موسوعة الامام الخمیني قدس سرة الشریف المجلد 45 تعلیقات علی شرح فصوص الحکم و تعلیقات علی مصباح الانس

هوية الکتاب

عنوان واسم المؤلف: موسوعة الامام الخمیني قدس سرة الشریف المجلد 45 تعلیقات علی شرح فصوص الحکم و تعلیقات علی مصباح الانس/ [روح الله الامام الخمیني قدس سرة].

مواصفات النشر : طهران : موسسة تنظیم و نشر آثارالامام الخمیني قدس سرة، 1401.

مواصفات المظهر: 2ج

الصقيع: موسوعة الامام الخمیني قدس سرة

ISBN: 9789642123568

حالة القائمة: الفيفا

ملاحظة: الببليوغرافيا مترجمة.

عنوان : الخميني، روح الله، قائد الثورة ومؤسس جمهورية إيران الإسلامية، 1279 - 1368.

عنوان : الفقه والأحكام

المعرف المضاف: معهد الإمام الخميني للتحرير والنشر (س)

ترتيب الكونجرس: BP183/9/خ8الف47 1396

تصنيف ديوي : 297/3422

رقم الببليوغرافيا الوطنية : 3421059

عنوان الإنترنت للمؤسسة: https://www.icpikw.ir

جمعية خيرية رقمية: مركز خدمة مدرسة إصفهان

محرّر: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

المجلد 1

اشارة

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 3

ص: 4

مقدّمة التحقيق

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين

بدأ الإمام الخميني(س) تعلّم العرفان رسميّاً لدى اُستاذه المرحوم آية اللّه العظمى الميرزا محمّد علي الشاه آبادي الأصفهاني - قدس اللّه نفسه الزكيّة - (ت 1369 ق) متزامناً مع وصول سماحة الاُستاذ إلى قم المقدّسة عام 1347 ق واستمرّ في هذا المشوار حتّى عام 1354 (أو أواخر عام 1353 ق) الذي هاجر فيه الاُستاذ إلى طهران.

كانت الموادّ الدراسية التي يتعلّمها الإمام من الاُستاذ عبارة عن: «شرح فصوص الحكم» للقيصري و«مصباح الاُنس» للفناري، وكذا «منازل السائرين» للخواجه عبداللّه الأنصاري.

ليس من المحدّد بالضبط إلى أيّ مدى استمرّ الإمام في تعلّم «شرح فصوص الحكم» لدى اُستاذه ولكن بداية الأمر كانت متزامنة مع وصول الاُستاذ إلى قم المقدّسة. أمّا بالنسبة إلى «مصباح الاُنس» فطبقاً لما ذكر سماحته كان قد بدأ به في شهر رمضان المبارك عام 1350 ق واستمرّ فيه حتّى حين انتقال الاُستاذ إلى

ص: 5

طهران وقد وصل فقط إلى صفحة 44 ممّا يشعر بأنّ هذا الدرس كان مخصوصاً بأيّام العطلة.

ينوّه الإمام باسم اُستاذه ويذكره بألقاب مثل: «شيخ عارف ما» و«شيخنا العارف الكامل» و«حضرت شيخ عارف ما روحى فداه» و«شيخنا واُستاذنا في المعارف الإلهية» ممّا يسفر عن خالص ودّه وصميم إرادته لشيخه الاُستاذ.

لكن بالمراجعة إلى مؤلّفات الإمام العرفانية ك«شرح دعاء السحر» و«مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية» و«التعليقة على الفوائد الرضوية» التي اُلّفت خلال السنوات ما بين 1347 إلى 1349 ق يتّضح لنا إحاطة سماحته وتضلّعه بالعرفان والآراء العرفانية، وكذا وجود إبداعاته في التحقيقات العرفانية في هذه المؤلّفات ينبئنا عن الإحاطة بهذه الأبحاث قبل تلقّيه الدروس من هذا الاُستاذ ولم تكن حصيلة التعلّم لديه فقط.

في هذه الفترة الزمنيّة كان الإمام الخميني(س) بالإضافة إلى تعلّم العرفان، مشتغلاً بتدريس الفلسفة والعرفان كما يظهر من إجازته العرفانية للمرحوم الميرزا جواد حجّت الهمداني(رحمه الله) عام 1354 ق وقد نقل عنه أنّ مدّة تحصيله لدى الإمام(س) قريباً من عشر سنوات.

يُعتبر كتابا «شرح فصوص الحكم» و«مصباح الاُنس» من أهمّ الكتب في علم العرفان لا سيّما النظري منه وصارت هذه المكانة المتميّزة سبباً لإقبال أكابر العرفان إلى هذين الكتابين بالتحشية والشرح والتعليقة على مطالبهما وقد قام كلّ من هؤلاء الأكابر وأصحاب الآراء بالشرح والإيضاح لمقاصد المؤلّفين حسب استطاعتهم ونزعاتهم ومذاهبهم.

ص: 6

كتَب الإمام الخميني(س) حواشيه وتحقيقاته على هذين الكتابين متزامناً مع تحصيله ولكنّه ليس من المحدّد بالضبط أنّ التعليقات كلّها متعلّقة بفترة التحصيل أو زيد عليها فيما بعد.

نُشرت مجموعة التعليقات بصورة مستقلّة حوالي ستّين عاماً بعد كتابتها وقد اُوردت إيضاحات حول فقدها والعثور عليها من جديد في مقدّمة الطبعة الاُولى بما لا حاجة معها لمزيد التكرار.

وممّا يجب الانتباه عليه أنّه بالإضافة إلى التعليقات والحواشي التي كتبها الإمام على الكتابين؛ فإنّ في صفحات النسخة الأصلية نشاهد آثاراً من التصحيح أو شروحاً لعبارات المتن ولكن نظراً إلى أنّ التعليقات قد نشرت في حياة سماحته وبإشراف منه وقد حذفت الحالات الجزئية، فقد اتّبعنا وراعينا ما انتفاه سماحته من هذه المجموعة.

تعليقات على شرح فصوص الحكم

«فصوص الحكم» من بين آخر المؤلّفات للشيخ الأكبر محيى الدين بن عربيّ (ت638 ق) وتشتمل على أهمّ المباحث العرفانية خاصّة العرفان النظري. من بداية القرن الثامن انتخب الكتاب كمتن دراسيّ في الحوزات العرفانية ولنفس السبب صار محطّاً لشروح وتعليقات كثيرة. ومن بينها «شرح فصوص الحكم» لداود بن محمود القيصري (ت 751 ق) الذي كان من أبرز تلامذة المولى عبدالرزّاق الكاشاني (ت 735 أو 736) وقد تأثّر في شرحه منه، ويمتاز هذا الشرح بمزايا خاصّة عن بقية الشروح، منها: أنّه قد قام بشرح الفصوص في فترة

ص: 7

كان المشايخ والأساتذة البارزين في العرفان النظري قد بيّنوا مبادئ وآراء ابن عربي ونقّحوها من الإشكالات الواردة عليها بالمقارنة مع المباحث العقلية الفلسفية. وقد حظّي الكتاب ومقدّمته - التي تحتوي على مباحث كلّية من العرفان - بإقبال شديد، وكان السبب في ذلك جزالة التعبير في تقرير المباحث العرفانية، والإحاطة بآراء وأنظار أعاظم العرفان، والانسجام في تنظيم المباحث، والاشتمال على التحقيق لأكثر المباحث العرفانية. ومن أجل هذه الاُمور أصبح شرح القيصري للفصوص مصدراً موثوقاً به ومعتمداً عليه في مثل هذه الأبحاث كما أنّه كتاب مناسب في ساحة تعليم العرفان وتدريسه.

صار هذا الكتاب بشكل رسمي من الكتب الدراسية في الحوزات العلمية من أيّام العارف الكامل المرحوم محمّد رضا القمشه اى الأصفهاني (قده) (ت 1306 ق) على وجه التحديد ومن تلك الفترة بدأت التحشية والتعليقات عليه. وخاصة أنّ المقدّمات التي أ لّفها القيصري في اثني عشر فصلاً في بداية شرحه وحرّر فيها أبحاث العرفان النظري قد زادت الكتاب مكانة وقدراً.

وللإمام الخميني(س) 229 تعليقة على «شرح الفصوص» بالمقارنة بين تعليقات الإمام وغيره يمكن أن نقول بأنّ في أكثرها إمّا أن يغلب الشرح والإيضاح وإمّا أن يغلب النقد والدخل ولكن في تعليقات الإمام هناك نسبة متعادلة ومعقولة ومرضيّة بين الإيضاح والتحقيق ونقد الأبحاث من منظور عرفاني ونظري ذوقي.

قام الإمام بتحقيق مباحث «شرح الفصوص» وتنقيحها وتتميمها وفقاً للمنهج العرفاني الشيعي الخالص ويتعرّض في هذه التعليقات أقوال الحكماء والعرفاء

ص: 8

الكبار كأمثال صدر المتألّهين وشيخ الإشراقيّين والمحقّق الداماد والشيخ الرئيس وابن عربي والفناري والجاميّ وشيخه الاُستاذ الشاه آبادي وأكثر من هؤلاء يتوجّه نظره نحو القيصري وقد نقد آرائه في ستّ وأربعين نقطة. نعم، يقف الإمام في أغلب المواضع موقف شارح لأقوال وكلمات ابن عربي ولكنّه أشار في مواضع عديدة إلى آرائه أيضاً.

اتّبع الإمام في كتابة هذه التعليقات اُسلوب الإيجاز - كما أشار إليه مكرّراً - فلذلك أرجع في مواضع متعدّدة تحقيق مطالبه إلى كتبه السابقة ك«مصباح الهداية» و«شرح دعاء السحر».

يجد القارئ أنّ في هذه التعليقات تحقيقات حول كثير من مباحث العرفان، خاصة حول مباحث كالأسماء المستأثرة وحقيقة الجعل والأعيان الثابتة والميزان في أسماء الذات والأفعال والصفات وحقيقة العماء وكيفية المحو والإثبات والحدوث الزمني في جميع الموجودات وقرب النوافل والفرائض والعقل الأوّل والكلام النفسي وغيره ولكن تختصّ المباحث الكثيرة بالمكاشفات وخصوصياتها.

نشر كتاب «تعليقات على شرح فصوص الحكم» لأوّل مرّة عام 1406 ق من قبل «مؤسّسه پاسدار إسلام» مع «تعليقات على مصباح الاُنس» ثمّ نشرته شركة النشر العلمي والثقافي عام 1375 ش ضمن تصحيح وتحشية للمرحوم الاُستاذ السيّد جلال الدين الآشتياني مع تعليقات للمرحوم محمّدرضا القمشه اي والمرحوم سيد أبوالحسن جلوه والسيّد المصحّح.

ص: 9

تعليقات على مصباح الاُنس

«مصباح الاُنس بين المعقول والمشهود في شرح مفتاح غيب الجمع والوجود» هو الكتاب الثاني الذي تشاهدون تعليقات الإمام على أبحاثه في هذا المجلّد.

«مفتاح غيب الجمع والوجود» المشتهر ب«مفتاح الغيب» كتاب ألّفه صدر الدين محمد بن إسحاق القونوي (ت 673 ق). القونوي والذي اشتهر بالشيخ الكبير هو تلميذ وابن زوجة لابن عربي وأكبر شارح وناشر لآرائه العرفانية. وقد عرف كتاب «مفتاح الغيب» كأفضل كتاب دراسي في العلم الأعلى أو العرفان.

كتاب «مفتاح الغيب» يشتمل على عمدة الأبحاث في العرفان النظري والذي راعى فيه المؤلّف نظماً بديعاً في انسجام الأبحاث العرفانية والسبب في ذلك إحاطته بالحكمة البحثيّة حيث قدّم في هذا الكتاب العرفان النظري كعلم ممنهج مع موضوع محدّد وغاية ومسائل ومبادئ بهذا الوصف.

شارح الكتاب هو شمس الدين محمّد بن حمزة الفناري المشتهر ب«ابن الفناري» (ت 834 ق) والذي زاد «مفتاح الغيب» خلوداً بالشرح عليه.

تسبّب جمع «مصباح الاُنس» لآراء العظماء من العارفين وكذا استحكامه وانسجامه في الأبحاث، في أن يكون مطمحاً لأنظار البارزين على ساحة العرفان ومحطّاً لإقبالهم عليه بالتدريس والتعلّم والتحقيق في الحوزات العرفانية كما كتب عليه عدّة من الشروح والتعليقات الثمينة والقيّمة.

كان لسلسلة مشايخ الإمام وأساتذته في العرفان من العارف الكامل محمّدرضا القمشه اى الأصفهاني إلى المرحوم الشاه آبادي الأصفهاني (رضوان

ص: 10

اللّه عليهم) اهتمام خاصّ بهذا الكتاب بحيث كان في حوزة تدريسهم وكانوا يكتبون عليه حواشي وتعليقات.

اتّبع الإمام الخميني(س) في تعليقته على «مصباح الاُنس» نفس المنهج الذي اتّبعه في التعليقة على «شرح الفصوص» أي أنّه راعى الانسجام والتناسب بين أركان المباحث العرفانيّة بالإضافة إلى تحقيق المطالب والمسائل في هذا المجال. وقد قام بنقد الآراء والأقوال حيث لم يجدها متوافقة مع البرهان أو منطبقة على الذوق العرفاني.

قام الإمام في هذه التعليقات بنقل الأقوال والآراء الصادرة عن أكابر الفلسفة والعرفان والفحص عنها كأمثال ابن سينا وابن عربي والقونوي والفرغاني وعبدالرزّاق الكاشاني والملاصدرا والميرزا هاشم الإشكوري واُستاذه المرحوم الشاه آبادي ونقد في أكثر من عشرين مورداً ما أورده الفناري صاحب «مصباح الاُنس» من الآراء.

ومن بين الموضوعات الواردة في هذه التعليقات التي جرى حولها الفحص والتحقيق، يمكن الإشارة إلى عناوين مثل الفيض الأقدس والفيض المقدّس والألسنة الخمسة والفيض المنبسط والتجلّيات وكمال الجلاء والاستجلاء والإنسان الكامل والشهود والمكاشفة والدعاء وغيرها.

كانت بداية التعليقة على مصباح الاُنس عام 1350 ق واستمرّت بعد انتقال آية اللّه الشاه آبادي إلى طهران وهو عند التعليقة الرقم 57 والتعليقة الأخيرة (الرقم 132) ترتبط بالصفحة 132 (من الطبعة الحجرية من مصباح الاُنس) في 26 من جمادي الثانية عام 1355 ق في بلدة خمين.

ص: 11

نشرت «مؤسّسه پاسدار إسلام» هذه التعليقة لأوّل مرّة عام 1406 بالضميمة إلى «تعليقات على شرح فصوص الحكم» ثمّ نشرته «انتشارات مولى» عام 1376 ش مع خمس تعليقات اُخرى ذيل «مصباح الاُنس» باهتمام من الاُستاذ محمد خواجوي.

اُسلوب التحقيق:

1 - عوّلنا في متن كلّ من التعليقتين على آخر تصحيح صدر من سماحة الإمام إلاّ في موارد وقع الخطأ في الطبعة السابقة.

2 - قد أوردنا لكلّ تعليقة قسماً من متن «شرح الفصوص» أو «مصباح الاُنس» الذي ترتبط التعليقة به وذكرنا رقم الصفحة من الطبعة الحجريّة وطبعة آشتياني من «شرح الفصوص» أو طبعة خواجوي من «مصباح الاُنس».

3 - استخرجنا وأوردنا مآخذ الآيات والروايات والأقوال المطروحة في التعليقات.

4 - تسهيل الحصول على مواضع التعليقات استخدمنا العناوين الأصلية للكتاب.

5 - قد وضعنا في نهاية الكتاب الفهارس الفنّية الضرورية.

وفي الختام نرى من الواجب علينا أن نقدم جزيل الشكر للمحقّقين الكرام الذين تحمّلوا العناء وساهموا في التصحيح والتحشية والطبع لهذا الكتاب وأن نسأل اللّه تعالى لهم التوفيق وحسن العاقبة.

مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه

فرع قم المقدّسة

ص: 12

مقدّمة الطبعة الاُولى

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

طالما حاول محرّر هذه الأسطر - بعد الفراغ من استنساخ هذه المجموعة القيّمة - أن يركّز أفكاره ليكتب مقدّمة على الكتاب يوضّح بها بعض النقاط، ولكن دون جدوى فكلّما زاد اهتمامه بالموضوع، إزداد إحساساً بالعجز؛ ذلك لأنّ هذا الأمر يستدعي الحديث حول شخصية قائد الاُمّة الإسلامية الإمام الخميني دام ظلّه العالي.

وأنّى لنا التحدّث عنه والبحر لا يفرغ في الأداوة والألفاظ لا تستطيع الأعراب عن تيّار الحبّ الجارف، ومن هذا المنطلق فإنّه لا مناص لنا إلاّ الكفّ عمّا لا نطيقه والاكتفاء بالإشارة إلى بعض النقاط ليس إلاّ.

لقد كان اقتناء الإمام للمسائل العلمية والمعارف الإسلامية يتمتّع دائماً بدرجة من العمق والإتقان، جديرة بالاهتمام، واليوم وقد ارتقى سماحته قمم العلم والمعرفة لا يزال يؤكّد على نفس الآراء التي آمن بها منذ بداية دراسته وفي أيّام شبابه بالرّغم من مرور أكثر من نصف قرن عليها، وهذا ممّا لا يمكن

ص: 13

تفسيره إلاّ بمعيار «العلم نور يقذفه اللّه في قلب من يشاء» والكتاب الحاضر

نموذج حيّ لهذه الميزة.

قبل حوالي ستّين عاماً وخلال جلسة واحدة يتعرّف سماحة الإمام - ولأوّل مرّة - على المرحوم آية اللّه الشاه آبادي فيدرك عظمة الرجل وسعة معلوماته وبعد تلك الجلسة يتبعه في الطريق ويصرّ عليه أن يستضيء من أنوار علومه ويعلّمه ممّا علّم رشداً، فيتقبّل الاُستاذ ويوافق على تدريس كتاب «الأسفار» إلاّ أنّ الإمام يعلمه عن معرفته بحقائق الأسفار ويطلب منه أن يدرسه «شرح فصوص الحكم» وأخيراً كانت نتيجة الإعجاب والتجاذب المتقابلين بينهما من جهة وإلحاح هذا الطالب الشابّ الذي لم يتجاوز السابعة والعشرين من عمره من جهة اُخرى، أن وافق الاُستاذ على هذا الطلب، واستمرّ الإمام طيلة ستّ سنوات يتلقّى العرفان لدى الاُستاذ البارع، وبعد انتهائه من «شرح فصوص الحكم» بدأ بتعلّم كتاب «مصباح الأنس» إلى أن هاجر الاُستاذ إلى «طهران» وخلال هذه الأعوام حرّر الإمام مدّ ظلّه تعليقاته القيّمة على الكتابين السابقين وألّف كتباً اُخرى في هذا المضمار مثل «مصباح الهداية» و«شرح دعاء السحر» وغيرهما.

ويعتبر كتاب «فصوص الحكم» لدى علماء العرفان أدقّ المتون العرفانية وأعمقها، حتّى قال فيه العلاّمة الشهيد المطهّري رحمه اللّه: «لم يتجاوز أولئك الذين يتقنون فهم هذا الكتاب في كلّ عصر، عدد الأصابع». ولم يتمكّن من الإقدام على شرحه إلاّ الفحول من رجال الفنّ. ومن أهمّ شروح الكتاب، «شرح القيصري» الذي علّق الإمام دام ظلّه عليه وبعد الفراغ منه علّق سماحته على

ص: 14

«مصباح الاُنس» وقد أتمّ تعليقاته على الكتاب الأخير في سنة 1355 هجرية قمرية إذ لم يبلغ آنذاك الخامسة والثلاثين من العمر، وذلك في آونة يعبّر عنها بعض أعاظم العلماء ممّن كان على سعة من الاطّلاع على العرفان وتأريخه فيقول: «إنّه لم يجرأ حتّى الآن أحد في الحوزات العلمية وفي مثل هذه السنين أن يستلم القلم ليكتب تعليقة على الفصوص وشرحه».

وقبل التعرّض لبعض الملاحظات حول هذه النسخة تجدر الإشارة إلى قضيّة عجيبة جرت لهذا الكتاب:

لقد خلّف النظام الشاهنشاهي البائد، بتهجّمه على الإسلام والثقافة الإسلامية، أحداثاً ومصائب مؤسفة وفي توافق بعض تلك الأحداث مع مراسيم التتويج المشؤومة، أغار الساواك الغاشم على مكتبة الإمام الخاصّة في بيته الواقع في محلّة «يخچال قاضي» بمدينة «قم» المقدّسة عام 1347 هجرية شمسية ونهب الكثير من كتب الإمام ومؤلّفاته ومن ضمنها «التعليقة على شرح الفصوص» ولم يعثر لتلك الكتب بعدئذٍ على أثر ولم يسمع عنها خبر، إلى أن انتصرت الثورة الإسلامية وأينعت ثمارها بتوفيق من اللّه تعالى وبفضل دعاء وليّ اللّه الأعظم عجّل اللّه فرجه، وفي هذا البين ظهر ثانيةً عزيز مفقود كان قد بيع بثمن بخس، فقرّت به عيون العارفين.

في سنة 1362 شمسية التقى أحد طلاّب الحوزة العلمية في مدينة «همدان» ببائع متجوّل يحمل معه كتابين جاء بهما إلى مدرسة علمية يريد بيعهما، أحدهما «شرح فصوص الحكم» الآنف الذكر والآخر كتاب مخطوط، فاشتراهما بخمسين توماناً، ومع تصفّحه الكتاب وتأمّله فيه تستثير انتباهه تعليقات خطيّة

ص: 15

كتبت في حواشي الكتاب بخطّ حسن وبذيل كلّ تعليقة منها توقيع «السيّد روح اللّه الخميني».

لم يكد الطالب يصدّق ما رآه، فحمل الكتابين مستبشراً ليقدّ مهما إلى آية اللّه النوري إمام جمعة «همدان» آنذاك والذي كان يعرف خط الإمام وخطّ نجله الشهيد المرحوم آية اللّه السيّد مصطفى الخميني، فتعجبه هذه الصدفة الغريبة ويقدّم هديّة مناسبة للطالب المذكور ثمّ يأخذ الكتابين وهما «شرح فصوص الحكم» مع تعليقات الإمام دام ظلّه - كما ذكرنا - والثاني تعاليق الشهيد السيّد مصطفى الخميني رحمه اللّه على الجزء الأوّل ل«كفاية الاُصول»، ويحملهما إلى سماحة الإمام دام ظلّه حيث قدّم له جزيل الشكر.

وأخيراً وباقتراح من حجة الإسلام السيّد أحمد الخميني، قام حجة الإسلام ثقفي باستنساخ تعليقات السيّد الإمام على «شرح الفصوص» و«مصباح الاُنس» وعاونه في المقابلة حجّة الإسلام توسّلي ومن ثمّ أوعز إلى الاستنساخ النهائي.

فالمجموعة التي بين يديك تشتمل - كما مرّ - على تعاليق الإمام دام ظلّه على الكتابين التاليين:

1 - «شرح فصوص الحكم» الذي ألّف متنه الشيخ محي الدين العربي وشرحه داوود بن محمود بن محمّد الرومي القيصري.

2 - «مصباح الاُنس بين المعقول والمشهود في شرح مفتاح غيب الجمع والوجود» وأصل الكتاب لأبي المعالي صدر الدين محمّد بن إسحاق القونوي والشرح لمحمّد بن حمزة بن محمّد.

ص: 16

وقد تمّ استنساخ هذه المجموعة عن كتابة سيّدنا الإمام دام ظلّه العالي على حاشيتي الكتابين المذكورين. وفي جميع الموارد، وضع جزءٌ من المتن والذي يخصّ التعليق، بين قوسين مزدوجين، وذيّل برقم الصفحة من كتاب «شرح فصوص الحكم» طبعة دار الفنون وكتاب «مصباح الأنس» طبعة عبد الرحيم(1).

ومن الجدير بالذكر، أنّ الإمام لا يستخدم عادة في تأليفاته وكتاباته، المسوّدة

والمبيضّة، وكلّما يكتبه إنّما يتمتّع بالبداهة والسرعة وبدون شطب وتغيير وبالإضافة إلى محتواه العميق فإنّه يمتاز بالبداعة والبلاغة وحسن التعبير وجمال الخطّ، إلاّ أنّ مضيّ نصف قرن - وكما أشرنا إليه - على هذه النسخة القيّمة وظهور آثار من التلف والاستهلاك في بعض الموارد، ألزم علينا من أجل الاطمئنان على صحّة الاستنساخ أن نعرض هذه الموارد على سماحته دام ظلّه وبالرغم من كثرة أعماله وكبر سنّه الشريف ومرور عشرات السنين على كتابة هذه التعاليق فقد أجاب سماحته بالبداهة على هذه الموارد، كتبيّاً أو شفاهيّاً، ووضّحها لنا بمنتهى الدقّة، وقد اتّضحت لنا خلال ذلك سعة اطّلاع الإمام وتعمّقه في اللغة أيضاً؛ فعلى سبيل المثال، ورد في المتن كلمة «أقحاط» واستظهر الإمام في التعليقة صفحة (158)(2) أنّ المراد به الضرب الشديد وأضاف بقوله:

«لم نجد في اللّغة مادته». فقمنا بالبحث والتنقيب عن الكلمة حتّى وجدنا في كتاب «لسان العرب» كلمة «قحيط» بمعنى «شديد» وقدّمناه ضمن مجموعة من

ص: 17


1- ما ذكرها من كيفية التصحيح والترقيم يكون من مختصّات الطبعة السابقة وقد تغيّرت في هذه الطبعة (موسوعة الإمام الخميني قدس سره) على ما اتّضحت في مقدّمة التحقيق.
2- في هذه الطبعة (موسوعة الإمام الخميني قدس سره): 142، التعليقة 159.

الأسئلة إلى سماحته ظنّاً منّا بأنّنا قد كشفنا شيئاً جديداً، فأجابنا دام ظلّه

بالجواب التالي الذي ننشره* بخطّ يده تبرّكاً وتيمّناً: «محتمل است لازم معنى را

ذكر كرده باشد چون قحطى موجب شدت است» أي [يحتمل أنّ المؤلّف قد ذكر لازم المعنى؛ لأنّ القحط موجب للشدّة].

وممّا ينبغي ذكره أنّ النسخة الحاضرة قد استنسخت منذ البداية لتكون ثانية اثنتين حتّى نستوثق من الحفاظ على هذا الأثر النفيس ولذلك فإنّ الخطّ والتنسيق لم يحظيا بالحدّ المطلوب للطّبع ولكن بعد الإتمام من الاستنساخ، اطّلع عدد من عشّاق العلم وروّاد المعرفة على هذا الأثر القيّم، فطالبوا ملحّين على طبعه ونشره وقد رفع هذا الطلب إلى سماحة الإمام بواسطة نجله حجّة الإسلام السيّد أحمد الخميني فلم يرفض سماحته، وبذلك أقدمنا على طبع الكتاب ولتكن هذه لمعة اُخرى من إشراقات شمس المعرفة على القلوب الصافية المنعمة بالحبّ والإخلاص، ويتجلّى بذلك لعشّاق المعرفه وروّاد الفضيلة جانب آخر من تلكم الجوانب المجهولة العميقة لروح اللّه أرواحنا فداه.

والسلام

محمد حسن رحيميان

27/ رجب الخير/ 1406 ق.

ص: 18

* صورة فتوغرافية من توضيحات الإمام حول بعض الأسئلة

المقدّمة إلى سماحته:

ص: 19

ص: 20

تعلیقات علی شرح فصوص الحکم

اشارة

ص: 1

ص: 2

مقدّمة شرح فصوص الحكم

اشارة

و فيه فصول:

ص: 3

ص: 4

الفصل الأوّل: في الوجود وأنّه هو الحقّ
إشارة إلى بعض المراتب الكلّية واصطلاحات الطائفة فيها

[1] حقيقة الوجود إذا اُخذت بشرط أن لا يكون معها شيء ، فهي المسمّاة عند القوم بالمرتبة الأحدية المستهلكة جميع الأسماء والصفات فيها ، وتسمّى جمع الجمع وحقيقة الحقائق والعماء أيضاً .

[شرح فصوص الحكم: 22 ؛ و(ط - الحجري) ص 11]

بسم اللّه الرحمن الرحيم وبه نستعين

[1] قوله : «حقيقة الوجود...» إلى آخره .

اعلم : أنّه ليس أخذ حقيقة الوجود بشرط لا أو لا بشرط شيء ، أو غيرهما من الاعتبارات الواردة عليها ، كما هو ظاهر عبارة المصنّف ؛ فإنّ الاعتبار والأخذ واللحاظ وغيرها من أمثالها ، من لواحق الماهيات والطبائع ، ولا يتمشّى

ص: 5

في حقيقة الوجود . بل ما هو المصطلح عند أهل اللّه ليس إلاّ نتيجة مشاهداتهم والتجلّيات الواردة على قلوبهم .

وبعبارة اُخرى : هذا الاصطلاحات إمّا نقشة تجلّيات الحقّ على الأسماء والأعيان والأكوان ، أو تجلّياته على قلوب أهل اللّه وأصحاب القلوب ومشاهداتهم إيّاه .

فيقال : إنّ الوجود إمّا أن يتجلّى بالتجلّي الغيبي الأحدي المستهلك فيه كلّ

الأسماء والصفات ، وهذا التجلّي يكون بالاسم المستأثر والحرف الثالث والسبعين من الاسم الأعظم ، فهو مقام بشرط اللائية ، ففي هذا المقام له اسم ، إلاّ أنّه مستأثر في علم غيبه . وهذا التجلّي هو التجلّي الغيبي الأحدي بالوجهة الغيبية للفيض الأقدس . وأمّا الذات من حيث هي ، فلا يتجلّى في مرآة من المرائي ، ولا يشاهدها سالك من أهل اللّه ولا مشاهد من أصحاب القلوب والأولياء . فهي غيب لا بمعنى الغيب الأحدي ، بل لا اسم لها ولا رسم ولا إشارة إليها ولا طمع لأحد فيها : «عنقا شكار كس نشود دام باز گير»(1) .

وإمّا أن يتجلّى بأحدية جمع جميع حقائق الأسماء والصفات ، فهو مقام اسم اللّه الأعظم ربّ الإنسان الكامل . والتجلّي العلمي بطريق الكثرة الأسمائية الجامعة لجميع الكثرات الأسمائية هو مقام الواحدية . وقس على ذلك جميع ما ذكر في هذا المقام .

* * * * * * * *

ص: 6


1- ديوان حافظ: 76، غزل 9.

هذا وإن كان حقّاً من وجه ، لكن كون الرحمان تحت حيطة اسم اللّه يقضي بتغاير المرتبتين ؛ ولو لا وجه المغايرة بينهما ، ما كان تابعاً للاسم اللّه [2] في (بِسْمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ) ، فافهم .

[شرح فصوص الحكم: 24 ؛ و(ط - الحجري) ص 12]

[2] قوله : «في (بِسْمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ)».

اعلم : أنّ اسم «الرحمن والرحيم» من الأسماء الجامعة المحيطة ؛ فإنّ «الرحمن» مقام جمع بسط الوجود وظهوره من مكامن غيب الهوية إلى الشهادة المطلقة ، فكلّ ما يظهر في العلم والعين فهو من تجلّيات الرحمة الرحمانية .

و«الرحيم» مقام أحدية جمع قبض الوجود وإرجاعه إلى الغيب ، فكلّ ما يدخل في البطون ويصل إلى باب اللّه فهو من الرحمة الرحيمية .

واسم «اللّه» الأعظم مقام أحدية جمع البسط والقبض ، فله مقام أحدية جمع الجمع . ولهذا جعلا تابعين له في (بِسْمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ) . هذا إذا جعلا تابعين له .

وأمّا إذا جعلا تابعين للاسم : فالأوّل مقام البسط العيني ، والثاني مقام القبض العيني .

وبعبارة اُخرى : مقام بسط «المشيّة» التي هي الاسم وقبضها ، وللاسم مقام أحدية جمعهما .

وبهذا ظهر : أنّ اسم «الرحمن» لم يكن ربّ العقل الأوّل ، ولا «الرحيم» ربّ النفس الكلّية ، كما ذكر الشارح ، فتدبّر .

* * * * * * * *

ص: 7

كالحكم بالمغايرة بين الصفة والموصوف في العقل مع اتّحادهما في نفس الوجود ؛ أي العقل يحكم أنّ العلم مغاير للقدرة والإرادة في العقل كما يحكم بالمغايرة بين الجنس والفصل ، وأمّا في الوجود فليست إلاّ الذات الأحدية فقط ، كما أنّهما في الخارج شيء واحد وهو النوع . لذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام : «كمال الإخلاص له [3] نفي الصفات عنه» .

[شرح فصوص الحكم: 24 - 25 ؛ و(ط - الحجري) ص 12]

[3] قوله : «نفي الصفات عنه».

فالوقوع في حجاب الأسماء والصفات شرك أسمائي وصفاتي ، كما أنّ الوقوع في حجاب الأعيان والأكوان شرك أعظم . والكمّل كما أنّهم خارجون عن الحُجب الظلمانية الكونية والأعيانية ، خارجون عن الحجب النورية الأسمائية ؛ «قبله عشق يكى آمد وبس»(1) .

* * * * * * * *

ص: 8


1- صدره: «هست آيين دو بينى ز هوس». هفت أورنگ، مثنوى سبحة الأبرار.
الفصل الثاني: في أسمائه وصفاته تعالى

ولكلّ منها نوع من الوجود سواء كانت إيجابية أو سلبية ؛ لأنّ الوجود يعرض العدم والمعدوم أيضاً من وجه وليست إلاّ تجلّيات ذاته تعالى بحسب مراتبه التي تجمعها مرتبة الاُلوهية [4] المنعوتة بلسان الشرع ب «العماء» وهي أوّل كثرة وقعت في الوجود وبرزخ بين الحضرة الأحدية الذاتية وبين المظاهر الخلقية .

[شرح فصوص الحكم: 43 ؛ و(ط - الحجري) ص 13]

[4] قوله : «المنعوتة بلسان الشرع بالعماء».

اعلم : أنّه اختلف آراء أهل المعرفة(1) في حقيقة «العماء» الواردة في الحديث النبوي :

سئل : أين كان ربّنا قبل أن يخلق الخلق؟ قال : «في عماء»(2) .

فقال بعضهم : إنّه مقام الواحدية ؛ فإنّ «العماء» غيم رقيق بين السماء والأرض ، ومقام الواحدية برزخ بين سماء الأحدية وأراضي الخلقية(3) .

ص: 9


1- اصطلاحات الصوفية: 131 - 132؛ اُنظر مصباح الاُنس: 200 - 208.
2- المسند، أحمد بن حنبل 12: 481 / 16132؛ سنن ابن ماجة 1: 65 / 182.
3- اُنظر اصطلاحات الصوفية: 131؛ الفتوحات المكّية 2: 310.

وقال بعضهم : هو الفيض المنبسط الذي هو برزخ البرازخ الفاصل بين سماء الواحدية وأراضي التعيّنات الخلقية(1) . وهذا الاحتمال أنسب بحسب بعض الاعتبارات .

ويمكن أن يكون إشارة إلى مقام الفيض الأقدس ، إن عمّمنا الخلق حتّى يشمل [ال] تعيّنات الأسمائية .

ويمكن أن يكون إشارة إلى الاسم الأعظم ؛ حيث يكون برزخاً بين أحدية الغيب والأعيان الثابتة في الحضرة العلمية .

وهنا احتمال آخر وهو أن يكون إشارة إلى الذات ، والمقصود من كونه في عماء ؛ أي في حجاب الأسماء الذاتية .

أو إشارة إلى أحدية الذات ؛ حيث يكون في حجاب الفيض الأقدس .

أو هو حيث يكون في حجاب الأسماء في الحضرة الواحدية .

أو هي حيث تكون في حجاب الأعيان أو الفيض المقدّس باعتبار احتجابه بالتعيّنات الخلقية .

* * * * * * * *

كلّ ما يتعلّق باللطف فهو الجمال ، وما يتعلّق بالقهر هو الجلال .

[5] ولكلّ جمال أيضاً جلال كالهيمان الحاصل من الجمال الإلهي ؛

ص: 10


1- اُنظر الفتوحات المكّية 2: 310 و391، و3: 40 و429 و430؛ إعجاز البيان، في تفسير اُمّ القرآن: 41 و47 و71 و115 و136؛ شرح فصوص الحكم، الجندي: 142.

فإنّه عبارة عن انقهار العقل منه وتحيّره فيه . ولكلّ جلال جمال وهو اللطف المستور في القهر الإلهي .

[شرح فصوص الحكم: 43 ؛ و(ط - الحجري) ص 13]

[5] قوله : «ولكلّ جمال».

بل الأسماء كلّها في الكلّ ، فكلّ اسم بالوجهة الغيبية له أحدية الجمع ، بل كلّ الأسماء هو الاسم الأعظم كما أشار إليه باقر العلوم علیه السلام في قوله : «اللهمّ إنّي أسألك من أسمائك بأكبرها، وكلّ أسمائك كبيرة»(1) وإليه الإشارة في قول الصادق علیه السلام : «ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت اللّه فيه»(2) .

فالجمال ظهور الجمال والجلال باطن فيه ، وبالعكس . فالنار صورة الغضب الإلهي وباطنها الرحمة ؛ لأنّها خلقت لأجل تخليص العباد عن لوازم أعمالهم ، تدبّر .

* * * * * * * *

وقد يقال : «الاسم» للصفة ؛ إذ الذات مشتركة بين الأسماء كلّها ، والتكثّر فيها بسبب تكثّر الصفات ، [6] وذلك التكثّر باعتبار مراتبها الغيبية التي هي مفاتيح الغيب ، . . . ومن وجه يرجع التكثّر إلى العلم

ص: 11


1- إقبال الأعمال: 77؛ بحار الأنوار 95: 94.
2- اُنظر شرح اُصول الكافي، صدر المتأ لّهين 3: 432؛ الحكمة المتعالية 1: 117؛ شرح الأسماء، السبزواري: 516؛ لقاء اللّه، الملكي التبريزي: 29 (في لقاء اللّه نقل عن الصادق عليه السلام، وفي غيره نقل عن أمير المؤمنين عليه السلام).

الذاتي ؛ لأنّ علمه تعالى بذاته لذاته أوجب العلم بكمالات ذاته في مرتبة أحديته.

[شرح فصوص الحكم: 44 ؛ و(ط - الحجري) ص 13]

[6] قوله : «وذلك التكثّر».

الفرق بين ذاك التكثّر المعقول والذي ذكره بعدُ بقوله «من وجه» هو أنّ الأوّل يحصل بحسب شهود أرباب المشاهدة وأصحاب المعرفة ، والثاني يحصل بحسب تجلّيات ذاته لذاته في الحضرة الواحدية العلمية .

* * * * * * * *

وينقسم بنوع من القسمة - أيضاً - إلى أسماء الذات وأسماء الصفات وأسماء الأفعال وإن كان كلّها أسماء الذات ، [7] لكن باعتبار ظهور الذات فيها تسمّى أسماء الذات ، وبظهور الصفات فيها تسمّى أسماء الصفات ، وبظهور الأفعال فيها تسمّى أسماء الأفعال .

[شرح فصوص الحكم: 45 ؛ و(ط - الحجري) ص 14]

[7] قوله : «لكن باعتبار ظهور الذات فيها».

هذا الميزان الذي ذكره في تميّز أسماء الذات وغيرها ليس في الذوق العرفاني بشيء ، بل ما يقتضي السلوك الأحلى والمشرب الأعلى : هو أنّ السالك بقدم العرفان إذا فني عن فعله وحصل له المحو الجمالي الفعلي تجلّى الحقّ بحسب تناسب قلبه عليه . فكلّ ما تجلّى الحقّ في هذا المقام لقلب السالك فهو

ص: 12

من أسماء الأفعال ، فإذا أخبر عن مشاهداته يكون إخباراً بالأسماء الفعلية .

وإذا خرق الحجاب الفعلي ومحا عن الأفعال بتجلّي الحقّ على قلبه بالأسماء الصفاتية ، فكلّ ما شهد في هذا المقام فهو من تلك الحضرة . حتّى إذا فني عن تلك الحضرة وتجلّى الحقّ له بالأسماء الذاتية فعند ذلك يكون مشاهداته من الحضرة الأسمائية الذاتية .

وفي كلٍّ من المقامات يكون أهل السلوك مختلفاً بحسب قوّة السلوك وضعفه وجامعية المقام وغيرها .

وهاهنا مقام بسط وتفصيل خارج عن عهدة هذه العجالة .

* * * * * * * *

ص: 13

الفصل الثالث: في الأعيان الثابتة ، والتنبيه على بعض المظاهر الأسمائية
اشارة

الفصل الثالث [8] في الأعيان الثابتة ، والتنبيه على بعض المظاهر الأسمائية

[شرح فصوص الحكم: 61 ؛ و(ط - الحجري) ص 18]

[8] قوله : «في الأعيان».

اعلم : أنّ الأعيان الثابتة هي تعيّن التجلّيات الأسمائية في الحضرة الواحدية . فالتجلّي في تلك الحضرة بالفيض الأقدس . والمتجلّي هو الذات المقدّسة باعتبار التعيّن الغيبي الأحدي من الأسماء المستأثرة في الهوية الغيبية العمائية بحسب بعض الاعتبارات . والمتجلّى له هو الأسماء المحيطة أوّلاً ، والمحاطة ثانياً في الحضرة الواحدية . والأعيان تعيّنات التجلّي أو الأسماء باعتبارين . فالتجلّي للأسماء بالذات وللأعيان بالتبع .

كما أنّ التجلّيات العينية بحسب الفيض المقدّس كذلك - طابق النعل بالنعل - إلاّ أنّ المتجلّي هاهنا هو الذات بحسب المقام الاُلوهية ، والتجلّي هو [ب] الفيض المقدّس ، والمتجلّى له هو الوجودات الخاصّة ، والماهيات التي هي الأعيان الخارجية تعيّن التجلّيات أو المتجلّى له باعتبارين . والتجلّي للهويات الوجودية بالذات وللماهيات بالتبع .

ولك أن تقول - إن كنت من أصحاب السرّ - : إنّ التجلّيات بالفيض المقدّس تجلّيات أسمائية وصفاتية ، بل كلّها تجلّيات ذاتية : (مَا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّى عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(1) .

ص: 14


1- هود (11): 56 .

ولك أن تقول : إنّ مرائي التجلّيات هي الأعيان الثابتة في العلم والعين ، كما هو طريقة العرفاء الشامخين . وأمّا الأسماء والصفات في العلم والعين فمندكّة الهويات في التجلّي بالفيض الأقدس والمقدّس . فصدر الأمر من حضرة الذات بالفيض المقدّس والأقدس ، وأطاع الأعيان فوجدت (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(1) .

* * * * * * * *

وتلك الصور فائضة عن الذات الإلهية بالفيض الأقدس والتجلّي الأوّل بواسطة الحبّ الذاتي [9] وطلب مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلاّ هو ظهورَها وكمالها .

[شرح فصوص الحكم: 61 ؛ و(ط - الحجري) ص 18]

[9] قوله : «وطلب مفاتح الغيب».

ف «مفاتح الغيب» هي الأسماء في الحضرة الواحدية . وطلب المفاتح من الهوية الغيبية بالحبّ الذاتي الغيبي الذي هو تعيّن الوجهة الغيبية للفيض الأقدس ، وما به الطلب هو الفيض الأقدس . فتجلّى الذات بتعيّن الاسم الأوّل والأحد بالفيض الأقدس ؛ لطلب مفاتح الغيب الذي هو مقام الكنزية المختفية ؛ (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ)(2) .

ويمكن أن يكون المفاتح هي الحضرة الأحدية التي لها أحدية الجمع

ص: 15


1- يس (36): 82.
2- الأنعام (6): 59.

للأسماء الذاتية بحسب مقام الكثرة الأسمائية ، والغيب هو مقام الأسماء في الحضرة الواحدية .

* * * * * * * *

تنبيه

الأعيان من حيث إنّها صور علمية [10] لا توصف بأنّها مجعولة .

[شرح فصوص الحكم: 64 ؛ و(ط - الحجري) ص 20]

[10] ليس الجعل على طريقة أهل اللّه متعلّقاً بالوجود ؛ فإنّ الوجود هو الحقّ ، بل الجعل متعلّق بالماهية . ولا فرق بينهما في الحضرة العلمية وغيرها ، ولا يختصّ بالخارج ؛ فإنّ التجلّي باسم «اللّه» أوّلاً وسائر الأسماء بالتبع في الحضرة العلمية يستتبع تعيّن الماهيات وظهورها في الحضرة العلمية . والتجلّي بمقام الاُلوهية في الخارج يستتبع ظهورها في العين ، وبهذا الظهور الاستتباعي يقال : «الجعل» في بعض الاعتبارات .

وأمّا التجلّيات الوجودية الأسمائية في العلم والعين فلا يطلق عليها المجعول والجعل إلاّ على مشرب المحجوبين .

* * * * * * * *

تنبيه آخر

وإن كان يصل الفيض إلى كلّ ما له وجود ، [11] من الوجه الخاصّ

ص: 16

الذي له مع الحقّ بلا واسطة .

[شرح فصوص الحكم: 65 ؛ و(ط - الحجري) ص 21]

[11] قوله : «من الوجه الخاصّ».

وهو الوجهة الغيبية الأحدية التي للأشياء ، وقد يعبّر عنها ب «السرّ الوجودي» . وهذا ارتباط خاصّ بين الحضرة الأحدية وبين الأشياء بسرّها الوجودي ؛ (مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا)(1) .

ولا يعلم أحد كيفية هذا الارتباط الغيبي الأحدي ، بل هو الرابطة بين الأسماء المستأثرة مع المظاهر المستأثرة ؛ فإنّ الأسماء المستأثرة عندنا لها المظاهر المستأثرة ، ولا يكون اسم بلا مظهر أصلاً ، بل مظهره مستأثر في علم غيبه .

فالعالم له حظّ من الواحدية وله حظّ من الأحدية ، وحظّ الواحدية معروف للكمّل والحظّ الأحدي سرّ مستأثر عند اللّه : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا)(2) .

* * * * * * * *

هداية للناظرين

[12] هداية للناظرين

الماهيات كلّها وجودات خاصّة علمية؛ لأنّها ليست ثابتة في الخارج، منفكّة عن الوجود الخارجي، ليلزم الواسطة بين الموجود والمعدوم.

[شرح فصوص الحكم: 66 ؛ و(ط - الحجري) ص 21]

ص: 17


1- هود (11): 56.
2- البقرة (2): 148.

[12] قوله : «هداية للناظرين».

أقول : لا يخفى ما في هذا الفصل من القصور والفتور على مذهب الناظرين والعارفين من جعل الأعيان وجودات خاصّة علمية وغير ذلك ، خصوصاً جعل الوجودات زائداً على الكون الذهني والخارجي ، فتدبّر .

* * * * * * * *

تتميم

[13] تتميم

الأعيان من حيث تعيّناتها العلمية وامتيازها من الوجود المطلق راجعة إلى العدم .

[شرح فصوص الحكم: 67 ؛ و(ط - الحجري) ص 22]

[13] قوله : «تتميم».

أقول : هذا التتميم مخالف لذوق أصحاب المعرفة ومنافٍ لكلماتهم ، بل هو معنىً مبتذل مخالف للتوحيد . فهل ترى أنّ مرادهم : «الأعيان الثابتة ما شمّت رائحة الوجود أزلاً وأبداً»(1) و«إنّ العالم غيبٌ ما ظهر قطّ ، واللّه ظاهر ما غاب قطّ»(2) ما ذكره هذا الفاضل؟! أو لكلام أمير المؤمنين عليه السلام - مع كمال لطافته - هذا التوجيه الركيك؟! بل مقصودهم كسر الأصنام ومحو الأوهام وترك الغير ورفض الشرك مطلقاً .

ص: 18


1- اُنظر فصوص الحكم: 76؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 548.
2- اُنظر جامع الأسرار: 163؛ كلمات مكنونه: 5.
الفصل الرابع: في الجوهر والعرض على طريقة أهل اللّه
اشارة

الفصل الرابع [14] في الجوهر والعرض على طريقة أهل اللّه

[شرح فصوص الحكم: 75 ؛ و(ط - الحجري) ص 22]

[14] قوله : «في الجوهر والعرض...» إلى آخره.

والجوهر هو الوجود المنبسط والظهور القيّومي من الحضرة الإلهية ، وهو ظلّ الفيض الأقدس الأحدي أو الاسم الأعظم بالوجهة الغيبية الأحدية .

والأعراض تعيّنات الفيض القيّومي من العقل إلى الهيولى ، ظلّ التعيّنات الأسمائية في الحضرة الواحدية .

والجواهر دائماً مكتنفات بالتعيّنات العرضية ، وهي محجوبة بها ومختفية تحت أستارها ، كما أنّ الفيض الأقدس الأحدي محجوب بالأسماء الإلهية وتحت أستارها .

والاسم هو الجوهر المكتنف بالأعراض في العين والفيض الأحدي المكتنف بالتعيّنات الأسمائية . وما يقال : إنّ الاسم هو الذات مع تجلٍّ من تجلّياته(1) ، فليس عندي بمقبول إن أرادوا بها الذات من حيث هي .

وهاهنا تفصيل وتطويل ليس المقام مقام ذكره .

* * * * * * * *

ص: 19


1- شرح فصوص الحكم، القيصري: 44.
تنبيه: بلسان أهل النظر

[15] تنبيه بلسان أهل النظر

اعلم أنّ الممكنات منحصرة في الجواهر والأعراض .

[شرح فصوص الحكم: 77 ؛ و(ط - الحجري) ص 24]

[15] قوله : «تنبيه بلسان أهل النظر».

لا يخفى : أنّ ما ذكره في هذا التنبيه مخالف لما ذهب إليه أهل النظر في باب الجواهر الجنسية والنوعية ، وكذلك في الأعراض العامّة والخاصّة ؛ فإنّ اختلاف الجواهر الجنسية بالجواهر الفصلية عند أهل النظر(1) لا بالأعراض الكلّية كما قال.

بالجملة : كلّ ما ذكره مخالف للتحقيق عند أهل النظر ، كما هو واضح .

* * * * * * * *

خاتمة : في التعيّن

خاتمة : [16] في التعيّن

اعلم أنّ التعيّن ما به امتياز الشيء عن غيره بحيث لا يشاركه فيه غيره .

[شرح فصوص الحكم: 81 ؛ و(ط - الحجري) ص 26]

[16] قوله : «في التعيّن».

اعلم : أنّ الذات من حيث هي لا تعيّن لها أصلاً ؛ فإنّ التعيّن من آثار التجلّيات

ص: 20


1- اُنظر الحكمة المتعالية 2: 25 - 41.

الأسمائية . فأوّل التعيّنات هو التعيّن بالأسماء الذاتية في الحضرة الأحدية الغيبية ، وبهذا يمتاز الحضرة الأحدية عن الحضرات الاُخر . ثمّ بهذا التعيّن صارت مبدءاً للتجلّي الأسمائي ، فوقع التجلّيات الأسمائية في الحضرة العلمية ؛ فتعيّن كلّ اسم بمقامه الخاصّ به .

والتعيّن قد يكون وجودياً كالتعيّن بالأسماء الجمالية ، وقد يكون عدمياً كالتعيّن بالأسماء الجلالية ، وقد يكون مركّباً ، بل كلّ التعيّنات لها شائبة التركيب ؛ فإنّ تحت كلّ جمال جلال وبالعكس .

وأيضاً قد يكون التعيّن فردياً كالتعيّن بالأسماء البسيطة ، وقد يكون جمعيّاً ، والجمعي قد يكون محيطاً وقد لا يكون . وما يكون له أحدية جمع التعيّنات هو الاسم الأعظم والإنسان الكامل .

* * * * * * * *

ص: 21

الفصل الخامس: في بيان العوالم الكلّية والحضرات الخمس الإلهية
اشارة

الفصل الخامس في بيان العوالم الكلّية [17] والحضرات الخمس الإلهية

[شرح فصوص الحكم: 89 ؛ و(ط - الحجري) ص 27]

[17] قوله : «والحضرات الخمس».

يقال لها : «الحضرة» باعتبار حضورها في المظاهر وحضور المظاهر لديها ؛ فإنّ العوالم محاضر الرُبوبية ومظاهرها . ولذا لا يطلق على الذات من حيث هي : «الحضرة» ؛ لعدم ظهورها وحضورها في محضر من المحاضر وفي مظهر من المظاهر .

وأمّا المقام الغيب الأحدي فله الاسم والمظهر والظهور حسب الأسماء الذاتية والرابطة الغيبية الأحدية بينها وبين الموجودات بالسرّ الوجودي الغيبي . وسيأتي بيان الحضرات على مشربنا العرفاني(1) .

* * * * * * * *

وأوّل الحضرات الكلّية حضرة الغيب المطلق ، [18] وعالمها عالم الأعيان الثابتة في الحضرة العلمية ؛ وفي مقابلتها حضرة الشهادة المطلقة وعالمها عالم الملك وحضرة الغيب المضاف ؛ وهي ينقسم إلى ما يكون أقرب من الغيب المطلق وعالمه عالم الأرواح

ص: 22


1- راجع: التعليقة التالية.

الجبروتية والملكوتية ؛ أعنى عالم العقول والنفوس المجرّدة ، وإلى ما يكون أقرب من الشهادة وعالمه عالم المثال .

[شرح فصوص الحكم: 90 ؛ و(ط - الحجري) ص 28]

[18] قوله : «وعالمها عالم الأعيان» .

ما ذكره الشارح من ترتيب العوالم لم يكن مطابقاً للذوق العرفاني ، بل أوّل الحضرات حضرة الغيب المطلق ؛ أي حضرة أحدية الأسماء الذاتية ، وعالمها هو السرّ الوجودي الذي له الرابطة الخاصّة الغيبية مع الحضرة الأحدية . ولا يعلم أحدٌ كيفية هذه الرابطة المكنونة في علم غيبه . وهذا السرّ الوجودي أعمّ من السرّ الوجودي العلمي الأسمائي ، والعيني الوجودي .

وثانيها : حضرة الشهادة المطلقة ، وعالمها عالم الأعيان في الحضرة العلمية والعينية .

وثالثها : حضرة الغيب المضاف الأقرب إلى الغيب المطلق ، وهي الوجهة الغيبية الأسمائية ، وعالمها الوجهة الغيبية الأعيانية .

ورابعها : حضرة الغيب المضاف الأقرب إلى الشهادة ، وهي الوجهة الظاهرة الأسمائية ، وعالمها الوجهة الظاهرة الأعيانية .

وخامسها : أحدية جمع الأسماء الغيبية والشهادية ، وعالمها الكون الجامع .

وهاهنا بيان آخر لترتيب الحضرات والعوالم لا مجال لذكره .

* * * * * * * *

ص: 23

تنبيه

فالعقل الأوّل والنفس الكلّية اللتان [19] هما صورتا اُمّ الكتاب - وهي الحضرة العلمية - كتابان إلهيان .

[شرح فصوص الحكم: 90 ؛ و(ط - الحجري) ص 28]

[19] قوله : «هما صورتا اُمّ الكتاب».

اعلم : أنّ اُمّ الكتاب كلّها هي الحضرة الاسم اللّه بالتجلّي التامّ الجمعي في الحضرة الواحدية . وأمّا صورة هذا الكتاب الجامع الإلهي فهو مقام الاُلوهية بمقامي الجمع ؛ أي الحضرة الرحمانية والرحيمية .

وكلّ من الرحمانية والرحيمية كتاب جامع إلهي . والأوّل اُمّ الكتاب باعتبار ، والثاني الكتاب المبين . وأمّا كتاب المحو والإثبات فهو مقام الفيض المطلق المنبسط بالوجهة الخلقية .

وإن شئت قلت : الوجهة اليلي الحقّي [هو] اُمّ الكتاب لا يتغيّر ولا يتبدّل ، والوجهة اليلي الخلقي هو كتاب المحو والإثبات . وكيفية المحو والإثبات على المشرب العرفاني هي إيجاد جميع الموجودات باسمه «الرحمان» و«الباسط» ، وإعدامها باسمه «المالك» و«القهّار» . ففي كلّ آنٍ يكون الإعدام والإيجاد على سبيل الاستمرار :

عنكبوتان مگس قديد كنند***عارفان هر دمى دو عيد كنند(1)

ص: 24


1- حديقة الحقيقة: 369 .

وبهذا يظهر سرّ الحدوث الزماني في جميع مراتب الوجود عند أهل المعرفة ، فتدبّر .

* * * * * * * *

وما ذكر من الكتب إنّما هي اُصول الكتب الإلهية . وأمّا فروعها [20] فكلّ ما في الوجود ؛ من العقل والنفس والقوى الروحانية والجسمانية وغيرها .

[شرح فصوص الحكم: 91 ؛ و(ط - الحجري) ص 28]

[20] قوله : «فكلّ ما في الوجود...» إلى آخره .

عند التحقيق العرفاني كلّها كتب جامعة فيها مسطور كلّ الأحكام الإلهية ، كما أنّ الأسماء باعتبار كلّها جامعة لجميع الأسماء وهو جهة استهلاكها في أحدية جمع الجمع ، كما اُشير إليه في الدعاء : «اللهمّ إنّي أسألك من أسمائك بأكبرها، وكلّ أسمائك كبيرة»(1) .

فباعتبار ظهور الكثرة للأسماء [الأسماء] أعظم وغير أعظم والكتب بعضها جامعة وبعضها غير جامعة ، وباعتبار اضمحلالها في الجمع الأحدي كلّها أعظم وجامع .

* * * * * * * *

ص: 25


1- إقبال الأعمال: 77؛ بحار الأنوار 95: 94 - 95.
الفصل السادس: فيما يتعلّق بالعالم المثالي

الفصل السادس فيما يتعلّق بالعالم المثالي

وكما أنّ النوم ينقسم بأضغاث أحلام وغيرها ، [21] كذلك ما يرى في اليقظة ينقسم إلى اُمور حقيقية محضة واقعة في نفس الأمر ، وإلى اُمور خيالية صرفة .

[شرح فصوص الحكم: 100 ؛ و(ط - الحجري) ص 32]

[21] قوله : «كذلك ما يرى في اليقظة».

اعلم : أنّ الميزان في مشاهدة الصور الغيبية هو انسلاخ النفس عن الطبيعة والرجوع إلى عالمها الغيبي ، فيشاهد أوّلاً مثالها المقيّد ، وبعده المثال المطلق إلى الحضرة الأعيان بالتفصيل الذي يشير إليه المصنّف .

والانسلاخ قد يكون في النوم عند استراحة النفس عن التدبيرات البدنية ، فبقدر صفاء النفس يتّصل بالعوالم الغيبية فيشاهد الحقائق الغيبية . فعند ذلك يتمثّل تلك الحقيقة في مثالها حسب عادات النفس ومأنوساتها ، فيحتاج إلى التعبير .

فكذلك ما وقع عند اليقظة لأهل السلوك من المشاهدات ، إلاّ أنّ الكمّل - مثل الأنبياء علیهم السلام - يمثّلون الحقائق في مثالهم حسب اختيارهم ، ومن المثال ينزّلونها إلى المُلك لخلاص المسجونين في عالم الطبيعة . فتنزّل الملائكة في عالمهم

ص: 26

المثالي والملكي حسب قوّة روحانيتهم وكمالها .

فروحانية النبيّ هي المنزّلة للملائكة الروحانية في المثال وفي الملك . ولا ينافي ذلك ما حدث لهم من الاضطراب وشبه الإغماء عند نزول الوحي ؛ فإنّ ضعف أجسامهم الشريفة عن تحمّل ظهور الأرواح المجرّدة فيها غير قوّة مقام الروحانية والجنبة الإلهية الوَلَوية .

* * * * * * * *

الفصل السابع: في مراتب الكشف وأنواعها إجمالاً

الفصل السابع في مراتب الكشف وأنواعها إجمالاً

[22] قال النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم : «رأيت أ نّي أشرب اللبن؛ حتّى خرج الريّ من أظافيري، فأعطيت فضلي عمر، فأوّلت ذلك بالعلم» .

[شرح فصوص الحكم: 108 ؛ و(ط - الحجري) ص 34]

[22] قوله : «قال النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم».

لعلّ هذا الحديث مضمونه شاهد على صدقه ؛ فإنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله - حيث يكون حقيقة الاسم الأعظم والمرآة الأتمّ لا يمكن أن يفضل منه ما هو من سنخ العلم .

* * * * * * * *

ص: 27

الفصل التاسع: في بيان خلافه الحقيقة المحمدية(صلی الله علیه وآله وسلم)

الفصل التاسع في بيان خلافة الحقيقة المحمدية(صلی الله علیه وآله وسلم) وأ نّها قطب الأقطاب

فاعلم : أنّ تلك الحقيقة [23] هي التي تربّ صور العالم كلّها بالربّ الظاهر فيها ، الذي هو ربّ الأرباب .

[شرح فصوص الحكم: 127 ؛ و(ط - الحجري) ص 39]

[23] قوله : «هي التي تربّ صور العالم».

اعلم : أنّ لكلّ موجود جهة ربوبية ، هي ظهور الحضرة الربوبية فيه ، وكلّ تأثير وفاعلية وإيجاد في العالم فهو من الربّ الظاهر فيه ، فلا مؤثّر في الوجود إلاّ اللّه .

إلاّ أنّ المرائي مختلفة في ظهور الربوبية . فربّ مرآة ظهر فيها الربوبية المقيّدة المحدودة على حسب مرتبتها من المحيطية والمحاطية حتّى تنتهي إلى المرآة الأتمّ الأحمدية التي لها الربوبية المطلقة والخلافة الكلّية الإلهية أزلاً وأبداً .

فجميع دائرة الخلافة والولاية من مظاهر خلافته الكبرى ، وهو الأوّل والآخر والظاهر والباطن ، وجميع الدعوات دعوات إليها ، وهي مرجع الكلّ ومصدره ، ومبدأ الكلّ ومنتهاه )وَ اللّه ُ مِن وَرَائِهِم مُحِيطٌ((1) .

* * * * * * * *

ص: 28


1- البروج (85): 20.
الفصل الثاني عشر: في النبوّة والرسالة والولاية

الفصل الثاني عشر [24] في النبوّة والرسالة والولاية

[شرح فصوص الحكم: 145 ؛ و(ط - الحجري) ص 45]

[24] قوله : «في النبوّة».

اعلم : أنّ العبد السالك إلى اللّه بقدم العبودية إذا خرج من بيت الطبيعة مهاجراً إلى اللّه ، وجذبه الجذبات الحبّية السرّية الأزلية ، وأحرق تعيّنات نفسيّته بقبسات نار اللّه من ناحية شجرة الأسماء الإلهية ، فقد يتجلّى عليه الحقّ بالتجلّي الفعلي النوري أو الناري أو البرزخي الجمعي ، حسب مقامه في الحضرة الفيض الأقدس .

ففي هذا التجلّي يرى بعين المشاهدة من منتهى نهاية عرش الشهود إلى غاية قصوى غيب الوجود تحت أستار تجلّياته الفعلية ، فيفنى عين العالم في التجلّي الظهوري عنده .

فإذا تمكّن في المقام واستقام وذهب عنه التلوين يصير الشهود تحقّقاً في حقّه، فيصير اللّه سمعه وبصره ويده، كما في الحديث(1). وهذا حقيقة قرب النوافل.

فيصير العبد مُخلعاً بخلعة الولاية ، فيكون حقّاً في صورة الخلق ، فيظهر فيه

ص: 29


1- الكافي 2: 263 / 8؛ عوالي اللآلي 4: 103؛ المسند، أحمد بن حنبل 6: 256؛ صحيح البخاري 8: 483 / 1367.

باطن الربوبية - التي هي كنه العبودية - ويصير العبودية باطنه . وهذا أوّل منازل الولاية ، واختلاف الأولياء في هذا المقام . والمقامات الاُخر حسب اختلاف الأسماء المتجلّية عليهم .

فالوليّ المطلق مَن ظهر عن حضرة الذات بحسب المقام الجمعي والاسم الجامع الأعظم ربّ الأسماء والأعيان . فالولاية الأحمدية الأحدية الجمعية مظهر الاسم الأحدي الجمعي ، وسائر الأولياء مظاهر ولايته ومحالّ تجلّياته . كما أنّ النبوّات كلّها مظاهر نبوّته ، وكلّ دعوة دعوة إليه ، بل دعوته .

فكما أن لا تجلّي أزلاً وأبداً إلاّ التجلّي بالاسم الأعظم وهو المحيط المطلق الأزلي الأبدي ، كذلك لا نبوّة ولا ولاية ولا إمامة إلاّ نبوّته وولايته وإمامته ، وسائر الأسماء رشحات الاسم الأعظم وتجلّياته الجمالية والجلالية ، وسائر الأعيان رشحات العين الأحمدي وتجلّيات نوره الجمالي والجلالي واللطفي والقهري .

فاللّه تعالى هو الهو المطلق ، وهو صلّى اللّه عليه وآله الوليّ المطلق ، ونحن - بحمد اللّه وحسن توفيقه - أفردنا رسالة(1) عزيزة في هذا المقصد الأسنى والمقصود الأعلى ، والصلاة عليه وآله .

* * * * * * * *

ص: 30


1- مراده من هذه الرسالة كتاب «مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية».

شرح فصوص الحكم

اشارة

ص: 31

ص: 32

شرح مقدّمة فصوص الحكم
اشارة

ولمّا كان «الحمد» و«الثناء» مترتّباً على الكمال ، ولا كمال إلاّ للّه ومن اللّه ، كان الحمد للّه خاصّة ؛ وهو قولي وفعلي وحالي . أمّا القولي : [25] فحمد اللسان وثناؤه عليه بما أثنى به الحقّ على نفسه على لسان الأنبياء عليهم السلام .

وأمّا الفعلي : فهو الإتيان بالأعمال البدنية من العبادات والخيرات ابتغاءً لوجه اللّه تعالى وتوجّهاً إلى جنابه الكريم .

وأمّا الحالي : فهو الذي يكون بحسب الروح والقلب ، كالاتّصاف بالكمالات العلمية والعملية والتخلّق بالأخلاق الإلهية .

[شرح فصوص الحكم: 289 ؛ و(ط - الحجري) ص 47]

[25] قوله : «فحمد اللسان».

اعلم : أنّ الحمد هو إظهار كمال المحمود وإعلان محامده ، فالقولي منه ظاهر .

وأمّا الفعلي والحالي فليسا كما ذكره الشارح الفاضل ؛ فإنّ الإتيان بالأعمال

ص: 33

ابتغاءً لوجه اللّه ليس حمداً ، بل الحمد الفعلي عبارة عن إظهار كمال المحمود بالعمل .

فالعبادات والخيرات باعتبار أ نّها إظهار كماله والثناء على ذاته وأسمائه وصفاته حمد له تعالى ، إلاّ أنّها مختلفة في باب الحمد والثناء :

فربّ عبادة أ نّها ثناء الأسماء الجمالية أو الجلالية ، واللطفية أو القهرية . فقد تكون ثناء اللّه بحسب مقامه الجامع واسمه الأعظم ، كالصلاة التي لها مقام الجامعية ، وفيها الفناءات الثلاثة ، ولهذا اختصّت بأنّها عبادة ليلة المعراج الذي هو مقام القرب الأحمدي الأحدي المحمّدي ، واختصّت بثناء اللّه تعالى نفسه بها ، كما ورد عن جبرئيل - عليه السلام - أ نّه قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : «إنّ ربّك يصلّي»(1) .

فعلى هذا : يكون كلّ العبادات والخيرات باعتبار إظهار المحامد حمداً ، بل كلّ الملكات الفاضلة باعتبار إظهار محامد اللّه حمداً .

وقس على ذلك : الحالي من الحمد ، لا كما ذكره الشارح .

* * * * * * * *

[26] وأمّا حمده ذاته في مقامه الجمعي الإلهي قولاً ، فهو ما نطق به في كتبه وصحفه من تعريفاته نفسه بالصفات الكمالية .

[شرح فصوص الحكم: 291 ؛ و(ط - الحجري) ص 48]

[26] قوله : «وأمّا حمده ذاته في مقامه الجمعي».

ص: 34


1- الكافي 1: 443 / 13؛ بحار الأنوار 18: 306 / 13.

أقول : ليس ما ذكر حمده في مقامه الجمعي الإلهي ، بل هو حمده في مرآته التفصيلية ، كما أنّ سمع وبصر العباد سمعه وبصره في المرآة التفصيلية ، إلاّ أنّ القرآن له المقام الجمعي في ليلة القدر الجمعي الأحمدي ، وسائر الكتب الإلهية لها المقام التفريقي في الليالي التفريقية .

وأمّا حمده ذاته في مقامه الجمعي الإلهي بحسب القول والفعل - بل والحال - فواحد ذاتاً مختلف بحسب تكثير الأسماء والصفات .

فالتجلّي الأسمائي بالفيض المقدّس قولي باعتبار شقّ أسماع الممكنات والأعيان ، وفعلي باعتبار إظهار كماله وجماله وجلاله ، وحالي باعتبار استهلاكه في حضرة الأسماء والصفات والذات .

والتجلّي بالفيض الأقدس قولي باعتبار شقّ أسماع الأسماء ، وفعلي باعتبار إظهار ما في السرّ الأحدي من الأسماء الذاتية ، وحالي وهو معلوم .

فهو تعالى حامد بلسان الذات ومحموده الذات ، وحامد بلسان الأسماء ومحموده الذات والأسماء ، وحامد بلسان الأعيان ومحموده هما مع الأعيان . وكلّها في الحضرة الجمعية والتفصيلية ، بل كلّها حامد ومحمود حتّى أنّ الذات حامد الأسماء والأعيان ، كما لا يخفى على اُولي الأبصار والقلوب .

* * * * * * * *

والسالك على الطريق الثاني - [27] وهو الطريق الأقرب - هو الذي يقطع الحُجب بالجذبات الإلهية .

[شرح فصوص الحكم: 298 ؛ و(ط - الحجري) ص 51]

ص: 35

[27] قوله : «وهو الطريق الأقرب».

أقول : ولكن ليس لهذا السلوك ميزان يعرفه أهل السلوك والارتياض ، بل هو سلوك سرّي يحصل بجذبة خاصّة إلهية ، ليس قدم السالك دخيلاً فيها .

وأمّا الطريق الأوّل : فهو الطريق المستقيم الذي ندب إليه الأنبياء عليهم السلام ، ولابدّ للسالك من سلوك الطريق المتعارف ، إلاّ أن يحصل له الجذبة الخاصّة ، فيصير تحت قباب الكبرياء(1) .

ولا يخفى : أنّ ذلك السلوك الذي هو بالجذبة أيضاً بوساطة الأنبياء والكمّل بالوجهة الخاصّة ، وإن لم يكن بناء الدعوة عليه .

* * * * * * * *

وقوله : "الحمد للّه منزّل الحِكَم على قلوب الكَلِم بأحدية الطريق الأمَم [28] من المقام الأقدم وإن اختلفت النحل والملل لاختلاف الاُمَم".

[شرح فصوص الحكم: 289 - 300 ؛ و(ط - الحجري) ص 47 - 51]

[28] قوله : «من المقام الأقدم» متعلّق بقوله : «منزّل الحكم» والمعنى : أنّ تنزيل الحكم - التي هي مقام أحدية الطريق المستقيم على قلوب الكلم - يكون من المقام الأقدم الأحدي بالفيض الأقدس والوجهة الخاصّة الأحدية .

فبهذه الوجهة تكون للحكم أحدية جمعية إلهية . وأمّا بالوجهة الكثرة

ص: 36


1- كشف المحجوب: 70؛ تذكرة الأولياء: 19؛ مرصاد العباد: 127؛ شرح منازل السائرين، الكاشاني: 474؛ مصباح الاُنس: 68.

الأسمائية والدول الواقعة من الحضرة الواحدية فالدول مختلفة باختلاف الأسماء والشرائع ، متكثّرة بتكثّر الحقائق الغيبية الأسمائية .

وصاحب المقام الأقدم الأحد في التجلّي الأقدس ومقام جمع الأسمائي في الحضرة الواحدية هو النبي الختمي الذي له الأوّلية والآخرية والظاهرية والباطنية .

وممّا ذكرنا يسقط كثير من كلمات الشارح الفاضل .

وعلى ذلك : يمكن أن يكون «الاُمم» في قوله : «لاختلاف الاُمم» هي الاُمم الأسمائية ، و«الملل والنحل» هما اللذان في الحضرة الأعيان .

* * * * * * * *

وإمداد النبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - الهمم من خزائن الجود والكرم الذي للحضرة الإلهية ، إنّما هو لقطبيته وخلافته ؛ [29] فالخزائن للّه والتصرّف لخليفته .

[شرح فصوص الحكم: 304 ؛ و(ط - الحجري) ص 52]

[29] قوله : «فالخزائن للّه والتصرّف لخليفته».

والخليفة يتصرّف في ملك المستخلف له بما شاء . وتلك الخلافة لا تحصل إلاّ بعد تصرّف الحقّ في العبد بما شاء وكما شاء ، وذلك إلى غاية اُفق الفناء .

وإذا فنى عن نفسه ذاتاً وصفةً وفعلاً لا يكون تصرّف ومتصرِّف ومتصرَّف فيه إلاّ من اللّه وللّه وفي اللّه . وإذا أرجعه إلى مملكته وقعت المجازات الإلهية بتصرّف العبد في الخزائن . فبوجهٍ الخزائن للّه والتصرّف للعبد ، وبوجهٍ

ص: 37

الخزائن والتصرّف للّه ، وبوجهٍ هما للعبد ، وبوجهٍ عكس الأوّل ، تدبّر .

* * * * * * * *

[30] قوله : "بالقيل الأقوم" متعلّق ب «الممدّ» ؛ أي ممدّ الهمم بالقول الأصدق الأعدل الذي لا انحراف فيه بوجه من الوجوه .

[شرح فصوص الحكم: 305 ؛ و(ط - الحجري) ص 53]

[30] قوله : «بالقيل الأقوم».

أقول : يحتمل أن يكون متعلّقاً بقوله : «ممدّ الهمم» ؛ أي كلّ همّة من أصحاب القلوب والكمّل بإمداد همّته صلّى اللّه عليه وآله ، بل كلّ همّة ظلّ همّته ومظهر قدرته على القول الأقوم الموافق لذوق أهل المعرفة .

فإنّ كلّ النبوّات والولايات ظلّ نبوّته الذاتية وولايته المطلقة ، ولا يكون دعوة إلاّ إليه ، ولا دعاء إلاّ له ، ولا إحسان إلاّ به ، قال تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)(1) .

فهو صلّى اللّه عليه وآله أحد الأبوين الروحانيين ، وخليفته المتّحد معه في الروحانية أحد الأبوين ، كما قال صلّى اللّه عليه وآله : «أنا وعليّ أبوا هذه الاُمّة»(2) . وهذا أحد معاني «قضاء الربّ» وأحد معاني «الوالدين» .

ويحتمل : أن يكون متعلّقاً بقوله : «من خزائن الجود والكرم» ؛ أي القول الأقوم الموافق لكشف أهل المعرفة : أنّ تصرّفه وإمداده على الهمم لا يكون إلاّ

ص: 38


1- الإسراء (17): 23 .
2- كمال الدين 1: 261 / 7؛ بحار الأنوار 36: 11 / 12.

من خزائن الجود الإلهي والكرم الربوبي ، ولا يكون له الاستقلال في التصرّف ، بل له الخلافة في جميع العوالم خلافة في الظهور والتصرّف . فبظهوره ظهرت الأسماء من غيب الهوية إلى حضرة الشهادة ، وتصرّفه عين تصرّف [ال] حضرات الأسمائية .

وما ذكرنا أولى ممّا احتمله الشارح الفاضل ، كما لا يخفى .

* * * * * * * *

قوله : "خذه واخرج به إلى الناس" ؛ أي خذه منّي في سرّك وغيبك واخرج به إلى عالم الحسّ والشهادة [31] بتعبيرك إيّاه وتقريرك معناه بعبارة تناسبه وإشارة توافقه ؛ لينتفع به الناس ويرتفع عنهم حجابهم .

[شرح فصوص الحكم: 310 ؛ و(ط - الحجري) ص 54]

[31] قوله : «بتعبيرك إيّاه».

أقول : ليس ما ذكر تعبيراً بل تنزيل ؛ فإنّ ما تلقّاه سرّ أهل المعرفة من الكمّل في الحضرة الغيبية الروحانية لا يكون له صورة مثالية أو ملكية ، فإذا تصوّر في الحضرة الخيالية بصورة مناسبة مثالية يتنزّل من مقامه الأصلي وموطنه الروحاني ، وإذا تصوّر بصورة ملكية يتنزّل مرتبة اُخرى : فالتنزّل من مقام الغيب إلى الشهادة تنزيل ، والرجوع من الشهادة إلى الغيب تعبير في الرؤيا وتأويل في المكاشفة . ومن هذا القبيل تنزيل الكتاب من عند اللّه بحسب المراتب السبع التي للعوالم أو للإنسان الكامل .

ص: 39

فمراتب التنزيل سبعة ، كما أنّ مراتب التأويل سبعة ، وهي بعينها بطون القرآن إلى سبعة أبطن إجمالاً وسبعين تفصيلاً ، بل سبعين ألف ، وباعتبارٍ لا حدّ له يقف عنده .

والعالم بالتأويل من له حظّ من المراتب ، فبمقدار تحقّقه بالمراتب له حظّ من التأويل ، إلى أن ينتهي إلى غاية الكمال الإنساني ومنتهى مراتب الكمالي ، فيصير عالماً بجميع مراتب التأويل . فهو كما يتلو الكتاب من الصحيفة المباركة الحسّية التي بين أيدينا يقرأ من صحيفة عالم المثال وعالم الألواح والأرواح إلى العلم الأعلى إلى الحضرة التجلّي إلى الحضرة العلم إلى الاسم الأعظم ، وهو الراسخ في العلم ، «وإنّما يعرف القرآن من خوطب به»(1) .

* * * * * * * *

[32] "ثمّ بالفهم فصّلوا***مجمل القول واجمعوا"

أي إذا سمعتم وفهمتم معناه وتحقّقتم بعلمه ، فصِّلوا ما فيه من الإجمال ، وفرِّعوا عليه التفاريع المترتّبة عليه . . . .

[شرح فصوص الحكم: 319 ؛ و(ط - الحجري) ص 58]

[32] قوله : «ثمّ بالفهم فصِّلوا / مجمل القول واجمعوا»؛ أي بالذوق الحاصل من تعليم رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله - فصّلوا حقيقة المعارف والتجلّيات الحاصلة للأنبياء العظام - عليهم السلام - في المرائي التفصيلية التي هي الأعيان التابعة لهم ، واجمعوا بإرجاع كلّ كثرة إلى أحدية الجمع .

ص: 40


1- الكافي 8: 312 / 485؛ بحار الأنوار 46: 350 / 2.

أو فصّلوا فصوص الحكم والمعارف الحاصلة للأنبياء علیهم السلام في المرائي

التفصيلية التي هي أنفسكم بالتحقّق بمقامهم ، ثمّ اجمعوا بإرجاع كلّ إلى صاحبه الذي هو النبي صاحب الفصّ المذكور في الكتاب .

وأمّا ما ذكره الشارح الفاضل من التفصيل والإجمال فليس بشيء عند أهل المعارف ، كما لا يخفى .

* * * * * * * *

[33] "ثمّ مُنّوا به على***طالبيه ولا تمنعوا"

أي منّوا بما سمعتم وفهمتم معناه على طالبيه بإرشادهم

وتنبيههم على المعاني المودّعة فيه .

[شرح فصوص الحكم: 320 ؛ و(ط - الحجري) ص 59]

[33] قوله : «ثمّ مُنّوا به على / طالبيه ولا تمنعوا».

وهذه المنّة من المنن المحمودة التي من عطاء اللّه وهدايته .

وميزان المنّة المحمودة والمذمومة : هو أنّ كلّ منّة كانت خالصة من شائبة أنانية النفس واستقلالها وتكون من جهة عطاء اللّه تعالى فهي من المنن المحمودة ، وكلّ منّة تكون للنفس فيها قدم وللأنانية فيها دخالة فهي من المذمومة .

وهذا الكتاب لمّا كان بحسب مكاشفة الشيخ من عطيّات رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ومنحه ، وهي بعينها عطيّات اللّه تعالى تكون هداية الطالبين وإرشاد المسترشدين إليه ، من هذه الحيثية من المنن الممدوحة بشرط خلوص الهادي المرشد عن

ص: 41

شائبة تصرّف النفس والشيطان ، أعاذنا اللّه منهما وجميع الطالبين .

* * * * * * * *

[34] "هذه الرحمة التي***وسعتكم فوسِّعوا"

أي هذه الأسرار والمعاني التي فاضت عليكم من اللّه رحمة منه عليكم ، وسعتكم وشملتكم ، فوسِّعوا أنتم أيضاً تلك الرحمة على الطالبين .

[شرح فصوص الحكم: 321 ؛ و(ط - الحجري) ص 59]

[34] قوله : «هذه الرحمة» يحتمل أن يكون مفعولاً لقوله : «لا تمنعوا» ؛ أي لا تمنعوا هذه الرحمة التي وسعتكم ، فوسّعوها شكراً وامتناناً . ويحتمل أن يكون مفعولاً لقوله : «فوسّعوا».

وظاهر كلام الشارح : أنّ «هذه» مبتدأ وخبرها «الرحمة» ، وهو بعيد .

* * * * * * * *

قوله : [35] "فأوّل ما ألقاه المالك على العبد من ذلك" مبتدأ ، خبره قوله : "فصّ حكمة إلهية في كلمة آدمية" .

[شرح فصوص الحكم: 322 ؛ و(ط - الحجري) ص 60]

[35] قوله : «فأوّل ما ألقاه...» إلى آخره .

لمّا كان الحقّ - تعالى شأنه - بمقام مالكيته يتصرّف في قلوب الأولياء والكمّل الذين خرجوا عن العالمين الذين هم تحت التربية الإلهية ، ويكون هذا

ص: 42

التصرّف المالكي بالتجلّيات الإلهية والجذبات الباطنية من الحضرة الغيبية والأسماء الباطنة ، ويكون قلب العارف في هذا المقام مملوكاً للمولى غير متصرّف فيه غيره ، قال الشيخ : «أوّل ما ألقاه المالك على العبد» .

ف «الربّ» من الأسماء الظاهرة الجمالية وهو مختصّ بالعالمين ، و«المالك» من الأسماء الباطنة الجلالية وهو مختصّ بالعباد المجذوبين الفانين .

قال تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(1) ؛

فالربوبية للعالمين ، والمالكية ليوم الدين وهو يوم التجلّي التامّ الواحدي ، قال : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ للّه ِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)(2) .

* * * * * * * *

[36] ولا يجوز أن يقال : المراد ب «المالك» هو الحقّ وب «العبد» هو النبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - ؛ لما يلزم من إساءة الأدب وإن كان عبداً له ورسولاً منه .

[شرح فصوص الحكم: 322 ؛ و(ط - الحجري) ص 60]

[36] هذا من سوء الأدب على اللّه ، بل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ؛ فإنّ العبودية من أعظم افتخارات النبيّ صلّى اللّه عليه وآله .

* * * * * * * *

ص: 43


1- الفاتحة (1): 1 - 3 .
2- الغافر (40): 16.

[37] ومعنى «الحكمة» ما ذكر من أنّها علم بحقائق الأشياء على ما هي عليه ، وعمل بمقتضاه .

[شرح فصوص الحكم: 323 ؛ و(ط - الحجري) ص 60]

[37] قوله : «ومعنى الحكمة...» إلى آخره .

أقول : ليس معنى الحكمة في لسان أهل اللّه ما ذكره الشارح ، وليست الحكمة الفائضة على الأنبياء علیهم السلام ما ذكرها ، بل الحكمة عبارة عن معرفة اللّه وشؤونه الذاتية وتجلّياته الأسمائية والأفعالية في الحضرة العلمية والعينية بالمشاهدة الحضورية والعلم بكيفية المناكحات والمراودات والنتائج الإلهية في الحضرات الأسمائية والأعيانية بالعلم الحضوري .

ويمكن أن يكون الحكمة هي العلم بكمال الجلاء والاستجلاء ؛ فإنّ كمال الجلاء ظهور الحقّ في المرآة الأتمّ ، وكمال الاستجلاء شهوده نفسه فيها ، فتدبّر .

* * * * * * * *

ص: 44

فصّ حكمة إلهية في كلمة آدمية

والمراد بقوله : "أعيانها" يجوز أن يكون الأعيان الثابتة التي هي صور حقائق الأسماء الإلهية في الحضرة العلمية ، ويجوز أن يكون نفس تلك الأسماء التي هي أرباب الأعيان والماهيات الكونية ، [38] ويجوز أن يكون تلك الأعيان الأعيان الخارجية .

[شرح فصوص الحكم: 328 ؛ و(ط - الحجري) ص 61]

[38] قوله : «ويجوز أن يكون تلك الأعيان».

لا يجوز أن يكون المراد بالأعيان الأعيان الخارجية ولا الأعيان الثابتة ؛ فإنّ غاية الخلقة والتجلّي لا تكون غير الذات والأسماء ، وأيضاً الأعيان هي المرآة للتجلّيات لا عينها . وهذا موافق للحديث القدسي : «كنت كنزاً مخفيّاً فأحببتُ أن اُعرف»(1) ؛ أي أحببت أن اُعرف ذاتي بمقام الكنزية التي هي مقام الواحدية التي فيها الكثرة الأسمائية المختفية ، «فخلقت الخلق لكي» أتجلّى من الحضرة

ص: 45


1- مشارق أنوار اليقين: 139؛ مفاتيح الغيب: 293؛ كلمات مكنونه: 33؛ أسرار الحكم: 82.

الأسمائية إلى الأعيان الخلقية و«اُعرف» نفسي في المرائي التفصيلية .

* * * * * * * *

قوله : "بين ما يرجع من ذلك [39] إلى الجناب الإلهي ، وإلى جانب حقيقة الحقائق ، وفي النشأة الحاملة لهذه الأوصاف إلى ما يقتضيه الطبيعة الكلّية" .

[شرح فصوص الحكم: 342 ؛ و(ط - الحجري) ص 68]

[39] قوله : «إلى الجناب الإلهي»؛ أي إنّ زعم القوى لنفسها الجمعية الإلهية ناشٍ :

إمّا من ظهور الحضرة الإلهية الأسمائية فيها بمقامها الجمعية الإلهية وأحدية الجمع الاستهلاكي ؛ فإنّ كلّ موجود من هذا الوجه له الجمعية . وأمّا ما ذكره الشارح من «الوجه الخاصّ» فهو مختصّ بالمقام الأحدي ، كما قال تعالى : (مَا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا)(1) .

وإمّا من ظهور حضرة حقيقة الحقائق الجامعة لجميع الحقائق فيها . وحقيقة الحقائق عبارة عن التجلّي العيني القيّومي بالمقام الجمعي الأحدي الاستهلاكي . وهذا هو مقصود الشيخ من «الجوهر» في كتاب «إنشاء الدوائر»(2) لا ما ذكره الشارح ، كما لا يخفى على من اطّلع على اصطلاحهم في الجوهر والعرض .

وإمّا من ظهور الطبيعة الكلّية فيها وحظّها منها ، والطبيعة الكلّية مظهر حضرة

ص: 46


1- هود (11): 56.
2- اُنظر إنشاء الدوائر: 20 - 24.

القابل المربوط بالفيض الأقدس في المقام الجمعي .

ثمّ اعلم : أنّ الجمعية الإلهية من هذه الوجوه ، ومن الوجه الأحدي غير المذكور في الكتاب ليست ميزان الخلافة الإلهية والمنصب العالي ؛ فإنّ هذه لكلّ موجود دانٍ أو عالٍ ، والتي هي ميزان الخلافة والولاية ما يكون بالطريق المستقيم ، وظهور الكثرات الأسمائي على ميزان الاعتدال ، وليس المقام مقام شرح الحال . والقوى لمّا حجبت عن ذاك المقام زعمت ما زعمت .

* * * * * * * *

[40] وقال أبوبكر - رض - : «العجز عن درك الإدراك إدراك» .

[شرح فصوص الحكم: 346 ؛ و(ط - الحجري) ص 70]

[40] قوله : «وقال أبو بكر».

أقول : ليس العجز عن درك الإدراك إدراكاً ، بل إدراك العجز الكذائي إدراك ، كما يقال : غاية عرفان أهل المعرفة إدراك العجز عنها . ولعلّه سمع شيئاً ولم يحفظه ، فقال ما قال .

* * * * * * * *

"فسمّي هذا المذكور إنساناً وخليفة . [41] فأمّا إنسانيته فلعموم نشأته وحصره الحقائق كلّها . وهو للحقّ بمنزلة إنسان العين من العين الذي به يكون النظر ، وهو المعبّر عنه بالبصر ، فلهذا سمّي إنساناً" .

[شرح فصوص الحكم: 348 ؛ و(ط - الحجري) ص 70]

ص: 47

[41] قوله : «فأمّا إنسانيته...» إلى آخره .

لمّا فهم الشارح من كلام الشيخ وجهين للتسمية ، تكلّف في الوجه الأوّل بما تكلّف ، ولكنّ الظاهر من كلامه : أنّ الوجه في تسميته إنساناً أنّه من الحقّ بمنزلة إنسان العين منها . وقوله : «فلعموم نشأته وحصره الحقائق كلّها» توطئة ومقدّمة للمقصد .

وحاصل كلام الشيخ : أنّ الإنسان لمّا كان نشأته عامّة لجميع شؤون الأسمائي والأعياني حاصرة للحقائق الإلهية والكونية ، يكون مرآةً لشهود الحقائق كلّها ، ويكون منزلته من الحقّ في رؤية الأشياء منزلة إنسان العين من العين ، ولهذا سمّي إنساناً . فالإنسان الكامل كما أنّه مرآة شهود الحقّ ذاته - كما أفاد الشيخ سابقاً - (1) مرآة شهوده الأشياء كلّها .

* * * * * * * *

[42] وكما أنّ إنسان العين هو المقصود والأصل من العين - إذ به يكون النظر ومشاهدة عالم الظاهر الذي هو صورة الحقّ - كذلك الإنسان هو المقصود الأوّل من العالم كلّه ؛ إذ به يظهر الأسرار الإلهية والمعارف الحقيقية المقصودة من الخلق .

[شرح فصوص الحكم: 349 ؛ و(ط - الحجري) ص 71]

[42] قوله : «وكما أنّ إنسان العين».

ليس مقصود الشيخ ما ذكره الشارح ؛ فإنّه على ذلك تمثيل بعيد ، بل منظوره :

ص: 48


1- اُنظر فصوص الحكم: 48 - 49؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 325 - 339.

أنّ الإنسان مرآة مشاهدة الأشياء ، فالحقّ به ينظر إلى الخلق ، كما أنّ العين بإنسانها ينظر إلى الموجودات . وأمّا ما ذكره من كونه إشارة إلى نتيجة قرب الفرائض فحقّ . وأمّا نتيجة قرب الفرائض والنوافل فليست كما ذكرها ، بل الفناء الذاتي أيضاً من قرب النوافل . والتفصيل لا يليق بالمقام .

* * * * * * * *

ولا شكّ أنّ الجسد لا يتمّ كماله إلاّ بروحه التي تدبّره وتحفظه من الآفات . [43] وإنّما تأخّر نشأته العنصرية في الوجود العيني ؛ لأنّه لمّا جعلت حقيقته متّصفة بجميع الكمالات جامعة لحقائقها ، وجب أن يوجد الحقائق كلّها في الخارج قبل وجوده .

[شرح فصوص الحكم: 355 ؛ و(ط - الحجري) ص 72]

[43] قوله : «وإنّما تأخّر نشأته العنصرية».

أقول : تأخّره باعتبار كونه الأرض السابعة وأسفل السافلين . فلمّا وقع في الحجب كلّها ، أمكن له خرقها . فهو آخر الآخرين كما هو أوّل الأوّلين ، فله الرجوع إلى نهاية النهايات وغاية الغايات . فهو المتنزّل من غيب الهوية إلى الشهادة المطلقة ، فهو ليلة القدر وله الخروج من جميع الحجب بظهور يوم القيامة فيه ، فهو يوم القيامة ، فاستتار نور الأحدي في تعيّن الأحمدي ليلة القدر .

ولعلّ قوله تعالى : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ)(1) إشارة إليه على بعض البطون وطلوع نوره تعالى من وراء حجابه الأقرب يوم القيامة .

ص: 49


1- القدر (97): 1.

ولعلّ قوله تعالى :(سَلاَمٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(1) إشارة إلى ذلك ، فهو صلی الله علیه و آله وسلم على سلامة من تصرّف الشيطان وقذارات الشرك وغلبة الوحدة على الكثرة ، والكثرة على الوحدة في تمام ليلة القدر إلى مطلع الفجر من يوم القيامة .

* * * * * * * *

وذلك المرور إنّما هو لتهيئة استعداده للكمالات اللائقة به ، ولاجتماع ما فصّل من مقام جمعه من الحقائق والخصائص فيه ، [44] وللإشهاد والاطّلاع على ما اُريد أن يكون خليفة عليه .

[شرح فصوص الحكم : 357 ؛ و(ط - الحجري) ص 73]

[44] قوله : «وللإشهاد والاطّلاع . . .» إلى آخره .

اعلم : أنّ نزول الخليفة والقطب في مراتب التعيّنات الخلقية وتطوّره بالتطوّرات الأرضية والسماوية لم يصر أسباب احتجابه عن الخلق والحقّ وعن مراتب الوجود .

فالولي والخليفة شاهدان للحضرات الأسمائية والتعيّنات التي هي الأعيان الثابتة في الحضرة العلمية عند كينونتهما فيها من غير احتجاب . وكذلك يشهدان مراتب النزول الأسمائي والأعياني في الحضرة الغيب والشهادة ، إلى أن نزلا إلى الشهادة المطلقة ، فهما ذاكران للمراتب كلّها .

قال بعض أهل الذوق : «إنّ حقيقة المعراج هو التذكّر للأيّام السالفة والأكوان

ص: 50


1- القدر (97): 5 .

السابقة ؛ حتّى ينتهي إلى تذكّر الحضرة العلمية» .

وهذا في تحقيق حقيقة المعراج وإن كان خلاف التحقيق ، لكن التذكّر المذكور حقّ .

* * * * * * * *

فيكون قول اللّه لهم إلقاؤه في قلوبهم المعنى المراد ، وهو جعله خليفة في الأرض من غيرهم ، [45] وقولهم عدم رضاهم بذلك وإنكارهم له الناشئين من احتجابهم برؤية أنفسهم وتسبيحهم عن مرتبة من هو أكمل منهم ، واطّلاعهم على نقائصه دون كمالاته .

[شرح فصوص الحكم: 370 ؛ و(ط - الحجري) ص 78]

[45] قوله : «وقولهم عدم رضاهم...» إلى آخره .

ليس الكلام النفسي منهم مجرّد الرضا ، بل الكلام له حقيقة اُخرى غير العلم والإرادة والكراهة والرضا .

فعند تكثير الأسماء واعتبار مقام الواحدية والكثرة الأسمائية لا يرجع الصفات بعضها إلى بعض ؛ لا الإرادة إلى العلم بالنظام - كما هو المشهور بين الحكماء المحجوبين(1) - ولا السمع والبصر إلى العلم(2) ، ولا العلم

ص: 51


1- الشفاء، الإلهيات: 501 - 509؛ التحصيل: 574 - 581؛ الإشارات والتنبيهات، شرح المحقّق الطوسي 3: 151 و 318؛ الحكمة المتعالية 6: 331 - 334.
2- نقد المحصّل: 287 - 289؛ كشف المراد: 289؛ الحكمة المتعالية 6: 421 - 423.

إليهما(1) ، كما هو رأي الشيخ المقتول شهاب الدين .

فالكلام النفسي في الحضرة العلمية عبارة عن التجلّي الحبّي المظهر للمكنون الغيبي على الحضرات الأعيانية في التجلّي الواحدي ، كما أنّ السمع عبارة عن مقارعة خاصّة بين هذا التجلّي والتجلّي العلمي الحاصل بعده . وليس المقام مقام بسط هذه الحقائق .

* * * * * * * *

وذلك لأنّه اتّصف بالوجود ، [46] والأسماء والصفات لازمة للوجود ، فوجب أيضاً اتّصافه بلوازم الوجود ، وإلاّ لزم تخلّف اللازم عن الملزوم .

[شرح فصوص الحكم: 386 - 387 ؛ و (ط - الحجري) ص 84]

[46] قوله : «والأسماء والصفات لازمة للوجود».

أقول : بل هي عين الوجود في الحضرة الجمعية ومستهلكة في الحضرة الأحدية . ولمّا كان العالم ظهور حضرة الجمع ففيه كلّ الأسماء والصفات بطريق الظهور ، ووزان الوجوب وزان سائر الأسماء والصفات . فالعالم واجب بوجوب ربّه ، كما أنّه حيّ بحياة ربّه ، عالم بعلم ربّه . ففي الخليفة يكون كلّ ما له ، فهي

على صورته .

* * * * * * * *

ص: 52


1- مجموعه مصنّفات شيخ إشراق، حكمة الإشراق 2: 150 و214؛ مجموعه مصنّفات شيخ إشراق، المشارع والمطارحات 1: 488.

[47] "فإذا شهدناه شهدنا نفوسنا" لأنّ ذواتنا عين ذاته لا مغايرة بينهما إلاّ بالتعيّن والإطلاق ، أو شهدنا نفوسنا فيه ؛ لأنّه مرآة ذواتنا .

[شرح فصوص الحكم: 389 ؛ و(ط - الحجري) ص 85]

[47] أي شهودنا للحقّ شهود أنفسنا ؛ فإنّ الواصل إلى عالم العلم أيضاً يشهد عينه الثابتة في الحضرة العلمية ، فيشهد الحقّ في حجاب عينه الثابتة .

* * * * * * * *

[48] "وليس" ذلك الفارق "إلاّ افتقارنا إليه في الوجود، وتوقّف وجودنا عليه ؛ لإمكاننا وغناه عن مثل ما افتقرنا إليه" .

[شرح فصوص الحكم: 389 ؛ و(ط - الحجري) ص 85]

[48] قوله : «وليس إلاّ افتقارنا إليه».

وهذه الكثرة الافتقارية ليست مثل الكثرات الاُخرى ، بل هي تؤكّد الوحدة وترفع البينونة . ولهذا قال صلی الله علیه و آله وسلم : «الفقر فخري»(1) . فالعالم إذا كان في حجاب نفسه ، يكون مفترقاً وممتازاً بالافتراق البينوني . وإذا خرج عن حجاب نفسه وتعلّق بعزّ قدسه وافتقر وفنى عن ذاته ، رفع الغيرية ، و«إذا تمّ الفقر ، فهو اللّه»(2) أي الهوية له لا لغيره .

ص: 53


1- عوالي اللآلي 1: 39؛ بحار الأنوار 69: 49 و55 .
2- اصطلاحات الصوفية: 104؛ شرح منازل السائرين، الكاشاني: 493.

وهذا الكلام [49] إنّما هو بحسب الدار الآخرة ، وأمّا بحسب الدنيا فهي متناهية .

[شرح فصوص الحكم: 391 ؛ و(ط - الحجري) ص 86]

[49] قوله : «إنّما هو بحسب الدار الآخرة...» إلى آخره .

أقول : ما ذكره الفاضل الشارح في كمال السقوط ؛ فإنّ خراب الدنيا وزوالها لا ينافي بقاء السلطنة الأسمائية في عالم الملك ؛ فإنّ الرحمانية والرحيمية والربوبية والمالكية التي ذكرت في مفتتح كتاب اللّه تعالى من الأسماء المحيطة الدائمة التجلّي .

فكلّما ظهر وانبسط باسمه «الرحمان» ، وهدى إلى الصراط المستقيم باسمه «الرحيم» ، وربّى بأنواع التربية باسمه «الربوبي» ، بطن وقبض باسمه «المالك» ، ثمّ تجلّى باسمه الرحمان إلى الحضرة الشهادة المطلقة ورجع إلى الباطن .

واللّه تعالى كلّ يوم في شأن جديد ولا تكرار في تجلّيه ، والعالم دائماً في الظهور والبطون من الأزل إلى الأبد ، واللّه من ورائهم محيط .

* * * * * * * *

وذلك [50] لأنّ الهيبة قد يكون من الصفات الفعلية ، كما يقول : «هذا السلطان مُهيب» أي له عظمة في قلوب الناس. وقد يكون من الصفات الانفعالية ، كما يقول : «حصل في قلبي هيبة من السلطان» أي دهشة وحيرة من عظمته .

[شرح فصوص الحكم: 393 ؛ و(ط - الحجري) ص 88]

ص: 54

[50] قوله : «لأنّ الهيبة قد يكون من الصفات الفعلية».

أقول : الهيبة ظهور الجلال الإلهي في الحضرة الإنسانية ، وهي دائماً يوجب الدهشة والهيمان والقهر ؛ فإنّ ظهور هيبة السلطان في قلب الرعية يوجب مقهوريتها . فالهيبة دائماً من الصفات الفعلية ، كما أنّ الاُنس ظهور الجمال الإلهي في النشأة الإنسانية .

وفي كلّ جمال جلال ، وفي كلّ جلال جمال ، وفي كلّ عظمة وهيبة اُنس ورحمة ، وفي كلّ اُنس وجمال عظمة وهيبة .

* * * * * * * *

"لكونه الجامع [51] لحقائق العالم ومفرداته" ؛ أي لكون الإنسان جامعاً لحقائق العالم التي هي مظاهر للصفات الجمالية والجلالية كلّها ، وهي الأعيان الثابتة التي للعالم .

[شرح فصوص الحكم: 394 ؛ و(ط - الحجري) ص 88]

[51] قوله : «لحقائق العالم».

الحقائق هي الأعيان والأسماء بأحدية جمعها ، والمفردات هي هما باعتبار الكثرة والتفصيل .

فالإنسان الكامل له أحدية الجمع للأسماء والأعيان . وبهذا المقام له مظهرية الحضرة الأحدية الجامعة ، وله مقام الكثرة التفصيلية ، وبه يكون مظهراً للحضرة الواحدية .

* * * * * * * *

ص: 55

"ووصف الحقّ نفسه [52] بالحجب الظلمانية وهي الأجسام الطبيعية ، والنورية وهي الأرواح اللطيفة" .

[شرح فصوص الحكم: 396 ؛ و(ط - الحجري) ص 89]

[52] قوله : «بالحجب الظلمانية...» إلى آخره .

يمكن أن يكون الحجب النورية هي الحضرات الأسمائية التي هي حجاب طلعة الذات ونوريتها باعتبار ظهور الذات فيها وكونها كوجه المرآة الصقيل . وفي هذا الاعتبار الحجب الظلمانية هي الأعيان في النشأة العلمية والواحدية ، وظلمانيتها باعتبار كونها كخلف المرآة .

ولولا الحجب الظلمانية التي هي بمنزلة زيبق خلف المرآة ما ظهر الذات في الحجب الأسمائية ؛ لشدّة نوريتها وكمال فنائها في الذات واضمحلالها تحت قهر كبريائه . فالحقّ ظاهر في الحجب النورية باعتبار الحجب الظلمانية . ويمكن أن يكون الحجب النورية هي ظهور الأسماء في النشأة الظاهرة ، والأعيان الظاهرة الخارجية هي الحجب الظلمانية باعتبار ما ذكرنا ، فاعرف واغتنم .

* * * * * * * *

[53] "فالعالم بين لطيف وكثيف" ؛ أي كما أنّ الحقّ موصوف بالحجب الظلمانية والنورانية ، كذلك العالم موصوف بالكثافة واللطافة .

[شرح فصوص الحكم: 397 ؛ و(ط - الحجري) ص 89]

[53] قوله : «فالعالم بين لطيف وكثيف . . .» إلى آخره . أي العالم لمّا كان بين

ص: 56

لطيف - هو مقام روحانيته - وكثيف - هو مقام جسمانيته - فهو حجاب على نفسه التي هي عينه الثابتة ، فإذا كان هو حجاب نفسه وذاته فلا يدرك نفسه ، فضلاً عن إدراك الحقّ . فلا يدرك الحقّ نحو إدراك الحقّ لنفسه ؛ فإنّه يدرك الحقّ من وراء الحجب ، بل يدرك نفسه من ورائها . أو فلا يدرك الحقّ مثل إدراك نفسه التي هي عينه الثابتة ؛ فإنّ الحجاب بينه وبينها أقلّ من الحجاب بينه وبين الحقّ ، فتدبّر .

* * * * * * * *

[54] "فلا يزال في حجاب لا يُرفَع" ؛ أي فلا يزال العالم في حجاب لا يرفع ؛ بمعنى أ نّه محجوب عن الحقّ بإنيته .

[شرح فصوص الحكم: 398 ؛ و(ط - الحجري) ص 89]

[54] قوله : «فلا يزال في حجاب لا يرفع» .

أي لمّا كان الإنسان عين الحجاب على نفسه ، وهو دائماً في حجاب تعيّنه ونفسيته فلا يدرك الحقّ من غير حجاب . ولو عرف نفسه عرف ربّه من وراء حجاب نفسه .

والإنسان الكامل المطّلع على حقائق الأسماء في الحضرة الواحدية يطّلع عليها من وراء حجاب عينه الثابتة ، وإن كان لا حكم لهذا الحجاب .

فلا يزال الإنسان في حجاب عينه لا يرفع ذلك الحجاب ، فلا يدرك مدرك إلاّ نفسه . فعرفان النفس عين عرفان الربّ ، تدبّر .

* * * * * * * *

ص: 57

وجعل ذلك المودع في قبضتيه ؛ [55] أي في ظهوري الحقّ وتجلّييه بالقدرة لإيجاد العالم الكبير مرّة والصغير اُخرى ، أو في عالميه الكبير والصغير .

[شرح فصوص الحكم: 408 ؛ و(ط - الحجري) ص 95]

[55] قوله : «في ظهوري الحقّ».

هذا بحسب انتسابهما إلى الحقّ . فعبّر بالظهور والتجلّي . وقوله : «في عالميه الكبير والصغير» بحسب الوجهة اليَلي الخلقي وانتسابهما إلى الخلق وإن كان الظاهر والمظهر لا يفترقان إلاّ بالاعتبار .

* * * * * * * *

[56] "وفصّ كلّ حكمة الكلمة المنسوبة إليها . فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حدّ ما ثبت في اُمّ الكتاب" .

[شرح فصوص الحكم: 410 ؛ و(ط - الحجري) ص 96]

[56] وذلك لأنّ الفصّ أحدية جمع حلقة الخاتم ، وكان الحلقة منه ظهرت وبه ختمت .

وكذلك كلّ دورة من أدوار النبوّة بمنزلة دائرة تامّة ، نبيّ تلك الدورة أحدية جمعها . وكلّ الدوائر نقاط دائرة الختمية ، وفصّها الخاتم صلی الله علیه و آله وسلم .

* * * * * * * *

ص: 58

[57] "فامتثلتُ على ما رسم لي ووقفت عند ما حدّ لي . ولو رمت زيادة على ذلك ، ما استطعت" .

[شرح فصوص الحكم: 410 ؛ و(ط - الحجري) ص 96]

[57] وذلك لأنّ الحقائق الإلهية نواميس الربوبية ، وهي لابدّ وأن يحجب إلاّ على محارم الأسرار . ولو أراد الولي أو النبيّ إظهارها لأنساها اللّه تعالى عن قلبه ، ولهذا قال : «ولو رمت زيادة على ذلك .. .» إلى آخره .

* * * * * * * *

ص: 59

ص: 60

فصّ حكمة نفثية في كلمة شيثية

[58] "والسائلون صنفان" أي السائلون بلسان القال مع صرف الهمّة إلى المسؤول عنه صنفان .

[شرح فصوص الحكم: 417 ؛ و(ط - الحجري) ص 98]

[58] قوله : «والسائلون صنفان».

السائلون على ثلاثة أصناف : سائل على سبيل الاستعجال ، وسائل على سبيل الاحتمال ، وسائل على سبيل الامتثال . ولمّا كان الثالث لم يكن منظوره المسؤول ، قال : «صنفان» .

* * * * * * * *

"ثمّ نرجع إلى الأعطيات ، فنقول : إنّ الأعطيات [59] إمّا ذاتية ، أو أسمائية ."

[شرح فصوص الحكم: 427 ؛ و(ط - الحجري) ص 105]

[59] قوله : «إمّا ذاتية» إلى آخره .

اعلم : أنّ الذات المقدّسة بما هي هي لا يتجلّى لمرآة من المرائي ولا يظهر

ص: 61

في عالم من العوالم إلاّ من وراء حجب الأسماء ، بل سائر الفواعل - غير ذات الباري - أيضاً كذلك . فالذات دواماً محجوبة بحجاب الأسماء والصفات .

فالمنح الذاتية لم تكن من الذات بما هي هي ، بل منها بتعيّن الأسماء الإطلاقية ، كاسم «اللّه» الأعظم والاسم «الرحمان» بمقامه الجمعي . والمنح الأسمائي ما كانت منها بتعيّن الأسماء الاُخر ، كالرحمان باعتباره الآخر و«الواسع» وغيرهما .

* * * * * * * *

صرّح هاهنا : أنّ نسبته - أيضاً - إلى خاتم الولاية نسبة غيره من الأنبياء . [60] ولا تفاضل ؛ لأنّه صاحب هذه المرتبة في الباطن والخاتم مظهرها في الظاهر .

[شرح فصوص الحكم: 467 ؛ و(ط - الحجري) ص 112]

[60] قوله : «ولا تفاضل».

أي لا تفاضل لخاتم الولاية على ختم الرسالة ؛ فإنّ ختم الولاية من مظاهره في الظاهر ، فهو اُخذ من مظهره ، وشاهد جمال الحقّ في ذاك المظهر .

كما أنّ الحقّ شاهد جماله في مرآة الإنسان الكامل ، كما قال في القدسيّات : «خلقت الخلق لكي اُعرف»(1) ؛ أي يعرف ذاتي لذاتي في مرآة

ص: 62


1- مشارق أنوار اليقين: 139؛ مفاتيح الغيب: 293؛ كلمات مكنونه: 33؛ أسرار الحكم: 82.

التفصيل ، كما كان معروفاً في حضرة الجمع أوّلاً وأزلاً .

* * * * * * * *

[61] إنّ رسول اللّه - عليه السلام - هو أوّل من يفتح باب الشفاعة فيشفع في الخلق ، ثمّ الأنبياء ، ثمّ الأولياء ، ثمّ المؤمنون ، وآخر من يشفع هو أرحم الراحمين . ومن يفهم ويطّلع على أحدية الذات الظاهرة في المراتب المتكثّرة ، وعلى أنّ كلّ موجود له سيادة في مرتبته، كما أنّ لكلّ اسم سلطنة على ما يتعلّق به ، لا يعسر عليه قبول مثل هذا الكلام .

[شرح فصوص الحكم: 469 ؛ و(ط - الحجري) ص 113]

[61] فإنّ الذات الظاهرة في مراتب التعيّنات المكتسية كسوة الكائنات بمقام أحدية جمعها في المظهر الأتمّ مقدّمة عليها في المظاهر الاُخرى والأسماء المحاطة لربّ المظهر الأتمّ .

وبالجملة : تقدّم المظهر الأتمّ على الاسم «الرحمان» تقدّم اللّه عليه بمقام أحدية الجمع المحيطة على سائر الأسماء ؛ لمكان اتّحاد الظاهر والمظهر . فالذات بمقام جمعها مقدّم على نفسها .

* * * * * * * *

ألا ترى أنّ «الرحمن» - مع أ نّه اسم جامع للأسماء وله الحيطة التامّة - يشفع عند «المنتقم» الذي هو من سدنته بعد شفاعة الشافعين كلّهم ، وذلك التأخّر لا يوجب نقصه .

ص: 63

[62] وسرّ ذلك : أنّ «الرحمن» جامع للأسماء الإلهية ، ومن جملتها «المنتقم» .

[شرح فصوص الحكم: 469 ؛ و(ط - الحجري) ص 113]

[62] قوله : «وسرّ ذلك أنّ الرحمن...» إلى آخره .

ولعلّ «الرحمن» الذي يشفع عند «المنتقم» لم يكن من الأسماء المحيطة الشاملة له أيضاً ، بل من الرحمة الخالصة المحضة التي لا تكون في باطنها نقمة أصلاً .

فحكومة أرحم الراحمين حكومة غير مشوبة بالانتقام والسخط وإن كانت صورة الرحمة هي النار ؛ فإنّ الخلود في النار لا ينافي التذاذ أهلها بها ، بناءً على مذهب من يرى عدم الخلود في أليم العذاب - كالشيخ(1) ومن تبعه - وإن كان الخلود في النار من الضروريات .

* * * * * * * *

وهذا العطاء الإلهي على يدي «الرحمن» [63] غير العطاء الرحماني الذي ذكر أنّه رحمة محضة ؛ لتضمّنه النقمة في المآل .

[شرح فصوص الحكم: 471 ؛ و(ط - الحجري) ص 115]

[63] وغير عطاء «الرحمان» بمقامه الجمعي الإطلاقي ؛ فإنّه بذاك المقام من

ص: 64


1- اُنظر الفتوحات المكّية 1: 163 و263، و2: 126 و127، و3: 25 و120 و204 و386 و411؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 984، الفصّ اليونسية، ذيل قول الشيخ: «وأمّا أهل النار فمآلهم إلى النعيم».

الأسماء الذاتية التي كانت عطاياها من العطايا الذاتية لا الأسمائية ، كما سبق في حاشية منّا(1) .

* * * * * * * *

واعلم : أنّ الإنسان الكامل وإن كان من حيث حقيقته عالماً بجميع المعارف والعلوم الإلهية ، لكن لا يظهر له ذلك إلاّ بعد الظهور في الوجود العيني والتعلّق بالمزاج العنصري ؛ لأنّ في [64] عالم الحسّ يحصل الظهور التامّ للأعيان .

[شرح فصوص الحكم: 475 ؛ و(ط - الحجري) ص 118]

[64] فإنّ عالم الحسّ هو الزيبق الذي خلف الزجاجة ، فيتراكم الأنوار النازلة من حضرة نور الأنوار ، فينعكس وينعطف ويظهر ظهوراً تامّاً ، لكن لا بما أ نّه عالم الحسّ ، بل بعد التصفية والتصقيل . فالهيولى نقطة قبض الفيض في قوسي الوجود ، ويظهر منها الأنوار وينعطف إلى عالم الأسرار .

* * * * * * * *

قيل : «قد مرّ [65] أنّ المراد ب «آدم» حقيقة النوع الإنساني الذي هو الروح الأعظم ، ويكون أوّل مولود وهبه اللّه تعالى هي النفس الناطقة الكلّية والقلب الأعظم الذي يظهر فيه العطايا الأسمائية» .

وهذا وإن كان له وجه إلاّ أنّ تنزيلهما بالروح والقلب دون غيرهما

ص: 65


1- تقدّم في الصفحة 61 عند قوله: «اعلم: أنّ الذات المقدّسة».

من الأنبياء المذكورين في الكتاب ترجيح من غير مرجّح .

[شرح فصوص الحكم: 478 ؛ و(ط - الحجري) ص 119]

[65] بل اختصاص آدم بعالم من العوالم العالية أو السافلة بلا وجه ؛ فإنّ أهل يثرب الإنسانية لا مقام لهم(1) ، فلهم بحسب النزول رتبة الهيولى القابلة بتجلّي ربّهم القابل ، وبحسب الصعود الاُفق الأعلى والاستهلاك في الحضرة الأحدية . ولهذا قال شيخ الطائفة الإشراقية : «إنّ النفس الناطقة لا ماهية لها»(2) . فلها مقام أحدية جمع الحقائق الخلقية والأمرية ، فلا يتعيّن معيّن يشير إلى ماهية من الماهيات .

* * * * * * * *

وخاصّة الخاصّة الذي [66] رجع بالحقّ إلى الخلق ، وصفاء خلاصة خاصّة الخاصّة العلوم والحقائق الحقّانية الصافية عن شوب الأكوان ونقائص الإمكان .

[شرح فصوص الحكم: 480 ؛ و(ط - الحجري) ص 120]

[66] قوله : «رجع بالحقّ».

لا مدخلية لذلك الرجوع في ذلك العلم ؛ فإنّ ذلك العلم في أواخر السفر الأوّل ، أو السفر الثاني الذي يحصل فيه التجلّي بعينه الثابتة ورؤية نفسه في مرآة

ص: 66


1- اقتباس من سورة الأحزاب (33): 13، (يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ).
2- مجموعه مصنّفات شيخ إشراق، التلويحات 1: 115 - 117؛ الحكمة المتعالية 1: 43 و252.

الحقّ . ففي ذلك التجلّي يشهد أنّ ما اُعطي غير غريب ، بل من عينه الثابتة .

فعلى هذا ، كان مراد الشيخ من «خاصّة الخاصّة» هو الذي حصل له ذاك المقام ؛ أي مقام مشاهدة عينه الثابتة في الحضرة العلمية .

* * * * * * * *

[67] وأنت تعلم : أنّ اليمين والشمال - بل الصورة مطلقاً - لا يتصوّر إلاّ في حضرة الخيال والحسّ ، وحضرات السرّ والروح والخفيّ وغيرها من المراتب الروحانية كلّها مجرّدة من الصور وجهاتها .

[شرح فصوص الحكم: 482 ؛ و(ط - الحجري) ص 121]

[67] لا يخفى : أنّ الجهات لها ظهورات في حضرات السرّ والخفيّ ، ولها صورة في عالم المجرّدات إلاّ أنّ جهات ذلك العالم لم تكن بمثابة ذاك العالم ، أو العالم الخيال والمثال والصورة لم تكن مقدارية مثالية . فالعالم الروحاني له جهات غير متفرّق الوجود ولا متميّز الهوية ، بل كلّها في الكلّ .

* * * * * * * *

وأمّا إذا اعتبرت [68] التقابل بين صورتك والصورة المرئيّة فيها ، يكون اليمين منك مقابلاً ليمين ما في المرآة .

[شرح فصوص الحكم: 482 ؛ و(ط - الحجري) ص 122]

[68] ليس التقابل بين صورتك والصورة المرئية سبباً لكون اليمين مقابلاً لليمين واليسار لليسار ، ولا ما ذكره أوّلاً علّة لتقابل اليمين لليسار ، بل السبب

ص: 67

لتقابل اليمين لليمين وكذا اليسار كون الصورة المرئية ظهور صورتك ، فهي صورتك حقيقة ؛ فإنّ الظاهر عين المظهر والتغاير اعتباري .

فإذا اعتبرت أ نّها غيرك يحصل التغاير الاعتباري ، فيتوهّم أنّ اليمين هو اليسار واليسار هو اليمين ، فيقابل اليمين لليسار واليسار لليمين ، كالشخص الخارجي المقابل لك ، فهذا التغاير اعتباري لا أصل له .

وهذا أيضاً من الأسرار المودعة في المرآة لأهل السابقة الحسنى ، تدبّر فيه .

* * * * * * * *

[69] وفيه نظر ؛ إذ الوجه والظهر لا يكون إلاّ لجرم كثيف ، وما ثمّة إلاّ العكس من الوجه .

[شرح فصوص الحكم: 483 ؛ و(ط - الحجري) ص 122]

[69] لا وجه لهذا النظر ؛ فإنّ ذاك القائل أيضاً قائل بأن لا ظهر ولا وجه مقابل الظهر للصورة المرئية ، بل هو قائل بأنّ الصورة لمّا كانت وجهاً من جميع الجهات - أي ليس لها سوى الظهور حيثية - يمكن أن يقال : إنّها مستقبل إلى القبلة ؛ فإنّ استدبارها غير متصوّر في حقّها ، بل هي مستقبل كلّ الجهات .

وقد عرفت في الحاشية السابقة : أ نّها ظهور المرئي ، فليس لها حكم بحيالها ، فهي مستقبل القبلة ، كما أنّ المرئي كذلك مثلاً .

* * * * * * * *

ص: 68

ومنشأ زعمهم هذا ، أ نّهم حكموا بمفهوم «المشيّة» وإثباتها له تعالى ، وما عرفوا أنّ المشيّة متعلّقة بالفيض الأقدس ، كما قال تعالى : (أَلَم تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيفَ [70] مَدَّ الظِّلَّ)(1) .

[شرح فصوص الحكم: 484 ؛ و(ط - الحجري) ص 123]

[70] قد يقال : «الظلّ» على الفيض الأقدس باعتبار ظهوره في حضرات الأسماء والصفات ، مع حفظ كونه ظهور الحقّ . و«ظلّه» ؛ أي حفظ الوحدة في عين الكثرة . وعلى هذا ، «مدّه» هو الفيض المنبسط المقدّس .

وفي قوله : (مَدَّ الظلّ) إشارة إلى اتّحاد الظاهر والمظهر ، وكون الظاهر هو المظهر الممتدّ ، وإشارة إلى أنّ وقوع الكثرة فيه أكثر ممّا وقعت في الحضرة الفيض الأقدس ؛ فإنّ الكثرة وإن كانت أصلها منه لكنّها في تلك الحضرة كثرة علمية وفي ذاك كثرة عينية .

وقد يقال :(2) «الظلّ» على الفيض المقدّس باعتبار استهلاكه في الحضرة الأحدية . و«مدّه» هو بسطه على الحقائق الممكنة وظهوره في المرائي المتعيّنة .

وبالجملة : «الظلّ» مقام الكثرة في الوحدة ، و«مدّه» ظهور الوحدة في ملابس الكثرات . و«الظلّ» مع «مدّه» متّحد واختلافهما اعتباري .

فعلى الاصطلاح الأوّل كان «الربّ» من الأسماء الذاتية ، وعلى الثاني من الأسماء الصفتية .

* * * * * * * *

ص: 69


1- الفرقان (25): 45.
2- اُنظر شرح فصوص الحكم، الكاشاني: 138 - 142؛ اصطلاحات الصوفية: 165.

[71] وإنّ هذه الحضرات هي خزائن مفاتيح غيبيه .

[شرح فصوص الحكم: 486 ؛ و(ط - الحجري) ص 124]

[71] لا يخفى : أنّ الخزائن المذكورة والحضرات الموصوفة هي الحقائق المستحبّة في الحضرة الأحدية ، لا المفروضات العقلية ، حتّى أنّ حضرة الامتناع هي الحقيقة الحقّة التي لا يمكن ظهورها في مرآة من المرائي ؛ لقصور المرائي ونقصانها . فهي باطنة لم تظهر إلاّ بأسمائها وصفاتها ، وهي حضرة الذات والغيب الهوية الأحدية غير المتجلّية في مرآة من المرائي .

وليست حضرة الامتناع هي المفروضات العقلية والوهمية ؛ فإنّها ليست من قبيل الحقائق والمخزونات إلاّ تبعاً .

فعلى هذا ، كانت حضرة الإمكان هي الأعيان الثابتة الممكنة الظهور ولو في العقول والأوهام ، كاجتماع النقيضين وشريك الباري . وحضرة الامتناع هي الذات الأحدية الغيبية الغير الممكنة للظهور ، فاعرف واغتنم .

* * * * * * * *

وصرّح بعض القائلين بهذا المعنى بأنّه يكون بظهور آدم آخر بطلوع الصبح [72] من أيّام يوم القيامة .

[شرح فصوص الحكم: 488 ؛ و(ط - الحجري) ص 125]

[72] قوله : «من أيّام يوم القيامة».

اعلم : أنّ اليوم هو طلوع شمس البروج عن حجاب عالم الملك والمادّة ، والليل هو احتجابها به .

ص: 70

فعلى هذا ، كان لكلّ فرد من أفراد النوع الإنساني في السلسلة النزولية والصعودية يوم وليلة . وليلته سابقة على يومه ؛ فإنّها هي السلوك إلى السلسلة النزولية دونه .

وظهور اليوم حقيقة بطلوع صبح يوم القيامة ؛ أي طلوع صبح قيامة الولي الكامل ، وطلوع صبح سائر الأفراد بطلوع صبحه ؛ سواء كان ذاك الفرد من أهل السعادة فصبحه نوراني ، أو من أهل الشقاوة فصبحه ظلماني .

فاليوم لا يختصّ بأهل السعادة ؛ فإنّ أهل الشقاوة أيضاً يشهدون حقائقهم المقيّدة بعد رفع حجاب المادّة . غاية الأمر ، يشهدون في صور مناسبة لملكاتهم كالقردة والخنازير وغيرهما .

ثمّ إنّ أوّل طلوع يوم القيامة لكلّ دورة وكورة أوّلُ ليلة عالم المادّة لأهل دورة اُخرى في حجاب الملك إلى غير النهاية . وفي أحاديث أهل بيت العصمة - سلام اللّه عليهم - ما يشير إلى ذلك كثير جدّاً .

* * * * * * * *

وتحصل المجازات في الأعمال ؛ إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ ، [73] ثمّ ينتهي إلى ظلمة الليل .

[شرح فصوص الحكم: 489 ؛ و(ط - الحجري) ص 125]

[73] لعلّ قوله : «ثمّ ينتهي» عطف على قوله : «بظهور آدم آخر» ، ومراده من «آدم آخر» آدم آخر في عالم الملك ؛ أي بطلوع صبح يوم القيامة يظهر آدم آخر

ص: 71

في الملك ، ثمّ ينتهي إلى ظلمة الليل ؛ أي الاحتجاب التامّ في آخر الدورة بظهور تلك الحيوانات في صور الأناسي ، أو بظهور آدم آخر في السلسلة النزولية بعد عروج آدم الآن في السلسلة الصعودية ، ثمّ ينتهي ذلك الإنسان من بدو السلسلة إلى ختمها ، الذي هو عالم المادّة التي هي كمال الظلمة .

* * * * * * * *

ص: 72

فصّ حكمة سُبُّوحية في كلمة نوحية

[74] فصّ حكمة سُبُّوحية في كلمة نوحية

[شرح فصوص الحكم: 497 ؛ و(ط - الحجري) ص 128]

[74] لمّا كان الواجب على العارف الموحّد حفظ مقامي التشبيه والتنزيه ، وكأنّ الفصّين السابقين في مقام التشبيه ، أردف الحكمة السبّوحية بالحكمتين لحفظ التنزيه والتقديس .

* * * * * * * *

[75] "اعلم : أنّ التنزيه عند أهل الحقائق في الجناب الإلهي عين التحديد والتقييد . والمنزِّه إمّا جاهل وإمّا صاحب سوء أدب" .

[شرح فصوص الحكم: 498 ؛ و(ط - الحجري) ص 128]

[75] قال شيخنا العارف - أدام اللّه ظلّه - : الإنصاف أنّ التنزيه عن النقائص الإمكانية ليس تحديداً ؛ فإنّها أعدام ، والتنزيه عنها يرجع إلى كمال الوجود ، ومرجعه الإطلاق لا التحديد .

قلت : ما ذكره - دام ظلّه - حقّ لو كان النقائص الإمكانية عدماً مطلقاً غير

ص: 73

موجود - ولو بالعرض - ولكن الأمر ليس كذلك ؛ فإنّ المنزِّه يرى النقائص التي هي حدود الوجود ، وهي موجودة - ولو بالعرض - والتنزيه عنها يرجع إلى التحديد .

* * * * * * * *

فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزّه ووقف عند التنزيه ولم يَرَ غير ذلك ، فقد أساء الأدب وأكذب الحقّ والرسل - صلوات اللّه عليهم - وهو لا يشعر ويتخيّل أنّه في الحاصل وهو في الفائت . وهو كمن آمن ببعض وكفر ببعض [76] ولا سيّما قد علم إنّ ألسنة الشرائع الإلهية إذا نطقت في الحقّ بما نطقت به ، إنّما جاءت به في العموم على المفهوم الأوّل ، وعلى الخصوص على كلّ مفهوم يفهم من وجوه ذلك اللفظ بأيّ لسان كان في وضع ذلك اللسان؛ بأيّ لسان كان في وضع ذلك اللسان؛ فإنّ للحقّ في كلّ خلق ظهوراً خاصّاً ، فهو الظاهر في كلّ مفهوم ، وهو الباطن عن كلّ فهم إلاّ عن فهم من قال: إنّ العالم صورته ومظهر هويته .

[شرح فصوص الحكم: 501 - 502 ؛ و(ط - الحجري) ص 129]

[76] قوله : «ولا سيّما...» إلى آخره .

هو متعلّق بقوله : «فقد أساء الأدب وأكذب الحقّ والرسل صلوات اللّه عليهم . والضمير في قوله : «جاءت به» راجع إلى التشبيه المفهوم من فحوى الكلام .

وحاصل المراد : أنّ الوقوف عند التنزيه إساءة الأدب وتكذيب الحقّ

ص: 74

والرسل ؛ لا سيّما أنّ ألسنة الشرائع نطقت بالتشبيه بلسان العموم في بعض الموارد ، وبلسان الخاصّة في موارد اُخر ، أو في الكلام الذي لم يفهم منه العامّة ما فهمه الخاصّة في أيّ لسان ولغة كان .

وقوله : «فإنّ للحقّ في كلّ خلق ظهوراً» تعليل لأصل المقصود من مقام التشبيه ؛ أي التشبيه ثابت ؛ فإنّ الحقّ ظاهر في كلّ شيء بحسبه .

وقوله : «فهو الظاهر في كلّ مفهوم» أي في كلّ حقيقة ، أتى بلفظ المفهوم للمشاكلة مع كلامه السابق ؛ أي فهو تعالى مع ظهوره في كلّ الحقائق محجوب عن كلّ فهم ؛ فإنّ المشاهدة الحضورية وإن كانت واقعة ولكن الإحاطة بجميع المظاهر غير ممكن ، إلاّ للكمّل والأقطاب .

* * * * * * * *

[77] "فحدّ الاُلوهية له بالحقيقة لا بالمجاز، كما هو حدّ الإنسان إذا كان حيّاً" .

[شرح فصوص الحكم: 507 ؛ و(ط - الحجري) ص 133]

[77] أي كما أنّ حدّ الاُلوهية للإنسان إذا كان حيّاً ؛ فإنّه بعد ما ذكر : أنّ نسبته إلى العالم نسبة الروح المدبّر إلى الجسم ، وذكر : أنّ حقيقة الحدّ عبارة عن جهة الباطن التي هي الروح ، استنتج : أنّ حدّ الاُلوهية للحقّ وللإنسان كليهما ؛ فحدّ الإنسان هو جهة الباطن التي هي الروح ، وهو بعينه جهة الاُلوهية التي هي حدّ الحقّ .

وأمّا ما ذكره الشارح فهو بعيد ، وإن كان منه غير بعيد .

ص: 75

ولا يتوهّم أنّ هذا الكلام يناقض [78] قوله : «فحدّ الحقّ محال» ؛ لأنّ الحدّ هنا للمرتبة باعتبار الحقّ والعالم ، لا للحقّ من حيث ذاته .

[شرح فصوص الحكم: 507 ؛ و(ط - الحجري) ص 133]

[78] ما ذكره من استحالة التحديد ليس مختصّاً بالتحديد الذاتي ، بل يجري في التحديد بحسب المظهر تفصيلاً أيضاً ، كما صرّح به قبل ذلك(1) . ومع ذلك لا يناقض هذا كلامه السابق ؛ فإنّ التحديد بالاُلوهية التي هي حدّ الإنسان ، إجمالاً ممكن ؛ لا تفصيلاً .

* * * * * * * *

ولكن لا يفقه ذلك التسبيح والتنزيه إلاّ من تنوّر باطنه بنور الإيمان أوّلاً ، ثمّ الإيقان ثانياً ، ثمّ العيان ثالثاً ، ثمّ يوجد أنّ نفسه وروحه

[79] سارياً في عين كلّ مرتبة وحقيقة كلّ موجود حالاً وعلماً .

[شرح فصوص الحكم: 508 ؛ و(ط - الحجري) ص 133]

[79] قوله : «سارياً. . .» إلى آخره .

وذلك في قرب الفرائض الذي صار العبد متمكّناً في الفناء الذاتي والصفتي والفعلي ، فيُخلع بخلعة البقاء بعد الفناء ، فيتحقّق بالوجود الحقّاني بعد رفض الوجود الخلقي بكلّيته ، فصار جسمه جسم الكلّ ونفسه نفس الكلّ وروحه روح الكلّ ، كما في الزيارة الجامعة : «أجسادكم في الأجساد

ص: 76


1- اُنظر فصوص الحكم: 68؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 504.

وأرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس»(1) .

ففي ذاك المقام يصير العبد سمع الحقّ وبصره ويده ، كما في حقّ مولى الموالي - سلام اللّه عليه - «اُذن اللّه الواعية»(2) ، «عين اللّه الناظرة»(3) ، و«يد اللّه»(4) ، إلى غير ذلك ، فيسمع الحقّ به ويبصر .

وأمّا في قرب النوافل ، فصار الحقّ سمع العبد وبصره ، وذلك عند الفناء الصفاتي ، كما في الحديث القدسي المعروف(5) .

* * * * * * * *

ولمّا كان السمع والبصر راجعين إلى الحقّ في مقام الجمع، قال :

[80] "وأفرد" ولم يقل : «ووحّد» ؛ تنبيهاً على أنّ فردانيته لا يكون إلاّ في عين الكثرة ؛ لأنّ الفردية يشتمل عليها ضرورة ؛ لكونه عدداً ، والوحدانية تقابلها .

[شرح فصوص الحكم: 512 - 513 ؛ و(ط - الحجري) ص 136]

[80] لا يخفى : أنّ الوحدانية لم تكن مقابلها تقابل العزلي ، بل هي في عين كونها خارجة عنها سارية فيها ومعها معيّة قيّومية ، كما نقل عن زبور آل

ص: 77


1- الفقيه 2: 374 / 1625؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 276 / 1 .
2- بحار الأنوار 24: 198 / 25 .
3- بحار الأنوار 24: 194 / 16.
4- نفس المصدر.
5- راجع الكافي 2: 263 / 8؛ عوالي اللآلي 4: 103؛ المسند، أحمد بن حنبل 6: 256؛ صحيح البخاري 8: 483 / 1367.

محمد صلی الله علیه و آله وسلم : «لك يا إلهي وحدانية العدد»(1) .

فالتعبير ب «أفرد» دون «وحّد» لم يكن لما ذكره الشارح كما هو الظاهر ، بل يمكن أن يكون الوجه في التعبير ب «أفرد» بصيغة إفعال ، دون «فرّد» و«وحّد» بصيغة تفعيل : أنّ نظره إلى الوحدة الصرفة الحاصلة للذات المقدّسة في مقام غيبه ، لا التوحيد الذي هو عبارة عن إرجاع الكثرات إلى الوحدة وإفناء التعيّنات في بحر الوجود المطلق ، والتوحيد والتفريد يفيدان المعنى الثاني بخلاف الإفراد ، تدبّر تجد .

* * * * * * * *

[81] "فلو أنّ نوحاً جمع لقومه بين الدعوتين لأجابوه"

[شرح فصوص الحكم: 513 ؛ و(ط - الحجري) ص 136]

[81] قال شيخنا العارف الكامل الشاه آبادي - مدّ ظلّه العالى - : «فلو أنّ نوحاً جمع بين الدعوتين لما أجابوه أصلاً ؛ فإنّ قومه كانوا واقعين في الكثرة والتشبيه بطريق التقييد ، لا التشبيه الإطلاقي الذي هو حقّ التشبيه . فإنّهم كانوا يعبدون الأصنام وهو تقييد في التشبيه .

فلو أنّ نوحاً تفوّه بالتشبيه أو إطلاقه ؛ بأن يقول : إنّ التقييد باطل والإطلاق حقّ ، لما توجّهوا إلى التنزيه والوحدة أصلاً . فكان عليه أن يدعو إلى التنزيه ، فيعالج قومه معالجة الضدّ ، كما فعل .

فهو علیه السلام وإن كان صاحب التشبيه والتنزيه جمعاً لا تفرقة ، إلاّ أنّه ما دعا إلاّ

ص: 78


1- صحيفه كامله سجاديه: 152، دعاء 28.

إلى التنزيه لمناسبة حال المدعوّين .

نعم ، كان نبيّنا صلی الله علیه و آله وسلم صاحب مقام التشبيه والتنزيه ، وكان جمعهما مقاماً له ، بخلاف سائر الأنبياء علیهم السلام ؛ فإنّهم لم يكونوا صاحب المقام ، بل كانا فيهم بطريق الحال» .

أقول : الدعوة إلى التنزيه هي الدعوة إلى التشبيه وبالعكس ؛ فإنّ التنزيه محجوب في التشبيه والتشبيه مستور في التنزيه .

نعم ، كان من دأب الأنبياء علیهم السلام التصريح بالتنزيه ، وجعل التشبيه في الحجاب لأصحاب السرّ وأرباب القلوب . وبحسب حالات قومهم وغلبة جهات الكثرة والوحدة عليهم كان الدعوة مختلفة في التصريح والرمز . ولهذا من أخذ موسى علیه السلام بلحية أخيه ما فهم القوم إلاّ التنزيه ، مع أنّ أرباب المعرفة فهموا منه التشبيه .

وعلى هذا ، يمكن أن يكون قوله : (ثُمَّ إِنِّى دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّى أَعْلَنتُ لَهُمْ وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً)(1) إشارة إلى أنّ الجهر والإسرار من كيفية الدعوة ؛ فيكون دعوته جهراً وصراحة إلى التنزيه المطلق ، وسرّاً وفي الحجاب إلى التشبيه المطلق .

والعطف ب (ثمّ) لدلالة أنّ الدعوة الإسرارية إلى التشبيه منضمّة في الدعوة الجهرية إلى التنزيه .

ولعلّ قوله : (دَعَوْتُ قَوْمِى لَيْلاً وَنَهَاراً)(2) حكاية عن الدعوة الجهرية

ص: 79


1- نوح (71): 8 - 9 .
2- نوح (71): 5.

والإسرارية . وتقديم الليل على النهار لعلّه للإشارة إلى عدم احتجاب نفسه علیه السلام عن الكثرة في عين الوحدة ، وعن الوحدة في عين الكثرة .

* * * * * * * *

"فإنّه" أي فإنّ النبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - "شبّه ونزّه في آية واحدة بل في نصف آية." الآية هي : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)ونصفها : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ) والنصف الآخر : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ؛ فإنّ في كلّ من النصفين تشبيهاً وتنزيهاً ، [82] كما مرّ بيانه .

[شرح فصوص الحكم: 517 ؛ و(ط - الحجري) ص 138]

[82] قوله : «كما مرّ بيانه».

ما مرّ من البيان منه(1) كون التشبيه والتنزيه باعتبارين في كلّ من الفقرتين ، وليس المقصود ذلك ؛ فإنّه ليس جمعاً بينهما ومراده الجمع ، كما لا يخفى .

فلعلّ المراد من الجمع بينهما هنا في قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ)(2) أنّ عدم المثلية يلازم الإحاطة التامّة بنحو ظهور الواحد في مراتب الكثرات ، والظهور الكذائي هو التشبيه . فالآية الشريفة جامعة بينهما .

وفي قوله : (هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(3) أظهر ؛ فإنّ السمع الثابت للممكنات

ص: 80


1- شرح فصوص الحكم، القيصري: 512.
2- الشورى (42): 11.
3- الشورى (42): 11.

والبصر الحاصل لهم إذا كانا له تعالى بعين ثبوتهما لهم كان هو الظاهر المحيط في مراتب الكثرات ومرائي الممكنات ؛ فإذا كان هو المحيط الظاهر فيهم لم يكن كأحدهم ، فنزّه وشبّه في نصف آية باعتبار واحد .

ويمكن أن يكون نصف آية هو مجموع الفقرتين ؛ فإنّ الظاهر أنّهما متمّمان للآية ، فراجع .

* * * * * * * *

"وبهذا كان الحقّ «ملك الملك» كما قال الترمذي" أي وبسبب أنّ الحقّ أثبت ملك الاستخلاف للعباد الكمّل [83] وجعل نفسه وكيلاً منهم ، وللموكّل أن يتصرّف في الوكيل بحسب العزل والإثبات كما يتصرّف في الملك ، صار الحقّ مَلِك ملكه .

[شرح فصوص الحكم: 521 ؛ و(ط - الحجري) ص 141]

[83] قوله : «وجعل نفسه وكيلاً منهم».

جعل نفسه تعالى وكيلاً ليس باعتبار إثبات ملك الاستخلاف ؛ فإنّ حقيقة ملك الاستخلاف إثبات الملك للمستخلف عنه وسلبه عن الخليفة . وحقيقة الخلافة هي الفقر المحض المشار إليه بقوله صلی الله علیه و آله وسلم : «الفقر فخري»(1) ، فليس الوكالة باعتبار ملك الاستخلاف ، بل باعتبار ملك الاستقلال الذي كان نظر قوم نوح علیه السلام به .

* * * * * * * *

ص: 81


1- عوالي اللآلي 1: 39؛ بحار الأنوار 69: 49 / 58، و55 / 85 .

قال الشيخ - رض - في «اصطلاحاته» : «إنّ مقام التلوين أعلى من مقام التمكين» . [84] ويريد به التلوين في الأسماء بعد الوصول ، أو التلوين في مقامات القلب والروح ، لا النفس .

[شرح فصوص الحكم: 532 ؛ و(ط - الحجري) ص 148]

[84] بل مراد الشيخ(1) من التلوين الذي أعلى المقامات هو التلوين الحاصل

للسالك بعد الرجوع إلى مملكته وبقائه بعد فنائه ؛ فإنّ في ذاك المقام أيضاً تلوين لا يشبه تلوينات قبل الوصول وبعده .

وعند التفتيش : أنّ هذا التلوين مع كونه أعلى مراتب التلوين أعلى مراتب التمكين أيضاً .

* * * * * * * *

"(لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرضِ)(2) يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها" . المراد ب «الأرض» عالم الأجسام كلّها . . . [85] أو الأرض المعهودة . . . .

[شرح فصوص الحكم: 533 ؛ و(ط - الحجري) ص 148]

[85] قوله : «أو الأرض المعهودة».

أو أرض نفسه التي هي أرض طبيعته والخروج منها إلى ملكوت نفسه ، إلاّ أنّه بالخروج عن ملكوت نفسه قد يصير خارجاً عن أرض عالم الملك ، وقد يصير خارجاً عن بعض أرضه حسب مدارج النفس ومقاماتها وقوّة السلوك ونقصانه .

ص: 82


1- راجع اصطلاحات العرفاء: 281؛ اصطلاحات الصوفية: 18.
2- البروج (85): 26.

أي وجاء القلب المحمّدي بقوله : «لو دُلّيتم بحبل لهبط على اللّه» فأخبر أنّ اللّه في باطن الأرض ، كما أنّه [86] في باطن السماء .

[شرح فصوص الحكم: 533 ؛ و(ط - الحجري) ص 149]

[86] قوله : «في باطن السماء».

بل المقصود والمناسب للمقام المحمّدي هو الإخبار عن أنّ اللّه في باطن العوالم وظاهرها . فهو تعالى ظاهر في عين كونه باطناً ، وباطن في عين كونه ظاهراً ، كما قال تعالى شأنه : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالاْخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ)(1) ، وعن مولانا صاحب الأمر - روحي له الفداء - في توقيعاته : «يا باطناً في ظهوره وظاهراً في بطونه ومكنونه»(2) .

* * * * * * * *

[87] "لاختلاف الوجوه" ؛ أي يخرج كلّ واحد منكم من الأرض تارة اُخرى على صورة تقتضيها هيئاته الغالبة على نفسه حال انتقاله إلى باطن الأرض ؛ لاختلاف الوجوه والهيئات .

[شرح فصوص الحكم: 534 ؛ و(ط - الحجري) ص 149]

[87] قال شيخنا العارف الكامل الشاه آبادي - أدام اللّه ظلّه الظليل - : «إنّ اختلاف الوجوه يكون بالنسبة إلى شخص واحد ، لا أشخاص متعدّدة كما ذكره الشارح» ؛ أي لاختلاف الوجوه الذي للشخص الإنساني خرج من الملكوت إلى

ص: 83


1- الحديد (57): 3 .
2- مصباح المتهجّد: 740؛ إقبال الأعمال: 646؛ مصباح الكفعمي: 529.

الملك ، ومن الملك إلى الملكوت الذي هو البرزخ ، ومنه إلى القيامة .

* * * * * * * *

وهؤلاء هم الذين جاء في حقّهم : [88] «أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري» .

[شرح فصوص الحكم: 538 ؛ و(ط - الحجري) ص 152]

[88] ليس المراد بالأولياء الذين تحت قبابه ما ذكره الشارح ؛ فإنّهم كالملائكة المهيّمية المشار إليهم بقوله تعالى : (ن وَ الْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)(1) ليسوا في الحجب الظلمانية ، ولا يعرفون نفوسهم ؛ فإنّ من عرف نفسه وأثبت لها الإنّية والأنانية لم يكن وليّ اللّه ولم يكن تحت قبّته تعالى ، بل وليّ نفسه وتحت قبّتها .

فالمقصود بالظالمين هم الذين فنوا ، لكنّهم لم يفنوا عن فنائهم لشهود أنفسهم ، فدعا لهم أن يفنوا عن فنائهم حتّى لا يروا إلاّ وجه الحقّ ، كالمحمّديين الذين ورد في حقّهم : (كُلُّ شَىْ ءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) فشاهدوا هلاك كلّ شيء حتّى نفوسهم ، إلاّ وجه الحقّ الباقي .

وهاهنا تحقيق آخر ليس مجال تحريره .

* * * * * * * *

ص: 84


1- القلم (68): 1 .
فصّ حكمة قدّوسية في كلمة إدريسية

وإنّما سمّاه «فلك البروج» ؛ لأنّ البروج يتقدّر فيه بالكواكب الثابتة في فلك المنازل المسمّى عند أصحاب الهيئة [89] بفلك البروج .

[شرح فصوص الحكم: 543 ؛ و(ط - الحجري) ص 153]

[89] قوله : «فلك البروج» .

اعلم : أنّ القدماء من أصحاب الهيئة اعتبروا نفس البروج في الفلك الأعلى الذي سمّي «فلك الأطلس» ؛ لخلوّه عن الكواكب ، واعتبروا صورة البروج في الفلك الثامن ؛ أي «فلك البروج» المصطلح .

ولمّا كان الفلك الثامن متحرّكاً بالحركة القهقرية من المغرب إلى المشرق - بعقائدهم - يكون الآن صورة البروج غير المحاذي لأصل البروج . ولهذا ترى يكتبون في التقاويم أنّ القمر في العقرب لا في صورتها ، أو خرج عنها لا عن صورتها .

إذا عرفت ذلك : فإطلاق فلك البروج على الفلك الأطلس صحيح ، وإن لم يكن مصطلح أصحاب الهيئة .

* * * * * * * *

ص: 85

إذا سجد فرد واحد من حقيقة كلّية ، فقد حصل السجود من تلك الحقيقة أيضاً ، [90] فكأنّ جميع أفرادها سجدوا .

[شرح فصوص الحكم: 547 ؛ و(ط - الحجري) ص 156]

[90] أي : إنّ الطبيعة لمّا كانت متّحدة مع الأفراد كان السجود من فرد واحد سجوداً من الطبيعة ، وباعتبار ذاك الاتّحاد كأنّ السجود حصل من جميع الأفراد .

وفيه : أنّ هذا خلاف التحقيق في الكلّي الطبيعي ؛ فإنّ الطبيعة - على ما حقّق في محلّه(1) - يتكثّر بتكثّر الأفراد ، كما قال الشيخ الرئيس في رسالته المعمولة لتحقيق ذلك ؛ ردّاً على الرجل الهمداني : «إنّ إنسانية زيد في الخارج غير إنسانية عمرو ، وإنسانية هذا غير إنسانية ذاك»(2) . فاستناد الفعل إلى الطبيعة صحيح دون الاستناد إلى سائر الأفراد .

اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ السجود الحاصل من العقل الأوّل هو السجود من كلّ الملائكة النازلة ؛ لأحدية جمعه وكونه صورة إجمال العالم بنحو اللفّ والبساطة ، تأمّل .

* * * * * * * *

ص: 86


1- اُنظر الشفاء، الإلهيات: 392 - 399؛ الحكمة المتعالية 1: 273 - 274، و2: 7 - 8؛ شرح المنظومة 2: 347 - 348.
2- رسائل ابن سينا، رسالة بعض الأفاضل: 471.

وأمّا أسماء الذات - كالاسم «اللّه» و«الربّ» و«القيّوم» - فإنّها أيضاً من وجه [91] نسب وإن كانت من وجه آخر غيرها . فإنّها يقتضي المألوه والمربوب وما يقوم به من الموجودات المقيّدة.

[شرح فصوص الحكم: 550 ؛ و(ط - الحجري) ص 158]

[91] ويمكن أن يكون المراد ب «النسب» التي هي اُمور عدمية ، المفاهيمَ العقلية أعمّ من الأسماء الفعلية والأسماء الصفتية والأسماء الذاتية ؛ حتّى بالاعتبار الذي لم يكن مربوطاً بالخلق . ولا مانع عن التعبير عنها ب «النسبة» ؛ فإنّها في العقل منسوبات إلى الذات . وإنّما قلنا ذلك ؛ فإنّ المقصود نفي الكثرة عن الذات مطلقاً .

وعلى ما ذكره الشارح لا ينفى الكثرة عن الأسماء الذاتية بالاعتبار الذي لم يكن منسوباً إلى الخلق .

على أنّ الالتزام بأنّ في كلّ الأسماء الذاتية جهة ارتباط محلّ نظر وبحث ، وإن قال شيخنا العارف الكامل - روحي له الفداء - : «إنّ الاسم في اصطلاح القوم عبارة عن الذات مع الخصوصية التي تصير منشأ الأثر في العين ؛ حتّى أنّ «الحيّ» و«الربّ» بمعنى الثابت أيضاً منشآن للأثر ؛ فإنّ ذوات الحياة تحت اسم الحيّ ، كما أنّ الثابتات والجواهر مستندة إلى الثابت» .

وليس تحقيق هذا العارف الكامل - دام ظلّه - مخالفاً لتقسيم الشيخ الكبير محيي الدين الأسماء إلى الذاتية وغيرها ، على ما سبق في مقدّمات الكتاب(1) ؛

ص: 87


1- اُنظر شرح فصوص الحكم، القيصري: 45 - 46.

فإنّ الأسماء الذاتية باصطلاحه هو الأسماء التي غلب عليها جهة الذات ، وهذا لا ينافي وجود جهة الربط إلى الخلق فيها .

هذا ولكن التحقيق عند نظري القاصر : أنّ بعض الأسماء يكون بنفسه منشأ للأثر ، وبعضها يكون منشأً للآثار بالتبعية والتطفّل لاسمٍ آخر ، وإن كان كلّ الأسماء باعتبار آخر تبعاً للاسم «اللّه» المحيط الحاكم على الأسماء كلّها ، وهو اعتبار استهلاك كلّ الأسماء في عين الاسم الجامع الأعظم .

ولكن العارف لابدّ وأن ينظر إلى الكثرة والتفصيل أيضاً ، والمنظور هذا النظر . وفي هذا الاعتبار قد لا يكون الاسم منشأً للأثر بذاته ، كالحياة والربّ بمعنى الثابت . والحياة الموجودة في العالم ليست مستندة إلى ذاك الاسم ، بل مستندة إلى اسم يكون الحياة لازمة له أو تابعة إيّاه .

وأمّا ما أفاد : من أنّ الاسم ما كان منشأً للآثار فلم نتحقّقه ، وإن كان الاصطلاح على ذلك ؛ فإنّه - دام ظلّه - أعرف باصطلاحاتهم .

وكيف كان : فالنسب العقلية هي مفاهيم الأسماء والصفات في النشأة العقلية ، وهي اُمور عدمية في العين .

* * * * * * * *

[92] "وهو الأوّل والآخر والظاهر والباطن . فهو عين ما ظهر في حال بطونه ، وهو عين ما بطن في حال ظهوره . . ." .

[شرح فصوص الحكم: 552 ؛ و(ط - الحجري) ص 159]

[92] في التوقيع المبارك عن مولانا وسيّدنا صاحب الأمر - عجّل اللّه فرجه

ص: 88

وأرواحنا له الفداء - في الأدعية الرجبية : «يا باطناً في ظهوره وظاهراً في بطونه ومكنونه»(1) ، صدق وليّ اللّه ، روحي فداه .

قال شيخنا العارف - دام ظلّه - : والصور المرآتية مثال ذاك الظهور والبطون ؛ فإنّ المرآة ظاهرة بهذه الصور ، وهي باطنة أيضاً بهذه الصور ؛ فإنّها عين المرآة الظاهرة ، وهي محتجبة بها ؛ فإنّه لا يمكن رؤية المرآة بنفسه ؛ لاحتجابها بها . وكذا الحال في الصور الذهنية .

* * * * * * * *

كما قال عليه السلام : [93] «إنّ اللّه خلق آدم على صورته» .

[شرح فصوص الحكم: 555 ؛ و(ط - الحجري) ص 160]

[93] وما ذكر في تحقيق العدد أحد المقرّبات لقوله : «خلق اللّه آدم على صورته»(2) ؛ فإنّ الوحدة باعتبار أحدية جمع الكثرة صار مثالاً للحقّ ؛ حتّى قال مولانا السجّاد علیه السلام : «لك يا إلهي وحدانية العدد»(3) ، والإنسان أيضاً بوحدته كلّ التعيّنات الخلقية والأمرية ، وله أحدية جمع الكثرة . فهو - تعالى شأنه - على صورته ، وصورة الإنسان مثاله تعالى .

وهاهنا تحقيقات اُخر ليس مقام ذكرها .

* * * * * * * *

ص: 89


1- مصباح المتهجّد: 740؛ إقبال الأعمال: 646؛ مصباح الكفعمي: 529.
2- بحار الأنوار 4: 11 / 1؛ صحيح البخاري 8: 391 / 1102.
3- صحيفه كامله سجاديه: 152، دعاء 28.

"فاختلطت الاُمور وظهرت الأعداد [94] بالواحد في المراتب المعلومة كلّها" .

[شرح فصوص الحكم: 555 ؛ و(ط - الحجري) ص 160]

[94] قد ورد في زبور آل محمّد صلی الله علیه و آله وسلم : «لك يا إلهي وحدانية العدد»(1) ، وفي بعض كلماتهم ورد في وصفه تعالى : «واحد لا بالعدد»(2) ؛ فأثبت وحدانية العدد باعتبار أحدية جمع الكثرات ، وانطواء الكثرات واستهلاكها فيه ، وظهوره في الكثرات . ونفى الوحدة العددية ؛ أي الواحد المقابل للاثنين ؛ فإنّه لم يكن سارياً في مراتب الأعداد ، بل الواحد الساري غيب في حجاب التعيّنات وظاهر بها .

وهذا أيضاً مثال آخر للحقّ ؛ فإنّه تعالى بمرتبة غيبه محجوب عن الأبصار ، وهو اللطيف الخبير ، وبعين ما غاب ظهر ؛ فإنّ التعيّنات الأسمائية والأفعالية حجابه وظهوره ؛ فهو تعالى محجوب بسبعين ألف حجاب من نور وظلمة ، وظاهر بها . كما أنّ الواحد محجوب في الأعداد وظاهر بها ؛ فإنّ اللا بشرط المطلق لا ظهور له إلاّ في تعيّن المتعيّنات .

وهذا من أسرار الكلّي الطبيعي الذي هو أيضاً مثال للحقّ ، له الأسماء الحسنى والأمثال العليا .

* * * * * * * *

ص: 90


1- صحيفه كامله سجاديه: 152، دعاء 28.
2- نهج البلاغة: 360، الخطبة 185 .

[95] "والولد عين أبيه" بحكم اتّحاد الحقيقة وفيضانه من جميع أجزاء وجوده وكونه بعضه ، وإن كان غيره من حيث تعيّنه وتشخّصه .

[شرح فصوص الحكم: 560 ؛ و(ط - الحجري) ص 163]

[95] ولمّا كان الولد سرّ أبيه الظاهر في صورة الولد فهو بالحقيقة أبوه الظاهر . وكان نسبة الأب إلى الأولاد كنسبة الحقيقة إلى العالم وكنسبة الواحد إلى الأعداد . تمثّل الحقيقة الظاهرة في الأكوان المنزّهة عنها كمالاً ونقصاناً تارة بالواحد والأعداد ، وتارة بالوالد والأولاد ؛ فقال : (يَا أَبَتِ افْعَلْ...) إلى آخر الآية .

* * * * * * * *

[96] "فما رأى يذبح سوى نفسه" ، وذبحه صورة إفنائه من أنانيته .

[شرح فصوص الحكم: 560 ؛ و(ط - الحجري) ص 163]

[96] قال شيخنا الاُستاد العارف - أدام اللّه ظلّه العالي - : «إنّ ما رأى إبراهيم علیه السلام في النوم هو حقيقة العبودية ، إلاّ أنّ الخيال - لكثرة اشتغاله بالاُمور الحسّية - تمثّل حقيقة العبودية بصورة ذبح الولد الذي أعزّ الأشياء عنده» .

أقول : حصول العبودية لا يمكن إلاّ بالخروج عن الأنانية وإفناء الإنّية ، فهاهنا أمران : إفناء الإنّية والخروج عن الأنانية ، وحصول العبودية . وما رآه علیه السلام هو حقيقة الخروج عن الأنانية ؛ لأنّ ذبح الولد - الذي هو نفسه وظهوره - صورة إفناء الأنانية لا صورة العبودية .

ص: 91

ويمكن أن يكون المرئيّ حقيقة العبودية ، وبعد ذلك الرؤية انتقلت نفسه إلى سببها الذي هو إفناء الإنّية والخروج عن الأنانية ؛ فتمثّل له صورة المسبّب .

* * * * * * * *

[97] "وأمّا غير مسمّى اللّه خاصّةً ممّا هو مجلىً له أو صورة فيه ، فإن كان مجلىً له فيقع التفاضل - لابدّ من ذلك - بين مجلىً ومجلىً ، وإن كان صورة فيه فتلك الصورة عين الكمال الذاتي ؛ لأنّها عين ما ظهرت فيه" .

[شرح فصوص الحكم: 565 ؛ و(ط - الحجري) ص 167]

[97] ويمكن أن يكون المراد من «المجلى» و«الصورة» الاسم ، إلاّ أنّ المجلى يلاحظ في نظر التكثير فيقع التفاضل ، والصورة بنظر التوحيد فيستهلك في أحدية الجمع ؛ فلا يقع التفاضل .

كما ورد في الدعاء : «اللهمّ إنّي أسألك من أسمائك بأكبرها، وكلّ أسمائك كبيرة»(1) ؛ فأوقع التفاضل فيها أوّلاً ، ونفى ثانياً عنه استهلاك الكلّ في أحدية الجمع بنظر الداعي السالك .

وقد فصّلنا القول في ذاك المقام في شرحنا ل«دعاء الأسحار» الذي شرحناه في سالف الزمان(2) .

* * * * * * * *

ص: 92


1- إقبال الأعمال: 77؛ بحار الأنوار 94: 370 .
2- اُنظر شرح دعاء السحر: 75.

[98] والحاصل : أنّ غير مسمّى اللّه إمّا مجالٍ ومظاهر ، أو أسماء . فإن كان من المجالي ، فلا بدّ أن يقع بينهما التفاضل في مراتب العلوّ .

[شرح فصوص الحكم: 566 ؛ و(ط - الحجري) ص 167]

[98] اعلم - هداك اللّه إلى أسمائه وصفاته ، وجعلك وإيّانا من الخائضين في آياته - أنّه كما أنّ العلوّ الذاتي ثابت لمسمّى «اللّه» ؛ أي الذات المتوحّدة لجميع

الأسماء والصفات بأحدية الجمع ، فكذلك هو ثابت للعين الثابتة للإنسان الكامل - أي الحقيقة المحمّدية - فإنّها أيضاً أحدية جميع الأعيان حاكمة عليها ومستجمعة إيّاها ، حكومة «اللّه» على سائر الأسماء واستجماعه إيّاها ؛ فإنّ الظلّ حكمه حكم ذي الظلّ فانٍ فيه ، وكذلك هو ثابت للمشية المطلقة - اسمه الأعظم في مقام الفعل - طابق النعل بالنعل .

وليس هاهنا مقام شرح ذلك ، وقد استفيد تحقيقه من بعض رسائلنا في حقيقة الخلافة والولاية(1) .

* * * * * * * *

ص: 93


1- اُنظر مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، المشكاة الاُولى، مصباح 38 و41.

ص: 94

فصّ حكمة مهيّمية في كلمة إبراهيمية

فصّ حكمة [99] مهيّمية في كلمة إبراهيمية

[شرح فصوص الحكم: 569 ؛ و(ط - الحجري) ص 168]

[99] «الهيمان» هو الدهشة المفرطة من شهود جلال الجمال والحيرة فيه ، كما يحصل عند ورود المعشوق بغتة ، أو من تجلّي الأسماء الجلالية القهرية . ونتيجته : اندكاك جبل إنّية السالك وجعل المجذوب صعقاً .

فبعض السالكين لفرط دهشتهم ومحبّتهم ، أو لسوء استعدادهم ، أو لنقصان مزاجهم لا يمكنهم الرجوع إلى مملكتهم ؛ فيبقون مجذوبين مهيَّمين لا يعرفون غير اللّه ولا يعرفهم غير اللّه ؛ لصدور البهلولية عنهم في بعض الأحيان ، قال تعالى : «أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري»(1) .

ويشمل بعضهم العناية الإلهية بإعطاء الاستعداد بالفيض الأقدس ، ويرجعهم إلى مملكتهم غانمين في تلك التجارة ؛ حيث صار عقل الكلّ عقلهم وروحهم

ص: 95


1- كشف المحجوب: 70؛ تذكرة الأولياء: 19؛ مرصاد العباد: 127؛ شرح منازل السائرين، الكاشاني: 474؛ مصباح الاُنس: 68.

روح الكلّ وجسمهم جسم الكلّ ، كما ورد : «أرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس»(1) .

فالكلّ من قاطني عالم الأرواح والأشباح ، مربّون بتربيتهم ، مدبّرون بتدبيرهم ، يتصرّفون فيه كما شاء .

ولا يحصل ذلك إلاّ بقرب الفرائض ، كما أنّ نتيجة قرب النوافل هو التخلّق بأخلاق اللّه والفناء الصفاتي ، كما أشار إليه في الحديث القدسي بقوله : «كنت سمعه وبصره»(2) . وفي قرب الفرائض يصير العبد اُذُن اللّه الواعية وعين اللّه الناظرة ؛ فاللّه تعالى ينظر به ويسمع به ويبطش به .

* * * * * * * *

وقال بعد حمد اللّه والثناء عليه : «إنّه قد كان لي فيكم إخوة وأصدقاء؛ [100] وإنّي أبرأ إلى اللّه أن أتّخذ أحداً منكم خليلاً. ولو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبابكر خليلاً، إنّ اللّه قد اتّخذني خليلاً، كما اتّخذ إبراهيم خليلاً...» .

[شرح فصوص الحكم: 571 ؛ و(ط - الحجري) ص 169]

[100] لا يخفى على العارف : أنّ من كان في مراتب السير واصلاً إلى فناء الربّ فانياً في ذاته وصفاته يكون خلّته خلّة اللّه تعالى ، فخليل اللّه لا يأبى عن خلّته ، بخلاف من كان دون ذلك ؛ فإنّ محبّة المحبوب نفي جميع الأحبّة .

ص: 96


1- الفقيه 2: 374 / 1625؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 276 / 1.
2- الكافي 2: 263 / 8؛ عوالي اللآلي 4: 103؛ المسند، أحمد بن حنبل 6: 256؛ صحيح البخاري 8: 483 / 1367.

فلمّا كان محبّة مولانا أمير المؤمنين محبّة اللّه فهو خارج عن منظور كلامه ، ولا ينافي خلّته خلّة اللّه . وأمّا غيره فهو خارج عن تلك المرتبة .

* * * * * * * *

وإنّما تعرّض بتخلّل الحقّ في علّة التسمية ؛ [101] لأنّ تخلّله - عليه السلام - أثر تخلّله تعالى شأنه .

[شرح فصوص الحكم: 574 ؛ و(ط - الحجري) ص 170]

[101] لا يخفى : أنّ تخلّله علیه السلام وإن كان أثراً لتجلّياته الذاتية في الحضرة الأسماء - بل لتجلّيه بالفيض الأقدس الذي هو مقام العماء - إلاّ أنّ ذاك التخلّل المذكور في الكتاب الذي هو نتيجة قرب الفرائض غير ذاك التجلّي ؛ فإنّ قرب الفرائض لا يحصل إلاّ بعد قرب النوافل .

فالقرب النوافلي استهلاك الأسماء والصفات ، فيصير الحقّ سمعه ويده . والقرب الفرائضي الاستهلاك الكلّي الذاتي والصفاتي المستتبع لإبقاء العبد في بعض الأحيان ، فيصير العبد سمع الحقّ وبصره .

فإنّ حصول الولاية الكلّية وظهور البرزخية الكبرى لا يحصل إلاّ بعد قرب الفرائض ، وهو غاية المعراج الصعودي لنبيّنا صلی الله علیه و آله وسلم ، ولا يحصل لغيره من الأنبياء والأولياء إلاّ بالتبعية ، لا الأصالة .

وبهذا التحقيق يظهر النظر في كلام الشارح . وأمثال ذلك منه غير بعيد ، تدبّر .

* * * * * * * *

ص: 97

"كما هي صفات المحدثات حقّ للحقّ" . . . وقوله : "هي" للقصّة والشأن ؛ أي القصّة أنّ صفات المحدثات حقّ للحقّ ؛ [102] كقوله :

(قُلْ هُوَ اللّه ُ أَحَدٌ) .

[شرح فصوص الحكم: 576 ؛ و(ط - الحجري) ص 171]

[102] ليس الضمير في قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللّه ُ أَحَدٌ) للشأن ؛ فإنّه إشارة إلى الهوية الغيبية المستهلكة عندها النعوت ، المضمحلّة لديها الأسماء والصفات ، و «اللّه» إلى أحدية جمع كثرات الأسماء والصفات ، وفيه إشارة إلى أنّ الذات الأحدية هي الذات المستجمعة ، بل هي الذات الظاهرة في كلّ الأسماء والصفات والأعيان .

* * * * * * * *

[103] "فإن كان الحقّ هو الظاهر فالخلق مستور فيه ، فيكون الخلق جميع أسماء الحقّ سمعه وبصره ، وجميع نسبه وإدراكاته . وإن كان الخلق هو الظاهر ، فالحقّ مستور باطن فيه ، فالحقّ سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه" .

[شرح فصوص الحكم: 577 ؛ و(ط - الحجري) ص 172]

[103] قوله : «فإن كان الحقّ...» إلى آخره .

قال شيخنا العارف الكامل - أدام اللّه ظلّه - : «إنّ مستورية العبد في الحقّ وظهور الحقّ لا يحصل إلاّ عند فناء العبد واضمحلال إنّيته واندكاكه ؛ بحيث لا يبقى منه أثر ولا خبر . وهذا هو نتيجة قرب النوافل . فقوله : «يكون الخلق

ص: 98

جميع أسماء الحقّ» ؛ أي لا يبقى أثر للخلق ، بل الحكم للحقّ وحده . وبهذا أشار الحديث القدسي : «كنت سمعه وبصره»(1) ؛ أي لا سمع ولا بصر ولا حكم له ولا أثر . ومستورية الحقّ في الخلق وظهور العبد لا يحصل إلاّ بعد إرجاع العبد إلى مملكته ، وهو البقاء بعد الفناء . وهذا هو نتيجة قرب الفرائض . فقوله : «فالحقّ سمع الخلق وبصره .. .» إلى آخره ؛ أي السمع للعبد الباقي بعد الفناء ؛ فإنّ العبد إذا رجع إلى مملكته يصير وجوده حقّانياً ؛ فإنّ المفنيّ فيه بما أنّه مفنيّ فيه هو الفاني ، كما أنّ الفاني بما أنّه فانٍ هو المفنيّ فيه . ففي هذا المقام العبد هو الظاهر وهو السميع وهو البصير ، واللّه أسماؤه وصفاته» . هذا كلامه - اُديم أيّامه وزيد إكرامه - ولم أر أحداً من الشرّاح شرح كلام الشيخ كذلك .

وعندي في بعض ما أفاد - دام ظلّه - نظر ؛ فإنّ في قرب النوافل لا يصير العبد فانياً حتّى عن ذاته ، بل هو مقام الفناء الصفاتي . وأمّا حصول الفناء التامّ فهو الذي يكون عند قرب الفرائض . وعند ذلك قد يصير العبد المستهلك الإنّية مجذوباً غاية الجذبة لا يمكن إرجاعه إلى مملكته ، فيصير في رتبة الملائكة المهيِّمة منخرطاً في سلكهم .

وقد يكون لائقاً للإرجاع فتشمله العناية الإلهية ، فيرجعه إلى مملكته غانماً في تجارته ، فتصير نفسه نفس الكلّ وعقله عقل الكلّ وجسمه جسم الكلّ ، إلى غير ذلك .

* * * * * * * *

ص: 99


1- الكافي 2: 263؛ عوالي اللآلي 4: 103؛ المسند، أحمد بن حنبل 6: 256؛ صحيح البخاري 8: 483 / 1367.

واعلم : أنّ «الإله» اسم الذات [104] من حيث هي هي مع قطع النظر عن الأسماء والصفات باعتبار ، واسم الذات مع جميع الأسماء والصفات باعتبار آخر .

[شرح فصوص الحكم: 579 ؛ و(ط - الحجري) ص 173]

[104] قوله : «من حيث هي» ، وبهذا الاعتبار كان «الإله» مأخوذاً لغة عن «وَلَه» بمعنى تحيَّر ؛ لتحيُّر العقول عن دركه ، أو لتحيّر الكثرات والنعوت والصفات في كبرياء جلاله ، كما ورد في زبور آل محمّد صلی الله علیه و آله وسلم : «ضلَّت فيك الصفات وتفسّخت دونك النعوت»(1) .

ولم يكن بهذا الاعتبار مأخوذاً من «ألَه» ؛ أي عبد ؛ فإنّ الحقّ بمقامه الغيبي غير معبود ؛ فإنّه غير مشهود ولا معروف ، والمعبود لابدّ وأن يكون مشهوداً أو معروفاً ، والعبادة دائماً تقع في حجاب الأسماء والصفات ؛ حتّى عبادة الإنسان الكامل ، إلاّ أنّه عابد اسم اللّه الأعظم ، وغيره يعبدون سائر الأسماء حسب درجاتهم ومقاماتهم من المشاهدات والمعارف .

وقد يطلق «الإله» بفيضه المقدّس الظاهر في النشأة العين ؛ فهو أيضاً من «ألَه» بمعنى عبد ؛ فإنّ العبادة في أوائل السلوك كما كانت محجوبة بالأسماء كانت محجوبة بالأعيان والمظاهر وإن كانت بالحقيقة للظاهر ؛ لاتّحادهما .

* * * * * * * *

ص: 100


1- صحيفه كامله سجاديه: 166، دعاء 32.

[105] هذا الكشف هو كشف مقام الفرق بعد الجمع ، ويسمّى جمع الجمع باعتبار أنّه يجمع الجمع مع الفرق ؛ وهو ظهور صور الأعيان في مرآة الحقّ .

[شرح فصوص الحكم: 583 ؛ و(ط - الحجري) ص 175]

[105] كون ذاك الكشف كشف مقام الفرق بعد الجمع مسلّم . وأمّا كونه مقام جمع الجمع وتسميته به فغير معلوم ، بل معلوم العدم عند التفتيش ؛ فإنّ الجمع بين الجمع والفرق لا يحصل إلاّ مع عدم احتجاب الجمع عن الفرق وبالعكس . وهذا لا يحصل إلاّ في الكشف الثالث الذي يأتي ذكره من بعد ؛ وهو الكشف التامّ المحمّدي صلی الله علیه و آله وسلم ، الذي له مقام البرزخية الكبرى ، وقد وصل إلى (قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى)(1) .

* * * * * * * *

وبهذا الاعتبار يكون المشهود هو الخلق والحقّ في عزّه الأحمى وغيبه [106] الذي كنّى عنه نبيّنا - صلّى اللّه عليه وسلّم - ب «العماء» .

[شرح فصوص الحكم: 584 ؛ و(ط - الحجري) ص 175]

[106] قوله : «الذي كنّى عنه نبيّنا صلی الله علیه و آله وسلم بالعماء».

قد اختلف الآراء في مقام العماء(2) : فمنهم من ذهب إلى ما ذكره الشارح .

ص: 101


1- النجم (53): 9.
2- راجع ما تقدّم في الصفحة 9.

ومنهم من قال بأنّه مقام الواحدية بمناسبة كونه غيماً رقيقاً بين الأرض والسماء ، وهو يناسب مقام الواحدية ؛ فإنّها واسطة بين سماء الأحدية وأرض الأعيان الخلقية . وقد فصّلنا القول في بعض رسائلنا وحقّقنا أ نّه مقام فيضه الأقدس(1) . وليس هنا مقام بسطه .

* * * * * * * *

"فإن قلت : فما فائدة قوله : (فَلَو شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)(2)

قلنا : «لو» حرف امتناع لامتناع ؛ فما شاء إلاّ ما هو الأمر عليه ؛ [107] ولكن عين الممكن قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل .

[شرح فصوص الحكم: 586 ؛ و(ط - الحجري) ص 177]

[107] قوله : «ولكن عين الممكن قابل...» إلى آخره .

قال شيخنا العارف - أدام اللّه ظلّه - في شرح المراد :

«إنّ هاهنا ثلاث مراتب : مرتبة ذات الماهيات من حيث هي ، ومرتبة عرض الوجود والعدم عليها ، ومرتبة نفس الأمر على ما هي عليه .

أمّا في المرتبة الاُولى ، فيحكم العقل بأنّها ليست إلاّ هي ؛ فلا يحكم بشيء آخر عليها .

وأمّا في المرتبة الثانية ، فيحكم حكماً بتّياً بأنّها متساوي الطرفين بالنسبة إلى الوجود والعدم .

ص: 102


1- اُنظر مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، المشكاة الاُولى، مصباح 31.
2- الأنعام (6): 149.

فهاتان المرتبتان دركهما حظّ العقل ، وليس محجوباً عنهما ، فلهذا يحكم قطعياً عليها .

وأمّا في المرتبة الثالثة - وهي مرتبة نفس الأمر التي هي عبارة عن نشأة العلم الربوبي - ، فليس من شأنه دركها ، وهو محجوب عنها ، فلا يحكم عليها . فهو مردّد في حالها هل هي مقتضية للظهور ، أم لا؟ أم هل هي مقتضية للسعادة أو الشقاوة ، أم لا؟ والمثال الذي أورد الشارح في الصفحة الآتية - من الأعمى - راجع إلى ذاك المقام .

وبالجملة : العقل يحكم بقابلية الممكن للشيء ونقيضه فيما هو شأنه ، ولا يحكم بشيء فيما هو محجوب عنه ، وهو مرتبة علم الربوبي . وأمّا السالك المكاشف المطّلع على نفس الأمر فيحكم على آحاد الماهيات بما هي عليها ؛ من الوجود والعدم والسعادة والشقاوة وغير ذلك» . انتهى ما أفاد .

أقول : ولعلّ بطن الاُمّ الذي ورد : «أنّ السعيد سعيد في بطن اُمّه ، والشقيّ شقيّ في بطن اُمّه»(1) هو مرتبة نفس الأمر الذي عبارة عن الحضرة العلمية ؛ فإنّ السعادات والشقاوات وكلّية التقديرات من ذاك العالم الشامخ الربوبي الذي هذا العالم وما فيه ظلّه الظليل .

ولمّا كان جميع التقديرات في ذلك العالم ، ورد في بعض الأخبار : أنّ البداء من علم لا يعلمه الأنبياء والمرسلون هو مخزون عنده ، كما في «الكافي» الشريف بإسناده عن أبي عبداللّه علیه السلام ، قال : «إنّ للّه علمين: علم مكنون مخزون

ص: 103


1- التوحيد، الصدوق: 356 / 3؛ صحيح البخاري 4: 551 / 1372؛ صحيح مسلم 2: 549 / 1.

لا يعلمه إلاّ هو، من ذلك يكون البداء. وعلم علّمه ملائكته ورسله وأنبياءه، فنحن نعلمه»(1) صدق ولي اللّه .

والمراد من كون البداء من ذلك أنّه نشأ من ذلك العالم الشامخ ، ولا ينافي ظهوره في بعض النفوس النازلة ؛ فإنّ الموجودات كلّها من الحضرة العلمية . وهاهنا تفصيل لا يسع المقام ذكره .

* * * * * * * *

فإنّ شؤون الحقّ كما تقتضي الهداية كذلك تقتضي الضلالة ، [108] بل نصف شؤونه يترتّب على الضلالة ، كما يترتّب النصف الآخر على الهداية .

[شرح فصوص الحكم: 589 ؛ و(ط - الحجري) ص 178]

[108] قوله : «بل نصف شؤونه...» إلى آخره .

لا يخفى : أنّ سبق الرحمة على الغضب يقتضي أن يكون شأن الهداية غالباً وحاكماً على شأن الضلالة . فلذا قال الشيخ في «الفتوحات» : «ببسم اللّه الرحمن الرحيم ظهر الوجود»(2) وقال أيضاً : «إنّ أرحم الراحمين يشفع عند المنتقم ويصير الأمر على مقتضاه»(3) . هذا بالنظر إلى التكثير .

وإلاّ فبالنظر إلى التوحيد ففي كلّ الأسماء ينطوي الكلّ . فهو أوّل من حيث

ص: 104


1- الكافي 1: 114 / 8.
2- الفتوحات المكّية 1: 102.
3- اُنظر الفتوحات المكّية 2: 86، و3: 175 و440.

هو آخر ، وآخر من حيث هو أوّل ، وفي كلّ جمال جلال وفي كلّ جلال جمال ، كما فصّلنا ذلك في بعض رسائلنا(1) وشرحنا لبعض الأدعية(2) .

* * * * * * * *

[109] ولذلك قسّم الدار الآخرة بالجنّة والنار .

[شرح فصوص الحكم: 589 ؛ و(ط - الحجري) ص 178]

[109] تقسيم الدار الآخرة إلى الجنّة والنار وإن كان صحيحاً ، إلاّ أنّ النار حقيقةً صورة الرحمة الإلهية لأهل التوحيد ؛ فإنّها توجب وصولهم إلى الكمالات المترقّية بإلقاء الغرائب والهيئات المظلمة ، وتصيّرهم قابلين للشفاعة . بل عند الشيخ وأتباعه للكفّار أيضاً ؛ فإنّ العذاب عنده من العَذب ، كما صرّح به في هذا الكتاب(3) .

* * * * * * * *

[110] "(وَمَا مِنَّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلوم)" ؛ أي مرتبة معلومة معيّنة في علم اللّه ، لا يتعدّاها ولا يتجاوز عنها .

[شرح فصوص الحكم: 591 ؛ و(ط - الحجري) ص 179]

[110] هذا من الشيخ لا ينافي عدم المقام للإنسان الكامل ؛ فإنّ المقام هناك

ص: 105


1- اُنظر مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، المشكاة الاُولى، مصباح 16 - 20.
2- اُنظر شرح دعاء السحر، الإمام الخميني قدس سره: 26 و 29 - 34.
3- اُنظر فصوص الحكم: 94؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 661.

بمعنى الحدّ ، وهو منفيّ عنه . ولهذا قيل له : الظلوم الجهول . وهاهنا ليس بذلك المعنى ، بل بمعنى المنزلة والشأن وإن كان شأنه التجاوز عن قاطبة الحدودات الإمكانية واندكاكه في بحر وجوب الوجود .

* * * * * * * *

[111] وهذا الجحد والإقرار بعينه ؛ كما قال الشاعر :

رقّ الزجاج ورقّت الخمر***فتشابها وتشاكل الأمر

فكأنّما خمر ولا قدح***وكأنّما قدح ولا خمر

[شرح فصوص الحكم: 596 ؛ و(ط - الحجري) ص 182]

[111] لا يخفى : أنّه ليس ما قاله الشاعر من مقام الجحد والإقرار ، بل من مقام الجمع بينهما بنحو الأحدية ؛ بحيث لا يكون الخلق حجاباً عن الحقّ ولا الحقّ عن الخلق . فليس حقيقةً في ذاك المقام جحد أصلاً ؛ فإنّ الجحد من الاحتجاب ، ولذا قال : رقّ الزجاجات التعيّنية الرقيقة ، وراقت خمر الحقيقة ، وهذا بحسب مقام السالك . وأمّا بالنظر إلى الأمر في نفسه : فالاحتجاب مرفوع من رأس ، هذا .

إلاّ أن يقال : إنّ قوله :

فكأ نّما خمر ولا قدح***وكأ نّما قدح ولا خمر

يدلّ على ذلك ؛ فإنّه أنكر وأقرّ في حالين . ولكن يمكن أن يكون ذلك أيضاً إخباراً عن الحال الجمعي الغير المحتجب عن الخلق والحقّ ، فتدبّر تجد .

* * * * * * * *

ص: 106

فصّ حكمة حقّية في كلمة إسحاقيه

[112] واعلم : أنّ ظاهر القرآن يدلّ على أنّ الفداء عن إسماعيل ، وهو الذي رآه إبراهيم أنّه يذبحه ، وإليه ذهب أكثر المفسّرين . وذهب بعضهم إلى أنّه إسحاق . والشيخ - رض - معذور فيما ذهب إليه ؛ لأنّه به مأمور ، كما قال في أوّل الكتاب .

[شرح فصوص الحكم: 606 ؛ و(ط - الحجري) ص 185]

[112] قال شيخنا العارف الكامل - دام ظلّه العالي - : إنّ الشيخ بحسب كشفه في عالم المكاشفة رأى في العين الثابتة الإسحاقية اقتضاءَ هذا المعنى الذي ظهر في إسماعيل علیه السلام في عالم الملك من العبودية التامّة والفناء التامّ ، فأخبر عمّا ظهر عليه من العين الثابتة . وهذه المكاشفة صحيحة ، إلاّ أنّ عدم الظهور في عالم الملك ؛ لقوّة العين الثابتة الإسماعيلية أو لمانع آخر ، هذا .

وقد استشكلت عليه : بأنّ الظاهر من كلام الشيخ وقوعه بالنسبة إلى إسحاق في عالم الملك ، فصدّق ذلك وقال - دام ظلّه - : «يمكن أن يكون كشفه صحيحاً ،

ص: 107

إلاّ أنّ خياله لمّا كان مشوباً تمثّل له المعنى المجرّد عن اللباس في عالم خياله بصورة إسحاق علیه السلام ؛ فإنّ المكاشفات تقع مجرّدة عن الصورة ، ولكن الخيال يمثّلها بأيّ صورة شاء بمجرّد مناسبة . والغالب دخالة المأنوسات والمعتقدات في ذلك التمثّل» . هذا ما أفاد دام ظلّه .

* * * * * * * *

والإتيان بالفداء الذي هو صورة فداء النفس [113] وفاء بالعهد الأزلي السابق .

[شرح فصوص الحكم: 608 ؛ و(ط - الحجري) ص 186]

[113] في الحضرة العلمية بحسب الأعيان الثابتة ، وفي الحضرة المشيّة المطلقة الكلّية ثانياً ، وفي التعيّن الأوّلي العقلي ثالثاً ، ثمّ التعيّن الثانوي إلى التعيّنات الملكوتية من العليا والسفلى - أي النفوس الكلّية الإلهية - وحضرة المثال المطلق ؛ أي عالم الذرّ .

وهذا العهد - أي الإقرار بالتوحيد الحقيقي ، ومقام الولاية الكبرى المطلقة اللازمة له - لم يكن مختصّاً بالأولياء والعرفاء ، بل يتساوى فيه السعيد والشقيّ ؛ لعدم الاحتجاب في تلك العوالم أصلاً ، بل الاحتجاب يحصل بورود هذا العالم الدنيوي .

فإذا وفى بالعهد السابق بحصول الفناء التامّ يحصل له الإرباح بالبقاء باللّه تعالى ، وإلاّ فله الخسران والاحتجاب بالظلمات التي بعضها فوق بعض ؛

ص: 108

(وَالْعَصرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ)(1) احتجابات عالم المادّة (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا)(2) بمقام الولاية المطلقة الكلّية والتوحيد الحقيقي .

* * * * * * * *

وكلّ منهما لا يطّلع لربّه ؛ اطّلاع العارف المشاهد للحقّ ومراتبه التي هي روحانية الجماد والنبات والحيوان من الكمّل والأفراد [114] من الإنسان .

[شرح فصوص الحكم: 615 ؛ و(ط - الحجري) ص 188]

[114] قوله : «من الإنسان» .

بيان لقوله : «الكمّل والأفراد» ، والكمّل هم الأقطاب ، والأفراد هم أتباعهم .

قال عبدالرزّاق الكاشي في «اصطلاحاته» :

«القطب هو الواحد الذي هو موضع نظر اللّه تعالى من العالم في كلّ زمان ، وهو على قلب إسرافيل علیه السلام (3) . والأفراد هم الرجال الخارجون عن نظر القطب»(4) .

* * * * * * * *

ص: 109


1- العصر (103): 1 - 2.
2- العصر (103): 3.
3- اصطلاحات الصوفية: 145.
4- اصطلاحات الصوفية: 31.

[115] وإبراهيم علیه السلام لم يعبّرها ؛ لأنّ الأنبياء والكمّل أكثر ما يشاهدون الاُمور في العالم المثالي المطلق ، وكلّ ما يُرى فيه لابدّ أن يكون حقّاً مطابقاً للواقع .

[شرح فصوص الحكم: 617 ؛ و(ط - الحجري) ص 189]

[115] لمّا كان الشارح من أصحاب القياس قاس إبراهيم علیه السلام بنفسه في أ نّه علیه السلام قاس رؤياه هذه بسائر ما رأى في عالم المثال المطلق ، مع أ نّه رأى في المثال المقيّد . أو قاس علیه السلام ذلك على حال كثير من الأنبياء علیهم السلام ؛ من كونهم محلّ الوحي في المنام .

وليس الأمر كما توهّم الشارح، بل يمكن أن يكون حبّه المفرط بمقام الربوبية وعشقه وخلّته حجب عن أن يعبّر رؤياه ؛ فإنّ العشق المفرط يوجب أن يفدي ما هو أحبّ عنده في طريق محبوبه . فالاستغراق في جمال المحبوب يمنعه عن أن يعبّر . فالحقيقة غلبت على الشريعة ، مع أنّ حكم الشريعة أنّه : (لاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللّه ُ إِلاَّ بِالحَقِّ)(1) ، هذا ما أفاد شيخنا العارف ، دام ظلّه العالي .

* * * * * * * *

[116] قال : "من وهم إبراهيم" عليه السلام ؛ ولأنّه توهّم : أنّ المرئي لا ينبغي أن يعبّر ؛ فقصد ذبح ابنه .

[شرح فصوص الحكم: 617 ؛ و(ط - الحجري) ص 190]

ص: 110


1- الإسراء (17): 33.

[116] ليس الأمر كما ذكره الشارح ، بل مراد المصنّف من قوله : «من وهم إبراهيم» أنّ إطلاق الفداء على الكبش كان بحسب وهم إبراهيم علیه السلام ؛ فإنّه توهّم : أنّه مأمور بذبح ابنه ، مع أ نّه كان مأموراً بذبح الكبش ؛ فذَبح الكبش لم يكن فداء .

بل التحقيق : أنّ ما رأى إبراهيم علیه السلام هو حقيقة الفناء التامّ والاضمحلال الكلّي في الحضرة الأحدية ، وذبح الابن أو الكبش هو رقيقة هذه الحقيقة . إلاّ أنّ الجمع بين الشريعة والحقيقة يقتضي ذبح الكبش، ولكن شدّة محبّة إبراهيم وعشقه احتجبه عن الجمع بينهما ، فأراد ذبح الابن . فالفداء يكون على وهمه ، فافهم .

* * * * * * * *

[117] "ألا ترى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اُتي في المنام بقدح لبن ، قال : «فشربته حتّى خرج الريّ من أظافيري، ثمّ أعطيت فضلي عمر» .

قيل : ما أوّلته يا رسول اللّه؟ قال : «العلم»" .

[شرح فصوص الحكم: 622 ؛ و(ط - الحجري) ص 192]

[117] قوله : «ألا ترى رسول اللّه...» إلى آخره .

اعلم - هداك اللّه إلى الطريق المستقيم - أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم لمّا كان متحقّقاً بتمام دائرة الوجود ومستجمعاً للكمالات التي في جميع عوالم الغيب والشهود وله البرزخية الكلّية - وهو المشية المطلقة والفيض المقدّس الإطلاقي - لم يكن كمال ولا وجود خارجاً عن حيطة كماله ووجوده . فهو كلّ الوجود الظلّي ، وكلّه الوجود ، وليس وجود ولا كمال وجود خارجاً عن وجوده وكمال وجوده حتّى يكون فضلاً وزيادة . والفيوضات الوجودية والكمالية التي تصل إلى ما سواه من

ص: 111

حضرته يكون بطريق التجلّي والتشؤّن ، لا بطريق الفضل والزيادة . نعم ، ما كان فضلاً عن الوجود هو التعيّن والعدم ، وعن الكمالات ما كان من سنخ مقابلاتها .

* * * * * * * *

"فإن لم يردّها الدليل العقلي" ؛ بأن كان [118] التجلّي في الصورة النورية كصورة الشمس ، أو غيرها من صور الأنوار كالنور الأبيض والأخضر وغير ذلك ، "أبقيناها على ما رأيناها ، كما نرى الحقّ في الآخرة سواء" .

[شرح فصوص الحكم: 625 ؛ و(ط - الحجري) ص 193]

[118] التجلّي بالصورة النورية المقيّدة - كالصورة الشمسية أو القمرية - أيضاً ممّا يردّه العقل النظري ؛ فلابدّ من إرجاعها إلى الحقّ المشروع ، كما فعل شيخ الأنبياء في رؤياه الزهرة والقمر والشمس في قوله : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَءَا كَوكَباً...)(1) إلى آخر الآية .

فالتجلّي أوّلاً وقع بالصورة الكوكبيّة المقيّدة في المظهر النفسي ، ثمّ بالصورة القمرية التي مظهرها العقل ، ثمّ بالصورة الشمسية التي مظهرها الروح ، ثمّ خرج عن حدّ التقييد ووقع في مقام الإطلاق بمقامه القدسي ، فقال إخباراً عن حاله ومقامه : إِنِّي وجَّهت وجهي للَّذي فطر سماوات الأرواح الشمسية والعقول القمرية وأراضي الأشباح الكوكبية حنيفاً مسلماً وما أَنا من المشركين .

* * * * * * * *

ص: 112


1- الأنعام (6): 76.

[119] ولمّا كانت العقول الضعيفة عاجزة من إدراك التجلّيات الإلهية في كلّ موطن ومقام والنفوس الأبية طاغية غير معظّمة لشعائر اللّه ، أوجب إسناد الصور الكمالية إليه ، وردّ ما يوجب النقصان عنه .

[شرح فصوص الحكم: 626 ؛ و(ط - الحجري) ص 194]

[119] قوله : «ولمّا كانت العقول...» إلى آخره ، اعتذار عن الشيخ ؛ حيث فصّل بين الصور الناقصة وغيرها ، مع أنّه من أصحاب القلوب وأرباب النواظر الصحيحة ؛ خصوصاً مع كونه قائلاً عن لسان رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم بأنّ ذلك وقع منه بمناسبة حال المحجوبين والجمهور من الناس، لا بالنسبة إلى حال نفسه ومقامه.

* * * * * * * *

[120] "وتقبل في مجلى العقول وفي الذي***يسمّى خيالاً والصحيح النواظر"

[شرح فصوص الحكم: 628 ؛ و(ط - الحجري) ص 195]

[120] أي وتقبل أرباب العقول الحقّ إذا تجلّى بالتنزيه في المجلى العقلي ، وأرباب الخيال والحسّ إذا تجلّى بالتشبيه في المجلى الخيالي ، وأرباب القلوب - الذين هم الصحيح النواظر - كلا التجلّيين ؛ أي التنزيه والتشبيه . فالمنزّه مقيّد محدّد ، والمشبّه مقيّد محدّد ، وكلاهما خلاف التوحيد الحقيقي . وأحدية

ص: 113

جمع التشبيه والتنزيه إخراج عن حدّين .

وقد ورد من طريق أهل البيت وأصحاب الوحي الأمر بإخراجه تعالى عن الحدّين : حدّ التشبيه ، وحدّ التعطيل(1) .

* * * * * * * *

[121] "وهذا وُسع أبي يزيد في عالم الأجسام" ؛ أي وسع قلبه ؛ لأنّه ما يخبر إلاّ عمّا يجده في قلبه ، لا وسع مرتبة القلب إذا كان في غاية كماله .

[شرح فصوص الحكم: 629 ؛ و(ط - الحجري) ص 195]

[121] أي هذا مقام أبي يزيد بحسب مقام قلبه المقيّد المتوجّه إلى عالم الأجسام . وأمّا وسعه بحسب مقام قلبه الإطلاقي فهو الذي قال : «بل أقول : لو أنّ .. .» إلى آخره .

وأمّا قوله : «مع العين الموجدة له» لو كان المراد مقام الفيض المقدّس الإطلاقي فيشكل الأمر ؛ حيث أن لا مقام فوق ذلك حتّى يكون وعاءه .

والجواب : أنّ مقام «المشيّة المطلقة» مقام التدلّي وفوقه «أو أدنى» الذي هو الاضمحلال في الأحدية والبقاء بالواحدية . ولو كان المراد منها التعيّن الأوّل ، وممّا لا يتناهى وجودُه ما عداه من العقول ، فالأمر واضح لا سترة عليه .

* * * * * * * *

ص: 114


1- الكافي 1: 82 / 2؛ التوحيد، الصدوق: 104 / 1.

[122] "من وسع الحقّ فما ضاق عن***خلق فكيف الأمر يا سامع"

[شرح فصوص الحكم: 631 ؛ و(ط - الحجري) ص 196]

[122] أي من وسع الحقّ بقلبه وسع الخلق الذي تجلٍّ من تجلّياته وظهور من ذاته تبارك وتعالى ؛ فإنّ ذاته أكبر من ظهوره وأشرف .

وهذا سرّ قوله : «لو أنّ ما لا يتناهى وجوده والأجسام بقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له .. .»(1) إلى آخره ، فإنّ العين الموجدة - كما أشرنا - عبارة عن الفيض المقدّس الإطلاقي ، ومع ذلك قلب الوليّ المطلق أوسع منه ؛ لاستهلاكه في أحدية الجمع ، كما قال تعالى : «لا يسعني أرضي ولا سمائي، بل يسعني قلب عبدي المؤمن»(2) .

* * * * * * * *

"لأنّ الغفلة ما تعمّ قطّ ؛ لا في العموم ولا في الخصوص" ؛ [123] أي لا في عموم الخلائق ولا في خصوصهم .

[شرح فصوص الحكم: 633 ؛ و(ط - الحجري) ص 198]

[123] قوله : «أي لا في عموم الخلائق...» إلى آخره .

هذا غير صحيح ؛ فإنّ هذا الحضور الذي لقاطبة الخلائق لا يستصحّ لإبقاء ما خلق ، كما لا يستصحّ لأصل الخلق والإيجاد . والإيجاد واستبقاء

ص: 115


1- اُنظر فصوص الحكم: 88؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 629.
2- تفسير القرآن الكريم، صدر المتأ لّهين 4: 167؛ وانظر: عوالي اللآلي 4: 7 /7؛ إحياء علوم الدين 3: 25؛ الفتوحات المكّية 1: 216.

الموجود يرتضعان بلبن واحد .

فلابدّ إمّا أن يكون المراد بالعموم عموم الحضرات ، وبالخصوص حضرةً ما ، وهذا يحتاج إلى التكلّف في العبارة . وإمّا أن يكون المراد عموم أهل السلوك والخلّص منهم ، فتدبّر جيّداً .

* * * * * * * *

"فإن كان عبداً ، كان بالحقّ واسعاً" أي ، فإن ظهر العبد بصفة العبودية ، كان واسعاً بالحقّ قادراً على الأشياء بحوله وقوّته ؛ ولا يطالبه أحد بالصفات الكمالية التي للحقّ .

"وإن كان ربّاً كان في عيشه ضنك" ؛ أي في تعب وضيق ؛ لأنّه يطالب بالأشياء حينئذٍ ، [124] فيعجز عن الإتيان بها .

[شرح فصوص الحكم: 636 ؛ و(ط - الحجري) ص 200]

[124] قوله : «فيعجز عن الإتيان بها».

وعجز الأولياء عن الإتيان بمطلوب الجهّال لا لنقص في قدرتهم ، بل لأنّ القدرة محدودة بالعلم ؛ فإنّ الأولياء يعلمون أنّ الصلاح بحسب النظام الكلّي وجود كذا أو عدم وجود كذا ، فإذا سأله الجاهل خلاف ما هو الصلاح الكلّي يعجز عن الإتيان به .

مع أنّ الظهور بالربوبية من أعظم الاُمور على الأولياء وأثقلها ، ولذا لا يأتون بالمعاجيز إلاّ في مقام يجب إظهار ربوبية اللّه تعالى ، ومع ذلك يتذلّلون إليه ويُصلّون ويظهرون العجز والانكسار ، ويعتذرون عند ربّهم من ظهورهم

ص: 116

بشأنه تعالى ، مع أنّهم شأنه وظهوره . وما كان لهم أن يأتون بآية إلاّ بإذنه وقيّوميته .

ولذا قال شيخنا العارف الكامل - دام ظلّه العالي - : إنّ التمسّك والتوكّل بالأولياء الجزء في الحاجات - وخصوصاً الحاجات الدنيوية - أولى من الوليّ المطلق .

* * * * * * * *

ص: 117

ص: 118

فصّ حكمة عليّة في كلمة إسماعيلية

[125] "وأمّا الأحدية الإلهية فما لأحد فيها قدم ؛ لأنّه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء ؛ لأنّها لا تقبل التبعيض" .

[شرح فصوص الحكم: 640 ؛ و(ط - الحجري) ص 201]

[125] قوله : «وأمّا الأحدية الإلهية...» إلى آخره .

هذه الجملة من خاصّة قوله : «أحدي بالذات» . كما أنّ قوله : «وكلّ موجود فما له من اللّه .. .» إلى آخره ، من خاصّة «كلّ بالأسماء» .

والمراد بالأحدية الذاتية الأحدية الجمعية في الحضرة الواحدية السارية في كلّ الأسماء والمظاهر مع حفظ الوحدانية الذاتية ، لا الأحدية الغيبية التي لا اسم لها ولا رسم ، ولا الظهور بالوحدانية المستهلكة عندها التعيّنات والمضمحلّ لديها الوجودات كما توهّم الشارح ؛ لأنّ المقام مقام ما ذكرنا لا ما ذكره ، كما لا يخفى على أهله .

ولعلّه انتقل إلى ما ذكرنا ، ولهذا قال : «والهوية الإلهية من حيث هي هي .. .» إلى آخره .

* * * * * * * *

ص: 119

فصّ حكمة عليّة في كلمة إسماعيلية

"فأحديته مجموع [126] كلّه بالقوّة" .

[شرح فصوص الحكم: 641 ؛ و(ط - الحجري) ص 201]

[126] قوله : «كلّه بالقوّة».

لا تتوهّمنّ من لفظة «بالقوّة» ما هو المتفاهم بحسب الظاهر ؛ فإنّ ذلك لا قدم له في الذات الأحدية ، بل بمعنى الوحدة الجمعية البسيطة التي بوحدتها كلّ الأسماء ، وينشعب منها كلّ الأسماء والصفات وجميع المظاهر والتعيّنات .

* * * * * * * *

[127] وإنّما يتميّز السعيد من الشقيّ لأنّه يعرف أنّ الأمر كذلك ، فسعادته بعلمه ومعرفته . ومن لم يعرف ذلك وأضاف الأفعال إلى القوابل بَعُد عن الراحة العظمى والمثوبة الحسنى ، فشقي . فشقاوته بجهله وعدم عرفانه .

[شرح فصوص الحكم: 642 - 643 ؛ و(ط - الحجري) ص 202]

[127] قال شيخنا الاُستاذ - دام ظلّه العالي - : إنّ مناط السعادة والشقاوة مطلقاً بالعلم والمعرفة ، كما أنّ مناط كونه مرضيّاً أيضاً كذلك ، إلاّ أنّ الأوّل بعرفان العبد ، والثاني بعرفان الربّ .

ولا يخفى : أنّ للسعادتين مرتبتين : مرتبة تابعة لكونه مرضيّاً ، وهو حاصل مع جهل العبد أيضاً . وسعادة اُخرى تابعة للمعرفة وإسناد الأفعال والآثار والكمالات والوجود إلى الحقّ وسلبه عن غيره .

* * * * * * * *

ص: 120

"ولهذا قال سهل - رض - : [128] إنّ للربوبية سرّاً وهو أنت ؛ يخاطب كلّ عين" .

[شرح فصوص الحكم: 643 ؛ و(ط - الحجري) ص 202]

[128] قوله : «إنّ للربوبية سرّاً؛ وهو أنت».

واعلم : أنّ الربوبية في قوله ذلك هي الربوبية الذاتية المكتنفة بالأسماء والصفات التي منها الربوبية الأسمائية ، وسرّها مرتبة ذات العبد وعينه الخارجية المكتنفة بالأسماء والصفات . فكما أنّ الحقّ غيب [ب] ذاته ظاهر بصفاته وأسمائه ومظاهرها ، كذلك العبد غيب بذاته ظاهر بأسمائه وصفاته .

وليس معنى قوله ما ذكره الشارح ، كما لا يخفى على أهله .

* * * * * * * *

ولأنّ كلّ واحد من الموجودات ما يأخذ من الربّ المطلق إلاّ ما يناسبه ويقبله ، [129] ولا يأخذ من جميع أنواع الربوبية .

[شرح فصوص الحكم: 646 ؛ و(ط - الحجري) ص 204]

[129] قوله : «ولا يأخذ من جميع...» إلى آخره .

لا يخفى : أنّ الأخذ من مقام الإلهية ممكن واقع بمقامه الجمعي ، بل أوّل ما ظهر في الوجود هو الاسم الجامع لجميع أنواع الربوبيات بمظهره الجامع الذي هو الإنسان الكامل . وأمّا الأخذ من حضرة الأحدية فلا يمكن لأحد حتّى للأسماء الإلهية .

ص: 121

عنقا شكار كس نشود دام بازگير***كانجا هميشه باد به دست است دام را(1)

* * * * * * * *

"وإن نظرته بك [130] فزالت الأحدية بك" ؛ لأنّ الأحدية مع الاثنينية لا يمكن .

[شرح فصوص الحكم: 647 ؛ و(ط - الحجري) ص 204]

[130] قوله : «فزالت الأحدية بك...» إلى آخره .

وذلك لأنّ النظر والمشاهدة لا يمكن إلاّ بصيرورة الناظر مستغرقاً في عين المنظور متّحداً معه ، أو ظهور المنظور وتجلّيه في مرآة الناظر ، وكلاهما يُزيلان الأحدية . وتحت ذلك أسرار .

* * * * * * * *

ولمّا أثبت أوّلاً وجود الأمثال والأضداد باعتبار الكثرة أراد أن ينفيها باعتبار الوحدة الذاتية والوحدة العرضية ؛ فقال : " [131] فما ثمّة مثل ، فما في الوجود ضدّ ؛ فإنّ الوجود حقيقة واحدة والشيء لا يضادّ نفسه ."

[شرح فصوص الحكم: 652 ؛ و(ط - الحجري) ص 208]

[131] قوله : «فما ثمّة مثل...» إلى آخره .

ص: 122


1- ديوان حافظ: 76، غزل 9.

قوله : «فإنّ الوجود حقيقة واحدة» تعليل لنفي المثلية والضدّية .

وأمّا ما ذكره الشارح أوّلاً بقوله : «إذا كان ما في الوجود متميّزاً» فلا يستقيم ؛ فإنّ إثبات التميّز كما ينفي المثلية من جميع الوجوه يثبت الضدّية ؛ فلا يمكن نفي الضدّية به .

وأيضاً : إنّ الضدّية مثلية من بعض الوجوه ، لا من جميع الوجوه ؛ فلا ينافي نفي المثلية من جميع الوجوه ، على أن يكون الظرف قيداً للمنفيّ لا للنفي مع الضدّية ، كما لا يخفى .

* * * * * * * *

ولا يظهر بمقام الربوبية ؛ ليكون عين ربّه ؛ فيدّعي أ نّه هو ، [132] كما ظهر به أرباب الشطح .

[شرح فصوص الحكم: 654 ؛ و(ط - الحجري) ص 209]

[132] قوله : «كما ظهر به أرباب الشطح».

ظهور أهل الشطح بالربوبية وإظهارهم إيّاها لنفسهم ليس إلاّ لنقصان السلوك وبقاء الأنانية والإنّية ؛ فإنّ السالك إذا أراد بالسلوك إظهار القدرة والسلطة - لما رأى أهل السرّ من الأولياء قد يظهرون ذلك ، فاشتغل به لذلك - ربّما يظهر نفسه وشيطانه له ويتجلّى بالربوبية ؛ فإنّه عبد نفسه لا عبد ربّه .

قال شيخنا - دام ظلّه العالي - : إنّ أكثر أهل الدعاوي الباطلة كانوا من أصحاب الرياضات الباطلة .

أقول : وميزان تميز الرياضة الباطلة عن غيرها هو ذلك الذي ذكرنا . فعليك

ص: 123

بخلوص النيّة وصدق السريرة مع ربّك ؛ فإنّ «من أخلص للّه أربعين صباحاً جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه»(1) .

كه اى صوفى شراب آنگه شود صاف***كه اندر خم بماند اربعينى(2)

* * * * * * * *

[133] "دلّنا على ذلك : جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم" .

[شرح فصوص الحكم: 655 ؛ و(ط - الحجري) ص 209]

[133] قوله : «دلّنا على ذلك».

قال شيخنا العارف الكامل - أدام اللّه ظلّه - : يمكن أن يكون «ذلك» إشارة إلى قوله : «لمن خشي ربّه»(3) ، والجاهل ليس الجاهل المطلق ، بل أهل الشطح ، والعالم هو المحقّق .

وحاصل المعنى : أنّ جهل أهل الشطح على ما أتى به المحقّق من حفظ المقامات دلّنا على مقام الخشية .

* * * * * * * *

ص: 124


1- شرح الأسماء، السبزواري: 703؛ وانظر: بحار الأنوار 67: 242 / 10؛ إحياء علوم الدين 5: 194؛ الفتوحات المكّية 2: 10 و44.
2- ديوان حافظ: 638، غزل 571.
3- اُنظر فصوص الحكم: 93؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 654.

[134] وأنّ الكلّ خلق بلا حقّ في مقام الفرق المطلق .

[شرح فصوص الحكم: 656 ؛ و(ط - الحجري) ص 210]

[134] وفي هذا المقام يكون إجراء الحدود ، ويتحقّق بغض الأنبياء بالنسبة إلى الكفّار والمنافقين . وإلاّ ففي مقام الجمع المطلق أو الجمع مع الفرق لا يمكن ذلك ، كما هو المعروف من قضيّة موسى علیه السلام وأمره بإحضار أخسّ الخلائق(1) .

* * * * * * * *

ص: 125


1- راجع عدّة الداعي: 251؛ وما يأتي في التعليقات على مصباح الاُنس، الإمام الخميني قدس سره: 94، التعليقة 132.

ص: 126

فصّ حكمة روحية في كلمة يعقوبية

فصّ حكمة روحية [135] في كلمة يعقوبية

[شرح فصوص الحكم: 665 ؛ و(ط - الحجري) ص 214]

[135] قوله : «في كلمة يعقوبية».

إنّما خصّص هذه الحكمة بكلمته :

لاختصاصه من بين أولاد إبراهيم علیه السلام في ظهور الدين وإظهاره وبسطه ، كما قال اللّه : (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِىَّ إِنَّ اللّه َ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(1) ؛

ولأنّه علیه السلام بعد ما ابتلي بفراق يوسفه وابيضّت عيناه من الحزن ، تداركه الرحمة الإلهية بإلقاء السكينة في قلبه ، وأراد أن يبسطها في بنيه ، فقال : (يَا بَنِىَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَايْئسُوا مِنْ رَوْحِ اللّه ِ إِنَّهُ لاَ يَاْيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللّه ِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)(2) ؛

ص: 127


1- البقرة (2): 132.
2- يوسف (12) : 87 .

ولأنّ روحانيته سرت بظاهر حسّه ، ولذا وجد ريح يوسف بالقوّة الشامّة(1) ، كما شمّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ريح أويس القرني من جانب يمن(2) .

* * * * * * * *

فإنّه كان يجد في مقام روحه بقاء يوسف وأخيه وجداناً إجمالياً ، كما قال : [136] (إِنِّى لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ)(3) ولا يجده عياناً تفصيلياً ، لذلك (ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ)(4) واللّه أعلم .

[شرح فصوص الحكم: 666 ؛ و(ط - الحجري) ص 215]

[136] قد عرفت : أنّ وجدانه لريح يوسف كان عياناً بعد ما تداركه الرحمة الإلهية بإلقاء السكينة في قلبه ، وذلك بعد ارتياضه وابيضاض عينه من الحزن وهو كظيم ، كما أخبر اللّه تعالى عنه .

* * * * * * * *

"ف «الدين» الانقياد ، [137] و«الناموس» هو الشرع الذي شرّعه اللّه" .

[شرح فصوص الحكم: 668 ؛ و(ط - الحجري) ص 216]

ص: 128


1- إشارة إلى آية: (ولمّا فَصَلَتِ العِيرُ قالَ أبُوهُم إِنّى لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ...). يوسف (12): 94.
2- عوالي اللآلي 1: 51 / 74؛ المسند، أحمد بن حنبل 2: 541؛ كنز العمّال 12: 50 / 33951.
3- يوسف (12): 94.
4- يوسف (12): 84.

[137] قوله : «والناموس هو الشرع» .

أقول : «الناموس» هو الذي يكون الإنسان بصدد حفظه واختفائه . ولمّا كان مقصد الأنبياء - صلوات اللّه عليهم - بسط معروفية الحقّ ومعبوديته في العالم ، وهو لا يحصل إلاّ بحفظ اُمور ، صارت النواميس الإلهية خمسة :

الأوّل : ناموس الحياة ؛ فإنّه بها يحصل المعرفة والعبودية .

والثاني : ناموس العقل ؛ إذ لولاه لما عرف اللّه وما عبد .

والثالث : ناموس المال ؛ إذ به معاش الناس ومعادهم .

والرابع : ناموس العرض ؛ إذ بحفظه يصحّ التوالد والتناسل ويبسط المعروفية والمعبودية .

والخامس : ناموس الشريعة ؛ وهو ناموس المعبودية والمعروفية .

* * * * * * * *

"وهي النواميس الحكمية" ؛ أي الشرائع التي اقتضتها الحكمة والمعرفة "التي لم يجئ الرسول المعلوم بها في العامّة من عند اللّه

[138] بالطريقة الخاصّة المعلومة في العرف" .

[شرح فصوص الحكم: 670 ؛ و(ط - الحجري) ص 217]

[138] قوله : «بالطريقة الخاصّة». الظاهر كونه متعلّقاً بقوله : «لم يجئ الرسول» ؛ أي لم يجئ الرسول بها بالطريق المعهود عند العامّة من إظهاره النبوّة أوّلاً ، وإظهار المعجزة لإثباتها ، ثمّ إتيان الأحكام .

* * * * * * * *

ص: 129

[139] "ولهذا سمّي أو شرح «الدين» ب «العادة» ؛ لأنّه عاد عليه ما يقتضيه ويطلبه حاله ؛ فالدين العادة" .

[شرح فصوص الحكم: 675 ؛ و(ط - الحجري) ص 221]

[139] قوله : «ولهذا...» إلى آخره .

لمّا كان الدين هو الجزاء وكان الجزاء من طرفين ؛ أي طرف العبد بإظهار كمالاته تعالى ومكنونات غيبه تعالى ، ومن الحقّ بتجلّيه عقيب ذاك الحال بحال مناسبة للعبد ، فيكون الجزاء من الحقّ تعالى ما عاد إلى العبد من أحواله وتناسب نشأته ، فيكون الجزاء هو العادة ، ويكون الدين هو العادة .

* * * * * * * *

ص: 130

فصّ حكمة نورية في كلمة يوسفية

لمّا كان عالم الأرواح المسمّى ب «العالم المثالي» عالماً نورانياً ، [140] وكان كشف يوسف علیه السلام مثالياً وكان على الوجه الأتمّ والأكمل ، أضاف الحكمة النورية الكاشفة عن الحقائق إلى كلمته .

[شرح فصوص الحكم: 683 ؛ و(ط - الحجري) ص 225]

[140] قوله : «وكان كشف يوسف مثالياً...» إلى آخره .

ليس المراد أنّ مقام يوسف محدود بالكشف المثالي . وكيف ذا ، وهو نبيّ عظيم الشأن لابدّ له من حصول الفناء التامّ والبقاء بالحقّ بعد الفناء ، كما هو شأن الأنبياء علیهم السلام ؟!

بل المراد : أنّ الكشف المثالي مقامه ، وهو علیه السلام صاحب الكشف المثالي وقطبه ، ويستفيد سائر أهل الكشف المثالي من مقامه ، وإن كان هو أيضاً يستفيد من مقام قطب الأقطاب أزلاً وأبداً .

* * * * * * * *

ص: 131

[141] "وكلّ ما يُرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل ، وإن اختلفت الأحوال . . ." .

[شرح فصوص الحكم: 685 ؛ و(ط - الحجري) ص 227]

[141] قوله : «وكلّ ما يرى...» إلى آخره .

ويمكن أن يكون المراد من «النوم» النوم الاصطلاحي لا اليقظة ، ومن «الأحوال» أحوال النائمين ؛ أي وكّل ما يرى في المنام من قبيل ما رأى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في ستّة أشهر ، وإن اختلفت الرؤيا حسب حال أهل المنام ، فإنّ منامات رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم من قبيل تمثّلات الحقائق الغيبية في الحضرة الخيال الغير المشتغل عن حضرات الحقائق ، بخلاف منامات سائر الناس .

وإن حملنا النوم على ما ذكره الشارح بمناسبة ما قبله وما بعده ، يكون المراد من اختلاف الأحوال اختلاف أحوال المكاشفين الدخيل في اختلاف كشفهم .

* * * * * * * *

[142] "وعلم ذلك يعقوب حين قصّها عليه ؛ فقال : (يَا بُنَىَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً)(1)" .

[شرح فصوص الحكم: 688 ؛ و(ط - الحجري) ص 228]

[142] قوله : «وعلم ذلك يعقوب...» إلى آخره .

يحتمل فيه وجهان :

الأوّل - ولعلّه الأظهر - : أنّ يعقوب علیه السلام أيضاً لم يعلم بما رآه يوسف ؛ أي لم

ص: 132


1- يوسف (12): 5.

يكن رؤياه بقصده ، إلاّ أنّه علم بالمقصود حين قصّها عليه من جهة علم التعبير .

الثاني : أن يكون المراد أنّ رؤياه وإن لم يكن بإرادة إخوته وخالته ، إلاّ أ نّه كان بإرادة يعقوب علیه السلام .

* * * * * * * *

"فكان قول يوسف علیه السلام (قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقّاً)(1) بمنزلة من رأى في نومه [143] أ نّه قد استيقظ من رؤيا رآها" .

[شرح فصوص الحكم: 689 ؛ و(ط - الحجري) ص 229]

[143] قوله : «أنّه قد استيقظ...» إلى آخره .

فإنّ يقظته نوم عند المحمّديين . فقوله : (قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً) تعبير عن المنام الخيالي في المنام الحسّي الخيالي ، فاستيقاظه انتقال من نوم إلى نومٍ .

* * * * * * * *

وجعل يوسف علیه السلام الصور الحسّية حقّاً ثابتاً ، والصور الخيالية غير ذلك ؛ فصار الحسّ عنده مجالي للحقّ والمعاني الغيبية [144] دون الخيال .

[شرح فصوص الحكم: 690 ؛ و(ط - الحجري) ص 229]

[144] قوله : «دون الخيال».

إن كانت العبارة كذلك يكون المراد : أنّ الحسّ عنده لمّا كان حقّاً يكون

ص: 133


1- يوسف (12): 100.

مجلى للحقّ والمعاني الغيبية . وأمّا الخيال فيكون عبرة إلى الحسّ ، فلا يكشف إلاّ عن الحسّ ، وهذا كشف يوسفي .

وأمّا كشف المحمّديين فغير ذلك ؛ فإنّ الخيال عندهم مجلى للحقّ والمعاني الغيبية ، كما أنّ الحسّ كذلك ؛ أي أنّ الخيال عبرة إلى الغيب ، كما هو عبرة إلى الحسّ الذي هو عبرة إلى الغيب .

* * * * * * * *

"فيقول : اعلم أنّ المقول عليه - سوى الحقّ أو مسمّى العالم - هو بالنسبة إلى الحقّ [145] كالظلّ للشخص" .

[شرح فصوص الحكم: 691 ؛ و(ط - الحجري) ص 230]

[145] قوله : «كالظلّ».

واعلم : أنّ العالَم بأعيانه وحقائقه كالظلّ ، وبوجوده هو الظلّ ، فإنّ الظلّ هو الوجود الانتسابي الذي يتوهّم الجاهل أ نّه للعالم ، والعارف يقول شيئاً آخر .

* * * * * * * *

وذلك لأنّ الظلّ [146] لا وجود له إلاّ بالشخص ، كذلك العالم لا وجود له إلاّ بالحقّ .

[شرح فصوص الحكم: 691 ؛ و(ط - الحجري) ص 230]

[146] قوله : «لا وجود له إلاّ بالشخص . . .» إلى آخره .

بل لا وجود للظلّ أصلاً ، فوجوده وجود خيالي ؛ فإنّ الظلّ عدم تنوّر المحلّ

ص: 134

عن نور المنير ، ولكن يتخيّل أنّه شيء ، مع أ نّه ليس بشيء . كالعالَم يتخيّل أ نّه موجود، وليس بموجود عند التحقيق العرفاني «ألا كلّ شيء ما خلا اللّه باطل»(1).

* * * * * * * *

فمحلّ ظهور هذا الظلّ الإلهي المسمّى بالعالم إنّما هو أعيان الممكنات عليها امتدّ هذا الظلّ [147] فتدرك من هذا الظلّ بحسب ما امتدّ عليه من وجود هذه الذات .

[شرح فصوص الحكم: 692 ؛ و(ط - الحجري) ص 231]

[147] قوله : «فيدرك من هذا الظلّ...» إلى آخره .

معنى العبارة حسب شرح الشارح : أنّه يدرك من هذا الظلّ - الذي هو العالم - بحسب الفيض الممتدّ عليه ، الذي هو - أي هذا الفيض - تجلّ إلهي ؛ أي بمقدار التجلّي الإلهي يدرك العالم .

ويمكن أن يكون المعنى : أنّه يدرك بواسطة الظلّ - الذي هو الوجود - بمقدار امتداده على العالم وجود الذات الإلهية ؛ أي يدرك الذات الإلهية بمقدار بسط الفيض على الممكنات .

وهاهنا احتمال آخر أقرب من الاحتمالين بالنظر إلى قوله السابق ، وهو أنّه يدرك الظلّ الذي هو الوجود بحسب ظهوره وامتداده على العالم من قبل وجود الذات الإلهي .

ص: 135


1- تمامه: ألا كلّ شيء ما خلا اللّه باطلٌ وكلّ نعيم لامحالة زائلٌ ديوان لبيد: 132؛ الفتوحات المكّية 3: 378.

[148] وبالاعتبار الثاني : الأعيان هي الظاهرة الموجودة في مرآة الوجود ، والوجود معقول محض .

[شرح فصوص الحكم: 697 ؛ و(ط - الحجري) ص 234]

[148] قوله : «وبالاعتبار الثاني».

ليس مقصوده من الاعتبار الثاني أنّ المحجوبين يشاهدون الموجودات والأعيان في مرآة الحقّ مع تنبّههم بذلك ، بل المراد أنّ الأمر كذلك في نفس الأمر وإن غفل عنه المحجوب ، كما أنّ النور مرآة شهود الأشياء حسّاً ، وإن كان البصر لا يراه ، بل يرى الأجسام المستنيرة .

* * * * * * * *

[149] "فهذا نور ممتدّ عن ظلّ ؛ هو عين الزجاج ، فهو ظلّ نوري لصفائه" .

[شرح فصوص الحكم: 700 ؛ و(ط - الحجري) ص 236]

[149] فنور الحقّ ممتدّ على الأظلال وهو نور خالص ، وعن الأظلال وهو نور ظلّي ؛ لصفائه وكدورة الأظلال . كما أنّ نور الشمس ممتدّ على الزجاج وهو نور صافي ، ثمّ يمتدّ عن الزجاج وهو نور متلوّن .

* * * * * * * *

ص: 136

ويجمع هذا الاعتبار أحكام الاعتبارين المذكورين . [150] وكلام الشيخ - رضوان اللّه تعالى عليه - هنا جامع الاعتبارات الثلاث ، يظهر بأدنى تأمّل .

[شرح فصوص الحكم: 702 ؛ و(ط - الحجري) ص 237]

[150] أي في هذا الفصّ ، وإلاّ فكلامه هاهنا يشير إلى اعتبارين دون جمعهما ، إلاّ مع التكلّف .

* * * * * * * *

"وإذا كانت غنيّة عن العالمين فهو عين غناها عن نسبة الأسماء إليها ؛ [151] لأنّ الأسماء لها كما تدلّ عليها تدلّ على مسمّيات اُخر يحقّق ذلك أثرها" .

[شرح فصوص الحكم: 703 ؛ و(ط - الحجري) ص 238]

[151] قوله : «لأنّ الأسماء . . .» إلى آخره .

لمّا كان الاسم عبارة عن الذات متعيّنة بتعيّن ، يصير منشأً لأثر كان الغناء عن الأثر غناءً عن الاسم أيضاً ، كما أنّ الغناء عن الاسم غناء عن الصفة التي هي مبدؤه أيضاً . فهذا أحد معاني قول مولانا ومولى الثقلين - صلوات اللّه عليه وآله - «كمال الإخلاص نفي الصفات عنه»(1) ؛ لشهادة كلّ موصوف أ نّه غير الصفة ، وهو تعالى غنيّ عن غيره اسماً أو صفة أو عيناً .

* * * * * * * *

ص: 137


1- نهج البلاغة: 39، الخطبة 1.

[152] "(وَلَمْ يُولَد)(1) كذلك . (وَلَمْ يكُن لَه كُفُوَاً أَحَدٌ)(2) كذلك." أي، ولم يولد من حيث هويته؛ ولم يكن له كفواً أحد من حيث هويته؛ لأنّ ماسواه صادر منه ممكن لذاته، وهو واجب بذاته فقط، وأنّى الكفاءة بين الممكن والواجب؟

[شرح فصوص الحكم: 704 ؛ و(ط - الحجري) ص 238]

[152] أي لم يولد من حيث هويته ونحن .

والحاصل : أنّ الهوية المطلقة التي لا هو إلاّ هو ، ومرتبة الأحدية الغيبية ومرتبة الواحدية الجمعية كلّها من حيث عينه ، وصمديته - بكلا معنييه - تكون من جهة استنادنا إليه ، وباقي الأوصاف يكون من حيث الجمع بينهما ؛ أي من ملاحظة هويته التي هي صرف الكمال لا يمكن أن ينفصل منه شيء ويماثله شيء ، ومن حيث استنادنا الظلّي إليه الذي ينافي الانفصال والتقابل .

* * * * * * * *

ص: 138


1- الإخلاص (112): 3.
2- الإخلاص (112): 4.
فصّ حكمة أحدية في كلمة هودية

[153] فما عرض الضلال عليها إلاّ بالاستعداد التعيّني العلمي المختفي بنور الاستعداد الذاتي الحقّاني الظاهر في عالم الأنوار ؛ لقوّة نوريته .

[شرح فصوص الحكم: 711 ؛ و(ط - الحجري) ص 243]

[153] قوله : «فما عرض الضلال عليها»؛ أي إنّ عروض الضلال بواسطة الاستعداد الذي لتعيّنه في الحضرة العلمية ، إلاّ أنّ هذا الاستعداد مختفٍ بنور الاستعداد الوجودي الحقّاني ؛ لقوّة نورانية هذا الاستعداد الحقّاني ؛ لكونه من السرّ الوجودي .

فإذا ظهر في النشأة العينية وغشيته الغواشي الطبيعية ، احتجب الاستعداد النوراني الحقّاني تحت ظلمة الاستعداد التعيّني ، فصار الحكم للغالب . إلى أن يرد إلى عالم الأنوار ، فيغلب الحقّ على الباطل . فإذا جاء الحقّ زهق الباطل ؛ إنّ الباطل كان زهوقاً(1) .

ص: 139


1- راجع الإسراء (17): 81.

أو [154] "وإن دان لك الحقّ" ، الظاهر في صورتك فقد يتّبع الخلق بحكم المناسبة التي بينك وبينهم في الأرواح والأسماء التي يربّها .

[شرح فصوص الحكم: 713 ؛ و(ط - الحجري) ص 244]

[154] قوله : «وإن دان لك الحقّ الظاهر»؛ أي كما أنّ انقياد الحقّ الظاهر في غيب روحك بكشف أسراره عليك موجب لانقياد طائفة وامتناع طائفة اُخرى ، كذلك إذا دان لك الحقّ الظاهر في صورتك ؛ بأن يكون صورتك الظاهرة التي هي ظهور الحقّ منقادة لباطن روحك ومقهورة تحت حيطته ومطيعة له ؛ فقد يتّبع الخلق . وقد لا يتّبع الخلق . هكذا أفاد شيخنا العارف ، دام ظلّه العالي .

* * * * * * * *

[155] "واعلم : أنّ العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل اللّه مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها ، مع كونها ترجع إلى عين واحدة" .

[شرح فصوص الحكم: 715 ؛ و(ط - الحجري) ص 244]

[155] قوله : «واعلم : أنّ العلوم الإلهية...» إلى آخره .

لمّا كان المقصود في هذا الفصّ بيان حكمة الأحدية الفعلية - أي مقام أحدية الظهور - وهو من علم الأذواق ولا يتحقّق إلاّ به ، شرع في العلوم الإلهية الذوقية .

وهذه هي المسمّاة ب «العلم الأرجل» مأخوذاً من قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالاْءِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ

ص: 140

أَرْجُلِهِمْ)(1) ، واستنتج منه النتيجة المقصودة ؛ أي الأحدية الفعلية .

* * * * * * * *

والعلوم الإلهية ما تكون [156] موضوعه الحقّ وصفاته ، كعلم الأسماء والصفات . . . .

[شرح فصوص الحكم: 715 ؛ و(ط - الحجري) ص 245]

[156] قوله : «موضوعه الحقّ وصفاته...» إلى آخره .

لا يخفى ما فيه ؛ فإنّ العلم الإلهي الذوقي موضوعه الحقّ من حيث ارتباطه بالخلق وارتباط الخلق به ؛ أي من حيث الارتباطين . ومباديه اُمّهات الأسماء ؛ أي الأسماء الذاتية . وباقي المباحث مسائله ، كعلم الأسماء الصفاتي والأسماء الأفعالي وأحكامها ، وارتباطها الناتجة للحضرات الخمسة ، على التفصيل المذكور في محلّه ؛ خصوصاً في «مفتاح الغيب» للمحقّق القونوي .

* * * * * * * *

[157] "ونسوق المجرمين ، وهم الذين استحقّوا المقام الذي ساقهم إليه بريح «الدبور»" .

[شرح فصوص الحكم: 718 ؛ و(ط - الحجري) ص 245]

[157] التي هي من مغرب الطبيعة ، كما أنّ ريح الصباء من مشرق الحقيقة ، كما

ص: 141


1- المائدة (5): 66.

حكي عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أ نّه قال : «نصرت بالصباء واُهلك عاد بالدبور»(1) .

* * * * * * * *

أمّا بالنسبة إلى أهل الملكوت ومن يدخل فيها من الكمّل [158] فليس مشروطاً بذلك .

[شرح فصوص الحكم: 727 ؛ و(ط - الحجري) ص 252]

[158] قوله : «فليس مشروطاً بذلك»؛ أي بالمزاج المعتدل ؛ فإنّه ليس لهم مزاج ، بل وجوداتهم وجودات نورية مجرّدة عاقلة ظاهرة فيها الحياة والعلم ، بل وجودهم علم كلّه وقدرة كلّه . وليس المراد من «الكمّل» في قوله : «ومن يدخل فيها من الكمّل» أشخاص الأناسي من الكمّل ، بل الموجودات الكاملة الملكوتية ، كما لا يخفى .

* * * * * * * *

"وعذبات الأسواط [159] والأفخاظ"(2) كما جاء في الحديث النبوي .

[شرح فصوص الحكم: 727 ؛ و(ط - الحجري) ص 252]

[159] «والافحاط» الظاهر كونه بالقاف والحاء والطاء المهملتين؛ بمعنى

ص: 142


1- بحار الأنوار 11: 363 / 26؛ المسند، أحمد بن حنبل 1: 223.
2- الصحيح «الأفخاذ» كما في النسخ المصحّحة من شرح فصوص الحكم المنابع الحديثية، لكن أدرجنا «الأفخاظ» عن النسخة التي كانت بيد الإمام الخميني قدس سره حفظاً للأمانة. وقد أوردها الإمام مهملة بلا أيّة نقطة ثمّ بيّن ضبطها بما ذكر. راجع: سنن الترمذي 3: 322 / 2272؛ المسند، أحمد بن حنبل 10: 264 / 11731.

الضرب الشديد . وأمّا ما ذكر فلم نجد في اللغة مادّته .

وكيف كان : فمراده أنّ الهياكل الخاصّة يدرك عذبات الأسواط .

* * * * * * * *

[160] "إلاّ أنّه تعالى وصف نفسه بالغيرة ، ومن غيرته حرّم الفواحش. . ." .

[شرح فصوص الحكم: 728 ؛ و(ط - الحجري) ص 252]

[160] قوله : «إلاّ أنّه تعالى وصف . . .» إلى آخره ، استثناء من كلماته السابقة المصرّحة بأ نّه تعالى عين الطريق والمسافر ؛ فإنّ هذا من الفواحش التي حرّمها اللّه تعالى من غيرته ، لا نطق الجلود والأيدي والأرجل . كذا أفاد الاُستاذ ، دام ظلّه .

ويدلّ على ذلك قوله : «فلمّا حرّم الفواحش...» إلى آخر كلامه ، كما لا يخفى .

* * * * * * * *

وقوله : "هي" راجع إلى الحقيقة ، [161] والمراد بها الحقّ ، أطلقها عليه لأنّه حقيقة الحقائق كلّها .

[شرح فصوص الحكم: 729 ؛ و(ط - الحجري) ص 253]

[161] قوله : «والمراد بها الحقّ...» إلى آخره .

لا وجه لذلك ، بل ضمير المذكّر في قوله : «أ نّه» راجع إلى الحقّ تعالى . والحقّ وإن كان حقيقة الحقائق ، لكن غير مناسب لأن يراد من «حقيقة ما ذكره» الحقّ تعالى شأنه .

* * * * * * * *

ص: 143

[162] "فحفظه تعالى للأشياء كلّها حفظه لصورته" .

[شرح فصوص الحكم: 734 ؛ و(ط - الحجري) ص 256]

[162] قوله : «فحفظه للأشياء...» إلى آخره .

وإنّما ورد : «إنّ اللّه خلق آدم على صورته»(1) دون سائر الأشياء ؛ فإنّه مظهر الاسم الجامع الإلهي . فهو صورة الحقّ على ما هي عليه من الأسماء الحسنى والأمثال العليا .

وأمّا غيره فليس مظهراً تامّاً إلاّ في نظر الاستهلاك ، فهو ينافي الكثرة ومقام الفرق ، وهذا لسان الفرق بوجهٍ لا الجمع المطلق .

* * * * * * * *

[163] "ولهذا الكرب تنفّس ، فنسب النفس إلى الرحمان" .

[شرح فصوص الحكم: 735 ؛ و(ط - الحجري) ص 257]

[163] قوله : «ولهذا الكرب...» إلى آخره .

الكرب والكربة : الغمّ الذي يأخذ بالنفس ؛ فيوجب التنفّس . شبّه اجتماع الحقائق الإلهية والأسماء الربوبية والأعيان الثابتة وتراكمها في الحضرة العلمية الكمالية للظهور المستتبع له بالفيض المقدّس الإطلاقي ، باجتماع الهواء المحبوس في الرئة الموجب للتنفّس المستتبع له .

* * * * * * * *

ص: 144


1- الكافي 1: 104 / 4.

والنفس عبارة عن الوجود العالم المنبسط على الأعيان عيناً ، وعن الهيولى الحاملة لصور الموجودات . [164] والأوّل مرتّب على الثاني .

[شرح فصوص الحكم: 736 ؛ و(ط - الحجري) ص 257]

[164] قوله : «والأوّل مرتّب على الثاني».

فإنّ الهيولى الكلّي مقام القابلية الحاصلة بالفيض الأقدس ، والوجود المنبسط مترتّب عليها ، كما قال الشيخ فيما سبق : «والقابل من فيضه الأقدس»(1) .

* * * * * * * *

[165] "إذ هو الظاهر وهو باطنها ؛ إذ هو الباطن" .

[شرح فصوص الحكم: 736 ؛ و(ط - الحجري) ص 257]

[165] قوله : «إذ هو الظاهر، وهو باطنها» استدلال بقوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالاْخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ)(2) على ما هو بصدد تحقيقه من أنّ العالم ظاهر الحقّ ؛ فإنّ الظهور إذا اختصّ بالحقّ وكذا البطون ، لم يكن لأحد ظهور ولا بطون . فيكون صور الخلائق ظهور الحقّ لا ظهورها ، وباطنها بطونه لا بطونها . فالعالم غيب ما ظهر ، والحقّ ظاهر ما غاب . والغيب بمعنى عدم الوجود مطلقاً ، لا وجود غيبي باطني .

* * * * * * * *

ص: 145


1- اُنظر فصوص الحكم: 49؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 335.
2- الحديد (57): 3.

[166] "فالآخر عين الظاهر ، والباطن عين الأوّل" .

[شرح فصوص الحكم: 737 ؛ و(ط - الحجري) ص 257]

[166] قوله : «فالآخر عين الظاهر» .

وبنظر آخر : الظاهر عين الباطن ، والأوّل عين الآخر . فهو ظاهر من حيث هو باطن وبالعكس ، وأوّل من حيث هو آخر وبالعكس .

* * * * * * * *

كذلك النفس الرحماني إذا وجد في الخارج [167] وحصل له التعيّن يسمّى ب «الجوهر» .

[شرح فصوص الحكم: 737 ؛ و(ط - الحجري) ص 257]

[167] قوله : «وحصل له التعيّن» ، بل نفس النفس الرحماني هو جوهر الجواهر ؛ فإنّ الاستقلال كلّ الاستقلال له ، وتعيّناته هي العوارض المكتنفة به .

* * * * * * * *

كما جاء في الحديث الصحيح : «إنّ الحقّ يتجلّى يوم القيامة للخلق [168] في صورة منكرة ؛ فيقول : أنا ربّكم الأعلى . فيقولون : نعوذ باللّه منك! فيتجلّى في صورة عقائدهم؛ فيسجدون له» .

[شرح فصوص الحكم: 741 ؛ و(ط - الحجري) ص 259]

[168] قوله : «في صورة منكرة» ؛ أي غير معروفة لديهم ، فينكرونه فإنّه خلاف ما توهّموه ، فيتجلّى على صور عقائدهم ، فيقبلونه ولا ينكرونه ، حتّى أنّ

ص: 146

النملة توهّم : أنّ له زبانيتين(1) .

وهذا الحديث يكون من طرق العامّة(2) ، لا الخاصّة على الظاهر .

* * * * * * * *

"ولكن لا تقل هو هاهنا فقط ، بل قف عند ما أدركت ، وألزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام ، [169] وألزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصّة" .

[شرح فصوص الحكم: 746 ؛ و(ط - الحجري) ص 262]

[169] قوله : «وألزم الأدب . . .» إلى آخره ؛ أي ألزم الأدب بحسب ظاهر الشريعة في الاستقبال شطر المسجد الحرام ، وألزم الأدب بحسب باطنها وبحسب العمل القلبي في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية .

وقد ورد في أخبار أهل البيت علیهم السلام التمسّك بالآية الشريفة لإتيان النافلة في السفينة ، كرواية زرارة المروية عن «تفسير العيّاشي»(3) وغيرها(4) .

ص: 147


1- شرح اُصول الكافي، صدر المتأ لّهين 3: 133؛ علم اليقين 1: 74؛ بحار الأنوار 66: 293.
2- اُنظر تفسير الطبري 12: 199 / 34685؛ المستدرك على الصحيحين 4: 582؛ وانظر أيضاً: صحيح البخاري 6: 374 / 1007؛ و9: 799 / 2239؛ صحيح مسلم 1: 217 / 302.
3- تفسير العيّاشي 1: 56 / 81.
4- اُنظر وسائل الشيعة 4: 332 و333، كتاب الصلاة، أبواب القبلة، الباب 15، الحديث 18 و19 و23.

"وكلّ مصيب مأجور ، وكلّ مأجور سعيد ، وكلّ سعيد مرضيّ عند ربّه ، [170] وإن شقي زماناً في الدار الآخرة" .

[شرح فصوص الحكم: 746 ؛ و(ط - الحجري) ص 262]

[170] قوله : «وإن شقي . . . » إلى آخره ، بدخول النار ، وكونه معذّباً . والمرجع هو الرحمة على مذاقه ، كما نقل عن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : «ويشفع أرحم الراحمين عند المنتقم»(1) .

فالشقاء في زمان لا ينافي السعادة ، كما الأمر كذلك في ابتلاء أهل السعادة في الحياة الدنيا بالأمراض والبليات .

بل التعذيب ليس شقاء في الحقيقة ؛ فإنّ دار الجحيم دار الشفاء الإلهي بالنسبة إلى العصاة من الموحّدين قطعاً ؛ لخلوصهم فيها عن الأمراض النفسانية والكدورات الظلمانية . وبالنسبة إلى الجميع على طريقته ؛ من كون المرجع هو الرحمة ، وسبق الرحمة الغضبَ .

* * * * * * * *

ص: 148


1- اُنظر المسند، أحمد بن حنبل 10: 297 / 11837؛ صحيح مسلم 1: 219 / 302؛ الفتوحات المكّية 3: 175 و440.
فصّ حكمة فتوحية في كلمة صالحية

[171] وإنّما سمّي الأوسط ب «العلّة» لأنّه كالعلّة الصورية للقياس ، بل علّة حصول النتيجة .

[شرح فصوص الحكم: 756 ؛ و(ط - الحجري) ص 267]

[171] ما هو بمنزلة العلّة الصورية في القياس هو الترتيب المخصوص والهيئة المخصوصة ، لا الحدّ الأوسط . فالأولى : الاقتصار بقوله : «بل علّة حصول النتيجة» .

* * * * * * * *

[172] "والحقّ ما أضافه إلاّ إلى الشيء الذي قيل له : «كُن»" .

[شرح فصوص الحكم: 756 ؛ و(ط - الحجري) ص 267]

[172] قوله : «والحقّ ما أضافه» .

ليس مراده قصر التكوين إلى العبد ، كما هو ظاهر كلمة «ما» و«إلاّ» ، بل المقصود رفع قصر النسبة إلى اللّه تعالى ، وإلاّ تكون النتيجة غير صادقة .

ص: 149

فالنتيجة الصادقة حفظ النسبتين .

وكان حقّ العبارة أن يقول : والحقّ أضافه إلى الشيء الذي قيل له «كن» .

* * * * * * * *

فإنّ الأسماء والصفات الإلهية ليست من العالم ؛ لكونها غير موجودة في الخارج ، [173] مع أنّها في فيضانها من اللّه تحتاج إلى سبب .

[شرح فصوص الحكم: 758 ؛ و(ط - الحجري) ص 268]

[173] قوله : «مع أ نّها في فيضانها..» إلى آخره .

ما ذكره الشارح غير مطابق للواقع ولا لمراد الشيخ .

أمّا الأوّل ، فلأنّ الأسماء والصفات ليست موجودات بوجودات زائدة حتّى تحتاج إلى السبب . اللهمّ إلاّ أن يحمل على عالم الجبروت ؛ فإنّها يطلق عليه أيضاً ، إلاّ أ نّها من العالم في نظر الكثرة ، ونظر الاحتياج إلى السبب نظر الكثرة لا الوحدة .

وأمّا الثاني ، فلأنّ مراد الشيخ ما ذكره الشارح في شرح قوله : «أعني الحكم» لا ما ذكره هاهنا . والعجب منه كيف جمع في الشرح بين هذين المعنيين المختلفين .

* * * * * * * *

ص: 150

إذ لا يمكن حمل الحكم هنا على النسبة الحاصلة بين الموضوع والمحمول ؛ [174] لأنّها لا توصف بأنّها أعمّ من طرفيها أو أخصّ أو مساوٍ .

[شرح فصوص الحكم: 758 ؛ و(ط - الحجري) ص 268]

[174] قوله : «لأنّها لا توصف»؛ فإنّها معنىً حرفي آلي لا يكون محكوماً عليها وبها ، ولأنّها مندكّة في طرفيها ، فيكون تابعة لهما . إلاّ أن يلحظ بلحاظ استقلالي ، فيحكم عليها وبها .

* * * * * * * *

اللهمّ إلاّ أن يقال : هذا المثال مثال المساواة ، [175] فحينئذٍ يكون صحيحاً .

[شرح فصوص الحكم: 759 ؛ و(ط - الحجري) ص 268]

[175] قوله : «فحينئذٍ يكون صحيحاً».

حَمْل المثال - أي كلّ حادث فله سبب - على المساواة ، وإن يجعل المثال صحيحاً ، إلاّ أنّه مع ذلك لا يجوز حمل عبارة المتن على السبب الذي في المثال ؛ فإنّ لازمه جواز أعمّية الحكم عنه - ولو في مثال آخر - وهو لا يمكن .

* * * * * * * *

ص: 151

ص: 152

فصّ حكمة قلبية في كلمة شعيبية

وإنّما تسمّى بالقلب لتقلّبها بين العالم العقلي المحض وعالم النفس المنطبعة ، وتقلّبها في [176] وجوهها الخمسة التي لها إلى العوالم الكلّية الخمسة .

[شرح فصوص الحكم: 763 ؛ و(ط - الحجري) ص 270]

[176] قوله : «وجوهها الخمسة».

أحدها : ما يواجه الحقّ ، وهو الوجهة الخاصّة التي لكلّ شيء بالنسبة إلى الحقّ المشار إليه بقوله تعالى : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا)(1) .

وثانيها : ما يواجه به عالم المجرّدات والأرواح .

وثالثها : ما يواجه به عالم المثال .

ورابعها : ما يواجه به عالم الشهادة .

وخامسها : ما يواجه به إلى مقام أحدية الجمع . والقلب المختصّ بهذه المرتبة

ص: 153


1- البقرة (2): 148.

هو القلب التقيّ النقيّ الذي له النقطة الوسطية بين الأسماء الظاهرة والباطنة الغير المحجوب عن أحكامها وأوصافها .

* * * * * * * *

وليس المراد هنا ب «الرحمة» الوجود ؛ [177] إذ القلب ليس أوسع من الوجود .

[شرح فصوص الحكم: 764 ؛ و(ط - الحجري) ص 271]

[177] قوله : «إذ القلب ليس أوسع من الوجود».

هذا بلسان العموم ، وإلاّ فالقلب أوسع من الوجود ؛ فإنّ الوجود هو الوجود المنبسط ، وقلب الختمي أوسع منه ؛ فإنّه وصل إلى مقام «أو أدنى» ، وهو مقام الاتّصال بالأحدية .

* * * * * * * *

والفرق بين الاُلوهية والربوبية : [178] أنّ الاُلوهية حضرة الأسماء كلّها - أسماء الذات والصفات والأفعال - والربوبية حضرة أسماء الصفات والأفعال فقط .

[شرح فصوص الحكم: 768 ؛ و(ط - الحجري) ص 272]

[178] قوله : «أنّ الاُلوهية...» إلى آخره .

«الربّ» كما أنّه من أسماء الصفات والأفعال ، فكذلك أ نّه من أسماء الذات إذا

ص: 154

اُخذ بمعنى الثابت كما نقل عن الشيخ(1) . فعلى هذا : يكون بينهما المساواة .

ويمكن أن يقال : إنّ الفرق بين الاُلوهية والربوبية - بعد اشتراكهما في كونهما من أسماء الأفعال ، كما هو التحقيق عندنا - أنّ الاُلوهية أشمل من الربوبية ؛ فإنّ الثاني يختصّ بما يحتاج إلى التربية ، كعالم الطبيعة والهيولائيات ، بخلاف الأوّل .

* * * * * * * *

[179] ولمّا كان التجلّي بحسب استعداد المتجلّى له فالقلب الذي يسع الحقّ لا يكون إلاّ لمن له استعداد جميع التجلّيات الإلهية الذاتية والأسمائية .

[شرح فصوص الحكم: 771 ؛ و(ط - الحجري) ص 274]

[179] قوله : «ولمّا كان التجلّي بحسب استعداد...» إلى آخره .

لا يخفى : أنّ الشيخ في هذا المقام ليس بصدد بيان أنّ التجلّي على مقدار استعداد المتجلّى له ، بل هو في مقام بيان أنّ التجلّي يسع القلب ؛ «ولا يسعني أرضي ولا سمائي، بل يسعني قلب عبدي المؤمن».

وبعبارة اُخرى : هذا بيان التجلّي بالفيض الأقدس الذي منه الاستعداد ، والتجلّي بالفيض المقدّس على حسب الاستعداد ، كما صرّح بذلك في قوله : «وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة»(2) .

* * * * * * * *

ص: 155


1- اُنظر إنشاء الدوائر: 28.
2- اُنظر فصوص الحكم: 120؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 773.

"وليست نفسه بغير لهوية الحقّ ، ولا شيء من الكون ممّا هو كائن ويكون بغير لهوية الحقّ ، [180] بل هو عين الهوية" .

[شرح فصوص الحكم: 781 ؛ و(ط - الحجري) ص 280]

[180] قوله : «بل هو عين الهوية»؛ أي أ نّه في نظر الوحدة هو العارف والعالم والمنكر ؛ فإنّ العالم - عارفه ومنكره - صورة تجلّياته تعالى ، وهو الظاهر في كلّ شيء .

* * * * * * * *

"فإذا انكشف الغطاء انكشف لكلّ أحد بحسب معتقده ، [181] وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم" .

[شرح فصوص الحكم: 785 ؛ و(ط - الحجري) ص 283]

[181] قوله : «وقد ينكشف...» إلى آخره ؛ أي إذا انكشف الغطاء قد ينكشف بخلاف المعتقد في الحكم - وهو أكثري - وقد ينكشف بخلاف المعتقد في الهوية ، وهو أقلّي .

* * * * * * * *

[182] "وقد ذكرنا صورة الترقّي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب «التجلّيات» لنا" .

[شرح فصوص الحكم: 786 ؛ و(ط - الحجري) ص 284]

[182] قوله : «وقد ذكرنا صورة الترقّي...» إلى آخره .

اعلم : أنّ الترقّي في البرازخ والدار الآخرة ليس من سنخ الترقّي في الدنيا ؛

ص: 156

فإنّ الدنيا دار الهيولى والاستعداد ، وبه دارت الترقّيات الجوهرية والاستكمالات الذاتية والنفسية . وأمّا ترقّيات دار الآخرة - المعبّر عنها بزيادة الدرجات مثلاً - وكذلك التي وقعت في البرازخ فتكون بإلقاء الغرائب والحجب والكدورات والهيئات المظلمة بضَغْطة القبر والتعذيبات ، نعوذ باللّه منها . فتحصل التجلّيات بعد صفاء المرآة ، وتقع الشفاعة الكبرى التي من الشفع .

وتحقيق هذا المقام من مهمّات علم السلوك والمعرفة ، وليس هذا المقام يسعه .

* * * * * * * *

"وأمّا الأشاعرة : فما علموا أنّ [183] العالم كلّه مجموع أعراض ، فهو يتبدّل في كلّ زمان" .

[شرح فصوص الحكم: 793 ؛ و(ط - الحجري) ص 287]

[183] قوله : «العالم كلّه مجموع الأعراض».

تحقيق كون العالم مجموع الأعراض يظهر لمن نظر إلى حقيقة الوجود المنبسط التي بها ظهرت الأشياء ، وكون الأشياء تعيّناتها ؛ فإنّ الماهيات لا قيام لها بذاتها ، بل قيامها بقيّومها المطلق .

بل التحقيق : أنّ الوجود المنبسط أيضاً عرض قائم بالحقّ ، وإن كان قيامه به تعالى غير قيام الماهيات به ، تدبّر تعرف .

* * * * * * * *

ص: 157

فإنّهم [184] إذا حدّوا الإنسان بالحيوان الناطق ، والحيوان بالجسم الحسّاس المتحرّك بالإرادة . . . .

[شرح فصوص الحكم: 793 ؛ و(ط - الحجري) ص 288]

[184] قوله : «إذا حدّوا الإنسان...» إلى آخره .

ما ذكره إلى آخره خلاف التحقيق الحِكمي ، بل العرفاني ؛ فإنّ الجوهرية المصطلحة عند الحكيم لا ينافي العرضية المصطلحة عند أهل اللّه ؛ فإنّ الماهيات لا حقيقة لها ، فضلاً عن قيامها بذاتها ، فهي قائمة بذات مبدئها . ولا يحتاج إلى هذا التطويل الذي ذكره الشارح . بل التحقيق يقتضي خلاف ما ذكر الشيخ أيضاً .

* * * * * * * *

"ويرون أيضاً - شهوداً - أنّ كلّ تجلٍّ يعطي خلقاً جديداً ، ويذهب بخلق ، [185] فذهابه هو الفناء عند التجلّي" .

[شرح فصوص الحكم: 795 ؛ و(ط - الحجري) ص 289]

[185] قوله : «فذهابه هو الفناء».

ليس الفناء هو العدم ، بل الرجوع من الملك إلى الملكوت . ففي كلّ آنٍ يظهر التجلّي من الملكوت النازل إلى الملك ، ومن الملك إلى الملكوت الصاعد . فدار الوجود بشراشره - ملكه وملكوته - دائم التبدّل والتجدّد ؛ فالعالم حادث في كلّ آنٍ من العقل إلى الهيولى ، تدبّر .

* * * * * * * *

ص: 158

فصّ حكمة مَلكية في كلمة لوطية

[186] والحكمة في هذه الغلبة واختفاء القوى الروحانية تكميل النشأتين وتحصيل السعادتين ؛ لأنّ الربّ كما يربّ الظاهر في ذلك الزمان يربّ الباطن أيضاً .

[شرح فصوص الحكم: 800 ؛ و(ط - الحجري) ص 291]

[186] أي زمان غلبة الأحكام العنصرية يربّ الباطن أيضاً ؛ إمّا بالاسم الباطن أو بالاسم الظاهر ؛ فإنّ الأسماء لها أحدية الجمع ، أو بالاسم الحاكم على ذلك النبيّ ؛ فإنّ الاسم الحاكم على النبيّ له أحدية الجمع على حسب حيطة النبيّ وسِعَة استعداده .

* * * * * * * *

"فإن قلت : فما يمنعه من الهمّة المؤثّرة ، وهي موجودة في السالكين من الأتباع ، والرسل أولى بها؟

ص: 159

قلنا : صدقت ، ولكن نقصّك علم آخر ؛ وذلك [187] أنّ المعرفة لا تترك الهمّة تصرّفاً" .

[شرح فصوص الحكم: 801 ؛ و(ط - الحجري) ص 291]

[187] قوله : «أنّ المعرفة لا تترك الهمّة...» إلى آخره .

وأمّا إظهار المعجزات على أيدي الأنبياء ؛ فلأنّ الاحتياج دعاهم إلى ذلك ، بل هو لبسط ربوبية الحقّ ، لا لإظهار قدرتهم ؛ ولذا كان ديدنهم بحسب الغالب التوجّه الظاهري أيضاً إلى اللّه تعالى .

* * * * * * * *

ص: 160

فصّ حكمة قدرية في كلمة عزيرية

فأشهده اللّه في نفسه وحماره ذلك [188] بإماتتهما وإحيائهما ، كمال قال : (فَأَمَاتَهُ اللّه ُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ)(1) إظهاراً للقدرة على الإعادة .

[شرح فصوص الحكم: 813 ؛ و(ط - الحجري) ص 298]

[188] قوله : «بإماتتهما وإحيائهما...» إلى آخره .

قال شيخنا العارف الكامل - مدّ ظلّه - : «يمكن أن يقال : إنّ علاقة الروح بعد الموت باقية بالنسبة إلى البدن ؛ فإنّه دار قراره ونشوه ومادّة ظهوره ، فعليه فلا إشكال في إحياء الموتى في هذا العالم .

ويمكن أن يقال : إنّ الإحياء عبارة عن التمثّل ببدنه الحسّي أو المثالي المنتقل معه في هذا العالم ، كما الأمر كذلك في الرجعة ؛ أي تصحيحه بأحد الوجهين» .

أقول : ما ذكره أوّلاً قد أشار إليه السيّد المحقّق الداماد - قدّس اللّه نفسه - في

ص: 161


1- البقرة (2): 259.

رسالة فارسية منسوبة إليه(1) راجعة إلى سرّ زيارة الأموات ؛ فقال - على ما ببالي - ما ترجمته : أنّ للنفس علاقتين بالبدن : علاقة صورية ، وعلاقة مادّية . والموت يوجب سلب العلاقة الصورية لا المادّية ؛ ولهذا شرّع زيارة الأموات .

* * * * * * * *

قد مرّ في المقدّمات : أنّ [189] العلم في المرتبة الأحدية عين الذات مطلقاً .

[شرح فصوص الحكم: 814 ؛ و(ط - الحجري) ص 299]

[189] قوله : «العلم في المرتبة الأحدية...» إلى آخره .

إن كان المراد بالمرتبة الأحدية ما هي المعروف من مرتبة الذات الغيبية فهي لا اسم لها ولا رسم ، فلا يعتبر في هذه المرتبة صفة حتّى يقال : عين أو غير . وما مرّ في المقدّمات أيضاً كذلك ؛ فإنّ الوجود بشرط لا لا يتّصف بالعلم ، ولا بغيره من الصفات .

نعم ، المرتبة الأحدية في اصطلاح آخر غير مرتبة الذات من حيث هي - التي لا يتّصف بصفة - كما أشار إليه صاحب «مصباح الاُنس» في أوّل كتابه(2) . وعليه : يكون مرتبة الأحدية هي مرتبة الذات مع تعيّنها بالأسماء الذاتية . ويمكن جعل العلم بالذات منها .

* * * * * * * *

ص: 162


1- لم نعثر على هذه الرسالة، لكن راجع: القبسات: 455 - 456.
2- اُنظر مفتاح الغيب: 35؛ مصباح الاُنس: 332.

"وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهر (لِمَنْ كَانَ [190] لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ»)(1) .

[شرح فصوص الحكم: 815 ؛ و(ط - الحجري) ص 299]

[190] قوله : «له قلب»؛ أي قلب أحدي جمعي متّصل بعالم الأسماء مطّلع بالأعيان الثابتة في الحضرة العلمية .

* * * * * * * *

فإنّ النبي إذا اطّلع عليه [191] لا يقدر على الدعوة وإجراء أحكام الشريعة على الاُمّة .

[شرح فصوص الحكم: 820 ؛ و(ط - الحجري) ص 300]

[191] قوله : «لا يقدر على الدعوة...» إلى آخره .

ليس الاطّلاع على سرّ القدر مانعاً عن الدعوة وإجراء أحكام الشريعة ؛ فإنّ ذلك أيضاً من سرّ القدر . فعين العاصي يقتضي العصيان ويقتضي إجراء الحدّ عليها ، وعين النبيّ يقتضي الدعوة وتبليغ الحجّة .

فالنبيّ يبلغ الحجّة بمقتضى عينه الثابتة ، والعاصي يعصي بمقتضى عينه الثابتة ، ويقتضي عينه إجراء الحدود عليه .

* * * * * * * *

ص: 163


1- ق (50): 37.

[192] فضمير "فيها" عائد إلى القدرة .

[شرح فصوص الحكم: 830 ؛ و(ط - الحجري) ص 306]

[192] لا وجه لعود الضمير إلى القدرة كما لا يخفى ، ولعلّه من سهو قلم الناسخ . ويمكن إرجاع الضمير إلى غير اللّه باعتبار عينه الثابتة .

* * * * * * * *

وإنّما اُطلق اسم الفلك عليها لأنّها حقيقة محيطة لكلّ من يتّصف بالنبوّة والرسالة والولاية ، كإحاطة الأفلاك لما تحتها من الأجسام ؛ [193] ولكون الولاية عامّة شاملة على الأنبياء والأولياء .

[شرح فصوص الحكم: 832 ؛ و(ط - الحجري) ص 308]

[193] قوله : «ولكون الولاية عامّة...» إلى آخره .

أقول : لمّا كان مدار الرسالة على الاحتياجات الملكية من السياسات والمعاملات والعبادات ، وهي من الاُمور الكونية منقطعة بانقطاعه ، فلا محالة تنقطع هي أيضاً ، بل بالتشريع التامّ المتكفّل لجميع الاحتياجات ، كتشريع نبيّنا صلی الله علیه و آله وسلم ، بخلاف الولاية فإنّ حقيقتها تحصل بالقرب أو نفس القرب التامّ ، وهو غير منقطع ، كما لا يخفى .

* * * * * * * *

ص: 164

[194] "وهذا الحديث قصَم ظهور أولياء اللّه ؛ لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامّة" .

[شرح فصوص الحكم: 832 ؛ و(ط - الحجري) ص 308]

[194] قوله : «وهذا الحديث قصم. . .» إلى آخره .

اعلم : أنّ الأولياء الكاملين مع كون مقام ولايتهم أتمّ وأكمل من مقام عبوديتهم - فإنّ الولاية التامّة إفناء رسوم العبودية ، فهي الربوبية التي هي كنه العبودية - إلاّ أنّ الظهور بالربوبية التي هي من مختصّات الحقّ - جلّ وعلا - كان من أصعب الاُمور عليهم ؛ فإنّ مقام العبد الكامل هو التذلّل بين يدي سيّده . وإظهار المعجزات في بعض الأحيان - في الحقيقة - إظهار ربوبية الحقّ في المظهر الكامل .

* * * * * * * *

[195] ولا تجتمع هذه النبوّة العامّة والتشريع الموروث في شخص واحد .

[شرح فصوص الحكم: 835 ؛ و(ط - الحجري) ص 309]

[195] قوله : «ولا تجتمع هذه النبوّة . . . » إلى آخره ؛ أي لا تجتمع النبوّة العامّة التي هي الإنباء عن الحقائق والمعارف بمرتبتها الكاملة المنطبقة على الوليّ الخاصّ ، مع التشريع الموروث الذي هو الاجتهاد في شخص واحد ؛ فإنّ الوليّ الخاصّ يأخذ الأحكام عن معدن أخذ النبيّ منه وينكشف الأحكام عنده بواسطة التبعية ، والنبيّ ينكشف لديه بالأصالة .

ص: 165

ص: 166

فصّ حكمة نبوية في كلمة عيسوية

وغيره لا يتّصف بالولاية والإنباء إلاّ عند تحصيل شرائطها ، [196] كما أنّ نبيّنا - صلّى اللّه عليه وسلّم - نبيّ أزلاً بالنبوّة التشريعية .

[شرح فصوص الحكم: 844 ؛ و(ط - الحجري) ص 314]

[196] قوله : «كما أنّ نبيّنا نبيّ أزلاً...» إلى آخره .

فإنّ عينه الثابتة جامعة لجميع أعيان الموجودات ؛ منهم المشرّعين علیهم السلام . فأعيانهم مظاهر عينه صلی الله علیه و آله وسلم في الحضرة العلمية ، وأعيانهم الخارجية مظاهر هويته التي هي الفيض المقدّس والنفس الرحماني ، وكلّ الشرائع مظاهر شريعته . فهو خليفة اللّه أزلاً وأبداً ، كما أنّه نبيّ ورسول كذلك .

ولقد أفردنا - بحمد اللّه - رسالة في تحقيق سريان الخلافة والنبوّة ، وتفرّدنا فيها بتحقيقات أنيقة(1) ؛ فضلاً من اللّه تعالى وليّ الهداية .

* * * * * * * *

ص: 167


1- وهي: «مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية».

واعلم : [197] أنّ الأرواح المهيّمة التي منها العقل الأوّل... .

[شرح فصوص الحكم: 849 ؛ و(ط - الحجري) ص 316]

[197] ليس العقل الأوّل من الأرواح المهيّمة ؛ فإنّ الملائكة المهيّمين مستغرقون في بحار أنوار جمال المحبوب ، لا يفترون عنه طرفة عين ، ولا يعلمون أنّ اللّه خلق خلقاً ، بل لا ينظرون إلى أنفسهم وكمالات أنفسهم .

ولا بدّ في صيرورة العقل واسطة للإفاضة أن لا يكون بهذه المثابة ، كما هو المقرّر في محلّه(1) .

* * * * * * * *

"فلمّا قال لها : (إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) جئت (لِأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً)(2)

[198] انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها" .

[شرح فصوص الحكم: 854 ؛ و(ط - الحجري) ص 318]

[198] قوله : «انبسطت عن ذلك...» إلى آخره .

وإنّما قبلت مريم سلام الله علیها قوله بمجرّد الإظهار وانبسطت من قوله ؛ إمّا لما ذكره الشارح ، أو لحصول الروح المعنوي لها منه ، أو لكليهما .

* * * * * * * *

ص: 168


1- اُنظر الشفاء، الإلهيات: 528 - 534؛ مجموعه مصنّفات شيخ إشراق، حكمة الإشراق 2: 126 - 135؛ الحكمة المتعالية 7: 192 - 281؛ المبدأ والمعاد، صدر المتأ لّهين: 138 - 141.
2- مريم 19: 19.

لمّا كان وجود عيسى علیه السلام بالنفخ الجبرئيلي بلا واسطة أبٍ بشري ، وروحه فائضاً من الحضرة الإلهية بلا واسطة روح من الأرواح

[199] أو اسم من الأسماء ، حصل في الوجود الخارجي متّصفاً بالصفة الإلهية .

[شرح فصوص الحكم: 857 ؛ و(ط - الحجري) ص 321]

[199] قوله : «أو اسم من الأسماء» ؛ أي اسم خاصّ من الأسماء ، بل بتوسّط الاسم الجامع . وإلاّ فالفيض من الحضرة الإلهية بلا توسّط اسم مطلقاً غير مفاضٍ ؛ فإنّ الذات من حيث هي ، بل من حيث مقامها الأحدي غير مربوط بالخلق ، ولم يكن منشأً للآثار والفيوضات . وقد أشبعنا التحقيق في ذلك في رسالتنا الموسومة ب «مصباح الهداية»(1) .

* * * * * * * *

وإذن اللّه لعبده في الإتيان بخوارق العادات قسمان : [200] ذاتي قديم ، وعرضي حادث .

[شرح فصوص الحكم: 859 ؛ و(ط - الحجري) ص 322]

[200] قوله : «ذاتي قديم...» إلى آخره .

قال شيخنا الاُستاد : «الذاتي القديم كإذن اللّه للعين الثابتة الأحمدية ؛ لإحاطته بجميع الأعيان ، وكون سائر الأعيان مندكّة فيه فانية في حضرته .

ص: 169


1- اُنظر مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، المشكاة الاُولى، مصباح 3، 7، 13، 15، 38 و40.

والعرض غير ذلك» .

أقول : ليس المراد ذلك ، بل المراد : أنّ القابليات لمّا كانت بالفيض الأقدس في النشأة العلمية - كما قال الشيخ : «والقابل من فيضه الأقدس»(1) - كان الإذن في تلك النشأة إذناً ذاتياً قديماً تبعاً للتجلّي الذاتي القديم . وأمّا الوجود المفاض بالفيض المقدّس على الأعيان في النشأة العينية فعارض حادث ؛ فالإذن عرض حادث تابع .

والفرق بين ما ذكرنا وبين ما أفاد شيخنا - دام ظلّه - واضح ، كما لا يخفى .

* * * * * * * *

[201] وفيه سرّ آخر يظهر لمن عرف أحوال الكمّل ودرجاتهم .

[شرح فصوص الحكم: 861 ؛ و(ط - الحجري) ص 323]

[201] قوله : «وفيه سرّ آخر».

فإنّ عيسى علیه السلام لمّا بلغ مدارج الكمالات المعنوية حتّى اتّصل قوسه بقوس ولاية رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، يكون تشريع رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم - الذي هو ظهور الولاية ورقيقتها - تشريعه علیه السلام ، فصحّ أن يقال شرع عيسى علیه السلام الجزية .

وأيضاً : لمّا كان لرسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم مقام جمعي إحاطي أحدي تكون شريعته كلّ الشرائع ، فيكون تشريعه تشريع عيسى علیه السلام ، فلذا يكون الإيمان به إيماناً بكلّ الأنبياء روحاً .

ص: 170


1- فصوص الحكم: 49؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 335.

وهذا أحد الاحتمالات في الآية الشريفة الآمرة بالإيمان بالأنبياء(1) ، وجعله من أركان الإيمان ؛ فإنّ الإيمان بالأنبياء ليس مجرّد العلم بوجودهم والتصديق بكونهم صاحب الشريعة ، بل الظاهر منه تحمّل شريعتهم ، كما لا يخفى .

* * * * * * * *

فلا يعلم ماهية كلمة «كن» ؛ [202] لأنّ كلامه عين ذاته ، وماهية الذات غير معلومة لبشر .

[شرح فصوص الحكم: 870 ؛ و(ط - الحجري) ص 327]

[202] قوله : «لأنّ كلامه عين ذاته...» إلى آخره .

قال شيخنا العارف الكامل الشاه آبادي - دام ظلّه العالي - : «ليس هذا الكلام القولي عين الذات ، بل الكلام الذي هو عين - وهو كلام نفسي - عبارة عن إعرابه تعالى عمّا في غيب أحديته - تقدّس وتعالى - بالتجلّي الذاتي على الحضرة الواحدية ، كما أنّ «كن» الذي وقع في قوله تعالى هو «كن» الوجودي الذي هو الفيض المنبسط . فقول الشارح في صدر الصفحة أيضاً مردود» .

أقول : هذا مسلك الحكيم . وأمّا ذوق العارف فيقتضي غير ذلك ؛ فإنّ الكلمات القولية أيضاً تجلّي الذات باسمه الظاهر المتكلّم ، كما أنّ الكلام القولي الأمري له والإطاعة الوجودية لنفس الأعيان ، لا أنّ الإيجاد له تعالى على مسلكه ، كما مرّ(2) .

ص: 171


1- البقرة (2): 136؛ آل عمران (3): 84؛ النساء (4): 171.
2- اُنظر شرح فصوص الحكم، القيصري: 859.

وبالجملة : بين كلماتهم وإن كان وجه جمع ، كما جمع بينها صدر المتألّهين(1) - قدّس اللّه نفسه - وذكرنا سرّ الاختلاف بينها في بعض الرسائل(2) ، إلاّ أنّ مسلكهم أدقّ وأحلى ، ولكن بشرط سلامة الفطرة وعدم اعوجاج السليقة .

* * * * * * * *

[203] وأعطانا ما علم وظهر له من أعياننا ؛ من الإمكان والحدوث والفقر والعجز .

[شرح فصوص الحكم: 875 ؛ و(ط - الحجري) ص 330]

[203] قوله : «وأعطانا».

ليس المراد ما أفاده الشارح ، بل المراد هو البقاء بعد الفناء ؛ أي فأعطيناه ما أعطانا أوّلاً ، فحلّ الفناء في المقامات الثلاثة . فإذا أعطيناه أرجعنا إلى مملكتنا ؛ فصرنا حقّاً وخلقاً .

فقوله : «فكن حقّاً وكن خلقاً»(3) إشارة إلى هذا المقام . وفي المصراعين اللذين بعده أشار إلى كيفية السلوك والوصول .

فيكون حاصل المعنى : كن حقّاً وخلقاً بحيث لا تحجبك الحقّية عن الخلقية ، ولا الخلقية عن الحقّية ؛ فتصير رحمتك رحمة باللّه وبالوجود الحقّاني . وطريق

ص: 172


1- اُنظر الحكمة المتعالية 7: 2 - 19.
2- اُنظر شرح چهل حديث، (اربعين حديث)، الإمام الخميني قدس سره، ذيل الحديث 36؛ آداب الصلوة، الإمام الخميني قدس سره: 311 - 312.
3- فصوص الحكم: 143؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 874.

الوصول إلى هذا المقام الشامخ أن نجعل بالمجاهدات الحقّ غذاء الخلق متخلّلاً فيه تخلّل الغذاء في المتغذّي ؛ فإنّ الحقّ باطن والخلق ظهور الحقّ ؛ أي ترى أنّ الخلق مقام الظهور . فأرجع الظهور إلى البطون ، فأعطه ما أعطاك ؛ فتصير صاحب القلب الجمعي الأحدي .

* * * * * * * *

[204] "فالكلّ في عين النفَس***كالضوء في ذات الغلس"

[شرح فصوص الحكم: 888 ؛ و(ط - الحجري) ص 337]

[204] قوله : «فالكلّ».

والشارح الجامي جعل التشبيه مركّباً ؛ أي كما أنّ النور غير مشهود إلاّ في الظلمة واختلاطه بها ، كذلك النفس لا يشاهد إلاّ بالتعيّنات . وهذا أقرب بالاعتبار ممّا ذكره الشارح ، وإن كان له وجه أيضاً باعتبار أنّ النفس الرحماني في حجاب التعيّنات ، فهو محجوب دائماً بالأسماء والصفات التي هي أعيان الموجودات .

* * * * * * * *

[205] "لأنّه جعل الشهود له" ؛ أي لأنّ عيسى علیه السلام جعل الشهود للحقّ بقوله : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ)(1) ، ومعناه : أنّ الحقّ يرقّبهم

ص: 173


1- المائدة (5): 117.

ويشاهدهم من عين أعيانهم وهم لا يشعرون .

[شرح فصوص الحكم: 898 ؛ و(ط - الحجري) ص 344]

[205] قوله : «لأنّه جعل الشهود له»؛ أي لأنّ عيسى علیه السلام جعل الشهود لنفسه بقوله : (وَكُنتَ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) ، وجعله للحقّ بقوله : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) . هذا مناسب للتفريع بقوله : «فأراد أن يفصّل .. .» إلى آخره ، لا ما ذكره الشارح من عود الضمير إلى الحقّ ، تدبّر .

* * * * * * * *

[206] وأيضاً : التقديم يفيد الحصر ؛ فهو في حقّ الحقّ صادق .

[شرح فصوص الحكم: 899 ؛ و(ط - الحجري) ص 344]

[206] قوله : «وأيضاً : التقديم يفيد الحصر...» إلى آخره .

هذا منه غريب ؛ فإنّ تقديم ما حقّه التأخير يفيد الحصر ، والمتعلّق حقّه التأخير . نعم يستفاد الحصر من ضمير الفصل ، ومن قوله : )كُنْتَ عَلَيْهِمْ شَهِيداً( ؛ أي لا على غيرهم ، كما لا يخفى .

* * * * * * * *

ص: 174

فصّ حكمة رحمانية في كلمة سليمانية

المراد بالحكمة الرحمانية بيان أسرار الرحمتين الصفاتيتين الناشئتين من الرحمتين الذاتيتين [207] المشار إليهما بقوله تعالى : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)(1) .

[شرح فصوص الحكم: 909 ؛ و(ط - الحجري) ص 349]

[207] قوله : «المشار إليهما بقوله تعالى...» إلى آخره .

قال شيخنا العارف الكامل الشاه آبادي - مدّ ظلّه - : «إنّ (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

في قوله تعالى : (بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) صفتان للاسم ، لا للّه تعالى . وهما ليستا من الرحمتين الذاتيتين ؛ فإنّهما مندرجتان في اسم الجلالة» .

فحاصل مفاد التسمية : أنّه بالمشيّة الرحمانية والرحيمية من اللّه تعالى ظهر الحمد ؛ أي عالم الحمد الذي هو العالم العقلي الجبروتي ؛ فإنّ حقيقتها محامد إلهية . وبمشيّته الربوبية ظهر العالمون ؛ أي العالم الملك الذي يكون في صراط التربية والترقّي ، وغاية الترقّي هو الوصول إلى المشيّة الرحمانية والرحيمية ؛

ص: 175


1- النمل (27): 30.

ولذا أعادهما اللّه تعالى في الفاتحة .

وأمّا المشيّة المالكية فهي في مقابلة المشيّة الرحمانية ؛ فإنّها لقبض الوجود ، كما أنّ الرحمانية لبسطه .

وتفسير باقي السورة ليس هنا محلّ ذكره .

* * * * * * * *

[208] وأصل هذا الوجوب قوله تعالى : (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)(1) ؛ أي أوجبها على نفسه .

[شرح فصوص الحكم: 913 ؛ و(ط - الحجري) ص 350]

[208] قوله : «وأصل هذا...» إلى آخره ؛ أي الإيجاب من ذاته تعالى ، لا بتأثير من العبد ؛ فإنّه كتب على نفسه الرحمة من دون سبق تأثير من العبد .

* * * * * * * *

ثمّ نبّه بقوله : "إلاّ أنّه بطن عن إدراك بعض الناس" على أنّ كونه حيواناً ليس باطناً في نفس ذلك الشيء حتّى تكون له الحياة بالقوّة لا بالفعل كباقي الصفات ، بل هو حيوان بالفعل [209] وإن كان باقي صفاته بالقوّة . وظهر في الآخرة كونه حيواناً لكلّ الناس ؛ فإنّها الدار الحيوان .

[شرح فصوص الحكم: 922 ؛ و(ط - الحجري) ص 356]

ص: 176


1- الأنعام (6): 12.

[209] قوله : «وإن كان باقي صفاته بالقوّة...» إلى آخره .

سريان الحقيقة الوجودية والهوية الإلهية المستجمعة لجميع الصفات الكمالية في الأشياء يقتضي أن يكون جميع الأشياء مستجمعاً لجميعها بالفعل ، وإن كان المحجوب لا يدركها .

بل كلّ موجود عند الكمّل اسم أعظم ؛ ولذا ورد عن مولانا أمير المؤمنين(1) أو الصادق عليهما السلام(2) : «ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت اللّه قبله ومعه» . واللّه هو الاسم الجامع لجميع الأسماء والصفات ، وفي هذا المقام لا تفاضل بين الموجودات . ولقد حقّقنا ذلك في شرحنا لبعض الأدعية(3) .

* * * * * * * *

عملت بلقيس ذلك لتعلم وتخبر توابعها "أنّ لها اتّصالاً إلى اُمور لا يعلمون طريقها" ؛ أي إلى أسرار ومعانى من عالم الجبروت والملكوت لا يعلمون طريق الوصول إليها .

" [210] وهذا من التدبير الإلهي في الملك ؛ لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرّفاتهم" .

[شرح فصوص الحكم: 924 ؛ و(ط - الحجري) ص 358]

[210] ليس المراد من تلك الاُمور أسرار الملكوت والجبروت كما لا يخفى ،

ص: 177


1- اُنظر شرح اُصول الكافي، صدر المتأ لّهين 3: 432؛ الحكمة المتعالية 1: 117؛ شرح الأسماء، السبزواري: 516.
2- لقاء اللّه، الملكي التبريزي: 29.
3- اُنظر شرح دعاء السحر: 75 - 102.

بل المراد ما أفاد الشيخ نفسه بقوله : «وهذا من التدبير الإلهي .. .» إلى آخره .

* * * * * * * *

[211] "وإنّما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلاّ من عرفه" .

[شرح فصوص الحكم: 926 ؛ و(ط - الحجري) ص 359]

[211] قوله : «وإنّما كان إعدام وإيجاد...» إلى آخره .

ليس هذا الإعدام إعداماً مطلقاً حتّى يكون الإيجاد من قبيل إعادة المعدوم ، بل الإعدام هو الإدخال تحت الأسماء الباطنة المناسبة ، والإيجاد هو الإظهار من الأسماء الظاهرة المناسبة .

وليس هذا البطون والظهور بطريق الانتقال ؛ فإنّ أفعال الكمّل - التي هي أفعال اللّه - أجلّ من أن يكون للزمان والحركة سلطنة عليها .

ويمكن أن يكون أمثال هذه الأفاعيل بطيّ المكان ، كما أنّه يمكن أن يكون ببسط الزمان ؛ فإنّ العوالم كلّها خاضعة للوليّ الكامل الذي عنده من الاسم الأعظم شيء .

وقد ورد عن موالينا : أنّ عند آصف حرفاً واحداً من الاسم الأعظم ، فتكلّم به ، فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ ، فتناول عرش بلقيس حتّى صيّره إلى سليمان ، ثمّ انبسطت الأرض في أقلّ من طرفة عين . وأ نّه - أي الاسم الأعظم - ثلاثة وسبعون حرفاً ، وعندهم علیهم السلام منه اثنان وسبعون حرفاً ، وحرف عند اللّه استأثر به في علم الغيب(1) .

ص: 178


1- الكافي 1: 230 / 3.

وقد بسطنا الكلام والتحقيق في بعض الرسائل في أطراف الحديث الشريف(1) .

* * * * * * * *

"فإنّ مسألة حصول عرش بلقيس [212] من أشكل المسائل ، إلاّ عند من عرف ما ذكرناه آنفاً في قصّته . . . " .

[شرح فصوص الحكم: 931 ؛ و(ط - الحجري) ص 361]

[212] أقول : ولكونها من أشكل المسائل اشتبه على الشيخ وزعم أ نّه بطريق الإيجاد والإعدام فحسب ؛ أي لا يمكن حصول أمثالها إلاّ بهذا الطريق . فقيّد قدرة الوليّ الذي له من الاسم الأعظم نصيب . فهذا مقدار معرفة هذا العارف وكشفه .

وأمّا الكشف المحمّدي صلی الله علیه و آله وسلم الكاشف عنه أهل بيته - صلّى اللّه عليه وعليهم أجمعين - فهو يقتضي أن لا يقيّد القدرة الإلهية ، ويحكم بصحّة الانتقال من مسافات بعيدة قبل ارتداد الطرف وأقلّ منه .

ألا ترى أنّ النور الحسّي - مع كونه من عالم الملك والقوى الملكية لا يقاس بالقوى الروحانية - يقطع في ثانية واحدة من المسافة قريباً من ستّين ألف فرسخاً على ما عيّنه أهل الهيئة الجديدة . فاجعل هذا مقياساً لما لا يقاس بالعالم الطبيعي وقواه .

* * * * * * * *

ص: 179


1- اُنظر شرح دعاء السحر: 82.

"والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام ، لا بطريق [213] الجزاء الوفاق" .

[شرح فصوص الحكم: 932 ؛ و(ط - الحجري) ص 361]

[213] قوله : «الجزاء الوفاق»؛ أي الجزاء الذي يكون بحسب الأعمال ، وهو جنّة الأعمال ؛ لقوله تعالى : (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً)(1) ، كما أنّ الاستحقاق هو جنّة الصفات والأخلاق التي يحصل بحصول الملكات الحسنة والهيئات النورية . واُشير إليه في الكتاب الإلهي بقوله : (فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ)(2) .

* * * * * * * *

[214] وأمّا رتبة داود فبالاجتهاد ، وإن وقع خلاف ما في علم اللّه .

[شرح فصوص الحكم: 934 ؛ و(ط - الحجري) ص 362]

[214] قوله : «وأمّا رتبة داود فبالاجتهاد».

ليس علم الأنبياء بالأحكام من قبيل الاجتهاد ؛ فإنّهم علیهم السلام يستكشفون الحقائق من الاطّلاع على ما في علم الحقّ أو اللوح المحفوظ ، حسب مراتبهم .

وليس النسخ من قبيل كشف خطأ النبيّ السابق ، بل الحكم في زمن النبيّ السابق كان بالنسبة إلى الاُمّة ما حكم به ذلك النبيّ . والنسخ عبارة عن استكشاف حدّ الحكم السابق ، لا رفع الحكم المطلق .

ص: 180


1- الكهف (18): 49.
2- الزخرف (43): 71.

إلاّ أنّ كشف الشيخ يقتضي أن يكون داود ، بل الأنبياء المرسلون مخطئين في أحكامهم ، وقوم نوح وسائر الكفّار - كفرعون - عرفاء شامخين!

* * * * * * * *

[215] "لمّا رأى في النوم أنّه اُوتي بقدح لبن ، فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطّاب" .

[شرح فصوص الحكم: 940 ؛ و(ط - الحجري) ص 366]

[215] قد عرفت سابقاً تعبير ذلك(1) .

* * * * * * * *

ص: 181


1- تقدّم في الصفحة 111.

ص: 182

فصّ حكمة وجودية في كلمة داودية

"فأوّل نعمة أنعم اللّه بها على داود علیه السلام أن أعطاه اسماً ليس فيه حرف من حروف الاتّصال" ؛ أي ليس فيه حرف يتّصل بما بعده.

[216] واتّصال ما قبله من الحروف به واتّصاله بما قبله في غير هذا الإسم لا يوجب كونه من حروف الاتّصال مطلقاً.

[شرح فصوص الحكم: 948 ؛ و(ط - الحجري) ص 369]

[216] قوله : «واتّصال ما قبله من الحروف...» إلى آخره .

فإنّ الاتّصال بما قبله هو الاتّصال بالحقيقة الغيبية التي كلّ دابّة متّصلة بها و(مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا)(1) أو الاتّصال بالحقّ بمقامه الأسمائي ، وهو كمال العبد ويوجب الانقطاع عمّا بعده . ولولا الانقطاع عمّا بعده من الحروف لم يتّصل بما قبله .

وأمّا المقام المحمّدي : فهو مقام البرزخية الكبرى والجامعة للوحدة والكثرة والحقّ والخلق ، وهو الأوّل والآخر والظاهر والباطن . واسمه المحمّدي ملكي ،

ص: 183


1- هود (11): 56.

ولهذا يكون حروف الاتّصال فيه أكثر . واسمه الأحمدي ملكوتي ، ولهذا احتفّ بحروف الانفصال . وفي كون حرف الاتّصال [ظ . الانفصال] آخر اسمه المحمّدي سرّ ، بل أسرار .

* * * * * * * *

"ولهذا مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [217] وما نصّ بخلافته عنه إلى أحد ولا عيّنه" .

[شرح فصوص الحكم: 955 ؛ و(ط - الحجري) ص 373]

[217] قوله : «وما نصّ بخلافته منه».

الخلافة المعنوية - التي هي عبارة عن المكاشفة المعنوية للحقائق بالاطّلاع على عالم الأسماء أو الأعيان - لا يجب النصّ عليها .

وأمّا الخلافة الظاهرة التي هي من شؤون الإنباء والرسالة التي هي تحت الأسماء الكونية فهي واجب إظهارها ، ولهذا نصّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم على الخلفاء الظاهرة .

والخلافة الظاهرة - كالنبوّة - تكون تحت الأسماء الكونية ، فكما يكون النبوّة من المناصب الإلهية التي من آثارها الأولوية على الأنفس والأموال، فكذا الخلافة الظاهرة . والمنصب الإلهي أمر خفيّ على الخلق لابدّ من إظهاره بالتنصيص .

ولعمر الحبيب يكون التنصيص على الخلافة من أعظم الفرائض على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؛ فإنّ تضييع هذا الأمر الخطير الذي بتضييعه يتشتّت أمر الاُمّة ويختلّ أساس النبوّة ويضمحلّ آثار الشريعة ، من أقبح القبائح التي لا يرضى أحد

ص: 184

أن ينسبها إلى أوسط الناس ، فضلاً عن نبيّ مكرّم ورسول معظّم ، نعوذ باللّه من شرور أنفسنا ، تدبّر .

* * * * * * * *

"ويعرفون فضل المتقدّم هناك ؛ لأنّ الرسول [218] قابل للزيادة ، وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها" .

[شرح فصوص الحكم: 961 ؛ و(ط - الحجري) ص 373]

[218] قوله : «قابل للزيادة»؛ أي أنّ مكاشفة الرسول يمكن أن يكون زائدة على مكاشفة خليفته ، دون العكس ؛ فإنّ خليفة الرسول يكون على قلبه ، فلا يمكن الزيادة عنه .

وأمّا ما ذكره الشارح في توجيه عدم الزيادة في الخليفة فليس في محلّه كما لا يخفى ، تدبّر .

* * * * * * * *

[219] "فمن حكم الأصل الذي به يخيّل وجود إلهين" .

[شرح فصوص الحكم: 964 ؛ و(ط - الحجري) ص 375]

[219] فإنّ الخليفة الظاهرة لمّا كان منصوباً من قبل اللّه تعالى ومجرياً لأحكام اللّه ، وبالأخرة له شأن الرسالة ، لا يمكن أن يكون الاثنين إلاّ أن يكون الناصب اثنين . كما الأمر كذلك في الحكومات الظاهرة . وما ذكره الشارح حقّ إن رجع إلى ما ذكرنا .

ص: 185

[220] "فالمشيّة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات" .

[شرح فصوص الحكم: 966 ؛ و(ط - الحجري) ص 376]

[220] إن كان المراد بها هي المشيّة الذاتية التي يعبّر عنها غالباً ب «الإرادة» ، تكون عرش الذات الأحدي الجمعي ومستواه . وإن كان المراد بها المشيّة المصطلحة - أي الفيض المقدّس الإطلاقي - ، تكون عرش الذات الإلهي .

وبالأوّل يظهر الوجود العلمي في النشأة العلمية وحضرة الأعيان ، وبالثاني الوجود العيني في النشأة الكونية وحضرة الإمكان .

* * * * * * * *

ص: 186

فصّ حكمة نفسية في كلمة يونسية

[221] "وإن شئت قلت : إنّ اللّه تجلّى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت : إنّ العالم في النظر إليه وفيه مثل الحقّ في التجلّي" .

[شرح فصوص الحكم: 984 ؛ و(ط - الحجري) ص 386]

[221] قوله : «وإن شئت قلت»؛ أي إن نظرت إلى ظهور الوحدة في الكثرات ، تحكم بأنّ الحقّ تجلّى مثل ذلك . وإن نظرت إلى ظهور الكثرات في الوحدة ، تحكم بأنّ العالم تجلّى مثل الحقّ بصور مختلفة .

* * * * * * * *

[222] فيتنوّع التجلّي في عيون الناظرين بحسب أمزجتهم الروحانية واستعداداتهم ، فتظهر بصورها . لكن يتنوّع الاستعدادات والأمزجة أيضاً على حسب التجلّي .

[شرح فصوص الحكم: 985 ؛ و(ط - الحجري) ص 386]

[222] أي كما أنّ تنوّع التجلّيات قد يكون بحسب اختلاف الاستعدادات ،

ص: 187

كذلك قد يكون اختلاف الاستعدادات حسب تنوّع التجلّيات . ويمكن أن يكون الأوّل بحسب الفيض المقدّس ، والثاني بحسب الفيض الأقدس ، كما قال الشيخ : «والقابل من فيضه الأقدس»(1) .

* * * * * * * *

فبالتجلّي الغيبي يهب للقلب الاستعداد ، [223] فيتّسع ، فيتجلّى بالشهود على حسب ذلك الاستعداد .

[شرح فصوص الحكم: 985 ؛ و(ط - الحجري) ص 386]

[223] قوله : «فيتّسع...» إلى آخره .

كما في شيخ الأنبياء إبراهيم - صلوات اللّه عليه - فإنّ اختلاف التجلّيات جعل قلبه متّسعاً قابلاً للتجلّي باسمه الإطلاقي ؛ فقال : (إِنِّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ)(2) .

* * * * * * * *

ص: 188


1- فصوص الحكم: 49؛ شرح فصوص الحكم، القيصري: 335.
2- الأنعام (6): 79.
فصّ حكمة غيبية في كلمة أيّوبية

"قد قال في حقّ طائفة : [224] (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ)ثمّ نكّر وعمّم ؛ فقال : (وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ)(1) . . . " .

[شرح فصوص الحكم: 994 ؛ و(ط - الحجري) ص 390]

[224] قوله : «ولو أ نّهم أقاموا التوراة والإنجيل...» إلى آخره ؛ أي ولو أ نّهم اتّبعوا الشريعة التي هي إقامة التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب المنزّلة وأقاموها ، لحصل لهم الطريقة التي هي علم الأرجل وهو الطعام من التحت ، وعلم الحقيقة التي هي الطعام من الفوق .

وهذا يدلّ على أنّ الطريقة والحقيقة لا يحصلان إلاّ من طريق الشريعة ؛ فإنّ الظاهر طريق الباطن ، بل يفهم منه : أنّ الظاهر غير منفكّ عن الباطن .

فمن رأى أنّ الباطن لم يحصل له مع الأعمال الظاهرة واتّباع التكاليف الإلهية ، فليعلم : أ نّه لم يقم على الظاهر على ما هو عليه . ومن أراد أن يصل

ص: 189


1- المائدة (5): 66.

إلى الباطن من غير طريق الظاهر - كبعض عوامّ الصوفية - فهو على غير بيّنة من ربّه .

* * * * * * * *

"ولهذا كان الطبّ النقص من الزائد والزيادة في الناقص . والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه [225] إلاّ أنّه يقاربه" .

[شرح فصوص الحكم: 997 ؛ و(ط - الحجري) ص 391]

[225] قوله : «إلاّ أنّه يقاربه...» إلى آخره .

هذا - أي القرب بالاعتدال - مختصّ بالمزاج ، وغير محقّق في التكوين ؛ فإنّ أمر التكوين ليس إلاّ بالانحراف الصرف والإرادة المعيّنة لأحد الأطراف ؛ فإنّ الترجيح بالأولوية محال ، لا سبيل إليه .

* * * * * * * *

وأمّا بالنسبة إلى أعيان تلك الصفات الحاصلة في الجناب الإلهي والحضرة الأسمائية فليس كذلك ؛ [226] لأنّه مقام الجمع ولا غلبة لأحدهما على الآخر .

[شرح فصوص الحكم: 1000 ؛ و(ط - الحجري) ص 392]

[226] قوله : «لأنّه مقام الجمع ولا غلبة لأحدهما...» إلى آخره .

ليس مقام الواحدية التي هي حضرة الأسماء مقام الجمع المطلق حتّى لا يتصوّر الغلبة ، بل هي مقام الكثرة الأسمائية . فللأسماء في تلك الحضرة محيطية

ص: 190

ومحاطية وحاكمية ومحكومية وغالبية ومغلوبية .

نعم ، لا تكون تلك الكثرات في مقام الأحدية المطلقة وإن كان في ذاك المقام اعتبار الأسماء الذاتية . وأمّا في مقام الذات من حيث هي فليس اسم وصفة ولا كثرة أصلاً .

* * * * * * * *

"فكلّ مشهود قريب من العين ، ولو كان بعيداً بالمسافة ؛ [227] فإنّ البصر متّصل به من حيث شهوده ، ولولا ذلك" الاتّصال "لم يشهده" إشارة إلى مذهب من يقول بخروج الشعاع من البصر في زمان الإبصار "أو يتّصل المشهود بالبصر" إشارة إلى مذهب من يقول بالانطباع .

[شرح فصوص الحكم: 1004 ؛ و(ط - الحجري) ص 394]

[227] قوله : «فإنّ البصر متّصل...» إلى آخره .

يمكن تطبيق هذا على مسلك شيخ الإشراق في باب الإبصار ؛ فإنّ النفس باسمه «البصير» يحيط على المبصر على مذاقه(1) ، وقوله : «أو يتّصل المشهود بالبصر» على مسلك صدر المتألّهين قدّس سرّه في باب الإبصار ؛ فإنّ المشهود متّصل بالبصر على مذاقه ؛ اتّصال المعلول بعلّته والمظهر بظاهره(2) ، تأمّل .

* * * * * * * *

ص: 191


1- راجع مجموعه مصنّفات شيخ إشراق، حكمة الإشراق 2: 134.
2- الحكمة المتعالية 8: 179.

ولمّا قال : «البعيد منّي قريب» كأنّ القائل يقول : كيف يكون البعيد قريباً منه؟ فقال : "وقد علمت : أنّ القرب والبعد [228] أمران إضافيان" .

[شرح فصوص الحكم: 1005 ؛ و(ط - الحجري) ص 395]

[228] قوله : «أمران إضافيان»؛ أي يمكن أن يكون شيء قريباً من وجه بعيداً من وجه آخر ، أو قريباً من شخص بعيداً عن شخص آخر ، أو قريباً في نظر بعيداً في نظر آخر .

* * * * * * * *

إنّما جعل الافتقار - الذي هو صفة العبد - عين حقيقته [229] لكونه لازماً ذاتياً له ، وبه يتميّز العبد عن ربّه .

[شرح فصوص الحكم: 1008 ؛ و(ط - الحجري) ص 397]

[229] قوله : «لكونه لازماً ذاتياً» .

ليس الافتقار لازم الحقيقة ، بل عينها ؛ فإنّ الحقيقة هي الوجود الذي عين الربط والافتقار .

اللهمّ إلاّ أن جعل الحقيقة هي الماهية ، فيكون الافتقار لازماً لها لا عينها ؛ فإنّ الماهيات مناط الاستغناء لا الافتقار . هذا على مسلك الحكيم المتأ لّه .

وأمّا ذوق العرفان ، فيقتضي أن يكون المفتقر ذات الماهية ؛ فإنّها المجعول ، وليس في الوجود جعل أبداً . نعم له الظهور والبطون والأوّلية والآخرية ، وليس هذا بجعل ، تدبّر تعرف . وتحت ذاك سرّ لا يجوز إظهاره .

* * * * * * * *

ص: 192

الفهارس العامّة

اشارة

1 - الآيات الكريمة

2 - الأحاديث الشريفة

3 - أسماء المعصومين علیهم السلام

4 - الأعلام

5 - الكتب الواردة في المتن

6 - الأشعار

7 - مصادر التحقيق

8 - الموضوعات

ص: 193

ص: 194

1 - فهرس الآيات الكريمة

الآية رقمها الصفحة

الفاتحة (1)

(بِسْمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ) 1 7

(الْحَمْدُ للّه ِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) 1 - 3 43

البقرة (2)

(وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِىَّ إِنَّ اللّه َ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) 132 127

(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا) 148 17، 153

(فَأَمَاتَهُ اللّه ُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) 259 161

المائدة (5)

(كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) 117 173، 174

(وَكُنتَ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) 117 174

ص: 195

الآية رقمها الصفحة

(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالاْءِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) 66 140، 141، 189

الأنعام (6)

(كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) 12 176

(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَءَا كَوكَباً...) 76 130

(إِنِّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ) 79 188

(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ) 59 15

(فَلَو شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) 149 102

(لاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللّه ُ إِلاَّ بِالحَقِّ) 151 110

هود (11)

(مَا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّى عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) 56 14، 17، 183

يوسف (12)

(يَا بُنَىَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) 5 132

(ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ) 84 128

(يَا بَنِىَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَايْئسُوا مِنْ رَوْحِ اللّه ِ إِنَّهُ لاَ يَاْيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللّه ِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ) 87 127

(إِنِّى لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) 94 128

ص: 196

الآية رقمها الصفحة

(قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقّاً) 100 133

الإسراء (17)

(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) 23 38

(لاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللّه ُ إِلاَّ بِالحَقِّ) 33 110

الكهف (18)

(وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً) 49 180

مريم (19)

(إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) 19 168

(لِأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً) 19 168

الفرقان (25)

(أَلَم تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيفَ مَدَّ الظِّلَّ) 45 69

النمل (27)

(إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) 30 175

القصص (28)

(كُلُّ شَىْ ءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ)

88 84

ص: 197

الآية رقمها الصفحة

يس (36)

(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) 82 15

الصافات (37)

(يَا أَبَتِ افْعَلْ...) 102 91

(وَمَا مِنَّا إِلاّ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ) 164 105

الغافر (40)

(لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ للّه ِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) 16 43

الشورى (42)

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) 11 80

الزخرف (43)

(فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) 71 180

ق (50)

(لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) 37 163

النجم (53)

(قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) 9 101

ص: 198

الآية رقمها الصفحة

الحديد (57)

(هُوَ الْأَوَّلُ وَالاْخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ) 3 83، 145

القلم (68)

(ن وَ الْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) 1 84

نوح (71)

(دَعَوْتُ قَوْمِى لَيْلاً وَنَهَاراً) 5 79

(ثُمَّ إِنِّى دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّى أَعْلَنتُ لَهُمْ وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً) 8 - 9 79

البروج (85)

(وَ اللّه ُ مِن وَرَائِهِم مُحِيطٌ) 20 28

(لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرضِ) 26 82

القدر (97)

(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ) 1 49

(سَلاَمٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)

5 50

العصر (103)

(وَالْعَصرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ) 1 - 2 109

(إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا) 3 109

ص: 199

الآية رقمها الصفحة

الإخلاص (112)

(قُلْ هُوَ اللّه ُ أَحَدٌ) 1 98

(وَلَمْ يُولَد * وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُوَاً أَحَدٌ) 3 - 4 138

ص: 200

2 - فهرس الأحاديث الشريفة

اُذن اللّه الواعية 77

أنّ السعيد سعيد في بطن اُمّه ، والشقيّ شقيّ في بطن اُمّه 103

إنّ اللّه خلق آدم على صورته 89، 144

إنّ للّه علمين: علم مكنون مخزون لا يعلمه إلاّ هو، من ذلك يكون البداء... 103

إنّه قد كان لي فيكم إخوة وأصدقاء؛ وإنّي أبرأ إلى اللّه أن أتّخذ أحداً منكم خليلاً 96

أجسادكم في الأجساد وأرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس 77، 96

أنا وعليّ أبوا هذه الاُمّة 38

إنّ ربّك يصلّي 34

أوليائي تحت قبابي لايعرفهم غيري 95

خلقت الخلق لكي اُعرف 45، 62

رأيت أ نّي أشرب اللبن؛ حتّى خرج الريّ من أظافيري 27

ضلَّت فيك الصفات وتفسّخت دونك النعوت 100

عين اللّه الناطرة 77

الفقر فخري 53، 81

في عماء 9

كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه 8، 137

كنت سمعه وبصره 96، 99

ص: 201

كنت كنزاً مخفيّاً فأحببتُ أن اُعرف 45

لا يسعني أرضي ولا سمائي، بل يسعني قلب عبدي المؤمن 115، 155

لك يا إلهي وحدانية العدد 78، 89، 90

اللهمّ إنّي أسألك من أسمائك بأكبرها، وكلّ أسمائك كبيرة 11، 25، 92

ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت اللّه فيه 11، 177

من أخلص للّه أربعين صباحاً جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه 124

نصرت بالصباء واُهلك عاد بالدبور 142

واحدٌ لا بالعدد 90

وإنّما يعرف القرآن من خوطب به 40

ويشفع أرحم الراحمين عند المنتقم 148

يا باطناً في ظهوره وظاهراً في بطونه ومكنونه 83، 89

يداللّه 77

ص: 202

3 - فهرس أسماء المعصومين علیهم السلام

النبي، محمّد، الخاتم، رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم =محمّد بن عبداللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، نبي الإسلام

محمّد بن عبداللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، نبي الإسلام 27، 28، 34، 37، 40، 41، 43، 58، 63، 78، 79، 80، 83، 90، 97، 100، 101، 102، 111، 113، 128، 131، 132، 142، 148، 159، 164، 167، 170، 179، 183، 184، 185

أمير المؤمنين، مولى الموالي، علي علیه السلام =علي بن أبي طالب علیه السلام ، الإمام الأوّل

علي بن أبي طالب علیه السلام ، الإمام الأوّل 8، 18، 97، 177

أهل البيت 114، 147

السجاد، علي بن الحسين، الإمام الرابع 89

باقر العلوم، أبو جعفر علیه السلام =محمّد بن علي علیه السلام ، الإمام الخامس

محمّد بن علي علیه السلام ، الإمام الخامس 11

الصادق، أبو عبداللّه علیه السلام =جعفر بن محمّد علیه السلام ، الإمام السادس

جعفر بن محمّد علیه السلام ، الإمام السادس 11، 103، 177

صاحب الأمر=صاحب الزمان (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف)، الإمام الثاني عشر

صاحب الزمان (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف)، الإمام الثاني عشر 83، 88

آدم، النبي 90، 144

نوح، النبي 78، 81، 181

شيخ الأنبياء=إبراهيم النبي

إبراهيم، النبي 91، 96، 107، 110، 111، 113، 127، 188

ص: 203

إسماعيل، النبي 107

موسى، نبي اليهود 79، 125

عيسى المسيح 169، 170، 173، 174

يوسف، النبي 127، 128، 131، 132، 133

يعقوب، النبي 127، 132، 133

سليمان، النبي 175، 178

داود، النبي 180، 181، 182

إسحاق، النبي 107، 108

ص: 204

4 - فهرس الأعلام

ابن العربي، محيي الدين محمّد بن علي 41، 43، 48، 64، 67، 82، 99، 104، 105، 107، 113، 137، 145، 150، 155، 170، 178، 179، 181، 188

ابن سينا، حسين بن عبداللّه 86

أبو يزيد=بايزيد البسطامي، طيفور بن عيسى

أبو بكر=أبو بكر، عبداللّه بن أبي قحافة

أبو بكر، عبداللّه بن أبي قحافة 47، 96

أبو طالب=أبو طالب المكيّ، محمّد بن علي

أبو طالب المكيّ، محمّد بن علي 186

إسرافيل 109

أويس القرني 128

بايزيد البسطامي، طيفور بن عيسى 114

بلقيس 177، 178، 179

الترمذي=الحكيم الترمذي، محمّد بن علي

الجامي، عبدالرحمن بن أحمد 173

جبرئيل 34، 169

الحكيم الترمذي، محمّد بن علي 81

زرارة 147

السهروردي، يحيى بن حبش 52، 66، 191

السيّد المحقّق الداماد=الميرداماد، محمّد باقر بن محمّد

الشارح الجامي=الجامي، عبدالرحمن بن أحمد

الشارح الفاضل=القيصي، داود بن محمود

الشاه آبادي، محمّد علي 74، 78، 83،

ص: 205

87، 89، 91، 98، 102، 107، 110، 117، 120، 123، 124، 161، 169،170، 171، 175

الشيخ الرئيس=ابن سينا، حسين بن عبداللّه

الشيخ، الشيخ الكبير، محيي الدين=ابن العربي، محيي الدين محمّد بن علي

الشيخ المقتول شهاب الدين=السهروردي، يحيى بن حبش

الشيخنا الاُستاذ=الشاه آبادي، محمّد بن علي

شيخ الطائفة الإشراقية=السهروردي، يحيى بن حبش

شيخنا العارف، شيخنا العارف الكامل، شيخنا العارف الكامل الشاه آبادي=الشاه آبادي، محمّد علي

صدر الدين القونيوي، محمّد بن إسحاق 141

صدر الدين الشيرازي، محمّد بن إبراهيم 172، 191

صدر المتأ لّهين=صدر الدين الشيرازي، محمّد بن إبراهيم

عبدالرزّاق الكاشي=عبدالرزّاق الكاشي،

عبدالرزّاق بن حلال الدين

عبدالرزّاق الكاشي، عبدالرزّاق بن حلال الدين 109

عمر بن الخطاب 111، 181

فرعون 181

القونوي=صدر الدين القونيوي، محمّد بن إسحاق

القيصي، داود بن محمود 19، 33، 37، 39، 41، 54

مريم 168

الميرداماد، محمّد باقر بن محمّد 161

ص: 206

5 - فهرس كتب واردة في المتن

القرآن

اصطلاحات الشيخ=اصطلاحات العرفاء

اصطلاحات الصوفية 109

اصطلاحات العرفاء 82

اصطلاحات الكاشي=اصطلاحات الصوفية

الإنجيل 140، 189

إنشاء الدوائر 46

التوراة 140، 189

تفسير العيّاشي 147

دعاء الأسحار=شرح دعاء السحر

زبور آل محمّد=الصحيفة السجّادية

شرح دعاء السحر 92

الصحيفة السجّادية 77، 78، 90، 100

الفتوحات المكّية 104

الفتوحات=الفتوحات المكّية

الكافي 103

مصباح الاُنس 162

مصباح الهداية=مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية

مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية 169

مفتاح الغيب 141

ص: 207

ص: 208

6 - فهرس الأشعار

عنقا شكار كس نشود دام بازگير***كانجا هميشه باد به دست است دام را 6، 122

قبله عشق يكى آمده و بس***هست آيين دو بينى زهوس 8

عنكبوتان مگس قديد كنند***عارفان هر دمى دو عيد كنند 24

رقّ الزجاج ورقّت الخمر***فتشابها وتشاكل الأمر 106

فكأنّما خمر ولا قدح***وكأنّما قدح ولا خمر

وتقبل في مجلى العقول وفي الذي***يسمّى خيالاً والصحيح النواظر 113

من وسع الحقّ فما ضاق عن***خلق فكيف الأمر يا سامع 115

كه اى صوفى شراب آنگه شود صاف***كه اندر خم بماند اربعينى 124

ألا كلّ شيء ما خلا اللّه باطل***وكلّ نعيم لا محالة زائلٌ 135

فالكلّ في عين النفَس***كالضوء في ذات الغلس 173

ص: 209

ص: 210

7 - فهرس مصادر التحقيق

«القرآن الكريم» .

«أ»

1 - آداب الصلوة، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه ».=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .

2 - إحياء علوم الدين . أبو حامد محمّد بن محمّد الغزالي (م 505) ، الطبعة المحقّقة الاُولى ، 5 مجلّدات + الفهارس ، بيروت ، دار الهادي ، 1412 ق / 1992 م .

3 - أسرار الحكم. المولى هادي بن مهديّ السبزواري (1212 - 1289) ، تصحيح كريم فيضى، قم، چاپ اوّل، انتشارات مطبوعات دينى، 1383 ش.

4 - الإشارات والتنبيهات. مع الشرح للمحقّق نصير الدين الطوسي وشرح الشرح للعلاّمة قطب الدين الرازي الشيخ الرئيس أبو علي حسين بن عبداللّه بن سينا (370 - 427)، الطبعة الثانية، 3 مجلّدات، طهران، دفتر نشر كتاب، 1403 ق.

5 - اصطلاحات الصوفية. كمال الدين عبدالرزّاق الكاشاني (م 736)، تحقيق محمّد كمال إبراهيم جعفر، الطبعة الثانية، قم، منشورات بيدار، 1370 ش.

6 - إعجاز البيان في تفسير اُمّ القرآن. أبو المعالي صدر الدين محمّد بن إسحاق القونوي (القونيوي) (607 - 673)، تحقيق سيّد جلال الدين الآشتياني، الطبعة الاُولى، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1381 ش.

7 - إقبال الأعمال. السيّد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (589 - 664)،

ص: 211

بيروت، مؤسّسة الأعلمي، 1417 ق.

8 - إنشاء الدوائر. محيي الدين بن العربي (م 638)، ليدن، مطبعة بريل، 1336 ق.

«ب»

9 - بحار الأنوار الجامعة لدُرر أخبار الأئمّة الأطهار . العلاّمة محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (1037 - 1110) ، الطبعة الثانية ، إعداد عدّة من العلماء ، 110 مجلداً ( إلاّ 6 مجلّدات ، من المجلّد 29 - 34) + المدخل ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، 1403 ق / 1983 م .

«ت»

10 - التحصيل. بهمنيار بن المرزبان (م 458)، تحقيق و تعليق مرتضى مطهري، تهران، انتشارات دانشگاه تهران، 1375 ش.

11 - تذكرة الأولياء . أبو حامد محمّد بن أبو بكر إبراهيم الشهير بفريد الدين عطّار النيسابوري، تهران، انتشارات مولى، 1346 ش .

12 - تفسير الطبري (جامع البيان في تأويل القرآن) . أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (م 310) ، إعداد أحمد إسماعيل شكوكاني ، الطبعة الثالثة ، 12 مجلّداً + الفهرس ، بيروت ، دار الكتب العلمية 1420 ق / 1999 م .

13 - تفسير العيّاشي . أبو النضر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السمرقندي (أواخر قرن الثالث) ، تصحيح السيّد هاشم الرسولي المحلاّتي ، مجلّدان ، طهران ، المكتبة العلمية الإسلامية .

14 - تفسير القرآن الكريم. صدر المتأ لّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (م 1050)، تصحيح محمّد خواجوي، الطبعة الثانية، قم، منشورات بيدار، 1366 ش.

15 - تفسير القرآن الكريم. محيي الدين بن عربي (م 638)، تحقيق مصطفى غالب، تهران، انتشارات ناصر خسرو، 1368 ش.

16 - التوحيد . أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي ، الشيخ الصدوق (م 381)، تحقيق السيّد هاشم الحسيني الطهراني، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي، 1398 ق.

ص: 212

«ج»

17 - جامع الأسرار ومنبع الأنوار. الشيخ حيدر الآملي، تهران، انتشارات علمى و فرهنگى، 1368 ش.

«ح»

18 - حديقة الحقيقة وشريعة الطريقة. أبو المجد مجدود بن آدم سنائي غزنوي، تصحيح مدرّس رضوي، تهران، مؤسّسه انتشارات و چاپ دانشگاه تهران، 1374 ش.

19 - الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة . صدر المتأ لّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (م 1050) ، الطبعة الثانية ، 9 مجلّدات ، قم ، مكتبة المصطفوي، 1387 ق .

«د»

20 - ديوان حافظ. خواجه شمس الدين محمّد حافظ شيرازى (791 - ؟)، تصحيح محمّد قدسي، چاپ دوّم، تهران، انتشارات نشر چشمه، 1387 ش.

21 - ديوان لبيد. لبيد بن ربيعة العامري (م 41)، شرحه وقدّم له عمر الطبّاع، الطبعة الاُولى، بيروت، دار الأرقم، 1417 ق.

«ر»

22 - رسائل ابن سينا . الشيخ الرئيس أبو علي حسين بن عبداللّه بن سينا (370 - 427) ، قم ، انتشارات بيدار، 1400 ق.

«س»

23 - سنن ابن ماجة . أبو عبداللّه محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني (207 - 275) ، تحقيق محمّد فؤاد عبدالباقي ، مجلّدان ، بيروت ، دار الكتب العلمية .

24 - سنن الترمذي . أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (209 - 279) ، تحقيق عبدالوهّاب عبداللطيف ، الطبعة الثانية ، 5 مجلّدات ، بيروت ، دار الفكر للطباعة والنشر ، 1403 ق .

«ش»

25 - شرح الأسماء. المولى هادي بن مهدي السبزواري (1212 - 1289)، تحقيق نجفقلي

ص: 213

حبيبي، تهران، مؤسّسه انتشارات و چاپ دانشگاه تهران، 1373 ش.

26 - شرح اُصول الكافي. صدر المتأ لّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي ، المعروف ب «ملاّصدرا» (979 - 1050)، تصحيح محمّد خواجوي، تهران، مؤسّسة مطالعات و تحقيقات فرهنگى، 1366 ش.

27 - شرح چهل حديث، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه ».=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .

28 - شرح دعاء السحر، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه ».=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .

29 - شرح فصوص الحكم. محمّد داوود قيصري رومي (م 751)، بإهتمام سيّد جلال الدين الآشتياني، تهران، شركت انتشارات علمى و فرهنگى، 1375 ش.

30 - شرح فصوص الحكم. كمال الدين عبدالرزّاق الكاشاني (م 736)، قم، منشورات بيدار، 1370 ش.

31 - شرح فصوص الحكم. مؤيّد الدين الجندي، تصحيح سيّد جلال الدين الآشتياني، منشورات جامعة المشهد، 1361 ش.

32 - شرح المنظومة . المولى هادي بن مهديّ السبزواري (1212 - 1289) ، تصحيح وتعليق وتحقيق حسن حسن زاده الآملي ومسعود الطالبي ، الطبعة الاُولى ، 5 مجلّدات ، طهران ، نشر ناب ، 1369 - 1379 ش .

33 - شرح منازل السائرين. كمال الدين عبدالرزّاق الكاشاني (م 736)، تحقيق محسن بيدارفر، الطبعة الاُولى، قم، منشورات بيدار، 1372 ش.

34 - شرح الهداية الأثيرية. صدر المتألّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي المعروف ب«ملاّصدرا» (979 - 1050)، الطبعة الحجرية.

35 - الشفاء . الشيخ الرئيس أبو علي حسين بن عبداللّه بن سينا (370 - 427) ، تحقيق عدّة من الأساتذة ، 10 مجلّداً ( الإلهيات + المنطق 4 مجلّدات + الطبيعيات 3 مجلّدات + الرياضيات مجلّدان) ، قم ، مكتبة آية اللّه المرعشي ، 1405 ق .

ص: 214

«ص»

36 - صحيح البخاري . أبو عبداللّه محمّد بن إسماعيل البخاري الجعفي (م 256) ، تحقيق وشرح الشيخ قاسم الشمّاعي الرفاعي ، الطبعة الاُولى ، 9 أجزاء في 4 مجلّدات ، بيروت ، دار القلم ، 1407 ق / 1987 م .

37 - صحيفه كامله سجاديه . الإمام علي بن الحسين زين العابدين علیه السلام ، الطبعة الثامنة، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي، 1378 ش.

38 - صحيح مسلم. أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري النيشابوري (206 - 261)، تحقيق وتعليق الدكتور موسى شاهين لاشين والدكتور أحمد عمر هاشم، الطبعة الاُولى، 5 مجلّدات، بيروت، مؤسّسة عزّ الدين، 1407 ق / 1987 م.

«ع»

39 - عدّة الداعي ونجاح الساعي. أبو العبّاس أحمد بن فهد الحلّي الأسدي (757 - 841)، تحقيق مؤسّسة المعارف الإسلامية، الطبعة الاُولى، قم، مؤسّسة المعارف الإسلامية، 1420 ق.

40 - علم اليقين. محمّد بن المرتضى المولى محسن المعروف بالفيض الكاشاني (1006 - 1091)، قم، انتشارات بيدار، 1385 ش.

41 - عوالي اللآلي العزيزية في الأحاديث الدينية . محمّد بن علي بن إبراهيم الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور (م - أوائل القرن العاشر) ، تحقيق مجتبى العراقي ، الطبعة الاُولى ، قم ، مطبعة سيّدالشهداء ، 1403 ق .

42 - عيون أخبار الرضا علیه السلام . أبوجعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي، الشيخ الصدوق (م 381)، تصحيح السيّد مهدي الحسيني اللاجوردي، الطبعة الثانية، منشورات جهان.

«ف»

43 - الفتوحات المكّية. محيي الدين بن عربي (م 638)، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

44 - فصوص الحكم. الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي (م 638)، الطبعة الاُولى، 4 مجلّدات، تهران، مكتبة الزهراء، 1366 ش.

ص: 215

45 - الفقيه (من لا يحضره الفقيه) . أبو جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (م 381) ، إعداد السيّد حسن الموسوي الخرسان ، الطبعة الرابعة ، 4 مجلّدات ، النجف الأشرف ، دار الكتب الإسلامية ، 1377 ق / 1957 م .

«ق»

46 - القبسات . السيّد محمّد باقر بن شمس الدين محمّد الحسيني الأسترآبادي المعروف ب«الميرداماد» (م 1041) ، تحقيق الدكتور مهدي المحقّق ، الطبعة الثانية ، طهران ، انتشارات و چاپ دانشگاه تهران ، 1374 ش .

«ك»

47 - الكافي . ثقة الإسلام أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (م 329) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، الطبعة الخامسة ، 8 مجلّدات ، طهران ، دار الكتب الإسلامية ، 1363 ش .

48 - كشف المحجوب. أبو الحسن علي بن عثمان الجلاّبي الهجويري الغزنوي (من علماء القرن الخامس)، تصحيح ژوكوفسكي، الطبعة الثالثة، تهران، كتابخانه طهورى، 1373 ش.

49 - كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد . العلاّمة الحلّي جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر ، تحقيق الشيخ حسن حسن زاده الآملي ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1414 ق .

50 - كلمات مكنونه. محمّد بن المرتضى المولى محسن المعروف بالفيض الكاشاني (1006 - 1091)، تصحيح وتعليق عزيزاللّه العطاردي القوچاني، الطبعة الثانية، تهران، انتشارات فراهانى، 1360 ش.

51 - كمال الدين وتمام النعمة . أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي الشيخ الصدوق (م 381) ، تحقيق عليّ أكبر الغفّاري ، الطبعة الاُولى ، طهران ، مكتبة الصدوق ، 1390 ق .

52 - كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال . علاء الدين علي المتّقي بن حسام الدين الهندي

ص: 216

(888 - 975) ، إعداد بكري حيّاني وصفوة السقا ، الطبعة الثالثة ، 16 مجلّداً + الفهرس ، بيروت ، مؤسّسة الرسالة ، 1409 ق / 1989 م .

«ل»

53 - لقاء اللّه. ميرزا جواد آقا الملكى التبريزي (م 1343)، مصححّ صادق حسن زاده، قم، آل على، 1385 ش.

«م»

54 - المبدأ والمعاد. صدر المتأ لّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (م 1050)، تصحيح سيّد جلال الدين الآشتياني، تهران، انتشارات انجمن فلسفه ايران، 1354 ش.

55 - مجموعه مصنّفات شيخ إشراق. شهاب الدين يحيى سهروردي، تصحيح هنري كربين، الطبعة الثانية، تهران، مؤسسة مطالعات و تحقيقات فرهنگى، 1372 ش.

56 - مرصاد العباد من المبدأ إلى المعاد. شيخ نجم الدين رازي، تهران، كتابخانه سنائى، 1363 ش.

57 - المستدرك على الصحيحين . الإمام الحافظ أبو عبداللّه الحاكم النيسابوري (312 - 405) ، تحت إشراف يوسف عبدالرحمن المرعشلي ، 4 مجلّدات + الفهرس ، بيروت ، دار المعرفة .

58 - المسند . أحمد بن محمّد بن حنبل (164 - 241) ، إعداد أحمد محمّد شاكر وحمزة أحمد الزين ، الطبعة الاُولى ، 20 مجلّداً ، القاهرة ، دار الحديث ، 1416 ق .

59 - مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين. الحافظ رجب البرسي (أعلام القرن الثامن)، تهران، دفتر نشر فرهنگ اهل بيت علیهم السلام .

60 - مصباح الاُنس. محمّد بن حمزة الفناري، مع تعليقات الميرزا هاشم الإشكوري والآية اللّه الخميني، وسيّد محمّد القمي وآقا محمّدرضا قمشه اى و حسن حسن زاده آملي، وفتح المفتاح، تصحيح محمّد خواجوي، تهران، انتشارات مولى، 1374 ش.

والطبع الحجري منه، تعليقات ميرزا هاشم بن حسن بن محمّد علي الكيلاني إشكوري وآية اللّه حسن حسن زاده آملي، الطبعة الثانية، طهران، انتشارات فجر، 1363 ش.

ص: 217

61 - مصباح الكفعمي، أو جنّة الأمان الواقية وجنّة الإيمان الباقية. تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن ابن محمّد بن صالح بن إسماعيل الحارثي الكفعمي العاملي (840 - 905)، قم، منشورات الرضي.

62 - مصباح المتهجّد وسلاح المتعبّد . أبو جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (385 - 460) ، تحقيق الشيخ حسين الأعلمي ، الطبعة الاُولى ، بيروت ، مؤسّسة الأعلمي ، 1418 ق / 1998 م .

63 - مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه ».=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .

64 - مفاتيح الغيب. صدر المتأ لّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي المعروف ب«ملاّصدرا» (979 - 1050)، تصحيح محمّد خواجوي، تهران، مؤسّسه مطالعات و تحقيقات فرهنگى، 1363 ش.

65 - موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه . تحقيق مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه ، الطبعة الاُولى، قم، مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه ، 1434 ق / 1392 ش.

«ن»

66 - نقد المحصل. أبو جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (385 - 460) ، الطبعة الثانية، بيروت، دار الأضواء، 1405 ق.

67 - نهج البلاغة ، من كلام مولانا أمير المؤمنين علیه السلام . جمعة الشريف الرضي ، محمّد بن الحسين (359 - 406) ، إعداد الدكتور صبحي صالح ، انتشارات الهجرة ، قم ، 1395 ق «بالاُفست عن طبعة بيروت 1387 ق» .

«و»

68 - وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة. الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (1033 - 1104) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، 30 مجلّداً ، قم ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، 1409 ق .

«ه»

69 - هفت اورنگ. عبدالرحمان جامى (817 - 898)، تصحيح مرتضى مدرّس گيلانى.

ص: 218

8 - فهرس الموضوعات

مقدّمة التحقيق ··· ه

مقدّمة الطبعة الاُولى ··· يج

مقدّمة شرح فصوص الحكم

وفيه فصول:

الفصل الأوّل: في الوجود وأ نّه هو الحقّ ··· 5

إشارة إلى بعض المراتب الكلّية واصطلاحات الطائفة فيها ··· 5

الفصل الثاني: في أسمائه وصفاته تعالى ··· 9

الفصل الثالث: في الأعيان الثابتة ، والتنبيه على بعض المظاهر الأسمائية ··· 14

تنبيه ··· 16

تنبيه آخر ··· 16

هداية للناظرين ··· 17

تتميم ··· 18

الفصل الرابع: في الجوهر والعرض على طريقة أهل اللّه ··· 19

تنبيه: بلسان أهل النظر ··· 20

خاتمة : في التعيّن ··· 20

الفصل الخامس: في بيان العوالم الكلّية والحضرات الخمس الإلهية ··· 22

ص: 219

تنبيه ··· 24

الفصل السادس: فيما يتعلّق بالعالم المثالي ··· 26

الفصل السابع: في مراتب الكشف وأنواعها إجمالاً ··· 27

الفصل التاسع: في بيان خلافه الحقيقة المحمدية(صلی الله علیه وآله وسلم) ··· 28

الفصل الثاني عشر: في النبوّة والرسالة والولاية . ··· 29

شرح فصوص الحكم

شرح مقدّمة فصوص الحكم ··· 33

فصّ حكمة إلهية في كلمة آدمية ··· 45

فصّ حكمة نفثية في كلمة شيثية ··· 61

فصّ حكمة سُبُّوحية في كلمة نوحية ··· 73

فصّ حكمة قدّوسية في كلمة إدريسية ··· 85

فصّ حكمة مهيّمية في كلمة إبراهيمية ··· 95

فصّ حكمة حقّية في كلمة إسحاقيه ··· 107

فصّ حكمة عليّة في كلمة إسماعيلية ··· 119

فصّ حكمة روحية في كلمة يعقوبية ··· 127

فصّ حكمة نورية في كلمة يوسفية ··· 131

فصّ حكمة أحدية في كلمة هودية ··· 139

فصّ حكمة فتوحية في كلمة صالحية ··· 149

فصّ حكمة قلبية في كلمة شعيبية ··· 153

فصّ حكمة مَلكية في كلمة لوطية ··· 159

فصّ حكمة قدرية في كلمة عزيرية ··· 161

فصّ حكمة نبوية في كلمة عيسوية ··· 167

فصّ حكمة رحمانية في كلمة سليمانية ··· 175

ص: 220

فصّ حكمة وجودية في كلمة داودية ··· 183

فصّ حكمة نفسية في كلمة يونسية ··· 187

فصّ حكمة غيبية في كلمة أيّوبية ··· 189

الفهارس

1 - فهرس الآيات الكريمة ··· 195

2 - فهرس الأحاديث الشريفة ··· 201

3 - فهرس أسماء المعصومين علیهم السلام ··· 203

4 - فهرس الأعلام ··· 205

5 - فهرس كتب واردة في المتن ··· 207

6 - فهرس الأشعار ··· 209

7 - فهرس مصادر التحقيق ··· 211

ص: 221

المجلد 2

هوية الکتاب

عنوان واسم المؤلف: موسوعة الامام الخمیني قدس سرة الشریف المجلد 45 تعلیقات علی شرح فصوص الحکم و تعلیقات علی مصباح الانس/ [روح الله الامام الخمیني قدس سرة].

مواصفات النشر : طهران : موسسة تنظیم و نشر آثارالامام الخمیني قدس سرة، 1401.

مواصفات المظهر: 2ج

الصقيع: موسوعة الامام الخمیني قدس سرة

ISBN: 9789642123568

حالة القائمة: الفيفا

ملاحظة: الببليوغرافيا مترجمة.

عنوان : الخميني، روح الله، قائد الثورة ومؤسس جمهورية إيران الإسلامية، 1279 - 1368.

عنوان : الفقه والأحكام

المعرف المضاف: معهد الإمام الخميني للتحرير والنشر (س)

ترتيب الكونجرس: BP183/9/خ8الف47 1396

تصنيف ديوي : 297/3422

رقم الببليوغرافيا الوطنية : 3421059

عنوان الإنترنت للمؤسسة: https://www.icpikw.ir

خيرانديش ديجيتال: مركز خدمة مدرسة اصفهان

محرّر: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

تعلیقات علی مصباح الانس

ص: 2

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قد شرعنا قراءة هذا الكتاب الشريف لدى الشيخ العارف الكامل اُستادنا في المعارف الإلهيّة حضرة الميرزا محمّد علي الشاه آبادي الأصفهاني دام ظلّه في شهر رمضان المبارك سنة 1350

ص: 3

ص: 4

مقدّمة الشارح

[1] فالحمد بالألسنة الخمسة لهذه الحقائق ، إلهيةً فاعلة كانت أو كونيةً قابلة على ما بينهما من الرقائق ، مع أنّه حمد جامع لأنواعه وآلاته من حيث تعاكسه حقّاً وخلقاً بأربع اعتباراته في خمس حضراته ، ولا ريب في ذوق التحقيق أنّ محامد الكلّ إليك راجعة معرضة كانت في زعمها أو طائعة ، يكون متّحداً بك في ذاتك لا متوزّعاً .

[مصباح الاُنس : 6 - 7 ؛ و(ط - الحجري) ص 2 ]

بسم اللّه الرحمن الرحيم

[1] قوله : «فالحمد بالألسنة الخمسة» .

التي هي لسان الذات من حيث هي ، ولسان الأحدية الغيبية ، ولسان الواحدية الجمعية ، ولسان الأسماء الإلهية ، ولسان الأعيان الثابتة . ومعلوم أنّ الأعيان كونية قابلة والباقي فاعلة إلهية ، فهذا الحمد على المولود منهما الذي هو الرقيقة وهو مقام المشيّة الكلّية ، فتلك الألسن الخمسة تحمد المولود جزاءً عن إظهاره إيّاها ، مع أنّ نفس إيجاده حمده وحمدها أنفسها ، كما أنّ المولود أيضاً بجميع تعيّناته يحمد الحضرات جزاءً لإيجادها إيّاه ، مع أنّ نفس الوجود حمد لها ، كما

ص: 5

أنّ الحضرات يحمد بعضها بعضاً باعتبار الحقيقة والرقيقة والوحدة والكثرة والوحدة المحضة والكثرة المحضة ، فالكلّ حقّ ، فالحقّ حامد ومحمود ، والكلّ خلق ، والخلق حامد ومحمود ، فالحقّ حقّ ، والخلق خلق ، فالحقّ محمود والخلق حامد وبالعكس ، والحقّ خلق والخلق حقّ كذلك .

فقوله : «فالحمد . . . - إلى قوله : - على ما بينهما من الرقائق» ناظر إلى المرتبة الاُولى التي ذكرنا ؛ أي حمد الحضرات للمولود :

وقوله : «مع أنّه . . . - إلى قوله : - ولا ريب» إشارة إلى المرتبة الأخيرة ؛ أي حمد الحضرات بعضها بعضاً بالاعتبارات . ومنه إلى قوله : «أو طائعة» إلى المرتبة المتوسّطة ؛ أي حمد المولود إيّاها .

* * * * * * * *

[2] بل وقد ترقّى فوق القربين إلى نقطةٍ جامعة بين قرآنية المحاذاة بمعناه وبين فرقانية المضاهاة لسيّده ومولاه .

[مصباح الاُنس : 7 - 8 ؛ و(ط - الحجري) ص 2 ]

[2] قوله : «بل وقد ترقّى .. .» إلى آخره .

فالمرتبة الجامعة بين القربين أن يحصل له مقام الوحدة والكثرة ، وفوقهما أن لا يشغله شأن عن شأنٍ ؛ لا الوحدة صارت حجاب الكثرة ولا الكثرة حجاب الوحدة .

* * * * * * * *

ص: 6

الفاتحة: في مقدّمات الشروع

الفصل الأوّل: في تقسيم العلوم الشرعية الإلهية إلى الاُمّهات الأصلية والفروع الكلّية

وعن أبى هريرة : قال اللّه لها : «من وصلك وصلته ، ومن قطعك قطعته» . قال الشيخ في شرحه : الرحم اسم لحقيقة الطبيعة ، وهي حقيقة جامعة بين الكيفيات الأربع ؛ بمعنى أنّها عين كلّ واحدة وليس كلّ واحدة من كلّ وجه عينها بل من بعض الوجوه ، [3] ووصلها بمعرفة مكانتها وتفخيم قدرها ؛ إذ لولا المزاج المتحصّل من أركانها لم يظهر تعيّن الروح الإنساني . . . وأمّا قطعها : فبازدرائها وبخس حقّها . . . ومن جملة ازدرائها : مذمّة متأخري الحكماء لها ووصفها بالكدورة والظلمة وطلب الخلاص منها .

[مصباح الاُنس : 12 - 14 ؛ و(ط - الحجري) ص 4 ]

[3] قوله : «ووصلها» .

بل وصلها عبارة عن إيصالها بمقامها الأصلي ؛ أي بالعالم العقلي ، وهو

ص: 7

لا يحصل إلاّ بحفظها للارتياض ، وبعبارة اُخرى بالحفظ المقدّمي الذي يخرج منها الحقيقة واُخرجت منها الأثقال .

وأمّا مذمّة متأخّري الحكماء فليست من جملة ازدرائها ؛ فإنّ الطبيعة إذا صارت مستقلّة منظورة إليها في نفسها ، حجاب عن الحقيقة ، فيمكن أن يكون نظرهم الخلاص عن تلك الطبيعة ، لا الطبيعة التي صارت مرتاضة سائرة إلى الحقيقة .

* * * * * * * *

أمّا علم الأديان فقسمان : علم الظاهر وعلم الباطن ، وكلّ منهما - مع تشعّبهما من القرآن والحديث - كأنّ علومهما نهران ينصبّان في

[4] حوض كوثر يتفرّق منه جداول علوم الكسب من جانب وعلوم الوهب - التي عبّر عن مظاهرها في الجنّة بالأنهار الأربعة - من جانب آخر .

[مصباح الاُنس : 17 ؛ و(ط - الحجري) ص 5 ]

[4] قوله : «حوض كوثر» .

وهو مقام الكثرة في الوحدة والوحدة في الكثرة وعلم التوحيد التفصيلي ، والوحدة الغير المحتجبة بالكثرة ، والكثرة الغير المحتجبة بالوحدة ؛ فهو الجامع بين الظاهر والباطن .

* * * * * * * *

ص: 8

كما أخبر صلّى اللّه عليه وآله : [5] «إنّ للقرآن ظهراً وبطناً وحدّاً ومطلعاً» وفي رواية : «ولبطنه بطناً إلى سبعة أبطن» وفي رواية : «إلى سبعين بطناً» .

[مصباح الاُنس : 17 ؛ و(ط - الحجري) ص 5 ]

[5] إذا كان القرآن جميع صفحة الوجود يمكن أن يكون المراد ب «المطلع» هو الكلام الذاتي والتجلّى الإعرابي في الحضرة الواحدية المشرف على التعيّنات الغيبية والشهادية اللائقين للفيض ، و«الحدّ» هو الكلام الظلّي الفيضي الفاصل بين الحضرة الواحدية والمظاهر الغيبية والشهادية المعبّر عنه بالعماء ، و«البطن» هو العالم الغيبي إلى منتهى المثل النورية العرشية ، و«الظهر» هو عالم الشهادة . وهذا أجمع ممّا ذكروه كما لا يخفى .

كما أنّ المراد ب «البطون السبعة» هو المراتب السبعة الكلّية من «مقام الأحدية الغيبية» و«حضرة الواحدية» و«مقام المشيّة والفيض المنبسط» و«عالم العقل» و«عالم النفوس الكلّية» و«عالم المثال المطلق» و«عالم الطبيعة» .

وإن كان المراد بالقرآن هو الإنسان الكامل الذي هو الكون الجامع والكتاب المبين ، كان «الظهر» و«البطن» و«الحدّ» و«المطلع» باعتبار مراتبه الأربعة ، و«البطون السبعة» باعتبار لطائفه السبعة ، بل عند أهل المشرب الأعلى الذوقي كلّ فرد من أفراد الوجود حتّى الموجودات الخسيسة عند أهل الظاهر ، قرآن جامع له «الظهر» و«البطن» و«الحدّ» و«المطلع» و«المراتب السبعة» بل «السبعين» .

وأمّا «السبعة» بالنسبة إلى ما في الدفّتين من الكتاب المنزل فباعتبار كون

ص: 9

الألفاظ موضوعة للمعاني العامّة وكون الكتاب الإلهي النازل من مقام الأحدية إلى عالم اللفظ والصوت لايقاً لهداية كلّ طائفة من الطوائف ، فيفهم كلّ طائفة من أهل السلوك من كلّ آية ، ما لا يفهم منه الآخر ، مثلاً يفهم أهل الظاهر من قوله : (زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ .. .)(1) إلى آخره ، معناه الظاهر ، وأمّا أهل القلوب وأصحاب السلوك الروحي فيفهمون منه مرتبة عالية ؛ فإنّ هيئات عالم النفس من الرتبة الدنياوية ، كما أنّ الأنوار القلبية والواردات القلبية من الزينة الدنياوية عند أهل «الروح» والمعارف الغيبية والتلوينات الروحية ، كذلك بالنسبة إلى أهل «السرّ» و«الخفيّ» و«الأخفى» فالآيةُ الشريفة لها سبعة أبطن بالنسبة إلى سبع طوائف ، فتلطّف .

* * * * * * * *

فهذه اُمّهات العلوم .. . والمراد بالاُمّهات ما يبتني عليها علوم آخر هي المرادة بالفروع ويتصوّر على وجوه ثلاثة :

الأوّل : أن يكون أحكام الثاني نتائج انضمام قواعد الأوّل الكبرى إلى الصغرى سهلة الحصول ، [6] تفرّع الفقه عن الاُصول .

[مصباح الاُنس : 27 ؛ و(ط - الحجري) ص 6 ]

[6] قوله : «تفرّع الفقه عن الاُصول» .

لا خفاء عند أهله أنّ تفرّع الفقه عن الاُصول ليس من قبيل تفرّع الصغرى على الكبرى ، وإلاّ يلزم دخول بعض القواعد الفقهية - مثل قاعدة «ما لا يضمن

ص: 10


1- آل عمران (3) : 14 .

بصحيحه لا يضمن بفاسده» وغيرها - في الاُصول ، والميزان في المسألة الاُصولية محقّق في محلّه المناسب لها (1) .

* * * * * * * *

الفصل الثاني: في سبب اختلاف الاُمم والتنبيه على سرّ طريق الأمم

[7] ثمّ أيّدهم بالمعجزات والنصرة التي يتضمّنها أحكام نفوسهم الماضية وسيوفهم الباترة .

[مصباح الاُنس : 31 ؛ و(ط - الحجري) ص 8 ]

[7] هذه النصرة هي الفتح المطلق المشار إليه بقوله تعالى : (إذا جاء نَصرُ اللّه ِ وَالفَتْح)(2) والفتوحات ثلاثة(3): فتح قريب، وفتح مبين، وفتح مطلق، وهذا الأخير وإن كان مختصّاً بصاحب الولاية المطلقة ، إلاّ أنّ غيره من الرسل أيضاً له حظّ بالتبَع لا بالأصالة، وأمّا الفتحان السابقان فلا يختصّ به صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.

* * * * * * * *

[8] فامتثلوا وأعربوا عن بعض ما شاهدوا لكن بلسان التشويق والإيماء الجامع بين الكتم والإفشاء وفاءً لحقوق الحكمة .

[مصباح الاُنس : 31 ؛ و(ط - الحجري) ص 8 ]

[8] فإنّ الأنبياء - عليهم السلام - صاحب الأسرار وليس من شأنهم إفشائها

ص: 11


1- راجع مناهج الوصول 1 : 13 .
2- النصر (110) : 1 .
3- راجع اصطلاحات الصوفية : 135 - 136 .

لدى الأغيار ، ولذا تراهم في إظهار المعارف كان لسانهم غير لسان الحكماء ، والمحقّقون أيضاً تابع لهم في ذلك .

* * * * * * * *

الفصل الرابع: في ذكر الموضوع والمبادئ لعلم التحقيق ومسائله

ثمّ أسماء الذات قسمان : أحدهما : ما تعيّن حكمه وأثره في العالم فيعرف من خلف حجاب الأثر - كما قلنا - وذلك للعارفين الأبرار ، أو كشفاً وشهوداً ، وهو وصف الكمّل . وثانيهما : [9] ما لم يتعيّن له أثر وهو المشار إليه بقوله : «أو استأثرت به في علم الغيب عندك» .

[مصباح الاُنس : 46 ؛ و(ط - الحجري) ص 14 ]

[9] قوله : «ما لم يتعيّن له أثر .. .» إلى آخره .

قال شيخنا العارف الكامل دام ظلّه : إنّ الاسم المستأثر هو الذات الأحدية المطلقة ؛ فإنّ الذات بما هي متعيّنة منشأ للظهور دون الذات المطلقة ؛ أي بلا تعيّن ، وإطلاق الاسم عليه بنحو من المسامحة .

والظاهر من كلام الشيخ وتقسيمه الأسماء الذاتية إلى ما تعيّن حكمه وما لم يتعيّن : أ نّه من الأسماء الذاتية التي لا مظهر لها في العين .

وعندي أنّ الاسم المستأثر أيضاً له أثر في العين ، إلاّ أنّ أثره أيضاً مستأثر ؛ فإنّ للأحدية الذاتية وجهة خاصّة مع كلّ شيء هو سرّه الوجودي لا يعرفها أحد إلاّ اللّه كما قال تعالى : (مَا مِنْ دَابّةٍ إلاّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا)(1) ، (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ

ص: 12


1- هود (11) : 56 .

هُوَ مُوَلِّيها)(1) فالوجهة الغيبية لها أثر مستأثر غيبي ، تدبّر تعرف .

* * * * * * * *

[10] وذلك لأنّ الشؤون الإلهيّة أكثر من أن يكون له نهاية ، والتي تشمّ رائحة الوجود متناهية ، وأيّ متناهٍ يفرز من غير المتناهي؟ فالباقي أكثر .

[مصباح الاُنس : 47 ؛ و(ط - الحجري) ص 14 ]

[10] قوله : «وذلك لأنّ الشؤون الإلهيّة» .

أقول : ما ذكره الشارح غير مطابق للمتن ؛ فإنّ الظاهر منه أنّ الشؤون الغير الظاهرة التي بصدد الظهور إلى ما لا يتناهى أبداً هي الأسماء المستأثرة ، مع أنّ ظاهر كلام الشيخ أنّ الاسم المستأثر غير قابل للظهور ، لا لعدم تناهي الشؤون ، بل لكونه من المكنون الغيبي ، حتّى لو فرض تناهي الشؤون الإلهيّة لم يظهر حكم الاسم المستأثر .

* * * * * * * *

وإنّما عبّرنا عن أسماء الذات بالاُمّهات لما يتفرّع منها أسماء الصفات، وهي التي يشعر بنوع تكثّر محسوس أو معقول كالوحدة من حيث إنّها نعت الواحد ونسب ارتباطها بالذات ، ثمّ أسماء الأفعال المشعرة بنوع الفعل على اختلاف صوره كالخلق والبسط

ص: 13


1- البقره (2) : 148 .

والقبض واللطف والقهر وغيرها ونسب ارتباطها ، ومسائله ما يتّضح بأسماء الذات [11] وبما يليها من أسماء الصفات والأفعال .

[مصباح الاُنس : 47 - 48 ؛ و(ط - الحجري) ص 14 ]

[11] قوله : «وبما يليها من أسماء الصفات .. .» إلى آخره .

ظاهر كلام الشيخ أنّ المبادي عبارة عن اُمّهات الأسماء ؛ أي الأسماء الذاتية ، والمسائل ما عداها ممّا يتّضح بها ، فأسماء الصفات(1) والأفعال من المسائل لا المبادي ، كما هو أيضاً ظاهر كلامه في المقام الرابع من الفصل الثاني للتمهيد الجملي، فراجع .

* * * * * * * *

ونسب البين من حقائق متعلّقاتها ومراتبها ومواطنها وتفاصيل آثارها [12] تعلّقاً وتخلّقاً وتحقّقاً .

[مصباح الاُنس : 48 ؛ و(ط - الحجري) ص 14 ]

[12] تعلّقاً بالنسبة إلى كلّ موجود وتخلّقاً بالنسبة إلى السالكين المهذّبين وتحقّقاً بالنسبة إلى الكاملين المتحقّقين .

* * * * * * * *

[13] ومن الإلقاءات الملكية ما هو صحيح من حيث إنّه ملكي ، لكن يمتزج بحديث نفس سابق أو تأويل قد انغمر المحلّ به قبل الورود ،

ص: 14


1- وفي الطبعة السابقة : «فالأسماء والصفات» بدل «فأسماء الصفات» .

أو قياس مستنبط من ذوق آخر احتجّ به السالك في هذا الإلقاء الملكي .

[مصباح الاُنس : 51 ؛ و(ط - الحجري) ص 15 ]

[13] بل قد يشاهد السالك المرتاض نفسه وعينه الثابتة في مرآة المشاهد لصفاء عين المشاهد ، كرؤية بعض المرتاضين(1) من العامّة ، الرفضة بصورة الخنزير بخياله ، وهذا ليس مشاهدة الرفضة كذا بل لصفاء مرآة الرافضي رأى المرتاض نفسه التي هي على صورة الخنزير فيها فتوهّم أنّه رأى الرافضي ، وما رأى إلاّ نفسه!

* * * * * * * *

الفصل الخامس: فيما أفاده الكمّل في ضبط كلّيات مهمّات العلم والعمل

[قال في المفتاح :] والجميع يفتح بعضه بعضاً بالفتح [14] الآلي والقدم الأصلي .

[مفتاح الغيب : 8 ؛ و(ط - الحجري) ص 16 ]

[14] قوله : «الآلي» .

وهو كلّ اسم إلهي مضاف إلى ملك جسماني أو روحاني ، كما في «الاصطلاحات»(2) .

* * * * * * * *

ص: 15


1- راجع الفتوحات المكّية 2 : 8 .
2- اصطلاحات الصوفية : 31 .

والأدب ينتج مراعات الحدود الشرعية وهو ينتج القرب المنتج للوصال المنتج للاُنس مع اللّه تعالى المنتج للإدلال والانبساط وهو

[15] إرسال السجيّة والتحاشي عن وحشة الحشمة .

[مصباح الاُنس : 57 ؛ و(ط - الحجري) ص 18 ]

[15] قوله : «إرسال السجيّة» .

أي ترك الطبيعة على حالها من غير حصول الهيمان والوحشة الحاصلة في بدو الأمر عند ملاقات المحبوب ؛ فإنّ في ملاقات المعشوق وحشة وهيماناً ابتداءً يرفع عند الاُنس .

* * * * * * * *

بل استهلك بالنسبة إلى بعض الأشخاص استهلاك الصورة [16] في الممسوحين .

[مصباح الاُنس : 58 ؛ و(ط - الحجري) ص 19 ]

[16] قوله : «في الممسوحين» .

بالحاء المهملة ؛ أي الصورة التي محي آثارها ، ويحتمل أن يكون بالمعجمة ؛ أي الممسوخة(1) التي تبدّلت عن صورتها الأصلية .

* * * * * * * *

ص: 16


1- في الطبعة السابقة : «المسوخة» بدل «الممسوخة» .

وثالثه : الرياضة ، وهي إزالة الشماس عن النفس بقطع مألوفاتها ومخالفة مراداتها ، وأعظم أركانها دوام الملازمة على [17] ذكر لا إله إلاّ اللّه على العموم .

[مصباح الاُنس : 60 ؛ و(ط - الحجري) ص 20 ]

[17] أي ذكراً عامّاً في جميع حالاته من غير أن يكون مقامه مقام هذا الذكر ؛ فإنّ هذا المقام لا يحصل له إلاّ في قسم النهايات . والحاصل : أنّ هذا الذكر في هذا المقام ليس ذكراً للذاكر بل وسيلة إلى إزالة الحجاب .

* * * * * * * *

ثمّ وجدان السرّ أثر الألم والقهر من ذلك القلق بحيث يكاد يفنيه ذلك عن تعيّنه ، ثمّ الهيمان الذي هو [18] تحقيق الغيبة من أثر الوجدان .

[مصباح الاُنس : 67 ؛ و(ط - الحجري) ص 23 ]

[18] قوله : «تحقيق الغيبة من أثر الوجدان» .

أي الفناء عن أثر الألم والقهر الحاصل في حال الوجدان ، والفرق بين الوجدان والهيمان كالفرق بين الفناء والفناء عن الفناء .

* * * * * * * *

ص: 17

فسمّى بعضهم هذا التقوّي قسم الولاية ، [19] فيلحظ السرّ بتلك القوّة عينه بجميع كمالاته وتلحظ نهايته النسبية أو الحقيقية .

[مصباح الاُنس : 68 ؛ و(ط - الحجري) ص 23 ]

[19] قوله : «فيلحظ السرّ» .

أي يلحظ السرّ بقوّة نور الولاية عينه الثابتة بجميع كمالاته ، ويلحظ نهايته النسبية التي هي الوجود الإضافي والفيض المقدّس الإطلاقي أو الحقيقية التي هي في الحضرة العلمية والواحدية ؛ أي يلاحظ عينه الثابتة في الحضرة العلمية ، ويلحظ الحضرة العلمية من حيث ترتيبها الوجودي الترتّبي الذاتي التي هي روح الترتّب الواقعي في عالم الدهر الذي هو روح الترتّب الزماني والتغيّر والتصرّم الكوني في العالم المادّي والامتدادي ، وهو وقته الذي يحصل التجلّي له فيه .

* * * * * * * *

والمحلّ المعنوي الذي يحصل اللحظ فيه وهو باطن الزمان المسمّى بالوقت [20] وهو الحال المتوسّط بين الماضي والمستقبل وله الدوام .

[مصباح الاُنس : 68 ؛ و(ط - الحجري) ص 23 ]

[20] قوله : «وهو الحال المتوسّط» .

أي الزمان الحال المتوسّط ، والضمير في قوله : «وله الدوام» يمكن أن يرجع إلى «الحال» ويكون هذه الجملة معترضة مفسّرة للزمان لا لروحه ، وضمير «هو» راجع إلى روحه الذي هو الوقت . ويمكن أن يكون المراد بالحال روح

ص: 18

الزمان على أن يرجع الضمير إلى «الوقت» ، وعلى هذا في إطلاق الماضي والمستقبل على الحقائق السابقة في الحضرة العلمية واللاحقة فيها مسامحة من باب اتّصاف مظهرها الذي هو الزمان بهما .

* * * * * * * *

[21] وحينئذٍ يصفو حاله عن أكدار الأغيار فكان اللحظ والوقت والصفاء من مقاماته .

[مصباح الاُنس : 68 ؛ و(ط - الحجري) ص 23 ]

[21] قوله : «وحينئذٍ يصفو» .

أي في هذا الوقت الذي يستغرق في نهاية الأطوار يصفو ويخلص عن الأغيار.

* * * * * * * *

واعلم أنّ الشاهد في هذا القسم [22] سرّ وجودي ظاهري ، والمشهود سرّ وجودي باطني .

[مصباح الاُنس : 71 ؛ و(ط - الحجري) ص 24 ]

[22] قوله : «سرّ وجودي ظاهري» إلى آخره .

وهو عين العبد ، والمشهود هو الحقّ ، ولمّا وصل العبد إلى مقام المحبوبية بحصول جمعية الأسماء الظاهرة يصير سيره بإسراء الحقّ ، فيسير بقدمه ؛ فإنّ المحبوب مجذوب ، فيقع المكاشفة بين الحقّ والعبد برؤية كلّ منهما جميع الأحكام والآثار في الآخر ، ويصير كلٌّ مرآة الآخر ، إلاّ أنّ هذا السير والإسراء يكون في بادئ الأمر من وراء حجاب العقائد والتعلّقات وغلبة بعض الأسماء ؛

ص: 19

فيكون المشهود أسماءً مقيّدة إلهيّة في مرآة خلقي أو حقّي مجرّد أو مادّي ، كما أخبر اللّه تعالى عن خليله إبراهيم علیه السلام بقوله : (فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَأى كَوْكَباً . . .)(1) إلى آخر المراتب والتدرّجات والكمالات ، ثمّ يخلصه عن المظاهر ويسيّره في الظاهر ، إلاّ أنّه مع تميّز بين الحقّ والعبد فيقع المشاهدة ، ثمّ يسيّره حتّى يعاين كلّ منهما الآخر بلا وصف وتميّز ، إلاّ كون الحقّ ظاهراً بهويّة العبد وباطناً . . . إلى آخر المراتب والمقامات .

* * * * * * * *

وثالثاً بالفناء عن شهود هذا الفناء ، وذلك عند ظهور كلٍّ من الاسمين الظاهر والباطن بكمالاتهما إلى [23] عين التعيّن الثاني والبرزخية الثانية ، فيحكم البرزخية عليهما بامتزاج وفعل وانفعال بينهما وبين أحكامهما ، فيتولّد بينهما حقيقة قلب جامع مسخّر بين الحضرتين هو صورة عين البرزخية الثانية ، فيطلع من مشرق هذا القلب شمس التجلّي الجمعي الذاتي الكمالي .

[مصباح الاُنس : 73 ؛ و(ط - الحجري) ص 25 ]

[23] قوله : «عين التعيّن الثاني» .

وهو مقام الواحدية ، كما أنّ التعيّن الأوّل مقام الأحدية ، وإذا تولّد القلب في هذا المقام من حكومة البرزخية عليهما يحصل مقام البقاء . وأشار بقوله : «فيطلع من مشرق هذا القلب . . .» إلى آخره ، إلى مقام التحقيق .

ص: 20


1- الأنعام (6) : 76 .

فلم يبق عليه اسم ولا رسم ولا إشارة تؤذن بحقيقة تميّز وإضافة إلاّ أثر خفيّ من حكم أحديّة كلّيات الاُصول [24] من الأسماء فيتمكّن السائر حينئذٍ من التلبّس بأيّ لباس شاء وفي أيّ مظهر أراد .

[مصباح الاُنس : 73 ؛ و(ط - الحجري) ص 25 ]

[24] قوله : «من الأسماء» .

أي من الأسماء الذاتية التي هي مفاتيح الغيب ؛ فإنّها لا تتجلّى له في هذا المقام ، بل هي مختفية بمقام الخاتمية صاحب مقام )أَو أَدنَى((1) .

* * * * * * * *

[25] وهذا هو مقام التلبيس وهو أعلى مراتب التمكين الذي هو التمكين في التلوين ثمّ يتحقّق بحقيقة الوجود الجمعي الذي به يجد المقصود في كلّ شيء .

[مصباح الاُنس : 73 - 74 ؛ و(ط - الحجري) ص 25 ]

[25] والفرق بين هذا المقام ؛ أي مقام الوجود ، ومقام التلبيس بالجمع والتفصيل ؛ فإنّ التلبيس من مقام التفصيل والوجود من مقام الجمع .

* * * * * * * *

ص: 21


1- النجم (53) : 9 .

ص: 22

التمهيد الجملي: في ذكر ما به صحّ ارتباط العالم بالحقّ والحقّ بالعالم

السابقة في اُمّهات اُصول صحّة الارتباطين
اشارة

و فيه فصول:

الأوّل: اقتضاء الشيء أمراً لذاته أو بشرط أو شروط هي عين ذاته أو بشرط غير ذاته

[26] والتحقيق أنّ كون الحقّ تعالى مختاراً من حيث ذاته الغنيّة عن العالمين لا ينافي الوجوب من حيث صفاته من حكمته وإرادته كمال الجلاء والاستجلاء .

[مصباح الاُنس : 78 ؛ و(ط - الحجري) ص 26 ]

[26] قوله : «والتحقيق أنّ كون الحقّ تعالى مختاراً» .

أقول : هذا خلاف التحقيق جدّاً ، وإن صدّقه اُستاذ مشايخنا العارف الجليل الميرزا هاشم قدّس اللّه أسرارهم ؛ أمّا أوّلاً : فلأنّ المراد من الحقّ من حيث ذاته الغنيّة إن كان مرتبة الذات من حيث هي ، فهي لا تتّصف بصفة أصلاً حتّى الأسماء الذاتية كما هو محقّق عند أصحاب المدارج ، وإن كان المراد مرتبة الأحدية فهي وإن اتّصفت بالأسماء الذاتية لكن الاختيار لا يكون من الأسماء الذاتية كما هو معلوم عند أرباب المعارج ، مع أنّ الوجوب إن كان منافياً للاختيار فإثباته للحقّ من حيث مرتبة الواحدية بل مرتبة الظهور والفيض المقدّس باطل

ص: 23

فاسد ، مع أنّ هذا تعطيل وإيجاب باطل مختلطاً ، مع أ نّه قوله صلّى اللّه عليه وآله : «كان اللّه ولم يكن معه شيء»(1) لا يتوقّف على هذا ؛ فإنّ الأشياء غير كائن مع الحقّ حتّى في مرتبة الظهور وإن كان الحقّ مع كلّ شيء .

والحقّ : أنّ هذا الوجوب لا ينافي الاختيار بل يؤكّده ، بل الاختيار الغير الواجب ليس اختياراً عند التحقيق ، وليس هاهنا محلّ البسط والتفصيل .

* * * * * * * *

والحقّ أنّ المستحيل داخل في دائرة هذا الثبوت فضلاً عن المعدومات الممكنة دون الوجود في نفسه ، فليس هذا ما يقوله المعتزلة بأنّ الممكنات المعدومة ثابتة في أنفسها من غير الوجود فإنّه باطل قطعاً [27] إذ لا واسطة بين الوجود والعدم .

[مصباح الاُنس : 80 ؛ و(ط - الحجري) ص 27 ]

[27] قوله : «إذ لا واسطة بين الوجود والعدم» .

هذا التعليل عليل ؛ فإنّ القول بثبوت المهيّات(2) غير القول بالواسطة بين الوجود والعدم التي يعبّرون عنها بالحال(3) ، والجواب عن قولهم هو ما ذكره الحكماء(4) من أنّ ما ليس موجوداً يكون ليساً صرفاً إلى غير ذلك .

ص: 24


1- اُنظر صحيح البخاري 4 : 542 / 1356 ؛ كنز العمّال 10 : 370 / 29850 .
2- راجع شرح المواقف 2 : 189 - 190 ؛ شرح المقاصد 1 : 351 - 354 .
3- راجع شرح المواقف 3 : 2 - 10 ؛ كشف المراد : 35 .
4- راجع القبسات : 38 ؛ الحكمة المتعالية 1 : 75 - 79 ؛ شرح المنظومة 2 : 183 .

أقول : المشهود المحقّق أنّه ما من موجود من الموجودات إلاّ وارتباطه بالحقّ من جهتين : جهة السلسلة الترتيب التي أوّلها العقل الأوّل ، وجهة طرف وجوبه الذي يلي الحقّ ، وأنّه من ذلك الوجه يصدق عليه أ نّه واجب وإن كان وجوبه بغيره ، [28] ومراد المحقّقين من هذا الوجوب مخالف من وجه لمراد غيرهم .

[مصباح الاُنس : 86 ؛ و(ط - الحجري) ص 28 ]

الثاني: في أنّ الشيء لايثمر ما يضادّه وما يناقضه في كلّ نوعٍ من الأثمار

[28] فإنّ مراد الحكماء من الوجوب الغيري هو الوجوب بعلله وأسبابه(1) ، والمحقّق لا يرى الكثرة في هذا النظر . وأيضاً الحكيم يقول بأنّ الوجوب الغيري صفة للممكن على وجه الاستقلال ، والعارف المحقّق لا يستقلّ عنده وجود سوى الوجود القيّوم المطلق .

* * * * * * * *

أقول : الغرض من هذه النكتة الأخيرة أنّ كلّ ما يطلق عليه المؤثّر في [29] هذه الاُصول فالمراد به المعدّ ، والمؤثّر الحقيقي هو السرّ الإلهي .

[مصباح الاُنس : 86 ؛ و(ط - الحجري) ص 28 ]

[29] قوله : «هذه الاُصول» .

أي الاُصول الممهّدة في هذا الكتاب .

ص: 25


1- راجع القبسات : 314 ؛ الحكمة المتعالية 1 : 199 - 215 و 221 - 230 ؛ شرح المنظومة 2 : 272 .

قلت : [30] ذكر الشيخ في تفسير الفاتحة قاعدة هي : أنّ كلّ صفة من صفات الحقّ إنّما يضاف إليه على الوجه الأتمّ الأكمل ، وكلامه صفة من صفاته ، فله الإحاطة كما قال تعالى: (ما فَرَّطْنا فِى الْكِتابِ مِنْ شَىْ ءٍ .. .) .

[مصباح الاُنس : 88 ؛ و(ط - الحجري) ص 29 ]

[30] قوله : «ذكر الشيخ في تفسير الفاتحة .. .» إلى آخره .

ليس الكلام من حيث ظهوره الملكي وخصوصاً الذي هو من مقولة اللفظ والصوت ، صفةً للحقّ من حيث هويّته الإحاطية حتّى يتفرّع عليه ما ذكر ، كما أنّ قوله تعالى: (ما فَرَّطْنا فِى الْكِتَابِ مِنْ شَىْ ءٍ)(1) لا يدلّ على مقصوده بوجه .

نعم، الكلام الذاتي الذي هو التجلّي بإظهار ما في الغيب على ذاته المقدّسة ، صفة من صفاته في الحضرة الجمعية الكمالية . والكلام الظهوري الوجودي الذي هو التجلّي بالفيض المقدّس لإظهار ما في الغيب على الحقائق التفصيلية ، صفة من صفاته الفعلية ولهما الإحاطة والشمول ، ولهذا الكلام اللفظي أيضاً إحاطة بمعنى آخر ، وهو وجه السرّ الوجودي الذي يعرفه المحقّقون وهو غير الأوضاع اللفظية ، نعم لو كان الألفاظ موضوعة لأرواح المعاني أو أرواح المعاني مرادة للحقّ من كلامه لكان تلك الإحاطة حقّاً كما الأمر كذلك(2) .

* * * * * * * *

ص: 26


1- الأنعام (6) : 38 .
2- راجع : مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ، المشكاة الاُولى، مصباح 50 .

إنّ الصادر الأوّل هو العقل الأوّل ، فلوحدته الذاتية صحّ صادراً ، ولاشتماله على تعقّل موجده وتعقّل وجوبه بالغير و [31] إمكانه في

نفسه توسّط لعقل آخر ونفس وجسم على الترتيب .

[مصباح الاُنس : 91 ؛ و(ط - الحجري) ص 30 ]

[31] المراد من الإمكان هو الإمكان الذي من أوصاف الوجود ، لا الذي من أوصاف المهية ، فإنّ الأوّل يعتبر معه الغير دون الثاني ، تأمّل .

* * * * * * * *

فبهذا سقطت الاعتراضات بأسرها ، وثبت أ نّه كلّما تكثّر المعلول تكثّر العلّة ، [32] فكلّما اتّحد المعلول اتّحد العلّة بعكس النقيض .

[مصباح الاُنس : 92 ؛ و(ط - الحجري) ص 30 ]

[32] قوله : «فكلّما اتّحد المعلول اتّحد العلّة» .

هذه القضية تكون عكس النقيض للقضية السابقة باعتبار أنّ عكس النقيض لقوله : «كلّما تكثّر المعلول تكثّر العلّة» هو أ نّه «كلّما لا يتكثّر العلّة لا يتكثّر المعلول» وهو في قوّة قولنا : «كلّما اتّحد العلّة اتّحد المعلول» وعكس نقيضه : «كلّما اتّحد المعلول اتّحد العلّة» تأمّل .

* * * * * * * *

[33] ثمّ اعلم أنّ الأصل مسلّم عندنا ، لكن في تعريفهم - أنّ الواحد الصادر الأوّل عن الحقّ تعالى هو العقل الأوّل - منع

ص: 27

ذكره الشيخ في الرسالة المفصحة .

[مصباح الاُنس : 92 ؛ و(ط - الحجري) ص 30 ]

[33] قوله : «ثمّ اعلم .. .» إلى آخره .

قد حقّقنا في رسالتنا الموسومة ب «مشكوة الهداية إلى حقيقة الخلافة والولاية» كيفية الصدور ووجه الجمع بين قول العرفاء الشامخين والحكماء المحقّقين بما لا مزيد عليه ونبّهنا على أنّ سلوك المحقّق القونوي(1) على خلاف التحقيق الحقيق، فليراجع(2) .

* * * * * * * *

من أنّ أوّل متعيّن من الحضرة العمائية عالم المثال ثمّ عالم التهيّم ثمّ القلم الأعلى ، [34] فذلك - واللّه أعلم - باعتبار تقدّمه في الجمعية .

[مصباح الاُنس : 93 - 94 ؛ و(ط - الحجري) ص 30 - 31 ]

[34] قوله : «فذلك واللّه أعلم .. .» إلى آخره .

أقول : يمكن أن يكون مراده من الحضرة العمائية مقام الواحدية كما هو أحد الاحتمالات منها ، وعلى هذا يكون عالم المثال مقام المشيّة والفيض المنبسط العامّ ؛ فإنّه برزخ البرازح وهو مقام الإنسان الكامل الحائز بين الخصلتين والجامع بين المقامين ، تدبّر .

ص: 28


1- راجع المراسلات ، الرسالة المفصحة : 65 ؛ النصوص : 74 .
2- مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، المشكاة الثانية، المصباح الثاني، مطلع 3 - 6.

ومنها أن يبنى تفاوت امتزاج أحكام جهتي هذا الوجوب - الذي يقوله المحقّق - وجهة الإمكان وغلبة أحد الطرفين [35] على مراتبهما ، وذلك بحسب تفاوت استعدادات المهيّات الغير المجعولة الترتيب .

[مصباح الاُنس : 95 ؛ و(ط - الحجري) ص 31 ]

[35] قوله : «على مراتبهما» .

متعلّق بقوله : يبنى ؛ أي تفاوت امتزاج جهة يلي الحقّي وجهة يلي الخلقي مبنيّ على مرتبة الوجود ومرتبة المهيّة ، فكلّما قرب من المبدأ الفيّاض يكون الجهة الاُولى أقوى وبالعكس العكس .

* * * * * * * *

الرابع: في أنّ سبب الكثرة والكثير لا يتميّز في جزئي من جزئياته

[36] وإنّما قلنا من حيث هو سبب ؛ لأنّه لا من تلك الحيثية الكلّية يتعيّن بالمظاهر ، وقلنا لا يتعيّن بظهور ؛ لأنّه قد يتعيّن بذاته أو في بعض مراتب البطون مع كلّيته كالعقول والنفوس الكلّية .

[مصباح الاُنس : 103 ؛ و(ط - الحجري) ص 34 ]

[36] قوله : «وإنّما قلنا من حيث هو سبب .. .» إلى آخره .

اعلم أنّ الفيض المنبسط والظلّ النوري الممتدّ على هياكل سكّان الملك والملكوت وقطّان الجبروت ، له اعتباران : اعتبار الوحدة والبساطة ، وهو اعتبار اضمحلال الكثرات في ذاته وفناء الصور والتعيّنات في حضرته ، وبهذا الاعتبار ليس له ظهور ولا تعيّن في مظهر من المظاهر وهذا مقام الباطنية والأوّلية

ص: 29

الفعلية ، نعم هو متعيّن بذاته عند اعتبارها والنظر إليها استقلالاً وبالمعنى الاسمي وإن كان هذا النظر نظراً باطلاً شيطانياً ، والنظر المحقّق الذي كان لأبينا آدم - عليه السلام - غير ذلك ؛ أي كان نظره إليه وإلى كلّ الأسماء نظراً آليّاً اسمياً فإنّه - عليه السلام - كان متعلّماً بالتعليم الإلهي كما شهد اللّه بقوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْماء كُلّها)(1) . هذا أحد الاعتبارين .

والآخر اعتبار الكثرة والتركيب وهو اعتبار الظهور في المظاهر من التعيّنات الجبروتية والملكوتية الكلّية والملكية الناسوتية الجزئية ، وبهذا الاعتبار ليس له تعيّن خاصّ بل يتعيّن بكلّ التعيّنات بل نسبته إلى كلّ التعيّنات على حدّ سواء (وَهُوَ الَّذى فِى السَّماءِ إلهٌ وَفِى الأَرْضِ إلهٌ)(2) «ولو دلّيتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبطتم على اللّه»(3) ، وبهذا الاعتبار ورد: «أنّ معراج يونس - عليه السلام - كان في بطن الحوت كما أنّ معراج نبيّنا صلی الله علیه و آله وسلم كان بالعروج إلى فوق اللاهوت»(4).

ونظر المحقّق الماتن إلى الاعتبار الثاني أي اعتبار الكثرة .

ولا يخفى : أنّ كلام الشارح في هذا المقام غير منقّح وفيه مواقع للنظر

ص: 30


1- البقرة (2) : 31 .
2- الزخرف (43) : 84 .
3- سنن الترمذي 5 : 78 ؛ شرح فصوص الحكم ، القيصري : 837 ؛ الحكمة المتعالية 1 : 114 .
4- راجع أحكام القرآن ، ابن العربي 4 : 35 ؛ تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن 2 : 523 - 524 ؛ مقالات شمس تبريزى : 502 ؛ مثنوى معنوى : 539 ، بيت 4512 .

ليس لنا مجال التعرّض له ولما فيه ، وقد أشبعنا الكلام في ذلك المقام في بعض رسائلنا(1) .

* * * * * * * *

لا يقال : [37] المنفيّ في الأصل المذكور أن يتعيّن السبب من حيث اشتراكه لا أن يقتضي التعيّن .

[مصباح الاُنس : 104 ؛ و(ط - الحجري) ص 34 ]

[37] قوله : «المنفيّ في الأصل .. ..» إلى آخره .

حاصله : أنّ الكلام في تعيّن الظاهر في مظهر من المظاهر لا في اقتضائه التعيّن أو اعتبار الشركة وعدمها ؛ فليس التأييد بشيء ، والجواب ظاهر .

* * * * * * * *

لأنّا نقول إذا تعيّن التجلّي من تلك الحيثية كان التعيّن صورته من حيث اشتراكه ، وكلّ صورة للشيء فهو أثره ومقتضاه في قاعدة التحقيق . وتأنيسه : قولهم [38] الكلّي العقلي غير موجود في الخارج ؛ لأنّه عبارة عن مجموع الحقيقة .. .» .

[مصباح الاُنس : 104 ؛ و(ط - الحجري) ص 34 ]

[38] قوله : «الكلّي العقلي . . .» إلى آخره .

وجه كونه تأنيساً أنّ الحقيقة العقلية لها مقام لم يتعيّن بأحد التعيّنات

ص: 31


1- راجع مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ، المشكاة الثانية، المصباح الأوّل، نور 9.

الخارجية ، ولا يخفى ما في مقايسته ، ولو مثّل بالكلّي الطبيعي لكان أنسب ؛ فإنّ الكلّي الطبيعي مع كونه ظاهراً في المظاهر لا يتعيّن بظهور من ظهوراته ولا يتميّز لناظر في منظور .

* * * * * * * *

الخامس: في إمكان كون الشيء الواحد مظهراً وظاهراً باعتبارين

الرابع ما قال الشيخ في «النفحات» : كلّ هيئة واجتماع [39] من وجه أوّل ومظهر ، وما يتّصل ويتعيّن به من مطلق الذات هو آخر وظاهر ، لأنّ المظهر حكمه حكم المرآة فالمرآة إذا امتلأت بما ينطبع فيها لا ترى وإنّما يرى المنطبع .

[مصباح الاُنس : 111 ؛ و(ط - الحجري) ص 37 ]

[39] قوله : «من وجه أوّل» .

وهو وجه كونه مرآة ، به يظهر مطلق الذات ويكون المرئيّ بهذا الاعتبار آخراً وظاهراً ، وإن كان من وجه آخر آخراً وهو اعتبار كونه ناشئاً من الذات ، والذات بهذا الاعتبار أوّل .

* * * * * * * *

[40] فبجهة ما به الممايزة كالذاتية والحالية يكون الذات ظاهراً والحال مظهراً ، وبجهة ما به الاتّحاد ؛ أي من جهة أنّ حال الشيء وصفته من حيث هو عينه ، يكون الظاهر والمظهر واحداً .

[مصباح الاُنس : 112 ؛ و(ط - الحجري) ص 37 ]

ص: 32

[40] قوله : «فبجهة ما به الممايزة» .

لا يخفى أنّ ما ذكره الشارح في بيان كلام الشيخ(1) غير تامّ بل ظاهر كلام الشيخ أيضاً كذلك ، وإن كان له وجه صحّة ؛ لأنّ الأصل المذكور عدم جواز كون شيءٍ واحد من جهة واحدة ظاهراً ومظهراً . وأمّا إذا تعدّدت الحيثيّات فليس مشمولاً للأصل حتّى يصحّ الاستثناء ، والظاهر من كلام الشيخ والمصرّح في كلام الشارح كون الحقّ ظاهراً ومظهراً من جهتين : جهتي الوحدة والكثرة ، وهذا غير منفيّ بالأصل . نعم ، يكون للحقيقة الوجودية ظاهرية وباطنية وأوّلية وآخرية غير ما ذكراها ، يعرفها الراسخون مع صفاء الفطرة وسلامة الذوق ؛ فإنّ حقيقة الوجود مع كونها نوراً بذاته في ذاته ومظهر الأشياء غيب محض ومجهول مطلق .

* * * * * * * *

[41] ولما اقتضى أصلهم هذا أن يكون صفات الحقّ تعالى عندهم

أيضاً ممتازة عنه بالامتياز النسبي ومتّحدة مع ذاته في الوجود كان موافقاً لطور التحقيق .

[مصباح الاُنس : 115 ؛ و(ط - الحجري) ص 38 ]

[41] قوله : «ولما اقتضى أصلهم هذا» .

أي مقتضى عدم جواز كون الشيء قابلاً وفاعلاً هو الامتياز النسبي بين الذات والصفات تحقيقاً للذات والصفة ، وأمّا كونها متّحدة مع ذاته تعالى في الوجود فليس مقتضى هذا الأصل بل هو مقتضى أدلّة التوحيد . والحاصل : أنّ

ص: 33


1- النفحات الإلهية : 42 .

الجمع بين القاعدتين يقتضي الامتياز النسبي والاتّحاد الوجودي .

* * * * * * * *

فهذا - أعني كون صفاته عين ذاته وجوداً وغيرها نسبة - فرع أصلهم هذا ؛ وإذ لو كانت موجودة لساوته لو قدمت [42] ولزم تعطيلها وقيام الحوادث بذاته لو حدثت .

[مصباح الاُنس : 115 ؛ و(ط - الحجري) ص 38 ]

السادس: في أنّه لايعلم شيء بغيره من الوجه المغاير المباين

[42] قوله : «ولزم تعطيلها» .

أي تعطيل الذات الإلهية لو كانت الصفات زائدة عليها وهي خالية عنها في مرتبتها ، أو تعطيل الصفات لو كانت الذات في مرتبتها واجدة إيّاها أو نائبة عنها ؛ لعدم الاحتياج إليها ، تأمّل .

* * * * * * * *

أمّا في ذوق الكشف : فلأنّ الكشف ظهور المستور في قلب العالم من [43] وجوهه السالفة .

[مصباح الاُنس : 116 ؛ و(ط - الحجري) ص 39 ]

[43] أي الوجوه الخمسة التي للقلب إلى الحضرات الخمسة ؛ فبكلّ وجهة ينطوي فيه ما في تلك الحضرة ينكشف لديه إذا ارتفع الحجاب بينه وبين تلك الحضرة ، فيقرأ ما في نفسه بحسب تلك الوجهة ، فلا يظهر له شيء من خارج ذاته ومباين حقيقته .

* * * * * * * *

ص: 34

وإمّا حدّ حقيقي أو اسمي [44] وهو تفصيل مجمل المحدود مع أ نّه عينه في الحقيقة .

[مصباح الاُنس : 116 ؛ و(ط - الحجري) ص 39 ]

[44] قوله : «وهو» .

أي الاسمي ، وأمّا الحقيقي فلا يمكن ؛ لما حقّقه سابقاً(1) وبرهن عليه الشيخ(2) .

* * * * * * * *

السابع: في أنّه لا يؤثّر مؤثّر إلاّ بنسبة بينه وبين المتأثّر

الفصل السابع : في أنّ الشيء لا يؤثّر في الشيء إلاّ بنسبة بينه وبينه ؛ إذ هي التي تقتضي لزوم الأثر .

تأييده : أنّ تأثير الشيء في الشيء تحصيل مقتضاه فيه [45] فإعمال الكلم بحسب مقتضاها .

[مصباح الاُنس : 118 ؛ و(ط - الحجري) ص 39 ]

[45] قوله : «فإعمال الكلم .. .» إلى آخره .

بناءً على أنّ إعمال الكلم كأوضاعها تكون بالأوضاع الإلهية التابعة للتجلّيات الأسمائية في الحضرة الواحدية ، كما الأمر كذلك في كلّ ما في دائرة الظهور .

* * * * * * * *

ثمّ قال : [46] فلا أثر للأعيان الثابتة من كونها مرايا في التجلّي

ص: 35


1- مصباح الاُنس : 34 .
2- إعجاز البيان في تفسير اُمّ القرآن : 32 ؛ اُنظر مصباح الاُنس : 116 .

الوجودي الإلهي إلاّ من حيث ظهور التعدّد الكامن في غيب ذلك التجلّي .

[مصباح الاُنس : 120 ؛ و(ط - الحجري) ص 40 ]

[46] قوله : «فلا أثر للأعيان .. .» إلى آخره .

أي تأثير الأعيان في التجلّي الوجودي الذي هو الفيض المنبسط هو التعيّن والتعدّد الكامن في غيبه ، فإنّ ذلك الفيض الوجودي مظهر أحدية الأسماء أي مظهر نسبة الغيب إلى الأسماء ، المعبّر عنها بالفيض الأقدس ، وعن مظهرها الذي هو نسبة أحدية الجمع إلى الأعيان بالفيض المقدّس ، فهو باعتبار تلك المظهرية كامنة فيه الحقائق ، لكن لا يظهر التعدّد إلاّ بالتعيّنات ، كما أنّ الفيض الأقدس كامنة فيه الحقائق الأسمائية بوجهٍ أبسط تفصيلها الحقائق الأسمائية ، فالفيض الأقدس والمقدّس مقام جمع الأسماء والأعيان ، كما أنّ الأسماء والأعيان مقام بسطهما ، وبما ذكرنا ظهر كيفية تأثير الحقائق في التجلّي الوجودي ؛ أي بالتعيّن والتشخّص وتأثيره فيها أي بالظهور .

* * * * * * * *

ثمّ قال : في «النفحات» : إنّ الآثار للأشياء في أنفسها وفي الوجود الكاشف وليس في الوجود إلاّ الأظهار [47] ولا أثر له بدون مرتبة ما أو قابل ما .

[مصباح الاُنس : 120 ؛ و(ط - الحجري) ص 40 ]

[47] قوله : «ولا أثر له .. .» إلى آخره .

ص: 36

أي لا أثر للوجود مطلقاً إلاّ بتعيّن من التعيّنات وحقيقة من الحقائق ، كما الأمر كذلك في الفيض الأقدس ، بل الذات من حيث هي غيب مطلقاً ما ظهرت قطّ ، حتّى في ذوات الموجودات الكونية المؤثّر هو الذات مع تعيّن من التعيّنات .

* * * * * * * *

إذ هو من تلك الحيثية غنيّ عن العالمين ، بل من حيث نسب أسمائه ومن حيث يعلم نفسه وما في نفسه من عين علمه بذاته ، [48] فإنّ تأثيره بالقدرة المتعلّقة بما عيّنته الإرادة الذاتية .

[مصباح الاُنس : 121 ؛ و(ط - الحجري) ص 41 ]

[48] قوله : «فإنّ تأثيره بالقدرة .. .» إلى آخره .

حاصله أنّ العلم تابع للمعلوم ، والإرادة تابعة للعلم ، والقدرة تابعة للإرادة ، والتأثير والإيجاد تابع للقدرة كما حقّق الشيخ الأعرابي في مواضع من فصوص الحكم(1) .

* * * * * * * *

لا يقال : [49] الدليل يعاد في اختصاصه بتلك الصورة النوعية فإن كان باقتضاء السبب على طريق المسابقة العلّية تسلسل .

[مصباح الاُنس : 122 - 123 ؛ و(ط - الحجري) ص 41 ]

ص: 37


1- فصوص الحكم : 82 ، 130 ؛ شرح فصوص الحكم ، القيصري : 587 ، 808 .

[49] قوله : «الدليل يعاد في اختصاصه .. .» إلى آخره .

حاصله : أ نّنا ننقل الكلام في اختصاص الأجسام بالصور النوعية ، فإن كان بالفاعل المفارق فكذا إلى آخر الدليل ، وإن كان بصورة مختصّة اُخرى هلمّ جرّاً تسلسل ، هذا كلّه فيما إذا كان على طريق العلّية ، وأمّا إذا كان الاجتماعات السابقة معدّة لإفاضة الصورة النوعية ، فلم لا يجوز أن يفاض الآثار بواسطة الإعدادات السابقة من غير وساطة الصورة النوعية؟!

* * * * * * * *

[50] على أنّ الجوهرية كالعرضية نسبة على قاعدة التحقيق ، والفرق بينهما بالتابعية والمتبوعية ، فلم لا يجوز أن يتقوّم نسبة متبوعة بحقائق مثلاً بنسب تابعة لحقيقة اُخرى كالحركة السريعة والبطيئة .

[مصباح الاُنس : 123 ؛ و(ط - الحجري) ص 41 ]

[50] قوله : «على أنّ الجوهرية كالعرضية .. .» إلى آخره .

كون الجوهرية والعرضية نسبة لا يقتضي جواز تقوّم أحدهما بالآخر ، كما أنّ العقلية والجسمية أيضاً نسبة ولا يجوز تقوّم أحدهما بالآخر ؛ فإنّ مظاهر الأسماء تابعة لها ، فالأسماء المتبوعة تقتضي الجوهرية ، والتابعة تقتضي العرضية والمراتب محفوظة (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّه تَبْدِيلاً)(1) ، والنقض بالحركة

ص: 38


1- الأحزاب (33) : 62 .

السريعة والبطيئة في غير محلّه ؛ أمّا على مسلك الحكيم فظاهر ، وأمّا على مذهب أصحاب التحقيق فلأنّ الحركة لا يتقوّم بهما ، بل الحقّ تقوّم الحركة بالتجلّيات المتبوعة من وجه وهما متقوّمان بالتابعة ، بل التقويم والتقوّم بين الأسماء المتجلّية والمظاهر دون المظاهر بعضها مع بعض ، إلاّ بوجه آخر غير ما يفهمه الجمهور ويحتاج إلى مشرب أحلى وتحقيق في الأسماء المحيطة والمحاطة ، وليس هنا محلّ تحقيقه .

* * * * * * * *

الثامن: في أنّه لا يؤثّر مؤثّر حتّى يتأثّر

[قال في المفتاح :] ومنه : أ نّه لا يؤثّر مؤثّر حتّى يتأثّر وأقلّ ذلك استحضاره أو علمه في نفسه ما يريد إيقاعه [51] بالمؤثّر فيه ، أو حضوره معهما أي مع الأثر والمؤثّر فيه .

[مفتاح الغيب : 16 ؛ و(ط - الحجري) ص 42 ]

[51] قوله : «بالمؤثّر فيه» .

متعلّق بإيقاعه وقوله : «أو حضوره» عطف على قوله : «استحضاره» ، والمراد منه حضوره الاتّفاقي بالمعنى الذي قرّرنا في الهامش المتعلّق بذلك(1) .

* * * * * * * *

إنّ المؤثّر إمّا أن يكون عالماً في نفسه بالأثر وبجميع المصالح والحكم - كالحقّ تعالى - أو بعضها ، فإمّا من نفسه - كأهل الكشف

ص: 39


1- يأتي في التعليقة التالية .

من الوجه الخاصّ - أو من غيره ، [52] فإمّا بحضوره الاتّفاقي حالة القصد إلى التأثير أو باستحضاره بعد القصد وتجديد حضوره وهذه التأثّرات الأربعة .

[مصباح الاُنس : 126 ؛ و(ط - الحجري) ص 42 ]

[52] قوله : «فإمّا بحضوره الاتّفاقي .. .» إلى آخره .

مراده من «الحضور الاتّفاقي» هو العلم الابتدائي الانفعالي الذي ينال النفس من الخارج ، ومن «الاستحضار» هو استحضار المعلوم من خزانة خياله أو عقله ، وهذا غير العلم الكشفي بل هو العلم الكسبي المخزون ؛ أي العلم الناشي من الملكة البسيطة الفعّالة .

* * * * * * * *

[قال في المفتاح :] ومراتب التأثير أربعة : رتبة في نفس المؤثّر والثانية : في الذهن والثالثة في الحسّ والرابعة [53] الجامعة المشتملة على الثلاثة المذكورة فوقها» .

[مفتاح الغيب : 16 ؛ و(ط - الحجري) ص 43 ]

[53] قوله : «الجامعة المشتملة على الثلاثة» .

قال شيخنا العارف - دام ظلّه العالي - وهي كما في تنزّل الحقائق الغيبية من العالم العقلي إلى مرتبة الخيال ومنه إلى مرتبة الحسّ كما في نزول جبرئيل - عليه السلام - على قلب رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله - وتمثّله في عالم

ص: 40

خياله بحيث ملأ الخافقين(1) ، وتنزّله في حسّه الشريف بصورة دحية الكلبي(2) مثلاً ، وكقلب أحديّ جمعي لا يشغله الوحدة عن الكثرة ، والكثرة عن الوحدة ، وهو أيضاً جامع بين الثلاثة ، ثمّ إنّ الجمع بين العقل والخيال والحسّ والخيال أيضاً ممكن فيصير الأقسام ستّة .

* * * * * * * *

قالت الفلاسفة بأنّه موجب بالذات ؛ والأشاعرة بأنّ أفعاله غير معلّلة بالأغراض ، لكنّهم قالوا : [54] المصالح الشرعية عائدة إلى العباد ، وهو (لا يُسئَلُ عَمّا يَفعَلُ) والاستكمال في عودها إليهم ممنوع ؛ فإنّ من صار بذل الآلاف له ملكة صادرة بلا تأمّل لا يكون ببذل فلس لمستحقّ مستكملاً بوجه ، ولا شكّ أنّ نسبة حاله إلى وجود الحقّ نسبة أقلّ شيء إلى غير متناهٍ فأين استكماله به .

[مصباح الاُنس : 127 ؛ و(ط - الحجري) ص 43 ]

[54] لا يختصّ هذا البيان بالمصالح الشرعية ؛ فإنّ نسبة تمام مراتب الوجود إلى الحقّ تعالى ليست إلاّ نسبة أقلّ شيء إلى غير المتناهي ، بل لا نسبة بينه - تعالى شأنه - وبين الأشياء كما حقّقنا في بعض رسائلنا(3) ،

ص: 41


1- بحار الأنوار 56 : 215 .
2- الكافي 2: 587 / 25.
3- شرح دعاء السحر : 37 .

وليس ما ذكره الأشاعرة(1) إلاّ لقصور نظرهم وإلحادهم بأسماء اللّه وكفرهم به تعالى شأنه .

* * * * * * * *

قلت إنّما لم يذكره هاهنا لما قال الشيخ فيه : إنّه ليس تصوّراً علمياً [55] بل إدراك روحاني جملي من خلف حجاب الطبع والعلائق ، فلا يدخل في مراتب العلم إلاّ باعتبار القوّة القريبة من الفعل .

[مصباح الاُنس : 128 ؛ و(ط - الحجري) ص 43 ]

[55] قوله : «بل إدراك روحاني» .

أقول : وهو السرّ الوجودي الأحديّ الجامع للحقائق لكنّه محجوب بالعلائق الجسمانية والحجب الطبيعية ، وليس هذا هو العقل الهيولاني باصطلاح الحكيم(2) كما احتمله شيخنا العارف - دام ظلّه - وإن يوهمه قوله : «إلاّ باعتبار القوّة القريبة من الفعل» .

* * * * * * * *

ورابعتها : الجامع للكلّ ؛ أي التصوّر المركّب من هذه الأقسام التي

ص: 42


1- التفسير الكبير 22 : 155 ؛ شرح المقاصد 4 : 301 ؛ شرح المواقف 8 : 202 ؛ كشف المراد : 306 .
2- راجع الإشارات والتنبيهات : 85 ؛ المبدأ والمعاد ، ابن سينا : 96 ؛ الحكمة المتعالية 3 : 368 ؛ شرح المنظومة 5 : 170.

هي أشعّة أنوار العلم في مراتب القوى [56] بأحدية الجمع ، كذا في تفسير الفاتحة .

[مصباح الاُنس : 129 ؛ و(ط - الحجري) ص 44 ]

[56] قوله : «بأحدية الجمع» .

ليس المراد بها المرتبة الكاملة الغيبية للنفس - كما هي إحدى إطلاقاتها - بل المرتبة المحيطة المبسوطة على جميع المراتب بحيث لا يشغلها شأن عن شأن ، وهذا البسط يؤكّد الجمعية الأحدية .

* * * * * * * *

[57] وإنّما تعذّر هذا الإدراك قبل الدروج والعروج مع حصول المجاورة المذكورة للقرب المفرط وحجاب الوحدة إذ الغيب الإلهي لا يتعدّد فيه شيء فلا يضبطه النفس .

[مصباح الاُنس : 131 ؛ و(ط - الحجري) ص 44 ]

[57] قوله : «وإنّما تعذّر .. .» إلى آخره .

لا يحصل الإدراك الامتيازي الأسمائي إلاّ بالتجلّيات الأسمائية لا في الحضرة الواحدية ولا في الحضرة الكونية ، وعند اضمحلال الأسماء والصفات في أحدية الجمع لا حكم إلاّ للأسماء الذاتية ، فالامتياز والإدراك والمدرِك والمدرَك كلّها حكم الأسماء في الظهور بالواحدية والأسماء الذاتية عند التجلّي بالأحدية الجمعية وعند صعق السماوات والأرض ومن فيهنّ فلا حكم أصلاً؛

ص: 43

لا للأسماء ولا للأعيان ، وهذا غير الصعق الحاصل بالنفخ عند احتجاب القلوب .

قال الإمام أدام اللّه تعالى بركات أيّامه وجعلنا ممّن يستفيد من دقائق إشاراته وظرائف كلامه :

إلى هاهنا قرأت الكتاب عند شيخنا العارف الكامل الشاه آبادي - روحي فداه - وقد اتّفق انتقاله إلى طهران فصرت محروماً من فيضه دام ظلّه .

* * * * * * * *

التاسع: في أنّ الأثر لايكون لموجود ما من حيث وجوده فقط

أمّا تفسير الكمالين فما قال الشيخ في التفسير : إنّ كمال الجلاء هو كمال ظهور الحقّ بالإنسان الكامل ، [58] وكمال الاستجلاء عبارة عن جمع الحقّ بين شهود نفسه بنفسه في نفسه وفيما امتاز عنه ، فيسمّى بسبب الامتياز غيراً ولم يكن كذلك قبله ، وعن مشاهدة الغير نفسه بنفسه من جهة كونه غيراً ومن امتاز عنه بعينه وعين من امتاز عنه .

[مصباح الاُنس : 138 ؛ و(ط - الحجري) ص 47 ]

[58] قوله : «وكمال الاستجلاء» .

ليس مطلق جمع الحقّ - جلّ اسمه - بين شهود نفسه بنفسه في نفسه وفيما امتاز عنه كمال الاستجلاء ، ولا مشاهدة الغير نفسه بنفسه مطلقاً مربوطاً به ، بل

ص: 44

الحقّ : أنّ كمال الاستجلاء عبارة عن مشاهدة الحقّ نفسه باسمه الجامع في المرآة الأتمّ؛ أي الإنسان الكامل ، فظهور الحقّ في المرآة الأتمّ كمال الجلاء ، وشهود نفسه في تلك المرآة كمال الاستجلاء ، هذا عند اعتبار المراتب ، وأمّا عند الاضمحلال فكمال الجلاء ظهوره - جلّ وعلا - في كلّ مرآة ، وكمال الاستجلاء شهود نفسه فيها ، وأمّا الامتيازات التي ذكرها الشيخ فهي حكم الكمالين لا أ نّها داخلة فيهما كما يظهر من عبارته .

وعندنا في هذا المشهد تحقيق رشيق يظهر شمّة منه من شرحنا لدعاء الأسحار من شهر رمضان المبارك(1) .

* * * * * * * *

العاشر: في قاعدة كشفية يسرى حكمها في اُمّهات المسائل
اشارة

وشاهد بالنظر المذكور كمالاً آخر مستجنّاً في غيب هويّته غير الكمال الأوّل فإذاً رقيقة متّصلة بين الكمالين اتّصال تعشّق تامّ

[59] وهو كمال الجلاء والاستجلاء .

[مصباح الاُنس : 140 ؛ و(ط - الحجري) ص 48 ]

[59] قوله : «وهو كمال الجلاء .. .» إلى آخره .

أي ظهور نفسه بذاك الكمال المستجنّ في غيب هويّته وشهود نفسه في ذلك الكمال كمال الجلاء والاستجلاء ، ومعلوم أنّ الكمالين المذكورين هاهنا غير ما ذكر قبيل هذا بقوله : «إنّ كمال الجلاء هو كمال ظهور الحقّ بالإنسان الكامل .. .» إلى آخره . فإنّ هذا في الحضرة العلمية وفي الأعيان الثابتة في غيب هويّته

ص: 45


1- شرح دعاء السحر : 11 و71.

بمقتضى استجماعه بأحدية ذاته لجميع الكمالات ، وذاك في الحضرة العينية والأعيان الموجودة .

* * * * * * * *

فمرّ ذلك التجلّي في عوده على جميع التعيّنات العلمية فمخضها بتلك الحركة القدسية الشوقية [60] فانتشت بتلك المخضة البواعث العشقية من جميع الحقائق .

[مصباح الاُنس : 141 ؛ و(ط - الحجري) ص 48 ]

[60] قوله : «فانتشت بتلك المخضة» .

أي أنّ البواعث العشقية من الحقائق والأعيان الثابتة تابعة للباعث الحبّي الذاتي في الحضرة الغيبية ، كما أنّ الظهور التابع لتلك البواعث تابع لظهوره - تعالى شأنه - فتكون الأعيان محبوباً بالعرض ومقضيّاً بالعرض وظاهراً بالعرض ، وذاته - تعالى جدّه - محبوب ومراد وظاهر بالذات .

* * * * * * * *

قال الشيخ في «النصوص» : إنّ للحقّ كمالاً ذاتياً وكمالاً أسمائياً يتوقّف ظهوره على إيجاد العالم ، والكمالان معاً من حيث تعيّن الحقّ في تعقّل الحاكم بهما أسمائيان ؛ إذ الحكم عليه بأنّ له كمالاً ذاتياً يستدعي تعقّل ذات الحقّ بغناه في ثبوت وجوده له عن سواه ، ولا شكّ أنّ كلّ تعيّن للحقّ [61] هو اسم له .

[مصباح الاُنس : 142 ؛ و(ط - الحجري) ص 49 ]

ص: 46

[61] حتّى أنّ كلمة «هو» - المشار به إلى غيب الهويّة - من الأسماء الذاتية ؛ فإنّ مقام الذات لا إشارة إليه أصلاً ، فلا اسم له ولا رسم ولا إشارة ، فكلّ ما تعقّل عاقل أو أشار إليه مشير ، فهو تعيّن من تعيّناته واسم من أسمائه ومظهر من مظاهره ، فهو هو وهو غيره .

* * * * * * * *

بل قد يظهر بها في بعض المراتب وصف [62] الأكملية ومن جملتها معرفة أنّ هذا شأنه .

[مصباح الاُنس : 143 ؛ و(ط - الحجري) ص 49 ]

[62] قوله : «الأكملية» .

أي في مقام الظهور على بعض الوجوه ، وأمّا على وجه استهلاك الكلّ - كما هو شأن كلّ موجود ومظهر بالنسبة إلى الظاهر - فليست الأكملية الظهورية أيضاً ، بل على وجه أحدية جمعه للكلّ وأخذ كلّ النواصي بمقام أحديته وربطه الخاصّ مع كلّ موجود ليس التفوّه بالأكملية الظهورية في محلّه .

* * * * * * * *

[63] توضيحه : إنّ صاحب كمال الحيطة واستيعاب الوجوه للوجود لو لم يوصف بوصف مظهر من مظاهره كان قادحاً في سعة إحاطته وكان الوصف له كمالاً غير أنّ الموصوفية به لكونه من فضائل الكمال المستوعب غير الموصوفية لا بذلك الوجه .

[مصباح الاُنس : 143 ؛ و(ط - الحجري) ص 49 ]

ص: 47

[63] فإنّ نسبة الكمال إلى الظاهر ذاتية حقيقية ، ونسبة التعيّن والنقص إليه عرضية مجازية وإن كان الكلّ منه وإليه ؛ (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّه ِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ)(1) وإن كان الكلّ من عند اللّه .

* * * * * * * *

الأوّل : أنّ كلّ متعيّن من حيث دلالته على من تعيّن بتعيّنه عينه وإن كان من حيث [64] مفهوم تعيّنه غيره .

[مصباح الاُنس : 144 ؛ و(ط - الحجري) ص 50 ]

[64] قوله : «مفهوم تعيّنه» .

أي حقيقة التعيّن ، والمقصود أنّ المتعيّن عينه ذاتاً وكمالاً وغيره تعيّناً ونقصاناً ، وهذا الحكم جارٍ في الأسماء وصورها التي هي الأعيان وفي المظاهر الكونية عند المحقّق .

* * * * * * * *

الثالث : أنّ كلّ اسم [65] من حيث دلالته على الذات له جميع الأسماء ومن حيث دلالته على المعنى الذي ينفرد به يتميّز عن غيره .

[مصباح الاُنس : 145 ؛ و(ط - الحجري) ص 50 ]

[65] قوله : «من حيث دلالته على الذات» .

أي من حيث ظهور الذات فيه ، فالذات بحقيقة أحدية جمعه ظاهر في كلّ

ص: 48


1- النساء (4) : 79 .

اسم ، فكلّ اسم فيه جميع الأسماء حقيقة وإن كان التميّز باعتبار الظهور والبطون ، فالاسم الرحمن ظاهر فيه الرحمة باطن فيه الغضب والقهّار بالعكس ، فالجنّة حفّت بالمكاره والنار حفّت بالشهوات(1) ، فكلّ شيء آية اللّه اسمه الجامع لدى اُولى البصائر «ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت اللّه قبله ومعه»(2) أي باسمه الجامع ، كما عن الصادق عليه السلام(3) .

* * * * * * * *

ومنه يعلم ذوق كلّ شيء في كلّ شيء [66] وهو للمحمّديين خاصّة كما مرّ .

[مصباح الاُنس : 145 ؛ و(ط - الحجري) ص 50 ]

[66] فإنّ لهم البرزخية الكبرى وهم اُمّة وسط ، وهذا سرّ الختمية ؛ أي تمام دائرة الوجود وختم سير النور في الغيب والشهود .

* * * * * * * *

وعلى هذا بنى الشيخ الكبير [67] في «الفصوص» : أنّ «المصطفين» - الذين اُورثوا كتاب الجمع والوجود - ثلاثة .

[مصباح الاُنس : 146 ؛ و(ط - الحجري) ص 50 ]

ص: 49


1- راجع نهج البلاغة : 251 ، الخطبة 176 .
2- شرح اُصول الكافي، صدر المتألّهين 3 : 432 ؛ الحكمة المتعالية 1 : 117 ؛ مرآة العقول 10 : 391 ؛ شرح الأسماء ، السبزواري : 516 ، في هذه المصادر روي عن علي عليه السلام .
3- لقاء اللّه ، الملكي التبريزي : 29 .

[67] قوله : «في الفصوص» .

في الفصّ النوحي حيث قال : )ولا تزد الظالمين( لأنفسهم «المصطفين» الذين اُورثوا الكتاب ، فهم أوّل الثلاثة فقدّمه على «المقتصد» و«السابق» (إلاّ ضلالاً) إلاّ حيرة(1) انتهى .

أشار إلى قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ)(2) ، وفسّر القيصري الظالم بالفاني في الذات ، والمقتصد بالفاني في الصفات ، والسابق بالخيرات بالفاني في الأفعال(3) .

* * * * * * * *

الوجه الثالث : أنّ من عرفها عرف أنّ مظهر الاسم الجامع كالإنسان الكامل من القطب وغيره يجوز أن يظهر فيه الكمالات الإلهية ، لكن [68] غير القسم الأوّل من الأقسام الثلاثة المذكورة في تفسير الفاتحة ، أعني غير ما يختصّ بجناب الحقّ تعالى ؛ كوجوب الوجود والأزلية والإحاطة .

[مصباح الاُنس : 147 ؛ و(ط - الحجري) ص 51 ]

[68] قوله: «غير القسم الأوّل - إلى قوله: - غير ما يختصّ بجناب الحقّ تعالى».

ص: 50


1- فصوص الحكم : 72 - 73 ؛ وراجع شرح فصوص الحكم ، القيصري : 526 - 527 .
2- فاطر (35) : 32 .
3- شرح فصوص الحكم ، القيصري : 526 - 527 .

أقول : وعندنا أنّ وجوب الوجود وما بعده كلّها ثابتة للإنسان الكامل والمظهر الأتمّ ، والفرق بينها وبين ما ثبت للّه تعالى في مقام أحديّة الذات هو الفرق بين الظاهر والمظهر ، وبين الغيب والشهادة ، وبين الجمع والفرق ، فجميع الأسماء الإلهية - ذاتية كانت أو غيرها - ظاهرة في المظهر الأتمّ ، والاسم المستأثر في الحقيقة ليس من الأسماء فلا ظهور له ولا مظهر ، وأمّا الأسماء الذاتية حتّى الهوية الصرفة والغيب الأحدي فلها ظهور بمعنى آخر ، بل لها ظهور في كلّ موجود بمعنى غيبي أحدي سرّي لا يعرفه إلاّ اللّه ، ألا ترى قوله تعالى : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّى عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(1) ؛ فهذا هو الوجه الخاصّ بلا واسطة اسم من الأسماء أو مظهر من المظاهر .

* * * * * * * *

[69] تأنيسه : قولهم : الحقيقة ليست من حيث هي واحدة ولا كثيرة ولا شيئاً من المتقابلات .

[مصباح الاُنس : 148 ؛ و(ط - الحجري) ص 51 ]

[69] قوله : «تأنيسه : قولهم : الحقيقة .. .» إلى آخره .

ولا يخفى أنّ قياس ظهور الحقيقة الإلهيّة في المظاهر الخلقية على الطبيعي مع الأفراد مع الفارق إلاّ على بعض الاعتبارات البعيدة كما هو الظاهر عند اُولى البصائر .

* * * * * * * *

ص: 51


1- هود (11) : 56 .

[70] بل التحقيق : إنّ ذلك القاصر إذا ضمّ إلى الكامل الآخر اقتضى وصفاً فوق الكمال لا نقصاناً ومذمّة .

[مصباح الاُنس : 148 ؛ و(ط - الحجري) ص 51 ]

[70] قوله : «بل التحقيق أنّ ذلك .. .» إلى آخره .

هذا التحقيق ليس بشيء ؛ فإنّ ضمّ شيء إلى شيء لا يفيد شيئية اُخرى مقتضية لأمر من الاُمور ، كما هو المحقّق في محلّه ، ولكنّ التأنيس حاصل بأنّ الحقيقة اللا بشرطية الطبيعية مع أ نّها في حدّ ذاتها ليست بناقصة ولا كاملة متّصفة بهما وتظهر مع كلٍّ منهما ، فالحقيقة المقدّسة الإلهية مع ظهورها وتجلّيها في كلّ المرائي الوجودية في عوالم الغيب والشهود مقدّسة عن كلّ التعيّنات منزّهة عن كلّ القصورات «مع كلّ شيء لا بالمداخلة وغير كلّ شيء لا بالمزايلة»(1) .

* * * * * * * *

الفصل الأوّل: في تصحيح الإضافات التي بين الذات والصفات
المقام الأوّل: في الإشارة إلى تصوّر وجود الحقّ وهليّته

وأمّا الثالث - وهو الموجود - : فلأنّ موجوديته بالوجود الذي هو غيره ؛ لأنّه إمّا صفة الموجود - كما هو النظر القاصر لأهل الظاهر - أو الموجود [71] صفة الوجود - كما هو ذوق التحقيق - وكلّ ما موجوديته بالغير لا يكون واجب الوجود .

[مصباح الاُنس : 151 ؛ و(ط - الحجري) ص 52 ]

[71] قوله : «صفة الوجود» .

ص: 52


1- في المصدر : «لا بمقارنة»، اُنظر نهج البلاغة : 40 ، الخطبة الاُولى .

لأنّ الوجود قائم بذاته ومفهوم الموجودية المصدرية منتزعة منه ، وإلاّ بحسب حاقّ الواقع ومتن كبد الأعيان فالموجود والوجود شيء واحد لا اختلاف بينهما أصلاً .

* * * * * * * *

ونسبة الضرب إلى الضارب يسمّى ضاربية وإلى المضروب يسمّى مضروبية وكلّ منهما يسمّى حاصل المصدر لا مصدراً فالموجودية منتسبة بالوجود بالمعنى الأوّل وحاصلة منه كالمضروبية بالضرب [72] وهي الحاصلة للمخلوقات .

[مصباح الاُنس : 152 ؛ و(ط - الحجري) ص 53 ]

[72] قوله : «وهي الحاصلة للمخلوقات» .

هذا شبيه مذهب ذوق المتأ لّهين أو عينه ، ولعلّ المحقّق الدواني أخذ مذهبه(1) منهم ؛ أي من أهل الذوق والعرفان أو طابق ذوقه ذوقهم .

* * * * * * * *

بل إذا نسب إلى جميع الوجودات الخارجية [73] يلزم عدم الوجود له في ذاته وحصوله بمخلوقه وتأثير المعدوم في الوجودات .

[مصباح الاُنس : 154 ؛ و(ط - الحجري) ص 53 ]

ص: 53


1- راجع شواكل الحور في شرح هياكل النور: 167 - 171؛ سبع رسائل، المحقّق الدواني: 128؛ اُنظر الحكمة المتعالية 1: 72، 251، 398، و6: 63؛ شرح المنظومة 2: 114 - 115.

[73] إذا فرض أنّ الوجود الزائد مخلوقه ، وأمّا إذا فرض أنّه لازمه فلا يلزم هذا المحذور ، بل محذور آخر .

* * * * * * * *

فإن قلت : كلّ منهما واجب بمعنى آخر ، فالمهيّة واجبة لذاتها أي لنفسها والوجود واجب [74] لذاته وهي المهيّة لاقتضائها إيّاه .

[مصباح الاُنس : 154 ؛ و(ط - الحجري) ص 53 ]

[74] قوله : «لذاته» .

أي لذات الوجود ، وإنّما هو واجب الوجود بالذات ؛ لأ نّه مقتضى ذات المهيّة ، والجواب أنّ هذا ليس الوجوب الذاتي بل بالغير كما هو معلوم .

* * * * * * * *

[75] البرهان الرابع : إنّ الوجود المطلق موجود ؛ لصدق قولنا : الوجود موجود ، إمّا بصحّة حمل الشيء على نفسه - وإن كان غير مفيد - أو بالذات ، لأنّ المهيّات غير مجعولة ، أو بالضرورة لامتناع سلب الشيء عن نفسه من حيث أخذه ذهناً أو خارجاً أو مطلقاً .

[مصباح الاُنس : 155 ؛ و(ط - الحجري) ص 54 ]

[75] قوله : «البرهان الرابع : إنّ الوجود المطق .. .» إلى آخره .

لا يخفى أنّ هذا البرهان لا يدلّ على ما هو بصدده من إثبات كون الحقّ وجوداً مطلقاً ، والغلط فيه ناشٍ من اشتباه المفهوم بالمصداق والحمل الأوّلي

ص: 54

بالشائع ، وكيف كان فما نقل عن المحقّق الطوسي من كون مهيّته تعالى عين وجوده(1) أدلّ دليل على المطلوب ؛ فإنّ سلب المهيّة عنه تعالى سلب كافّة التعيّنات والتقيّدات وإثبات إحاطته على قاطبة الوجودات والموجودات ووجدانه لجميع الكمالات ومطلق الوجود (وَهُوَ الَّذِى فِى السَّماءِ إِلَهٌ وَفِى الأَرْضِ إِلَهٌ)(2)، «ولو دلّيتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبطتم - لهبط خ . ل - على اللّه»(3) .

* * * * * * * *

[76] البرهان الخامس : أنّ الوجود المطلق لو لم يكن موجوداً كان معدوماً وإلاّ كذب أجلى البديهيات فارتفع الثقة عن العلميات .

[مصباح الاُنس : 157 ؛ و(ط - الحجري) ص 55 ]

[76] قوله : «البرهان الخامس .. .» إلى آخره .

هذا البرهان في غاية السقوط ، والاشتباه فيه ناشٍ من أخذ مطلق الوجود مكان الوجود المطلق ، والمقصود إثبات الثاني للحقّ لا الأوّل ؛ فإنّه ليس محلّ البحث هاهنا . فتدبّر .

* * * * * * * *

ص: 55


1- مصباح الاُنس : 108 و156 .
2- الزخرف (43) : 84 .
3- سنن الترمذي 5 : 78 / 3352 ؛ شرح فصوص الحكم ، القيصري : 837 ؛ الحكمة المتعالية 1 : 114 .

[77] إنّ ارتفاع الحقيقة الكلّية التي هي ذات الأفراد ومقوّمها عين ارتفاع الأفراد التي من جملتها وجود الواجب .

[مصباح الاُنس : 157 ؛ و(ط - الحجري) ص 55 ]

[77] قوله : «إنّ ارتفاع الحقيقة الكلّية» .

ليس نسبة مفهوم الوجود إلى ما صدق عليه نسبة الحقيقة الكلّية إلى أفرادها والمهيّة على مصاديقها ، وأمّا حقيقة الوجود التي هي عين الحقّ فهي ليست بمهيّة كلّية صادقة على الأفراد ، وهذا أمر مشتبه على الشارح وأترابه وقد حقّق في محلّه ، فمن أراد الاطّلاع عليه فليراجع كتب صدر المتأ لّهين(1) قدس اللّه نفسه الزكيّة .

* * * * * * * *

[78] الشبهة الاُولى : أنّ المطلق لا تحقّق له إلاّ في الذهن والواجب من يجب وجوده في الخارج .

[مصباح الاُنس : 159 ؛ و(ط - الحجري) ص 56 ]

[78] قوله : «الشبهة الاُولى .. .» إلى آخره .

هذه الشبهة وجوابها في غاية السقوط ، أمّا الشبهة فلأنّها ناشئة من اشتباه المفهوم الذهني بالحقيقة الخارجية ، فالإطلاق الذي نحن بصدد إثباته للحقّ تعالى هو عين الوجود الصريح الخارجي الذي لا تعيّن له ولا ماهية بل هو نور

ص: 56


1- الحكمة المتعالية 1 : 50 ، 257 ، 259 ؛ المشاعر : 6 - 9 ؛ مفاتيح الغيب : 322 .

محض وحقيقة خالصة لا سبيل للبطلان إليه ولا طريق للبوار الذي هو التعيّن أو اللازم له إليه ، وأمّا الإطلاق المفهومي : فهو خارج عن حقيقة الحقّ عند الكلّ وليس أحد يتفوّه به ، وبهذا يظهر سقوط الجواب أيضاً ؛ فإنّ الحقّ في الجواب ما عرفت وهو لا يبتني على وجود الطبيعي ، وليس نسبة الحقيقة الحقّة الإلهية الإطلاقية مع مفهوم الوجود المطلق نسبة المهيّة مع أفرادها كما هو أظهر من أن يخفى على اُولى النهى .

* * * * * * * *

إنّ الحقّ وجود الكلّي الطبيعي في الخارج [79] لوجود أحد قسميه وهو المخلوط .

[مصباح الاُنس : 160 ؛ و(ط - الحجري) ص 56 ]

[79] قوله : «لوجود أحد قسميه وهو المخلوط» .

إثبات وجود الطبيعي بوجود المخلوط ظاهر الفساد وإن أصرّ عليه بعض المحقّقين من أهل النظر في كتبه(1) ؛ فإنّ تقسيم المهيّة إلى الأقسام الثلاثة من الاعتبارات العقلية التي لا وجود لها على التحقيق ، فالمخلوط لا وجود له البتّة وإن كان الطبيعي له وجود .

والطريق الصحيح لإثباته هو من طريق حمل الطبيعي على الأفراد الخارجية ، والحمل يقتضي الاتّحاد أمّا مفهوماً فليس ، وأمّا وجوداً فهو المدّعى ، وللمقام تفصيل وتحقيق ليس مجال ذكره واللّه العالم .

ص: 57


1- شرح المنظومة 1 : 139 ، و 2 : 345 ؛ شرح الأسماء ، السبزواري : 331 .

[80] وجملة الكلام فيه : أنّ الحقّ أنّ الذات المطلق إمّا أن يتوقّف على تحقّق صفاتها وأحوالها المشخّصة بدون عكسه أو بالعكس كذلك ، أو لا توقّف من الطرفين ، أو لكلٍّ توقّف على الآخر من وجه . فالأوّل بيّن الاستحالة ؛ لأنّ توقّف تحقّق الذات على تحقّق أحوالها دور ويقتضي أن يكون الذات والحال على عكس المفروض . والثاني يقتضي أن يتعيّن الماهية قبلها تعيّناً شخصياً ، فلا يكون كلّية ، هذا خلف . والثالث محال ؛ لأنّ الوصف والحال ما يكون تبعاً في الوجود .

[مصباح الاُنس : 161 ؛ و(ط - الحجري) ص 56 ]

[80] قوله : «وجملة الكلام» .

لولا هذه الجملة التي زعم أنّها تحقيق لكان صدر كلامه موافقاً للتحقيق ، ولكنّه على زعمي أخذ صدر كلامه من غيره كالقونوي وأترابه ولم يطّلع على حقيقته .

وبالجملة : ففي قوله «والثاني يقتضي أن يتعيّن المهيّة قبلها .. .» إلى آخره ، نظر واضح ؛ فإنّ الكلّية التي سلبها متحاشياً إن كانت المفهومية فالحقّ سلبها ، وإن كانت بمعنى سعة الوجود وإحاطته كما في تعبير كثير من أهل المعرفة فلا يكون تالياً لما ذكر . والحقّ أنّ في كلام هذا الشارح القاضي في كثير من المواضع أغلاط غريبة ، ومن لم يجعل اللّه له نوراً فما له من نور .

* * * * * * * *

ص: 58

«وهذه النسبة هي السارية فيما بين الهيولى والصورة والجوهر والعرض في الشخص [81] فإنّها سرّ سريان وجود الحقّ في المظاهر .. .» .

[مصباح الاُنس : 162 ؛ و(ط - الحجري) ص 57 ]

[81] قوله : «فإنّها سرّ سريان وجود الحقّ .. .» إلى آخره .

هذا وأمثاله من لوازم المهيّة والنقص وليس من أسرار سريان الحقّ ؛ فإنّ الكمالات برمّتها منه ومن أثر ظهوره في الخلق ، وأمّا النواقص : فمن نفس المهيّات فهو تعالى : (نُورُ السَمَواتِ وَالأَرْضِ)(1) ، وأمّا الظلمات اللازمة للتعيّنات فمن الكلمة الخبيثة ، وإن قلنا بأنّ الكلّ من عند اللّه فهو بنحو العرضية واللازمية كما هو ظاهر .

* * * * * * * *

[82] الشبهة الثالثة : لو كان الوجود المطلق واجباً لكان كلّ وجود واجباً حتّى وجود القاذورات والخنازير والحيّات تعالى اللّه عمّا لا يليق به .

[مصباح الاُنس : 162 ؛ و(ط - الحجري) ص 57 ]

[82] قوله : «الشبهة الثالثة .. .» إلى آخره .

هذه الشبهة كأمثالها أيضاً واهية ساقطة ناشئة من عدم الفرق بين الوجود

ص: 59


1- النور (24) : 35 .

المطلق أي الغير المتعيّن المجرّد عن كافّة المهيّات والتعلّقات ، وبين مطلق الوجود المحكوم في كلّ وجود بحكمه ، ولا يحتاج إلى تحقيقات الشارح التي هي منظور فيها في نفسها ، وإن شئت بلسان أهل المعرفة فقل : إنّ الوجود مطلقاً كمال وجمال ، والنقص ناشٍ من التعيّنات والمهيّات لا أصل الوجود ، وهذا أيضاً غير مربوط بما نحن بصدده من إثبات الوجود المطلق للباري - جلّ ذكره - بل راجع إلى أنّ ظهوره في مجالي الأنوار كمال ونور وهو (نُورُ السَمَواتِ وَالأَرْضِ)(1) .

* * * * * * * *

[83] الشبهة الرابعة : أنّ الوجود ليس بموجود كما أنّ الكتابة ليست بكاتب والسواد ليس بأسود حتّى قيل مبدء المحمول من أفراد نقيضه .

[مصباح الاُنس : 163 ؛ و(ط - الحجري) ص 57 ]

[83] قوله : «الشبهة الرابعة .. .» إلى آخره .

هذه الشبهة غير مرتبطة بما نحن بصدده من أنّ الحقّ وجود مطلق بل راجعة إلى أصل تحقّق الوجود ، ففي الحقيقة هذه المرحلة قبل المرحلة التي الآن الكلام فيها . فتدبّر .

* * * * * * * *

ص: 60


1- النور (24) : 35 .

[84] الشبهة الخامسة : أنّ الوجود المطلق ينقسم إلى الواجب والممكن والقديم والحادث والمنقسم إلى شيء وغيره لا يكون عينه فضلاً عن أن يكون المنقسم إلى الممكن واجباً وإلى الحادث قديماً .

[مصباح الاُنس : 164 ؛ و(ط - الحجري) ص 58 ]

[84] هذه الشبهة أيضاً من باب اشتباه الوجود المطلق مع مطلق الوجود ، فالوجود المطلق واجب ليس إلاّ ، ومطلق الوجود مفهوم عامّ بديهي لازم للحقائق الوجودية وصادق عليها صدقاً عرضياً .

* * * * * * * *

[85] الشبهة السابعة : أنّه مقول على الموجودات بالتشكيك فإنّه في العلّة أقوى وأقدم وأولى منه في المعلول ويمتنع أن يكون الواجب مقولاً على غيره بالتشكيك .

[مصباح الاُنس : 167 ؛ و(ط - الحجري) ص 59 ]

[85] قوله : «الشبهة السابعة» .

هذه الشبهة أيضاً غير مرتبط بما نحن بصدده - كما لا يخفى - إلاّ أ نّه لازمه كأمثاله ، بل هي شبهة في مقابل من يقول : إنّ الوجود في كلّ موجود عين في الخارج .

والجواب عنها - كما في محلّه - أنّ التشكيك الخاصّ الذي يكون ما به الاشتراك فيه عين ما به الامتياز لا يقتضي الزيادة ، بل بأن يكون للحقيقة عرض عريض ، فلها مراتب كاملة وناقصة ، والكمال عين الحقيقة ، والنقص خارج عنها ،

ص: 61

والهويّات بسيطة ، فراجع إلى مكانه ك «الأسفار»(1) وغيره(2) .

* * * * * * * *

[86] الشبهة الثامنة : اشتراك الوجود معنوياً بين الواجب والممكنات قد ثبت بالبرهان .

[مصباح الاُنس : 157 ؛ و(ط - الحجري) ص 59 ]

[86] والجواب عنها : أنّ الاشتراك المعنوي الذي هو روح وحدة الوجود لا ينافي أن يكون للوجود مراتب ، بل كون الحقيقة ذات المراتب يؤكّد الوحدة الحقيقية ، ولا يخفى أنّ هذه الشبهة أيضاً غير مربوطة بما نحن فيه .

* * * * * * * *

[87] الشبهة التاسعة : أنّ دليلهم في إثبات زيادة الوجود على المهيّة ، بأنّا نعقلها ونشكّ في وجودها ، فالمعقول غير ، غير المعقول جارٍ في وجود الوجود فثبت بذلك أنّه ليس عينه .

الشبهة العاشرة : أنّ مفهوم الوجود وهو الكون العامّ معلوم لكلّ أحد حتّى قيل ببداهته وحقيقة الواجب غير معلومة فلا يكون هو إيّاها .

[مصباح الاُنس : 168 ؛ و(ط - الحجري) ص 59 ]

ص: 62


1- الحكمة المتعالية 1 : 120 ، 427 ، فصل 5 ؛ و6 : 117 .
2- المشاعر : 7 و33 ؛ شرح المنظومة 1 : 126 ، و2 : 105 .

[87] هاتان الشبهتان - كبعض الشبهات السابقة - غير راجعة إلى ما نحن فيه ابتداءً ، بل باعتبار أنّ الوجود إذا كان عين المهيّة في الواجب فلازمه أن يكون وجوداً مطلقاً ، فنفي العينية يلازم نفي الإطلاق .

* * * * * * * *

[88] والتحقيق الأتمّ أفاد أ نّه متى شمّ أحد من معرفتها رائحة فذلك بعد فناء رسمه وانمحاء حكمه وتعيّنه واسمه واستهلاكه تحت سطوات أنوار الحقّ .

[مصباح الاُنس : 168 ؛ و(ط - الحجري) ص 59 ]

[88] قوله : «والتحقيق الأتمّ .. .» إلى آخره .

وهذا هو المشاهدة الحضورية الحاصلة للأولياء والعرفاء الكمّل بعد الرياضات المعنوية ، وهي أعلى وأجلّ من كلّ عرفان واكتناه ؛ فإنّ الاكتناه بقدم الفكر وهو غير معقول في الوجود ، وفيما يجوز هو أيضاً علم ناقص حاصل من الفكر الذي هو ترتيب اُمور لتحصيل آخر ، فهو في الحقيقة مثار الكثرة والغيرية والغير لا يعرف الغير ، بخلاف العلم الشهودي والمعرفة الحضورية ؛ فإنّه مثار الوحدة والهوهوية ونفي الغيرية حتّى رسوم التعيّنات الماهوية .

پس عدم گردم عدم چون ارغنون گويدم انّا إليه راجعون(1)

* * * * * * * *

ص: 63


1- مثنوى معنوى : 512 ، دفتر سوم ، بيت 3906 .

فلا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء ، فعلمه بالكلّي كلّي [89] وبالجزئي جزئي وبكلّ شيء على ما هو عليه حتّى بنفسه ، وعلمه بنفسه عين علمه بجميع المعلومات .

[مصباح الاُنس : 170 ؛ و(ط - الحجري) ص 60 ]

[89] قوله : «وبالجزئي جزئي» .

بل علمه بالكلّي والجزئي والمحيط والمحاط والعقل والهيولى كلّي محيط على نعت واحد بلا اختلاف حيثيّة ولا تقدّم ، فهو تعالى يعلم الجزئيات على نعت الإحاطة والكلّية ، والتقييد والجزئية من ناحية المعلوم لا العالم ، وليس علمه تابعاً للمعلوم لا في العلم الذاتي وهو واضح ، ولا في العلم الظهوري الفعلي ، وذلك لأنّ الفيض الإشراقي والوجود المنبسط مقدّم على المهيّات والتعيّنات كما هو مبرهن في محلّه ومعلوم عند أهله(1) .

* * * * * * * *

الفصل السادس : ولأنّه لإطلاقه وسع كلّ شيء رحمة ؛ أي وجوداً وعلماً ، فلا يمكن وقوع ما يخالفه وصحّ سرّ القدر وصحّ تبعيّة الإرادة لعلمه كما تبعتها القدرة بإظهار ما عيّنته الإرادة [90] وبمقارعتهما يظهر الكلام .

[مصباح الاُنس : 171 ؛ و(ط - الحجري) ص 61 ]

[90] قوله : «وبمقارعتهما يظهر الكلام .. .» إلى آخره .

ص: 64


1- الشواهد الربوبية : 70 ؛ الحكمة المتعالية 2 : 328 .

وهذا هو الكلام الفعلي الظهوري في مقام الفيض والتجلّي الفعلي ، وأمّا الكلام الذاتي النفسي فهو إظهار ما في غيب ذاته في الحضرة الأسمائية ومقام الواحدية التابع للتجلّي الذاتي العلمي والحبّ الذاتي والإرادة الذاتية ، بل على التحقيق العرفاني والذوق الشهودي هو تعالى متكلّم في مقام الأحدية ، وتكلّمه الفيض الأقدس والتجلّي الأعلى الأرفع ، والمخاطب به الأسماء الذاتية أوّلاً ، وحضرة الواحدية والأسماء والصفات ثانياً ، ومتكلّم في مقام الواحدية وتكلّمه التجلّي بمقام اسم اللّه بوجهته الظاهرة ، والمخاطب به الأعيان الثابتة عين الإنسان الكامل أوّلاً والبقيّة تبعاً له ، وقد بسطنا الكلام بما لا مزيد عليه في الرسالة الموسومة ب «مصباح الهداية إلى حقيقة الرسالة والولاية»(1) .

* * * * * * * *

[91] والإبداع والاختراع لما لا مادّة ولا مدّة له ، غير أنّ الإبداع يناسب القدرة والاختراع يناسب الحكمة . ثمّ التكوين لما له مادّة بلا مدّة ، والإحداث لما له هما ، هذا عند أهل النظر وفي طور التحقيق التكوين شامل للكلّ .

[مصباح الاُنس : 172 ؛ و(ط - الحجري) ص 61 ]

[91] بل التحقيق أنّ الإبداع شامل للكلّ ؛ فإنّ إيجاده تعالى منزّه عن كلّ ما يتوهّم من المادّة والمدّة وغير ذلك من سمة المخلوقين ، وهذه الاُمور من ناحية المخلوق لا الخالق ، فإيجاده بالفيض المقدّس عن كلّ تكوين وتدريج ، فالعالم

ص: 65


1- مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ، المشكاة الثانية، المصباح الأوّل، نور 10 - 12.

بقضّه وقضيضه مبدع ، وإن اُطلق على بعضه الخلق - مثلاً - فباعتبار الجنبة الخلقية ، فتدبّر .

* * * * * * * *

المقام الثاني: في أنّ الحقّ تعالى واحد وحدةً حقيقية

المرتبة الثالثة : اعتبارها من حيث الأحكام اللاحقة التي هي على نوعين : من الأحكام يتعقّل في الوحدة ، [92] وظهوره موقوف على شرط أو شروط مع اشتمال الوحدة عليها بالقوّة .

[مصباح الاُنس : 174 ؛ و(ط - الحجري) ص 62 ]

[92] قوله : «وظهوره موقوف على شرط .. .» إلى آخره .

كسريان حقيقة الوجود التي هي الوحدة الحقّة الحقيقية؛ فإنّه من أحكام حقيقة الوحدة ، لكنّه يحتاج إلى المجالي والمرائي ؛ أي بحسب الظهور بنعت الكثرة .

* * * * * * * *

وثمّة [93] صنف أعلى وذوقهم أنّ الفعل الوحداني الإلهي المطلق عن الوصف في الأصل تعيّنه بالتأثير والتأثّر التكيّفي إنّما يكون بحسب المراتب التي يحصل منها جملة من أحكام الوجوب والإمكان في قابل لهما .

[مصباح الاُنس : 175 ؛ و(ط - الحجري) ص 62 ]

[93] قوله : «صنف أعلى وذوقهم» .

فإنّ الصنف الأوّل نسب النفع والضرّ إلى المعدّات ، وهذا الصنف نسب النفع

ص: 66

إلى جهة الوجوب والضرّ إلى جهة الإمكان ، ولسان هذا قوله تعالى : (مَا أصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّه وَمَا أصَابَكَ مِنْ سَيّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ)(1) ، والصنف الثالث هم الذين نسبوا الكلّ إلى اللّه ولسانهم: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّه)(2) ؛ وقوله تعالى: (وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللّه رَمَى)(3) وإن كان في هذا المقام مقامات ومراتب ليس المقام محلّ بسطه .

* * * * * * * *

[94] وأمّا النسبية وهي وحدة النسب أو الأحكام ، لكن بنسبتها إلى الذات لا باعتبار مفهوماتها .

[مصباح الاُنس : 176 ؛ و(ط - الحجري) ص 63 ]

[94] فإنّها كثيرة في مقام الواحدية وحضرة الأسماء والصفات ، وأمّا حقائقها فواحدة وحدة حقّة حقيقية منزّهة عن الكثرات وأحكامها .

* * * * * * * *

فالأحدية سقوط كافّة الاعتبارات ، والواحدية تعلّقها (تعقّلها خ . ل) في [95] ظهور الذات .

[مصباح الاُنس : 178 ؛ و(ط - الحجري) ص 63 ]

ص: 67


1- النساء (4) : 79 .
2- النساء (4) : 78 .
3- الأنفال (8) : 17 .

[95] وأمّا الذات من حيث هي فلا يعتبر فيها الأحدية ولا الواحدية ولا سائر الصفات ، ففي الحقيقة إسقاط كافّة التعيّنات والاعتبارات راجعة إليها لا إلى الأحدية ؛ فإنّ فيها اعتبار الأسماء الذاتية بنحوٍ كما مرّ في صدر الكتاب .

* * * * * * * *

المقام الثالث: في أنّ المدرك من الحقّ ليس كنه ذاته

وأضبط ما ذكروا في إثبات الوحدة أ نّه لو تعدّد فأقلّه اثنان ، فإمّا أن يقدر أحدهما على خلاف مراد الآخر ونقيضه أم لا ، الثاني عجز عن الغير في محلّ الإمكان وينافيه الاُلوهية ، بخلافه عن الجمع بين النقيضين فإنّه [96] عجز لنبو المحلّ في نفسه وعدم الإمكان .

[مصباح الاُنس : 180 ؛ و(ط - الحجري) ص 64 ]

[96] وهذا في الحقيقة ليس عجزاً بل الجمع بين النقيضين من الممتنعات الذاتية الغير القابلة للوجود ، ولا ينافي عموم القدرة وسريان الفيض كما لا يخفى .

* * * * * * * *

كلّ ما يشهده من الأكوان بعقل أو خيال أو حسّ غير ما يدركه من الحقائق المجرّدة [97] في حضرة غيبها بالكشف إمّا ألوان أو أضواء أو سطوح .

[مصباح الاُنس : 180 ؛ و(ط - الحجري) ص 64 - 65 ]

[97] قوله : «في حضرة غيبها بالكشف» .

أمّا المشاهدة الحضورية والمكاشفة الذوقية فليست من الاكتناه في شيء ؛

ص: 68

فإنّ الاكتناه بقدم الفكر وهي ببراق الذوق والعشق ، والفكر ترتيب اُمور معلومة لتحصيل أمر مجهول ، فما لا جنس له ولا فصل ولا حدّ له فلا برهان عليه ، فالفكر حجاب والعلم هو الحجاب الأكبر ، والمشاهدة حضور وتدلٍّ وتعلّق وربط ورفض قاطبة التعيّنات ، كما أفصح عنه قوله تعالى : (ثُمَّ دَنا فَتَدلّى فَكانَ قَابَ قَوسَيْنِ أَو أَدنى)(1) ، وقول وليّ العصر - روحى له الفداء على ما نقل عنه -(2) في بعض الأدعية «وأنِر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتّى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلّقة بعزّ قدسك»(3) ، فالمعرفة مرغوب فيها ومأمور بها ، والفكر مرغوب عنه ومنهيّ عنه . وهذا أحد وجوه الجمع بين الأخبار الآمرة بالمعرفة والناهية عن الفكر في ذات اللّه (4)، فافهم واغتنم .

* * * * * * * *

حيث يظهر لدى الفتح [98] أنّ الحقّ المتجلّي آلة لإدراك العبد المتجلّى له ، فبي يسمع وبي يبصر .

[مصباح الاُنس : 183 ؛ و(ط - الحجري) ص 66 ]

ص: 69


1- النجم (53) : 9 .
2- لم نعثر على ناقله عن وليّ العصر(عجل الله تعالی فرجه الشریف) والموجود في «الإقبال» وسائر المصادر هكذا : عن ابن بابويه قال : إنّها مناجاة أمير المؤمنين على بن أبي طالب - عليه السلام - والأئمّة من ولده - عليهم السلام - كانوا يدعون بها في شهر شعبان .
3- إقبال الأعمال : 199 ؛ بحار الأنوار 91 : 99 .
4- راجع بحار الأنوار 3 : 257 .

[98] قوله : «أنّ الحقّ المتجلّي آلة .. .» إلى آخره .

فإنّ العبد إذا صار فانياً في الحقّ يصير الحقّ سمعه وبصره ويده ليس للعبد سمع ولا بصر ، وهذا هو قرب النوافل الحاصل للسالك المجذوب المشار إليه في الحديث القدسي بقوله : «وإنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتّى اُحبّه»(1) .

وإذا صار العبد باقياً ببقاء اللّه عند شمول توفيق اللّه يصير العبد سمع الحقّ وبصره واللّه تعالى يسمع به ويبصر به ؛ فإنّ مقامه عند الرجوع إلى مملكته مقام مشيّة اللّه الظاهرة ، وهذا هو قرب الفرائض الحاصل للمجذوب السالك المشار إليه في قوله عليه السلام : «رضا اللّه رضانا أهل البيت»(2) وقوله عليه السلام : «أنا يد اللّه وعين اللّه»(3) وغير ذلك من التعبيرات ، وأشار المولوي المثنوي(4) إلى المقام الأوّل بقوله : «از عبادت مى توان اللّه شد» وإلى المقام الثاني بقوله : «نى توان موسى كليم اللّه شد» .

* * * * * * * *

فعلى كلّ حال يكون ذلك الإدراك والشهود والتجلّي من حيث تعيّنه ومشيّته وعلمه الأقدس بذاته تعالى [99] من حيث واحديتها لا من حيث إطلاقها وأحديتها .

[مصباح الاُنس : 183 ؛ و(ط - الحجري) ص 66 ]

ص: 70


1- الكافي 2 : 352 / 7 .
2- بحار الأنوار 44 : 367 .
3- الكافي 1 : 145 / 8 .
4- لم نعثر عليه في النسخ الموجودة من المثنوي .

[99] قوله : «من حيث واحديّتها» .

فإنّ في كلا المقامين يكون حكم الكثرة باقياً والفناء ليس تامّاً وليس فناءً عن الفناء ، وأمّا التجلّي من حيث الإطلاق والأحدية ، فيفني كلّ التعيّنات ولا يبقى إشارة واسم إلاّ عند الصحو الحاصل بعد المحو ، وهذا هو مقام (أوْ أَدْنى)(1) المشار إليه بعد الصحو بقوله : «لي مع اللّه حالة أو وقت . . .»(2) إلى آخره . وهذا التجلّي بالإطلاق والأحدية يحصل للكمّل في بعض حالات السلوك ، وللختم في كلّ الحالات ، وللناس كلّهم عند القيامة الكبرى .

* * * * * * * *

[100] لما تقرّر في «الفكوك» : أنّ النور لا يدرك ويدرك به والظلمة عكسه تُدرك ولا يُدرك بها ، والضياء الحاصل من اختلاطهما يدرك ويدرك به .

[مصباح الاُنس : 184 ؛ و(ط - الحجري) ص 66 ]

[100] قوله : «لما تقرّر في الفكوك» .

عبارة «الفكوك» هكذا : «وإذ قد نبّهتك على شأن النور الحقيقي وأ نّه يدرك به وهو لا يدرك ، فاعلم أنّ الظلمة لا تدرك ولا يدرك بها ، وأنّ

ص: 71


1- النجم (53) : 9 .
2- كشف المحجوب : 480 ؛ شرح فصوص الحكم ، القيصري : 298 ؛ بحار الأنوار 79 : 243 ؛ لقاء اللّه ، الملكي التبريزي : 291 .

الضياء يدرك ويدرك به»(1) انتهى .

ومعلوم أ نّه غير ما نقله الشارح أو فهم من عبارته ونقل بالمعنى ، مع أنّ ما ذكره الشارح غير صحيح ؛ فإنّ الظلمة عدم محض وهو غير مدرك أصلاً . نعم وقع نظير ما ذكره الشارح في عبارة الشيخ الكبير في تفسيره على ما حكاه الشارح ، قال في ذيل كلام منه : «أمّا ما امتاز به الحقّ عن الخلق فله مرتبة الغيب والنور المحض ، ومن شأنه أن يدرك به ولا يدرك - ثمّ قال - وأمّا للحضرة الكيانية فالظلمة المنبّهة على مرتبة الإمكان والعدم المعقول ، ومن شأنها أن تدرك ولا يدرك بها - ثمّ قال - وأمّا البرزخ المنعوت بالضياء المسمّى بالعماء فمن شأنه أن يدرك ويدرك به»(2) انتهى كلامه .

ويمكن الفرق بين العبارتين بأنّ المقصود من عبارة «الفكوك» هو محض الظلمة ، ومن عبارة الشيخ هو ظلمة الإمكان لا محضها كما هو صريح عبارته فلا تغفل .

* * * * * * * *

السؤال الثاني : أنّ وجود الواجب متعيّن في العقل ، واتّفق جميع العقلاء أنّ حقيقته مجهولة ، والمعلوم غير المجهول ، وكونه معلوماً من وجه ومجهولاً من وجه يقتضي تعقّل جهتين مختلفتين فيه ، وهو واحد من جميع الوجوه ؛ [101] وذلك أنّ

ص: 72


1- الفكوك : 226 .
2- إعجاز البيان في تفسير اُمّ القرآن : 92 - 93 ؛ مصباح الاُنس : 232 - 233 .

المجهول حقيقته والمعلوم نسبته المسمّى بالكون والموجودية ، والأوّل تصوّر والثاني تصديق ، ولا يلزم من معلومية حصول الوجود معلومية كنه الوجود ؛ لأنّ التصديق لا يقتضى تصوّر كنه الأطراف .

[مصباح الاُنس : 189 ؛ و(ط - الحجري) ص 68 ]

المقام الرابع: في نسبة الوجود إلى حقيقته كلّ موجود بالعينية والغيرية

[101] قوله : «وذلك أنّ المجهول . . .» إلى آخره .

وأيضاً الاكتناه والعلم بالحقيقة غير شهود الحقيقة والحضور عنده ، كما أنّ النور مشهود كلّ أحد وغير معلوم لهم ، كذلك حقيقة الوجود مشهود كلّ أحد والحاضر عند كلّ أحد بحيث لا يشهد شيء إلاّ به ، فهو مبدأ كلّ إدراك وشهود وعلم ، ومع ذلك غير مكتنه ولا معلوم لأحد ، وبهذا يندفع كثير من الإشكالات .

* * * * * * * *

المقام الخامس: في أنّ الصادر الأوّل هو الوجود العامّ لا العقل الأوّل

الأوّل : أنّ الوجود العامّ إمّا ممكن أو واجب ، الثاني محال ؛ لاستحالة صدور الواجب وتعدّده ، وعلى الأوّل : إن اشتمل على ماهيةٍ غير الوجود وكان الاشتراك بين الماهيات بمجموع الوجود والمهيّة ، كان المشترك بينها [102] ممكناً بماهيته ووجوده وليس كذلك .

[مصباح الاُنس : 193 ؛ و(ط - الحجري) ص 70 ]

[102] أي ممكناً واحداً وجوداً وماهية وليس كذلك ؛ فإنّ الأشياء متعدّدة ممتازة ليست بواحدة ومشتركة في كلّ الجهات .

ص: 73

وإن لم يشترك المهيّة بل الوجود فقط كان الصادر الأوّل من الممكنات هو القلم الأعلى ، [103] وإن لم يشتمل على مهيّة غير

الوجود كان واجباً ؛ لما مرّ من الوجوه .

[مصباح الاُنس : 193 ؛ و(ط - الحجري) ص 70 ]

[103] قوله : «وإن لم يشتمل على مهيّة . . .» إلى آخره .

والجواب عنه وعن سائر الشبهات : أنّ الوجود المفاض ليس له ماهية ، بل هو وجود محض متعلّق بالواجب تعالى وربط محض وتعلّق صرف ومعنى حرفي ، وبهذا يفرق بينه وبين الواجب تعالى ؛ فإنّ الواجب قيّوم بذاته مستقلّ في هويّته والوجود العامّ المتقوّم به ذاتاً صرف الاحتياج ومحض الفاقة .

* * * * * * * *

قلت : [104] الوجود العامّ من الحقائق الإلهية والمراتب الكلّية الأسمائية ، فهو بذاته ذات الواجب كما سيجيء .

[مصباح الاُنس : 194 ؛ و(ط - الحجري) ص 71 ]

[104] قوله : «الوجود العامّ من الحقائق الإلهيّة .. .» إلى آخره .

والحقّ الحقيق بالتصديق عند المشرب الأحلى والذوق الأعلى : أنّ الوجود العامّ لا يمكن أن يشار إليه ، وأن يحكم عليه بحكم ، لا عين الحقّ ولا غيره ، لا مفيض ولا مفاض ، لا هو من الأسماء الإلهية ولا الأعيان الكونية ، بل كلّ ما يشار إليه أ نّه هو هو غيره ؛ لأنّه صرف الربط ومحض التعلّق ، وكلّ ما كان كذلك فهو معنى حرفي لا يمكن أن يحكم عليه بشيء أصلاً ؛ ولهذا يقتضي ذوق التأ لّه

ص: 74

أن تكون الماهيات مجعولة ومفاضة وظاهرة ، وأمّا الوجود فنسبة المجعولية إليه

باطلة ، ومع أ نّه مشهود كلّ أحد ولا مشهود إلاّ هو لا يمكن أن يحكم عليه بأنّه مشهود أو موجود أو ظاهر أو غير ذلك من الأسماء والصفات . وبهذا جمعنا بين القول بأصالة الوجود ومجعولية الماهية(1) وبين قول العرفاء الشامخين القائلين بأنّ المهيّة مجعولة(2) وبين قول بعض أرباب المعرفة وبعض أرباب التحقيق القائلين بأنّ الوجود مجعول والمهيّات اعتبارية(3) ؛ فافهم واغتنم .

* * * * * * * *

المقام السادس: أنّ وجود العامّ نسبته إلى العقل الأوّل وجميع المخلوقات على السوية

لا لأنّه يجاب كما أجاب [105] في «المواقف» بأنّ المجعول هو الهوية ولا ينافيه عدم مجعولية الماهية لأنّ الهوية ليست إلاّ المهيّات - إلى قوله - لأنّا نقول : إنّما يتحقّق الجعل باقتران الوجود بتلك المهيّات .

[مصباح الاُنس : 197 - 198 ؛ و(ط - الحجري) ص 72 ]

[105] لعلّ مراد صاحب «المواقف» من جعل الهوية(4) هو جعل الوجود ؛ فإنّ الهوية يقال على الموجود المتعيّن ، وحينئذٍ لا يرد عليه ما ذكره الشارح ، وأمّا قول الشارح : «إنّما يتحقّق الجعل باقتران الوجود بتلك المهيّات» ، فهو بظاهره

ص: 75


1- سبع رسائل ، المحقّق الدواني 128 ؛ راجع الحكمة المتعالية 1 : 73 .
2- اُنظر شرح فصوص الحكم ، القيصري : 64 - 65 .
3- مجموعة رسائل فلسفية صدر المتألهين ، أصالة جعل الوجود : 233 ؛ الحكمة المتعالية 1 : 396 .
4- راجع شرح المواقف 3 : 48 .

سخيف بل هو عبارة عن جعل الاتّصاف المردود(1) ، وأمّا عند المشرب العرفاني الدقيق فالجعل متعلّق بالمهيّات ولا يرد عليه ما ذكره من الوجوه كما أشرنا إليه سابقاً وجمعنا بينه وبين جعل الوجود(2) .

* * * * * * * *

المقام الثامن: في تحقيق حقيقة العماء

فالتجلّي الأوّل حضرة أحدية الجمع والوجود وتعيّنه الأوّل والقابل الأوّل ، ومقام (أو أدنى) كناية عنه ، والتجلّي الثاني المتضمّن تميّز الحقائق والمراتب التي كانت مستهلكة الحكم في حضرة التعيّن الأوّل ، الظاهر على مثال النفس المنبثّ الذي هو صورة التجلّي الأوّل ، وظلّه الجامع لجملة الاعتبارات والتعيّنات يسمّى برتبة الاُلوهية [106] وحضرة (قَابَ قَوسَيْنِ)وتعيّنه تعيّناً ثانياً وقابلاً ثانياً جامعاً بين طرف الإجمال والوحدة .

[مصباح الاُنس : 202 - 203 ؛ و(ط - الحجري) ص 75 ]

[106] ومقام (قَابَ قَوسَيْنِ) عبارة عن التعيّن الثاني والقابل الثاني لهذا التجلّي الثاني الجامع لجميع الاعتبارات ، كما أنّ مقام التدلّي عبارة عن القابل للفيض المنبسط الظهوري والوجود البسيط النوري .

* * * * * * * *

ص: 76


1- راجع الحكمة المتعالية 1 : 55 - 58 ، و 2 : 380 - 383 ؛ المشاعر : 27 - 33 .
2- تقدّم في التعليقة السابقة .

ثمّ إنّ هذا التعيّن الثاني النفسي من جهة أ نّه أصل ظهور التعيّنات - إلى قوله - وباعتبار البرزخية الحاصلة بين الوحدة والكثرة

لاشتمالها على هذه الحقائق الكلّية الأصلية من حيث صلاحية إضافتها إلى الحقّ أصالة وإلى الكون تبعية وانتشاء أنواعها وجزئياتها منها مفصّلة يسمّى [107] بالحضرة العمائية .

[مصباح الاُنس : 203 ؛ و(ط - الحجري) ص 75 ]

[107] قوله : «بالحضرة العمائية» .

ونحن بحمد اللّه قد حقّقنا الحضرة العمائية وبسطنا القول فيها في رسالة «مصباح الهداية»(1) بما لا مزيد عليه، وقد حقّقنا فيها أنّ حقيقتها عبارة عن الفيض الأقدس والتجلّي الغيبي الأحدي الأوّل ، وهو باطن الاسم اللّه الأعظم من حيث وجهته الغيبية ، وظاهره حضرة الاسم اللّه من حيث أحدية جمع الأسماء الإلهية .

* * * * * * * *

[108] وظنّي أنّ التعيّن الثاني لكونه برزخاً جامعاً بين الأحدية والواحدية بل مشتملاً في طرف الوحدة على قوّة نسبة الأحدية مع سراية الواحدية وفي طرف الكثرة على نسبة الواحدية مع سراية الأحدية من وجهين - كما سبق بيان الكلّ - صحّ اعتبار العمائية التي هي عبارة عن البرزخية الجامعة للحقائق الإلهية والممكنة .

[مصباح الاُنس : 206 ؛ و(ط - الحجري) ص 76 ]

ص: 77


1- مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ، المشكاة الاُولى، مصباح 31.

[108] قوله : «وظنّي أنّ التعيّن الثاني .. .» إلى آخره .

والتحقيق أنّ للحقيقة العمائية والنفس الرحماني حقيقة ورقيقة وباطناً وظاهراً وغيباً وشهادة ، كما الأمر كذلك في جميع الحقائق الإلهية والأسماء الربوبية ، فالحقيقة والباطن والغيب منهما عبارة عن الفيض الأقدس والتجلّى الأوّل ؛ لكنّه باعتبار البرزخية والأحدية الجمعية يقال له العماء ، وباعتبار الظهور في الكثرات الأسمائية الذاتية يقال له نفس الرحمن ، والرقيقة والظاهر والشهادة منهما عبارة عن التجلّي الظهوري الفعلي والفيض المقدّس والوجود المنبسط ، إلاّ أ نّه باعتبار البرزخية يقال له العماء وباعتبار البسط والظهور في مراتب التعيّنات يقال له النفس الرحماني . فافهم وكن من الشاكرين ولاتكن من الغافلين .

* * * * * * * *

[109] وأمّا الاسم اللّه فقيل اسم لمرتبة الاُلوهية والظاهر أنّه اسم الوجود والتجلّي باعتبار تلك المرتبة الجامعة .

[مصباح الاُنس : 207 ؛ و(ط - الحجري) ص 77 ]

[109] قوله : «وأمّا الاسم اللّه .. .» إلى آخره .

بل التحقيق أنّ الاسم اللّه اسم لأحدية الجمعية الأسمائية باعتبار وجهة الظهور في عالم الأسماء والصفات وصورته العين الثابتة للإنسان الكامل ، كما أنّ مقام الاُلوهية مقام ظهور الاسم اللّه في الأعيان الكونية والمظاهر الخلقية باعتبار أحدية الجمع ، كما أنّ مرتبة تدلّي الاُلوهية ومرتبة جمع جمعه هو الفيض المقدّس الذي هو باطن الاُلوهية ، كما أنّ باطن الاسم اللّه ومقام غيبه هو الفيض

ص: 78

المقدّس ، فمقام الاُلوهية باطنها وظاهرها مظهر الاسم اللّه بباطنه وظاهره .

لمحرّره السيّد روح اللّه بن السيّد مصطفى الخميني حرّر في قصبة خمين .

* * * * * * * *

المقام التاسع والعاشر: في نسبة صفات الحقّ إليه باعتبار كونه وجوداً فحسب

[قال في المفتاح :] فللوجود المطلق إن فهمت اعتباران : أحدهما من كونه وجوداً فحسب [110] وهو الحقّ .

[مفتاح الغيب : 22 ؛ و(ط - الحجري) ص 78 ]

[110] قوله : «وهو الحقّ» .

أيضاً للتفهيم ، وإلاّ فبمجرّد الإشارة إليه يتنزّل من مرتبة الوجود من حيث هو إلى المرتبة التالية الأحدية الغيبية ، فضلاً عن توصيفه بأ نّه الحقّ ؛ فإنّه من الأسماء الذاتية ، فتبصّر .

* * * * * * * *

[قال في المفتاح :] [111] وأ نّه من هذا الوجه كما سبقت الإشارة إليه لا كثرة فيه ولا تركيب ولا صفة ولا نعت ولا اسم ولا رسم ولا نسبة ولا حكم ، بل وجود بحت .

[مفتاح الغيب : 22 ؛ و(ط - الحجري) ص 78 ]

[111] والحكم على تلك الحقيقة - المقدّسة عن كلّ حكم وإشارة - بعدم الحكم ، كالحكم على المعدوم المطلق بأنّه لا خبر عنه .

* * * * * * * *

ص: 79

[قال في المفتاح :] وقولنا هو وجود للتفهيم لا أنّ ذلك اسم حقيقي له [112] بل اسمه عين صفته وصفته عين ذاته .

[مفتاح الغيب : 22 ؛ و(ط - الحجري) ص 79 ]

[112] قوله : «بل اسمه عين صفته .. .» إلى آخره .

كلّ ما ذكره بعد ذلك ليس شأن المرتبة الإطلاقية المقدّسة عن كلّ تلك الأحكام ، بل راجعة إلى المرتبة الأحدية الجمعية والواحدية الجامعة التي فيها اعتبار الأسماء والصفات والتميّزات والكثرات ، وإن كان كلّ ذلك راجعة إلى الذات ومتّحدة معها وأ نّها لبساطتها الحقيقية عين الكثرات وكلّ الأشياء وليست بشيءٍ منها .

* * * * * * * *

قال في «الفتوحات» : ومجموع عدم احتياجه إلى الغير في الوجود والبقاء واحتياج الغير إليه فيهما هو [113] معنى الاُلوهية .

[مصباح الاُنس : 216 ؛ و(ط - الحجري) ص 81 ]

[113] الاُلوهية الفعلية الظهورية التي هي مظهر الاسم اللّه هي قيّوميته تعالى لكلّ شيء مطلقاً ، ولازمها عدم احتياجه إلى الغير مطلقاً واحتياج الغير إليه كذلك، لا أنّ حقيقة الاُلوهية عبارة عن مجموع الأمرين كما يتوهّم من ظاهر عبارة الشيخ الكبير(1) .

* * * * * * * *

ص: 80


1- راجع الفتوحات المكّية 1 : 44 .

فكلّ شيء فإنّه من حيث ذلك السرّ الذي هو سبب وجوده والمقيم له [114] غير متناهٍ ولا متقيّد باسم أو وصف أو مرتبة أو غير ذلك .

[مصباح الاُنس : 219 ؛ و(ط - الحجري) ص 83 ]

[114] قوله : «غير متناه ولا متقيّد» .

وهذا سرّ قول المحقّقين : إنّ اللّه تعالى يعلم الجزئيات بالعلم الكلّي الشامل الغير المقيّد(1) ، وما عرفه الناس حقّ معرفته وبدّلوه تبديلاً .

* * * * * * * *

فتلك الأحكام والأحوال المختصّة بكلّ عين عين هي المانعة له من معرفة حقيقته بدون اللوازم [115] فمتى غلب حكم الحقيقة من حيث حقيقتها أحكام لوازمها عرفت نفسها .

[مصباح الاُنس : 219 ؛ و(ط - الحجري) ص 83 ]

[115] قوله : «فمتى غلب حكم الحقيقة .. .» إلى آخره .

وعندي إنّه إذا غلب حكم الحقيقة واندكّت جبال الإنّيات عند ظهور نور الاُلوهية وتجلّي الكمال الربوبي ، وانقهر حكم التعيّنات ولوازم الإمكانات عند قهر كبريائه تعالى وبروز أحديته ، شهد السالك نفسها مندكّة متعلّقة بعزّ قدسه مضمحلّة تحت نور ربّه ، وذلك عند القيامة الكبرى ، وهذه التعبيرات أيضاً من ضيق المجال ، وهذا سرّ قوله صلّى اللّه عليه وآله - [على] ما حكي - «اللّهمّ أرني

ص: 81


1- راجع الشفاء ، الإلهيات : 358 - 362 ؛ الإشارات والتنبيهات ، شرح المحقّق الطوسي 3 : 315 ؛ الحكمة المتعالية 6 : 189 - 198 .

الأشياء كما هي»(1) وقوله : «من عرف نفسه عرف ربّه»(2) فافهم .

* * * * * * * *

وإن توقّف بوجه الشرطية على مظهر قابل واستعداد له فذلك لتحصيل خصوصية توجّه الجواد المطلق لا لتوقّف مطلق الفيض عليه وإن لا يرد عليه [116] تكوين الغير وإلاّ لم يكن المبدء للكائنات إلاّ ذلك الغير .

[مصباح الاُنس : 226 ؛ و(ط - الحجري) ص 86 ]

[116] أي تكوين الغير لا يكون وارداً عليه تعالى ؛ بمعنى أ نّه لا يصير مورداً للتكوين ، وإلاّ يكون ذلك الغير مبدأ التكوين ، وذلك واضح .

* * * * * * * *

ويكون مستغنياً بحقيقته عن كلّ شيء [117] وإن افتقر في تعيّنه الاسمي إلى حقائق الأشياء أو ظهوراتها لكن بالشرطية لا بالعلّية كما يفتقر بها إليه كلّ شيء في وجوده .

[مصباح الاُنس : 226 ؛ و(ط - الحجري) ص 86 ]

[117] قوله : «وإن اقتقر في تعيّنه الاسمي» .

ص: 82


1- كشف المحجوب : 231 ؛ عبهر العاشقين : 128 ؛ جامع الأسرار : 8 ؛ الحكمة المتعالية 1 : 21 .
2- مصباح الشريعة : 13 ؛ مشارق أنوار اليقين : 299 ؛ عوالي اللآلي 4 : 102 / 149 ؛ غرر الحكم ودرر الكلم : 588 / 1301 .

أقول: هذا التعبير وقع في عبارة الشيخ الكبير في «فصوصه»(1) أيضاً وهو تعبير بشيع مع أ نّه خلاف التحقيق ؛ فإنّه تعالى في ظهوره الأسمائي بل الأفعالي لا يفتقر إلى شيء بل الحقائق في ظهوراتها تحتاج إليه تعالى ؛ فإنّ الإطلاق مقدّم في التحقّق على التعيّن ، والفيض المنبسط مقدّم بالوجود على تعيّناته ، بل التعيّنات موجودة بالعرض والظهور له ومنه وفيه ، والتجلّي العيني وإن كان في المرائي ولكنّه مقدّم عليها ، وهذا من الأسرار التي لا يمكن إفشاء حقيقتها والتصريح بها ، فالعالم خيال في خيال ، ووهم في وهم ، ليس في الدار غيره ديّار ، تأمّل تعرف .

* * * * * * * *

أمّا ذلك الجهل [118] فإمّا لغاية قربه ودنوّه كما لا يدرك البصر الهواء ونفس الحدقة والعقل الاستحالات المزاجية الجزئية ، وإمّا لفرط عزّته وعلوّه كما لا يدرك البصر وسط قرص الشمس في غاية نورها بل يتخيّل فيه سواداً وظلمة مع أنّه منبع الأنوار .

[مصباح الاُنس : 227 ؛ و(ط - الحجري) ص 86 ]

[118] قوله : «فإمّا لغاية قربه .. .» إلى آخره .

الترديد بلا وجه ، بل الحقّ تعالى مع أ نّه في غاية القرب حتّى يكون أقرب إلى كلّ شيء منه ، في غاية العلوّ والعزّة ؛ أين التراب وربّ الأرباب ، فهو تعالى دانٍ

ص: 83


1- فصوص الحكم : 56 ؛ راجع شرح فصوص الحكم ، القيصري : 404 و801 .

في علوّه وعالٍ في دنوّه ، فلا يدركه العقول والأبصار ، مع أنّه مشهود كلّ شاهد ومطلوب كلّ طالب .

* * * * * * * *

وكما أنّ كمال كلّ وعاءٍ بامتلائه [119] وأكمليته بما يفيض منه بعد الامتلاء ، كذلك الفيض الإيجادي .

[مصباح الاُنس : 229 ؛ و(ط - الحجري) ص 87 ]

[119] قوله : «أكمليته» .

عطف على اسم إنّ ؛ أي الكمال بالامتلاء والأكملية بالإفاضة .

* * * * * * * *

[120] الثامنة : ما يرى ويدرك فهو حقّ ظاهر بحسب شأن من شؤونه القاضية بتنوّعه وتعدّده ظاهراً مع كمال أحديّته في نفسه .

[مصباح الاُنس : 236 ؛ و(ط - الحجري) ص 90 ]

[120] قوله : «الثامنة» .

حاصلها : أنّ الوجود مع كمال أحديّته تجلّى بشؤونه الذاتية ، فظهرت التعيّنات الوجودية ، فالتعيّنات مظاهر الشؤون الإلهية وهي مظاهر الأحدية الجمعية ، فالظاهر حقّ بتعيّنات شؤونه .

* * * * * * * *

ص: 84

[قال في المفتاح :] [121] وبتجلّيه الوجودي ظهرت الخفيات ، وتنزّلت من الغيب إلى الشهادة البركات من حيث أسمائه الباسط والمبدئ ، وبارتفاع حكم تدلّيه تخفى وتنعدم الموجودات باسميه القابض والمعيد .

[مفتاح الغيب : 25 ؛ و(ط - الحجري) ص 93 ]

[121] وهذا سرّ قول أصحاب المعرفة : «أن لا تكرار في التجلّي»(1) و«إنّ اللّه لا يتجلّى في صورة مرّتين»(2) فهو تعالى دائماً في التجلّي بأسمائه الظاهرة ؛ كالرحمن والمُبدئ ، وبأسمائه الباطنة كالمالك والقاهر والمعيد ، والحقائق دائماً في الظهور والبطون ، ف (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأنٍ)(3) من الجمال والظهور والجلال والبطون .

* * * * * * * *

فالمنزّه عنهما قابل لهما وقبوله لهما بذاته بمعنى أ نّه لا بأمر زائد

[122] وإن كان حصول أحدهما وهو حكم الإطلاق بأحديته والآخر وهو حكم التقييد بواحديته .

[مصباح الاُنس : 241 ؛ و(ط - الحجري) ص 93 ]

ص: 85


1- الفتوحات المكّية 1 : 285 ، و 4 : 300 ؛ النصوص : 49 ؛ شرح فصوص الحكم ، القيصري : 1125 .
2- الفتوحات المكّية 1 : 679 ، و 4 : 19 ؛ شرح فصوص الحكم ، القيصري : 474 ؛ مصباح الاُنس : 101 .
3- الرحمن (55) : 29 .

[122] قوله : «وإن كان حصول أحدهما .. .» إلى آخره .

بل الإطلاق والتقييد والأوّلية والآخرية والظاهرية والباطنية والغائبية والحاضرية كلّها بحيثية واحدة بحسب مقام الجمعية الإلهية والبرزخية الكلّية الذاتية ، وأمّا مقام الأحدية فليس فيه إلاّ اعتبار الأسماء الذاتية التي ليس الإطلاق المضادّ للتقييد والباطن المقابل للظاهر منها .

* * * * * * * *

[123] ولكلّ مناسبة ثابتة بين طالب ومطلوب رقيقة بينهما هي مجرى حكمهما .

[مصباح الاُنس : 246 ؛ و(ط - الحجري) ص 95 ]

[123] وهذا أيضاً من الجذبة الإلهية في الحضرة الأسمائية للعين الثابتة للسالك الموجبة للجذبة الملكية (مَا أصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّه)(1) .

* * * * * * * *

[قال في المفتاح :] ومظهر قدرته ، [124] وآلة حكمته في أفعاله بسنّته ، ومحلّ ظهور سرّ القبض والبسط والإبداء والإخفاء والغيب والشهادة والكشف والحجاب الصوري النسبي (السببي خ - ل) الذي به يفعل تعالى ما ذكر لا مطلقاً هو العرش المجيد .

[مفتاح الغيب : 26 ؛ و(ط - الحجري) ص 96 ]

ص: 86


1- النساء (4) : 79 .

[124] قوله : «وآلة حكمته في أفعاله» .

هذا العرش هو العرش في مقام الظهور ، وأمّا عرش الذات ومستوى السلطنة الذاتية هو الاسم الجامع الأحدي ، وبه يظهر مقام الواحدية والكثرات الأسمائية ، كما أنّ عرش الصفات هو العين الثابتة الأحدية الأحمدية الجمعية ، وبه يظهر الأعيان الثابتة وصور الأسماء الإلهية ، والمقام لا يسع بيان كيفية البسط والقبض والإبداء والإخفاء والكشف والحجاب في كلّ واحد من المقامات على ما عندي بفضله الدائم .

* * * * * * * *

لأنّ أصل تأثير الشيء بحسب اقتضائه [125] بناء على أنّ وجود أحد المتضايفين من حيث هو مضاف يقتضي وجود الآخر .

[مصباح الاُنس : 311 ؛ و(ط - الحجري) ص 125 ]

[125] قوله : «بناء على أنّ وجود أحد . . .» إلى آخره .

هذا بناء فاسد ومبنى باطل ؛ فإنّ التأثير والتأثّر بين الحقّ والخلق والعلّة والمعلول ليس من باب التضايف ، بل هو إضافة إشراقية ونور منبسط وفيض محيط ، يتقدّم الإضافة على المضاف والفيض على المستفيض تقدّماً بالحقيقة . نعم التضايف بين المفاهيم ككون العلّة مبدءاً للتأثير وكون المعلول متأثّراً إلى غير ذلك . وأمّا التناسب بين الظاهر والمظهر ، فهو أمر غير ما فهمه الجمهور وما أدركه العقول ، بل إدراكه كإدراك الظاهر والمظهر ذوقي شهودي برهاني عند أهله وفي محلّه .

ص: 87

ص: 88

خاتمة: في بيان متعلّق طلبنا بالإجمال
باب كشف السرّ الكلّي وإيضاح الأمر الأصلي

وهو الإطلاق الصرف عن القيد والإطلاق والحصر في أمر ثبوتي أو سلبي [126] وهو المكنّى عنه بالكنز المخفيّ ؛ لكونه أبطن البطون ومشتملاً على نفائس جواهر الأسماء التي منها ما يستأثر في مكنون الغيب فلا يعلمها إلاّ هو .

[مصباح الاُنس : 312 ؛ و(ط - الحجري) ص 126 ]

[126] قوله : «وهو المكنّى عنه بالكنز المخفيّ» .

الكنز المخفيّ هو مقام الواحدية والأسماء والصفات ومقام جمع الكنوز والكثرات والعلم الذاتي بالأسماء والصفات ومقام الجمعية ، وأمّا مقام الإطلاق الصرف عن جميع القيود والحصر في أمر ثبوتي أو سلبي فهو غير ذلك ، بل غير مقام الأحدية أيضاً ، بل هو كينونة مطلقة عن الاختفاء والكنزية وغير ذلك من النعوت الجلالية الراجعة إلى الخفاء ، والجمالية الراجعة إلى الكنزية ، ولا يتّصف بالبطون ولا أبطن البطون ، ولا يشار إليه بأنّه مشتمل على نفائس جواهر الأسماء ، لا الأسماء ، الذاتية في مقام الأحدية ، ولا الأسماء الصفتية في مقام

ص: 89

الواحدية ، والاسم المستأثر راجع إلى غيب الهوية وأعلى مقام الأحدية .

* * * * * * * *

[127] السابع : أصل كلّ تعيّن والمنبع بكلّ ما يسمّى شيئاً ، سواء نسب ذلك إلى الحقّ بمعنى أنّه اسم له أو صفة أو مرتبة أو إلى الكون كذلك أو اعتبر أمر الثالث وهو ظهور الحقّ من حيث غيبه ثانياً إلى ما قام منه مجلى لجميع تعيّناته وثالثاً ورابعاً وهلمّ جرّاً .

[مصباح الاُنس : 314 ؛ و(ط - الحجري) ص 127 ]

[127] إذا اعتبر التجلّيات الظهورية والبطونية والبسطية والقبضية في كلّ آنٍ فإنّه تعالى كلّ يوم في شأن ، فما هو مجلىً لجميع تعيّناته الظاهرة يختفي تحت نور كبريائه ويقبض بتجلّيات الأسماء الباطنة ثمّ يصير ثانياً مجلىً للتجلّي الظاهري ثمّ الباطني ثمّ الظاهري وهكذا .

* * * * * * * *

[128] وأكثر ما يجرّه الدعاء من الاُمور الغيبية إنّما يكون من هذا القبيل فإنّ ما عداها ليس إلاّ المكتوب الثابت المقسوم في الحضرة العلمية .

[مصباح الاُنس : 319 ؛ و(ط - الحجري) ص 129 ]

[128] قوله : «وأكثر ما يجرّه الدعاء» .

أي أكثر ما يجرّه الدعاء يكون من الاُمور التي لم يتعيّن في الحضرة الغيبية

ص: 90

الأزلية لا المرتبة الثانية ؛ فإنّها هي المكتوبة الثابتة المقسومة ، وهذا هو الدعاء على سبيل الاحتمال الذي هو أحد الأقسام الثلاثة للدعاء ؛ فإنّ له على ما ذكر الشيخ في «الفصوص»(1) ثلاثة أقسام : أحدها : الدعاء على سبيل الاستعجال ، وهذا دعاء العامّة . والثاني : الدعاء على سبيل الاحتمال وهو دعاء الحكماء القائلين بأنّ من الممكن أن يكون الدعاء شرطاً في تحقّق بعض الاُمور كما فصّله الشيخ الرئيس وأمثاله في كتبهم(2) وهذا مطابق لما ذكره الشيخ الفرغاني(3) . والثالث : الدعاء على سبيل الامتثال ، وهو دعاء العرفاء والأولياء الذين يشهدون جفاف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة . وقد ورد عن أهل بيت الوحي أنّ الدعاء عبادة في جواب القائل بأنّك تقول جفّ القلم فما معنى الدعاء(4) .

* * * * * * * *

ثمّ قال وهذا التجلّي الأوّل يتضمّن الكمال الذي حقيقته حصول ما ينبغي على ما ينبغي وهو قسمان : [129] كمال ذاتي هنا يكون في مبدء الرتبة الثانية حياة يلازمه الغنى الذاتي ، وهو شهود الذات نفسه من حيث وحدته بجميع شؤونها نزولاً وعروجاً دنياً وآخرة شهود مفصّل في مجمل دفعة واحدة كشهود المكاشف في النواة

ص: 91


1- فصوص الحكم : 59 .
2- راجع الشفاء ، الإلهيات : 439 ؛ التعليقات : 47 - 49 و 151 - 152 ؛ التحصيل : 662 ؛ الحكمة المتعالية 6 : 402 - 413 .
3- منتهى المدارك في شرح تائية ابن فارض 1 : 23 ؛ وراجع مصباح الاُنس : 319 .
4- راجع الكافي 2 : 466 / 3 و5 و7 .

نخلاً وثماراً لا يحصى ثمّ كمال أسمائي هو ظهور الذات لنفسها من حيث تفصيل اعتباراتها .

[مصباح الاُنس : 321 ؛ و(ط - الحجري) ص 129 ]

[129] قوله : «كمال ذاتي - . . . إلى - حياة» .

أي الكمال الذاتي باطن الحياة التي تكون مبدأ الرتبة الثانية ، فإذا تنزّل الكمال الذاتي إلى الرتبة الثانية يتعيّن أوّلاً بالحياة وبعدها بسائر الصفات والأسماء .

* * * * * * * *

والجامع بينهما ثانياً هي الحقيقة الإنسانية التي هي [130] باعتبار غلبة حكم الوحدة تسمّى بالحقيقة المحمّدية ، وباعتبار غلبة حكم التفصيل والكثرة هي الحضرة العمائية .

[مصباح الاُنس : 323 ؛ و(ط - الحجري) ص 131 ]

[130] قوله : «باعتبار غلبة حكم الوحدة» .

وعندي أنّ الحقيقة المحمّدية صورة الاسم «اللّه» الجامع لأحدية جمع الأسماء ، كما أنّها جامعة لأحدية جمع الأعيان ، وأمّا العماء فهي الوجهة الغيبية القدسية للاسم اللّه المنزّهة عن كلّ كثرة وتفصيل .

* * * * * * * *

[131] ثمّ اعلم : أنّ لكلّ من هذه الأسماء الأصلية جهتين :

ص: 92

إحداهما : اشتمال كلّ منها على الباقي مع تحقّق أثر خفيّ من التمايز فاشتماله من أثر الجمعية البرزخية الإنسانية وجمعيتها الحقيقية بين حكم التجلّي ووحدته الحقيقية وكثرته النسبية وبين حكم التعيّن وكثرته الحقيقية ووحدته النسبية . . .

ثانيتهما : عكس الجهة الاُولى ؛ أعني ظهور أثر مختصّ بكلّ منهما مع أثر خفيّ من الاشتمال المذكور فتميّزها بحكم تفصيل البرزخية الثانيه التي هي عين الحضرة العمائية ، وأمّا الأثر الخفيّ للاشتمال ؛ فمن جمعية هذه البرزخية واشتمالها بحكم وحدتها .

[مصباح الاُنس : 325 ؛ و(ط - الحجري) ص 131 - 132 ]

[131] بل الجمعية البرزخية الإنسانية وجمعها بين الوحدة والكثرة من أثر الجمعية البرزخية الكبرى التي هي ثابتة أوّلاً للاسم اللّه الجامع الأعظم بحسب أحد اعتباريه ، وثانياً لصورته التي هي العين الثابتة الجامعة لجميع الأعيان بنحو البرزخية الحقيقية ؛ أي عدم غلبة حكم عين على الاُخرى ، وأمّا اشتمال كلّ من الأسماء الأصلية على الباقي ، فهو من جهة اُخرى هي وحدتها مع الذات واستغراقها في بحر الوجود ، فإن اعتبر فناؤها واضمحلالها مع عدم الحكم والأثر لم يبق للتمايز عين ولا أثر ، وإلاّ يبقى أثر خفيّ له . تأمّل تعرف وكن من الشاكرين لأنعمه تعالى .

* * * * * * * *

ص: 93

كما ورد في الخبر: «إنّ للّه ثلاثمائة خلق من تخلّق بواحدٍ منها دخل الجنّة ، فقال أبوبكر : هل فيّ منها شيء يا رسول اللّه؟ [132] قال (صلی الله علیه وآله وسلم) : كلّها فيك .

[مصباح الاُنس : 327 ؛ و(ط - الحجري) ص 132 ]

[132] قوله : «قال - صلّى اللّه عليه وآله - كلّها فيك» .

بحكم اضمحلال الكثرات واندكاكها في الحضرة الأحدية وفنائها فيها لدى شهود القيامة الكبرى ، وبهذا الاعتبار يكون كلّ الصفات في كلّ موجود ولهذا ورد: «إنّه تعالى أوحى إلى موسى علیه السلام أن جِئْ بموجود أخسّ منك فأخذ برجل ميتة كلب ثمّ تنبّه على خطائه فتركها فأوحى اللّه تعالى إليه أن لو جئت بها لسقطت من مقامك»(1)، فافهم ولا تغفل .

لمحرّره السيّد روح اللّه حرّرته في قصبة خمين

في السادس والعشرين من الجمادي الثانية 1355 ه . ق

ص: 94


1- راجع عدّة الداعي : 251 .

الفهارس العامّة

اشارة

1 - الآيات الكريمة

2 - الأحاديث الشريفة

3 - أسماء المعصومين علیهم السلام

4 - الأعلام

5 - الكتب الواردة في المتن

6 - مصادر التحقيق

7 - الموضوعات

ص: 95

ص: 96

1 - فهرس الآيات الكريمة

الآية رقمها الصفحة

البقرة (2)

(وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْماء كُلّها) 31 30

(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلّيها) 148 13

آل عمران (3)

(زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ...) 14 10

النساء (4)

(قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّه ِ) 78 67

(ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّه ِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) 79 48، 67، 86

الأنعام (6)

(ما فَرَّطْنا فى الْكِتابِ مِنْ شَىْ ءٍ...) 38 26

(فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَأى كَوْكَباً...) 76 20

ص: 97

الآية رقمها الصفحة

الأنفال (8)

(وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللّه رَمَى) 17 67

هود (11)

(ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّى عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيم) 56 12، 51

الأنبياء (21)

(لا يُسْأَلُ عَمّا يَفْعَلُ) 23 41

النور (24)

(نُورُ السَمَواتِ وَالأَرْضِ) 35 59، 60

الأحزاب (33)

(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّه تَبْدِيلاً)

62 38

فاطر (35)

(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) 32 50

الزخرف (43)

(وَهُوَ الَّذى فِى السَّماءِ إلهٌ وَفِى الأَرْضِ إلهٌ) 84 30، 55

ص: 98

الآية رقمها الصفحة

النجم (53)

(ثُمَّ دَنا فَتَدلّى * فَكانَ قَابَ قَوسَيْنِ أَو أَدنى) 8 - 9 69، 71، 76

الرحمن (55)

(كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ) 29 85

نوح (71)

(وَلا تَزِدِ الظّالِمِينَ إِلاّ ضَلالاً)

24 50

النصر (110)

(إِذا جاءَ نَصرُ اللّه ِ وَالفَتْح) 1 11

ص: 99

ص: 100

2 - فهرس الأحاديث الشريفة

أنا يد اللّه وعين اللّه 70

إنّ للقرآن ظهراً وبطناً وحدّاً ومطلعاً 9

أنّ معراج يونس علیه السلام كان في بطن الحوت كما... 30

إنّه تعالى أوحى إلى موسى علیه السلام أن جِئ بموجود أخسّ... 94

رضا اللّه رضانا أهل البيت 70

كان اللّه ولم يكن معه شيء 24

اللهمّ أرني الأشياء كما هي 81 - 82

لي مع اللّه حالة أو وقت... 71

ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت اللّه قبله ومعه 49

مع كلّ شى ء، لا بالمداخلة وغير كلّ شيء لا بالمزايلة 52

من عرف نفسه عرف ربه 82

وأنِر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتّى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل... 69

وإنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتّى اُحبّه 70

ولبطنه بطناً إلى سبعة أبطن 9

ولو دلّيتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبطتم على اللّه 30، 55

ص: 101

ص: 102

3 - فهرس أسماء المعصومين علیهم السلام

رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم =محمّد بن عبداللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، نبي الإسلام

محمّد بن عبداللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، نبي الإسلام 30، 40، 93، 94

الصادق، أبو عبداللّه علیه السلام =جعفر بن محمّد علیه السلام ، الإمام السادس

جعفر بن محمّد علیه السلام ، الإمام السادس 49

ولي العصر (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف)، الإمام الثاني عشر 69

آدم، النبي 30

إبراهيم النبي 20

موسى، النبي 70، 94

يونس، النبي 30

ص: 103

ص: 104

4 - فهرس الأعلام

ابن العربي، محيي الدين محمّد بن علي 7، 12، 13، 14، 26، 28، 32، 33، 35، 37، 42، 44، 45، 46، 49، 72، 80، 83، 91

ابن سينا، حسين بن عبداللّه 91

أبو بكر، عبداللّه بن أبي قحافة 94

أبو هريرة 7

اُستاذُ مشايخنا العارف الجليل الميرزا هاشم=الإشكوري الگيلاني، هاشم بن محسن

الإشكوري الگيلاني، هاشم بن محسن 23

جبرئيل 40

دحية الكلبي 41

الدواني، محمّد بن سعد 53

الشارح القاضي=الفناري، محمّد بن حمزة

الشاه آبادي، محمّد بن علي 12، 40، 42، 44

الشيخ الرئيس=ابن سينا، حسين بن عبداللّه

الشيخ، الشيخ ابن عربي، الشيخ الأعرابي

‘ ابن العربي، محيي الدين محمّد بن علي

الشيخ الفرغاني=الفرغاني، سعيد بن محمّد

شيخنا العارف الكامل=الشاه آبادي، محمّد بن علي

صاحب المواقف=عضدالدين الإيجي، عبدالرحمان بن أحمد

صدر الدين الشيرازي، محمّد بن إبراهيم 56

صدر الدين القونوي، محمّد بن إسحاق 28، 58

ص: 105

صدر المتألهين=صدر الدين الشيرازي، محمّد بن إبراهيم

عضدالدين الإيجي، عبدالرحمان بن أحمد 75

الفرغاني، سعيد بن محمّد 91

الفناري، محمّد بن حمزة 58

القيصري، داود بن محمّد 50

القيصري=القيصري، داود بن محمّد

المحقّق الدواني=الدواني، محمّد بن سعد

المحقق الطوسي=نصير الدين الطوسي، محمّد بن محمّد

المحقّق القونوي=صدر الدين القونوي، محمّد بن إسحاق

المولوي، جلال الدين محمّد بن محمّد 70

نصير الدين الطوسي، محمّد بن محمّد 55

ص: 106

5 - فهرس كتب واردة في المتن

القرآن

الأسفار=الحكمة المتعالية

الاصطلاحات=اصطلاحات الصوفية

اصطلاحات الصوفية 15

الحكمة المتعالية 62

دعاء الأسحار=شرح دعاء السحر

شرح دعاء السحر 45

شرح المواقف 75

الفتوحات=الفتوحات المكّية

الفتوحات المكّية 80

الفصوص=فصوص الحكم

فصوص الحكم 37، 49، 50، 83، 91

الفكوك 71، 72

المثنوي=مثنوى معنوى

مثنوى معنوى 70

مشكوة الهداية إلى حقيقة الخلافة والولاية، مصباح الهداية إلى حقيقة الرسالة والولاية=مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية

مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية 28، 65، 77

المواقف=شرح المواقف

النصوص 46

النفحات الإلهية 32

ص: 107

ص: 108

6 - فهرس مصادر التحقيق

«القرآن الكريم» .

«أ»

1 - أحكام القرآن . قاضي أبو بكر محمّد بن عبداللّه بن محمّد بن عبداللّه بن أحمد المعافري الأندلسي، المعروف ب «ابن العربي» (468 - 543)، بيروت، دار الفكر، 1407 .

2 - الإشارات والتنبيهات. الشيخ الرئيس أبو علي حسين بن عبداللّه (370 - 427)، تحقيق مجتبى الزارعي، الطبعة الاُولى، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1423 / 1381 ش.

3 - الإشارات والتنبيهات. مع الشرح للمحقّق نصيرالدين الطوسي وشرح الشرح للعلاّمة قطب الدين الرازي الشيخ الرئيس أبو علي حسين بن عبداللّه بن سينا (370 - 427)، الطبعة الثانية، 3 مجلّدات، طهران، دفتر نشر كتاب، 1403 ق.

4 - اصطلاحات الصوفية. كمال الدين عبدالرزّاق الكاشاني (م 736)، تحقيق محمّد كمال إبراهيم جعفر، قم، منشورات بيدار، الطبعة الثانية، 1370 ش.

5 - إعجاز البيان في تفسير اُمّ القرآن. أبو المعالي صدر الدين محمّد بن إسحاق القونوي (607 - 673)، تحقيق سيّد جلال الدين الآشتياني، الطبعة الاُولى، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1381 ش.

6 - إقبال الأعمال. السيّد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (589 - 664)، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، 1417 ق.

ص: 109

«ب»

7 - بحار الأنوار الجامعة لدُرر أخبار الأئمّة الأطهار . العلاّمة محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (1037 - 1110) ، الطبعة الثانية ، إعداد عدّة من العلماء ، 110 مجلدٍ ( إلاّ 6 مجلّدات ، من المجلّد 29 - 34) + المدخل ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، 1403 ق / 1983 م .

«ت»

8 - التحصيل. بهمنيار بن المرزبان (م 458)، تحقيق و تعليق مرتضى مطهري، تهران، انتشارات دانشگاه تهران، 1375 ش.

9 - التعليقات. الشيخ الرئيس أبو علي حسين بن عبداللّه بن سينا (370 - 427) ، تحقيق عبدالرحمان بدوي، بيروت، مكتبة الإعلام الإسلامي، 1404 ق.

10 - تفسير عرائس البيان في حقايق القرآن، روزبهان بقلي الشيرازي (م 606)، تحقيق أحمد فريد المزيدي، الطبعة الاُولى، بيروت، دارالكتب العلمية، 2008 م.

11 - التفسير الكبير . محمّد بن عمر الخطيب فخرالدين الرازي (544 - 606) ، الطبعة الثالثة ، 32 جزءاً في 16 مجلّداً ، قم ، مكتب الإعلام الإسلامي ، 1411 ق .

«ح»

12 - الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة . صدر المتأ لّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (م 1050) ، الطبعة الثانية ، 9 مجلّدات ، قم ، مكتبة المصطفوي، 1387 ق .

«ج»

13 - جامع الأسرار ومنبع الأنوار. الشيخ حيدر الآملي، تهران، انتشارات علمى و فرهنگى، 1368 ش.

«س»

14 - سبع رسائل. المحقّق الدواني (م 908) والملا إسماعيل الخواجوي (م 1173) تحقيق، تويسركاني، الطبعة الاُولى، ميراث مكتوب، 1381 ش.

ص: 110

15 - سنن الترمذي . أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (209 - 279) ، تحقيق عبدالوهّاب عبداللطيف ، الطبعة الثانية ، 5 مجلّدات ، بيروت ، دار الفكر للطباعة والنشر ، 1403 ق .

«ش»

16 - شرح الأسماء. المولى هادي بن مهدي السبزواري (1212 - 1289)، تحقيق نجفقلي حبيبي، تهران، مؤسسه انتشارات و چاپ دانشگاه تهران، 1373 ش.

17 - شرح اُصول الكافي. صدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرازي، المعروف ب «ملاّصدرا» (979 - 1050)، تصحيح محمّد خواجوي، تهران، مؤسّسة مطالعات و تحقيقات فرهنگى، 1366 ش.

18 - شرح دعاء السحر، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه » .=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .

19 - شرح فصوص الحكم. محمّد داوود قيصري رومي (م 751)، بإهتمام سيّد جلال الدين الآشتياني، تهران، شركت انتشارات علمى و فرهنگى، 1375 ش.

20 - شرح المقاصد . مسعود بن عمر بن عبداللّه المعروف ب «سعد الدين التفتازاني» (712 - 793) ، تحقيق عبدالرحمن عميرة ، الطبعة الاُولى ، 5 أجزاء في 4 مجلّدات ، قم ، منشورات شريف الرضيّ ، 1370 - 1371 ش .

21 - شرح المنظومة . المولى هادي بن مهديّ السبزواري (1212 - 1289) ، تصحيح وتعليق وتحقيق حسن حسن زاده الآملي و مسعود الطالبي ، الطبعة الاُولى ، 5 مجلّدات ، طهران ، نشر ناب ، 1369 - 1379 ش .

22 - شرح المواقف . السيّد الشريف علي بن محمّد الجرجاني (م 812) ، تصحيح السيّد محمّد بدرالدين النسعاني ، الطبعة الاُولى ، 8 أجزاء في 4 مجلّدات ، قم ، انتشارات الشريف الرضيّ ، 1412 ق / 1370 ش ، «بالاُفست عن طبعة مصر ، 1325» .

23 - الشفاء، الشيخ الرئيس أبو علي حسين بن عبداللّه بن سينا (370 - 427)، تحقيق عدّة

ص: 111

من الأساتذة، 10 مجلّداً (الإلهيات + المنطق 4 مجلّدات + الطبيعيات 3 مجلّدات + الرياضيات مجلّدان)، قم، مكتبة آية اللّه المرعشي، 1405 ق.

24 - شواكل الحور في شرح هياكل النور، ضمن ثلاث رسائل. المحقّق الدواني (م 908)، مشهد، بنياد پژوهشهاى اسلامى آستان قدس رضوى، 1411 ق.

25 - الشواهد الربوبية. صدر المتأ لّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (م 1050)، تصحيح وتعليق سيّد جلال الدين الآشتياني، الطبعة الثانية، مشهد، مركز نشر دانشگاهى، 1360 ش.

«ص»

26 - صحيح البخاري . أبو عبداللّه محمّد بن إسماعيل البخاري الجعفي (م 256) ، تحقيق وشرح الشيخ قاسم الشمّاعي الرفاعي ، الطبعة الاُولى ، 9 أجزاء في 4 مجلّدات ، بيروت ، دار القلم ، 1407 ق / 1987 م .

«ع»

27 - عبهر العاشقين، روزبهان بقلي الشيرازي (م 606)، تحقيق هانري كربن ومحمّد معين الطبعة الثالثة، تهران، انتشارات منوچهرى، 1366 ش.

28 - عدّة الداعي ونجاح الساعي . أبو العبّاس أحمد بن فهد الحلّي الأسدي (757 - 841) ، تحقيق مؤسّسة المعارف الإسلامية ، الطبعة الاُولى ، قم ، مؤسّسة المعارف الإسلامية ، 1420 ق .

29 - عوالي اللآلي العزيزية في الأحاديث الدينية . محمّد بن علي بن إبراهيم الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور (م - أوائل القرن العاشر) ، تحقيق مجتبى العراقي ، الطبعة الاُولى ، قم ، مطبعة سيّد الشهداء ، 1403 ق .

«غ»

30 - غرر الحكم ودرر الكلم . عبد الواحد بن محمّد التميمي الآمدي (من علماء القرن الخامس) ، تصحيح السيّد مهديّ الرجائي ، قم ، دار الكتاب الإسلامي ، 1410 ق / 1990 م .

ص: 112

«ف»

31 - الفتوحات المكّية. محيي الدين بن عربي (م 638)، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

32 - فصوص الحكم. الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي (م 638)، الطبعة الاُلى، تهران، مكتبة الزهراء، 1366 ش.

33 - الفكوك. أبو المعالي صدر الدين محمّد بن إسحاق القونوي (القونيوي) (607 - 673)، تصحيح محمّد خواجوي، الطبعة الاُولى، تهران، انتشارات مولى، 1371 ش.

«ق»

34 - القبسات . السيّد محمّد باقر بن شمس الدين محمّد الحسيني الأسترآبادي المعروف ب«الميرداماد» (م 1041) ، تحقيق الدكتور مهدي المحقّق ، الطبعة الثانية ، طهران ، انتشارات و چاپ دانشگاه طهران ، 1374 ش .

«ك»

35 - الكافي . ثقة الإسلام أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (م 329) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، الطبعة الخامسة ، 8 مجلّدات ، طهران ، دار الكتب الإسلامية ، 1363 ش .

36 - كشف المحجوب. أبو الحسن علي بن عثمان الجلاّبي الهجويري الغزنوي (من علماء القرن الخامس)، تصحيح ژوكوفسكي، الطبعة الثالثة، تهران، كتابخانه طهورى، 1373 ش.

37 - كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد . العلاّمة الحلّي جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر ، تحقيق الشيخ حسن حسن زاده الآملي ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1414 ق .

38 - كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال . علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي (888 - 975) ، إعداد بكري حيّاني وصفوة السقا ، الطبعة الثالثة ، 16 مجلّداً + الفهرس ، بيروت ، مؤسّسة الرسالة ، 1409 ق / 1989 م .

ص: 113

«ل»

39 - لقاء اللّه. ميرزا جواد آقا ملكى تبريزى (م 1343)، مصححّ صادق حسن زاده، قم، آل على، 1385 ش.

«م»

40 - المبدأ والمعاد. الشيخ الرئيس أبو علي حسين بن عبداللّه بن سينا (370 - 427)، تحقيق عبداللّه نوراني، الطبعة الاُولى، تهران، مؤسّسه مطالعات اسلامي، 1363 ش.

41 - مثنوى معنوى. جلال الدين محمّد بلخى مشهور به مولوى (م 672)، تصحيح نيكلسون، چاپ پنجم، تهران، انتشارات پژوهش، 1378 ش.

42 - مجموعة رسائل فلسفية صدرالمتألّهين. صدر المتألّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (م 1050)، الطبعة الاُولى، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1422 ق.

43 - مرآة العقول فى¨ شرح آل الرسول. العلاّمة محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (1037 - 1110)، تصحيح السيّد هاشم الرسولي والسيّد جعفر الحسيني والشيخ علي الآخوندي، الطبعة الثانية، 26 مجلداً، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1363 ش.

44 - المراسلات. أبو المعالي صدر الدين محمّد بن إسحاق القونوي (670 - 673)، تحقيق گوردون شوبرت، الطبعة الاُولى، بيروت، 1416 ق.

45 - مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين. الحافظ رجب البرسي (أعلام القرن الثامن)، تهران، دفتر نشر فرهنگ اهل بيت علیهم السلام .

46 - المشاعر . صدر المتأ لّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (م 1050) ، با ترجمه فارسى بديع الملك ميرزا عماد الدولة و ترجمه و مقدمه و تعليقات فرانسوى از هنرى كربين ، چاپ دوم ، طهران ، كتابخانه طهورى ، 1363 ش .

47 - مصباح الاُنس. محمّد بن حمزة الفناري، مع تعليقات الميرزا هاشم الإشكوري والآية اللّه الخميني، وسيّد محمّد القمي، وآقا محمّدرضا قمشه اي وحسن حسن زاده آملي، وفتح المفتاح، تصحيح محمّد خواجوي، تهران، انتشارات مولى، 1374 ش.

ص: 114

الطبع الحجري منه مع تعليقات ميرزا هاشم بن حسن بن محمّد علي الكيلاني إشكوري وآية اللّه حسن حسن زاده آملي، الطبعة الثانية، طهران، انتشارات فجر، 1363 ش.

48 - مصباح الشريعة . المنسوب إلى الإمام الصادق علیه السلام ، الطبعة الثالثة ، بيروت ، مؤسّسة الأعلمى للمطبوعات ، 1413 ق / 1992 م .

49 - مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه » .=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .

50 - مفاتيح الغيب، المطبوع مع مصباح الاُنس. أبو المعالي صدر الدين محمّد بن إسحاق القونوي (القونيوي) (607 - 673)، تصحيح محمّد خواجوي، تهران، انتشارات مولى، 1416 ق.

والطبع الحجري منه مطبوع مع مصباح الاُنس الحجري، مع تعليقات ميرزا هاشم بن حسن بن محمّد علي الكيلاني إشكوري وآية اللّه حسن حسن زاده آملي، الطبعة الثانية، طهران، انتشارات فجر، 1363 ش.

51 - مقالات شمس تبريزي. شمس الدين تبريزي، (م القرن السابع)، تحقيق محمّد علي موحد، الطبعة الثالثة، تهران، انتشارات خوارزمي، 1385 ش.

52 - مناهج الوصول إلى علم الاُصول ، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه » . موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .

53 - منتهى المدارك في شرح تائية ابن فارض. سعيد الدين فرغاني (م 700)، تحقيق عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني الشاذلي، الطبعة الاُولى، بيروت، دار الكتب العلمية، 1428 ق.

54 - موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه . تحقيق مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه ، الطبعة الاُولى، قم، مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه ، 1434 ق / 1392 ش.

«ن»

55 - النفحات الإلهية. أبو المعالي صدر الدين محمّد بن إسحاق القونوي (القونيوي) (607 -

ص: 115

673)، تصحيح محمّد خواجوي، الطبعة الاُولى، تهران، انتشارات مولى، 1417 ق.

56 - النصوص. أبو العمالي صدر الدين محمّد بن إسحاق القونوي (القونيوي) (607 - 673)، تصحيح سيد جلال الدين الآشتياني، تهران، مركز نشر دانشگاهى، 1371 ش.

57 - نهج البلاغة ، من كلام مولانا أمير المؤمنين علیه السلام . جمعة الشريف الرضي ، محمّد بن الحسين (359 - 406) ، إعداد الدكتور صبحي الصالح ، انتشارات الهجرة ، قم ، 1395 ق «بالاُفست عن طبعة بيروت 1387 ق» .

ص: 116

7 - فهرس الموضوعات

مقدّمة الشارح ··· 5

الفاتحة: في مقدّمات الشروع

وفيه فصول:

الفصل الأوّل: في تقسيم العلوم الشرعية الإلهية إلى الاُمّهات الأصلية والفروع الكلّية ··· 7

الفصل الثاني: في سبب اختلاف الاُمم والتنبيه على سرّ طريق الأمم ··· 11

الفصل الرابع: في ذكر الموضوع والمبادئ لعلم التحقيق ومسائله ··· 12

الفصل الخامس: فيما أفاده الكمّل في ضبط كلّيات مهمّات العلم والعمل ··· 15

التمهيد الجملي: في ذكر ما به صحّ ارتباط العالم بالحقّ والحقّ بالعالم ··· 23

وفيه سابقة وفصلان وخاتمة:

السابقة في اُمّهات اُصول صحّة الارتباطين

وفيه فصول:

الأوّل: اقتضاء الشيء أمراً لذاته أو بشرط أو شروط هي عين ذاته أو بشرط غير ذاته ··· 23

الثاني: في أنّ الشيء لايثمر ما يضادّه وما يناقضه في كلّ نوعٍ من الأثمار ··· 25

الرابع: في أنّ سبب الكثرة والكثير لا يتميّز في جزئي من جزئياته ··· 29

الخامس: في إمكان كون الشيء الواحد مظهراً وظاهراً باعتبارين ··· 32

السادس: في أنّه لايعلم شيء بغيره من الوجه المغاير المباين ··· 34

السابع: في أنّه لا يؤثّر مؤثّر إلاّ بنسبة بينه وبين المتأثّر ··· 35

الثامن: في أنّه لا يؤثّر مؤثّر حتّى يتأثّر ··· 39

ص: 117

التاسع: في أنّ الأثر لايكون لموجود ما من حيث وجوده فقط ··· 44

العاشر: في قاعدة كشفية يسرى حكمها في اُمّهات المسائل ··· 45

الفصل الأوّل: في تصحيح الإضافات التي بين الذات والصفات

وفيه مقامات:

المقام الأوّل: في الإشارة إلى تصوّر وجود الحقّ وهليّته ··· 52

المقام الثاني: في أنّ الحقّ تعالى واحد وحدةً حقيقية ··· 66

المقام الثالث: في أنّ المدرك من الحقّ ليس كنه ذاته ··· 68

المقام الرابع: في نسبة الوجود إلى حقيقته كلّ موجود بالعينية والغيرية ··· 73

المقام الخامس: في أنّ الصادر الأوّل هو الوجود العامّ لا العقل الأوّل ··· 73

المقام السادس: أنّ وجود العامّ نسبته إلى العقل الأوّل وجميع المخلوقات على السوية ··· 75

المقام الثامن: في تحقيق حقيقة العماء ··· 76

المقام التاسع والعاشر: في نسبة صفات الحقّ إليه باعتبار كونه وجوداً فحسب ··· 79

خاتمة: في بيان متعلّق طلبنا بالإجمال

باب كشف السرّ الكلّي وإيضاح الأمر الأصلي ··· 89

الفهارس

1 - فهرس الآيات الكريمة ··· 97

2 - فهرس الأحاديث الشريفة ··· 101

3 - فهرس أسماء المعصومين علیهم السلام ··· 103

4 - فهرس الأعلام ··· 105

5 - فهرس كتب واردة في المتن ··· 107

6 - فهرس مصادر التحقيق ··· 109

ص: 118

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.