الصلاة يا أبا ذر أيما رجل تطوع في يوم وليلة اثنتي عشرة رکعة سوى المكتوبة كان له حقا واجبا بيت في الجنة يا أبا ذر ما دمت في الصلاة فإنك تقرع باب الملك الجبار ومن يكثر قرع باب الملك يفتح له يا أبا ذر ما من مؤمن يقوم مصليا إلا تناثر عليه البر ما بينه وبين العرش ووکل به ملك ينادي يا ابن آدم لو تعلم ما لك في الصلاة ومن تناجي ما انفتلت يا أبا ذر طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة ألا وهم السابقون إلى المساجد بالأسحار وغير الأسحار يا أبا ذر الصلاة عماد الدين واللسان أكبر والصدقة تمحو الخطيئة واللسان أكبر والصوم جنة من النار واللسان أكبر والجهاد نباهة واللسان أكبر یا أبا ذر الدرجة في الجنة كما بين السماء والأرض وإن العبد ليرفع بصره فيلمع له نور یکاد يخطف بصره فيفزع لذلك فيقول ما هذا فيقال هذا نور أخيك فيقول أخي فلان كنا نعمل جميعا في الدنيا وقد فضل علي هكذا فيقال له إنه كان أفضل منك عملا ثم يجعل في قلبه الرضا حتى يرضى يا أبا ذر الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وما أصبح فيها مؤمن إلا حزينا فكيف لا يحزن المؤمن وقد أوعده الله جل ثناؤه أنه وارد جهنم ولم يعده أنه صادر عنها وليلقين أمراضا و مصیبات وأمورا تغيظه وليظلمن فلا ينتصر يبتغي ثوابا من الله تعالى فما يزال فيها حزينا حتى يفارقها فإذا فارقها أفضى إلى

ص: 203

الراحة والكرامة يا أبا ذر ما عبد الله عزّ وجلّ على مثل طول الحزن(1) يا أبا ذر من أوتي من العلم ما لا يبكيه لحقيق أن يكون قد أوتي علم ما لا ينفعه لأن الله نعت العلماء فقال جلّ وعزّ «إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا».

باب (5) / وصيّة النبيّ الله صلّي الله علیه و آله إلى عبد الله بن مسعود

البحار: ج 30 ص422

1- عن عبد الله بن مسعود قال دخلت أنا وخمسة رهط من أصحابنا يوما على رسول الله صلّي الله علیه و آله وقد أصابتنا مجاعة شديدة ولم يكن ذقنا منذ أربعة أشهر إلا الماء واللبن وورق الشجر (2) قلنا يا رسول الله إلى متى نحن على هذه المجاعة الشديدة قال رسول الله صلّي الله علیه و آله لا تزالون فيها ما عشتم فأحدِثوا لله شكرا ... .

ص: 204


1- السبزواري: ليس المراد به الحزن على الأمور الدنيوية قطعاً
2- هذا محال بحسب العادة مع أنه لو كان كذلك لمات الحيوانات فمن أين اللبن فتدبّر السبزواري

باب (6) / جوامع وصايا رسول الله صلّي الله علیه و آله ومواعظه وحكمه

البحار: ج 30 ص 444

33 - وصيته صلّي الله علیه و آله لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن (1) یا معاذ علمهم کتاب الله وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة وأنزل الناس منازلهم خيرهم وشرهم وأنفذ فيهم أمر الله ولا تحاش في أمره ولا ماله أحدا فإنها ليست بولايتك ولا مالك وأدّ إليهم الأمانة في كل قليل وكثير وعليك بالرفق والعفو في غير ترك للحق يقول الجاهل قد تركت من حق الله واعتذر إلى أهل عملك من كل أمر خشيت أن يقع إليك منه عيب حتى يعذروك وأمت أمر الجاهلية إلا ما سنه الإسلام وأظهر أمر الإسلام كله صغيره وكبيره ولیكن أكثر همك الصلاة فإنها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدين وذكّر الناس بالله واليوم الآخر واتبع الموعظة فإنه أقوى لهم على العمل بما يحب الله ثم بث فيهم المعلمين واعبد الله الذي إليه ترجع ولا تخف في الله لومة لائم وأوصيك بتقوى الله وصدق الحديث والوفاء بالعهد وأداء الأمانة وترك الخيانة ولين الكلام وبذل السلام وحفظ الجار ورحمة اليتيم وحسن العمل وقصر الأمل وحب الآخرة والجزع من الحساب ولزوم الإيمان والفقه في القرآن وكظم الغيظ وخفض الجناح وإياك أن تشتم مسلما أو تطيع آثما أو تعصي إماما عادلا أو تكذب صادقا أو تصدق كاذبا واذكر ربك عند كل شجر وحجر وأحدث لكل ذنب توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية يا معاذ لولا أنني أرى ألا نلتقي إلى يوم القيامة

ص: 205


1- أقول: معاذ بن جبل مطعون فراجع حالاته في الرجال وفي هذا الحدیث علامات الجعل ظاهرة لمن تدبّر. السبزواري

القصرت في الوصية ولكنني أرى أن لا نلتقي أبدا ثم اعلم يا معاذ أن أحبكم إلي من يلقاني على مثل الحال التي فارقني عليها.

باب (7) / ما جمع من مفردات كلمات رسول الله صلّي الله علیه و آله وجوامع کلمه

البحار: ج 30 ص461، س20

وكتب صلّي الله علیه و آله إلى معاذ يعزیه بابنه (1) من محمد رسول الله صلّي الله علیه و آله إلى معاذ بن جبل سلام عليك فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو أما بعد فقد بلغني جزعك على ولدك الذي قضى الله عليه وإنما كان ابنك من مواهب الله الهنيئة وعواريه المستودعة عندك فمتعك الله به إلى أجل وقبضه لوقت المعلوم ف- إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ لا يحبطن جزعك أجرك ولو قدمت على ثواب مصيبتك لعلمت أن المصيبة قد قصرت لعظيم ما أعد الله عليها من الثواب لأهل التسليم والصبر واعلم أن الجزع لا يرد ميتا ولا يدفع قدرا فأحسن العزاء و تنجز الموعود فلا يذهبن أسفك على ما لازم لك ولجميع الخلق نازل بقدره والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

البحار: ج 30 ص 465 س1

قال أحمد بن أبي الحواري تمنيت أن أری أبي سليمان الداراني في المنام فرأيته بعد سنة فقلت له يا معلم ما فعل الله بك فقال يا أحمد جئت من باب الصغير فلقيت وسق شيح فأخذت منه عودا ما أدري تخللت به أو رمیت به فأنا في حسابه منذ سنة إلى

ص: 206


1- معاذ مطعون وهذا الحديث مجعول له. السبزواري

هذه الغاية تم الخبر وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.(1)

البحار: ج 30 ص 468 س6

وقال صلّي الله علیه و آله: جاملوا الأشرار بأخلاقهم تسلموا من غوائلهم وباینوهم بأعمالكم کیلا تكونوا منهم.(2)

باب (22) / وصايا الباقر علیه السّلام

البحار: ج 31 ص 232

12 - وقال علیه السّلام ما من عبد يمتنع من معونة أخيه المسلم والسعي له في حاجته قضيت أو لم تقض إلا ابتلي بالسعي في حاجة فيما يأثم عليه ولا يؤجر وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضى الله إلا ابتلي بأن ينفق أضعافها فيما أسخط الله.(3)

البحار: ج 21 ص 232

20- وقال علیه السّلام لا يكون العبد عالما حتى لا يكون حاسدا لمن فوقه ولا محقرا لمن دونه. (4)

البحار: ج 31 ص 233

36- وقال علیه السّلام لابنه اصبر نفسك على الحق فإنه من منع شيئا في حق أعطى في

ص: 207


1- هذا من المجعولات. السبزواري
2- لو اجتمع الثقلين على أن يأتوا بكلمة في حفظ نظام الدنيا والدين لم يقدروا على مثل هذا الكلام الموجز. السبزواري
3- هذا هو المشاهد والمحسوس في كل زمان ومكان. السبزواري
4- إن كان هذا مناط العلم فلا نرى عالماً في زماننا. السبزواري

باطل مثليه.(1)

باب (23) / مواعظ الصادق جعفر بن محمد علیه السّلام ووصاياه وحكمه

البحار: ج 31 ص 255

90 - وسئل علیه السّلام عن فضيلة لأمير المؤمنين علیه السّلام لم يشركه فيها غيره قال فضل الأقربين بالسبق وسبق الأبعدين بالقرابة.(2)

باب (24) / ما رويّ عن الصادق علیه السّلام من وصاياه لأصحابه

البحار: ج 31 ص295

2- وصيته علیه السّلام لأبي جعفر محمّد بن النعمان الأحول قال أبو جعفر قال لي الصادق علیه السّلام إن الله جلّ وعزّ عير أقواما في القرآن بالإذاعة فقلت له جعلت فداك أين قال قال قوله «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ» ثم قال المذيع عليناسرّناكالشاهر بسيفه علينا رحم الله عبداسمع بمكنون علمنا فدفنه تحت قدميه والله إني لأعلم بشراركم من البيطار بالدواب شراركم الذين لا يقرءون القرآن إلا هجرا ولا يأتون الصلاة إلا دبرا ولا يحفظون ألسنتهم اعلم أن الحسن بن علي علیه السّلام لما طعن واختلف الناس عليه سلم الأمر لمعاوية فسلمت عليه الشيعة عليك السلام یا

ص: 208


1- هذا نحو ما مرّ من انه المشاهد والمحسوس. السبزواري
2- أي بالسبق إلى الإسلام. السبزواري

مذل المؤمنين فقال علیه السّلام ما أنا بمذل المؤمنين ولكني معز المؤمنين إني لما رأيتكم ليس بكم عليهم قوة سلمت الأمر لأبقى أنا وأنتم بين أظهرهم کماعاب العالم السفينة لتبق لأصحابها وكذلك نفسي وأنتم لنبق بینهم یا ابن النعمان إني لأحدث الرجل منكم بحديث فيتحدث به عني فأستحل بذلك لعنته والبراءة منه فإن أبي كان يقول وأي شيء أقر للعين من التقية إن التقية جنة المؤمن ولولا التقية ما عبد الله وقال الله عزّ وجلّ «لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً» يا ابن النعمان إياك والمراء فإنه يحبط عملك وإياك والجدال فإنه يوبقك وإياك وكثرة الخصومات فإنها تبعدك من الله ثم قال إن من كان قبلكم كانوا يتعلمون الصمت وأنتم تعلمون الكلام كان أحدهم إذا أراد التعبد يتعلم الصمت قبل ذلك بعشر سنين فإن كان يحسنه ويصبر عليه تعبد وإلا قال ما أنا ما أروم بأهل إنما ينجو من أطال الصمت عن الفحشاء وصبر في دولة الباطل على الأذى أولئك النجباء الأصفياء الأولياء حقا وهم المؤمنون إن أبغضكم إلى المتراسون المشاءون بالنمائم الحسدة لإخوانهم ليسوا مني ولا أنا منهم إنما أوليائي الذين سلموا لأمرنا واتبعوا آثارنا واقتدوا بنا في كل أمورنا ثم قال والله لو قدم أحدکم ملء الأرض ذهبا على الله ثم حسد مؤمنا لكان ذلك الذهب مما يكوی به في النار يا ابن النعمان إن المذيع ليس كقاتلنا بسيفه بل هو أعظم وزرا بل هو أعظم وزرا بل هو أعظم وزرا یا ابن النعمان إنه من روی علينا حديثا فهو ممن قتلنا عمدا ولم يقتلنا خطاء يا ابن النعمان إذا كانت دولة الظلم فامش و استقبل من تنقيه بالتحية فإن المتعرض للدولة قاتل نفسه وموبقها إن الله يقول «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» يا ابن النعمان إنا أهل بيت لا يزال الشيطان يدخل فينا من ليس منا ولا من أهل ديننا فإذا رفعه ونظر إليه الناس أمره الشيطان فيكذب علينا وكلما

ص: 209

ذهب واحد جاء آخر يا ابن النعمان من سئل عن علم فقال لا أدري فقد ناصف العلم والمؤمن يحقد ما دام في مجلسه فإذا قام ذهب عنه الحقد يا ابن النعمان إن العالم لا يقدر أن يخبرك بكل ما يعلم لأنه سر الله الذي أمره إلى جبرئيل وأمره جبرئیل علیه السّلام إلى محمد صلّي الله علیه و آله وأسره محمد صلّي الله علیه و آله إلى علي علیه السّلام وأسره علي علیه السّلام الا إلى الحسن وأسره الحسن علیه السّلام إلى الحسين علیه السّلام وأسره الحسين علیه السّلام إلى علي علیه السّلام وأسره علي علیه السّلام إلى محمد علیه السّلام وأسره محمد علیه السّلام إلى من أسره فلا تعجلوا فو الله لقد قرب هذا الأمر ثلاث مرات فأذعتموه فأخره الله(1) والله ما لكم سر إلا وعدوكم أعلم به منكم يا ابن النعمان أبق على نفسك فقد عصيتني لا تذع سري فإن المغيرة بن سعيد كذب على أبي وأذاع سره فأذاقه الله حر الحديد وإن أبا الخطاب كذب علي وأذاع سري فأذاقه الله حر الحديد ومن كتم أمرنا زينه الله به في الدنيا والآخرة وأعطاه حظه ووقاه حر الحديد وضيق المحابس إن بني إسرائيل قحطوا حتى هلكت المواشي والنسل فدعا الله موسی بن عمران علیه السّلام فقال يا موسى إنهم أظهروا الزنى والربا وعمروا الكنائس وأضاعوا الزكاة فقال إلهي تحنن برحمتك عليهم فإنهم لا يعقلون فأوحى الله إليه أني مرسل قطر السماء ومختبرهم بعد أربعين يوما فأذاعوا ذلك وأفشوه فحبس عنهم القطر أربعين سنة وأنتم قد قرب أمركم فأذعتموه في مجالسكم يا أبا جعفر مالكم وللناس كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى هذا الأمر فوالله لو أن أهل السماوات والأرض اجتمعوا على أن يضلواعبدا يريد الله هداه ما استطاعوا أن يضلوه کفوا عن الناس ولا يقل أحدكم أخي وعمي وجاري فإن الله جلّ وعزّ إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه فلا يسمع معروفا إلا عرفه ولا منكرا إلا أنكره ثم

ص: 210


1- السبزواري: هذا نصّ في أن ظهور الحجة من الأمور البدائية والمراد بهذا الأمر هو ظهور الحجة

قذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره يا ابن النعمان إن أردت أن يصفو لك ود أخيك فلا تمازحنه ولا تمارينه ولا تباهينه ولا تشارنه ولا تطلع صديقك من سرك إلا على ما لو اطلع عليه عدوك لم يضرك فإن الصديق قد يكون عدوك يوما يا ابن النعمان لا يكون العبد مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث سنن سنة من الله وسنة من رسوله وسنة من الإمام فأما السنة من الله جلّ وعزّ فهو أن يكون كتوما للأسرار يقول الله جل ذكره «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا» وأما التي من رسول الله صلّي الله علیه و آله فهو أن يداري الناس ويعاملهم بالأخلاق الحنيفية وأما التي من الإمام فالصبر في البأساء والضراء حتى يأتيه الله بالفرج يا ابن النعمان ليست البلاغة بحدة اللسان ولا بكثرة الهذيان ولكنها إصابة المعنى وقصد الحجة يا ابن النعمان من قعد إلى ساب أولياء الله فقد عصى الله ومن كظم غيظا فينا لا يقدر على إمضائه كان معنا في السنام الأعلى ومن استفتح نهاره بإذاعة سرنا سلط الله عليه حر الحديد وضيق المحابس يا ابن النعمان لا تطلب العلم لثلاث لترائي به ولا لتباهي به ولا لتماري ولا تدعه لثلاث رغبة في الجهل وزهادة في العلم واستحياء من الناس والعلم المصون كالسراج المطبق عليه يا ابن النعمان إن الله جلّ وعزّ إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء فجال القلب بطلب الحق ثم هو إلى أمركم أسرع من الطير إلى وكره یا ابن النعمان إن حبنا أهل البيت علیهم السّلام ينزله الله من السماء من خزائن تحت العرش كخزائن الذهب والفضة ولا ينزله إلا بقدر ولا يعطيه إلا خير الخلق وإن له غمامة كغمامة القطر فإذا أراد الله أن يخص به من أحب من خلقه أذن لتلك الغمامة فتهطلت کما تهطل السحاب فتصيب الجنين في بطن أمه.

ص: 211

باب (25) / مواعظ موسی بن جعفر علیه السّلام وحكمه

البحار: ج 31 ص 310

21-وقال علیه السّلام كلما أحدث الناس من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون أحدث الله لهم

من البلاء ما لم يكونوا يعدون.(1)

باب (26) / مواعظ الرضا علیه السّلام

البحار: ج 31 ص 317

7- قال علیه السّلام: إذا أراد الله أمرا سلب العباد عقولهم فأنفذ أمره وتمت إرادته فإذا أنفذ أمره رد إلى كل ذي عقل عقله فيقول كيف ذا ومن أين ذا.(2)

البحار: ج 31 ص 328 س15

وقال علیه السّلام: من صدق الناس کرهوه.(3)

باب (29) / مواعظ أبي محمّد العسكري علیه السّلام وكتبه إلى أصحابه

البحار: ج 31 ص 340 س18

وقال علیه السّلام: الجهل خصم، والحلم حکم، ولم يعرف راحة القلب من لم يجرعه الحلم

ص: 212


1- السبزواري: هذا هو الحق المشاهد المحسوس في زماننا
2- هذا هو المشاهد المحسوس عند ذوي الرأي. السبزواري
3- وجه کراهة الناس لمن صدقهم هو أن الشخص لو صدق كل شخص مع أن نوع أقاويل الناس ليس إلا الوقيعة بعضهم لبعض فهذا التصديق يوجب الكراهة قهراً. السبزواري

غصص الغيظ. إذا كان المقضي كائنا فالضراعة لماذا نائل الكريم يحببك إليه ونائل اللئيم يضعك لديه من كان الورع سجيته والإفضال حليته انتصر من أعدائه بحسن الثناء عليه وتحصن بالذكر الجميل من وصول نقص إليه .

وقال بعض الثقات وجدت بخطه علیه السّلام مكتوبا على ظهر کتاب(1) قد صعدنا ذری الحقائق بأقدام النبوة والولاية ونورنا السبع الطرائق بأعلام الفتوة فنحن ليوث الوغي وغيوث الندى وفينا السيف والقلم في العاجل ولواء الحمد والعلم في الأجل وأسباطناخلفاء الدين وحلفاء اليقين ومصابيح الأمم ومفاتيح الكرم فالكليم ألبس حلة الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء وروح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة وشيعتنا الفئة الناجية و الفرقة الزاكية صاروا لنا ردءا وصونا وعلى الظلمة ألبا وعونا وسينفجر لهم ينابيع الحيوان بعد لظى النيران لتمام الطواوية والطواسين من السنين.

البحار: ج 60 ص 332 س 29

ومنه، بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمّد عمن ذكره عن درست عمن ذكره عنهم علیه السّلام قال بینا موسی جالس إذ أقبل إبليس وعليه برنس فوضعه ودنا(2) من موسى وسلم فقال له موسى من أنت قال إبليس قال لا قرب الله دارك لما ذا البرنس قال اختطفت به قلوب بني آدم فقال له موسى علیه السّلام أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه قال ذلك إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله وصغر في نفسه ذنبه وقال يا موسى لا تخل بامرأة لا تحل لك فإنه لا يخلو رجل

ص: 213


1- السبزواري: الظاهر أنّه من المجعولات
2- السبزواري: قد شاع في زماننا وضع القلنسوة عند الدخول على الأعاظم ويعدونه نوعاً من الاحترام و مقتضى هذا الخبر أن أصله مأخوذ من إبليس

بامرأة لا تحل له إلا كنت صاحبه دون أصحابي و إياك أن تعاهد الله عهدا فإنه ما عاهد الله أحد إلا كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه وبين الوفاء به وإذا هممت بصدقة فأمضها فإذا هم العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه وبينها.

البحار: فقلت یا جبرائیل عنك أو عن ربك(1).

البحار: قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ثلاثة يطفين نور العبد .

وبهذا الإسناد قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ثلاث يطفين نور العبد من قطع أوداء أبيه وغير شيبته ورفع بصره في الحجرات من غير أن يؤذن له.(2)

البحار: عمن حدثه عن معاذ بن جبل واللفظ للأول قال قلت .

عدة الداعي، روى الشيخ أبو محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمي نزيل الري في كتابه المنبئ عن زهد النبي صلّي الله علیه و آله عن عبد الواحد عمن حدثه عن معاذ بن جبل قال قلت حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلّي الله علیه و آله وحفظته من دقة ما حدثك به قال نعم ویکی معاذ ثم قال بأبي وأمي حدثني وأنا ردیفه قال بينا نحن نسير إذ رفع بصره إلى السماء فقال الحمد لله الذي يقضي في خلقه ما أحب ثم قال يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله إمام الخير ونبي الرحمة قال أحدثك ما حدث نبی أمته إن حفظته نفعك عيشك وإن سمعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله ثم قال إن الله خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات فجعل في كل سماء ملكا قد جللها بعظمته وجعل على كل باب من أبواب السماوات ملكا بوابا فتكتب الحفظة عمل العبد من حين يصبح إلى حين يمسي ثم ترتفع الحفظة بعمله وله نور کنور الشمس حتى إذا بلغ سماء الدنيا فتزکیه

ص: 214


1- السبزواري: هذا لا يليق بمثل رسول الله صلّي الله علیه و آله إن سئل وهو من موهنات الكتاب
2- السبزواري: ما يدل على كراهة الخضاب في اللحية

وتكثره فيقول الملك قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الغيبة فن اغتاب لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري أمرني بذلك ربي قال ثم تجيء الحفظة من الغد ومعهم عمل صالح فتمر به و تزکیه و تکثره حتى يبلغ السماء الثانية فيقول الملك الذي في السماء الثانية قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنما أراد بهذا عرض الدنيا أنا صاحب الدنيا لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري قال ثم تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا بصدقة وصلاة فتعجب به الحفظة وتجاوزه إلى السماء الثالثة فيقول الملك قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه وظهره أنا ملك صاحب الكبر فيقول إنه عمل و تكبر فيه على الناس في مجالسهم أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري قال و تصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الدري في السماء له دوي بالتسبيح والصوم والحج فتمر به إلى ملك السماء الرابعة فيقول لهم الملك قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه وبطنه أنا ملك العجب إنه كان يعجب بنفسه وإنه عمل وأدخل نفسه العجب أمرني ربي لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري قال وتصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المزفوفة إلى أهلها فتمر به إلى ملك السماء الخامسة بالجهاد والصلاة ما بين الصلاتين ولذلك العمل رنين کرنين الإبل عليه ضوء كضوء الشمس فيقول الملك قفوا أنا ملك الحسد واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واحملوه على عاتقه إنه كان يحسد من يتعلم أو يعمل لله بطاعته وإذا رأي لأحد فضلا في العمل والعبادة حسده ووقع فيه فيحملونه على عاتقه ويلعنه عمله قال وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وحج وعمرة فيتجاوز إلى السماء السادسة فيقول الملك قفوا أنا صاحب الرحمة اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واطمسوا عينيه لأن صاحبه لم يرحم شيئا إذا أصاب عبدا من عباد الله ذنبا للآخرة أو ضرا في الدنيا شمت به أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني قال و تصعد الحفظة

ص: 215

بعمل العبد بفقه واجتهاد وورع وله صوت كالرعد وضوء كضوء البرق ومعه ثلاثة آلاف ملك فتمر به إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الحجاب أحجب كل عمل ليس لله إنه أراد رفعه عند القواد وذكرا في المجالس وصيتا في المدائن أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ما لم يكن لله خالصا قال و تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وحسن خلق وصمت وذکر کثیر تشیعه ملائكة السماوات والملائكة السبعة بجماعتهم فيطوف الحجب كلها حتى يقوموا بين يديه سبحانه فيشهدوا له بعمل ودعاء يقول الله أنتم حفظة عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه إنه لم يردني بهذا العمل عليه لعنتي فتقول الملائكة عليه لعنتك ولعنتنا قال ثم بکی معاذ قال قلت يا رسول الله صلّي الله علیه و آله ما أعمل قال اقتد بنبيك يا معاذ في اليقين قال قلت أنت رسول الله وأنا معاذ قال صلّي الله علیه و آله وإن كان في عملك تقصیر یا معاذ فاقطع لسانك عن إخوانك وعن حملة القرآن ولتكن ذنوبك عليك لا تحملها على إخوانك ولا تزك نفسك بتذميم إخوانك ولا ترفع نقسك بوضع إخوانك ولا تراء بعملك ولا تدخل من الدنيا في الآخرة ولا تفحش في مجلسك لكي يحذروك بسوء خلقك ولا تناج مع رجل وأنت مع آخر ولا تتعظم على الناس فينقطع عنك خيرات الدنيا ولا تمزق الناس فتمزقك كلاب أهل النار قال الله تعالى وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا أفتدري ما الناشطات کلاب أهل النار تنشط اللحم والعظم قلت ومن يطيق هذه الخصال قال یا معاذ أما إنه يسير على من يسره الله عليه قال وما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن کما یکثر تلاوة هذا الحديث.(1)

ص: 216


1- السبزواري: خبر معاذ مطعون غير معتمد عليه فتفحص

ص: 217

التعليقات على المجلّد السابع عشر من بحار الأنوار

من الطبعة الحجريّة، ويشتمل على الأجزاء 33،32 من الطبعة الحروفيّة

ص: 218

ص: 219

کتاب الطهارة / أبواب النجاسات والمطهّرات وأحكامها

باب (5) / نجاسة البول والمني وطريق تطهيرهما وطهارة الوذي وأخواتها

(1)

البحار: ج 32 ص 66

5- العلل، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إن سال من ذكرك شيء من مذي أو وذي وأنت في الصلاة فلا تقطع الصلاة ولا تنقض له الوضوء وإن بلغ عقبك إنما ذلك بمنزلة النخامة وكل شيء خرج منك بعد الوضوء فإنه من الحبائل (2) أو من البواسير فليس بشيء فلا تغسله من ثوبك إلا أن تقذره.

ص: 220


1- کتب قدّس سرّه و في أوله: (بسمه تعالی وله الحمد على جميع نعمائه عَلىَّ التي منها تملّکي هذا الكتاب الشريف . الأحقر عبد الأعلى الموسوي السبزواري)
2- الحبائل عروق ظهر الإنسان. السبزواري

أبواب الوضوء

باب (3) / وجوب الوضوء وكيفيته وأحكامه

البحار: ج 32 ص 151

الآيات: المائدة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ» الواقعة: «إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ»

تفسير: قيل إقباله جلّ شأنه بالخطاب بهذا الأمر يتضمن تنشيط المخاطبين والاعتناء بشأن المأمور به وجبر كلفة التكليف بلدة المخاطبة ثم إن قلنا باختصاص كلمة یا بنداء البعيد كما هو الأشهر فالنداء بها للبعد البعيد بين مقامي عز الربوبية وذل العبودية أو لتنزيل المخاطبين ولو تغليبا منزلة البعداء للانهماك في لوازم البشرية وإن كان سبحانه أقرب إلينا من حبل الوريد أو لما يتضمنه هذا النداء من تفخيم المخاطب به والإشارة إلى رفعة شأنه بالإيماء إلى أننا بمراحل عن توفية حقه وحق ما شرع لأجله.

ولفظة أي لما كانت وصلة إلى نداء أمثال هذه المعارف أعطيت حكم المنادی ووصفت بالمقصود بالنداء وتوسيط هاء التنبيه بينهما تعویض عما استحقه من المضاف إليه وتأكيد للخطاب وقد كثر النداء بيا أيها الذين آمنوا في القرآن المجيد لما فيه من وجوه التأكيد بالإماء إلى التفخیم و تکرار الذكر والإبهام أولا ثم الإيضاح ثانيا.

والإتیان بحرف التنبيه و تعليق الحكم على الوصف المشعر بالعلية الباعث على الترغيب في الامتثال وتخصيص بالمؤمنين لأنهم هم المتهيئون للامتثال وإلا فالكفار

ص: 221

عندنا مخاطبون بفروع العبادات على أن المصر على عدم الايتار بالشيء لا يحسن أمره بما هو من شروطه ومقدماته.

والقيام إلى الصلاة قيل أرید به إرادته والتوجه إليه إطلاقا للملزوم على لازمه أو المسبب على سببه إذ فعل المختار تلزمه الإرادة ويتسبب عنها كقوله تعالى «فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ» وقيل المراد بالقيام إليها قصدها والعلاقة ما مر من اللزوم أو السببية وقيل معنى القيام إلى الشيء قصده وصرف الهمة إلى الإتيان به فلا تجوز وقيل المراد القيام المنتهي إلى الصلاة.

قال الشيخ البهائي قدّس سرّه والقولان الأخيران وإن سلماعن التجوز لكن أولهما لم يثبت في اللغة وثانيهما لا يعم جميع الحالات فالمعتمد الأول وكيف كان فالمعنى إذا قمتم محدثين وأما ما نقل من أن الوضوء کان فرضا على كل قائم إلى الصلاة وإن كان على وضوء ثم نسخ بالسنة فلم يثبت عندنا مع أنه خلاف ما هو المشهور من أنه لا منسوخ في المائدة.

وقال جماعة من الأصحاب الوجه مأخوذ من المواجهة فالآية إنما تدل على وجوب غسل ما يواجه به منه وقال والدي قدّس سرّه بل الأمر بالعكس فإن المواجهة مشتقة من الوجه.

ولما كانت اليد تطلق على ما تحت الزند وعلى ما تحت المرفق وما تحت المنكب بين سبحانه غاية المغسول منها كما تقول لغلامك أخضب يدك إلى الزند وللصيقل اصقل سيفي إلى القبضة وليس في الآية الكريمة دلالة على ابتداء الغسل بالأصابع وانتهائه بالمرفق كما أنه ليس في هاتين العبارتين دلالة على ابتداء الخاضب والصيقل بأصابع اليد وطرف السيف فهي مجملة. ولا سيما إذا جعلت لفظة إلى فيها بمعنى مع كما في بعض التفاسير فالاستدلال بها على وجوب الابتداء بالأصابع استدلال واه لاحتمالها کلا

ص: 222

الأمرين ونحن إنما عرفنا وجوب الابتداء بالمرفق من فعل أئمتنا:. على أن ابن هشام ذكر في طي ما ذكر (1) من أغلاط المعربين الحادي عشر قوله تعالى «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ» فإن المتبادر تعلق إلى باغسلوا وقد رده بعضهم بأن ما قبل الغاية لا بد أن يتكرر قبل الوصول إليها تقول ضربته إلى أن مات ويمتنع قتلته إلى أن مات وغسل اليد لا يتكرر قبل الوصول إلى المرفق لأن اليد شاملة لرءوس الأنامل والمناكب وما بينهما. قال والتواب تعلق إلى بأسقطوا محذوفا ويستفاد من ذلك دخول المرافق في الغسل لأن الإسقاط قام الإجماع على أنه ليس من الأنامل بل من المناكب وقد انتهى إلى المرفق والغالب أن ما بعد إلى يكون غير داخل بخلاف حتى وإذا لم يدخل في الإسقاط بقي داخلا في المأمور بغسله انتهی. والحمد لله الذي أظهر الحق على لسان أعدائه ألا ترى كيف اعترف هذا الفاضل الذي هو من أفاخم علماء العربية وأجلة أفاضل أهل الضلالة بما يستلزم الحق المبين والحمد لله رب العالمين وقد روي عن الصادق علیه السّلام أن الآية نزلت هكذا وأيديكم من المرافق والمرافق جمع مرفق بكسر أوله وفتح ثالثه أو بالعكس وهو مجمع عظمي الذراع والعضد سمي بذلك لأنه يرتفق به في الاتكاء ونحوه ولا دلالة في الآية على إدخاله في غسل اليد ولا على إدخال الكعب في مسح الرجل لخروج الغاية تارة ودخولها أخرى ومجيء إلى معنى مع كما في قوله تعالى «وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ» وقوله «مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ» لا ينفع فنحن إنما استفدنا إدخال المرفق في الغسل من فعل أئمتنا علیهم السّلام وقد أطبق جماهير الأمة أيضا على دخوله ولا يخالف فيه الاشرذمة شاذة من العامة لا يعتد بهم. وأما الكعبان فالمشهور بين علمائنا عدم دخولهما في

ص: 223


1- تصريح لابن هشام صاحب کتاب المغني بخطأ مذهب الخاصة في آية الوضوء السبزواري

المسح وليس في رواياتنا تصریح بدخولهما فيه بل في بعضها إشعار بعدمه وأما العامة فقد أدخلوهما في الغسل والباء في قوله «بِرُؤُسِکُمْ» حملها العامة على مطلق الإلصاق ومن ثم أوجب بعضهم مسح كل الرأس واكتفي بعضهم ببعضه وأما عند الإمامية فالباء عندهم للتبعيض کما تدل عليه أخبارهم ولا يلتفت إلى إنكار بعض المخالفين مجيء الباء للتبعيض لاعتراف فحول علمائهم بمجيئه کالفيروزآبادي وهو من أفاخم اللغويين الذين يعتمدون عليهم في جل أحكامهم حيث قال في سياق معاني الباء وللتبعيض «عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ» «وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ» انتهی.

وقال ابن هشام في ترجمة الباء الحادية عشر للتبعيض أثبت ذلك الأصمعي والفارسي والقتيبي وابن مالك قيل والكوفيون وجعلوا منه عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ وقوله شربن بماء البحر ثم ترفعت وقوله شرب النزيف ببرد ماء الحشرج. قيل ومنه «وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ» انتهی.

ويكفي لنا ما صدر عن أئمتنا علیهم السّلام لما في ذلك فإنهم أفصح العرب قد أقر به المخالف والمؤالف من أهل اللسان فلا يلتفت إلى إنكار سیبویه(1) بعد ذلك مجيء الباء في كلام العرب للتبعيض في سبعة عشر موضعا من كتابه مع أن شهادته في ذلك شهادة نفي وهي غير مقبولة بل شهادة المدعي وهي غير مسموعة مع أنها معارضة بإصرار الأصمعي على مجيئها له في نظمهم ونثرهم وهو أشد أنسا بكلامهم وأعرف بمقاصدهم من سيبويه المعاند للحق وأهله. ووافق ابن جني سیبویه في ذلك وما ذکر بعض مشايخنا من عد قول ابن جني موافقا لمذهب ابن مالك فهو سهو لتصريح الرضي بما ذكرنا.

ص: 224


1- سیبویه هو المعاند للحق وأهله. السبزواري

وأما قوله سبحانه «وَ أَرْجُلَكُمْ» فالقراء السبعة قد اقتسموا قراءتي نصب الأرجل وجرها على التناصف فقرأ الكسائي ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم بنصبها وحمزة وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم بجرها. واختلفت الأمة في مسح الرجلين وغسلهما في الوضوء فقال فرقة بالمسح وهم كافة أصحابنا الإمامية ونقل الشيخ في التهذيب أن جماعة من العامة يوافقوننا على المسح أيضا إلا أنهم يقولون باستيعاب القدم ظهرا وبطنا ومن القائلين بالمسح ابن عباس وكان يقول الوضوء غسلتان ومسحتان من باهلني باهلته ووافقه أنس بن مالك وعكرمة والشعبي وجماعة من التابعين وقد نقل علماء العامة من المفسرين وغيرهم أنه موافق لقول الإمام محمّد بن علي الباقر علیه السّلام وقول آبائه الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين.

وقال طائفة بالغسل وهو مذهب أصحاب المذاهب الأربعة وقال داود والناصر للحق وجم غفير من الزيدية بالجمع بين الغسل والمسح قالوا قد ورد الكتاب بالمسح والسنة بالغسل فوجب العمل بهما معا وذهب الحسن البصري وأبو علي الجبائي ومحمّد بن جرير الطبري إلى التخيير بينهما.

فإذا عرفت هذا فاعلم أن الماسحين حملوا قراءة النصب على العطف على محل الرءوس کما تقول مررت بزید وعمرا بالعطف على محل زيد لأنه مفعول به والعطف على المحل شائع في كلام العرب مقبول عند النحاة وأما قراء الجر فلا حاجة لهم إلى توجيهها إذ ظهورها في المسح غني عن البيان.

والغاسلون حملوا قراءة النصب على عطف الأرجل على الوجوه أو على إضمار عامل آخر تقديره واغسلوا أرجلكم كما أضمروا العامل في قول الشاعر: (علفتها تبنا وماء باردا) وقوله (متقلداسیفا ورمحا).

واضطربوا في توجيه قراءة الجر فقال بعضهم إن الأرجل فيها معطوفة على

ص: 225

الأيدي وإنما جرت لمجاورة المجرور أعني الرءوس نحو قولهم (جحر ضب خرب). وقال آخرون هي معطوفة على الرءوس والآية مقصورة على الوضوء الذي يمسح فيه الخفان وليس المراد بها بيان كيفية مطلق الوضوء. ولم يرتض الزمخشري في الكشاف شيئا من الوجهين واخترع وجها آخر حيث قال فإن قلت فما تصنع بقراءة الجر ودخول الأرجل في حكم المسح قلت الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة للإشراف المذموم المنهي عنه فعطفت على الرابع الممسوح لا لتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها وقيل إِلَى الْكَعْبَيْنِ فجيء بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة لأن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة انتهی.

وأما الجامعون بين الغسل والمسح فهم يوافقون الإمامية في استفادة المسح من الآية على كل من القراءتين وأما المخيرون فرئیسهم أعني الحسن لم يقرأ بنصب الأرجل ولا بجرها وإنما قرأها بالرفع على تقدير وأرجلكم مغسولة أو ممسوحة وباقيهم وافقوا الإمامية على ما استفادوه من الآية. ومن وفقه الله لسلوك جادة الإنصاف وبجانبة جانب الاعتساف لا يعتريه ريب في أن الآية الكريمة ظاهرة في المسح شديدة البعد عن إفادة الغسل وأن ما تمحله الغاسلون في توجيه قراءة النصب من عطف الأرجل على الوجوه يوجب خروج الكلام عن حلية الانتظام الصيرورته بذلك من قبيل قول القائل ضربت زيدا وعمرا وأكرمت خالدا وبكرا يجعل بکرا معطوفا على زيد لقصد الإعلام بأنه مضروب لا مكرم ولا يخفى أن مثل هذا الكلام في غاية الاستهجان عند أهل اللسان فكيف يجنح إليه أو تحمل الآية عليه.

وأما ما تكلفوه من تقدير واغسلوا فلا يخفى ما فيه فإن التقدير خلاف الأصل

ص: 226

وإنما يحسن ارتكابه عند عدم المندوحة عنه وقد عرفت أن العطف على المحل طریق واضح و مذهب راجح.

وأما المحملان اللذان حملوا عليهما قراءة الجر فهما بمراحل عن جادة السداد أما الحمل على أن المراد تعليم مسح الخفين فلا يخفى ما فيه من البعد ولهذا أعرض عنه المحققون من المفسرين إذ لم يجر للخفين ذكر ولا دلت عليهما قرينة وليس الغالب بين العرب لبسهما وسيما أهل مكة والمدينة زادهما الله شرفا فكيف يقتصر سبحانه في ابتداء كيفية الوضوء على تعليم كيفية وضوء لابس الخفين فقط ويترك وضوء من سواه وهو الغالب الأهم.

وأما الحمل على جر الجوار فأول ما فيه أن جر الجوار ضعيف جدا حتى أن أكثر أهل العربية أنكروه ولم يعولوا عليه ولهذا لم يذكره صاحب الكشاف في توجيه قراءة الجر وتمحل لها وجها آخر.

وأيضا فإن المجوزین له إنما جوزوه بشرطين الأول عدم تأديته إلى الالتباس على السامع كما في المثال المشهور إذ الحرب إنما يوصف به الجحر لا الضب والثاني أن لا يكون معه حرف العطف والشرطان مفقودان في الآية الكريمة أما الأول فن تجویز جر الجوار هنا يؤدي إلى التباس حكم الأرجل لتكافؤ احتمالي جرها بالجوار المقتضي لغسلها وبالعطف على الأقرب المقتضي لمسحها.

فإن قلت إنما يجيء اللبس لو لم تكن في الآية قرينة على أنها مغسولة لكن تحديدها بالغاية قرينة على غسلها إذ المناسب عطف ذي الغاية على ذي الغاية لا على عدیمها و تناسب المتعاطفين أمر مرغوب فيه في فن البلاغة.

قلت هذه القرينة معارضة بقرينة أخرى دالة على كونها ممسوحة وهي المحافظة على تناسب الجملتين المتعاطفتين فإنه سبحانه لما عطف في الجملة الأولى ذا الغاية

ص: 227

على غير ذي الغاية ناسب أن يكون العطف في الجملة الثانية أيضا على هذه الوتيرة وعند تعارض القرينتين يبقی اللبس بحاله. وأما الشرط الثاني فأمره ظاهر.

فإن قلت قد جاء الجر بالجوار في قوله تعالى وحور عين في قراءة حمزة والكسائي مع أن حرف العطف هناك موجود وليست معطوفة على أكواب بل على ولدان لأنهن طائفات بأنفسهن وجاء أيضا في قول الشاعر:

فهل أنت إن ماتت أتانك راحل إلى آل بسطام بن قيس فخاطب. بعطف خاطب على راحل وجره بجوار قیس. قلنا أما الآية الكرية فليس جر حور عين فيها بالجوار کماظننت بل إنما هو بالعطف على جنات أي هم في جنات ومصاحبة حور عين أو على أكواب إما لأن معنى «يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ که ينعمون بأكواب كما في الكشاف وغيره أو لأنه يطاف بالحور عليهم مثل ما يجاء بسراري الملوك إليهم كما في تفسير الكوشي وغيره ودعوی کونهن طائفات بأنفسهن لا مطافا بهن لم يثبت بها رواية ولا يشهد بها دراية. وأما البيت فبعد تسليم كونه من قصيدة مجرورة القوافي فلا نسلم کون لفظة خاطب اسم الفاعل لجواز كونها فعل أمر أي فخاطبني وأجبني عن سؤالي وإن سلمنا ذلك فلا نسلم كونها مجرورة لكثرة الإقواء في شعر العرب العرباء حتى قل أن يوجد لهم قصيدة سالمة عنه کما نص عليه الأدباء فلعل هذا منه وإن سلمنا كونها مجرورة بالجوار فلا يلزم من وقوع جر الجوار مع العطف في الشعر جوازه في غيره إذ يجوز في الشعر لضرورة لوزن أو القافية ما لا يجوز في غيره.

وأما المحمل الثالث الذي تمحّله صاحب الكشاف فلا يخفى ما فيه من التعسف الشديد والتمحل البعيد ومن ذا الذي قال بوجوب الاقتصاد في غسل الرجلين وأي إسراف يحصل بصب الماء عليها ومتى ينتقل المخاطبون بعد عطفها على الرءوس

ص: 228

الممسوحة وجعلها معمولة لفعل المسح إلى أن المراد غسلها غسلا يسيرا مشابها للمسح وهل هذا إلا مثل أن يقول القائل أكرمت زيدا وعمروا وأهنت خالدا وبكرا فهل يفهم أهل اللسان من كلامه هذا إلا أنه أكرم الأولين وأهان الآخرين ولو قال لهم إني لم أقصد من عطف بکر على خالد أني أهنته وإنما قصدت أني أكرمته إكراما حقيرا قريبا من الإهانة لأكثروا ملامه وزيفوا كلامه وحكموا بأنه خارج عن أسلوب كلام الفصحاء.

وأما التأييد الذي ذكره فهو أعجب وأغرب لأنه إن أراد أن مطلق المسح لم تضرب له غاية في الشريعة ولم ترد به الآية الكريمة فهو عين المتنازع بین فرق الإسلام وإن أراد أن مسح الرأس لم تضرب له غاية فأين القرينة حينئذ على أن الأرجل مغسولة.

وأعجب من ذلك أنه لشدة اضطرابه قد ناقض نفسه في كلامين ليس بينهما إلا أسطر قلائل حيث قال عند قوله تعالى «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ» فإن قلت هل يجوز أن يكون الأمر شاملا للمحدثين وغيرهم لهؤلاء على وجه الوجوب ولهؤلاء على وجه الندب قلت لا لأن تناول الكلمة المعنيين مختلفين من باب الالغاز و التعمية ثم إنه حمل قوله تعالى «وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ» على ما هو أشد إلغازا وأكثر تعمية من أكثر الألغاز والمعميات وجوز تناول الكلمة المعنيين مختلفين إذ المسح من حيث وروده على الرءوس يراد به المسح الحقيقي و من حیث وروده على الأرجل يراد به الغسل القريب من المسح وما حمله على هذا التعسف مع غاية فضله إلا التعصب أعاذنا الله منه.

فائدة: قيل إن الظاهر من الآية الكريمة وجوب الوضوء على كل من قام إلى الصلاة حتى المتطهرين أيضا لدلالة كلمة إذا على العموم عرفا مع أن حمله هاهنا على

ص: 229

الإهمال يجعل الكلام خاليا عن الفائدة المعتد بها وهو لا يناسب كلام الحكيم لكن الإجماع واقع على وجوب الوضوء على المحدثين فقط. قال في المنتهى إذا توضأ النافلة جاز أن يصلي بها فريضة وكذا يصلي بوضوء واحد ما شاء من الصلوات وهو مذهب أهل العلم خلافا للظاهرية انتهى.

فقال بعضهم إن الحكم كان في الابتداء كذلك وكان الوضوء واجبا عند كل صلاة على المتطهر والمحدث لكن قد نسخ وضعف باتفاق الجمهور على أن الآية ثابتة لا نسخ فيها وما روي عن النبي صلّي الله علیه و آله أن المائدة من آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها وعدم ظهور ناسخ واعتبار الحدث في التيمم الذي هو بدل منه في الآية.

وقال بعضهم إن الأمر للندب لأن تجديد الوضوء عند كل صلاة مستحب کما يشهد به الأخبار وضعف أيضا بأنه غير موافق لقرينه الذي هو فَاطَّهَّرُوا لأنه للوجوب قطعا وبأن الندب بالنسبة إلى الجميع غير معقول لثبوت الوجوب على بعض البتة إلا أن يقال الاستحباب ينسحب إلى العموم والشمول وفيه بعد.

وقيل بحمله على الرجحان المطلق ویکون الندب بالنسبة إلى المتوضئين والوجوب بالنسبة إلى المحدثين وفيه أيضا لزوم عدم الموافقة ولزوم عموم المجاز أو الاشتراك الذي هو إما غير جائز أو بعيد جدا فالأولى أن يقال إن الآية مخصصة بالمحدثين لا بأن يكون المراد من الذين آمنوا المحدثين بل بإبقائه على العموم و تقدیر إن كنتم محدثين في نظم الكلام

فيصير المعنى حينئذ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فإن کنتم محدثين بالحدث الأصغر فتوضئوا وإن کنتم جنبا فاغتسلوا وإن لم تقدروا على الماء وكنتم محدثين بالحدث الأصغر أو الأكبر فتيمموا فيوافق القرائن ويطابق النظائر.

ص: 230

هذا بالنظر إلى ظاهر الآية مع قطع النظر عن الخبر وقد مرَّ في الخبر أن المراد بالقيام القيام من النوم فلا إشكال فيكون وجوب الوضوء بغير حدث النوم مستفادا من الأخبار كما أن وجوب الغسل بغير الجنابة مستفاد من محل آخر وأهل البيت علیه السّلام أدرى بما نزل عليهم من غيرهم.

وأما الآية الثانية فقوله تعالى «إِنَّهُ لَقُرْآنٌ» جواب للقسم في قوله سبحانه فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ و معنی کونه کريما أنه كثير النفع لتضمنه أصول العلوم المهمة من أحوال المبدا والمعاد واشتماله على ما فيه صلاح معاش العباد أو لأنه يوجب عظيم الأجر لتاليه ومستمعه و العامل بأحكامه أو أنه جلیل القدر بين الكتب السماوية الامتيازه عنها بأنه معجز باق على مر الدهور والأعصار.

وقوله «فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ» أي مصون وهو اللوح المحفوظ وقيل هو المصحف الذي بأيدينا والضمير في لايَمَسُّهُ يكن عوده إلى القرآن وإلى الكتاب المكنون على كل من تفسيريه واستدل بالأول على منع المحدث من مس خط المصحف وبثاني شقي الثاني على المنع من مس ورقه بل لجلده أيضا فأما مس خط المصحف فقال الشيخ في المبسوط بکراهته ونسب العلامة في المختلف القول بالكراهة إلى ابن إدريس وابن البراج أيضا وحرمه الشيخ في التهذيب والخلاف وبه قال أبو الصلاح والمحقق و العلامة وهو الظاهر من كلام الصدوق في الفقيه.

واحتج القائلون بالتحريم بهذه الآية وقالوا إن قوله تعالى «لايَمَسُّهُ» لا يمكن أن يكون محمولا على الخبرية و النفي وإلا يلزم الكذب فلا بد من حمله على الإنشاء والنهي وظاهر النهي التحريم وأورد عليه بأنه موقوف على إرجاع الضمير إلى القرآن وهو ممنوع لجواز رجوعه إلى الكتاب كما جوزه بعض المفسرين بل هو أقرب لقربه ويكون المعنى أنه لا يطلع على الكتاب المكنون أي المستور المصون إما

ص: 231

عن الناس أو عن التغيير والتبديل أو الغلط أو التضييع والمراد به اللوح المحفوظ کما قاله المفسرون إلا الملائكة الْمُطَهَّرُونَ من الكدورات الجسمانية وأدناس المعاصي.

وقد يضعف هذا الاحتمال بوجوه:

أحدها أن قوله تعالى «لايَمَسُّهُ» حينئذ يكون تأكيد المكنون والتأسيس أولى وبما ذكر من الاحتمالات في معنى المكنون يظهر الجواب عنه.

وثانيها أن سياق الكلام لإظهار شرف القرآن وفضيلته لا اللوح وفيه أن ثبوته في اللوح الذي لا يمسه إلا المطهرون شرف وفضيلة له ألا ترى إلى قوله عزّ وجلّ «فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ» فإن كان كونه في كتاب مكنون شرفا وفضيلة فهذا أيضا شرف وفضل بالطريق الأولى وإن لم يكن ذلك شرفا فقط بطل مبني الاعتراض من أن سياق الكلام لإظهار شرف القرآن وفضله كما لا يخفى.

وثالثها أن قوله تعالى بعد هذه الآية متصلا بها «تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ» صفة للقرآن لا الكتاب لأنه المنزل دونه وقوله سبحانه «کَرِیمٌ وَ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ» أيضا صفة له فينبغي أن يكون «لايَمَسُّهُ» أيضاصفة له وإلا لم يحسن التوسيط وفيه أنه إذا كان «لايَمَسُّهُ» صفة لمكنون يكون من جملة متعلقات الصفة الثانية ومتممانها فكان مجموع هذا الكلام صفة واحدة فلا يكون توسيطا مخلا بحسن الكلام وبلاغته ألا يرى إلى توسيط مكنون مع أنه صفة للكتاب.

ورابعها أنه يلزم حينئذ ارتكاب المجاز في المس وهو ظاهر وكذا في المطهر لأن الطهارة حقيقة شرعية في الوضوء وهو خلاف الأصل وفيه أنا لا نسلم أن الحمل على الحقيقة مطلقا أولى من الحمل على المجاز ألا يرى أن علماء البلاغة أطبقوا على أن المجاز أبلغ من الحقيقة وأيضا ثبوت الحقائق الشرعية ممنوع ومع تسليمه لا نسلم أن حقيقة الطهارة الوضوء بل يجوز أن يكون انتفاء الحدث أو الخبث ولا شك في

ص: 232

تحقق هذا المعنى في الملائكة وأيضا ارتكاب المجاز في حمل الخبر على الإنشاء کما ارتكبتم في الاستدلال ليس بأولى من ارتكاب هذين المجازين إلا أن يقال أنه مجاز واحد وهذان مجازان.

ثم على تقدير تسليم رجوع الضمير إلى القرآن نقول إن دلالتها على المطلوب أيضا غير تام إذ يجوز أن يكون اتصافه بأنه «لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» باعتبار أصله الذي في اللوح كما أن اتصافه ب- «فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ» و أيضا كذلك. وأيضا يجوز أن يكون المراد والله أعلم أنه لا يعلم حقائقه ودقائقه وبطونه وأسراره إلا المطهرون من الذنوب وهم أصحاب العصمة الذين نزلت فيهم آية التطهير وعن جنید المطهرون أسرارهم عما سوى الله.

وفي بعض التفاسير عن محمّد بن الفضل المراد لا يقرأ القرآن إلا موحد وعن الحسين بن الفضل لا يعلم تفسيره وتأويله إلا المطهرون من الكفر والنفاق.

وأما حديث لزوم مجازية المس والطهارة حينئذ فقط عرفت جوابه على أنه على تقدير حمل المس على حقيقته و ثبوت الحقائق الشرعية وحمل الطهارة على حقيقتها لا نسلم أن الطهارة حقيقة شرعا في رفع الحدث الأصغر أو جميع الأحداث إذ يجوز أن يكون حقيقة في رفع كل حدث وكذا في رفع الخبث أيضا فحينئذ يجوز أن يكون المراد بالمطهرین المطهرين من الحدث الأكبر أو النجاسة.

ثم لو سلم أن المراد الطهارة من الحدث الأصغر أو جميع الأحداث فلا نسلم أن النهي هاهنا للتحريم وما يقال إن ظاهر النهي التحريم فعلى تقدير تسليمه إنما يسلم فيما يكون بصريح صيغة النهي فقط لا فيما يكون نفيا مستعملا بمعنى النهي أيضا والقول بأن التحريم اقرب المجازات إلى النفي ممنوع.

نعم روى الشيخ في التهذيب بسند فيه جهالة عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي

ص: 233

الحسن علیه السّلام قال المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس خيطه ولا تعلقه إن الله يقول «لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» لكن ظاهر الرواية الكراهة لاشتماله على النهي عن التعليق وقد نقل في المنتهى الإجماع على عدم حرمته وأما مس الجلد والورق للمحدث فلم أرقائلا فيه بالحرمة نعم استحبوا الوضوء لحمل المصحف. وسيأتي حكم الجنب في بابه إن شاء الله تعالى.

ص: 234

أبواب الاغسال وأحكامها

باب (1) / علل الأغسال وثوابها وأقسامها وواجبها ومندوبها و جوامع أحكامها

البحار: ج 32 ص 242 س25

25- ومنه عن علي بن عبد الواحد النهدي عن علي بن حاتم قال حدثنا أحمد بن علي عن محمّد بن أبي الصهبان عن محمّد بن سليمان قال إن عدة من أصحابنا اجتمعوا على هذا الحديث منهم يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله علیه السّلام وصالح الحذاء عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن علیه السّلام وسماعة عن أبي عبد الله قال محمّد بن سلمان وسألت أبا الحسن الرضا علیه السّلام عن هذا الحديث فأخبرني به قالوا هؤلاء جميعا سألنا عن الصلاة في شهر رمضان كيف هي وكيف فعل رسول الله صلّي الله علیه و آله فقالوا جميعا إنه لما دخلت أول ليلة من شهر رمضان على رسول الله صلّي الله علیه و آله صلى المغرب وساقوا الحديث إلى أن قالوا فلما كان ليلة تسع عشرة من شهر رمضان اغتسل حين غابت الشمس(1) وصلى المغرب بغسل وساقوا إلى أن قالوا فلما كان ليلة ثلاث وعشرين اغتسل أيضا كما اغتسل في ليلة إحدى وعشرين.

البحار: ج 32 ص 246 س11

بیان: قال أكثر الأصحاب باستحباب هذا الغسل واستندوا إلى هذه الرواية ورواها في الفقيه أيضا هكذا مرسلا وذهب أبو الصلاح إلى الوجوب وإثبات الوجوب بمثلها مشکل والأصحاب قيدوه بكونه بعد ثلاثة أيام وقال الأكثر الحكم

ص: 235


1- هذا مدرك استحباب الغسل في شهر رمضان حين الغروب. السبزواري

شامل لما كان بحق أم لا أو بالكيفية الشرعية أم لا لإطلاق النص وهو كذلك لكن لا بد من تقييده بما يسمى صلبا في العرف. أقول سيأتي أغسال الاستخارة(1) وصلاة الحاجة وغيرها في مواضعها وحصر بعض الأصحاب الأغسال المندوبة فذكر فيها غسل العيدين والمبعث و الغدير والنيروز والدحو والجمعة والمباهلة والتوبة والحاجة والاستخارة والتروية وعرفة والطواف والحلق والذبح ورمي الجمار وإحرامي الحج والعمرة ودخول الكعبة ومكة والمدينة وحرمیهما ومسجدیهما والاستسقاء والمولود ومن غسل ميتا أو كفنه أو مسه بعد تغسيله وليلتي نصف رجب وشعبان والكسوف مع الشرط وقتل الوزغة والسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاث وعند الشك في الحدث الأكبر مع تيقن الطهارة والحدث بعد غسل العضو وغسل الجنابة لمن مات جنبا وفرادی من شهر رمضان الخمس عشرة وثاني الغسلتين ليلة ثلاث وعشرين منه وزيارة البيت وأحد المعصومين عليهم السّلام وإثبات بعضها لا يخلو من إشكال.

ص: 236


1- في تعداد الاغسال المندوبة والمجموع منها في المقام سبعين وربما عدّ إلى مائة. السبزواري

أبواب الجنائز ومقدّماتها ولواحقها

باب (4) / ثواب عيادة المريض وآدابها وفضل السعي في حاجته وكيفية معاشرة أصحاب البلاء

البحار: ج 32 ص 374 س 14

وقال علیه السّلام: إذا دخلتم على المريض فنفِّسوا له في الأجل فإن ذلك لا يرد شيئا وهو

يطيب النفس.(1)

باب (5) / آداب الاحتضار وأحكامه

البحار: ج 32 ص 378

4- الخصال، عن أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن الحسين بن مصعب عن أبي عبد الله علیه السّلام قال جرت في البراء بن معرور الأنصاري ثلاث من السنين منها أنه لما حضرته الوفاة كان غائبا عن المدينة فأمر أن يحوَّل وجهه إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله (2) وأوصى بالثلث من ماله فنزل الكتاب بالقبلة وجرت السنة بالثلث تمام الخبر.

ص: 237


1- يستفاد منه محبوبية النفس بالخير. السبزواري
2- وهذا هو السرّ الحقيقي في توجيه الموتى إلى القبلة فإن نفس الرسول صلّي الله علیه و آله هو القبلة الحقيقية. السبزواری

البحار: ج 32 ص 385 س 16

وكان عند رسول الله صلّي الله علیه و آله قدح فيه ماء وهو في الموت ويدخل يده في القدح ويمسح وجهه بالماء ويقول اللّهم أعني على سكرات الموت.(1)

ص: 238


1- فيه حال نزع رسول الله صلّي الله علیه و آله. السبزواري

أبواب الجنائز ومقدماتها ولواحقها

باب (7) / تشييع الجنازة وسننه وآدابه

البحار: ج 32 ص 395 س13

بیان: قال في الذكرى نقل الشيخ الإجماع على كراهية الإسراع بالجنازة لقول النبي صلّي الله علیه و آله عليكم بالقصد في جنائزكم لما رأى جنازة تمخض مخضا وقال ابن عباس في جنازة ميمونة أرفقوا فإنها أمكم ولو خيف على الميت فالإسراع أولى قال المحقق أراد الشيخ كراهية ما زاد على المعتاد وقال الجعفي السعي بها أفضل وقال ابن الجنيد يمشي بها خببا ثم قال السعي العدو والخبب ضرب منه فهما دالان على السرعة وروى الصدوق عن الصادق علیه السّلام أن الميت إذا كان من أهل الجنة نادي عجلوا بي وإن كان من أهل النار نادی ردوني(1).

باب (15) / نقل الموتى والزيارة بهم

البحار: ج 32 ص 535 س9

وقال الشهيد الثاني رحمه الله يجب تقييد جواز النقل إلى المشاهد بما إذا لم يخف هتك الميت لبعد المسافة أو غيرها ولا يخفى متانته لأنه هتك لحرمة الميت وإضرار بالمؤمنين مع أن النقل المنقول عن الأصحاب وفي الأخبار المعتبرة إنما كان من

ص: 239


1- معروف عند العوام من الناس أن الجنازة إذا أسرعت في المشي فصاحبها من أهل الجنة وان أبطئت فمن أهل النار. السبزواري

المسافات القريبة التي لم يستلزم النقل إليها مثل ذلك.(1)

باب (16) / التعزية والمأتم وآدابهما وأحكامهما

البحار: ج 32 ص 545

18- مجالس الشيخ، عن الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمّد بن وهبان عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي الزعفراني عن أحمد بن محمّد البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله قال لمامات جعفر بن أبي طالب علیه السّلام أمر رسول الله صلّي الله علیه و آله فاطمة عليهاالسّلام أن تتخذ طعاما لأسماء بنت عمیس و تأتيها ونساءها فجرت بذلك السنة من أن يصنع لأهل الميت طعام ثلاثة أيام.(2)

ص: 240


1- وعن الشيخ الأكبر الشيخ جعفر صاحب کشف الغطاء يجوز النقل إلى المشاهد المشرفة وان قطعت أعضاء الميت إرباً إربا. السبزواري
2- يمكن أن يستفاد أن حدّ المصيبة والتعزية ثلاثة أيام. السبزواري

القسم الثاني كتاب الصلاة

باب (2) / علل الصلاة ونوافلها وسننها

البحار: ج 33 ص 73

2- المناقب، لابن شهرآشوب عن حماد بن عيسى عن الصادق علیه السّلام قال للصلاة أربعة آلاف حدود وفي رواية أربعة آلاف باب.

بیان: فسر الشهيد رفع الله درجته الأبواب والحدود بواجبات الصلاة ومندوباتها وجعل الواجبات ألفا تقريبا وصنف لها الألفية والمندوبات ثلاثة آلاف وألف لها النقلية. وقال الوالد قدس الله روحه لعل المراد بالأبواب والحدود المسائل المتعلقة بها وهي تبلغ أربعة آلاف بلا تكلف أو أسباب الربط إلى جناب قدسه تعالى فإنه لا يخفى على العارف أنه من حين توجهه إليه تعالي وشروعه في مقدمات الصلاة إلى أن يفرغ منها يفتح له من أبواب المعارف ما لا يحصيه إلا الله سبحانه أو المراد بالحدود المسائل وبالأبواب أبواب الفيض والفضل فإن الصلاة معراج المؤمن (1) انتهى.

ص: 241


1- يظهر منه تسالم کون الصلاة معراج المؤمن وهو يوافق الاعتبار ولكن لم أره في خبر من الأخبار. السبزواري

باب (6) / الحثّ على المحافظة على الصلوات وأدائها في أوقاتها وذم إضاعتها والاستهانة بها

البحار: ج 33 ص116

1- السرائر، نقلا من کتاب حريز عن زرارة قال قال أبو جعفر علیه السّلام اعلم أن أول الوقت أبدا أفضل فتعجل الخير أبدا ما استطعت وأحب الأعمال إلى الله تعالى ما دام عليه العبد وإن قل.

بیان: يدل على أفضلية أول الوقت مطلقا واستثني منه مواضع الأول تأخير الظهر والعصر للمتنفل بمقدار ما يصلي النافلة وأما غير المتنفل فأول الوقت له أفضل هذا هو المشهور بين الأصحاب وذهب المتأخرون إلى استحباب تأخير الظهر (1) مقدار ما يمضي من أول الزوال ذراع من الظل وفي العصر ذراعان مطلقا وقيل إلى أن يصير ظل كل شيء مثله والأول أظهر کماستعرف فما ورد من الأخبار بأن النبي صلّي الله علیه و آله كان يصلي الظهر على ذراع والعصر على ذراعين محمول على أنه كان يطيل النوافل بحيث يفرغ في ذلك الوقت أو كان ينتظر الجماعة واجتماع الناس وما ورد أن وقت الظهر على ذراع وما يقرب منه فمحمول على الوقت المختص الذي لا يشترك النافلة معها فيه وكذا المثل.

البحار: ج 33 ص 118

5 - مجالس المفيد، عن محمد بن عمر الجعابي عن ابن عقدة عن أحمد بن يحيى عن محمّد بن علي عن أبي بدر عن عمرو عن يزيد بن مرة عن سويد بن غفلة عن علي

ص: 242


1- هذه موارد استحباب التأخير. السبزواري

ابن أبي طالب علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ما من عبد اهتم بمواقيت الصلاة و مواضع الشمس إلاضمنت له الروح عند الموت وانقطاع الهموم والأحزان والنجاة من النار كنا مرة رعاة الإبل فصرنا اليوم رعاة الشمس.(1)

أبواب لباس المصلّي

باب (1) / ستر العورة

البحار: ج 33 ص 226

1- مكارم الأخلاق، عن محمّد بن حسين بن كثير قال رأيت على أبي عبدالله علیه السّلام جبّة صوف بين قميصين غليظين فقلت له في ذلك فقال رأيت أبي يلبسها وإنا أردنا أن نصلي لبسنا أخشن ثيابنا.

بیان: رواه الكليني عن أبي على الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن أبي فضال

عن محمّد بن الحسين بن كثير الخزاز عن أبيه قال رأيت أبا عبد الله علیه السّلام وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه وفوقه جبة صوف وفوقها قميص غليظ فمسستها فقلت جعلت فداك إن الناس يكرهون لباس الصوف فقال كلا كان أبي محمّد بن علي علیه السّلام يلبسها وكان علي بن الحسين علیه السّلام يلبسها وكانوا يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصلاة ونحن نفعل ذلك.(2)

البحار: ج 33 ص 234

ص: 243


1- هذا الكلام من سويد بن غفلة لا أمير المؤمنين. السبزواري
2- الجمع بين ما دلّ من الأخبار على رجحان الصلاة في الثوب الغليظ وما دلّ منها على استحباب التزيّن في الصلاة. السبزواري

15 - العلل، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن میمون عن الصادق عن أبيه علیهم السّلام قال إن كل شيء عليك تصلي فيه يسبح معك.(1)

البحار: ج 33 ص 236 س8

ما رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عن رجل أم قوما في قيص ليس عليه رداء فقال لا ينبغي إلا أن يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها فإنها إنما تدل على كراهة الإمامة بدون الرداء إذا كان في القميص وحده لا مطلقا ويدل على التخصيص بغير الصفيق.(2)

باب (7) / صلاة الرجل والمرأة في بيت واحد

البحار: ج 33 ص 334

ه - کتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه موسی علیه السّلام قال سألته عن الرجل هل يصلح أن يصلي في مسجد وحيطانه کوی کله قبلته وجانباه وامرأة تصلي حياله يراها ولا تراه قال لا بأس.

تحقیق وتبيين: الكوی بالضم جمع کوة بالفتح والضم والتشديد وهي الخرق في الحائط. واعلم أن الأصحاب اختلفوا في أن المنع من محاذاة الرجل والمرأة في الصلاة على التحريم أو الكراهة (3) فذهب المرتضی و ابن إدريس وأكثر المتأخرين إلى

ص: 244


1- خبر شریف. السبزواري
2- الرداء ما يجعل على العتق مطلقاً. السبزواري
3- أقول: لعل وجه کراهة المحاذاة أو حرمتها إنما هو التشبه باليهود والنصارى فإنهم على ما قيل تقف نسائهم بحذاء رجالهم في معابدهم. السبزواري

الثاني وذهب الشيخان إلى أنه لا يجوز أن يصلي الرجل وإلى جنبه امرأة تصل سواء صلت بصلاته أم لا فإن فعلا بطلت صلاتهما وكذا إن تقدمته عند الشيخ ولم يذكر ذلك المفيد و تبعهما ابن حمزة وأبو الصلاح وقال الجعفي ومن صلى وحياله امرأة وليس بينهما قدر عظم الذراع فسدت الصلاة. ثم اختلفوا فيما يزول الكراهة أو التحريم فمنهم من قال يزول بالحائل بينهما أو بتباعد عشرة أذرع أو وقوع صلاتها خلفه بحيث لا يحاذي جزء منها جزءا منه في جميع الأحوال وقال في المعتبر لو كانت متأخرة عنه ولو بشبر أو مسقط الجسد أو غير متشاغلة بالصلاة لم يمنع ونحوه قال في المنتهى وظاهر الشيخ في كتابي الحديث أيضا الاكتفاء بالشبر والظاهر أنه لا خلاف في زوال المنع بتوسط الحائل أو بعد عشرة أذرع وقد حكى الفاضلان عليه الإجماع لكن في بعض الروايات أكثر من عشرة أذرع والظاهر أن زوال المنع بصلاتهاخلفه أيضا في الجملة إجماعي. ثم إن الشهيد الثاني رحمه الله اعتبر في الحائل أن يكون مانعا من الرؤية وكلام سائر الأصحاب مطلق وخبرا علي بن جعفر يدلان على عدمه وقال العلامة في النهاية ليس المقتضي للتحريم أو الكراهة النظر لجواز الصلاة وإن كانت قدامه عارية ولمنع الأعمى ومن غمض عينيه وقريب منه كلامه في التذكرة وفي البيان وفي تنزيل الظلام أو فقد البصر منزلة الحائط نظر أقربه المنع وأولى بالمنع منع الصحيح نفسه من الاستبصار واستوجه في التحرير الصحة في الأعمى واستشكل فيمن غمض عينيه والظاهر عدم زوال المنع بشيء من ذلك كما هو الظاهر من الأخبار. واختلف في الصغيرين والصغير والكبير والظاهر اشتراك البلوغ فيهما وذهب الأكثر إلى اشتراط تعلق الكراهة والتحريم بصلاة كل منهما صحة صلاة الآخر واحتمل الشهيد الثاني عدم الاشتراط وإطلاق كلامهم يقتضي عدم الفرق بين اقتران الصلاتين أو سبق إحداهما في بطلان الكل وذهب جماعة من المتأخرين

ص: 245

إلى اختصاص البطلان بالمقترنة والمتأخرة دون السابقة و في التقدير بعشرة أذرع الظاهر أن مبدأه الموقف وربما يحتمل مع تقدمها اعتباره من موضع السجود. والذي يظهر من الأخبار أن الحكم على الكراهة تزول بتأخرها بشبر والذراع أفضل وبمسقط الجسد أحوط وبعشرة أذرع أو بحائل بينهما وإن كان بقدر ذراع أو بقدر عظم الذراع أيضا إذ الظاهر من رواية زرارة قدر ما لا يتخطى أو قدر عظم الذراع أن يكون بينهما شيء ارتفاعه أحد المقدارين ورواية الحلبي رواها الشيخ في الصحيح عن العلاء عن محمّد بن مسلم بتلك العبارة بعينها إلا أن فيه لا ينبغي ذلك فإن كان بينهما شبر أجزأه ذلك بالشين المعجمة والباء الموحدة وقال الشيخ بعد ذلك يعني إذا كان الرجل متقدما للمرأة بشبر.

واحتمل الشيخ البهائي قدّس سرّه كون المفسر محمّد ابن مسلم بأن يكون فهم ذلك من الإمام علیه السّلام القرينة حالية أو مقالية وقال قد استبعد بعض الأصحاب هذا التفسير واختار جعل الشبر في الحديث بالسين المهملة والتاء المثناة من فوق وهو كما ترى وربما يقال في وجه الاستبعاد إن بلوغ الهجرة في الضيق إلى حد لا يبلغ البعد بين المصلين في زاويتيها مقدار شبر خلاف الغالب المعتاد وليس بشيء لأنه إذا كان المراد کون الرجل أقرب إلى القبلة من المرأة بشبر لا يلزم حمل الحجرة على خلاف مجرى العادة.

وقال رحمه الله إلحاق التاء بالعشرة يعطي عدم ثبوت ما نقله بعض اللغويين من أن الذراع مؤنث سماعي انتهى. ثم إنهم ذكروا أن جميع ذلك في حال الاختيار فأما مع الاضطرار فلاكراهة وأما استثناء مكة من هذا الحكم کا مر في رواية الفضيل فلم أر التصريح به في كلام الأصحاب وظاهر الصدوق القول به نعم قال العلامة قدّس سرّه في المنتهى لا بأس بالصلاة هناك والمرأة قائمة أو جالسة بين يديه لما رواه.

ص: 246

باب (10) / القبلة وأحكامها

البحار: ج33 ص 400

6- النهاية للشيخ، قال من توجه إلى القبلة من أهل العراق والمشرق قاطبة فعليه أن يتيلر قليلاً ليكون متوجها إلى الحرم بذلك جاء الأثر عنهم علیهم السّلام.

توفيق وتدقیق وتنقیح وتوضيح:

اعلم أن القبلة في اللغة الحالة التي عليها الإنسان حال استقبال الشيء ثم نقلت في العرف إلى ما يجب استقبال عينه أو جهته في الصلاة واختلف الأصحاب فيما يجب استقباله فذهب المرتضى وابن الجنيد وأبو الصلاح وابن إدريس والمحقق في المعتبر والنافع والعلامة وأكثر المتأخرين إلى أنه عين الكعبة لمن يتمكن من العلم بها من غير مشقة كثيرة عادة كالمصلي في بيوت مكة وجهتها لغيره. وذهب الشيخان وجماعة منهم سلار وابن البراج وابن حمزة والمحقق في الشرائع إلى أن الكعبة قبلة لمن كان في المسجد والمسجد قبلة لمن كان في الحرم والحرم قبلة لمن كان خارجا عنه ونسبه في الذكرى إلى أكثر الأصحاب وادعى الشيخ الإجماع عليه. والظاهر أنه لا خلاف بين الفريقين في وجوب التوجه إلى الكعبة للمشاهد ومن هو بحكمه وإن كان خارج المسجد فقد صرح به من أصحاب القول الثاني الشيخ في المبسوط وابن حمزة وابن زهرة ونقل المحقق الإجماع عليه لكن ظاهر كلام الشيخ في النهاية والخلاف يخالف ذلك و أيضا الظاهر أن الفريق الثاني أيضا متفقون على أن فرض النائي الجهة لا التوجه إلى عين الحرم وإن لم يصرحوا بذلك للاتفاق على وجوب التعويل على الأمارات عند تعذر المشاهدة ومعلوم أنها لا تفيد العلم بالمقابلة الحقيقية لكن المتأخرين فهموا من كلام الفريق الثاني عدم اعتبار الجهة فقالوا يلزم

ص: 247

عليهم خروج بعض الصف المستطيل عن سمت القبلة. ثم الظاهر من أكثر الأخبار أن الكعبة هي القبلة عينا أو جهة وظاهر تلك الأخبار التي نقلناها أخيرا التفصيل الذي اختاره الفريق الثاني فربما تحمل الأخبار الأولى على المسامحة من حيث إن الكعبة أشرف أجزاء الحرم والمنظور إليه فيها ويمكن أن تكون العلة في تلك المسامحة التقية أيضا لأن الكعبة قبلة عند جمهور العامة. وربما تحمل الأخبار الأخيرة على أن الغرض فيها بیان اتساع للجهة بحسب البعد فكلما كان البعد أكثر كانت الجهة أوسع وقد تحمل على التقية أيضا لأن العامة رووا مثله عن مكحول بسنده عن النبي صلّي الله علیه و آله وهو بعيد لأنه خبر شاذ بينهم والمشهور عندهم هو الأول. والحق أن المسألة لا تخلو من إشكال إذ الأخبار متعارضة وإن رجحت الأخبار الأولى بقوة أسانيدها وكثرتها فالأخبار الأخيرة معتضدة بالشهرة بين القدماء ومخالفة العامة وكون التأويل فيها أبعد والآية غير دالة على أحد المذهبين كما عرفت. فالاحتياط يقتضي استقبال عين الكعبة إذا أمكن وكذا عين المسجد إذا تيسر وكذا عين الحرم إذا أمكن ذلك وأما النائي الذي لا يمكنه تحصیل عين الحرم فالظاهر عدم النزاع في التوجه إلى الجهة ولا فرق بين جهة الكعبة وجهة الحرم فإن الأمارات مشتركة وأما القول بنفي اعتبار الجهة أصلا فلايخفي بطلانه. ثم اعلم أن التيار الذي دل عليه خبر المفضل المشهور بين الأصحاب استحبابه لأهل العراق قليلا وظاهر الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط الوجوب واستدل عليه في الخلاف بإجماع الفرقة وبهذه الرواية وأيدت برواية أخرى مرفوعة وهو مبني على أن قبلة البعيد هي الحرم کا صرح به المحقق. واحتمل العلامة اطراده على القولين والإجماع غير ثابت والخبران ضعیفان و التعليل الوارد في هذا الخبر مما يصعب فهمه جدا إذ لو فرض أن البعيد حصل عين الكعبة وكان بالنسبة إليه القبلة عين الحرم کان انحرافه إلى اليسار مما

ص: 248

يجعله محاذيا لوسط الحرم وأني للبعيد تحصیل عين الكعبة وعلى تقدير تسليمه فبأدنى انحراف يصير خارجا عن الحرم بعيدا عنه بفراسخ كثيرة إلا أن يقال الجهة مما فيه اتساع كثير وبالانحراف اليسير لا يخرج عنها وكون الحرم من جهة اليسار أكثر صار سببا مناسبا لاستحباب الانحراف من تلك الجهة وفيه أيضا ما ترى. وقد جرى في ذلك مراسلات بين المحقق صاحب الشرائع والمحقق الطوسي قدس الله روحهما وكتب المحقق الأول رسالة في ذلك وهي مذكورة في المهذب لابن فهد رحمه الله ومن أرادها فليرجع إليه وهو رحمه الله وإن بالغ في المجادلة وإمام ما حاوله لكن لم ينفع في حل عمدة الإشكال. والذي يخطر في ذلك بالبال أنه يمكن أن يكون الأمر بالانحراف (1) لأن محاريب الكوفة وسائر بلاد العراق أكثرها كانت منحرفة عن خط نصف النهار كثيرا مع أن الانحراف في أكثرها يسير بحسب القواعد الرياضية کمسجد الكوفة فإن انحراف قبلته إلى اليمين أزيد مما تقتضيه القواعد بعشرين درجة تقريبا وكذا مسجد السهلة ومسجد يونس ولما كان أكثر تلك المساجد مبنية في زمن عمر وسائر خلفاء الجور لم يمكنهم القدح فيها تقية فأمروا بالتيار وعللوا بتلك الوجوه الخطابية لإسكاتهم وعدم التصريح بخطأ خلفاء الجور وأمرائهم. وما ذكره أصحابنا من أن محراب مسجد الكوفة محراب المعصوم لا يجوز الانحراف عنه إنما يثبت إذا علم أن الإمام علیه السّلام بناه ومعلوم أنه علیه السّلام لم يبنه أو صلى فيه من غير انحراف عنه وهو أيضا غير ثابت بل ظهر من بعض ما سنح لنا من الآثار القدية عند تعمير المسجد في زماننا ما يدل على خلافه کما سيأتي ذكره مع أن الظاهر من بعض الأخبار أن هذا البناء غير البناء الذي كان في زمان أمير المؤمنين علیه السّلام بل ظهر لي من

ص: 249


1- هذا أول الدعوى مع أن إبداء الاختلاف في القبلة مخالف للتقية في مثل هذا الأمر العام البلوى. السبزواري

بعض الأدلة والقرائن أن محراب مسجد النبي صلّي الله علیه و آله بالمدينة أيضا قد غير عما كان في زمانه صلّي الله علیه و آله لأنه على ما شاهدنا في هذا الزمان موافق لخط نصف النهار وهو مخالف للقواعد الرياضية من انحراف قبلة المدينة إلى اليسار(1) قريبا من ثلاثين درجة ومخالف لما رواه الخاصة والعامة من أنه صلّي الله علیه و آله زویت له الأرض ورأى الكعبة فجعله بإزاء الميزاب فإن من وقف بحذاء الميزاب يصير القطب الشمالي محاذيا لمنكبه الأيسر ومخالف لبناء بيت الرسول الذي دفن فيه مع أن الظاهر أن بناء البيت كان موافقا البناء المسجد وبناء البيت أوفق للقواعد من المحراب (2) وأيضا مخالف لمسجد قباء ومسجد الشجرة وغيرهما من المساجد التي بناها النبي صلّي الله علیه و آله أو صلى فيها. ولذاخص بعض الأفاضل ممن كان في عصرنا رحمه الله حديث المفضل وأمثاله على مسجد المدينة وقال لما كانت الجهة وسيعة وكان الأفضل بناء المحراب على وسط الجهات إلا أن تعارضه مصلحة كمسجد المدينة حيث بني محرابه على خط نصف النهار لسهولة استعلام الأوقات مع أن وسط الجهات فيه منحرف نحو اليسار فلذا حكموا باستحباب التيار فيه ليحاذي المصلي وسط الجهة المتسعة وسيأتي مزيد توضيح لتلك المقاصد مع الأخبار والقرائن الدالة عليها في كتاب المزار والله أعلم وحججه علیه السّلام بحقائق الأخبار والآثار. والذي يسهل العمر وهين الأمر في ذلك أنه يظهر من الآية والأخبار الواردة في القبلة أن فيها اتساعا كثيرا وأنه يكفي فيها التوجه إلى ما يصدق علیه عرفا أنه جهة الكعبة وناحيتها لما عرفت من تفسير الآية

ص: 250


1- قد أثبت صاحب كتاب إزاحة العلة عن معرفة القبلة أن وضع المحراب النبوي موافق للقواعد فراجع وهو اعلم واضبط في الهيئة من المجلسي رحمه الله و من في قرنه. السبزواري
2- لا يخفى أنه من مجرد الدعوی بلا شاهد، بل الشواهد على خلافه ثمّ انه لا اعتبار ببناء البيت وإنما الاعتبار بكيفيته ومع جسده الأقدس في القبر وهو غير معلوم لأحد. السبزواري

وأنه لا يستفاد منها إلا الشطر والجهة.

ولقولهم علیه السّلام ما بين المشرق والمغرب قبلة.

وقولهم علیه السّلام ضع الجدي على قفاك وصل.

فإن بناء الأمر على هذه العلامة التي تختلف بحسب البلاد اختلافا فاحشا يرشد إلى توسعة عظيمة وخلو الأخبار عما زاد على ذلك وكذا كتب الأقدمين مع شدة الحاجة وتوفر الدواعي على النقل والمعرفة وعظم إشفاقهم على الشيعة ممايؤيد ذلك. والظاهر أنه لا تجب الاستعانة بعلم الهيئة وتعلم مسائله لأنه علم دقيق ومسائلها مبنية على مقدمات كثيرة يحتاج تحصيلها إلى زمان طويل وهمة عظيمة وفطرة سليمة و التكليف بذلك لجمهور الناس مباين للشريعة السمحة السهلة وإن أمكن أن يقال أكثر مسائل الفقه تحقيقها وترجيحها موقوف على مقدمات كثيرة لا يطلع عليها ولا يحققها إلا أوحدي الناس وسائر الناس يرجعون إليه بالتقليد فيمكن أن يكون أمر القبلة أيضا كذلك لأن الظن للحاصل من ذلك أقوى من سائر الأمارات المفيدة له ولا ريب أنه أحوط وأولى. لكن الحكم بوجوبه و تعیینه مشکل إذ لو كان ذلك واجبا لكان له في طرق الأصحاب أو سائر فرق المسلمين خبر أو يجيء به أثر فلما لم يكن ذلك في الأخبار ولا عمل المتقدمين الآنسين بسير أهل البيت علیهم السّلام علمنا انتفاءه مع أن غاية ما يحصل عنه بعد بذل غاية الجهد ليس إلا الظن والتخمين لا القطع واليقين وكل ذلك لا ينافي كون الرجوع إليه أولى لكونه أوفق من سائر الظنون وأقوى والله الموفق للخير الهدى.

البحار: ج 33 ص 404

9- فلاح السائل، قال السيّد رحمه الله رأيت في الأحاديث المأثورة أن الله تعالى أمر آدم أن يصلي إلى المغرب ونوحا أن يصلي إلى المشرق وإبراهيم علیه السّلام يجمعهما وهي

ص: 251

الكعبة فلما بعث موسى علیه السّلام أمره أن يحيي دین آدم ولما بعث عیسی علیه السّلام أمره أن يحيي دین نوح ولما بعث محمد صلّي الله علیه و آله أمره أن يحيي دين إبراهيم.(1)

بیان: قوله يجمعهما لأن استقبال الكعبة قد يوافق المشرق وقد يوافق المغرب أو أنه

وسط بينهما غالبا فكأنه جمعهما.

ص: 252


1- اعتبار هذه الأحاديث مشکل بل ممنوع. السبزواري

فصل / في ذكر استقبال القبلة لمن يصلي على الراحلة

فصل في ذكر استقبال القبلة لمن يصلي على الراحلة

البحار: ج 33 ص426 س 9

اعلم أن المسافر لا يصلي الفريضة على الراحلة مع الاختيار فإن لم يمكنه غير ذلك جاز له أن يصلي على الراحلة غير أنه يستقبل القبلة على كل حال ولا يجوز له غير ذلك وأما النوافل فلا بأس أن يصليها على الراحلة وأما صلاة الجنازة وصلاة الفرض أو قضاء الفريضة أو صلاة الكسوف أو صلاة العيدين أو صلاة النذر فلا يصلي شيئا من ذلك على الراحلة مع الاختيار ويجوز مع الاضطرار لعموم الأخبار والمنع من ذلك على الراحلة في الأمصار مع الضرورة والاختيار وفعلها على الأرض. وكذا في السفينة إذا دارت يدور معها بالعكس حيث تدور فإن لم يكنه صلى على صدر السفينة بعد أن يستقبل القبلة بتكبيرة الإحرام. وأما حال شدة الخوف وحال المطاردة والغرق والمسايفة فإنه يسقط فرض استقبال القبلة ويصلي کیف شاء ويمكن منه إیماء ويقتصر على التكبير على ما ذكره أصحابنا في كتبهم رضي الله عنهم.

أقول: إنما أوردت الرسالة بتهامها لاشتهارها بين علمائنا المتأخرين وتعويلهم عليها في أحكام القبلة لكن العلامات التي ذكرها رحمه الله كثير منها مخالفة للتجربة والقواعد الهيئاوية بل لا يوافق بعضها بعضا ولم نتكلم في ذلك لأن استيفاء القول فيها يوجب بسطا لا يناسب الكتاب والرجوع إلى القواعد الرياضية والآلات المعدة لذلك من الأسطرلاب والهندسة أضبط وأقوى والتعويل عليها أحوط وأولى إذ بعد استعلام خط نصف النهار ينحرف عنه إلى اليمين وإلى الشمال بقدر ما

ص: 253

استخرجوه من انحراف كل بلد. و تفصيله أن يسوي الأرض غاية التسوية وقد ذكروا لها وجوها شهرتها عند البناء ين تغني عن ذكرها ويقام مقياس في وسط ذلك السطح ويرسم حول المقياس دائرة نصف قطرها بقدر ضعف المقياس على ما ذكروه وإن لم يكن ذلك لازما بل اللازم أن يكون المقياس بحيث يدخل ظله الدائرة قبل الزوال ويخرج بعده ويرصد دخول الظل الدائرة وخروجه عنها قبل نصف النهار وبعده ويعلم كلا من موضعي الدخول والخروج بعلامة وينصف القوس التي بينهما ويوصل بين المنتصف والمركز بخط مستقيم فهو خط نصف النهار وبخروج رأس ظل المقياس عنه يعرف أول الزوال وبقدر الانحراف عنه يمينا وشمالا يعرف القبلة. ولنذكر مقدار انحراف البلاد المعروفة كما ذكره المحققون في كتب الهيئة لئلا يحتاج الناظر في هذا الكتاب إلى الرجوع إلى غيره فالبلاد التي تكون على خط نصف النهار سمت قبلتهم نقطة الجنوب أو الشمال وأما البلاد المنحرفة عن نقطة الجنوب إلى المغرب فبلدتنا أصبهان منحرفة (1) عن نقطة الجنوب إلى اليمين بأربعين درجة وتسع وعشرين دقيقة وكاشان بأربع وثلاثين درجة وإحدى وثلاثين دقيقة وقزوین بسبع وعشرين درجة وأربع وثلاثين دقيقة و تبریز بخمس عشرة درجة وأربعين دقيقة ومراغة بست عشرة درجة وسبع عشرة دقيقة ويزد بثمان وأربعين درجة وتسع وعشرين دقيقة وقم بإحدى وثلاثين درجة وأربع وخمسين دقيقة وأسترآباد بثمان وثلاثين درجة وثمان وأربعين دقيقة وطوس ومشهد الرضا صلوات الله عليه بخمس وأربعين درجة وست دقائق ونیسابور بست و أربعين درجة وخمس وعشرين دقيقة وسبزوار بأربع وأربعين درجة واثنتين وخمسين

ص: 254


1- لا يخفى على أهله أنه قد ثبت في هذه الأعصار اختلاف جملة من الدرجات المذكورة قلة أو كثرة، والهيئة في هذه الأعصار أضبط مما كانت في سابق الأيام. السبزواري

دقيقة وبغداد باثنتي عشرة درجة وخمس وأربعين دقيقة وكوفة باثنتي عشرة درجة وإحدى و ثلاثين دقيقة وسرَّ من رأى بسبع درجات وست وخمسين دقيقة والمدائن بثمان درجات و ثلاثين دقيقة والحلة باثنتي عشرة درجة وبحرین بسبع وخمسين درجة و ثلاث وعشرين دقيقة ولحسا بتسع وستين درجة وثلاثين دقيقة وشیراز بثلاث وخمسين درجة وثمان عشرة دقيقة وهمدان باثنتين وعشرين درجة وست عشرة دقيقة وساوة بتسع وعشرين درجة وست عشرة دقيقة وتون بخمسين درجة وعشرين دقيقة وطبس باثنتين وخمسين درجة وخمس وخمسين دقيقة وتستر بخمس وثلاثين درجة وأربع وعشرين دقيقة وأردبیل بسبع عشرة درجة و ثلاث عشرة دقيقة وهرات بأربع وخمسين درجة وثمان دقائق وقاین بأربع وخمسين درجة ودقيقة وسمنان بست وثلاثين درجة وسبع عشرة دقيقة ودامغان بثمان وثلاثين درجة وبسطام بتسع وثلاثين درجة و ثلاث عشرة دقيقة ولاهیجان بثلاث وعشرين درجة وساري باثنتين و ثلاثين درجة وأربع وخمسين دقيقة و آمل بأربع و ثلاثين درجة وست و ثلاثين دقيقة وقندهار بخمس وسبعين درجة والري بسبع و ثلاثين درجة وست وعشرين دقيقة وكرمان باثنتين وستين درجة وإحدى وخمسين دقيقة وبصرة بثمان وثلاثين درجة وواسط بعشرين درجة وأربع وخمسين دقيقة والأهواز بأربعين درجة وثلاثين دقيقة وگنجة بخمس عشرة درجة و تسع وأربعين دقيقة وبردع بست عشرة درجة وسبع وثلاثين دقيقة و تفلیس بأربع عشرة درجة وإحدى وأربعين دقيقة و شیروان بعشرين درجة وتسع دقائق وكذا الشماخي وسجستان بثلاث وستين درجة وثمان عشرة دقيقة وطالقان بتسع وعشرين درجة و ثلاث وثلاثين دقيقة وسرخس بإحدى وخمسين درجة وأربع وخمسين دقيقة والمرو باثنتين وخمسين درجة و ثلاثين دقيقة والبلخ بستين درجة

ص: 255

وست و ثلاثين دقيقة وبخاری بتسع وأربعين درجة وثمان وثلاثين دقيقة وجنابد باثنتين وخمسين درجة وخمس وثلاثين دقيقة وبدخشان بأربع وستين درجة وتسع دقائق وسمرقند باثنتين وخمسين درجة وأربع وخمسين دقيقة وكاشغر بثمان وخمسين درجة وست و ثلاثين دقيقة وخان بالغ بثلاث وسبعين درجة وثلاثين دقيقة وغزنین بسبعين درجة وسبع وثلاثين دقيقة وتبت بست وستين درجة وست وعشرين دقيقة وبست بثلاث وستين درجة وثلاثين دقيقة وهرموز بأربع وسبعين درجة وهاور بثمان وسبعين درجة وست وعشرين دقيقة ودهلي بسبع وثمانين درجة وست وعشرين دقيقة وترشيز بثمان وأربعين درجة وإحدى عشرة دقيقة وخبيص بسبع وخمسين درجة وثمان وأربعين دقيقة وأبهر بأربع وعشرين درجة وكازران بإحدى وخمسين درجة وست وخمسين دقيقة وجرفادتان بثمان وثلاثين درجة وخوارزم بأربعين درجة وخجند بخمسين درجة.

وأما الانحرافات من الجنوب إلى المشرق والمدينة المشرفة منحرفة قبلتها من نقطة الجنوب إلى المشرق بسبع وثلاثين درجة وعشر دقائق ومصر بثمان وخمسين درجة وثمان وثلاثين دقيقة ودمشق بثلاثين درجة وإحدى وثلاثين دقيقة وحلب بثان عشرة درجة و تسع وعشرين دقيقة وقسطنطينية بثمان وثلاثين درجة وسبع عشرة دقيقة وموصل بأربع درجات واثنتين وخمسين دقيقة وبيت المقدس بخمس وأربعين درجة وست وخمسين دقيقة. وأما ما كان من الشمال إلى المغرب فبنارس بخمس وسبعين درجة وأربع وثلاثين دقيقة وأكرة بتسع وثمانين درجة ودقيقة وسراندیب بسبعين درجة واثنتي عشرة دقيقة وچين بخمس وسبعين درجة وسومنات بخمس وسبعين درجة وأربع وثلاثين دقيقة. وأما ما كان من الشمال إلى المشرق فصنعاء بدرجة وخمس عشرة دقيقة وعدن بخمس درجات وخمس وخمسين دقيقة وجرمي

ص: 256

دار ملك الحبشة بسبع وأربعين درجة وخمس وعشرين دقيقة وسائر البلاد القريبة من تلك البلاد والمتوسطة بينها يعرف انحرافها بالمقايسة والتخمين والله الموفق والمعين.

باب (13) / الآذان والإقامة وفضلهما وتفسيرهما وأحكامهما وشرائطهما

البحار: ج33 ص 462

35- معاني الأخبار، والعلل، بالإسناد المتقدم عن العباس بن سعيد عن أبي نصر عن عیسی بن مهران عن الحسن بن عبد الوهاب عن محمد بن مروان عن أبي جعفر علیه السّلام قال أتدري ما تفسير حي على خير العمل قال قلت لا قال دعاك إلى البّر أتدري برّ من قلت لا قال دعاك إلى برّ فاطمة عليهاالسّلام وولدها علیهم السّلام.(1)

باب (22) / آداب القيام إلى الصلاة والأدعية عندها

البحار: ج 33 ص 599

2- عدّة الداعي، روى الشيخ أبو محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمي نزيل الري في كتابه المنبئ عن زهد النبي صلّي الله علیه و آله عن عبد الواحد عمن حدثه عن معاذ بن جبل قال قلت حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلّي الله علیه و آله وحفظته من دقة ما حدثك به قال نعم

ص: 257


1- أقول: لعل هذا التفسير صدر من رسول الله صلّي الله علیه و آله وشاع بين خواص الأصحاب فلذلك نهی عنه عمر. السبزواري

وبکی معاذ(1) ثم قال بأبي وأمي حدثني وأنا ردیفه قال بينا نحن نسير إذ رفع بصره إلى السماء فقال الحمد لله الذي يقضي في خلقه ما أحب ثم قال يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله إمام الخير ونبي الرحمة قال أحدثك ما حدث نبی أمته إن حفظته نفعك عیشك وإن سمعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله ثم قال إن الله خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات فجعل في كل سماء ملكا قد جللها بعظمته وجعل على كل باب من أبواب السماوات ملكا بوابا فتكتب الحفظة عمل العبد من حين يصبح إلى حين يمسي ثم ترتفع الحفظة بعمله وله نور کنور الشمس حتى إذا بلغ سماء الدنيا فتزکیه و تکثره فيقول الملك قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الغيبة فمن اغتاب لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري أمرني بذلك ربي قال ثم تجيء الحفظة من الغد ومعهم عمل صالح فتمر به و تزکیه و تکثره حتى يبلغ السماء الثانية فيقول الملك الذي في السماء الثانية قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنما أراد بهذا عرض الدنيا أنا صاحب الدنيا لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري قال ثم تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا بصدقة وصلاة فتعجب به الحفظة وتجاوزه إلى السماء الثالثة فيقول الملك قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه وظهره أنا ملك صاحب الكبر فيقول إنه عمل و تكبر فيه على الناس في مجالسهم أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري قال وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الدري في السماء له دوي بالتسبيح والصوم والحج فتمر به إلى ملك السماء الرابعة فيقول لهم الملك قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه وبطنه أنا ملك العجب إنه كان يعجب بنفسه وإنه عمل وأدخل نفسه العجب أمرني ربي لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري قال

ص: 258


1- معاذ بن جبل مطعون ويلوح على حديثه آثار الجعل كما هو ظاهر لمن تدبر فيه السبزواري

وتصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المزفوفة إلى أهلها فتمر به إلى ملك السماء الخامسة بالجهاد والصلاة ما بين الصلاتین و لذلك العمل رنين کرنين الإبل عليه ضوء كضوء الشمس فيقول الملك قفوا أنا ملك الحسد واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واحملوه على عاتقه إنه كان يحسد من يتعلم أو يعمل لله بطاعته وإذا رأي لأحد فضلا في العمل و العبادة حسده ووقع فيه فيحملونه على عاتقه و يلعنه عمله قال وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وحج وعمرة فيتجاوز إلى السماء السادسة فيقول الملك قفوا أنا صاحب الرحمة اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واطمسوا عينيه لأن صاحبه لم يرحم شيئا إذا أصاب عبدا من عباد الله ذنبا للآخرة أو ضرا في الدنيا شمت به أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني قال وتصعد الحفظة بعمل العبد بفقه واجتهاد وورع وله صوت كالرعد وضوء كضوء البرق ومعه ثلاثة آلاف ملك فتمر به إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الحجاب أحجب كل عمل ليس له إنه أراد رفعه عند القواد وذكرا في المجالس وصيتا في المدائن أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ما لم يكن الله خالصا قال و تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وحسن خلق وصمت وذکر کثير تشیعه ملائكة السماوات والملائكة السبعة بجماعتهم فيطوف الحجب كلها حتى يقوموا بين يديه سبحانه فيشهدوا له بعمل ودعاء يقول الله أنتم حفظة عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه إنه لم يردني بهذا العمل عليه لعنتي فتقول الملائكة عليه لعنتك ولعنتنا قال ثم بکی معاذ قال قلت یا رسول الله صلّي الله علیه و آله ما أعمل قال اقتد بنبيك يا معاذ في اليقين قال قلت أنت رسول الله وأنا معاذ قال صلّي الله علیه و آله وإن كان في عملك تقصیر یا معاذ فاقطع لسانك عن إخوانك وعن حملة القرآن ولتكن ذنوبك عليك لا تحملها على إخوانك ولا تزك

ص: 259

نفسك بتذميم إخوانك ولا ترفع نفسك بوضع إخوانك ولا تراء بعملك ولا تدخل من الدنيا في الآخرة ولا تفحش في مجلسك لكي يحذروك بسوء خلقك ولا تناج مع رجل وأنت مع آخر ولا تتعظم على الناس فينقطع عنك خيرات الدنيا ولا تمزق الناس فتمزقك كلاب أهل النار قال الله تعالى وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا أفتدري ما الناشطات کلاب أهل النار تنشط اللحم والعظم قلت ومن يطيق هذه الخصال قال یا معاذ أما إنه يسير على من يسره الله عليه قال وما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن کما يكثر تلاوة هذا الحديث.

باب (23) / القراءة وآدابها وأحكامها

البحار: ج 34 ص 41 س 10

ومنه قال علة إسقاط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من سورة براءة أن البسملة أمان

والبراءة كانت إلى المشركين فأسقط منها الأمان.(1)

باب (32) / القنوت وآدابه وأحكامه

البحار: ج 34 ص 133

1- العيون، والعلل، عن عبد الواحد بن عبدوس عن علي بن محمّد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان في العلل التي رواها عن الرضا علیهالسّلام فإن قال فلم جعل الدعاء في

ص: 260


1- هذا وجه سقوط البسملة عن سورة براءة. السبزواری

الركعة الأولى (1) قبل القراءة ولم جعل في الركعة الثانية القنوت بعد القراءة قيل لأنه أحب أن يفتح قيامه لربه وعبادته بالتحميد و التقديس والرغبة والرهبة ويختمه بمثل ذلك ويكون في القيام عند القنوت بعض الطول فأحرى أن يدرك المدرك الركوع فلا تفوته الركعتان في الجماعة.

البحار: ج 43 ص 135 س16

ومنه بالإسناد عن عباد عن عمه عن أبي المجالد عن زيد بن وهب عن أبي المنذر الجهني عن النبي صلّي الله علیه و آله قال لا تنسين الاستغفار في صلاتك فإنها ممحاة للخطايا بإذن الله.(2)

البحار: ج 43 ص 135

12- المحاسن، عن أبيه عن محمّد بن إسماعيل رفعه إلى أبي عبد الله علیه السّلام قال قال النبي صلّي الله علیه و آله لعلي علیه السّلام عليك برفع يديك إلى ربك وكثرة تقلبهما.(3)

باب (33) / آخر في القنوتات الطويلة المروية عن أهل البيت علیهم السّلام

البحار: ج 34 ص 178

5 - البلد الأمين، وجنة الأمان، هذا الدعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة ورواه عبدالله بن عباس عن علي علیه السّلام أنه كان يقنت به وقال إن الداعي به كالرامي مع

ص: 261


1- المراد به دعاء التوجه و ما يقال بين التكبيرات الافتتاحية. السبزواري
2- لا يدلّ ذلك على كونه في القنوت. السبزواري
3- المنساق منه رفع اليد في التكبيرات لا القنوت. السبزواري

النبي صلّي الله علیه و آله (1) في بدر وأحد وحنين بألف ألف سهم الدعاء اللّهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتیها وإفكيها وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وجحدا إنعامك و عصیا رسولك وقلبا دينك وحرفاکتابك وعطلا أحكامك و أبطلا فرائضك وألحدا في آياتك وعاديا أولياءك وواليا أعداءك وخربا بلادك وأفسدا عبادك اللّهم العنهما وأنصارهما فقد أخربا بيت النبوة وردما بابه ونقضاسقفه و ألمقاساءه بأرضه وعاليه بسافله وظاهره بباطنه واستأصلا أهله وأبادا أنصاره وقتلا أطفاله وأخليا منبره من وصيه ووارثه وجحدانبو ته وأشر کا بربهما فعظم ذنبهما وخلدهما في سقر «وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ» اللّهم العنهم بعدد كل منكر أتوه وحق أخفوه ومنبر علوه ومنافق ولوه ومؤمن أرجوه وولي آذوه وطريد آووه وصادق طردوه وكافر نصروه وإمام قهروه وفرض غيروه وأثر أنكروه وشر أضمروه ودم أراقوه وخبر بدلوه وحكم قلبوه وكفر أبدعوه وکذب دلسوه وإرث غصبوه و فيء اقتطعوه وسحت أكلوه وخمس استحلوه وباطل أسسوه وجور بسطوه وظلم نشروه ووعد أخلفوه وعهد نقضوه وحلال حرموه وحرام حللوه ونفاق أسروه وغدر أضمروه وبطن فتقوه وضلع کسروه وصك مزقوه وشمل بددوه وذليل أعزوه وعزيز أذلوه وحق منعوه وإمام خالفوه اللّهم العنهما بكل آية حرفوها وفريضة تركوها وسنة غيروها وأحكام عطلوها وأرحام قطعوها وشهادات كتموها ووصية ضيعوها وأيان نكثوها ودعوى أبطلوها وبينة أنكروها وحيلة أحدثوها وخيانة أوردوها وعقبة ارتقوها ودباب دحرجوها وأزياف لزموها وأمانة خانوها اللّهم العنهما في مکنون السر وظاهر العلانية لعنا كثيرا دائبا أبدا دائما سرمدا لا انقطاع الأمده ولا

ص: 262


1- أقول: لم يعلم أن قنوته علیه السّلام بهذا كان في أي صلاة هل كان في مطلق صلاته علیه السّلام أو في الوتر أو في صلاة خاصة. السبزواري

نفاد لعدده يغدو أوله ولا يروح آخره لهم ولأعوانهم وأنصارهم ومحبيهم ومواليهم والمسلمين لهم والمائلين إليهم والناهضين بأجنحتهم والمقتدين بكلامهم والمصدقين بأحكامهم ثم يقول اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار آمين رب العالمين أربع مرات ودعا علیه السّلام في قنوته اللّهم صل على محمد وآل محمد وقنعني بحلالك عن حرامك وأعذني من الفقر إني أسأت وظلمت نفسي واعترفت بذنوبي فها أنا واقف بين يديك فخذ لنفسك رضاها من نفسي لك العتبى لا أعود فإن عدت فعد علي بالمغفرة والعفو ثم قال علیه السّلام العفو العفو مائة مرة ثم قال أستغفر الله العظيم من ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه مائة مرة فلما فرغ علیه السّلام من الاستغفار رکع وسجد وتشهد وسلم.

ص: 263

أبواب النوافل اليوميّة

باب (12) / كيفية صلاة الليل والشفع والوتر وسننها وآدابها وأحكامها

البحار: ج 35 ص 140

62- کتاب المحاسن، كان أبو الحسن علیه السّلام إذا قام إلى محرابه في الليل قال اللّهم إنك خلقتني سويا وربيتني صبيا وجعلتني غنيا مكفيا اللّهم إني وجدت فيما أنزلته في كتابك وبشرت به عبادك إن قلت «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ» وقد كان مني اللّهم ما علمت وما أنت أعلم به مني فواسوأتاه مما أحصاه كتابك فلو لا المواقف التي أرجو فيها عفوك الذي شمل كل شيء لألقيت بيدي ولو أن أحدا استطاع الهرب من ذنبه لکنت أنا أحق بالهرب منه حيث لا يقدر ولكن كيف لي بذلك وأنت لا يعزب عنك مثقال ذرة إلا أتيت بها وكفى بك جازيا وكفى بك حسيبا اللّهم إنك طالبي إن هربت ومدركي إن فررت فها أنا بين يديك عبد ذلیل خاضع راغم إن تعذبني فإني لذلك أهل وهو یا رب منك عدل وإن تغفر فإنك تغفر قبيحا فلتسعني رحمتك وعفوك وألبسني عافيتك وأسألك بالحسنى من أسمائك وبما وارت الحجب من بهائك أو ترحم هذه النفس الجزوعة وهذا البدن الهلوع الذي لا يستطيع حر شمسك فكيف يستطيع حر نارك والذي لا يستطيع صوت رعدك فكيف يستطيع صوت غضبك فارحمني اللّهم إني امرؤ فقير حقير وخطري يسير أن تعذبني فلم يزد عذابي في ملكك مثقال ذرة ولو كان ذلك لسألتك الصبر على ذلك وأحببت أن يكون الملك لك

ص: 264

ولكن سلطانك أعظم وملكك أدوم من أن يزيد فيه طاعة المطيعين أو ينقص منه معصية المذنبين فاغفر لي يا أرحم الراحمين وصل على محمّد وأهل بيته واجزه عنا أفضل ما جزيت المرسلین یا رب العالمين.

بیان: هذا هو الدعاء الخمسون من أدعية الصحيفة السجادية(1) صلوات الله على من ألهمها بأدنى تغيير في بعض الفقرات والسوءة في الأصل العورة وما لا يجوز أن ينكشف من الجسد ثم نقل إلى كل كلمة أو فعلة قبيحة أو فضيحة لقبحها كأنه قيل لها تعال یا سوأة فهذه من أحوالك التي حقك أن تحضريني فيها وهي حال إحصاء الكتاب على من القبائح والأعمال السيئة. وفي القاموس شملهم الأمر كفرح ونصر عمهم انتهى لألقيت بيدي أي إلى الهلاك كما قال تعالى «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» أو تركت طلب المغفرة قال الجوهري ألقيته أي طرحته تقول ألقه من يدك وألق به من يدك انتهى والحسيب فعيل بمعنى مفعل من قولهم أحسبني الشيء أي كفاني وفي الصحيفة بعد قوله عدل وإن تعف عني فقديما شملني عفوك وألبستني عافيتك أسألك اللهم بالمخزون من أسمائك إلخ أو ترحم أي إلا أن ترحم وفي الصحيفة إلا رحمت.

البحار: ج 53 ص 455 س 10

ويدل على مذهب المرتضی و ابن الجنيد في العودصحيحة العيص بن القاسم عن أبي عبد الله علیه السّلام قال لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته .

وفي موثّقة إسحاق بن عمار حتى يدخل أهله وحملوهما على أن المراد الوصول إلى موضع يسمع فيه الأذان ویشاهد الجدران وهو بعيد جدا. ويمكن القول بالتخيير

ص: 265


1- دعائه في الرهبة وهو الواحد والخمسون فراجع. السبزواري

بعد الوصول إلى سماع الأذان بين القصر والإتمام جمعا بين الأخبار کا اختاره بعض المحققين من المتأخرين وربما يحمل أخبار عدم اشتراط حد الترخص في الذهاب والعود على التقية إذ عامة فقهائهم على عدم اشتراط ذلك.

وأقول يمكن حمل الأخبار الأخر أيضا على التقية لأن فقهاءهم الأربعة يشترطون الخروج من سور البلد وإن كان داخل السور مزارع أو مواضع خربة وذهب بعضهم إلى أنه إذا كان خارج السور دور ومقابر فلا بد من مجاوزتها ولا يشترط عندهم مجاوزة المزارع والبساتين المتصلة بالبلد إلا إذا كانت فيها دور وقصور يسكن فيها.

وأما الأخبار التي قدمناها فلخبر الأول من المحاسن ظاهره الخروج من البيوت ولا يوافق شيئا من مذاهب الأصحاب إلا بالتكلف وهو بما ذكرنا من أقوال العامة أنسب وكذا الثاني.

وأما الثالث فيوافق القول باعتبار الأذان وهو يشمل ظاهر الذهاب و العود معا والخبر الرابع من قرب الإسناد يدل آخره على أن المعتبر في العود دخول المنزل وأوله على أنه لا يتوسط البلد إن حمل الجانب على الداخل أو لا يدخل البلد إن حمل على الخارج فيمكن حمل هذا الجزء على التقية ويمكن حمل المنزل على البلد مجازا. أو يكون محمولا على أنه لما كانت الكوفة من البلاد الوسيعة تعتبر فيها المحلة فإذا لم يدخل البلد يكون غالبا بينه وبين محلته حد الترخص فيحمل على ما إذا لم تكن محلته في آخر البلد من تلك الجهة ويمكن حمل الجزء الأول على الاستحباب وكذا الكلام في الخبر الخامس لكن الأهل فيه أوسع من المنزل وأقبل للتأويل. وبالجملة يشكل الاستدلال بالخبرين على شيء من المذاهب والخبر الأخير لعل فيه تصحيفا

ص: 266

ولا أعرف لاحتلام البيوت معنا مناسبا(1) في المقام إلا أن يكون كناية عن غيبة شبحها فإنها بمنزلة الخيال والمنام أو يكون بالجيم معنى القطع والبيوت تحتمل بيوت البلد والمحلة وبالجملة ظاهره عدم الاكتفاء بالخروج من المنزل والدخول فيه وأما تعيين ما يعتبر فيه على أحد المذاهب فلا يستفاد منه.

البحار: ج36 ص 62 س 21

کما روى الصدوق وغيره عن النبي صلّي الله علیه و آله اللّهم ارحم خلفائي قيل له یارسول الله ومن خلفاؤك قال الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي.

وفي رواية أخرى زاد فيه ويعلمون الناس بعدي لكن في هذا الوجه بعد نعم لا يبعد حمل الأمناء بل الأصفياء على الشيعة لا سيما علماؤهم والتأسيس أولى من التأكيد.

تتميم:

أقول: جملة القول في هذه المسألة التي تحيرت فيها الأوهام واضطرب فيها الأعلام أنه لا أظن عاقلا يريب في أنه لو لم يكن الإجماع المدعى فيها لم يكن لأحد مجال شك في وجوبها على الأعيان في جميع الأحيان والأزمان كما في سائر الفرائض الثابتة بالكتاب والسنة فكما ليس لأحد أن يقول لعل وجوب صلاة العصر وزكاة الغنم مشروطان بوجود الإمام وحضوره وإذنه كذا هاهنا لعدم الفرق بين الأدلة الدالة عليها. لكن طرأ هاهنا نقل إجماع من الشيخ وتبعه جماعة ممن تأخر عنه كما هو دأبهم في سائر المسائل فهو عروتهم الوثقی وحجتهم العظمی به یتصاولون وعليه يتطاولون فاشتهر في الأصقاع ومالت إليه الأطباع والإجماع عندنا على ما حققه

ص: 267


1- أقول: مع أن الرواية في غاية الضعف، فراجع. السبزواري

علماؤنا رضوان الله عليهم في الأصول هو قول جماعة من الأمة يعلم دخول قول المعصوم في أقوالهم وحجيته أنما هو باعتبار دخول قوله علیه السّلام فهو كاشف عن الحجة والحجة إنّما هي قوله علیه السّلام.

قال المحقق رحمه الله في المعتبر وأما الإجماع فهو عندنا حجة بانضمام قول المعصوم فلو خلا المائة من فقهائنا من قوله لما كان حجة ولو حصل في اثنين لكان قولهما حجة لا باعتبار اتفاقهما بل باعتبار قوله ولا تغتر إذا بمن يتحكم فيدعي الإجماع باتفاق الخمسة والعشرة من الأصحاب مع جهالته قول الباقين إلا مع العلم القطعي بدخول الإمام في الجملة انتهى. والإجماع بهذا المعنى لا ريب في حجيته على فرض تحققه والكلام في ذلك. ثم إنهم قدس الله أرواحهم لما رجعوا إلى الفروع كأنهم نسوا ما أسسوه في الأصول فادعوا الإجماع في أكثر المسائل سواء ظهر الاختلاف فيها أم لا وافق الروايات المنقولة فيها أم لا حتى أن السيّد رضي الله عنه وأضرابه كثيرا ما يدعون الإجماع فيما يتفردون في القول به أو يوافقهم عليه قليل من أتباعهم وقد يختار هذا المدعي للإجماع قولا آخر في كتابه الآخر وكثيرا ما يدعي أحدهم الإجماع على مسألة ويدعي غيره الإجماع على خلافه. فيغلب الظن على أن مصطلحهم في الفروع غير ما جروا عليه في الأصول بأن سموا الشهرة عند جماعة من الأصحاب إجماعا كما نبه عليه الشهيد رحمه الله في الذكرى وهذا بمعزل عن الحجية ولعلهم إنما احتجوا به في مقابلة المخالفين ردا عليهم أو تقوية لغيره من الدلائل التي ظهرت لهم. ولا يخفى أن في زمان الغيبة لا يمكن الاطلاع على الإجماع إذ مع فرض إمكان الاطلاع على مذاهب جميع الإمامية مع تفرقهم وانتشارهم في أقطار البلاد والعلم بكونهم متفقين على مذهب واحد لا حجة فيه لما عرفت أن العبرة عندنا بقول المعصوم ولا يعلم دخوله فيها. وما يقال من أنه يجب حينئذ على المعصوم أن يظهر القول بخلاف ما أجمعوا

ص: 268

عليه لو كان باطلا فلو لم يظهر ظهر أنه حق لا يتم سیما إذا كانت في روايات أصحابنا رواية بخلاف ما أجمعوا عليه إذ لا فرق بين أن يكون إظهار الخلاف على تقدير وجوبه بعنوان أنه قول فقیه وبين أن يكون الخلاف مدلولا عليه بالرواية الموجودة في روايات أصحابنا. بل قيل إنه على هذا لا يبعد القول أيضا بأن قول الفقيه المعلوم النسب أيضا يكفي في ظهور الخلاف وإن كان في زمان الحضور أي ادعوا أنه يتحقق الإجماع في زمان حضور امام من الأئمة علیهم السّلام الي فإن لم يعلم دخول قول الإمام بين أقوالهم فلا حجية فيه أيضا وإن علم فقوله كاف ولا حاجة إلى انضمام الأقوال الأخر إلا أن لا يعلم الإمام بخصوصه وإنما يعلم دخوله لأنه من علماء الأمة وهذا فرض نادر يبعد تحققه في زمان من الأزمنة. وأيضا دعوى الإجماع أغانشأ في زمن السيّد والشيخ ومن عاصرهما ثم تابعهما القوم و معلوم عدم تحقق الإجماع في زمانهم فهم ناقلون عمن تقدمهم فعلی تقدیر کون المراد بالإجماع هذا المعنى المعروف لکان في قوة خبر مرسلا فكيف يرد به الأخبار الصحيحة المستفيضة ومثل هذا يمكن أن يركن إليه عند الضرورة وفقد دليل آخر أصلا. وما قيل من أن مثل هذا التناقض والتنافي الذي يوجد في الإجماعات يكون في الروايات أيضا قلنا حجية الأخبار ووجوب العمل بها مما تواترت به الأخبار واستقر علیه عمل الشيعة بل جميع المسلمين في جميع الأعصار بخلاف الإجماع الذي لا يعلم حجيته ولا تحققه ولا مأخذه ولا مراد القوم منه وبالجملة من تتبع موارد الإجماعات وخصوصياتها اتضح علیه حقيقة الأمر فيها.

وأما الإجماع المدعى هاهنا بخصوصه فله جهات مخصوصة من الضعف. منها تحقق الخلاف في المسألة من الشيخ المفيد الذي هو أفضل وأقدم والكليني والصدوق وأبي الصلاح والكراجكي فكيف يقبل دعوى الإجماع مع ذلك ومع أنهم عللوا

ص: 269

الإجماع هنا بعلة ضعيفة بخلاف سائر الإجماعات قال في المعتبر والبحث في مقامين أحدهما في اشتراط الإمام أو نائبه والمصادمة مع الشافعي ومعتمدنا فعل النبي صلّي الله علیه و آله فإنه كان يعين لصلاة الجمعة وكذا الخلفاء بعده كما يعين للقضاء فكما لا يصح أن ينصب الإنسان نفسه قاضيا من دون إذن الإمام كذا إمامة الجمعة وليس هذا قياسا بل استدلالا بالعمل المستمر في الأعصار فمخالفته خرق للإجماع انتهى. وقال الشهيد الثاني مع تسليم اطراده في جميع الأزمنة نمنع دلالته على الشرطية بل هو أعم منها والعام لا يدل على الخاص والظاهر أن تعيين الأئمة علیهم السّلام لم أنما هو لحسم مادة النزاع في هذه المرتبة ورد الناس إليه بغير تردد واعتمادهم على تقليده بغير ريبة واستحقاقه من بیت المال لسهم وافر من حيث قيامه بهذه الوظيفة الكبيرة من أركان الدين. ويؤيد ذلك أنهم يعينون لإمامة الصلوات اليومية أيضا والأذان وغيرهما من الوظائف الدينية مع عدم اشتراطها بإذن الإمام بإجماع المسلمين ولم يزل الأمر مستمرا في نصب الأمة طل للصلوات الخمس والأذان ونحوهما أيضا من عهد النبي إلى يومنا هذا من الخلفاء والسلاطين وأئمة العدل والجور كل ذلك لما ذكرنا من الوجه لا للاشتراط وهذا أمر واضح لا يخفى على منصف انتهى.

ومنها أن ظاهر کلام أكثرهم أن هذا الشرط أنما هو عند حضور الإمام والتمكن منه كما أومأ إليه المحقق حيث شبهه بالقضاء فإن التعيين في القضاء عندهم أنما هو عند حضور الإمام وأما مع غيبته فيجب على الفقهاء القيام به مع تمكنهم منه.

قال الشهيد الثاني روّح الله روحه إن الذي يدل عليه كلام الأصحاب أن موضع الإجماع المدعى أنما هو حال حضور الإمام وتکنه والشرط المذكور حينئذ أنما هو إمكانه لا مطلقا في وجوبها عينا لا تخييرا كما هو مدعاهم حال الغيبة لأنهم يطلقون القول باشتراطه في الوجوب ويدعون الإجماع عليه أولا ثم يذكرون حال الغيبة

ص: 270

وينقلون الخلاف فيه ويختارون جوازها حينئذ أو استحبابها معترفين بفقد الشرط. هكذا عبروا به عن المسألة وصرحوا به في الموضعين فلو كان الإجماع المدعى لهم شاملا لموضع النزاع لماساغ لهم تقل الخلاف بعد ذلك بل اختيار جواز فعلها بدونه أيضا فإنهم يصرحون بأنه شرط للوجوب ثم يذكرون الحكم بعد الغيبة ويجعلون الخلاف في الاستحباب فلا يعبرون عن حكمها حينئذ بالوجوب وهو دليل بين على أن الوجوب الذي يجعلونه مشروطا بالإمام علیه السّلام وما في معناه أنما هو حيث يمكن أو في الوجوب العيني حين حضوره بناء منهم على أن ما عداه لا يسمونه واجبا وإن أمكن إطلاقه عليه من حيث إنه واجب تخییري وعلى هذا الوجه يسقط الاستدلال بالاجماع في موضع النزاع لو تم في غيره.

ومنها أن كلامهم في الإذن مشوش فبعض کلماتهم يدل على الإذن لخصوص الشخص الخصوص الصلاة أو لما يشملها وبعضها على الإذن الشامل للإذن العام للفقيه وبعضها على الأعم من ذلك حتى يشمل كل من يصلح للإمامة فتسقط فائدة النزاع. قال الشيخ في الخلاف بعد أن اشترط أولا في الجمعة الإمام أو نائبه ونقل فيه الإجماع ما هذا لفظه فإن قيل أليس قد رويتم فيما مضى من كتبكم أنه يجوز لأهل القرى والسواد من المؤمنين إذا اجتمعوا العدد الذي ينعقد بهم أن يصلوا جمعة قلنا ذلك مأذون فيه ومرغب فيه فجری ذلك مجری أن ينصب الإمام من يصلي بهم انتهى. فظهر أن الإذن الذي ادعي الإجماع على اشتراطه يشمل الإذن العام لسائر من يمكنه أن يأتي بها فيرد عليه أنه لا ريب أن أصل صلاة الجمعة كانت واجبة عينا والباعث على عدم وجوبها في زمان الغيبة باعتقادكم عدم الإذن فإذا قام الإذن العام مقام النصب الخاص فأي مانع من الوجوب العيني ولذا حمل كلامه هذا جماعة على الوجوب العيني وقالوا مأذون فيه ومرغب فيه لا ينافي ذلك لما رأوا أنه يلزمه

ص: 271

ذلك وإن كان بعيدا من كلامه. وقال رحمه الله في المبسوط وأما الشروط الراجعة إلى صحة الانعقاد فأربعة السلطان العادل أو من يأمره السلطان وقال بعد ذلك بجواز صلاة الجمعة في زمان الغيبة وبينهما تناف ظاهرا ويمكن أن يوجه بوجهين أحدهما تخصيص الأول بزمان الحضور والثاني أن يقال من يأمره السلطان أعم من أن يكون منصوبا بخصوصه أو مأذونا من قبلهم ولو بالألفاظ العامة على ما استفيد من الخلاف.

وقال العلامة قدّس سرّه في المختلف بعد ما حکی المنع من ابن إدريس والأقرب الجواز ثم استدل بعموم الآية والأخبار ثم حکی حجة ابن إدريس على المنع بأن شرط انعقاد الجمعة الإمام أو من نصبه الإمام إجماعا ثم قال والجواب بمنع الإجماع على خلاف صورة النزاع وأيضا فإنا نقول بموجبه لأن الفقيه المأمون منصوب من قبل الإمام على العموم انتهى. والذي يغلب على الظن ولعله ليس من بعض الظن أن الذي دعا القوم إلى دعوى الإجماع على اشتراط الأذن أحد أمرين الأول إطباق الشيعة على ترك الإتيان بها علانية في الأعصار الماضية خوفا من المخالفين لأنهم كانوا يعينون لذلك أئمة مخصوصين في البلاد ولم يكن يتمكن أحد من الإتيان بها إلا معهم وكان يلزم المشاهير من العلماء الحضور في مساجدهم ولو كانوا يفعلون في بيوتهم كان نادرا مع نهاية السعي في الاستتار فظن أن تركهم أنا هو لعدم الإذن. الثاني أن المخالفين كانوا يشنعون عليهم بترك الجمعة ولم يمكنهم الحكم بفسقهم وكفرهم فكانوا يعتذرون بعدم إذن الإمام وعدم حضوره دفعا لتشنيعهم وكان غرضهم عدم الإذن للتقية وعلى هذا يظهر وجه تشویش کلام الشيخ وتنافر أجزائه كما لا يخفى على المتأمل. فاعتبر أيها العاقل الخبير أنه يجوز لمنصف أن يعول على مثل هذا الإجماع مع هذا التشويش والاضطراب و الاختلاف بين ناقليه مع ما عرفت مع ما في أصله

ص: 272

من البعد والوهن ويعرض عن مدلولات الآيات والأخبار الصريحة الصحيحة وهل يشترط في التكليف بالكتاب والسنة عمل الشيخ ومن تأخر عنه إلى زمان الشهيد حيث يعتبر أقوال أولئك ولا يعتبر أقوال هؤلاء مع أنه لا ريب أن هؤلاء أدق فهما وأذکی ذهنا وأكثر تتبعا منهم (1) ونرى أفكارهم أقرب إلى الصواب في أكثر الأبواب و ابتداء الفحص والتدقيق وترك التقليد للسلف نشأ من زمان الشهيد الأول قدس الله لطيفه وإن أحدث المحقق و العلامة شيئا من ذلك.

قال الشهيد الثاني نور الله ضريحه في كتاب الرعاية إن أكثر الفقهاء الذين نشئوا بعد الشيخ كانوا يتبعونه في الفتوى تقليدا له لكثرة اعتقادهم فيه وحسن ظنهم به فلما جاء المتأخرون وجدوا أحكاما مشهورة قد عمل بها الشيخ ومتابعوه فحسبوها شهرة بين العلماء (2) وما دروا أن مرجعها إلى الشيخ وأن الشهرة أنما حصلت بمتابعته ثم قال وممن اطلع على هذا الذي تبينته وتحققته من غير تقليد الشيخ الفاضل سدید الدین محمود الحمصي والسيّد رضي الدين بن طاوس وجماعة. قال السيّد في كتابه المسمى بالبهجة بثمرة المهجة أخبرني جدي الصالح ورام بن أبي فراس قدس الله روحه أن الحمصي حدثه أنه لم يبق للإمامية مفت على التحقيق بل كلهم حاك وقال السيّد عقيب ذلك والآن قد ظهر أن الذي يفتي به ويجاب على سبيل ما حفظ من كلام العلماء المتقدمين.

ص: 273


1- أما الدقيّة في الفهم فليس بمناط في الأحكام الفقهية وأما أكثر تتبعا فهو أيضا خلاف الوجدان إذ لا تتبع للمتأخرين إلا فيما وصل إليهم من المتقدمين من تأليفاتهم وتصنيفاتهم وإما أن ترك التقليد نشأ من زمان الشهيد فهو أيضا مخدوش بل هو نشأ من زمان ابن إدريس كما هو معلوم لمن راجع أحوال فقهاء الإمامية. السبزواري
2- نعم ولكن عمل الشيخ بها كان لأجل اشتهارها بين أصحاب الأئمة علیهم السّلام. السبزواري

وقال طيب الله مضجعه في رسالة صلاة الجمعة بعد أن أورد بعض الأخبار الدالة على وجوبها فهذه الأخبار الصحيحة الطرق والواضحة الدلالة التي لا يشوبها شك ولا يحوم حولها شبهة من طريق أهل البيت علیهم السّلام في الأمر بصلاة الجمعة والحث عليها وإيجابها على كل مسلم عدا ما استثني والتوعد على تركها بالطبع على القلب الذي هو علامة الكفر والعياذ بالله کا نبه عليه تعالى في كتابه العزيز و ترکت غيرها من الأخبار حسما المادة النزاع ودفعا للشبهة العارضة في الطريق. وليس في هذه الأخبار مع كثرتها تعرض لشرط الإمام ولا من نصبه ولا لاعتبار حضوره في إيجاب هذه الفريضة المعظمة فكيف ينبغي للمسلم الذي يخاف الله إذا سمع مواقع أمر الله ورسوله وأئمته بهذه الفريضة وإيجابها على كل مسلم أن يقصر في أمرها ويهملها إلى غيرها ويتعلل بخلاف بعض العلماء فيها وأمر الله تعالى ورسوله وخاصته علیه السّلام أحق ومراعاته أولى «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» ولعمري لقد أصابهم الأول فليرتقبوا الثاني إن لم يعف الله ويسامح نسأل الله تعالى العفو والعافية. وقد يحصل من هذين أن من كان مؤمنا فقد دخل تحت نداء الله تعالى وأمره في الآية الكريمة بهذه الفريضة العظيمة وتهديده عن الإلهاء عنها ومن كان مسلما فقد دخل تحت قول النبي صلّي الله علیه و آله وقول الأئمة علیهم السّلام إنها واجبة على كل مسلم ومن كان عاقلا فقد دخل تحت تهديد قوله تعالى «وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ» يعني الإلهاء عنها «فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ» وقولهم علیه السّلام من تركها على هذا الوجه طبع الله على قلبه لأن من موضوعة لمن يعقل إن لم يكن أعم. فاختر لنفسك واحدا من هذه الثلاث وانتسب إلى اسم من هذه الأسماء أعني الإيمان أو الإسلام أو العقل وادخل تحت مقتضاه أو التزم قسما رابعا إن شئت نعوذ بالله من قبح المذلة وتيه الغفلة.

ص: 274

ثم قال رحمه الله بعد ما بين حقيقة الإجماعات المنقولة وضعف الاحتجاج بها لاسيما المنقول منها بخبر الواحد والله تعالی شهید وكفى بالله شهيدا إن الغرض من کشف هذا كله ليس إلا تبيان الحق الواجب المتوقف عليه لقوة عسر الفطام عن المذهب الذي يألفه الأنام ولولاه لكان عنه أعظم صارف والله تعالى يتولى أسرار عباده ويعلم حقائق أحكامه وهو حسبنا ونعم الوكيل. ثم قال ختم ونصيحة إذا اعتبرت ما ذكرناه من الأدلة على هذه الفريضة المعظمة وما ورد من الحث عليها في غير ما ذكرناه مضافا إليه وما أعده الله من الثواب الجزيل عليها وعلى ما يتبعها ويتعلق بها يوم الجمعة من الوظائف والطاعات وهي نحو مائة وظيفة وقد أقررنا عيونها في رسالة مفردة ذكرنا فيها خصوصيات يوم الجمعة ونظرت إلى شرف هذا اليوم المذخور هذه الأمة كما جعل لكل أمة يوما يفرغون إليه وفيه يجتمعون على طاعته واعتبرت الحكم الإلهية الباعثة على الأمر بهذا الاجتماع وإيجاد الخطبة المشتملة على الموعظة وتذكير الخلق بالله تعالى وأمرهم بطاعته وزجرهم عن معصيته و ترهیدهم في هذه الدار الفانية وترغيبهم في الدار الآخرة الباقية المشتملة على ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وحثهم على التخلق بالأخلاق الحميدة واجتناب الصفات الرذيلة وغير ذلك من المقاصد الجميلة كا يطلع عليها من طالع الخطب المروية عن النبي صلّي الله علیه و آله و أمير المؤمنين علیه السّلام وغيرهما من الأئمة علیهم السّلام عالية الراشدين والعلماء الصالحين. علمت أن هذه المقصد العظيم الجليل لا يليق من الحكيم إبطاله ولا يحسن من العاقل إهماله بل ينبغي بذل الهمة فيه وصرف الحيلة إلى فعله وبذل الجهد في تحصيل شرائطه ورفع موانعه ليفوز بهذه الفضيلة الكاملة ويحوز هذه المثوبة الفاضلة. ثم أورد رحمه الله أخبارا كثيرة دالة على فضل يوم الجمعة وعباداتها وصلاة الجمعة والمباكرة إليها وأن الصلاة أشرف العبادات وأن الصلاة الوسطى من بينها

ص: 275

أفضلها ثم قال وأصح الأقوال أنها صلاة الظهر وصلاة الظهر يوم الجمعة هي صلاة الجمعة على ما تحقق أو هي أفضل فرديها على ما تقرر فقد ظهر من جميع المقدمات القطعية أن صلاة الجمعة أفضل الأعمال الواقعة من المكلفين بعد الإيمان مطلقا وأن يومها أفضل الأيام فكيف يسع الرجل المسلم الذي خلقه الله لعبادته وفضله على جميع بريته وبين له مواقع أمره ونهيه وعرضه لتحصيل السعادات الأبدية والكمالات النفسية السرمدية وأرشده إلى هذه العبادة المعظمة السنية ودله على متفرعاتها العلية أن يتهاون في هذه العبادة الجليلة أو بحرمة هذا اليوم الشريف ويصرفه في البطالة وما في معناها فإن من قدر على اكتساب درة يتيمة قيمتها مائة ألف دينار مثلا في ساعة خفيفة فأعرض عنها أو اكتسب بدلها خرقة قيمتها فلس يعد عند العقلاء في جملة السفهاء الأغبياء وأين نسبة الدنيا بأسرها إلى ثواب فريضة واحدة. مع ما قد استفاض بطريق أهل البيت علیهم السّلام أن صلاة فريضة خير من الدنيا وما فيها فما ظنك بفريضة هي أعظم الفرائض وأفضلها على تقدير السلامة من العقاب والابتلاء بحرمان الثواب فكيف بالتعرض لعقاب ترك هذه الفريضة العظيمة والتهاون في حرمتها الكريمة مع ما سمعت من توعد الله ورسوله وأئمته بالخسران العظيم والطبع على القلب والدعاء عليهم من تلك النفوس الشريفة ما سمعت إلى غير ذلك من الوعيد وضروب التهديد على ترك الفرائض مطلقا فضلا عنها. وتعلل ذوي الكسالة وأهل البطالة المتهاونين بحرمة الجلالة في تركها بمنع بعض العلماء من فعلها في بعض الحالات مع ما عرفت من شذوذه وضعف دلیله معارض بمثله في الأمر بها والحث عليها والتهديد لتاركها من الله ورسوله وأمته والعلماء الصالحين والسلف الماضين ويبقى بعد المعارضة ما هو أضعاف ذلك فأي وجه لترجح هذا الجانب مع خطره وضرره لولا قلة التوفيق وشدة الخذلان وخدع الشيطان انتهى.

ص: 276

وأقول وناهيك شدة اهتمام هذا البارع الورع المتين الذي هو أفقه فقهائنا المتأخرين بل المتقدمين وفاز بالسعادة فلحق بالشهداء الأولين في أعلى عليين في إظهار هذا الحق المبين مع أنه لم يكن متهما في ذلك بغرض من أغراض المبطلين إذ لم يكن يمكنه إقامتها في بلاد المخالفين. وإني لم أطل الكلام في هذا المقام بإيراد حجج الجانبين ونقل كلمات القول والتعرض لمدلولاتها وإيراد الأخبار المذكورة في سائر الكتب ولم أعمل في ذلك كتابا ولا رسالة لظني أن الأمر في هذه المسألة أوضح من أن يحتاج إلى ذلك. وأيضا المنكرون لذلك إما علاء هم أهلية الترجيح والنظر والاجتهاد أو جهلة يتلبسون بلباس أهل العلم لا لهم علم يمكنهم به التمييز بين الحق والباطل ولا ورع به يحترزون عن الافتراء على الله ورسوله والقول بغير علم أو جهال بحت يلزمهم تقليد العلماء فأما الفرقة الأولى فإن خلوا أنفسهم عن الأغراض الدنيوية وبالغوا في الفحص والنظر وتتبع مدارك الأدلة فأدى اجتهادهم إلى أحد الآراء المتقدمة فلا حرج عليهم في الدنيا ولا في الآخرة وإن قصروا في ذلك فأمرهم إلى الله وعلى أي حال الكتاب و الرسالة لا ينفعان هذه الطائفة وربما يصير سببا لمزيدرسوخهم في خطائهم وإن أخطئوا. وأما الفرقة الثانية فحالهم معلومة فإنهم في جل أعمالهم مبتدعون حائرون بائرون ليس لهم علم يغنيهم ولا يرجعون إلى عالم يفتيهم وإنما هم تبع للدنيا وأهلها ويختارون ما هو أوفق لدنياهم فأي انتفاع لهم بالرسائل والزبر. وأما الفرقة الثالثة فحكمهم بذل الجهد في تحصيل عالم رباني لا يتبع الهوى ولا يختار على الآخرة الدنيا وله تتبع تام في الكتاب والسنة فالرسائل لا تنفعهم أيضا. ونعم قال الصدوق رحمه الله في الفقيه إن البدعة أنما تماث و تبطل بترك ذكرها ولا قوة الا بالله.

ص: 277

باب (6) / صلاة الحوائج والأدعية لها يوم الجمعة

البحار: ج36 ص 204

14- جمال الأسبوع، رأيت بخط حسن بن طحال رحمه الله وفي كتب لأصحابنا كذا ذكر جماعة عن وهب بن منبه والحسن البصري (1) وجعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السّلام عن النبي صلّي الله علیه و آله انه أنه قال وجدت هذه الأسماء في لوح من نور ليلة أسري بي وليس بين اللوح والعرش حجاب فقال جبرئیل علیه السّلام لو لا أن تطغى أمتك الأخبرتك بشأن هذه الأسماء فإن الله عزّ وجلّ يقول من تكلم في يوم الجمعة مرة بها ثم كاد أهل السماوات والأرض لم يقدروا له على مساءة ومن تكلم بها كل يوم الجمعة مرة أو مرتين لم يزل في أمان الله وجواره ولم يقدر له أحد على مكروه قال الحسن البصري لقد دخلت على أناس ست مرات فأذهب الله أبصارهم فلم يروني ولقد دخلت على الحجاج وقد أراد قتلي فقربني وأدناني....

باب (8) / الأعمال والدعوات بعد العصر يوم الجمعة دعاء السمات

البحار: ج36 ص 239 س25

وفي كتاب الزبدة عن الباقر علیه السّلام هذا التابوت هو الذي أنزله الله تعالى على أم موسی فوضعته فيه فألقته في البحر فلما حضرت موسی الوفاة وضع فيه الألواح

ص: 278


1- أقول وهب بن منبه والحسن البصري من المطعونین و آثار الجعل ظاهر على الدعاء كما لا يخفى. السبزواري

و درعه وما كان عنده من آثار النبوة وأودعه وصيه يوشع بن نون فلم يزل بنو إسرائيل يتبرك به وهم في عزّ وشرف حتى استخفوا به فكانت الصبيان تلعب به فرفعه الله تعالى عنهم قيل كان في أيدي العمالقة حتى غلبوهم فرده الله عليهم وقيل إن هذا التابوت أنزل على آدم علیه السّلام وفيه صور الأنبياء علیهم السّلام فتوارثته أولاده إلى أن وصل إلى بني إسرائيل فكانوا يستفتحون به على عدوهم.

وعن علي علیه السّلام كانت فيه ريح هفافة من الجنة لها وجه كوجه الإنسان وعند أهل الكتاب أن التابوت حمل إلى ناحية كرزيم من ناحية طور سيناء فكانت تظله بالنهار غمامة ويشرق عليه بالليل عمود من نار وكان يدلهم على الطريق ليلا وقال الطبرسي كان الغمام يظل بني إسرائيل من حر الشمس ويطلع بالليل عمودا من نور يضيء لهم وفي طور سيناء وفي جبل حوريث قال الجوهري طور سيناء جبل بالشام وهو طور أضيف إلى سيناء وهي شجرة وكذلك طور سينين قال وقرى سيناء بکسر السين قيل وفتح السين أجود. وقال الكفعمي قال ابن خالويه في كتاب ليس في کلام العرب صفة على فعلاء إلا طور سيناء قال الطور الجبل والسيناء والسينين الحشيش وجبل حوريث هو جبل بأرض مدين خوطب عليه موسى علیه السّلام أول خطابه ومدين قال صاحب کتاب تلخيص الآثار في مدينة قوم شعيب وهي تجاه تبوك بين المدينة والشام بها البئر التي استقى منها موسی لابنة شعيب.

وفي جوامع الطبرسي آن مدین مسيرة ثمانية أيام عن مصر وقال السيّد بن طاوس رحمه الله رأيت في بعض تفسير كلمات هذا الدعاء أن جبل حوريث وقيل حوريثا هو الجبل الذي خاطب الله جل جلاله موسى علیه السّلام عليه في أول خطابه و تابوت يوسف علیه السّلام حمل إلى ناحية حوريثا من ناحية طور سيناء. في الوادي المقدس في البقعة المباركة من جانب الطور الأيمن من الشجرة. أما الوادي فقال صاحب

ص: 279

تلخيص الآثار هو بقرب بیت المقدس وهو واد طیب کثير الزيتون قيل إن موسی علیه السّلام قبض فيه. وأما الشجرة فقال بعضهم هي عصاة هارون وذلك أنه وقع بين بعض الأسباط مشاجرة فقالوا استخلفت أخاك حبا له وإيثارا فقال موسی علیه السّلام إنما فعلته عن أمر الله تعالى ثم أخذ موسی علیه السّلام عصي الأسباط جميعها وكتب على كل واحدة اسم صاحبها فلما كان من الغد أورقت عصاة هارون وكانت من لوز وانعقد عليها اللوز. قلت هذا ليس بصحيح بل الشجرة هي المشار إليها في التنزيل بقوله تعالى «فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ» قال ابن عباس وجد النار في شجرة عناب وقيل من العوسج وقيل من العليق تتوقد بضياء مع شدة خضرة الشجرة من أسفلها إلى أعلاها لم تكن الخضرة تطفئ النار ولا النار تطفي الخضرة ورأی نورا عظيما وسمع تسبيح الملائكة فعلم أنه لأمر عظيم. وفي أرض مصر بتسع آيات هذا عطف على ما تقدم أي وبمجدك الذي كلمت به موسی بن عمران بأرض مصر بتسع آيات ومصر هي المملكة المشهورة قال عبد الرشید ابن صالح الباكوتي في كتاب تلخيص الآثار مصر ناحية مشهورة أرضها أربعون ليلة في مثلها طولها من العريش إلى أسوان وعرضها من برقة إلى أيلة سميت بمصر بن مصرائيم بن حام بن نوح علیه السّلام وهي أطيب الأرض ترابا وأبعدها خرابا ولا تزال البركة بها ما دام على وجه الأرض إنسان ولا يصيبها المطر. ويوم فرقت لبني إسرائيل البحر فرقت أي فلقت قال المطرزي يقال فرق بين الشيئين وفرق بين الأشياء وقال الأزهري يقال فرقت بين الكلام أفرق بالضم والتخفيف وفرقت بين الأقسام أفرق بالكسر والتشديد. وفي المنبجسات التي صنعت بها العجائب في بحر سوف هذا عطف على ما تقدم من القسم عليه سبحانه بمجده فكأنه قال ومجدك يوم فرقت لبني إسرائيل البحر ومجدك في

ص: 280

يوم المنبجسات وهي العيون الجارية من الحجر وإليه الإشارة في التنزيل بقوله «فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا» وفي آية أخرى «فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا» والانبجاس والانفجار واحد وبجست الماء فجرته قال الطبري الانبجاس هو الانفتاح بسعة وكثرة وبحر سوف قیل هو بالعبرانية يمسوف كأنه يم سوف قيل ومعناه بحر بعيد القعر قلت كأنه أخذ من المسافة قال الجوهري وهو البعد وسماه الهروي في الغريبين إساف قال وهو الذي غرق فيه فرعون قلت وهذا البحر هو بحر القلزم قال السيّد بن طاوس وبحر سوف بلسان العبرانية يم سوف أي بحر بعيد. وعقدت ماء البحر في قلب الغمر كالحجارة قلب الشيء باطنه والعمرة الماء الكثير الذي يغمر صاحبه سميت الشدة غمرة لأنها تغمر القلب أي تغطيه مأخوذ من غمرة الماء ومنه رجل غمر العطاء أي يفضل عطاؤه فيغمر ما سواه وفي حديث عمر أنه جعل على كل جریب عامرا وغامرا درهما وقفيزا والغامر ما لم یزرع مما يحتمل الزراعة وإنما فعل ذلك لئلا يقصر الناس في المزارعة ويسمى غامرا لأن الماء يغمره والمعنى أنه سبحانه عقد ماء البحر في باطنه كما يعقد الحجارة وجعله قناطير وكأنه إشارة إلى الكوى التي تراءى قوم موسى في البحر منها. وتمت كلمتك الحسنى عليهم بما صبروا وأورثتهم مشارق الأرض ومغاربها التي باركت فيها للعالمين الحسني تأنيث الأحسن صفة للكلمة يعني تمت على بني إسرائيل أي مضت عليهم من قولك تم على الأمر إذا مضى عليه واستمر وقوله تعالى بِما صَبَرُوا أي بسبب صبرهم وأورثهم أرض مصر والشام بعد العمالقة فانصرفوا في نواحيها الشرقية والغربية كيف شاءوا وبارك لهم فيها بأنواع الخضر من الزرع والثمار والعيون والأنهار. ومواكبه في اليم مواكبه جمع موكب قال الجوهري الموكب ركوب القوم للزينة والمراد هنا جيوشه وعساکره وفي بعض

ص: 281

النسخ ومراكبه جمع مرکب وهي الأفراس وغيرها مما يركب وأركب المهر حان أن يركب وليس المراد المراكب التي هي السفن واليم البحر وقد يم الرجل إذا ألقي في اليم. ومسجد الخيف منی معروف وقال رحمه الله في كتاب لمع البرق في معرفة الفرق للكفعمی عفا الله عنه أن الفرق بين الخليل و الصدیق أن الخليل لا يقتضي أن يكون من جنس من هو خليله ولهذا قالت العرب سيفي خليلي والصديق لا يكون إلا من جنس من يصادقه ويكون رتبته قريبة منه فلا يقال لرجل ذمي إنه صديق الأمير وقوله صفيك أي اخترته والصفي الصافي وصفو الشيء خالصه مثلثة الصاد وأما بئر شیع فرقمه الشهيد رحمه الله بخطه بالشين المعجمة والياء المثناة من تحت وقد ذكر أنها بئر طمها عمال ملك اسمه أبو مالك فسأله إسحاق علیه السّلام أن تعاد و تکنس ففعل أبو مالك ذلك ورمی بقمامتها فيكون معناه مأخوذا من قولك شاعت الناقة إذا رمت ببولها ويجوز أن يكون المعني مأخوذا من الشيع وهي الأصحاب الأعوان لتشايعهم على حفرها وكنسها ومنه قوله تعالى «فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ» أي أصحابهم ورقمه بعضهم بالسين المهملة والباء المفردة ومعناه أن إسحاق بن إبراهيم كاتب عليها ملكا يقال له أبو مالك و تعاهد على البئر بسبعة من الكباش فسميت لذلك بئر سبع.

أقول: يظهر من التوراة أنه بئر سبع بالسين المهملة والباء الموحدة وذكر قصتها في موضعين أحدهما عند ذكر قصة إسماعيل وهاجر حيث قال فلما رأت سارة أن ابن هاجر المصرية يلعب مع إسحاق ابنها قالت لإبراهيم أخرج هذه الأمة وابنها لأن ابن هذه الأمة لا يرب مع ابني إسحاق. فصعب على إبراهيم لموضع ابنه وقال الله له فلا يصعين عليك من أجل الصبي ومن أجل أمتك مهما قالت لك سارة اسمع منها لأنه في إسحاق يدعي لك الزرع وابن الأمة أيضا فإنه سأجعله لشعب عظيم لأنه زرعك فقام إبراهيم بالغداة وأخذ خبزا وسقاء من ماء ووضع ذلك على عاتقها

ص: 282

وأعطاها الصبى وأطلقها. فلما مضت كانت تائهة في برية بئر سبع وفرغ الماء من السقاء فطرحت الصبي تحت شجرة هناك ومضت فجلست بإزائه من بعيد نحو رمية سهم لأنها قالت لا أرى الصبي يموت وجلست قبالته ورفعت صوتها بالبكاء فسمع الله صوت الصبي ونادي ملاك الله هاجر من السماء ما لك يا هاجر لا تخشى إنه قد سمع الله صوت الصبي من حيث هو قومي فخذي الصبي وأمسكي بيده فإني أجعله الشعب عظيم وفتح الله عينها فنظرت بئرا من ماء وانطلقت فملات السقاء وسقت الصبي وكان الله معه ونمی وسكن في البرية وصار شابا يرمي بالسهام و سکن برية فاران وأخذت له أمه امرأة من أرض مصر في ذلك الزمان. قال أبو مالك وفيكال رئیس جيشه لإبراهيم الله معك في كل ما تعمل فالآن أحلف بالله أنك لا تؤذيني ولا الخلفائي وذريتي بل كحسب رحمة فعلت معك تفعل معي ومع الأرض التي سكنتها فقال إبراهيم أنا أحلف لك وكلم إبراهيم أبا مالك من أجل بئر الماء التي غالب عليها عبيده فقال أبو مالك لا علم لي بمن فعل هذا وأنت فلم تخبرني بشيء وأنا لم أسمع سوى اليوم. وأخذ إبراهيم غنما وبقرا وأعطى أبا مالك وجعل بينهما ميثاقا وأقام إبراهيم علیه السّلام سبع نعاج من الضأن ناحية فقال إبراهيم لتأخذ مني هذه السبع نعاج لكي تكون لي شهادة أني أنا احتفرت هذا البئر فمن أجل ذلك دعي الموضع بئر سبع ونهض أبو مالك وفيكال ورجعا إلى أرض فلسطين وغرس إبراهيم حقلا عند بئر سبع ودعا هناك باسم الرب الإله الأزلي وسكن بأرض فلسطين أياما كثيرة. ثم ذكر عند ذكر قصة إسحاق علیه السّلام أنه وقع مجاعة في الأرض فذهب إسحاق إلى أبي مالك ملك فلسطين فتراءى له الرب وقال له لا تنحدر إلى مصر لكن اسكن الأرض التي أقول لك وانتج عليها فأكون معك وأباركك فإني لك أعطي جميع هذه الأرض ولنسلك وأتم القسم الذي وعدته لإبراهيم وأكثر نسلك كنجوم السماء وأعطي

ص: 283

خلفاءك جميع هذه البلدان ويتبارك بنسلك جميع شعوب الأرض وساق الكلام إلى أنه علیه السّلام ذهب إلى وادي جرارة وحفر هناك آبارا كثيرة إلى أن انتهى إلى بئر سبع فخاصمه أصحاب أبي مالك فصالحهم ووقع الحلف بينهم وسمي القرية بئر سبع إلى يومنا هذا انتهى فظهر أن شيع بالمعجمة تصحيف. ثم قال الكفعمي رحمه الله وأما بيت إيل فقال العماد الأصبهاني هو بيت المقدس ويجوز أن يكون معناه بيت الله لأن إيل بالعبرانية الله قال الطبرسي ومعنی جبرئيل عبد الله ومیکائیل عبيد الله لأن جبر عبد وميك عبيد وإيل هو الله.

أقول: في التوراة أن إسحاق أمر يعقوب علیه السّلام أن ينطلق إلى بئر بين نهري سورية ويتزوج من بنات خاله لابان فخرج يعقوب علیه السّلام من بئر سبع ماضيا إلى حران وأتي إلى موضع وبات هناك فأخذ حجرا من حجارة ذلك الموضع ووضعه تحت رأسه ونام هناك فنظر في الحلم سلما قائما على الأرض ورأسه يصل إلى السماء وملائكة الله يصعدون ويهبطون فيه والرب كان ثابتا على رأس السلم وقال أنا الرب إله إبراهيم وإله إسحاق فالأرض التي أنت عليها راقد أعطيها لك ولنسلك ويكون نسلك مثل رمل الأرض وتتسع إلى المشرق والمغرب وتتبارك بك وبزرعك جميع قبائل الأرض وأحفظك حيث ما انطلقت وأعيدك إلى أهل هذه الأرض ولا أخليك حتى أعمل جميع ما قلته لك فاستيقظ يعقوب من نومه وقال حقا أن الرب في هذا المكان وأنا لم أكن أعلم وقال ما أخوف هذا الموضع ما هذا إلا بيت الله وباب السماء وقام يعقوب بالغداة وأخذ الحجر الذي كان توسد به وأقامه وسكب علیه دهنا ودعا اسم المدينة بيت إيل التي أولا كانت تدعى نوراء إلى آخر ما ذكر فيه. والمعنى أنه علیه السّلام أقسم على الله سبحانه بمجده الذي تجلى به لهذه الأنبياء الأربعة في هذه الأماكن الأربعة والتجلي سيأتي تفسيره إن شاء الله. وأوفيت لإبراهيم بميثاقك

ص: 284

ولإسحاق بحلفك وليعقوب بشهادتك وللمؤمنين بوعدك وللداعين بأسمائك فأجبت قال رحمه الله أما میثاق إبراهيم فالظاهر أنه ما واثقه به من البشارة بإسحاق وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ والوراء ولد الولد وعن الباقر علیه السّلام أن هذه البشارة كانت بإسماعيل علیه السّلام من هاجر ويحتمل أن يراد بالميثاق الإمامة وإليها الإشارة بقوله تعالى «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» وعن السدي هم آل محمد علیه السّلام و الميثاق قال الجوهري هو العهد والجمع مواثق ومیائق ومياثيق وقوله تعالى «وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ » أي أخذ العهد بأن يؤمنوا بمحمد صلّي الله علیه و آله، قال الهروي وأخذ الميثاق هنا بمعنى الاستحلاف ومنه قوله «حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا» مِنَ اللهِ وأما الملف المضاف إلى إسحاق فمعناه قريب من معنى الميثاق المتقدم آنفا وقال بعضهم معناه أن الله عاهد إسحاق أن لا تنجلي الغمامة عن نسله وقال بعضهم معناه أن الله إلى أن لا يسلم ولد إسحاق إلى هلكة لمكان صبره على الذبح.

قلت وهذا ليس بصحيح لتظافر روايات أئمتنا: بأن الذبيح إسماعيل علیه السّلام. وروي أن عمر بن عبد العزيز بعث إلى عالم مسلم بالشام كان يهوديا فسأله عن الذبيح فقال إسماعيل ثم قال إن اليهود تعلم ولكنهم يحسدونكم لأنه أبوكم ويزعمونه إسحاق لأنه أبوهم قال الأصمعي سألت أبا عمرو بن العلاء عنه فقال أين ذهب عقلك متى كان إسحاق بمكة وإنما كان إسماعيل والمنحر بمكة لا شك. وأما الشهادة المنسوبة إلى يعقوب لما احتضر جمع ولده وأراد أن يخبرهم بما يأتي من الحوادث وما يصيبهم من الشر فقال الله تعالى لا تعلمهم ذلك فإن ذلك للنبي صلّي الله علیه و آله القائم في آخر الزمان وأنا أعطيك درجة الشهادة ويحتمل أن يكون معنى وأوفيت ليعقوب بشهادتك أي بإخبارك إياه أن ولده يوسف علیه السّلام حي فأمل الاجتماع به قال الجوهري الشهادة خبر قاطع وأشهد بكذا أي أحلف وروي أن يعقوب علیه السّلام رأى ملك الموت فسأله هل

ص: 285

قبضت روح يوسف فقال لا فعلم أنه حي وأما إيفاؤه بوعد المؤمنين فهو ما أوصله إليهم من الآجال والأرزاق والأولاد وغير ذلك من النعم التي لا تحصى في الدنيا وفي الآخرة بالجنة وقوله «وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ» الرزق المراد به المطر لأنه سبب الأقوات «وَمَا تُوعَدُونَ» الجنة وقوله «الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ» أي يخوفكم به فيحملكم على منع الزكاة ويحتمل أن يراد بالوعد هنا العهد ومنه قوله تعالى «مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا» أي عهدك ومثله «فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي» أي عهدي قال الهروي يقال وعدته خيرا ووعدته شرا وإذا لم تذكر الخير والشر قلت في مكان الخير وعدته وفي الشر أوعدته قال. وإني إذا واعدته أو وعدته للخلف إيعادي ومنجز موعدي فإن أدخلوا الباء في الشر أتوا بالألف فقالوا أوعد بالشر. وروي أن عمرو بن عبید جاء إلى أبي عمرو بن العلاء فقال يا أبا عمر أيخلف الله ما وعد قال لا قال أين أنت عمن أوعده الله على عمله عقابا أيخلف الله ما أوعده فيه فقال أبو عمرو من العجمة أتيت يا أبا عثمان إن الوعد غير الوعيد إن العرب لا تعد عارا ولا خلفا أن تعد شرا ثم لا تفعله ترى ذلك كرما و فضلا وإنما الخلف أن تعد خيرا ثم لا تفعله قال فأوجدني هذا في كلام العرب فأنشده البيت المتقدم.

وعن الصادق علیه السّلام يا من إذا وعد وفي وإذا توعد عفا. وأما استجابته للداعين بأسمائه فهو عطف على ما تقدم وأنه تعالى وفي لهم بالإجابة لما دعوه فقال «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» وقال سبحانه «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ» إن قلت إنا نرى كثيرا لا يجاب دعاؤهم قلت ذكر الطبرسي في مجمعه أن الدعاء وقع لا على وجه الحكمة إذشرطه عدم المفسدة إن قيل ما فيه حكمة إن الله يفعله فلا حاجة إلى الدعاء قلنا الدعاء في نفسه عبادة يتعبد الله بها لما فيها من إظهار الخضوع والافتقار إليه تعالى ويجوز کون المطلوب مصلحة عند الدعاء لا

ص: 286

قبله. وفي كتاب الدرر والغرر أن المراد بقوله أجيب دعوة الداعي أي أسمعها ولذا يقال للرجل دعوت من لا يجيب أي من لا يسمع وقد يكون أيضا يسمع بمعنى يجيب كما كان يجيب بمعنى يسمع يقال سمع الله لمن حمده أي أجاب الله من حمده.

أقول: وذكر في ذلك فصلا طويلا نورده إن شاء الله تعالى في كتاب الدعاء. وبمجدك الذي ظهر لموسی بن عمران علیه السّلام على قبة الزمان. أقول قبة الزمان بالزاي المعجمة قد تكرر ذكرها في التوراة وهي القبة التي بناها موسى وهارون في التيه بأمره تعالي فكان معبدا لهم كما مر ذكره في المجلد الخامس قال الكفعمي وأما قبة الزمان فهو بیت المقدس وقال المطرزي القبة كل بناء مدور والجمع قباب. وقال بعضهم قبة الزمان هو الفلك وإنما سمیت قبة بيت المقدس بذلك لشرفها وعظم محلها كما أن الشمس إذا كانت في قبة الفلك تكون في أوج السعادة وكذلك بيت المقدس من كان فيه كان في أوج السعادة وقيل المراد بها بيوت الأنبياء وقيل المساجد. وقال بعضهم قبة الرمان في هذا الدعاء بالراء المهملة قال ومعناه أنها قبة يتعبد فيها موسی وهارون فدخلها ابنا هارون وهماسکرانان فجاءت نار فأحرقتهما فخاف بنو إسرائيل من ذلك فعملواجبة وفرجية وعلقوا في ذيلها جلاجل من ذهب ورمانا من ذهب وربطوا فيها بسلسلة من داخل المكان إلى خارج فمن دخل ذلك المكان البس تلك المحبة والفرجية فإن أصابه شيء تحركت تلك الجلاجل والرمان فجروه بالسلسلة انتهى. وأقول قصة الرمان والجلاجل مذكورة في توراتهم الآن لكن لا على هذا الوجه بل فيه في وصف قبة الرمان ودخول هارون علیه السّلام وأولاده فيها أن الله تعالى أوحي إلى موسى علیه السّلام أن يصنع قميصا لهارون ويصنع في أسافله باستدارته مثل الرمان والجلاجل فيكون رمانة من ذهب وبعدها جلجل من ذهب وليلبسه هارون عند خدمة بيت المقدس فيسمع صوته إذا دخل وإذا خرج وأن يتخذ لبني هارون

ص: 287

أقمصة من كتان ومناطق للكرامة والمجد وأن يلبس هذه كلها وهارون و بنیه معه ليكونوا لله أحبارا وأن يصنع تبانين من كتان ليغطوا بها عورة أجسادهم فتكون على هارون وبنيه إذا ما دخلوا قبة الرمان وإذا هم اقتربوا إلى المذبح ليخدموا القدس لكيلا يقبلوا خطيئة فيموتوا سنة دائمة إلى الأبد لهارون ولنسله من بعده انتهی.

واعلم أنه لما كان سدانة بیت المقدس و تعمير بيوت الله في بني إسرائيل لهارون وأولاده علیه السّلام فكذا كانت الإمامة والخلافة وسدانة بيوت الله لأمير المؤمنين وأولاده علیه السّلام لأنه كان من رسول الله صلّي الله علیه و آله بمنزلة هارون من موسى علیه السّلام باتفاق الخاص والعام فتقطن.

وأما الآيات التي وقعت على أرض مصر فهي معروفة وقد مر ذكرها في محلها. و برحمتك التي مننت بها أي أنعمت بها ومن عليه بكذا أي أنعم والفرق بين الخلق والخليقة أن الخلق الناس والخليقة البهائم والدواب وفي حديث ذي الثدية هو شر الخلق والخليقة. وباستطاعتك التي أقرت بها العالمين الاستطاعة هنا القدرة والمشية وأقرت بها العالمين أي صورتهم وأحسنت نظامهم لم تستقلها الأرض أي لم تطق حملها والمراد عظم شأن الخمسة المتقدمة وجلالة قدرها أي لو كانت أجساما لكانت الأرض عاجزة عن حملها إذ لو ظهر شيء من آثارها وأنوارها على الأرض التقطعت. وانخفضت لها السماوات و انزجر لها العمق الأكبر قال الكفعمي رحمه الله الانخفاض الانحطاط وهناكناية عن الذلة والإذعان والانقياد والزجر المنع والعمق الأكبر بإسكان الميم وضمها إشارة إلى تخوم الأرض قال الجوهري العمق والعمق قعر البئر والفج والوادي وهو أيضا ما بعد من أطراف المفاوز وعمق النظر في الأمور أي أبعد. ويجوز أن يكون المعنى وانخفض لتلك الأمور ما في السماوات و انزجر هاما في

ص: 288

الأرض وتخومها كقولك إن السهل والجبل للسلطان أي ما في السهل وما في الجبل وتكون المطابقة بين السماء والأرض حاصلة معنا إن لم تكن لفظا لأن الجمع بينهما أنبأ عن القدرة وأدل على الإلهية كما جمع في الأسماء الحسني بين الرافع والخافض والمعز والمذل والمحيي والمميت والأول والآخر ونحو ذلك لأنك مثلا إذا ذكرت القابض مفردا عن الباسط کنت كأنك قد قصرت على المنع والحرمان وإذا وصلت أحدهما بالآخر فقد جمعت بين الصفتين. ويمكن أن يراد بالمزجور في العمق الأكبر((1) الريح.

ص: 289


1- يحتمل أن يكون المراد بالعمق الأكبر واقع حقائق الأشياء الذي لا يعرفه إلا الله تبارك و تعالی. السبزواري

أبواب سائر الصلوات المسنونات والمندوبات، سوی ما مرّ في تضاعيف الأبواب، وهي أيضا تشتمل على أنواع من الأبواب

أبواب الصلوات المنسوبة إلى المكرمين، وما يهدى إليهم وإلى سائر المؤمنین

باب (1) / صلاة النبيّ صلّي الله علیه و آله والأئمّة علیهم السّلام

البحار: ج 36 ص 518

1- جمال الأسبوع، بإسناده عن محمّد بن هارون عن أبيه هارون بن موسى عن محمّد بن الحسن بن الوليد عن محمّد بن الحسن الصفار عن يونس عن هشام (1) عن الرضا علیه السّلام قال سألته عن صلاة جعفر علیه السّلام فقال أين أنت عن صلاة النبي صلّي الله علیه و آله فعسى رسول الله صلّي الله علیه و آله لم يصل صلاة جعفر ولعل جعفرا لم يصل صلاة رسول الله صلّي الله علیه و آله قط فقلت علمنيها قال تصلي ركعتين تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وإنا أنزلناه في ليلة القدر خمس عشرة مرة ثم تركع فتقرأها خمس عشرة مرة وخمس عشرة مرة إذا استویت قائما وخمس عشرة مرة إذا سجدت وخمس عشرة مرة إذا رفعت رأسك من السجود وخمس عشرة مرة في السجدة الثانية وخمس عشرة مرة قبل أن تنهض إلى الركعة الأخرى ثم تقوم إلى الثانية فتفعل کما فعلت في الركعة الأولى ثم تنصرف وليس بينك وبين الله تعالى ذنب إلا وقد غفر لك و تعطي جميع ما سألت والدعاء بعدها لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين لا إله إلا الله إلها واحدا ونحن له

ص: 290


1- مجهول ولكن التسامح في أدلة السنن هوّن الخطب. السبزواري

مسلمون لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده وحده وحده أنجز وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ف- «لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» اللّهم أنت نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ومن فيهن فلك الحمد وأنت قيام السماوات والأرض ومن فيهن فلك الحمد وأنت الحق ووعدك الحق وإنجازك حق والجنة حق والنار حق اللّهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وبك خاصمت وإليك حاكمت یا رب یا رب یا رب اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وأعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت صل على محمّد و آل محمّد و اغفر لي وارحمني وتب على «إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».

صلاة أمير المؤمنين علیه السّلام

البحار: ج36 ص 520

5- المتهجد، والجمال، روي عن الصادق جعفر بن محمّد علیه السّلام أنه قال من صلى منكم أربع ركعات صلاة أمير المؤمنين علیه السّلام اخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وقضيت حوائجه يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وخمسين مرة قل هو الله أحد فإذا فرغ منها دعا بهذا الدعاء وهو تسبيحه علیه السّلام سبحان من لا تبيد معالمه سبحان من لا تنقص خزائنه سبحان من لا اضمحلال لفخره سبحان من لا ينفد ما عنده سبحان من لا انقطاع المدته سبحان من لا يشارك أحدا في أمره سبحان من لا إله غيره ويدعو بعد ذلك فيقول يا من عفا عن السيئات ولم يجاز بها ارحم عبدك يا الله يا الله نفسي نفسي أنا عبدك يا سيداه أنا عبدك بين يديك يا رباه بك يا إلهي بكينونتك يا أملاه یا رحماناه يا غياثاه یا غایتاه عبدك عبدك لا حيلة له یا منتهی رغبتاه یا مجري الدم في عروقي عبدك يا سيداه يا مالكاه أيا هو أيا هو أيا هو يا رباه عبدك لا حيلة لي ولا غني بي

ص: 291

عن نفسي ولا أستطيع لها ضرا ولا نفعا ولا أجد من أصانعه تقطعت أسباب الحدائع عني واضمحل كل مظنون عني أفردني الدهر إليك فقمت بين يديك هذا المقام یا إلهي بعلمك هذا كان كله فكيف أنت صانع بي وليت شعري كيف تقول لدعائي أتقول نعم أم تقول لا فإن قلت لا فيا ويلي يا ويلي يا ويلي يا عولي يا عولي يا عولي يا شقوتي يا شقوتي يا شقوتي يا ذلي يا ذلي يا ذلي إلى من ومن أو عند من أو كيف أو ما ذا أو إلى أي شيء ألجأ ومن أرجو ومن يجود علي يفضله حين ترفضني يا واسع المغفرة وإن قلت نعم كما هو الظن بك والرجاء لك فطوبي لي أنا السعيد وأنا المسعود فطوبي لي وأنا المرحوم یا مترحم یا مترئف یا متعطف یا متجبر یا متملك یا مقسط لا عمل لي مع نجاح حاجتي أسألك باسمك الذي جعلته في مكنون غیبك واستقر عندك ولا يخرج منك إلى شيء سواك أسألك به وبك وبه فإنه أجل وأشرف أسمائك لاشيء لي غير هذا ولا أحد أعود علي منك یاکینون يا مكون يا من عرفني نفسه یا من أمرني بطاعته یا من نهاني عن معصيته ویا مدعو ویا مسئول یا مطلوبا إليه رفضت وصيتك التي أوصيتني بها ولم أطعك ولو أطعتك فيما أمرتني لكفيتني ما قمت إليك فيه وأنا مع معصيتي لك راج فلا تحل بيني وبين ما رجوت یا مترحم لي اعذني من بين يدي ومن خلفي ومن فوقي ومن تحتي ومن كل جهات الإحاطة بي اللّهم بمحمّد سيدي وبعلي وليي وبالأئمة الراشدين علیهم السّلام اجعل علينا صلواتك ورأفتك ورحمتك وأوسع علينا من رزقك واقض عنا الدين وجميع حوائجنا یا الله یا الله یا الله «إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ثم قال علیه السّلام من صلى هذه الصلاة ودعا بهذا الدعاء انفتل ولم يبق بينه وبين الله تعالى ذنب إلا غفر له دعاء آخر عقيبها الحمد لله خالق الخلق بغير منصبة الموصوف بغير غاية المعروف بغير تحديد الحمد لله الحي بغير شبيه ولا ضد له ولاند له الحمد لله الذي لا تقضی خزائنه ولا تبيد معالمه الحمد

ص: 292

لله الذي لا إله معه ذلك الله الذي لبس البهجة والجمال و تردی بالنور والوقار ذلك الله الذي يرى أثر النملة في الصفاویسمع وقع الطير في الهواء ذلك الله الذي هو هكذا ولا هكذا غيره سبحانه سبحان من هو قيوم لا ينام وملك لا يضام وعزيز لا يرام وبصير لا يرتاب وسميع لا يتكلف ومحتجب لا يرى وصمد لا يطعم وحي لا يموت اللّهم إني أسألك باسمك الذي أطفأت به کل نور وهو حي خلقته(1) وأسألك باسمك الذي خلقت به عرشك الذي لا يعلم ما هو إلا أنت (2) وأسألك بنور وجهك العظيم وأسألك بنور اسمك الذي خلقت به نور حجابك النور (3) وأسألك يا الله باسمك الذي تضعضع به سکان سماواتك وأرضك و استقر به عرشك و تطوی به سماؤك وتبدل به أرضك و تقيم به القيامة يا الله وأسألك باسمك الذي تقضي به ما تشاء بذلك الاسم وأسألك باسمك الذي هو نور من نور ونور مع نور ونور فوق کل نور ونور يضيء به كل ظلمة ونور على كل نور ونور في نور (4) يا الله يذهب به الظلم وباسمك المكتوب على جبهة إسرافيل وبقوة ذلك الاسم الذي ينفخ إسرافيل في الصور وأسألك باسمك المكتوب على راحة رضوان خازن الجنان وأسألك باسمك الزكي الطاهر المكتوب في کنه حجبك المخزون في علم الغيب عندك على سدرة المنتهي أسألك به يا الله وأسألك

ص: 293


1- إما صفة للاسم ا وان الجملة صفة للنور والأول أولى بل هو المتيقن . السبزواري
2- هذا صفة العرش فان العرش لم يعلم بحقيقته ولا يعلمه غير الله تعالى و غاية ما بلغت إليه العقول انه أوسع الموجودات الإمكانية. السبزواري
3- قد ثبت في محله أن لله تعالى حجب نورانية وحجب ظلمانية ومرجع الأخير إلى قصور المدارك أو الشهوات النفسانية أو الجهات الإمكانية المحيطة بالنفوس الإنسانية ومرجع الأولى إلى جهات القرب إليه تبارك وتعالى. السبزواري
4- هذه الأنوار من الأنوار المعنوية وليس من الأنوار الظاهرية الجسمانية في شيء أبدا أو الأعم منها ومن الظاهرية الجسمانية. السبزواري

یا الله بك وأسألك باسمك المكتوب على سرادق السرائر وأدعوك بهذه الأسماء بأن لك الحمد لا إله إلا أنت سبحانك سبحانك أنت النور التام البار الرحيم والمعيد الكبير المتعال بديع السماوات والأرض ونورهن وقوامهن يا ذا الجلال والإكرام يا حنان يا منان نور النور دائم قدوس الله القدوس القيوم حي لا يموت مدبر الأمور فرد و تر حق قديم وأسألك بنور وجهك الذي تجليت به لموسى على الجبل فجعلته دکا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فمننت به عليه وأحييته بعد الموت بذلك الاسم وأسألك يا الله باسمك الذي كتبته على عرشك واستقر بذلك الاسم وأسألك يا الله یا قدوس یا قدوس یا قدوس وأسألك بأنك قدوس يا الله يا الله يا الله أسألك باسمك الذي يمشي به على طلل الماء كما يمشى به على جدد الأرض يا الله وأسألك به وباسمك الذي أجريت به الفلك فجعلته معالم شمسك و قمرك وكتبت اسمك عليه وبأنك لا إله إلا أنت تسأل فتجيب فأنا أسألك به يا الله وباسمك الذي هو نوروأسألك باسمك الذي أقمت به عرشك وكرسيك في الهواء وباسمك الذي به سبقت رحمتك غضبك وباسمك الذي خلقت به الفردوس وأسألك باسمك وبأنك السلام ومنك السلام وباسمك المكتوب في دار السلام وباسمك يا الله الطاهر المطهر المقدس النور المصطفى الذي اصطفيته النفسك به أسألك يا الله وبنور وجهك المنير وأسألك يا الله باسمك الذي يمشي به في الظلم ويمشي به في أبراج السماء وأسألك يا الله الذي «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» باسمك الذي كتبته على حجاب عرشك وأسألك باسمك المكتوب الأعز الأجل الأكبر الأعظم الذي تحبه وترضى عمن دعاك به وتجيب دعوته ولا تحرم سائلك به بذلك الاسم وأسألك بكل اسم هو لك طيب مبارك في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وبكل اسم هو لك في اللوح المحفوظ وأسألك باسمك الذي أصغر حرف منه أعظم من السماوات والأرضين والجبال ومن كل شيء خلقته وأسألك بكل اسم اصطفيته من

ص: 294

علمك لنفسك و استأثرت به في علم الغيب عندك وأسألك باسمك الذي كان دعاك به «الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ» فأجبته بذلك الاسم أدعوك وأسألك به وأسألك باسمك الذي دعاك به حملة عرشك فاستقرت أقدامهم وحملتهم عرشك بذلك الاسم یا الله الذي لا يعلمه ملك مقرب ولا حامل عرشك ولا كرسيك إلا من علمته ذلك وأسألك باسمك الذي دعاك به محمّد صلواتك عليه و آله الطاهرين الطيبين الأخيار وبحق محمّد و آل محمّد صلواتك عليهم أجمعين واقض حاجتي وامنن علي بالمغفرة والرحمة والرزق الحلال الطيب الواسع والصحة والعافية والسلامة في نفسي وديني وأهلي ومالي وولدي وإخواني وعشيرتي «إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» الحمد لله على حلمه بعد علمه الحمد لله على عفوه بعد قدرته الحمد لله القادر بقدرته على كل قدرة ولا يقدر أحد قدرته الحمد لله باسط اليدين بالرحمة الحمد لله «عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ» والحمد لله خالق الخلق و قاسم الرزق الحمد لله الخالق لما يرى الحمد لله عَلَّامُ الْغُيُوبِ الحمد لله بجميع محامده كلها الحمد لله على جميع نعمائه الحمد لله على جميع بلائه على خلقه بقدرته «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» الأول كان قبل كل شيء وعلم كل شيء بعلمه وأنفذ كل شيء بصرا وعلم كل شيء بغير تعليم الحمد لله الإله القدوس «يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» که طائعين غير مكروهين وكل شيء يسبح بحمده ولكن لا يفقهون تسبيحهم إلهي علمت كل شيء وقدرت كل شيء وهديت كل شيء ودعوت کل شيء إلى جلالك وجلال وجهك وعظيم ملكك و تعظيم سلطانك وقديم أزليتك وربوبيتك لك الثناء بجميع ما ينبغي لك أن يثني به عليك من المحامد والثناء والتقديس والتهليل سبحان من هو دائم لا يلهو سبحانك من هو قائم لا يسهو نور کل نور وهادي كل شيء سبحان أهل الكبرياء وأهل التعظيم والثناء الحسن

ص: 295

تباركت إلهي فاستويت على كرسي العز وقد علمت ما تحت الثرى وما فوقه وما عليه وما يخرج منه وما يخرج شيء من علمك سبحانك ما أحسن بلاءك ولك الحمد ما أظهر نعماءك ولك الشكر ما أكبر عظمتك إلهي اغفر للمذنبين من المؤمنين والمؤمنات وتجاوز عن الخاطئين فإنهم قصروا ولم يعلموا وضمنوا لك على أنفسهم ولم يفوا واتكلوا على أنك أكرم الأكرمين فتاح الخيرات إله من في الأرضين والسماوات وأنك ديان يوم الدين واغفر لي ولوالدي وأهلي وإخواني وارزقني رزقا واسعا طيبا هنيئا مريئا سریعا حلالا إنك خير الرازقين.

بیان: من لا تبيد أي لا تهلك ولا تفنى معالمه أي ما يعلم به وجوده وسائر كمالاته أي مع وجود المخلوقين والمستدلين مع أن بعد فناء الخلق كفي ذاته لذلك أو المراد بالمعالم ما يعلم به الأمور وهو ذاته تعالى عبدك بالرفع أي أنا عبدك أو بالنصب أي ارحمه والمصانعة الرشوة. وقال الجوهري شعرت بالشيء بالفتح أشعر به شعرا أي فطنت له ومنه قولهم ليت شعري أي ليتني علمت وقال العول و العولة رفع الصوت بالبكاء وقال القسط العدل تقول منه أقسط الرجل فهو مقسط. لاعمل لي مع نجاح حاجتي أي لا أستطيع عملا يصير سببا لنجاح حاجتي أو بعد نجاحها لا عمل لي يكون شكرا له والكينونة مصدر بمعنى الكون والكينون لعله مبالغة في الكائن بغير غاية أي لوصفه أو لوجوده وكمالاته بغير تحديد لكنهه أو بالحدود الجسمانية واللبس والتردي بمعنى الارتداء کنایتان عن اللزوم والاختصاص والبهجة الحسن کالجمال والصفا الحجر الصلب ووقع الطير سقوطه على شيء والمعنى يعلم وقوع الطير في الهواء قبل وقوعه أين يقع أو يعلم وقوع الطير الذي يكون في الهواء أو المراد وقوعه على الأشجار فإنها في الهواء أو المراد بالوقوع الحصول مجازا أي يعلم موضعه فيه. وسميع لا يتكلف أي عالم بالمسموعات من غير تكلف استماع وأعمال جارحة أولا

ص: 296

يتكلف علم الأشياء بأن يدعيه ولم يكن عالما ومحتجب لا يرى أي ليس محتجبا حجاب يمكن رؤيته بعد رفعه. قوله علیه السّلام وهو حي يمكن أن يكون المراد بالاسم هنا روح الرسول صلّي الله علیه و آله و تطوى به سماؤك أي في القيامة وفي القاموس مشى على طلل الماء على ظهره وفي النسخ بالظاء المعجمة المضمومة جمع ظلة وهي الغاشية وأول سحابة تظل وما أظلك من شجر وغيره وكأنه هنا على التشبيه والاستعارة والأول أظهر والجدد بالتحريك وجه الأرض في أبراج السماء أي بروجها وطرقها البينة لأهلها فإن البرج بالتحريك المضيء البين المعلوم ولا يبعد أن یکون في الأصل بالماء المهملة جمع براح وهو المكان المتسع لا زرع بها ولا شجر بذلك الاسم تأكيد لما سبق. ثم اعلم أن ما ورد في هذا الدعاء من نسبة الخلق وسائر الأمور إلى الأسماء مما يدل على أن لها تأثيرات في العالم وقد كتب أهل علم الحروف في ذلك كتبا يصعب فهمها على أكثر العقول ويمكن أن يراد بالأسماء مدلولاتها(1) من صفاته تعالى أو أنوار النبي والأئمة علیهم السّلام كما ورد أنهم أسماء الله الحسني والله يعلم غوامض الأسرار وحججه علیه السّلام.

ص: 297


1- وهي عبارة عن الخصوصيات التي يعلم بها الله تعالى فيوجد بها الأشياء على وفق المصلحة. السبزواري

أبواب الاستخارات وفضلها وكيفياتها وصلواتها ودعواتها

باب (4) / الاستخارة والتفأل بالقرآن المجيد

البحار: ج36 ص 567

1- الفتح، ذكر الشيخ الإمام الخطيب المستغفري بسمرقند في دعواته إذا أردت أن تتفأل بكتاب الله عزّ وجلّ فاقرأ سورة الإخلاص ثلاث مرات ثم صل على النبي و آله ثلاثا ثم قل اللّهم تفألت بكتابك و توكلت عليك فأرني من كتابك ما هو مكتوم من سرك المكنون في غيبك ثم افتح الجامع وخذا الفال من الخط الأول في الجانب الأول من غير أن تعد الأوراق والخطوط كذا أورد مسندا إلى رسول الله صلّي الله علیه و آله.

بیان: الجامع القرآن التام لجميع السور والآيات.(1)

ص: 298


1- وجه اعتبار أن يكون القرآن الذي يستخار به تامة هذا الخبر ولا اعتبار له إلا بأدلة التسامح ويحتمل أن يكون الجامع اسما للقرآن مطلقا يطلق على الكل والبعض كما أن لفظ القرآن كذلك . السبزواري

أبواب الصلوات التي يتوصل بها إلى حصول المقاصد والحاجات سوی ما مرَّ في أبواب الجمعة والاستخارات

باب (2) / صلاة الحاجة ودفع العلل والأمراض في ساير الأوقات

البحار: ج36 ص 642

- مجالس الشيخ وابنه، عن أبي محمّد الفحام عن محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري عن سهل بن يعقوب بن إسحاق عن الحسن بن عبد الله بن مطر عن محمّد ابن سليمان الديلمي عن أبيه قال جاء رجل إلى سيدنا الصادق علیه السّلام فقال له يا سيدي أشكو إليك دينا ركبني وسلطانا غشمني وأريد أن تعلمني دعاء أغتنم به غنيمة أقضي بها ديني وأكفي بها ظلم سلطاني فقال إذا جنك الليل فصل ركعتين اقرأ في الركعة الأولى منهما الحمد وآية الكرسي وفي الركعة الثانية الحمد وآخر الحشر لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ إلى خاتمة السورة ثم خذ المصحف فدعه على رأسك وقل بهذا القرآن وبحق من أرسلته وبحق كل مؤمن فيه وبحقك عليهم فلا أحد أعرف بحقك منك بك يا الله عشر مرات ثم تقول یا محمد عشر مرات يا فاطمة علیهاالسّلام عشر مرات(1) یا حسن عشر مرات يا حسين عشر مرات يا علي بن الحسين عشر مرات یا محمّد بن علي عشر مرات یا جعفر بن محمّد عشر مرات یا موسی بن جعفر عشر مرات ياعلي بن موسی عشر مرات یا محمّد بن علي عشرا يا علي بن محمّد عشرا یاحسن بن علي عشرا ثم بالحجة عشرا ثم تسأل حاجتك قال فمضى الرجل فعاد

ص: 299


1- لا يخفی سقوط اسم أمير المؤمنين من بين أسماء الأنمة. السبزواري

إليه بعد مديدة قد قضى دينه وصلح به سلطانه وعظم يساره.

البحار: ج36 ص149 س 22 صلاة الفرج عن أمير المؤمنين علیه السّلام قال تصلي ركعتين تقرأ في الأولى الحمد وقل هو الله أحد ألف مرة وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد مرة واحدة ثم تتشهد و تسلم وتدعو بدعاء الفرج وتقول اللّهم يا من لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون یا من لا يصفه الواصفون یا من لا تغيره الدهور یا من لا يخشى الدوائر یا من لا يذوق الموت يا من لا يخشى الفوت يا من لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة يا من يعلم مثاقيل الجبال وكيل البحور وعدد الأمطار وورق الأشجار ودبيب الذر ولا يواري منه سماء سماء ولا أرض أرضا ولا بحر ما في قعره ولا جبل ما في وعره «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ» وما أظلم عليه الليل وأشرق عنه النهار أسألك باسمك المخزون المكنون الذي في علم الغيب عندك واختصصت به لنفسك واشتققت منه اسمك فإنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك وحدك وحدك لا شريك لك الذي إذا دعيت به أجبت وإذا سئلت به أعطيت وأسألك بحق أنبيائك المرسلين وبحق حملة العرش وبحق ملائكتك المقربين وبحق جبرئیل و میکائیل وإسرافيل وبحق محمّد وعترته صلواتك عليهم أن تصلي على محمّد و آل محمّد وأن تجعل خير عمري آخره وخير أعمالي خواتيمها وأسألك مغفرتك ورضوانك يا أرحم الراحمين صلاة المكروب تصلي ركعتين وتأخذ المصحف فترفعه إلى الله تعالى وتقول اللّهم إني أتوجه إليك بما فيه وفيه اسمك الأكبر وأسماؤك الحسنى وما به تخاف وترجي أسألك أن تصلي على محمّد و آل محمّد وتقضي حاجتي و تسميها صلاة الاستغاثة بالبتول علیه السّلام تصلي ركعتين ثم تسجد و تقول يا فاطمة علیهاالسّلام مائة مرة ثم ضع خدك الأمن على الأرض وقل مثل ذلك و تضع خدك الأيسر على الأرض و تقول مثله ثم اسجد

ص: 300

وقل ذلك مائة وعشر دفعات وقل يا آمنا من كل شيء وكل شيء منك خائف حذر أسألك بأمنك من كل شيء وخوف كل شيء منك أن تصلي على محمّد و آل محمّد وأن تعطيني أمانا لنفسي وأهلي ومالي وولدي حتى لا أخاف أحدا ولا أحذر من شيء أبدا «إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» صلاة الاستغاثة إذا هممت بالنوم في الليل فضع عند رأسك إناء نظيفا فيه ماء طاهر وغطه بخرقة نظيفة فإذا انتبهت لصلاتك في آخر الليل فاشرب من الماء ثلاث جرع ثم توضأ بباقيه و توجه إلى القبلة وأذن وأقم وصل ركعتين (1) تقرأ فيهما ما تيسر من القرآن فإذا فرغت من القراءة قلت في الركوع یا غياث المستغيثين خمسا وعشرين مرة ثم ترفع رأسك فتقول مثل ذلك وتسجد و تقول مثل ذلك ثم تجلس وتقوله وتسجد و تقوله وتجلس وتقوله و تنهض إلى الثانية و تفعل كفعلك في الأولى وتسلم وقد أكملت ثلاث مائة مرة ماتقوله وترفع رأسك إلى السماء و تقول ثلاثين مرة من العبد الذليل إلى المولى الجليل و تذكر حاجتك فإن الإجابة تسرع بإذن الله.

ص: 301


1- ما رأيت في خبر ورود الأذان والإقامة للنوافل. السبزواري

التعليقات على المجلّد العشرون من بحار الأنوار

من الطبعة الحجرية، ويشتمل على الأجزاء 39، 40، 41 من الطبعة الحروفيّة

ص: 302

ص: 303

کتاب الخمس: أبواب الخمس وما يناسبه

باب (23) / ما يجب فيه الخمس وسائر أحكامه

البحار: ج 39 ص 119

5 - أبي عن سعد عن النهدي عن ابن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه: قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس.(1)

البحار: ج 39 ص 120

13 - عن إسحاق بن عمار قال سمعته يقول لا يعذر عبدا اشتری من الخمس شيئا

أن يقول یا رب اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس. (2)

باب (27) / مدح الذرية الطيبة وثواب صلتهم

البحار: ج 29 ص137

14 - الحسين بن أحمد العلوي ومحمّد بن علي بن بشار معا عن المظفر ابن أحمد القزويني عن صالح بن أحمد عن الحسن بن زیاد عن صالح بن أبي حماد عن الحسن

ص: 304


1- الجبار بمعنى الهدر، يعني من وقع في البئر أو قتلته العجماء وهي البهيمة، أو وقع عليه المعدن فقتل فدمه هدر. وهذا من الكلمات القصار. السبزواري
2- هذا الخبر صريح فيما يقوله جمع من أن للسادات حق في العين أو العين مشاع بينهم وبين المالك . السبزواري

بن موسی الوشاء البغدادي قال كنت بخراسان مع علي بن موسی الرضا علیه السّلام في مجلسه وزيد بن موسی حاضر قد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول نحن ونحن وأبو الحسن علیه السّلام مقبل على قوم يحدثهم فسمع مقالة زيد فالتفت إليه فقال یا زید أغرك قول بقالي الكوفة (1) إن فاطمة علیهاالسّلام أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار والله ما ذلك إلا للحسن والحسين وولد بطنها خاصة فأما أن يكون موسی بن جعفر علیه السّلام يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله و تعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيامة سواء لأنت أعز على الله عزّ وجلّ منه إن علي بن الحسين علیه السّلام كان يقول لمحسننا كفلان من الأجر والمسيئنا ضعفان من العذاب وقال الحسن الوشاء ثم التفت إلى فقال یا حسن کیف تقرءون هذه الآية «قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ» فقلت من الناس من يقرأ «إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ» ومنهم من يقرأ إنه عمل غير صالح فمن قرأ «إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ» فقد نفاه عن أبيه فقال علیه السّلام كلا لقد كان ابنه ولكن لما عصى الله عزوجل نفاه الله عن أبيه كذا من كان منا لم يطع الله فليس منا وأنت إذا أطعت الله فأنت منا أهل البيت علیهم السّلام.

ص: 305


1- في أنّ حرمة النار على الذرية يختص بخصوص المعصومين علیهم السّلام. السبزواري

کتاب الصوم: أبواب صوم شهر رمضان وما يتعلق بذلك وما يناسبه

باب (46) / وجوب صوم شهر رمضان وفضله

البحار: ج 39 ص226

61- قال رسول الله صلّي الله علیه و آله إن لله خيارا من كل ما خلقه فله من البقاع خیار وله من الليالي والأيام خیار وله من الشهور خیار وله من عباده خیار وله من خيارهم خیار فأما خياره من البقاع فمكة والمدينة وبيت المقدس وأما خياره من الليالي فليالي الجمع وليلة النصف من شعبان وليلة القدر وليلتا العيدين وأما خياره من الأيام فأيام الجمع والأعياد وأما خياره من الشهور فرجب وشعبان وشهر رمضان وأما خياره من عباده فولد آدم وخیاره من ولد آدم من اختارهم على علم بهم فإن الله عزّ وجلّ لما اختار خلقه اختار ولد آدم ثم اختار من ولد آدم العرب ثم اختار من العرب مضر ثم اختار من مضر قريشا ثم اختار من قريش هاشما ثم اختار من هاشم أنا وأهل بيتي كذلك فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم (1) وإن الله عزّ وجلّ اختار من الشهور شهر رجب وشعبان وشهر رمضان فشعبان أفضل الشهور إلا مما كان من شهر رمضان فإنه أفضل منه وإن الله عزّ وجلّ ينزل في شهر رمضان من الرحمة ألف ضعف ما ينزل في سائر الشهور ويحشر شهر رمضان في أحسن صورة فيقيمه على تلعة لا يخفي وهو عليها على أحد ممن ضمه ذلك المحشر ثم يأمر ويخلع عليه من كسوة الجنة وخلعها وأنواع

ص: 306


1- فيه مدح العرب لأجل أن النبي صلّي الله علیه و آله اختير منهم. السبزواري

سندسها وثيابها حتى يصير في العظم بحيث لا ينفده بصر ولا يغني علم مقداره أذن ولا يفهم كنهه قلب ثم يقال لمناد من بطنان العرش ناد فينادي يا معشر الخلائق أما تعرفون هذا فيجيب الخلائق يقولون بلى لبيك داعي ربنا وسعديك أما إننا لا نعرفه يقول منادي ربنا هذا شهر رمضان ما أكثر من سعد به وما أكثر من شقي به ألا فليأته كل مؤمن له معظم بطاعة الله فيه فليأخذ حظه من هذه الخلع فتقاسموها بینکم على قدر طاعتكم لله وجدكم قال فيأتيه المؤمنون الذين كانوا لله فيه مطيعين فيأخذون من تلك الخلع على مقادير طاعتهم كانت في الدنيا فمنهم من يأخذ ألف خلعة ومنهم من يأخذ عشرة آلاف ومنهم من يأخذ أكثر من ذلك وأقل فيشرفهم الله بكراماته ألا وإن أقواما يتعاطون تناول تلك الخلع يقولون في أنفسهم لقد كنا بالله مؤمنين وله موحدین وبفضل هذا الشهر معترفين فيأخذونها ويلبسونها فتتقلب على أبدانهم مقطعات نيران وسرابيل قطران يخرج على كل واحد منهم بعدد كل سلكة من تلك الثياب أفعي وعقرب وقد تناولوا من تلك الثياب أعدادا مختلفة على قدر أجرامهم كل من کان جرمه أعظم فعدد ثيابه أكثر فمنهم الآخذ ألف ثوب ومنهم الآخذ عشرة آلاف ثوب ومنهم من يأخذ أكثر من ذلك وإنها لأثقل على أبدانهم من الجبال الرواسي على الضعيف من الرجال ولو لا ما حكم الله تعالى بأنهم لا يموتون لماتوا من أقل قليل ذلك الثقل والعذاب ثم يخرج عليهم بعدد كل سلكة في تلك السرابيل من القطران و مقطعات النيران أفعى وحية وعقرب وأسد ونمر وكلب من سباع النار فهذه تنهشه وهذه تلدغه وهذايفرسه وهذا يمزقه وهذا يقطعه يقولون يا ولينا ما لنا تحولت علينا هذه الثياب وقد كانت من سندس وإستبرق و أنواع خيار أثواب الجنة تحولت علينا مقطعات النيران وسرابيل قطران وهي على هؤلاء ثياب فاخرة ملذذة منعمة فيقال لهم ذلك بما كانوا يطيعون في شهر رمضان وكنتم تعصون وكانوا يعفون

ص: 307

وكنتم تزنون وكانوا يخشون ربهم وكنتم تجترءون وكانوا يتقون السرق وكنتم تسرقون وكانوا يتقون ظلم عباد الله وكنتم تظلمون فتلك نتائج أفعالهم الحسنة وهذه نتائج أفعالكم القبيحة فهم في الجنة خالدون لا يشيبون فيها ولا يهرمون ولا يحولون عنها ولا يخرجون ولا يقلقون فيها ولا يغتمون بل هم فيها سارون من خوف مبتهجون آمنون مطمئنون وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ وأنتم في النار خالدون تعذبون فيها وتهانون ومن نيرانها إلى زمهریرها تنقلبون وفي حميمها تغتسلون ومن زقومها تطعمون ولمقامعها تقمعون وبضروب عذابها تعاقبون أحياء أنتم فيها ولا تموتون أبد الآبدين إلا من لحقته منكم رحمة رب العالمين فخرج منها بشفاعة محمد أفضل النبيين بعد العذاب الأليم والنكال الشديد.

باب (49) / الدعاء عند رؤية هلال شهر رمضان وما يقرأ في لياليه وأيامه وما ينبغي أن يراعى فيه من الأدب

البحار: ج39 ص 231

6- فضالة عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله رمضان شهر الله تبارك و تعالی استكثروا فيه من التهليل والتكبير والتحميد والتمجيد والتسبيح وهو ربيع الفقراء وإنما جعل فيه الأضحى لتشبع المساكين (1) من اللحم فأظهروا من فضل ما أنعم الله به عليكم على عيالاتكم وجيرانكم وأحسنوا جوار نعم الله عليكم وتواصلوا إخوانكم وأطعموا الفقراء والمساكين من إخوانكم

ص: 308


1- فيه إجمال ولعله كان هكذا وإنما جعل فيه الفطر ليرحم الفقراء وجعل الأضحى الخ.السبزواري

فإنه من فطر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئا وسمي شهر رمضان شهر العتق لأن الله في كل يوم وليلة ستمائة عتیق وفي آخره مثل ما أعتق فيما مضى.

البحار: ج 39 ص 232

8- أعلام الدين، عن أمير المؤمنين علیه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله من قرأ في رجب وشعبان وشهر رمضان كل يوم وليلة فاتحة الكتاب وآية الكرسي وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الناس وقل أعوذ برب الفلق ثلاث مرات ويقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثلاث مرات ثم يصلي على النبي وآله ثلاث مرات ويقول اللّهم صل على محمّد و آل محمّد وعلى كل ملك ونبي ثلاث مرات (1) (وعلى كل شيء) ثم يقول اللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ثلاث مرات ثم يقول أستغفر الله وأتوب إليه أربعمائة مرة ثم قال النبي صلّي الله علیه و آله هو الذي نفسي بيده من قرأ هذه السور وفعل ذلك كله في الشهور الثلاثة ولياليها لا يفوته شيء لو كانت ذنوبه عدد قطر المطر وورق الشجر وزبد البحر غفرها الله له وإنه ينادي مناد يوم الفطر يقول يا عبدي أنت ولی حقا حقا ولك عندي بكل حرف قرأته شفاعة في الإخوان والأخوات بكرامتك علي ثم قال رسول الله صلّي الله علیه و آله و الذي بعثني بالحق نبيا إن من قرأ هذه السور وفعل ذلك في هذه الشهور الثلاثة ولياليها ولو في عمره مرة واحدة أعطاه الله بكل حرف سبعين ألف حسنة كل حسنة أثقل عند الله من جبال الدنيا ويقضي الله له سبعمائة حاجة عند نزعه وسبعمائة حاجة في القبر وسبعمائة عند خروجه من قبره ومثل ذلك عند تطاير

ص: 309


1- سقط من هنا جملة. السبزواري

الصحف ومثله عند الميزان ومثله عند الصراط ويظله الله تعالى تحت ظل عرشه ويحاسبه حسابا يسيرا ویشیعه سبعون ألف ملك إلى الجنة ويقول الله تعالى خذها لك في هذه الأشهر ويذهب به إلى الجنة وقد أعد له ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.

باب (53) / ليلة القدر وفضلها وفضل اللّيالي التي تحتملها

البحار: ج3 ص239

7- کتاب الغارات، لإبراهيم بن محمد الثقفي رفعه عن الأصبغ بن نباتة أن رجلا سأل عليا علیه السّلام عن الروح (1) قال ليس هو جبرئیل قال علي جبرئيل من الملائكة والروح غير جبرئیل وكان الرجل شاکا فكبر ذلك عليه فقال لقد قلت عظیما ما أحد من الناس يزعم أن الروح غير جبرئيل قال أنت ضال تروي عن أهل الضلال يقول الله لنبيه «أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ» فالروح غير الملائكة وقال «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ »وقال «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا» وقال لآدم و جبرئيل يومئذ مع الملائكة «إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ» فسجد جبرئيل مع الملائكة للروح وقال لمريم «فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا» وقال لمحمّد صلّي الله علیه و آله نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ» والزبر الذكر والأولين رسول الله صلّي الله علیه و آله منهم فالروح

ص: 310


1- فيه فضل عدد السبعة وان ليلة القدر في السبع الأواخر السبزواري

واحدة والصور شتى قال سعد فلم يفهم الشاك ما قاله أمير المؤمنين علیه السّلام غير أنه قال الروح غير جبرئیل فسأله عن ليلة القدر فقال إني أراك تذكر ليلة القدر تنزل الملائكة والروح فيها قال له علي علیه السّلام إن عمي عليك شرحه فسأعطيك ظاهرا منه تكون أعلم أهل بلادك بمعنى ليلة القدر قال قد أنعمت علي إذا بنعمة قال له علي علیه السّلام إن الله فرد يحب الوتر وفرد اصطفي الوتر فأجرى جميع الأشياء على سبعة فقال عزّ وجلّ «خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ» وقال «خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا» وقال في جهنم «لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ» وقال «وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ» وقال «سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ» وقال «حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ» وقال «سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» فأبلغ حديثي أصحابك لعل الله يكون قد جعل فيهم نجيبا إذا هو سمع حديثنا نفر قلبه إلى مودتنا ويعلم فضل علمنا وما نضرب من الأمثال التي لا يعلمها إلا العالمون بفضلنا قال السائل بينها في أي ليلة أقصدها قال اطلبها في سبع الأواخر والله لئن عرفت آخر السبعة لقد عرفت أولهن ولئن عرفت أولهن لقد أصبت ليلة القدر قال ما أفقه ما تقول قال إن الله طبع على قلوب قوم فقال «إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا» فأما إذا أبيت وأبي عليك أن تفهم فانظر فإذا مضت ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان فاطلبها في أربع وعشرين وهي ليلة السابع ومعرفة السبعة فإن من فاز بالسبعة كمل الدين كله وهي الرحمة للعباد والعذاب عليهم وهم الأبواب التي قال الله تعالى «لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ» يهلك عند كل باب جزء وعند الولاية كل باب.

البحار: ج39 ص 248

62 - ابن المتوكل عن محمّد العطار عن الأشعري عن محمّد بن حسان عن ابن مهران عن ابن البطائني عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله علیه السّلام قال من قرأ سورة

ص: 311

العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا با محمّد من أهل الجنة لا أستثني فيه أحدا ولا أخاف أن يكتب الله علي في يميني إثما وإن لهاتين السورتين من الله مكانا.(1)

باب (55) / فضائل شهر رجب وصيامه وأحكامه وفضل بعض لياليه وأيامه

البحار: ج 39 ص256 س10

ومن صام من رجب تسعة وعشرين يوما غفر الله عزّ وجلّ له ولو كان عشارا ولو كانت امرأة فجرت بسبعين امرأة (2) بعد ما أرادت به وجه الله والخلاص من جهنم لغفر الله لها ومن صام من رجب ثلاثين يوما نادى مناد من السماء يا عبد الله أما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيا يقي وأعطاه الله عز وجل في الجنان كلها في كل جنة أربعين ألف مدينة من ذهب في كل مدينة أربعون ألف ألف قصر في كل قصر أربعون ألف ألف بيت في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة من ذهب على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة في كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب لكل طعام وشراب من ذلك لون على حدة وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير من ذهب طول کل سرير ألفا ذراع في ألفي ذراع على كل سرير جارية من الحور عليها ثلاثمائة ألف ذؤابة من نور يحمل كل ذؤابة منها ألف ألف وصيفة تغلفها

ص: 312


1- ابن البطائني لم يوثق بل ورد الطعن عليه، ولم يوثق أبوه أيضا، مع أن متن الحديث يشهد بعدم الصدور. السبزواري
2- لا ينبغي أن يصدر مثل هذه الكلمات عن المعصوم علیه السّلام إلا أن يقيد بتحقق التوبة منه أو أن هذا يقع بعد التوبة. السبزواري

بالمسك والعنبر إلى أن يوافيها صائم رجب هذا لمن صام شهر رجب کله قيل يا نبی الله فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو لعلة كانت به أو امرأة غير طاهر يصنع ماذا لينال ما وصفته قال يتصدق كل يوم برغيف على المساكين والذي نفسي بيده إنه إذا تصدق بهذه الصدقة كل يوم نال ما وصفت وأكثر إنه لو اجتمع جميع الخلائق كلهم من أهل السماوات والأرض على أن يقدروا قدر ثوابه ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات قيل يا رسول الله صلّي الله علیه و آله فمن لم يقدر على هذه الصدقة يصنع ما ذا لينال ما وصفت قال يسبح الله عزّ وجلّ كل يوم من رجب إلى تمام ثلاثين يوما بهذا التسبيح مائة مرة سبحان الإله الجليل سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له سبحان الأعز الأكرم سبحان من لبس العز وهو له أهل.

البحار: ج 39 ص258

8- الوراق عن سعد عن النهدي عن إسماعيل بن مهران عن محمّد بن يزيد عن سفيان الثوري (1) قال حدثني جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أخيه الحسن عن أبيه علي بن أبي طالب علیه السّلام قال من صام يوما من رجب في أوله أو في وسطه أو في آخره غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام ثلاثة أيام من رجب في أوله و ثلاثة أيام في وسطه و ثلاثة أيام في آخره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن أحيا ليلة من ليالي رجب أعتقه الله من النار وقبل شفاعته في سبعين ألف رجل من المذنبين ومن تصدق بصدقة في رجب ابتغاء وجه الله أكرمه الله يوم القيامة في الجنة من الثواب بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

ص: 313


1- سفيان الثوري مطعون و آثار الجعل ظاهر في خبره. السبزواري

البحار: ج39 ص260

17 - البزاز عن أبي البختري عن الصادق عن أبيه عن علي علیه السّلام قال كان يعجبه أن يفرغ الرجل أربع ليال من السنة أول ليلة من رجب وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان.(1)

البحار: ج 39 ص268

36-ومنه، عن أبي المحاسن عن أبي عبد الله عن عمه أبي عمرو الزاهد عن أحمد بن محمّد وأبي الحسن القاري عن الحسن بن أحمد عن محمّد بن ليث عن محمّد بن مسلم عن وهب بن منبه... (2) وهي لثلاث بقین من رجب وهي ليلة البعث وليلة المعراج فمن صلى تلك الليلة اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وثلاث مرات قل هو الله أحد فإذا فرغ من صلاته صلى على النبي صلّي الله علیه و آله مائة مرة وقال اللّهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات مائة مرة ثم يقرأ فاتحة الكتاب أربع مرات وقل هو الله أحد أربع مرات ثم يقول اللّهم أنت ربي لاشريك لك ولا أشرك بك شيئا أربع مرات ثم يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أربع مرات كتب الله له عبادة عشرين سنة وبراءة من النار واستجاب دعاه ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو هلاك قوم.

ص: 314


1- هذه الليالي الأربع التي يستحب فيها الأحياء. السبزواري
2- ضعيف أو مجهول. السبزواري

أعمال السنین والشهور والأیّام: أبواب أعمال شهر رمضان من الأدعية والصلوات وغيرها وسائر ما يتعلق به

باب (2) / الدعاء عند دخول شهر رمضان وسائر أعماله وآدابه وما يناسب ذلك

البحار: ج39 ص 460 س 14

أقول: قد أوردنا شطرا من أدعيته في أبواب أعمال شهر رمضان من كتاب الصيام وغيره أيضا فتذكر واعلم أنه قد مضت أعمال مطلق أول كل شهر في أول باب هذا الجزء فلا تغفل.(1)

البحار: ج 39 ص 467 س4

إلهي استعبدتني الدنيا واستخدمتني فصرت حيران بين أطباقها فيا من أحصى القليل فشكره وتجاوز عن الكثير فغفره بعد أن ستره ضاعف لي القليل في طاعتك وتقبله وتجاوز عن الكثير في معصيتك فاغفره فإنه لا يغفر العظيم إلا العظيم يا أرحم الراحمين اللّهم صل على محمد وآل محمد وأعني على صلاة الليل وصيام النهار وارزقني من الورع ما يحجزني عن معاصيك واجعل عبادتي لك أيام حياتي واستعملني أيام عمري بعمل ترضى به عني وزودني من الدنيا التقوى واجعل لي في القائك خلفا من جميع الدنيا واجعل ما بقي من عمري دركا لما مضى من أجلي أيقنت أنك أنت أرحم الراحمين (2) في موضع العفو والرحمة وأشد المعاقبين في موضع النكال

ص: 315


1- إني تفحصت فلم أجد دعاء الافتتاح بتمامه، نعم هو مقطوع في ضمن أعمال الليالي والأيام، ولكن ذكره في التهذيب بتمامه. السبزواري
2- هذا جزء من دعاء الافتتاح المعروف إلى قوله قد فككتها. السبزواري

والنقمة وأعظم المتجبرين في موضع الكبرياء والعظمة فاسمع يا سميع مدحتي وأجب یارحیم دعوتي وأقل یا غفور عثرتي فكم يا إلهي من كربة قد فرجتها وغمرة قد کشفتها وعثرة قد أقلتها ورحمة قد نشرتها وحلقة بلاء قد فككتها.

البحار: ج39 ص 468 س 10

اللّهم إن عفوك عن ذنبي (1) وتجاوزك عن خطيئتي وصفحك عن ظلمي وسترك على قبیح عملي وحلمك عن کثیر جرمي عند ما كان من خطئي وعمدي أطمعني في أن أسألك ما لا أستوجبه منك الذي رزقتني من رحمتك وأريتني من قدرتك وعرفتني من إجابتك فصرت أدعوك آمنا وأسألك مستأنسا لا خائفا ولا وجلا مدلا عليك فيما قصدت فيه إليك فإن أبطأ عني عتبت عليك بجهلي ولعل الذي أبطأ عني هو خيرلي لعلمك بعاقبة الأمور فلم أر مولاكريما أصبر على عبد لئيم منك علي یا رب إنك تدعوني فأولي عنك وتتحبب إلي فأتبغض إليك و تتودد إلي فلا أقبل منك كأن لي التطول عليك ولم يمنعك ذلك من الرحمة بي والإحسان إلي والتفضل علي بجودك وكرمك فصل على محمّد و آله و ارحم عبدك الجاهل وجد عليه بفضل إحسانك إنك جواد كريم أي جواد أي كريم.

باب (5) / أدعية كلّ يوم وكلّ ليلة من شهر رمضان وسائر أعماله

البحار: ج 40 ص 33 س 7

دعاء آخر في هذه الليلة ذكره محمّد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان اللّهم

ص: 316


1- هذا جزء من دعاء الافتتاح إلى قوله جواد کریم. السبزواري

أنت إلهي ولي إليك فاقة ولا أجد إليك شافعا ولا متقربا أوجه في نفسي ولا أعظم رجاء عندي منك في تعظيم ذكرك وتفخيم أسمائك وإني أقدم إليك بين يدي حوائجي بعد ذکري نعماءك علي بإقراري لك ومدحي إياك وثنائي عليك و تقديسي مجدك و تسبیحي قدسك الحمد لك بما أوجبت علي من شكرك وعرفتني من نعمائك وألبستني من عافيتك وأفضلت علي من جزيل عطيتك فإنك قلت يا سيدي «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» وقولك صدق ووعدك حق وقلت سيدي «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا» وقلت «ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً» وقلت «ادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ» (1) اللّهم إني أسألك قليلا من كثير مع حاجة بي إليه عظيمة وغناك عنه قديم وهو عليك سهل يسير اللّهم إن عفوك عن ذنبي وتجاوز عن خطيئتي وصفحك عن ظلمي وسترك على قبیح عملي وحلمك عن كثير جرمي عند ما كان من خطئي وعمدي أطمعني في أن أسألك ما لا أستوجبه منك فصرت أدعوك آمنا وأسألك مستأنسا لا خائفا ولا وجلا مدلا عليك فيما قصدت فيه إليك فإن أبطأ عني عتبت بجهلي عليك ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور فلم أر مولی کرما أصبر على عبد لئيم منك علي يا رب إنك تدعوني فأولي عنك و تتحبب إلي فأتبغض إليك وتتودد إلي فلا أقبل منك كأن لي التطول عليك ثم لا يمنعك ذلك من الرحمة بي والإحسان إلي والتفضل علي بجودك وكرمك فصل على محمّد و آله فارحم عبدك الجاهل وعد عليه بفضل إحسانك وجودك إنك جواد کریم.

ص: 317


1- هذا جزء من دعاء الافتتاح المشهور إلى قوله انك جواد کریم. السبزواري

باب (6) / الأعمال وأدعية مطلق ليالي شهر رمضان وأيامه، وفي مطلق أسحاره، وما يناسب ذلك من الأعمال والمطالب والفوائد

البحار: ج 40 ص 66 س 8

دعاء آخر في السحر رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي بإسناده إلى علي بن الحسن بن فضال من كتاب الصيام ورواه أيضا ابن أبي قرة في كتابه واللفظ واحد فقالا معا عن أيوب بن يقطين (1) أنه كتب إلى أبي الحسن الرضا علیه السّلام يسأله أن يصحح له هذا الدعاء فكتب إليه نعم وهو دعاء أبي جعفر علیه السّلام بالأسحار في شهر رمضان قال أبي قال أبو جعفر علیه السّلام لو يعلم الناس من عظم هذه المسائل عند الله وسرعة إجابته لصاحبها لاقتتلوا عليه ولو بالسيوف «وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ» وقال أبو جعفر علیه السّلام لو حلفت لبررت أن اسم الله الأعظم قد دخل فيها فإذا دعوتهم فاجتهدوا في الدعاء فإنه من مكنون العلم واكتموه إلا من أهله وليس من أهله المنافقون والمكذبون والجاحدون وهو دعاء المباهلة تقول اللّهم إني أسألك من بهائك بأبهاه وكل بهائك بهي اللّهم إني أسألك ببهائك كله اللّهم إني أسألك من جمالك بأجمله وكل جمالك جميل اللّهم إني أسألك بجمالك كله اللّهم إني أسألك من جلالك بأجله وكل جلالك جليل اللّهم إني أسألك بجلالك كله اللّهم إني أسألك من

ص: 318


1- أيوب بن يقطين مهمل وكثير من فقرات الدعاء لا يناسب ما صدر عن الأئمة علیهم السّلام من الدعوات مع انه ليس فيه صلاة أيضاً وخلاصة القول إن المسئول منه يقع كثيرا في الدعوات الصادرة منهم: مثل الرحمة والفضل والإحسان والرزق والعطية والموهبة وأمثال ذلك أما وقوع المسئول منه مثل البهاء والجمال والنور والعلم وأمثال ذلك كما يأتي في صفحة 257 (من الطبعة الحجرية) عند قوله رمحه الله دعاء آخر منه كل يوم هذا إذا كان السؤال بمعناه الحقيقي وأما إن كان بمعنى القسم فيصح ولا إشكال فيه. السبزواري

عظمتك بأعظمها وكل عظمتك عظيمة اللّهم إني أسألك بعظمتك كلها اللّهم إني أسألك من نورك بأنوره وكل نورك نير اللّهم إني أسألك بنورك كله اللّهم إني أسألك من رحمتك بأوسعها وكل رحمتك واسعة اللّهم إني أسألك برحمتك كلها اللّهم إني أسألك من كلماتك بأتها وكل كلماتك تامة اللّهم إني أسألك بكلماتك كلها اللّهم إني أسألك من کمالك بأكمله وكل کمالك كامل اللّهم إني أسألك بكمالك كله اللّهم إني أسألك من أسبائك بأكبرها وكل أسمائك كبيرة اللّهم إني أسألك بأسمائك كلها اللّهم إني أسألك من عزتك بأعزها وكل عزتك عزيزة اللّهم إني أسألك بعزتك كلها اللّهم إني أسألك من مشيتك بأمضاها وكل مشيتك ماضية اللّهم إني أسألك بمشيتك كلها اللّهم إني أسألك من قدرتك بالقدرة التي استطلت بها على كل شيء وكل قدرتك مستطيلة اللّهم إني أسألك بقدرتك كلها اللّهم إني أسألك من علمك بأنفذه وكل علمك نافذ اللّهم إني أسألك بعلمك كله اللّهم إني أسألك من قولك بأرضاه وكل قولك رضي اللّهم إني أسألك بقولك كله اللّهم إني أسألك من مسائلك بأحبها إليك وكل مسائلك إليك حبيبة اللّهم إني أسألك بمسائلك كلها اللّهم إني أسألك من شرفك بأشرفه وكل شرفك شريف اللّهم إني أسألك بشرفك كله اللّهم إني أسألك من سلطانك بأدومه وكل سلطانك دائم اللّهم إني أسألك بسلطانك كله اللّهم إني أسألك من ملكك بأفخره وكل ملكك فاخر اللّهم إني أسألك بملكك كله اللّهم إني أسألك من علوك بأعلاه وكل علوك عال اللّهم إني أسألك بعلوك كله اللهم إني أسألك من منك بأقدمه وكل منك قديم اللهم إني أسألك بمنك كله اللهم إني أسألك من آياتك بأكرمها وكل آياتك كريمة اللّهم إني أسألك با ياتك كلها اللّهم إني أسألك بما أنت فيه من الشأن والجبروت وأسألك بكل شأن وحده وجبروت وحدها اللّهم إني أسألك بما تجيبني به حين أسألك فأجبني يا الله وافعل بي كذا وكذا وتذكر حاجتك فإنك

ص: 319

تعطاها إن شاء الله تعالى.

البحار: ج40 ص 77 س 24

اللّهم إني أدعوك كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني (يا کريم) ثلاثا اللّهم إني أسألك قليلا من كثير (1) مع حاجة بي إليه عظيمة وغناك عنه قديم وهو عندي كثير وهو عليك سهل يسير فامنن به على «إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

باب (7) / أدعية ليالي القدر والإحياء في هذا الشهر وأعمالها زائداً على ما مر في بحث أبواب الصيام وفي الأبواب الماضية وما يناسب ذلك

البحار: ج 40 ص 88 السطر الأخير

ما روي عن أبي الحسن موسی علیه السّلام اللّهم لا إله إلا أنت ولا أعبد إلا إياك ولا أشرك بك شيئا اللّهم إني ظلمت نفسي فاغفر وارحم إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت اللّهم صل على محمّد و آل محمّد واغفر لي ما قدمت وما أخرت وأعلنت وأسررت وما أنت أعلم به مني وأنت المقدم وأنت المؤخر اللّهم صل على محمّد و آل محمّد ودلني على العدل والهدى والصواب وقوام الدين اللّهم واجعلني هاديا مهديا راضيا مرضيا غير ضال ولا مضل اللّهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ورب العرش العظيم اكفني المهم من أمري ما شئت وصل على محمد و آله وادع بما أحببت ثم تصلي ركعتين و تقول اللّهم إن عفوك عن ذنبي (2) وتجاوز عن خطيئتي وصفحك عن ظلمي وسترك على قبیح عملي وحلمك عن كثير جرمي عند ما كان من خطئي

ص: 320


1- هذا جزء من دعاء الافتتاح المشهور إلى قوله سهل يسير. السبزواري
2- هذا جزء من دعاء الافتتاح المشهور إلى قوله انك جواد کریم. السبزواري

وعمدي أطمعنى في أن أسألك ما لا أستوجبه منك الذي رزقتني من رحمتك وأريتني من قدرتك وعرفتني من إجابتك فصرت أدعوك آمنا وأسألك مستأنسالا خائفا ولا وجلا مدلا عليك فيما قصدت فيه إليك فإن أبطأ عني عتبت بجهلي عليك ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور فلم أر مولی کریما أصبر على عبد لئيم منك علي يا رب إنك تدعوني فأولي عنك وتتحبب إلي فأتبغض إليك و تتودد إلي فلا أقبل منك كان لي التطول عليك ثم لم يمنعك ذلك من الرحمة لي والإحسان إلي والتفضل علي بجودك وكرمك فارحم عبدك الجاهل وجد عليه بفضل إحسانك إنك جواد کریم وادع بما أحببت.

باب (9) / ما يتعلق بسوانح الشهور العربية وما شاكلها

البحار: ج 40 ص 130 س21

وقال رحمه الله في سوانخ اليوم الثامن والعشرين من الشهر في تاريخ المفيد ولليلتين بقيتا من شهر صفر سنة سبع وأربعين من الهجرة كانت وفاة مولانا السيّد الإمام السبط أبي محمّد الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما وفي الإرشاد والمصباح في صفر سنة خمسين من الهجرة وفي كتاب الكافي روي في صفر في آخره سنة تسع وأربعين وكذا في كتاب الدر وقيل يوم الخميس من ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وفي كتاب الإستيعاب اختلف في وقت وفاته فقيل مات سنة تسع وأربعين وقيل في ربيع الأول سنة خمسين بعد ما مضى من خلافة معاوية عشر سنين وقيل بل مات

ص: 321

سنة إحدى وخمسين ودفن بدار أبيه ببقيع الغرقد (1) هذا آخر ما التقطناه من النصف الآخر من کتاب العدد القوية للشيخ رضي الدين علي أخي العلامة.

ص: 322


1- لم يفهم المراد من دار أبيه مع أن دار عليّ علیه السّلام كان ملاصقاً بالمسجد ولعله كان داراً آخر له علیه السّلام غير داره الملاصق بالمسجد. السبزواري

أبواب ما يتعلّق بشهر ذي الحجة من الأعمال والأدعية وما يناسب ذلك

باب (2) / أعمال خصوص يوم عرفة وليلتها وأدعيتهما، زائداً على ما مرّ في طي الباب السابق

البحار: ج 40 ص 141 س 18

ومن ذلك مما لم نذكره في عمل اليوم والليلة عن مولانا علي بن موسی الرضا صلوات الله عليه في يوم عرفة اللّهم کماسترت على ما لم أعلم فاغفر لي ما تعلم وكما وسعني علمك فليسعني عفوك وكما بدأتني بالإحسان فأتم نعمتك بالغفران وكما أكرمتني بمعرفتك فاشفعها بمغفرتك وكما عرفتني وحدانيتك فأكرمني طماعیتك (1) وكما عصمتني مما لم أكن أعتصم منه إلا بعصمتك فاغفر لي ما لو شئت عصمتني منه یا جواد یاکریم یا ذا الجلال والإكرام.

البحار: ج 40 ص 155 س 8

ومن أدعية يوم عرفة ما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمّد هارون بن موسی التلعكبري بإسناده إلى أياس بن سلمة بن الأكوع (2) عن أبيه عن أبي عبد الله جعفر ابن محمد الصادق علیه السّلام قال سمعته يدعو في يوم عرفة في الموقف بهذا الدعاء. فنسخته تقول إذا زالت الشمس من يوم عرفة وأنت بها تصلي الظهر والعصر ثم ائت الموقف وكبر الله مائة مرة واحمده مائة مرة وسبحه مائة مرة وهلله مائة مرة واقرأ قل هو الله أحد مائة مرة وإن أحببت أن تزيد على ذلك فزد واقرأ سورة القدر مائة مرة ثم قل لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم وسبحان الله رب السماوات

ص: 323


1- يعني ما أطمع فيك في الدنيا والآخرة. السبزواري
2- لم يعرف هذا الرجل. السبزواري

السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» اللّهم إياك أعبد وإياك أستعين اللّهم إني أريد أن أثني عليك وما عسى أن أبلغ من مدحك مع قلة علمي وقصر رأيي وأنت الخالق وأنا المخلوق وأنت المالك وأنا المملوك وأنت الرب وأنا المربوب وأنت العزيز وأنا الذليل وأنت القوي وأنا الضعيف وأنت الغني وأنا الفقير وأنت المعطي وأنا السائل وأنت الغفور وأنا الخاطئ وأنت الحي الذي لا تموت وأنا خلق أموت اللّهم أنت الله رب العالمين وأنت الله لا إله إلا أنت العزيز الحكيم وأنت الله لا إله إلا أنت العلي العظيم وأنت الله لا إله إلا أنت الغفور الرحيم وأنت الله لا إله إلا أنت مالك يوم الدين وأنت الله لا إله إلا أنت بديء كل شيء وإليك يعود وأنت الله لا إله إلا أنت لم تزل ولا تزال وأنت الله لا إله إلا أنت خالق الجنة والنار وأنت الله لا إله إلا أنت خالق الخير والشر وأنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الفرد الصمد لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد وأنت الله لا إله إلا أنت «عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ» وأنت الله لا إله إلا أنت «الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ» وأنت الله لا إله إلا أنت «الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ» يسبح لك ما في السماوات والأرض وأنت العزیز الحكيم وأنت الله لا إله إلا أنت الكبير والكبرياء رداؤك... إلى آخر الدعاء الشريف.

ص: 324

أبواب ما يتعلّق بشهر ربيع الأوّل من الأعمال والأدعية

باب (13) / أدعية أول يوم منه وأول ليلته وأعمالها وما يتعلق ببعض سائر أيامه

البحار: ج 40 ص 227

1- قال السيّد ابن طاوس رحمه الله في كتاب زوائد الفوائد روی این أبي العلاء الهمداني الواسطي ويحيى بن محمّد بن حويج البغدادي قالا تنازعنا في ابن الخطاب واشتبه علينا أمره فقصدنا جميعا أحمد بن إسحاق القمي صاحب أبي الحسن العسكري علیه السّلام مدينة قم فقر عنا عليه الباب فخرجت علينا صبية عراقية فسألناها عنه فقالت هو مشغول بعيده فإنه يوم عيد فقلت سبحان الله إنما الأعياد أربعة للشيعة الفطر والأضحى والغدير والجمعة قالت فإن أحمد بن إسحاق يروي عن سيده أبي الحسن علي بن محمّد العسكري علیه السّلام أن هذا اليوم يوم عيد وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت علیهم السّلام وعند مواليهم قلنا فاستأذني عليه وعرفيه مكاننا قالا فدخلت عليه فعرفته فخرج علينا وهو مستور بمئزر يفوح مسكا وهو يمسح وجهه فأنكرنا ذلك عليه فقال لا عليكما فإني اغتسلت للعيد قلنا أولا هذا يوم عيد قال نعم وكان يوم التاسع من شهر ربيع الأول قالا فأدخلنا داره وأجلسنا ثم قال إني قصدت مولاي أبي الحسن علیه السّلام كما قصدتماني بسر من رأى فاستأذنت عليه فأذن لي فدخلت عليه علیه السّلام في مثل هذا اليوم وهو يوم التاسع من شهر ربيع الأول فرأیت سیدنا عليه وعلى آبائه السلام قد أوعز إلى كل واحد من خدمه أن يلبس ما يمكنهم من الثياب الجدد وكان بين يديه مجمرة يحرق العود فيها بنفسه فقلت له بآبائنا وأمهاتنا يا ابن رسول الله هل تجدد لأهل البيت علیه السّلام في هذا اليوم فرح فقال علیه السّلام وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت علیهم السّلام من هذا اليوم التاسع من شهر ربيع الأول ولقد حدثني أبي علیه السّلام أن

ص: 325

حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم على جدي رسول الله صلّي الله عليه و آله قال حذيفة رأيت أمير المؤمنين علیه السّلام وولديه علیهماالسّلام يأكلون مع رسول الله صلّي الله علیه و آله وهو يتبسم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين علیهماالسّلام کلا هنيئا لكما بركة هذا اليوم وسعادته فإنه اليوم الذي يهلك الله فيه عدوه وعدو جدكما وإنه اليوم الذي يقبل الله أعمال شيعتكما ومحبيكما واليوم الذي يصدق فيه قول الله جلّ جلاله «فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا» واليوم الذي نسف فيه فرعون أهل البيت علیهم السّلام وظالمهم وغاصبهم حقهم واليوم الذي يقدم الله إلى «مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا» قال حذيفة فقلت يا رسول الله صلّي الله عليه و آله وفي أمتك وأصحابك من ينتهك هذه المحارم قال نعم يا حذيفة جبت من المنافقين يرتاس عليهم ويستعمل في أمتي الرؤيا ويحمل على عاتقه درة الخزي ويصد الناس عن سبيل الله يحرف كتاب الله ويغيرسنتي ويشتمل على إرث ولدي وينصب نفسه علما ويتطاول على إمامة من بعدي ويستخلب أموال الناس من غير حلها وينفقها في غير طاعة الله ويكذبني ويكذب أخي ووزيري ويجسد ابنتي عن حقها فتدعو الله عزّ وجلّ عليه فيستجيب دعاءها في مثل هذا اليوم قال حذيفة فقلت يا رسول الله فادع ربك ليهلكه في حياتك فقال رسول الله صلّي الله عليه و آله يا حذيفة لا أحب أن أجترئ على قضاء الله عزّ وجلّ لما قد سبق في علمه لكن سألت الله عزّ وجلّ أن يجعل لليوم الذي يهلكه فيه فضيلة على سائر الأيام ليكون ذلك سنة يستن بها أحبائي وشيعة أهل بيتي ومحبيهم فأوحى الله إلي جل من قائل یا محمّد إنه كان في سابق علمي أن تمسك وأهل بيتك من الدنيا وبلاؤها وظلم المنافقين و الغاصبين من عبادي من نصحت لهم وخانوك ومحضت لهم وغشوك وصافيتهم وكشحوك وأرضيتهم وكذبوك وجنيتهم وأسلموك فإني بحولي وقوتي وسلطاني لأفتحن على من يغصب بعدك عليا وصيك حقا ألف باب من

ص: 326

النيران من أسفل الفيلوق ولأصلينه وأصحابه قعرا يشرف عليه پلیس آدم فیلعنه ولأجعلن ذلك المنافق عبرة في القيامة كفراعنة الأنبياء وأعداء الدين في المحشر ولأحشرنهم وأولياءهم وجميع الظلمة والمنافقين إلى جهنم زرقا كالحين أذلة حیاری نادمين ولأضلنهم فيها أبد الآبدين يا محمّد إن مرافقك ووصيك في منزلتك يمسه البلوى من فرعونه وغاصبه الذي يجترئ ويبدل كلامي ويشرك بي ويصد الناس عن سبيلي وينصب من نفسه عجلا لأمتك و یکفر بي في عرشي إني قد أمرت ملائكتي في سبع سماواتي وشيعتك ومحبيك أن يعيدوا في اليوم الذي أهلكته فيه وأمرهم أن ينصبوا كرسي کرامتي بإزاء البيت المعمور ويثنوا علي ويستغفرون الشيعتك ولمحبيك من ولد آدم یا محمّد وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق في ذلك اليوم ولا يكتبون شيئا من خطاياهم كرامة لك ولوصيك (1) یا محمّد إني قد جعلت ذلك اليوم يوم عيد لك ولأهل بيتك ولمن يتبعهم من المؤمنين وشیعتهم و آليت على نفسي بعزتي وجلالي وعلوي في مكاني لأحبون من يعيد في ذلك اليوم محتسبا في ثواب الحافين ولأشفعنه في ذوي رحمه ولأزيدن في ماله إن وسع على نفسه وعياله ولأعتقن من النار في كل حول في مثل ذلك اليوم آلافا من شيعتكم ومحبيكم ومواليكم ولأجعلن سعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا وعملهم مقبولا قال حذيفة ثم قام رسول الله صلّي الله علیه و آله فدخل بيت أم سلمة رضي الله عنها

ص: 327


1- ظاهر هذا التعبير عدم اختصاص رفع القلم بخصوص الشيعة بل يعم جميع الخلق وظاهر إطلاق رفع القلم اعم من رفع قلم الواجبات والمحرمات فيكون جميع أفراد البشر في هذا اليوم بلا تكليف الحيوانات و اثبات مثل هذا الحكم بمثل هذا الخبر في غاية الإشكال كما أن ظاهر إطلاقه عدم الفرق بين حقوق الله و حقوق الناس والأموال والأنفس والأعراض وهذا مقطوع بعد مه ويمكن أن يكون المراد برفع القلم عن خصوص بعض المكروهات وبعض الملاعب والملاهي في الجملة. السبزواري

ورجعت عنه وأنا غير شاك في أمر الثاني حتى رأيت بعد وفاة رسول الله صلّي الله عليه و آله وأتيح الشر وعاود الكفر و ارتد عن الدين وشمر للملك وحرف القرآن وأحرق بيت الوحي وابتدع السنن وغيرها وغير الملة ونقل السنة ورد شهادة أمير المؤمنين علیه السّلام وكذب فاطمة علیهاالسّلام بنت رسول الله واغتصب فدك منها وأرضى اليهود والنصاری والمجوس وأسخط قرة عين المصطفى ولم يرضها وغير السنن كلها ودبر على قتل أمير المؤمنين علیه السّلام وأظهر الجور وحرم ما حلله الله وحلل ما حرم الله وأبقی الناس أن يحتذوا النقد من جلود الإبل ولطم وجه الزكية علیهاالسّلام و صعد منبر رسول الله صلّي الله علیه و آله ظلما وعدوانا وافترى على أمير المؤمنين وعانده وسفه رأيه قال حذيفة فاستجاب الله دعوة مولاي عليه أفضل الصلاة والسلام على ذلك المنافق وجری کما جرى قتله على يد قاتله رحمة الله على قاتله قال حذيفة فدخلت على أمير المؤمنين علیه السّلام لما قتل ذلك المنافق لأهنئه بقتله ومصيره إلى ذلك الخزي والانتقام فقال أمير المؤمنين علیه السّلام يا حذيفة تذكر اليوم الذي دخلت فيه على رسول الله صلّي الله علیه و آله وأنا وسبطاه نأكل معه فدلك على فضل هذا اليوم دخلت فيه عليه فقلت نعم يا أخا رسول الله فقال علیه السّلام هو والله هذا اليوم الذي أقر الله تبارك وتعالى فيه عيون أولاد رسول الله صلّي الله علیه و آله وإني لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسما قال حذيفة فقلت يا أمير المؤمنين إني أحب أن تسمعني أسماء هذا اليوم التاسع من شهر ربيع الأول فقال علیه السّلام يا حذيفة هذا يوم الاستراحة ويوم تنفیس الهم والكرب و الغدير الثاني ويوم تحطيط الأوزار ويوم الحبوة ويوم رفع القلم ويوم الهدى ويوم العقيقة ويوم البركة ويوم الثارات وعيد الله الأكبر ويوم يستجاب فيه الدعوات ويوم الموقف الأعظم ويوم التولية ويوم الشرط ويوم نزع الأسوار ويوم ندامة الظالمين ويوم انكسار الشيعة ويوم نفي الهموم ويوم الفتح ويوم العرض ويوم القدرة ويوم التصفيح ويوم فرح الشيعة ويوم التروية ويوم

ص: 328

الإنابة ويوم الزكاة العظمی ویوم الفطر الثاني ويوم سبیل الله تعالى ويوم التجرع بالريق ويوم الرضا وعيد أهل البيت علیهم السّلام ويوم ظفرت به بنو إسرائيل ويوم قبل الله أعمال الشيعة ويوم تقديم الصدقة ويوم طلب الزيادة ويوم قتل المنافق ويوم الوقت المعلوم ويوم سرور أهل البيت علیه السّلام ويوم المشهود ويوم يعض الظالم على يديه ويوم هدم الضلالة ويوم النيلة ويوم الشهادة ويوم التجاوز عن المؤمنين ويوم المستطاب ويوم ذهاب سلطان المنافق ويوم التسديد ويوم يستريح فيه المؤمنون ويوم المباهلة ويوم المفاخرة ويوم قبول الأعمال ويوم النحيل و يوم النحيلة ويوم الشكر ويوم نصرة المظلوم ويوم الزيارة ويوم التودد ويوم النحيب ويوم الوصول ويوم البركة ويوم كشف البدع ويوم الزهد في الكبائر ويوم المنادي ويوم الموعظة ويوم العبادة ويوم الاسلام قال حذيفة فقمت من عند أمير المؤمنين علیه السّلام وقلت في نفسي لو لم أدرك من أفعال الخير ما أرجو به الثواب إلا حب هذا اليوم لكان مناي قال محمّد ابن أبي العلاء الهمداني ويحیی بن جريح فقام كل واحد منا نقبل رأس أحمد بن إسحاق وقلنا الحمد لله الذي ماقبضنا حتى شرفنا بفضل هذا اليوم المبارك وانصرفنا من عنده وعيدنا فيه فهو عيد الشيعة تم الخبر.

ص: 329

أبواب ما يتعلّق بشهر رجب المرجب من الصلوات والأدعية والأعمال ما شاكلها

باب (22) / الأعمال المتعلقة بأول يوم من هذا الشهر وأول ليلة منه زائداً على مايأتي

البحار: ج40 ص249

3- من كتاب المختصر من المنتخب تقول في أول يوم من رجب (1) اللّهم إني أسألك يا الله يا الله يا الله أنت الله القديم الأزلي الملك العظيم أنت الله الحي القيوم المولى السميع البصير يا من العز والجلال والكبرياء والعظمة والقوة والعلم والقدرة والنور والروح والمشية والحنان والرحمة والملك لربوبيته نورك أشرق له كل نور وخمد له كل نار والحصر له كل الظلمات أسألك باسمك الذي اشتققته من قدمك وأزلك ونورك وبالاسم الأعظم الذي اشتقته من كبريائك وجبروتك وعظمتك وعزك وبجودك الذي اشتققته من رحمتك وبرحمتك التي اشتققتها من رأفتك وبرأفتك التي اشتققتها من جودك وبجودك الذي اشتققته من غيبك وبغيبك وإحاطتك وقيامك ودوامك وقدمك وأسألك بجميع أسمائك الحسنى لا إله إلا أنت الواحد الأحد الفرد الصمد الحي الأول الآخر الظاهر الباطن ولك كل اسم عظيم وكل نور وغيب وعلم ومعلوم وملك شأن وبلا إله إلا أنت تقدست و تعالیت علوا كبيرا اللّهم إني أسألك بكل اسم هو لك طاهر مطهر طيب مبارك مقدس أنزلته في كتبك وأجريته في الذكر عندك و تسميت به لمن شئت من خلقك أو سألك به أحد من ملائكتك وأنبيائك ورسلك بخير تعطيه فأعطيته أوشر تصرفه فصرفته ينبغي أن

ص: 330


1- هذا دعاء حسن جدا. السبزواري

أسألك به فأسألك يا ربي أن تنصرني على أعدائي و تغلب ذكري على نسياني اللّهم اجعل لعقلي على هواي سلطانا مبينا واقرن اختياري بالتوفيق واجعل صاحبي التقوى وأوزعني شكرك على مواهبك واهدني اللّهم بهداك إلى سبيلك المقيم وصراطك المستقيم ولا تملك زمامي الشهوات فتحملني على طريق المخذولين وحل بيني وبين المنكرات و اجعل لي علما نافعا واغرس في قلبي حب المعروف ولا تأخذني بغتة وتب علي «إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»وعرفني بركة هذا الشهر ويمنه وارزقني خيره واصرف عني شره وقني المحذور فيه وأعني على ما أحبه من القيام بحقه ومعرفة فضله واجعلني فيه من الفائزين يا أرحم الراحمين اللهم إني أسألك باسمك المتعال الجليل العظيم وباسمك الواحد الصمد وباسمك العزيز الأعلى وبأسمائك الحسنى كلها یا من خشعت له الأصوات وخضعت له الرقاب وذلت له الأعناق ووجلت منه القلوب ودان له كل شيء وقامت به السماوات والأرض أشهد أنك لا تدركك الأبصار وأنت اللطيف الخبير يا رب جبرئیل و میکائیل وإسرافيل وجميع الملائكة المقربين والكروبيين والكرام الكاتبين وجميع الملائكة المسبحين بحمدك ورب آدم و شیث (1) وإدریس ونوح وهود وصالح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولوط ويعقوب ويوسف والأسباط وأيوب وموسى وهارون وشعيب وداود وسلیان وأرميا وعزير وحرقيا وشعيا وإلياس ويونس واليسع وذي الكفل و زکریا ويحیی وعیسی وجرجيس ومحمد صلى الله عليهم أجمعين وعلى ملائكة الله المقربين والكرام الكاتبين وجميع الأملاك المسبحين وسلم تسليما كثيرا أنت ربنا الأول الآخر الظاهر الباطن الذي خلقت السماوات والأرضين ثم استويت على العرش المجيد

ص: 331


1- المذكور من أسماء الأنبياء علیهم السّلام هنا 31 وفي دعاء أم داود تزيد على أربعين، فراجع وتأمل. السبزواري

بأسمائك الحسنى تبدئ و تعيد و تغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم والفلك و الدهور والخلق مسخرون بأمرك تبارکت و تعالیت یا رب العالمين لا إله إلا أنت الحنان المنان «بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا» تعلم مثاقيل الجبال ومکاییل البحار وعدد الرمال وقطر الأمطار وورق الأشجار ونجوم السماء وما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار لا يواري منك سماء سماء ولا أرض أرضا ولا بحر متطابق ولا ما بين سد التوق ولا ما في القرار من الهباء المبثوث أسألك باسمك المخزون المكنون النور المنير الحق المبين الذي هو نور من نور ونور على نور ونور فوق كل نور ونور مع كل نور وله كل نور منك يا رب النور وإليك يرجع النور وبنورك الذي تضيء به كل ظلمة وتبطل به کید كل شيطان مريد وتذل به كل جبار عنيد ولا يقوم له شيء من خلقك ويتصدع لعظمته البر والبحر وتستقل الملائكة حين يتكلم وترعد من خشيته حملة العرش العظيم إلى تخوم الأرضين السابعة الذي انفلقت به البحار وجرت به الأنهار و تفجرت به العيون وسارت به النجوم وأركم به السحاب وأجري واعتدل به الضباب وهالت به الرمال ورست به الجبال واستقرت به الأرضون ونزل به القطر وخرج به الحب و تفرقت به جبلات الخلق وخفقت به الرياح وانتشرت و تنسفت به الأرواح يا الله أنت المتسمي بالإلهية باسمك الكبير الأكبر العظيم الأعظم الذي عنت له الوجوه یا ذا الطول والآلاء لا إله إلا أنت يا قريب أنت الغالب على كل شيء أسألك اللّهم بجميع أسمائك كلها ما علمت منها وما لم أعلم وبكل اسم هو لك أن تصلي على محمّد وعلى آل محمد وأن تكفيني أمر أعدائي وتبلغني مناي يا أرحم الراحمين اللّهم صل على محمّد وعلى آل محمّد وبارك على محمد وعلى آل محمد کما صليت ورحمت و بارکت

ص: 332

و ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد اللّهم أعط محمّدا الوسيلة والشرف والرفعة والفضيلة على خلقك و اجعل في المصطفين تحياته وفي العليين درجته وفي المقربين منزلته اللّهم صل على جميع ملائكتك و أنبيائك ورسلك وأهل طاعتك اللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وألف بين قلوبنا وقلوبهم على الخيرات اللهم اجز محمّدا صلّي الله علیه و آله أفضل ما جزيت نبيا عن أمته كما تلا آیاتك وبلغ ما أرسلته به ونصح لأمته وعبدك حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين ثم تقرأ «تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا» (1) وتقول أعوذ بكلمات الله كلها التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر إبليس وجنوده ومن شر كل شيطان وسلطان وساحر وكاهن ومن شر كل ذي شر اللّهم إني أستودعك نفسي وديني وسمعي و بصري وجسدي وجميع جوارحي وأهلي ومالي

ص: 333


1- تكملة لما ورد من آیات مباركة في الدعاء الشريف «تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا» الفرقان: 61 «ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ» غافر: من الآية 64 «أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ» و الأعراف: من الآية 54. السبزواري

وأولادي وجميع من يعنيني أمره وخواتيم عملي وسائر ماملكتني وخولتني ورزقتني وأنعمت به علي وجميع المؤمنين والمؤمنات یا خیرمستودع وياخير حافظ ويا أرحم الراحمين اللّهم إني أسألك باسمك الله الله الله الله الله الذي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أن تصلي على محمّد وعلى آل محمّد وأن تفرج عني يا رب السماوات والأرضين ومن فيهن ومجري البحار ورازق من فيهن وفاطر السماوات وأطباقها ومسخر السحاب ومجري الفلك وجاعل الشمس ضياء والقمر نورا وخالق آدم (ومنشئ الأنبياء: من ذريته ومعلم إدریس عدد النجوم والحساب والسنين والشهور وأوقات الأزمان و مکلم موسی وجاعل عصاه ثعبانا ومنزل التوراة في الألواح على موسی علیه السّلام ومجري الفلك لنوح وفادي إسماعيل من الذبح والمبتلي يعقوب بفقد يوسف وراد يوسف عليه بعد أن ابيضت عيناه من البكاء فتفرج قلبه من الحزن والشجا ورازق زکریا على الكبر بعد اليأس ومخرج الناقة الصالح ومرسل الصيحة على مكيدي هود وكاشف البلاء عن أيوب ومنجي لوط من القوم الفاحشين وواهب الحكمة للقيان وملقي الروح القدس بكلماته على مريم وخلقك منها عيسى عبدك علیه السّلام والمنتقم من قتلة يحيى بن زكريا علیه السّلام وأسألك برفعك عيسى إلى سمائك وبإبقائك له إلى أن تنتقم له من أعدائك و يا مرسل محمد صلّي الله علیه و آله خاتم أنبيائك إلى أشر عبادك بشرائعك الحسنة ودينك القيم وملة إبراهيم خليلك علیه السّلام وإظهار دينه وإعلائك كلمته يا ذا الجلال والإكرام يا من لا تأخذه سنة ولا نوم یا أحد ياصمد یا عزیز یا قادر یا قاهر یا ذا القوة والسلطان والجبروت والكبرياء یا علي يا قدير يا قریب یا مجيب يا حلیم یا معید یا متداني يا بعید یا رءوف یا رحيم یاکریم یا غفور يا ذا الصفح يا مغيث يا مطعم يا شافي يا كافي يا كاسي يا معافي يا شافي الضر ياعليم يا حكيم يا ودود يا غفور یا رحیم یا رحمان الدنيا والآخرة یا ذا

ص: 334

المعارج یا ذا القدس يا خالق یا علیم یا مفرج یا أواب یا ذا الطول يا خبير يامن خلق ولم يخلق یا من لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ یا من بان من الأشياء وبانت الأشياء منه بقهره لها وخضوعها له يا من خلق البحار وأجرى الأنهار وأنبتت الأشجار وأخرج منها النار ومن یابس الأرضين النبات والأعناب وسائر الثمار یا فالق البحر لعبده موسی علیه السّلام ومكلمه ومغرق فرعون وحزبه ومهلك نمرود وأشياعه وملين الحديد الخليفته داود علیه السّلام ومسخر الجبال معه يسبحن بالغدو والآصال ومسخر الطير والهوام والرياح والجن والإنس لعبدك سلیمان علیه السّلام وأسألك بالاسم الذي اهتز له عرشك وفرحت به ملائكتك فلا إله إلا أنت خالق النسمة وبارئ النوى وفالق الحبة وباسمك العزيز الجليل الكبير المتعال وباسمك الذي ينفخ به عبدك وملكك إسرافيل علیه السّلام في الصور فيقوم أهل القبور سراعا إلى المحشر ينسلون وباسمك الذي رفعت به السماوات من غير عماد وجعلت به للأرضين أوتادا وباسمك الذي سطحت به الأرضين فوق الماء المحبوس وباسمك الذي حبست به ذلك الماء وباسمك الذي حملت به الأرضين من اخترته لحملها وجعلت له من القوة ما استعان به على حملها وباسمك الذي تجري به الشمس والقمر وباسمك الذي سلخت به النهار من الليل وباسمك الذي إذا دعيت به أنزلت أرزاق العباد وجميع خلقك وأرضك وبحارك وسكان البحار والهوام والجن والإنس وكل دابة أنت آخذ بناصيتها وبأنك على كل شيء قدير وباسمك الذي جعلت لجعفر علیه السّلام جناحا يطير به مع الملائكة وباسمك الذي دعاك به يونس في بطن الحوت فأخرجته منه وباسمك الذي أنبت به علیه شجرة من يقطين فاستجبت له وكشفت عنه ما كان فيه من ضيق بطن الحوت أسألك أن تصلي على محمد عبدك ورسولك وعلى آله الطيبين وأن تفرج عني غمي و تكشف ضري وتستنقذني من ورطتي وتخلصني من محنتي وتقضي عني ديني وتؤدي عني أمانتي

ص: 335

وتكبت عدوي ولا تشمت بي حسادي ولا تبتليني بما لا طاقة لي به وأن تبلغني أمنيتي و تسهل لي محبتي وتيسر لي إرادتي وتوصلني إلى بغيتي وتجمع لي خير الدارين وتحرسني وكل من يعنيني أمره بعينك التي لا تنام في الليل والنهار ياذا الجلال والإكرام والأسماء العظام اللّهم يا رب أنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك ومن أولياء أهل بیت نبيك صلى الله علیه و علیهم الذين بارکت عليهم ورحمتهم وصلیت عليهم كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ولمجدك وطولك أسألك يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه بحق محمّد عبدك ورسولك صلّي الله علیه و آله وبحقك على نفسك إلا خصمت أعدائي وحسادي وخذلتهم وانتقمت لي منهم وأظهرتني عليهم وكفيتني أمرهم ونصرتني عليهم وحرستني منهم ووسعت علي في رزقي وبلغتني غاية أملي إنك سميع مجيب.

باب (25) / عمل خصوص ليلة الرغائب زائداً على أعمال مطلق شهر رجب

البحار: ج 40 ص 256

1- أقول: قد روى العلامة رحمه الله في إجازته الكبيرة عن الحسن بن الدربي عن الحاج صالح مسعود بن محمّد وأبي الفضل الرازي المجاور بمشهد مولانا أمير المؤمنين علیه السّلام قرأها عليه في محرم سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة عن الشيخ علي بن عبد الجليل الرازي عن شرف الدين الحسن بن علي عن سديد الدين علي بن الحسن عن عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري عن الحسين بن علي عن الحاج مسموسم عن أبي الفتح نور خان عبد الواحد الأصفهاني عن عبد الواحد بن راشد الشيرازي عن أبي الحسن الهمداني عن علي بن محمّد بن سعيد البصري عن أبيه عن خلف بن عبد الله

ص: 336

الصنعاني عن حميد الطوسي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ما معنى قولك رجب شهر الله قال لأنه مخصوص بالمغفرة فيه تحقن الدماء وفيه تاب الله على أوليائه وفيه أنقذهم من نزاعه ثم قال رسول الله صلّي الله علیه و آله من صامه کله استوجب على الله ثلاث أشياء مغفرة لجميع ما سلف من ذنوبه وعصمة فيما يبقى من عمره وأمانا من العطش يوم الفزع الأكبر فقام شیخ ضعيف فقال يا رسول الله إني عاجز عن صيامه كله فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله صم أول يوم منه فإن الحسنة بعشر أمثالها وأوسط يوم منه وآخر يوم منه فإنك تعطي ثواب صیامه کله ولكن لا تغفلوا عن ليلة أول خميس منه فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب وذلك أنه إذا مضى ثلث الليل لم يبق ملك في السماوات والأرض إلا ويجتمعون في الكعبة وحواليها ويطلع الله عليهم اطلاعة فيقول لهم يا ملائكتي اسألوني ما شئتم فيقولون ربنا حاجاتنا إليك أن تغفر الصوام رجب فيقول الله عزّ وجلّ قد فعلت ذلك ثم قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ما من أحد يصوم يوم الخميس أول خميس من رجب ثم يصلي ما بين العشاءين والعتمة (1) اثنتا عشرة ركعة يفصل بين كل ركعتين بتسليم يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة وإنا أنزلناه في ليلة القدر ثلاث مرات وقل هو الله أحد اثنتا عشرة مرة فإذا فرغ من صلاته صلى علي سبعين مرة ويقول اللهم صل على محمد وعلى آله ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلي الأعظم ثم يسجد سجدة أخرى فيقول فيها ما قال في الأولى ثم يسأل الله حاجته في سجوده فإنها تقضى قال رسول الله صلّي الله علیه و آله والذي نفسي بيده لا يصلي عبد

ص: 337


1- العتمة الثلث الأول من الليل بعد سقوط الشفق، ويستفاد من هذا التعبير أن وقت هذه الصلاة بعد صلاة المغرب والعشاء وقبل انقضاء ثلث الليل، وما هو المعروف من أن وقته بین صلاة المغرب والعشاء وذكره المحدث القمي رحمه الله في المفاتيح لا أصل له السبزواري

أو أمة هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه ولو كان ذنوبه مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزان الجبال وعدد ورق الأشجار ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بیته ممن قد استوجب النار فإذا كان أول ليلة في قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة فيجيئه بوجه طلق ولسان ذلق فيقول يا حبيبي أبشر فقد نجوت من كل سوء فيقول من أنت فو الله ما رأيت وجها أحسن من وجهك ولا سمعت كلاما أحسن من كلامك ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك فيقول يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتها في ليلة كذا من شهر كذا في سنة كذا جئتك هذه الليلة الأقضي حقك وأونس وحدتك وأرفع وحشتك فإذا نفخ في الصور ظللت في عرصة القيامة على رأسك فأبشر فلن تعدم الخير أبدا.

ص: 338

كتاب المزار

أبواب زيارة النبي صلّي الله علیه و آله وساير المشاهد بالمدينة

باب (2) / زيارته صلّي الله علیه و آله من قريب، وما يستحب أن يعمل في المسجد، وفضل مواضعه

البحار: ج 41 ص 34

6- علي عن أبيه عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إذا دخلت المسجد فإن استطعت أن تقيم ثلاثة أيام الأربعاء والخميس والجمعة فصل ما بين القبر والمنبر يوم الأربعاء عند الأسطوانة التي تلي القبر فتدعو الله عندها وتسأله كل

حاجة تريدها في آخره أو دنیا واليوم الثاني عند أسطوانة التوبة ويوم الجمعة عند مقام النبي صلّي الله علیه و آله مقابل الأسطوانة الكثيرة الخلوق (1) فتدعو الله عندهن لكل حاجة وتصوم تلك الثلاثة الأيام.

ص: 339


1- يظهر من ذلك وجه تسمية هذه الاسطوانة بالمخلقة فإنها حيث كانت تلی رأس النبي صلّي الله علیه و آله كان الناس يتمسحونها بالطيب والخلوق فسميت بذلك فعلى هذا يكون ضبطه بالقاف و يمكن أن يكون بالفاء أيضاَ يعني الاسطوانة التي تكون خلاف رأس النبي صلّي الله علیه و آله. السبزواري

أبواب زيارة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ومايتبعها

باب (2) / موضع قبره صلوات الله عليه وموضع رأس الحسين صلوات الله وسلامه عليه ومن دفن عنده من الأنبياء علیهم السّلام

البحار: ج 41 ص97

21- محمّد بن أحمد بن علي بن يعقوب عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن الحسن بن الجهم قال ذكرت لأبي الحسن علیه السّلام يحیی بن موسی و تعرضه لمن يأتي قبر أمير المؤمنين علیه السّلام وأنه كان ينزل موضعا كان يقال له الثوية يتنزه إليه ألا وقبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه فوق ذلك قليلا وهو الموضع الذي روی صفوان الجمال أن أبا عبد الله علیه السّلام وصفه له قال له فيما ذكر إذا انتهيت إلى الغري ظهر الكوفة فاجعله خلف ظهرك وتوجه على نحو النجف و تیامن قليلا فإذا انتهيت إلى الذكوات البيض والثنية أمامه فذلك قبر أمير المؤمنين علیه السّلام وأنا آتیه كثيرا و من أصحابنا من لا يرى ذلك ويقول هو في المسجد وبعضهم يقول هو في القصر فأرد عليهم بأن الله لم يكن ليجعل قبر أمير المؤمنين علیه السّلام في القصر في منازل الظالمين ولم يكن يدفن في المسجد وهم يريدون ستره (1) فأينا أصوب قال أنت أصوب منه أخذت بقول جعفر بن محمّد علیه السّلام قال ثم قال لي يا أبا محمّد ما أری أحدا من أصحابنا يقول بقولك ولا يذهب مذهبك فقلت له جعلت فداك أما ذلك شيء من الله قال أجل إن الله يوفق من يشاء ويؤمن عليه فقل ذلك بتوفيق الله واحمده عليه.

ص: 340


1- يظهر من هذا التعليل أن قبر الزهراء علیهاالسّلام أيضاً ليس في المسجد لأنهم أرادوا ستره. السبزواري

باب (4) / زیاراته صلوات الله عليه المطلقة التي لا تختص بوقت من الأوقات

البحار: ج 41 ص 111

2- أحمد بن محمّد عن أبيه عن علي بن مهدي بن صدقة عن علي بن موسى عن أبيه موسی بن جعفر عن أبيه: قال زار زین العابدين علي بن الحسين علیه السّلام قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه فوقف على القبر ثم بکی (1) وقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته على عباده أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده وعملت بكتابه واتبعت سنن نبيه صلّي الله علیه و آله حتى دعاك الله إلى جواره وقبضك إليه باختياره وألزم أعداءك الحجة في قتلهم إياك مع ما لك من الحجج البالغة على جميع خلقه اللّهم فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك راضية بقضائك مولعة بذكرك ودعائك محبة لصفوة أوليائك محبوبة في أرضك وسمائك صابرة على نزول بلائك شاكرة لفواضل نعمائك ذاكرة لسوابغ آلائك مشتاقة إلى فرحة لقائك متزودة التقوى ليوم جزائك مستنة بسنن أوليائك مفارقه لأخلاق أعدائك مشغولة عن الدنيا بحمدك وثنائك ثم وضع خده على القبر وقال اللّهم إن قلوب المخبتين إليك والهة وسبل الراغبين إليك شارعة وأعلام القاصدين إليك واضحة وأفئدة العارفين منك فازعة وأصوات الداعين إليك صاعدة وأبواب الإجابة لهم مفتحة ودعوة من ناجاك مستجابة وتوبة من أناب إليك مقبولة وعبرة من بکی من خوفك مرحومة والإغاثة لمن استغاث بك موجودة والإعانة لمن استعان بك مبذولة وعداتك لعبادك منجزة وزلل من استقالك مقالة وأعمال العاملين

ص: 341


1- إطلاقه يشمل الوقوف مستقبلاً القبلة ومستدبراً لها. السبزواري

لديك محفوظة وأرزاق الخلائق من لدنك نازلة وعوائد المزيد إليهم واصلة وذنوب المستغفرین مغفورة وحوائج خلقك عندك مقضية وجوائز السائلين عندك موفرة وعوائد المزيد متواترة وموائد المستطعمين معدة ومناهل الظماء لديك مترعة اللّهم فاستجب دعائي واقبل ثنائي وأعطني جزائي واجمع بيني وبين أوليائي بحق محمّد وعلي وفاطمة علیهمالسّلام والحسن والحسين: إنك ولي نعماني ومنتهی مناي وغاية رجائي في منقلبي ومثواي أنت إلهي وسيدي ومولاي اغفر لأوليائنا وكف عنا أعداءنا واشغلهم عن أذانا و أظهر كلمة الحق واجعلها العليا وأدحض كلمة الباطل واجعلها السفلى إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

البحار: ج 41 ص112

3- محمّد بن الحسن بن الوليد في ما ذكر في كتابه الذي سماه کتاب الجامع روي عن أبي الحسن علیه السّلام أنه كان يقول عند قبر أمير المؤمنين (1) صلوات الله علیه السّلام عليك ياولي الله أشهد أنك أنت أول مظلوم وأول من غصب حقه صبرت واحتسبت حتى أتاك اليقين وأشهد أنك لقيت الله وأنت شهید عذب الله قاتليك بأنواع العذاب وجدد عليه العذاب جئتك عارفا بحقك مستبصرا بشأنك معاديا لأعدائك ومن ظلمك ألق على ذلك ربي إن شاء الله يا ولي الله إن لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي إلى ربك یا مولاي فإن لك عند الله مقاما معلوما وإن لك عند الله جاها وشفاعة وقد قال الله تعالى «وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى».

البحار: ج 41 ص116

14 - والدي عن محمّد بن نما عن محمّد بن إدريس عن عربي بن مسافر عن

ص: 342


1- هذا أيضاً مطلق. السبزواري

إلياس بن هشام عن ابن شیخ الطائفة عن أبيه عن المفيد عن محمّد بن أحمد بن داود عن أحمد بن محمّد بن سعيد عن أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي البزار عن ذبیان بن حكيم عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إذا أردت زيارة قبر أمير المؤمنين علیه السّلام فتوضأ واغتسل وامش على هنيئتك (1) وقل الحمد لله الذي أكرمني معرفته ومعرفة رسوله صلّي الله علیه و آله ومن فرض طاعته رحمة منه لي و تطولا منه على بالإيمان الحمد لله الذي سيرني في بلاده وحملني على دوابه وطوى لي البعيد ودفع عني المكروه حتى أدخلني حرم أخي رسوله فأرانيه في عافية الحمد لله الذي جعلني من زوار قبر وصی رسوله«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ» أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله جاء بالحق من عنده وأشهد أن عليا عبد الله وأخو رسوله صلّي الله علیه و آله اللّهم عبدك وزائرك يتقرب إليك بزيارة قبر أخي رسولك وعلى كل مأتي حق لمن أتاه وزاره وأنت خير مأتي وأكرم مزورفأسألك يا الله يا رحمن يا رحيم يا جواد یا واحد یا أحد یا فرد یا صمد یا من «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ» أن تصلي على محمّد وأهل بيته وأن تجعل تحفتك إياي من زيارتي في موقفي هذا فكاك رقبتي من النار واجعلني ممن يسارع في الخيرات ويدعوك «رَغَبًا وَرَهَبًا» واجعلني لك من الخاشعين اللّهم إنك بشرتني على لسان نبيك محمّد صلّي الله علیه و آله فقلت «وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِم» اللّهم فإني بك مؤمن وبجميع أنبيائك فلا توقفني بعد معرفتهم موقفا تفضحني به على رءوس الخلائق بل أوقفني معهم وتوفني على التصديق بهم فإنهم عبيدك وأنت خصصتهم بكرامتك وأمرتني باتباعهم ثم تدنو من القبر و تقول السلام من الله

ص: 343


1- ليس في هذه الزيارة أيضاً استدبار القبلة واستقبال الإمام علیه السّلام. السبزواري

والسلام على محمّد أمين الله على رسالاته وعزائم أمره ومعدن الوحي والتنزيل الخاتم لماسبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله و الشاهد على الخلق السراج المنير والسلام عليه ورحمة الله وبركاته اللّهم صل على محمّد وأهل بيته المظلومين أفضل وأكمل وأرفع وأنفع وأشرف ما صليت على أنبيائك وأصفيائك اللّهم صل على أمير المؤمنين عبدك وخير خلقك بعد نبيك وأخي رسولك ووصي رسولك الذي بعثته بعلمك وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك و الدليل على من بعثته برسالاتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك من خلقك و السلام عليه ورحمة الله وبركاته اللّهم صل على الأئمة علیهم السّلام من ولده القوامين بأمرك من بعده المطهرين الذين ارتضيتهم أنصارالدينك وأعلاما لعبادك وشهداء على خلقك وحفظة لسرك و تصلي عليهم جميعا ما استطعت السلام على الأئمة المستودعين السلام على خالصة الله من خلقه السلام على المؤمنين الذين أقاموا أمرك و آزروا أولياء الله وخافوا لخوفهم السلام على ملائكة الله المقربين ثم تقول السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك یا حبیب حبیب الله السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك يا ولي الله السلام عليك يا حجة الله السلام عليك ياعمود الدين ووارث علم الأولين والآخرین وصاحب الميسم والصراط المستقيم أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر واتبعت الرسول وتلوت الكتاب حق تلاوته ووفيت بعهد الله وجاهدت في الله حق جهاده ونصحت لله ولرسوله صلّي الله علیه و آله وجدت بنفسك صابرا مجاهدا عن دين الله موقيا لرسول الله طالبا ما عند الله راغبا فيما وعد الله جل ذكره من رضوانه ومضيت للذي كنت عليه شاهدا وشهيدا ومشهودا فجزاك الله عن رسوله وعن الإسلام وأهله أفضل الجزاء لعن الله من قتلك ولعن الله من تابع على قتلك ولعن الله من خالفك ولعن الله من افترى عليك وظلمك ولعن الله

ص: 344

من غصبك ومن بلغه ذلك فرضي به أنا إلى الله منهم بريء ولعن الله أمة خالفتك وأمة جحدت ولايتك وأمة تظاهرت عليك وأمة قتلتك وأمة خذلتك وحادت عنك الحمد لله الذي جعل النار مثواهم وبئس ورد الواردين اللهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتك وأصلهم حر نارك اللّهم العن الجوابيت والطواغيت والفراعنة واللات والعزى والجبت والطاغوت وكل ند يدعي من دون الله وكل محدث مفتر اللّهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم ومحبيهم وأولياءهم وأعوانهم لعنا كثيرا اللّهم العن قتلة أمير المؤمنين ثلاثا اللّهم العن قتلة الحسين ثلاثا اللّهم عذبهم عذابا لا تعذبه أحدا من العالمين وضاعف عليهم عذابك بما شاقوا ولاة أمرك وأعد لهم عذابا ألیما لم تحله بأحد من خلقك اللّهم وأدخل على قتلة أنصار رسولك وقتلة أنصار أمير المؤمنين وعلى قتلة أنصار الحسن وأنصار الحسين وقتلة من قتل في ولاية آل محمّد أجمعين عذابا مضاعفا في أسفل درك من الجحيم لا تخفف عنهم من عذابها وهم فيه مبلسون ملعونون ناکسو رءوسهم وقد عاينوا الندامة والخزي الطويل بقتلهم عترة أنبيائك و رسلك وأتباعهم من عبادك الصالحين اللّهم العنهم في مستسر السر وظاهر العلانية في سمائك وأرضك اللّهم اجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ في أوليائك وحبب إلي مشهدهم ومشاهدهم حتى تلحقني بهم وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين واجلس عند رأسه وقل سلام الله وسلام ملائكته المقربين والمسلمين لك بقلوبهم والناطقين بفضلك و الشاهدين على أنك صادق أمين صديق عليك يا مولاي صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك أشهد أنك طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر شهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء وأشهد أنك حبیب الله وأنك باب الله وأنك وجه الله الذي منه يؤتى وأنك سبيل الله وأنك عبد الله وأخو رسوله أتيتك وافدا لعظیم حالك و منزلتك عند الله وعند رسوله

ص: 345

متقربا إلى الله بزيارتك طالبا خلاص نفسي من النار منعوذ بك من نار استحققتها بما جنيت على نفسي أتيتك انقطاعا إليك وإلى ولدك الخلف من بعدك على بركة الحق فقلبي لكم مسلم وأمري لكم متبع ونصرتي لكم معدة أنا عبد الله ومولاك وفي طاعتك الوافد إليك ألتمس بذلك كمال المنزلة عند الله وأنت ممن أمرني الله بصلته وحثني على بره ودلني على فضله وهداني لحبه ورغبني في الوفادة إليه وألهمني طلب الحوائج عنده أنتم أهل بيت سعد من تولاكم ولا يخيب من أتاكم ولا يسعد من عاداكم لا أجد أحدا أفزع إليه خيرا لي منكم أنتم أهل بيت الرحمة ودعائم الدین وأركان الأرض و الشجرة الطيبة اللّهم لا تخيب توجهي إليك برسولك و آل رسولك ولا ترد استشفاعي بهم اللهم إنك مننت علي بزيارة مولاي وولايته ومعرفته فاجعلني ممن تنصره وممن تنتصر به ومن علي بنصري لدينك في الدنيا والآخرة اللّهم إني أحيا على ما حيي عليه علي بن أبي طالب وأموت على ما مات عليه علي بن أبي طالب علیه السّلام وإذا أردت الوداع فقل السلام عليك ورحمة الله وبركاته أستودعك الله وأستر عيك.

البحار: ج 41 ص 121

15 - ذکر محمّد بن المشهدي في مزاره ما صورته حدثنا الحسن بن محمّد عن بعضهم عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن الحسن بن عیسی عن هشام بن سالم عن صفوان الجمال قال لما وافيت مع جعفر الصادق علیه السّلام الكوفة يريد أبا جعفر المنصور قال لي يا صفوان أنخ الراحلة فهذا قبر جدي أمير المؤمنين (1) فأنختها ثم نزل فاغتسل وغير ثوبه وتحفي وقال لي افعل مثل ما أفعله ثم أخذ نحو

ص: 346


1- أيضا ليس في هذه الزيارة استدبار القبلة. السبزواري

الذكوة وقال لي قصر خطاك وألق ذقنك الأرض فإنه يكتب لك بكل خطوة مائة ألف حسنة ويمحى عنك مائة ألف سيئة و ترفع لك مائة ألف درجة و تقضى لك مائة ألف حاجة ويكتب لك ثواب کل صديق وشهيد مات أو قتل ثم مشى ومشيت معه وعلينا السكينة والوقار نسبح ونقدس ونهلل إلى أن بلغنا الذكوات فوقف علیه السّلام ونظر يمنة ويسرة وخط بعكازته فقال لي اطلب فطلبت فإذا أثر القبر ثم أرسل دموعه على خده وقال «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» وقال السلام عليك أيها الوصي البر التقي السلام عليك أيها النبأ العظيم السلام عليك أيها الصديق الرشيد السلام عليك أيها البر الزكي السلام عليك يا وصي رسول رب العالمين السلام عليك يا خيرة الله على الخلق أجمعين أشهد أنك حبیب الله وخاصته وخالصته السلام عليك يا ولي الله وموضع سره وعيبة علمه وخازن وحيه ثم انكب على قبره وقال بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين بأبي أنت وأمي يا حجة الخصام بأبي أنت وأمي يا باب المقام بأبي أنت وأمي يا نور الله التام أشهد أنك قد بلغت عن الله وعن رسول الله صلّي الله علیه و آله ماحملت ورعیت ما استحفظت و حفظت ما استودعت وحللت حلال الله وحرمت حرام الله وأقمت أحكام الله ولم تتعد حدود الله وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين صلى الله عليك وعلى الأئمة علیهم السّلام من بعدك ثم قام فصلى عند الرأس رکعات وقال يا صفوان من زار أمير المؤمنين علیه السّلام بهذه الزيارة وصلى بهذه الصلاة رجع إلى أهله مغفورا ذنبه مشكورا سعيه ويكتب له ثواب كل من زاره من الملائكة قلت ثواب كل من يزوره من الملائكة قال يزوره في كل ليلة سبعون قبيلة قلت كم القبيلة قال مائة ألف ثم خرج من عنده القهقرى وهو يقول ياجداه یا سیداه یا طيباه یا طاهراه لا جعله الله آخر العهد منك ورزقني العود إليك والمقام في حرمك والكون معك ومع الأبرار من ولدك صلى الله عليك وعلى الملائكة المحدقين بك قلت يا سيدي تأذن لي أن أخبر

ص: 347

أصحابنا من أهل الكوفة به فقال نعم وأعطاني دراهم وأصلحت القبر.

البحار: ج 41 ص 125 س5

ثم قبل العتبة وقدم رجلك اليمني قبل اليسرى وادخل وأنت تقول بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلّي الله علیه و آله اللّهم اغفر لي وارحمني وتُب عَلي «إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» ثم امش حتى تحاذي القبر و استقبله بوجهك وقف قبل وصولك إليه (1) وقل السلام من الله على محمّد رسول الله أمين الله على وحيه ورسالاته وعزائم أمره و معدن الوحي والتنزيل الخاتم لماسبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله الشاهد على الخلق السراج المنير السلام عليه ورحمة الله وبركاته اللّهم صل على محمّد وأهل بيته المظلومين أفضل و أكمل وأرفع وأشرف ما صليت على أحد من أنبيائك ورسلك وأصفيائك اللّهم صل على أمير المؤمنين عبدك وخير خلقك بعد نبيك وأخي رسولك ووصي حبيبك الذي انتجبته من خلقك والدليل على من بعثته برسالاتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك و السلام عليه ورحمة الله وبركاته اللّهم صل على الأئمة علیهم السّلام من ولده القوامين بأمرك من بعده والمطهرین الذين ارتضيتهم أنصارا لدينك وحفظة لسرك وشهداء على خلقك وأعلاما لعبادك صلوات الله عليهم أجمعين السلام على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصی رسول الله وخليفته والقائم بأمره من بعده سيد الوصيين ورحمة الله وبركاته السلام على فاطمة بنت رسول الله سيدة نساء العالمين السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين السلام على الأمة الراشدين: السلام على الأنبياء والمرسلين السلام على الأئمة المستودعين السلام على خاصة الله من خلقه السلام

ص: 348


1- هذه الجملة لا تدل على استدبار القبلة لان استقبال القبر اعم من استدبار القبلة كما هو معلوم. السبزواري

على المتوسمين السلام على المؤمنين الذين قاموا بأمره ووازروا أولياء الله وخافوا

بخوفهم السلام على الملائكة المقربين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم امش حتى تقف على القبر واستقبله بوجهك واجعل القبلة بين كتفيك (1) وقل السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك ياصفوة الله السلام عليك يا ولي الله السلام عليك يا حجة الله السلام عليك يا إمام الهدي السلام عليك يا علم التقى السلام عليك أيها الوصي البر التقي النقي الوفي السلام عليك يا أبا الحسن والحسين السلام عليك يا عمود الدين السلام عليك يا سيد الوصيين وأمين رب العالمين وديان يوم الدين وخير المؤمنين وسيد الصديقين والصفوة من سلالة النبيين وباب حكمة رب العالمين وخازن وحيه وعيبة علمه والناصح لأمة نبيه والتالي الرسوله والمواسي له بنفسه والناطق بحجته والداعي إلى شريعته والماضي على سنته اللّهم إني أشهد أنه قد بلغ عن رسولك ما حمل ورعی ما استحفظ وحفظ ما استودع وحلل حلالك وحرم حرامك وأقام أحكامك وجاهد الناكثين في سبيلك والقاسطين في حكمك والمارقين عن أمرك صابرا محتسبا لا تأخذه في الله لومة لائم اللّهم صل عليه أفضل ما صليت على أحد من أوليائك وأصفيائك وأوصياء أنبيائك اللهم هذا قبر وليك الذي فرضت طاعته وجعلت في أعناق عبادك متابعته وخليفتك الذي به تأخذ وتعطي وبه تثيب وتعاقب وقد قصدته طمعا لما أعددته الأوليائك فبعظيم قدره عندك وجليل خطره لديك وقرب منزلته منك صل على محمّد و آل محمّد وافعل بي ما أنت أهله فإنك أهل الكرم والجود والسلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح ورحمة الله وبركاته.

ص: 349


1- نص في استدبار القبلة. السبزواري

البحار: ج 41 ص 135

22- زيارة رابعة مليحة (1) يزار بها صلوات الله وسلامه عليه يقصد باب السلام ويكبر الله عزّ وجلّ أربعا وثلاثين تكبيرة ويقول سلام الله وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وعباده الصالحين وجميع الشهداء والصديقين عليك يا أمير المؤمنين السلام على آدم صفوة الله السلام على نوح نبي الله السلام على إبراهيم خليل الله السلام على موسی کلیم الله السلام على عیسی روح الله السلام على محمّد حبیب الله ورحمة الله وبركاته السلام على اسم الله الرضي ووجهه العلي وصراطه السوي السلام على المهذب الصيفي السلام على أبي الحسن علي بن أبي طالب ورحمة الله وبركاته السلام على خالص الأخلاء السلام على الخصوص بسيدة النساء السلام على المولود في الكعبة المزوج في السماء السلام على أسد الله في الوغى السلام على من شرفت به مكة ومني السلام على صاحب الحوض وحامل اللواء السلام على خامس أهل العباء السلام على البائت على فراش النبي ومفديه بنفسه من الأعداء السلام على قالع باب خیبر والداحي به في الفضاء السلام على مكلم الفتية في كهفهم بلسان الأنبياء السلام على منيع القليب في الفلا السلام على قالع الصخرة وقد عجز عنها الرجال الأشداء السلام على مخاطب الذئب ومكلم الجمجمة بالنهروان وقد نخرت العظام بالبلى السلام على مخاطب الثعبان على منبر الكوفة بلسان الفصحاء السلام على الإمام الزكي حليف المحراب السلام على المعجز الباهر والناطق بالحكمة والصواب السلام على من عنده تأويل المحكم والمتشابه «وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» السلام على من ردت عليه الشمس حين تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ السلام على

ص: 350


1- ليس في هذه الزيارة ذكر من استدبار القبلة. السبزواري

محيي الليل البهيم بالتهجد والاكتياب السلام على من خاطبه جبرئیل بإمرة المؤمنين بغير ارتياب ورحمة الله وبركاته السلام على سيد السادات السلام على صاحب المعجزات السلام على من عجب من حملاته في الحروب ملائكة سبع سماوات السلام على من ناجي الرسول فقدم بين يدي نجواه صدقات السلام على أمير الجيوش وصاحب الغزوات السلام على مخاطب ذئب الفلوات السلام على نور الله في الظلمات السلام على من ردت له الشمس فقضى ما فاته من الصلاة ورحمة الله وبركاته السلام على أمير المؤمنين السلام على سيد الوصيين السلام على إمام المتقين السلام على وارث علم النبيين السلام على يعسوب الدين السلام على عصمة المؤمنين السلام على قدوة الصادقين ورحمة الله وبركاته السلام على حجة الأبرار السلام على أبي الأئمة الأطهار السلام على الخصوص بذي الفقار السلام على ساقي أوليائه من حوض النبي المختار صلّي الله علیه و آله ما اطرد الليل والنهار السلام على النبي العظيم السلام على من أنزل الله فيه «وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ» السلام على صراط الله المستقيم السلام على المنعوت في التوراة والإنجيل والقرآن الحكيم ورحمة الله وبركاته ثم تنكب على الضريح و تقبله و تقول يا أمين الله يا حجة الله يا ولي الله یا صراط الله زارك عبدك ووليك اللائذ بقبرك والمنيخ رحله بفنائك المتقرب إلى الله عزّوجلّ والمستشفع بك إلى الله زيارة من هجر فيك صحبه و جعلك بعد الله حسبه أشهد أنك الطور والكتاب المسطور والرق المنشور وبحر العلم المسجور یا ولي الله إن لكل مزور عناية فيمن زاره وقصده وأتاه وأنا وليك وقد حططت رحلي بفنائك ولجأت إلى حرمك ولذت بضريحك لعلمي بعظيم منزلتك وشرف حضرتك وقد أثقلت الذنوب ظهري ومنعتني رقادي فما أجد حرزا ولا معقلا ولا ملجأ ألجأ إليه إلا الله تعالى و توسلي بك إليه و استشفاعي لديك فها أنا ذا نازل بفنائك ولك عند الله

ص: 351

جاه عظيم ومقام کریم فاشفع لي عند الله ربك يا مولاي ثم قبل الضريح ووجه وجهك إلى القبلة وقل اللهم إني أتقرب إليك يا أسمع السامعين ويا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين ويا أجود الأجودين بمحمّد خاتم النبيين رسولك إلى العالمين وبأخيه و ابن عمه الأنزع البطين العالم المبين علي أمير المؤمنين والحسن والحسين الإمامين الشهيدين وبعلي بن الحسين زين العابدين و بمحمّد بن علي باقر علم الأولين وبجعفر بن محمّد زكي الصديقين وبموسی بن جعفر الكاظم المبين حبيس الظالمين وبعلي بن موسی الرضا الأمين ومحمّد بن علي الجواد علم المهتدين وبعلي بن محمّد البر الصادق سید العابدين وبالحسن بن علي العسكري ولي المؤمنين وبالخلف الحجة صاحب الأمر مظهر البراهين أن تكشف ما بي من الهموم وتكفيني شر البلاء المحتوم وتجيرني من النار ذات السموم برحمتك يا أرحم الراحمين ثم ادع بما تريد وودعه وانصرف إن شاء الله تعالى.

البحار: ج 41 ص 137

23 - ثم قال السيّد رحمه الله زيارة خامسة ورد فيها ثواب مضاعف یزار بها صلوات الله علیه تقف على ضريحه الشريف و تقول أقول أورد الشيخ المفيد رحمه الله هذه الزيارة بأدنى تغيير مع زيادات فتتبع لفظه لأنه أسبق وأوثق قال رحمه الله تتمة في ذكر زيارة مولانا أبي الحسن أمير المؤمنين وأبي عبد الله الحسين صلوات الله عليهما جميعا وهي مروية عن أبي عبد الله علیه السّلام إذا أردت ذلك فقف متوجها (1) إلى قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقل السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك يا أمين الله السلام على من اصطفاه الله واختصه واختاره من بريته السلام

ص: 352


1- ليس فيها ذكر من استدبار القبلة. السبزواري

عليك يا خلیل الله ما دجى الليل وغسق وأضاء النهار وأشرق السلام عليك ما صمت صامت ونطق ناطق وذر شارق ورحمة الله وبركاته السلام على مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صاحب السوابق والمناقب والنجدة ومبيد الكتائب الشديد البأس العظيم المراس المكين الأساس ساقي المؤمنين بالكأس من حوض الرسول المكين الأمين السلام على صاحب النهى والفضل والطوائل والمكرمات والنوائل السلام على فارس المؤمنين وليث الموحدين وقاتل المشركين ووصي رسول رب العالمين ورحمة الله وبركاته السلام على من أيده الله بجبرئيل وأعانه ميكائيل وأزلفه في الدارين وحباه بكل ما تقر به العين وصلى الله عليه وعلى آله الطاهرين وعلى أولاده المنتجبين وعلى الأئمة الراشدين الذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وفرضوا علينا الصلوات وأمروا بإيتاء الزكاة وعرفونا صيام شهر رمضان وقراءة القرآن السلام عليك يا أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين السلام عليك يا باب الله السلام عليك يا عين الله الناظرة ويده الباسطة وأذنه الواعية وحكمته البالغة ونعمته السابقة السلام على قسيم الجنة والنار السلام على نعمة الله على الأبرار ونقمته على الفجار السلام على سيد المتقين الأخيار السلام على أخي رسول الله وابن عمه وزوج ابنته والمخلوق من طينته السلام على الأصل القديم و الفرع الكريم السلام على التمر الجني السلام على أبي الحسن علي السلام على شجرة طوبي وسدرة المنتهى السلام على آدم صفوة الله ونوح نبي الله وإبراهيم

خليل الله وموسی کلیم الله وعیسی روح الله ومحمّد حبیب الله ومن بينهم من الصديقين والنبيين وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا السلام على نور الأنوار وسليل الأطهار وعناصر الأخيار السلام على والد الأئمة الأطهار السلام على حبل الله المتين وجنبه المكين ورحمة الله وبركاته السلام على أمين الله في أرضه

ص: 353

وخليفته والحاكم بأمره والقيم بدينه والناطق بحكمته والعامل بكتابه أخي الرسول وزوج البتول وسيف الله المسلول السلام على صاحب الدلالات والآيات الباهرات والمعجزات القاهرات والمنجي من الهلكات الذي ذكره الله في محكم الآيات فقال تعالى «وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ» السلام على اسم الله الرضي ووجهه المضيء وجنبه العلي ورحمة الله وبركاته السلام على حجج الله وأوصيائه وخاصة الله وأصفيائه وخالصته وأمنائه ورحمة الله وبركاته قصدتك يا مولاي يا أمين الله وحجته زائرا عارفا بحقك مواليا لأوليائك معاديا لأعدائك متقربا إلى الله بزيارتك فاشفع لي عند الله ربي وربك في خلاص رقبتي من النار وقضاء حوائجي حوائج الدنيا والآخرة ثم انكب على القبر فقبله وقل سلام الله وسلام ملائكته المقربين والمسلمين لك بقلوبهم يا أمير المؤمنين والناطقين بفضلك والشاهدين على أنك صادق أمين صديق عليك ورحمة الله وبركاته أشهد أنك طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر أشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء وأشهد أنك جنب الله وبابه وأنك حبیب الله ووجهه الذي يؤتى منه وأنك سبيل الله وأنك عبد الله وأخو رسول الله صلّي الله علیه و آله أتيتك متقربا إلى الله عزّ وجلّ بزيارتك راغبا إليك في الشفاعة أبتغي بشفاعتك خلاص رقبتي من النار متعوذا بك من النار هاربا من ذنوبي التي احتطبتها على ظهري فزعا إليك رجاء رحمة ربي أتيتك أستشفع بك يا مولاي وأتقرب بك إلى الله ليقضي بك حوائجي فاشفع يا أمير المؤمنين إلى الله فإني عبد الله ومولاك وزائرك ولك عند الله المقام المحمود والجاه العظيم والشأن الكبير و الشفاعة المقبولة اللّهم صل على محمّد وآل محمّد و صل على أمير المؤمنين عبدك المرتضى وأمينك الأوفي وعروتك الوثقی ويدك العليا وجنبك الأعلى وكلمتك الحسنى وحجتك على الوری وصديقك الأكبر وسيد الأوصياء وركن الأولياء وعماد

ص: 354

الأصفياء أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقدوة الصالحين وإمام المخلصين والمعصوم من الخلل المهذب من الزلل المطهر من العيب المنزه من الريب أخي نبيك ووصي رسولك البائت على فراشه والمواسي له بنفسه وكاشف الكرب عن وجهه الذي جعلته سيفا لنبوته و آية لرسالته وشاهدا على أمته ودلالة لحجته وحاملا لرايته ووقاية لمهجته وهاديا لأمته ویدالبأسه وتاجا لرأسه وبابا لسره ومفتاحالظفره حتى هزم جيوش الشرك بإذنك وأباد عساكر الكفر بأمرك وبذل نفسه في مرضاة رسولك وجعلها وقفا على طاعته فصل اللّهم عليه صلاة دائمة باقية ثم قل السلام عليك يا ولي الله والشهاب الثاقب والنور العاقب یا سليل الأطايب ياسر الله إن بيني وبين الله تعالى ذنوبا قد أثقلت ظهري ولا يأتي عليها إلا رضاه فبحق من ائتمنك على سره واسترعاك أمر خلقه كن لي إلى الله شفیعا ومن النار مجيرا وعلى الدهر ظهيرا فإني عبد الله ووليك وزائرك صلى الله عليك وصل ست ركعات صلاة الزيارة وادع بما أحببت وقل السلام عليك يا أمير المؤمنين عليك مني سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ثم أومئ إلى الحسين علیه السّلام وقل السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك يا ابن رسول الله أتيتكما زائرا ومتوسلا إلى الله تعالى ربي وربكما و متوجها إلى الله بكما مستشفعا بكما إلى الله في حاجتي هذه فاشفعا لي فإن لكما عند الله المقام المحمود والمياه الوجيه والمنزل الرفيع و الوسيلة إني أنقلب عنكما منتظرا التنجز الحاجة وقضائها ونجاحها من الله بشفاعتكمالي إلى الله في ذلك فلا أخيب ولا يكون منقلبي عنكما منقلبا خلسرا بل يكون منقلبي منقلبا راجحا مفلحامنجحا مستجابالي بقضاء جميع الحوائج فاشفعا لي أنقلب على ما شاء الله لا حول وقوة إلا بالله مفوضا أمري إلى الله ملجئا ظهري إلى الله متوكلا على الله وأقول حسبي الله وكني سمع الله لمن دعا ليس وراء الله ووراءكم يا سادتي منتهی ما شاء الله ربي كان

ص: 355

وما لم يشأ لم يكن يا سيدي يا أمير المؤمنین و مولاي وأنت يا أبا عبد الله سلامي عليكما متصل ما اتصل الليل والنهار واصل إليكما غير محجوب عنکما سلامي إن شاء الله وأسأله بحقكما أن يشاء ذلك ويفعل فإنه حمید مجید أنقلب يا سيدي عنكما تائبا حامدا لله شاكرا راضيا مستيقنا للإجابة غير آیس ولا قانط عائدا راجعا إلى زیارتكما غير راغب عنكما بل راجع إن شاء الله تعالى إليكما یا ساداتي رغبت إليكما بعد أن زهد فيكما وفي زيارتكما أهل الدنيا فلا يخيبني الله فيما رجوت وما أملت في زيارتكما إنه قريب مجيب ثم استقبل إلى القبلة وقل يا الله يا الله يا مجيب دعوة المضطرين وياكاشف كرب المكروبين وياغياث المستغيثين ويا صريخ المستصرخين ويا من هو أقرب إلي من حبل الورید یا من «يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ» ويا من هو «الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» يا من «عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» یا من «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ» ويا من لا تخفى عليه خافية يا من لا تشتبه عليه الأصوات يا من لا تغلطه الحاجات يا من لا يبرمه إلحاح الملحين یا مدرك كل فوت یا جامع کل شمل یا بارئ النفوس بعد الموت يا من هو كل يوم في شأن يا قاضي الحاجات یا منفس الكربات یا معطي السؤلات یا ولي الرغبات یا کافي المهمات یا من يكفي من كل شيء ولا يكفي منه شيء في السماوات والأرض أسألك بحق محمد وعلي أمير المؤمنين وبحق فاطمة عليها السّلام بنت نبيك وبحق الحسن والحسين فإني بهم أتوجه إليك في مقامي هذا وبهم أتوسل وبهم أستشفع إليك وبحقهم أسألك وأقسم وأعزم عليك وبالشأن الذي لهم عندك وبالذي فضلتهم على العالمين وباسمك الذي جعلته عندهم و به خصصتهم دون العالمين وبه أبنتهم وأبنت فضلهم من كل فضل حتى فاق فضلهم فضل العالمين جميعا وأسألك أن تصلي على محمّد و آل محمّد وأن تكشف عني غمي وهمي وكربي وأن تكفيني المهم من أمري و تقضي عني ديني

ص: 356

وتجيرني من الفقر والفاقة و تغنيني عن المسألة إلى المخلوقين وتكفيني هم من أخاف همه وعسر من أخاف عسره وحزونة من أخاف حزونته وشر من أخاف شره ومكر من أخاف مكره وبغي من أخاف بغیه وجور من أخاف جوره و سلطان من أخاف سلطانه و کید من أخاف کیده واصرف عني کیده و مکره ومقدرة من أخاف مقدرته على وترد عني كيد الكيدة ومكر المكرة اللّهم من أرادني بسوء فأرده ومن کادني فكده واصرف عني کیده و بأسه وأمانيه وامنعه عني كيف شئت وأنى شئت اللّهم اشغله عني بفقر لا تجبره وبلاء لا تستره وبفاقة لا تسدها وبسقم لا تعافيه وبذل لا تعزه ومسكنة لا تجبرها اللهم اجعل الذل نصب عينيه وأدخل الفقر في منزله والسقم في بدنه حتى تشغله عني بشغل شاغل لا فراغ له وأنسه ذکری کما أنسيته ذكرك وخذ عني بسمعه وبصره ولسانه ويده ورجله وقلبه وجميع جوارحه وأدخل عليه في جميع ذلك السقم ولا تشفه حتى تجعل له ذلك شغلا شاغلا عني وعن ذکري واكفني ياكافي ما لا يكفي سواك يا مفرج من لا مفرج له سواك ومغيث من لا مغیث له سواك وجار من لا جار له سواك وملجأ من لا ملجأ له غيرك أنت ثقتي ورجائي ومفزعي ومهربي وملجإي ومنجاي فيك أستفتح وبك أستنجح ومحمد و آل محمد أتوجه إليك وأتوسل وأتشفع یا الله یا الله یا الله ولك الحمد ولك المنة وإليك المشتكى وأنت المستعان فأسألك بحق محمّد و آل محمّد أن تصلي على محمّد و آل محمّد وأن تكشف عني غمي وهمي وكربي في مقامي هذا کما كشفت عن نبيك غمه وكربه وهمه وكفيته هول عدوه فاكشف عني كما كشفت عنه وفرج عني کا فرجت عنه واكفني كاكفيته واصرف عني هول ما أخاف هوله ومئونة من أخاف مئونته وهم من أخاف همه بلا مئونة على نفسي من ذلك واصرفني بقضاء حاجتي وكفاية ما أهمني همه من أمر دنياي وآخرتي يا أرحم الراحمين ثم تلتفت إلى أمير

ص: 357

المؤمنين علیه السّلام و تقول السلام عليك يا أمير المؤمنين والسلام على أبي عبد الله الحسين ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكما ولا فرق الله بيني وبينكما ثم تنصرف.

البحار: ج 41 ص 145

20- زيارة أخرى لأمير المؤمنين علیه السّلام و مقدمات ذلك إذا أتيت الكوفة فاغتسل من الفرات قبل دخولها فإنها حرم الله وحرم رسول الله صلّي الله علیه وآله وحرم أمير المؤمنين علیه السّلام وقل حين تريد دخولها بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلّي الله علیه وآله «اللّهم أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ» ثم امش وأنت تكبر الله تعالى وتهلله وتحمده و تسبحه حتى تأتي المسجد فإذا أتيته فقف على بابه واحمد الله كثيرا وأثن عليه بما هو أهله وصل على النبي صلّي الله علیه وآله و على أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثم ادخل فصل ركعتين تحية للمسجد وصل بعدها ما بدا لك ثم امض فاحرز رحلك وتوجه إلى أمير المؤمنين على طهرك وغسلك وعليك السكينة والوقار حتى تأتي مشهده علیه السّلام فإذا أتيته فقف على بابه وقل الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر الحمد لله على هدايته لدينه والتوفيق لما دعا إليه من سبیله اللّهم صل على محمّد وآل محمّد واجعل مقامي هذا مقام من لطفت له منك في إيقاع مرادك وارتضيت له قرباته في طاعتك وأعطيته به غاية مأموله ونهاية سؤله إنك سميع الدعاء قريب مجيب اللّهم إنك أفضل مقصود وأكرم مأتي وقد أتاك متقربا إليك بنبيك نبي الرحمة وبأخيه أمير المؤمنين علیه السّلام فصل على محمّد و آل محمّد ولا تخيب سعيي وانظر إلى نظرة تنعشني بها واجعلني عندك «وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ» ثم ادخل وقدم رجلك اليمني على اليسرى وقل بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه و آله اللهم اغفر لي وارحمني ثم امش حتى تحاذي القبر واستقبله بوجهك وقل السلام على

ص: 358

رسول الله السلام على أمين الله على وحيه وعزائم أمره وللخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله ورحمة الله وبركاته السلام على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السّلام وصي رسول الله وخليفته والقائم بالأمر من بعده وسيد الوصيين ورحمة الله وبركاته السلام على فاطمة بنت رسول الله صلّي الله علیه و آله سيدة نساء العالمين السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين السلام على الأئمة الراشدين السلام على الأنبياء والمرسلين السلام على الملائكة المقربين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم امش حتى تقف على القبر وتستقبله بوجهك وتجعل القبلة بين كتفيك (1) وتقول السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا ولي الله السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا عمود الدين السلام عليك يا حجة الله على الخلق أجمعين السلام عليك أيها النبأ العظيم «الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ» وعنه مسئولون السلام عليك أيها الصديق الأكبر السلام عليك أيها الفاروق الأعظم السلام عليك يا وصي خاتم النبيين السلام عليك يا سيد الوصيين السلام عليك يا أمين الله السلام عليك يا خليل الله وموضع سره وعيبة علمه وخازن وحيه بأبي أنت وأمي يا مولاي يا أمير المؤمنين يا حجة الخصام بأبي أنت وأمي ياباب المقام أشهد أنك حبیب الله وخاصته وخالصته أشهد أنك عمود الدين ووارث علم الأولين والآخرين وصاحب الميسم والصراط المستقيم أشهد أنك قد بلغت عن رسول الله ما حملك وحفظت ما استودعك وحللت حلاله وحرمت حرامه وأقمت أحكام الله ولم تتعد حدوده وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت

ص: 359


1- نص في استدبار القبلة. السبزواري

الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر واتبعت الرسول وتلوت الكتاب حق تلاوته وجاهدت في الله حق جهاده ونصحت لله ورسوله وجدت بنفسك صابرا محتسبا وعن دين الله مجاهدا ولرسوله صلّي الله علیه و آله موقيا ولما عند الله طالبا وفيما وعد راغبا ومضيت للذي كنت علیه شهیدا وشاهدا ومشهودا فجزاك الله عن رسوله او عن الإسلام وأهله أفضل الجزاء لعن الله من خالفك ولعن الله من ظلمك ولعن الله من افترى عليك وغضبك ولعن الله من قتلك ولعن الله من تابع على قتلك ولعن الله من بلغه ذلك فرض به أنا إلى الله منهم براء لعن الله أمة خالفتك وأمة جحدت ولايتك أمة تظاهرت عليك وأمة قتلتك وأمة حادت عنك وأمة خذلتك الحمد لله الذي جعل النار مثواهم «وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ» اللّهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتك وأصلهم حر نارك اللّهم العن الجوابيت و الطواغيت و الفراعنة واللات والعزى وكل ند يدعی من دونك وكل ملحد مفتر اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم وأولياءهم وأعوانهم ومحبيهم لعنا كبيرا لا انقطاع له ولا نفاد ولا منتهی ولا أجل اللهم إني أبرأ إليك من جميع أعدائك وأسألك أن تصلي على محمّد وآل محمّد وأن تجعل لي لسان صدق في أوليائك وتحبب إلي مشاهدهم حتى تلحقني بهم وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين ثم تحول إلى عند رأسه علیه السّلام وقل سلام الله وسلام ملائكته المقربين والمسلمين لك بقلوبهم والناطقين والشاهدين على أنك صادق صديق عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك وأشهد أنك طهر طاهر مطهر وأشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء وأشهد أنك جنب الله وأنك وجه الله الذي يؤتى منه وأنك سبيل الله وأنك عبد الله وأخو رسوله أتيتك وافدا لعظیم حالك ومنزلتك عند الله وعند رسوله صلّي الله علیه و آله أتيتك متقربا إلى الله بزيارتك في خلاص نفسي متعوذا من نار استحقها

ص: 360

مثلي بما جنيت على نفسي أتيتك انقطاعا إليك وإلى وليك الخلف من بعدك على الحق فقلبي لك مسلم وأمري لك متبع ونصرتي لك معدة وأنا عبد الله ومولاك في طاعتك والوافد إليك ألتمس بذلك كمال المنزلة عند الله وأنت يا مولاي من أمرني الله بصلته وحثني على بره ودلني على فضله وهداني لحبه ورغبني إليه وألهمني في الوفادة إليه طلب الحوائج عنده أنتم أهل بيت يسعد من تولاكم ولايخيب من یهواكم ولا يسعد من عاداكم لا أجد أحدا أفزع إليه خيرا لي منكم أنتم أهل بيت الرحمة ودعائم الدين وأركان الأرض والشجرة الطيبة اللّهم لا تخيب توجهي إليك برسولك و آل رسولك واستشفاعي بهم إليك اللّهم أنت مننت علي بزيارة مولاي أمير المؤمنين وولايته ومعرفته فاجعلني ممن تنصره و تنتصر به ومن علي بنصري لدينك في الدنيا والآخرة اللّهم إني أحيا على ما حبي عليه مولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لو أموت على ما مات عليه ثم انكب على القبر فقبله وضع خدك الأيمن عليه ثم الأيسر ثم انفتل إلى القبلة وتوجه إليها وأنت في مقامك عند الرأس فصل ركعتين تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وسورة الرحمن وفي الثانية الحمد ويس ثم تنشهد و تسلم فإذا سلمت تسبح تسبيح الزهراء علیهاالسّلام واستغفر وادع واسجد لله شكرا وقل في سجودك اللهم إليك توجهت وبك اعتصمت وعليك توكلت اللّهم أنت ثقتي ورجائي فاكفني ما أهمني وما لا يهمني وما أنت أعلم به مني عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك صل على محمّد و آل محمد وقرب فرجهم ثم ضع خدك الأمن على الأرض وقل ارحم ذلي بين يديك و تضرعي إليك ووحشتي من العالم وأنسي بك یا کریم ثلاثا ثم ضع خدك الأيسر على الأرض وقل لا إله إلا أنت ربي حقا حقا سجدت لك يارب تعبدا ورقا اللّهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي يا کريم ثلاثا ثم عد إلى السجود وقل شكرا شكرا مائة مرة فتقوم فتصلي أربع ركعات تقرأ فيها بمثل ما

ص: 361

قرأت به في الركعتين ويجزيك أن تقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر وسورة الإخلاص ويجزيك إذا عدلت عن ذلك ما تيسر لك من القرآن تكمل بالأربع ست ركعات الركعتان الأوليان منها لزيارة أمير المؤمنين علیه السّلام والأربع لزيارة آدم ونوح علیه السّلام ثم تسبح تسبيح الزهراء علیهاالسّلام و تستغفر لذنبك وتدعو بما بدا لك وتتحول إلى الرجلين فتقف و تقول السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته أنت أول مظلوم وأول مغصوب حقه صبرت واحتسبت حتى أتاك اليقين أشهد أنك لقيت الله وأنت شهید عذب الله قاتلك بأنواع العذاب جئتك زائرا عارفا بحقك مستبصرا بشأنك معاديا لأعدائك ألقى الله على ذلك ربي إن شاء الله ولي ذنوب كثيرة فاشفع لي عند ربك فإن لك عند الله مقاما معلوما وجاها واسعا و شفاعة وقد قال الله تعالى «وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك وعلى الأمة من ذريتك صلاة لا يحصيها إلا هو وعليكم أفضل السلام ورحمة الله وبركاته واجتهد في الدعاء فإنه موضع مسألة وأكثر من الاستغفار فإنه موضع مغفرة واسأل الحوائج فإنه مقام إجابة فإن أردت المقام في المشهد يومك أو ليلتك فأقم فيه وأكثر من الصلاة والزيارة والتحميد والتسبيح والتكبير والتهليل وذكر الله تعالی و تلاوة القرآن والدعاء والاستغفار.

البحار: ج 41 ص148

26- زيارة أخرى لأمير المؤمنين علیه السّلام (1) تقول السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك يا ولي الله السلام عليك يا حجة الله السلام عليك يا إمام الهدى السلام عليك يا علم التقي

ص: 362


1- ليس فيها ذكر من استدبار القبلة. السبزواري

السلام عليك يا أبا الحسن السلام عليك ياعمود الدين ووارث علم الأولين والآخرين وصاحب الميسم والصراط المستقيم أشهد أنك قد أقمت الصلاة وبلغت عن الله عزّ وجلّ ووفيت بعهد الله وتمت بك كلمات الله وجاهدت في الله حق جهاده ونصحت لله ولرسوله وجدت بنفسك صابرا ومجاهدا عن دين الله مؤمنا برسول الله طالبا ما عند الله راغبا فيما وعد الله ومضيت للذي كنت علیه شاهدا وشهیدا ومشهودا فجزاك الله عن رسوله وعن الإسلام وأهله من صديق أفضل الجزاء كنت أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأشدهم یقینا وأخوفهم لله وأعظمهم عناء وأحوطهم على رسوله وأفضلهم مناقب وأكثرهم سوابق وأرفعهم درجة وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه قویت حين ضعف أصحابه و برزت حين استكانوا ونهضت حين وهنوا ولزمت منهاج رسول الله صلّي الله علیه و آله كنت خليفته حقا لم تنازع برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكره الحاسدين وضعف الفاسقين فقمت بالأمر حين فشلوا ونطقت حين تتعتعوا ومضيت بنور الله إذ وقفوا فمن اتبعك فقد هدي کنت أقلهم كلاما وأصوبهم منطقا وأكثرهم رأيا و أشجعهم قلبا وأشدهم يقينا وأحسنهم عملا وأعناهم بالأمور کنت للدين يعسوبا أولا حين تفرق الناس وأخيرا حين فشلوا کنت للمؤمنين أبا رحیما إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ماعنه ضعفوا وحفظت ما أضاعوا ورعیت ما أهملوا وشمرت إذ اجتمعوا وشهدت إذ جمعوا وعلوت إذ هلعوا وصبرت إذ جزعوا كنت على الكافرين عذابا صبا وللمؤمنين غيثا وخصبا لم تفلل حجتك ولم يرع قلبك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك ولم تهن كنت كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف وكنت كما قال رسول الله صلّي الله علیه و آله ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله تعالى متواضعا في نفسك عظيما عند الله عزّ وجلّ كبيرا في الأرض جليلا عند المؤمنين لم يكن لأحد فيك مهمز ولا لقائل فيك

ص: 363

مغمز ولا لأحد فيك مطمع ولا لأحد عندك هوادة الضعيف الذليل عندك قوي عزیز حتى تأخذ بحقه والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق والقريب والبعيد عندك سواء شأنك الحق والصدق والرفق وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وحزم ورأيك علم وعزم اعتدل بك الدين وسهل بك العسير وأطفئت بك النيران وقوي بك الإيمان و ثبت بك الإسلام والمؤمنون سبقت سبقا بعيدا وأتعبت من بعدك تبعا شديدا فجللت عن البكاء وعظمت رزیتك في السماء وهدت مصيبتك الأنام ف- «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» رضينا عن الله قضاءه و سلمنا لله أمره فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا كنت للمؤمنين کهفا حصينا وعلى الكافرين غلظة وغيظا فألحقك الله بنبيه ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وتصلي عنده علیه السّلام ست رکعات تسلم في كل ركعتين لأن في قبره عظام آدم و جسد نوح وأمير المؤمنين فتصلي لكل زيارة ركعتين.

البحار: ج 41 ص 153

29 - زيارة صفوان الجمال لأمير المؤمنين علیه السّلام السلام عليك يا أبا الأئمة ومعدن الوحي والنبوة والمخصوص بالأخوة السلام علي يعسوب الدين والإيمان وكلمة الرحمن وكهف الأنام السلام على ميزان الأعمال ومقلب الأحوال وسيف ذي الجلال السلام على صالح المؤمنين ووارث علم النبيين والحاكم يوم الدين السلام على شجرة التقوى وسامع السر والنجوی ومنزل المن والسلوى السلام على حجة الله البالغة ونعمته السابغة ونقمته الدامغة السلام على إسرائيل الأمة وباب الرحمة وأبي الأئمة السلام على صراط الله الواضح والنجم اللائح والإمام الناصح و الزناد القادح السلام على وجه الله الذي من آمن به أمن السلام على نفس الله تعالى القائمة فيه

ص: 364

بالسنن (1) وعينه التي من عرفها يطمئن السلام على أذن الله الواعية في الأمم ويده الباسطة بالنعم وجنبه الذي من فرط فيه ندم أشهد أنك مجازي الخلق وشافع الرزق والحاكم بالحق بعثك الله علما لعباده فوفيت بمراده وجاهدت في الله حق جهاده فصلى الله عليكم وجعل أفئدة من الناس تهوي إليكم فللخير منك وإليك عبدك الزائر لحرمك اللائذ بكرمك الشاكر لنعمك قد هرب إليك من ذنوبه ورجاك لكشف کروبه فأنت ساتر عيوبه فكن لي إلى الله سبيلا ومن النار مقيلا ولما أرجو فيك كفيلا أنجو نجاة من وصل حبله بحبلك و سلك بك إلى الله سبيلا فأنت سامع الدعاء وولي الجزاء علينا منك السلام وأنت السيّد الكريم والإمام العظيم فکن بنا رحيما يا أمير المؤمنين و السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

باب (5) / زیاراته صلوات الله عليه المختصّة بالأيام والليالي منها زيارة يوم الحادي والعشرين من شهر رمضان

البحار: ج 41 ص 172

6- ثم قال المفيد رحمه الله وأما الرواية الثانية فهي ما روي عن أبي محمّد الحسن بن العسكري عن أبيه صلوات الله عليهما وذكر أنه علیه السّلام زار بها في يوم الغدير في السنة التي أشخصه المعتصم فإذا أردت ذلك فقف على باب القبة الشريفة واستأذن وادخل مقدما رجلك اليمنى على اليسرى وامش حتى تقف على الضريح واستقبله واجعل

ص: 365


1- لعلّ المراد النفسي المخلوقة لله تعالى التي قامت في نفسه بتكميلها بالسنن والأحكام السبزواري

القبلة بين كتفيك (1) وقل السلام على محمّد رسول الله خاتم النبيين و سید المرسلين وصفوة رب العالمين أمين الله على وحيه وعزائم أمره والخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله ورحمة الله وبركاته وصلواته وتحياته والسلام على أنبياء الله ورسله وملائكته المقربين وعباده الصالحين السلام عليك يا أمير المؤمنين وسيد الوصيين ووارث علم النبيين وولي رب العالمين ومولاي ومولى المؤمنين ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا مولاي يا أمير المؤمنين يا أمين الله في أرضه وسفيره في خلقه وحجته البالغة على عباده السلام عليك يا دين الله القويم وصراطه المستقيم السلام عليك أيها النبأ العظيم «الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ» وعنه يسألون السلام عليك يا أمير المؤمنين آمنت بالله وهم مشركون وصدقت بالحق وهم مكذبون وجاهدت وهم محجمون وعبدت الله مخلصا له الدين صابرا محتسبا حتى أتاك اليقين «أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ» السلام عليك يا سيد المسلمين ويعسوب المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ورحمة الله وبركاته أشهد أنك أخو رسول الله ووصيه ووارث علمه وأمينه على شرعه وخليفته في أمته وأول من آمن بالله وصدق بما أنزل على نبيه وأشهد أنه قد بلغ عن الله ما أنزله فيك فصدع بأمره وأوجب على أمته فرض طاعتك وولايتك و عقد عليهم البيعة لك وجعلك أولى بالمؤمنين من أنفسهم کما جعله الله كذلك ثم أشهد الله تعالى عليهم فقال ألست قد بلغت فقالوا اللّهم بلي فقال اللّهم اشهد وكفى بك شهيدا وحاكما بين العباد فلعن الله جاحد ولايتك بعد الإقرار وناكث عهدك بعد الميثاق وأشهد أنك وفيت بعهد الله تعالى وأن الله تعالی موف لك بعهده «وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا

ص: 366


1- نص في الاستدبار. السبزواري

عَظِيمًا» وأشهد أنك أمير المؤمنين الحق الذي نطق بولايتك التنزيل وأخذ لك العهد على الأمة بذلك الرسول وأشهد أنك وعمك وأخاك الذين تاجرتم الله بنفوسكم فأنزل الله فيكم «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» أشهد يا أمير المؤمنين أن الشاك فيك ما آمن بالرسول الأمين وأن العادل بك غيرك عاند عن الدين القويم الذي ارتضاه لنا رب العالمين وأكمله بولايتك يوم الغدير وأشهد أنك المعني بقول العزيز الرحيم وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ فاعوه ولا بعوا الشبل فتفرق بكم عن بیله ضل والله وأضل من اتبع سواك وعند عن الحق من عاداك اللّهم سمعنا لأمرك وأطعنا واتبعنا صراطك المستقيم فاهدنا ربنا و لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا إلى طاعتك و اجعلنا من الشاكرين لأنعمك وأشهد أنك لم تزل للهوى مخالفا وللتقي محالفا وعلى كظم الغيظ قادرا وعن الناس عافيا غافرا وإذا عصى الله ساخطا وإذا أطيع الله راضيا وبما عهد إليك عاملا راعيا لما استحفظت حافظا لما استودعت مبلغا ما حملت منتظرا ما وعدت وأشهد أنك ما اتقيت ضارعا ولا أمسكت عن حقك جازعا ولا أحجمت عن مجاهدة عاصيك ناکلا ولا أظهرت الرضا بخلاف ما يرضى الله مداهنا ولا هنت لما أصابك في سبيل الله ولا ضعفت ولا استكنت عن طلب حقك مراقبا معاذ الله أن تكون كذلك بل إذ ظلمت احتسبت ربك وفوضت إليه أمرك وذكرتم فما ادکروا ووعظتهم فما اتعظوا وخوفتهم الله فما تخوفوا وأشهد أنك یا أمير المؤمنين جاهدت في الله حق جهاده حتى دعاك الله إلى جواره وقبضك إليه

ص: 367

باختياره وألزم أعداءك الحجة بقتلهم إياك لتكون الحجة لك عليهم مع ما لك من الحجج البالغة على جميع خلقه السلام عليك يا أمير المؤمنين عبدت الله مخلصا وجاهدت في الله صابرا وجدت بنفسك محتسبا وعملت بكتابه واتبعت سنة نبيه وأقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ما استطعت مبتغيا ما عند الله راغبا فيما وعد الله لا تحفل بالنوائب ولا تهن عند الشدائد ولا تحجم عن محارب إفك من نسب غير ذلك إليك وافتری باطلا عليك وأولى لمن عند عنك لقد جاهدت في الله حق الجهاد وصبرت على الأذى صبر احتساب وأنت أول من آمن بالله وصلى له وجاهد وأبدى صفحته في دار الشرك والأرض مشحونة ضلالة والشيطان يعبد جهرة وأنت القائل لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة ولا تفرقهم عني وحشة ولو أسلمني الناس جميعا لم أكن متضرعا اعتصمت بالله فعززت وآثرت الآخرة على الأولى فزهدت وأيدك الله وهداك وأخلصك و اجتباك فما تناقضت أفعالك ولا اختلفت أقوالك ولا تقلبت أحوالك ولا ادعيت ولا انتریت على الله كذبا ولا شرهت إلى الحطام ولا دنسك الآثام ولم تزل على بينة من ربك ويقين من أمرك تهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم أشهد شهادة حق وأقسم بالله قسم صدق إن محمّدا وآله صلوات الله عليهم سادات الخلق وأنك مولاي ومولى المؤمنين وأنك عبد الله وولیه وأخو الرسول ووصيه ووارثه وأنه القائل لك والذي بعثني بالحق ما آمن بي من كفر بك ولا أقر بالله من جحدك وقد ضل من صد عنك ولم يهتد إلى الله ولا إلى من لا يهتدي بك وهو قول ربي عزّ وجلّ «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى» إلى ولايتك مولاي فضلك لا يخفي ونورك لا يطفي وأن من جحدك الظلوم الأشقى مولاي أنت الحجة على العباد والهادي إلى الرشاد والعدة للمعاد مولاي لقد رفع الله في الأولى منزلتك وأعلى في الآخرة

ص: 368

درجتك وبصرك ما عمى على من خالفك وحال بينك وبين مواهب الله لك فلعن الله مستحلى الحرمة منك وذائد الحق عنك وأشهد أنهم الأخسرون الذين «تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ» وأشهد أنك ما أقدمت ولا أحجمت ولا نطقت ولا أمسكت إلا بأمر من الله ورسوله قلت والذي نفسي بيده لقد نظر إلي رسول الله صلّي الله علیه و آله أضرب بالسيف قدما فقال يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأعلمك أن موتك وحياتك معي وعلى سنتي فو الله ماكذبت ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي ولا نسيت ما عهد إلى ربي وإني لعلى بينة من ربي بينها لنبيه وبينها النبي لي وإني لعلى الطريق الواضح ألفظه لفظا صدقت والله وقلت الحق فلعن الله من ساواك بمن ناواك والله جل اسمه يقول «هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» فلعن الله من عدل بك من فرض الله عليه ولايتك وأنت ولي الله وأخو رسوله والذاب عن دينه والذي نطق القرآن بتفضيله قال الله تعالى «وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا»وقال الله تعالى «أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ «خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ» أشهد انك المخصوص بمدحة الله المخلص لطاعة الله لم تبغ بالهدی بدلا ولم تشرك بعبادة ربك أحدا وأن الله تعالى استجاب لنبيه صلّي الله علیه و آله فيك دعوته ثم أمره بإظهار ما أولاك لأمته إعلاء لشأنك وإعلانا لبرهانك ودحضا للأباطيل وقطعا للمعاذير فلما أشفق من فتنة الفاسقين واتقي فيك المنافقين أوحى إليه رب العالمين «يَا أَيُّهَا

ص: 369

الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» فوضع على نفسه أوزار المسير ونهض في رمضاء الهجير فخطب فأسمع ونادي فأبلغ ثم سألهم أجمع فقال هل بلغت فقالوا اللّهم بلي فقال اللّهم اشهد ثم قال أ لست أولى بالمؤمنين من أنفسهم فقالوا بلى فأخذ بيدك وقال من کنت مولاه فهذا علي مولاه اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله فما آمن بما أنزل الله فيك على نبيه إلا قليل ولا زاد أكثرهم غير تخسير ولقد أنزل الله تعالى فيك من قبل وهم کارهون «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» اللّهم إنا نعلم أن هذا هو الحق من عندك فالعن من عارضه واستكبر وكذب به وكفر «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» السلام عليك يا أمير المؤمنين وسيد الوصيين وأول العابدين وأزهد الزاهدين ورحمة الله وبركاته وصلواته وتحياته أنت مطعم الطعام «عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا» لوجه الله لا تريد منهم «جَزَاءً وَلَا شُكُورًا» وفيك أنزل الله تعالى «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» وأنت الكاظم للغيظ والعافي عن الناس «وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» وأنت الصابر «فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ » وأنت القاسم بالسوية والعادل في الرعية والعالم بحدود الله من جميع البرية والله تعالى أخبر عما أولاك من

ص: 370

فضله بقوله «أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» وأنت المخصوص بعلم التنزيل وحكم التأويل ونص الرسول ولك المواقف المشهودة والمقامات المشهورة والأيام المذكورة يوم بدر ويوم الأحزاب«إِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا» وقال الله تعالى «وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا» فقتلت عمروهم وهزمت جمعهم «وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا» ويوم أحد إذ يصعدون ولا يلون على أحد والرسول يدعوهم في أخراهم وأنت تذود بهم المشركين عن النبي ذات اليمين وذات الشمال حتی ردهم الله عنكما خائفين ونصر بك الخاذلين ويوم حنين على ما نطق به التنزيل «إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ» والمؤمنون أنت ومن يليك وعمك العباس ينادي المنهزمين يا أصحاب سورة البقرة يا أهل بيعة الشجرة حتى استجاب له قوم قد كفيتهم المئونة وتكفلت دونهم المعونة فعادوا آيسين من المثوبة راجين وعد الله تعالى بالتوبة وذلك قول الله جل ذكره «ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ» وأنت حائز درجة الصبر فائز بعظيم الأجر ويوم خيبر إذ أظهر الله خور المنافقين وقطع دابر الكافرين «وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ «وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ

ص: 371

وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا» مولاي أنت الحجة البالغة والمحجة الواضحة والنعمة السابغة والبرهان المنير فهنيئا لك بما آتاك الله من فضل وتبا لشانئك ذي الجهل شهدت مع النبي صلّي الله علیه و آله جميع حروبه و مغازيه تحمل الراية أمامه و تضرب بالسيف قدامه ثم لحزمك المشهور وبصيرتك في الأمور أمرك في المواطن ولم تكن عليك أميرا وكم من أمر صدك عن إمضاء عزمك فيه التق واتبع غيرك في مثله الهوى فظن الجاهلون أنك عجزت عما إليه انتهی ضل والله الظان لذلك وما اهتدى ولقد أوضحت ما أشكل من ذلك لمن توهم وامتری بقولك صلى الله عليك قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها حاجز من تقوى الله فيدعها رأي العين وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدین صدقت وخسر المبطلون وإذ ماكرك الناكثان فقالا نريد العمرة فقلت لهما لعمرکها ما تريدان العمرة لكن تريدان الغدرة فأخذت البيعة عليهما وجددت الميثاق فجدا في النفاق فلما نبهتهما على فعلهما أغفلا وعادا وما انتفعا وكان عاقبة أمرهما خسرا ثم تلاهما أهل الشام فسرت إليهم بعد الإعذار وهم لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ ولا يتدبرون القرآن همج رعاع ضالون وبالذي أنزل على محمّد فيك کافرون ولأهل الخلاف عليك ناصرون وقد أمر الله تعالى باتباعك وندب المؤمنين إلى نصرك وقال عزّ وجلّ «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» مولاي بك ظهر الحق وقد نبذه الخلق وأوضحت السنن بعد الدروس و الطمس فلك سابقة الجهاد على تصديق التنزيل ولك فضيلة الجهاد على تحقيق التأويل وعدوك عدو الله جاحد لرسول الله يدعو باطلا ويحكم جائرا ويتأمر غاصبا ویدعو حزبه إلى النار وعمار يجاهد وينادي بين الصفين الرواح الرواح إلى الجنة ولما استسقی فسقى اللبن كبر وقال قال لي رسول الله صلّي الله علیه و آله آخرشرابك من الدنيا ضياح من لبن و تقتلك الفئة الباغية فاعترضه أبو العادية الفزاري فقتله فعلى أبي العادية لعنة الله

ص: 372

ولعنة ملائكته ورسله أجمعين وعلى من سل سيفه عليك وسللت سيفك عليه يا أمير المؤمنين من المشركين والمنافقين إلى يوم الدين وعلى من رضي بما ساءك ولم يكرهه وأغمض عينه ولم ينكر أو أعان عليك بيد أو لسان أو قعد عن نصرك أو خذل عن الجهاد معك أو غمط فضلك وجحد حقك أو عدل بك من جعلك الله أولى به من نفسه وصلوات الله عليك ورحمة الله وبركاته وسلامه وتحياته وعلى الأمة من الك الطاهرين إنه حمید مجید والأمر الأعجب والخطب الأفظع بعد جحدك حقك غصب الصديقة الطاهرة الزهراء علیهالسّلام سيدة النساء فدکا ورد شهادتك وشهادة السیّدین سلالتك وعترة المصطفى صلى الله عليكم وقد أعلى الله تعالى على الأمة درجتكم ورفع منزلتكم وأبان فضلكم وشرفكم على العالمين فأذهب عنکم الرجس وطهركم تطهيرا قال الله جلّ وعزّ «إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا «إِلَّا الْمُصَلِّينَ» فاستثنى الله تعالى نبيه المصطفى وأنت ياسيد الأوصياء من جميع الخلق فما أعمه من ظلمك عن الحق ثم أقرضوك سهم ذوي القربي مكرا أو حادوه عن أهله جورا فلما آل الأمر إليك أجريتهم على ما أجريا رغبة عنهما بما عند الله لك فأشبهت محنتك بهما محن الأنبياء عند الوحدة وعدم الأنصار وأشبهت في البيات على الفراش الذبيح علیه السّلام إذ أجبت كما أجاب وأطعت کما أطاع إسماعيل صابرا محتسبا إذ قال له «يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ» وكذلك أنت لما أباتك النبي صلّي الله علیه و آله و أمرك أن تضجع في مرقده واقيا له بنفسك أسرعت إلى إجابته مطيعا ولنفسك على القتل موطنا فشكر الله تعالى طاعتك وأبان عن جمیل فعلك بقوله جل ذكره «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ» ثم محنتك يوم صفين وقد رفعت المصاحف حيلة ومترا فأعرض الشك وعرف الحق واتبع الظن

ص: 373

أشبهت محنة هارون إذ أمره موسى على قومه فتفرقوا عنه وهارون ينادي بهم ويقول «يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى» وكذلك أنت لما رفعت المصاحف قلت یا قوم إنما فتنتم بها وخدعتم فعصوك وخالفوا عليك و استدعوا نصب المحكمين فأبيت عليهم وتبرأت إلى الله من فعلهم وفوضته إليهم فلما أسفر الحق وسفه المنكر واعترفوا بالزلل والجور عن القصد واختلفوا من بعده وألزموك على سنة التحكيم الذي أبيته وأحبوه وحظرته وأباحوا ذنبهم الذي اقترفوه وأنت على نهج بصيرة وهدی وهم على سنن ضلالة وعمي فما زالوا على النفاق مصرين وفي الغي مترددين حتى أذاقهم الله وبال أمرهم فأمات بسيفك من عاندك فشق وهوى وأحيا بحجتك من سعد فهدی صلوات الله عليك غادية ورائحة وعاكفة وذاهبة فيما يحيط المادح وصفك ولا يحبط الطاعن فضلك أنت أحسن الخلق عبادة وأخلصهم زهادة وأنهم عن الدين، أقمت حدود الله بجهدك وفللت عساكر المارقين بسيفك تخمد لهب الحروب بينانك وتهتك ستور الشبه بيانك و تكشف لبس الباطل عن صريح الحق لا تأخذك في الله لومة لائم وفي مدح الله تعالى لك غني عن مدح المادحين و تقریظ الواصفين قال الله تعالى «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا» ولما رأيت أن قتلت الناكثين والقاسطين والمارقين وصدقك رسول الله صلّي الله علیه و آله وعده فأوفيت بعهده قلت أما آن أن تخضب هذه من هذه أم متى يبعث أشقاها واثقا بأنك على بينة من ربك وبصيرة من أمرك قادم على الله مستبشر ببيعك الذي بايعته به وذلك هو الفوز العظيم اللّهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتك وأصلهم حر نارك والعن من غصب وليك حقه وأنكر عهده و جحده بعد اليقين والإقرار بالولاية له يوم أكملت له الدين

ص: 374

اللّهم العن قتلة أمير المؤمنين ومن ظلمه وأشياعهم وأنصارهم اللّهم العن ظالمی الحسين وقاتليه والمتابعين عدوه وناصريه والراضين بقتله وخاذليه لعنا وبيلا اللّهم العن أول ظالم ظلم آل محمّد و مانعيهم حقوقهم اللّهم خص أول ظالم وغاصب لآل محمّد باللعن وكل مستن باسن إلى يوم القيامة اللهم صل على محمّد و آل محمّد خاتم النبيين وعلى علي سيد الوصيين و آله الطاهرين واجعلنا بهم متمسكين وبولايتهم من الفائزين الآمنين الذين «لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» بیان قوله محجمون يقال أحجم عن الأمر بتقديم المهملة على المعجمة أي كف أو نكص هيبة و بتقديم المعجمة أيضا بمعنى الكف وأكثر النسخ على الأول ويقال عند عن الطريق أي مال قوله علیه السّلام وللتقي محالفا بالحاء المهملة والمحالفة المواخاة وأن يحلف كل من الصديقين لصاحبه على التعاضد والتساعد والاتفاق قوله علیه السّلام ما اتقيت ضارعا أي متذللا متضعفا بل لإطاعة أمره تعالى ورسوله والناكل الضعيف والجبان قوله علیه السّلام مراقبا أي منتظر الحصول منفعة دنيوية ويقال لا يحفل بكذا أي لا يبالي به ويقال أنك كضرب وعلم إفكا بالكسر والفتح والتحريك كذب وأولى له كلمة تهدد ووعيد قال الأصمعي معناه قاربه ما یهلکه وشره کفرح غلب حرصه والحطام ما تكسر من اليبس شبه به زخارف الدنيا وأموالها وقال الجزري في حديث الصوم فإن عمي علیکم قیل هو من العماء السحاب الرقيق أي حال دونه ما أعمى الأبصار عن رؤيته قوله علیه السّلام وذائد الحق أي دافعه ويقال لفحت النار بحرها أي أحرقت و الكالم هو الذي قصرت شفتاه عن أسنانه کما تقلص رءوس الغنم إذا شیطت بالنار وقيل کالِحُون أي عابسون ويقال مضي قدما بضمتين وقد يسكن الدال إذا لم يعرج ولم ينثن قوله علیه السّلام ألفظه لفظا أي أقول ذلك قولا حقا لا أبالي به أحدا قوله علیه السّلام فوضع على نفسه أوزار المسير أي أثقال المسير إلى المقام الخطير الذي كان فيه مظنة إثارة الفتنة

ص: 375

بإقامة الحجة والحاصل أن المراد الأثقال المعنوية ويحتمل أن يكون المراد المشاق البدنية أيضا و الرمضاء الأرض الشديدة الحرارة والهجير نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر أو عند زوالها إلى العصر وشدة الحر .

وقال الفيروزآبادي كل من أعطيته ابتداء من غير مكافاة فقد أوليته قوله علیه السّلام وأنت تذود بهم المشركين كذا في النسخ التي عندنا فلعل الياء للبدلية أي عوضا عنهم أو بمعنى عن ويمكن أن يقرأ بضم الباء وسكون الهاء جمع البهيم وهو المجهول الذي لا يعرف والأظهر أنه تصحيف الدهم بفتح الدال وسكون الماء وهو العدد الكثير أو المصدر من قولك دهمه کسمع ومنع إذا غشيه قوله علیه السّلام ومن يليك أي من كان معك وبقربك في هذا الموقف أو من كان بعدك من الأئمة علیه السّلام والخور بالتحريك الضعف قوله علیه السّلام وقطع دابر الكافرين الدار الآخر أي أهلك آخر من یقی منهم كناية عن استيصالهم قوله علیه السّلام وتبا لشانئك التب الهلاك وهو منصوب بفعل مضمر والشانئ المبغض وقال الجزري الحول ذو التصرف والاحتيال في الأمور والقلب الرجل العارف بالأمور الذي قد ركب الصعب والذلول وقلبها ظهرا لبطن وكان محتالا في أموره حسن التقلب قوله من لا جريحة له في الدين كذا فيما عندنا من النسخ بتقديم الجيم على الحاء المهملة ويمكن أن يكون تصغير الجرح أي لا يرى أمرا من الأمور جارحا في دينه والصواب ما في نهج البلاغة بتقديم الحاء المهملة على الجيم نقلها هكذا ولقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر أهله الغدر کیسا ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة ما لهم قاتلهم الله قد یری.

البحار: ج 41 ص 183

10- قال الشيخ المفيد والشهيد والسيّد ابن طاوس في كتاب الإقبال رضي الله عنهم أجمعين روي أن جعفر بن محمد الصادق علیه السّلام زار أمير المؤمنين صلوات الله عليه

ص: 376

في هذا اليوم بهذه الزيارة وعلمها لمحمّد بن مسلم الثقفي فقال إذا أتيت مشهد أمير المؤمنين صلوات الله عليه فاغتسل للزيارة والبس أنظف ثيابك وشم شيئا من الطيب وعليك السكينة والوقار فإذا وصلت إلى باب السلام فاستقبل القبلة وكبر الله ثلاثين تكبيرة وقل السلام على رسول الله السلام على خيرة الله السلام على البشير النذير السراج المنير ورحمة الله وبركاته السلام على الطهر الطاهر السلام على العلم الزاهر السلام على المنصور المؤيد السلام على أبي القاسم محمّد ورحمة الله وبركاته السلام على أنبياء الله المرسلين وعباد الله الصالحين السلام على ملائكة الله الحافين بهذا الحرم وبهذا الضريح اللائذين به ثم ادن من القبر وقل السلام عليك (1) یا وصي الأوصياء السلام عليك يا عماد الأتقياء السلام عليك يا ولي الأولياء السلام عليك يا سيد الشهداء السلام عليك يا آية الله العظمى السلام عليك يا خامس أهل العباء السلام عليك يا قائد الغر المحجلين الأتقياء السلام عليك يا عصمة الأولياء السلام عليك يا زين الموحدين النجباء السلام عليك يا خالص الأخلاء السلام عليك يا والد الأئمة الأمناء السلام عليك ياصاحب الحوض وحامل اللواء السلام عليك يا قسيم الجنة ولظى السلام عليك يا من شرفت به مكة ومني السلام عليك يا بحر العلوم وكنف الفقراء السلام عليك يا من ولد في الكعبة وزوج في السماء بسيدة النساء وكان شهودها الملائكة الأصفياء السلام عليك يا مصباح الضياء السلام عليك يا من خصه النبي بجزيل الحباء السلام عليك يا من بات على فراش خاتم الأنبياء ووقاه بنفسه شر الأعداء السلام عليك يا من ردت له الشمس فسامی شمعون الصفا السلام عليك يا من أنجي الله سفينة نوح باسمه واسم

ص: 377


1- ليس فيها ذكر من استدبار القبلة. السبزواري

أخيه حيث التطم الماء حولها وطمى السلام عليك يا من تاب الله به وبأخيه على آدم إذ غوي السلام عليك يا فلك النجاة الذي من ركبه نجا ومن تأخر عنه هوی السلام عليك يا من خاطب الثعبان وذئب الفلا السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا حجة الله على من كفر وأناب السلام عليك يا إمام ذوي الألباب السلام عليك يا معدن الحكمة وفصل الخطاب السلام عليك يا من عنده علم الكتاب السلام عليك يا ميزان يوم الحساب السلام عليك يا فاصل الحكم الناطق بالصواب السلام عليك أيها المتصدق بالخاتم في المحراب السلام عليك یا من كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ به يوم الأحزاب السلام عليك يا من أخلص لله الوحدانية وأناب السلام عليك يا قاتل خیبر وقالع الباب السلام عليك يا من دعاه خير الأنام للمبيت على فراشه فأسلم نفسه للمنية وأجاب السلام عليك يا من له طوبي وَحُسْنَ مَآبٍ ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا ولي عصمة الدين و یا سید السادات السلام عليك يا صاحب المعجزات السلام عليك يا من نزلت في فضله سورة العادات السلام عليك يا من كتب اسمه في السماء على السرادقات السلام عليك يا مظهر العجائب والآيات السلام عليك يا أمير الغزوات السلام عليك يا مخبرا بما غبر وبما هو آت السلام عليك يا مخاطب ذئب الفلوات السلام عليك يا خاتم الحصى ومبين المشكلات السلام عليك يا من عجبت من حملاته في الوغى ملائكة السماوات السلام عليك يا من ناجي الرسول فقدم بين يدي نجواه الصدقات السلام عليك يا والد الأئمة البررة السادات ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا تالي المبعوث السلام عليك يا وارث علم خير موروث ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا إمام المتقين السلام عليك يا غياث المكروبين السلام عليك يا عصمة المؤمنين السلام عليك يا مظهر البراهين السلام عليك يا طه ويس السلام عليك يا حبل الله

ص: 378

المتين السلام عليك يا من تصدق في صلاته بخاتمه على المسكين السلام عليك يا قالع الصخرة عن فم القليب ومظهر الماء المعين السلام عليك يا عين الله الناظرة ويده الباسطة ولسانه المعبر عنه في بريته أجمعين السلام عليك يا وارث علم النبيين ومستودع علم الأولين والآخرين وصاحب لواء الحمد وساقي أوليائه من حوض خاتم النبيين السلام عليك يا يعسوب الدين وقائد الغر المحجلين ووالد الأئمة المرضيين ورحمة الله وبركاته السلام على اسم الله الرضي ووجهه المضيء وجنبه القوي وصراطه السوي السلام على الإمام التقي المخلص الصفي السلام على الكوكب الدري السلام على الإمام أبي الحسن علي ورحمة الله وبركاته السلام على أمة الهدى ومصابيح الدجى وأعلام التقي ومنار الهدى وذوي النهي وكهف الورى والعروة الوثق والحجة على أهل الدنيا ورحمة الله وبركاته السلام على نور الأنوار وحجج الجبار ووالد الأئمة الأطهار وقسيم الجنة والنار الخبر عن الآثار المدمر على الكفار مستنقذ الشيعة المخلصين من عظيم الأوزار السلام على الخصوص بالطاهرة التقية ابنة المختار المولود في البيت ذي الأستار المزوج في السماء بالبرة الطاهرة الرضية المرضية ابنة الأطهار ورحمة الله وبركاته السلام على «النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ» وعليه يعرضون وعنه يسألون السلام على نور الله الأنور وضيائه الأزهر ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا ولي الله وحجته فيه وخالصة الله وخاصته أشهد أنك يا ولي الله وحجته لقد جاهدت في سبيل الله حق جهاده و اتبعت منهاج رسول الله صلّي الله علیه و آله و حللت حلال الله وحرمت حرام الله وشرعت أحكامه وأقمت الصلاة و آتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وجاهدت في سبيل الله صابرا ناصحا مجتهدا محتسبا عند الله عظيم الأجر حتى أتاك اليقين فلعن الله من دفعك عن حقك وأزالك عن مقامك ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به أشهد الله وملائكته

ص: 379

وأنبياءه ورسله أني ولي لمن والاك وعدو لمن عاداك السلام عليك ورحمة الله وبركاته ثم انكب على القبر فقبله وقل أشهد أنك تسمع كلامي وتشهد مقامي وأشهد لك يا ولي الله بالبلاغ والأداء یا مولاي يا حجة الله يا أمين الله يا ولي الله إن بيني وبين الله عزّ وجلّ ذنوبا قد أثقلت ظهري ومنعتني من الرقاد و ذکرها يقلقل أحشائي وقد هربت إلى الله عزّ وجلّ وإليك فبحق من ائتمنك على سره واسترعاك أمر خلقه وقرن طاعتك بطاعته وموالاتك بموالاته كن لي إلى الله شفیعا ومن النار مجيرا وعلى الدهر ظهيرا ثم انكب أيضا على القبر فقبله وقل يا ولي الله يا حجة الله یا باب حطة الله وليك و زائرك واللائذ بقبرك والنازل بفنائك والمنيخ رحله في جوارك يسألك أن تشفع له إلى الله في قضاء حاجته ونجح طلبته في الدنيا والآخرة فإن لك عند الله الجاه العظيم والشفاعة المقبولة فاجعلني يا مولاي من همك وأدخلني في حزبك والسلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح والسلام عليك وعلى ولديك الحسن والحسين وعلى الأئمة الطاهرين من ذريتك ورحمة الله وبركاته ثم صل ست ركعات لأمير المؤمنين علیه السّلام ركعتين للزيارة ولآدم علیه السّلام ركعتين كذلك وكذلك علیه السّلام لنوح وادع الله كثيرا يجاب إن شاء الله تعالى.

البحار: ج 41 ص 183 س 21

ومنها زيارة ليلة المبعث ويومها (1) وهو السابع والعشرون من شهر رجب على المشهور بين الشيعة بل المتفق عليه عندهم .

10- قال المفيد والسيّد والشهيد رحمه الله إذا أردت ذلك فقف على باب القبة الشريفة مقابل ضريحه علیه السّلام وقل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمّدا

ص: 380


1- ليس فيها ذكر من الاستدبار. السبزواري

عبده ورسوله وأن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عبد الله وأخو رسوله وأن الأئمة الطاهرين من ولده حجج الله على خلقه ثم ادخل وقف على ضريحه علیه السّلام مستقبلا له بوجهك و القبلة وراء ظهرك ثم كبر الله مائة مرة وقل السلام عليك يا وارث آدم خليفة الله السلام عليك يا وارث موسی کلیم الله السلام عليك يا وارث عیسی روح الله السلام عليك يا وارث محمّد سيد رسل الله السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا إمام المتقين السلام عليك يا سيد الوصيين السلام عليك يا وصي رسول رب العالمين السلام عليك يا وارث علم الأولين والآخرين السلام عليك أيها النبأ العظيم السلام عليك أيها الصراط المستقيم السلام عليك أيها المهذب الكريم السلام عليك أيها الوصي التقي السلام عليك أيها الزكي الرضي السلام عليك أيها البدر المضيء السلام عليك أيها الصديق الأكبر السلام عليك أيها الفاروق الأعظم السلام عليك أيها السراج المنير السلام عليك يا إمام الهدى السلام عليك يا علم النفق السلام عليك يا حجة الله الكبرى السلام عليك يا خاصة الله وخالصته وأمين الله وصفوته وباب الله وحجته و معدن حكم الله وسره وعيبة علم الله وخازنه وسفير الله في خلقه أشهد أنك أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهیت عن المنكر واتبعت الرسول و تلوت الكتاب حق تلاوته وبلغت عن الله ووفيت بعهد الله وتمت بك كلمات الله وجاهدت في الله حق جهاده ونصحت لله ولرسوله صلّي الله علیه و آله وجدت بنفسك صابرا محتسبا مجاهدا عن دين الله موقيا لرسول الله صلّي الله علیه و آله طالبا ما عند الله راغبا فيما وعد الله ومضيت للذي كنت علیه شهيدا وشاهدا ومشهودا فجزاك الله عن رسوله وعن الإسلام وأهله من صديق أفضل الجزاء أشهد أنك كنت أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأشدهم يقينا وأخوفهم لله وأعظمهم عناء وأحوطهم على رسول الله صلّي الله علیه و آله وأفضلهم مناقب وأكثرهم سوابق وأرفعهم درجة وأشرفهم منزلة

ص: 381

وأكرمهم عليه فقويت حين وهنوا ولزمت منهاج رسول الله صلّي الله علیه و آله أشهد أنك كنت خليفته حقا لم تنازع برغم المنافقين وغيظ الكافرين وضغن الفاسقين وقمت بالأمر حين فشلوا ونطقت حين تتعتعوا ومضيت بنور الله إذ وقفوا فمن اتبعك فقد اهتدی كنت أولهم كلاما وأشدهم خصاما وأصوبهم منطقا وأسدهم رأيا وأشجعهم قلبا وأكثرهم يقينا وأحسنهم عملا وأعرفهم بالأمور کنت للمؤمنين أبا رحیما إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما عنه ضعفوا وحفظت ما أضاعوا ورعیت ما أهملوا وشمرت إذ جبنوا وعلوت إذ هلعوا وصبرت إذ جزعوا كنت على الكافرين عذابا صبا وغلظة وغيظا وللمؤمنين غيثا وخصبا وعلما لم تفلل حجتك ولم يزغ قلبك ولم تضعف بصيرتك ولم تجين نفسك كنت كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف کنت کما قال رسول الله صلّي الله علیه و آله قويا في بدنك متواضعا في نفسك عظيما عند الله كبيرا في الأرض جليلا في السماء لم يكن لأحد فيك مهمز ولا لقائل فيك مغمز ولا الخلق فيك مطمع ولا لأحد عندك هوادة يوجد الضعيف الذليل عندك قويا عزیزا حتى تأخذ له بحقه والقوي العزيز عندك ضعيفا حتى تأخذ منه الحق القريب والبعيد عندك في ذلك سواء شأنك الحق والصدق والرفق وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وعزم ورأيك علم وجزم اعتدل بك الدين وسهل بك العسير وأطفئت بك النيران وقوي بك الإيمان و ثبت بك الإسلام وهدت مصيبتك الأنام ف- «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» لعن الله من قتلك ولعن الله من خالفك ولعن الله من افترى عليك ولعن الله من ظلمك وغصبك حقك ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به أنا إلى الله منهم براء لعن الله أمة خالفتك وجحدت ولايتك وتظاهرت عليك وقتلتك وحادت عنك وخذلتك الحمد لله الذي جعل النار مثواهم «وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ» أشهد لك يا ولي الله وولي رسوله صلّي الله علیه و آله بالبلاغ والأداء وأشهد أنك جنب الله وبابه وأنك حبيب الله

ص: 382

ووجهه الذي منه يؤتى وأنك سبيل الله وأنك عبد الله وأخو رسوله صلّي الله علیه و آله أتيتك زائرا العظیم حالك ومنزلتك عند الله وعند رسوله متقربا إلى الله بزيارتك راغبا إليك في الشفاعة أبتغي بشفاعتك خلاص نفسي متعوذ بك من النار هاربا من ذنوبي التي احتطبتها على ظهري فزعا إليك رجاء رحمة ربي أتيتك أستشفع بك يا مولاي إلى الله وأتقرب بك إليه ليقضي بك حوائجي فاشفع لي يا أمير المؤمنين إلى الله فإني عبد الله ومولاك وزائرك ولك عند الله المقام المعلوم والجاه العظيم والشأن الكبير والشفاعة المقبولة اللّهم صل على محمّد و آل محمّد وصل على عبدك وأمينك الأوفي وعروتك الوثقى ويدك العليا وكلمتك الحسنى وحجتك على الوری وصديقك الأكبر سيد الأوصياء وركن الأولياء وعاد الأصفياء أمير المؤمنين ويعسوب المتقين وقدوة الصديقين وإمام الصالحين المعصوم من الزلل والمفطوم من الخلل والمهذب من العيب والمطهر من الريب أخي نبيك ووصي رسولك والبانت على فراشه والمواسي له بنفسه وكاشف الكرب عن وجهه الذي جعلته سيفا لنبوته ومعجزا لرسالته ودلالة واضحة لحجته وحاملا لرايته ووقاية لمهجته وهاديا لأمته ويدالبأسه وتاجا لرأسه وبابا لنصره ومفتاحا لظفره حتى هزم جنود الشرك بأيدك وأباد عساكر الكفر بأمرك وبذل نفسه في مرضاة رسولك وجعلها وقفا على طاعته ومجنا دون نكبته حتى فاضت نفسه صلّي الله علیه و آله في كفه واستلب بردها ومسحه على وجهه وأعانته ملائكتك على غسله وتجهيزه وصلى عليه وواری شخصه وقضى دينه وأنجز وعده ولزم عهده واحتذى مثاله وحفظ وصيته وحين وجد أنصارا نهض مستقلا بأعباء الخلافة مضطلعا بأثقال الإمامة فنصب راية الهدى في عبادك ونشر ثوب الأمن في بلادك وبسط العدل في بريتك وحكم بكتابك في خليقتك وأقام الحدود وقمع الجحود وقوم الزيغ وسكن الغمرة وأباد الفترة وسد الفرجة وقتل

ص: 383

الناكثة والقاسطة والمارقة ولم يزل على منهاج رسول الله ووتيرته وسيرته ولطف شاكلته وجمال سيرته مقتديا بسنته متعلقا بهمته مباشرا لطريقته وأمثلته نصب عينيه يحمل عبادك عليها ويدعوهم إليها إلى أن خضبت شيبته من دم رأسه اللّهم فكما لم يؤثر في طاعتك شكا على يقين ولم يشرك بك طرفة عين صل عليه صلاة زاكية نامية يلحق بها درجة النبوة في جنتك وبلغه منا تحية وسلاما و آتنا من لدنك في مولاته فضلا وإحسانا ومغفرة ورضوانا إنك ذو الفضل الجسيم برحمتك يا أرحم الراحمين ثم قبل الضريح وضع خدك الأيمن عليه ثم الأيسر ومل إلى القبلة وصل صلاة الزيارة وادع بما بدا لك بعدها وقل بعد تسبيح الزهراء عليهاالسّلام اللّهم إنك بشرتني على لسان رسولك محمّد صلواتك عليه و آله فقلت«وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ» اللّهم إني مؤمن بجميع أنبيائك ورسلك صلواتك عليهم فلا تقفني بعد معرفتهم موقفا تفضحني فيه على رءوس الأشهاد بل قفني معهم وتوفني على التصديق بهم اللّهم وأنت خصصتهم بكرامتك وأمرتني باتباعهم اللّهم وإني عبدك وزائرك متقربا إليك بزيارة أخي رسولك وعلى كل ماتي ومزور حق لمن أتاه و زاره وأنت خير مأتي وأكرم مزورفأسألك يا الله يا رحمان یا رحیم یا جواد يا ماجد یا أحد یا صمد یا من «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ» ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا أن تصلي على محمّد و آل محمّد وأن تجعل تحفتك إياي من زيارتي أخارسولك فكاك رقبتي من النار وأن تجعلني ممن يسارع في الخيرات ويدعوك «رَغَبًا وَرَهَبًا» وتجعلني لك من الخاشعين اللّهم إنك مننت علي بزيارة مولاي علي بن أبي طالب وولايته ومعرفته فاجعلني ممن ينصره وينتصر به ومن علي بنصرك لدينك اللّهم واجعلني من شيعته وتوفني على دينه اللّهم أوجب لي من الرحمة والرضوان والمغفرة والإحسان والرزق الواسع الحلال الطيب ما أنت أهله يا أرحم الراحمين والحمد لله

ص: 384

رب العالمين فإذا أردت وداعه علیه السّلام فقف عليه وقل السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا تاج الأوصياء السلام عليك يا وارث علم الأنبياء السلام عليك يا رأس الصديقين السلام عليك يا باب الأحكام السلام عليك يا ركن المقام أستودعك الله وأسترعيك وأقرأ عليك السلام آمنا بالله وبالرسول و بما جاء به ودعا إليه ودل عليه اللّهم «فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ» اللّهم فلا تجعله آخر العهد من زيارتي إياه ولا تحرمني ثواب من زاره و استعملني بالذي افترضت له علي وارزقني العود إليه فإن توفیتني قبل ذلك فإني أشهد أنهم أعلام الهدى والعروة الوثق والكلمة العليا و الحجة العظمى والنجوم العالى والعذر البالغ بينك وبين خلقك وأشهد أن من رد ذلك في أسفل درك الجحيم اللّهم واجعلني من وفده المباركين وزواره المخلصين وشیعته الصادقين ومواليه الميامين وأنصاره المكرمين وأصحابه المؤيدين اللّهم اجعلني أكرم وافد وأفضل وارد وأنبل قاصد قصدك إلى هذا الحرم الكريم والمقام العظيم والمنهل الجليل الذي أوجبت فيه غفرانك ورحمتك اللّهم إني أشهدك وأشهد من حضر من ملائكتك أن الذي سكن هذا الرمس وحل هذا الضريح طهر مقدس منتجب وصي مرضي طوبى لك من تربة ضمنت کنزا من الخير وشهابا من النور وينبوع الحكمة وعينا من الرحمة ومبلغ الحجة أنا أبرأ إلى الله من قاتلك والناصبين والمعينين عليك والمحاربين لك اللّهم ذلل قلوبنا لهم بالطاعة والمناصحة والموالاة وحسن الموازرة والتسليم حتى نستكمل بذلك طاعتك ونبلغ به مرضاتك ونستوجب ثوابك ورحمتك اللّهم وفقنا لكل مقام محمود واقلبني من هذا الحرم بكل خیر موجود يا ذا الجلال والإكرام أودعك يا مولاي يا أمير المؤمنين وداع محزون على فراقك لا جعله الله آخر عهدي منك ولا زيارتي لك إنه قريب مجيب والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ثم استقبل القبلة وابسط يديك وقل اللّهم صل على محمد

ص: 385

و آل محمّد وأبلغ عنا الوصي الخليفة والداعي إليك وإلى دار السلام صديقك الأكبر في الإسلام وفاروقك بين الحق والباطل ونورك الظاهر ولسانك الناطق بأمرك بالحق المبين وعروتك الوثق وكلمتك العليا ووصي رسولك المرتضی علم الدين ومنار المسلمين وخاتم الوصيين وسيد المؤمنين علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين صلاة ترفع بها ذكره وتحيي بها أمره و تظهر بها دعوته وتنصر بها ذريته و تفلج بها حجته وتعطيه بصيرته اللّهم واجزه عنا خير جزاء المكرمين وأعطه سؤله یا رب العالمين فإنا نشهد أنه قد نصح لرسولك وهدی إلى سبيلك وقام بحقك وصدع بأمرك ولم يجر في حكمك ولم يدخل في ظلم ولم يسع في إثم وأخو رسولك وأول من آمن به وصدقه واتبعه ونصره وأنه وصيه ووارث علمه وموضع سره وأحب الخلق إليه فأبلغه عنا السلام ورد علينا منه السلام یا أرحم الراحمين.

باب (6) / فضل الكوفة ومسجدها الأعظم وأعماله

البحار: ج 41 ص216 س16

71- قال مؤلف المزار الكبير والشهيد علیه السّلام زيارة مسلم بن عقیل رضوان الله عليه تقف على بابه و تقول سلام الله وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين إلى قوله بالأيدي والألسن ثم ادخل وانكب على القبر وقل السلام عليك أيها العبد الصالح إلى قوله فإنه أرحم الراحمين ثم انحرف إلى عند الرأس فصل ركعتين وصل بعدهما ما بدا لك وسبح وادع بما أحببت وقل اللّهم صل على محمّد و آل محمّد ولا تدع إلى آخر ما مر.

ص: 386

ثم قال السيّد رحمه الله زيارة أخرى لمسلم بن عقیل علیه السّلام وإذا وصلت إلى ضريحه فقف عليه مستقبل القبلة وقل السلام عليك أيها الفادي بنفسه ومهجته الشهيد الفقيد المظلوم المغصوب حقه المنتهك حرمته السلام عليك يا من فادي بنفسه ابن عمه وفدی بدمه دمه السلام عليك يا أول الشهداء وإمام السعداء السلام عليك يا مسلم یا من أسلم نفسه وسكن على طاعة الله رمسه وأخمد حسه السلام عليك يا ابن السادة الأبرار ويا ابن أخي جعفر الطيار وابن أخي علي الفارس الكرار الضارب بذي الفقار السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا من أرضى بفعاله محمّد المختار والملك الجبار السلام عليك لقد صبرت فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ السلام عليك يا وحيدا غريبا عن أهله بين الأعداء بلا ناصر ولا مجيب أشهد بين يدي الله أنك جاهدت وصبرت وخاصمت أعداء الله على طاعته وطاعة نبيه ووصيه وولیه فمضيت شهيدا و تولیت حميدا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللّهم احشرني معه ومع أبيه وعمومته وبنيهم ولا تحرمني في بقية عمري زيارته ثم تقبل الضريح وتصلي صلاة الزيارة (1) وتهدي ثوابها له ثم تودعه وتنصرف إن شاء الله.

البحار: ج 41 ص217 س 26

فائدة: قال شيخنا الفاضل الكامل السيّد السند البارع التقي أمير شرف الدين علي الشولستاني الساكن في المشهد الغروي حيا المدفون فيه ميتا قدس الله روحه في بعض فوائده لا يخفى أنه إنما تعلم الكعبة وجهتها بمحراب المعصوم إذا علم أن بناءه بنصب المعصوم وأمره علیه السّلام في زمانه أو في زمان غيره لكنه علیه السّلام صلى إليه من غير تيامن

ص: 387


1- يأتي من المجلسي رحمه الله في زيارة العباس علیه السّلام أن صلاة الزيارة مختصة بالمعصوم علیه السّلام وعلى هذا فلا بد وان يؤتى بالصلاة بقصد إهداء الثواب لا بقصد صلاة الزيارة، مع أنه لم يسند زیارة مسلم علیه السّلام وهاني إلى المعصوم علیه السّلام حتى ينظر في سنده، فراجع وتأمل. السبزواري

وتیاسر وعلى هذا أمر مسجد الكوفة مشكل إذ بناؤه كان قبل زمان أمير المؤمنين علیه السّلام والحائط القبلي والمحراب المشهور محراب أمير المؤمنين علیه السّلام ليسا موافقين لجعل الجدي خلف المنكب الأيمن بل فيهما تيامن بحيث يصير الجدي قدام المنكب الأين وكنت في هذا متأملا ومتحيرا وأيد تحيري بأنهما كانا عکس ضريحه المقدس فإنه كان فيه تیاسر کثير ووقت عمهارته بأمر السلطان الأعظم شاه صفي قدس الله روحه قلت للمعمار غيره إلى التيامن فغيره ومع هذا فيه تیاسر في الجملة ومخالف لمحراب مسجد الكوفة وحملته على أنه كان بناه غير المعصوم من القائلين بالتياسر وكنت في الروضة المقدسة متيامنا وفي الكوفة متیل سرا لأنه نقل أنه صلى في مسجدها ولم ينقل أنه علیه السّلام صلی باستقامة من غير تيامن و تیاسر وكان في وسط الحائط المذكور محراب كبير متروك العبادة عنده غير مشهور بمحراب أمير المؤمنين علیه السّلام ولا بمحراب أحد من الأنبياء والأئمة علیه السّلام ولما صار المسجد خرابا وانهدمت الأسطوانات الكائنة فيه واختفي فرشه الأصلي بالأحجار والتراب أراد الوزير الكبير ميرزا تقي الدين محمّد ره تنظيف المسجد من الكثافات الواقعة فيه وعمارة الجانب القبلي من المسجد ورفع التراب والأحجار المرمية في صحنه إلى الفرش الأصلي ونظف وسوی دکتين في جهتي الشرقي والغربي ظهر أن المحراب والباب المشهورين بمحرابه وبابه علیه السّلام ما كانا متصلين بالفرش الأصلي بل كانا مرتفعين عنه قريبا من ذراعين والمحراب المتروك الذي كان في وسط الحائط القبلي كان متصلا وواصلا إليه وظهر أيضا باب كبير قريب منه واصلا إليه وكانت عند الحائط القبلى من أوله إلى آخره أسطوانات وصفات وبنى الوزير الأمجد عمارته عليها وعند ذلك المحراب كانت صفة كبيرة قدر صفتين من أطرافها لم يكن بينها أثر أسطوانة ولما صار هذا المحراب الكبير عتیقا كثيفا أمر الوزير بقلع وجهه ليبيضوه فقلعوا فإذا تحت الكثافة المقلوعة أنه بیضوه

ص: 388

ثلاث مرات وحمروه كذلك وفي كل مرتبة بياض وحمرة أمالوه إلى اليسار(1) - فتحير الأمير في ذلك فأحضرني وأرانيه وكان معه جمع كثير من العلماء والعقلاء الأخيار وكانوا متحیرین متفکرین في الوجه فخطر ببالي أن ذلك المحراب کان محراب أمير المؤمنين علیه السّلام وكان يصلي إليه لوصوله إلى الفرش الأصلي ولوقوعه في صفة كبيرة يجمع فيها العلماء والأخيار خلف الإمام علیه السّلام وكذلك كان ذلك الباب بابه علیه السّلام الذي يجيء من البيت إلى المسجد منه لاتصاله بالفرش ولما كان الجدار قديما وكان ذلك المحراب فيه ولم يكن موافقا للجهة شرعا تیاسر علیه السّلام وبعده المسلمون حرفوا وأمالوا البياض والحمرة إلى التيلر ليعلم الناس أنه علیه السّلام تیاسر فيه وحمروه ليعلموا أنه علیه السّلام قتل عنده وكان تكرار البياض والحمرة لتكرار الاندراس والكثافة ولما خرب المسجد واندرست الأسطوانات والصفات واختفى الفرش الأصلي وحدث فرش آخر أحدث بعض الناس ذلك المحراب الصغير وفتح بابا صغيرا قريبا منه على السطح الجديد و اشتهرا بمحرابه وبابه علیه السّلام وعرضت على الوزير والخضار فكلهم صدقوني وقبلوا مني وصلوا الصلاة المقررة المعهودة عند محرابه علیه السّلام عنده وقرءوا الدعاء المشهور قراءته بعد الصلاة عنده و تیاسروا في الصلاة على ما رأوا في المحراب وأمر الوزير بزينته زائدا على زينة سائر المحاريب و تساهل المعمار فيها فحدث ما حدث في العراق وبقي على ما كان عليه كسائر المحاريب والسلام على من اتبع الهدى انتهى كلامه رفع الله مقامه.

ص: 389


1- لعل هذا التياسر كان لأجل استحباب التياسر لأهل العراق الذي لا دليل فيه بصح الاعتماد عليه، فراجع بحث القبلة من صلاة البحار وصلاة الجواهر السبزواري

باب (7) / مسجد السهلة وسائر المساجد بالكوفة

البحار: ج 41 ص 224

21- أقول: قال الشيخ السعيد الشهيد قدس الله روحه روي عن بشار المكاري وقال مؤلف المزار الكبير حدثنا جماعة عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمّد بن علي الطوسي وعن الشريف أبي الفضل المنتهي بن أبي زيد الحسيني وعن الشيخ الأمين محمّد بن شهریار الخازن وعن الشيخ الجليل ابن شهر آشوب عن المقري عن عبد الجبار الرازي وكلهم يروون عن الشيخ أبي جعفر محمّد بن علي الطوسي عن الحسين بن عبيد الله الغضائري عن أبي الفضل محمّد بن عبيد الله السلمي قالوا وحدثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي والشيخ محمّد بن أحمد بن شهریار قالا حدثنا محمّد بن أحمد بن عبد العزيز العكبري المعدل في داره ببغداد سنة سبع وستين وأربعمائة قال حدثنا أبو الفضل محمّد بن عبد الله بن المطلب الشيباني عن محمّد بن يزيد عن أبي الأزهر النحوي عن محمّد بن عبد الله بن زید النهشلي عن أبيه عن الشریف زید بن جعفر العلوي عن محمد بن وهبان عن الحسين بن علي بن سفيان البزوفري عن أحمد بن إدريس بن محمّد بن أحمد العلوي عن محمّد بن جمهور العمي عن الهيثم بن عبد الله الناقد عن بشار المكاري أنه قال دخلت على أبي عبد الله علیه السّلام بالكوفة وقد قدم له طبق رطب طبرزد و هو يأكل فقال لي يا بشار ادن فكل قلت هنأك الله وجعلني فداك قد أخذتني الغيرة من شيء رأيته في طريقي أوجع قلبي وبلغ مني فقال لي بحق لما دنوت فأكلت قال فدنوت فأكلت فقال لي حديثك قلت رأيت جلو ازا يضرب رأس امرأة يسوقها إلى الحبس وهي تنادي بأعلى صوتها المستغاث بالله ورسوله ولا يغيثها أحد قال ولم فعل بها ذاك قال سمعت الناس

ص: 390

يقولون إنها عثرت فقالت لعن الله ظالميك يا فاطمة علیهاالسّلام فارتكب منها ما ارتكب قال فقطع الأكل ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ولحيته وصدره بالدموع ثم قال يا بشار قم بنا إلى مسجد السهلة فندعو الله ونسأله خلاص هذه المرأة قال ووجه بعض الشيعة إلى باب السلطان و تقدم إليه بأن لا يبرح إلى أن يأتيه رسوله فإن حدث بالمرأة حدث صار إلينا حيث كنا قال فصرنا إلى مسجد السهلة وصلی کل واحد منا ركعتين ثم رفع الصادق علیه السّلام يده إلى السماء (1) وقال أنت الله لا إله إلا أنت مبدئ الخلق ومعيدهم وأنت الله لا إله إلا أنت خالق الخلق ورازقهم وأنت الله لا إله إلا أنت القابض الباسط وأنت الله لا إله إلا أنت مدير الأمور وباعث من في القبور وأنت وارث الأرض ومن عليها أسألك باسمك المخزون المكنون الحي القيوم وأنت الله لا إله إلا أنت عالم السر وأخفي أسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت وإذا سئلت به أعطيت وأسألك بحق محمّد وأهل بيته وبحقهم الذي أوجبته على نفسك أن تصلي على محمّد و آل محمّد وأن تقضي لي حاجتي الساعة الساعة يا سامع الدعاء يا سيداه یا مولاه یا غیاثاه أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تصلي على محمد و آل محمد وأن تعجل خلاص هذه المرأة يا مقلب القلوب والأبصار یا سميع الدعاء قال ثم خر ساجدا لا أسمع منه إلا النفس ثم رفع رأسه فقال قم فقد أطلقت المرأة قال فخرجنا جميعا فبينما نحن في بعض الطريق إذ لحق بنا الرجل الذي وجهنا إلى باب السلطان فقال له ما الخبر قال له لقد أطلق عنها قال كيف كان إخراجها قال لا أدري ولكنني كنت واقفا على باب السلطان إذ خرج حاجب فدعاها وقال لها ما الذي تكلمت به قالت عثرت فقلت لعن الله ظالميك يا

ص: 391


1- أقول: يستفاد من هذا الحديث أن الهليلات التي تقرأ في وسط مسجد السهلة ليس لها محل خاص وإنما هي بعد الصلاة ركعتين لقضاء الحاجة أينما قرأت الصلاة. السبزواري

فاطمة علیهاالسّلام ففعل بي ما فعل قال فأخرج مأتي درهم وقال خذي هذه واجعل الأمير في حل فأبت أن تأخذها فلما رأى ذلك منها دخل وأعلم صاحبه بذلك ثم خرج فقال انصرفي إلى بيتك فذهبت إلى منزلها فقال أبو عبد الله علیه السّلام أبت أن تأخذ مأتي درهم قال نعم وهي والله محتاجة إليها فقال فأخرج من جيبه صرة فيها سبعة دنانير وقال اذهب أنت بهذه إلى منزلها فأقرئها مني السلام قال اذهب أنت بهذه إلى منزلها فأقرئها مني السلام وادفع إليها هذه الدنانير فقال فذهبنا جميعا فأقرأناها منه السلام فقالت بالله أقرأني جعفر بن محمّد السلام فقلت لها رحمك الله والله إن جعفر بن محمّد أقرأك السلام فشهقت ووقعت مغشية عليها قال فصبرنا حتى أفاقت وقالت أعدها علي فأعدناها عليها حتى فعلت ذلك ثلاثا ثم قلنا لها خذي هذا ما أرسل به إليك وأبشري بذلك فأخذته منا وقالت سلوه أن يستوهب أمته من الله فما أعرف أحدا أتوسل به إلى الله أكبر منه ومن آبائه: وأجداده علیه السّلام قال فرجعنا إلى أبي عبد الله علیه السّلام فجعلنا نحدثه بما كان منها فجعل يبكي ويدعو لها ثم قلت ليت شعري متى أری فرج آل محمد صلّي الله علیه و آله قال يا بشار إذا توفي ولي الله وهو الرابع من ولدي في أشد البقاع بين شرار العباد فعند ذلك تصل إلى بني فلان مصيبة سوداء مظلمة فإذا رأيت ذلك التقت حلق البطان ولا مرد لأمر الله.

ص: 392

أبواب فضل زيارة سيّد شباب أهل الجنّة أبي عبد الله الحسين صلوات الله علیه وآدابها وما يتبعها

باب (1) / أنّ زيارته صلوات الله عليه واجبة مفترضة مأمور بها، وما ورد من الذم والتأنيب والتوعد على تركها وأنها لا تترك للخوف

البحار: ج 41 ص 237

19 - محمّد الحميري عن أبيه عن علي بن محمّد بن سالم عن محمّد بن خالد عن عبد الله بن حماد البصري عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم (1) عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله علیه السّلام أنه قال في حديث له طويل أنه أتاه رجل فقال هل يزار والدك فقال نعم قال فما لمن زاره قال الجنة إن كان يأتم به قال فما لمن ترکه رغبة عنه قال الحسرة يوم الحسرة وذكر الحديث بطوله.... .

باب (4) / أنّ زيارته صلوات الله عليه يوجب غفران الذنوب ودخول الجنة والعتق من النار وحط السيئات ورفع الدرجات وإجابة الدعوات

البحار: ج 41 ص 248

1- أبي وابن الوليد عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن علي بن إسماعيل عن محمّد بن عمرو الزيات عن فائد الحناط عن أبي الحسن موسی علیه السّلام قال من زار قبر الحسين صلى الله عليه عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر(2).

ص: 393


1- ضعيف أو مجهول. السبزواري
2- قد تكررت هذه العبارة في جملة من الأخبار ولم يعلم المراد بالذنب المغفور المتأخر هل المراد به الذنب الصادر عن عمد و قصد إليه بعد الزيارة أو شيء آخر ؟ أقول لعلّ المراد هو الذنب قبل الزيارة المتأخر تسجيل عقابه على فاعله، فتأمل. ويمكن أن يكون المراد إن زيارته علیه السّلام من الحسنات التي تذهب السيئات كما سيأتي في بعض الأخبار الآتية. السبزواري

البحار: ج 41 ص 251

30-أبي وأخي وعلي بن الحسين ومحمّد بن الحسن عن محمّد العطار عن العمر كي عن صندل (1) عن ابن بكير عن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله علیه السّلام يقول إن الزوار الحسين بن علي علیه السّلام يوم القيامة فضلا على الناس قلت ومافضلهم قال يدخلون الجنة قبل الناس بأربعين عاما وسائر الناس في الحساب والموقف.

البحار: ج 41 ص 251

33 - أبي عن ابن أبان عن ابن أورمة عن زکریا المؤمن (2) عن الكاهلي عن أبي عبد الله علیه السّلام قال من أراد أن يكون في كرامة الله يوم القيامة وفي شفاعة محمّد صلّي الله علیه و آله فليكن للحسين علیه السّلام زائرا ينال من الله أفضل الكرامة وحسن الثواب ولا يسأله عن ذنب عمله في حياة الدنيا ولو كانت ذنوبه عدد رمل عالج وجبال تهامة وزبد البحر إن الحسين بن على علیه السّلام قتل مظلوما مضطهدا نفسه وعطشانا هو وأهل بيته وأصحابه.

البحار: ج 41 ص 252

36- الحسن بن عبد الله بن محمّد عن أبيه عن ابن محبوب عن عبد الله بن وضاح عن عبد الله بن شعيب التميمي (3) عن أبي عبد الله علیه السّلام قال ينادي مناد يوم القيامة أين شيعة آل محمّد فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا الله فيقومون ناحية من الناس ثم

ص: 394


1- مجهول. السبزواري
2- لم أجد له توثيق عاجلا. السبزواري
3- لم أجد له ذكر. السبزواري

ينادي مناد أين زوار قبر الحسين علیه السّلام فيقوم أناس كثير فيقال لهم خذوا بيد من أحببتم انطلقوا به إلى الجنة فيأخذ الرجل من أحب حتى أن الرجل من الناس يقول الرجل یا فلان أما تعرفني أنا الذي قمت لك يوم كذا وكذا فيدخله الجنة لا يدفع ولايمنع.

البحار: ج 41 ص 252

36- ابن المتوكل عن محمّد العطار عن الأشعري عن الحسين بن عبيد الله عن ابن أبي عثمان (1) عن عبد الجبار النهاوندي (2) عن أبي سعيد عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة (3) قال قال أبو عبد الله علیه السّلام يا حسين إنه من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي علیه السّلام إن كان ماشيا كتبت له بكل خطوة حسنة ومحي عنه سيئة وإن كان راكبا كتبت له بكل خطوة حسنة وحط بها عنه سيئة حتى إذا صار في الخير كتبه الله من المفلحين المنجحين حتى إذا قضی مناسکه کتبه الله من الفائزين حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال له إن رسول الله يقرئك السلام ويقول لك استأنف العمل فقد غفر الله لك ما مضى.

باب (5) / أنّ زيارته عليه الصلاة والسلام تعدل الحجّ والعمرة والجهاد والإعتاق

البحار: ج 41 ص253

3- محمّد بن جعفر عن محمّد بن الحسين عن ابن أبي عثمان عن إسماعيل بن عباد

ص: 395


1- مجهول. السبزواري
2- حسن. السبزواري
3- ثقة. السبزواري

عن الحسن بن علي عن أبي سعيد المدائني (1) قال دخلت على أبي عبد الله علیه السّلام فقلت جعلت فداك آتي قبر الحسين قال نعم يا أبا سعید ائت قبر الحسين بن رسول الله صلّي الله علیه و آله أطيب الأطيبين وأطهر الطاهرين وأبر الأبرار فإذا زرته كتبت لك اثنتان وعشرون حجة.

البحار: ج 41 ص 254

21- ابن الوليد عن الصفار عن ابن عیسی عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام ابن الحكم عن عبد الكريم بن حسان (2) قال قلت لأبي عبد الله علیه السّلام ما يقال إن زيارة قبر الحسين تعدل حجة وعمرة قال فقال إنما الحج والعمرة هاهنا ولو أن رجلا أراد الحج ولم يتهيأ له فأتاه كتبت له حجة ولو أن رجلا أراد العمرة فلم يتهيأ له كتبت له عمرة.

البحار: ج 41 ص 255

23 - الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى عن أبيه عن ابن محبوب عن جمیل بن صالح (3) عن فضيل عن أبي جعفر علیه السّلام قال زيارة قبر الحسين علیه السّلام تعدل حجة مبرورة مع رسول الله صلّي الله علیه و آله.

البحار: ج 41ص 256

33-أبي وعلي بن الحسين وجماعة مشايخي عن سعد عن ابن سنان عن أبي سعيد القماط (4) عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله علیه السّلام يقول الرجل من مواليه يا فلان

ص: 396


1- لم يعرف اسمه ولا وصفه ولا حكمه. السبزواري
2- مجهول. السبزواري
3- ثقة. السبزواري
4- حسن . السبزواري

أتزور قبر أبي عبد الله الحسين بن علي علیه السّلام قال نعم إني أزوره بين ثلاث سنين مرة فقال له وهو مصفر وجهه أما والله الذي لا إله إلا هو لو زرته كان أفضل مما أنت فيه فقال له جعلت فداك أكل هذا الفضل فقال نعم والله لو أني حدثتكم بفضل زيارته وبفضل قبره لتركتم الحج رأسا وما حج منكم أحد ويحك أما علمت أن الله اتخذ کربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما قال ابن أبي يعفور فقلت له قد فرض الله على الناس حج البيت ولم يذكر زيارة قبر الحسين علیه السّلام فقال وإن كان كذلك فإن هذا شيء جعله الله هكذا أما سمعت قول أبي أمير المؤمنين حيث يقول إن باطن القدم أحق بالمسح من ظاهر القدم ولكن الله فرض هذا على العباد أو ما علمت أن الموقف لو كان في الحرم كان أفضل لأجل الحرم ولكن الله صنع ذلك في غير الحرم.

البحار: ج 41 ص 256

34-أبي عن سعد عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن سنان عن محمّد بن صدقة عن صالح النيلي (1) عن أبي عبد الله علیه السّلام قال من أتى قبر الحسين علیه السّلام عارفا بحقه كان كمن حج مائة حجة مع رسول الله صلّي الله علیه و آله.

البحار: ج 1، ص 257

39 - أبي عن سعد عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان (2) قال قال أبو عبد الله علیه السّلام في أيما مؤمن زار الحسين بن علي علیه السّلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتبت له عشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات وعشرون غزوة مع نبي مرسل وإمام عادل.

البحار: ج 41 ص 258

ص: 397


1- ضعيف . السبزواري
2- مجهول. السبزواري

50 - محمّد بن الحسين بن مت الجوهري عن الأشعري عن موسى بن عمر عن علي بن النعمان عن ابن مسکان قال قال أبو عبد الله علیه السّلام إن الله تبارك و تعالى يتجلى الزوار قبر الحسين صلوات الله عليه قبل أهل عرفات ويقضي حوائجهم ويغفر ذنوبهم ويشفعهم في مسائلهم ثم يثني بأهل عرفات فيفعل ذلك بهم (1).

البحار: ج 41 ص259

54 - محمّد بن أحمد بن داود عن الحسن بن محمّد عن حميد بن زياد عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن يزيد عن أحمد بن الفضل عن علي بن معمر (2) عن بعض أصحابنا قال قلت لأبي عبد الله علیه السّلام إن فلانا أخبرني أنه قال لك إني حججت تسع عشرة حجة و تسع عشرة عمرة فقلت له حج حجة أخرى واعتمر عمرة أخرى تكتب لك زيارة قبر الحسين علیه السّلام فقال أيما أحب إليك أن تحج عشرين حجة وتعتمر عشرين عمرة أو تحشر مع الحسين علیه السّلام فقلت لا بل أحشر مع الحسين علیه السّلام قال فزر أبا عبدالله علیه السّلام.

البحار: ج 41 ص 260

58 - أبي وجماعة مشايخي عن محمّد العطار عن العمرکي عمن حدثه عن محمّد ابن الحسن عن محمد بن فضيل عن محمد بن مصادف (3) قال حدثني مالك الجهني عن أبي جعفر علیه السّلام في زيارة قبر الحسين (قال من أتاه زائراله عارفا بحقه كتب الله له حجة ولم يزل محفوظا حتى يرجع قال فمات مالك في تلك السنة فحججت فدخلت على أبي عبد الله علیه السّلام فقلت إن مالكا حدثني بحديث عن أبي جعفر علیه السّلام في زيارة قبر

ص: 398


1- المقصود به التّجلي بالرحمة والرأفة لا التّجلي الذاتي. السبزواري
2- إمامي مجهول. السبزواري
3- مولى أبي عبد الله بحكم الضعيف . السبزواري

الحسين علیه السّلام قال هاته فحدثته فلما فرغت قال نعم يا محمّد حجة وعمرة.

البحار: ج 41 ص 262

80 - ابن الوليد عن الصفار عن ابن عیسی عن أبيه عن ابن المغيرة عن القداح عن أبي عبد الله علیه السّلام قال قلت له ما لمن أتى قبر الحسين علیه السّلام زائرا عارفا بحقه غير مستکبر ولا مستنکف (1) قال يكتب له ألف حجة مقبولة وألف عمرة مبرورة وإن كان شقيا كتب سعيدا ولم يزل يخوض في رحمة الله عزّ وجلّ.

البحار: ج 1، ص 262 س 22

بیان: لعل اختلافات هذه الأخبار في قدر الفضل والثواب محمولة على اختلاف الأشخاص والأعمال وقلة الخوف والمسافة وكثرتهما فإن كل عمل من أعمال الخير يختلف ثوابها باختلاف مراتب الإخلاص والمعرفة والتقوى وسائر الشرائط التي توجب کمال العمل على أنه يظهر من كثير من الأخبار أنهم كانوا يراعون أحوال السائل في ضعف إيمانه وقوته لئلا يصير سببا لانكاره وكفره وأنهم كانوا يعلمون الناس على قدر عقولهم (2).

البحار: ج 1، ص 290

15 - أبي عن سعد عن ابن عیسی عن محمّد بن إسماعيل عمن حدثه عن عبد الله بن وضاح عن داود الحمار (3) عن أبي عبد الله علیه السّلام قال من لم يزر قبر الحسين علیه السّلام فقد

ص: 399


1- لعلّ المراد بها أي غير مستکبر ولا مستنكف عن إطاعته وإطاعة أولاده المعصومين علیهم السّلام فيما يأمران عن الله تعالى وينهيان عنه تعالى، والمراد بقوله عارفاً بحقه ذلك أيضاً. السبزواري
2- ويمكن حملها على اختلاف الزمان والأعصار. السبزواري
3- إن كان داود بن سليمان فهو ثقة. السبزواري

حرم خيرا كثيرا ونقص من عمره سنة (1).

باب (9) / أنّ الأنبياء والرسل والأئمة علیهم السّلام والملائكة صلوات الله عليهم أجمعين يأتونه علیه السّلام لزيارته ويدعون لزواره ويبشرونهم بالخير ويستبشرون لهم

البحار: ج 1، ص 270

18 - أبي عن سعد عن محمّد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن عمر بن أبان (2) عن أبي عبد الله علیه السّلام مثله.

البحار: ج 1، ص 270

20- جعفر بن محمّد عن إبراهيم بن عبد الله بن نهيك عن ابن أبي عمير عن سلمة صاحب السابري (3) عن أبي الصباح الكناني قال سمعت أبا عبد الله علیه السّلام يقول إن إلى جانبكم قبرا ما أتاه مكروب إلا نفس الله كربه وقضى حاجته وإن عنده أربعة آلاف ملك منذ يوم قبض شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة فمن زاره شیعوه ومن مرض عادوه ومن مات اتبعوا جنازته.

البحار: ج 41 ص 271

23- ابي عن سعد عن ابن عیسی عن أبيه عن ابن عميرة (4) عن بكر بن محمّد (5)

ص: 400


1- يمكن حمله على من ترك زيارته علیه السّلام رغبة عنه ويصح الأخذ باطلاقه أيضاً لكن المعذور خارج قطعاً. السبزواري
2- ثقة. السبزواري
3- مهمل. السبزواري
4- سيف بن عميرة ثقة. السبزواري
5- مشترك بين الثقة والضعيف والمجهول. السبزواري

عن أبي عبد الله علیه السّلام قال وكل الله بقبر الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السّلام سبعين ألف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة يصلون عنده الصلاة الواحدة من صلاة أحدهم تعدل ألف صلاة الآدميين يكون ثواب صلاتهم وأجر ذلك لمن زار قبره.

البحار: ج 41 ص 273

32- أبي وأخي وجماعة مشايخي عن محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس معا عن حمدان بن سلمان (1) عن عبد الله بن محمّد اليماني (2) عن منيع بن الحجاج عن يونس عن صفوان الجمال قال قال لي أبو عبد الله علیه السّلام لما أتى الحيرة هل لك في قبر الحسين علیه السّلام قلت وتزوره جعلت فداك قال وكيف لا أزوره والله يزوره في كل ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء ومحمّد أفضل الأنبياء ونحن أفضل الأوصياء فقال صفوان جعلت فداك فتزوره في كل جمعة حتى ندرك زيارة الرب قال نعم يا صفوان الزم تكتب لك زيارة قبر الحسين وذلك تفضيل.

البحار: ج 41 ص 273

33- محمّد الحميري عن أبيه عن هارون بن مسلم (3) عن عبد الرحمن بن أبي الأشعث (4) عن عبد الله بن حماد الأنصاري عن ابن سنان عن أبي عبد الله علیه السّلام قال سمعته يقول قبر الحسين علیه السّلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مکسرا روضة من ریاض الجنة وفيه معراج إلى السماء فليس من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله أن يزوره ففوج يهبط وفوج يصعد.

ص: 401


1- مجهول. السبزواري
2- مجهول ولم يعرف حاله في كتب الرجال. السبزواري
3- ثقة. السبزواري
4- لم يعرف. السبزواري

البحار: ج 1 ص 274

40 - من كتاب الأربعين لمحمّد بن مسلم بن أبي الفوارس عن فضل الله بن علي الحسيني عن أبيه عن المرتضی بن الداعي الحسيني عن جعفر بن أحمد الموسوي عن محمّد بن علي بن شاذان عن أحمد بن محمّد بن يحيى عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه عن وهب بن وهب (1) عن جعفر بن محمّد الصادق علیه السّلام عن أبيه عن آبائه:عن رسول الله صلّي الله علیه و آله أنه قال ما خلق الله تعالى خلقا أكثر من الملائكة وإنه لينزل من السماء كل مساء سبعون ألف ملك يطوفون بالبيت ليلتهم حتى إذا طلع الفجر انصرفوا إلى قبر النبي صلّي الله علیه و آله فيسلمون عليه ثم يأتون إلى قبر أمير المؤمنين علیه السّلام فيسلمون عليه ثم يأتون إلى قبر الحسن بن علي علیه السّلام فيسلمون عليه ثم يأتون إلى قبر الحسين علیه السّلام فيسلمون عليه ثم يعرجون إلى السماء قبل أن تطلع الشمس ثم تنزل ملائكة النهار سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام نهارهم حتى إذا غربت الشمس انصرفوا إلى قبر رسول الله فيسلمون عليه ثم يأتون قبر أمير المؤمنين علیه السّلام فيسلمون عليه ثم يأتون إلى قبر الحسن الافيسلمون عليه ثم يأتون قبر الحسين علیه السّلام فيسلمون عليه ثم يعرجون إلى السماء قبل أن تغيب الشمس والذي نفسي بيده إن حول قبره أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكون عليه إلى يوم القيامة وفي رواية قد وكل الله تعالى بالحسين علیه السّلام سبعين ألف ملك شعثا غبرا يصلون عليه كل يوم ویدعون لمن زاره ورئيسهم ملك يقال له منصور فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ولا ودعه مودع إلا شيعوه ولا يمرض إلا عادوه ولا ميت إلا صلوا على جنازته واستغفروا له بعد موته.

ص: 402


1- وهب بن وهب في غاية الضعف. السبزواري

باب (10) / جوامع ما ورد من الفضل في زيارته علیه السّلام ونوادرها

البحار: ج 41 ص 279

2- ابن حشیش عن محمّد بن عبد الله عن محمّد بن محمّد بن معقل (1) عن محمّد بن أبي الصهبان (2) عن البزنطي (3) عن کرام بن عمرو (4) عن محمّد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمّد يقولان إن الله تعالى عوض الحسين علیه السّلام من قتله أن جعل الإمامة في ذريته والشفاء في تربته وإجابة الدعاء عند قبره ولا تعد أيام زائريه جائيا وراجعا قال محمّد بن مسلم فقلت لأبي عبد الله علیه السّلام هذه الخلال تنال بالحسين علیه السّلام فما له في نفسه قال إن الله تعالى ألحقه بالنبي صلّي الله علیه و آله فكان معه في درجته ومنزلته ثم تلا أبو عبد الله علیه السّلام «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» الآية.

باب (12) / فضل زيارته صلوات الله عليه في يوم عرفة أو العيدين

البحار: ج 41 ص 289

1- لي، أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن ابن بزیع عن صالح بن عقبة عن

ص: 403


1- لم يعرف. السبزواري
2- ثقة. السبزواري
3- ثقة. السبزواري
4- ثقة. السبزواري

بشير الدهان قال قلت لأبي عبد الله علیه السّلام ربما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين علیه السّلام قال أحسنت يا بشير أيما مؤمن أتى قبر الحسين عارفا بحقه في غير يوم عید (1) کتبت له عشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات وعشرون غزوة مع نبی مرسل أو إمام عادل ومن أتاه في يوم عرفة عارفا بحقه كتبت له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل قال فقلت له وكيف لي بمثل الموقف قال فنظر إلى شبه المغضب ثم قال يا بشير إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين علیه السّلام يوم عرفة واغتسل بالفرات ثم توجه إليه كتب الله عزّ وجلّ له بكل خطوة حجة بمناسكها ولا أعلمه إلا قال وغزوة.

البحار: ج 41 ص 289

- أبي عن سعد عن النهدي عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبي عبد الله علیه السّلام قال إن الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي علیه السّلام عشية عرفة قال قلت قبل نظره إلى أهل الموقف قال نعم قلت وكيف ذاك قال لأن في أولئك أولاد زنا وليس في هؤلاء أولاد زنا (2).

البحار: ج 41 ص 291

14-أبي وجماعة مشايخي عن محمّد العطار عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن

ص: 404


1- لعل وجه القصد في غير يوم عيد لأن العيد يوم العيد الملازم للفرح والسرور غالباً وذلك ينافي زیارة الحسين عليه السّلام. السبزواري
2- أقول: يمكن أن يكون المراد بأولاد زنا النواصب لأهل البيت عليهم السّلام ويمكن أن يحمل على أوائل الإسلام حتى زمان الصادق عليه السّلام فإن أولاد أهل الجاهلية كانوا كثيراً في الحجاز وكانت البغايا كثيرة فيهم جداً كما تشهد به التواريخ المعتبرة وكانت ذوات الأعلام في مكة كثيرة ويمكن أن يراد به مطلق غير الإثني عشري كما في بعض الأخبار الواردة في الخمس إنا أحللنا الشيعتنا لتطيب ولادتهم. السبزواري

أبي سعيد عن عبد الله بن محمّد اليماني (1) عن منیع بن الحجاج عن يونس بن يعقوب عن عمار عن أبي عبد الله علیه السّلام قال من فاتته عرفة بعرفات فأدركها بقبر الحسين علیه السّلام لم تفته وإن الله تبارك وتعالى ليبدأ بأهل قبر الحسين علیه السّلام قبل أهل العرفات ثم يخاطبهم بنفسه.

باب (18) / زیاراته صلوات الله عليه المطلقة وهي عدة زيارات منها مسندة ومنها مأخوذة من كتب الأصحاب بغير إسناد

البحار: ج 41 ص 330

1- محمّد بن جعفر الرزاز عن ابن أبي الخطاب عن ابن أبي نجران عن یزید بن إسحاق عن الحسن بن عطية عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إذا دخلت الخير فقل اللّهم إن هذا مقام أكرمتني به وشرفتني به اللّهم فأعطني فيه رغبتي على حقيقة إيماني بك وبرسلك سلام عليك يا ابن رسول الله وسلام على ملائكته فيما تروح به الرائحات الطاهرات لك وعليك وسلام على ملائكة الله المقربين وسلام على المسلمين لك بقلوبهم الناطقين لك بفضلك بألسنتهم أشهد أنك صادق صدیق صدقت فيما دعوت إليه وصدقت فيما أتيت به وأنك ثار الله في الأرض من الدم الذي لا يدرك ثاره من الأرض إلا بأوليائك اللّهم حبب إلي مشاهدهم سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح اللّهم اكتبني في وفدك إلى خير بقاعك و خير خلقك اللّهم العن المبت والطاغوت و العن أشياعهم وأتباعهم اللّهم أشهدني مشاهد الخير كلها مع أهل بيت

ص: 405


1- عبد الله بن محمّد اليماني مجهول وكذا منيع بن الحجاج، وكذا حمدان بن سليمان النيشابوري مجهول. السبزواري

نبيك اللّهم تَوَفَّنِي مُسْلِمًا واجعل لي قدما مع الباقين الوارثين الذين يرثون الأرض من عبادك الصالحين ثم تكبر خمس تكبيرات ثم تمشي قليلا و تقول اللّهم إني بك مؤمن و بوعدك موقن اللّهم اكتب لي إيمانا و ثبته في قلبي اللّهم اجعل ما أقول بلساني حقیقته في قلبي وشريعته في عملي اللّهم اجعلني ممن له مع الحسين علیه السّلام قدما ثابتا وأثبتني فيمن استشهد معه ثم كبر ثلاث تكبيرات وترفع يديك حتى تضعهما معا على القبر ثم تقول أشهد أنك طهر طاهر من طهر طاهر طهرت و طهرت لك البلاد وطهرت أرض أنت بها وطهر حرمها أشهد أنك أمرت بالقسط ودعوت إليه وأنك ثار الله في أرضه حتى يستثير لك من جميع خلقه. (1)

البحار: ج 41 ص 332 س5

بیان: قوله علیه السّلام وسلام على ملائكته فيما تروح به الرائحات أي سلام على ملائكة الله في ضمن التحيات التي تأتيك من الله في وقت الرواح أو مطلقا فقوله لك وعليك صفة أو حال للرائحات والأظهر ما في بعض النسخ وهو قوله وسلام ملائكته فيما تعتدي وتروح والغدوة البكرة ويقال غدا عليه واغتدى أي بكر والرواح من زوال الشمس إلى الليل يقال راح يروح رواحا أي سلام ملائكته فيما يأتون به عليك في أول النهار وآخره وقد يقال راح يروح إذا أتي أي وقت كان فعلى النسخة الأولى هذا هو المراد قوله علیه السّلام وأنك ثار الله في الأرض الثأر بالهمز الدم وطلب الدم أي أنك أهل ثار الله والذي يطلب الله بدمه من أعدائه (2) أو هو الطالب بدمه ودماء أهل بيته بأمر الله في الرجعة وقيل هو تصحيف ثائر والثائر من لا يبقى على شيء حتى يدرك تاره.

ص: 406


1- ليس فيها ذكر من استدبار القبلة. السبزواري
2- يعني انك دم يطلب الله تعالی به وليس له طالب غير الله تعالى. السبزواري

البحار: ج 41 ص 332

3- أبي وعلي بن الحسين وابن الوليد جميعا عن سعد عن ابن عیسی عن القاسم بن يحيى عن الحسن بن راشد عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة قال كنت أنا ويونس ابن ظبيان والمفضل بن عمر وأبو سلمة السراج جلوسا عند أبي عبد الله علیه السّلام وكان المتكلم يونس وكان أكبر ناسنا فقال له جعلت فداك إني أحضر مجالس هؤلاء القوم يعني ولد س ا ب ع فما أقول قال إذا حضرتهم وذكرتنا فقل اللّهم أرنا الرخاء والسرور فإنك تأتي على كل ما تريد فقلت جعلت فداك إني كثيرا ما أذكر الحسين علیه السّلام فأي شيء أقول قال قل السلام عليك يا أبا عبد الله تعيد ذلك ثلاثا فإن السلام يصل إليه من قريب ومن بعيد ثم قال إن أبا عبد الله علیه السّلام لما مضى بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى وما لا یری بكاء على أبي عبد الله علیه السّلام إلا ثلاثة أشياء لم تبك عليه قلت جعلت فداك ما هذه الثلاثة الأشياء قال لم تبك عليه البصرة ولا دمشق ولا آل عثمان قال قلت جعلت فداك إني أريد أن أزوره فكيف أقول وكيف أصنع قال إذا أتيت أبا عبد الله علیه السّلام فاغتسل على شاطئ الفرات ثم البس ثيابك الطاهرة ثم امش حافيا فإنك في حرم من حرم الله ورسوله بالتكبير والتهليل والتمجيد والتعظيم الله كثيرا و الصلاة على محمّد صلّي الله علیه و آله وأهل بيته حتى تصير إلى باب الحسين علیه السّلام ثم قل السلام عليك يا حجة الله و ابن حجته السلام عليكم يا ملائكة الله وزوار قبر این نبي الله ثم اخط عشر خطا فکبر ثم قف فکبر ثلاثين تكبيرة ثم امش حتى تأتيه من قبل وجهه و استقبل وجهك بوجهه وتجعل القبلة بين كتفيك (1) ثم تقول السلام عليك

ص: 407


1- استدبار القبلة. السبزواري

یا حجة الله و ابن حجته السلام عليك يا قتيل الله وابن قتيله السلام عليك يا ثار الله و ابن ثاره السلام عليك يا وتر الله الموتور في السماوات والأرض أشهد أن دمك سكن في الخلد و اقشعرت له أظلة العرش ویکی له جميع الخلائق وبكت له السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى وما لا يري أشهد أنك حجة الله وابن حجته وأشهد أنك قتيل الله وابن قتیله وأشهد أنك ثار الله في الأرض و ابن ثاره وأشهد أنك وتر الله الموتور في السماوات والأرض وأشهد أنك قد بلغت ونصحت ووفيت ووافيت وجاهدت في سبيل ربك ومضيت للذي كنت عليه شهيدا ومستشهدا وشاهدا ومشهودا أنا عبد الله ومولاك وفي طاعتك و الوافد إليك ألتمس کمال المنزلة عند الله وثبات القدم في الهجرة إليك و السبيل الذي لا يختلج دونك من الدخول في كفالتك التي أمرت بها من أراد الله بدأ بكم من أراد الله بدأ بكم من أراد الله بدأ بكم بكم يبين الله الكذب وبكم يباعد الله الزمان الكلب وبکم فتح الله وبكم يختم الله وبکم یَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وبكم يُثْبِتُ وبكم يفك الذل من رقابنا وبكم يدرك الله ترة كل مؤمن يطلب وبكم تنبت الأرض أشجارها وبكم تخرج الأشجار أثمارها وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها وبكم يكشف الله الكرب وبكم ينزل الله الغيث وبكم تسبح الله الأرض التي تحمل أبدانكم وتستقل جبالها على مراسيها إرادة الرب في مقادیر أموره تهبط إليكم و تصدر من بيوتكم والصادق عمافصل من أحكام العباد لعنت أمة قتلتكم وأمة خالفتكم وأمة جحدت ولايتكم وأمة ظاهرت علیکم وأمة شهدت ولم تستشهد الحمد لله الذي جعل النار مأواهم وبئس ورد الواردین «وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» و تقول ثلاثا صلى الله عليك يا أبا عبد الله صلى الله عليك يا أبا عبد الله صلى الله عليك يا أبا عبد الله أنا إلى الله ممن خالفك

ص: 408

بريء أنا إلى الله ممن خالفك بريء أنا إلى الله ممن خالفك بريء ثم تقوم فتأتي ابنه عليا علیه السّلام وهو عند رجله فتقول السلام عليك يا ابن رسول الله السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين السلام عليك يا ابن الحسن والحسين السلام عليك يا ابن خديجة وفاطمة علیهم السّلام صلى الله عليك صلى الله عليك صلى الله عليك لعن الله من قتلك لعن الله من قتلك لعن الله من قتلك أنا إلى الله منهم بريء أنا إلى الله بريء أنا إلى الله بريء ثم تقوم فتومئ بيدك إلى الشهداء و تقول السلام علیکم السلام عليكم السلام عليكم فزتم والله فزتم والله فزتم والله فليت أني معكم فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ثم تدور فتجعل قبر أبي عبد الله صلى الله عليه بين يديك أماما فتصلي ست ركعات وقد تمت زیارتك وإن شئت فأقم وإن شئت فانصرف.

البحار: ج 41 ص 336

5- أبي وابن الوليد معا عن ابن أبان عن الأهوازي عن فضالة عن نعيم بن الوليد عن يوسف الكناسي عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إذا أتيت قبر الحسين علیه السّلام فأت الفرات واغتسل بحیال قبره و توجه إليه وعليك السكينة والوقار حتى تدخل المحير من جانبه الشرقي وقل حين تدخله السلام على ملائكة الله المقربين السلام على ملائكة الله المنزلين السلام على ملائكة الله المردفين السلام على ملائكة الله الذين هم في هذا الخير بإذن الله مقيمون فإذا استقبلت قبر الحسين علیه السّلام (1) فقل السلام على رسول الله صلّى الله على أمين الله على رسله و عزائم أمره الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله والسلام عليه ورحمة الله وبركاته ثم تقول السلام على أمير المؤمنين عبدك وأخي رسولك الذي انتجبته بعلمك وجعلته هاديا لمن شئت من

ص: 409


1- ليس فيها ذكر من الاستدبار. السبزواري

خلقك والدليل على من بعثت برسالاتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كله والسلام عليه ورحمة الله وبركاته اللّهم صل على الحسن بن علي عبدك وابن رسولك الذي انتجبته بعلمك وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك و الدليل على من بعثت برسالاتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كله والسلام عليه ورحمة الله وبركاته ثم تسلم على الحسين وسائر الأئمة علیهم السّلام كما صليت وسلمت على الحسن بن علي ثم تأتي قبر الحسين علیه السّلام فتقول السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك يا ابن رسول الله صلى الله عليك يا أبا عبد الله رحمك الله يا أبا عبد الله أشهد أنك قد بلغت عن الله ما أمرك به ولم تخش أحدا غيره وجاهدت في سبيله وعبد ته مخلصا حتى أتاك اليقين أشهد أنكم كلمة التقوى وباب الهدى والعروة الوثق والحجة على من يبقی ومن تحت الثري أشهد أن ذلك لكم سابق فيما مضى وذلك لكم فاتح فيما بقي أشهد أن أرواحكم وطينتكم طيبة طيبة طابت و طهرت هي بعضها من بعض من الله ومن رحمته فأشهد الله وأشهدكم أني بكم مؤمن ولكم تابع في ذات نفسي وشرائع ديني وخاتمة عملي ومنقلبي ومثواي فأسأل الله البر الرحيم أن يتمم لي ذلك وأشهد أنكم قد بلغتم عن الله ما أمركم به لم تخشوا أحدا غيره وجاهدتم في سبيله وعبدتموه حتى أتاكم اليقين فلعن الله من قتلكم ولعن الله من أمر به ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به أشهد أن الذين انتهكوا حرمتك وسفكوا دمك ملعونون على لسان النبي الأمي ثم تقول اللّهم العن الذين بدلوا نعمتك وخالفوا ملتك ورغبوا عن أمرك واتهموا رسولك وصدوا عن سبيلك اللّهم احش قبورهم نارا وأجوافهم نارا واحشرهم وأتباعهم إلى جهنم زرقا اللّهم العنهم لعنا يلعنهم به كل ملك مقرب وكل نبي مرسل وكل عبد مؤمن امتحنت قلبه للإيمان اللّهم العنهم في مستر السر وظاهر العلانية اللّهم العن

ص: 410

جوابيت هذه الأمة والعن طواغيتها والعن فراعنتها والعن قتلة أمير المؤمنين والعن قتلة الحسين وعذبهم عذابا لا تعذب.

البحار: ج 41 ص 340

8- أبي عن سعد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن الحسن بن محمّد بن عبد الكريم عن المفضل بن عمر عن جابر الجعفي قال قال أبو عبد الله علیه السّلام للمفضل کم بينك وبين قبر الحسين علیه السّلام قال قلت بأبي أنت وأمي يوم وبعض يوم آخر قال فتزوره فقال نعم قال فقال ألا أبشرك ألا أفرحك ببعض ثوابه قلت بلى جعلت فداك قال فقال لي إن الرجل منكم ليأخذ في جهازه ويتهيأ لزيارته فيتبلشر به أهل السماء فإذا خرج من باب منزله راكبا أو ماشيا وكل الله به أربعة آلاف ملك من الملائكة يصلون عليه حتى يوافي الحسين علیه السّلام يا مفضل إذا أتيت قبر الحسين بن على علیهماالسّلام (1) فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإن لك بكل كلمة كفلا من رحمة الله فقلت ما هي جعلت فداك قال تقول السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح نبي الله السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله السلام عليك یا وارث موسی کلیم الله السلام عليك يا وارث عیسی روح الله السلام عليك يا وارث محمّد حبیب الله السلام عليك يا وارث علي وصي رسول الله السلام عليك يا وارث الحسن الرضي السلام عليك يا وارث فاطمة علیهاالسّلام بنت رسول الله السلام عليك أيها الشهيد الصديق السلام عليك أيها الوصي البار التقي السلام على الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك السلام على ملائكة الله المحدقين بك أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر وعبدت الله

ص: 411


1- ليس في هذه الزيارات ذکر من الاستدبار. السبزواري

مخلصا حتى أتاك اليقين السلام عليك ورحمة الله وبركاته ثم تسعى فلك بكل قدم رفعتها أو وضعتها كثواب المتشحط بدمه في سبيل الله فإذا سلمت على القبر فالتمسه بيدك وقل السلام عليك يا حجة الله في سمائه وأرضه ثم تمضي إلى صلاتك ولك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حج واعتمر ألف عمرة وأعتق ألف رقبة وكأنما وقف في سبيل الله ألف مرة مع نبی مرسل فإذا انقلبت من عند قبر الحسين علیه السّلام ناداك مناد لو سمعت مقالته لأقمت عمرك عند قبر الحسين علیه السّلام و يقول طوبى لك أيها العبد قد غنمت وسلمت قد غفر لك ما سلف فاستأنف العمل فإن هو مات في عامه أو في ليلته أو يومه لم يل قبض روحه إلا الله و تقبل الملائكة معه يستغفرون له ويصلون عليه حتى يوافي منزله...

البحار: ج 41 ص 342

18 - أبي عن سعد عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نجران عن ابن أبي عمير عن عامر بن جذاعة عن أبي عبد الله علیه السّلام قال إذا أتيت الحسين علیه السّلام فقل الحمد لله وصلى الله على محمّد وأهل بيته والسلام عليه و: ورحمة الله وبركاته عليك السلام يا أبا عبد الله ورحمة الله يا أبا عبد الله صلى الله عليك يا أبا عبد الله لعن الله من قتلك ومن شارك في دمك ومن بلغه ذلك فرضي به أنا إلى الله منهم بريء (1).

البحار: ج 41 ص349 س 17

ثم امش قليلا وعليك السكينة والوقار بالتكبير والتهليل والتمجيد والتحميد والتعظيم لله ولرسوله صلّي الله علیه و آله و قصر خطاك فإذا أتيت الباب الذي يلي المشرق (2) فقف على الباب وقل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمّدا صلّي الله علیه و آله عبده

ص: 412


1- ليس في هذه الزيارات ذکر من الاستدبار. السبزواري
2- ليس فيها ذكر من الاستدبار. السبزواري

ورسوله وأمين الله على خلقه وأنه سيد الأولين والآخرين وو أنه سيد الأنبياء والمرسلين سلام على رسول الله «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ» اللّهم إني أشهد أن هذا قبر ابن حبيبك وصفوتك من خلقك وأنه الفائز بكرامتك أكرمته بكتابك وخصصته وائتمنته على وحبك وأعطيته مواریث الأنبياء وجعلته حجة على خلقك فأعذر في الدعوة وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الضلالة والجهالة والعمى والشك والارتياب إلى باب الهدى من الردى وأنت ترى ولا ترى وأنت بالمنظر الأعلى حتى ثار عليه من خلقك من غرته الدنيا وباع الآخرة بالثمن الأوكس وأسخطك وأسخط رسولك وأطاع من عبيدك من أهل النفاق وحملة الأوزار من استوجب النار لعن الله قاتلي ولد رسولك وضاعف عليهم العذاب الأليمن

البحار: ج 41 ص 350 س 22

ثم امش وقصر خطاك حتى تستقبل القبر واجعل القبلة بين كتفيك واستقبل وجهه بوجهك (1) وقل السلام من الله والسلام على محمّد أمين الله على رسله و عزائم أمره الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته اللّهم صل على محمّد صاحب میثاقك وخاتم رسلك وسيد عبادك وأمينك في بلادك وخير بريتك كما تلا كتابك وجاهد عدوك حتى أتاه اليقين اللّهم صل على أمير المؤمنين عبدك وأخي رسولك الذي انتجبته بعلمك و جعلته هاديا لمن شئت من خلقك والدليل على من بعثت برسالتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كله والسلام عليه ورحمة الله وبركاته اللّهم

ص: 413


1- نص في الاستدبار. السبزواري

أتمم به کلماتك وأنجز به وعدك وأهلك به عدوك واكتبنا في أوليائه وأحبائه اللهم اجعلنا له شيعة وأنصارا وأعوانا على طاعتك وطاعة رسولك وما وكلت به واستخلفت عليه يا رب العالمين اللّهم صل على فاطمة علیهاالسّلام بنت نبيك وزوجة وليك وأم السبطين الحسن والحسين الطاهرة المطهرة الصديقة الزكية سيدة نساء أهل الجنة أجمعين صلاة لا يقوى على إحصائها.

البحار: ج 41 ص364 س 4

ثم تأتي باب القبة وقف من حيث يلي الرأس (1) وقل السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح نبي الله السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله السلام عليك يا وارث موسی کلیم الله السلام عليك يا وارث عیسی روح الله السلام عليك يا وارث محمّد حبیب الله السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين ولي الله السلام عليك يا ابن محمّد المصطفى السلام عليك يا ابن على المرتضى السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء عليهاالسّلام السلام عليك يا ابن خديجة الكبرى السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وأطعت الله ورسوله حتى أتاك اليقين فلعن الله أمة قتلتك ولعن الله أمة ظلمتك ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضیت به.

البحار: ج 41 ص369 س29

ثم امش حتى تقف عليه فإذا وقفت فاستقبله بوجهك المرسوم لك عند المعاينة (2) وقل السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح نبي الله السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله السلام عليك يا وارث موسی کلیم الله

ص: 414


1- ليس فيها ذكر من الاستدبار. السبزواري
2- ظاهر في الاستدبار. السبزواري

السلام عليك يا وارث عیسی روح الله السلام عليك يا وارث محمّد حبيب الله السلام عليك يا وارث وصي رسول الله السلام عليك يا وارث الحسن الرضي السلام عليك أيها الشهيد الصديق السلام عليك أيها الوصي البر التقي السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك السلام على ملائكة الله المحدقين بك أشهد أنك قد أقيت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وتلوت الكتاب حق تلاوته وجاهدت في الله حق جهاده وصبرت على الأذى في جنبه وعبد ته مخلصا حتى أتاك اليقين لعن الله أمة ظلمتك وأمة قاتلتك وأمة قتلتك وأمة أعانت عليك وأمة خذلتك وأمة دعتك فلم تجبك وأمة بلغها ذلك فرضیت به وألحقهم الله بدرك الجحيم اللّهم العن الذين کذبوا رسلك وهدمواكعبتك واستحلوا حرمك وألحدوا في البيت الحرام وحرفوا كتابك وسفكوا دماء أهل بیت نبيك وأظهروا الفساد في أرضك واستدلوا عبادك المؤمنين اللهم ضاعف عليهم العذاب الأليم وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ في أوليائك المصطفين وحبب إلي مشاهدهم وألحقني بهم واجعلني معهم في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين.

البحار: ج 41 ص377

34- زيارة أخرى أوردها السيّد رحمه الله قال تقف على باب قبته الشريفة و تقول اللّهم صل على محمّد و آل محمّد وأعطني في هذا المقام رغبتي على حقيقة إيماني بك وبرسولك وبولاة أمرك الحرم حرم الله وحرم رسوله وحرمك يا مولاي أتأذن لي بالدخول إلى حرمك فإن لم أكن لذلك أهلا فأنت لذلك أهل عن إذنك يا مولاي أدخل حرم الله وحرمك ثم تدخل وتجعل الضريح بين يديك و تستقبله بوجهك(1)

ص: 415


1- مطلق يناسب الاستقبال والاستدبار. السبزواري

وتقول السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح نبی الله السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله السلام عليك يا وارث موسی کلیم الله السلام عليك يا وارث عیسی روح الله السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله السلام عليك يا وارث على أمير المؤمنين السلام عليك يا وارث الحسن الشهيد سبط رسول الله السلام عليك يا ابن رسول الله السلام عليك يا ابن البشير النذير وابن سيد الوصيين السلام عليك يا ابن فاطمة علیهاالسّلام سيّدة نساء العالمين السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك يا خيرة الله وابن خيرته السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره السلام عليك أيها الوتر الموتور السلام عليك أيها الإمام الهادي الزكي وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأقامت في جوارك ووفدت مع زوارك السلام عليك مني ما بقيت وبقي الليل والنهار فلقد عظمت بك الرزية وجل المصاب في المؤمنين والمسلمين وفي أهل السماوات أجمعين وفي سكان الأرضين ف- «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» وصلوات الله وبركاته وتحياته عليك وعلى آبائك الطيبين المنتجبين وعلى ذراريهم الهداة المهديين.

البحار: ج 41 ص383

38- زيارة أخرى له صلوات الله عليه أوردها السيد وغيره والظاهر أنه من تأليف السيّد المرتضی رضي الله عنه (1) قال في مصباح الزائر زيارة بألفاظ شافية يذكر فيها بعض مصائب يوم الطف یزار بها الحسين صلوات الله علیه وسلامه زار بها

ص: 416


1- الظاهر اتحاد زيارة الناحية مع ما نقل عن السيد المرتضى رحمه الله كما يأتي التصريح به عن المجلسي رحمه الله من أن السيد أضاف إلى زيارة الناحية جملة من الألفاظ وتسمى هذه الزيارة بالزيارة المفجعة أيضا ولعل وجه التسمية لأجل اشتمال أصل الزيارة على لفظ المفجوع فراجع قوله علیه السّلام سلام المفجوع الحزين الخ. السبزواري

المرتضی علم الهدی رضوان الله عليه وسأذكرها على الوصف الذي أشار هو إليه قال فإذا أردت الخروج من بيتك فقل اللّهم إليك توجهت وعليك توكلت وبك استعنت ووجهك طلبت ولزيارة ابن نبيك أردت ولرضوانك تعرضت اللّهم احفظني في سفري وحضري ومن بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي وأعوذ بعظمتك من شر كل ذي شر اللّهم احفظني بما حفظت به كتابك المنزل على نبيك المرسل یا من قال وهو أصدق القائلين «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» فإذا بلغت المنزل تقول «وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا» الله أكبر الله أكبر الله أكبر اللّهم إني أسألك خير هذه البقعة المباركة وخير أهلها وأعوذ بك من شرها وشر أهلها اللّهم حببني إلى خلقك وأفض علي من سعة رزقك ووفقني للقيام بأداء حقك برحمتك ورضوانك ومنك وإحسانك يا كريم فإذا رأى القبة فيقول «الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» وسلام على آل يس «إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» والسلام على الطيبين الطاهرين الأوصياء الصادقين القائمين بأمر الله وحججه الداعين إلى سبيل الله المجاهدين في الله حق جهاده والناصحين لجميع عباده المستخلفين في بلاده المرشدين إلى هدايته وإرشاده «إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» فإذا قرب من المشهد يقول اللّهم إليك قصد القاصدون وفي فضلك طمع الراغبون وبك اعتصم المعتصمون وعليك توكل المتوكلون وقد قصدتك وافدا وإلى سبط نبيك واردا وبرحمتك طامعا ولعزتك خاضعا ولولاة أمرك طائعا ولأمرهم متابعا وبك وبمنك عائذا وبقبر وليك متمسكا وبحبلك معتصما اللّهم ثبتني على محبة أوليائك ولا تقطع أثري عن زيارتهم واحشرني في زمرتهم وأدخلني الجنة بشفاعتهم فإذا بلغ

ص: 417

موضع القتل يقول «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا» عند الله نحتسب مصيبتنا في سبط نبینا وسيدنا وإمامنا أعزز علينا يا أبا عبد الله بمصرعك هذا فريدا وحيدا قتيلا غريبا عن الأوطان بعيدا عن الأهل والإخوان مسلوب الثياب معفرا في التراب قد نحر نحرك وخسف صدرك واستبيح حريمك وذبح فطيمك وسبي أهلك وانتهب رحلك تقلب يمينا وشمالا وتتجرع من الغصص أهوالا لهفي عليك وأنت لهفان وأنت مجدل على الرمضاء ظمآن لا تستطيع خطابا ولا ترد جوابا قد فجعت بك نسوانك وولدك واجتز رأسك من جسدك لقد صرع بمصرعك الإسلام وتعطلت الحدود والأحكام وأظلمت الأيام وانكسفت الشمس وأظلم القمر واحتبس الغيث والمطر واهتز العرش والسماء

ص: 418

واقشعرت الأرض والبطحاء وشمل البلاء واختلفت الأهواء وفجع بك الرسول وأزعجت البتول وطاشت العقول فلعنه الله على من جار عليك وظلمك ومنعك الماء واهتضمك وغدر بك وخذلك وألب عليك وقتلك ونكث بيعتك و عهدك وأخلف میثاقك ووعدك وأعان عليك ضدك وأغضب بفعاله جدك وسلام الله ورضوانه و برکاته وتحياته عليك وعلى الأزياء من ذريتك والنجباء من عترتك إنه حمید مجيد ثم تدخل القبة و تقف على القبر وتقول السلام على آدم صفوة الله في خليقته السلام على شيث ولي الله وخيرته السلام على إدريس القائم الله بحجته السلام على نوح المجاب في دعوته السلام على هود المؤيد من الله بمعونته السلام على صالح الذي توجه الله بكرامته السلام على إبراهيم الذي حباه الله بخلته السلام على إسماعيل الذي فداه الله بِذِبْحٍ عَظِيمٍ من جنته السلام على إسحاق الذي جعل الله النبوة في ذريته السلام على يعقوب الذي رد الله عليه بصره برحمته السلام على يوسف الذي تجاه الله من الجب بعظمته السلام على موسي الذي فلق الله له البحر بقدرته السلام على هارون الذي خصه الله بنبوته السلام على شعيب الذي نصره الله على أمته السلام على داود الذي تاب الله عليه من بعد خطيئته السلام على سليمان الذي ذلت له الجن بعزته السلام على أيوب الذي شفاه الله من علته السلام على يونس الذي أنجز الله له مضمون عدته السلام على زكريا الصابر على محنته السلام على عزیر الذي أحياه الله بعد ميتته السلام على يحيى الذي أزلفه الله بشهادته السلام على عيسي الذي هو روح الله وكلمته السلام على محمّد حبيب الله وصفوته السلام على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المخصوص بكرامته وإخوته السلام على فاطمة الزهراء عليهاالسّلام ابنته السلام على أبي محمّد الحسن وصي أبيه وخليفته السلام على الحسين الذي سمحت نفسه بمهجته السلام على من أطاع الله في سره وعلانيته السلام

ص: 419

على من جعل الله الشفاء في تربته السلام على من الإجابة تحت قبته السلام على من الأئمة علیهم السّلام من ذريته السلام على ابن خاتم الأنبياء السلام على ابن سيد الأوصياء السلام على ابن فاطمة الزهراء عليهاالسّلام السلام على ابن خديجة الكبرى السلام على ابن سدرة المنتهى السلام على ابن جنة المأوى السلام على ابن زمزم والصفا السلام على المرمل بالدماء السلام على المهتوك الخباء السلام على خامس أهل الكساء السلام على غریب الغرباء السلام على شهيد الشهداء السلام على قتيل الأدعياء السلام على ساکن کربلاء السلام على من بكته ملائكة السماء السلام على من ذريته الأزياء السلام علي يعسوب الدين السلام على منازل البراهين السلام على الأئمة السادات السلام على الجيوب المضرجات السلام على الشفاه الذابلات السلام على النفوس المصطلمات السلام على الأرواح المختلسات السلام على الأجساد العاريات السلام على الجسوم الشاحبات السلام على الدماء السائلات السلام على الأعضاء المقطعات السلام على الرءوس المشالات السلام على النسوة البارزات السلام على حجة رب العالمين السلام عليك وعلى آبائك الطاهرين السلام عليك وعلى أبنائك.

باب (19)

زيارة مأثورة للشهداء مشتملة على أسمائهم الشريفة (1)

البحار: ج 41 ص 405

1- روینا بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي رحمه الله قال حدثنا

ص: 420


1- أقول: سيأتي زيارة أخرى مشتملة على أسماء الشهداء في الزيارة الرجبية ص 204 (الطبعة الحجرية) وتقدم السلام على بعض الشهداء وجملة من بني هاشم في ص 173 و ص 174 الطبعة الحجرية أيضاً). السبزواري

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن عیاش قال حدثني الشيخ الصالح أبو منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغدادي رحمه الله و قال خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين على يد الشيخ محمّد بن غالب الأصفهاني حين وفاة أبي رحمه الله وكنت حدیث السن وكتبت أستأذن في زيارة مولاي أبي عبد الله علیه السّلام وزيارة الشهداء رضوان الله عليهم فخرج إلي منه «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» إذا أردت زيارة الشهداء رضوان الله عليهم فقف عند رجلي الحسين علیه السّلام وهو قبر علي بن الحسين صلوات الله عليهما فاستقبل القبلة بوجهك فإن هناك حومة الشهداء وأوم وأشر إلى علي بن الحسين علیه السّلام وقل السلام عليك يا أول قتيل من نسل خیر سليل من سلالة إبراهيم الخليل صلى الله عليك وعلى أبيك إذ قال فيك قتل الله قوما قتلوك يا بني ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول على الدنيا بعدك العفا كأني بك بين يديه ماثلا وللكافرين قائلا أنا علي بن الحسين بن علي نحن وبيت الله أولى بالنبي أطعنكم بالرمح حتى ينثني أضربكم بالسيف أحمي عن أبي ضرب غلام هاشمي عربي والله لا يحكم فينا ابن الدعي حتى قضيت نحبك ولقيت ربك أشهد أنك أولى بالله وبرسوله وأنك ابن رسوله وابن حجته وأمينه حكم الله لك على قاتلك مرة بن منقذ بن النعمان العبدي لعنه الله وأخزاه ومن شركه في قتلك وكانوا عليك ظهيرا وأصلاهم الله جهنم وساءت مصيرا وجعلنا الله من ملاقيك ومرافقيك ومرافقي جدك وأبيك وعمك وأخيك وأمك المظلومة وأبرأ إلى الله من قاتليك وأسأل الله مرافقتك في دار الخلود وأبرأ إلى الله من أعدائك أولي الجحود السلام عليك ورحمة الله وبركاته السلام على عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع المرمي الصريع المتشحط دما المصعد دمه في السماء المذبوح بالسهم في حجر أبيه لعن الله رامیه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه السلام على عبد الله بن أمير المؤمنين مبلي البلاء والمنادي بالولاء في عرصة كربلاء

ص: 421

المضروب مقبلا ومدبرا لعن الله قاتله هاني بن ثبیت الحضرمي السلام على العباس بن أمير المؤمنين المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه الفادي له الواقي الساعي إليه بمائه المقطوعة يداه لعن الله قاتلیه یزید بن وقاد و حکيم بن الطفيل الطائي السلام على جعفر بن أمير المؤمنين الصابر نفسه محتسبا والنائي عن الأوطان مغتربا المستسلم للقتال المستقدم للنزال المكثور بالرجال لعن الله قاتله هاني بن ثبیت الحضرمي السلام على عثمان بن أمير المؤمنين (1) سمي عثمان بن مظعون لعن الله رامیه بالسهم خولي بن يزيد الأصبحي الأيادي والأباني الدارمي السلام على محمد بن أمير المؤمنين قتيل الأباني الدارمي لعنه الله وضاعف عليه العذاب الأليم وصلى الله عليك يا محمّد وعلى أهل بيتك الصابرين السلام على أبي بكر بن الحسن الزكي الولي المرمي بالسهم الردي لعن الله قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي السلام على عبد الله بن الحسن بن علي الزكي لعن الله قاتله ورامیه حرملة بن كاهل الأسدي السلام على القاسم بن الحسن بن علي المضروب هامته المسلوب لأمته حين نادي الحسين عمه فجلى عليه عمه كالصقر وهو يفحص برجله التراب والحسين يقول بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة جدك وأبوك ثم قال عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك وأنت قتیل جدیل فلا ينفعك هذا والله يوم كثر واتره وقل ناصره جعلني الله معكما يوم جمعكما وبوأني مبوأكما ولعن الله قاتلك عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي وأصلاه جحیما وأعد له عذابا أليما السلام على عون بن عبد الله بن جعفر الطيار في الجنان حليف الإيمان ومنازل الأقران الناصح للرحمن التالي للمثاني والقرآن لعن الله قاتله عبد الله بن قطبة النبهاني السلام على محمّد بن عبد الله بن

ص: 422


1- لأنّ أمير المؤمنين علیه السّلام قال إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون. السبزواري

جعفر الشاهد مکان أبيه والتالي لأخيه وواقيه بيدنه لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي السلام على جعفر بن عقيل لعن الله قاتله ورامیه بشر بن خوط الهمداني السلام على عبد الرحمن بن عقیل لعن الله قاتله ورامیه عمر بن خالد بن أسد الجهني السلام على القتيل بن القتيل عبد الله بن مسلم بن عقيل ولعن الله قاتله عامر بن صعصعة وقيل أسد بن مالك السلام على أبي عبد الله بن مسلم بن عقيل ولعن الله قاتله وراميه عمرو بن صبيح الصيداوي السلام على محمّد بن أبي سعيد بن عقیل ولعن الله قاتله لقيط بن نشر الجهني السلام على سليمان مولى الحسين بن أمير المؤمنين (1) ولعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي السلام على قارب مولى الحسين بن علي (2) السلام على منجح مولى الحسين بن علي (3) السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي القائل للحسين وقد أذن له في الانصراف أنحن نخلي عنك وبم نعتذر إلى الله من أداء حقك ولا والله حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمة في يدي ولا أفارقك ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ثم لم أفارقك حتى أموت معك وكنت أول من شری نفسه وأول شهید من شهداء الله قضى نحبه ففزت ورب الكعبة شكر الله لك استقدامك ومواساتك إمامك إذ مشى إليك وأنت صريع فقال يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة وقرأ «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا» لعن الله المشتركين في قتلك عبد الله

ص: 423


1- لم يكن شهيدا في الطف وإنما استشهد في طريق البصرة حيث أرسله الحسين علیه السّلام للاستنصار إلى أهلها. السبزواري
2- قارب بن فكيهة جارية الحسين كانت تخدم في بیت رباب زوجته علیه السّلام. السبزواري
3- منجح ابن حسينية جارية الحسين علیه السّلام استشهد معه. السبزواري

الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي السلام على سعد بن عبد الله الحنفي (1) القائل للحسين وقد أذن له في الانصراف لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله صلّي الله علیه و آله فيك والله لو أعلم أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أذری و يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقي حمامي دونك وكيف لا أفعل ذلك وإنما هي موته أو قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا فقد لقيت حمامك وواسيت إمامك ولقيت من الله الكرامة في دار المقامة حشرنا الله معكم في المستشهدین ورزقنا مرافقتكم في أعلى عليين السلام على بشر بن عمر الحضرمي شكر الله لك قولك للحسين وقد أذن لك في الانصراف أكلتني إذن السباع حيا إذا فارقتك وأسأل عنك الركبان وأخذلك مع قلة الأعوان لا يكون هذا أبدا السلام على يزيد بن حصين الهمداني المشرقي القاري المجدل السلام على عمران بن کعب الأنصاري السلام على نعیم بن عجلان الأنصاري السلام على زهير بن القين البجلي القائل للحسين علیه السّلام وقد أذن له في الانصراف لا والله لا يكون ذلك أبدا أ أترك ابن رسول اللهصلّي الله علیه و آله أسيرا في يد الأعداء وأنجو أنا لا أراني الله ذلك اليوم السلام على عمرو بن قرظة الأنصاري السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي السلام على الحر بن یزید الرياحي السلام على عبد الله بن عمير الكلبي السلام على نافع بن هلال البجلي المرادي السلام على أنس بن كاهل الأسدي(2) السلام على قيس بن مسهر الصيداوي (3) السلام على

ص: 424


1- سعید بن عبد الله. السبزواري
2- أنس بن حرث بن نبيه بن کاهل بن عمرو بن صعب بن أسد بن خزيمة الاسدي وكان شيخا كبيرا من أصحاب رسول الله صلّي الله علیه و آله وكان عابداً ناسكاً موسراً شجاعاً. السبزواري
3- قتل في رسالة الحسين علیه السّلام إلى أهل الكوفة. السبزواري

عبد الله وعبد الرحمن ابني عروة بن حراق الغفاريين (1) السلام على جون مولى أبي ذر الغفاري (2) السلام على شبيب بن عبد الله النهشلي السلام على الحجاج بن یزید السعدي (3) السلام على قاسط وكرش ابني زهير التغلبيين (4) السلام على كنانة بن عتیق السلام على ضرغامة بن مالك (5) السلام على جوین بن مالك الضبعي السلام على عمرو بن ضبیعة الضبعي السلام على زيد بن ثبیت القيسي السلام على عبد الله وعبيد الله ابني يزيد بن ثبیت القيسي السلام على عامر بن مسلم السلام على قعنب بن عمرو النمري السلام على سالم مولى عامر بن مسلم السلام على سيف بن مالك السلام على زهير بن بشر الخثعمي السلام على بدر بن معقل الجعفي (6) السلام على الحجاج بن مسروق الجعفي، السلام على مسعود بن الحجاج وابنه (7) السلام على مجمع بن عبد الله العائدي السلام على عمار بن حسان بن شريح الطائي السلام على حیان بن الحارث السلماني الأزدي السلام على جندب بن حجر الخولاني (8) السلام على عمر بن خالد الصيداوي السلام على سعید مولاه السلام على یزید بن زیاد بن

ص: 425


1- کان شيخا كبيرا من أصحاب رسول الله صلّي الله علیه و آله وشهد بدراً و حنین، لما برز للقتال شدّ حاجبيه بعصابة عن عينيه وبکی له الحسین علة. السبزواري
2- کان عبدأ أسوداً وصار طيب الريح بدعاء الحسين عليه السّلام. السبزواري
3- حمل کتاب یزید بن مسعود النهشلي من البصرة إلى الحسين عليه السّلام وكان معه حتى قتل. السبزواري
4- قاسط وكرش ومقسط كانوا مع عليّ عليه السّلام في حروبه الثلاثة وجاءوا إلى الحسين عليه السّلام ليلة العاشر. السبزواري
5- بایع مسلما ثم لحق بالحسين عليه السّلام واستشهد معه. السبزواري
6- کان مؤذن الحسين عليه السّلام من مكة إلى أن استشهد بين يديه عليه السّلام. السبزواري
7- كان شجاعا مشهورا ولحق بالحسين عليه السّلام يوم السابع من محرم السبزواري
8- كان من شجعان أهل الكوفة، و من وجوه الشيعة شهد مع عليّ عليه السّلام حروبه. السبزواري

المظاهر الكندي السلام على زاهر مولی عمرو بن الحمق الخزاعي السلام على جبلة بن علي الشيباني السلام على سالم مولى بني المدينة الكلبي السلام على أسلم بن كثير الأزدي السلام على قاسم بن حبيب الأزدي السلام على عمر بن الأحدوث الحضرمي السلام على أبي تمامة عمر بن عبد الله الصائدي (1) السلام على حنظلة بن أسعد الشبامي السلام على عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي السلام على عمار بن أبي سلامة الهمداني السلام على عابس بن شبيب الشاكري السلام على شوذب مولی شاكر السلام على شبيب بن الحارث بن سريع السلام على مالك بن عبد الله بن سريع السلام على الجريح المأسور سوار بن أبي حمير الفهمي الهمداني (2) السلام على المرتث معه عمرو بن عبد الله الجندعی (3) السلام عليكم يا خير أنصار السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار بوأكم الله مبوأ الأبرار أشهد لقد كشف الله لكم الغطاء ومهد لكم الوطاء وأجزل لكم العطاء وكنتم عن الحق غير بطاء وأنتم لنا فرط ونحن لكم خلطاء في دار البقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (4)

البحار: ج 41 ص 412 س 14

بیان: أقول قد مضى ذكر زيارة العباس علیه السّلام في الزيارة الكبيرة المنقولة عن المفيد رحمه الله

ص: 426


1- کان من فرسان العرب ووجوه الشيعة. السبزواري
2- جرح في واقعة الطف في نصر الحسين وشفعه قومه عند عمر بن سعد فلم يقتل ومات بعد ستة أشهر. السبزواري
3- المرتث بالجراح أي اشتدت به الجراحة، ووقعت ضربة على رأسه فحملوه قومه الى محملهم ومات بعد سنة كاملة. السبزواري
4- فائدة: خمسة من أصحاب الحسين علیه السّلام كانوا من أصحاب رسول الله صلّي الله علیه و آله: مسلم بن عوسجة، نعیم بن عجل، أنس الكاهلي الاسدي، كنانة بن عتیق، زاهر بن عمر الاسلمي، وقد وقع الخلاف في جون هل انه كان صحابية أم لا. السبزواري

على وجه أبسط وذكر الأصحاب في زيارته الصلاة والخبر حال عنها ولذا بعض المعاصرين يمنع من الصلاة لغير المعصوم لعدم الصريح في النصوص بالصلاة لهم عند زیارتهم (1) لكن لو أتى الإنسان بها لا على قصد أنها مأثورة على الخصوص بل للعمومات التي في إهداء الصلاة والصدقة والصوم وسائر أفعال الخير للأنبياء والأئمة علیهم السّلام والمؤمنين والمؤمنات وإنها تدخل على المؤمنين في قبورهم وتنفعهم لم يكن به بأس وكان حسنا مع أن المفيد وغيره رحمه الله ذكروها في كتبهم فلعلهم وصل إليهم خبر آخر لم يصل إلينا وسيأتي زيارة جابر رضي الله عنه له علیه السّلام في باب زيارة الأربعين وهي مشتملة على الصلاة.

ثم اعلم أن ظاهر تلك الرواية جواز الوقوف على قبره رضي الله عنه على أي وجه كان ولو كانت السقيفة في الزمن السابق على نحو بناء زماننا لكان ظاهر الخبر مواجهته عند الزيارة لكن ظاهر کلام الأصحاب وعملهم أن في زيارة غير المعصوم لا ينبغي مواجهته بل ينبغي استقبال القبلة فيها والوقوف خلفه ولم أر تصريحا في أكثر الزيارات المنقولة بذلك. نعم ورد في زيارة المؤمنين مطلقا استحباب استقبال القبلة كما سيأتي لكن لا يبعد أن يقال كما أنهم امتازوا عن سائر المؤمنين بهذه الزيارات المشتملة على المخاطبات فلعلهم امتازوا عنهم باستقبالهم كما هو عادة المكالمات والمحاورات لكن ورد في بعض الروايات المنقولة الأمر باستقبال القبلة عند زيارة بعضهم کزیارة علي بن الحسين فيما ورد عن الناحية المقدسة وقد مر في الباب السابق

ص: 427


1- بيان في أنه لم يرد صلاة الزيارة لغير المعصوم علیه السّلام فلابدّ وان يؤتى بها رجاءٌ، وما يأتي في زيارة الأربعين من صلاة جابر عند قبر العباس لم يعلم أنها كانت صلاة الزيارة أو من مجرد إهداء الثواب مع أن جابر لم يكن معصوماً حتى يستند إلى فعله مع أن الخبر الذي نقل ذلك مرسل مضافاً إلى أن عطاء راوي خبر جابر مهمل. السبزواري

والتخيير فيما لم يرد فيه شيء على الخصوص أظهر والله يعلم.

باب (24) / كيفيّة زيارته صلوات الله عليه يوم عاشوراء

البحار: ج 41 ص 419

1- حکیم بن داود (1) وغيره عن محمّد بن موسى الهمداني عن محمّد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة (2) وصالح بن عقبة (3) معا عن علقمة بن محمّد الحضرمي (4) ومحمّد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني (5) عن أبي جعفر الباقر علیه السّلام قال من زار الحسين علیه السّلام يوم عاشوراء حتى يظل عنده باكيا لقي الله عزّ وجلّ يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجة وألفي ألف عمرة وألفي ألف غزوة و ثواب كل حجة وعمرة وغزوة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول الله صلّي الله علیه و آله و مع الأئمة الراشدين صلوات الله عليهم قال قلت جعلت فداك فما لمن كان في بعد البلاد وأقاصيها ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم قال إذا كان ذلك اليوم برز إلى الصحراء أو صعد سطحا مرتفعا في داره وأومأ إليه السلام واجتهد على قاتله بالدعاء وصلى بعده ركعتين يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال ثم ليندب الحسين علیه السّلام ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه ويقيم في داره مصیبته بإظهار الجزع عليه ويتلاقون

ص: 428


1- مجهول. السبزواري
2- ثقة. السبزواري 12
3- مجهول. السبزواري
4- مجهول. السبزواري
5- حسن كالثقة السبزواري

بالبكاء بعضهم بعضا بمصاب الحسين علیه السّلام فأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله عزّ و جلّ جميع هذا الثواب فقلت جعلت فداك وأنت الضامن لهم إذا فعلوا ذلك والزعيم به قال أنا الضامن لهم ذلك والزعيم لمن فعل ذلك قال قلت فكيف يعزي بعضهم بعضا قال يقولون عظم الله أجورنا مصابنا بالحسين علیه السّلام وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المهدي من آل محمّد علیه السّلام فإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل فإنه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة مؤمن وإن قضيت لم يبارك له فيها ولم ير رشدا ولا تدخرن لمنزلك شيئا فإنه من ادخر لمنزله شيئا في ذلك اليوم لم يبارك له فيما يدخره ولا يبارك له في أهله فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجة وألف ألف عمرة وألف ألف غزوة كلها مع رسول الله صلّي الله علیه و آله وكان له ثواب مصيبة کل نبی ورسول وصديق وشهيد مات أو قتل منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة قال صالح بن عقبة الجهني (1) وسيف بن عميرة قال علقمة بن محمّد الحضرمي فقلت لأبي جعفر علیه السّلام علمني دعاء أدعو به في ذلك اليوم إذا أنا زرته من قریب ودعاء أدعو به إذا لم أزره من قريب وأومأت إليه من بعد البلاد ومن داري قال فقال یا علقمة إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام وقلت عند الإيماء إليه وبعد الركعتين هذا القول فإنك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به من زاره من الملائكة وكتب الله لك بها ألف ألف حسنة ومحا عنك ألف ألف سيئة ورفع لك مائة ألف ألف درجة وكنت كمن استشهد مع الحسين بن علي علیه السّلام حتى تشاركهم في درجاتهم لا تعرف إلا في الشهداء الذين استشهدوا معه وكتب لك ثواب کل نبي ورسول وزيارة كل من زار الحسين بن علي علیه السّلام منذ يوم قتل صلوات الله عليه تقول

ص: 429


1- هذا غير مذكور في كتب الرجال والظاهر انه اشتباه بمالك الجهني كما في صدر الحديث السبزواری

السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك يا ابن رسول الله السلام عليك يا خيرة الله وابن خيرته السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين وابن سيد الوصيين السلام عليك يا ابن فاطمة علیهاالسّلام سيدة النساء السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليكم مني جميعا سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار يا أبا عبد الله لقد عظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع أهل السماوات فلعن الله أمة أسست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت علیهم السّلام ولعن الله أمة دفعتكم عن مقامكم وأزالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها ولعن الله أمة قتلتك ولعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم يا أبا عبد الله إني سلم لمن سالمکم وحرب لمن حاربكم إلى يوم القيامة فلعن الله آل زیاد و آل مروان ولعن الله بني أمية قاطبة ولعن الله ابن مرجانة ولعن الله عمر بن سعد ولعن الله شمرا ولعن الله أمة أسرجت وألجمت وتهيأت لقتالك يا أبا عبد الله بأبي أنت وأمي لقد عظم مصابي بك فأسأل الله الذي أكرم مقامك أن يكرمني بك ويرزقني طلب ثارك مع إمام منصور من آل محمّد صلّي الله علیه و آله اللّهم اجعلني وجيها بالحسين علیه السّلام عندك في الدنيا والآخرة يا سيدي يا أبا عبد الله إني أتقرب إلى الله وإلى رسوله وإلى أمير المؤمنين وإلى فاطمة علیهم السّلام وإلى الحسن وإليك صلى الله عليك وسلم بموالاتك والبراءة ممن قاتلك و نصب لك الحرب ومن جميع أعدائكم وبالبراءة ممن أسس الجور وبنى عليه بنيانه وأجرى ظلمه وجوره عليكم وعلى أشياعكم برئت إلى الله وإليكم منهم وأتقرب إلى الله ثم إليكم بموالاتكم وموالاة وليکم والبراءة من أعدائكم ومن الناصبين لكم الحرب والبراءة من أشياعهم وأتباعهم إني سلم لمن سالمکم وحرب لمن حاربکم موال لمن والاكم وعدو لمن عاداكم فأسأل الله الذي أكرمني بمعرفتكم ومعرفة أوليائكم ورزقني البراءة من أعدائكم أن يجعلني معكم في الدنيا والآخرة وأسأله أن يبلغني المقام

ص: 430

المحمود لكم عند الله وأن يرزقني طلب ثاركم مع إمام مهدي ناطق لكم وأسأل الله بحقكم و بالشأن الذي لكم عنده أن يعطيني مصابي بكم أفضل ما أعطى مصابا مصيبة.

أقول: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ يا لها من مصيبة ما أعظمها وأعظم رزیتها في الإسلام وفي جميع السماوات والأرضين اللّهم اجعلني في مقامي هذا من تناله منك صلوات ورحمة ومغفرة اللّهم اجعل محياي محیا محمّد و آل محمّد ومماتي ممات محمّد و آل محمّد اللّهم إن هذا يوم تزل فيه اللعنة على آل زیاد و آل أمية وابن آكلة الأكباد اللعين بن اللعين على لسان نبيك في كل موطن وموقف وقف فيه نبيك صلّيالله علیه و آله اللّهم العن أبا سفيان ومعاوية وعلى یزید بن معاوية اللعنة أبد الآبدين اللّهم فضاعف عليهم اللعنة أبدا لقتلهم الحسين اللّهم إني أتقرب إليك في هذا اليوم وفي موقفي هذا وأيام حياتي بالبراءة منهم وباللعن عليهم وبالموالاة لنبيك وأهل بیت نبيك ثم تقول مائة مرة اللّهم العن أول ظالم ظلم حق محمّد و آل محمّد و آخر تابع له على ذلك اللّهم العن العصابة التي حاربت الحسين علیه السّلام وشایعت و بایعت على قتله وقتل أنصاره اللّهم العنهم جميعا ثم قل مائة مرة السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك عليكم مني سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد من زيارتكم السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وأصحاب الحسين صلوات الله عليهم أجمعين ثم تقول مرة واحدة اللّهم خص أول ظالم ظلم آل نبيك باللعن ثم العن أعداء آل محمّد من الأولين والآخرين اللهم العن يزيد وأباه والعن عبيد الله بن زیاد و آل مروان وبني أمية قاطبة إلى يوم القيامة ثم تسجد سجدة تقول فيها اللّهم لك الحمد حمد الشاکرین على مصابهم الحمد لله على عظيم رزيني فيهم اللّهم ارزقني شفاعة الحسين يوم

ص: 431

الورود و ثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين علیه السّلام قال يا علقمة إن استطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة من دهرك فافعل فلك ثواب جميع ذلك إن شاء الله تعالى.

البحار: ج 41 ص428

4- ثم قال الشيخ رحمه الله في المصباح زیارة أخرى في يوم عاشوراء (1) روی عبد الله بن سنان قال دخلت على سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمّد علیه السّلام في يوم عاشوراء فألقيته کاسف اللون ظاهر الحزن ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط فقلت يا ابن رسول الله مم بكاؤك لا أبكى الله عينيك فقال لي أو في غفلة أنت أما علمت أن الحسين بن علي علیه السّلام أصيب في مثل هذا اليوم قلت يا سيدي فما قولك في صومه فقال لي صمه من غير تبییت وأفطره من غير تشميت ولا تجعله يوم صوم کملا وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلّي الله علیه و آله و انكشفت الملحمة عنهم وفي الأرض منهم ثلاثون صريعا في مواليهم يعز على رسول الله صلّي الله علیه و آله مصرعهم ولو كان في الدنيا يومئذ حيا لكان صلوات الله عليه و آله هو المعزي بهم قال وبکی أبو عبدالله علیه السّلام حتى أخضلت لحيته بدموعه ثم قال إن الله عزّ وجلّ لما خلق النور خلقه يوم الجمعة في تقديره في أول يوم شهر من رمضان و خلق الظلمة في يوم الأربعاء یوم عاشوراء في مثل ذلك اليوم يعني العاشر من شهر المحرم في تقديره وجعل لكل منهما شرعة ومنهاجا يا عبد الله بن سنان إن أفضل ما تأتي به في هذا اليوم أن تعمد

ص: 432


1- هذا الخبر مرسل في المصباح فراجع. السبزواري

إلى ثياب طاهرة فتلبسها و تتسلب قال وما التسلب قال تحلل أزرارك و تكشف عن ذراعيك كهيئة أصحاب المصائب ثم تخرج إلى أرض مقفرة أو مكان لا يراك به أحد أو تعمد إلى منزل لك خال أو في خلوة منذ حين يرتفع النهار فتصلي أربع رکعات تحسن ركوعها وسجودها وتسلم بين كل ركعتين تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ثم تصلي ركعتين تقرأ في الركعة الأولى الحمد و سورة الأحزاب وفي الثانية الحمد و سورة إذا جاءك المنافقون أو ما تيسر من القرآن ثم تسلم وتحول وجهك نحو قبر الحسين علیه السّلام ومضجعه فتمثل لنفسك مصرعه ومن كان معه من ولده وأهله وتسلم وتصلي عليه و تلعن قاتلیه فتبرأ من أفعالهم يرفع الله عزّوجلّ لك بذلك في الجنة من الدرجات ويحط عنك من السيئات ثم تسعى من الموضع الذي أنت فيه إن كان صحراء أو فضاء أو أي شيء كان خطوات تقول في ذلك إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ رضى بقضائه و تسليما لأمره ولیكن عليك في ذلك الكآبة والحزن وأكثر من ذكر الله سبحانه والاسترجاع في ذلك فإذا فرغت من سعيك وفعلك هذا فقف في موضعك الذي صليت فيه ثم قل اللّهم عذب الفجرة الذين شاقوا رسولك وحاربوا أولياءك وعبدوا غيرك واستحلوا محارمك والعن القادة والأتباع ومن كان منهم فخب وأوضع معهم أو رضي بفعلهم لعنا كثيرا اللّهم وعجل فرج آل محمّد واجعل صلواتك عليهم واستنقذهم من أيدي المنافقين والمضلين والكفرة الجاحدين وافتح لهم فتحا يسيرا وأتح لهم روحا وفرجا قريبا و اجعل لهم من لدنك على عدوك وعدوهم سلطانا نصيرا ثم ارفع يديك واقنت بهذا الدعاء وقل وأنت تومئ إلى أعداء آل محمّد صلوات الله عليه اللّهم إن كثيرا من الأمة ناصبت المستحفظين من الأئمة علیهم السّلام

ص: 433

وكفرت بالكلمة وعكفت على القادة الظلمة وهجرت الكتاب والسنة وعدلت عن الحبلين اللذين أمرت بطاعتهما والتمسك بهما فأماتت الحق وحادت عن القصد ومالأت الأحزاب وحرفت الكتاب وكفرت بالحق لما جاءها وتمسكت بالباطل لما اعترضها فضيعت حقك وأضلت خلقك وقتلت أولاد نبيك وخيرة عبادك وحملة علمك وورثة حكمتك ووحيك اللّهم فزلزل أقدام أعدائك وأعداء رسولك وأهل بیت رسولك اللّهم وأخرب ديارهم وافلل سلاحهم وخالف بين كلمتهم وفت في أعضادهم وأوهن کيدهم واضربهم بسيفك القاطع وارمهم بحجرك الدامغ وطمهم بالبلاء طما وقمهم بالعذاب قما وعذبهم عذابا نكرا وخذهم بالسنين والمثلات التي أهلكت بها أعداءك إنك ذو نقمة من المجرمين اللهم إن سنتك ضائعة وأحكامك معطلة وعترة نبيك في الأرض هائة اللّهم فأعن الحق وأهله واقع الباطل وأهله ومن علينا بالنجاة واهدنا إلى الإيمان وعجل فرجنا وانظمه بفرج أوليائك و اجعلهم لنا ودا واجعلنا لهم وفدا اللّهم وأهلك من جعل يوم قتل ابن نبيك وخيرتك عيدا واستهل به فرحا ومرحا وخذ آخرهم كما أخذت أولهم وأضعف اللّهم العذاب والتنكيل على ظالمي أهل بیت نبيك وأهلك أشياعهم وقادتهم وأبرحماتهم وجماعتهم اللّهم وضاعف صلواتك ورحمتك وبركاتك على عترة نبيك العترة الضائعة الخائفة المستذلة بقية من الشجرة الطيبة الزاكية المباركة وأعل اللّهم كلمتهم وأفلج حجتهم واكشف البلاء واللأواء وحنادس الأباطيل والعمى عنهم وثبت قلوب شيعتهم وحزبك على طاعتك وولايتهم ونصرتهم وموالاتهم وأعنهم وامنحهم الصبر على الأذى فيك و اجعل لهم أياما مشهودة وأوقاتا محمودة مسعودة يوشك فيها فرجهم وتوجب فيها تمكينهم ونصرهم کماضمنت لأوليائك في كتابك

ص: 434

المنزل فإنك قلت وقولك الحق «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا» اللّهم اکشف غمتهم يا من لا يملك كشف الضر إلا هو یا واحد یا أحد يا حي يا قيوم وأنا يا إلهي عبدك الخائف منك و الراجع إليك السائل لك المقبل عليك اللاجي إلى فنائك العالم بأنه لا ملجأ منك إلا إليك فتقبل اللّهم دعائي واستمع يا إلهي علانيتي ونجواي واجعلني ممن رضيت عمله وقبلت نسکه ونجيته برحمتك إنك أنت العزيز الكريم اللهم وصل أولا وآخرا على محمّد و آل محمّد وبارك على محمّد و آل محمّد وارحم محمدا وآل محمّد بأكمل وأفضل ما صليت وباركت و ترحمت على أنبيائك ورسلك وملائكتك وحملة عرشك بلا إله إلا أنت اللّهم ولا تفرق بيني وبين محمّد و آل محمّد صلواتك عليه وعليهم واجعلني يا مولاي من شيعة محمّد وعلي وفاطمة علیهم السّلام و الحسن والحسين وذريتهم الطاهرة المنتجبة وهب لي التمسك بحبلهم والرضا بسبيلهم والأخذ بطريقتهم إنك جواد کریم ثم عفر وجهك في الأرض وقل يا من يحكم ما يشاء «و يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ» أنت حكمت فلك الحمد محمودا مشكورا فعجل یا مولاي فرجهم وفرجنا بهم فإنك ضمنت إعزازهم بعد الذلة و تكثيرهم بعد القلة وإظهارهم بعد الخمول یا أصدق الصادقين ويا أرحم الراحمين فأسألك يا إلهي وسيدي متضرعا إليك بجودك وكرمك بسط أملي والتجاوز عني وقبول قليل عملي وكثيره والزيادة في أيامي و تبليغي ذلك المشهد وأن تجعلني ممن يدعي فيجيب إلى طاعتهم وموالاتهم ونصرهم وتريني ذلك قريبا سريعا في عافية «إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ثم ارفع رأسك إلى السماء وقل أعوذ بك من أن أكون من الذين لا يرجون أيامك

ص: 435

فأعذني يا إلهي برحمتك من ذلك فإن هذا أفضل یا ابن سنان من كذا وكذاحجة وكذا وكذا عمرة تطوعها و تنفق فيها مالك و تنصب فيها بدنك و تفارق فيها أهلك وولدك واعلم أن الله تعالى يعطي من صلى هذه الصلاة في هذا اليوم ودعاهذا الدعاء مخلصا وعمل هذا العمل موقنا مصدقا عشر خصال منها أن يقيه الله ميتة السوء ويؤمنه من المكاره والفقر ولا يظهر عليه عدوا إلى أن يموت ويقیه الله من الجنون والجذام والبرص في نفسه وولده إلى أربعة أعقاب له ولا يجعل للشيطان ولا الأوليائه عليه ولا على نسله إلى أربعة أعقاب سبيلا قال ابن سنان فانصرفت وأنا أقول الحمد لله الذي من على بمعرفتكم وحبكم وأسأله المعونة على المفترض على من طاعتكم بمنه ورحمته.

قال رحمه الله: روینا بإسنادنا إلى عبد الله بن جعفر الحميري (1) عن الحسن بن علي الكوفي (2) عن الحسن بن محمّد الحضرمي (3) عن عبد الله بن سنان قال دخلت على مولاي أبي عبد الله جعفر بن محمّد علیه السّلام يوم عاشوراء وهو متغير اللون ودموعه تنحدر على خديه كاللؤلؤ فقلت له يا سيدي مما بکاؤك لا أبکی الله عينيك فقال لي أما علمت أن في مثل هذا اليوم أصيب الحسين علیه السّلام فقلت بلى يا سيدي وإنما أتيتك مقتبسا منك فيه علما و مستفيدا منك لتفيدني فيه قال سل عما بدا لك وعماشئت قلت ما تقول يا سيدي في صومه قال صمه من غير تبییت وأفطره من غير تشميت ولا تجعله يوما کاملا ولكن أفطر بعد العصر بساعة ولو بشربة من ماء فإن في ذلك

ص: 436


1- ثقة. السبزواري
2- ثقة. السبزواري
3- مجهول. السبزواري

الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل الرسول عليه و : وانكشف الملحمة عنهم وفي الأرض منهم ثلاثون صريعا يعز على رسول الله صلّي الله علیه و آله مصرعهم قال ثم بکی بکاء شدیدا حتى أخضلت لحيته بالدموع وقال أتدري أي يوم كان ذلك اليوم قلت أنت أعلم به مني يا مولاي قال إن الله عزّ وجلّ خلق النور يوم الجمعة في أول يوم من شهر رمضان و خلق الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء وجعل لكل منهما شريعة و منهاجا يا عبد الله بن سنان أفضل ما تأتي به هذا اليوم أن تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتحل أزرارك و تكشف عن ذراعيك وعن ساقيك ثم تخرج إلى أرض مقفرة حيث لا يراك أحد أو في دارك حين يرتفع النهار و تصلي أربع ركعات تسلم بين كل ركعتين تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية سورة الحمد وقل هو الله أحد وفي الثالثة سورة الحمد و سورة الأحزاب وفي الرابعة الحمد والمنافقين ثم تسلم وتحول وجهك نحو قبر أبي عبد الله علیه السّلام وتمثل بين يديك مصرعه و تفرغ ذهنك وجميع بدنك وتجمع له عقلك ثم تلعن قاتله ألف مرة يكتب لك بكل لعنة ألف حسنة ويحي عنك ألف سيئة ويرفع لك ألف درجة في الجنة ثم تسعى من الموضع الذي صليت فيه سبع مرات وأنت تقول في كل مرة من سعيك إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ رضا بقضاء الله و تسليما لأمره سبع مرات وأنت في كل ذلك عليك الكآبة والحزن ثاكلا حزينا متأسفا فإذا فرغت من ذلك وقفت في موضعك الذي صليت فيه وقلت سبعين مرة اللّهم عذب الذين حاربوا رسلك وشاقوك وعبدوا غيرك واستحلوا محارمك و العن القادة والأتباع ومن كان منهم ومن رضي بفعلهم لعنا كثيرا ثم تقول اللّهم فرج عن أهل محمّد صلى الله عليه وعليهم أجمعين واستنقذهم من أيدي المنافقين و الكفار والجاحدين وامنن عليهم وافتح لهم فتحا

ص: 437

يسيرا واجعل لهم من لدنك على عدوك وعدوهم سلطانا نصيرا ثم اقنت بعد الدعاء وقل في قنوتك اللّهم إن الأمة خالفت الأئمة علیهم السّلام وكفروا بالكلمة وأقاموا على الضلالة والكفر والردى والجهالة والعمى وهجروا الكتاب الذي أمرت بمعرفته والوصي الذي أمرت بطاعته فأماتوا الحق وعدلوا عن القسط وأضلوا الأمة عن الحق وخالفوا السنة وبدلوا الكتاب وملكوا الأحزاب وكفروا بالحق لما جاءهم وتمسكوا بالباطل وضيعوا الحق وأضلواخلقك وقتلوا أولاد نبيك صلّي الله علیه و آله وخيرة عبادك وأصفيائك وحملة عرشك وخزنة سرك ومن جعلتهم الحكام في سماواتك وأرضك اللّهم فزلزل أقدامهم وأخرب ديارهم واكفف سلاحهم وأيديهم وألق الاختلاف فيما بينهم وأوهن كيدهم واضربهم بسيفك الصارم وحجرك الدامغ وطمهم بالبلاء طما وارمهم بالبلاء رمیا وعذبهم عذابا شديدا نكرا وارمهم بالغلاء وخذهم بالسنين الذي أخذت بها أعداءك وأهلكهم بما أهلكتهم به اللهم وخذهم أخذ القرى «وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ» اللّهم إن سبلك ضائعة وأحكامك معطلة وأهل نبيك في الأرض هائمة كالوحش السائمة اللّهم أعل الحق وأستنقذ الخلق وامنن علينا بالنجاة و اهدنا للإيمان وعجل فرجنا بالقائم علیه السّلام واجعله لنا ردءا واجعلنا له رفدا اللّهم وأهلك من جعل قتل أهل بیت نبيك عيدا واستهل فرحا وسرورا وخذ آخرهم بما أخذت به أولهم اللّهم أضعف البلاء والعذاب والتنكيل على الظالمين من الأولين والآخرين وعلى ظالمي آل بیت نبيك صلّي الله علیه و آله نكالا ولعنة وأهلك شيعتهم وقادتهم وجماعتهم اللّهم ارحم العترة الضائعة المقتولة الذليلة من الشجرة الطيبة المباركة اللّهم أعل كلمتهم وأفلج حجتهم وثبت قلوبهم وقلوب شيعتهم على موالاتهم وانصرهم وأعنهم وصبرهم على الأذى في جنبك و اجعل لهم أياما مشهورة وأياما

ص: 438

معلومة كماضمنت لأوليائك في كتابك المنزل فإنك قلت «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا» اللهم أعل كلمتهم یا لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت يا أرحم الراحمين يا حي يا قیوم فإني عبدك الخائف منك والراجع إليك والسائل لديك والمتوكل عليك واللاجي بفنائك فتقبل دعائي واسمع نجواي واجعلني ممن رضيت عمله وهديته وقبلت نسکه و انتجته برحمتك إنك أنت العزيز الوهاب أسألك يا الله بلا إله إلا أنت ألا تفرق بيني وبين محمد و آل محمد الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين واجعلني من شيعة محمّد و آل محمّد و تذكرهم واحدا واحدا بأسمائهم إلى القائم علیه السّلام وأدخلني فيما أدخلتهم فيه وأخرجني مما أخرجتهم منه ثم عفر خديك على الأرض وقل يا من يحكم بما يشاء ويعمل ما يريد أنت حکمت في أهل بيت محمّد ما حكمت فلك الحمد محمودا مشكورا وعجل فرجهم وفرجنا بهم فإنك ضمنت إعزازهم بعد الذلة و تكثيرهم بعد القلة وإظهارهم بعد الخمول يا أرحم الراحمين أسألك يا إلهي وسيدي بجودك وكرمك أن تبلغني أملي و تشكر قليل عملي وأن تزيدني في أيامي وتبلغني ذلك المشهد وتجعلني من الذين دعي فأجاب إلى طاعتهم وموالاتهم وأرني ذلك قريبا سريعا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وارفع رأسك إلى السماء فإن ذلك أفضل من حجة وعمرة واعلم أن الله عزّ وجلّ يعطي من صلى هذه الصلاة في ذلك اليوم ودعا بهذا الدعاء عشر خصال منها أن الله تعالى يوقیه من ميتة السوء ولا يعاون عليه عدوا إلى أن يموت ويوقيه من المكاره والفقر ويؤمنه الله من الجنون والجذام ويؤمن ولده من ذلك إلى أربع أعقاب ولا يجعل للشيطان ولا لأوليائه عليه سبيلا قال قلت

ص: 439

الحمد لله الذي من على بمعرفتكم ومعرفة حقكم وأداء ما افترض لكم برحمته ومنه وهو حسبي ونعم الوكيل.

باب (25) / زيارة الأربعين

البحار: ج 41 ص 443

1- قال السيّد رضي الله عنه يروي عن أبي محمّد العسكري علیه السّلام (1) أنه قال علامات المؤمن خمس صلاة إحدى وخمسين وزيارة الأربعين والتختم باليمين و تعفير الجبين والجهر با «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»(2).

ص: 440


1- خبر العسكري علیه السّلام مرسل مع انه مجمل کما مرّ، و خبر جابر لا قرينة فيه أن الزيارة كانت لخصوصية اليوم بل كانت لأجل ورود جابر کربلاء وكان أول وروده ثم لا يخفى على المتأمل المتفحص في الأخبار الواردة في أبواب الزيارات انه ما من زيارة مخصوصة إلا وقد ذكر لها ثواب مخصوص كما يظهر من كتب المزار ولم أر لزيارة الأربعين ثواباً مذكوراً في خبر من الأخبار، فلا بدّ من التفحص التام. السبزواري
2- أقول: يحتمل أن يكون المراد أربعين نفرة من المؤمنين إذ لا قرينة في اللفظ أن المراد بها الزيارات المخصوصة المعروفة، ويشهد لما قلناه ما ورد في مدح يونس بن يعقوب انه كان يزور كل يوم أربعين نفراً من إخوانه ثم يرجع إلى منزله، فراجع. السبزواري

باب (7) / زيارة الإمام المستتر عن الأبصار، الحاضر في قلوب الأخيار، المنتظر في الّليل والنهار، الحجّة بن الحسن صلوات الله عليهما في السرداب وغيره

البحار: ج 41 ص537 س20

ثم قال السيّد رضي الله عنه ذكر بعض أصحابنا قال قال محمد بن علي بن أبي قرة نقلت من کتاب محمد بن الحسين بن سفيان البزوفري رضي الله عنه دعاء الندبة وذكر أنه الدعاء لصاحبالزمان صلوات الله عليه ويستحب أن يدعى به في الأعياد الأربعة.(1)

ص: 441


1- هذه الكلمة مجملة تحتمل معنيين احدهما أن الدعاء لصاحب الزمان أي من منشآته علیه السّلام والثاني أنه يعني يدعى به لصاحب الزمان علیه السّلام. السبزواري

التعليقات علی المجلد الثالث والعشرون من بحار الأنوار

من الطبعة الحجريّة، والمشتمل على الأجزاء 42، 43 من الطبعة الحروفيّة

ص: 442

ص: 443

العقود و الإیقاعات: أبواب المكاسب

باب (1) / الحثّ على طلب الحلال ومعنى الحلال

البحار: ج 42 ص6

5 - هارون عن ابن صدقة عن الصادق عن آبائه علیه السّلام أن رسول الله صلّي الله علیه و آله قال أصناف لا يستجاب لهم (1) منهم من أدان رجلا دینا إلى أجل فلم يكتب عليه كتابا ولم يشهد عليه شهودا ورجل يدعو على ذي رحم ورجل تؤذيه امرأته بكلمة ما يقدر عليه وهو في ذلك يدعو الله عليها ويقول اللّهم أرحني منها فهذا يقول الله له عبدي أو ما قلدتك أمرها فإن شئت خليتها وإن شئت أمسكتها ورجل رزقه الله تبارك وتعالى مالا ثم أنفقه في البر والتقوى فلم يبق منه شيء وهو في ذلك يدعو الله أن يرزقه فهذا يقول له الرب تبارك وتعالى أو لم أرزقك وأعنك أفلا اقتصدت ولم تسرف إني لا أحب المسرفين ورجل قاعد في بيته وهو يدعو الله أن يرزقه لا يخرج ولا يطلب من فضل الله كما أمره الله هذا يقول الله له عبدي إني لم أحظر عليك الدنيا ولم أرمك في جوارحك وأرضي واسعة فلا تخرج وتطلب الرزق فإن حرمتك عذرتك وإن رزقتك فهو الذي تريد.

ص: 444


1- يستفاد من مثل هذا الخبر أنّه لابدّ وان يكون الدعاء مع مراعاة الأسباب لتكوينية ولا يستجاب مع إهمالها فتدبّر. السبزواري

أانواع النکاح / أبواب النكاح

باب (21) / الكفاءة في النكاح وان المؤمنين بعضهم أكفاء بعض ومن يكره نكاحه والنهي عن العضل

البحار: ج 42 ص 242

12 - قال بعض الخوارج هشام بن الحكم العجم تتزوج في العرب قال نعم قال فالعرب تتزوج في قريش قال نعم قال فقریش تتزوج في بني هاشم قال نعم فجاء الخارجي إلى الصادق علیه السّلام فقص عليه ثم قال أسمعه منك فقال علیه السّلام نعم فقد قلت ذاك قال الخارجي فها أنا ذا قد جئتك خاطبا فقال له أبو عبد الله علیه السّلام انك لكفو في دينك وحسبك في قومك ولكن الله عزّ وجلّ صاننا عن الصدقات وهي أوساخ أيدي الناس فنكره أن نشرك فيما فضلنا الله (1) به من لم يجعل الله له مثل ما جعل لنا فقام الخارجي وهو يقول بالله ما رأيت رجلا مثله ردني والله أقبح رد وما خرج من قول صاحبه.

ص: 445


1- يستفاد منه كراهية تزويج الهاشمية لغير الهاشمي. السبزواري

كتاب الإجازات

صورة (6) / الإجازة الكبيرة المعروفة من العلامة لبني زُهرة

البحار: ج 43 ص 150 س 2

ومن ذلك ذكر صلاة الرغائب روی صفتها الحسن بن الدربي عن الحاج الصالح مسعود بن محمّد بن أبي الفضل الرازي المجاور بمشهد مولانا أمير المؤمنين علیه السّلام كان قرأها عليه في محرم سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة قال أخبرني الشيخ زين الدين ضياء الإسلام أبو الحسن علي بن عبد الجليل العياضي الرازي ببلد الري في أول شهر رجب من سنة أربع وأربعين وخمسمائة قال أخبرني شرف الدين المنتجب بن الحسن بن علي الحسني قال أخبرني سديد الدين أبو الحسن علي بن الحسن الجاسبي قال أخبرنا المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الخزاعي بالري قال حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي عن الحاج سموسم قال حدثنا أبو الفتح بن رجاء بن عبد الواحد الأصفهاني قال حدثنا أبو القاسم عبد العزيز بن راشد بندار الشيرازي قال حدثنا أبو الحسن الهمداني قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن سعيد البصري قال حدثني أبي قال حدثني خلف بن عبد الله الصنعاني قال حدثني حميد الطوسي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلّي الله علیه و آله رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي قيل يا رسول الله ما معنى قولك رجب شهر الله قال لأنه مخصوص بالمغفرة فيه تحقن الدماء وفيه تاب الله على أوليائه وفيه أنقذهم من يد أعدائه ثم قال رسول الله صلّي الله علیه و آله من صامه کله استوجب على الله ثلاثة أشياء مغفرة لجميع ما سلف من ذنوبه وعصمة فيما بقي من عمره وأمانا من العطش يوم الفزع الأكبر فقام شیخ ضعيف وقال يا رسول الله إني عاجز عن صيامه كله فقال رسول الله صلّي الله علیه و آله صم أول يوم منه فإن الحسنة بعشر أمثالها وأوسط يوم منه و آخر يوم منه فإنك تعطی ثواب من صامه كله ولكن لا تغفلوا عن ليلة أول جمعة منه فإنها ليلة تسميها

ص: 446

الملائكة ليلة الرغائب وذلك إذا مضى ثلث الليل لا يبقی ملك في السماوات والأرض إلا ويجتمعون في الكعبة وحواليها ويطلع الله عليهم اطلاعة فيقول لهم يا ملائكتي سلوني ما شئتم فيقولون ربنا حاجاتنا إليك أن تغفر لصوام رجب فيقول الله عزّ وجلّ قد فعلت ذلك ثم قال رسول الله ما من أحد يصوم الخميس أول خمیس من رجب ثم يصلي ما بين العشاء والعتمة اثنتي عشرة ركعة يفصل بين كل ركعتين بتسليمة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة وإنا أنزلناه في ليلة القدر ثلاث مرات وقل هو الله اثنتي عشرة مرة (1) فإذا فرغ من صلاته صلى علي سبعين مرة يقول اللّهم صل على محمّد وعلى آله ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة سبوح قدوس رب الملائكة والروح ثم يرفع رأسه فيقول سبعين مرة رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلي الأعظم ثم يسجد سجدة أخرى فيقول فيها ما قال في الأولى ثم يسأل الله تعالى حاجته في سجوده فإنها تقضى قال رسول الله صلّي الله علیه و آله والذي نفسي بيده لا يصلي عبد أو أمة هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال وعدد ورق الأشجار ويشفع يوم القيامة في سبع مائة من أهل بيته ممن قد استوجب النار فإذا كان أول ليلة في قبره بعث إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة فتجيئه بوجه طلق ولسان ذلق فيقول يا حبيبي أبشر فقد نجوت من كل شدة فيقول من أنت فو الله ما رأيت وجها أحسن من وجهك ولا سمعت كلاما أحلى من كلامك ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك فيقول يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتها في ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا جئتك الليلة لأقضي حقك وأونس وحدتك وأدفع عنك وحشتك فإذا نفخ في الصور ظللت في عرصة القيامة على رأسك فأبشر فلن تعدم الخير أبدا.

ص: 447


1- هذه الزيادة ليست في الوسائل. السبزواري

فهرس الموضوعات

المقصد الخامس: في دفع بعض شبهة الفلاسفة... 5

باب (2) / العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم... 9

باب (5) / العرش والكرسي وحملتهما ... 10

باب (10)/ الشمس والقمر وأحوالهما و... ... 14

باب (23) / يوم النيروز وتعيينه و... ... 16

باب (25) / آخر في وصف الملائكة المقرّبين ... 24

باب (26) / عصمة الملائكة وقصة هاروت وماروت ... 25

باب (36) / الممدوح من البلدان والمذموم منها وغرائبها ... 29

باب (42) / بدء خلق الإنسان في الرحم إلى آخر أحواله ... 34

باب (3) / إبليس لعنه الله وقصصه و... ... 35

باب (5) / أنواع المسوخ وأحكامها وعلل مسخها ... 36

كتاب الإيمان والكفر ... 41

باب (2) / إنّ المؤمن ينظر بنور الله ... 43

باب (3) / طينة المؤمن وخروجه من الكافر وبالعكس ... 43

باب (8) / قلة عدد المؤمنين وأنّه ينبغي... ... 45

باب (9) / أصناف الناس في الإيمان ... 46

باب (10) / لزوم البيعة وكيفيّتها ... 48

باب (14) / علامات المؤمن وصفاته ... 49

باب (15) / فضائل الشيعة ... 49

ص: 448

باب (22) / في أنّ الله تعالى إنّما يعطي الدِّين الحقّ و... ... 59

باب (23) / في أنّ السلامة والغني في الدِّين ... 61

باب (24) / الفرق بين الإيمان والإسلام ... 61

باب (27) / دعائم الإسلام والإيمان ... 62

باب (28) / الذّين الذي لا يقبل الله أعمال العباد إلّا به ... 63

باب (30) / إنّ العمل جزء الإيمان و... ... 63

باب (33) / السكينة وروح الإيمان ... 64

باب (38) / جوامع المكارم وآفاتها ... 65

باب (39) / العدالة والخصال ... 66

باب (41) / النجيات والمهلكات ... 69

باب (42) / أصناف الناس ومدح حسان الوجوه و... ... 70

باب (43) / حبّ الله تعالى ... 70

باب (44) / القلب صلاحه وفساده ... 72

باب (45) / مراتب النفس ... 73

باب (46) / ترك الشهوات والأهواء ... 74

باب (47) / طاعة الله ورسوله وحججه ... 75

باب (52) / اليقين والصبر على الشدائد في الدِّين ... 76

باب (54) / الإخلاص ومعنى قربه تعالی ... 79

باب (56) / الطاعة والتقوى والورع و... ... 81

باب (57) / الورع واجتناب الشبهات ... 82

باب (58) / الزهد ودرجاته ... 83

باب (59) الخوف والرجاء ... 85

باب (61) / باب الشكر ... 86

باب (62) / الصبر واليُسر بعد العُسر ... 86

ص: 449

باب (63) / التوكّل والتفويض والرضا والتسليم و... ... 90

باب (64) / الاجتهاد والحثّ على العمل ... 92

باب (78) / السكوت والكلام وموقعهما وفضل الصمت و... ... 93

باب (80) / التفكّر والاعتبار والاتّعاظ بالعِبر ... 93

باب (81) / الحياء من الله ومن الخلق ... 93

باب (87) / السخاء والسماحة والجود ... 94

باب (91) / الذِّكر الجميل و... ... 94

باب (94) / فضل الفقر والفقراء وحبّهم ... 96

باب (95) / الغني والكفاف ... 100

باب (98) / الكفر ولوازمه وآثاره و... ... 101

باب (99) / أصول الكفر وأركانه ... 104

باب (102) / المستضعفين والمرجون لأمر الله ... 104

باب (105) / جوامع مساوئ الأخلاق ... 109

باب (109) امن استولى عليه الشيطان من أصحاب البدع ... 110

باب (111) / من وصف عدة ثمّ خالفه إلى غيره ... 110

باب (112) / الاستخفاف بالدين والتهاون بأمر الله ... 111

باب (116) / الرِّياء ... 111

باب (119) / ذم الشكاية من الله وعدم الرضا بقسم الله و... ... 112

باب (122) /حبّ الدُّنيا وذمّها ... 112

باب (128) / الحرص وطول الأمل ... 119

باب (132) / ذمّ الغضب ومدح التنمّر في ذات الله ... 120

باب (133) / العصبيّة والفخر ... 120

باب (137) / الذنوب وآثارها و... ... 121

باب (138) / علل المصائب والمحن والأمراض و... ... 123

ص: 450

جوامع الحقوق ... 129

باب (2) / برّ الوالدين والأولاد ... 129

باب (10) / حسن المعاشرة وحسن الصحبة وحسن الجوار و... ... 131

باب (14) / من لا ينبغي مجالسته ومصادقته ومصاحبته و... ... 131

باب (15) / حقوق الإخوان واستحباب تذاكرهم و... ... 134

باب (16) / حفظ الاخوّة ورعاية أودّاء الأب ... 134

باب (19) / علّة حبّ المؤمنين بعضهم بعضاً ... 135

باب (20) / قضاء حاجة المؤمنين و... ... 136

باب (30) / فضل الإحسان والفضل والمعروف و...... 138

باب (72) / المكر والخديعة والغشّ و... ... 138

باب (74) / السفيه والسفلة ... 138

باب (78) / في ذمّ الإسراف والتبذير ... 139

باب (79) / الظلم وأنواعه ومظالم العباد و... ... 139

باب (82) / الركون إلى الظالمين ... 142

باب (87) / التقيّة والمداراة ... 143

باب (100) / المصافحة والمعانقة والتقبيل ... 144

باب (102) / التكاتب وآدابه و... ... 147

باب (106) / الدعابة والمزاح والضحك ... 148

باب (108) / ما يجوز من تعظيم الخلق وما لا يجوز ... 148

باب (2) / السُّنن الحنيفيّة ... 150

باب (3) / آدام الحمّام وفضله وأحكامه و... ... 151

باب (8) / الخضاب للرجال والنساء ... 152

باب (10) / الشيب وعلّته وجزّه ونتفه ... 152

باب (16) / قصّ الأظفار ... 153

ص: 451

باب (18) / السواك والحثّ عليه وفوائده و... ... 153

باب (26) / سعة الدار وبركتها وشؤمها و... ... 155

باب (27) / ما ورد في سكنى الأمصار والقرى ... 156

باب (30) / تزويق البيوت وتصويرها و... ... 156

باب (45) / ذمّ السفر ومدحه و... ... 157

باب (46) / الأوقات المحمودة والمذمومة للسفر و... ... 157

باب (67) / جوامع مناهي النبيّ صلّي الله علیه و آله ومتفرّقاتها ... 158

الجزء الثالث / کتاب الروضة ... 173

باب (3) / ما أوصى رسول الله صلّي الله علیه و آله إلى أمير المؤمنین علیه السّلام ... 188

باب (4) / ما أوصى به رسول الله صلّي الله علیه و آله إلى أبي ذرّ رحمه الله ... 201

باب (5) / وصيّة النبيّ صلّي الله علیه و آله إلى عبد الله بن مسعود ... 205

باب (6) / جوامع وصايا رسول الله صلّي الله علیه و آله ... 206

باب (7) / ما جمع من مفردات كلمات رسول الله صلّي الله علیه و آله ... 207

باب (22) / وصايا الباقر علیه السّلام ... 208

باب (23) / مواعظ الصادق علیه السّلام ... 209

باب (24) / ما روي عن الصادق علیه السّلام من وصاياه لأصحابه ... 209

باب (25) / مواعظ موسی بن جعفر علیه السّلام ... 213

باب (26) / مواعظ الرضا علیه السّلام ... 203

باب (29) / مواعظ أبي محمّد العسكري علیه السّلام ... 213

كتاب الطهارة ... 221

أبواب الأغسال وأحكامها ... 236

أبواب الجنائز ومقدّماتها ولواحقها ... 238

أبواب الجنائز ومقدّماتها ولواحقها ... 240

كتاب الصلاة ... 243

ص: 452

أبواب لباس المصلّي ... 244

باب (7) /صلاة الرجل والمرأة في بيت واحد ... 245

باب (10) / القبلة وأحكامها ... 248

فصل / في ذكر استقبال القبلة ... 254

باب (13) / الأذان والإقامة و... ... 258

باب (22) / آداب القيام إلى الصلاة والأدعية عندها ... 258

باب (23) / القراءة وآدابها وأحكامها ... 261

باب (32) / القنوت وآدابه وأحكامه ... 261

باب (33) / آخر القنوتان الطويلة المرويّة عن أهل البيت علیهم السّلام ... 262

أبواب النوافل اليوميّة ... 265

باب (6) / صلاة الحوائج والأدعية لها يوم الجمعة ... 279

باب (8) / دعاء السمات ... 279

أبواب الصلوات المنسوبة إلى المكرمين ... 291

باب (1) / صلاة النبيّ والأئمة علیهم السّلام ... 291

صلاة أمير المؤمنين علیه السّلام ... 292

أبواب الاستخارات ... 299

باب (2) / صلاة الحاجة ودفع العلل والأمراض في سائر الأوقات ... 300

كتاب الخمس ... 305

کتاب الصوم ... 307

باب (53) / ليلة القدر وفضلها وفضل الّليالي التي تحتملها ... 311

باب (55) / فضائل شهر رجب ... 313

أعمال السنين والشهور والأيّام ... 316

باب (5) / أدعية كلّ يوم وكلّ ليلة من شهر رمضان ... 317

باب (7) / أدعية ليالي القدر والإحياء... ... 321

ص: 453

باب (2) / أعمال خصوص یوم عرفة وليلتها وأدعيتهما ... 324

باب (13) / ما يتعلّق بشهر ربيع الأوّل من الأعمال والأدعية ... 326

باب (22) / أبواب ما يتعلّق بشهر رجب من الصلوات والأدعية والأعمال ... 331

باب (25) / عمل خصوص ليلة الرغائب ... 337

كتاب المزار ... 340

باب (2) / أبواب زيارة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السّلام ... 341

باب (4) / زيارته صلوات الله عليه المطلقة ... 342

باب (5) / زيارته صلوات الله عليه المختصة بالأيام والليالي ... 366

باب (6) / فضل الكوفة ومسجدها الأعظم وأعماله ... 387

باب (7) / مسجد السهلة وسائر المساجد بالكوفة ... 391

باب (1) / أبواب فضل زيارة سيد شباب أهل الجنّة أبي عبد الله الحسين علیه السّلام ... 394

باب (5) / أنّ زيارته عليه الصلاة والسلام تعدل الحجّ والعمرة والجهاد والإعتاق ... 396

باب (12) / فضل زيارته صلوات الله عليه في يوم عرفة والعيدين ... 404

باب (18) / زيارته صلوات الله عليه المطلقة ... 406

باب (19) / زيارة مأثورة للشهداء ... 421

باب (24) / كيفيّة زيارته صلوات الله عليه يوم عاشوراء ... 429

باب (25) / زيارة الأربعين ... 441

باب (7) / زيارة الإمام المنتظر علیه السّلام ... 442

العقود والإيقاعات ... 445

أنواع النكاح ... 446

صورة (6) كتاب الإجازات ... 447

فهرس الموضوعات ... 449

ص: 454

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.