توجیهات ثقافية و أخلاقية للشباب الجامعي

هویة الکتاب

توجیهات ثقافية و أخلاقية للشباب الجامعي

الكاتب: آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي

لسان: العربية

الناشر: دار الصادقين - النجف اشرف - العراق

سنة النشر: 1434 هجري قمري|2013 میلادي

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

توجیهات ثقافية و أخلاقية للشباب الجامعي

ص: 3

ص: 4

الفصل الاول: توجيهات ثقافية وأخلاقية الشباب

ص: 5

ص: 6

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انطلاقاً من الحديث الوارد (من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم) نوجّه إليكم هذه الشكوى الفكرية التي تعصف ببعض أخواننا المؤمنين، حيث نجد بعضهم في الفترة الأخيرة اتّجه إلى الترف الفكري بعد أن قضوا فترة مهمة من حياتهم تحت ظل مرجعية السيد الشهيد قدس سره، وحيث أنه كان الموجه إليهم من منبره المقدّس، ولكن بعد أن غيّبه الثرى انخدع هؤلاء ببعض من لهم باعٌ في الاصطلاحات المنطقية والفلسفية، وأخذ هؤلاء يقرأون لهم الكتب ويسمعون لهم المحاضرات التي لا تمت إلى واقعنا المعاش بصلة، صحيح أننا لا ننكر أن هذه الكتب

ص: 7

والمحاضرات حقّ، لكن لكل مقام مقال، ولكل عصر حديثه، فنحن الآن لا نعيش فتنة الماديين الملحدين ونظرياتهم الباطلة، ولا توجد، ولا يوجد هناك من يشكك بوجود الله نظرياً حتى نردّ عليه، لا بل إن الأعداء هم أنفسهم غير أن الأسلوب اختلف، فكل هؤلاء الآن يحاربوننا لكن بسلاح جديد، من كرة قدم وسينمات وفساد أخلاقي ومهرجانات وقصات شعر و (مودة) ولباس الشهرة.. والكثير الكثير.

وبحسب قول أحد مفكرينا العظام: (إننا يجب أن نتعامل مع الأحياء لا مع الأموات)، لذا نرجو منكم الإجابة على هذه الأسئلة:

1 - ما هي الكتب التي يستطيع الفرد المؤمن أن يعالج واقعه نفسياً واجتماعياً من خلالها؟

2 - إذا وجد هناك أشخاص يلقون مثل هذه المحاضرات، هل يجوز الاستماع إليهم؟

3 - إن العديد من هذه الكتب صعب،

ص: 8

مما يولد للناس بعض الشبهات، فهل يجوز قراءة مثل هذه الكتب بدون ثقافة كافية؟

4 - هل يجوز قراءة الكتب العرفانية المعمقة جداً أيضاً لمثل هذه الطبقات من الناس؟

5 - ما هي نوعية الكتب الأخلاقية التي يستطيع الفرد المؤمن في وقتنا الحاضر الاستفادة منها؟

6 - هناك طبقة من الطلبة الجامعيين أو الشباب من يفسر القرآن برأيه طبقاً لما يسمعه أو يفهمه من محاضرات التفسير أو الكتب، ويشرحون تلك المحاضرات لهؤلاء الأشخاص، مع أنهم لم يطووا مرحلة في التفسير (أي حتى تفسير شبّر)، فما هي النصيحة لهؤلاء الطلبة؟

7 - من باب عدم وجود تيارات المد والجزر للمجتمع على حد تعبير أحد المفكرين، كيف يستطيع الشخص أن ينمي جميع القيم داخله، لكي لا تنمو قيمة واحدة

ص: 9

فتعصف بالمجتمع ويترك باقي القيم؟

نرجو من الله أن يوفقكم لما فيه خدمة الإسلام والمسلمين.

ابنك/ عبد الله الخزاعي

بسمه تعالى:

من الضروري أن يعيش المسلم واقعه ويتفاعل معه، ولا يستنسخ تجارب وأفكار الآخرين، بل يهضمها ويتمثلها ويستفيد منها في مواجهة تحدياته الفعلية، مثلاً كانت في الخمسينات والستينات مشكلة الإلحاد وإنكار وجود الله تبارك وتعالى، فانبرت الأقلام وملأت الصحائف للرد على هذه الموجة وإثبات وجود الله تبارك وتعالى. أما الآن فحتى الماديون الغارقون في الجاهلية يؤمنون بوجود الله، فهل نستمر بنفس الجهاد والجهد السابقين؟ كلا طبعاً، وإنما مسئوليتنا اليوم أن نعمّق الإحساس بوجود الله، وأن نعلم أنفسنا والناس كيف نتعامل مع الله تبارك وتعالى كموجود فعلاً، وليس موجوداً نظرياً ولكنه

ص: 10

غائب عن ساحة التطبيق، وهذا ما يعكسه واقع المسلمين والمؤمنين بالله عموماً، فإنه ليس لله في حياتهم مكان سوى بعض الطقوس الشكلية الخالية من المحتوى.

فالصحيح إذن أن يكون المفكر والمسلم عموماً واعياً لظرفه، مستوعباً لمشاكله بشكل دقيق، منشغلاً في تحضير العلاج المناسب لها، ولا يجترّ معلومات السابقين، بل حتى ولا أفكار المعاصرين ممن يعيشون في ظروف اجتماعية وتحديات فكرية لا نعيشها نحن، وإلا سنكون كمن يغرد خارج السرب - كما يقول المثل - ولا زلتُ أركّز في كتبي الاجتماعية على ما نواجه من تحديات تستحق أن نكرس جهودنا في مواجهتها بكل ما أوتينا من قوة.

بعد هذه المقدمة أحاول الإجابة باختصار عن الأسئلة التفصيلية:

1 - أرشدت في كتبي المختلفة إلى هذه الكتب. (راجع: فقه العائلة، فقه

ص: 11

الجامعات، شكوى القرآن، شكوى المسجد.. وغيرها).

2 - إذا شغلت المستمع عما هو أهم، فتركها أولى، ومع عدم التزاحم كما هو الغالب فلا مانع من الاستماع إليها لأنها أولاً وأخيراً علم نافع في نفسه، ولكن التركيز عليها من دون تلبية الاحتياجات الأخرى نقص.

3 - لا يجوز قراءة الكتب التي تشكك المسلم في عقائده الحقّة، سواء كان بسبب احتوائها على شبهات مضلة، أو معلومات معمقّة لا يحتملها القارئ، ولا يجوز لمؤلفٍ طرح مثل هذه الكتب للعامة، وفي الحديث: (من كسر مؤمناً فعليه جبره).

4 - لا تخرج الكتب العرفانية عما ذكرناه آنفاً، والمخلصون منهم يبثون الحقائق العالية بين ركام من المعلومات العادية، ليلتقطها أهلها المستحقون لها فقط، كما تنثر الجواهر بين الحصى، على أنه يوجد خلط في الفهم بين (العرفان) و (الأخلاق) لا مجال

ص: 12

لبيانه الآن.

5 - الكتب التي أراها مناسبة، ولا أخشى منها على القراء، وصادرة من قلوب مخلصة وصادقة، ولها أثر في التربية، منها: (القلب السليم، مرآة الرشاد، جامع السعادات).

6 - جوابهم الحديث الشريف: (من فسّر القرآن برأيه هلك)، فلا بد من الاستدلال على التفسير، والاهتداء بآية شريفة أو سنة محكمة أو حجة قاطعة.

7 - جوابه بحث طويل في مقومات الشخصية المتوازنة التي تنمو وتتكامل بجميع الاتجاهات، وقد شرحته باختصار في أول فصل من كتاب (وصايا ونصائح إلى الخطباء وطلبة الحوزة العلمية)، وتوجد لفتات متفرقة في (فقه الجامعات) يمكن اقتناؤها.

سدد خطاكم وكثّر أمثالكم من الواعين المخلصين في المجتمع، خصوصاً في أوساط الجامعات.

ص: 13

ص: 14

الفصل الثانى: من مشاكل الشباب ممارسة العادة السرية

اشارة

ص: 15

ص: 16

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)..

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..

هناك بعض المشاكل التي تواجه شبابنا المؤمن ومنها مشكلة (العادة السرية) فاستصرخناكم عسى الله تبارك وتعالى أن يستنقذنا بكم:

س 1: ما المقصود بالاستمناء (العادة السرية) باصطلاح الفقهاء؟ وهل تقتصر على نكاح اليد فقط؟

بسمه تعالى:

نقصد بها عند الرجال إنزال المني بطريقة غير شرعية، والشخص بصير بنفسه فيعلم أن هذه الحالة شرعية وهذه لا. ولا يقتصر الاستمناء على الخضخضة باليد وإن كان يظهر من بعض الفقهاء عدم فهم السعة

ص: 17

هذه، إلاّ أن آية «فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ» (المؤمنون: 7) مع بعض ما يأتي من الكلام يمكن أن يكون دليلاً على التعميم.

ويجب الالتفات إلى أن هذه الآية تحرّم سائر التصرفات الجنسية خارج الإطار الشرعي سواء للرجال أو للنساء، وتوجد روايات عديدة على التحريم جعلت (المستمني) أو (ناكح يده) أو (ناكح نفسه) على اختلاف التعابير أحد سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويدخلون النار مع الداخلين إلا أن يتوبوا.

وأود هنا إلفات النظر إلى شيئين:

1 - إن تسميتها بالعادة السرية فيه غفلة عن الله تعالى الذي لا تخفى عليه مِنْكم خافيَةٌ «إِنَّ اللّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ» (آل عمران: 5) «قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَ يَعْلَمُ ما»

ص: 18

«فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (آل عمران: 29)، وأحب أن أنقل لكم قصة اهتز لها كياني وبكيت عند سماعها، فقد نُقل أن امرأة محتاجة طرقت باب أحد الموسرين ليعينها على دهرها، فأبى إلا أن ينال من شرفها فامتنعت وتركته، ولكنها لم تجد إلى سد رمقها إلا هذا الرجل، فعادت إليه وأصرّ على طلبه، فاستجابت تحت ضغط الحاجة ودخلت معه الدار، فلما أراد أن يقضي حاجته قالت له: هل أغلقت الأبواب؟ قال: نعم، أغلقتها كلّها، قالت: لكن بقيت باب واحدة مفتوحة! قال: وما هي؟ قالت: باب الله سبحانه وتعالى، فأدركت الرجل قشعريرة لم يحس بها من قبل، وترك المرأة بعد أن أعطاها ما تحتاج، وقال لها: ادعي لي دعوة صادقة. فدعت الله تبارك وتعالى أن يُحرّم جسده على النار في الدنيا والآخرة، قال الرجل: قد وجدت إجابة دعائها في الدنيا، فإني أمسك النار بيدي فلا تصنع بي شيئاً،

ص: 19

وإني لأرجو استجابة دعائها في الآخرة. كل ذلك ببركة مراقبة الله في السر لأنه معنا فعلاً حتى في خلوتنا، فلا توجد عادة سرية أمام الله تعالى، بل هي مفتوحة ومكشوفة أمامه تبارك وتعالى، فليُكثر البكاء على نفسه من يفعل المعصية وإن كان يظن أنها (سرّية).

2 - إن الآثار الصحية والنفسية والاجتماعية التي تظهر على من يمارس العادة السرية تفضحه كما سيأتي بيانه.

س 2: شخص له القدرة على الاسترخاء والإنزال وذلك بتشنج الأعصاب وتقلص العضلات لفترة من الزمن، فيحدث الإنزال بشهوة ودفق ماء غليظ من خلال هذه الحالة. فما حكم هذه العملية؟ وما حكم الماء النازل؟ وهل تعتبر هذه الحالة نوع من أنواع العادة السريّة؟

بسمه تعالى:

هي عملية العادة السرّية، لكنها ليست باليد؛ لوضوح أنه قاصد لإنزال المني ومتعمد

ص: 20

للفعل. وإذا أردت أن تعرف حكمها: هل تستحي أن يعرف عنك هذا الفعل أو لا ترى بذلك بأساً؟ فالأول ممنوع والثاني لا. وبتعبير من المعصومين عليهم السلام: (تفعل في السرّ ما تخشى ظهوره في العلانية)، و أعطيك معياراً آخراً مستفاداُ من المعصومين عليهم السلام: إذا أردت أن تعرف حكم هذا الفعل فانظر إذا قسِّمت الأفعال إلى قسمين: حق وباطل، ففي أي قسم يكون هذا الفعل ولا تخادع نفسك؟

س 3: هل يجوز استمناء الزوج بيد زوجته في حالة الجماع؟ وما الفرق بينه وبين الإمناء بدون الزوجة؟

بسمه تعالى:

لا بأس بأن تمارس الزوجة لزوجها عملية الخضخضة أو أي فعل آخر لإنزال المني لجواز كل الاستمتاعات بين الزوجين، والفرق بينها هو الفرق بين الحلال والحرام.

ص: 21

س 4: ما علة تحريم الاستمناء؟

بسمه تعالى:

من حقنا أن نناقش الشريعة، بل نطبق بالرضا والتسليم ما دمنا مسلمين؛ قال تعالى: «فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً» (النساء: 65)، وقال تعالى: «وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً» (الأحزاب: 36).

نعم؛ قد يكون من المستحسن أن نسعى لفهم فلسفة الأحكام الشرعية والحكمة في تشريعها، ولكن يجب التسليم والطاعة أولاً وقبل كل شيء، سواء توصلنا إلى نتيجة مرضية أو لا، وليس العكس بأن تتوقف طاعتنا وتطبيق الحكم الشرعي على قناعتنا الزائفة التي تتغير وتتأثر بالأهواء والنزعات، فهذا من تحكيم عقولنا وأهوائنا وعواطفنا في شريعة

ص: 22

الله الحكيم العليم المحيط بكل شيء، علماً إن هذه من مشاكل بعض من يسمّون أنفسهم مثقفين.

وأضرب لهم مثالاً من القوانين الوضعية؛ فلا يناقش أحد: لماذا إن كانت الإشارة المرورية حمراء فيجب التوقف؟ لا يناقش: لماذا يفرض القانون العقوبة الكذائية على الفعل الفلاني ما دام ابن ذلك البلد وخاضعاً لقوانينه؟ وهكذا الإسلام؛ فما دام انتسب له فلا يناقش في أحكامه وإلاّ فليكن واضحاً وليخرج عن الإسلام (قبّحه الله)، وهذه فكرة مهمة أحببت إيصالها بهذه المناسبة.

وعلى أي حال ففي حدود اطّلاعي توجد أضرار صحيّة عديدة لعملية الاستمناء منها: زوال قوة وشفافية العين مع ذبولها وفقدان لونها الأصلي، عدم مشاهدة الذكاء والإدراك السابق في المبتلين به، ظهور الانقباض في وجوههم، إحاطة عيونهم

ص: 23

بحلقات زرقاء، مشاهدة الضعف والكسل في مختلف أعضائهم، قلة الحافظة، عدم الرغبة في الأكل، عسر الهظم، ضيق التنفس، تغير الأخلاق والمزاج، اختلال العقل، التفكير بالوحدة والانعزال، وقد يؤدي الإفراط فيها إلى الأمراض العقلية كالجنون وأمراض الرئة كالسل الرئوي وأمراض القلب، وقد تؤدي هذه الأعراض إلى الوفاة - راجع كتاب (شباب في مقبرة الجنس) وهو الحلقة الثامنة من سلسلة نحو مجتمع نظيف - وهذه الأعراض المرضية تفضح الممارسين للعادة السرّية مهما حاولوا إنكارها والتكتم عليها، فوا خجلتاه من الناس فضلاً عن الخجل أمام الله تبارك وتعالى المطّلع على السرائر.

س 5: رجل يتسامر مع أصدقائه في مجلس ما وكان مستلقياً بوجهه على الأرض (نوم الشيطان)، وكان المجلس يتكلّم عن قضايا جنسية وأوصاف الجنس اللطيف، وكان الرجل المستلقي يتقلّب على الأرض، وكان

ص: 24

القضيب يتداعب في الأرض، فحدث الإنزال بدفق وشهوة وفتور، فما حكم الماء النازل وما حكم العملية المذكورة؟

بسمه تعالى:

هي من أشكال العادة السرية لانطباق التعريف السابق عليها.

س 6: على فرض بسط وإفشاء الحكم الإسلامي بين الناس فما حكم المستمني؟ وإذا لم يكن الحاكم الشرعي مبسوط اليد فماذا يعمل المستمني مع نفسه بعد التوبة؟

بسمه تعالى:

على المستمني التعزير، بمعنى جلده عدداً من الأسواط يكفي لردعه ويناقش في أسباب لجوئه إلى العادة السرّية، فإن كانت حاجته إلى الزواج زوّجه الحاكم الشرعي من بيت المال، والتوبة الصادقة تكون بالإقلاع عن هذا الفعل وعقد العزم على عدم العودة إليه وتجنب المثيرات الجنسية كأماكن الاختلاط واستماع الأغاني ومشاهدة المسلسلات

ص: 25

والصور الخليعة وغيرها.

س 7: طبيب طلب عيّنة من نطفة المريض وهو غير متزوج لأمراض معينة ضرورية، فهل يجوز أن يستمني الرجل لإجراء الفحوصات الطبيّة؟

بسمه تعالى:

إذا تطلبت الضرورة العلاج بذلك فلا بأس بالفعل بمقدار الضرورة.

س 8: الآية السابقة من سورة المؤمنون «فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ» هل هذه الآية تشمل عملية الإمناء؟ فقد يقال إن هذه الآية جاءت في سياق ذكر الزواج، وهذا يعني أنها تقصد عملية الزنا فما هو رأيكم؟

بسمه تعالى:

الآية شاملة لكل ما وراء العمليات الشرعية أي التي أذن بها الشارع أو رخص فيها، ونزول هذه الآية في مورد معيّن لا يخصصها لذلك المورد ما دامت الآية في

ص: 26

نفسها عامة، وهذا من معاني خلود القرآن ولو قصرنا كل آية على أي مورد معين لانتهى مفعول القرآن بانتهاء مناسبات نزوله وهذا خطأ فادح.

س 9: ماذا تنصحون - سماحة الشيخ المفدّي - الشباب الجانح الذي يرتكب هذه العملية؟

بسمه تعالى:

أنا لا أتفق معك في إساءة وصف هؤلاء الشباب، فإنهم طيبون وقريبون من الإيمان، ولو كانوا سيئين لارتكبوا الفواحش علناً ولتجاهروا بها بدل جعلها سريّة، فنفس شعورهم أن فعلهم هذا خطأ يجب التستر عليه يعتبر خطوة نحو الإصلاح والارتداع عن المنكر.

ولا يقع اللوم كله عليهم، فبعضه يقع على أولياء أمورهم الذين لم يربوهم التربية الصحيحة ويثقفوهم الثقافة الدينية الأخلاقية، وبعض اللوم يقع على وسائل الإفساد وإشاعة

ص: 27

الفاحشة التي تملأ سمعه وبصره وعقله وقلبه ولا يجد مفراً منها، وبعض اللوم يقع على البيئة الفاسدة التي يعيش فيها حيث انتشر المنكر والانحراف والانحلال الخلقي في كل أنحائه بحيث أصبح الكثيرون لا يرون المنكر منكراً لتطبعهم عليه، ويقع بعضه على أصدقاء السوء الذين يزينون المعصية ويحسنونها بعين الشخص حتى يقع معهم في الهاوية فيتلذذون بسقوطه لأن بقائه على الاستقامة والحياة النظيفة يكشف زيفهم ودناءتهم وخستهم.

كل هذه العوامل تجتمع لتؤدي هذه النتائج السيئة، وأي علاج لابدّ أن يتناول جميع الأسباب، وقد قلت في كتاب (شكوى القرآن) إن الطبيب الحاذق هو من يشخص بدقة العلّة الحقيقية وراء الأعراض المرضية التي هي معلولات لها فيزيل العلة من أساسها، وليس من الحكمة أن يعالج الأعراض ويترك العلة الأساسية، فالمؤمن الواعي المخلص الذي يستمد باستمرار العون والتسديد

ص: 28

والعصمة من الله تعالى يقاوم كل هذه العلل ويقف بشموخ في وجهها، حتى قال الحديث الشريف:

(إن إيمان المؤمن أقوى من الجبل؛ لأن الجبل يستقل منه بالمعاول ولا يستقل من إيمان المؤمن شيء)، فهذا هو العلاج الرئيسي: ذكر الله دائماً وخشيته وتذكر عقوبته والحياء منه، وتخيّل أن الموت لو أتاك وأنت تمارس العادة السرّية والموت يأتي فجأة فماذا سيكون حالك وأنت تلقى الله على هذا الحال؟

ومن الحلول المهمة أيضاً تجنّب ما يثير الشهوة الجنسية في كل الاتجاهات من صحف ومجلات وأفلام ومسلسلات وغيرها والاشتغال بمتطلبات الحياة كالكسب ولقاء الأخوة المؤمنين وقراءة الكتب والمجلات الهادفة والاستماع إلى نشرات الأخبار والبرامج المفيدة وممارسة الرياضة النافعة، وقد ناقشت هذا الأمر في محاضرات وكتاب (الحوزة وقضايا الشباب) وقلت أنهم يسمونها

ص: 29

مشكلة جنسية، وهي ليست مشكلة بل رحمة إلهية «وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم: 21)، لكنهم حين عرضوها بصورتها الحيوانية فقط وعملوا على استثارتها بكل وسيلة ثم وضعوا العراقيل أمام الأسباب المشروعة لالتقاء الجنسين أصبحت مشكلة وحوّلوها من نعمة إلى نقمة.

أقول هذا الكلام باختصار راجياً من الله تعالى أن ينفع به الصادقين وأن يوفر لي فرصة أُخرى للحديث بشكل واسع عن هذه المشكلة.

س 10: شخص متزوج شهوته متغلبة عليه، وزوجته ذات شهوة ضعيفة (تتصف بالبرود الجنسي) فبدأ هذا الزوج ممارسة العادة السرّية بين الحين والآخر، فما حكمه؟

بسمه تعالى:

لتمارس له الزوجة العادة السرية بيدها؛

ص: 30

فإنه من الاستمتاعات الجنسية المسموحة، وليس من حق الزوجة أن تمتنع عن أي استمتاع جنسي يريده الزوج منها إلا في حالات الضرر والحرج، وعلى أي حال فإن الزوجة العفيفة تستطيع تصريف شهوة زوجها بما لا يضر بحالها.

س 11: يقول البعض: إن الأضرار النفسية والعضوية للعادة السرية غير ثابتة كما يذكر أحد المصادر الطبية، فما رأيكم؟

بسمه تعالى:

يكون الجواب في عدة نقاط:

قال الله تعالى: «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ» (الحجرات: 6)، وكثير من المؤلفين في هذه الحقول العلمية غير ملتزمين دينياً فلا يؤتمنون على مثل هذه المجالات التي لها دخل في الأخلاق والشريعة والاجتماع خصوصاً، وإن كثيراً منهم متأثرون بالمدارس الغربية في علم النفس والاجتماع

ص: 31

ومنبهرون بها ومقلدون لها، بحيث إن عندهم الاستعداد الكافي لمخالفة الشريعة من أجل دعم تلك المدارس.

إن الطب من العلوم التجريبية وتتضارب فيه الآراء كثيراً، وقد نقل أحد الأطباء المختصين: إن ثلاثة عشر ألف رسالة طبية تنشر يومياً عبر الانترنيت تتضارب فيها الآراء والنتائج ولا يثبت منها شيء إلا بعد تدقيق وتفحص طويلين، ومحل الشاهد إن أي رأي علمي وان كان ثابتاً بدرجة معتد بها كالأضرار المتعددة للعادة السرية يمكن أن يوجد من يعارضه.

إن حرمة الاستمناء بعد أن ثبتت بالشريعة ودلت عليها النصوص فلا يؤثر فيها وصول العقل البشري إلى علة ذلك الحكم والمصلحة فيه أو عدم وصوله، فإن الإيمان والتسليم بالشريعة مطلق «فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا»

ص: 32

«تَسْلِيماً» (النساء: 65)، وإن كنا نعتقد أن وراء كل حكم مصلحة واقعية هي ملاك الحكم وعلته.

س 12: قد يمرّ الشاب بموقف مثير للشهوة الجنسية بحيث يكون من الحرج الشديد عليه عدم التنفيس عن شهوته بالاستمناء لعدم وجود زوجة له، فما الحكم؟

بسمه تعالى:

صحيح أن التكاليف الشرعية تسقط في حالات الحرج والضيق النفسي الشديد لقوله تعالى: «وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (الحج: 78)، وفي حالات الضرر لقوله صلى الله عليه وآله: (لا ضرر ولا ضرار) وحالات عدم القدرة لقوله تعالى «[لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها]» (البقرة: 286) إلا إن ذلك لا يعفيه من المسؤولية والعقاب إذا كان ذلك الموقف قد حصل بسوء اختياره وإرادته، أي إنه هو الذي أوقع نفسه في ذلك الحرج بمشاهدة فلم جنسي أو صورة خليعة أو تواجدَ في أماكن

ص: 33

اختلاط فاحش، لأن المعروف عن الشهوة الجنسية أنها لا تثار إلا بمؤثرات خارجية ومهيجات وليست هي كشهوة الطعام المنبعثة من داخل الإنسان لحاجة الجسم إلى الغذاء والطاقة، ولذا اشتهرت كلمة عند العلماء (إن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار) أي إن تعذر امتثال الحكم الشرعي وامتناعه لعسر أو ضرر ما دام حصل باختيار الفرد، فإن

هذا الامتناع لا ينافي نسبة الفعل إلى الفاعل لأنه كان بإرادته واختياره.

ص: 34

الفصل الثالث: نصايح الى طالبات الاقسام الداخلية

اشارة

ص: 35

ص: 36

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى سماحة الشيخ الأجلّ محمد اليعقوبي (دام ظله):

نداء من الأعماق الواقع الاجتماعي يستنجد بعطفكم الأبوي وحميتكم على الرسالة المحمدية وغيرتكم على أبناء مجتمعكم الذي أنت منه وفيه...

شيخنا الأجل هناك بعض الحالات التي تحصل (في الحياة الجامعية) للطلبة والطالبات بخصوص حالة طالبات مؤمنات في طب الأسنان، والتي تسير نحو الالتزام بدقيّات الشريعة للوصول إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى.

لهذا فإنهن يطلبن النصيحة والدعم المعنوي خصوصاً، فقد وصلن مرحلة من التفكير بترك الكلية والعلم؛ وذلك لأنهن يخفن على أنفسهن ودينهن من الضعف يوما ما، والشعور الدائم بالإحباط و (الأثر النفسي)

ص: 37

نتيجة ما يرينه من المعاصي والذنوب والحرام التي تهتك أمام أعينهن.. وأنتم تعلمون أن هذا يؤدي إلى غياب عنصر المرأة في السلك الطبي، مما يسبب حرجاً وصعوبة للمؤمنات في العلاج.. واليك بعض تلك المشكلات:

1 - حياة الأقسام الداخلية والتي قلّ فيها الخوف من الله سبحانه وتعالى، حيث تحتوي على المعاصي التالية:

أ - سماع الأغاني وبشكل متواصل، برغم حرمته فانه يؤدي إلى ضياع الزمن الذي هم بحاجة إليه في الدراسة الطبية.

ب - عدم التورع في المعاصي والمحرمات مثل (الغِيبة والأحاديث اللا أخلاقية على الطلبة والطالبات والأغاني...).

ج - المحاربة النفسية في (داخل الغرفة) لمن تتمسك بتعاليم دينها (أمثال الطالبة من الأخريات).

2 - أما في الكلية فهي أشد معاناة

ص: 38

وخاصة في طب الأسنان والصيدلة، وبما إن هناك ضرورة في التعامل مع الطلبة والطالبات علمياً من قبيل المحاضرات والاستنساخ وغيرها... وأيضاً الأسلوب في المحاربة هي (المحاربة النفسية)؛ وذلك بإهمال الطالبة الملتزمة وعدم التعاون معها، وإن حاولت هي بطلب حاجتها منهم عاملوها بالانتقاص والمِنيّة وما خفي كان أعظم..

3 - ترديدهم المستمر وتطبيقهم العملي لكلمة الترقي والحضارة في كلية الطب، وجعلوا له مصداقاً بانحطاطهم الأخلاقي.. وهذا الجو النفسي المليء بالجهل والسذاجة والغفلة أدى إلى إحباط الطلبة والطالبات الملتزمين، مما سيجعل عند الطلبة ترهلاً علمياً ورجوعاً إلى الوراء..

فيا شيخنا الجليل لقد كثر الطرق وأصبحنا بحاجة ماسة إلى نصيحتكم ودعمكم المعنوي.

ص: 39

أدامكم الله لنا ذخرا و حفظكم من كل مكروه) بعض أولادكم في الكلية

6 ذو الحجة 1421 ه -

بسمه تعالى:

الحمد لله كما هو أهله و صلى الله على سيد خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين.

أود أن أجعل الإجابة في نقاط:

1 - إن هذا الضغط النفسي الذي يسببه أهل المعاصي للمؤمنين الملتزمين ناشئ من حسدهم لهم و شعورهم بالنقص و عقدة الحقارة أمامهم؛ لأنهم يعلمون أن هؤلاء على خير، و أنهم حائزون لسعادة الدنيا و الآخرة، و ليس عندهم الشجاعة لئن يكونوا أمثالهم و يرتقون إلى درجاتهم، فيحاولون إنزالهم إلى الحضيض الذي يعيشونه ليقنعوا أنفسهم و يهربوا من هزيمتهم الداخلية، و قد جعلوا لأنفسهم شعائرا (حشر مع الناس عيد)، فوجود هؤلاء المؤمنين يكشف نقصهم و حقارتهم

ص: 40

وضعفهم أمام شهواتهم وتسويلات الشيطان، وهكذا دوماً يكون وجود العنصر النظيف مسبباً للكشف عن فساد العنصر المنحرف.

2 - إن المؤمن قوي بإيمانه ومسلكه وطريقته المثلى، فلا يتأثر بإرهاصات المنحرفين الفاسقين، قال تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ» (المائدة: 105). وفي الحديث: (إن المؤمن أقوى من الجبل؛ لأن الجبل يستقل منه بالمعاول، ولا يستقل من إيمان المؤمن شيء)، وكيف لا يكون المؤمن قوياً وهو يعيش في رعاية الله سبحانه وتأييده ورحمته، أما الفسقة فمولاهم الشيطان الضعيف الذليل «نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ» (فصلت: 31) «ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ أَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ» (محمد: 11).

ولتكن أم المؤمنين خديجة الكبرى مثلاً

ص: 41

أعلى وأسوة حسنة للنساء المؤمنات، فقد قاطعتها نساء قريش وعزلتها حتى عادت وحيدة في دارها، ومع ذلك بقيت قوية الإيمان رابطة الجأش تشد أزر زوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وتخفف عنه أعباء الرسالة وتسنده بكل ما أوتيت، فكانت بذلك قرة عين رسول الله صلى الله عليه وآله.

3 - إن أحكام الشريعة يمكن أن تخفف في حالات العسر والحرج وخوف الضرر؛ فأكل الميتة حرام لكنها تحلّ عند الاضطرار، قال تعالى «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (الحج: 78) «يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» (البقرة: 185) «إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ» (الأنعام: 119)، فإذا لم ينفع نهي هؤلاء عن المحرمات فيسقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

4 - إن هؤلاء المصرين على المعصية هم جهلة من عدة جهات؛ فهم يجهلون لماذا وجدوا في هذه الحياة، وكيف ستكون

ص: 42

نهايتهم، وما هو حق المولى المنعم عليهم، وما هو جزاء العاصين. فالحل الصحيح لهؤلاء ليس فقط أن نقول لهم: إن هذا حرام وذاك ممنوع، بل لا بد معه من بيان الحكمة من التشريع، وتقوية العلاقة بين الإنسان وخالقه، والتذكير بالآخرة، واستشارة الفطرة، وإحياء القلوب بالموعظة، وذكر الموت كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع مشركي قريش، وكل ذلك يجب أن يكون بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار الهادئ وقلب وعقل مفتوحين وصدر واسع، من دون تعنت ولا عصبية.

فهؤلاء البعيدون عن الله يستحقون العطف والرحمة؛ لأنهم مرضى، لكن مرضهم ليس في الجسد بل في القلب والروح، وهم أولى بالرعاية من مرضى الجسم الذين يثيرون العطف ويستحقون المساعدة، فلا تقصروا في مساعدتهم على إصلاح نفوسهم، وستجدون أكثرهم يحبون الطاعة ويقتربون إلى الله تبارك

ص: 43

وتعالى عندما يكون الأسلوب مقبولاً، وحينما يعرف المعالج كيف يشخّص داءهم وينجح في وصف العلاج الصحيح.

5 - وهناك حلول أخرى: كاختيار الصديق من المجموعة الصالحة ليعيش معهم، أو على الأقل قضاء الوقت معهم في غرفتهم للمباحثة والدرس وتبادل الأحاديث النافعة، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم وذكر الله تبارك وتعالى، وتوجد أفكار نافعة وتصلح كأجوبة على بعض الفقرات الواردة في السؤال ذكرناها في كتاب (فقه الجامعات) فراجعه.

6 - لا يمكن أن يكون حل المشاكل بالهروب منها وإدارة الوجه عنها؛ فإن هذا لا يحلها، لأنها واقع مفروض، وقد تزداد بذلك تعقيداً ورسوخاً، وإنما تحل بمواجهتها بشجاعة وحزم واحتوائها ومعالجتها بالشكل المناسب وعلى تعبير أمير المؤمنين عليه السلام:

(إذا هِبتَ أمراً فقع فيه )، فليس من الصحيح أبداً

ص: 44

قول السائل أنه يترك الدراسة هو وإخوانه المؤمنين، ويكونون بذلك آثمين لان هذه المهن الإنسانية تجب بالوجوب الكفائي على أفراد المجتمع، فإعراضهم عنها يعني التخلي عن أداء هذه المسؤولية.

7 - أما هذه العناوين البراقة التي يتشدقون بها ويبررون بها أفعالهم كالحضارة وما شابه، فهم يعلمون أنها خالية من المحتوى، ولا تصلح مبرراً لما يفعلون، فهل الحضارة والتطور والتقدم تنافي الأخلاق والعفة والحياء؟! أليس الدين هو مَنْ أمر بالعلم والعمل الصالح وفضّل العلماء على جميع شرائح الخلق؟! ألم يكن الإسلام هو السبب في إنشاء أعظم حضارة شهدتها البشرية في سعتها وعمقها ورحمتها وأخلاقها وسمومها، ولا زال الغرب مديناً لها في تطوره؟! ثم أنسي هؤلاء المتحضرون ما يفعله الغرب المتقدم من أفعال وحشية يندى لها الجبين وتربأ أفتك الوحوش بأنفسها عن

ص: 45

الإتيان بمثلها «ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» (الصافات: 154) «فَأَنّى تُؤْفَكُونَ» (غافر: 62) «كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِباً» (الكهف: 5).

8 ذو الحجة 1421 ه -

الموافق 2001/3/4 م

ص: 46

الفصل الرابع: اقامة علاقات مع الطالبات لهدايتهن

ص: 47

ص: 48

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام عزه)..

هل يجوز إقامة علاقة مع الطالبات في الكليات بهدف أمرهن بالمعروف ونهيهن عن المنكر وربطهن بالخط الحوزوي الصحيح وبث الوعي الديني فيهن من خلال إعطائهن الكتب والكراسات التي تفي بهذا الغرض؟ والدافع إلى إقامة هذه العلاقة هو عدم وجود من يقوم بهذا الواجب من المحارم أو النساء الأخريات سواءً من الطالبات في الكلية أو خارجها، علماً أن هناك كثيراً من الطلبة الذكور من هم بحاجة أيضاً إلى إقامة مثل هذه العلاقة لنفس الغرض، ولا يمكن أن تتحقق هذه الغاية إلا باللقاءات في المكتبة أو في ساحة الكلية أو في الممرات، مما يترتب على ذلك إساءة الظن من قبل أكثر الطلبة.

ولكننا نعتقد أن فرصة الرجال أكبر من

ص: 49

فرصة النساء في هذا الصدد؛ لاستطاعتهم الخروج والاتصال المباشر بالحوزة والحوزويين، ونحن نجد عند تلك الطالبات جهلاً كبيراً بأمور الشريعة المقدسة، وكذلك في نفس الوقت نجد تقبلاً كبيراً منهن ورغبة شديدة في الاستزادة من علوم آل محمد، وقد علق أحد فضلاء الحوزة الشريفة على الفكرة المذكورة في أعلاه بأنها فكرة جديدة وجديرة بالنظر، وأنها قد تكون مما يشجع عليه الشيخ اليعقوبي لأنها تسير في طريق بث الوعي الديني في المجتمع.

ونقل أحد الثقاة عن هذا الحوزوي أيضا أنه قال: إن المنع الوارد في فقه الجامعات بشأن إقامة العلاقة مع الطالبات وهو منع عام يستثنى منه الأشخاص الذين يراعون في العلاقة حدود الأدب الشرعي، وفي مقابل ذلك كله هناك من يقول بأن إقامة هذه العلاقات مخالف لروح الشريعة الاسلامية، حيث إنها تؤسس للفصل بين

ص: 50

الجنسين وكراهة الاختلاط والحديث بل في السلام بينهما، فإذا كان هذا الرأي صحيح، فما هو الحل بالنسبة للطالبات الجاهلات بأمور دينهن وعدم وجود من يرفع عنهن هذا الجهل؟

ولدكم محمد العبيدي

بسمه تعالى:

إن مزالق النفس الإنسانية مما يخفى حتى على صاحبها؛ لذا شبه الحديث الشريف الرياء بأنه أخفى من دبيب النمل بين الصفا - أي الصخور - في الليلة الظلماء. وبين أيدينا قصة ذلك الرجل الذي قضى صلاة ثلاثين سنة؛ لأنه كان يصلي طيلة تلك الفترة في الصف

ص: 51

الأول، وفي يوم جاء متأخراً فصلى في صف متأخر، فشعر داخل نفسه بالخجل أنه لم يحضر مبكراً فيحصل على مكان في الصف الأول، وحينئذ تأمل في حاله طول تلك الفترة وانكشف له أنه كان راضياً على نفسه معجباً بها، إذ كان مواظباً على الصلاة في الصف الأول، ولم ينكشف له ذلك إلا بهذا الاختبار.

وقد وضع أهل الأخلاق والمعرفة امتحانات للنفس، ليختبر صدقها وإخلاصها لله تعالى، وعلى الإنسان الطالب للكمال أن يعرض نفسه على هذه الاختبارات ليقومها ويهذبها وينال القرب من الله تعالى.

وأنا عندما أذكر هذه المقدمة لا أريد أن أشكك بإخلاص صاحب هذه الفكرة وغيرته على الدين والمؤمنين وحبه لهداية الناس جميعاً إلى الخير، لكن يا عزيزي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي فلا تطمئن إلى مكرها، فأقول لهذا الشخص الغيور إن كان مهتماً بأمر المرأة وأنها نصف المجتمع: هل فكر بإصلاح أخته وأمه وعمته وخالته وابنة أخيه وابنة أخته؟ وهل فرغ من إصلاحهن حتى يكون متحمساً لهذه الدرجة لتكوين (علاقة) مع الطالبات وهدايتهن؟ وهل فرغ من إصلاح الطلاب الذكور أو سعى في ذلك على الأقل قبل أن يفكر في الطالبات؟

ص: 52

وما عسى أن ينفع كون فرصتهم للاتصال بالحوزة أكثر إذا كانوا منقطعين عملياً عن الحوزة وبعيدين عن سماع كلمة الحق.

وقد أُوصف بالتزمت والتشدد حينما أرفض هذه الفكرة، لكن هذا هو أدب أهل البيت الذي ربونا عليه، وفيه مصالح نفسية واجتماعية وروحية قد تسنح لنا فرصة أخرى لبيانها، لأني أعتقد أن فهم أسرار التشريع عامل مهم للاندفاع نحو التطبيق، وإذا كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يسلم على الفتاة الشابة خشية أن يدخل في قلبه شيء من سماع صوتها إذا ردت السلام، وذمَّ أهل الكوفة ووبخهم لأنه سمع أن نساءهم تخرج إلى الأسواق وتختلط بالرجال، وذكر في سيرة العقيلة زينب عليها السلام حين كانت تخرج لزيارة امها الزهراء عليه السلام يسبقها أبوها أمير المؤمنين عليه السلام فيطفئ قناديل المسجد وتخرج محاطة بأخويها الحسنين عليهما السلام، هذا غير كلمة

ص: 53

الزهراء عليها السلام عندما سألها أبوها صلى الله عليه وآله عن أفضل خصلة في المرأة، فقالت عليها السلام: أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل.

وجرى على هذا ديدن العلماء والمؤمنين المتشرعين، ومنه نعرف أن الأصل هو منع الاختلاط إلا إذا دعت الضرورة الدينية أو الاجتماعية أو العقلائية إلى ذلك.

أما المذكور في السؤال فإنه مرحلة وراء الاختلاط، إنه يتحدث عن (علاقة) بين الجنسين بكل ما تعني العلاقة من الانفراد والاسترسال في الأحاديث والانبساط في المشاعر، مما يحرك القلوب ويجعلها تخفق (بالحب) و (الانجذاب) قبل أن يحرك العقول لتعي أحاديث الهداية التي يريد إيصالها لها، وما الفرق بين حال المؤمنين والفسقة حينئذٍ؟

إن الغاية لا تبرر الوسيلة على عكس ما يقوله الوصوليون والانتفاعيون، وأنا أضم صوتي إلى كل من يريد الخير والصلاح

ص: 54

للمجتمع، لكن بالوسائل النظيفة العفيفة الطاهرة التي تسكب الطمأنينة والسعادة على القلب والضمير، لا الأساليب الملتوية التي تخسرنا أكثر مما نربح، ومع ذلك فلكي لا أسدّ المنافذ كلها على الطالبات اللواتي يراد هدايتهن فأقدم هنا بعض الوسائل:

1 - إن الدور الرئيسي لهداية الطالبات موكول إلى المؤمنات منهن، فإن اتحاد الجنس بينهن يجعل فرص التفاهم بينهن أكبر، ولا اعتقد أن شريحة ما تخلو من وجود مؤمن أو أكثر بينها.

2 - بالإمكان هدايتهن بإيصال الاستفتاءات المكتوبة أو الكتب والكراريس المطبوعة المفيدة في هذا المجال، وإذا اقتضت الحاجة سؤالاً منهن فيمكن اعتماد طريق الكتابة فيستطيع أن يوصل أي فكرة أو مسألة شرعية أو توجيه لحالة معينة من خلال كتابة ورقة وتسليمها إليها كما يسلمها المحاضرة أو كتاباً مفيداً وهي توصل

ص: 55

الاستفتاءات بنفس الطريقة.

3 - عقد ندوات عامة يشترك فيها عدد من الطلاب والطالبات، فإن عموميتها تقلل من المحاذير التي ذكرناها، وليعلم أحبائي الطلبة أني شاعر بالصعوبات التي يعانونها، لكن ذلك مما يعظم أجرهم عند الله تعالى، فإن الثواب يزداد والدرجة ترتفع كلما كانت الصعوبات أكثر والبلاء أشدّ، والحياة فرصة للازدياد من الطاعة والقرب من الله تعالى، وما علينا إلا تقوية إرادتنا وعزمنا على الطاعة والباقي على الله تبارك وتعالى؛ فإن معونته للعبد تزداد كلما اشتد البلاء.

أسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته ويجنبنا معصيته إنه ولي النعم.

ص: 56

الفصل الخامس السلوك العفيف في الجا معات العراقية

اشارة

ص: 57

ص: 58

السلوك العفيف في الجامعات العراقية

السلوك العفيف في الجامعات العراقية(1)

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ الجليل آية الله محمد اليعقوبي دام ظله..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

يقول الحديث الشريف في معناه (منْ لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم) وقد عودتنا مرجعيتكم الشريفة على الرعاية الأبوية لسائر أبناء الأمة والحرص على انتشار المظاهر الإسلامية في مختلف مناحي الحياة لكي تبدو هويتها الإسلامية بارزة واضحة وصادقة قلباً وقالباً.

في خضم حملات التضليل وجدّيه

ص: 59


1- نشر في الصفحة الثالثة من العدد (14) من صحيفة الصادقين الصادر بتأريخ 29 ذ. ح 1425 المصادف 9 كانون الثاني 2005.

محاولات مسخ الهوية والشخصية الإسلامية خصوصاً في أوساط الجامعات ظهرت حالة إيجابية مباركة انبرت مجموعة خيرّة من الطالبات وبعض الموظفات إلى الاحتشام بأقصى درجة فقد قمن بلبس العباءة الفضفاضة العراقية والحجاب الكامل مما يبعث في النفس الشعور بالانتماء إلى الإسلام العظيم.

شيخنا الجليل أدامكم الله ما أرجوه حقاً هو أن نحسس هذه النخبة بأن المرجعية الشريفة ترعاها بعناية أبوية صادقة وأقترح بعد إذنكم أن تقدم لهن هدايا من المرجعية عنواناً لتلكَ العناية كأن تكون مجموعة كتب أو أقراص ليزرية بحسب ما تسمح به الحال.

ومن جانب آخر هل تنصحون بناتكم في كلية الآداب بالاحتذاء حذو هؤلاء المؤمنات؟ وماذا يشكل لبس العباءة في الوقت الحاضر للشخصية الإسلامية المؤمنة الرسالية؟ هل هو تحدٍ لمعالم الاحتلال

ص: 60

والتشتت الاجتماعي على صعيد العائلة والمجتمع؟

وهل هو نصرةٌ لقضية الإسلام العظمى ولدولة العدل الإلهي؟ وهل هو تحدٍ لعولمة الغرب الكافر؟

أجيبونا جزاكم الله خير جزاء المحسنين..

بعض طلبة كلية الآداب

في جامعة الكوفة

بسمه تعالى:

ورد في الحديث الشريف

(كونوا لنا دعاة صامتين) و (كونوا لنا دعاة بغير ألسنتكم ) وما فعلته هذه الأخوات الفاضلات مصداق لما أراده الأمام عليه السلام من عدة وجوه:

1 - أن من أهم وسائل التربية وجود الأسوة الحسنة وقد ألفت الله تبارك تعالى نظر الأمة إلى شخصية رسول الله صلى الله عليه وآله باعتباره النموذج الأكمل الذي يتأسى به فقال عز من قال: «لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ»

ص: 61

«حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً» (الأحزاب: 21) فوجود المؤمنات الرساليات بهذه الهيبة والجلالة الإسلامية يجعل منهّن أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ولا أشك أنهّن محط احترام الجميع ومظهر مشّجع على الاقتداء به.

2 - أنهّن بهذا السلوك العفيف القين الحجة على الجاهلة بالحجاب الإسلامي والمترددة في لبسه والتي تخشى الناس «وَ اللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ» (الأحزاب: 37) وهو بيان عملي لكيفية الحجاب بعد أن أفرغه أعداء الإسلام من محتواه وجلبوا إلى المسلمين نماذج متميعة يسمونها حجاباً.

3 - أنه رَدُ حازم على اللواتي تخليّن عن جلباب العفّة والحياء وأظهرن أنوثتهن أمام الرجال الأجانب فأهانن بذلك أنفسهن وكرامتهن، ويندرج فعل تلكم الفاضلات في وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجبة على الأمة وأعتقد أن مثل هذا العمل

ص: 62

النبيل سينمو ويربو بمباركة الله تبارك وتعالى مما يؤدي إلى انحسار المظاهر المنحرفة من دون التحدث بكلمة.

وقد جربنا ذلك فإن الشباب المؤمن أو المرأة المحجبة إذا مروّا مجرد مرور على جماعة يخوضون بأحاديث الفسق والفجور فإنهم يسكتون ويبدّلون الحدث هيبة وإجلالاً لهؤلاء الطيبين الذين أضاءت أعمالهم الصالحة طريق حياتهم بعد أن نورت قلوبهم وبصائرهم، أما الآخرون فأنهم يطلبون النور ليضيء لهم الدرب بعد أن ملأوا حياتهم ظلمة وسواداً وقتاماً بمعاصيهم وابتعادهم عن الله تعالى فلا يجدونه.

وأنقل لكم هذه الآيات المباركة من سورة الحديد موعظة لي ولكم وهي تبين الحوار بين الفريقين: «يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ»

ص: 63

«اَلْعَظِيمُ، يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ، يُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتّى جاءَ أَمْرُ اللّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ، فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ، أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ» (الحديد: 12-16).

ص: 64

الفصل السادس: من فقه الجامعات

اشارة

ص: 65

ص: 66

الفقه والمجتمع (من فقه طلبة الجامعات)

الفقه والمجتمع (من فقه طلبة الجامعات)(1)

(الجزء الأول)

نحاول إعادة نشر تلك الحوارية على شكل حلقات بعد إعادة النظر فيها واختيار ما هو مناسب لظروفنا الراهنة وإضافة ما استجد مع تغير التحديات، وستكون هذه الحلقات بإذن الله تعالى منبراً للأساتذة وطلبة الجامعات كي يعرضوا مشاكلهم ومقترحاتهم وأفكارهم لنساهم جميعاً في الارتقاء بمستوى جامعاتنا وبناء جيل كفء واع ملتزم بمبادئه الدينية والاجتماعية والوطنية ومخلص لدينه وبلده وأمته.

س 1: نقل عنكم وجود فرق بين ماضي الجامعة الذي عشتموه طالباً قبل ربع قرن وحاضرها، ما هو الفرق في أساليب التحديات

ص: 67


1- نُشر في العدد (35) من صحيفة الصادقين.

التي يمارسها الأعداء بين الماضي والحاضر؟

الجواب:

كنا في زمان يُنظر فيه إلى المتديّن على أنه رجعي ومتخلف، وكان هذا الضغط الاجتماعي مضافاً إلى الضغوط الأخرى كبطش جلاوزة صدام وعملهم بسياسة (احبس على الظنة وأقتل على التهمة)، كانت كافية لتخلي الكثير عن التدّين بل دفعتهم - من أجل إبعاد تهمة الالتزام بالدين - إلى حضور بعض مجالس الفسق أو التظاهر بتصرفات البعيدين عن الدين، ونجح الأعداء في صرف الناس عن الدين، أما اليوم فقد اتسعت الحركة الإسلامية بفضل جهود وتضحيات العلماء والفضلاء والشباب الرسالي وعلى رأسهم المراجع العظام، وأصبح التيار الديني طاغياً في كل شرائح المجتمع، ولكن الأعداء لم يقطعوا الأمل بل غيَّروا الأساليب إلى عدم مواجهة التيار الديني مباشرة وإنما مسايرته وإظهار قبوله والتماشي

ص: 68

معه ثم تفريغ الدين من محتواه وجوهره الحقيقي والإبقاء على شكلياته ومظاهره فلم يمانعوا من الحجاب ولكن على الطريقة الفرنسية!! ولا بأس عندهم بالاختلاط المنافي للعفة والحياء! ومن الضروري إحياء الحفلات الداعرة!! أما النوادي فتكرس للغناء والرقص!!، أما العلم فآخر ما نفكّر فيه (وله أهله)، فما جئنا له بل لنلهو!!، ونتمتع!! وهكذا أصبح الفكر السائد لدى بعض طلبة الجامعات من الجنسين بفعل ما زرعه الأعداء فينا، وبثه لأساليب اللهو والمجون بين صفوفنا، وغاية ما يفكر فيه الطالب هو نيل الشهادة لأغراض دنيوية، أما السعادة والرخاء والحياة الكريمة له والقيام بوظائف خلافة الله في الأرض «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» (البقرة: 30) فهذا مما لا يخطر على بال احد إلا من عصم الله.

س 2: باعتبار أن الجامعة جو جديد على الطلبة من خريجي الإعدادية الأكاديمية

ص: 69

والمهنية، ويوجد بعض الطلبة ضعيفي الإيمان مما يؤدي إلى الضياع العقائدي والديني.

فهل يشكل انضمامهم على الجامعات حرمة تشريعية؟

الجواب:

إن وجود تيارات فكرية مخالفة للإسلام في الجامعات لا يعني الانسحاب من هذه الأوساط العلمية المهمة، فإن الخطر لايدفع بدفن الرأس في التراب كما تفعل النعامة في المثل المشهور، وإنما الواجب هو التسلح بالعلم والمعرفة والإيمان والشجاعة لمواجهة هذه الأفكار المنحرفة كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (إذا هبتَ أمراً فقع فيه)، والهدف من مواجهتها ليس المِراء والجدال وتحقيق نشوة الانتصار فهذه أهداف متدنية لا يبتغيها المؤمن، وإنما الهدف هو نيل رضا الله تبارك وتعالى والدفاع عن دينه القويم وإصلاح المجتمع وإنقاذ أفراده من مخالب القوى الشيطانية.

ص: 70

أما الإنسان الضعيف الذي يخشى على نفسه من الوقوع في الانحراف فله أحد تصرفين: إما أن يصم أذنيه عن سماع ما يخالف عقائده وثوابته الأخلاقية والاجتماعية ويكتفي بإيمانه الإجمالي، فإذا نوقش فيه فليوكل كل الأمور إلى أهل الاختصاص، فإذا خشي أن تتأثر عقيدته وتنحرف ولم يستطع الصمود والاحتفاظ حتى بهذا الإيمان الإجمالي فيجب عليه الانسحاب وعدم توريطه في الفتنة عن الدين وهي أشد وأكبر عند الله من القتل، كما في الآية الشريفة.

س 3: يلاحظ وجود الفراغ في مسالة العقائد الإسلامية لدى الطلبة الجامعيين مما جعل من الجامعة الأرض الخصبة لاستقبال كثير من الأفكار المسمومة والعقائد الفاسدة التي تؤدي إلى هدم الدين بصورة عامة والمذهب بصورة خاصة بجهود مكثفة من قبل العديد من الحركات والأحزاب والمؤسسات تحت واجهات مختلفة، فبماذا

ص: 71

تنصحون أبناءكم الطلبة لمواجهة هذه التحديات؟

الجواب:

إن الجهل أساس مشاكلنا وما أوتينا إلا من جهة جهلنا وقد كان الأئمة يحثون على طلب العلم والمعرفة بالعقائد وأمور الدين ففي الحديث: (ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الدين)، وفي الحديث: (أفٍ لرجل لا يفرّغ نفسه كل جمعة ساعة ليتفقه في الدين)، فيصل الاهتمام حد الضرب بالسياط لدفعهم إلى التعلم والمعرفة، واعتقد أن ساعة واحدة أسبوعياً ممكنة جداً لأي فرد مهما كانت مشاغله كثيرة يفرّغ فيها نفسه للتفقه والتعلم بالأسلوب المناسب له كقراءة الكتب النافعة أو اللقاء مع علماء الدين والتزود منهم أو الاستماع إلى خطبة من أحد العلماء وأئمة الجماعة.

وفي تفسير قوله تعالى: «فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ» تجد عدم العذر لأي شخص يدّعي

ص: 72

عدم العلم؛ لأن الله سبحانه قد ألقى الحجة عليه بإرسال الأنبياء عليهم السلام وتنزيل الكتب ونصب الأئمة عليهم السلام وورثهم من علماء الدين المخلصين.

وقد ورد من الفضل والثواب العظيم في طلب العلم وتحصيله مالا يمكن تفويته (راجع الكافي: كتاب العلم)، فمن الواجب على كل مسلم أن يتعلم عقائده والأدلة عليها ولو بشكل مبسط والدفاع عن الشبهات الموجهة إلى الدين والمذهب، وأن يتعلم أساسيات التشريع والمسائل التي يتعرض إليها بكثرة، وهذا هو الحد الأدنى من الواجب الذي لا يعذر فيه الإنسان ويعاقب على تركه.

ولو تسلحنا بالعلم والمعرفة ولو بأدنى مراتبها سنجد أعداءنا بكل ما يصورون أنفسهم من الهالة الكبيرة هم أوهن وأضعف من بيت العنكبوت كما وصفه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم.

ص: 73

س 4: ظهرت في الآونة الأخيرة بعض العبارات لا يعلم مصدرها ومنها (ماذا تفعل بالشهادة؟) و (ماذا يكون عائدها المالي بعد التخرج؟) مما أدى إلى وجود الإحباط النفسي والعلمي وعزوف كثير من الطلبة عن إكمال الدراسة، فبماذا تردون على مثل هكذا نوع من العبارات المدسوسة؟

الجواب:

هذه الأفكار من دسائس أعدائنا وإلا فإن العلم لم يطلب للتكسب به وإن حصل ذلك عرضاً، وإنما يطلب العلم لبناء النفس والمجتمع، فهل أن شخصية المتعلم كشخصية الجاهل؟ وهل أن نضج حامل الشهادة كنضج المحروم منها، وهل أن الحياة يبنيها الجهّال أم العلماء؟ (في مختلف الاختصاصات)، فلو فرضنا أنه لا يعمل بموجب الاختصاص الذي حصل عليه لكن هذا لا يلغي الآثار الإيجابية التي تركت بصماتها على شخصيته الذهنية والنفسية وقدرته على البناء والتغيير، وببساطة

ص: 74

أسأل هؤلاء لو أن الإمام المهدي أرواحنا له الفداء قدّر له الظهور فأيهما أكثر سروراً لقلبه أن يجد مجتمعاً مثقفاً حاملاً لشهادات بمختلف الاختصاصات حتى يوزع عليهم المسؤوليات أم يجد مجتمعاً جاهلاً لا يحسن شيئاً؟ فليكن طلبكم للعلم بهدف الاستعداد لأن تكونوا عناصر صالحة في المجتمع ونافعة له سواء أتيحت لكم الفرصة أم لا فما عليك إلا أن توفر الاستعداد والقابلية في نفسك، أما إتاحة الفرصة للنفع أو عدمها فهذا أمر ليس بيدك ولا يكون مثبطاً لعزيمتك في تحصيل العلم.

س 5: نرى الكثير من الطلبة الجامعيين من أبناء الأسر الثرية الذين يجعلون المجتمع الجامعي كمسرح لعرض الأزياء والتبرج والتفاخر بالأموال والسيارات الحديثة، مما أثر سلباً على الحالة النفسية للطلبة الفقراء من أبناء الأسر البسيطة وأدى إلى انحرافهم عن جادة الحق، فما حكم تصرفات كلا النوعين

ص: 75

من الطلبة في نظر الشارع المقدس؟

الجواب:

إن من آداب الإسلام أن لا يغتر الإنسان ولا يطغى بما أنعم الله عليه ولا يستعملهما لإغاظة الآخرين وإثارة الحسد في نفوسهم، وقد ضرب القرآن مثلاً في قصة قارون: «فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ» «فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ» وقد كان أمير المؤمنين علي عليه السلام وهو رئيس دولة مترامية الأطراف يلبس ويأكل كأضعف الناس فقيل له ذلك، فقال عليه السلام:

(لكي لا يتبيّغ بالفقير فقره)، ويقول عليه السلام:

(أأقنع من نفسي أن يقال لي أمير المؤمنين ولا أشاركهم في جشوبة العيش ولعل في الحجاز أوفي اليمامة - أي البحرين وهو عليه السلام في الكوفة - من لا عهد له بالشبع ولا طمع له في القرص)، ومن آداب الإسلام أن لا تأكل شيئاً يراه أو يشمه الجار إذا كان غير قادر على تحصيله، ومن الممنوع أخلاقياً

ص: 76

أن تتسبّب في (كسر) نفسية أحد، فقد ورد في الحديث:

(من كسر مؤمناً فعليه جبره) ، وعلى العكس من ذلك فقد أدّبنا الإسلام بالمواساة والمؤاخاة ومشاركة الآخرين، لذا ترى رسول الله صلى الله عليه وآله آخى بين المسلمين مرتين: مرة بين المهاجرين أنفسهم ومرة بين المهاجرين والأنصار فقاسموهم كل شيء حتى لو كان له رغيفان أعطى واحداً وأبقى الآخر. بل حثنا الإسلام على الإيثار وتفضيل الآخرين على النفس. قال تعالى: «وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.» فإذا أنعم الله على عبد نعمة فمن واجباتها الشكر وأهم مضامين الشكر أن يستعملها في طاعة الله لا معصيته فتكون نعمة عليه، وأما الفقير فلا بد من أن يتحلى بالصبر والقناعة بل لا بد أن يكون مسروراً لأن الله تعالى خفف عنه المسؤولية لأن أي نعمة تُعطى للعبد تُضيف له تكاليف وأعباء يكون مسؤولاً عنها، وخذ

ص: 77

لذلك مثالاً في الدنيا (أضابير الضرائب) فإنه كلما ازدادت أموال الفرد وعقاراته ومصادره الاقتصادية ازدادت ضريبته وطال وقوفه لدى الدائرة.

أما الفقير فما أيسر معاملته حيث أنه لا يملك شيئاً يحاسب عليه. وكذا يوم القيامة فيقال للفقراء ادخلوا الجنة بلا حساب، أما الغني فيحاسب عن كل دينار من أي مصدر اكتسبه وفي أي مورد أنفقه، فلو فرضنا أن جميع مصادره وموارد صرفه شرعية فإن طول الحساب في ذلك اليوم العصيب مشقة كبيرة، ثم ليعلم الفقير أن الخير ما اختاره الله سبحانه وهو العالم بما يصلح عباده وفي حديث قدسي ما مضمونه: (إن من عبادي من لايصلحه إلا الفقر فأجعله فقيراً، ومنهم من لايصلحه إلا الغنى فأجعله غنياً، ومنهم من لايصلحه إلا السقم فاجعله سقيماً، ومنهم من لايصلحه إلا الصحة فأجعله صحيحاً... الخ). إضافة إلى أن في قليل الروابط بالدنيا راحة

ص: 78

بال وفي زيادة العلائق بها شغلاً للبال وكفى بذلك عبئاً على صاحبه، فتجد قليل الروابط بالدنيا ينام.

الفقه والمجتمع (فقه طلبة الجامعات)

الفقه والمجتمع (فقه طلبة الجامعات)(1)

(الجزء الثاني)

س 1: ظهرت مسألة سلبية وهي عزوف الكثير من الطلبة الجامعيين عن المطالعة في المكتبات في داخل الجامعة وخارجها مما أدى إلى اضمحلال الحركة الفكرية والعلمية لدى الطلبة فبماذا تنصحون؟

بسمه تعالى:

هذا السؤال له منشأ، وهو نفس ما عرض في السؤال الثالث وبعد وضوح الإجابة هناك لا داعي للتكرار، لكني أؤكد هنا

ص: 79


1- نُشر الاستفتاء في العدد (38) من صحيفة الصادقين الصادر بتأريخ 24 محرم 1427 المصادف 2006/2/23.

على ضرورة رفع المستوى العلمي لدى الطلبة إلى أقصى ما يمكن بالدراسة والبحث والمتابعة للمصادر والكتب والإصدارات الجديدة فإن: (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف) ليس في القوة الجسدية فحسب بل في القوة الفكرية والعلمية والإيمانية بل إن هذه الجوانب أهم من تلك. ولا شك إن المؤمن عندما يكون متفوقاً علمياً فسيكون تفوقه العلمي مدعاة للإقتداء به في كل جوانب حياته وسلوكه ومنه التزامه بالشريعة وسيكون مناراً للآخرين وداعيا لله وإن لم ينطق بلسانه كما وصفهم الحديث: (كونوا لنا دعاة صامتين)، أما المؤمن الضعيف في الدراسة فستنعكس صورته السلبية حتى على إيمانه والتزامه ويُقال: هذا حال المتدينين.

س 2: نرى وللأسف انتشار حالة السير أو الذهاب إلى ما يسمى (بحدائق العشاق) أو ما يناظرها فما حكم تلك الأماكن وارتيادها؟

ص: 80

بسمه تعالى:

ظهر مما سبق حرمة العلاقات بين الجنسين خارج الطرق المشروعة وغالباً ما تحتوي (حدائق العشاق) على العلاقات غير المشروعة التي يرغي أهلها في ممارستها بعيداً عن المراقبة، ولو كانت مشروعة لمارسوها في أماكنها المقررّة. فهذا كله إذن حرام وهذه الأمكنة مرتع للشيطان، ومظنة لنزول العذاب فأن الله يعصى فيها جهرة وما أتفه الإنسان وهو يتجرأ على خالقه العظيم من أجل شهوة أو نزوة لم يمنع الله من ممارستها ولكن شرّع طرقاً صحيحاً لها.

كما ينبغي للمؤمن عدم ارتياد هذه الأماكن للتنزه والتفرج إذا فرض عدم وقوعه في المحرمات، ومع ابتلائه بها فالذهاب حرام ويشتمل على محرمات عديدة.

س 3: ما هي الكتب التي تنصح الطالب الجامعي بقراءتها ليكون واعياً بدرجة كافية ومحصناً ضد الأفكار المنحرفة؟

ص: 81

بسمه تعالى:

أول كتاب تجب قراءته والاهتمام به هو (القرآن الكريم)، وفي تكراره بركات عديدة، فإن في كل ختمة تنفتح له خزائن لم يرها في الختمة السابقة، وهو أعظم وصفة لعلاج أمراض النفس والروح أنزلها علينا الخالق الحكيم الرحيم البصير بالأمور.

ويجب الاطلاع على المسائل الفقهية التي يكثر التعرض لها في الرسائل العملية لمراجع التقليد (زاد الله في شرفهم).

ويقرأ في العقائد مثل: (عقائد الإمامية) وكتاب (المراجعات) و (النص والاجتهاد) للاستدلال على أحقية المذهب والدفاع عنه,

ويقرأ (مرآة الرشاد) و (جامع السعادات) و (قناديل العارفين) في الوعظ والأخلاق.

كما يقرأ تفسيراً مختصراً ولو مثل: (تفسير شبر) أو (مختصر الميزان).

وفي سيرة المعصومين مثل: (نفحات

ص: 82

من السيرة) و (دور الأئمة في الحياة الإسلامية). وغير هذه من نتاجات العلماء والمفكرين الذين أغنوا المكتبة الإسلامية بآثارهم، وخصوصاً بعد سقوط الطاغية وانفتاح الفرصة على أوسع أبوابها للاطلاع على هذه الجهود القيمة.

وممكن لبعض منهم بحسب الظروف المناسبة الالتحاق بالحوزة الشريفة خلال العطلات الصيفية لأخذ دورات مكثفة تعادل ما يأخذه غيرهم في كل سنة كاملة، مع الإخلاص لله تعالى والهمة العالية.

س 4: إن كثيراً من الطلاب والطالبات يقتنعون أحياناً بخطأ في سلوكهم وضرورة تصحيحه على وفق الشريعة إلا أنهم لا يمتلكون الشجاعة الكافية للتطبيق بسبب ضغط العادات والأعراف الاجتماعية، فمثلاً المرأة السافرة تقتنع بضرورة الحجاب، أو الشاب المؤمن يرى خطأ الممارسات الجنسية غير المشروعة فلا يستطيعون التغيير، فبماذا

ص: 83

تنصحون؟

بسمه تعالى:

لا شك أن التغيير على صعيد النفس والمجتمع يحتاج إلى شجاعة كبيرة خصوصاً إذا اصطدم بموانع اجتماعية وعادات راسخة؛ لذلك كان هذا التغيير هو (الجهاد الأكبر) لأن فيه مقاومة لأعدى الأعداء وهي النفس الأمارة بالسوء الموجودة في داخل كل إنسان، وسيجد الفرد عند انتصاره على نفسه لذة كبيرة سواء عند إقدامه على طاعة أو تجنبه لمعصية، لذلك ورد في الحديث:

(النظرة إلى الأجنبية سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركها لله وجد حلاوة الإيمان في قلبه)، فلا بد من امتلاك هذه الشجاعة للتغيير وإذا عارض المجتمع أو المحيط والبيئة فإن ذلك حسداً منه لأنه لا يستطيع أن يكون شجاعاً مثلك لينتصر فيعمل على أن يخذل الآخرين ليكون مثله.

إن المجتمع قد تضيع فيه الموازين

ص: 84

الصحيحة كما ورد في الحديث: (كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً - ثم قال -: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم من المعروف)، وقد حذّر القرآن من اتباع العامة التي تنعق مع كل ناعق من غير وعي ولا إدراك لما يراد منها والنتيجة التي ستصل إليها، قال تعالى: «وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ» «وَ ما أَكْثَرُ النّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ» «وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ.»

إن هذا الانصياع للعرف الاجتماعي وللعادات الجارية هو الذي أهلك الأمم السابقة «إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ،» وقال تعالى في صفة أهل

جهنم وكنا نخوض مع الخائضين

إن الإنسان المؤمن القوي بإيمانه قوي باتصاله بالله سبحانه وقد ورد في وصفهم أنهم لا تأخذهم في الله لومة لائم، فليجرب أحد لذة الانتصار التي يعيشها عندما يمضي

ص: 85

بشجاعة لتطبيق شريعة الله سبحانه، أما هؤلاء المعترضون فيعضون على أصابع الندامة ويشعرون بالهزيمة في داخلهم. قال تعال: «أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ» «قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ» وأعظم فضل ورحمة من الله سبحانه الهداية إلى دينه والإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وآله وبولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام.

س 5: نرى الكثير من الأساتذة الجامعيين الذين حصلوا على شهادة تخرجهم من الجامعات الغربية يحاولون أن يطبقوا ما تعلموه من الحضارة الغربية المنحلة دينياً وخلقياً من قبيل (السلام الأجنبي أو التميع وخاصة مع الطالبات) أو نشر الأفكار الغربية المسمومة التي سلّم الأستاذ بصحتها، فكيف تنصحون؟

بسمه تعالى:

ما أفهمه أن الإنسان يعتز بحضارته

ص: 86

وتراثه وتاريخه، فعندما ينعقد محفل دولي أو تجمع إنساني ترى كل شخص يظهر بزي بلاده ويتكلم لغة قومه ويؤدي شعائر أمته ويحيي بتحية أهله. خصوصاً لمن يملك مثل تاريخنا المضيء الذي أنار للأجيال، فلماذا هذه التبعية المقيتة للغرب؟ ولماذا نتنازل عن مُثلنا الإنسانية العليا لمصلحة سلوكياتهم الحيوانية المنحطة؟ وماذا يخسر هذا الأستاذ وماذا يضره لو ظل محافظا على أخلاقه ومبادئه وتقاليده الصحيحة؟ إنها الهزيمة من الداخل وعقدة الحقارة والنقص التي يشعر بها هذا الأستاذ أمام الغرب، وما النقص في هذه المثل العليا التي نحملها وإنما النقص فينا، فإن هذه القيم تلتقي مع التطور العلمي وتحث عليه وتدعو إليه. قال تعالى «هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ» واستعمركم فيها أي طلب منكم إعمارها وإصلاحها.

إن الغرب عندما يستهينون بمبادئنا

ص: 87

وتقاليدنا فلأنه يعلم إنها خير محض وإنها تهب السعادة والطمأنينة للبشرية، فيحسدنا على هذه النعمة، مما يدفعه إلى إغرائنا بتركها بشتى الطرق ويصورها لنا وكأنها تخلف ورجعية وعدم تحضر، ولو درسنا حياة الغربيين ونظرنا إليهم نظر الناقد الخبير لوجدنا عندهم العجائب، ففي اليابان يقام احتفال يتبارى فيه المتسابقون على كثرة ما يزدرد من شطائر الطعام، وتوضع تلول الشطائر على مائدة وهم يلتهمونها كالحيوانات، ففي أي مقياس يكون هذا عملاً إنسانيا متحضراً؟ وفي إسبانيا يقام احتفال سنوي تنطلق فيه ثيران المصارعة من مأواها إلى ساحة ملعب المصارعة مخترقة شوارع المدينة والناس يزدحمون أمامها وهم يركضون وهي خلفهم فربما قتلت هذا وجرحت ذاك، وهم يعتبرونه مهرجاناً سنوياً ينتظره المتحضرون بفارغ الصبر وتنقله شاشات التلفزيون وكأنه حدث إنساني عظيم، وهذه شريعة الغرب التي يحكم

ص: 88

بها الغرب المتحضر شعوب الدنيا، فهو مستعد لسحق البشرية كلها من أجل مصالحه، وإذا كان الحيوان المفترس يكتفي بضحية واحدة يشبع بها بطنه فإن نهمهم لا يقف عند حد، وطمعهم لا حدود له، فهو أشرس وأسوء من الحيوانات المفترسة... وهذا الهوس والجنون الذي يرافق مباراة كرة القدم وتقام لها الطقوس العبادية ومهرجانات الحب والولاء وتهدر على أقدامها مليارات الدولارات! وأصبحت معبودة الجماهير فهم يعترفون إنها إله تؤدى إليه مراسيم الطاعة والولاء ويتقاتل عليها الناس، وتجوع الدول من أجل أن يكون لها فريق قوي، وقد تحدث الحروب بين الدول من أجلها ويشارك في تعظيمها الصغير والكبير إبتداءً من رؤساء الدول حتى الفقير الذي لا يملك قوت يومه.

فهل سأل واحد منهم نفسه ماذا قدمت كرة القدم للبشرية وهل هذا يعقل إن هذا كله من أجل كرة جلدية تدخل في مرمى هذا أو

ص: 89

مرمى ذاك؟ وماذا سيكون حال المجتمع الإنساني لو وظفت هذه المليارات والجهود فيما يصلح حال البشرية في دنياها أو آخرتها؟ وهل إن وجود الإنسانية عبث لا غاية وراءه حتى يقضي حياته بالعبث واللهو؟ قال تعالى: «وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ.»

وكل توظيف للشيء في مجاله الصحيح فهو عبادة لله سبحانه، فهذا التطور التكنولوجي ما دام مسخراً لخدمة البشرية وتوفير السعادة لها فهو عبادة وطاعة لله سبحانه، وهذا النقد الضخم مادام موظفاً في إدارة الأعمال وإقامة المشروعات النافعة، وإن استغل في الربا وامتصاص دماء الضعفاء أو اكتنز بلا فائدة فهو معصية وجعل الشيء في غير موضعه الصحيح، وهكذا.

وأعتقد إني خرجت عن مقدار السؤال لكن ما ذكرت هو من الأفكار المهمة التي يجب أن يعيها المؤمنون خصوصاً الطبقة

ص: 90

المثقفة منهم كأساتذة وطلبة الجامعات.

س 6: هل يجوز وضع العطر بالنسبة للطالبة الجامعية علماً أنها في مكان يتواجد فيه الجنس الآخر؟

بسمه تعالى:

هذا من الزينة التي لا يجوز إظهارها لغير المحارم. وقد علمت أن بعض أنواع العطور تثير الشهوة الجنسية وتسبب فتنة لدى الجنس الآخر وقد تَفَتَّقَ ذهن شياطين الإنس عن عطور تحرّك الهورمونات المسؤولة عن إثارة الشهوة الجنسية وتدفع صاحبها بقوة إلى تلبية هذه الرغبة، فتحصل مفاسد اجتماعية وخيمة «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» (النور: 63).

س 7: هنالك بعض الطالبات غير محجبات لكنهن طيبات القلب وليس لديهن سوء وعندهن مبرر لخلع الحجاب، وهو إن الشباب لا يتقدمون لخطبة الشابة المجهولة

ص: 91

الحال من ناحية الجمال لأن الحجاب يخفي الكثير من محاسنها، فهن يقدمن على خلع الحجاب حتى لا يبقين (عوانس) بالتعبير العرفي، فبماذا تنصحون الشاب والشابة بخصوص هذا الموضوع؟

بسمه تعالى:

إن طيبة القلب وإن كانت أمراً مهماً ومقرباً إلى الله سبحانه لكنه لا يكون مؤثراً ونافعاً أمام الله سبحانه إلا إذا وافق طاعة الله سبحانه، كالماء إذا سقيت به نباتاً طيباً وأرضاً طيبة يخرج ثمرة طيبة وإذا سقيت به أرضاً خبيثة يخرج نباتاً خبيثاً، فلا بد أن يقترن القلب الطيب والإيمان مع العمل الصالح. والقرآن شاهد على ذلك فإنه دائما يقرنهما: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ.» فلا يكفي الإيمان ولا طيبة القلب وحده للنجاة والفوز عند الله سبحانه، وأما هذا المبرر المذكور فليس مسوغاً بل هو من تسويلات الشيطان فإن الشاب الخاطب يمكن أن يرسل

ص: 92

أهله لرؤيتها ثم يمكنه الالتقاء بها والتعرف عليها مع اقتصارها على الحجاب الضروري، ثم ألا تعلم هذه البنت أنها حينما تخلع الحجاب فإنها سوف لا تحظى بزوج مؤمن يكفل لها سعادتها وكرامتها لأن مثله لا يخطب مثلها، وإذا تقدم لها إنسان غير مؤمن، فإنها هي سترفضه لأنها طيبة القلب ومؤمنة وتريد المؤمن وسيؤدي ذلك إلى بقائها بلا زواج وسيتحقق عكس ما أرادت تطبيقاً للحديث الشريف الوارد عن الإمام الحسين عليه السلام:

(من حاول أمراً بمعصية الله كان أفوت لما يرجو وأقرب لما يحذر)، وتذكروا قوله تعالى: «وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ» «أَ لَيْسَ اللّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ.»

س 8: مع اقتراب نهاية السنة الدراسية للمرحلة الأخيرة حيث يتخرج الطالب ويأخذ موقعه الوظيفي في بناء البلد تقام حفلات التخرج والتقاط الصور وهي مقرونة بمحرمات عديدة كالتبرج والرقص المختلط والموسيقى

ص: 93

الماجنة، فما هو توجيهكم لأبنائكم من طلبة الجامعات؟

بسمه تعالى:

إن هذه النقلة تمثل منعطفاً حاسماً في حياة الإنسان لأنه يتحول من دور التلقّي والأخذ إلى مرحلة العطاء والإفادة وقد توفرت له عدة عوامل ساعدته على الوصول إلى هذه المرحلة فلو لم يتحقق له واحدة منها (كنفقة أهله عليه أو حصوله على معدل مناسب أو توفّر الاختصاص المناسب له) لما تمّت له هذه النتيجة، وحينئذٍ عليه أن يستذكر كل هذه النعم لله تعالى ليكون له من الشاكرين، ومن مظاهر هذا الشكر طاعته تبارك وتعالى وعدم معصيته، فمن غير المعقول أن يعصيه بالنعمة التي منّ عليه بها «هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ،» كما أنه لا يناسبهم وهم قادمون على تسلّم مواقع المسؤولية في البلدان أن يكونوا بهذه الدرجة من الخفّة والنزق والصبيانية.

ص: 94

أنا لا أريد أن أمنع من الاحتفال بهذه المناسبة لأن من حق الطالب الجامعي أن يسجل ذكريات هذه المرحلة من حياته ويترك بصماتها في تأريخه لكن لا على حساب دينه وأخلاقه ومكانته الاجتماعية، وأنا أعلم أن هذه المناسبة تتضمن حفلات مختلطة بموسيقى ماجنة وتبرّج وخلاعة وكأن القلم يُرفع في هذه الأيام ويأخذ الملكان اللذان يسجّلان على الإنسان أعماله إجازة فلا يلتزمان بقوله تعالى «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ،» فأدعو أحبائي الطلبة أن يرشّدوا هذه الحالة ويهذّبوها، فيلتقطون صوراً تذكارية من دون هذا الصخب والضجيج، أو ينظموا احتفالات رزنة ذات برامج تثقيفية ومسلية خالية من الفحش والبذاءة، وفعاليات جميلة وغيرها من البدائل التي لا تخفى على شبابنا المؤمن الغيور المتميز بالإبداع والابتكار.

ص: 95

الفهرس

الفصل الاول توجيهات ثقافية وأخلاقية للشباب 5

الفصل الثاني من مشاكل الشباب ممارسة العادة السرية 15

الفصل الثالث نصائح إلى طالبات الأقسام الداخلية 35

الفصل الرابع إقامة علاقات مع الطالبات لهدايتهن 47

الفصل الخامس السلوك العفيف في الجامعات العراقية 57

الفصل السادس من فقه الجامعات 65

الفهرس 96

ص: 96

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.