صلاة الليل

هویه الکتاب

صَلاةُ اللَّیلِ

السَّیّد عَبْد الأعْلی السّبْزَواري

ویلیه

وَظَائِفَ الأَسْحَار

لِلشّیخ محمَّدحسَینْ آل کاشِفْ الفَطَاءْ

شَرکةَ مَکتَبَةَ الالفَیْن

الطبعة الأولى 2003

المحرّر: محمدرضا دهقانزاد

جميع حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولى 2003

شَرکةَ مَکتَبَةَ الالفَیْن

بنيد القار - شارع بور سعيد - تلفون : 2522797 - فاكس : 2523057

صندوق بريد : 16378 القادسية 35854 الكويت - برقياً : الألفين

البريد الإلكتروني : sales@alfain.net

صفعة الإنترنت : www.alfain.net

ص: 1

اشارة

عن الإمام جعفر الصادق علیه السّلام :

«ما من عمل حسن يعمله العبد إلّا وله ثواب في القرآن إلا صلاة اللّيل فإنّ الله لم يُبيّن ثوابها لعظيم خطرها عنده فقال :

«تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)»

(السجدة : 16- 17)

ص: 2

ص: 3

نعریف الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين سيما سيدنا ونبيّنا محمد وآله الطاهرین .

وبعد:

فإنَّ الصلاة من أهم العبادات التي تربط العبد بالله تعالى وتقرّبه إليه، وهي أحبّ الأعمال إلى الله تعالى وهي معراج المؤمن، إلى عالم الملكوت والطهارة، وهي عمود الدين، وآخر وصايا الأنبياء والأولياء علیهم السّلام، ومثلها كمثل النهر الجاري فكما أنّ مَنْ يغتسل

ص: 4

فيه في كلّ يوم خمس مرّات لم يبق في بدنه شيء من الدرن كذلك الحال في الصلاة فكلّما أقامها الإنسان لم يبق من ذنوبه شيء.

وبالصلاة وصل الأنبياء والأولياء علیهم السّلام إلى المقامات العالية والمنازل الرفيعة ، وبها تنزل الرحمة الإلهية، وتُنال الحوائج الدنيوية والأخروية.

ومن تلك الصلوات العظيمة «صلاة الليل» فهي:

تُرضي الله تعالى وتُنزل الرحمة، و تُحسِّن الوجه، وتحسن الخلق، وتطيّب الريح، وتذهب بالغمّ، وتجلو البصر، وتدرّ الرزق وتقضي الدين، وتطرد المرض من الجسد.

ونظراً لأهميتها فقد أمر الله تعالى نبيّه الأعظم محمّد صلّی الله علیه و آله بإقامتها قال تعالى: «قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (1) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (2) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقرآن تَرْتِيلاً (3)» (المزمل: 2- 4).

ص: 5

وأوصى النبي صلّی الله علیه و آله المؤمنين بها فقد كان في وصيته للإمام علي عليه السّلام أنّه قال: «يا علي أوصيك في نفسك بخصال إحفظها عني - إلى أن قال - وعليك بصلاة الصلاة، وعليك بصلاة الليل، وعليك بصلاة الليل».

ولهذا فقد كان قيام الليل من أهم الصفات التي تميّز بها أصحاب النبي محمد صلّی الله علیه و آله وأصحاب الأئمة علیهم السّلام، فقد جاء عن الإمام علي عليه السّلام في وصف أصحاب الرسول صلّی الله علیه و آله: «لقد رأيت أصحاب محمد صلّی الله علیه و آله فما أرى أحداً منكم يشبهُهُم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سُجّداً وقياماً، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم رُكب المعزی من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم

ص: 6

حتى تبلُّ جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب ورجاءً للثواب .

وفي كلام للسيدة زينب عليها السّلام أنّها خاطبت أصحاب الإمام الحسين عليه السّلام بالقول: «حاموا عنّا يا مُحين الليل بالعبادة».

ومما ورد عن الإمام الصادق عليه السّلام في وصف أصحاب الإمام المهدي عليه السّلام: "... رجال لا ينامون الليل، لهم دویٌّ کدويّ النحل يبيتون قياماً على أطرافهم، ويصبحون علی خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار ...».

وقد جاء في القرآن الكريم أنّ صلاة الليل من أوصاف المؤمنين قال تعالى: «وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا» (الفرقان: 64).

ص: 7

بناءً على ما تقدّم ونظراً لتضاعف أهمية قيام الليل في هذا العصر، كان من الضروري إعداد کتاب يعين المتعبدين في قيام الليل.

ولمّا كان العالم الربّاني السيد السبزواري رحمة الله، والإمام الأكبر الشيخ كاشف الغطاء رحمة الله قد كتبا في صلاة الليل ووظائف الأسحار، فقد آثرنا طباعة ما کتباه في كتاب مُستقل نظراً لعلوّ مقامهما الروحي والعرفاني.

وقد اقتبسنا كتاب صلاة الليل للسيد السبزواري رحمة الله من كتابه «مُهذّب الأحكام» وأمّا کتاب الشيخ كاشف الغطاء رحمة الله فقد طبع في «تبریز» سنة 1387 ه- مع مقدمة بقلم المُحقّق الشيخ «آغا بزرك الطهراني» وتصحيح المفسّر الكبير السيد محمد حسين الطباطبائي والعلّامة السيد محمد علي القاضي الطباطبائي .

ص: 8

وها نحن اليوم نعيد طباعته مع التعليق عليه وتوضيح بعض الغوامض، وحذف الأدعية المذكورة في الخاتمة .

وإلى الفقيهين العابدین نهدي ثواب هذا الكتاب، سائلين الله تعالى أن يرفعهما أعلى الدرجات، وأن يحشرهما مع الأنبياء والأولياء إنّه أرحم الراحمين وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

اعداد

السيد حسين نجيب محمد

ص: 9

كيفية صلاة الليل

وهي: إحدى عشرة ركعة وكيفيتها :

ا- ثماني ركعات، كل ركعتين على حِدة مع تشهّد وتسليم (كصلاة الصبح).

2- ركعتي «الشفع» يقرأ في الركعة الأولى «الفاتحة» وسورة «الناس»، وفي الركعة الثانية «الفاتحة» وسورة «الفلق».

3- ركعة «الوتر» يقرأ فيها «الفاتحة» و«التوحيد» ثلاث مرّات، و«الفلق» و«الناس» ثم يقنت - أي يرفع يديه بالدعاء - ویدعو بما یرید، وسنذكر في الكتاب الأدعية المناسبة للقنوت، وللمُصلّي أن يختار الدعاء الذي يريده .

ص: 10

ص: 11

صلاة الليل

صلاة اللَّیل

العالم الرباني

السيد عبد الأعلى السبزواري

«قدّس سرّه»

ص: 12

ص: 13

تعريف بالمؤلّف

يُعتبر السيد السبزواري رحمه الله من كبار العلماء الذين وصلوا إلى المراتب العالية في شتى العلوم والكمالات، فهو إمام في الفقه والأصول، والتفسير والعرفان، والحديث، ومعرفة الرجال والفلسفة والأخلاق... وله مؤلفات عديدة أبرزها: مواهب الرحمان في تفسير القرآن، مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام، تهذيب الأصول...

امتاز رحمة الله بأنَّه من أهل العرفان والسير والسلوك، ومن المواظبين على قيام الليل ونوافل النهار، ومن العاشقين للأدعية والصلوات والأذكار والمستحبات، وقد صدرت

ص: 14

منه كرامات عديدة في حياته وبعد مماته ، منها، أنَّ أحد المرضى طلب منه الدعاء للشفاء فوضع السيد يده على ظهر المريض فبرأ من مرضه، وأنَّ امرأة مريضة أخذت من تراب قبره فوضعته على موضع الألم فشفيت من مرضها الخ...

أمَّا كتابه «صلاة الليل»، فهو مُقتبس من موسوعته الفقهية «مهذب الأحكام» وقد حدثني نجله العلَّامة الحجّة السيِّد على السبزواري حفظه الله أنَّ والده سُئل عن سبب إدراج أعمال صلاة اللَّيل في كتاب الفقه الاستدلالي، فأجاب قُدّس سرِّه: لعَلَّ الله يُوفَّق منْ يخرجها من كتاب الفقه ويطبعها كتاباً مستقلاً.

رحمه الله برحمته الواسعة، وحشره مع ساداته المعصومين الأطهار إنَّه أرحم الراحمين .

ص: 15

ثواب صلاة اللّيل

قال السيِّد رحمه الله : ثم إنّه ورد في فضل صلاة اللَّيل أخبار كثيرة جداً منها قول أبي عبد الله علیه السّلام: قال : «قال النبي صلّی الله علیه و آله لجبرئیل: عظني، فقال: يَا مُحَمَّد عش ما شئت فإنَّكَ مَيِّت واحبب ما شئت فإنَّكَ مفارقه، واعمل ما شئت فإنَّكَ ملاقيه، واعلم أنَّ شرف المؤمن صلاته باللَّيل، وعِزَّهُ كفّه عن أعراض النَّاس».

وقال علیه السّلام أيضاً: «عليكم بصلاة اللَّيل، فانَّها سُنّة نَبِيَّكُم، ودأب الصَّالِحِين قبلكم، و مطردة الدَّاء عن أجسادكم».

ص: 16

وقال رسول الله صلّی الله علیه و آله: «الركعتان في جوف الليل أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها».

وعن الإمام الصاَّدق، عن آبائه علیهم السّلام - في حديث المناهي - قال : قال رسول الله صلّی الله علیه و آله:« ما زال جبرئيل يوصيني بقيام اللَّيل حَتَّى ظننت أنَّ خيار أُمتي لن يناموا».

وقال صلّی الله علیه و آله: في خبر جابر: «ما اتخذ الله إبراهيم خليلاً إلَّا لإطعامه الطعام، والصَّلَاة باللَّيل والنَّاس نِيَام».

وعن أبي عبد الله علیه السّلام : «ما من عمل حسن يعمله العبد إلَّا وَلَه ثواب في القرآن إلَّا صلاة اللَّيل، فإنَّ الله لم يبيّن ثوابها، لعظيم خطره عنده» الحدیث، إلى غير ذلك من الأخبار .

وقد مدح الله سبحانه وتعالى - الَّذين يقفون

ص: 17

أمامه في ظلم اللَّيالي عند ساحة حرمه، ويمدون أعينهم وأيديهم إلى ساحة جوده وكرمه، يستغرقهم البكاء والأنين، ويفزعهم الخشية والحنين - بأحسن مدح، وأفضل منقبة ، فقال عَزَّ وَجَلَّ: «تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ» (السجدة : 16).

مضافاً إلى عنایات خاصة تغشاهم عن مالك الملك والملكوت روی مولانا الرِّضا عن أبيه عن جده علیهم السّلام قال سئل علي بن الحسين علیه السّلام ما بال المتهجدين باللَّيل من أحسن النَّاس وجهاً؟ قال: «لأنَّهم خلوا بالله فكساهم الله من نوره».

وعن الإمام الصَّادق علیه السّلام في خبر مفضل بن عمر : «كان فيما ناجی الله به موسی بن عمران أن

ص: 18

قال له: «يابن عمران کذب من زعم أنَّه يحبني فإذا جنَّهُ اللَّيل نام عَنِّي أليس كل محب يحب خلوة حبيبه؟ ها أنا يابن عمران مطلع على أحبائي إذا جنَّهم اللَّيل» - الحديث - .

ثمَّ أنَّ في جملة من الأخبار أنَّ الذنب في النَّهار يوجب الحرمان عن صلاة اللَّيل، ولا بُدَّ وأن يحمل على بعض الذُّنُوب، لقوله علیه السّلام: «صلاة المؤمن باللَّيل تذهب بما عمل من ذنب بالنَّهار».

ويكره ترکها، لقول الإمام الصَّادق علیه السّلام: «ليس من شيعتنا من لم يصلَّ صلاة اللَّيل».

وقوله علیه السّلام : «لا تدع قيام اللَّيل، فإنَّ المغبون من حرم قيام اللَّيل»(1).

ص: 19


1- مهذب الأحکام: ج5، ص104

وقت صلاة الليل

قال السيد أعلى الله مقامه: «وقت نافلة اللَّيل ما بين نصفه والفجر الثاني والأفضل إتيانها في وقت السحر وأفضله القريب في الفجر.

ثمَّ إنَّ فضل هذا الوقت الشريف (السحر) مِمَّا لا يخفى، فكل ما قيل أو يقال فهو دون مرتبته وأقل منقبنه، قال تعالى: «الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ»(آل عمران:17)، وقال عزَّ وجلَّ: «كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» (الذاریات: 17 - 18)، وفيهما ترغيب إلى الاستغفار فيه بأبلغ بیان وأحسن ترغيب، وقال النبي صلّی الله علیه و آله: «خير وقت دعوتم الله فيه الأسحار وتلا هذه الآية في قول بعقوب: «سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي»قال: أخّرهم إلى السحر».

ص: 20

وعن أبي جعفر علیه السّلام قال: «إنَّ الله عزَّ وجلَّ يحب من عباده المؤمنين كل دعاء فعليكم بالدُّعاء في السحر إلى طلوع الشَّمس، فإنَّها ساعة تفتح فيها أبواب السَّماء، وتقسّم فيها الأرزاق، وتقضي فيها الحوائج العظام» .

وقال الشيخ محمد حسن النجفي في كتابه «الجواهر» - ونعم ما قال -: «هو أفضل الأوقات وأشرفها وأحسن الساعات وألطفها، وكم لله من نفحة عطره یمن بها على من يشاء، وجائزة موفّرة يخصُّ بها مَنْ أخلص في الدُّعاء، وكم من عبادة فيه هبّت عليها نسمات القبول، ودعوة من ذي طلبة مشفوعة ببلوغ المأمول، ومشکل من مسائل انضح بمصابيح الهداية، وعريض من المطالب افتتح بمفاتيح الهداية ، فهو وقتٌ للعلماء العاملين، والعرفاء،

ص: 21

والمتعبدين، والسعيد من سعد بإحياء هذا الوقت الشريف واستدر به أخلاف الكرام من الجواد اللطيف.

وقال السيد رحمة الله في مواهب الرَّحمان»:

«والاستغفار بالأسحار هو القيام آخر اللَّيل والصَّلاة فيه وطلب الرَّحمة والمغفرة كما فسرته السنّة المقدَّسة بذلك، وما ورد في الآيات الكريمة بالنسبة إلى السحر على أقسام ثلاثه:

الأول: هذه الآية الشريفة وقوله تعالى: «كانُوا قَلِيلاً مِنَ اَللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ * وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَ اَلْمَحْرُومِ» (الذاريات : 19-17 ).

الثاني : قوله تعالى: «تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ اَلْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» (السجدة : 16).

ص: 22

الثالث : قوله تعالی : «وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً» (الاسراء: 79)، والتهجد باللَّيل هو الاستيقاظ بالعبادة من قراءة القرآن والدُّعاء والصَّلاة ونحوها من العبادات، ويستفاد من الجميع مطلوبية أصل الاستغفار في خصوص هذا الوقت الشريف.

ولها مراتب كثيرة منها أن يكون في الوتر من صلاة اللَّيل وهي أفضلها وأشرفها، ومنها أن يكون في ضمن الدُّعاء والمناجاة ولو كانا في غير الصَّلاة، ومنها نفس كلمة «استغفر الله ربِّي وأتوب إليه»، ومقتضى الإطلاق مطلوبية الجميع مع اختلاف المراتب .

والاستغفار بالسحر يوجب التوفيق لترك الذُّنُوب في أثناء النَّهار فيكون سبباً لمحو الذَّنب السابق ومقتضياً لترك الذَّنب اللاحق،

ص: 23

فتستعد نفوس المستغفرين في الأسحار بذلك للاستعانة بأنوار الجلال والاستفادة من فيوضات الرَّحْمن الّتي لم تزل ولا تزال.

عن الإمام الصَّادق علیه السّلام: «من قال في وتره إذا أوتر «استغفر الله وأتوب إليه» سبعين مرَّة وهو قائم فواظب على ذلك حَتَّي تمضي سنة كتبه الله تعالی عنده من المستغفرين بالأسحار ووجبت له المغفرة من الله تعالی»(1).

ص: 24


1- مواهب الرحمان : ج5، ص98

مسائل شرعیة

مسائل من كتاب

«مهذب الأحكام»

الأولى: يجوز للمسافر والشاب الَّذي يصعب عليه نافلة اللَّيل في وقتها تقديمها على النصف، وكذا كل ذي عذر كالشيخ وخائف البرد والاحتلام، والمريض.

الثَّانية: إذا دار الأمر بين تقديم صلاة اللَّيل على وقتها أو قضائها فالأرجح القضاء للإجماع ونصوص كثيرة منها قول أبي عبد الله علیه السّلام : «والقضاء بالنَّهار أفضل» وقوله: «بل يقضي أحب إليَّ».

الثَّالثة : لو دار الأمر بين الإتيان بها في أوَّل

ص: 25

وقتها مقتصراً على الحمد فقط. ومخففاً، وبين التقديم أو القضاء مستجمعاً للآداب يقدم الأوَّل الأهمية إدراك الوقت الفضلي.

الرَّابعة : إذا طلع الفجر وقد صلَّى من صلاة اللَّيل أربع ركعات أو أزيد أتمّها مخففة.

الخامسة: يصحُّ الاقتصار في نافلة اللَّيل على بعضها.

السادسة : يصح الإتيان بركعتي الشفع وركعة الوتر - أداء وقضاء - وترك بقية صلاة اللَّيل، بل لو أتي بركعة الوتر أداء ثمَّ أراد الإتيان ببقيَّة صلاة اللَّيل أداء أيضاً فالظَّاهر الأجزاء لأنَّ المنساق من مجموع الأدلة أنَّ المناط إتيان هذا العدد لو أراد إكماله كيفما تحقق .

ص: 26

آداب الصلاة اللیل

وقد ورد لهذه الصلاة آداب كثيرة، ودعوات مهمة عالية المضامين ونحن نقتصر منها على الأهم - لئلا يعتذر أحد من جهة التطويل والتفصيل - وقد كان يواظب عليها جمع من الفقهاء المتهجدين، والعلماء المتعبدين من مشائخنا۔ رضوان الله تعالی عليهم أجمعين - هي أمور:

آداب الاستيقاظ من النوم:

الأول: إذا قام من منامه يقول - كما في صحيح زرارة -:

«الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي رَدَّ عَلَیَّ رُوحِي لاِءَحْمَدَهُ وَ أَعْبُدَهُ».

ص: 27

فإذا سمعت صوت الديوك، فقل:

«سُبّوحٌ قُدّوسٌ رَبُّ المَلائِکَةِ وَالرّوحِ،سَبَقَت رَحمَتُكَ غَضَبَكَ،لا إلهَ إلّاأنتَ،وَحدَكَ لا شَریكَ لَكَ،عَمِلتُ سوءاً،وظَلَمتُ نَفسي فَاغفِر لي وَارحَمني،إنَّهُ لا یَغفِرُ الذُّنوبَ إلّا أنتَ».

فإذا قمت فانظر في آفاق السَّماء وقل:

«اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا يُوَارِي عَنْكَ لَيْلٌ سَاجٍ وَ لَا سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ وَ لَا أَرْضٌ ذَاتُ مِهَادٍ وَ لَا ظُلُمٰاتٌ بَعْضُهٰا فَوْقَ بَعْضٍ وَ لَا بَحْرٌ لُجِّيٌّ تُدْلِجُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُدْلِجِ مِنْ خَلْقِكَ تَعْلَمُ خٰائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ مٰا تُخْفِي الصُّدُورُ غَارَتِ النُّجُومُ وَ نَامَتِ الْعُيُونُ وَ أَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَ لٰا نَوْمٌ سُبْحٰانَ اللّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ وَ إِلَهِ الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ».

ص: 28

ثمَّ اقرأ الآيات الخمس من آخر سورة آل عمران : «إِنَّ فِی خَلْقِ السَّمَوِاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّیْلِ وَالنَّهَارِ لایَاتٍ لأُولِی الأَلْبَابِ * اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ اَلنّارِ * رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ اَلنّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَ ما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ * رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ كَفِّرْ عَنّا سَيِّئاتِنا وَ تَوَفَّنا مَعَ اَلْأَبْرارِ * رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ اَلْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ اَلْمِيعادَ» (آل عمران: 190 - 194).

ففي «مواهب الرَّحمان» عن الإمام الصَّادق علیه السّلام أنّه قال في قيام الرَّسول الأعظم صلّی الله علیه و آله في اللَّيل: «كان يُؤتى بطهور فيخمر عند رأسه، ويوضع سواکه تحت فراشه، ثمَّ ينام ما شاء الله ، فإذا استيقظ جلس ثمَّ قلب

ص: 29

بصره في السَّماء ثمَّ تلا الآيات من آل عمران : «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...»، ثمَّ يستن - أي يستاك - ويتطهر ثمَّ يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءة ركوعه، وسجوده على قدر رکوعه، ويركع حَتَّى يُقال متى يرفع رأسه، ويسجد حَتَّى يُقال متى يرفع رأسه، ثمَّ يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثمَّ يستيقظ فيتلو الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السَّماء، ثمَّ يستن ويتطهر، ويقوم إلى المسجد ويُصلي الأربع ركعات كما ركع قبل ذلك، ثمَّ يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثمَّ يستيقظ ويجلس ويتلو الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السَّماء، ثمَّ يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويُصلي الركعتين ثمَّ يخرج إلى الصَّلاة».

ص: 30

ثمَّ استك وتوضأ فإذا وضعت يدك في الماء، فقل:

«بِسمِ اللّهِ وبِاللّهِ، اللّهُمَّ اجعَلني مِنَ التَّوّابينَ وَاجعَلني مِنَ المُتَطَهِّرينَ» .

فإذا فرغت فقل :

«الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» .

فإذا قمت إلى صلاتك فقل :

«بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرِّحیمِ بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَ مِنَ اللهِ وَ اِلی اللهِ وَمَا شَاءَ اللَّهُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ اللهُمَّ أقْبِلْ عَلَیَّ بِوَجْهِكَ جَلَّ ثَنَاؤُك».

ثمَّ افتتح الصلاة بالتكبير .

الثاني : أن يدعي بعد تمام الشفع وقبل الشروع في الوتر:

ص: 31

«إِلَهِی تَعَرَّضَ لَكَ فِی هَذَا اللَّیْلِ الْمُتَعَرِّضُونَ وَ قَصَدَكَ الْقَاصِدُونَ وَ أَمَّلَ فَضْلَكَ وَ مَعْرُوفَكَ الطَّالِبُونَ وَ لَكَ فِی هَذَا اللَّیْلِ نَفَحَاتٌ وَ جَوَائِزُ وَ عَطَایَا وَ مَوَاهِبُ تَمُنُّ بِهَا عَلَی مَنْ تَشَاءُ مِنْ عِبَادِكَ وَ تَمْنَعُهَا مَنْ لَمْ تَسْبِقْ لَهُ الْعِنَایَةُ مِنْكَ وَ هَا أَنَا ذَا عَبْدُكَ الْفَقِیرُ إِلَیْكَ الْمُؤَمِّلُ فَضْلَكَ وَ مَعْرُوفَكَ فَإِنْ كُنْتَ یَا مَوْلَایَ تَفَضَّلْتَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ عَلَی أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَ عُدْتَ عَلَیْهِ بِعَائِدَةٍ مِنْ عَطْفِكَ فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ الْخَیِّرِینَ الْفَاضِلِینَ وَ جُدْ عَلَیَّ بِطَوْلِكَ وَ مَعْرُوفِكَ یَا رَبَّ الْعَالَمِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ وَ آلِهِ الطَّاهِرِینَ وَ سَلَّمَ تَسْلِیماً إِنَّ اللَّهَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ اللَّهُمَّ إِنِّی أَدْعُوكَ كَمَا أَمَرْتَ

ص: 32

فَاسْتَجِبْ لِی كَمَا وَعَدْتَ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِیعادَ».

الثالث: أن يقول في قنوت الوتر كلمات الفرج وهي:

«لَا إلَهَ إلَّا اللهُ الْحَلِیمُ الْکَرِیمُ، لَا إلَهَ إلَّا اللهُ الْعَلِیُّ الْعَظِیمُ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْأرَضِینَ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ» .

ثمَّ يقول:

«یا اَللّه ُ یا رَحْمنُ یا رَحِیمُ یا مُقَلِّبَ القُلُوبِ! ثَبِّتْ قُلوبَنَا عَلی دِینِكَ» .

ويقول بعد ذلك :

ص: 33

«اللَّهُمَّ تَمَّ نُورُكَ فَهَدَیْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَ بَسَطْتَ یَدَكَ فَأَعْطَیْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَ عَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَجْهُكَ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ وَجِهَتُكَ خَیْرُ الْجِهَاتِ وَ عَطِیَّتُكَ أَفْضَلُ الْعَطِیَّاتِ وَ أَهْنَأَهَا، رَبَّنَا تُطَاعُ فَتَشْكُرُ وَ تُعْصَی رَبَّنَا فَتَغْفِرُ لِمَنْ شِئْتَ تُجِیبُ الْمُضْطَرَّ وَ تَكْشِفُ الضُّرَّ وَ تَشْفِی السَّقِیمَ وَ تُنْجِی مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِیمِ- لَا یُجْزِی بِآلَائِكَ أَحَدٌ وَ لَا یُحْصِی نَعْمَائَكَ قَوْلُ قَائِلٍ اللَّهُمَّ إِلَیْكَ رُفِعَتِ الْأَبْصَارُ وَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ رُفِعَتِ الْأَیْدِی وَ دُعِیتَ بِالْأَلْسُنِ. وإلَیكَ سِرُّهُم ونَجواهُم فِی الْأَعْمَالِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَ ارْحَمْنَا وَ افْتَحْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ قوْمِنِا بِالْحَقِ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُوا إِلَیْكَ غَیْبَةَ نَبِیِّنَا وَ شِدَّةَ

ص: 34

الزَّمَانِ عَلَیْنَا وَ وُقُوعَ الْفِتَنِ بِنَا وَ تَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا فَافْرِجْ ذَلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ وَ نَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ وَ إِمَامِ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقِّ». ثمَّ تقول:

«اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی آدَمَ بَدِیعِ فِطْرَتِكَ وَ صَلِّ عَلَى آخِرِ مَنْ يَمُوتُ مِنْ خَلِيفَتِكَ وَ صَلِّ عَلَى مَنْ بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ الْأَوْصِيَاءِ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ اغْفِرْ لِجَمِيعِ مَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ».

ثمَّ يقول:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنِ وَ السَّجَّادِ وَ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ وَ الْكَاظِمِ وَ الرِّضَا وَ الْجَوَادِ وَ الْهَادِي وَ الْعَسْكَرِيِّ

ص: 35

وَ الْخَلَفِ الصَّالِحِ الْمَهْدِيِّ وَ اغْفِرْ لِشِيعَتِهِمْ وَ أَنْصَارِهِمْ وَ جَمِيعَ مَنْ اتَّبَعَهُمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ» .

ثمَّ تقول :

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ إِسْرَافِيلَ وَ عِزْرَائِيلَ وَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَ حَمَلَةِ الْعَرْشِ أَجْمَعِينَ وَ الْكَرُوبِيِّينَ وَ رُوحِ الْقُدُسِ وَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَمْرِكَ وَ صَلِّ عَلَى جَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ وَ صِفَاتَهُمْ غَيْرُكَ وَ أَلْهِمْهُمُ الِاسْتِغْفَارِ لِعُصَاةِ خَلْقِكَ وَ الشَّفَاعَةُ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُؤْمِنِينَ وَ تَيْسِيرِ أُمُورِهِمْ».

ثمَّ تقول:

«سُبْحَانَ اَللَّهِ مِلْءَ سَمَاوَاتِهِ وَ أَرْضِهِ وَ مِدَادَ

ص: 36

کَلِمَاتِهِ وَ زِنَةَ عَرْشِهِ وَ رِضَاءَ نَفْسِهِ، الْحَمْدُ للَّهِ مِلْءَ سَمَاوَاتِهِ وَ أَرْضِهِ وَ مِدَادَ کَلِمَاتِهِ وَ زِنَةَ عَرْشِهِ وَ رِضَاءَ نَفْسِهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِلْءَ سَمَاوَاتِهِ وَ أَرْضِهِ وَ مِدَادَ کَلِمَاتِهِ وَ زِنَةَ عَرْشِهِ وَ رِضَاءَ نَفْسِهِ، اللَّهِ أَكْبَرُ مِلْءَ سَمَاوَاتِهِ وَ أَرْضِهِ وَ مِدَادَ کَلِمَاتِهِ وَ زِنَةَ عَرْشِهِ وَ رِضَاءَ نَفْسِهِ سُبْحَانَ اللّهِ وَ الْحَمْدُ لِلّهِ وَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَ اللّهُ أَکْبَرُ عَدَدَ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى».

ثمَّ تقول :

«رَبُّ إِنِّي أَسَأْتُ وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَ بِئْسَ مَا صَنَعْتُ وَ هَذِهِ يَدَايَ جَزَاءاً بِمَا كَسَبَتَا وَ هَذِهِ رَقَبَتِي خَاضِعَةً لِمَا أَتَيْتُ وَ هَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ الرِّضَا ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى لَا أَعُودُ».

ص: 37

ثمَّ تقول :

«هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ»، سبع مرات.

ثمَّ تقول:

«إِلَهِی طُمُوحُ الْآمَالِ قَدْ خَابَتْ إِلَّا لَدَیْكَ وَ مَعَاكِفُ الْهِمَمِ قَدْ تَقَطَّلَتْ إِلَّا عَلَیْكَ وَ مَذَاهِبُ الْعُقُولِ قَدْ سَمَتْ إِلَّا إِلَیْكَ فَأَنْتَ الرَّجَاءُ وَ إِلَیْكَ الْمُلْتَجَأُ یَا أَكْرَمَ مَقْصُودٍ وَ أَجْوَدَ مَسْئؤولٍ هَرَبْتُ إِلَیْكَ بِنَفْسِی یَا مَلْجَأَ الْهَارِبِینَ بِأَثْقَالِ الذُّنُوبِ أَحْمِلُهَا عَلَی ظَهْرِی وَ لَا أَجِدُ لِی إِلَیْكَ شَافِعاً سِوَی مَعْرِفَتِی بِأَنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ رَجَاهُ الطَّالِبُونَ وَ أَمَّلَ مَا لَدَیْهِ الرَّاغِبُونَ یَا مَنْ فَتَقَ الْعُقُولَ بِمَعْرِفَتِهِ وَ أَطْلَقَ الْأَلْسُنَ بِحَمْدِهِ وَ جَعَلَ مَا امْتَنَّ بِهِ عَلَی عِبَادِهِ فِي

ص: 38

كِفَاءً لِتَأْدِیَةِ حَقِّهِ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ لَا تَجْعَلْ لِلْشَّیْطَانِ [لِلْهُمُومِ] عَلَی عَقْلِی سَبِیلًا وَ لَا لِلْبَاطِلِ عَلَی عَمَلِی دَلِیلًا».

ثمَّ يستغفر الله سبعين مرة، وفي المرة الأولى يقول:

«أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ذُو الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهَادَةِ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ مِنْ جَمِيعِ ظُلْمِي وَ جُرْمِي وَ إِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ» .

وفي بقيّة المرَّات يجزي :

«أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ» فقط أو «أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ»، وإن قال : «اسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ» فقد زاد خيراً.

ثمَّ تقول:

ص: 39

«يا ذا الَّذِي كانَ قَبْلَ كُلِّ شَيءٍ ثُمَّ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ ثُمَّ يَبْقى وَيَفْنى كُلُّ شَيءٍ يا ذا الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ وَيا ذا الَّذِي لَيْسَ فِي السَّماواتِ العُلى وَلا فِي الأَرَضِينَ السُّفْلى وَلا فَوْقَهُنَّ وَلا تَحْتَهُنَّ وَلا بَيْنَهُنَّ إِلهٌ يُعْبَدُ غَيْرُهُ لَكَ الحَمْدُ حَمْداً لا يَقْوى عَلى إِحْصائِهِ إِلاّ أَنْتَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً لا يَقْوى عَلى إِحْصائِها إِلاّ أَنْتَ».

ثمَّ تقول :

«أللَّهُمَّ کُنْ لِوَلِیِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَوَاتُكَ عَلَیْهِ وَ عَلی آبَائِهِ في هذِهِ السّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً».

ص: 40

وكذلك تقول : «یَا مُدَبِّرَ الْأُمُورِ یَا بَاعِثَ مَنْ فِی الْقُبُورِ یَا مُجْرِیَ الْبُحُورِ یَا مُلَیِّنَ الْحَدِیدِ لِدَاوُدَ لِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ فَرَّجَ عَنِ الْمُؤْمِنٍینَ».

ثمَّ يستغفر لأربعين نفراً من المؤمنين بأن يقول: «اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِفُلاٰن، أو يقول: اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِفُلاٰن، وفلان وهكذا، والأولى أن يُقّدم أرحامه ، لأنَّهُ نحو صلة رحم ثمَّ يقول : «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِكُلِّ مَنْ لَهُ حَقُّ عَلَيَّ وَ اغْفِرْ لِكُلِّ مَنْ عَلِّمْنِي خَيْراً وَ كُلُّ مَنْ عَلَّمْتُهُ خَيْراً».

ويقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُسْلِمَاتِ». ثلاث مرَّات .

ويقول: «الْعَفْوَ الْعَفْوَ» عشر مرَّات والمروي ثلاثمائة .

ص: 41

ثمَّ يدعو بما يريد ويسأل حوائجه، فإنَّه مستجاب إن شاء الله تعالی.

ثمَّ يقول :

«إِلَهِي مَا قَدَرَ ذُنُوبِي أُقَابِلُ بِهَا كَرَمَكَ وَ مَا قَدْرَ عُبَادَةِ أُقَابِلُ بِهَا نِعَمَكَ وَ إَنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَسْتَغْرِقَ ذُنُوبِي فِي كَرَمِكَ كَمَا اسْتَغْرَقْتَ أَعْمَالِي فِي نِعَمِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِخْبَاتَ الْمُخْبِتِينَ وَ إِخْلَاصَ الْمُوقِنِينَ ، وَ مُرَافَقَةَ الْأَبْرَارِ، وَ الْعَزِيمَةِ فِي كُلِّ بِرٍّ وَ السَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ، وَ النَّجَاةَ مِنَ النَّارِ».

ثمَّ يقول:

«اللَّهُمَّ إِنَّ اسْتِغْفَارِی إِیَّاكَ وَ أَنَا مُصِرٌّ عَلَی مَا نَهَیْتَ قِلَّةُ حَیَاءٍ وَ تَرْكِیَ الِاسْتِغْفَارَ مَعَ

ص: 42

عِلْمِی بِسَعَةِ حِلْمِكَ تَضْیِیعٌ لِحَقِّ الرَّجَاءِ اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِی تُؤْیِسُنِی أَنْ أَرْجُوَكَ وَ إِنَّ عِلْمِی بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ یُؤْمِنُنِی أَنْ أَخْشَاكَ فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ حَقِّقْ رَجَائِی لَكَ وَ كَذِّبْ خَوْفِی مِنْكَ وَ كُنْ لِی عِنْدَ أَحْسَنِ ظَنِّی بِكَ یَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِینَ، إِلَهِی کَیْفَ أَدْعُوكَ وَ قَدْ عَصَیْتُكَ وَ کَیْفَ لَا أَدْعُوكَ وَ قَدْ عَرَفْتُكَ وَ حُبُّكَ فِي قَلْبِي مَکِینٌ مَدَدْتُ إِلَیْكَ یَداً بِالذُّنُوبِ مَمْلُوَّهً وَ عَیْناً بِالرَّجَاءِ مَمْدُودَهً إِلَهِي أَنْتَ مَالِكُ الْعَطَایَا وَ أَنَا أَسِیرُ الْخَطَایَا وَ مِنْ کَرَمِ الْعُظَمَاءِ الرِّفْقُ بِالْأُسَرَاءِ، إلهي عَظُمَ جُرمي إذ کُنتَ المُطالِبَ بِهِ وکَبُرَ ذَنبي إذ کُنتَ المُبارَزَ بِهِ، إلّا أنّي إذا ذَکَرتُ کِبَرَ ذَنبي و عِظَمَ عَفوِکَ

ص: 43

وغُفرانِكَ وَجَدتُ الحاصِلَ بَینَهُما لي أقرَبَهُما إلی رَحمَتِكَ ورِضوانِكَ».

ثمَّ يدعو بهذا الدعاء :

«اللَّهُمَّ إِلَیْكَ حَنَّتْ قُلُوبُ الْمُخْبِتِینَ، وَ بِكَ أَنِسَتْ عُقُولُ الْعَاقِلِینَ، وَ عَلَیْكَ عَكَفَتْ رَهْبَةُ الْعَالِمِینَ، وَ بِكَ اسْتَجَارَتْ أَفْئِدَةُ الْمُقَصِّرِینَ، فَیَا أَمَلَ الْعَارِفِینَ وَ رَجَاءَ الْعَامِلِینَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِینَ وَ أَجِرْنِي مِنْ فَضَائِحِ یَوْمِ الدِّینِ، عِنْدَ هَتْكِ السُّتُورِ وَ تَحْصِیلِ مَا فِي الصُّدُورِ وَ آنِسْنِي عِنْدَ خَوْفِ الْمُذْنِبِینَ وَ دَهْشَةِ الْمُفْرِطِینَ بِرَحْمَتِكَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ، فَوَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِیَتِي إِیَّاكَ مُخَالَفَتَكَ وَ لَا عَصَیْتُكَ إِذْ عَصَیْتُكَ وَ أَنَا بِمَكَانِكَ جَاهِلٌ وَ لَا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ وَ لَا

ص: 44

لِنَظَرِكَ مُسْتَخِفٌّ، وَ لَكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي وَ أَعَانَتْنِي عَلَی ذَلِكَ شِقْوَتِي، وَ غَرَّنِي سِتْرُكَ الْمُرْخَي عَلَيَّ ،فَعَصَیْتُكَ بِجَهْلِي وَ خَالَفْتُكَ بِجُهْدِي، فَمِنَ الْآنَ مِنْ عَذَابِكَ مَنْ یَسْتَنْقِذُنِي وَ بِحَبْلِ مَنْ أَعْتَصِمُ إِذَا قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي، وَا سَوْأَتَاهْ مِنَ الْوُقُوفِ بَیْنَ یَدَیْكَ غَداً إِذَا قِیلَ لِلْمُخِفِّینَ جُوزُوا وَ لِلْمُثْقِلِینَ حُطُّوا، أَمَعَ الْمُخِفِّینَ أَجُوزُ أَمْ مَعَ الْمُثْقِلِینَ أَحُطُّ، یَا وَیْلَتَا كُلَّمَا كَبِرَتْ سِنِّي كَثُرَتْ مَعَاصِیيَ، فَكَمْ ذَا أَتُوبُ وَ كَمْ ذَا أَعُودُ، امَا آنَ لِي أَنْ أَسْتَحْیيیَ مِنْ رَبِّي، اللَّهُمَّ فَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِي وَ ارْحَمْنِي یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ وَ خَیْرَ الْغَافِرِینَ» .

ثمَّ يقول:

«إِلَهِي نَامَتِ الْعُيُونُ وَ هَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ،

ص: 45

وَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا تَنَامُ، إِلَهِي كَمْ مِنْ مُوبِقَةُ حَلُمْتَ عَنِّي مُقابَلَتَها بِحِلْمِكَ، وَ كَمْ مِنْ جَرِيرَةِ تَكَرَّمْتَ عَنْ كَشْفَهَا بِكَرَمِكَ، إِلَهِي طَالَ فِي عِصيَانِكَ عُمرِي وَ عَظُمَ فِي الصُّحُفِ ذَنْبِي، فَمَا أَنَا مُؤَمِّلٍ غَيْرِ غُفْرَانِكَ وَ لَا أَنَا بِراجٍ غَيْرِ رِضْوَانِكَ، إِلَهِي أَفْكَّرُ فِي عَفْوِكَ فَيُهَوِّنُ عَلِيِّ خَطِيئَتِي، ثُمَّ أَذْكُرُ الْعَظِيمَ مَنْ أَخْذِكَ فَتَعظُمَ عَلَيَّ بَلِيَّتِي، آهِ إِنْ قَرَأْتُ فِی اَلصُّحُفِ سَیِّئَهً أَنَا نَاسِیهَا وَ أَنْتَ مُحْصِیهَا فَتَقُولُ: خُذُوهُ، فَیَا لَهُ مِنْ مَأْخُوذٍ لاَ تُنْجِیهِ عَشِیرَتُهُ وَ لاَ تَنْفَعُهُ قَبِیلَتُهُ تَرْحَمُهُ اَلْمَلَأُ إِذَا أُذِّنَ فِیهِ بِالنِّدَاءِ، آهِ مِنْ نَارٍ تُنْضِجُ اَلْأَکْبَادَ وَ اَلْکُلَی، آهِ مِنْ نَارٍ نَزَّاعَهٍ لِلشَّوَی، آهِ مِنْ غَمْرَهٍ فِی مُلْهَبَاتِ لَظَی».

ص: 46

ويدعو بدعاء أخر شريف نقله المجلسي في البحار والمحدِّث القمي في حاشية كتاب دعائه، أوله :

«إِلَهِي كَیْفَ أَصْدُرُ عَنْ بَابِكَ بِخَیْبَةٍ مِنْكَ وَ قَدْ قَصَدْتُهُ عَلَی ثِقَةٍ بِكَ ،إِلَهِي كَیْفَ تُؤْیِسُنِي مِنْ عَطَائِكَ وَ قَدْ أَمَرْتَنِي بِدُعَائِكَ، صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْحَمْنِي إِذَا اشْتَدَّ الْأَنِینُ وَ حُظِرَ عَلَيَّ الْعَمَلُ وَ انْقَطَعَ مِنِّي الْأَمَلُ، وَ أُفْضِیتُ إِلَی الْمَنُونِ وَ بَكَتْ عَلَيَّ الْعُیُونُ، وَ وَدَّعَنِي الْأَهْلُ وَ الْأَحْبَابُ وَ حُثِيَ عَلَیَّ التُّرَابُ وَ نُسِيَ اسْمِي وَ بَلِيَ جِسْمِي وَ انْطَمَسَ ذِكْرِي وَ هُجِرَ قَبْرِي، فَلَمْ یَزُرْنِی زَائِرٌ وَ لَمْ یَذْكُرْنِي ذَاكِرٌ وَ ظَهَرَتْ مِنِّي الْمَآثِمُ وَ اسْتَوْلَتْ عَلَيَّ الْمَظَالِمُ وَ طَالَتْ شِكَایَةُ

ص: 47

الْخُصُومِ وَ اتَّصَلَتْ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَرْضِ خُصُومِي عَنِّي بِفَضْلِكَ وَ إِحْسَانِكَ وَ جُدْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ وَ رِضْوَانِكَ، إِلَهِي ذَهَبَتْ أَیَّامُ لَذَّاتِي وَ بَقِیَتْ مَآثِمِي وَ تَبِعَاتِي، وَ قَدْ أَتَیْتُكَ مُنِیباً تَائِباً فَلَا تَرُدَّنِي مَحْرُوماً وَ لَا خَائِباً، اللَّهُمَّ آمِنْ رَوْعَتِي وَ اغْفِرْ زَلَّتِي وَ تُبْ عَلَيَ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ»» .

ثمَّ يركع ويقرأ بعد رفع الرأس من الركوع يقول :

«هذَا مَقامُ مَن حَسَناتُهُ نِعمَةٌ، وشُکرُهُ ضَعیفٌ،وذَنبُهُ عَظیمٌ،ولَیسَ لِذلكَ إلّا رِفقُكَ ورَحمَتُكَ فَإِنَّکَ قُلتَ فی کِتابِکَ المُنزَلِ عَلی نَبِیِّكَ المُرسَلِ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وآلِهِ: «کانُوا قَلِیلاً مِنَ اللَّیْلِ ما یَهْجَعُونَ

ص: 48

وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ» ،طالَ هُجوعي،وقَلَّ قِیامي، وهذَا السَّحَرُ وأَنَا أستَغفِرُكَ لِذُنوُبِي استِغفارَ مَن لَم یَجِد لِنَفسِهِ ضَرّاً ولا نَفعاً وَلَا مَوتاً وَلَا حَیاةً وَلَا نُشوراً».

ويتمم الصلاة ويقرأ في السجدة الأخيرة بكلِّ ما بدا له من الدعاء .

الرابع : أن يقرأ بعد الفراغ من صلاة اللَّيل دعاء الصحيفة السجادية وهو:

دعاء الصحيفة السجادیة

دعاء الصحيفة للإمام زين العابدین (علیه السّلام) :

«اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمُلْكِ الْمُتَأَبِّدِ بِالْخُلُودِ وَ السُّلْطَانِ الْمُمْتَنِعِ بِغَيْرِ جُنُودٍ وَ لاَ أَعْوَانٍ، وَ الْعِزِّ الْبَاقِي عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ، وَ خَوَالِي الْأَعْوَامِ، وَ مَوَاضِي الْأَزْمَانِ وَالایَّاِم، عَزَّ سُلْطَانُكَ عِزّاً لاَ حَدَّ لَهُ بِأَوَّلِيَّةٍ وَ لاَ مُنْتَهَى لَهُ

ص: 49

بِآخِرِيَّةٍ، وَ اسْتَعْلَى مُلْكُكَ عُلُوّاً سَقَطَتِ الْأَشْيَاءُ دُونَ بُلُوغِ أَمَدِهِ وَ لاَ يَبْلُغُ أَدْنَى مَا اسْتَأْثَرْتَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ أَقْصَى نَعْتِ النَّاعِتِينَ. ضَلَّتْ فِيكَ الصِّفَاتُ وَ تَفَسَّخَتْ دُونَكَ النُّعُوتُ وَ حَارَتْ فِي كِبْرِيَائِكَ لَطَائِفُ الْأَوْهَامِ، كَذَلِكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فِي أَزَلِيَّتِكَ، وَ عَلَى ذَلِكَ أَنْتَ دَائِمٌ لاَ تَزُولُ، وَ أَنَا الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَمَلاً الْجَسِيمُ أَمَلاً، خَرَجَتْ مِنْ يَدِي أَسْبَابُ الْوُصُلاَتِ إِلاَّ وُصْلَةَ رَحْمَتِكَ، وَ تَقَطَّعَتْ عَنِّي عِصَمُ الْآمَالِ إِلاَّ مَا أَنَا مُعْتَصِمٌ بِهِ مِنْ عَفْوِكَ، قَلَّ عِنْدِي مَا أَعْتَدُّ بِهِ مِنْ طَاعَتِكَ وَ كَثُرَ عَلَيَّ مَا أَبُوءُ بِهِ مِنْ مَعْصِيَتِكَ، وَ لَنْ يَضِيقَ عَلَيْكَ عَفْوٌ عَنْ عَبْدِكَ وَ إِنْ أَسَاءَ فَاعْفُ عَنِّي.

ص: 50

اللَّهُمَّ وَ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى خَفَايَا الْأَعْمَالِ عِلْمُكَ وَ انْكَشَفَ كُلُّ مَسْتُورٍ دُونَ خُبْرِكَ وَ لاَ تَنْطَوِي عَنْكَ دَقَائِقُ الْأُمُورِ وَ لاَ يَعْزُبُ عَنْكَ غَيْبَاتُ السَّرَائِرِ، وَ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيَّ عَدُوُّكَ الَّذِي اسْتَنْظَرَكَ لِغَوَايَتِي فَأَنْظَرْتَهُ، وَ اسْتَمْهَلَكَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ لِإِضْلاَلِي فَأَمْهَلْتَهُ فَأَوْقَعَنِي، وَ قَدْ هَرَبْتُ إِلَيْكَ مِنْ صَغَائِرِ ذُنُوبٍ مُوبِقَةٍ وَ كَبَائِرِ أَعْمَالٍ مُرْدِيَةٍ حَتَّى إِذَا فَارَقْتُ طَاعَتَكَ وَ فَارَقْتُ مَعْصِيَتَكَ وَ اسْتَوْجَبْتُ بِسُوءِ فِعْلِي سَخَطَكَ فَتَلَ عَنِّي عِذَارَ غَدْرِهِ، وَ تَلَقَّانِي بِكَلِمَةِ كُفْرِهِ، وَ تَوَلَّى الْبَرَاءَةَ مِنِّي وَ أَدْبَرَ مُوَلِّياً عَنِّي، فَأَصْحَرَنِي لِغَضَبِكَ فَرِيداً، وَ أَخْرَجَنِي إِلَى فَنَاءِ نَقِمَتِكَ طَرِيداً لاَ شَفِيعَ يَشْفَعُ لِي إِلَيْكَ، وَ لاَ خَفِيرَ يُؤْمِنُنِي عَلَيْكَ وَ لاَ حِصْنَ يَحْجُبُنِي عَنْكَ

ص: 51

وَ لاَ مَلاَذَ أَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنْكَ. فَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ، وَ مَحَلُّ الْمُعْتَرِفِ لَكَ، فَلاَ يَضِيقَنَّ عَنِّي فَضْلُكَ، وَ لاَ يَقْصُرَنَّ دُونِي عَفْوُكَ، وَ لاَ أَكُونَنَّ أَخْيَبَ عِبَادِكَ التَّائِبِينَ، وَ لاَ أَقْنَطَ وُفُودِكَ الْآمِلِينَ وَ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ خَيْرُ الْغافِرِينَ.

اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي فَتَرَكْتُ، وَ نَهَيْتَنِي فَرَكِبْتُ، وَ سَوَّلَ لِيَ الْخَطَأَ خَاطِرُ السَّوْءِ فَفَرَّطْتُ، وَ لاَ أسَتْشَهِدُ عَلَى صِيَامِي نَهَاراً، وَ لاَ أَسْتَخْبِرُ بِتَهَجُّدِي لَيْلاً، وَ لاَ تُثْنِي عَلَيَّ بِإِحْيَائِهَا سُنَّةٌ حَاشَى فُرُوضَكَ الَّتِي مَنْ ضَيَّعَهَا هَلَكَ، وَ لَسْتُ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَضْلِ نَافِلَةٍ مَعَ كَثِيرِ مَا أَغْفَلْتُ مِنْ وَظَائِفِ فُرُوضِكَ، وَ تَعَدَّيْتُ عَنْ مَقَامَاتِ حُدُودِكَ إِلَى حُرُمَاتٍ انْتَهَكْتُهَا، وَ كَبَائِرِ ذُنُوبٍ اجْتَرَحْتُهَا كَانَتْ

ص: 52

عَافِيَتُكَ لِي مِنْ فَضَائِحِهَا سِتْراً. وَ هَذَا مَقَامُ مَنِ اسْتَحْيَا لِنَفْسِهِ مِنْكَ، وَ سَخِطَ عَلَيْهَا، وَ رَضِيَ عَنْكَ فَتَلَقَّاكَ بِنَفْسٍ خَاشِعَةٍ، وَ رَقَبَةٍ خَاضِعَةٍ، وَ ظَهْرٍ مُثْقِلٍ مِنَ الْخَطَايَا وَاقِفاً بَيْنَ الرَّغْبَةِ إِلَيْكَ وَ الرَّهْبَةِ مِنْكَ، وَ أَنْتَ أَوْلَى مَنْ رَجَاهُ، وَ أَحَقَّ مَنْ خَشِيَهُ وَ اتَّقَاهُ، فَأَعْطِنِي يَا رَبِّ مَا رَجَوْتُ، وَ آمِنِّي مَا حَذَّرْتَ، وَ عُدْ عَلَيَّ بِعَائِدَةِ رَحْمَتِكَ إِنَّكَ أَكْرَمُ الْمَسْؤُولِينَ.

اللَّهُمَّ وَ إِذْ سَتَرْتَنِي بِعَفْوِكَ وَ تَغَمَّدْتَنِي بِفَضْلِكَ فِي دَارِ الْفَنَاءِ بِحَضْرَةِ الْأَكْفَاءِ فَأَجِرْنِي مِنْ فَضِيحَاتِ دَارِ الْبَقَاءِ عِنْدَ تَوَاقُفِ الْأَشْهَادِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَ الرُّسُلِ الْمُكْرَمِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ، مِنْ جَارٍ كُنْتُ أُكَاتِمُهُ سَيِّئَاتِي وَ مِنْ ذِي رَحِمٍ كُنْتُ

ص: 53

أَحْتَشِمُ مِنْهُ فِي سَرِيرَاتِي، لَمْ أَثِقْ بِهِمْ رَبِّ فِي السِّتْرِ عَلَيَّ، وَ وَثِقْتُ بِكَ فِي الْمَغْفِرَةِ لِي، وَ أَنْتَ أَوْلَى مَنْ وُثِقَ بِهِ وَ أَعْطَى مَنْ رُغِبَ إِلَيْهِ وَ أَرْأَفُ مَنِ اسْتُرْحِمَ فَارْحَمْنِي.

اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَحْدَرْتَنِي مَاءً مَهِيناً مِنْ صُلْبٍ، مُتَطَابِقِ الْعِظَامِ حَرِجِ الْمَسْلَكِ إِلَى رَحِمٍ ضَيِّقَةٍ سَتَرْتَهَا بِالْحُجُبِ تُصَرِّفُنِي حَالاً عَنْ حَالٍ حَتَّى انْتَهَيْتَ بِي إِلَى تَمَامِ الصُّورَةِ وَ أَثْبَتَّ فِي الْجَوَارِحِ كَمَا نَعَتَّ فِي كِتَابِكَ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عَظْماً ثُمَّ كَسَوْتَ اَلْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْتَنِي خَلْقاً آخَرَ كَمَا شِئْتَ، حَتَّى إِذَا احْتَجْتُ إِلَى رِزْقِكَ، وَ لَمْ أَسْتَغْنِ عَنْ غِيَاثِ فَضْلِكَ جَعَلْتَ لِي قُوتاً مِنْ فَضْلِ طَعَامٍ وَ شَرَابٍ أَجْرَيْتَهُ لِأَمَتِكَ

ص: 54

الَّتِي أَسْكَنْتَنِي جَوْفَهَا وَ أَوْدَعْتَنِي قَرَارَ رَحِمِهَا، وَ لَوْ وَكَلْتَنِي فِي تِلْكَ الْحَالاتِ إِلَى حَولِي، أَوْ تَضْطَرَرْتَنِي إِلَى قُوَّتِي لَكَانَ الْحَوْلُ عَنِّي مُعْتَزِلاً، وَ لَكَانَتِ الْقُوَّةُ مِنِّي بَعِيدَةً، فَغَذَوْتَنِي بِفَضْلِكَ غِذَاءَ الْبَرِّ اللَّطِيفِ، تَفْعَلُ بِي ذَلِكَ تَطَوُّلاً عَلَيَّ إِلَى غَايَتِي هَذِهِ، لاَ أَعْدَمُ بِرَّكَ وَ لاَ يُبْطِئُ عَنِّي حُسْنُ صَنِيعِكَ، وَ لاَ تَتَأَكَّدُ مَعَ ذَلِكَ ثِقَتِي، فَأَتَفَرَّغَ لِمَا هُوَ أَحْظَى لِي عِنْدَكَ، قَدْ مَلَكَ اَلشَّيْطَانُ عِنَانِي فِي سُوءِ الظَّنِّ وَ ضَعْفِ الْيَقِينِ، فَأَنَا أَشْكُو سُوءَ مُجَاوَرَتِهِ لِي وَ طَاعَةَ نَفْسِي لَهُ، وَ أَسْتَعْصِمُكَ مِنْ مَلَكَتِهِ، وَ أَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ فِي صَرْفِ كَيْدِهِ عَنِّي وَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُسَهِّلَ إِلَى رِزْقِي سَبِيلاً، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ابْتِدَائِكَ بِالنِّعَمِ الْجِسَامِ، وَ إِلْهَامِكَ الشُّكْرَ عَلَى

ص: 55

الْإِحْسَانِ وَ الْإِنْعَامِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَهِّلْ عَلَيَّ رِزْقِي وَ قَنِّعْنِي بِتَقْدِيرِكَ لِي، وَ أَنْ تُرضِیَنِي بِحِصَّتِي وَ مَا قَسَمْتَ لِي، وَأَنْ تَجْعَلْ مَا ذَهَبَ مِنْ جِسْمِي وَ عُمُرِي فِي سَبِيلِ طَاعَتِكَ إِنَّكَ خَيْرُ الرّازِقِينَ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَارٍ تَغَلَّظْتَ بِهَا عَلَى مَنْ عَصَاكَ، وَ تَوَعَّدْتَ بِهَا مَنْ صَدَفَ عَنْ رِضَاكَ، وَ مِنْ نَارٍ نُورُهَا ظُلْمَةٌ وَ هَيِّنُهَا أَلِيمٌ، وَ بَعِيدُهَا قَرِيبٌ، وَ مِنْ نَارٍ يَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضٌ، وَ يَصُولُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَ مِنْ نَارٍ تَذَرُ الْعِظَامَ رَمِيماً، وَ تَسْقِي أَهْلَهَا حَمِيماً، وَ مِنْ نَارٍ لاَ تَبْقَى عَلَى مَنْ تَضَرَّعَ إِلَيْهَا، وَ لاَ تَرْحَمُ مَنِ اسْتَعْطَفَهَا، وَ لاَ تَقْدِرُ عَلَى التَّخْفِيفِ عَمَّنْ خَشَعَ لَهَا وَ اسْتَسْلَمَ إِلَيْهَا،

ص: 56

تَلْقَى سُكَّانَهَا بِأَحَرِّ مَا لَدَيْهَا مِنْ أَلِيمِ النَّكَالِ وَ شَدِيدِ الْوَبَالِ، وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَقَارِبِهَا الْفَاغِرَةِ أَفْوَاهَهَا، وَ حَيَّاتِهَا الصَّالِقَةِ بِأَنْيَابِهَا، وَ شَرَابِهَا الَّذِي يَقْطَعُ أَمْعَاءَ وَ أَفْئِدَةَ سُكَّانِهَا، وَ یَنْزِعُ قُلُوبَهُمْ، وَ أَسْتَهْدِيكَ لِمَا بَاعَدَ مِنْهَا وَ أُخِّرَ عَنْهَا.

اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ أَجِرْنِي مِنْهَا بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ، وَ أَقِلْنِي عَثَرَاتِي بِحُسْنِ إِقَالَتِكَ، وَ لاَ تَخْذُلْنِي يَا خَيْرَ الْمُجِيرِينَ، فَإِنَّكَ تَقِي الْكَرِيهَةَ، وَ تُعْطِي الْحَسَنَةَ، وَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، إِذَا ذُكِرَ الْأَبْرَارُ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ صَلاَةً لاَ يَنْقَطِعُ مَدَدُهَا، وَ لاَ يُحْصَى

ص: 57

عَدَدُهَا صَلاَةً تَشْحَنُ الْهَوَاءَ، وَ تَمْلَأُ الْأَرْضَ وَ السَّمَاءَ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَتَّى یَرْضَى، وَ صَلِّي اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَعْدَ الرِّضَا صَلاَةً لاَ حَدَّ لَهَا وَ لاَ مُنْتَهَى يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ».

دعاء الرهبة

دعاء الرهبة للإمام موسى الكاظم (علیه السّلام):

وهو: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَلَقْتَنِی سَوِیّاً، وَ رَبَّیْتَنِی صَغِیراً، وَ رَزَقتَنِي مَكْفِیّاً. اللَّهُمَّ إِنِّی وَجَدْتُ فِیمَا أَنْزَلْتَ مِن كِتَابِكَ، وَ بَشَّرْتَ بِهِ عِبَادَكَ، أَنْ قُلْتَ: «یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِیعاً» وَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنِّي مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، فَيَا سَوْأَتَا مِمَّا أَحْصَاهُ عَلَيَّ كِتَابُكَ، فَلَوْ لاَ الْمَوَاقِفُ الَّتِي أُؤَمِّلُ مِنْ عَفْوِكَ الَّذِي شَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ

ص: 58

لَأَلْقَيْتُ بِيَدِي، وَ لَوْ أَنَّ أَحَداً اسْتَطَاعَ الْهَرَبَ مِنْ رَبِّهِ لَكُنْتُ أَنَا أَحَقَّ بِالْهَرَبِ، وَ أَنْتَ لاَ تَخْفَى عَلَيْكَ خَافِيَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ لاَ فِي السَّمَاءِ إِلاَّ أَتَيْتَ بِهَا، وَ كَفَى بِكَ جَازِياً، وَ كَفَى بِكَ حَسِيباً.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ طَالِبِي إِنْ أَنَا هَرَبْتُ، وَ مُدْرِكِي إِنْ أَنَا فَرَرْتُ، فَهَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ خَاضِعٌ ذَلِيلٌ رَاغِمٌ، إِنْ تُعَذِّبْنِي فَإِنِّي لِذَلِكَ أَهْلٌ، وَ هُوَ يَا رَبِّ مِنْكَ عَدْلٌ، وَ إِنْ تَعْفُ عَنِّي فَقَدِيماً شَمَلَنِي عَفْوُكَ، وَ أَلْبَسْتَنِي عَافِيَتَكَ. فَأَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ بِالْمَخْزُونِ مِنْ أَسْمَائِكَ، وَ بِمَا وَارَتْهُ الْحُجُبُ مِنْ بَهَائِكَ، إِلاَّ رَحِمْتَ هَذِهِ النَّفْسَ الْجَزُوعَةَ، وَ هَذِهِ الرِّمَّةَ الْهَلُوعَةَ، الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ حَرَّ شَمْسِكَ، فَكَيْفَ تَسْتَطِيعُ حَرَّ

ص: 59

نَارِكَ؟ وَ الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ صَوْتَ رَعْدِكَ، فَكَيْفَ تَسْتَطِيعُ صَوْتَ غَضَبِكَ؟ فَارْحَمْنِيَ اَللَّهُمَّ فَإِنِّي امْرُؤٌ حَقِيرٌ، وَ خَطَرِي يَسِيرٌ، وَ لَيْسَ عَذَابِي مِمَّا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ،وَ لَوْ أَنَّ عَذَابِي مِمَّا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ لَسَأَلْتُكَ الصَّبْرَ عَلَيْهِ، وَ أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَكَ، وَ لَكِنْ سُلْطَانُكَ اَللَّهُمَّ أَعْظَمُ، وَ مُلْكُكَ أَدْوَمُ مِنْ أَنْ تَزِيدَ فِيهِ طَاعَةُ الْمُطِيعِينَ، أَوْ تَنْقُصَ مِنْهُ مَعْصِيَةُ الْمُذْنِبِينَ. فَارْحَمْنِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَ تَجَاوَزْ عَنِّي يَا ذَا الْجَلاَلِ وَ الْإِكْرَامِ، وَ تُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم» .

دعاء الحزين

دعاء الحزين الإمام زين العابدین (علیه السّلام)

وهو : اُناجِيكَ يا مَوْجُوداً فى كُلِّ مَكانٍ لَعَلَّكَ تَسْمَعُ نِدائى فَقَدْ عَظُمَ جُرْمى وَ قَلَّ

ص: 60

حَيآئى،مَوْلايَ يا مَوْلايَ، اَىَّ الاَهْوالِ اَتَذَكَّرُ؟ وَ اَيَّها اَنْسى؟ وَ لَوْلَمْ يَكُنْ اِلا الْمَوْتُ لَكَفي، كَيْفَ وَ ما بَعْدَ الْمَوْتِ اَعْظَمُ وَ اَدْهى،مَوْلايَ يا مَوْلايَ حَتّى مَتى وَ اِلى مَتى اَقُولُ لَكَ الْعُتْبى مَرَّةً بَعْدَ اُخْرى ثُمَّ لا تَجِدُ عِنْدي صِدْقاً وَ لا وَفاءً فَياغَوْثاهُ ثُمَّ واغَوْثاهُ بِكَ يا اَللَّهُ، مِنْ هَوىً قَدْ غَلَبَني وَ مِنْ عَدُوٍّ قَدِ اسْتَكْلَبَ عَلَيَّ، وَ مِنْ دُنْيا قَدْ تَزَيَّنَتْ لي، وَ مِنْ نَفْسٍ اَمّارَةٍ بِالسُّوءِ اِلاّ ما رَحِمَ رَبّي. مَوْلايَ يا مَوْلايَ اِنْ كُنْتَ رَحِمْتَ مِثْلي فَارْحَمْني وَ اِنْ كُنْتَ قَبِلْتَ مِثْلي فَاقْبَلْني يا قابِلَ السَحَّرَةِ، اقْبَلْني يا مَنْ لَمْ اَزَلْ اَتَعَّرَفُ مِنْهُ الْحُسْنى يا مَنْ يُغَذّيني باِلنِّعَمِ صَباحاً وَ مَسآءً، اِرْحَمْني يَوْمَ اتيكَ فَرْدَا شاخِصا اِلَيْكَ بَصَري مُقَلِّداً عَمَلي قَدْ تَبَرَّءَ

ص: 61

جَميعُ الْخَلْقِ مِنّي، نَعَمْ وَ اَبي وَ اُمّي وَ مَنْ كانَ لَهُ كَدّي وَ سَعْيي،فَاِنْ لَمْ تَرْحَمْني فَمَنْ يَرْحَمُني، وَ مَنْ يُونِسُ فِى الْقَبْرِ وَحْشَتي، وَ مَنْ يُنْطِقُ لِساني اِذا خَلَوْتُ بِعَمَلي وَ سآئَلْتَني عَمّا اَنْتَ اَعْلَمُ بِهِ مِنّي، فَاِنْ قُلْتُ: نَعَمْ، فَاَيْنَ الْمَهْرَبُ مِنْ عَدْلِكَ، وَ اِنْ قُلْتُ: لَمْ اَفْعَلْ، قُلْتَ: اَلَمْ اَكُنِ الشّاهِدَ عَلَيْكَ، فَعَفوَكَ عَفْوَكَ يا مَوْلايَ قَبْلَ سَرابيلِ الْقَطِرانِ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ يا مَوْلايَ قَبْلَ جَهَنَّمَ وَالنّيرانِ عَفْوَكَ عَفْوَكَ يا مَوْلايَ قَبْلَ اَنْ تُغَلَّ الاَيْدي اِلَى الاَعْناقِ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ وَ خَيْرَ الْغافِرينَ».

أيضاً ثمَّ يقول: «سُبْحَانَ رَبِّيَ المَلِكِ الْقُدُّوسِ الْحَكِيمُ». ثلاث مرَّات . وبعده يقول:

«يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا بَرُّ يَا رَحِيمُ فأغنني يَا

ص: 62

كَرِيمُ ارْزُقْنِي مِنَ التِّجَارَةِ أَعْظَمَهَا فَضْلًا وَ أَوْسَعَهَا رِزْقاً وَ خَيْرَهَا لِي عَاقِبَةً فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ مِمَّا لَا عَاقِبَةَ لَهُ».

هذا يسير من كثير مِمَّا يُتلى في هذا المقام العظيم والحالة العظمى التي لا يُعرَف قدرها ولا يُدرَك فضلها(1).

إلى هنا تنتهي أعمال صلاة الليل للعالم الربّاني السيد عبد الأعلى السبزواري أعلى الله مقامه .

ص: 63


1- جميع هذه الدعوات وردت في محفظة لسيِّدنا الوالد جمع فيها عدَّة دعوات عن مصباح المتهجد، ومصباح الشيخ، والمُهج للسيِّد ابن طاووس وزاد المعاد، وعن الوافي للفيض الكاشاني ودعوات عن بعض مشايخه (رحمة الله) من تعليقة السيِّد محمد السبزواري رحمة الله

أدعية الإمام زين العابدین (علیه السّلام) في جوف الليل

كان الإمام عليّ بن الحسين علیه السّلام بدعو بهذا الدعاء في جوف الليل، إذا هدأت العيون :

«اللَّهُمَّ غارَتْ نُجُومُ سَمائِكَ وَنامَتْ عُيُونُ أَنامِكَ، وَهَدَأَتْ أَصْواتُ عِبادِكَ وَأَنْعامِكَ، وَغَلَّقَتْ مُلُوكُ الأَرْضِ عَلَيْها أَبْوابَها، وَطافَتْ عَلَيْها حُرَّاسُها، وَاحْتَجَبُوا عَمَّنْ يَسْأَلُهُمْ حاجَةً أَوْ يَنْتَجِعَ مِنْهُمْ فائِدَةً، وَأَنْتَ إِلَهِي حَيٌّ قَيُّومٌ، لا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ، وَلا يَشْغَلُكَ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، أَبْوابُ سَمَاوَاتِكَ لِمَنْ دَعاكَ

ص: 64

مُفَتَّحاتٌ، وَخَزَائِنُكَ غَيْرُ مُغَلَّقاتٍ، وَ أَبْوَابُ رَحْمَتِكَ غَیْرُ مَحْجُوبَاتٍ، وَ فَوَائِدُكَ لِمَنْ سَأَلَكَهَا غَیْرُ مَحْظُورَاتٍ، بَلْ هِيَ مَبْذُولَاتٌ، أَنْتَ إِلَهِيَ الْكَرِیمُ الَّذِي لَا تَرُدُّ سَائِلًا مِنَ الْمُؤْمِنِینَ سَأَلَكَ، وَ لَا تَحْتَجِبُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَرَادَكَ، لَا وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ لَا تُخْتَزَلُ حَوَائِجُهُمْ دُونَكَ، وَ لَا یَقْضِیهَا أَحَدٌ غَیْرُكَ. اللَّهُمَّ وَ قَدْ تَرَانِي وَ وُقُوفِي وَ ذُلَّ مَقَامِیبَینَ یَدَیكَ، تَعْلَمُ سَرِیرَتِي وَ تَطَّلِعُ عَلَي مَا فِی قَلْبِي، وَ مَا یَصْلُحُ بِهِ أَمْرُ آخِرَتِي وَ دُنْیَايَ. اللَّهُمَّ إِنْ ذَكَرْتُ الْمَوْتَ وَ هَوْلَ الْمُطَّلَعِ، وَ الْوُقُوفَ بَیْنَ یَدَیْكَ، نَغَّصَنِي مَطْعَمِي وَ مَشْرَبِي، وَ أَغَصَّنِي بِرِیقِي، وَ أَقْلَقَنِي عَنْ وِسَادِي وَ مَنَعَنِي رُقَادِي، كَیْفَ یَنَامُ مَنْ

ص: 65

یَخَافُ بَیَاتَ مَلَكِ الْمَوْتِ فِی طَوَارِقِ اللَّیْلِ وَ طَوَارِقِ النَّهَارِ بَلْ كَیْفَ یَنَامُ الْعَاقِلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ لَا یَنَامُ لَا بِاللَّیْلِ وَ لَا بِالنَّهَارِ وَ یَطْلُبُ قَبْضَ رُوحِهِ بِالْبَیَاتِ أَوْ فِي آنَاءِ السَّاعَاتِ».

ثُمّ يسجد ويُلْصِقْ خدَّه بالتّراب وهو يقول:

«اَسْاَلُكَ الرَّوْحَ وَالرّاحَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَفْوَ عَنّي حینَ اَلْقاكَ».

دعاؤه (علیه السّلام) في الركعتين المتقدّمتين على صلاة اللّيل:

أ- في الركعة الأولى:

كان عليّ بن الحسين علیه السّلام يصلّي أمام صلاة اللّيل ركعتين خفيفتين، يقرأ فيهما ب- «قل هو الله أحد» في الأولى، وفي الثانية ب-«قل یا

ص: 66

أيها الكافرون». ويرفع يديه بالتكبير - بعد الركعة - ويقول:

«اَللّهُمَّ اَنْتَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبينُ، ذُو الْعِزِّ الشّامِخِ، وَالسُّلْطانِ الْباذِخِ وَالْمَجْدِ الْفاضِلِ، اَنْتَ الْمَلِكُ الْقاهِرُ، الْكَبيرُ الْقادِرُ، الْغَنِيُّ الْفاخِرُ، يَنامُ الْعِبادُ وَلا تَنامُ، وَ لا تَغْفَلُ وَلا تَسْاَمُ.

اَلْحَمْدُ للّهِ الْمُحْسِنِ الْمُجْمِلِ، الْمُنْعِمِ الْمُفْضِلِ، ذِي الْجَلالِ وَالاْكْرامِ، وَذِي الْفَواضِلِ الْعِظامِ وَالنِّعَمِ الْجِسامِ، وَصاحِبِ كُلِّ حَسَنَةٍ، وَ وَلِيِ كُلِّ نِعْمَةٍ، لَمْ يَخْذُلْ عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ، وَلَمْ يَفْضَحْ بِسَريرَةٍ، وَلَمْ يُسْلِمْ بِجَريرَةٍ، وَلَمْ يُخْزِ فى مَوْطِنٍ، وَمَنْ هُوَ لَنا اَهْلَ الْبَيْتِ عُدَّةٌ وَرِدْءٌ عِنْدَ كُلِّ عَسيرٍ

18

ص: 67

وَيَسيرٍ، حَسَنُ الْبَلاءِ، كَريمُ الثَّناءِ، عَظيمُ، الْعَفْوِ عَنّا.

اَمْسَيْنا لا يُغْنينا اَحَدٌ اِنْ حَرَمْتَنا، وَلا يَمْنَعُنا مِنْكَ اَحَدٌ اِنْ اَرَدْتَنا، فَلا تَحْرِمْنا فَضْلَكَ لِقِلَّةِ شُكْرِنا، وَلا تُعَذِّبْنا لِكَثْرَةِ ذُنُوبِنا وَ ما قَدَّمَتْ اَيْدينا، سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، سُبْحانَ ذِي الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ، سُبْحانَ الْحَيِ الَّذى لايَمُوتُ».

ب - في الركعة الثانية:

ثمَّ يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بفاتحة الكتاب والسورة، فإذا فرغ من القراءة بسط يديه وقال :

«اَللّهُمَّ اِلَيْكَ رُفِعَتْ اَيْدِى السّائِلينَ، وَمُدَّتْ اَعْناقُ الْمُجْتَهِدينَ، وَنُقِلَتْ اَقْدامُ

ص: 68

الْخائِفينَ، وَشَخُصَتْ اَبْصارُ الْعابِدينَ، وَاَفْضَتْ قُلُوبُ الْمُتَّقينَ، وَ طُلِبَتِ الْحَوائِجُ.

يا مُجيبَ الْمُضْطَرّينَ، وَمُعينَ الْمَغْلُوبينَ، وَمُنَفِّسَ كُرُباتِ الْمَكْرُوبينَ، وَاِلهَ الْمُرْسَلينَ، وَرَبَّ النَّبِيِّينَ وَالْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبينَ، وَ مَفْزِعَهُمْ عِندَ الاْهْوالِ وَالشَّدائِدِ الْعِظامِ.

اَسْاَلُكَ اللّهُمَّ بِمَااسْتَعْمَلْتَ بِه مَنْ قامَ بِاَمْرِكَ، وَعانَدَ عَدُوَّكَ، وَاعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ، وَصَبَرَ عَلَى الاْخْذِ بِكِتابِكَ، مُحِبّا لِأَهْلِ طاعَتِكَ، مُبْغِضا لِأَهْلِ مَعْصِيَتِكَ، مُجاهِدا فيكَ حَقَّ جِهادِكَ، فَاِنَّما الْخَيْرُ بِيَدِكَ، وَاَنْتَ تَجْزى بِه مَنْ رَضيتَ عَنْهُ، وَفَسَحْتَ لَهُ فى قَبْرِه، ثُمَّ بَعثْتَهُ مُبْيَضّا وَجْهُهُ، قَدْ امَنْتَهُ مِنَ الْفَزَعِ الاْكْبَرِ، وَهَوْلِ يَوْمِ الْقِيامَةِ».

ص: 69

ج - بعد التسليم:

ثمَّ يركع، فإذا سلم كبَّر ثلاثاً، ثمَّ يقول:

«اَللّهُمَّ اهْدِني فيمَنْ هَدَيْتَ، وَعافِني فيمَنْ عافَيْتَ، وَتَوَلَّني فيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبارِكْ لي فيما اَعْطَيْتَ،، وَقِني شَرَّما قَضَيْتَ، اِنَّكَ تَقْضي وَلا يُقْضي عَلَيْكَ، اِنَّهُ لايَذِلُّ مَنْ والَيْتَ، وَلايَعِزُّ مَنْ عادَيْتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ، سُبْحانَكَ يارَبَّ الْبَيْتِ.

اَللّهُمَّ اِنَّكَ تَرى وَلا تُرى، وَاَنْتَ بِالْمَنْظَرِ الأَعْلى، وَاِنَّ بِيَدِكَ الْمَماتَ والْمَحْيا، وَاِنَّ اِلَيْكَ الْمُنْتَهى وَ الرُّجْعى، وَاِنَّا نَعُوذُ بِكَ اَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى.

الْحَمْدُللّهِ ذِي الْمُلْكِ وَ الْمَلَكُوتِ. اَلْحَمْدُ للّهِ ذِي الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ، اَلْحَمْدُللّهِ

ص: 70

الَّذي لايَمُوتُ، اَلْحَمْدُ للّهِ الْعَزيزِ الْجَبّارِ، الْحَليمِ الْغَفّار، الْواحِدِ الْقَهّارِ، الْكَبيرِ الْمُتَعالِ.

سُبْحانَ اللّه ِ الْعَظيمِ، سُبْحانَ اللّه ِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَدا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِى الْمُلْكِ، وَلامِثْلٌ وَلاشَبيهٌ، وَلا عِدْلٌ، يا اَللّه ُ يارَحْمانُ.

«رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا اِنْ نَسينا اَوْ اَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا اِصْرا كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِه وَ اعْفُ عَنّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا اَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرينَ».

«رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ اِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً اِنَّكَ اَنْتَ الْوَهّابُ»

ص: 71

«رَبَّنَا اصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ اِنَّ عَذابَها كانَ غَراما اِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرّا وَمُقاما».

«رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ اَزْواجِنا وَ ذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ اَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقينَ اِماماً».

اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَصَلِّ عَلى مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، وَاَنْبِيائِكَ وَالصِّدّيقينَ، وَاُولِى الْعَزْمِ مِنَ الْمُرْسَلينَ، الَّذينَ اُوذُوا في جَنْبِكَ، وَجاهَدُوا فيكَ حَقَّ جِهادِكَ، وَقامُوا بِاَمْرِكَ، وَوَحَّدُوكَ وَعَبَدُوكَ حَتّى اَتاهُمُ الْيَقينُ.

اَللّهُمَّ عَذِّبِ الْكَفَرَةَ الَّذين يَصُدُّونَ عَنْ كِتابِكَ، ويُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وعَذابَكَ، وَ اغْفِرْ لَنا وَلِلْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ، وَاَوْزِعْهُمْ اَنْ يَشْكُرُوا نِعْمَتَكَ الَّتي اَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، اِلهَ الْحَقِّ آمينَ.

ص: 72

اَللّهُمَّ ارْحَمْ عِبادَكَ الصّالِحينَ مِنْ اَهْلِ السَّماواتِ وَالاْرَضينَ، يارَبَّ الْعالَمينَ. سُبْحانَ اللّهِ، وَالْحَمْدُ للّهِ، وَلا اِلهَ اِلاَّ اللّه ُ وَاللّه ُ اَكْبَرُ.

إذا قام (علیه السّلام) إلى الصلاة أوَّل اللَّيل وآخره:

أ- أوَّل اللَّيل:

عن حمَّاد بن حبيب العطَّار الكوفي، قال : خرجنا حجَّاجاً، فرحلنا من زبالة - منزل في طريق العراق إلى مكَّة - ليلاً، فاستقبلنا ريح سوداء مظلمة، فتقطّعت القافلة، فتُهت في تلك الصحاري والبراري، فانتهيت إلى وادٍ قفرٍ، فلمَّا أن جنَّ اللَّيل، أوَيت إلى شجرةٍ عاديةٍ ، فلما أن اختلط الظلام، إذا أنا بشابٍ قد أقبل، عليه أطمار بیض، تفوح منه رائحة المسك، فقلت في نفسي: هذَا وليّ من أولياء الله ، منی ما أحسَّ بحركتي خشيت نفاره، وأن أمنعه من

ص: 73

كثير مِمَّا یرید فعاله، فأخفيت نفسي ما استطعت، فدنا إلى الموضع فتهيّأ للصَّلاةً، ثمَّ وثب قائماً، وهو يقول:

«يامَنْ حازَ كُلَّ شَىْ ءٍ مَلَكُوتاً، وَقَهَرَ كُلَّ شَىْ ءٍ جَبَرُوتاً، اَوْلِجْ قَلْبى فَرَح الإِقْبالِ عَلَيْك،َ وَاَلْحِقْنى بِمَيْدانِ الْمُطيعينَ لَكَ».

ب - آخر اللَّيل:

قال: ثمَّ دخل في الصَّلاة، فلمَّا أن رأيته قد هدأَت أعضاؤه وسكنت حركاته، قمت إلى الموضع الَّذي تهيّأ فيه للصَّلاة، فإذا بعين ماءٍ تفيض بماءٍ أبيضٍ، فتهيّأت للصَّلاة، ثمَّ قمت خلفه، فإذا أنا بمحرابٍ كأنَّه مُثّل في ذلك الوقت، فرأَيته كُلَّما مرَّ بآيةٍ فيها ذكر الوعد والوعيد، يردّدها بأشجان الحنين، فلمَّا أن تقشَّع الظلام، وثب قائماً وهو يقول :

ص: 74

«يا مَنْ قَصَدَهُ الطّالِبُونَ فَاَصابُوهُ مُرْشِداً، وَاَمَّهُ الْخائِفُونَ فَوَجَدُوهُ مُتَفَضِّلاً، وَلَجَاَ اِلَيْهِ الْعائِذونَ فَوَجَدُوهُ نَوّالاً.

مَتى راحَةُ مَن نَصَبَ لِغَيْرِكَ بَدَنَهُ!؟ وَمَتى فَرَحُ مَنْ قَصَدَ سِواكَ بِنِيَّتِهِ!؟ اِلهى قَدْتَقَسَّعَ الظَّلامُ، وَلَمْ اَقْضِ مِنْ خِدْمَتِكَ وَطَرا، وَلا مِنْ حياضِ مُناجاتِكَ صَدْرا، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِه، وَافْعَلْ بى اَوْلَى الأَمْرَيْنِ بِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ.

فخفت أن يفوتني شخصهُ، وأن يخفى عليَّ أثره، فتعلَّقت به ، فقلت له: بالَّذي أسقط عنك ملال التعب، ومنحك شدَّة شوق لذيذ الرغب، إلَّا ألحقتني منك جناح رحمةٍ، وكنف رقّةٍ، فإنَّي ضالّ، وبغيتي کُلَّما صنعت، ومناي کُلَّما نطقت.

ص: 75

فقال: لو صدق توكّلك ما كنت ضالاً ، ولكن اتبعني واقفُ أثري. فلمَّا أن صار بجنب الشجرة، أخذ بيدي، فخيّل إليَّ أن الأرض تمدُّ من تحت قدمي.

فلمَّا انفجر عمود الصُّبح، قال لي: أبشر فهذه مكّة. قال : فسمعت الضجّة، ورأيت المحجَّة، فقلت: بالَّذي ترجوه يوم الآزفة ويوم الفاقة، مَنْ أنت؟

فقال لي: أمَّا إذا أقسمت، فأنا عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب علیه السّلام.

في قنوت الوتر

كان عليّ بن الحسین علیه السّلام سیّد العابدین يقول:

اَلْعَفْوَ، اَلْعَفْوَ (ثلاثمائة مرَّة).

ص: 76

في الوتر في السحر:

في آخر وتره وهو قائم:

عن أبي حمزة الثمالي قال : كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول في آخر وتره وهو قائم :

«رَبِّ اَسَأْتُ وَظَلَمْتُ نَفْسى، وَبِئْسَ ماصَنَعْتُ، وَهذِهِ يَدايَ جَزاءً بِما صَنَعَتا. قال: ثمَّ يبسط يديه جميعاً قدَّام وجهه ويقول:

«وَهذِهِ رَقَبَتي خاضِعَةٌ لَكَ لِما اَتَتْ».

قال : ثمَّ يطأطيء رأسه ويخضع برقبته، ثمَّ يقول:

«وَها اَنَاذا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ الرِّضا مِنْ نَفْسي حَتّي تَرْضي، لَكَ الْعُتْبى لا اَعُودُ، لا اَعُودُ، لا اَعُودُ» .

ص: 77

في الاستغفار في قنوت الوتر:

«اَللّهُمَّ اِنَّ اسْتِغْفاري اِيّاكَ وَ اَنَا مُصِرٌّ عَلى ما نَهَيْتَ قِلَّةُ حَياءٍ، وَتَرْكِيَ الإِسْتِغْفارَ مَعَ عِلْمي بِسَعَةِ حِلْمِكَ تَضْييعٌ لِحَقِّ الرَّجاءِ.

اَللّهُمَّ اِنَّ ذُنُوبي تُؤْيِسُني اَنْ اَرْجُوَكَ، وَاِنَّ عِلْمي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ يُؤْمِنُني اَنْ اَخْشاكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَحَقِّقْ رَجائي لَكَ، وَكَذِّبْ خَوْفي مِنْكَ، وَكُنْ لي عِنْدَ اَحْسَنِ ظَنّي بِكَ يا اَكْرَمَ الأَكْرَمينَ، وَ اَيِّدْني بِالْعِصْمَةِ، وَاَنْطِقْ لِساني بِالْحِكْمَةِ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ يَنْدُم عَلى ماضَيَّعَهُ في اَمْسِهِ.

اَللّهُمَّ اِنَّ الْغَنيَّ مَنِ اسْتَغْنى عَنْ خَلْقِكَ بِكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَاَغْنِني

ص: 78

يا رَبِّ عَنْ خَلْقِكَ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ لايَبْسُطُ كَفَّهُ اِلاّ اِلَيْكَ.

اَللّهُمَّ اِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ قَنَطَ وَ اَمامَهُ التَّوْبَةُ، وَ خَلْفَهُ الرَّحْمَةُ، وَ اِنْ كُنْتُ ضَعيفَ الْعَمَلِ فَاِنّي فى رَحْمَتِكَ قَوِيُّ الأَمَلِ، فَهَبْ لي ضَعْفَ عَمَلي لِقُوَّةِ اَمَلي.

اَللّهُمَّ اَمَرْتَ فَعَصَيْنا ، وَ نَهَيْتَ فَمَا انْتَهَيْنا ، وَ ذَكَّرْتَ فَتَناسَيْنا وَ بَصَّرْتَ فَتَعَامَيْنا، وَ حَذَّرْتَ فَتَعَدَّيْنا، وَ ما كانَ ذلِكَ جَزاءَ اِحْسانِكَ اِلَيْنا، وَ اَنْتَ اَعْلَمُ بِما اَعْلَنّا وَ ما اَخْفَيْنا، وَ اَخْبَرُ بِما لَمْ نَأْتِ وَ ما اَتَيْنا.

فَصَلِّ عَلى مَحَمَّدٍ وَ آلِ مَحَمَّدٍ، وَ لا تُؤاخِذْنا بِما اَخْطَأْنا فيهِ وَ ما نَسينا، وَ هَبْ لَنا حُقُوقَكَ لَدَيْنا، وَ تَمِّمْ اِحْسانَكَ اِلَيْنا، وَ اَسْبِغْ

ص: 79

نِعْمَتَكَ عَلَيْنا، اِنّا نَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِه رَسُولِكَ، وَ بِعَلِيٍّ وَصِيِّه، وَ فاطِمَةَ ابْنَتِه، وَ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، وَ عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدٍ وَ جَعْفَرٍ وَ مُوسى وَ عَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ اَهْلِ بَيْتِ الرّحْمَةِ.

وَ نَسْاَلُكَ اِدْرارَ الرِّزْقِ الَّذي هُوَ قِوامُ حَياتِنا وَ صَلاحُ اَحْوالِ عِيالِنا، فَاَنْتَ الْكَريمُ الَّذي تُعْطى مِنْ سَعَةٍ، وَ تَمْنَعُ عَنْ قُدْرَةٍ، وَ نَحْنُ نَسْاَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ ما يَكُونُ صَلاحا لِلدُّنْيا وَ بَلاغا لِلاْخِرَةِ، وَ «آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الاْخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ».

في السحر:

عن طاووس أنَّه قال: رأيته - أي عليّ بن

ص: 80

الحسين علیه السّلام - يطوف من العشاء إلى السحر ويتعبَّد، فلمَّا لم ير أحداً رمق السَّماء بطرفه ، وقال :

«إِلَهِی غَارَتْ نُجُومُ سَمَاوَاتِكَ وَ هَجَعَتْ عُیُونُ أَنَامِكَ وَ أَبْوَابُكَ مُفَتَّحَاتٌ لِلسَّائِلِینَ جِئْتُكَ لِتَغْفِرَ لِي وَ تَرْحَمَنِي وَ تُرِیَنِي وَجْهَ جَدِّي مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فِي عَرَصَاتِ الْقِیَامَةِ».

ثمَّ بكى وقال :

وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِیَتِي مُخَالَفَتَكَ، وَ مَا عَصَیْتُكَ إِذْ عَصَیْتُكَ وَ أَنَا بِكَ شَاكٌّ، وَ لَا بِنَكَالِكَ جَاهِلٌ، وَ لَا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ، وَ لَكِنْ سَوَّلَتْ لِی نَفْسِي، وَ أَعَانَنِي عَلَی ذَلِكَ سِتْرُكَ الْمُرْخَی بِهِ عَلَيَّ. فَأَنَا الْآنَ

ص: 81

مِنْ عَذَابِكَ مَنْ یَسْتَنْقِذُنِي؟ وَ بِحَبْلِ مَنْ أَعْتَصِمُ إِنْ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي؟ فَوَاسَوْأَتَاهْ غَداً مِنَ الْوُقُوفِ بَیْنَ یَدَیْكَ إِذَا قِیلَ لِلْمُخِفِّینَ جُوزُوا وَ لِلْمُثْقِلِینَ حُطُّوا أَمَعَ الْمُخِفِّینَ أَجُوزُ، أَمْ مَعَ الْمُثْقِلِینَ أَحُطُّ؟ وَیْلِي كُلَّمَا طَالَ عُمُرِي كَثُرَتْ خَطَایَايَ وَ لَمْ أَتُبْ أمَا آنَ لِي أَنْ أَسْتَحْیِيَ مِنْ رَبِّي.

ثمَّ بكى، وأنشأ يقول:

«أَ تُحْرِقُنِي بِالنَّارِ یَا غَایَةَ الْمُنَی***فَأَیْنَ رَجَائِي ثُمَّ أَیْنَ مَحَبَّتِي

أَتَیْتُ بِأَعْمَالٍ قِبَاحٍ زَرِیَّةٍ***وَ مَا فِی الْوَرَی خَلْقٌ جَنَی كَجِنَایَتِي

ثمَّ بكى، وقال :

ص: 82

سُبْحَانَكَ تُعْصَی كَأَنَّكَ لَا تُرَی، وَ تَحْلُمُ كَأَنَّكَ لَمْ تُعْصَ، تَتَوَدَّدُ إِلَی خَلْقِكَ بِحُسْنِ الصُّنْعِ كَأَنَّ بِكَ الْحَاجَةُ إِلَیْهِمْ وَ أَنْتَ یَا سَیِّدِي الْغَنِيُّ عَنْهُمْ.

ثمَّ خرَّ إلى الأرض ساجداً، فدنوت منه، وشلت رأسه، ووضعته على ركبتي، ویکیت حتَّى جرت دموعي على خدِّه، فاستوى جالساً وقال: من ذا الَّذي أشغلني عن ذكر ربَّي؟، فَقُلت : أنا طاووس با ابن رسول الله ، ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل هذا ونحن عاصون جافون! أبوك الحسين بن عليّ، وأُمَّك فاطمة الزَّهراء، وجدّك رسول الله صلّی الله علیه و آله! قال : فالتفت إليَّ وقال: هيهات هيهات طاووس، دع عنِّي حديث أبي وأمّي وجدّي، خلق الله الجَنَّة لمَنْ أطاعه وأحسن ولو كان

ص: 83

عبداً حبشيّاً، وخلق النَّار لمَنْ عصاه ولو كان ولداً قرشيِاً .

أما سمعت قوله تعالى : «فَإِذا نُفِخَ فِي اَلصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ».

واللهِ لا ينفعك غداً إلَّا تقدمة تقدّمها من عملٍ صالحٍ.

ص: 84

ص: 85

صحائف الأبرار ووظائف الأسحار

صحائف الأبرار ووظائف الأسحار

الإمام الأكبر

الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء

«قدس سره»

ص: 86

ص: 87

تعريف المؤلّف

كان الإمام الشيخ محمد الحسين آل کاشف الغطاء رحمة الله من أعاظم فقهاء الشيعة ، وأشهر مشاهير علماء الإسلام، وأحد المجدِّدین ودعاة الإصلاح، كان آية في الفقاهة، والفلسفة العالية، والمعارف الإلهية والمطالب العرفانية، وامتاز رحمه الله بقوَّة الاستحضار العلمي والبيان الأدبي .. ويشهد لذلك مؤلفاته العديدة في شتى العلوم، وأبرزها:

أصل الشيعة وأصولها، الفردوس الأعلى، جنة المأوى، الدّين والإسلام والدعوة الإسلامية، تحرير المجلة، سؤال وجواب، إلى غيرها من المؤلفات التي وصلت إلى حوالي 67 کتاب ما بين مطبوع ومخطوط.

ص: 88

كان رحمه الله من أهل العبادة والعرفان ويقول عنه الشيخ آغا بزرك الطهراني: «كنت أرى له علاقة خاصة بأدعية الصحيفة وأذكر جيداً أنَّه كان يلوذ بزوايا الحرم الشريف ولا سيَّما في شهر رمضان ويقضي الساعات الطويلة بتلاوة القرآن والأدعية الشريفة وعيناه تفيضان بالدموع، ولا ينتبه إلى أحد لانقطاعه إلى خالقه والتوجّه إليه بكلِّ حواسّه هذا ما رأيته منه بعيني» ...

وأمَّا كتاب «صحائف الأبرار» فيمتاز بأنَّه قد جمع أهم المصادر التي يُعتمد عليها بعد مراعاة صحة السند وقوَّة الصدور.

نسأل الله أن ينفعنا به، وأن يرحم مُؤلّفه برحمته الواسعة ويحشره مع ساداته المعصومین إنَّه أرحم الرَّاحمين.

ص: 89

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ يَا مَنْ جَعَلَ الدُّعَاءِ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ الْعُظْمَى إِلَى جَمِيلِ رِضْوَانِهِ، وَ لَكَ الْمَنُّ يَا مَنْ جَعَلَ لِعِبَادِهِ أَبْوَابُ السُّؤَالِ وَ جَعَلَ التَّضَرُّعِ وَ الِابْتِهَالُ بَيْنَ يَدَيْهِ هُوَ الذريعة الْكُبْرَى إِلَى جَزِيلِ إِحْسَانِهِ، فَاجْعَلِ اللَّهُمَّ أَشْرَفَ صَلَوَاتِكَ وَ أَفْضَلُ تحياتك عَلَى أَشْرَفَ دَاعٍ دَعَا إِلَيْكَ فِي مدلهمات لَيَالِيَ الشِّرْكِ وَ حَنَادِسُ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ بالدعوات الْمَكْرُمَاتِ وَ الْكَلِمَاتِ المشرقات إِشْرَاقِ النُّجُومِ وَ الزَّهَرِ، وَ عَلَى أطايب إِلَهَ الْمُكْرَمِينَ الْغُرِّ الَّذِينَ صرفوا فِي الضَّرَاعَةِ لَكَ وَ الْمَسْكَنَةِ

ص: 90

لَدَيْكَ نَقَدَ الْعُمُرِ حَتَّى سَهِّلُوا عَلَيْنَا مِنَ السَّبِيلِ إِلَيْكَ مَا لَولَا هدايتهم أَضَلَّتْ دُونَهُ نوافد الْعُقُولِ وَ لَطَائِفِ الإفهام وعرفونا مِنَ الْمَدْحِ لَكَ وَ الثَّنَاءَ عَلَيْكَ مَا لَولَا دلالتهم لَا نحط كُلُّ مَا سِوَاكَ عَنِ الْإِلْمَامِ بأوج ذَلِكَ الْمَقَامِ، فأجزهم اللَّهُمَّ عَنَّا بِصَلَوَاتِكَ الْمُقَدَّسَاتِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ وكرمهم عِنْدَكَ كَرَامَةَ تَكُونُ لَمَا وَجَبَ مِنْ حَقِّهِمْ عَلَيْنَا أَدَاءً وَ قَضَاءُ مَا هِبَةِ بِاللُّطْفِ وَ الْقَبُولِ مِنْكَ نسائم الْأَسْحَارِ وانصبت بِالْبَذْلِ والخمول لَدَيْكَ عبرات عِبَادِكَ الْأَبْرَارِ يَا سَامِعُ الدُّعَاءِ وَ وَاسِعَ الْعَطَايَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

وبعد فيقول رهين البَلَا والبَلَايا أسير الخطاء والخَطايا العَبْدُ الأحقر «مُحَمَّد الحُسين» نجل

ص: 91

العلَّامة كَاشف الغطاء الشِّيخ جَعفر قدّس الله رُوحهُ و نَوَّر ضريحه، هذِهِ وَجيزَة في مختصرٍ من أعمال نافلة اللَّيل وَآدَابها ووظائفها مِن مقدَمَاتهَا وَلوَاحقهَا مِن حين الاضطجَاعِ للنّومِ إلى طلوع الفَجْر، تشتمل على آداب جميع ذلِكَ وسُننِه مِمَّا وَرَد عَن الأَئمَّة الأطهار صَلَوات الله عليهم مَا اختلف اللَّيل وَالنَّهار بحسب مَا حملته عنهم إلينا السفرة الأبرار من المشايخ الكبار قدَّس الله أرواحهم وَجَعل الفردوس ضريحهم وَالعرش ضراحهم، مصِّرَحاً باسم الكتاب الَّذي أنقل عنه والرَّوايةَ الَّتي وردت فيه إجمالاً، وحيث أنَّي جَعلتها تذكرة لي ووسيلةً أسْتَعِينُ بها إنْ وفَقني الله تعالى على عملي التزمتُ فيها بذكر الأحْسَن فالأحْسَن مِن الأدعيَة الشَّريفة المقدَّسَةِ الواردة في تلك المقامات لضيق الوقت غالباً عَن أقلَّها فَضلاً عن كُلِّهَا وتقاعد الهم عن اليَسير مِنْهَا فضلاً عن

ص: 92

كثيرها، إلَّا النَّادر الفارد والواحد من النَّاسِ بَعد الواحد مِمَّن سلك الطَّريق بمسَاعَدة التَوفيق جَعَلنَا الله منهم بمِنِّهِ وَ فَضلِهِ، عَلى أنَّ مِنَ المعلوم البديهي أنَّ الاختبار لَنا والتَفويض إلينا في مثل هذِهِ الموارد، إذ قد يرد في مُورد واحِد كقنوت الوتر مثلاً عشرة أدعية مطوَلة أو أزيد كلّ واحدة منها لإمام منهم، والمكلّف بالخيار فيها لعدم ورود دليل على استحباب جميعها، خصوصاً مع استلزامه لفوات كثير من المهمّات بل ما هِوَ أهمّ، وهذا باب واسع في مسألة تزاحم المستحبّات وفيه تحقيق أنيق ليس هذا مقامه ، وَبالجُملة فقد انتخبت في هذه الوجيزة لِكُلِّ مقامٍ يشتمل على عدَّة مِن الأدعية الوَاردة الَّتي اشتملت عليها الكُتب المطوَّلة المعتَبَرَة مَا هُوَ الأعلى والأشرف متناً وَمضمُوناً، الأصحَّ الأقوى سَنداً ووروداً نعم قَد يرجّح عندي قوَّة المتن وَعُلوَّ

ص: 93

المضمُون عَلى قُوَّة السَّنَد وصحّة الوُرود مَعَ ضَعْف المتن ورکاکته، ولَا يخفى وجهه في أغلب المَقَامات خُصوصاً في المُسْتحبَّات خصُوصاً في بَاب الأدعيَة والأذكار فافهم، عَلى أنَّ الغَالب کون صحّة السَّند ملازمة لعلوِّ المتن ومتانته كما لاَ يخفی.

فنقول مستمدين مِنَ اللَه سُبحانه وتعالى المعُونة وَالتّوفيق لإنجازَها وَالعَمَل بِهَا مَا أبقانا إنَّه أرْحم الرَّاحِمين وهو الموفّق والمُعين.

إنَّهَا تشتمل على مُقدَّمةٍ ومقصَدين وخاتمَةٍ، وقد سمَيتهَا «صحَائف الأبرار في وَظائِف الأسحَار» وأسأله بمنِّهِ تعَالى أن يوفّقني للعمل بِهَا حيّاَ وينفعني بأجر العَاملين بهَا بعدي ميّتاَ إنَّه المنَّان بالإحْسَان المتطوّل بالامتنَان.

ص: 94

المقدَّمة

وَهي تشتمل على فصول :

الحث علی صلاة الیل

الأول: في نبذة يَسيرة مِمَّا وَرَدَ من الحثّ الشَّديد إليهَا والتّغليظ الأكيد عليهَا:

وهُوَ مِن الآيات والرِّوايَات كثير يضيق المقام عَنْه، كفاكَ منهَا قول الصَّادق أبي عبد اللَه صَلَوات الله عليه بِسَند معتبر في تفسر عليّ بن إبراهيم أنَّه قَال : «مَا مِن عَمَل حسن يعمله العبد إلَّا وله ثواب في القرآن إلَّا صَلوَة اللَّيل فإنَّ الله الم يبيِّن ثوَابهَا لعظیم خطرهَا عنده فقال تعَالى : «تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (السجدة: 16

ص: 95

- 17)، ومثله عن «مجمع البَيان» وعَن «دعاَئم الإسْلَام» عن جَعفر بن محمَّد عن أبيه عن آبائهِ عَنْ عَليّ عليه السّلام أنَّ رَسُول اللَه صلِی الله علیه و آله أمَرَ بالوتر وأنَّ عَليّاَ كَان يشدّد فِيهِ وَلَا يُرخّص في ترکه ولهذا الخبر ككثير من الأخبار قد يستفاد مِنْه الوُجوب لولَا الإجْمَاع عَلى خِلافه .

«البَلَد الأمِين» في ضِمن أحَاديث طَويلة فِي فَضلِ صَلؤةِ اللَّيل منهَا قول الصَّادِق علیع السّلام : «لَیسَ مِن شِيعتنَا مَن لم يُصَلِّ صَلاة اللَّيل».

وَأعظم منه مَا في «العِلَل»، بسند معَتبر جدّاً عن زرَارة قال قال لي أبو جعفر علیه السّلام : »مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِر فَلَا يتبيَّن إلَّا بوْتر» وَفِيهِ بسند آخر مثله أو أعلى منه عن حمران عن أبي جعفر علیه السّلام قَال قال رسول الله صلّی الله علیه و آله: «لَا يتبيَّن الرَّجل وعليه وُتر».

ص: 96

وأمَّا الأخبَار بانَّها توسّع الرّزق وتُضِيءُ الوَجْه وتنوَّر القبوُر ويتبَاهى الله بفاعلها المَلَائِكة فقد تبلغ حَدَ التّوَاتر معنی.

الحرمان من صلاة الیل

الثَّاني: فِي سبَبَ حرمَانهَا .

«العّلَل» و «التّوحيد» بأسَانيد صحيحة : أنَّ رجلاً جَاء إلى أمير المؤمنين علیه السّلام: فقال له إنِّي قَد حرمت الصَّلاة بِاللَّيل فقال علیه السّلام: «إنَّكَ رجلٌ قد قیَّدتكَ ذنوبك».

وفيهَا عَن الصَّادق علیه السّلام بسَنَد معتبر قَال : «إنَّ الرَّجل ليكذب الكذبة فيحرم بهَا صَلَاة اللَّيل فإذا حرم صَلَاة اللَّيل حُرِمَ الرّزق».

وَعن سَلمان الفَارسي (رضي الله عنه) أنَّ رجُلاً قَال له: إنِّي لَا أقوى على الصَّلَاة بِاللَّيل، قالَ : لَا تُعصي الله بالنَّهَارِ .

ص: 97

الانتباه لصلاة اللیل

الثَّالِثُ: فيمَا يبعث على الانتبَاه بِصَلَاة اللَّيل وفيمَا يعمل لإدراك ذلك الوقت الشَّريف:

واعلم أنَّ منْ كان له أدني يقظة وانتباه في معَرفة الله لم يحتجّ إلى عَمَل يوقظه إلى الوقوف بَيْن يدي مَوْلَاهُ، بل كَان له من نفسه بَاعثُ ومحرّك عَلى نيل هذِهِ الرُّتب يغنيه عَن التَّوسُّل إلى ذلِكَ بوَاسِطة أو سبَبَ وإن تكاسل عن ذلك فليحرّك همّته ويقوِّ عزمه بمثل قول البَاقر عليه السّلام كما عن «المحَاسن» بسَند معتبر قال : «إِنَّ لِلَّیْلِ شَیْطَاناً یُقَالُ لَهُ الزُّهَاءُ فَإِذَا اسْتَیْقَظَ الْعَبْدُ وَ أَرَادَ الْقِیَامَ إِلَی الصَّلَاهِ ، قال له: لَیْستَ سَاعتك ثمَّ يستيقظ مرَّة أخرى، فيقول له : لم يأن، فمَا يزَال كذلِكَ يزيله ويجلسه حَتَّى يطلع الفجر، وإذا طلع الفجر بال في أذنه ثمَّ انصَاع يمصع(1) بذنبه فخرا ويصيح».

ص: 98


1- أي يصوب بذنبه

وأقول: مَا أحَسْن فِي هَذَا البَاب للمتأمّل فِيهِ وكَان له أقلّ نصيب من الإيمان قول الصَّادق علیه السّلام كما عن «أعلام الدِّين» للديلمي أنَّه قال : «كان فيمَا أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى موسی:

«كذب منْ زعم أنَّه يحبّني فإذا جَنَّهُ اللَّيل نام عَنِّي، بابن عمران لو رأيت الَّذين يُصلُّون لي في الدَّيَاجِي وقد مَثُلَّت نفسي بين أعينهم يخاطبونني وقد جَللت عن المشاهدة ويكلِّمونني وقَدْ عزّزت عَن الحُضور .

یابن عمرَان هَبْ لِي مِن عَيْنيك الدُّمُوع ومن قَلَبِكَ الخُشوع وَمِن بدنك الخُضوع ثمَّ ادعني في ظلم اللَّيل تجدني قريباً مُجيباً» .

وَمثل هذَا لهم صَلواتُ الله عليهم کلام كثِير وفّقنا الله للتّأمّل فيه وَالعَمَل بمَا يقضيه.

ص: 99

وأمَّا غير ذلِكَ من الأعمال الَّتي تبعث على الانتباه فهو أيضاً في غاية الكثرةِ وَمن المَعروف المَشهُور المَرويّ في «المتهجّد» و«الكافي» وغيره بأسَانيد صحيحة قرَاءة قوله تعَالى : «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا» (الكهف: 110).

وفي «الكافي» بسند صحيح: «مَن قرأ عند المنَام هذِهِ الآية وَكَّلَ الله به مَلكاً يُوقظه في السَّاعة الَّتي يُريد» وقَال الشِّيخ البهَائي فِي مفتاحِهِ وَهذَا مَن الأسْرَار وَالعَجيبَةِ المجرَّبة. ثمَّ يقول بَعدهَا:

«اللّهُمَّ لا تُنسِني ذِکرَكَ،ولا تُؤمِنّي مَکرَكَ،ولا تَجعَلني مِنَ الغافِلینَ،وأَنبِهني لِأَحَبِّ السّاعاتِ إلَیكَ،أدعوكَ فیها فَتَستَجیبُ لي،

ص: 100

وأَسأَلُكَ فَتُعطیني،وأَستَغفِرُكَ وتَغفِرُ لِي إنَّكَ أنتَ الغَفُورَ الرَّحِیمَ» .

وَعن «دعَائِم الإسلام» عن عَليّ علیه السّلام إنَّ رسُول الله صلّي الله علیه و آله قال : «مَنْ أراد شَيئاً مِن قِيَام فَاخذ مضجعه فليقل : اللّهُمَّ لا تُؤمِنّي مَکرَكَ،ولا تُنسِني ذِکرَكَ،ولا تَجعَلني مِنَ الغافِلینَ،أقومُ إن شاء الله سَاعَةَ کَذا فانَّ اللّهُ عزَّ و جلَّ یُوَکِّل بِهِ مَلَکاً یقیمه تِلکَ السّاعَةَ (1) ومَن أراد شيئاً من قيام اللَّيل فغلبته عينَاه حَتَّى يصبح كان نومُهُ صدقة من الله عَلَيهِ ويتمِم الله قِيَام ليلته» .

آداب النّوم

الرَّابع: في مطلق آداب النّوم:

ومَا يُقال عند الشّروُع فيه ومَا ورد من

ص: 101


1- هذا من تتمة الحديث، وكان المراد أنَّ من قَرءَ الدُّعَاء لِلقيام فلم يقم كتبه الله من المصلِّين القائمين

الأذكار عِنده عمُوماً وخصُوصاً لِبَعض الأغراض الخَاصَّة سِوَى مَا تَقدَّم.

فَاوَّل تِلك الآدابُ وأهمّها كما وردت به الأخبار الكثيرة المعتبرة كالمتهجّد والبحار وغيره «الوضوء أو التيمم بدلاً عنه» كما في كثير من الأخبار قال المجلسي رحمه الله وفي الأخبار المعتبرة : «من بَات على طهر فكأنَّما أحيي ليله» . أقول : في بَعضهَا «كَان فراشه مسجداً لَهُ.

وثَانيهَا : تَسبيح الزَّهرَاءِ صَلوَات الله عليهَا وفي كيفينه كلام لَا يسعه المقام ولكنَّ المَعروف منه كَاف بحَسَب الظَّاهر(1)، وإن قالَ شيخنا البَهائي في مفتاحه: «الذي بَعد الصَّلَاة تَحمیده مقدْم على التَسبيح وللنّومِ بِالعکس»

ص: 102


1- والتسبيح المعروف هو «الله أكبر» 34 مرة «الحمد لله» 33 مرة «اسبحان الله» 33 مرة - من المعلّق

وقد وَرَدت بفضله الأخبار الكثيرة فَفِي المجمع: «من بَات عَلى تسبيح فاطمة كَان من الذَّاكِرين الله كثيراً».

وفي الصّحيح الموثّق من «الكافي»: «التّوحيد مأة مرَّة كفّارة خمسين عَامٍ، وإحدى عشر مرَّة غفر له وشفع في جيرَانه، والاستغفار مائة بَات وقد تحاتّت الذُّنُوب کُلّهَا عنه كما يتحاتّ الوَرَق مِنْ الشَّجَر ويُصبح ولَيسَ عَلَيهِ ذَنب، وَمن قَال ثلاث مرَّات:

الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِی عَلاَ فَقَهَرَ وَ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي بَطَنَ فَخَبَرَ وَ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي مَلَکَ فَقَدَرَ وَ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي یُحْیِي الْمَوْتی وَ یُمِیتُ الاْءَحْیَاءَ، وَ هُوَ عَلی کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ" ، خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ کَیَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».

ص: 103

«المتهجّد» وغيَره، إذا أرَاد فيتوسّد يمينه وليقل :

«بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ فِي سَبِیلِ اَللَّهِ وَ عَلَی مِلَّهِ رَسُولِ اَللَّهِ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَیْکَ وَ وَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَیْكَ وَ فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَیْكَ وَ أَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَیْكَ وَتَوَكَّلتُ عَلَيْكَ رَهْبَهً وَ رَغْبَهً إِلَیْكَ لاَ مَلْجَأَ وَ لاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَیْكَ آمَنْتُ بِکُلِّ کِتَابٍ أَنْزَلْتَهُ وَ بِکُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلْتَهُ». ثُمَّ یُسَبِّحُ تَسْبِیحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَیْهَا السَّلاَمُ.

لللفزع في اللیل

ومَنْ يتفزَّع (1) باللَّيْل يقرأ المعوذتين وآية الكُرسي، وَمَن خَاف اللُّصّ فليقرأ: «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا».

ص: 104


1- أي يحصل له الفَزَع وَالخوف

لدفع الأرق

وَمَن خَاف الأرق (1) فليقل :

سُبْحَانَ ذِی الشَّأْنِ دَائِمِ السُّلْطَانِ عَظِیمِ الْبُرْهَانِ کُلَّ یَوْمٍ هُوَ فِی شَأْنٍ یَا مُشْبِعَ الْبُطُونِ الْجَائِعَهِ وَ یَا کَاسِیَ الْجُنُوبِ الْعَارِیَهِ وَ یَا مُسَکِّنَ الْعُرُوقِ الضَّارِبَهِ وَ یَا مُنَوِّمَ الْعُیُونِ السَّاهِرَهِ سَکِّنْ عُرُوقِيَ الضَّارِبَهَ وَ أْذَنْ لِعَیْنِي نَوْماً عَاجِلًا» .

لخوف الاحتلام

وَلِخَوف الاحتلَام :

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الِاحْتِلَامِ وَ أَنْ یَلْعَبَ بِيَ الشَّیْطَانُ فِی الْیَقَظَهِ وَ الْمَنَامِ» .

للرزق

وَلِلرّزق :

«اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَا شَيْ ءَ قَبْلَكَ وَ أَنْتَ

ص: 105


1- أي ذهَاب النّوم عنه فِي اللَّيْل

الْآخِرُ فَلَا شَيْءَ بَعْدَكَ وَ أَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَا شَيْءَ فَوْقَكَ وَ أَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَا شَيْءَ دُونَكَ وَ أَنْتَ الْآخِرُ فَلَا شَيْءَ بَعْدَكَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبَّ الْأَرَضِینَ السَّبْعِ وَ رَبَّ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الزَّبُورِ وَ الْفُرْقَانِ الْحَكِیمِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِیَتِهَا إِنَّكَ عَلَی صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ» .

للرؤیا المکروهة

وَلِلرُّؤيَا المكرُوهة فليتحوَّل عن شقّه وليقل :

«إِنَّمَا اَلنَّجْوی مِنَ عَمَلِ اَلشَّیْطانِ لِیَحْزُنَ اَلَّذِینَ آمَنُوا وَ لَیْسَ بِضارِّهِمْ شَیْئاً إِلاّ بِإِذْنِ اَللّهِ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ بِمَا عَاذَتْ بِهِ اَلْمَلاَئِکَهُ اَلْمُقَرَّبُونَ وَ أَنْبِیَاؤُهُ اَلْمُرْسَلُونَ وَ اَلْأَئِمَّهُ اَلرَّاشِدُونَ اَلْمَهْدِیُّونَ وَ عِبَادُهُ اَلصَّالِحُونَ مِنْ شَرِّ مَا رَأَیْتُ وَ مِنْ شَرِّ رُؤْیَایَ أَنْ تَضُرَّنِي فِي دِینِي أَوْ دُنْیَایَ وَ مِنَ اَلشَّیْطَانِ اَلرَّجِیمِ».

ص: 106

«الجنة»، قَال النَّبِيَّ صلّي الله علیه و آله لِعَليِّ علیه السّلام مَا فعلت البَارحة؟ فقَالَ : صلَّيت ألف ركعة قبل المنَامِ، فقال : وكيف ذلك، فقال : سمعتك تقول: منْ قال عِنْد نومه ثَلاثاً «یَفْعَلُ اللَّهُ مَا یَشَاءُ بِقُدْرَتِهِ وَ یَحْکُمُ مَا یُرِیدُ بِعِزَّتِهِ» فقد صَلَّی أَلْفَ رَکْعهٍ فقَالَ صلّي الله علیه و آله صَدَقْتَ .

«البلد الأمين» عَن البَاقر علیه السّلام في قراءة القدر إحدى عشر مَرَّة و ذَكرَ لَهَا فَضلاً عظيماً وعنه علیه السّلام : «منْ قرَأها حين يَنَام ويستيقظ ملا اللوحَ المحفُوظ ثوابه، وَمن قرَأَهَا مائة مَرَّةٍ في لَيله رأى الجَنَّة قبل أن يصبح».

وعن النَّبِيِّ صلّي الله علیه و آله: «أستَغفِرُ اللّهَ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ الحَيُّ القَیّومُ،وأَتوبُ إلَیهِ» ثلاثاً غفر الله له ذنوبه وإنْ كَان مثل زبد الْبَحرَ وأَيَّامُ الدُّنيَا إِلى غير ذلِكَ مِمَّا وَرَد عنهم وفيمَا ذكرنَاه كفَاية إن شَاءَ الله .

ص: 107

آداب الاستیقاظ

الخَامِس: فِي مَا يعمل بَعْد الانتباه إلى حينَ الشرُوع في صَلاة اللَّيْل:

«مفتَاح الفَلاح»(1) أوّل مَا ينبغي لك فِعْله أن تسجد لله تعَالى فقد رُوى أنَّ النَّبِيَّ صلّي الله علیه و آله إذا انتبه عن نومه سجَدَ، وقل فِي سجُودكَ أو بَعْد رفعِ رأسك :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْیَانِي بَعْدَ مَا أَمَاتَنِي وَ إِلَیْهِ النُّشُورُ الحَمدُ للّهِ ِ الَّذي رَدَّ عَلَيَّ روحي لِأَحمَدَهُ وأَعبُدَهُ .

وَرَوى ثقة الإسلام في «الكَافِي» بسند حَسَن عن البَاقِر علیه السّلام إذا قمت باللَّيْل فانظر فِي آفاق السَّماءِ وقل:

اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا يُوَارِي عَنْكَ لَيْلٌ سَاجٍ وَ لَا

ص: 108


1- کتاب «مفتاح الفلاح» للشيخ البهائي

سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ وَ لَا أَرْضٌ ذَاتُ مِهَادٍ وَ لَا ظُلُمٰاتٌ بَعْضُهٰا فَوْقَ بَعْضٍ وَ لَا بَحْرٌ لُجِّيٌّ تُدْلِجُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُدْلِجِ مِنْ خَلْقِكَ تَعْلَمُ خٰائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ مٰا تُخْفِي الصُّدُورُ غَارَتِ النُّجُومُ وَ نَامَتِ الْعُيُونُ وَ أَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَ لٰا نَوْمٌ سُبْحٰانَ اللّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ وَ إِلَهِ الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ.

ثمَّ اقرأ الآيَاتِ الخمس من آخر آل عمران : «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ

ص: 109

فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ» (آل عمران : 190 - 194).

وَفيهِ عن النَّبِيَّ صلّي الله علیه و آله أنَّه إذا أوى إلى فِرَاشه قَال : «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أُحْیي وَ بِاسْمِكَ أَمُوتُ». وإذا استيقظ قال : «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْیَانِي بَعْدَ مَا أَمَاتَنِي وَ إِلَیْهِ النُّشُورُ».

وعن الصَّادق علیه السّلام إذا سمعت صوت الدِّيك فَقُل :

«سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِکَهِ وَ الرُّوحِ سَبَقَتْ رَحْمَتُكَ غَضَبَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ عَمِلْتُ سُوءً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ».

ثمَّ إِنْ كَانت لَكَ حَاجَة إلى التخلي فابْدء به وقل عند الدُّخول:

ص: 110

«بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ».

وقل حَال الاستنجَاءِ :

«اللّهُمَّ حَصِّن فَرجي وأَعِفَّهُ وَاستُر عَورَتي وحَرِّمني عَلَی النّارِ وَ امْسَحْ بَطْنَكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ باليمني قَائِماً قَائِلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاطَ عَنِّي الْأَذَى وَ هَنَّاَنِي طَعَامِی وَ شَرَابِي وَ عَافَانِي مِنَ البَلْوی» .

وقُل عِندَ الخروج وتقديم اليُمنى عَکس الدّخول خلاف المَسجد:

«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی عَرَّفَنِي لَذَّتَهُ وَ أَبْقَی فِي جَسَدِي قُوَّتَهُ وَ أَخْرَجَ عَنِّي أَذَاهُ یَا لَهَا نِعْمَةً یَا لَهَا نِعْمَةً یَا لَهَا نِعْمَةً لَا یَقْدِرُ الْقَادِرُونَ».

آداب الوضوء

ثمَّ توضَأ الوضوء الكامل المشتمل على

ص: 111

الدُّعَاءِ عند كُلّ فعل من أفعَالِهِ والأدعية كثيرة أحسنها متناً وسنداً مَا في «الكَافي» و«التَهذيب» عن أبي عبد الله علیه السّلام قال: «بینا أمير المؤمنین علیه السّلام جَالِس مَع ابْن الحَنَفية إذ قَال له: يَا مُحمَّد ایتني بماء الوُضُوء أتوضأ لِلصَّلاةِ، فأتاه بالمَاءِ فاكفاه بيده اليُمني على اليُسري، ثمَّ قال: بِسمِ اللّهِ وَالحَمدُ للّهِ الَّذي جَعَلَ الماءَ طَهوراً ولَم یَجعَلهُ نَجِساً.

قال: ثمَّ استنجي فقال : اللّهُمَّ حَصِّن الدُّعَاء(1)

ثمَّ تمضمض فقال : اللّهُمَّ لَقِّنّي حُجَّتي یَومَ ألقاكَ وأَطلِق لِساني بِذِکرِكَ .

ثمَّ استنشق فقال : اللّهُمَّ لا تُحَرِّم عَلَيَّ ریحَ

ص: 112


1- اللّهُمَّ حَصِّن فَرجي وأَعِفَّهُ وَاستُر عَورَتي وحَرِّمني عَلَی النّارِ

الجَنَّةِ وَاجعَلني مِمَّن یَشُمُّ ریحَها وَ رَوحَها وَ طیبَها.

ثمَّ غسل وَجْهه فَقال : اللّهُمَّ بَیِّض وَجهي یَومَ تَسوَدُّ فیهِ الوُجوهُ ولا تُسَوِّد وَجهي یَومَ تَبیَضُّ فیهِ الوُجوهُ.

ثمَّ غسل اليُمني فَقالَ : اللّهُمَّ أعطِني کِتابي بِیَمیني وَالخُلدَ فِي الجِنانِ بِیَساري، وحاسِبني حِساباً یَسیراً.

ثمَّ اليُسرى وقَال : اللّهُمَّ لا تُعطِني کِتابي بِشِمالي ولا تَجعَلها مَغلولَةً إلی عُنُقي وأَعوذُ بِكَ مِن مُقَطَّعاتِ النّیرانِ.

ثمَّ مَسَح رَأسه وقَال : اللَّهُمَّ غَشِّنِي بِرَحْمَتِكَ وَ بَرَكَاتِكَ وَ عَفْوِكَ وَ أَظِلَّنِي تَحْتَ عَرْشِكَ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ .

ص: 113

ثمَّ رجليه وقالَ : اللّهُمَّ ثَبِّتني عَلَی الصِّراطِ یَومَ تَزِلُّ فیهِ الأَقدامُ وَاجعَل سَعیي فیما یُرضیکَ عَنّي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثمَّ قال: یا مُحَمَّدُ مَن تَوَضَّأَ مِثلَ وُضوئی وقالَ مِثلَ قَولی خَلَقَ اللّهُ عزَّ وجلَّ مِن کُلِّ قَطرَةٍ مَلَکاً یُقَدِّسُهُ ویُسَبِّحُهُ ویُکَبِّرُهُ وَ یکتُبُ اللّهُ عزَّ وجلَّ لَهُ ثَوابَ ذلِکَ إلی یَومِ القِیامَةِ» والظاَّهر إنَّ إكفاء المَاءِ عَلى اليُسرى لمبَاشرتهَا الموضِع الاستنجَاءِ قبله واعلم أنَّ في النّسخ اختلافاً في أدعية لهذا الحديث ولكّن مَا تقدَّم هو الأشهر عَمَلاً الأصحّ نقلاً وإن جمعنا فِيه بين بَعْض النّسخ وبَعْض آخر.

ثمَّ اعلم أنَّ أهمّ الأذكَار فِي الوضوء الَّذي ورد به الحثّ الأكيد في الأخبار هو «التسمية وبعده قراءة «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ» وتقول:

ص: 114

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَمَامَ الْوُضُوءِ وَ تَمَامَ الصَّلَاةِ وَ تَمَامَ رِضْوَانِكَ وَ تَمَامَ مَغْفِرَتِكَ وَالْجَنَّةِ»..

فَإِنَّها لَا تمرُّ بِذنب إلَّا محنه» كما عن «الاختيار» و«البلد الأمين» وعن «الدُّعَائِم»: «مَا مِن مُسلمٍ يتوضّأُ فيقول عند وُضُوئه :

«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلاّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَیْكَ اللّهُمَّ اجعَلني مِنَ التَّوّابينَ وَاجعَلني مِنَ المُتَطَهِّرينَ» .

إلَّا كَتب في رقّ وختم عليه ثمَّ وضعت تحت العَرش تدفع إليه بخاتمهَا يَومَ القِيَامَةِ . وان زدت بعد وَأَتُوبُ إِلَيكَ:

«وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَاَشْهَدُ اَنَّ عَلِیّاً وَلِیُّكَ وَخَلِیفَتُكَ بَعْدَ نَبِیِّكَ

ص: 115

عَلی خَلْقِكَ وَاَنَّ اَوْلِیآئَهُ خُلَفآؤُكَ وَاَوْصِیآئَهُ اَوْصِیآئُكَ».

أحرزت أجراً عظيماً ينفعك يوم لا ينفع مَال ولَا بنون» كما عن تفسير الإمام مضمون ذلك.

آداب دخول المسجد

ثمَّ إذا أردت التوجّه إلى المسجد ومَا بحكمه من المشاهِدِ المقدَّسة أو مُصلَّاك فقل كَمَا فِي المفتاحِ :

«بِسْمِ اللَّه الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ یَهْدِینِ وَالَّذِي هُوَ یُطْعِمُنِي وَیَسْقِینِ وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ یَشْفِینِ وَالَّذِي یُمِیتُنِي ثُمَّ یُحْیِینِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ یَغْفِرَ لِي خَطِیئَتِي یَوْمَ الدِّینِ رَبِّ هَبْ لِي حُکْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِینَ وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِی الْآخِرِینَ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَهِ جَنَّةِ النَّعِیمِ وَاغْفِرْ لِأَبِي».

ص: 116

وذكر عن جمَال السَّالِكِين فِي عدَّة الدَّاعي عن النَّبّيَّ صلّي الله علیه و آله فضلاً عظيماً لذلِكَ وإذا أردت دخول المسجد ومَا فِي حكمه فَقُلْ عِندَ الدُّخُول:

«بِسْمِ اللّه ِ وَبِاللّه ِوَمِنَ اللّه وَاِلَی اللّه وَخَیْرُ الاْسْماءِ کُلِّها للّه تَوَکَّلْتُ عَلَی اللّه لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ اِلاّ بِاللّه اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَافْتَحْ لي اَبْوابَ رَحْمَتِكَ وَتَوْبَتِكَ وَاَغْلِقْ عَنّي اَبْوابَ مَعْصِیَتِكَ وَاجْعَلْني مِنْ زُوّارِكَ وَعُمّارِ مَساجِدِكَ وَمِمَّنْ یُناجیكَ فِي اللَّیْلِ وَالنَّهارِ وَمِنَ الَّذینَ هُمْ عَلی صَلَواتِهِمْ خَاشِعُونَ وَادْحَرْ عَنِّي الشَّیْطانَ الرَّجیمَ، وَجُنُودَ اِبْلیسَ اَجْمَعینَ».

أدعیه في جوف اللیل

فإذا دخل المسجد أو ما هو في حكمه أو

ص: 117

غيرهما فوقف في مصلّاهُ وكان في وقته اتّساع عن مقدار أداءِ النافلة ووظائفها المهمّة اشتغل بقدر وسعه بما وَرَد عن سادة الأنامِ علیه السّلام مِن مُناجَاة المَلِك العلّام في كبد الأسحار وجوف الظّلام وهِيَ عنهم كَثيرة لا تحصى ولكنا نذكر منها ما تتحرّك بها العزائم الجامدة وتنتعش من رقّتها وطراوتها الأرواح الميتَة والأبدان الهامدة ، فمن ذلك ما في الحديث المعروف عن أبي الدّرداء في أمير المؤمنین علیه السّلام المروي في الكتب المعتبرة كمجالس الصدوق وغيره قال في جملة حديثه: فافتقدته وبُعْد علَّى مكانه فقلت لحق بمنزله فإذا أنا بصوتٍ حزين ونغمةٍ شجّي وهو يقول علیه السّلام :

«إِلَهِي کَمْ مِنْ مُوبِقَةٍ حَلُمْتَ عَنْ مُقَابَلَتِهَا بِنَعِمَتِكَ وَ کَمْ مِنْ جَرِیرَةٍ تَکَرَّمْتَ عَنْ کَشْفِهَا

ص: 118

بِکَرَمِكَ إِلَهِي إِنْ طَالَ فِي عِصْیَانِكَ عُمُرِي وَ عَظُمَ فِي الصُّحُفِ ذَنْبِي فَمَا أَنَا مُؤَمِّلٌ غَیْرَ غُفْرَانِكَ وَ لَا أَنَا بِرَاجٍ غَیْرَ رِضْوَانِكَ إِلَهِي أَنْظُرُ عَفْوَكَ فَتَهُونَ عَلِيِّ خَطِيئَتِي ثُمَّ أَذْكُرُ الْعَظِيمِ مِنْ أَخْذَكَ فتعظم عَلِيِّ بَلِیَّتِي آهِ إِنْ أَنَا قَرَأْتُ فِي الصُّحُفِ سَيِّئَةٍ أَنَا ناسِيها وَ أَنْتَ مُحصِبها فَتَقُولُ خُذُوهُ فَيَا لَهُ مِنْ مَأْخُوذُ لَا تنجيه عَشِيرَتِهِ وَ لَا تَنْفَعُهُ قَبِيلَتِهِ أَوْ مِنْ نَارٍ تنضج الْأَكْبَادِ وَ الْكُلَى آهِ مِنْ نَارٍ نَزَّاعَةً لِلشَّوى آهِ مِنْ غَمْرَةٍ مِنْ مُلهِباتٍ لَظی ».

وَمنها عن مصبَاح السَّيِّد بن باقي قال : كان أمير المؤمنين عليه السّلام يدعو بعد ركعتي الوتر قبل صلاة اللَّيْل بِهذَا الدُّعاءِ:

اللَّهُمَّ إِلَیْكَ حَنَّتْ قُلُوبُ الْمُخْبِتِینَ وَ بِكَ أَنِسَتْ عُقُولُ الْعَاقِلِینَ وَ عَلَیْكَ عَكَفَتْ رَهْبَةُ

ص: 119

الْعَالِمِینَ وَ بِكَ اسْتَجَارَتْ أَفْئِدَةُ الْمُقَصِّرِینَ فَیَا أَمَلَ الْعَارِفِینَ وَ رَجَاءَ الْآمِلِینَ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِینَ وَ أَجِرْنِی مِنْ فَضَائِحِ یَوْمِ الدِّینِ عِنْدَ هَتْكِ السُّتُورِ وَ تَحْصِیلِ مَا فِی الصُّدُورِ وَ آنِسْنِی عِنْدَ خَوْفِ الْمُذْنِبِینَ وَ دَهْشَةِ الْمُفْرِطِینَ بِرَحْمَتِكَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ، فَوَعِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِیَتِی إِیَّاكَ مُخَالَفَتَكَ وَ لَا عَصَیْتُكَ إِذْ عَصَیْتُكَ وَ أَنَا بِمَكَانِكَ جَاهِلٌ وَ لَا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ وَ لَا بِنَظَرِكَ مُسْتَخِفٌّ وَ لَكِنْ سَوَّلَتْ لِی نَفْسِی وَ أَعَانَتْنِی عَلَی ذَلِكَ شِقْوَتِی وَ غَرَّنِی سِتْرُكَ الْمُرْخَی عَلَیَّ فَعَصَیْتُكَ بِجَهْلِی وَ خَالَفْتُكَ بِجُهْدِی فَمِنَ الْآنَ مِنْ عَذَابِكَ مَنْ یَسْتَنْقِذُنِی وَ بِحَبْلِ مَنْ أَعْتَصِمُ إِذَا قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّی وَا سَوْأَتَاهْ مِنَ الْوُقُوفِ بَیْنَ یَدَیْكَ غَداً إِذَا قِیلَ لِلْمُخِفِّینَ جُوزُوا وَ لِلْمُثْقِلِینَ حُطُّوا أَمَعَ الْمُخِفِّینَ أَجُوزُ أَمْ مَعَ الْمُثْقِلِینَ أَحُطُّ یَا وَیْلَتَا كُلَّمَا كَبِرَتْ سِنِّی كَثُرَتْ

ص: 120

مَعَاصِیَّ فَكَمْ ذَا أَتُوبُ وَ كَمْ ذَا أَعُودُ مَا آنَ لِی أَنْ أَسْتَحْیِیَ مِنْ رَبِّی.

ثمَّ يسجد ويقول: «اَسْتَغْفِرُ اللهَ رَبّي وَ أتوبُ إلَیْهِ» مائة مرَّةٍ .

ومنها مَا عن «المناقب» لابن شهر آشوب و «الجرائح» للرَّاوَنْدي في حديث حمَّاد بن حبيب الكوفي إلى أن قال فتهت في البراري فانتهيت إلى وادٍ قفر وجنَّني اللَّيل وإذا بشابٍ عليه ثياب بيض فَدَنی وتهيّأ للصَّلاة فوثب قائماً وقال :

«يَا مَنْ حَازَ كُلَّ شَيْءٍ مَلَكُوتاً وَقَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ جَبَرُوتاً صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَوْلِجْ قَلْبِي فَرَحَ الْإقْبَالِ عَلَيْكَ وَأَلْحِقْنِي بِمَيْدَانِ الْمُطِيعِينَ».

ص: 121

فلمَّا انقشع الظَّلام قال :

«یَا مَنْ قَصَدَهُ الضَّالُّونَ فَأَصَابُوهُ مُرْشِداً وَ أَمَّهُ الْخَائِفُونَ فَوَجَدُوهُ مَعْقِلًا وَ لَجَأَ إِلَیْهِ الْعَابِدُونَ فَوَجَدُوهُ مَوْئِلًا مَتَی رَاحَةُ مَنْ نَصَبَ لِغَیْرِكَ بَدَنَهُ وَ مَتَی فَرَجُ مَنْ قَصَدَ غَیْرَكَ هَمُّهُ إِلَهِی قَدِ انْقَشَعَ الظَّلَامُ وَ لَمْ أَقْضِ مِنْ خِدْمَتِكَ وَطَراً وَ لَا مِنْ حِیَاضِ مُنَاجَاتِكَ صَدَراً صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ افْعَلْ بِی أَوْلَی الْأَمْرَیْنِ بِكَ» الخَبر .

وَعن «المحاسِن» كَان أبو الحَسَن عليه السّلام إذا قام في اللَّيل إلى محرابه قال : اللَّهُمَّ خَلَقْتَنِي سَوِّیاً وَ رَبَّیتَنِي صَبِيًّا، وهو الدُّعاء الخمسون مِن الصَّحِيفَةِ السَّجَّادية صلوات اللهِ على مُنْشِيهَا.

ومن أرفعها شَأناً وأرجحها میزاناً مناجاة سیِّد

ص: 122

الموحّدین مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام في شعبان الواردة في الكتبِ المعتبرة كالإقبال وغيره التي أوّلها: الَلّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحمَّدٍ وَ آلِهِ، وَاسْمَعْ دُعائی اِذا دَعَوْتُکَ الخ. وهي متداولة في الكتب المعروفة كزاد المعاد وغيره ولا اختصاص لها بشعبان كما ذكره الفاضل المجلسي.

مقدمات صلاة اللیل

ثمَّ انهض إلى صَلاة اللَّيل وابْدء قبَل الشّروع بهَا بالركعتين الخفيفتين الَّتي تضمّنهَا مشهور كتب العِبَادَاِت طبقاً للأخبار والرِّوَاياتِ.

«المتهجّد» عن النَّبِيِّ صلّة الله علیه و آله: «مَا من عَبدٍ يقوم من اللَّيل فيصَلَّي ركعتين ويدعو في سَجودِهِ لأربعين من أصحابه يُسميهم بأسمائِهم أو أسمَاءِ آبائِهم ولم يسأل الله تعَالى شيئاً إلَّا أعطاه.

وكَان علي بن الحسين عليه السّلام یُصَلِّي إمام

ص: 123

صلاة اللَّيل ركعتين خفيفتين يقرأ فيهما: ب-«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» في الأولى: «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ» في الثانية ويُرفع يَدَيهِ بالتَكبير ويقول:

«أَنْتَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِینُ ذُو الْعِزِّ الشَّامِخِ وَ السُّلْطَانِ الْبَاذِخِ وَ الْمَجْدِ الْفَاضِلِ أَنْتَ الْمَلِكُ الْقَاهِرُ الْكَبِیرُ الْقَادِرُ الْغَنِيُّ الْفَاخِرُ یَنَامُ الْعِبَادُ وَ لَا تَنَامُ وَ لَا تَغْفُلُ وَ لَا تَسْأَمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُحْسِنِ الْمُجْمِلِ الْمُنْعِمِ الْمُفْضِلِ ذِي الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ ذِي الْفَوَاضِلِ الْعِظَامِ وَ النِّعَمِ الْجِسَامِ وَ صَاحِبِ كُلِّ حَسَنَةٍ وَ وَلِيِّ كُلِّ نِعْمَةٍ لَمْ یَخْذُلْ عِنْدَ كُلِّ شَدِیدَةٍ وَ لَمْ یَفْضَحْ بِسَرِیرَةٍ وَ لَمْ یُسْلِمْ بِجَرِیرَةٍ وَ لَمْ تَخْزِ فِي مَوْطِنٍ وَ مَنْ هُوَلَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ عُدَّةً وَ رِدْءٌ عِنْدَ كُلِّ عُسرٍ

ص: 124

وَ یُسرِ حَسَنِ الْبَلَاءِ كَرِیمِ الثَّنَاءِ عَظِیمِ الْعَفْوِ عَنَّا أَمْسَیْنَا لَا یُغْنِینَا أَحَدٌ إِنْ حَرَمْتَنَا وَ لَا یَمْنَعُنَا مِنْكَ أَحَدٌ إِنْ أَرَدْتَنَا فَلَا تَحْرِمْنَا فَضْلَكَ لِقِلَّةِ شُكْرِنَا وَ لَا تُعَذِّبْنَا لِكَثْرَةِ ذُنُوبِنَا وَ مَا قَدَّمَتْ أَیْدِینَا سُبْحَانَ ذِی الْمُلْكِ وَ الْمَلَكُوتِ سُبْحَانَ ذِی الْعِزِّ وَ الْجَبَرُوتِ سُبْحَانَ الْحَیِّ الَّذِی لَا یَمُوتُ».

ثمَّ يقرأ ويركع ويسجد ثُمَّ يقومُ إلى الثانية فإذا فرغ من القراءة بَسَط يَدَيهِ وقَالَ :

«اللَّهُمَّ إِلَيْكَ رُفِعَتْ أَيْدِي السَّائِلِينَ وَ مُدَّتْ أَعْنَاقُ الْمُجْتَهِدِينَ وَ نُقِلَتْ أَقْدَامُ الْخَائِفِينَ وَ شَخَصَتْ أَبْصَارُ الْعَابِدِينَ وَ أَفْضَتْ قُلُوبُ الْمُتَّقِينَ وَ طُلِبَتِ الْحَوَائِجِ يَا مُجِيبَ الْمُضْطَرِّينَ وَ مُعِينَ الْمَغْلُوبِينَ وَ مُنَفِّسَ كُرُبَاتِ

ص: 125

الْمَكْرُوبِينَ وَ إِلَهَ الْمُرْسَلِينَ وَ رَبَّ النَّبِيِّينَ وَ الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَ مَفْزَعَهُمْ عِنْدَ الْأَهْوَالِ وَ الشَّدَائِدِ الْعِظَامِ أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِمَا اسْتَعْمَلْتَ بِهِ مَنْ قَامَ بِأَمْرِكَ وَ عَانَدَ عَدُوَّكَ وَ اعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ وَ صَبَرَ عَلَى الْأَخْذِ بِكِتَابِكَ مُحِبّاً لِأَهْلِ طَاعَتِكَ مُبْغِضاً لِأَهْلِ مَعْصِيَتِكَ مُجَاهِداً فِيكَ حَقَّ جِهَادِكَ لَمْ تَأْخُذْهُ فِيكَ لَوْمَةُ لاَئِمٍ ثُمَّ ثَبِّتْهُ بِمَا مَنَنْتَ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا الْخَيْرُ بِيَدِكَ وَ أَنْتَ تَجْزِي بِهِ مَنْ رَضِيتَ عَنْهُ وَ فَسَحْتَ لَهُ فِي قَبْرِهِ ثُمَّ بَعَثْتَهُ مَبْيَضّاً وَجْهُهُ قَدْ آمَنْتَهُ مِنَ الْفَزَعَ الْأَكْبَرَ وَ هَوْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

ثمَّ يركع صَلواتُ الله وسَلَامه عَلَيهِ هذَا تمام الكلام في المقدَّماتِ .

ص: 126

آداب صلاة اللیل

المقاصد

فالمقصد الأول:

في أعمال نفس صَلاة اللَّيل فإذا فرغت من الرّكعتين فقم وتوجّه بالتكبيرَات الافتتاحيَة الَّتي تظافرت الأخبَار باسْتحبَابهَا فِي الجملة وإنَّما الخلاف في عمُومهَا وخصُوصهَا، و«الصّدُوق» عَلى مَا نقل عَنْهُ خصّهَا بسِتْ وهي أوَّل كلّ فريضة، وأوَّل ركعة من ركعتي الزّوال، وأوّل ركعة مِنْ صلاةِ اللَّيل، والمُفردة من الوتر، وأوَّل ركعة من نَافلة المغْرب، وأوَّل ركعتي الإحرَام، وزاد «المفيد» الوتيرة و «المرتضى» بالفرائض لَا غير و «ابن الجنيد» بالمنفرد والأخبَار مطلقة نعم «فقه الرِّضا» مُصرَح

ص: 127

باستحبَاب دعَاء التوجّه بِالسَّت حيث قال فيه: «وتوجه بعد التكبيرةِ فإنَّه من السنّة الموجبة في ستّ صلوات» وعدّ السّت المتقدَّمة، ويتخيّر في تكبيرَة الإحرام بجعلهَا أي واحدة مِنْ السَّبع وإنْ كَان جعلهَا الأخيرة أولى كما لَا يخفى، ثمَّ يدعو في خلالهَا بِمَا عن كِتَاب ابن خانیه تقول بعد ثلاث منهَا مَا رواه الحلبي عن الصَّادق عليه السّلام :

«أَللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءٍ وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ».

ثمَّ يكبر تكبيرين ويقول:

«لَبَّيْكَ وَ سَعْدَيْكَ وَ الْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، وَ الشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ وَ الْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ عَبْدُكَ وَ اِبْنُ

ص: 128

عَبْدَیْكَ مِنْكَ وَ بِكَ وَ إِلَیْكَ لَا مَلْجَأَ مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، سُبْحَانَكَ وَ حَنَانَيْكَ تَبَارَكْتَ وَ تَعَالَيْتَ، سُبْحَانَكَ رَبَّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ».

ثمَّ يُكَبّر تكبيرين آخرين ويتوجّه ويقول:

«وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ والارض عَلَى مِلَّةِ ابراهيم ودین مُحَمَّدِ صلّی اللَّهِ علیه وَ آلِهِ وَ مِنْهَاجُ عَلِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ مَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ انَّ صَلَواتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيَايَ وَ مَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذَلِكَ أُمِرْتُ وانا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرجیم» المُتهجّد.

ثمَّ يقرأ في الأوّلين الفاتحة والتوحيد ثلاثين مرَّة أو مرَّة، وفي الثَّانية «الجحد»، وفي البوَاقي

ص: 129

بمَا شاء من السُّور الطّوَال الأنعَام والكهفُ والأنبياء ويسين والخواتيم فإن ضَاق الوقت اقتصر عَلى الفاتحة والتوحيد ويستحبَّ الجهر بالقراءة في صلاة اللَّيل ثُمَّ يدعو وبعد الفرَاغ مِنْهَا ومن تسبيح الزَّهرَاءِ علیهاالسّلام بعدهَا بِمَا يتكرّر عقیب کُلّ ركعتين:

«اللَّهُمَّ أَنِّي أَسْأَلُكَ وَ لَمْ يُسْئَلُ مِثْلِكَ أَنْتَ مَوْضِعُ مَسْأَلَةِ السَّائِلِينَ وَ مُنْتَهي رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ أَدْعُوكَ وَ لَمْ يَدَعْ مِثْلَكَ وَ أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَ لَمْ يُرْغَبْ إِلَيَّ مِثْلِكَ أَنْتَ مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ وَ ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَسْأَلُكَ بِأَفْضَلِ الْمَسَائِلِ وَ أَنْجَحِهَا وَ أَعْظَمَهَا يَا اللَّهُ يَا رحمن يَا رَحِيمُ وَ بِأَسْمَائِكَ الْحَسَنِيُّ وَ بِأَمْثَالِكَ الْعُلْيَا وَ نِعَمِكَ الَّتِي لَا تُحْصِي وَ بِأَكْرَمِ أَسْمَائِكَ عَلَيْكَ وَ أَحَبِّهَا إلَيْكَ وَ أَقْرَبِهَا مِنْكَ وَسِيلَةً

ص: 130

وَ أَشْرَفِهَا عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَ أَجْزَلِهَا لَدَيْكَ ثَوَاباً وَ أَسْرَعِهَا فِي الْأُمُورِ أَجَابَةَ وَ بِاسْمِكَ الْمَكْنُونِ الْأَكْبَرِ الْأَعَزُّ الْأَجَلِّ الْأَعْظَمِ الْأَكْرَمُ الَّذِي تُحِبُّهُ وَ تَهْوَاهُ وَ تُرْضِي عَمَّنْ دَعَاكَ بِهِ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَ حَقُّ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَحْرُمُ سَائِلَكَ وَ لَا تَرُدَّهُ وَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ فِي التَّوْرِاةِ والإنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ الْفُرْقَانَ الْعَظِيمَ وَ بِكُلِّ اسْمٍ دَعَاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَ مَلَائِكَتَكَ وَ أَنْبِيَاؤُكَ وَ رُسُلِكَ وَ أَهْلِ طَاعَتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلِيُّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تُعَجِّلَ فَرَجَ وَلِيِّكَ وَ ابْنُ وَلِيِّكَ وَ تُعَجِّلُ خِزْيُ أَعْدَائِهِ».

وبِمَا يتكرّر أيضاً :

«لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ يُمِيتُ وَ يُحْيِي وَ هُوَ

ص: 131

حَىُّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرُ اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِینَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِینَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَ أَنْتَ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِینَ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا تَحْتَهُنَّ فَلَكَ الْحَمْدُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَ وَعْدُكَ الْحَقُّ وَ اَلْجَنَّةُ حَقٌّ وَ اَلنَّارُ حَقٌّ وَ السَّاعَةُ آتِیَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ إِنَّكَ بَاعِثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَ بِكَ آمَنْتُ وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَ بِكَ خَاصَمْتُ وَ إِلَيْكَ يَا رَبِّ حَاكَمْتُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الْأَئِمَّةِ الْمَرْضِيِّينَ وَ ابْدَأءْ بِهِمْ فِي كُلِّ خَيْرٍ وَ اخْتِمْ بِهِمُ الْخَيْرَ وَ أَهْلِكْ عَدُوَّهُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ وَ اغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَ مَا أَخَّرْنَا وَ مَا أَسْرَرْنَا وَ مَا أَعْلَنَّا وَ اقْضِ

ص: 132

كُلَّ حَاجَةٍ هِيَ لَنَا بِأَيْسَرِ التَيْسِيرِ وَ أَسْهَلِ التَّسْهِيلِ فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَ عَافِيَةٍ إِنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ رَبَّنَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلَى إِخْوَتِهِ مِنْ جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ صَلِّ عَلَى مَلاَئِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ اخْصُصْ مُحَمَّداً وَ أَهْلَهُ بِأَفْضَلِ الصَّلَوَاتِ وَ التَّحِيَّةِ وَ التَّسْلِيمِ وَ اجْعَلْ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَ ارْزُقْنِي مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَ مِنْ حَيْثُ لاَ أَحْتَسِبُ بِمَّا شِئْتَ وَ كَيْفَ شِئْتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَا شِئْتَ كَمَا شِئْتَ».

ثمَّ تسجد سجَدة الشكر وتثني فيها على الله جَلَّ ثنَائه بمَا شئت ثم تدعو بما يختصُّ عقيب هذين الرّكعتين عن ابن البَاقِي كان أمير المؤمنين عليه السّلام يُدعو بعدهما بقوله :

«إِلَهِی نِمْتُ الْقَلِیلَ فَنَبَّهَنِي قَوْلُكَ الْمُبِینُ

ص: 133

«تَتَجافي جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْیُنٍ جَزاءً بِما كانُوا یَعْمَلُونَ» فَجَانَبْتُ لَذِیذَ الرُّقَادِ بِتَحَمُّلِ ثِقْلِ السُّهَادِ وَ تَجَافَیْتُ عَنْ طِیبَ الْمَضْجَعِ بِانْسِكَابِ غَزِیرِ الْمَدْمَعِ وَ وَطِئْتُ الْأَرْضَ بِقَدَمَيَّ وَ بُؤْتُ إِلَیْكَ بِذَنْبِي وَ وَقَفْتُ بَیْنَ یَدَیْكَ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ تَضَرَّعْتُ إِلَیْكَ رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ دَعَوْتُكَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ رَغِبْتُ إِلَیْكَ وَالِهاً مُتَحَیِّراً أُنَادِیكَ بِقَلْبٍ قَرِیحٍ وَ أُنَاجِیكَ بِدَمْعٍ سَفُوحٍ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ قُوَّتِي وَ أَلُوذُ بِكَ مِنْ جُرْأَتِي وَ أَسْتَجِیرُ بِكَ مِنْ جَهْلِي وَ أَتَعَلَّقُ بِعُرَی أَسْبَابِكَ مِنْ ذَنْبِي وَ أَعْمُرُ بِذِكْرِكَ قَلْبِي إِلَهِي لَوْ عَلِمَتِ الْأَرْضُ بِذُنُوبِي لَسَاخَتْ بِي وَ السَّمَاوَاتُ لَاخْتَطَفَتْنِی وَ الْبِحَارُ لَأَغْرَقَتْنِی

ص: 134

وَ الْجِبَالُ لَدَهْدَهَتْنِي وَ الْمَفَاوِزُ لَابْتَلَعَتْنِي إِلَهِي أَيَّ تَغْرِیرٍ اغْتَرَرْتُ بِنَفْسِي وَ أَيَّ جُرْأَةٍ اجْتَرَأْتُ عَلَیْكَ یَا رَبِّ إِلَهِي كُلُّ مَنْ أَتَیْتُهُ إِلَیْكَ یُرْشِدُنِي وَ مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا عَلَیْكَ یَدُلُّنِي وَ لَا مَخْلُوقٍ أَرْغَبُ إِلَیْهِ إِلَّا وَ فِیكَ یُرَغِّبُنِي فَنِعْمَ الرَّبُّ وَجَدْتُكَ وَ بِئْسَ الْعَبْدُ وَجَدْتَنِي إِلَهِي إِنْ عَاقَبْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي یَصْرِفُ الْعُقُوبَةَ عَنِّي وَ إِنْ هَتَكْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي یَسْتُرُ عَوْرَتِي وَ إِنْ أَهْلَكْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي یَعْرِضُ لَكَ فِي عَبْدِكَ أَوْ یَسْأَلُكَ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ قَدْ عَلِمْتُ یَا إِلَهِي أَنْ لَیْسَ فِی حُكْمِكَ ظُلْمٌ وَ لَا فِي نَقِمَتِكَ عَجَلَةٌ وَ إِنَّمَا یَعْجَلُ مَنْ یَخَافُ الْفَوْتَ وَ یَحْتَاجُ إِلَی الظُّلْمِ الضَّعِیفُ وَ قَدْ تَعَالَیْتَ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِیراً فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ افْعَلْ بِي كَذَا وَ كَذَا».

ص: 135

ثُمَّ تقول :

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَحْسُنَ فِي لاَمِعَةِ الْعُيُونِ عَلاَنِيَتِي وَتَقْبُحَ فِيَما أُبْطِنُ لَكَ سَرِيرَتيِ مُحَافِظاً عَلَى رِثَاءِ النَّاسِ مِنْ نَفْسِي فَأُرِيَ النَّاسِ حُسْنَ ظَاهِرِي وَأُفْضِيَ إِلَيْكَ بِسُوءِ عَمَلِي تَقَرُّباً إلَى عِبَادِكَ وَتَبَاعُداً مِنْ مَرْضَاتِكَ».

ثم َّتقوم إلى الثَّالثَة والرَّابعة قَال العلماء : وخُصّتا بقراءة «المزّمِّل»، وَ «عَمَّا يتسَاءَلُونَ» ثمَّ الخامسَة والسَّادسَة ويقرأ فيهمَا مثل «یس» و «الدُّخَان»، و «الوَاقعة» و«المدّثر»، ثمَّ السَّابعَة والثَّامنة ويقرأ فيهمَا «تبَارَكَ»، وَ «هَلْ أَتی» ويدعو في آخِر سَجدة منهُمَا :

«یَا خَیْرَ مَدْعُوٍّ یَا أَوْسَعَ مَنْ أَعْطَی یَا خَیْرَ

ص: 136

مُرْتَجًی ارْزُقْنِي وَ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ وَ سَبِّبْ لِي رِزْقاً وَاسِعاً مِنْ فَضْلِكَ إِنَّكَ عَلَی كُلِّ شَيْءٍ قَدِیرٌ» .

وَلِكُلِّ رکعتین سِوَى مَا تكرّر أدعية مختصّ بِهَا لَا يسع المقام والوقت لهَا نَعم فِي مختصر المتهجّد تقول بَعْد الثَّمَان وسجَدة الشَّكر بَعدهَا: «يَا الله» عشراً ثمَّ تقول :

«صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ اغْفِرْ لِي وَ ارْحَمْنِي وَ ثَبِّتْنِي عَلَى دِينِكَ وَ دِينِ نَبِيِّكَ وَ لاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْبَدِي ءُ الْبَدِيعُ لَكَ الْحَمْدُ وَ لَكَ الْكَرَمُ وَ لَكَ الْجُودُ وَ لَكَ الْحَقُّ

ص: 137

وَ لَكَ الْأَمْرُ وَحْدَكَ لَا شَرِیكَ لَكَ يَا خَالِقُ يَا رَازِقُ يَا مُحْيِي يَا مُمِيتُ يَا بَدِيعُ یَا رَفِیعُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَرْحَمَ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ وَ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ وَ وَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ وَ أُنْسِي بِكَ وَ إِلَيْكَ».

ثُمَّ تدعُو بعد الثَّمَان بِمَا عن (المنهجّد والبلد الأمين) عن الرِّضا علیه السّلام وفِي مختصره وغيره أنَّه عن أمير المؤمنين علیه السّلام أنَّه كَان يدعو بَعْدَ الثَّمان بقوله :

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ مَنْ عَاذَ بِكَ مِنْكَ وَ لَجَأَ إِلَى عِزِّكَ وَ اسْتَظَلَّ بِفَيْئِكَ وَ اعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ وَلَمْ یَثِقْ إلَّا بِكَ یَا جَزِيلَ الْعَطَايَا يَا مُطْلِقَ الْأُسَارَى يَا مَنْ سَمَّى نَفْسَهُ مِنْ جُودِهِ وَهَّاباً أَدْعُوكَ رَهَباً وَ رَغَباً وَ خَوْفاً وَ طَمَعاً

ص: 138

وَ إِلْحَاحاً وَ إِلْحَافاً وَ تَضَرُّعاً وَ تَمَلُّقاً وَ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ رَاكِباً وَ مَاشِیاً وَ ذَاهِباً وَ جَائِیاً وَ فِي كُلِّ حَالاتِي وَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا».

وتدعو بمَا تحِبَّ ثمَّ تسجد سَجدتي الشُّكر وتقول فيهمَا:

«یَا عِمَادَ مَنْ لَا عِمَادَ لَهُ یَا ذُخْرَ مَنْ لَا ذُخْرَ لَهُ یَا سَنَدَ مَنْ لَا سَنَدَ لَهُ یَا مَلَاذَ مَنْ لَا مَلَاذَ لَهُ یَا كَهْفَ مَنْ لَا كَهْفَ لَهُ یَا غِیَاثَ مَنْ لَا غِیَاثَ لَهُ یَا جَارَ مَنْ لَا جَارَ لَهُ یَا حِرْزَ مَنْ لَا حِرْزَ لَهُ یَا حِرْزَ الضُّعَفَاءِ یَا كَنْزَ الْفُقَرَاءِ یَا عَوْنَ أَهْلِ الْبَلَاءِ یَا أَكْرَمَ مَنْ عَفَی یَا مُنْقِذَ الْغَرْقَی یَا مُنْجِيَ الْهَلْكَی

ص: 139

یَا كَاشِفَ الْبَلْوَی یَا مُحْسِنُ یَا مُجْمِلُ یَا مُنْعِمُ یَا مُفْضِلُ أَنْتَ الَّذِی سَجَدَ لَكَ سَوَادُ اللَّیْلِ وَ نُورُ النَّهَارِ وَ ضَوْءُ الْقَمَرِ وَ شُعَاعُ الشَّمْسِ وَ دَوِيُّ الْمَاءِ وَ حَفِیفُ الشَّجَرِ یَا اللَّهُ یَا اللَّهُ یَا اللَّهُ لَا شَرِیكَ لَكَ وَ لَا وَزِیرَ وَ لَا عَضُدَ وَ لَا نَصِیرَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تُعْطِیَنِي مِنْ كُلِّ خَیْرٍ سَئَلَكَ مِنْهُ سَائِلٌ وَ أَنْ تُجِیرَنِی مِنْ كُلِّ سُوءٍ اسْتَجَارَ بِكَ مِنْهُ مُسْتَجِیرٌ إِنَّكَ عَلَی كُلِّ شَيْءٍ قَدِیرٌ وَ ذَلِكَ عَلَیْكَ سَهْلٌ یَسِیرٌ».

صلاة الشفع

ثمَّ تقوم إلى ركعتي الشَّفع.

«المتهجّد» يقرأ في كُلِّ منهمَا «الحمد» مرَّةً و «التّوحيد» ثلاثاً وروى أنَّ النَّبِيِّ صلّي الله علیه و آله كَان يُصِلِّي الثلاث بِتسْع سور في الأولى : «التكاثر»

ص: 140

و «القدر» و«إذا زلزلت» وفي الثَّانية : و «العصر» و«الفتح» وفي الثَّالِثة : «الكَافرُون» و«تبَّت» و«التوحيد» ثمَّ تدعو بَعْد الشَّفع:

«إِلَهِة تَعَرَّضَ لَكَ فِی هَذَا اللَّیْلِ الْمُتَعَرِّضُونَ وَ قَصَدَكَ فِیهِ الْقَاصِدُونَ وَ أَمَّلَ فَضْلَكَ وَ مَعْرُوفَكَ الطَّالِبُونَ وَ لَكَ فِی هَذَا اللَّیْلِ نَفَحَاتٌ وَ جَوَائِزُ وَ عَطَایَا وَ مَوَاهِبُ تَمُنُّ بِهَا عَلَی مَنْ تَشَاءُ مِنْ عِبَادِكَ وَ تَمْنَعُهَا مَنْ لَمْ تَسْبِقْ لَهُ الْعِنَایَةُ مِنْكَ وَ هَا أَنَا ذَا عَبْدُكَ الْفَقِیرُ إِلَیْكَ الْمُؤَمِّلُ فَضْلَكَ وَ مَعْرُوفَكَ فَإِنْ كُنْتَ یَا مَوْلَايَ تَفَضَّلْتَ فِي هَذِهِ اللَّیْلَةِ عَلَی أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَعُدْتَ عَلَیْهِ بِعَائِدَةٍ مِنْ عَطْفِكَ فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ الْخَیِّرِینَ الْفَاضِلِینَ وَ جُدْ عَلَيَّ بِطَوْلِكَ

ص: 141

وَ مَعْرُوفِكَ وَ كَرَمِكَ یَا رَبَّ الْعَالَمِینَ وَ صَلِّ اللَّهُمَّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الطَّیِّبِینَ الْخَیِّرِینَ الْفَاضِلِینَ الَّذِینَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِیراً إِنَّكَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ کَمَا أَمَرْتَنِی فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ وَ اسْتَجِبْ لِي کَمَا وَعَدْتَنِي إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِیعادَ» .

صلاة الوتر

ثمَّ تقوم إلى مفردة الوتر، ويجُوز الفصل بينها وبين رَكعتي الشَّفع بقضاءِ حَاجَةِ أو اشتغَال بأمر آخر كَما هُوَ كذالِكَ فِي كلّ ركعتين مِنْهَا وإنْ كَان الأفضل أن لا يبرح من مصلّاه حَتَّی يأتي بالوتر، ويتوجّه بمَا تقدَّم من التكبيرَات ويقرأ كما في المتهجّد ومختصَرَهِ الحمد والتوحيد ثلاث مرَّات والمعوذتين، ثمَّ يرفع يديه بالدُّعَاء بمَا أحبّ، والأدعية في ذلك

ص: 142

لَا تحصى غير إنا نذكر جملة مقنعة إنْ شَاءَ الله، وليس في ذلك شيء مؤقت لَا يجوز خلافه، ويستحبّ أن يبكي الإنسان في القنوت مِنْ خشيَة الله والخوف مِنْ عقابه أو يتبَاکی ولَا يجوز البكَاء لشيءٍ من مَصَائب الدُّنيا ويستحبّ أن يدعو بهذا الدُّعَاء وهو:

«ا إلَهَ إلَّا اللهُ الْحَلِیمُ الْکَرِیمُ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ الْعَلِيُّ الْعَظِیمُ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْأرَضِ السَّبْعِ وَمَا بَیْنَهُنَّ وَ مَا فَوْقَهُنَّ، رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

یَا اَللَّهُ اَلَّذِی لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَيْءٌ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَافِنِي مِنْ شَرِّ کُلِّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ شَیْطَانٍ مَرِیدٍ وَ مِنْ شَرِّ شَیَاطِینِ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ وَ مِنْ شَرِّ فَسَقَهِ اَلْعَرَبِ

ص: 143

وَ اَلْعَجَمِ وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ دَابَّهٍ صَغِیرَةٍ أَوْ کَبِیرَةٍ بِلَیْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ شَدِیدٍ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ ضَعِیفٍ وَ مِنْ شَرِّ اَلصَّوَاعِقِ وَ اَلْبَرَدِ وَ مِنْ شَرِّ اَلْهَامَّةِ وَ اَلْعَامَّةِ وَ اَللاَّمَّةِ وَ اَلْخَاصَّةِ.

اَللَّهُمَّ مَنْ کَانَ أَمْسَی وَ أَصْبَحَ وَ لَهُ ثِقَهٌ أَوْ رَجَاءٌ غَیْرُكَ فَإِنِّي أَصْبَحْتُ وَ أَمْسَیْتُ وَ أَنْتَ ثِقَتِي وَ رَجَائِي فِی اَلْأُمُورِ کُلِّهَا فَاقْضِ لِي خَیْرَ کُلِّ عَافِیَةٍ یَا أَکْرَمَ مَنْ سُئِلَ وَ یَا أَجْوَدَ مَنْ أَعْطَی وَ یَا أَرْحَمَ مَنِ اُسْتُرْحِمَ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْحَمْ ضَعْفِي وَ قِلَّهَ حِیلَتِي وَ امْنُنْ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ وَ فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَ عَافِنِي فِي نَفْسِي وَ فِي جَمِیعِ أُمُورِي کُلِّهَا بِرَحْمَتِكَ یَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِینَ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ تَرى وَلا تُرى وَأَنْتَ بِالمَنْظَرِ

ص: 144

الأَعْلى وَإِنَّ إِلَيْكَ الرُّجْعى وَالمُنْتَهى وَإِنَّ لَكَ المَماتَ وَالمَحْيا وَالآخِرَةَ وَالأوّلى اللّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى.

اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِیمَنْ هَدَیْتَ وَ عَافِنِي فِیمَنْ عَافَیْتَ وَ تَوَلَّنِي فِیمَنْ تَوَلَّیْتَ وَ نَجِّنِي مِنَ النَّارِ فِیمَنْ نَجَّیْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَ لَا یُقْضَی عَلَیْكَ وَ تُجِیرُ وَ لَا یُجَارُ عَلَیْكَ وَ تَسْتَغْنِي وَ یُفْتَقَرُ إِلَیْكَ وَ الْمَصِیرُ وَ الْمَعَادُ إِلَیْكَ وَ یَعِزُّ مَنْ وَالَیْتَ وَ لَا یَعِزُّ مَنْ عَادَیْتَ وَ لَا یَذِلُّ مَنْ وَالَیْتَ تَبَارَكْتَ وَ تَعَالَیْتَ آمَنْتُ بِكَ وَ تَوَكَّلْتُ عَلَیْكَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَ مِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ وَ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَ تَتَابُعِ الْفَنَاءِ وَ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِی النَّفْسِ

ص: 145

وَ الْأَهْلِ وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ وَ الْأَحِبَّاءِ وَ الْإِخْوَانِ وَ الْأَوْلِیَاءِ وَ عِنْدَ مُعَایَنَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ عِنْدَ مَوَاقِفِ الْخِزْیِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ التَّائِبِ الطَّالِبِ الرَّاغِبِ إِلَی اللَّهِ» .

وتقول ثلاثاً: «أأَسْتَجِیرُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ».

ثمَّ ترفع يديك وتمدّهما وتقول:

«وَجَّهْتُ وَجْهِیَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ عَلَی مِلَّةِ إِبْرَاهِیمَ وَ دِینِ مُحَمَّدٍ وَ مِنْهَاجِ عَلِيٍّ حَنِیفاً مُسْلِماً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِینَ إِنَّ صَلاتيِ وَ نُسُكِي وَ مَحْیَايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ لا شَرِیكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ صَلِّ عَلَی مَلَائِكَتِكَ

ص: 146

الْمُقَرَّبِینَ وَ أُولِی الْعَزْمِ مِنَ الْمُرْسَلِینَ وَ الْأَنْبِیَاءِ الْمُنْتَجَبِینَ وَ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِینَ أَوَّلِهِمْ وَ آخِرِهِمْ اللَّهُمَّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ جَمِیعَ الْمُشْرِكِینَ وَ مَنْ ضَارَعَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِینَ فَإِنَّهُمْ یَتَقَلَّبُونَ فِي نِعْمَتِكَ وَ یَجْعَلُونَ الْحَمْدَ لِغَیْرِكَ فَتَعَالَیْتَ عَمَّا یَقُولُونَ وَ عَمَّا یَصِفُونَ عُلُوّاً كَبِیراً اللَّهُمَّ الْعَنِ الرُّؤَسَاءَ وَ الْقَادَةَ وَ الْأَتْبَاعَ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ الَّذِینَ صَدُّوا عَنْ سَبِیلِكَ اللَّهُمَّ أَنْزِلْ بِهِمْ بَأْسَكَ وَ نَقِمَتَكَ فَإِنَّهُمْ كَذَبُوا عَلَی رَسُولِكَ وَ بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ وَ أَفْسَدُوا وَ حَرَّفُوا كِتَابَكَ وَ غَیَّرُوا سُنَّةَ نَبِیِّكَ اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ وَ أَتْبَاعَهُمْ وَ أَوْلِیَاءَهُمْ وَ أَعْوَانَهُمْ وَ مُحِبِّیهِمْ وَ احْشُرْهُمْ وَ أَتْبَاعَهُمْ إِلَی جَهَنَّمَ زُرْقاً (1) اللَّهُمَّ

ص: 147


1- أي عبأ

صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَ عَلَی أَئِمَّةِ الْهُدَی الرَّاشِدِینَ الْمَهْدِّيِينَ».

ثُمَّ يدعوُ لاخوانه ويستحبّ أنْ يذكر أربعين فَمَا زَاد فإنَّ من فعل ذلِكَ استجيبت دعوته إن شاء الله . وتدعو بما أحببت .

ثمَّ يستغفر الله سبعين مرَّة وروى بأنَّه يقول: «أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ».

ويقول سبع مرَّات :

«أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَیُّومُ لِجَمِیعِ ظُلْمِي وَ جُرْمِي وَ إِسْرَافِي عَلَی نَفْسِي وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ».

ثمَّ يقول:

ص: 148

«رَبِّ أَسَأْتُ وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَ بِئْسَ مَا صَنَعْتُ وَ هَذِهِ یَدَايَ یَا رَبِ مَمْدُودَةٌ (1) جَزاءً بِما كَسَبَتْ وَ هَذِهِ رَقَبَتِي خَاضِعَةً لِمَا أَتَیْتَ وَ هَا أَنَا ذَا بَیْنَ یَدَیْكَ فَخُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسِيَ الرِّضَا حَتَّی تَرْضَی لَكَ الْعُتْبَی لَا أَعُودُ».

و وإذا قلت بعد ذلك قبل الرّكوع مَا ذكره ابن البَاقي في أدعية مَا بَعد الرّكوع كان حَسَناً وهو:

«إِلَهِي كَيْفَ أَصْدُرُ عَنْ بَابِكَ بِخَيْبَةٍ مِنْكَ وَ قَدْ قَصَدْتُهُ عَلَى ثِقَةٍ بِكَ إِلَهِي كَيْفَ تُؤْيِسُنِي مِنْ عَطَائِكَ وَ قَدْ أَمَرْتَنِي بِدُعَائِكَ صَلِّ عَلَى

ص: 149


1- ممدودة ليست في النسخة الصحيحة من مصباح المتهجّد وكذا في مفتاح الفلاح طبعة مِصْر سنة (1324) ه_

عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْحَمْنِي إِذَا اشْتَدَّ الْأَنِینُ وَ حُظِرَ عَنِّي الْعَمَلُ وَ أَنْقَطَعَ مِنِّي الْأَمَلُ وَ أُفْضِیتُ إِلَی الْمَنُونِ وَ بَكَتْ عَلَيَّ الْعُیُونُ وَ وَدَّعَنِي الْأَهْلُ وَ الْأَحْبَابُ وَ حُثِيَ عَلَيَّ التُّرَابُ وَ نُسِژَ اسْمِي وَ بَلِيَ جِسْمِي وَ انْطَمَسَ ذِكْرِي وَ هُجِرَ قَبْرِي فَلَمْ یَزُرْنِي زَائِرٌ وَ لَمْ یَذْكُرْنِي ذَاكِرٌ وَ ظَهَرَتْ مِنِّي الْمَآثِمُ وَ اسْتَوْلَتْ عَلَيَّ الْمَظَالِمُ وَ طَالَتْ شِكَایَةُ الْخُصُومِ وَ اتَّصَلَتْ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَرْضِ خُصُومِی عَنِّي بِفَضْلِكَ وَ إِحْسَانِكَ وَ جُدْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ وَ رِضْوَانِكَ إِلَهِي ذَهَبَتْ أَیَّامُ لَذَّاتِي وَ بَقِیَتْ مَآثِمِي وَ تَبِعَاتِي وَ قَدْ أَتَیْتُكَ مُنِیباً تَائِباً فَلَا تَرُدَّنِي مَحْرُوماً خَائِباً اللَّهُمَّ آمِنْ رَوْعَتِي وَ اغْفِرْ زَلَّتِي وَ تُبْ عَلَيَ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ».

ص: 150

ثمَّ يقول: «العفو العفو» ثلاثمائة مرَّة ويقول:

«رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ ارْحَمْنِي وَ تُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».

ثمَّ يركع ويقول بَعد رفعه رأسه :

«هَذَا مَقَامُ مَنْ حَسَنَاتُهُ نِعْمَةٌ مِنْكَ وَ سَیِّئَاتُهُ بِعَمَلِهِ وَ ذَنْبُهُ عَظِیمٌ وَ شُکْرُهُ قَلِیلٌ وَ لَیْسَ لِذَلِكَ إِلَّا دَفْعُكَ وَ رَحْمَتُكَ إِلَهِي طُمُوحُ الْآمَالِ قَدْ خَابَتْ إِلَّا لَدَیْكَ وَ مَعَاکِفُ الْهِمَمِ قَدْ تَعَطَّلَتْ إِلَّا إِلَیْكَ وَ مَذَاهِبُ الْعُقُولِ قَدْ سَمَتْ إِلَّا إِلَیْكَ فَأَنْتَ الرَّجَاءُ وَ إِلَیْكَ الْمُلْتَجَأُ یَا أَکْرَمَ مَقْصُودٍ وَ یَا أَجْوَدَ مَسْؤُولٍ هَرَبْتُ إِلَیْكَ بِنَفْسِژ یَا مَلْجَأَ الْهَارِبِینَ بِأَثْقَالِ الذُّنُوبِ أَحْمِلُهَا عَلَی ظَهْرِي وَ لَا أَجِدُ لِي

ص: 151

إِلَیْکَ شَافِعاً سِوَی مَعْرِفَتِي بِأَنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ لَجَأَ إِلَیْهِ الْمُضْطَرُّونَ وَ أَمَّلَ مَا لَدَیْهِ الرَّاغِبُونَ یَا مَنْ فَتَقَ الْعُقُولَ بِمَعْرِفَتِهِ وَ أَطْلَقَ الْأَلْسُنَ بِحَمْدِهِ وَ جَعَلَ مَا امْتَنَّ بِهِ عَلَی عِبَادِهِ - خَلَقْتَهُ - کِفَاءً لِتَأْدِیَهِ حَقِّهِ صَلِّ اللَّهُمَّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لَا تَجْعَلْ لِلْهُمُومِ عَلَی عَقْلِي سَبِیلًا وَ لَا لِلْبَاطِلِ عَلَی عَمَلِي دَلِیلًا اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِی مُحْکَمِ کِتَابِكَ الْمُنَزَلِ عَلَی نَبِیِّكَ الْمُرْسَلِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ «کانُوا قَلِیلًا مِنَ اللَّیْلِ ما یَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ» طَالَ هُجُوعِي وَ قَلَّ قِیَامِي وَ هَذَا السَّحَرُ وَ أَنَا أَسْتَغْفِرُكَ لِذُنُوبِي اسْتِغْفَارَ مَنْ لَا یَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعاً وَ لَا ضَرّاً وَ لَا مَوْتاً وَ لَا نُشُوراً» .

ص: 152

ويستحبّ أن يزَاد هذا الدُّعَاء في الوتر .

أقول: وهو من المطوِّلة الجليلة المبجّلة المشتملة على المضامين العالية في أوله وآخره وفي أواسطه ندبة ودعاء لحضرة صاحب الأمر روحي وأرواح العالمين له الفداء وهي من أحسن ما دعي لربه ويستفاد بها جملة من المطالب في أمره وأمر أصحابه صلوات الله عليه وعلى آبائه والدُّعاء من قنوت الحسن العسكري صلوات الله عليه وعلى خلفه المروية بسند معتبر ورواه المتهجّد هنا بزیادة ما في المهج وقد أمر الإمام عليه السّلام أهل «قم» بالقنوت به لما شكوا من موسی بن بغي وهو:

«الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْراً لِنَعْمَائِهِ وَ اسْتِدْعَاءً لِمَزِيدِهِ وَ إِسْتِجْلاَباً لِرِزْقِهِ وَ إسْتِخْلاَصاً لَهُ وَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَ عِيَاذاً بِهِ مِنْ كُفْرَانِهِ وَ إِلْإلْحَادِ فِي

ص: 153

عَظَمَتِهِ وَ كِبْرِيَائِهِ حَمْدَ مَنْ عَلِمَ أَنَّ مَا بِهِ مِنْ ننِعْمَةٍ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ وَ مَا مَسَّهُ مِنْ عُقُوبَةٍ فَبِسُوءِ جِنَايَةِ يَدِهِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَ رَسُولِهِ وَ خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَ ذَرِيعَةِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى رَحْمَتِهِ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ وَ وُلاَةِ أَمْرِهِ اللَّهُمَّ إِنَّكَ نَدَبْتَ إِلَى فَضْلِكَ وَ أَمَرْتَ بِدُعَائِكَ وَ ضَمِنْتَ الْإِجَابَةَ لِعِبَادِكَ وَ لَمْ یَخِبْ مَنْ فَزِعَ إِلَيْكَ بِرَغْبَتِهِ - بِرَغْبَةٍ - وَ قَصَدَ إِلَيْكَ بِحَاجَتِهِ - بِحَاجَةٍ - وَ لَمْ تَرْجِعْ يَدٌ طَالِبَةٌ صِفْراً خَالیَاً مِنْ عَطَائِكَ وَ لاَ خَائِبَةً مِنْ نَحَلِ هِبَاتِكَ وَ أَيُّ رَاحِلٍ رَحَلَ إِلَيْكَ فَلَمْ يَجِدْكَ قَرِيباً أَوْ أَيُّ وَافِدٍ وَفَدَ عَلَيْكَ فَاقْتَطَعَتْهُ عَوَائِقُ الرَّدِّ دُونَكَ بَلْ أَيُّ مُحْتَفِرٍ مِنْ فَضْلِكَ لَمْ يُمْهِهِ فَيْضُ جُودِكَ وَ أَيُّ مُسْتَنْبِطٍ لِمَزِيدِكَ أَكْدَى دُونَ

ص: 154

اسْتِمَاحَةِ سِجَالِ عَطِيَّتِكَ اللَّهُمَّ وَ قَدْ قَصَدْتُ إِلَيْكَ بِرَغْبَتِي وَ قَرَعَتْ بَابَ فَضْلِكَ يَدُ مَسْأَلَتِي وَ نَاجَاكَ بِخُشُوعِ الاِسْتِكَانَةِ قَلْبِي وَ وَجَدْتُكَ خَيْرَ شَفِيعٍ لِي إِلَيْكَ وَ قَدْ عَلِمْتُ اللَّهُمَّ مَا يَحْدُثُ مِنْ طَلِبَتِي قَبْلَ أَنْ يَخْطُرَ بِفِكْرِي أَوْ يَقَعَ فِي خَلَدِي فَصِلِ اللَّهُمَّ دُعَائِي إِيَّاكَ بِإِجَابَتِي وَ اشْفَعْ مَسْأَلَتِي بِنُجْحِ طَلِبَتِي اللَّهُمَّ وَ قَدْ شَمَلَنَا زَيْغُ الْفِتَنِ وَ اسْتَوْلَتْ عَلَيْنَا غَشْوَةُ الْحَيْرَةِ وَ قَارَعَنَا الذُّلُّ وَ الصَّغَارُ وَ حَكَمَ عَلَيْنَا غَيْرُ الْمَأْمُونِينَ فِي دِينِكَ وَ ابْتَزَّ أُمُورَنَا مَعَادِنُ الْأُبَنِ مِمَّنْ عَطَّلَ حُكْمَكَ وَ سَعَى فِي إِتْلاَفِ عِبَادِكَ وَ إِفْسَادِ بِلاَدِكَ اللَّهُمَّ وَ قَدْ عَادَ فَيْئُنَا دُولَةً بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَ إِمَارَتُنَا غَلَبَةً بَعْدَ الْمَشُورَةِ وَ عُدْنَا مِيرَاثاً بَعْدَ الاِخْتِيَارِ لِلْأُمَّةِ فَاشْتُرِيَتِ الْمَلاَهِي

ص: 155

وَ الْمَعَارِفُ بِسَهْمِ الْيَتِيمِ وَ الْأَرْمَلَةِ وَ حَكَمَ فِي أَبْشَارِ الْمُؤْمِنِينَ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَ وَلِيَ الْقِيَامَ بِأُمُورِهِمْ فَاسِقُ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَلاَ ذَائِدٌ يَذُودُهُمْ عَنْ هَلَكَةٍ وَ لاَ رَاعٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ وَ لاَ ذُو شَفَقَةٍ يُشْبِعُ الْكَبِدَ الْحَرَّى مِنْ مَسْغَبَةٍ فَهُمْ أُولُو ضَرَعٍ بِدَارٍ مَضِيعَةٍ وَ أُسَرَاءُ مَسْكَنَةٍ وَ خُلَفَاءُ كَآبَةٍ وَ ذِلَّةٍ اللَّهُمَّ وَ قَدِ اسْتَحْصَدَ زَرْعُ الْبَاطِلِ وَ بَلَغَ نِهَايَتَهُ وَ اسْتَحْكَمَ عَمُودُهُ وَ اسْتَجْمَعَ طَرِيدُهُ وَ خَذْرَفَ وَلِيدُهُ وَ بَسَقَ بِطُولِهِ وَ ضَرَبَ بِجِرَانِهِ اللَّهُمَّ فَأَتِحْ لَهُ مِنَ الْحَقِّ يَداً حَاصِدَةً تَصُرَعُ قَائِمَهُ وَ تَهْشُمُ سُوقَهُ وَ تَجُبُّ سَنَامَهُ وَ تَجْدَعُ مَرَاغِمَهُ لِيَسْتَخْفِيَ الْبَاطِلُ بِقُبْحِ صُورَتِهِ وَ يَظْهَرَ الْحَقُّ بِحُسْنِ حِلْيَتِهِ اللَّهُمَّ لاَ تَدَعْ لِلْجَوْرِ دُعَامَةً إِلاَّ قَصَمْتَهَا وَ لاَ جُنَّةً إِلاَّ

ص: 156

هَتَكْتَهَا وَ لاَ كَلِمَةً مُجْتَمِعَةً إِلاَّ فَرَّقْتَهَا وَ لاَ سَرِيَّةَ ثِقْلٍ إِلاَّ خَفَّفْتَهَا وَ لاَ قَائِمَةَ عُلُوٍّ إِلاَّ حَطَطْتَهَا وَ لاَ رَافِعَةَ عَلَمٍ إِلاَّ نَكَّسْتَهَا وَ لاَ خَضْرَاءَ إِلاَّ أَبَرْتَهَا اللَّهُمَّ فَكَوِّرْ شَمْسَهُ وَ حُطَّ نُورَهُ وَ اطْمِسْ ذِكْرَهُ وَ أُمَّ بِالْحَقِّ رَأْسَهُ وَ فُضَّ جُيُوشَهُ وَ ارْعَبْ قُلُوبَ أَهْلِهِ اللَّهُمَّ وَ لاَ تَدَعْ مِنْهُ بَقِيَّةً إِلاَّ أَفْنَيْتَ وَ لاَ بِنْيَةً إِلاَّ سَوَّيْتَ وَ لاَ حَلْقَةً إِلاَّ قَصَمْتَ وَ لاَ سِلاَحاً إِلاَّ أَكْلَلْتَ وَ لاَ حَدّاً إِلاَّ أفَلَلْتَ وَ لاَ كُرَاعاً إِلاَّ اجْتَحْتَ وَ لاَ حَامِلَةَ عِلْمٍ إِلاَّ نَكَّسْتَ اللَّهُمَّ وَ أَرِنَا أَنْصَارَهُ عَبَادِيدَ بَعْدَ الْأُلْفَةِ وَ شَتَّى بَعْدَ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَ مُقْنِعِي الرُّؤُوسِ بَعْدَ الظُّهُورِ عَلَى الْأُمَّةِ اللَّهُمَّ وَ أَسْفِرْ لَنَا عَنْ نَهَارِ الْعَدْلِ وَ أَرِنَاهُ سَرْمَداً لاَ لَیْلَ فِيهِ وَ نُوراً لاَ ثَوْبَ مَعَهُ وَ اهْطِلْ عَلَيْنَا

ص: 157

نَاشِئَتَهُ وَ أَنْزِلْ عَلَيْنَا بَرَكَتَهُ وَ أَدِلْ لَهُ مِمَّنْ نَاوَاهُ وَ انْصُرْهُ عَلَى مَنْ عَادَاهُ اللَّهُمَّ وَ أَظْهِرِ بِهِ الْحَقَّ وَ أَصْبِحْ بِهِ فِي غَسَقِ الظُّلَمِ وَ بُهَمِ الْحَيْرَةِ اللَّهُمَّ وَ أَحْيِ بِهِ الْقُلُوبَ الْمَيِّتَةَ وَ اجْمَعْ بِهِ الْأَهْوَاءَ الْمُتَفَرِّقَةَ وَ الْآرَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ وَ أَقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ وَ الْأَحْكَامَ الْمُهْمَلَةَ وَ أَشْبِعْ بِهِ الْخِمَاصَ السَّاغِبَةَ وَ أَرِحْ بِهِ الْأَبْدَانَ الْمُتْعَبَةَ - اللاَّغِبَةَ -اللَّهُمَّ وَ كَمَا أَلْهَجْتَنَا بِذِكْرِهِ وَ أَخْطَرْتَ بِبَالِنَا دُعَاكَ لَهُ وَ وَفَّقْتَنَا لِلدُّعَاءِ لَهُ وَ حِيَاشَةِ أَهْلِ الْغَفْلَةِ عَلَیْهِ وَ أَسْكَنَتْ فِي قُلُوبِنَا مَحَبَّتَهُ وَ الطَّمَعَ فِيهِ وَ حُسْنَ الظَّنِّ بِكَ لِإِقَامَةِ مَرَاسِمِهِ اللَّهُمَّ فَآتِ لَنَا مِنْهُ عَلَى أَحْسَنِ يَقِينٍنَا يَا مُحَقِّقَ الظُّنُونِ الْحَسَنَةِ وَ يَا مُصَدِّقَ الْآمَالِ الْمُبْطِنَةِ اللَّهُمَّ وَ أَكْذِبْ بِهِ الْمُتَأَلِّينَ عَلَيْكَ فِيهِ

ص: 158

وَ أخْلُفْ ظُنُونَ الْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَتِكَ وَ الْآيِسِينَ مِنْهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا سَبَباً مِنْ أَسْبَابِهِ وَ عَلَماً مِنْ أَعْلاَمِهِ وَ مَعْقِلاً مِنْ مَعَاقِلِهِ وَ نَضِّرْ وُجُوهَنَا بِتَحْلِيَتِهِ وَ أَكْرِمْنَا بِنُصْرَتِهِ وَ اجْعَلْ فِينَا خَيْراً یُطْهِرُنَا وَ لاَ تُشْمِتْ بِنَا حَاسِدِي النِّعَمِ وَ الْمُتَرَبِّصِينَ بِنَا حُلُولَ النِّقَمِ - النَّدَمِ - وَ نُزُولَ الْمُثَلِ فِي دَارِ النِّقَمِ فَقَدْ تَرَى يَا رَبِّ بَرَائَةَ سَاحَتِنَا وَ خُلُوَّ ذَرْعِنَا مِنَ الْإِضْمَارِ لَهُمْ عَلَى إِحْنَةٍ وَ التَّمَنِّي لَهُمْ وُقُوعَ جَائِحَةٍ وَ مَا یَتَنَاوَلَ مِنْ تَحْصِينِهِمْ بِالْعَافِيَةِ وَ مَا أَضْبَئُوا لَنَا مِنِ انْتِهَازِ الْفُرْصَةِ وَ طَلَبِ الْوُثُوبِ بِنَا عِنْدَ الْغَفْلَةِ اللَّهُمَّ وَ قَدْ عَرَّفْتَنَا مِنْ أَنْفُسِنَا وَ بَصَّرْتَنَا مِنْ عُيُوبِنَا خِلاَلاً نَخْشَى أَنْ تَقْعُدَ بِنَا عَنِ اسْتِیهَالِ - إسْتِمْدَادِ - إِجَابَتِكَ وَ أَنْتَ

ص: 159

الْمُتَفَضِّلُ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَ الْمُبْتَدِیءُ بِالْإِحْسَانِ عَلَی غَيْرَ السَّائِلِينَ فَأْتِ لَنَا مِنْهُ -فَأْتِنَا مِنْ أَمْرِنَا - عَلَى حَسَبِ كَرَمِكَ وَ جُودِكَ وَ فَضْلِكَ وَ امْتِنَانِكَ إِنَّكَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ وَ تَحْكُمُ مَا تُرِيدُ إِنَّا إِلَيْكَ رَاغِبُونَ وَ مِنْ جَمِيعِ ذُنُوبِنَا تَائِبُونَ اللَّهُمَّ وَ الدَّاعِي إِلَيْكَ وَ الْقَائِمُ بِالْقِسْطِ مِنْ عِبَادِكَ الْفَقِيرُ إِلَى رَحْمَتِكَ الْمُحْتَاجُ إِلَى مَعُونَتِكَ عَلَى طَاعَتِكَ إِذْ ابْتَدَأْتَهُ بِنِعْمَتِكَ وَ أَلْبَسْتَهُ أَثْوَابَ كَرَامَتِكَ وَ أَلْقَيْتَ عَلَيْهِ مَحَبَّةَ طَاعَتِكَ وَ ثَبَّتَ وَطْأَتَهُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ مَحَبَّتِكَ وَ وَفَّقْتَهُ أَغْمَضَ فِيهِ أَهْلُ زَمَانِهِ مِنْ أَمْرِكَ وَ جَعَلْتَهُ مَفْزَعاً لِمَظْلُومِي عِبَادِكَ وَ نَاصِراً لِمَنْ لاَ يَجِدُ نَاصِراً غَيْرَكَ وَ مُجَدِّداً لِمَا عُطِّلَ مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِكَ وَ مُشَيِّداً

ص: 160

لِمَا رُدَّ - وَرَدَ - مِنْ أَعْلاَمِ سُنَنِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ صَلَوَاتُكَ وَ سَلاَمُكَ وَ رَحْمَتُكَ وَ بَرَكَاتُكَ فَاجْعَلْهُ اللَّهُمَّ فِي حِصَانَةٍ مِنْ بَأْسِ الْمُعْتَدِينَ وَ أَشْرِقْ بِهِ الْقُلُوبَ الْمُخْتَلِفَةَ مِنْ بُغَاةِ الدِّينِ وَ بَلِّغُهُ أَفْضَلَ مَا بَلَّغْتَ بِهِ الْقَائِمِينَ بِقِسْطِكَ مِنْ أَتْبَاعِ النَّبِيِّينَ اللَّهُمَّ وَ أَذْلِلْ بِهِ مَنْ لَمْ تُسْهِمْ لَهُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَحَبَّتِكَ وَ مَنْ نَصَبَ لَهُ الْعَدَاوَةَ وَ ارْمِ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ مَنْ أَرَادَ التَّأْلِيبَ عَلَى دِينِكَ بِإِذْلاَلِهِ وَ تَشْتِيتِ جَمْعِهِ وَ اغْضَبْ لِمَنْ لاَ تِرَةَ لَهُ وَ لاَ طَائِلَةَ عَادَى الْأَقْرَبِينَ وَ الْأَبْعَدِينَ فِيكَ مَنّاً مِنْكَ عَلَيْهِ لاَ مَنّاً مِنْهُ عَلَيْكَ اللَّهُمَّ فَكَمَا نَصَبَ نَفْسَهُ فِيكَ غَرَضاً لِلْأَبْعَدِينَ وَ جَادَ بِبَذْلِ مُهْجَتِهِ لَكَ فِي الذَّبِّ عَنْ حَرِيمِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَدَّ شَرَّ بُغَاةِ الْمُرْتَدِّينَ

ص: 161

الْمُرِيبِينَ حَتَّى أُخْفِىَ مَا كَانَ جُهِرَ بِهِ مِنَ الْمَعَاصِي وَ أُبْدِيَ مَا كَانَ نَبَذَهُ الْعُلَمَاءُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ مِمَّا أُخَذْتَ مِيثَاقَهُمْ عَلَى أَنْ يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ وَ لاَ يَكْتُمُوهُ وَ دَعَا إِلَى إالإِقْرَارِ (1) لَكَ بِالطَّاعَةِ وَ أَنْ لَا يَجْعَلَ لَكَ شَرِيكاً مِنْ خَلْقِكَ يَعْلُو أَمْرُهُ عَلَى أَمْرِكَ مَعَ مَا يَتَجَرَّعُهُ فِيكَ مِنْ مَرَارَاتِ غَيْظِ الْجَارِحَةِ بِحَوَاشِي الْقُلُوبِ وَ مَا يَعْتَوِرُهُ مِنَ الْغُمُومِ وَ يَفْزَعُ (2) عَلَيْهِ مِنْ أَحْدَاثِ الْخُطُوبِ وَ يَشْرَقُ بِهِ مِنَ الْغُصَصِ الَّتِي لاَ تَبْتَلِعُهَا الْحُلُوقُ وَ لاَ تَحْتَوي عَلَيْهَا الضُّلُوعُ عِنْدَ نَظَرَةٍ إِلَى أَمْرٍ مِنْ أَمْرِكَ وَ لاَ تَنَالُهُ يَدُهُ بِتَغْيِيرِهِ وَرَدِّهِ إِلَى مَحَبَّتِكَ فَاشْدُدِ اللَّهُمَّ أَزْرَهُ

ص: 162


1- إلَى إِفْرَاډكَ
2- وَيَفْرُغُ

بِنَصْرِكَ وَ أَطِلْ بَاعَهُ فِيمَا قَصُرَ عَنْهُ مِنِ اطِّرَادِ الرَّاتِعِينَ فِي جِمَاكَ وَزِدْهُ فِي قُوَّتِهِ بَسْطَةً مِنْ تَأْيِيدِكَ وَ لاَ تُوحِشْنَا مِنْ أُنْسِهِ وَ لاَ تَخْتَرِمْهُ دُونَ أَمَلِهِ مِنَ الصَّلاَحِ الْفَاشِي فِي أَهْلِ مِلَّتِهِ وَ الْعَدْلِ الظَّاهِرِ فِي أُمَّتِهِ اللَّهُمَّ وَ شَرِّفْ بِمَا اسْتَقْبَلَ بِهِ مِنَ الْقِيَامِ بِأَمْرِكَ لَدَى مَوْقِفِ الْحِسَابِ مُقَامَهُ وَ سُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِرُؤْيَتِهِ وَ مَنْ تَبِعَهُ عَلَى دَعْوَتِهِ وَ أَجْزِلْ لَهُ عَلَى مَا رَأَيْتَهُ قَائِماً مِنْ أَمْرِكَ ثَوَابَهُ وَ ابْنِ قُرْبَ دُنُوِّهِ مِنْكَ فِي حَيَاتِهِ (1) وَ ارْحَمِ إسْتِكَانَتَنَا مِنْ بَعْدِهِ وَ اسْتِخْذَائَنَا لِمَنْ كُنَّا نَقْمَعُهُ بِهِ إِذَا فَقَدْتَنَا وَجْهَهُ وَ بَسَطْتَ أَيْدِيَ مَنْ كُنَّا نَبْسُطُ أَيْدِيَنَا عَلَيْهِ لِنَرُدَّهُ عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَ افْتَرَقْنَا

ص: 163


1- حِمَاكَ

بَعْدَ الْأُلْفَةِ وَ الاِجْتِمَاعِ تَحْتَ ظِلِّ كَنَفِهِ وَ تَلَهَّفْنَا عِنْدَ الْفَوْتِ عَلَى مَا أَقْعَدْتَنَا عَنْهُ مِنْ نُصْرَتِهِ وَ طَلَبْنَا مِنَ الْقِيَامِ بِحَقِّ مَا لاَ سَبِيلَ لَنَا إِلَى رَجْعَتِهِ وَ اجْعَلْهُ اللَّهُمَّ فِي أَمْنٍ مِمَّا نُشْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَرُدَّ عَنْهُ مِنْ سِهَامِ الْمَكَايِدِ مَا يُوَجِّهُهُ أَهْلُ الشَّنَئَانِ إِلَيْهِ وَ إِلَى شُرَكَائِهِ فِي أَمْرِهِ وَ مُعَاوِنِيهِ عَلَى طَاعَةِ رَبَّهِ الَّذِينَ جَعَلْتَهُمْ سِلاَحَهُ وَ حِصْنَهُ وَ مَفْزَعَهُ وَ أُنْسَهُ الَّذِينَ سَلَوْا عَنِ الْأَهْلِ وَ الْأَوْلاَدِ وَ جَفَوُا الْوَطَنَ وَ عَطَّلُوا الْوَثِيرَ مِنَ الْمِهَادِ وَ رَفَضُوا تِجَارَاتِهِمْ وَ أَضَرُّوا بِمَعَايِشِهِمْ وَ فُقِدُوا فِي أَنْدِيَتِهِمْ بِغَيْرِ غَيْبَةٍ عَنْ مِصْرِهِمْ وَ حَالَفُوا الْبَعِيدَ مِمَّنْ عَاضَدَهُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ وَ قَلَوُا الْقَرِيبَ مِمَّنْ صَدَّ عَنْ وِجْهَتِهِمْ فَائْتَلَفُوا بَعْدَ التَّدَابُرِ وَ التَّقَاطُعِ فِي دَهْرِهِمْ

ص: 164

وَ قَطَعُوا الْأَسْبَابَ الْمُتَّصِلَةَ بِعَاجِلِ حُطَامِ الدُّنْيَا فَاجْعَلْهُمُ اللَّهُمَّ فِي أَمْنِ حِرْزِكَ وَ ظِلِّ كَنَفِكَ وَرُدَّ عَنْهُمْ بَأْسَ مَنْ قَصَدَ إِلَيْهِمْ بِالْعَدَاوَةِ مِنْ عِبَادِكَ وَ أَجْزِلْ لَهُمْ عَلَى دَعْوَتِهِمْ مِنْ كِفَايَتِكَ وَ مَعُونَتِكَ وَ أَیِّدْهُمْ بِتَأْيِيدِكَ وَ نَصْرِكَ وَ أَزْهِقْ بِحَقِّهِمْ بَاطِلَ مَنْ أَرَادَ إِطْفَاءَ نُورِكَ اللَّهُمَّ وَ امْلَأْ بِهِمْ كُلَّ أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ وَ قُطْرٍ مِنَ الْأَقْطَارِ وَ عَدْلاً وَ مَرْحَمَةً وَ فَضْلاً وَ اشْكُرْهُمْ عَلَى حَسَبِ كَرَمِكَ وَجُودِكَ وَ مَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَى الْقَائِمِينَ بِالْقِسْطِ مِنْ عِبَادِكَ وَ ادَّخَرْتَ لَهُمْ مِنْ ثَوَابِكَ مَا تَرْفَعُ لَهُمْ بِهِ الدَّرَجَاتِ إِنَّكَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ وَ تَحْكُمُ مَا تُرِيدُ.

إلى هنا ما ذكره السيِّد بن طاووس رحمه الله في «المهج»، وزاد الشَّيخ (قده) في «المُصباح»

ص: 165

ومختصَره حين ذكره في أدعية قنوت الوتر قوله :

«صَلَّی اللهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الأطْهَارِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَجِدُ هَذِهِ النُّدْبَةَ قَدِ امْتَحَتْ دَلاَلَتُهَا وَ دَرَسَتْ أَعْلاَمُهَا وَ عَفَتْ إِلاَّ ذِكْرَهَا وَ تِلاَوَةَ الْحُجَّةِ بِهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَجِدُ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ مُشْتَبِهَاتٍ (1) تَقْطَعُنِي دُونَكَ وَ مُبْطِئَاتٍ تُقْعِدُنِي عَنْ إِجَابَتِكَ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدَكَ لاَ يَرْحَلُ إِلَيْكَ إِلاَّ بِزَادٍ وَ أَنَّكَ لاَ تَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ إِلاَّ أَنْ تَحْجُبَهُمُ الْآمَالُ دُونَكَ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ زَادَ الرَّاحِلِ إِلَيْكَ عَزْمُ إِرَادَةٍ يَخْتَارُكَ بِهَا وَ يَصِيرُ بِهَا إِلَى مَا يُؤَدِّي إِلَيْكَ اللَّهُمَّ وَ قَدْ نَادَاكَ بِعَزْمِ الْإِرَادَةِ قَلْبِي وَ اسْتَبْقَى نِعْمَتَكَ بِفَهْمِ

ص: 166


1- مُشْبِهَاتٍ

حُجَّتِكَ لِسَانِي وَ مَا تَيَسَّرَ لِي مِنْ إِرَادَتِكَ اللَّهُمَّ فَلاَ أُخْتَزَلَنَّ عَنْكَ وَ أَنَا أَؤُمُّكَ وَ لاَ أُخْتَلَجَنَّ دُونَكَ وَ أَنَا أَتَحَرَّاكَ اللَّهُمَّ وَ أَيِّدْنَا بِمَا تُسْتَخْرَجُ بِهِ فَاقَةُ الدُّنْيَا مِنْ قُلُوبِنَا وَ تُنْعِشُنَا مِنْ مَصَارِعِ هَوَانِهَا وَ تَهْدِمُ بِهِ عَنَّا مَا شُيِّدَ مِنْ بُنْيَانِهَا وَ تَسْقِينَا بِكَأْسِ السَّلْوَةِ عَنْهَا حَتَّى تُخَلِّصَنَا لِعِبَادَتِك وَ تُورِثَنَا مِيرَاثَ أَوْلِيَائِكَ الَّذِينَ ضَرَبْتَ لَهُمُ الْمَنَازِلَ إِلَى قَصْدِكَ وَ آنَسْتَ وَحْشَتَهُمْ حَتَّى وَصَلُوا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ وَ إِنْ كَانَ هَوًى مِنْ هَوَى الدُّنْيَا أَوْ فِتْنَةٌ مِنْ فِتْنَتِهَا عَلِقَ بِقُلُوبِنَا حَتَّى قَطَعَنَا عَنْكَ أَوْ حَجَبَنَا عَنْ رِضْوَانِكَ أَوْ قَعَدَ بِنَا عَنْ إِجَابَتِكَ اللَّهُمَّ فَاقْطَعْ كُلَّ حَبْلٍ مِنْ حِبَالِهَا جَذَبَنَا عَنْ طَاعَتِكَ وَ أَعْرَضَ بِقُلُوبِنَا عَنْ أَدَاءِ فَرَائِضِكَ

ص: 167

وَ اسْقِنَا عَنْ ذَلِكَ سَلْوَةً وَ صَبْراً يُورِدُنا عَلَى عَفْوِكَ وَ يُقْدِمُنَا (1) عَلَى مَرْضَاتِكَ إِنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ اللَّهُمَّ وَ اجْعَلْنَا قَائِمِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بِأَحْكَامِكَ حَتَّى تُسْقِطَ عَنَّا مُؤَنَ الْمَعَاصِي وَ اقْمَعِ الْأَهْوَاءَ أَنْ تَكُونَ مُسَاوَرَةً لَنَا وَهَبْ لَنَا وَطْیءَ آثَارِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اللُّحُوقَ بِهِمْ حَتَّى يترْفَعَ لِلدِّينُ أَعْلاَمَهُ ابْتِغَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي عِنْدَكَ اللَّهُمَّ فَمُنَّ عَلَيْنَا بِوَطْیءِ آثَارِ سَلَفِنَا وَ اجْعَلْنَا خَيْرَ فَرَطٍ لِمَنِ ائْتَمَّ بِنَا فَإِنَّكَ عَلَى کُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَ ذَلِكَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَ آلِهِ الْأَبْرَارِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.

ص: 168


1- يُقْدمنا

فإذا سَلَّمَ سبَّحَ تسبيح الزَّهرَاءِ سلَامُ الله عليها ثمَّ يقول ثلاث مرَّات :

«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا بَرُّ يَا رَحِيمُ يَا غَنِيُّ يَا كَرِيمُ ارْزُقْنِي مِنَ التِّجَارَةِ أَعْظَمَهَا فَضْلاً وَ أَوْسَعَهَا رِزْقاً وَ خَيْرَهَا لِي عَاقِبَةً فَإِنَّهُ لاَ خَيْرَ فِيمَا لاَ عَاقِبَةَ لَهُ».

ثمَّ يقول ثلاث مرَّاتٍ :

«الْحَمْدُ لِرَبِّ الصَّبَاحِ الْحَمْدُ لِفَالِقِ الْإِصْبَاحِ الْحَمْدُ لِنَاشِرِ الأَرْوَاحِ».

ثمَّ يدعو بدعَاءِ الحَزِين عَن زين العَابدین عليه الصَّلَاة والسَّلَامُ: «أُنَاجِيكَ يَا مَوْجُودُ».

الدُّعَاءِ وهو مشهُور ثمَّ تسجد وتقول :

ص: 169

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ ارْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ وَ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ وَ وَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ وَ أُنْسِي بِكَ وَ إِلَيْكَ يَا كَرِيمُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ كَرْبِ الْمَوْتِ وَ مِنْ سُوءِ الْمَرْجِعِ فِي الْقَبْرِ وَ مِنَ النَّدَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَسْأَلُكَ عِيشَةً هَنِيئَةً وَ مِيتَةً سَوِيَّةً وَ مُنْقَلَباً كَرِيماً غَيْرَ مُخْزٍ وَ لاَ فَاضِحٍ اللَّهُمَّ مَغْفِرَتُكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي وَ رَحْمَتُكَ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ عَمَلِي فَاغْفِرْ لِي يَا حَيّاً لاَ يَمُوتُ».

ثمَّ ارْفَع صَوتك مِنْ غَيْرِ إجْهَارٍ وقل:

«لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ حَقّاً حَقّاً سَجَدْتُ لَكَ تَعَبُّداً وَ رِقّاً يَا کَرِيمُ يَا کَرِيمُ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي وَ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَ جُرْمِي وَ تَقَبَّلْ عَمَلِي يَا كَرِيمُ يَا کَرِيمُ أَعُوذُ بِكَ أَنْ

ص: 170

أَخِيبَ أَوْ أنْ أَحْمِلَ ظُلْماً اللَّهُمَّ مَا قَصُرَتْ عَنْهُ مَسْأَلَتِي وَ عَجَزَتْ عَنْهُ قُوَّتِي وَ لَمْ تَبْلُغْهُ فِطْنَتِي مِنْ أَمْرٍ تَعْلَمُ بِهِ صَلاَحَ أَمْرِ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي فَافْعَلْهُ بِي يَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ بِحَقِّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ بِرَحْمَتِكَ فِي خَیْرِ وَ عَافِيَةٍ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ إِنْ أَطَعْتُكَ وَ لَكَ الْحُجَّةُ إِنْ عَصَيْتُكَ لاَ صُنْعَ لِي وَ لاَ لِأحَدٍ غَيْرِي فِي إِحْسَانٍ مِنْكَ فِي حَالِ الْحَسَنَةِ يَا كَرِيمُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ صِلْ بِجَمِيعِ مَا سَأَلْتُكَ مِنْ مَشَارِقِ الدُّنْیَا وَ مَغَارِبِهَا الَّتِي بَارَکْتَ فِیهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ إبْدَءْ بِهِمْ وَ ثَنِّ بِي بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ».

ثمَّ ارفع رأسكَ وَادْعُ بالدُّعَاءِ الَّذِي في تعقيب الرّكعة العِشرين مِن نوافل شهر رمضَان،

ص: 171

ثمَّ تشتغل بتعقيبات صلاة اللَّيل وهِيَ أيضاً كثيرة، وأعلاها شأناً وأرجحها میزاناً دُعاء زین العابدین صلواتُ اللِه وسَلَامه عليه من الصحيفة السَّجّادية وهو مشهُور ولَا أظن أنَّ من قرأه كما هو حقّه يحتاج في هذا المقام إلى غيره وقد ذكر المجلسي بسند طويل عن علي بن الحسين علیه السّلام أنَّه كان يدعو بعد صلاة الليل هذا الدُّعاء وهو:

«إِلَهِي وَ سَیِّدِي هَدَأَتِ الْعُیُونُ وَ غَارَتِ النُّجُومُ وَ سَكَنَتِ الْحَرَكَاتُ مِنَ الطَّیْرِ فِي الْوُكُورِ وَ الْحِیتَانِ فِي الْبُحُورِ وَ أَنْتَ الْعَدْلُ الَّذِي لَا یَجُورُ وَ الْقِسْطُ الَّذِي لَا یَمِیلُ وَ الدَّائِمُ الَّذِي لَا یَزُولُ أَغْلَقَتِ الْمُلُوكُ أَبْوَابَهَا وَ دَارَتْ عَلَیْهَا حُرَّاسُهَا وَ بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِمَنْ دَعَاكَ یَا سَیِّدِي وَ خَلَا كُلُّ حَبِیبٍ بِحَبِیبِهِ وَ أَنْتَ الْمَحْبُوبُ إِلَیَّ

ص: 172

إِلَهِي إِنْ كُنْتُ عَصَیْتُكَ فِي أَشْیَاءَ أَمَرْتَنِي بِهَا وَ أَشْیَاءَ نَهَیْتَنِي عَنْهَا فَقَدْ أَطَعْتُكَ فِی أَحَبِّ الْأَشْیَاءِ إِلَیْكَ آمَنْتُ بِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِیكَ لَكَ مَنُّكَ عَلَيَّ لَا مَنِّي عَلَیْكَ إِلَهِي عَصَیْتُكَ فِي أَشْیَاءَ أَمَرْتَنِة بِهَا وَ أَشْیَاءَ نَهَیْتَنِي عَنْهَا لَا حَدَّ مُكَابَرَةٍ وَ لَا مُعَانَدَةٍ وَ لَا اسْتِكْبَارٍ وَ لَا جُحُودٍ لِرُبُوبِیَّتِكَ وَ لَكِنِ اسْتَفَزَّنِي الشَّیْطَانُ بَعْدَ الْحُجَّةِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ الْبَیَانِ لَا عُذْرَ لِی فَأَعْتَذِرَ فَإِنْ عَذَّبْتَنِي فَبِذُنُوبِي وَ بِمَا أَنَا أَهْلُهُ وَ إِنْ غَفَرْتَ لِی فَبِرَحْمَتِكَ وَ بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ أَنْتَ أَهْلُ التَّقْوی وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وَ أَنَا مِنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ وَ الْخَطَایَا فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَعِینَ».

ص: 173

ولكن يستحبّ أن يقرأ بعد صلاة اللَّيل، والظَّاهر أنَّها الإحدى عشر وقيل الثَّمان، وقيل الإحدى عشر مَع ركعتي الفجر «القدر» ثلاثا ويصلِّي عَلَى النَّبِيِّ وآله ثلاثاً ويقول في آخرها كَذلِكَ : «اللهُ رَبّي».

ويقول ثلاثاً:

«يَا رَبَّاهُ يَا رَبَّاهُ يَا رَبَّاهُ» .

ثمَّ يقول :

«مُحَمَّدٌ بَيْنَ يَدَيَّ وَ عَلِيٌّ وَرَائِي وَ فَاطِمَةُ فَوْقَ رَأْسِي وَ الْحَسَنُ عَنْ يَمِينِي وَ اَلْحُسَيْنُ عَنْ شِمَالِي وَ اَلْأَئِمَّةُ بَعْدَهُمْ» .

يذكرهم واحداً واحداً. ثمَّ يقول:

«يَا رَبِّ مَا خَلَقْتَ خَلْقاً خَيْراً مِنْهُمْ إجْعَلْ صَلواَتِي بِهِمْ مَقْبُولَةً وَ دُعَائِي بِهِمْ مُسْتَجَاباً

ص: 174

وَ حَاجَاتِي بِهِمْ مَقْضِيَّةً وَ ذُنُوبِي بِهِمْ مَغْفُورَةً وَ رِزْقِي بِهِمْ مَبْسُوطاً».

ثمَّ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ وتسأل حاجتك .

وقت صلاة اللیل

المقصد الثَّاني:

في تتمّات مهمّات تتعلّق بصَلاة اللَّيل وهي أمور :

الأَوّل: إنَّه اختلف في وقتها لإختلاف الأخبَار فيهَا، ولكنَّ المشهُور روَاية وفتوى أنَّه من نصف اللَّيل إلى الفَجر الأوَّل، وقيل الثَّاني، وقيل مِن الثُّلث الأخير إلى الفجر، وهُوَ أعني السَّدس الخَامِس من اللَّيل ساَعَة الاسْتجابة كما وَرَد فِي جُملَة من الأخبار حَىَّ قال المجلسي (ره) قَد دَلَّت أخبار كثيرة عَلى أنَّ النَّبِيِّ صلّي الله علیه و آله والأئمة عليهم السّلام يشرعون فيها بعد نصف اللَّيل بلا فصل كثير ويؤكّدهَا كثير من الرِّوايات الدَّالة على

ص: 175

فضيلة ذلِكَ الوقت وإنَّها سَاعة الاستجابة ثمَّ ذكر كيفيَّة صلَاة اللَّيل الَّتي كان يصليها أربعاً ويذهب إلى بيته فينام ثمَّ يقوم فيصلِّي أربعاً ثمَّ يرجع فينام ثمَّ يقوم قریب الفجر فيوتر، ثمَّ نقل المجلسي (ره) عن الفَاضلين الإجماع على أنَّ وقتها من نصف اللَّيل وأنَّه كُلَّما قرب من الفجر كان أفضل، ثمَّ قال المجلسي (ره) : إثباتهما من الأخبار مشکل لاختلانهما والمشهور بین الأصحاب جواز تقديمها على النصف المسافر والشاب، ونقل عن «زرارة» المنع من تقديمها على الانتصاف، واختاره ابن إدريس والعلَّامة في المختلف، وقد دلَّت الأخبار الكثيرة على جواز التقديم مطلقاً ولولا دعوى الإجماع لكان القول به وحمل أخبار التأخير على الفضل قوياً ، وأمَّا كون القضاء أفضل من التقديم مطلقاً فهو المشهور بين الأصحاب.

ص: 176

أقول: وهو الأشهر الأكثر بحسب الرّوايات ، وناهيك بما في جملته منها من أنَّ الله يباهي بالعبد ملائكته يقضي صلاة اللَّيل بالنَّهار ويقول سبحانه: عبدي يقضي مَا لم افترضه عليه اشهدوا إنّي قد غفرت له» بل في بعض الأخبار منع شديد عن التقديم.

عن ابن طاووس في تتمّات المِصْبّاح : إنَّ صلَاة اللَّيل لا تكون إلَّا بعد النصف إلَّا لذوي والأعذار ولم يرخص في الوتر أوَّل اللَّيل «ولئن تنام وأنت تقول أقوم وأوتر خير من أن تقول قد فرغت» روي ذلك عنهم ومثل ذلك كثير في الأخبار، فما ذكرهُ الفاضل المجلسي رحمه الله محل نظر بل منع.

ويُقابل القول بجواز فعلها في اللَّيل مُطلقاً القول بجواز تأخيرها عن الفجر الأوَّل بل

ص: 177

والثَّاني، الذّكرى عن زرارة : «أنَّ رجلاً سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن الوتر أوَّل اللَّيل فلم يجبه فلمَّا كان بين الصبحين خَرَجَ أمير المؤمنين عليه السّلام إلى المسجد فنادى أين السَّائل عن الوتر؟ نعم ساعات الوتر هذه، ثمَّ قام فأوتر» ولكن حمله على القضاء مُتعين وإن كان بعيداً من ظاهر الخبر نعم يُستفاد منه بناء على ذلك جواز قضاء النوافل بعد الفجر كما صرَّحت به أخبار، وآخر عن العياشي عن مفضل ابن عمر قال قلت لأبي عبد الله عليه الصَّلوة وَالسَّلَام جعلت فداك تفوتني صَلاة اللَّيل فأصلّي الفجر فلي أن أصلي بعدها ما فاته من الصَّلاة وأنا في صلاة قبل طلوعِ الشَّمس قال عليه السّلام نعم ولكن لَا تعلم به أهلك فيتخذونه سنّة فيبطل قول الله عزَّ وجلَّ : «وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ» .

ص: 178

وجواز إتمامها مخففة لمن تلبس بأربع منها ثمَّ طلع عليه الفجر مشهور في كتب الأصحابُ وعندي أنَّه يتمها ولو غير مخففة إن لم تزاحم وقت فضيلة فريضة الصُّبح فافهم.

مکان صلاة اللیل

الثَّاني : في مكانها وببَالي أنّي رأيت في بعض الأخبار ما حاصله أنَّ الفريضة تُصَلِّي في المسجد والنافلة في البيت ولم يحضرني في متن الرَّواية ساعتي هذه (1) ولكن ظنِّي أنَّها تدلّ

ص: 179


1- الظَّاهر أنَّ شيخنا الأستاذ قدَّس سِره بشبر في كلامه هذا إلى بعض الرَّوايات التي ذكرها المحدِّث الحر العاملي (رحمه الله) في وسائل الشيعة باب استحباب صلاة النوافل في المنزل واتخاذ بيت في الدَّارِ للصَّلاة راجع الوسائل ج3، ص554 باب 49 من الطبعة الجديدة. قال الشيخ المامقاني (ره) في مناهج المتقین: تختصُّ النوافل باحكام وقال : ومنها أنَّ إتيانها في البيت أفضل من إتيانها في المسجد إلا ما يختصُّ به (من تعليقة) القاضي الطباطبائي

على استحبابِ النوافل في البيت ولعَلَّ السِّر فيه التحرز عن تطرق الرياء فإنَّه في فعل النوافل أقربُ تطرقاً منه إلى الفرائض، ومن المعلوم أنَّه على تقدير وصحّة الرِّواية وإفادتها لَا يُزاحمُ شرف فضيلة المساجد المعظّمة وما بحكمها بل ما هو أشرف منها من المشاهد المقدَّسة المكرّمة خصوصاً في المشهدين المقدَّسين مشهد علي علیه السّلام وولده الحُسين علیه السّلام الَّتي تتضاعف بها الأعمال وتنجحُ بهَا الآمال وتنفتح عندها أبواب السَّماء الإجابة الدعاء إلى غير ذلك مِمَّا يقصر عن شرح أقلَّه بياني ربناني ويحصر عن ذكره لساني ولو أنَّ الملا الأعلى أعضادي والثقلان أعواني، نعم هذا مع المحافظة على روح العبادة وقلبها وهو الإخلاص فلو أنَّ الصَّلاة تكون فيها - والعياذ بالله - مظنَّة لأدنى مراتب الرياء لزم التحرّز

ص: 180

عنها بأشدِّ ما يكون ولو توقف النجاة من ذلك على الأماكن الَّتي تكون الصَّلاة بها في أشدّ مراتب الكراهة، وإلَّا فكما أنَّ الحَسَنَاتْ تتضَاعف في تِلك الأماكن المقدَّسة فَإنَّ الذُّنوب تتضاعف بأكثر منها، لاندارجه تحت عناوین كثيرة كُلّ منها كبيرة موبقة كإيذاءِ أولياءِ الله ودُخُول بيُوتهم بغير إذنهم وهتك حرماتهم وإيذاء الملائكة الحافّين بهم المراقبين على أعمال الزَّائِرين لهم إلى غير ذلك من الأحوال الَّتي لَا تنَال بالقيل والقَال وَلَا تدرك بالبحث والجدال بل يطّلع عليها المجاهد بسُلوكه في سبيل الله الداخل في حزب أولياء الله جعَلنا الله بمُحَمَّدٍ صلّي الله علیه و آله وعترته الأطهار علیهم السّلام منهم أنَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، وَعَلى كُلِّ حَالٍ فمن أهمّ مَا يحب المحافظة عليه خلوصها من الدَّائين المهلكين والآفتين الموبقتين، العُجبُ، الرَّيَاءِ ، فإنَّ الأوَّل

ص: 181

إدلال ومنَّة على الله، والثَّاني كفر وشرك بالله ، نعتصم بك اللَّهُمَّ منهما ومن الشَّيْطَان الرَّجِيم إنَّكَ أَنْتَ العَاصم المانع البرّ الرَّحِيم.

الثَّالث: في أعمال خاصة تعمل في صلاة اللَّيل لمطالب مهمّةٍ كتوسعة الرِّزق وشفاء السَّقم ودفع كيد العدو ونحو ذلك .

لطلب الأولاد

«مجمع البيان» روی علي بن مهزیار بسندِهِ قال سَئل رجل أبا جعفر علیه السّلام وأنا عنده فقال جعلت فداك إنِّي كثير المال ليس يولد لي ولد فهل من حيلة قال نعم استغفر ربِّكَ سنة في آخر اللَّيل مائة مرَّة فإنَّ ضيعت باللَّيل فاقضه بالنَّهار فإنَّ الله تعَالى يقول: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ» الحديث، أقول ويستفاد منه تأثير الاستغفار في سعة المال أيضاً وببالي أنَّ بعض الأخبار تتضمّن ذلك.

ص: 182

«جنَّة الأمان» عن الصَّادق عليه السّلام من قال في وتره: «أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ» سبعين مرَّة وهو قائم وواظب على ذلك حَتَّى يمضي له سنة كتب عنده مِنَ المستغفرين بالأسحار ووجبت له الجنَّة». «الهداية»: «من قرأ في الركعتين الأوَّليّين من صلاة اللَّيل في كلِّ ركعة بالحمد وثلاثين مرَّة بالتوحيد انفتل وليس بينه وبين الله ذنبٌ إلَّا غفره له».

«دعوات الرَّاوندي» عن عثمان بن علي قال : «شکی رجل إلى أبي الحسن الأول علیه السّلام فقال إن َّلي زحيراً (1) ألَا يسكن فقال علیه السّلام : إذا فرغت من صلاة اللَّيل فقل :

ص: 183


1- هو استطلاق البطن بشدّة وتقطيع في البطن يمشي دماً

«اللَّهُمَّ مَا عَمِلْتُ مِنْ خَیْرٍ فَهُوَ مِنْكَ لَا حَمْدَ لِي فِیهِ وَ مَا عَمِلْتُ مِنْ سُوءٍ فَقَدْ حَذَّرْتَنِیهِ فَلَا عُذْرَ لِي فِیهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَتَّكِلَ عَلَی مَا لأَحْمَدَ لِي فِیهِ وَ أَمَنَ مَا لَا عُذْرَ لِي فِیهِ».

«عدة الدَّاعي» عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله علیه السّلام قال : «منْ قدم أربعين مؤمناً ثمَّ دعا استجيب له» ويتأكّد بعد الفراغ من صلاة اللَّيل يقول وهو ساجٌد:

«اللَّهُمَّ رَبَّ الْفَجْرِ وَ اللَّیَالِي الْعَشْرِ وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ وَ اللَّیْلِ إِذا یَسْرِ وَ رَبَّ کُلِّ شَيْءٍ وَ إِلَهَ کُلِّ شَيْ ءٍ وَ مَلِیكَ کُلِّ شَيْءٍ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ افْعَلْ بِي وَ بِفُلَانٍ وَ فُلَانٍ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَ لَا تَفْعَلْ بِنَا مَا نَحْنُ أَهْلُهُ یَا أَهْلَ التَّقْوَی وَ أَهْلَ الْمَغْفِرَةِ».

ص: 184

أقول: وقد ذكر في المتهجد استحباب ذکر الأربعين في قنوت الوتر كما تقدَّم وفي سجُود الركعتين إمام صلاة اللَّيل.

الدعاء علی العدوّ

«المتهجّد» ومن كان له عدوّ يؤذيه فليقل في السجدة الثَّانية من الركعتين الأوليین :

«اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ شَهَرَ بِي وَ نَوَّهَ بِي وَ عَرَّضَنِي لِلْمَكَارِهِ اللَّهُمَّ فَاصْرِفْهُ عَنِّي بِسُقْمٍ عَاجِلٍ یُشغِلُهُ عَنِّي اللَّهُمَّ قَرِّبْ أَجَلَهُ وَ اقْطَعْ أَثَرَهُ وَ عَجِّلْ ذَلِكَ يَا رَبِّ السَّاعَةَ السَّاعَةَ».

وذكره في الكافي برواية عن الصَّادق علیه السّلام.

طلب العافیة

المتهجّد، و «دعوات الرَّواندي» عنه علیه السّلام : «من طلب العافية فليقل في السجدة الثَّانية من الركعتين الأوليين من صلاة اللَّيل :

ص: 185

«یَا عَلِيُّ یَا عَظِیمُ یَا رَحْمَنُ یَا رَحِیمُ یَا سَامِعَ اَلدَّعَوَاتِ یَا مُعْطِيَ اَلْخَیْرَاتِ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَعْطِنِي مِنْ خَیْرِ اَلدُّنْیَا وَ اَلْآخِرَهِ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَ أَذْهِبْ عَنِّي هَذَا اَلْوَجَعَ» وتُسمِّيه بعينه: «فَإِنَّهُ غَاظَنِي وَ أَحْزَنَنِي». ويلحُّ في الدُّعاءِ فإنَّهُ يعجِّل الله لَهُ بالعَافية إن شاء الله.

لسعةالرزق

ويقول في السجدة الثانية من الركعة الثامنة لِسَعَة الرزق كما في المتهجّد:

«یَا خَیْرَ مَدْعُوٍّ یَا أَوْسَعَ مَنْ أَعْطَی یَا خَیْرَ مُرْتَجًی أُرْزُقْنِي وَ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ وَ سَبِّبْ لِي رِزْقاً وَاسِعاً مِنْ فَضْلِكَ إِنَّكَ عَلَی كُلِّ شَيْءٍ قَدِیرٌ».

وإن أراد أن يدعو على عدوٌّ له فليقل فيها:

ص: 186

«یَا عَلِيُّ یَا عَظِیمُ یَا رَحْمَنُ یَا رَحِیمُ أَسْأَلُكَ مِنْ خَیْرِ الدُّنْیَا وَ مِنْ خَیْرِ أَهْلِهَا وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الدُّنْیَا وَ مِنْ شَرِّ أَهْلِهَا اللَّهُمَّ أَقْرِضْ أَجَلَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَ ابْتُرْ عُمُرَهُ وَ عَجِّلْ بِهِ».

وألحّ في الدُّعاء فإنَّ الله يكفيك أمره إن شاء الله تعالی.

الرَّابعُ: «المتهجّد» وغيره: روی عن الصَّادقين علیهم السّلام : «أنَّ من غفل عن صلاة اللَّيل فليصَلِّ عشر ركعات بعشر سور ويقرأ في الأولى : «الّم تنزیل».

وفي الثَّانية : «الحمد» و «یس» .

وفي الثالثة : «الدخان» .

وفي الرابعة : «اقْتَرَبَتْ».

ص: 187

والخامِسَة : «الواقعة».

والسَّادسة: «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ».

والسَّابعَة: «الْمُرْسَلَات».

والثَّامنة : «عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ».

والتاسعة: «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ».

والعاشرة: «الفجر».

قَال علیه السّلام من صَليَهَا هذِهِ الصّفة لم يغفل عنهَا إن شَاء الله تعَالى .

صلاة اللیل لیلة الجمعة

الخامس: في كيفية صلاة اللَّيل في خصوص ليلة الجمعة.

«المتهجّد» ومختصره: روي عن أبي عبد الله علیه السّلام أنَّه قال : «إذا أرَدَتَ صلاة اللَّيل ليلة الجمعة فاقرأ:

في الركعة الأولى : «الْحَمْد» و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» .

ص: 188

وفي الثَّانية : «الْحَمْد» و «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ» .

وفي الثَّالثة : «الْحَمْد» و«الم السجدة».

وفي الرَّابعة : «الْحَمْد» و «يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ».

وفي الخامِسَة : «الْحَمْد» و «حم السجدة» .

وفي السَّادِسَة : «الْحَمْد» و «سورة المُلْكُ».

وفي السَّابعة : «الْحَمْد» و«يس».

وفي الثَّامنة : «الْحَمْد» و «الواقعة» .

و ثمَّ توتر بالمعوذتين والإخلاص ويستحبّ أن يزاد في دعَاءِ الوتر ليلة الجُمعة هذَا الدُّعَاءَ :

«اللَّهُمَّ هَذَا مَكَانُ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ مَكَانُ الْمُسْتَغِيثِ الْمُسْتَجِيرِ مَكَانُ الْهَالِكِ الْغَرِيقِ مَكَانُ الْوَجِلِ الْمُشْفِقِ مَكَانُ مَنْ يُقِرُّ بِخَطِيئَتِهِ وَ يَعْتَرِفُ بِذُنُوبِهِ وَ يَتُوبُ إِلَي رَبِّهِ .

اللَّهُمَّ قَدْ تَرَی مَكَانِي وَ لاَ يَخْفَی عَلَيْكَ

ص: 189

شَيْءٌ مِنْ أَمْرِي يَا ذَا الْجَلاَلِ وَ الْإِكْرَامِ أَسْأَلُكَ إنَّكَ تَلِي التَّدْبِيرَ وَ تُمْضِي الْمَقَادِيرَ سُؤَالَ مَنْ أَسَاءَ وَ اقْتَرَفَ وَ اسْتَكَانَ وَ اعْتَرَفَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَغْفِرَ لِي مَا مَضَی فِي عِلْمِكَ مِنْ ذُنُوبِي وَ شَهِدَتْ بِهِ حَفَظَتُكَ وَ حَفِظَتْهُ مَلاَئِكَتُكَ وَ لَمْ يَغِبْ عَنْهُ عِلْمُكَ قَدْ أَحْسَنْتَ فِيهِ الْبَلاَءَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَ أَنْ تُجَاوِزَ عَنْ سَيِّئَاتِي فِي أَصْحابِ اَلْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنْ قَدِ اشْتَدَّتْ فَاقَتُهُ وَ ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ سُؤَالَ مَنْ لاَ يَجِدُ لِفَاقَتِهِ مَسَدّاً وَ لاَ لِضَعْفِهِ مُقَوِّياً سِوَاکَ غَيْرَكَ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَ الْإِكْرَامِ.

ص: 190

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ بِالْيَقِينِ قَلْبِي وَ اقْبِضْ عَلَي الصِّدْقِ إِلَيْكَ لِسَانِي وَ اقْطَعْ مِنَ الدُّنْيَا حَوَائِجِي شَوْقاً إِلَي لِقَائِكَ فِي صِدْقِ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ وَ أَسْأَلُكَ خَيْرَ كِتَابٍ سَبَقَ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَ أَسْتَجِيرُ بِكَ أَنْ أَقُولَ لَكَ مَكْرُوهاً أَسْتَحِقُّ بِهِ عُقُوبَةَ الْآخِرَةِ وَ أَسْأَلُكَ عِلْمَ الْخَائِفِينَ وَ إِنَابَةَ الْمُخْبِتِينَ وَ يَقِينَ الْمُتَوَكِّلِينَ وَ تَوَكُّلَ الْمُوقِنِينَ بِكَ وَ خَوْفَ الْعَالِمِينَ وَ إخْبَابَ الْمُنْيبِينَ وَ شُكْرَ الصَّابِرِينَ وَ صَبْرَ الشَّاكِرِينَ وَ اللَّحَاقَ بِالْأَحْيَاءِ الْمَرْزُوقِينَ آمِينَ آمِينَ يَا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ وَ يَا آخِرَ الْآخِرِينَ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ النَّدَمَ

ص: 191

وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الْقِسَمَ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُدِيلُ الْأَعْدَاءَ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجَاءَ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَكْشِفُ الْغِطَاءَ».

وإذا فرغت من صلاة اللَّيل على ما مضى شرحه فصلِّ ركعتي الفجر على ما قدَّمنا ذكره من الأدعية وتزيد بعدهما يوم الجُمعة مرَّةً:

«سُبْحَانَ رَبِّیَ الْعَظِیمِ وَ بِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّی وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ».

فإذا طَلع الفجر فقل زيادة على ما مضى يوم الجمعة:

«أَصْبَحْتُ فِی ذِمَّةِ اللَّهِ وَ ذِمَّةِ مَلَائِکَتِهِ وَ ذِمَمِ أَنْبِیَائِهِ وَ رُسُلِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ ذِمَّةِ مُحَمَّدٍ

ص: 192

صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ ذِمَمِ الْأَوْصِیَاءِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ آمَنْتُ بِسِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ عَلَانِیَتِهِمْ وَ بِظَاهِرِهِمْ وَ بَاطِنِهِمْ وَ بِأَسْرَارِهِمْ وَ أَشْهَدُ أَنَّهُمْ فِی عِلْمِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ کَمُحَمَّدٍ صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ».

القنوت في الصلاة اللیل

السَّادِسُ: لَا يخفى أنَّ القنوت مُستَحبّ في الَّشفع خلافاً لشيخنَا البهائي وصَاحب المدَارك حيث خصّصُوه وبِالوتر نظراً إلى أنَّ الثَّلاث عَمَل واحِد وفيه مَا لَا يخفى وإسْتنَاداً إلى روایات محمُولة على التَّقيَّة .

كما أنَّ الوتر يستحبّ فيه قنوتان قبل الرُّكوع وبعده وإن توقَّف المجلسي (ره) في ذلك والأمر فيه سهل إذ لَا كلام في استحباب الدَّعَاءِ بعد الرَّكوعِ وعنوان القنونية لا أثر له ورفع اليدين مُستحبّ في كلّ دُعَاءٍ.

ص: 193

خاتمة

لا يخفى أنَّ تكرار الشيء الواحد ربما يُوجب سأم النَّفس لأنَّ الطّباع موكلة بمعاداة المعادات ومولعة بالالتذاذ والشوق إلى الحوادث والمجّددات، فلربّما تاقت نفس المتهجّد إلى الثقل من بعض الأدعية إلى بعض والاشتغال بغیر ما ذكرناه في بعض أحواله من قنوتاته وتعقيباته وغير ذلك، وقد عرفت أنَّه ليس في تلك المقامات شيء لازم لا يجوز التعدي عنه أو الانتقال إليه، وكانت أدعية ساداتنا وأئمتنا الأطهار صلوات الله عليهم الّتي جرت مِن ينبُوع القدس والكرامة على جداول ألسِنَتهم المطهَّرة الزَّاكية رياضاً في المحبّة مشحونة وخزائن في معرفة

ص: 194

مملوءة بجواهر الأسرار وينابيع علوم يتدفع سيلها على الأودية والأغوار فتحمل كل منهما بمقدار ما وسع الله من قدره وقدَّر من وُسعه ويقبل من فيضها بحسب ما أصلح من نفسه وما منح الله له من غريزة طبعه، فلذا أحببت أن أورد في هذه الخاتمة نبذة من موجزات تلك الأدعية الصحيحة سنداً الفصِيَحة مَتناً البديعة لفظاً الرَّفيعة معنىً، فرأيت من أنفس نفائسها وأثمر مغارسها الأدعية الَّتي أوردها شيخنا الأعظم شيخ الطائفة الشّيخ الطّوسي - شكر الله سعيد الجميل وضَاعف في الجزاءِ أجره الجزيل - في تعقيبات نوافل شهر رمضان، فإنَّها قد تضمّنت دعوات تبهر العُقول والألباب وتفتح الأبواب بين العبد ورَبّ الأرباب، وأظنها من جمعه وترتيبه وترتيب من يليه من العلماء المُحدّثین کابن أبي فرَّة ونظائره - شكر الله مساعيهم الجميلة -، وعلى كلّ حال

ص: 195

فتلك الأدعية واردة بأسانيد صحيحة عنهم صلّي الله علیه و آله ولكنَّها وردت مطلقة، والعلماء - رضوان الله عليهم - رتّبوها مع النوافل بذلك الترتيب البديع وعلى كل ّتقدير ورودها بهذه الكيفية بطرق لم نطّلع عليها فمن المعلوم أيضاً عدم اختصاصها بذلك الحال، وقد أوردنا على الترتيب الَّذي ذكروه في النوافل صوناً له عن التغيير والتبديل وإنْ كان خارجاً عن وضع الرسالة ولكن ربّما يوفّق الله فينتفع بها أحد في محالَهَا من ليالي ذلك الشَّهر الشَّريف فيترتب على ذلك كل من الأثرين وبالله التَّوفيق.

قال الشيخ (قدّس سرّه) في مختصره (1)...

ص: 196


1- وقد نقل شيخنا رحمه الله الأدعية بتمامها من كتاب «مصباح المتهجّد» إلّا إنّا حذفناها رعاية للاختصار فمن طلبها فليرجع إلى الكتاب المذكور

الفهرس

تعريف الكتاب ... 5

كيفية صلاة الليل ... 11

صلاة الليل

العالم الرباني

السيد عبد الأعلى السبزواري (قده)

تعريف بالمؤلّف ... 15

ثواب صلاة اللّيل ... 17

وقت صلاة اللّيل ... 21

مسائل شرعیة ... 26

آداب صلاة اللّيل ... 28

دعاء الصحیفة السجادیة ... 50

دعاء الرهبة ... 59

دعاء الحزین ... 61

أدعیة الإمام زین العابدین علیه السلام فی جوف الیل ... 65

صحائف الأبرار ووظائف الأسحار

الإمام الأكبر الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء (قده)

تعريف بالمؤلّف .... 89

الحث على صلاة الليل ... 96

الحرمان من صلاة الليل ... 98

الانتباه لصلاة الليل ... 99

آداب النّوم ... 102

لللفزع في الليل ... 105

لدفع الأرق ... 106

لخوف الاحتلام ... 106

للرزق ... 106

للرؤيا المكروهة ... 107

آداب الاستيقاظ ... 109

آداب الوضوء ... 113

ص: 197

آداب دخول المسجد ... 117

أدعية في جوف الليل ... 119

مقدمات صلاة الليل ... 124

آداب صلاة الليل ... 128

صلاة الشفع ... 141

صلاة الوتر ... 143

وقت صلاة الليل ... 176

مکان صلاة الليل ... 180

لطلب الأولاد ... 183

الدعاء على العدوّ ... 186

طلب العافية ... 186

لسعة الرزق ... 187

صلاة الليل ليلة الجمعة ... 189

القنوت في صلاة الليل ... 196

الخاتمة ... 195

الفهرس ... 198

ص: 198

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.