في رحاب حكومة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: طبسی، نجم الدین، 1334-

عنوان العقد: في رحاب حكومة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف). العربية

عنوان واسم المؤلف: في رحاب حكومة الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف/ نجم الدین الطبسي؛ ترجمة احمد سامي وهبي

تفاصيل المنشور: قم: دلیل ما، 1383.

مواصفات المظهر: 287ص.

ISBN : 9643970337 ؛ 22000ریال(طبعة رابعة)

حالة الاستماع: فاپا

ملاحظة : العربیة

ملاحظة : الطبعة الثانية

ملاحظة : طبعة رابعة: 1385

ملاحظة : فهرس: ص. 263- 279؛ أيضا مع الترجمة.

عنوان : المهدية.

مهدویت -- انتظار.

المعرف المضاف: وهبی، احمدسامی، مترجم

ترتيب الكونجرس: BP224/ط25چ 5043 1383

تصنيف ديوي: 297/462

رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 83-17981

ص: 1

اشارة

في رحاب حكومة الإمام المهدي (علیه السلام)

ص: 2

في رحاب حكومة الامام المهدي (علیه السلام)

تأليف: نجم الدين الطبسي

ترجمة: أحمد سامي وهبي

الناشر : دليل ما

المطبعة : نگارش

الطبعة : الثاني

سنة النشر : 1425 ه.ق

عدد النسخ: 3000 نسخة

شابک (ردمک) : 7- 033- 397 - 964 ISBN

العنوان : ایران ، قم ، شارع معلم ، زقاق 29، برقم 448

هاتف وفکس: 7733413، 17744988 (98251)

صندوق البريد: 1153- 37135

انتشارات دلیل ما

الطبسی ، نجم الدین، 1334 -

في رحاب حكومة الامام المهدي (علیه السلام)/ نجم الدين الطبسی ؛ ترجمه احمد سامي وهبی. - قم: دلیل ما، 1383. 288 ص.

ISBN 964- 397 - 033 -7

فهرستنویسی بر اساس اطلاعات فیپا .

عربی ، چاپ دوم: 1383

عنوان اصلی: چشم اندازی به حکومت مهدی(علیه السلام)

کتاب حاضر تحت عنوان " چشم اندازی از حکومت مهدی(علیه السلام) به زبان فارسی ترجمه شده است.

1. مهدویت. 2. مهدویت -- انتظار. الف. وهبی، احمد سامی، مترجم. ب. عنوان. ج. عنوان: چشم اندازی از حکومت مهدی (علیه السلام).

5042چ 25 ط /224 BP

297/92

کتابخانه ملی ایران 17981- 83 م

ص: 3

في رحاب حكومة الإمام المهدي (علیه السلام)

قراءة شاملة في معالم حكومة الإمام المهدي عليه السلام

وأوضاع العالم قبل الظهور

الشيخ نجم الدين الطبسي

ترجمة : الشيخ أحمد وهبي

ص: 4

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

ص: 5

المقدمة

كانت منطقة شوش دانیال قد حررت حديثاً من مخالب المعتدين. وكان الناس يعودون تدريجياً إلى المدينة. وقد كان لي شرف الحضور مع جمع من المقاتلين الأعزاء في ذلك الوقت. في تلك الفرصة في مسجد تلك المدينة التاريخية «المسجد الجامع» درست بعض الدروس في موضوع إمام الزمان (علیه السلام)، على أساس کتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي رحمة الله .

التفتُّ في ذلك الوقت إلى أمرٍ مهمٍّ وهو أنه وإن كانت مباحث مختلفة قد طرحَت في موضوع إمام الزمان (علیه السلام)مثل: سر طول العمر، فلسفة الغيبة، عوامل الظهور، وغيرها، ولكن التحقيق والبحث في كيفية قيامه ، نظامه الحكومي، وأسلوب حكمه (علیه السلام) لم يتحقَّق كما هو المطلوب و المأمول. لذلك، قررّت أن يكون لي تحقيق في هذا المجال، عسى أن أستطيع الإجابة على الأسئلة المطروحة من قبل كثير من الناس عامة والمتابعين خاصة .أحدى الأسئلة التي شغلت ذهن أكثر النّاس، هي كيف سيقوم الإمام(علیه السلام) بإزالة الأنظمة السياسية المختلفة التي تمتلك أفكاراً مختلفة وقدرات كبيرة ويشكل نظاماً عالمياً واحداً؟ كيف هو نظام

ص: 6

الإمام وبرنامجه الحكومي، الذي لن يكون فيه ظلم وجور، ولا يوجد فيه فساد، وليس في أكنافه فقر وجوع !؟ هذه الفكرة دفعتني للتحقيق، والبحث في الموضوع المذكور مدة أربع سنوات، وكانت نتيجته هذا الكتاب الذي هو بين يديكم.

في الباب الأول من هذا الكتاب تم البحث في روايات أوضاع العالم المشحونة بالحرب، والقتل، والدمار، والقحط، والموت، والمرض، والظلم، والجور، والخوف، والعدوان (قبل ظهور الإمام(علیه السلام)) ویستنتج منها أن الناس في ذلك الزمان قد يئسوا من الأهداف، والمذاهب، والحكومات المختلفة التي يدَّعي كلٌّ منها مراعاة حقوق البشر، وخلاصهم، وقطعوا الأمل من تحسن أوضاع العالم السيئة، وهم يقضون أيامهم في انتظار ظهور مصلحٍ يكون المنقذ لهم.

الباب الثاني من الكتاب قراءة في كيفية قيام وثورة الإمام المهدي (علیه السلام) العالمية، النهضة التي تبدأ بإعلانها من جانب الكعبة، وكيف يلتحق به أصحابه وأتباعه الحقيقيون من أنحاء العالم، ويُشَكّٙل أركان القيادة، وتنتظم الجيوش، ويعين القادة، وتبدأ العمليات على مساحة

واسعة.

يظهر الإمام المهدي (علیه السلام)، ويبدأ بقلع جذور الظلم والظالمين من المجتمع. هذا المجتمع ليس محدوداً بأرض الحجاز، بل هو بسعة الكرة الأرضية. وإصلاح مجتمع كهذا مليء بالظلم والفساد عمل صعب جداً، ومن يدَّعيه هو في الحقيقة يدَّعي معجزةً كبيرة ، وهذه المعجزة ستتحقق على يديه .

ص: 7

الباب الثالث من الكتاب قراءة في معالم حكومة الإمام (علیه السلام). فهو يشكّل - من أجل إدارة عالم تحرر من الظلم والفساد، وتحقيق حكم الإسلام - دولة قوية وفعَّالةً، من أصحابٍ أقوياء في زمانه، وعظماء من التاريخ أمثال النبي عیسی (علیه السلام)، سلمان الفارسي، مالك الأشتر، وغيرهم من السَلَف الصالح، وإن دورهم في الإطاحة بحكومات الجور وإن كان لا يمكن إغفاله، إلا أن الدور الأساسي لهم يكون في إصلاح العالم في ظل حكومة الإمام المهدي(علیه السلام) العالمية .

إن ما ذكر في هذه المقدمة باختصار، جاء في الكتاب الذي بين أيديكم بشكل مفصل، وبالأدلة، مع الاستفادة من عشرات الكتب من السنة والشيعة، ودراسة مئات الروايات .

الأمل أن يكون هذا الكتاب قد تمكن من رسم لمحة - وإن كانت غير كافية - عن المجتمع الإسلامي بعد ظهور عدل آل محمد(صلی الله علیه و اله) ، وأن يكون مقبولاً عند إمام الزمان (علیه السلام) ، ومفيداً لمسلمي العالم، والمنتظرین الواقعيين، ويهيّٙئهم لتمهيد الأرضية لظهوره (علیه السلام).

نسأل الله العظيم أن يحشر الإمام المرجع الكبير الخميني (قدس سره) - الذي أرانا مظهراً من حكومة المهدي(علیه السلام) في إيران - مع الأنبياء والمعصومين، وأن يؤید خدَّام أهل البيت ودولة أهل البيت في حراسة أم القرى هذه.

من الضروري هنا أن نذكّٙر بعدة أمور: 1 - نحن لا ندعي أننا في هذا الكتاب قدَّمنا مبحثاً جديداً، لأن رواياته قد جمعها العلماء سابقاً، وقد توصلوا إلى نتائج في

ص: 8

بعض الموارد. ولكن خصوصية هذا الكتاب في أننا قد سعينا إلى أن نقدم مطالب جديدة في قالب بعيد عن الاصطلاحات الخاصة والنزاعات الدينية، وفي مستوى فهم عامة الناس.

2 - الاستنتاجات التي أخذت من الروايات، ولم تسند إلى أحد ما، هي رأي شخصي للكاتب . لذلك من الممكن استنتاج مطالب أخرى من خلال دقة أفضل وتحقيق أعمق ، وقياس الروايات بعضها على بعض.

3 - كذلك لا ندَّعي أن جميع الروايات التي استند اليها هذا الكتاب صحيحة وغير قابلة للجرح، بل كان السعي لنقل ما جاء به المحدثون والمؤلفون المعتبرون في كتبهم. ولم يتم البحث في سند الروايات، إلا في بعض الموارد، لأننا لسنا في مقام إثباته أو نفيه. إضافة إلى أننا في كثير من الموارد نقطع بصدور الرواية بالتواتر الإجمالي، وخاصة في الروايات التي وصلت عن طريق أهل البيت .

4 - روایات هذا الكتاب جمعت قبل تألیف و تدوین کتاب «معجم أحاديث الإمام المهدي»، الذي كنت أحد المحققين الذين ساهموا في تأليف هذه الموسوعة القيّٙمة لهذا نُرجع المشتاقين لمزيد من التحقيق في هذا المجال إلى ذلك الكتاب الذي - بحمد

الله - وفقنا إلى جمعه وتأليفه ونشره بعد هذا الكتاب .

5- في كثير من الروايات فُسّٙرت كلمة الساعة والقيامة بظهور الإمام المهدي (علیه السلام)، لهذا السبب جاءت الروايات بعنوان شرائط أو علائم الساعة والقيامة، أوردت في هذا الكتاب تحت عنوان علائم الظهور.

ص: 9

6 - بعض مباحث الكتاب تحتاج إلى تحقيق أكثر، وإن كان قد بذل السعي لتوضيحها، على أمل التوفيق الإلهي في أن ننشر هذا الكتاب بتحقيق أكثر في الطبعات التالية.

في الخاتمة تطبيقاً لمن لم یشکر المخلوق لم یشکر الخالق من اللازم أن أقدم شكري وتقديري للأخوة والأصدقاء، وبالأخص إلى أخوي الكريمين، حجة الإسلام محمد جواد الطبسي، وحجة الإسلام محمد جعفر الطبسي لإرشاداتهما، وحجة الإسلام علي رفيعي، والسيد محمد حسيني الشاهرودي على نسخ وتنظيم مباحث الكتاب .

قم - نجم الدين الطبسي

1373 ه.ش.

ص: 10

الباب الأول العالم قبل الظهور

اشارة

ص: 11

ص: 12

العالم قبل الظهور

عندما نكون في الضوء، نادراً ما نشعر بقيمته. وإنما ندرك

قيمته الحقيقية عندما نقع في الظلمة.

حين تشرق الشمس في فضاء السماء، قليلاً ما ننتبه إليها، ولكن حين تختفي وراء الغيوم ويتأخر نورها وحرارتها عن الموجودات مدَّة من الزمن نعرف قيمتها.

نحن إنما نحسّ بضرورة ظهور شمس الولاية في الوقت الذي نعرف فيه الظروف والأوضاع السيئة ما قبل الظهور ، وندرك الشرائط الصعبة لذلك الزمن .

الصورة العامة المأخوذة لذلك العصر من الروايات هي كالتالي :

قبل ظهور إمام الزمان(علیه السلام) تعم الفتنة والاضطراب، الهرج والمرج، الحرب، عدم الأمن، عدم المساواة والإجحاف، والمتل والمجازر والعدوان في كل مكان، وتمتلئ الأرض بالظلم والجور .

ص: 13

تنشب الحروب الدموية بين شعوب وبلدان العالم. وتمتلئ الأرض بالقتلى. يكثر القتل ظلماً إلى حدّٙ أنه لا يبقى بيت وعائلة لم تفقد واحداً أو أكثر من أعزائها. يفني الرجال والشباب على أثر الحروب إلى حدّٙ أنه يقتل إثنان من كل ثلاثة أشخاص.

يفقد الأمن على الأموال والأنفس بين الشعوب، ولا تعود الطرق آمنة، ويسيطر على البشر الخوف والوحشة والفزع. يكثر الموت السريع والمفاجئ. يُقتل الأطفال الأبرياء بأبشع أنواع التعذيب على يد الأمراء الظلمة. يُعتدي على النساء الحوامل في الشوارع. تنتشر الأمراض المعدية والمميتة - قد يكون ذلك على أثر تعفّن أجساد القتلى أو استعمال الأسلحة الميكروبية والكيميائية - تُعطل حياةُ الناس، ويشكون الناس قلة المواد الغذائية، والغلاءوالقحط، وتمتنع الأرض عن قبول البذر وعن النمو والاخضرار . ينقطع المطر، أو یهطل في غير وقته فيتسبب بالأضرار. وعلى أثر الجفاف تصعب الحياة، حتى أن بعض الناس من أجل تأمین ما يسدّون به رمقهم يبيعون بناتهم بقليل من الطعام.

في تلك الظروف الصعبة، يسيطر اليأس على البشر، ويصير الموت أفضل هدية عند الناس، والأمل الوحيد عندهم انتهاء مدة الحياة . في ذلك الوقت عندما يمر شخص بين القتلى وقرب المقابر يتمنى أن يكون أحدهم لكي يرتاح من الحياة الذليلة.

في ذلك الوقت لا توجد قوة أو مؤسسة أو تنظيم يستطيع أن يلجم كل هذه الاضطرابات والعدوان والقتل، ويُنزل بالظالمين والأقوياء جزاء أعمالهم السيئة. ولا يصل إلى الآذان أي نداء من أجل تحرير الناس. لايقوم مدَّعو العمل لخلاص البشر، الخونة

ص: 14

الكاذبون، بأي عمل، فيتطلَّع البشر بلهفة ماسة إلى ظهور مصلح إلهي، ومعجزةٍ تظهر بلطف الله ورحمته .

في ذلك الحين حيث يسيطر اليأس على الجميع، يظهر المهدي الموعود (علیه السلام)بعد سنوات من الغيبة والانتظار، من أجل خلاص البشرية. ويصل النداء السماوي إلى الآذان في كل أنحاء العالم بأن عصر الأمراء والظالمين قد انقضى ويبشّر بحلول عهد حكومة العدل الإلهي، وبظهور المهدي (علیه السلام).

هذا النداء السماوي يبعث روح الأمل في هيكل البشرية المحطم، ويبثُّ للمحرومين والمظلومين بشرى الحرية .

ص: 15

ص: 16

الفصل الأول: الحكومة

اشارة

قوانين الأديان والمذاهب إنما تطبق في المجتمع في الوقت الذي تساندها فيه حكومة ما. من هذه الناحية تسعى كل جماعة للحصول على الحكومة من أجل تحقيق أهدافها. الإسلام أيضاً - الذي هو أعظم دین سماوي - يعمل لتشكيل حكومة إسلامية، ویری أن إقامة وحفظ حكومة الحق من أعظم الفرائض.

نبي الإسلام الأعظم (صلی الله علیه و اله)بذل كل جهده من أجل تشکیل الحكومة الإسلامية وبني قواعدها في المدينة. بعد رحيل النبي(صلی الله علیه و اله) - رغم أمل الأئمة المعصومين(علیهم السلام) ، والعلماء بتشكيل الحكومة الإسلامية - لم يكن هناك حكومة إسلامية إلا في موارد معدودة على الأصابع، وأكثر الحكومات إلى زمان ظهور الإمام المهدي (علیه السلام)ستكون حكومات باطلة .

رُسِمت في الروايات عن النبي (صلی الله علیه و اله)والأئمة(علیهم السلام)، صورة عامة للحكومات قبل قيام المهدي (صلی الله علیه و اله)، نشير إلى موارد منها :

ص: 17

أ - الإستبداد:

إحدی المسائل التی یتألم منها المجتمع البشری قبل ظهور الإمام(علیه السلام)، هي الظلم الذي يجري على الناس من قِبَلِ الحكومات . يقول رسول الله (صلی الله علیه و اله)، في هذا المجال :

«تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً حتى يدخل كل بيت خوف وحرب فيسألون درهمين فلا يعطونه»(1).

ويقول الإمام علي (علیه السلام):

«تملأ الأرض ظلماً وجوراً، حتى يدخل كلَّ بيتٍ خوف وحزن»(2). وعن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر(علیه السلام) يقول : «لا يقوم القائم إلا على خوف شديد»(3) .

هذا الخوف والفزع أمر ينبع غالباً من حكَّام العالم الظالمين والمتكبرين؛ لأنه قبل ظهور الإمام (علیه السلام)يكون الظالمون هم الحكام على العالم.

وعن أبي جعفر (علیه السلام):

ص: 18


1- إبن أبي شيبة ، المصنف، ج15، ص89. کنز العمال، ج14، ص 584
2- کنز العمال، ج14، ص854. إحقاق الحق، ج13، ص317
3- الشجري، الأمالي، ج2، ص156. أنظر النعماني، الغيبة، ص253. الطوسي، الغيبة، 274 . إعلام الوری، ص428. مختصر بصائر الدرجات ص 212. إثبات الهداة ، ج3، ص540. حلية الأبرار، ج3، ص626. بحار الأنوار، ج52، ص23. بشارة الإسلام، ص82. عقد الدرر، ص64. القول المختصر ص26. المتقي الهندي، البرهان، ص74. السفاريني، اللوائح، ج3، ص8

«لا يخرج المهدي حتى يرقى الظلمة»(1).

عن ابن عمر: «يتمنى ذو الشرف والمال والولد الموت بما يرى من البلاء من ولاتهم»(2) .

الأمر الملفت للانتباه هو أن أتباع النبي (صلی الله علیه و اله) لا يتألمون بسبب عدوان وهجوم القوى الأجنبية فقط، بل هم في شقاء من قبل حكوماتهم المستبدة أيضاً، بحيث أن الأرض على اتساعها تضيق بهم، ويحسّون أنهم في سجن كبير .

الآن في العالم الإسلامي لا يوجد بين قادة البلدان الإسلامية - في غير إيران التي هي بعناية الله عز وجل والإمام المهدي(علیه السلام) - دولة يحكم فيها فقيه عادل - وبين الإسلام والمسلمین روابط جيدة وهم غرباء عنهما .

هناك روايات في هذا المجال جاء فيها: عن رسول الله (صلی الله علیه و اله)أنه قال :

«ينزل بأمَّتي في آخر الزمان بلاءٌ شديد من سلطانهم لم يسمع ببلاء أشد منه، حتى يضيق عليهم الأرض الرحبة حتى تملأ الأرض جوراً وظلماً، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم ...»(3).

صُرّٙح في بعض الروايات بابتلاء المسلمين بقادة مستبدين، وبشَّرت بعد حكمهم الظالم بظهور مصلح عالمي، في هذه

ص: 19


1- إبن طاووس، الملاحم، ص77
2- عقد الدرر، ص333
3- الحاكم، المستدرك، ج4، ص465. عقد الدرر، ص43. إحقاق الحق، ج19، ص664

المجموعة من الروايات أُخبِر عن ثلاثة أنواع من الحكومات التي حکمت بعد رسول الإسلام الأكرم(صلی الله علیه و اله) . هذه الأنواع الثلاثة للحكومة هي عبارة عن :

1 - الخلفاء .

2 - الأمراء .

3 - الملوك . وبعدها يحكم الجبارون . عن النبي (صلی الله علیه و اله):

«سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً»(1).

ب - تركيب الدول

الناس إنما يعيشون في راحة عندما يكون موظفو الدولة أفراداً صالحین ومتخصصين؛ ولكن عندما يصير الحكام على الناس أشخاصاً غير صالحين، من الطبيعي أن الناس سيعانون من الألم والعذاب ؛ هذه الوضعية عينها تسود قبل ظهور الإمام المهدي(علیه السلام). في ذلك الوقت يحكم هذه الدول أشخاص خائنون وفاسقون وظالمون.

ص: 20


1- المعجم الكبير، ج22، ص375. الإستیعاب، ج1، ص221. فردوس الأخبار، ج5،ص456. کشف الغمة، ج3، ص264. إثبات الهداة، ج3، ص596

عن النبی(صلی الله علیه و اله): «یکون ولاة جَوَرة، وأمراء خَوَنة، وقضاة فسقة، ووزراء ظلَمَة»(1).

ج - نفوذ النساء في الحكومات:

إحدى الأمور الأخرى التي تسود في حكومات آخر الزمان سلطة ونفوذ النساء، اللواتي يحكمن الناس إما بشكل مباشر، أو بإخضاع القادة لسلطتهن. فيؤدي هذا الأمر إلى نتائج مؤلمة. يقول الإمام علي (صلی الله علیه و اله)في هذا المجال :

«ليأتينَّ على الناس زمان یُطرَّف (یُظرَّف) فيه الفاجر، ويُقرَّب فيه الماجن، ويضعَّف فيه المنصف. قال : فقيل له : متى ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال : إذا اتُّخذت الأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، والعبادة استطالة، والصلة منَّا، قال: فقيل: متى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إذا تسلّطن النساء، وسلَّطن الإماء، وأُمّٙر الصبيان ...»(2).

د - حكم الصبیان:

الحكام يجب أن يكونوا أشخاصا ذوي تجربة وخبرة بالإدارة لكي يعيش الناس في راحة وأمان. فإذا تسلَّم إدارة الأمور الصبيان أو السفهاء، فلا بد من اللجوء إلى الله من شر الفتنة التي ستحدث .

من المناسب في الموضوع ذكر روايتين :

ص: 21


1- الشجري، الأمالي، ج2، ص228
2- الكافي، ج8، ص69. بحار الأنوار، ج52، ص265 - 278

عن النبي (صلی الله علیه و اله): «تعوذوا بالله من رأس السبعين(1)، وإمارة الصبيان»(2) .

«وعن سعيد بن المسيب : تكون فتنة، كان أولها لعب الصبيان»(3).

ه - تزلزل الحكومات:

الحكومة القادرة على خدمة شعبها هي التي تمتلك استقراراً سیاسياً؛ لأنه في حال تغير الأوضاع لن تكون قادرة على إنجاز الأعمال الكبرى في الوطن.

الحكومات في آخر الزمان في حالة تزلزل فقد تأتي حكومة في أول النهار، وتُنحَّی عن الحكم عند الغروب .عن أبي عبد الله(علیه السلام) :

«كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا عَلَم، يتبرأ بعضكم من بعض، فعند ذلك تميزون وتمحَّصون وتغربلون، وعند ذلك اختلاف السيفين، وإمارة من أول النهار، وقتل وخلع من آخر النهار ...»(4).

ص: 22


1- لعلَّ المراد برأس السبعين الفترة التي أعقبت موت معاوية بن أبي سفيان، فقد مات على رأس السبعين للهجرة، ثم تولى بعد ذلك يزيد بن معاوية ومروان بن الحكم لأشهر قليلة ثم أربعة من أبنائه، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة عندما سألوه أن يطلب بيعة مروان بن الحكم: «لو بایعنی بكفه لغدر بسبته ، أما إنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه وهو أبو الأكبش الأربعة وستلقى الأمّة منه ومن وَلَدهِ يوماً أحمر» (الكلام 73)
2- احمد، المسند، ج2، ص326، 448
3- ابن طاووس، الملاحم، ص60
4- كمال الدین، ج2، ص348

و - ضعف القدرة على إدارة البلدان:

قبل ظهور إمام الزمان (علیه السلام)يعتري الحكومات الظالمة الضعف و هذا یشکل أرضیة لقبول حکومة الإمام المهدی (علیه السلام) العالمیة.

يروي محمد بن فضيل عن علي بن الحسين الإمام السجاد (علیه السلام)في شرح الآية الكريمة «حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا»(1). «ما يوعدون في هذه الآية القائم المهدي وأصحابه وأنصاره، وأعداؤه تكون أضعف ناصراً، وأقل عدداً إذا ظهر القائم(علیه السلام)» (2).

ص: 23


1- سورة الجن، الآية 24
2- الكافي، ج1، ص432. نور الثقلین، ج5، ص 441. احقاق الحق، ج13، ص329. ينابيع المودة ص429. المحجة، ص132

ص: 24

الفصل الثاني : الوضع الديني

اشارة

في هذا الفصل سننطلق إلى دراسة وضع الناس الديني قبل ظهور إمام الزمان (علیه السلام). يفهم من الروايات أنه في ذلك العصر لن يبقي من الإسلام والقرآن إلا الاسم، والمسلمون يكونون مسلمين إسماً فقط. المساجد لا تعود محلًا للإرشاد والموعظة. أكثر فقهاء ذلك الزمان أسوأ الفقهاء على الأرض، ويباع الدين بأرخص الأثمان.

أ - الإسلام والمسلمون:

الإسلام يعني التسليم للأوامر الإلهية. الإسلام أعظم وأفضل الأديان فهو يحقق للبشر سعادة الدنيا والآخرة؛ ولكن القيمة للعمل بقوانين الإسلام والقرآن.

في آخر الزمان يصير كل شيء معکوساً؛ القرآن حاضر في المجتمع ولكنه خطوط منقوشة على الأوراق فقط، والمسلمون ليس فيهم من الإسلام إلّا الإسم وليس لديهم من الإسلام أي علامة .

ص: 25

قال النبي (صلی الله علیه و اله):

«سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا إسمه، يسمّون به وهم أبعد الناس ...(1).

وعن أبي جعفر الإمام الباقر (علیه السلام):

«... يا خيثمة! سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله وما هو

التوحيد حتى يكون خروج الدجّال ...»(2).

ب - المساجد:

المسجد مكان عبادة الله - تعالى - والدعوة الدينية وإرشاد وهداية الناس. في صدر الإسلام كانت حتى الأعمال الحكومية الهامَّة تتم في المساجد، الجهاد كان يخطط له من المساجد وكان الإنسان يعرج منها؛ ولكن في آخر الزمان تفقد المساجد أهميتها، وبدل التعليم والإرشاد الديني في المساجد يتم التركيز على عددها وتزيينها، وهي خالية من المؤمنین .

عن النبي(صلی الله علیه و اله) :

«سيأتي زمان على أمتي ... مساجدهم عامرة، وهي خراب من الهدی ...»(3) .

ج - الفقهاء:

العلماء والفقهاء والمسلمون هم حفظة دين الله - عز وجل -

ص: 26


1- بحار الأنوار، ج52، ص190
2- تفسير الفرات، ص 139
3- بحار الأنوار، ج52، ص190

على الأرض، وهم الذين يتم على يدهم هداية وإرشاد الناس. وقد استخرجوا المسائل الدينية من المنابع الشرعية بعد تحمل المشقات ، ووضعوها في متناول أيدي الناس. ولكن في آخر الزمان يختلف الوضع، وعلماء ذلك العصر يكونون أسوأ العلماء. عن النبي(صلی الله علیه و اله) :

«سيأتي زمان ... فقهاء ذلك الزمان شرّ الفقهاء تحت السماء، منهم خرجت الفتنة، وإليهم تعود»(1).

يمكن أن يقال : إنّ المقصود هم علماء البلاط والخاضعون له، الذين يبررون جرائم الملوك الظالمين والحكام المستبدين ويعطونها اللون الإسلامي؛ الذين هم مستعدون للميل إلى كل مجرم وجانٍ ، مثل وعاظ السلاطين المرتبطين بالحكام الذين يرون مواجهة أمریکا وإسرائيل خلاف الشرع. وهم الذين لا يتفوهون بكلمة مقابل جرائم إسرائيل وجرائم عملائها في قتل المؤمنين والمجاهدين، ويأتون بدليل عليه بآية أو رواية . نعم يجب أن يقال : هم أسوأ الفقهاء الذين تنشأ الفتنة منهم، وترجع إليهم .

د - الخروج عن الدين:

من العلائم الأخرى لآخر الزمان ، هي أن الناس يخرجون عن الدین. دخل الحسین بن علی (علیه السلام)علی علی ابن أبی طالب (علیه السلام)، وعنده جلساؤه ، فقال :

«هذا سیدکم، سماه رسول الله (صلی الله علیه و اله)سيداً، وليخرجن رجلُ من صلبه، شبهي شبهه في الخُلق والخَلق، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً

ص: 27


1- م. س، ج52، ص190. ثواب الأعمال، ص301. جامع الأخبار، ص29

كما ملئت ظلماً وجوراً . قيل له: ومتى ذلك يا أمير المؤمنین؟ فقال : هيهات! إذا خرجتم من دينكم كما تخرج المرأة عن ور كيها البعلها»(1).

ه - التجارة بالدين:

من الواجب على الإنسان إذا كانت نفسه في خطر أن يتخلى عن ماله ليحفظ نفسه، وإذا هدد دینه خطر أن يقدّٙم نفسه كي لا يصيب دينه؛ ولكنّ الدين في آخر الزمان يباع بثمن بخس، ومن كان مؤمناً عند الصباح يكفر عند المساء.

عن رسول الله (صلی الله علیه و اله): «ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً عند الصباح ويمسي كافراً، يبيع قوم دينهم بعرَضٍ من الدنيا قليل، المتمسك يومئذٍ بدينه كالقابض على الجمرة . أو قال: على الشوك»(2). قوله : «يصبح الرجل ...» فيه إشارة إلى ضعف البصيرة وعدم

التثبُّت عند جلّٙ الناس .

ص: 28


1- ابن طاووس، الملاحم، ص 144
2- أحمد، المسند، ج2، ص39

الفصل الثالث : الأخلاق

اشارة

تصدُّع بنيان العائلة والرحم والصداقة، وخمود العواطف الإنسانية، والقسوة من خصائص آخر الزمان البارزة.

أ - خمود العواطف الإنسانية:

يبين رسول الإسلام الأكرم (صلی الله علیه و اله)وضع ذلك العصر من الناحية العاطفية :

«... فلا الكبير يرحم الصغير، ولا القوي يرحم الضعيف، فحينئذٍ بأذن الله له بالخروج...»(1) .

وعنه (صلی الله علیه و اله):

«إن الساعة لا تقوم حتى يدخل الرجل على ذي رحمه، يسأله برحمه فلا يعطيه، والجار على جاره يسأله بجواره فلا يعطيه»(2).

ص: 29


1- بحار الأنوار، ج52، ص380، وج36، ص335
2- الشجري، الأمالی، ج2، ص271

وعنه (صلی الله علیه و اله): «من أشراط الساعة سوء الجوار، وقطيعة الأرحام ..»(1).

بعض الروايات أُوّٙلت «الساعة» بظهور الإمام(علیه السلام)(2) .

ب - الفساد الأخلاقي:

إن أي نوع من الانحراف والفساد يمكن أن يُتَحَمَّلَ بنحو ما، إلا الفساد الجنسي الذي هو صعبٌ جداً، ولا يمكن تحمله. من الانحرافات القبيحة جداً والخطرة التي يبتلى بها مجتمع ما قبل ظهور إمام الزمان (صلی الله علیه و اله)هي عدم الأمن العائلي وعدم الأمن على العرض .

في ذلك العصر ينتشر الفساد والتحلل الأخلاقي بشكل واسع . إن قبح وبشاعة الأعمال الحيوانية لبعض الناس الذين هم بصورة بشر، يزول على أثر انتشار الفساد وتکراره، ويصير كأنَّه حالة طبيعية وعادية . ويعم الفساد بحيث أنه يندر وجود شخص يستطيع منعه أو يسعى إلى ذلك .

إن احتفالات ذكرى مرور ألفي عام على الحكم الملكي في إيران وفي زمان حكم محمد رضا بهلوي، بإسم احتفال شیراز الفني التي عرضت فيها مشاهد قبيحة جداً عن الحياة الحيوانية، هذه الاحتفالات أدت إلى تصاعد اعتراض وغضب المجتمع الإيراني

ص: 30


1- أخبار أصبهان، ج1، ص274، فردوس الأخبار، ج4، ص5. الدر المنثور، ج6، ص 50. جمع الجوامع، ج1، ص845. کنز العمال. ج14، ص240
2- راجع: تفسير القمي، ج2، ص340. کمال الدین، ج2، ص465. تفسير الصافي، ج 5 ، ص 99. نور الثقلین، ج5، ص175. إثبات الهداة ، ج3، ص553 کشف الغمة، ج3، ص280. الشافعي، البيان، ص528. ابن حجر، الصواعق المحرقة، ص162، لمراجعة معاني كلمة يوم الظهور، يوم الكرّة هو يوم القيامة يرجع إلى تفسير الميزان، ج2، ص108

المسلم. ولكن في عصر ما قبل الظهور لا يكون هناك أي اعتراض، والاعتراض الوحيد إنما هو على القيام بهذه الأعمال القبيحة وسط الشوارع. هذا أكبر ما يحصل من نهي عن المنكر، وهذا المستنكر هو أعبد أهل زمانه .

لنقرأ الآن بعض الروايات لندرك شدَّة مصيبة ذهاب القيم الإسلامية

وانتشار الفساد . عن النبي (صلی الله علیه و اله): «لا تقوم الساعة حتى تؤخذ المرأة نهاراً جهاراً في وسط الطريق - تنکح - لا ينكر ذلك أحد ولا يغيره، فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول: لو نخيتها عن الطريق قليلاً»(1).

و عنه (صلی الله علیه و اله):

«والذي نفس محمد بيده لا تفنى هذه الأمة، حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم يومئذٍ من يقول : لو واریتها وراء هذا الحائط»(2).

وفي بيان آخر عن النبي (صلی الله علیه و اله):

«یتهارجون في الطريق تهارج البهائم، ثم يقوم أحدهم بأمّٙه وأخته وابنته فينكحها في وسط الطريق، يقوم واحد عنها وينزو عليها آخر، ولا يُنكر ولا يُغَيَّر، فأفضلهم يومئذٍ من يقول : لو تنحينم عن الطريق كان أحسن»(3).

ص: 31


1- عقد الدرر، ص333. الحاكم، المستدرك، ج4، ص495
2- المعجم الكبير، ج9، ص119. فردوس الأخبار، ج5، ص91. مجمع الزوائد، ج 7، ص217
3- إبن طاووس، الملاحم، ص101

وعن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر الإمام الباقر (علیه السلام): يا ابن رسول الله (صلی الله علیه و اله)متى يخرج قائمكم؟ قال:

«إذا تشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء»(1).

وهناك رواية أخرى نقلت عن الإمام الصادق (علیه السلام)بهذا المضمون(2). وينقل أبو هريرة أيضاً عن رسول الله (صلی الله علیه و اله): «لا تقوم الساعة حتى يتغايرون على الغلام كما يتغایرون على المرأة»(3) .

وقد جاءت روايات أخرى بهذا المضمون أيضاً :

عن الإمام الصادق (علیه السلام):

«إذا رأيت الرجل يعیَّر على إتيان النساء»(4).

وعنه (علیه السلام): «إذا صار الغلام يعطي كما تعطى المرأة، ويعطي قفاه لمن ابتغى»(5).

وعنه (علیه السلام): «یزف الرجال للرجال كما تزف المرأة لزوجها»(6).

ص: 32


1- کمال الدین، ج 1، ص 331
2- مختصر إثبات الرجعة، ص216. اثبات الهداة، ج3، ص570. مستدرك الوسائل، ج2، ص 335
3- فردوس الأخبار، ج5، ص229. کنزل العمال، ج14، ص249
4- الكافي، ج8، ص39. بحار الأنوار، ج52، ص257. بشارةالإسلام، ص133
5- الکافی، 8، ص38. بحار الأنوار، ج52، ص257
6- بشارة الإسلام. ص 72. إلزام الناصب، ص121

وقال (علیه السلام): «يتمشط الرجل كما تتمشط المرأة لزوجها، ويعطي الرجال الأموال على فروجهم، ويتنافس في الرجل، ويغار عليه من الرجال، ويبذل في سبيله النفس والمال»(1) .

وقال(علیه السلام) : «تكون معيشة الرجل من دبره، ومعيشة المرأة من فرجها»(2).

وعنه (علیه السلام): «عندها يغار على الغلام كما يغار على الجارية في بيت أهلها»(3).

وعن النبي (صلی الله علیه و اله): كأنك بالدنيا لم تكن إذا ضيعت أمتي الصلاة واتبعت الشهوات وغلت الأسعار وكثر اللواط »(4)

ج - تمنّي قلّة الولد:

عن النبي (صلی الله علیه و اله):

«لا تقوم الساعة حتى يحسب أبو الخمسة أنهم أربعة، وأبو الأربعة أنهم ثلاثة، وأبو الثلاثة أنهم إثنين، وأبو الإثنين أنهما واحداً، وأبو الواحد ليس له ولد»(5).

وفي رواية أخرى عن إبن مسعود قال : سمعت

رسول الله (صلی الله علیه و اله)يقول:

«ليأتين على الناس زمان يغبطون فيه الرجل بخفة الحال كما

ص: 33


1- الكافي، ج8، ص38. بحار الأنوار، ج52، ص257
2- ن.م، ج8، ص38
3- بشارة الإسلام، ص36، 76، 133
4- ن.م، ص23. إلزام الناصب، ص181
5- فردوس الأخبار، ج5، ص227

تغبطونه اليوم بكثرة المال والولد. حتی یمر أحدكم بقبر أخيه فيتمعَّك عليه كما تتمعَّك الدابة في مراعيها، ويقول: يا ليتني مكانه ، ما به شوق إلى الله، ولا عمل صالحٌ قدَّمه إلا لما ينزل به من البلاء»(1).

وعنه(صلی الله علیه و اله) أيضاً:

«لا تقوم الساعة حتى يكون الولد غيضاً»(2).

جاء في هذه الرواية «الولد غيضاً» التي تعني النَّقص والحبس(3)

- ولعلَّه بمعنى - السقط ومنع الحمل؛ ولكن جاءت في نصوص أخرى كلمة «غيظاً» بمعنى الغم والمشقة والغضب أي أن الناس في ذلك العصر يمنعون ازدياد الأولاد بإسقاط الجنين ومنع الحمل . وقد يكون ذلك بسبب أن الولد سيكون سبب الهم والحزن والغضب ، وقد يكون سبب المشاكل الإقتصادية الصعبة، وانتشار الأمراض في الأطفال وعدم وجود الإمكانات للرعاية والتشجيع في تحديد النسل، أو عوامل أخرى.

د - قلّة عدد الرجال وكثرة النساء:

عن (صلی الله علیه و اله)النبي :

«من أشراط الساعة أن يقلَّ الرجال ويكثر النساء، حتى يكون

في خمسين امرأة قيّٙمٌ واحد»(4) .

ص: 34


1- المعجم الكبير، ج10، ص12
2- فردوس الأخبار، ج5، ص221
3- أنظر الصحاح للجوهري
4- الطيالسي، المسند، ج8، ص266. أحمد، المسند، ج3، ص120، الترمذي، السنن، ج4، ص 491. أبو يعلى، المسند، ج5، ص273. حلية الأولياء، ج6، ص280، دلائل النبوة ، ج6، ص543. الدر المنثور، ج6، ص50

قد يكون هذا الوضع على أثر الخسائر البشرية من الرجال في

الحروب المتكررة والطويلة .

وعنه (صلی الله علیه و اله):

«لا تقوم الساعة حتى ينبع الرجل قريب من ثلاثين امرأة كلهن تقول: إنكحني إنكحني»(1).

وعنه (صلی الله علیه و اله): في رواية أخرى :

«يميز الله أولياءه وأصفياءه حتى يطهّٙر الأرض من المنافقين والضالين وأبناء الضالين، وحتى تلتقي بالرجل يومئذٍ خمسون، هذه تقول: يا عبد الله اشترني، وهذه تقول: يا عبد الله آوني»(2).

وعن أنس، قال رسول الله (صلی الله علیه و اله):

«لا تقوم الساعة حتى إن المرأة لتمر بالنعل فترفعها وتقول : قد كانت هذه لرجل، وحتى يكون في خمسين امرأة القيم الواحد»(3).

وعن أنس أيضاً قال: ألا أحدثكم بحديثٍ سمعتُه عن رسول الله (صلی الله علیه و اله)قال :

«يذهب الرجال ويبقى النساء»(4) .

ص: 35


1- فردوس، الأخبار، ج5، ص509
2- المفيد، الأمالی، ص 144. بحار الأنوار، ج52، ص250
3- عقد الدرر، ص 232. فردوس الأخبار، ج 5 ، ص225
4- أحمد، المسند، ج3، ص377

ص: 36

الفصل الرابع : الأمن

أ - الاضطرابات وعدم الأمن:

على أثر عدوان القوى الكبرى يُفقد الأمن عند الحكومات الصغيرة والشعوب الضعيفة، ولا يعود للحرية والأمن أي معنى . وتضيّق القوى الكبرى الحاكمة على العالم، المجال على الشعوب الضعيفة، ويزيد الاعتداء على حقوق الشعوب إلى حد أن الناس لا يبقى لديهم حق التنفس.

یصور النبی الأکرم(صلی الله علیه و اله) ذلک بقوله:

«يوشك أن تداعی عليكم الأمم كما تداعي القوم إلى قصعتهم. قال : قيل من قلّة؟ قال : لا ولكنه غثاء كغثاء السيل، بجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوكم؛ بحبكم الدنيا و کراهتكم الموت»(1).

ص: 37


1- الطيالسي، المسند، ص133 . أبو داود، السنن، ج4، ص 11. المعجم الكبير، ج2، ص101

هاتان الخصلتان القبيحتان اللتان أشار إليهما الرسول الأكرم (صلی الله علیه و اله)، کافيتان لمنع أي شعب من الوصول إلى الحرية والدفاع عن قيمه، وتجعله يأنس بحياة الذل وفي أية ظروف ولو كان بذهاب الدين وأصوله .

قال رسول الله (صلی الله علیه و اله):

«وذلك عندما تصير الدنيا هرجاً ومرجاً، ويغار بعضكم على بعض(1) ، فلا الكبير برحم الصغير، ولا القوي یرحم الضعيف . فحينئذٍ يأذن الله بالخروج»(2).

ب - إنقطاع السُّبُل :

تتسع مساحة الفوضى وعدم الأمن لتصل إلى الطرق، وتتسع دائرة قسوة القلب. في هذا الزمان يظهر الله - تعالى - المهدي (علیه السلام)، ويفتح حصون الضلالة بيده القوية. المهدي(علیه السلام) الموعود لا ينطلق إلى فتح الحصون القوية فقط، بل يفتح القلوب الغلف نحو الحقائق والمعنويات ويهيئها لقبول الحقائق .

يخاطب رسول الله(صلی الله علیه و اله) إبنته الكريمة فيقول:

«یا فاطمة! والذي بعثني بالحق، إن منهما - أي الحسن والحسين(علیهما السلام) - مهدي هذه الأمة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن وتقطَّعت۟ السُبل وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقر كبيراً، فيبعث الله - عز وجل - منهما من

ص: 38


1- بحار الأنوار، ج36، ص335 وج52، ص380
2- ن. م. ج 52, ص 154

يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان، ويملأ الدنيا عدلاً كما ملئت جوراً»(1).

ج - الجرائم المهولة:

كانت جرائم الظالمين والجلّادين على مدى التاريخ مفجعة ومخيفة . وصفحات التاريخ مليئة بظلم وجرائم الحكام الظالمين والمتعطشين لدماء الشعوب المحرومة، وجنكيز خان وهتلر و آتیلا نماذج لهم.

ولكن الجرائم التي تحصل قبل ظهور الإمام المهدي(علیه السلام) ، أكثر الجرائم التي يمكن تصورها وحشية. إعدام الأطفال الصغار بواسطة المشانق، وإحراقهم ورميهم في السوائل المغلية، تقطيع الناس بالمناشير والأسياخ المعدنية والمطاحن من الحوادث المريرة التي تحصل من قبل الحكومات التي تدَّعي الدفاع عن حقوق البشر قبل إقامة حكومة العدل العالمي. مع حدوث هذه الأعمال الوحشية تظهر أهمية حكومة الإمام المهدي(علیه السلام) التي هي ملاذ المحرومین كما تعبر الروايات .

يصور الإمام علي (علیه السلام)حوادث ذلك العصر المريرة فيقول:

«... ثم يبعث - أي السفياني - فيجمع الأطفال، ويغلي الزيت لهم فيقولون: إن كان آباؤنا عصوك فما ذنبنا، فيأخذ منهم اثنين أسمهما حسناً وحسيناً فيصلبهما، ثم يسير إلى الكوفة فيفعل بهم كما فعل بالأطفال. ويصلب على باب مسجدها طفلين اسماهما

ص: 39


1- عقد الدرر، ص 152. بحار الأنوار، ج 52، ص154، 266. إحقاق الحق، ج13، ص116. عن أبي نعيم، الأربعون حديثاً، ذخائر العقبی، ص135. ينابيع المودة، ص426

حسن وحسین ... ويخرج السفياني وبيده حربة فيأخذ امرأة حاملاً، فيدفعها إلى بعض أصحابه ويقول: أفجر بها في وسط الطريق، فيفعل ذلك ويبقر بطنها فيسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن يغير ذلك»(1).

وعن الإمام أبي عبد الله الصادق (علیه السلام)في خبر اللوح :

«ثم اكمل ذلك بإبنه رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب، ستذل أوليائي في زمانه ويتهادون رؤوسهم كما تهادی رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم، ويفشو الويل والرَّنين في نسائهم(2)، أولئك أوليائي حقاً، بهم أرفع كل فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل وأرفع عنهم الآصار والأغلال، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون»(3).

وعن ابن عباس: «يخرج السفياني والفلاني فيقتتلان حتى يبقر بطون النساء ويغلي الأطفال في المراجل»(4) .

وعن أرطاة: «يقتل السفياني كل من عصاه، وينشرهم بالمناشير، ويطحنهم بالقدور ستة أشهر»(5).

ا ین شهر آشوب، المان المؤمنين في أيامه في كمال

ص: 40


1- عقد الدرر، ص94. الشيعة والرجعة، ج 1، ص155
2- كل ذلك في زمان الغيبة لا في أيام ظهوره(علیه السلام) لأن المؤمنين في أيامه في كمال العزّة
3- کمال الدین، ج1، ص311. إبن شهر آشوب، المناقب، ج2، ص297. أعلام الوری، ص 371. إثبات الوصية، ص226
4- ابن حماد، الفتن، ص83. إبن طاووس، الملاحم، ص 51
5- الحاكم، المستدرك. ج4، من 520 الحاوي للفتاوی، ج 2، ص 65. منتخب کنز العمال ، ج6، ص31، (حاشية مسند أحمد). إحقاق الحق، ج13، ص293

د - تمنّي الموت:

قال رسول الله (صلی الله علیه و اله):

«والذي نفسي بيده !، لا تذهب الدنيا حتى يمر على القبر رَجُلٌ فيمرَّغ عليه ويقول : يا ليتني كنت مكان هذا القبر وليس به الدين إلا البلاء»(1).

من ذكر كلمة رجل في الرواية يستفاد أمران: الأول : أن هذه إبتلاءات ومشاكل ذلك العصر، وتمني الموت على أثرها، لا يختص بطائفة وشعب وجماعة خاصة، والجميع في شقاء وعذاب بسبب الحوادث الأليمة .

الثاني: أن التعبير بكلمة رجل يشير إلى شدَّة وقسوة ذلك العصر؛ لأن الرجل غالباً في مقابل المشاكل والمصاعب يقاوم أكثر من المرأة، ويستفاد من كون الرجال ليس لديهم قدرة لتحمل مشکلات ومشقات ذلك العصر أن هذه المشكلات كبيرة جداً وتقصم الظهر .

عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر(علیه السلام) : يقول :

«يا أبا حمزة لا يقوم القائم إلا على خوفٍ شدید وزلازل وفتنة وبلاء بصيب الناس، وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب واختلاف شديد بين الناس، وتشتت في دينهم وتغير من حالهم حتى

ص: 41


1- أحمد، المسند، ج2، ص636. مسلم، الصحيح، ج4، ص2231. المعجم الكبير ج9، ص 41. مصابيح السنة، ج2، ص139. عقد الدرر ص236

يتمنى المتمني الموت صباحاً ومساءً من عظِم ما يرى من کَلَب الناس وأكل بعضهم بعضاً»(1).

وينقل حذيفة الصحابي عن النبي (صلی الله علیه و اله)قوله :

«ليأتينَّ عليكم زمان يتمنى الرجل الموت من غير فقر»(2).

وعن ابن عمر: «ليأتينَّ على الناس زمان يتمنى فيه المؤمن أنه في فلك مشحون هو وأهله يموج في البحر من شدَّة ما فيه من البلاء»(3)

ه - أسر المسلمين:

عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله(صلی الله علیه و اله) فذكر الملاحم وقال في آخرها:

«ويباع الأحرار للجهد الذي يحل بهم، يقرُّون بالعبودية ، الرجال والنساء، ويستخدم المشركون المسلمين ويبيعونهم في الأمصار، لا يتحاشى لذلك بر ولا فاجر .

یا حذيفة ! لا يزال ذلك البلاء على أهل الزمان ، حتى إذا أيسوا وقنطوا وساؤا الظنَّ ألاَّ يُفرَّج عنهم؛ إذ بعث الله رجلاً من أطائب عترتي وابرار ذريتي عدلاً، مباركاً، زكياً، لا يغادر مثقال ذرة، يعزُّ

ص: 42


1- النعمانی، الغيبة، ص235. الطوسی، الغيبة، ص 274. أعلام الوری، ص428. بحار الأنوار، ج 52، ص348. إثبات الهداة، ج3، ص: 540. حلية الأبرار، ج2، ص626. بشارة الإسلام، ص82
2- ابن أبي شيبة ، المصنف، ج15، ص 91. مالك، الموطأ، ج 1، ص 241. مسلم، الصحيح،ج8، ص182. أحمد، المسند، ج2، ص236. البخاري، الصحيح، ج9، ص73. فردوس الأخبار، ج5، ص221
3- عقد الدرر، ص 334

الله به الدين والإسلام وأهله، ويذل به الشرك وأهله، يكون من الله على حذر، لا يغتر بقرابته، لا بضع حجراً على حجر، ولا يقرع أحداً في ولايته بسوط إلا في حد. يمحو الله به البدع كلها، ويميت به الفتن كلها. يفتح الله به باب حق، ويغلق به كل باب باطل. یردُّ الله به سبي المسلمين حيث كانوا. قلت : فسمّٙ لنا هذا العبد الذي اختاره الله لأمتك وذريتك ؟ فقال : إسمه كإسمي واسم أبيه كإسم أبي. لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لجعل الله مقدار ما يكون فيه ماذكرت»(1).

و - خسف الأرض:

عن النبي (صلی الله علیه و اله):

«ليأتينَّ على هذه الأمة يوم يمسون يتساءلون، بمن خسف الليلة

كما يتساءلون بمن بقي من آل فلان، وهل بقي من آل فلان فلان»(2).

قد يكون هذا الكلام كناية عن الحرب والقتل في آخر الزمان بحيث يقتل أعداد كبيرة يومياً بواسطة الأسلحة المتطورة والمجازر الجماعية. وقد تكون الأرض تبتلع أهلها بسبب كثرة المعاصي. وقد تكون لأسباب أخرى لا نعلمها.

ز - زيادة الموت فجأة:

يقول النبي الأكرم (صلی الله علیه و اله): «من أشراط الساعة : الفالج وموت لفجأة»(3).

ص: 43


1- ابن طاووس، الملاحم، ص 132 نقلاً عن فتن السليلي
2- المطالب العالية، ج4، ص348
3- الشجري، الأمالي، ج2، ص277

ويقول (صلی الله علیه و اله):

«لا تقوم الساعة حتى يظهر الموت الأبيض. قالوا: يا

رسول الله! وما الموت الأبيض؟ قال : موت الفجأة»(1).

وعن أمير المؤمنين(صلی الله علیه و اله) :

«بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض. أما الموت الأبيض فالطاعون»(2).

وعن الإمام أبي جعفر الباقر(علیه السلام) :

«لا يقوم القائم إلا على خوف شديد وطاعون قبل ذلك»(3) .

ح - اليأس العالمي:

عن رسول الله (صلی الله علیه و اله):

«يا علي ... وذلك الحين تغيرت البلاد وضعف العباد واليأس من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم المهدي من ولدي ...»(4) .

وعن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر(علیه السلام) يقول : «... وخروجه إذا خرج عند اليأس والقنوط»(5).

وعن علي (علیه السلام):

ص: 44


1- الفائق، ج1، ص141
2- النعماني، الغيبة ، ص277. الطوسی، الغيبة، ص267. أعلام الوری، ص427. الخرائج، ج3، ص1152. عقد الدرر، ص65. الفصول المهمة، ص301، الصراط المستقيم، ج 2، ص249. بحار الأنوار، ج52، ص211
3- بحار الأنوار، ج52، ص3
4- ينابيع المودة، ص44، إحقاق الحق، ج13، ص125
5- بحار الأنوار، ج52، ص398

«وليكونن من يخلفني في أهل بيتي، وذلك بعد زمان كلِحٍ مصفح يشتد فيه البلاء، وينقطع فيه الرجاء»(1).

ط - عدم وجود ملجأ:

عن النبي (صلی الله علیه و اله):

«ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، لا يجد المؤمن ملجأً يلتجيء إليه من الظلم»(2).

وفي رواية أخرى يقول(صلی الله علیه و اله) :

«أبشروا بالمهدي من ولد فاطمة، يظهر من جهة المغرب فيملأ الأرض عدلاً، فقيل: یا رسول الله ومتى يكون ذلك؟ فقال : إذا ارتشي القضاة وفجرت الأَمَة وهو الفريد الغريب . قيل وكيف ذلك یا رسول الله؟ قال : ينفرد من أهله ويتغرب عن وطنه»(3) .

وعن الإمام الباقر(علیه السلام) :

«لا ترون الذي تنتظرون حتى تكونوا كالمعزى الموات التي لا يبالي الخابس أين يضع يده فيها، ليس لكم شرف ترقونه ولا سناد تسندون إليه أمركم»(4).

ص: 45


1- إبن المنادی، الملاحم، ص64. إبن ابی الحدید، شرح نهج البلاغه، ج1، ص276. المسترشد، ص75. المفید، الارشاد، ص128. کنزل العمال، ج14، ص592. غاية المرام، ص208. بحار الأنوار ج 32، ص9. إحقاق الحق، ج13، ص314. منتخب کنز العمال ، ج61، ص35
2- الشافعي، البيان، ص108
3- عقد الدرر، ص43.إحقاق الحق، ج19، ص 679
4- کافی، ج 8، ص 213. بحار الأنوار، ج 52، ص 246

ي - الحرب، القتل والفتن:

يستفاد من الروايات أن الحرب والقتل قبل قيام الإمام المهدي(علیه السلام) ينتشران في كل مكان. بعض الروايات تخبر عن الفتن، عدد آخر من الروايات يخبر عن الحروب المتتالية، وروایات تتكلم عن موت الناس بواسطة الحرب والأمراض الناشئة من الطاعون.

قال رسول الله(صلی الله علیه و اله) :

«لتأتينكم بعدي أربع فتن: الأولى يستحل فيها الدماء، والثانية يستحل فيها الدماء والأموال، والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج والرابعة صماء، عمياء، مطبقة تمور مور السفينة في البحر حتى لا يجد أحد من الناس منها ملجأ. تطير بالشام، وتغشی العراق، وتخبط الجزيرة یدها ورجلها. يعرك الأنام فيها البلاء عرك الأديم، لا يستطيع من الناس يقول:مه؟ مه؟ لا ترفعونها من ناحية إلا انفتقت من ناحية أخرى»(1).

وفي حديث آخر عنه(صلی الله علیه و اله) :

«ستكون بعدي فتن، منها فتن الأحلاس، يكون فيها هرب وحرب، ثم من بعدها فتن أشد منها، كلّما قیل : انقطعت، تمادت، حتى لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ولا مسلم إلا وصلته، حتى يخرج رجل من عترتي»(2).

ويقول(صلی الله علیه و اله) :

ص: 46


1- ابن طاووس، الملاحم، ص21. كمال الدین، ج2، ص371
2- عقد الدرر، ص50

«ستكون بعدي فتنة لا يهدأ منها جانب إلا جاش منها جانبان حتى ينادي مناد من السماء : إنَّ أمير كم فلان - أي المهدي - »(1).

الكلام في هذه الروايات عن الفتنة التي تعم قبل ظهور الإمام المهدي، ولكن في روايات أخرى جاء الكلام بصراحة عن الحروب المدمرة .

عن عمار بن ياسر : «دعوة أهل بیت نبيك في آخر الزمان، فالزموا الأرض وكفّوا حتى تروا قادتها، فإذا خالف الترك الروم وكثرت الحروب في الأرض، ينادي منادٍ على سور دمشق : ويل من شر قد اقترب»(2).

تخبر بعض الروايات عن القتل الذي يقع قبل ظهور المهدي(علیه السلام) ، البعض منها يذكر القتل وبعض آخر منها يتكلم عن سعته وانتشاره .

قال الرضا (علیه السلام):

«قدّام هذا الأمر قتل بیوح، قلت : وما البيوح؟ قال : دائم لا يفتر»(3).

وعن أبي هريرة : «تكون بالمدينة وقعة تفرق فيها أحجار الزيت(4)، ما الحَرَّة(5) عندها إلا كضربة سوط، فينتحي عن المدينة قدر بریدین، ثم يبايع المهدي»(6).

ص: 47


1- احقاق الحق، ج13، ص295، أحمد بن حنبل، المسند، ج2، ص371
2- الطوسی، الغيبة، الطبعة الجديدة ، ص441. بحار الأنوار، ج52، ص212
3- قرب الإسناد، ص170. النعماني، الغيبة ، ص271
4- حي في المدينة أقيمت فيه صلاة الاستسقاء. معجم البلدان ج 1، ص109
5- حَرّة واقم، قتل فيها یزید بن معاوية أكثر من عشرة آلاف من المسلمين - الصحابة والتابعين - واباح المدينة لجنده ، سميت وقعة الحرَّة. معجم البلدان، ج2، ص249
6- إبن طاووس، الملاحم، ص58

وعن أبي قبيل: «يملك رجل من بني هاشم، فيقتل بني أميَّة حتى لا يبقى منهم إلا اليسير، لا يقتل غيرهم، ثم يخرح رجل من بني أمية يقتل بكل رجل إثنين، حتى لا يبقى إلا النساء . ثم يخرج المهدي»(1).

مفادها وقوع كثرة القتل في الرجال . وعن رسول الله(صلی الله علیه و اله) :

«والذي نفسي بيده! لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيمَ قَتل، ولا المقتول فيمَ قُتِل. يكون الهرج، القاتل والمقتول في النار» (2) .

وعن أمير المؤمنین (علیه السلام):

«... بين يدي القائم موت أحمر، وموت أبيض ... فالموت الأحمر فالسيف، وأما الموت الأبيض فالطاعون»(3).

سُئِل الباقر (علیه السلام):

لقائم آل محمد (علیه السلام): غیبتان، أحداهما أطول من الأخرى؟

قال: «نعم... ويشمل الناس موت وقتل»(4).

ص: 48


1- م. س، ص59. أبو قبيل هذا اسمه حي بن هاني المعافري، توفي عام128 ه قيل كان له علم بالملاحم والفتن، وذكره الساجي في الضعفاء. وحُكي عن ابن معين أنه ضعفه ، وأورده ابن حبان في الثقاة وقال : كان يخطئ. تهذيب الكمال ج5، ص313. تهذيب التهذیب، ج3، ص 64. سير أعلام النبلاء، ج 5، ص 214
2- فردوس الأخبار، ج5، ص91
3- النعمانی، الغیبة، ص277، المفید، الإرشاد، ص359. الطوسی، الغیبة، ص267، الطراط المستقيم، ج2، ص249. بحار الأنوار، ج 52، ص211
4- ن.م، ص173. دلائل الإمامة ، ص293. تقريب المعارف، ص187. بحار الأنوار، ج52، ص156

يقول جابر: قلت لأبي جعفر(علیه السلام) ، متى يكون هذا الأمر؟ فقال: «أنى يكون ذلك با جابر ولمَّا تكثر القتلى بين الحيرة(1) والكوفة»(2).

وعن الصادق (علیه السلام):

«قدام القائم موتان، موت أحمر وموت أبيض حتى يذهب منكل سبعةٍ خمسة»(3).

وعن أمير المؤمنين(علیه السلام) :

«لا يخرج المهدي (علیه السلام)حتى يقتل ثلاث، ويموت ثلاث ويبقى ثلاث»(4).

عن مدلج بن هارون بن سعيد قال : سمعت أمير المؤمنين علي(علیه السلام) يقول لعمر - في ضمن کلام طويل إلى أن قال : فبکی عمر وقال : إني أعوذ بالله مما تقول : قال : فهل لذلك علامة؟ قال :

«نعم، قتل فظيع وموت سريع وطاعون شنيع»(5).

وبنقل إرشاد القلوب(6): «قتل ذريع» يعني سريع وعام. وبنقل مدينة المعاجز(7): «قتل وضيع» أي لئيم وخسيس. وبنقل حلية

ص: 49


1- مدينة على ثلاثة أميال (6كيلومترات) من الكوفة . معجم البلدان، ج2، ص328
2- الطوسي، الغيبة، الطبعة الجديدة، ص446. إثبات الهداة ، ج3، ص728. بحار الأنوار، ج52، ص156
3- كمال الدین، ج2، ص65. العدد القوية، ص66. بحار الأنوار، ج52، ص207
4- ابن طاووس، الملاحم، ص58. إحقاق الحق، ج13، ص29. وفي الملاحم: يموت ثلث ويقل ثلث وبقي ثلث
5- الحصيني، الهداية ، ص31
6- إرشاد القلوب، ص286
7- مدينة المعاجز، ص133

الأبرار (1) «قتل فضيع»، أي مؤلم. وعن محمد بن مسلم وأبي بصير قالا: سمعنا أبا عبد الله(علیه السلام) يقول:

«لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس، فقلنا له: فإذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟ فقال : أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي»(2).

وعن الصادق(علیه السلام) :

«لا يكون هذا الأمر حتى يذهب تسعة أعشار الناس»(3) .

وعن الإمام علي (علیه السلام):

«... لا يبقى من الناس في ذلك الوقت إلا ثلثهم»(4) .

وعن النبي (صلی الله علیه و اله):

«يقتل من كل عشرة آلاف تسعة آلاف وتسعمائة، لا ينجو منها إلا اليسير»(5).

ويقول إبن سيرين: «لا يخرج المهدي حتى يقتل من كل تسعة سبعة»(6).

ص: 50


1- حلية الأبرار، ص601
2- الطوسی، الغيبة الطبعة الجديدة، ص339. كمال الدين . ج 2، ص 655. إثبات الهداة ، ج3، ص510. بحار الأنوار، ج52، ص207، إلزام الناصب، ج2، ص136.إبن حماد، الفتن، ص91. کنز العمال، ج14، ص587. المتقي الهندي، البرهان، ص111
3- إلزام الناصب، ج2، ص136، عقد الدرر ، ص54، 59، 63، 65، 237. النعمانی، الغيبة ، ص 274. بحار الأنوار، ج52، ص242
4- الحصيني، الهداية ، ص31. إرشاد القلوب، ص286
5- مجمع الزوائد، ج5 ، ص 188
6- ابن طاووس، الملاحم، ص78

من مجموع الروايات السابقة يستفاد ما يلي :

1 - يحصل قتل قبل ظهور الإمام المهدي (علیه السلام)، ويقتل عدد كبير من الناس، والباقون أقل عدداً من المقتولين.

2 - عدد من المقتولين يقتلون في الحرب، وعدد آخر يموتون بواسطة الأمراض المعدية أو التي يحتمل أن تكون قد نشأت من الجثث الباقية من الحرب. ويحتمل أيضاً أن يكون هؤلاء قد فارقوا الحياة بسبب الأسلحة الكيميائية والميكروبية التي تسببت بوجود الأمراض .

3 - أن من بين الأقلية الباقين شيعة ومحبّو إمام الزمان(علیه السلام)؛ لأن هؤلاء هم الذين يبايعون المهدي (علیه السلام)، كما جاء في قول الصادق(علیه السلام) أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي؟ .

ص: 51

ص: 52

الفصل الخامس : الوضع الاقتصادي

اشارة

يستفاد من روایات هذا الفصل أنه على أثر انتشار الفساد وانعدام الرحمة والعاطفة، ووجود الحرب، يعيش العالم من الناحية الاقتصادية في وضع سیّٙیء، بحيث أن السماء أيضاً تمنع رحمتها، ويتبدل المطر الذي هو رحمة إلهية إلى غضب على الناس ويصير مدمراً.

نعم في آخر الزمان يقل المطر أو ينزل في غير موسمه ويؤدي إلى فساد الزرع، تجف البحيرات والأنهار، ولا تثمر المزروعات ، وتفقد التجارة قيمتها، وينتشر الفقر والجوع حتى أن بعض الأشخاص من أجل إشباع بطونهم يأتون ببناتهم وزوجاتهم إلى السوق ويستبدلونهن بقليل من الطعام.

أ - قلة المطر ونزوله في غير أوانه:

عن رسول الله (صلی الله علیه و اله) :

ص: 53

«يأتي على الناس زمان ... فعند ذلك يحرمهم الله قطر السماء

في أوانه، وينزله في غير أوانه ...»(1).

وعن أمير المؤمنین(علیه السلام) :

«... ويكون المطر قبضاً ...»(2) .

وعن الإمام الصادق(علیه السلام) :

«إن قدام القائم سنة غيداقة كثيرة المطر، تفسد فيها الثمار والتمر في النخل فلا تشكّوا في ذلك...»(3) .

وعن أمير المؤمنين(علیه السلام):

«... ويقل المطر، فلا أرض تنبت، ولا سماء تنزل، ثم يخرج المهدي»(4) .

ويقول عطاء بن يسار : «من أشراط الساعة مطر ولا نبات ...»(5).

وعن الصادق (علیه السلام):

«إذا قام القائم وأصحابه فُقِد الماء الذي على وجه الأرض حتى لا يوجد ماء، فيضج المؤمنون إلى الله بالدعاء ، فيبعث الله لهم هذا الماء فيشربونه»(6).

ص: 54


1- جامع الأخبار ، ص150. مستدرك الوسائل، ج 11، ص375
2- دوحة الأنوار، ص150. الشيعة والرجعة، ج1، ص151. کنز العمال، ج14 ص 241
3- المفيد، إرشاد القلوب، ص361. الطوسي، الغيبة، ص272. أعلام الوری، ص428. الخرائج، ج3، ص163. إبن طاووس، الملاحم، ص125
4- إبن طاووس، الملاحم، ص134
5- عبد الرزاق، المصنف، ج3، ص155
6- دلائل الإمامة، ص245

ب - جفاف البحيرات والأنهار:

عن النبي الأكرم (صلی الله علیه و اله):

«... وخراب مصر من جفاف النيل»(1). ويقول أرطأة : «وتيبس الفرات والعيون والأنهار»(2) .

وعن أبي عبد الله (علیه السلام):

«يجف ماء بحيرة طبريا، ويتوقف النخيل عن الثمر، وتنضب عين زعر. وهذه العين تقع في الجانب القبلي من الشام» (3) .

وعنه (علیه السلام):

«... ويكون جفاف الأنهار ... ويقع القحط والغلاء ثلاث

سنين»(4).

ج - انتشار الغلاء، والجوع، والفقر وكساد التجارة:

قال رجل: متى قيام الساعة یا رسول الله !؟ قال :

«ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن لها أشراط وتقارب أسواق . قالوا يا رسول الله ! ما تقارب أسواقها؟ قال : كسادها ومطر ولا نبات»(5).

قال أمير المؤمنین (علیه السلام): لابن عباس :

ص: 55


1- بشارة الإسلام، ص28
2- ابن حماد، الفتن، ص148
3- بشارة الإسلام، ص191. إلزام الناصب، ص161
4- ن. م، ص98
5- الترغيب والترهيب، ج3، ص 442

«.. وتجارات كثيرة وربح قليل ثم قحط شديد»(1).

وعن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام)يقول:

«إن قدام القائم علامات تكون من الله عز وجل، للمؤمنين. قلت : وما هي جعلني الله فداك؟ قال : ذلك قول الله عز وجل : «وَلَنَب۟لُوَنَّكُم» يعنی المؤمنين قبل خروج القائم «بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ»(2) . قال يبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم والجوع بغلاء أسعارهم، «وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ» قال : کساد التجارات وقلة الفضل . «وَالْأَنْفُسِ» قال وموت ذريع. «وَالثَّمَرَاتِ» قال : قلة ربع ما يزرع .

«وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» عند ذلك بتعجيل خروج القائم»(3).

وبنقل أعلام الوری، قلة المعاملات بمعنی کساد التجارة وقلة البيع والشراء(4).

وعن الإمام الصادق(علیه السلام) :

«... وعند ذلك خروج السفياني، ويقل الطعام، ويقحط

الناس ويقل المطر»(5).

وعن ابن مسعود: «... إذا انقطعت التجارات والطرق...»(6).

ص: 56


1- ابن طاووس، الملاحم، ص125
2- سورة البقرة: الآية، 155
3- کمال الدین، ج 2، ص 650، النعماني، الغيبة، ص250. المفيد، إرشاد القلوب، ص361. اعلام الوری، ص356. العياشي، التفسير، ج1، ص68
4- اعلام الوری، ص456
5- ابن طاووس، الملاحم، ص133
6- الفتاوى الحديثية، ص30. المتقي الهندي، البرهان، ص142. عقد الدرر، ص132

قد يكون هذا الوضع التجاري السيّٙئ في ذلك الزمان بسبب دمار المراكز الصناعية الإنتاجية، وقلة القوى البشرية، وضعف قوة الشراء، القحط، عدم وجود الأمن على الطرقات وغير ذلك .

جاء في مسند أحمد عن النبي(صلی الله علیه و اله):

«إن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات یصيب الناس فيها جوع شديد»(1).

وعن أبي هريرة: «ويل للعرب من شرّٙ قد اقترب والجوع الفظيع وباكية تبكي من جوع أولادها»(2).

د - بيع النساء بالطعام:

إن شدَّة مصيبة القحط والجوع قبل ظهور الإمام(علیه السلام) تكون إلى حدٍّ أن البعض يضطرون إلى بيع جواريهم من أجل طعام قليل .

يروي أبو محمد عن رجل من أهل المغرب : «لا يخرج المهدي حتى يخرج الرجل بالجارية الحسناء الجميلة

ويقول: من يشتري هذه بوزنها طعاماً، ثم يخرج المهدي»(3) .

ص: 57


1- أحمد بن حنبل، المسند، ج3، ص286. ابن ماجه، السنن، ج2، ص1363. الفتن، م ص 33
2- کنز العمال، ج11، ص249
3- ابن طاووس، الملاحم. ص59. لا يخفى ما في السند من الضعف

ص: 58

الفصل السادس : بريق الأمل

اشارة

تعرفنا في الأبحاث السابقة على بعض الروايات التي تصف الوضع العالمي قبل ظهور القائم المهدي (علیه السلام). هذه الروايات وإن كانت تتكلم عن المشاكل إلى حدٍّ يمكن أن يؤدي بالناس إلى اليأس، لكن هناك روايات أخرى تشير إلى أمور مضيئة، وبصيص أمل للشيعة وللمؤمنين الملتزمین.

بعض هذه الروايات في المؤمنين الذين لا تخلو الأرض منهم، والذين هم موجودون في ظروف ما قبل الظهور الصعبة في أنحاء العالم .

عدد من الروايات أيضاً يشير إلى دور العلماء المسلمين في زمن الغيبة، الذين هم عامل تغيير في المجتمع، وتعبر عنهم بحفظة الدين. في بعض أقوال المعصومين(علیه السلام) يذكر دور مدينة قم الخاص قبل ظهور إمام الزمان(علیه السلام) وتتكلم بعض الروايات عن دور الإيرانيين الفعَّال قبل وبعد ظهور الإمام(علیه السلام).

ص: 59

أ - المؤمنون الحقيقيون:

قد نقرأ روایات تشعر أنَّ الناسَ كانوا يظنون أنه سيأتي زمان تخلو فيه المجتمعات من وجود أناس مؤمنين. لذلك نفى الأئمة(علیهم السلام) هذا الظن وأخبروا عن وجود المؤمنين في كل عصر .

في كتاب زید الزراد، قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام): نخشى أن لا نكون مؤمنين ، قال : ولِمَ ذلك؟ فقلت : وذلك أنا لانجد فينا من یکون أخوه عنده أثر من در همه ودیناره، ونجد الدينار والدرهم أكثر عندنا من أخ قد جمع بيننا وبينه موالاة أمير المؤمنین(علیه السلام)، قال : «كلّٰا، إنكم مؤمنون، ولكن لا تكملون إيمانكم حتى يخرج قائمنا؛ فعندها يجمع الله أحلامكم. فتكونون مؤمنین کاملین ... والذي نفسي بيده إن في الأرض، في أطرافها، ما قدر الدنيا كلها عندهم تعدل جناح بعوضة»(1).

ب - دور العلماء الشيعة:

في كل زمان ترخي فيه حجب الظلمة والجهل بظلّٙها على المجتمعات البشرية كان علماء الدين يقومون بواجبهم بشكل جيد في رفع الجهل عن الأفكار، والفساد والهلاك عن الناس، ويفهم من الروايات أن العلماء المخلصين في آخر الزمان قد قاموا بهذا الدور بشكل جيد .

روي عن علي بن محمد الهادي(علیه السلام) أنه قال : «لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم (علیه السلام)من العلماء الداعين

ص: 60


1- الأصول الستة عشر، ص6. بحار الأنوار، ج67، ص351

إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه بحجج الله ، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس، ومردته من فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمَّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها. أولئك هم الأفضلون عند الله - عز وجل -»(1).

وعن النبي (صلی الله علیه و اله):

«إن الله - تعالى - يقول يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»(2).

هاتان الروايتان والروايات التي من هذا القبيل تشير بصراحة إلى دور العلماء في عصر الغيبة، وإفشال مكائد الشيطان وتجديد حياة الدين على أيديهم.

إن إثبات هذا الأمر في عصرنا الحاضر لا يحتاج إلى دليل وبرهان، لأن دور الإمام الخميني رحمة الله من أجل إفشال مخططات الأعداء المشؤومة التي جعلت أسس الدين في العالم المعاصر في معرض الخطر، ليست خافية على أحد. لا شك أن العزة التي يتمتع بها الدين الإسلامي في هذا العصر هي ببركة الثورة الإسلامية في إيران وقائدها الإمام الخميني رحمة الله.

ص: 61


1- تفسير الإمام العسكري(علیه السلام) ، ص344. الإحتجاج، ج2، ص260. منية المريد، ص 35. المحجة البيضاء، ج1، ص32. حلية الأبرار، ج2، ص455. بحار الأنوار، ج2، ص6. العوالم، ج3، ص295
2- أبو داود، السنن، ج4، 109. الحاكم، المستدرك، ج4، ص552. تاریخ بغداد، ج2، ص 61. جامع الوصول، ج12، ص63. کنز العمال. ج 12، ص193. لم أجد له مهما تنبعت مدركاً من طرق أهل البيت(علیهم السلام)

ج - دور مدينة قم في آخر الزمان:

اشارة

عندما يسير المجتمع البشري نحو الانحطاط والهلاك، يظهر بصيص أمل، ويحمل قوم راية النور في تلك الظلمات. تقوم مدينة قم في آخر الزمان بهذاالدور .

هناك روايات كثيرة تمدح هذه المدينة المقدسة وأهلها الصالحين الذين ارتووا من منبع مذهب أهل البيت الزلال، وحملوا على عاتقهم رسالة التبليغ.

للأئمة المعصومین کلمات مختلفة حول قم ودورها في النهضة الثقافية في عصر غيبة إمام الزمان (علیه السلام) نشير إلى بعضها :

- قم حرم أهل البيت (علیهم السلام) :

يستفاد من بعض الروايات أن قم وأهلها هم رمز ومثال التشيع والولاية. من هذه الناحية كانوا إذا أرادوا أن يعرّفوا شخصاً بكونه محباً لأهل البيت ومريداً لهم، كانوا يخاطبونه بالقمي.

روي عن عدة من أهل الرَّي أنهم دخلوا على أبي عبد الله (علیه السلام)وقالوا: نحن من أهل الرَّي، فقال مرحباً بإخواننا من أهل قم، فقالوا: نحن من أهل الرَّي، فأعاد الكلام. قالوا ذلك مراراً وأجابهم بمثل ما أجاب به أولاً، فقال : «إن الله حرماً وهو مكة وإن للرسول حرماً وهو المدينة، وإن لأمير المؤمنین حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها إمرأة من أولادي تسمى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة»(1).

ص: 62


1- بحار الأنوار، ج60، ص217

قال الراوي : وكان هذا الكلام من قبل أن يولد الكاظم (علیه السلام).

يستفاد من هذه الرواية أن معنی «أهل قم» أوسع من مفهوم البقعة الجغرافية بل هو مصطلح للهوية المذهبية في إيران كما في رواية الصادق(علیه السلام) (ص 65) .

وعن صفوان بن يحيى، قال : كنت يوماً عند أبي الحسن الكاظم (علیه السلام)، فجرى ذكر أهل قم وميلهم إلى المهدي(علیه السلام) فترحم عليهم وقال: «رضي الله عنهم، ثم قال : إن للجنة ثمانية أبواب، واحد منها لأهل قم وهم خیار شيعتنا من بين سائر البلاد، خمَّر الله تعالى ولايتنا في طينتهم»(1).

يستفاد من هذه الرواية أن الأئمة المعصومين (علیهم السلام)كانوا يرون أن مدينة قم هي معسكر عشاق أهل البيت(علیهم السلام) والإمام المهدي (علیه السلام)، وقد يكون باب الجنة المختص بأهل قم هو باب المجاهدين أو باب الأخیار كما في رواية عن أهل قم أنهم أخيار الشيعة .

- مدينة قم حجة على الخلق:

لله في كل زمان أناس یکونون حجة على الآخرين، ولأنهم ساروا في سبيل الله وجاهدوا من أجل إعلاء كلمته فالله يكون ناصرهم ويبعد عنهم شر الأعداء. في زمان غيبة إمام العصر(علیه السلام) تكون قم وأهلها حجة على البشر .

عن الصادق (علیه السلام):

«وإن البلايا مرفوعة عن قم وأهله(2)، وسيأتي زمان تكون قم وأهلها حجة على الخلائق، وذلك في زمان غيبة قائمنا إلى ظهوره، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها؛ وإن الملائكة لترفع البلايا عن قم

ص: 63


1- م. س، ص216
2- هكذا في النصورد تذكير اسم قم

وأهله، وما قصدها جبار بسوء إلا قصمه قاصم الجبارين وشغله عنهم بداهيةٍ أو مصيبةٍ أو عدو، وينسي الله الجبارين في دولتهم ذکر قم وأهلها كما نسوا ذكر الله»(1).

- مرکز نشر الثقافة الإسلامية:

أحد الموارد التي تستحق الإلتفات في الروايات هي أن مدينة قم في عصر الغيبة ستتحول إلى مركزٍ لإيصال رسالة الإسلام إلى المستضعفين في الأرض، وسيكون علماؤها وفقهاؤها حجة على العالم.

يقول الإمام الصادق(علیه السلام) :

«ستخلو الكوفة من المؤمنين ويأزر عنها العلم كما تأزر الحية في حجرها، ثم يظهر العلم ببلدةٍ يقال لها قم، وتصير معدناً للعلم والفضل حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين حتی المخدرات في الحجال، وذلك عند قرب ظهور قائمنا. فبجعل الله قم وأهله قائمین مقام الحجة؛ ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها، ولم يبق في الأرض حجة، فيفيض العلم منه إلى سائر البلاد في الشرق والمغرب، فيتم حجة الله على الخلق، حتى لا يبقى أحد على الأرض لم يبلغ إليه الدين والعلم، ثم يظهر القائم ويسير سبباً لنقمة الله وسخطه على العباد؛ لأن الله لا ينتقم من العباد إلاّ بعد إنكارهم حجة»(2).

ص: 64


1- ن.م، ص213
2- م. س، ص213. سفينة البحار، ج7، ص356

وفي رواية أخرى: «لولا القميّون لضاع الدين»(1).

- تأیید نهج قم الفكري:

يفهم من بعض الروايات أن الأئمة المعصومين (علیهم السلام)يؤيدون علماء قم، فعن الإمام الصادق (علیه السلام):

«إن لعلیٰ قم ملكاً رَفرف عليها بجناحيه لا يريدها جبار بسوء إلا أذابه الله كذوب الملح في الماء. ثم أشار إلى عيسى بن عبد الله فقال : سلام الله على أهل قم. یسقي الله بلادهم الغيث، وينزل الله عليهم البركات ويبدل الله سيئاتهم حسنات . هم أهل رکوع وسجود وقيام وقعود. هم الفقهاء العلماء الفهماء. هم أهل الدراية والرواية وحسن العبادة»(2).

وعن أبي عبد الله (علیه السلام):

«إنّ رجلاً دخل عليه فقال : يا ابن رسول الله إني أريد أن أسألك عن مسألةٍ لم يسألك أحد قبلي ولا يسألك أحد بعدي، فقال : عساك تسألني عن الحشر والنشر، فقال الرجل: أي والذي بعث محمداً بالحق بشيراً ونذيراً ما أسألك إلا عنه . فقال : محشر الناس كلهم إلى بيت المقدس، إلا بقعة بأرض الجبل يقال لها قم مغفور لهم، قال : فوثب الرجل على رجليه وقال : يا ابن رسول الله هذا خاصة لأهل قم؟ فقال : نعم، ومن يقول بمقالتهم»(3).

و فيها إشارة إلى الهوية المذهبية .

ص: 65


1- نوم، ص217
2- م. س، ص217
3- ن.م، ص218
- أصحاب الإمام المهدي(علیه السلام) :

الأمر الذي يستحق الإلتفات والدقة هو أن أهل قم في الروايات قد ذكروا بإسم أصحاب المهدي(علیه السلام) والذين قاموا لأجل أخذ حق أهل البيت (علیهم السلام).

عن عفان البصري قال : قال لي أبو عبد الله : «أتدري لم سُمي قم؟ قلت: الله ورسوله وأنت أعلم، قال : إنما سمي قم لأن أهله يجتمعون مع قائم آل محمد صلوات الله عليه - ويقومون معه ويستقيمون عليه وينصرونه»(1).

وعن صادق آل محمد (علیه السلام):

«تربة قم مقدسة وأهلها منا ونحن منهم، لا يريدهم جبار بسوء إلا عجلت عقوبته، ما لم يخونوا إخوانهم، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم جبابرة سوء. أما إنهم أنصار قائمنا ودعاة حقنا. ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم اعصمهم من كل فتنة ونجهم من كل هلکة»(2).

- إيران بلد إمام الزمان (علیه السلام):

الروايات التي ذكرت في مدينة قم توضح إلى حدٍّ ما دور الإيرانيين قبل ظهور المهدي الموعود (علیه السلام)وحينه، ولكن بقليل من الدقة في كلام المعصومين (علیهم السلام)نصل إلى النتيجة التالية وهي أنهم لديهم إهتمام والتفات خاص لهم وقد تحدثوا في موارد مختلفة عن

ص: 66


1- م. س، ص216
2- ن.م، ص218

دورهم في نصرة الدين والتمهيد لظهور الإمام المهدي (علیه السلام)، وقد استحسنا في هذا المكان ذكر بعض الروايات في مدح الإيرانيين والتمهيد للظهور :

عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و اله)وذكرت عنده فارس(1)، فقال: «عصبتنا أهل البيت»(2).

وعن أبي هريرة: «ذكرت الموالي (3) أو الأعاجم عند رسول الله(صلی الله علیه و اله) فقال :

والله لأنا أوثق بهم منکم (أو من بعضكم)»(4) . قد يقال إنَّ هذه إشارة عامة وليست خاصة بأهل فارس . وعن ابن عباس، وأبي هريرة، ولم يسنده إلى النبي(صلی الله علیه و اله) : «إذا أقبلت الرايات السود، فأكرموا الفرسَ، فإن دولتكم معهم»(5).

وعن عباد بن عبد الله الأسدي، قال : كنت جالساً يوم الجمعة وعلي (علیه السلام)يخطب على منبر من آجر، وابن صوحان جالس، فجاء الأشعث، فقال : يا أمير المؤمنين : غلبتنا هذه الحمراء على وجهك ،

ص: 67


1- فارس، تطلق على ما يقابل بلاد الروم من البلد وهي تشمل الأراضي الإيرانية وقسم من البلاد التي كانت تابعةً لإيران في ذلك الزمان
2- ذكر أصبهان، ص11
3- موالي و مولى في اللغة لها معاني مختلفة ، نقل العلامة الأميني لها في المجلد الأول من كتابه الغدير إثنين وعشرين معنى، ولها في الاصطلاح في الآية والحديث خمسة معان : ولاء العتق، ولاء الإسلام، ولاء الحق، ولاء القبيلة، الولاء مقابل العرب والمراد به غير العرب، وهذا المعني هو المقصود غالباً في علم الرجال راجع التقريب والتيسير، ج2 ص333. وقد غلب استعمال كلمة الموالي، في الإيرانيين بسبب غلبة وجودهم كما أدعي البعض هذا، وهذا ما فسر هذا اللفظ العلماء والقدامى والمعاصرون
4- ذكر اصبهان، ص12. راجع: الجامع الصحيح، ج5، ص382
5- راموز الأحاديث، ص33

فغضب، فقال : ليبين اليوم من أمر العرب ما كان يخفي. فقال علي (علیه السلام): «من يعذرني عن هؤلاء الضیاطرة، يقيل أحدهم بتقلب على حشاياه، ويهجّر قوم لذكر الله فيأمرني أن أطردهم(1) فأكون من الظالمين. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت محمداً (صلی الله علیه و اله)يقول : ليضرُبنَّكم والله على الدين عوداً كما ضربتموهم عليه بدواً»(2) .

- الممهدون للظهور:

القسم الأساسي من الروايات التي وردت في حوادث ما قبل الظهور وفي أصحاب المهدي(علیه السلام) ، عبرت عن الإيرانيين بتعابیر مختلفة مثل: قوم فارس، أهل خراسان، أهل قم، أهل طالقان ، أهل الري وغيرها.

يستنتج من دراسة مجموع هذه الروايات أنه يقام في إيران قبل ظهور إمام الزمان(علیه السلام) نظام إلهي مناصر للأئمة المعصومين(علیهم السلام) ويكون محل إهتمام إمام الزمان (علیه السلام)، وأن لإيرانيين دوراً أساسياً في قيام الإمام (علیه السلام)سنتكلم عنه في باب القيام. من الجيد أن نذكر هنا عدة روایات .

عن النبي (صلی الله علیه و اله):

«يخرج ناس من المشرق بوطئون للمهدي»(3) .

ص: 68


1- سوق الكوفة كان أكثره من الإيرانيين والفرس، وكانوا يتكلمون باللغة الفارسية. كما يفهم من مستدرك الوسائل ج13، ص250، ج4
2- الغارات ، ج 2، ص498. سفينة البحار ، ج 8، ص 605. شرح إبن أبي الحدید، ج 20، ص 284
3- إبن ماجة، السنن، ج2، ص1368. المعجم الأوسط، ج1، ص200. مجمع الزوائد، ج7، ص318. کشف الغمة، ج3، ص596. بحار الأنوار، ج51، ص 84

وعنه (صلی الله علیه و اله):

«وتجيء الرايات السود من المشرق كأن قلوبهم زُبُر الحديد فمن سمع بهم فليأتهم فيبايعهم ولو حبواً على الثلج»(1).

وعن الإمام الباقر (علیه السلام):

«وكأني بقوم خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه حتى يقوموا، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم. قتلاهم شهداء. أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر»(2).

وعن الباقر(علیه السلام) :

«أصحاب القائم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً أولاد العجم»(3).

وإن كانت كلمة العجم تطلق على غير العرب، ولكن هي تشمل الإيرانيين بشكل قطعي، وبالنظر إلى الروايات الأخرى هناك عدد كبير من الإيرانيين في عداد جنود الإمام المهدي (علیه السلام).

عن عبد الرحمن، عن النبي(صلی الله علیه و اله) :

«سيكون بعدكم أقوام تطوى لهم الأرض وتفتح لهم الدنيا، وتخدمهم بنات فارس وأبناؤهم، تطوى لهم الأرض في أسرع

ص: 69


1- عقد الدرر، ص129، الشافعی، البيان، ص490. ينابيع المودة، ص491. کشف الغمة ، ج3، ص263
2- النعماني، الغيبة، ص373. بحار الأنوار، ج52، ص243. إبن ماجة، السنن، ج2، ص366. الحاكم، المستدرك، ج4، ص464
3- نوم، ص315. إثبات الهداة، ج2، ص547. بحار الأنوار، ج52، ص369

الطرق، حتى لو شاء أحدهم أن يأتي مشرقها أو غربها في ساعة فعل، ليسوا من الدنيا، وليست الدنيا منهم في شيء»(1) .

وعن أمير المؤمنین (علیه السلام):

«ويحاً للطالقان، فإن لله - عز وجل - بها كنزاً ليست من ذهب ولا فضة، ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته وهم أنصار المهدي آخر الزمان»(2).

وعن النبي (صلی الله علیه و اله):

«وفي خراسان كنوز لا ذهب ولا فضة، ولكن رجال يحبهم الله ورسوله»(3) .

ص: 70


1- فردوس الأخبار، ج3، ص449
2- الشافعي، البيان، ص106، المتقي الهندي ، البرهان، ص 150. کنز العمال، ج14، ص591. ينابيع المودة، ص491. کشف الغمة، ج3، ص286
3- کنز العمال، ج14، ص 591

الباب الثاني : ثورة الإمام المهدي (علیه السلام) العالمية

اشارة

ص: 71

ص: 72

الفصل الأول : قيام إمام الزمان (علیه السلام)

اشارة

يوجد روایات مختلفة عن يوم قيام الإمام المهدي(علیه السلام) ذکر في بعضها أن يوم القيام هو يوم النَّوروز. ذكر البعض الآخر أنه يوم عاشوراء. في عدد من الرويات ذكر يوم السبت وفي عدد آخر يوم الجمعة. لا إشكال في إمكان تطابق يومي النَّوروز و عاشوراء، لأن النيروز هو طبقاً للسنة الشمسية، وعاشوراء هو بحسب السنة القمرية، ومن الممكن كونهما يوماً واحداً، ويمكن أيضاً تطابق هذين اليومين مع يوم الجمعة أو السبت، ولكن ما يبدو مشكلًا ومتعارضاً هو ذكر يومين من الأسبوع، ولكن يمكن توجيه هذه المجموعة من الروايات أيضاً؛ لأنه إذا كان سند هذه الروايات صحيحاً ففي هذه الصورة تحمل الروايات التي حددت يوم ظهور الإمام (علیه السلام)بيوم الجمعة على يوم القيام والظهور، والروايات التي ذكرت يوم السبت يوماً للقيام على استقرار وتثبيت النظام الإلهي والقضاء على المعارضين.

ص: 73

يجب الإلتفات إلى أن الروايات التي تحدد يوم القيام بیوم السبت هي من ناحية السند محل تأمل؛ ولكن الروايات التي تذكر يوم الجمعة من هذه الناحية لا إيراد عليها .

نذكر الآن بعض الروايات التي لا بد من الإلتفات إليها :

عن أبي عبد الله الصادق (علیه السلام):

«يخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة»(1). وقال أبو جعفر الباقر(علیه السلام) :

«كأني بالقائم يوم عاشوراء، يوم السبت قائماً بين الركن والمقام، بین بدیه جبرائیل بنادي : البيعة الله ؛ فيملؤها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»(2).

وعن الباقر (علیه السلام):

«يخرج القائم يوم السبت يوم عاشوراء، يوم (كذا) الذي قتل فيه الحسين(علیه السلام)»(3).

وعنه (علیه السلام)أيضاً :

«وهذا اليوم - أي عاشوراء - الذي يقوم فيه القائم»(4).

نقلت رواية أخرى أيضاً بهذا المضمون عن الإمام

ص: 74


1- إثبات الهداة ، ص496. بحار الأنوار، ج 52، ص279
2- الطوسی، الغيبة، ص274. کشف الغمة، ج3، ص252، بحار الأنوار، ج52، ص290
3- کمال الدین، ج2، ص653. الطوسی، الغيبة، ص274. التهذیب، ج 4، ص333. ملاذ الأخیار، ج7، ص174. بحار الأنوار، ج 52، ص285
4- بحار الأنوار، ج52، ص285

الباقر (علیه السلام)؛ ولكن في سند هذه الرواية ابن البطائني الذي في وثاقته نظر(1).

وعن أبي عبد الله الصادق(علیه السلام):

«إن القائم صلوات الله عليه ينادي بإسمه ليلة ثلاث وعشرین، ويقوم يوم عاشوراء، يوم قتل الحسين بن علي(علیه السلام)»(2).

وكذلك عنه (علیه السلام):

«یوم النيروز هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت»(3).

أ - إعلان الظهور:

يعلن ظهور الإمام المهدي(علیه السلام) في البداية بواسطة منادٍ سماوي، عندها يعلن هو عن ظهوره بدعوة الحق وهو مسند ظهره إلى الكعبة .

قال أمير المؤمنين(علیه السلام) :

«إذا نادى منادٍ من السماء ... إن الحق في آل محمد، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس ويشربون حبه، ولا يكون لهم

ذكر غيره»(4).

وعن الإمام الباقر (علیه السلام):

ص: 75


1- التهذیب، ج4، ص300. إبن طاووس. إقبال القلوب، ص558. الخرائج، ج3، ص1159. وسائل الشيعة، ج7، ص338، بحار الأنوار، ج98، ص34. ملاذ الأخيار، ج7، ص116
2- الطوسی، الغيبة، ص274. بحار الأنوار، ج52، ص290
3- المهذب البارع، ج1، ص 194. خاتون آبادي، الأربعون، ص187. وسائل الشيعة، ج5،ص228. إثبات الهداة، ج3، ص571. بحار الأنوار، ج 52، ص208
4- الحاوي للفتاوي، ج2، ص68. إحقاق الحق، ج13، ص324

«ثم يظهر بمكة عند العشاء ومعه راية رسول الله(صلی الله علیه و اله) وقميصه وسيفه وعلامات ونور وبيان. فإذا صلى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أذكّٙركم الله أيها الناس، ومقامكم بين يدي ربكم، فقد اتخذ الحجة، وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب وأمركم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله. وأن تحيوا ما أحيیٰ القرآن وتميتوا ما أمات وتكونوا أعواناً على الهدى، ووَزَراً على التقوی. فإن الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع. فإني أدعوكم إلى الله وإلى رسوله، والعمل بكتابه وإماتة الباطل وإحياء سنته»(1).

ب - شعار راية القيام:

كل حكومة لديها راية تعرف بها، وكذلك الثورات والنهضات لكلٍّ منها راية خاصة تظهر إلى حدٍّ ما أهداف قادتها. ثورة الإمام المهدي(علیه السلام) العالمية أيضاً لها راية خاصة وشعار . طبعاً هناك اختلاف في شعار راية الإمام (علیه السلام)، ولكن الأمر المشترك في جميع الأقوال هو أنها تدعو الناس إلى طاعة الإمام (علیه السلام).

من الروايات الواردة في هذا المجال :

عن الباقر (علیه السلام): «يا أبا حمزة! كأني بقائم أهل بيتي قد علا نجفكم، فإذا علا فوق نجفكم نشر راية رسول الله(صلی الله علیه و اله) ، فإذا نشرها انحطت عليه ملائكة بدر»(2)

ص: 76


1- إبن حماد، الفتن، ص 95. عقد الدرر، ص145. السفاريني اللوائح، ج2، ص11. إبن طاووس، الملاحم، ص64، الصراط المستقيم، ج2، ص262
2- العياشي، التفسير . ج1، ص103، النعماني، الغيبة، ص308. کمال الدین، ج 2، ص 672. تفسير البرهان، ج1، ص208. بحار الأنوار، ج52، ص326

وفي رواية أخرى: «مكتوبٌ على راية المهدي طاعة

معروفة»(1).

وعن الفضل بن شاذان. «قال : روي أنه يكون في راية

المهدي : اسمعوا وأطيعوا...»(2).

وعن نوف البكالي : «راية المهدي مكتوب فيها البيعة لله»(3) .

ج - فرح الناس بقيام الإمام (علیه السلام):

يفهم من الروايات أن قيام المهدي یفرح الناس. وقد بیّٙنت هذا الفرح والرضا بأشكال مختلفة. في بعض الروايات يحكی عن فرح أهل الأرض والسماء، وفي بعض آخر عن فرح الأموات ، وفي رواية عن موقف الناس من القيام، وفي أخرى عن تمنّي الناس حياة أمواتهم.

عن رسول الله(صلی الله علیه و اله) :

«فيفرح به أهل السماء وأهل الأرض والطير والوحوش والحيتان في البحر»(4).

وعن أمير المؤمنین(علیه السلام) :

«إذا نادى مناد من السماء ... إن الحق في آل محمد فعند

ص: 77


1- بحار الأنوار، ج 52، ص305
2- إثبات الهداة ، ج3، ص582. بحار الأنوار، ج52، ص305
3- إبن حماد، الفتن، ص98
4- عقد الدرر، ص84، 149. البيان، ص118. الحاكم، المستدرك، ج4، ص431. الدر المنثور، ج6، ص50. نور الأبصار ، ص170. ابن طاووس، الملاحم، ص142. إحقاق الحق، ج13، ص150

ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشربون حبه، ولا يكون لهم ذكر غيره»(1).

عُبّٙر في الرواية بتعبير يشربون حبه، حيث شبهت العلاقة بالإمام(علیه السلام) بالماء أو بالشراب الغليل الذي يشربه الناس بكامل الرغبة، وينفذ عشق المهدي(علیه السلام) في صميم وجودهم.

عن الرضا (علیه السلام):

«... لابد من فتنة صمّاء... فعند ذلك يأتي الناس الفرج، وتود الأموات لو كانوا أحباءً، ويشفي الله صدور قوم مؤمنين»(2).

عن أبي عبد الله (علیه السلام):

«كأني بالقائم(علیه السلام) على منبر الكوفة وقد لبس درع رسول الله(صلی الله علیه و اله) وذكر أحواله إلى أن قال : ولا يبقى مؤمن إلا دخلت عليه الفرجة في قبره، وذلك حين يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم» .في بعض الروايات (الفرجة) أي أن أهلَ البرزخ يشعرون بالانفراج ببركة ظهور الإمام (علیه السلام)، وبحسب هذا الحديث تصل عظمة الثورة و عظمة قيادتها إلى حد تترك تأثيرها على عالم الأرواح أيضاً(3) .

ص: 78


1- الحاوي للفتاوی، ج2، ص68
2- الخرائج، ج3، ص169. الطوسي، الغيبة ، ص268
3- إثبات الهداة ، ج3، ص530

د - نجاة المحرومين:

لا شك أن قيام الإمام المهدي (علیه السلام)سيؤدي إلى إقامة العدل وإزالة جميع أنواع الحرمان في المجتمع البشري. في هذا الجزء من البحث سنتناول الإجراءات التي يقوم بها الإمام(علیه السلام) عند قيامه من أجل المظلومين والمحرومين، حتى يصير ملجأً لهم يلجأون إلیه.

عن الخدري : أن رسول الله(صلی الله علیه و اله) قال :

«يخرج المهدي من أمتي، يبعثه الله غیاثاً للناس، فتنعم الأمة وتعيش الماشية»(1).

لم يحصر رسول الله (صلی الله علیه و اله)الغوث محدوداً بطائفة أو شعب خاص، بل من كلمة الناس يفهم أن الإمام (علیه السلام)هو خلاص لجميع الناس. من هذه الناحية تكون الظروف قبل ظهوره بنحو يتمنی ظهوره جميع البشر في العالم.

عن جابر عن أبي جعفر الباقر (علیه السلام)قال :

«ثم يظهر المهدي بمكة .. فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم»(2).

وعن أبي أرطأة قال : ثم ينزل - أي المهدي - الكوفة حتى

ص: 79


1- عقد الدرر، ص167
2- إبن حماد، الفتن، ص95. إبن طاووس، الملاحم، ص64. الفتاوى الحديثية، ص31، القول المختصر، ص23

يستنقذ من فيها من بني هاشم، ثم يخرج المهدي حتى يمر بالمدينة فيستنقذ من كان فيها من بني هاشم(1) .

ويقول الشعراني: روي أن المهدي إذا خرج بالمغرب انحاز إليه أهل أندلس، فيقولون له: يا وليّ الله ! انصر جزيرة الأندلس فقد تلفت وتلف أهلها(2).

ه - النساء في قيام الإمام (علیه السلام):

اشارة

نستنتج من دراسة الروايات في دور النساء قبل وبعد ظهور الإمام المهدي(علیه السلام) أموراً تستحق الانتباه .

حيث أنَّه وإن كان إن أكثر اتباع الدجال طبقاً لبعض الروايات من اليهود والنساء (3)، ولكن في مقابلهم هناك أيضاً نساء مؤمنات عفيفات يجاهدن بقوة لحفظ عقيدتهن، ويتألَّمن بشدَّة من أوضاع ما قبل الظهور .

بعض النساء يتمتعن بالثبات والروحية الجهادية، وأينما ذهبنَ يقمنَ بالتبليغ ضد الدجَّال ويفضحن حقیقته المعادية للإنسانية .

بناءً على بعض الروايات ترافق المهدي (علیه السلام)عند قيامه أربعمائة امرأة وأكثرهن يعملن في التمريض والإسعاف الطبي، هناك بالطبع اختلاف في الروايات بالنسبة لعدد النساء اللواتي يكنَّ مع الإمام (علیه السلام)عند قيامه .

ص: 80


1- ن.م، الفتن، ص95. ابن طاووس، الملاحم، ص64. الفتاوى الحديثية، ص31، القول المختصر، ص23
2- القرطبی، مختصر التذكرة، ص128. إحقاق الحق، ج13، ص260
3- أحمد بن حنبل، المسند، ج2، ص76. فردوس الأخبار، ج 5، ص 424. مجمع الزوائد، ج7، ص15

بعض الروايات تسمي ثلاث عشرة امرأة تكون مع الإمام المهدي (علیه السلام)عند ظهوره، وقد يكنَّ مع القوات التي تكون معه منذ البداية. بعض الروايات أيضاً تذكر عدداً للنساء اللواتي ينصرنَ الإمام (علیه السلام)يصل إلى سبعة آلاف وسبعمائة أو ثمان مائة إمرأة وهنَّ النساء اللواتي يرافقنَ الإمام(علیه السلام) بعد القيام ويساعدنِه في أعماله.

في كتاب الفتن عن ابن حماد عن لقيط بن ملك : «إن المؤمنين يوم خروج الدجال إثنا عشر ألف رجل وسبعة آلاف و سبعمائة أو ثمانمائة امرأة»(1).

وعن النبي(صلی الله علیه و اله) : «ينزل عيسى بن مريم على ثمانمائة رجل وأربعمائة امرأة، أخبار من على الأرض وأصلحاء من مضى»(2).

وعن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله(علیه السلام) :

«یکن مع القائم ثلاث عشرة امرأة، قلت: وما يصنع بهنَّ؟ قال : يداوين الجرحى ويقمنَ على المرضى كما كان مع رسول الله (صلی الله علیه و اله). قلت فسمّٙهن لي: قال : القنواء بنت رُشيد، وأم أيمن، وحبابة الوالبية رسمية أم عمار بن ياسر، وزبيدة، وأم خالد الأحمسية، وأم سعید الحنفية، وصبّانة الماشطة، وأم خالد الجهنية »(3).

وعن الإمام الباقر(علیه السلام) : «ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة رجلاً، فيهم خمسون نسوة ...»(4).

ص: 81


1- ابن حماد، الفتن، ص151
2- فردوس الأخبار، ج5، ص515. کنز العمال، ج14، ص338، التصريح، ص254
3- دلائل الإمامة ، ص259. إثبات الهداة ، ج3، ص 75
4- العياشي، التفسير، ج1 ص65. النعماني، الغيبة، ص279

وفي كتاب منتخب البصائر ذكرت امرأتان تسمّيان وتيرة وأحبشية تُعدّان في أصحاب الإمام القائم(علیه السلام)(1). بعض الروايات أيضاً تكتفي بذكر وجود النساء في أصحاب الإمام(علیه السلام) ولا تذكر عددهنَّ .

نبذة عن نساء عصر الظهور:

في روايات المفضل بن عمر ذكر عدد النساء اللواتي سیکُنَّ مع الإمام القائم(علیه السلام) بشكل واضح وهو ثلاث عشرة امرأة ؛ ولكن ذکر من هذا العدد أسماء تسع نساء منهن. ثم إن تأكيد الإمام الصادق (علیه السلام)على هذه الأسماء دفعنا للتحقيق في تاريخ حياة هؤلاء النساء وفي خصوصياتهنَّ . بعد التحقيق توصلنا إلى أمور هي جواب مقنع على سر تأكيد الإمام الصادق(علیه السلام) .

هؤلاء النساء كل منهن لها صفات صالحة، ولكن أكثرهن كان لهنَّ قدرات برزت في الجهاد مع الأعداء. بعضهن مثل صبانة كانت أم شهيد، وهي أيضاً استشهدت بوضع مؤلم. البعض الآخر مثل سمية تحمَّلت في سبيل الدفاع عن عقيدتها الإسلامية أشد أنواع التعذيب، ودافعت عنها حتى الرمق الأخير، وبعضهن مثل أم خالد فقدت جزءاً من بدنها في سبيل حفظ الإسلام. وبعضهن مثل زبيدة لم يمنعها مال الدنيا وبهارجها أبداً عن الدفاع عن الإسلام، بل استخدمت تلك الإمكانات في سبيل العقيدة وساعدت في إقامة الحج الذي هو أحد المظاهر الإسلامية الهامة ومن أركان الدين .

ص: 82


1- بيان الأئمة، ج3، ص338

وبعضهن نلن فخر حضانة إمام الأمة الإسلامية، وتربية أولاد صالحين، ويتمتعن بمعنويات عالية تحدّٙث عنها لسان الخاص والعام. وبعضهن من عائلة الشهداء وحملن جسمهم وهم في الرمق الأخير وتكلمن معهم.

نعم، هن نساء مؤمنات أثبتن ببطولاتهن قدرتهن على حمل جزء من ثقل حكومة الإسلام العالمية على عاتقهن .

سنتعرف الآن على عدد منهن .

1 - صبانة :

في كتاب الخصائص الفاطمية أن ثلاث عشرة امرأةً ستعود إلى الحياة في دولة المهدي(علیه السلام) لأجل معالجة الجرحى والمرضى، إحداهن صبانة زوجة حزقيل ومشاطة بنت فرعون، وزوجها حزقیل إبن عم فرعون وخازنه وهو مؤمن آل فرعون وكان مؤمناً بنبي زمانه موسی(علیه السلام)(1).

روي عن النبي(صلی الله علیه و اله) أنه في ليلة المعراج عند إسرائه من مكة المعظمة إلى المسجد الأقصى فجأة شم رائحة طيبة لم يشم مثلها فسأل جبرائيل عن هذه الرائحة الطيبة، فأجابه أن زوجة حزقیل آمنت بموسی بن عمران واخفت إيمانها، كانت تعمل ماشطة قصر النساء عند فرعون وكانت يوماً تزين إبنة فرعون فوقع المشط من يدها فقالت «بسم الله » سألتها ابنة فرعون إن كانت تعبد أباها، فأجابت بأنها تعبد من خلق أباها وسمَّته ؛ فأسرعت إبنة فرعون إلى أبيها

ص: 83


1- ریاحین الشریعة، ج5، ص٫153 الخصائص الفاطمية ص343

وأخبرته بأن الماشطة تؤمن بموسى، فأحضرها فرعون وسألها إن كانت تؤمن به، فأجابت بأنها لا تترك عبادة ربها الحقيقي وأنها لا تعبد فرعون فأمر فرعون بإشعال التنور حتى إذا احمرَّ أمر برمي أولاد هذه المرأة أمامها في النار . وعندما أرادوا أن يرموا ابنها الرضيع الذي كانت تحضنه في النار، توتَّرت صبانة وأرادت أن تتبرأ من دينها، فأنطق الله طفلها وقال لها : اصبري يا أمَّاه إنك على الحق.

فرمی جنود فرعون المرأة وطفلها الرضيع في النار وأحرقوهما ورموا رمادهما في تلك الأرض وستبقى هذه الرائحة الطيبة إلى يوم القيامة تشم من هذه الأرض(1).

صيانة من النساء اللواتي يحيين ويُعدن إلى الدنيا ويقمن بواجبهن في ركاب الإمام المهدي(علیه السلام) .

2 - أم أيمن:

إسمها بركة، كانت جارية للنبي(صلی الله علیه و اله) ورثها عن أبيه عبد الله ، وكانت تتعاهد رسول الله (صلی الله علیه و اله)(2). كان يخاطبها النبی(صلی الله علیه و اله)

بأمي ويقول : هذه بقية أهل بيتي . كان لها ولد من زوجها الأول عبید الخزرجي اسمه أيمن. كان أيمن من المهاجرين واستشهد في معركة حنين .

أم أيمن هي شخصية عظيمة ففي الطريق من مكة إلى المدينة

ص: 84


1- منهاج الدموع، ص93
2- تاريخ الطبري، ج2، ج7، الحلبي، السيرة، ج1، ص59

غلبها العطش وكادت تموت فنزل عليها من السماء دلوٌ من الماء فشربت منه ولم تعطش بعد ذلك أبداً(1).

عندما توفي النبي(صلی الله علیه و اله) بكت۟، ولما سئلت عن سبب بكائها أقسمت أنها كانت تعلم أنه سيموت ولكنها تبكي لأن الوحي انقطع(2).

جعلتها السيدة فاطمة الزهراء (علیها السلام)شاهداً في قضية فدك .

توفيت في زمان حكومة عثمان .

3 - زبيدة :

هي زوجة هارون الرشيد وكانت من الشيعة. عندما عرف هارون تشیعها أقسم أن يطلقها. كانت معروفة بالأعمال الصالحة . عندما صار ثمن قربة الماء في مكة دیناراً سقت الحجاج وأهل مكة جميعاً. وأوصلت الماء من خارج الحرم من مسافة عشرة أميال إلى الحرم بعد حفر الجبال وفتح الأنفاق. كان عند زبيدة مائة جارية کله حافظات للقرآن، ويجب على كل منهن قراءة عشر القرآن ، بحيث أن صوت قراءة القرآن كان يسمع من بيتها كدوي النحل .

4 - سمية أم عمار بن ياسر :

كانت سابع شخص يدخل الإسلام؛ ولهذا السبب أنزلوا بها أسوأ التعذيب. عندما كان رسول الله (صلی الله علیه و اله)يمر على عمار وأبيه وأمه ويراهم تحت حرارة شمس مكة المحرقة على الأرض الملتهبة وهم يعذَّبون، كان يقول: «صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة».

ص: 85


1- عبد الرزاق، المصنف، ج4، ص309، الإصابة، ج4، ص432. وفي بعض النصوص أنَّها توسَّلت بالزهراء. بحار الأنوار، ج 43، ص 46 . مناقب آل أبي طالب ، ج 3، ص 339
2- تنقیح المقال، ج3، ص70

في النهاية استشهدت سمية برمح أبي جهل الجبّار المجرم

وكانت أول امرأة استشهدت في الإسلام.

5 - أم خالد :

عندما قتل حاكم العراق يوسف بن عمر، زید بن علي في مدينة الكوفة، قطع يد أم خالد أيضاً بجرم التشيع وتأييدها لقيام زيد.

ينقل أبو بصير أنه كان عند الإمام الصادق (علیه السلام)عندما دخلت وهي مقطوعة اليد، فسأله الإمام (علیه السلام)إذا كان يريد أن يسمع كلام أم خالد فأجاب بنعم. فجاءت أم خالد وتكلمت بكلام فصیح بليغ وحادثها الإمام(علیه السلام) في مسالة الولاية والبراءة من الأعداء(1).

6 - حبابة الوالبية :

عدها الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الحسن (علیه السلام)، ویری ابن داود أنها من أصحاب الإمام الحسن والحسين والإمام السجاد والإمام الباقر (علیه السلام). وعدّها البعض الآخر من أصحاب ثمانية أئمة معصومین آخرهم الإمام الرضا (علیه السلام)، وذكروا أيضاً أن الإمام الرضا (علیه السلام)كفَّنها بقميصه. كان سنُّها عندما ماتت مائتين وأربعين سنة، وقد عادت إلى شبابها مرتين الأولى في معجزة للإمام السجاد (علیه السلام)والثانية بمعجزة الإمام الثامن الرضا (علیه السلام)، وختم لها ثمانية أئمة معصومین بخاتمهم على حجر كان معها.(2)

ص: 86


1- أسد الغابة ، ج 5، ص 481
2- معجم رجال الحدیث، ج14، ص23، 108، 176. ریاحین الشريعة. ج3، ص381. تنقیح المقال، ج3، ص75

عن حبابة الوالبية قالت : رأيت أمير المؤمنين (علیه السلام) شرطة الخميس ومعه درّة لها سبابتان، يضرب بها بياعي الجرّي والمار ماهي والزمار ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان، فقام إليه فرات بن أحنف ، فقال : يا أمير المؤمنین! وما جند بني مروان؟ قال : فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتَّلوا الشوارب فمسخوا. فلم أرَ ناطقاً أحسن نطقاً منه. ثم اتَّبعته فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد فقلت له: يا أمير المؤمنین : ما دلالة الإمامة يرحمك الله؟

قالت : فقال : آتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى حصاة فأتيته بها، فطبع فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة! إذا ادّعی مدّعٍ الإمامة فقدر أن يطبع كما رأيتِ فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة ، والإمام لا يعزب عنه شيء يريده ، قال : ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمینین (علیه السلام)، فجئت إلى الحسن(علیه السلام) وهو في مجلس أمیر المؤمنين(علیه السلام) والناس يسألونه ، فقال : يا حبابة الوالبية! فقلت: نعم یا مولاي ؛ فقال : هاتی ما معك. قالت: فأعطيته، فطبع عليها كما طبع أمير المؤمنین(علیه السلام) .

قالت: ثم أتيت الحسين(علیه السلام) وهو في مسجد رسول الله (صلی الله علیه و اله)فقرَّب ورحَّب ثم قال لي: إن في الدلالة دلالة على ما تريدين، أفتریدین دلالة الإمامة ؟ فقلت : نعم يا سيدي ؛ فقال : هاتي ما معك، فناولته الحصاة، فطبع لي فيها.

قالت: ثم أتيت علىَّ بن الحسين(علیه السلام) وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت وأنا أعدُّ يومئذٍ مائة وثلاث عشرة سنة، فرأيته راكعاً وساجداً ومشغولًا بالعبادة، فيئست من الدّلالة، فأومأ لي بالسبَّابة ،

ص: 87

فعاد إلىَّ شبابي، قالت: فقلت : يا سيدي ! كم مضى من الدنيا وكم بقي؟ فقال : أما ما مضى فنعم، وأما بقي فلا، قال: ثم قال لي: هاتي ما معك، فأعطيته الحصاة، فطبع لي فيها. ثم أتيت أبا جعفر (علیه السلام)، فطبع لي فيها ثم أتيت أبا عبد الله(علیه السلام) فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسی(علیه السلام) فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا (علیه السلام)فطبع لي فيها.

وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر(1).

7 - قنواء بنت رشيد الهجري:

وإن كان لم يأت خبر في الكتب الشيعية والسنية عن هذه

المرأة(2) ، ولكن من المجربات التي وقعت على يد إبن زياد التي تنقلها هي في كيفية أسر وشهادة أبيها، يظهر مدى صلابتها وثبات عقيدتها وتمسكها بالإسلام والتشيع والحب لأمير المؤمنین (علیه السلام).

عن ابي حيان البجلي عن قنواء بنت رشید الهجري، قال : قلت لها : أخبريني ما سمعت من أبيك. قالت : سمعت أبي يقول : أخبرني أمير المؤمنين (علیه السلام)فقال : يا رشید کیف صبرك إذا أرسل إليك دعيُّ بني أمية فقطع يديك ورجليك؟ قلت : يا أمير المؤمنین!

ص: 88


1- م. س، ج3، ص75. الكافي، ج1، ص346. قال المجلسي: أعلم أنه على ما في هذا الخبر لا بد من أن يكون عمر حبابة مائتين وخمس وثلاثينسنة أو أكثر على ما تقتضيه تواریخ الأئمة ومدة أعمارهم... ولذا ذكرها علماؤنا في المعمرات والمعمرين رداً لإستبعاد المخالفين من طول عمر القائم . أقول: للمجلسي کلام في السند، و بحث وشرح دلالي فراجع مرآة العقول. ج4، ص78
2- أعيان الشيعة، ج 32، ص6

آخر ذلك إلى الجنة؟ فقال : يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة .

قالت : فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه عبيد الله بن زیاد الدعّي فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنین (علیه السلام)، فأبى أن يبرأ منه ، فقال له الدعّي: فبأي ميتة قال لك تموت؟ فقال له: أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أبرأ فتقدمني فتقطع يديّ ورجلي ولساني، فقال : والله لأكذبن قوله فيك. قالت فقدموه، فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه. فحملت أطراف يديه ورجليه، فقلت : يا أبت هل تجد ألماً مما أصابك؟ فقال: لا يابنية إلا كالزحام بين الناس .

فلما احتملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله ، فقال : إيتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة ! فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه، فمات رحمة الله عليه في ليلته(1).

- دور النساء في عصر النبي (صلی الله علیه و اله):

نظراً إلى أن النساء في حكومة الإمام المهدي (علیه السلام)سيكون لهنَّ الدور نفسه الذي كان لهن في صدر الإسلام؛ لذلك سنقوم بدراسة دور النساء في ذلك العصر .

إن الروايات وإن كانت تشير إلى أن النساء كنَّ يداوين الجرحى، ويقمن على المرضى؛ ولكن قد يكون ذلك مثالًا لأهم

ص: 89


1- اختیار معرفة الرجال، ص75، أحوال الرشيد. تنقیح المقال، ج 1، ص431، وج3، ص82. معجم رجال الحدیث، ج7، ص190 ، أعيان الشيعة، ج 32. ص6، سفينة البحار، ج 3، ص 357. ریاحین الشريعة، ج5، ص40. أقول: الظاهر أن قائله هو: زیاد بن أبيه لا عبيد الله، راجع تعلیقنا في الجزء الثالث من موسوعة مع الركب الحسيني. وراجع أيضاً القاموس للتستري 371:4

خدمات النساء في عصر النبي(صلی الله علیه و اله) ؛ لأنهنّ كان لهنَّ نشاطات أخرى، وسيكون لهنَّ الدور نفسه في زمان الإمام المهدي (علیه السلام)كما في الرواية عن الإمام الصادق (علیه السلام)أن النساء يقمن في زمان الإمام المهدي (علیه السلام)بنفس الأعمال التي كن يقمن بها في زمان النبي (صلی الله علیه و اله).

النساء كنّ يتولّين وظائف أخرى في حروب النبي (صلی الله علیه و اله)مثل إيصال الماء والطعام للجنود. طبخ الطعام، حفظ وسائل الجنود، تأمين الدواء، إيصال الأسلحة، تصليح التجهيزات، نقل الشهداء ، الاشتراك في الحرب الدفاعية، تشجيع الجنود في ميدان المعركة.

إن تشبيه الإمام الصادق (علیه السلام)النساء في عصر المهدي (علیه السلام)بنساء عصر النبي(صلی الله علیه و اله) دفعنا إلى أن نذكر نبذة عن أنشطة النساء في صدر الإسلام.

بعض هؤلاء النساء اللواتي كان لهن نشاط مهم في صدر الإسلام هن.

1 - أم عطية: وهي شاركت في سبع غزوات ، ومن جملة خدماتها معالجة الجرحى(1). تحكي أم عطية أن إحدى أهم مهامها كانت حراسة وسائل الجنود(2).

2 - أم عمارة (نسيبة): ثباتها في حرب أحد كان شديداً إلى حد أن النبي (صلی الله علیه و اله)امتدحها وأشاد بها(3).

ص: 90


1- أبو عوانة ، المسند، ج4، ص331
2- الواقدی، المغازی، ج1، ص270
3- کنز العمال. ج4، ص345

3 - أم أبيه : وهي واحدة من ست نساء توجَّهن لحصار خيبر . فسألهن النبي (صلی الله علیه و اله)عمّن أذن لهنَّ بالمجيء، تقول أم أبيه إنهنَّ عندما رأين آثار الغضب في وجه النبي (صلی الله علیه و اله)أخبرنه بأنهنَّ جئن بمقدار من الدواء لمعالجة الجرحى. فأذن لهنَّ حينذاك ووافق على بقائهن، وكان شغلهن في الحرب معالجة الجرحى وطبخ الطعام.

4 - أم أيمن، كانت تداوي الجرحى في الحروب(1).

5 - حمّنة : كانت توصل الماء إلى الجرحى وتداويهم، وقد فقدت زوجها وأخاها وخالها في الحرب(2).

6 - ربيعة بنت معوذ: كانت تداوي الجرحى(3)، تقول:

توجهنا للحرب مع رسول الله(صلی الله علیه و اله) ونقلنا الجرحى إلى المدينة .

7 - أم زياد: كانت إحدى النساء الست اللواتي ذهبن إلى خيبر وكانت تداوي الجرحى(4).

8 - أمية بنت قيس: أسلمت بعد هجرة المسلمين، تقول: جئت إلى النبي(صلی الله علیه و اله) مع جمع من نساء بني غفار، وقلنا: نحن نريد أن نسير معك إلى خيبر لمعالجة الجرحى ومساعدة الجنود. فرح النبي ووافق على طلبهن(5).

ص: 91


1- الإصابة، ج4، ص433
2- ابن سعد، الطبقات، ج8، ص241
3- أسد الغابة، ج5، ص451، البخاري، الصحيح، ص14، ص148
4- الإصابة، ج4، ص444
5- أسد الغابة، ج5، ص405

9 - ليلى الغفارية : تقول: أنا امرأة كنت أذهب مع النبي (صلی الله علیه و اله)إلى الحرب لمداواة الجرحى(1) .

10 - أم سليم : كانت توصل الماء إلى الجنود في معركة أحد، وشاركت في معركة حنين مع أنها كانت حاملًا(2).

11 - معاذة الغفارية : كانت تعالج المرضى والجرحى(3).

12 - أم سنان الأسلمية : عندما توجه النبي(صلی الله علیه و اله) إلى خيبر قالت : أحب أن أكون معك وأداوي الجرحى والمرضى وأساعد الجنود وأحفظ وسائلهم وأسقي العطشى فوافق النبي (صلی الله علیه و اله)وطلب منها أن تسير مع زوجته أم سلمة(4).

13 - فاطمة الزهراء (علیها السلام): يقول محمد بن مسلمة أن عدة نساء في معركة أحد كنَّ يبحثن عن الماء، وكث أربع عشرة إمرأة وكانت فاطمة(علیها السلام) معهنَّ (5).

14 - أم سليط : يقول عمر بن الخطاب أن أم سليط كانت تحمل لنا قِرَب الماء، وتصلح متاعنا(6).

15 - نسيبة : شاركت في معركة أحد هي وزوجها وابنيها، وكانت تحمل قربة ماء وتسقي الجرحى. وعندما اشتدت الحرب شارکت هي أيضاً وأصيبت باثني عشر جرحاً من سيف ورمح(7) .

ص: 92


1- دور النساء في الحرب، ص22
2- ابن سعد، الطبقات، ج8، ص425
3- أعلام النساء ، ج 5، ص 61
4- رياحين الشريعة، ج3، ص410
5- الواقدی، المغازی، ج1، ص249
6- البخاري، الصحيح، ج12، ص153
7- الواقدی، المغازی، ج1، ص268

16 - أنيسة : عن سعيد بن عثمان البلوي، عن جدته أنيسة بنت عدي أنها جاءت إلى النبي(صلی الله علیه و اله) فقالت: يا رسول الله! إن إبني عبد الله بن سلمة وكان بدرياً قتل يوم أحد، فأحببت أن أنقله إلى فآنس بقربه، فأذن لها النبي (صلی الله علیه و اله)في نقله، فعدلته بالمجدر بن زیاد على ناضحٍ لها في عباءة، فمرت بها، فنظر إليها النبي (صلی الله علیه و اله)فقال : سوّى بينهما عملهما... (1).

هذه النبذة عن أنشطة النساء ودورهن في حروب الإسلام بقيادة رسول الله(صلی الله علیه و اله) . قد تكون مساعدة النساء في الأمور العسكرية والدعم من أجل أن يستفاد من الحد الأقصى من القوات المقاتلة في الحرب في مواجهة العدو ، النساء في عصر الإمام المهدي(علیه السلام) أيضاً يقمن بنفس الأعمال التي كانت تقوم به النساء في زمن النبي(صلی الله علیه و اله) لتحقيق نفس الهدف.

في هذا العصر أو قبله نلاحظ أنَّ النساء لهنّ أدوار مختلفة ، كالتبليغ ضد الدجَّال وتحذير الناس منه .

عن أبي سعيد الخدري قال : مع الدجال إمرأة يقال لها لئيبة (طيبة) لا يؤم قرية إلا سبقته إليها فتقول: هذا الرجل داخل عليكم فاحذروه. [فحذّٙروه ](2).

ص: 93


1- أسد الغابة، ج5، ص406. راجع شیخ محمد جواد الطبسي، دور النساء في الحرب
2- ابن حماد، الفتن، ص151. کنز العمال، ج14، ص 602

ص: 94

الفصل الثاني : قائد الثورة

اشارة

لقد ذكرنا مسائل حول ثورة وقيام الإمام المهدي (علیه السلام)، وفي هذا الفصل سنبحث حول خواص الإمام(علیه السلام) الجسمية والأخلاقية وكراماته بالاستفادة من الروايات..

أ - صفاته البدنيّة:

1 - العمر والوجه:

قال عمران بن حصین: صف لنا یا رسول الله هذا الرجل وما حاله فقال النبي (صلی الله علیه و اله)«إنه من ولدي، كأنه من رجال بني إسرائيل يخرج عند جهد من أمتي وبلاء، عربي اللون، ابن أربعين سنة، كأن وجهه کوکب دري، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يملك عشرين سنة، صاحب مدائن الكفر كلها، قسطنطينية ورومية»(1).

ص: 95


1- طاووس، الملاحم، ص142

وعن الإمام الحسن بن علي (علیه السلام):

«... بطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة»(1).

وعن الصادق (علیه السلام):

«لو قد قام القائم لأنكره الناس لأنه يرجع إليهم شاباً موفقاً، لا يثبت عليه إلا من قد أخذ الله میثاقه في الذرّٙ(2) الأول»(3).

وعن أمير المؤمنين (علیه السلام):

ويبعث الله المهدي، وهو ما بين الثلاثين والأربعين»(4).

وعن المروي، قال: قلت للرضا (علیه السلام): وما علامة القائم منكم إذا خرج؟ قال : «علامته أن يكون شيخ السن، شاب المنظر، حتى أن الناظر إليه لبحسبه إبن أربعين سنة أو دونها، وإن من علامته أن لا يهرم بمرور الأيام والليالي عليه حتى يأتي أجله»(5).

وعن أبي عبد الله(علیه السلام) قال :

ص: 96


1- کمال الدین، ج1، ص315، كفاية الأثر، ص224، أعلام الوری، ص410. الإحتجاج، ص 289
2- يقول تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ...) سورة الأعراف، الآية 172 ، يقول بعض المفسرين : المراد من عالم الذر هو ظهور أرواح بني آدم في عالم الروح وشهادتهم بتوحيد الله . قبل خلق الإنسان على الأرض
3- النعماني، الغيبة ص188. عقد الدرر، ص 41. بحار الأنوار، ج287. ينابيع المودة ، ص 492
4- إحقاق الحق، ج19، ص654
5- کمال الدین، ج2، ص652. أعلام الوری، ص 435. الخرائج، ج3، ص1170

«إن ولی الله یعمر عمر إبراهيم الخليل عشرين ومائة سنة ، ويظهر في صورة فتي موفق، ابن ثلاثين سنة»(1).

يقول المرحوم المجلسي أنه قد يكون المراد مدة حكومة وسلطان الإمام(علیه السلام) أو أن هذا هو مقدار عمره الشريف، ولكن الله أطاله .

المراد من كلمة موفق هو اعتدال أعضائه، وكناية عن أنه في متوسط سني الشباب أو آخرها(2).

هناك أقوال أخرى عن سن الإمام(علیه السلام) عند الظهور . يقول أرطأة : «المهدي ابن ستين سنة»(3) .

ويقول ابن حماد: «وهو ابن ثمان عشرة سنة» (4).

وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام): في حديث قال: قلت له : إني سمعت أباك وهو يقول: «إن القائم واسع الصدر، مشرف المنكبين، عريض بينهما» ، فقال : يا أبا محمد: إن أبي لبس درع رسول الله(صلی الله علیه و اله) فكانت تسحب على الأرض، وإني لبستها فكانت و كانت، وإنها تكون من القائم كما كانت من رسول الله (صلی الله علیه و اله)مشمّرة (شمرة) كأنه يرفع نطاقها بحلقتين»(5).

ص: 97


1- النعمانی، الغيبة، ص189. الطوسی، الغيبة، 259. دلائل الإمامة 258. بحار الأنوار ، ج52، ص287
2- بحار الأنوار، ج52، ص283
3- إبن طاووس، الملاحم، ص73، کنز العمال، ج14، ص586
4- ابن حماد، الفتن، ص 102
5- بصائر الدرجات، ج4، ص188. إثبات الهداة ، ج3،ص440، 520. بحار الأنوار، ج 52، ص319

وعن الريان بن الصلت قلت للرضا (علیه السلام): أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: «أنا صاحب هذا الأمر، ولكني لست بالذي أملأها عدلاٌ كما ملئت جوراً، وكيف أكون ذاك على ما ترى من ضعف بدني؟ وإن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشباب، قوياً في بدنه، حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصی موسی وخاتم سليمان»(1).

ب - الكمالات الأخلاقية:

الإمام المهدي (علیه السلام)كباقي الأئمة المعصومين (علیهم السلام)يمتلك کمالات أخلاقية خاصة. بما أن الأئمة المعصومين(علیهم السلام) بشر کاملون وأسوة ومثال للبشرية من كل الجهات فهم يمتلكون أخلاقاً فاضلة في أعلى المراتب .

عن الرضا (علیه السلام):

«المهدي أعلم الناس، وأحلم الناس، وأتقى الناس، وأسخی

الناس، وأشجع الناس، وأعبد الناس»(2).

1 - الخوف من الله :

عن كعب: «المهدي خاشع لله كخشوع النسر لجناحيه»(3) .

ص: 98


1- کمال الدین، ج2، ص48. اعلام الوری، ص407. کشف الغمة، ج3، ص314. بحار الأنوار، ج52، ص322. الوافي، ج2، ص113. إثبات الهداة ، ج3، ص478
2- ينابيع المودة، ص401 إثبات الهداة ، ص537. إحقاق الحق، ج13، ص367
3- إبن حماد، الفتن، ص100، عقد الدرر، ص158. إبن طاووس، الملاحم، ص 73. المتقي الهندي. البرهان، ص 101

لعل مقصود کعب هو أنه مهما كان النسر قوياً ولكن قوته ترتبط بمقدار قوة جناحيه، فإذا لم يساعده جناحاه سيسقط من السماء إلى الأرض.الإمام المهدي(علیه السلام) أيضاً وإن كان أقوى القادة الإلهيين؛ ولكن هذه القوة هي من ذات الحق تعالى، فإذا لم ينصره الله لحظة فلن يكون لديه القوة للإستمرار في عمله، من هذه الجهة يشعر بكمال الخشوع والخضوع والخوف مقابل الذات الإلهية .

شبّه خشوع الإمام (علیه السلام)أمام الله - عز وجل - بحسب نقل إبن طاووس بطرفي السهم، فإن سرعة السهم ودقة إصابته مرتبطة برأسية الذين هما مثل جناحين، فإذا كان أحدهما معوجّاً فإن السهم سیخطئ هدفه . لعل الغرض أن قدرة المهدي(علیه السلام) هي من الله - عز وجل - وترتبط تماماً بعون الحق تعالی . ثم إنَّها ليست رواية صادرة عن المعصوم بل كلام لكعب الذي لم يثبت وثاقته حتى عندهم.

2 - الزهد:

عن أبي عبد الله (علیه السلام):

«ما يستعجلون بخروج القائم؟ فوالله ما لباسه إلا الغليظ ولا طعامه إلا الجشب وما هو إلا السيف والموت تحت ظل السيف»(1) .

ويقول حماد بن عثمان: «كنت حاضراً عند أبي عبد الله(علیه السلام) إذ قال له رجل: أصلحك الله . ذكرت أن علي بن أبي طالب(علیه السلام) كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك، ونرى عليك اللباس الجيد»؟

ص: 99


1- النعماني، الغيبة، ص 233، 234. مع اختلاف يسير . بحار الأنوار ج 52. ص354

قال : فقال له: «إن علي ابن أبي طالب (علیه السلام)كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر، ولو لبس مثل ذلك اليوم لشُهّٙر به، فخير لباس كل زمان لباس أهله، غير أن قائمنا إذا قام لبس لباس علي (علیه السلام)وسار بسيرته»(1).

ج - اللباس:

ذكر في الروايات أن هناك لباساً خاصاً للإمام القائم (علیه السلام)عند الظهور، یحکی تارة عن قميص رسول الله (صلی الله علیه و اله)، وتارةً عن قميص يوسف(علیه السلام) .

عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله(علیه السلام):

«ألا أريك قميص القائم الذي يقوم عليه؟ فقلت: بلى، قال : فدعا بقمطر ففتحه وأخرج منه قمیص کرابیس، فنشره، فإذا في كمه الأيسر دم، فقال : هذا قميص رسول الله (صلی الله علیه و اله)الذي عليه يوم ضربت رباعيته وفيه يقوم القائم، فقبلت الدم ووضعته على وجهي، ثم طواه أبو عبد الله(علیه السلام) ورفعه»(2).

عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (علیه السلام)قال : سمعته يقول :

«أتدري ما كان قميص يوسف (علیه السلام): قال : قلت: لا، قال : إن إبراهيم (علیه السلام)لما أوقدت له النار، أتاه جبرائیل(علیه السلام) بثوب من ثياب الجنة، فألبسه إياه، فلم يضره معها حر ولا برد، فلما حضر

ص: 100


1- الكافي، ج6، ص444. بحار الأنوار، ج 41، ص159، وج47، ص55
2- النعماني، الغيبة، ص243. إثبات الهداة ، ج3، ص5421. حلية الأبرار، ج2، ص575. بحار الأنوار، ج52، ص355

إبراهيم الموت جعله في تميمة وعلّقه على إسحاق، وعلقه إسحاق على يعقوب، فلما ولد يوسف علقه عليه وكان في عضده، حتى كان من أمره ما كان، فلما أخرجه يوسف بمصر من التميمة، وجد يعقوب(علیه السلام) ريحه وهو قوله تعالى حكاية عنه : «... إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ»(1) . فهو ذاك القميص الذي أنزل من الجنة، قلت : جعلت فداك : فإلى من صار هذا القميص؟ قال : إلى أهله وهو مع قائمنا إذا خرج. ثم قال : كل نبي ورث علماً أو غيره فقد انتهى إلى محمد (صلی الله علیه و اله)»(2).

د - الأسلحة:

قال رسول الله (صلی الله علیه و اله):

«يا علي إن قائمنا إذا خرج ... فإذا حان وقت خروجه يكون

له سيف - ناداه السيف

- قم یا ولی الله ، فاقتل أعداء الله»(3).

وعن جعفر بن محمد(علیه السلام) :

«إنه يخرج... وعمامته السحاب ودرع رسول الله(صلی الله علیه و اله) السابغة وسيف رسول الله(صلی الله علیه و اله) وذو الفقار، يجرد السيف على عاتقه ثمانية اشهر، يقتل هرجاً»(4) .

وعن جابر الجعفي عن الباقر(علیه السلام) أنه قال :

ص: 101


1- سورة يوسف، الآية 94
2- الكافي، ج1، ص232. کمال الدین، ج2، ص674. بحار الأنوار، ج52، ص327
3- كفاية الأثر، ص263. بحار الأنوار، ج36، ص409. الباب 3، ص269. إثبات الهداة ، ج3، ص563
4- النعماني، الغيبة، ص308. بحار الانوار، ج52. ص223. راجع: الإرشاد، ص275

«... ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام، معه عهد نبي الله (صلی الله علیه و اله)ورايته وسلاحه ووزيره معه، فينادي المنادي بمكة بإسمه وأمره من السماء، حتى يسمعه أهل الأرض كلهم إسمه إسم نبي»(1).

ه - التوسُّم:

إحدى خصائص مراتب الأئمة (علیهم السلام)و منهم الإمام المهدي (علیه السلام)هي أنه يعرف شخصية الناس الباطنة من سيماهم، ويميز الصالح من غيره، وينزل بالمفسدين جزاء أعمالهم(2) .

قال أبو عبد الله (علیه السلام):

«إذا خرج القائم (علیه السلام)لم يبق بين يديه أحد إلا عرفه صالح أو طالح»(3) .

ويقول(علیه السلام) أيضاً :

«لو قام قائمنا يعرف أعداءنا بسيماهم، فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم، يخبط هو وأصحابه بالسيف خبطاً»(4).

وعنه (علیه السلام):

ص: 102


1- الأصول الستة عشر، ص79. إثبات الهداة ، ج3، ص588. بحار الأنوار، ج26، ص209. مستدرك الوسائل، ج 11، ص38
2- بل في المأثور و المشهود أنَّهم يمنحون بعض أولياء هم هذه المرتبة العلمية أيضاً
3- كمال الدين، ج2، ص 671 . الخرائج، ج2، ص930. إثبات الهداة، ج3، ص493. بحار الأنوار، ج51، ص58. وج52، ص389
4- إحقاق الحق، ج13،ص357، راجع: النعماني، الغيبة، ص242، کمال الدین، ج2، ص366، الإرشاد، ج5، ص36، إعلام الوری، ص433. کشف الغمة، ج3، ص256

«إذا قام قائم آل محمد (علیهم السلام)، يعرف ولیه من عدوه بالتوسم»(1).

وعن معاوية الدهني، عن أبي عبد الله (علیه السلام)في قوله تعالی :

«يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ»(2)، قال : يا معاوية! ما يقولون في هذا؟ قلت: يزعمون أن الله تبارك وتعالى - يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة، فيأمرهم فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم، فيلقون في النار، فقال لي: وكيف يحتاج الجبار - تبارك وتعالى - إلى معرفة خلق أنشأهم وهم خلقه؟ فقلت: جعلت فداك، وما ذلك؟ قال: «لو قام قائمنا أعطاه الله السيماء، فيأمر بالكافر فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم ثم يخبط بالسيف خبطاً»(3).

و - الكرامات:

وإن كان الناس في آخر الزمان يعدون اللحظات لظهور دولة قوية تنصر المظلومين، ولكن الناس لَم تعُد تكترث ولا تقيم وزناً لكثير من الدول الحاكمة متكبّرة، ولا تقبل رأي حزب أو جماعة ، ولا ترى أن أحداً قادر على إعادة النظام إلى المجتمع العالمي، وبث السلام في العالم المليء بالاضطرابات.

من هذه الناحية إن من يدَّعي العمل على إعادة النظم للمجتمع

ص: 103


1- کمال الدین، ج2، ص266. الإرشاد، ص365. أعلام الوری، ص433. کشف الغمه، ج3، ص256
2- سورة الرحمن، الآية: 41
3- الإختصاص، ص304. النعمانی، الغيبة، ص128، بصائر الدرجات، ص356. بحار الأنوار ، ج52، ص321. الشيعة والرجعة، ج1، ص431 المحجة، ص217. ينابيع المودة، 429

ونشر السلام في العالم، يجب عليه أن يمتلك قوة فوق قوى البشر؛ وإثبات هذا الأمر يحتاج إلى إظهار کرامات وأعمال خارقة للعادة، ولعله لأجل هذا يقوم الإمام المهدي (علیه السلام)في أول ظهوره ببعض الكرامات والمعجزات . يشير إلى طائر يطير فيهبط في يده، يغرس عصاً يابسة في الأرض فتخضر تلك العصا فوراً وينبت فيها أغصان وأوراق.

بهذه الأعمال هو يثبت لهم إرتباطهم مع شخصية تكون السماء والأرض - بإذن الله - باختياره وتحت سلطته. فالناس الذين هاجمتهم الطائرات والصواريخ وقدّموا ملايين الضحايا، ولم يجدوا قوّة تمنع كل هذه الإعتداءات ؛ هم الآن يجدون أنفسهم أمام شخصية تكون السماء والأرض وما فيهما تحت اختیاره.

الناس الذين كانوا يعيشون حتى الأمس في قحط، ويتحملون المشاق والمصاعب حتى من أجل تأمين المستلزمات الأولية لحياتهم، ووقعوا في ضيق إقتصادي شديد على أثر الجفاف وقلة الزراعة، اليوم هم أمام شخصية تشير إلى الأرض فتخضر وتزهر، ويرى فيها الماء والمطر .

والناس الذين كانوا قد أصيبوا بأمراض مستعصية، هم الآن أمام شخص يعالج حتى الأمراض التي لا علاج لها، ويحيي الموتی.

هذه الأمور هي معجزات و کرامات تحكي عن قوة، وصدق وصحة أقوال هذا القائد السماوي. خلاصة الكلام هي أن البشر يصدّٙقون أن هذا المبشّٙر لا يشبه أياً من المدّعين السابقين، وهو المنقذ الحقيقي والذخيرة الإلهية والمهدي الموعود (علیه السلام).

ص: 104

من هذه المعجزات والكرامات :

1 - نطق الطائر :

عن أمير المؤمنين (علیه السلام):

«... ويلحقه هناك إبن عمه الحسني في إثني عشر ألف فارس، فيقول: يا بن عم! أنا أحق بهذا الجيش منك، أنا إبن الحسن، وأنا المهدي(علیه السلام)، فيقول المهدي : بل أنا المهدي.

فيقول الحسني: هل لك من آية فنبايعك؟ فيومي المهدي إلى الطير، فتسقط على يده فينطق بقدرة الله ويشهد له بالإمامة ، ويغرس قضيباً في بقعة من الأرض فيخضرُّ ويورق؛ فيقول له الحسني: يا ابن عم! هي لك. ويسلّٙم إليه جيشه ويكون على مقدّمته»(1).

2 - خروج الماء والطعام من الأرض:

عن أبي جعفر(علیه السلام) ، قال : «إذا ظهر القائم، ظهر براية رسول الله(صلی الله علیه و اله) وخاتم سليمان وحجر موسی وعصاه، ثم يأمر منادیه فينادي : ألا لا يحمل رجل منکم طعاماً ولا شراباً ولا علفاً! فيقول أصحابه: إنه يريد قتلنا وقتل دوابنا من الجوع والعطش. فيسير ويسيرون معه، فأول منزل ينزله بضرب الحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف ؛ فيأكلون ويشربون دوابهم حتى ينزلوا النجف بظهر الكوفة» (2).

ص: 105


1- عقد الدرر، ص97، 138، 139. القول المختصر، ص19. الشيعة والرجعة، ج1، ص158
2- النَّعمانی ، الغيبة ، ص 238 . كمال الدین، ص670. بحار الأنوار، ج52. ص351. الوافي، ج2، ص112

وعن جعفر بن محمد (صلی الله علیه و اله):

«إذا قام القائم بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة، نادى منادیه : ألا لا يحمل أحدٌ منكم طعاماً ولا شراباً، ويحمل حجر موسى الذي انبجست منه اثنتا عشرة عيناً، فلا ينزل منزلاً إلا نصبه فانبجست منه العيون؛ فمن كان جائعاً شبع، ومن كان ظمآناً روي، فيكون زادهم حتى ينزلوا النجف من ظاهر الكوفة، فإذا نزلوا ظاهرها، انبعث منه الماء واللبن دائماً فمن كان جائعاً شبع، ومن كان عطشان روي»(1).

3 - طي الأرض وعدم الظل:

قال الرضا (علیه السلام):

«فإذا خرج أشرقت الأرض بنور ربها وهو الذي تطوى له الأرض، ولا يكون له ظل»(2).

4 - وسيلة النقل :

عن أبي جعفر(علیه السلام) :

«أما إن ذا القرنين قد خُيّٙر السحابين فاختار الذلول وذُخِرَ لصاحبكم الصعب، قال : قلت : وما الصعب؟ قال : ما كان من سحاب فيه رعد وصاعقة أو برق فصاحبكم يركبه. أما إنه سیرکب

ص: 106


1- بصائر الدرجات، ص 188، الکافی، ج 1، ص 231. النعماني، الغيبة، ص238. الخرائج، ج2، ص 29. نور الثقلین، ج 1، ص 84. بحار الأنوار، ج13، ص13،، ص 185، وج 52، ص 324
2- کمال الدین، ص 372. كفاية الأثر، ص323. أعلام الوری، ص408، کشف الغمة، ج3، ص314. فرائد السمطین، ج2، ص336. ينابيع المودة، ص489. نور الثقلین، ج4، ص47. بحار الأنوار، ج51، ص157. راجع: الإحتجاج، ج2، ص249. الخرائج، ج3، ص 1171. مستدرك الوسائل، ج2، ص33

السحاب، ويرقي في الأسباب، أسباب السماوات السبع والأرضين السبع. خمس عوامر وإثنتان خرابان»(1).

وعن أبي عبد الله (علیه السلام):

«إن الله خير ذا القرنين السحابين الذلول والصعب، فاختار الذلول، وهو ما ليس فيه برق ولا رعد، ولو اختار الصعب لم یکن له ذلك؛ لأن الله أدَّخره للقائم» (2).

5 - بطء الزمان :

عن الباقر(علیه السلام) :

«إذا قام القائم سار إلى الكوفة... فيمكث على ذلك سبعة سنین، مقدار كل سنة عشر سنين من سنيكم هذه، ثم یفعل الله مایشاء. قيل : كيف تطول السنون؟ قال : بأمر الله الفلك بالمكوث وقلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون. قيل : إنهم يقولون : إن الفلك إن تغير فسد، قال : ذلك قول الزنادقة، فأما المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك»(3) .

6 - قوة التكبير :

قال رسول الله (صلی الله علیه و اله):

«... فينزل المهدي على بابها - قسطنطينية - ولها يومئذٍ سبعة أسوار، فيكبر المهدي سبع تكبيرات فيخرُّ كل سور منها، فعند ذلك

ص: 107


1- المفيد، الإختصاص، ص199. بصائر الدرجات، ص409. بحار الأنوار، ج52، ص321
2- ن. م، ص326. بحار الأنوار، ج52، ص312. غاية المرام، ص77
3- المفيد، الإرشاد، ص 365. بحار الأنوار، ج52، ص337. الشيعة والرجعة. ج1، ص400

يأخذها المهدي، ويقتل من الروم خلقاً كثيراً، ويسلم على يديه خلق كثير»(1).

وعن أمير المؤمنین(علیه السلام) : «... ثم يسير المهدي ومن معه من المسلمين، لا يمرون على حصن من بلاد الروم إلا قالوا عليه : لا إله إلا الله، فتساقط حیطانه . ثم ينزل من القسطنطينة، فيكبرون تكبيرات فينشق خليجها ويسقط سورها. ثم يسير إلى رومية، فإذا نزل عليه كبر المسلمون ثلاث تكبيرات فتكون كالرملة على نشر »(2) .

وعنه(علیه السلام) أيضاً:

«... ثم يسير المهدي ... ثم يأتي إلى مدينة يقال لها «مقاطع» وهي على البحر الأخضر المحيط بالدنيا ... فيكبرون عليها

تکبیرات، فتساقط حيطانها، وتنقطع جدرانها»(3).

وعن کعب الأحبار؛ في قصة القسطنطينة : قال : فيركز لواءه يعني المهدي - ويأتي الماء ليتوضأ لصلاة الصبح. قال: فيتباعد الماء منه ، فإذا رأى ذلك، أخذ لواءه فاتّبع الماء حتى يجوز من تلك الناحية، ثم يركزه، ثم ينادي : أيها الناس! إعبروا فإن الله عز وجل - قد فرق لكم البحر كما فرقه لبني إسرائيل. قال : فيجوز الناس، فيستقبل القسطنطينية، فيكبرون فيهتز حائطها، ثم يكبرون فيهتز، ثم يكبرون فيسقط منها ما بين إثني عشر برجاً»(4).

ص: 108


1- العلل المتناهية، ج2، ص855. عقد الدرر، ص180
2- عقد الدرر، ص139
3- الشيعة والرجعة، ج1، ص161
4- عقد الدرر، ص138

عن جعفر بن محمد عن أبيه (علیهم السلام): قال :

«إذا قام القائم ... ويبعث جنداً إلى القسطنطينة، فإذا بلغوا إلى الخليج كتبوا على أقدامهم شيئاً ومشوا على الماء [ فإذا نظر إليهم الروم يمشون على الماء ] قالوا: هؤلاء أصحابه يمشون على الماء ، فكيف هو؟ فعند ذلك يفتحون لهم باب المدينة فيدخلونها فيحكمون فيها بما يريدون»(1).

8 - شفاء المرضى :

قال أمير المؤمنین (علیه السلام):

«ثم بعد ذلك يقيم الرايات ويظهر المعجزات، يقول للشيء كن فيكون بإذن الله، ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويميت الأحياء»(2).

9 - عصا موسی(علیه السلام) :

قال الإمام الباقر (علیه السلام):

«كانت عصی موسى لآدم، فصارت إلى شعیب، ثم صارت إلى موسى بن عمران، وإنها لعندنا، وإن عهدي بها آنفاً هي خضراء

کھیئتها حين انتزعت من شجرتها، وإنها لتنطق إذا استنطقت. أُعدَّت لقائمنا، یصنع بها ما كان يصنع بها موسی بن عمران. وإنها لتصنع ما تؤمر وأنها حيث ألقيت تلقف ما بأفكون بلسانها»(3).

ص: 109


1- النعماني، الغيبة، ص159. دلائل الإمامة، ص249. إثبات الهداة، ج3، ص573. بحار الأنوار، ج52، ص365
2- الشيعة والرجعة، ج1، ص169
3- کمال الدین، ج2، ص673. بحار الأنوار، ج52، ص318، 351، الكافي، ج 1، ص 232

10 - نداء الغمام :

عن الصادق (علیه السلام):

«يظهر في آخر الزمان على رأسه غمامة تظله من الشمس، تدور

معه حيثما دار، تنادي بصوت فصيح هذا المهدي»(1).

وأخيراً عن الصادق (علیه السلام):

«ما من معجزةٍ من معجزات الأنبياء إلا ويظهر الله - تبارك وتعالى - مثلها في يد قائمنا؛ لإتمام الحجة على الأعداء»(2) .

ص: 110


1- تاریخ مواليد الأئمة، ص200. کشف الغمه، ج3، ص265. الصراط المستقيم، ج2،ص260. بحار الأنوار، ج51، ص240. إثبات الهداة، ج3، ص615. النوري، کشف الأستار، ص69
2- خاتون آبادي، الأربعين، ص 67. إثبات الهداة ، ج3، ص700

الفصل الثالث : جنود الإمام(علیه السلام)

اشارة

تتشكّل العدَّة الأساس من أصحاب الإمام المهدي(علیه السلام) من قوميات

مختلفة، يُدعَون عند القيام بأسلوب خاص.

الأشخاص الذين حدّدوا مسبقاً للقيادة مسؤوليتهم توجيه الجيش والعمليات القتالية. والجنود الذين يقبلون في جيش المهدي(علیه السلام) يمتلكون مواصفات خاصة. عدد منهم يكونون في التشكيل الأول ومجموعة أخرى يلتحقون بالجيش، ومجموعة لعلَّها تسمّى قوات الحماية . في هذا الفصل سنذكر الروايات المرتبطة بهذا الموضوع.

أ - قادة الجيش:

نرى في الروايات أسماء أشخاص أسندت إليهم مهمة العمليات الخاصة، أو قيادة عدد من الجند. سنشير إلى أسماء وأعمال بعضهم :

1 - النبي عيسى (علیه السلام):

عن أمير المؤمنین (علیه السلام):

ص: 111

«ثم إنه (علیه السلام)يجعل عيسى خليفته على قتال الأعور الدجال . يخرج أميراً على جيش المهدي يطلب الأعور الدجال وقد أهلك الحرث والنسل، وصاح على أغلب الدنيا ويدعو الناس لنفسه بالربوبية، فمن أطاعه أنعم عليه، ومن أبي قتله. وقد وطئ الأرض كلها إلا مكة والمدينة وبيت المقدس، وقد أطاعه جميع أولاد الزنا من مشارق الأرض ومغاربها . ثم يتوجه إلى أرض الحجاز، فيلحقه عیسی علی عقبة (هرشا) فيزعق علیه عیسی زعقة وينبعها بضربة، فیذوب الدجال كما يذوب الرصاص في النار»(1).

الضربة التي تذيب الدجال قد تكون من خلال استعمال احدث الأسلحة في ذلك العصر ويمكن أن تكون حكاية عن إعجاز النبي عیسی (علیه السلام).

جاء في خصائص عيسى(علیه السلام) : «ويلقي عليه مهابة الموت»(2).

2 - شعیب بن صالح

عن علي(علیه السلام) :

«يلتقي السفياني ذا الرابات السود، فيهم شاب من بني هاشم، في كفه اليسرى خال، وعلى مقدمته رجل من بني تميم يقال له: شعیب بن صالح...»(3). قديقال بعدم دلالتها على أنَّ الشَّاب أو شعیب بن صالح من أصحابه و من عدَّته و لكن بقرينة النُّصوص الأخرى يتضح الأمر.

وعن الحسن البصري: «يخرج بالري رجل ربعة، أسمر، مولی

ص: 112


1- الشيعة والرجعة، ج 1، ص 142
2- ابن حمّاد، الفتن، ص161
3- ن.م، ص86. عقد الدرر، ص127. کنز العمال، ج14، ص588

لبني تميم، وسج، يقال له: شعیب بن صالح في أربعة آلاف ثيابهم بيض. وراياتهم سود يكون مقدمة للمهدي»(1).

وعن عمار بن یاسر : «المهدي على لوائه شعیب بن صالح»(2).

ويقول الشبلنجي: «إن على مقدمة جيشه - المهدي - رجلًا من تميم ضعيف اللحية يقال له شعيب بن صالح»(3).

وعن محمد بن الحنفية : «ثم تخرج من خراسان أخرى سوداء ، قلانسهم سود وثيابهم بيض، على مقدمتهم رجل يقال له: شعيب بن صالح أو صالح بن شعيب، من تميم. يهزمون أصحاب السفياني حتى تنزل بیت المقدس، توطئ للمهدي سلطانه»(4).

3 - إسماعيل ابن الإمام الصادق (علیه السلام) وعبد الله بن شريك :

عن أبي خديجة الجمال، قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول:

«إني سألت الله في إسماعيل أن يبقيه بعدي، فأبى، ولكنه قد أعطاني فيه منزلةً أخرى، أنه أول منشور في عشرة من أصحابه ، ومنهم عبد الله بن شريك العامري، وهو صاحب لوائه»(5).

ص: 113


1- ابن طاووس، الملاحم، ص 53، عقد الدرر، ص130. الشيعة والرجعة، ج 1، ص210
2- ن.م، الشيعة والرجعة، ج 1، ص 211
3- نور الأبصار، ص 138. الشيعة والرجعة، ج 1، ص 211
4- ابن حماد، الفتن، ص 84. ابن المنادی، ص47. الدارمي، السنن، ص98. عقد الدرر، ص126. إبن طاووس، الفتن، ص49
5- الإيقاظ من الهجعة، ص266. راجع الكشي، اختیار معرفة الرجال، ص217. ابن داود، الرجال، ص206

عن أبي جعفر (علیه السلام):

«كأني بعبد الله بن شريك العامري عليه عمامة سوداء ذؤابتاها بين كتفيه مصعد في لحف الجبل، بين يدي قائمنا اهل البيت في أربعة آلاف يكرون ويكررون [يكبرون ويكررون]»(1).

4 - عقيل والحارث :

عن علي (علیه السلام):

ثم يسير بالجيوش حتى بصير بالعراق والناس خلفه وأمامه ، وعلى مقدمته رجل أسمه عقيل وعلى ساقه رجل إسمه الحارث(2) .

5 - جبير بن خابور:

عن الصادق(علیه السلام) : قال علي(علیه السلام) لأصحابه :

«إن هذا - يعني جبير بن الخابور - في جبل الأهواز، في أربعة مدججين في السلاح، فيكونون معه حتى يقوم قائمنا أهل البيت فيقاتل معه»(3).

لَم أعثر لجبیر بن خابور من خبر بعد البحث الكثير في كتب الشيعة والسنة غير ما روي عن الإمام الصادق (علیه السلام) أن جبير بن خابور هو خازن معاوية كانت له أم عجوز تعيش في الكوفة فاستأذن معاوية ليزورها. فقال له معاوية بأن في الكوفة ساحر إسمه علي بن

ص: 114


1- ن.م، راجع: بحار الأنوار، ج52، ص76. إثبات الهداة ، ج3، ص561. ابن شریک من حواري الباقر و الصادق (علیهم السلام)و روی عن السجاد و الباقر(علیهم السلام) و كان عندهما وجیهاً مقدَّماً . (مستدرکات علم الرجال ، ج5، ص34. تنقیح المقال ، ج 2، ص 189) والمراد ب«لحف» الأصل
2- الشيعة والرجعة، ج1، ص158
3- الخرائج، ج1، ص185. بحار الأنوار، ج41، ص296. مستدرکات علم الرجال، ج2، ص118

أبي طالب ويخاف أن يغويه . لكن جبير أصر فأذن له وعندما وصل إلى الكوفة أخذه حرس الكوفة إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبره بما قال له معاوية وماذا أتي يفعل واين يخبيء أمواله فتعجب جبیر وصدق الإمام. ثم أمر الإمام علي(علیه السلام) : الحسن (علیه السلام): بضيافته . في الغد ذکر علي(علیه السلام) لأصحابه الحديث السابق «إن هذا في جبل الأهواز ...».

6 - المفضل بن عمر : عن الصادق(علیه السلام):

«یا مفضل ! أنت وأربعون رجلاً تحشرون مع القائم. أنت على يمين القائم، تأمر وتنهى والناس إذ ذاك أطوع لك منهم اليوم»(1).

7 - اصحاب الكهف:

عن أمير المؤمنين علي (علیه السلام):

«ويجئ له أصحاب الكهف»(2).

وهناك أشخاص مثل : يوشع ومؤمن آل فرعون وسلمان الفارسي وأبي دجانة الأنصاري ومالک اشتر و داوود الرقّي، نجم بن أعين، حمران بن أعين، ومیسر بن عبد العزيز، أشير في الروايات إلى إحيائهم وحضورهم في زمان الإمام القائم (علیه السلام)، وسنشير إلى ذلك في البحث القادم.

ب - قوميات الجنود:

اشارة

تتشكل قوات الإمام المهدي (علیه السلام)من قوميات مختلفة كما مر، ويوجد في الروايات کلام مختلف حول هذا الموضوع ، فتذكر تارة

ص: 115


1- دلائل الإمامة. ص248. إثبات الهداة ، ج3، ص573
2- الحصیني، الهداية ، ص31. إرشاد القلوب، ص286. حلية الأبرار، ج 5، ص 303. تفسير العياشي ، ج 1، ص 32

أن جنود الإمام(علیه السلام) هم من العجم، ويشمل ذلك غير العرب ، وتذكر بعض الروايات أسماء المدن والبلدان التي يأتي منها الجنود لنصرة الإمام (علیه السلام)، وتارةً تتكلم عن قوم معینین مثل توّابي بني إسرائيل والمؤمنين المسيحيين والأشخاص الصالحين الذين رجعوا إلى الدنيا لنصرة الإمام (علیه السلام).

سنذكر في هذا الفصل بعض الروايات في هذا المجال :

1 - الإيرانيون:

يفهم من الروايات أن عدداً ملفتاً للإنتباه من جنود وجيش الإمام المهدي(علیه السلام) هو من الإيرانيين، وتعبر عنهم بتعابیر مختلفة مثل : أهل الري، أهل خراسان، کنز طالقان، القميين، أهل فارس وغير ذلك.

عن الباقر (علیه السلام):

«تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان في الكوفة، فإذا ظهر المهدي بمكة بُعثَ إليه بالبيعة»(1).

وعنه(علیه السلام) :

«أصحاب القائم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، أولاد العجم»(2).

وعن عبد الله بن عمر، عن النبي (صلی الله علیه و اله):

«يملأ الله عز وجل أياديكم من العجم ويصبرون أُسداً، لا

ص: 116


1- إبن حمّاد، الفتنة ، ص85. عقد الدرر، ص129. الحادي للفتاوي، ج2، ص69
2- النعماني، الغيبة، ص315. إثبات الهداة ، ج3، ص547. بحار الأنوار، ج 52، ص369

يفرّون، يضربون أعناقكم ويأكلون فيأكم»(1) .

وعن حذيفة عن النبي (صلی الله علیه و اله):

«يوشك أن يملأ الله أيديكم من العجم، ويجعلهم أُسداً، لا يفرون، فيضربون أعناقكم، ويأكلون فيأكم»(2).

من المحتمل قوياً أن الروايتين الأخيرتين إشارة إلى تحالف القوى الكافرة وهجومها الشرس ضد الإسلام والمسلمين، وليست مرتبطة بالحركات الممهدة والموطئة لدولة المهدي(علیه السلام) ؛ لذلك هناك إشكال في دلالة الرواية .

تفيد الروايات أنه سيأتي يوم يجرد الإيرانيون سيوفهم من أجل نشر الإسلام وإعادة العرب إليه، ويقطعون رقاب الممتنعين. ويكون وضع العرب في ذلك الزمان سيّٙئاً جداً.

كلمة عجم، وإن كانت تطلق على غير العرب، ولكنها تشمل الإيرانيين قطعاً. وعلى أساس روایات أخرى، فإنَّ الإيرانيين أيضاً لهم دور اساسي في تهيئة الأرضية من خلال أكثر الحروب التي تحدث قبل ظهور المهدي(علیه السلام) وحينه، وهم يشكّٙلون العدد الأكبر من الجنود . كما يحتمل أن يكون المراد بالعرب الحكَّام والأنظمة والمتعاونين معهم .

في خطبة علي(علیه السلام) عن أصحاب المهدي(علیه السلام) يذكر فيها بلدانهم وإسم بعض مدن إيران.

ص: 117


1- فردوس الأخبار، ج5، ص366
2- عبد الرزاق، المصنف، ج11، ص385. المعجم الكبير ، ج7، ص268. حلية الأولياء، ج3،ص24. فردوس الأخبار، ج5، ص445

عن الأصبغ بن نباتة، قال : خطب أمير المؤمنين (علیه السلام)خطبة فذكر المهدي، وخروجه ومن يخرج معه وأسماءهم، فقال له أبو خالد الحلبي: صفه لنا يا أمير المؤمنين، فقال علي (علیه السلام):

«ألا إنه أشبه الناس خَل۟قاً وخُلُقاً، وحسناً برسول الله (صلی الله علیه و اله). ألا أدلكم على رجاله وعددهم؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنین! قال : سمِعت رسول الله (صلی الله علیه و اله)قال : أولهم من البصرة وآخرهم من اليمامة . وجعل علي(علیه السلام) یعدد رجال المهدي والناس يكتبون . فقال : رجلان من البصرة، ورجل من الأهواز، ورجل من عسکر مکرم، ورجل من مدينة تُستر، ورجل من دورق، ورجل من الباستان وإسمه علي، وثلاثة من إسمه : أحمد وعبد الله وجعفر، ورجلان من عمان محمد والحسن، ورجلان من سیراف شداد وشدید، وثلاثة من شیراز : حفص ويعقوب وعلي، وأربعة من اصفهان: موسی وعلي وعبد الله وغلفان، ورجل من أبدح وإسمه يحيى، ورجل من المرج (العرج) وإسمه داود، ورجل من الكرخ وإسمه عبد الله ، ورجل من بروجرد إسمه قديم. ورجل من نهاوند وإسمه عبد الرزاق، ورجلان من الدينور : عبد الله وعبد الصمد، وثلاثة من همدان : جعفر وإسحاق وموسی. وعشرة من قم أسماؤهم على أسماء أهل بیت رسول الله (صلی الله علیه و اله)، ورجل من خراسان إسمه درید، وخمسة من الذين أسماؤهم على أهل الكهف، ورجل من آمل، ورجل من جرجان، ورجل من هرات، ورجل من بلخ، ورجل من قراح، ورجل من عانة، ورجل من دامغان، ورجل من سرخس، وثلاثة من السيار، ورجل من ساوة، ورجل من سمرقند، وأربعة وعشرون من الطالقان وهم الذين ذكرهم رسول الله (صلی الله علیه و اله)، وفي خراسان كنوز لا ذهب ولا فضة ولكن رجال يجمعهم الله ورسوله، ورجلان من قزوین، ورجل

ص: 118

من فارس، ورجل من أبهر ، ورجل من برجان من جموح، ورجل من شاخ، ورجل من صريح، ورجل من أردبيل، ورجل من مراد، ورجل من تدمر، ورجل من أرمينية، وثلاثة من المراغة، ورجل من خوي، ورجل من سلماس، ورجل من أردبيل ورجل من بدلیس، ورجل من نسور، ورجل من بركري، ورجل من سرخيس، ورجل من منارجرد، ورجل من قرقيلا، وثلاثة من واسط، وعشرة من الزوراء، وأربعة من الكوفة، ورجل من القادسية، ورجل من سوراء ، ورجل من السراة، ورجل من النيل، ورجل من صيداء، ورجل من جرجان، ورجل من القصور، ورجل من الأنبار، ورجل من عكبرا، ورجل من الحنانة،ورجل من تبوك، ورجل من الجامدة، وثلاثة من عبادان، وستة من حديثة الموصل، ورجل من الموصل، ورجل من مغلثايا، ورجل من نصيبين، ورجل من کازرون، ورجل من فارقين ، ورجل من آمد، ورجل من رأس العين، ورجل من الرقة، ورجل من حرّان، ورجل من بالس، ورجل من قبج، وثلاثة من طرطوس، ورجل من القصر، ورجل من أدنة، ورجل من خمري، ورجل من عرار، ورجل من قورص، ورجل من أنطاكية، وثلاثة من حلب، ورجلان من حمص. وأربعة من دمشق، ورجل من سورية، ورجلان من قسوان، ورجل من قيموت، ورجل من صور، ورجل من كراز ورجل من أذرح ورجل من عامر ورجل من دكار، ورجلان من بيت المقدس، ورجل من الرملة، ورجلان من عكا، ورجل من صور، ورجل من عرفات، ورجل من عسقلان، ورجل من غزة، وأربعة من الفسطاط، ورجل من قرمیس، ورجل من دمياط، ورجل من المحلة، ورجل من الاسكندرية، ورجل من برقة، ورجل من طنجة،

ص: 119

ورجل من افرنجة، ورجل من القيروان، وخمسة من السوس الأقصى، ورجلان من قبرص، وثلاثة من حميم، ورجل من قوص، ورجل من عدن، ورجل من علالي، وعشرة من مدينة رسول الله (صلی الله علیه و اله)، وأربعة من مكة، ورجل من الطائف، ورجل من الدير، ورجل من الشيروان، ورجل من زبيد، وعشرة من مرو، ورجل من الإحساء، ورجل من القطيف، ورجل من هجر، ورجل من اليمامة . قال عليه الصلاة والسلام: أحصاهم لي رسول الله ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدد أصحاب بدر يجمعهم الله من مشرقها إلى مغربها في أقل مما ينم الرجل عيناه عند بيت الله الحرام»(1).

كما مر في الرواية، إن إثنين وسبعين شخصاً من ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا الذين هم خواص جيش الإمام المهدي(علیه السلام) الذين يصحبون الإمام(علیه السلام) في بداية قيامه، هم من مدن إيران المعروفة اليوم. لو تم العدّ بناء على نقل الطبري في دلائل الإمامة ، أو على أساس أسماء المدن الإيرانية في ذلك العصر، فإن عدد الإيرانيين سيكون أكثر(2) .

في الرواية السابقة ذكرت أسماء بعض المدن مرتين، أو أسماء بعض المدن في بلد ما ثم ذكر إسم ذلك البلد، فإذا كان نقل الرواية صحيحاً، فيمكن أن يكون ذلك صورة عن تقسيمات وأسماء ذلك العصر، ولا يمكن جعل التقسيمات الجغرافية في هذا العصر ملاكاً لتفسير وفهم هذه الرواية ؛ لأن أسماء المدن قد تغيّرت، فإسم

ص: 120


1- ابن طاووس، الملاحم، ص146. وفي الطبعة الجديدة ، ص 295 : يتمّ الرجل عشاء
2- دلائل الإمامة ، ج316

بعض المدن يطلق على البلد في هذا العصر . إن تطبيق أسماء المدن على خرائط العالم الجغرافية الحالية يمكن أن يستنتج منه أن أصحاب الإمام (علیه السلام)منتشرون في أنحاء العالم، ويمكن أن تكون كلمة «افرنجة» - الواردة في الرواية - إشارة إلى مغرب الأرض. لو كان هذا التطبيق والقول صحيحاً لكان لجملة «لو خليت لفنيت» مصداق ومعنى؛ لأن الأرض لا تخلو في أي عصر من الأشخاص الصالحين، وإلا قلبت وفنیت.

ذكرت في روايات أخرى أسماء مدنٍ خاصة نذكر هنا عدداً من الروايات في مدينة قم، خراسان وطالقان .

قم :

عن الإمام الصادق(علیه السلام) :

«تربة قم مقدسة ... أما وإنهم أنصار قائمنا ودعاة حقنا»(1).

وعن عفان البصري، عن أبي عبد الله(علیه السلام) قال :

«قال لي: أتدري لم سُمي قم؟ قلت: الله ورسوله وأنت أعلم، قال : إنما سُمّٙي قم لأن أهله يجتمعون مع قائم آل محمد صلوات الله عليهم. ويقومون معه ويستقيمون عليه وينصرونه»(2).

خراسان : قال أمير المؤمنين(علیه السلام) :

ص: 121


1- بحار الأنوار، ج60، ص 218
2- ن.م، ج60، ص216

«سمعت رسول الله (صلی الله علیه و اله)قال : ... وفي خراسان كنوز لا ذهب ولا فضة، ولكن رجال يجمعهم الله ورسوله ...»(1).

قد يكون المقصود أنهم مشتركون في الإعتقاد الصادق بالله

ورسوله ، أو أن الله يجمعهم جميعاً في يوم واحد في مكة .

طالقان :

عن أمير المؤمنین (علیه السلام):

«ويحاً للطالقان! فإن لله - عز وجل - بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضة، ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته، وهم أنصار المهدي (علیه السلام)في آخر الزمان»(2) .

2 - إلعرب:

الروايات المرتبطة بمشاركة العرب في قيام الإمام المهدي(علیه السلام) هي قسمان : قسم يدل على عدم اشتراكهم في ثورة المهدي(علیه السلام) ، وعدد منها يذكر أسماء بعض المدن العربية التي يخرح منها اشخاص ينصرون المهدي (علیه السلام)في قيامه .

الروايات التي تدل على عدم اشتراك العرب على فرض صحتها سنداً - يمكن توجيهها؛ لأنه من الممكن أن لا يشترك العرب في القوات الخاصة التي تكون مع الإمام في بداية قيامه؛ كما فسّر الشيخ الحر العاملي الروايات في كتاب إثبات الهداة . والمدن العربية

ص: 122


1- إبن طاووس، الملاحم، ص147. روضة الواعظین، ص310. بحار الأنوار، ج52، ص304
2- کشف الغمة، ج3، ص268، کنز العمال، ج 14، ص 591. الشافعی، البيان، ص106. ينابيع المودة، ص91

التي ذكرت الروايات أسماءها قد يكون الجنود الذين يخرجون منها لنصرة الإمام المهدي (علیه السلام)من غير العرب الذين يسكنون فيها، لا من ذوي الأصل العربي، أو أن المراد الحكومات والأنظمة العربية .

عن الصادق (علیه السلام):

«اتقِ العرب، فإن لهم خبر سوء، أما إنَّه لا يخرج مع القائم واحد منهم»(1).

يقول الشيخ الحر العاملي: قد يكون المراد من كلام الإمام الصادق(علیه السلام) هذا بداية قيام الإمام (علیه السلام)أو كناية عن ضعف مشاركتهم .

قال رسول الله(صلی الله علیه و اله) :

«... يخرج إليه الأبدال من الشام، وأشتاتهم، كأن قلوبهم زبر الحدید، رهبان بالليل وليوث بالنهار»(2).

وعن أبي جعفر (علیه السلام):

«يتابع بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من الشام، والأخیار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم»(3).

وعنه(علیه السلام) :

ص: 123


1- الطوسي، الغيبة، ص 284. إثبات الهداة ، ج3، ص517. بحار الأنوار، ج 52، ص333
2- ابن طاووس، الملاحم، ص142، بحار الأنوار، ج52، ص304
3- الطوسي. الغيبة، الطبعة الجديدة، ص477. بحار الأنوار، ج52، ص334. إثبات الهداة ، ج3، ص518

«إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله - تعالى - من ظهر الكوفة سبعين ألف صدّيق فيكونون من أصحابه وأنصاره»(1).

3 - غير المسلمين:

عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله(علیه السلام):

«إذا قام قائم آل محمد (علیهم السلام) استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلاً من قوم موسى الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع وصي موسى، ومؤمن آل فرعون ...»(2).

وعنه عليه السلام:

«إن أرواح المؤمنين يرون آل محمد في جبل رضوی. فتأكل من طعامهم وتشرب من شرابهم وتّحدَّثَ معهم في مجالسهم حتى يقوم قائمنا أهل البيت.فإذا قام قائمنا بعثهم الله معه، يلبُّون زمراً فزمراً، فعند ذلك يرتاب المبطلون ويضمحلُّ المنتحلون وينجو المقربون»(3) .

وعن ابن جريح: «بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم وكفروا وكانوا اثني عشر سبطاً، تبرأ سبط منهم مما صنعوا، واعتذروا وسألوا الله أن يفرق بينهم وبينهم، ففتح الله لهم نفقاً من

ص: 124


1- ابن طاووس، الملاحم، ص43. ينابيع المودة، ج2، ص435. الشيعة والرجعة، ج1، ص 456
2- روضة الواعظین، ج2، ص266. أبو دجانة إسمه سمان بن خرشة الأنصاري . يقول عنه المرحوم المامقاني أرى أنه حسن الحال ... و تنقیح المقال، ج2، ص68
3- الكافي، ج3، ص131. الإيقاظ، ص290. بحار الأنوار، ج27، ص308

الأرض، فساروا فيه سنة ونصف حتى خرجوا من وراء الصين، فهم هناك حنفاء مسلمين يستقبلون قبلتنا(1).

قيل : إن جبرائيل انطلق بالنبي(صلی الله علیه و اله) ليلة المعراج إليهم، فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة، فآمنوا به وصدقوه، وأمرهم أن يقيموا مكانهم، ويتركوا السبت، وأمرهم بالصلاة والزكاة، ولم يكن نزلت فريضة غيرها ففعلوا»(2).

عن ابن عباس في تفسير الآية المباركة: «وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا»(3). ذكروا إن المراد من الآخرة ظهور عیسی(علیه السلام) الذي يقوم معه بنوا إسرائيل. ولكن اصحابنا رووا أنهم يقومون مع قائم آل محمد(صلی الله علیه و اله) (4). وقد يقال لا منافاة لأنَّ عيسى (علیه السلام)في وعد الآخرة سيكون مع المهدي وزيراً له .

وفي تفسير الآية الشريفة : «وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ»(5). يقول المرحوم المجلسي إن هناك خلاف في من هي هذه الأمة.

البعض كإبن عباس يقول أنهم قوم يسكنون في طرف الصين الآخر، وبينهم وبين الصين صحراء من الرمل المتحرك وهم لا يبدلون حكم الله أبداً(6).

ص: 125


1- بحار الأنوار، ج 54. ص316
2- بحار الأنوار، ج 54. ص316
3- سورة الإسراء (بني إسرائيل)، الآية 104
4- بحار الأنوار، ج54، 316
5- سورة الأعراف، الآية 159
6- بحار الأنوار، ج54، ص316

عن الباقر(علیه السلام) :

«وليس لأحدٍ منهم مال دون صاحبه، يُم۟طَرُون في الليل ويُض۟حُون في النهار يزرعون، لا يصل إليهم منا أحد ولا منهم إلينا، وهم على الحق»(1).

وعن الصادق (علیه السلام):

«لا تشترِ من السودان أحداً، فإن كان لا بد، فمن النَّوبة، فإنهم من الذين قال الله عز وجل : «وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ» (2) أما إنهم سيذكرون ذلك وسيخرج مع القائم عصابة منهم»(3).

لا يخفى ما في الرواية من الضعف، وقد ناقشنا السند في کتابنا بالفارسية «إيلام دیار شیعیان گمنام» أي (إيلام ديار الشيعة المجهولين).

4 - جابلقا وجابرسا:

عن أبي عبد الله (علیه السلام)قال :

«إن لله عز وجل بالمشرق مدينة إسمها «جابلقا»، لها إثنا عشر ألف باب من ذهب، بين كل باب إلى صاحبه مسيرة فرسخ، على كل باب برج فيه إثنا عشر ألف مقاتل، يلهبون الخيل ويشحذون السيوف والسلاح، ينتظرون قيام قائمنا. وإن الله عز وجل - بالمغرب

ص: 126


1- م. س
2- القرآن الكريم، سورة المائدة، الآية 14
3- الكافي، ج5، ص352. التهذيب، ج7، ص405، وسائل الشيعة، ج14، ص56. نور الثقلین، ج 1، ص601. تفسير البرهان، ج1، ص454. ينابيع المودة، ص422

مدينة يقال لها (جابرسا) لها إثنا عشر الف باب من ذهب بين كل باب إلى صاحبه مسيرة فرسخ. على كل باب برج فيه إثنا عشر ألف مقاتل، يلهبون الخيل، ويشحذون السلاح والسيوف، ينتظرون قائمنا، وأنا الحجة عليهم»(1).

هناك روایات متعددة أخرى تدل على وجود مدن ومناطق أخرى في العالم، أهلها لا يعصون الله أبداً . لمزيد من الإطلاع يرجع إلى المجلد الرابع والخمسين من كتاب بحار الأنوار .

يفهم من مجموع هذه الروايات أن الإمام المهدي(علیه السلام) له جنود ومعسكرات في أنحاء العالم مستعدون للدخول في الحرب عند ظهوره، ولكن يفهم من بعض الروايات أنهم ماتوا منذ سنوات والله - عز وجل - سيحييهم ويرجعهممن أجل نصرته.

عن الإمام الصادق (علیه السلام):

«إنه - يعني نجم بن أعين - ممن يجاهد في الرجعة»(2) .

عنه (علیه السلام): «كأني بحمران ابن أعين ومیسر بن عبد العزيز يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة»(3).

ص: 127


1- بحار الأنوار، ج 54، ص334 وج26، ص47
2- الإيقاظ من الهجعة، ص269. أقول: الشيعة الإماميَّة يعتقدون بأن الإمام المهدي(علیه السلام) والأئمة المعصومين (علیهم السلام)وبعض المؤمنين والكافرين يرجعون إلى الدنيا. وفي هذا الأمر عشرات الروايات. راجع كتاب الوالد المرحوم آية الله الطبسي الشيعة والرجعة، ج2، وقد كتبت کراساً بإسم الرجعة بنظر الشيعة مستفيداً من كتاب الوالد وقد نشر (بالفارسية) وكتاب أخر بإسم الرجعة في أحاديث الفريقين فراجع
3- الكشی، الرجال، ص204. الخلاصة، ص98. القهبائی، الرجال، ج2، ص289. الإيقاظ ، ص 284. بحار الأنوار، ج 54. ص4 . معجم رجال الحدیث، ج6، ص259

فسر آية الله الخوئي (قده) في معجم رجال الحديث(1) كلمة «یخبطان» بضرب السيف.

وعنه (علیه السلام): أيضاً أنه نظر إلى داود الرقي وقد ولىَّ، فقال :

«من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أصحاب القائم فلينظر إلى هذا»(2) .

ج - عدد الجنود:

لدينا روایات مختلفة في عدد جنود إمام الزمان(علیه السلام) ، بعضها تذكر عددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا، وبعضها تكلمت عن عشرة آلاف وما يزيد. وهنا أمران من الضروري ذكرهما وهما:

1 - إن الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا - الذين جاء ذكرهم في الروايات - هم القوات الخاصة التي تكون في بداية القيام مع الإمام(علیه السلام) . وهم يكونون من أركان حكومة الإمام المهدي (ع) العالمية؛ كما يذكر المرحوم الأربلي في کتاب کشف الغمة أنه يستفاد من رواية العشرة آلاف، أن عدد أنصار الإمام علي لا ينحصر بثلاثمائة وثلاثة عشر، بل هذا هو عدد الذين يكونون معه في بداية قيامه .

2 - إن عدد أربعة آلاف أو عشرة آلاف وغيره المذكور في بعض الروايات ليس عدد كل أفراد جيش المهدي(علیه السلام) ؛ بل كما يستفاد من الروايات أيضاً، إن كل واحد من هذه الأرقام يشير إلى

ص: 128


1- معجم رجال الحدیث، ج 6، ص 259
2- الإيقاظ ، ص264. هناك بحث في وثاقة داود، ولكن في رواية عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنه منه كما كان المقداد من النبي (صلی الله علیه و اله). تنقیح المقال، ج2، ص414

عدد القوات في برهة من زمان ظهور الإمام(علیه السلام) أو في معركة خاصة في ناحية من العالم. ولعل هناك تفسيراً آخر لا نعلمه يظهر عند ظهوره (علیه السلام).

1 - القوات الخاصة :

عن يونس بن ظبيان، قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام)، فذكر أصحاب القائم، فقال :

«ثلاثمائة وثلاثة عشر، وكل واحدٍ يرى نفسه في ثلاثمائة ...»(1).

يحتمل من قول الإمام(علیه السلام) : «وكل واحد يرى نفسه ثلاثمائة ...» أمران:

1 - أن قوة كل منهم البدنية توازي قوة ثلاثمائة رجل، كما أن قوة كل واحد من المؤمنين في ذلك العصر توازي قوة أربعين رجلًا .

2 - أن كل واحد منهم لديه ثلاثمائة جندي، وهو يرى نفسه بين ثلاثمائة شخص تحت أمره. بناء على هذا الإحتمال فهم يقدرون بحدود ثلاثمائة كتيبة عسكرية، ومن الأقوى أن يكون هذا هو ظاهر اللفظ ؛ يعني أن كل واحدٍ منهم يرى نفسه جزءً من ذلك العدد كما ذكر البعض.

عن علي بن الحسين الإمام زین العابدین (علیه السلام)، قال :

ص: 129


1- دلائل الإمامة ، ص320. المحجة، ص26

«المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدة أهل

بدر، فيصبحون بمكة»(1).

وعن أبي جعفر الثاني الإمام الجواد (علیه السلام)قال:

«قال النبي (صلی الله علیه و اله)لأبي بن كعب في وصف القائم... يخرج من تهامة ... وله كنوز لا ذهب ولا فضة، إلا خيول مطهمة ورجال مسوّمة، يجمع الله له من أقاصي البلاد على عدة أهل بدر، ثلاثمائة عشر رجلاً، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وبلدانهم وطبائعهم وحُلاهم وكناهم، كدّادون مجدون في طاعته»(2) .

وعن النبي (صلی الله علیه و اله):

«فيجتمع عليه كالطير الواردة، حتى يجتمع إليه ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً فيهم نسوة، فيظهر على كل جبار وإبن جبار، ويُظهر من العدل ما يتمنى له الأحياء أمواتهم...»(3).

وعن أبي جعفر الباقر(علیه السلام) :

«فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدة أهل بدر على غير معاد، قزعاً كقزع الخريف، رهبان بالليل، وأسد بالنهار»(4) .

وعن إبان بن تغلب ، قال : قال أبو عبد الله الصادق (علیه السلام):

«سيأتي في مسجدكم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، يعني مسجد

ص: 130


1- کمال الدین، ج2، ص 654. العياشي، التفسير، ج2، ص56. نور الثقلین، ج1، ص139 و ج4، ص94. بحار الأنوار، ج52، ص323
2- عیون أخبار الرضا، ج1، ص59. بحار الأنوار، ج52، ص310
3- مجمع الزوائد، ج7، ص315
4- ابن طاووس، الملاحم، ص64. الفتاوى الحديثية، ج31

مكة، يعلم أهل مكة أنه لم یلدهم آباؤهم ولا أجدادهم، عليهم السيوف، مكتوب على كل سيف [عليها] كلمة تفتح ألف كلمة»(1).

وعن الصادق (علیه السلام):

«یا مفضَّل! أنت وأربعة وأربعون رجلاً مع القائم»(2).

لعل المراد من الأربعة وأربعين رجلًا أشخاص من أصحاب الإمام الصادق (علیه السلام):

وعن المفضل بن عمر عنه(علیه السلام) في رواية مرت سابقاً :

«إذا قام قائم آل محمد(علیهم السلام) استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلاً من قوم موسى الذين يقضون بالحق وبه یعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع وصي موسى، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسي، وأبا دجانة الأنصاري، ومالك الأشتر»(3) .

وفي بعض الروايات ذكر المقداد بن الأسود أيضاً، وبناءً على بعض الروايات : فإنَّ الملائكة هي التي تنقل الموتى الصالحين إلى الأماكن المقدَّسة(4) مثل الكعبة. وعليه قد يكون هؤلاء المذكورون في الرواية من الذين نقلت أرواحهم إلى الكعبة ثم يُرجعون ويُحييون مرة ثانية من ذلك المكان. وبحسب روايات أخرى فإنَّ هذا المكان هو ظهر الكوفة أي مدينة النجف، فيصح معنى الرواية لأن أرواحهم تنقل إلى هناك أي إلى النجف الأشرف.

ص: 131


1- کمال الدین، ج2، ص671. بصائر الدرجات، ص311. بحار الأنوار،ج52، ص286
2- دلائل الإمامة ، ص248. إثبات الهداة ، ج3، ص 574
3- روضة الواعظین، ص277. إثبات الهداة، ج2، ص55
4- درر الأخبار، ج1، ص258. للمرحوم الطبسي (ره)

من الجدير بالذكر هو أن هؤلاء الأشخاص كان لهم دور في الماضي في المواجهة مع طواغیت عصرهم، في أبعادها السياسية والعسكرية ؛ كأصحاب الكهف وسلمان الفارسي، وأبي دجانة، ومالك الأشتر والمقداد الذين اشتركوا في حروب صدر الإسلام، وأظهروا بطولات كثيرة، وعدد منهم كانوا قادة .

2 - جيش المهدي (علیه السلام):

عن أبي بصير، سأل رجل من أهل الكوفة أبا عبد الله (علیه السلام): کم يخرج مع القائم، فإنهم يقولون: إنه يخرج معه عدة أهل بدر ، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا؟ قال : «وما يخرج إلا في أولي قوة، وما يكون أولو القوة أقل من عشرة آلاف»(1).

وعنه (علیه السلام):

«إذا أذن الله تعالى للقائم... وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا فيبايعونه، ويقيم بمكة حتى يتم أصحابه عشرة آلاف نفس، ثم يسير منها إلى المدينة»(2) .

وعن ابن رزين الخافقي: أنَّه سمع علياً (علیه السلام)يقول: «يخرج المهدي في إثني عشر ألفاً إن قلّوا، وخمسة عشر ألفاً إن كثروا، ويسير الرعب بين يديه . لا يلقاه عدد إلا هزمهم. شعارهم: أمِت ، أمت، لا يبالون في الله لومة لائم»(3).

ص: 132


1- کمال الدین، ج 2، ص 654. العياشي، التفسير، ج1، ص134. نور الثقلین، ج4، ص98 وج1، ص340. العدد القوية، ص 65. إثبات الهداة ، ج3، ص548
2- المستجاد، ص511
3- ابن طاووس، الملاحم، ص 65

وعن الصادق (علیه السلام):

«لا يخرج القائم حتى يكون تكملة الحلقة، قلت : وكم الحلقة؟ قال : عشرة آلاف»(1).

يقول الحر العاملي : في رواية : إن عدد أفراد جيش الإمام(علیه السلام) مائة ألف شخص»(2).

3 - قوات الحماية :

عن كعب الأحبار : «ينزل رجل من بني هاشم ببیت المقدس

حرسه إثنا عشر ألفاً.

وفي نقل آخر منه : حرسه ستة وثلاثون ألفاً، على كل طریق

لبیت المقدس إثنا عشر ألفاً»(3).

إن كلمة حرس الواردة في الرواية هي بمعنى الأعوان الأنصار .

هذا المعنى يناسب عنوان الحديث .

د - اجتماع الجيش:

يجتمع جنود الإمام المهدي(علیه السلام) حوله كما مر من كل ناحية من نواحي العالم. وقد أشارت الروايات بأنحاء مختلفة إلى كيفية معرفة الجنود بالقيام واجتماعهم في مكة. البعض ينامون في الليل في فراشهم، وعند الصباح يرون أنفسهم بين يدي الإمام (علیه السلام). البعض

ص: 133


1- النعماني، الغيبة، ص307. إثبات الهداة، ج3، ص545
2- إثبات الهداة ، ج3، ص578. بحار الأنوار، ج 52، ص307، 367. بشارة الإسلام، ص190
3- إبن حماد، الفتن، ص106. عقد الدرر، ص143

تطوى لهم الأرض فيصلون إلى الإمام (علیه السلام)من مسافات بعيدة في مدة قصيرة، والبعض بعد معرفتهم بالقيام بأتون إليه مع السحاب .

قال ابو عبد الله (علیه السلام):

«إذا أُوذن الإمام، دعي الله باسمه العبراني، فأتيحت له أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر قزع كقزع الخريف، وهم أصحاب الألوية . منهم من يفقد عن فراشه ليلاً فيصبح بمكة، ومنهم من يرى یسير في السحاب نهاراً، يعرف بإسمه واسم أبيه وحليته ونسبه، قلت: جعلت فداك! أيُّهم أعظم إيماناً؟ قال : الذي يسير في السحاب نهاراً، وهم المفقودون وفيهم نزلت هذه الآية «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا»(1)» (2).

وعن النبي (صلی الله علیه و اله): «سيكون بعدكم أقوام تطوى لهم الأرض وتفتح لهم الدنيا، وتخدمهم بنات فارس وأبناؤهم، تطوى لهم الأرض في أسرع الطرق، حتى لو شاء أحدهم أن يأتي مشرقها أو مغربها في ساعة فعل. ليسوا من الدنيا، وليست الدنيا منهم في شیء»(3).

وعن الباقر (علیه السلام): «وتسير إليه - أي المهدي - شيعته من أطراف الأرض تطوى لهم طیَّاً حتى يبايعوه»(4) .

ص: 134


1- سورة البقرة، الآية 148
2- کمال الدین، ج2، ص672. العياشي، التفسير، ج1، ص567. النعماني، الغيبة، ص315. بحار الأنوار، ج52، ص368. الكافي، ج8، ص313. المحجة، ص19
3- فردوس الأخبار، ج2، ص449
4- روضة الواعظین، ج 2، ص263. عقد الدرر، ص65. المتقي الهندي، البرهان، ص145

وعن عبد الله بن عجلان قال : «ذكرنا خروج القائم عند أبي عبد الله(علیه السلام) فقلت له: كيف لنا بعلم ذلك؟ فقال : يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة»(1).

وعن الرضا (علیه السلام): «والله! أن لو قام قائمنا لجمع الله إليه جميع شیعتنا من جميع البلدان»(2) .

وعن أبي عبد الله (علیه السلام): «بينا شباب الشيعة على ظهور سطوحهم نیام، إذ توافوا إلى صاحبهم في ليلة واحدة على غير میعاد فيصبحون في مكة»(3).

ه - شروط قبول الجنود وإمتحانهم:

قال أمير المؤمنین(علیه السلام) - في خطبة البيان - بعدما بين أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر : يقال : «إنهم يمضون إلى المهدي وهو مختف تحت المنارة، فيقولون له : أنت المهدي، فيقول: نعم، يا أنصاري ! ثم يخفي نفسه عنهم لينظر كيف هم في طاعته، فيمضي إلى المدينة فيخبرونهم أنه لاحق بقبر جده رسول الله (صلی الله علیه و اله)، فيلحقونه بالمدينة . فإذا أحسَّ بهم رجع إلى مكة، فلا يزالون على ذلك ثلاثاً. ثم يتراءى لهم بعد ذلك بين الصفا والمروة، فيقول لهم: إني لست قاطعاً أمراً حتى تبایعوني على ثلاثين خصلة ألزمكم أن لا تغيروا منها شيئاً، ولكم علىّ ثمان خصال، فقالوا : سمعنا وأطعنا فاذكر ما أنت

ص: 135


1- بحار الأنوار، ج52، ص 324. إثبات الهداة ، ج3، ص 524. ترجمة المجلد 13. من بحار الأنوار، ص916
2- مجمع البیان، ج1، ص231. إثبات الهداة، ج524. نور الثقلين، ج1، ص140. بحار الأنوار، ج52، ص291
3- النعماني، الغيبة، ص316. بحار الأنوار، ج52، ص89 بشارة الإسلام، ص198

ذاكره يا ابن رسول الله (صلی الله علیه و اله)، فيخرج إلى الصفا فيخرجون معه، فيقول: أبايعكم أن لا تولوا دابراً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تفعلوا محرماً، ولا تأتوا فاحشة، ولا تضربوا أحداً، إلا بحق ولا تکنزوا ذهباً ولا فضة ولا براً ولا شعيراً، ولا تخربوا مسجداً، ولا تشهدوا زوراً، ولا تقبحوا على مؤمن، ولا تأكلوا رباً، وأن تصبروا على الضراء، ولا تلعنوا موحداً، ولا تشربوا مسكراً، ولا تلبسوا الذهب ولا الحرير ولا الديباج، ولا تتبعوا هزيماً، ولا تسفكوا دماً حراماً ، ولا تغدُروا بمسلم، ولا تنفقوا على كافر ولا منافق، ولا تلبسوا الخز من الثياب، وتتوسدون التراب، وتكرهون الفاحشة ، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، فإذا فعلتم ذلك ، فلكم على أن لا أتخذ سواكم، ولا ألبس إلا ما تلبسون، ولا آكل إلا مثل ما تأكلون، ولا أركب إلا ما تركبون، ولا أكون إلا حيث تكونون، وأمشي حيثما تمشون، وأرضى بالقليل، وأملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ونعبد الله حق عبادته، وأوفِ لكم وأوفوا لي. فقالوا: رضينا وبايعناك على ذلك، فيصافحهم رجلاً، رجلاً»(1).

لا بد من الالتفات إلى أن الإمام (علیه السلام)یضع هذه الشروط ويقوم بهذه الإختبارات مع قواته الخاصة؛ لأنهم الذين يتسلمون زمام الأمور في حكومته (علیه السلام)، وسيكون لأفعالهم دور مهم في نشر العدل في العالم.

ولا بد من الإشارة إلى أن في سند الرواية تأمُّل، لأن البعض

ص: 136


1- الشيعة والرجعة، ج1، ص157. عقد الدرر، ص96

يرى أن خطبة البيان ضعيفة السند، وإن كان بعض العظماء دافع عنها وقواها(1).

و - خصائص جنود الإمام(علیه السلام) :

ذكرت في الروايات صفات كثيرة لأصحاب وأنصار المهدي(علیه السلام) نذكر قسماً منها فيما يلي:

1 - العبادة والصلاح:

عن أبي عبد الله (علیه السلام): «... رجال لا ينامون الليل، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل. يبيتون قياماً على أطرافهم، ويصبحون على خيولهم. رهبان بالليل، ليوث بالنهار ... وهم من خشية الله مشفقون. بهم ينصر الله إمام الحق»(2) .

وعنه(علیه السلام) : «كأني أنظر إلى القائم وأصحابه في نجف الكوفة، كأن على رؤوسهم الطير، قد فنيت أزوادهم، وخلقت ثيابهم. قد أثر السجود على جباههم. ليوث بالنهار، رهبان بالليل . كأن قلوبهم زبر الحديد. يعطى الرجل منهم قوة أربعين رجلاً. لا

ص: 137


1- يقول المرحوم سیدي الوالد آية الله الطبسي في حاشية الجزء الأول من كتابه الشيعة والرجعةص 127 الطبعة الأولى في خطبة البيان: نحن نقلنا هذه الخطبة من كتاب دوحة الأنوار للشيخ محمد اليزدي؛ ولكنها ليست منحصرة بهذا الكتاب فقط، بل هي مدرجة في كتب أخرى كما أن الآغا بزرك الطهراني في المجلد السابع من كتاب الذريعة يذكر أسماء عدة منها. في الخطبة عبارات لا تنسجم مع التوحيد، ولكنها ليست موجودة في جميع النسخ، وهي من دون شك من وضع الغلاة. أما العبارات مثل «أنا مورق الأشجار، ومثمر الثمار» فهي موجودة في كثير من الروايات مثل: «بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار، وجرت الأنهار، وبنا ينزل الغيث وتنبت عشب الأرض»، وفي الزيارة المطلقة : «وبكم تنبت الأرض أشجارها، وبكم تخرج الأشجار أثمارها ...» وفي الزيارة الرجبية : «أنا سائلكم وآملكم فيما إليكم التفويض وعليكم التعويض، ، فيكم یجبر المهيض ويشفي المريض ...» فالعبارات المخالفة لظاهر القرآن وليست قابلة للتأويل والتوجيه فالمعصومون (علیهم السلام)مبرَّؤون و منزهون عنها
2- بحار الأنوار، ج52، ص308

يقتل أحداً منهم إلا كافر أو منافق، وقد وصفهم الله - تعالى - بالتوسم في كتابه : «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ»(1) »(2).

2 - حب الإمام وطاعته :

قال أبو جعفر(علیه السلام) : «يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض الشعاب. ثم أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى - حتى إذا كان قبل خروجه بليلتين، انتهى المولى الذي يكون بين يديه حتى يلقى بعض أصحابه، فيقول: كم أنتم هنا؟ فيقولون نحو من أربعين، فيقول : كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون : والله ! لو يأوي بنا الجبال، لأويناها معه. ثم يأتيهم...»(3).

وعن أبي عبد الله(علیه السلام) :

«له... رجال كأن قلوبهم زبر الحديد، هم أطوع له من الأمَةِ

لسيّٙدها»(4) .

وعن أبي عبد الله (علیه السلام): «یتمسَّحون بسرج الإمام(علیه السلام) يطلبون بذلك البركة، ويحفُّون به، يقونه بأنفسهم في الحرب، ويكفونه ما يريد منهم»(5).

وعن النبي (صلی الله علیه و اله): «يجمع الله له من أقاصي البلاد على عدة أهل بدر، كدّادون، مجدّون في طاعته»(6).

ص: 138


1- سورة الحجر، الآية 75
2- بحار الأنوار، ج52، ص386
3- العياشي، التفسير، ج2، ص56. بحار الأنوار، ج52، ص341
4- بحار الأنوار، ج52، ص308
5- ن.م
6- ن.م، ص310

وعن الصادق (علیه السلام): «كأني أنظر إلى القائم وأصحابه في نجف الكوفة، كان على رؤوسهم الطير»(1) .

جنود الإمام (علیه السلام)منظمون ولديهم تسلیم تام له، كأن على رأس أحدهم الطير فإذا تحرك أدنى حركة يطير ذلك الطائر .

3 - جنود شبان أقوياء:

عن أمير المؤمنين (علیه السلام): «أصحاب المهدي شباب لا کھول فيهم، إلا مثل كحل العين، والملح في الزاد. وأقل الزاد الملح.»(2).

وعن الصادق (علیه السلام): «ما كان قولُ لوط(علیه السلام) لقومه «لَو۟ أَنَّ لِي بِكُم۟ قُوَّةً أَو۟ آوِي إِلى رُك۟نِ شَدِيدٍ» إلا تمنياً لقوة القائم وشدَّة أصحابه . وهم الركن الشديد، فإن الرجل منهم بعطى قوة أربعين رجلاً، وإن قلب رجلٍ منهم أشدّ من زبر الحديد. ولو مرّوا بجبال الحديد لتدكدكت. لا يكفون سيوفهم حتى يرضي الله - عز وجل -» (3).

وعن علي بن الحسين (علیهما السلام): «إذا قام قائمنا، أذهب الله - عز وجل - عن شيعتنا العاهة وجعل قلوبهم كزُبُر الحديد، وجعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلاً ويكونون حكام الأرض وسنامها»(4).

ص: 139


1- إثبات الهداة ، ج3، ص585
2- الطوسی، الغيبة ، ص284. النعمانی، الغيبة، ص315. إبن طاووس، الملاحم، ص145. کنز العمال، ج1، ص592. بحار الأنوار، ج2، ص334. إثبات الهداة، ج2، ص517
3- كمال الدین، ج2، ص673. بحار الأنوار ج 52، ص317، 327
4- ن.م. ينابيع المودة، ص42. احقاق الحق، ج13، ص346

وعن الصادق(علیه السلام) : «یکون شیعتنا في دولة القائم (علیه السلام):

سنام الأرض وحكَّامها، يعطي كل رجل منهم قوة أربعين رجلاً»(1).

وقال أبو جعفر(علیه السلام) : «ألقي الرعب في قلوب شيعتنا من عدونا، فإذا وقع أمرنا وخرج مهديّٙنا كان أحدهم أجرى من الليث، وأمضى من السنان، يطأ عدونا بقدميه ويقتله بكفيه»(2).

وعن عبد الملك بن أعين، قال: قمت من عند أبي جعفر (علیه السلام)، فاعتمدت على يدي فبكيت، وقلت : كنت أرجو أن أدرك هذا الأمر وبي قوة، قال : «أما ترضون أن أعداءكم يقتل بعضهم بعضاً، وأنتم آمنون في بيوتكم. إنه لو كان ذلك أعطي الرجل منكم قوة أربعين رجلاً، وجعل قلوبكم كزبر الحديد، لو قذفتم بها الجبال فلقتها، وأنتم قوّام الأرض وخزّانها»(3).

وعن أبي عبد الله(علیه السلام): «إن الله نزع الخوف من قلوب أعدائنا وأسكنه في قلوب شيعتنا، فإذا جاء أمرنا نزع الخوف من قلوب شيعتنا وأسكنه في قلوب أعدائنا، فواحدهم أمضى من سنان، وأجرى من ليث، يطعن عدوّه برمحه ويضربه بسيفه ويدوسه بقدمه»(4) .

ص: 140


1- المفيد، الإختصاص، ص24, بحار الأنوار، ج52، ص372
2- ن.م، بصائر الدرجات، ج1، ص124. ينابيع المودة ص448، ص489. إثبات الهداة ، ج3، ص 557. بحار الأنوار، ج52، ص318، 372
3- الكافي، ج8، ص 282. بحار الأنوار، ج52، ص335
4- الخرائج، ج1، ص840. بحار الأنوار، ج 52، ص336، راجع: حلية الأولياء، ج3، ص 184، کشف الغمة، ص 345. ينابيع المودة، ص448. وجاء شبيه هذه الرواية في: بصائر الدرجات، ص24. بحار الأنوار، ج2، ص189

وعنه(علیه السلام) : «وله(علیه السلام) ... رجال كأن قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبها شك في ذات الله، أشد من الحجر. لو حملوا على الجبال لأزالوها، لا يقصدون براياتهم بلدةً إلا خرَّبوها، كأن على خيولهم العقبان»(1).

4 - جنود محبوبون :

عن أبي جعفر (علیه السلام): «كأني بأصحاب القائم (علیه السلام)وقد أحاطوا بما بين الخافقين فليس من شيء إلا هو مطيع لهم، حتى سباع الأرض وسباع الطير، يُطلب رضاهم في كل شيء حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول: مرَّ بي اليوم رجل من أصحاب القائم»(2).

5 - عشاق الشهادة :

عن أبي عبد الله(علیه السلام) في حديث أصحاب القائم (علیه السلام): «وهم من خشية الله مشفقون، يدعون بالشهادة، يتمنون أن يقتلوا في سبيل الله، شعارهم یا لثارات الحسین (علیه السلام)، إذا ساروا یسير الرعب أمامهم مسيرة شهر»(3).

ص: 141


1- بحار الأنوار، ج52، ص308
2- کمال الدین، ج2، ص673. إثبات الهداة ، ج3، ص693. بحار الأنوار، ج52، ص327
3- مستدرك الوسائل، ج 11، ص114

ص: 142

الفصل الرابع : حروب الإمام (علیه السلام)

اشارة

بما أن الهدف من قيام الإمام المهدي(علیه السلام) هو إقامة الحكومة الإلهية في العالم، وإزالة الظلم والجور منه، فمن الطبيعي أن الإمام (علیه السلام)سيواجه مصاعب وموانع كثيرة من أجل الوصول إلى هذا الهدف؛ لذلك يجب القيام بعمليات عسكرية لإزالة هذه الموانع من طريقه، واحداً بعد الآخر، حتى يسيطر على الشرق والغرب ويقيم حكومة العدل الإلهي في الأرض . سنذكر في هذا الفصل بعض الروايات في هذا المجال.

أ - ثواب المجاهدين والشهداء:

إن الهدف من الحرب في زمن الإمام المهدي (علیه السلام)هو إزالة الفساد والظالمين، وتشكيل الحكومة الإسلامية في العالم ؛ لذلك فإن القتال في ركاب الإمام القائم(علیه السلام) له ثواب عظيم، إلى حد إن كل من يقتل شخصاً من الأعداء فله أجر عشرين أو خمسة وعشرين شهيداً، وإذا نال فيض الشهادة فإن له أجر خمسة وعشرين شهيداً،(1) وكذلك

ص: 143


1- الكافي، ج2، ص222

الجرحى فإن لهم مقامات ودرجات معنوية عالية وخاصة في دولة إمام الزمان (علیه السلام)وكذلك أهل الشهيد.

عن أبي جعفر (علیه السلام)في حديث أنه قال للشيعة : «إذا کنتم كما أوصيناكم ولم تعدوه إلى غيره، فمات منکم میت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً، ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين ومن قتل بين يديه عدوّاً لنا كان له أجر عشرين شهیداً»(1).

في هذه الرواية جعل أجر قتل العدو أعلى بمراتب من الإستشهاد، لأن قتل العدو فيه رضا الله وراحة عباده، وعزة الإسلام، ولكن الإستشهاد فيه كمال للشهيد، لهذا يجب على المجاهدين في جبهة القتال أن يفكروا في قتل العدو أكثر من التَّفكير في الإستشهاد.

وعن أبي جعفر(علیه السلام): «... والشهيد معه - له - شهادتان»(2).

وعنه (علیه السلام): «ومن أدرك قائمنا فخرج معه فقتل عدونا كان له أجر عشرين شهيداً»(3).

وعن أمير المؤمنين علي (علیه السلام): «... ثم يقبل إلى الكوفة ،

ص: 144


1- الطوسي، الأمالي، ج1، ص236. بشارة المصطفى، ص113. إثبات الهداة ، ج3، ص529. بحار الأنوار ج 52، ص123، 317
2- إثبات الهداة ، ج3، ص490. راجع : الطوسي، الأمالي؛ ج1، ص236. البرقي، المحاسن، ص 173. نور الثقلین، ج5، ص356
3- الکافي، ج2، ص222

فيكون منزله بها، ولا يُقتل قتيل إلا قضي عنه دينه ... وألحق عباله في العطاء»(1).

هذه الرواية تشير إلى اهتمام الإمام (علیه السلام)بعوائل الشهداء .

ب - التجهيزات العسكرية:

من الأمور القطعية أن نوع الأسلحة التي يستخدمها الإمام القائم(علیه السلام) في الحروب تختلف اختلافاً كبيراً عن أسلحة ذلك العصر. فكلمة سيف الواردة في الروايات قد تكون كناية(2) عن سلاح خاص، ولا يكون المقصود بها نفس السيف؛ لأن أسلحة الإمام (علیه السلام)إذا استخدمت تنهار حيطان المدن أو تتلاشى وتتبدل إلى دخان. والعدو بضربة واحدة يذوب کالملح في الماء أو کالنحاس في الماء.

سلاح الإمام طبقاً لإحدى الروايات يكون من الحديد. ولكنه لا كهذا الحديد إذ لو نزل على جبلٍ لقسمه نصفين. وقد يستعمل العدو أيضاً أسلحة نارية؛ لأن الإمام (علیه السلام)يلبس لباساً مضاداً للحرارة، وهو اللباس الذي أحضره جبرائيل(علیه السلام) من السماء لإبراهيم (علیه السلام)كي ينجو من نار نمرود، وذلك اللّٙباس عند بقية الله (علیه السلام). ولو لم يكن الأمر كذلك - أي لم يكن لدى العدو أسلحة وصناعات متطورة - قد لا يكون هناك ضرورة للبس ذلك اللباس، وإن كان يمكن أن يقصد به الناحية الإعجازية .

ص: 145


1- العياشي، التفسير، ج2، ص261. بحار الأنوار، ج52، ص224
2- قد يقال : لا يصرف عن الظاهر إلا بقرينة . كيف ولدينا قرائن كثيرة تؤكد أنَّ المراد بالسيف هو معناه الحقيقي ولا منافاة بين السيف و بين قدرات الإمام(علیه السلام) الخارقة

عن أبي عبد الله (علیه السلام): «إذا قام القائم(علیه السلام) نزلت سيوف القتال، على كل سيفٍ إسم الرجل واسم أبيه»(1) .

وعنه (علیه السلام): «... لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد، لو ضرب أحدهم بسيفه جبلاً لقدّه حتى يفصله . يغزو بهم الإمام (علیه السلام)الهند والديلم والكرد والروم وبربر وفارس وبین جابرسا إلى جابلقا»(2).

وسائل قوات الإمام المهدي(علیه السلام) الدفاعية لا تؤثر بها أسلحة العدو، فعن الإمام الصادق(علیه السلام) : «... لو أنهم وردوا على ما بين المشرق والمغرب من الخلق لأفنوهم في ساعة واحدة، لا يختلّ فيهم الحديد»(3).

ج - السيطرة على العالم:

الروايات الواردة في حروب الإمام المهدي (علیه السلام)، وفتح المدنوالبلدان على نوعين:

1 - بعض الروايات الواردة تتكلم عن فتح الشرق والغرب والجنوب والقبلة ثم جميع أنحاء العالم.

2 - البعض الآخر يشير إلى فتح أراض معينة.

لا شك أن الإمام(علیه السلام) يسيطر ويحكم العالم كله؛ ولكن ذکر أسماء بعض المدن قد يكون بسبب الأهمية التي تكتسبها في ذلك

ص: 146


1- النعماني، الغيبة، ص244. بحار الأنوار، ج52، ص369 إثبات الهداة ج 3، ص 542
2- بصائر الدرجات، ص141. إثبات الهداة ، ج3، ص523. تبصرة الولي، ص97، بحار الأنوار، ج27، ص 41. وج 54. ص334
3- ن.م

العصر . هذه الأهمية بسبب كونها مركزاً للقوى في ذلك الزمن وتسيطر على مناطق من العالم، أو لكون تلك الأراضي منطقة واسعة وتحتوي على عدد كبير من الناس، أو لكونها لأتباع دين أو مذهب خاص، فإذا سقطت المدينة فإن جميع أتباع هذا الدين سيستسلمون . أو بسبب أهميتها الإستراتيجية والعسكرية فيؤدي سقوطها إلى ضعف قوى العدو وتُشكّٙل أرضية لهجوم قوات الإمام (علیه السلام).

نذكر فيما يلي بعضاً من روايات القسم الأول التي تحكي عن سيطرة الإمام(علیه السلام) على العالم :

عن الرضا (علیه السلام): «قال رسول الله (صلی الله علیه و اله): «لما عرج بي إلى السماء ... فقلت : يا رب هؤلاء أوصيائي بعدي؟ فنودیت: یا محمد ! هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك . وعزتي وجلالي ! لأظهرَنَّ بهم ديني، ولأُعلينَّ بهم كلمتي، ولأطهّٙرنَّ الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأملكنَّه مشارق الأرض ومغاربها»(1).

وعن أبي جعفر (علیه السلام) قوله تعالى: «الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ»(2) «فهذه لآل محمد(صلی الله علیه و اله) إلى آخر الأئمة والمهدي وأصحابه يُمَلكهم الله مشارق الأرض ومغاربها»(3).

ص: 147


1- کمال الدین، ج1 ص 366. عيون أخبار الرضا، ج1، ص262. بحار الأنوار، ج18، ص326
2- سورة الحج، الآية 41
3- تفسير البرهان، ج2، ص96. ينابيع المودة، ص425. بحار الأنوار، ج51، ص1

وعن رسول الله (صلی الله علیه و اله): «المهدي من ولدي، الذي يفتح الله به مشارق الأرض ومغاربها»(1).

وعنه (صلی الله علیه و اله): «... يرُدُّ الله به الدين، ويفتح له فتوح، فلا يبقى على وجه الأرض إلا من يقول لا إله إلا الله»(2).

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «القائم منا... يبلغ سلطانه المشرق والمغرب...»(3).

وعن أبي جعفر(علیه السلام) أيضاً: «إن الإسلام يظهره الله على جميع الأديان عند قيام القائم(علیه السلام)»(4).

وعن النبي (صلی الله علیه و اله): «ويبعث جنوده في الآفاق»(5).

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: سمعت رسول الله (صلی الله علیه و اله)يقول: «إنَّ ذا القرنين كان عبداً صالحاً جعله الله - عز وجل - حجة على عباده ، فدعا قومه إلى الله وأمرهم بتقواه . فضربوه على قرنه، فغاب عنهم زماناً حتى قيل : مات أو هلك، بأي وادٍ سلك. ثم ظهر ورجع إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر، وفيكم من هو على سنته. وإن الله - عز وجل - مكن لذي القرنين في الأرض وجعل له من كل شيء سبباً وبلغ المغرب والمشرق وإن الله

ص: 148


1- إحقاق الحق، ج13، ص259. ينابيع المودة ص487. بحار الأنوار، ج52، ص378. الشيعة والرجعة، ج1، ص218
2- عقد الدرر، ص222. فرائد فوائد الفكر، ص9
3- کمال الدین ، ج 1، ص 331. الفصول المهمة، ص 284. إسعاف الراغبين، ص140
4- ينابيع المودة، ص423
5- القول المختصر، ص23

تبارك وتعالی سيجري سُنَّته في القائم من ولدي، فيبلغه شرق الأرض وغربها، حتى لا يبقي منهلاً ولا موضعاً من سهلٍ ولا جبلٍ وطأه ويظهر الله - عز وجل - له کنوز الأرض ومعادنها، وينصره بالرعب فيملأ الأرض به عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً»(1).

وفيما يلي القسم الثاني من الروايات الواردة في فتح مدن محددة :

عن أمير المؤمنین (علیه السلام)، في قصة المهدي وفتوحاته ورجوعه إلى دمشق قال: «... ثم يأمر المهدي(علیه السلام) بإنشاء مراكب، فينشئ أربعمائة سفينة على ساحل عكا، وتخرج الروم في مائة صليب، وتحت كل صلیب عشرة آلاف، فيقيمون على طرطوس، ويفتحونها بأسنة الرماح، ويوافيهم المهدي (علیه السلام)فيقتل الروم، حتى يتغير ماء الفرات بالدم، وتنتن حافتاه بالجِيف وتنهزم (من في) الروم، فيلحقون بأنطاكية...»(2).

وعن الصادق (علیه السلام): «إذا قام القائم... ويبعث جنداً إلى القسطنطينية، فإذا بلغو إلى الخليج، كتبوا على أقدامهم شيئاً ومشوا على الماء ...»(3) .

ص: 149


1- کمال الدین، ج2، ص 394. بحار الأنوار، ج52، ص323، 336. الشيعة والرجعة، ج 1، ص218. راجع: إبن حماد، الفتن، ص95. الصراط المستقيم، ج2 ص 262.250 . المفيد الإرشاد، ص362. اعلام الوری، ص430
2- إبن حماد، الفتن، ص116، عقد الدرر، ص189. لكن الرواية عامية وفي السند اشکال ولا يخلو المضمون من تأمل واضح
3- بحار الأنوار، ج52، ص365

وعن رسول الله(صلی الله علیه و اله) قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لبعث الله فيه رجلاً من عترتي يواطيء إسمه إسمي، برّاق الجبين، يفتح القسطنطينية وجبل الديلم»(1).

وعن حذيفة : «لا يفتح القسطنطينية ولا الديلم ولا طبرستان إلا رجل من بني هاشم»(2).

وعن الباقر (علیه السلام): «إذا قام القائم(علیه السلام) سار إلى الكوفة ... ويفتح القسطنطينية والصين(3) وجبال الديلم، فيمكث على ذلك سبع سنین»(4).

وقال علي (علیه السلام): «إن المهدي (علیه السلام)یسير هو ومن معه، فينزل قسطنطينية في محل ملك الروم، فيخرج منها ثلاث كنوز، من الجواهر وكنز من الذهب وكنز من الفضة. ثم يقسم المال على عساکره»(5).

وعن الباقر(علیه السلام) : «ثم يعقد بها القائم ثلاث رايات، لواء إلى القسطنطينية(6) يفتح الله له، ولواء إلى الصين، فيفتح الله له. ولواء

ص: 150


1- فردوس الأخبار، ج3، ص83. الشافعي، البيان، ص137. أحقاق الحق، ج13، ص229 . وج19، ص660
2- إبن أبي شيبه، المصنف، ج13، ص18
3- الصين: تطلق على أسيا الشرقية، وتشمل بلدان الإتحاد السوفييتي سابقاً، الهند النيبال، بورما، فيتنام، اليابان وبحر الصين، وكوريا. المنجد في الإعلام
4- بحار الأنوار، ج 52, ص339، ص339. أحقاق الحق، ج13، ص352، الشيعة والرجعة ، ج1، ص400
5- الشيعة والرجعة، ج 1، ص 162
6- القسطنطينية مدينة في تركيا بنيت في القرن السابع قبل الميلاد، كانت مدة من الزمن عاصمة امبراطورية الروم، معجم البلدان، ج4، ص347. المنجد في الإعلام، ص28

إلى جبال الديلم(1) فيفتح له ...(2) .

وعن حذيفة : «لا يفتح بلنجر ولا جبل الديلم إلا رجل من آل محمد(صلی الله علیه و اله)»(3).

وعن علي (علیه السلام): «ثم يتوجه المهدي من مدينة القاطع إلى القدس الشريف بألف مركب، فينزلون شام فلسطين، بين عكا وصور وغزة وعسقلان(4)، فيخرجون ما معهم من الأموال، وينزل المهدي بالقدس الشريف، ويقيم بهاإلى أن يخرج الدجال»(5).

وعن أبي حمزة الثمالي، قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام): «لو خرج قائم آل محمد(علیه السلام) ... ومعه سیف مخترط، يفتح الله له الروم(6)، والصين والترك(7) والديلم والسند والهند(8) و کابل شاه والخزر»(9).

ص: 151


1- الديلم، قسم من جبال جبلان شمال قزوین . معجم البلدان، ج1، ص99. المنجد في الإعلام، ص 227. البرهان القاطع، ج1، ص570
2- إثبات الهداة ، ج3، ص585. بحار الأنوار، ج52، ص 388. راجع: بحار الأنوار، ج 54، ص 332، الحديث رقم: 1- 6 - 11 - 14 - 17 - 19 - 34 - 35 - 36 - 46
3- عقد الدرر، ص123. نقلا عن : إبن المنادی، الملاحم
4- مدينة في الشام، من توابع فلسطين على ساحل البحر، بين مدينة غزة وبيت جبرين. معجم البلدان، ج3، ص673
5- عقد الدرر. ص123. نقلاً عن : ابن المنادی، الملاحم
6- الروم، عاصمة إيطاليا اليوم. كانت مركز حكومة قيصر، كان نفوذه البحر المتوسط، شمال إفريقا، اليونان، تركيا، سوريا، لبنان، فلسطين، وكل هذه الأراضي كانت تسمى الروم
7- ترکستان في قارة آسيا، قسمت بين الصين وروسيا، وتشمل سین کیانغ من الصين وتركمنستان إزبکستان طشقند، طاجكستان، قرنجير و قزاقستان. (المنجد)
8- شبه الجزيرة، بشكل مثلث في جنوب آسيا تشمل جمهورية الهند، الباکستان، بوتان والنيبال انظر البرهان القاطع، ج1، ص703. المنجد في الإعلام، ص542
9- النعماني، الغيبة، ص108. بحار الأنوار، ج52، ص348

وعن ابن حجر: أول لواء يعقده المهدي يبعثه إلى الترك»(1).

قد يكون المقصود من السيف المخترط في رواية الثمالي سلاحاً خاصاً في متناول يد الإمام المهدي (علیه السلام)؛ لأن فتح جميع البلدان الذي يحتاج إلى قوة هجومية غير عادية - يحتاج إلى سلاح مناسب أقوى من جميع الأسلحة ؛ وبالأخص إذا قلنا إن الإمام (علیه السلام)يقوم بأعماله بالطريقة العادية . لكن لا وجه لرفع اليد عن الظهور وحمله على المعنى الكنایی .

عن كعب: «يبعث ملك في بيت المقدس جيشاً إلى الهند فيفتحها، فيطأ أرض الهند، ويأخذ كنوزها فيصيّره ذلك الملك حليةً لبيت المقدس، ويقدم عليه بملوك مغلّلين، ويفتح لهم بين المشرق والمغرب، ويكون مقامهم في الهند إلى خروج الدجال»(2).

عن حذيفة عن رسول الله (صلی الله علیه و اله): «غزا طاهر بن أسماء بني إسرائيل فسباهم وسبا حلي بيت المقدس وأحرقها بالنيران وحمل منها في البحر، منها ألفاً وسبعمائة - وتسعمائة - سفينة حلي حتى أوردها رومية. قال: فسمعت رسول الله (صلی الله علیه و اله) يقول: يستخرج المهدي(علیه السلام) ذلك حتى یرده إلى بيت المقدس»(3).

إن قيام الإمام المهدي (علیه السلام)وإن كان سيبدأ من مكة ولكن أرض الحجاز(4) ستفتح بعد ظهوره (علیه السلام).

ص: 152


1- القول المختصر، ص26
2- عقد الدرر ، ص297، 319. ابن طاووس، الملاحم، ص81. الحنفي، البرهان، ص88
3- عقد الدرر، ص201. الشافعي، البيان، ص114، أحقاق الحق، ج13، ص229
4- الحجاز هي أرض يحدها من الشمال خليج العقبة، ومن المغرب البحر الأحمر، ومن المشرق نجد ومن الجنوب عسير . المنجد في الإعلام، ص229. وبنقل الحمويني تسمى المنطقة من أعماق صنعاء في اليمن حتى الشام بالحجاز، ومنها تبوك وفلسطين. معجم البلدان

عن الإمام الباقر(علیه السلام) : «ثم يظهر المهدي بمكة ... فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم»(1) .

وعن أمير المؤمنين(علیه السلام) : «ثم يسير - المهدي - حتى يفتح خراسان(2)، ثم يرجع إلى مدينة الرسول(صلی الله علیه و اله)»(3).

وعنه(علیه السلام) : «... ثم إن المهدي (علیه السلام)يسير حتى ينزل أرمينية(4) الكبرى، فإذا رآه أهل أرمينية، أنزلوا له راهباً من رهبانهم کثیر العلم فيقولون له: انظر ماذا يريد هؤلاء، فإذا أشرق الراهب على المهدي(علیه السلام) فيقول الراهب: أنت المهدي. فيقول المهدي : نعم، أنا المذكور في إنجيلكم، أنا أخرج في آخر الزمان فيسأله الراهب عن مسائل كثيرة، فيجيبه عنها فيسلم الراهب، ويمتنع أهل أرمينية. فيدخلها أصحاب المهدي (علیه السلام)، فيقتلون فيها خمسمائة ألف مقاتل من النصارى، ثم يعلّٙق الله مدينتهم بين السماء والأرض بقدرته، فينظر الملك ومن معه إلى مدينتهم وهي معلقة، وهو يومئذٍ خارج عنها بجميع جنوده إلى قتال المهدي . فإذا نظر إلى ذلك، ينهزم ويقول لأصحابه: خذوا لأنفسكم مهرباً، فيهرب أولهم وآخرهم. فيخرج عليهم أسد عظیم فیزعق في وجوههم فيلقون ما

ص: 153


1- إبن حماد، الفتن، ص95، المتقي الهندي، البرهان، ص141. إبن طاووس، الملاحم، ص64. القول المختصر، ص23
2- خراسان في ذلك العصر كانت تطلق على مناطق من إيران، أفغانستان والإتحاد السوفياتي سابقاً ، المنجد في الأعلام، ص267
3- الشيعة والرجعة، ج 1، ص 158
4- أرمينية، في آسيا الصغرى ويحدها جبال آرارات، القفقاز ، إيران، تركية ونهر الفرات. كان لها فيما مضى حكم مستقل و بعد انقراض الأمبراطورية البيزنطية تقسمت هذه الأرض بين إيران، روسية والعثمانيين. المنجد، ص25

في أيديهم من السلاح والمال، ويتبعهم جنود المهدي (علیه السلام)، فيأخذون أموالهم ويقسمونها، فيكون لكل واحد مائة ألف دينار»(1).

وعنه (علیه السلام): «... ثم يسير المهدي(علیه السلام) إلى مدينة الزنج الكبرى، وفيها ألف سوق، وفي كل سوق ألف دكان فيفتحها»(2).

ولا يخفى ما في السند وكذلك الذي قَبله.

وعنه (علیه السلام): «... ثم يأتي إلى مدينة يقال لها قاطع، وهي على البحر الأخضر المحيط بالدنيا»(3).

وعن الباقر (علیه السلام): «كأني بالقائم... وهو يفرق الجنود في البلاد...»(4).

وعنه (علیه السلام)«... فيبعث بالبيعة إلى المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينية» (5).

أقول: لا شك في ظهور الدين الإسلامي على الأديان كلها، وفتح العالم بأجمعه على يد المهدي(علیه السلام) ، بحيث لا يبقى إلا الدين الحنيف وحكم الإسلام، ولكن الكلام في التفاصيل التي وردت في بعض النصوص كأخذ الأموال وقتل هذا العدد الهائل، فهو مما ينبغي إعادة النظر فيها وفي أسانيد الرويات التي وردت فيها، ولا سيما في مثل كعب الأحبار، وبعضها الآخر الذي لم يتم سنده .

ص: 154


1- ن. م، ص 162
2- ن. م, ص146
3- ن.م، ص164. راجع: عقد الدرر، ص200. إحقاق الحق، ج13، ص229
4- المفید، الارشاد، ص341.. بحار الأنوار، ج52، ص337
5- ابن طاووس، الملاحم، ص64. الفتاوى الحديثية، ص31

ولا أقل من القول بأن التفاصيل ليست من الضروريات، ومما يجب الإعتقاد به، إذ أن ما هو المتداول على الألسن من إراقة الدماء مما لا أساس له، نعم أنه(علیه السلام) يزيل الموانع عن طريق إقامة الحكومة العالمية الإسلامية وويل لمن ناواه .

د - قمع الإضطرابات:

بعد ظهور الإمام المهدي(علیه السلام)وفتح المدن والبلدان المختلفة، تقوم بعض المدن والقبائل لمواجهة الإمام (علیه السلام)فيقمعون بواسطة جنود الإمام(علیه السلام) . ويعترض بعض المنحرفين أيضاً على کلام الإمام (علیه السلام)في بعض المسائل ويقومون عليه فيقمعون مرةً ثانية، على يد جنوده(علیه السلام) .

عن الصادق(علیه السلام) : «ثلاثة عشر مدينة وطائفة يحارب القائم أهلها أو يحاربونه: أهل مكة، وأهل المدينة، وأهل الشام، وبنو أمية، وأهل البصرة، وأهل دیسان، والأكراد، والأعراب، وضبّة(1)، وغني(2)، وباهلة (3)، وأزد، وأهل الري»(4)

ص: 155


1- ضبّة، أسم قرية في الحجاز على طريق الشام عل ساحل البحر. إلى جانب قرية یعقوب(علیه السلام) وإسمها «بداً» ساعد أهلها أعداء على(علیه السلام) في حرب الجمل... السمعاني، الأنساب، ج4، ص12. إبن أبي الحدید، شرح نهج البلاغة، ج9، ص320و ج1، ص253
2- غنی، قبيلة تعيش في «هار» في جزيرة العرب بين الموصل والشام، منسوبة لغني بن يعصر السمعاني، الأنساب، ج4، ص315
3- باهلة ، طائفة منسوبة لباهلة بن اعصر، كان يمتنع العرب من الإرتباط معها لعدم وجود شرفاء فيها ولحقارة نفوسهم. أقسم علي(علیه السلام) أنه سئمهم وسئموه، وطلب منهم أن يأخذوا حقوقهم ويخرجوا عن الكوفة إلى الديلم، السمعاني الأنساب، ج1، ص275. وقعة صفین، ص116. النفي والتغريب، ص349. إبن أبي الحديد، شرح نهج البلاعة ، ج3، ص272. الغارات، ج2، ص21
4- النعمانی، الغيبة، ص299، بصائر الدرجات، ص336، حلية الأبرار، ج 5، ص 329. بحار الأنوار، ج52، ص345

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «فبينا صاحب الأمر قد حكم ببعض الأحكام وتكلَّم ببعض السنن؛ إذ خرجت خارجة من المسجد، يريدون الخروج عليه، فيقول لأصحابه: انطلقوا، فيلحقوا بهم في التّمارين، فيأتونه بهم أسرى ليأمر بهم فيذبحون وهي آخر خارجةٍ تخرج على قائم آل محمد(صلی الله علیه و اله)»(1).

وعن ابن أبي يعفور، قال: دخلت على أبي عبد الله(علیه السلام)وعنده نفر من أصحابه ، فقال لي: يا ابن أبي يعفور هل قرأت القرآن؟ قال: قلت: نعم، هذه القراءة . قال : عنها سألتك، ليس عن غيرها. قال: فقلت: نعم، جعلت فداك، ولِمّ؟ قال: لأن موسی (علیه السلام)حدّث قومه بحديث فلم يحتملوه عنه، فخرجوا عليه بتكريت، فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم وهو قول الله - عز وجل - «فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ»(2). وإنه أول قائم يقوم منا أهل البيت، يحدثكم بحديث لا تحتملونه، فتخرجون عليه برميلة الدسكرة، فتقاتلونه فيقاتلكم فيقتلكم، وهي آخر خارجة تكون...»(3).

ه - نهاية الحرب:

مع تأسيس النظام الإلهي، وحكومة إمام العصر(علیه السلام) العالمية ، وزوال القوى الشيطانية، تخمد شعلة الحرب، ولا تبقى قوّة تستطيع

ص: 156


1- العياشي، التفسير، ج2، ص61، تفسير البرهان، ج2، ص83. بحار الأنوار، ج52، ص 345
2- سورة الصف، الآية 14
3- بصائر الدرجات، ص336.بحار الأنوار، ج52، ص375، ج47، ص84، وج14، ص279

أن تواجه جيش المهدي (علیه السلام)على أثر ذلك يقل الطلب على المعدات العسكرية في الأسواق فترخص أسعارها ولا تجد لها مشترياً.

عن علي (علیه السلام): «... وتضع الحرب أوزارها»(1).

وعن كعب: «لا تنقضي الأيام حتى ينزل خليفة من قریش ببیت المقدس ... وتضع الحرب أوزارها»(2).

وعن النبي (صلی الله علیه و اله)... في خطبته في الدجال وقتله :

«... ويكون الفرس بدريهمات»(3).

وعن ابن مسعود: «من أشراط الساعة... أن تغلو النساء والخيل ثم ترخص، فلا تغلو إلى يوم القيامة»(4)

وروى الزمخشري: «من أشراط الساعة أن يتخذ السيوف مناجل»(5).

قد يكون المقصود من غلاء النساء قبل ظهور إمام الزمان(علیه السلام) أنه على أثر تردي الأوضاع الإقتصادية حينئذٍ فيصعب على الرجل يتزوج ويبني عائلة، وكذلك بسبب كثرة الحروب والحاجة للمركب يصعب شراء الحصان والوسائل الحربية

ص: 157


1- إبن حماد، الفتن، ص162، المعجم الصغير، ص150. إحقاق الحق، ج13، ص204
2- عقد الدرر، ص166، راجع: عبد الرزاق، المصنف، ج 11، ص 401
3- ابن طاووس، الملاحم، ص 152
4- المعجم الكبير، ج9، ص342، ومثله في عقد الدرر، ص331، روي عن خارجة ابن الصلت
5- الفائق، ج1، ص 254

ويغلو سعرها. ولكن عند انتهاء الحرب - بعد قيام الإمام المهدي(علیه السلام) - ترخص أسعار الوسائل الحربية، وتتحسن الأوضاع الإقتصادية فيسهل الزواج وتشكيل الحياة العائلية .

وبما أنه لا يبقى هناك حرب في ذلك العصر، يستفاد من الصناعات والآلات التي كانت تستخدم في الحرب في تطوير الزراعة .

عن النبي (صلی الله علیه و اله)«... ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدريهمات»(1).

لعله يكون البقر يستخدم في الزراعة، وللحمه ولبنه، ولكن الفرس أكثر ما يستفاد منه كوسيلة حربية وهي من المحتمل بل المؤكد أنها كنايات أيضاً.

ص: 158


1- إبن حماد، الفتن، ص159، ابن طاووس، الملاحم، ص82

الفصل الخامس : المدد الغيبي

اشارة

الحروب بعد ظهور الإمام المهدي(علیه السلام) وإن كانت في روايات كثيرة، نُسبَت إلى الجنود - وبواسطتهم - الذين اندفعوا من جميع أنحاء العالم لنصرة الإمام (علیه السلام)، ولكن الإنتصار على العالم كله بالنظر إلى تطور العلم والصناعات العسكرية قبل ظهوره (علیه السلام)هو أمر صعب ومستحيل إلّا إذا كان بقيادة شخص منصور من الله - عز وجل -.

أحياناً قد يكون المدد الإلهي في القدرة التي يعطيها الله - عز وجل - للإمام (علیه السلام)، وبإظهار الكرامات، فيقوم بإزالة المصاعب من طريقه، أو بوسيلة الرعب والخوف الذي يلقيه الله تبارك وتعالى - في قلب العدو، أو بإرسال الملائكة لنصرته(علیه السلام) .

في بعض الروايات كلام عن جنود يمتلكون خواص الملائكة وهم ينتظرون ظهور الإمام(علیه السلام) لينصروه. وتذكر بعض الروايات وسائل یُنصر بها الإمام(علیه السلام) كالتابوت وما فيه من أشياء .

ص: 159

فيما يلي بعض الروايات في هذا المجال :

أ - الرعب والخوف:

عن الصادق (علیه السلام): «القائم منا منصور بالرعب»(1).

وعنه (علیه السلام): «ويؤيده الله بثلاثة أنصار : بالملائكة والمؤمنين والرعب»(2).

وعن أبي جعفر(علیه السلام) : «... ويسير الرعب أمامه شهراً، وخلفه شهراً»(3).

وعنه(علیه السلام) : «... ويسير الرعب قدامها شهراً [ووراءها شهراً وعن يمينها شهراً وعن يسارها شهراً]»(4).

يستفاد من هذه الروايات أن الإمام المهدي (علیه السلام)أينما قصد فإن الخوف والرعب يصيب عدوه، فيفقد قدرة المواجهة والمقاومة أمام جيشه(علیه السلام) . كذلك عندما يتحرك الجيش إلى مكان ما فلا أحد يتجرأ على القيام بأي حركة لما يصيب العدو وجنوده من الخوف. هذا التفسير والتوجيه يتنافى مع ظاهر بعض الروايات الأخرى.

ب - الملائكة والجن:

عن علي(علیه السلام) : «... ويؤيده الله بالملائكة والجن وشبعننا المخلصين»(5).

ص: 160


1- مستدرك الوسائل، ج12، ص335وج14، ص 354
2- بحار الأنوار، ج52، ص356
3- ن.م، ص 343
4- النعمانی، الغيبة، ص308. بحار الأنوار، ج52، ص 361
5- الحصيني، الهداية، ص31. إرشاد القلوب، ص286

وعن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام): «كأني أنظر إلى القائم على ظهر النجف، فإذا استوى على ظهر النجف، ركب فرساً أدهم، أبلق، بين عينه شمراخ، ثم ينتفض به فرسه، فلا يبقى أهل بلدة إلا وهم یظنون أنه معهم في بلادهم، فإذا نشر راية رسول(صلی الله علیه و اله) انحط إليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثة عشر، كلهم ينتظر القائم، وهم الذين كانوا مع نوح(علیه السلام) في السفينة، والذين كانوا مع إبراهيم الخليل (علیه السلام)حيث ألقي في النار، وكانوا مع عیسی(علیه السلام) حيث رفع، وأربعة آلاف من الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي(علیه السلام) فلم يؤذن لهم، فصعدوا في الاستیذان وهبطوا وقد قتل الحسين(علیه السلام) منهم شعث غبر يبكون عند قبر الحسين (علیه السلام)إلى يوم القيامة، وما بين قبر الحسين(علیه السلام) إلى السماء مختلف الملائكة»(1).

وعن الباقر (علیه السلام): «لكأني أنظر إليهم... جبرائیل عن يمينه و میکائل عن يساره، يسير الرعب أمامه شهراً، وخلفه اًأمّدَّه الله بخمسة آلاف من الملائكة»(2).

وعنه (علیه السلام): «إن الملائكة الذين نصروا محمداً (صلی الله علیه و اله)يوم بدر ، في الأرض ما صعدوا بعد، ولا یصعدون حتى ينصروا صاحب هذا الأمر وهم خمسة آلاف»(3).

وعن أبي عبد الله (علیه السلام): «ينزل على القائم(علیه السلام) تسعة آلاف

ص: 161


1- کمال الدین، ج2، ص672. النعماني، الغيبة، ص309، کاملالزیارات، ص120. العدد القوية، ص74. مستدرك الوسائل، ج10، ص245
2- بحار الأنوار، ج52، ص343. نور الثقلین، ج 1، ص 388. القول المختصر، ص21
3- إثبات الهداة 3: 549 - نور الثقلین 12 : 388 ۔ مستدرك الوسائل 2: 448

ملك وثلاثمائة وثلاث عشر ملكاً... وهم الذين كانوا مع عبسي لما رفعه الله إليه»(1).

وعن أمير المؤمنین (علیه السلام): «ولا تنشر - الراية - حتى يخرج المهدي، ويمدّ بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفه وأدبارهم»(2).

وعن أبي عبد الله(علیه السلام) : «في قول الله - عز وجل - «أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ»(3)، قال: «هو أمرنا بعني قيام قائمنا آل محمد (صلی الله علیه و اله)، أمرنا الله أن لا نستعجل به، فيؤيده إذا أتى عليه ثلاثة جنود : الملائكة والمؤمنون والرعب»(4) .

وعن الرضا (علیه السلام): «إذا قام القائم بأمر الله الملائكة بالسلام على المؤمنين والجلوس معهم في مجالسهم، فإذا أراد واحد حاجة ، أرسل القائم من بعض الملائكة أن يحمله، فيحمله الملك حتى يأتي القائم، فيقضي حاجته ثم يرده. ومن المؤمنين من يسير في السحاب. ومنهم من يتحاكم الملائكة إليه . والمؤمن أكرم على الله من الملائكة، ومنهم من يصيره القائم قاضياً بين مائة ألف ملك»(5).

قد يكون قضاء هؤلاء المؤمنين بين الملائكة هو رفع اختلافهم

ص: 162


1- بحار الأنوار، ج14، ص339. أنظر : النعماني، الغيبة، ص3121
2- إبن حماد، الفتن، ص101، الشافعي، البيان، ص 515. الحاوي للفتاوی، ج2، ص73. الصواعق المحرقة، ص167. کنز العمال، ج4، ص589, إبن طاووس، الملاحم، ص73. احقاق الحق، ج19، ص652
3- سورة النحل، الآية 1
4- تأويل الآيات الظاهرة، ج1، ص252، إثبات الهداة ، ج3، ص563. بحار الأنوار، ج 52، ص356
5- دلائل الإمامة، ص241،. إثبات الهداة ، ج3، 523

في المسائل العلمية والموضوعات، وهذه الاختلافات لا تنافي عصمة الملائكة .

ج - ملائكة الأرض:

عن محمد بن مسلم، قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام)عن میراث العلم وما مبلغه؟ أجوامع ما هو من هذا العلم، أم تفسير كل شيء من هذه الأمور التي تتكلم فيها؟ فقال: «إن لله - عز وجل - مدينتين : مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب، وفيهما قوم لا يعرفون إبليس، ولا يعلمون بخلق إبليس، نلقاهم في كل حين، فيسألونا عما يحتاجون ويسألونا عن الدعاء فنعلمهم، ويسألونا عن قائمنا متی یظهر؟ وفيهم عبادة وإجتهاد شدید، ولمدينتهم أبواب ما بين المصراع إلى المصراع مائة فرسخ؛ لهم تقديس وتمجيد ودعاء وإجتهاد شدید، لو رأيتموهم لإحتقرتم عملكم. يصلي الرجل منهم شهراً لا يرفع رأسه من سجدته. طعامهم التسبيح، ولباسهم الورق، ووجوههم مشرقة بالنور، إذا رأوا منا واحداً لمسوه واجتمعوا عليه وأخذوا من أثره من الأرض، يتبركون به. لهم دويٌّ إذا صلّوا كأشد من دوي الريح العاصف. منهم جماعة لم يضعوا السلاح منذ كانوا ينتظرون قائمنا. يدعون الله - عز وجل - أن يريهم إياه وعمر أحدهم ألف سنة. إذا رأيتهم رأيت الخشوع والإستكانة وطلب ما يقربهم إلى الله - عز وجل - إذا احتبسنا عنهم ظنوا أن ذلك من سخط . يتعاهدون أوقاتنا التي نأتيهم فيها. لا يسأمون ولا يفترون .يتلون کتاب الله - عز وجل - كما علمناهم؛ وإن فيما نعلمهم ما لو تلي على الناس لكفروا به ولأنكروه . يسألوننا عن الشيء إذا ورد عليهم من القرآن لا يعرفونه، فإذا أخبرناهم به انشرحت صدورهم لما

ص: 163

يستمعون منا وسالوا لنا طول البقاء وأن لا يفقدونا. ويعلمون أن المنّة من الله عليهم فيما نعلمهم عظيمة، ولهم خرجة مع الإمام إذا قام يسبقون فيها أصحاب السلاح ويدعون الله - عز وجل - أن يجعلهم ممن ينتصر بهم لدينه. فيهم کهول وشبان. إذا رأى شاب منهم الكهل جلس بين يديه جلسة العبد، لا يقوم حتى يأمره. لهم طريق هم أعلم به من الخلق إلى حيث بريده الإمام(علیه السلام) ، فإذا أمرهم الإمام بأمر قاموا عليه أبداً حتى يكون هو الذي يأمرهم بغيره. لو أنهم وردوا على ما بين المشرق والمغرب من الخلق لأفنوهم في ساعة واحدة. لا يختل فيهم الحديد. لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد، لو ضرب أحدهم بسيفه جبلاً لقدَّه حتى يفصله، ويغزوا بهم الإمام(علیه السلام) الهند والديلم والكرد والروم وبربر وفارس وبين جابرسا إلى جابلقا وهما مدینتان واحدة بالمشرق وواحدة بالمغرب. لا يأتون على أهل دين إلا دعوهم إلى الله عز وجل - وإلى الإسلام والإقرار بمحمد(علیه السلام) والتوحيد وولايتنا أهل البيت، فمن أجاب منهم ودخل في الإسلام تركوه، وأمروا عليه أميراً منهم، ومن لم يجب ولم يقر بمحمّد(علیه السلام) ولم يقر بالإسلام ولم يسلم، قتلوه حتى لا يبقى بين المشرق والمغرب وما دون الجبل أحد إلا آمن بالله»(1).

يفهم من هذه اللمحة عن جنود الإمام(علیه السلام) هؤلاء أنهم الملائكة الذين بقوا في الأرض؛ وهم منتظرون لقيام القائم (علیه السلام).

ص: 164


1- بصائر الدرجات، ص144. إثبات الهداة ، ج3، ص523. تبصرة الولي، ص97. بحار الأنوار، ج27، ص 41، وج54، ص 332. أقول: لدينا شواهد وروايات على كثير من فقرات هذا النص، كما أن الإكتشافات التي تحصل اليوم ونعلمها عبر وسائل الإعلام هي مما يؤيد هذه المتون؛ لأن مجهولات البشر لا تقاس بمعلوماتهم. ولكن مع ذلك يبقى الكلام في سند هذه الرواية

د - تابوت موسی (علیه السلام):

في كتاب غاية المرام، عن رسول الله(صلی الله علیه و اله) : «ينزل عيسی ... ويجمع الكتب من أنطاكية... فیکشف الله له عن إرِمَ ذاتِ العماد(1)، والقصر الذي بناه سلیمان بن داود قرب مؤتة، فيأخذ ما بهم من الأموال ويقسمها على المسلمين، ويخرج التابوت الذي أمر به أرميا أن يرميه في بحر طبرية، فيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون، ورضاضة اللوح، وعصا موسى، وقبا هارون، وعشرة أصوع من المن، وشرائح السلوى التي ادَّخرها - كذا - بنو إسرائيل لمن بعدهم، فيستفتح بالتابوت المدن، كما استفتح به من كان قبله»(2).

وينقل القندوزي في ينابيع المودة هذا الحديث، مع تغيير بسيط ويقول: قيل إن المهدي(علیه السلام) يستخرج كتباً من غار بمدينة أنطاكية ويستخرج الزبور من بحيرة طبريا، فيها مما ترك آل موسى وهارون تحمله الملائكة، وفيها الألواح وعصا موسی(علیه السلام)(3) .

ص: 165


1- قرية مذكورة في القرآن دمرها الله ، سورة الفجر، الآية 8
2- غاية المرام، ص697. حلية الأبرار، ج2، ص620، الشيعة والرجعة، ج1، ص136.انظر : إبن طاووس، الملاحم، ص66. إثباة الهداة، ج3، ص489. 541
3- ينابيع المودة ، ص410. إبن حماد، الفتن، ص98. المتقي الهندي، البرهان، ص157. إبن طاووس، الملاحم، ص67

ص: 166

الفصل السادس : معاملة الإمام (علیه السلام)مع الأعداء

اشارة

في النهاية بعد قرون من الإنتظار وتحمل الآلام سينتهي عصر الظلم والظلمة، وسيبزغ شعاع شمس السعادة، وستظهر شخصية عظيمة لإزالة الظلم والجور بعون الله . يقوم الإمام(علیه السلام) بإصلاحات جذرية أساسية واسعة ومختلفة في البعدين المعنوي والمادي، ويبث في المجتمع البشري السلام ما يكون فيه رضا الله تعالی.

قد تحاول بعض الأحزاب والجماعات في هذا المجال أن تمنع هذا القيام العظيم بإفتعال المشكلات، أو أن تحد من حركة القيام من خلال الإخلال بها،فهؤلاء هم أعداء البشرية والدين الإلهي الألداء ، وسيكون جزاؤهم القتل على يد الإمام المهدي(علیه السلام) القوية.

الذين يحاولون الإخلال بثورة الإمام (علیه السلام)هم الذين تلوثت أيديهم بدماء البشرية أو من اللامبالين الذين فضلوا السكوت أمام جرائم المعتدين، ولكنهم رفعوا راية المعارضة في مواجهة الإمام (علیه السلام)، أو هم أصحاب الفهم والسلائق العوجاء غير المستقيمة الذين يقدمون فهمهم على كلام الإمام(علیه السلام).

ص: 167

من الطبيعي أن هؤلاء يجب أن يقمعوا بحزم کامل؛ لحماية المجتمع البشري من شرّٙهم. لذلك ، يكون أسلوب وسياسة الإمام (علیه السلام)معهم حاسماً ودون تساهل.

في هذا الفصل سنقوم بدراسة موضوعين أساسيين يفهمان من الروايات:

أ - حزم الإمام (علیه السلام)في مواجهة الأعداء؟

ب - أسلوب الإمام(علیه السلام) مع مختلف الفرق.

أ - حزم الإمام (علیه السلام)في مقابل الأعداء.

محل الكلام في هذا القسم هو أن الإمام (علیه السلام)في مواجهة الأعداء لا يستفيد من نوع واحد من العقاب ، بل يقضي على البعض منهم في الحرب، فيطارد حتى الفارين والجرحى، ويعدم البعض، يهدم بيوتهم وينفي بعضاً آخر ويقطع أيدي آخرين .

1 - الحرب والقتال :

عن زرارة، قلت لأبي جعفر(علیه السلام) : «أيسير القائم (علیه السلام)بسيرة محمد (صلی الله علیه و اله)؟ قال : هيهات، هيهات، یا زرارة أما يسير بسيرته. إن رسول الله (صلی الله علیه و اله)سار في أمته باللين، كأن يتألف الناس، والقائم يسير بالقتل، بذلك أمر في الكتاب الذي معه: أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحداً. ويلٌ لمن ناواه»(1).

وعن الحسن بن هارون، قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام)

ص: 168


1- النعماني الغيبة، ص31. عقد الدرر، ص226. إثبات الهداة، ج3، ص539. حلية الأبرار ، ج 5، ص 322. بحار الأنوار، ج52، ص353. وفي رواية أنَّه یصنع كما صنع رسول الله (علیه السلام) يهدم ما كان قبله كما هدم الرسول أمر الجاهلية و يستأنف الإسلام جديداً. النعمانی، الغيبة، ص 230

جالساً، فسأله المعلی بن خنیس : أيسير المهدي(علیه السلام) إذا خرج بخلاف سيرة علي(علیه السلام)؟ قال : «نعم، وذلك أن علياً سار باللين والكفّ؛ لأنه يعلم أن شيعته سيظهر عليهم(علیه السلام) من بعده، وأن المهدي إذا خرج سار فيهم بالبسط والسّبي؛ وذلك أنه يعلم أن شیعته لن يظهر عليهم من بعده أبداً(1).

عن الرضا (علیه السلام): «لو قد خرج قائمنا (علیه السلام)لم يكن إلا العلق والعرق والنوم على السروج»(2).

وعن المفضل بن عمر، سمعت أبا عبد الله (علیه السلام)وقد ذكر القائم، فقلت : إنّي لأرجو أن يكون أمره في سهوله، فقال: «لا يكون ذلك حتى تمسحوا الَعَرق والعّلق»(3). العلق بالتحريك : الدم الغليظ، ومسح العرق والعلق كناية عن ملاقاة الشدائد التي توجب سیلان العرق، والجراحات

المسيلة للدَّم(4).

وعن أبي عبد الله(علیه السلام) أنه قال: «إن علياً (علیه السلام)قال : كان لي أن اقتل المُوَلّٙي وأجهز على الجريح، ولكني تركت ذلك للعاقبة من أصحابي، إن جرحوا لم يقتلوا، والقائم له أن يقتل المولي، ويجهز على الجريح»(5).

ص: 169


1- البرقي، المحاسن، ص320. الكافي، ج2، ص33. علل الشرائع ، ص150. التهذیب، ج6، ص55. وسائل الشيعة، ج 11، ص57. مستدرك الوسائل ح 11، ص58. جامع أحاديث الشيعة، ج13، ص101
2- النعمانی، الغيبة، ص285. إثبات الهداة ، ج3، ص543
3- بحار الأنوار 52 : 258
4- ن.م، ص284.ن. م
5- ن. م، ص 231. إنظر: التهذیب، ج6، ص154. وسائل الشيعة، ج11، ص57. بحار الأنوار، ج52، ص353. مستدرك الوسائل، ج 11، ص54

وعن الباقر(علیه السلام) : «لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج. لأحب أكثرهم أن لا يروه ممّا يقتل من الناس. أما إنه لا يبدأ إلا بقريش، فلا يأخذ منها إلا السيف، ولا يعطيها إلا السيف، حتى يقول كثير من الناس؛ ليس هذا من آل محمد (علیه السلام)، لو كان من آل محمد(صلی الله علیه و اله) لّرحِمَ»(1).

وعن الباقر(علیه السلام) : «يقوم(علیه السلام) بأمر جدید وسنَّة جديدة وقضاء جديد، على العرب شديد، وليس من شأنه إلا القتل»(2).

2 - الإعدام والنفي:

عن عبد الله بن مغيرة عن أبي عبد الله(علیه السلام) : «إذا قام القائم من آل محمد(صلی الله علیه و اله) أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثم أقام خمسمائة [فضرب أعناقهم، ثم خمسمائة] أخرى، حتى يفعل ذلك ست مرات، قلت : ويبلغ عدد هؤلاء هذا؟ قال : نعم منهم ومن مواليهم»(3).

وعن أبي جعفر(علیه السلام) : «إذا قام القائم(علیه السلام) عرض الإيمان على كلّٙ ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة، وإلا ضُرب عنقه أو يؤدي الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذّٙمة. ويُشّدُّ على وسطه الهميان ويخرجهم من الأمصار إلى السواد»(4).

ص: 170


1- ن.م، عقد الدرر، ص227. إثبات الهداة، ج3، ص539. بحار الأنوار، ج 52. ص354
2- بحار الأنوار، ج52، ص349
3- المفيد، الإرشاد، ص364. روضة الواعظین، ج2، ص265، کشف الغمة، ج3، ص255. الصراط المستقيم، ج2، ص53. إثبات الهداة، ج3، ص527. بحار الأنوار، ج 52، ص338، 349
4- الكافي، ج8، ص227. إثبات الهداة، ج3، ص450. مرآة العقول، ج26، ص160. بحار الأنوار، ج52، ص375

وعن الصادق (علیه السلام): «لو قام قائمنا يعرف أعداءنا بسيماهم فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم يخبط هو وأصحابه بالسيف خبطاً»(1).

3 - قطع الأيدي :

عن الهروي، قلت لأبي الحسن الرضا (علیه السلام): «بأي شيء يبدأ القائم منكم إذا قام؟ قال: يبدأ ببني شيبة، فيقطع أيديهم، لأنهم سُراق بيت الله - عز وجل -»(2).

وعن أبي عبد الله(علیه السلام) : «أما إن قائمنا لو قد قام، لقد أخذ بني شيبة وقطع أيديهم وطاف بهم وقال : هؤلاء سُراق الكعبة»(3).

وعنه(علیه السلام) : «... فأول ما يبدأ ببني شيبة، فيقطع أيديهم ويعلقها في الكعبة، وينادي مناديه : هؤلاء سرّاق الكعبة»(4) .

شيبة من الذين أسلموا عند فتح مكة، وجعله النبي(صلی الله علیه و اله) خازن الكعبة، وبقي آل شيبة خرنة الكعبة وسدنتها مدة من الزمن (5).

يقول المرحوم المامقاني: بنو شيبة سرّاق بيت الله، وإن شاء الله ستقطع أيديهم جزاءً لهذا الجُرم وتعلق على حائط الكعبة(6).

ص: 171


1- إحقاق الحق، ج13، ص357. المحجة ص429
2- عیون أخبار الرضا، ج1، ص273. علل الشرائع، ج1، ص219، بحار الأنوار، ج 52، ص313
3- علل الشرائع، ج2، ص96، بحار الأنوار، ج52، ص317
4- النعماني، الغيبة، ص165، بحار الأنوار، ج 52, ص 351، 361
5- أسد الغابة، ج3، ص372
6- تنقیح المقال، ج2، ص246

ب - اسلوب الإمام مع مختلف الفرق:

عندما يقوم الإمام المهدي (علیه السلام)سيواجه جماعات وفرقاً مختلفة. بعضهم من قومية وعرق خاص، والبعض الآخر من إتباع الأديان غير الإسلامية، والبعض وإن كان مسلماً ظاهراً إلا أنه يعمل عمل المنافقين. أو هم من المتظاهرين بالقداسة وذوي الفهم الخاطيء الذين يعارضون الإمام (علیه السلام)، أو من أتباع الفرق الباطلة . للإمام(علیه السلام) مع كل منها مواجهة خاصة وردت في الروايات التي سننقلها فيما يلي:

1 - العرب :

عن أبي عبد الله (علیه السلام): «إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف»(1).

وعنه (علیه السلام): «ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح» وأومأ بيده إلى حلقه (2).

وعنه (علیه السلام): «فإذا قام (علیه السلام)... ثم يتناول قریشاً... فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف»(3).

قد يكون المراد من قوله (علیه السلام): «فلا یأخذ منها إلا السيف...» هو أن قريش لا تطيع الإمام (علیه السلام)وتحاول العرقلة وافتعال المشاكل وتكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في القتال والحرب

ص: 172


1- النعماني، الغيبة ، ص122، بحار الأنوار، ج52، ص355
2- ن.م
3- ن.م، ص167

مع الإمام (علیه السلام)ولا يرى الإمام (علیه السلام)وسيلة مناسبة أخرى غير السلاح كما ورد في الحديث : «.. يبايع القائم بمكة على كتاب الله وسنة رسوله ويستعمل على مكة ثم يسير نحو المدينة فيبلغه أن عامله قتل، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة ولا يزيد على ذلك(1).

في حديث آخر عن أبي جعفر (علیه السلام): يقول القائم لأصحابه : «یا قوم إن أهل مكة لا يريدونني ولكني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم، فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له إمض إلى مكة فقل: يا أهل مكة ... فإذا تكّلم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام وهي النفس الزكية، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألا أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا»(2).

2 - أهل الكتاب :

عن عبد الله ابن بكير ، قال : سألتُ أبا الحسن الكاظم (علیه السلام)عن قوله «وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا...»(3) قال: «أنزلت في القائم إذ خرج اليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردَّة والكفار في شرق الأرض وغربها، فعرض عليهم الإسلام، فمن اسلم طوعاً أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب لله عليه، ومن لم يسلم ضرب عنقه، حتى لا يبقى في المشارق والمغارب أحدٌ إلا وَحَّد الله .

ص: 173


1- بحار الأنوار 308:52
2- بحار الأنوار307:52
3- سورة آل عمران، الآية 83

قلت جعلت فداك ! إن الخلق أكثر من ذلك؟ فقال : إن الله إذا أراد أمراً قلّل الكثير وكثَّر القليل»(1).

وعن شهر بن حوشب ، قال : قال لي الحجاج: «یا شهر! آية في كتاب الله وقد أعيتني، فقلت : أيها الأمير أيّة آية هي؟ فقال : قوله:

«وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ»(2). والله إني لأمر باليهودي، والنصراني فأضرب عنقه، ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتى يخمد، فقلت : أصلح الله الأمير! ليس على ما قلت. قال : كيف هو؟ قلت : إن عیسی بن مریم ینزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملَّة يهودي ولا نصراني، إلا آمن به قبل موته، ويصلي خلف المهدي (علیه السلام)، قال : ويحك أني لك هذا ومن أين جئت به؟ فقلت : حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فقال : جئت بها من عين صافية »(3).

يقول إبن الأثير: «في ذلك العصر لا يبقى أهل ذمة كي يدفعوا الفدية». وقد يكون المراد أن أهل الذمة إما أنهم اسلموا أو قتلوا. بالطبع هناك روايات وردت على خلاف هذا المعنى(4).

عن النبي (صلی الله علیه و اله): «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، فيفر

ص: 174


1- العياشي، التفسير، ج1، ص183. نور الثقلین، ج 1، ص 362. إثبات الهداة ، ج3، ص549. تفسير الصافي، ج1، ص267. بحار الأنوار، ج52. ص340
2- سورة النساء ، الآية 159
3- تفسير القمی، ج1، ص158. إحقاق الحق، ج13، ص 332. العرائس الواضحة، ص209. بحار الأنوار، ج14، ص349
4- النهاية، ج5. ص197

اليهودي وراء الحجر، فيقول الحجر : يا عبد الله ! یا مسلم! هذا يهودي ورائي(1).

وعن النبي(علیه السلام) : «... حتى أن الشجرة والحجر ينادي با روح الله ! هذا يهودي، فلا يترك ممن كان يتبعه أحداً إلا قتله»(2).

يستفاد من روايات أخرى أن الحرب والمواجهة بين الإمام(علیه السلام) وأهل الكتاب ليست على نحو واحد، بل يسمح لهم في بعض الموارد أن يبقوا على دينهم مع أخذ الجزية منهم، ويجري بحثاً ومناظرة مع جماعة ليدعوهم بهذا الأسلوب إلى الإسلام . ويمكن أن نقول بأنه (علیه السلام)في بداية قيامه يجري المناظرات ، ويحارب الذين يكتمون الحق.

عن أبي بصير، قال : قلت للإمام الصادق (علیه السلام): جعلت فداك ! لا يزال القائم فيه أبداً ( مسجد السهلة) قال: نعم، قلت : فما يكون من أهل الذمة عنده؟ قال: «يسالمهم کما سالمهم رسول الله (صلی الله علیه و اله)؛ ويؤدون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون»(3). وعن ابن شوذب : «إنما سمي المهدي لأنه يُهدیٰ إلى جبل من جبال الشام، يستخرج منه أسفار التوراة، يحاج بها اليهود، فيسلم على يديه جماعة من اليهود»(4).

ص: 175


1- أحمد بن حنبل، المسند، ص398، 520
2- ن.م، ج3، ص367. الحاكم، المستدرك، ج4، ص503. أنظر ابن حماد ، الفتن، ص59. إبن ماجة، السنن، ج 2، ص 1359
3- بحار الأنوار، ج52، ص376
4- عقد الدرر، ص40

3 - الفرق الباطلة والمنحرفة :

عن أبي جعفر (علیه السلام): «ويح هذه المرجئة(1) إلى من يلجأون غداً إذا قام قائمنا؟ قلت : إنهم يقولون لو قد كان ذلك كنا وأنتم في العدل سواءً. فقال : من تاب تاب الله عليه، ومن أسرَّ نفاقاً فلا يبعد الله غيره. ومن أظهر شيئاً أهرق الله دمه . ثم قال : يذبحهم - والذي نفسي بيده ! - كما يذبح القصاب - وأومأ بيده إلى حلقه - قلت : إنهم يقولون: إنه إذا كان ذلك استقامت۟ له الأمور فلا يهرق محجمة دم، فقال : كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح وأنتم العَرَقَ والعَلَقَ، وأومأ بيده إلى جبهته »(2).

وعن أمير المؤمنين (علیه السلام): أنه قال عندما مر على قتلى الخوارج وهم صرعی: «لقد صرعكم من غرَّكم . فقيل ومن غرهم؟ قال : الشيطان وأنفس السوء. فقال أصحابه : قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر . فقال : كلا، والذي نفسي بيده! وإنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء، لا تخرج خارجة إلا خرجت بعدها مثلها حتى تخرج خارجة الفرات ودجلة مع رجل يقال له: الأشمط(3) . يخرج إليه رجل منا أهل البيت، فيقتله ولا تخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة»(4).

ص: 176


1- قال الطريحي: «فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، سموا مرجئة لإعتقادهم أن الله أرجأ تعذيبهم عن المعاصي - أي آخره - وعن ابن قتيبة : هم الذين يقولون : الإيمان قول بلا عمل، لأنهم يقدمون القول ويؤخرون العمل، وقال قوم : إن المرجئة هم الفرقة الجبرية الذين يقولون إن العبد لا فعل له، وإضافة الفعل إليه بمنزلة إضافته إلى المجازات، إنما سميت المجبّرة مرجئة لأنهم يؤخرون أمر الله ويرتكبون الكبائر . مجمع البحرین 188:1 . أنظر مقباس الهداية، ج 2، ص 30. بحار الأنوار، ج 72، ص 181 و ج 37، ص 310
2- النعمانی، الغيبة ص283. بحار الأنوار، ج52، ص357
3- الأشمط : من خالط بیاض رأسه سواد، وقد يقال للطويل . (معجم أحادیث الإمام المهدي، 3: 116)
4- مروج الذهب، ج2، ص408

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «إذا قام القائم سار إلى الكوفة، فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس، یدعون البترية، عليهم السلاح، فيقولون له: إرجع من حيث جئت، فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم»(1).

البترية(2) هم فرقة من الزيدية من أتباع كثير النوى. عقائدهم مشابهة للسليمانية التي هي فرقة أخرى من فرق الزيدية . هم يتوقفون في إسلام وكفر عثمان، وفي المسائل الإعتقادية يأخذون برأي المعتزلة وفي الفروع يتبعون أبا حنيفة، ويتبع جمع منهم الشافعي أو مذهب الشيعة»(3) .

4 - المتظاهرون بالقداسة:

عن الإمام الباقر (علیه السلام)«... ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفاً من البترية شاكين في السلاح قرّاء القرآن، فقهاء في الدین، قد قرّحوا جباههم، وسمّروا ساماتهم وعمّهم النفاق وكلهم يقولون يابن فاطمة إرجع لا حاجة لنا فيك. فيضع فيهم (السيف) على ظهر النجف عشية الإثنين من العصر إلى العشاء، فيقتلهم أسرع من جزر جزور، فلا يفوت منهم رجل، ولا يصاب من أصحابه

ص: 177


1- الإرشاد، ص364. کشف الغمة، ج3، ص355. الصراط المستقيم، ج2، ص354. روضة الواعظین ج2، ص265، إعلام الوری، ص 431. بحار الأنوار، ج 52، ص328
2- قال المامقاني : البترية فرقة من الزيدية قيل نسبوا إلى المغيرة ولقبه الأبتر وقيل هم اصحاب كثير النوا والحسن بن صالح وسالم بن أبي حفصة والحكم بن عيينة وسلمة بن كهيل وأبي المقدام وهم الذين دعوا إلى ولاية على ثم خلطوها بولاية أبي بكر وعمر ويثبتون لهم الإمامة و يبغضون عثمان وطلحة وزبير وعايشة . والذي اعتقده إن البترية هم زيدية العامة. مقباس الهداية 2: 350 . بحار الأنوار 72: 181
3- بهجة الأمال، ج1، ص95. الملل والنحل، ج1، ص161

أحد، دماؤهم قربان إلى الله»(1). وعن أبي حمزة الثمالي : سمعت أبا جعفر(علیه السلام) يقول: «إن صاحب هذا الأمر لو قد ظهر لقي من الناس مثل ما لقي رسول الله (صلی الله علیه و اله)[وأكثر]»(2).

وعن الفضيل عن أبي عبد الله (علیه السلام): «قائمنا إذا قام استقبل من جهة الناس أشد مما استقبله رسول الله (صلی الله علیه و اله)من جهال الجاهلية ، فقلت: وكيف ذلك؟ قال: إن رسول الله(صلی الله علیه و اله) اتي الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة. وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وهم (بين من) يتأول عليه كتاب الله ويحتج عليه به»(3).

وعن أبي عبد الله (علیه السلام)قال: «يقتل القائم حتى يبلغ السوق، قال: فيقول له رجل من وُلد أبيه: إنك لتجفل الناس إجفال النعم، فبعهد من رسول الله(صلی الله علیه و اله) ، أو بماذا؟ قال : وليس في الناس رجل أشدّ منه بأساً، فيقوم إليه رجل من الموالي فيقول له: لتسكتنَّ أو لأضربن عنقك، فعند ذلك يخرج القائم عهداً من رسول الله(صلی الله علیه و اله)»(4).

وعن الصادق(علیه السلام) : «إذا خرج القائم (علیه السلام)خرج من هذا

ص: 178


1- دلائل الإمامة ، ص241، الطوسي، الغيبة، ص283. إثبات الهداة ، ج3، ص519. بحار الأنوار، ج52، ص291
2- النعماني، الغيبة، ص297. حلية الأبرار، ج1، ص328. بحار الأنوار، ج52، ص362.بشارة الأسلام، ص222
3- ن.م
4- إثبات الهداة، ج3، ص585. بحار الأنوار، ج52، ص387

الأمر من كان يرى أنه أهله، ودخل فيه شبه عبدة الشمس والقمر»(1).

5 - النواصب:

عن أبي جعفر (علیه السلام): «إذا قام القائم (علیه السلام)عرض الإيمان على كل ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة، وإلا ضرب عنقه، أو يؤدي الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذمة، ويَشدُّ على وسطه الهميان، ويخرجهم من الأمصار إلى السواد»(2).

ومثله عن الصادق (علیه السلام):(3) . يقول المرحوم المجلسي: لعل هذا الحكم مرتبط ببداية القيام؛ الأن ظاهر الروايات أنه لا يقبل منهم إلا الإيمان وإلا فالقتل (4).

وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله . قلت : فمن نصب لكم عداوة؟ فقال :«لا یا أبا محمد! ما لمن خالفنا في دولتنا من نصيب، إن الله قد أحلَّ لنا دماءهم عند قيام قائمنا، فاليوم محرَّمٌ علينا وعليكم ذلك. فلا يغرَّنك أحد. إذا قام قائمنا انتقم لله ولرسوله ولنا أجمعين(5).

ص: 179


1- النعماني، الغيبة ، ص317. الطوسی، الغيبة، ص273. بحار الأنوار، ج52, ص 329.363
2- الكافي، ج8، ص227. إثبات الهداة ، ج3، ص450. بحار الأنوار، ج52، ص375. تنقيح المقال، ج2، ص43
3- تفسير الفرات، ص100، بحار الأنوار، ج52، ص372
4- مرآة العقول، ج2، ص160
5- بحار الأنوار، ج52، ص376

6 - المنافقون :

عن الصادق (علیه السلام)في تفسير قوله تعالى : «لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا»(1) قال: «إن له ودائع مؤمنين في أصلاب قوم کافرین و منافقین، وقائمنا لن يظهر حتى تخرج ودائع الله، فإذا خرجت ظهر، فيقتل الكفار والمنافقين ...»(2).

وقال(علیه السلام) : «ولو قد قام القائم(علیه السلام) ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك، ولأقام في كثير منكم من أهل النفاق حدَّ الله ...»(3) .

وعن الحسين(علیه السلام) : «... يا ولدي علي، والله لا يسكن دمي حتى يبعث الله المهدي فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة، الفسقة سبعين ألفاً»(4).

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «إذا قام القائم (علیه السلام)... ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب، ويهدم قصورها ويقتل مقاتليها حتى يرضي الله - عز وجل -»(5).

7 - الشيطان :

عن وهب بن جميع قال : سألتُ أبا عبد الله(علیه السلام) عن قول إبليس : «رب فأنظرني إلى يوم يبعثون، قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم...»(6) قال له وهب: جعلت فداك أي يوم هو؟

ص: 180


1- سورة الفتح، الآية 25
2- کمال الدین، ج2، ص461. المحجة، ص206. إحقاق الحق، ج13، ص357
3- النهذیب، ج6،ص172. وسائل الشيعة، ج 11، ص 382. ملاذ الأخيار، ج9، ص455
4- إبن شهر آشوب، المناقب، ج4، ص85، بحار الأنوار، ج45، ص299
5- إثبات الهداة ، ج3، ص528. بحار الأنوار، ج 52، ص338
6- سورة الحجر، الآية 38

قال : «یا وهب أتحسب أنه يوم يُبعث الله فيه الناس؟ إن الله أنظره إلى يوم يُبعث فيه قائمنا، فإذا بَعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة، وجاء إبليس حتى يجثو بين يديه على ركبتيه فيقول : يا ويله من هذا اليوم فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك اليوم هو الوقت المعلوم»(1).

ينقل العلامة الطباطبائي رواية أخرى بهذا المضمون عن تفسير القمي ويقول بعدها: الروايات الواردة عن أهل البيت(علیهم السلام) في تفسير أكثر آیات القيامة، التي تفسر الآيات أحياناً بظهور الإمام المهدي(علیه السلام) وأحياناً بالرجعة، وأحياناً بالقيامة، ولعل ذلك بلحاظ أن الأيام الثلاثة مشتركة في ظهور الحقائق وإن كانت مختلفة من حيث الشدّة والضعف (2). كما سمعتُ هذا المضمون من الشيخ الأستاذ أيضاً .

والحاصل إن قتال الإمام(علیه السلام) : مرکّز في محاور خاصة، الخوارج، النواصب ، بنو أمية ، بنو العباس، سرَّاق الكعبة، المرجئة ، الظالمين، السفياني، الدجال، اليهود، وباختصار : له مواجهة مع كل المعارضين له، والذين يُعتبرون موانع وصداً عن إقامة الحكومة الإلهية. وهم المناوؤن. وأما ما يتصور البعض من كثرة إراقة الدماء وما أشبه - من حركات عشوائية، نعوذ بالله - فلا دليل عليه، سيما وقد ورد عن النبي : أنَّه أشبه النَّاس بي خَلقاً و خُلقاً ...(3) .

وما ورد: من اقتدائه بسنة محمد (صلی الله علیه و اله): من القيام بسيرته وإنه يهتدى بهداه ويسير بسيرته(4).

ص: 181


1- العياشي، التفسير ، ج 2، ص 243. إثبات الهداة، ج3، ص551. تفسير الصافي، ج 1، ص 906. تفسير البرهان، ج2، ص343. بحار الأنوار، ج60، ص254
2- الميزان، ج 12، ص184، الرجعة في أحاديث الفريقين . . للطبسي نجم الدين
3- بحار الأنوار، ج 51، ص 72 و 161
4- انظر كمال الدين 311. ومقال للمؤلف في مجلة إنتظار (فارسي) العدد السادس، ص356. وكتاب الإمام المهدي للشيرازي، ص50

ص: 182

الفصل السابع : إحياء سنّة النبي محمد (صلی الله علیه و اله)

اشارة

هناك روايات كثيرة في الأحكام الجديدة وفي قضاء الإمام المهدي (علیه السلام)والاصلاحات التي يضعها؛ هذه الأحكام تخالف(1) للوهلة الأولى المتون الفقهية الموجودة، وظواهر الروايات والسنّة أحياناً . من جملة هذه الأحكام ارث الأخ في عالم الذر، قتل شارب الخمر، قتل تارك الصلاة، إعدام الكذَّاب، تحريم الربح على المؤمن في المعاملات، هدم المآذن، وإزالة أسقف المساجد. ومن هذا القبيل أيضاً الأساليب التي يستخدمها الإمام (علیه السلام)في ما يقوم به من أعمال وأمور ذكرت في ما مرَّ من البحث .

عبرت هذه الروايات عن هذه التغييرات بعبارات مثل قضاء جدید، سنَّة جديدة ، دعوة جديدة وكتاب جديد، ونحن لا نرى فيها إلا إحياءً للسنة المحمدية (صلی الله علیه و اله)، ولكن هذه التغييرات ملفتة للإنتباه

ص: 183


1- أو لم نر لها وجهاً فقهياً

إلى حد أن الناس عندما يرونها يعبرون عن ذلك بأن الإمام (علیه السلام)«قد جاء بدين جديد».

مع فرض صحة صدور هذه الروايات عن المعصومين (علیهم السلام)، فمن الضروري الإنتباه إلى عدّة أمور وهي:

1 - إن بعض الأحكام الإلهية وإن كانت قد وضعت من قبل الله تعالى، ولكن شرائط إعلانها وتنفيذها تتهيأ في زمان ظهور الإمام المهدي(علیه السلام) ، ويقوم هو بإعلان هذه الأحكام وتطبيقها(1).

2 - تظهر مع مضي الزمان تغییرات وتحريفات في الأحكام الإلهية بواسطة الحكَّام والوضّاعين، ويقوم الإمام القائم(علیه السلام) بعد الظهور بتصحيحها وتعديلها.

جاء في كتاب القول المختصر إنَّه (علیه السلام): «لا يترك بدعة إلا أزالها ولا سنة إلا أحياها»(2).

3 - يستفيد الفقهاء من عدد من القواعد والأصول في استنباط الحكم الشرعي، فالحكم الذي يستنبطونه قد لا يطابق الواقع أحياناً، وإن كانت نتيجة الإستنباط حجة شرعية على المجتهد ومقلديه ؛ ولكن في حكومة الإمام المهدي (ع) تتبيَّن(علیه السلام) الأحكام الواقعية .

4 - بعض الأحكام الشرعية بينت بصورة مغايرة للواقع الأولي في ظروف خاصة واضطرارية ولأجل التقية، وفي عصر الإمام(علیه السلام) تزول التقية ويبين الحكم والواقعي.

ص: 184


1- انظر كتاب الخُمس، ج 5، ص 200 من موسوعة الامام الخوئي
2- القول المختصر، ص20

عن أبي عبد الله (علیه السلام): «إذا قام قائمنا سقطت التقية وجُرّٙد السيف ولم يأخذ من الناس ولم يعطهم إلا السيف»(1).

وعن أبي عبد الله (علیه السلام)، في حديث طویل قال : «علیکم بالتسليم والرد إلينا، وانتظار أمرنا وأمركم، وفَرَجِنا وفَرَجكُم، فلو قد قام قائمنا وتكلَّم متكلمنا، ثم استأنف بكم تعلیم القرآن، وشرائع الدين والأحكام والفرائض، كما أنزله الله على محمد (صلی الله علیه و اله)؛ لأنكم (لأنكر) أهل البصاير فيكم ذلك اليوم، إنكاراً شديداً، ولم تستقيموا على دين الله وطريقته إلا من تحت حدّٙ السيف فوق رقابكم. إن الناس بعد نبي الله (صلی الله علیه و اله)ركَّب الله بهم سنَّة من كان قبلكم، فغيَّروا وبَّدلوا وحرَّفوا وزادوا في دين الله ونقَّصوا منه، فما من شيء عليه الناس اليوم إلا وهو منحرف عمّا نزل به الوحي من عند الله، فأجِب رحمك الله من حيث تدعى إلى حيث ترعى من يستأنف بكم دین الله استینافاً»(2).

وعنه (علیه السلام): «إذا قام القائم(علیه السلام) دعا الناس إلى الإسلام جديداً، وهداهم إلى أمر قد دُثِر وضلَّ عنه الجمهور»(3).

يفهم من هذه الرواية أن الإمام(علیه السلام) لا يأتي بدين جديد للعالم، بل بما أن الناس انحرفوا عن الإسلام الحقيقي. يدعوهم الإمام(علیه السلام) إليه مرة ثانية، كما دعاهم إليه النبي(صلی الله علیه و اله) .

ص: 185


1- تأويل الآيات الظاهرة، ج2، ص540. إثبات الهداة، ج3، ص564
2- الكشي، الرجال، ص138. إثبات الهداة، ج3، ص560. بحار الأنوار، ج2، ص246. العوالم، ج3، ص58
3- المفید، الارشاد، ص 364، روضة الواعظین، ج2، ص264. أعلام الوری، ص3431،. بحار الأنوار، ج51، ص30

عن برید بن معاوية، سمعت أبا عبد الله(علیه السلام) يقول: «يا برید! والله ! ما بقیت لله حرمة إلا انتهكت، ولا عمل بكتاب الله وسنة نبيه في هذا العالم، ولا أقيم في هذا الخلق حدٌّ منذ قبض الله أمير المؤمنين، ولا عُمِل بشيءٍ من الحق إلى يوم الناس هذا، ثم قال : أما والله ! لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيي الله الموتی، ويميت الأحياء ويرد الحق إلى أهله، ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيّه . فأبشروا ثم أبشروا، فوالله ما الحق إلا في أيديكم»(1).

أ - الأحكام الجديدة:

1 - إعدام الزاني ومانع الزكاة :

عن إبان بن تغلب ، قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السلام): «دمان في الإسلام حلال من الله لا يقضي فيها أحد بحكم الله عز وجل حتى يبعث الله قائمنا أهل البيت، فإذا بعث الله عز وجل قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله ، لا يريد عليهما بينة : الزاني المحصن یرجمه، ومانع الزكاة يضرب عنقه»(2).

وعن أبي عبد الله وأبي الحسن (علیه السلام): قالا: «لو قام القائم لحكم بثلاث لم يحكم بها أحدٌ قبله : يقتل الشيخ الزاني ويقتل مانع الزكاة، ويورث الأخ في الأظلَّة»(3) .

يقول العلامة الحلي في حكم إعدام مانع الزكاة : أجمع

ص: 186


1- التهذیب، ج4، ص96. ملاذ الأخیار، ج6، ص258
2- الكافي، ج3، ص503. الفقيه، ج2، ص11. كمال الدین، ج2، ص671. وسائل الشيعة، ج6، ص19، بحار الأنوار، ج52، ص325
3- الصدوق، الخصال، باب 3، ص133. إثبات الهداة، ج3، ص495

المسلمون كافة على وجوبها [الزكاة] في جميع الأعصار، وهي أحد أركان الإسلام الخمسة، إذا عرفت هذا، فمن أنكر وجوبها بين المسلمين فهو مرتد يقتل من غير أن يستتاب، وإن لم يكن عن فطرة، بل اسلم عقيب کفر استتيب - مع العلم بوجوبها - ثلاثاً، فإن تاب وإلّا فهو مرتد وجب قتله. وإن كان ممن يخفی وجوبها عليه لأنه نشأ بالبادية أو كان قريب العهد بالإسلام، عُرّٙف وجوبها ولم يحكم بكفره»(1).

وعن العلامة المجلسي (الأول): أو يكون المراد أنه (علیه السلام)يحكم بعلمه فيهما ولا يحتاج إلى الشهود كما في سائر قضاياه ، ويكون التخصيص للإهتمام»(2).

2 - قانون الإرث:

عن جرهم بن أبي جهنة ، قال : سمعت أبا الحسن موسی(علیه السلام) يقول: «إن الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، ثم خلق الأبدان بعد ذلك، فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض، وما تناكر منها في السماء تناكر في الأرض، فإذا قام القائم ورَّث الأخ في الدين ولم يورّٙث الأخ في الولادة، وذلك قول الله عز وجل - في كتابه «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ... فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ»(3)»(4) .

ص: 187


1- تذكرة الفقهاء، ج5، ص7، كتاب الزكاة . أنظر : مرآة العقول، ج16، ص14
2- روضة المتقین، ج3، ص18
3- القرآن الكريم، سورة المؤمنون، الآية 101
4- دلائل الإمامة، ص260. تفسير البرهان، ج3، ص120. الشيعة والرجعة، ج1، ص402

وعن أبي عبد الله (علیه السلام): «إن الله آخا بين الأرواح في الأظلَّة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورَّث الأخ الذي آخا بينهما في الأظلة، ولم يورث الأخ من الولادة»(1).

3 - قتل الكذابين:

عن أبي عبد الله (علیه السلام): «لو قد قام قائمنا لبدأ بكذَّابي الشيعة فقتلهم»(2).

يحتمل أن يكون المراد من هؤلاء الأشخاص المنافقين، أو مدّعي المهدوية والمبدعين في الدين الذين هم سبب انحراف الناس.

4 - انتهاء حكم الجزية :

قال أمير المؤمنین (علیه السلام): «... فإن الله لم يذهب بالدنيا حتى يقوم القائم منا، يقتل مبغضينا ولا يقبل الجزية، ويكسر الصليب والأصنام، وتضع الحرب أوزارها، ويدعو إلى أخذ المال ويقسمه بالسوية ويعدل في الرعية»(3).

قال رسول الله (صلی الله علیه و اله): «يخرج المهدي حَكَماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويطاف بالمال في أهل الحِواء فلا يوجد أحد يقبله»(4).

ص: 188


1- الفقيه، ج4، ص 254. الصدوق، العقائد، ص76. الحصيني، الهداية ، ص 64، 87. مختصر البصائر، ص159. روضة المتقین، ج11، ص415. بحار الأنوار، ج6، ص249. وج 101، ص367
2- الكشي، إختيار معرفة الرجال، ص299. إثبات الهداة، ج3، ص561
3- إثبات الهداة، ج3، ص496
4- عقد الدرر، ص166. القول المختصر، ص14

5 - الإنتقام من ذرية قتلة الحسين(علیه السلام):

عن الهروي، قال : قلت لأبي الحسن الرضا (علیه السلام): يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق(علیه السلام) أنه قال : «إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين(علیه السلام) بفعال آبائها؟ فقال(علیه السلام) : هو كذلك، فقلت : وقول الله - عز وجل - : «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» (1) ما معناه؟

قال: «صدق الله في جميع أقواله؛ ولكن ذراري قتلة الحسين (علیه السلام)یرضون بفعال آبائهم ويفخرون بها، ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه. ولو أن رجلاً قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند الله - عز وجل - شريك القاتل. وإنما يقتلهم القائم إذا خرج لرضاهم بفعل آباءهم. قال: قلت: بأي شيء يبدأ القائم منكم إذا قام؟ قال: يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم لأنهم سُراق بيت الله - عز وجل -»(2).

6 - حكم الرهن والربح على المؤمن .

عن علي بن سالم، عن أبيه، قال : سألت أبا عبد الله(علیه السلام) عن الخبر الذي روي أن من كان بالرهن أوثق منه بأخيه المؤمن فأنا منه بريء . قال : «ذلك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت. قلت : فالخبر الذي روي أن ربح المؤمن على المؤمن ربا ماهو؟ فقال :

ص: 189


1- القرآن الكريم، سورة الكهف، الآية 18
2- علل الشرائع، ج1، ص219، عیون أخبار الرضا، ج1، ص273. بحار الأنوار، ج52، ص313. إثبات الهداة ، ج3، ص455

ذلك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت، فأما اليوم فلا بأس أن يبيع من المؤمن ويربح عليه»(1) .

قال المجلسي الأول : ... ويدل على أن الأخبار المتقدمة في كراهة الربح على المؤمن وأنه رباً لا مبالغة فيها. ويمكن أن يكون في زمان القائم حراماً، والآن مكروهاً (2).

قال المجلسي الثاني : مجهول [أي الحديث] قوله ذاك إذا ظهر الحق، لعل الحرمة في الموضعين مقيدة بذلك(3) .

7 - مساعدة الإخوان :

عن إسحاق بن عمار، قال : كنت عند أبي عبد الله(علیه السلام) فذكر مواساة الرجل لإخوانه إلى أن قال : فقال أبو عبد الله(علیه السلام) : «إنما ذلك إذا قام القائم وجب عليهم أن يجهّٙزوا أخوانهم وأن يقوّوهم»(4).

8 - القطائع :

عن جعفر(علیه السلام) : «إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع [ملك الأموال غير المنقولة]، فلا قطائع»(5).

ص: 190


1- من لا يحضره الفقیه، ج3، ص200، التهذیب، ج7، ص179، وسائل الشيعة، ج13، ص123. إثبات الهداة، ج3، ص455. ملاذ الأخيار، ج 11، ص315
2- روضة المتقین، ج7، ص375
3- ملاذ الأخيار، ج 3،11 ص315
4- الصدوق، مصادقة الأخوان، ص20، إثبات الهداة، ج3، ص495
5- قرب الإسناد، ص 54. بحار الأنوار، ج52، ص309 وج 97، ص57. إثبات الهداة ، ج3، ص523، 584. بشارة الإسلام، ص234

القطائع التي هي الأملاك الكبيرة مثل القرى والأراضي الكثيرة والقلاع التي يسجلها الملوك والأقوياء بأسمائهم، جميعها تعود لإمام الزمان في ذلك العصر.

9 - الثروات :

عن معاذ بن کثیر، قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام)يقول : «موسَّع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرّٙم على كل ذي كنزٍ کنزَه، حتى يأتيه به فيستعين به على عدوه، وهو قول الله - عز وجل - «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»(1)»(2).

ب - الإصلاحات الإجتماعية وتجديد بناء المساجد:

1 - مسجد الكوفة وتعديل قبلته :

عن الأصبغ بن نباته، قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام)في حدیث له حتى انتهى إلى مسجد الكوفة. وكان مبنياً بخزف ودنان وطين، فقال: «ويلٌ لمن هدمك، وويلٌ لمن سهّل هدمك، وويلٌ لبانيك بالمطبوخ، المغيّٙر قبلة نوح. طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي، أولئك خيار الأمة مع أبرار العترة»(3).

ص: 191


1- القرآن الكريم، سورة التوبة، الآية 34
2- الكافي، ج4، ص61. التهذیب، ج4، ص143. العياشي، التفسير، ج2، ص87. المحجة، ص89. تفسير الصافي، ج2، ص341. تفسير البرهان، ج2، ص121. نور الثقلین، ج 2، ص213. بحار الأنوار، ج72، ص143. مرآة العقول، ج16، ص193
3- الطوسي، الغيبة، ص283. إثبات الهداة، ج3، ص516. بحار الأنوار، ج52، ص332

وعنه (علیه السلام): أما إن قائمنا إذا قام کسره - مسجد الكوفة - وسوی قبلته»(1).

2 - هدم المساجد المشرفة :

عن أبي بصير عن أبي جعفر (علیه السلام): «إذا قام القائم دخل الكوفة وأمر بهدم المساجد الأربعة حتى يبلغ اساسها ويصبرها عريشاً کعريش موسى، ويكون المساجد كلّها جمّاء لا شرف لها كما كان على عهد رسول الله(صلی الله علیه و اله)»(2).

قد يكون المراد المساجد الأربعة التي بناها قادة جيش يزيد في الكوفة بعد شهادة الإمام الحسين(علیه السلام) شكراً لقتل الإمام (علیه السلام)، وعرفت فيما بعد بإسم «المساجد الملعونة». هذه المساجد وإن لم تكن موجودة الآن، ولكن من الممكن أن تبني مرة أخرى في أزمان متأخرة(3).

عن الباقر (علیه السلام): «جدَّدت أربعة مساجد بالكوفة فرحاً بقتل الحسین (علیه السلام)، مسجد الأشعث ومسجد جریر، ومسجد سماك، ومسجد بن ربعي - لعنهم الله»(4).

3 - هدم المنارات :

عن أبي هاشم الجعفري، قال : كنت عند أبي محمد

ص: 192


1- النعماني، الغيبة ، ص317. بحار الأنوار، ج52، ص 364. مستدرك الوسائل ج3، ص369 وج 12، ص294
2- من لا يحضره الفقیه، ج 1، ص 53 وص 234. بحار الأنوار، ج 52، ص333، إثبات الهداة ، ج3، ص517. 556. الشيعة والرجعة، ج2، ص400. أنظر الإرشاد،ص365. روضة الواعظین، ج 2، ص 264
3- الغارات ، ج 2، ص 325 (الهامش)
4- بحار الأنوار، ج 45. ص189

العسكري(علیه السلام)، فقال : «إذا قام القائم أمر بهدم المنارة والمقاصير(1) التي في المساجد، فقلت في نفسي: لأي معنى هذا؟ فأقبل علي، فقال : معنى هذا أنها محدثة مبتدعة لم يبنها نبيّ ولا حجة»(2).

وروى الصدوق رحمة الله: «أن علياً (علیه السلام)مرَّ على منارة - طويلة - فأمر بهدمهما ثم قال: «لاترفع المنارة إلا مع سطح المسجد»(3).

قال المجلسي الأول : يفهم منه حرمة بناء المنارات العالية ، لحرمة الإشراف على بيوت المسلمين، وحمله الأكثر على الكراهة وإن حكموا بحرمة الإشراف(4). وقال المجلسي الثاني: المشهور بین الأصحاب کراهة تطويل المنارة أزيد من سطح المسجد لئلا يشرف المؤذنون

على الجيران والمقاصير المحاريب الداخلة(5) أقول : وفي التعليل تأمل .

4 - هدم أسقف المساجد والمنابر :

قال أبو جعفر (علیه السلام): «أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فیکسرها ويأمر بها فتجعل عریشاً(6) كعريش موسى»(7).

هدم أسقف المساجد قد يكون بسبب خروج المساجد قبل ظهور الإمام(علیه السلام) عن بساطتها. حيث تحولت إلى مظهر للأبهة

ص: 193


1- المقصورة مكان كانوا يبنونه للخليفة أو لإمام الجماعة ليقف فيه عند الصلاة ويكون بعيداً عن متناول العدو. وفي الحديث : هذه المقاصير إنما أحدثها الجبارون . مجمع البحرین 3: 459
2- الطوسي، الغيبة، ص123. ابن شهر آشوب، المناقب، ج4، ص437. أعلام الوری، ص355. کشف الغمة، ج3، ص208. إثبات الهداة ، ج3، ص412 بحار الأنوار، ج50، ص215 و ج52، ص323. مستدرك الوسائل، ج3، ص379، 384
3- من لا يحضره الفقیه، ج1، ص155
4- روضة المتقین، ج2، ص109
5- بحار الأنوار، ج 80، ص376
6- عن الطريحي أن العريش يبنى من سعف النخل للإستظلال من حر الشمس في فصل الصيف
7- إثبات الهداة ، ج3، ص425. من لا يحضره الفقیه، ج1، ص153. وسائل الشيعة، ج3، ص488. روضة المتقین، ج2، ص101

والفخامة. حملت هذه الرواية على الإستحباب، لإستحباب عدم وجود مانع بين المصلي والسماء الذي هو أحد أسباب قبول الصلاة واستجابة الدعاء.

وينقل المسعودي والطبرسي أن الإمام (علیه السلام)يأمر بالمنابر فتهدم(1).

ربما كان هدم المنابر لكونها لم تعد أماكن الإرشاد الناس، بل صارت وسيلة لتقوية الحكام الظلمة والخونة، وتبريراً لنفوذ الأعداء في البلدان الإسلامية . او لأنَّها تحوَّلت إلى مظهرٍ للتَّعالي والأبُّهة والزخرفة .

5 - إعادة المسجد الحرام ومسجد النبي(صلی الله علیه و اله) إلى حالتهما السابقة :

عن أبي عبد الله (علیه السلام): «القائم یهدم المسجد الحرام حتى یرده إلى أساسه ومسجد الرسول(صلی الله علیه و اله) إلى أساسه»(2).

وعنه(علیه السلام) أيضاً: «إن القائم (علیه السلام)إذا قام يرد بيت الله إلى حجمه السابق وكذلك مسجد النبي (صلی الله علیه و اله)ومسجد الكوفة» .

وقد بين الصدوق والمجلسي رحمة الله حدوده(3).

ص: 194


1- إثبات الوصية، ص215. أعلام الوری، ص355
2- الإرشاد، ص364. الطوسی، الغيبة، ص293. النعمانی. الغيبة، ص171. أعلام الوری . ص431. کشف الفمة، ج3، ص255. إثبات الهداة ، ج3، ص516. بحار الأنوار، ج52، ص 332
3- انظر روضة المتقین، ج2، ص94. من لا يحضره الفقیه، ج1 ص149

ج - القضاء:

قال أبو عبد الله (علیه السلام): «فيبعث الله تبارك وتعالى ریحاً فتنادي بكل وادٍ: هذا المهدي یقضي بقضاء داود وسليمان ولا يريد بيّٙنة»(1).

يرى المجلسي أن هذا الحديث موثق(2).

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «يقضي القائم بقضايا ينكرها بعض أصحابه ممن قد ضرب قدامه بالسيف؛ وهو قضاء آدم(علیه السلام) فيقدمهم فيضرب أعناقهم، ثم يقضي الثانية، فينكرها قوم آخرون ممن قد ضرب قدَّامه بالسيف،وهو قضاء داود(علیه السلام) فيقدمهم فيضرب أعناقهم، ثم يقضي الثالثة فينكرها قوم آخرون ممن قد ضرب قدامه بالسيف، وهو قضاء إبراهيم (علیه السلام)فيقدمهم فيضرب أعناقهم ثم يقضي الرابعة وهو قضاء محمد(صلی الله علیه و اله) فلا ينكرها عليه أحد»(3).

وعن أبي جعفر(علیه السلام) : «دولتنا آخر الدول، ولن يبقى أهل بیت لهم دولة إلا مُلّٙكوا قبلنا لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سِرنا مثل سيرة هؤلاء. وهو قول الله - عز وجل - :

«وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»(4)»(5).

ص: 195


1- الكافي، ج1، ص397. كمال الدین، ج2، ص671،. مرآة العقول، ج4، ص300. بحار الأنوار، ج52، ص320. 336.330 339
2- مرآة العقول، 4: 300
3- إثبات الهداة، ج3، ص585. بحار الأنوار، ج52، ص389
4- القرآن الكريم، سورة الأعراف، الآية 128
5- الإرشاد، ص 344. روضة الواعظین، ص265. بحار الأنوار، ج52، ص332

د - حكومة العدل:

العدالة كلمة معروفة يحبها الجميع ويسعون وراءها. العدالة هي شيء جميل وحسن إذا صدر من أي شخص، ومن المسؤولين والقادة أجمل. ولكن للأسف! مرَّت عصور لا نجد فيها من العدالة إلا الإسم. إلا في أوقات قليلة، وفي زمن حكومة الحكام الإلهيین .

المستعمرون استغلوا بشكل سيء هذه الكلمة المقدسة وبأشكال مختلفة، لكي يزيدوا من استثماراتهم ونفوذهم وسيطرتهم، وجمعوا حولهم بهذا الشعار الجذاب جماعة من الناس. ولكن لن يطول الأمر حتى يفتضحوا، ولا يجدون سبيلًا لاستمرار حكمهم إلا الجور والظلم.

للمرحوم الطبرسي کلام حول إحياء الإمام المهدي (علیه السلام)للسنة يقول فيه: «قالوا إذا حصل الإجماع على أن لا نبي بعد رسول الله(صلی الله علیه و اله) وأنتم قد زعمتم أن القائم إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب، وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين، ويأمر بهدم المساجد والمشاهد، وأنه يحكم بحكم داود (علیه السلام)، لا يسأل عن بينة واشباه ذلك مما ورد في آثاركم، وهذا يكون نسخاً للشريعة وإبطالً لأحكامها، فقد أثبتم معنى النبوة وإن لم تتلفظوا بأسمها، فما جوابكم عنها؟

الجواب : أنا لا نعرف ما تضمنه السؤال من أنه لا يقبل الجزية من أهل الكتاب وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين، فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به .

وأما هدم المساجد والمشاهد، فقد يجوز أن يختص بهدم ما

ص: 196

بني من ذلك على غير تقوى الله، وعلى خلاف ما أمر الله سبحانه به، وهذا مشروع قد فعله النبي (علیه السلام).

وأما ما روي من أنه(علیه السلام) يحكم بحكم داود لا يسأل عن بينة فهذا أيضاً غير مقطوع به، وإن صح فتأويله أنه يحكم بعلمه فيما يعلمه، وإذا علم الإمام أو الحاكم أمراً من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه ولا يسأل البنية، وليس في هذا نسخ للشريعة.

على أن هذا الذي ذكروه من ترك قبول الجزية واستماع البينة لو صح لم يكن ذلك نسخاً للشريعة ؛ لأن النسخ هو ما تأخر دليله عن الحكم المنسوخ ولم يكن مصاحباً له. فأما إذا اصطحب الدليلان فلا يكون أحدهما ناسخاً لصاحبه، وإن كان يخالفه في الحكم، ولهذا اتفقنا على أن الله سبحانه لو قال : الزموا السبت إلى وقت كذا ثم لا تلزموه، أن ذلك لا يكون نسخاً لأن الدليل الرافع مصاحب للدليل الموجب.

وإذا صحت هذه الجملة، وكان النبي(صلی الله علیه و اله) قد أعلمنا بأن القائم من ولده يجب إتباعه وقبول أحكامه، فنحن إذاً صرنا إلى ما يحكم به فينا - وإن خالف بعض الأحكام المتقدمة - غیر عاملين بالنسخ لأن النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل(1).

ووردت عدة روايات من طرق أهل السنة بهذه المضامين .

ص: 197


1- أعلام الوری، ج2، ص311. بحار الأنوار، ج52, ص383

ص: 198

الباب الثالث الدولة

اشارة

ص: 199

ص: 200

الفصل الأول : دولة الحق

اشارة

إن إدارة بلدٍ بمساحة عالم الدنيا أمر صعب جداً وغير مستطاع إلا من قبل قادةٍ إلهيين و عاملین شغوفين ومعتقدين بالنظام الإلهي وبحكم الإسلام. لذلك يعين الإمام (علیه السلام)من أجل إدارة البلدان وزراء ذوي تاریخ جهادي وقد أظهروا الصبر والحزم في التجربة والعمل.

يتولى البلاد ولاة أقوياء لا يبتغون شيئاً إلا مصالح البلاد الإسلامية ورضا الله - عز وجل - . ومن الواضح أن البلد الذي يتمتع مسؤولوه بهذه الخصوصيات سينتصر على المشاكل ويبدل بنجاح ما هدمته الحكومات السابقة إلى عمران، ويتحول الوضع إلى حالةٍ يتمنى الأحياء معها الحياة للأموات.

يجب الإلتفات إلى أن الإمام (علیه السلام)عندما يمسك زمام الأمور بيده يكون هناك مقدار عظيم من المشاكل، وملايين الجرحى والمرضی الجسديين والنفسيين . ويرمي مشهد من الدمار ظله على العالم، ويسيطر الخوف على الأنحاء. المدن قد تبدلت إلى خراب على أثر الحرب، وفنيت المزروعات وقلّت الأرزاق على أثر التلوث.

ص: 201

شهدت شعوب العالم دولًا وأحزاباً ومنظمات كثيرة إدَّعت أنها إذا حكمت العالم وشعوبه، ستقدم لهم الراحة والأمان والاستقرار الإقتصادي؛ ولكنها عملياً لم تكن الَّا أسوأ من سابقاتها ولم تقدّٙم لهم إلا الفساد والقتل والدمار .

الماركسية تلاشت، والرأسمالية تخلى عنها قادتها، والديمقراطية الغربية لم تكن إلا شعاراً لخداع الناس. في النهاية سيحل يوم يقام فيه العدل والعدالة على وجه الأرض على يد رجل إلهي قدير. ولديه العزم القوي في تطبيق شعار «يملأ الأرض قسطاً وعدلًا» بحيث تظهر آثاره في كل مكان.

يشكل الإمام(علیه السلام) الحكومة ويعلّٙم الناس ويُربّٙيهم بنحو تختفي فيه كلمة الظلم من الأذهان، وبحسب تعبير الروايات بنحو لا يظلم أحد أحداً، حتى الحيوانات تتخلى عن الإعتداء والظلم وتجلس الشاة إلى جانب الذئب .

تروي أم سلمة عن رسول الله (صلی الله علیه و اله): «ويظهر من العدل ما يتمنّى له الأحياء أمواتهم»(1).

وعن الباقر (علیه السلام): في قوله تعالى : «اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا»(2)، قال : يحييها الله بالقائم فيعدل فيها، فیحيي الأرض بالعدل بعد موتها بالظلم،(3) .

ص: 202


1- مجمع الزوائد، ج7، ص315. الإذاعة، للقنوجي ص119. إحقاق الحق،ج13، ص294
2- القرآن الكريم، سورة الحديد، الآية 17
3- كمال الدین، ص668. المحجة، ص429. نور الثقلین، ج5، ص242. ينابيع المودة ، ص429. بحار الأنوار، ج51، ص54

وعن الإمام الصادق (علیه السلام): «أما والله ليدخلنَّ عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقرّ»(1).

وعن الإمام الباقر(علیه السلام) : في قوله تعالى : «الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ...»(2)، قال: «نزلت في المهدي وأصحابه ... ويظهر الله بهم الدين حتى لا يرى أثر من الظلم والبدع ...»(3).

وعن الإمام الرضا (علیه السلام): «فإذا خرج(علیه السلام) ... ووضع میزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحداً»(4).

وعن الإمام علي(علیه السلام) : «... ويعدل في الرعية ..»(5).

وعن جابر بن عبد الله الجعفي، قال: «دخل رجل على أبي جعفر محمد بن علي(علیهم السلام) فقال : أقبض مني هذه الخمسمائة درهم، فإنها زكاة مالي، فقال له أبو جعفر (علیه السلام)خذها أنت فضعها في جيرانك من أهل الإسلام، والمساكين من إخوانك المسلمين، ثم قال : إذا قام مهدّينا أهل البيت، قسَّم بالسوّية وعدل في الرعية، فمن اطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله . وإنما سمي المهدي لأنه يهدي إلى أمرٍ خفي»(6).

ص: 203


1- النعماني، الغيبة، ص159. إثبات الهداة ، ج3، ص544. بحار الأنوار، ج 52، ص362
2- القرآن الكريم، سورة الحج، الآية 41
3- تفسير القمي، ج2، ص87. المحجة، ص143. إحقاق الحق، ج13، ص341
4- کمال الدین، ص 372، كفاية الأثر ، ص270. اعلام الوری، ص408. کشف الغمة، ج314. بحار الأنوار، ج52، ص321. غاية المرام، ص696
5- إثبات الهداة ، ج3، ص496
6- عقد الدرر، ص39. إحقاق الحق، ج13، ص186

تعم العدالة في عصر الإمام المهدي (علیه السلام)فتراعي الأولويات الشرعية.ويقدم في الإستفادة من الإمكانات الذين يريدون القيام بواجباتهم على الذين يريدون القيام بالمستحبات. ففي عصر الإمام القائم(علیه السلام) الذي يقام فيه الإسلام والحكومة الإلهية في أنحاء العالم، من الطبيعي أن تقام الشعائر الإلهية بعظمة لا توصف.

الحج الإبراهيمي أحد الشعائر الإلهية التي لا يعود يسد طريقها أي شيء على أثر اتساع الحكومة الإسلامية. وينطلق الناس كالسيل الهادر نحو الكعبة لأداء الحج، فيكثر الإزدحام حول الكعبة ولا تكفي لجميع الحجاج. فيعطي الإمام أوامره بأن تعطى الأونوية ، للذين يجب عليه الحج. وبحسب قول الإمام الصادق(علیه السلام) يكون هذا أول مظاهر عدل الإمام المهدي (علیه السلام).

عن أبي عبد الله (علیه السلام): «أول ما يُظهر القائم من العدل، أن ينادي مناديه أن يسلّٙم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحجر الأسود والطواف»(1).

أ - الحكم على القلوب:

اشارة

بديهي أن الحكومة التي أزالت كل المشاقّ ورفعت كل المشاكل وزرعت بذور الأمل في القلوب في مدة قليلة ستتمتع بتأیید الناس. وأن النظام الذي أطفأ نار الحروب وأعاد الأمان والراحة إلى المجتمع حتى تستفيد منه الحيوانات أيضاً، هذه الحكومة ستحکم القلوب، لأن أمنية البشر أن يحييوا في ظل حكومة كهذه؛ لذا

ص: 204


1- الكافي، ج4، ص427. من لا يحضره الفقیه، ج 2، ص525. بحار الأنوار، ج 52، ص374

فقد عبرت الروايات عنها بتعابير رائعة عن ارتباط الناس بالإمام وتعلقهم بحكومته.

عن رسول الله (صلی الله علیه و اله): «أبشروا بالمهدي رجل من قريش يرضى لخلافته، ساكن السماء وساكن الأرض»(1).

وعنه(صلی الله علیه و اله) : «... فيبعث رجلاً من أمتي یحبه ساكن الأرض وساكن السماء»(2).

وعن صباح: «يتمنى في زمن المهدي الصغير أن يكون كبيراً والكبير أن يكون صغيراً»(3) .

لعل تمني الكبير أن يكون صغيراً لأنه يحب أن يقضي وقتاً أطول في ظل حكومة الإمام (علیه السلام)، وتمني الصغير أن يكون كبيراً لأنه يريد أن يكون مكلفاً وأن يكون له دور في تنفيذ برامج حكومة ولي العصر(علیه السلام) الإلهية ليحصّٙل الثواب الأخروي.

تأثير دولة الإمام على الأموات:

عن أبي جعفر (علیه السلام)، قال أمير المؤمنين(علیه السلام) : «يخرج رجل من ولدي ... ولا يبقى میت إلا دخلت عليه الفرحة في قبره، وهم يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم»(4).

ص: 205


1- ينابيع المودة ، ص431. إثبات الهداة ، ج3، ص 524
2- فردوس الأخبار، ج4، ص496، إسعاف الراغبين، ص124.أحقاق الحق، ج19، ص663. الشيعة والرجعة، ج1، ص216
3- إبن حماد، الفتن، ص99. الحاوی للفتاوی، ج2، ص78. القول المختص، ص 21. المتقی الهندي، البرهان، ص89. ابن طاووس، الملاحم، ص70. یحتمل أن يكون المراد صباح بن عبد الرحمن المرسي أو ابن محارب التميمي أو غيرهما انظر تهذيب الكمال ، 63:9 و سير أعلام النبلاء، 14: 12
4- كمال الدین، ج2، ص653. بحار الأنوار، ج52، ص328. الوافي ج2، ص112

في كامل الزيارات إن الفرجة بمعنى السعادة، وأن ذكر كلمة الميت في الرواية تستوجب الدقة لأنه يمكن استنتاج أن هذا الفرج والراحة عام ولا يختص بأرواح خاصة . إذا وضعنا هذه الرواية على جانب الروايات التي تقول بأن أرواح الكافرين في أشد العذاب في السلاسل يتضح معنی هذه الرواية ؛ لأنه مع ظهور الإمام يتحررون من العذاب أو يحدث تحول في عمل ملائكة العذاب الذي ليس فيه فرج ورحمة، إلى مدة ما وإن كانت قلیلة احتراماً لتشكيل الحكومة الإلهية على الأرض فيتوقفون عن تعذيب أرواح الكافرين والمنافقين(1). هذا ولكن من المحتمل أنَّ المراد بالمیت خصوص المؤمن.

ب - عاصمة الدولة:

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(علیه السلام) أنه قال: «يا أبا محمد! كأني أرى نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله. قلت: يكون منزله؟ قال: نعم، هو منزل إدريس (علیه السلام)، وما بعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله(صلی الله علیه و اله) . وما من مؤمن إلا وقلبه يحنُّ إليه، وما من يومٍ ولا ليلةٍ إلا والملائكة يأوون إلى هذا المسجد، يعبدون الله فيه يا أبا محمد! أما إني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلا فيه، ثم إذا قام قائمنا انتقم الله لرسوله ولنا أجمعين»(2).

وفي رواية أخرى عنه، قلت جعلت فداك : لا يزال القائم فيه أبداً؟ قال : نعم»(3) .

ص: 206


1- کامل الزیارات، ص30
2- الكافي، ج3، ص495. کامل الزیارات ص 30. الراوندي، قصص الأنبياء، ص80. التهذيب، ج3، ص583. بحار الأنوار، ج3، ص524 وسائل الشيعة، ج3، ص524
3- ن.م

وقال أبو عبد الله(علیه السلام) : «وقد ذكر مسجد السهلة: «أما إنه منزل صاحبنا إذا قام بأهله»(1).

وعن الإمام الباقر(علیه السلام) : «ويخرج المهدي ... ثم يقبل إلى الكوفة فيكون منزله بها»(2).

وعنه (علیه السلام): «إذا قام القائم ودخل الكوفة لم يبق مؤمن إلاّ وهو بها»(3).

وعن الإمام (علیه السلام): «يا أهل الكوفة ... وليأتينَّ عليه - أي مسجد الكوفة - زمان يكون مصلّى المهدي»(4) .

وعن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله(علیه السلام) أو عن أبي جعفر(علیه السلام) ، قال : «قلت له : أي بقاع الله أفضل بعد حرم الله - عز وجل - وحرم رسله؟ فقال : الكوفة يا أبا بكر! هي الزكية الطاهرة فيها قبور النبيين المرسلين وغير المرسلين والأوصياء الصادقين . وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلاّ وقد صلي فيه. ومنها يظهر عدل الله ، وفيها يكون قائمه، والقوام من بعده. وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين(5).

ص: 207


1- ن.م. الإرشاد، ص362. التهذیب، ج3، ص252. الطوسي، الغيبة، ص282. وسائل الشيعة، ج3، ص 532. بحار الأنوار، ج52، ص331. ملاذ الأخيار، ج 5، ص 475
2- الراوندي، قصص الأنبياء، ص80. بحار الأنوار، ج52، ص225
3- بحار الأنوار، ج 52، ص385. الطوسی، الغيبة، ص275، مع اختلاف يسير
4- روضة الواعظین، ج2، ص337. إثبات الهداة ، ج3، ص452
5- کامل الزیارات، ص30، مستدرك الوسائل، ج3، ص416

وعن محمد بن فضيل: «لا تقوم الساعة حتى يجتمع كل مؤمن بالكوفة»(1).

وعن النبي (صلی الله علیه و اله): «يملك المهدي تسعاً أو عشراً. أسعد الناس به أهل الكوفة»(2).

يفهم من مجموع الروايات أن مدينة الكوفة هي المركز الأساسي لقيادة إمام الزمان (علیه السلام). ولذا نرى في الروايات تشجيع المؤمنين لشراء وامتلاك الدار وعدم بيعها(3).

ج - العاملون في دولة المهدي (علیه السلام):

من الطبيعي أن العاملين المسؤولين في الدولة التي سيقودها الإمام المهدي(علیه السلام) يجب أن يكونوا من كبار وصلحاء الأمة. لذا نرى الروايات تحكي أن تركيبة دولة الإمام المهدي(علیه السلام) يتكون من الأنبياء وخلفائهم والأتقياء وصالحي العصر والأمم السابقة، ومن رؤوس وكبار أصحاب النبي (صلی الله علیه و اله)وتذكر أسماء بعضهم.

ذكرت للنبي عيسی(علیه السلام) مهام عديدة في الروايات مثل: وزیر ، نائب وعامل على الأموال في دولة الإمام(علیه السلام) .

عن كعب أن النبي عيسی(علیه السلام) يقول للقائم: «فإنما بعثت وزيراً ولم ابعث أميراً»(4).

ص: 208


1- الطوسي، الغيبة، ص273. بحار الأنوار، ج52، ص330
2- فضل الكوفة، ص25. إثبات الهداة ج3، ص309. حلية الأبرار، ج 5، ص 478. أعيان الشيعة، ج2، ص51
3- بحار الأنوار، ج52، ص386. سفينة البحار ، ج7، ص547
4- الملاحم، ص83. ابن حماد، الفتن، 16

وعن النبي (صلی الله علیه و اله): «وهو - أي عيسى - الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه»(1).

وعنه (صلی الله علیه و اله): ينزل عيسی ... ويقبض أموال القائم ويمشي خلفه أهل الكهف»(2).

وعن الصادق (علیه السلام): «إذا قام قائم آل محمد (صلی الله علیه و اله)، استخرج من ظهر الكعبة سبعة عشر رجلاً، خمسة من قوم موسى الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع وصي موسى، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسي، وأبا دجانة الأنصاري ومالك الأشتر»(3).

ذكر عددهم في رواية أخرى سبعة وعشرون شخصاً، وقوم موسى أربعة عشر شخصاً(4)، وفي رواية ذكر أخرى المقداد(5).

ص: 209


1- حلية الأبرار، ج 5، ص 307. غاية المرام، ص697
2- حلية الأبرار، ج 5، ص 307. غاية المرام، ص697
3- العياشي، التفسير، ج2، ص32. دلائل الإمامة، ص274. مجمع البیان، ج2، ص489. الإرشاد ص365. کشف الغمة، ج3، ص256. بحار الأنوار، ج52، ص346
4- إثبات الهداة ، ج3، ص573
5- المقداد من أصحاب النبي(صلی الله علیه و اله) وعلى(علیه السلام) . روي في منزلته كما في بعض الروايات أن الله تعالى يرزق الناس ويساعدهم وينزل عليهم المطر بفضل سبعة أشخاص. منهم المقداد، بحار الأنوار 34: 273. وروي عن رسول الله(صلی الله علیه و اله) أن الله أمره بحب أربعة : على(علیه السلام) ، المقداد، أبي ذر وسلمان. وفي رواية الجنة مشتاقة للمقداد. وقد هاجر هجرتین وشارك في حروب عديدة مع رسول الله(صلی الله علیه و اله) وقد قال للرسول(صلی الله علیه و اله) لن نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى إذهب أنت وربك فقاتلا بل نقول إنا معك مقاتلون، وكان من شرطة الخميس الذين شرطهم أمير المؤمنين على الجنة ، جلالة قدره وعلو شأنه وقوة إيمانه ووثاقته بين الخاصة والعامة أشهر من أن يحتاج الى البيان . تنقیح المقال، ج3، ص 245. أسد الغابة ، ج4، ص410

وعن الإمام علي(علیه السلام) : «وتقبل الجيوش أمامه، ويكون همدان وزراؤه»(1).

وعن ابن العربي: وله رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يجمعون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلَّده الله تعالی (2).

وعن ابن عباس، قال رسول الله(صلی الله علیه و اله) : «أصحاب الكهف أعوان المهدي»(3).

ويقول الحلبي، إن أهل الكهف كلهم أعجام ولا يتكلمون إلا بالعربية ، وإنهم يكونون وزراء المهدي»(4).

نستنتج من الروايات السابقة أن ثقل الحكومة الكبير وإدارة البلاد الإسلامية لا يمكن جعله على عهدة أي شخص، بل يجب أن تلقى المسؤولية على عاتق أفراد جربوا من قبل. وثبتت أهليتهم في

ص: 210


1- عقد الدرر، ص97. همدان قبيلة في اليمن. أرسلوا رسولاً لهم إلى النبي(صلی الله علیه و اله) بعد معركة تبوك وأرسل لهم النبي(صلی الله علیه و اله) أمير المؤمنين(علیه السلام) لدعوتهم إلى الإسلام. بعد قراءة رسالة النبي(صلی الله علیه و اله) أسلموا جميعاً. فأرسل إلى النبي(صلی الله علیه و اله) خبرهم وسلم على همدان ثلاث مرات . فلما وصل الخبر سجد النبي (صلی الله علیه و اله)شكراً لله. مدحهم الإمام علي (علیه السلام) . عندما دعى أمير المؤمنين(علیه السلام) الناس لحرب معاوية اعترض رجل فهجموا عليه وقضوا عليه لكماً وركلاً فدفع(علیه السلام) ديته . كانوا في الجناح الأيمن في حرب صفين وأظهروا شجاعة ومقاومة يضرب بهما المثل . وقتل منهم وجرح مائة وسبعون شخصاً. وكانوا مطيعين دائماً للإمام (علیه السلام)ورهن إشارته. أنظر تنقیح المقال، ج2، ص245. اسد الغابة، ج4، ص409. إبن الأثير، الکامل، ج1، ص26، 29، 30. العقد الفرید، ج4، ص 339. وقعة صفین، ص274. 43. 290، 252. 329
2- نور الأبصار، ص187. الوافی، ج2، ص471. نقلاً عن الفتوحات المكية
3- الدر المنثور، ج4، ص215. المتقي الهندي، البرهان، ص 150. العطر الوردي، ص70
4- السيرة الحلبية، ج1، ص22. منتخب الأثر، ص485

تجارب مختلفة، ولعله لهذا السبب نرى أن النبي عيسی(علیه السلام) الذي هو أحد الأنبياء من أولي العزم على رأس وزراء دولة الإمام المهدي(علیه السلام) . ومن جملة المسؤولين البارزين في دولته سلمان الفارسي، المقداد ، أبو دجانة ، ومالك الأشتر الذين تولّوا مسؤوليات بجدارة في عهد النبي (صلی الله علیه و اله)وأمير المؤمنين، وأهل قبيلة همدان التي هي نقطة مضيئة في التاريخ الإسلامي وفي حكومة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام)هم أيضاً من مسؤولي هذه الحكومة.

د - عمر الدولة:

هناك روايات مختلفة عن طريق السنة والشيعة في مجال عمر دولة المهدي(علیه السلام)، تحدد مدتها بسبع سنوات . بعض الأحاديث الأخرى تحددها بثمان، تسع، عشر، وعشرين سنة. وبعض الأخبار حدَّدته بألف سنة. المسلَّم أن مدة دولة المهدي(علیه السلام) لن تكون أقل من سبع سنوات، وقد أكَّدت بعض الأحاديث الواردة عن الأئمة (علیهم السلام)ذلك.

يمكن أن يقال أن المدة هي سبع سنوات، ولكن سنواتها تختلف عن سني عصرنا كما جاء في بعض الروايات : عن عبد الكريم الخثعمي قال : قلت لأبي عبد الله(علیه السلام) : كم يملك القائم؟ قال : «سبع سنين تطول له الأيام والليالي حتى تكون السنة من سنيه بمقدار عشر سنين من سنيكم، فتكون سنيه بمقدار سبعين سنة من سنيكم هذه»(1).

ص: 211


1- المفيد، الارشاد، ص363، الطوسی، الغيبة، ص283. روضة الواعظین، ج2، ص264. الصراط المستقيم، ج 2، ص 251. الفصول المهمة، ص 302. بحارالأنوار، ج 52، ص291

وعن الإمام (علیه السلام): «فيمكث على ذلك سبع سنين مقدار کل سنة عشر من سنيكم هذه»(1).

وعن النبي(صلی الله علیه و اله) : «المهدي منّا... يملك سبع سنين»(2) .

وعنه(صلی الله علیه و اله) : «يعمل سبع سنين على هذه الأمة»(3).

وعنه(صلی الله علیه و اله) : «یکون المهدي عمره إن قصر فسبع سنين، وإلا فثمان، وإلا فتسع»(4).

وعنه (صلی الله علیه و اله): «يملك المهدي تسع سنين»(5).

وعن جابر، قلت لأبي جعفر(علیه السلام) : ... وكم يقوم القائم في عالمه حتى يموت؟ قال: «تسع عشر سنة من يوم قيامه إلى موته»(6).

وعنه النبي (صلی الله علیه و اله): «... يملك عشرين سنة يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك»(7).

ص: 212


1- عقد الدرر، ص 224. إثبات الهداة ، ج3، ص624
2- الفصول المهمة، ص 302. إبن بطريق، العمدة، ص435. دلائل الإمامة ، ص258. الحنفي، البرهان. ص99. مجمع الزوائد، ج7، ص314. بحار الأنوار، ج51، ص82. فرائد السمطین، ج2، ص330. عقد الدرر، ص 236.20 .. الشافعي، البيان، ص50. الحاكم، المستدرك، ج4، ص557
3- عقد الدرر، ص224، 238. إثبات الهداة ، ج3، ص424
4- إبن طاووس، الملاحم، ص140. کشف الأستار، ج4، ص112. مجمع الزوائد، ج7، ص314
5- إبن طاووس، الطرائف، 177
6- العياشي، التفسير، ج2، ص326. النعماني، الغيبة، ص331. الإختصاص، ص257. بحار الأنوار، ج52، ص298
7- فردوس الأخبار، ج4، ص221. العلل المتناهية، ج2، ص858 دلائل الإمامة، ص233. إثبات الهداة ، ج3، ص593. بحار الأنوار، ج51، ص91. انظر: الطبراني. المعجم، ج8، ص120. أسد الغابة، ج4، ص353. فرائد السمطین، ج2، ص314. مجمع الزوائد، ج7، ص318. لسان المیزان، ج4، ص383

وعنه (صلی الله علیه و اله): «المهدي من ولدي ... يملك عشرين سنة»(1).

وعنه (صلی الله علیه و اله): «... يملك عشر سنين»(2).

وعن أمير المؤمنين(علیه السلام) : «یلي المهدي أمر الناس ثلاثين سنة أو أربعين سنة»(3).

وعن أبي عبد الله (علیه السلام)«القائم من ولدي یعمّٙر عمر خلیل الرحمن، يقوم في الناس وهو ابن ثمانين سنة، ويمكث فيها أربعين سنة»(4).

وعن أبي عبد الله(علیه السلام) : «يملك القائم تسع عشرة سنة وأشهراً»(5).

وعن أبي الجارود، قال أبو جعفر (علیه السلام): «إن القائم يملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم»(6).

قال المجلسي رحمة الله: «الأخبار المختلفة الواردة في أيام ملکه(علیه السلام) بعضها محمول على جميع مدة ملكه، وبعضها على زمان استقرار دولته، وبعضها على حساب ما عندنا من السنين والشهور، وبعضها على سنينه وشهوره الطويلة، والله يعلم»(7).

ص: 213


1- کشف الغمة، ج3، ص271. إبن بطريق، العمدة، ص439، بحار الأنوار، ج51، ص1، إبن طاووس، الملاحم، ص 142. فردوس الأخبار، ج4، ص6، دلائل الإمامة،ص233
2- نور الأبصار ، ص170، الشيعة والرجعة، ج1، ص225. انظر : فضل الكوفة ، ص25. أعيان الشيعة، ج 2، ص 51. ينابيع المودة، ص492
3- إبن حماد، الفتن، ص104. کنز العمال، ج14، ص591
4- إثبات الهداة, ج3، ص 574
5- النعماني، الغيبة، ص331. بحار الأنوار، ج52، ص298. وج 53، ص3
6- الطوسی، الغيبة، ص283. بحار الأنوار، ج52، ص380. إثبات الهداة ، ج3، ص584
7- بحار الأنوار، ج52، ص280

قال المرحوم الوالد، آية الله الطبسي: «وهذه الأقوال بظاهرها متناقضة لا يعتمد على شيء منها. نعم رواية السبع تكررت في أخبارهم وأخبارنا، وربما ترجّٙح هذا القول على بقية الروايات؛ لكونها مطابقة لأخبارنا الدالة على أن المراد منها (سبعين) سنة ، وأنه بقدرة الله - تعالى - يعيش بعد ظهوره بهذا العدد، فكان كل سنة مقدار عشر سنين من سنينّا، ويبين ذلك أخبارنا المروية على ما ذكره أئمة الحديث وحفاظ علم الرواية »(1).

ص: 214


1- الشيعة والرجعة، ج1، ص225

الفصل الثاني : نمو العلم والثقافة الإسلامية

اشارة

الدولة التي يكون على رأسها قائد کالمهدي(علیه السلام) الذي تفتح له أبواب العلم، بمقدار يزيد على ما جاء به الأنبياء بثلاثة عشر ضعفاً. لا بدَّ أنَّها ستشهد تطوراً مثيراً للعجب من الناحية العلمية وتحولاً ملفتاً في مجال العلم والثقافة والصناعة.

بتعبير آخر إن العلم الذي يفتحه إمام العصر(علیه السلام) على الناس لا يمكن قياسه بالتطور العلمي الذي كان لدى البشر، وسيظهر الناس تقبلاً أكثر لتحصيل العلم حتى أن النساء اللواتي مازلن في سن الصبا تصير عارفة بكتاب الله ومباني الدين بحيث أنهن يستطعنّ استخراج حكم الله من القرآن الكريم بسهولة .

في المجال الصناعي أيضاً سيكون هناك تطور عجيب، وإن كانت الروايات لم تذكر جزئیات هذا التطور، ولكن مجموع الروايات الواردة في هذا المجال تشير إلى تحول عظيم. مثل الروايات التي تخبر أن شخصاً في المشرق يرى أخاه في المغرب،

ص: 215

وأن الإمام (علیه السلام)عندما يتكلم يراه جميع البشر، وأن أصحابه يتكلمون مع بعضهم من مسافة بعيدة، وأنهم يسمعون كلام بعضهم البعض، وأن خشبة التعليم ورباط الحذاء تتكلم مع الإنسان، وأن أثاث المنزل يقدم لصاحبه تقريراً، وأن المسافر يركب السحاب ويطير من جهة إلى جهة أخرى، إلى غير ذلك من النماذج الكثيرة من هذا القبيل التي قد يكون بعضها إشارة إلى الإعجاز . ولكن بالنظر إلى مجموع الروايات يمكن إدراك هذا التحول.

الروايات تدل على أن العالم في زمان إمام العصر(علیه السلام) عالم متمدن وفي كمال القوة والتطور العلمي، وبشكل عام، هناك فرق كبير بين الصناعة في ذلك العصر والصناعة الحالية، كما أن الصناعة الآن تختلف اختلافا بارزاً عنها في القرون السابقة .

الفرق الأساسي بين التطور في عصر الإمام المهدي(علیه السلام) والعصر الحالي هو أن التطور العلمي والصناعي في عصرنا يؤدي إلى تدني مستوى الثقافة وإلى الاختلاف في المجتمع البشري، وبقدر ما يتطور الإنسان من ناحية العلم فهو يبتعد عن الإنسانية ، ويتجه نحو الفساد والهلاك والجريمة؛ ولكن في عصر الإمام المهدي(علیه السلام) تكون الظروف على العكس، فبمقدار ما يصل البشر إلى أعلى مراتب النمو العلمي والصناعي، فهم في نفس الوقت يقتربون بنفس المقدار من الكمال الأخلاقي والإنساني.

في حكومة المهدي (علیه السلام)مع تطبيق البرامج السماوية يتكامل البشر من ناحية الشخصية، وكأنهم غير البشر الذين كانوا سابقاً، الذين مازالوا حتى اليوم يريقون دماء أقرب الناس إليهم من أجل الدرهم والدينار، في دولة الإمام(علیه السلام) المال والثروة يصيران في نظر الناس

ص: 216

بدون قيمة، فيرون أن طلبهما علامة حقارة ودناءة في الطبع. ويزول الحسد والحقد والعدوان الذي ما زال يخيم عليهم، في دولة الإمام (علیه السلام)تتقارب القلوب إلى حد تصير كأنها روح واحدة في عدة أجساد. الضعفاء والأذلاء تصير قلوبهم قوية وأشد من الحديد .

نعم إن دولة الإمام (علیه السلام)تبعث نمو وتكامل الأفكار والأخلاق، ويكون ذلك العصر عصر تکامل الإستعدادات . إن ما ظهر حتى اليوم كان بسبب قصر نظر البشر، وفي النظام الإلهي لدولة المهدي(علیه السلام) تصل البشرية إلى منتهی بلوغها، وتأخذ الأخلاق والأفكار، والآمال ونحوها لون الكمال والرشد، وهذا الأمل هو وعد عظيم يتحقق في دولة الإمام المهدي(علیه السلام) العادلة . هدية لم تستطع أي حكومة في أي عصر أن تقدمها للبشر .

أ - تطور العلم والصناعة:

عن أبي عبد الله(علیه السلام) قال : «العلم سبعة وعشرون حرفاً ، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان. فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا، أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثها في الناس، وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاً»(1).

بنقل الراوندي في الخرائج «جزءاً» بدل حرفاً».

يستفاد من هذه الرواية أن التطور العلمي الذي وصل إليه البشر في عصر الإمام المهدي (علیه السلام)يصل إلى أكثر من إثني عشر ضعفاً من الكمال والسعة، ومع الدقة سندرك التطور العجيب والمدهش للعلم في عصر الإمام (علیه السلام).

ص: 217


1- الخرائج، ج2، ص841. مختصر بصائر الدرجات، ص117. بحار الأنوار، ج52، ص326

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «إن العلم بكتاب الله عز وجل وسنَّة نبيه(صلی الله علیه و اله) ينبت في قلب مهدينا كما ينبت الزرع عن أحسن نباته ، فمن بقي منكم حتى يلقاه، فليقل حين يراه : السلام عليكم يا أهل بیت الرحمة والنبوة، ومعدن العلم وموضع الرسالة»(1).

وعنه (علیه السلام): «یکون هذا الأمر في أصغرنا سنّاً وأجملنا ذكراً، يورثه الله علماً، لا يكله إلى نفسه »(2).

وعنه (علیه السلام): «منا الإمام الذي يكون عنده الكتاب والعلم والسلاح»(3).

في هذه الرواية ذكر سر تطور وتكامل البشرية، لأن القائد الذي يستطيع أن يجرَّ المجتمع نحو السعادة والكمال هو القائد الذي يمتلك ثلاثة أمور:

1 - القانون الإلهي الذي يهدي الناس إلى الكمال .

2 - العلم الذي يستعمل في سبيل رفاهية حياة البشر .

3 - القدرة والأسلحة التي تزيل المفسدين وموانع تکامل البشرية من طريقها.

الإمام ولي العصر(علیه السلام) يتمتع بهذه الأمور الثلاثة؛ بناءً عليه فهو يحكم العالم، وإضافة إلى كونه يوصل البشر إلى تطورهم العلمي والصناعي، فهو أيضاً يوصلهم إلى كمالهم الأخلاقي والإنساني.

ص: 218


1- كمال الدين، ج2، ص653. العدد القوية، ص65. إثبات الهداة ، ج3، ص491. حلية الأبرار، ج3، ص639. بحار الأنوار، ج51، ص36. وج 52، ص317
2- عقد الدرر، ص42
3- إلزام الناصب، ج1، ص222

نشير هنا إلى بعض الروايات التي تشير إلى تطور ونمو الصناعة والعلم في عصر الإمام المهدي (علیه السلام):

عن ابن مسکان، قال : سمعت أبا عبد الله(علیه السلام) يقول: «إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق یرى أخاه الذي في المغرب ، وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق»(1).

وعن أبي الربيع الشامي، قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام)يقول: «إن قائمنا إذا قام مدَّ الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى [لا] يكون بينهم وبين القائم برید يكلمهم، فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه»(2).

قال المجلسي : بريد: أي أربعة فراسخ فالمراد : الرسول أي يكلمهم في المسافات البعيدة بلا رسول وبرید(3).

وعن المفضل قال : يا سيدي - الصادق (علیه السلام)- ففي أي بقعة يظهر المهدي؟ قال(علیه السلام) : «لا تراه عين في وقت ظهوره إلا رأته كل عين، فمن قال لكم غير هذا فكذَّبوه»(4) .

وعن أبي عبد الله (علیه السلام)قال: «كأني بالقائم قد لبس درع رسول الله (صلی الله علیه و اله)... لا يبقى أهل بلاد إلا وهم يرون أنه معهم في بلادهم»(5).

يفهم من هذه الرواية أن الناس في عصر الإمام المهدي (علیه السلام)

ص: 219


1- بحار الأنوار، ج52، ص391. حق اليقين، ج1، ص29. بشارة الإسلام، ص341
2- الكافي، ج8، ص 240. الخرائج، ج2، ص840. مختصر البصائر، ص117. الصراط المستقيم، ج2، ص262. منتخب الأنوار المضيئة، ص200. بحار الأنوار، ج 52. ص336
3- مرآة العقول، ج26، ص 201
4- بحار الأنوار، ج53 ص 6
5- کامل الزیارات، ص119. النعماني، الغيبة، ص309. کمال الدین، ج2، ص671. بحار الأنوار، ج52، ص325. إثبات الهداة، ج3، ص493. نور الثقلین ج1، ص387

يرون الإمام بوسيلة غير الموجودة حالياً؛ لأن الرواية تقول: «لا يبقى أهل بلاد إلا وهم يرون أنه معهم» .

في هذا المجال هناك إحتمالان :

1 - أنه سيكون هناك نظام تصوير ثلاثي الأبعاد في العالم في ذلك العصر .

2 - أنه سيكون هناك نظام أكثر تطوراً مکانه، يرون به الإمام(علیه السلام)، والحديث يشير إلى إعجازه(علیه السلام) .

عن النبي(صلی الله علیه و اله) : «سيكون بعد كم أقوام تطوى لهم الأرض ... وتفتح لهم الدنيا... تطوى لهم الأرض في أسرع الطرق حتى لو شاء أحدهم أن يأتي شرقها أو غربها في ساعة فعل»(1).

وفي مجال تطور الوسائل المعلوماتية عند الظهور، وفي دولة الإمام، إمام الزمان(علیه السلام) هناك رواية عن النبي (صلی الله علیه و اله) جاء فيها:

«والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يخرج أحدكم من أهله، فيخبره نعله أو سوطه أو عصاه بما أحدث أهله بعده»(2).

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «إنما سُمي المهدي لأنه يهدي إلى أمر خفي، حتى أنه يبعث إلى رجل لا يعلم الناس له ذنب، فيقتله حتى أن أحدهم يتكلم في بيته فيخاف أن يشهد عليه الجدار»(3).

ص: 220


1- فردوس الأخبار، نج2، ص449. إحقاق الحق، ج13، ص351
2- أحمد بن حنبل، ج3، ص89. فردوس الأخبار، ج5، ص98. جامع الأخبار، ج11، ص 81
3- النعماني، الغيبة، ص319. بحار الأنوار، ج52، ص365

لعل هذه الرواية إشارة إلى التطور المذهل للمنظومة المعلوماتية في عصر الإمام(علیه السلام)، فالدولة التي تسيطر على العالم كله تحتاج إلى تشكيلات وأنظمة معلوماتية معقدة، وقد يكون المراد نفس ظاهر العبارة وهو كون الجدار يعطي الأخبار .

ب - إنتشار الثقافة الإسلامية:

في دولة الإمام المهدي (علیه السلام)يميل الناس إلى الإسلام بنحو لم يسبق له مثيل، وينتهي زمن الإضطرابات وقمع المتدينين ومنع المظاهر الدينية، ويسمع نداء الإسلام في كل مكان، وتتجلی آثار المذهب. يدخل الإسلام كل بيت كما يدخله الحر والقر، كما تعبر بعض الروايات. لأن دخول الحرارة والبرودة ليس اختيارياً، ومهما حاول المرء منعهما فإنهما يدخلان ويؤثران على البيت . الإسلام في ذلك العصر حتى مع وجود المخالفة القلبية في قلوب البعض ، يدخل إلى كل مكان، إلى كل قرية ومدينة وسهل وصحراء، ويؤثر عليهم ويغيرهم.

في ظرف كهذه، سيكون تقبل الناس للمظاهر والشعائر الدينية جيداً رائعاً ، بلا نظير، وسيكون إقبالهم على تعلم القرآن وصلاة الجماعة ، وصلاة الجمعة مدهشاً حتى أن المساجد التي ستبني في المستقبل لن تكون كافية، وما روي من أنه تقام الجماعة في المسجد الواحد إثنتي عشرة مرّة، وهذا نفسه دليل واضح على إقبال الناس على المظاهر الدينية .

في تلك الظروف، يكون تأثير الجهة أو الوزارة التي تتحمل

ص: 221

مسؤولية الأمور الثقافية والدينية كبيراً جداً، فتبنى مساجد بشكل متناسب مع عدد الناس، وقد يلزم في بعض الأماكن بناء مسجد له خمسمائة باب، وفي رواية إن اصغر مساجد الكوفة في ذلك العصر هو مسجد الكوفة الحالي الذي هو الآن من أكبر مساجد العالم.

سنقرأ فيما يلي عن انتشار تعلیم القرآن، وكثرة المساجد، والتكامل المعنوي والأخلاقي في دولة الإمام المهدي(علیه السلام) بنظر الروايات :

1 - تعليم القرآن والمعارف الإسلامية:

قال أمير المؤمنين (علیه السلام): «كأني أنظر إلى شيعتنا بمسجد الكوفة قد ضربوا الفساطيط يعلّمون الناس القرآن كما أنزل»(1).

وعن أبي عبد الله : «كأني بشيعة علي في أيديهم المثاني،يعلمون الناس»(2).

وعن الأصبغ بن نباته، سمعت علياً يقول: «كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس القرآن كما أنزل»(3).

هذه الرواية توضح هوية المعلّمين الذين هم من العجم، والعجم(4) عند أهل اللغة يراد منهم الفرس والإيرانيون.

ص: 222


1- النعماني، الغيبة، ص318 بحار الأنوار، ج52، ص364
2- ن.م
3- الإرشاد، ص365. کشف الغمة، ج3، ص265. نور الثقلین، ج5، ص27. روضة الواعظین، ج2، ص265
4- مجمع البحرین، ج6، ص111

عن أبي جعفر(علیه السلام) : «... وتؤتون الحكمة في زمانه، حتى أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى، وسنة رسول الله»(1).

2 - بناء المساجد:

عن حبة العرني، قال : خرج أمير المؤمنين(علیه السلام) إلى الحيرة(2)، فقال : «... ليبنينَّ بالحيرة مسجد له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم؛ لأن مسجد الكوفة ليضيق عليهم، وليصلينَّ فيه إثنا عشر إماماً عدلاً، قلت: يا أمير المؤمنين (علیه السلام)! ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذٍ؟ قال:تبني له أربع مساجد، الكوفة أصغرها وهذا ومسجدان في طرفي الكوفة من هذا الجانب، وهذا الجانب، وأومأ بيده نحو نهر البصريين والغريین»(3).

وعنه (علیه السلام): «يسير المهدي ... حتى تبنى المساجد بالقسطنطينية وما دونها»(4).

وعن المفضل، قال : سمعت أبا عبد الله يقول: «... إذا قام قائم آل محمد (صلی الله علیه و اله)بني في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب»(5).

لعل المراد من ظهر الكوفة في الرواية مدينة النجف الأشرف ؛ لأن العلماء عبروا عن النجف بظهر الكوفة . كما هو صريح أو ظاهر رواية أخرى عن الطوسي(6).

ص: 223


1- بحار الأنوار، ج52، ص352
2- مدينة على بعد فرسخ من الكوفة ، ملكها الملوك اللخميون في زمن الساسانيين. قضى عليهم خسرو برويز سنة 602، عندما وقعت بيد المسلمين وبنيت الكوفة تركت فانهدمت وزالت
3- التهذیب، ج3، ص253. الكافي، ج4، ص427. من لا يحضره الفقیه، ج2، ص525. وسائل الشيعة، ج9، ص412. مرآة العقول، ج18، ص58. بحار، ج52، ص375
4- إحقاق الحق، ج13، ص312
5- الإرشاد، ص362. الطوسي، الغيبة، ص295. إثبات الهداة ، ج3، ص537. الوافي، ج2، ص464. بحار الأنوار، ج52، ص330، 337
6- الغيبة ، ص 469. إثبات الهداة ، ج 3، ص515. بحار الأنوار، ج 52، ص 330

3 - التكامل المعنوي والأخلاقي :

عن أمير المؤمنین (علیه السلام): «فيبعث المهدي ... ويقبل الناس على العبادة والمشروع والديانة والصلاة في الجماعات»(1).

وعن الإمام الصادق (علیه السلام): «وتتصل بيوت الكوفة بنهر کربلاء، وبالحيرة حتى يخرج رجل يوم الجمعة على بغلةٍ سفواء یريد الجمعة فلا يدركها»(2). (بغلة سفراء : خفيفة سريعة).

قد يكون ذلك كناية عن زيادة أعداد الناس وإزدحامهم المانع من الإشتراك والحضور في صلاة الجمعة، فإجتماع الناس في مكان واحد مع العلم بعدم مشروعية إقامة عدة صلوات جمعة، لعله لصيرورة هذه المدن الثلاث مدينة واحدة، لأن إقامة أكثر من صلاة جمعة في بلد واحد غير جائزة عندنا من الناحية الشرعية .

أورد الفيض الكاشاني عن ابن عربي ومن المحتمل أنَّه من المعصوم : «إن قائمنا إذا قام... يمسي الرجل في زمانه جاهلاً، بخيلاً جباناً، فيصبح أعلم الناس، أكرم الناس، أشجع الناس يمشي النصر بین يديه»(3).

وعن أمير المؤمنین(علیه السلام) : «إذا قام قائمنا ... لذهبت الشحناء من قلوب العباد»(4) .

ص: 224


1- عقد الدرر، ص159
2- الطوسي، الغيبة، ص295، إثبات الهداة ، ج3، ص537. الوافي، ج2، ص465. بحار الأنوار، ج52، ص330، 337
3- الوافي، ج2، ص470. نقلاً عن الفتوحات المكية
4- الخصال، ج2، ص 154. ح 1051

وعن النبي(صلی الله علیه و اله) : «... ويرفع الشحناء والتباغض (1).

وعن الإمام الحسن(علیه السلام) : «یبعث الله رجلاً في آخر الزمان ... ولا يبقى طالح إلا صلح»(2).

إحدى خصائص عصر الإمام المهدي(علیه السلام) هي ذهاب الحرص والطمع، وبروز الشعور بالغني لدى البشر .

عن النبي (صلی الله علیه و اله): «إذا خرج المهدي(علیه السلام) ألقى الله الغناء في قلوب العباد، حتى يقول المهدي: من يريد المال؟ ولا يأتيه أحد»(3).

وقال(صلی الله علیه و اله) : «أبَشّٙركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف الناس، وزلازل، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، ويرضى عنه ساكن السماءوساكن الأرض، ويملأ الله قلوب أمة محمد(صلی الله علیه و اله) غنی، فلا يحتاج أحد إلى أحد، فينادي منادٍ : من له في المال حاجة؟ قال: فيقوم رجل، فيقول : أنا. فيقال له: أئتِ السادن - يعني الخازن - فقل له: إن المهدي بأمرك أن تعطيني مالاً. فيقول له: إحثُ حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم، فيقول: كنت أجشع أمة محمد(صلی الله علیه و اله) نفساً ! أَوَعجِزَ عني ما وسعهم !؟ قال : فيردّه، فلا يقبل منه. فيقال له: إنا لا نأخذ شيئاً اعطيناه»(4).

ص: 225


1- عبد الرزاق، المصنف، ج11، ص402. إبن حماد، الفتن، 162. إبن طاووس، الملاحم، ص152
2- منن الرحمن، ج2، ص42، إثبات الهداة، ج3، ص524. نقلاً عن أمير المؤمنین(علیه السلام)
3- إبن طاووس، الملاحم، ص 71. إحقاق الحق، ج13، ص186. الشيعة والرجعة، ج 1، ص 27
4- أحمد بن جنبل، المسند، ج2، ص37، 52. جامع أحاديث الشيعة، ج1، ص34. إحقاق الحق، ج13، ص146

استخدمت في الرواية جملة «ويملأ قلوب أمة محمد (صلی الله علیه و اله)غنى» التي تستحق الدقة في معناها، لأن الغني ليس هو المقصود، بل الإستغناء وعدم الحاجة، فيمكن أن يكون الإنسان فقيراً ولكن لديه روح غنية. فالجملة تفيد أن قلوبهم مليئة بالإحساس بالإستغناء، ويزيد عليها بأنهم من الناحية المالية يتمتعون بوضع جيد.

وكما وردت روايات في مجال الرشد الفكري والكمال الأخلاقي وقوة القلب في زمان الإمام المهدي(علیه السلام) نذكر بعضاً منها :

عن أبي جعفر(علیه السلام) : «إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع به عقولهم وأكمل به أحلامهم»(1). أي آمالهم(2).

بما أن إمام الزمان (علیه السلام)يطبق القوانين الإسلامية كاملةً فإن ذلك يؤدي إلى رشد الناس الفكري وتحقيق هدف النبي (صلی الله علیه و اله)الذي أخبر عنه: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»

قال رسول الله(صلی الله علیه و اله) لفاطمة (علیها السلام): «فبعث الله عند ذلك منهما - الحسنين - من بفتح حصون الضلالة وقلوباً غلفاً»(3).

«يخرج رجل من ولدي ... ووضع يده على رؤوس العباد، فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله تعالى قوة أربعين رجلاً»(4) .

ص: 226


1- الكافي، ج1، ص25. الخرائج، ج 2، ص 840، کمال الدین، ج2، ص675
2- بحار الأنوار، ج52، ص336
3- عقد الدرر، ص 152، إحقاق الحق، ج13، ص116، إثبات الهداة ، ج3، ص448/ 495
4- کمال الدین، ج2، ص653. دلائل الإمامة، ص243. کامل الزیارات ص119

وقال رسول الله (صلی الله علیه و اله): «تقيء الأرض أفلاذ كبدها. أمثال الاسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قتلت !؟ ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي !؟ ويجيء السارق فيقول: في هذا قُطِعَت يدي !؟ ثم يدعونه فلا يأخذون شيئاً»(1).

وعن زید الزرّاد، قال : قلت لأبي عبد الله(علیه السلام) : نخشى أن لا نكون مؤمنين ، قال : ولِمَ ذاك؟ فقلت : وذلك أنا لا نجد فينا من يكون أخوه عنده أثر من در همه ودیناره، ونجد الدنيا والدرهم آثر عندنا من أخٍ قد جمع بيننا وبينه موالاة أمير المؤمنین(علیه السلام) ! فقال :

«كلا، إنكم مؤمنون ولكن لا تكملون إيمانكم حتى يخرج قائمنا .

فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونون مؤمنين كاملين»(2).

ص: 227


1- مسلم، الصحيح، ج2، ص701. الترمذي. الصحيح، ج 34. ص493. أبو یعلي، المسند ج11، ص32. جامع الأصول، ج 11، ص38
2- الأصول الستة عشر، ص56. بحار الأنوار، ج67، ص350

ص: 228

الفصل الثالث : الأمن

اشارة

بما أن الخوف سيكون مسيطراً على العالم قبل ظهور الإمام(علیه السلام) ، فإن أهم عمل للإمام (علیه السلام)هو إعادة الأمن والطمأنينة إلى المجتمع. في دولة الإمام المهدي(علیه السلام) يعود الأمن على جميع الأصعدة إلى المجتمع وبسرعة، بناءً على برنامج دقیق، ويعيش الناس في جوٍ من الإطمئنان لم ترَ البشرية مثله في أي عصر .

تأمن الطرقات فتسافر الفتاة من مكان إلى آخر دون حاجة إلى رفيق أو محرم، وتكون آمنة من التعرض لأي إعتداء أو نظر محرم.

يعيش الناس في أمن من ناحية القضاء، فلا يكون لدى المرء أدنى خوف من ضياع حقه. توضع القوانين وتطبَّق بحيث يحس الناس بالأمن على المال والنفس. تزول السرقة من المجتمع، ويعم الأمن على المال حتى أن الشخص إذا وضع يده في جيب أخيه لا يكون هناك لديه احتمال لنية السرقة ويبرر عمله.

يزول الخوف من المجتمع ويحل مكانه الأمن حتى يشمل

ص: 229

الحيوانات أيضاً، فتعيش الشاة إلى جانب الذئب، ويلعب الأطفال بالعقرب والأفعى دون أن يصيبهم أي ضرر.

لنقرأ الآن بعض الروايات في هذا الأمر :

أ - عموم الأمن:

عن النبي(صلی الله علیه و اله) : «إذا نزل عیسی بن مریم وقتل الدجال ... يقول الرجل لغنمه ولدوابّه إذهبوا فارعوا في مكان كذا وكذا، وتعالوا في كذا كذا، ويرى الماشية بين الزرعين، لا تأكل منه سنبلة، ولا تكسر بضلفها عوداً»(1).

وعن النبي(صلی الله علیه و اله) : «... يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول لا يوقظ نائماً ولا يهرق دماً»(2).

وعن ابن عباس: «... حتى یأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والإنسان والحية، وحتى لا تفرض الفأرة جراباً»(3) .

قال أمير المؤمنین (علیه السلام): «... ولو قد قام قائمنا لأنزلتِ السماء قطرها وأصطلحت السباع والبهائم، حتى تُمسي المرأة بين العراق والشام ولا يهيجها سبع ولا نخافه»(4).

ص: 230


1- إبن طاووس، الملاحم، ص97
2- إبن حماد، الفتن، ص99. المتقي الهندي، البرهان، ص78. إبن طاووس، الملاحم، ص70. إنظر: عقد الدرر، ص156. القول المختصر، ص19. السفاريني، اللوائح، ج2 ص12. الطوسی، الغيبة، ص 274. الخرائج، ج3، ص1249. إثبات الهداة، ج3، ص 514. بحار الأنوار، ج52، ص290
3- بحار الأنوار، ج1، ص61. البيهقي، السنن، ج9، ص180
4- الصدوق، الخصال، الباب 400، ص255، الإمامة والتبصرة. ص131. إثبات الهداة ، ج3، ص 494. بحار الأنوار، ج52، ص316

وعنه(علیه السلام) : «... ثم إن جيش المهدي(علیه السلام) يقتل جيش الأعور الدجال في مدة أربعين يوماً من طلوع الشمس إلى غروبها، ويطهر الأرض منهم، وبعد ذلك يملك المهدي(علیه السلام) مشارق الأرض ومغاربها، ويفتحها من جابرقا إلى جابرسا ويفتح جميع الأمصار، ويستقيم، ويستقيم أمره، ويعدل بين الناس ؛ حتى ترعى الشاة مع الذئب في موضع واحد. وتلعب الصبيان والعقرب ولا يضرهم، ويذهب الشر، ويبقى الخير ...»(1).

وعن أبي هريرة: «لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسی ... ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، ويكون الأسد في الإبل كأنه فحلها - عجلها -»(2) .

وعن حذيفة ، قال : سمعت رسول الله(صلی الله علیه و اله) يقول: «إذا كان عند خروج القائم... فعند ذلك تفرخ الطيور في أو کارها، والحيتان في مجاريها»(3) .

لعل المراد أنها تحس بالأمن، وتضع بيضها في أعشاشها وفي محل إقامتها دون تردد.

عن أبي إمامة الباهلي، قال : خطبنا رسول الله(صلی الله علیه و اله) ذات يوم خطبة ، فكان آخر خطبته :... وإمام الناس يومئذٍ رجل صالح... ولا يسعى على الذئب شاة. ويرفع الشحناء والتباغض، وينزع حمَّة كل دابة، حتى يدخل الوليد يده في فم الحنش فلا

ص: 231


1- ينابيع المودة، ص 422. المحجة، ص425. أحقاق الحق، ج13، ص 341
2- عبد الرزاق، المصنف، ج11، ص401. إنظر. أحمد بن حنبل، المسند، ج2، ص437. إبن حماد، الفتن، ص 162
3- الإختصاص، ص208. بحار الأنوار، ج52، ص304

یضره. وتلقي الوليدة الأسد فلا يضرها، ويكون في الإبل كأنه كلبها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها»(1).

لعل هذه الرواية كناية عن الإحساس بالأمن الكامل ووجود جو من الإطمئنان للطرف الآخر.

وعنه(صلی الله علیه و اله) : «إذا نزل عیسی بن مریم قتل الدجال ...

والحيات والعقارب ظاهرة لا تؤذي أحداً،(2).

يظهر بشكل واضح من هذه الأحاديث مقدار الأمن على المال والنفس في عصر الإمام المهدي(علیه السلام) ؛ كالراعي الذي يرسل قطيعه إلى الرعي آمناً من سطو البشر وهجوم الحيوانات المفترسة عليها، والإنسان الذي يسافر من مكان إلى مكان، أو يعيش بين الحيوانات المؤذية، آمن من أذاها، وكأن قانون احترام حقوق الآخرين يسود عند الحيوانات المفترسة والحشرات ويخضع له الجميع. وكأن هذا الأمن هو بسبب النعم الإلهية في عصر الإمام (علیه السلام)، وبما أن جميع الحيوانات تستفيد من هذه النعم فهي تحس بالأمن ولا تؤذي أحداً .

ويعم الأمن في عصر إمام الزمان(علیه السلام) إلى حد أن الشخص النائم يطمئن إلى أنه لا يوقظه أحد.

عن النبي(صلی الله علیه و اله) : «يأوي إلى المهدي أمته كما يأوي النحل إلى یعسوبها، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، حتى يكون الناس على مثلِ أمرهم الأول، لا يوقظ نائماً ولا يهرق دماً»

ص: 232


1- سنن ابن ماجة ، ج 2، ص 1359. الطيالسي، المسند، ج10، ص335. إبن طاووس، الملاحم، ص 152 و 82. معجم أحادیث الإمام المهدي ، ج1، ص314
2- الحاوي للفتاوي، ج2، ص77، إبن طاووس، الملاحم، ص70. 63. إحقاق الحق، ج13، ص154

ب - أمن الطرق:

في موضوع أمن الطرق في دولة الإمام المهدي (علیه السلام)هناك روايات كثيرة نذكر منها ما يلي :

عن النبي (صلی الله علیه و اله): «... حتى تسير المرأتان، لا تخشیان جوراً...»(1).

وعنه(صلی الله علیه و اله) : «ولَیُتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله ...»(2).

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «... يقاتلون والله حتى يوحَّد الله ولا يشرك به شيء، وحتى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق ترید المغرب لا ينهاها أحد»(3) .

قد يكون ذكر إسمي هذين البلدين نظراً لوجود صحارٍ مخيفة يعبّر عنها أحياناً بالمفازة، تفاؤلًا بالخروج منها بأمان.

عن رجل، قلت لأبي عبد الله(علیه السلام) : «... ما نتمنی القائم (علیه السلام)إذا كان على هذا؟ فقال لي: سبحان الله أما تحب أن يظهر العدل ويأمن السبل وينصف المظلوم»(4).

وعن بعض أصحاب أبي عبد الله (علیه السلام)، قال : دخل عليه أبو حنيفة، فقال له أبو عبد الله(علیه السلام) : أخبرني عن قول الله عز وجل :

ص: 233


1- المعجم الکبیر، ج8، ص179
2- ن.م. ج4، ص72. جامع الأصول، ج7، ص286. البهيقي، السنن، ج9، ص180
3- العياشي، التفسير، ج2، ص62، النعماني، الغيبة، ص283. تفسير البرهان، ج1، ص369. بحار الأنوار، ج52، ص345. ينابيع المودة، ص423. الشيعة والرجعة، ج1، ص380
4- المفيد، الإختصاص، ص20، العياشي، التفسير، ج1، ص64. النعماني، الغيبة، ص149. بحار الأنوار، ج52، ص144. إثبات الهداة ، ج3، ص557. الفائق ، ج4، ص100

«سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ»(1) أين ذلك من الأرض؟ قال : أحسبه بين مكة والمدينة، فالتفت أبو عبد الله إلى أصحابه ، فقال: «أتعلمون أن الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكة، فتؤخذ أموالهم ولا يأمنون على أنفسهم ويقتلون؟ قالوا نعم، فقال : فسكت أبو حنيفة . فقال(علیه السلام) يا أبا حنيفة ! أخبرني عن قول الله عز وجل «ومن دخله كان آمناً»(2) أين ذلك من الأرض؟ قال: الكعبة. قال : أعلم أن الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على إبن الزبير في الكعبة فقتله كان آمناً فيها؟ قال: فسكت. فلما خرج، قال أبو بكر الحضرمي: جعلت فداك الجواب في المسألتين؟ فقال : يا أبا بكر

«سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ» فقال : مع قائمنا أهل البيت. وأما قوله : «ومن دخله كان آمناً» فمن بایعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقد أصحابه كان آمناً...»(3) .

روی على بن عقبة عن أبيه ، قال : «إذا قام القائم حكم بالعدل وارتفع في أيامه الجور وأمنت به السبل وأخرجت الأرض بركاتها ورَدَّ كل حق إلى أهله ...»(4).

والمراد به علي بن عقبة بن خالد الأسدي من أصحاب الصادق وهو ثقة . وقال قتادة : «المهدي خير الناس ... ويأمن الأرض، حتى أن

المرأة لتحج في خمس نسوة وما معهن رجل، لا تتقي شيئاً»(5).

ص: 234


1- سورة سبأ، الآية 18
2- سورة آل عمران، الآية 97
3- علل الشرائع، ج1، ص83. نور الثقلين ج 3، ص332. تفسير البرهان، ج3، ص212. بحار الأنوار، ج52، ص314
4- بحار الأنوار، ج 52، ص338
5- إبن حماد، الفتن، ص98. إبن طاووس، الملاحم، ص69. عقد الدرر، ص151. القول المختصر، ص21

وعن عدي بن حاتم: «لتخرجنّ الضعيفة من الحيرة، حتى تطوف بهذا البيت، لا تخاف إلا الله عز وجل»(1).

ج - الأمن القضائي:

من حقائق العدالة التي تحصل بعد ظهور الإمام(علیه السلام) هي معاقبة الأشخاص الذين أخلّوا بالأمن في العالم كله، وقتلوا وتسببوا بأذى الملايين، وبوجود المشكلات المادية والمعنوية. هؤلاء المجرمون الذين تسببوا بإيجاد وضع مؤسف في الأرض. من المؤكد أنهم سیؤخذون ويحاكمون بعد ظهور الإمام (علیه السلام)لأن تنفيذ الحدود الإلهية هو واحد من الواجبات المهمة وبالأخص في حضور الإمام المعصوم وبقية الله في الأرض، الذي سيطبق الحدود حسب كتاب الله وبعيداً عن الأهواء النفسية .

في ذلك العصر، يستفاد في هذه الوظيفة الهامة من أشخاص ذوي ماضٍ نقي من المساوئ، فضلًا عن معرفتهم الكاملة بالمباني الإسلامية والفقهية . وقد أشير إلى ذلك في بعض الروايات نذكر منها الروايات التالية :

عن أبي عبد الله(علیه السلام) : «إذا قام قائم آل محمد (صلی الله علیه و اله)استخرج من ظهر الكعبة سبعة عشر رجلاً، خمسة من قوم موسى الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع وصي موسى، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسي وأبا دجانة الأنصاري ومالك الأشتر»(2).

ص: 235


1- فردوس الأخبار، ج3، ص491
2- إثبات الهداة ، ج3، ص55، نقلا عن تفسير العياشي، وفي روضة الواعظین، ج66، يخرج الإمام سبعة وعشرين شخصاً من خلف الكعبة

وقال أبو بصير، جعلت فداك ليس على ظهر (الكعبة) مؤمن غير هؤلاء، قال: «بلی، ولكن هذه العدة التي يخرج فيها القائم(علیه السلام) ، وهم النجباء والفقهاء، وهم الحكام، وهم القضاة الذين يمسح بطونهم وظهورهم فلا يشكل عليهم حكم»(1).

في بحار الأنوار أنهم أصحاب المهدي (علیه السلام)والحكام على الأرض(2).

عن جعفر بن محمد (علیه السلام)عن أبيه(علیه السلام) : «إذا قام القائم، بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلاً، يقول : عهدك في كفّٙك فإذا ورد عليك أمرلا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه، فانظر إلى كفّٙك واعمل بما فيها»(3).

يمكن أن يكون فهم حكم المشكلات بواسطة الكفّ كناية عن سرعة الإرتباط بمركز الدولة وفهم الواجب في رفع المشكل، أو إشارة إلى المهارة المدهشة للمسؤولين الذين بإمكانهم إبداء الرأي بمجرد رؤية المشكل ولو لمرة واحدة، وقد يكون ذلك بواسطة المعجزة التي يعجز عقل البشر عن فهمها.

عن أبي جعفر (علیه السلام)«... ويخرج المهدي ... فلا يترك ... ولا مظلمة لأحد من الناس إلاّ ردَّها»(4).

ص: 236


1- إبن طاووس، ص202. دلائل الإمامة، ص307. مع اختلاف يسير
2- دلائل الإمامة، ص249. بحار الأنوار، ج52، ص365
3- النعماني، الغيبة، ص319. دلائل الإمامة، ص249. أثبات الهداة ، ج3، ص573. بحار الأنوار، ج52، ص365 وج53، ص91
4- العياشي، التفسير، ج1، ص62، بحار الأنوار، ج 52، ص224

وقال الصادق (علیه السلام): «إذا قام قائم آل محمد (صلی الله علیه و اله)حکم بین الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه»(1).

وعن جعفر بن سيّار الشامي، قال: «يبلغ من رد المهدي المظالم، حتى لو كان تحت ضرسِ إنسان شيء انتزعه حتی ردّه»(2).

بالطبع هذا الحفاظ على حقوق الناس يليق بمحاكم دولة الإمام المهدي(علیه السلام) ، وقضاتها الذين هم أشخاص مثل: سلمان، مالك الأشتر، وكبار قوم موسي(علیه السلام) وغيرهم، ورئاسة الهيئة القضائية بيد الإمام نفسه(علیه السلام) ومن الطبيعي أن لا مكان للخوف من ضياع الحقوق في ظرف کهذا كما تبين هذه الحقيقة جملة «حتى لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتى ردَّه .

ص: 237


1- روضة الواعظین، ص266. بصائر الدرجات، ج5، ص259
2- إبن حماد، الفتن، ص98. عقد الدرر، ص36. ابن طاووس، الملاحم، ص68. القول المختصر، ص52

ص: 238

الفصل الرابع : الإقتصاد

اشارة

الحكومة إذا كانت مدعومة من الله تعالى، وطبقت الأحكام والقوانين الإلهية في المجتمع، فإن الناس سيتغيرون ببركتها، ويتوجهون للتقوى والصلاح، وستفيض نتيجة ذلك نعم الله على العباد من كل مكان.

كما نقرأ في القرآن الكريم «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»(1).

في دولة المهدي (علیه السلام)التي يتوجه فيها الناس إلى طاعة الله - عز وجل - وتخضع رقابهم لأوامر حجة الله ، تسخو الأرض والسماء بكلّٙ بركاتها على عباد الله . من هذه الناحية تهطل الأمطار الموسمية، تمتلىء الأنهار بالمياه، وتكثر محاصيل الأرض، وتزدهر الزراعة، وتخضرُّ الحقول وتثمر، وتتحول الصحاري بين مكة

ص: 239


1- القرآن الكريم، سورة الأعراف، الآية 96

والمدينة التي لم ترَ الخضرة أبداً إلى واحات، وتتسع تربية الحيوانات. ويزدهر الإقتصاد، ويزول الفقر والعوز، ويظهر العمران في كل مكان، وتزدهر التجارة .هناك روايات كثيرة وردت في مجال الإزدهار الإقتصادي في زمان إمام العصر(علیه السلام) نذكر منها الروايات التالية :

أ - الرفاه الإجتماعي:

ما يستفاد من الروايات في هذا المجال هو أنه على اثر تحسن الوضع الإقتصادي تنتزع جذور الفقر والعوز من المجتمع البشري، ويعطى للشخص المحتاج المال حتى لا يستطيع حمله، ويتحسن الوضع العام للمجتمع بحيث أن دافعي الزكاة يجهدون في العثور على المستحق لإيصالها إليه.

1 - تقسيم الأموال :

عن ابي جعفر(علیه السلام) : «إذا قام قائم أهل البيت(علیهم السلام) . قسَّم بالسويَّة وعدل في الرعية، ... ويجمع إليه أموال من بطن الأرض وظهرها، فيقول للناس : تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء الحرام، وركبتم في ما حرَّم الله عز وجل، فيعطي شيئاً لم يعطه أحد كان قبله»(1).

وعن رسول الله (صلی الله علیه و اله): «يخرج في آخر الزمان خليفة بعطي المال بغیر عدد»(2).

ص: 240


1- علل الشرائع، ص161، النعماني، الغيبة ، ص237. عقد الدرر، ص39. بحار الأنوار، ج52، ص390. إثبات الهداة ، ج3، ص497
2- إبن حماد، الفتن، ص98. ابن أبي شيبة، المصنف، ج15، ص196. أحمد بن حنبل، المسند، ج3، ص5. إبن بطريق، العمدة، ص424

وقال رسول الله (صلی الله علیه و اله): «یكون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجلٌ يقال له المهدي، عطاؤه هنيئاً»(1).

إن عطاء المهدي (علیه السلام)رحمة وبلا منَّة، بناءً على هذا يكون هنيئاً على خلاف عطاء الآخرين الذي يكون ثمنه العبودية ، أو بيع الدين، أو إراقة ماء الوجه.

عن النبي(صلی الله علیه و اله) : «ثم ينشأ رجل من قريش... فيقسم المال، ويعمل بسنَّة نبيهم»(2).

وعنه (صلی الله علیه و اله): «يكون في آخر أمتي خليفة یحثي المال حثياً ولا یعدّه عدّاً»(3).

وعن عبد الله بن سنان، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله(علیه السلام) : إن لي أرض خراج، وقد ضقت بها ذرعاً قال : فسكت هينهة ثم قال : إن قائمنا لو قد قام، كان نصيبك في الأرض أكثر منها»(4).

وعن الإمام الباقر(علیه السلام) : «إذا قام قائم أهل البيت(علیهم السلام) ، قسم بالسويَّة وعدل في الرعية»(5).

وعن رسول الله (صلی الله علیه و اله): «.. آخرهم إسمه إسمي يخرج فيملأ

ص: 241


1- الشافعي، البيان، ص124. احقاق الحق، ج13، ص248. الشيعة والرجعة، ج 1، ص207
2- إبن داود، السنن، ج4، ص108
3- عبد الرزاق، المصنف، ج11، ص 372. إبن بطريق، العمدة، ص 424. الصواعق المحرقة، ص 164، البغوي، مصابيح السنة، ج2، ص139. الشافعي، البيان، ص 122. ابن طاووس، الملاحم، ص69
4- الكافي، ج5، ص285. التهذیب، ج7، ص149
5- النعماني، الغيبة، ص237. بحار الأنوار، ج51، ص29

الأرض ... يأتيه الرجل والمال کدوس، فيقول: يا مهدي أعطني، فيقول خذ»(1).

وعنه(علیه السلام) : «... إنه يستخرج الكنوز، ويقسم المال، ويلقي أهل الإسلام بَجرانه»(2).

2 - قلع جذور الفقر :

قال رسول الله (صلی الله علیه و اله): «يخرج المهدي ... ويطاف بالمال فيأهل الحِواء، فلا يوجد أحد يقبله»(3).

وعنه (صلی الله علیه و اله): «يكون في أمتي المهدي ... والمال كدوس»(4).

هذا الحديث كناية عن زوال الحاجة من المجتمع بنحو تزيد الأموال عن موارد مصرفها. وبتعبير آخر إن دولة المهدي(علیه السلام) لیست بلا نقص في ميزانيتها، فحسب بل إن مدخولها أكثر من مصروفها . كيف وقد أخرجت الأرض كنوزها ببركة الإمام العدل بقية الله .

عن المفضل بن عمر : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام)يقول: «إن قائمنا إذا قام... تظهر الأرض كنوزها، حتى يراها الناس على وجهها، ويطلب الرجل منكم من يصله بماله ويأخذ منه زكاته، لا يوجد أحد يقبل منه ذلك، واستغنى الناس بما رزقهم الله من فضله»(5).

ص: 242


1- ابن طاووس، الملاحم، ص70. بحار الأنوار، ج52، ص379. أنظر : أحمد بن جنبل، المسند، ج3، ص21. أحقاق الحق، ج13، ص55
2- ن.م، ص69
3- عقد الدرر، ص166. المستجاد، ص58. يطلق الحواء على البيوت القريبة لبعضها في حي واحد
4- الحاكم، المستدرك، ج4، ص558. الشيعة والرجعة، ج 1، ص214
5- المفيد، الارشاد، ص363، بحار الأنوار، ج52، ص337

وعن على بن عقبة: «ولا يجد الرجل منكم يومئذٍ موضعاً لِصَدَقَتِه ولا لبرّٙه لشمول الغني جميع المؤمنين»(1).

وعن الباقر (علیه السلام): ويُخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهدي، ويوسع الله على شیعتنا، ولولا ما یدرکهم من السعادة لبغوا»(2).

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «... ويعطي الناس عطايا مرتين في السنة، ويرزقهم في الشهر رزقين، ويسوّي بين الناس حتى لا ترى محتاجاً إلى الزكاة، ويجيء أصحاب الزكاة على المحاويج من شيعته فلا يقبلونها فيصرّوها ويدورون في دورهم فيخرجون إليهم فيقولون : لا حاجة لنا في دراهمكم»(3).

يعلم من الروايات السابقة أمران:

الأول: أن الناس في زمن دولة الإمام المهدي(علیه السلام) ، تصل إلى مرحلة من الرشد الفكري إلى درجة أنَّهم يعملون بواجباتهم في جميع أبعادها دون إجبار واضطرار، ومن هذه الوظائف دفع خمس الأرباح للدولة الإسلامية .

لو دفع جميع المسلمين أرباحهم وزكاة أموالهم إلى الدولة الإسلامية، فإنها ستشكل رقماً كبيراً وتكون الدولة قادرة على أي إجراء إصلاحي وخدماتي عام.

ص: 243


1- ن.م، ص344. المستجاد، ص509. بحار الأنوار، ج52، ص339. إنظر : أحمد بن حنبل، المسند، ج2، ص053. 272. 313 وج3، ص5. مجمع الزوائد ص314
2- بحار الأنوار، ج52، ص345
3- النعماني، الغيبة، ص238. حلية الأبرار، ج2، ص642. بحار الأنوار، ج52، ص390. أنظر : بحار الأنوار، ج52، ص352. إبن أبي شيبة، المصنف، ج3، ص111. احمد بن حنبل ج4، ص306. البخاري، الصحيح، ج2، ص135، مسلم، الصحيح، ج2، ص70

الثاني : أنه وإن كان عطاء الإمام(علیه السلام) في ذلك العصر بدون حساب، وكان لدى الناس موارد مختلفة تسد حاجاتهم، ولكن ما يلفت النظر هو طبيعة وحالة الغني لديهم؛ لأنه كم من الناس الأثرياء تتملكهم نفس جائعة وروح فقيرة، وكم من الناس مع فقرهم يتمتعون بطبيعة عالية وروح غنية. الناس في عصر إمام الزمان (علیه السلام)يتمتعون بروح غنية، وهذا هو التغيير المعنوي الذي يحدث في ذلك العصر.

3 - مساعدة المحرومين والمستضعفين :

عن رسول الله (صلی الله علیه و اله): «... فعند ذلك خروج المهدي وهو رجل من ولد هذا - وأشار بيده إلى علي ابن أبي طالب (علیه السلام)به يمحق الله الكذب، ويذهب الزمان الكَلِب، وبه يخرج ذل الرق من أعناقكم»(1).

وقال أمير المؤمنین (علیه السلام): «... فلا يترك - أي المهدي - عبداً مسلماً إلا اشتراه وأعتقه، ولا غارماً إلا قضى دينه»(2).

وعن أبي أرطأة: «ثم ينزل - أي المهدي - الكوفة حتى يستنقذ من فيها من بني هاشم»(3).

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «ثم يخرج المهدي حتى يمر بالمدينة فيستنقذ من كان فيها من بني هاشم»(4).

ص: 244


1- الطوسی، الغيبة، ص114. إثبات الهداة ، ج3، ص502، بحار الأنوار، ج 5، ص75
2- العياشي، التفسير، ج1، ص64. بحار الأنوار، ج52، ص224
3- إبن حماد ، 83، الحاوي للفتاوي، ج3، ص67. المتقي الهندي، البرهان، 118
4- إبن طاووس، الملاحم، ص64

وفي الملاحم لإبن طاووس: «فيفتح الله أرض الحجاز ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم»(1).

وعن طاووس اليماني : «المهدي يلعق المساكين الزبد»(2).

يحتمل أن يكون المراد أن الإمام(علیه السلام) لديه اهتمام خاص بمساعدة وإعطاء المحرومين والمساكين، وكان يعطيهم من الأموال زيادة ما يستحقه أي مسلم من بيت المال، بمقدار ما یری الأصلح.

ب - العمران:

عندما نأخذ بعين الإعتبار مقدار الدمار قبل الظهور فإننا سندرك عظمة وأهمية العمران في دولة الإمام المهدي(علیه السلام) . فالعالم ابتلي بالحرب المدمرة، وصار هدفاً للأهواء النفسانية للمستکبرین واحترق مدة من الزمن بنار الحرب التي تركت الكثير من القتلى والدمار، لذلك هو يحتاج إلى مقدار كبير من الإعمار، ودولة الإمام المهدي (علیه السلام)تقوم بتعمير هذا الخراب، ويظهر هذا الإعمار في العالم كله.

عن علي (علیه السلام): «... ثم إن المهدي(علیه السلام) يفرق أصحابه وهم الذين عاهدوه في أول خروجه، فيوجههم إلى جميع البلدان، ويأمرهم بالعدل والإحسان، وكل رجل منهم يحكم على إقليم من الأرض، ويعمّٙر جميع مدائن الدنيا بالعدل والإحسان»(3) .

ص: 245


1- عقد الدرر، ص167
2- إبن طاووس، الملاحم، ص68. عقد الدرر، ص227
3- الشيعة والرجعة، ج 1 ص168

وعن أبي جعفر(علیه السلام) : «... فلا يبقى في الأرض خراب إلا عَمّٙر»(1).

وعنه(علیه السلام) : «يدخل المهدي الكوفة... ويبعث فيحفر من خلف قبر الحسين (علیه السلام)لهم نهراً يجري إلى الغربين، حتى يبرز في النجف، ويُعمل على فوهته قناطر»(2).

وعن أبي عبد الله (علیه السلام): «إن قائمنا إذا قام ... ويتصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء وبالحيرة»(3).

وفي الإرشاد: «اتصلت بيوت أهل الكوفة بنهری کربلاء»(4) .

تحكي هذه الرواية عن اتساع العمران في الكوفة، الذي يتصل من ناحية بالحيرة التي تبعد الآن من ناحية مسافة ستين كيلو متراً عن الكوفة، وتتصل بكربلاء من ناحية أخرى التي هي أيضاً تبعد بهذه المسافة .

«ليتصلنَّ هذه بهذه، وأومأ بيده إلى الكوفة والحيرة، حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير»(5).

ص: 246


1- کمال الدین، ص331، الفصول المهمة، ص284. اسعاف الراغبين ، ص152. الوافي، ج2،ص112. نور الثقلین، ج2، ص212. احقاق الحق، ج2، ص342
2- المقيد، الارشاد، ص362. الطوسی، الغيبة، ص280. روضة الواعظین، ج 2ن ص263. الصراط المستقيم، ج2، ص262. اعلام الوری، 430. المستجاد، ص580. کشف الغمة، ج3، ص253. بحار الأنوار، ج52، ص331 وج97، ص385
3- الطوسي، الغيبة، ص295، بحار الأنوار، ج52، ص330. 337. وج97، ص385
4- المفید، الارشاد، ص362، أنظر: روضة الواعظین، ج2، ص264. أعلام الوری، ص434. الخرایج، ص3، 1176. الصراط المستقيم، ج2، ص252. المحجة، ص 184
5- التهذیب، ج3، ص253. ملاذ الأخيار، ج5، ص478. بحار الأنوار، ج52، ص374. عن الصادق من كانت له دار بالكوفة فليتمسك بها وفي آخر ألا وإنَّ قم الكوفة الصغيرة . بحار الأنوار، ج52، ص386 و374. سفينة البحار ، ج7، ص543

قد يكون اتساع الكوفة وغلاء الأرض لأنها ستكون عاصمة الدولة الإسلامية، والمؤمنون بحسب الروايات سيذهبون إلى هناك .

في زمن الإمام المهدي (علیه السلام)تتسع الطرق والشوارع أيضاً، وتوضع قوانین خاصة في هذا المجال. عن الإمام الباقر(علیه السلام) : «إذا قام القائم سار إلى الكوفة ... ولم يبق مسجد على الأرض له شرف إلا هدّمها وجعلها جماء، ووسع الطريق الأعظم»(1) .

وعن أبي الحسن موسی(علیه السلام) : «إذا قام قائمنا قال : يا معشر الفرسان سيروا في وسط الطريق يا معشر الرجال سيروا على جنبي الطريق، فأيما فارس أخذ على جنبي الطريق فأصاب رجلاً عيبٌ ألزمناه الدية، وأيما رجل أخذ في وسط الطريق فأصابه عيب فلا دية له»(2).

نفهم من هذه الرواية أن المدن تتسع، وتكثر الطرقات ، وتوضع قوانين ليس فقط لوسائل النقل، بل للمشاة أيضاً. فالحكومة التي تستفيد من العلم والصناعة وتوسع الطرق الرئيسية، وتفتح شوارع واسعة، لا شك أنها تضع إلى جانب ذلك قوانين للقيادة مع ضمان قوي لتنفيذها.

ج - الزراعة:

من المجالات التي حصل فيها تغيير ملفت في دولة إمام الزمان (علیه السلام)، الزراعة وتربية المواشي، فبعد أن ذاق الناس طعم قلة

ص: 247


1- المفید، الارشاد، ص365. بحار الأنوار، ج52، ص339
2- التهذیب، ج1، ص314، وسائل الشيعة، ج19، ص181. ملاذ الأخيار، ج16،ص685. إثبات الهداة ، ج3، ص 455

المطر، والجفاف، وقلَّة المواد الغذائية، وموات الأراضي الزراعية لسنوات متوالية، ومضى زمان لا أثر فيه للماشية وتربية المواشي، وكان على المرء أن يقدم أحياناً أغلى شيء عنده، أي الشرف والعرض، من أجل تأمين لقمة الخبز يحدث تغيير مدهش في الزراعة وتربية المواشي وتكثر المواد الغذائية في المجتمع.

قبل ظهور الإمام (علیه السلام)إذا كان المطر يهطل أحياناً، لم تكن الأرض تقبله، وأحياناً تكون الأرض محتاجة له إلا إنَّ السماء لا تمطر، تنعدم المحاصيل الزراعية، وقد يهطل المطر في غير زمانه فيفني المزروعات . في زمان الإمام(علیه السلام) تتغير أوضاع الطقس، في البداية يهطل مطر لم يره الناس في حياتهم، وبعد ذلك تنزل الرحمة الإلهية على البشر، وتكثر على أثره النعم عليهم، بحيث أنهم يجنون محصول عشر سنوات في يوم واحد. وقد جاء في الروايات أنه ينتج من كل منٍّ واحدٍ - كل ثلاثة كيلو غرامات - من القمح مائة مَنٍّ.

تحكي الروايات عن نزول المطر أربعاً وعشرين مرة في سنة الظهور، تعم بعدها الناس بركات كثيرة. وتنتشر الخضرة والبهجة، في الجبال والسهول والصحاري، ولا يبقى في الصحارى البائرة والقاحلة أثر للبوار، وتزداد النعم الإلهية حتى يتمنى الناس الحياة الأمواتهم.

1 - كثرة الأمطار:

قال رسول الله (صلی الله علیه و اله): «... ترسل عليهم السماء مدراراً»(1).

ص: 248


1- مجمع الزوائد، ج7، ص317

وعنه(صلی الله علیه و اله) : «... وينزل الله له البركة من السماء»(1).

وعنه (صلی الله علیه و اله): «... فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وتمطر السماء مطراً, وتخرج الأرض نباتها، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعم بمثلها قط»(2).

وعن أمير المؤمنین (علیه السلام): «بنا يفتح الله، وبنا یختم، وبنا يمحو ما يشاء، وبنا يثبت، وبنا یدفع الله الزمان الكّلِب، وبنا ينزل الغيث،فلا يغرنك بالله الغرور، ما أنزلت السماء قطرة من ماءٍ منذ حبسه الله عز وجل، ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء»(3).

وعن أبي عبد الله(صلی الله علیه و اله) : «وإذا آن قیامه(صلی الله علیه و اله)، مطر الناس جمادى الآخرة وعشرة أيام من رجب مطراً لم تر إلى الخلائق مثله»(4) .

وقال سعيد بن جبير : «السنة التي يقوم فيها المهدي تمطر أربعاً وعشرين مطرةً يرى أثرها وبركتها»(5).

وعن رسول الله(صلی الله علیه و اله) : «وتزيد المياه في دولته، وتُمَدُّ الأنهار»(6).

ص: 249


1- عقد الدرر، ص169
2- المطالب العالية، ج4، ص242. إبن طاووس، الملاحم، ص139. إثبات الهداة ، ج3، ص 524. إحقاق الحق، ج19، 655. إنظر بحار الأنوار، ج 52، ص 345
3- منن الرحمن، ج2، ص337. الوافي، ج2، ص470
4- بحار الأنوار، ج52، ص337. الوافی، ج2، ص470
5- إحقاق الحق، ج13، ص169
6- عقد الدرر، ص84

وقال (صلی الله علیه و اله): «إذا كان خروج القائم، ... فعند ذلك تفرح الطيور ... وتمد الأنهار، وتفيض العيون، وتنبت الأرض ضعف أُكُلِها»(1).

2 - كثرة المحاصيل الزراعية :

عن النبي (صلی الله علیه و اله): «طوبی لعيشٍ بعد المسيح (الدجال)، يؤذن للسماء في القطر، وللأرض في النبات ، فلو بذرت حبة على الصفا لنبتت، ولا تباغض ولا تحاسد، حتى يمرَّ المرء على الأسد ولا يضره، ويطأ على الحية فلا تضرُّه»(2).

وقال (صلی الله علیه و اله): «... تنعم أمتي في دنياه نعماً لم تنعم مثله قط، البرُّ منهم والفاجر، ترسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدَّخر الأرض شيئاً من نباتها»(3).

وعن النبي(صلی الله علیه و اله) : «وتكون الأرض كفاثورة الفضة، تنبت نباتها كما كانت على عهد آدم»(4).

وعنه (صلی الله علیه و اله): «ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم»(5).

وعن طاووس عن أبيه يرويه : ويكون القطف - عنقاء - يأكل منه النفر ذو عدد»(6).

ص: 250


1- المفيد، الإختصاص، ص208. بحار الأنوار، ج52، ص304
2- فردوس الأخبار، ج3، ص24
3- إبن طاووس، الملاحم، ص141، انظر : الطوسي، الغيبة، ص115، إثبات الهداة ، ج3،ص504
4- ن.م، ص 152. إبن ماجة، السنن، ج2، ص1359. إبن حماد، الفتن، ص 162. فيه (كفادورة). عبد الرزاق، المصنف ج 11، ص399 وفيه (كماتور الورق)
5- ن.م، الدر المنثور، ج4، ص255. فاختلاف - عبد الرزاق، المصنف، ج11، ص401
6- م. س

وعنه قال أمير المؤمنین(علیه السلام) «... وبعد ذلك یملك المهدي مشارق الأرض ومغاربها... ويذهب الشر ويبقى الخبر، ويزرع الرجل الشعير والحنطة، فيخرج من كل منّ مائة منّ، كما قال الله تعالى : «فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ»(1).

وعن أمير المؤمنين(علیه السلام) : «فبعث الإمام(علیه السلام) إلى أمرائه بسائر الأمصار بالعدل بين الناس... ويزرع الإنسان مدّا يخرج له سبعمائة كما قال الله عز وجل «وَاللَّهُ يُضَاعِفُ ...»(2).

وعنه(علیه السلام) : وفي قصة المهدي(علیه السلام) : «... وتحمل الأشجار، وتتضاعف البركات»(3).

وعنه (علیه السلام): «ولو قد قام قائمنا، لأنزلت السماء قطرها، وأخرجت الأرض نباتها ... حتى تمشي المرأة بين العراق والشام لا تضع قدميها إلا على النبات»(4).

قد يكون الإمام(علیه السلام) ذكر هذه المنطقة كمثال، ولا بد من الإلتفات إلى أن هذه المنطقة ليس فيها إلا الأشواك الصحراوية . ولعل ذکرها هو لبيان أن جميع الأراضي البائرة تتحول إلى أراضٍ زراعية في عصر الإمام المهدي (علیه السلام)، يقول النبي(صلی الله علیه و اله) في هذا

ص: 251


1- الشيعة والرجعة، ج 1، ص 167. الآية 261، من سورة البقرة
2- عقد الدرر، ص159. إبن طاووس، الملاحم، ص97. القول المختصر، ص30
3- إبن طاووس، الملاحم، ص125. الحاوي للفتاوي، ج2، ص61، المتقي الهندي ، البرهان، ص 117
4- تحف العقول، ص115

المجال : «إذا ظهر المهدي في أمتي أخرجت الأرض زهرتها وأمطرت السماء مطرها»(1).

وعن أبي عبد الله (علیه السلام): «... والله ليزرعنَّ الزرع، ولیغرسنَّ النخل بعد خروج الدجال»(2) .

وعنه (علیه السلام)في تفسير الآية الشريفة «مدهامتان» : «أن أشجار التمر تتصل بين مكة والمدينة»(3).

3 - إنتشار تربية المواشي :

قال رسول الله (صلی الله علیه و اله): «يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتكثر الماشية»(4) .

وقال (صلی الله علیه و اله): «... وتعيش الماشية»(5).

وعنه (صلی الله علیه و اله): «بعد الدجال يبارك الله في الرَّسل، حتى أن اللقمة من الأبل لتكفي الفئام من الناس، واللقمة من البقر لتكفي القبيلة، واللقمة من الغنم لتكفي النفر من الناس»(6).

ص: 252


1- المناقب والمثالب، ص 44. أحقاق الحق، ج19، ص677. أنظر : إبن ماجة، السنن، ج2، ص1356. الحاكم، المستدرك، ج2، ص492. الدر المنثور، ج2، ص 244
2- الكافي، ج5، ص 260. من لا يحضره الفقيه،، ج3، ص158.وسائل الشيعة، ج13، ص193. التهذیب، ج 6، ص 384
3- القمي، التفسير، ج2، ص346. بحار الأنوار، ج51، ص49. الآية 64. من سورة الرحمن
4- الحاكم. المستدرك، ج4، ص5558. عقد الدرر، ص144. المتقي الهندي، البرهان، ص 84. کشف الغمة، ج3، ص260. بحار الأنوار، ج51، ص81
5- جامع الأحادیث، ج8، ص77. إحقاق الحق، ج13، ص215. وج19، ص681
6- إبن حماد ، الفتن، ص148

4 - التجارة :

إن رشد ونمو التجارة في البلاد والمجتمع هو علامة إزدهار الإقتصاد وثراء المجتمع، كذلك تعطيل الأسواق، وكساد التجارة هو علامة فقر المجتمع. وبما أن الناس في دولة إمام العصر (علیه السلام)يعيشون في وضع اقتصادي راق ، فإن التجارة تزدهر وتنشط الأسواق.

عن النبي محمد(صلی الله علیه و اله) : «من أشراط الساعة أن يفيض المال، ويظهر العلم ويفشو التجار»(1).

وعن عبد الله بن سلام: «يمكث الناس بعد خروج الدجال أربعين عاماً، ويُغرس النخل، وتقوم الأسواق»(2).

ص: 253


1- ابن قتيبة، عيون الأخبار، ج1، ص12
2- ابن أبي شيبة ، المصنف، ج15، ص142، الدر المنثور، ج5، المتقي الهندي، البرهان، ص193

ص: 254

الفصل الخامس : الصحة الطب

اشارة

من مشاكل المجتمع قبل ظهور إمام الزمان(علیه السلام) سوء الوضع الصحي، والعلاج، التي ينتج على أثرها انتشار الأمراض المعدية والموت فجأة في أنحاء العالم. فتنتشر أمراض مثل: الجذام والطاعون، الشلل، والأيذر والسارس، العمى، السكتة ومئات الأمراض الفتاكة الأخرى بحيث تهدد حياة الناس حتى يصير الجميع وكأنهم ينتظرون الموت المحتم، ولا يبقى لديهم أمل أبداً بالحياة. إذا ناموا لا يأملون بالبقاء أحياء حتى الصباح والاستيقاظ، وإذا خرجوا لا أمل لديهم بالعودة .هذه الأوضاع المفزعة والمؤلمة تحدث بسبب تلوث الجو ونتيجة استخدام الأسلحة الكيميائية، الذرية والميكروبية، أو زيادة أعداد الجثث التي لم تدفن وفسادها، أو على أثر الأمراض النفسية والروحية التي تظهر من الخوف وفقدان الأعزاء، وقد يكون ذلك بسبب جميع ما ذكر، وأشياء أخرى لا نعرفها.

ص: 255

دولة المهدي (علیه السلام)فی تلك الظروف، هي نور أمل في قلوب البشر المعذبين والمتألمين في ذلك العصر، من أجل إزالة هذا الوضع، وبشرى بصلاح المجتمع البشري، وهذا هو عين الشيء الذي تقوم به دولة إمام الزمان (علیه السلام).

سنذكر هنا عدة روايات في مجال الوضع الصحي قبل الظهور ،

ثم ننقل الروايات التي تتحدث عن مساعي الإمام الحجة (علیه السلام)

لتأمين الإمكانات الطبية والعلاج للمجتمع البشري .

أ - إنتشار الأمراض والموت الفجائي:

عن النبي (صلی الله علیه و اله): «من إقتراب الساعة أن يموت الرجل بغيروجع»(1).

وقال النبي (صلی الله علیه و اله): «تكثر الصواعق عند إقتراب الساعة حتى يأتي الرجل فيقول: من صعق تلكم الغداة؟ فيقولون: صعق فلان وفلان»(2).

الصاعقة بمعنى فقدان الوعي وذهاب العقل إثر سماع صوت قوي مخيف، وبمعنى الاشتعال والاحتراق، من هذه الناحية الأشخاص الذين يصابون بالصاعقة إما أن يفقدوا عقولهم أو أن يحترقوا على أثر الصاعقة ويتحولوا إلى رماد. يمكن طبعاً أن تكون الصاعقة بسبب انفجار قذائف الأسلحة المتطورة في ذلك العصر التي لها صوت مرعب ونار حارقة، بحيث أن كل من يقترب منها يصير

ص: 256


1- فردوس الأخبار، ج4، ص298
2- أحمد بن حنبل، المسند، ج3، ص64. فردوس الأخبار، ج5، ص434

رماداً، وتتسبب بالأمراض، وهذه الأمراض والمصائب هي فقط من آثار الأسلحة المدمرة. وإن كان للصاعقة تعريف محدد وصعق فلان معناه هلك بالصاعقة.

قال رسول الله(صلی الله علیه و اله) : «... وبين يدي الساعة موت شدید وبعده سنوات الزلازل»(1).

وقال أمير المؤمنین(علیه السلام) : «بين يدي القائم موت أحمر، وموت أبيض، أما الموت الأبيض فالطاعون»(2).

وعن أبي عبد الله (علیه السلام): «من أشراط الساعة أن يفشو الفالج وموت الفجأة»(3).

وعن موسی بن جعفر(علیهما السلام) : قال : «قال رسول الله(صلی الله علیه و اله) :

ظهور البواسير، وموت الفجأة والجذام من اقتراب الساعة»(4) .

وفي كتاب بيان الأئمة: وقوع الوباء والطاعون في العالم، خصوصاً في بغداد، وما يقرب منه من البلاد، فيهلك منه جمع كثير، وجم غفير من الناس»(5).

ب - الصحة:

اشارة

إزدهار العلم المدهش، وبالأخص علم الطب في دولة الإمام المهدي(علیه السلام) ، والإستفادة منه من أجل تحسين الأوضاع الصحية في

ص: 257


1- المعجم الكبير، ج7، ص59
2- المفید، الارشاد، ص359. النعماني، الغيبة ، ص277. إعلام الوری، ص427. الخرائج، ج3، ص1152. بحار الأنوار، ج92، ص211. الصراط المستقيم، ص249. إلزام الناصب، ج2، ص147
3- بحار الأنوار، ج2، ص313. إبن الأثير، النهاية ، ج1، ص187
4- ن.م، ص269. نقلاً عن الإمامة والتبصرة. إلزام الناصب، ج2، ص125
5- بيان الأئمة، ج 1، ص 102

المجتمع، وإخماد نيران الحروب، وإيجاد الجو الهاديء، والنعيم بإصلاح الناس، وتوسعة الزراعة وتربية المواشي، وتأمين المواد الغذائية بالشكل المطلوب، كل ذلك هو من العوامل التي ترفع مستوى سلامة الأوضاع الصحية إلى مستوى نموذجي، وتتغير الإمكانات الجسمية لدى الناس وتطول أعمارهم، بحيث أن الشخص قد يرى ألف ولد وحفيد له، قبل أن يموت .

عن النبي (صلی الله علیه و اله): «إذا نزل عیسی بن مریم، وقَتَلَ الدجال تمتعوا، تحيوا ليلة طلوع الشمس من مغربها، وحتى تمنعوا بعد خروج الدجال أربعين سنة، لا يموت أحد ولا يمرض»(1).

قد يكون المراد من هذا الكلام هو أن الموت والأمراض التي تنتشر قبل ظهور الإمام(علیه السلام) تقل في زمانه إلى أقل مستوى قد يعد في حكم العدم، وقد يكون المراد هو المعنى الظاهري . يعني ذلك أن لا يكون هناك وجود للموت والمرض في هذه المدَّة، وذلك ببركة وجود الإمام بقية الله الأعظم المبارك.

عن أمير المؤمنین (علیه السلام): «... فيبعث المهدي(علیه السلام) إلى أمرائه بسائر الأمصار ... وتطول الأعمار»(2).

وعن المفضل بن عمر، قال : سمعت أبا عبد الله(علیه السلام) يقول :

«إنَّ قائمنا إذا قام ... ويَع۟مُرُ الرجل في ملکه حتی يولد له ألف ذكر، لا تولد فيهم أنثى»(3).

ص: 258


1- إبن طاووس، الملاحم، ص97
2- عقد الدرر، ص159. القول المختصر، ص20. ومثله عن النبي في فتن إبن حماد ص 116
3- المفید، الارشاد، ص363. المستجاد، ص509. بحار الأنوار، ج52، ص337. الوافي، ج2، ص470

وعن علي بن الحسين (علیه السلام): «إذا قام قائمنا، أذهب الله عز وجل عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزبر الحديد وجعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلاً، ويكونون حكام الأرض وسنامها»(1).

وعن أبي جعفر (علیه السلام): «من أدرك قائم أهل بيتي من ذي عاهة بَرأ، ومن ذي ضعف قوي»(2).

وفي رواية : «ذهب العاهة وهم كزبُر الحديد»(3).

- شهادة أو رحيل الإمام(علیه السلام) :

وردت روایات مختلفة في موضوع شهادة أو رحیل الإمام (علیه السلام)، ولكن نظراً إلى كلام الإمام الحسن المجتبى(علیه السلام) الذي يقول فيه: «ما منا إلا مسموم أو شهيد»(4)، يمكن ترجیح الروايات الدالة على شهادة الإمام (علیه السلام)على غيرها نذكر هنا عدة روایات فقط في هذا المجال :

عن الإمام الصادق (علیه السلام): في قوله تعالى: «... ثم رددنا لكم الكرة عليهم ...» خروج الحسين(علیه السلام) في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب لكل بيضةٍ وجهان، المؤدون إلى الناس أن هذا الحسين قد خرج حتى لا يشك المؤمنون فيه، وأنه ليس بدجال ولا شيطان. والحجة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين (علیه السلام)جاء الحجة الموت فيكون الذي

ص: 259


1- النعماني، الغيبة، ص307. الصدوق، الخصال، ج 2، ص 541، روضة الواعظین، ج2، ص295. الصراط المستقيم، ج2، ص261. بحار الأنوار، ج 52. ص317
2- النعماني، الغيبة، ص307. الصدوق، الخصال، ج 2، ص 541، روضة الواعظین، ج2، ص295. الصراط المستقيم، ج2، ص261. بحار الأنوار، ج 52. ص317
3- الصدوق، الخصال، ج2، ص507
4- كفاية الأثر ، ص 229. بحار الأنوار، ج27، ص217

يغسله، ويكفنه ويحنّٙطه، ويلحده في حفرته الحسين بن علي (علیهما السلام)، ولا يلي الوصي إلا الوصي»(1) .

وعن الزهري: «يعيش المهدي أربع عشرة سنة، ثم يموت موتاً»(2).

وعن أرطأة : «بلغني أن المهدي يعيش أربعين عاماً، ثم يموت على فراشه»(3) .

وعن کعب الأحبار، قال: «المنصور يعيش أربعين عاماً، ثم يموت على فراشه»(4).

وعن كعب الأحبار، قال: «المنصور المهدي يصلي عليه أهل الأرض والسماء، يبتلي بقتل الروم والملاحم عشرين سنة ، ثم يقتل شهيداً هو وألفان معه، كلهم أمير وصاحب راية، فلم يصب المسلمین مصيبة بعد رسول الله (صلی الله علیه و اله)أعظم منها»(5).

إن كلام الزهري وأرطأة وكعب لا يعتمد عليه إلا إذا كان هناك شاهد صدق عليه.

ص: 260


1- الكافي، ج8، ص206. تأويل الآيات الظاهرة، ج 1، ص 278. وج 2، ص 762. مختصر البصائر ، ص48. تفسير البرهان، ج2، ص401 بحار الأنوار، ج53،ص13. وج51، ص59 الآية، 26، سورة الإسراء
2- إبن حماد، الفتن، ص 104. البدء والتاريخ، ج2، ص 184. المتقي الهندي، البرهان، ص163
3- ن.م. ص99. عقد الدرر، ص157. المتقي الهندي، البرهان، ص157
4- عقد الدرر، ص149
5- ن.م
- كيفية شهادة الإمام (علیه السلام):

في إلزام الناصب: «فإذا تمت السبعون سنة أتى الحجة

الموت، فتقتله إمرأة من بني تميم إسمها سعيدة ولها لحية الرجل بجاون صخر من فوق سطح وهو متجاوز في الطريق، فإذا مات، تولى تجهيزه الحسين(علیه السلام)»(1).

ومثله عن الإحسائي : .... «إلى أن تمضي إحدى عشرة سنة تمام مدة ملك الحجة(علیه السلام) ، فيقتل، تقتله إمرأة من بني تميم لها لحية كلحية الرجل يقال لها سعيدة، لعنها الله! وذلك أنه يتجاوز في الطريق، وهي على سطحها،وتضربه بجاون صخر على أم رأسه فتقتله، ويتولى أمر تجهيزه الحسين (علیه السلام)ويقوم بالأمر بعده إلى أن تمضي ثمان سنين»(2). لكنها ليست رواية بل هو مجرد قول غیر مستند إلى منبع روائي .

وعن الصادق (علیه السلام): «يقبل الحسين(علیه السلام) في أصحابه الذين قتلوا معه، ومعه سبعون نبياً، كما بعثوا مع موسی بن عمران، فيدفع إليه الخاتم، فيكون الحسين(علیه السلام) هو الذي يلي غسله، وكفنه وحنوطه، وإبلاغه حفرته»(3).

والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً.

ص: 261


1- إلزام الناصب، ص190
2- شرح الزيارة الجامعة، ج3، ص53
3- مختصر بصائر الدرجات، ص48

ص: 262

فهرست المصادر

1 - قرآن کریم.

2 - نهج البلاغة.

3 - إثبات الوصية، علي بن حسين المسعودي، تا 346 ه.ق، منشورات الرضی، قم، 1404 ه.ق.

4 - إثبات الهداة، محمد الحسن الحرّ عاملی، ت1104 ه.ق، المطبعة العلمية، قم.

5 - الاحتجاج، أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، القرن السادس الهجري، دار النعمان، النجف الأشرف 1384 ه.ق.

6 - إحقاق الحق وإزهاق الباطل، الشهيد القاضي نور الله الحسيني المرعشي التستري، ت1019 ه.ق. (مع تعليقات آية الله المرعشي النجفي) مكتبة آية الله المرعشي، قم.

7 - الإختصاص، محمد بن محمد بن النعمان، ت413 ه.ق، المنشورات الإسلامية جماعة المدرسين، قم.

8 - اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي، ت385 ه.ق، التلخيص لأبي جعفر بن الحسن طوسي، جامعة مشهد.

9 - الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة، محمد صدیق حسن القنوجي البخاري، 1307 ه.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

ص: 263

10 - الإرشاد، محمد بن محمد بن النعمان، 613 ه.ق، منشورات بصيرتي، قم.

11 - إرشاد القلوب، أبو محمد الديلمي، مؤسسة الإعلمي، بيروت.

12 - إسعاف الراغبين، محمد بن علي الصبّان، ت 1206 ه.ق، دار الفكر، قاهرة.

13 - أسد الغابة، ابن الأثير الشيباني، ت 630 ه.ق، المطبعة الإسلامية طهران.

14 - الإصابة في معرفة الصحابة، ابن حجر عسقلاني، ت852 ه.ق، دار الكتاب، بیروت.

15 - الأصول الستة عشر، تحقیق حسن المصطفی، تهران، 1371 ش.

16 - أعلام المنجد، لويس معلوف اليسوعي، دار المشرق، بيروت.

17 - أعلام النساء، عمر رضا کحالة، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1401 ه.ق.

18 - إعلام الوری بأعلام الهدی، أبو علي فضل بن حسن الطبرسي، ت548 ه.ق دار المعرفة، بيروت.

19 - أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين العاملي، دارالتعارف، بيروت.

20 - الإقبال، رضي الدين أبو القاسم علی بن موسی بن جعفر بن طاووس، ت 664 ه.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران 1390 ه.ق.

21 - إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، قم، 1404 ه.ق.

22 - أمالي الشجري (الأمالي الخميسية)، يحيى بن حسين الشجري، ت 679 ه.ق، المكتبة الأهلية، بغداد.

23 - أمالي الشيخ الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن طوسي، ت 460ه.ق، المكتبة الأهلية، بغداد.

24 - أمالي المفيد، محمد بن محمد بن نعمان، ت413 ه.ق، المنشورات الإسلامية، جماعةالمدرسين، قم.

ص: 264

25 - الإمامة والتبصرة، علي بن الحسين بن بابوية القمي، ت 329 ه.ق، مدرسة الإمام المهدي (علیه السلام)، قم.

26 - الأنساب، أبو سعد عبد الكريم التميمي السمعاني، ت 563 ه.ق، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، 1408 ه.ق.

27 - الإيقاظ من الهجعة، محمد بن الحسن الحر العاملي، ت1104 ه.ق، دار الكتب العلمية، قم.

28 - الأيام المكية من عمر النهضة الحسينية، نجم الدين الطبسي، دار الولاء - بيروت.

29 - بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه.ق، مؤسسة الوفاء، بیروت.

30 - البدء والتاريخ، المنسوب إلى أبي زيد أحمد بن سهل البلخي المقدسي، ت 355، ه.ق، مكتبة الأسدي، طهران.

31 - البرهان في تفسير القرآن، السيد هاشم البحراني، ت1107 ه.ق،المطبعة العلمية، قم.

32 - البرهان في علامات مهدي آخر الزمان، علاء الدين علي بن حسام الدين المعروف بالمتقي هندي، ت975 ه.ق، مطبعة الخيام، قم.

33 - البرهان القاطع، محمد حسین برهان، ت1083 ه.ق، منشورات الفكر، طهران.

34 - بشارة الإسلام السيد مصطفى آل السيد حيدر الكاظمي، ت 1336، مكتبة نينوى الحديثة، طهران.

35 - بشارة المصطفى، أبو جعفر، محمد بن أبي القاسم الطبري، المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف.

36 - بصائر الدرجات في فضائل آل محمد، محمد بن الحسن بن فروخ الصفّار قمي، ت290 ه.ق، مكتبة آية الله المرعشي، قم.

237 - بهحة الآمال، الملاً علي علياري التبريزي، ت1327 ه.ق، مؤسسة الثقافة الإسلامية كوشانبور، طهران.

ص: 265

38 - بیان الأئمة، محمد مهدي النجفي، قم، 1408 ه.ق.

39 - البيان في أخبار صاحب الزمان، محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي، ت 658 ه.ق، دار إحياء تراث أهل البيت، طهران.

40 - تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، السيد شرف الدين عل الحسيني الأسترابادي النجفي، القرن السادس، مدرسة الإمام مهدي(علیه السلام) ، قم.

41 - تاريخ الأمم والملوك، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ت310 ه.ق، دار المعارف، القاهرة.

42 - تاريخ بغداد، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، ت 463 ه.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

43 - تاریخ ما بعد الظهور، السيد محمّد صادق الصدر، دار التعارف للمطبوعات بيروت.

44 - تبصرة الولي، السيد هاشم البحراني، ت1107 ه.ق، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

45 - تحف العقول عن آل الرسول، أبو محمد حسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرّاني، المنشورات الإسلامية جماعة المدرسين، قم.

46 - تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ت 726 ه.ق، مؤسسة آل البيت (علیهم السلام) لإحياء التراث، قم.

47 - الترغيب والترهيب من الحديث الشريف، عبد العظيم بن عبد القوی المنذري، ت 656 ه.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

48 - التصريح بما تواتر في نزول المسیح، محمد أنور شاه الكشميري الهندي، ت1352 ه.ق، دار القرآن الكريم، بيروت.

49 - التطبيق بين السفينة والبحار بالطبعة الجديدة السيد جواد المصطفوي، مقام القدس الرضوي، مشهد، 1403ه.ق.

ص: 266

50 - تفسير الصافي الفيض الكاشاني، ت 1091 ه.ق، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

51 - تفسير العسكري (ع) المنسوب للإمام الحسن العسكري (ع)، مدرسة الإمام المهدي (ع)، قم، 1409 ه.ق.

52 - تفسير العياشي، محمد بن مسعود بن عياش السمرقندي، المكتبة الإسلامية، طهران.

53 - تفسر فرات الكوفي، فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، مكتبة الداوري، قم.

54 - تفسير القمي، أبو الحسن علي بن إبراهيم القمي، أواخر القرن الثالث الهجري القمري، مكتبة الهدى، النجف الأشرف.

55 - تفسير نور الثقلین، عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي، ت1112 ه.ق، المكتبة العملية، قم.

56 - تقريب المعارف الشيخ تقي الدين أبو الصلاح الحلبي، ت447 ه.ق، المنشورات الإسلامية تجمع المدرسين قم، 1404 ه.ق.

57 - التقريب والتيسير، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، بيروت.

58 - تنقيح المقال في علم الرجال للشيخ عبد الله بن محمد حسن بن المولى عبد الله المامقاني النجفي، ت 1351 ه.ق.

59 - تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران.

60 - ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، محمد بن الحسين بن بابوية، ت381 هق، مكتبة آية الله المرعشي، قم.

61 - جامع أحاديث الشيعة، السيد حسين البروجردي، ت1380 ه.ق،مدينة العلم، قم.

62 - جامع الأخبار، تاج الدين الشعيري، القرن السادس الهجري القمري، منشورات الرضي، قم.

ص: 267

63 - جامع الأصول من أحاديث الرسول، أبو السعادات مبارك بن محمد معروف به ابن الأثير، ت 606 ه.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

64 - الجامع الصحيح، محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، ت 297 ه.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

65 - جمع الجوامع (الجامع الكبير)، جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، ت911 ه.ق، طبعة حجرية.

66 - الحاوي للفتاوی، جلال الدين عبد الرحمن للسيوطي، ت911 ه.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

67 - حق اليقين، محمد باقر مجلسي، ت1111 ه.ق، منشورات جاويدان، طهران.

68 - حلية الأبرار في فضائل محمد وآله الأطهار السيد هاشم بن إسماعيل البحراني، ت1107 ه.ق، دار الكتب العلمية، قم.

69 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصفهاني أحمد بن عبد الله، ت430 ه.ق، دار الكتاب العربي، بيروت.

70 - الخرائج والجرائح، أبو الحسين سعيد بن هبة الله معروف بقطب الدين الراوندي، ت 573 ه.ق، مؤسسة الإمام المهدي(علیه السلام) ، قم.

71 - الخصال، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابوية القمي، ت381 ه.ق، المنشورات الإسلامية جماعة المدرسين، قم.

72 - خلاصة الأقوال (رجال العلاّمة)، حسن بن يوسف بن مطهر الحلّي، ت726 ه.ق، الرضي، قم.

73 - درر الأخبار فيما يتعلق بحال الإحتضار، الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي، ته 1405 ه.ق، مطبعة النعمان، النجف الأشرف.

74 - الدرر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، ت911 ه.ق، دار المعرفة، بيروت.

ص: 268

75 - دلائل الإمامة، أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري، مكتبة الرضی، قم.

76 - دلائل النبوة، أحمد بن عبد الله، أبو نعيم الإصفهاني، ت 230 ه.ق، دار المعرفة، بيروت.

77 - دليل الكتب الأربعة، محمد الظفري، المطبعةالعلمية، قم 1405 ه.ق.

78 - ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربی، محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري، ت92 ه.ق، مكتبة المحمدي، قم.

79 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة، الشيخ الطهراني، ت 1389 ه.ق، المكتبة الإسلامية، طهران.

80 - راموز الأحاديث، ضياء الدين أحمد بن مصطفى الإستانبولی ت 1311 ه.ق مطبعة هند.

81 - رجال ابن داود، حسن بن علي بن داود الحلّي، أول القرن الثامن النجف، 1972م.

82 - الرجعة بنظر الشيعة، نجم الدين الطبسي، المكتبة العلمية قم، 1200 ه.ق.

83 - الرجعة في أحاديث الفريقين، نجم الدين الطبسي.

84 - روضة المتقين، محمد تقي المجلسي، 1070ه.ق مؤسسة الثقافة الإسلامية، طهران.

85 - روضة الواعظين، محمد بن فتال النيسابوري، ت508 ه.ق، قم منشورات الرضي، قم.

86 - رياحين الشريعة، ذبيح الله المحلاتي، دار الكتب الإسلامية، طهران.

87 - النجم اللامع، الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي، ترجمة السيد محمد میر شاه ولد، منشورات المحمدي طهران.

88 - سفينة البحار الشيخ عباس القمي، ت 1359 ه.ق، منشورات الأسوة، قم.

ص: 269

89 - سنن ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، ت 275 ه.ق، دار أحياء التراث العربي، بيروت.

90 - سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، ت 275 ه.ق، دار أحياء السنة النبوية.

91 - السنن الكبرى، أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، ت458 ه.ق، دار إحياء السنة النبوية.

92 - سنن الدارمی، أبو محمد عبد الله الدارمی، ت 255 ه.ق، دار الفكر، بيروت.

93 - السيرة الحلبية، علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي، ت 1044 ه.ق بيروت.

94 - شرح نهج البلاغة، عز الدين أبو حامدبن هبة الله بن أبي الحديد المدائني، ت 655 ه.ق، مطبعة باب الحلبي، القاهرة. - شرح زیارة الجامعة الكبيرة للإحسائي. 95 - الشيعة والرجع- ، الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي، دار الولاء -

بيروت.

96 - صحيح البخاري، إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري، ت256 ه.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

97 - صحيح الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سوره، ت297 ه.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

98 - صحيح مسلم، أبو الحسين مسلم بن حجاج القشيري النيسابوري،ت 261 ه.ق دار إحياء التراث العربي، بيروت.

99 - الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم، زين الدين أبو محمد علي بن يونس العاملي النباطي، ت877 ه.ق، المكتبة المرتضوية، طهران.

100 - الصواعق المحرقة، أحمد بن حجر الهيثمي، ت 974 ه.ق، مكتبة القاهرة.

ص: 270

101 - الطبقات الكبرى، أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري، ت 230 ه.ق، دار صادر، بیروت.

102 - الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، علي بن موسی المعروف بالسيد بن طاوس، ت664 ه.ق، مطبعة الخيام، قم.

103 - العدد القوية لدفع المخاوف اليومية، رضي الدين علي بن يوسف بن المطهر الحلّي، ت726 ه.ق، مكتبة آية الله المرعشي، قم.

104 - العطر الوردي، محمد بلبيسي الشافعي، ت1308 ه.ق، الطبعة الأميرية، بولاق. 105 ۔ عقائد الصدوق، أبو جعفر محمد بن بابوية القمي، ت381 ه.ق،

طبعة حجرية، 1292 ه.ق.

106 - عقد الدرر في أخبار المنتظر، يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي القرن السابع الهجري القمري، عالم الفكر، قاهرة.

107 - العقد الفريد، ابن عبد ربه الأندلسي، ت327 ه.ق، دار الكتاب العربي، بيروت.

108 - علل الشرایع، أبو جعفر محمد بن بابوية، ت381 ه.ق، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

109 - العلل المتناهية، أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، ت597 ه.ق، دار الكتب العلمية، بيروت 1403 ه.ق.

110 - العمدة لابن البطريق، یحیی بن الحسن الأسدي الحلّي المعروف بإبن بطريق، ت 600 ه.ق، المنشورات الإسلامية جماعة المدرسين، قم.

111 - عوالم العلوم، والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال، الشيخ عبد الله البحراني الإصفهاني، مدرسة الإمام المهدي(علیه السلام) ، قم.

112 - عيون الأخبار، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، ت 278 ه.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

ص: 271

113 - عيون أخبار الرضا، أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابوية، ت381 ه.ق، منشورات طوس، قم.

114 - الغارات، أبو اسحاق إبرهيم بن محمد الثقفي، ت 283 ه.ق، طهران

115 ۔ غاية المرام في حجة الخصام عن طريق الخاص والعام، سيد هاشم بن سليمان البحراني، ت1107 ه.ق، مؤسسة الأعملي، بيروت.

116 - الغيبة أبو جعفر، محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه.ق، مكتبة نينوى، طهران. مؤسسة المعارف الإسلامية، قم.

117 - الغيبة، محمد بن إبراهيم النعماني، ت 360 ه.ق مكتبة الصدوق، طهران.

118 - الفائق في غريب الحديث، جار الله، محمود بن عمر الزمخشري، ت583 ه.ق، دار المعرفة بيروت.

119 - الفتاوى الحديثية، أحمد بن حجر الهيثمي، ت974 ه.ق، التقدم العلمية، مصر.

120 - الفتن، أبو عبد الله نعیم بن حمّاد المروزي، ت 228 ه.ق، نسخة خطية، مكتبة المتحف إنكلترا.

121 - الفتوحات المكية، محمد بن علي المعروف به ابن عربي، ت638 ه.ق، دار الصادر، بیروت .

122 - فرائد السمطين في فضائل المرتضی والبتول والسبطين والأئمة من ذريتهم (ع)، إبراهيم بن محمد الجويني، الخراساني، ت 730ه.ق، مؤسسة المحمودي، بيروت.

123 - فرائد فوائد الفكر، مرعي بن يوسف بن أبي بكر، القرن الحادي عشر الهجري القمري، مؤسسة المعارف الإسلامية، قم.

124 - فردوس الأخبار، أبو شجاع شیرویه بن شهردار بن شیروية الديلمی، ت509 ه.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

ص: 272

125 - قاموس عميد فارسي، حسن عميد، منشورات، جاویدان، طهران.

126 - الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة، علي بن محمد بن أحمد المالكي المكي المشهور بابن صباغ، ته 855 ه.ق، مکتبة دار الكتب النجف الأشرف.

127 - فضل الكوفة، وفضل أهلها، محمد بن علي بن الحسن العلوي الحسيني الكوفي، ت 445 ه.ق، مؤسسة أهل البيت(علیهم السلام) ، بيروت.

128 - الفقيه (كتاب من لا يحضره الفقيه)، محمد بن علي بن بابوية القمي، ت381 ه.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران.

129 - قرب الأسناد، أبو العباس عبد الله بن جعفر الحميري، ت310 ه.ق، طبعة حجرية، المطبعة الإسلامية، طهران.

130 - قصص الأنبياء، قطب الدين الراوندي، ت 573 ه.ق، مؤسسة التحقيق الإسلامي، مشهد، ت1409 ه.ق.

131 - القول المختصر في علامات المهدي المنتظر، أحمد بن الحجر الهيثمي، ت 274 ه.ق، مكتبة أمير المؤمنين(علیه السلام) ، النجف الأشرف.

132 - كامل الزيارات، أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولوية، 367 ه.ق، المطبعة المرتضوية، النجف الأشرف، 1356ه.

133 - الكامل في التاريخ، أبو الحسن علي بن أبي المكرم المعروف به ابن الأثير، 630 ه.ق، دار صادر، بیروت.

134 - کشف الأستار، الميرزا حسين النوري، ت 1320 ه.ق مكتبة نينوى، طهران.

135- کشف الحق (الاربعون)، أمير محمد صادق خاتون آبادي،ت1207 ه.ق، مؤسسة البعثة طهران، 1361 ش.

136 - کشف الغمة في معرفة الأئمة، أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي، ت692 ه.ق، دار الكتاب الإسلامي، بيروت.

ص: 273

137 - الكافي، محمد بن يعقوب الكليني الرازي، ت329 ه.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران.

138 - كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر، أبو القاسم علي بن محمد بن علي (الخزاز) القرن الرابع ه.ق شوران بیدار، قم.

139 - كمال الدين وتمام النعمة، أبو جعفر محمد علي بن بابويه القمي، ت381 ه.ق، المنشورات الإسلامية جماعة مدرسین، قم.

140 - الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي، ت1359 ه.ق، مكتبة الصدر طهران.

141 - کنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، علاء الدين على معروف به المتقي الهندي، ت975 ه.ق، مؤسسة الرسالة، بيروت.

142 - لسان الميزان، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ت 852 ه.ق، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

143 - لوائح الأنوار البيهية، شمس الدين ممحد أحمد السفاريني النابلسي، ت1188 ه.ق، مجلة المنار، مصر.

144 - مجمع البحرین، فخر الدين الطريحي، ت 1085 ه.ق، المكتبة المرتضوية، طهران.

145 - مجمع البيان، في تفسير القرآن، فضل بن الحسن الطبرسي، ت548 ه.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

146 - مجمع الرجال، زكي الدين عناية الله بن مشرف الدين القهبائي، القرن الحادي العشر الهجري القمري، مطبعة رباني، أصفهان.

147 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، ت807 ه.ق، دار الكتاب العربي، بيروت.

168 - المحاسن، أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقی، ت274 هق، دار الكتب الإسلامية، قم.

ص: 274

149 - المحجة فيما نزل في الحجة، السيد هاشم البحراني، ت1107 ه.ق، مؤسسة الوفاء، بیروت، ت1406 ه.ق.

150 - مختصر إثبات الرجعة، فضل بن شاذان النيسابوري، مجلة تراثنا،رقم 15.

151 - مختصر بصائر الدرجات، عز الدين حسن بن سليمان الحلي، القرن التاسع عشر الهجري القمري، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

152 - مدينة المعاجز، سيد هاشم البحراني، ت1107 ه.ق، طبعة حجرية، طهران.

153 - مرآة العقول، محمد باقر المجلسي، 1111 ه.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران.

154 - مروج الذهب، علي بن حسين المسعودي، ت346ه.ق، دار الأندلس، بيروت.

155 - المستجاد من كتاب الإرشاد، حسن بن المطهر الحلی، ت726 ه.ق، مكتبة آية الله مرعشي، قم.

156 - مستدرکات علم رجال الحديث، الشيخ علي النمازي، ت 1405 ه.ق، المطعبة الحيدرية، طهران.

157 - المستدرك على الصحيحين في الحديث، أبو عبد الله، محمد معروف به الحاكم النيسابوري، ت 405 ه.ق، دار الفكر بيروت.

158 - مستدرك الوسائل، میرزا حسین نوري الطبرسي، ت 1320 ه.ق، مؤسسة آل البيت (علیهم السلام) لإحياء التراث، قم.

159 - المسترشد، أبو جعفر، محمد بن جرير بن رستم الطبري القرن الرابع ه.ق، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

ص: 275

160 - مسند أبو عوانة، يعقوب بن إسحاق الأسفرائيني، ت316 ه.ق، دار المعرفة، بیروت

161 - مسند أبي يعلى الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى التميمي، ت307 ه.ق، دار المأمون للتراث، دمشق.

162 - مسند أحمد، أحمد بن حنبل، ت241 ه.ق، دار الفكر، بيروت.

163 - مسند أبي داود، سلیمان بن داود بن الجارود الفارسي البصري، ت 204 ه.ق، دار المعرفة، بيروت.

164 - مصابيح السنة، حسین بن مسعود بن محمد الفراء البغوي، ت516 ه.ق، دار المعرفة بيروت.

165 - مصادقة الإخوان، أبو جعفر محمد بن علي بابوية القمي، ت381 ه.ق، مدرسة الإمام المهدي(علیه السلام) ، قم.

166 - المصنّف، عبد الرازق بن همام الصنعائي، ت 211 ه.ق، المكتب الإسلامي، بيروت.

167 - المصنّف، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، ت 235 ه.ق، دار السلفية، بومباي.

168 - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، أحمد بن حجر العسقلاني، ت852 ه.ق، دار المعرفة بيروت.

169 - معجم أحاديث الإمام المهدي، نجم الدين الطبسي، وجمع من الفضلاء، نشر المعارف الإسلامية، قم.

170 - معجم البلدان، أبو عبد الله یاقوت بن عبد الله الحموي البغدادي،ت626 ه.ق، دار التراث العربي، بيروت.

171 - معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، السيد أبو القاسم الخوئي مدينة العلم، قم.

ص: 276

172 - المعجم الصغير، سليمان بن أحمد طبراني، ت 360 ه.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

173 - المعجم الأوسط، سليمان بن أحمد طبراني ت360 ه.ق، مكتبة المعارف الرياض.

174 - المعجم الكبير، سليمان أحمد الطبراني، ت360 ه.ق، وزارة أوقاف العراق.

175 - الملاحم والفتن في ظهور الغائب والمنتظر، رضي الدين علي بن موسی بن طاووس، ت664 ه.ق، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

176 - ملاذ الأخيار، محمد باقر المجلسي، ت1111 ه.ق، مكتبة آية الله مرعشي، قم.

177 - المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ابن قيم الجورية، ت751 ه.ق، مكتب المطبوعات الإسلامية.

178 - مناقب آل أبي طالب، أبو جعفر رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب، ت588 ه.ق، نشر مكتبة العلاّمة، قم.

179 - منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر (ع) الشيخ لطف الله الصافي، مكتبة الصدر طهران.

180 - منتخب الأنوار المضيئة، السيد علي بن عبد الكريم النبلي النجفي، القرن التاسع الهجري القمري مكتبة الخيام، قم، 1401 ه.

181 - منتخب کنز العمّال، علاء الدين المتقي الهندي، ت975 ه.ق، دار الفكر، بيروت.

182 - المنجد، لويس معلوف اليسوعي، دار المشرق، بيروت.

183 - منن الرحمن، محمد بهاء الدين الحارثي، ت1030 ه.ق، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، 1344ه.

184 - منية المريد، زين الدين بن علي بن أحمد العاملي، ت965 ه.ق، منشورات مكتب الإعلام الإسلامي، قم، 1368ش.

ص: 277

185 - منهاج الدموع، شيخ علي قرني الكلبايكاني، مؤسسة الدين والعلم للمطبوعات، قم، 1344 ه.ق.

186 - مهدي موعود، محمد باقر المجلسي، 1111 ه.ق، ترجمه، علي الدواني، منشورات الأخوندي، طهران.

187 - المهذب البارع في شرح المختصر النافع، شيخ جمال الدين أبو العباس، أحمد بن فهد الحلي الأسدي، المنشورات الإسلامية، 841 ه.ق، مجمع المدرسين، قم.

188 - موارد السجن في النصوص والفتاوي، نجم الدين الطبسي، مكتب الإعلام الإسلامي، قم، 1411 ه.ق.

189 - الموطّا، مالك بن أنس، ت179 ه.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

190 - الميزان في تفسير القرآن، السيد محمد حسين الطباطبائي، ت 1402 ه.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران.

191 - النفي والتغريب، نجم الدين الطبسي، مجمع الفكر الإسلامي، قم.

192 - دور النساء المسلمات في الحرب، محمد جواد الطبسي، مطبعة طلوع الحرية، 1367ه. ش.

193 - نور الأبصار، في مناقب آل النبي المختار(ص)، الشيخ مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي، ت1290 ه.ق، دار الفكر، بيروت.

194 - النهاية في غريب الحديث والأثر، مبارك بن محمد الجزري المعروف به ابن الأثير، ت606 ه.ق، منشورات إسماعيليان، قم.

195 - وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، محمد بن الحسن الحر العاملي، ت1104 ه.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

196 - وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري، ت212 ه.ق، مكتبة آية الله مرعشی، قم، 1403 ه.ق.

ص: 278

197 - الهداية الكبرى، حسين بن حمدان الحسيني الحصيني، ت 344 ه.ق، مؤسسة البلاغ، 1406 ه.ق.

198 - ينابيع المودة، سليمان بن إبراهيم بن القندوزي الحنفي، ت1294 ه.ق، مكتبة المحمدي، قم.

199 - يوم الخلاص في ظل القائم المهدي (ع)، کامل سليمان، دار الكتاب اللبناني، 1402 ه.ق.

ص: 279

ص: 280

الفهرس

الصورة

ص: 281

الصورة

ص: 282

الصورة

ص: 283

الصورة

ص: 284

الصورة

ص: 285

الصورة

ص: 286

الصورة

ص: 287

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.