أقوال الإمام علي علیه السلام في التراث النحوي واللغوي

هوية الکتاب

رقم الإیداع في دار الکتب و الوثائق العراقیة 1353 لسنة 2016م مصدر الفهرسة: IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda.

رقم تصنیف LC:

2016 BP38. 09 .N4 G4.

المؤلف الشخصي: الغزي، بدور عبود إیدام.

العنوان: أقوال الإمام علي علیه السلام في التراث النحوي واللغوي.

بیان المسؤولیة: تألیف بدور عبود إیدام الغزي؛ تقدیم سید نبیل قدوري الحسني.

بیانات الطبعة: الطبعة الأولی.

بیانات النشر:

کربلاء: العتبة الحسینیة المقدسة - مؤسسة علوم نهج البلاغة.

1437ه-= 2016م.

الوصف المادي: 360صفحة.

سلسلة النشر: مؤسسة علوم نهج البلاغة.

تبصرة ببیلوغرافیة: یتضمن هوامش - لائحة المصادر (الصفحات321 - 351).

تبصرة:عامة:

تبصرة محتویات:

موضوع شخصي: علي بن أبي طالب (علیه السلام)، الإمام الأول، 23قبل الهجرة - 40هجریا - نحو.

موضوع شخصي: علي بن أبي طالب (علیه السلام)، الإمام الأول، 23قبل الهجرة - 40هجریا - أدب.

مصطلح موضوعي: اللغة العربیة - نحو.

مصطلح موضوعي: فقه اللغة العربیة.

مصطلح موضوعي: اللغة العربیة - علم الدلالة.

مصطلح موضوعي: الأدب العربي - تاریخ ونقد.

مؤلف إضافي: الحسني، نبیل قدوي حسن، 1965م، مقدم.

عنوان إضافي:

تمت الفهرسة قبل النشر في مکتبة العتبة الحسینیة المقدسة

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

أقوال الإمام علي علیه السلام في التراث النحوي واللغوي

ص: 2

جمیع الحقوق محفوظة

للعتبة الحسینیة المقدسة

الطبعة الأُولی

1437 ه- - 2016 م

العراق: کربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الاکبر علیه السلام

مؤسسة علوم نهج البلاغة

هاتف: 07728243600 - 07815016633

الموقع الألکتروني: www.inaj.org

Email: Inahj.org@gmail.com

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحیم

«إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُواْ الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ»

صدق الله العلي العظیم

سورة المائدة الآیة: 55

ص: 4

ص: 5

الإهداء

إلی أوّل من وضع اصول العربیِة وحدّ حدودها إذْ قال:

«الکلام اسمٌ وفعلٌ وحرف» إلی سیدي و مولاي امیرمؤمنین علي بن أبي طالب علیه السلام الباحثة

ص: 6

مقدمة المؤسسة

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤسسة الحمد للهِ علی ما أنعم وله الشُّکر بما ألهم والثناء بما قدَّم، الصلاة والسلام علی خیر النِّعم وأتمِّها محمّد وآله الأطهار الأخیار.

أمَّا بعد:

فإنّ مما یُحفِّزه عنوان البحث الموسوم ب- (أقول الإمام علي علیه السلام في التراث النحوي واللغوي) هو الدعوة الی الکتابة في استقراء التراث الإنساني، وبیان أقوال الإمام علي علیه السلام في حقوله المعرفیة کافة.

ومن ثم: كیف لا تحتار العقول بأقواله؛ وتعجز عن إدراك كُنه فعاله وصفاته، وهو مع هذا یُنادي: «إنَّما أنا عبدٌ من عبید محمد صلی الله علیه واله وسلم»(1)، فکیف یکون قدر السید وهذا قدر عبده فصلِّ اللهم علیهما والهما كأفضل وأتمِّ ما صلیت علی إبراهیم وال إبراهیم.

وكیف تکتسب العربیة عروبتها إن لم تستند علی أقواله وترجع إلی آثاره، وهي التي

ص: 7


1- التوحيد للصدوق: ص 174

تطايرت ألبابها في قوله: «قیمة کلِّ امرءٍ ما يُحسِن».

ولعلَّ الاستشهاد بقول صاحب كتاب (البیان والتبين)، مع كونه أموي الهوى إلا أنّه يغني عن البیان في أثر اقوال الإمام علي علیه السلام في التراث اللغوي فیقول: (فلو لم نقف في هذا الکتاب إلا علی هذه الکلمة لوجدناها شافیة كافیة ومجزیة مغنیة؛ بل لوجدناها فاضلة عن الکفایة، وغیر مقصِّرة عن الغاية، وأحسن الکلام ما كان قلیله مغني عن كثیره وكان الله تعالی قد ألبسه من الجلالة، وغشَّاه من نور الحکمة علی حسب نیَّة صاحبه، وتقوی قائله، فإذا كان المعنی شریفاً. واللفظ بلیغاً، وكان صحیح الطبع بعیداً من الاستکراه، ومنزهاً عن الاخلال، مصوناً عن التکلف صنع في القلب صنیع الغیث في التربة الکریمة)(1).

فجزى الله الباحثة عن عملها في هذه الرسالة الجامعیة الموسومة ب- (أقوال الإمام علي علیه السلام في التراث النحوي واللغوي) كلّ خیر، فقد بذلت فیها جهدها لبیان حقٍّ من حقوق الإمام علي علیه السلام في هذا الحقل المعرفي وآخر دعوانا «أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(2).

السید نبیل قدوری حسن الحسنی رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8


1- البيان والتبين: ج 1، ص 87؛ زهر الآداب للقيرواني: ج 1، ص 81
2- سورة يونس: الآية 10

ص: 9

ص: 10

المقدمة

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

المقدمة الحَمْدُ لله رَبَّ العالمين، خالِقِ السَّماوات والأرضين، والصَّلاةُ والسَّلام على أشْرف المُرْسلين (مُحمَّد المُصطفى) سيَّد الأَولين والآخرين، وعلى أهْل بَیْته الغرِّ الميَامين، الذين انتخبهم الله تعإلى هُداةً للبشر أجمعين، ولا سيما صهره وابن عمَّه ووصيَّه وخليفته و سَیّد عُترَته الصّدّيق الأَكبر والفاروق الأعظم عليّ بن أبي طالب علیه السلام.

أمّا بعد:

فلقد کَتَب عن الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام کثیرٌ من العلماء، إذْ إنَّ الإمام علیاً علیه السلام وليُّ المؤمنین بعد الرسول صلّی الله علیه و آله و سلم، وعالمٌ متمكنٌ في العلوم جميعها الفقهية واللغوية، وهو الذي تربى في احضان النبوة ونَهَلَ علمه منها، إذ يقول الرسول الكريم محمد صلّی الله علیه و آله و سلم:

ص: 11

«أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأتی بابه»(1).

وفي هذا المقام یقول عباس محمود العقاد: «فقلَّ أن سمعنا بعلم من العلوم الإسلامية أو العلوم القديمة لم ينسب إليه، وقلَّ أن تحدث الناس بفضل لم ينحلوه إِياه، وقلَّ أن يوجه الثناء بالعلم إلى أحد من الأوائل إلا كانت له مساهمة فیه»(2). ویقول أیضاً: «تبقی له الهدایةُ الأولی في التوحيد الإسلامي والفقه الإسلامي وعلم النحو العربي وفنّ الكتابة العربية مما يجوز لنا أن نسميه اساساً صالحاً لموسوعة المعارف الإسلامية أو يجوز لنا أن نسميه موسوعة المعارف كلّها في الصدر الأول في الإسلام»(3).

هذه الرسالة تحمل بعض ما يتعلق بعلم أميرالمؤمنين علیه السلام في التراث النحوي واللغوي) فكان باقتراح من الأُستاذ الدكتور رياض يونس السواد، وبعد عرضه على استاذي المشرف د. رافد مطشر أبدی قبوله واستحسانه ووجّهني إلی خطة مفصلة لدراسة أقوال الإمام علي علیه السلام في التراث النحوي واللغوي وبهذا فقد شاء الله تعإلى أن يفتح لي طريقاً يوصلني إلى أقوال أمير البلغاء وسیّد الأوصياء في كتب النحو واللغة، فكلام الإمام علي علیه السلام أشرف الکلام وأبلغهُ بعد کلام الله تبارك و تعإلی وکلام نبیه صلّی الله علیه و آله و سلم لما فيه من آيات توحيد وحكمة(4).

ص: 12


1- أسد الغابة في معرفة الصحابة، عز الدين ابن الأثير الجوزي: 4 / 95
2- عبقرية الإمام علي علیه السلام، عباس محمود العقاد: 19
3- عبقرية الإمام علي علیه السلام: 194
4- يُنظر: المصدر نفسه: 195

يقول الشريف الرضي (ت 406 ه-) في مقدمة نهج البلاغة: «أما کلامه فهو البحر الذي لا یُساجَل، والجم الذي لا یُحافل»(1). وبعد الإنتهاء من مرحلة جمع مادة ثلاثة فصول یسبقها تمهید و تعقبها خاتمة ضمت مختصراً بأشهر النتائج التي توصل إلیها البحث.

أمّا التمهید مثل توطئة للرسالة، وکان بعنوان: الإمام علي علیه السلام بلاغتهُ وفصاحتهُ وشيءٌ من علومه، وأمّا الفصل الأول فعنوانه (المستوی النحوي في أقوال الإمام علي علیه السلام و ضمَّ ثلاثة مباحث، فالمبحث الأول درستُ فیه أثر الإمام علي علیه السلام في نشأة النحو العربي، والمبحث الثاني: تناولتُ فیه ما جاء من أقوال الإمام علي علیه السلام في باب الأسماء، والمبحث الثالث: تناولتُ فیه ما جاء من أقوال الإمام علي علیه السلام في باب الأفعال والحروف.

أمّا الفصل الثاني فعنوانه (المستوی الصرفي في أقوال الإمام علي علیه السلام وضمَّ ثلاثة مباحث، فالمبحث الأول: تناولت فيه أبنية الأسماء، والمبحث الثاني:

تناولت فيه أبنية الأفعال، والمبحث الثالث: تناولت فيه موضوعات أخری وهي النسب والتصغير.

وکان الفصل الثالث بعنوان (المستوی الدلالي في أقوال الإمام علي علیه السلام، وضمَّ ثلاثة مباحث، المبحث الأول: المشترك اللفظي، والمبحث الثاني: الترادف، والمبحث الثالث: التضاد. وانتهى بخاتمة أودعنا فيها أشهر النتائج التي كشف عنها البحث.

وقد اعتمد البحث مجموعة من المصادر والمراجع التي أعانت الباحثة

ص: 13


1- مقدمة الشريف الرضي على نهج البلاغة: 9

على جمع المادة وكتابتها ومنها كتب النحو: وكان كتاب سيبويه (ت 180 ه-) في مقدمتها، والمقتضب للمبرد (ت 285 ه-)، والأصول في النحو لأبن السراج (ت 316 ه-) وشرح الرضي على كافية ابن الحاجب للرضي الاستراباذي (ت 686 ه-) وغيرها.

والمعجمات اللغوية ومنها معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 ه-)، وتهذيب اللغة للأزهري (ت 370 ه-)، ومقاييس اللغة لأبن فارس (ت 395 ه-)، وأساس البلاغة للزمخشري (ت 538 ه-)، ولسان العرب لأبن منظور (ت 711 ه-) وغيرها من معجمات اللغة .

وهناك كتب عامة اهتمت بعلوم اللغة كأضداد ابن الأنباري (ت 328 ه-)، وأضداد أبي الطيب اللغوي (ت 351 ه-)، المزهر للسيوطي (ت 911 ه-) وغيرها، وكذلك عُدتُ إلى كتب المحدثين ومنها فقه اللغة للدكتور علي عبد الواحد، وفصول في فقه العربية للدكتور رمضان عبد التواب، والترادف في اللغة للدكتور حاكم الزيادي.

وكتب الصرف كشرح الرضي على شافية ابن الحاجب للرضي الاستراباذي، وتصريف الأسماء لمحمد الطنطاوي، وأبنية الصرف في كتاب سيبويه للدكتورة خديجة الحديثي وغيرها من الكتب الصرفية التي أغنت البحث.

وكان لكتاب نهج البلاغة النصيب الأوفر في هذه الدراسة إذ حاولت توثيق أغلب الأقوال المنسوبة للإمام علي علیه السلام منه.

وقد أفادت الباحثة ومن الكتب التي أهتمت بدراسة كتاب نهج البلاغة منها منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة للراوندي ( 573 ه-)، وشرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد ( 656 ه-)، وشرح نهج البلاغة لميثم البحراني (ت 679 ه-)،

ص: 14

ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة للخوئي ( 1324 ه-).

وكانت المنهجية المتبعة في البحث على الوجه الآتي: ذكر الموضوع وبيان تعريفهِ ثم الرجوع إلى آراء العلماء وإشاراتهم إليه، ثم ذكر قول الإمام علي علیه السلام من كتب النحو أو المعجمات، ثم أبين موضع الشاهد، وإذا كان لقول الإمام علیه السلام شواهد مماثلة اهتديت إليها أي من خلال البحث أوردها، ومن ثم توضيح دلالة قئل الإمام علي علیه السلام ومعرفة المراد منه بشكل موجز وأحياناً نتعداه إذا كان المعنى لا يحتاج إلى بيان، وكذلك نسبة الشاهد الشعري إلى قائله اعتماداً على ديوانه مع الإشارة إلى اماكن وجوده في كتب النحو واللغة وكذلك تخريج الآيات القرآنية الكريمة التي تأتي ضمن نص مقتبس في المتن.

وان البحث لم يعتمد على استقراء كل أقوال الإمام علي علیه السلام بل اخذ في کل باب أمثله كافية للبرهنة.

وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى أستاذي المشرف الأُستاذ المساعد الدكتور رافد مطشر السعيدان على ما قدمه من جهد ونصح وتوجیه حتی یتم هذا العمل ویری النور فله فائق شکري واحترامي.

وبعد فإنَّني لا أدَّعي الكمال في هذا العمل، إذ الكمال لله وحده، غير أَنَّني بذلت جهداً فإن أصبت فمن الله، وإنَّ أخطأت فمن نفسي.

وآخر دعوانا أسأل أن الحمدُ للهِ ربِ العالمين وأسألهُ تعإلى أن يكون عملي خالصاً لوجههِ الكريم.

ص: 15

ص: 16

التمهید الإمام علي علیه السلام بلاغتهُ و فصاحتهُ وشيءٌ من علومهِ

بلاغتهُ وفصاحتهُ:

إنَّ في کلامِّ علي علیه السلام ثروةً معنویة جعلت له مکانةً خاصةً، إذْ یعدُّ إمام الفصحاء وسیّد البلغاء وإمام الخطباء بعد رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلم، وقد قیل في کلامه هو دون كلام الخالق، وفوق كلام المخلوقين، وقد سقط الجبارون لسماع بعض كلامه ومات بعض الناس تأثراً بوعظه(1). وأعجب العلماء ببلاغة الإمام علیه السلام وفصاحته، ومن ذلك أن عبد الحميد الكاتب قال: حفظت سبعين خطبة من خطب الأَصلع فغاضت ثم فاضت، وقال ابن نباتة المصري: حفظت من الخطابة كنزاً لا يزيده الإنفاق إلا سعة وكثرة، حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب(2). وأخبر المسعودي أن الناس حفظت من خطب الإمام علیه السلام في سائر مقاماته اربعمائة ونيفاً وثمانين خطبة جاء بها على البديهة وتداول الناس

ص: 17


1- يُنظر: سجع الحمام في حكم الإمام، محمد أبو الفضل وآخرون: 25
2- يُنظر: المصدر نفسه

عنه ذلك قولاً وعملاً(1).

وهكذا فقد ذُكر للعلماء أقوال كثيرة تدّل على بلاغة الإمام علي علیه السلام، ومن ذلك ما قاله عامر الشعبي: «تکلّم أمیر المؤمنین علیه السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالاً، فقأن عيون البلاغة، وايتمن جواهر الحكمة وقطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن: ثلاث منها في المناجاة، وثلاث منها في الحكمة، وثلاث منها في الأدب أما اللواتي في المناجاة فقال:

«كفى بي عزا أن أكون لك عبدا، وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا، أنت كما تحب»(2).

وأما اللاتي في الحكمة فقال: «قيمةُ کلّ امرئ ما يحسنه، وما هلك امرؤ عرف قدره، والمرء مخبوء تحت لسانه»(3).

وأما اللاتي في الأدب فقال:

«امنن على من شئت تكن أميره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغنِ عمن شئت تکن نظیره»(4) (5).

وقال ابن عبد البر القرطبي (ت 463 ه-) معلقاً على حكمة الإمام علي علیه السلام «قيمة كلّ أمرئ ما یحسن» يقال: إنَّ قول علي بن أبي طالب «قيمة كلّ أمریٴ ما

ص: 18


1- يُنظر: المصدر نفسه
2- نهج البلاغة: 507
3- المصدر نفسه: 512
4- المصدر نفسه: 538
5- الخصال، الصدوق: 1 / 46

يحسن لم يسبقه إليه أحد، وقالوا: ليس كلمة احض على طلب العلم منها»(1)، وقال عنها أیضاً: «من الكلام العجيب الخطير، وقد طار الناس إليه كلّ مطير، ونظمه جماعة من الشعراء اعجاباً به وكلفاً بحسنه»(2)، أمَّا ما قاله صاحب البيان والتبيين عن هذه الحكمة: «فلو لم نقف في هذا الکتاب ألاّ علی هذه الکلمة لوجدناها کافیة شافیة، ومجزية مغنية، بل لوجدناها فاضلة عن الكفاية، وغير مقصرة عن الغاية، وأحسن الكلام ما كان قليله يغني عن كثيره وكأن الله تعإلى قد البسه من الجلالة وغشاه من نور الحكمة على حسب نية صاحبه، و تقوی قائله، فإذا كان المعنى شريفاً، واللفظ بليغاً، وكان صحيح الطبع بعيدا من الاستكراه، ومنزها عن الإخلال مصوناً عن التكلف، صنع في القلب صنيع الغيث في التربة الكريمة...»(3). وهكذا فهذه الأقوال تدل على علوِّ منزلة الإمام علي علیه السلام في البلاغة والفصاحة فالإمام علیه السلام أفصح من كلِّ ناطق بلغة العرب من الأولين والآخرین، إلا کلام الله سبحانه، وكلام رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلم(4). وقد قال الشریف الرضي (ت 406 ه-): « إذْ کان أمیر المؤمنین علیه السلام مشرع الفصاحة وموردها، ومنشأ البلاغة ومولدها، ومنه علیه السلام ظهر مکنونها وعنه أخذت قوانینها، وعلی أمثلته حذا کلّ قائل خطیب وبکلامه استعان کلّ واعظ بلیغ، ومع ذلك فقد سبق وقصروا، وقد تقدم وتأخروا؛ لأنَّ کلامه علیه السلام الکلام الذي علیه مسحة

ص: 19


1- الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ابن عبد البر القرطبي: 3 / 90
2- المصدر نفسه
3- البيان والتبيين، الجاحظ: 1 / 58
4- يُنظر: شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 2 / 454

من العلم الإلهي وفيه عبقة من الكلام النبوي»(1).

وهذا ما يدلُّ على أن البلاغة واضحة في كلام الإمام علي علیه السلام، والمعروف أنَّ أغلب کلام الإمام علي علیه السلام قد جمع في كتاب (نهج البلاغة) علي يد الشريف الرضي (ت 406 ه-) وقد اشتمل على عدد كبير من الخطب والرسائل والوصايا والحکم ویبلغ عددها «مائةً وثلاثاً وثمانین خطبةً، وتسعاً وسبعین بين كتاب ووصیة وعهد، وأربعمائة وثمانٍ وثمانین کلمةً قصیرة»(2).

و سْمي الكتاب بنهج البلاغة؛ لأنه يفتح للناظر فيه أبوابها ويُقرُّ عليه طلابها، فيه حاجة العالم والمتعلم، وبغية البليغ والزاهد، ويمضي في أثنائه من عجيب الكلام في التوحيد والعدل، وتنزيه الله سبحانه وتعإلى عن شَبَهِ الخلق، ما هو بلال ك لّ غلة، وشفاء كلّ علةٍ، وجلاء كلّ شبهة(3). وهكذا وصف الإمام علي علیه السلام بالبلاغة، أي اشتهرالإمام علیه السلام ببلاغته کما اشتهر في السیاسة ببطولته، وفي الدين بتقواه، ولعل الخطب التي ألقاها في اتباعه هي في الواقع أكثر الخطب العربية بلاغة وصدقاً، كما أنها في الوقت نفسه أكثرها عددا(4).

وقد نزل في حق الإمام علي علیه السلام آیات کثیرة، إذ أکد کثیر من المفسرین في تفاسيرهم على نزول آيات في حق الإمام علي علیه السلام.

فعن ابن عباس أنَّ رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلم قال: ما أنزل الله آیة فیها:

ص: 20


1- يُنظر: مقدمة الشريف الرضي على نهج البلاغة: 8
2- يُنظر: المصدر نفسه: 9
3- يُنظر: ُ يُنظر: مقدمة الشريف الرضي على نهج البلاغة: 11
4- يُنظر: نماذج في النقد الأدبي وتحليل النص، إيليا الحاوي: 263

«یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمنوا» إلاّ وعليُّ على رأسها وأميرها(1).

ومن الآيات التي نزلت في الإمام علي علیه السلام:

1- قال تعإلى:

«إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» [المائدة: 55] لقد أجمع أغلب المفسّرين على أنَّ هذه الآية نزلت في حق الإمام علي علیه السلام لما تصدّق بخاتمة على المسكين في الصلاة قال الزمخشري (ت 538 ه-) عن قوله (وهم راكعون): «هو حال من یؤتون الزکاة بمعنی یؤتون الزکاة بمعنی یؤتونها في حال رکوعهم في الصلاة، وأنَّها نزلت في الإمام علي علیه السلام حین سأله سائل وهو راکع في صلاته فطرح له خاتمه كأنه كان مرجاً في خنصره، فلم يتكلف لخلعه كثيراً عما تفسد بمثله صلاته، فإنْ کان السبب فیه رجلاً واحداً لیرغب الناس في مثثل فعله فینالوا مثل ثوابه، ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والإحسان وتفقد الفقراء، حتى إنْ لزمهم أمر لايقبل التأخير وهم في الصلاة لم يؤخروه إلى الفراغ منها»(2).

2- قال تعإلى:

«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ

ص: 21


1- يُنظر: بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي: 75 / 365
2- الكشاف، الزمخشري: 2 / 365

بِالْعِبَادِ» [البقرة: 207] روی القرطبي (ت 671 ه-) في تفسيره «قیل نزلت في علي (رضي الله عنه) حین ترکه النبي صلّی الله علیه و آله و سلم في فراشه لیلة خرج إلی الغار»(1).

وروی ابن الأثير (ت 630 ه-) بأسناده إلى أبي اسحاق أحمد بن إبراهيم الثعلبي إذْ قال: رأيت في بعض الكتب أن رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلم لما أراد الهجرة خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلة خرج إلى الغار، وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام في فراشه، وقال له «اتشح ببردي الحضرمي الأخضر، فإنَّه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله» فأوحی الله إلي جبرائیل و میکائیل علیه السلام: أني آخیت بینکما وجعلت عمر أحدکما أطول من عمر الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة فأوحى الله عزّ وجلّ إليهما، أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب؟ آخيت بينه وبين نبيي محمد، فبات على فراشه، يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة إهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه فنزلا، فكان جبرائيل عند رأس علي وميكائيل عند رجليه، وجبرائيل ينادي، من مثلك يا ابن أبي طالب، یُباهي الله عزّوجلّ به الملائكة؟ فأنزل الله على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن الإمام علي علیه السلام هذه الآیة(2).

3- قال تعإلى:

«الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» [البقرة: 274]

ص: 22


1- الجامع لأحكام القرآن، القرطبي: 829
2- يُنظر: أسد الغابة: 4 / 103 - 104

روي عن ابن عباس أنه قال: نزلت في علي بن أبي طالب علیه السلام إذ کانت معه أربعة دراهم، فتصدق بدرهم لیلاً، وبدرهم نهاراً، وبدرهم سراً، وبدرهم جهراً(1).

4- قال تعإلى:

«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ» [المائدة: 67].

إِنَّ هذه الآية نزلت يوم الغدير فامتثل النبي أمر الله تعإلى بالتبليغ وأعلن ولایة الإمام علي علیه السلام علی رؤوس الاشهاد بقوله: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه»(2).

5- قال تعإلى:

«أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ»(3).

6- قال تعإلى:

ص: 23


1- يُنظر: الكشاف: 1 / 243
2- يُنظر: روح المعاني، الآلوسي: 5 / 67 .122/ 3)
3- يُنظر البحر المحيط، لأبي حیّان الأندلسي: 9 / 122

«أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» [التوبة: 19].

نزلت هذه الآية المباركة في الإمام علي علیه السلام والعبّاس وشیبه، فقال العبّاس: أنا أفضل لأن سقایة الحاج بیدي، وقال شیبه: أنا أفضل لأن حجاجة البيت بيدي، وقال الأمام علي علیه السلام أنا أفضل فإني آمنت قبلكما وهاجرت وجاهدت، فأنزل الله تعإلى هذه الآية(1).

وهكذا فكانت هذه الآيات أمثلةً مختارة من الآيات الشريفة التي نزلت في حقّه علیه السلام وبحسب ما ذکره المفسّرون.

علمه:

کان الإمام علي علیه السلام غزیر العلم، وقد شهد له بذلك کثیر من العلماء قدیماً وحدیثاً. فقد کان ابن عباس یقول: إذا جاء الثبت عن الإمام علي علیه السلام لم نعدل به، وکان الإمام علي علیه السلام یقول: سلوني عن کتاب الله، فوالله ما نزلت آیة من کتاب الله في لیل ولا نهار ولا مسیر ولا مقام إلا وقد اقرأنیها(2).

فالإمام علیه السلام کان ذا علم بالقرآن الکریم ومن أدلة علمه بالقرآن ما روي عن الإمام جعفر بم محمد الصادق علیه السلام، إذ قال: «کان علي علیه السلام صاحب حلال و حرام وعلم بالقرآن و نحن علی منهاجه»(3).

ومن أدلة علمه بالقرآن ما قاله ابن عباس: «فإذا علمي بالقرآن في علم علّي

ص: 24


1- يُنظر: الكشاف: 2 / 407
2- يُنظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني: 7 / 215
3- تفسير العياشي، ابن عياش: 1 / 15

كالقرارة في المُثْعَنجز(1) (2).

وقد برع الإمام علي علیه السلام أیضاً في العلوم جمیعها کالعلوم الفقهیة واللغویة وأولیات علم الحساب ومن فقهه علیه السلام ما روي عن عمر (رضي الله عنه) أنه أُتي بامرأه قد ولدت لستة أشهر فهّم برجمها، فقال له الإمام علي علیه السلام خاصمتك بکتاب الله خصمتك إنَّ الله تعإلى يقول:

«وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا» [الأحقاف: 15] ويقول جلّ تعإلى:

«وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ» [لقمان: 14].

فإذا کانت مدة الرضاعة حولین کاملین أي أربعة و عشرین شهراً وکان حمله وفصاله ثلاثین شهراً، فالحمل فیها ستة أشهر، فخلی عمر سبیل المرأة وثبت الحکم لصالح المرأة، وعندها قال عمر: لولا علي لهلك عمر(3).

أمّا علمه بالحساب فقد قال عباس محمود العقاد في هذا المقام «وفي أخباره، مما يدلُّ على علمه بأدوات الفقه كعلمه بنصوصه وأحكامه. ومن هذه الأدوات علم الحساب الذي كانت معرفته به أكثر من معرفة فقيه يتصرف في معضلة المواريث؛ لأنه كان سريع الفطنة إلى حيله التي كانت تعدّ في ذلك الزمن الغازاً تکدّ في حلّها العقول»(4).

ومن المسائل الحسابية التي برع الإمام علي علیه السلام في حلّها

ص: 25


1- القرارة في المُثْعُنْجر، فالقرارة المطمئن من الأرض ولا يستقرّ فيه ماء المطر أما المُثْعَنجَر فأكثر موضع في البحر فیه ماء، یُنظر: لسان العرب: 4 / 3، مادة (ثعجر)
2- النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير: 1 / 606
3- یُنظر: الإصابة في تمييز الصحابة: 3 / 39
4- عبقرية الإمام علي علیه السلام: 196

ما يُعرف بالمسألة الدينارية، إذْ يقال: إِنَّ امرأة جاءت إلى الإمام، وشكت إليه أن أخاها مات عن ستمائة دينار، ولم يقسم لها من ميراثه غير دينار واحد، فقال لها: لعله ترك زوجة وابنتين وأُماً. واثنى عشر أخاً وأنت؟ فكان كما قال. وهنا تتجلى قوة علمهِ وحدسه فبمجرد أن علم بحصتها فقد استنتج عدد أفراد العائلة وليس فقط ذلك، بل العلاقة فيما بينهم وجنسهم وحصة كلّ منهم، إذْ َإِنَّ هذه المراءة كانت تتوقع أن أخاها قد ظلمها لذا طلبت الإنصاف وأخذ حقها، لذلك قال لها: خلّف أخوك بنتين لهما الثلثان أربعمائة، وخلف أماً لها السدس مائة، وخلف زوجة لها الثمن خمسة وسبعون، وخلّف معك اثني عشر أخاً لكل أخ ديناران ولكِ دينار قالت نعم ... فلذلك سُميت هذه المسألة بالدينارية، أي لو جمعت هذه الحصص لكان مجموعها ستمائة دينار(1).

وغيرها من المسائل كثير التي برع الإمام علیه السلام في حلها(2).

وقد ورد في شعر منسوب للإمام علیه السلام تعبیرات تخصّ الحساب، إذْ ذکر العدد ستين والنصف والثلث(3)، إذْ قال في حسبة العمر(4):

إذا عاش الفتى ستين عاماً فنصف العمر تمحقه الليالي ونصف النصف يذهب ليس يدري لغفلته يميناً من شمالِ

ص: 26


1- يُنظر: أعيان الشيعة، محسن الأمين: 343
2- من المسائل التي برع الإمام علیه السلام في حلّها أیضاً المسألة المنبریة، وقصة الأرغفة وغیرها. یُنظر: أعیان الشیعة: 242 - 243. .243– الشيعة: 242
3- يُنظر: من الشعر المنسوب إلى الوصي علي بن أبي طالب، عبد العزيز سيد الأهل: 111
4- یُنظر: من الشعر المنسوب إلی الوصي علي بن أبي طالب: 111

وثلث النصف آمل وحرص وشغل بالمكاسبِ والعيالِ وبرع الإمام علي علیه السلام في علم الهندسة، إذْ یُروی أنَّ رجلین جالسین في زمن عمر ومرَّ بهما عبد مقیّد، فقال أحدهما: إن لم يكن في قيده كذا وكذا فأمرأته طالق ثلاثاً وحلف الآخر بخلاف ما قاله، فسأل مولى العبد أن يحل قيده حتى يعرف وزنه، فأبى فارتفعا إلى عمر فقال لهما: اعتزلا نساءكما، وبعث إلى علي علیه السلام وسأله عن ذلك فدعا بإجانة(1) فأمر الغلام أن يجعل رجله فيها ثم أمر أن يصب الماء حتى غمر القيد والرجل ثم علم في الإجانة علامة وأمره أن يرفع قيده عن ساقه، فنزل الماء عن العلامة، فدعا بالحديد فوضعه في الإجانة حتى تراجع الماء إلى موضعه، ثم أمر أن يوزن الماء فوزن فكان وزنه بمثل وزن القيد، وأخرج القيد فوزن فكان مثل ذلك(2).

وهكذا فالإمام علي علیه السلام عالمٌ متمکنٌ في العلوم جمیعها.

ص: 27


1- الإجانة: إناء تغسل فيه الثياب، یُنظر: المعجم الوسيط: 1 / 15 باب الهمزة
2- يُنظر: بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي: 40 / 165

ص: 28

الفصل الأول المستوی النحوي في أقوال الإمام علي علیه السلام

اشارة

ص: 29

ص: 30

المبحث الأول:أثر الإمام علي علیه السلام في نشأة النحو

اشارة

العربي لقد كثر كلام العلماء حول نشأة النحو العربي إذ «یکتنف نشأة علم النحو بعض الغموض وتختلف فيها الروايات؛ ذلك لأنَّها عملية خلق يشترك فيها عادة أكثر من عاملِ، يسهم فيها أكثر من شخص، وربما تبرز الفكرة في عدة أماكن، وفي أزمنة متفاوتة، ويدّعي كلّ فريق قصب السبق إليها، ومع ذلك فإنَّ کلّ الروایات تجمع أنَّ الإمام علیاً علیه السلام هو الذي وضع الخطة الأولى، وأنَّ أبا الأسود(1) بدأبتنفیذها»(2).

وهذا يدلُ على أنَّ هناك روايات كثيرة تسند أصول النحو للإمام علي علیه السلام وأنَّ النحو العربي نشأ في البصرة وهذا ما أجمعتعليه المصادر إذْ قال د. سعيد الأفغاني: «الذي تجمع علیه المصادر أنَّ النحو نشأ بالبصرة، وبها نما واتسع وتكامل وتفلسف وأنَّ رؤوسه بنزعتيه السماعية والقياسية كلهم بصريون وأنَّ علي بن أبي طالب القى على أبي الأسود شيئاً من

ص: 31


1- أبو الأسود الدؤلي: هو ظالم بن عمرو بن سفيان منسوب إلى الدئل بن بكر بن كنانة، كان من سادات التابعين وأعيانهم، صحب الإمام علياًاً، وشهد معه صفین، ومات بالطاعون الجارف سنة (69ه-). ينظر: ترجمته: في خزانة الأدب: 1 / 281
2- تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب، محمد المختار: 43

أصوله ثم قال له: «انحُ هذا النحو فسمي نحواً»(1).

نشأ النحو العربي في المدة التي زار فيها الإمام علي البصرة وذلك ما بين 22 جمادی الأولی وأوائل رجب لسنة 36 ه-، إذْ مكث الإمام علي علیه السلام في البصرة مدة شهرين وكان أبو الأسود الدؤلي قاضياً على البصرة وتم اللقاء لأول مرة بین الإمام علي علیه السلام وبين أبي الأسود وحدثت معركة الجمل وانتصر فيها الإمام علي علیه السلام انتصاراً رائعاً(2). وإنَّ بعض الباحثين استنكروا نشأة النحو في هذه المدة؛ لأنَّ الإمام علي علیه السلام جاء إلى البصرة محارباً ومقاتلاً(3)، ولكن اللقاء العلمي تم بين الإمام علي علیه السلام وكان لقاء لا يحتاج إلى وقت، بل يحتاج إلى موافقة وتبادل الآراء خدمة في الدين واللغة إذْ كان أبو الأسود مجهزاً بهذا العلم قبل مجيء الإمام وانتظر حتى زالت الحرب وعرض الأمر على الإمام فوافقه»(4).

وفي ضوء ما تقدم يتبين أنَّ النحو العربي ظهر في عهد الإمام علي بن أبي طالب بعملٍ من الإمام نفسهِ أو بتنفيذ من أبي الأسود الدؤلي. وقد قسم الشيخ الطنطاوي أطوار النحو العربي على اربعة أطوار وحدّد الطور الأول من عصر أبي الأسود إلى عصر الخليل(5).

والخلاصة في ذلك أنَّ نشأة النحو العربي كثرت حولها الإختلافات والنقاش

ص: 32


1- من تاريخ النحو، سعيد الأفغاني: 26
2- يُنظر: أبو الأسود الدؤلي ونشأة النحو، عبد الفتاح الدجني: 88
3- يُنظر: المصدر نفسه: 88
4- المصدر نفسه: 89
5- يُنظر: نشأة النحو وتاريخ اشهر النحاة، احمد الطنطاوي: 28

وبقي النحو منذ عهد الإمام علي علیه السلام (ت 40 ه-) شيخ البصريين والكسائي (ت 189 ه-) شيخ الكوفيين عربياً خالصاً.

الإمام علي علیه السلام یضع أصول النحو

لقد وضع الإمام علي علیه السلام النحو العربي من أجل الحفاظ علی لغة القرآن واهتم بجمعه بعد وفاة الرسول صلّی الله علیه و آله و سلم، وإنَّ ملازمته للرسول صلّی الله علیه و آله و سلم جعلته یستقي منابع اللغة ممن أوتي جوامع الكلم، وقد اشتهر بعبقرية فذة جعلته متفوقاً في كلّ المعضلات، فلا غرابة أن يعمل فكره في حفظ لغة القرآن، واختراع صناعة جديدة تحفظ لغة الذكر، وتسهل على المسلمين تقويم السنتهم وأقلامهم(1).

وهكذا لابُدَّ من معرفة ولادة النحو العربي ودور الإمام علي علیه السلام في وضع اصول النحو، قال أبو البركات بن الأنباري (ت 577 ه-): إنَّ أول من وضع النحو الإمام علي علیه السلام؛ فقد روي عن أبي الأسود أنه سئل من أين لك هذا النحو؟ قال تلقيت حدوده من علي بن أبي طالب(2).

وقد أعتمد كثير من العلماء رأي ابن الأنباري من خلال قوله: «اعلم أیّد ك الله بالتوفيق، وأرشدك إلى سواء الطريق، أنَّ أوّل من وضع علم العربية وأسس قواعده وحدّ حدوده امير المؤمنين علي بن أبي طالب (رض) وأخذ عنه أبو الأسود الدؤلي»(3)، واستندَ إلی ذلكمن خلال قول أبي الأسود الدؤلي

ص: 33


1- يُنظر: تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب: 43
2- يُنظر: نزهة الألباء، لأبي البركات بن الأنباري: 5
3- المصدر نفسه: 6

«قال: دخلت على امير المؤمنين علي بن أبي طالب (رض) فوجدت في يده رقعه فقلت ما هذه يا امير المؤمنين؟ قال: إنَّي تأملت كلام الناس فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الحمراء، فأردت أن اضع لهم شيئاً ترجعون إليه وتعتمدون عليه، فقلت: إن فعلت هذا يا امير المؤمنين احييتنا وبقيت فينا هذه اللغة ثم القى إليّ الرقعة، وفيها مكتوب: الكلام كله اسم وفعل وحرف، فلأسم ما انبأ عن المسمى والفعل ما انبأ عن حركة المسمى والحرف ما انبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل، ثم قال لي تتبعه وزد فيه ما وقع لك واعلم يا ابا الأسود أن الأسماء ثلاثة: ظاهر ومضمر واسم لاظاهر ولا مضمر وإنَّما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر»(1).

وقال ايضاً: «وضعت بابي العطف والنعت ثم بابي التعجب والإستفهام إلى أنَّ وصلت إلى باب إنَّ واخواتها، ولم اذكر (لكنّ) فقال لي: لمَ تركتها فقلت: لم احسبها منها، قال فزدها فيها وكنتُ كلما وضعتُ باباً من أبواب النحو عرضته عليه إلى إنَّ حصلت ما فيه الكفاية قال: ما احسن هذا النحو الذي قد نحوت»(2).

وفيما يأتي أشهر الروايات التي تسند أصول النحو للإمام علي:

هناك كثير من الروايات التي تؤكد أنَّ الإمام امير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام هو الذي وضع النحو وبدأ أبو الأسود بتنفيذها. قال أبو الطیب اللغوي (ت351 ه-): «کان أول من رسم للناس النحو أبو الأسود الدؤلي الذي أخذ ذلك عن امير المؤمنين علي بن أبي طالب؛ لأنَّه سمع لحناً،

ص: 34


1- نزهة الالباء: 5، وانباه الرواة، القفطي: 1 / 39
2- المصدر نفسه، وتاريخ النحو العربي: 44

فقال لأبي الأسود: اجعل للناس حروفاً وأشار له إلى الرفع والنصب والجر»(1).

وأمّا أبو بكر الزبيدي (ت 379 ه-) فيدلي بشهادته لأبي الأسود الدؤلي قائلاً: «تلقيته من علي بن أبي طالب»(2). وفي روایة أخری قال: «القی إليَّ علي أصولاًاحتذیت علیها»(3)، ويتحدث السيرافي (ت 386 ه-) عن نشأة النحو إذْ قال: بدأت بالبصرة على يد أبي الأسود الدؤلي وأخذ عن الإمام علي علیه السلام العربیة وکان أفصح الناس(4). أمّا ابن النديم (ت 380 ه-) فقد قال: «زعم أکثر العلماء أنَّالنحو اخذ عن أبي الأسود الدؤلي وأنَّ أبا الأسود أخذ ذلك عن امير المؤمنين علي بن أبي طالب»(5)، وقد ذكر ابن النديم رأياً يدل على أصل النحو وواضعه قائلاً: «كان بمدينة الحديثة رجل يقال له محمد بن الحسين ويعرف بإبن أبي بعرة... جماعة له خزانة لم أرَ لأحد مثلها كبيرة تحتوي على قطعة من الكتب العربية في النحو واللغة والأدب والكتب القديمة فلقي هذا الرجل دفعات فأنس بها وكان نفوراً ضنيناً بما عنده خائفاً من بني حمدان، فأخرج لي قمطراً كبيراً...

ورأيت فيه ما يدّل على أنَّ النحو عن أبي الأسود ما هذه حكايته، وهي اربعة أوراق أحسبها من ورق الصين، ترجمتها هذه فيها كلام في الفاعل والمفعول من أبي الأسود، بخط يحيى بن يعمر، وتحت هذا الخط بخط عتيق: هذا خط علان النحوي، وتحته: هذا خط النضر بن شميل»(6).

ص: 35


1- مراتب النحويين، لأبي الطيب اللغوي: 6
2- طبقات النحويين واللغويين، لأبي بكر الزبيدي: 5
3- المصدر نفسه: 6
4- يُنظر: أخبار النحويين البصريين، للسيرافي: 12
5- الفهرست، لأبن النديم: 66
6- المصدر نفسه: 68

وقد تحدث ابن الأنباري ايضاً عن هذا الموضوع إذ قال: «إنَّ أول من وضع علم العربية وأسس قواعده وحدّ حدوده امير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وأخذه عنه أبي الأسود الدؤلي»(1).

ومن الروايات التي تسند أصول النحو إلى الإمام علي علیه السلام قال ابن الجوزي (ت 597 ه-): «أول من وضع النحو أبو الأسود الدؤلي (ت 69 ه-) وأخذ عن علي بن أبي طالب العربیة وقد لحن الناس فأخبر علیاً علیه السلام، فأعطاه أصولاً بني منها وعمل بعده عليها»(2). وذکر القفظي (ت646 ه-) أنَّ أول من وضع النحو الأمام علي علیه السلام، وأخذ عنه أبو الأسود الدؤلي وأنَّه رای بمصر في زمن الطلب بأیدي الوارقین جزء فیه أبواب من النحو علی أنها مقدمة علي علیه السلام التي أخذها عنه أبو الأسود الدؤلي وذکر ايضاً أنَّ الإمام علي علیه السلام ذکر اقسام الکلام وأضاف «لکنَّ» إلی «إنَّ» عندما اغفل إدراجها أبو الأسود الدؤلي(3). وهكذا فالإمام علي علیه السلام وضع أصول النحو من خلال الروایات التي تثبت ذلك.

وذكر ابن خلكان (ت 681 ه-) «أنَّ الإمام علیاً (رضي الله عنه)، وضع لأبي الأسود أقسام الکلام ثم رخصه إلیه وقال له: تمم علی هذا»(4). وقد ذكر ابن كثير الدمشقي (ت 774 ه-) أصول النحو للإمام علي علیه السلام إذْ قال: « إنّما أخذه عن امير المؤمنين علي بن أبي طالب، ذكر له الإمام: الكلام: اسم وفعل وحرف وآنَّ أبا الأسود نحا نحوه»

ص: 36


1- نزهة الألباء: 10
2- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي: 6 / 345
3- يُنظر: انباه الرواة: 1 / 40
4- وفيات الأعيان، ابن خلكان: 535

وذهب ابن الجزري (ت 833 ه-) إلى أنَّ أبا الأسود «أول من وضع مسائل في النحو بإشارة علي (رضي الله عنه)، فلما عرضها على علي، قال: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت، فسمي النحو نحواً»(1).

وفي ضوء ذلك يتبين تطابق الروايات التي تدل على أنَّ أول من وضع النحو أبو الأسود الدؤلي وأخذه عن الإمام علي علیه السلام، وروی العسقلاني (ت 852 ه-)عن أبي علي القالي عن الزجاج عن المبرد قال: «أوّل من وضع العربیة ونقط المصاحف أبو الأسود وسُئِل أبو الأسود عمن نهج له الطريق، قال: تلقيته عن علي بن أبي طالب»(2)، وهكذا فهناك شهادات كثيرة سجلها القدماء تؤكد أصول النحو للإمام علي علیه السلام ما ذکره السیوطی (ت 911 ه-):

«اشتهر أنَّ أول من وضع النحو علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) لأبي الأسود الدؤلي»(3).

وذكر السیّد محسن الأمين الكثير من الروايات التي تسند أصول النحو للإمام علي علیه السلام إذْ قال: «أول من وضع النحو بإتفاق الرواة وأهل العلم امیر المؤمنین علي بن أبي طالب علیه السلام القاها إلى أبي الأسود الدؤلي»(4). وذکر ایضاً رأي ابن أبي الحدید في أول شرح نهج البلاغة، إذْ قال: إنَّ الإمام علیاً علیه السلام هو الذي ابتدع علم النحو وانشأه واملی علی أبي الأسود جوامعه(5).

وقال ابن شهر آشوب (ت 588 ه-): «روي أنَّ أبا الأسود الدؤلي کان

ص: 37


1- غاية النهاية في طبقات القراء، ابن الجزري: 31
2- الإصابة، ابن حجر العسقلاني: 30
3- الاقتراح في علم الأصول، السيوطي: 203
4- أعيان الشيعة، محسن الأمين: 1 / 161
5- يُنظر: المصدر نفسه

يمشي خلف جنازة فقال له رجل من المتوفي (بالياء) فقال: الله وهو يريد المتوفى (بالألف) ثم أخبر امير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام وقال له: یا امیر المؤمنين ذهبت لغة العرب لما خالطت العجم وأشك إن تطاول عليها الزمان أن تضمحل»(1). فهذه الروايات كلها مجتمعة تثبت أنَّ الإمام علي علیه السلام وضع النحو وأبو الأسود بدأ بتنفيذها .

التسمیة ومعنی کلمة (نحو):

أطلق على النحو العربي مصطلحات عدّة - قبل هذا الأسم وهي العربية والكلام والإعراب إلى إنَّ سمي أخيراً بالنحو فمثلاً مصطلح العربية اطلقه القدماء على علم النحو فقد روي عن ابن سلام (ت 224 ه-) قال: «أول من أسس العربية وفتح بابها وانهج سبيلها ووضع قياسها أبو الأسود الدؤلي»(2).

أمّا مصطلح الكلام اطلقه أبو الأسود على النحو إذذ قال: «هؤلاء الموالي قد رغبوا في الإسلام فدخلوا فيه، فصاروا لنا أخوة فلو علمناهم الكلام»(3)، فأبو الأسود يعني بالكلام علم النحو، أمّا مصطلح الإعراب اطلق على النحو إذ «ذكر السيوطي (ت 911 ه-) رواية عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عندما قال وليعلم أبو الأسود أهل البصرة الإعراب»(4).

وهكذا تعددت المصطلحات إلى أنَّ سمي بالنحو.

ص: 38


1- المناقب، لأبن شهر آشوب: 2 / 47
2- طبقات الشعراء، لأبن سلام: 5
3- أخبار النحويين البصريين: 13
4- أبو الأسود الدؤلي ونشأة النحو: 14

المراد بلفظة (نحو) في اللغة بحسب ما ذكره ابن منظور (ت 711 ه-): «تعني القصد والطريق نحاه ينحوه وينحاه نحواً وانتحاء، ونحو العربية منه»(1).

وفي الإصطلاح مثلما عرّفه الشريف الجرجاني ( 816 ه-) إذْ قال: «النحو هو علم بقوانين يعرف بها أحوال التراكيب العربية من الإعراب والبناء وغيرهما»(2).

وإنَّ مصطلح النحو عربيّ الأصل أمّا كيف جاء هذا المصطلح فهناك الكثير من الروايات التي تؤكد أن هذه التسمية اطلقها الإمام علي علیه السلام، ومن هذه الروايات، رواية ابن النديم، إذْ بين سبب التسمية قال: «عندما القی الإمام لأبي الأسود أصولاً في النحو قال: أبو الأسود الدؤلي «واستأذنته أنَّ أصنع نحو ما صنع فسمي ذلك نحواً»(3). وقد ذکر ابن الأنباري أنَّ أبا الأسود کان إذا أشكل عليه شيء راجع امير المؤمنين علیه السلام وأتی به إلیه فاستحسنه وقال: نعم ما نحوت، أي قصدت فللتفاؤل بلفظ علي علیه السلام سمي هذا النحو نحواً(4).

وفي ضوء هذه الروایات نستنتج أنَّ الإمام علی علیه السلام هو أول من أطلق هذه التسمیة، وما قاله ابن الجزري في هذا هذا الشأن: «عندما عرض أبو الأسود الدؤلي مسائل النحو علی الإمام إلی أنَّ حصل ما فیه الکفایة قال: «ما احسن هذا النحو الذي نحوت» فلذلك سمي النحو نحواً»(5).

ص: 39


1- لسان العرب، ابن منظور: 15 / 310 مادة (نحا)
2- التعريفات، الجرجاني: 1 / 79
3- الفهرست: 65، ووفيات الأعيان: 217
4- يُنظر: نزهة الألباء: 7
5- غاية النهاية في طبقات القرّاء: 1 / 12، ونشأة النحو: 16، ومن تاریخ النحو: 27

وذكر السيد محسن الأمين سبب تسمية هذا العلم بالنحو قال: « سمّي هذا العلم نحواً؛ لأنَّه لما القى أصوله إلى أبي الأسود قال له انحُ هذا النحو واضف إليه ما وقع إليك أو؛ لأنَّه لما زاد عليه وأتى به إليه قال له: نعم ما نحوت أو ما احسن هذا النحو الذي نحوت»(1).

وتحدث الشيخ أبو الحسن سلامة النحوي أنَّ الإمام علي علیه السلام لما القی الصحیفة إلى أبي الأسود الدؤلي قال له: انحُ نحو هذا ولهذا سمي النحو نحواً(2).

في ضوء ذلك يتبين أنَّ الإمام علي علیه السلام هو الذي اطلق هذه التسمیة إذ وجدنا أغلب الدارسين الذين ذكروا لفظة (نحو) يُشير إلى تلك الحادثة التي جمعت الإمام علي علیه السلام مع أبي الأسود الدؤلي وقولهِ: علیه السلام وعُدّت أسماً لهذاالعلم بعد أن کان مدلولها اللغوي يعني (القصد) بحسب ما ذكرهُ أصحاب المعجمات.

ص: 40


1- اعيان الشيعة: 1 / 161
2- يُنظر: تأسيس الشيعة، حسن الصدر: 51

المبحث الثاني: ماجاء من أقوال الإمام علی علیه السلام في باب الأسماء

1- المبتدأ والخبر:

اشارة

وهما ركنا الجملة الإسمية قال سيبويه (ت 180 ه-): «المبتدأ والمبني علیه رفع... فهو مسند ومسند اليه»(1). ویقصد بالمبنيعلی المبتدأ الخبر، والمسند اليه لا يغني أحدهما عن الآخر ولا يجد المتكلم منهما بدا(2). فالمبتدأ «هو الاسم المجرد من عوامل الأسماء ومن الأفعال والحروف وأن القصد فيه ان یکون اولاً لثان مبتدأ به»(3).

أمَّا الخبر «هو الذي یستفیده السامع ویصیر به المبتدأ كلاماً وبالخبر يقع التصديق والتكذيب»(4). ومن الموضوعات التي وردت فیها أقوال الإمام علي علیه السلام في کتب النحویین واللغویین في باب الأسماء:

ص: 41


1- كتاب سيبويه: 2 / 126
2- ينظر: المصدر نفسه: 1 / 23
3- الأصول في النحو، ابن السراج: 1 / 58
4- المصدر نفسه 1 / 62
حذف الخبر:

من أقوال الإمام علي علیه السلام التي استدل بها في هذا الموضوع قوله: «أنتم والساعة في قَرَن واحد»(1).

أورده الرضي الاستراباذي (ت 686 ه-) عند تناوله لحذف الخبر وجوباً اذا وقع بعد المبتدأ «واواً» نحو قولهم: « كلُّ رجلٍ وضیعتُهُ»، إذ ذهب البصریون إلی حذف الخبر وجوباً والتقدير عندهم «کلُّ رجلٍ وضیعتُهُ مقترنان» ویقدر الخبر بعد واو المعیة، امَّا الكوفيون فذهبوا إلى أن (وضیعتُهُ) خبر المبتدأ، لأن الواو بمعنى (مع) والمعنى عندهم «کلُّ رجلٍ مع ضیعته»(2).

وبعد أن عرض الرضي الاستراباذي حجج المذهبين في المسألة ذهب إلى أن «حذف الخبر في مثل هذا غالب لا واجب، وهذا رأي التزمه الكوفيون فيما بعد أي اذا وليّ معطوفاً على مبتدأ فعل لأحدهما واقع على الآخر جاز أن يكون ذلك الفعل خبراً سواء دلّ ذلك الفعل على التفاعل او لا نحو قوله «زید والریح یباریهما» فيباريها خبر عنهما وفي نهج البلاغة «أَنْتُم والساعة في قرَنٍ واحدٍ»(3) ومثل ذلك ایضاً قول الإمام علي علیه السلام:

«فهم والجَنة کمن قد رآها»(4)

ص: 42


1- نهج البلاغة: 463 خطبة: 185، وشرح الرضي على الكافية: 1 / 279، والمراد به: «تهویل بالقيامة وقربها القريب كانّها واياهم مشدودة بحبل واحد ليس بينهما فصل مزيد ولا أمد بعيد» ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 8
2- ينظر: شرح ابن عقيل: 1 / 235
3- شرح الرضيّ على كافية ابن الحاجب: 1 / 279
4- المصدر نفسه: 280/1، و نهج البلاغة: 314، خطبة: 193.
الإخبار بالّذي

أورد الرضّي هذا الشاهد للدلالة على جواز الحذف لتضمن الخبر ضميريهما «ذهب الكوفيون إلى أنّ خبر المبتدأ اذا كان اسماً محضاً يتضمّن ضميراً يرجع إلى المبتدأ نحو «زَیدٌ أخوك، وعمرو غلامُك » وذهب البصریون إلی أنّه لا یتضمَّن ضمیراً وأجمعوا على أنَّهُ اذا كان صفةً أنه يتحمّلُ الضمير نحو «زیدٌ قائمٌ، وعمرو حسنٌ» وما أشبه ذلك(1). ومن ذلك يتضح لنا ان الخبر يحذف بوجود قرينة تدل علیه وأن من القرائن المجوّزه لحذف الخبر «الاستفهام عن المخبر عنه كقولك زید لمن قال من عندك اي زید عندي والعطف علیه نحو «زید قائم وعمرو » اي وعمرو كذلك، وهذا من الحذف الجائز، لأن المحذوف فيه لا يزيد ذكره على ما حصل بالقرینة التي دلّت علیه»(2). وقد يكون الأولى في ذلك حذف الخبر لأن الحذف اتّساع وتصرف وذلك في الخبر من دون المبتدأ فالخبر يكون مفرداً جامداً ومشتقاً وصلة أمّا المبتدأ لا يكون إلا اسماً مفرداً نحو قوله تعإلى:

«طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ» [محمد: 21].

أي المطلوب منكم طاعة او طاعة مثل لكم(3). وهكذا يردُ حذف الخبر في اللغة اذا وجدت قرينة دالة عليه، وهو يحذف جوازاً ووجوباً(4).

2- الإخبار بالّذي:

إنّ هذا الباب الإخبار طويل قال المُبرِّد (ت 285 ه-): «إنَّ هذا الباب عبرَةٌ لکلّ کلام وهو خبر والخبر ما جاز تصدیق قائله وتکذیبه فعند القول: اخبر عن «زید

ص: 43


1- ينظر: الانصاف في مسائل الخلاف، ابن الانباري، 1، 53، المسألة (7)
2- شرح التسهيل، ابن مالك: 1 / 275
3- ينظر: الأشباه والنظائر، السيوطي: 2 / 66
4- ينظر: البسيط في شرح الكافية لركن الدين الاستراباذي: 1 / 353 - 354

في الدار» بالذّي قلت: « الذي هو في الدار زيد» فهو ضمیر زید ورفع في صلة الذي بالابتداء وأنَّ في الدار خبره»(1). وقد جعل النحویون هذا الباب حداً من الحدود فعند القول کیف الإخبار عن «قام زيد» بالذي فیکون الجواب «الذي قام زیدٌ» فالذي مبتدأ وقام صلته وفیه ضمیر یرجع الیه وهو في المعنی زیدٌ، لأن الضمير هو الذي والذي هو زيد فهو في المعنى فاعل(2). وقد بیّن ابن عقيل (ت 769 ه-) بشرحه «أنَّ هذا الباب وَضَعه النحویون لإمتحان الطالب وتَدْرِیبه کما وضعوا باب التمرین في التصریف فاذا قیل اخبر عن اسم من الأسماء ب- (الذي) فظاهر هذا اللفظ أنك تجعل (الّذي) خبراً عن ذلك الأسم لكن الأَمر ليس كذلك بل المجعول خبراً هو ذلك الأسم والمخبر عنه انما هو (الّذي) وان الباء في (بالّذي) بمعنى عن فكأنما قيل (اخبر عن الّذي»(3).

ومن أقول الإمام علي علیه السلام التي استدل بها في هذا الموضوع قوله من الرجز(4).

أنا الذّي سَمَّتْني أُمِّي حَیْدَرَةْ *** أَکِیلُکم بالسَّیْف کَیْلَ السَّنْدَرَةْ

فقد استشهد بهِ بعض النحويين منهم ابن الشجري (ت 542 ه-) إذ رأی «عند عودة ضمیر المتکلم إلی الموصول یرفع الموصول خبراً عن ضمیر المتکلم»(5) وقد استشهد به أیضا ابن عصفور (ت 669 ه-) فقد رأی أنه لا یجوز حذف الصلة إلا

ص: 44


1- المقتضب، المُبرِّد: 3 / 89
2- ينظر: الأصول في النحو: 2 / 270
3- شرح ابن عقيل: 2 / 366
4- ينظر: ديوان الإمام علي علیه السلام: 53 وقد ورد البیت في الدیوان بروایة مختلفة وهي: انا الذي سمتني امي حيدرة *** ضُرغامٍ آجامً ولیثً قسورة اكيلكم في السيف كيلَ السندرة *** اضرِبكم ضرباً يبين الفقرة
5- المقتضب، المُبرِّد: 3 / 89

اذا كان في الكلام ما يدل عليها فموضع الشاهد في قول الإمام علي علیه السلام: «أنا الذّي سمّتني».

فالفعل سمَّى صلة للموصول على معناه ولو حُمِل على اللفظ لقال أنا الذّي سمّته أُمّة(1).

واستشهد به ايضاً الرضّي الاستراباذي (ت 686 ه-) في شرحه على كافية ابن الحاجب اذ بیّن انه عند الإخبار عن ضمير المتكلم او المخاطب بالّذي فلا بدّ أن يكون الضمير القائم مقامه غائباً، وذلك لرجوعه إلى الأسم الموصول، فالذي في قول الإمام علي علیه السلام خبر عن ضمیر المتکلم(2).

3- حذف مفعول فعل التعجب:

التعجب اسلوب من الأسالیب الإنشائیة یُعبّر بهِ عن الإنفعال الذي یحدث في النفس قال المُبرِّد: «هذا باب الفعل الذي یتعدي إلی مفعول وفاعله مبهم ولا یتصرف تصرف غیره من الأفعال ویلزم طریقةً واحدة؛ لأن المعنی لزمه علی ذلك»(3).

وللتعجب صيغتان: (ما أفعله) وهو ان تأتي ب- (ما) التي تفيد التعجب ثم بأفعل وبعدها الأسم المتعجب منه منصوباً كقوله تعإلى:

«فَما أصْبَرَهُمْ عَلَی النّار» [البقرة: 17].

أمّا الصیغة الثانیة فهي أفَعِلْ به کقوله تعإلی:

ص: 45


1- ينظر: شرح جمل الزجاجی: 1 / 136
2- ينظر: شرح جمل الزجاجی: 1 / 136
3- المقتضب: 4 / 439

«أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ» [مریم: 28](1).

ويجوز حذف المتعجب منه في صيغة ما أفعله، اذا دلّ عليه دليل من سياق الكلام.

ومن اقوال الإمام علي علیه السلام التي تدل علی ذلك قوله(2):

جزی اللهُ عنَّا والجزاءُ بِفَضلِهِ *** رَبِیعة خیراً ما أعفّ وأکرما

إذ استشهد به كثير من النحاة منهم المرادي (ت 749 ه-)(3) ومحمد علي الصبّان (ت 1206 ه-)(4)، وخالد بن عبد الله الأزهري (ت 905 ه-)(5). إذ حذف المتعجب منه لأنه ضمير يدل عليه سياق الكلام اذ التقدير ما أعفّها واكرمها وبذلك حذف الأسم المنصوب وهو مفعول فعل التعجب وذلك لقيام قرينة تدل عليه(6). وفي ضوء ما عرضناه يتبين جواز حذف مفعول فعل التعجب ما افعل اذا دلّ ما قبله عليه ويجب ان يكون مختصاً لتحصل به الفائدة ومثل ذلك قول الشاعر(7):

ص: 46


1- ينظر: كتاب سيبويه: 1 / 37، والأصول في النحو: 1 / 98، وشرح الرضّي على الكافية: 55 / 525، ومعاني النحو: 4 / 238
2- ينظر: ديوان الإمام علي علیه السلام: 112 وهو من الطویل وقد ورد البیت في الدیوان بروایة مختلفة وهي: جزی الله قوماً قاتلوا في لقائهم لدی البأس خیراً ماأعف وأکرما
3- ینظر: توضیح المقاصد والمسالك علی الفیة ابن مالك: 3 / 879
4- ینظر: حاشیة الصبان، محمد علي الفیة ابن مالك: 3 / 879
5- ینظر: شرح التصریح علی التوضیح: 2 / 63
6- ینظر: توضیح المقاصد والمسائلك: 3 / 879، وحاشیة الصبان: 1 / 23
7- البيت لأمريء القيس ديوانه: 65

أری أُمَّ عمرو دَمْعُها قَدْ تَحَدَّرَا *** بُکَاءً عَلَی عَمْروٍ وَمَاکانَ أصْبَرا

إذ حذف مفعول فعل التعجب لدلالة ما قبله عليه فالتقدير «ما کن اصبرها»(1) وكذلك يجوز حذف المتعجب منه في صيغة «افعِل به» شریطة ان یکون أفعِلْ معطوفاً علی مذکور معه مثل ذلك المحذوف نحو «احسن بصاحب المروءة وأکرِم» اي أکِرم بصاحب المروءة ومنه قوله تعإلی:

«أسْمِعْ بِهِمْ وأبصر» [مريم: 38].

التقدير: وأبصر بهم فحذف بهم، لأنه معطوف على مذكور (2)

4- المفعول المطلق:

سمّي بذلك، لأنه مطلق من القیود، اي غیر مقیّد بخلاف المفعولات الأخری(3). والمفعول المطلق «هو اسم ما قبله فاعل مذکور بمعناه»(4) . وقد بیّن الرضّي الاستراباذي سبب المطلق علی بقیة المفاعیل أنه المفعول الحقیقی الذي أوجده فاعل الفعل المذکور وفعله ولأجل قیام هذه المفعول به صار فاعلاً»(5). وفي ضوء ذلك یتبین ان المفعول هو المفعول الحقیقی الذي احدثه الفاعل.

ص: 47


1- ينظر: شرح ابن عقيل: 3 / 151
2- ينظر: شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 5 / 252، وشرح ابن عقیل: 3 / 152، و معاني النحو: 4 / 242
3- ينظر: معاني النحو: 2 / 129
4- الكافية في النحو: 450
5- شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 1 / 301

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي استشهد بها في المفعول المطلق ما استشهد بها في المفعول المطلق ما استشهد به الرضي الاستراباذي في شرحه لکافیة ابن الحاجب قوله:

«نَحْمَدُهُ عَلَی عَظِیم إحسَانِهِ وَنَیِّر بُرْهَانِه وَنَوامي فَضْلِهِ وامْتِنَانِهِ حَمْداً یَکُونُ لَحِقّه أداءً»(1).

إن الإمام علي علیه السلام نظر في قوله إلی ما سیق من أنواع نِعم الله وهي عظیم إحسانه بالخلق والإیجاد علی وفق الحکمة والمنفعة ثم بإنارة برهانه في متقن صنعه و محکمه وعلی السنة رسله لسوقنا في صراطه المستقیم إلی جنات النعیم ثم بإضافته نوامی فضله وامتنانه بکفایتنا في حیاتنا الدنیا(2). ففي قول الإمام علي علیه السلام حذف عامل المفعول المطلق وقال الرضي الاستراباذي عن حذف عامل المفعول المطلق «أعلم انه لا بدّ في الواجب الحذف والجائز من القرینة»(3). فالمصادر إذا لم یأتِ بعدها ما یبینها ویعیّن ما تعلقت به من فاعل او مفعول أما بحرف جر أبو بإضافة المصدر الیه فلا یجوز حذف فعله نحو سقاك الله سقیاً وکذلك نحو قال الإمام علي علیه السلام الذي تقدم ذکره(4). ویجوز حذف عامل المفعول المطلق إذا وقع تفصیلاً لأثر مضمون جملة متقدمة نحو قوله تعإلی:

«فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً» [محمد: 4].

فحذف عامل المصدر هنا لتفضیل عاقبة ما قبله أي فإمَّا تَمنّون منّا وإمّا

ص: 48


1- المصدر نفسه: 1 / 293، ونهج البلاغة: 269، خطبة: 182
2- ینظر: شرح نهج البلاغة لمیثم البحراني: 3 / 357
3- شرح الرضيّ على كافية ابن الحاجب: 1 / 301
4- ينظر: المصدر نفسه: 1 / 293

تفادون فداءً(1). أي في قوله تعإلى: «فَشُدُّوا الْوَثَاقَ» جملة تتضمن: شد الوثاق والمطلوب من شدّ الوثاق إمَّا قتلٌ أو منُّ أو فداءٌ فقد فصّل الله هذا «فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً»(2). وقد يكون حذف عامل المفعول المطلق جائزاً لدليل حالي أو مقالي كأن يقال: لمن قَدِمَ من السّفر قدوماً مباركأً ولمن أراد الحجّ حجاً مبروراً(3). وهذا یَدلُ على أنَّ عامل المفعول المطلق يحذف جوازاً لقرینة إذ کان غیرمؤکد أمّا إذا کان عامله مؤکداً یمتنعُ حذفه(4).

5- المفعول له:

ويسمى المفعول لأجله، قال سيبويه: (ت 180 ه-) «هذا باب ما یُنصب من المصادر لأنه عذرٌ لوقوع فانتصب لأنَّهُ موقوع له، ولأنَّهُ تفسیرٌ لما قبله لم کان، ولیس بصفة لما قبله ولا منه فإنتصب کما أنتصب دِرهم في قولك عشرون دِرهماً وذلك قولك فعلت ذاك حذار الشر وفعلت ذاك مخافة فلان وإدخار فلان، فهذا كله ينتصب لأنه مفعول له، كأنه قيل لم فَعلَتَ كذا وكذا؟ فقال لکذا وکذا ولکنه لما طرح اللام عمل فیه ما قبله»(5). والمفعول له لا یکون إلا مصدراً والعامل فیه غیر مشتق منه(6). وقد حدّه ابن مالك

ص: 49


1- ينظر: كتاب سيبويه: 1 / 36،وشرح الرضّي علی کافیة ابن الحاجب: 1 / 314، وشرح ابن عقیل: 3 / 326، وحاشیة الصبّان: 2 / 59
2- شرح الرضّي علی کافیة ابن الحاجب: 1 / 315
3- ینظر: حاشیة الصبّان: 2 / 58، وشرح التصریح علی التوضیح: 1 / 329، وشرح الأشموني: 2 / 116، ومعاني النحو: 2 / 142
4- ینظر: حاشیة الصبّان: 2 / 95
5- کتاب سیبویه: 1 / 185
6- ینظر: الأصول في النحو: 1 / 206

(ت 672 ه-) على أنه «المصدر المعلَّل به حدث شارکه في الوقت ظاهراً أو مقدراً والفاعل تحقیقاً أو تقدیراً»(1). وعلی ذلك فأن المفعول له مصدر يقدر باللام المعلل به حدث شاركه في الفاعل والزّمان. ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت في هذا الموضوع قوله:

« فأعطاه اللهُ النَّظرَةَ استِحقاقاً لِلسَّخْطةِ واسْتِتْماماً لِلَبلیَّةِ»(2).

أورده الرّضي الاستراباذي عند تناوله باب المفعول له، إذ يذهب جمهور النحويين إلى أن المفعول له يشارك عامله في الوقت والفاعل، وبعض النحويين لا يشترطون التشارك في الفاعل(3). ولم يذكر الرّضي الاستراباذي منع اشتراط التشارك في الفاعل، وان كان يری أن ذلك هو الأغلب، اذ قال مستدلاً بكلام الإمام علي علیه السلام: «وبعض النحاة لا یشترط تشارکها في الفاعل، وهو الذي یقوی في ظني، وإن کان الأغلب هو الأول، والدلیل علی جواز التشارك قول أمیر المؤمنین علي علیه السلام في نهج البلاغة:

« فأعْطاهُ اللهُ النَّظرَة استِحقاقاً للسُّخطَةِ وإستِتْماماً لِلبَلیّةِ».

والمستحق للسُّخطةِ إبليس والمعطي للنَّظرَةِ هو الله تعإلى فلا يكون استحقاقاً حالاً من المفعول، لأن استتماماً يكون حالاً من الفاعل»(4).

وهكذا نجد الرّضي الاستراباذي يجيز اشتراط عدم تشارك المفعول له

ص: 50


1- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد: 90، وشرح ابن عقيل: 3 / 103
2- شرح الرضي على الكافية: 2 / 34، ونهج البلاغة: 19 الخطبة الأولی
3- ينظر: شرح ابن عقيل: 2 / 303، والنحو الوافي: 2 / 188
4- شرح الرضيّ على كافية ابن الحاجب: 2 / 34، ودراسات في النحو، صلاح الدین الزعبلاوي: 1 / 157

وعامله في الفاعل اعتماداً على قول الإمام علیه السلام ورأي بعض النحویین وقوله علیه السلام حذف قبله تقدیراً فسأل النظرة وذلك قوله أنظرني فأعطاه الله النظر إلى يوم الوقت المعلوم كقوله تعإلى:

«قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِﻟﻰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»(1) [الحجر: 37].

ومن الشواهد التي وردت على عدم التشارك قول العجاج(2):

یَرْکَبُ کُلُّ عاقِرٍ جُمْهُورِ *** مَخَافةً وَزَعَلَ المَحْبورِ

والهَوْلَ مِنْ تَهَوُّل الهُبُور

(فالهَوْلَ) في هذا الشاهد بمعنى الإفزاع لا الفزع إذ يقال: هالَنِي الأمر يَهُولني هولاً(3)، وإنَّ الثور ليس بمفزع بل هو فزع، وهذا دليل على عدم التشارك(4). وقد أجاز ابو علي الفارسي (ت 377 ه-) عدم المقارنة في الزمان نحو قوله تعإلى:

«هَٰذَا يَوْمُ فَنْفَعُ الصَّادِقِﻴﻦَ صِدْقُهُمْ» [المائدة: 119].

بنصب صدقهم، إذ أن معناه لصدقهم في الدنيا(5). ويتضح في ضوء ما عرضناه أنَّ المصدر ينتصب لتضمنه العلّة الحقيقية وهو التشارك في الوقت والفاعل وقد يجوز عدم التشارك.

ص: 51


1- ينظر: شرح نهج البلاغة لميثم البحراني: 1 / 280
2- ينظر: ديوانه: 28
3- يُنظر: لسان العرب: 11 / 711، مادة (هول)
4- ينظر: الأصول في النحو: 1 / 208، وشرح الرضي علی کافیة ابن الحاجب: 2 / 34، وشرح المفصل: 3 / 54
5- ينظر: شرح الرّضي على كافية ابن الحاجب: 2 / 34

6- الاسثناء:

اشارة

من المصطلحات التي استعملها الخليل(1). وتابعه النحويون في استعماله(2).

وهو من المنصوبات(3) لأنه يكون في حالة النصب منصوباً بمحذوف تقديره استثني وتدل عليه كلمة الإستثناء ويتكون من المستثنى منه والمستثنى وأداة الاستثناء. والاستثناء هو «أخراج حکم المستثنی من حکم المستثنی منه بأستعمال (إلا) أو إحدی أدوات الاستثناء وهي خلا، وعدا، وحاشا، وغير وسوی»(4).

وهكذا یَحِدُّ النحاة الاستثناء بأنه «هو الاخراج بإلا أو أحدی أخواتها لما کان داخلاً او منزلة الداخل»(5). وفي ضوء ذلك يتبين أن الاستثناء لا يتم إلا بأدوات الاستثناء وادوات الاستثناء یبینها المُبرِّد «ماکان اسماً (غیر) و (سوی) و (سوَاء) وما كان حرفاً (إلا) و (حاشا) و (خلا) و(عدا) و(لا يكون»)(6). والاستثناء موضوع واسع ویکون علی أنواع فینقسم الاستثناء إلی تام ومفرغ وینقسم التام إلی متصل، ومنقطع(7). ومن أنواع الاسثتناء التي استدل بها بأقوالٌ للإمام علي علیه السلام:

ص: 52


1- ینظر: العین: 8 / 352، والمصطلح النحوي لعوض القوزي: 67
2- ینظر کتاب سیبویه: 2 / 309، ومعاني القران للفراء: 1 / 479، والمقتضب: 4 / 402، والأصول في النحو: 1 / 281، والتبصَرة والتذکر: 1 / 382
3- ماعدا الاستثناء المفّرغ وکذلك الاستثناء المنطقطع في احد احواله، ینظر: کتاب سیبویه: 2 / 3011، والمقتضب: 4 / 404
4- الأصول في النحو: 1 / 281
5- شرح الأشموني: 1 / 141، وهمه الهوامع: 1 / 222، ومعاني النحو، فاضل السامرائي: 2 / 212
6- المقتضب: 4 / 569، والتبصرة والتذکرة: 1 / 383، وشرح ابن عقیل: 2 / 599
7- ینظر: شرح الأشوني: 1 / 141، وهمع الهوامع: 1 / 222، وشرح التصریح علی التوضیح: 1 / 346
-الاستثناء المفزغ:

معنى الاستثناء المفرغ «هو ما حُذِف من جملتهِ المستثنی منهُ و شرطهِ أن یکون الکلام غیر موجب، بأن یسبق بنفي أو نهي أو استفهام»(1). أي المستثنی منه غیر مذکور والمستثنی یعرب بحسب موقعه في الجملة قال ابن الحاجب (ت 246 ه-): «ویعرب علی حسب العوامل اذا کان المستثنی منه غیر مذکور، وهو في غیر الموجَب لیفید، مثل «ماضَربَني إلاّ زید» إلا ان یستقیم المعنی، نحو «قرأت إلاّ یوم کذا» ومن ثم لم یجز ما زال زیدٌ إلاّ عالماً»(2). ولا یکون هذا الاستثناء إلاّ في غیر الموجب، وهو المسبوق بنفي، أو استفهام نحو قوله تعإلی:

«هَلْ هذا إِلاَّ بﺸََﺮٌ مِثْلُكُمْ» [الانبياء: 3].

ولا يجوز وقوعه في الموجب، فلا يصح أن يقال «حَضَرَ إلاّ خالد» لأن المعنی حضر جمیع الناس إلاّ خالداً(3). وهکذا فالعامل المتقدم علی (إلاّ) یجوز تفرغه بالنظر إلى المعمولات كالفاعل، ونائب الفاعل، والحال أي يجب أن يكون المستثنى بإلاّ على حسب ما يطلبه العامل قبله متى ما حذف المستثنى منه من الكلام فيفرغ ما قبل إلاّ للعمل فيما بعدّها كما لو كانت إلا غير موجودة(4).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي استشهد بها في ذلك قوله:

«قد کنتُ وما اُهدّد بالحرب»(5).

ص: 53


1- دليل السالك إلى ألفية آبن مالك: 1 / 337
2- الكافية في النحو: 45 - 46
3- ينظر: معاني النحو: 2 / 213
4- ينظر: همع الهوامع: 2 / 187
5- شرح الرضّي علی الکافیة: 2 / 137، ونهج البلاغة: 24 والمردابة: « أي من حيث أنا كنتُ كذلك» ینظر: شرح نهج البلاغة لمیثم البحراني: 2 / 34

استدل به الرضي الاستراباذي على مجيء الواو في خبر كان بغير (إلاّ) تشبيهاً بالحالیّة أي «يقع بعد إلاّ من الملحقات بالمفعول: الحال، نحو: «ما جاء زیدٌ إلاّ راکباً» والتمييز، نحو «ما أمتلأ الإناء إلاّماءً» ونحو قوله تعإلی:

«وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ» [الحجر: 4].

الواو للحال وأتوا بها لحصول الفصل بين الموصوف وصفته التي هي جملة إلاّ، فجيء بالواو رابطة، ونحو ذلك في خبر (ليس) و (ما)... وربما جاء الواو في خبر (کان) بغیر (إلاّ) كقول الإمام علیه السلام: «قد کنت وما أهدَّد بالحرب»، تشبیهها بالحالیة»(1). اي يجوز التفريغ لجميع المعمولات، إلاّ المفعول معه، والمصدر المؤكد فلا يقال: «ما سرت إلاّ والأشجار، وما زرعت إلاّ زرعاً»، وسبب المنع وقع التناقض بذکر المعنى مثبتاً أو منفياً قبل (إلاّ) ثم مخالفته بعد (إلاّ)(2) . وفي ضوء ذلك يتبين أنّ ما بعد إلاّ يعرب بحسب حاجة الجملة إلى فاعل، أو مبتدأ أو حال أو مفعول به .

7- الحال:

اشارة

استعمل النحويون مصطلح الحال للدلالة على كيفية حدوث الفعل. والحال: «هو وصف، فضلة، منتصب، مبين لهيئة صاحبه»(3). ورأی الشریف الجرجانی (ت 816 ه-): أنّ الحال «ما یبیّن هیأةِ الفاعل أو المفعول به، لفظاً، نحو: ضربتُ زیداً قائماً، أو معنی نحو زید في الدار قائماً»(4). ومن احكام الحال التي

ص: 54


1- شرح الرضّي على الكافية: 2 / 136 - 137
2- ينظر: النحو الوافي: 2 / 319
3- الأصول في النحو: 1 / 258، وحاشیة الصبّان علی شرح الأشموني: 2 / 169، وشرح المفصل: 2 / 55، وهمع الهوامع: 1 / 236
4- التعریفات: 94

ورد فيها قول الإمام علي علیه السلام:

-حکم تأخر الحال عن عامله أفعل التفضیل.

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت للدلالة علی ذلك قوله علیه السلام:

«واللهِ لابنُ أبي طالب آنسُ بالموت من الطِّفْلِ بثدْي أمِّهِ»(1).

أحتج به الرضّي الاستراباذي في جواز تأخير حالين عن عاملهما (أفعل التفضيل)، إذ يذهب النحويون إلى ان الحال تتقدم على عاملها وجوباً اذا كان العامل فيها اسم تفضيل عاملاً في حالين فُضِّل صاحب إحداهما على صاحب الأُخری او کان صاحبهما واحداً في المعنی، مفضلاً علی نفسه في حالة دون أخری نحو (زیدٌ قائماً أحسنُ منه قاعداً)(2).

ویری بعض النحویین في هذه الحالة وجوب تقدیم الحال التي للمفضل إذ یتئسط اسم التفضیل بینهما نحو «هذا بسراً أطيب منه رطباً» فأنتصب بسراً علی الحال(3). ولکنَّ الرضّي الاستراباذي یُجیز تأخیر الحالین عن اسم التفضیل اعتماداً علی قول الإمام علي علیه السلام مبیناً عدم ورود سماع یؤید ذلك إذ قال: «ومع هذا کله فلا أری بأن یقال ههنا، وإن لم يسمع، زيد أحسن قائماً منه قاعداً» کما قال علي علیه السلام في الجارِّ: «واللهُ لابنُ أبي طالب، آنسُ بالموتِ من الطِّفلِ بثدي أمِّهِ». وقد أشار إلی رأي الرضّي الاستراباذي هذا الدکتور عباس حسن إذ قال: «أجاز فریق من النحاة ما یشیع الیوم في بعض الأسالیب، من تأخیر الحالین معاً عن أفعل التفضیل،

ص: 55


1- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 2 / 47، و نهج البلاغة: 30، الخطبة: 5
2- ينظر: شرح ابن عقيل: 1 / 590
3- ينظر: كتاب سيبويه: 1 / 400، ومغني البیب: 5 / 165

بشرط أن تقع بعده الحال الاولى مفصولة من الثانية بالمفضل عليه، نحو(المتعلمُ أقدرُ تاجراً منه زارعاً)(1). والمعنی في کلام الإمام علي علیه السلام «اکّد تکذیبهم في دعوی جزعه من الموت بالقسم البارانه آنس بالموت من الطفل بثدي أُمّه وذلك أمر بين من حاله علیه السلام اذ کان سیّد العارفین بعد رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلم وان محبة الموت والانس به متمکن من نفوس اولیاء الله لکونه وسیلة لهم إلی لقاء أعظم محبوب... وانما کان آنس به من الطفل بثدي أُمّه لأنَّ محبة الطفل للثدي، وانسه به وميله اليه في معرض الزوال وأمّا ميله إلى لقاء ربه ميل عقلي باق فأين أحدهما من الآخر»(2).

8- التمییز:

يُعدُّ التمييز من المكملات المنصوبة في الدرس النحوي، والتمييز مصطلح بصري والتفسير مصطلح كوفي يقابله وهما جميعاً بمعنى واحد عند النحاة(3).

وعرّف النحویون التمییز علی أنه: «اسم نکرة بمعنی (من) مبین لإبهام اسم أو نسبة»(4). وقد یکون معناه «اسماً نکرة منصوباً مفسر لما انبهم من الذوات»(5).

وذهب إلی المعنی نفسهُ الرضّي الاستراباذي(6)، وابن عقیل(7). وأن التمییز قسمان:

ص: 56


1- النحو الوافي: 2 / 300
2- شرح نهج البلاغة لميثم البحراني: 1 / 339
3- ينظر: الأصول في النحو: 1 / 242، وشرح المفصل: 2 / 70، وحاشیة الصبّان علی الأشموني: 2 / 194
4- المقتضب: 3 / 27، وشرح قطر الندی: 1 / 314، وهمع الهوامع: 1 / 251
5- شرح جمل الزجاجي لابن عصفور: 1 / 164، وشرح التصریح علی التوضیح: 1 / 137، والنحو الوافي: 1 / 326
6- ينظر: شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 2 / 104
7- ينظر: شرح ابن عقيل: 2 / 663

مبين إبهام ذات ومبين إبهام نسبة(1). ويأتي بعد الأعداد والمقادير ويأتي أيضا بعد الصفة المشبهة وأسم التفضيل وبعد فعل التعجب وأفعال المدح والذم(2).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي احتج بها في التمییز قوله:

«فطيبوا عن أنفسَكم نفساً»(3).

استدل الرضي الاستراباذي بهذا الشاهد للدلالة على أنَّ التمييز يلتزم الإفراد وعدم المطابقة إذا لم يكن جنساً. وقد فصّل ابن الحاجب أحوال مطابقة التمييز للمقصود من ذلك أفراداً وتثنية وجمعاً(4).

ولكن الرضّي الاستراباذي ذهب إلى ان الأولى اذا كان التمييز اسماً غير جنس وأمِن اللبس إفرادُ التمييز وعدم مطابقته كما في قوله تعإلى:

«فَأِن طِبْنَ لَکُمْ عَن شَيءٍ مِّنْهُ نَفْساً»[النساء: 4]. وكما في قول الإمام علیه السلام:

«فطیبوا عن انفسکم نفساً».

وأمَّا إذا أُلْبس فمطابقة المقصود واجبة كما في قوله تعإلى:

«وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُونًا»(5) [القمر: 12].

فالتفجير للعيون في المعنى أوقع على الأرض في اللفظ وقد حصل بذلك

ص: 57


1- ينظر: معاني النحو: 2 / 273
2- ينظر: المفصل في صنعة الاعراب: 93، وشرح آبن عقيل: 2 / 163
3- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 2 / 104، ونهج البلاغة: 13، خطبة: 63
4- ينظر: الكافية في النحو: 97
5- ينظر: شرح الر ضيّ على كافية ابن الحاجب: 2 / 104

معنى الشمول(1). أي جعلنا الأرض كلها كأنها عيون متفجرة وأصلها فجرنا عيون الأرض فغير إلى التمييز للمبالغة بجعل الأرض كلها متفجرة مع الابهام والتفسیر(2). ف-(نفساً) في قول الإمام علي علیه السلام التزم الإفراد وعدم المطابقة، لأنه لیس جنساً. ونصب علی التمییز وحده، لأن التمييز لا يكون إلّا واحداً وإن کان معنی الجمع(3). وقال الخوئي: «ونفساً منصوب علی التمییز؛ لأن من حق التمییز أن یکون فرداً مع الأُمن من اللبس»(4).

والمعنى من كلام الإمام علي علیه السلام أي کونوا مسرورین بتقدیم نفوسکم في مرضاة ربکم؛ لأن في ذلك حياتكم الأبدية(5). فالمراد بالنفس الأولى الزائلة بالقتل وبالثانية النفس المدبرة لهذا البدن(6).

وذهب آبن مالك إلى انه يجب ترك المطابقة «ان کان معنی التمییز واحداً لیس له أفراد متعددة، ومعنی الاسم السابق متعدداً نحو کرُم الأولاد أباً، أو کان التمییز غیر الأسم السابق، ولكن الأسم السابق مفرداً والتمييز جمع متعدد غير مصدر وقصد بجمعه إزالة لَبْس محتمل، نحو: نظُف زيد ثيابه فلو طابق التمييز الأسم السابق لوقع في الوهم أن المقصود ثوب واحد ولأزالة هذا الاحتمال والوهم جمع التمييز، أو كان التمييز مصدراً لا يقصد أن تختلف أنواعه نحو

ص: 58


1- ينظر: معاني النحو: 2 / 275
2- ينظر: روح المعاني، الآلوسي: 7 / 529
3- ينظر: شرح نهج البلاغة لابي الحديد: 6 / 234، ومنهاج البراعة للراوندي: 1 / 250
4- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 5 / 24
5- ينظر: شرح نهج البلاغة لميثم البحراني: 2 / 101
6- ينظر: المصدر نفسه

«زکّا الأتقیاء سعیاً»(1). ويجب المطابقة ان كان كل من التمييز والأسم السابق علیه في الجملة لشي واحد، اي ان مدلول كل منهما هو مدلول الآخر(2). وفي ضوء ما عرضناه يتبیّن أنَّ التمييز يجب ترك المطابقه فيه اذا أمِن اللبس أمّا إذا أُلبس فيجب فيه المطابقة.

9- المصدر:

من الأبنية التي تستعمل استعمال الفعل فيكون له فاعل، ومفعول، فالمصدر «هو الحدث»(3). ویعمل المصدر عمل الفعل، لأن الفعل اشتق منه وبُني مثله للأزمنة الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل نحو «عجبتُ من ضرب زيد عمراً» إذا كان زيد فاعل و «عجبت من ضرب زید عمرو» إذا کان زید مفعولاً(4). فالمصدر يكون نائباً مناب الفعل(5). وهكذا يعمل المصدر عمل فعله تعدياً ولزوماً ويجري مجراه واختلف النحاة في الفعل والمصدر وأيُّهما مشتق من صاحبه:

« ذهب الکوفیّون إلی أنّ المصدر مُشتَق من الفعل وفرع علیه نحو «ضَرَبَ ضرباً» وذهب البصریون إلی انّ الفعل مشتق من المصدر و فرع علیه»(6).

ومن أقوال الإمام عليا علیه السلام لتي ورد فیها المصدر قوله:

ص: 59


1- شرح التسهيل: 2 / 384، وهمع الهوامع: 2 / 342، والنحو الوافي: 2 / 429
2- ينظر: شرح التسهيل: 2 / 385
3- كتاب سيبويه: 1 / 7
4- ينظر: الأصول في النحو: 1 / 137، وشرح الرضّي علی کافیة ابن الحاجب: 4 / 174، وارتشاف الضرب من لسان العرب: 3 / 1063
5- ينظر: الفعل زمانه وابنيته: 47
6- الانصاف في مسائل الخلاف: 1 / 192، المسألة (29)

«وقّت عنكم نَبْوَته»(1).

استدل الرضّي الاستراباذي بقول الإمام علي علیه السلام عند تناوله مسأله إعمل المصدر، إذ یری ابن هشام ان المصدر يعمل عمل فعله ماضياً وغيره، إذا لم یکن مفعولاً مطلقاً. ولا يجيزون تقدم معموله عليه(2). وقد ذهب الرضي الاستراباذي إلى جواز تقدم معمول المصدر، اذا كان ظرفاً أو شبهه، محتجاً بالاستعمال القرآني وبكلام الإمام علي علیه السلام وبکثرة ألسماع إذ قال «وأنا لا أری منعاً من تقدم معموله عليه إذا كان ظرفاً او شبهه نحو قولك: «اللهم ارزقني من عدوِّك ألبراءة واليك الفرارُ» قال تعإلی:

«وَلَا تَأْخُذْکُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ» [النور: 2].

وقال تعإلى: «فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهَ السّعْيَ» [الصافّات: 102].

ومثله في کلامهم کثیر»(3). وهکذا ففي قول الإمام علي علیه السلام تقدّم معمول المصدر عنکم علی المصدر نَبوته. وامعنی من کلام الإمام:

«نبأ السيف اذا لم يعمل في ألضريبة والمراد بقلة نبوته دوام تأثيره»(4).

وهكذا جواز تقدم معمول المصدر عليه.

10- المجرور بمن التفضیلیة:

اختلف النحويون بمعنى «من» التفضیلیة فذهب سیبویه إلی أنها لإبتداء

ص: 60


1- نهج البلاغة: 563، وشرح الرضّي على الكافية: 4 / 379
2- ينظر: شرح قطر الند وبل الصدی: 245
3- شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 4 / 379
4- شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 33 / 1

الغایة وقد تفید أیضاً معنی التبعیض(1). وقد وافقه المُبِّرد في ذلك(2). وكذلك المرادي ذهب إلى ما ذهب اليه سيبويه والمُبِّرد(3). وقد تكون من التفضيلية بمعنى المجاوزة قال ابن مالك: «إنّها بمعنی المجاوزة نحو «زيد أفضل من عمرو» ولو کان البتداء مقصوداً جاز أن یقع بعدها»(4). ويجرُّ المفضل بمن التفضيلية اذا کان افعل التفضیل مجرداً من ال والاضافة نحو قوله تعإلی:

«وَلَلْآخِرَةُ خَیْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَیٰ» [الضحی: 4].

ويلزم ألإفراد والتذكير(5). ففي قوله تعإلى وللآخرة يريد الدارين اي ان حاله في الآخرة أعظم من ذلك وأجل، وهو السبق والتقدم على جميع انبياء الله ورسله(6). فاللام في قوله تعإلى جواب القسم هما كون الآخرة خيراً له من الاولى(7). وفي ضوء ما عرضناه يتبیّن أن أفعل التفضيل اذا كان مجرداً تتصل به «من» لفظاً وتقديراً جَارَّةً للمفضل.

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي ورد فیها أفعل التفضیل مجرداً والمفضل مجروراً بمن قوله:

ص: 61


1- ينظر: كتاب سيبويه: 2 / 102
2- ينظر: المقتضب: 3 / 203
3- ينظر: الجنى الداني: 304
4- شرح التسهیل: 3 / 61، وحاشیة الصبّان: 3 / 67
5- ينظر: شرح ابن عقيل: 3 / 179، وحاشیة الصبّان: 3 / 67، وهمع الهوامع: 3 / 76، ودلیل السالك علی ألفیة ابن مالك: 166
6- ينظر: البحر المحيط، ابو حیّان الاندلسي: 8 / 494
7- ينظر: الدر المصون: 11 / 37

لئن أصوم يوماً من شعبان أحبُّ اليّ من أن أفطر يوماً من رمضان»(1).

ففي قول الإمام علي علیه السلام ورد أفعل التفضیل أحبّ مجرداً من أل والإضافة وجرّ المفضل بمن وشارك المجرور بمن التفضيلية المفضل في المعنى تقديراً، قال الرضّي الاستراباذي: «ولا یخلو المجرور بمن التفضیلیة من مشاركة المفضل في المعنی إما تحقیقاً کما في: زیدٌ أحسن من عمرو، وإمّا تقدیراً، کقول الإمام علي علیه السلام (لئن أصوم یوماً من شعبان أحب إليّ من أن أفطر یوماً من رمضان)»(2).

لأن إفطار يوم الشك الذي يمكن أن يكون من رمضان محبوب عند المخالف، فقدَّره الإمام علي علیه السلام محبوباً إلى نفسه أيضاً، ثم فضّل صوم يوم من شعبان علیه، فکأنه قال: هبْ أنه محبوب عندي أیضاً الیس صوم یوم من شعبان أحبَّ منه(3). ومثل ذلك قول الإمام علي: المخالف، فقدَّره الإمام عليشعبان عليه، فكأنه «اللهم أبدلني بهم خيراً مِنهُم»(4).

أي في اعتقادهم لا في نفس الأمر فأنه ليس فيهم خیرٌ(5). وقوله أيضاً:

« وأبْدِلُهم بي شرَّاً منِّي»(6).

ص: 62


1- شرح الرضيّ على كافية ابن الحاجب: 4 / 438، وقول الإمام ینظر: في مسند احمد ابن حنبل: 6 / 126
2- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 4 / 438
3- ينظر: شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 4 / 438
4- نهج البلاغة: 115، وشرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 4 / 438
5- شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 4 / 438، ونهج البلاغة: 115
6- المصدران نفسهما

أي في أعتقادهم ايضاً والا فلم يكن في الإمام علي علیه السلام شر(1). وهکذا فأفعل التفضیل في قول لإمام علي علیه السلام هما خير وشر، قد جُرّدوا من أل والإضافة وشارك المجرور بمن التفضيلية المفضل في المعنى ومثل ذلك قوله تعإلى:

«أَصْحَابُ الْجَنّةِ یَوْمَئِذٍ خَیْرٌ مُسْتَقَرً» [الفرقان: 24](2).

فالخير هنا تفضيل مجرد من أل والإضافة وهو تهكُم بالمشركين(3). أي أنّ «المؤمنين خیرٌ في الآخرة مستقراً من مستقر الكفار وأحسنُ مقیلاً مِنْ مَقیلهم لو فرض أن یکون لهم ذلك، أو على أنهم خیرٌ في الآخرة منهم في الدنيا»(4). وفي ضوء ما تقدَّم يتبيَّن مشاركة المجرور بمن التفضيلية المفضل في المعنى إمّا تحقيقاً وإمّا تقديراً.

11- إضافة کل إلی الضمیر:

كل لفظها مفرد، ومعناها جمع فهي كجميع فيحمل على لفظها بالإفراد وعلى معناها بالجمع.

قال المُبرِّد: «وليس الحملِ على المعنى ببعيد بل هو وجه جديد قال تعإلى:

«وَکُلٌ أَتَوْهُ دَاخِرِینَ» [النمل: 87](5).

ففي قوله تعإلى قرأ حفص عن عاصم وحمزة (أتوه) فعلاً ماضياً(6)، وقرأ قتادة

ص: 63


1- ينظر: شرح نهج البلاغة لميثم البحراني: 2 / 128، وشرح الرضّي علی کافیة ابن الحاجب: 4 / 438
2- ينظر: شرح الرضيّ على كافية ابن الحاجب: 4 / 439
3- ينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور: 10 / 67
4- ينظر: الدر المصون في علم الكتاب المكنون: 8 / 475
5- المقتضب: 2 / 298
6- يُنظر: إعراب القراءات الشواذ: 2 / 114، والسبعة في القراءات لابن مجاهد: 287

(اتاه)(1)، وقرأ الحسن والاعمش والاعرج (دَخِرین) بغیر الف(2)، فالجمع علی المعنی والتوحید علی اللفظ(3). وتأتي كل للإحاطة والعموم وهي بمعنى أجمعين فعند القول «مررتُ بهم کُلُّهم» فإنَ کُلُّهم بمعنی جمیعهم(4). وقد تأتي کل لرفع اللبس، والخصوص عند التأکید بها فعند القول «قَبَضْتُ المال»، يحتمل أن يكون جميع المال أو بعضه فلما أکد بکل زال اللبس(5). وقد یکون معنی کل بحسب ما تصاف الیه قال ابن مالك: في کل المضافة إلی النکرة «یجب مراعاة معناها»(6). وهکذا فتأتي کل مضافة ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت فیها کل مضافة قوله(7):

فَلَمَّا تَبَیَّنَّا الهُدیَ کَانَ کُلُّنا *** عَلَی طَاعَةِ الرَّحْمن وَالحَقِّ والتُّقَی

إذ استشهد به كثیرٌ من النحاة منهم ابن هشام(8)، وابن مالك(9)، والأشموني(10)، والسیوطي(11). ففي قول الإمام علي علیه السلام وردت کل مضافة

ص: 64


1- يُنظر: المحتسب، ابن جني: 2 / 145
2- يُنظر: إعراب القراءات الشواذ: 2 / 247
3- ينظر: الكشاف: 5 / 115
4- ينظر: الأصول في النحو: 2 / 19، وشرح جمل الزجاجي لابن خروف: 1 / 243
5- ينظر: شرح جمل الزجاجي لإبن خروف: 336، والكواكب الدرية على متممة الإجرومیة: 1 / 566
6- شرح التسهيل: 2 / 395
7- ينظر: ديوان الإمام علي علیه السلام: 11
8- ينظر: مغني اللبيب: 3 / 94
9- ينظر: شرح التسهيل: 2 / 395
10- ينظر: شرح الأشموني: 2 / 92
11- ينظر: شرح شواهد المغني: 1 / 521

إلى الضمير وحكمها الإبتداء أي كل مبتدأ وما بعده خبر وإسم كان ضمير شأن قال ابن هشام: «أن تضاف إلى ضمير ملفوظ به، وحكمها أن لا يعمل فیها غالباً إلاّ الإبتداء، کقوله تعإلی:

«وَﻛُﻠُّهُمْ آيِيهِ» [مريم: 95].

لأن الإبتداء عامل معنوي»(1)، ومثل ذلك قول الشاعر(2):

یَمِیدُ إذا والَتْ علیه دِلاؤهُ *** فَیَصْدُرُ عنه کُلُّها وهو ناهِلُ

فکُلُّها هنا مضافة إلى الضمير. قال ابن الشجري: «وفي الحدیث عن (کل) لأن لفظها لفظ واحد ومعناها جمع کقوله تعإلی:

«كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ» [البقرة: 285](3).

فوجد ضمير كل في آمن على معنى: كل واحد منهم آمن، وكان يجوز أن یجمع، کقوله: «وَکُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِینَ»(4) [النمل: 87].

ويتضح في ضوء ما عرضناه أنَّ كل تأتي مضافة إلى الضمير ولا يكون حكمها إلاّ الإبتداء.

12- التفضیل بأول:

تُعدُّ صيغة أفعل التفضيل إحدی الصیغ التي تختص بها اللغة العربیة وتأتي

ص: 65


1- مغني اللبيب: 3 / 93
2- البيت من الطويل وهو لكثير عزّة، ينظر: ديوانه: 506، شرح السيوطي: 1 / 521، وشرح التسهیل: 2 / 395، وهمع الهوامع: 4 / 380، وحاشیة الصبان: 3 / 77
3- أمالي ابن الشجري: 1 / 40
4- ينظر: الكشاف: 1 / 250

هذه الصيغة مجردة من أل أو مقترنة بأل أو نكرة أو مضافة.

ويصاغ اسم التفضيل من كل فعل ثلاثي مجرد، وتام، ومثبت، ومتصرف، وقابل معناه للكثرة غير مبني للمفعول، ولا معبر عن فاعله بأفعل فعلاء(1).

وهكذا يصاغ أفعل التفضيل من كل فعل إستوفى الشروط المذكورة.

ومن الصيغ التي ورد فيها قول الإمام علي علیه السلام صیغة أوّل قال سیبویه «أوَّل اسم على أربعة احرف وأوَّل على وزن أفعل يدلك على ذلك قولهم: هو أوَّل منه، ومررتُ بأوَّل منه، ومررتُ بأوَّل منه»(2).

وذكر ابن الحاجب أنَّ: «أوَّل کأسبق معنی وتصریفاً واستعمالاً وتقول في تصریفه، الاوَّل، الأَوَّلان، الأوَّلُون، الأوائل، الأَوْلى، الأوّليانْ، الأَوْلَیَات، الأول»(3).

فأسبق على وزن أفعل، وهذا ما ذهب إليه البصريون، وورد مثنى (أَوَّل) على (أوْليان) في قوله تعإلى:

«فَآخَرَانِ فَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الّذِینَ اسْتَحَقّ عَلَیْهِمُ الْأَوْلَیَانِ» [المائدة: 107].

ذكر أبو البقاء العكبري (ت 616 ه-): «الْأوْلَیَانِ یقرأ بالألف علی تثبیة أوّلی»(4). وکذلك إختلف في تأنیث أوّل فذکر الرضّي الاستراباذي أنَّ: «قولهم:

ص: 66


1- ينظر: شرح الفيه ابن مالك، لإبن الناظم: 461
2- كتاب سيبويه: 1 / 216
3- الكافية في النحو: 2 / 218
4- التبيان في إعراب القرآن للعكبري

أوّلةٌ، وأوّلتان فمن كلام العوام، وليس بصحيح»(1).

وقال أبو حیّان (ت 745 ه-): إِنَّ مؤنثه أوّلْه بالتاء مصروفة، نحو أرملة، فصرفت لوزن الفعل ودخول تاء التأنيث عليها(2). فعدَّ أبو حیّان أنّ (أوّل) يؤنث بالتاء، مثل (أرْمَل)، وعدّ الضّي الاستراباذي ذلك من كلام العوام.

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي ورد فیها ذلك قوله:

«أحمدُهُ أوَّلاً بَادِئاً»(3).

أورده الرضّي الاستراباذي عند تناوله لأستعمال إسم التفضيل (أوّل) وبيان وصفيته وإعرابه اذا خلا من ذكر الموصوف قبله ظاهراً أو من ذكر من التفضیلیة إذ قال: «لم تعتبر وصیفته الا مع ذکر الموصوف قبله ظاهراً، نحو یوماً أوّل، أو ذکر (من) التفضیلیة بعده ظاهرةً، إذ هي دلیل علی أن (أفعل)، لیس إسماً صریحا، کأفکل وأبدع، فإن خلا منها معاً ولم یکن مع اللام والإضافة، دخل فیه التنوین مع الجر لخفاء وصفیته، وذلك کقول علي علیه السلام: «أحمدُهُ أوَّلا بَادِئاً». ویقال: ما ترکت له أوّلاً ولا آخراً»(4). والمعنی من کلام الإمام علي علیه السلام: «أصدّق بالله الأول بلا أول کان قبله»(5).

ص: 67


1- شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 4 / 446
2- ينظر: إرتشاف الضرب: 5 / 2333
3- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 4 / 446، ونهج البلاغة: 191 والروایة فیه «وأؤمن به أوّلاً بادیاً»
4- شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 4 / 446
5- ينظر: في ظلال نهج البلاغة: 1 / 248

أي كأنه قال قبل كل شيء، وأن الأول نقيض الآخر، أصله اوءل على أفعل مهموز الوسط وقلبت الهمزة واواً وأدغم(1). وهكذا فإنَّ أوّل يكون معرفة ونکرة، ویکون ظرفاً واسماً، نحو «أبدأ بهذا أوّلُ» فیبنی علی الضم(2).

وفي ضوء ذلك یتبین أنّ أوّلِ لا تعد وصفیته إلاّ بذکر الموصوف قبله.

13- الّذي:

من الأسماء الموصوله ولها لغات عدة، أي يرد اسم الموصول (الذي) في لغات القبائل بأشكال مختلفة ففي لغة ربيعة بن مضر، وبلحارث بن كعب القحطانية يرد بصيغة (اللذِ)، و(اللذْ)، وفي لغة حمير يرد بصيغة (ذي)، وعند طيئ فهو: (ذو) في الرفع، و(ذا) في النصب، و(ذي) في الجر، وهو بصيغة واحدة للمذكر والمؤنث، والمفرد، والجمع، والعاقل وغير العاقل(3). وتُوصل الذي بأربعة اشياء بالفعل والمبتدأ والظرف والجزاء ولا بد أن يكون صلتها ما يرجع إليها(4). أي لا بد في الجملة من ضمير يعود على إسم الموصول، أو ما يغني عن الضمير.

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي ورد فيها الأسم الموصول (الذي) قوله:

«نَزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت في الرخاء»(5).

استدلّ به الرضي الاستراباذي على أنّ (الّذّي) المصدرية لا خلاف في إسميتها

ص: 68


1- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 6 / 1
2- ينظر: همع الهوامع: 3 / 80
3- ينظر: شرح ابن عقيل: 1 / 125، ودراسة في اللهجات العربیة القدیمة، دَاوُود سلّوم: 40
4- ينظر: المقتضب: 2 / 109، والأصول في النحو: 2 / 266، واسرار العربیة:38، والتوطئه: 167
5- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 3 / 135، ونهج البلاغة: 314، خطبة: 193 یصف فیها المتقین

لِلاّم التي فیها(1).

والمعنى من كلام الإمام علي علیه السلام أي لا تقنط من بلاء ینزل بها ولا تبطر برخاء یُصیبها بل مقامها في الحالین مقام الشکر(2). والّذي في قول الإمام علي علیه السلام صفة مصدر محذوف، والضمیر العائد اليه محذوف أيضاً، والتقدير «نزلت کالنزول الذي الذي نزلته في الرخاء»(3)، ويحتمل أن يكون المراد بالّذي. الذين محذوف النون کما في قوله تعإلى:

«کَالذِي خَاضُوا» [التوبة: 69].

أي المقصود تشبيههم حال نزول انفسهم منهم في البلاء بالذين نزلت أنفسهم في الرخاء(4). وهكذا فالذي تكون مصدرية أي یُسبَك منها ومن صلتها مصدرٌ وهذا ما زعمه يونس والفراء وتبعهما ابن مالك نحو قوله تعإلى:

«ذَلِك الّذِي یُبَشّرُ اللهُ عِبادَه» [الشوری: 23].

فالذي هنا مصدرية والتقدير ذلك تبشير الله(5). وفي ضوء ذلك يتبين أنّ الذي يوصف بها مصدر ثم يحذف المصدر وتقام الذي مقامه.

14- مجيء إذ في جواب بینا:

(إذ) من الظروف المبنية التركيب وقد تكون إسماً للزمن الماضي او المستقبل

ص: 69


1- ينظر: شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 3 / 135
2- ينظر: شرح نهج البلاغة لميثم البحراني: 3 / 386
3- المصدر نفسه
4- المصدر نفسه
5- ينظر: شرح التسهيل: 1 / 188، وارتشاف الضرب من لسان العرب: 3 / 996، ومغني اللبیب: 6 / 158 وهمع الهوامع: 1 / 85

والدليل على اسميتها الإخبار بها، وابدالها من الأسْم، والإضافة اليها بغير تأويل كقوله تعإلى:

«بَعْدَ إِذ هَدَيْتَنَا» [آل عمران: 8].

وقد تكون للمفاجأة ولا تكون للمفاجأة إلّا بَعْدَ بَیْنَا أَو بَیْنَما(1).

وقد ذهب إلى ذلك كثير من النحاة منهم المُبرِّد(2)، والمرادي(3)، وابن هشام(4).

وصرَّح ابن مالك بحرفيتها(5). ولا تكون إذ إلاّ مبنية، ذلك لإفتقارها إلى ما بعدها من الجمل لما عُوّضَ منها(6).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت فیها (إذ) في جواب (بَیْنا) قوله:

«بَیْنَا هو یَسْتَقِیلُهَا في حَیَاتِهِ، إذ عَقَدَها لآخر بَعْدَ وفاتِهِ»(7).

فالإمام علیه السلام أشار في قوله إلی أبي بکر وطلبه الإقالة... إنما هو لثقله وکثرة شرائطه وشدة مراعاة إجراء أحوال الخلق مع اختلاف طبائهم(8). وإستدّل

ص: 70


1- ينظر: كتاب سيبويه: 2 / 311، والأصول في النحو: 2 / 144، وشرح المفصل: 3 / 29، وارتشاف الضرب: 4 / 402
2- ينظر: المقتضب: 2 / 101
3- ينظر: الجنى الداني: 189
4- ينظر: مغني اللبيب: 2 / 27
5- ينظر: شرح التسهيل: 2 / 250
6- ينظر الجنى الداني: 190
7- شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 4 / 139، خطبة: 3 و هي المعروفة بالشِّقْشِقیَّة
8- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 4 / 22، وشرح نهج البلاغة لمیثم البحراني: 1 / 308

به الرضي الاستراباذي عند حديثه عن (إذ) و (إذا) وهما للمفاجأة في جواب (بينا) و(بينما) رادّ رأیاً للأصمعي (ت 216 ه-) معولاً على الأفصح والفصيح في الاستعمال إذ قال:«ولا يجيء بعد (إذ) المفاجأه إلا الفعل الماضي وبعد (إذا) المفاجأة إلّا الإسمية، وكان الأصمعي لا يستفصح إلا تركهما في جواب بينا وبينما لكثرة مجيء جوابهما من دونهما والكثرة لا تدل على أن المكثور غير فصیح، بل تدل علی ان الأکثر أفصح، إلا تری إلی قول أمیر المؤمنین علي علیه السلام، وهو من الفصاحة، بحیث هو:

«بَیْنَا هو یَسْتَقِیلها في حَیَاتِهِ، إذ عَقَدَها لآخر بَعْدَ وفَاتِهِ»(1).

وما ذهب اليه الرضي الاسترابادي ذهب اليه قبله سيبويه، إذ أورد (إذ) واقعة في جواب (بينما) عند حديثه عن (إذا) إذ قال: وتكون (إذ) مثلها أيضاً، ولا یلیها إلا الفعل الموجب وذلك قولك «بَیْنما أنا کذلك إذا جاءَ زیدُ»(2).

وأشار ابن هشام إلى وقوع (إذ) في جواب بينا وبينما مشيراً إلى رأي سيبويه في المسألة فقال:

«أن تكون للمفاجأة نصَّ على ذلك سيبويه وهي الواقعة بعد بينا وبینما»(3).

وفي ضوء ذلك يتبیّن أنّ إذ تقع في جواب «بینا، وبینما». ولا تکون إلّا للمفاجأة ومثل ذلك قول الشاعر(4):

استَقْدِرِ اللهَ خَیْراً ورْضَیَنَّ به *** فَبینَمَا العُسْرُ إذْ دَارَتْ مَیَاسِیرُ

ص: 71


1- شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 4 / 139
2- كتاب سيبويه: 1 / 354
3- مغني اللبيب: 2 / 28
4- البيت لُحريث بن جبلة العذري، ديوانه: 89 من شواهد مغني اللبيب: 2 / 28، وهمع الهوامع: 1 / 204، وشرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 4 / 139

ص: 72

المبحث الثالث: ما جاء من أقوال الإمام علي علیه السلام في باب الافعال والحروف

أولاً: باب الأفعال:

اشارة

يكاد يجمع النحاة القدماء (بصريون وكوفيون) على ان الكلم في العربية ينقسمإلى ثلاثة أقسام: اسم، وفعل، وحرف، جاء ذلك على لسان: سيبويه، والكسائي والفراء والمُبرِّد والزجّاج وابن السراج وغيرهم. وهكذا فالفعل أحد اقسام الکلام ورکن من أرکان الجملة الفعلیة، وحدّه سیبویه بقوله: «وأمَّا الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء وبنیت لما مضی ولما یکون ولم یقع وما هو کائن لم ینقطع»(1). وقد اختلف العلماء في حدّ الفعل وتقسيماته فذكروا له اكثر من تعريف منها: «أن الفعل ما دلّ على حدوث شيء في زمان محدود»(2). ویقسمه الجمهور علی ثلاثة اقسام تبعاً لهذه الدلالة هي: الماضي، والمضارع، والأمر وابنية الأفعال في العربية ثلاثية أو رباعية وقد يزاد في بنائها حرف أو حرفان أو ثلاثة لإداء معانٍ

ص: 73


1- كتاب سيبويه: 1 / 13
2- الحلل في اصطلاح الخلل للسيد البطليوسي: 70

مختلفة ووضع العلماء علامات تمیّز الفعل من غيره من أقسام الكلام(1). ومن النصوص التي وردت فیها أقوال الإمام علي علیه السلام: في باب الأفعال:

1- الفعل الماضي:
اشارة

وهو أحد اقسام الفعل، ويدل على اقتران حدث بزمان قبل زمانك(2).

والفعل الماضي يستعمل للدلالة على ان الحدث وقع في أثناء الكلام. وكانت تسميته بالفعل الماضي مبنية على مقالاتهم بدلالته على الزمان الماضي(3).

والفعل الماضي دائماً مبني اي انه لا يتغير اعرابه تبعاً للعوامل الداخلة عليه ویُبنى على الفتح اذا اتصلت به الفُ الأثنين ویُبنی على الضم اذا اتصلت به واو الجماعه ویُبنی على السكون اذا اتصلت به تاء الفاعل المتحركة(4)، وقد ينصرف الفعل الماضي للإستقبال.

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام:

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي ورد فیها الفعل الماضي قوله:

«أجْزَأ امرُؤُ قِرْنَهُ وآسی أخَاهُ بنَفْسِهِ»(5).

ص: 74


1- ينظر: شرح المفصل: 4 / 425، وشرح الحدود في النحو للفاکهي: 97
2- ينظر: المفصل في صنعة الاعراب: 315، وشرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 615، وشرح ابن عقیل: 2 / 101، والتعریفات: 1 / 316
3- ينظر: شرح المفصل: 4 / 425، وشرح کتاب الحدود في النحو للفاکهي: 97
4- ينظر: شرح قطر الندی: 1 / 153، وشرح ابن عقیل: 2 / 102، والحلل في إصلاح الخلل من کتاب الجمل: 93
5- شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 5 / 7، ونهج البلاغة: 185، خطبة: 144 في حث أصحابه علی القتال

استدل الرضّي الاستراباذي بهذا الشاهد على ان الماضي ينصرف إلى الإستقبال بالإنشاء الطلبي إذ قال: «اعلم أنَ الماضي ينصرف إلى الإستقبال بالإنشاء الطلبي إمَا دعاءً نحو «رحمك الله» وإمَا أمراً كقول الإمام علي علیه السلام «أجزأ امْرؤ قِرْنَهُ وآسی أخاهُ بِنَفْسِهِ»»(1).

فاجزأ وآسى في قول الإمام علي علیه السلام فعلان ماضيان في معنى الأمر والتقدير وليجزِ أمرؤ قِرْنه وهو خصمه وکفوه في الحرب(2). والمعنى من كلامه اي ليقاومه وليواسي أخاه بنفسه في الذبّ عنه ولا يفر من قرنه اعتماداً على أخيه في دفعه فيجتمع على أخيه وقرن أخيه(3).

وواضح انصراف دلالة الفعل الماضي (اجزأ وآسى) إلى الأمر. فالفعل الماضي ينصرف إلى الإستقبال أمَّا بالإنشاء المقصود به الطلب وذلك كالدعاء له أوعليه نحو «غَفَرَ الله لك» اي ليغفر الله لك، أو الوعد والوعيد نحو قوله تعإلى:

«إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِینَ» [الحجر: 95](4).

وينصرف الفعل الماضي إلى الإستقبال عند دخول اداة الشرط عليه ك- (إن) نحو قوله تعإلى:

«وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا» [الاسراء: 8].

و(إذا) نحو قوله تعإلى:

«إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ» [النصر: 1](5).

ص: 75


1- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 5 / 7
2- ينظر: شرح نهج البلاغة لميثم البحراني: 3 / 117
3- ينظر: المصدر نفسه
4- ينظر: شرح الرضيّ على كافية ابن الحاجب: 5 / 8، وهمع الهوامع: 1 / 90
5- ينظر: معاني النحو: 3 / 272

فأداة الشرط (إن) صرفت الفعل الماضي في قوله تعإلى «إنْ عدتم» إلی الإستقبال أي «إن عدتُّم إلی المعصیة، عُدْنا إلی العقوبة»(1). وكذلك أداة الشرط (إذا) صرفت الفعل الماضي في قوله تعإلی:

«إذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ» [النصر: 1] للإستقبال(2).

وفي ضوء ما تقدم يتبين أنَّ الفعل الماضي ينصرف إلى الاستقبال بالإنشاء الطلبي.

2- نعم وبئس:

من الأساليب النحوية التي استخدمها العرب للتعبير عن المدح أو الذم اسلوب نعم ويئس وغيرهما من الأفعال التي تسد مسدها. فسيبويه یری ان نعم وبئس اصلان وضعا في الرّداءة والصلاح ولا يكون منهما فعل لغیر هذا المعنى فمثلاً عند القول هذه الدار نعمتِ البلدُ فإنه لما كانت البلد الدار أقحمت التاء(3). وفي ضوء ذلك اختلف النحاة في نعم وبئس أفعلان أم اسمان؟ ذهب الكوفيون إلى أَن نِعْم وبئسَ اسمان مبتدآنِ والدليل على ذلك هو دخول حرف الخفض عليهما نحو قول حسان بن ثابت رضي الله عنه(4):

أَلَسْتُ بِنِعْمَ الجَارُ یُؤْلِفُ بَیْتَهُ *** أَخاقِلّةٍ أو مُعْدِمَ المالِ مُصْرِما

وذهب البصريون إلى انهما فعلان ماضيان لا يتصرفان والدليل على فعليتهما

ص: 76


1- ينظر: معاني القرآن للنحاس: 3 / 205
2- ينظر: معاني النحو: 3 / 272
3- ينظر: كتاب سيبويه: 1 / 77
4- ديوانه: 128

اتصال الضمير المرفوع بهما نحو نِعْمَا رجلين وكذلك اتصال تاء التأنيث الساكنة بهما نحو «نِعْمَت المرأةُ ویئست الجاریةُ»؛ لأنها تختص بالفعل الماضي(1).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت في هذا الموضوع قوله:

«ولنِعْمَ دارٌ من لم یَرْضَ بها داراً»(2).

استدل به الرضي الاسترابادي عند حديثه عن جواز اسناد (نعم وبئس) إلى الأسم الموصول الذي يفيد الجنس لا العهد اذ يذهب المُبرِّد (ت 285 ه-) إلى ذلك اذ قال: (ولو قلت نعم الذي في الدار انت لم يجز، لأن الذي بصلته مقصود اليه بعينه. فقد خرج من موضع الأسم الذي لا يكون للجنس... فإن قلت: قد جاء:

«وَالّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ» [الزمر: 33].

فمعناه الجنس، فإن الذي اذا كانت على هذا المذهب صلحت بعد نعم وبئس)(3). وقد وافق الرضي الاستراباذي المُبرِّد وابا علي فيما ذهبا اليه في هذه المسألة داعماً رأيه بالشواهد إذ قال: (ولا يمتنع عند أبي علي والمُبرِّد، وهو الحق خلافاً لغيرهما، إسناد نعم وبئس إلى (الذي) الجنسية. وكذا (من) و(ما) وأعني بالجنسیة ما تکون صلتها عامة، وفي نهج البلاغة: «وَلِنَعْمَ دَارُ مَنْ لم یَرْضَ بها داراً» قال(4):

ص: 77


1- ينظر: الانصاف في مسائل الخلاف: 86، وأئتلاف النصرة: 115، وشرح الأشموني: 2 / 29، واوضح المسالك علی الفیة ابن مالك: 1 / 23، وشرح ابن عقیل: 3 / 106
2- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 5 / 270، ونهج البلاغة: 359، خطبة 223
3- المقتضب: 2 / 143
4- البيت قائله مجهول من شواهد العيني: 1 / 487، والمغني: 2 / 19، والأشموني: 1 / 155، والهمع: 1 / 304

فَنِعْمَ مَزْکاً مَنْ ضَاقَتْ مَذَاهُبَهُ *** ونِعْمَ مَنْ هو في سِرًّ وإعلانِ»(1)

وذهب إلى هذا الرأي أيضاً ابن مالك (ت 672 ه-) إذ قال: «فمقتضی النظر الصحيح الاّيجوز مطلقاً ولا يمتنع مطلقاً، بل إذا قُصد بالّذي الموصولة الجنس جاز، وإذا قُصد به العهد منع وهذا مذهب المُبرِّد والفارسي وهو الصحيح»(2).

والإمام علي علیه السلام أراد بقوله «مدح الدنيا بإعتبار استعمالها على الوجه المقصود بالعنایة الإلهیة وهو الإعتبار بها من دون الرضی بها لذاتها وإتخاذها وطناً ودار منصوب علی التمییز یقوم مقام إسم الجنس الذي هو إسم نِعْمَ ذذا حذف»(3).

فها هنا مسألتان(4):

1- ان اسم الجنس الذي هو اسم نعم وبئس تضاف في العادة إلى ما فيه الألف واللام كقولنا (صاحب القوم) وقد أضاف هنا إلى ما ليس فيه الألف واللام.

2- إنه جمع بين اسم الجنس والنكرة التي تبدل منه، وأضاف داراً إلى من لم یرضَ بها، لأنَّ الدُّنيا إنما تكون داراً ممدوحة بإعتبار كونها دار من لم يرض بها.

وفي ضوء ما تقدّم يتبين جواز اسناد نعم وبئس إلى (الذي) الجنسية أو (من) و(ما) اللتين بمعنى الذي.

ص: 78


1- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 5 / 271
2- شرح التسهيل: 3 / 10
3- شرح نهج البلاغة لميثم البحراني: 3 / 309
4- ينظر: المصدر نفسه: 3 / 309
3- الفصل بین فعل التعجب و معموله:

استعمل للتعجب اساليب وصيغ كثيرة، ومن أشهر صيغهِ هما «ما أفْعَله»، و «افْعِل به» كما ذكرنا فيما سبق .

وإن مسألة الفصل بين فعل التعجب و معموله اختلف فيها كثير من النحاة قدماء ومحدثین إذ رأی سيبويه إنه لا يجوز الفصل بين فعل التعجب و معموله؛ لأن فعل التعجب لا یتصرف وقد لزم طریقة واحدة(1)، وقد وافقه في ذلك کثیر من النحاة کالأخفش والمُبرِّد وبعض البصریین(2).

ومنهم من أجاز الفصل بين فعل التعجب ومعموله أمَّا بالظرف والجار والمجرور أو بالنداء نحو «ما أَحْسَنَ في الدار زیداً» و «ما احسن الیوم عمراً» إذ قالوا لیس فعل التعجب بأضعف من الحروف المشبهة بالفعل(3).

ومنه قول الشاعر:

أقیمُ بِدارِ الحَزْمِ مَا دَامَ حَزْمُها *** وأحْرِ إذا حالَتْ بأنْ أتحوَّلا(4)

فقد فصل في هذا الشاهد بين الفعل و معموله بالظرف، وهو قوله: إذا حالت.

ص: 79


1- ينظر: كتاب سيبويه: 1 / 356
2- ينظر: التبصرة والتذكرة: 1 / 268، وشرح الرضي علی کافیة ابن الحاجب: 2 / 309، وشرح التسهیل: 2 / 201، وشرح ابن عقیل: 3 / 157، وهمع الهوامع: 2 / 91، وشرح التصریح علی التوضیح: 2 / 90
3- ينظر: التبصرة والتذكرة: 1 / 269، وشرح ابن عقیل: 3 / 157، وعمدة الحافظ: 748
4- البيت لآوس بن حجر ديوانه: 83، وشرح التصريح على التوضيح: 2 / 90، وعمدة الحافظ: 478، والمقاصد النحویة: 3 / 659

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي ورد فيها الفصل بين فعل التعجب ومعموله قوله:

«أعزز علي ابا اليقظان أن أراكَ صريعاً مجدَّلاً »(1).

فقد فصل بين فعل التعجب (أعزز) ومعموله المصدر المؤول (أن أراك) بالمجرور، والنداء (عليَّ) (ابا اليقظان) وهذا يدل على جواز الفصل بالنداء.

قال ابن مالك: «وهذا مُصَحِّح للفصل بالنداء»(2).

وقد ورد الفصل في النثر في قول عمرو بن معد یکرب: «لله درُّ بني سُلیم ما احسن في الهیجاء لقاءها، واکرم في اللزبات عطاءها، واثبت في المکرمات بَقَاءَها» فقد فصل بين فعل التعجب ومعموله بالجار والمجرورفي الهيجاء، وفي اللزبات، وفي المكرمات(3).

وعليه فأن حجة المانعين للفصل بين فعل التعجب ومعموله يرون ان التعجب یجري مجری الأمثال للزومهِ طریقة واحدة لا یتصرف فیها في التقدیم والتأخیر ولا في الفصل(4). أمَّا الذین یجیزون الفصل فأحتجوا بأن فعل التعجب مع ضعفه لا ینحط عن درجة (إنَّ) في الحروف لأنه أُجیر الفصل بالظرف في (إنَّ) نحو «إنَّ في الدار زیداً»(5). ومما تجدر الإشارة الیه في هذا الجانب ان

ص: 80


1- لم أعثر عليه في نهج البلاغة، ينظر: الجنى الداني: 49، وارتشاف الضرب من لسان العرب: 2 / 207، وشرح الأشموني: 2 / 273، والنحو الوافي: 3 / 359، والکواکب الدرّیة، 623، وشرح ابن عقیل: 3 / 157
2- شرح التسهيل: 2 / 201
3- ينظر: ارتشاف الضرب من لسان العرب: 4 / 2071، وشرح ابن عقیل: 3 / 157
4- ينظر: الفصل بين أجزاء الجملة العربية: سعد حسن عليوي، مجلة جامعة بابل كلية التربية الأساسية، المجلد 19، العدد 3 : 2011
5- ينظر: شرح المفصّل: 4 / 422

الظرف والمجرور لو تعلق كل منهما بمعمول فعل التعجب فلا يجوز الفصل بهما فلا یقال في «ما احسن معتکفاً في المسجد، وأحسن بجالس عندك بجالس»(1). ومن النحاة من یتجه إلی جواز الفصل لوروده في کلامهم نثراً أو شعراً(2). وأما قول النحاة بأن جملة التعجب لا یمکن التصرف به لأنها جرت مجری الأمثال فهو تضییق علی اللغة العربیة لا یتفق مع مرونتها وسعتها(3). وهکذا فقد أجاز بعض النحاة الفصل بین فعل التعجب ومعموله.

4- القسم:

يُعدُّ إسلوب القسم من الأساليب الخبرية في اللغة العربية يراد به تأكيد شيء لدی السامع من ءجل محو أي شك في ذهنه إذ رأی سیبویه: «أنّ القسم هو توکید للکلام فإذا حُلفَ علی فعلٍ غیر منفي لم یقع لزمته اللام ولزمت اللام النون الخفیفة أو الثقلیة في آخر الکلمة نحو والله لأفعلن»(4). وللقسم أدوات تُوصِّل الحلف إلی المُقسَم به؛ لأنَّ الحلف مضمر مطرح لعلم السامع به. وأدوات القسم والمقسم به تکون حروفاً مثل (الواو، والباء، والتاء، واللام) أو فعلاً مثل (حلف، واقسم)(5). وهذه الأدوات لاتدخل إلا علی محلوف أي فیها معنی الیمین أو ما یدل علیه أي إنَّ من الأفعال أشیاء فیها معنی الیمین

ص: 81


1- ينظر: شرح التصريح: 2 / 66
2- ينظر: شرح الكافية الشافية: 1 / 490 - 491
3- ينظر: الفصل بين أجزاء الجملة العربية: سعد حسن عليوي، مجلة جامعة بابل كلية التربية الأساسية، المجلد 19، العدد 3 : 2011
4- كتاب سيبويه: 3 / 104
5- ينظر: المقتضب: 2 / 584

يجري من الفعل بعدها مجراه بعد قولك: والله وذلك نحو «أقسمُ لافعلنَّ» و»أشهدُ لأفعلنَّ»(1).

والقسم جملة يؤكد بها جملة أخرِی في اللفظ أو في التقدیر فأمّا باللفظ نحو «اقسِمُ باللهِ» وأما في التقدیر نحو «باللهِ»، «وباللهِ»(2).

وجملة القسم تحتاج إلى جواب. وتدخل على جملة جواب القسم اداة من ادوات التوکید وهي «إنّ، وأنّ، ولام القسم، ونون التوکید الثقیلة ونون التوکید الخفیفة، ولام الابتداء»(3). وهكذا فللقسم جملتان بمنزلة جملة واحدة وهي إمّا ان تكون فعلية وإمّا ان تكون إسمية(4).

ومن أقوال الإمام عليا علیه السلام التي ورد فیها القسم قوله:

«قد والله لَقُوا الله»(5).

ففي قول الإمام علي علیه السلام حُذِفَ جواب القسم؛ لان القسم توسط الکلام قال الرضي الاستراباذي: «ویحذف جواب القسم، إذا اعترض أو تقدم ما یدل علیه نحو (زید والله قائم) و(قام زید والله) وهذا الکلام الذي توسّطه القسم، او تأخر عنه هو من حيث المعنى جواب القسم»(6). وفي ضوء ذلك یتبین أنّ جواب القسم لا یجوز حذفه إلا إذا توسط بین شیئین أو جاء بکلام یدل علی الجواب.

ص: 82


1- ينظر: المصدر نفسه، والأصول في النحو: 1 / 430، وشرح جمل الزجاجي: 1 / 544، والتبصرة والتذکرة: 1 / 445
2- ينظر: البغداديات: 235
3- کتاب سیبویه: 3 / 105، والاصول في النحو: 1 / 431، والتبصرة والتذکرة: 1 / 446، وشرح جمل الزجاجي: 1 / 445
4- ينظر: الأساليب الانشائية في النحو: 162
5- شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 6 / 69، ونهج البلاغة: 430
6- المصدر نفسه: 6 / 96، ومغني اللبیب: 1 / 245
5- حذف الفاء من جواب الشرط:

الشرط واحد من اساليب اللغة المتعددة، ويعتمد ركنين هما فعل الشرط، وجوابه وتسبقهما اداة الشرط أي إن اسلوب الشرط اسلوب لغوي يُبنى على جزأین الاول منزّل منزلة السبب، والثانّي منزّل منزلة المسبب(1). ومعناهُ «هو وقوع الشيء لوقوع غیره»(2). أي أنْ يتوقف الثاني على الأول فإذا وقع الاول وقع الثاني(3). ومن أدوات الشرط هي (إنْ) المکسورة و(مَنْ) و(ما)، (مهما) و(أي) و(أنّي) و(أیْن) و(متی) و(حیثما) و(إذ ما)(4). وهذه الأدوات کُلُّها تجزم الشرط والجواب قال سیبویه: «أعلم أن حروف الجزاء تجزم الأفعال وینجزم الجواب بها قبله»(5). فالعنصر المکونة للجملة الشرطیة ثلاثة هي الاداة وترکیب فعل الشرط، وترکیب الجواب أو الجزاء. أنّ الأصل في ترکیب جواب الشرط أن یکون ترکیباً إسنادیاً فعلیاً(6). «لأن الجواب شئ موقوف دخوله في الوجود علی دخول شرطه، والأفعال هي التي تحدث وتنقضي، ویتوقف دخول بعضها علی وجود بعض»(7).

ص: 83


1- يُنظر: في النحو العربي نقد وتوجيه: 289
2- المقتضب: 2 / 346
3- ينظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي: 2 / 354
4- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 58، والمقتضب: 2 / 346، والأصول في النحو: 3 / 179، والتبصرة والتذکرة: 1 / 408، ومعاني النحو: 4 / 59
5- كتاب سيبويه: 3 / 59
6- ينظر: التراكيب الاسنادية، علي أبو المكارم: 175
7- شرح المفصل: 9 / 2، وهمع الهوامع: 2 / 95

وأنَّ جواب الشرط يكون على وجهين أحدهما بالفاء، والآخر بغير الفاء(1).

أي إن كان الجزاء مما يصلح أن يقع شرطاً فلا حاجة إلى رابطة بينه وبين الشرط؛ لأن بينهما مناسبة لفظية من حيث صلاحية وقوعه موقعه، وإن لم يصلح لهُ فلا بد من رابط بینهما، وأولی الأشیاء به الفاء(2). «لأنها تفید السبیة، ولمناسبتها للجزاء في المعنی، إذ معناها التعقیب بلا فصل، کما أن الجزاء یعقب الشرط»(3). ویعلق الدکتور مهدي المخزومي عن ذلك بقوله: «والفاء هنا أداة وصل، أو موصول حرفي یستخدم للقیام بمثل هذه الوظیفة اللغویة کغیرها من أدواة الوصل»(4).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي ورد فیها الشرط قوله:

«وإنْ فَعلَ اللهُ ذلكَ لكم أتؤمنونَ»(5).

إستدلّ الرضّي الاستراباذي بهذا الشاهد على عدم دخول الفاء على جواب الشرط إذ کان مصدّراً بهمزة إستفهام؛ «لان الهمزة من بین جمیع ما یغیّر معنی الکلام، يجوز دخولها كما تقدم على أداة الشرط، فيقدّر تقديم الهمزة على أداة الشرط نحو قولك: إنْ أکرمتك أتکرمني، کأنك قلت أئِنْ أکرمك تکرمني وکقول علي علیه السلام:

«وإنْ فعل اللهُ ذلك لكم أتؤمنونَ»(6).

ص: 84


1- ينظر: التبصرة والتذكرة: 1 / 409، وشرح ابن عقیل: 4 / 344
2- ينظر: شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 5 / 124، والنحو الوافي: 4 / 457
3- التراكيب الاسنادية: 175، ومعاني النحو: 4 / 90
4- ينظر: في النحو العربي نقد وتوجيه: 289
5- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 5 / 124، ونهج البلاغة: 491
6- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 5 / 124

وهكذا ورد جواب الشرط في قول الإمام علي علیه السلام بغیر الفاء، لانه مصدّر بهمزة الاستفهام ومثل ذلك قوله تعإلى:

«أَرَأَیْتَ إِنْ کَذّبَ وَتَوَلَّی * أَلَمْ یعلم بِأَنّ الله یَرَیٰ» [العلق: 13 - 14].

فجواب قوله [إن کذب وتولی] هو [ألم یعلم بأن الله یری](1).

أمّا صاحب الکشاف فقد رأی وجوب الاقتران بالفاء والتقدیر في قوله تعإلی:

«أرَأیْتَ إن کذَّبَ وَتَوَلَّی أَلَمْ یَعْلَم» [العلق: 13 - 14].

إن کذّب وتولی فالله عالم به، أي کنایة عن توعده وتکون جملة «ألم یعلم بأن الله یری» مستأنفة لإنکار جهل المکذّب بأن الله سیعاقبه(2). وتحذف الفاء من جواب الشرط أیضاً اذا کان مضارعاً مجرداً أو مُصَدَّراً بلا؛ ذلك لأنها صالحان للحال والاستقبال نحو قوله تعإلی:

«إن تَدْعُوهُمْ لا یَسْمَعُوا دُعَاءَکمْ»(3) [الفاطر: 14].

فجملة [إن تَدْعُوهُمْ لا یَسْمَعُوا دُعَاءَکُمْ] استئاف مقرر لما قبله(4).

وفي ضوء ما عرضناه یتبین جواز حذف الفاء من جواب الشرط إذا کان مصدراً بهمزة الاستفهام أو اذا کان مضارعاً مجرداً أو مصَدَّراً بلا.

6- نصب الفعل المضارع بأضمار (أن) بعد فاء السببیّة:

ینتصب الفعل المضارع بأنْ المضمرة بعد فاء السببیّة وفاء السببیة حرف

ص: 85


1- ينظر: المصدر نفسه: 5 / 124
2- ينظر: الكشاف: 7 / 312
3- ينظر: شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 5 / 123
4- ينظر: روح المعاني: 16 / 374

عطف يفيد الترتيب والتعقيب مع دلالته على السببیّة(1). قال سيبويه: «اعلم أن ما انتصب في باب الفاء ينتصب على إضمار (أنْ) وما لم ينتصب فإنّه يشرك الفعل الأول فيما دخل فيه أو يكون في موضع مبتدأ ومبني على مبتدأ أو موضع اسم مما سوی ذلك»(2). وقد أتّبع ابن السراج سيبويه في ذلك فقال « أي أن ما ينصب على باب الفاء ينتصب على غير معنى واحد وكل ذلك على أضمار (أنْ) إلاّ أن المعاني مختلفة»(3).

فالفعل المضارع ينتصب بعد فاء السببیّة بشرطين أن تکون نصاً في السبب وأن یتقدمها نفي أو طلب: كالأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني كقوله تعإلى:

«لا یُقْضی عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا» [فاطر: 36].

وكقوله تعإلى: «وَلَا يَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي» [طه: 81].

وهكذا أضمرت أنْ بعد فاء السببية، لأن أنْ مع الفعل بمنزلة الأسم وأن الفعل يكون سبباً للثاني أي من حق الفعل أن ينتصب بعد فاء السببیّة بأن المضمرة(4).

فإن لم تكن الفاء للسببیّة، بل كانت للعطف على الفعل قبلها أو كانت للاستئناف لم ينصب بعدها بأن مضمرة الفعل بل يعرب في الحالة الاولى بإعراب ما عطف عليه، كقوله تعإلى:

«وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ» [المرسلات: 36].

ص: 86


1- ينظر: المفصل: 404، وأسرار العربية: 269، ومغني اللبيب: 1 / 161
2- كتاب سيبويه: 3 / 28، وشرح الرضي علی الکافیة: 5 / 71، وتوضیح المقاصد: 4 / 5
3- الاصول في النحو: 1 / 182
4- ينظر: المحلى في وجوه النصب: 14، ومعاني النحو: 3 / 326، وجامع الدروس: 2 / 177

اي ليس هناك إذن لهم ولا اعتذار منهم، ويرفع في الحالة الثانية كقوله تعإلى:

«إِنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» [يس: 82].

فجملة یکون لیست داخلة في مقول القول بل هي مستأنفة(1).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي ورد في ذلك قوله:

«لا يخرج لكم من أمري رضیً فترضونه، ولاسخط فتجتمعون عليه»(2).

استشهد بهِ للدلالة على أن ما بعد الفاء على القطع والاستئناف وليس في الفاء معنی السببیّة إذ قال الرضي الاستراباذي: «فاء العطف الصِّرف: إمِّا عاطفة للإسم نحو ما کان منك إتیان فحدیث، وإمّا عاطفة للفعل على الفعل نحو ما تأتیَني فتحدثني. فيكون النفي في الموضعين شيئاً واحداً واقعاً على المعطوف والمعطوف عليه معاً، ويجوز أن يكون قول الامام علي علیه السلام:

«لا یخرج لکم من أمری رضیً فترضونه ولا سخط فتجتمعون عليه».

بهذا المعنى»(3).

وهكذا فالرضي الاستراباذي أحتج بأن فاء العطف لا تفيد السببیّة إلّا إذا عطفت جملة على جملة وذا مفقود لأن الجمهور قال: التقدير في نحو زرني فأكرمك ليكن منك زيادة فإكرام مني فعطفوا المصدر المنسبك من أن وصلتها

ص: 87


1- ينظر: شرح الرضّي على الكافية: 5 / 72، وجامع الدروس العربیة: 2 / 177، والنحو الوافي: 4 / 80
2- شرح الرضّي على الكافية: 5 / 72، ونهج البلاغة: 401، والمرادبة: «یعنی أنکم لا تقبلون ممّ أقول لکم شیئاً، سواء کان ممّا یرضیکم أو یسخطکم» ینظر: شرح نهج البلاغة لأبن الحدید: 5 / 169
3- شرح الرضّي على الكافية: 5 / 72

على مصدر متصيد من الفعل السابق فلذلك أدّعی الرضي أنها لمحض السببية وأن ما بعد الفاء مبتدأ محذوف الخبر وجوباً والتقدير عنده زرني فإكرامك ثابت(1). هكذا يتبیّن أن الفعل بعد الفاء له ثلاثة أحوال(2):

1. النصب وذلك إذا قُصد بالفاء السبب.

2. العطف وذلك إذا كان الثاني بمعنى الاول.

3. الاستئناف.

7- النصب بلم:

لح حرف نفي وجزم تنفي الماضي في المعنی نحو «لم یخرج زید»(3). وقد تدخل علی الفعل المضارع لنفیه وجزمه وقلبه ماضیاً نحو قوله تعإلی:

«لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ»[الاخلاص: 3](4).

وقد تُلغى لم فيبطل عملها حيث يبين ذلك المرادي: «أن یکون ملغی لا عمل له فیرتفع الفعل المضارع بعده»(5).

كقول الشاعر(6):

ص: 88


1- ينظر: الكواكب الدریّة على متممة الاجرومية: 482
2- ينظر: معاني النحو: 3 / 327
3- ينظر: حروف المعاني: 8
4- ينظر: الجنى الداني: 266، وشرح التسهيل: 4 / 57، والتوطئه للشلویین: 147، ومغني اللبیب: 3 / 468، والنحو الوافي: 4 / 130
5- الجنى الداني: 267، ومغني اللبيب: 3 / 468
6- البيت من البسيط، وهو بلا نسبةبالخصائص: 1 / 388، والمحتسب: 2 / 42، ولسان العرب: 9 / 136، وتاج العروس: 24 / 35. مادة(ص ل ف)

لَوْ لَا فَوَارِسُ مِنْ ذُهْلٍ وأُسْرَتُهُمْ *** یَوْمَ الصُّلَیفَاءِ لم یُوْفُونَ بالْجارِ

ففي هذا الشاهد رفع الفعل المضارع يوفون بعد (لم) لأنه الغي عملها قال ابن مالك (ت 672 ه-): «إنّ الرفع بعد (لم) لغة قوم من العرب»(1). وقد تترك لم عمل الجزم للفعل المضارع إلی عمل النصب فیه مقرناً هذا الحکم من (لن) لتشابهما في النفي نحو قوله تعإلی:

«أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ» [الانشراح: 1](2).

وقد أختلف القُرَّاء في قراءة هذه الآية إذ قرأها الجمهور «الم نشرحْ» بسكون الحاء لدخول لم عليها. أما أبو جعفر فقرأها (ألم نشرحَ) بفتح الحاء قال ابن جني (ت 392 ه-): حدثنا ابو العباس العروضي، قال سمعت أبا جعفر المنصور یقرأ «الم نشرحَ» بفتح الحاء». وقد رفض ابن مجاهد (ت 324 ه-) هذه القراءة إذ قال: «وهذا غیر جائز أصلاً»(3). وقال الزمخشري (ت 538 ه-) معلقاً علی قراءة (نشرحَ): «لَعَلّهُ بیّنَ الحاءَ وأشبَعها في مخرجها فظنّ السامع أنه فتحَها»(4). وصرحَّ ابن مالك في أول شرح التسهیل أنّ هذه

ص: 89


1- شرح التسهيل: 4 / 58
2- ينظر: توضيح المقاصد: 3 / 273
3- السبعة في القراءات لابن مجاهد: 200
4- الكشّاف: 4 / 266

القراءةَ لغةٌ لبعض العرب إغتراراً بقراءة بعض السلف(1).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي ورد فیها النصب بلم قوله(2):

في أي یشومَيَّ من الموت أفِر *** أيوم لم یُقدَرَ ام یومَ قُدِرْ

إذ استشهد به كثير من النحاة منهم ابن جني(3). وابن عصفور(4). وابن هشام(5). ومن المحدثين الدكتور عبد العال سالم مكرم(6).

فنصب الفعل المضارع یُقْدَرَ بعد لم، ولم يوافق على هذا بعض العلماء فقد ذهبوا إلى ان النصب في الآية والبيت على أن الأصل: نَشرحَنَ، ویقدَرَنَ، ثم حذفت نون التوكيد الخفيفة وبقيت الفتحة دليلاً عليها، وقد اعترض على هذا بأن فيه شذوذين: توكيد المنفي بلم وحذف النون لغير وقف ولاساكنين(7). وقد يكون الأصل يقدرْ بالسكون ثم لمّا تجاورَت الهمزة المفتوحة والراء الساكنة، وقد أجرت العرب الساكن المجاور للمحرك مجری المحرك والمحرك مجری الساکن، إعطاء للجار حکم مجاوره(8).

ص: 90


1- ينظر: شرح التسهيل: 4 / 58
2- الرجز للإمام علي في ديوانه: 79، وحماسة البُحتري: 37 وبلا نسبة في نوادر أبي زيد: 13، والخصائص: 3 / 94
3- ينظر: المحتسب: 2 / 366
4- ينظر: شرح جمل الزجاجي: 3 / 216
5- ينظر: مغني اللبيب: 3 / 468
6- ينظر: القراءات القرآنية وأثرها في الدراسة النحوية: 163
7- ينظر: شرح التسهيل: 4 / 58، واعراب القراءات الشواذ: 2 / 723، وشرح جمل الزجاجي: 3 / 216، ومغني اللبیب: 3 / 468، والقراءآت القرآنیة وأثرها في الدارسة النحویة: 163
8- ينظر: مُغني اللبیب: 2 / 468

ومن الممكن أن يخرج ما نصب من الفعل المضارع بلم على أنه من قبيل الاتباع عن طریق نقل حرکة المتحرك إلى الساكن قبله مباشرة من كلمة أُخری فقراءة أبي جعفر المنصور «ألم نشرحَ» بفتح الحاء إتباعاً لفتحه اللام بعدها وربما کانت أیضاً إتباعاً للمفتوح قبلها ففتحها إذاً فتحة إتباع ولیس فتحة إعراب ولا بناء(1).

ويبدو أنّ تحريفاً حصل في النقل للنصوص، إذ إنَّ الإبدال واردٌ بين الميم واللاّم فصوت الميم شفوي أنفي مجهور(2)، والنون صوت أسناني لثوي أنفي مجهور؛ لذلك الإبدال يكون وارداً بين الصوتين(3).

ثانیاً: الحروف:

1- أن المخففة:

وهي إحدی نواصب الفعل المضارع قال سیبویه: «إعلم أنَّ هذه الأفعال لها حروف تعمل فیها فتنصبا لا تعمل في الأسماء وهي (أنْ) وذلك قولك (أرید أنْ تفعل»)(4). وأن المخفّفة تعمل ظاهرة ومضمرة وتسمی أمّ الباب(5). وأن یدل العامل في أن المخففة علی العلم أو الیقین أي «أنّ (أنْ) المخففة من الحروف

ص: 91


1- ينظر: اختلاف اللهجات على المستوی الترکیبي «کتاب توضیح المقاصد والمسالك للمرادي نموذجاً»: محمد عبد الرحمن محمد، مجلة جامعة جازان - للعلوم الانسانیة، المجلّد 2، العدد 21، رجب، 1434ه-
2- ينظر: علم اللغة العام (الأصوات)، كمال بشر: 130
3- من محاضرات د. رافد مطشر سعيدان، على طلبة الماجستير في مادّة القراءات واللهجات للعام الدراسي 2013 - 2014
4- كتاب سيبويه: 3 / 5، والمقتضب: 2 / 621، والجنی الداني: 215
5- ينظر: الجنى الداني: 216

المصدرية، فإذا قيل أن المصدرية فاللفظ صالح ل- (أن) الناصبة للفعل ول- (أنْ) المخففة العامل فیها فعل علم»(1). وقد تقع أن المخففة بعد لفظ دال علی معنی غیر الیقین وتکون أمَّا في موضع رفع نحو قوله تعإلی:

«وَعَسَی أنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً» [البقرة: 216].

أو في موضع نصب كقوله تعإلى:

«یَقُولُونَ نَخْشیٰ أنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ» [المائدة: 52](2).

وهكذا فإن الداخلة على لفظ غير دال على اليقين تكون في موضع رفع أو في موضع نصب ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت فیها (أنْ) مخففة قوله:

«وددتُ أنْ أخي فلاناً کان حاضراً»(3).

استدل به الرضّي الاستراباذي عند تناوله لنصب الفعل المضارع إذ يری سیبویه انه یضعف أن یقال: «أرجو أنك تفعلُ» و«أطمع أنك فاعلٌ»(4). ووافقه الزمخشري في ذلك فقال: «إنَّ الفعل الذي یدخل علی أن المفتوحه مشددة کانت او مخففة یجب أن یشاکلها في التحقیق»(5).

ص: 92


1- المصدر نفسه: 216
2- ينظر: مغني اللبيب: 1 / 184، وشرح ابن عقیل: 4 / 35، وتوضیح المقاصد: 3 / 471، ومعاني النحو: 3 / 292
3- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 5 / 28، ونهج البلاغة: 91، والروایة فیه: (وددتُ أن أخي فلاناً کان شاهداً
4- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 190
5- المفصل: 384

وبعد أن اورد الرضي الاستراباذي هذين الرأيين ردّ رأي الزمخشري إذ قال:

«وفيه نظر لقوله:

ودِدْتُ وما تُغْنِي الوِدَادَةُ أنَّني *** بما في ضَمیرِ الحاجِبیِّةِ عالِمٌ(1)

وفي نهج البلاغة «وددت أنْ أخي فلاناً کان حاضراً»، و كذا في تعليل المصنف للمنع من ذلك بقوله: لو قلت: أتمنى أنك تقوم لكان كالمتضاد، قال: لأن التمني يدل على توقع القيام، و »أنّ» تدل علی ثبوت خبرها وتحققه، وذلك لأنا لا نسلم أن «أنّ» دال علی ثبوت خبره وتحققه، بل علی أن خبره مبالغ فیه مؤکد: فیصح أن یثبت هذا المؤکد نحو قولك: تحقق أنك قائم، وأن ینفي نحو قولك لم یثبت أن زیداً قائم، وأنا شاكٌ في أنه قائم، ولو کان بین معنی التمني ومعنی «أنَّ» تناقیاً، أو کالتنافي لم یجز: لیت أنك قائم»(2).

2- کأن المخففة:

من الحروف المشبهة بالفعل قال سیبویه: «هذا باب الحروف الخمسه التي تعمل فیما بعدها کعمل الفعل فیما بعده»(3). وحكمها أنها تدخل على المبتدأ والخبر فتنصب الأول ويسمى أسمها وترفع الآخر ويسمى خبرها نحو «کأنَّ العلمَ نورٌ»(4). ومعنی (کأنَّ) التشبیه المؤکدُ لأنها في الأصل مرکبة من (أنّ) التوکیدیة وکاف التشبیه فأصل «کأنَّ زیداً الأسد» «إنَّ زیداً کالأسد»(5).

ص: 93


1- البيت لكثير عزّة، ديوانه: 199
2- شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 5 / 28
3- كتاب سيبويه: 2 / 148
4- ينظر: جامع الدروس العربية: 2 / 328، والأسالیب الإنشائیة في النحو: 55
5- ينظر: المقتضب: 4 / 393، والمفصل: 390، وشرح الرضي علی الکافیة: 6 / 131، وارتشاف الضرب: 3 / 1240

وقد تخفف كأنَّ وحكمها في التخفيف كحكم (أنَّ) إذ يجب إعمالها، ووجب أن يكون اسمها ضمير الشأن المحذوف(1). وهكذا فكأنّ تخفف حملاً على أن المفتوحة فيكون منصوبها ضمير شأن نحو:

وصَدْرٍ مِشْرق النَّحْرِ *** کَأنْ ثدیاهُ حُقَّانِ(2)

قال الأخفش الأوسط (ت 215 ه-): «أي کأنَّهُ ثدیاهُ حقان، وقال بعضهم (کأن ثدییه) فخففهما واعملها ولم یضمر فیها کما قال قال تعإلی:

«إِنْ ﻛُﻞُّ غَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ» [الطارق: 4].

اراد معنى الثقيلة فأعملها كما يعمل الثقيلة ولم يضمر فيها»(3).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت فیها (کأنَّ) مخففة قوله:

«کأنْ قد وَرَدَتِ الاظغانُ»(4).

استدلّ الرضي الاستراباذي بقول الإمام علیه السلام للدلالة علی مجيء الجملة الفعلیة بعد (کأن) المهملة(5). وهکذا عندما تخفف (کأنْ) یصح دخولها علی الجمل إسمیة کانت أم فعلیة، فإ« کانت إسمیة لم تحتج إلی فاصل بینهما وبین

ص: 94


1- ينظر: شرح التسهيل: 1 / 275، وشرح ابن عقیل: 1 / 141
2- البيت قائله مجهول ويروی ووجهٌ مشرق النحر. من شواهد سیبویه: 1 / 141، واوضح المسالك: 1 / 152، وشرح ابن عقیل: 1 / 141
3- معاني القرآن للأخفش: 1 / 369
4- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 6 / 132، ونهج البلاغة: 626، والاظعان في قوله: «الجمال علیها الهوادج أي وصل المسافرون إلی نهایة سفرهم وهو الآخرة». مصادر نهج البلاغة واسانیده، عبد الزهراء الحسیني: 3 / 144
5- ينظر: شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 6 / 132

کأن كقول الشاعر(1):

عَبَأتُ له رُمْحاً طویلاً وألَةً *** کأنْ قَبَسٌ تُعْلی بها حین تشرَعُ

فقد جاء هنا بعد كأنَّ جملة اسمية خبراً لها وأسمها ضمير شأن(2).

اما اذا كانت الجملة التي تدخل عليها (كأنْ) المخففة فعلية وجب الفصل بينها وبين الجملة الواقعة خبراً ويكون الفصل اما بقد نحو قول النابغة الذبياني(3):

أفِدَ التَّرحَّلُ غَیْرَ أنّ رِکَابَنَا *** لَّما تَزُلْ بِرِحَالنَا وکأنْ قدٍ

أي وكأن قد زالت بها فحذفت الجملة الواقعة خبراً لكأنْ وفصل بينها بقد(4). وقد يكون الفصل ب- (لم)(5). كقوله تعإلى:

«کَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ» [یونس: 24].

فخففت «کأنْ» هنا ودخلت علی الجملة الفعلیة وفصل بینها وبین الفعل تَغْنِ بلم ومثل ذلك ایضاً قوله تعإلی:

«کَأَنْ لَمْ یَدْعُنَا إِلَیٰ ضُرٍّ مَسّهُ» [یونس: 12].

ص: 95


1- البيت لمجمع بن هلال ديوانه: 401، من شواهد الإنصاف: 1 / 203، والحامسة في شرح المرزوقی: 718
2- ينظر: شرح الرضيّ على كافية ابن الحاجب: 6 / 133
3- ينظر: ديوانه: 89
4- ينظر: شرح الرضّي على كافية ابن الحاجب: 6 / 132، وشرح ابن عقیل: 1 / 141، وجامع الدروس العربیة: 2 / 328
5- ينظر: شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 6 / 133

قال الطوسي (ت 460 ه-): «وکأن هي المخففة من الثقیلة، وتقدیره: کأنَّه لم یدعنا»(1). وفي ضوء مآ عرضناه یتبین إذا خففت (کأنْ) تدخل علی الجملة الفعلیة کما في قول الإمام علي علیه السلام وتدخل ایضاً علی الجملة الاسمیة.

3- زیادة الباء:

من حروف الجر والمعنى الرئيس لها هو الألصاق وقد ذكر لها معان أخری أیضاً تحمل هذا المعنی. قال سیبویه: «انما هي للإلزاق والاختلاط، وذلك قولك خرجت بزید ودخلت به وضربته بالسوط، الزقت ضربك إیّاه بالسوظ فما اتسع من هذا في الکلام فهذا أصله»(2). والإلصاق ضربان حقیقي نحو «أمسکنُ الحبل بیدي» ومجازي نحو «مررتُ بزید»(3). ومن معانیها ایضاً الإستعانة «وهي الداخلة علی آلة الفعل نحو «قطعت بالسکین» و«کتبتُ بالقلم»»(4). وقد تأتي الباء للمصاحبة کقوله تعإلی:

«وَقَدْ دَخَلُوا بِالْکُفْرِ» [المائدة: 61](5).

فالباء في قوله (بالكفر) للملابسة(6).

وقد تأتي الباء أیضاً للتعدیة وأکثر ما تُعدَّي الفعل القاصر، تقول في «ذَهَبَ

ص: 96


1- التبيان: 5 / 314
2- كتاب سيبويه: 2 / 304
3- ينظر: الجنى الداني: 36، ومغني اللبيب: 2 / 170، وشرح المفصّل لأبن یعیش: 2 / 22
4- المقتضب: 1 / 39، والأصول في النحو: 1 / 53، وشرح المفصّل لأبن یعیش: 2 / 22، والجنی الداني: 37
5- ينظر: مغني اللبيب: 2 / 171، وحروف المعني للزجاجي: 48، ومعاني النحو: 17
6- ينظر: روح المعاني: 5 / 45

زیدٌ»، ذهبتُ بزید، وأذهبتهُ، ومنه قوله تعإلی:

«ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ» [البقرة: 17].

فهذا المعنى مختص بالباء(1).

وتدل الباء أيضا على الظرفية(2) كقول الشاعر(3):

مَا بُکاءُ الکَبِیرِ بالْأَطْلالِ *** وسُؤالي وَمَا یُرَدُّ سُؤالي

فالباء في هذا الشاهد للظرفية اي في الأطلال وهكذا تعددت معاني الباء فتدل على معانٍ كثيرة وقد تأتي الباء زائدة وهي أكثر حروف الجر زيادة.

ومن أقوال الإمآ» علي علیه السلام التي وردت فیها الباء زائدة قوله:

«لا خیرَ بخير بعدَهُ النَارُ»(4).

استدلَّ الرضي الاستراباذي به على زيادة حرف الجر الباء في خبر (لا التبرئة) اذ قال: «وزائدة في النفي بليس نحو ليس زيد براكب، وبما، نحو ما زید براکب، وقیل بلا التبرئة ایضاً نحو «لا خیرَ بخیر بعده النار»»(5).

فالباء في قوله علیه السلام وردت زائدة في خبر لا التبرئة. وقد یکون موضع بعده

ص: 97


1- ينظر: شرح الرضيّ على كافية ابن الحاجب: 6 / 26، ومغني اللبیب: 2 / 171، وهمع الهوامع: 2 / 334
2- ينظر: شرح الرضي على الكافية: 6 / 26، ومغني اللبیب: 2 / 173
3- البيت للأعشى، ديوانه: 295
4- شرح الرضيّ على الكافية: 6 / 27، ونهج البلاغة: 800 والروایة فیه: (ماخیرٌ بخیر بعدَهُ النارُ
5- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 6 / 27

النار جر؛ لأنه صفة خير المجرور ويكون معنى الباء معنى (في) نحو زيد بالدار وفي الدار وتقدیر الکلام «لا خیر في خیر نعقبه النار»(1). وهکذا فالباء تزاد في النفي والإثبات(2). وفي ضوء ذلك یتبین أُنَّ الباء تأتي زائدة في مواطن کثیرة.

4- ما المصدریة:

تُعد ما المصدرية إحدی أشهر الموصولات بالعربیة، تدخل علی الفعل ماضیاً کان أو مضارعاً وتؤول مع فعلها بمصدر صریح یعرب بحسب موقعه في الجملة(3). واختلف النحاة في حقیقة (ما) هذه وتأصیلِها أ هی إسم أم حرف؟ فذهب سیبویه (ت 180 ه-)(4)، وجمهور النحاة(5)، إلی أنها حرف فلا یعود علیها ضمیر من صلتها(6). وما المصدریة إذا کانت حرفاً لم تحتج إلی العائد فتقدیر قوله تعإلی:

«وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ یُنفِقُونَ» [البقرة: 3].

«من رزقهم ینفقون»(7).

اي لم یعد ضمیر علیها وهذه احد الدلائل البیّنة أنَّ (ما) المصدریة حرف

ص: 98


1- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 1 / 394
2- ينظر: معاني النحو: 3 / 17
3- يُنظر: المصدر نفسه: 3 / 136
4- ينظر: كتاب سيبويه: 1 / 476
5- ينظر: شرح جمل الزجاجي لإبن عصفور: 2 / 457، شرح المفصل لإبن یعیش: 8 / 142، واجني الداني: 332
6- ينظر: كتاب سيبويه: 1 / 476
7- ينظر: البغداديات: 277

وليس باسم. وذهب الأخفش الأوسط (ت 215 ه-)(1)، والمبرِّد (ت 285 ه-)(2)، وابن السراج (ت 316 ه-)(3). إلى انها اسم. فتفتقر إلى ضمير فإذا قلت: يعجبني ما صنعت، فتقدیره عند سیبویه: «یعجبني صُنْعُك»، وعند الأخفش الأوسط الصُنْع الذي صنعته(4). وما المصدریة تکون وقتیة وهي التي تقدر بمصدر نائب عن ظرف الزمان کقوله تعإلی:

«خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرض» [هود: 107](5).

فما في قوله تعإلى: «مادامت» مصدریة ظرفیة اي: مدة دوام السماوات والأرض(6). وقد تکون غیر وقتیة: «وهي التي تقدر مع صلتها بمصدر نحو قوله تعإلی:

«وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ» [التوبة: 25](7).

فما في قوله [بما رحبت] مصدرية، والباءبمعنى مع أي مع رحبها(8).

ص: 99


1- ينظر: شرح المفصل لإبن يعيش: 8 / 142، وشرح الرضي علی کافیة إبن الحاجب: 6 / 213، ومُغني اللبیب: 4 / 60، وإرتشاف الضرب: 2 / 993
2- ينظر: المقتضب: 2 / 54
3- ینظر: الأصول في النحو: 2 / 109
4- ينظر: الأصول في النحو: 2 / 109، والجنی الداني: 332، وشرح جمل الزجاجي لابن عصفور: 2 / 457، ومغني اللبیب: 4 / 60
5- ينظر: الجنى الداني: 330 ، ومعاني النحو: 3 / 135
6- ينظر: البحر المحيط: 6 / 456
7- ينظر: الجنى الداني: 6 / 456
8- ينظر: الكشاف: 2 / 410

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت فیها ما المصدریة قوله:

«بَقوُا في الدُّنْیا ما الدُّنْیا باقیة»(1).

احتج الرضي الاستراباذي بهذا الشاهد عند تناوله صلة (ما) المصدرية، فأورد رأي سيبويه الذي يذهب فيه إلى ان صلة (ما) المصدرية لا تكون الا فعلية(2).

ويذهب غيره إلى جواز مجيئها اسمية(3). وبعد أن اورد الرضي الاستراباذي الرأیین مال إلی الراي الثاني اذ قال: «وصلة ما المصدرية لا تكون عند سيبويه الا فعلیة، وجوز غیرهُ أن تکون اسمیة ایضاً، وهو الحق وإن کان ذلك قلیلاً کما ورد في نهج البلاغة «بقوافي الدُّنْیَا مَا الدُّنْیَا بَاقِیَة» وقال الشاعر(4):

أعَلاقَةً أُمَّ الوَلِید بَعْدَمَا *** أفْنانُ رأْسِكَ کآلثُغُام المُخْلِسِ»(5).

ففي هذا الشاهد وردت ما المصدرية صلتها اسمية خلافاً لسيبويه فإنه جعل ما كافة(6). وفي ضوء ما عرضناه يتبين ان ما المصدرية اما ان تكون صلتها اسمية او تكون فعلية.

ص: 100


1- نهج البلاغة: 159، وشرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 6 / 213، ومعاني النحو: 3 / 136
2- ينظر: كتاب سيبويه: 1 / 183، و 2 / 139
3- ينظر: المقتضب: 2 / 54 - 55، وشرح ابن عقیل: 1 / 133، ومغني اللبیب عن کتب الاعاریب: 4 / 74
4- البيت للمرار الفقعسي ديوانه: 201 وهو من شواهد كتاب سيبويه: 1 / 60، وابن الشجري: 2 / 242 والمغني: 2 / 10، والمقتضب: 2 / 53
5- شرح الرضيّ على كافية ابن الحاجب: 6 / 213
6- يُنظر: المصدر نفسه

الفصل الثاني المستوی الصرفي في أقوال الإمام علي علیه السلام

اشارة

ص: 101

ص: 102

المبحث الأول: أبنیة الأسماء

أولاً: المصادر:

اشارة

یُعدُّ المصدر هو الأصل في الدلالة على الحدث أي هو الأسم الذي يدلُّ على الحدث الجاري على الفعل المجرد من الزمان وإنْ كان الزمان من ملازماته وضروریاته(1). والمصدر عند سیبویه: «الحدث والحدثان والفعل»(2). وقد یکون المصدر هو الذي صدرت عنه الأفعال وأشْتُقَّت منه(3). وقد قیل: إن المصدر لیس بفعل محض، إذْ لو کان فعلاً محضاً لا تنفی عنه التنوین، ولو کان أسماً محضاً لثُنّي وجُمِعَ، وسُمِّي مصدراً لصدوره عن الفعل الماضي، ولتوسطه في الصرف مکان المصدر من الجسد(4). وهکذا فالمصدر یدل علی الحدث.

أبنیة المصادر:

إنَّ أبنیة الفعل ثلاثیة، ورباعیة، وخماسیة، وسداسیة ولکل بناء منها مصدره.

ص: 103


1- ينظر: شرح المفصل: 1 / 113
2- كتاب سيبويه: 1 / 189
3- ينظر: الأصول في النحو: 1 / 76
4- ينظر: دقائق التصريف، لأبن للمؤدّب: 44

وفيما يأتي أبنية المصادر التي وردت في أقوال الإمام علي علیه السلام:

أولاً: ما جاء علی مبنی (فَعَلان) الدَال علی الحرکة والاضطراب.

إِنَّ هذا البناء يدل على الاضطراب و التحرك والتقلب(1). ومن أقوال الإمام علیه السلام التي جاءت علی هذا الوزن في کتب اللغة:

1. المَیَدان: کقوله:

«فسکنت من المَیَدان لِرُسُوب الجبال»(2).

فالمَیَدان مصدر مادَ یَمِیدُ وهو بمعنی الاضطراب(3).

وهکذا فالمَیَدان هنا جاء مصدراً دال علی الاضطراب للفعل الثلاثي مَادَ علی وزن (فَعَل).

2. زَیَفان: کقوله:

«بعد زَیَفان وثباته»(4).

فالزَیَفان مصدر دال علی الحرکة من الفعل الثلاثي زَیَف علی وزن (فَعَل) وهو التَّبَخْترُ في المَشْي(5).

ص: 104


1- ينظر: كتاب سيبويه: 2 / 216
2- نهج البلاغة: 133، خطبة: 90، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 828، ولسان العرب: 3 / 411 مادة (مید)، وتاج العروس: 27 / 238 مادة (مید)
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 828، ولسان العرب: 3 / 411 مادة (مید)
4- نهج البلاغة: 132 خطبة: 91، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 816، ولسان العرب: 9 / 142 مادة (زیف)، وتاج العروس: 13 / 59 مادة (زیف)
5- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 816

وهکذا فهذه أقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءن علی وزن فَعَلان.

ثانیاً: ما جاء علی مبنی (إِفعَال)

إنَّ مصدر الفعل الثلاثي المزید بهمزة قطع یأتي علی (إِفعال) ومن أقوال الإمام علیه السلام التي جاءت علی زنة هذا المصدر:

1. إثْخَان:کقوله:

«أوطائکم إثْخَانُ الجِراحة»(1).

فإثْخَان مصدر للفعل الثلاثي المزید بهمزة قطع (أثخن) والإثخان في کلِّ شيء قوَّتُه وشدَّتُه. ورجل أثخنته الجِراحة أوهنته(2).

2. الإسهَاب: کقوله:

«وضُرِب علی قلبه بالإسهاب»(3).

فالإسهاب مصدر للفعل الثلاثي المزید بهمزة قطع (أَسْهَبَ) علی وزن أفعل والمراد به «ذهاب العقل»(4).

ثالثاً: ما جاء علی وزن (تَفْعِیل)

ص: 105


1- نهج البلاغة: 373، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 589، ولسان العرب: 13 / 77 مادة (ثخن)
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 589، ولسان العرب: 13 / 77 مادة (ثخن)
3- نهج البلاغة: 50 والرواية فيه: «أو ضِرُبَ علی قَلْبِهِ بالأسْدَادِ»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر 2 / 1042، ولسان العرب: 1 / 475 مادة (سهب)، وتاج العروس: 15 / 594 مادة (سهب)، ومجمع البحرین للطریحي: 2 / 61
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 1042

ویکون مصدراً لکل فعل علی وزن (فَعَّل) قال سیبویه: «أما فَعَّلتُ فالمصدر منه علی التفعیل، جعلوا التاء التي في أوله بدلاً من العین الزائدة في فَعَّلْتُ، وجعلوا الیاء بمنزلة الف الأفعال فغیروا أوله کما غیروا آخره، وذلك في قولك کسَّرتُه تکسیراً، وعذَّبته تعذیباً»(1). ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءت علی هذا البناء في المعجمات اللغویة:

1. تَلْخِیص: کقوله:

«أنه قعد لِتَلْخِیص ما الْتبَس علی غیره»(2).

فتلخیص مصدر للفعل الثلاثي المضعف لخَّص علی وزن (فعَّل) والمراد به: «التَّقریب والاخْتِصار إذ یقال: لَخّصْتُ القَولَ أي اقتصرت فیه واختصرت منه ما یحتاج الیه»(3).

2. تَهْزِیع: کقوله:

«إیاکم وتَهْزِیع الأَخلاقِ وتَصَرُّفَها»(4).

فتهزیع مصدر للفعل الثلاثي المضعف هزّع علی وزن (فعّل) ویدل علی التّفریق والتکسیر(5).

ص: 106


1- كتاب سيبويه: 4 / 83
2- نهج البلاغة: 39 والرواية فيه : «جَلَسَ بین النَّاس قاضِیاً ضامِناً لِتلْخِیص ما التَبسَ علی غَیرْه» وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 36، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 464، ولسان العرب: 7 / 86 مادة (لخص)، وتاج العروس 28 / 529 مادة (لخص) ومجمع البحرین: 7 / 110
3- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 264، ولسان العرب: 7 / 86 مادة (لخص)
4- مسند الإمام علي علیه السلام: النهایة في غریب الحدیث والأثر: 25 / 603، ولسان العرب: 8 / 370 مادة (هزع)، ومجمع البحرین للطریحي: 4 / 279
5- ينظر: لسان العرب: 3 / 10 : 8 / 370 مادة (هزع)

3. التَشْرِیع: کقوله:

«إنّ أَهوَنُ السَّقي التشریعُ»(1).

فالتشريع مصدر الفعل الثلاثي المُضَعَّف (شَرَّع) على وزن (فَعَّل).

4. تَشْرِیق: کقوله:

«لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع»(2).

فالتّشريق مصدر الفعل الثلاثي المُضَعَّف (شَرَّق) على وزن (فَعَّل) والمراد به: «صاةَ العِید وإنّما أُخِذَ من شروق الشمس لأنّ ذلك وقتُها»(3).

5. تَصْوِیح: کقوله:

«فبادِرُوا العِلم قبل تَصْویح نَبْتِه»(4).

فتصویح مصدر الفعل الثلاثي المُضَعَّف (صَوَّح) علی وزن (فَعَّل) إذ یقال:

«صَوَّحَ النباتُ إذا یبِس وتَشَقَّق»(5). وهکذا فهذه أقوال الإمام علیه السلام التي

ص: 107


1- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 4، وجمهرة اللغة: 1 / 396، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 477، والنهایة في غریب الحدیث ووالأثر: 2 / 1141، ولسان العرب: 8 / 175 مادة (شرع)، وتاج العروس: 17 / 339 مادة (شرع)
2- مسند الإمام علي علیه السلام: 3 / 6، والروایة فیه: «لا جماعة ولا تشریق»، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 452، وتهذیب اللغة: 3 / 137 مادة (شرق)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 1143، ولسان العرب: 10 / 173 مادة (شرق)، وتاج العروس: 17 / 399 مادة (شرق)
3- لسان العرب: 10 / 373 مادة (شرق)
4- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 7 / 36، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 121، ولسان العرب: 2 / 519 مادة (صوح)
5- لسان العرب: 2 / 519 مادة (صوح)

جاءت علی وزن (تَفْعیل).

رابعاً: ما جاء علی مبنی (فَعْلَلَة)

إنَّ صیغة (فَعْلَلَة) تأتي مصدراً لکل فعل رباعي علی وزن (فَعْلَلَ)(1) ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءت علی هذه الزنة:

1. وَعْوَعَة: کقوله:

«وأنْتم تَنْفِرُون عنه نُفُور المِعْزَی من وَعْوَعَةِ الأسد»(2).

فوَعْوَعَة مصدر للفعل الرباعي المجرد وَعْوَع، والمراد بوَعْوَعة الأَسَدِ صَوْتهُ(3).

2. بَرْبَرة: کقوله:

«قاموا لهم تَعَذمُر وبربَرة»(4).

فبَرْبَرة مصدر للفعل الرباعي المجرد بَرْبَر والمراد به: «التّخلیط في الکلام في غضبٍ ونفور»(5).

3. جَذْعَمة: کقوله:

ص: 108


1- ينظر: شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 1 / 163
2- نهج البلاغة: 194، خطبة: 131، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 455، ولسن العرب: 4 / 401 مادة (وعوع)، وتاج العروس: 37 / 208 مادة (وعوع)
3- ينظر: لسان العرب: 8 / 401 مادة (وعوع)
4- نهج البلاغة: 201، وغريب الحديث لأبن قتيبة: 1 / 371، وتهذیب اللغة: 3 / 114 مادة (برر)، ولسان العرب: 4 / 51 مادة (برر)
5- ينظر: لسان العرب: 4 / 51 مادة (برر)

«مات والله أبو بكرٍ وأنا جَذْعمة»(1).

فجَذْ عَمَة مصدر للفعل الرباعي المجرد جذْ عَمَ به وأنا جَذ عٌ أي حدیثُ السِّنِّ(2).

4. السَنْدَرة: کقوله:

«أکیلکم بالسّیفِ کیل السًّندرة»(3).

فالسَندرة مصدر للفعل الرباعي سَنْدَرَ.

5. مَضْمَضة: کقوله:

«ولا تذوقوا النّومَ غِراراً او مَضْمَضة»(4).

فمَضْمَضَة مصدر للفعل الرباعي المجرد مَضْمَض والمراد به: «أي لّما جعل للموت ذوقاً أمرهم الّا ینالوا منه إلا بألسِنَتِهم ولا یُسِیغوه فشبَّهه بالمَضْمَضة بالماء وإلقائه من الفم من غیر أبْتلاع»(5).

ص: 109


1- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 103، وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 363، وتهذیب اللغة: 1 / 105 مادة (جذع)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 714، ولسان العرب: 12 / 90 مادة (جذعم)، وتاج العروس: 5 / 5146
2- ينظر: تهذيب اللغة: 1 / 105 مادة (جذع)، ولسان العرب: 12 / 90
3- ديوان الإمام علي علیه السلام: 53، وتهذیب اللغة: 2 / 69 مادة (سندر)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 1017، ولسان العرب: 4 / 382 مادة (سندر)، وتاج العروس: 1 / 2668 مادة (سندر)
4- نهج البلاغة: 388 والروایة فیه: «ولا تَذُوقُو النَّوْمَ إلّا غِراراً او مَضْمَضة»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 729
5- النهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 729، ولسان العرب: 7 / 231 مادة (مضض)

وهکذا فهذه الأقوال التي ذکرناها جاءت علی وزن (فَعْلَلَة).

خامساً: ما جاء علی مبنی (افْتِعَال)

إن افْتِعَال هي صیغة المصدر من أفتَعَلَ الثلاثي المزید بهمزة الوصل قبل فائه وبالتاء بعدها، أي ان مصدره بزنة فعله مع کسر ثالثة وزیادة الف قبل آخره نحو احْتَفَلَ احْتِفال(1). ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت علی زنة هذا المصدر في کتب التراث اللغوي:

1. اعْتِرَام: کقوله:

«علی حین فترة من الرسل واعْتِرَامٍ من الفتن»(2).

فاعْتِرَام مصدر للفعل الثلاثي المزید بحرفین (اعْتَرَم) علی وزن (افْتعل).

2. اقْتِساراً: کقوله:

«مربون إقْتِسَاراً»(3).

فالأقْتِسَار مصدر للفعل الثلاثي اقتسر علی وزن افْتَعَل أي ثلاثي مزید بحرفین قال ابن الأثیر: «الاقْتِسَار: افْتِعَال من القَسْر وهو القَهْر والغَلَبة»(4).

وهكذا فهذه أقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءت علی زنة هذا المصدر واستدل

ص: 110


1- ينظر: شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 1 / 145
2- نهج البلاغة: 119، خطبة: 89، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 448، ولسان العرب: 12 / 394 مادة (عرم)
3- نهج البلاغة: 103 خطبة: 82، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 91، ولسان العرب: 5 / 91 مادة (قسر)، ومجمع البحرین: 5 / 491
4- النهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 91، ولسان العرب: 5 / 19 مادة (قسر)

بها اللغويون لتعضيد ما يذهبون اليه.

سادساً: ما جاء علی مبنی (أفْعِلاَل)

يكون مصدر (إِفعلَّ) أفْعِلال أَي بزنة فِعله مع كسر ثالثة وزيادة الف قبل آخره. نحو (احْمَرَّ أحْمِراراً وأخضرَّ أخْضِرَاراً)(1). وقد ورد في المعجمات قول واحد للإمام علیه السلام علی زنة ها المصدر:

-أدْهِمَام: کقوله:

«لم یمنع ضوءَ نُورِها أَدْهِمَامُ سَجْفِ اللیل المُظْلم»(2).

فالأدهِمامُ جاء على وزن (أَفْعِلَال) وهو مصدر للفعل أدهمّ على وزن (افعل) قال ابن الأثیر: «الأدْهِمامُ مصدر ادْهَمَّ أي اسوّد»(3)

ثانیاً: أبنیة المشتقات

أولاً: أسم الفاعل
اشارة

له تعريفات عدّة في كتب النحو والصرف إذ أشار له سيبويه في مواضع عدة من کتابه کقوله: «هذا ما جری في الاستفهام من أسماء الفاعلین والمفعولین مجری الفعل کما یجري لغیره مجری الفعل»(4). أمَّا ابن السراج فذُکرِ أنّ «أسم الفاعل الذي یعمل عمل الفعل هو الذي یجری علی فعله ویطرد القیاس

ص: 111


1- ينظر: الرائد في علم الصرف، شعبان عوض العبيدي: 100
2- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 8 / 173 والروایة فیه ادلهمام ولیس ادهمام، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 358، ولسان العرب: 12 / 309 مادة (دهم)
3- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 358
4- كتاب سيبويه: 1 / 108، 4 / 5

فیه»(1).

وهكذا فاسم الفاعل أسم مشتق يدل على معنى مجرد وفيما يأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت في المعجمات على أوزان اسم الفاعل.

إنَّ أوزان اسم الفاعل الواردة في أقوال الإمام علي علیه السلام على قسمين، الأول:

من الفعل الثلاثي المجرد وهي على وزن فاعل، والثاني من الفعل غير الثلاثي.

أ- من الفعل الثلاثي:

إنّ للفعل الثلاثي المجرّد ثلاثة أوزان هي (فَعَل) المفتوح العين، و(فَعِلَ ) المكسور العين، و(فَعُل) المضموم العين ومن أمثلة اسم الفاعل التي جاءت من الفعل الثلاثي:

1. مارِق: كقوله:

«إن من البيض ما يكون مارِقاً»(2).

فمَارِقاً اسم فاعل من الفعل الثلاثي المجرد مَرَق على وزن (فَعَل) مفتوح العین أي «مقیس في کل فعل علی وزن فَعَل»(3).

ومارِقاً تدل علی الشيء الفاسد إذ یقال مَرقَتِ البَیْضَةُ إذا فَسَدتْ(4).

2. نافجاً: کقوله:

ص: 112


1- الأصول في النحو: 1 / 122
2- مسند الإمام علي علیه السلام: 10 / 123، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 6784، ولسان العرب: 10 / 340 مادة (مرق)، وتاج العروس: 35 / 6583 مادة (مرق)
3- شرح ابن عقيل: 3 / 134
4- ینظر: لسان العرب: 10 / 340 مادة (مرق)

«نافجاً حِضْنَیْهِ»(1).

فنافجاً اسم فاعل من الفعل الثلاثي المجرد نَفَجَ على وزن (فَعَل) وهو مقيس أيضاً كما تقدم ويدل على الرفع والتوسعة(2). وكنى به الإمام علیه السلام عن التعاظم والتفاخر(3).

3. الواغِل: کقوله:

«المتعلق بها کالواغل المُدفّع»(4).

فالواغل اسم فاعل من الفعل الثلاثي المجرد وَغِل على وزن (فَعِل) وهو مقيس والمراد به هو الذي يهجم على الشُّرَّاب ليشرب معهم وليس منهم فلا یزال مُدَفّعاً بینهم(5). کقول امريء القیس(6):

فَالیَوْمَ أُسْقَی غَیرَ مُسْتَحْقِبٍ *** إثْماً من الله ولا واغِلِ

1. قارِب: کقوله:

«وما کنت إلاّ کقارِب وَرَد وطالِبٍ وَجَد»(7).

ص: 113


1- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 11 / 25، ولسان العرب: 2 / 381 مدة (نفج)، وتاج العروس: 36 / 524 مادة (نفج)
2- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 5 / 199
3- ينظر: لسان العرب: 2 / 381 مادة (نفج)، وتاج العروس: 36 / 1524 مادة (نفج)
4- نهج البلاغة: 438، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 460، ولسان العرب: 11 / 731 مدة (وغل)
5- ینظر: النهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 46، ومنهاج البراعة للراوندي: 3 / 223
6- ينظر: ديوانه: 134
7- نهج البلاغة: 238، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 53، ولسان العرب: 1 / 666 مادة (قرب)، وتاج العروس: 24 / 846 مادة (قرب)

فقارِب اسم فاعل من الفعل الثلاثي المجرد قَرَبَ علی وزن (فَعَلَ) وهو مقیس ویدل علی الذي یطلب الماء(1)، ومنه الحدیث «قال له صلّی الله علیه و آله و سلم رجل: یا رسول الله؛ مالي ولعیالي هارب ولا قارِب غیرها»(2).

2. آبر: کقوله:

«أصابکم حاصب ولا بقي منکم آبر»(3).

قال ابن منظور: «آبر اسم فاعل من أبَرَ المخففة»(4). ویدل علی الرجل الذي یقوم بتأبیر النخل واصلاحها اذ یقال رجل آبر للذي یأبر النّخل(5).

کقول طرفة بن العبد(6):

وليَ الأصلُ الذي في مثلِهِ *** یُصْلِحُ الآبِرُ زَرْعَ المُؤتَبِرْ

3. حارقة: كقوله:

«إنها حارقة طارقة»(7) (8).

ص: 114


1- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 15 / 3
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 53
3- نهج البلاغة: 80 والرواية فيه: «أصَابَکُم حاصِبٌ، ولا بقي مِنْکُم آثِرٌ»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 9، ولسان العرب: 4 / 3 مادة (أبر)، وتاج العروس: 3 / 437 مادة (أبر)، ومجمع البحرین: 1 / 17
4- لسان العرب: 4 / 2 مادة (أبر)
5- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 4 / 185
6- ينظر: ديوانه: 15
7- طارقة تدل على التي طرقت بخير أو شر، ينظر: لسان العرب: 10 / 215 مادة (طرق)
8- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 10، وتهذیب اللغة: 1 / 455 مادة (حرق)، ولسان العرب: 10 / 41 مادة (حرق)، وتاج العروس: 6 / 624 مادة (حرق)

فحارقة اسم فاعل من الفعل الثلاثي حَرَق على وزن (فَعَل) وهو مقيس وقد الحقت به التاء لأنه مؤنث وتدل علی «المرأة الضَّیِّقةِ الفرج والملاقي»(1).

1. داحي: كقوله:

«اللهم داحي المدحيات»(2).

فداحي اسم فاعل من الفعل الثلاثي دَحَا على وزن (فَعَل) ويراد به باسط الأرضين(3)، كقوله تعإلى:

«وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا» [النازعات: 30].

أي بسطها(4).

2. سامدین: کقول الإمام علیه السلام عندما خرج إلی المجلس والناس ینتظرونه للصلاةِ قیاماً، فقال:

«مالي أراكم سامدين»(5).

فسامدين اسم فاعل من الفعل الثلاثي المجرد (سَمَدَ) مفتوح العين وتدل

ص: 115


1- لسان العرب: 10 / 41 مادة (حرق)، وتاج العروس: 6 / 624 مادة (حرق)
2- نهج البلاغة: 91، خطبة 71، وغريب الحديث لأبن قتيبة: 1 / 373، ولسان العرب: 14 / 251 مادة (دحا)، وتاج العروس: 10 / 380 مادة (دحا)
3- ينظر: لسان العرب: 14 / 251 مادة (دحا)
4- ينظر: التبيان في تفسير القرآن: 10 / 251
5- مسند الإمام علي علیه السلام: 3 / 9، والیعن: 2 / 59 مادة (سمد)، وتهذیب اللغة: 4 / 269 مادة (سمد)، ولسان العرب: 3 / 219 مادة (سمد)

علی القیام قال المُبرَّد: «السامد القائم في تَحیُّر وانشد:

قُمْ فَأنْظُرْ إلیِهم *** ثُمَّ دَعْ عَنْك السُّمُودَا»(1)

1. ضامِزة کقوله:

«أفواههم ضامِزة وقلوبهم قَرِحة»(2).

فضامِزة اسم فاعل من الفعل ضَمَزَ، وهو مقیس؛ لان الماضي منه علی وزن (فَعَل) مفتوح العین والحقت به التاء؛ لأنه مؤنث وتدل علی الممسك(3)، کقول کعب بن زهیر(4):

مِنْهُ تَظَلُّ سِبَاعُ الْجوِّ ضَامِزَةً *** ولا تَمَشّی بِوَادِیهِ الأَراجیلُ

10- بازِلُ: کقوله: «بازِلُ عامین حدیث سِنّي»(5).

فبازِل اسم فاعل من الفعل الثلاثي (بَزَل)، وهو مقیس؛ لان الماضي منه علی وزن (فَعَل) والمعنی أراد «أنه مستجمع الشباب مستکمل القوة»(6).

11- کارثة: کقوله:

ص: 116


1- لسان العرب: 3 / 219 مادة (سمد)
2- نهج البلاغة: 58 والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 211، ولسان العرب: 5 / 365 مادة (ضمز)
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 211
4- ينظر: ديوانه: 40 ورواية الشطر الاول: منه تَظَلُّ حمیرُ الوَحْشِ ضامِزةً
5- ديوان الإمام علي علیه السلام: 125 وصدره: ما تنقِمُ الحربُ العوانُ منّي، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 321، ولسان العرب: 11 / 52 مادة (بزل)
6- لسان العرب: 11 / 54 مادة (بزل)

«في سکرةٍ ملْهِثَة وغَمْرَةٍ کارثةٍ»(1).

فكارثة اسم فاعل من الفعل الثلاثي کَرَث على وزن (فَعَل) والحقت التاء به؛ لأنه مؤنث وتدل على الشيءالشديد الشاق إذ يقال کَرثَه الغَمُّ أي اشتد عليه وبلَغ من المَشَقَّة(2).

12- دَامِغ: کقوله:

«دامِغُ جیشاتُ الأباطیل»(3).

فدامِغ اسم فاعل من الفعل الثلاثي دَمَغَ وهو مقيس؛ لأن الثلاثي منه على وزن (فَعَل) ويدل على المهلك إذ يقال دَمَغَهَ دمغاً إذا اصاب دِماغَه فقتله(4).

وهكذا فهذه الأقوال التي تقدّم ذكرها تدل على اسم الفاعل من الفعل الثلاثي المجرد.

ب- من الفعل غیر الثلاثي:

إن اسم الفاعل من غير الثلاثي يكون على وزن الفعل المضارع المبني للمعلوم، بإحلال ميم مضارعة مضمومه مكان حرف المضارعة وكسر ما قبل الآخر(5). ومن أقوال الإمام علیه السلام التي ورد فیها ذلك:

ص: 117


1- نهج البلاغة: 104، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 288، ولسان العرب: 2 / 180 مادة (کرث)
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 288
3- نهج البلاغة: 91، وغريب الحديث لأبن قتيبة: 1 / 374، ولسان العرب: 2 / 180 مادة (دمغ)
4- ينظر: لسان العرب: 2 / 180 مادة (دمغ)
5- ينظر: شذا العرف في فن الصرف: 58

1. مُهْطِعین: کقوله:

«سِراعاً إلى امره مُهْطِعين إلى معاده»(1).

فمُهطعين اسم فاعل من فعل ثلاثي مزيد بحرف على وزن أفعل وهو (اهطع) واسم الفاعل منه (مُهْطِع) على وزن (مُفْعِل) والإهطاع هو الإسْراعُ في العدو(2)، كقوله تعإلى:

«مُهْطِعِینَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ»[يس: 43].

أي أقبلوا مسرعين خائفين(3). وقد أشار ابن عصفور إلى ان اسم الفاعل من هذا الباب يأتي لازماً ومتعدياً، ويكون اسم الفاعل في هذا الباب للتعدية في الغالب(4).

2. المُدْغِل: کقوله:

«لیسَ المؤمْن بالمُدْغِل»(5).

فالمُدْغِل اسم فاعل من فعل ثلاثي مزيد بحرف على وزن (أفعل) قال ابن الأثير:

«المُدْغِل اسم فاعل، والداغل هو الذي يبغي لأصحابه الشَّرَّ، أي يدغل لأصحابه الشَّرَّ وهم یحسبونه خیراً»(6). وهکذا فأسم الفاعل هنا جاء علی وزن (مُفْعِل)

ص: 118


1- نهج البلاغة: 802، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 612
2- ينظر: لسان العرب: 8 / 372 مادة (هطع)
3- ينظر: التبيان في تفسير القرآن: 6 / 298
4- ينظر: الممتع في التصريف لابن عصفور: 1 / 186
5- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 10 / 191، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 284، ولسان العرب: 11 / 244 مادة (دغل) 244 مادة (دغل). / ولسان العرب: 11
6- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 284

3. مُشَلِّحین: کقوله في وصف الشُّراة:

«خرجوا لُصُوصاً مُشَلِّحین»(1).

فمُشَلِّحین اسم فاعل من فعل ثلاثي مزید بحرف علی وزن (فَعّل) وهو شلَّح ویدل علی قُطَّاع الطریق(2). واسم الفاعل في هذا الباب یکون للکثرة والتعدیة في الغالب(3).

4. المُغْتَلِمین: کقوله:

«تَجَهَّزوا لِقتال المارقين المُغتَلِمین»(4).

فالمُغْتَمِلین اسم فاعل من فعل ثلاثي مزيد بحرفين وهو اغْتَلَمَ على وزن (افْتَعَلَ) واسم الفاعل منه مُغْتَلِم علی وزن (مُغْتعِل) والإغتلام «هو أن یجاوز الإنسان حد ما أمر به من الخیر المباح»(5).

5. مُعْتَلِج: کقوله:

«ونَفی مُعْتَلِج الرّیب من الناس»(6).

فمُعْتلِج اسم فاعل من فعل ثلاثي مزید بحرفین علی وزن (افْتَعَل) وهو

ص: 119


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 3 / 245، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 120
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 120
3- ينظر: الممتع في التصريف: 3 / 181
4- نهج البلاغة: 483، وتهذيب اللغة: 3 / 84 مدة (غلم)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 718، ولسان العرب: 12 / 439 مادة (غلم)
5- ينظر: لسان العرب: 12 / 439 مادة (غلم)
6- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 13 / 30، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 52، ولسان العرب: 2 / 326 مادة (علج)، وتاج العروس: 20 / 1462 مادة (علج)
ب- من الفعل غیر الثلاثي

اعْتَلَج واسم الفاعل منه مُعْتلِج من لعتلجت الأمواج إذا التطمت(1).

6. المُنْکَزِم: کقوله في صفة النبي صلّی الله علیه و آله و سلم:

«لم یکن بالکزِّ(2) ولا المُنْکَزِم»(3).

فمُنکَزِم اسم فاعل من فعل ثلاثي مزید بحرفین علی وزن (أنْفَعل) وهو أنکزم والمراد به: «الصغیر الکَفِّ الصغیر القَدَم»(4) 7. مُنْدَحِق : كقوله:

«سيظهر بعدي عليكم رجل مُنْدَحِقُ البطن»(5).

فمُندَحِق اسم فاعل من فعل ثلاثي مزيد بحرفين على وزن (انفعل) وهو اندحق واسم الفاعل منه علی وزن (مُنفعِل) وتأتي هذه الصیغة «للدلالة علی المطاوعة»(6).

8. مُتَماحِلة: کقوله:

«إن من ورائكم أموراً متماحِلة»(7).

ص: 120


1- ينظر: لسان العرب: 2 / 326 مادة (علج)
2- الكزِّ يدل على المعبس في وجوه الآخرين، ینظر: لسان العرب: 12 / 517 مادة (کزم)
3- مسند الإمام علي علیه السلام: 7 / 190، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 307، ولسان العرب: 12 / 517 مادة (کزم)، وتاج العروس: 35 / 7879 مادة (کزم)
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 307
5- نهج البلاغة: 80 والرواية فيه: «سیظهر عَلَیْکُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ البلعوم، مُنْدَحِقُ البطن»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 230، ولسان العرب: 10 / 95 مادة (دحق)
6- شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 1 / 108
7- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 2، وغریب لحدیث لأبي عبید: 2 / 99، وتهذیب اللغة: 2 / 70 مادة (محل)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 512

فمُتماحلة اسم فاعل من فعل ثلاثي مزید بحرف علی وزن (تَفاعل) وهو تَمَاحَل واسم الفاعل منه مُتَماحِل والحقت به الهاء للتأنیث علی وزن (مُتفاعِل) وتدل علی «الفتن الطویلة المدة»(1).

وهذه الصيغة تأتي للدلالة على أمرين هما المطاوعة(2). والمشاركة بين أثنین(3).

9. مُتَذائِب: کقوله:

«خرج منکم جُنَیْدُ متذَائِبٌ ضعیف»(4).

فمُتَذائِب اسم فاعل من فعل ثلاثي مزید بحرفین علی وزن تفاعل وهو تَذَائب ویدل علی المُظْطَرب إذ یقال تَذاءَبَت الرِّیح أي اضْطرب هُبوبُها(5).

10. مُتَشاکِسون: کقوله:

«أنتم شرکاء مُتَشاکِسون»(6).

فمُتشَاکِسون اسم فاعل من فعل ثلاثي مزید بحرفین علی وزن (تَفَاعل) وهو تَشَاکس واسم الفاعل منه علی وزن متفاعلِ وهو مُتشاکِس ویراد به

ص: 121


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 512
2- ينظر: الممتع في التصريف: 1 / 82، وشرح الرضي علی شافیة ابن الحاجب: 1 / 99
3- ينظر: شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 1 / 99
4- نهج البلاغة: 66، خطبة: 39 والرواية فيه: «خرج إلي منکم...»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 74، ولسان العرب: 1 / 377 مادة (ذأب)
5- ينظر: لسان العرب: 1 / 377 مادة (ذأب)
6- مسند الإمام علي علیه السلام: 10 / 176، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 1201، ولسان العرب: 6 / 112 مادة (شکس)، وتاج العروس: 16 / 3981 مادة (شکس) 3981 مادة (شكس). / 112 مادة (شكس)، وتاج العروس: 16 /6

مختلفون متنازعون(1). وكقوله تعإلى:

«ضَرَبَ الله مَثَلاً رَجُلاً فِیهِ شُرَکَاءُ مُتَشَاکِسُونَ» [الزمر: 29].

اي مختلفون متخاصمون(2).

11. مُتَزلِّقین: کقوله:

«أنه رأی رجلین خرجا من الحمَّام مُتَزلِّقین»(3) (4).

فمُتزلِّقین اسم فاعل من فعل ثلاثي مزید بحرفین علی وزن (تَفعَّل) وهو تزلّق واسم الفاعل منه علی وزن (مُتفعِل) وهذه الصیغة کما أشار النحاة تأتي غالباً للدلالة علی التکلف(5).

ثانیاً: اسم المفعول:
اشارة

أشار الیه سیبویه بقوله: «ویَعتلُ (مَفْعُول منهما، کما اعْتلَّ (فُعِل)؛ لأن الاسم علی (فُعِلَ) (مَفْعُول)، کما أن الأسم علی (فَعَلَ) (فَاعِلٌ) فتقول (فُعِلَ): کَمزورٌ ومَصُوْغٌ، وأنّما کان الأصلَ مَزوورُ فأسکنوا الواو الاولی کما اسکنوا في (یَفْعَلُ وفَعَلَ)، وحُذِفَتْ (واو مفعُول)؛ لأنّه لا یلتقي ساکنان»(6).

ص: 122


1- ينظر: تاج العروس: 19 / 398 مادة (شکس
2- ينظر: التبيان في تفسير القرآن: 1 / 363
3- مُتزلِّقین من تزلَّق الرّجلُ إذا تنعّم حتی یکون لِلَونه بریق وبصي؛ ینظر: النهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 272
4- مسند الإمام علي علیه السلام: والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 772، ولسان العرب: 10 / 144 مادة (زلق)، وتاج العروس: 15 / 6362 مادة (زلق)
5- ينظر: الممتع في التصريف: 1 / 165
6- كتاب سيبويه: 1 / 109، والأصول في النحو: 1 / 125

وعرفة ابن الحاجب بقوله: «هو صفة تشتق مُن مصدرُ الفعل المتصرِّف المبني للمجهول للدلالة علی من وقع علیه الفعل حدوثاً لا ثبوتاً»(1). وهکذا فإسم المفعول وصف مشتق من الفعل المبني للمجهول للدلالة علی من وقع علیه الفعل.

وفیما یأتي أقوال الإمام علي التي وردت في المعجمات علی أوزان اسم المفعول:

أ- من الفعل الثلاثي:

1. مأثور: کقوله:

«ولست بمأثور في دیني»(2).

فمأثور أسم مفعول من (أثر) ویراد به: «أي لیست ممن یُؤْثَرُ عني شرّ وتهمه في دیني»(3).

2. المسجور: کقوله:

«المسجور بالنار»(4).

فالمسجور اسم مفعول من الفعل الثلاثي سجر ویراد به: المملوء، إذ یقال

ص: 123


1- شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: 4 / 407، وشذا العرف في فن الصرف: 58، والصرف الواضح، عبد الجبار النایلة: 165
2- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 50، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 29، والقاموس المحیط: 1 / 346 (فصل الهمزة)، ولسان العرب: 4 / 55 مادة (أثر)
3- النهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 29، ولسان العرب: 4 / 55 مادة (أثر)
4- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 54، ولسان العرب: 4 / 435 مادة (سجر)

سَکَرْتُ الإناء وسَجَرْته إذا املأْته(1). وکقوله تعإلی:

«وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ» [الطور: 6] أي المملوء(2).

3. المسموكات: كقوله:

«اللهم بارئ المسموكات السَّبع وربِّ المدحوَّات»(3).

فالمسموكات اسم مفعول من الفعل الثلاثي (سَمَك) وتدل علی «السموات السبع»(4).

4. المخضود: كقوله:

«حرامها عند أقوام بمنزلة السدر المخضود»(5).

5. فالمخضود اسم مفعول من الفعل الثلاثي (خَضَد) ویراد به الذي قطع شوکه(6)، کقوله تعإلی:

«فِي سِدْر مَخْضُود» [الواقعه: 28].

أي السدرِ الذي لا شوك له فکأنه خُضِد شوکة وقطع أي لیس هو کسِدر الدنیا(7).

ص: 124


1- ينظر: لسان العرب: 4 / 435 مادة (سجر)
2- ينظر: الكشاف: 6 / 428
3- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 7، والعین: 5 / 318، وتهذیب اللغة: 3 / 334 مادة (سمك)، ولسان العرب: 10 / 443 مادة (سمك)
4- لسان العرب: 10 / 443 مادة (سمك)
5- نهج البلاغة: 154، خطبة: 105، ولسان العرب: 3 / 162 مادة (خضد)
6- ينظر: لسان العرب: 3 / 162 مادة (خضد)
7- ينظر: الجامع لإحكام القرآن: 7 / 178

6. مكعوم: كقوله:

«فهم بين خائفٍ مقموع وساكت مكعوم»(1).

7. فمكعوم اسم مفعول من الفعل الثلاثي (کَعَم) ویراد به شيء یُجعل علی فم البعیر لئلا یُخرج صوتاً(2).

ومثل ذلك قول ذو الرمة(3):

بَیْنَ الرَّجا والرَّجا من جَیْبِ واصیةٍ *** یَهماءُ خابِطُها بالخَوْفِ مکعُومُ

8. منهوش: کقوله:

«کان النبي صلّی الله علیه و آله و سلم منهوش القدمین»(4).

فمنهوش اسم مفعول من الفعل الثلاثي (نهش) والمراد به مجهود مهزول(5)، ومثل ذلك قول رؤبة(6):

کَمْ مِنْ خَلِیلٍ وأَخٍ مَنْهُوشِ *** مُنْتَعش بفَضْلِکُمْ مَنْعُوشِ

9. مَعْطُوناً: کقوله:

ص: 125


1- نهج البلاغة: 58 خطبة: 32، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 335، ولسان العرب: 12 / 522 مادة (کعم)، وتاج العروس: 21 / 481 مادة (کعم)، ومجمع البحرین: 7 / 46
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 335، وشرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 2 / 94
3- ينظر: ديوانه: 83، ولسان العرب: 12 / 522 مادة (کعم)
4- مسند الإمام علي علیه السلام: 6 / 190، وتهذیب اللغة: 2 / 269 مادة (نهش)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 285، ولسان العرب: 6 / 360 مادة (نهش)
5- ينظر: لسان العرب: 6 / 360 مادة (نهش)
6- ينظر: ديوانه: 56، ولسان العرب: 6 / 360 مادة (نهش)، وتاج العروس: 3 / 378 مادة (نهش)

«أخَذت إهاباً مَعْطُوناً فأدخلته عُنُقي»(1).

فمَطعْوُن اسم مفعول من الفعل الثلاثي (عَطِنَ) والمراد به «المَنْمَزِق»(2).

وهكذا هذه الشواهد فقط التي ذكرناها تدل على اسم المفعول من الفعل الثلاثي.

ب. من الفعل غیر الثلاثي:

إن اسم المفعول يُصاغ من غير الثلاثي بزنة الفعل المضارع مع أبدال حرف المضارعة میماً مضمومة وفتح ما قبل الآخر(3).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت في ذلك:

1. المُترَّح: کقوله:

«نهاني رسول الله عن لباس القسِّيِّ المُترَّح»(4).

فالمُتَرَّح اسم مفعول من ترَّح علی وزن (فَعَّل) وهو ثلاثي مزید بحرف واسم المفعول منه علی وزن (مُفعَّل).

2. مُتَبَّر: کقوله:

«عجزٌ حاضِرٌ ورأْيٌ مُتَبَّر»(5).

ص: 126


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 9 / 118، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 507، ولسان العرب: 13 / 286 مادة (عطن)، وتاج العروس: 20 / 8110 مادة (عطن)
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 507
3- ينظر: الصرف الواضح: 165
4- مسند الإمام علي علیه السلام: 5 / 252، والروایة فیه: «عن لبس القسي المرجم»، وتهذیب اللغة: 2 / 79 مادة (ترح)، ولسان العرب: 2 / 417 مادة (ترح)، وتاج العروس: 5 / 1560 مادة (ترح)
5- نهج البلاغة: 478، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 467، ولسان العرب: 4 / 88 مادة (تبر)، وتاج العروس: 3 / 2552 مادة (تبر)

مُتَبَّر اسم مفعول من (تبَّر) وهو ثلاثي مضعف على وزن (فعَّل) واسم المفعول منه جاء على وزن مضارعه مع ابدال حرف المضارع ميماً مضمومة وفتح ما قبل الآخر ويدل على المهلك وكقوله تعإلى:

«وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِینَ إِلَّا تَبَارًا»(1) [نوح: 28].

أي إلّا هلاکا(2).

3. مُضلَّعة: کقوله:

«ثياب مُضلَّعة»(3).

فمُضلَّعه اسم مفعول من (ضلَّع) على وزن (فعَّل) وتدل على الخطوط العريضة أي كالأضلاع(4).

4. مُثدَن: کقوله:

«منهم رجل مُثدَن اليد»(5).

فمُثْدَن اسم مفعول من أثدَنْتَ الشيء إذا قصَّرْته والمُثْدَن الناقص الخلق

ص: 127


1- يُنظر: والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 467، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 2 / 21، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحدید 11 / 1
2- ينظر: الكشاف: 3 / 148
3- مسند الإمام علي علیه السلام: 5 / 16، والروایة فیه: «ثیاب تأنیا من الشام والیمن شك عاصم فیها حریر»، ولسان العرب: 8 / 225 مادة (ضلع)
4- ينظر: لسان العرب: 8 / 225 مادة (ضلع)
5- شرح نهج البلاغة لأبي الحديد: 19 / 2، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 444، والنهایة في غریب لاحدیث والأثر: 1 / 591، ولسان العرب: 13 / 77 مادة (ثدن)

وقيل معناه مُخْدَج اليد(1). فأسم المفعول هنا جاء من فعل ثلاثي مزيد بحرف على وزن افعل.

5. مُخدَج: کقوله:

«مُخدَج الید»(2).

مُخدَج اسم مفعول من اخدج على وزن افعل وهو ثلاثي مزيد بحرف والمراد به اي «ناقص الید»(3).

6. المُفْدم: کقوله:

«نهاني رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلم أن أقرأ وأنا راکع، وأن البس المعَصفَر المُفْدَم».

فالمُفْدَم اسم مفعول من أفدم علی وزن (أفعل) وهو ثلاثي مزید بحرف ویدل علی «الثوب المُشبَع حمرةً کأنَّه لا یقدر علی الزّیادة علیه لتناهي حمرته فهو کالمُمْتنع»(4).

7. المُبهمات: کقوله:

«کان إذا نزل به احدی المبهمات کشفها»(5).

ص: 128


1- ينظر: لسان العرب: 13 / 77 مادة (ثدن)
2- شرح نهج البلاغة لأبي الحديد: 10 / 105، ولسان العرب: 2 / 248 مادة (خدج)
3- لسان العرب: 2 / 248 مادة (خدج)
4- مسند الإمام علي علیه السلام: 4 / 149، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 807، ولسان العرب: 12 / 450 مادة (فدم)
5- نهج البلاغة: 39 والرواية فيه: «فإن نَزَلَتْ به أحْدَی المُبهمات هَیَّأ لَهَا حَشْواً» وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 360

فالمُبهمات اسم مفعول من (ابهم) على وزن (أفعل) وهو ثلاثي مزيد بحرف وجاء هنا جمع مؤنث سالماً ويراد بها المعضلات و سُمِّیت مبهمة؛ لأنها ابهمت عن البيان فلم یُجعل عليها دليل(1).

8.مُنْفَسحَاً: کقوله:

«اللهم اجعل لهُ مُنسَحاً في عدلك»(2).

فمُنفسحاً اسم مفعول من (انفسح) وهو ثلاثي مزید بحرفین علی وزن (انْفَعَل) واسم المفعول منه علی وزن (مُنْفعَل) والمراد به أي أوْسع له سَعَةً في دارِ عَدْلك یوم القیامة(3).

9. مُعْتَرّ: کقوله:

«إنّ فیهم قانعاً ومُعتَرّاً»(4).

فمُعْتَرّاً اسم مفعول من اعْتَرّ علی وزن (افتعل) والمراد به الفقیر الذي لا یسأل(5)، وقد ورد ذلك في التنزیل کقوله:

«وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ» [الحج: 36].

ص: 129


1- ينظر: لسان العرب: 12 / 56 مادة (بهم)، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 8
2- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 3 / 47، ولسان العرب: 2 / 543 مادة (فسح)، و والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 850
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 850
4- نهج البلاغة: 470، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 343، ولسان العرب: 4 / 55 مادة (عرر)، وتاج العروس: 25 /3173 مادة (عرر)
5- ينظر: لسان العرب: 4 / 555 مادة (عرر)، ودراسات في نهج البلاغة، محمد شمس الدین: 1 / 88

أي أطعموا البائس الفقير(1).

10. المُظْطر: کقوله:

«أنه نهی عن بیع المُضطر»(2).

فالمُضْطَرّ اسم مفعول علی وزن مفتعل من الضر وأصلُه مُضْتَرِرٌ فأدْغمت الراء وقُلِبت التاء طاء لأجل الضاد. والمراد به وجهین: أحدُهما أن یُضطَر إلی العقد من طریق الإکرَاه علیه وهذا بیع فاسد والثاني أن یُضطر إلی البیع لِدَین رَکِبَه أو مؤونة تَرهَقُه فیُبیع ما في یده للضرورة(3).

11. المُعتام: کقوله:

«ورسوله المجتبی من خلائقه والمعتام»(4).

المعتام اسم مفعول من اعْتام یعتام وهو ثلاثي مزید بحرفین والمراد به المختار إذ یقال اعتام الشيء أي أختاره، والتاء زائدة(5).

وهکذا فهذه أقوال الإمام علي علیه السلام التي تدل علی اسم المفعول من غیر الثلاثي والتي ذکرها اللغویون واستشهدوا بها في مصنفاتها.

ص: 130


1- ينظر: التحرير والتنوير: 8 / 464
2- مسند الإمام علي علیه السلام: 10 / 156، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 172، ولسان العرب: 4 / 482 مادة (ضرر)، وتاج العروس: 18 / 309 مادة (ضرر)
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 172، ولسان العرب: 4 / 482 مادة (ضرر)
4- نهج البلاغة: 265 خطبة: 178، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 24، ولسان العرب: 12 / 432 مادة (عیم)، وتاج العروس: 15 / 434 مادة (عیم)
5- ينظر: لسان العرب: 12 / 432 مادة (عیم) وشرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 2 / 67
ثالثاً: صیغة المبالغة:
اشارة

یُعد سيبويه من أوائل اللغويين الذين أشاروا إلى صيغة المبالغة إذ قال:

«واجروا اسم الفاعل إذا أرادوا أن يبالغوا في الأمر مجراه إذا كان على بناء فاعل لأنه یرید ما أراد بفاعل من إیقاع الفعل إلا انه یرید ان یحدث عن المبالغة»(1). وقال المبرِّد: «هو أن یکون الأسم علی وزن (فعَل) (فاعل) نحو «ضَرَبَ» فهو «ضَارِب» فإن أُرید تکثیر الفعب فللتکثیر أبنیة من ذلك (فعَّال) نحو «قتّال» إذا کان یکثر القتل، فأمّا قاتل فیکون للکثیر والقلیل؛ لأنه أصل»(2). وهکذا فصیغة المبالغة یحول الیها اسم الفاعل علی سبیل الکثرة والمبالغة.

فالقصد من صیغ المبالغة هو الزیادة في المعنی مع إیقاع الحدث في صیغة اسم الفاعل(3).

وفیما یأتي عرضٌ لأقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءت في المعجمات علی أبنیة المبالغة:

أولاً: ما جاء علی مبنی «فعَال»

إنَّ صیغة فعَّال أکثر الصیغ شیوعاً؛ لأنَّها تدلُّ علی المبالغة والکثرة والحرفة، والصناعة، وتقتضي الاستمرار والإعادة والمعاناة والملازمة(4). ومن أقوال

ص: 131


1- كتاب سيبويه: 1 / 110
2- المقتضب: 2 / 111
3- ينظر: المفصل: 3 / 105، واوضح المسالك: 3 / 197
4- ينظر: المقتضب: 2 / 113، والمخصص: 15 / 69، وشرح الرضي علی شافیة ابن الحاجب: 2 / 84 - 85

الإمام علیه السلام التي جاءت علی زنة (فعَّال):

1. جَبّار: کقوله:

«جَبَّار القُلوب على فِطِراتِها»(1).

فجَبّار صيغة مبالغة من جَبَرَ والمراد به: جبر العظم المكسور إذ يقال جبرتالعظم فجبر إذا كان مكسور فلأمته وأقمته أي كأنه أقام القلوب وأثبتها على ما فطرها عليه(2).

2. خَبَّاط: كقوله:

«خَبَّاط َ عَشَواتٍ»(3).

فخَبَّاط صيغة مبالغة على وزن (فعّال) والمراد به أي يخبط في الظلام، وهو الذي يمشي في الليل بلا مصباح فيتحير ويظل(4).

3. صوّاغ: کقوله:

« وأعدتُ صوّاغاً من بني قينقاع»(5).

ص: 132


1- نهج البلاغة: 91 والرواية فيه: (وَجابِل القُلُوبِ علی فِطْرَتِها»، وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 373، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 671، ولسان العرب: 4 / 113 مادة (جبر)، وتاج العروس: 7 / 2583 مادة (جبر)
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 671، وشرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 19 / 8
3- نهج البلاغة: 39 والرواية فيه: «خَبَّاطُ جَهَالات عَاشٍ رَکَّابُ عَشَوَات»، وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 360، ولسان العرب: 1 / 280 مادة (خبط)، وتاج العروس: 7 / 4812 مادة (خبط)
4- ينظر: لسان العرب: 7 / 280 مادة (خبط)
5- مسند الإمام علي علیه السلام: 1 / 45، والنهایة في غریب الحدیث: والأثر: 3 / 124، ولسان العرب: 8 / 442 مادة (صوغ)، وتاج العروس: 8 / 124 مادة (صوغ)

فصوَّاغ صيغة مبالغة من صَوَغ وهنا جاءت تدل على الحرفة لأنَّ الصَّوّاغ یدل علی صائغ الحلي إذ یقال صاغَ یَصوغ فهو صائغ وصَوَّاغ(1).

4. جذَّاء: کقوله:

«أصولُ بِیَدٍ جذّاء»(2).

فجذَّاء صیغة مبالغة وتدل علی الید المقطوعة وکنی به الإمام علیه السلام عن قُصُور أصحابه وتقاعُدِهم عن الغَزْو فإن الجُنْد للأَمیر کالید(3). وقد کنی بها الإمام علیه السلام ایضاً لعدم النّاصر والجامع وعدم التمکّن من التصرف والصّولَة بهما(4).

5. نغّاض: کقوله:

«کان نغّاض البَطْن»(5).

فنَغّاض صیغة مبالغة من نغض وتدل علی «معَکَّنُ البطن»(6).

وأراد بذلك صفة النبي صلّی الله علیه و آله و سلم أي لما کان في العُکَن نُهُوض ونُتُوء عن مُسْتَوی البطن قیل للمعکَّن نغاض البطن(7).

ص: 133


1- ینظر: النهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 124، ولسان العرب: 8 / 442 مادة (صوغ)
2- نهج البلاغة: 24 خطبة: 3، ومجمع البحرین: 1 / 339
3- ینظر: مجمع البحرین: 1 / 339
4- ینظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 2 / 59
5- مسند الإمام علي علیه السلام: 5 / 75، وغریب الحدیث لابن الجوزي: 2 / 422، والنهایة في غریب الحدیث والأثر:238 5 / 192، والقاموس المحیط: 2 / 202، ولسان العرب: 7 / 238 مادة (نغض)، وتاج العروس: 37 / 741 مادة (نغض)
6- لسان العرب: 7 / 238 مادة (نغض)
7- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 192

6. حمَّال: كقوله:

«لا تناظروهُ في القرآن فإنه حمّالٌ ذو وجوه»(1).

فحمَّال صيغة مبالغة من حمل أي يحمل عليه كل تأويل فيحتملوه(2).

7. الخطَّاف: كقوله:

«نَفَقَتْك رِیاءً وسُمعةً للخَظَّاف»(3).

فالخَطَّاف بالفتح والتشديد صيغة مبالغة من خَطِفَ وهو مُبالغة في الهلاك والمراد به شیطانُ؛ لأنه یخطفُ السمع(4).

وهکذا فهذه الأقوال التي تقدّم ذکرها جاءت علی زنة (فعّال).

ثانیاً: ما جاء علی مبنی مِفْعَال:

تُعد صیغة مِفْعَال من أوزان المبالغة التي تحمل دلالة التکثیر في الفعل فقولنا مِهْذَار، ومِضْیَاع إنما هو لمن أکثر من الهذر والتضییع.

ومن هنا فصیغة مِفْعال تکون لمن دام منه الشيء، أو جری علی عادة فیه(5). وهذا یدل علی ضرورة استمرار الفعل وتأکیده والمبالغة فیه وقد ورد للإمام

ص: 134


1- مسند الإمام علي علیه السلام: والروایة فیه: «لا تخاصمهم في القرآن»، ولسان العرب: 11 / 174 مادة (حمل)
2- ينظر: لسان العرب: 11 / 174 مادة (حمل)
3- مسند الإمام علي علیه السلام: 10 / 6، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 118، ولسان العرب: 9 / 75 مادة (خطف)
4- ينظر: لسان العرب: 9 / 75 مادة (خطف)
5- ينظر: همع الهوامع: 3 / 59

علي علیه السلام قول واحد علی هذه الزنة:

مِلْطَاط: کقوله:

«فأمرَتهم بلزومِ هذا المِلْطَاط حتَّی یأتِیهم أمري»(1).

فمِلطاط صيغة مبالغة تدل على التكثير والمراد به شاطیِٔ الفرات(2). ومثل ذلك حدیث ابن مسعود: «هذا المِلْطَاطُ طریق بَقیَّة المؤمنین»(3).

ثالثاً: ما جاء علی فَعُول:

تُعد صیغة فَعُول من أوزان المبالغة والتکثیر في الحدث إذ تدل علی «دوام الفعل في موصوفه وتدل علی الکثرة والتکریر في العمل»(4). ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت علی هذه الزنة:

1. الجحُود: کقوله:

«هي الجحود الکنود الحیود المیود»(5).

فالجحُود صیغة مبالغة من (جحد) فالإمام علیه السلام هنا یذم الدُّنیا وأوراد بأنها

ص: 135


1- نهج البلاغة: 73، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 786، ولسان العرب: 7 / 406 مادة (ملط)
2- ينظر: لسان العرب: 7 / 406 مادة (ملط)
3- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 786
4- همع الهوامع: 3 / 59
5- نهج البلاغة: 372 والرواية فيه: «هي الجَحُوُد الکَنُوُد العَنُوُد الصَّدُود والحَیَوُدُ المَیوُدُ»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 1094، ولسان العرب: 3 / 158 مادة (حید)، وتاج العروس: 11 / 1966 مادة (حید)

كثيرة الإنكار والكفران كالمرأة التي تكفر نعمة زوجها(1).

2. المیُود: کقوله:

«هي الحيود الميود»(2).

فالميود صيغة مبالغة من المصدر الميدان وهو بفتح الياء مصدر مادَ یمید(3).

وهكذا فهذا البناء من أبنية المبالغة.

3. خروط: كقوله:

«إنك لخُروط أتُؤُمَّ قوماً وهم لك کارهون»(4).

فخروُط صیغة مبالغة تحمل دلالة الکثرة أي یدل علی الرّجل المُتهوِّر في الأمور ویرکب رأسه في کل ما یرید(5).

4. العنُون: کقوله:

«ألا وهي المتصدّیة العنون»(6).

فالعنُون صیغة مبالغة من عَنَن قال ابن الأثیر: «أي التي تَتَعرّض للنَّاس

ص: 136


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 19 / 37
2- نهج البلاغة: 372، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 828، ولسان العرب: 3 / 411 مادة (مید)، وتاج العروس: 30 / 1980 مادة (مید)
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 828، وغريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 411 مادة (مید)
4- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 97، <غریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 456، وأساس البلاغة: 1 / 111 مادة (خرط)، ولسان العرب: 7 / 280 مادة (خرط)، والعباب الزاخر: 1 / 247 مادة (خرط)
5- ینظر: لسان العرب: 7 / 280 مادة (خرط)
6- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 13 / 2، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 597، ولسان العرب: 3 / 290 مادة (عنن)

وفَعُول للمبالغة»(1).

5. الجبُوب: کقوله:

«رأیت المصطفی صلّی الله علیه و آله و سلم یصلّي أو یسجد علی الجبُوب»(2).

فالجَبُوب صیغة مبالغة علی وزن فعول تدل علی الأَرض الصُّلُبةُ(3).

وقد ورد ذلك أیضاً في قول أمرئ القیس(4):

فَیَبِتْنَ یَنْهَسْنَ الجَبُوبَ بِها *** وأبِیتُ مُرْتَفِقاً علی رَحْلِ

الهَبُول: کقوله:

«هَبَلَتْهُم الهبُول»(5).

فالهَبُول صیغة مبالغة تدل علی الکثرة والمراد بها: «المرأة التي لا یبقی لها ولد»(6).

6. ظنُون: کقوله:

«إن المؤمن لا یمسي ولا یصبح إلا ونفسه ظنُون عنده»(7).

ص: 137


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 597
2- مسند الإمام علي علیه السلام: 1 / 210، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 668، ولسان العرب: 1 / 249 مادة (جبب)
3- ينظر: لسان العرب: 1 / 249 مادة (جبب)
4- ينظر: ديوانه: 130، ولسان العرب: 1 / 249 مادة (جبب)، وتاج العروس: 8 / 335 مادة (جبب)
5- نهج البلاغة: 362 والرواية فيه: «هَبَلَتْك الهبول»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 544، ولسان العرب: 11 / 685 مادة (هبل)، ومجمع البحرین للطریحي: 5 / 337
6- ينظر: لسان العرب: 11 / 685 مادة (هبل)
7- نهج البلاغة: 259 خطبة: 176، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 362

فظنُون صيغة مبالغة وتدل على التهمة أي نفسه متهمة لديه بالخيانة والتقصير في طاعة الله تعإلی(1).

رابعاً: ما جاء علی مبنی (فَعِل):

من أبررز اوزان المبالغة ما کان علی زنة (فَعِل) إذ یدل في باب المبالغة علی من صار له الفعل کالعادة(2). ومن أقوال الإمام علیه السلام التي جاءت علی زنة فَعِل:

1. خَرِصاً: کقوله:

«کنتَ خَرِصاً»(3).

فخَرِصاً صیغة مبالغة علی وزن فَعِل وتدل علی جوع مع برد(4). ومثل ذلك أیضاً ما وَرد في قول لبید(5):

فأَصْبَحَ طاوِیاً خَرِصاً خمیصاً *** کنَصْلِ السَّیْف حُودِثَ بالصِّقال

1. خَضِرَتها: کقوله:

«... ویأکل خَضِرَتها»(6).

ص: 138


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 362
2- ينظر: همع الهوامع: 3 / 59
3- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 50، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 62، ولسان العرب: 7 / 21 مادة (خرص)، وتاج العروس: 9 / 250 مادة (خرص)
4- ينظر: لسان العرب: 7 / 21 مادة (خرص)
5- ينظر: ديوانه: 106 ورواية الشطر الاول: وأصْبَحَ یَقتري الحَوْمانَ فَرْداً
6- مسند الإمام علي علیه السلام: 8 / 226، وغریب الحدیث لأبن الجوزي: 1 / 283، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 107، ولسان العرب: 4 / 243 مادة (خضر)

فَخَضِر صیغة مبالغة تدل علی الکثرة أي یعني غضَّها وناعِمَها وهَنِیئها(1).

2. رَهِق: کقوله:

«أنّه وعظ رجلاً في صُحبة رجلٍ رَهِق»(2).

فرَهِق صیغة مبالغة تدل علی الکثیر الخِفَّة والحِدّة إذ یقال رجل فیه رَهَقٌ إذا کان یَخِفّ إلی الشَّرِّ ویَغْشاه(3).

3. المَقِر: کقوله:

«أَمَرُّ من الصَّبرِ والمَقِر»(4).

فالمَقِر صیغة مبالغة تدل علی الکثرة والمراد به الشَّيء الشدید المرارة وهو شبیه بالصَّبِر(5).

خامساً: ما جاء علی مبنی «فُعال» و «فُعّال»:
اشارة

إنَّ هذه الصیغ من أوزان المبالغة غیر القیاسیة قال الرضي الاستراباذي: «والظاهر إن فعالاً مبالغة فعیل في المعنی فطُوال أبلغ من طویل، وإذا أردت زیادة المبالغة شددت العین فقلت طوّال»(6). ومن أقوال الإمام علیه السلام التي جاءت

ص: 139


1- ينظر: لسان العرب: 4 / 243 مادة (خضر)
2- شرح نهج البلاغة لأبي الحديد: 2 / 219، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 677، ولسان العرب: 10 / 128 مادة (رهق)
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 677
4- نهج البلاغة: 244 ، والرواية فيه: «ومَشارِب من الصَّبِر والمَقِر»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 764، ولسان العرب: 5 / 182 مادة (مقر)
5- ينظر: لسان العرب: 5 / 182 مادة (مقر)
6- شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 2 / 163

على هذه الاوزان:

أ. ما جاء علی مبنی فُعال:

1. الضُّراح: كقوله:

«الضُّراح بیتُ في السماء حيال الكعبة»(1).

فالضُّراح صيغة مبالغة ويراد به بيت في السماء مُقابلُ الکعبة في الأَرض ویروی الضَّریح(2). وهکذا فلما أراد المبالغة في الوصف حول إلی الضُّراح علی وزن فُعال.

2. زُعاق: کقوله:

«دونَکها مُتْرَعةً دِهاقاً کاساً فارِغاً مُزِجت زُعاقاً».

فزُعاق صیغة مبالغة تدل علی الماء المرّالذي لا یطاق شربه(3)

ب ما جاء مبنی (فُعّال):

ورد للإمام علي علیه السلام قول واحد علی هذه الزنة:

1. دُعّار: کقوله:

ص: 140


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 9 / 42، والروایة فیه: «الضرُاح بیت فوق سبع سماوات تحت العرش»، وتهذیب اللغة: 2 / 3 مادة (ضرح)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 171، ولسان العرب: 2 / 525 مادة (ضرح)
2- ينظر: لسان العرب: 2 / 525 مادة (ضرح)
3- ينظر: ديوان الإمام علي علیه السلام: 91، والعین: 1 / 133 مادة (زعق)، ولسان العرب: 10 / 141 مادة (زعق)

«أین دُعّار طيء»(1).

فدُعَّار صیغة مبالغة تدل علی الزیادة ویراد بها قُطَّاع الطریق(2).

وهکذا فهذه الأقوال التي ذکرناها جاءت علی مبنی فُعال و فُعّال.

سادساً: ما جاء علی مبنی فاعول

لم یذکر لصیغة (فاعول) دلالة خاصة إذ قال سیبویه في باب ما لحقته الزوائد من بنات الثلاثة من غیر الفعل: «أمّا الألف فتلحقه ثانیة ... فأمّا ما لحقته من ذلك ثانیة، فیکون علی فاعول في الاسم والصفة فأمّا الصفة فنحو: حاطوم یقال: ماء حاطوم، وسبیل جاروف، وماء فاتور، والأسماء عاقول، وماموس، وعاطوس، وطووس»(3). وهذا البناء من أوزان المبالغة غیر القیاسیة، إذ أنَّ (فاعول) في المبالغة منقول ولیس أصلاً وهو مستعار من (فاعول) في الآلة، لأنَّ هذا البناء من أبنیة أسم الآلة ویستعمل فیه کثیراً کالساطور وهو من أدوات الجزّاز، والصاقور وهي فأس عظیمة، ومّما ذُکر من الأمثلة في اللغة الدارجة مما نُقِل فیه من الآلة إلی الوصفیة قولنا مثلاً: هو جاروشة للذي یتکلم کثیراً(4). وفیما یأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءت علی زنة فاعول:

1. غاروق: کقوله:

ص: 141


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 65، وغریب الحدیث لابن الجوزي: 1 / 338، ولسان العرب: 4 / 286 مادة (دعر)، وتاج العروس: 8 / 827 مادة (دعر)
2- ينظر: لسان العرب: 4 / 286 مادة (دعر)
3- كتاب سيبويه: 4 / 373، والأصول في النحو: 3 / 191، والمزهر: 2 / 14
4- ينظر: معاني الأبنية: 116 - 128

«فار التَّنُّور وفیه هلك یَغُوثُ ویَعُوقُ وهو الغاروق»(1).

فالغارُوق صیغة مبالغة علی وزن فاعول من الغَرق لأن الغَرق في زمان نوح علیه السلام(2).

1. فاثور: کقوله:

«کان بین یَدیْه یوم عِیدفاثُورٌ علیه خُبْزُ السَّمراء»(3).

ففاثُورُ اسم آلة والمراد به الخِوان(4). ونقل إلی الوصیفة وقد یشبَّه الصدر الواسع به فیسمی فاثوراً(5). ومثل ذلك أیضاً ما ورد في حدیث النبي صلّی الله علیه و آله و سلم:

«وتکون اأرض کَفاثُور الفِضة»(6).

أي الخوان.

سابعاً: ما جاء علی مبنی فُعَلَة:

تُعد صیغة (فُعَلَةَ) من أوزان المبالغة غیر القیاسیة نحو «نُوَمة هو الرجل کثیر النوم، سُؤله: هو الرجل کثیر المسألة، ولُوَمة: هو الرجل کثیراللوم، وعُیبَة هو

ص: 142


1- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 16، وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 352، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 666، ولسان العرب: 10 / 283 مادة (غرق)، وتاج العروس: 21 / 520 مادة (غرق)
2- ينظر: النهاية في غريب الأثر: 3 / 666، ولسان العرب: 10 / 283 مادة (غرق)
3- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 29، وغریب الحدیث لأبن الجوزي: 2 / 176، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 781، ولسان العرب: 5 / 44 مادة (فثر)
4- ينظر: لسان العرب: 5 / 44 مادة (فثر)
5- ينظر: المصدر نفسه
6- النهاية في غريب الحديث و الأثر: 3 / 781

الرجل كثير العيب للناس وهو العیّاب والعيابة أيضاً»(1).

وکل ما کان علی (فُعَلَة) وهو وصف فهو للفاعل، نحو هُذَرة، ونُکَحة اذا کان مهذاراً، نکّاحاً، وکل ذلك بفتح العین، فان سکّنت العین من (فَعْلة) وهو وصف فهو للمفعول به، تقول: «رجل لعْنة» أي یلعنه الناس(2). وقد ورد للإمام علیه السلام قول واحد علی هذا البناء هو: «إنما ینجو من شَرَّ ذلك الزّمان کلُّ مؤمن نوَمَة، أولئك مصابیح الهدی»(3).

فالنُوَمة صیغة مبالغة علی وزن فُعَلَة وهي تدل علی الکثیر النوم(4). قال ابو عبید: «النّومَة بوزن الهمزة، الخاملُ الذّکر الغمض في الناس الذي لا یعرف الشر ولا أهله ویُؤبَه له»(5).

ثامناً: ما جاء علی مبنی تِفْعَالة:

تُعَد صیغة تِفْعالة من الصیغ التي تحمل معنی المبالغة قال سیبویه: «هذا بابُ ما تُکثَّر فیه المصدرَ من فَعَلتُ، فتلحق الزوائد، وتبنیه بناءً آخر»(6). ومن أقوال الإمام علیه السلام التي جاءت علی زنة تِفعالة:

ص: 143


1- المنصف: 3 / 57
2- ينظر: أدب الكاتب: 426
3- نهج البلاغة: 152 والرواية فيه: «کُلُّ مُؤْمِنٍ نَوَمَةٍ إنْ شَهِدَ لْمَ یُعْرَفْ وإنْ غاب لم یُفْتَقَدْ، أولئِكَ مصابیحُ الهُدی»، والعین: 2 / 202، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 273، ولسان العرب: 12 / 95 مادة (نوم)
4- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 8 / 6
5- لسان العرب: 12 / 595 مادة (نوم)
6- كتاب سيبويه: 1 / 117

1. تِلْعَابة: کقوله:

«زَعَمَ ابنُ النّابغة أَنّي تِلْعَابةٌ»(1).

فتِلْعَابة صیغة مبالغة تدل علی الکثیر اللعب والمَرح والتاء زائدة(2).

2. تِمْراحة: کقوله:

«زَعَمَ ابنُ النّابغة أنّي تِلعابةُ تِمراحة»(3).

فتِمراحة صیغة مبالغة من المَرَحُ قال ابن الأثیر: «هو من المَرَح وهو النَّشاط والخِفَّة والتاء زائدة وهو من أبنیة المبالغة»(4).

تاسعاً: ما جاء علی مبنی «أفعَوْعل»:

إنَّ صیغة «أفعَوْعل» من الصیغ التي یُراد بها المبالغة والتوکید، قال سیبویه: «سألت الخلیل فقال کأنهم أرادوا المبالغة والتوکید، کما أنه إذا قال اعْشَوْشَبَتِ الأرض، فإنما یرید أن یجعل ذلك عاماً کثیراً وکذلك احْلَوْلَی»(5).

وقد ورد الإمام علي علیه السلام في المعجمات اللغویة قول قول واحد علی زنة أَفْعَوْعَل هو:

ص: 144


1- نهج البلاغة: 111 وغريب الحديث للخطابي: 1 / 246، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 528، ولسان العرب: 1 / 739 مادة (لعب)، وتاج العروس: 29 / 528 مادة (لعب)
2- ينظر: المخصص: 4 / 197، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 528
3- نهج البلاغة: 111، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 503، ولسان العرب: 2 / 591 مادة (مرح)، وتاج العروس: 35 / 941 مادة (مرح)
4- النهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 503، ولسان العرب: 2 / 591 مادة (مرح)
5- كتاب سيبويه: 4 / 75، والأصول في النحو: 3 / 129، والمخصص: 3 / 408

«أعْذَوذَب جانب منها واحلولی»(1).

فأعذوذب واحلولی صیغ مبالغة یراد بهن التوکید والمبالغة قال ابن الأثیر:

«هُمَا أَفْعَوْعَل من العُذُوبَةِ والحلاوةِ وهو أبنیه المبالغة»(2).

رابعاً: الصفة المشبهة:
اشارة

ذکر ابن السّراج أنّ الصفة المشبهة هي: «اسماء ینعت بها کما ینعت بأسماء الفاعلین وتذکر وتؤنث ویدخلها الألف واللام وتجمع بالوار والنون کاسم الفاعل وافعل التفضیل کما یجمع الضمیر في الفعل فإذا اجتمعت في النعت هذه الاشیاء التي ذکرت او بعضها شبهوها بأسماء الفاعلین وذلك نحو حسن وشدید»(3). وجاء في الکافیة هي ما اشتق من فعل لازم لمن قام به علی معنی الثبوت(4). وسمیت الصفة المشبهة بذلك؛ لأنها تشبه اسم الفاعل في دلالتها علی معنی، وعلی صاحبها، وفي کونها یمکن ان تثنی وتجمع(5). وکذلك لأنها اشبهت اسم الفاعل في العمل فهي «انما تعمل في ما کان من سببها معرفاً بالألف واللام أو نکرة و لا تجاوز هذا»(6).

ص: 145


1- نهج البلاغة: 168 والرواية فيه: «وإن جانِبٌ مِنْها أعْذَوْذَب وأحْلَوْلی»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 423، ولسان العرب: 1 / 583 مادة (عذب)، وتاج العروس: 22 / 738 مادة (عذب)
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 423
3- الأصول في النحو: 1 / 132
4- ينظر: الكافية في النحو: 2 / 205، وتوضیح المقاصد والمسالك: 3 / 41 وحاشیة الصبان: 3 / 2
5- ينظر: المرجع في علم الصرف: 27
6- كتاب سيبويه: 1 / 99 - 100
صیاغتها:

تصاغ من الفعل اللازم وتدل على الحال(1). ولم يحدد سيبويه أبنية الصفة المشبهة، ولم یُفرِّق بين صيغها وصيغ أسم الفاعل وإن عقد لها باباً تكلم فيه على عملها(2). وللصفة المشبهة ثلاثة عشر وزناً موزعة على بابين هما(3):

1. باب (فَعِلَ یَفْعَلُ) وهذا الباب مختص بوزنين:

أ. أفْعَل فَعْلاءُ: هذا الوزن دال علی الألوان والعیوب والحلي نحو: أَحْمَرُ - حمراء، وأعمی - عمیاء.

ب. فَعْلانُ فَعْلی: وهذا الوزن مختصٌ بالدلالة علی الخلو والامتلاء، نحو: رَیّان رَیّا، وعَطْشَان عَطْشی.

2.باب (فَعُلَ یَفْعُلُ) وهذا الباب مختصٌ بخمسة أوزان هي:

أ. فَعَل نحو حَسَن من حَسُنَ ب. فُعُلُ نحو جُنُبُ من جَنُبَ ج. فُعَال نحو شُجَاع من شَجُعَ د. فَعَال نحو جَبَان من جَبُنَ ه-. فَعُول نحو طَهُور من طَهُر و. فَعِیل نحو کریم من کَرُمَ

ص: 146


1- ينظر: شرح ابن عقيل: 3 / 141
2- ينظر: أبنية الصرف في كتاب سيبويه: 276
3- ينظر: شرح المفصل: 6 / 81، والرائد في غلم الصرف: 112

ورأی الرضي الاستراباذي أنّ بناء (فَعِیل) یکثُر في باب (فَعُل) اللازم نحو کَرُمَ فهو کریمٌ، وشَجِیعٌ، ومن باب (فَعِلَ) نحو حَرِصَ فهو حریص(1).

وذهب الأشموني (ت 929 ه-) إلی أَنَّ بناء (فَعِیل) مقصور علی السماع في هذه الصفات نحو: (رَحِیمٌ، وعَلِیمٌ)(2).

وقد تصاغ الصفة المشبهة من غیر الثلاثي علی زنة اسم الفاعل، أي بابدال حرف المضارعة میماً مضمومة وکسر ما قبل الآخر کمُعْتِدل القامِة، ومُنْبَسِط الوجه(3).

وفیما یأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت في المعاجم علی أوزان الصفة المشبهة:

أولاً: ما جاء علی مبنی (أفْعَل) الدال

علی الصفة المشبهة:

لقد ذکرنا سابقاً أنَّ هذا البناء یکون للألوان والعیوب الظاهرة والحلي ومن أقوال الإمام علیه السلام التي جاءت علی هذا البناء:

1. الأخْیَب: کقوله:

«ومن فاز منکم فقد فاز بالقِدحِ الأخیب»(4).

ص: 147


1- ينظر: شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 1 / 143
2- ينظر: شرح الأشموني: 3 / 3
3- ينظر: كتاب سيبويه: 1 / 201
4- نهج البلاغة: 55، خطبة، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 187، ولسان العرب: 1 / 368 مادة (خیب)، وتاج العروس: 8 / 550 مادة (خیب)

فالأخيب صفة مشبهة على وزن أفعَلُ والمراد به: (الذي لا نصيب له منذ قداح المَیْسِر) وهي ثلاثةٌ» «المَنیحُ، والسَّفیعُ والوَغْدُ»(1).

2. أصْعَل: کقوله:

«کأني برَجلٍ من الحَبَشةِ أصعَلَ أصمعَ قاعدٍ علیها وهي تُهدَم»(2).

فالأصعَل علی وزن افعل والأنثی منه صعلاء علی وزن فعلاء والمراد به:

«الدقیق الرأس والعُنق»(3).

3. أصمع: کقوله:

«کأني برجل من الحبشةِ أصعل أصمع قاعد علیها وهي تهدم»(4).

فالأصمع صفة مشبهة علی وزن أفعل والأنثی صمعاء علی وزن فعلاء إذ یقال رجل أصمع وأمرأة صمعاء وتدل علی الصَّغیر الأذُن(5).

4. أفوق: کقوله:

«ومن رمی منکم فقد رمی بأفوق ناصِلٍ»(6).

ص: 148


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 187، ولسان العرب: 1 / 368 مادة (خیب)
2- شرح نهج البلاغة لأبي الحديد: 19 / 3، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 454، وتهذیب اللغة: 1 / 166 مادة (صعل)، وتاج العروس: 18 / 235 مادة (صعل)
3- لسان العرب: 11 / 378 مادة (صعل)
4- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 3، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 454، وتهذیب اللغة: 1 / 166 مادة (صمع)، وتاج العروس: 18 / 5379 مادة (صمع)
5- ينظر النهاية في غريب الحديث الأثر: 2 / 102، ولسان العرب: 8 / 206 مادة (صمع)
6- نهج البلاغة: 55 خطبة: 29، وجمهرة اللغة: 2 / 45 مادة (أفق)، وتهذیب اللغة: 3 / 285 مادة (أفق)، ولسان العرب: 10 / 315 مادة (فوق)

فأموق صفة مشبهة علی وزن أفعل والمعنی من کلام الإمام علیه السلام «أي رمی بسهم منکسر الفُوقِ لا نصل له»(1). وهکذا فالأَفْوَقُ السهم المکسور.

5. أزیل: کقوله:

«أنه ذکر المهدي وأنه یکون من ولد الحُسین أجلی الجبین أقنی الأنف أزیل الفخدین أفلج الثّنایا بفخذه الأیمن شامه»(2).

فأزیل صفة مشبهة وتدل علی المُتزایل الفخدین أي المتباعد ما بینهما وهو کالأفحج(3).

6. الأبظر: کقوله:

«ما تقول فیها أیُّها العبدُ الأبظَرُ»(4).

فالأبظر علی وزن أفعل ویدل علی «الّذي في شفته العلیا طول مع نتوء في وسطها»(5).

وهکذا فإن هذه الأقوال التي ذکرناها جاءت علی وزن (أفعل) وهو من أوزان الصفة المشبهة.

ص: 149


1- ينظر: لسان العرب: 10 / 315 مادة (فوق)
2- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 4 / 1، وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 359، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 817، ولسان العرب: 1 / 316 مادة (زیل)
3- ينظر: لسان العرب: 1 / 316 مادة (زیل)، وشرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 4 / 1
4- مسند الإمام علي علیه السلام: 5 / 217، والعین: 2 / 147، وجمهرة اللغة: 1 / 138، مادة (بظر)، وتهذیب اللغة: 5 / 23 مادة (بظر)، وأساس البلاغة: 1 / 271 مادة (بظر)، ولسان العرب: 4 / 70)
5- ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 483، ولسان العرب: 4 / 70 مادة (بظر)
ثانیاً :ما جاء علی مبنی (فَعَل):

جاء هذا البناء من باب (فَعُلَ) ومن أقوال الإمام علیه السلام التي ورد فیها ذلك:

1. ثَبَج: کقوله:

«وعَلیکم الرِّواقُ المُطَنَّب فاضْرِبُوا ثَبجَه فإن الشیطان راکد في کِسْر»(1).

فَثَبَجه صفة مشبهة علی وزن (فَعَل)، والحقت به هاء التأنیث لأنتقاله من الأسمیة إلی الوصف ویراد به وسط الشيء أو معظمه وأعلاه(2)، ومثل ذلك کتاب الرسول صلّی الله علیه و آله و سلم لوائل: «وأنْطُوا الثَبَجه»(3). أي أعطوا الوَسَطَ في الصدقة(4).

2. الخَطَل: کقوله:

«فرکب بهم الزّلل وزین لهم الخَطل»(5).

فالخَطل صفة مشبهة علی وزن (فَعَل) ویراد به المنطق الفاسد(6).

3. عَلَزَ: کقوله:

ص: 150


1- نهج البلاغة: 86، خطبة: 66، وغریب الحدیث لابن قتیبة: 1 / 363، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 850، ولسان العرب: 2 / 219 مادة (ثبج)
2- ينظر: لسان العرب: 2 / 219 مادة (ثبج)
3- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 580
4- ينظر: المصدر نفسه
5- نهج البلاغة: 32، النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 119، ولسان العرب: 11 / 209 مادة (خطل). والمعجم الوسیط: 1 / 510
6- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 1 / 34، ولسان العرب: 11 / 209 مادة (خطل)

«هل ینتظر أهل بضاضة الشباب إلا عَلَز القلق»(1).

فَعَلَزُ صفة مشبهة علی وزن فَعَل وتدل علی قلقٌ وهَلَعٌ یصیب الإنسان إذ قالت إعرابیه ترثي إبنها(2):

وإذالهُ عَلَزٌ وحَشْرَجَةٌ *** مِمَّا یَجِیشُ بهِ من الصَّدْرِ 3. قَدَمَ: کقوله:

«غیرَ نَکلٍ في قَدَم ولا واهیاً في عزم»(3).

فَقَدَم صفة مشبهة علی وزن (فَعَل) وتدل علی الشجاع إذ یقال رجل قُدُمٌ وقَدَمٌ شجاع(4). ومثل ذلك حدیث النبي صلّی الله علیه و آله و سلم:

«طوُبَی لعبد مُغْبَرَ قُدُمٍ في سبیل الله»(5).

أي شجاع.

4. اللَّدَدَ: ومنه حدیث الإمام علي علیه السلام:

«رأیت النبيَّ صلّی الله علیه و آله و سلم في النَّوم فقلت: یا رسول الله ماذا لَقیتُ بُعْدك من الأود واللَّدَدَ»(6).

ص: 151


1- نهج البلاغة: 105، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 553 ولسان العرب: 5 /380 مادة (عَلَز)
2- ينظر: لسان العرب: 5 / 380 مادة (علز)
3- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 8، وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 373، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 440، ولسان العرب: 2 / 465 مادة (قدم)
4- ينظر: لسان العرب: 2 / 465 مادة (قدم)
5- الفائق في غريب الحديث: 1 / 389
6- نهج البلاغة: 89 والرواية فيه: «ماذا لقبتُ من أمتك من الَأوَدِ والّلدَدِ»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 470، ولسان العرب: 3 / 390 مادة (لدد)

فاللّدَد صفة مشبهة علی وزن (فَعَل) وتدل علی الخصومة الشدیدة(1)، ومنه قوله تعإلی:

«وتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًا» [مریم: 97].

أي خُصَماء عُوج عن الحق وقیل صُمُّ عنه(2).

5. الیَفَن: کقوله:

«أَیُّها الَیَفَنُ الذي قد لَهَزَهُ القَتِیرُ»(3).

فالیَفَن صفة مشبهة علی وزن (فَعَل) وتدل علی الشیخ الکبیر(4). قال الأعشی(5):

ومت إِنْ أَرَی الدَّهْرَ في صرفهِ *** یُغادِرُ مِنْ شَارِخٍ أَو یَفَنْ

فالیَفَن هنا الکبیر.

ثالثاً: ما جاء علی مبنی (فُعُل):

جاء هذا البناء من باب (فَعُل) ومن أقوال الإمام علیه السلام التي وردت في ذلك:

1. قُلُص: کقوله:

«علی قُلُص نواجٍ»(6).

ص: 152


1- ينظر: لسان العرب: 3 / 390 مادة (لدد)، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 5 / 32
2- ينظر: الكشاف: 6 / 242
3- نهج البلاغة: 265، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 715، ولسان العرب: 3 / 457 مادة (یفن)
4- ينظر: لسان العرب: 3 / 457 مادة (یفن)
5- ينظر: ديوانه: 186، ولسان العرب: 3 / 457 مادة (یفن)
6- نهج البلاغة: 83، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 156، ولسان العرب: 7 / 79 مادة (قلص)، وتاج العروس: 24 / 8613 مادة (قلص)

فقُلُص صفة مشبهة وتدلُ علی النافة الطویلة القوائم أي سمو الناقة الطویلة القوائم قلُوُصاً(1)، ومثل ذلك حدیث ذي المِشعار «أتَوْكَ علی قُلُص نَواجٍ»(2).

2. السُّهُب: کقوله:

«وفرَّقها بسُهُب بیدها»(3).

فالسُهُب صفة مشبهة علی وزن (فُعُل) وتدل علی الأرض الواسعة(4). وهکذا فهذه الأمثله التي ذکرناها جاءت علی وزن (فُعُل) وهو من أبنیة الصفة المشبهة.

رابعاً: اسم التفضیل:

یعرّف علی أنّه اسم مشتق من الفعل لوصف من زاد علی غیره في أصل الفعل تفضیلاً کأحسن وأفضل أو تنقیضاً کأقبح، وهو یصاغ علی وزن أفعل(5).

وفیما یأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت علی صیغة أفعل التفضیل في المعجمات:

1. لابشَّهما: کقوله:

ص: 153


1- ينظر: لسان العرب: 7 / 79 مادة (قلص)
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 156
3- نهج البلاغة: 128 والرواية فيه: «وفَّرقها في سُهُوب بیدها»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 1004، ولسان العرب: 1 / 475 مادة (سهب)
4- ينظر: لسان العرب: 1 / 475 مادة (سهب)، ومنهاج البراعة للراوندي: 3 / 207
5- ينظر: شرح قطر الندی: 280، وشرح الرضي علی کافیة ابن الحاجب: 4 / 428، والتعریفات: 7

«إذا اجتمع المسلمانِ فتذاكر غَفَرَ اللهُ لأبشَّهما لصاحبه»(1).

فأبشَّهُما هنا جاءت علی مبنی أفعل التفضیل إذ تدل علی «فرح الصَّدِیقِ بالصَّدیقِ عِنْدَ اللّقَاءِ»(2)، أي من کان أکثر بشاشةً لصاحبه.

2. أحْدَبَهم: : کما في حدیث الإمام علي علیه السلام یصف أبا بکر:

«وأَحْدَبُهم علی المسلمین»(3).

فأحدَبَهُم هنا جاءت علی مبنی أفعل التفضیل أَي «أَعْطَفُهم وأَشْفَقُهم مَن حَدِبَ علیه یَحْدَبُ إذا عَطَفَ»(4).

3. أصقب: کقوله:

«أنه کان إذا بالقتیل وُجِدَ بین القریتین، حُمِلَ علی أصقبِ القریتین إلیه»(5).

أصقب جاءت في قول الإمام علي علیه السلام علی مبنی أفعل التفضیل إذ تدل علی القُرب إذ یقال: هذا أصْقَبُ من هذا أي أقرب(6). وهکذا فأصقب تدل

ص: 154


1- لم أعثر عليه في نهج البلاغة ولا في مسند الإمام علي علیه السلام، ینظر: النهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 334، ولسان العرب: 6 / 266 مادة (بشش)، وتاج العروس: 3 / 211 مادة (بشش)
2- ينظر: تاج العروس: 3 / 211 مادة (بشش)
3- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 50، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 905، ولسان العرب: 1 / 300 مادة (حدب)، ومجمع البحرین: 1 / 449
4- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 905، ولسان العرب: 1 / 300 مادة (حدب)
5- لم أعثر عليه في نهج البلاغة، ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 2 / 335، وتهذیب اللغة: 3 / 160 مادة (صقب)، ولسان العرب: 1 / 525 مادة (صقب)
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 75، ولسان العرب: 1 / 525 مادة (صقب)

على التفضيل.

1. الأوسط: كقوله:

«خیرُ النّاسِ النمّطُ الأَوسط یلحقُ بهم التّالي ویَرجِعُ إلیهم الغالي»(1).

2. فالأَوسط هنا أسم تفضیل من (وَسَطَ) الثّلاثي ویدل علی «المُتَوَسِّطُ بین الغالي والتَّالي أي خیر الأمور أوساطُها»(2).

ثالثاً: أبنیة جمع التکسیر:
اشارة

یُعدُّ جمع التکسیر من أوسع الأبواب الصرفیة کما أنّ له أوزاناً کثیرة، بعضها یستعمل للعدد القلیل الذي لا یتجاوز العشرة، وبعضها یستعمل للعدد الکثیر الذي یزید علیها.

وجمع التکسیر: هو ما دلَّ علی أکثر من أثنین بصیغة تخالف صیغة مفردة مخالفة ظاهرة ومقدرة(3).

وهکذا فجمع التکسیر من أوسع الأبواب الصرفیة إذ یقسم باعتبار القلّة والکثرة إلی قسمین جمع القلّة، وجمع الکثرة. في حین ذهب غیرهم أنّ هذا التقسیم لیس مستقیماً في کلام العرب کلّه، إذ یُعترض علیه بما یأتي: هناك أسماء لیس لها إلا نوع واحد من الجمع، قد یکون جمع قلّة وقد یکون جمع کثرة، ثم ان

ص: 155


1- نهج البلاغة: 190، وغريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 482، وتهذیب اللغة: 4 / 415 مادة (نمط)
2- لسان العرب: 7 / 426 مادة (وسط)، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 2 / 8
3- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 204، والخصائص: 2 / 94، وشرح الرضي علی الشافیة: 2 / 116

العرب الفُصحاء لم یراعوا هذا في کلامهم، فکثیراً ما یجتمع عندهم جمع القلّة وجمع الکثرة في موضع واحد ویکون للمفرد غیر جمع، وکثیراً ما نری علی حد قولهم جمع القلّة یوضع في موضع الکثرة وجمع الکثرة یوضع للقلّة(1).

وفي ضوء ما عرضناه یتبیّن أنَّ لجموع التکسیر أوزاناً کثیرة متنوعة وهي نوعان:

أولاً: جمع القلّة:
اشارة

وهو ما وضع للعدد القلیل أي من ثلاثة إلی عشرة(2). ومن صیغ جمع القلّة التي وردت في أقوال الإمام علیه السلام في المصادر اللغویة:

1- صیغة (أفْعال):

ویجمع علی هذا الوزن کل ما لم يطرد فيه (أفعُل) وهو (فَعْل) المعتل العین، یقول ابم مالك: «ولّما تقرر المطرد جمعه علی (أفْعُل) من الثلاثي نبّهت أن ما سوه من الثلاثي إذا کان أسماً غیر صفة اطرد جمعه علی (أفعال»)(3).

کثوب أثیاب، وبیت أبیات، وحِمل أحمال، وسبَب أسباب، وکَتِف بفتح فکسِر أکتاف، وصُلْب أصلاب، وعَضُد أعضاد، وإبل آبال، ورُطَب أرطب، وعِنَب أعناب(4).

وذکر سیبویه أن (فَعْل) صحیح العین لا یجمع علی (أفعل) وما جمع

ص: 156


1- ينظر: الصرف، حاتم الضامن: 253
2- ينظر: شرح المفصل: 5 / 206، وتصریف الأسماء للطنطاوي: 204
3- شرح الكافية الشافية: 4 / 1817
4- ينظر: شرح الكافية الشافية: 4 / 1817، والصرف: 256، وشذا العرف في فن الصرف: 114، وتصریف الأسماء: 209

عليه منه يعد شاذاً(1). في حين جعل بعضهم (فَعْل) لكثرة الأمثلة الواردة علیه قیاساً ،ي جمع] (أفعال) فذکر مائة وأثنین واربعین لفظاً علی هذا الجمع ومفرده علی زنة (فَعْل) ثم قرر أن الوزن مقیس في هذا الجمع، ولکنّ غیره أعترض علی هذا الرأي(2).

وفیما یأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت علی زنة (أفْعال) أنجاد: کقوله:

«أمّا بنو هاشم فأنجاد أمجاد»(3).

فأنجاد علی وزن أفعال إذ قیل أنجاد جمع الجمع کأنه جمع نَجُدٌ علی نِجاد أو نُجُود ثم أنجاد(4). قال ابن الأثیر: «ولا حاجة إلی ذلك لأنّ أفعالاً في فَعُل وفَعِل مطرّد نحو عَضُد وأَعضاد وکَتِف»(5). وهکذا فأنْجاد جمع نَجُد وتدل علی الأشِداء الشجعان(6)، وهو جمع مقیس أي أن مفردهُ لیس ممّا یطرد فیه أفْعُل.

1. أمجاد: کقوله:

«أما بنو هاشم فأنجاد أمجاد»(7).

ص: 157


1- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 568، والتکملة: 399، وشرح التصریح علی التوضیح: 2 / 302
2- ينظر: الفيصل في الوان الجموع: 37، وجموع التصحيح والتكسير: 41
3- نهج البلاغة: 201، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 47، ولسان العرب: 3 / 413 مادة (نجد)، وتاج العروس: 35 / 2291 مادة (نجد)
4- ينظر: لسان العرب: 3 / 413 مادة (نجد)
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 7
6- ينظر: المصدر نفسه، ولسان العرب: 3 / 413 مادة (نجد)
7- نهج البلاغة: 201، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 47، ولسان العرب: 3 / 395 مادة (مجد)، وتاج العروس: 31 / 262 مادة (مجد)

فأمجاد جمع مجید کأشهاد في شهِید وتدل في قول الإمام علي علیه السلام علی الأشراف الکرام(1). وأن هذا الجمع من هذه الصیغة مما کسِّر علی أَفعال من الوصف بوزن فعیل علی خلاف القیاس(2). أمَّا جمع الأسم فهو من القیاس ک- (سریر أسرار)(3). وهکذا فأمجاد علی وزن أفعال وهو من جموع القلة.

2. أعیان: کقوله:

«إنَّ أعیان بني الأم یتوارثون دون بني العلات»(4).

فأعیان جمع عَیْن وتدل علی: «الأخْوَة لأب واحدٍ وأمًّ واحِدة»(5). وهو مقیس؛ لأن هذا الجمع یطرد في کل أسم أجوف علی وزن (فَعْل) ک- (صوت: أصوات، وثوب: أثواب، وقوس: أقواس)(6).

3. أغباش: کقوله:

«قمش علماً غاراً بأَغباش الفتنة»(7).

ص: 158


1- ينظر: لسان العرب: 3 / 395 مادة (مجد)
2- ينظر: ظاهرة الشذوذ في الصرف العربي، حسين الرفايعة: 115
3- ينظر: المصدر نفسه
4- مسند الإمام علي علیه السلام: 5 / 110، والروایة فیه: «أن أعیان بني آدم یتوارثون دون العلات»، وتهذیب اللغة: 1 / 379 مادة (عان)، والصحاح في اللغة: 2 / 10 مادة (عیی)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 625، ولسان العرب: 13 / 298 مادة (عین)، وتاج العروس: 24 / 820 مادة (عین)
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 625
6- ينظر: أبنية الصرف في كتاب سيبويه: 297
7- نهج البلاغة: 38 والرواية فيه: «قمش جهلاً غار بأغباش الفتنة»، وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 360، ولسان العرب: 6 / 322 مادة (غبش)، والمغرب في ترتیب المعرب: 2 / 293

4. فأغباش جمع الغَبَشَ وهو شدة الظلمة(1)، أي أن مفردها غَبَشَ على وزن (فَعَل) بفتح الفاء والعین، وهو جمع مقیس؛ إذ یری بعضهم أنه يجمع على هذه الصیغة ما کان علی وزن (فَعَل)(2).

5. أهدام: كقوله:

«لبسنا أهدام البِلى»(3).

فالأهدام الأخْلاق من الثِّياب واحِدها هِدْم بالكسر(4). وهو مقيس؛ لأن هذا الجمع يطرد في ما كان على وزن (فِعل) بكسر الفاء.

6. أهضام: كقوله:

«فَأَنَا نَذِیرٌ لَکُمْ أَن تُصْبِحُوا صَرْعَی بأَثْنَاءِ هذا النَّهْرِ، وَأهضَام هذا الغائظ»(5).

فأهضام جمع هِضم بكسر الفاء، أي كما ذُكرنا بأن هذا الجمع يطرد في ما کان علی وزن (فِعل) قال أبن منظور: «الأَهْضامُ الغُیوبُ واحدها هِضْمٌ وهو ما غیَّبها عن الناظر»(6).

ص: 159


1- ينظر: لسان العرب: 6 / 322 مادة (غبش)، ومنهاج البراعة للراوندي: 1 / 63
2- ينظر: الصرف لحاتم الضامن: 257، والفيصل في الوان الجموع: 110
3- نهج البلاغة: 354، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 573، ولسان العرب: 12 / 603 مادة (هدم)، وتاج العروس: 25 / 932 مادة (هدم)
4- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 573
5- نهج البلاغة: 64، خطبة: 36 والرواية فيه: «وبأهضام هذا الغائظ»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 611، ولسان العرب: 12 / 613 مادة (هضم)
6- لسان العرب: 12 / 613 مادة (هضم)

7. أوهاق: كقوله:

«وأعْلقت المرءَ أوهاقُ المنیّة»(1).

فأوهاق جمع وَهَقَ بالتحريك(2)، وتدل على الحبال التي تطرح في أعناق الدواب حتّى تؤخذ(3). أي أن مفردها وَهَق على وزن (فَعَل) بفتح الفاء والعين وهو جمع مقيس.

8. أكوار: كقوله:

«لیس فیما تُخْرِج أَکْوارُ النَّحْل صدَقة»(4).

فأکْوار جمع على وزن أفعال واحدها كُور بالضم وهو بيت النحل والزَّنابير أراد أنه ليس في العسل صدقة(5). وهذا جمع مقيس؛ لأن مفرده معتل العين.

9. أوتار: كقوله:

«فأدركت أوتار ما طلبوا»(6).

فأوتار جمع وِتِر بالكسر، وهي الجناية(7). وهو مقيس؛ لأن هذا الجمع

ص: 160


1- نهج البلاغة: 101 خطبة: 83، والنهاية في غريب الأثر: 5 / 523
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 523
3- ينظر: لسان العرب: 10 / 385 مادة (وهق)، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 5 / 7
4- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 20 / 14، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 385، ولسان العرب: 5 / 154 مادة (کور)، وتاج العروس: 26 / 469 مادة (کور)
5- ينظر: لسان العرب: 5 / 154 مادة (کور)
6- نهج البلاغة: 376، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 319، ولسان العرب: 5 / 273 مادة (وتر)
7- ينظر: لسان العرب: 5 / 273 مادة (وتر)

يطرد في كل أسم ثلاثي معتل الفاء نحو: وقت: أوقات، وصف: أوصاف، وِكر: أوكار(1).

10. أقزام: كقوله في ذم أهل الشام:

«وجُفَاةُ طغامُ عبیدُ أقزام»(2).

فأقزام جمع قَزَم ويدلُ على اللئيم الدَّنيء الصغير الجُثة الذي لا غناء عنده وهو في الأصل مصدرٌ يقع على الواحد والأثنين والجمع والذَّكر والأنثى(3).

وهذا جمع مقيس أيضاً؛ لأنه يجمع على هذه الصيغة ما كان على وزن (فَعَل).

11. أكظامها: كقوله:

«لعلَّ الله یُصلِحُ أَمر هذه الأُمة ولا یأخذ بأکْظامِها»(4).

فأکْظام جمع کَظَم قال ابن الأثير: «هي جمع کَظَم بالتحریك وهو مَخْرَجُ النَّفس من الحلق»(5). وهو مقیس کما ورد في المثال السابق. وهکذا فالأقوال التي وردت تدل علی جمع القلة علی صیغة أفعال.

ص: 161


1- ينظر: المهذب في علم التصريف، هاشم طه شلاش: 183
2- نهج البلاغة: 373، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 288، ولسان العرب: 12 / 477 مادة (قزم)، وتاج العروس: 25 / 858 مادة (قزم)
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 288، ولسان العرب: 12 / 477 مادة (قزم)، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 245
4- نهج البلاغة: 188 والرواية فيه: «ولا تُؤخذُ بأکظامِهَا»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 328، ولسان العرب: 12 / 19 مادة (کظم)، وتاج العروس: 26 / 788 مادة (کاظم)
5- ينظر: لسان العرب: 12 / 19 مادة (کظم)، وشرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 8 / 62
2- أَفْعِلة:

ويطرد في كل اسم مذكر رباعي بمدة قبل الآخر نحو طعام أطعِمة، ورغيف أرْغِفة، وعمود أعْمِدة. كما يطرد في (فعال) بفتح أوله أو كسره، مُضعّف اللام أو معتلها نحو أبتّة، وأزمّة، وأقبيه، وأكسية، ولا يجمعان على غيره إلا شذوذاً(1).

وقد أضاف السيوطي اليها ما كان على وزن (فُعال) كغُراب أغربة(2). وفيما يأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت على زنة أفْعِلة:

1. أدِلّة: کقوله علیه السلام في صفة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين:

«يخرجون من عنده أدِلّةً»(3).

أدِلّة جمع دليل أي بما قد علِموا فيدلون الناس عليه أي يخرجون من عنده فقهاء فجعلهُم أنفُسَهم أدلّةً(4).

وهو مقيس؛ لأن هذا الجمع يطرد في كل أسم رباعي مذكر قبل آخره حرف مد.

2. الأسِرّة: كقوله:

«کأنَّ ماءَ الذّهبِ یجري في صفحةِ خدِّة، ورَونَقَ الجمالِ یطرَّد في أَسِرّةِ جبینِهِ»(5).

ص: 162


1- ينظر: أوضح المسالك: 4 / 312، والصرف: 258، وشذا العرف في فن الصرف: 115، وتصریف الأسماء: 211
2- ينظر: همع الهوامع: 3 / 310
3- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 191، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 315، ولسان العرب: 11 / 247 مادة (دلل)
4- ينظر: لسان العرب: 1 / 247 مادة (دلل)
5- مسند الإمام علي علیه السلام: 5 / 151، وغریب لأبن قتیبة: 2 / 277، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 912، ولسان العرب: 4 / 356 مادة (سرر)

فالأسِرّة جمع سِرَرٍ وأسارير فهو جمع الجمع(1). أي في هذا الشاهد شذ جمع سِرَرٍ على أسرة الذي جاء مفرده (فِعَل) وهو ثلاثي فخرّج بعض المحدثين هذا الشذوذ السماعي، بأنهم حملوا الوصف على الاسم فقلبوا حكم الاسم على الوصف لخفة الاسم(2).

ثانیاً: جموع الکثرة:
اشارة

يدل على عشرة إلى ما لا نهاية وهذا ما ذهب اليه سيبويه(3). أي هو ما وضع للعدد الكثير وجموع الكثرة متعددة، وكثيرة وقد تباينت بين العلماء من حيث العدد، فكانت عند ابن مالك كالآتي: (فُعْل)، و(فُعُل)، و(فِعَل)، و(فُعَل)،و(فَعَلَة)، و(فَعْلی)، و(فِعَلة)، و(فُعَّل)، و(فَعَّال)، و(فِعال)، و(فُعُول)، و(فِعلان)، (فُعلان)، و(فُعلاء)، و(أفْعلاء)، و(فَوَاعِل)، و(فَعائل)، و(فَعَالِى)، و(فَعَالَى)، و(فعالِىَّ)، و(فَعَالِل) وشبه فعالل: (أفاعل)، (مَفاعِل)، و(فَعَل) وحددها بأنها تأتي جمعاً لفاعل في الفاظ مخصوصة(4).

أمّا (فعالة) و(فَعيل) فقد أشار اليهما سيبويه(5). و(فُعَإلی)، و(فُعَال)، و(فُعلى)، ذكرها الأشموني نقلاً عن ابن الحاجب. أمّا الصيغ التي لم تلحقها الهاء في آخرها لتأنيث أو تأكيد الجمع فهي: فُعُول، وفعال، ومفاعل(6). وهكذا

ص: 163


1- ينظر: لسان العرب: 4 / 356 مادة (سرر)
2- ينظر: ظاهرة الشذوذ في الصرف العربي: 116
3- ينظر: أبنية الصرف في كتاب سيبويه: 8 - 3
4- ينظر: شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 2 / 190
5- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 568
6- ينظر: المصدر نفسه: 3 / 568، وشرح الرضي علی شافیة آبن الحاجب: 2 / 190

فهذه صيغ جموع الكثرة التي أوردها النحاة، ومن صيغ جموع الكثرة التي وردت في أقوال الإمام علي علیه السلام والتي ذکرها بعض اللغویین:

1. فُعْل بضم فسکون:

وينقاس في (أفعل) ومؤنثة (فعلاء) صفتين كحُمْر بضم فسكون، في جمعأحمر وحمراء، و خُضْر في أخضر وخضراء. يكون جمعاً ل- (أفعل) الذي لا مؤنث له أصلاً كأحمر للعظيم الحمرة، وكذا لفعلاء الذي لا أفعل له كقرناء. ويكثر في الشعر ضمّ عينه إن صحت هي ولامه ولم يضعّف بخلاف نحو بيض وعمي وغُرّ فلا یُضم؛ لأعتدال العين في الأول واللام في الثاني والتضعيف في الثالث(1).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت على هذه الزنة:

1. مُرْهُ: کقوله:

«مُرهُ العیون من الکباء»(2).

فمُرْهُ جمع الأمْرَه وهو مرضُ في العين لترك الکُحْلِ فيها(3). وهو مقيس؛ لأن مفرده أمْرَه على وزن أفعل ومؤنثه مرهاء على وزن فعلاء إذ يقال: «عین مَرُها، لیس فیها الکحل»(4).

ص: 164


1- ينظر: شرح الكافية الشافية: 4 / 128، وأوضح المسالك: 4 / 312، وهمع الهوامع: 3 / 311، وشذا العرف في فن الصرف: 79، والصرف: 26، وتصریف الأسماء: 213
2- نهج البلاغة: 183، خطبة: 121، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 683، ولسان العرب: 13 / 540، وتاج العروس: 25 / 8242 مادة (مره)
3- ينظر: لسان العرب: 13 / 540 مادة (مرة)
4- تاج العروس: 25 / 8242 مادة (مرة)

2. مُقّ: كقوله:

«من أراد المُفاخرة بالأولاد فعليه بالمُقِّ من النساء»(1).

فمُقّ جمع أمَقّ أي النساء الطوال إذ یقال: «رجل أمَقّ وأمرأَة مقَّاء»(2). وهو مقيس؛ لأن هذا الجمع يطرد في كل أسم على وزن أفعل ومؤنثة فعلاء.

وهكذا جمع ما كان من النعوت على وزن (أفْعل) ومؤنثه (فعلاء) على (فُعْل) مضمومة الأَول ساكنة الثاني.

2- فُعَل بضم ففتح:

یَطرد هذا البناء في ما كان اسماً على (فُعْلَة) بضم فسكون سواء أكان صحيحاً أم معتلاً أم مضاعفاً، وفي الوصف على (فُعْلی) بضم فسكون أنثى أفعل نحو غرفة غُرَف، وعُدّة عُدَد، وعروة عری، وحجة حُجج وشذّ (بُهْمة) وصف للرجل الشجاع (بُهْم) كما شذّ جمع (رُؤیا) بضم الأول، و(نَوْبة، وقَرْیة) بفتح أولهما، و(لحِیة) بكسرة، و(تُخَمة) بضم ففتح للمصدرية في الأول، وانتفاء ضم الفاء في الثلاثة بعده وفتح عين الأخير(3). وفيما يأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت على هذا الجمع:

1. قُحَماً: کقوله:

ص: 165


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 106، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 767، ولسان العرب: 10 / 346 مادة (مقق)، وتاج العروس: 35 / 587 (مقق)
2- لسان العرب: 10 / 346 مادة (مقق)
3- ينظر: شرح الكافية الشافية: 4 / 1837، وأوضح المسالك

«إنّ للخُصومةِ قُحَماً»(1).

فقُحماً جمع قُحْمة وهي بمعنى «الأمور العظام الشاقة»(2). کقول ذو الرمة يصف الإبل وشدة ما تلقى من السير حتَّى تُجْهِض اوْلادَها(3):

یُطَرِّحْنَ بالأَوْلادِ أَوْ یَلْتَزمْنها *** علی قُحَم بینَ الفَلا والمَناهِل

وهذا جمع مقيس؛ لأن مفرده قُحْمة على وزن (فُعْلَة) فقد جمعت على هذاالبناء أعني (فُعَل)؛ لأن هذا البناء یُطرد في (فُعْلة) بضم الفاء أسماً ويستوي في ذلك صحيح اللام ومضاعفها(4).

2. اللّؤم: كقوله:

«تَجَلْبَبوُا السکینة واکْمِلوا اللُّؤم»(5).

اللُّؤم جمع لامْة على غير قياس فكأَنَّ واحدته لُؤْمة وتدل على الدرع(6).

وهذا الجمع غير مقيس.

ص: 166


1- نهج البلاغة: 546، والعين: 1 / 176، وجمهرة اللغة: 1 / 290 مادة (قحم)، والمحیط في اللغة: 1 / 170 مادة (قحم)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 36، ولسان العرب: 2 / 462 مادة (قحم)
2- ينظر: لسان العرب: 2 / 462 مادة (قحم)
3- ينظر: ديوانه: 88، ورواية الشطر الاول: فَرَدَتْ إلیه رُوحَه في المفاصل، ولسان العرب: 2 / 462 مادة (قحم)
4- ينظر: شرح المفصل: 5 / 22، وهمع الهوامع: 3 / 314
5- نهج البلاغة: 186 والرواية فيه: «تَجَلْبَبُوا السَّکِینَةَ وأَکْمِلوا اللاَّمَة»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 414، ولسان العرب: 12 / 530 مادة (لام)
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 414، ولسان العرب: 12 / 530 مادة (لام)

1. ثُكن: كقوله:

«يدخل البيت المعمور كلَّ يومٍ سبعون الف ملكٍ على ثُكنهم»(1).

فثُکنَ جمع واحدتها ثُکْنة وتدل على الرَّايات والعلامات(2)، قال طرفة بن العبد(3):

وهَانِئاً هَانِئاً في الحيِّ مُومِسَةً *** ناطَتِ سِخَاباً وناطَتْ فَوْقَهُ ثُکَناً

فثُکناً هنا تدل على الرايات. وهذا الجمع مقيس؛ لأن هذا البناء يطرد في كل أسم على وزن (فُعْلة) بضم الفاء.

2. حُجَز: كقوله:

«هُمْ أشَدُّنا حُجَزاً»(4).

فحُجَز جمع حُجْزة والمراد بها: الصبر على الشِّدّة والجَهْد إذ يقال رجل شديد الحُجْزة أي صبور على الشِّدة والجَهْد(5). وهو جمع مقيس كما تقدم في الأمثلة السابقة؛ لأن مفرده على وزن (فُعْلة).

3. الضُّبَى: كقوله:

ص: 167


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 21، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 630، ولسان العرب: 13 / 79 مادة (ثکن)، وتاج العروس: 5 / 588 مادة (ثکن)
2- ينظر: لسان العرب 13 / 79 مادة (ثکن)
3- ينظر: ديوانه: 30، ولسان العرب: 13 / 79 مادة (ثکن)، وتاج العروس: 5 / 588
4- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 1 / 220، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 897، ولسان العرب: 5 / 331 مادة (حجرْ)، وتاج العروس: 6 / 3703 مادة (حجرْ)
5- ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 897، ولسان العرب: 5 / 331 مادة (حجر)

«نافحوا بالظُّبى»(1).

فالظُّبَى جمع ظُبة وأصل الظُّبَة ظُبَوٌ بوزن صُرَد فحذفت الواو وعوّض منها الهاء وتدل على طرف السيف وحَدَّه(2).

وهكذا فالأقوال التي ذكرناها تدل على جمع الكثرة على وزن (فُعَل).

3- فِعَال:

يكثر أستعمال هذه الصيغة في جمع التكسير(3). وتقاس في (فَعْل) و(فَعْلة) أسمين كانا أو صفتين نحو: كعب وكعبَة کِعاب، و صَعْب وصَعْبة: صِعاب، ونَعْجة: نِعاج و خَدَلة: خِدال، و ثَوْب التي تبدل الواو ياء في الجمع ثِياب وندر فيما عينه أو فاؤه الياء كضیْف ضِياف(4). وتقاس أيضاً فيما كان على حرفين وليست فيه علامة التأنيث كدَم: دِماء(5). وتقاس هذه الصيغة ايضاً في (فَعَل)، و(فَعَلَة) اسمين صحيحي اللام، ما لم يضاعفا أو تعتل لامهما، وليست عينهما ولامهما، ولیست عینهما ولامهما من جنس، وذلك نحو جَمَل: جِمال، و رَقَبة رِقاب وكذلك تقاس في (فِعل) اسماً كذِئب: ذِئاب، وَقَدَح: قِداح وهي تقاس أيضاً في (فُعْل) اسماً غير واوي العين ولا يائي اللام كرَمْح: رِماح وتقاس ايضاً في (فعيل) و(فَعيلة) صحيحي اللام بمعنى فاعل، كظريف: ظِراف، وتلزم هذه الصيغة فيما عينهُ واو من هذا النوع

ص: 168


1- نهج البلاغة: 86، ولسان العرب: 15 / 22 مادة (ظبا)، ومجمع البحرین: 7 / 328، ومجمع البحرین للطریحي: 2 / 306
2- ينظر: لسان العرب: 15 / 22 مادة (ظبا)
3- ينظر: المنهج الصوتي، عبد الصبور شاهين: 137
4- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 567
5- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 567

فلا يجمع غيرها كطويل وطويلة: طوال، وشاع هذا الوزن في جمع كل وصف على (فَعلان) للمذكر، و(فَعَلى) للمؤنث و(فُعلان) له و( فُعلانة) لهما كغضبان غضبى وغِضاب(1).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت على هذه الصيغة:

1. سِمام: كقوله:

«غذاؤها سِمام»(2).

فسِمام جمع السَّمُّ القاتل(3). وهو مقيس؛ لأن هذا الجمع يطرد في كل أسم على وزن (فَعَل) لامه صحيحة(4).

2. ذِهابُها: كقوله:

«لا قَزَعٌ ربَابُها ولا شَفَّان ذِهابُها»(5).

3. فذهاب جمع كثرة والمراد بها الأمطار اللَّیّنَة واحدتها ذِهْبة أي المَطْرة، وفي الكلام مضاف محذوف تقديرُه ولا ذات شِفان ذِهابُها(6). ومثل ذلك قول

ص: 169


1- ينظر: شرح الكافية الشافية: 4 / 1850، وهوامع الهوامع: 3 / 315، وشذا العرف في فن الصرف: 118، والصرف: 267
2- نهج البلاغة: 169 خطبة: 111، ولسان العرب: 12 / 302 مادة (سمم)، وتاج العروس: 17 / 7766 مادة (سمم)، ومجمع البحرین: 3 / 393
3- ينظر: لسان العرب: 12 / 302 مادة (سمم)، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 3 / 112
4- ينظر: شرح الأشموني: 3 / 685
5- نهج البلاغة: 177 خطبة: 115، والنهاية في غريب الحديث و الأثر: 2 / 187، ولسان العرب: 1 / 393 مادة (ذهب)، وتاج العروس: 15 / 501 مادة (ذهب)
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 187

الشَّاعِر(1):

تَوَضَّحْنَ في قَرْنِ الغَزَالَةِ بَعْدَمَا *** تَرَشَّفْنَ دِرَّاتِ الذَّهابِ الرّکائِكِ

فالذِّهاب هنا جمع ذِهْبة وهذا جمع غير مقيس؛ لأنه لا یُطرد في ما كان على وزن (فِعلة).

4. الشِّمال: كما جاء في حديث الإمام علي علیه السلام:

«إنَّ أبا هذا كان یَنْسج الشِّمال بيمينه»(2).

فالشِّمال جمع شَمْلة، وهو الکِساء والمئزرُ يتَّسع به(3).

وهذا جمع مقيس؛ لأنه يطرد في كل أسم على وزن (فَعْلة).

5. الوِذام: كقوله:

«لَئن وَلیتُ بَني أمیَّة لأنْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصاب الوِذَامَ التِربَة»(4).

فالوِذامَ جمع وَذَمَةٌ والمراد بها الخُزَز من الکَرِش والکَبِد السَّاقِطَة في التُّراب فالقَصَّابُ یبالغ في نَفْضِها(5).

ص: 170


1- البيت غير معزو إلى قائل وهو من شواهد لسان العرب: 1 / 393 مادة (ذهب)، وتاج العروس: 15 / 501 مادة (ذهب)
2- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 11 / 364 مادة (شمل)، وتاج العروس: 17 / 722 مادة (شمل)
3- ينظر: لسان العرب: 11 / 364 مادة (شمل)
4- نهج البلاغة: 95، خطبة: 76 والرواية فيه: «لئن لقیت لهم لأنْفُضَنُّهم نفض اللَّحَّام»، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 438، وتهذیب اللغة: 5 / 74 مادة (دمی)، ولسان العرب: 2 / 632 مادة (وذم)
5- ينظر: لسان العرب: 12 / 632 مادة (وذم)

وهو مقيس؛ لأن هذا الجمع يطرد في كل أسم على وزن (فَعَلة) وهكذا فالأمثلة التي ذکرناها من أقوال الإمام علي علیه السلام جاءت علی وزن (فِعال).

4- فُعُول:

ویطرّد في كل أسم على (فَعِل) بفتح فكسر على أن يكون صحيح العين، ككَبِد: كبُود، ووعل: وُعُول، ونَمِر: نُمُور(1). ويطرد ايضاً في كل أسم على (فَعْل) كنَسْر: نُسُور، وصكّ: صُکُوك، وإنَّ هذا البناء لا يقيس على (فُعُول) في الأجوف الواوي(2).

وحُفظ هذا البناء في (فَعَل) خالياً من حروف العلّة ك- (أَسَدَ: أُسُوُد، وذكر: ذُکُور، وشَجَن: شُجُون(3). ورأی سيبويه إنّ بني المضاعف على (فُعُول) هو القياس(4).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت على هذا البناء:

1.خُلُوف: کقول الإمام علیه السلام حین سُئل عن القُبْلة للصائم:

«وما أَرَبُك إلی خُلُوف فیها»(5).

فخُلُوف جمع خَلف ويراد به تغير طعم الفم لتأخُّرِ الطعام(6). ومثل ذلك ما

ص: 171


1- ينظر: شرح الكافية الشافية: 4 / 1854، وهمع الهوامع: 3 / 317
2- ينظر: شرح الأشموني: 4 / 99
3- ينظر: عمدة الصرف: 165، وشذا العرف في فن الصرف: 119
4- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 575
5- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 10 / 9، وغریب الحدیث لأبي عبید: 1 / 327، وتهذیب اللغة: 2 / 491 مادة (خلف)، والنهایة في غریبا لحدیث والأثر: 2 / 143، ولسان العرب: 9 / 82 مادة (خلف)، وتاج العروس: 7 / 583 مادة (خلف)
6- ينظر: لسان العرب: 9 / 82 مادة (خلف)

روي عن النبي صلّی الله علیه و آله و سلم:

«وَ لخُلُوُف فم الصائم أطیبُ عندَ اللهِ من ریحِ المِسْكِ»(1).

وهذا الجمع مقيس؛ لأن مفرده على وزن (فَعَل) أي يطرد هذا الجمع في (فَعَل) خالياً من حروف العلّة.

2. نُکُوص: كقوله:

«قَدَّمَ لِلْوثْبة یداً وأخَّر للنَّکوص رِجلاً»(2).

فنکُوُص جمع نَکَص ویراد به: «الرُّجوع إلی وراء وهو القَهْقَرَی»(3). وکقوله تعإلی:

«فَکُنْتُمْ عَلَی أَعْقَابِكُمْ يَنْكِصُونَ» [المؤمنين: 66].

أي ترجعون القَهْقَری، وتعرضون عن سماعها أشد الإعراض والرجوع والقهقری هي أقبح المشیة، لأنه لا یری ما وراءه(4).

وهذا الجمع مقيس أيضاً كما في الشاهد السابق؛ لأن مفردة نَکَص على وزن (فَعَل).

وهکذا فأقوال الإمام علي علیه السلام هنا جاءت على وزن (فُعُول) وهو من أبنية جموع الکثرة.

ص: 172


1- غريب الحديث لأبي عبيد: 1 / 327، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 143
2- نهج البلاغة: 87، خطبة: 66، وغريب الحديث لأبن قتيبة: 1 / 143 والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 243، ولسان الع رب: 7 / 101 مادة (نکص)، وتاج العروس: 25 / 4550 مادة (نکص)
3- النهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 243، ولسان العرب: 7 / 101 مادة (نکص)
4- ينظر: التحرير والتنوير: 6 / 169
5- فواعل:

يطرد هذا البناء في (فاعِلة) أسماً أو صفة، عاقلاً أم غير عاقل، كناصية: نواصٍ، وفي أسم على وزن (فوعل) أو (فَوْعَلة) كجَوْهر جواهر، وصَوْمعة صوامِع(1).

ويطرد هذا البناء أيضاً في (فاعل) بفتح العين أو كسرها سواء أكان اسماً أم وصفاً كحائض حوائض، وخاتم خواتم، وكاهل كواهل(2). وأضاف بعض العلماء ما كان على (فاعلاء) نافقاء نوافق، وقاصعاء قواصع(3).

ومن أقول الإمام علي علیه السلام التي وردت على هذه الزنة:

1. حوازب: كقوله:

«نزلت كرائه الأمور وحوازب الخطوب»(4).

فحوازب جمع حازب وهو الأمر الشديد(5) إذ يقال: أمْرٌ حازِبٌ وحَزِیبٌ شدیدٌ(6). وهو جمع مقيس؛ لأن مفرد حوازب حازب وهو أسم على وزن فاعِل بكسر العين أي يطرد هذا البناء في ما كان على وزن (فاعِل).

ص: 173


1- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 614، وشرح الشافیة: 2 / 154، وشذا العرف في فن الصرف: 121، والصرف: 275
2- ينظر: شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 2 / 154
3- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 614، وشرح الرضي علی شافیة ابن الحاجب: 2 / 154، والتطبیق الصرفي: 309
4- نهج البلاغة: 139، خطبة: 93، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 945، ولسان العرب: 1 / 308 مادة (حزب)، وتاج العروس: 8 / 945 مادة (حزب)
5- ينظر: لسان العرب: 1 / 308 مادة (حزب)
6- ينظر: تاج العروس: 8 / 945 مادة (حزب)

2. دواجي: كقوله:

«یُوشِكُ أنْ یَغشاکُم دواجي ظُلَلِه»(1).

فدَواجِي جمع داجية وتدل على الظُلمة(2). وهو جمع مقيس؛ لأن مفرد هذا الجمع على وزن (فاعلة) صفة.

3. هوامد: كقوله:

« أخْرَج به من هَوامِد الأرض النَّباتَ»(3).

فهوامد جمع هامدة وتدل على الأرض المستنّة أي التي لا يكون فيها حياةٌ ولا نَبْت ولا عُود(4). وهو كما تقدّم جمع مقيس؛ لانَّ مفرد هذا الجمع على وزن (فاعلة).

4. نوازغها: كقوله:

«ولم تَرْم الشُّکوكُ بنَوازِغها عَزیمةَ إیمانهم»(5).

فنوازغ جمع نازِغة، قال ابن الأثير: «النَّوازغُ: جمع نازِعة من النَّزغ: وهو

ص: 174


1- نهج البلاغة: 367، خطبة: 230، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 221، ولسان العرب: 14 / 249 مادة (دجا)
2- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 4 / 7
3- نهج البلاغة: 129، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 634، ولسان العرب: 3 / 436 مادة (همد)، وتاج العروس: 38 / 363 مادة (همد)
4- ينظر: النهاية في غريب الحديث الأثر: 5 / 634، ولسان العرب: 3 / 346 مادة (همد)
5- نهج البلاغة: 124، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 101، ولسان العرب: 8 / 454 مادة (نزغ)

الطَّعْن والفساد»(1). وهو جمع مقيس ايضاً لأن مفرده على وزن فاعلة.

5. حواني: كقوله:

«هل ينتظر أهل بضاضة الشّباب إلا حواني الهرم»(2).

فحَواني جمع حانية وهي التي تحني ظهر الشيخ وتنكبُّه(3) وهو جمع مقيس كما تقدّم في الأمثلة السابقة؛ لأنَّ مفرده على وزن (فاعلة).

6. المَواجِن: کقوله:

«ما شَبَّهْتُ وَقْعَ السُّیوف علی الَهام إلّا بوَقْع البَیازِر علی المَواجِن»(4).

فالمَواجِنن جمع مِیجَنَة قال ابن الأثير: «جمع مِیجَنَة وهي المِدَقّة یقال وجن القَصَّارُ الثوبَ یَجِنُه وجْناً إذا دَقَّة والمیم زائدة وهي مِفْعَلة بالکسر»(5). ونحو ذلك أیضاً قول الشاعر(6):

رِقابٌ کالمُوَاجِنِ خاظِیاتٌ *** وأسْتاهٌ عَلَی الأکْوارِ کُومُ

ص: 175


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 101
2- نهج البلاغة: 105، خطبة: 83، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 1073، ولسان العرب: 14 / 202 مادة (حنا)، ومجمع البحرین: 2 / 72
3- ينظر: لسان العرب: 14 / 202 مادة (حنا)، وشرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 6 / 20
4- نهج البلاغة: 269، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 625، ولسان العرب: 13 / 433 مادة (وجن)
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 625، ولسان العرب: 13 / 443 مادة (وجن)
6- البيت لعامِرُ بن عُقَیْل السَّعْدي وهو من شواهد: تهذيب اللغة: 3 / 419 مادة (کام)، والمحکم والمحیط الأعظم: 2 / 162، ولسان العرب: 13 / 443 مادة (وجن)، وتاج العروس: 1 / 8371 مادة (وجن)

فالمواجِن هنا جمع مِيجَنَة، وهذا الجمع غير مقيس؛ لأن مفرده على وزن(مِفْعَلة) وهذا لم يطرد.

7. النَّواحِب: كقوله:

«فهل دفَعَتِ الأَقارِبُ أو نَفَعَتِ النَّواحِبُ»(1).

فالنَّواحِب البواكي جمع ناحبة وهي الباكية(2). وهذا جمع مقيس؛ لأن مفردة على وزن (فاعِلة).

فهذه الأمثلة مجتمعة من جموع الكثرة وجاءت على وزن فواعل.

6. فَعَائِل بفتح ففتح فکسر:

ويطّرد في رباعي مؤنث، ثالثه مدّة، سواء كان تأنيثه بالتاء أو بالألف مطلقاً. أو بالمعنى كسحابة سحائب، وصحيفة صحائف، وحلوبة حلائب، وعجوز عجائز وشمال شمائل، وحُباری حبائر ويشترط في ذي التاء الا تكون بمعنى مفعولة، إلا فعيلة. وشذ ذبيحة ذبائح، وجزور جزائر(3). وأشترط بعضهم فيما كان من ذوات التاء أن يكون أسماً لا صفة إلا فعيلة؛ ولهذا لا تجمع جبانة على جبائن(4). ويطرد في (فِعالة) كجِ ِ جنازة جنائز، وعمامة عمائم و(فَعالَة) كحمامة حمائم، و(فُعَالة) كذؤابة ذوائب(5).

ص: 176


1- نهج البلاغة: 105، خطبة: 83، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 59، ولسان العرب: 1 / 749 مادة (نحب)
2- ينظر: لسان العرب: 1 / 749 مادة (نحب)
3- ينظر: شذا العرف في فن الصرف: 122، والصرف: 276
4- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 611، وشرح الأشموني: 4 / 102، وشرح الرضي علی شافیة ابن الحاجب: 2 / 128
5- ينظر: أوضح المسالك: 4 / 321، وهمع الهوامع: 3 / 324

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت على هذا البناء:

1. الربائث: كقوله:

«غَدَت الشیاطینُ برَایتها فیأخُذُن الناس بالرَّبائِث فیُذکِّرونهم الحاجات»(1).

فالرَّبائث جمع رَبِیثَة وهو الأمرُ یَحْبس الإنسان عن مَهامِّة(2). وهو جمع مقيس؛ لأنه يطّرد في رباعي مؤنث ثالثه مدّة.

2. مرائر: كقوله:

«إنَّ الله جعل الموت قاطعاً لمرائر أقرانها»(3).

قال ابن الأثير: «امَرائر: الجبالُ المفتولةُ علی أکثر من طاقِ واحدها: مرِیرٌ ومَرِیرةٌ»(4). وهذا جمع مقيس؛ لأنه أطرد في رباعي مؤنث ثالثه مدّة كمرير أو رباعي مؤنث ثالثة مدّة مختوم بتاء التأنیث کَمرِیرةٌ.

3. كبائس: كقوله:

«كبائس اللؤلؤ الرَّطب»(5).

ص: 177


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 9 / 80، وغریب الحدیث للخطابي: 2 / 155، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 451، ولسان العرب: 15 / 398 مادة (ربث)، وتاج العروس: 14 / 1259 مادة (ربث)
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 451، ولسان العرب: 15 / 398 مادة (ربث)
3- نهج البلاغة: 121، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 669، ولسان العرب: 5 / 165 مادة (مرر)
4- النهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 669، ولسان العرب: 5 / 165 مادة (مرر)
5- نهج البلاغة: 245، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 245، ولسان العرب: 6 / 190 مادة (کبس)

فکَبائس جَمْع کِباسَة وهي العذق التّام بِمَشاريخه ورُطبَه(1).

وهو مقيس؛ لأن مفرده على وزن (فِعالَة).

4. نتائِق: كقوله:

«والكعبةُ أقلُّ نتائِقِ الدُّنيا قدراً»(2).

فالنَتَائِقُ جمع نتيقة على وزن فعيلة في معنى مفعولة من النّتق وهو أن تقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمي به هذا هو الاصل(3). وهو مقيس؛ لأنه يطرد في ماكان مفرده على وزن فعيلة بمعنى مفعوله.

7- أفَاعِیل بفتح ففتح فکسر:

یری بعض العلماء أنه جمع مقيس في (أفْعولة) كأضحوكة، وفي (أفْعول) كأسبوع، و(أفعيل) كإبريق اباريق(4). ويقاس أيضاً في (أفْعَال) كانعام أناعيم وأقوال أقاويل(5).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت على هذا البناء:

1. أهَاضِیبه: كقوله:

«تَمْرِیهِ الجَنُوبُ دِرَرَ أهاضِیبِه ودُفَعَ شآبِیبه»(6).

ص: 178


1- ینظر: لسان العرب: 6 / 190 مادة (کبس)
2- نهج البلاغة: 272، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 31، ولسان العرب: 10 / 351 مادة (نتق)، وتاج العروس: 35 / 592 مادة (نتق)
3- ينظر: لسان العرب: 10 / 351 مادة (نتق)، وتاج العروس: 35 / 592
4- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 616
5- ينظر: أبنية الصرف في كتاب سيبويه: 334
6- نهج البلاغة: 134 خطبة: 91، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 610، ولسان العرب: 1 / 784 مادة (هضب)، وتاج العروس: 32 / 1031 مادة (هضب)

فأهَاضيبه جمع الجمع أي جمع هضبٍ وهو المطر على أهضاب ثم أهاضيب، كقَوْلٍ وأقْوالٍ وأقاويل(1). وهو مقيس؛ لأن مفرده على وزن (أفعال).

2. أداحيّ: كقوله:

« لا تكونوا كقيضِ بيضٍ في أداحِيّ»(2).

فالأداحيّ جمع الأُدْحي وهو الموضع الذي تَبِیضُ فيه النَّعامة و تُفرِّخ وهي أُفْعُوُل من دَحَوتُ لأنها تَدْحُوه بِرجْلِهاها أي تَبْسُطه ثم تبيض فيه(3). وهو مقيس؛لأنَّ مفرده على وزن أُفعول.

وهكذا فهذه الأمثلة من أقوال الإمام علي علیه السلام جاءت علی وزن أفَاعِیل.

8- فعَالیل:

بعض العلماء أنه جمع مقيس في ما كان رابعه حرف مَدّ أولين من الثلاثي المزيد، وذلك في (فِعلال) كقِرطاط قراطيط(4). ويقاس في الرباعي المزيد بمَدّة قبل آخره وذلك في (فِعْلِیل) كقنديلَ قناديل، وفي (فَعْلُول) ككرسوع كراسيع وفي (فُعْلول) كعصفور عصافير وفي (فِعْلول) كبرذون براذين(5).

وأيضاً يقاس في الرباعي المزيد بحرفين أو أكثر حذف بعضها، وبقيت

ص: 179


1- ينظر: لسان العرب: 1 / 784 مادة (هضب)، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 8 / 247
2- مسند الإمام علي علیه السلام: 6 / 239، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 235، ولسان العرب: 14 / 251 مادة (دحا)
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 235
4- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 619، وأبنیة الصرف في کتاب سیبویه: 313
5- ينظر: شرح ابن عقيل: 2 / 435، وشرح الاشموني: 4 / 106

بعد الحذف مدّة رابعة وذلك في (فیْعَلُول)كعيضموز عضاميز، وفي (فَنْعَليل) كمَنْجَنيق مجانيق(1).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت على هذه الزنة:

1. شآبيبة: كقوله:

« تمرية الجنوب دررَ أهاضيبة ودفع شآبيبة»(2).

فالشآبيب جمع شَؤْبُوب وهو الدُّفعةُ من المَطر(3). وهو مقيس؛ لأن مفرده على وزن (فُعْلُول).

2. لهاميم: كقوله:

«وأنتم لهاميم العرب»(4).

فلهاميم جمع لُهْموم وهو الجواد من الناس والخيل(5). قال الجوهري(6):

لا تَحْسَبَنَّ بَیاضاً فِي مَنْقَصَةً *** إنَّ اللَّهامیمَ في أقْرابِها بَلَقُ

وهو مقيس؛ لان مفرده على وزن (فُعْلُول)

ص: 180


1- ينظر: أبنية الصرف في كتاب سيبويه: 313
2- نهج البلاغة: 134، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 1066، ولسان العرب: 1 / 479 مادة (شأب)، وتاج العروس: 15 / 601 مادة (شبب) ومجمع البحرین: 7 / 187
3- ينظر: لسان العرب: 1 / 479 مادة (شأب)
4- نهج البلاغة: 158، خطبة: 107، ولسان العرب: 12 / 547 مادة (لهم)، وتاج العروس: 21 / 797 مادة (لهم)، ومجمع البحرین: 7 / 140
5- ينظر: لسان العرب: 12 / 547 مادة (لهم)
6- ينظر: الصحاح في اللغة: 2 / 151 مادة (لهم

3. عساليجها: كقوله:

«تعليق اللؤلؤ الرطب في عساليجها»(1).

فعَسَاليج جمع عُسْلُوج وهو الغصن إذا يبس وذهبت طراوته(2). نحو حدیث طهفة «ومات عُسلوج»(3). وهكذا فقول الإمام علیه السلام في عسالیجها أي في أغصانها وهو مقيس؛ لأن مفرده على وزن (فَعْلُول).

4. عقابيل: كقوله:

«ثم قَرَن بِسَعَتها عَقابیل فاقتها»(4).

فعقابيل جمع عُقْبُول و عُقْبُولة وتدل على ما یخْرج من الحُمَّى بالشَّفَتَین في غبِّها(5)، كقول رؤبة(6): من وِرْد حُمَّی أسْأرت عقابلا وهو مقيس كالأمثلة السابقة؛ لأن مفردة على وزن (فُعْلُول).

5. عرانين: كقوله:

«وفجرنا ينابيع العيون من عرانين أنوفها»(7).

ص: 181


1- نهج البلاغة: 247، خطبة: 165، ولسان العرب: 2 / 24 مادة (عسلج)، وتاج العروس: 20 / 459 مادة (عسلج)
2- ينظر: لسان العرب: 2 / 324 مادة (عسلج)
3- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 47
4- نهج البلاغة: 119، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 527، ولسان العرب: 11 / 466 مادة (عقبل)
5- ينظر: لسان العرب: 11 / 466 مادة (عقبل)
6- ينظر: ديوانه: 124، وصدره: تبقى صُدَاعاً ونَجیبا ساعِلا
7- نهج البلاغة: 128، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 449، ولسان العرب: 13 / 281 مادة (عرن)، ومجمع البحرین: 5 / 163، ومجمع البحرین للطریحي: 6 / 207

فعرانين جمع عِرنين وهو رأس الأنف(1). وهذا جمع مقيس؛ لأنَّ مفرده رباعي مزيد بمد قبل آخره على وزن (فِعليل).

6. حَدَابیر: كقوله:

«اللَّهُمَّ خرجنا الیك حین اعتکرت علینا حَدَابِیرُ السِّنین»(2).

فحَدَابِير جمع حِدبار وهي الناقة التي بَدَ عَظْمُ ظَهْرَها ونشزت حَراقِیفُها من الهُزال فشَبّه بها السِّنِين التي یَکْثُر فيها الجَدْب والقَحط(3).

وهذا جمع مقيس؛ لأن مفرده حدبر وهو ثلاثي مزيد قبل آخره حرف مد علی وزن (فِعلال) وهکذا أقوال الإمام علیه السلام هنا جاءت على وزن (فعاليل) وهو من أبنية جموع الکَثرة.

9. مَفَاعِل:

یری بعض العلماء أنه جمع مقيس في (مُفْعَلِل) كمقعنس مقاعس بحذف النون واحدی السینین وهذا رأي سيبويه(4). ويقاس هذا الجمع أيضاً فيما كان مزيداً من الثلاثي بحرف أو أكثر لا لغرض الحاقة بالرباعي المجرد او المزيد أو الخماسي المجرد والمزید ولیست أحدی زياداته حرف مدّ أو لين قبل

ص: 182


1- ينظر: لسان العرب: 13 / 281 مادة (عرن)
2- نهج البلاغة: 176، خطبة: 115، واساس البلاغة: 1 / 78 مادة (حدر)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 906، ولسان العرب: 4 / 175 مادة (حدبر)، وتاج العروس: 7 / 2671 مادة (حدبر)، ومجمع البحرین: 1 / 450، ومجمع البحرین للطریحي: 3 / 195
3- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 7 / 45، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 8 / 4
4- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 460، وشرح ابن عقیل: 3 / 370

وهو مبدوء بالميم، وذلك في (مِفْعَل) صفة لمؤنث أو مذكر كمدعس مداعس و(مُفْتَعِل) کمُغْتَلِم مَغَالِم. و(مُفْعِل) صفة لمؤنث خالية من التاء كمشدن مشادن. ويقاس هذا الجمع أيضاً في (مُفْعَّل) كمُؤَخَّر مآخر وفي (مُنْفَعِل) كمنطلق مطالق وفي ( مُسْتَفْعِل) كمستقدم مقادم.

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت على هذا البناء:

1. مَعابِلة: كقوله:

«تَکْتْنَّفکم غَوائله وأقْصَدَتْکم مَعَابله».

مَعَابِل جمع مِعْبَلةً قال ابن الأثیر: «المعابل: نِصَالٌ عِراضٌ طِوالٌ الواحدة مِعْبلة». ومنه حدیث عاصم بن ثابت: «تَزِلُّ عن صَفحَتِي المَعابِلُ». وهو مقیس؛ لأن مفرده ثلاثي مزید علی وزن (مِفْعَل) والتاء زائدة.

2. مَنَاسر: کقوله:

«کلما أظلَّ علیکم مَنْسَر من مَناسِر أهل الشام أَغلق کلُّ رَجُل منکم بابه».

فمَناسِر جمع مِنْسَر ویراد به: «القِطعة من الجَیش تَمُرّ قدّامُ الجیش الکبیر 1) ينظر: أبنية الصرف في كتاب سيبويه: 314 2) ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 640 3) نهج البلاغة: 367، خطبة: 230، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 378، ولسان العرب: 11 / 420 مادة (عبل)، وتاج العروس: 22 / 292 مادة (عبل) 4) النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 378، ولسان العرب: 11 / 420 مادة (عبل) 5) النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 378 6) نهج البلاغة: 88، خطبة: 69، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 112، ولسان العرب: 5 / 204 مادة (نسر)، وتاج العروس: 35 / 353 مادة (نسر)

ص: 183

والمیم زائدة»(1). وهو مقيس؛ لأن مفرده على وزن ( مِفْعَل).

3. المَطَافِل: كقوله:

«فأَقْبَلْتم إليّ إقبالَ العُوذ المَطافِل»(2).

فالمطافل جمع مُطفِل وهو جمع بغير إشباع وتدل على النَّاقةُ القريبَة العهد بالنّتاج معها طِفلها، أي أنَّهم جاءوا بأجْمَعُهم كِبَارِهم وصغَارِهم(3). وهومقيس؛ لأن مفرده صفة مؤنثة خالية من التاء على وزن (مُفْعِل).

4. مَهافِي: كقوله:

«إلى منابت الشِّيح ومهافي الرِّيح»(4).

فمهافي جمع مهفى «وهو موضع هُبُوبِها من البَراريّ»(5). وهومقیس؛ لأنه لا يطرد في ما كان مفرده على وزن (مَفْعَل). وهكذا فهذه الأقوال التي ذكرناها تدل على جمع الكثرة وهي على مبنى (مفاعل).

10- مَفَاعِیل:

یری بعض العلماء أنه جمع مقيس في الثلاثي المزيد بحرفين أو أكثر حذفت

ص: 184


1- ينظر: لسان العرب: 5 / 204 مادة (نسر)
2- نهج البلاغة: 201، والرواية فيه: «المطافیل ولیس المطافل»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 619، ولسان العرب: 15 / 362 مادة (هفا)
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 291
4- نهج البلاغة: 298 خطبة: 190، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 619، ولسان العرب: 15 / 362 مادة (هفا)
5- لسان العرب: 15 / 362 مادة (هفا)، وشرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 13 / 46

زوائده فبقي على أربعة أحرف أحدها الميم في أوله وذلك بتعويض الياء عن الأحرف المحذوفة كمُنْطَلق مَطَالِيق، ومُقَدَّم مَقَادِیم(1). ويقاس هذا الجمع أيضاً في ما جاء من الصفةِ على أكثر من أربعة أحرف وذلك في (مِفْعیلٌ) كمِهْذار مَهَاذير وفي (مِفْعیلٌ) كمِحْضیر مَحَاضیر، ومئشير مآشير وفي (مفعول) كمكسور مكاسير، وملعون ملاعين(2).

ومن أقوال الإمام علي السلام التي وردت على هذا الجمع:

1. المساييح: كقوله:

«أولئك أُمة الهدی لیسوا بالمساییح ولا المذاییح البُذُر»(3).

فالمساييح جمع مسياح وهو الذي يسيح في الأرض بالنَّميمة والشّر(4). وهذا جمع مقيس؛ لأن مفرده جاء في أكثر من أربعة أحرف على وزن (مِفْعال).

2. مخاريق: كقوله:

«البرقُ مخاریقُ الملائکة»(5).

ص: 185


1- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 613
2- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 613، والأصول في النحو: 3 / 23، وشرح الرضي علی کافیة أبن الحاجب: 2 / 180، وجامع الدروس العربیة: 3 / 40
3- نهج البلاغة: 152 والرواية فيه: «أولَئِك مصابیح الهدی وأعلام السَرُّی لَیْسوا بالمَسَاییح ولا المَذَایِیع»، والیعن: 1 / 228 مادة (سوح)، ولسان العرب: 2 / 492 مادة (سیح)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 1052، وتاج العروس: 15 / 1641 مادة (سیح)
4- ينظر: لسان العرب: 2 / 492 مادة (سیح)
5- نهج البلاغة: 115، وغريب الحديث لأبي عبيد: 4 / 357، وتهذیب اللغة: 2 / 408 مادة (خرق)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 265، ولسان العرب: 10 / 73 مادة (خرق) ومختار الصحاح: 1 / 84، وتاج العروس: 8 / 276

فمخاریق جمع واحدها مِخراق وهو ثوب یُلَف ویَضْرب به الصبیانُ بعضهم بعضاً، والإمام علیه السلام أراد أنها آلة تزجُر بها الملائکة وتسُوقه(1)، کقول عمرو بن کلثوم(2):

کأَنَّ سُیُوفَنَا مِنّا ومِنْهُم *** مَخارِیْقٌ بأَیْدِي لاعِبِیْنَا

وهو مقیس؛ لأن مفرده علی وزن (مِفْعال).

3. المذاییع: کقوله:

«لیسوا بالمذاییع البُذُر»(3).

فالمذاييع جمع مذياع وهو من أذاع الشّيء إذا أفشاه، والمراد بهم الذين یُشِیعُون الفواحش(4). وكما ذُکرنا في الأمثلة السابقة جمع مقيس؛ لأن مفرده على وزن (مِفْعال).

11- فَیاعِیل:

يقاس على هذا الجمع فيما كان على بناء (فِيعال) کدِیباج دیابیج(5)، ودیماس دیامیس(6).

ص: 186


1- ينظر: لسان العرب: 10 / 73 مادة (خرق)
2- ينظر: ديوانه: 9، ولسان العرب: 10 / 73 مادة (خرق)، وتاج العروس: 8 / 276
3- نهج البلاغة: 152، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 463، ومقاییس اللغة: 1 / 208 مادة (بذر)، ولسان العرب: 8 / 98 مادة (ذیع)
4- ينظر: لسان العرب: 8 / 98 مادة (ذیع)
5- ينظر: ابنية الصرف في كتاب سيبويه: 315
6- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 641، والأصول في النحو: 3 / 193

ومن أقوال لإمام علي علیه السلام التي وردت علی هذا الجمع:

1. حيازيمك: كقوله:

أشدُد حیازِیمَكَ لِلمَوْتِ *** فَإنَّ المَوْتَ لاقِیکَا(1).

فالحيازيم جمع الحيزوم وهو الصدر وقيل وسطه وهذا الأمر كناية عن التشمّر للأمر والاستعداد له إذ يقال إذ حُمِّل مكروهة شدَّ الحَيازِيم(2). وهو غير مقيس؛ لأن هذا الجمع يقاس في ما كان مفرده على وزن (فيعال).

2. دياجير: كقوله:

«تغريد ذوات المنطيق في دياجير الأوكار»(3).

قال ابن الأثیر: «الدیاجیرُ جمعُ دَیْجُور وهو الظّلام والواو والیاء زائدتان»(4).

وهكذا فهذه الأوزان جاءت على وزن فياعيل وهو من جموع الكثرة.

12- یفاعیل:

يقاس هذا الجمع في ما كان على بناء «یَفْعُول» کیَرْبوع یرابیع ویَحْمُوم یحامیم ویَنْبوع ینابیع(5).

ص: 187


1- ديوان الإمام علي علیه السلام: 93، ولسان العرب: 12 / 131 مادة (حزم)
2- ينظر: لسان العرب: 12 / 131 مادة (حزم)
3- نهج البلاغة: 108 خطبة: 83، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 364، ولسان العرب: 4 / 277 مادة (دجر)، وتاج العروس: 13 / 818 مادة (دجر)
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 364، ولسان العرب: 4 / 277 مادة (دجر)
5- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 646، والأصول في النحو: 3 / 192، وأبنیة الصرف في کتاب سیبویه: 315، وجامع الدروس العربیة: 3 / 40

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءت على هذا الجمع:

1. يآفيخ: كقوله:

«أنتم لهاميم العرب ويآفيخ الشّرف»(1).

فیآفیخ جمع یآفوخ قال اللیث: «من همز اليأفُوخ فهو على تقدير یَفْعُول ومن لم يهمز فهو على تقدير فاعول من الیَفْخ والهمز أصوب وأحسن ويراد به الموضع الذي يتحرك من وَسَط رَأسِ الطِّفل ويجمع على يآفيخ والياء زائدة»(2).

13- فَعَالِل:

يقاس هذا الجمع في (فَعْلَل) أسماً كخَنْجَر خناجر أو صفة كقشعم قشاعم وفي (فِعْلِل) کجِنْجِن جناجِن، وفي (فِعْلَل) كضفدَع ضَفَادِع وفي (فُعْلُل) كحُبرج حبارج وفي (فِعَلّ) كقِمطر قَمَاطر(3). وهكذا فهذا الجمع يقاس في كلُّ أسم رباعي الأصول، مجرَّد كدرهم دَرَاهم أو مزيد كغضَنْفَر غضافِرَ، وكذلك الأسماءُ الخماسیّة ُ الأصول المجرَّدة كسَفَرجل سَفَارِج والمزيدة كعندليب عنادل(4).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت على هذا الجمع:

1.العَثَاعث: كقوله:

ص: 188


1- نهج البلاغة: 158، خطبة: 107، ولسان العرب: 3 / 5 مادة (أفخ)، وتاج العروس: 3 / 797 مادة (أفخ)
2- ينظر: لسان العرب: 3 / 5 مادة (أفخ)
3- ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 618، والأصول في النحو: 2 / 193
4- ينظر: جامع الدروس العربية: 5 / 40

«ذاك زمانُ العَثاعِتِ»(1).

فالعثاعِث جمع عَثْعَثُ أي الشدائد من العَثْعَثة والإفسادِ(2). وهو جمع مقيس؛ لأنَّ مفرده على وزن (فَعْلَل).

2. شَقَاشِق: كقوله:

«إنّ كثيراً من الخطب من شقاشق الشّيطان»(3). فشقاشِق جمع شَقْشَقَة وتدل على لهاة البعير ولا تكون للعربي من الإبل، إذ سُمّي الخطباء شَقاشِقَ أي شبه المِکْثار بالبعیر الکثیر الهِدْر(4). والمعنی من کلام الإمام علیه السلام أي جعل للشیطان شَقاشِق ونسبَ الخطب الیه لما یدخل فیها من الکذب(5). وهو جمع مقیس؛ لان مفرده علی وزن (فَعْلل).

3. البیازر: کقوله:

«ما شبّهتُ وقعَ السّیوف علی إلهام إلاّ بوقع البیازر علی المیاجن»(6).

ص: 189


1- نهج البلاغة: 15، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 398، ولسان العرب: 2 / 167 مادة (عثث)، وتاج العروس: 1 / 1279 مادة (عثث)
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 398، ولسان العرب: 2 / 167
3- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 2 / 191، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 297، وتهذیب اللغة: 3 / 115 مادة (شق)، والحکم والمحیط الاعظم، 2 / 465، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 192، ولسان العرب: 10 / 181 مادة (شق)، ولسان العرب: 10 / 181 مادة (شقق)
4- ینظر: تهذیب اللغة: 3 / 115 مادة (شق)، ولسان العرب: 10 / 181 مادة (شقق)
5- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 12 / 221
6- نهج البلاغة: 269، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 316، ولسان العرب: 4 / 56 مادة (بزر)، وتاج العروس: 3 / 2506 مادة (بزر)

فالبيازر جمع كثرة واحدتها بَیْزَرَة ويراد بها العِصِيُّ الضِّخام(1). وهو مقيس؛ لأنّ مفرده على وزن (فعْلَل).

وهكذا فهذه الأقوال التي ذكرناها تدل على جمع الكثرة على صيغة (فعالل).

ص: 190


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 316، ولسان العرب: 4 / 56 مادة (بزر)

المبحث الثاني أبنیة الأفعال

اشارة

يقسم الفعل في العربية على قسمين مجرّد ومزيد فالمجزّد: ما كانت جميع حروفه أصلیّة، والمزيد ما زيد على حروفه الأصول حرف، أو حرفان، أو ثلاثة من حروف الزيادة، وحروف الزيادة في العربية، تجمعها عبارة (سألتمونيها)(1).

والغرض من الزيادة إما معنوي، یُراد منه الحصول على معنى غير موجود في المجرّد بشرط «أن یکون المعنی بعد التجرید ذا علاقة بالمعنی مع الزیادة فکلمة (آسْتَفْهَم) ذات علاقة في المعنی بکلمة (فَهِمَ)، ولذلك نحکم بزیادة الهمزة والسین والتاء»(2)، وأما لفظي، الغرض منه الإلحاق، أي إلحاق الفعل الثلاثي المزید بالفعل الرباعي(3).

والفعل المجرد ینقسم علی قسمین ثُلاثيّ ورباعي وکذلك المزید یقسم علی قسمین مزید ثُلاثي، ومزید رباعي(4).

ص: 191


1- ينظر: شرح الرضي على الشافية: 2 / 330
2- المنهج الصوتي للبنية العربي: 69
3- ينظر: شرح المفصل: 7 / 155
4- ينظر: شذا العرف في فن الصرف: 23

وفيما يأتي أبنية الأفعال المجردة والمزيدة التي وردت فيها أقوال الإمام علیه السلام بحسب ما أستشهد به اللغويون:

أولاً: ما جاء علی وزن فَعَلَ یَفْعُل:

يطرد هذا الوزن في المغالبة(1). وأستُثني عن هذه القاعدة الفعل المعتل، ياء العين أو لامها، مثل خاشاني فخشيته وأخشاه، وكذلك المضعّف المتعدي(2).

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءت على زنة فَعَل ومضارع یَفْعُل:

1. هَجَم: یَهْجُمُ: كقوله:

«هَجَم بهم العِلُمُ علی حقائق الأُمور فباشَروُا رَوْحَ الیقین»(3).

فالفعل (یَهْجُمُ) ثلاثي مجرّد على وزن (فَعَل) ومضارعه یَهْجُم قال ابن منظور:

هَجَم علی القوم یَهْجُم هُجُوماً أنتهی إلیهم بَغْتة وهَجَمَ علیه الخَیْل وهجم بها اللیث واستعاره الإمام علي علیه السلام للعِلم أي هجم علیهم دخلَ بغیر إذن(4).

2. صَدَقَ: یَصْدُق: کقوله:

«صَدَقَني سِنَّ بَکْرِه»(5).

ص: 192


1- ينظر: المزهر في علوم اللغة: 2 / 44، وشرح الرضي علی شافیة ابن الحاجب: 1 / 72
2- ينظر: شرح التسهيل: 4 / 301
3- نهج البلاغة: 528 والرواية فيه: «هَجَمَ بِهِمُ العِلْمُ علی حَقِیقَةِ البَصیرَةِ وَبَاشَرَوا رُوح الْیقین»، والمحکم والمحیط الأعظم: 2 / 149، ولسان العرب: 12 / 600 مادة (هجم)، وتاج العروس: 36 / 7930 مادة (هجم)
4- ينظر: لسان العرب: 12 / 600 مادة (هجم)
5- مجمع الأمثال للميداني: 2 / 545، وشرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 19 / 4، والعین: 2 / 52، وتهذیب اللغة: 4 / 245، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 461، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 235، ولسان العرب: 10 / 193 مادة (صدق)، وتاج العروس: 118 / 418 مادة (صدق)

فالفعل (صَدَق) ثلاثي مجرد على وزن (فَعَل) ومضارعه یَصْدُق، فالصِّدْق نقيض الكذب صَدَق یَصْدُق صَدْقاً وصِدقاً وهذا مَثَل يضرب للصادق في خبره والمُصَدِّقُ الذي یُصَدِّقك(1).

3. لاطَ: یَلُوط: كقوله:

«ولاطَها بالبِلَّة حتی لَزِبَت».

فالفعل (لَاطَ) ثلاثي مجرد على وزن (فَعَل) ومضارعه (یَلُوط) ويراد به اللُّصوق إذ يقال: لاطَ الشَّيءْ إذا لصق(2). وفي قول الإمام علیه السلام: «ولاطها بالبِلَّة» أي لصقت ولزمت، ولاطَهَا: أي طلاها بالطّين(3).

4. عَلَا: یَعْلُو: کقوله:

«عَلَوتَ إذ ظَلَعوا»(4).

فالفعل (عَلَا) ثلاثي مجرد على وزن (فَعَل) ومضارعه یَعْلُوا ويراد بكلام الإمام علیه السلام أي أنقطعوا وتأخروا لتقصیرهم، والقول في وصف أبي بکر(5).

ص: 193


1- ينظر: لسان العرب: 26 / 113 مادة (صدق)
2- ينظر: مقاييس اللغة: 5 / 179 مادة (لوط)
3- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 2 / 252
4- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 40 والروایة فیه: «علوت إذ هلعلوا»، ولسان العرب: 8 / 243 مادة (ظلع)، ومجمع البحرین: 4 / 280
5- ينظر: لسان العرب: 8 / 243 مادة (ظلع)

5. حَاصَ: یَحُوص: كما جاء في حديث الإمام علیه السلام:

«أنه اشْتری قمِیصاً فقطع ما فَضَل من الکُمَّینِ عن یَدِه ثم قال للخیَّاط حُصْه»(1).

فالفعل (حاصَ) کما تقدم في الأمثله أیضاً ثلاثي مجرد ومضارعه یَحُوص ویدل علی الخیاطة إذ یقال حاصَ الثوب یَحُوصُه حوصاً وحِیاصةً، أي خاطَه(2).

6. خَلَا: یَخْلُوا: کقوله:

«وخَلاکُمْ ذَمَّ مالم تشْرُدوا»(3).

فالفعل (خَلَا) ثلاثي مجرد علی وزن فَعَل ومضارعه یَخْلُوا والمراد في قول الإمام علیه السلام أي أُعْذِرْت وسَقَط عنك الذَّمُّ إذ یقال: افْعَلْ ذلك وخَلاك ذَمَّ(4)، کقول عبد الله بن رواحة(5):

فشَأنكِ فانْعُمٌ وخَلاكِ ذَمُّ *** وَلَا أرْجِعْ إلی أهْلِي وَرَائِي

7.زَکَا: یَزْکُو: کقوله: «المالُ تنقُصهُ النَّفقة والعِلم یَزْکُو علی الإنفاق»(6).

ص: 194


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 6 / 176، وتهذیب اللغة: 2 / 158 مادة (حوص)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 1983، ولسان العرب: 7 / 18 مادة (حوص)، ومجمع البحرین: 1 / 76، ومجمع البحرین للطریحي: 4 / 108
2- ينظر: لسان العرب: 7 / 18 مادة (حوص)
3- نهج البلاغة: 396، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 146، ولسان العرب: 14 / 237 مادة (خلا)
4- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 146
5- ينظر: ديوانه: 151، وتهذيب اللغة: 3 / 23 مادة (خلا)، ولسان العرب: 14 / 237 مادة (خلا)
6- نهج البلاغة: 527، والمحكم والمحيط الأعظم: 3 / 208 مقلوبة (ز،ك،و)، ولسان العرب: 14 / 358 مادة (زکا)، وتاج العروس: 15 / 419 مادة (زکا)

فالفعل (یَزْکُو) مضارع وماضيه ثلاثي مجرد هو (زَکَا) على وزن (فَعَل) والزكاء النَّماء والرَّیْع زَکاء یَزْکُو زَکاء وزکُوّاً فاستعار الإمام علیه السلام للعلم الزَّکاء وإن لم یکن ذا جِزْم(1) أي یزداد نماء(2). وهكذا فهذه الأقوال جاءت على بناء (فَعَل) ومضارعه یَفْعُل.

ثانیاً: ما جاء علی وزن فَعَلَ یَفْعِل:

یَکْثُرُ استعمال هذا الوزن في معانٍ كثيرة وهو أخَفُّ الأوزان. وهذا ما ذهب إلیهِ سیبویه إذ قال: «وليس شيءٌ في الكلام أكثرُ من فَعَلَ»(3). وقد أشار الرضيّ لخفَّتِه لم یَخْتَص بمعنى من المعاني بل أُسْتُعْمَل في جميعها، لأنَّ اللفظ إذا خَفّ کَثُرَ استعماله وأتّسَعَ التَصَرُّفُ فیه»(4).

ویأتي مضارع (فَعَل) علی ثلاث صیغ هي (یَفْعَل، ویَفْعِل، ویَفْعُل) ومن أقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءت علی زنة فَعلَ ومضارعة یَفْعِل:

1. أَرَزَ: یَأرِزُ: کقوله:

«جَعَل الجبال للأرض عماداً وأرَزَ فیها أوتاداً»(5).

ص: 195


1- ينظر: المحكم والمحيط الأعظم: 3 / 208 مقبولة (ز،ك،و)، ولسان العرب: 14 / 358 مادة (زکا)
2- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 18 / 1
3- كتاب سيبويه: 4 / 35
4- شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 1 / 70
5- نهج البلاغة: 93، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 78، ولسان العرب: 5 / 305 مادة (أرز)، وتاج العروس: 1 / 665 مادة (أرز)، ومجمع البحرین: 1 / 56، ومجمع البحرین للطریحي: 4 / 1

فالفعل (أرَزَ) على وزن فَعَل ومضارعه یَأْرِزُ ویراد به التجمّع والتضّمامّ(1)، قال الرسول صلّی الله علیه و آله و سلم:

«إنَّ الإِسلام لیَأرِزُ إلی المدینة کما تأَرِزُ الحیةُّ إلی جُحرها»(2).

أي ینضم إلیها وقول الإمام: «أرَزَ فیها أوتاداً» أي أثبتها فیها فهي من أرِزتُ الشَّجرةُ تأرِزُ إذا ثبتت في الأرض(3).

1. عَمَسَ: یَعْمِسُ: کقوله:

«إلاّ وإنَّ معاوية قادَ لِمَّة من الغواة و عَمَسَ عليهم الخَبَر»(4).

فالفعل (عَمَسَ) علی وزن (فَعَلَ) ومضارعه یَعْمِس والعَمس أن تُری أنك لا تَعْرِف الأمْر وأنت به عارف(5)، وعَمَسَ علیهم الخبر أي أعماه وستره(6).

2. کَذَبَ: یَکْذِبُ: کقوله:

«کَذَبَتْك الحارِقَةُ»(7).

ص: 196


1- ينظر: مقاييس اللغة: 1 / 94 مادة (أرز)
2- النهاية في غريب الحديث الأثر: 1 / 78
3- ينظر: لسان العرب: 5 / 305 مادة (أرز)، وتاج العروس: 1 / 665 مادة (أرز)
4- مسند الإمام علي علیه السلام: 6 / 25، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 569، ولسان العرب: 6 / 147 مادة (عمس)، وتاج العروس: 20 / 432 مادة (عمس)
5- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 569
6- ينظر: لسان العرب: 6 / 147 مادة (عمس)
7- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 35، وغریب الحدیث لأبن الجوزي: 2 / 284، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 282، ولسان العرب: 1 / 708 مادة (کذب)، وتاج العروس: 27 / 399 مادة (کذب)

فالفعل (کَذَبَ) كما تقدم ايضاً على وزن فَعَل ومضارعه یَکْذِب والكذب ضد الصدق.

3. وَأَلَ: یَئِلُ: کقوله: «إنَّ دِرْعَه كانت صدْراً بلا ظَهر فقيل له: لو احْتَرَزت من ظهْرك فقال: إذا أمکنت من ظهْري فلا وأَلْتُ»(1).

فالفعل (وَأَل) علی وزن فَعَل ومضارعه یَئِلُ ویراد به أي إذا إلتجأ إلی موضع ونجا(2). وکقوله تعإلی:

«لّن یَحجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً» [الکهف: 58].

أي ملجأ يلجؤون اليه فيعتصمون من العذاب والموئل اسم مكان من وأَلَ یئل(3).

4. ضَرَبَ: یَضْرِب: کقوله:

«فإذا کان ذلك ضَرَب یَعْسُوبُ الدِّین بذَنَبِهِ»(4).

فالفعل (ضَرَبَ) على وزن فَعَل ومضارعه یَضْرب، الضاد والراء والباء أصلٌ واحد ثم یُستعار ویحمل علیه إذ یقال إن الإسراع إلی السَّیر ضرب ویقال ایضاً ضربت في الأرض إذا سافرت(5)، وضَرب في قول الإمام علیه السلام یراد بها

ص: 197


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 5 / 31، وغریب الحدیث لآبن الجوزي: 2 / 499، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 305، ولسان العرب: 11 / 715، وتاج العروس: 40 / 920 مادة (وأل)
2- ينظر: لسان العرب: 11 / 715 مادة (وأل)
3- ينظر: روح المعاني: 10 / 295
4- نهج البلاغة: 545، وتهذيب اللغة: 4 / 153 مادة (ضرب)، وأساس البلاغة: 1 / 309 مادة (عسب)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 169، ولسان العرب: 1 / 543 مادة (ضرب)
5- ينظر: مقاييس اللغة: 3 / 311 مادة (ضرب)

الإسراع، أي أسرع الذهاب في الأرض فِراراً من الفِتن(1).

5. فَلَقَ: یَفْلِق: كقوله:

«فَوَ الَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَة»(2).

فالفعل (فَلَقَ) ثلاثي مجرد على وزن (فَعَلَ) ومضارعه یًفْلِق والفَلْق الشق مصدر فَلَقه یَفْلِقهُ فَلْقاً أي شقه وکقوله تعإلی:

«فَالِقُ الإِصْبَاحِ» [الأنعام: 96](3).

أي شاقّ عمود الصبح من ظلمة الليل(4). وقد ورد ذلك في دعاء الصباح.

6. عَذَمَ: یَعْذِم:

«لَتَجِدَنَّ بني أُمَیَّةَ لَکُمْ أرْبَابَ سُوْءٍ بَعْدِي کالنَّابِ الضَّرُوس تَعْذِمُ بفیها»(5).

فعَذَم فعل ثلاثي على وزن (فَعَل) كما تقدم في الأمثلة السابقة قال ابن منظور: «عَذَمَ یَعْذِمُ عَذْماً والعَذْمُ العَضُّ والأکْلُ بجفاء»(6).

ص: 198


1- ينظر: لسان العرب: 1 / 543 مادة (ضرب)
2- نهج البلاغة: 149 خطبة: 101، والزاهر في معاني كلمات الناس: 1 / 83، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 921، ولسان العرب: 10 / 309 مادة (فلق)، وتاج العروس: 24 / 551 مادة (فلق)، ومجمع البحرین: 4 / 5
3- ينظر: لسان العرب: 10 / 309 مادة (فلق)
4- ينظر: التبيان في تفسير القرآن: 4 / 210
5- نهج البلاغة: 140 خطبة: 93، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 428، ولسان العرب: 12 / 394 مادة (عذم) 513 مادة (عذم). / 394 مادة (عذم)، وتاج العروس: 20 / 12
6- لسان العرب: 12 / 394 مادة (عذم)

ثالثاً: ما جاء علی وزن فَعِلَ یَفْعَل:

بفتح الفاء وكسر العين، وعين مضارعه مفتوحة وكسرها شاذ إذ جزم الصرفيون أن فعِل مضارعه دائماً یَفْعَل إلا القليل الشاذ مكسور العين(1). وهذا البناء يجاء به للدلالة على الملازمة، وذلك في الفرح والأدواء وما شابهها، نحو:

فَرِح، ووجِعَ، وحَزِنَ. وفي الشبع والإمتلاء وضدهما، نحو: شَبِع، و سَکِر، والألوان والحلية والعيوب، نحو: سَوِد، وحَوِرَ، وشَتِرَ(2).

وفيما يأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءت علی زنة فَعِل ومضارعه یَفْعَل:

1. تَئِق: یَئْتأَّقُ: كقوله:

«أتْأَقُ الحِیاض بمواتحة(3)»(4).

فالفعل (تَئِقَ) ثلاثي مجرد على وزن (فَعِلَ) ومضارعه یَئْتِق والتَّأَقُ شدَّة الإمتلاء قال ابن سیدة: «تَئِقَ السِّقاء یَتْأَق فهو تَئِق أمْتلأَ وأتأقه هو إتآقاً»(5)

ص: 199


1- ينظر: شرح لامية الأفعال، ابن الناظم: 43، والمزهر في علوم اللغة: 2 / 43، وشرح الکافیة: 2 / 242
2- ینظر: کتاب سیبویه: 2 / 219 - 220، والمفصل: 278، وشرح المفصل: 7 / 157، وشرح الرضي علی الشافیة: 2 / 21، وشذا العرف: 24
3- المواتح جمع الماتح وهو الذي يستقى بالدلو من المتح وهو الاستقاء، ينظر: لسان العرب: 2 / 588 مادة (متح)
4- نهج البلاغة: 325، خطبة: 198، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 462، ولسان العرب: 10 / 31 مادة (تأق)، وتاج العروس: 4 / 225 مادة (تآق)
5- المخصص: 2 / 228

ومثل ذلك قول النابغة(1):

یَنْضَحْنَ نَضْحَ المَزادِ الوُفْرِ *** أتْأَقَّها شَدُّ الرُّواةِ بماءٌ غیرُ مَشْرُوبٍ

وهكذا ف- (فَعِلَ) هنا يدل على الإمتلاء.

2. خَضِمَ: یَخْضَم: كقوله:

« فقام اليه بَنُو أمَیَّة یَخْضَمُون مَالَ الله خَضْمَ الإبل نَبْتَةَ الرَّبیع»(2).

فالفعل (خَضِمَ) ثلاثي مجرد على وزن (فَعِلَ) ومضارعه یَخْضَم والخَضْم یدل علی الأکل بأقصی الأضراس(3). والمعنی من کلام الإمام علي علیه السلام اي یأکلون الدنیا أکل الإبل نبات الربیع وهذا کنایة عن کثرة توسعهم في أکل مال المسلمین(4).

3. عَهِدَ: یَعْهَد: کقوله:

«عَهِدَ إليّ النبيُّ الأُميُّ»(5).

فالفعل (عَهِدَ) ثلاثي مجرد كما تقدم في الأمثلة السابقة على وزن (فَعِل) ومضارعه یَعْهد، والعَهْد الوصية قال تعإلى:

ص: 200


1- ينظر: ديوانه: 11، ولسان العرب: 10 / 31 مادة (تأق)، وتاج العروس: 4 / 225 مادة (تأق)
2- نهج البلاغة: 26 خطبة: 3، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 111، والمعجم الوسیط: 1 / 504، ومجمع البحرین: 1 / 136، ومجمع البحرین للطریحي: 6 / 42
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 111، ولسان العرب: 12 / 182 مادة (خضم)
4- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 1 / 13
5- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 12، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 613، ولسان العرب: 3 / 311 مادة (عهد)، ومجمع البحرین: 3 / 262

«أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَیْکُمْ یَا بَنِي آدَمَ» [یس: 60](1).

أي عهد الله لهم بأن يعبدوه ولا يعبدوا غيره(2).

4. فَشِلَ: یَفْشَل: کقوله یصف أبا بکر:

«كنت للدِّين یَعْسُوباً أولاً حين نَفَر الناسُ عنه وآخراً حين فَشِلوا»(3).

فالفعل (فَشِلَ) ثلاثي مجرد على وزن (فَعِل) ومضارعه یَفْشَل ويدل على الرجل الضعيف الجبان إذ يقال َفَشِل الرجل فَشَلاً فهو فشِل. کَسِلَ وضَعُف وتراخی وجَبُن کقوله تعإلی:

وتراخى و َ ج ُ بن كقوله تعإلى:

«وَلاَيَنَازَعُواْفَتَفْشَلُواْ» [الأنفال: 46](4).

أي لا تختلفوا فتجبنوا(5).

5. حَلِي: یَحْلَی: کقوله:

«حَلِیَت الدنيا في أعْينُهم»(6).

فالفعل حَلِي ثلاثي مجرد على وزن (فَعِل) ومضارعه یَحْلَى إذ يقال حَلِيَ الشيءُ

ص: 201


1- ينظر: لسان العرب: 3 / 311 مادة (عهد)
2- ينظر: التحرير والتنوير: 7 / 362
3- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 25، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 464، ولسان العرب: 11 / 520 مادة (فشل)
4- ينظر: لسان العرب: 11 / 520 مادة (فشل)
5- ينظر: الكشاف: 2 / 370
6- نهج البلاغة: 27، خطبة: 3، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 1038، ولسان العرب: 14 / 191

یَعْني یَحْلی إذا استَحْسَنته وحَلا بِفَمِي یَحْلو(1). وفي قول الإمام علیه السلام حَلِیَت الدنبا أي استحسنوها وفضلوها علی الآخرة(2).

فهذه الأقوال التي تقدّم ذكرها جاءت على بناء (فَعِلَ) ومضارعه (یَفْعَل)

رابعاً: ما جاء علی وزن فعَل المزید بالتضعیف:

هذه الصيغة من أبنية الفعل الثلاثي المزيد بحرف وهو التضعيف، وذكر بعض علماء اللغة أنَّ (فَعَّل) يؤاخي أفعل في التعدية(3)، وقد تنبه الرضيّ الاستراباذي لذلك فقال: «الأَولی أنْ یُقال في مقام التّعدیة وهو بمعنی: جعل الشيءُ ذا أصله لیَعُمَّ، نحو فحَّی القدر، أي جعلها ذات فحّ، وشسّع النّعل أي جعلها ذات شسع»(4). وفيما يأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت عند اللغوین علی هذا الزنة:

1. َ ذمَّرَ: كقوله:

«إلا وإنَّ الشيطان قد ذَمَّرَ حزْبه»(5).

فالفعل (ذَمَّر) ثلاثي مزيد على وزن (فَعّل) ويدل على اللّوْمُ والحَضُّ معاً إذ یقال ذَمَرَه ذَمْراً لامَهُ وحضَّهُ وحَثَّهُ(6)، والمعنی من کلام الإمام علیه السلام أي

ص: 202


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 1038، ولسان العرب: 14 / 191 مادة (حلا)
2- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 3 / 4
3- ينظر: كتاب سيبويه: 4 / 5، والمفصل: 372
4- شرح الرضي على شافية آبن الحاجب: 2 / 93
5- نهج البلاغة: 43، خطبة: 22، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 419، ولسان العرب: 4 / 311 مادة (ذمر)، وتاج العروس: 10 / 653 مادة (ذمر)، والمعجم الوسیط: 1 / 653، ومجمع البحرین: 3 / 92، ومجمع البحرین للطریحي: 3 / 263
6- ينظر: لسان العرب: 4 / 311 مادة (ذمر)

حضهم وشجعهم(1).

2. سَمّج: كقوله:

«عاثَ في کلِّ جارِحَةٍ منه جَدیدُ بلیً سَمَّجَها»(2).

فالفعل (سَمّج) ثلاثي مزيد على وزن (فعّل) من سَمُج أي قَبُح إذ یقال سَمُج الشيء قَبُح یَسْمُجُ سَماجَةً إذا لم یکن فیه مَلاحَةٌ(3). والمعنی من کلامه أي أوقع الفساد کل جارحة من جوارحهم(4).

3. شَذَّب: كقوله:

«شَذَّبَهم عَنَّا تَخَزُّمُ الآجال»(5).

فالفعل (شَذَّب) ثلاثي مزيد على وزن (فعَّل) من شَذَب أي قطع إذ یقال شَذَبَ الشيء: قَطَعَه و شَذَبَ النخلة إذا قَطَع عَنْها شَذَبها أي جریدها(6). فصیغة فَعَّل هنا تدل علی الکثرة.

4. صَدّق: کقوله:

«الذي جاء بالصِّدق محمد صلّی الله علیه و آله و سلم والذي صدَّق به أبو بکر»(7).

ص: 203


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 419، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 3 / 1
2- نهج البلاغة: 354، خطبة: 221، والنهاية في غريب الحديث و الأثر: 2 / 989، ولسان العرب: 2 / 300 (سمج)
3- ينظر: لسان العرب: 2 / 300 مادة (سمج)
4- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 7 / 252
5- نهج البلاغة: 105، خطبة: 83، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 1124، ولسان العرب: 1 / 486 مادة (شذب)، وتاج العروس: 17 / 610 مادة (شذب)
6- ينظر: لسان العرب: 1 / 486 مادة (شذب)
7- مسند الإمام ي: 4 / 50، والمحکم والمحیط الأعظم: 2 / 491، ولسان العرب: 10 / 193 مادة (صدق)، وتاج العروس: 18 / 421 مادة (صدق)

فالفعل (صدّق) ثلاثي مزيد على وزن (فعّل) من التصديق(1). قال تعإلى:

«وَالَّذِي جَاء بِالصِّدقَ بِهِ» [الزمر: 33].

أي الذي جاء بالصدق الرسول صلّی الله علیه و آله و سلم وصحابته الذي صدقوا به(2).

5. وَشَّج: كقوله:

«ووشَّجَ بينها وبين أزواجِها»(3).

فوَشَّج فعل ثلاثي مزید علی وزن (فَعَّل) من وَشَج قال ابن فارس: «الواو والشین والجیم کلمةٌ تدلُّ علی اشتباكٍ وتداخل يقال: وَجَت الأغصانُ اشتبكت وكل شيء اشتَبَك فهو واشج»(4). ووشّج فژ قول الإمام علي علیه السلام تدل علی الاختلاط أي خلط بینهم والّف بینهم من الأُلفة وليس التّألیف ویقال وَشَّجَ الله بینهم توشیجاً(5).

فهذه الأقول التي تقدم ذکرها جاءت علی مبنی (فَعَّل).

خامساً: ما جاء علی وزن افْعَلً:

ذكر الصرفيون أنه يجيء من الأفعال الدالة على الألوان والعيوب بقصد

ص: 204


1- ينظر: المحكم والمحيط الأعظم: 2 / 491، ولسان العرب: 10 / 193 مادة (صدق)
2- ينظر: الكشّاف: 6 / 64
3- نهج البلاغة: 130، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 408، ولسان العرب: 2 / 398 مادة (وشج)، ومجمع البحرین: 7 / 485
4- مقاييس اللغة: 6 / 86 مادة (وشج)
5- ينظر: لسان العرب: 2 / 398 مادة (وشج)

اظهار قوتها والمبالغة فيها وذلك نحو: أبيضّ وأسودّ واعورَّ(1).

وقد جاء للإمام علي علیه السلام بعض النصوص التي ذکرها اللغویون منها قولاً واحداً علی هذا البناء دالاً به علی اللون مفیداً المبالغة فیه وهو:

احْمَرَّ: كقوله:

«کُنّا إذا احمرّ البأسُ اتقّینا برسولِ الله صلّی الله علیه و آله و سلم فلم یکن أَحَدٌ منا اقربَ إلی العَدو منه».

فاحمرَّ علی وزن (أفْعَلَّ)، وفي قول الإمام علیه السلام: «احْمَرَّ البأس» یقال هو الموت الأحمر والموت الأسود(2)، وقيل معناه الشديد قال أبو عبيد:

«فکأنه أراد بقوله أحْمَرّ البأسُ أي صار في الشدة والهول مثل ذلك(3)».

سادساً: باب ما جاء علی وزن افْتَعَلَ المزید بحرفین:

صيغة من صيغ الفعل الثلاثي المزيد بحرفين هما الهمزة في أوله والتاء بعد فائه، نحو أجْتَمَعَ واعْتَزَلَ(4). ويكون افتعل متعدياً كما يكون لازماً قال ابن

ص: 205


1- ينظر: كتاب سيبويه: 2 / 222، وشرح الرضي علی الشافیة: 2 / 31، وشذا العرف في فن الصرف: 28
2- نهج البلاغة: 549، وغريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 479، وتهذیب اللغة: 2 / 115 مادة (حمر)، ومقاییس اللغة: 2 / 80 مادة (حمر)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 1044، وکتاب الکلیات، لأبي البقاء الکفومي: 1 / 35، ولسان العرب: 4 / 208 مدة (حمر) وتاج العروس: 6 / 349 مادة ( حمر)
3- غريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 479
4- ينظر: شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 1 / 83

عُصْفُور: وتکون افتعل متعدّیة، فالمعتدُّیةُ نحو أکْتَسَبَ، واقْتَلَعَ وغیر المعتدّیة نحو افْتَقَر، واسْتَقَی(1). وفيما يأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت الأفعال فیها علی زنة افْتَعَل:

«إني لأحْتَشم أن لا أدع له یَداً»(2).

فالفعل (احْتَشَم) ثلاثي مزيد على وزن (افْتَعَل) من (حَشَم) فالحاء والشين والميم أصل مشترك وهو الغَضَب أو قريب منه أي الانقباض والاستحياء(3)، وقوله «إني لأحْتَشم» أي استحي وانقبض(4).

2. ارْتَبَكَ: کقوله:«تَحَیَّرَ في الظُمات وإرْتَبَكَ في اَلْهَلَکاتِ»(5).

1. (فإرْتَبَك) فعل ثلاثي مزيد على وزن (افْتَعَلَ) من (رَبَك) أي خَلَط إذ يقال أرْبَکه رَبْکاً خلطته فارْتَبَكَ أي أختلط وإرْتَبَك الرجلُ في الأمر أي نشِب(6).

ص: 206


1- ينظر: الممتع في التصريف: 1 / 192
2- مسند الإمام علي علیه السلام: 3 / 92، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 972، ولسان العرب: 12 / 135 مادة (حشم)، وتاج العروس: 6 / 668 مادة (حشم)، ومجمع البحرین: 1 / 10، ومجمع البحرین للطریحي: 6 / 29
3- ينظر: مقاييس اللغة: 2 / 50 مادة (حشم)
4- ينظر: لسان العرب: 12 / 135 مادة (حشم)
5- نهج البلاغة: 227، خطبة: 157، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 465، ولسان العرب: 10 / 431 مادة (ربك)، وتاج العروس: 10 / 702 مادة (ربك)
6- ينظر: لسان العرب: 10 / 431 مادة (ربك)

وقول الإمام ارتبك في الهلكات أي إذا وقع فيه ونشب ولم يتخلّص(1).

2. ارْتَطَمَ: كقوله:

« من اتّجر قبل أن یَتَفَقَّه ارتَطَم في الرِّبا ثم أرْتَطَم ثم ارْتَطَم»(2).

فالفعل (ارْتَطَم) ثلاثي مزيد على وزن (افْتَعَل) من رَطَمَ إذ یقال رَطَمه یَرْطُمُه رَطماً فأرْتَطَم أي أوحله في أمر لا یَخْرج منه وارْتَطَم في الطین وقع فيه فتخبط وارْتطم عليه الأمر إذا لم یَقْدِر في الخروج منه(3). والمعنى في قول الإمام علیه السلام أي وقع به وتخبط فيه(4):

3. اضْطَلَع: کقوله في صفة النبي صلّی الله علیه و آله و سلم:

«حُمِّلَ فَاضْطَّلَعَ بأمْرِكَ لطَاعَتِك»(5).

فأضْطَّلع ثلاثي مزيد على وزن (افْتَعَل) من الضَّلاعةِ وهي القوة إذ يقال (اضْطَلَعَ) بحمله أي قوي علیه ونَهَضَ به(6).

4. انْتَجَی: کقوله: حینَ دعاهُ رسولُ الله صلّی الله علیه و آله و سلم یوم الطائف فانْتَجاه فقال الناس

ص: 207


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 5 / 21
2- نهج البلاغة: 584 والرواية فيه: «من اتَجَّرَ بِغَیِرْ فِقْه فقد ارْتَطَمَ في الرِّبَا»، وأساس البلاغة: 1 / 171 مادة (رطم)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 567، ولسان العرب: 12 / 244 مادة (رطم)، والمعجم الوسیط: 1 / 731، ومجمع البحرین: 3 / 177
3- ينظر: لسان العرب: 12 / 244 مادة (رطم)
4- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 20 / 1
5- نهج البلاغة: 91، خطبة: 70، وغريب الحديث لأبن قتيبة: 1 / 373، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 205، ولسان العرب: 8 / 225 مادة (ظلع)
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 205

لقد طال نجواه فقال:

«ما انْتَجَیْتُه ولكن اللهَ انْتَجاه»(1).

فالفعل (آنْتجى) ثلاثي مزيد على وزن (افْتَعَل) من (نَجَا) والنَّجاءُ الخلاص من الشيء، وفي قوله «ولکنَّ اللهَ انتجاهُ» أي أمَرَني أَن أُناجیَهُ(2).

سابعاً: ما جاء علی وزن «انْفَعَل یَنْفَعِلُ»

المزید بحرفین:

ذُكر الصرفيون أن هذا الوزن يستَعمل لبيان المطاوعة من الفعل الثلاثي العلاجي(3)، وذلك نحو كسرته فانْکَسَر، ومحوته فانْمَحَى، وحسرته فانْحَسَر، وهذا البناء لا يكون إلا لازماً ولكنه مشتق من الثلاثي المتعدي، لذلك شذذ الصرفیون مجیثه من الثلاثي اللازم نحو هوی یهوی فهو مهوٍ.

وقد يستعمل (انْفَعَلَ) من دون قصد المطاوعة وإنما هو شبيه ب- (فَعَلَ) وذلك نحو أنْطَلَق، وانْکَمَش، وانْجَرَد، وانْبَلَج الصبح أي أضاء وإنْجَبَر الکسر أي جَبَر(4).

وقد ورد للإمام علي علیه السلام قولاً واحداً علی هذا البناء:

انْدَمَج: کقوله:

ص: 208


1- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 9 / 6، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 56، ولسان العرب: 5 / 304 مادة (نجا)، وتاج العروس: 34 / 614 مادة (نجا)
2- ينظر: لسان العرب: 5 / 304 مادة (نجا)
3- الفعل العلاجي: وهو الفعل الدال على الحركة المحسوسة التي تحتاج في حدوثها إلى تحريك، ینظر: شرح المفصل: 7 / 159
4- ينظر: كتاب سيبويه: 2 / 238، والمفصل: 281، وشرح المفصل: 7 / 159، وشرح الرضي علی الشافیة: 2 / 300، وشذا العرف في فن الصرف: 40

«بل انْدَمَجْتُ علی مکنونِ عِلم لو بُحْتَ به لأضْطَرَبْتُم اضْطِرابَ الأَرْشِیةِ في الطَّويِّ البَعیدَة»(1).

فالفعل انْدَمَجَ ثلاثي مزيد بحرفين على وزن (انْفَعَل) من (دَمَجَ) قال الجوهري: «دَمَجَ الشيءُ دُموجاً، إذا دخل في الشيء واستحکم فیه، وکذلك انْدَمَجَ وادَّمَجَ بتشدید الدال»(2).

وفي قول الإمام علیه السلام بل انْدَمَجَتُ أي اجْتَمعتْ علیه وانطویتُ وانْدَرجتُ(3).

ثامناً: ما جاء علی وزن آسْتَفْعَل المزید بثلاثة أحرف

وهذه الصيغة من أبنية الفعل الثلاثي المزيد بثلاثة أحرف وهي الهمزة والسين والتاء. واسْتَفْعَلَ يأتي على ضربين متعدٍ وغير متعدٍ ، ومثال المتعدّي قولهم استخفَّهُ واستقبحَهُ ومثال اللّازم نحو قولهم استقدم واستأخر(4).

وتُؤخذ صيغة (اسْتَفْعَلَ) من فعل ثلاثيّ متعدٍ، وقد تؤخذ من فعل ثلاثي لازم، فمثال الأول قولهم اسْتَعْصَم واسْتَعْلَم من (عصَم وعلِم) وكلاهما فعل متعدٍ، ومثال الثاني اسْتَحْسَنَ واسْتَقْبَحَ، وهما مأخوذان من الفعل اللازم (حسُن وقبُح)(5).

وفيما يأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت علی هذه الصیغة:

1. اسْتلان: كقوله بذكر العلماء والأتقياء:

ص: 209


1- نهج البلاغة: 30، خطبة: 5، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 320، ولسان العرب: 2 / 247 مادة (دمج)، وتاج العروس: 7 / 409 مادة (دمج)
2- الصحاح في اللغة: 1 / 28
3- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 1 / 28
4- ينظر شرح الملوكي في التصريف، ابن يعيس: 82
5- ينظر: المبدع في التصريف، لأبي حيان الأندلسي: 116، والممتع في التصريف: 1 / 194

«فباشَرُوا رُوحَ الیقین واسْتلانُوا ما استَخْشنَ المُترفُون»(1).

فالفعل (استلان) على وزن اسْتَفْعل وقد اشتق من الفعل الثلاثي (لين) اللام والياء والنون كلمة واحدة، وهي اللِّین: ضدُّ الخشونة ویقال هو في لَیَانٍ من عَیش أي في نعمة»(2). وهكذا فاللّيان هنا نعمَةُ العیش(3).

2. اسْتَبَدّ: كقوله:

«کنا نَرَی أَن لنا في هذا الأَمر حقاً فاسْتَبْدَدتم علینا»(4).

فالفعل (استبدّ) على وزن اسْتَفْعَل وقد أشتق من الفعل الثلاثي بدَد ويدل علی تفریق قال ابن منظور: «التّبدید التفریق یقال شَملٌ (مُبَدَّد) و (بدَّد الشيء) فتَبَدَّد فرّقه فتقرّق... واسْتَبَدَّ فلانٌ بکذا، أي أنفرد به»(5)، واستبدَّ في قول الإمام علي علیه السلام تدل علی الانفراد إذ یقال استبد بالأمر إذا انفرد به من دون غیره(6).

اسْتَسْفَر: کقوله:

ص: 210


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 1 / 10، والروایة فیه: «واستلانوا ما استوعره المترفون»، والمحکم والمحیط الأعظم: 2 / 285، ولسان العرب: 13 / 394 مادة (لین)، وتاج العروس: 30 / 8023، ومجمع البحرین: 4 / 2
2- مقاييس اللغة: 5 / 225 مادة (لین)
3- ينظر: لسان العرب: 13 / 394 مادة (لین)
4- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 6 / 243، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 265، ولسان العرب: 3 / 78 مادة (بدد)
5- لسان العرب: 3 / 78 مادة (بدد)
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 265، وشرح نهج البلاغة لأبن الحدید: 6 / 243

«إنّ النَّاس اسْتَسْفَرُونِي بيني وبينك»(1).

فالفعل (اسْتَسْفَر) على وزن استفعل وقد اشتق من الفعل الثلاثي (سَفَرَ) قال ابن فارس: «السّين والفاء والراء أصلٌ واحدٌ ويدلُّ على الانكشاف والجلاء من ذلك السَّفَر سمّي بذلك لأنَّ الناس ينكشفون عن اماكنهم وأما قولهم سَفَرَ بَیْن القوم سِفارة إذا اصلح»(2). وآسْتَسْفَرَ في قول الإمام علیه السلام تدل علی السَّفِیرُ أي جَعَلُوني سَفِیراً بینك وبينهم وهو الرَّسُول المُصْلح بين القوم إذ يقال سَفرَتُ بين القوم أسْفِرُ سِفَارة إذ سَعَيت بينهم في الإصْلاح، فصيغة اسْتَفْعَل هنا بمعنى جعل(3).

1. اسْتَشْرَف: كقوله:

«أُمرنا في الأضاحي أن نستشرف العین والأذن»(4).

فالفعل (اسْتَشْرَف) على وزن اسْتَفْعَل، وقد اشتق من الفعل الثلاثي (شرف) فالشين والراء والفاء أصلٌ يدلُّ على علوٍّ وإرتفاع... ويقال اسْتَشرَفتُ الشيء إذا رفعت بصرك تنظر اليه(5). وصيغة اسْتَفْعَل في قول الإمام علیه السلام جاءت بمعنی

ص: 211


1- نهج البلاغة: 240 والرواية فيه: «إنَّ النَّاس وَرَائِي وَقَد اسْتَسْفَرُوني بَیْنَكَ وبینهم»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 941، ولسان العرب: 4 / 367 مادة (سفر)
2- مقاييس اللغة: 3 / 83 مادة (سفر)
3- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 9 / 138، ولسان العرب: 4 / 367 مادة (سفر)
4- مسند الإمام علي علیه السلام: 3 / 12، وتهذیب اللغة: 4 / 98 مادة (شرف)، والمحیط في اللغة: 2 / 164، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 1142، والقاموس المحیط: 2 / 396، وغریب الحدیث لأبن الجوزي: 1 / 530، ولسان العرب: 9 / 169 مادة (شرف)، وتاج العروس: 16 / 541 مادة (شرف)
5- ينظر: مقاييس اللغة: 3 / 204 مادة (شرف)

الطلب أي أمر النظر إلى الأضاحي ونتأمل سلامتها من آفة تكون بها، وآفة العين عورُها، وآفة الأذن قطعُها فإذا سَلِمت الأُضْحِية من العَوَر في العين والجَدْع في الأذن جاز أن یُضَحَّی بها(1).

فهذه أقوال الإمام علیه السلام التي جاءت على صيغة الفعل الثلاثي المزيد بثلاثة أحرف (اسْتَفْعَل).

تاسعاً: ما جاء علی مبنی ما لم یُسَمَّ

فاعلُه من الأفعال «البناء للمجهول» إن الفعل المبني للمجهول في اللغة العربية ظاهرة لغوية ذات خصوصية في مصطلحاتها، وانتشارها، وتطورها، وانحسارها، ووجود هذه الظاهرة لا يقتصر على العربية فحسب، بل إنها ظاهرة سامية، وإن كانت اللغات السامية تتباين فيما بينها فيها، ولاسيما في الاحتفاظ بها وفي الإفادة منها(2).

والمراد بالفعل المبني للمجهول: «هو ما استغنی عن فاعله، فأقیم المفعول مقامه، وأسند إلیه معدولاً عن صیغة (فَعَلَ) إلی (فُعلَ) ویسمّی ما لم یسمَّ فاعله»(3).

وقد عَبَّر عنه ابن مالك إذ قال(4):

یَنُوب مَفْعُولٌ بِهِ عَنْ فَاعلِ *** فِیما لَهُ کنیلَ خیر نائلِ

ص: 212


1- ينظر: تهذيب اللغة: 4 / 98 مادة (شرف)، ولسان العرب: 9 / 169 مادة (شرف)
2- ينظر: الفعل المبني للمجهول في اللغة العربية: عبد الفتاح محمد، مجلة جامعة دمشق، المجلد: 22، العدد (1+2)، 2006
3- المفصل: 258، وشرح المفصل: 7 / 69
4- ينظر: شرح ابن عقيل: 1 / 505

وتعددت المصطلحات الدالة على هذه الظاهرة إذ أطلق عليه «بالمبني للمفعول»(1) و«المبني للمجهول»(2) وهذا المصطلح هو الأكثرُ تداولاً عند اللغويين المحدثين إذ يتّصف باتساع الدلالة.

وفیما یأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت الأفعال فيها مبنية للمجهول وبحسب ما استشهد به اللغويون:

1. شُنَّت: كقوله:

«اتَّخَذْتُموه وَرَاءَکم ظِهْرِیّاً حتی شُنَّتْ علیکم الغاراتُ»(3).

فالفعل (شُنَّ) بني للمجهول من الفعل الثلاثي المضعف (شَنَّ) إذ يجوز فيه ضم الفاء وهذا كما ورد في قول الإمام علیه السلام وقد یجوز فیه ایضاً کسر الفاء والإشام والمراد بشَنَّ عليهم الغارةَ یَشُنُّها وأشنَّ أي صَبَّها و بَثَّها و َ فرَّقها من كل وجه(4).

2. طُعِن: كقوله:

«والله لَودَّ معاويةُ أَنه ما بقي من بني هاشم نافِخُ ضَرَمةٍ إلّا طُعِن في نَیْطِه»(5).

ص: 213


1- المحتسب: 1 / 135
2- النحو الوافي: 2 / 98، والتطبیق الصرفي: 105، والموسوعة النحویة الصرفیة، یوسف احمد المطوع: 72
3- نهج البلاغة: 51، خطبة: 27، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 1237، ولسان العرب: 13 / 241 مادة (شن)، ومجمع البحرین للطریحي: 3 / 395
4- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 1237، ومنهاج البراعة للراوندي: 1 / 214
5- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 3، وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 367، وتهذیب اللغة: 4 / 265 مادة (طعن)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 283، ولسان العرب: 3 / 265 مادة (طعن)، وتاج العروس: 1 / 8100 مادة (طعن)

فالفعل طُعِن بني للمجهول من الفعل الماضي (طَعنَ) أي بضم أوله وكسر ما قبل آخره، قال ابن منظور: «ویُروی طُعِنَ علی ما لم یُسَمَّ فاعِلهُ، ومن ابْتَدَأ بشيءٍ أو دَخَلَه فَقَد طَعَن به، وطَعَن في نیطه: أي في جنازته»(1).

3. دُيِّث: كقوله:

«فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فمن تركه رغبة عنه أَلْبَسَهُ الله الذل... ودُیِّث بالصغار»(2).

فالفعل دُيِّث بني للمجهول من الفعل الثلاثي المزيد دَیَث أي بضم أوله وكسر ما قبل آخره وأصل الدّيث التّليين، وهو الإذلال أي ذُلِّل بالصَّغار(3)، إذ يقال: ديثه ذلله، وطريق مديث أي مذلل(4).

4. یُذَفَّف: كما ورد في قوله:

«أنه أمر يوم الجَمَل فَنُودِي أن لا یُتْبَعَ مُدْبِرٌ ولا يُقْتَل أَسیرٌ ولا یُذفَّف على جَرِیح»(5).

فیُذَفَّف بُني للمجهول من الفعل المضارع، أي بضم حرف المضارعة وفتح ما قبل الآخر وأصل التذفيف الاجهاز على الجريح وقتله وتحريره(6).

ص: 214


1- لسان العرب: 3 / 265 مادة (طعن)
2- نهج البلاغة: 50 خطبة، خطبة 27، ولسان العرب: 15 / 398 مادة (دیث)، ومجمع البحرین: 3 / 66، ومجمع البحرین للطریحي: 2 / 186
3- ینظر: لسان العرب: 15 / 398 مادة (دَیَث)
4- ينظر: منهاج البراعة للراوندي: 1 / 213
5- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 14 / 24، وغریب الحدیث لأبي عبید: 4 / 33، وتهذیب اللغة: 4 / 439 مادة (ذفف)
6- ينظر: تهذيب اللغة: 4 / 439 مادة (ذفف)

5. حيصت: كقوله:

«الثیاب المُتَدَاعِیَةُ کُلِّمَا حیصت من جانبٍ تَهَتکت من آخر»(1).

فالفعل حيص بني للمجهول من الفعل الماضي الثلاثي الأجوف حاص أي كسر أوله مع قلب الألف ياء ففي بناء هذا الفعل ثلاث لغات(2).

والمراد بحيصت أي خيطت فالثياب المتداعية الخلق كأن بعضها يدعو بعضاً ويناديه بالانخراق إذا مس باليد وهذه استعارة حسنة أي كلما خيطت من جانب تخرقت من آخر(3).

6. سيم: كقوله:

«من ترك الجهاد أَلْبَسَه الله الذِّلَّة وسِیم الخَسْفَ»(4).

فالفعل سيم بني للمجهول من الفعل (سوم) معتل العين ففي فائه ثلاث لغات وهي (سِيم) بكسرها، و(سُوم) بضمها،والإشمام(5). وأصل سیم من السمة وهي العلامة(6)، ومعنی قول الإمام علي علیه السلام «سیم الخسف»

ص: 215


1- نهج البلاغة: 88، خطبة: 69، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 803، ولسان العرب: 7 / 18 مادة (حوص)، ومجمع البحرین: 1 / 220
2- اللغات: هي أمّا كسر الفاء وقلب الألف ياء، أو ضم الفاء وقلب الألف واو، أو الإشمام، ينظر: شرح الرضي علی کافیة ابن الحاجب: 4 / 131، وشرح ابن عقیل: 2 / 505
3- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 5 / 20، ومنهاج البراعة للراوندي: 1 / 295
4- نهج البلاغة: 50، وغريب الحديث لأبن قتيبه: 12 / 137، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 83، ولسان العرب: 12 / 314 مادة (سوم)
5- ينظر: شرح ابن عقيل: 1 / 505
6- ينظر: لسان العرب: 12 / 314 مادة (سوم)

أي كلف الذل(1).

7. قُوِّلته: كقوله: عندما سمع أمراه تندُب عمر:

«أما والله ما قالته ولكن قُوِّلتْه»(2).

فالفعل قُوِّل بني للمجهول من الفعل الأجوف (قال) أي بضم الفاء وقلب الألف واواً لإنضمام ما قبلها والمراد به لُقَّنَتْه و عُلِّمَتْه و ُ أُلقِيَ على لسانها يعني ما جانب الإلهام أي حقيق بما قالته فيه(3). وهكذا فهذه الأقوال التي وردت في الفعل المبني للمجهول.

ص: 216


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 3 / 392
2- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 12 / 34، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 206، ولسان العرب: 11 / 572 مادة (قول)، وتاج العروس: 25 / 646 مادة (قول)
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 206

المبحث الثالث موضوعات أخری

أولاً: التصغیر:

تُعَد ظاهرة التصغير من الظواهر الصرفية التي اختصت بها الأسماء من دون الأفعال، إذ ترمي في مجملها إلى الإيجاز والإختصار. قال الرضي الاستراباذي:

«اعلم أنهم قصدوا بالتصغير النسبة إلى الاختصار كما في التثنية والجمع وغير ذلك، إذ قولهم رُجَیل أخف من رجل صغیر»(1).

والتصغیرُ شيٌ اجتزیٴَ بهِ عن وصف الاسم بالصغرِ وبُني أَولهُ على الضمِّ، وجُعلَ ثالثُهُ ياءً ساكنةً قبلها فَتحة(2)، أي هو تغيير يطرأ على بُنية الاسم وهيئته، فيجعله على وزن (فُعَیْل) أو (فُعَیْعِل) أو (فُعَیْعِیل) بالطريقة الخاصة المؤدية إلى هذا التغيير، أي بتحويل الاسم إلى صيغ التصغير المعروفة(3). قال سيبويه: «أعلم أنَّ التصغیر إِنَّما هو في الکلام علی ثلاثة أمثلة (فُعیلٍ)، و(فُعیعلٍ)، و(فُعَیعِیل»)(4).

ص: 217


1- شرح الرضي على شافية ابن الحاجب: 1 / 192
2- ينظر: الأصول في النحو: 3 / 36
3- ينظر: النحو الوافي: 4 / 683
4- كتاب سيبويه: 3 / 415

وهكذا فالأوزان الثلاثة تسمى «صیغ التصغیر» لأنها مختصة به. والتصغیر یرد ذکره أحیاناً في مصنّفات القدماء بأسم (التحقیر) وقد تکرر هذا في کتاب سیبویه(1).

وفیما یأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي ذکرها اللغویون تمثل التصغیر:

1. ذُهيبة: كقوله:

«فَبَعث من الیمنِ بذُهَیْبة»(2).

فذُهَيبة تصغير ذهب أي تصغير ما كان على ثلاثة أحرف على وزن فُعَیْل قال ابن الأثیر: «هي تصغیر ذَهَب وأدخل الهاء فيها، لأنَّ الذَّهَب یُؤَنَّث والمُؤنث الثُّلاثِي إذا صُغِّر الحق في تصغیرهُ الهاءُ نحو قُوَیَسَة وشُمَیسَة. وقیل هو تصغیرُ ذَهَبة علی نیَّة القطعة فصغَّرها علی لفظها والجمع الاذهاب والذّهوب»(3).

2. قُوَیْریرة : كقوله:

« ما أصبتُ منذُ وليتُ ُ ت عملي إلّا هذه القُوَیْریرة أهداها الي الدِّهقانُ»(4).

فقُوَیْریرة تصغير قارورة أي تصغير ما كان على خمسة أحرف يكون على وزن (فُعَیْعيل).

ص: 218


1- ينظر: كتاب سيبويه: 1 / 325، 3 / 436، 437
2- مسند الإمام علي علیه السلام: 8 / 101، والروایة فیه: «أنه بعث إلی رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلم من الیمن بذُهَیْبَة»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 431، ولسان العرب: 1 / 393 مادة (ذهب)
3- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 431، ولسان العرب: 1 / 393، مادة (ذهب)
4- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 250، وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 372، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 58، ولسان العرب: 5 / 82 مادة (قرر)

3. الصُّليعاء: كقوله:

«أنَّ أعرابیاً سأل النبي صلّی الله علیه و آله و سلم عن الصُّليعاء والقُرَیعاء»(1).

فالصُّلَيعاء تصغير صَلْعاء وهي اسم على ثلاثة أحرف ولحقته ألف التأنيث یکون تصغیره علی وزن فُعیلاء قال سیبویه: «ما کان علی ثلاثة أحرف ولحقته ألف التأنیث لا تکسر الحرف الذي بعد یاء التصغیر، ولا یغیر الألفان عن حالهما قبل التصغیر لأنهما بمنزلة الهاء نحو حُمیرَاء في حمراء»(2).

4. القُریعاء: کقوله:

«أنَّ أعرابیاً سأل النبي صلّی الله علیه و آله و سلم عن الصُّلیعاء والقُرَیْعاءِ»(3).

فالقُرَیْعاءِ تصغير قرعاء على وزن فُعَیْلاء وهي كما تقدم في المثال السابق اسم على ثلاثة أحرف ولحقته ألف التأنيث.

5. حُميراء: كقوله:

«إیّاك أن تکونیها یاحُمیراءُ»(4).

فحُمَیراء تصغیر حمراء علی وزن فُعَیْلاء قال ابن منظور: «إنَّ العرب تقول

ص: 219


1- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 6 / 12، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 88، ولسان العرب 8 / 204 مادة (صلع)
2- كتاب سيبويه: 3 / 412
3- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 6 / 12، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 208، ولسان العرب: 8 / 262 مادة (قرع)
4- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 6 / 4، والمحکم والمحیط الاعظم: 2 / 30 مادة (حمر)، ولسان العرب: 4 / 208 مادة (حمر)

أمرأة حمراء أي بيضاء وفي هذا الحديث يعني عائشة كان يقول لها أحياناً تصغير الحمراء یرید البیضاء»(1).

ثانیاً: النسب:

من الأساليب اللغوية المستعملة في اللغة العربية وقد عرَّفه الرضي الاستراباذي علی أنَّه «الاسم الملحق بآخره ياء مشددّة مكسور ما قبلها للدلالة على نسبته للمجرد عنها»(2).

وسمّی سیبویه النسب إضافة قال:

«أعلم أنَّك إذا أضفت رجلاً إلى رجل فجعلته من آل ذلك الرجل ألحقت ياءي الإضافة، فإن أضفته إلى بلد فجعلته من أهله ألحقت ياءي الإضافة وكذلك إن أضفت سائر الأسماء إلى البلاد أو إلى حيِّ أو قبیلة»(3). وعملية النسب تتكون من شيئين اثنين: «من اسم مجرد من الياء المشددة مثل عرب وعراق، ونحوهما ويسمى (المنسوب إليه) أو (المضاف إلیه) ومن اسم متصل بیاءین ویسمی المنسوب أو (المضاف»)(4).

ويترتب على ذلك ثلاثة تغييرات تطرأ على بنية الكلمة: تغيير لفظيّ، وتغيير معنويّ، وتغيير نحوي وهو ما أوضحته كتب النحو، والصرف(5).

وفیما یأتي أقوال الإمام علي علیه السلام التي جاءت منسوبة عند اللغويين:

ص: 220


1- لسان العرب: 4 / 208 ماد (حمر)
2- شرح الرضي على شافية آبن الحاجب: 2 / 4
3- كتاب سيبويه: 3 / 335
4- التطبيق الصرفي: 371
5- ينظر: المقتضب: 3 / 134، والتکملة: 50، وشرح جمل الزجاجي: 2 / 309، وشرح الرضي علی شافیة ابن الحاجب: 2 / 4

1. قرويُّ: كقوله:

«أنه أُتِي بِضبٍّ فلم يأکُلُه وقال أنه قَرَويُّ»(1).

فقَرَوي منسوب إلى قرية قال ابن الأثير: «اقَرَويُّ منسوب إلی القَرْیة علی غیر قیاس وهو مذهب یونس والقياس قَرْئيُّ»(2). أي نسب هنا إلی أسم مختوم بتاء التأنیث فحذفت التاء والمعنی من کلام الإمام علیه السلام إنما یأکُله أَهل القُری والبَوادي والضِّباع دون أَهل المدن(3).

2. دارِيٍّ: کقوله:

«کأنّه قِلَعُ داريٍّ عَنَجَة نُوتیَّة»(4).

فداريِّ منسوب إلى دَارين، والداريّ بتشديد الياء العطَّار قالوا لأنه نسب إلى دَارِین وهو موضع في البحر يؤتى منه بالطيب وهو أيضاً شراع منسوب إلى هذا الموضع البحري(5).

3. دَوِيّ: كقوله:

«إلی مَرْعیً وبي مَشْرَبٍ دَوِيٍّ»(6).

ص: 221


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 3 / 92، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 82، ولسان العرب: 15 / 174 مادة (قرأ)
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 82
3- ينظر: لسان العرب: 15 / 174 مادة (قرأ)
4- نهج البلاغة: 344، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 582، ولسان العرب: 4 / 295 مادة (دور)
5- ينظر: لسان العرب: 4 / 295 مادة (دور)
6- نهج البلاغة: 258 خطبة: 175، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 352، ولسان العرب: 14 / 276 مادة (دوا)، ومجمع البحرین: 3 / 60

فدَويّ هنا منسوب إلی دَوٍ من دَوِيَ، بالکسر یَدْوَي، ویراد به أي فیه داء(1).

4. اندروردیّة: كقوله:

«أنّه أقبل وعلیه أنْدَرْوَرْدِیّةٌ»(2).

فأندروردیّة منسوب إلى اندرورد، أي نسب إلى صانع أو مكان وقيل هو فوق التَّبّان ودون السّراویل تغطّي الركبة، وكذلك الأندر(3)، قرية بالشام مُشتَهِرة بالکُروم(4).

5. قرملیّاً: كقوله:

«أنّ قرملیاً تردّي في بئر»(5).

فقرملیّا منسوب إلی قِرمل والقِرمِلْي من لإبل الصغیر الجسم الکثیر الوبر ویقال له: قِرمل وکأن القِرمْليّ منسوب الیه(6).

6. ربّانيّ: كقوله:

ص: 222


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 352
2- لم أعثر عليه في نهج البلاغة، ولا في مسند الإمام علي علیه السلام، ینظر: النهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 177، ولسان العرب: 3 / 74 مادة (اندرورد)، وتاج العروس: 1 / 1875
3- الأندر بالفتح ثم السكون اسم قرية في جنوبي حلب بينهما مسيرة يوم للراكب وهي طرف البرية ليس بعدها عمارة وهي الآن خراب ليس بها الا بقية الجدران، ينظر: معجم البلدان: 1 / 260
4- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 177، ولسان العرب: 3 / 74
5- لم أعثر عليه في نهج البلاغة ولا في مسند الإمام علي علیه السلام، ینظر: غریب الحدیث لأبن قتیبة: 2 / 69، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 80، ولسان العرب: 11 / 555 مادة (قرمل)
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 80، ولسان العرب: 11 / 555 مادة (قرمل)

«الناسُ ثلاثة: عالِم ربّاني، ومتعلّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كلِّ ناعق»(1).

قال ابن الأثیر: «الربّانّي منسوب إلى الرّب، بزيادة الألف والنّون للمبالغة، وقیل هو من الرب بمعنى التربية، كانوا يربون المُتَعَلِّمین بِصغار العُلوم قبل کبارها، والرَّبَّانيُّ العالم الراسخ في العِلم والدين أَو الذي یَطْلُب بعلْمِه وجه اللهِ وقيل العالِم العامِل المُعلِّم»(2).

ص: 223


1- نهج البلاغة: 536 حكمة: 147، وتهذيب اللغة: 2 / 264، مادة (همج)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 633، ولسان العرب: 2 / 392 مادة (همج)
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 633، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 4 / 3

ص: 224

الفصل الثالث المستوی الدلالي في أقوال الإمام علي علیه السلام

اشارة

ص: 225

ص: 226

المبحث الأول المشترك اللفظي

أولاً: تعریف المشترك اللفظي:

اشارة

إن تعدد معاني اللفظ في السياق ظاهرة لغوية نجدها في كثير من اللغات وقد عرف علماء اللغة المشترك اللفظي:

أ- المشترك في اللغة:

يعني المخالطة والمقارنة ومنه قوله تعإلى:

«وَأَشْرِکْهُ فِي أَمْرِي» [طه: 32].

ويقال: اشتَركنا بمعنى تشارَكنا، وقد أشْترك الرجلان وتشاركا، وشارك أحدهما الآخر ومنه فريضة مَشتَركة: يستوي فيها المقتسمون وطريق مشترك: يستوي فيه الناس، واسم مُشتَرك: تشترك فيه معانِ كثيرة(1).

وقال ابن فارس (ت 395 ه-») الشین والراء والکاف أصلان: احدهما:

ص: 227


1- ينظر: العين: 5 / 293 مادة (شرك)، والصحاح في اللغة، إسماعیل بن حماد الجوهري 307 مادة (شرك)، ولسان العرب: 10 / 448 مادة (شرك)

يدل على مقارنة وخلاف انفراد، والآخر: يدل على امتداد واستقامة، فالأول الشركة: وهو أن يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد به احدهما، ويقال: شاركت فلاناً في الشيء، إذا صرت شريكه وأشركت فلاناً إذا جعلته شريكاً لك»(1).

ب المشترك في الصطلاح:

إن المشترك اللفظي في الاصطلاح: «هو أن تکون اللفظة محتمله لمعنیین أو أکثر»(2). وأن اللفظ المتصف بهذه الصفة يسمى المشترك وإذا كانت المعاني المدلول عليها متضادة فاللفظ عندهم من الأضداد(3).

ومن أشهر علماء اللغة المحدثين الذين تناولوا ظاهرة الاشتراك اللفظي الدکتور علي عبد الواحد وافي إذ قال: «وذلك بأن یکون للکلمة الواحدة عدة معانِ تطلق كل منها على طريقة الحقيقة والمجاز ومن ذلك لفظ الخال الذي يطلق على أخ الأم وعلى الشامة في الوجه وعلى السحاب وعلى البعير الضخم»(4).

وقد تناول العلماء الباحثون هذه الظاهرة في القرآن الكريم تحت اسم (الوجوه والنظائر) والوجوه في اللغة: جمع وجه ووجه كل شيء مستقبله ووجه الكلام السبيل الذي نقصد به(5). وفي الاصطلاح قال الزركشي: «الوجوه اللفظ

ص: 228


1- مقاييس اللغة، ابن فارس: 1 / 649 مادة (شرك)
2- الصاحبي في فقه اللغة، ابن فارس: 269، والمزهر، للسيوطي: 1 / 369
3- ينظر: لسان العرب: 3 / 263 مادة (ضد)
4- فقه اللغة، د .علي عبد الواحد وافي: 192، وفقه اللغة العربية وخصائصها، أميل بديع يعقوب: 178
5- ينظر: لسان العرب: 13 / 555 مادة (وجه)

المشترك الذي يستعمل في عدة معان كلفظ الامة»(1).

أمّا النظائر في اللغة: جمع نظير والنظير المثل وقيل المثل في كل شيء وفلان نظيرك، أي مثلك، ونظير الشيء مثله(2). وفي الاصطلاح النظائر الألفاظ المتواطئة(3).

ثانیاً: آراء العلماء في المشترك اللفظي:

اشارة

اهتم علماء اللغة بهذه الظاهرة فوجهوا إليها عنايتهم واهتمامهم وقد اختلفت آراؤهم في ذلك وتباينت وانقسموا على فريقين:

الفریق الأول:

لقد أدرك العلماء الأوائل وجود هذه الظاهرة في العربية، وأشهر من أدرك هذه المسألة الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 ه-)(4) وسيبويه(ت 180 ه-)، إذ جاء في الكتاب: «أعلم أن من کلامهم اختلاف اللفظین لإختلاف المعنیین، واختلاف اللفظین والمعنی واحد، واتفاق اللفظین واختلاف المعنیین»(5).

وأثبت ابن جني (ت 392 ه-) الاشتراك في الأسماء والأفعال وأثبته في الحروف ایضاً فقال: عن (مِن،ولا،وإنّ) «أنّها حروف وقعت مشترکة کما وقعت الأسماء مشترکة... ووقعت الأفعال مشترکة»(6).

ص: 229


1- البرهان في علوم القرآن: 1 / 193
2- ينظر: لسان العرب: 5 / 215 مادة (نظر)
3- البرهان في علوم القرآن: 1 / 193
4- ينظر: فقه اللغة: 192
5- كتاب سيبويه: 1 / 24
6- الخصائص: 2 / 93

وهناك من العلماء من أوجب وقوعه، وتمسك بأن المعاني غير متناهية، والألفاظ متناهية فإذا وزعت الألفاظ على المعاني لزم الاشتراك. كما ذهب بعضهم إلى أن الأفعال الماضية مشتركة بين الخبر والدعاء، والمضارع مشترك بين الحال والاستقبال والأسماء كثير فيها الاشتراك فإذا ضممناها إلى قسمي الحروف والأفعال كان الاشتراك اغلب(1). وهذا الرأي من الصواب لأن اللغة العربية قائمة على ثمانية وعشرين حرفاً من حروف الهجاء، والألفاظ تكون بهذه الحروف فالألفاظ إذاً محدودة في حين أن الأسماء والأفعال لا حصر لها فكان لا بد من اشتراك أكثر من فعل وأكثر من اسم في لفظ واحد(2).

الفریق الثاني:

وعلى رأس هذا الفريق ابن درستويه (ت 347 ه-) فقد أنكر وجود المشترك اللفظي، لأنه «لو جاز وضع لفظه واحد للدلالة علی معیین مختلفین، لما کان ذلك إبانة بل تعمیة وتغظیة»(3). وينكر أن يكون للفظ (وجد) من المعاني المختلفة ما رواه اللغويون فيه مثل قولهم (وجد) فإذا أصرفت قيل في ضد العدم وجوداً وفي المال وجداً وفي الغضب موجدة وفي الضالة وجداناً وفي الحزن وجداً(4).

وبهذا أنكر ابن درستويه وجود هذه الظاهرة في اللغة العربية وعلى الرغم من ذلك فالاشتراك ظاهرة لغوية موجودة في معظم اللغات فلا يمكن أنكار وجودها في اللغة.

ص: 230


1- ينظر: المزهر: 1 / 369
2- ينظر: الألفاظ المتضادة في القرآن الكريم: سلمى أحمد البدوي: 13، رسالة ماجستير
3- المزهر: 1 / 369
4- ينظر: فقه اللغة وسر العربية للثعالبي: 369

ثالثا: أسباب ظاهرة الشتراك اللفظي:

اشارة

يمكن إرجاع ظاهرة الاشتراك اللفظي في اللغة العربية إلى جملة من الأسباب ومن أشهر هذه الأسباب:

1. اختلاف اللهجات العربیة القدیمة:

بعض أمثلة المشترك جاءها الاشتراك من اختلاف القبائل العربية ثم جاء جامعوا المعجمات فضموا هذه المعاني بعضها إلى بعض دون أن يعنوا بتأصيل الألفاظ مثل كلمة (السِّيد) تعني الذئب وتطلق عند هذيل على الأسد(1).

2. التطور الصوتي:

فقد تنال الأصوات الأصلية للفظ ما بعض التغير أو الحذف أو الزيادة وفقاً لقوانين التطور الصوتي فيصبح هذا اللفظ متحداً مع لفظ آخر يختلف عنه في مدلوله مثل: الفروة التي تعني الرأس والغنى وأصل الكلمة بالمعنى الثاني وهو الثروة وأبدلت الثاء فاء(2).

3. انتقال بعض الألفاظ من معناها الأصلي إلی معانِ مجازیة أخری:

لعلاقة ما ثم الإكثار من استعمالها حتى يصبح إطلاق اللفظ مجازاً في قوّة استخدامه حقيقةً ومن ذلك لفظ (العين) مثلاً فأنه يطلق على العين الباصرة، وعلى العين الجارية وعلى أفضل الأشياء وأحسنها، وعلى النقد من الذهب والفضة(3).

ص: 231


1- ينظر: فقه اللغة، علي عبد الواحد: 185
2- ينظر: فصول في فقه اللغة، رمضان عبد التواب: 332
3- ينظر: فقه اللغة وخصائصها: 181
4. القتراض اللغوي:

وقد تستمد اللغة ألفاظاً من لغات أجنبية عنها أو قد تستعير كلمات تمثل فيها، فمثلاً البرج بمعنى الحصن قد استعارته اللغة العریبة من اللغة الیونانیة(1).

5. التصریف:

هناك ألفاظ جاءها الاشتراك من عوارض تصريفية وذلك كأن تؤدي القواعد الصرفية إلى أن تتفق لفظتان متقاربتان في صفة واحدة فينشأ عن ذلك تعدد في معنى هذه الصيغة، مثل لفظة الغروب فإنهُ يجيء مصدراً لغربت الشمس، وجمعاً للغرب وهو الدلو العظيمة(2).

6. حدوث الاشتراك من الواضح:

ويحدث هذا عن قصد المتكلم التعمية والإبهام على السامع حيث يكون التصريح سبباً للمفسدة(3).

إذاً كل هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى وجود ظاهرة الاشتراك اللفظي في اللغة. وهكذا فالمشترك واقع ملموس وحقيقة لا خيال وكثير لا قليل(4). «وإن في اشتمال العربية على قدر لا يستهان به من الألفاظ التي تنوع استعمالها بتنوع السياق دليلاً على سعتها في التعبير عن طريق الاشتراك»(5). ومن أهم ثمار قضیة

ص: 232


1- ينظر: في اللهجات العربية، إبراهيم أنيس: 196
2- ينظر:فقه اللغة: 189
3- ينظر: المزهر: 1 / 369
4- ينظر: المشترك اللغوي نظرية وتطبيقاً، د. محمد شاهين: 105
5- دراسات في فقه اللغة، د. صبحي الصالح: 83

الاشتراك اللفظي في علوم اللغة والمعاجم هو ما استشهد به اللغويون من أقوال الإمام علي علیه السلام التي هذه الظاهرة ومن أشهر هذه الأقوال:

1. قال الأمام علي علیه السلام:

«لتُبَلْبَلُنَّ بَلبَلةً»(1).

إن لفظة بَلْبَلة جامعة لأكثر من معنى فالبَلْبَلةُ تعني بَلْبَلةُ الأَلْسُن المختلفة، إذ يقال إنَّ الله عزّ وجلّ لما أراد أن یُخالف بين ألسنة بني آدم بعث ريحاً فحشرتهم من كلِّ أُفق إلى بابل فبلبل اللهَ بها ألسنتهم، ثم فرَّقتهم تلك الرِّيح في البلاد(2).

وتدل البَلْبَلة أيضاً على «الحرکة والضطراب، تَبلْبَل القوم بَلبَلَة وبَلْبالاً وبِلْبالاً»(3).

وقد توسعت دلالة هذه اللفظة فتعني: الاختلاط، وتفرّق الآراء، وشدة الهم والحزن والوسواس(4).

فيكون معنى قول الأمام علي علیه السلام «لتبلبلن بلبلة» سیختلط بعضکم ببعض، بحيث تزول عزّة ذوي العزّة، وجلالة الاجلاّء، فيختلط العالم بالجاهل، والمؤمن بالفاسق، والشريف بالدنيء(5). ويحتمل أن يكون المعنى سيصيبكم همٌ وحزن شديدان، مما يؤثر عنهما وسوسة في صدوركم، تكون سبباً في تفريق آرائكم وتشتتكم(6). هذه المعاني، تجعل هذه المفردة مما اتفق لفظة، واختلف معناه أو ما

ص: 233


1- نهج البلاغة: 36 خطبة: 16، ومجمع البحرين: 1 / 224، ومجمع البحرین للطریحي: 5 / 211
2- ينظر: العين: 2 / 186، وتهذیب اللغة: 5 / 175 مادة (بل)، ولسان العرب: 11 / 63 مادة (بلل)
3- جمهرة اللغة: 1 / 64 مادة (ب ل ب ل)
4- ينظر: القاموس المحيط: 1 / 1251 مادة (ب ل ب ل)، ومجمع البحرین: 1 / 224
5- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 4 / 206
6- ينظر: غريب نهج البلاغة، عبد الكريم حسين السعداوي: 292

نسميه بالمشترك اللفظي.

2. في حديث الإمام علي علیه السلام:

«تَشَذَّرَ لي فیه بشتْمٍ وإیعاد»(1).

إنّ لفظة تَشَذَّر جامعة لأكثر من معنى إذ تدّل على التوعد والتّهَدّد(2).

كقول لُبيد(3):

غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالدُّحُولِ کأنَّهَا *** جِنُّ الَبَدِيِّ رَوَاسِیاً أَقْدَامُهَا

وهذا المعنى هو الذي أراده الإمام علي علیه السلام في قوله. وقد تدل هذه اللفظة علی النشاط إذ ذکر الأزهري قول اللیث: «التَّشَذُّرُ من النشاط والتسرُع إلى الأمر فيقال للقوم في الحرب إذا تصاولوا: تَشذُّروا»(4). وقد توسعت دلالة هذه اللفظة إذ تدل أیضاً علی التَّشذًّرُ بالثوب وهذا ما ذهب الیه ابن سیده(5). وابن فارس(6). وتدل هذه اللفظة أيضاً على التهيؤ للقتال إذ يقال إذ یقال: «تَشَذَّرَ فلانٌ إذا تهیأ للقتال وتشّذَر فَرَسهُ إذا رکبهُ»(7). وهکذا فلفظة تَشَذّرَ لها أکثر من دلالة

ص: 234


1- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 99، ومقاییس اللغة: 3 / 199 مادة (شذر)، ولسان العرب: 4 / 339 مادة (شذر)، وتاج العروس: 1 / 2995 مادة (شذر)، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 /473، والفائق: 2 / 398 والروایة فیه «وأبعاد بدل إیعاد»
2- ينظر: تهذيب اللغة: 4 / 95 مادة (شذر)، ولسان العرب: 4 / 399 مادة (شذر)
3- ينظر: ديوانه: 64 من شواهد تهذيب اللغة: 4 / 95، ولسان العرب: 4 / 399، وتاج العروس: 1 / 2995 مادة (شذر)
4- تهذيب اللغة: 4 / 95 مادة (شذر)
5- ينظر: المخصص: 1 / 346
6- ينظر: مقاييس اللغة: 3 / 199، مادة (شذر)
7- لسان العرب: 4 / 399 مادة (شذر)

وهذا من المشترك اللفظي.

3. قال الإِمام علي علیه السلام في دعائه علی الخوارج:

«أَصَابَکم حاصِبٌ ولا بقيَ منکم آبر»(1).

إنّ لفظة حاصِبٌ تدل على معانٍ کُثر إذ يقال للرِّيح التي تحمل التراب والحصى حاصبٌ(2). ويقال أيضاً للسَّحاب الذي یَرْمِي بالبَرد والثَّلج حاصِبٌ،لأنّه یَرْمِي بهما رَمْیاً(3). كقول الأعشى(4):

لنَا حاصِبٌ مثْلٌ رِجْلِ الدَّبَی *** وجَأواءُ تُبْرِقُ عَنْها الهَیُوبا

وتدل هذه اللفظة أيضاً على العدد الكثير من الرّجَّالة وهذا معنى قول الأعشى «لنا حاصِبٌ مِثلُ رِجْلِ الدَّبی»(5). وإن قول الإمام علي علیه السلام «أصابکم حاصِبٌ» جملة إنشائية أي دعا على الخوارج بالهلاك والمعنى من كلامه أي رميتم بالحصباء من السماء(6). هذه المعاني تجعل هذه المفردة مما أتفق لفظه واختلف معناه وهو ما نسميه بالمشترك اللفظي.

ص: 235


1- نهج البلاغة: 80، خطبة 58، والرواية فيه «أصابکم حاصِبٌ ولا بقيَ مِنْکُم آثِرٌ»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 9 ، ولسان العرب: 1 / 318 مادة (حصب)، وتاج العروس: 1 / 416 مادة (حصب)
2- ينظر: تهذيب اللغة: 2 / 18 مادة (حصب)، وأساس البلاغة: 1 / 87 مادة (ح،ص،ب)
3- ينظر: لسان العرب: 1 / 318 مادة (حصب)
4- ينظر: ديوانه: 98
5- ينظر: تهذيب اللغة: 2 / 18 مادة (حصب)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 9، وتاج العروس: 1 / 416 مادة (حصب)
6- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 1 / 185

في قومه:  4 قال الإمام علي 4- قال الإمام علي علیه السلام في قومه:

«لبئس حُشَّاشُ نار الحرب أنتم»(1).

إنّ لفظة الحُشَّاشُ جامعة لأكثر من معنى إذ تدل على الآلة التي يقطع بها الحشيش وقاطعه وجامعه إذ يقال: رجل حَشَّاش أي يجمع الحشيش(2).

والحُشَّاش في قول الإمام علیه السلام جمع حَاشٌ، من «حشَّ النارَ» إذ أوقدها والمراد «لبئس الموقدون لنار الحرب أنتم»(3). فالحُشَّاشُ هنا هو ما تحش به النار(4). أي الوقود التي توقد النار وتدل هذه اللفظة أيضاً على بقيَّة الرُّوح في المَريض(5). وقد توسّع معنى هذه اللفظة أيضاً إذ تدل على مدمن تدخين الحشيش(6). هذه المعاني تجعل هذه المفردة مما اتفق لفظه، واختلف معناه أو ما نسميه بالمشترك اللفظي.

5. قال الإمام علي علیه السلام(7):

أشدُدْ حَیازیمَكَ لِلموتِ *** فإنَّ الموت لاقِیکا

ولا بدَّ من الموتِ *** إذا حل بناديكا

إنّ لفظة حيازيمك في قول الإمام علي علیه السلام جمع واحدها حیزوم وهي من

ص: 236


1- نهج البلاغة: 188، ومجمع البحرين: 2 / 1، ومجمع البحرین للطریحي: 4 / 89
2- ينظر: تهذيب اللغة: 3 / 320 مادة (حش)
3- ينظر: هامش رقم (8) في نهج البلاغة: 18
4- ينظر: مجمع البحرين: 2 / 1، ومجمع البحرین للطریحي: 4 / 89 باب ما أوله حاء
5- ينظر: القاموس المحيط: 2 / 132 مادة (حش)
6- ينظر: المعجم الوسيط: 1 / 367 باب الحاء
7- ينظر: ديوان الإمام علي علیه السلام: 93، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 1096، ولسان العرب: 12 / 131 مادة (حزم)، ومجمع البحرین: 1 / 484، ومجمع البحرین للطریحي: 6 / 29

ألفاظ المشترك اللفظي إذ هي جامعة لأكثر من معنى إذ تدل على الصدر أو وسط الصدر وما یُضَمُّ عليه الحِزامُ حيث تلتقي رؤوس الجَوَانِح فوق الرُّهابة بحیال الکاهل»(1). وقد ذهب إلى المعنى نفسه ابن منظور(2). وابن الأثير(3).

وهذا الكلام كناية عن التَشَمُّرِ للأمر والإستعداد له(4). وهكذا فالحيزوم الصدر أو وسطه. وقد تدل هذه اللفظة على اسم فرس كان لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وقد قیل أسم فرس جبریل علیه السلام(5). وهكذا فقد لحظ أن هذه اللفظة استوعبت أكثر من معنی وهذا من المشترك اللفظي.

6. في حدیث الإمام علي علیه السلام أنَّهُ أتاهُ قَوْمٌ برجلٍ فقالوا: إنَّ هذا یؤمُنا ونحن له کارهون، فقال له عليّ:

«إنك لَخروُط أتؤُمُّ قوماً وهم لك كارهون»(6).

إنّ لفظة الخروط تدل على معانٍ كُثُر أي جامعة لأكثر من معنى فأنّها تدلُ في الأصل على الذي يتهور في الأمور، ويركب رأسه في كل ما يريد بالجهل

ص: 237


1- المخصص: 1 / 110
2- ينظر: لسان العرب: 12 / 131 مادة (حزم)
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 1096
4- ينظر: لسان العرب 12 / 131 مادة (حزم)
5- ينظر: مجمع البحرين: 1 / 484، ومجمع البحرین للطریحي: 6 / 29
6- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 97، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 455، وغریب الحدیث لأبن الجوزي: 1 / 273، وتهذیب اللغة: 2 / 456 مادة (خرط)، والفائق في غریب الحدیث: 1 / 363، وأساس البلاغة: 1 / 111 مادة (خرط)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 63، والعباب الزاخر: 1 / 247 مادة (خرط)، ولسان العرب: 7 / 280 مادة (خرط)، وتاج العروس: 1 / 4814 مادة (خرط)، والمعجم الوسیط: 1 / 474

وقلة المعرفة بالأمور، أي كالفَرَس الخَرُوط الذي یَجْتَذِبُ رسَنَهُ من یدِ مُمْسکة ویَمضي لوجهه(1). إذ یقال: «انخرط علينا فلان أي أندرأ بالقول السيء والفعل»(2). وهذا المعنى هو الذي أستعمله الإمام في الحديث. وتدل هذه اللفظة أيضاً على المرأة الفاجرة وتدل على الوجه إذا كان فيه طول قال الخليل: «الخَروط الفاجرة من النساء ووجه خروط إذا كان فيه طول»(3). وهکذا إنّ هذه المعاني تجعل هذه المفردة مما (اتفق لفظه، وأختلف معناه) أو ما نسميه بالمشترك اللفظي.

7. قال الإمام علي علیه السلام:

«من تَرَك الجِهادَ ألبَسَه اللهُ الذِّلَّةَ وسیمَ الخَسف»(4).

إنّ لفظة الخَسْف مِن ألفاظ المشترك اللفظي فهي جامعة لأكثر من معنى «أن تحبس الدّابة على غير علف ثم يستعار فيوضع في موضع التذلیل والهوان»(5). فالإمام علي علیه السلام أراد بقوله أن من ترك الجهاد یذل کما الدابّة التي تحبس من غیر علف. وتدل هذه اللفظة أیضاً علی

ص: 238


1- ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 455
2- شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 19 / 13
3- العين: 1 / 311 باب (خ،ر،ط)، والعباب الزاخر: 1 / 247 مادة (خرط)، وتاج العروس: 1 / 48 مادة (خرط)
4- نهج البلاغة: 531، والرواية فيه: «من ترك الجهاد رغبة عنه البسه الله ثوب الذّل، وسیم الخسف»، وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 2 / 137، والعباب الزاخر: 1 / 488، ولسان العرب: 9 / 67 مادة (خسف)، وتاج العروس: 1 / 5799، ومجمع البحرین: 2 / 124
5- غريب الحديث لأبن قتيبة: 2 / 137، وتهذیب اللغة: 2 / 423 مادة خسف

النقصان(1). وقد تدل لفظة الخسف أيضاً على الجَوزُ المأكول(2). وهكذا تعددت معاني هذه اللفظة إذ يمكن أن يكون لها أكثر من معنى في سياقات متعددة أما في سياق واحد فلها معنى واحد وبذلك يمكن عدَّها من باب المشترك اللفظي.

8. قال الإمام علي علیه السلام:

تِلْکُمْ قُرَیش تَمنَّاني لتَقْتُلني *** فلا وربِّك ما بَرُّوا ولا ظفِروا

فإن هَلَکْتُ فَرَهْنٌ ذِمَّتِي لکم *** بذات رَوْقَیْنِ لا یَعْفُوا لها أثرُ(3)

إنّ لفظة الرَوْقَیْنِ جامعة لأکثر من معنی فالرَوْقَیْنِ تَثْنِیة الرَّوْقِ وأراد بها الإمام علي علیه السلام الحرب الشدیدة(4). وقد تدل أيضاً على الداهية «یُقال: داهیة ذات رَوْقین إذا كانت عظيمة»(5). وهکذا تعددت معاني هذه اللفظة فتدل علی القَرْن قال ابن منظور: «الرَّوْق القَرْن والجمع أرواق»(6). وفي ضوء ما عرضناه يتبين أن هذه اللفظة استوعبت أكثر من معنى وهذا من المشترك اللفظي.

ص: 239


1- ينظر: غريب الحديث لأبن قتيبة: 2 / 137
2- ينظر: مقاييس اللغة: 2 / 145 مادة (خسف)
3- ينظر: ديوان الإمام علي علیه السلام: 54 والروایة في الدیوان: تلكم قريش تمناني لتَقتُلني *** فلا وربَّك مابروا وما ظفروا فإن هلكتُ فرهن ذمتي لكم *** بذات ودقين لا تعفوا لها أثرُ وتهذيب اللغة: 10 / 131 مادة (روق)، وأساس البلاغة: 1 / 191 مادة (روی)، ولسان العرب: 10 / 131 مادة (روق)، والقاموس المحیط: 2 / 469 مادة (روق)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 665
4- ينظر: تهذيب اللغة: 10 / 31 مادة (روق)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 665
5- لسان العرب: 10 / 131 مادة (روق)
6- لسان العرب: 10 / 131، والقاموس المحیط: 2 / 469 مادة (روق)

9. جاء في حدیث الإمام علیه السلام حین رأی رجلاً یخطب قال:

«هذا الخَطيب الشَّحْشَح»(1).

إنّ لفظة الشَّحْشَح جامعة لأكثر من معنى ففي قول الإمام علي علیه السلام تدل علی الخطيب الماهر الشَّحْشَح وهو الماهر بالخطبة الماضي بها وكلّ ماضٍ في کلام أو سیر فهو شَحْشَح»(2).

وتدل لفظة الشَّحْشَح في غير هذا الموضع على البخيل الممسك(3)، كقول الراجز يصف هدر البعير(4):

فردّد الهدر وما إن شَحْشَحا أي ما بخل بهديره وهكذا أن الأصل في الشُّح البخل، والحرص ومنه قول النبي صلی اللهُ علیه وآله وسلم:

«إیّاکُم والشّحُّ»(5).

ص: 240


1- نهج البلاغة: 545، وغريب الحديث لأبن الجوزي: 1 / 521، وشرح النهج لأبن أبي الحدید: 19 / 106، وتهذیب اللغة: 1 / 424 مادة (شحح)، والنهایة في غریب الحدیث ولأثر: 2 / 1108، ولسان العرب: 2 / 495 مادة (شحح)، وتاج العروس: 1 / 1644 مادة (شحح)
2- ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 441، وشرح النهج لأبي الحدید: 19 / 106، وتهذیب اللغة: 1 / 424 مادة (شحح)
3- ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 442، شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 19 / 106
4- الراجز: هو سلمة بن عبد الله العدوي، ينظر الرجز: في مادة (شحح) في الصحاح ولسان العرب: 2 / 495 والتاج: 1 / 1644
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 449

وقد تدل هذه اللفظة على المواظب على الشيء(1). كقول الطرماح(2):

کَأنَّ المَطایا لیلةَ الخِمْسِ عُلِّقَتْ *** بِوثَّابةٍ تَنْضُوا الرواسم شَحْشَح

وهكذا تعددت معاني هذه اللفظة فالتطور الدلالي اللغوي نقل هذا اللفظ إلی دلالة أخری وهي السرعة فوصف القط السريع ب- (الشَّحْشَح(3). اللفظ ومنه أُخذت سرعة الخطيب، لأنّ الخطيب مواظب على خطبته، جادّ فيها، مؤثر في كلماتها الفصيحة للسامعين، لهذا اطلق الإمام علیه السلام علیه صفة الشَّحْشَح(4). وقد تطلق هذه اللفظة على الرجل الغيور، والسيء الخلق والشُجاع(5). وفي ضوء ما عرضناه يتبیّن أن هذه اللفظة استوعبت أكثر من دلالة وهذا من المشترك اللفظي.

10. قال الإمام علي علیه السلام:

«ما لَکُمْ لا تُنَظِّفونَ عَذِراتکُمْ»(6).

إنَّ لفظة (العِذْرة) من ألفاظ المشترك اللفظي فهي جامعة لأكثر من معنى

ص: 241


1- ينظر: لسان العرب: 2 / 495 مادة (شحح)
2- ينظر: ديوانه: 136
3- ينظر: المحيط في اللغة: 3 / 22، مادة (شحح)، والصحاح في اللغة: 1 / 378 مادة (شحح)، وأساس البلاغة: 1 / 480 مادة (شحح)
4- ينظر: غَریبُ نهج البلاغة: 176
5- ينظر: العين: 3 / 12 مادة (شحح)، والصحاح في اللغة: 1 / 378 مادة ( شحح)، وأساس البلاغة: 1 / 480 مادة (شحح)
6- مسندا لإمام علي علیه السلام: 2 / 97، وغریب الحدیث لأبي عبید: 4 / 341، وتهذیب اللغة: 1 / 260 مادة (عذر)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 424، ولسان العرب: 4 / 545 مادة (عذر)، وتاج العروس: 1 / 3167 مادة (عذر)

ففي قول الامام علي علیه السلام تدل علی فِناء الدار(1)، کما في قول الحطیئة(2):

لَعَمْرِي لَقْد جَرَّبتُکم *** قِباحِ الوجُوهِ سَیِّئيِء العَذِراتِ

فالعِذرَة وردت في هذا البيت بمعنى الفناء(3). وذهب إلى المعنى نفسه الأزهري(4). وقد تدل العِذرة أيضاً على الغائط الذي يلقيه الإنسان قال أبو عبید: «وإنَّما سميت عِذرة النّاس بهذا، لأنها كانت تلقى بالأفنية فكنى عنها بإسم الفناء كما كنى بالغائط وإنَّما الغائط الأرض المطمئنة فكان أحدهم يقضي حاجته هناك»(5).

وهكذا تعددت معاني هذه اللفظة وهذا من المشترك اللفظي.

11. قال الإمام علي علیه السلام(6):

أفلَحَ مَنْ کانَتْ له مِزخَّهْ *** یَزُخُّها ثم یَنامُ الفَخَّهْ

إنَّ لفظة الفَخَّهْ من ألفاظ المشترك اللفظي فهي جامعة لأكثر من معنى إذ

ص: 242


1- ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 4 / 341
2- ينظر: ديوانه: 113
3- ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 4 / 341، ولسان العرب: 4 / 545 مادة (عذر)
4- ينظر: تهذيب اللغة: 1 / 260 مادة (عذر)
5- غريب الحديث لأبي عبيد: 4 / 341، ولسان العرب: 4 / 545 مادة (عذر)، وتاج العروس: 1 / 3167 مادة (عذر)
6- لم اعثر عليه في ديوان الإمام علي علیه السلام، ینظر: غریب الحدیث لأبي عبید، 4 / 175، وغریب الحدیث لأبن قتیبة، وجمهرة اللغة: 1 / 29 مادة (زخخ)، وتهذیب اللغة: 2 / 405، مادة (فخ)، والمحکم والمحیط الأعظم: 2 / 262 مادة (زخخ)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 796، ولسان العرب: 3 / 41 مادة (فخخ)، وتاج العروس: 1 / 1812 مادة (زخخ)

تدل علی النفخ في النوم قال إبن درید (ت 321 ه-): «الفَخَّ أي ينام الرّجُل وينفخ في نومه»(1).

وهذا المعنى هو الذي إستعمله الإمام علیه السلام في قوله. وتدلّ هذه اللفظة ايضاً على المرأةِ القَذِرَةُ(2). أي كالفخ، وقد تدل ايضاً على المرأة الضَخمة والنّوْمُ على القَفَا وقد تدل ال َ فخَّةُ ايضاً على نَوْمُ الغَدَاةِ(3). وهكذا تعددت معاني هذه اللفظة إذ دلّت على أكثر من معنى وهذا من الممكن أن ندخله في باب المشترك اللفظي.

12. قال الإِمام علي علیه السلام:

«فَإِذَا کان ذَلِكَ ضَرَبَ یعسوب الدین بذنبه فیجتمعون إلیه کما یجتمع قَزَع الخریف»(4).

إنَّ لفظة قَزَع من ألفاظ المشترك اللفظي فهي جامعة لأكثر من معنى إذ تدل علی قطع السحاب قال الخلیل: «القَزُعُ: قِطعُ السحاب وأکثر ما یکون ذلك في زمن الخریف الواحدة قَزَعةٌ وهي رقیقة الظِّل تمر تحت السحاب الکثیر»(5).

ص: 243


1- جمهرة اللغة: 1 / 29
2- ينظر: تهذيب اللغة: 2 / 405 مادة (زخخ)، وتاج العروس: 1 / 1834
3- ينظر: تاج العروس: 1 / 1834 مادة (زخخ)
4- نهج البلاغة: 545، و غريب الحديث لأبي عبيد: 1 / 185، وجمهرة اللغة: 1 / 452 مادة (قزع)، وتهذیب اللغة: 1 / 45 مادة (قزع)، والصحاح في اللغة: 2 / 76، مادة (قزع)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 86، ولسان العرب: 8 / 271 مادة (قزع)، والقاموس المحیط: 1 / 970 مادة (قزع)
5- العين: 1 / 23 باب (ق.ز.ع)

وذهب إلى المعنى نفسه الأزهري(1)، والجوهري(2).

وهذا المعنى هو الذي استعمله الإمام علي علیه السلام في قوله أي قطع السحاب التي لا ماء فیها(3).

وقد تدل هذه اللفظة على الشعر الذي يترك غير محلوق أي یُحلَقَ رأس الصبي ويترك في مواضع منه الشعر متفرِّقاَ(4). كقول زهير(5):

وأشْعَث قَدْ ظَالَت قَنَازع رَأسه *** دَعَوْتُ عَلَی طُول الکَری وَدَعانِي

وتدل هذه اللفظة أيضاً على صغار الإبل(6). وفي ضوء ما عرضناه وجدنا أنَّ لفظة (قزع) قد دلّت على أكثر من معنى.

13. قال الإمام علي علیه السلام(7):

أنا الذي سَمَّتْني أُمي حَیْدَرَةْ *** أضْرِبُکُمْ ضَرْبَ غُلامٍ قَسْوَرَةْ

إن لفظة قسورة من ألفاظ المشترك اللفظي فهي جامعة لأكثر من معنى إذ

ص: 244


1- ينظر: تهذيب اللغة: 1 / 452 مادة (قزع)
2- ينظر: الصحاح في اللغة: 2 / 76 مادة (قزع)
3- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 12 / 1، وشرح نهج البلاغة لأبن أبي الحدید: 19 / 1
4- ينظر: المحكم والمحيط الأعظم: 1 / 51، وأساس البلاغة: 1 / 377 مادة (قزع)
5- ينظر: ديوانه: 102
6- ينظر: المخصص: 2 / 109
7- ينظر: ديوان الإمام علي علیه السلام: 53، وقد ورد البیت في الدیوان بروایة مختلفة أنا الذي سمتني أمي حيدرة *** ضرغام آجامٍ وليتُ قسورة أكيلكم بالسيف كيل السندرة *** أضربكم ضرباً بين الفقرة وأساس البلاغة: 1 / 377 مادة (ق،س،ر)، ولسان العرب: 5 / 91 مادة، (قسر)، وتاج العروس: 1 / 2686 مادة (قسر)

تدل على الصیّاد. والراعي أو جماعة الرماة كقوله تعإلى:

«فَرَّت مِن قَسْوَرَة» [المدثر: 51](1).

فقد فسرت لفظة قسورة هنا بأنَّها الرامي، أو جماعة الرماة، وأصوات الناس، أو ظلام الليل(2). وتدل هذه اللفظة ايضاً على الغلام القوي قال الزمخشري: «وغلام قسور وقسورة: قويّ وانتهى شبابه»(3). وهذا المعنی هو الذي استعمله الإمام علي علیه السلام في قوله. وتدل هذه اللفظة علی اسم من أسماء الأسد قال أهل اللغة: «القسور، والقسورة: اسمان للأسد، أنثوه كما قالوا: أسامة، إلا أن أسامة معرفة»(4). وهكذا فلفظة قسورة استوعبت أكثر من دلالة وهذا ما يسمى بالمشترك اللفظي.

14. قال الإمام علي علیه السلام:

«أُحَذِّرُکُمُ الدُّنْیا فَإنَّهَا مَنْزِلُ قُلْعَةٍ»(5).

إن لفظة قُلعة جامعة لأكثر من معنى إذ تدلُّ على التحوّل والانقلاع(6).

ص: 245


1- ينظر: العين: 2 / 161 باب (ق،س،ر)، وتهذیب اللغة: 3 / 164 مادة (قسر)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 626
2- ينظر: جامع البيان للطبري: 23 / 455
3- اساس البلاغة: 1 / 377 مادة (ق،س،ر)
4- المخصص: 2 / 161، ولسان العرب: 5 / 91 مادة (قسر)، وتاج العروس: 1 / 2686 مادة (قسر)
5- نهج البلاغة: 171، والمحكم المحيط والمحيط الأعظم: 1 / 74، والقاموس المحیط: 2 / 318، ولسان العرب: 8 / 290 مادة (قلع)، وتاج العروس: 1 / 5497 مادة (قلع)، والمعجم الوسیط: 2 / 427
6- ينظر: المخصص: 3 / 148

وتدل أيضاً على الرحلة أي يقال هذا منزل قُلعة أي هو للرحيل لا للبقاء(1).

وقد يقال أيضاً منزل قُلْعة أي ليست بمستوطنة ويقال أيضاً هذا مجلس قُلعة إذا كان صاحبه يحتاج إلى أن يقومَ مرّة بعد مرّة(2).

هذه المعاني هي التي أرادها الإمام علي علیه السلام في قوله أي أن الإمام علي علیه السلام قصد في قوله الدُّنيا فوصفها بأنها زائلة غير دائمة للإنسان وأنها دار تحول وإرتحال.

وقد توسّعت دلالة هذه اللفظة إذ تدل على الرجل الضعيف قال الخليل: «القُلْعةً الرجل الضعیف الذي إذا بُطِش به لم یثبت»(3). هذه المعاني تجعل هذه المفردة من باب المشترك اللفظي.

15. قال الإمام علي علیه السلام لمّا أُشیر علیهِ بألاّ یتبع طلحة والزبیر ولا یرصد لهما القتال:

«والله لا أكونُ كالضَّبع تسمع اللَّدْمَ فتخرج فتصاد»(4).

إن لفظة اللَّدْم جامعة لأكثر من معنى فذكر ابو عبيد إنّ معنى «اللَّدْم» هو صوت الحجر، أو الشيء یقع في الأرض، ولیس بالصوت الشدید(5)، یقال:

ص: 246


1- ينظر: في ظلال نهج البلاغة: 1 / 115
2- ينظر: لسان العرب: 8 / 290 مادة (قلع)، وشرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 2 / 43
3- العين: 1 / 34
4- نهج البلاغة: 31، والرواية فيه «والله لا أکونُ کالضّبُع: تَنَامُ علی طول اللَّدْمِ»، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 437، والصحاح في اللغة: 2 / 138 مادة (ل.د.م)، وتهذیب اللغة: 4 / 461 مادة (لدم)، وأساس البلاغة: 1 / 421 مادة (لدم) والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 472، ولسان العرب: 12 / 539 (لدم)، وتاج العروس: 1 / 7891 مادة (لدم) ومجمع البحرین: 6 / 119
5- ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 437، ومختار الصحاح: 596 مادة (لدم)

(لدِمْتُ ألدم لَدماً) ومن هذا المعنی قال ابن مقبل(1):

وَلِلفُؤادِ وَجِیبٌ تَحْتَ أَبْهرَهِ *** لَدْمَ الغُلامِ وَرَاءَ الغَیبِ بالحَجَرِ

وتابع أبو عبيد الجوهري(2)، وابن أبي الحديد(3). والمعنى من كلام الإمام علي علیه السلام أي لا اقعد عن الحرب والانتصار لنفسي وسلطاني فيكون حالي مع القوم المشار إليهم، حال الضَّبع مع صائدها(4)، والعرب تقول في رموزها وأمثالها: «أحمق من الضَّبُع»(5).

فالضبع إذا أرادوا أن يصيدوها رموا في حجرها بحجر أو يضربوا بأيديهم باب الحجر فتحسبه شيئاً تصيده فتخرج لتأخذه فتصاد(6).

وقد توسع معنى هذه اللفظة إذ تدل على اللّطم والضرب بشيء ثقيل یُسْمَعْ وقعه حيث يقال التَدَمَ النساءُ إذ ضربْنَ وجوهَهن في المآتم(7). وهكذا فسّروا دلالة (اللّدم) (باللّطم) وقد نقل هذا المعنى أيضاً الفيروز آبادي(8). بزيادة معنى واحد هو: (رقع الثوب) وفي ضوء ما تقّدم يتبين أن لفظة اللّدم لها أكثر من دلالة وهذا من المشترك اللفظي.

ص: 247


1- ديوانه: 1 / 74
2- ينظر: الصحاح في اللغة: 2 / 138 مادة (لدم)
3- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 1 / 223
4- ينظر: غريب نهج البلاغة: 204
5- جمهرة الأمثال للعسكري: 1 / 276
6- ينظر: تهذيب اللغة: 4 / 461 مادة (لدم)
7- ينظر: لسان العرب: 12 / 539 مادة (لدم)، وتاج العروس: 1 / 7891 مادة (لدم)، والمعجم الوسیط: 2 / 827 مادة (لدم)
8- ينظر: القاموس المحيط: 1067 مادة (لدم)

16. قال الإمام علي علیه السلام:

«إنَّ الإيمان یَبْدو لمُظةً في القلْبِ، کُلَمّا ازداد الإيمان ازدادت اللُّمظَةُ»(1).

إنَّ لفظة (لمُظةً) من ألفاظ المشترك اللفظي إذ تدل هذه اللفظة على معانٍ كُثُر، فإنّها تدلُّ في الأصل على القلّة أو الأمر اليسير، تقول العرب: أخذ بيده لمُظةً من السّمن، أي شيئاً يسير بإصبعه(2).

واللمظة أيضاً: بياض يسير في يد الفرس، أو رِجله علی الأشعر وهو الأشعر نهایة الوظيف من جهة الحافر، فاللّمظة أيضاً: النقطة في شفة الدّابة السفلى أو العليا(3).

والإمام علي علیه السلام أراد باللّمظة النقطة او النکتة في القلب. وتدل اللّمظة أیضاً علی بقیة الطعام في الفم، أي یحرك الرجل لسانه لِتَتَبعُّها، وإخراجها فهو يتلمّظ ومنه قيل: تلمّظت الحية، إذا حركت لسانها(4). قال أبو عبيد «وفي هذا الحديث حجةٌ على من أنكر أن يكون الإيمان يزيد أو ينقص ألا تراه يقول: كلّما ازداد الإيمان، ازدادت تلك اللمظة...»(5). والإمام علي علیه السلام مزج في استعمال لفظة اللُّمظة بین دلالتین الأولی هي «القلّة، بقوله: (یبدو لمظة)، ومما

ص: 248


1- نهج البلاغة: 547 وغريب الحديث لأبي عبيد: 4 / 460، والفائق: 3 / 311 وغریب الحدیث لأبن الجوزي: 2 / 331، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 471، ولسان العرب: 7 / 461 مادة (لمظ)، وتاج العروس: 1 / 1263 مادة (لمظ)
2- ينظر: القاموس المحيط: 644 مادة (لمظ)، وتاج العروس: 1 / 1263 مادة (لمظ)
3- ينظر: القاموس المحيط: 644 مادة (لمظ)
4- ينظر: لسان العرب: 7 / 461 مادة (لمظ)
5- غريب الحديث لأبي عبيد: 4 / 460

یؤید معنی القلّة قوله: «كلما أزداد الإيمان ازدادت اللمظة؛ لأن معنى هذا أنّ اللمظة كانت نقطة صغيرة والثانية هي البياض، لأنه استعار (اللمظة) للإِيمان، وأن الإيمان نور القلب وأبيض عادةً، كومض البرق»(1). وهکذا فهذه المعاني مجتمعة تجعل هذه المفردة مما (اتفق لفظه، وأختلف معناه) وما نسميه (بالمشترك اللفظي).

17. قال الإمام علي علیه السلام:

«البَرْقُ مخاریق الملائکة»(2).

إن لفظة مخاريق جامعة لأكثر من معنى فالمخاريق جمع واحدها مخراقُ وهو ما يلعب به الصبيان من الخِرقِ المَفتُولةِ(3)، كقول عَمْرو بن كلثوم(4):

کأَنَّ سُیُوْفَنَا مِنّا وْمِنهُمْ *** مَخَارِیْقٌ بأیِدي لاعِبِیْنَا

والمخاريق تدل أيضاً ً ا على آلة يزجى بها الملائِکَةُ السحاب وتسوقه وهذا المعنی هو الذي استعمله الإمام علي علیه السلام في قوله(5)، قال ابن الأنباري: «شبه السوط الذي يضرب به الملائكة السحاب بالمخراق الذي يلعب به الصبيان

ص: 249


1- غريب نهج البلاغة: 221 - 222
2- نهج البلاغة: 542، وغريب الحديث لأبي عبيد: 4 / 357، وغریب الحدیث لأبن الجوزي: 2 / 275، وتهذیب اللغة: 2 / 208 مادة (خرق)، والفائق: 3 / 31، والزاهر في معاني کلمات الناس: 2 / 265، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 68، ولسان العرب: 10 / 73 مادة (خرق)، ومختار الصحاح: 1 / 84، وتاج العروس: 1 / 6276، ومجمع البحرین: 2 / 116
3- ينظر: لسان العرب: 10 / 73 مادة (خرق)، وتاج العروس: 1 / 6276
4- البيت لعمرو بن كلثوم في اللسان والتاج (خرق) والمقاييس: 2 / 73
5- ينظر: تاج العروس: 1 / 6276 مادة (خرق)

ویضرب به بعضهم بعضاً»(1) وتأتي المخاریق أیضاً بمعنی السیوف(2)، کقول کُثیر(3):

عَلَیْهنَّ شُعْثٌ کالمَخَارِیقِ کُلُّهمْ *** یُعَدُّ کَرِیماً لا جباناً ولا وغلا

فهذه المعاني تجعل هذه المفردة (مما اتفق لفظه، واختلف معناه) أو ما نسميه بالمشترك اللفظي الذي يعبّر عنه في أنّ الكلمة تُستعمل في أكثر من مجال دلالي.

18. في حدیث الإمام علي علیه السلام کتب إلی عثمان بن حنیف:

«لا تأخُذنَّ من الزُّخّة والنُّخّة شيئاً»(4).

إن لفظة النُّخّة لها أكثر من دلالة إذ تدل على أكثر من معنى فالنُّخّة اسمٌ جامعٌ للحُمر(5). وذهب إلى المعنى نفسه الصاحب بن عباد(6). وابن سیّده(7).

وتوسعت دلالة هذه اللفظة إذ تدل على البقر العوامل(8). وتدّل أيضاً علی الجمّالین قال ابن منظور: «قال قوم: النُّخّة اجمّالون فیقال لها في البادیة

ص: 250


1- الزاهر في معاني كلمات الناس: 2 / 265
2- ينظر: تهذيب اللغة: 2 / 208
3- ينظر: ديوانه: 199
4- لم اعثر عليه في نهج البلاغة ولا في مسند الإمام علي علیه السلام، ینظر: لسان العرب: 3 / 59 مادة (نخخ)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 723
5- ينظر: العين: 1 / 294 (باب الخاء والباء)
6- ينظر: المحيط في اللغة: 1 / 337 مادة (نخخ)
7- ينظر: المحكم والمحيط الأعظم: 2 / 270
8- ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 1 / 7، وتهذیب اللغة: 2 / 404 مادة (نخخ)، ولسان العرب: 3 / 59 مادة (نخخ)

النُّخّة»(1). وقد يقال إن هذه اللفظة تدل على كل دابّة استُعملت(2). وذكر ابن الأثير قول الفراء (ت 207 ه-) في النُّخّة إذ قال: «النُّخّة أن یاخذَ المُصَدِّق دیناراً بعد فراغه من الصدقة»(3). وفي ضوء ما تقدم لوحظ أن لفظة النُّخّة استوعبت أكثر من دلالة وهذا من المشترك اللفظي.

19. قال الإمام علي علیه السلام:

من سرَّهُ النَّساء ولا نَسَاء فلیُباكر الغداء وليقُلَّ غِشيان النِّساء ولیُحفف الرِّداء»(4).

إن لفظة النَّساء من ألفاظ المشترك اللفظي فهي جامعة لأكثر من معنى إذ تدل على البقاء(5).

وهذا المعنى هو الذي استعمله الإمام علي علیه السلام في قوله. وقد تأتي بمعنی التأخیر قال ابن قتیبة (ت 276 ه-): «والنسأ التأخير، يقال أنساه الله أجله، ونسأ الله أجله ومنه النِّسيء في كتاب الله تعإلى إنّما هو تأخير تحريم المحرَّم»(6).

ص: 251


1- لسان العرب: 3 / 59 مادة (نخخ)
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 71
3- المصدر نفسه
4- شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 19 / 30، وغریب الحدیث لأبي قتیبة: 1 / 343، وتهذیب اللغة: 3 / 402 مادة (نسأ)، والمخصص: 4 / 42، والعباب الزاخر: 1 / 45 مادة (نسأ)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 5 / 108، ولسان العرب: 1 / 166 مادة (نسأ)
5- ينظر: لسان العرب: 1 / 166 مادة (نسأ)، وشرح نهج البلاغة لأبن أبي الحدید: 19 / 30
6- غريب الحديث لأبن قتيبة: 1 / 343، وتهذیب اللغة: 3 / 402 مادة (نسأ)، والعباب الزاخر: 1 / 45 مادة (نسأ)

وقد تعددت معاني هذه اللفظة إذ تدل أيضاً على الحليب الذي ماؤه أكثر من لَبَنِه(1). وفي ضوء ذلك يتبين أن هذه اللفظة استوعبت أكثر من معنى وهذا من المشترك اللفظي.

20. قال للإمام علي علیه السلام:

«خیر هذه الاُّمة النَّمَطُ الأَوسط یَلْحَقُ بهم التالي ویرجع إلیهم الغالي»(2). ان لفظه النمَّط جامعة لأکثر من معنی فالنَّمط یعني الطریقة(3). أي الطريقة من الطرائق والضّرب من الضروب إذ يقال ليس هذا من ذلك النمط أي من ذلك الضّرب(4).

وقد تدل هذه اللفظة على جماعةٌ من الناس أمْرُهُمُ واحدٌ(5). كما ورد في حديث النبي صلی اللهُ علیه وآله وسلم:

«خَیْرُ النّاسِ النَّمَطُ الأَوْسَط»(6).

والمعنى الذي أراده الإمام علیه السلام أي انه کره الغُلُو والتقصیر في الدین(7). وقد

ص: 252


1- ينظر: المخصص: 4 / 42
2- نهج البلاغة: 518، والعين: 2 / 104 مادة (نمط) والروایة فیه: «علیکم بالنمط الَأوسط»، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 483، ولسان العرب: 7 / 417 مادة (نمط)، وتاج العروس: 1 / 5024 مادة (نمط)
3- ينظر: العين: 2 / 104 مادة (نمط)، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 483
4- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 2 / 9
5- ينظر: العين: 2 / 104 مادة (نمط)، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 2 / 9
6- غريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 384
7- ينظر: لسان العرب: 7 / 417 مادة (نمط)

كثر استعمال هذه اللفظة إذ تدل على «ثوب من صوف یطرح علی الهودج والجمع أنماط ونِماط، وقد يكون النَّمط بمعنى القَرْن الذي أنت فيهم وفي دهرهم نحو حدیث النبي صلی اللهُ علیه وآله وسلم: «خیرُ أمتي النَّمط الذي أنا فیهم»(1) (2).

ثم توسعت دلالة النَّمط فدلّت على ضرب من البسط(3). وهكذا هذه المعاني تجعل هذه المفردة مما (أتفق لفظه، وأختلف معناه) أو ما نسميه بالمشترك اللفظي.

21. قال الإمام علي علیه السلام:

«الناسُ رجلان: عالم ومتعلَّم، وسائر الناس هَمَجٌ رَعاع»(4).

إنَّ لفظة هَمَج جامعة لأكثر من معنى ففي قول الإمام علیه السلام تطلق علی رُذال الناس قال الخليل: «وَهَمَج النَّاس: رُذالَتُهُم»(5).

فدلّت هذه اللفظة هنا على الناس الذين لا عقول لهم، وقد تطلق هذه اللفظة على البعوض أي كل دود ينفقئ عن ذُباب أو بعوض فيقال لرذالة الناس الذين يتَّبعون أهواءهم هَمَج(6). وهكذا فقد لحظ أن لفظة الهَمَج يمكن أن تستوعب

ص: 253


1- غريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 384
2- جمهرة اللغة: 2 / 21 مادة (نمط)
3- ينظر: القاموس المحيط مادة (نمط)
4- نهج البلاغة: 526، والرواية فيه: «النَّاسُ ثَلاثَةُ: فَعَالٌم رَبَّابِيُّ ومُتَعَلَّمٌ علی سبیل نَجَاةٍ وهَمَجٌ رَعَاعٌ»، وغریب الحدیث لأبي عبید: 2 / 500، وتهذیب اللغة: 2 / 264 مادة (همج)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 577، ولسان العرب: 2 / 392 مادة (همج)، وتاج العروس: 1 / 1541 مادة (هلج)، ومجمع البحرین: 3 / 179، ومجمع البحرین للطریحي: 4 / 224
5- العين: 1 / 56 الباب (رهش)
6- ينظر: العين: 1 / 56، وتهذیب اللغة: 2 / 264 مادة (همج)، وتاج العروس: 1 / 1541 مادة (همج)

معنيين مشتركين وهذا من المشترك اللفظي.

22. قال الإمام علي علیه السلام حین مر بعبد الرحمن بن عتاب بن اسید(1) مقتولاً يوم الجمل فقال:

«هذا يعسوب قريش»(2).

إنّ لفظة يعسوب تدل على معانٍ كثيرة فَذُکِرَ الخليل أنَّ الیَعْسوب هو أمير النحل وفحله. وهذا المعنى هو الذي استعمله الإمام علي علیه السلام «فشبَّهه في قریش بالفحل في النحل». وتدل هذه اللفظة أيضاً على طائر يشبّه به الخيل والكلاب لضمرها(3). ومن هذا المعنى قول الشاعر بشر(4):

أبو صِبْیةٍ شُعْثٍ یُطیفُ بِشَخْصِهِ *** کوالِحُ أمثَالُ الیَعاسیبِ ضُمَّرُ

فهذه الدلالة جاءت من شبه الطائر ب- (اليعسوب) وتدل هذه اللفظة ايضاً علی معنی الجبل قال یاقوت الحموي (ت 626 ه-): «قال بعضهم: حتى إذا كنا فويق یَعْسوب»(5). ثم کثر استعمال هذه اللفظة حتی سمَّوا بها کلّ رئیس ولهذا

ص: 254


1- عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد شَهِدَ الجمل مع عائشة والتقى هو والأشتر فقتله الأشتر وقيل قتله جندب بن زهیر ورآه علي وهو قتیل فقال» هذا یعسوب قریش» ینظر: الإصابة: 2 / 347
2- شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 19 / 1، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 439، وجهرة اللغة: 1 / 82 مادة (عسب)، وتهذیب اللغة: 1 / 188 مادة (عسب)، وغریب الحدیث لأبن الجوزي: 2 / 95، وأساس البلاغة: 1 / 309 مادة (عسب)
3- ينظر: العين: 1 / 342 مادة (عسب)
4- ينظر: ديوانه: 84
5- معجم البلدان: 4 / 1021

قال ابن منظور: «والیَعْسوب أمير النّحل، وذكرها، ثم كثر ذلك حتى سمّوا کلّ رئیس یَعْسوباً»(1). وقد تدل هذه اللفظة على الذهب إذ يسمى الذهب يعسوباً، على المثل لقوام الأمور به(2). وقد توسعّت دلالة (يعسوب) حتى شملت غُرّة في وجه الفرس مستطيلة تنقطع قبل أن تساوي أعلى المنخرين، وإن ارتفع على قصبة الأنف، و عَرُضَ واعتدل حتى يبلغ أسفَل الخُلَیْقاءِ فهو یَعْسُوب قلّ أو كثر ما لم يبلغ العينين(3). وقد عمّت هذه الدلالة الغرّة في وجه الفرس على عامة جسم الفرس فسمّو الفرس يعسوباً وإلى هذا المعنى ذهب الفيروز آبادي(4). وقد تدل هذه اللفظة على «ملکة النّحل، وهي أنثی وکان العرب یظنّونها ذکراً لضخامتها ویقال هو یَعْسوب قومه: رئيسهم، وكبيرهم، ومقدمهم والجمع یعاسیب»(5). وهكذا فإنَّ هذه اللفظة استوعبت أكثر من دلالة وهذا ما نسميه بالمشترك اللفظي.

ص: 255


1- لسان العرب: 1 / 599 مادة (عسب)، وشرح نهج البلاغة لأبن أبي الحدید: 19 / 1
2- ينظر: لسان العرب: 19 / 1 مادة (عسب)
3- ينظر: لسان العرب
4- ينظر: القاموس المحيط: 119 مادة (عسب)
5- المعجم الوسيط: 2 / 606 مادة (عسب)

ص: 256

المبحث الثاني الترادف

اشارة

تُعد ظاهرة الترادف في اللغة العربية من الظواهر اللغوية التي تضفي علی العربية ميزة خاصة إلى جانب الظواهر اللغوية الأُخری کالمشترك والتضاد.

أولاً: تعریف الترادف:

أ. في اللغة:

لفظ مشتق من الفعل رَدِفَ، أو المصدر: الردف، والردف: ما تبع الشيء.

وكل شيء تبع شيئاً فهو رِدْفُهُ، وإذا تتابع شيءٌ خلف شيء، فهو الترادف والجمع الردافى. يقال جاء القوم رُدافى أي بعضهم يتبع بعضاً. والترادف التتابع والرديف الذي يرادفك(1).

ب. في الاصطلاح:

ليس هناك اتفاق تام بين العلماء والدارسين قديماً وحديثاً على تعريف واحد

ص: 257


1- ينظر: مقاييس اللغة: 2 / 503 مادة (ردف)، والصحاح في اللغة: 4 / 1363 مادة (ردف)، ولسان العرب: 9 / 114 مادة (ردف)، وتاج العروس: 1 / 1160 مادة (ردف)

لمفهوم الترادف، وذلك لإختلافهم العريض في هذه الظاهرة(1). وأول من أشار إلى ظاهرة الترادف في الكلام سيبويه إذ قال: «اعلم أن من کلامهم اختلاف اللفظین لإختلاف المعنیین، واختلاف اللفظین والمعنی واحد... نحو: ذهب وأنطلق»(2).

والترادف هو عبارة عن الاتحاد في المفهوم، وقيل توالي الألفاظ المفردة الدالة على شيء باعتبار واحد(3). أمّا ابن الأنباري (ت 328 ه-) فقد جعل الترادف أحد ضربي کلام العرب قائلاً:

«وأكثر كلامهم يأتي على ضربين آخرين احدهما أن یقع اللفظان المختلفان علی المعنی الواحد كقولك البر والحنطة، والعَیْر والحمار والذئب والسيد، وجلس وقعد»(4). وفي ضوء ما تقدّم یتبین أن الترادف دلالة كلمتين أو أكثر على معنى واحد ومن أشهر المحدثين الذين تناولوا هذه الظاهرة د. ابراهيم أنيس إذ قال بعد ما ذكر شروط الترادف: «فإذا طبقّت هذه الشروط على اللغة العربية أتضح لنا أن الترادف لا يكاد يوجد في العربية القديمة وانما يمكن أن يلتمس في اللغة النموذجية الأدبية فالقرآن الكريم نزل بهذه اللغة، والذي نطق به الرسول للمرة الأُولى نری الترادف في بعض الفاظه»(5). أمّا د.

رمضان عبد التواب فقد أوجد مصطلحاً جدیداً وهو الترادف التام وذکر أنه نادر الوقوع وهو من الکلمالیات وعند وقوعه لا یکون إلا فترة قصیرة محددة، وسرعان ما تظهر الفروق المعنویة الدقیقة بین الألفاظ المترادفة بحیث یصبح

ص: 258


1- ينظر: الترادف في القرآن الكريم، محمد نور الدين المنجد: 30
2- كتاب سيبويه: 1 / 24
3- الأضداد لأبن الأنباري: 6 - 7
4- الأضداد لأبن الأنباري: 6 - 7
5- في اللهجات العربية: 106

كل لفظ منهما مناسباً وملائماً(1).

ورأی استیفن أولمان أن المترادفات «هي الفاظ متحدة المعنی وقابلة للتبادل فیما بینها في أي سیاق»(2).

وتناول هذه الظاهرة أيضاً د. حاكم الزيادي إذ ذَکر أن فكرة الترادف عند العلماء القدامى تمثلت في اختلاف الألفاظ للمعنى الواحد، أو للشيء الواحد وبعد التطور في البحث اللغوي وجد العلماء أنه لابد من تحقيق اعتبارات لغوية معينة حين النظر إلى هذه الظاهرة لتمييزها عن غيرها(3).

وهکذا فالعلماء قدماء ومحدثون تناولوا هذه الظاهرة حتى صار الترادف سمة من سمات العربية.

ثانیاً: أسباب الترادف:

لقد ذكر الباحثون القدماء والمحدثون أسباباً عدّة في نشوء الترادف في العربية أشهرها:

1. قال أهل الأصول إنّ لوقوع الأَلفاظ المترادفة سببان:

أ. «أن یکون من واضعین وهو الأکثر بأن تضع إحدی القبیلتین أحد الاسمین والأخری الاسم الآخر للمسمی الواحد من غیر أن تشعر إحداهما بالأخری، ثم یشتهر الوضعان ویخفی الواضعان أو یلتبس وضع أحدهما الآخر وهذا مبني علی کون اللغات اصطلاحیة.

ص: 259


1- ينظر: فصول في فقه اللغة: 309
2- دور الكلمة في اللغة، استيفن اولمان: 109
3- ينظر: الترادف في اللغة: 84

ب. أن يكون من واضع واحد وهو الأَقل»(1).

2. تناسي الصفات والفروق: هنالك صفات تفقد عنصر الوصفية مع الزمن بالتدرج، وتجدد مدلولاتها مهما كان بينها من فوارق كما في أسماء السيف، فالحسام واليماني والقاطع يدل كل منهم على وصف خاص للسيف مغاير عمّا یدل عليه الآخر(2).

3. احتكاك لغة قريش باللهجات العربية الأخری، وهذا الاحتکاك نقل الیها طائفة کبیرة من مفردات هذه اللهجات(3).

4. الاستخدام المجازي: إن كثيراً من الكلمات التي تذكر المعاجم على أنها مترادفة معانيها لكلمات اخری، بل مستخدمة استخداماً مجازياً. فالرحمة مثلاً قد استخدمت من (الرحم) موضع المولد والمكان الذي يلد الأبناء والأخوان، فتنشأ بينهم صلة من الحب والعطف، وقد تقادمت العهود على هذا المعنى المجازي حتى أصبح حقيقة وبهذا نشأ الترادف بینهما وبین کلمات أخری مثل الرأفة(4).

5. انتقال كثير من الألفاظ السامية والمولدة والموضوعة والمشكوك في عربيتها إلى العربية وكان لكثير من هذه الألفاظ نظائر في متن العربية الأصلي(5).

ص: 260


1- المزهر في علوم اللغة: 1 / 405
2- ينظر: في اللهجات العربية: 182
3- ينظر: فقه اللغة العربية: 116
4- ينظر: في اللهجات العربية: 184
5- ينظر: المصدر نفسه: 184

6. إن جامعي المعجمات لشدة حرصهم على تسجيل كل شيء، دوّنوا كلمات كثيرة كانت مهجورة في الإستعمال، ومستبدلاً بها في اللغة مرادفاتها(1).

كل هذه الأسباب مجتمعة أدّت إلى وجود هذه الظاهرة التي تُعدُّ عاملاً من عوامل الثراء اللغوي في اللغة.

ثالثاً: آراء العلماء في ظاهرة الترادف:

اشارة

ذهب بعض علماء أهل اللغة إلى أن الترادف سمة من سمات اللغة العربية دالة على أتساعها في الكلام، حتى إنهم كانوا يجمعون الألفاظ المختلفة الدالة على معنى واحد.

فقطرب (ت 206 ه-) رأی أن العرب أوقعت اللفظتین علی المعنی الواحد لیدلوا علی أتساعهم في الکلام(2).

وذكر أن الرشيد سأل الأصمعي عن شعر لأبن حزام العكلي ففسّره، قال:يا اصمعي إنّ الغريب عندك لغير غريب قال: يا أمير المؤمنين لا أكون كذلك، وقد حفظت للحجر سبعين اسماً(3).

وهكذا فإن بعض العلماء يسلّمون بالترادف ولا يرونه محل نزاع أمَّا بعضهم الآخر فأخذوا يلتمسون فروقاً بين الكلمات التي عدّها من سبقوهم من المترادفات فنشأ النزاع بين علماء اللغة ووقوعه في اللغة العربية وانقسموا إلى فريقين:

ص: 261


1- ينظر: المزهر في علوم اللغة: 1 / 406
2- ينظر: المزهر في علوم القرآن: 1 / 400 - 401
3- ينظر: الألفاظ المترادفة للرماني: 110
الفریق الأول:

يؤيد هذا الفريق وقوع الترادف في العربية، ويعده من أشهر خصائصها، لقد تزعم هذا الفريق ابن خالويه فهو يؤمن بفكرة الترادف ويفخر بما جمعه من كلمات كثيرة ذات معنى واحد(1)، وأيضاً من الذين آهتموا بالترادف ابن جني وعقد له باباً سماه (تلاقي المعاني، على اختلاف الأصول والمباني) وقال فيه: «هذا فصل من العربیة حسنٌ کثیر المنفعة قوي الدَّلالة علی شرف هذه اللغة وذلك أن تجد للمعنی الواحد أسماءاً کثیرة فتبحث عن أصل کل اسم منها فتجدة مفضي المعنی إلی معنی آخر صاحبه»(2).

وذلك أن الذین أثبتوا المترادفات في العربیة ابن سیده إذ قال «وکذلك أقوال علی الأسماء المترادفة التي لا یکثر بها ولا یحدث عن کثرتها طبع کقولنا في الحجارة: حجر وصفاةَ، ونقله ومن الطریق طویل وشلب وشَرْحَبٌ»(3).

وهکذا ضمّن کتابه المخصص الکثیر من أمثله المترادفات في العربیة. ومن أنصار الترادف أیضاً الکیا(4). الذي قام بقسمة الترادف إلی قسمین یتضح ذلك من قوله «الألفاظ التي بمعنی واحد تنقسم إلی الفاظ متواردة والفاظ مترادفة فالمتواردة کما یسمی الخمر عقاراً وصهباء وقهوة، والسبع أسداً ولیثاً وضرغاماً. والمترادفة هي التي یقوم مقام لفظ لمعانِ

ص: 262


1- ينظر: المزهر في علوم اللغة: 1 / 405
2- الخصائص: 2 / 113
3- المخصص: 1 / 3
4- الكيا هو (أبو الحسن علي بن محمد الفقيه الشافعي، توفي ببغداد سنة 504 ه-)، وفيات الأعيان: 2 / 448

متقاربة يجمعها معنى واحد. كما يقال أصلح الفاسد، ولم الشعث ورتقَ الفتق وشعب الصدع»(1). وبذلك يری أن الترادف یشمل العبارات والجمل.

وهنالك حجة قوية تؤكد صحة ما يميل إليه هذا الفريق، فقد خرج رجل من بني عامر، إلى ذي جدن من ملوك اليمن فطلع إلى السطح والملك عليه، فلما رآه الملك قال له: ثب يريد (أقعد) فقال الرجل ليعلم الملك أني سامع ومطيع، فوثب من السطح ودقّت عنقه. فقال الملك ما شأنه فقالوا له أبيت اللعن إن الوثب في كلام نزار الطفرة أي الوثوب إلى أسفل(2). ومن علماء اللغة المحدثین الذین تناولوا هذه الظاهرة إبراهیم أنيس، ويری أن الترادف موجود في القرآن الکریم، ولا معنى لمغالاة بعض المفسرين حين يلتمسون الفروق الدقيقة. بين الفاظه المترادفة، ويری کذلك أن منکري الترادف کانوا من الاشتقاقيين، الذين أسرفوا في أرجاع كل كلمة من كلمات اللغة إلى أصل أشتقت منه(3). كذلك أثبت رمضان عبد التوّاب وجود هذه الظاهرة في اللغة إذ قال: «ورغم ما یوجد بین لفظة مترادفة وأخری، من فروق أحیاناً، فإننا لا یصلح أن ننکر الترادف فنراهم یفسرون اللفظة بالأخری»(4). وهکذا فإن ظاهرة الترادف هي سِنَّة طبیعیة أوجدتها ظروف الحیاة التي عاشتها اللغة العربیة في الجزیرة العربیة بین مجموعة من القبائل التي تمثل وحداث لغویة في أطار اللغة العامة(5).

ص: 263


1- المزهر في علوم اللغة: 1 / 407
2- ينظر: دراسات في فقه اللغة، صبحي الصالح: 300، وفي اللهجات العربية: 153
3- ينظر: في اللهجات العربية: 180
4- فصول في فقه اللغة: 316
5- ينظر: الألفاظ المتضآدّة في القرآن الكريم، سلمى أحمد البدوي، 23، رسالة ماجستير
الفریق الثاني:

ينكر هذا الفريق وجود الترادف وأول عالم أنكر هذه الظاهرة هو ابن الإعرابي (ت 231 ه-) فذکر: «أن لكل حرفين أوقعتها العرب على معنى واحد في کلّ واحد منهما لیس في صاحبه، ربّما عرفناه وربما غمض علینا فلم نلزم العرب جهله»(1). ومن أنکر وجود الترادف أیضاً ثعلب (ت 291 ه-) الذي رأی أن ما يظنّه البعض من المترادفات فهو من المتباينات التي تتباين في الصفات كما في الإنسان والبشر. فالأول موضوع له بإعتبار النسيان أو بإعتبار أنه يؤنس، والثاني بإعتبار أنه بادي البشرة(2). وذهب ابن فارس (ت 395 ه-) إلى ما ذهب الیه شیخه ثعلب فأنکر وقوع الترادف في العربية، إذ قال: «یسمي الشيء الواحد بالأسماء المختلفة نحو السيف، والمهند، والحسام والذي نقوله في هذا إن الإسم واحد هو السيف وما بعده من الألقاب صفات ومذهبنا أن كل صفة منها فمعناها غير معنى الأخری»(3). هذا ما ذهب الیه ابن فارس في إنکار الترادف أمَّا ابن درستويه (ت 347 ه-) فيقول: «لا یکون فعل وأفعل بمعنی واحد، كما لم يكونا على بناء واحد، إلا أن يجيء ذلك في لغتين مختلفتين، فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد كما يری کثیر من اللغویین والنحويين، وإنما سمعوا العرب تتكلم بذلك على طباعها وما في نفوسها من معانيها المختلفة، وعلى ماجرت به عاداتها وتعارفها ولم يعرف السامعون لتلك العلة فيه فروقاً فظنوا انها بمعنى واحد، وتأولوا على العرب هذا التأويل من

ص: 264


1- الصاحبي في فقه اللغة العربية: 65
2- ينظر: المزهر: 1 / 403
3- الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها: 96

ذات أنفسهم فإن كانوا قد صدقوا في رواية ذلك عن العرب فقد اخطؤوا عليهم في تأويلهم ما لا يجوز في الحكمة وليس يجيء شيء من هذا الباب إلاّ على لغتين مختلفتين، أو تشبيه شيء بشيء...»(1).

فهو ينكر أن يكون الترادف في لغة واحدة ويجوزه في لغتين ويؤكد ما ذهب اليه بقوله: «اهل اللغة أو عامتهم یزعمون أن (فعل وأفعل) بهمزة وبغیر همزة قد یجیئان بمعنی واحد، وأن قولهم: (دیربي) و(أدیر بي) من ذلك قول فاسد في القياس والعقل مخالف للحكمة والصواب لا يجوز ان يكون لفظان مختلفان بمعنى واحد إلا أن يجيء أحدهما في لغة قوم والآخر في لغة غيرهم كما يجيء في لغة العرب والعجم أو لغة رومية ولغة هندية»(2). وبذلك یندر وجود هذه في لغتین مختلفتين. ومن الذين أنكروا الترادف أيضاً أبو هلال العسكري (ت بعد 395 ه-) وألف کتاباً سمّاه «الفروق اللغویة» إذ فرّق فيه بين ألفاظ كثيرة تُعَد من الترادف ومن أشهر الألفاظ التي ذکرها الفرق بین الهم والغم، إذ یری أن الهم هو الفكر في إزالة المكروه واجتلاب المحبوب، وليس من الغم في شيء، ألا تری أنك تقول لصاحبك أهتم بحاجتي ولا يصح أن تقول أغتم بها، والغم معنى ينقبض القلب معه ويكون لوقوع ضرر قد كان، أو توقع ضرر يكون، وقد سمي الحزن الذي تطول مدته حتى يذيب البدن هماً(3). وهكذا فإنه ينبغي أن یکون للفظین المختلفین معنی واحد، لأنه یری أن كل واحد منهما يفيد بخلاف ما یفیده الآخر.

ص: 265


1- المزهر في علوم اللغة: 1 / 384 - 385
2- المصدر نفسه: 1 / 386
3- الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري: 277

وأمَّا الراغب الأصفهاني (ت 502 ه-) فیقول «وينبغي أن يجعل كلام من منع على منعه في لغة واحدة فأمّا في لغتين فلا ينكره عاقل»(1). فهو یذهب في ذلك بنفي الترادف في لغة واحدة ويجوزه في لغتين. ومن علماء اللغة المحدثين الذين أنكروا الترادف محمد المبارك فقد أنكره وعدّه مرضاً من الأمراض المنتشرة في عصر الإنحطاط، الذي ضاعت فيه الفروق الدقيقة بين الألفاظ المتقاربة، فغدت مترادفة(2).

رابعاً: شروط الترادف التام:

يشترط المحدثون من علماء اللغة شروطاً معينة لا بد من توافرها حتى يمكن أن يقال: بين الكلمتين ترادفاً تاماً وهي(3):

1. الاتفاق التام في المعنى بين الكلمتين أتفاقاً تاماً، في الأقل في ذهن الكثرة الغالبة لأفراد البيئة الواحدة.

2. الاتحاد في العصر، فالمحدثون حين ينظرون للمترادفات ينظرون اليها في عهد خاص وزمن معين.

3. الاتحاد في البيئة اللغوية أي أن تكون الكلمتان تنتميان إلى لهجة واحدة أو مجموعة منسجمة من اللهجات.

4. ألاّ يكون احد اللفظين نتيجة تطور صوتي الآخر مثل (الجثل والجفل) بمعنی النمل فإحدی الکلمتین یمکن أن تعد أصلاً والأُخری تطوراً لها.

ص: 266


1- المزهر في علوم اللغة: 1 / 405
2- ينظر: فقه اللغة وخصائص العربية، محمد المبارك: 306
3- ينظر: في اللهجات العربية: 178

أقوال الإمام... علی الألفاظ المترادفة وهكذا فللترادف أهمية كبيرة وأثبته علماء اللغة في المعجمات وأستدلوا على ذلك بشواهد من القرآن الكريم والشعر العربي وكذلك بأقوال الإمام علي علیه السلام وفیما یأتي ذکرٌ لأقوال الإمام علي علیه السلام التي اشتملت علی الألفاظ المترادفة:

1. قال الإمام علي علیه السلام:

«ثم أزمَ ساکتاً طویلاً ثم رفع رأسه»(1).

2. إن لفظتي أزم،سكت في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتقاربة في المعنی إذ يدلّان على الصّمْتُ فالأزم الصمت(2)، إذ يقال أزم فلان أي سكت(3). أما لفظة سكت فتدل على الصمت أيضاً إذ يقال: سَکَتَ الرّجُل، إذا صَمَتَ(4). قال الخليل: «رجل ساکوتٌ أي صموت، وهو ساکِتٌ إذ رأیته لاینطق»(5). وهكذا فإنَّ الصَّمْت يدل على الإنقطاع في الكلام ومن الألفاظ التي تأتي بمعناه أَزَمَ وسَکَت وفي ضوء ما تقدّم يتبين أن أزم وسكت من الألفاظ المترادفة إذ يدلاّن على معنى واحد.

1. قال الإمام علي علیه السلام:

«اعْذَوْذب جانبٌ منها واحْلَوْلَی»(6).

ص: 267


1- نهج البلاغة: 488 والرواية فيه: «ثم أرم ساکتاً»، ومجمع البحرین: 1 / 65، ومجمع البحرین للطریحي: 6 / 3
2- ینظر القاموس المحیط: 3 / 188 مادة (أزم)، ومجمع البحرین: 1 / 65، ومجمع البحرین للطریحي: 6 / 3
3- ينظر: المزهر: 1 / 128
4- ينظر: مقاييس اللغة: 3 / 89 مادة (سکت)
5- العين: 1 / 429 باب (س،ك،ت)، والألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلقه: 70
6- نهج البلاغة: 168 والرواية فيه: «وإِنْ جَانِبٌ مِنْهَا أعْذَوْذَبَ واحْلَوْلَی»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 423، ولسان العرب: 1 / 583 مادة (عذب)، وتاج العروس: 20 / 738 مادة (عذب)

إنَّ لفظتي اعْذَوْذب، احْلَوْلَی في قول الإمام عل علیه السلام من الألفاظ المؤتلفة في المعنى إذ يدلاّن على الشيء الطَّيِّب أي العذوبة كالحلاوة في المعنى إذ يقال اعْذَوْذَبَ المَاءُ كاحْلَوْلَى اذا صار عَذْباً حلواً(1). وعَذُبَ الماء یُعْذُبُ عُذُوبَةً فهو عَذْبٌ طيب(2). ويقال أيضاً العذب من الماء: أي الماء الطیّب الحلو الذي لا ملوحة فيه وامرأةُ معذاب الرِّيق: أي سائِغتُهُ حُلْوَتُه(3). أمّا احْلَوْلیَ فمبالغة في العذوبة إذ یقال: «حلا الشّيءُ یَحْلو حلاوَةً واحْلَوَلَى ايضاً»(4).

قال ابن لأثیر (ت 606 ه-):

«هما افْعَوْعَل من العُذُوبَةِ والحلاوة وهو من أبنية المبالغة»(5). والمعنی من کلام الإمام علیه السلام اي صار جانب منها عذباً حلواً أي إلى غاية العُذوُبة والحلاوة وأراد في ذلك الدُّنيا(6). وهكذا فالعذوبة والحلاوة من الأَلفاظ المترادفة.

2. قال الإمام علي علیه السلام:

«البَدَادُ کَسَحاب المُبارَزَة»(7).

إنَّ لفظتي البَدَادُ، المُبارزة في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتقاربة في المعنی إذ يدلّان على البِرازِ، البَدَاد بالفتح البِرازِ إذ يقال: ولو كان البَدادُ لما

ص: 268


1- ينظر: تاج العروس: 20 / 738 مادة (عذب)
2- العين: 1 / 106 مادة (عذب)، وتهذیب اللغة: 1 / 264 مادة (عذب)، ومقاییس اللغة: 4 / 211 مادة (عذب)، ولسان العرب: 1 / 83 مادة (عذب)
3- ينظر: تاج العروس: 20 / 738 مادة (عذب)، ومجمع البحرین: 3 / 136
4- تهذیب اللغة: 2 / 183 مادة (عذب)
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 423، ولسان العرب: 1 / 583 مادة (عذب)
6- ينظر: منهاج البراعة للراوندي: 2 / 120، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 525
7- نهج البلاغة: 109، ولسان العرب: 3 / 78 مادة (بدد)، وتاج العروس: 2 / 1883 مادة (بدد)

أطاقونا، أي لو بارَزْناهم رجلٌ رجلٌ(1).

وقد يقال في الحرب: ياقوم بَدادِ بَدادِ، أي ليأخذ كل رجل قِرْنهُ في المبارزة(2).

وهكذا فالبَدَادُ، تدل على البراز في الحرب وذهب إلى المعنى نفسه ابن الأثير(3).

وابن منظور(4). أمَّا المُبارَزَة فتدل على المعنى ذاته نفسه إذ يقال: «بارز لقِرْنَ مُبَارزةً وبِرازاً»(5).

وهكذا فالبَدَادِ والمُبارزة من الألفاظ المترادفة إذ يدلاّن على معنى واحد وهو البِراز في الحرب.

3. قال الإمام علي علیه السلام لسلیمان بن صرد(6). وکان قد تخلّف یوم الجمل «تَنَأْنَأتَ وتَرَاخَیْتَ فکیف رأَیْتَ صُنْعَ الله؟»(7).

إنَّ لفظتي تَنَأْنأت، تَرَاخَیْتَ في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتقاربة في المعني إذ یدلاّن علی الضَّعْف فالنَأنأةُ تدل علی الضَّعفِ والعَجْز في الأمر(8).

ص: 269


1- تهذيب اللغة: 4 / 442 مادة (بدد) والمحیط في اللغة: 2 / 339 مادة (بدد)، والصحاح في اللغة: 1 / 34
2- ينظر: الصحاح في اللغة: 1 / 34 مادة (بدد
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 249
4- ينظر: لسان العرب: 3 / 78 مادة (بدد)
5- العين: 2 / 87 مادة (برز)، ولسان العرب: 5 / 395 مادة (برز)، وتاج العروس: 1 / 367 مادة (برز)
6- سليمان بن صرد هو أبو مطرق، صحابي ومن الزعماء القادة، شهد الجمل وصفين مع الإمام علي ؉ وسکن الکوفة، وکانت وفاتة سنة 95 ه-، 684 م، ینظر: ترجمته: تهذیب التهذیب: 6 / 200
7- نهج البلاغة: 179 وتهذيب اللغة: 5 / 235 مادة (آن)، ولسان العرب: 1 / 161 مادة (نأنأ)، وتاج العروس: 31 / 228 مادة (نأنأ)
8- ينظر: العين: 2 / 204 مادة (آن)

نحو قول ابي بکر: «طوبى لمن مات في النأنأة»(1). قال أبو عبيد: «النأنأة معناها أول الإسلام وسمي بذلك، لأنه کان قبل ان یقوی الإسلام ویکثر أهله وناصره فهو عند الناس ضعيف»(2). وهکذا فأصل النأنأة الضَّعْفُ، أمَّا تراخیت فتدل علی الضَّعْفُ أیضاً(3). والإمام علي علیه السلام اراد بقوله تَنَأنَأت اي ضعفت واسترخیت إذ یقال تَنَأْنأ الرجلُ إذا ضَعُفَ واسترخی(4). وفي ضوء ما تقدم يتبين أنَّ النأنأة والتراخي مترادفان إذ يدلان على الضَّعفِ.

4. قال الإِمام علي علیه السلام:

«حَمِسَ الوَغَی واسْتَحَرَّ الموتُ»(5).

5. إنّ لفظتي حَمِسَ، اسْتَحَرَّ في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتقاربة في المعنى فيدلاّن على معنى واحد وهو الشِّدَّة فالتحمس التشدد(6)، إذ يقال:

حَمِسَ الشَّرُّ اشتدَّ وحَمِسَ الأمرُ حَمَساً أشتدَّ ایضاً وتَحَامَسَ القومُ تحامُساً وحماساً تشادّوا واقتتلوا(7). وذُکِرَ ابن سیده (ت 458 ه-) إنَّ قریشاً سمیِّت بالحُمْس،

ص: 270


1- غريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 214
2- المصدر نفسه: 3 / 214
3- ينظر: الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة: 42، ومعجم المترادفات والأضداد: 387
4- ينظر: تهذيب اللغة: 5 / 235 مادة (آن)، ولسان العرب: 1 / 16 مادة (نأنأ)
5- نهج البلاغة: 62، خطبة: 34، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 46، ولسان العرب: 4 / 177 مادة (حرر)، وتاج العروس: 7 / 2682 مادة (حرر)
6- ينظر: العين: 1 / 201، وجمهرة اللغة: 1 / 68 مادة (حمس)
7- ينظر: لسان العرب: 6 / 75 مادة (حمس)

ذلك لتشدُّدهم بدينهم(1). وكذلك لفظة استَحَرَّ تدلُّ على الشِدَّة ايضاً قال ابن منظور (ت 711 ه-): «استَحَرَّ القتلُ وحَرَّ» بمعنى اشتدَّ وفي حديث عمر «وجَمْع القرآن إن القتل قد اسْتَحَرَّ یوم الیمامةِ بقُرَّاء القرآن» أي اشتدَّ وکثر وهو استفعل من الحِرِّ والشِّدَّةِ»(2). وذهب إلى المعنى نفسه الزبيدي (ت 1205 ه-)(3). والمعنى من كلام الإمام علي علیه السلام (حَمِسَ الوغی) أي أشتدَّت الحرب واسْتَحَرَّ الموتُ أشتدَّ ایضاً(4). وفي ضوء ما تقدّم یتبین أن حَمِسَ واسْتَحَرَّ من الألفاظ المترادفة.

6. قال الإمام علي علیه السلام یذم الدُّنیا:

«هي الجَحُود الکَنود الحَیُود المَیُود»(5).

إنَّ لفظتي الحَیُود، المَیُود في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتقاربة في المعنی اذ يدلاّن على الميل فالحيود تدلُّ على الميل من حاد يحيد إذا مال(6).

قال ابن فارس (ت 395 ه-): «الحاء والیاء والدال أصلٌ واحد، وهو المیل والعدول عن طریق الأستواء. یقال حادَ عن الشيء یُحیدُ حَیْدَةً وحُیوداً»(7).

ص: 271


1- ينظر: المخصص: 1 / 153
2- لسان العرب: 4 / 177 مادة (حرر)
3- ينظر: تاج العروس: 9 / 2682 مادة (حرر)
4- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 2 / 99
5- نهج البلاغة: 355 خطبة: 189، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 1094، ولسان لعرب: 3 / 58 (حید)، وتاج العروس: 1 / 2286 مادة (حید)
6- ينظر: منهاج البراعة للراوندي: 4 / 170، والألفاظ المتقاربة في المعنی: 55
7- مقاييس اللغة: 2 / 123 مادة (حید)

وذهب إلى المعنى نفسه ابن منظور (ت 711 ه-)(1). أمّا لفظة الميود فتدل على الميل ايضاً فالمَيد التحرُّك(2). إذ يقال مادَ مَیْداً تمايل ومادَت الأغصان تَمَایَلَتْ وغُصنٌ مائدٌ ومَیَّادٌ مائل(3). والإمام علي علیه السلام ذَمَّ في قوله الدُّنیا واراد بها أنّها کثیرة المَیل والتغیّر والاضطراب. وفي ضوء ما تقدّم یتبیّن أنّ هذه الألفاظ مترادفة إذ لها دلالة واحدة وهي المیل.

7. قال الإمام علي علیه السلام:

«وحمل شواهق الجبال البذخ على أكتافها»(4).

انَّ لفظتي شواهق، البذخ في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المؤتلفة في المعنی إذ یدلاّن علی معنی واحد هو المرتفع والعالي إذ یقال: جبل شاهق أي عالٍ مرتفع وکل ما رفع من بناء وغیره فهو شاهق(5). أمّا لفظة البذخ فتدل علی ذات المعنی ایضاً إذ یقال: جبل باذخ أي طویل عالٍ وجمعه بواذخ(6).

فالباذخ العالي من الجبال اي الجبال الشوامخ(7). والإمام علیه السلام في قوله أستعار لفظ الأکتاف للأرض لکونها محلاً لحمل ما یثقل من الجبال کما أنّ کتف الإنسان

ص: 272


1- ينظر: لسان العرب: 3 / 58 مادة (حید)
2- ينظر: مقاييس اللغة: 5 / 288 مادة (مید)
3- ينظر: لسان العرب: 3 / 411 مادة (مید)، وتاج العروس: 1 / 2286 مادة (مید)
4- نهج البلاغة: 119، ومجمع البحرين: 1 / 159
5- ينظر: جمهرة اللغة: 1 / 490 مادة (شهق)
6- ينظر: العين: 1 / 318 مادة (ب،ذ،خ)، والمحیط في اللغة: 1 / 359، والمحکم والمحیط الأعظم: 2 / 226 مادة (بذخ)، والألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة لأبن مالك الجیاني: 100
7- ينظر: الصحاح في اللغة: 1 / 36 مادة (بذخ)، ومجمع البحرین: 1 / 159

وغيره من الحيوان محلّ لحمل الأثقال(1).

وفي ضوء ما عرضناه يتبیّن أن لفظة شواهق وبذخ من الألفاظ المترادفة.

8. قال الإمام علي علیه السلام في وصف النبي صلی اللهُ علیه وآله وسلم:

«لم يكن بالطويل امُمَّغِط، ولا بالقصير المتردد».

إنَّ لفظتي الطويل، المُمَّغِط في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتقاربة في المعنى إذ يدلاّن على الطول فالممغط تدل على الممهك الطويل المتناهي الطول.

إذ يقال رجل مُمَّغط أي طويل.

والإمام علي علیه السلام أراد في صفة الرسول صلی اللهُ علیه وآله وسلم:

«لم یکن بالطویل المُمَّغِط، ولا بالتقصیر المتردد»(2).

إنَّ لفظتي الطویل، المُمَّغِط في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتقاربة في المعنی إذ یدلاّن علی الطول فالممغط تدل علی الممهك الطویل المتناهي الطول(3).

إذ یقول رجل مُمَّغط أي طویل(4).

والإمام علي علیه السلام أراد في صفة الرسول صلی اللهُ علیه وآله وسلم انه لم یکن بالطویل البائن الطول، ولکنه کان ربعة بین الرجلین(5). ویروی المُمَّعِط بالعین وهي تدل علی الطول ایضاً وهذا ما رواه ابو عبید عن الأصمعي إذ قال «لم أسمع مُمَّعِطاً بهذا المعنی لغیر اللیث قال: سمعت ابا زید یقول: «رجلٌ مُمَّعط أي طویل(6)). وفي ضوء ما عرضناه یتبین أن الطویل والمُمَّغط المترادفة في المعنی.

9. قال الإمام علي علیه السلام:

ص: 273


1- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 6 / 1
2- مسند الإمام علي علیه السلام: 7 / 190، وغریب الحدیث لأبي عبید: 7 / 404، وتهذیب اللغة: 3 / 62 مادة (مغط)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 4 / 758، والعباب الزاخر: 1 / 319 مادة (مغط)، ولسان العرب: 7 / 405 مادة مغط، وتاج العروس: 30 / 505 مادة (معط)
3- ینظر: العین: 1 / 350 مادة (مغط)، وغریب الحدیث لأبي عبید: 7 / 404
4- ينظر: تهذيب اللغة: 3 / 62 مادة (مغط)، ولسان العرب: 7 / 404 مادة (مغط)
5- ينظر: لسان العرب، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 5 / 99
6- غريب الحديث لأبي عبيد: 3 / 25، وتهذیب اللغة: 3 / 62 مادة (ممط)

«كنتُ كالجبل لاتُحرِّكه العواصف ولا تُزيله القواصِفُ»(1).

إنَّ لفظتي العواصِفُ، القَواصِفُ في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتقاربة في المعنی إذ یدلان علی الریاح الشدیدة القویة یقال عَصَفَت الرِّيح تَعْصِفُ عَصْفاً وعَصوفاً وريحٌ عاصف: شديدة الهبوب(2). قال تعإلى:

«فَالعاصِفاتِ عَصْفاً» [المرسلات: 2].

وهي الرِّياح شديدات الهبوب، أي الرياح الناقلة للأشياء من محلّ إلى محل آخر(3). أمّا القواصِف فتدل على المعنى نفسه أيضاً اي هي الرِّيح الشديدة التي تُدَمُّر و تُکَسِّر ما حولها(4). كقوله تعإلى:

«فَیُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ الرِّيحِ فَيُفْرِقكُم» [الاسراء: 69].

وهكذا فالعواصف والقواصف هي رياح العذاب التي في البحر، فالعذاب أربع العاصف والقاصف في البحر، والصِّرصر والعقيمُ في البر(5). مما سبق نستخلص أن العواصف والقواصف هما نوعان من رياح التدمير والعذاب ويشتركان ويترادفان في دلالتيهما على الرياح الشديدة القوية.

10. قال الإمام علي علیه السلام:

ص: 274


1- نهج البلاغة: 65 خطبة: 37، والعباب الزاخر: 1 / 496 مادة (قصف)
2- ينظر: تهذيب اللغة: 1 / 169 مادة (عصف)، وشرح نهج البلاغة لأبن أبي الحدید: 2 / 106، ولسان العرب: 9 / 47 مادة (عصف)
3- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 41
4- ينظر: الصحاح في اللغة: 2 / 81 مادة (قصف)، والعباب الزاخر: 1 / 496 مادة (قصف)
5- ينظر: العباب الزاخر: 1 / 296 مادة (قصف)، ولسان العرب: 9 / 247 مادة (قصف)

«أُمِرنا بکَسْرِ الکُوبةِ والکِنَّارَةَ والشِّیاع»(1).

إنَّ لفظتي الکُوبةِ، الکِنَّارةَ في قول الإمام علیه السلام من الألفاظ المتقاربة في المعنی إذ یدلاّن علی الطَّبْلِ قال أبو عبید (ت 224 ه-): «إنَّ محمد بن کثیر أخبرني الن الکوبة الطبل وفي کلام اهل الیمن النرد»(2). وذهب إلی المعنی نفسه ابن الأثیر(3). وابن منظور(4). وابن ابي الحدید(5). أمّا لفظة الکِنَّارَة فتدل علی الطَّبْلِ أیضاً وقد قیل هي العود(6). وهکذا أن لفظتي الکُوبَةِ والکِنَّارَة مترادفات والإمام علیه السلام اراد بقوله کسر الطبول؛ لأنّ الله سبحانه وتعإلی حرمها کما ورد في حدیث الرسول صلی اللهُ علیه وآله وسلم:

«إنَّ اللهَ حَرَّم الخَمْرَ والكُوبة»(7).

11. قال الإمام علي علیه السلام في وصف النبي صلی اللهُ علیه وآله وسلم:

«لم يكن بالمُطَهَّم ولا بالمُکَلْثَم»(8).

ص: 275


1- نهج البلاغة: 269، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 269، ولسان العرب: 1 / 729 مادة (کوب)، وتاج العروس: 29 / 928 مادة (کوب)
2- غريب الحديث لأبي عبيد: 4 / 271
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث و الأثر: 2 / 1269
4- ينظر: لسان العرب: 1 / 279
5- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 1 / 101
6- ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 4 / 278، ولسان العرب: 5 / 152 مادة (کنر)
7- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 381
8- مسند الإمام علي علیه السلام: 1 / 1907، وغریب الحدیث لأبي عبید: 3 / 24، وتهذیب اللغة: 2 / 300 مادة (طهم)، ومقاییس اللغة: 3 / 335 مادة (طهم)، وتاج العروس: 22 / 7802، ومجمع البحرین: 5 / 63، ومجمع البحرین للطریحي: 6 / 76

إنَّ لفظتي المُطَهَّمُ، المُکَلْثَمُ في قول الإمام علیه السلام من الألفاظ المتقاربة في المعنى إذ يدلّان على الوجه المدوَّر قال الجوهري «وجهٌ مُطَهَّمٌ أي مجتمع مدور»(1).

فالمُطَهَّمُ تدل على الوجه المستدير. وذهب إلى المعنى نفسه ابن منظور(2)، ومرتضى الزبَّيدي(3).

أمّا لفظة المُکَلْثَمُ فتدل على ذات المعنى أيضاً إذ يقال المُطَهَّمُ المدور الوجه المستدیر. وذهب إلی المعنی نفسه ابن منظور، ومرتضی الزبَّیدي.

أمّا لفظة المُکَلْثَمُ فتدل علی ذات المعنی أیضاً إذ یقال المُکلْثَم المدور الوجه(4). والإمام علي علیه السلام اراد بصفة النبي صلی اللهُ علیه وآله وسلم «أنه لم یکن مستدیر الوجْه ولا المُوَجَّنِ ولکنه مسنون الوجه»(5). وفي ضوء ما تقدّم یتبیّن أنَّ المُطَهَّم والمُکلثَمْ من الألفاظ المترادفة في المعنی، لأنهما یدلان علی معنی واحد هو أستدارة الوَجْه.

12. قال الإمام علي علیه السلام:

«نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ لا نَقْذِفُ أَبَانا ولا نَفْفُو أمَّنا»(6).

إنَّ لفظتي نَقْذِف، نَقْفُوا في قول الإمام علیه السلام من الألفاظ المؤتلفة في المعنی إذ یدلاّن علی القذف فّیَقْفوا بمعنی یَقْذِف(7).

ص: 276


1- الصحاح في اللغة: 1 / 432 مادة (طهم)
2- ينظر: لسان العرب: 12 / 372 مادة (طهم)
3- ينظر: تاج العروس: 22 / 7802
4- ينظر: تهذيب اللغة: 2 / 300 مادة (طهم)
5- ينظر: المصدر نفسه: 2 / 300 مادة (طهم). ولسان العرب: 12 / 525 مادة (کلثم)
6- مسند الإمام علي علیه السلام: 6 / 50، وغریب الحدیث لأبن الجوزي: 2 / 260، والزاهر في معاني کلمات الناس: 1 / 318، ولسان العرب: 15 / 192 مادة (قفا)، وتاج العروس: 25 / 555
7- ينظر: غريب الحديث لأبن الجوزي: 2 / 260

قال القاسمُ بن مُخَيمرة(1): «لا حَدَّ إلا في القَفْو البیِّن» یعني القذف(2). فأصل القَذْفِ الرَّمْيُ ثُمَّ استُعمِلَ في السَّبِّ(3). أما القفوا مأخوذ من القیافة وهو تتبع الأثر إذ یقال قد قاف القائف یقوف فهو قائف قیافة فقدمت الفاء وأُخرت الواو(4). وهکذا یَفْقُوا یعني یَقْذِف وهذا من الترادف.

ص: 277


1- القاسم بن مخيمرة: هو أبو عروة الهمداني الكوفي، نزيل دمشق توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز بدمشق، ینظر: سیر أعلام النبلاء: 5 / 201
2- لسان العرب: 15 / 192 مادة (قفا)، وتاج العروس: 25 / 555
3- ينظر: المصادر نفسها
4- ينظر: الزاهر في معاني كلمات الناس: 1 / 318

ص: 278

المبحث الثالث التضاد

اشارة

وهو أحد خصائص العربية اذ يتوافر في اللغة الفاظ تتصف بخاصية هي أن تستعمل اللفظة على وجهين متضادين.

أولاً: تعریف التضاد:

أ: في اللغة:

جاء في كتاب العين: «اضد کل شيء ضاد شیئاً لیغلبه، والسواد ضد البیاض، والموت ضد الحياة، تقول هذا ضدّه وضديده، والليل ضد النهار إذا جاء هذا ذهب ذاك ويجمع على الأضداد»(1). وإلی المعنی نفسه ذهب الأَزهري(2). وابن منظور(3). فالضاد والدال کلمتان متبالینتان في القیاس، فالأولی الضد ضد الشيء، والمتضادان الشیئان، لا یجوز اجتماعهما في وقت واحد، کاللیل والنهار.

والکلمة الأخری الضد وهو املء بفتح الضاد یقال ضَدَّ القربة أي ملأها

ص: 279


1- العين: 1 / 97 مادة (ضد)
2- ينظر: تهذيب اللغة: 4 / 134 مادة (ضد)
3- ينظر: لسان العرب: 3 / 263 مادة (ضد)

ضداً(1). وما جاء في المصباح المنیر: «الضد هو النظير والكفء، والجمع أضداد والضد مثل الشيء والضد خلافه، وضاد مضادة إذ باينه مخالفة، والمتضادان اللّذان لا یجتمعان کاللّیل والنهار»(2). وهکذا فأصلُ المادة ضَدَدَ، وضِدُّ الشيء خلافهُ، وقد ضادَّهُ فهما متضادَّان(3).

ب. في الصطلاح:

تناول هذا المصطلح كثیرٌ من اللغويين ومنهم أبو حاتم السجستاني (ت 255 ه-) إذ قال: «یُعد التضاد جنساً من أجناس الكلام عند العرب، ویقصد به أن تؤدي اللفظة الواحدة معنیین مختلفین متضادین، وتُنبئ کُل لفظة عن المعنی الذي تحتها، وتدِلُّ علیه وتوضّح تأویلهُ»(4). وقد يكون التضاد هو أن یطلق اللفظ الواحد على معنيين أحدهما نقيض الآخر(5). ویُعدّ التضاد نوعاً من المشترك اللفظي، قال قطرب (ت 206 ه-): «والوجه الثالث: أن یتفق اللفظ ویختلف المعنی، فیدل اللفظ الواحد علی معنیین فصاعداً... ومن هذا اللفظ الواحد الذي يجيء على معنيين فصاعداً، ما يكون متضاداً في الشيء وضده»(6).

وقد عرّفه أیضا ابو الطیب اللغوي (ن 351 ه-): «الأضداد جمع ضد، وضد كل شيء ما نافاه نحو: البياض والسواد والسخاء والبخل»(7). وهکذا فالأضداد

ص: 280


1- ينظر: مقاييس اللغة: 3 / 282 مادة (ضد)
2- المصباح المنير: 5 / 329 مادة (ضد)
3- ينظر: النحو والدلالة، محمد حماسة: 187
4- ثلاثة كتب في الأضداد (أضداد السجستاني): 175
5- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 1 - 5، والمزهر: 1 / 387
6- الأضداد لقطرب: 70
7- الأضداد في كلام العرب لأبي الطيب

الفاظ لكل منها معنيان أحدهما ضد الآخر.

ثانیاً: عوامل نشوء الأضداد في العربیة:

اشارة

ترجع نشأة التضاد في اللغة العربية، إلى جملة من الأسباب منها:

1. اختلاف اللهجات العربیة:

بعض الألفاظ جاءها التضاد من اختلاف القبائل في استخدامها، وذلك كلفظ (وثب) المستعمل عند مضر بمعنى طفر، وعند حمير بمعنى قعد وكلفظ (السُدْفة) فإنها كانت عند تميم بمعنى الظلمة، وعند قيس بمعنى الضوء وغيرها(1).

قال ابن الأنباري: «قال آخرون: إذا وقع الحرف على معنيين متضادين، فمحال أن يكون العربي أوقعه عليهما بمساواة منه بينهما، ولكن احد المعنيين لحي من العرب والآخر لحي غيره، ثم سمع بعضهم لغة بعض، فأخذ هؤلاء، فالجون الأبيض في لغة حي من العرب، والجون الأسود في لغة حي آخر، ثم أخذ الفريقان من الآخر»(2).

2. عموم المعنی:

قد يكون المعنى الأصلي للكلمة عاماً، ثم يتخصص في اتجاه آخر عند قبيلة أخری. ومثال ذلك السُدْفة حرف من الأضداد، فبنو تميم يذهبون إلى انها الظلمة وقيس يذهبون إلى انها الضوء(3). والمعنى العام لهذه الكلمة في الأصل

ص: 281


1- ينظر: فقه اللغة، علي عبد الواحد وافي: 192
2- الأضداد لأبن الأنباري: 236، والمزهر: 1 / 401
3- ينظر: المصدر نفسه: 116

الستر، فكان الليل إذا أقبل سترت ظلمته ضوء النهار(1). وقد يقع التضاد من دلالة الكلمة على معنى عام يشترك فيه الضدّان، فمن ذلك لفظ الصّریم، یقال للّیل صریم، والنهار صریم؛ لأن اللیل ینصرم من النهار والنهار ینصرم من اللیل، فأصل المعنیین من باب واحد هو القطع(2).

3. رجوع الکلمة إلی أصلین:

وقد يكون السبب في ذلك انشعابها من أصلين، فتكون في دلالتها على أحد الضدين منحدرة من أصل آخر ومثال ذلك (هجد) بمعنى نام وسهر فمن المحتمل أن يكون في معنى النوم منحدرة من هذا إذا سكن، ومن معنى السهر من جَدَّ إذا جهد، لما في السهر من الإجتهاد في منع النوم(3).

4. التهکّم:

إنَّ عامل التهکّم والسخرية من العوامل التي تؤدي إلى تغير المعنى، وقلب الدلالة إلى ضدِّها في كثير من الأحيان، ومثال لذلك عزرت: عزرتُ حرف من الأضداد يقال: عزرتُ الرجل إذا أدّبته ولمته، وأيضاً يقال عزرت الرجل إذا عظمته وكرمته قال تعإلى:

«لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا» [الفتح: 9](4).

ص: 282


1- ينظر: فقه اللغة: 190
2- ينظر: المزهر: 1 / 401، والتضاد في القرآن الکریم، محمد نور الدین المنجد: 62
3- ينظر: فصول في فقه اللغة: 343
4- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 147

والمراد ببتُعَزِّرُوهُ أي يقووه بالنصرة ويعظّموه(1).

5. التطور الصوتي:

قد يحدث لأصوات اللفظ الأصلية بعض التغير، أو الحذف، او الزيادة وفقاً لقوانين التطور الصوتي، فيصبحُّ اللفظ متحداً مع لفظ آخر يدل على ما يقابل معناه(2). مثال ذلك تلحلح: حرف من الأضداد يقال قد تلحلح الرجل إذا قام في الموضع وثبت، وتلحلح إذا ذال وذهب وقيلَ (تلحلح) بمعنى أقام وثبت أصله (تلحّلح) من (الإلحاح) فأستثغلوا الجمع بين ثلاثة حاءات فاستبدلوا من الثانية لاماً(3).

6. نسبة الصفة التي یتضمنّها المعنی:

قد يكون الشيء صغيراً بالقياس إلى ما هو فوقه، ويكون كبيراً بالقياس إلى ما هو دونه، فيكون الكبر والصغر على هذا أمرين نسبيين، ويتجلّى هذا في كلمة الجلل مثلاً إذ تعني في اللغة: العظيم، وتعني أيضاً الصغير وهذان المعنيان المتضادان ليس لهما صفة الثبوت في الواقع الخارجي، وانهما نسبيان فهما من المعاني التي تقال عند نسبة بعضهما إلى بعض(4).

7. الخوف من احسد:

يسود في بعض القبائل اعتقاداً في الإصابة بالعين والسحر، وتلعب الكلمة

ص: 283


1- ينظر: الكشاف: 4 / 414
2- ينظر: فقه اللغة: 192
3- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 236
4- ينظر: فقه اللغة العربية: 176

دوراً مهماً في هذا الاعتقاد، فيفّر المرءُ من وصف الأشياء بالحسن والجمال يقول ابن الاعرابي: كانت أمراةً لا يبقى لها ولد الا فقدته فقيل لها نَفِّري عنه فسمته قنفذا و كنّته ابا العداء فعاش(1).

8. المجاز والاستعارة:

قد يجيء التضاد من انتقال اللفظ عن معناه إلى معنى آخر مجازي لنكته بلاغية أو لعلاقة ما كقوله:

«نَسُواْ اللَّه فَنَسِيَهُمْ» [التوبة: 67].

فالفعل الثاني غير مستعمل في معناه الأَصلي، لأَنَّ الله لا يجوز عليه السهو، بل مستعمل في معنى الإهمال والترك المقصود على سبيل الاستعارة، وقد حسنت الاستعارة في تحقيق المجانسة بين الجزاء والعمل(2). اي النسيان مجاز عن ترك الطاعة فالمراد لم يطيعوه سبحانه فنسيهم من لطفه وفضله(3).

وأيضاً اطلاق كلمة الأُمة على الجماعة وعلى الفرد، فإنه مما لا شك أن الفرد لا يقال له أُمه، إلا على التشبيه بالجماعة على وجه المبالغة، فيقال عن هذا العالم أو ذاك: «کان أمةً وحده» یعني انه کان في رجاحة عقله، وحدة ذکائه جماعة بأسرها، فاستُعير له لفظ يطلق في العادة على الجماعة(4).

9. احتمال الصیغ الصَّرفیة للمعنیین:

اي هناك صيغ كثيرة في العربية تستعمل للفاعل والمفعول ومن هنا ينشأ

ص: 284


1- ينظر: فصول في فقه العربية: 35
2- ينظر: فقه اللغة، علي عبد الواحد: 189
3- ينظر: الكشاف: 2 / 444
4- ينظر: فصول في فقه العربية: 352

التضاد كثيراً في معاني هذه الصيغ ومن أمثلة تلك الصيغ ما يأتي:

صيغة (فعول) تستعمل في العربية بمعنى (فاعل) مثل الفجوع يكون للفاجع والمفجوع. وأیْضاً الزجور يقال للزاجر وللناقة التي لا تدر حتى تزجر وتضرب(1).

وتستعمل احياناً بمعنى (مفعول) مثل رسول بمعنى مرسول وناقة سلوب بمعنى مسلوبة الولد وصيغة فعيل تأتي كذلك بمعنى (فاعل) مثل سميع وعليم وقدير، وتأتي بمعنى (مفعول) مثل دهين بمعنى مدهون، وكحيلُ بمعنى مكحول. ورويت بعض أمثلة هذه الصيغ بالمعنيين جميعاً، مثل الكري بمعنى المكتري، الغريم بمعنى الدائن والمدين وغيرهما(2).

10. تصور المساواة في الحدث:

وهو أن يتصوّر شخصان حدثين مختلفين كالبيع والشراء حدثاً واحداً وذلك حين تباع سلعة بسلعة، على سبيل المقايضة. فعندئذٍ يشعر كل منهما أنه مشتر وبائع(3). او على حد تعبير الراغب الأصفهاني (ت 502 ه-): «صح أن یتصور کل منهما مشتریاً وبائعاً»(4).

هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى شيوع ظاهرة التضاد في اللغة العربية.

ثالثاً: موقوف العلماء من التضاد:

مثلما هو معلوم أن التضاد نوعٌ من الاشتراك اللفظيِّ، فقد أختلف الباحثون بصدد وروده في اللغة العربية، اختلافهم في ورود المشترك اللفظيِّ

ص: 285


1- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 357
2- ينظر: فصول في فقه اللغة العربية: 353 - 354
3- ينظر: فقه اللغة العربية: 117
4- المفردات للراغب الأصفهاني: 1 / 87

نفسه فأنقسموا بين مؤيد ومنكر. هناك من العلماء من أهتمّ ببيان الأضداد في مصنفاته ومنهم أبو عبيد القاسم بن سلام (ت 224 ه-) إذ يقول: «سمعت أبا زید سعید بن أوس الأنصاري یقول: الناهل في کلام العرب العطشان والناهل الذي قد شرب حتی روی والأُنثی ناهلة»(1).

ومن المُقرِّین للأضداد ایضاً ابن سیده (ت 458 ه-) فهو یری «أن باب الأضداد باب مهم في التوسع بالألفاظ وأن هذا المنكر للأضداد لو سُئِل سؤالاً: وهو: هل يوافق بأن تأتي لفظتان في اللغة متفقتان لمعنيين مختلفين فإنه ان قال لا، يكون قد خالف جمهور العلماء وجانب الصواب لأن مثل هذه الكلمات كثيرة ومثبّتة في اللغة مثل وجدت الّذي یُراد به العلم، والوجدان، والغضب، وجلست هو خلاف قمت وجلست الذي هو بمعنى اتيت نجدا، لأن نجدا يقال لها جلس وإذاً لا سبيل لأنكار مثل هذه الكلمات وفي مثل هذه الحالة تقول له: إذا جاز وقوع الحالة لشيء وخلافه جاز وقوعها لشيء وضده؛ لأن الضد من الخلاف وليس كل خلاف ضداً»(2).

ومن العلماء من أقرّ بوقوع هذه الظاهرة والّف بذلك كتاباً مستقلاً ومن هؤلاء قُطرب (ت 206 ه-)، وابن السكيت (ت 244 ه-) والسجستاني (ت 255 ه-) وابن الأنباري (ت 328 ه-) وغيرهم(3). ومن المحدثين من ذهب إلى وجود الأضداد في اللغة العربية د. رمضان عبد التواب إذ اثبت الأضداد ولكنه يخرج بعض الألفاظ من باب الأضداد ويشترط أتحاد الكلمة ومتعلقاتها في المعنيين ويستبعد

ص: 286


1- الغريب المصنف لأبن سلام: 2 / 622
2- المخصص: 13 / 258
3- ينظر: التضاد في القرآن الكريم: 53

أضداد التصحیف والتحریف. إذ قال: «ويبقى بعد هذا مجموعة صالحة من كلمات الأضداد في العربية، ولا شك في أن ألأصل فيها كلها، دلالتها على معنى واحد غير ان هناك عوامل كثيرة أدّت إلى التَّضاد فيها»(1). وکذلك د. کَاصد یاسر الزيدي إذ يقول: «إذا کان هناك من أنکر التضاد في اللغة فإننا لا نجد لأنکاره دلیلاً یعتد به، ولا حجة يصار اليها. وذلك أن رواة اللغة ذكروا ألفاظاً استعملها العرب في معنيين متضادين فقد كان ابو زيد الأنصاري يذهب مثلاً إلى أن شمت السيف عبارة ذات معنيين أحدهما غمدته والآخر سللته»(2).

وهناك من انكر ذلك أو ضيق مفهوم التضاد في أمثلة قليلة كالدكتور إبراهيم أنيس: «حین نحلل أمثله التضاد في اللغة العربیة ونستعرضها جمیعاً، ثم نحذف منها ما یدل علی التکلف والتعسف في اختیارها یتضح لنا أن لیس بینهما ما يفيد التضاد بمعناه العلمي الدقيق إلاّ نحو عشرين كلمة في كل اللغة»(3).

ومن المنكرين لهذه الظاهرة كثير من العلماء وعلى رأسهم ابن درستويه (ت 347 ه-) وقد ورد أنه الّف كتاباً أبطال الأضداد غير أن هذا الكتاب غير موجود(4). وذكر أن ثعلباً (ت 291 ه-) أنكر الأضداد وأنه يقول: ليس في كلام العرب ضد؛ لأنه لو كان فيه ضد لكان الكلام محالاً؛ لأنه لا يرجع إلى أصل واحد(5). وهكذا فأن موقف العلماء أختلف بين مؤيد ومعارض لهذه الظاهرة.

ص: 287


1- فصول في فقه اللغة: 342
2- فقه اللغة العربية: 175
3- في اللهجات العربية: 203
4- ينظر: علم الدلالة، أحمد مختار عمر: 195
5- ينظر: شرح أدب الكاتب، أبو منصور الجواليقي: 177

أقوال الإمام علي علیه السلام التي تثبت ومن الملاحظ أن الذّين ينكرون الأضداد يعودون ليتعرفوا بها بشروط فان ابن درستویه یقول: «قد یجيء الشيء من هذا لعلل کما یجيء فعل وأفعل فیتوهم من لا يعرف العلل أنهما لمعنيين مختلفين او لحذف واختصار وقع في الكلام فربما أشتبه اللفظان وخفي ذلك على السامع والتأويل فيه خطأ، وذلك أن الفعل الذي لا یتعدی إذا احتیج إلی تعدیته علی الوضع الذي هو علیه حتی یتغیر إلی لفظ آخر توضع في أوله همزة أو یوصل به حرف جر»(1).

ويشترط ابن دريد (ت 321 ه-) في أنها لابد ان تكون من واضع واحد، وعلى الرغم من وضعه هذا الشرط، فإن الفاظ الأضداد تشكل حضوراً كبيراً ففي الجمهرة مثلاً الجون بمعنى الأبيض وبمعنى الأسود(2). وهكذا مهما يكن من أمر الجدل الذي دار حول ظاهرة التضاد ووجودها، الأضداد في اللغة إثباتاً وإنكاراً فإننا نجدُ في كتب القدماء أبواباً عن الأضداد إذ سمى الثعالبي (ت 429 ه-) فصلاً كاملاً بعنوان: تسمية المتضادين باسم واحد ومثَّل لهما بالجون للأسود والأبيض والصّريم للّيل والنهار(3).

وقد استدلَّ العلماء بكثير من أقوال الإمام علي علیه السلام التي تثبت هذه الظاهرة ومن هذه الأقوال:

1. قال الإمام علي علیه السلام:

«لقد أَتْلَعوا أعْناقَهم إلی أَمْرٍ لَمْ یکونوا أَهْلَه فَوُقصُوا دونه»(4).

ص: 288


1- المزهر: 1 / 385
2- ينظر: جمهرة اللغة: 1 / 497 مادة (ج و ن)
3- ينظر: فقه اللغة وسر العربية: 453
4- نهج البلاغة: 349، خطبة: 219، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 527، ولسان العرب: 8 / 35 مادة (تلع)، وتاج العروس: 4 / 513 مادة (تلع)

إن لفظة (أَتلع) في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتضادة اذ تدل علی الإرتفاع والإنخفاض فيقال لما أرتفع من الوادي وغيره (تَلْعَةً) ويقال لما یَسَفَّل و جَرَی الماء فیه لإنخفاضه تَلْعة(1). وهكذا فالتلْعةُ ما انهبَط من الأرض وقيل ما ارْتَفَع(2). وهذا من الأضداد والمعنی من کلام الإمام علیه السلام أتعلوا أعناقهم اي مدُّوها ورفعوها(3). قال الزَّبیديُّ: «أتْلَعَ الرَّجُلُ إذا مَدَّ عُنُقَهُ مُتطاوِلاً»(4).

وفي ضوء ما تقدّم يتبين أنّ أتلَع تدلُّ علی معنیین متضادین أي تدلُ علی الإرتفاع والإنخفاض.

2. قال الإمام علي علیه السلام:

«يحملها الأَخْضَرُ المُثْعَنْجِرُ(5)»(6).

3. إنّ لفظة (الأَخضر) في قول الإمام علي علیه السلام من الأضداد إذ تدل علی الأخضر والأسود فالأخضر یعني الأخضر ویعني الأسود أیضاً(7). وأنشد ابن الأنباري للأخضر قول الشمّاخ(8).

ص: 289


1- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 219، والصحاح في اللغة: 1 / 64 مادة (تلع)، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 527
2- ينظر: لسان العرب: 8 / 35 مادة (تلع)
3- ينظر: منهاج البراعة للراوندي: 7 / 189، وشرح نهج البلاغة لأبن أبي الحدید: 1 / 245
4- تاج العروس: 1 / 5134 مادة (تلع)
5- المُثعنجر: اكثر موضع من البحر فيه ماء، ينظر: لسان العرب: 4 / 103 مادة (ثعجر)
6- نهج البلاغة: 339، خطبة: 211، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 606، ولسان العرب: 4 / 103 مادة (ثعجر)، وتاج العروس: 5 / 569 مادة (ثعجر)، والمعجم الوسیط: 1 / 199
7- ينظر: الأضداد للصغاني: 228، والأضداد لأبن الأنباري: 247، ولسان العرب: 4 / 243 مادة (خضر)
8- ينظر: ديوانه: 9

وَلَیْلٍ کَلَوْنِ الّسَّاجِ أسْوَدَ مُظْلمٍ قَلیلِ الوَغَی داجٍ کلونِ الأرَنْدَجِ فشبَّه الليل هنا بالطيلسان الأخضر، وهو يريد به شدّة سواده(1). وانشد أيضاً للأسود قول ذي الرمة(2).

قَدْ أعْسِفُ النَّازِخَ المَجْهُولَ مَعْسِفُهُ *** في ظلِ أخْضَرَ یَدْعُو هامَهُ البوُمُ

اي في ظل ليل اسود. وقد يقال إِنَّ الأخضر بمعنى الأسود أصله الأخدر بالدال اذ یقال شعر خُداری أي أسود، والخُداری السحاب الأسود وبعير خُداری أي شدید السواد، والخُدَارِی: الحمار الأسود، و عُقاب خُدارية أي سوداء(3).

قال ابن منظور: «الخدَر: الظلمة، وأحذر القوم أي الیلوا، ولیل أخدر وخداری أي مظلم، واختدرت القارة بالسراب أي استترت به، والخَدر: المکان المظلم الغامض»(4). ولقد تحوّلت الدال في ألسنة کثیر من العرب إلی الضّاد مع احتفاظ الکلمة بمعناها(5). وعلى هذا يكون ما جاء في باب خضر من قولهم للأسود أخضر والخُضَرة في الوان الناس السُّمْرة إذ يقال كتيبة خضراء للتي يعلوها سواد الحديد(6). والمعنى من كلام الإمام علیه السلام أي يحمل الأرض المستفادة من اليبس ماء البحر السائل، ووصف الماء بالخضرة من عادة العرب التعبير عن البحر بالأخضر؛ لأنه بصفة لون السماء فيدعى

ص: 290


1- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 248
2- ينظر: ديوانه: 574
3- ينظر: الأضداد في اللغة العربية دراسة صوتية، احمد عبد التواب الفيومي: 93
4- لسان العرب: 4 / 230 مادة (خدر)
5- ينظر: الأضداد في اللغة العربية دراسة صوتية: 93
6- ينظر: لسان العرب: 4 / 243 مادة (خضر)

أخضر(1). وقد تسمی قری العراق سوداء، لخضرتها وكثرة شجرها(2). وهكذا فالأخضر من الألفاظ المتضادة.

4. قال الإمام علي علیه السلام(3):

فلا تصحب أخا الجهِل *** وإياكَ وایّاهُ

فَکَمْ مِنْ جَاهل أرْدَی *** حلیماً حین آخاهُ

إن لفظة (أرْدَی) في قول الإمام علي علیه السلاک من الأضداد إذ تدل علی الهلاك واللإعانة فیقال أردیت الرجل إذا أهلکته ورَدَی الرَّجُل یَرْدَی إذا هلك کقوله تعإلی:

«وَمَا یُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدّی» [اللیل: 11].

اي اذا هلك(4). فتَرَدّی هنا تفعّل من الردی وهو الهلاك وقد قیل تردی في حفرة القبر(5). قال اللیث: «رَدُؤَ الشيء یردؤ رداءة وإذا أصاب الإنسان شیئاً ردیئاً فهو مُردی وکذلك إذا فعل شیئاً ردیئاً»(6). وقد یقال أردیتُ الرجل إذا أعنتهُ کقوله تعإلی:

«فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا یُصَدِّقُنِي» [القصص: 34].

ص: 291


1- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 19 / 2
2- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 3 / 229
3- ينظر: ديوان الإمام علي علیه السلام: 131، والأضداد لأبن الأنباري: 37
4- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 37
5- ينظر: الكشاف: 7 / 299، ورورح المعاني: 22 / 487
6- تهذيب اللغة: 4 / 474 مادة (ردأ)، ولسان العرب: 1 / 84 مادة (ردأ)

أي عوناً(1). قال أبو حیان: «الردء المعين الذي يشتد به الأمر فهو أسم لما یعان به»(2). وهکذا فأردی تدل على معنيين متضادين فتدلُّ على الهلاك وتدل على الإعانة.

5. قال الإمام علي علیه السلام:

«اقْتُلُوا الکَلْبَ الأسْودَ ذا الغُرَّتَیْن»(3).

إنّ لفظة (الأسود) في قول الإمام علي علیه السلام من الأضداد إذ تدل علی اللون الأسود وتدلُّ أيضاً على اللون الأبيض يقال: أسْوَد للأسود، ويقال دِرْهم أسود، إذا كان أبيض خالص الفضَّة جيدها(4).

قال ابن منظور «الأسود بمعنی لأبیض أصله ألأسوط بالطاء فهو من قولهم: سوط باطل أي هو الضّوء الذي یدخل من الکُوَّة»(5).

وذهب إلى المعنى نفسه الزبيدي(6). فالضوء أبيض اللون، ويقال لما يدخل من الکُوَّة منه الأسوط وذلك لشبهه بالسوط الذي يضرب به من جهة إمتداده وهيئته، ومن هنا فإن الأسوط وهو الضوء الذي يدخل من الکُوَّة، والأسوط الأبيض أي الذي لونه مثل لون هذا الضوء الذي يدخل من الکُوَّة، ولقد تحولت

ص: 292


1- ينظر: ثلاثة كتب في الأضداد (أضداد ابن السكيت): 49، والأضداد لأبن الأنباري: 38
2- البحر المحيط: 9 / 19
3- نهج البلاغة: 542، وغريب الحدث لأبن الجوزي: 2 / 151، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 661، ولسان العرب: 5 / 11 مادة (غرر)، وتاج العروس: 21 / 298 مادة (غرر)
4- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 349
5- لسان العرب: 7 / 325 مادة (سوط)
6- ينظر: تاج العروس: 14 / 137 مادة (سوط)

الطاء في السنة بعض العرب إلى الدال مع احتفاظ الكلمة بمعناها(1). والإمام علیه السلام أراد بالكلب الأسود أي الذي فيه نكتتان بيضاوان فوق عينيه(2). أمَّا الغرة تدل على بياض في الوجه(3). وفي ضوء ما تقدّم يتبيَّن أن لفظة الأسود من الأضداد إذ تدل على معنيين متضادين.

6. جاء في حدیث الإمام علي علیه السلام:

«إنْ أشنَق لها خَرَم»(4).

إنَّ لفظة أشنق في قول الإمام علیه السلام من الأضداد إذ تدلُّ علی ما یکون لَغو مما یزید علی الفریضة والدِّیة وتدل على الأرش في الِجراح والشِّجاج، نحو أرش الأمة من الشِّجاج(5). أي يقال لأَرْش: شَنَق في الجراح والشجاج، نحو أرش الأمة من الشَّجاج، والمنقَّلة والدامغة، والملطاة، والطعنة الجائفة وغيرها مما یُحْکَمُ فیه بالأرش(6).

وهكذا فالشَّنَق قد يكون مما يزيد على الفريضه والدیّة كما في كتاب النبي صلی اللهُ علیه وآله وسلم للأقیال العباهلة:

«لا خِلَاط ولَا وِرَاط ولا شِناق»(7).

ص: 293


1- ينظر: الأضداد في اللغة العربية دراسة صوتية: 188
2- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 19 / 5
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 661
4- نهج البلاغة: 25، خطبة: 3، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 1236، ولسان العرب: 1 / 187 مادة (شنق)، وتاج العروس: 15 / 411 مادة (شنق)
5- ينظر: الأضداد للصغاني: 234، ولسان العرب: 10 / 187 مادة (شنق) والأضداد في اللغة العربیة: 212
6- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 305
7- الفائق في غريب الحديث: 1 / 4

فأراد النبي صلی اللهُ علیه وآله وسلم بالشِّناق ما يزيد على الفرائض، أي لا يطالبون بشيء من هذه الزيادة، وذلك أنَّ الغنم يؤخذ منها إذا كانت أربعين شاه فإذا زادت على الأربعين لا يؤخذ منها شيء(1). أو قد يكون الشَّنق ما دون الدِّية الكاملة، أي يسوقَ ذو الحمالة ديةً كاملةً فإذا كانت معها دياتُ جراحاتٍ دون التمام فتلك الأشناق وكأنها متعَلِّقة بالدِّية العُظمى(2). والإمام علیه السلام أراد بقوله أنَّهُ إذا شدّدَ عليها في جَذْب الزِّمام وهي تَنازِعُهُ رأْسَهَا خَرَمَ أنْفَها، وإنْ أَرْخَی لها شَیْئَاً مع صُعوبَتِها تَقَحّمَت بِهِ فَلَمْ یَمْلِکْها أي یقال أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفَعه وشنقها أيضاً(3). وفي ضوء ذلك يتبين أن الشنق من الألفاظ المتضادّة فتكون بمعنى الأَرْش في الجراح والشجاج وتكون أيضاً بمعنى ما يزيد على الفريضة والدِّیّة.

7. قال الإمام علي علیه السلام:

«فإنَّ في طاعة الله حِرز أوار نيران مُوقَدةٍ»(4).

إنَّ لفظة (أَوار) في قول الإمام علي علیه السلام من الأضداد إذ تدلُّ علی الریح

ص: 294


1- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 305
2- ينظر: مقاييس اللغة: 3 / 171
3- ينظر: بهج الصياغة في شرح نهج البلاغة: 2 / 218، وشرح نهج البلاغة لأبن ابي الحدید: 4 / 22، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 1236، ولسان العرب: 10 / 187 مادة شنق. 187 مادة شنق. / 1236 ، ولسان العرب: 10
4- نهج البلاغة: 324 خطبة: 198 والرواية فيه: «فإنَّ طاعة الله حِرْزٌ مِنْ مَتَالِفَ مُکْتَنِفَةٍ، ومَخاوِفَ مُتَوَقَّعةٍ، وأوَارِ نیرانٍ مُوقَدَةٍ»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1/ 189، ولسان العرب: 4 / 35 مادة (أور)، وتاج العروس: 1 / 2471 (مادة أور)، ومجمع البحرین: 1 / 122، ومجمع البحرین للطریحي: 3 / 156

الحارة وتدل أيضاً على الريح الباردة (فالأَوار) شدة حر الشمس، ولفح النار ووهجها، إذ يقال: يوم ذو أوار، أي ذو سموم وحر شديد(1). وقد يقال أيضاً:

ریحٌ أورٌ وإیرٌ باردةٌ(2).

والإمام أراد بقوله أي في طاعة الله سبحانه وتعإلى حرزاً من متالف مكتنفة وتلك المتالف هي الرذائل الموبقة التي هي محال الهلاك والتلف وكذلك حرزاً من المخاوف المتوقعة مخاوف الآخرة وحرّ نيرانها ولهيبها(3).

وهكذا فإن (الأَوار) من الألفاظ المتضادة فتدل على الريح الحارة وحرارة الشمس وتدل أيضاً على الريح الباردة وقد أعطت معنيين متضادیْنِ.

7. قال الإمام علي علیه السلام للأَشْعَث بن قیس(4):

«قُم لعنكَ اللهُ حائکاً فلکأنني أجد منكَ بَنَّةَ الغزْل»(5).

إنَّ لفظة (بَنَّة) في قول الإمام علي علیه السلام من الأضداد إذ تدل علی الرائحة الطیبة

ص: 295


1- ينظر: المحيط في اللغة: 2 / 448 باب ما أوله راء، وتهذیب اللغة: 5 / 164 مادة (أور)، ولسان العرب: 4 / 35 مادة (أور)، والأضداد في اللغة العربیة دراسة صوتیة: 24
2- ينظر: تاج العروس: 1 / 2471 مادة (أور)
3- ينظر: شرح نهج البلاغة لميثم البحراني: 3 / 419
4- هو أبو محمد الأشعث بن قيس بن مَعْدِ يكرب الکِنْدي، أمير كِنْدة في الجاهلية والإسلام وقد وفد على الرسول فأسلم وأبلى في الفتوح بلاء حسناً مات بعد وفاة الإمام علي علیه السلام في الکوفة وکان من أصحابه، ینظر: ترجمته في طبقات ابن سعد: 6 / 22
5- شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 4 / 179، والأضداد لأبي الطیب اللغوي: 66، والتنبیهات في أغالیط الرواة: 1 / 27، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 1 / 415، ولسان العرب: 13 / 58 مادة (بنن)، وتاج العروس: 2 / 221 مادة (بنن)

وتدل أيضاً على الرائحة الكريهة قال أبو الطيب اللغوي: «قالوا البَنَّة الرائحة الکریهة، مثل رائحة البعر ونحو ذلك، وقد قيل: البَنَّة أيضاً الرائحة الطيبة.

ويقال عسل طيب البَنَّةِ أي الرائحة»(1). وقد ذهب إلی المعنی نفسه الزمخشري (ت 538 ه-)(2). وابن الأثیر (ت 606 ه-)(3)، وابن منظور (ن 711 ه-)(4).

وهكذا فإنَّ البَنَّة تدل على الريح سواء كانت طيبة أو كريهة كما في قول الإمام علي بَنَّة الغَزْل وهذا من الألفاظ المتضادّة.

9. في حدیث الإمام علي علیه السلام في عمرو بن العاص ومعاویة:

«وَلَمْ یُبایَعْ حَتَّی شَرَط یُؤتیه علی البَیْعَة ثَمَناً فَلَا ظَفِرَتْ یَدُ البائِع وخُزیتْ أمَانَةُ المُبْتَاعِ»(5).

إنّ لفظة (البیعة) في قول الإمام علیه السلام من الأضداد إذ تدل علی معنیین متضادین فتدل علی البیع وتدل أیضاً علی الشِراء وهما سواء فيستعمل كل واحد منهما في معنى صاحبه أي يُقال: بِعْتُ الشيء، إذا بِعْتَهُ من غيرك، وأخذتَ ثَمَنَهُ وبِعْتَهُ أیضاً إذا اشتَریتَه(6). قال الأصمعي: «قال رجل یا صَاح، مَنْ أشعَرُ الناس قال الذي یقول:

ص: 296


1- الأضداد لأبي الطيب اللغوي: 67
2- ينظر: أساس البلاغة: 1 / 32
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 415
4- ينظر: لسان العرب: 13 / 58 مادة (بنن)
5- نهج البلاغة: 48، خطبة: 26، ومجمع البحرين: 1 / 261، ومجمع البحرین للطریحي: 4 / 198
6- ينظر: الأضداد لأبي الطيب اللغوي: 56، والأضداد لأبن الأنباري: 199، والمحيط في اللغة: 1 / 126 مادة بیع، والمخصص: 3 / 75 .75/ 126 مادة بيع، والمخصص: 3 /1

ویَأتِیْكَ بالأنْبَاءِ مَنْ لَمْ تَبعْ لَهُ *** بَتَاتاَ وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وقْتَ مَوْعِدِ(1)

أي لَمْ تَشترِ له زاداً»(2) وأنشد الأصمعي أیضاً لأوس حجر(3).

وفَارَقَتْ وَهْيَ لَمْ تَجْرَبْ وَبَاعَ لها *** من ألْفَصَافِص بالنُّمِّيِّ سِفسِیرُ

فالبیع في هذا الشاهد بمعنی الشراء وهکذا فالبیع من الألفاظ المتضاده إذ یدلُّ علی البیع ویدلُّ علی الشِراء البیع ضد الشِراء.

والمعنی من کلام الإمام علي علیه السلام هو «إن عمرو بن العاص لم یبایع لمعاویة حتی أشترط علیه الأجرة والثمن، وهو ولایة مصر،أي اشترط عمرو بن العاص علی معاویة أنه إذا بایعه وأعانه علی حرب الإمام علي علیه السلام، وأخرجوا مصر من تحت سلطة أمیر المؤمنین علیه السلام یکون عمرو بن العاص والیاً وأمیراً علی امانة المبتاع وهو معاویة»(4). وهکذا فالبائع عمرو بن العاص، والمشتري معاویة بن أبي سفیان، والثمن مصر(5).

10. قال الإمام علي علیه السلام علی قبر رسول الله صلی اللهُ علیه وآله وسلم:

«إنَّ المصابَ بك لَجلِیلٌ»(6).

ص: 297


1- البيت من معلقة طرفة بن العبد ديوانه: 36
2- ثلاثة كتب في الأضداد (أضداد الأصمعي): 29
3- ينظر: ديوانه: 39، وأضداد الاصمعي: 3، وأضداد ابن السكيت: 184، وأضداد ابن الأنباري: 75، والمجهرة: 1 / 155، والصحاح مادة (فصص)، واللسان مادة (سفسر)
4- شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 2 / 40، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 2 / 30
5- ينظر: في ظلال نهج البلاغة: 1 / 213
6- نهج البلاغة: 556 حكمة: 292، ومجمع البحرين للطريحي: 5 / 220

إنَّ لفظة (جليل) في قول الإمام علیه السلام من الأضداد إذ تدل علی الأَمر العظیم إلا انها قد تأتي في غیر هذا المقام دالة الأمر الصغیر الهَیَّن إذ یقال: أمْرٌ جَلَلٌ، أي جَلِیلٌ عظیمٌ. وأمْرٌ جَلَلٌ، أي هَیِّنٌ صَغیرٌ یَسیرٌ(1). قال تعإلی:

«ذُو الْجَلالِ وَالإِکْرَامِ» [الرحمن: 78] فالجَلِیلُ هنا العَظیمُ القَدْرِ تعإلى بذلك إمَّا لخَلْقِهِ الأَشْیَاءَ العظیمَةَ المُسْتَدَلَّ بها علیه أَو لأنّهُ یَجِلُّ عَنِ الإحاطَة بِهِ أو لأَنَّهُ یَجَلُّ أن یُدْرَك بالحَواسِّ(2).

وأنشد الأصمعي(3) (ت 216 ه-) في الجَلَل بمعنى الأمر العظيم قَوْلَ المُتَنَخَّل الهُذْلّي(4):

أَقُولُ لَّما أَتانِي النَّاعِیَانِ بهِ *** لا یَبْعَدِ الرُّمْحُ ذُو النَّصْلَیْنِ والرَّجُلُ

رُمْحٌ لَنَا کَانَ لَمْ یُقْلَلْ نَنُوءُ بِهِ *** تُنْفَی بِهِ الحَرْبُ والعزّاءُ والجَلَلُ(5)

وهكذا فالجَلَل هنا بمعنى الأَمر العظيم. وأنشد قطرب وأبو حاتم(6) في

ص: 298


1- ينظر: الأضداد لأبي الطيب اللغوي: 112، والأضداد لأبن الأنباري: 89، وتهذيب اللغة: 3 / 438 مادة (جلل)، والصحاح في اللغة: 1 / 97 مادة (جلل) ولسان العرب: 1 / 116 مادة جلل
2- ينظر: المفردات للراغب الأصفهاني: 1 / 123 (جل)
3- ينظر: ثلاثة كتب في الأضداد (أضداد الأصمعي): 9
4- هو مالك بن عمرو بن عُثْم الهذلي، والمنتحل لقب له وهو جاهلي، ینظر: ترجمته في الشعراء: 642، والخزانة: 2 / 135
5- القصيدة في ديوان الهذليين: 2 / 33 - 37
6- ينظر: ثلاثة كتب بالأضداد (أضداد السجستاني): 84

الجلل أيضاً بمعنى االأمر العظيم قول لَبيد(1):

وأرَی أَرْبَدَ قَدْ فَارَتَني *** ومِن الأرزْاءِ رُزْءٌ ذو جَلَلْ

أي غير صغير. وأنشد قطرب في الجلل بمعنى الهَيِّن لأَمْريء القيس(2):

لِقَتْلِ بَنِي أَسَدٍ رَبَّهُمْ *** أَلا کُلُّ شَيْءِ سِوَاهُ جَلَلْ

وهكذا فالجلل هنا بمعنى الهیّن.

والإمام علي علیه السلام أراد بالجلیل الأمر العظیم أي المصاب الكبير العظيم بوفاة الرسول صلی اللهُ علیه وآله وسلم. وفي ضوء ما تقدم يتبیّن أنَّ جلل من الأضداد وقد أَعطت معنيين متضادَیْنِ.

10- قال الإمام علي علیه السلام:

«نُطْقةً دِهاقاً وَعَلَقةً مُحاقاً»(3).

إنَّ لفظة (دِهاقاً) في قول الإمام علي علیه السلام من الأضداد إذ تدلُّ علی الکأس الفارغ وقد تدلُّ علی ضدّة الکأس الممتلئ في سیاقات اخری إذ یقال: «دَهَقَ الماء وأدهقه أفْرَغَه إِفراغاً شدیداً»(4).

ص: 299


1- ينظر: ديوانه: 197، وأضداد السجستاني: 84، وأضداد ابن الأنباري: 89، والمقاييس: 2 / 390 مادة (جلل)
2- ينظر: ديوانه: 261، وأضداد الأصمعي: 9، وأضداد ابن الأنباري: 90، واللسان: 11 / 116 مادة جلل
3- نهج البلاغة: 108، خطبة: 83، والنهاية في غريب الحديث الأثر: 2 / 357، ولسان العرب: 10 / 106 مادة (دهق)، وتاج العروس: 9 / 316 مادة (دهق)
4- العين: 1 / 248 مادة (دهق)

وقد يقال أيضاً أدهق الكأسَ شدَّ ملأُها وكأس دِهاق أي مُتْرعة ممتلئة كقوله تعإلى:

«وَکَأْساً دِهَاقاً»[النبأ: 34](1).

أي كأس ممتلئ إذ يقال دهق فلان الحوض وأدهقه أي ملأه(2). وأدهقت الكأس إلى أصبارها أي ملأْتها إلى أعاليها(3). وقال ابن الأثير في حديث ابن عباس: «کأساً دِهاقاً» أي مملُوءةً(4). والإمام علیه السلام أراد بقوله نُطْفةً دِهاقاَ أي نُطْفة قد أُفرغَن إفراغاً شدیداً من قولهم أدهقت الماء إذا أفرغته إفراغاً شدیداً(5).

وهكذا فلفظة (دهاقاً) من الأَلفاظ المتضادة فتدل على الكأس الممتلئ وتدل على ضِدِّه الكأس الفارغ.

في حديث الإمام علي علیه السلام أنه خرج والناس ینتظرونه للصلاة قیاماً فقال:

«مالي أراكم سامدين»(6).

ص: 300


1- ينظر: تهذيب اللغة: 2 / 235 مادة (دهق)، ومقاییس اللغة: 2 / 251 مادة (دهق)، والصحاح في اللغة 1 / 216 مادة (دهق)
2- ينظر: روح المعاني: 12 / 112
3- ينظر: لسان العرب: 10 / 106 مادة (دهق)
4- النهاية في غريب الأثر: 2 / 357
5- النهاية في غريب الأثر: 2 / 357
6- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 97، والعین: 2 / 59 مادة (سمد)، وغریب الحدیث لأبي عبید: 4 / 480، والأضداد لأبي الطيب اللغوي: 241، والأضداد لأبن الأنباري: 44، وتهذيب اللغة: 4 / 269 مادة (سمد)، والنهاية في غريب الحديث الأثر: 2 / 993، وتاج العروس: 15 / 2041 مادة (سمد)، والمعجم الوسيط: 1 / 927

إنَّ لفظة (سامدین) في قول الإمام علي علیه السلام من الأضداد إذ تطلق على اللاهي، وعلى الحزين، فالمعنى الأوّل بلغة أهل اليَمن والثاني بلغة طيئ. وقال ابنُ عبّاس (رض) على اللغة الیَمانیّة. وقال الكلبيّ: سَامِدون مهتَمُّون علی لغة طيء(1).

کما تطلقُ علی «اللاعب وهذا ضِدُّ الحزين... والُمطرْق... والطّائح الطَّرْف... والَمغْنِيُّ علیه»(2). والُمغنُي، لأَنهُ «یقال للجَاریة كما تطلق على يقال لل َ جارية اسمُدي لنا، أي غنَّي لنا»(3).

وأنشد السجستاني وأبو الطيب اللغوي في السامد بمعنى اللاهي قول ابي زُبَید الطائي(4):

و تَخَالُ الْعَزِیفَ فِیهَا غِنَاءً ٭٭٭ لِنَدَامَی مَنْ شَارِبٍ مَسْمُودِ

وكذلك ورد لفظ السامد في قوله تعإلى:

«وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ»[النجم: 60-61].

فسياق الآية يؤدي إلى معنى اللهو والغِناء، لأنه يناسب الضحك المشار الیه في الآیة(5). قال أبو حیّان: «قال عكرمة: لاهون، وقال قتادة غافلون...

ص: 301


1- ينظر: الأضداد لقطرب: 245 ، وثلاثة كتب في الأضداد (أضداد السجستاني) والأضداد لأبي الطيب اللغوي: 142، والأضداد لأبن الأنباري: 43
2- الأضداد لقطرب: 245
3- ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 4 / 480، وتفسیر غریب القرآن لأبن قتیبة: والأضداد لأبي الطيب اللغوي: 242
4- البيت من قصيدة لأبي زبيد الطائي في رثاء أخيه الُجلاح، ينظر: أضداد السجستاني: 144 ، وأضداد ابن الأنباري: 242
5- ينظر: التضاد في القرآن الكريم: 156

وقال ابن عباس: ساهون، وقال الُمبرِّد: جامدون، وكانوا إذا سمعوا القرآن غنوا تشاغلاً عنه»(1). وهکذا فالسامد هنا بمعنی اللهو وهذا بلسان أهل الیمن.

والإمام علی علیه السلام أراد بسامدين قائمين فكل رافع رأسه فهو سامد وكانوا يكرهون أن ينتظروا الإمام قياماً ولكن قعوداً(2).

وفي ضوء ما تقدّم يتبيّن إنّ لفظ السمود من الأضداد إذ تدل على اللهو والفرح والغِناء وتدل على ضده وهو الحزن.

12. قال الإمام علي علیه السلام:

«وکُشِفَتْ عنهم سُدَف اللیل»(3).

إن لفظة (سُدَفُ) في قول الإمام علیه السلام من الأضداد إذ تأتي بمعنى الظلمة كما إنَّها تأتي في كلام العرب بمعنى الضَّوءِ قال ابن الأنباري: «السُّدْفَة الظلمة والسُّدْفَة الضَّوءُ سُمِّیا بذلك؛ لأنَّ أصلَ السُّدْفة السِّتْر، وکأن اللیلَ إذا أقبل سترت ظلمتهُ ضَوء النهار»(4). وإلى المعنى نفسه ذهب أبو الطيب اللغوي (ت 351 ه)(5).

وقطرب الذي يقول: «السُّدْفَةُ الضیِّاءُ والسُّدْفَةُ الظُّلْمةُ»(6). وقد یقال کشفت

ص: 302


1- البحر المحيط: 8 / 170
2- ینظر: غریب الحدیث لأبي عبید: 4 / 480، وشرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 19 / 4
3- نهج البلاغة: 103 خطبة: 83 والرواية فيه: «وکُشِفَتُ عنهم سُدَفْ الرِّیَبِ»، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 2 / 897، ولسان العرب: 9 / 146 مادة (سدف)، وتاج العروس: 15 / 508 مادة (سدف).
4- الأضداد لأبن الأنباري: 9
5- ينظر: الأضداد لأبي الطيب اللغوي: 277
6- الأضداد لأبي الطيب اللغوي: 278، وثلاثة كتب في الأضداد (أضداد الاصمعي): 35

السُّدْفَةُ(1)، وانشد قطرب وأبو حاتم في الضوء بيت لأبن مقيل(2):

ولَيْلَةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْ عِدَهَا ٭٭٭ بِصُدْرَةِ العَنْسِ حتَّى تَعْرِفَ الّسَّدَفَا

وأنشد الأصمعي أيضاً في الظلام قولَ العجاج(3):

وأطْعَنُ اللَّيْلَ إذا ما أَسْدَفا ٭٭٭ وقَنَّع الأَرض قِناعاً مُغدَقا

أي أظلم وهكذا فلفظة السُدْف من الأضداد إذ تدل على الضوء والظلام وهما معنيان متضادان.

13. قال الإمام علي علیه السلام:

«شاهتِ الوجوهُ حم لا يبصرون»(4).

إنَّ لفظة (شاهت) في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتضادة أذ تدلُّ علی معنیین متضادین فتدل علی القُبْح وتدل أیضاً علی الجمال قال أبو عُبَیْد: «یُقال: مُهْرَةٌ شَوْهاءُ، إذا کانت قبیحةً، و مُهْرَةٌ شَوْهَاءُ إذا کانت جمیلةٌ»(5).

ويقال للرجل إذا وصف حسن الإنسان لا تُشَوِّهْ عليه اي لا تبالغ في وصف

ص: 303


1- ينظر: منهاج البراعة للراوندي: 6 / 95
2- ينظر: ديوانه: 180، وأضداد الأصمعي: 35، وأضداد السجستاني: 86، وأضداد ابن الأنباري: 140، والمقاییس: 3 / 337 مادة (سدف)
3- ديوانه: 120، وأضداد الأصمعي: 35، وأضداد ابن الأنباري: 115
4- نهج البلاغة: 35، وجمهرة اللغة: 1 / 91 مادة (شوه)
5- غريب الحديث لأبي عبيد: 1 / 113، والأضداد لأبي الطیب اللغوي: الأنباري: 284، وجمهرة اللغة: 1 / 91 مادة (شوه)، وتهذیب اللغة: ولسان العرب: 13 / 501 مادة (شوه)

حُسْنِه فتصيبَه بالعين(1). وقد يقال للفرس الجميلة شوهاء خوفاً من الحسد إذ ذكر ابو الطيب اللغوي قول ابو حاتم السجستاني إذ قال: «لا أظنّهم قالو للجميلة شَوْ هَاءَ إلّا مخافةً أن يُصيبها عينٌ كما قالو للغراب لحِدّةْ بصَره أَعْوَر»(2).

والإمام علیه السلام أراد بقوله «شاهتِ الوجوهُ» أي قبحت(3).

ومنه كذلك قول الحطيئة(4):

أری لِي وجهاً شَوَّه الله خلْقهُ ٭٭٭ فَقُبِّح مِنْ وجْهٍ وقُبْحَ حامِلُه

وهكذا فلفظة شاهت من الأضداد إذ تدل على القباحة وتدل على الجمال. 14. قال الإمام علي علیه السلام لما دخل بیت مال البصرة:

«يا صَفْراء أصفَرِّي ويا بَيضاءُ أبْيَضِّي وغُرِّي غيري»(5).

إنّ لفظة (صفراء) في قول الإمام علي علیه السلام من الألفاظ المتضادة أذ تدل علی الأصفر وتدل أيضاً على الأسود.

ص: 304


1- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 284
2- الأضداد لأبي الطيب اللغوي: 262، وعوامل التطور اللغوي: 80
3- ینظر: جمهرة اللغة: 1 / 91 : مادة (شوه)، والمخصص: 1 / 187، ومنهاج البراعة للراوندي: ينظر: جمهرة اللغة: 4 /109
4- ينظر: ديوانه: 282 ، وأضداد الأصمعي: 32 ، وأضداد ابن السكيت: 187 ، وأضداد ابن الأنباري: 284، ولسان العرب: 13 / 508 مادة (شوه)
5- شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 19 / 105، والروایة فیهه: «یا صَفْراء، یا بَیْضاء، غرّي غیري، المال یعسوب الظلمة وأنا یعسوب المؤمنین»، والنهایة في غریب الحدیث الأثر: 3 / 69، والعباب الزاخر: 1 / 279، مادة (صفر)، ولسان العرب: 4 / 460 مادة (صفر)، الظلمة وأنا وتاج العروس: / 279 ، مادة (صفر)، وتاج العروس: 18 / 306 مادة (صفر)

فالأصفر يقع على الأصفر، وربما يقع على الأسود كقوله تعإلى:

«إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌلَوْنُهَا» [البقرة: 69](1).

أي شديدة السواد وإن الصفرة أستعيرت هنا للسواد وكذا فاقع لشديد السواد أي يجعل سواده من جهة البريق واللمعان(2). وذهب ابو الطيِّب اللغوي (ت 351 ه) إلى ان المُراد بها الصُّفرةُ المعروفة لقوله عزَّ و جَلَّ:

«فَاقِعٌ لَّوْغُهَا»؛ لأنه اذا كان الأصفر بمعنى الأسْوَد لم یُوصَفُ بفاقع(3).

اي الفقوعُ خُلُوص الصفرة وقد احتج على ذلك، لأن الفُقوع قد توصف به الصّفرة والبياض والسواد، فيقال اصفرُ فاقع، وأسود فاقع(4)، وأبيضُ فاقِع وأخضر فاقِع. وذكر صاحب اللسان قول الفراء في قوله تعإلى:

«کأَنَّهُ جمالاتُ صُفْرٌ» [المرسلات: 33].

أراد بها سُودُ الإبِل(5). قال الفراء إنما قالت العرب للجمل الأسود: أصفر؛ لأن سواده تعلُوه صفرة، فسَّمْوه أصفر»(6). أي سود تضرب إلی الصفرة والمعنی من کلام الإمام علي علیه السلام أي عندما دخل بیت مال البصرة فقال: «یا صَفْراء أصفَرِّي ویا بَیْضاءُ أبْیَضِّي» فأراد بالصفراء الذهب

ص: 305


1- ینظر: الأضداد لأبي الطیب اللغوي: 272، ولسان العرب: 4 / 460 مادة (صفر)، وتاج العروس: 18 / 306 مادة (صفر)
2- ینظر: الکشاف: 1 / 99، والبحر المحیط: 1 / 252
3- ینظر: الأضداد لأبي الطیب اللغوي: 272
4- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 161
5- ينظر: لسان العرب: 4 / 460 مادة (صفر)
6- معاني القرآن للفراء: 2 / 256، والکشاف: 1 / 100

وبالبيضاء الفضّة(1).

وفي ضوء ما تقدم يتبين أنَّ الأَصفر من الأضداد أي يدل على اللون الأصفر ويدل على الأسود.

15. جاء في حديث الإمام علي علیه السلام:

«القروء الحيض»(2).

إنّ لفظة (القروء) في قول الإمام علیه السلام من الأضداد إذ تأتي بمعنی الطهر والحیض قال الأصمعي: «القرء عند أهل الحجاز الطهر وعند اهل العراق الحیض.

وقال: إنما القرء الوقت فقد يجوز ان يكون وقتاً للطهر ووقتاً للحيض»(3).

قال الأعشى(4):

مُوَرَّثَة مالاً وفي الحيِّ رِفْعةً *** لَمِا ضَاعَ فِیهَا مِنْ قُرُوءِ نَسائِکا

وإلى المعنى نفسه ذهب السجستاني(5)، وأستشهد ابن الأنباري(6) للحيض بالحدیث الذي یروی عن النبي صلی الله علیه وآله وسلم أنه قال للمرأة:

«دعي الصلاة أيام أقرائك»(7).

ص: 306


1- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد: 4 / 11، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 5 / 6
2- مسند الإمام علي علیه السلام: 2 / 136، وغریب الحدیث لأبي عبید: 1 / 281، والصاحبي في فقه اللغة: 58
3- ثلاثة كتب في الأضداد (أضداد الأصمعي): 65
4- ينظر: ديوانه: 749
5- ينظر: ثلاثة كتب في الأضداد (اضداد السجستاني): 99
6- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 210
7- السنن الكبری: 1 / 344، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 238

اي أيَّام حيضك واستشهد قطرب(1). بقوله تعإلى:

«ثَلاثَةَ قُرُوءٍ» [البقرة: 128].

إذ أوردها المفسرون بالمعنيين، قال القرطبي (ت 671 ه): «أختلف العلماء في الإِقراء، فقال اهل الكوفة هي الحيض وهو قول عبد الله بن مسعود وقتادة والضحاك وقال اهل الحجاز هي الاطهار، وهو قول عائشة وابن عمرو وأبان بن عثمان والشافعي، وقال أهل اللسان والعلماء في تأويل القرء أقرأت المرأة إذا حاضت وطهرت»(2).

وهکذا فلفظة القروء في قول الإمام علي علیه السلام من الأضداد إذ تدلُّ علی معنیین متضادین هما الطهر والحیض.

16. قال الإمام علي علیه السلام:

«أُمِرتُ بقتال النَاكثِين والقاسِطين والمارِقِین»(3).

إنّ لفظة القاسطین في قول الإمام علي علیه السلام من الأضداد إذ تدلُّ علی العَدل وتدلُّ ايضاً على الجور وهي جمع والمفرد منها قاسط إذ يقال قسط جار، وقسط عدل وأقسط بالألف عدل لا غير(4)، قال أبو عُبَیدْ و قُطرب «یُقال قَسَطَ الرجِلُ، إذا جَارَ فهو قَاسِطٌ، اي جائر کقوله: تعإلی:

ص: 307


1- ينظر: الأضداد لقطرب: 21
2- الجامع لأحكام القرآن: 3 / 115
3- نهج البلاغة: 360، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 93، ولسان العرب: 7 / 377 مادة (قسط)، وتاج العروس: 25 / 967 مادة (قسط) ومجمع البحرین: 7 / 356
4- ينظر: ثلاثة كتب في الأضداد (أضداد ابن السكيت): 175

«وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَکَانُوا ﻟِﺠَهَنَّمَ حَطَبًا» [الجن: 15](1).

وَأفالقاسطون هنا الجائرون عن سنن الإسلام وطريق الحق(2). والقاسط ايضاً العادل كقوله تعإلى:

«وَأَقْسِطُوا إِنّ الله یُحِبُ الْمُقْسِطِینَ» [الحجرات: 9](3).

ای اعدلوا في کل ما تأتون وما تذرون(4).

وأنشد أبو عبید لمعنی الجور للقطامي(5).

ألَیْسوا بالاُلی قَسَطُوا جَمیعاً *** علی النُّعْمانِ، وأبْتَدَر واالسِّطاعا

وقد أنشد قُطْرِب(6) بمعنى عَدَلَ للعُدیل بن الفَرْح(7):

قَسَطُوا علی النُّعمَانِ وأبْنِ مُحَرّقِ *** وأبْني قَطَام، بِعِزَّةٍ وَتَنَازُلِ

فوردَتَ قَسَطَ هنا بمعنی عَدَلَ والإمام علي علیه السلام اراد بالقاسِطینَ أَهلُ صِفَّینَ، لأنهم جارُوا في الحُکم وَبَغوْا علیه أمَّا الناکِثین أراد بهم أهل الجمل، لأنّهُم نَکَثُوا

ص: 308


1- الأضداد لأبي الطيب اللغوي: 371
2- ينظر: الكشاف: 3 / 158
3- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 58
4- ينظر: روح المعاني: 9 / 272
5- ينظر: ديوانه: 37، وأضداد الأصمعي: 20، وأضداد ابن السكيت: 175، وأضداد ابن الأنباري: 58
6- ينظر: الأضداد لأبي الطيب اللغوي: 372 ، والأضداد لأبن الأنباري: 58
7- البيت من قصيدة للعُدَیل بن الفَرْحُ يمدح فيها قبائل وائل بن بكر و تَغلَب ينظر: في أضداد ابن الأنباري: 285، واضداد ابو الطیب اللغوي: 372، والسان مادة (حرق)

بَیْعتهم والمارِقون أراد بهم الخوارج لأنهم مَرَقوا في الدین(1). وفي ضوء ذلك يتبين أنَّ قَسَط تدل على العدل وتدل على ضِدَّه الجور وهذا من التضاد.

17. قال الإمام علي علیه السلام:

«لا تَرَی الجَاهِلَ إلاَّ مُفْرِطاً أَو مُفرِّطاً»(2).

إنَّ لفظة (مُفرِطاً) ولفظة (مُفرِّطاً) في قول الإمام علي علیه السلام من الأضداد إذ تدل علی التقدُّم والتّأخُر إذ یقال: «المُفْرَطُ المُقدَّمُ. وقد أفرطته، أي قدمته، والمُفرَطُ المُؤخَر وقد أفرطتْه، أي أخَّرْتُه»(3). قدقال ابن الأنباري: فرطت الرجل إذا قدمته وأخرته، وأستشهد بقوله تعإلی:

«لا جَرَمَ أَّنّ لَهُمُ النّارَ وَأَنّهُمْ مُفْرَطُونَ» [النحل: 62].

مقدمون(4)، وقال جماعة من المفسرين منسيون متركون وإلى المعنى نفسه ذهب قطرب وأضاف في التفسير يجوز فيها أن يكونوا مقدمون اليها جميعاً ويجوز أنهم مؤخرون مباعدون(5).

وقد ذکرها المفسرون بالمعنیین قال الزمخشري «الفرط المتقدمون في طلب

ص: 309


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 93، ولسان العرب: 7 / 377 مادة (قسط)، وتاج العروس: 25 / 967 مادة (قسط) ومجمع البحرین: 7 / 256
2- نهج البلاغة: 510 حكمة (70)، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 831، ولسان العرب: 3 / 366 مادة (فرط)، وتاج العروس: 24 / 952 مادة (فرط)
3- الأضداد لقطرب: 105، وثلاثة كتب في الأضداد (اضداد السجستاني): 141، والأضداد للصغاني: 241
4- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 71
5- ينظر: الأضداد لقطرب: 105

الماء الوارد والمتأخرون، وقرأ نافع بكسر الراء وتخفيفها وهي قراءة عبد الله بن مسعود ومعناها مسرفون في الذنوب والمعصية أي افرطوا فيها وقرأ بكسر الراء وتشديدها أي مضيعون أمر الله، فهو من التفريط بالواجب»(1).

أمَّا المفرِّطُ بالتشديد إذ يقال فيه ما فَرَّطْتُ خلفي أحداً أي ماخَلَّفْتُه(2). وقد یقال ایضاً: «فَرَط منِّي قَوْلٌ یَفْرُطُ فُرُوطاً»، أي سَبَقَ. وَفَرَطَ الینا من فلان قَولَ أي بدَلَ وسَبَق کقوله تعإلی:

«إِنّنَا نَخَافُ أَن یَفْرُطَ عَلَیْنَا». [طه: 45](3).

قال ابو حیان في الآیة: «فرط سبق وتقدم، ومنه الفارط الذي يتقدم الواردة، وفرس فرط تسبق الخيل... وفي الحديث:

«أنا فَرَطُکُم على الحوض»(4).

أي متقدمكم وسابقكم، والمعنى: إننا نخاف ان يعجل علينا بالعقوبة ویبادرنا به»(5).

أمَّا الذي ذهب اليه الراغب الأصفهاني (ت 502 ه) في الإفراط والتفريط من أنّ الأول إسراف في التقديم، والثاني تقصير في الفرط. فهذان ضدان غير أنهما مختلفان في الصيغة والأصوات(6). والإمام علي علیه السلام أراد بقوله مُفرِطاً

ص: 310


1- الكشاف: 3 / 368
2- ينظر: الأضداد لأبي الطيب اللغوي: 344، والأضداد لأبن الأنباري: 71
3- ينظر: الأضداد لأبي الطيب اللغوي: 344، والأضداد لأبن الأنباري: 71
4- الفائق في غريب الحديث: 2 / 256، والنهایة في غریب الحدیث والأثر: 3 / 211
5- البحر المحيط: 6 / 246
6- ينظر: المفردات: 2 / 478 (فرط)

بالتشدید إذا تجاوز الجاهل الحد، أي مسرفاً في العمل وبدون تشدید إذا کان مقصراً(1). وهکذا فإنَّ مُفرِطاً ومفرِّطاً من الألفاظ المتضادة.

18. قال الإمام علي علیه السلام:

«إنَّ من ورائِكم أُموراً مُتماحِلة(2) رُدُحاً»(3).

إنَّ لفظة (ورائِکم) في قول الإمام علي علیه السلام من الأضداد إذ تکون بمعنی خلف وأمام قال الأصمعي: وراء خلف وأمام، قال تعإلی:

«وَکَانَ وَرَاءَهُم مّلِكٌ» [الکهف: 79].

أي أمامهم(4). وأوردها المفسرون بالمعنيين قال الزمخشري: «ورائهم أمامهم وقيل خلفهم وكان طريقهم في رجوعهم عليه وما كان عندهم خبر»(5).

وأستشهد السجستاني لوراء بمعنى أمام بالآية السابقة(6). وقد يقال للرجل: وراءَك، أي خَلْفَكَ، ووراءك أي أمامك، قال تعإلى:

ص: 311


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 10
2- المتماحلة: المتطاولة ينظر: لسان العرب: 11 / 616 مادة (محل)
3- نهج البلاغة: 565، والرواية فيه: «إن من ورائکم أُموراً أتتکم جللا، مبلحا، مکلحا» وغریب الحدیث لأبن قتیبة: 1 / 164 مادة (ردح) ولسان العرب: 2 / 70 مادة (ردح)، وتاج العروس: 39 / 588 مادة (ردح)
4- ينظر: ثلاثة كتب في الأضداد (أضداد الأصمعي): 20، وأضدادابن السكيت: 175، والأضداد لأبي الطیب اللغوي: 657
5- الكشاف: 1 / 719، والجامع لأحکام القرآن للقرطبي: 11 / 330
6- ينظر: ثلاثة كتب في الأضداد (أضداد السجستاني): 82

«مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ» [الجاثية: 11](1).

أي من أمامه وبین یدیه(2). والإمام علیه السلام أراد بقوله أي إنَّ أمامكم فتناً طويلة المُدّة(3).

وهكذا فوراء تدل على معنيين متضادين إذ تدلُّ على أمام وتدل على خلف.

ص: 312


1- ينظر: الأضداد لأبن الأنباري: 49
2- ينظر: الكشاف: 3 / 273
3- ينظر: شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 19 / 2، والنهایة في غریب الحدیث الأثر: 4 / 236

الخاتمة

اشارة

ص: 313

ص: 314

الخاتمة

بعد الوقوف الدقيق والدراسة المستفيضة لأقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت في كتب النحو واللغة خلصت إلى نتائج لابُدَّ من بيانها ويمكن إجمالها بالنّقاط الآتية:

1. إنَّ أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت في کتب النحو بلغت مایقارب خمس وعشرين شاهداً وأكثر ما ورد من هذه الشواهد هو في كتاب شرح الرضي على كافية ابن الحاجب للاستراباذي موزعة بين باب الأسماء والأفعال والحروف.

2. غزارة الأمثلة التي وردت في كتب اللغة والمعجمات إذْ ورد ما يقارب خمسمائة مثال للإمام علي علیه السلام متفرّعة بین قضایا دلالیة، ولغوية، وصرفية. أي أنَّ أقوال الإمام علي علیه السلام تحمل بین صفحاتها تحمل بين صفحاتها الكثير من المفردات اللغوية والظواهر الدلالیة.

3. اختلاف رواية بعض أقوال الإمام علي علیه السلام في کتب النحو والمعجمات عمّا هي علیه في نهج البلاغة ومسند الإمام علي علیه السلام ودیوانه.

4. غنى المباني الصّرفية التي بُني عليها كلام الإمام علي علیه السلام،فقد کان الفصل الثاني شاهداً علی ذلك إذ اشتمل على عشرات المباني ال صّرفية متفرّعة بين أبنية

ص: 315

الأسماء وأبنية الأفعال.

5. إنَّ مبحث أبنية الأسماء في أقوال الإمام علي علیه السلام من المباحث الواسعة والمهمة والمتشعبة وهذه الفروع الكثيرة والمتنوعة يمكن عزوها إلى سعة اللغة العربیة وثرائها الضخم علی مستوی المفردات والتراكيب والأساليب اللغوية.

6. لقد حوت كتب اللغة والمعجمات من ألفاظ الجموع الشيء الكثير التي من بینها ألفاظ جموع التکسیر التي وردت في أقوال الإمام علي علیه السلام، فقد وردت في أقوال الإمام علي علیه السلام ألفاظ متعددة تدل علی جمع التکسیر.

7. تفاوت أبنية جموع التكسير في كثرة ورودها فأكثر ما جاء في أقوال الإمام علي علیه السلام من هذه الأبنية هي صيغة أفعال وصيغة فواعل فقد كانت ألفاظ هذه الصیغ هي الغالبة.

8. إنَّ ما وقفنا عليه من أبنية المشتقات التي وردت في أقوال الإمام علي علیه السلام خمسة أصناف هي: اسم الفاعل، واسم المفعول، وصيغ المبالغة، والصفة المشبهة، واسم التفضيل.

9. تعدد أوزان المبالغة القياسية وغير القياسية في أقوال الإمام علي علیه السلام التي وردت في المعجمات متفاوتة فيما بينها في الدلالة على الكثرة والزيادة في المعنى.

10. إنَّ من أبنية الأفعال التي وردت في المعجمات في أقوال الإمام علي علیه السلام من الثلاثي المجرد فَعَل و فَعِل، ومن الثلاثي المزيد بحرف فَعّل و أفعل، والمزيد بحرفين افْتَعَل وانْفَعَل والمزيد بثلاثة أحرف اسْتَفْعَل.

11. غرابة الألفاظ والتّراكيب التي انفرد بها الإمام علي علیه السلام إذْ إنَّ بعض العبارات تحتاج إلی تفسیر في کثیر من المواقف وهذا عائدٌ إلی علوّ منزلة الإمام

ص: 316

علي علیه السلام في البلاغة.

13. تتجسد في ألفاظ الإمام علي علیه السلام الواردة في المعجمات کثیر من الظواهر اللغویة إذ نجد فیها کثیراً من المشترك اللفظي والأضداد، وبعض الألفاظ المترادفة.

14. من خلال دراسة المشترك اللفظي في أقوال الإمام علي علیه السلام نستنتج أنَّ اللغة العربية في كثير من مظاهرها تؤيد ظاهرة الاشتراك اللفظي التي اختلفت آراء العلماء فيها بين الإثبات والإنكار.

15. في ضوء دراسة الترادف نستنتج أنَّ الترادف أمر لا يمكن انكاره، وينبغي التسليم بوقوعه في العربية، وأنَّ الخلاف الذي نشب بين علماء اللغة حول ما هيه الترادف يعود بالأساس إلى أهميته البالغة.

16. على الرغم من الجدل الذي دار بين العلماء حول وجود ظاهرة الأضداد في اللغة فإننا نجد أن القدماء مثلوا لذلك بأقوال الإمام علي علیه السلام ما يؤيد هذه الظاهرة اللغوية ويؤكد وجودها في اللغة العربية، إذ إنَّ في أقوال الإمام علیه السلام ما یقارب ثمانية عشر لفظاً ذهب العلماء إلى أنَّها من الأضداد.

هذه بعض النتائج التي توصلنا إليها، وغيرها مبسوطة في أثناء فصول الدراسة وآخر دعوانا إنَّ الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين.

ص: 317

ص: 318

المصادر والمراجع

اشارة

ص: 319

ص: 320

القائمة المصادر والمراجع

*القرآن الكريم

1. ائتلاف النصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة: عبد اللطيف بن أبي بكر الشرجي (ت 802 ه-)، تحقيق: د. طارق الجنابي، عالم الكتب، مكتبة نهضة مصر، الطبعة الأولى، 1407 ه- / 1987 م.

2. أبنية الصرف في كتاب سيبويه: د. خديجة الحديثي، مكتبة النهضة، بغداد، الطبعة الأولى، 1385 ه- 1965 م.

3. أبو الأسود الدؤلي ونشأة النحو العربي: د. عبد الفتاح الدجني، وكالة المطبوعات، الطبعة الأولى، 1974 م.

4. أخبار النحويين البصريين: لأبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي (ت 386 ه-)، مطبعة الحلبي، مصر، 1955 م، (د.ط).

5. أدب الكاتب: لأبي محمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة المروزي الدنيوري (ت 276 ه-)، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان، 1419 ه- / 1999 م، (د.ط).

6. ارتشاف الضرب من لسان العرب: لأبي حيان الأندلسي (ت 745 ه-)،

ص: 321

تحقيق د. رجب عثمان محمد، مراجعه: د. رمضان عبد التواب، مكتبةالخانجي بالقاهرة، الطبعة الأولى، 1408 ه- / 1988 م.

7. اساس البلاغة: لأبي القاسم جار الله محمود بن عمر بن أحمد الزمخشري (ت 538 ه-)، تحقيق: محمد باسل عیُون السُّود، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 14419 ه- / 1998 م.

8. الأساليب الإنشائية في النحو العربي: د. عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، الطبعة الخامسة، 1421 ه- / 2001 م.

9. الاستيعاب في معرفة الأصحاب: لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (ت 463 ه-)، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1412 ه- 1992 م.

10. أسد الغابة في معرفة الصحابة: عز الدين بن الأثير الجوزي (ت 630 ه-)، تحقيق: علي محمد عوض، دار الكتب العلمية، بيروت، 1994 م، (د.ط).

11. أسرار العربية: عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري أبو البركات كمال الدين الأنباري (ت 577 ه-)، تحقيق: محمد بهجت البيطار، مطبوعات المجمع العلمي بدمشق، (د.ط)، (د،ت).

12. الأشباه والنظائر في النحو: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 ه-)، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، (د.ط)، (د.ت).

13. الإصابة في تمييز الصحابة: لأبن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، دار الجبل، بيروت، 1992 م، (د.ط).

14. الأصول في النحو: أبو بكر محمد بن سهل بن السراج (ت 316 ه-)،

ص: 322

تحقيق: د. عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1417 ه- / 1996 م.

15. الأضداد: أبو علي محمد بن المستنير المعروف بقطرب (ت 206 ه-)، تحقيق: د. حنّا حدّاد، دار العلوم، الأردن، الطبعة الأولى، 1405 ه- 1984 م.

16. الأضداد: لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري (ت 328 ه-)، تحقيق: أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا بيروت لبنان، 1407 ه- 1987 م، (د.ط).

17. الأضداد في كلام العرب: لأبي الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي الحلبي (ت 351 ه-)، تحقيق: عزّة حسن، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، الطبعة الثانية، 1996 م.

18. الأضداد في اللغة العربية دراسة صوتية، د. أحمد عبد التواب الفيومي، الطبعة الأولى، 1412 ه- 1991 م.

19. إعراب القراءات الشواذ: أبو البقاء العكبري (ت 616 ه-)، تحقيق: محمد السيد أحمد عزوز، عالم الكتب، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1423 ه- / 1996 م.

20. إعراب القرآن: لأبي جعفر أحمد بن محمد بن اسماعيل النحاس (ت 338 ه-)، تحقيق: د. زهير غازي زاهد، عالم الكتب، مكتبة النهضة، الطبعة الأولى، 1405 ه- 1985 م.

21. أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين العاملي، حققه وعلق عليه: السيد

ص: 323

حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1959 م، (د.ط).

22. الإقتراح في علم الأصول: لجلال الدين السيوطي (ت 911 ه-)، تحقيق: د. محمود سليمان ياقوت، دار المعرفة الجامعية، 1426 ه- / 2006 م، (د.ط).

23. الألفاظ المترادفة المتقاربة في المعنى: لأبي الحسن علي بن عيسى الرُّمَّاني (ت 384 ه-)، تحقيق: فتح الله صالح علي المصري، دار الوفاء، الطبعة الأولى، 1407 ه- 1987 م.

24. الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة: لأبن مالك الطائي الجياني (ت 672 ه-)، تحقيق: نجاة حسن عبد الله، (د.ط)، (د.ت).

25. أمالي ابن الشجري: هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة الحسني العلوي (ت 542 ه-)، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي، مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الأولى، 1413 ه- 1992 م.

26. إنباه الرواة على أنباء النحاة: للقفطي (ت 646 ه-)، دار الفكر العربي، القاهرة، 1986 م، (د.ط).

27. الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين: لأبي البركات الأنباري (ت 577 ه-)، تحقيق: جودة مبروك محمد مبروك، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الأولى، 2002 م.

28. أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك: لأبي محمد بن عبد الله بن جمال الدين بن هشام الأنصاري المصري (ت 761 ه-)، تحقيق: د. محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا بيروت لبنان (د.ط)، (د.ت).

ص: 324

29. بحار الأنوار: للعلاّمة الحجة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت لبنان، الطبعة الثانية، 1403 ه- 1983 م.

30. البداية والنهاية: لأبي الفداء عماد الدين بن إسماعيل القرشي (ت 774 ه-)، تحقيق: علي شيري، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1988 م.

31. البرهان في علوم القرآن: للإمام بدر الدين بن عبد الله الزركشي (ت 794 ه-)، تحقيق: أبو الفضل الدمياطي، دار الحديث، القاهرة، (د.ط)، (د.ت).

32. البسيط في شرح الكافية: لركن الدين الحسن بن محمد بن شرف شاه الاستراباذي (ت 715 ه-)، تحقيق: د. حازم سليمان الحلي، المكتبة الأدبية المختصة، قم، ايران، الطبعة الأولى، 1427 ه-.

33. البغداديات: لأبي علي الفارسي النحوي (ت 377 ه-)، دراسة وتحقيق: صلاح الدين عبد الله الشيكاوي، مطبعة العاني بغداد، (د.ط)، (د.ت).

34. بهج الصياغة في شرح نهج البلاغة: محمد تقي التستري، تحقيق: مؤسسة نهج البلاغة، دار امير كبير للنشر، الطبعة الأولى، 1997 م.

35. البيان والتبيين: لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255 ه-)، تحقيق: المحامي فوزي عطية، دار صعب، بيروت، الطبعة الأولى، 1968 م.

36. تاج العروس من جواهر القاموس: للسيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت 1205 ه-)، تحقيق: د. عبد السلام هارون، الطبعة الثانية، 1415 ه- 1994 م.

ص: 325

37. تاريخ بغداد: للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت 463 ه-)، تحقيق: بشار عواد معروف، دار الغريب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1422 ه- / 2001 م.

38. تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب: د. محمد المختار ولد اباه، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الثانية، 1429 ه- 2008 م.

39. تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الإسلام: للسيد حسن بن هادي بن محمد علي الصدر (ت 1354 ه-)، دار الرائد العربي، (د.ط)، (د.ت).

40. التبصرة والتذكرة: لأبي محمد عبد الله بن علي بن اسحاق الصيمري (من نحاة القرن الرابع الهجري)، تحقيق: فتحي أحمد مصطفى علي الدين، دار الفكر العربي بدمشق، الطبعة الأولى، 1402 ه- 1982 م.

41. التبيان في إعراب القرآن: لأبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (ت 616 ه-)، مكتبة الحلبي، مصر، الطبعة الثانية، 1389 م.

42. التبيان في تفسير القرآن: لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، تحقيق: أحمد حبيب قصير العاملي، تصحيح وتدقيق، مركز للتحقيق والدراسات، الأمير للطباعة والنشر  الإمام الحسن المجتبى علیه السلام والتوزيع، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1431 ه- 2010 م.

43. الترادف في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق: د. محمد نور الدّين المنجد، دار الفكر، دمشق سورية، 1422 ه- 2001 م، (د.ط).

44. الترادف في اللغة: د. حاكم مالك لعيبي، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، الجمهورية العراقية، 1980 م.

ص: 326

45. التراكيب الإسنادية: علي أبو المكارم، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى: 1428 ه- 2007 م.

46. تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد: جمال الدين بن مالك الطائي الأندلسي (ت 672 ه-)، تحقيق: محمد كامل بركات، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، 1382 ه- 1967 م.

47. تصريف الأسماء: د. محمد الطنطاوي، مطبعة وادي الملوك، الجامعةالأزهرية، الطبعة الخامسة، 1955 م.

48. التضاد في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق: د. محمد نور الدين المنجد، دار الفكر، دمشق، الطبعة الثانية، 1428 ه- 2007 م.

49. التطبيق الصَّرفي: د. عبده الراجحي، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، (د.ط)، (د.ت).

50. التعريفات: علي بن محمد علي الشريف الجرجاني (ت 816 ه)، وضع حواشيه وفهارسه: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 2003 م.

51. تفسير البحر المحيط: لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيَّان الأندلسي (ت 745 ه-)، تحقيق: عادل عبد الموجود وآخرين، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، 1413 ه- 1993 م.

52. تفسير التحرير والتنوير، الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (ت 1393 ه-)، الدار التونسية للنشر، 1984 م، (د.ط).

53. تفسير العياشي: لأبي النَّصر محمّد بن مسعود بن عیّاش السلمي

ص: 327

السَمرقندي المعروف بالعياشي، تصحيح وتعليق: هاشم الرسولي المحلاتي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1411 ه- 1991 م.

54. تفسير غريب القرآن: لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت 276 ه-) تحقيق: السيد أحمد صقر، دار الكتب العلمية، 1398 ه- / 1978 م، (د.ط).

55. التكملة: لأبي علي الفارسي بن أحمد (ت 377 ه-)، تحقيق: حسين شاذلي فرهود، عمادة شؤون المكتبات، جامعة الرياض، الطبعة الأولى، 1401 ه- 1981 م.

56. التبيهات على اغاليط الرواة: علي بن حمزة البصري أبو القاسم (ت 375 ه-)، تحقيق: خليل إبراهيم العطية، 1991 م. (د.ط).

57. تهذيب التهذيب: أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت 852 ه-)، دائرة المعارف النظامية، الهند، الطبعة الأولى، 1336 م.

58. تهذيب اللغة: لأبي منصور محمّد بن أحمد الأزهري (ت 370 ه-)، تحقيق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 2001 م.

59. توضيح المقاصد والمسالك على ألفية ابن مالك: للحسن بن أم القاسم ألمرادي (ت 749 ه-)، تحقيق: د. عبد الرحمن علي سليمان، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، 1422 ه- 2001 م.

60. التوطئة: لأبي علي الشلوبين (655 ه-)، تحقيق: يوسف أحمد المطوع،

ص: 328

القاهرة: (د.ط)، (د.ت).

61. ثلاثة كتب في الأضداد للأصمعي (ت 216 ه-)، وأبي حاتم السجستاني (ت 255 ه-)، وابن السكيت (ت 244 ه-)، ويليها ذيل في الأضداد للصغاني (ت 650 ه-)، نشرها: أوغست هفنر، دار الكتب العلمية، بيروت، 1912 م (د.ط).

62. جامع البيان على تأويل القرآن: محمد جرير بن يزيد بن كثير الآملي أبو جعفر الطبري (ت 310 ه-)، تحقيق: د. محمود محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1420 ه- 2000 م.

63. جامع الدروس العربية: الشيخ مصطفى الغلاييني، دار الكوخ للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1425 ه- 2004 م.

64. الجامع لأحكام القرآن والمبیّن لما تضمنه من السنة وآي الفرقان: لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر القرطبي (671 ه-)، مكتبة السلام العالمية، القاهرة، دار الثقافة، الطبعة الأولى، 1981 م.

65. الجملة الفعلية: علي أبو المكارم، مؤسسة المختار، الطبعة الأولى، 1428 ه- 2007 م.

66. جمهرة الأمثال: لأبي هلال العسكري (ت بعد 395 ه-)، تحقيق: أبي الفضل إبراهيم وعبد الحميد قطاش، 1384 ه- (د.ط).

67. جمهرة اللغة: لأبي بكر محمد بن الحسين بن دريد الأزدي (ت 321 ه)، علق عليه ووضع حواشيه وفهارسه: إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1426 ه- 2005 م.

ص: 329

68. جموع التصحيح والتكسير: عبد العال عبد المنعم سيده، جامعة الرياض، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1977 م.

69. الجنى الداني في حروف المعاني: للحسين بن قاسم المرادي (ت 749 ه)، تحقيق: د. فخر الدين قباوة و د. محمد نديم فاضل، دار الكتب العلمية،بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1413 ه- 1992 م.

70. حاشية الصبان على شرح الأشموني على الفية ابن مالك ومعه شرح الشواهد للعيني: لأبي العرفان محمد بن علي الصبان الشافعي (ت 1206 ه-)، تحقيق طه عبد الرّؤوف سعيد، المكتبة التوفيقية (د.ط)، (د.ت).

71. حروف المعاني: لأبي القاسم عبد الرحمن بن اسحاق الزجاجي(ت 340 ه-)، تحقيق: د. علي توفيق الحمد، مؤسسة الرسالة، (د.ط) (د.ت).

72. الحلل في اصلاح الخلل من كتاب الجمل: لأبي محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي (ت 521 ه-)، تحقيق: د. سعيد عبد الكريم سعودي، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت لبنان، (د.ط) (د.ت).

73. خزانة الأدب ولباب لسان العرب: عبد القادر بن عمر البغدادي (ت 1089 ه-)، تحقيق وشرح د. عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الرابعة، 1418 ه-.

74. الخصائص: لأبي الفتح عثمان بن جني (ت 392 ه-)، تحقيق: د. محمد علي النجار، عالم الكتب، بيروت لبنان، الطبعة الثالثة، 1983 م.

75. الخصال: للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه

ص: 330

القمي (ت 381 ه-)، صححه وعلق عليه: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، الطبعة السابعة، 1426 ه-.

76. دراسات في علم اللغة: كمال محمد بشر، دار المعارف، الطبعة التاسعة، 1986 م.

77. دراسات في فقه اللغة: د. صبحي الصالح، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثانية، 1989 م.

78. دراسات في النحو: صلاح الدين الزعبلاوي، موقع اتحاد العرب، (د.ط)، (د.ت). 79. دراسات في نهج البلاغة: محمد مهدي شمس الدين، دار الزهراء سلام الله علیها للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان، الطبعة الثانية، 1392 ه- / 1972 م.

80. دراسة في اللهجات العربية القديمة: د. داوُد سَلُوم، مكتبة النهضة العربية، الطبعة الأولى، 1406 ه- 1986 م.

81. الدر المصون في علم الكتاب المكنون: لأحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي (ت 756 ه-)، تحقيق: أحمد محمد الخرّاط، دار العلم، دمشق، (د.ط)، (د.ت).

82. دروس في شرح الألفية: د. عبده الراجحي، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1988 م، (د.ط).

83. دقائق التصريف: للمؤدب القاسم محمد بن سعيد من علماء القرن الرابع للهجرة، تحقيق: د. أحمد ناجي القيسي وآخرين، بغداد، مطبوعات

ص: 331

المجمع العلمي، 1987 م.

84. دليل السالك على ألفية ابن مالك: عبد الله بن صالح الفوزان، دار المسلم، 1999 م، (د.ط).

85. دور الكلمة في اللغة: استيفن اولمان، ترجمة د. كمال بشر، مكتبة الشباب، القاهرة، 1990 م، (د.ط).

86. ديوان ابن مقبل، تحقيق: عزّة حسن، دمشق، 1962 م.

87. ديوان الأعشى، شرح د. يوسف شكري فرحات، دار الجبل، بيروت، الطبعة الأولى، 1413 م.

88. دیوان الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام، جمع وترتيب وتحقيق: عبد العزيز الكرم، المكتبة الثقافية، بيروت لبنان، (د.ط) (د.ت).

89. ديوان امرئ القيس، ضبطه وصححه: د. مصطفى عبد الشّافي، دارالكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الخامسة، 1425 ه- 2004 م.

90. ديوان اوس بن حجر، تحقيق: د. محمد يوسف نجم، دار صادر، بيروت، (د.ط) (د.ت).

91. ديوان بشر بن أبي خازم الأسدي، تحقيق: عزّة حسن، دمشق، 1960 م، (د.ط).

92. ديوان حسان بن ثابت، تحقيق: د. سيد حنفي،، دار المعارف، القاهرة، 1977 م.

93. ديوان الحطيئة وهو أبو مليكة جرول بن أوس العبسي، طبع الحلبي في

ص: 332

القاهرة، 1378 ه- 1958 م.

94. ديوان ذي الرمة غيلان بن عقبة العدوي، صححه كاريل هنري، طبع على نفقته كلية كمبردج (د.ط)، (د.ت).

95. ديوان رؤبة العجاج (ضمن مجموعة اشعار العرب)، اعتنى بتصحيحه وترتيبه: وليم بن الورد، دار ابن قتيبة للطباعة والنشر، الكويت (د.ط)، (د.ت).

96. ديوان زهير بن أبي سلمى، دار الكتب المصرية، 1363 ه-، (د.ط).

97. ديوان الشماخ: وهو الشماخ بن ضرار الغطفاني الصحابي، مطبعة السعادة، 1329 ه-، (د.ط).

98. ديوان طرفة بن العبد، دار الفكر للجميع، بيروت، (د.ط)، (د.ت).

99. ديوان عبد الله بن رواحة، تحقيق ودراسة: د. وليد قصاب، دار العلوم للطباعة والنشر، 1402 ه- / 1982 م (د.ط).

100. ديوان العجاج، تحقيق: د. عزّة حسن، بيروت، 1971 م، (د.ط).

101. ديوان القطامي، مطبعة برلين، 1902 م، (د.ط) .

102. ديوان كثير عزة، تحقيق: إحسان عباس، بيروت، 1971 م، (د.ط).

103. ديوان كعب بن زهير، صنعة الإمام أبي سعيد الحسن بن الحسين العسكري، قدم له ووضع هوامشه وفهارسه: د. حنا نصر الحتي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1414 ه- 1994 م.

104. ديوان لبيد وهو أبو عقيل لبيد بن ربيعة العامري، تحقيق: د. إحسان

ص: 333

عباس، (د.ط)، (د.ت).

105. ديوان المرار الفقعسي منشور ضمن شعراء أمويون، تحقيق: د. نوري حمودي القيسي، الطبعة الأولى، عالم الكتب، بيروت لبنان، مكتبة النهضة العربية، بغداد، 1985.

106. ديوان النابغة الذبياني، جمع وشرح العلامة الشيخ: محمد الطاهر ابن عاشور، الشركة التونسية للتوزيع، تونس، 1986 م، (د.ط).

107. ديوان الهذليين: وهو مجموعة أشعار لشعراء هذيل، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1364 ه-، (د.ط).

108. الرائد في علم الصرف: د. شعبان عوض العبيدي، جامعة قاموس، بنغازي، الطبعة الأولى، 2008 م.

109. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: لأبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الآلوسي البغدادي (ت 1270 ه-)، قابله على المطبوعة المنيرية وعلق عليه: محمد أحمد الأمين، وعمر عبد السلام السلامي، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1421 ه- 2000 م.

110. الزاهر في معاني كلمات الناس: أبو بكر محمد بن القاسم الانباري (ت 328 ه-)، تحقيق: د. حاتم صالح الضامن، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1992 م.

111. السبعة في القراءات: لابن مجاهد (ت 324 ه-)، تحقيق: د. شوقي ضيف، دار المعارف بمصر، 1972 م، (د.ط).

112. سجع الحمام في حكم الإمام، جمع وضبط وشرح: محمد أبي الفضل

ص: 334

وآخرون، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، الطبعة الأولى، 2004 م.

113. السنن الكبری: أحمد بن الحسین البیهقي (ت 458 ه-) الهند، 1352 ه-، (د.ط).

114. سير أعلام النبلاء: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه-) تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1413 ه- 1993 م.

115. شذا العرف في فن الصرف: للشيخ أحمد الحملاوي (ت 1351 ه-) ضبط وتصحيح: محمود شاكر، (د.ط)، (د.ت).

116. شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: بهاء الدين عبد الله بن عقيل (ت 769 ه-)، تحقيق: د. محمد محي الدين عبد الحميد، الطبعة الأولى، 1427 م.

117. شرح أدب الكاتب: أبو منصور موهوب بن أحمد الجواليقي (ت 540 ه-)، قدم له السيد مصطفى الرافعي، دار الكتاب العربي، بيروت، (د.ط) (د.ت).

118. شرح الأشموني على ألفية ابن مالك: لأبي الحسن نور الدّين علي بن محمّد بن عيسى الأشموني (ت 929 ه-)، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان،الطبعة الأولى، 1419 ه- 1998 م.

119. شرح ألفية ابن مالك: لأبي عبد الله بدر الدّين محمد المعروف بابن الناظم (ت 686 ه-)، تحقيق: عبد الحميد السيد محمد عبد الحميد، دار الجبل، بيروت، (د.ط) (د.ت).

ص: 335

120. شرح التسهيل: جمال الدّين محمد بن عبد الله الطائي الجياني الأندلسي (ت 672 ه-)، تحقيق: د. عبد الرحمن السيد و د. محمد بدوي المحتون، دار هجر، الطبعة الأولى، 1990 م.

121. شرح التصريح على التوضيح: خالد بن عبد الله الأزهري (ت 905 ه-)، تحقيق: محمد باسل، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1421 ه- 2000 م.

122. شرح جمل الزجاجي: لأبي الحسن علي بن مؤمن بن محمد بن علي بن عصفور الأشبيلي (ت 669 ه-)، تحقيق: د.فواز الشعّار، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1419 ه- 1998 م.

123. شرج جمل الزجاجي: لأبي الحسن علي بن محمد بن خروف الأشبيلي محمد عمر عرب، جدة، 1419 ه-، (د.ط).

124. شرح ديوان الحماسة: أبو علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي (ت 421 ه-)، تحقيق: غريد الشيخ، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1424 ه- 2003 م.

125. شرح الرضي على كافية ابن الحاجب: لرضي ال ّ دين محمد بن الحسين الاستراباذي (ت 686 ه-)، تحقيق: د. عبد العال سالم مكرم، الطبعة الأولى، 1421 ه- 2000 م.

126. شرح السيوطي على ألفية ابن مالك المسمى البهجة المرضية مع حاشيته: محمد صالح بن أحمد السيوطي، دار السلام، الطبعة الأولى، 1421 ه- 2000 م.

ص: 336

127. شرح شافية ابن الحاجب: لرضي الدين الاستراباذي النحوي (ت 686 ه-)، تحقيق: د. محمد نور الحسن و د. محمد محي الدّين عبد الحميد، دار الكتب العلمية، بيروت، 1982 م (د.ط).

128. شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب: عبد الله بن يوسف بن هشام (ت 761 ه-)، تحقيق: عبد الله الدفر، الشركة المتحدة، دمشق، الطبعة الأولى، 1984 (د.ط).

129. شرح شواهد المغني: جلال الدّين السيوطي (ت 911 ه-)، المطبعة البهية بمصر، 1322 م (د.ط).

130. شرح قطر الندی وبل الصدی: لأبي محمد عبد الله جمال الدّین بن هشام الأنصاري المصري ( 761 ه-)، تحقيق: د. محمد محي الدّین عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت، (د.ط) (د.ت).

131. شرح الكافية الشافية: للعلامة جمال الدّين أبي عبد الله بن مالك الطائي (672 ه-)، حققه وقدم له: د.عبد المنعم هريري، منشورات جامعة أم القری، الطبعة الأولی، 1402 ه-.

132. شرح كتاب الحدود في النحو: عبد الله بن أحمد الفاكهي (ت 972 ه)، تحقيق: المتولي رمضان أحمد الدميري، مكتبة وهبة، الطبعة الثانية، 1414 ه- 1993 م.

133. شرح لامية الأفعال: لأبي عبد الله بدر الدّين محمد بن عبد الله المعروفبابن الناظم، تحقيق: محمد أديب عبد الواحد جمران (ت 686 ه-)، دار قتيبة، بيروت، 1991 م، (د.ط).

ص: 337

134. شرح المفصل للزمخشري: لأبي البقاء بن علي بن يعيش الموصلي (ت 643 ه-)، عالم الكتب، بيروت، (د.ط) (د.ت).

135. شرح المكودي على ألفية ابن مالك: لأبي زيد عبد الرحمن علي بن صالح المكودي (ت 807 ه-)، حققه وعلق عليه د. فاطمة راشد الراجحي، جامعة الكويت، 1993 م، (د.ط).

136. شرح الملوكي في التصريف: لأبي البقاء بن علي بن يعيش (ت 643 ه-)، تحقيق د. فخر الدّين قباوة، المكتبة العربية، حلب سوريا، الطبعة الأولى، 1393 ه- 1973 م.

137. شرح نهج البلاغة: عزّ الدّين أبو حامد عبد الحميد بن هِبَة الله مَدائني الشهير بابن أبي الحديد (ت 656 ه-)، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاه، (د.ط) (د.ت).

138. شرح نهج البلاغة: كمال الدّين ميثم بن علي بن ميثم البحراني (ت 679 ه-)، دار الثقلين، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1420 ه- 1999 م.

139. الصاحبي في فقه اللغة: أحمد بن فارس بن زكريا، تحقيق: أحمد صقر، مؤسسة المختار، الطبعة الأولى، 1425 ه- 2005 م.

140. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: اسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت 393 ه-)، تحقيق: د. أحمد عبد الغفور عطّار، دار العلم للملايين، بيروت لبنان، الطبعة الرابعة، 1990 م.

141. الصرف: د. حاتم الضامن، وزارة التعليم والبحث العلمي: بغداد،1991 م (د.ط).

ص: 338

142. الصرف الواضح: عبد الجبار النايلة، 1981 م، (د.ط).

143. طبقات ابن سعد أو الطبقات الکبری: أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي البصري البغدادي المعروف بابن سعد (ت 230 ه-)، تحقيق: د. محمد عبد القادر عطه، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1410 ه- 1990 م.

144. طبقات فحول الشعراء: محمد بن سلام بن عبد الله الجمحي (ت 231 ه-)، تحقيق: محمود محمد شاكر، دار المدني، جدة، 2010 م، (د.ط).

145. طبقات النحويين واللغويين: لأبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي الأندلسي (ت 379 ه-)، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، دار المعارف بمصر، الطبعة الثانية، 1984 م.

146. ظاهرة الشذوذ في الصرف العربي: د. حسن الرفايعة، دار جرير للنشر والتوزيع، عمان، (د.ط) (د.ت).

147. العباب الزاخر واللباب الفاخر: للإمام رضي الدّين الحسن بن محمد بن حيدر بن العدوي العمري القرشي الصغاني (ت 650 ه-)، تحقيق: د. فير محمد حسن، منشورات المجمع العراقي، بغداد، الطبعة الأولى، 1398 ه- 1978 م.

148. عبقرية الإمام علي: عباس محمود العقاد، دار الكتاب العربي، بيروت، 1967 م (د.ط).

149. علم الدلالة: د. أحمد مختار عمر، القاهرة، الطبعة الرابعة، 1993 م، (د.ط).

ص: 339

150. عمدة الحافظ وعدة اللافظ: محمد بن عبد الله بن مالك الجياني (ت 672 ه-)، تحقيق: د. عدنان عبد الرحمن الدوري، وزارة الأوقاف بالجمهورية العراقية، (د.ط) (د.ت).

151. عمدة الصرف: د. كمال إبراهيم، (د.ط) (د.ت).

152. عوامل التطور اللغوي: د. أحمد عبد الرحمن حمّاد، دار الأندلسي، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1403 ه- 1983 م.

153. العين: لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 ه-)، تحقيق: د. مهدي المخزومي و د. إبراهيم السامرائي، دار مكتبة الهلال، (د.ط) (د.ت).

154. غاية النهاية في طبقات القرّاء، شمس أبو الخير محمد بن محمد الجزري (ت 833 ه-)، مكتبة الخانجي، مصر، 1932 م، (د.ط).

155. غريب الحديث: لأبن الجوزي عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي (ت 597 ه-)، تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، بيروت، 1985 م، (د.ط).

156. غريب الحديث: لابن قتيبة أبو محمد عبد الله بن مسلم الدنيوري (ت 276 ه-)، تحقيق: عبد الجبوري، مطبعة العاني، بغداد، الطبعة الأولى، 1397 م.

157. غريب الحديث: لأبي عبيد القاسم بن سلّام الهروي (ت 224 ه-)، تحقيق: د. حسين محمد محمد شرف، القاهرة، 1404 ه- 1984 م، (د.ط).

158. غريب الحديث: لحمد بن محمد الخطابي (ت 388 ه-)، تحقيق: د. عبد

ص: 340

الكريم الغرباوي، دمشق، 1982 م (د.ط).

159. الغريب المصنف: لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت 224 ه-)، تحقيق: د. محمد المختار العبيدي، بيت الحكمة، قرطاج، تونس، (د.ط) (د.ت).

160. غريب نهج البلاغة: اسبابه وأنواعه، توثيق نسبه، دراسته: د. عبد الكريم حسين السعداوي، منشورات فرصاد، طهران، الطبعة الأولى، 1429 ه- 2008 م.

161. الفائق في غريب الحديث: لأبي القاسم محمود بن عمر الزمحشري (ت 538 ه-)، تحقيق: د. علي محمد البجاوي و د.محمد أبي الفضل إبراهيم، القاهرة، 1945 م، (د.ط).

162. الفروق اللغوية: للحسن بن عبد الله بن سهيل أبي هلال العسكري (ت بعد 395 ه-)، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، الطبعة الثانية، 1974 م.

163. فصول في فقه العربية: د. رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الثانية، 1980 م.

164. الفعل زمانه وأبنيته: د. إبراهيم السامرائي، الطبعة الثانية، 1400 ه- 1980.

165. فقه اللغة: د. علي عبد الواحد وافي، لجنة البيان العربي، القاهرة، الطبعة الخامسة، 1380 ه- 1962 م.

166. فقه اللغة العربية: د. كاصد ياسر الزيدي، دار الفرقان، عمان، الطبعة

ص: 341

الأولى، 1425 ه- / 2004 م.

167 . فقه اللغة العربية وخصائصها: د. أميل بديع يعقوب، بيروت، الثقافةالإسلامية، (د.ط) (د.ت).

168. فقه اللغة مفهومه وموضوعاته: د. محمد إبراهيم الحمد، الطبعة الأولى، الرياض، دار ابن حزيمة، 1426 ه- 2005 م.

169. فقه اللغة وخصائص العربية: محمد المبارك، القاهرة، الطبعة الثانية، 1964.

170. فقه اللغة و سرّ العربية: أبو منصور عبد الملك محمد الثعالبي (ت 429 ه-)، تحقيق: د. أميل نسيب، دار الجبل، بيروت، الطبعة الأولى، 1408 ه- 1988 م.

171. الفهرست: لأبي الفرج محمد بن اسحاق بن الوراق البغدادي المعروف بابن النديم (ت 380 ه-)، تحقيق: د. إبراهيم رمضان، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1991 م، (د.ط).

172. الفيصل في ألوان الجموع: عباس أبو السعود، دار المعارف، مصر، (د.ط) (د.ت).

173. في ظلال نهج البلاغة: محمّد جواد مَغْنیّة، دار العلم للملايين، بيروت لبنان، الطبعة الثالثة، 1979 م.

174. في اللهجات العربية: د. إبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، الطبعة الخامسة، 1992 م.

175. في النحو العربي نقد وتوجيه: د. مهدي المخزومي، دار الشؤون الثقافية،

ص: 342

بغداد، الطبعة الثانية، 2005 م.

176. القاموس المحيط: لمجد الدّين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817 ه-)، دار الفكر، بيروت، 1398 ه- 1978 م.

177. القراءات القرآنية وأثرها في الدراسة النحوية: د. عبد العال سالم مكرم، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1417 ه- 1996 م.

178. الكافية في النحو: لجلال الدّين أبي عُمرو عثمان بن عمرو المعروف بابن الحاجب النحوي المالكي (ت 646 ه-)، دار الكتب العلمية، بيروت، (د.ط) (د.ت).

179. كتاب سيبويه: عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب بسيبويه (ت 180 ه-)، علق عليه ووضح حواشيه وفهارسه: د.أميل بديع يعقوب، الطبعة الثانية، دار الكتب العلمية، لبنان، 2009 م.

180. كتاب سيبويه: عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب بسيبويه (ت 180 ه-)، تحقيق: د.عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1408 ه- 1988 م.

181. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 ه-)، دار الكتب العلمية، بيروت، (د.ط) (د.ت).

182. الكليات معجم المصطلحات والفروق اللغوية: لأبي البقاء الكفوي (1094 ه-)، قابله على نسخه خطية واعدّه للطبع ووضع فهارسه: د.

عدنان درويش ود. محمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت لبنان،

ص: 343

الطبعة الثالثة، 1998 م.

183. الكواكب الدرية على متممة الأجرومية: محمد بن أحمد بن عبد الباري الأهدل، مؤسسة الكتب الثقافية، الطبعة الأولى، 1410 ه- 1990 م.

184. لسان العرب: لأبي الفضل جمال الدّين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري (ت 711 ه-)، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى، (د.ط).

185. المبدع في التصريف: لأبي حیّان الأندلسي (ت 745 ه-)، تحقيق وشرح وتعليق: د. عبد الحميد السيد طلب، مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1982 م.

186. مجمع الأمثال: لأبي الفضل أحمد بن محمد الميداني النيسابوري (ت 518 ه-)، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1408 ه- 1988 م.

187. مجمع البحرين: ناصيف اليازجي، دار صادر، (د.ط) (د.ت).

188. مجمع البحرين ومطلع النيرين: فخر الدّین بن محمد الطريحي النجفي (ت 1085 ه-)، تحقيق: د. أحمد علي الحسيني، النجف، 1961 م (د.ط).

189. المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها: لأبي الفتح عثمان بن جني (ت 392 ه-)، تحقيق: د. علي النجدي و د. عبد الحليم النجّار ود. عبد الفتّاح اسماعيل شلبي، مطابع الإهرام، القاهرة، 1415 ه- 1994 م، (د.ط).

190. المحكم والمحيط الأعظم: لأبي الحسن بن اسماعيل بن سيدة الأندلسي (ت 458 ه-)، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1421 ه- 2000 م.

ص: 344

191. المحلى في وجوه النصب: لأبي بكر أحمد بن الحسن بن شُقير النحوي البغدادي (ت 317 ه-)، تحقيق: فايز فارس، مؤسسة الرسالة، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1408 ه- 1987 م.

192. المحيط في اللغة: أسماعيل بن عبّاد بن العباس أبو القاسم الطالقاني المشهور بالصاحب بن عبّاد (ت 385 ه-)، عالم الكتب،الطبعةالاولى، 1994 م.

193. مختار الصحاح: محمد بن أبي بكر الرازي (ت 666 ه-)، تحقيق: محمود خاطر، مكتبة لبنان ناشرون، 1415 ه- / 1995 م، (د.ط).

194. المخصص: لأبي الحسن علي بن سيده الأندلسي (ت 458 ه-)، المطبعة الأميرية، بولاق، القاهرة، 1317 ه-، (د.ط).

195. المذكر والمؤنث: أبو بكر بن الأنباري (ت 328 ه-)، تحقيق: د. طارق الجنابي، الطبعة الأولى، بغداد، 1978 م.

196. مراتب النحويين: علي عبد الواحد أبو الطيب اللغوي (ت 351 ه-)، تحقيق: د. محمد أبي الفضل إبراهيم، دار النهضة، مصر، 1974 م، (د.ط).

197. المرجع في علم الصرف: أبو مغلي سميح، دار الكرمل، عمان، 1987 م، (د.ط).

198. المزهر في علوم اللغة وأنواعها: عبد الرحمن بن الكمال بن جلال الدّين السيوطي (ت 911 ه-)، شرحه وعلق عليه: أحمد جاد المولى بك وآخرون، دار الفكر للتراث، الطبعة الثالثة، (د.ت).

ص: 345

199. مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 ه-) وبهامشه منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت، (د.ط) (د.ت).

200. مسند الإمام علي علیه السلام: للسید حسین القبانجي، تحقیق: طاهر السلامي، سلسلة الكتب المؤلفة في اهل البيت علیه السلام، إعداد مرکز الابحاث العقائدیة، (د.ط) (د.ت).

201. المشترك اللغوي نظرية وتطبيقاً: د. محمد شاهين، مكتبة وهبة، القاهرة، 1400 ه-، (د.ط).

202. مصادر نهج البلاغة واسانيده: عبد الزهراء الحسيني، بيروت، 1975 م، (د.ط).

203. المصباح المنير: لأحمد بن محمد بن علي الفيومي (ت 770 ه-)، المكتبة العلمية بيروت، (د.ط) (د.ت).

204. المصطلح النحوي نشأته وتطوره حتى أواخر القرن الثالث الهجري، د. عوض حمد القوزي، شركة الطباعة العربية السعودية المحدودة، الرياض، الطبعة الأولى، 1401 ه- 1981 م.

205. معاني الأبنية في العربية: د. فاضل السامرائي، منشورات جامعة بغداد، الطبعة الأولى، (د.ط).

206. معاني القرآن: لأبي الحسن سعيد بن مسعده الأخفش الأوسط ( ت 215 ه-)، تحقیق: هدی محمود قراعة، مطبعة المدني بمصر، مكتبة الخانجي بمصر، الطبعة الأولى، 1411 ه- 1990 م.

ص: 346

207. معاني القرآن: لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت 207 ه-)، تحقيق: أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجار، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثالثة، 1980 م.

208. معاني النحو: د. فاضل السامرائي، الطبعة الثانية، 1423 ه- 2003 م.

209. معجم البلدان: ياقوت الحموي (ت 626 ه-)، بيروت، 1995 م، (د.ط).

210. معجم القراءات: د. عبد اللطيف الخطيب، دار سعد الدّين للطباعة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى، 1422 ه- 2002 م.

211. معجم المترادفات والأضداد: د. سعيد الضناوي والأستاذ جوزيف مالك، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس لبنان، الطبعة الأولى، 2010 م.

212. معجم مقاييس اللغة: لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت 395 ه-)، تحقيق: د. عبد السلام هارون، اتحاد الكتّاب العرب، 1423 ه- / 2002 م، (د.ط).

213. المعجم الوسيط: د. إبراهيم مصطفى وآخرون، تحقيق: مجمع اللغة العربية، (د.ط) (د.ت).

214. المغرب في ترتيب المعرب: لأبي الفتح ناصر ال ّ دين بن عبد السيد بن علي المُطرَّزي (610 ه-)، تحقيق: محمود فاخوري و عبد الحميد مختار، مكتبة اسامة بن زيد حلب سورية، الطبعة الأولى، 1399 ه- 1979 م، (د.ط).

215. مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب: لجمال ال ّ دين عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري (ت 761 ه-)، تحقيق: عبد اللطيف محمد الخطيب،

ص: 347

السلسلة التراثية، (د.ط) (د.ت).

216. المُفْردات في غريب القرآن: لأبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (ت 502 ه-)، مكتبة نزار مُصطفى البارز، (د.ط)(د.ت).

217. المفصل في ضعه الإعراب: جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 ه-)، قدم له ووضع هوامشه وفهارسه د.أميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت، 1420 ه- 1999 م، (د.ط).

218. المقاصد النحوية في شرح شواهد الألفية المشهور (بشرح الشواهدبدر الدّين محمود بن أحمد العيني (ت 855 ه-)، تحقيق: محمد باسل عيون السود، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1426 ه- 2005 م.

219. المقتضب: أبو العباس محمد بن يزيد المُبّرد (ت 285 ه)، تحقيق: د. محمد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب، بيروت، (د.ط) (د.ت).

220. الممتع في التصريف:لابن عصفور الأشبيلي (ت 669 ه-)، تحقيق: د. فخر الدّين قباوة، دار العربية للكتاب، (د.ط).

221. مناقب آل أبي طالب: لأبن شهر آشوب (ت 588 ه-) تصحيح وشرح ومقابلة: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، 1376 ه- 1956 م (د.ط).

222. من الشعر المنسوب إلى الإمام الوصي علي بن أبي طالب: عبد العزيز سيد الأهل، الطبعة الثانية، لبنان، 1980.

223. من تاريخ النحو: سعيد الأفغاني، دار الفكر، (د.ط) (د.ت).

ص: 348

224. المنتظم في تاريخ الملوك والامم: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت 597 ه-)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، (د.ط) (د.ت).

225. المنصف في شرح كتاب التصريف: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت 392 ه-)، تحقيق: د. إبراهيم مصطفى و د.عبد الله أمين، الناشر: مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الأولى، 1373 ه- 1954 م.

226. منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: قطب الدّين أبو الحسن سعيد بن هبة الله الراوندي (ت 573 ه-)، تحقيق: عبد اللطيف الكوهكمري، مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، مطبعة الخيام، قم، 1406 ه-، (د.ط).

227. منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: ميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي (ت 1325 ه-)، إيران، 1832 ه-، (د.ط).

228. المنهج الصوتي للبنية العربية: د. عبد الصبور شاهين، مؤسسة الرسالة، 1980 م، (د.ط).

229. المهذب في علم التصريف: د. هاشم طه شلاش، (د.ط) (د.ت).

230. الموسوعة النحوية الصرفية: يوسف احمد المطوع، الطبعة الأولى، 1404 ه- 1984 م.

231. النحو الوافي: د. عباس حسن، مكتبة المحمدي، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1428 ه- 2007 م.

232. النحو والدلالة: د. محمد حماسة عبد اللطيف، دار الشرق، الطبعة الثانية، 2000 م.

ص: 349

233. نزهة الألباء في طبقات الأدباء: أبو البركات كمال الدّين عبد الرحمن الأنباري (ت 577 ه-)، مطبعة المعارف، بغداد، 1959 م، (د.ط).

234. نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة: أحمد الطنطاوي، دار المعارف بمصر، الطبعة الثانية، (د.ت).

235. نماذج في النقد الأدبي وتحليل النصوص: ايليا الحاوي، دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2000 م.

236. النهاية في غريب الحديث والأثر: أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري بن الأثير (ت 606 ه-)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي و محمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية، بيروت، 1399 ه- 1979 م، (د.ط).

237. نهج البلاغة: لجامعه السيد الشريف الرضي (ت 406 ه-) من كلام أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب علیه السلام، دار الثقلين، قم، الطبع الأولى، 1419 ه-.

238. همع الهوامع في شرح جمع الجوامع: جلال الدّين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 ه-)، تحقيق: د. أحمد شمس الدّين، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1418 ه- 1998 م.

239. الواضح في علم الصرف: د. أحمد حسن حامد و يحيى جبر، نابلس، الطبعة الثالثة، 1999 م.

240. وفيات الأعيان: لأبي العباس شمس الدّین أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (ت 681 ه-)، تحقيق: د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1990 م (د.ط).

ص: 350

*الرسائل والأطاريح الجامعية 241. الألفاظ المتضادة في القرآن الكريم: سلمى أحمد البدوي، رسالة ماجستير، جامعة الخرطوم، كلية التربية، 2006 م.

*البحوث 242. اختلاف اللهجات على المستوی الترکیبي کتاب «توضیح المقاصد والمسالك «للمرادي نموذجاً: محمد عبد الرحمن محمد، مجلة جامعة جازان، المجلد: 2، العدد: 2، رجب 1434 ه-.

243. صيغة أفعل التفضيل في القرآن الكريم (دراسة نحوية): د. أحمد إبراهيم الجدبة وأ. بسام حسن مهرة، مجلة الجامعة الإسلامية للبحوث الإنسانية، المجلد: 20 ، العدد: 2.

244. الفصل بين أجزاء الجملة العربية: د. سعد حسن عليوي، مجلة جامعة بابل، كلية التربية الأساسية، المجلد: 19، العدد: 3، 2011 م.

245. الفعل المبني للمجهول في اللغة العربية: د. عبد الفتاح محمد، مجلة جامعة دمشق، المجلد: 22، العدد: 1 + 2، 2006 م.

ص: 351

ص: 352

المحتویات

مقدمةالمؤسسة...9

المقدمة...11

التمهيد: الإمام علي علیه السلام بلاغتهُ و...17

بلاغتهُ وفصاحتهُ...17

علمهُ...24

الفصل الأول المستوی النحوي في أقوال الإمام علي علیه السلام المبحث الأول: أثر الإمام علي علیه السلام في نشأة النحو...31

الإمام علي علیه السلام یضع أصول النحو...33

التسمية ومعنى كلمة (نحو)...38

ص: 353

1- المبتدأ والخبر...41

2- الإخبار بالّذي...43

3- حذف مفعول فعل التعجب...45

4- المفعول المطلق...47

5- المفعول له...49

6- الاستثناء...52

7- الحال...54

8- التمييز...56

9- المصدر...59

10- المجرور بمن التفضيلية...60

11- إضافة ُ كل إلى الضمير...63

12- التفضيل بأول...65

13- الّذي...68

14- مجيء إذ في جواب بينا...69

المبحث الثالث: ما جاء... في باب الأفعال والحروف...73

أولاً: باب الأفعال...73

1- الفعل الماضي...74

ومن أقوال الإمام علي علیه السلام...76

2- نعم وبئس...76

ص: 354

3- الفصل بين فعل التعجب ومعموله...79

4- القسم...81

5- حذف الفاء من جواب الشرط...83

6- نصب الفعل المضارع بإضمار...85

7- النصب بلم...88

ثانياً: الحروف...91

1- أن المخففة...91

2- کأن المخففة...93

3- زيادة الباء...96

4- ما المصدرية...98

الفصل الثاني المستوی الصرفي في أقوال الإمام علي علیه السلام المبحث الأول: أبنية الأسماء...103

أولاً: المصادر...103

أبنية المصادر...103

أولاً: ما جاء على مبنى (فَعَلان) الدال...104

ثانياً: ما جاء على مبنى (إِفْعَال)...105

ثالثاً: ما جاء على وزن (تَفْعيل)...105

رابعاً: ما جاء على مبنى (فَعْلَلَه)...108

ص: 355

خامساً: ما جاء على مبنى (إفْتِعال)...110

سادساً: ما جاء على مبنى (أفْعِلال)...111

ثانياً: أبنية المشتقات...111

أولاً: أسم الفاعل...111

أ- من الفعل الثلاثي...112

ب- من الفعل غير الثلاثي...120

ثانياً: أسم المفعول...122

أ- من الفعل الثلاثي...123

ب- من الفعل غير الثلاثي...126

أولاً: ما جاء على مبنى (فعَّال)...131

ثانياً: ما جاء على مبنى (مِفْعال)...134

ثالثاً: ما جاء على مبنى (فَعُول)...135

رابعاً: ما جاء على مبنى (فَعِل)...138

خامساً: ما جاء على مبنى (فُعال) و (فُعّال)...139

سادساً: ما جاء على مبنى (فاعول)...141

سابعاً: ما جاء على مبنى (فُعَلَله)...143

ثامناً: ما جاء على مبنى (تِفْعَاله)...143

تاسعاً: ما جاء على مبنى (أفعَوْعل)...144

ص: 356

المحتويات...357

رابعا: الصفة المشبهة...145

صياغتها...146

أولاً: ما جاء على مبنى (أفْعَل) الدال...147

ثانياً: ما جاء على مبنى (فَعَل)...150

ثالثاً: ما جاء على مبنى (فُعُل)...152

رابعاً: أسم التفضيل...153

ثالثاً: أبنية جمع التكسير...155

أولاً: جمع القلّة...156

1- صيغة افْعال...156

2- افْعِلة...162

ثانيا: جموع الكثرة...163

1- فُعْل بضم فسكون...164

2- فُعَل بضم ففتح...165

3- فِعَال...168

4- فُعُول...171

5- فواعل...173

6- فَعَائِل بفتح ففتح فكسر...176

7- أفَاَعِيل بفتح ففتح فكسر...178

8- فعاليل...179

ص: 357

9- مَفَاعِل...182

10- مَفَاعِيل...184

11- فَیاعِیل...183

12- يفاعيل...187

13- فَعَالِل...188

المبحث الثاني: أبنية الأفعال...191

أولاً: ما جاء على وزن فَعَلَ یَفْعُل...192

ثانياً: ما جاء على وزن فَعَلَ یَفْعِلُ...195

ثالثاً: ما جاء على وزن فَعِلَ یَفْعَل...199

رابعاً: ما جاء على وزن فَعّل المزيد...202

خامساً: ما جاء على وزن أفْعَلَّ...204

سادساً: ما جاء على وزن افْتَعَل...205

سابعا: ما جاء على وزن آنْفَعَل یَنْفَعِلُ...208

ثامنا: ما جاء على وزن آستَفْعَل...209

تاسعاً: ما جاء على مبنى ما لم یُسَمَّ...212

المبحث الثالث: موضوعات أخری...217

أولا: التصغير...217

ثانياً: النسب...220

ص: 358

المحتويات...359

الفصل الثالث المستوی الدلالي المبحث الأول: المشترك اللفظي...227

أولاً: تعريف المشترك اللفظي...227

ثانياً: آراء العلماء في المشترك اللفظي...229

ثالثاً: أسباب ظاهرة الاشتراك اللفظي...231

أقوال الإمام علي علیه السلام التي تؤکد...233

المبحث الثاني: الترادف...257

أولاً: تعريف الترادف...257

ثانيا: أسباب الترادف...259

ثالثاً: آراء العلماء حول ظاهرة الترادف...261

رابعاً: شروط الترادف التام...266

أقوال الإمام ...على الألفاظ المترادفة...267

المبحث الثالث: التضاد...279

أولا: تعريف التضاد...279

ثانياً: عوامل نشوء الأضداد في العربية...281

ثالثاً: موقف العلماء من التضاد...285

أقوال الإمام علي علیه السلام التي تثبیت...288

الخاتمة...315

ص: 359

المصادر والمراجع...321

المحتويات...353

ص: 360

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.